ájô```M 2014/02/16م العدد ()127 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/02/16 )127م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (127) 16/02/2014
تقطيع اجل�سد ال�سوري ب�سكاكني الوهم
ح�سام مريو
ما الذي بقي و�سيبقى من �سورية؟ وما الذي �سيح�صده �أي منت�رص (يف حال انت�رص �أي كان)؟ فما زالت �سكاكني الوهم تعمل يف اجل�سد ال�سوري، �سكاكني �سورية و�سكاكني �إقليمية ودولية ،وما ال�شعارات حول �إيجاد حل ل�سوريا ملعظم الأطراف �سوى غطاء لف�شلها يف حتقيق �أوهامها ،من دون االعرتاف ب�أن تلك الأوهام مل يعد لها مكان يف الواقع ،و�أن املزيد منها �سيجعل من �أي مك�سب تافه ًا وفاقداً لأي معنى. �إذا كان النظام ما زال يراهن على عودته كنظام �رضب من وهم ،فعن �أي نظام حاكم ل�سوريا فهذا ٌ نتحدث وعن �أي �سورية؟ هل ما زال النظام نظام ًا وهل ما زالت �سورية هي ذاتها التي كانت قبل أعوام ثالثة؟. � ٍ هل حق ًا يتخيل ب�شار الأ�سد �أنه قادر على تخليق منظومة الوالء والطاعة لدى ال�سوريني من جديد؟ �إذ بعد �أن تفكك العقد االجتماعي الذي ُحكمت �سوريا من خالله ،وت�شظى املجتمع نف�سه ،وانق�سم �إىل مواالة ومعار�ضة ،و�إىل الجئني ونازحني وجتار حروب ،وباتت القوات امل�سلحة ال�سورية ميلي�شيا بني ميلي�شيات عديدة ،مل يعد من املمكن �إخ�ضاع كل هذا االنق�سام �أو توحيده بانت�صار ع�سكري ،ال من قبل النظام نف�سه ،وال من قبل �أي ف�صيل �آخر.
لنتخيل فقط عدد العوامل املتداخلة يف امل�س�ألة ال�سورية: فثمة ثورة �ضد نظام تعاين من عبء حتولها �إىل الع�سكرة. النظام مل يعد قادراً ب�إمكاناته الذاتية على اال�ستمرار من دون دعم ميلي�شيات من خارج البالد. هناك متويل خارجي متعدد بات فاع ًال يف زيادة االنق�سام وتعدد الوالءات بني الأطراف املقاتلة. ارتفاع وترية مذهبة ال�رصاع ال�سني -ال�شيعي. هناك دول تريد �إن�ضاج موازين القوى فيما بينها عرب البوابة ال�سورية. تغيري دميوغرايف كبري ودمار و�إرهاب نظام يفوق طاقة املجتمع على التحمل (�إعدامات ميدانية.. ق�صف بالرباميل ..جتويع� ..إلخ). مواالة ي�سكنها الرعب من �سقوط النظام. �أمراء حرب يف النظام وف�صائل م�سلحة �أخرى لي�س من م�صلحتهم و�ضع حد ملا يجري. غياب احلدود اجلغرافية ،وحرية حركة امليلي�شيات بني دول عدة (تركيا ،العراق ،لبنان ،الأردن). حتوالت االقت�صاد ال�سوري ،واخل�سائر الفادحة يف البنى التحتية. الجئون يف دول اجلوار ،ونازحون يف الداخل، مع نق�ص يف قدرات املجتمع الدويل على تلبية
احتياجات هاتني ال�رشيحتني ،وهما باملاليني. ركز وفد االئتالف الوطني يف حمادثات جنيف ّ على ت�شكيل هيئة حاكمة انتقالية .والرتكيز فقط على هذا الطرح� ،أو اعتباره املدخل �إىل التفاو�ض، وهم كبري� ،إذ ال ميكن واقعي ًا احلديث عن هيئة هو ٌ حاكمة انتقالية يف ظل وجود ذلك الكم الهائل من العوامل املتداخلة ،فثمة �رشوط واجب توفرها قبل الو�صول �إىل تلك الهيئة ،ومن �أهمها حدوث توافق �أمريكي -رو�سي ،و�آخر �سعودي� -إيراين ،وهما �رشطان مل ين�ضجا بعد ،ودونهما عقبات كربى. امل�س�ألة ال�سورية ،بتعقيداتها الراهنة ،حتتاج �إىل مقاربات واقعية ،و�إىل تخلي الأطراف ال�سورية عن �سكاكني الوهم التي تعمل يف تقطيع اجل�سد ال�سوري، وتق�ضي على ما تبقى من عوامل وطنية ميكن البناء عليها يف �إيجاد حل للنكبة ال�سورية ،وتفتح الباب �أمام �إعادة تخليق الوطن على �أ�س�س جديدة ،ولن يكون ذلك ممكن ًا �إال باالعرتاف من قبل اجلميع ب�أن �سورية �ستبقى جرح ًا نازف ًا ل�سنوات طويلة ،طاملا �أن خمتلف الأطراف ال ت�سعى �إىل تقدمي تنازالت. �إن �أي تفاو�ض ينطلق من الوهم والرغبة ال ميكن �أن يف�ضي �إىل نتائج واقعية وملمو�سة.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/02/16 )127م
حتليل �سيا�سي
02
املقاومة من معركة الكرامة �إىل معركة الدفاع عن املراقد فيكتوريو�س بيان �شم�س
ا ّت�سمت عالقات حافظ الأ�سد بيا�رس عرفات املت�رسع والغري بالتوتر ،بذريعة العمل الع�سكري ّ حم�سوب من قبل عرفات ،وقد � ّأدى هذا اخلالف يف العام 1966العتقال يا�رس عرفات ،وو�ضعه يف �سجن املزة الذائع ال�صيت ،ليخرج بعد فرتة بو�ساطة من فاروق القدومي .بعدها انتقل عرفات �إىل الأردن ليخو�ض يف العام 1968 معركة الكرامة �ضد القوات "الإ�رسائيلية" التي حاولت احتالل ال�ضفة ال�رشقية لنهر الأردن، ومن ثم الق�ضاء على ف�صائل املقاومة فيها. بعد �أحداث �أيلول الأ�سود 1970ا�ستنجد عرفات بالأ�سد الذي احتل مدينة �إربد �شمال الأردن، لكنه عاد و�سحب قواته منها بعد �أن ح�شدت "ا�رسائيل" قواتها على احلدود ،فا ّتهمه عرفات باجلنب واخليانة ،لتدخل العالقات بينهما طوراً مما �سبقه .انتقل عرفات بعدها باتجّ اه �أخر �أخطر ّ لبنان لتنطلق من جنوبه عمليات الف�صائل الفل�سطينية املقاومة بقيادة حركة "فتح". يف العام 1976دخل اجلي�ش ال�سوري لبنان بطلب من الأحزاب االنعزالية امل�سيحية ،ليتورط بعد فرتة بح�صار خميم تل الزعرت لالجئني الفل�سطينيني ملدة ( )55يوم ًا ،ثم اقتحامه مب�ساعدة من بع�ض كتائب اجلي�ش اللبناين. بعدها بعامني اقتحمت القوات الإ�رسائيلية لبنان فيما عرف وقتها "بعملية الليطاين" التي كانت تهدف لإبعاد خطر �صواريخ املقاومة الفل�سطينية عن �شمال فل�سطني ،والتي �أ�سفرت عن �أكرث من ()650 �شهيداً عدا عن الكم الهائل من اجلرحى والأ�رسى تدخل يذكر من القوات واخل�سائر املادية ،دون ّ ال�سورية املتواجدة على الأرا�ضي اللبنانية �آنذاك. يف حزيران من العام 1982اجتاحت "ا�رسائيل" لبنان للمرة الثانية ،بعد حماولة اغتيال ال�سفري ال�صهيوين يف لندن �شلومو �أرجوف ،وو�صلت �إىل العا�صمة بريوت التي حو�رصت ملا يقرب من ()80 مما �أدى ملغادرة املقاومة الفل�سطينية لبنان. يوم ًاّ ، يف � 19أيلول من العام نف�سه انطلقت "جبهة املقــاومة الوطنــــية اللبنانية" لتطـــــرد القوات املعــــاديــــة من العـــا�صمــة بيــــروت ،وتفــــر�ض مــــعـــادالت وتـــوازنـــات جـــــديـــــدة علــى الأر�ض. يف هذه الأثناء بد�أت �إرها�صات ت�شكيل "حزب اهلل" ذي اللون الطائفي الواحد ،الذي �أذاع يف � 16شباط 1985بيان ًا جاء فيه�" :إن احلزب ملتزم ب�أوامر تتج�سد يف والية الفقيه، قيادة حكيمة وعادلة ّ وتتج�سد يف روح اهلل �آية اهلل املو�سوي اخلميني ّ مفجر ثورة امل�سلمني وباعث نه�ضتهم اجلديدة"! ّ دخل هذا احلزب فيما بعد على خط املواجهات مع العدو ال�صهيوين ،وا�ستطاع �إزاحة باقي تعر�ضت لعدة ف�صائل املقاومة اللبنانية التي ّ انتكا�سات من بعد انهيار املع�سكر اال�شرتاكي مطلع الت�سعينيات ،ليحتكر اجلبهة وحده مع الف�صيل ال�شيعي الرديف حركة "�أمل" ،ولي� ّؤ�س�س فيما �سمي "ب�رسايا املقاومة اللبنانية" التي بعد ما ّ كان من املت� ّأمل �أن ت�ضم يف �صفوفها مقاتلني
يف العام 1976دخل اجلي�ش ال�سوري لبنان بطلب من الأحزاب االنعزالية امل�سيحية من كل الطوائف ،لإبعاد �شبهة الطائفية عنه� ،إال وتورطت يف �أكرث من معركة �أنها ف�شلت ،البل ّ داخلية منها معركة برج حمود يف العام .2010 بـــــد�أ هـــذا احلــــزب بتــلقـــي الـــدعـــم ال�ســــوري – الإيـــــــراين منذ انطــــالقه ،وامل�ستــــمر �إىل اليـوم. بعد االن�سحــاب الإ�رسائيلي من جنوب لبنان يف العام ،2000بد�أت ال�ضغــوط على هذا احلـــــزب لت�سليــم �ســـــالحــــه للجـــــي�ش اللبناين، مبـــرر لوجوده، على اعتبــــار �أنه مل يـعــــد من ّ لريف�ض احلزب بحجة مزارع �شبعا وتالل كفر تعر�ض احلزب �شوبا التي مازالت حمتلة .بعدها ّ لأخطر مرحلتني �أجربتاه على الدخول يف املعرتك ال�سيا�سي الداخلي بعد �أن كان قد احتجب عنه منذ ت�أ�سي�سه .كان احلدث الأول اغتيال رئي�س وزراء لبنان الأ�سبق رفيق احلريري يف العام ،2005 وجهت �أ�صابع االتهام "حلزب اهلل" والنظام حيث ّ ال�سوري ،وهو ما دفع احلزب يف �أكرث من حمطة للدفاع عن نف�سه ،كما � ّأدى ال�ست�صدار القرار الدويل ( )1559الذي ن�ص على خروج القوات ال�سورية من لبنان ،وهو ما حدث فع ًال يف ني�سان من العام نف�سه. � ّأما املحطة الثانية فكانت االعتداء الإ�رسائيلي على لبنان يف متوز 2006والتي جاءت بعد اختطاف "حزب اهلل" جلنديني �صهيونيني، اعرتف بعدها الأمني العام للحزب الذي ا ّتهمه وقتها وزير اخلارجية ال�سعودي �سعود الفي�صل رد فعل العدو ملا فعلها! قدر ّ باملغامر ،ب�أ ّنه لو ّ جدير بالذكر هنا �أن النظام ال�سوري مل يحرك �ساكن ًا يف هذه احلرب التي اعرتف ّ بعدها وزير اخلارجية ال�سوري وليد املعلم
�أنه لو دخلت �سوريا لغيت املوازين ك ّلي ًا! كان لهذه احلرب تبعاتها بحيث �صدر القرار الأممي ( )1701الذي ن�ص على �إنهاء القتال ،ودخول حوايل ( )16,000جندي �أممي �إىل املنطقة احلدودية، �إ�ضافة �إىل منع الظهور امل�س ّلح جنوب نهر الليطاين. منذ هذا التـــاريخ تو ّقفت عمليـــات املـــقــاومة فعـــلي ًا ،وبــــد�أت �أ�صــــابع اال ّتــــهــام تــــوجــّه للحــــــزب بعد كل عملية اغتيـــال ت�ستهدف �أي �شخ�صية من فريق "� 14آذار" املناه�ض له. ا�ضطر احلزب يف العام 2008بعد �أزمة انتخاب رئي�س اجلمهورية وت�شكيل احلكومة للم�شاركة، ولأول مرة منذ ت�أ�سي�سه يف حكومة "وحدة وطنية" مع باقي الأطراف ،وبو�ساطات عربية ،لي�صبح طرف ًا يف اللعبة ال�سيا�سية الداخلية ،بعد �أن كان يرتك ح�صته حللفائه ،و�أبرزهم حركة "�أمل". بعد اندالع الثورة ال�سورية يف ربيع العام ،2011 تدخل "حزب اهلل" يف الأزمة �إىل جانب النظام بحجج ّ �ش ّتى ،كان من بينها ،وعلى �سبيل املثال ال احل�رص: "حماية ظهر املقاومة" ،ثم" :حماية القرى ذات املتطرفة"، الأغلبية ال�شيعية"� ،أو" :قتال التنظيمات ّ وبعدها" :حماية مرقد ال�سيدة زينب وباقي املراقد مرتني"!. ال�شيعية" حتت �شعار" :لن ت�سبى زينب ّ تدخل "حزب اهلل" يف �سوريا على قد ال ُي�ستهجن ّ اعتبار �أ ّنه حزب ذو تركيبة طائفية ،ن�ش�أ وترعرع يف بيئة طائفية مالئمة� ،أتاحت له �أن يلعب الدور الذي لعبه منذ ن�ش�أته .لكن امل�ستهجن هو �أن ما تب ّقى من القوى الي�سارية التي �أطلقت "جبهة املقاومة الوطنية اللبنانية" يف العام ،1982وكانت �ضحية املعادلة الإقليمية التي جاءت "بحزب اهلل" على ح�ساب وجودهم ،وهم املعرت�ضني على الرتكيبة الطائفية اللبنانية ،وقد انتف�ضوا عليها يف العام 2011حتت �شعار" :مع ًا لإ�سقاط النظام الطائفي"!، � ّإما دعموا� ،أو ب�أح�سن الأحوال الذوا بال�صمت عن ممار�سات هذا احلزب الطائفي يف البلدين ال�شقيقني لبنان و �سوريا.
03
حتليل �سيا�سي
العدد ( 2014/02/16 )127م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
حرب �إقليمية؟ هل ي�ؤدي الف�شل ال�سوري يف جنيف �إىل ٍ جان كورد
ال يخفى على �أحد �أن النظام الأ�سدي يف دم�شق لي�س جاداً فيما يقوم به فريقه املر�سل �إىل م�ؤمتر جنيف يعول على �أي حلٍ �سيا�سي ،لأنه ال يرى ،2فهو ال ّ �سوى ٍ ٍ وجه واحد للعملة ،ويلخ�ص امل�شكلة ال�سورية يعول الكبرية ب�أنها جمرد "م�شكلة �إرهاب!" وهو ّ على براميل املتفجرات واملذابح اليومية وطرد �شعبه جمل ًة وتف�صي ًال ،وب�إ�رشاف الأمم املتحدة ،كما يجري يف مدينة حم�ص الآن ،على غرار ما جرى يف بع�ض مدن ومناطق البو�سنة والهر�سك �أمام �أعني املراقبني الدوليني �سابق ًا ،وله من يقدم له الأموال واجلنود واملرتزقة (�إيران) كما له من يدافع عن كل �سيا�ساته الإجرامية (رو�سيا) عندما ت�صل ال�شكاوى �ضده �إىل جمل�س الأمن الدويل� ،إ�ضاف ًة �إىل �أن ال�سيا�سة التي تنتهجها �إدارة باراك �أوباما (يف وا�شنطن) حياله ال تتجاوز �إظهار االمتعا�ض يف الأروقة الدبلوما�سية عن بع�ض اجلرائم الكبرية، وتقول له ب�رصاحة ":ال يهمنا �سوى �أمرين :قتل �أكرب ٍ عدد ممكن من املتطرفني الإ�سالميني والتخل�ص من ال�سالح الكيميائي ال�سوري� "!...أما �أن يزيد عدد �ضحايا احلرب الدنيئة هذه من ال�سوريني على مئات الألوف من الن�ساء والأطفال ،فهذا "�ش�أن داخلي!" . لقد �أعلنت اللجنة املكلفة من قبل اجلامعة العربية عدم قدرتها على �إحداث �أي تغيري يف �سيا�سة النظام ال�سوري ،و�إيجاد الأر�ضية املالئمة لعملية �سلمية بني النظام الأ�سدي واملعار�ضة ال�سورية ،وذلك قبل �أن ي�شتد �ساعد احلركات الإ�سالمية املت�شددة على �ساحة القتال ال�سورية ،فتوقفت اجلامعة ٍ مبادرات �أخرى ملعرفتها العربية عن تقدمي �أو طرح اجليدة ب�أن ال جناح لها ،وتعرف ال�سيد كويف عنان املبعوث الأممي �أي�ض ُا على حجم الهوة بني
النظام الذي يرف�ض الرحيل ،وله داعمون �إقليميون ودوليون ،وبني املعار�ضة التي ال تقبل ببقاء ر�أ�س هذا النظام ،مهما كانت الت�ضحيات ،لأنه ال�سبب الرئي�سي يف ا�ستمرار العنف يف �سوريا ،ولأنه هو الذي فتح الباب للحركات املتطرفة لتحويل الثورة ال�سورية ،ال�سلمية والوطنية� ،إىل �ساحة قتالٍ بني ٍ جهات متطرفة خمتلفة ،لتكون له يف ذلك ذريعة �أمام العامل الغربي ،و�إال ف�إن عليه الرحيل. �أما الأخ�رض الإبراهيمي ف�إنه ال يريد اال�ستقالة �أو العودة �إىل الأمني العام للأمم املتحدة و�إبالغه بف�شله ،و�إمنا يبغي اال�ستمرار يف (عمله) ،ولو مت
ال يهمنا �سوى �أمرين قتل �أكرب عــــدد ممـــكن مـــــن املتـطــــرفني الإ�سالميني والتخل�ص من ال�سـالح الكيميائي ال�سوري الق�ضاء على كل ال�شعب ال�سوري ،فهو يتقا�ضى املال الكايف لعمله هذا ،ويظهر كل يوم يف و�سائل الإعالم العاملية ،ويتم االحتفاء به يف كل مكان ،ويبدو �أن الأمر ال يهمه �إن ا�ستمرت مهزلة (جنيف � )2أ�سابيع �أو �شهور �أخرى �أو عدة �سنوات ،على الرغم من �أنه مدرك متام ًا لف�شله الذريع يف م�ساعيه ،وهكذا ميكن القول ب�أن ال�سيد كويف عنان كان �أ�شد احرتام ًا لنف�سه من الأخ�رض الإبراهيمي الفا�شل. يف ظل هذه املعمعة ال�سيا�سية التي تبدو لل�سوريني عموم ًا وك�أنها حلقة �أخرى من حلقات تقدمي الدعم غري املبا�رش لنظام الأ�سد ،يزداد ال�رشخ بني مع�سكرين اقليميني يف املنطقة ب�صدد �سوريا،
وهما املع�سكر الإيراين واملع�سكر الرتكي ،وعلى الرغم من �أن �إيران ت�ستفيد من تركيا لتخفيف وط�أة العقوبات االقت�صادية الأمريكية على نف�سها ،ولذلك ال ت�سعى ملواجهتها على ال�ساحة ال�سورية مبا�رش ًة، ف�إن التوتر الأخري على احلدود الرتكية – ال�سورية ب�سبب رفع ما ي�سمى بالدولة الإ�سالمية يف العراق و�سوريا (داع�ش) رايتها على املنفذ احلدودي يف تل �أبي�ض (ﮚرى �سݕي) �سي�ؤدي �إىل ت�شجيع حزب اهلل اللبناين على ال�سيطرة على منافذ احلدود ال�سورية – اللبنانية ،وبالتايل يجد ال�سوريون حدود بالدهم يف �أيادي قوى غري �سورية ،وحيث �أن �إيران املناف�سة عرب التاريخ لرتكيا تدرب الآالف من ال�سوريني ومرتزقتها يف العامل كله وتزج بهم يف القتال على ال�ساحة ال�سورية ،ح�سب اعرتاف م�س�ؤولني �إيرانيني بارزين ،وح�سب اعرتاف حزب اهلل علن ًا وب�رصاحة، وال يخفي الإيرانيون دعمهم ال�صارخ والقوي لنظام الأ�سد ،ف�إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيادي حيال هذا التو�سع الإيراين بالقرب من حدودها مع �سوريا، لأن العامل يكت�شف يوم ًا بعد يوم �أن للنظام ال�سوري عالقة ما مع (داع�ش) على الرغم من �أن �إيران تدعم حكومة املالكي ملحاربة (داع�ش) يف غرب العراق، فمثل هذه احلركات املتطرفة امل�سلحة ت�صبح كالكرة بني �أقدام العديد من الالعبني ،ظن ًا منها يف الوقت ذاته �أنها ت�ستفيد من التناق�ضات الإقليمية. كان حزب االحتاد الدميوقراطي "ال�سوري" يقول لل�شعب الكردي ب�أن حكومة �أردوغان تدعم (داع�ش) �ضده ،ولكن هذه احلكومة الرتكية مل حترك دباباتها باجتاه احلدود ال�سورية عندما �أعلن هذا احلزب عما �سماه ب"الإدارة الذاتية الدميوقراطية" وعني لها "وزراء!" وجي�ش حماية وحماكم يف �شمال �سوريا، يف حني �أن دبابات تركية قد مت انت�شارها ب�سبب تواجد (داع�ش) على احلدود الآن .واحلكومة الرتكية ال تخفي �شكوكها ب�أن هذا التنظيم الإ�سالمي الذي له عالقات ما بتنظيم "القاعدة" املعادي كلي ًا حللف الناتو الذي تركيا ع�ضو فيه ،مرتبط بنظام الأ�سد� ،أي ب�إيران ،حيث �إيران هي التي حتكم �سوريا اليوم ،ولي�س العائلة الأ�سدية. �أعتقد ب�أن ف�شل الأخ�رض الإبراهيمي �إن مل ي�ضع هو بنف�سه حداً له و�إن مل يعلن عن ف�شله يف �أقرب وقت ،ف�إنه يفتح الباب �أمام عوا�صف �إقليمية حرب ،رمبا (غري قوية ،و�ستتحول �سوريا �إىل �ساحة ٍ مبا�رشة) بني �أطراف �إقليمية متلك جيو�ش ًا عظيمة، و�أهمها �إبران املدعومة من قبل رو�سيا وتركيا املدعومة من قبل حلف الناتو ،لذا �آمل �أن ال ي�ستمر ٍ اجتماعات ال طائل حتتها الوفد الكردي ال�سوري يف يف جنيف ،والعودة يف �أقرب فر�صة �إىل �شعبه الذي حرب ال ناقة له فيها وال جمل. ال يريد �أن ي�ساهم يف ٍ مك�سب أي � 2 جنيف يحقق وطاملا ال �أمل لنا يف �أن ٍ حقيقي لل�شعب ال�سوري الذي يتعر�ض �إىل �إبادة حقيقية ،فلماذا البقاء هناك مع مفاو�ضني فا�شلني حتى الآن؟
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/02/16 )127م
ر�أي
04
عود على بدء...امل�سريات والرهان الإعالمي اخلا�سر ح�سام امليالد
يذكر الكثريون تلك املظاهرة االحتجاجية ،الأوىل رمبا ،يف حي امليدان الدم�شقي ،التي حاول الإعالم ال�سوري الر�سمي و التابع له مدفوع ًا بحالة النكران الال�شعوري واال�ستنكار ال�شعوري ت�صويرها على �أنها فرحة �أهايل احلي بهطول املطر ،وخروجهم لي�شكروا اهلل على ذلك .ولكن هذه املرة لي�س بال�صلوات �أو احلمد والدعاء بل عرب املظاهرات. ي�رص هذا االعالم على �أن يلعب على الال�شعور اجلمعي لل�سوريني الذي ت�شكل يف ظل عقود طويلة يع بعد من حكم البعث يف �سوريا .ويبدو �أنه مل ِ �أن ما كان مكبوت ًا لدى ال�سوريني �أ�صبح اليوم يف م�ستوى الوعي وال�شعور ،و�أن عقدة اخلوف الكامنة انفجرت غ�ضبا. يف املنا�سبات التي ُعدت منا�سبات وطنية يف �سوريا ،كـ «احلركة الت�صحيحية» مثال� ،أي االنقالب الع�سكري الذي �أو�صل حافظ الأ�سد �إىل �سدة احلكم، كانت ال�سيارات من نوع «بيجو �ستي�شن» �سيئة ال�صيت ،جتوب ال�شوارع جيئة وذهاب ًا لتت�أكد من �أن املحالت التجارية قد �أدت «واجبها الوطني» املتمثل بتعليق الزينة احتفاال بتلك املنا�سبة. الزينة كانت عبارة عن يافطات قما�شية كتبت عليها �شعارات الت�أييد والوالء� ،أو �أحباال من الزينة �أُثقلت ب�صور رئي�س اجلمهورية القائد العام للجي�ش والقوات امل�سلحة� .أما �أولئك الذين يف�ضلون لأ�سباب خمتلفة �إظهار والئهم ،فجمعوا بني النوعني مع ًا. كانت احلركة الت�صحيحية وغريها من الأحداث التي جت�سد البطوالت الفردية للقائد �أو الأحداث التاريخية يف م�سرية «حزب البعث»� ،أو تلك املتعلقة باجلي�ش والتي متجد يف النهاية بطوالت قيادة هذا اجلي�ش ،حتظى باهتمام ر�سمي يف حماولة لرفعها �إىل تلك املنزلة «الوطنية» العالية ،يدل عليها ذلك الزخم االحتفايل الذي ال جنده يف غريها من املنا�سبات الأكرث الت�صاق ًا مبفهوم الوطن كـ «عيد اجلالء» مثال. �أما امل�سريات الوظيفية امل�ؤيدة التي كان الإعالم يدعي عفويتها ،كانت ق�صة لي�ست ببعيدة عن هذا ال�سياق� .آالف املوظفني و �أع�ضاء من «حزب البعث» وغريهم من �أع�ضاء «اجلبهة الوطنية التقدمية» يف خمتلف املحافظات ،ي�سريون يف �شوارع املدن ليختتموا م�سريتهم يف �إحدى ال�ساحات الرئي�سية. ورمبا كان �أكرثهم حظ ًا �سكان العا�صمة� ،إذ غالب ًا ما ُك ّرموا ب�إطاللة القائد وهو يعتلي �رشفة منزله ليلقي عليهم التحية لدقائق �أو خطاب ًا ل�ساعات. يتوقف ذلك على نوع املنا�سبة واحلدث ال�سيا�سي الراهن واالعتبارات الأمنية وغريها. بعد وراثة من�صب رئي�س اجلمهورية ،حاول النظام ت�سويق الرئي�س ب�شار الأ�سد كرئي�س مدين عرب جملة من الإجراءات� ،شملت تخفيف مظاهر الع�سكرة التي عمت املجتمع ال�سوري ،ك�إزالة بع�ض احلواجز و«كولبات» احلرا�سة املنت�رشة �أمام بيوت امل�س�ؤولني ،والتي عرقلت حركة املرور باحتاللها �أحيانا ن�صف م�ساحات ال�شوارع �أو الأر�صفة، وفتح ال�شوارع املغلقة لأ�سباب امنية �أمام حركة املدنيني ،ترافق ذلك مع �إلغاء الكثري من الن�شاطات واملظاهر االحتفالية يف املنا�سبات «الوطنية»،
وعدم املبالغة يف ال�صور والن�صب التي متجد رئي�س اجلمهورية ،وعدم فر�ضها على املواطنني، و�أ�صحاب املحالت التجارية ،وتخفيف الأعباء املادية عن م�ؤ�س�سات الدولة التي كانت تنفق على املظاهر االحتفالية مبالغ طائلة .لكن بقيت ظاهرة امل�سريات الوظيفية املو�صوفة بـ "العفوية" والتي ال يحددها احل�س اجلماهريي العفوي العام ،بل ال�سيا�سة االعالمية والتعبوية للنظام ال�سوري، وبو�صلته الأمنية ،م�ستمرة كتقليد �سوري. يف بداية االنتفا�ضة ال�سورية ،عادت ظاهرة امل�سريات جتتاح بقوة امل�شهد ال�سوري كرد على املظاهرات االحتجاجية املعار�ضة .لكن مع ت�صاعد زخم تلك املظاهرات وت�صاعد �أ�سلوب العنف يف قمعها ،بد�أت امل�سريات تخبو �شيئا ف�شيئ ًا حتى توقفت متاما ،رمبا لأن النظام ر�أى �أن ال طائل منها مع توافر بدائلها ،ولأنه بات يخ�شى �أن تتحول �أي جتمعات ،قد ال يتمكن من ال�سيطرة عليها ومعرفة هويتها ،من م�سرية م�ؤيدة اىل مظاهرة احتجاجية. مع انطالقة م�ؤمتر «جنيف »2ومتطلبات اال�ستعرا�ض الإعالمي والدعاية التعبوية والتحري�ضية للنظام ،عادت تطفو اىل �سطح امل�شهد ال�سوري ظاهرة امل�سريات امل�ؤيدة جمدداً، يف العديد من املناطق التي كانت حمايدة �أو تلك امل�ؤيدة .وحتى تلك املناطق التي �شهدت فيما م�ضى تظاهرات احتجاجية خرجت يف م�سريات ت�ؤكد والءها للنظام .و�سواء �أكان املنخرطون فيها هم من �أبناء املنطقة �أم من خارجها ،و�سواء حتدثوا ي�رص االعالم ال�سوري بلهجتها �أم بلهجات �أخرى ّ ووالء. ا أييد � ت خرجوا على �أنهم �أبناء تلك املنطقة ً ً النظام ال�سوري يبدو مهوو�سا باللعبة الإعالمية التي تثبت ف�شلها يوم ًا بعد يوم .لذا لي�س م�ستغربا �أن ين�شغل قيادات الوفد ال�سوري الر�سمي املفاو�ض بامل�ؤمترات ال�صحفية ليرتك �ش�أن املفاو�ضات
داخل امل�ؤمتر وقاعاته املغلقة ملجموعة من البريوقراطيني .يعود النظام ال�سوري اليوم اىل �سيا�سته الإعالمية والتعبوية التقليدية ،متنا�سيا �أن هذه ال�سيا�سة ،والتي �أ�سهمت منذ �سبعينيات القرن املا�ضي يف �ضمان ا�ستقرار النظام ،مل تعد جتدي يف ظل توافر الإعالم املهني اخلارجي املناف�س والإعالم البديل املعار�ض� ،سيما و�أن النظام اليوم ال يواجه معار�ضة فردية �أو نخبوية كما يف ال�سابق كي ي�ستطيع التالعب باحل�س العام ( co m .)mon senseفاملعار�ضة اليوم هي معار�ضة جماهريية ت�شمل قطاعات و�رشائح وا�سعة من ال�شعب ال�سوري ،ومل يعد مبقدور هذا النظام �أن يفر�ض عليهم ذات الربوباغاندا التقليدية التي �أ�صبحت رهان ًا خا�رساً. �إن ف�شل هذه ال�سيا�سة ينبع من �أنها �أ�سا�س ًا موجهة اىل الداخل للحفاظ على والء املوالني دون القدرة على ك�سب امل�ؤيدين ،ودون القدرة على الت�أثري يف اخلارج الذي هو منحاز �أ�صال كما يراه الإعالم ال�سوري ،والذي بدل �أن يدير معركته الإعالمية احلا�سمة يف مواجهة هذا االنحياز ،ميعن يف التقوقع على الداخل كتعبري عن �إفال�سه .فبالرغم من كل هذه امل�سريات التي اطلقت يف الداخل ال�سوري، و تلك املئات امل�ؤيدة التي جتمهرت حول قاعات «جنيف »2والتي �شغلت تقارير الإعالم الر�سمي ال�سوري والإعالم التابع له �أكرث بكثري مما �شغلتها حيثيات املفاو�ضات نف�سها ،وبالرغم من كل ذلك الركام من الت�رصيحات وامل�ؤمترات ال�صحفية ،مل ت�صمد هذه ال�سيا�سة الإعالمية ال مهني ًا وال حتى �أخالقيا �أمام تظاهرة ال يقودها هذه املرة ح�شد �أو جمهور بل �شخ�ص واحد� ،إنه والدة عبا�س خان الطبيب الربيطاين الذي تويف يف معتقالت النظام ال�سوري.
05
ر�أي
العدد ( 2014/02/16 )127م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رهان النظام على تغيري بيئة التفاو�ض غازي دحمان
مل تك�شف جولة املفاو�ضات الثانية عن جديد يدرك الرو�س �أن الأ�سد دخل حالة ي�ستحق االهتمام �أو يثري االنتباه ،ما جرى يفً املوت ال�سريري ويبحثون عن بدائل الكوالي�س او يف الغرق املغلقة مل يكن �سوى تكرارا
ملا ح�صل يف اجلولة الأوىل ،اللهم با�ستثناء بع�ض الطروحات التي مل تخرج عن �سياق مواقف الطرفني والأطراف الداعمة لهما. لكن حالة اجلمود تلك يف �سري املفاو�ضات، يقابلها نوع من احلراك الدبلوما�سي والع�سكري يف قاعات وميادين لي�ست بعيدة عن �أماكن التفاو�ض وال�رصاع ،الأمر الذي ي�ؤ�رش لوجود نوايا لتزخيم عملية التفاو�ض حول �سورية ،ودفعها باجتاهات معينة ،رمبا ت�ؤدي ،يف حال ن�ضوجها� ،إىل تغيري امل�شهد ال�سوري برمته. يف مواقف النظام وتكتيكاته اجلديدة ،تبني �أن وفد النظام ال يزال على مبد�أه الأول و�أهدافه ذاتها، والتي باتت معروفة بت�ضييع الوقت و�إطالة املدة الزمنية ما �أمكن ،ع ّل ذلك ي�ساعده يف البحث عن خمارج تنقذه من ورطته ،ذلك �أن النظام يعرف �أن ر�أ�سه هو املطلوب يف هذه العملية ،طال الأمر �أم ق�رص ،غري �أن طموحه ب�إمكانية تغيري املزاج العاملي جتاهه يدفعه على الدوام �إىل حماولة ت�سويق خيارات تنا�سب املزاج العاملي ،وتالقي م�صاحله وهواج�سه الأمنية ،مثل حديثه عن الإرهاب ،و�أنه ي�شكل ر�أ�س حربة للجهد العاملي يف هذا املجال ،والطلب من العامل الغربي �أن يكون من�سجم ًا مع قيمه يف حماربة الإرهاب وحماية الأقليات ،وخا�صة امل�سيحيني منهم ،كما طالبت بذلك �رصاحة بثينة �شعبان. غري �أن النظام وحلفا�ؤه باتوا يدركون �أن هذه القوالب الكالمية املغرقة بالإن�شائية ،والتي ال جتد لها �أ�سانيد يف الواقع العملي ،مل تعد قادرة على �ضمان بقاء النظام وحدها بدون وقائع
موازية ،وخا�صة يف امليدان ال�سوري ،لذا يبذل هذا التحالف جهوداً ل�صنع متغريات ميدانية ،وبد�أ يف هذا املجال الرتويج لإمكانية اقتحام بلدة يربود، واال�ستفادة من هذه الواقعة دعائي ًا ،كما ا�ستفاد من معركة الق�صري ،لإثبات تقدمه و�سيطرته وا�ستعادة حكمه ل�سورية ،حيث تعمل دعاية النظام و�أعوانه اللبنانيون على ت�صوير يربود على �أنها عقدة الإ�سرتاتيجية ال�سورية برمتها ،بل ومفتاح حلول �أزمات منطقة متتد من م�ضيق هرمز �إىل رفح على احلدود امل�رصية ،وحلحلة كل امللفات ال�سيا�سية العالقة يف املنطقة!. يف هذا الوقت ت�شهد غرف التفاو�ض يف �سوي�رسا وعوا�صم �أخرى حراك ًا دبلوما�سي ًا عنوانه الرئي�سي» �سورية ما بعد ب�شار الأ�سد» ،بني رو�سيا و�أطراف �سورية ودولية ،وبح�سب بع�ض الت�رسيبات ف�إن الرو�س يعمدون يف العلن وحتى يف مفاو�ضاتهم مع �أطراف املعار�ضة ال�سورية �إىل رفع �سقف تعنتهم ، ومت�سكهم بب�شار الأ�سد ونظامه ،والتلميح على �أن ذلك قد يكون اخلط الأحمر ال�سيا�سي يف املرحلة القادمة ،والوا�ضح �أن هذا تكتيك تفاو�ضي �أكرث منه موقف �سيا�سي ،ذلك �أن الرو�س يدركون �أنهم ي�شدون بحبال متهرئة ،و�أن رجلهم يف دم�شق دخل منذ مرحلة طويلة حالة املوت ال�رسيري ،والذي
النظام يعرف �أن ر�أ�سه هو املطلوب يف العملية التفاو�ضية طال الأمر �أم ق�صر
مل ت�ستطع ال �أموال �إيران الوفرية ،والتي ك�شفت �أمرها م�ؤخراً وزارة اخلزانة الأمريكية ،وال �شحنات الأ�سلحة الرو�سية املتوا�صلة ،من بعث احلياة يف ج�سد نظام ب�شار الأ�سد املمزق واملثخن باجلراح. يف ال�رس ،بد�أ الرو�س رحلة البحث عن بدائل لب�شار الأ�سد ،ويف طريقهم يفت�شون عن �ضباط من الطائفة العلوية ميلكون القدرة والثقة على قيادة دفة الأمور ،و�ضمان امل�صالح الرو�سية القدمية واجلديدة املتمثلة بقاعدة طرطو�س ،وبع�ض اال�ستثمارات يف جماالت خمتلفة ،وخا�صة جماالت النفط والغاز التي يجري التنقيب عنها يف �شواطئ البحر املتو�سط ،وت�سعى لتثبيت ذلك عرب حماولة تر�سيخ حقيقة �أنها �ضامنة حلقوق الأقليات، ومدافعة عن حقها يف الوجود والبقاء يف ال�رشق الأو�سط� ،إ�ضافة �إىل بحثها داخل كتائب اجلي�ش احلر عن �ضباط ميكن ا�ستمالتهم باعتبارهم من �ضمن الثقافة الر�سمية ال�سابقة ،وممن ا�ستبطنوا الثقافة الع�سكرية الرو�سية ،وهذا خيار ،مع ما ينطوي عليه من �ضمان للم�صالح الرو�سية على املدى البعيد، ف�إنه يحمل �إمكانية ا�ستبعاد القوى الإ�سالمية التي تعتقد رو�سيا �أنها تعاديها. الواقع �أن م�س�ألة الو�صول احلل يف �سورية �أمامها م�سار طويل ،واملتوقع ظهور تفا�صيل عديدة يف هذا امل�سار ،بع�ضها ذو �صبغة حملية �رصفة من نوع �أو�ضاع املكونات املختلفة يف امل�ستقبل ال�سوري ،وبع�ضها له عالقة بالواقع الإقليمي والدويل وم�صالح الأطراف املختلفة ،منها ما �سيكون التفاهم عليه �سه ًال ،ومنها �سيحتاج جلوالت من ال�رصاع ،لكن يبقى الأهم �أن اجل�سد ال�سوري، بجغرافيته ودميغرافيته ،بات حتت م�رشحة امل�ساومات ورحمة التفاهمات� ،إىل متى؟ ،ال �إجابة ممكنة ما دامت امل�شارط ال تزال م�سنونة.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/02/16 )127م
موجز ال�شرق
06
زيارة �أوباما �إىل ال�سعودية :ملفات �شائكة وتطمينات حول االتفاق مع �إيران يزور الرئي�س الأمريكي باراك �أوباما يف مار�س/ مت التمهيد للزيارة املرتقبة من �آذار املقبل ،وقد ّ خالل احلوار وراء الكوالي�س مع ال�سعوديني من قبل كل من رو�سيا والواليات املتحدة ،وذلك بخ�صو�ص ملفات عديدة ،منها ملف املنظمات اجلهادية يف �سوريا والعراق ولبنان ،والتي �ست�رض بكامل املنطقة. ووفق ًا مل�س�ؤول �أمريكي ،ف�إن رو�سيا �سلمت الريا�ض، قبل �أ�سابيع من بداية الألعاب االوملبية ال�شتوية التي �أقيمت م�ؤخراً يف �سوت�شي ،ملف ًا ي�ضم معلومات و�أ�سئلة حول القلق ال�سعودي من الف�صائل اجلهادية. كما �أن وا�شنطن ترى دعم اجلبهة الإ�سالمية يف �سورية من منظور خمالف ملنظور الريا�ض ،وهو �أن هذا الدعم ميكن �أن ي�ؤدي �إىل نتائج عك�سية للأهداف املراد حتقيقها ،وهي دعم املعتدلني ،و�أن دعم اجلبهة الإ�سالمية �سيزيد من حظوظ ف�صائل على �صلة بتنظيم القاعدة ،مبا يف ذلك «داع�ش” و”الن�رصة” .ولكن ،يف الوقت نف�سه ،ف�إن زيارة �أوباما ت�أتي يف �إطار ت�أكيده على ا�ستمرار دعم وا�شنطن و�إدارة �أوباما لدول جمل�س التعاون اخلليجي ،من خالل مبيعات الأ�سلحة لهذه الدول، وذلك لتعزيز القدرات الدفاعية الع�سكرية لدول اخلليج من �أية تهديدات �إيرانية. يف 20يناير /كانون الثاين املا�ضي� ،أعلن �سعد احلريري �أن � 14آذار م�ستعدة لالن�ضمام �إىل حكومة وحدة وطنية مع حزب اهلل اللبناين والف�صائل الأخرى ،من �أجل �إنهاء �أزمة احلكومة امل�ستمرة منذ فرتة طويلة ،و نظر �إىل �إعالن احلريري يف وا�شنطن ب�أنه خطوة باركها امللك عبد اهلل . ويف يوم 3فرباير � ،أ�صدر امللك عبد اهلل �أمرا ملكيا يحظر الدعم �أو امل�شاركة يف الأن�شطة اجلهادية يف اخلارج .و�أن �أي حالة خمالفة لهذا القرار قد يواجه �صاحبها عقوبة ت�صل اىل 20عاما يف ال�سجن مع ت�شديد العقوبات للع�سكريني ال�سعوديني .يف اليوم التايل � ،أ�صدر املفتي العام ال�شيخ عبد العزيز �آل ال�شيخ ،بيان ًا حذر فيه من ان�ضمام ال�شباب للمنظمات اجلهادية «الكاذبة» وا�ستغالل ال�شباب
ال�سعوديني ،ويف اليوم نف�سه� ،أعلن رئي�س جلنة الأمر باملعروف و النهي عن املنكر انه �شن عملية تطهري على املتطرفني الذين هم «دعاة الفتنة «. وو�صفت الزيارة املرتقبة التي �سيثوم بها �أوباما من قبل م�س�ؤول �أمريكي ب�أنها « زيارة عمل « ملناق�شة نهج الواليات املتحدة للمفاو�ضات ال�سورية و الإيرانية اجلارية ،وتعميق التن�سيق بني الريا�ض ووا�شنطن على جمموعة من الق�ضايا الإقليمية املتنوعة ،والق�ضايا االقت�صادية. وتوقع امل�س�ؤول الأمريكي �أن يكون هناك مبادرات هامة �أخرى من قبل خادم احلرمني ال�رشيفني قبل �أو بعد زيارة �أوباما .و�أ�ضاف �أن قنوات مناق�شة مبا�رشة فتحت م�ؤخراً بهدوء بني ال�سعوديني والإيرانيني ،مع الرئي�س الإيراين ال�سابق ها�شمي رف�سنجاين .وقد خل�ص ال�سعوديني �إىل �أن الرئي�س
�أوباما ال ميكن �أن يرتاجع عن موا�صلة املفاو�ضات مع طهران ب�ش�أن الأ�سلحة النووية و ق�ضايا الأمن الإقليمي احليوية الأخرى. وكان البيت االبي�ض التزم ال�صمت حول تفا�صيل زيارة �أوباما املرتقبة ،والتي �ست�شمل بروك�سل ، والهاي ،وروما ،حيث �سيلتقي مع البابا فران�سي�س الأول ،وهي �أول للرئي�س خارج الواليات املتحدة يف عام . 2014م�س�ؤولون من االحتاد االوروبي ورو�سيا واململكة العربية ال�سعودية وجهوا ر�سائل غا�ضبة �إىل الواليات املتحدة ب�ش�أن اجلوانب املختلفة ل�سيا�ستها .وزاد من هذا املزاج ال�سلبي بعد ال�رشيط امل�رسب من حمادثة اثنني من �سفراء �أمريكا عن �أوكرانيا ،والتي ت�ضمنت ت�رصيحات بذيئة حول االحتاد الأوروبي ،وهو احلليف الأهم بالن�سبة لأمريكا.
ارتفاع مبيعات الأ�سلحة الأمريكية للخارج بعد ال�ضغط على �أوباما مل تقل�ص اخلالفات بني وا�شنطن وحلفائها يف اخلليج من مبيعات �رشكات الأ�سلحة الأمريكية للخليج ،بل ميكن القول �إن هذه املبيعات �شهدت ارتفاع ًا جيداً ،ومن املتوقع �أن تزداد مبيعات الأ�سلحة الأمريكية للخارج مع توجيه ال�سيا�سة الرئا�سية ل�صادرات الأ�سلحة - PPD - 27 - ال�صادر يف 15يناير /كانون الثاين املا�ضي. ووفق ًا لبيانات احلكومة الأمريكية م�ؤخراً ،على �أن ت�ستكمل من قبل تقرير الإنفاق الدفاعي ال�سنوي للمعهد الدويل ومقره لندن للدرا�سات اال�سرتاتيجية ،باعت الواليات املتحدة ما جمموعه 60مليار دوالر يف �أنظمة الأ�سلحة عام ، 2013وت�ستمر يف ال�سيطرة على 75يف املئة من ال�سوق العاملية . بالن�سبة لل�رشكات الدفاع الكربى يف الواليات املتحدة ،مبا يف ذلك �رشكة «لوكهيد مارتن» بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
و «رايثيون» � ،أكرب العمالء الأجانب هي الدول الأع�ضاء يف جمل�س التعاون اخلليجي ،اململكة العربية ال�سعودية ،والإمارات العربية املتحدة، والبحرين ،و قطر« .رايثيون» وحدها باعت ما قيمته 4مليارات دوالر يف العام املا�ضي من بطاريات �صواريخ باتريوت يف ال�رشق الأو�سط. يف �أعقاب هجمات � 11سبتمرب �أيلول عام 2001 على الواليات املتحدة من قبل تنظيم القاعدة، ارتفعت النفقات الع�سكرية العاملية ،حيث بلغت 140مليار دوالر �سنوي ًا ،بدءاً من عام ، 2002 وظل هذا القدر من الإنفاق ثابت ًا على مدى الع�رش �سنوات املا�ضية ،وهو ما ميثل 2.5يف املئة الآن من الناجت املحلي الإجمايل العاملي. وقد اتخذت �إدارة �أوباما خطوات لزيادة تخفيف القيود على �صادرات الأ�سلحة .يف 15يناير/
كانون الثاين من هذا العام ،وقع الرئي�س �أوباما الرئا�سية �سيا�سة التوجيه “ ، ) PPD -27 ( 27 �سيا�سة الواليات املتحدة لبيع الأ�سلحة التقليدية « ،التي ترفع القيود املفرو�ضة على بع�ض مبيعات الأ�سلحة الأجنبية .و PPDهو �أول تغيري يف �سيا�سة الواليات املتحدة ل�صادرات الأ�سلحة منذ عام .1995حتت توجيه جديد ،ومئات من الأ�سلحة ،مبا يف ذلك طائرات هليكوبرت «هوي» و�أنظمة املراقبة املتقدمة ،وقد مت �إزالتها من قائمة التقييد على الذخائر ،وو�ضعت على قائمة مراقبة التجارة ،مما يجعل من الأ�سهل بكثري بيع هذه الأ�سلحة �إىل اخلارج دون التدقيق املعقد من قبل وزارة الدفاع ،و�أتت التغيريات الأخرية بعد �ضغط من �رشكات ت�صنيع الدفاع التي تدخل حيز التنفيذ فوراً.
07
موجز ال�شرق
العدد ( 2014/02/16 )127م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ال نتائج من زيارة اجلربا �إىل مو�سكو واملعار�ضة امل�سلحة مل تتورط بالت�سوية
كانت نتائج الزيارة التي طال انتظارها من قبل �أحمد اجلربا رئي�س االئتالف الوطني ال�سوري �إىل مو�سكو �أقل مما تراه العني ،وعاد اجلربا مع القليل جداً مما ميكن احلديث عنه .كانت الق�ضية املركزية يف حمادثاته مع وزير اخلارجية الرو�سي �سريجي الفروف هي ت�شكيل احلكومة االنتقالية، كما ناق�ش �إمكانية وقف �إطالق النار من قبل نظام الأ�سد قبل املفاو�ضات يف جنيف ،2وطرح خماوف املعار�ضة من �أن يكون تكتيك النظام قائم ًا على املماطلة و�إ�ضاعة الوقت. �إذا كان من املمكن التعرف على تطور �إيجابي واحد يف اجتماعات مو�سكو ،فهو �أن اجلربا والوفد املرافق له جاء من �أجل تو�ضيح �أهمية اختيار العنا�رص املعتدلة ،والتعرف �إىل مفهوم مو�سكو حول احلكومة االنتقالية ،ومناق�شة �إمكانية تغيري بنية الدولة وطريقة �إدارتها ،وبب�ضعة كلمات ميكن
القول �إن الزيارة كانت خطوة �أخرى يف م�سعى معقد مل�ساعدة املعار�ضة كي ترتاجع عن �سيا�سة حافة الهاوية. ويف الوقت نف�سه ،ف�إن موقف مو�سكو على رحيل الأ�سد ال يزال بعيداً عن احل�سم ،و موقف وا�شنطن على تقدمي الأ�سلحة النوعية لف�صائل املعار�ضة املعتدلة لتح�سني وجودها الع�سكري ما زال ال يتمتع ب�إيجابية وا�ضحة ،وذلك على الرغم من وجود مزاعم حول دعم الواليات املتحدة لبع�ض جماعات املعار�ضة يف درعا. من ناحية �أخرى ،ف�إن الواقع امليداين ي�شهد حملة مكثفة من قبل النظام ،وموا�صلة ق�صف حلب بالرباميل املتفجرة ،والتي تلقى ب�شكل ع�شوائي على املدنيني ،ولها هدف واحد ،وهو تفريغ املدينة من �سكانها ،وكانت «الرباميل» قد حولت قطاعات معينة من حلب ،وال�رشق من املدينة القدمية �إىل
مدينة �أ�شباح ،وفرار بع�ض ال�سكان �إىل مناطق ي�سيطر عليها النظام. �إن دعوة املعار�ضة ال�سورية �إىل اجتماع مو�سع يف القاهرة لالتفاق فيما بينها ميكن �أن يخدم اجلولة الثالثة من جنيف ،ف�إذا كان الهدف هو حتقيق اال�ستقرار يف �سوريا ،ف�إن اخلطوة الأوىل يجب �أن تبد�أ مع م�ساعدة �أكرب �رشيحة ممكنة من املعار�ضة االلتفاف حول من�صة تكتيكية واحدة. �أما القوى الإقليمية والدولية فهي حتى الآن ، على الأقل من الناحية العملية ،ت�سهم يف تعميق اخلالفات و االنق�سامات داخل املعار�ضة ال�سورية، و ينبغي لنا �أن نتوقع املزيد من التدهور يف الأزمة ال�سورية ،خا�صة �أن املعار�ضة « احلقيقية « ال تزال يف �ساحة املعركة دون التورط يف �أي حماولة لت�سوية احلرب الأهلية.
املالكي يخطئ الهدف :ال ميكن احلفاظ على عراق موحد بالقوة يف عالمة ت�شري �إىل تنامي الثقة بالنف�س� ،ألغى الزعيم الكردي م�سعود بارزاين يف العراق رحلته �إىل وا�شنطن ،والتي كانت مقررة يف الأ�سبوع الأول من �شهر فرباير� /شباط اجلاري .وكان ال�سبب الذي قدمته ال�سلطة الكردية العراقية هو �أن �إدارة �أوباما رف�ضت �إزالة احلزب الدميقراطي الكرد�ستاين (بزعامة م�سعود بارزاين ) من قائمة الواليات املتحدة من امل�ستوى الثالث للجماعات الإرهابية .ويقول الأكراد �إنه ال يوجد �سبب وجيه للحزب الدميقراطي الكرد�ستاين � ،أحد احلزبني الرئي�سيني يف كرد�ستان العراق ،ليبقى على القائمة .وهذا طرح �صحيح ،لكن مل يكن ال�سبب يف ت�أخري الرحلة هو خطوة جريئة من قبل البارزاين ،ويكمن التف�سري يف �أن الربزاين مثل كل الأطراف الأخرى يبحث عن ثمن لبقاء العراق موحداً ،خا�صة مع الأو�ضاع املتفجرة. وحدة العراق باتت ق�رشة رقيقة ،والالعبون يبق الأ�سا�سيون لي�س لديهم الكثري ليخ�رسوه �إذا مل َ
العراق موحداً ما عدا العب واحد ،وهو رئي�س الوزراء نوري املالكي ،والذي قام بخطوات جتميلية ملعاجلة ال�سيا�سات الطائفية ،لكنه ما يزال ،عملياً ،م�ستمراً يف �إبعاد ال�سنة عن العملية ال�سيا�سية ،وهو ما يهدد العراق �أكرث من تنظيم القاعدة ،ويقول املالكي �إنه م�ستعد ملعركة الأنبار! ذهب املالكي اىل طهران يف دي�سمرب /كانون الأول املا�ضي لطلب �شحنة كبرية من الأ�سلحة .وجاءت هذه اخلطوة بعد زيارة املالكي اىل وا�شنطن يف نوفمرب /ت�رشين الثاين املا�ضي ،وحينها قدم املالكي لإدارة �أوباما للمالكي قائمة طويلة من طلبات الأمن والدفاع .ويف اخلام�س من ال�شهر اجلاري ،قال �سفري العراق يف وا�شنطن لقمان عبد الرحيم الفيلي مزقزق �إن الكونغر�س الأمريكي قد وافق على بيع مروحيات «�أبات�شي» و�صواريخ «هيلفاير» �إىل العراق .ويف نهاية زيارة املالكي �إىل طهران � ،أعلن م�س�ؤول يف الوفد العراقي منت�رصاً
�إن « العراق وقع اتفاق ًا مع �إيران ل�رشاء الأ�سلحة واملعدات الع�سكرية لأن العراق يثق بفعالية الأ�سلحة الإيرانية « . �أولئك الذين ينتقدون اتفاق الواليات املتحدة مع املالكي خوف ًا من �أنها �سوف تعطي االنطباع ب�أن وا�شنطن تقف �إىل �أحد اجلانبني يف ال�رصاع الداخلي يف العراق ال يقدمون �شيئ ًا جديداً .من البداية مل يكن ينظر �إىل الواليات املتحدة ب�أنها حمايدة .ويعتقد على نطاق وا�سع ،وب�شكل �صحيح � ،أن املالكي يدين مبن�صبه للغزو الأمريكي للعراق .الق�ضية احلقيقية هي احلفاظ على وحدة هذا البلد ،ومواجهة انت�شار التطرف يف الأنبار من دون �إعطاء �أي �أهمية �إىل اجلهة التي ي�شرتي املالكي منها الأ�سلحة ،وميكن حتقيق كال الهدفني ،لكن لي�س من قبل الواليات املتحدة ،ولكن من قبل املالكي نف�سه ،وت�صحيح م�سار العملية ال�سيا�سية .بد ًال من ذلك ،ي�رص املالكي على موا�صلة طريقه اىل توحيد البالد بالقوة. بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/02/16 )127م
الأخرية
08
وجمد نحو ن�سق دميقراطي فاعل ٍ الدكتور عبداهلل تركماين
تتميز الثقافة ال�سيا�سية ،لدى �أغلب الفاعلني ال�سيا�سيني القوميني والي�ساريني العرب ،ب�أنها ت�ستهني بالتنوير والفكر احلر ،وتربر االعتقال والنفي والت�رشيد والقتل الذي متار�سه �سلطة اال�ستبداد يف �سورية .ومن �أجل �صياغة ن�سق دميقراطي فاعل وجم ٍد البد من �إدراك خماطر ال�صيغ الواحدية الق�رسية التي عرفتها العديد من �أقطارنا العربية ،حيث �أنها كانت �أداة قمع وتهمي�ش للتعددية الفكرية وال�سيا�سية ،مما جعل �إدراكنا اجلمعي مقت�رصاً على الإدانة اخلطابية للم�ؤامرات اخلارجية ،بدل البحث عن م�صادر اخللل يف بنياتنا الداخلية. ومن �أجل جتديد الثقافة ال�سيا�سية العربية ميكن الإ�شارة �إىل �أهم القواعد واملبادئ: اعتبار �ساحة الفعل ال�سيا�سي مفتوحة دوم ًا علىقوى وجمموعات ذات ت�صورات فكرية وم�شارب �سيا�سية متباينة ،الأمر الذي يفر�ض على املمار�س ال�سيا�سي اعتماد قدر كبري من املرونة يف التعامل التكيف مع ال�ش�أن ال�سيا�سي مت ّكنه من القدرة على ّ مع معطيات الواقع املتحول. �رضورة التزام اخلطاب العقالين والواقعي يفالعمل ال�سيا�سي ،ملا يتيحه ذلك من �إمكانية الإحاطة بالواقع ال�شامل ،والتعرف على العوامل امل�ؤثرة يف �سريورة تطوره� .إذ � ّأن الواقعية والعقالنية تقت�ضيان تقديراً دقيق ًا للإمكانيات الفعلية للذات التي تتوخى الفعل والتغيري يف و�ضع �سيا�سي ما ،ذلك � ّأن ت�ضخيم تلك الإمكانيات يرتتب عليه ر�سم خطط وبرامج للممار�سة مكلفة �إن�ساني ًا وفا�شلة عملي ًا، ويف ذلك هدر للطاقات يف معارك جمانية �أو غري متكافئة قد تنتهي �إىل كارثة حمققة ،كما هو حال الكارثة ال�سورية احلالية.
اعتماد ثقافة احلوار انت�صاراً لفكرة �أو دفاع ًاعن موقف وحماية مل�صلحة خا�صة �أو عامة. ويف �سياق ذلك ينبغي احلر�ص على عدم اعتماد الأ�ساليب املتطرفة يف التعاطي مع ق�ضايا اخلالف، فقد ت�سيء احلدة املفرطة يف اجلدل ال�سيا�سي بني املواقف املتعار�ضة �إىل الق�ضية مو�ضوع احلوار، �إذا مل تعرف الأطراف املتحاورة كيف ومتى ترتك للمار�سة هام�ش ًا ي�سمح باختبار خمتلف الآراء والأطروحات ،ومتييز ال�صائب منها عن اخلاطئ. اال�ستعداد الوا�ضح لتمكني الأجيال ال�شابة منحتمل م�س�ؤولية قيادة العمل ال�سيا�سي ،باعتبار ذلك �رشط ًا �أ�سا�سي ًا من �رشوط جتديد احلياة ال�سيا�سية. � ّإن الدميوقراطية لي�ست ممار�سة �سيا�سية فح�سب، بقدر ما �أنها �أ�سلوب حياة ،و�سلوك اجتماعي معني، م�ؤطر بثقافة ال ت�ستقيم املمار�سة الدميوقراطية دونها .تتكون هذه ال�شبكة� ،أو لنقل البنية التحتية للدميوقراطية ،من عدة �أمور ،ولكن ميكن تلخي�صها يف �أربعة �أركان هي :الثقافة والتعليم وامل�أ�س�سة والقانون .فبدون ثقافة دميوقراطية ،وعقل نقدي، ونظام تعليمي يزرع قيم االختالف واملواطنة املت�ساوية يف العقول ،وجمتمع مدين فاعل ،ونظام قانوين ي�ؤطر التفاعل بني وحدات املجتمع ويحمي حركتها وا�ستقالليتها ،ف�إنه ال ميكن احلديث عن دميوقراطية ،حتى لو كان هناك �صندوق اقرتاع� ،أو كان هناك �أحزاب وانتخابات دورية. � ّإن �إعادة اكت�شاف الدميوقراطية اليوم لدى الفاعلني ال�سيا�سيني ي�ساعدهم على �إعادة اكت�شاف مفهوم املواطن ،من خالل ا�ستح�ضار جمموعة من الأبعاد التي يحيل �إليها هذا املفهوم: البعد الإن�ساين ،فاملواطن لي�س فرداً فح�سب� ،إنهاملواطن – الإن�سان ،واملفهوم احلقوقي يحيلنا
بال�رضورة �إىل مفهوم �أو�سع :مفهوم حقوق الإن�سان القابل دائما للتجريد والتعميم ،وبالتايل للتطوير كلما برزت عقبة يف وجه امل�ساواة والعدالة يف جمتمع من املجتمعات .هذا البعد الإن�ساين ،يتطلب نظرة ثقافية وتربوية تقوم ب�شكل �أ�سا�سي على الت�سامح ،وتع ّلم قبول الآخر ،والتعامل معه بذهنية �أخوة املواطنة ،و�أخوة الإن�سانية مع ًا. البعد التنموي الإن�ساين ،الذي يحيل بدوره �إىلحلقات مرتابطة يف معاين املفهوم اجلديد للتنمية و�رشوطه :تنمية وعي املواطن ك�إن�سان م�س�ؤول للم�شاركة يف احلياة ال�سيا�سية والتنمية ،وتنمية ح�س النقد ،والبحث عن احلقيقة ،ليكون اخليار والر�أي عقالنيني ،واعتبار م�ستوى التعليم وم�ستوى ال�صحة وم�ستوى الوعي البيئي وم�ستوى امل�شاركة معايري �أ�سا�سية يف درجات التنمية. البعد العاملي للمواطنة ،ثمة من يدعو اليوم �إىل�إعادة ت�أ�سي�س جمال املواطنة وثقافتها ،خا�صة ا�ستنفرت الهويات الفرعية القاتلة يف بعد �أن ُ مواجهة الهويات املغايرة ،حتى يف الوطن الواحد ولدى املواطنية الواحدة ،بذريعة البحث عمن يحمل م�س�ؤولية مظامل اال�ستبداد والأزمات االجتماعية وال�ضائقة االقت�صادية. �إنها حركة تعمل على �إعادة تركيب العامل مبواطنة يف جمتمع دميوقراطي ي�سعى �إىل املزيد من تنوعه، ال �إىل املزيد من �شموليته ووحدته .هذا جانب من جوانب البعد العاملي ملواطنة �أ�ضحى عليها �أن ت�ستوعب اختالف ًا قريب ًا �أو بعيداً عنها ،ولكن حميط ًا بها ب�صورة دائمة ،ال بفعل انعدام امل�سافات فح�سب، بل ب�سبب ح�ضور هذا االختالف يف العي�ش واحلياة اليومية.