Al badil 124

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/01/26‬م‬ ‫العدد (‪)124‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (124) 26/01/2014‬‬

‫جنيف ‪ : 2‬تهافت اخلطاب الديبلوما�سي للنظام‬

‫ح�سام مريو‬

‫ت�ؤ�رش قراءة �أولية للجل�سة االفتتاحية من جنيف ‪� 2‬إىل‬ ‫جملة من املعطيات املهمة التي ميكن عرب ر�صدها‬ ‫بناء قراءة مل�سار العملية التفاو�ضية‪ ،‬وما ميكن �أن‬ ‫تف�ضي �إليه من نتائج الحقة‪.‬‬ ‫بدايةً‪ ،‬ال بد من التنويه �إىل �أن �سحب الدعوة من‬ ‫�إيران هو حدث له دالالت مهمة يف احلدث ال�سوري‬ ‫والإقليمي‪ ،‬فقد حرم احل�ضور الإيراين الوفد ال�سوري من‬ ‫�سند مهم‪ ،‬و�أكد على �إجماع �إقليمي ودويل على �رضورة‬ ‫�إعادة �إيران ح�ساباتها لي�س فقط جتاه �سورية‪ ،‬و�إمنا‬ ‫جتاه عموم املنطقة‪ ،‬كما �أكد �سحب الدعوة منها على‬ ‫قوة املوقف ال�سعودي الراهن‪ ،‬وعلى امتالك ال�سعودية‬ ‫روافع عملية مهمة يف الو�ضع ال�سوري‪ ،‬وعلى �إ�رصار‬ ‫�سعودي قوي ب�أن ال تتعاظم مكا�سب �إيران من اتفاقها‬ ‫ب�ش�أن ملفها النووي مع �أمريكا والغرب‪.‬‬ ‫الأمر الثاين بخ�صو�ص �إيران مدخله لبنان‪ ،‬فقد‬ ‫تعر�ض حزب اهلل يف ال�شهرين الأخريين �إىل اخرتاقات‬ ‫ّ‬ ‫مهمة ملناطق نفوذه‪ ،‬كما �أن دعم ال�سعودية اجلي�ش‬ ‫اللبناين مببلغ ‪ 3‬مليارات دوالر من �أجل تقويته يعني‬ ‫�أن ال�سعودية تعيد بناء نفوذها يف لبنان‪ ،‬ومتتني‬ ‫حتالفاتها يف وجه نفوذ حزب اهلل‪ ،‬ومن ورائه �إيران‪،‬‬ ‫وقد �أتت زيارة وزير خارجية �إيران �إىل لبنان من �أجل‬ ‫الت�شاور حول الأو�ضاع اجلديدة‪ ،‬وما متخ�ضت عنه من‬ ‫تنازالت قدمها احلزب بخ�صو�ص احلكومة‪� ،‬أتت لت�ؤكد‬ ‫على �أن �إيران ت�شعر بتعدد �ساحات املواجهة يف الوقت‬

‫الذي تريد فيه امل�ضي باالتفاق النووي‪ ،‬وقد �ضغط‬ ‫الإيرانيون على احلزب لتقدمي تنازالت (االنحناء �أمام‬ ‫العا�صفة)‪ ،‬يف حماولة لتربيد ال�رصاع‪.‬‬ ‫وبالعودة �إىل جنيف ‪ ،2‬ف�إن النظام ك�شف من خالل‬ ‫كلمة وليد املعلم عن �إفال�س يف اخلطاب ال�سيا�سي‪،‬‬ ‫وميكن القول �إن الكلمة يف معظمها كانت حماولة‬ ‫يائ�سة لإظهار النظام يف موقع ال�ضحية (�ضحية‬ ‫الإرهاب‪ ،‬و�ضحية الفكر التكفريي‪ ،‬وت�آمر القوى‬ ‫الإقليمية)‪ ،‬مع �إدراك م�سبق ب�أن احل�ضور غري مهتم‬ ‫ي�سع �إىل �إيجاد نقاط‬ ‫مبا يقدمه من مربرات‪ ،‬كما �أنه مل َ‬ ‫التقاء مع الدول الإقليمية (توجيه االتهام على طول‬ ‫اخلط)‪.‬‬ ‫كلمة املعلم جاءت لتتناق�ض مع ما كان يتوقعه كرث من‬ ‫قوة اجلهاز الديبلوما�سي للنظام‪ ،‬فلم تظهر كلمة املعلم‬ ‫مكامن هذه القوة االفرتا�ضية‪ ،‬بل �أ�شارت �إىل مواطن‬ ‫�ضعف كثرية‪ ،‬و�أولها �أن هذا اجلهاز الديبلوما�سي كان‬ ‫حميداً خالل الأعوام الثالثة املا�ضية مل�صلحة الأجهزة‬ ‫الأمنية والع�سكرية‪.‬‬ ‫يف جنيف ‪ 2‬ا�ضطر النظام �أن يجل�س �إىل طاولة‬ ‫تهرب منه وما زال‪� ،‬إذ‬ ‫ال�سيا�سة‪ ،‬وهو الأمر الذي ّ‬ ‫�أنه حاول منذ بداية االحتجاجات �أن يهرب من‬ ‫اال�ستحقاقات ال�سيا�سية‪ ،‬و�أن ُيبقي ال�ساحة الأمنية‬ ‫هي امللعب الذي يح�سم فيه النتيجة �ضد املعار�ضة‬ ‫وال�شعب‪ ،‬فالنظام يدرك ب�أنه ال ي�ستطيع تقدمي تنازالت‬

‫�سيا�سية جدية‪ ،‬لأنها عاج ًال �أم �آج ًال �ست�ؤدي �إىل تفككه‪،‬‬ ‫حتول عرب عقود �إىل بنية مغلقة‪ ،‬و�أي تفكيك‬ ‫فهو قد ّ‬ ‫حللقة من حلقات هذه البنية �سي�ؤدي �إىل �سقوطها‪.‬‬ ‫�إن انطالق جنيف‪ 2‬ال يعني بالت�أكيد �أن امل�سار‬ ‫التفاو�ضي �سيكون �سل�ساً‪ ،‬وهو �سي�سعى بالت�أكيد �إىل‬ ‫خلط الأوراق داخل العملية ال�سيا�سية �أو يف امليدان‪،‬‬ ‫لكن �إ�رصار �أمريكا ورو�سيا على عدم ت�أجيل امل�ؤمتر‬ ‫ي�ؤكد على �إدراك خماطر ت�أجيل العملية ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫و�رضورة ك�رس اال�ستع�صاء الداخلي على امل�ستوى‬ ‫الع�سكري من خالل طاولة املفاو�ضات‪ ،‬وهو يوجه‬ ‫ر�سالة �إىل من يهمه الأمر داخل النظام نف�سه ب�رضورة‬ ‫البحث عن خمرج‪ ،‬و�إحداث نوع من خلط الأوراق داخل‬ ‫�أروقة النظام ودوائره‪ ،‬وتغيري ح�سابات البع�ض يف‬ ‫مواقفهم من بقاء الأ�سد يف ال�سلطة‪.‬‬ ‫�إن توقع نتائج مهمة من امل�سار التفاو�ضي �سابق‬ ‫لأوانه‪ ،‬ففي التجربة اللبنانية الأقرب لذاكرة ال�سوريني‬ ‫ا�ستمرت املفاو�ضات ل�سنوات‪ ،‬ومل تنتج نظام ًا‬ ‫دميقراطياً‪ ،‬و�إمنا نظام ًا قائم ًا على املحا�ص�صة‪ ،‬وما‬ ‫زال اخللل الذي جنم عنه اتفاق الطائف يرخي بظالله‬ ‫على لبنان‪ ،‬لذا ف�إن ا�ستباق ما �سي�ؤول �إليه جنيف‪� 2‬أمر‬ ‫غري واقعي‪ ،‬لكن يبقى الأمر املهم‪ ،‬وهو ترميم �ساحة‬ ‫املعار�ضة‪ ،‬وخا�صة املعار�ضة الدميقراطية التي فقدت‬ ‫ت�أثريها ب�شكل كبري يف احلدث ال�سوري‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫�أكرث من ‪ 100‬مليار دوالر خ�سائر االقت�صاد و‪ 9.3‬مليون بحاجة �إىل م�ساعدات‬

‫هروب ر�ؤو�س الأموال والكفاءات ال�سورية �إىل اخلارج‬ ‫�إعداد ق�سم توثيق «البديل»‪:‬‬

‫�أ�شارت تقارير عدة‪ ،‬ومن بينها تقارير للأمم‬ ‫املتحدة �إىل �أن الأزمة ال�سورية هي الأ�سو�أ منذ احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ .‬وو�صفت الكارثة الإن�سانية ب�أنها‬ ‫الأ�شد خالل العقود الأخرية‪ ،‬حيث بات �أكرث من‬ ‫‪ 9.3‬مليون �سوري بحاجة �إىل م�ساعدات �إن�سانية‬ ‫يف عام ‪ ،2014‬ويحتاج ال�سوريون �إىل م�ساعدات‬ ‫تفوق حاجز ‪ 6‬مليار دوالر لتغطية احتياجاتهم‬ ‫الإن�سانية من غذاء ودواء وم�أوى ‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من انعقاد م�ؤمتر للمانحني يف الكويت يف ‪ 15‬من‬ ‫ال�شهر اجلاري‪� ،‬إال �أنه مل يتمكن من ت�أمني �سوى‬ ‫‪ 2.4‬مليار دوالر من املبلغ املطلوب‪ ،‬مع وجود قلق‬ ‫من عدم التزام بع�ض املانحني‪.‬‬ ‫ويف ور�ش عمل عدة عقدت يف �أكرث من عا�صمة‬ ‫غربية (وا�شنطن‪ ،‬برلني‪� ،‬أنقرة‪ ،‬وغريها) حول‬ ‫الو�ضع ال�سوري‪ ،‬كان الت�صور حول م�آالت الو�ضع‬ ‫ال�سوري فيه الكثري من عدم اليقني حول ما ميكن‬ ‫�أن يتك�شف من حقائق الحق ًا‪� ،‬إذ ال ميكن يف ظل‬ ‫الأو�ضاع الراهنة الو�صول �إىل �أرقام دقيقة حول‬ ‫حجم الكارثة ال�سورية يف م�ستوياتها املختلفة‪،‬‬ ‫فعلى �سبيل املثال هناك �شكوك حول ما يطرح‬ ‫من �أرقام حول �ضحايا الو�ضع ال�سوري‪� ،‬إذ توجد‬ ‫م�ؤ�رشات �أولية �إىل �أن عدد ال�ضحايا رمبا يكون قد‬ ‫بلغ �أكرث من ‪� 400‬ألف ن�سمة من ال�سوريني‪ ،‬بينما‬ ‫ما زالت بع�ض الأرقام تتحدث حول ‪� 130‬ألف‬ ‫�سوري ذهبوا �ضحية النزاع‪.‬‬ ‫عدد ال�ضحايا لي�س الوحيد مو�ضع �شكوك‪ ،‬و�إمنا‬ ‫�أي�ض ًا �أعداد الأ�شخا�ص الذين �أ�صيبوا ب�إعاقات‬ ‫دائمة‪� ،‬أو �إعاقات جزئية‪ ،‬فعلى مدار ال�سنوات‬ ‫الثالث املا�ضية ا�ستخدم العديد من �أنواع الأ�سلحة‬ ‫يف �سورية‪ ،‬ودخلت �أعداد كبرية من ال�سوريني �إىل‬ ‫امل�ست�شفيات يف دول اجلوار (تركيا‪ ،‬لبنان‪ ،‬الأردن)‪،‬‬ ‫لكن هناك الكثري من احلاالت التي ُعوجلت يف‬ ‫امل�شايف امليدانية‪ ،‬والتي تعتمد يف معظمها على‬ ‫العالج ال�رسيع وامل�ؤقت الذي يهدف �إىل �إنقاذ حياة‬ ‫املر�ضى‪ ،‬ولي�س ا�ستكمال ما يحتاجونه من عالج‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬ ‫و�إذا كان الو�ضع الإن�ساين قد ا�ستحوذ ب�شكل كبري‬ ‫على جمريات الأحداث‪ ،‬ف�إن و�ضع االقت�صاد‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وما تعر�ضت له البنية التحتية يف البالد‪،‬‬ ‫هو الآخر يف حالة كارثية‪ ،‬ولي�س بالإمكان حتى‬ ‫اللحظة توقع �أرقام دقيقة حول ال�رضر احلقيقي‬ ‫الذي حلق باالقت�صاد ال�سوري‪.‬‬ ‫و�أ�شارت درا�سة �أعدها املركز ال�سوري لبحوث‬ ‫ال�سيا�سات �إىل �أن حجم اخل�سائر التي مني بها‬ ‫االقت�صاد ال�سوري حتى نهاية عام ‪ 2012‬بلغت‬ ‫‪ 48.4‬مليار دوالر‪ ،‬وقد �أ�شارت درا�سات عديدة �إىل‬ ‫�أن هذا الرقم جتاوز يف نهاية عام ‪ 2013‬حوايل‬

‫‪ 9.3‬مليون �سوري بحاجة �إىل‬ ‫م�ساعدات �إن�سانية يف عام ‪2014‬‬ ‫‪ 100‬مليار دوالر‪ ،‬واجلدير بالذكر �إىل �أن معظم‬ ‫الأرقام هي �أرقام تقريبية‪ ،‬حيث توجد �صعوبات‬ ‫كبرية يف الو�صول �إىل تقديرات حقيقية حول‬ ‫احلجم الفعلي خل�سائر االقت�صاد ال�سوري‪ ،‬خا�صة‬ ‫مع وجود �شبه ا�ستحالة يف �إمكانية �إجراء درا�سات‬ ‫وم�سوح ميدانية مبا�رشة من قبل فرق العمل التابعة‬ ‫ملراكز الأبحاث‪ ،‬وال تقت�رص العوائق يف وجه �إجراء‬ ‫مقاربات دقيقة خل�سائر االقت�صاد ال�سوري فقط‬ ‫على املناطق اخلا�ضعة للنظام ال�سوري‪ ،‬و�إمنا �أي�ض ًا‬ ‫على املناطق التي تو�صف باملحررة‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن اخل�سائر املتعلقة باالقت�صاد‬ ‫ال�سوري يف حالة ازدياد يومية‪ ،‬خا�صة مع ا�ستمرار‬ ‫ا�ستهداف البنى التحتية‪ ،‬والتي كانت يف �صلب‬ ‫النزاع‪ ،‬حيث تعر�ضت منذ ع�سكرة الو�ضع ال�سوري‬ ‫�إىل ا�ستهداف مبا�رش بالأ�سلحة الثقيلة‪.‬‬ ‫قطاعات االقت�صاد ال�سوري تعر�ضت يف معظمها �إىل‬ ‫خ�سائر فادحة‪ ،‬وتوقفت الن�سبة الأكرب من امل�صانع‬ ‫املوجودة يف حلب (العا�صمة االقت�صادية للبالد)‬ ‫عن العمل‪ ،‬وتكمن اخلطورة يف �أن �أ�صحاب امل�صانع‬ ‫نقلوا �أعمالهم �إىل اخلارج‪ ،‬و�أ�س�سوا من جديد‬ ‫لأعمالهم‪ ،‬ومن غري املتوقع حتى يف حال �إيجاد‬

‫تقدرالأموالالتيخرجتمن�سورية‬ ‫خالل عام‪ 2013‬بنحو‪ 50‬مليار دوالر‬

‫خمارج للأزمة ال�سورية �أن يعودوا �إىل اال�ستثمار‬ ‫من جديد خالل ال�سنوات الأوىل‪� ،‬إذ �ستبقى م�شكلة‬ ‫اال�ستقرار الأمني هي �أحد العوائق �أمام عودتهم‬ ‫لال�ستثمار‪.‬‬ ‫الأموال املهربة للخارج هي الأخرى ال ميكن‬ ‫الوقوف على حجمها الفعلي‪ ،‬وتقدر الأموال التي‬ ‫خرجت من �سورية خالل عام ‪ 2013‬بنحو ‪50‬‬ ‫مليار دوالر �أمريكي‪ ،‬منها حوايل ‪ 20‬مليار دوالر‬ ‫ُهربت �إىل لبنان‪ ،‬وهي تعود �إىل �أ�شخا�ص من‬ ‫النظام ال�سوري‪ ،‬وكان ذلك نتيجة ملخاوف من‬ ‫حدوث �رضبة �أمريكية على من�ش�آت ع�سكرية �سورية‪.‬‬ ‫ومما ال �شك فيه �أن الأزمة ال�سورية �أوجدت �أمراء‬ ‫حرب يف النظام ويف املعار�ضة‪ ،‬وقد بنى الكثريون‬ ‫ثروات طائلة‪ ،‬حيث كرثت عمليات النهب املنظم‪،‬‬ ‫وعمليات اخلطف مقابل الفدية‪ ،‬وبيع الأ�سلحة‪،‬‬ ‫واحتكار توزيع ال�سلع من قبل جماعات بعينها‪،‬‬ ‫ونهب �أموال الإغاثة‪ ،‬والر�شاوى ال�ست�صدار �أوراق‬ ‫ر�سمية‪ ،‬وغريها من الأعمال التي ازدهرت نتيجة‬ ‫للو�ضع القائم‪.‬‬ ‫وت�رضر الفقراء ب�شكل كبري من الأزمة‪ ،‬كما �أن الطبقة‬ ‫الو�سطى يف �سورية تراجعت �أعمالها ب�شكل كبري‪،‬‬ ‫وتقل�صت �إىل حد كبري‪ ،‬وهاجرت كفاءات �سورية‬ ‫مهمة �إىل اخلارج‪ ،‬واليوم يعمل الأطباء ال�سوريون‬ ‫يف معظم بلدان اخلليج العربي‪ ،‬وذلك يف الوقت الذي‬ ‫تعاين فيه املدن ال�سورية من الأطباء الأخ�صائيني‪،‬‬ ‫كما �أغلقت املكاتب الهند�سية‪ ،‬واملعاهد التعليمية‬ ‫التي كانت ت�ؤمن دخ ًال موازي ًا للمعلمني بالإ�ضافة‬ ‫�إىل رواتبهم الهزيلة التي كانوا يتقا�ضونها‪� ،‬أما‬ ‫دائرة تبادل ال�سلع فقد تقل�صت ب�شكل كبري نتيجة‬ ‫فقدان االت�صال بني املدن‪ ،‬وفقدان الأمن‪ ،‬و�سيطرة‬ ‫حواجز تابعة للنظام واملعار�ضة امل�سلحة على‬ ‫مداخل املناطق واملدن‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ال�سوريون وامل�ؤمتر الدويل‪« ...‬على الوعد يا كمون»‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫�أعلن �إعالم النظام ال�سوري مراراً قبل موعد م�ؤمتر‬ ‫«جنيف‪� ،»-2‬أن النظام لن يذهب �إىل امل�ؤمتر‬ ‫للتنازل عن ال�سلطة‪ .‬واليوم‪ ،‬يح�رض الوفد ال�سوري‬ ‫الر�سمي �إىل امل�ؤمتر وهو يحمل ورقتني للعب‬ ‫فيهما على طاولة املفاو�ضات‪ ،‬ورقة االرهاب‬ ‫وورقة االقليات وما يت�صل بها من «عي�ش م�شرتك»‬ ‫مهدد من قبل هذا الإرهاب‪ .‬ويف مقابل «احلكومة‬ ‫االنتقالية» التي ن�ص عليها «جنيف‪ ،»-1‬يطرح‬ ‫النظام بديال متثل يف «حكومة مو�سعة» ت�شمل‬ ‫احلكومة احلالية مطعمة ب�شخ�صيات معار�ضة من‬ ‫الداخل‪ ،‬مع �إ�رصاره على رف�ض االعرتاف مبعار�ضة‬ ‫اخلارج‪ ،‬متهم ًا �إياها بـ «العمالة» و«اخليانة» �سعيا‬ ‫مل�صادرة التمثيل ال�سوري الر�سمي واملعار�ض يف‬ ‫�آن مع ًا‪ ،‬وتقدمي النظام على �أنه من ميثل جميع‬ ‫ال�سوريني‪ .‬هكذا ي�ستمر النظام بلعب دور من يوزع‬ ‫�شهادات ح�سن ال�سرية وال�سلوك الوطنيني على‬ ‫اجلميع‪� ،‬أما اال�سد فهو باق ووجوده لي�س بحال من‬ ‫الأحوال ورقة تفاو�ضية‪.‬‬ ‫االئتالف املعار�ض يذهب اىل «جنيف ‪ »-2‬بعد‬ ‫تردد طويل خمالفا بذلك �أحد �أهم الأ�س�س التي قام‬ ‫عليها‪ ،‬وهو رف�ض التفاو�ض مع الأ�سد ونظامه‪.‬‬ ‫فوجد يف ا�ستبعاد �إيران من امل�شاركة ن�رصاً معنويا‬ ‫إيحاء بفر�ض �رشوطه يف ال�ساحة‬ ‫ي�شيع من خالله � ً‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬مع �أن ما حدث هو �أ�شبه بالثمرة التي‬ ‫�سقطت يف ح�ضنه لكنه مل يت�سلق ال�شجرة اللتقاطها‪.‬‬ ‫ورمبا �أح�سن اجلربا‪ ،‬الذي علم �أن الوفد الذي يرت�أ�سه‬ ‫هو احللقة الأ�ضعف يف امل�ؤمتر‪ ،‬يف �إ�رصاره على‬ ‫«جنيف‪ »1 -‬فيدعو �إىل التوقيع الفوري على بنوده‬ ‫معترباً �أن هذا هو لب ال�رشاكة التفاو�ضية‪ ،‬وذلك �سعي ًا‬ ‫من «االئتالف» يف مواجهة تكتيك النظام وحلفائه‬ ‫الذين حاولوا التن�صل من التزاماتهم حيال «جنيف‬ ‫‪ »-1‬والتي تعني م�شاركتهم يف «جنيف ‪� 2»-‬إقراراً‬ ‫بها‪.‬بناء على ن�ص الدعوة التي وجهها الأمني العام‬ ‫ً‬ ‫للأمم املتحدة بان كي مون‪« .‬االئتالف» بح�ضوره‬

‫امل�ؤمتر‪ ،‬يفهم �أن مكا�سبه �ستكون �أقل بكثري من‬ ‫حجم خ�سارته يف حال عدم احل�ضور‪ ،‬واالعرتاف‬ ‫الدويل به كممثل للمعار�ضة الذي كر�سه من خالل‬ ‫هذه امل�شاركة ميكن �أن ي�ستثمر الحقا ليكون خطوة‬ ‫هامة يفر�ض من خاللها هذا التمثيل فعليا على‬ ‫�أطراف املعار�ضة الأخرى‪.‬‬ ‫�إيران ا�ستبعدت من امل�شاركة ب�سبب غمو�ضها‬ ‫املراوغ حيال بنود «جنيف‪ ،»-1‬فبعد تراجعها عن‬ ‫ر�سالتها ال�شفوية التي نقلها حممد ظريف �إىل بان‬ ‫كي مون‪ ،‬ا�ضطر الأخري �إىل �سحب الدعوة‪ ،‬و�سواء‬ ‫كان ذلك الرتاجع االيراين جاء نتيجة �ضغط التيار‬

‫ال�سوريني على خمتلف م�شاربهم‬ ‫ال يعـــولون على امل�ؤمتـــر �ســوى‬ ‫ببع�ض الأمـــل اخلجول‬ ‫املت�شدد �أو نتج عن �إرادة اال�صالحيني انف�سهم‬ ‫ومعهم روحاين فلن تخ�رس ايران الكثري من عدم‬ ‫ح�ضورها امل�ؤمتر طاملا كانت م�ؤثرة عملي ًا يف‬ ‫ال�ساحة ال�سورية وطاملا بقي ت�أثريها على قرارات‬ ‫النظام ال�سوري‪ .‬وال ي�ألوا الرئي�س الروحاين جهدا‬ ‫يف تقدمي الن�صائح واالقرتاحات عن بعد ب�أن احلل‬ ‫االمثل يف �سوريا يكمن يف االنتخابات احلرة‪،‬‬ ‫لكنه طبعا غري معني ب�آلية �إجراء تلك االنتخابات‬ ‫و�ضمان نزاهتها وم�صداقيتها �ضمن الو�ضع القائم‬ ‫يف �سورية‪ ،‬وذلك على كل حال ال يهم الرئي�س‬ ‫روحاين طاملا كانت فر�ص الأ�سد للبقاء بانتخابات‬ ‫�أو بدونها ال تزال كبرية‪.‬‬ ‫كان املوقف الأمريكي حازم ًا يف �سحب الأوراق التي‬ ‫حاول النظام اللعب بها‪ ،‬ف�أ�رصت الواليات املتحدة‬ ‫على مرجعية «جنيف ‪ »-1‬و �أن ال مكان للأ�سد‬

‫وعائلته يف م�ستقبل �سوريا‪ ،‬و بخ�صو�ص الإرهاب‪،‬‬ ‫�أعتربت الأ�سد بحد ذاته «مغناطي�سا» جذب ويجذب‬ ‫االرهاب اىل �سوريا واملنطقة‪� .‬أما يف ما يتعلق‬ ‫بالأقليات‪ ،‬فحمايتهم مل تعد ذريعة للنظام بل‬ ‫�أ�صبحت يف نظر الواليات املتحدة الأمريكية مهمة‬ ‫دولية‪� .‬أما رو�سيا‪ ،‬فتحاول االنحناء �أمام العا�صفة‬ ‫الأمريكية واال�ستمرار يف �سيا�سة ك�سب الوقت‪،‬‬ ‫فتعلن �أنها غري متم�سكة بالرئي�س الأ�سد لكن دون �أن‬ ‫تورط نف�سها يف اي تعهدات �أو �ضمانات تراها غري‬ ‫�رضورية‪ ،‬ورمبا يكون هذا �أحد الأ�سباب التي دعت‬ ‫وليد املعلم �إىل التهديد باالن�سحاب من امل�ؤمتر يف‬ ‫حال مل جتر يوم غد ال�سبت �أي مفاو�ضات يراها‬ ‫عول على رف�ض‬ ‫ّ‬ ‫«جدية» ال�سيما و�أن النظام‪ ،‬الذي ّ‬ ‫املعار�ضة امل�شاركة يف «جنيف‪ »2 -‬لتحا�شي‬ ‫التورط فيه‪ ،‬يرى �أن خ�سارته يف «جنيف‪� »-2‬أكرب‬ ‫بكثري من حجم املكا�سب املرجوة منه‪ ،‬لذا ي�سعى‬ ‫بطموح غريب من نوعه �إىل عرقلة امل�ؤمتر لكن دون‬ ‫�أن يتحمل هو م�س�ؤولية ذلك !‬ ‫�شعبيا‪ ،‬يبدو �أن ال�سوريني على خمتلف م�شاربهم ال‬ ‫يعولون على امل�ؤمتر �سوى ببع�ض الأمل اخلجول‬ ‫والعابر النابع عن حجم املعاناة �أكرث من كونه ينم‬ ‫عن ثقة يف العملية التفاو�ضية ذاتها والتي يجدون‬ ‫حالهم معها وك�أنهم «على الوعد يا كمون»‪ .‬بع�ض‬ ‫م�ؤيدي النظام يبدو �أنهم ال يهتمون بنتائج امل�ؤمتر‬ ‫طاملا هم م�أخوذين بن�شوة الن�رص الناجم عن "‬ ‫البوجقة " الإعالمية للنظام ال�سوري‪� .‬أما بع�ض‬ ‫املعار�ضني فيبدو من خالل نقا�شاتهم العامة �أو من‬ ‫خالل ح�ضورهم عرب �صفحات التوا�صل االجتماعي‪،‬‬ ‫�أنهم �أقل تفاعال مع امل�ؤمتر مما كان متوقعا‪،‬‬ ‫لقناعتهم رمبا �أن امل�سالة باتت رهن ًا بالأطراف‬ ‫الدولية التي خيبت ظنهم حتى الآن‪ .‬بل يبدو‬ ‫�أنهم يعلقون الأمل على جل�سات املحكمة الدولية‬ ‫اخلا�صة باغتيال احلريري ونتائجها التي قد تدين‬ ‫النظام ال�سوري ـ ح�سب اعتقادهم ـ �أكرث بكثري مما‬ ‫ي�أملون من م�ؤمتر «جنيف‪ »2 -‬ونتائجه‪� .‬أما ما‬ ‫عرف بالكتلة ال�صامتة فيبدو �أنهم �أ�شبه مبن ي�شاهد‬ ‫مباراة لكرة القدم‪ ،‬يعلمون �أنها �ستنتهي بالتعادل‬ ‫ال�سلبي في�شجعون « الـلعبة احللوة»‪.‬‬ ‫ال يتوقع �أن يخرج امل�ؤمتر بخارطة طريق حمددة‬ ‫عمليا وزماني ًا للخروج من النفق ال�سوري‪ ،‬ورمبا‪،‬‬ ‫وحتت �إحلاح الأطراف الدولية لتحقيق اجناز ما‪� ،‬أن‬ ‫يكون هناك بع�ض احللول اجلزئية‪ ،‬كوقف لإطالق‬ ‫النار يف بع�ض املناطق من �أجل ادخال بع�ض‬ ‫امل�ساعدات االن�سانية والإغاثية‪� ،‬أو رفع ح�صار‬ ‫م�رشوط هنا �أو هناك‪� ،‬أو تبادل لأ�رسى ومعتقلني‪...‬‬ ‫وهذه جميعها قد ال تتوفر لها ال�ضمانات الكافية‬ ‫لتطبيقها فعليا على الأر�ض‪.‬‬ ‫م�ؤمتر «جنيف‪ »-2‬هو م�سار يف «احلدث ال�سوري»‬ ‫لكنه لي�س نهاية املطاف‪ ،‬ورمبا ميهد لـ «جنيفات»‬ ‫�أخرى يحتاجها‪ ،‬لكن حتى الآن يبدو �أنه لي�س هناك‬ ‫توافق دويل حقيقي حول الأزمة ال�سورية يكفل‬ ‫جناح امل�ؤمتر طاملا بات دور الالعبني ال�سوريني‬ ‫ثانوي ًا‪ .‬وال يعدو هذا امل�ؤمتر �أن يكون حماولة‬ ‫جديدة لك�رس اجلمود ال�سيا�سي وخلط الأوراق من‬ ‫�أجل حت�سني �رشوط اللعبة ال�سورية ومواقف العبيها‬ ‫الدوليني‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫لقاء العلوين مع اجلوالين لي�س �أ�صعب من مقابلة بن الدن‬

‫ر�أي‬

‫‪04‬‬

‫يا�سر بدوي‬

‫زمن الرويب�ضة ‪ ....‬اجلزيرة ‪ -‬الوكالة احل�صرية ؟‬

‫�أعاد لقاء �أبو حممد اجلوالين مع قناة اجلزيرة ‪,‬‬ ‫�أ�سئلة تتعلق يف �صميم الأزمات التي �رضبت املنطقة‬ ‫العربية ‪ ,‬والدور الذي لعبه تنظيم القاعدة يف هذه‬ ‫التحوالت احلا�صلة ‪ ,‬وتالي ًا دور قناة اجلزيرة يف‬ ‫الرتويج لهذا التنظيم وما ميثله يف �صناعة الأعداء‬ ‫والأزمات يف العامل واملنطقة ‪.‬‬ ‫يبدو �أن بع�ض املقاالت والتحقيقات ال�صحفية يف‬ ‫جملة احلوادث يف العام ‪ , 1998‬مل تكن كافية‬ ‫لتهيئة هذا العدو القادم الذي �سي�رضب �أقوى‬ ‫امرباطورية عرفها التاريخ ؟ وتولت املهمة قناة‬ ‫اجلزيرة التي اكت�سحت الر�أي العام العربي ‪ ,‬وملأت‬ ‫الفراغ يف ال�ساحة العربية ‪ ،‬تلقفت قناة اجلزيرة‬ ‫احلالة الداهمة يف ال�سيا�سية الدولية وبد�أت تظهر‬ ‫الوكالة احل�رصية والناطق الرئي�س با�سم التنظيم‬ ‫بعد غزوة برج التجارة العاملي يف �أمريكا ‪ ،‬وق�سمت‬ ‫�شا�شة اجلزيرة �إىل نافذتني الن�صف الأول يحتله‬ ‫جورج بو�ش والن�صف الآخر لزعيم تنظيم القاعدة‬ ‫�أ�سامة بن الدن ‪ ,‬خللق بطولة وهمية م�صطنعة ت�شكل‬ ‫ال�صورة الذهنية يف عقول �شباب امل�سلمني ‪.‬‬ ‫رغم الف�ضائح العديدة التي متلأ قنوات ( اليوتيوب‬ ‫) عن خديعة �سبتمرب والدور الوا�ضح لأمريكا �إال‬ ‫� ّأن بع�ض ال�شباب امل�سلم التي �شكلت قناة اجلزيرة‬ ‫ال�صورة الذهنية عنده يردد " دمرنا �أمريكا و�إرهابنا‬ ‫حممود و�سادت ثقافة ‪ ....‬بالذبح جيناكم ‪"...‬‬ ‫ذكر بن الدن يف لقاء قدمي مع املذيع تي�سري‬ ‫علوين حديث ًا للر�سول قال فيه ‪�" :‬سي�أتي على النا�س‬ ‫�سنوات خداعات ‪ ،‬ي�صدق فيها الكاذب ‪ ،‬ويكذب‬ ‫ال�صادق ‪ ,‬وي�ؤمتن اخلائن ‪ ،‬ويخون الأمني ‪ ،‬وينطق‬ ‫فيها الرويب�ضة؟ قيل ‪ :‬وما الرويب�ضة؟ ‪ ,‬قيل الرجل‬ ‫التافه يتكلم يف �أمر العامة "‪.‬‬

‫واليوم �أبرز تنظيم القاعدة ه�ؤالء الرجال ( الأمراء )‬ ‫ينطقون بكالم ال معنى له‪ ،‬وينم عن جهل م�ستفحل‬ ‫�أمثال البغدادي واجلوالين والأمراء الآخرون ‪,‬‬ ‫فيحللون ما حرم اهلل ‪ ,‬ويحرمون ما �أحله للنا�س‬ ‫‪ ،‬يك�رسون قواعد ال�رشع والأخالق ويعتدون على‬ ‫مبادئ الإ�سالم الأ�سا�سية ‪ ,‬واملقاتلون الذي‬ ‫يبايعونهم بايعوا اجلهل والرايات العمياء ويكفي يف‬ ‫هذا املقام ا�ستح�ضار �أهم فكرة يت�سل�سل منها �أعداء‬ ‫الدين لتدمري الإ�سالم من داخله وهي ق�ضية اجلهاد‪.‬‬ ‫يختزل علماء الإ�سالم ‪� ,‬أو بع�ضهم للدقة ‪،‬اجلهاد‬ ‫بالقتال ‪ ،‬والقتال هو �أدنى درجات اجلهاد وكتبه‬ ‫اهلل وهو كره للنا�س ‪...‬وللقتال �ضوابط وحاالت‬ ‫ن�ص عليها القر�آن ن�صو�ص ًا وا�ضحة ال لب�س فيها‪،‬‬ ‫وطبقها امل�سلمون تطبيق ًا يفتخر فيه الدار�س‬ ‫للأديان واحلروب والعلوم الإن�سانية واالجتماعية‪.‬‬ ‫فالقتال ال يجوز �إال لرد االعتداء‪ ،‬و�ضوابطه تنهي‬ ‫عن تفريق �شجرة‪ ،‬وتنهى عن قتل ٍ‬ ‫�شاة‪ ،‬لي�أتي �أمراء‬ ‫القاعدة ويعتدوا على جميع هذه القواعد وال�ضوابط‬ ‫‪ ..‬وي�صورون م�شاهد القتل وك�أنها �ألعاب ًا للت�سلية‪.‬‬ ‫تقول املدونات التاريخية �إن عدد القتلى امل�سلمني‬ ‫وامل�رشكني يف جميع غزوات الر�سول وخالل ت�سع‬ ‫�سنوات بلغ ‪ 386‬قتي ًال ‪ ...‬بينما اليوم يقوم الأمري‬ ‫التافه يف ال�سنوات اخلداعات بالقتل �أمام الكامريات‬ ‫والتباهي ب�إجرامه وهو مقنع جمهول احل�سب‬ ‫والن�سب ‪.‬‬ ‫لو مل تكن �سنوات خداعات و�أمراء تافهون لعرفوا‬ ‫دينهم على الأقل‪ ،‬وعرفوا تاريخ هذا الدين وم�ستقبله‬ ‫ور�سالته‪ ,‬فالفكرة الأ�سا�سية فكرة ت�شويه الإ�سالم‬ ‫التي ا�شتغل عليها الغرب منذ مئات ال�سنني يف‬ ‫اال�ست�رشاق والإعالم واملدار�س التب�شريية والفن‬

‫والرواية وال�سينما و�أي مثقف ي�ستطيع قراءة كتاب‬ ‫جاك �شاهني ‪ -‬كيف ت�شوه هوليود �أمة ؟ حلل فيه‬ ‫�ألف فيلم �شوه فيها العربي و امل�سلم وكانت لهذه‬ ‫الغر�ض‪.‬‬ ‫وما عجزت عنه جميع م�ؤ�س�سات الت�شويه يحققه‬ ‫لها اليوم �أمراء ال�سنوات اخلداعات التافهون ‪ ,‬ح�سب‬ ‫ر�سول املر�سلني حممد ‪.‬‬ ‫جبهة الن�رصة – �أمريها �أبو حممد اجلوالين ‪ ,‬الذي‬ ‫روجت له اجلزيرة عرب تقاريرها منذ �أكرث من عام‬ ‫عند اقتحام حلب ظهر م�ؤخراً على �شا�شتها يف‬ ‫حماولة بائ�سة منه لك�سب الر�أي العام م�ستفيداً من‬ ‫احرتاق داع�ش ‪ ,‬لكنه وقع يف �أ�رسها ‪ ،‬و�إن كان لي�س‬ ‫من �أمراء ال�سنوات اخلداعات فليظهر على حقيقته‬ ‫ويعرتف وي�سلم بالإرادة ال�شعبية‪ ،‬ويعلن موقف ًا‬ ‫وا�ضح ًا و�رصيح ًا من دولة الإجرام يف العراق وال�شام‬ ‫وتنظيم �أمراء ال�سنوات اخلداعات يف تنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫ويتجر�أ على احلوار واملناظرة يف دين اهلل وتطبيقه‪،‬‬ ‫ولن تعفيه تلك الكلمات العمومية عن التكفري‬ ‫و�إ�سقاط النظام‪ ،‬واحلا�ضنة ال�شعبية‪ ،‬ولن تعفي قناة‬ ‫اجلزيرة ادعاءاتها عن الظروف ال�صعبة التي �أجري‬ ‫اللقاء فيها‪ ،‬فهي لي�ست �أ�صعب من لقاء العلوين مع‬ ‫بن الدن‪.‬‬ ‫الزمن يف ت�سارع‪ ،‬مفاو�ضات جنيف ما�ضية‬ ‫للتخل�ص من نظام اال�ستبداد والإجرام والقتل‪ ،‬و�أحد‬ ‫العوامل التي تعطي النظام �صوت ًا م�سموع ًا االرهاب‬ ‫اال�سالمي‪ ،‬والظهور ال�رصيح والعلني بجنب الوطن‬ ‫وال�شعب قرارات قاتلة ‪ ،‬وتقدمي الإجابات عن تبنيه‬ ‫لتفجريات دم�شق التي �أ�س�ست لرواية النظام ‪ ،‬ويجنب‬ ‫الدين ت�شويه ًا م�ضاف ًا ويقلل من عدد ال�سنوات‬ ‫اخلداعات ‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ا�سرتاتيجية النظام التفاو�ضية يف جينيف ‪2‬‬ ‫غازي دحمان‬

‫يدرك فريق ب�شار الأ�سد‪ ،‬واحللف الداعم له‪� ،‬أنهم‬ ‫فقدوا الكثري من �أوراقهم التفاو�ضية ع�شية انعقاد‬ ‫م�ؤمتر جينيف‪ ،‬و�أن ورقتهم الأ�سا�سية التي تقوم‬ ‫على �أولوية حماربة الإرهاب احرتقت‪ ،‬بعد �أن رف�ض‬ ‫العامل قبولها تورية ومدخال لإعادة ت�أهيل نظام‬ ‫ب�شار الأ�سد‪.‬‬ ‫على ذلك‪ ،‬يدخل النظام حلبة املفاو�ضات عاري ًا‬ ‫ومتخفف ًا من كل �أوراق ال�ضغط التي �صنعها‪ ،‬لي�س‬ ‫يف مواجهة املعار�ضة‪ ،‬ولكن يف مواجهة العامل الذي‬ ‫باتت تواجهه ق�ضية متكاملة الأركان‪ ،‬اجلاين فيها‬ ‫وا�ضح‪ ،‬وعنا�رص الق�ضية متعددة‪ ،‬من قتل ودمار‬ ‫وتهجري �إىل حماولة �إحراق الإقليم بكامله ونقل‬ ‫التداعيات �إىل دول اجلوار‪ ،‬وتهديد الأمن الإقليمي‬ ‫برمته‪.‬‬ ‫�أمام هذه احلالة يبدو �أن النظام قرر االجتاه �إىل‬ ‫بناء حالة تفاو�ضية جديدة عرب �صناعة عنا�رصها‬ ‫ب�إمكانياته املتاحة‪ ،‬وما ميكن �أن يوفره خالل‬ ‫م�سرية التفاو�ض‪ ،‬وتبدو مالمح هذه اال�سرتاتيجية‬ ‫وا�ضحة يف املرحلة التمهيدية‪ ،‬حيث ترتكز هذه‬ ‫اال�سرتاتيجية على جملة من التكتيكات‪.‬‬ ‫�أو ًال‪� :‬إغراق التفاو�ض بالتفا�صيل الكثرية‪ ،‬وهو‬ ‫تكتيك قدمي طاملا لعبه النظام وعرف كيف ي�ستفيد‬ ‫منه‪ ،‬ويبدو اليوم منا�سب ًا له‪ ،‬وقد بد�أ هذه اللعبة باكراً‬ ‫من املفاو�ضات حيث يحاول ت�شتيت املفاو�ضات‬ ‫بق�ضايا �شكلية مثل العلم والتمثيل والكلمة اخلطابية‪،‬‬ ‫وهي ق�ضايا ال جمال لها يف النزاعات الداخلية‪� ،‬إذ‬ ‫ل�سنا يف حالة تفاو�ض مع دولة حمتلة ودولة تبحث‬ ‫عن االعرتاف الدويل بحيث ت�صبح م�س�ألة الرموز من‬ ‫الق�ضايا احل�سا�سة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اللجوء �إىل االعتبارات القانونية والد�ستورية‪،‬‬ ‫وذلك من خالل اال�ستناد �إىل الد�ستور الذي و�ضعه‬

‫وف�صله يف الأزمة‪ ،‬لكي يغطي الظروف‬ ‫النظام‬ ‫ّ‬ ‫احلالية‪ ،‬وحماولة وفد النظام فر�ضه كمرجعية‬ ‫قانونية و�سيادية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬الرهان على نزق املعار�ضة وقلة خربتها‬ ‫ال�سيا�سية ودفعها �إىل القيام بردات فعل حترج‬ ‫داعمي املعار�ضة وحلفائها‪ ،‬ودفع ه�ؤالء �إىل الي�أ�س‬ ‫من �سلوك املعار�ضة‪ ،‬والقبول بالأمر الواقع الذي‬ ‫يوفره النظام‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬الرتكيز على البعد الإعالمي‪ ،‬وخا�صة يف‬ ‫بعده العاملي‪ ،‬لإعطاء ت�صور معني للعامل اخلارجي‪،‬‬ ‫فالوا�ضح �أن الوفد الإعالمي ال�ضخم املرافق للوفد‬ ‫املفاو�ض لي�س هدفه عمل تغطية لفعاليات امل�ؤمتر‪،‬‬ ‫حيث توجد غرفة �إعالمية ت�ضم فريقا موثوقا يقوده‬ ‫فريق من الق�رص‪ ،‬ويرتبط مبا�رشة بخربات يف دم�شق‬ ‫وبريوت بهدف �إدارة معركة ولي�س تغطية الأخبار‪.‬‬ ‫خام�ساً‪ :‬يعتمد النظام على الإ�ضافات التي �سي�ستفيد‬ ‫منها من دوائر �إقليمية ودولية‪ ،‬حيث يقف حتالف‬ ‫حزب اهلل و�إيران وحكومة املالكي على تقدمي دعم‬ ‫لوج�ستي كامل للمفاو�ضات �سواء بالدعاية‪� ،‬أو‬ ‫بتحريك بع�ض املعطيات على الأر�ض �أثناء جوالت‬ ‫املفاو�ضات‪ ،‬وما بني كل مرحلة و�أخرى‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫�إىل دعم كل من رو�سيا وال�صني له يف املجال‬ ‫الدويل‪ ،‬وت�شكيل �شبكة �أمان حتميه من �أي خماطر‬ ‫دبلوما�سية‪.‬‬ ‫�ساد�ساً‪ :‬يتوقع قيام النظام ببع�ض الإجراءات‬ ‫ال�شكلية هنا وهناك ليخفف من حدة احتقان ال�شارع‬ ‫وتوتره‪ ،‬كتخفيف احل�صار عن بع�ض املناطق‪� ،‬أو‬ ‫�إخراج دفعات �صغرية من ال�سجناء‪.‬‬ ‫�سابعاً‪ :‬اعتماد عن�رص املفاج�أة بطرح خيارات‬ ‫جديدة‪ ،‬حتمل يف ال�شكل تنازالت معينة‪ ،‬لكنها يف‬ ‫امل�ضمون لي�ست �سوى حماوالت لإرباك الدول التي‬

‫تدعم املعار�ضة وحترجها �أمام ر�أيها العام‪ ،‬مثل‬ ‫اقرتاح �إجراء انتخابات رئا�سية مبكرة حتت رعاية‬ ‫و�إ�رشاف دوليني‪ ،‬وهو الأمر الذي كان يرف�ضه النظام‬ ‫�سابقاً‪.‬‬ ‫�سي�سعى النظام �إىل طرح خيار حكومة الوحدة‬ ‫الوطنية بدل احلكومة االنتقالية‪ ،‬و�سيحاول تو�سعة‬ ‫الهام�ش حول هذا اخليار والتم�سك به‪ ،‬فهو ال‬ ‫يعني بالن�سبة له �سوى “اخلطة ب” من خطته يف‬ ‫التم�سك باحلكم‪ ،‬وهذه اخلطة جتعل ب�شار الأ�سد فوق‬ ‫امل�ساومات‪ ،‬وت�ضعه يف م�صاف الق�ضايا الوطنية‬ ‫الكربى‪.‬‬ ‫�سي�سعى النظام �إىل متديد عملية التفاو�ض �إىل �أبعد‬ ‫مدى ي�ستطيع الو�صول �إليه‪ ،‬وقد كان حقق مب�ساعدة‬ ‫حليفه الرو�سي �ضمان عدم حتديد �سقف زمني‬ ‫للو�صول �إىل نتيجة للتفاو�ض‪ ،‬خالل هذه الفرتة‬ ‫�سي�سعى النظام �إىل �إفراغ امل�ؤمتر من �أهدافه القا�ضية‬ ‫بت�شكيل حكومة انتقالية مبهمات تنفيذية كاملة‪،‬‬ ‫حيث يجهد �إىل �إحداث تعقيدات عمالنية جتعل‬ ‫الو�صول �إىل هذا الهدف �أمراً م�ستحي ًال ك�أن يعمل مث ًال‬ ‫على �إعادة خلط الأوراق امليدانية‪� ،‬أو يدفع م�ؤيديه‬ ‫�إىل طرح وترويج �أهداف جديدة‪ ،‬مثل �إعادة طرح‬ ‫خيار التق�سيم لعدم ثقة ه�ؤالء ب�أي حكومة لي�س فيها‬ ‫الأ�سد‪� ،‬أو لكون الطرف الأخر ذو هوية طائفية غالبة‪.‬‬ ‫الواقع ان البيئتان املحلية والإقليمية ت�سمحان‬ ‫مبثل هذه اال�سرتاتيجية كما ت�شجعان على البحث‬ ‫الدائم عن خيارات منا�سبة للنظام‪ ،‬وعلينا �أال نتوقع‬ ‫ح�صول اخرتاقات خطرية‪ ،‬ب�شار الأ�سد ونظامه ال‬ ‫ميكن �أن ير�ضخا مامل يقتنعان بجدية املجتمع‬ ‫الدويل‪ ،‬وهذه اجلدية يحتاج �إثباتها وجود �أليات‬ ‫معينة‪ ،‬لي�ست موجودة حتى اللحظة‪.‬‬


‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬ ‫موجز ال�شرق ‪06‬‬ ‫ت�شكيل املجل�س الإ�سالمي وم�ؤ�شرات االنت�صار ال�سعودي يف �سوريا‬ ‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫قبيل انطالق م�ؤمتر جنيف ‪ 2‬بد�أت حتدث تغريات‬ ‫يف م�رسح العمليات الع�سكرية وجبهات القتال يف‬ ‫�أنحاء مدن �سورية عدة‪ ،‬ومير املقاتلون ال�سوريون‬ ‫يف عملية �إعادة ت�شكيل درامية‪ ،‬وتقع اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية يف قلب هذه العملية‪.‬‬ ‫عايرت الريا�ض موقفها من القوى املوجودة على‬ ‫الأر�ض‪ ،‬وقد برزت اجلبهة الإ�سالمية التي �شكلت‬ ‫م�ؤخراً كقوة قوية واحدة عن طريق الدعم ال�سعودي‬ ‫‪ .‬وبد�أت دولة العراق الإ�سالمية يف العراق وال�شام‬ ‫( داع�ش ) تفقد الأر�ض‪� .‬أما املعار�ضة « العلمانية «‬ ‫‪ ،‬فرتكزت يف اجلي�ش ال�سوري احلر ‪ ،‬وهناك �ضغوط‬ ‫لإظهار قدرتها على البقاء يف ميدان القتال‪.‬‬ ‫وكان �أهم عامل تغيري للتوازنات يف املعار�ضة‬ ‫ال�سورية قد �أتى عرب الرياح القادمة من اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية‪ .‬وينظر بع�ض �صناع القرار‬ ‫ال�سعودي �إىل �سيا�سات وا�شنطن جتاه �سورية و�إيران‬ ‫ب�أنها باتت م�رضة للم�صالح ال�سعودية‪ ،‬ولذلك‬ ‫�أخذت الريا�ض املبادرة‪ ،‬و�إعادة تقييم دورها‪.‬‬ ‫وما جرى يف موازين القوى على الأر�ض ال�سورية‬ ‫ي�شري �إىل تعديالت تكتيكية يف نهج الريا�ض ‪ ،‬و‬ ‫�أ�صبحت اململكة العربية ال�سعودية املمثل الرئي�سي‬ ‫«للقوى الإ�سالمية املعتدلة» ‪.‬‬ ‫وتلقت جلنة العلماء التي ت�رشف على ت�شكيل وحدات‬ ‫وبناء على‬ ‫القتال الإ�سالمية تعليمات من الريا�ض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�أوامر من اللجنة ‪ ،‬التي ت�ضم كبار العلماء ال�سنة ‪،‬‬ ‫مت ت�شكيل ثالثة « جيو�ش « رئي�سية‪ .‬الأول هو جي�ش‬ ‫املجاهدين يف اجلنوب الغربي من حلب‪ ،‬وي�ضم ‪11‬‬ ‫لواء ‪ ،‬والثاين هو االحتاد الإ�سالمي الذي يوجد مقره‬ ‫ً‬ ‫يف دم�شق ( يف الريف ال�رشقي والغربي ) ‪ .‬والثالث‬ ‫هو اجلبهة الإ�سالمية التي ت�ضم خم�س جمموعات‬ ‫�أ�صغر مع وجود جمموعات �صغرية تتبع لدولة قطر‪.‬‬ ‫و�شكلت جلنة العلماء هيئة توحيد حتت ا�سم «‬

‫املجل�س الإ�سالمي «‪ .‬و�شكلت الهيئة جي�ش �صغري‬ ‫من �ضباط الأيديولوجية «املخت�صون بالتوجيه‬ ‫الديني»‪ ،‬وهو ما يعني �أولئك الذين يعرفون‬ ‫ال�رشيعة ‪ .‬عملية بناء الهيئة ما يزال م�ستمراً ‪ .‬يف‬ ‫االجتماع الأخري للمجل�س ‪ ،‬قرروا بناء �شبكة من‬ ‫البلديات وال�سلطات املحلية‪ ،‬و تغطي اخلطة ‪14‬‬ ‫حمافظة و ‪ 64‬مقاطعة و ‪ 295‬من القرى النائية ‪،‬‬ ‫و�سيتم �إر�سال ال�ضباط املخت�صني بالتوجيه الديني‬ ‫�إىل جميع املواقع املخ�ص�صة لبناء احلكم املحلي‬ ‫وفقا لأحكام ال�رشيعة ‪.‬‬ ‫الآثار املرتتبة على هذه « التجربة « هي بعيدة‬ ‫املدى ‪ .‬وهي املحاولة الثانية لبناء احلكم‬ ‫الإ�سالمي يف دول الربيع العربي‪ .‬يف م�رص ف�شل‬

‫الإخوان امل�سلمون ب�شكل م�أ�ساوي ‪ ،‬ويف �سوريا‬ ‫تبنى الآن ن�سخة منحى �سلفي‪ ،‬ويتم تنظيف جبهات‬ ‫القتال من «داع�ش»‪.‬‬ ‫من الوا�ضح �أن هناك يف الواقع فرق بني «داع�ش”‬ ‫وبني املجل�س الإ�سالمي ‪ .‬ولكن هذا االختالف‬ ‫يتلخ�ص يف وجود اختالف يف ال�سمعة ‪ ،‬ولي�س‬ ‫الأيديولوجيا ‪ ،‬وكالهما يقوم على الوعظ حول‬ ‫املعتقدات والأهداف‪.‬‬ ‫هناك جدل الآن حول ما جلعل هذا تغيري جوهري‬ ‫يف �شكل املعار�ضة ال�سورية ‪ .‬ولكن ما مل يتم‬ ‫مناق�شته هو حقيقة �أن باب هذه املعار�ضة هي‬ ‫الآن يف الريا�ض‪.‬‬

‫م�صر‪ :‬ماذا لو ف�شل الع�سكر يف امللف االقت�صادي؟‬ ‫متت املوافقة على الد�ستور امل�رصي يف ا�ستفتاء‬ ‫�شفاف �إىل حد ما يف الأ�سبوع املا�ضي‪� .‬شارك ما‬ ‫يقدر بنحو ‪ ٪ 40‬من الناخبني ‪� ،‬صوت �أكرث من ‪90‬‬ ‫‪ ٪‬بنعم ‪ .‬وحتى الآن‪ ،‬ما تزال العديد من الأ�سئلة‬ ‫وال�شكوك ال تخيم على الو�ضع امل�رصي‪.‬‬ ‫ال�س�ؤال املركزي هو ما �إذا كانت تركيبة احلكم‬ ‫اجلديدة التي �سوف تولد من عمليات الت�صويت‬ ‫الد�ستورية الثالث �إىل بع�ض اال�ستقرار الن�سبي‪ ،‬و‬ ‫�إخراج البالد بعيدا عن الكارثة االقت�صادية ‪.‬‬ ‫هذا ال�س�ؤال االقت�صادي ينطبق ب�شكل خا�ص على‬ ‫ال�شباب امل�رصي ‪ .‬وفق ًا لتقرير يف نوفمرب‪ /‬ت�رشين‬ ‫الثاين عام ‪ ،2013‬من اجلهاز املركزي للتعبئة‬ ‫العامة والإح�صاء ‪ ،‬كانت ن�سبة البطالة الر�سمية‬ ‫‪ . ٪ 13.4‬ولكن ‪ ،‬من هذا العدد‪ ،‬ي�شكل ال�شباب‬ ‫‪ ٪ 70.8‬من �إجمايل العاطلني عن العمل‪ .‬حول‬ ‫‪ ٪ 10.6‬من ه�ؤالء ما بني ‪ 15‬و ‪� 19‬سنة ‪ ،‬ون�سبة‬ ‫‪ ٪ 20.9‬ترتاوح بني ‪ 25‬و ‪� 29‬سنة ‪ ،‬و ‪٪ 39.3‬‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬

‫هم من الفئة العمرية بني ‪ 20‬و ‪ 24‬عام ًا‪ .‬وه�ؤالء‬ ‫لي�سوا من النا�س غري املهرة ‪ :‬كان ‪ ٪ 84.5‬من‬ ‫ال�شباب العاطلني عن العمل من خريجي الثانوية‬ ‫�أو يحملون �شهادات جامعية‪.‬‬ ‫نتيجة العملية االنتخابية الد�ستورية ما زالت‬ ‫مملوءة بالغمو�ض‪ ،‬فال �أحد يعرف �إىل �أين �ستتجه‬ ‫م�رص‪ ،‬و�سيتك�شف مع الوقت نوع الدعم امل�رشوط‬ ‫من ال�سكان عموم ًا للعملية التي يقودها اجلي�ش ‪.‬‬ ‫موقف م�شرتك بني �أغلبية كبرية من ال�سكان ي�شري‬ ‫�إىل «التعب الثورة»‪ ،‬و التوق لتحقيق اال�ستقرار‪ ،‬و‬ ‫حت�سني الظروف االقت�صادية‪.‬‬ ‫هذا ال�شعور ي�شري �إىل �أن ال�سكان يدعمون اجلي�ش‬ ‫للقيام بعمل معني ‪ ،‬ولكن �إذا مل يتم هذا العمل ف�إنه‬ ‫�سيتم �سحب الدعم مرة �أخرى ‪ ،‬وهنا ميكن التذكري‬ ‫ببدايات الفرتة االنتقالية من عام ‪ ، 2011‬حيث‬ ‫اندلعت احتجاجات عنيفة مطالبة بعودة اجلي�ش‬ ‫�إىل ثكناته‪.‬‬

‫ولكن �سنة واحدة من حكم حممد مر�سي ‪ ،‬جنب ًا �إىل‬ ‫جنب مع «التعب من الثورة»‪ ،‬جلبت العك�س متام ًا‪،‬‬ ‫ومت دعم للجي�ش �ضد الإخوان امل�سلمني‪.‬‬ ‫�إذا ف�شلت تركيبة احلكم اجلديدة لتحقيق اال�ستقرار‬ ‫و التح�سن االقت�صادي ‪ ،‬ف�إن عودة اجلماهري‬ ‫الكبرية �إىل ال�شوارع �شبه م�ؤكدة ‪ .‬و�سيكون هذا‬ ‫ال�سيناريو كابو�س ًا بالن�سبة للكثريين‪ ،‬حيث �أنه من‬ ‫املمكن �أن يعود الإخوان �إىل لعب مكانة رائدة يف‬ ‫احلكم‪ ،‬و�سيدخل حينها الإخوان يف مواجهة مع‬ ‫اجلي�ش ل�ضمان جتنب حالة انقالب ثانية‪ ،‬وهذه‬ ‫الو�ضاع من �ش�أنها �أن متهد ملا هو �أ�سو�أ‪� ،‬أي احلرب‬ ‫الأهلية‪.‬‬ ‫�إن احتمال حدوث «ثورة ثالثة « موجود‪ ،‬ولكن‬ ‫الأمور �أي�ض ًا لي�ست دائرة مغلقة‪� .‬إذ �أن معظم‬ ‫ي�سعون من �أجل الكرامة والتح�سينات االقت�صادية‪،‬‬ ‫و�سيتم احلكم على احلكومة الع�سكرية من التقدم‬ ‫الذي حتققه على كل ال�صعد‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫موجز ال�شرق‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ت�أجيل م�شروع قانون �ضد �إيران وحقيقة ال�سعي الرو�سي ل�ضمها �إىل جنيف‪2‬‬

‫�شن ال�سيناتور ديان فاين�شتاين ‪ ،‬رئي�س جلنة جمل�س‬ ‫ال�شيوخ لال�ستخبارات يف ‪ 14‬يناير‪ /‬كانون الثاين‬ ‫اجلاري ‪ ،‬هجوم ًا عنيف ًا على م�رشوع قانون العقوبات‬ ‫�ضد �إيران‪ ،‬وتدخل فاين�شتاين يعك�س �شدة املعركة‬ ‫ال�سيا�سية يف وا�شنطن‪.‬‬ ‫م�رشوع القانون اجلديد يفر�ض عقوبات جديدة على‬ ‫قطاع النفط الإيراين ‪ ،‬وكذلك يلزم وا�شنطن بتقدمي‬ ‫الدعم الع�سكري االمريكي لأية عمليات ع�سكرية‬ ‫�إ�رسائيلية �ضد �إيران ‪،‬وهناك ‪ 59‬من �أ�صل ‪ 100‬من‬ ‫�أع�ضاء جمل�س ال�شيوخ الأمريكي ي�ساندون امل�رشوع‪.‬‬ ‫بالن�سبة لأوباما ف�إن هذا العدد يقرتب من كونه‬ ‫خطراً ال ميكن وقفه‪ ،‬وهو ما �سيتطلب ا�ستخدام الفيتو‬ ‫من قبل البيت الأبي�ض‪ ،‬زعيم االغلبية يف جمل�س‬ ‫ال�شيوخ هاري ريد كان قد وعد �أنه �سيتخذ خطوات‬ ‫�رسيعة من �أجل �إعادة القانون �إىل جمل�س ال�شيوخ‬ ‫للت�صويت عليه‪ ،‬وذلك من �أجل جتنب عملية طويلة‬ ‫من املناق�شات املعتادة اللجنة‪ .‬ولكن الآن ‪ ،‬وب�سبب‬ ‫قوة الهجوم وال�ضغط من قبل فاين�شتاين والبيت‬ ‫الأبي�ض ‪ ،‬فقد و�ضع ريد م�رشوع القانون يف االنتظار‬ ‫�إىل �أجل غري م�سمى ‪.‬‬ ‫ح ّذر فاين�شتاين �أن �إقرار م�رشوع القانون �سيبد�أ‬ ‫« م�سرية احلرب» مع �إيران يف اللحظة التي تظهر‬ ‫فيها القيادة الإيرانية اجلديدة م�ؤ�رشات اىل �أنها‬ ‫م�ستعدة للتو�صل اىل �صفقة للتخلي عن �أي برنامج‬ ‫الأ�سلحة النووية يف مقابل �إنهاء العقوبات عليها يف‬ ‫نهاية املطاف ‪ .‬و�أ�شار فاين�شتاين �أي�ضا �إىل �أن لغة‬ ‫م�رشوع القانون تلزم الواليات املتحدة �أن تتدخل‬ ‫بن�شاط ع�سكري يف دعم �أي هجوم �إ�رسائيلي على‬ ‫�إيران ‪ ،‬وهو ما �سيكون مبثابة �إلغاء �رصيح لل�سيادة‬ ‫الوطنية الأمريكية ‪ ،‬يف الواقع ‪ ،‬و�إعطاء رئي�س الوزراء‬ ‫اال�رسائيلي بنيامني نتنياهو ال�سلطة جلر الواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية �إىل احلرب‪.‬‬ ‫العقيد جورج باتريك الجن ‪� ،‬ضابط ع�سكري متقاعد‬ ‫‪ ،‬وكان قد تر�أ�س �سابق ًا برنامج ال�رشق الأو�سط يف و‬

‫كالة ا�ستخبارات الدفاع ‪ DIA‬الأمريكية و العمليات‬ ‫اال�ستخباراتية ا قبل تقاعده‪ ،‬اعترب ب�أن امل�رشوع‬ ‫غري د�ستوري‪ ،‬وحذر من �أنه ال �أحد ي�ستطيع �أن ي�أمر‬ ‫الرئي�س بالذهاب �إىل احلرب‪ ،‬و�أن امل�رشوع يعني �أنه‬ ‫ميكن �إدانة الرئي�س الأمريكي �إذا رف�ض االن�ضمام �إىل‬ ‫نتنياهو يف �أي هجوم �إ�رسائيلي على �إيران‪.‬‬ ‫تزامنت �إعادة دفع �ضد م�رشوع قانون العقوبات‬ ‫«منديز» مع �إ�صدار وزير الدفاع ال�سابق روبرت‬ ‫غيت�س مذكراته حول �سنواته الأربع و الن�صف التي‬ ‫ق�ضاها وزيراً للدفاع يف عهد الرئي�سني جورج دبليو‬ ‫بو�ش‪ ،‬وانتقد غيت�س مخُ ططي الأمن القومي املدنيني‬ ‫الذين ي�سارعون جداً للذهاب �إىل احلرب ‪ ،‬والذين‬ ‫لي�س لديهم فكرة عن عواقب حقيقية للعمل الع�سكري‬ ‫‪ .‬وقال جيت�س لل�صحفيني انه كتب الكتاب يف هذه‬ ‫اللحظة بالتحديد خوف ًا من �أن الأمريكيني يواجهون‬ ‫اال�شتباك الع�سكري الو�شيك يف �سوريا ‪ ،‬جنب ًا �إىل‬ ‫جنب مع احتمال ن�شوب حرب مع �إيران �إذا ف�شلت‬ ‫املحادثات ‪. P5 +1‬‬ ‫يف خطاب �ألقاه يف جامعة الدفاع الوطني يوم ‪14‬‬ ‫يناير ‪ ،‬اجلرنال مارتن دميب�سي ‪ ،‬رئي�س هيئة الأركان‬ ‫امل�شرتكة ‪ ،‬عك�س حتذيرات اجليت�س من االندفاع �إىل‬ ‫احلرب من جانب البريوقراطيني احلكوميني الذين‬ ‫يفتقرون �إىل اخلربة الع�سكرية‪.‬‬ ‫التجمع املعروف با�سم «الواقعيني» يف �إدارة �أوباما‬ ‫ع ّقد ميزان القوى �ضد « التدخل الإن�ساين « الذين‬ ‫يجادلون ب�أن القوة الع�سكرية الأمريكية ينبغي �أن‬ ‫ت�ستخدم يف �أي حالة ‪ ،‬يف �أي مكان يف جميع �أنحاء‬ ‫العامل ‪ ،‬حيث تتعر�ض للخطر حقوق الإن�سان ‪ .‬ومن‬ ‫املفارقات ‪ ،‬ف�إن هذا « التدخل الإن�ساين « يريد �أي�ض ًا‬ ‫�أن يطبق قوة الواليات املتحدة من خالل فر�ض‬ ‫عقوبات وحتى العمل الع�سكري يف �أي مكان يف حال‬ ‫انتهكت فيه حقوق الإن�سان ‪.‬‬ ‫هذا التوازن يبدو غري م�ستقر ‪ ،‬فال�صقور يف الكونغر�س‬ ‫يف كال احلزبني اجلمهوري و الدميقراطي يدفعون‬

‫نحو التدخل الع�سكري يف �سوريا و�إيران‪ ،‬خا�صة مع‬ ‫اختبار فقدان الرئي�س �أوباما الت�أييد ال�شعبي‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬وعرب �سل�سلة من االت�صاالت بني‬ ‫الرئي�س الرو�سي فالدميري بوتني ووزير اخلارجية‬ ‫االيراين جواد ظريف و زيرة اخلارجية االمريكية‬ ‫جون كريي ‪ ،‬كان هناك حماولة من �أجل �إيجاد‬ ‫طريقة مل�شاركة �إيران يف حمادثات جنيف ‪ ،2‬ويف‬ ‫املحادثات بني ظريف وبوتني �أخرب الأخري اجلانب‬ ‫الإيراين �أن �أمريكا تتحفظ على ح�ضور �إيران �إذا‬ ‫مل ت�ؤيد االتفاق الإطاري القائم على قبول بنود‬ ‫جنيف‪ ،1‬خا�صة �أن امل�ؤمتر لإن�شاء « حكومة انتقالية‬ ‫« و�إنهاء ثالث �سنوات من ال�رصاع الدموي ‪.‬‬ ‫يف االت�صاالت املبا�رشة اخلا�صة بني �أمريكا و�إيران‪،‬‬ ‫ملحت ظريف لكريي �أنه قد يكون قادراً على �إقناع‬ ‫املر�شد الأعلى علي خامنئي لتلبية متطلبات الواليات‬ ‫املتحدة بقبول �إيران مبقررات جنيف‪ ،1‬وطلب كريي‬ ‫من ظريف ال�ضغط على حزب اهلل للح�صول على وعد‬ ‫بخروج مقاتلي احلزب من �سورية فيما مت التو�صل‬ ‫�إىل اتفاق �أويل لوقف �إطالق النار‪ ،‬وكانت امل�شكلة‬ ‫مع هذا الطلب هي �أن �إيران ميكن �أن ت�ضغط على‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬لكن الواليات املتحدة ال ميكن �أن ت�ضغط‬ ‫على مقاتلي املعار�ضة ال�سورية‪� ،‬أو ال�ضغط على‬ ‫اجلماعات املرتبطة بالقاعدة‪.‬‬ ‫وكان ظريف م�ؤخراً يف لبنان ‪ ،‬حيث التقى مع زعيم‬ ‫حزب اهلل ‪ ،‬والرئي�س اللبناين مي�شال �سليمان و زعيم‬ ‫حركة �أمل نبيه بري ‪ .‬ووفق ًا مل�صادر لبنانية ‪ ،‬قام‬ ‫ظريف خالل الزيارة بزيارة قرب عماد مغنية الذي‬ ‫يعتقد ب�أنه العقل املدبر لتفجري ثكنات م�شاة البحرية‬ ‫االمريكية يف ‪1980‬م‪ ،‬والذي اغتيل يف دم�شق يف‬ ‫عام ‪ .2006‬لكن يف حقيقة الأمر ف�إن هناك �أطراف‬ ‫يف �إيران متلك �أوراق رمبا �أكرث من �أوراق ظريف يف‬ ‫العالقة مع حزب اهلل‪.‬‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/01/26 )124‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫�أ�سئلة الدولة واملواطنة يف �سورية‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫يف دولة‪ ،‬متاهت فيها ال�سلطة واحلزب « قائد الدولة‬ ‫وحولتها‬ ‫واملجتمع « والزعيم « الرئي�س القائد « ّ‬ ‫ال�سلطة الأمنية من ف�ضاء عام لكل مواطنيها �إىل‬ ‫ف�ضاء خا�ص لأهل الوالء‪ ،‬من امل�ؤكد � ّأن تكون �أ�سئلة‬ ‫الدولة واملواطنة من �أهم �إ�شكالياتها املعا�رصة‪،‬‬ ‫ولكن بعد �أن ا�ستفحل التعاطي الأمني مع احلراك‬ ‫ال�شعبي ال�سلمي ال�سوري املطالب باحلرية والكرامة‬ ‫منذ مار�س‪�/‬آذار ‪ 2011‬ف� ّإن هذه الأ�سئلة تبدو �أكرث‬ ‫�أهمية‪.‬‬ ‫� ّإن �آليات ال�سيطرة التي تكونت منذ �سنة ‪� 1970‬شكلت‬ ‫الغطاء للف�ساد والركود العام على مدى �سنوات عديدة‪،‬‬ ‫كما �أعاقت �إمكانية التعامل العقالين مع املوارد‬ ‫وعطلت انطالق‬ ‫االقت�صادية والب�رشية ال�سورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مبادرات املجتمع ال�سوري الذي يتميز باحليوية‪.‬‬ ‫فقد اعتادت ال�سلطة‪ ،‬منذ عقود‪ ،‬م�صادرة املجتمع‬ ‫و�إخ�ضاعه كلي ًا‪ ،‬و�أقامت يف �سبيل ذلك منظماتها‬ ‫ال�شعبية كامتداد ل�سلطتها‪ ،‬بحيث مل يعد من املمكن‬ ‫احلديث عن دولة وجمتمع باملعنى احلديث‪ .‬ففي هذا‬ ‫« املجتمع ال�شعبوي «‪ ،‬حيث ر�أينا كيف � ّأن منت�سبي‬ ‫االحتاد الوطني لطلبة �سورية ي�ساعدون قوات‬ ‫الأمن �ضد زمالئهم املعت�صمني يف جامعتي حلب‬ ‫ودم�شق‪ ،‬مت تعميم قيم الو�شاة واملخربين‪ ،‬و» �صار‬ ‫الأدنى ي�شي بالأعلى‪ ،‬والأقل كفاءة ي�شي بالأكف�أ‪،‬‬ ‫واملختل�س ي�شي بالنزيه وامل�ستقيم‪ ،‬واجلاهل ي�شي‬ ‫ل‪ ،‬والأقل علم ًا ي�شي بالأعلم‪ ،‬وغري امل�ؤهل ي�شي‬ ‫بالعا ِ‬ ‫بامل�ؤهل‪ ،‬وعدمي ال�ضمري ي�شي ب�صاحب ال�ضمري‪.»...‬‬ ‫ففي �سورية هذه‪ ،‬حيث �سلطة الدولة ال ت�ستند �إىل‬ ‫�رشعية د�ستورية‪ ،‬وغري خا�ضعة لأية م�ؤ�س�سات‬ ‫رقابية حقيقية‪ ،‬بل بوجود مراتبية تلعب فيها‬ ‫الأجهزة الأمنية الدور الأهم يف احلياة ال�سيا�سية‬ ‫تقرب �أهل‬ ‫واالقت�صادية واالجتماعية والثقافية‪ّ ،‬‬ ‫نذكر‬ ‫الوالء وتن ّفر �أهل الكفاءة‪ ،‬من ال�رضوري �أن ّ‬

‫� ّأن الدولة مفهوم ال معنى له �إال �إذا اقرتن مبفهوم‬ ‫املواطنة‪� ،‬أي �أن تكون �إطاراً �سيا�سي ًا وم�ؤ�س�سي ًا لإدارة‬ ‫�ش�ؤون النا�س جميع ًا على �أ�سا�س مبد�أ امل�ساواة بني‬ ‫املواطنني من خالل �سلطة منتخبة‪.‬‬ ‫� ّإن �سورية �أحوج ما تكون �إىل الدولة الدميقراطية‬ ‫القادرة والعادلة والفاعلة‪ ،‬دولة احلق والقانون‬ ‫وامل�ؤ�س�سات الد�ستورية والتنمية ال�شاملة امل�ستدامة‪،‬‬ ‫بعد �أن �أ�ضحت دولة مت�أخرة‪ ،‬بل فا�شلة‪ ،‬يت�سلط فيها‬ ‫�أمراء احلرب على م�صالح البالد والعباد‪ ،‬و�إدارة‬ ‫اقت�صادية غري حكيمة يف �إدارة املوارد‪ ،‬و�سجل حافل‬ ‫بانتهاكات حقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫�ش ّكل غياب الدميقراطية عن احلياة ال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعية ال�سورية العرثة الكربى �أمام بناء‬ ‫الدولة احلديثة‪ ،‬والثغرة الأ�سا�سية يف عدم تقدم البنى‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية‪.‬‬ ‫ولع ّل م�س�ألة الدميقراطية هي من �أهم الدرو�س التي‬ ‫ميكن �أن ن�ستخل�صها‪ ،‬فقد �أدى �إ�ضعاف دور املواطن‬ ‫وتقلي�ص امل�شاركة احلقيقية يف العملية الإمنائية‬ ‫�إىل �ضعف الإجنازات التنموية احلقيقية‪� ،‬إذ � ّأن التقدم‬ ‫ال�شامل ال ميكن حتقيقه وا�ستمراره يف ظل غياب‬ ‫التغيري ال�سيا�سي‪ ،‬واال�ستناد �إىل قاعدة دميقراطية‬ ‫فعال باحلريات ال�سيا�سية والفكرية‪.‬‬ ‫�أو�سع‪ ،‬ومتتع ّ‬ ‫لذلك فمن غري املمكن ت�صور �سورية لكل مواطنيها‬ ‫مبعزل عن عودة الروح �إىل املجتمع املدين‪ ،‬و�ضمان‬ ‫م�ؤ�س�ساته امل�ستقلة عن �سلطة الدولة‪ ،‬كي ي�سرتد‬ ‫املجتمع حراكه ال�سيا�سي والثقايف‪ ،‬مبا يخدم �إعادة‬ ‫بناء الدولة ال�سورية احلديثة‪.‬‬ ‫� ّإن التاريخ ال�سوري املعا�رص قد ر ّتب على قوى‬ ‫الثقافة والعمل م�س�ؤولية وطنية كربى‪ ،‬تتنا�سب مع‬ ‫الدور املهم الذي تلعبه يف احلياة الفكرية واملادية‬ ‫لل�شعب ال�سوري‪ ،‬فلذلك ف� ّإن �إعادة بناء الدولة احلديثة‬ ‫العادلة �سوف تقع على عاتق هذه القوى بالدرجة‬

‫الأوىل‪ ،‬خا�صة �شباب ون�ساء ثورة احلرية والكرامة‪،‬‬ ‫فهي التي �ستكون القاعدة االجتماعية الأهم للتغيري‬ ‫حتول هذه القوى‬ ‫يف �سورية امل�ستقبل‪ .‬وال�شك � ّأن ّ‬ ‫�إىل كتلة م�ؤثرة مرهون بقدرتها على جذب �أو�سع‬ ‫القطاعات االجتماعية التي تطمح �إىل التغيري‪ .‬كما‬ ‫�أنه مرهون بقدرتها على جتديد الثقافة ال�سيا�سية‬ ‫ال�سورية‪.‬‬ ‫� ّإن �صياغة معادلة جديدة يف احلياة الداخلية ت�أخذ‬ ‫بعني االعتبار تعاظم التحديات‪ ،‬خا�صة بعد الدمار‬ ‫ال�شامل للإن�سان والبنى التحتية وت�رشيد ‪ 7‬ماليني‬ ‫�سوري خارج بيوتهم‪ ،‬يف ظل عالقة قائمة على‬ ‫القناعة والثقة والتفاعل احلر‪ ،‬عالقة مقننة يف‬ ‫�إطار عقد اجتماعي جديد يو ّفر ال�شفافية وامل�ؤ�س�سية‬ ‫والقانون‪ ،‬هي وحدها الكفيلة بو�ضع �سورية على‬ ‫�أوىل درجات االنتقال من اال�ستبداد �إىل الدميقراطية‪،‬‬ ‫و�إال ف�إننا �أمام حالة �إعادة �إنتاج املا�ضي بكل‬ ‫م�آ�سيه‪.‬‬ ‫يف كل الأحوال‪ ،‬وطاملا � ّأن كرامة وحرية الإن�سان‬ ‫هي التي ت�شكل �أ�سا�س تطور �أي جمتمع‪ ،‬ف� ّإن الرقابة‬ ‫امل َُم�أ�س�سة‪ ،‬التي مت ّكن من و�ضع الإن�سان ال�سوري‬ ‫املنا�سب يف املكان املنا�سب‪ ،‬ت�شكل �أحد �أهم ال�رشوط‬ ‫لتحقيق االنتقال من اال�ستبداد �إىل الدميقراطية‬ ‫التعددية ب�أقل اخل�سائر‪ ،‬وا�ستئ�صال العنف والتطرف‬ ‫من العالقات االجتماعية وال�سيا�سية‪.‬‬ ‫� ّإن الدولة الوطنية ال�سورية‪ ،‬مبا هي دولة حق وقانون‪،‬‬ ‫حقوق املواطنني فيها هي واجبات الدولة‪ ،‬ومبا‬ ‫هي دولة الكل االجتماعي‪ ،‬هي دولة كل مواطنيها‬ ‫بال ا�ستثناء وال متييز‪ ،‬ي�شارك فيها الأفراد والفئات‬ ‫االجتماعية م�شاركة فعلية من خالل امل�ؤ�س�سات‪.‬‬ ‫ويف املح�صلة‪ ،‬يبدو � ّأن ال حل دائم ًا يف �سورية خارج‬ ‫جتاوز النظام احلايل و�إقامة دولة احلق والقانون‬ ‫التي حتمي كرامة املواطنني مبواطنة كاملة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.