Al badil 126

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/02/9ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)126‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (126) 9/02/2014‬‬

‫م�آالت النكبة ال�سورية واجليل الثالث من القاعدة‬

‫ح�سام مريو‬

‫�أيهما �أكرث �رضاوة و�أ�شد ب�ؤ�س ًا نكبة عام ‪� 1948‬أم‬ ‫النكبة ال�سورية؟ �إن املقارنة بني االحتالل الإ�رسائيلي‬ ‫لفل�سطني وتهجري �أهلها وبني احتالل نظام لبلد ا�سمه‬ ‫�سورية وتهجري �أهلها يف الداخل وبلدان اجلوار وح�صار‬ ‫مدنها وا�ستخدام �سالح التجويع واعتقال ع�رشات الآالف‬ ‫وتدمري البنية التحتية التي دفع ال�سوريون ثمنها من‬ ‫ول ال‬ ‫�أعمارهم وحياتهم وحريتهم �أمراً يبدو طبيعياً‪ ،‬مِ َ‬ ‫جتوز املقارنة؟ االحتالل ال �شكل وحيد له‪ ،‬وال القهر �أو‬ ‫اال�ستبداد‪ ،‬واالحتالل لي�س فقط احتالل الأر�ض‪ ،‬و�إمنا‬ ‫�أي�ض ًا احتالل احلياة نف�سها‪ ،‬واعتقال الأمل‪.‬‬ ‫نحن يف ع�رص النكبة ال�سورية‪ ،‬لي�س فقط ك�سوريني‪،‬‬ ‫و�إمنا كب�رش نحيا يف زمن كان يفرت�ض �أن تكون حقوق‬ ‫الإن�سان فيه قد تر�سخت يف حدود معينة‪ ،‬و�أن �أموراً‬ ‫بعينها ال يجوز ال�صمت عنها‪ ،‬فلندع احلقوق ال�سيا�سية‬ ‫جانب ًا (على �أهميتها)‪ ،‬لكن حق احلياة الذي ي�شكل �أ�صل‬ ‫احلقوق بات مفقوداً يف �سورية‪ ،‬واليوم يتحدث العامل عن‬ ‫انت�صار وهمي ملحادثات جنيف ‪ 2‬عرب �إجالء مدنيني‬ ‫حما�رصين يف مدينة حم�ص القدمية ملدة عام ون�صف‬ ‫العام‪� ،‬أي انت�صار هذا! �أال يخجل العامل من و�صف‬ ‫�إخراج املحا�رصين باالنت�صار‪ ،‬وهو الذي مل يفعل �شيئ ًا‬ ‫لإي�صال امل�ساعدات الغذائية والإن�سانية لهم‪ ،‬وك�أن الأمر‬ ‫ال يبدو غريب ًا �أو م�ستهجن ًا �أو ك�أنه اعرتاف عاملي بحق‬ ‫الأنظمة ال�شمولية مبعاقبة اخلارجني عن �إلوهيتها‪� ،‬أو �أن‬ ‫دول العامل املتقدم ترى �إىل ه�ؤالء املحا�رصين بو�صفهم‬ ‫كائنات ما دون ب�رشية‪.‬‬ ‫النكبة ال�سورية م�ستمرة‪ ،‬وال ميكن التكهن مب�آالتها‪،‬‬

‫ال ال�سيا�سية وال الإن�سانية وال ما ميكن �أن تطرحه من‬ ‫حتوالت يف ر�سم جغرافيا جديدة يف بالد ال�شام‪� ،‬أو‬ ‫نتائجها على املنطقة برمتها‪ ،‬فما �سقط‪ ،‬لي�س فقط‬ ‫قدرة العامل على معاجلة �أزمة �سيا�سية و�أزمة حرية‬ ‫يف �سورية‪ ،‬و�إمنا ال�رشعية الأخالقية ملنظومة �سيا�سية‬ ‫روج لها الغرب‪.‬‬ ‫وفكرية و�أيديولوجية لطاملا ّ‬ ‫هل تريد �أمريكا �أن حتارب الإرهاب؟ هي قطع ًا‬ ‫لن ت�ستطيع وال ت�ستطيع‪ ،‬فالإرهابيون لي�سوا فقط‬ ‫انتحاريني يتزنرون ب�أحزمة نا�سفة‪� ،‬إنهم يف غالبيتهم‬ ‫العظمى �أبناء جمتمعات حكمها ديكتاتوريني بدعم‬ ‫غربي‪� ،‬أو بر�ضا غربي على الأقل‪� ،‬أبناء جمتمعات ما‬ ‫تزال تفتقد �إىل �أب�سط حاالت العدالة االجتماعية‪ ،‬وتغيب‬ ‫عنها مقومات التنمية‪ ،‬وتديرها مافيات عائلية‪ ،‬ويرتك‬ ‫فيها ال�شباب حلاالت من ال�ضياع وان�سداد الأفق‪.‬‬ ‫اجليل الثالث من القاعدة اليوم هو من البلدان ذاتها التي‬ ‫ت�سودها اال�ضطرابات‪ ،‬ف�أبناء العراق الذين انتموا �إىل‬ ‫تنظيمات "قاعدية" هم �أبناء جيل االحتالل الأمريكي‪،‬‬ ‫ومن ثم اخللل يف معاجلة امل�شكالت ال�سيا�سية‪ ،‬والف�ساد‬ ‫املنظم‪ ،‬واملحا�ص�صة الطائفية‪ ،‬ويف �سورية ر�أى الكثري‬ ‫من ال�شباب ب�أعينهم كيف قاوم النظام �أي حل �سيا�سي‪،‬‬ ‫وكيف �سقطت كل اخلطوط احلمر‪ ،‬وكيف حتول ال�شعب‬ ‫ال�سوري �إىل جمرد �أرقام (�شهداء‪ ..‬معتقلون‪ ..‬الجئون‪..‬‬ ‫جرحى‪ ..‬معاقون‪ ،)..‬وكيف حتولت م�أ�ساتهم �إىل �ساحة‬ ‫لل�رصاع الإقليمي والدويل‪ ،‬وعجز جمل�س الأمن عن‬ ‫�إن�صافهم‪ ،‬ومن ورائه املجتمع الدويل ب�أكمله الذي‬ ‫حتولت "�صداقته" لل�شعب ال�سوري �إىل وعود كاذبة‬

‫وفارغة من �أي م�ضمون وم�صداقية‪ ،‬فكيف �إذن ميكن‬ ‫منع الكثري من ال�شباب من االلتحاق بتنظيمات قاعدية‪،‬‬ ‫هل بالوعظ؟ �أم بالوعود؟ �أم باحلديث عن خطر الفكر‬ ‫التكفريي؟ �أم باجرتاح حلول حقيقية للنكبة ال�سورية‪.‬‬ ‫لي�س من املعقول �أن تكون املفاو�ضات جارية يف جنيف‬ ‫بينما يق�صف النظام مدينة حلب بالرباميل املتفجرة‬ ‫و�سط �صمت عاملي مريب‪ ،‬فهل ي�ستقيم �أن جترى‬ ‫مفاو�ضات على حل �سيا�سي بينما ميوت ‪ 1900‬مواطن‬ ‫�سوري برباميل املوت خالل ع�رشة �أيام؟ �أمل ي�ستطع كل‬ ‫العامل �إقناع النظام بوقف براميل متفجرة ت�سقط على‬ ‫مدنيني خالل التفاو�ض‪.‬‬ ‫�أوجدت �أمريكا اجليل الأول من القاعدة يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫ومل تدرك �أن هذا الكائن الذي انقلب عليها و�رضبها يف‬ ‫عقر دارها ميكن له �أن يتحول �إىل �أكرث من �شكل‪ ،‬وما‬ ‫اجليل الثالث من القاعدة �إال نتيجة طبيعية لظلم واقع‬ ‫على منطقة اتخذت رهينة من قبل الدول الكربى‪ ،‬كما‬ ‫اتخذت رهينة من قبل �أنظمتها‪.‬‬ ‫الأمريكان والرو�س باركوا النكبة الفل�سطينية‪ ،‬وهاهم‬ ‫يقودون ال�شعب ال�سوري �إىل نكبة �أكرث فظاعة‪ ،‬فال‬ ‫مقارنة بني ما فعلته �إ�رسائيل بو�صفها دولة حمتلة‬ ‫وبني نظام يفرت�ض �أنه نظام لهذه الدولة‪ ،‬و�إذا كان عدم‬ ‫حل الق�ضية الفل�سطينية �أ�سهم يف عودة فكرة اجلهاد‪،‬‬ ‫ف�إن عدم حل للم�س�ألة ال�سورية �سيعمم فكر اجليل الثالث‬ ‫من القاعدة‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪02‬‬

‫�أكدت على �أن ت�ضارب الأجندتني ال�سعودية والقطرية هو من يحدد املعارك‬

‫مواز جلنيف يف برين ال�سوي�سرية ل�ضم منظمات املجتمع املدين‬ ‫م�صادر‪ :‬م�سار تفاو�ضي ٍ‬ ‫خا�ص البديل (برين‪ -‬ريف حلب ال�شمايل‪� -‬إدلب)‪:‬‬

‫يف ت�رسيبات جديدة تتعلق بعملية‬ ‫التفاو�ض يف جنيف‪ , 2‬حتدث‬ ‫البع�ض حول وجود م�سار تفاو�ضي‬ ‫جديد غري امل�سار الذي جتري �أحداثه‬ ‫يف مونرتو ‪ ,‬ويرى ه�ؤالء �أن عملية‬ ‫التفاو�ض اجلديدة كانت عبارة عن‬ ‫تر�ضية ملن مل تتم دعوتهم على‬ ‫جنيف‪ , 2‬وك�إجراء احتياطي يف‬ ‫حال ف�شل امل�سار الأول‪.‬‬

‫وقد حتدث املعار�ض الكردي �صالح الدين بالل‬ ‫حول املو�ضوع فقال‪ :‬يف مقابل امل�سار رقم ‪1‬‬ ‫مع االئتالف للتفاو�ض يف جنيف �سمعت عن‬ ‫ت�رسيبات ملفاو�ضات م�سار ‪ 2‬يف مدينة برين‬ ‫ي�شارك فيها �أع�ضاء من هيئة التن�سيق و �شخ�صيات‬ ‫�أخرى (مل ي�سمها)‪ ،‬و بح�ضور الرو�س والأمريكان‬ ‫و والإيرانيني‪ ،‬و �أعتقد �أن هذا امل�سار هو جائزة‬ ‫تر�ضية لــــ (احلردانني)‪ .‬وي�ضيف‪ :‬وعلمت �أي�ض ًا‬ ‫بوجود م�سار ‪ 3‬ميثله جمموعة من نا�شطي منظمات‬ ‫املجتمع املدين‪.‬‬ ‫ويف ت�رسيبات من م�صدر �آخر ت�ؤكد �صحة ما جاء‬ ‫به املعار�ض الكردي (بالل) جاء �أن �شخ�صيات‬ ‫من التيار الوطني‪ ،‬ومنها رمي تركماين التي قامت‬ ‫باال�ستقالة من تيار بناء الدولة‪ ،‬وقاموا بجمع‬ ‫العديد من النا�شطني من منظمات املجتمع املدين‬ ‫ومن بع�ض �أع�ضاء هيئة التن�سيق وحتى �أن هنالك‬ ‫بع�ض �أع�ضاء االئتالف �أي�ض ًا وبع�ض ال�شخ�صيات‬ ‫الإ�سالمية قد اجتمعوا هناك‪ ،‬وح�سب قولهم �إن‬ ‫اجتماعهم �سببه الأ�سا�سي هو "�أنهم يجب �أن يقولوا‬ ‫كلمتهم"‪.‬‬ ‫تقول املعلومات �أن هنالك �سباق ًا كبرياً يجري‬ ‫الآن حول منظمات املجتمع املدين‪ ،‬وعلى �رضورة‬ ‫متثيلها من قبل بع�ض اجلهات ال�سيا�سية‪ ،‬و�أن‬ ‫املو�ضوع بد�أ بتجميعهم يف مدينة برين ال�سوي�رسية‬ ‫التي تبعد حوايل �ساعة عن جنيف‪.‬‬ ‫يقول امل�صدر �إن �سبب التهافت على منظمات‬ ‫املجتمع املدين و�إدخالها �ساحة التفاو�ض عرب‬ ‫متثيلها من قبل بع�ض الهيئات ال�سيا�سية غري‬ ‫الفاعلة هو �إدراك اجلميع �أن تلك الدول الراعية‬ ‫مل�ؤمتر جنيف �ست�س�أل كل ال�سيا�سيني بل كل‬ ‫الت�شكيالت والتكتالت حول من ميثلون هم على‬ ‫الأر�ض‪ ،‬وعن من يعبرّ ون بقراراتهم و�آرائهم؟‪ .‬لذا‬ ‫وجد اجلميع �أن منظمات املجتمع املدين هي احلل‪،‬‬ ‫خا�صة �أن انتزاع اعرتاف �أو متثيل من الع�سكريني‬ ‫�أ�صبح �أمراً �شبه م�ستحيل وال �أمل منه‪.‬‬

‫العمليات الع�سكرية التي حتدث‬ ‫يف الداخل م�ؤخراً تنطلق جميعا‬ ‫من متطلبات جنيف‪2‬‬ ‫ور�أى امل�صدر �أن كل االجتماعات التي حتدث هذه‬ ‫الأيام تتعلق بهذا املو�ضوع‪ ،‬فمن اجتماع النا�شطني‬ ‫يف ا�سطنبول وعقدهم م�ؤمتراً حول جمزرة نهر‬ ‫قويق يف حلب �إىل اجتماع روما الذي ي�ضم اللجان‬ ‫الإغاثية ال�سورية ‪ ,‬و�أن كل ذلك يتعلق مبو�ضوع‬ ‫التمثيل احلقيقي لل�سيا�سيني‪ ،‬و�أ�سئلة �أمريكية‬ ‫حمرجة حول القوى واملنظمات التي تتبع لهم‪.‬‬ ‫بينما وردت معلومات من م�صدر ع�سكري عن �أن‬ ‫العمليات الع�سكرية التي حتدث يف الداخل م�ؤخراً‬ ‫تنطلق جميعا من متطلبات جنيف‪ ، 2‬وذلك عرب‬ ‫الداعمني ال�سعودي والقطري اللذين يحاوالن �إظهار‬ ‫تعاك�س امل�سارين اخلا�صني بهما‪� ،‬إال انه ووفق‬ ‫امل�صدر نف�سه ف�إن كل الأمور متفق عليها متام ًا‪ ،‬و�أن‬ ‫ما نراه لي�س �إال توزيع �أدوار ومهام ‪ ,‬وقال امل�صدر‪:‬‬ ‫" �إن ما حدث من خالفات بني اجلبهة الإ�سالمية‬ ‫وجبهة ثوار �سورية وما حدث من هجوم على‬ ‫قيادة الأركان من قبل اجلبهة الإ�سالمية مل يكن �إال‬ ‫خطوات مرتبة بانتظام‪ ،‬اتفقت عليها كل الأطراف‪،‬‬ ‫وحتى فتح املعارك مع (داع�ش) يف هذا التوقيت‬ ‫املوازي النعقاد جنيف كان م�صنوع ًا ب�شكل متقن‬ ‫‪ ,‬واملعركة التي بد�أتها اجلبهة الإ�سالمية وخا�صة‬

‫منذ �أيام دخلت كميات هائلة‬ ‫من ال�سالح جلبهة ثوار �سورية‬ ‫وللجبهة الإ�سالمية‬

‫�أحرار ال�شام مع تنظيم (البغدادي) جاءت ب�إيعاز‬ ‫من اخلارج‪ ،‬وممن تبنوا جنيف‪ ،2‬وما يحدث‬ ‫على الأر�ض هو ان�سحاب �أحرار ال�شام من املعارك‬ ‫مع (داع�ش)‪ ،‬ومعظم كتائب اجلبهة الإ�سالمية‬ ‫وان�سحاب �أهم الكتائب يف جبهة ثوار �سورية �أي�ض ًا‬ ‫رغم �أنهم هم من �أ�شعلوا املعركة التي كان اجلميع‬ ‫مهيئ ًا لها نتيجة اجلرائم الكثرية التي ارتكبها‬ ‫(تنظيم البغدادي) بحق املواطنني وكتائب احلر ‪,‬‬ ‫لكن ان�سحاب ه�ؤالء من املعركة يعد جرمية �أكرب‬ ‫من كل اجلرائم ‪ ,‬فقد زجت هذه الف�صائل الكبرية‬ ‫العديد من الف�صائل التي قد تكون مناف�سة لها يف‬ ‫معارك مع (داع�ش)‪ ،‬وذلك بهدف �إفنائها و�إنهاكها‬ ‫وتفكيكيها ‪ ,‬وكان �شباب تلك الف�صائل حطب ًا حلرب‬ ‫مت �إ�شعالها من قبل ه�ؤالء"‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف امل�صدر ‪ :‬منذ �أيام دخلت كميات هائلة‬ ‫من ال�سالح جلبهة ثوار �سورية وللجبهة الإ�سالمية‪،‬‬ ‫ويبلغ وزن احلمولة ع�رشات الأطنان ومعها مبالغ‬ ‫مالية كبرية ‪ ,‬ورغم ذلك تتوقف هذه الف�صائل عن‬ ‫متابعة املعارك �ضد تنظيم (داع�ش) الذي كان �أ�شد‬ ‫فتك ًا من براميل النظام بالن�سبة للمواطنني وبع�ض‬ ‫كتائب احلر ‪ ,‬لكن هذه الأ�سلحة والأموال خم�ص�صة‬ ‫للحفاظ على �سيطرة هذه القوى بعد انتهاء احلرب‬ ‫مع (داع�ش) ‪ ,‬وما يحدث هو لعبة كبرية لتحديد‬ ‫القوى التي يجب �أن تكون موجودة على الأر�ض‪،‬‬ ‫والتي ي�ضمن اجلميع قيادتها وتوجيهها من‬ ‫اخلارج نحو الهدف املطلوب يف �أية حلظة ‪� ,‬أما‬ ‫الكتائب التي تعمل ب�شكل ع�شوائي بعيداً عن قيادة‬ ‫القوى التي ت�شكلت حديث ًا فقد وجدوا �أن فناءها‬ ‫�أف�ضل من بقائها"‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫عا�شوا على اخلبز والع�شب والزيتون خالل ‪� 18‬شهراً‬

‫�إجالء حما�صرين من حم�ص القدمية واخلوف مما �سيحدث بعد انتهاء مدة االتفاق‬

‫حم�ص‪ -‬رويرتز‪:‬‬

‫�أجلي يوم اجلمعة املا�ضي ‪ 83‬مدني ًا كانوا يعي�شون‬ ‫على مدى عام ون�صف حتت ح�صار تفر�ضه قوات‬ ‫النظام ال�سوري يف مدينة حم�ص املدمرة‪ ،‬وذلك‬ ‫ك�أول نتيجة ملمو�سة للمحادثات التي انطلقت قبل‬ ‫�أ�سبوعني يف مونرتو‪.‬‬ ‫ونقلت حافالت ع�رشات يبدو عليهم الإرهاق ممن مت‬ ‫�إجال�ؤهم برفقة م�س�ؤولني بالهالل الأحمر العربي‬ ‫جتمع‬ ‫ال�سوري �إىل نقطة جتمع خارج حم�ص‪ ،‬حيث ّ‬ ‫عمال املعونة وجنود من اجلي�ش وال�رشطة‪ .‬وقال‬ ‫برنامج الأغذية العاملي �إن كثريين منهم يعانون‬ ‫من �سوء التغذية على ما يبدو‪.‬‬ ‫وقالت املتحدثة با�سم برنامج الأغذية العاملي‬ ‫�إليزابيث بريز "كانوا يعي�شون على اخلبز والع�شب‬ ‫والزيتون وكل ما ميكنهم العثور عليه"‪.‬‬ ‫ومن امل�ستهدف �أن ت�صبح اخلطوة التي طال‬ ‫انتظارها خطوة افتتاحية وا�ضحة يف حمادثات‬ ‫ال�سالم التي ت�ست�أنف يوم االثنني يف جنيف‪.‬‬ ‫ومتثل هذه اخلطوة بداية التفاق لوقف �إطالق النار‬ ‫لثالثة �أيام‪ ،‬لكن ن�شطاء قالوا �إنهم يخ�شون حتى يف‬ ‫حالة تنفيذ االتفاق على م�صري من مت اجال�ؤهم‪،‬‬ ‫وعلى م�صري من �سيبقون يف و�سط املدينة‪.‬‬ ‫ومبوجب اتفاق حم�ص �سي�سمح للن�ساء والأطفال‬ ‫وامل�سنني مبغادرة املدينة القدمية التي حتا�رصها‬ ‫قوات الأ�سد منذ عام ون�صف العام‪ ،‬كما �سي�سمح‬ ‫بدخول م�ساعدات �إن�سانية ملن �سيبقون داخلها‪.‬‬ ‫وقال املتحدث با�سم الأمم املتحدة فرحان حق‬ ‫"ميكن للأمم املتحدة ت�أكيد �إجالء ‪� 83‬شخ�ص ًا من‬ ‫املدينة القدمية يف حم�ص"‪ .‬وتابع قائ ًال‪" :‬مت‬ ‫تو�صيل النا�س ‪-‬الن�ساء والأطفال وامل�سنني‪ -‬بعد‬ ‫ذلك �إىل الأماكن التي اختاروها يرافقهم م�س�ؤولون‬

‫من الأمم املتحدة ومن الهالل الأحمر العربي‬ ‫ال�سوري‪".‬‬ ‫وقال الهالل الأحمر �إن هذه هي املرة الأوىل التي‬ ‫ي�سمح فيها لوكالة الإغاثة بالو�صول �إىل و�سط‬ ‫حم�ص يف منذ بدء احل�صار‪.‬‬ ‫وقال برنامج الأغذية العاملي �إن �شاحناته �ستكون‬ ‫م�ستعدة لنقل مواد غذائية تكفي لتغطية احتياجات‬ ‫�شهر بالن�سبة ملا يقدر بنحو ‪� 2500‬شخ�ص يعانون‬ ‫اجلوع و�سوء التغذية بعد ح�صار م�ستمر منذ �أ�شهر‬ ‫لو�سط املدينة الذي ي�سيطر عليه مقاتلو املعار�ضة‪.‬‬ ‫وقالت بريز "هناك عالمات على �سوء التغذية‬

‫رف�ض مقاتلو املعار�ضة عرو�ضا �سابقة‬ ‫لإجالء الن�ساء والأطفال خوف ًا على‬ ‫م�صري الرجال الذين �سيبقون‬ ‫وا�ضحة متاما على بع�ضهم‪ ...‬بع�ضهم قال �إنهم مل‬ ‫ي�أكلوا اخلرب منذ خم�سة �أ�شهر‪".‬‬ ‫وقالت رو�سيا �إنه مت االتفاق على وقف �إطالق‬ ‫النار ملدة ثالثة �أيام يف حم�ص التي كانت من‬ ‫�أوائل املدن التي �شهدت احتجاجات على الأ�سد‬ ‫منذ ما يقرب من ثالث �سنوات وتدمريا ل�شوارعها‬ ‫يف معارك �رش�سة بني القوات النظامية ومقاتلي‬ ‫املعار�ضة‪.‬‬ ‫و�أ�شادت رو�سيا باتفاق حم�ص وو�صفته ب�أنه‬ ‫"معلم بارز" غري �أن م�س�ؤولني غربيني �أبدوا ت�شككا‬ ‫�إزاء التزام �سوريا جتاه املدنيني املحا�رصين و�سط‬ ‫ال�رصاع‪ ،‬وقالوا �إن الأمر ما كان ينبغي �أن ي�ستغرق‬ ‫�أ�سابيع من املفاو�ضات لل�سماح بدخول م�ساعدات‬ ‫�إن�سانية‪.‬‬

‫وقال جون ويلك�س املمثل الدبلوما�سي الربيطاين‬ ‫لدى املعار�ضة ال�سورية "كان ينبغي للنظام �أن يدع‬ ‫قافلة امل�ساعدات الإن�سانية تدخل ثم يقرر ال�سكان‬ ‫ما �إن كانوا �سيبقون �أم �سيغادرون‪".‬‬ ‫ورف�ض مقاتلو املعار�ضة عرو�ضا �سابقة لإجالء‬ ‫الن�ساء والأطفال خوف ًا على م�صري الرجال الذين‬ ‫�سيبقون‪ .‬واحتجز ع�رشات الرجال �أو اختفوا بعد‬ ‫اتفاق مماثل يف املع�ضمية غربي العا�صمة دم�شق‪.‬‬ ‫وت�ضاربت التقارير حول الوجهة التي توجه �إليها‬ ‫من مت �إجال�ؤهم عن و�سط املدينة‪ .‬وقال م�س�ؤولون‬ ‫�إن بو�سعهم �أن يختاروا وجهتهم لكن نا�شطا يف‬ ‫املدينة القدمية قال �إنه يجري نقلهم �إىل حي الوعر‬ ‫على امل�شارف ال�شمالية الغربية حلم�ص حيث فر‬ ‫الكثري من �أبناء املدينة من ال�سنة‪.‬‬ ‫وعرب النا�شط ح�سن �أبو زين يف حديث من خالل‬ ‫�سكايب عن قلقه ال�شديد من اعتقال بع�ض من‬ ‫�سي�صلون �إىل الوعر يوم اجلمعة‪ .‬وقال �إن القوات‬ ‫النظامية ق�صفت املدينة القدمية ليل اخلمي�س‪،‬‬ ‫وق�صفت الوعر �صباح يوم اجلمعة م�ستهدفة املكان‬ ‫الذي مت �إر�سال �أنا�س �إليه حماية لهم‪.‬‬ ‫وقال �إن قنا�صا �أ�صاب رجال حاول اعتالء احلافلة‬ ‫الأوىل التي قدمت لإجالء �سكان وحمل قوات الأ�سد‬ ‫امل�س�ؤولية‪ .‬ومل ي�صدر تعليق من امل�س�ؤولني الذين‬ ‫يحملون عادة مقاتلي املعار�ضة م�س�ؤولية �إطالق‬ ‫النار على قوافل امل�ساعدات الإن�سانية‪.‬‬ ‫و�أظهرت لقطات تلفزيونية ما بدا �أنه �آثار طلقات يف‬ ‫م�ؤخرة �إحدى احلافالت التي نقلت �سكانا و�إن كان‬ ‫مل يت�ضح متى �أ�صيبت بها‪.‬‬ ‫ورحبت من�سقة ال�ش�ؤون الإن�سانية فالريي �آمو�س‬ ‫بالعملية التي �أجنزت يوم اجلمعة بو�صفها "تقدما‬ ‫وخطوة �صغرية لكنها مهمة نحو االمتثال للقانون‬ ‫الدويل الإن�ساين‪ ".‬و�أ�ضافت‪�" :‬إنني �أدرك �أن كثرياً‬ ‫من املدنيني املر�ضى واجلرحى ال يزالوا يف مدينة‬ ‫حم�ص القدمية‪".‬‬ ‫وقدمت ا�سرتاليا ولوك�سمبورج والأردن للدول‬ ‫اخلم�س دائمة الع�ضوية يف جمل�س الأمن التابع‬ ‫للأمم املتحدة م�رشوع قرار يطالب بحرية و�صول‬ ‫كاملة للعاملني يف جمال الإغاثة الإن�سانية يف‬ ‫�أنحاء �سوريا‪ .‬و�سارعت رو�سيا �إىل رف�ض م�رشوع‬ ‫القرار وقالت �إنه غري قابل للتنفيذ‪.‬‬ ‫وكان دخول امل�ساعدات الإن�سانية حم�ص �أول بند‬ ‫يف جدول �أعمال املحادثات قبل �أ�سبوعني على‬ ‫�أمل �أن تنال توافقا ن�سبيا ميكن �أن يعطي قوة دفع‬ ‫للمحادثات لدى التطرق �إىل اخلالف ال�سيا�سي‬ ‫ال�صعب بني الوفدين املعار�ضني‪� .‬إال �أن االتفاق‬ ‫ا�ستغرق وقتا �أطول بكثري مما توقعه الدبلوما�سيون‪.‬‬ ‫وظهر رجل م�سن يف �رشيط بث على اليوتيوب وهو‬ ‫�أحد الذين مت �إجال�ؤهم قائ ًال �إن "ال�شباب يف حم�ص‬ ‫القدمية همتهم عالية"‪ ،‬و�أ�ضاف‪" :‬م�ستحيل �أن‬ ‫ينت�رص الأ�سد"‪ ،‬وكان الرجل حماط ًا بابنه و�أقاربه‬ ‫وح�شد من الأقارب‪ ،‬وبدت معنوياته عالية‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫عقدة الأ�سد ومفاو�ضات من دم‬ ‫غازي دحمان ‬

‫انتهت اجلولة الأوىل من مفاو�ضات جينيف ‪2‬‬ ‫بني املعار�ضة والنظام ال�سوريني دون �إحراز تقدم‬ ‫يذكر‪ ،‬ويف حني �رضب الرعاة موعداً تالي ًا للجولة‬ ‫الثانية‪ ،‬ال يبدو ثمة �أمل كبري ب�إجناز ت�سوية تنهي‬ ‫�أزمة ال�سوريني املمتدة منذ ثالثة �أعوام‪ .‬كل ما يلي‬ ‫لن يكون �سوى تغمي�س خارج ال�صحن كما يقول‬ ‫املثل ال�سوري ال�شهري‪.‬‬ ‫لقد ك�شفت جولة التفاو�ض الأوىل بو�ضوح �ساطع‬ ‫�أن ال جمال لاللتقاء بني �إطراف التفاو�ض يف‬ ‫طريق املفاو�ضات التي �ستكون طويلة و�شاقة‪،‬‬ ‫�إذ من الوا�ضح �أن الق�ضايا اخلالفية‪ ،‬والتي ت�شكل‬ ‫جوهر الإ�شكالية‪� ،‬ستبقى على حالها ولن مي�سها‬ ‫تغيري يذكر‪ ،‬وهو الأمر الذي من �ش�أنه �إجها�ض‬ ‫العملية برمتها عاج ًال �أم �أجال‪ ،‬ولكن بعد �أن يكون‬ ‫وفد النظام‪ ،‬قد �أنهى ا�ستثماره للعملية التفاو�ضية‬ ‫و�أ�ستخدم حزمة التكتيكات ال�سيا�سية التي بحوزته‪.‬‬ ‫ت�شكل عقدة بقاء ب�شار الأ�سد يف ال�سلطة الإ�شكالية‬ ‫الأخطر التي تهدد املفاو�ضات بالف�شل‪ ،‬ال يبدو‬ ‫�أن هناك ثمة نية لتفكيك هذه العقدة‪� ،‬إذ بالرغم‬ ‫من رعاية مو�سكو للمفاو�ضات والتي يفرت�ض �أن‬ ‫ت�ضعها تلك ال�صفة وامل�س�ؤولية يف موقع احلياد‪،‬‬ ‫�إال �أن الوا�ضح �أن مو�سكو ت�سعى باجتاه غايات‬ ‫حمددة‪ ،‬وهي حرف املفاو�ضات عن هدفها‬ ‫الأ�سا�سي املتمثل بت�شكيل هيئة حكم انتقايل‬ ‫ب�صالحيات كاملة تقود البالد بدون الأ�سد‪ ،‬وتلج�أ‬ ‫من �أجل حتقيق هذا الهدف �إىل طرح فكرة �أن يجري‬ ‫التفاو�ض على هيئة احلكم االنتقايل بالتدريج‪ ،‬ما‬ ‫يعني ترك �صالحيات الرئا�سة �إىل املرحلة النهائية‪،‬‬

‫وهو ما ي�سمح لهم باللعب على ورقة جتريد الأ�سد‬ ‫من �صالحياته حتى اللحظة الأخرية‪ ،‬وطوال‬ ‫ت�رسب عن مفاو�ضات‬ ‫فرتة املفاو�ضات‪ .‬وكان قد ّ‬ ‫وزير خارجية النظام �أثناء زيارته مو�سكو قبل‬ ‫بدء مفاو�ضات جينيف التوافق بني الوفدين على‬ ‫احلر�ص على مترير الوقت واخلو�ض يف التفا�صيل‪،‬‬ ‫فقد �صار من نافلة القول ب�أن الرو�س يرون �أن الأ�سد‬ ‫ال يزال ميثل م�صلحة ا�سرتاتيجية لهم‪ ،‬و�أن بقاءه‬ ‫يف ال�سلطة �رضوري حلني �إيجاد البديل الذي يحفظ‬ ‫امل�صالح الرو�سية‪.‬‬ ‫�أما �إيران‪ ،‬امل�ستبعدة من التفاو�ض يف جنيف‪،2‬‬ ‫فت�رص على دعم بقاء الأ�سد يف ال�سلطة‪ ،‬وتدفعه �إىل‬ ‫رف�ض �أية تنازالت‪ ،‬وهي مل تعد حتى تناور على‬ ‫هذا املو�ضوع‪� ،‬إذ تعترب �إيران �أن خ�سارة �سوريا هي‬ ‫مبثابة مقتل مل�رشوعها املتمدد يف ال�رشق الأو�سط‪،‬‬ ‫واملتمثل بفتح خط بغداد ‪ -‬دم�شق ‪ -‬بريوت ‪-‬‬ ‫فل�سطني‪ ،‬وامتالكها �أوراق املنطقة وبالتحديد‬ ‫الق�ضية الفل�سطينية‪.‬‬ ‫تدرك كل من رو�سيا و�إيران �أن م�صاحلهما يف‬ ‫�سورية‪ ،‬واملنطقة كلها‪ ،‬ت�صبح مهددة برحيل‬ ‫ب�شار الأ�سد‪ ،‬ذاك �أن مو�سكو وطهران ربطتا �شبكة‬ ‫م�صاحلهما بعائلة الأ�سد‪ ،‬وتدركان �أن ال بديل‬ ‫عن هذه العائلة لإدارة تلك امل�صالح و�ضمان‬ ‫ا�ستمرارها بعيداً عن تلك العائلة‪ ،‬وان كل ما يقوله‬ ‫م�س�ؤويل البلدين عن اهتمامهما مب�صري �سورية‬ ‫بعيداً عن الأ�شخا�ص ما هو �سوى �رضب من التذاكي‬ ‫ال�سيا�سي املك�شوف‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬ت�رص البيئة الداعمة للأ�سد على دوام‬

‫ا�ستمراره‪ ،‬وهي ربطت م�صريها‪ ،‬وبكامل �إرادتها‬ ‫ووعيها‪ ،‬مب�صري عائلة الأ�سد‪ ،‬بل �أنها ذهبت �إىل حد‬ ‫قطع كل �إمكانية لف�صم هذا امل�صري عرب انخراطها‬ ‫بعمليات القتل والتنكيل بحق ال�سوريني‪ ،‬رغم‬ ‫الفر�ص الكثرية التي �أعطاها ال�سوريون لهم منذ‬ ‫بداية الثورة يوم كان ال�شعار الأعلى يف املظاهرات»‬ ‫ال�شعب ال�سوري واحد»‪.‬‬ ‫على ذلك‪ ،‬مل يكن م�ستغرب ًا �إ�رصار وفد النظام على‬ ‫التذاكي و�إظهار قدراته التفاو�ضية وتكتيكاته‬ ‫ال�سيا�سية ‪ ،‬وهي التي مل ي�ستخدم جزءاً منها يف‬ ‫مفاو�ضاته ال�سرتجاع اجلوالن‪ ،‬يف حني ا�ست�رش�س‬ ‫يف التفاو�ض على �إدخال �سلة غذائية لطفل جائع‬ ‫يف حواري حم�ص �أو حبة دواء المر�أة عجوز!‪.‬‬ ‫ال رو�سيا وال �إيران وال البيئة الداعمة للأ�سد يف‬ ‫وارد التخلي عن �أيقونتهم املقد�سة يف احلرب على‬ ‫ال�سوريني‪ ،‬فقط هم ير�ضخون لأمر دويل واقع‪،‬‬ ‫لكنهم �سيحاولون التهرب منه او حرفه عن �سكته‪،‬‬ ‫كيف �سيح�صل ذلك؟‪ ،‬عرب زيادة كثافة النريان على‬ ‫اجل�سد ال�سوري �أم ًال بتغيري الوقائع امليدانية ل�صالح‬ ‫بقاء الأ�سد‪� ،‬أمل تقل بثينة �شعبان �أن بيان «جنيف‬ ‫‪ »1‬لي�س «قر�آنا وال �إجنيال»‪ ،‬منوهة ب�أن «الأر�ض‬ ‫تغريت»‪ ،‬يف �إ�شارة �إىل موازين القوى على الأر�ض!‪.‬‬ ‫لي�ست اجلوالت القادمة جوالت مفاو�ضات‪ ،‬بل‬ ‫هي جوالت من الدم �سيجريها النظام على اجل�سد‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وذلك يف حماولة حممومة لتغيري الوقائع‬ ‫والتوجهات‪ ،‬وربط كل ذلك بعقدة م�صري الأ�سد‪ ،‬التي‬ ‫يبدو �أنها �ستقرر امل�صري ال�سوري برمته‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫توافقات «جنيف ‪ »2‬وفر�ص امل�شاركة الإيرانية‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫يف «جنيف ‪ »2‬تخطى الطرفان‪ ،‬النظام واملعار�ضة‪،‬‬ ‫حاجز املحرمات‪ ،‬فجل�سا �سوية على طاولة واحدة‪.‬‬ ‫وبالرغم من �أن امل�ؤمتر مل يتمخ�ض عن �أي خطوات‬ ‫عملية تنهي �أو تغري يف معطيات الأزمة ال�سورية‪،‬‬ ‫�إال �أنه ج�سد توافقا دولي ًا‪ ،‬رو�سيا و�أمريكيا و�أمميا‪،‬‬ ‫يكر�س امل�سار ال�سيا�سي املطلوب حللها‪� .‬أما التوافق‬ ‫الثاين‪ ،‬فهو �رضورة خروج القوى والعنا�رص‬ ‫الأجنبية من �سوريا لإتاحة املجال حلل �سوري‪-‬‬ ‫�سوري‪.‬‬ ‫ين�سجم التوافق الأول مع ال�سيا�سة التي تنتهجها‬ ‫�إدارة �أوباما يف �إدارتها ل�ش�ؤون املنطقة‪ ،‬والتي‬ ‫تتمركز على جتنب �أي تدخل ع�سكري جديد ال�سيما‬ ‫يف ال�ش�أنني ال�سوري والإيراين‪ ،‬وقد تط ّلب ذلك‬ ‫من �أوباما ا�ستعداده للتخلي عن �صالحياته يف‬ ‫اتخاذ قرار �شن احلرب على النظام ال�سوري تنفيذاً‬ ‫لوعيده اذا ما مت جتاوز اخلطوط احلمر من قبل‬ ‫هذا النظام‪ ،‬ل�صالح الكونغر�س ول�صالح �صفقة‬ ‫ال�سالح الكيماوي‪� .‬أما يف ال�ش�أن الإيراين فالرئي�س‬ ‫االمريكي مي�ضي قدم ًا يف �سيا�سة احتواء �إيران عرب‬ ‫اتفاق جنيف النووي امل�ؤقت‪ .‬وهو م�ستعد للدفاع‬ ‫عن هذه ال�سيا�سة حتى النهاية فيهدد ‪،‬هذه املرة‪،‬‬ ‫با�ستخدام �صالحياته التنفيذية يف مواجهة �أي‬ ‫عقوبات جديدة ي�سنها الكونغر�س �ضد �إيران‪ .‬بينما‬ ‫يتطلب التوافق الثاين‪ ،‬وحال ال�سيا�سة االمريكية‬ ‫على هذا النحو‪� ،‬أن متار�س �إيران نفوذها على‬ ‫«حزب اهلل» اللبناين وامليلي�شيات امل�سلحة الأخرى‬ ‫التي تقاتل �إىل جانب النظام ال�سوري‪.‬‬ ‫مل يكن ا�ستبعاد �إيران‪ ،‬من «جنيف ‪ »2‬ب�ضغط‬ ‫�أمريكي والذي بدا يف حينه ن�رصاً ديبلوما�سيا‬ ‫�سعودي ًا‪� ،‬سوى ا�ستبعادا م�ؤقتا‪ ،‬هدف �إىل �ضمان‬ ‫جناح انعقاد امل�ؤمتر‪ ،‬وهو ما كان �رضوري ًا كخطوة‬ ‫�أوىل‪ ،‬لكن م�شاركة �إيرانية مقبلة �ستكون‪ ،‬غالب ًا‪� ،‬أحد‬ ‫�أ�سباب جناحه‪ .‬و تبدو امل�شاركة الإيرانية املقبلة‬ ‫على �أنها ثقة �إيرانية توازي تلك القناعة الدولية‪.‬‬ ‫ف�إذا كان وزير اخلارجية الإيراين حممد جواد ظريف‬ ‫قد دعا يف ‪ 2013 /15/11‬اىل خروج املقاتلني‬ ‫الأجانب من �سوريا �رشط �أن ي�شمل ذلك اجلميع‪،‬‬ ‫ف�إن الرئي�س االيراين ح�سن روحاين وبالرغم من‬ ‫�سحب الدعوة املوجهة لإيران للم�شاركة يف «جنيف‬ ‫‪ ،»2‬عاد لي�ؤكد‪ ،‬بالتزامن مع انعقاد امل�ؤمتر‪� ،‬أن‬ ‫خروج املقاتلني الأجانب �رشط لأي حمادثات بني‬ ‫احلكومة واملعار�ضة وقبل �أي انتخابات مقبلة‪.‬‬ ‫ال�شك �أن هذه امل�شاركة الإيرانية مرهونة بعالقة‬ ‫�إيران مع الغرب‪ ،‬ومبدى التقدم يف االتفاق امل�ؤقت‬ ‫املربم بينهما‪ ،‬ومن خالل ذلك‪ ،‬ينبغي قراءة الغزل‬ ‫االيراين املوجه �إىل �إ�رسائيل والذي بد�أه حممد جواد‬ ‫ظريف عرب حمطة «فونيك�س» الأملانية‪ ،‬حني و�صف‬ ‫بـ « م�أ�ساة قتل وح�شية ال‬ ‫«الهولوكو�ست»‬ ‫ينبغي تكرارها»‪ .‬ف�إذا كان �أحمدي جناد الرئي�س‬ ‫الإيراين ال�سابق �أنكر «املحرقة» عالنية يف �أكرث‬ ‫من منا�سبة‪ ،‬فها هو روحاين عرب وزير خارجيته‬ ‫يعلن اعرتافه بها‪ .‬هذه اخلطوة �إن مل تكن متوقعة‬ ‫فهي لي�ست مفاج�أة‪� ،‬إذا اخذنا بعني االعتبار تهنئة‬ ‫روحاين ووزير خارجيته «لكل اليهود» مبنا�سبة‬ ‫عيد ر�أ�س ال�سنة العربية «رو�ش ها�شانا» يف‬ ‫تغريدتيهما عرب التويرت‪ .‬و روحاين يدرك �أي�ضا �أن‬

‫امل�شاركة الإيرانية‪ ،‬مرهونة بال�سيا�سة التي تنوي‬ ‫�إيران اتباعها يف الفرتة املقبلة‪ ،‬ال�سيما جتاه‬ ‫الدول العربية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها دول اخلليج العربي‪.‬‬ ‫فال ميكن لإيران جتاهل قلق تلك الدول على �أمنها‬ ‫القومي نتيجة ال�سيا�سات الإيرانية يف املنطقة‪،‬‬ ‫وكان التدخل الع�سكري يف البحرين ر�سالة خليجية‬ ‫وا�ضحة موجهة لإيران‪ ،‬ناهيك عن �أحد وزراء‬ ‫اخلارجية اخلليجيني كان قد �أعرب عن ا�ستعداد‬ ‫دول جمل�س التعاون العمل بكل الو�سائل‪ ،‬مبا فيها‬ ‫الع�سكرية‪ ،‬للحيلولة دون �أن ت�صبح البحرين «لبنان ًا‬ ‫�آخرا»‪ .‬وال ميكن لإيران ب�أي حال جتاهل الرت�سانة‬ ‫الع�سكرية املتطورة التي عملت دول اخلليج على‬ ‫امتالكها منذ حرب اخلليج الثانية‪.‬‬ ‫مثلت �إيران ال�شاه �ضمانة هامة للم�صالح الغربية‬ ‫ال�سيما الأمريكية‪ ،‬فكانت الركيزة الع�سكرية ملا‬ ‫عرف بـ «مبد�أ نيك�سون»‪ .‬مع الثورة الإ�سالمية مل‬ ‫تتخل �إيران عن طموحاتها التو�سعية‪ ،‬بل اعتمدت‬ ‫يف حتقيقها على ركائز ورافعات جديدة �أهمها‬ ‫«ت�صدير الثورة»‪ ،‬مما جعلها تت�صادم مع الغرب‬ ‫والدول الإقليمية‪ .‬ور�أت فيها الدول الغربية تهديدا‬ ‫مل�صاحلها املتمثلة بتدفق نفط اخلليج و�أمن‬ ‫ا�رسائيل‪ .‬بوفاة اخلميني‪ ،‬تراجع املد الأيديولوجي‬ ‫يف �إيران تزامنا مع انتهاء حالة اال�ستقطاب‬ ‫العاملي مع انهيار االحتاد ال�سوفييتي‪ .‬و�أخذ يربز‬ ‫�أكرث ف�أكرث منطق م�صالح الدولة‪ ،‬و�شيئا ف�شيئا‬ ‫تخلت �إيران عن «ت�صدير الثورة» ل�صالح التحالف‬ ‫مع بع�ض القوى الإقليمية العربية ال�سيما �سوريا‪،‬‬ ‫ودعم حركات املقاومة كـ «حزب اهلل» وحركتي‬ ‫«حما�س» و«اجلهاد الإ�سالمي»‪ .،‬ليبلغ املد الإيراين‬ ‫ذروته مع �سقوط نظام طالبان يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫ونظام الرئي�س العراقي �صدام ح�سني‪ ،‬واالن�سحاب‬ ‫االمريكي من العراق‪ ،‬ومن ثم حرب متوز العام‬ ‫‪.2006‬‬ ‫االحتجاجات واالنتفا�ضات العربية �أربكت النظام‬ ‫يف �إيران‪ ،‬وهي التي قد عانت من «ربيع �إيراين»‬ ‫ا�ستطاع النظام قمعه وااللتفاف عليه قبل �أن تهب‬ ‫رياح «الربيع العربي»‪ ،‬الذي مل ت�سلم �إيران نف�سها‬ ‫من رياحه‪ ،‬ال�سيما احتجاجات عرب الأحواز يف‬ ‫‪ 15‬و‪ 4/2011/ 22‬التي �سقط خاللها العديد من‬

‫القتلى واجلرحى من الأحوازيني‪ .‬وبينما �شجعت‬ ‫�إيران الثورات يف م�رص وتون�س والبحرين‪ ،‬تقف‬ ‫يف �سوريا موقفا خمتلفا‪� .‬إيران تخ�شى من �سقوط‬ ‫النظام يف �سوريا ال�سيما و�أنه ال توجد �أي �ضمانة‬ ‫مل�صاحلها مع نظام بديل لنظام الأ�سد‪� ،‬سيما‬ ‫و�أن معظم �أطياف املعار�ضة املدنية والع�سكرية‬ ‫ال�سورية تكيل العداء لإيران‪ .‬لكن الإدارة الإيرانية‬ ‫الإ�صالحية بد�أت تدرك �أن اال�ستمرار يف دعم هذا‬ ‫النظام اىل ما ال نهاية بات مغامرة مكلفة‪ ،‬و�أنه ال‬ ‫ميكنها دائما مقارعة الغرب ودول املنطقة‪ ،‬كما‬ ‫�أنها ت�أخذ التهديدات الإ�رسائيلية على حممل اجلد‪.‬‬ ‫لذا ترى �أنه قد �آن الأوان لأن تعيد ترميم نف�سها من‬ ‫الداخل‪ ،‬وهو ما يدفعها �أ�سا�س ًا لرتميم عالقاتها‬ ‫مع اخلارج‪ ،‬وامل�ساهمة يف �إعادة ترتيب املنطقة‬ ‫املفرو�ض دولي ًا ب�أقل اخل�سائر املمكنة‪ ،‬وال تزال‬ ‫�إيران حتتفظ بالعديد من الأوراق التي متكنها من‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ا�شرتطت املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬ممثلة بـ «االئتالف»‪،‬‬ ‫ا�ستبعاد �إيران من «جنيف ‪ »2‬حتى حت�سم‬ ‫م�شاركتها يف امل�ؤمتر‪ .‬فما هو موقفها من م�شاركة‬ ‫�إيرانية حمتملة يف �أي «جنيف» �سوري قادم؟‬ ‫مل يعد بالإمكان املراهنة على تدخل ع�سكري غربي‬ ‫يف �سوريا‪ .‬ف�أمريكا ما�ضية يف �سيا�سة احتواء �إيران‬ ‫ومن خلفها الدول الأوروبية‪ ،‬التي بد�أت �رشكاتها‬ ‫البحث عن فر�ص اال�ستثمار يف �إيران‪ .‬والتعويل‬ ‫على تركيا �أكرث من الالزم �أثبت ف�شله‪ ،‬ال�سيما و�أن‬ ‫تركيا مل تعد قادرة على التحرك منفردة خارج‬ ‫�إطار حتالفاتها مع �أوروبا و�أمريكا‪ ،‬واالتكال على‬ ‫ال�سعودية حتى احلدود الق�صوى �سوف مي�ضي يف‬ ‫انغما�س الأزمة ال�سورية يف �رشك ال�رصاع ال�سعودي‬ ‫الإيراين على النفوذ تكون فيه املعار�ضة احللقة‬ ‫الأ�ضعف‪ .‬و�إذا كانت زيارة «االئتالف» ملو�سكو‬ ‫م�ؤخراً‪ ،‬ت�أتي من �إدراكه �أن رو�سيا قد تعمدت �إقفال‬ ‫�أبواب احلل كي ت�ضمن �أوالً م�صاحلها يف املنطقة‪،‬‬ ‫ف�إن الزيارة املقبلة له ينبغي �أن تكون هذه املرة‬ ‫لطهران حيث مفاتيح تلك الأبواب‪ .‬وعلى املعار�ضة‬ ‫�إقناع الدول الداعمة لها التي قد تتحفظ على خطوة‬ ‫كهذه‪� ،‬أن احتواء �إيران �أف�ضل بكثري من حماولة‬ ‫�إق�صائها‪.‬‬


‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬ ‫موجز ال�شرق ‪06‬‬ ‫الق�ضية الكردية بني جنيف ‪ 2‬وحمادثات �أردوغان وروحاين‬ ‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫كان الرتكيز الأهم من الأ�سبوع الأول من مفاو�ضات‬ ‫جنيف الثانية ب�ش�أن م�سائل وقف �إطالق النار‬ ‫وامل�ساعدات الإن�سانية �إىل حم�ص ‪ ،‬واجلدل حول‬ ‫معنى « احلكومة االنتقالية « يف الن�ص الأ�صلي‬ ‫جلنيف ‪� ، 1‬إال �أن ح�ضور امل�س�ألة الكردية مل يكن �أقل‬ ‫�أهمية‪ ،‬خا�صة �أنه مو�ضوع متعلق بالعديد من دول‬ ‫املنطقة‪ ،‬حيث يوجد ‪ 25‬مليون من الأكراد الذين‬ ‫يعي�شون يف مناطق �شبه م�ستقلة من �سوريا وتركيا‬ ‫والعراق و �إيران‪ .‬يف ‪ 21‬يناير‪ /‬كانون الثاين‬ ‫املا�ضي ‪� ،‬أي قبل يوم من بدء جنيف ‪� ، 2‬أعلن حزب‬ ‫االحتاد الدميقراطي (‪ ) PYD‬من املنطقة الكردية‬ ‫يف �شمال �رشق �سوريا احلكم الذاتي‪ ،‬و �أعلن عن‬ ‫خطط لإجراء انتخابات لت�شكيل حكومة دميقراطية‪.‬‬ ‫على الرغم من �أن الإعالن �أو�ضح �أن الإجراءات‬ ‫اجلديدة ال تعني االنف�صال‪� ،‬أو �إن�شاء دويلة‪ ،‬لكنه‬ ‫قرع جر�س الإنذار يف جميع �أنحاء املنطقة ب�سبب‬ ‫الآثار الأو�سع لهذا القرار ‪.‬‬ ‫بعد �أ�سبوع من �إعالن حزب االحتاد الدميقراطي ‪،‬‬ ‫�سافر رئي�س الوزراء الرتكي رجب طيب �أردوغان اىل‬ ‫طهران لعقد اجتماعات مع الرئي�س ح�سن روحاين‬ ‫وغريه من كبار امل�س�ؤولني الإيرانيني ‪ .‬وت�صدرت‬ ‫جدول الأعمال واالقت�صاد جميع املناق�شات‪،‬‬ ‫لكنه �أكد الدبلوما�سيون الأمريكيون �أن املو�ضوع‬ ‫الرئي�سي الثاين كان القلق من امل�س�ألة الكردية ‪.‬‬ ‫م�س�ؤولون �أمريكيون ‪ ،‬مبا يف ذلك ال�سفري روبرت‬ ‫فورد ‪ ،‬قد منعوا الأكراد ال�سوريني من �إر�سال وفد‬ ‫م�ستقل خا�صة بهم �إىل «جنيف الثانية» ‪ ،‬ويف �آخر‬ ‫حلظة‪ ،‬كان االئتالف الوطني ال�سوري وافق يوم‬ ‫‪ 18‬يناير‪ /‬كانون الثاين املا�ضي على �أن ي�ضم يف‬ ‫وفده ممثلني عن املجل�س الوطني الكردي‪.‬‬ ‫وقد اكت�سبت الق�ضية الكردية مزيداً من الربوز مع‬ ‫حتركات من جانب �أكراد العراق ملزيد من احلكم‬ ‫الذاتي ‪ .‬ال�شهر املا�ضي ‪� ،‬أعلنت احلكومة الإقليمية‬

‫الكردية ال�سماح ملواطني قطر والإمارات العربية‬ ‫املتحدة والكويت بال�سفر �إليها من دون موافقة‬ ‫بغداد‪ .‬وهناك خط �أنابيب نفط جديد بني حكومة‬ ‫�إقليم كرد�ستان �إىل تركيا �سيتم افتتاحه ‪ ،‬مع‬ ‫�إمكانية تقدمي مليون برميل يومي ًا ‪ .‬هذه التحركات‬ ‫ت�شري �إىل توجه الأكراد العراقيني �إىل ا�ستقالل �شبه‬ ‫تام‪.‬‬ ‫�إدارة �أوباما ‪ ،‬وفقا لدبلوما�سي �أمريكي رفيع‬ ‫امل�ستوى ‪ ،‬هي �أي�ضا حري�صة على قمع حترك �أكراد‬ ‫العراق نحو اال�ستقالل التام يف الوقت الراهن ‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل منع وفد كردي منف�صل وم�ستقل من‬ ‫ح�ضور جنيف الثانية‪ ،‬فوا�شنطن تقف �إىل جانب‬ ‫حكومة املالكي يف النزاعات احلالية حول و�ضع‬ ‫كركوك ‪ ،‬خوف ًا من �أن تندلع حرب �أهلية ت�ضعف‬

‫قدرة بغداد يف حربها �ضد املتمردين يف الأنبار‬ ‫الذين ي�سعون �إىل ا�ستقالل الأنبار واملحافظات‬ ‫ال�سنية‪.‬‬ ‫بالن�سبة لإيران‪ ،‬ذكرى منطقة احلكم الذاتي الكردية‬ ‫يف عام ‪1920‬م‪ ،‬و املدعومة �آنذاك من االحتاد‬ ‫ال�سوفياتي‪ ،‬ال تزال يف الذاكرة‪ ،‬كما �أن �إيران تخ�شى‬ ‫من ظهور نزعة �إقامة دولة كردية م�ستقلة داخل‬ ‫�إيران بدعم من قوى �إقليمية ودولية‪ ،‬خا�صة �إذا ما‬ ‫ف�شلت املفاو�ضات حول ملفها النووي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من هذه اجلهود املختلفة للحد من‬ ‫التحركات الكردية الأخرية‪� ،‬إال �أن ق�صية ا�ستقالل‬ ‫الأكراد باتت ق�ضية حتظى بثقل يف خمتلف‬ ‫احل�سابات الإقليمية والدولية‪.‬‬

‫مو�سكو ت�سعى ل�صفقة ت�ضمن بقاء الأ�سد و�إن�شاء حكومة من النظام واملعار�ضة‬ ‫تكت�سب الأحداث اجلارية خلف كوالي�س جنيف‪2‬‬ ‫�أهمية خا�صة‪ ،‬ورمبا تلعب الدور الأهم يف حتديد‬ ‫م�ستقبل احلل يف �سورية‪ ،‬وهناك اعتقاد �أن ال�صفقة‬ ‫التي انتزعتها مو�سكو من ب�شار الأ�سد ميكن �أن‬ ‫تتال�شى‪ ،‬خا�صة �أن اجلبهة الإ�سالمية بات لديها‬ ‫تفوي�ض وا�ضح مبكافحة الإرهاب‪ ،‬خا�صة �أنها‬ ‫خا�ضت معارك �رش�سة �ضد «داع�ش»‪ ،‬و�إن كانت‬ ‫م�س�ألة الفروق الأيديولوجية بني «اجلبهة» و‬ ‫«داع�ش» ما تزال غام�ضة بالن�سبة للكثري من الدول‬ ‫املعنية بالأزمة ال�سورية‪ ،‬وقد برز هذا الغمو�ض‬ ‫�أكرث من خالل وجود جهود قام بها علماء من �أهل‬ ‫ال�سنة للتو�سط بني التنظيمني‪ ،‬لي�س فقط من �أجل‬ ‫حل اخلالفات بينهما‪ ،‬و�إمنا لتن�سيق العمل مع ًا �ضد‬ ‫قوات النظام‪.‬‬ ‫ويتم ا�ستخدام الهدنة املحتملة بني املجموعتني‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬

‫كو�سيلة �ضغط موجهة لل�سلطات ال�سورية‪،‬‬ ‫فمو�سكو‪ ،‬ومن وراء الكوالي�س ت�سعى �إىل �إر�سال‬ ‫ر�سالة للنظام مفادها �أن تلك القوات التي حتارب‬ ‫«داع�ش» ميكن �أن تكون حليفة «دم�شق» يف قتال‬ ‫القوى املتطرفة‪.‬‬ ‫لكن التطورات امليدانية ال جتعل احل�سابات تبدو‬ ‫بهذه ال�سهولة‪ ،‬ف�إ�رصار النظام على متابعة العمل‬ ‫الع�سكري يف حلب‪ ،‬وا�ستمرار ح�صاره على حم�ص‬ ‫القدمية‪ ،‬قد يدفع اجلبهة الإ�سالمية و «داع�ش» �إىل‬ ‫وقف القتال بينهما‪ ،‬وتن�سيق اجلهود �ضد النظام‪.‬‬ ‫يف الواقع ‪ ،‬ف�إن ب�شار الأ�سد روج ل�صفقة بعلم‬ ‫الرو�س ت�سمح له بالبقاء يف ق�رصه الرئا�سي‪،‬‬ ‫وو�ضع �أكرب قدر من ال�سلطات التنفيذية يف يد‬ ‫حكومة م�ؤلفة من النظام واملعار�ضة‪ ،‬و�أن يتوىل‬

‫جمل�س الوزراء و�ضع اخلطط امل�ستقبلية بعيداً عن‬ ‫�أجهزة الأمن‪ ،‬لكن الأ�سد نف�سه ال يبدو ملزم ًا مبا‬ ‫قاله للرو�س‪ ،‬خا�صة مع تقدم قواته يف بع�ض‬ ‫جبهات حلب‪ ،‬خالل جل�سات التفاو�ض يف جنيف‬ ‫‪.2‬‬ ‫ويتجه الرو�س �إىل حماولة التو�صل �إىل اتفاق‬ ‫مع املعار�ضة ال�سورية من �أجل بقاء الأ�سد يف‬ ‫ال�سالطة مع تغيري يف ال�سيا�سات‪ ،‬ولكن حتى‬ ‫لو مت االفرتا�ض ب�أن هذا ال�سيناريو ممكن‪ ،‬ف�إن‬ ‫القوى الإقليمية الفاعلة يف املو�ضوع ال�سوري‬ ‫لها ت�صورات خمتلفة‪ ،‬ما يعني �أن توقع الأ�سو�أ يف‬ ‫احلرب داخل �سورية ما زال هو ال�سيناريو الأكرث‬ ‫ترجيح ًا‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫موجز ال�شرق‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫كريي ورجال �أعمال �إ�سرائيليني ‪ :‬نتنياهو عزل «الدولة اليهودية» عن �أوروبا و�أمريكا وق�ضايا املنطقة‬ ‫يف املنتدى االقت�صادي العاملي لهذا العام يف‬ ‫دافو�س ‪� ،‬سوي�رسا‪ ،‬كانت املواجهة بني �إ�رسائيل‬ ‫و فل�سطني العنوان الرئي�سي للكثري من التقارير‪.‬‬ ‫و�أم�ضى وزير اخلارجية جون كريي �ساعتني يف‬ ‫مفاو�ضات مغلقة مع رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي‬ ‫بنيامني نتنياهو ‪ ،‬يف �أحدث جهد كريي لتعزيز‬ ‫«اتفاق �إطار « للحفاظ على حمادثات ال�سالم بني‬ ‫�إ�رسائيل و فل�سطني‪.‬‬ ‫كريي يلعب ب «بطاقة الدميوغرافية «‪ ،‬حمذرا من‬ ‫�أن الو�ضع الراهن من االحتالل الإ�رسائيلي جلزء‬ ‫متزايد من ال�ضفة الغربية « ال ميكن �أن ي�ستمر �إىل‬ ‫الأبد «‪ ،‬و يعر�ض للخطر الآن بقاء �إ�رسائيل بو�صفها‬ ‫«دولة يهودية دميقراطية «‪ .‬كانت الفجوات بني‬ ‫كريي ونتنياهو وا�ضحة عقب اجلل�سة‪ ،‬عندما‬ ‫ظهر كل من الرجلني مقدم ًا روايات مت�ضاربة عن‬ ‫املحادثات بينهما‪.‬‬ ‫رئي�س احلزب الراديكايل «امل�ستوطنني» داخل‬ ‫احلكومة االئتالفية يف �إ�رسائيل ‪ ،‬هاجم نتنياهو‬ ‫علن ًا‪ ،‬ملمح ًا �إىل �أن نتنياهو ميكن ان يتو�صل �إىل‬ ‫اتفاق مع الفل�سطينيني ‪ ،‬ومبوجبه �سيكون على‬ ‫امل�ستوطنني الإ�رسائيليني �أن يعي�شوا داخل الدولة‬ ‫الفل�سطينية يف ظل ظروف �أمنية خا�صة ‪ .‬و هاجم‬ ‫وزير الدفاع مو�شيه يعلون كريي ب�أنه « متع�صب‬ ‫يهودي م�سيحي‪».‬‬ ‫يف الوقت نف�سه ‪ ،‬عقدت جمموعة ت�ضم ‪ 100‬من‬ ‫كبار ال�صناعيني واملمولني الإ�رسائيليني ‪ ،‬الذين‬ ‫ي�سيطرون على �أكرث من ‪ 30‬يف املئة من االقت�صاد‬ ‫الإ�رسائيلي برمته ‪� ،‬سل�سلة من االجتماعات‬ ‫يف دافو�س و اعتربوا �أن تعنت نتنياهو يخلق‬ ‫املناخ ملزيد من العقوبات واملقاطعة لل�رشكات‬ ‫الإ�رسائيلية ‪ ،‬الأمر الذي �سيجعل من �إ�رسائيل كيان ًا‬ ‫غري ذي �صلة» بالق�ضايا الأكرث �إحلاحا يف املنطقة‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك �سوريا و�إيران»‪ .‬منذ عام ‪� 2012‬شاركت‬ ‫جمموعة من كبار رجال الأعمال الإ�رسائيليني مع‬ ‫نظرائهم الفل�سطينيني يف معهد البحرين للتدريب‬ ‫‪ ،‬الذي يرعاه املنتدى االقت�صادي العاملي ‪ ،‬و‬ ‫الذي عقد م�ؤمتراً رفيع امل�ستوى يف الأردن يف‬ ‫�شهر مايو‪� /‬أيار من العام املا�ضي ‪ ،‬ح�رضه جون‬

‫كريي ‪ ،‬و�صائب عريقات‪ ،‬و�شمعون برييز ‪� .‬أعطيت‬ ‫نف�س املجموعة يوم كامل يف اجتماع دافو�س ‪،‬‬ ‫بعد اجتماع خا�ص يف تل �أبيب مع نتنياهو قبل‬ ‫�أن ت�سافر جميع الأطراف �إىل �سوي�رسا‪ .‬وكان �أحد‬ ‫اجتماعات معهد البحرين للتدريب يف دافو�س و‬ ‫جها لوجه مع وزير العدل الإ�رسائيلي ت�سيبي ليفني‬ ‫« ممثل �إ�رسائيل يف املفاو�ضات مع الفل�سطينيني»‪.‬‬ ‫كما �أن كريي ‪ ،‬وعلى الرغم من �أنه مل يتم حتى الآن‬ ‫قبول �أي لغة م�شرتكة لالتفاق الإطاري املقرتح ‪،‬‬ ‫ولكن هناك بع�ض امل�ؤ�رشات على التقدم‪ .‬نتنياهو‬ ‫يتحدث الآن عن فرتة انتقالية ملدة ع�رش �سنوات‬ ‫يف القوات اال�رسائيلية التي �ستبقى يف وادي نهر‬ ‫الأردن‪ .‬لكن الرئي�س الفل�سطيني حممود عبا�س قال‬ ‫�إن �أي �شخ�ص يريد « ع�رشة �إىل خم�سة ع�رش عاما»‬ ‫من ا�ستمرار االحتالل الإ�رسائيلي يف وادي الأردن ال‬ ‫يريد اتفاقا على الإطالق‪ .‬املفاو�ضون الفل�سطينيون‬

‫يطالبون بان�سحاب كامل يف غ�ضون ثالث �سنوات‬ ‫‪ ،‬واقرتاح وجود �أمني �إ�رسائيلي �أردين م�شرتك يف‬ ‫هذه الأثناء‪.‬‬ ‫وكانت اخلطوة التالية للفل�سطينيني بعد دافو�س‬ ‫هي ال�سفر �إىل وا�شنطن يف وفد التي ق�صدها‬ ‫�صائب عريقات ورئي�س اال�ستخبارات يف ال�سلطة‬ ‫الفل�سطينية لإجراء مزيد من امل�شاورات مع كريي‪.‬‬ ‫و�أ�شار كريي �أي�ضا �أنه �سيتم قريبا بالإعالن عن‬ ‫م�رشوع االتفاق الإطاري الأمريكي الذي �سيقدم �إىل‬ ‫كال اجلانبني يف الأ�سبوعني املقبلني ‪.‬‬ ‫طريقة العر�ض امل�شرتكة بني ‪ 100‬من قادة رجال‬ ‫الأعمال الإ�رسائيليني و كريي هي �أن تعنت نتنياهو‬ ‫حقق بالفعل �شبه معجزة ‪ :‬لي�س فقط عزل �إ�رسائيل‬ ‫ب�شكل متزايد عن �أوروبا والواليات املتحدة‪ ،‬و�إمنا‬ ‫�أ�صبحت �أكرث و�أكرث ال عالقة لها بامل�سائل الرئي�سية‬ ‫التي تهيمن على ال�رشق الأو�سط‪.‬‬

‫الإخوان امل�صريون يحاولون �إقناع «عنان» بالرت�شح �ضد ال�سي�سي‬ ‫م�ؤخرا‪ ،‬عقدت عدة اجتماعات بني �سامي عنان‬ ‫الرئي�س الأ�سبق للأركان و�شخ�صيات بارزة يف‬ ‫جماعة الإخوان امل�سلمني ‪ ،‬وقادة جمموعة‬ ‫دعمهم‪ ،‬والتحالف لدعم ال�رشعية ‪ ،‬وحممد عبد‬ ‫املوجود‪ ،‬وهو �شخ�صية بارزة يف حزب الوطن‬ ‫اال�سالمي يف م�رص‪ ،‬يف حماولة لإقناع عنان‬ ‫بالرت�شح لالنتخابات الرئا�سية‪ .‬وقال عبد‬ ‫املوجود الذي طلب التزامات معينة من عنان‪ ،‬وال‬ ‫�سيما التزام ملنح الإ�سالميني م�ساحة يف ال�سيا�سة‬ ‫والإعالم‪ ،‬ولكن عنان مل يقدم �أي وعود خالل‬ ‫االجتماعات بالرت�شح‪.‬‬ ‫و�أفادت تقارير �أن املفاو�ضات بني عنان‬ ‫والإ�سالميني و�صلت �إىل نقطة متقدمة‪ ،‬فهناك‬ ‫مزاعم ب�أن جماعة الإخوان امل�سلمني الدولية‬ ‫تدر�س بجدية حملة متويل عنان‪ ،‬وامل�ساعدة على‬

‫تنظيم ذلك‪ ،‬ولكن وفقا للم�صادر نف�سها فهناك‬ ‫انق�سام داخل جماعة الإخوان ‪� ،‬إذ تعتقد �شخ�صيات‬ ‫بارزة يف التنظيم �أن خط�أ حممد مر�سي كان هو‬ ‫الوثوق باجلرنال ال�سي�سي‪ ،‬و�أنه ال يجب تكرار‬ ‫اخلط�أ نف�سه مع �سامي عنان‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أن‬ ‫عنان ال ميكن �أن يناف�س �شعبية ال�سي�سي مهما‬ ‫تلقى من دعم‪ ،‬ولن يتمكن من الفوز �أمام «امل�شري»‪.‬‬ ‫وبالفعل ف�إن حملة لدعم عنان بد�أت للتو �أن�شطتها‬ ‫يف‪ 9‬من �أ�صل ‪ 27‬حمافظة يف م�رص‪ ،‬يف حني‬ ‫كانت حملة لو�ضع �سي�سي يف الق�رص الرئا�سي‬ ‫ن�شطة منذ ال�صيف املا�ضي‪ .‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪،‬‬ ‫اتهم عنان من قبل العديد من امل�رصيني ب�سوء‬ ‫�إدارة البالد‪ .‬ويعتقد العديد من امل�رصيني �أي�ضا‬ ‫�أن عنان‪ ،‬جنبا �إىل جنب مع ح�سني طنطاوي وزير‬ ‫الدفاع ال�سابق والرئي�س ال�سابق للمجل�س الأعلى‬

‫للقوات امل�سلحة‪ ،‬كان م�س�ؤو ًال عن قتل املتظاهرين‬ ‫خالل الفرتة االنتقالية بعد تنحي مبارك‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن النقا�ش يف م�رص حول جميء‬ ‫ال�سي�سي �إىل احلكم تبدو حم�سومة‪ ،‬لكن امل�شكلة‬ ‫لي�ست فيمن �سيحكم م�رص‪ ،‬بل يف امل�شكالت‬ ‫البنيوية العميقة التي �سيواجهها‪ ،‬و�أهمها و�ضع‬ ‫م�رص على الطريق ال�صحيح‪ ،‬وجتنب املنزلقات‬ ‫اخلطرة‪ ،‬ومنها مواجهة احلر�س القدمي‪ ،‬وعودة‬ ‫�أ�صحاب امل�شاريع الذين يعتمدون على دولة‬ ‫املح�سوبية يف نهب مقدرات البالد وبناء ثروات‬ ‫طائلة‪ ،‬والطبقة الو�سطى التي تكاد تختنق يف ظل‬ ‫الظروف الراهنة‪ ،‬والبريوقراطية الثقيلة التي تعيق‬ ‫عمل امل�ؤ�س�سات‪ ،‬وم�شكالت ال�شباب الطاحمني �إىل‬ ‫التغيري وو�ضع اقت�صادي �أف�ضل‪.‬‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫الأخرية‬

‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪08‬‬

‫جدل العالقة بني التنمية والدميقراطية‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫‏ت�ؤكد التجارب الناجحة املعا�رصة � ّأن العالقة بني‬ ‫التنمية والدميوقراطية متثل م�ساراً ذا اجتاهني‪:‬‬ ‫الدميوقراطية توفر �آليات وم�ؤ�س�سات من �ش�أنها �أن‬ ‫مت ّكن من حتقيق تنمية حقيقية وذات وجه �إن�ساين‪،‬‬ ‫ويف املقابل ف� ّإن تقدم امل�سرية التنموية من �ش�أنه �أن‬ ‫يخلق الظروف املو�ضوعية واملناخ املالئم لرت�سيخ‬ ‫املمار�سات الدميوقراطية يف املجتمع‪.‬‬ ‫� ّإن الق�ضية املركزية يف التنمية هي امل�شاركة‬ ‫ال�شعبية‪ ،‬وغني عن القول � ّإن تو�سيع هذه امل�شاركة‬ ‫يف عملية �صنع القرارات يتطلب ت�شجيع منابر احلوار‬ ‫وتبادل الأفكار والتعبري عنها بحرية‪ ،‬و�إقامة قنوات‬ ‫مفتوحة بني املواطنني والدولة‪ ،‬و�إف�ساح املجال �أمام‬ ‫املواطنني لت�شكيل منظمات املجتمع املدين التطوعية‬ ‫لت�أتي تعبرياً عن خيارات املجتمع‪ .‬كما يقت�ضي تفعيل‬ ‫امل�شاركة ال�شعبية تكري�س �سيادة القانون‪ ،‬وتوفري‬ ‫الآليات الفعالة التي ميكن للمواطنني من خاللها‬ ‫ممار�سة حقوقهم التي ين�ص عليها د�ستور دولة‬ ‫احلق والقانون‪ ،‬ومتكني املواطنني من احل�صول على‬ ‫املعلومات والبيانات ال�رضورية لفهم الواقع والت�أثري‬ ‫فيه‪ ،‬وبذلك ميكن القول‪ّ � :‬إن الدميوقراطية متثل الإطار‬ ‫الذي يوفر �أف�ضل ال�رشوط للتنمية امل�ستدامة‪.‬‬ ‫كما ي�شكل اال�ستقرار ال�سيا�سي واالجتماعي �أمراً‬ ‫ال غنى عنه للتنمية‪� ،‬إذ بدونه يتعذر حتقيق تنمية‬ ‫حقيقية وم�ستدامة‪ ،‬ولي�س كالدميوقراطية نظام‬ ‫ي�ستطيع �أن يوفر الآليات ال�سلمية للتعامل مع تناق�ض‬ ‫امل�صالح االقت�صادية واالجتماعية والنزاعات‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬يف حني � ّأن غياب الدميوقراطية من �ش�أنه‬ ‫�أن يحول دون ت�سوية االختالفات عن طريق احلوار‬ ‫الب ّناء‪ ،‬و�أن يكبت التوترات االجتماعية‪ ،‬و�أن ينقل‬ ‫ال�رصاعات من الإطار العلني �إىل العمل ال�رسي الذي‬ ‫ينطوي على احتماالت العنف والتطرف‪ ،‬ويعطل دور‬ ‫القوى املحركة يف عملية التنمية‪ .‬وكما � ّأن اال�ستقرار‬ ‫ال�سيا�سي واالجتماعي ي�ساعد على ت�رسيع عملية‬

‫التنمية ودفعها يف امل�سار ال�صحيح‪ ،‬كذلك ف� ّإن تقدم‬ ‫م�سرية التنمية من �ش�أنه �أن ي�ؤدي �إىل توطيد اال�ستقرار‬ ‫ال�سيا�سي واالجتماعي وتر�سيخ التجربة الدميوقراطية‪.‬‬ ‫ولكي ندرك عمق العالقة بني التنمية والدميوقراطية‬ ‫ف�إنه البد �أن نعي �أهمية العن�رص الب�رشي يف عملية‬ ‫التنمية ‪ ،‬والت�أثري البالغ الذي حتدثه الدميوقراطية‬ ‫لتطوير قدرات هذا العن�رص‪ ،‬وتفعيل دوره يف عملية‬ ‫التنمية‪ .‬فبقدر ما تتاح له الفر�ص لتطوير القدرات‬ ‫الكامنة فيه‪ ،‬وبقدر ما تتوفر له احلوافز لتوظيف‬ ‫هذه الطاقات يف الأوجه ال�صحيحة املنتجة بقدر ما‬ ‫يتمكن من ا�ستخدام املوارد املتاحة لتحقيق تنمية‬ ‫حقيقية وذات �أبعاد �إن�سانية‪ .‬من هنا ت�أتي �أهمية‬ ‫الدميوقراطية‪ ،‬فهي ب�إف�ساحها املجال �أمام املواطنني‬ ‫للم�شاركة يف �صنع القرار مت ّكن من و�ضع احلاجات‬ ‫الإن�سانية يف مقدمة �أولويات عملية التنمية‪ ،‬وال‬ ‫حاجة �إىل القول ب� ّأن تلبية هذه احلاجات من �ش�أنها‬ ‫�أن يعمل على تطوير قدرات املواطن وتو�سيع اخليارات‬ ‫�أمامه على نحو ي�ساعده على حتقيق ذاته‪ ،‬و�إطالق‬ ‫طاقات اخللق والإبداع الكامنة فيه‪.‬‬ ‫� ّإن �إدراك املواطن ب� ّأن فر�ص التقدم مفتوحة �أمامه‪،‬‬ ‫و� ّأن تقدمه مرهون بعمله وكفاءته دون �أي اعتبار‬ ‫�آخر‪ ،‬وثقته ب� ّأن ثمار عمله �ستعود عليه‪� ،‬سوف‬ ‫يدفعه �إىل ال�سعي اجلاد الكت�ساب املزيد من املعارف‬ ‫واملهارات وبذل املزيد من اجلهد يف العمل‪.‬‬ ‫� ّإن و�ضع حاجات املواطنني الأ�سا�سية يف مقدمة‬ ‫�أولويات التنمية وتو�سيع امل�شاركة ال�شعبية يف‬ ‫عملية �صنع القرار‪ ،‬و�إخ�ضاع ال�سيا�سات االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية ملزيد من الدر�س والتمحي�ص‬ ‫من خالل احلوار العام املفتوح‪ ،‬من �ش�أنه �أن ي�ؤدي‬ ‫�إىل �إدارة عقالنية للموارد االقت�صادية والب�رشية‪.‬‬ ‫ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ف� ّإن �ضمان �سهولة احل�صول‬ ‫على املعلومات‪ ،‬وتوفر ال�شفافية يف ال�صفقات‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬و�إف�ساح املجال لت�سليط ال�ضوء على‬

‫جوانب الق�صور وعدم الكفاءة يف الأجهزة احلكومية‬ ‫وامل�ؤ�س�سات ذات الطابع االقت�صادي‪ ،‬والك�شف عن‬ ‫التجاوزات واملمار�سات املنحرفة‪ ،‬كلها �أمور ت�ساعد‬ ‫على حت�سني �أداء الأجهزة وامل�ؤ�س�سات احلكومية‪،‬‬ ‫ومت ّكن من حماربة الف�ساد‪.‬‬ ‫والرقابة ال�شعبية هي وحدها التي ت�ستطيع القيام‬ ‫مبهمة الك�شف عن جوانب الق�صور ومواطن الف�ساد‬ ‫واملمار�سات املنحرفة بفعالية‪ ،‬ف�أجهزة الرقابة‬ ‫احلكومية يف كثري من البلدان النامية تفتقر �إىل‬ ‫احليادية والنزاهة‪ ،‬وتخ�ضع يف كثري من احلاالت‬ ‫ل�ضغوط امل�س�ؤولني عن التق�صري واملنتفعني من‬ ‫الف�ساد‪ ،‬مما يجعلها غري قادرة على �إظهار احلقائق‬ ‫و�إدانة املق�رصين واملف�سدين‪.‬‬ ‫ولعلنا ال نغايل �إذا قلنا � ّأن حتقيق التنمية و�ضمان‬ ‫ا�ستدامتها هو �أمر متعذر مبعزل عن الدميوقراطية‪،‬‬ ‫على � ّأن عملية التنمية ال تت�أثر بالدميوقراطية‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل ت�ؤثر فيها �أي�ضاً‪� .‬إذ � ّأن العالقة بني التنمية‬ ‫والدميوقراطية ذات طبيعة جدلية‪ ،‬وتنطوي على ت�أثري‬ ‫متبادل بينهما‪ :‬فكما � ّأن الدميوقراطية توفر الإطار‬ ‫املحفز للتنمية‪ ،‬كذلك ف� ّإن التنمية تخلق القاعدة‬ ‫املادية واملناخ املالئم لتطور الدميوقراطية‪.‬‬ ‫� ّإن التنمية‪ ،‬باعتبارها تو�سيع للفر�ص‪ ،‬تتيح للمواطن‬ ‫االرتقار مبعارفه ومهاراته وتطوير قدراته‪ ،‬واختيار‬ ‫العمل الذي يجد فيه ذاته ويحقق له دخ ًال يكفل له‬ ‫وينمي لديه الإح�سا�س بامل�س�ؤولية‬ ‫حياة كرمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جتاهه‪ ،‬ويعزز اقتناعه ب�رضورة االعتماد على احلوار‬ ‫والتوا�صل يف التعامل مع الق�ضايا العامة‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫يخلق مناخ ًا مالئم ًا ملعاجلة امل�شاكل االجتماعية‬ ‫وال�سيا�سية بالطرق ال�سلمية‪ .‬وكلما خطت التنمية‪،‬‬ ‫ذات البعد الإن�ساين‪� ،‬شوط ًا يف م�سارها كلما توطد‬ ‫اال�ستقرار يف املجتمع وتر�سخت بالتايل التجربة‬ ‫الدميوقراطية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.