Al badil 126

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/02/9ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)126‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/02/9 )126‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (126) 9/02/2014‬‬

‫م�آالت النكبة ال�سورية واجليل الثالث من القاعدة‬

‫ح�سام مريو‬

‫�أيهما �أكرث �رضاوة و�أ�شد ب�ؤ�س ًا نكبة عام ‪� 1948‬أم‬ ‫النكبة ال�سورية؟ �إن املقارنة بني االحتالل الإ�رسائيلي‬ ‫لفل�سطني وتهجري �أهلها وبني احتالل نظام لبلد ا�سمه‬ ‫�سورية وتهجري �أهلها يف الداخل وبلدان اجلوار وح�صار‬ ‫مدنها وا�ستخدام �سالح التجويع واعتقال ع�رشات الآالف‬ ‫وتدمري البنية التحتية التي دفع ال�سوريون ثمنها من‬ ‫ول ال‬ ‫�أعمارهم وحياتهم وحريتهم �أمراً يبدو طبيعياً‪ ،‬مِ َ‬ ‫جتوز املقارنة؟ االحتالل ال �شكل وحيد له‪ ،‬وال القهر �أو‬ ‫اال�ستبداد‪ ،‬واالحتالل لي�س فقط احتالل الأر�ض‪ ،‬و�إمنا‬ ‫�أي�ض ًا احتالل احلياة نف�سها‪ ،‬واعتقال الأمل‪.‬‬ ‫نحن يف ع�رص النكبة ال�سورية‪ ،‬لي�س فقط ك�سوريني‪،‬‬ ‫و�إمنا كب�رش نحيا يف زمن كان يفرت�ض �أن تكون حقوق‬ ‫الإن�سان فيه قد تر�سخت يف حدود معينة‪ ،‬و�أن �أموراً‬ ‫بعينها ال يجوز ال�صمت عنها‪ ،‬فلندع احلقوق ال�سيا�سية‬ ‫جانب ًا (على �أهميتها)‪ ،‬لكن حق احلياة الذي ي�شكل �أ�صل‬ ‫احلقوق بات مفقوداً يف �سورية‪ ،‬واليوم يتحدث العامل عن‬ ‫انت�صار وهمي ملحادثات جنيف ‪ 2‬عرب �إجالء مدنيني‬ ‫حما�رصين يف مدينة حم�ص القدمية ملدة عام ون�صف‬ ‫العام‪� ،‬أي انت�صار هذا! �أال يخجل العامل من و�صف‬ ‫�إخراج املحا�رصين باالنت�صار‪ ،‬وهو الذي مل يفعل �شيئ ًا‬ ‫لإي�صال امل�ساعدات الغذائية والإن�سانية لهم‪ ،‬وك�أن الأمر‬ ‫ال يبدو غريب ًا �أو م�ستهجن ًا �أو ك�أنه اعرتاف عاملي بحق‬ ‫الأنظمة ال�شمولية مبعاقبة اخلارجني عن �إلوهيتها‪� ،‬أو �أن‬ ‫دول العامل املتقدم ترى �إىل ه�ؤالء املحا�رصين بو�صفهم‬ ‫كائنات ما دون ب�رشية‪.‬‬ ‫النكبة ال�سورية م�ستمرة‪ ،‬وال ميكن التكهن مب�آالتها‪،‬‬

‫ال ال�سيا�سية وال الإن�سانية وال ما ميكن �أن تطرحه من‬ ‫حتوالت يف ر�سم جغرافيا جديدة يف بالد ال�شام‪� ،‬أو‬ ‫نتائجها على املنطقة برمتها‪ ،‬فما �سقط‪ ،‬لي�س فقط‬ ‫قدرة العامل على معاجلة �أزمة �سيا�سية و�أزمة حرية‬ ‫يف �سورية‪ ،‬و�إمنا ال�رشعية الأخالقية ملنظومة �سيا�سية‬ ‫روج لها الغرب‪.‬‬ ‫وفكرية و�أيديولوجية لطاملا ّ‬ ‫هل تريد �أمريكا �أن حتارب الإرهاب؟ هي قطع ًا‬ ‫لن ت�ستطيع وال ت�ستطيع‪ ،‬فالإرهابيون لي�سوا فقط‬ ‫انتحاريني يتزنرون ب�أحزمة نا�سفة‪� ،‬إنهم يف غالبيتهم‬ ‫العظمى �أبناء جمتمعات حكمها ديكتاتوريني بدعم‬ ‫غربي‪� ،‬أو بر�ضا غربي على الأقل‪� ،‬أبناء جمتمعات ما‬ ‫تزال تفتقد �إىل �أب�سط حاالت العدالة االجتماعية‪ ،‬وتغيب‬ ‫عنها مقومات التنمية‪ ،‬وتديرها مافيات عائلية‪ ،‬ويرتك‬ ‫فيها ال�شباب حلاالت من ال�ضياع وان�سداد الأفق‪.‬‬ ‫اجليل الثالث من القاعدة اليوم هو من البلدان ذاتها التي‬ ‫ت�سودها اال�ضطرابات‪ ،‬ف�أبناء العراق الذين انتموا �إىل‬ ‫تنظيمات "قاعدية" هم �أبناء جيل االحتالل الأمريكي‪،‬‬ ‫ومن ثم اخللل يف معاجلة امل�شكالت ال�سيا�سية‪ ،‬والف�ساد‬ ‫املنظم‪ ،‬واملحا�ص�صة الطائفية‪ ،‬ويف �سورية ر�أى الكثري‬ ‫من ال�شباب ب�أعينهم كيف قاوم النظام �أي حل �سيا�سي‪،‬‬ ‫وكيف �سقطت كل اخلطوط احلمر‪ ،‬وكيف حتول ال�شعب‬ ‫ال�سوري �إىل جمرد �أرقام (�شهداء‪ ..‬معتقلون‪ ..‬الجئون‪..‬‬ ‫جرحى‪ ..‬معاقون‪ ،)..‬وكيف حتولت م�أ�ساتهم �إىل �ساحة‬ ‫لل�رصاع الإقليمي والدويل‪ ،‬وعجز جمل�س الأمن عن‬ ‫�إن�صافهم‪ ،‬ومن ورائه املجتمع الدويل ب�أكمله الذي‬ ‫حتولت "�صداقته" لل�شعب ال�سوري �إىل وعود كاذبة‬

‫وفارغة من �أي م�ضمون وم�صداقية‪ ،‬فكيف �إذن ميكن‬ ‫منع الكثري من ال�شباب من االلتحاق بتنظيمات قاعدية‪،‬‬ ‫هل بالوعظ؟ �أم بالوعود؟ �أم باحلديث عن خطر الفكر‬ ‫التكفريي؟ �أم باجرتاح حلول حقيقية للنكبة ال�سورية‪.‬‬ ‫لي�س من املعقول �أن تكون املفاو�ضات جارية يف جنيف‬ ‫بينما يق�صف النظام مدينة حلب بالرباميل املتفجرة‬ ‫و�سط �صمت عاملي مريب‪ ،‬فهل ي�ستقيم �أن جترى‬ ‫مفاو�ضات على حل �سيا�سي بينما ميوت ‪ 1900‬مواطن‬ ‫�سوري برباميل املوت خالل ع�رشة �أيام؟ �أمل ي�ستطع كل‬ ‫العامل �إقناع النظام بوقف براميل متفجرة ت�سقط على‬ ‫مدنيني خالل التفاو�ض‪.‬‬ ‫�أوجدت �أمريكا اجليل الأول من القاعدة يف �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫ومل تدرك �أن هذا الكائن الذي انقلب عليها و�رضبها يف‬ ‫عقر دارها ميكن له �أن يتحول �إىل �أكرث من �شكل‪ ،‬وما‬ ‫اجليل الثالث من القاعدة �إال نتيجة طبيعية لظلم واقع‬ ‫على منطقة اتخذت رهينة من قبل الدول الكربى‪ ،‬كما‬ ‫اتخذت رهينة من قبل �أنظمتها‪.‬‬ ‫الأمريكان والرو�س باركوا النكبة الفل�سطينية‪ ،‬وهاهم‬ ‫يقودون ال�شعب ال�سوري �إىل نكبة �أكرث فظاعة‪ ،‬فال‬ ‫مقارنة بني ما فعلته �إ�رسائيل بو�صفها دولة حمتلة‬ ‫وبني نظام يفرت�ض �أنه نظام لهذه الدولة‪ ،‬و�إذا كان عدم‬ ‫حل الق�ضية الفل�سطينية �أ�سهم يف عودة فكرة اجلهاد‪،‬‬ ‫ف�إن عدم حل للم�س�ألة ال�سورية �سيعمم فكر اجليل الثالث‬ ‫من القاعدة‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.