Al badil 133

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/03/30‬م‬ ‫العدد (‪)133‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (133) 30/03/2014‬‬

‫انزالق احللبة يف لعبة ت�سجيل النقاط الع�سكرية‬

‫معركة ك�سب‬ ‫ح�سام مريو‬

‫بني معارك يتقدم فيها النظام كما ح�صل يف يربود‪،‬‬ ‫وبني �أخرى تتقدم فيها الف�صائل الع�سكرية لقوى‬ ‫املعار�ضة كما يف حلب وك�سب‪ ،‬ت�ستمر احلالة ال�سورية‬ ‫بعيداً عن �إنتاج �أية حلول �سيا�سية‪ ،‬وت�ستمر معاناة‬ ‫ال�سوريني يف ظل انعدام الر�ؤية ملا �سيكون عليه م�ستقبل‬ ‫بلدهم‪.‬‬ ‫ينت�شي النظام بتقدم هنا �أو هناك على الأر�ض ال�سورية‬ ‫التي كان يحكمها كام ًال ب�آلة اخلوف قبل ‪ ،2011‬وكان‬ ‫كافي ًا ملفرزة �أمن �سيا�سي خالل �أربعة عقود قبل الثورة‬ ‫�أن تتحكم مبفا�صل منطقة كاملة يف الريف‪ ،‬و�أن تدير‬ ‫توازنات القوى املحلية فيها‪ ،‬لكن اليوم بات دخول‬ ‫قوات النظام‪ ،‬وبدعم من قوات جزب اهلل‪� ،‬إىل مدينة‬ ‫يربود التي خلت من �سكانها‪ ،‬وال يزيد عدد املقاتلني‬ ‫فيها عن ‪ 1000‬مقاتل بح�سب �أعلى تقدير‪ ،‬بات هذا‬ ‫الدخول مبثابة ن�رص‪ ،‬يحتفي به النظام‪ ،‬كما ي�شكل‬ ‫منا�سبة لتوزيع احللوى من قبل موالني حلزب اهلل‪،‬‬ ‫دوخ العامل العربي ببطوالته �ضد‬ ‫وهو الذي كان قد ّ‬ ‫الإ�رسائيليني يف متوز من العام ‪.2006‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬كانت املعار�ضة امل�سلحة قد ك�سبت يف‬ ‫فرتات خمتلفة خالل العامني الأخريين مناطق ومدن‬ ‫عدة‪ ،‬وتراجعت يف �أوقات ما عما كانت احتلته �سابقاً‪،‬‬ ‫وبرزت قوى �أ�سا�سية فيها ما لبث بريقها تراجع بعد‬ ‫حني كما حدث مع لواء التوحيد يف حلب‪ ،‬وبقي �أمر‬ ‫ت�شكيل جي�ش وطني يف خرب كان‪ ،‬وذلك على الرغم من‬ ‫منا�شدات عديدة من قبل ع�سكريني و�سيا�سيني كرث‪ ،‬ويف‬

‫�أكرث من منا�سبة‪ ،‬وكل ذلك ملنع حتكم البعد الإيديولوجي‬ ‫يف طريقة ت�شكيل الف�صائل‪ ،‬وتوحيد القيادة وال�سيطرة‪،‬‬ ‫وتر�شيد ا�ستخدام املوارد‪ ،‬والأهم من ذلك كله و�ضع‬ ‫احلالة الع�سكرية حتت �إمرة القيادة ال�سيا�سية‪ ،‬فالهدف‬ ‫النهائي يجب �أن يكون �سيا�سياً‪ ،‬وهو ت�أمني احلالة‬ ‫االنتقالية من دولة الأ�سد �إىل الدولة ال�سورية‪.‬‬ ‫وبعد موت جنيف ‪ ،2‬الذي عولت عليه بع�ض القوى‬ ‫الدولية ليكون مدخ ًال لت�سوية الأزمة ال�سورية‪ ،‬مل يعد‬ ‫�أمام ال�سوريني منفذاً دولي ًا ي�ؤمن عملية التفاو�ض‪ ،‬ما‬ ‫يعني عملي ًا ترك ال�ساحة ال�سورية لتفاعالتها الداخلية‪،‬‬ ‫واملق�صود به هنا‪ ،‬ترك القتال م�ستمراً‪ ،‬مع علم املجتمع‬ ‫الدويل م�سبق ًا ب�أن طهران �ست�سمر يف دعم الأ�سد‪ ،‬ولن‬ ‫ت�سمح ب�سقوطه ع�سكرياً‪ ،‬فال�سقوط الع�سكري للأ�سد‬ ‫ع�سكري ًا (من دون تفاو�ض) يعني خ�سارة �إقليمية كبرية‬ ‫لطهران‪ ،‬ول�سيا�ستها يف املنطقة‪ ،‬وخ�سارة للحر�س‬ ‫الثوري الإيراين والقوة املت�شددة داخل النظام الإيراين‪،‬‬ ‫والتي بنت �سمعتها من خالل نفوذها‪ ،‬وت�أمني حماية‬ ‫احللفاء‪ ،‬ودعمهم خدمة مل�صالح �إيران اال�سرتاتيجية يف‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫لكن‪� ،‬أي�ضاً‪ ،‬داعمو املعار�ضة امل�سلحة‪ ،‬لن ي�سمحوا‬ ‫للأ�سد ومن خلفه طهران بن�شوة انت�صارات �ساحقة‪،‬‬ ‫وهناك دائم ًا يف الأدراج �سيناريوهات ميكن تناولها‬ ‫من على الرف‪ ،‬وحتويلها لواقع عملي‪ ،‬فاحلديث عن‬ ‫معركة ال�ساحل كان موجوداً دائماً‪ ،‬لكن بو�صفه �أحد‬ ‫ال�سيناريوهات التي من �ش�أنها حتقيق اخرتاق جدي لقوة‬

‫النظام‪ ،‬لكنه هذا ال�سيناريو مل يجد طريقه �إىل التطبيق‬ ‫قبل دخول قوات النظام وحزب اهلل �إىل يربود‪ ،‬وبالفعل‪،‬‬ ‫فقد �أفقدت معركة «ك�سب» النظام ن�شوة انت�صاره يف‬ ‫يربود‪ ،‬والأهم من ذلك �أنها وجهت ر�سالة �إىل مواالة‬ ‫النظام ب�أن ا�ستهداف املدن املح�سوبة على النظام‬ ‫ممكن‪ ،‬و�أن الأ�سد ال ي�شكل �ضمانة لهم‪ ،‬وهو ما يفهم‬ ‫الأ�سد معناه جيداً‪.‬‬ ‫بالن�سبة للدول الإقليمية‪ ،‬ف�إن �شكل املخرج من الأزمة‬ ‫ال�سورية هو �أحد ترتيبات الو�ضع الإقليمي‪ ،‬و�سيتم‬ ‫حتديد نفوذ الالعبني الأ�سا�سيني بدرجة من الدرجات‬ ‫من خالل ال�ساحة ال�سورية‪ ،‬وهو �أمر يحتاج �إىل توافق‬ ‫دويل‪ ،‬خا�صة بني �أمريكا ورو�سيا‪ ،‬وهو توافق مل يحدث‬ ‫حتى اللحظة‪ ،‬وجاءت الأزمة الأوكرانية لتزيده تعقيداً‪.‬‬ ‫يف بلدنا �سورية‪ ،‬ن�شهد لعبة مالكمة متوا�صلة‪ ،‬ومن غري‬ ‫امل�سموح لأحد الأطراف �إنهاء اللعبة بال�رضبة القا�ضية‪،‬‬ ‫و�إمنا ا�ستمرار الأطراف بت�سجيل نقاط �ضد بع�ضهم‬ ‫البع�ض‪ ،‬بينما ت�ستمر �أر�ض املعركة «احللبة» نف�سها‬ ‫باالهرتاء واالنزالق حتت �أرجل الالعبني‪.‬‬ ‫ويف هذا الوقت‪ ،‬والذي معول فيه �أن ت�ستعيد املعار�ضة‬ ‫ال�سيا�سية ر�شدها‪ ،‬ف�إننا ال جند ما ي�شري �إىل ذلك‪،‬‬ ‫فمن دون وجود معار�ضة �سيا�سية وازنة‪ ،‬وذات ر�ؤية‬ ‫مل�ستقبل ال�رصاع‪ ،‬ف�إن ا�ستمرار وهم االنت�صار الع�سكري‬ ‫�سيبقى �ساري املفعول �إىل �أجلٍ غري م�سمى‪� ،‬أما اخلا�رس‬ ‫الوحيد فهو الوطن ال�سوري‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫الأردن‪ :‬فر�ص العمل وتلقي امل�ساعدات �سببان للتوتر بني ال�سوريني وال�سكان املحليني‬ ‫الأردن‪ -‬خا�ص «البديل»‪:‬‬

‫الالجئون يف الأردن‬ ‫يف بلد مثل الأردن بات ي�ضم الآن الجئني‬ ‫�سوريني بالإ�ضافة �إىل ما يتواجد فيه �أ�ص ًال من‬ ‫الجئني فل�سطينيني‪ ،‬ف�إنه من الطبيعي �أن يكون‬ ‫هناك تناف�س من قبل �أ�صحاب العمل على ت�شغيل‬ ‫الالجئني ب�أجور �أقل‪ ،‬وذلك كله يف الوقت الذي ال‬ ‫توجد فيه الكثري من تلك الفر�ص‪.‬‬ ‫يف جر�ش‪ ،‬على �سبيل املثال ال احل�رص‪ ،‬هناك‬ ‫الجئون فل�سطينيون من غزة‪ ،‬وهم يعتربون �أن‬ ‫و�ضع الالجئني ال�سوريني �أف�ضل منهم بكثري‪ .‬الأمر‬ ‫يثري اال�ستغراب حني يقارن الجئون بني �أو�ضاعهم‪،‬‬ ‫لكن هذا ما يح�صل فع ًال‪ ،‬ولي�س جمرد خيال حم�ض‪،‬‬ ‫فالفل�سطينيون يرون �أن الالجئ ال�سوري لديه على‬ ‫الأقل جن�سية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ما يح�صلون عليه من‬ ‫م�ساعدات من مفو�ضية الالجئني‪ ،‬كما �أن �أ�صحاب‬ ‫العمل يف�ضلون ال�سوريني‪ ،‬حيث �أن الالجئ ال�سوري‬ ‫م�ستعد لتقدمي تنازالت كثرية من �أجل العمل �أو ًال‪،‬‬ ‫ومن ثم تقدمي تنازالت للبقاء يف العمل من جهة‬ ‫ثانية‪ ،‬مثل العمل لعدد �أكرب من ال�ساعات من دون‬ ‫�أجر �إ�ضايف على تلك ال�ساعات‪.‬‬ ‫العامل ال�سوري ال يحتاج �إىل �إذن عمل‪ ،‬وهكذا ف�إن‬ ‫�أ�صحاب العمل يجدون ذلك �سه ًال بالن�سبة لهم‪،‬‬ ‫ويريحهم من �إجراء معاملة �إ�صدار عقود عمل‪ ،‬ولهذا‬ ‫ف�إن �أ�صحاب العمل الأردنيني باتوا يف�ضلون ت�شغيل‬ ‫ال�سوريني‪ ،‬لي�س فقط �أكرث من الالجئ الفل�سطيني‪،‬‬ ‫و�إمنا من الأردين نف�سه �صاحب البلد امل�ضيف‪ ،‬وهو‬ ‫ما ي�ضاعف اال�ستياء من الالجئ ال�سوري‪.‬‬ ‫يف جر�ش �أي�ض ًا هناك طلب على عمالة الن�ساء يف‬ ‫الزراعة‪ ،‬وهناك الآن حالة تناف�س على فر�ص العمل‬ ‫يف القطاع الزراعي‪ ،‬وتعتقد �إحدى الن�ساء من قطاع‬ ‫غزة �أن �أ�صحاب املزارع مييلون �إىل ت�شغيل املر�أة‬ ‫ال�سورية يف مزارعهم‪ ،‬وذلك ‪" :‬لأنها �أجمل‪ ،‬وعيونها‬ ‫جميلة"‪ ،‬لكن يف حقيقة الأمر ف�إن امل�س�ألة برمتها‬

‫العامل ال�سوري ال يحتاج �إىل �إذن‬ ‫عمل‪ ،‬وهكذا ف�إن �أ�صحاب العمل‬ ‫ال بالن�سبة لهم‬ ‫يجدون ذلك �سه ً‬ ‫كما قال مزارع �أردين تتعلق "ب�أن املر�أة ال�سورية‬ ‫تقبل بالعمل ب�أجر �أقل‪ ،‬وهي تتم�سك بفر�صة العمل‬ ‫التي حت�صل عليها"‪.‬‬ ‫من املعروف �أن احلكومة الأردنية قد و�ضعت حداً‬ ‫�أدنى للأجور‪ ،‬وهو ‪ 190‬دينار �أردين‪� ،‬أي ما يعادل‬ ‫‪ 270‬دوالر �أمريكي‪� ،‬أما بالن�سبة للعمالة القادمة‬ ‫من اخلارج فاحلد الأدنى للأجور هو ‪ 110‬دينار‬ ‫�أردين‪� ،‬أي ما يعادل ‪ 155‬دوالر �أمريكي‪ ،‬لكن كل‬ ‫ذلك يبقى حرباً على ورق‪ ،‬فلي�س هناك حمالت‬ ‫تفتي�ش كافية للت�أكد من تطبيق �رشط احلد الأدنى‬ ‫للأجور على العمال غري الأردنيني‪ ،‬خا�صة مثل‬ ‫ال�سوري الذي ال يحتاج �صاحب العمل �إىل �إ�صدار‬ ‫�إذن عمل له‪ ،‬وهو الأمر الذي ي�ؤدي �إىل وجود‬ ‫انتهاكات كبرية مبا يخ�ص احلد الأدنى للأجور‪،‬‬ ‫وتطبيقه على العمال ال�سوريني‪.‬‬ ‫�إن دخول العمالة ال�سورية على خط القطاع‬ ‫الزراعي‪ ،‬و�أدى �إىل انخفا�ض وا�ضح يف الأجور‪،‬‬ ‫حتى �أن العمالة امل�رصية التي كانت تو�صف �سابق ًا‬ ‫ب�أنها "الأرخ�ص" يف القطاع الزراعي‪ ،‬باتت اليوم‬ ‫غري قادرة على مناف�سة العمالة ال�سورية‪ ،‬وكل ذلك‬ ‫يف الوقت الذي �شهد الأردن فيه خالل العامني‬ ‫الأخريين ارتفاع ًا يف �سعر ال�سلع الأ�سا�سية بن�سبة‬ ‫‪ 5%‬عما كانت عليه قبل ‪. 2011‬‬ ‫يقول �أبو �أحمد‪ ،‬وهو �أردين‪ ،‬وهو �أحد �أ�صحاب‬ ‫املزارع ‪ :‬العامل ال�سوري يقبل ب�أجر قدره ‪100‬‬ ‫دينار‪ ،‬ولي�س هناك �سوري يعي�ش لوحده‪ ،‬فكل‬ ‫�أربعة �أو خم�سة من ال�سوريني يعي�شون مع بع�ضهم‬ ‫البع�ض‪ ،‬هذا يعني �أن �إجمايل ما يتقا�ضونه هو‬

‫‪ 500‬دينار �أردين‪ ،‬وجزء كبري منهم لديه مهارات‬ ‫العمل الزراعي‪ ،‬ولذلك ف�إنهم يتمكنون من العي�ش‪،‬‬ ‫لأنهم يعي�شون مع ًا‪ ،‬وي�أكلون مع ًا‪ ،‬وهمهم الوحيد‬ ‫هو ت�أمني حياتهم‪ ،‬وهذا كله مريح لأ�صحاب‬ ‫املزارع‪ ،‬لكن بالت�أكيد هذا الأمر يجعل الكثري من‬ ‫العمال الفل�سطينيني �أو حتى الأردنيني ي�شعرون‬ ‫بالتذمر‪ ،‬فقد خ�رس بع�ضهم عمله يف قطاع الزراعة"‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن ال�سوريات العامالت ال يعرفن‬ ‫حقوقهن يف العمل بخالف املر�أة الأردنية‪ ،‬فاملر�أة‬ ‫الأردنية ال ميكن �أن تقبل العمل ب�أجر قدره ‪90‬‬ ‫دينار �أردين‪ ،‬بل ي�ستحيل �أن تقبل‪ ،‬لأنه مبلغ زهيد‬ ‫جداً ملا حتتاجه حياتها بو�صفها مواطنة �أردنية‪،‬‬ ‫فهي �إذا �أرادت و�ضع ابنها يف ح�ضانة للأطفال‬ ‫فهذا يكلفها ‪ 70‬دينار �أردين‪� ،‬أما العاملة ال�سورية‬ ‫فتقبل بهذا الأجر‬ ‫�إن غالبية يعي�شون خارج املخيمات يف املحافظات‬ ‫ال�شمالية من الأردن‪ ،‬حيث كانت م�ستويات الفقر‬ ‫بني �أعلى املعدالت يف البالد حتى قبل �أزمة‬ ‫ا�ستياء عام ًا بني‬ ‫الالجئني ال�سوريني ‪ .‬وهناك‬ ‫ً‬ ‫�سكان البلد امل�ضيف ب�سبب امل�ساعدات الكبرية التي‬ ‫ت�صل لهم من خالل املجتمع الدويل‪ ،‬مع وجود‬ ‫جتاهل حلاجة ال�سكان الأردنيني الذين يعي�شون يف‬ ‫تلك املحافظات‪ ،‬وهو ما يزيد من حالة التوتر بني‬ ‫ال�سكان الأردنيني وبني الالجئني ال�سوريني‪.‬‬ ‫وهناك بع�ض الآراء التي تطرح اليوم يف العلن من‬ ‫قبل الأردنيني‪ ،‬والتي جتد �أنه من ال�رضوري تقييد‬ ‫عمل ال�سوريني‪ ،‬وذلك بحجة تلقيهم مل�ساعدات‬ ‫تكفيهم‪ ،‬بينما تعي�ش الكثري من العائالت الأردنية‬ ‫يف حالة من العوز ال�شديد‪ ،‬وال يجد �أفرادها‬ ‫فر�ص عمل مالئمة‪ ،‬بينما يح�صل ال�سوريون على‬ ‫امل�ساعدات الإن�سانية‪ ،‬ويحتلون الكثري من فر�ص‬ ‫العمل‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫اقت�صاد‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫الدوالر يف ال�سوق ال�سورية يف ظل تدخالت املركزي وتالعب �شركات ال�صرافة‬ ‫خا�ص «البديل»‪:‬‬

‫مع التلويح االمريكي ب�شن �رضبة ع�سكرية �ضد‬ ‫النظام ال�سوري يف �صيف ‪ 2013‬تدهور �سعر اللرية‬ ‫ال�سورية متجاوزاً ‪ 300‬ل‪� .‬س للدوالر‪ ،‬ليعود �إىل‬ ‫م�ستويات ترتاوح بني ‪ 150‬و ‪ 160‬ل‪� .‬س للدوالر‬ ‫مع تراجع احتماالت ال�رضبة الع�سكرية‪ ،‬وتدخالت‬ ‫البنك املركزي‪.‬‬ ‫املركزي يتدخل‪:‬‬ ‫يف بداية ال�شهر احلايل عقد م�رصف �سوريا املركزي‬ ‫جل�سة للتدخل يف �سوق القطع النقدية مع ممثلي‬ ‫�رشكات ال�رصافة املرخ�صة‪ ،‬بهدف تثبيت ا�ستقرار‬ ‫�سعر ال�رصف‪ .‬ونقلت �صحيفة «الوطن» ال�سورية‬ ‫عن املركزي‪� ،‬أنه على ا�ستعداد دائم للتدخل ب�شكل‬ ‫�إيجابي للحفاظ على العر�ض والطلب‪ ،‬وبيع م�ؤ�س�سات‬ ‫ال�رصافة كميات ترتاوح بني ‪ 25‬اىل ‪ 50‬الف دوالر‬ ‫�أمريكي ب�سعر ‪ 148.5‬ل‪�.‬س للدوالر على �أن تباع‬ ‫للجمهور بـ ‪ 149.99‬ل‪�.‬س للدوالر ‪.‬‬ ‫وقد كان املر�سوم الت�رشيعي رقم ‪ 54‬للعام ‪ 2013‬قد‬ ‫ق�ضى بتجرمي التعامل بغري اللرية ال�سورية كو�سيلة‬ ‫للمدفوعات �أو للتداول التجاري �أو الت�سديدات النقدية‪.‬‬ ‫واتخذ امل�رصف املركزي عدة �إجراءات للحفاظ‬ ‫على اللرية منها‪ ،‬القيام بحملة ملالحقة ال�رصافني‬ ‫النظاميني وغري النظاميني الذين يخالفون تعليماته‪،‬‬ ‫وعقد عدة جل�سات للتدخل يف �سوق القطع النقدية‬ ‫خلف�ض �سعر �رصف الدوالر يف ال�سوق ال�سوداء‪ .‬كما‬ ‫�ألزمت امل�صارف م�ؤخراً بالتعامل بالقطع الأجنبي‬ ‫ملعاجلة التفاوت يف �سعر ال�رصف واحلفاظ على‬ ‫قيمة اللرية وقدرتها ال�رشائية‪.‬‬ ‫ا�ستنزاف القطع االجنبي و ت�أمني ال�سيولة الالزمة‬ ‫للخزينة‪:‬‬ ‫يقدم امل�س�ؤولون ال�سوريون �أ�سباب ًا عدة النخفا�ض‬ ‫قيمة اللرية ال�سورية‪ ،‬منها امل�ضاربة وال�سم�رسة ب�سعر‬ ‫اللرية يف ال�سوق املحلية و�أ�سواق الدول املجاورة‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل العقوبات االقت�صادية والهجوم على‬ ‫اللرية‪ ،‬واحل�صار املفرو�ض‪� .‬إذ ت�أثر االقت�صاد ال�سوري‬ ‫بالأحداث منذ بداية الأزمة مما �أثر على االحتياطي‬ ‫النقدي لدى امل�صارف‪.‬‬ ‫وا�ضطرت �سوريا لأول مرة ال�سترياد الدقيق يف �أواخر‬ ‫العام ‪ ،2012‬و�أبرمت عقدين مع �إيران وتركيا‪.‬‬ ‫وبالرغم من �أن خمزون القمح يف �سوريا يكفي‬ ‫ل�سنتني �إال �أن امل�شكلة تكمن يف تو�ضع هذا املخزون‬ ‫يف املناطق املو�صوفة بال�ساخنة‪ .‬كما يلعب ا�سترياد‬ ‫النفط اي�ض ًا دوره يف ا�ستنزاف القطع الأجنبي‪� .‬إذ‬ ‫جل�أت احلكومة ال�سورية كما يقول اخلبري االقت�صادي‬ ‫جهاد يازجي («النهار» ‪� )12/3/2014،‬إىل خط‬ ‫ائتماين بقيمة ‪ 3.6‬مليار دوالر وقع يف نهاية متوز‬ ‫‪ 2013‬ت�ستورد �سوريا عربه ما قيمته ‪ 400‬مليون‬ ‫دوالر من النفط‪ .‬وح�سب بع�ض امل�صادر الر�سمية‬ ‫تدفع احلكومة ال�سورية مبالغ ترتاوح بني ‪ 300‬و‬ ‫‪ 500‬مليون دوالر �شهري ًا ال�سترياد النفط‪.‬‬ ‫حاكم م�رصف �سوريا د‪� .‬أديب مياله كان قد �رصح‬ ‫�أن امل�رصف قام بعدة �إجراءات للت�أقلم مع الأزمة‪،‬‬ ‫ومتكن من حتييد احتياطاته من القطع الأجنبي‬ ‫من خطر التجميد ب�سبب العقوبات‪ ،‬وحتييد القطاع‬ ‫امل�رصيف عن خماطر �آثار الأزمة �ضمن حدود مقبولة‬ ‫مكنته من اال�ستمرار يف عمله وت�أمني ال�سيولة الالزمة‬ ‫باللريات ال�سورية للخزينة العامة واحتياجات الدولة‬

‫�رشكات �رصافة يف �سورية‬ ‫لتمويل املواد امل�ستوردة للقطاعني العام واخلا�ص‪.‬‬ ‫باب ربح جديد‬ ‫ر�أى مراقبون اقت�صاديون �أن تدخل املركزي على‬ ‫هذا النحو �صار يخدم امل�ضاربني ليرتكز القطع يف‬ ‫يد حفنة قليلة منهم‪ ،‬ووفر لهم بالتايل القدرة على‬ ‫التحكم بال�سوق‪ .‬ودعوا �إىل عدم اقت�صار تدخالت‬ ‫املركزي على بيع القطع فقط‪ ،‬بل �إىل حزمة من‬ ‫االجراءات املتكاملة حتقق �سعر ا�ستقرار ال�رصف على‬ ‫املدى البعيد‪.‬‬ ‫�إن انخفا�ض �سعر الدوالر يف ال�سوق ال�سوداء عن �سعر‬ ‫الدوالر الذي ت�س ّلم فيه �رشكات ال�رصافة احلواالت‬ ‫دفعها �إىل عدم االلتزام بتعليمات املركزي‪ .‬الأمر‬ ‫عر�ض البع�ض منها �إىل الإغالق والغرامات‪.‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫ويعتقد كثريون من املنتمني اىل احلقل االقت�صادي‬ ‫اليوم �أن �رشكات ال�رصافة باتت املتحكم ب�سعر القطع‬ ‫يف ال�سوق‪ ،‬و�أن �إلزام املركزي لهذه ال�رشكات بعدم‬ ‫ت�سليم احلواالت لزبائنها بالقطع الأجنبي و�إمنا‬ ‫باللرية قد فتح لهم باب ربح على ح�ساب املواطن‪.‬‬ ‫العديد من املواطنني ا�شتكوا لو�سائل �إعالم حملية من‬ ‫ت�سلمهم حواالتهم ب�سعر منخف�ض عن �سعر الدوالر‬ ‫يف ال�سوق ال�سوداء‪ ،‬وقد �أعلنت العديد من �رشكات‬ ‫ال�رصافة يف العا�صمة و�سط دم�شق عن �أ�سعار �رصف‬ ‫منخف�ضة للقطع الأجنبي مقابل اللرية ال�سورية‬ ‫بن�سبة ‪ ،8-14%‬ولكن هذه ال�رشكات ال تبيع الدوالر‬ ‫بهذا ال�سعر املنخف�ض الذي تعلنه يف ن�رشاتها بحجة‬ ‫عدم توفره‪ .‬وبالتايل حت�صل عن طريق بيعها للدوالر‬ ‫يف اخلارج �أو يف ال�سوق ال�سوداء على �أرباح كبرية‬ ‫بنيت على �أ�سا�س التالعب باحلواالت ‪.‬‬ ‫ومن املعروف �أن القانون رقم ‪ 24‬تاريخ‬ ‫‪ 24/4/2006‬قد �أجاز �رشكات ال�رصافة يف �سوريا‬ ‫و�صنفها �إىل نوعني‪ :‬ال�رشكات التي يتم الرتخي�ص لها‬ ‫على �شكل �رشكات م�ساهمة مغفلة‪ ،‬ومكاتب ال�صريفة‬ ‫التي مت الرتخي�ص لها على �شكل �رشكات ت�ضامنية‬ ‫بني �أ�شخا�ص طبيعيني من اجلن�سية ال�سورية ومن‬ ‫يف حكمهم ‪ .‬كما �أجاز القانون للمواطنني ال�سوريني‬ ‫وامل�صارف العامة واخلا�صة امل�ساهمة يف ت�أ�سي�س‬ ‫�رشكات �رصافة م�ساهمة مغفلة �سورية‪ ،‬ويجوز‬ ‫ل�رشكات ال�رصافة العربية والعاملية ذات اخلربة‬

‫املميزة امل�ساهمة يف ت�أ�سي�س هذه ال�رشكات‪.‬‬ ‫يف جل�سته الأخرية للتدخل رفع املركزي احلد‬ ‫الأق�صى امل�سموح ببيعه لكل فرد من ‪ 250‬دوالر اىل‬ ‫‪ 500‬دوالر لأغرا�ض غري جتارية‪ .‬لكن �آراء خرباء‬ ‫اقت�صاديني ح�سب �صحيفة «الوطن» ال�سورية قد �أكدت‬ ‫�أن املواطن العادي ال يح�صل على الدوالر من �أجل‬ ‫التداول بل حلفظ �أمواله‪ .‬وهذا ي�ؤدي �إىل زيادة الطلب‬ ‫على الدوالر‪ ،‬وبالتايل ارتفاع �سعر ال�رصف‪ .‬ودعت‬ ‫هذه الآراء �إىل البحث عن �صفقات حقيقية هي الأكرث‬ ‫حاجة اىل الدوالر يتم ت�سديدها عن طريق امل�صارف‬ ‫ولي�س عن طريق �رشكات ال�رصافة‪ ،‬بحيث تكون‬ ‫الأخرية للت�رصيف فقط‪.‬‬ ‫م�ستقبل االقت�صاد ال�سوري‬ ‫نقلت «النهار» اللبنانية عن وحدة البحوث‬ ‫االقت�صادية يف جملة "الإيكونوم�ست" الربيطانية يف‬ ‫�شباط ‪ ،2014‬توقعاتها بانخفا�ض الناجت املحلي‬ ‫يف �سوريا �إىل ‪ 3.4‬مليار دوالر يف ‪ 2014‬بعدما‬ ‫بلغ العام ‪ 2010‬حوايل ‪ 60‬مليار دوالر‪ .‬و�أ�ضافت‪،‬‬ ‫�أن تقرير االمم املتحدة الذي ن�رش يف ت�رشين الأول‬ ‫‪ 2013‬بينّ �أن ن�صف ال�سكان يف �سوريا باتوا‬ ‫حتت خط الفقر‪ ،‬و �أن ‪ 4.4‬ماليني يعي�شون يف فقر‬ ‫مدقع‪� .‬أما ن�سبة البطالة فبلغت ‪ ،% 48.6‬وانخف�ض‬ ‫�إنتاج النفط ‪ .96%‬ونقلت ال�صحيفة عن خرباء �أنه‬ ‫بالإ�ضافة اىل الدعم الرو�سي والإيراين الع�سكري‪،‬‬ ‫هناك دعم اقت�صادي وجتاري ال يقل �أهمية‪ .‬و�أن‬ ‫ثمة عوامل �إ�ضافية �ساعدت االقت�صاد على الثبات‬ ‫منها انخفا�ض عدد ال�سكان‪ ،‬والإجراءات احلكومية‬ ‫للحد من النفقات اجلارية‪ .‬كما �أن امل�ساعدات الدولية‬ ‫تعفي احلكومة من ا�سترياد العديد من احلاجات‬ ‫اال�ستهالكية‪ .‬ور�أت ال�صحيفة �أنه بالرغم من فقدان‬ ‫اللرية ال�سورية ثالثة �أرباع قيمتها منذ �آذار ‪� 2011‬إال‬ ‫�أن احلكومة ال�سورية ا�ستطاعت احلفاظ على ا�ستقرار‬ ‫�سعر ال�رصف مقابل الدوالر‪ .‬اخلبري االقت�صادي مازن‬ ‫�أر�شيد ر�أى‪ ،‬بح�سب ال�صحيفة ذاتها‪� ،‬أن االقت�صاد‬ ‫ال�سوري بات «اقت�صاد حرب» و�أنه لن يكون يف و�ضع‬ ‫جيد‪� ،‬إذ �أن �سوريا «دخلت يف نفق مظلم �سيمتد اىل ما‬ ‫بعد نهاية الأزمة»‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫ك�سب وحلب‪ :‬من �سيفا�ستوبول �إىل �إخوة الرتاب‬ ‫غازي دحمان‬

‫معركة حلب‬ ‫�أخذت املعارك التي ت�شنها قوى الثورة ال�سورية‪ ،‬يف‬ ‫ك�سب بريف الالذقية ومدينة حلب وريفها‪� ،‬صدى‬ ‫وا�سع ًا يف �إعالم النظام وحلفه من بريوت �إىل‬ ‫مو�سكو‪ ،‬مروراً بطهران وبغداد‪� ،‬إذ جرى �إعطا�ؤها‬ ‫�أبعاداً �أكرب من تلك التي نظر لها الثوار �أنف�سهم‪،‬‬ ‫وذلك عرب �صناعة �سياق خا�ص منف�صل عن �سياق‬ ‫احلدث ال�سوري امللتهب منذ ثالثة �أعوام‪.‬‬ ‫ولعل الالفت بهذا اخل�صو�ص ذهاب بع�ض‬ ‫ّ‬ ‫تف�سرياتهم �إىل حد اعتبار تلك املعارك مبثابة رد‬ ‫على احتالل الرو�س لقاعدة �سيفا�ستوبول يف جزيرة‬ ‫القرم ب�أوكرانيا‪ ،‬وبالت�أكيد ف�إن من يقوم بالرد لن‬ ‫تكون قوى الثورة ال�سورية‪ ،‬بل هو حلف الأطل�سي‬ ‫بكل قواته وقدراته‪ ،‬يف حماولة وا�ضحة للت�شكيك‬ ‫بقدرات قوى الثورة وا�ستمرار فعاليتها‪ ،‬ويف‬ ‫حماولة ل�شد ع�صب الرو�س وحلفهم‪� ،‬أو ا�ستجداء‬ ‫م�ساعدة �أكرب من تلك التي يح�صل عليها نظام ب�شار‬ ‫الأ�سد ومواليه‪ ،‬وخا�صة بعد �أن ف�ضح العامل روايته‬ ‫من �أنه ي�شكل ر�أ�س حربة للحماية من الإرهاب‪ ،‬فال‬ ‫ب�أ�س من االنتقال �إىل ٍ‬ ‫منط ثانٍ من احلماية‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه املرة للحلف الذي متتد �إجنازاته من عر�سال‬ ‫�إىل �سيفا�ستوبول‪ ،‬وما بينهما الفلوجة والرمادي‬ ‫ويربود‪.‬‬ ‫ويف ما ي�شبه حماولة ل�شد �إزر « �أبناء الوطن»‬ ‫الذين ال يح�رض ذكرهم �إال حني طلب الدفاع عن‬ ‫بقاء ب�شار الأ�سد‪ ،‬وا�ستنفار م�شاعرهم الوطنية‪،‬‬ ‫�سعى النظام وحلفه �إىل حماولة ت�صوير املعركة‬ ‫على �أنها تتم ب�إ�رشاف الأتراك» العثمانيني‪،‬‬ ‫وهذه حماولة ا�ستثمار يف ال�رسدية املعروفة عن‬ ‫املذابح التي ارتكبها العثمانيون يف حق الأقليات‪،‬‬ ‫وخا�صة الأرمن منهم‪ ،‬مبا �أن املناطق امل�ستهدفة‬ ‫من قبل الثوار يف حلب هي مناطق ي�سكنها الإخوة‬ ‫الأرمن‪ ،‬وبالتايل حماولة جلذب الطائفة امل�سيحية‬ ‫خ�صو�صا‪ ،‬والأقليات عموما‪ ،‬ب�شكل �أكرب مما هو‬ ‫عليه الآن‪� ،‬إىل مدار النظام‪ ،‬خا�صة و�أن العمليات‬ ‫ال تتم فقط ب�إ�رشاف تركي‪ ،‬و�إمنا �أي�ضا ب�أدوات‬ ‫�إ�سالمية‪ ،‬كناية عن كتائب اجلي�ش احلر التي تتكنى‬

‫ب�أ�سماء �إ�سالمية‪.‬‬ ‫�إذاً‪ ،‬املعركة هي خليط من رد �أطل�سي �إىل هجوم‬ ‫عثماين‪ ،‬وكذا هي تعبري عن �رصاع داخل احللف‬ ‫امل�ؤيد للثورة‪ ،‬بني قطر وتركيا من جهة‪ ،‬حيث حتاول‬ ‫الدولتان �إثبات ح�ضورهما‪ ،‬مقابل ال�سعودية التي‬ ‫�سعت �إىل تهمي�شهما‪ ،‬والتي كانت تخطط لإ�شعال‬ ‫املعركة من جبهة اجلنوب يف حوران‪ ،‬والهدف‬ ‫دائما هو �إ�سقاط ما ي�سمى» الدولة ال�سورية»‪ ،‬دون‬ ‫ن�سيان معزوفة �أن هذه املعركة مبثابة حماولة‬ ‫من رئي�س الوزراء الرتكي رجب طيب �أردوغان‬ ‫لتح�سني مواقعه االنتخابية يف االنتخابات البلدية‬ ‫القادمة‪ ،‬ودون ن�سيان االدعاءات ب�أن قطر وتركيا‬ ‫يف طريقهما �إىل �إعادة متو�ضع �إقليمية وحماورة‬ ‫دم�شق‪ ،‬لكن هذه اخلطوة يف �سياق حت�سني مواقفهما‬ ‫التفاو�ضية معها‪ ،‬مع التمني ب�أن تنتهي هذه‬ ‫العملية على خري وموا�ساة النف�س ب�أن حلف �شمايل‬ ‫الأطل�سي العاجز يف �سيفا�ستوبول لن يحقق النجاح‬ ‫يف ك�سب وحلب‪ ،‬و�أن «�إخوة الرتاب» �ستنف�ض عن‬ ‫كاهلها تراب القبور وركام املدن التي دمرتها‬ ‫الرباميل املتفجرة لتنه�ض مدافعة عن كر�سي ب�شار‬ ‫الأ�سد!‪.‬‬ ‫ال �شك �أن احلدث جاء مبثابة ال�صاعقة على ر�أ�س‬ ‫النظام وحلفه‪ ،‬حيث �أرادوا �إقناع �أنف�سهم ب�أن‬ ‫الثورة بعد يربود لي�ست كما قبلها‪ ،‬وان الأمور‬ ‫ت�سري �إىل اال�ست�سالم وتفكك بنى الثورة االجتماعية‬ ‫وال�سيا�سية‪ ،‬و�أن احللف �سائر يف طريقه �إىل �إكمال‬ ‫املهمة يف حلب ودرعا‪ ،‬وخا�صة بعد احل�صول على‬ ‫تطمينات �أمريكية بان معركة درعا لن حت�صل‪،‬‬ ‫و�إن ح�صلت فلن ت�ؤثر على توازن القوى‪ ،‬ح�سب‬ ‫ت�رصيحات روبرت فورد �سفري وا�شنطن ال�سابق يف‬ ‫دم�شق‪ ،‬على اعتبار �أن اجلبهة يف درعا �ضيقة وغري‬ ‫جمهزة جتهيزاً كافي ًا‪ ،‬وبالتايل ف�إن جبهة ال�ساحل‬ ‫مل تكن يف ح�سبان النظام وحلفه‪ ،‬خا�صة و�إن كانت‬ ‫حمرو�سة من قبل حلفاءه «الداع�شيني»‪.‬‬ ‫الواقع �أنه لي�س من امل�ستغرب �أن متثل معارك الثوار‬ ‫انعكا�س ًا لل�رصاع الدائر يف ال�ساحة الدولية‪ ،‬ذلك �أن‬

‫احللف الداعم لب�شار الأ�سد دفع بالق�ضية ال�سورية‬ ‫�إىل �أعلى م�ستويات التدويل‪ ،‬وبنى عليها رهانات‬ ‫كربى‪ ،‬وجعلها ورقة م�ساومة يف �رصاعاته الدولية‪،‬‬ ‫فلي�س من امل�ستغرب �أن يقابله الطرف الأخر بنف�س‬ ‫اال�ستجابة والتحدي‪ ،‬كما �أن ال�رصاع الدويل بات‬ ‫يرت�سم على فالق زلزايل ميتد على �أكرث من جبهة‪،‬‬ ‫ا�ستثناء يف هذه احلالة‪.‬‬ ‫واجلبهة ال�سورية لي�ست‬ ‫ً‬ ‫لكن العملية بدرجة كبرية هي نتاج ظروف‬ ‫مو�ضوعية وذاتية �أنتجها الواقع ال�سوري بدرجة‬ ‫كبرية‪ ،‬وخا�صة الواقع الثوري فيه‪ ،‬وظروف‬ ‫املعركة وحيثياتها‪ ،‬وهي تعك�س تطوراً يف الفكر‬ ‫الع�سكري الثوري‪ ،‬ذلك �أنه من الطبيعي �أن يجري‬ ‫تو�سيع جبهات القتال لزيادة ا�ستنزاف قوات‬ ‫النظام وت�شتيتها على جبهات عديدة‪ ،‬وتخفيف‬ ‫ال�ضغط على اجلبهات التي ي�ستهدفها‪ ،‬وكذلك جره‬ ‫�إىل معارك تنا�سب توقيت الثوار وت�شكل �صدمة له‪،‬‬ ‫كما ت�شكل ا�ستثماراً للمناطق الرخوة يف خوا�رصه‪،‬‬ ‫حيث تكون تقديرات اخلطر فيها منخف�ضة ن�سبي ًا‪،‬‬ ‫مما يحقق للمعار�ضة انت�صارات تعو�ض بع�ض ما‬ ‫تخ�رسه يف مناطق �أخرى‪.‬‬ ‫وت�شكل معركة ال�ساحل بهذا اخل�صو�ص �أهمية‬ ‫ا�ستثنائية‪ ،‬كونها ت�ضع بيئة النظام وخزانه‬ ‫الع�سكري �أمام مواجهة �صعبة مل جتربها منذ بداية‬ ‫الهجوم الناري للنظام على الثورة ال�سورية‪ ،‬وت�ضع‬ ‫تلك البيئة يف مواجهة الواقع ال�سوري احلقيقي بدل‬ ‫اكتفاءها ب�إر�سال �أبناءها �إىل املدن واحلوا�رض‬ ‫ال�سورية لقتل �أبناءها وت�شويل مقتنياتهم وبيعها‬ ‫يف �أ�سواق ال�سنة ال�شهرية‪.‬‬ ‫بعد يربود قالوا �إن ب�شار الأ�سد لن يقبل ب�إجراء‬ ‫االنتخابات يف ال�شهر ال�سابع قبل ا�ستعادة حلب‬ ‫كاملة‪ ،‬و�أكدوا �أنه �سيفعل‪ ،‬لكن الأمور تبدو �أنها‬ ‫ذاهبة �إىل خ�سارة الالذقية نف�سها‪ .‬هي الثورة تكمل‬ ‫م�ساراتها‪ ،‬دون �أن ت�أبه بالأحاديث الرغبوية التي‬ ‫مل يعد ي�سمع �صداها خارج الغرف التي تطلق منها‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫من حملة تر�شيح الأ�سد‬

‫�إعادة انتخاب الأ�سد �إعالن وفاة �صريحة للحل ال�سيا�سي‬ ‫عبد اهلل علي*‪ -‬ترجمة و�إعداد «البديل»‪:‬‬

‫يف حني مت اال�ستيالء على اهتمام املجتمع الدويل‬ ‫عن طريق �أوكرانيا‪ ،‬ف�إنه ال ينبغي �أن نغفل عن‬ ‫الأحداث الأخرية يف �سوريا مع بدء " احلملة‬ ‫االنتخابية " الرئا�سية لب�شار الأ�سد ‪ .‬ومن املرجح‬ ‫�أن تزيد‪ ،‬ولي�س �أن تنتهي ‪ ،‬الفجوة بني ال�سوريني‬ ‫من جميع املكونات‪.‬‬ ‫قانون االنتخابات اجلديد الذي �أقره الربملان‬ ‫ال�سوري يوم ‪ 13‬مار�س‪� /‬آذار اجلاري على ما يبدو‬ ‫ميهد الطريق �أمام العديد من املر�شحني ليتقدموا‬ ‫�إىل االنتخابات الرئا�سية يف يوليو ‪/‬متوز املقبل ‪،‬‬ ‫لكن هذا الأمر ال يخدع �أحداً‪ ،‬فهذا القانون هو لبقاء‬ ‫الأ�سد يف ال�سلطة‪.‬‬ ‫ومن املرجح �أن يتم ا�ستبعاد املعار�ضة ال�سورية‬ ‫ب�سبب املادة ‪ 30‬من قانون االنتخابات‪ ،‬والتي‬ ‫تن�ص على �أن عمر املر�شح يجب �أن يكون على الأقل‬ ‫‪� 40‬سنة ‪ ،‬ومقيم ب�شكل دائم يف �سوريا على الأقل‬ ‫خالل ال�سنوات الع�رشة املا�ضية ‪ ،‬ومتزوج من‬ ‫مواطنة �سورية‪ ،‬ولي�س لديه �سجل جنائي‪.‬‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬لن يتم عقد االنتخابات حتت‬ ‫مراقبة دولية ‪ ،‬و�إمنا حتت �سيطرة الأجهزة الأمنية ‪،‬‬ ‫متاما كما يف عهد نظام الأ�سد الأب ‪.‬‬ ‫و قرارات احلكومة ب�ش�أن االنتخاب تقيد ب�شدة حقوق‬ ‫ال�سوريني يف اخلارج يف الت�صويت‪ .‬على �سبيل‬ ‫املثال ‪ ،‬يحظر على �أي �شخ�ص ال يحمل جواز �سفر‬ ‫�ساري املفعول من دخول �أو مغادرة البالد‪ .‬وتزامن‬ ‫هذا القرار مع �إغالق ال�سفارات ال�سورية يف عدد‬ ‫من البلدان‪ ،‬وهو ما يعني �أنه لن يكون من املمكن‬ ‫لأي من ال�سوريني يف اخلارج ‪ ،‬الذي يبلغ عددهم‬ ‫الآن باملاليني ‪ ،‬العودة �إىل البالد والت�صويت ‪.‬‬ ‫ف�إن القانون اجلديد يحول الالجئني �إىل منفيني‬ ‫ومبعدين ب�سبب عدم قدرتهم على احل�صول على‬ ‫جوازات �سفر ‪.‬‬ ‫لعب بطاقة الأقليات‬ ‫كيف ميكن اجراء انتخابات حقيقية بينما يقبع‬

‫الآالف من املدنيني يف ال�سجن ؟ �أدى ال�رصاع‬ ‫�إىل مقتل �أكرث من ‪� 150‬ألف �شخ�ص ‪ ،‬بينهم‬ ‫ن�ساء و�أطفال ‪ .‬وقد �أدى ذلك �إىل خروج ما يقرب‬ ‫من ن�صف ال�سكان من منازلهم ‪ ،‬تاركني وراءهم‬ ‫املدن املدمرة و ‪ -‬الأهم ‪ -‬االنق�سام املتزايد داخل‬ ‫املجتمع ال�سوري ‪.‬‬ ‫النظام يبدو واثقا من �أن دعم الأقليات يف �سوريا‬ ‫�سوف يلعب دوراً قوي ًا يف ت�أمني فوز الأ�سد يف‬ ‫االنتخابات‪� .‬أُطلقت ف�صائل املعار�ضة امل�سلحة‬ ‫�رساح ‪ 13‬راهبة ينتمني �إىل طائفة الروم‬ ‫الأرثوذك�س كانوا قد وقعوا يف الأ�رس لأكرث منذ‬ ‫ثالثة �أ�شهر‪ .‬وقد عقدت �صفقة بني احلكومة وجبهة‬ ‫الن�رصة ‪ ،‬مب�شاركة قطر ولبنان اللذين لعبا دور‬ ‫الو�سيط‪ ،‬ويف املقابل‪ ،‬وافق النظام على �إطالق‬ ‫�رساح ‪ 148‬امر�أة من �سجون احلكومة‪ .‬ولكن ذلك‬ ‫�صعد من لهجة كثريين طالبوا بالإفراج عن العديد‬ ‫من العلويني ال�ضباط واجلنود والن�ساء والأطفال‬ ‫الذين مت اختطافهم من قبل قوات املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة‪ .‬كما �أن النظام مل يقم ب�إطالق النا�شطني‬ ‫واملدنيني من اخللفيات الأقلية‪.‬‬ ‫ال�صفقة التي �أدت �إىل �إطالق �رساح الراهبات‬ ‫امل�سيحية هي مثال واحد على الكيفية التي تدفع‬ ‫الأ�سد �إىل تقدمي التنازالت‪ ،‬وهو ما لقي انتقادات‬ ‫�ساخرة حول حمايته للأقليات‪ ،‬بينما الأ�صل يف‬ ‫املو�ضوع تهدئة خماوف الغرب‪.‬‬ ‫منذ بداية االنتفا�ضة ال�سورية يف عام ‪،2011‬‬ ‫ا�ستخدم الأ�سد الأقليات مل�ساعدته على البقاء يف‬ ‫ال�سلطة ‪ .‬وقد قدمت احلكومة نف�سها على �أنها حامية‬ ‫لهم‪ ،‬لكن فقط من م�صري غري م�ؤكد يف �سوريا ما بعد‬ ‫الأ�سد ‪� ،‬أي حكم الإ�سالميني ‪ .‬يف حني �أن املجتمع‬ ‫الدويل قد �أظهر القلق حول م�صري الأقليات مما قد‬ ‫تواجهه يف مرحلة ما بعد الأ�سد ‪ .‬ويجب �أن نفهم‬

‫�أن الرتكيز على الأقليات هو على ح�ساب غالبية‬ ‫الطائفة ال�سنية‪ ،‬وهو ما يزيد الأمور تعقيداً‪.‬‬ ‫رعاية الأقليات تعود بالذاكرة �إىل العهد العثماين‬ ‫لتعزيز م�صاحلهم اخلا�صة عند تناف�س القوى الدولية‬ ‫على الأقليات املحمية‪ ،‬مثل الدروز والعلويني و‬ ‫الروم الأرثوذك�س ‪ .‬مثل هذا النهج ‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬يزيد‬ ‫من الفجوة القائمة بالفعل بني جميع ال�سوريني ‪،‬‬ ‫ولي�س فقط على طول اخلطوط ذات الأغلبية الأقلية ‪.‬‬ ‫بد ًال من تكرار الأخطاء القدمية‪ ،‬يجب �أن تعمل‬ ‫اجلهات الفاعلة الدولية على تقليل االنق�سامات‬ ‫العرقية والدينية يف املجتمع ال�سوري‪ ،‬وال يجب �أن‬ ‫ي�سمحوا لأنف�سهم ب�أن ينخدعوا من قبل احلكومة يف‬ ‫ما يتعلق مب�س�ألة الأقليات‪ .‬لقد �ضحى الأ�سد بجميع‬ ‫الأقليات ‪ ،‬مبا يف ذلك العلويني ‪ ،‬وهو م�ستعد للمزيد‬ ‫من ذلك للبقاء يف ال�سلطة‪ .‬كما �أن نظام الأ�سد يقدم‬ ‫حام للأقليات‪ ،‬بينما هو ال ي�سعى �إىل‬ ‫نف�سه على �أنه ٍ‬ ‫وحدة �سورية‪.‬‬ ‫�أن �إعادة انتخاب الأ�سد يف يوليو‪ /‬متوز املقبل‪،‬‬ ‫يعني فعلي ًا وفاة �أي �آفاق للتو�صل �إىل حل �سيا�سي‬ ‫يف �سوريا ‪ .‬ثالث �سنوات يف ال�رصاع ‪ ،‬وقال الأ�سد‬ ‫�إنه ما زال يعترب نف�سه مر�شح ًا جيداً للرئا�سة‪� .‬سوريا‬ ‫ال حتتاج �إىل رئي�س مثل ب�شار الأ�سد ‪ .‬ما حتتاجه‬ ‫هو رئي�س كر�س نف�سه حق ًا لل�شعب ال�سوري‪ ،‬و �إىل‬ ‫حل �سلمي لل�رصاع‪ .‬ويتعني على الرئي�س احلقيقي‬ ‫�أن ي�سعى �إىل توحيد مكونات املجتمع بد ًال من‬ ‫تكري�س االنق�سام ‪ ،‬واحت�ضان جميع ال�سوريني من‬ ‫�أجل �إعادة بناء البلد الذي دمرته احلرب‪.‬‬ ‫االنتخابات لي�ست خيارا حقيقي ًا ‪ .‬وما يجري هو �أنه‬ ‫يف نهاية االنتخابات غري ال�رشعية التي �ستعقد من‬ ‫قبل احلكومة غري ال�رشعية �ست�ؤدي �إىل رئي�س غري‬ ‫�رشعي‪.‬‬ ‫عادل علي‪ -‬مقال مقدم ملركز ت�شاتام هاو�س يف‬ ‫بريطانيا‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫ق�ضايا‬

‫‪06‬‬

‫الي�سار ال�سوري من عبد النا�صر �إىل ب�شار‬ ‫فيكتوريو�س بيان �شم�س‬

‫يف العام ‪� 2010‬أجرت حمطة "اجلزيرة" القطرية‬ ‫�ضمن برنامج "�شاهد على الع�رص" حواراً مع العقيد‬ ‫عبد الكرمي النحالوي‪� ،‬أ�شار فيه �إىل �أن �أحد �أهم‬ ‫حتركهم الع�سكري يف "الإقليم ال�شمايل"‬ ‫�أ�سباب‬ ‫ّ‬ ‫�أثناء دولة الوحدة "اجلمهورية العربية املتحدة‪،‬‬ ‫نية الرئي�س جمال عبد النا�رص نقل احتياطي‬ ‫كان ّ‬ ‫�سوريا من الذهب (‪ 34‬طن) من دم�شق �إىل القاهرة‪.‬‬ ‫التحرك الذي � ّأدى النف�صال الإقليمني‪ .‬ومن‬ ‫وهو‬ ‫ّ‬ ‫اجلدير بالذكر هنا‪� ،‬أن عدد �سكان �سوريا يف‬ ‫تلك الفرتة مل يكن يتجاوز ثالثة ماليني ن�سمة‪.‬‬ ‫بعد تعرث �أول جتربة وحدوية يف التاريخ العربي‬ ‫احلديث �سنة ‪ ،1961‬ا�ستطاع "حزب البعث العربي‬ ‫اال�شرتاكي" الو�صول لل�سلطة بعدها بنحو عامني‪،‬‬ ‫املوجه" م�ستكم ًال‬ ‫�سمي "باالقت�صاد‬ ‫ّ‬ ‫ليعتمد ما ّ‬ ‫ما بد�أه عبد النا�رص فيما خ�ص تنمية القطاع‬ ‫العام‪ ،‬وعمليات الت�أميم والإ�صالح الزراعي‪.‬‬ ‫منذ بداية ممار�سته ال�سلطة‪ ،‬احتكر النظام قطاع‬ ‫النفط الذي حجبه ب�شكل نهائي عن املوازنة بحيث‬ ‫مل يكن يجر�ؤ �أحد ال�س�ؤال عن هذا القطاع الذي ينتج‬ ‫(‪ 380,000‬برميل) يف احلد الأدنى يومياً‪ ،‬وحوايل (‪15‬‬ ‫مليون) مرت مكعب �سنوي ًا من الغاز �أي�ض ًا باحلد الأدنى‪.‬‬ ‫يف العام ‪ّ � 1972‬أ�س�س حافظ الأ�سد "اجلبهة الوطنية‬ ‫التقدمية" كتحالف ي�ضم (‪� )7‬أحزاب قومية بالإ�ضافة‬ ‫�إىل احلزب ال�شيوعي ال�سوري‪ ،‬الذي انق�سم �إىل حزبني‪،‬‬ ‫احتل كل منهما مقعداً م�ستق ًال يف اجلبهة املذكورة‬ ‫يف �إطار عملية املحا�ص�صة ال�شكلية‪ ،‬وهي حما�ص�صة‬ ‫�إغراق‪� ،‬أكرث منها �إ�رشاك‪� .‬إذ مل يكن يح�صل �أي من‬ ‫احلزبني على �أكرث من وزير بال حقيبة‪ ،‬وب�ضعة مقاعد‬ ‫لكل حزب يف "جمل�س ال�شعب"‪ ،‬فيما ي�ست�أثر حزب‬ ‫البعث بالباقي عرب ما كان يعرف بـ "قوائم اجلبهة"‪.‬‬ ‫ب�إ�رشاكهم ا�ستطاع حافظ الأ�سد توريطهم‬ ‫بامل�س�ؤولية عن �سيا�ساته االقت�صادية وال�سيا�سية‬ ‫واالجتماعية التي �شابها الف�ساد منذ اللحظة‬ ‫الأوىل‪ ،‬فلم يكن � ٌأي من احلزبني يجر�ؤ على‬ ‫االعرتا�ض على �أي خطة اقت�صادية تتعار�ض مع‬ ‫م�صالح الطبقة التي من املفرت�ض �أنه ميثلها‪.‬‬ ‫مطلع العام ‪ّ � 1980‬أ�س�س النظام "�رشكة الفرات للنفط"‬

‫التي تولىّ �إدارتها حممد خملوف �أخو زوجة حافظ‬ ‫الأ�سد‪ ،‬ووالد رامي الذي �سيم�سك يف عهد ابن خاله ب�شار‬ ‫مقدرات االقت�صاد ال�سوري‪ .‬كانت‬ ‫الأ�سد بـ ‪ 90%‬من ّ‬ ‫هذه ال�رشكة هي الواجهة التي تدير عمليات التنقيب‪،‬‬ ‫وبيع الغاز والنفط ال�سوري بعيداً عن �أعني امل� ّؤ�س�سات‪.‬‬ ‫يف نف�س هذه الفرتة انخف�ض احتياطي �سوريا من (‪34‬‬ ‫طن) من الذهب �إىل (‪ )25,8‬ب�سبب الهدر والف�ساد‪ ،‬ثم‬ ‫ت�رصف النظام بالكمية الباقية عقب اندالع الثورة‬ ‫ّ‬ ‫ال�سورية يف العام ‪ ،2011‬بعمليات تهريب �إىل‬ ‫لبنان ومنه �إىل اخلارج‪ ،‬ويف ال�رصف على عملياته‬ ‫الع�سكرية �ضد املدنيني‪ ،‬يف ظل انهيار وا�سع لقطاعات‬ ‫ال�صناعة والزراعة وال�سياحة‪� ،‬إ�ضافة النهيار العملة‬ ‫املحلية "اللرية"‪ ،‬بحيث و�صل �سعر الدوالر يف الذروة‬ ‫مقابلها �إىل �سبعة �أ�ضعاف ما كان عليه قبل الثورة‪.‬‬ ‫منذ و�صول ب�شار الأ�سد لل�سلطة يف العام ‪ 2000‬حاول‬ ‫انتهاج خطة اقت�صادية مغايرة ملا كان قد انتهجه‬ ‫والده‪ ،‬بحيث اعتمد االنفتاح الذي كانت باكورته �إعادة‬ ‫تفعيل قانون اال�ستثمار رقم (‪ )10‬الذي كان اعتمده‬ ‫وجمد العمل به ملا‬ ‫جمل�س ال�شعب يف العام ‪ّ ،1991‬‬ ‫يحتويه من مواد قد تتيح املجال لر�ؤو�س �أموال م�شبوه‬ ‫التغلغل يف االقت�صاد ال�سوري‪ .‬بعد تفعيل هذا القانون‬ ‫بد�أت عمليات اخل�صخ�صة التي طالت القطاعني‬ ‫�صح بعدها لـ (‪ )22‬جامعة‬ ‫ال�صحي والتعليمي‪ِّ .‬‬ ‫خا�صة‪ ،‬افتتح منها (‪ )11‬كانت تعود ملكية �أغلبها‬ ‫للمقربني من دوائر �صنع القرار‪ ،‬مثل رامي خملوف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومدير مكتب الرئي�س �أبو �سليم دعبول وغريهم‪.‬‬ ‫مل تقف الأمور عند هذا احلد‪ ،‬ففي العام ‪2004‬‬ ‫و ّقع النظام عقد ال�رشاكة مع االتحّ اد الأوروبي يف‬ ‫�إطار ما عرف "بال�رشاكة الأوروبية املتو�سطية"‪،‬‬ ‫كان لالتحّ اد الأوروبي �رشوطه للدخول بهذه‬ ‫أهمها حتديد حد �أدنى للأجور‪ ،‬وهو ما‬ ‫ال�رشاكة‪ّ � ،‬‬ ‫حدث فع ًال لي�صبح (‪ 6010‬لرية)‪ ،‬وبعدها ب�سنوات‬ ‫�صدر تعميم �آخر عن "امل� ّؤ�س�سة العامة للت�أمينات‬ ‫يطبق‪.‬‬ ‫االجتماعية" برفعه �إىل (‪ ،)9765‬لكنه مل ّ‬ ‫يف العام ‪ 2008‬قام النظام برفع الدعم عن‬ ‫املحروقات‪ ،‬لتت�أثر كل القطاعات املنتجة‪ ،‬مثل‬ ‫الت�ضخم‬ ‫ال�صناعة والزراعة والنقل وغريها‪ ،‬لي�صل‬ ‫ّ‬

‫ملا يقرب من ‪ ،40%‬والبطالة لـ ‪ ، 30%‬بح�سب‬ ‫تقرير �صادر عن وزارة العمل يف بداية العام ‪2011‬‬ ‫قبل اندالع الثورة ال�سورية مبا�رشة‪ .‬فيما و�صل‬ ‫الت�ضخم يف العام ‪ 2013‬بح�سب معهد "‪"cato‬‬ ‫ّ‬ ‫الأمريكي املتخ�ص�ص �إىل �أكرث من (‪.)200%‬‬ ‫مطلع العام اجلاري �صدر تقرير لوحدة املعلومات‬ ‫االقت�صادية التابع "للإيكونومي�ست" ي�شري �إىل �أن‬ ‫ت�ضخمت (‪ )322%‬منذ توليّ ب�شار‬ ‫�أ�سعار الغذاء‬ ‫ّ‬ ‫الأ�سد لل�سلطة وحتى �أواخر العام ‪ّ � .2013‬أما جريدة‬ ‫املقربة من النظام فقد �أ�شارت �إىل �أن �سوريا‬ ‫"الوطن"‬ ‫ّ‬ ‫تراجعت (‪ )7‬مرات يف م�ؤ�رش الأمن الغذائي العاملي‪.‬‬ ‫فيما �أ�شار تقرير �صادر حديث ًا عن الربنامج الإمنائي‬ ‫للأمم امل ّتحدة �أن ن�صف ال�شعب ال�سوري �أ�صبح فقرياً‪،‬‬ ‫عرف الربنامج الفقر‬ ‫جزء كبري منهم حتت خط الفقر‪ُ .‬ي ّ‬ ‫بالتايل‪" :‬احلرمان من اخليارات والفر�ص املتاحة يف‬ ‫جماالت رئي�سية مثل التعليم وال�صحة وم�صادر الدخل"‪.‬‬ ‫مهجرون‬ ‫عدا عن ذلك ف�إن ن�صف �سكان �سوريا‬ ‫ّ‬ ‫داخلي ًا وخارجياً‪ ،‬يعي�شون يف خميمات بائ�سة على‬ ‫املناطق احلدودية‪ .‬وامللفت هنا ّادعاء النظام عرب‬ ‫�إعالمه ب�أن "املجموعات الإرهابية امل�س ّلحة" هي‬ ‫املهجرين جماهريه‪،‬‬ ‫ال�سبب يف تهجريهم‪ ،‬و�أن ه�ؤالء‬ ‫ّ‬ ‫لكنه باملقابل مل يبادر ب�أي �شيء جتاههم‪ ،‬هذا �إن‬ ‫بادعائه‪ .‬وما يثري الريبة و الت�سا�ؤل‪ ،‬هو‬ ‫�س ّلمنا جد ًال ّ‬ ‫�أن الأحزاب "الربوليتارية" املتحالفة مع النظام‪،‬‬ ‫مل جتر�ؤ حتى اللحظة على ممار�سة قناعاتها جتاه‬ ‫الطبقات الفقرية النا�شئة نتيجة هذه الأحداث‪.‬‬ ‫يف اخلال�صة‪ :‬حاربت دولة الوحدة (‪)1961-1985‬‬ ‫ال�شيوعيني يف �سوريا ولبنان على �شجاعتهم بطرح‬ ‫�رشوطهم لقبولها‪ ،‬بعد �أن دفعوا دمهم ثمن ًا لقناعاتهم‪،‬‬ ‫وكان احتياطي �سوريا من الذهب �سبب ًا من �أ�سباب‬ ‫انهيارها‪ .‬فيما انتع�شت بقايا �أحزابهم يف ظل �رسقة‬ ‫ما تب ّقى من هذا االحتياطي الذهبي‪ ،‬على �أر�ضية‬ ‫اخل�صخ�صة و�إنهاء القطاع العام و�إفقار املجتمع‬ ‫ال�سوري وجتهيله قبل الثورة وبعدها‪ ،‬البل ويف خ�ضم‬ ‫طموحات طائفية نظاموية يف التق�سيم‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫عربي‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫القمة العربية يف الكويت‬

‫القمة العربية ‪ :‬خالفات حول �سوريا والعالقات اخلليجية وم�صر وغزة‬ ‫الكويت‪ -‬رويرتز – «البديل»‪:‬‬

‫�أبرزت القمة العربية يف الكويت حجم االنق�سام‬ ‫العربي‪ ،‬والذي كان موجوداً دائماً‪ ،‬لكنه اتخذ �أ�شكا ًال‬ ‫و�أبعاداً �أخرى بعد الربيع العربي‪ ،‬حيث تغريت خارطة‬ ‫احلكم العربي‪ ،‬وتغريت التحالفات‪ ،‬ويبدو �أن �أق�صى‬ ‫طموح الدول امل�شاركة هو عدم ت�أجيج اخلالفات‪،‬‬ ‫مع املعرفة امل�سبقة بعدم القدرة على حل اخلالفات‬ ‫الكثرية‪ ،‬وحتديداً يف ملفات رئي�سية‪ ،‬مثل ملف متثيل‬ ‫االئتالف الوطني ال�سوري يف اجلامعة العربية‪،‬‬ ‫واخلالف بني ال�سعودية والإمارات والبحرين مع‬ ‫�إمارة قطر‪ ،‬والو�ضع امل�رصي‪ ،‬وغزة‪ ،‬واملوقف من‬ ‫الإخوان امل�سلمني‪.‬‬ ‫ويف االفتتاح حذرت الكويت من �أخطار كبرية حتدق‬ ‫بالعامل العربي‪ ،‬وحثت القادة العرب على و�ضع نهاية‬ ‫للنزاعات املتعددة التي تزيد من تعقيد �أزمات مثل‬ ‫احلرب االهلية يف �سوريا واال�ضطرابات ال�سيا�سية يف‬ ‫م�رص‪.‬‬ ‫ودعا �أمري الكويت ال�شيخ �صباح الأحمد اجلابر‬ ‫ال�صباح الدول العربية �إىل ت�سوية اخلالفات التي قال‬ ‫�إنها تعرقل العمل العربي امل�شرتك‪.‬‬ ‫وخالل القمة التي يح�رضها �أع�ضاء جامعة الدول‬ ‫العربية االثنني والع�رشين دعا الأخ�رض االبراهيمي‬ ‫و�سيط الأمم املتحدة لل�سالم يف �سوريا اىل وقف تدفق‬ ‫ال�سالح على طريف ال�رصاع يف احلرب التي قتلت �أكرث‬ ‫من ‪� 140‬ألف �شخ�ص و�أجربت املاليني على الفرار‪.‬‬ ‫ومل يذكر االبراهيمي باال�سم الدول التي تقدم ال�سالح‪،‬‬ ‫لكن من املعروف �أن ال�سعودية وقطر هما املموالن‬ ‫الرئي�سيان للم�ساعدات الع�سكرية ملقاتلي املعار�ضة‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬بينما تعترب ايران الداعم الرئي�سي يف‬ ‫املنطقة للرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد‪.‬‬ ‫وقال االبراهيمي �إن املنطقة كلها مهددة بخطر‬ ‫االنزالق اىل ال�رصاع‪ ،‬ودعا اىل جتديد اجلهود للتو�صل‬ ‫اىل ت�سوية �سيا�سية للأزمة التي دخلت عامها الرابع‪.‬‬ ‫ويف كلمته االفتتاحية للقمة العربية املنعقدة‬ ‫بالكويت قال ال�شيخ �صباح «الأخطار كبرية من حولنا‪،‬‬ ‫ولن نتمكن من االنطالق بعملنا العربي امل�شرتك �إىل‬ ‫امل�ستوى الطموح دون وحدتنا ونبذ خالفاتنا‪».‬‬ ‫ومل يذكر ال�شيخ �صباح دولة بعينها لكنه كان ي�شري‬ ‫فيما يبدو �إىل نزاعات متدهورة بني دول عربية على‬ ‫الدور ال�سيا�سي للإ�سالميني يف املنطقة‪ ،‬وما تراه عدة‬

‫دول يف منطقة اخلليج تدخال يف �ش�ؤونها من جانب‬ ‫�إيران التي تخو�ض �رصاعا �إقليميا على النفوذ مع‬ ‫ال�سعودية ‪.‬‬ ‫وقال �أمري الكويت «�إننا مدعوون اليوم �إىل البحث‬ ‫يف الأ�س�س التي ينطلق منها عملنا العربي امل�شرتك‪،‬‬ ‫و�إيجاد ال�سبل الكفيلة بتعزيزه وتوطيد دعائمه‬ ‫من خالل الن�أي به عن �أجواء اخلالف واالختالف‬ ‫والرتكيز على عوامل اجلمع يف هذا العمل‪».‬‬ ‫ودعا ويل العهد ال�سعودي الأمري �سلمان بن عبد‬ ‫العزيز �آل �سعود الذي ت�ساند بالده املقاتلني ال�ساعني‬ ‫للإطاحة بحكم الرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد �إىل تغيري‬ ‫ميزان القوى على الأر�ض يف ال�رصاع ال�سوري‪ ،‬و�أبدى‬ ‫اندها�شه لعدم منح وفد االئتالف املعار�ض مقعد‬ ‫�سوريا يف القمة العربية‪.‬‬ ‫وقال الأمري �سلمان «�إن اخلروج من امل�أزق ال�سوري‬ ‫يتطلب حتقيق تغيري ميزان القوى على الأر�ض‪،‬‬ ‫ومنح االئتالف الوطني لقوى املعار�ضة ال�سورية ما‬ ‫ي�ستحقون من دعم وم�ساندة‪».‬‬ ‫و�أ�ضاف «�إننا ن�ستغرب كيف ال نرى وفد االئتالف‬ ‫يحتل مكانه الطبيعي يف مقعد �سوريا‪ ..‬خا�صة وقد‬ ‫منح هذا احلق يف قمة الدوحة من قبل القمة العربية‪».‬‬ ‫وو�صف الأمري �سلمان الأزمة يف �سوريا ب�أنها و�صلت‬ ‫�إىل حد الكارثة‪.‬‬ ‫ودعا �أحمد اجلربا رئي�س االئتالف الوطني ال�سوري‬ ‫املعار�ض القمة العربية �إىل ت�سليم مقعد �سوريا يف‬ ‫جامعة الدول العربية و�سفاراتها يف العوا�صم العربية‬ ‫لالئتالف املعار�ض‪.‬‬ ‫وقال اجلربا يف كلمته �أمام القمة العربية «�إن‬ ‫�إبقاء مقعد �سوريا بينكم فارغ ًا يبعث بر�سالة بالغة‬ ‫الو�ضوح �إىل الأ�سد الذي يرتجمها على قاعدة اقتل‪..‬‬ ‫اقتل‪ ..‬واملقعد ينتظرك بعد �أن حت�سم حربك»‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف اجلربا ‪« :‬الواقع بات يفر�ض �أن ت�سلم‬ ‫ال�سفارات ال�سورية يف العوا�صم العربية �إىل االئتالف‬ ‫الوطني بعد �أن فقد النظام �رشعيته ومل يعد لل�سوريني‬ ‫من يرعى م�صاحلهم يف العوا�صم العربية‪».‬‬ ‫و�شكل �شغل مقعد �سوريا يف القمة العربية �إحدى‬ ‫امل�شكالت الكربى يف الأعمال التح�ضريية للقمة‬ ‫العربية املنعقدة حاليا يف الكويت‪.‬‬ ‫وترف�ض دول عربية م�ؤيدة ل�سوريا منها العراق‬

‫واجلزائر ولبنان دعم مقاتلي املعار�ضة‪ ،‬وتقول‬ ‫�إن الإ�سالميني ومنهم جماعات ذات �صلة بتنظيم‬ ‫القاعدة هم الف�صيل الأقوى يف املعار�ضة امل�سلحة‪.‬‬ ‫وطالب �أمري قطر ال�شيخ متيم بن حمد �آل ثاين الدول‬ ‫العربية املجتمعة يف قمة الكويت بالعمل على فتح‬ ‫املعابر وفك احل�صار عن قطاع غزة‪ ،‬متمني ًا اخلري‬ ‫مل�رص التي و�صفها بال�شقيقة الكربى‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫احلوار ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫وقال ال�شيخ متيم يف كلمته �أمام القمة العربية‬ ‫«يتعني علينا نحن العرب جميعا �أن نعمل على �إنهاء‬ ‫هذا احل�صار اجلائر غري املربر وغري املفهوم فوراً‪،‬‬ ‫وفتح املعابر �أمام �سكان غزة لتمكينهم من ممار�سة‬ ‫حياتهم �أ�سوة ببقية الب�رش‪».‬‬ ‫وت�أتي قمة الكويت يف �أعقاب خالف غري م�سبوق بني‬ ‫الدول الأع�ضاء يف جمل�س التعاون اخلليجي جراء دعم‬ ‫قطر جلماعة االخوان امل�سلمني امل�رصية‪ ،‬وخالف بني‬ ‫العراق وال�سعودية ب�سبب العنف يف حمافظة الأنبار‬ ‫العراقية‪.‬‬ ‫ومتيل دول اخلليج �إىل �إبعاد خالفاتها عن املناق�شات‬ ‫العامة‪ ،‬وهو ما �أ�ضفى ح�سا�سية خا�صة على قرار‬ ‫ال�سعودية ودولة االمارات العربية املتحدة والبحرين‬ ‫�سحب �سفرائها من قطر يف وقت �سابق من ال�شهر‪.‬‬ ‫وعر�ضت الكويت التي احتفظت ب�سفريها يف الدوحة‬ ‫الو�ساطة يف النزاع‪.،‬‬ ‫وقبيل افتتاح القمة وقف �أمري الكويت وقد ارت�سمت‬ ‫على وجهه ابت�سامة عري�ضة وهو يتو�سط ويل عهد‬ ‫ال�سعودية و�أمري قطر ال�شيخ متيم بن حمد بن خليفة‬ ‫�آل ثاين و�أم�سك بيد كل منهما يف م�سعى لإبراز روح‬ ‫الت�ضامن وامل�صاحلة‪.‬‬ ‫وكرر مبعوث االمم املتحدة �أنه ال يرى ح ًال ع�سكري ًا‬ ‫للحرب يف �سوريا‪ ،‬وقال الإبراهيمي �إن لبنان على‬ ‫وجه خا�ص مهدد باالنزالق �إىل ال�رصاع‪.‬‬ ‫وقال نبيل العربي الأمني العام جلامعة الدول العربية‬ ‫من قبل �إن القمة قد تت�أثر باخلالفات و�أن ثمة حاجة‬ ‫ما�سة لتنقية الأجواء‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/03/30 )133‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫“ع�سكر وحرامية” ‪ :‬جتنيد الأطفال يف احلرب ال�سورية‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫«الع�سكر واحلرامية» لعبة اعتدنا �أن نلعبها‬ ‫�أطفا ًال‪ .‬مل تكن الوحيدة طبع ًا ولي�ست باملف�ضلة‪.‬‬ ‫اللعبة كانت تنتهي بانت�صار الع�سكر حتى لو كان‬ ‫«احلرامية» �أقوى و�أكرث عدداً‪ ،‬فاملخيلة الطفولية‬ ‫التي �أخرجت اللعبة �أرادت ذلك‪� ،‬إذ مل يكن انت�صار‬ ‫«احلرامية» م�ست�ساغ ًا وفق وعي طفولتنا بحكم‬ ‫واقع القيم االجتماعية �آنذاك‪ ،‬حتى و�إن بدا فيه‬ ‫لذة طفولية بريئة يف التمرد على تلك القيم‪ .‬طبع ًا‬ ‫بعد �أن كربنا تبني لنا �أن «احلرامية » هم غالب ًا من‬ ‫ينت�رصون‪ ،‬ويفلتون من العقاب يف �أكرث الأحيان‬ ‫على خالف ما لق ّنا حني كنا �أطفا ًال‪.‬‬ ‫من ي�سري اليوم يف الأحياء ال�سورية و�أزقتها �أو يف‬ ‫غريها من �أماكن اللعب �سيلحظ �أن هذه اللعبة باتت‬ ‫هي املف�ضلة لدى الأطفال ال�سوريني و�إن بن�سخة‬ ‫معدلة‪� .‬إذ مل يعد للتمايز بني «الع�سكر» و«احلرامية»‬ ‫من قيمة‪ ،‬و تعددت ت�سميتهما بقدر تعدد الفرقاء‬ ‫املتنازعني يف احلرب ال�سورية‪ .‬وهنا اللعبة مفتوحة‬ ‫والن�رص �سيكون حليف الأقوى والأكرث عدداً‪ ،‬وطبع ًا‬ ‫للفريق امل�سيطر فعلي ًا على اجلغرافيا الأف�ضلية يف‬ ‫�أن يخرج منت�رصاً من لعبة الأطفال هذه‪.‬‬ ‫يف عهد طفولتنا كانت هذه اللعبة حم�ض خيال‪� ،‬أما‬ ‫اليوم فالأطفال يف �ألعابهم يحاكون واقع ًا مل�سوه‬ ‫و�أثر بهم �أ�شد ت�أثري‪ .‬حتى �ألعاب الأطفال تكون‬ ‫�ضحية للحروب‪ .‬لكن احلرب لعبة من نوع �آخر �أ�شد‬ ‫هو ًال و�أقل �إمتاع ًا‪ .‬م�صادر عديدة تتحدث عن �أكرث‬ ‫من مليونني ون�صف املليون طفل قتلوا حول العامل‬ ‫يف الع�رش �سنوات الأخرية‪ ،‬وهناك من خم�سة �إىل‬ ‫�ستة ماليني �أ�صبحوا معاقني ج�سدي ًا‪ ،‬وهناك ما‬ ‫يربوا على �ستة ع�رش مليون ًا باتوا يعانون م�شاكل‬

‫نف�سية‪.‬‬ ‫هناك نوع من الأطفال هم �أي�ض ًا �ضحايا احلروب‪،‬‬ ‫ولكن من نوع �آخر‪� ،‬إنهم الأطفال املجندون يف‬ ‫احلرب‪� .‬سوريا وال�سودان باتتا يف مقدمة البلدان‬ ‫التي جتند �أطفاال يف القتال‪ .‬واملعروف �أن ميثاق‬ ‫الأمم املتحدة اخلا�ص بحقوق الطفل يدعو الدول �إىل‬ ‫�ضمان حظر جتنيد �أ�شخا�ص دون الثامنة ع�رشة‪،‬‬ ‫�أو ا�ستخدامهم يف القتال ب�أي �شكل كان‪ .‬ومبا �أن‬ ‫واقع احلال �أن هناك دو ًال ومنها �أوروبية ال تزال‬ ‫جتند ب�شكل قانوين الأطفال يف �سن ال�ساد�سة ع�رشة‬ ‫وال�سابعة ع�رشة‪ ،‬ف�إن املحكمة اجلنائية الدولية تعد‬ ‫جتنيد االطفال دون �سن اخلام�سة ع�رشة "جرمية‬ ‫حرب"‪ .‬وقد �سبق ملنظمات دولية يف منا�سبات عدة‬ ‫�أن انتقدت جتنيد الأطفال يف �سوريا من قبل فرقاء‬ ‫النزاع ال�سوري‪� ،‬أو توظيفهم ب�شكل �أو ب�آخر يف هذا‬ ‫النزاع‪.‬‬ ‫م�ؤخراً �أعلن تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق‬ ‫وبالد ال�شام «داع�ش» عن �إنهاء خم�سني طفال من‬ ‫"�أ�شبال العز" لدورة تدريبية على ال�سالح يف مدينة‬ ‫الرقة ال�ستخدامهم يف تنفيذ عمليات انتحارية‪.‬‬ ‫ه�ؤالء هم بح�سب امل�صطلح ال�رشعي يعرفون بـ‬ ‫«املكلفني»‪ ،‬وي�سند �إليهم ح�سب �أعمارهم خدمات‬ ‫منزلية وجت�س�سية‪ ،‬و�أعمال احلرا�سة وامل�شاركة‬ ‫يف القتال‪ .‬ه�ؤالء باتوا ا�ستثمارا ناجح ًا لعديد من‬ ‫الكتائب امل�سلحة ال�سيما «داع�ش» مللء الفراغ يف‬ ‫�صفوفها‪� ،‬إذ تلعب تكلفتهم الزهيدة وجر�أتهم على‬ ‫القيام ب�أعمال ال يجر�ؤ عليها الكبار الذين طبعا‬ ‫يدركون عواقبها دورا هام ًا يف الرغبة يف جتنيدهم ‪،‬‬ ‫واالعتماد املتزايد عليهم‪ .‬ه�ؤالء ينفذون دون تردد‬

‫ال�سيما بعد عملية غ�سل الأدمغة التي تتم لهم خالل‬ ‫فرتة تدريبهم و�إعدادهم‪� .‬أما جتنيدهم فيبدو �أنه يتم‬ ‫تارة دون علم الأهل‪ ،‬وتارة �أخرى تدفع الأو�ضاع‬ ‫االقت�صادية املرتدية دورا يف ت�ضحية بع�ض‬ ‫العائالت ب�أطفالها‪.‬‬ ‫ممار�سات ه�ؤالء الأطفال للأ�سف ال تقل هوال عن‬ ‫ممار�سات الالعبني الكبار يف احلرب ال�سورية‪ ،‬و�أكرث‬ ‫ما يثري اال�شمئزاز هو تلك «الفيديوهات» امل�رسبة‬ ‫�أو املتعمد ن�رشها كو�سيلة جلذب مزيد من الأطفال‬ ‫امل�أخوذين بق�ص�ص الأبطال اال�سطورية‪� .‬أولئك‬ ‫اخلائفون �أ�صال فيجدون يف النزعات العدوانية‬ ‫مالذاً للتخل�ص من خوفهم �أو مدفوعني بالرغبة‬ ‫يف االنتقام لذويهم القتلى‪ .‬يف تلك «الفيديوهات»‬ ‫يطلق الأطفال النار على �أطفال مثلهم‪ ،‬ورمبا كان‬ ‫الأ�شد هو ًال تلك التي يظهرون فيها وهم يقتلون‬ ‫�أقران ًا لهم م�ستخدمني ال�سالح الأبي�ض‪.‬‬ ‫ه�ؤالء الأطفال �إن جنو من املوت �أو االنتحار فلن‬ ‫ي�سلموا من الت�شوهات اجل�سدية �أو النف�سية و�آثارها‬ ‫ال�سلبية على اندماجهم يف جمتمعاتهم وان�سجامهم‬ ‫مع �أنف�سهم جمدداً‪ ،‬ه�ؤالء االطفال هم مع غريهم‬ ‫من �أطفال �سوريا باتوا حمرومني من التعليم ومن‬ ‫االح�سا�س بالأمان‪ ،‬من امل�سكن ومن الغذاء‪...‬الخ‪.‬‬ ‫والأهم من ذلك كله باتوا حمرومني من طفولتهم‬ ‫التي �رسقها "احلرامية"‪ .‬نحن نتحدث حتى الآن عن‬ ‫جيل كامل من الأطفال فماذا بقي للغد؟ هل لنا �أن‬ ‫يحيد‬ ‫نحلم مبيثاق �رشف بني الفرقاء املتحاربني ّ‬ ‫على الأقل م�ستقبل �سوريا؟ �أنه حلم جميل بال �شك!‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.