ájô```M 2014/02/16م العدد ()127 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/02/16 )127م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (127) 16/02/2014
تقطيع اجل�سد ال�سوري ب�سكاكني الوهم
ح�سام مريو
ما الذي بقي و�سيبقى من �سورية؟ وما الذي �سيح�صده �أي منت�رص (يف حال انت�رص �أي كان)؟ فما زالت �سكاكني الوهم تعمل يف اجل�سد ال�سوري، �سكاكني �سورية و�سكاكني �إقليمية ودولية ،وما ال�شعارات حول �إيجاد حل ل�سوريا ملعظم الأطراف �سوى غطاء لف�شلها يف حتقيق �أوهامها ،من دون االعرتاف ب�أن تلك الأوهام مل يعد لها مكان يف الواقع ،و�أن املزيد منها �سيجعل من �أي مك�سب تافه ًا وفاقداً لأي معنى. �إذا كان النظام ما زال يراهن على عودته كنظام �رضب من وهم ،فعن �أي نظام حاكم ل�سوريا فهذا ٌ نتحدث وعن �أي �سورية؟ هل ما زال النظام نظام ًا وهل ما زالت �سورية هي ذاتها التي كانت قبل أعوام ثالثة؟. � ٍ هل حق ًا يتخيل ب�شار الأ�سد �أنه قادر على تخليق منظومة الوالء والطاعة لدى ال�سوريني من جديد؟ �إذ بعد �أن تفكك العقد االجتماعي الذي ُحكمت �سوريا من خالله ،وت�شظى املجتمع نف�سه ،وانق�سم �إىل مواالة ومعار�ضة ،و�إىل الجئني ونازحني وجتار حروب ،وباتت القوات امل�سلحة ال�سورية ميلي�شيا بني ميلي�شيات عديدة ،مل يعد من املمكن �إخ�ضاع كل هذا االنق�سام �أو توحيده بانت�صار ع�سكري ،ال من قبل النظام نف�سه ،وال من قبل �أي ف�صيل �آخر.
لنتخيل فقط عدد العوامل املتداخلة يف امل�س�ألة ال�سورية: فثمة ثورة �ضد نظام تعاين من عبء حتولها �إىل الع�سكرة. النظام مل يعد قادراً ب�إمكاناته الذاتية على اال�ستمرار من دون دعم ميلي�شيات من خارج البالد. هناك متويل خارجي متعدد بات فاع ًال يف زيادة االنق�سام وتعدد الوالءات بني الأطراف املقاتلة. ارتفاع وترية مذهبة ال�رصاع ال�سني -ال�شيعي. هناك دول تريد �إن�ضاج موازين القوى فيما بينها عرب البوابة ال�سورية. تغيري دميوغرايف كبري ودمار و�إرهاب نظام يفوق طاقة املجتمع على التحمل (�إعدامات ميدانية.. ق�صف بالرباميل ..جتويع� ..إلخ). مواالة ي�سكنها الرعب من �سقوط النظام. �أمراء حرب يف النظام وف�صائل م�سلحة �أخرى لي�س من م�صلحتهم و�ضع حد ملا يجري. غياب احلدود اجلغرافية ،وحرية حركة امليلي�شيات بني دول عدة (تركيا ،العراق ،لبنان ،الأردن). حتوالت االقت�صاد ال�سوري ،واخل�سائر الفادحة يف البنى التحتية. الجئون يف دول اجلوار ،ونازحون يف الداخل، مع نق�ص يف قدرات املجتمع الدويل على تلبية
احتياجات هاتني ال�رشيحتني ،وهما باملاليني. ركز وفد االئتالف الوطني يف حمادثات جنيف ّ على ت�شكيل هيئة حاكمة انتقالية .والرتكيز فقط على هذا الطرح� ،أو اعتباره املدخل �إىل التفاو�ض، وهم كبري� ،إذ ال ميكن واقعي ًا احلديث عن هيئة هو ٌ حاكمة انتقالية يف ظل وجود ذلك الكم الهائل من العوامل املتداخلة ،فثمة �رشوط واجب توفرها قبل الو�صول �إىل تلك الهيئة ،ومن �أهمها حدوث توافق �أمريكي -رو�سي ،و�آخر �سعودي� -إيراين ،وهما �رشطان مل ين�ضجا بعد ،ودونهما عقبات كربى. امل�س�ألة ال�سورية ،بتعقيداتها الراهنة ،حتتاج �إىل مقاربات واقعية ،و�إىل تخلي الأطراف ال�سورية عن �سكاكني الوهم التي تعمل يف تقطيع اجل�سد ال�سوري، وتق�ضي على ما تبقى من عوامل وطنية ميكن البناء عليها يف �إيجاد حل للنكبة ال�سورية ،وتفتح الباب �أمام �إعادة تخليق الوطن على �أ�س�س جديدة ،ولن يكون ذلك ممكن ًا �إال باالعرتاف من قبل اجلميع ب�أن �سورية �ستبقى جرح ًا نازف ًا ل�سنوات طويلة ،طاملا �أن خمتلف الأطراف ال ت�سعى �إىل تقدمي تنازالت. �إن �أي تفاو�ض ينطلق من الوهم والرغبة ال ميكن �أن يف�ضي �إىل نتائج واقعية وملمو�سة.