Al badil 127

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/02/16‬م‬ ‫العدد (‪)127‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (127) 16/02/2014‬‬

‫تقطيع اجل�سد ال�سوري ب�سكاكني الوهم‬

‫ح�سام مريو‬

‫ما الذي بقي و�سيبقى من �سورية؟ وما الذي‬ ‫�سيح�صده �أي منت�رص (يف حال انت�رص �أي كان)؟‬ ‫فما زالت �سكاكني الوهم تعمل يف اجل�سد ال�سوري‪،‬‬ ‫�سكاكني �سورية و�سكاكني �إقليمية ودولية‪ ،‬وما‬ ‫ال�شعارات حول �إيجاد حل ل�سوريا ملعظم الأطراف‬ ‫�سوى غطاء لف�شلها يف حتقيق �أوهامها‪ ،‬من دون‬ ‫االعرتاف ب�أن تلك الأوهام مل يعد لها مكان يف‬ ‫الواقع‪ ،‬و�أن املزيد منها �سيجعل من �أي مك�سب‬ ‫تافه ًا وفاقداً لأي معنى‪.‬‬ ‫�إذا كان النظام ما زال يراهن على عودته كنظام‬ ‫�رضب من وهم‪ ،‬فعن �أي نظام‬ ‫حاكم ل�سوريا فهذا‬ ‫ٌ‬ ‫نتحدث وعن �أي �سورية؟ هل ما زال النظام نظام ًا‬ ‫وهل ما زالت �سورية هي ذاتها التي كانت قبل‬ ‫أعوام ثالثة؟‪.‬‬ ‫� ٍ‬ ‫هل حق ًا يتخيل ب�شار الأ�سد �أنه قادر على تخليق‬ ‫منظومة الوالء والطاعة لدى ال�سوريني من جديد؟ �إذ‬ ‫بعد �أن تفكك العقد االجتماعي الذي ُحكمت �سوريا‬ ‫من خالله‪ ،‬وت�شظى املجتمع نف�سه‪ ،‬وانق�سم �إىل‬ ‫مواالة ومعار�ضة‪ ،‬و�إىل الجئني ونازحني وجتار‬ ‫حروب‪ ،‬وباتت القوات امل�سلحة ال�سورية ميلي�شيا‬ ‫بني ميلي�شيات عديدة‪ ،‬مل يعد من املمكن �إخ�ضاع‬ ‫كل هذا االنق�سام �أو توحيده بانت�صار ع�سكري‪ ،‬ال‬ ‫من قبل النظام نف�سه‪ ،‬وال من قبل �أي ف�صيل �آخر‪.‬‬

‫لنتخيل فقط عدد العوامل املتداخلة يف امل�س�ألة‬ ‫ال�سورية‪:‬‬ ‫فثمة ثورة �ضد نظام تعاين من عبء حتولها �إىل‬ ‫الع�سكرة‪.‬‬ ‫النظام مل يعد قادراً ب�إمكاناته الذاتية على‬ ‫اال�ستمرار من دون دعم ميلي�شيات من خارج البالد‪.‬‬ ‫هناك متويل خارجي متعدد بات فاع ًال يف زيادة‬ ‫االنق�سام وتعدد الوالءات بني الأطراف املقاتلة‪.‬‬ ‫ارتفاع وترية مذهبة ال�رصاع ال�سني‪ -‬ال�شيعي‪.‬‬ ‫هناك دول تريد �إن�ضاج موازين القوى فيما بينها‬ ‫عرب البوابة ال�سورية‪.‬‬ ‫تغيري دميوغرايف كبري ودمار و�إرهاب نظام يفوق‬ ‫طاقة املجتمع على التحمل (�إعدامات ميدانية‪..‬‬ ‫ق�صف بالرباميل‪ ..‬جتويع‪� ..‬إلخ)‪.‬‬ ‫مواالة ي�سكنها الرعب من �سقوط النظام‪.‬‬ ‫�أمراء حرب يف النظام وف�صائل م�سلحة �أخرى لي�س‬ ‫من م�صلحتهم و�ضع حد ملا يجري‪.‬‬ ‫غياب احلدود اجلغرافية‪ ،‬وحرية حركة امليلي�شيات‬ ‫بني دول عدة (تركيا‪ ،‬العراق‪ ،‬لبنان‪ ،‬الأردن)‪.‬‬ ‫حتوالت االقت�صاد ال�سوري‪ ،‬واخل�سائر الفادحة يف‬ ‫البنى التحتية‪.‬‬ ‫الجئون يف دول اجلوار‪ ،‬ونازحون يف الداخل‪،‬‬ ‫مع نق�ص يف قدرات املجتمع الدويل على تلبية‬

‫احتياجات هاتني ال�رشيحتني‪ ،‬وهما باملاليني‪.‬‬ ‫ركز وفد االئتالف الوطني يف حمادثات جنيف‬ ‫ّ‬ ‫على ت�شكيل هيئة حاكمة انتقالية‪ .‬والرتكيز فقط‬ ‫على هذا الطرح‪� ،‬أو اعتباره املدخل �إىل التفاو�ض‪،‬‬ ‫وهم كبري‪� ،‬إذ ال ميكن واقعي ًا احلديث عن هيئة‬ ‫هو ٌ‬ ‫حاكمة انتقالية يف ظل وجود ذلك الكم الهائل من‬ ‫العوامل املتداخلة‪ ،‬فثمة �رشوط واجب توفرها قبل‬ ‫الو�صول �إىل تلك الهيئة‪ ،‬ومن �أهمها حدوث توافق‬ ‫�أمريكي‪ -‬رو�سي‪ ،‬و�آخر �سعودي‪� -‬إيراين‪ ،‬وهما‬ ‫�رشطان مل ين�ضجا بعد‪ ،‬ودونهما عقبات كربى‪.‬‬ ‫امل�س�ألة ال�سورية‪ ،‬بتعقيداتها الراهنة‪ ،‬حتتاج �إىل‬ ‫مقاربات واقعية‪ ،‬و�إىل تخلي الأطراف ال�سورية عن‬ ‫�سكاكني الوهم التي تعمل يف تقطيع اجل�سد ال�سوري‪،‬‬ ‫وتق�ضي على ما تبقى من عوامل وطنية ميكن البناء‬ ‫عليها يف �إيجاد حل للنكبة ال�سورية‪ ،‬وتفتح الباب‬ ‫�أمام �إعادة تخليق الوطن على �أ�س�س جديدة‪ ،‬ولن‬ ‫يكون ذلك ممكن ًا �إال باالعرتاف من قبل اجلميع ب�أن‬ ‫�سورية �ستبقى جرح ًا نازف ًا ل�سنوات طويلة‪ ،‬طاملا‬ ‫�أن خمتلف الأطراف ال ت�سعى �إىل تقدمي تنازالت‪.‬‬ ‫�إن �أي تفاو�ض ينطلق من الوهم والرغبة ال ميكن �أن‬ ‫يف�ضي �إىل نتائج واقعية وملمو�سة‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪02‬‬

‫املقاومة من معركة الكرامة �إىل معركة الدفاع عن املراقد‬ ‫فيكتوريو�س بيان �شم�س‬

‫ا ّت�سمت عالقات حافظ الأ�سد بيا�رس عرفات‬ ‫املت�رسع والغري‬ ‫بالتوتر‪ ،‬بذريعة العمل الع�سكري‬ ‫ّ‬ ‫حم�سوب من قبل عرفات‪ ،‬وقد � ّأدى هذا اخلالف‬ ‫يف العام ‪ 1966‬العتقال يا�رس عرفات‪ ،‬وو�ضعه‬ ‫يف �سجن املزة الذائع ال�صيت‪ ،‬ليخرج بعد فرتة‬ ‫بو�ساطة من فاروق القدومي‪ .‬بعدها انتقل‬ ‫عرفات �إىل الأردن ليخو�ض يف العام ‪1968‬‬ ‫معركة الكرامة �ضد القوات "الإ�رسائيلية" التي‬ ‫حاولت احتالل ال�ضفة ال�رشقية لنهر الأردن‪،‬‬ ‫ومن ثم الق�ضاء على ف�صائل املقاومة فيها‪.‬‬ ‫بعد �أحداث �أيلول الأ�سود ‪ 1970‬ا�ستنجد عرفات‬ ‫بالأ�سد الذي احتل مدينة �إربد �شمال الأردن‪،‬‬ ‫لكنه عاد و�سحب قواته منها بعد �أن ح�شدت‬ ‫"ا�رسائيل" قواتها على احلدود‪ ،‬فا ّتهمه عرفات‬ ‫باجلنب واخليانة‪ ،‬لتدخل العالقات بينهما طوراً‬ ‫مما �سبقه‪ .‬انتقل عرفات بعدها باتجّ اه‬ ‫�أخر �أخطر ّ‬ ‫لبنان لتنطلق من جنوبه عمليات الف�صائل‬ ‫الفل�سطينية املقاومة بقيادة حركة "فتح"‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 1976‬دخل اجلي�ش ال�سوري لبنان‬ ‫بطلب من الأحزاب االنعزالية امل�سيحية‪ ،‬ليتورط‬ ‫بعد فرتة بح�صار خميم تل الزعرت لالجئني‬ ‫الفل�سطينيني ملدة (‪ )55‬يوم ًا‪ ،‬ثم اقتحامه‬ ‫مب�ساعدة من بع�ض كتائب اجلي�ش اللبناين‪.‬‬ ‫بعدها بعامني اقتحمت القوات الإ�رسائيلية لبنان‬ ‫فيما عرف وقتها "بعملية الليطاين" التي كانت‬ ‫تهدف لإبعاد خطر �صواريخ املقاومة الفل�سطينية‬ ‫عن �شمال فل�سطني‪ ،‬والتي �أ�سفرت عن �أكرث من (‪)650‬‬ ‫�شهيداً عدا عن الكم الهائل من اجلرحى والأ�رسى‬ ‫تدخل يذكر من القوات‬ ‫واخل�سائر املادية‪ ،‬دون ّ‬ ‫ال�سورية املتواجدة على الأرا�ضي اللبنانية �آنذاك‪.‬‬ ‫يف حزيران من العام ‪ 1982‬اجتاحت "ا�رسائيل"‬ ‫لبنان للمرة الثانية‪ ،‬بعد حماولة اغتيال ال�سفري‬ ‫ال�صهيوين يف لندن �شلومو �أرجوف‪ ،‬وو�صلت �إىل‬ ‫العا�صمة بريوت التي حو�رصت ملا يقرب من (‪)80‬‬ ‫مما �أدى ملغادرة املقاومة الفل�سطينية لبنان‪.‬‬ ‫يوم ًا‪ّ ،‬‬ ‫يف ‪� 19‬أيلول من العام نف�سه انطلقت "جبهة‬ ‫املقــاومة الوطنــــية اللبنانية" لتطـــــرد القوات‬ ‫املعــــاديــــة من العـــا�صمــة بيــــروت‪ ،‬وتفــــر�ض‬ ‫مــــعـــادالت وتـــوازنـــات جـــــديـــــدة علــى الأر�ض‪.‬‬ ‫يف هذه الأثناء بد�أت �إرها�صات ت�شكيل "حزب اهلل"‬ ‫ذي اللون الطائفي الواحد‪ ،‬الذي �أذاع يف ‪� 16‬شباط‬ ‫‪ 1985‬بيان ًا جاء فيه‪�" :‬إن احلزب ملتزم ب�أوامر‬ ‫تتج�سد يف والية الفقيه‪،‬‬ ‫قيادة حكيمة وعادلة‬ ‫ّ‬ ‫وتتج�سد يف روح اهلل �آية اهلل املو�سوي اخلميني‬ ‫ّ‬ ‫مفجر ثورة امل�سلمني وباعث نه�ضتهم اجلديدة"!‬ ‫ّ‬ ‫دخل هذا احلزب فيما بعد على خط املواجهات‬ ‫مع العدو ال�صهيوين‪ ،‬وا�ستطاع �إزاحة باقي‬ ‫تعر�ضت لعدة‬ ‫ف�صائل املقاومة اللبنانية التي ّ‬ ‫انتكا�سات من بعد انهيار املع�سكر اال�شرتاكي مطلع‬ ‫الت�سعينيات‪ ،‬ليحتكر اجلبهة وحده مع الف�صيل‬ ‫ال�شيعي الرديف حركة "�أمل"‪ ،‬ولي� ّؤ�س�س فيما‬ ‫�سمي "ب�رسايا املقاومة اللبنانية" التي‬ ‫بعد ما ّ‬ ‫كان من املت� ّأمل �أن ت�ضم يف �صفوفها مقاتلني‬

‫يف العام ‪ 1976‬دخل اجلي�ش‬ ‫ال�سوري لبنان بطلب من الأحزاب‬ ‫االنعزالية امل�سيحية‬ ‫من كل الطوائف‪ ،‬لإبعاد �شبهة الطائفية عنه‪� ،‬إال‬ ‫وتورطت يف �أكرث من معركة‬ ‫�أنها ف�شلت‪ ،‬البل‬ ‫ّ‬ ‫داخلية منها معركة برج حمود يف العام ‪.2010‬‬ ‫بـــــد�أ هـــذا احلــــزب بتــلقـــي الـــدعـــم ال�ســــوري –‬ ‫الإيـــــــراين منذ انطــــالقه‪ ،‬وامل�ستــــمر �إىل اليـوم‪.‬‬ ‫بعد االن�سحــاب الإ�رسائيلي من جنوب لبنان‬ ‫يف العام ‪ ،2000‬بد�أت ال�ضغــوط على هذا‬ ‫احلـــــزب لت�سليــم �ســـــالحــــه للجـــــي�ش اللبناين‪،‬‬ ‫مبـــرر لوجوده‪،‬‬ ‫على اعتبــــار �أنه مل يـعــــد من‬ ‫ّ‬ ‫لريف�ض احلزب بحجة مزارع �شبعا وتالل كفر‬ ‫تعر�ض احلزب‬ ‫�شوبا التي مازالت حمتلة‪ .‬بعدها ّ‬ ‫لأخطر مرحلتني �أجربتاه على الدخول يف املعرتك‬ ‫ال�سيا�سي الداخلي بعد �أن كان قد احتجب عنه منذ‬ ‫ت�أ�سي�سه‪ .‬كان احلدث الأول اغتيال رئي�س وزراء‬ ‫لبنان الأ�سبق رفيق احلريري يف العام ‪،2005‬‬ ‫وجهت �أ�صابع االتهام "حلزب اهلل" والنظام‬ ‫حيث ّ‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وهو ما دفع احلزب يف �أكرث من حمطة‬ ‫للدفاع عن نف�سه‪ ،‬كما � ّأدى ال�ست�صدار القرار الدويل‬ ‫(‪ )1559‬الذي ن�ص على خروج القوات ال�سورية من‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو ما حدث فع ًال يف ني�سان من العام نف�سه‪.‬‬ ‫� ّأما املحطة الثانية فكانت االعتداء الإ�رسائيلي‬ ‫على لبنان يف متوز ‪ 2006‬والتي جاءت بعد‬ ‫اختطاف "حزب اهلل" جلنديني �صهيونيني‪،‬‬ ‫اعرتف بعدها الأمني العام للحزب الذي ا ّتهمه‬ ‫وقتها وزير اخلارجية ال�سعودي �سعود الفي�صل‬ ‫رد فعل العدو ملا فعلها!‬ ‫قدر ّ‬ ‫باملغامر‪ ،‬ب�أ ّنه لو ّ‬ ‫جدير بالذكر هنا �أن النظام ال�سوري مل‬ ‫يحرك �ساكن ًا يف هذه احلرب التي اعرتف‬ ‫ّ‬ ‫بعدها وزير اخلارجية ال�سوري وليد املعلم‬

‫�أنه لو دخلت �سوريا لغيت املوازين ك ّلي ًا!‬ ‫كان لهذه احلرب تبعاتها بحيث �صدر القرار الأممي‬ ‫(‪ )1701‬الذي ن�ص على �إنهاء القتال‪ ،‬ودخول حوايل‬ ‫(‪ )16,000‬جندي �أممي �إىل املنطقة احلدودية‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل منع الظهور امل�س ّلح جنوب نهر الليطاين‪.‬‬ ‫منذ هذا التـــاريخ تو ّقفت عمليـــات املـــقــاومة‬ ‫فعـــلي ًا‪ ،‬وبــــد�أت �أ�صــــابع اال ّتــــهــام تــــوجــّه‬ ‫للحــــــزب بعد كل عملية اغتيـــال ت�ستهدف �أي‬ ‫�شخ�صية من فريق "‪� 14‬آذار" املناه�ض له‪.‬‬ ‫ا�ضطر احلزب يف العام ‪ 2008‬بعد �أزمة انتخاب‬ ‫رئي�س اجلمهورية وت�شكيل احلكومة للم�شاركة‪،‬‬ ‫ولأول مرة منذ ت�أ�سي�سه يف حكومة "وحدة وطنية"‬ ‫مع باقي الأطراف‪ ،‬وبو�ساطات عربية‪ ،‬لي�صبح‬ ‫طرف ًا يف اللعبة ال�سيا�سية الداخلية‪ ،‬بعد �أن كان‬ ‫يرتك ح�صته حللفائه‪ ،‬و�أبرزهم حركة "�أمل"‪.‬‬ ‫بعد اندالع الثورة ال�سورية يف ربيع العام ‪،2011‬‬ ‫تدخل "حزب اهلل" يف الأزمة �إىل جانب النظام بحجج‬ ‫ّ‬ ‫�ش ّتى‪ ،‬كان من بينها‪ ،‬وعلى �سبيل املثال ال احل�رص‪:‬‬ ‫"حماية ظهر املقاومة"‪ ،‬ثم‪" :‬حماية القرى ذات‬ ‫املتطرفة"‪،‬‬ ‫الأغلبية ال�شيعية"‪� ،‬أو‪" :‬قتال التنظيمات‬ ‫ّ‬ ‫وبعدها‪" :‬حماية مرقد ال�سيدة زينب وباقي املراقد‬ ‫مرتني"!‪.‬‬ ‫ال�شيعية" حتت �شعار‪" :‬لن ت�سبى زينب ّ‬ ‫تدخل "حزب اهلل" يف �سوريا على‬ ‫قد ال ُي�ستهجن ّ‬ ‫اعتبار �أ ّنه حزب ذو تركيبة طائفية‪ ،‬ن�ش�أ وترعرع‬ ‫يف بيئة طائفية مالئمة‪� ،‬أتاحت له �أن يلعب الدور‬ ‫الذي لعبه منذ ن�ش�أته‪ .‬لكن امل�ستهجن هو �أن ما تب ّقى‬ ‫من القوى الي�سارية التي �أطلقت "جبهة املقاومة‬ ‫الوطنية اللبنانية" يف العام ‪ ،1982‬وكانت �ضحية‬ ‫املعادلة الإقليمية التي جاءت "بحزب اهلل" على‬ ‫ح�ساب وجودهم‪ ،‬وهم املعرت�ضني على الرتكيبة‬ ‫الطائفية اللبنانية‪ ،‬وقد انتف�ضوا عليها يف العام‬ ‫‪ 2011‬حتت �شعار‪" :‬مع ًا لإ�سقاط النظام الطائفي"!‪،‬‬ ‫� ّإما دعموا‪� ،‬أو ب�أح�سن الأحوال الذوا بال�صمت عن‬ ‫ممار�سات هذا احلزب الطائفي يف البلدين ال�شقيقني‬ ‫لبنان و �سوريا‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫حرب �إقليمية؟‬ ‫هل ي�ؤدي الف�شل ال�سوري يف جنيف �إىل‬ ‫ٍ‬ ‫جان كورد‬

‫ال يخفى على �أحد �أن النظام الأ�سدي يف دم�شق لي�س‬ ‫جاداً فيما يقوم به فريقه املر�سل �إىل م�ؤمتر جنيف‬ ‫يعول على �أي حلٍ �سيا�سي‪ ،‬لأنه ال يرى‬ ‫‪ ،2‬فهو ال ّ‬ ‫�سوى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وجه واحد للعملة‪ ،‬ويلخ�ص امل�شكلة ال�سورية‬ ‫يعول‬ ‫الكبرية ب�أنها جمرد "م�شكلة �إرهاب!" وهو ّ‬ ‫على براميل املتفجرات واملذابح اليومية وطرد‬ ‫�شعبه جمل ًة وتف�صي ًال‪ ،‬وب�إ�رشاف الأمم املتحدة‪ ،‬كما‬ ‫يجري يف مدينة حم�ص الآن‪ ،‬على غرار ما جرى‬ ‫يف بع�ض مدن ومناطق البو�سنة والهر�سك �أمام‬ ‫�أعني املراقبني الدوليني �سابق ًا‪ ،‬وله من يقدم له‬ ‫الأموال واجلنود واملرتزقة (�إيران) كما له من يدافع‬ ‫عن كل �سيا�ساته الإجرامية (رو�سيا) عندما ت�صل‬ ‫ال�شكاوى �ضده �إىل جمل�س الأمن الدويل‪� ،‬إ�ضاف ًة‬ ‫�إىل �أن ال�سيا�سة التي تنتهجها �إدارة باراك �أوباما‬ ‫(يف وا�شنطن) حياله ال تتجاوز �إظهار االمتعا�ض‬ ‫يف الأروقة الدبلوما�سية عن بع�ض اجلرائم الكبرية‪،‬‬ ‫وتقول له ب�رصاحة‪ ":‬ال يهمنا �سوى �أمرين‪ :‬قتل �أكرب‬ ‫ٍ‬ ‫عدد ممكن من املتطرفني الإ�سالميني والتخل�ص‬ ‫من ال�سالح الكيميائي ال�سوري‪� "!...‬أما �أن يزيد عدد‬ ‫�ضحايا احلرب الدنيئة هذه من ال�سوريني على مئات‬ ‫الألوف من الن�ساء والأطفال‪ ،‬فهذا "�ش�أن داخلي!" ‪.‬‬ ‫لقد �أعلنت اللجنة املكلفة من قبل اجلامعة العربية‬ ‫عدم قدرتها على �إحداث �أي تغيري يف �سيا�سة النظام‬ ‫ال�سوري‪ ،‬و�إيجاد الأر�ضية املالئمة لعملية �سلمية‬ ‫بني النظام الأ�سدي واملعار�ضة ال�سورية‪ ،‬وذلك‬ ‫قبل �أن ي�شتد �ساعد احلركات الإ�سالمية املت�شددة‬ ‫على �ساحة القتال ال�سورية‪ ،‬فتوقفت اجلامعة‬ ‫ٍ‬ ‫مبادرات �أخرى ملعرفتها‬ ‫العربية عن تقدمي �أو طرح‬ ‫اجليدة ب�أن ال جناح لها‪ ،‬وتعرف ال�سيد كويف‬ ‫عنان املبعوث الأممي �أي�ض ُا على حجم الهوة بني‬

‫النظام الذي يرف�ض الرحيل‪ ،‬وله داعمون �إقليميون‬ ‫ودوليون‪ ،‬وبني املعار�ضة التي ال تقبل ببقاء ر�أ�س‬ ‫هذا النظام‪ ،‬مهما كانت الت�ضحيات‪ ،‬لأنه ال�سبب‬ ‫الرئي�سي يف ا�ستمرار العنف يف �سوريا‪ ،‬ولأنه هو‬ ‫الذي فتح الباب للحركات املتطرفة لتحويل الثورة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬ال�سلمية والوطنية‪� ،‬إىل �ساحة قتالٍ بني‬ ‫ٍ‬ ‫جهات متطرفة خمتلفة‪ ،‬لتكون له يف ذلك ذريعة‬ ‫�أمام العامل الغربي‪ ،‬و�إال ف�إن عليه الرحيل‪.‬‬ ‫�أما الأخ�رض الإبراهيمي ف�إنه ال يريد اال�ستقالة‬ ‫�أو العودة �إىل الأمني العام للأمم املتحدة و�إبالغه‬ ‫بف�شله‪ ،‬و�إمنا يبغي اال�ستمرار يف (عمله)‪ ،‬ولو مت‬

‫ال يهمنا �سوى �أمرين قتل �أكرب‬ ‫عــــدد ممـــكن مـــــن املتـطــــرفني‬ ‫الإ�سالميني والتخل�ص من ال�سـالح‬ ‫الكيميائي ال�سوري‬ ‫الق�ضاء على كل ال�شعب ال�سوري‪ ،‬فهو يتقا�ضى املال‬ ‫الكايف لعمله هذا‪ ،‬ويظهر كل يوم يف و�سائل الإعالم‬ ‫العاملية‪ ،‬ويتم االحتفاء به يف كل مكان‪ ،‬ويبدو �أن‬ ‫الأمر ال يهمه �إن ا�ستمرت مهزلة (جنيف ‪� )2‬أ�سابيع‬ ‫�أو �شهور �أخرى �أو عدة �سنوات‪ ،‬على الرغم من �أنه‬ ‫مدرك متام ًا لف�شله الذريع يف م�ساعيه‪ ،‬وهكذا ميكن‬ ‫القول ب�أن ال�سيد كويف عنان كان �أ�شد احرتام ًا‬ ‫لنف�سه من الأخ�رض الإبراهيمي الفا�شل‪.‬‬ ‫يف ظل هذه املعمعة ال�سيا�سية التي تبدو لل�سوريني‬ ‫عموم ًا وك�أنها حلقة �أخرى من حلقات تقدمي‬ ‫الدعم غري املبا�رش لنظام الأ�سد‪ ،‬يزداد ال�رشخ بني‬ ‫مع�سكرين اقليميني يف املنطقة ب�صدد �سوريا‪،‬‬

‫وهما املع�سكر الإيراين واملع�سكر الرتكي‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من �أن �إيران ت�ستفيد من تركيا لتخفيف وط�أة‬ ‫العقوبات االقت�صادية الأمريكية على نف�سها‪ ،‬ولذلك‬ ‫ال ت�سعى ملواجهتها على ال�ساحة ال�سورية مبا�رش ًة‪،‬‬ ‫ف�إن التوتر الأخري على احلدود الرتكية – ال�سورية‬ ‫ب�سبب رفع ما ي�سمى بالدولة الإ�سالمية يف العراق‬ ‫و�سوريا (داع�ش) رايتها على املنفذ احلدودي يف تل‬ ‫�أبي�ض (ﮚرى �سݕي) �سي�ؤدي �إىل ت�شجيع حزب اهلل‬ ‫اللبناين على ال�سيطرة على منافذ احلدود ال�سورية –‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وبالتايل يجد ال�سوريون حدود بالدهم يف‬ ‫�أيادي قوى غري �سورية‪ ،‬وحيث �أن �إيران املناف�سة‬ ‫عرب التاريخ لرتكيا تدرب الآالف من ال�سوريني‬ ‫ومرتزقتها يف العامل كله وتزج بهم يف القتال على‬ ‫ال�ساحة ال�سورية‪ ،‬ح�سب اعرتاف م�س�ؤولني �إيرانيني‬ ‫بارزين‪ ،‬وح�سب اعرتاف حزب اهلل علن ًا وب�رصاحة‪،‬‬ ‫وال يخفي الإيرانيون دعمهم ال�صارخ والقوي لنظام‬ ‫الأ�سد‪ ،‬ف�إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيادي حيال‬ ‫هذا التو�سع الإيراين بالقرب من حدودها مع �سوريا‪،‬‬ ‫لأن العامل يكت�شف يوم ًا بعد يوم �أن للنظام ال�سوري‬ ‫عالقة ما مع (داع�ش) على الرغم من �أن �إيران تدعم‬ ‫حكومة املالكي ملحاربة (داع�ش) يف غرب العراق‪،‬‬ ‫فمثل هذه احلركات املتطرفة امل�سلحة ت�صبح‬ ‫كالكرة بني �أقدام العديد من الالعبني‪ ،‬ظن ًا منها يف‬ ‫الوقت ذاته �أنها ت�ستفيد من التناق�ضات الإقليمية‪.‬‬ ‫كان حزب االحتاد الدميوقراطي "ال�سوري" يقول‬ ‫لل�شعب الكردي ب�أن حكومة �أردوغان تدعم (داع�ش)‬ ‫�ضده‪ ،‬ولكن هذه احلكومة الرتكية مل حترك دباباتها‬ ‫باجتاه احلدود ال�سورية عندما �أعلن هذا احلزب عما‬ ‫�سماه ب"الإدارة الذاتية الدميوقراطية" وعني لها‬ ‫"وزراء!" وجي�ش حماية وحماكم يف �شمال �سوريا‪،‬‬ ‫يف حني �أن دبابات تركية قد مت انت�شارها ب�سبب‬ ‫تواجد (داع�ش) على احلدود الآن‪ .‬واحلكومة الرتكية‬ ‫ال تخفي �شكوكها ب�أن هذا التنظيم الإ�سالمي الذي‬ ‫له عالقات ما بتنظيم "القاعدة" املعادي كلي ًا‬ ‫حللف الناتو الذي تركيا ع�ضو فيه‪ ،‬مرتبط بنظام‬ ‫الأ�سد‪� ،‬أي ب�إيران‪ ،‬حيث �إيران هي التي حتكم �سوريا‬ ‫اليوم‪ ،‬ولي�س العائلة الأ�سدية‪.‬‬ ‫�أعتقد ب�أن ف�شل الأخ�رض الإبراهيمي �إن مل ي�ضع‬ ‫هو بنف�سه حداً له و�إن مل يعلن عن ف�شله يف �أقرب‬ ‫وقت‪ ،‬ف�إنه يفتح الباب �أمام عوا�صف �إقليمية‬ ‫حرب‪ ،‬رمبا (غري‬ ‫قوية‪ ،‬و�ستتحول �سوريا �إىل �ساحة ٍ‬ ‫مبا�رشة) بني �أطراف �إقليمية متلك جيو�ش ًا عظيمة‪،‬‬ ‫و�أهمها �إبران املدعومة من قبل رو�سيا وتركيا‬ ‫املدعومة من قبل حلف الناتو‪ ،‬لذا �آمل �أن ال ي�ستمر‬ ‫ٍ‬ ‫اجتماعات ال طائل حتتها‬ ‫الوفد الكردي ال�سوري يف‬ ‫يف جنيف‪ ،‬والعودة يف �أقرب فر�صة �إىل �شعبه الذي‬ ‫حرب ال ناقة له فيها وال جمل‪.‬‬ ‫ال يريد �أن ي�ساهم يف ٍ‬ ‫مك�سب‬ ‫أي‬ ‫�‬ ‫‪2‬‬ ‫جنيف‬ ‫يحقق‬ ‫وطاملا ال �أمل لنا يف �أن‬ ‫ٍ‬ ‫حقيقي لل�شعب ال�سوري الذي يتعر�ض �إىل �إبادة‬ ‫حقيقية‪ ،‬فلماذا البقاء هناك مع مفاو�ضني فا�شلني‬ ‫حتى الآن؟‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫ر�أي‬

‫‪04‬‬

‫عود على بدء‪...‬امل�سريات والرهان الإعالمي اخلا�سر‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫يذكر الكثريون تلك املظاهرة االحتجاجية‪ ،‬الأوىل‬ ‫رمبا‪ ،‬يف حي امليدان الدم�شقي‪ ،‬التي حاول الإعالم‬ ‫ال�سوري الر�سمي و التابع له مدفوع ًا بحالة النكران‬ ‫الال�شعوري واال�ستنكار ال�شعوري ت�صويرها على‬ ‫�أنها فرحة �أهايل احلي بهطول املطر‪ ،‬وخروجهم‬ ‫لي�شكروا اهلل على ذلك‪ .‬ولكن هذه املرة لي�س‬ ‫بال�صلوات �أو احلمد والدعاء بل عرب املظاهرات‪.‬‬ ‫ي�رص هذا االعالم على �أن يلعب على الال�شعور‬ ‫اجلمعي لل�سوريني الذي ت�شكل يف ظل عقود طويلة‬ ‫يع بعد‬ ‫من حكم البعث يف �سوريا‪ .‬ويبدو �أنه مل ِ‬ ‫�أن ما كان مكبوت ًا لدى ال�سوريني �أ�صبح اليوم يف‬ ‫م�ستوى الوعي وال�شعور‪ ،‬و�أن عقدة اخلوف الكامنة‬ ‫انفجرت غ�ضبا‪.‬‬ ‫يف املنا�سبات التي ُعدت منا�سبات وطنية يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬كـ «احلركة الت�صحيحية» مثال‪� ،‬أي االنقالب‬ ‫الع�سكري الذي �أو�صل حافظ الأ�سد �إىل �سدة احلكم‪،‬‬ ‫كانت ال�سيارات من نوع «بيجو �ستي�شن» �سيئة‬ ‫ال�صيت‪ ،‬جتوب ال�شوارع جيئة وذهاب ًا لتت�أكد من‬ ‫�أن املحالت التجارية قد �أدت «واجبها الوطني»‬ ‫املتمثل بتعليق الزينة احتفاال بتلك املنا�سبة‪.‬‬ ‫الزينة كانت عبارة عن يافطات قما�شية كتبت‬ ‫عليها �شعارات الت�أييد والوالء‪� ،‬أو �أحباال من الزينة‬ ‫�أُثقلت ب�صور رئي�س اجلمهورية القائد العام للجي�ش‬ ‫والقوات امل�سلحة‪� .‬أما �أولئك الذين يف�ضلون لأ�سباب‬ ‫خمتلفة �إظهار والئهم‪ ،‬فجمعوا بني النوعني مع ًا‪.‬‬ ‫كانت احلركة الت�صحيحية وغريها من الأحداث‬ ‫التي جت�سد البطوالت الفردية للقائد �أو الأحداث‬ ‫التاريخية يف م�سرية «حزب البعث»‪� ،‬أو تلك املتعلقة‬ ‫باجلي�ش والتي متجد يف النهاية بطوالت قيادة هذا‬ ‫اجلي�ش‪ ،‬حتظى باهتمام ر�سمي يف حماولة لرفعها‬ ‫�إىل تلك املنزلة «الوطنية» العالية‪ ،‬يدل عليها‬ ‫ذلك الزخم االحتفايل الذي ال جنده يف غريها من‬ ‫املنا�سبات الأكرث الت�صاق ًا مبفهوم الوطن كـ «عيد‬ ‫اجلالء» مثال‪.‬‬ ‫�أما امل�سريات الوظيفية امل�ؤيدة التي كان الإعالم‬ ‫يدعي عفويتها‪ ،‬كانت ق�صة لي�ست ببعيدة عن هذا‬ ‫ال�سياق‪� .‬آالف املوظفني و �أع�ضاء من «حزب البعث»‬ ‫وغريهم من �أع�ضاء «اجلبهة الوطنية التقدمية»‬ ‫يف خمتلف املحافظات‪ ،‬ي�سريون يف �شوارع املدن‬ ‫ليختتموا م�سريتهم يف �إحدى ال�ساحات الرئي�سية‪.‬‬ ‫ورمبا كان �أكرثهم حظ ًا �سكان العا�صمة‪� ،‬إذ غالب ًا‬ ‫ما ُك ّرموا ب�إطاللة القائد وهو يعتلي �رشفة منزله‬ ‫ليلقي عليهم التحية لدقائق �أو خطاب ًا ل�ساعات‪.‬‬ ‫يتوقف ذلك على نوع املنا�سبة واحلدث ال�سيا�سي‬ ‫الراهن واالعتبارات الأمنية وغريها‪.‬‬ ‫بعد وراثة من�صب رئي�س اجلمهورية‪ ،‬حاول‬ ‫النظام ت�سويق الرئي�س ب�شار الأ�سد كرئي�س مدين‬ ‫عرب جملة من الإجراءات‪� ،‬شملت تخفيف مظاهر‬ ‫الع�سكرة التي عمت املجتمع ال�سوري‪ ،‬ك�إزالة بع�ض‬ ‫احلواجز و«كولبات» احلرا�سة املنت�رشة �أمام بيوت‬ ‫امل�س�ؤولني‪ ،‬والتي عرقلت حركة املرور باحتاللها‬ ‫�أحيانا ن�صف م�ساحات ال�شوارع �أو الأر�صفة‪،‬‬ ‫وفتح ال�شوارع املغلقة لأ�سباب امنية �أمام حركة‬ ‫املدنيني‪ ،‬ترافق ذلك مع �إلغاء الكثري من الن�شاطات‬ ‫واملظاهر االحتفالية يف املنا�سبات «الوطنية»‪،‬‬

‫وعدم املبالغة يف ال�صور والن�صب التي متجد‬ ‫رئي�س اجلمهورية‪ ،‬وعدم فر�ضها على املواطنني‪،‬‬ ‫و�أ�صحاب املحالت التجارية‪ ،‬وتخفيف الأعباء‬ ‫املادية عن م�ؤ�س�سات الدولة التي كانت تنفق على‬ ‫املظاهر االحتفالية مبالغ طائلة‪ .‬لكن بقيت ظاهرة‬ ‫امل�سريات الوظيفية املو�صوفة بـ "العفوية" والتي‬ ‫ال يحددها احل�س اجلماهريي العفوي العام‪ ،‬بل‬ ‫ال�سيا�سة االعالمية والتعبوية للنظام ال�سوري‪،‬‬ ‫وبو�صلته الأمنية‪ ،‬م�ستمرة كتقليد �سوري‪.‬‬ ‫يف بداية االنتفا�ضة ال�سورية‪ ،‬عادت ظاهرة‬ ‫امل�سريات جتتاح بقوة امل�شهد ال�سوري كرد على‬ ‫املظاهرات االحتجاجية املعار�ضة‪ .‬لكن مع ت�صاعد‬ ‫زخم تلك املظاهرات وت�صاعد �أ�سلوب العنف يف‬ ‫قمعها‪ ،‬بد�أت امل�سريات تخبو �شيئا ف�شيئ ًا حتى‬ ‫توقفت متاما‪ ،‬رمبا لأن النظام ر�أى �أن ال طائل منها‬ ‫مع توافر بدائلها‪ ،‬ولأنه بات يخ�شى �أن تتحول �أي‬ ‫جتمعات‪ ،‬قد ال يتمكن من ال�سيطرة عليها ومعرفة‬ ‫هويتها‪ ،‬من م�سرية م�ؤيدة اىل مظاهرة احتجاجية‪.‬‬ ‫مع انطالقة م�ؤمتر «جنيف ‪ »2‬ومتطلبات‬ ‫اال�ستعرا�ض الإعالمي والدعاية التعبوية‬ ‫والتحري�ضية للنظام‪ ،‬عادت تطفو اىل �سطح‬ ‫امل�شهد ال�سوري ظاهرة امل�سريات امل�ؤيدة جمدداً‪،‬‬ ‫يف العديد من املناطق التي كانت حمايدة �أو تلك‬ ‫امل�ؤيدة‪ .‬وحتى تلك املناطق التي �شهدت فيما‬ ‫م�ضى تظاهرات احتجاجية خرجت يف م�سريات‬ ‫ت�ؤكد والءها للنظام‪ .‬و�سواء �أكان املنخرطون فيها‬ ‫هم من �أبناء املنطقة �أم من خارجها‪ ،‬و�سواء حتدثوا‬ ‫ي�رص االعالم ال�سوري‬ ‫بلهجتها �أم بلهجات �أخرى‬ ‫ّ‬ ‫ووالء‪.‬‬ ‫ا‬ ‫أييد‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫خرجوا‬ ‫على �أنهم �أبناء تلك املنطقة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫النظام ال�سوري يبدو مهوو�سا باللعبة الإعالمية‬ ‫التي تثبت ف�شلها يوم ًا بعد يوم‪ .‬لذا لي�س م�ستغربا‬ ‫�أن ين�شغل قيادات الوفد ال�سوري الر�سمي املفاو�ض‬ ‫بامل�ؤمترات ال�صحفية ليرتك �ش�أن املفاو�ضات‬

‫داخل امل�ؤمتر وقاعاته املغلقة ملجموعة من‬ ‫البريوقراطيني‪ .‬يعود النظام ال�سوري اليوم اىل‬ ‫�سيا�سته الإعالمية والتعبوية التقليدية‪ ،‬متنا�سيا �أن‬ ‫هذه ال�سيا�سة‪ ،‬والتي �أ�سهمت منذ �سبعينيات القرن‬ ‫املا�ضي يف �ضمان ا�ستقرار النظام‪ ،‬مل تعد جتدي‬ ‫يف ظل توافر الإعالم املهني اخلارجي املناف�س‬ ‫والإعالم البديل املعار�ض‪� ،‬سيما و�أن النظام اليوم‬ ‫ال يواجه معار�ضة فردية �أو نخبوية كما يف ال�سابق‬ ‫كي ي�ستطيع التالعب باحل�س العام ( ‪co m‬‬ ‫‪ .)mon sense‬فاملعار�ضة اليوم هي معار�ضة‬ ‫جماهريية ت�شمل قطاعات و�رشائح وا�سعة من‬ ‫ال�شعب ال�سوري‪ ،‬ومل يعد مبقدور هذا النظام �أن‬ ‫يفر�ض عليهم ذات الربوباغاندا التقليدية التي‬ ‫�أ�صبحت رهان ًا خا�رساً‪.‬‬ ‫�إن ف�شل هذه ال�سيا�سة ينبع من �أنها �أ�سا�س ًا موجهة‬ ‫اىل الداخل للحفاظ على والء املوالني دون القدرة‬ ‫على ك�سب امل�ؤيدين‪ ،‬ودون القدرة على الت�أثري يف‬ ‫اخلارج الذي هو منحاز �أ�صال كما يراه الإعالم‬ ‫ال�سوري‪ ،‬والذي بدل �أن يدير معركته الإعالمية‬ ‫احلا�سمة يف مواجهة هذا االنحياز‪ ،‬ميعن يف‬ ‫التقوقع على الداخل كتعبري عن �إفال�سه‪ .‬فبالرغم من‬ ‫كل هذه امل�سريات التي اطلقت يف الداخل ال�سوري‪،‬‬ ‫و تلك املئات امل�ؤيدة التي جتمهرت حول قاعات‬ ‫«جنيف ‪ »2‬والتي �شغلت تقارير الإعالم الر�سمي‬ ‫ال�سوري والإعالم التابع له �أكرث بكثري مما �شغلتها‬ ‫حيثيات املفاو�ضات نف�سها‪ ،‬وبالرغم من كل ذلك‬ ‫الركام من الت�رصيحات وامل�ؤمترات ال�صحفية‪ ،‬مل‬ ‫ت�صمد هذه ال�سيا�سة الإعالمية ال مهني ًا وال حتى‬ ‫�أخالقيا �أمام تظاهرة ال يقودها هذه املرة ح�شد‬ ‫�أو جمهور بل �شخ�ص واحد‪� ،‬إنه والدة عبا�س خان‬ ‫الطبيب الربيطاين الذي تويف يف معتقالت النظام‬ ‫ال�سوري‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رهان النظام على تغيري بيئة التفاو�ض‬ ‫غازي دحمان‬

‫مل تك�شف جولة املفاو�ضات الثانية عن جديد يدرك الرو�س �أن الأ�سد دخل حالة‬ ‫ي�ستحق االهتمام �أو يثري االنتباه‪ ،‬ما جرى‬ ‫يفً املوت ال�سريري ويبحثون عن بدائل‬ ‫الكوالي�س او يف الغرق املغلقة مل يكن �سوى تكرارا‬

‫ملا ح�صل يف اجلولة الأوىل‪ ،‬اللهم با�ستثناء بع�ض‬ ‫الطروحات التي مل تخرج عن �سياق مواقف الطرفني‬ ‫والأطراف الداعمة لهما‪.‬‬ ‫لكن حالة اجلمود تلك يف �سري املفاو�ضات‪،‬‬ ‫يقابلها نوع من احلراك الدبلوما�سي والع�سكري يف‬ ‫قاعات وميادين لي�ست بعيدة عن �أماكن التفاو�ض‬ ‫وال�رصاع‪ ،‬الأمر الذي ي�ؤ�رش لوجود نوايا لتزخيم‬ ‫عملية التفاو�ض حول �سورية‪ ،‬ودفعها باجتاهات‬ ‫معينة‪ ،‬رمبا ت�ؤدي‪ ،‬يف حال ن�ضوجها‪� ،‬إىل تغيري‬ ‫امل�شهد ال�سوري برمته‪.‬‬ ‫يف مواقف النظام وتكتيكاته اجلديدة‪ ،‬تبني �أن‬ ‫وفد النظام ال يزال على مبد�أه الأول و�أهدافه ذاتها‪،‬‬ ‫والتي باتت معروفة بت�ضييع الوقت و�إطالة املدة‬ ‫الزمنية ما �أمكن‪ ،‬ع ّل ذلك ي�ساعده يف البحث عن‬ ‫خمارج تنقذه من ورطته‪ ،‬ذلك �أن النظام يعرف‬ ‫�أن ر�أ�سه هو املطلوب يف هذه العملية‪ ،‬طال الأمر‬ ‫�أم ق�رص‪ ،‬غري �أن طموحه ب�إمكانية تغيري املزاج‬ ‫العاملي جتاهه يدفعه على الدوام �إىل حماولة‬ ‫ت�سويق خيارات تنا�سب املزاج العاملي‪ ،‬وتالقي‬ ‫م�صاحله وهواج�سه الأمنية‪ ،‬مثل حديثه عن‬ ‫الإرهاب‪ ،‬و�أنه ي�شكل ر�أ�س حربة للجهد العاملي‬ ‫يف هذا املجال‪ ،‬والطلب من العامل الغربي �أن يكون‬ ‫من�سجم ًا مع قيمه يف حماربة الإرهاب وحماية‬ ‫الأقليات‪ ،‬وخا�صة امل�سيحيني منهم‪ ،‬كما طالبت‬ ‫بذلك �رصاحة بثينة �شعبان‪.‬‬ ‫غري �أن النظام وحلفا�ؤه باتوا يدركون �أن هذه‬ ‫القوالب الكالمية املغرقة بالإن�شائية‪ ،‬والتي ال‬ ‫جتد لها �أ�سانيد يف الواقع العملي‪ ،‬مل تعد قادرة‬ ‫على �ضمان بقاء النظام وحدها بدون وقائع‬

‫موازية‪ ،‬وخا�صة يف امليدان ال�سوري‪ ،‬لذا يبذل هذا‬ ‫التحالف جهوداً ل�صنع متغريات ميدانية‪ ،‬وبد�أ يف‬ ‫هذا املجال الرتويج لإمكانية اقتحام بلدة يربود‪،‬‬ ‫واال�ستفادة من هذه الواقعة دعائي ًا‪ ،‬كما ا�ستفاد من‬ ‫معركة الق�صري‪ ،‬لإثبات تقدمه و�سيطرته وا�ستعادة‬ ‫حكمه ل�سورية‪ ،‬حيث تعمل دعاية النظام و�أعوانه‬ ‫اللبنانيون على ت�صوير يربود على �أنها عقدة‬ ‫الإ�سرتاتيجية ال�سورية برمتها‪ ،‬بل ومفتاح حلول‬ ‫�أزمات منطقة متتد من م�ضيق هرمز �إىل رفح على‬ ‫احلدود امل�رصية‪ ،‬وحلحلة كل امللفات ال�سيا�سية‬ ‫العالقة يف املنطقة!‪.‬‬ ‫يف هذا الوقت ت�شهد غرف التفاو�ض يف �سوي�رسا‬ ‫وعوا�صم �أخرى حراك ًا دبلوما�سي ًا عنوانه الرئي�سي»‬ ‫�سورية ما بعد ب�شار الأ�سد»‪ ،‬بني رو�سيا و�أطراف‬ ‫�سورية ودولية‪ ،‬وبح�سب بع�ض الت�رسيبات ف�إن‬ ‫الرو�س يعمدون يف العلن وحتى يف مفاو�ضاتهم مع‬ ‫�أطراف املعار�ضة ال�سورية �إىل رفع �سقف تعنتهم ‪،‬‬ ‫ومت�سكهم بب�شار الأ�سد ونظامه‪ ،‬والتلميح على �أن‬ ‫ذلك قد يكون اخلط الأحمر ال�سيا�سي يف املرحلة‬ ‫القادمة‪ ،‬والوا�ضح �أن هذا تكتيك تفاو�ضي �أكرث‬ ‫منه موقف �سيا�سي‪ ،‬ذلك �أن الرو�س يدركون �أنهم‬ ‫ي�شدون بحبال متهرئة‪ ،‬و�أن رجلهم يف دم�شق دخل‬ ‫منذ مرحلة طويلة حالة املوت ال�رسيري‪ ،‬والذي‬

‫النظام يعرف �أن ر�أ�سه هو املطلوب يف‬ ‫العملية التفاو�ضية طال الأمر �أم ق�صر‬

‫مل ت�ستطع ال �أموال �إيران الوفرية‪ ،‬والتي ك�شفت‬ ‫�أمرها م�ؤخراً وزارة اخلزانة الأمريكية‪ ،‬وال �شحنات‬ ‫الأ�سلحة الرو�سية املتوا�صلة‪ ،‬من بعث احلياة يف‬ ‫ج�سد نظام ب�شار الأ�سد املمزق واملثخن باجلراح‪.‬‬ ‫يف ال�رس‪ ،‬بد�أ الرو�س رحلة البحث عن بدائل لب�شار‬ ‫الأ�سد‪ ،‬ويف طريقهم يفت�شون عن �ضباط من‬ ‫الطائفة العلوية ميلكون القدرة والثقة على قيادة‬ ‫دفة الأمور‪ ،‬و�ضمان امل�صالح الرو�سية القدمية‬ ‫واجلديدة املتمثلة بقاعدة طرطو�س‪ ،‬وبع�ض‬ ‫اال�ستثمارات يف جماالت خمتلفة‪ ،‬وخا�صة جماالت‬ ‫النفط والغاز التي يجري التنقيب عنها يف �شواطئ‬ ‫البحر املتو�سط‪ ،‬وت�سعى لتثبيت ذلك عرب حماولة‬ ‫تر�سيخ حقيقة �أنها �ضامنة حلقوق الأقليات‪،‬‬ ‫ومدافعة عن حقها يف الوجود والبقاء يف ال�رشق‬ ‫الأو�سط‪� ،‬إ�ضافة �إىل بحثها داخل كتائب اجلي�ش احلر‬ ‫عن �ضباط ميكن ا�ستمالتهم باعتبارهم من �ضمن‬ ‫الثقافة الر�سمية ال�سابقة‪ ،‬وممن ا�ستبطنوا الثقافة‬ ‫الع�سكرية الرو�سية‪ ،‬وهذا خيار‪ ،‬مع ما ينطوي عليه‬ ‫من �ضمان للم�صالح الرو�سية على املدى البعيد‪،‬‬ ‫ف�إنه يحمل �إمكانية ا�ستبعاد القوى الإ�سالمية التي‬ ‫تعتقد رو�سيا �أنها تعاديها‪.‬‬ ‫الواقع �أن م�س�ألة الو�صول احلل يف �سورية �أمامها‬ ‫م�سار طويل‪ ،‬واملتوقع ظهور تفا�صيل عديدة يف‬ ‫هذا امل�سار‪ ،‬بع�ضها ذو �صبغة حملية �رصفة من‬ ‫نوع �أو�ضاع املكونات املختلفة يف امل�ستقبل‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وبع�ضها له عالقة بالواقع الإقليمي‬ ‫والدويل وم�صالح الأطراف املختلفة‪ ،‬منها ما‬ ‫�سيكون التفاهم عليه �سه ًال‪ ،‬ومنها �سيحتاج جلوالت‬ ‫من ال�رصاع‪ ،‬لكن يبقى الأهم �أن اجل�سد ال�سوري‪،‬‬ ‫بجغرافيته ودميغرافيته‪ ،‬بات حتت م�رشحة‬ ‫امل�ساومات ورحمة التفاهمات‪� ،‬إىل متى؟‪ ،‬ال �إجابة‬ ‫ممكنة ما دامت امل�شارط ال تزال م�سنونة‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫موجز ال�شرق‬

‫‪06‬‬

‫زيارة �أوباما �إىل ال�سعودية ‪ :‬ملفات �شائكة وتطمينات حول االتفاق مع �إيران‬ ‫يزور الرئي�س الأمريكي باراك �أوباما يف مار�س‪/‬‬ ‫مت التمهيد للزيارة املرتقبة من‬ ‫�آذار املقبل‪ ،‬وقد ّ‬ ‫خالل احلوار وراء الكوالي�س مع ال�سعوديني من قبل‬ ‫كل من رو�سيا والواليات املتحدة ‪ ،‬وذلك بخ�صو�ص‬ ‫ملفات عديدة‪ ،‬منها ملف املنظمات اجلهادية‬ ‫يف �سوريا والعراق ولبنان‪ ،‬والتي �ست�رض بكامل‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ووفق ًا مل�س�ؤول �أمريكي‪ ،‬ف�إن رو�سيا �سلمت الريا�ض‪،‬‬ ‫قبل �أ�سابيع من بداية الألعاب االوملبية ال�شتوية‬ ‫التي �أقيمت م�ؤخراً يف �سوت�شي‪ ،‬ملف ًا ي�ضم معلومات‬ ‫و�أ�سئلة حول القلق ال�سعودي من الف�صائل اجلهادية‪.‬‬ ‫كما �أن وا�شنطن ترى دعم اجلبهة الإ�سالمية يف‬ ‫�سورية من منظور خمالف ملنظور الريا�ض‪ ،‬وهو‬ ‫�أن هذا الدعم ميكن �أن ي�ؤدي �إىل نتائج عك�سية‬ ‫للأهداف املراد حتقيقها‪ ،‬وهي دعم املعتدلني‪ ،‬و�أن‬ ‫دعم اجلبهة الإ�سالمية �سيزيد من حظوظ ف�صائل‬ ‫على �صلة بتنظيم القاعدة‪ ،‬مبا يف ذلك «داع�ش”‬ ‫و”الن�رصة” ‪ .‬ولكن ‪ ،‬يف الوقت نف�سه‪ ،‬ف�إن زيارة‬ ‫�أوباما ت�أتي يف �إطار ت�أكيده على ا�ستمرار دعم‬ ‫وا�شنطن و�إدارة �أوباما لدول جمل�س التعاون‬ ‫اخلليجي‪ ،‬من خالل مبيعات الأ�سلحة لهذه الدول‪،‬‬ ‫وذلك لتعزيز القدرات الدفاعية الع�سكرية لدول‬ ‫اخلليج من �أية تهديدات �إيرانية‪.‬‬ ‫يف ‪ 20‬يناير‪ /‬كانون الثاين املا�ضي‪� ،‬أعلن �سعد‬ ‫احلريري �أن ‪� 14‬آذار م�ستعدة لالن�ضمام �إىل حكومة‬ ‫وحدة وطنية مع حزب اهلل اللبناين والف�صائل‬ ‫الأخرى ‪ ،‬من �أجل �إنهاء �أزمة احلكومة امل�ستمرة منذ‬ ‫فرتة طويلة‪ ،‬و نظر �إىل �إعالن احلريري يف وا�شنطن‬ ‫ب�أنه خطوة باركها امللك عبد اهلل ‪.‬‬ ‫ويف يوم ‪ 3‬فرباير ‪� ،‬أ�صدر امللك عبد اهلل �أمرا ملكيا‬ ‫يحظر الدعم �أو امل�شاركة يف الأن�شطة اجلهادية يف‬ ‫اخلارج‪ .‬و�أن �أي حالة خمالفة لهذا القرار قد يواجه‬ ‫�صاحبها عقوبة ت�صل اىل ‪ 20‬عاما يف ال�سجن‬ ‫مع ت�شديد العقوبات للع�سكريني ال�سعوديني‪ .‬يف‬ ‫اليوم التايل ‪� ،‬أ�صدر املفتي العام ال�شيخ عبد العزيز‬ ‫�آل ال�شيخ ‪ ،‬بيان ًا حذر فيه من ان�ضمام ال�شباب‬ ‫للمنظمات اجلهادية «الكاذبة» وا�ستغالل ال�شباب‬

‫ال�سعوديني‪ ،‬ويف اليوم نف�سه‪� ،‬أعلن رئي�س جلنة‬ ‫الأمر باملعروف و النهي عن املنكر انه �شن عملية‬ ‫تطهري على املتطرفني الذين هم «دعاة الفتنة «‪.‬‬ ‫وو�صفت الزيارة املرتقبة التي �سيثوم بها �أوباما‬ ‫من قبل م�س�ؤول �أمريكي ب�أنها « زيارة عمل «‬ ‫ملناق�شة نهج الواليات املتحدة للمفاو�ضات‬ ‫ال�سورية و الإيرانية اجلارية‪ ،‬وتعميق التن�سيق‬ ‫بني الريا�ض ووا�شنطن على جمموعة من الق�ضايا‬ ‫الإقليمية املتنوعة‪ ،‬والق�ضايا االقت�صادية‪.‬‬ ‫وتوقع امل�س�ؤول الأمريكي �أن يكون هناك مبادرات‬ ‫هامة �أخرى من قبل خادم احلرمني ال�رشيفني قبل‬ ‫�أو بعد زيارة �أوباما‪ .‬و�أ�ضاف �أن قنوات مناق�شة‬ ‫مبا�رشة فتحت م�ؤخراً بهدوء بني ال�سعوديني‬ ‫والإيرانيني ‪ ،‬مع الرئي�س الإيراين ال�سابق ها�شمي‬ ‫رف�سنجاين‪ .‬وقد خل�ص ال�سعوديني �إىل �أن الرئي�س‬

‫�أوباما ال ميكن �أن يرتاجع عن موا�صلة املفاو�ضات‬ ‫مع طهران ب�ش�أن الأ�سلحة النووية و ق�ضايا الأمن‬ ‫الإقليمي احليوية الأخرى‪.‬‬ ‫وكان البيت االبي�ض التزم ال�صمت حول تفا�صيل‬ ‫زيارة �أوباما املرتقبة‪ ،‬والتي �ست�شمل بروك�سل ‪،‬‬ ‫والهاي‪ ،‬وروما‪ ،‬حيث �سيلتقي مع البابا فران�سي�س‬ ‫الأول‪ ،‬وهي �أول للرئي�س خارج الواليات املتحدة‬ ‫يف عام ‪ . 2014‬م�س�ؤولون من االحتاد االوروبي‬ ‫ورو�سيا واململكة العربية ال�سعودية وجهوا ر�سائل‬ ‫غا�ضبة �إىل الواليات املتحدة ب�ش�أن اجلوانب‬ ‫املختلفة ل�سيا�ستها‪ .‬وزاد من هذا املزاج ال�سلبي‬ ‫بعد ال�رشيط امل�رسب من حمادثة اثنني من �سفراء‬ ‫�أمريكا عن �أوكرانيا‪ ،‬والتي ت�ضمنت ت�رصيحات‬ ‫بذيئة حول االحتاد الأوروبي‪ ،‬وهو احلليف الأهم‬ ‫بالن�سبة لأمريكا‪.‬‬

‫ارتفاع مبيعات الأ�سلحة الأمريكية للخارج بعد ال�ضغط على �أوباما‬ ‫مل تقل�ص اخلالفات بني وا�شنطن وحلفائها يف‬ ‫اخلليج من مبيعات �رشكات الأ�سلحة الأمريكية‬ ‫للخليج‪ ،‬بل ميكن القول �إن هذه املبيعات �شهدت‬ ‫ارتفاع ًا جيداً‪ ،‬ومن املتوقع �أن تزداد مبيعات‬ ‫الأ�سلحة الأمريكية للخارج مع توجيه ال�سيا�سة‬ ‫الرئا�سية ل�صادرات الأ�سلحة ‪- PPD - 27 -‬‬ ‫ال�صادر يف ‪ 15‬يناير‪ /‬كانون الثاين املا�ضي‪.‬‬ ‫ووفق ًا لبيانات احلكومة الأمريكية م�ؤخراً ‪ ،‬على‬ ‫�أن ت�ستكمل من قبل تقرير الإنفاق الدفاعي ال�سنوي‬ ‫للمعهد الدويل ومقره لندن للدرا�سات اال�سرتاتيجية‬ ‫‪ ،‬باعت الواليات املتحدة ما جمموعه ‪ 60‬مليار‬ ‫دوالر يف �أنظمة الأ�سلحة عام ‪ ، 2013‬وت�ستمر يف‬ ‫ال�سيطرة على ‪ 75‬يف املئة من ال�سوق العاملية ‪.‬‬ ‫بالن�سبة لل�رشكات الدفاع الكربى يف الواليات‬ ‫املتحدة ‪ ،‬مبا يف ذلك �رشكة «لوكهيد مارتن»‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬

‫و «رايثيون» ‪� ،‬أكرب العمالء الأجانب هي الدول‬ ‫الأع�ضاء يف جمل�س التعاون اخلليجي ‪ ،‬اململكة‬ ‫العربية ال�سعودية ‪ ،‬والإمارات العربية املتحدة‪،‬‬ ‫والبحرين‪ ،‬و قطر‪« .‬رايثيون» وحدها باعت ما‬ ‫قيمته ‪ 4‬مليارات دوالر يف العام املا�ضي من‬ ‫بطاريات �صواريخ باتريوت يف ال�رشق الأو�سط‪.‬‬ ‫يف �أعقاب هجمات ‪� 11‬سبتمرب �أيلول عام ‪2001‬‬ ‫على الواليات املتحدة من قبل تنظيم القاعدة‪،‬‬ ‫ارتفعت النفقات الع�سكرية العاملية ‪ ،‬حيث بلغت‬ ‫‪ 140‬مليار دوالر �سنوي ًا‪ ،‬بدءاً من عام ‪، 2002‬‬ ‫وظل هذا القدر من الإنفاق ثابت ًا على مدى الع�رش‬ ‫�سنوات املا�ضية ‪ ،‬وهو ما ميثل ‪ 2.5‬يف املئة الآن‬ ‫من الناجت املحلي الإجمايل العاملي‪.‬‬ ‫وقد اتخذت �إدارة �أوباما خطوات لزيادة تخفيف‬ ‫القيود على �صادرات الأ�سلحة‪ .‬يف ‪ 15‬يناير‪/‬‬

‫كانون الثاين من هذا العام ‪ ،‬وقع الرئي�س �أوباما‬ ‫الرئا�سية �سيا�سة التوجيه ‪“ ، ) PPD -27 ( 27‬‬ ‫�سيا�سة الواليات املتحدة لبيع الأ�سلحة التقليدية‬ ‫«‪ ،‬التي ترفع القيود املفرو�ضة على بع�ض مبيعات‬ ‫الأ�سلحة الأجنبية‪ .‬و ‪ PPD‬هو �أول تغيري يف‬ ‫�سيا�سة الواليات املتحدة ل�صادرات الأ�سلحة‬ ‫منذ عام ‪ .1995‬حتت توجيه جديد ‪ ،‬ومئات من‬ ‫الأ�سلحة ‪ ،‬مبا يف ذلك طائرات هليكوبرت «هوي»‬ ‫و�أنظمة املراقبة املتقدمة‪ ،‬وقد مت �إزالتها من‬ ‫قائمة التقييد على الذخائر‪ ،‬وو�ضعت على قائمة‬ ‫مراقبة التجارة‪ ،‬مما يجعل من الأ�سهل بكثري بيع‬ ‫هذه الأ�سلحة �إىل اخلارج دون التدقيق املعقد من‬ ‫قبل وزارة الدفاع ‪ ،‬و�أتت التغيريات الأخرية بعد‬ ‫�ضغط من �رشكات ت�صنيع الدفاع التي تدخل حيز‬ ‫التنفيذ فوراً‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫موجز ال�شرق‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ال نتائج من زيارة اجلربا �إىل مو�سكو واملعار�ضة امل�سلحة مل تتورط بالت�سوية‬

‫كانت نتائج الزيارة التي طال انتظارها من قبل‬ ‫�أحمد اجلربا رئي�س االئتالف الوطني ال�سوري‬ ‫�إىل مو�سكو �أقل مما تراه العني ‪ ،‬وعاد اجلربا مع‬ ‫القليل جداً مما ميكن احلديث عنه‪ .‬كانت الق�ضية‬ ‫املركزية يف حمادثاته مع وزير اخلارجية الرو�سي‬ ‫�سريجي الفروف هي ت�شكيل احلكومة االنتقالية‪،‬‬ ‫كما ناق�ش �إمكانية وقف �إطالق النار من قبل نظام‬ ‫الأ�سد قبل املفاو�ضات يف جنيف ‪ ،2‬وطرح خماوف‬ ‫املعار�ضة من �أن يكون تكتيك النظام قائم ًا على‬ ‫املماطلة و�إ�ضاعة الوقت‪.‬‬ ‫�إذا كان من املمكن التعرف على تطور �إيجابي‬ ‫واحد يف اجتماعات مو�سكو ‪ ،‬فهو �أن اجلربا والوفد‬ ‫املرافق له جاء من �أجل تو�ضيح �أهمية اختيار‬ ‫العنا�رص املعتدلة‪ ،‬والتعرف �إىل مفهوم مو�سكو‬ ‫حول احلكومة االنتقالية‪ ،‬ومناق�شة �إمكانية تغيري‬ ‫بنية الدولة وطريقة �إدارتها‪ ،‬وبب�ضعة كلمات ميكن‬

‫القول �إن الزيارة كانت خطوة �أخرى يف م�سعى‬ ‫معقد مل�ساعدة املعار�ضة كي ترتاجع عن �سيا�سة‬ ‫حافة الهاوية‪.‬‬ ‫ويف الوقت نف�سه ‪ ،‬ف�إن موقف مو�سكو على رحيل‬ ‫الأ�سد ال يزال بعيداً عن احل�سم ‪ ،‬و موقف وا�شنطن‬ ‫على تقدمي الأ�سلحة النوعية لف�صائل املعار�ضة‬ ‫املعتدلة لتح�سني وجودها الع�سكري ما زال ال‬ ‫يتمتع ب�إيجابية وا�ضحة‪ ،‬وذلك على الرغم من‬ ‫وجود مزاعم حول دعم الواليات املتحدة لبع�ض‬ ‫جماعات املعار�ضة يف درعا‪.‬‬ ‫من ناحية �أخرى‪ ،‬ف�إن الواقع امليداين ي�شهد حملة‬ ‫مكثفة من قبل النظام ‪ ،‬وموا�صلة ق�صف حلب‬ ‫بالرباميل املتفجرة‪ ،‬والتي تلقى ب�شكل ع�شوائي‬ ‫على املدنيني‪ ،‬ولها هدف واحد‪ ،‬وهو تفريغ املدينة‬ ‫من �سكانها‪ ،‬وكانت «الرباميل» قد حولت قطاعات‬ ‫معينة من حلب ‪ ،‬وال�رشق من املدينة القدمية �إىل‬

‫مدينة �أ�شباح‪ ،‬وفرار بع�ض ال�سكان �إىل مناطق‬ ‫ي�سيطر عليها النظام‪.‬‬ ‫�إن دعوة املعار�ضة ال�سورية �إىل اجتماع مو�سع يف‬ ‫القاهرة لالتفاق فيما بينها ميكن �أن يخدم اجلولة‬ ‫الثالثة من جنيف‪ ،‬ف�إذا كان الهدف هو حتقيق‬ ‫اال�ستقرار يف �سوريا‪ ،‬ف�إن اخلطوة الأوىل يجب �أن‬ ‫تبد�أ مع م�ساعدة �أكرب �رشيحة ممكنة من املعار�ضة‬ ‫االلتفاف حول من�صة تكتيكية واحدة‪.‬‬ ‫�أما القوى الإقليمية والدولية فهي حتى الآن ‪،‬‬ ‫على الأقل من الناحية العملية‪ ،‬ت�سهم يف تعميق‬ ‫اخلالفات و االنق�سامات داخل املعار�ضة ال�سورية‪،‬‬ ‫و ينبغي لنا �أن نتوقع املزيد من التدهور يف الأزمة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬خا�صة �أن املعار�ضة « احلقيقية « ال تزال‬ ‫يف �ساحة املعركة دون التورط يف �أي حماولة‬ ‫لت�سوية احلرب الأهلية‪.‬‬

‫املالكي يخطئ الهدف‪ :‬ال ميكن احلفاظ على عراق موحد بالقوة‬ ‫يف عالمة ت�شري �إىل تنامي الثقة بالنف�س‪� ،‬ألغى‬ ‫الزعيم الكردي م�سعود بارزاين يف العراق رحلته‬ ‫�إىل وا�شنطن‪ ،‬والتي كانت مقررة يف الأ�سبوع الأول‬ ‫من �شهر فرباير‪� /‬شباط اجلاري ‪ .‬وكان ال�سبب‬ ‫الذي قدمته ال�سلطة الكردية العراقية هو �أن �إدارة‬ ‫�أوباما رف�ضت �إزالة احلزب الدميقراطي الكرد�ستاين‬ ‫(بزعامة م�سعود بارزاين ) من قائمة الواليات‬ ‫املتحدة من امل�ستوى الثالث للجماعات الإرهابية‬ ‫‪ .‬ويقول الأكراد �إنه ال يوجد �سبب وجيه للحزب‬ ‫الدميقراطي الكرد�ستاين ‪� ،‬أحد احلزبني الرئي�سيني‬ ‫يف كرد�ستان العراق‪ ،‬ليبقى على القائمة‪ .‬وهذا طرح‬ ‫�صحيح ‪ ،‬لكن مل يكن ال�سبب يف ت�أخري الرحلة هو‬ ‫خطوة جريئة من قبل البارزاين‪ ،‬ويكمن التف�سري يف‬ ‫�أن الربزاين مثل كل الأطراف الأخرى يبحث عن ثمن‬ ‫لبقاء العراق موحداً‪ ،‬خا�صة مع الأو�ضاع املتفجرة‪.‬‬ ‫وحدة العراق باتت ق�رشة رقيقة‪ ،‬والالعبون‬ ‫يبق‬ ‫الأ�سا�سيون لي�س لديهم الكثري ليخ�رسوه �إذا مل َ‬

‫العراق موحداً ما عدا العب واحد‪ ،‬وهو رئي�س الوزراء‬ ‫نوري املالكي‪ ،‬والذي قام بخطوات جتميلية ملعاجلة‬ ‫ال�سيا�سات الطائفية‪ ،‬لكنه ما يزال‪ ،‬عملياً‪ ،‬م�ستمراً‬ ‫يف �إبعاد ال�سنة عن العملية ال�سيا�سية‪ ،‬وهو ما يهدد‬ ‫العراق �أكرث من تنظيم القاعدة‪ ،‬ويقول املالكي �إنه‬ ‫م�ستعد ملعركة الأنبار!‬ ‫ذهب املالكي اىل طهران يف دي�سمرب‪ /‬كانون الأول‬ ‫املا�ضي لطلب �شحنة كبرية من الأ�سلحة ‪ .‬وجاءت‬ ‫هذه اخلطوة بعد زيارة املالكي اىل وا�شنطن يف‬ ‫نوفمرب‪ /‬ت�رشين الثاين املا�ضي‪ ،‬وحينها قدم‬ ‫املالكي لإدارة �أوباما للمالكي قائمة طويلة من‬ ‫طلبات الأمن والدفاع‪ .‬ويف اخلام�س من ال�شهر‬ ‫اجلاري ‪ ،‬قال �سفري العراق يف وا�شنطن لقمان عبد‬ ‫الرحيم الفيلي مزقزق �إن الكونغر�س الأمريكي قد‬ ‫وافق على بيع مروحيات «�أبات�شي» و�صواريخ‬ ‫«هيلفاير» �إىل العراق‪ .‬ويف نهاية زيارة املالكي‬ ‫�إىل طهران ‪� ،‬أعلن م�س�ؤول يف الوفد العراقي منت�رصاً‬

‫�إن « العراق وقع اتفاق ًا مع �إيران ل�رشاء الأ�سلحة‬ ‫واملعدات الع�سكرية لأن العراق يثق بفعالية الأ�سلحة‬ ‫الإيرانية « ‪.‬‬ ‫�أولئك الذين ينتقدون اتفاق الواليات املتحدة مع‬ ‫املالكي خوف ًا من �أنها �سوف تعطي االنطباع ب�أن‬ ‫وا�شنطن تقف �إىل �أحد اجلانبني يف ال�رصاع الداخلي‬ ‫يف العراق ال يقدمون �شيئ ًا جديداً ‪ .‬من البداية مل يكن‬ ‫ينظر �إىل الواليات املتحدة ب�أنها حمايدة‪ .‬ويعتقد‬ ‫على نطاق وا�سع ‪ ،‬وب�شكل �صحيح ‪� ،‬أن املالكي يدين‬ ‫مبن�صبه للغزو الأمريكي للعراق ‪ .‬الق�ضية احلقيقية‬ ‫هي احلفاظ على وحدة هذا البلد‪ ،‬ومواجهة انت�شار‬ ‫التطرف يف الأنبار من دون �إعطاء �أي �أهمية �إىل‬ ‫اجلهة التي ي�شرتي املالكي منها الأ�سلحة‪ ،‬وميكن‬ ‫حتقيق كال الهدفني ‪ ،‬لكن لي�س من قبل الواليات‬ ‫املتحدة ‪ ،‬ولكن من قبل املالكي نف�سه‪ ،‬وت�صحيح‬ ‫م�سار العملية ال�سيا�سية‪ .‬بد ًال من ذلك‪ ،‬ي�رص املالكي‬ ‫على موا�صلة طريقه اىل توحيد البالد بالقوة‪.‬‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/02/16 )127‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫وجمد‬ ‫نحو ن�سق دميقراطي فاعل‬ ‫ٍ‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫تتميز الثقافة ال�سيا�سية‪ ،‬لدى �أغلب الفاعلني‬ ‫ال�سيا�سيني القوميني والي�ساريني العرب‪ ،‬ب�أنها‬ ‫ت�ستهني بالتنوير والفكر احلر‪ ،‬وتربر االعتقال‬ ‫والنفي والت�رشيد والقتل الذي متار�سه �سلطة‬ ‫اال�ستبداد يف �سورية‪ .‬ومن �أجل �صياغة ن�سق‬ ‫دميقراطي فاعل وجم ٍد البد من �إدراك خماطر‬ ‫ال�صيغ الواحدية الق�رسية التي عرفتها العديد من‬ ‫�أقطارنا العربية‪ ،‬حيث �أنها كانت �أداة قمع وتهمي�ش‬ ‫للتعددية الفكرية وال�سيا�سية‪ ،‬مما جعل �إدراكنا‬ ‫اجلمعي مقت�رصاً على الإدانة اخلطابية للم�ؤامرات‬ ‫اخلارجية‪ ،‬بدل البحث عن م�صادر اخللل يف بنياتنا‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫ومن �أجل جتديد الثقافة ال�سيا�سية العربية ميكن‬ ‫الإ�شارة �إىل �أهم القواعد واملبادئ‪:‬‬ ‫ اعتبار �ساحة الفعل ال�سيا�سي مفتوحة دوم ًا على‬‫قوى وجمموعات ذات ت�صورات فكرية وم�شارب‬ ‫�سيا�سية متباينة‪ ،‬الأمر الذي يفر�ض على املمار�س‬ ‫ال�سيا�سي اعتماد قدر كبري من املرونة يف التعامل‬ ‫التكيف‬ ‫مع ال�ش�أن ال�سيا�سي مت ّكنه من القدرة على‬ ‫ّ‬ ‫مع معطيات الواقع املتحول‪.‬‬ ‫ �رضورة التزام اخلطاب العقالين والواقعي يف‬‫العمل ال�سيا�سي‪ ،‬ملا يتيحه ذلك من �إمكانية الإحاطة‬ ‫بالواقع ال�شامل‪ ،‬والتعرف على العوامل امل�ؤثرة يف‬ ‫�سريورة تطوره‪� .‬إذ � ّأن الواقعية والعقالنية تقت�ضيان‬ ‫تقديراً دقيق ًا للإمكانيات الفعلية للذات التي‬ ‫تتوخى الفعل والتغيري يف و�ضع �سيا�سي ما‪ ،‬ذلك‬ ‫� ّأن ت�ضخيم تلك الإمكانيات يرتتب عليه ر�سم خطط‬ ‫وبرامج للممار�سة مكلفة �إن�ساني ًا وفا�شلة عملي ًا‪،‬‬ ‫ويف ذلك هدر للطاقات يف معارك جمانية �أو غري‬ ‫متكافئة قد تنتهي �إىل كارثة حمققة‪ ،‬كما هو حال‬ ‫الكارثة ال�سورية احلالية‪.‬‬

‫ اعتماد ثقافة احلوار انت�صاراً لفكرة �أو دفاع ًا‬‫عن موقف وحماية مل�صلحة خا�صة �أو عامة‪.‬‬ ‫ويف �سياق ذلك ينبغي احلر�ص على عدم اعتماد‬ ‫الأ�ساليب املتطرفة يف التعاطي مع ق�ضايا اخلالف‪،‬‬ ‫فقد ت�سيء احلدة املفرطة يف اجلدل ال�سيا�سي بني‬ ‫املواقف املتعار�ضة �إىل الق�ضية مو�ضوع احلوار‪،‬‬ ‫�إذا مل تعرف الأطراف املتحاورة كيف ومتى ترتك‬ ‫للمار�سة هام�ش ًا ي�سمح باختبار خمتلف الآراء‬ ‫والأطروحات‪ ،‬ومتييز ال�صائب منها عن اخلاطئ‪.‬‬ ‫ اال�ستعداد الوا�ضح لتمكني الأجيال ال�شابة من‬‫حتمل م�س�ؤولية قيادة العمل ال�سيا�سي‪ ،‬باعتبار ذلك‬ ‫�رشط ًا �أ�سا�سي ًا من �رشوط جتديد احلياة ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫� ّإن الدميوقراطية لي�ست ممار�سة �سيا�سية فح�سب‪،‬‬ ‫بقدر ما �أنها �أ�سلوب حياة‪ ،‬و�سلوك اجتماعي معني‪،‬‬ ‫م�ؤطر بثقافة ال ت�ستقيم املمار�سة الدميوقراطية‬ ‫دونها‪ .‬تتكون هذه ال�شبكة‪� ،‬أو لنقل البنية التحتية‬ ‫للدميوقراطية‪ ،‬من عدة �أمور‪ ،‬ولكن ميكن تلخي�صها‬ ‫يف �أربعة �أركان هي‪ :‬الثقافة والتعليم وامل�أ�س�سة‬ ‫والقانون‪ .‬فبدون ثقافة دميوقراطية‪ ،‬وعقل نقدي‪،‬‬ ‫ونظام تعليمي يزرع قيم االختالف واملواطنة‬ ‫املت�ساوية يف العقول‪ ،‬وجمتمع مدين فاعل‪ ،‬ونظام‬ ‫قانوين ي�ؤطر التفاعل بني وحدات املجتمع ويحمي‬ ‫حركتها وا�ستقالليتها‪ ،‬ف�إنه ال ميكن احلديث عن‬ ‫دميوقراطية‪ ،‬حتى لو كان هناك �صندوق اقرتاع‪� ،‬أو‬ ‫كان هناك �أحزاب وانتخابات دورية‪.‬‬ ‫� ّإن �إعادة اكت�شاف الدميوقراطية اليوم لدى الفاعلني‬ ‫ال�سيا�سيني ي�ساعدهم على �إعادة اكت�شاف مفهوم‬ ‫املواطن‪ ،‬من خالل ا�ستح�ضار جمموعة من الأبعاد‬ ‫التي يحيل �إليها هذا املفهوم‪:‬‬ ‫ البعد الإن�ساين‪ ،‬فاملواطن لي�س فرداً فح�سب‪� ،‬إنه‬‫املواطن – الإن�سان‪ ،‬واملفهوم احلقوقي يحيلنا‬

‫بال�رضورة �إىل مفهوم �أو�سع‪ :‬مفهوم حقوق الإن�سان‬ ‫القابل دائما للتجريد والتعميم‪ ،‬وبالتايل للتطوير‬ ‫كلما برزت عقبة يف وجه امل�ساواة والعدالة يف‬ ‫جمتمع من املجتمعات‪ .‬هذا البعد الإن�ساين‪ ،‬يتطلب‬ ‫نظرة ثقافية وتربوية تقوم ب�شكل �أ�سا�سي على‬ ‫الت�سامح‪ ،‬وتع ّلم قبول الآخر‪ ،‬والتعامل معه بذهنية‬ ‫�أخوة املواطنة‪ ،‬و�أخوة الإن�سانية مع ًا‪.‬‬ ‫ البعد التنموي الإن�ساين‪ ،‬الذي يحيل بدوره �إىل‬‫حلقات مرتابطة يف معاين املفهوم اجلديد للتنمية‬ ‫و�رشوطه‪ :‬تنمية وعي املواطن ك�إن�سان م�س�ؤول‬ ‫للم�شاركة يف احلياة ال�سيا�سية والتنمية‪ ،‬وتنمية‬ ‫ح�س النقد‪ ،‬والبحث عن احلقيقة‪ ،‬ليكون اخليار‬ ‫والر�أي عقالنيني‪ ،‬واعتبار م�ستوى التعليم وم�ستوى‬ ‫ال�صحة وم�ستوى الوعي البيئي وم�ستوى امل�شاركة‬ ‫معايري �أ�سا�سية يف درجات التنمية‪.‬‬ ‫ البعد العاملي للمواطنة‪ ،‬ثمة من يدعو اليوم �إىل‬‫�إعادة ت�أ�سي�س جمال املواطنة وثقافتها‪ ،‬خا�صة‬ ‫ا�ستنفرت الهويات الفرعية القاتلة يف‬ ‫بعد �أن ُ‬ ‫مواجهة الهويات املغايرة‪ ،‬حتى يف الوطن الواحد‬ ‫ولدى املواطنية الواحدة‪ ،‬بذريعة البحث عمن يحمل‬ ‫م�س�ؤولية مظامل اال�ستبداد والأزمات االجتماعية‬ ‫وال�ضائقة االقت�صادية‪.‬‬ ‫�إنها حركة تعمل على �إعادة تركيب العامل مبواطنة‬ ‫يف جمتمع دميوقراطي ي�سعى �إىل املزيد من تنوعه‪،‬‬ ‫ال �إىل املزيد من �شموليته ووحدته‪ .‬هذا جانب من‬ ‫جوانب البعد العاملي ملواطنة �أ�ضحى عليها �أن‬ ‫ت�ستوعب اختالف ًا قريب ًا �أو بعيداً عنها‪ ،‬ولكن حميط ًا‬ ‫بها ب�صورة دائمة‪ ،‬ال بفعل انعدام امل�سافات فح�سب‪،‬‬ ‫بل ب�سبب ح�ضور هذا االختالف يف العي�ش واحلياة‬ ‫اليومية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.