ájô```M 2014/03/2ádGó``Yم العدد ()129 áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/03/2 )129م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (129) 2/03/2014
�إعادة تعريف الو�ضع ال�سوري �سبي ً ال للحل
ح�سام مريو
ما من �أحد ميتلك و�صفة للحل يف �سورية ،ال القوى الداخلية ،وال القوى الإقليمية والدولية ،وال يتعلق الأمر فقط برغبة الأطراف �أو عدم رغبتها يف �إيجاد جل .واحلديث عن نظرية امل�ؤامرة لي�س مفيداً، فالنظام حتدث وما يزال عن م�ؤامرة ،كما �أن معظم القوى املعار�ضة ،وخا�صة امل�سلحة منها ،يتحدث عن م�ؤامرة لعدم �إيجاد حل ،عرب حجب ومنع القوى الدولية تزويد الأطراف املعار�ضة بالأ�سلحة النوعية التي من �ش�أنها تغيري املعادالت على الأر�ض. لكن ،ويف �سياق ال�شعور العارم بعبثية ا�ستمرار الو�ضع الراهن ،فقد يكون من �ش�أن �إعادة تعريف الو�ضع ال�سوري �أحد مداخل احلل� ،أو امل�ساحة التي تتالقى فيها احللول. يف الو�ضع ال�سوري اليوم ثمة ثورة ،لكنها ال تخت�رص تعريف الو�ضع ال�سوري ،ويجب �أال تخت�رصه ،فمنطق اال�ستمرار بتعريف كل ما يجري على �أنه ثورة، وفقط ثورة ،لن يخدم م�س�ألة �إيجاد حلول واقعية وتدرجية. من املعروف �أن جل الع�سكر يف النظام واملعار�ضة، وخا�صة �أ�صحاب اليد الطوىل يف القرار ،يعولون على احل�سم الع�سكري ،مع معرفتهم �شبه امل�ؤكدة �أن عوامل هكذا انت�صار تبدو معدومة ،من حيث الواقع العملي امليداين� ،أو من حيث التوازنات الإقليمية والدولية ،وموقعها يف الو�ضع ال�سوري.
بالطبع ،نحن ال ن�ستطيع �أي�ض ًا القفز من فوق التاريخ ،فقد �أتى االنفجار املجتمعي ال�سوري بو�صفه ثورة على عقود تراكمت فيها كل عوامل هذا االنفجار ،ومل يعد من املمكن اال�ستمرار يف ال�سياق الذي كان موجوداً قبل منت�صف �آذار . 2011 من جهة �أخرى ،ف�إن �سياق الو�ضع ال�سوري �أفرز العديد من الظواهر التي ال ينبغي �إغفالها حلظة تعريف الو�ضع ال�سوري ،فنحن اليوم �أمام دولة مركزية تقل�صت حدود �سيطرتها على اجلغرافيا واالقت�صاد ،وفقد جي�شها م�صداقيته حني ُزج به يف مواجهة املحتجني ،ومن ثم القتال ،و�أمام تدخل �إقليمي �رش�س من قبل �إيران ملنع �سقوطه ،و�إدارة رو�سية ارتكبت كل الأخطاء املمكنة من منطق اتخاذ الأزمة ال�سورية مطية لتعظيم دورها الدويل. ويف ال�ضفة املقابلة� ،أي املعار�ضة والف�صائل امل�سلحة ،فهي الأخرى ما زالت م�شتتة الربامج، يجمعها �شعار نظري عام ،وهو �إ�سقاط النظام، وبع�ضها فقد حتى االهتمام بهذا ال�شعار مل�صلحة �أولويات �أخرى ،مثل تعظيم دوره يف ال�رصاع، خا�صة ال�رصاع على متثيل املعار�ضة �أكانت �سيا�سية �أم م�سلحة. والأهم ،رمبا من هذا كله� ،أن ال�شعب ال�سوري (يف كتل كبرية منه) مل يعد معني ًا بال�رصاع ،وفاقداً للأمل يف �إيجاد نهاية مل�أ�ساته املتعددة ،واملر�شحة
ملزيد من التفاقم ،مع عدم وجود ما يلوح يف الأفق من حلول �سيا�سية� ،أو ع�سكرية. يف تو�صيفنا ال�سابق ،ثمة حماولة للقول �إن فرز عنا�رص ال�رصاع قد يكون �أمراً حيوي ًا وال غنى عنه يف �إعادة تعريفه ،ك�رشط ومقدمة لإنتاج حلول� ،إذ �أن التمرت�س وراء فهم حمدد و�أحادي لل�رصاع مل يعد ممكن ًا ،لي�س فقط نظري ًا ،و�إمنا واقعي ًا ،بل هذا الفهم الأحادي هو �أحد �أ�سباب ا�ستمرار ال�رصاع. قد يكون احلديث عن �إعادة تعريف ال�رصاع هو الآخر �أمر غري واقعي ،مبعنى �أدق :لي�س هناك من هو م�ستعد لتغيري احل�صان يف منت�صف ال�سباق. ما زال الرهان م�ستمراً على توازن ال�ضعف من قبل كل طرف ،فالنظام يعتقد �أن الأطراف الأخرى ميكن �أن تت�آكل بفعل عوامل التناق�ض فيما بينها ،كما تعتقد �أطراف يف املعار�ضة �أن الو�ضع الإقليمي والدويل لن ي�سمح بانت�صار النظام ،لكن يف احلقيقة، ف�إن ما يت�آكل خالل كل هذا الوقت هو �سوريا، وكل ما ينطوي حتت ا�سم هذا البلد من هوية ،ومن �إمكانات التعاي�ش امل�ستقبلية ،ومن هدرٍ للكرامة الإن�سانية ،وا�ستمرار اقت�صاد العنف يف �إنهاك البالد ،واملوت املجاين ،وتهجري املدنيني ،و�إعدام �أي فر�صة لنهو�ض �سوريا مرة �أخرى ،فهل ثمة من هو م�ستعد لإعادة تعريف ال�رصاع ،واالنخراط يف حلول من طبيعة مغايرة ملا طرح حتى الآن؟.