Revue Zawia

Page 1


‫إقرأ يف هذا العدد‬ ‫‪ -‬االفتتاحية‬

‫أ‪ :.‬أمحد معزوز‬

‫‪2‬‬

‫د‪:.‬أمحد عبد السالم بلقائد‬

‫‪4‬‬

‫‪ -‬كلمات نورانية جاد بها رجال السلسلة الذهبية‬

‫جلنة اجمللة‬

‫‪6‬‬

‫ مساحة الشيخ ّ‬‫حممد عبد اللطيف بلقايد(قصيدة)‬

‫أ‪.‬د‪ :.‬أمحد عمر هاشم‬

‫‪9‬‬

‫‪ -‬التــــواضـــــــع‬

‫احلبيب عمر بن احلفيظ‬

‫‪10‬‬

‫‪ -‬صفوة الشواهد يف مشروعية اإلنشاد يف املساجد‬

‫د‪ّ :.‬‬ ‫حممد إبراهيم‬

‫‪13‬‬

‫‪ -‬جماهدة النفس يف طاعة اهلل‬

‫د‪ :.‬طاهر برايك‬

‫‪18‬‬

‫‪ -‬السماحة واملروءة‬

‫أ‪ :.‬حبيب بن عودة‬

‫‪20‬‬

‫ األمانــة من الديانــة‬‫‪ -‬منهج اإلمام مالك ‪d‬‬

‫املشرف العام‬

‫أ‪ :.‬عبد القادر عبد العالي‬

‫‪24‬‬

‫سيدي ّ‬ ‫مساحة الشيخ ّ‬ ‫حممد‬

‫أ‪ :.‬رشيد بومجعة‬

‫‪27‬‬

‫عبد اللطيف بلقايد‬

‫‪ -‬أنوار التنزيل سورة الفتح ‬

‫جلنة اجمللة‬

‫‪31‬‬

‫‪ -‬إن العيــن لتدمــع و إن القلــب ليخشــع‬

‫أ‪ :.‬أمحد معزوز‬

‫‪34‬‬

‫ يف رحاب امللتقى السابع للدروس ّ‬‫احملمدية‬

‫أ‪ :.‬حبيب بن عودة‬

‫‪38‬‬

‫‪ -‬الندوات احملمدية‬

‫احلبيب حممد السقاف‬

‫‪43‬‬

‫‪ -‬اجلمـــع السنـوي‬

‫جلنة اجمللة‬

‫‪47‬‬

‫‪ -‬تعيني الطلبة املتخرجني‬

‫جلنة اجمللة‬

‫‪50‬‬

‫‪d‬‬

‫‪ -‬الشيخ قاسم اخلصاصي األندلسي‬

‫جملة دورية دينية تصدرها زاوية‬ ‫سيدي ّ‬ ‫الشيخ ّ‬ ‫حممد بلقايد‬

‫العدد الثامن‬ ‫ربيع األنور‪1434‬هـ‪ -‬جانفي ‪ 2013‬م‬

‫نائب املشرف العام‬ ‫د‪ّ .‬‬ ‫حممد نورالدين بلقايد‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫األستاذ أمحد معزوز‬ ‫املراجعة اللغوية‬ ‫األستاذ حبيب بن عودة‬

‫ركــن الطلبــــة‬ ‫‪ -‬كالم صفوة أهل اهلل‬

‫اإلخراج الفين‬ ‫م‪ .‬نورالدين محداني‬ ‫‪52‬‬

‫املقر اإلداري‬

‫‪ -‬ترمجة اإلمام ورش ‪d‬‬

‫‪53‬‬

‫‪ -‬من روائع القصص‬

‫سيدي ّ‬ ‫زاوية الشيخ ّ‬ ‫حممد بلقايد‬

‫‪55‬‬

‫بسيدي معروف ‪-‬بلدية ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيدي الشحمي‬

‫‪ -‬إسرتاحة اجمللة‬

‫‪57‬‬

‫‪ -‬والية وهران ‪ -‬اجلزائر‬

‫‪ -‬فقه العدد‬

‫‪59‬‬

‫‪ -‬ركن املديح‬

‫‪61‬‬

‫‪ -‬الرحلة الربانية إىل زيارة خري الربية‬

‫‪63‬‬

‫الربيد اإللكرتوني‬

‫‪ -‬ألبوم اجمللة‬

‫‪66‬‬

‫‪e.elmohamadia@gmail.com‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ 041.54.21.10 ‬هاتف ‪ /‬فاكس‬


‫االفتتــاحيــة‬

‫أ‪ .‬أمحد معزوز‬ ‫(اجلزائر)‬

‫الس��ليمة و ّ‬ ‫العقول ّ‬ ‫الطباع املستقيمة‬ ‫ّ‬ ‫إال وقد نهانا عنه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫زكى ّ‬ ‫النفوس‪ ،‬وط ّهر القلوب‪ ،‬وأصلح‬ ‫الباط��ن ّ‬ ‫والظاه��ر‪ّ ،‬‬ ‫وق��وم ّ‬ ‫الس��لوك و‬ ‫ّ‬ ‫الغ��راء وس�يرته‬ ‫األخ�لاق بش��ريعته‬ ‫العط��رة ودعوت��ه إىل ا بكالم ا‬ ‫للهّ‬ ‫ّ للهّ‬ ‫ّ‬ ‫صل��ى ا علي��ه وآله‬ ‫تع��اىل‬ ‫وس��نته‬ ‫للهّ‬ ‫ّ‬ ‫وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫أنزل سبحانه وتعاىل عليه مبدأ حماسن‬

‫األخالق القولية فقال س��بحانه َوقُولُواْ‬ ‫َّ��اس ُحْس��ناً {البقرة‪ }38/‬ث��م ّ‬ ‫ّق��ررا‬ ‫لِلن ِ‬

‫ّ‬ ‫ب��كل كم��ال‪ ،‬مبدأ حماس��ن األخ�لاق الفعلي��ة فقال‬ ‫احلم��د هلل ّ‬ ‫املتف��رد‬ ‫النوال‪ ،‬بيده عز من قائل َواَلتَسَ��توي حَْ‬ ‫ّ‬ ‫تفضل على عباده جبزيل ّ‬ ‫الَسَنُةَواَل‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫اخلري ومنه اخلري فله احلمد على ّ‬ ‫كل ا َّلس��يَئُة اْدَفْع بالَّ‬ ‫ي أْحَُس��ن‬ ‫ت ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كل حال‪ ،‬أمحده س��بحانه َف��إَذا الَّ��ذِيبَْين َ‬ ‫ح��ال ويف‬ ‫َ��ك َوبَْينَ��ُه َع َ‬ ‫��داَوةٌَكأنَّ��ُه‬ ‫ِ‬ ‫على م��ا منح م��ن ّ‬ ‫النعماء‪ ،‬وأش��كره‬ ‫يمَحِيٌم {فصلت‪.}43/‬‬ ‫ّ َولِ ٌّ‬ ‫على واس��ع العطاء‪ ،‬وأشهد ّ‬ ‫أن ال‬ ‫إله إال فكان��ت حماس��ن األخالق أساس��ا من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللهّ وحده ال شريك له تقدس يف الذات أس��س كم��ال اإلمي��ان و مظه��را م��ن‬ ‫الصفات و األمساء‪ ،‬و أشهد ّ‬ ‫و ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫سيد األنام ّ‬ ‫سيدنا مظاهر اإلسالم يقول ّ‬ ‫صلى‬ ‫ونبين��ا وموالنا ّ‬ ‫حممدا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم‬ ‫س��يد املرس��لني ا علي��ه وعل��ى آل��ه وصحبه‬ ‫للهّ‬ ‫وخامت األنبياء‪.‬‬ ‫ أكم��ل املؤمن�ين إميان��ا أحس��نهم‬ ‫سيد ضحكه ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫ّ‬ ‫بسم و املــ‬ ‫خلقا ‪.‬‬ ‫شي اهلوينا ونومه اإلغفاء ّ‬ ‫إن مفهوم حماسن األخالق مفهوم واسع‬ ‫ما سوى خلقه ّ‬ ‫النسيم والغــ‬ ‫وش��امل وه��و إتي��ان املؤم��ن باألرفق و‬ ‫ّ‬ ‫حمياه ّ‬ ‫يـــر ّ‬ ‫الروضة الغناء األمح��د م��ن األق��وال و األفع��ال وب��ذل‬ ‫رمحة ّ‬ ‫كله وحزم وعزم‬ ‫ّ‬ ‫وك��ف األذى و أن يك��ون‬ ‫املع��روف‬ ‫ووقار و عصمة وحياء كث�ير احلي��اء ص��دوق ّ‬ ‫اللس��ان قليل‬ ‫ّ‬ ‫صل��ى اللهّ علي��ه وعلى آل��ه وأصحابه الكالم كثري العم��ل‪ ،‬رفيقا حليما‬ ‫وزوجات��ه منتهى مرض��ات اللهّ تعاىل و شفيقا ال ّ‬ ‫لعانا وال ّ‬ ‫س��بابا ال مغتابا وال‬ ‫مرضاته‬ ‫حقودا ال خبيال وال حسودا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫متخلقا بأخالق‬ ‫وباجلمل��ة أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫إن اهلل تع��اىل ّ‬ ‫األول�ين و اآلخري��ن ّ‬ ‫ش��رفنا باالنتس��اب إىل‬ ‫س��يد ّ‬ ‫ّ‬ ‫صل��ى ا‬ ‫للهّ‬ ‫س��يد ّ‬ ‫ّ‬ ‫األولني و اآلخرين الذي قال له ر ّبه عليه ّ‬ ‫وسلم القائل ّ‬ ‫ أدبين ر ّبي فأحسن‬ ‫الكري��م َوإِنََّكلَ​َعل��ى ُخلٍُقَعِظيم ‬

‫{القل��م‪ }4/‬فم��ا م��ن ش��يء تدع��و إليه‬ ‫الفطرة ّ‬ ‫السليمة و العقول احلكيمة‬ ‫ّ‬ ‫إال ودعان��ا إلي��ه‪ ،‬وما من ش��يء ترفضه‬

‫تأدييب و أن جياهد نفس��ه يف تهذيب‬ ‫أخالقه و تقوميها واكتس��اب حماسن‬ ‫اآلداب ومكارم األخالق ففي احلديث‬ ‫ّ‬ ‫الش��ريف الذي رواه اخلطيب البغدادي‬ ‫‪2‬‬

‫بالت ّ‬ ‫مّ��ا العل��م ّ‬ ‫عل��م و‬ ‫بس��ند حس��ن إن‬ ‫بالت ّ‬ ‫احللم ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحر اخلري يعطه‬ ‫حلم وم��ن‬ ‫ّ‬ ‫يتوق ّ‬ ‫الش ّر يوقه ‪.‬‬ ‫و من‬ ‫ّ‬ ‫لقد كان صل��ى ا عليه و على آله‬ ‫للهّ‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم ّ‬ ‫برا بالعب��اد‪ ،‬رحيما يف‬ ‫وصحبه‬ ‫دعوته ‪ ،‬رحيما يف توجيهه وحكمته‪،‬‬ ‫باألمة ّ‬ ‫رحيما ّ‬ ‫حتى يف إمامته وصالته‬ ‫كان خلق��ه عظيم��ا يأخ��ذ مبجامع‬ ‫الس��لم و ّ‬ ‫القلوب إىل طريق ّ‬ ‫الرمحة‪ ،‬ما‬ ‫الن��اس وال ّ‬ ‫كان جي��رح ّ‬ ‫يعنفه��م ‪ ،‬وال‬ ‫يكس��ر خواطرهم وال يش��هر بهم‪ ،‬بل‬ ‫إذا بلغه عن أحد ش��يئا يكرهه يقول‬ ‫"ما بال أق��وام يفعلون كذاوكذا" وال‬ ‫يذكرهم بأمسائهم‪.‬‬ ‫ولو دخل الغريب ال يستطيع أن يعرفه‬ ‫م��ن ب�ين أصحابه م��ن تواضع��ه بأبي‬ ‫ّ‬ ‫وأم��ي صل��وات ا وس�لامه علي��ه‬ ‫للهّ‬ ‫الس��ائل يقول ّأيك��م ّ‬ ‫كان ّ‬ ‫حممدا؟‬ ‫فض��ا وال ّ‬ ‫م��ا كان ّ‬ ‫صخاب��ا وال ّ‬ ‫لعان��ا‬

‫ب��ل كان رمحة للعاملني َفبَِم��اَرْحَمةٍ‬ ‫هّ‬ ‫نتَفًّظ��اَغلِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن��تلَُه��ْمَولَ��ْوُك َ‬ ‫��ن اللِلِ َ‬ ‫يظ‬ ‫ِّ‬ ‫ن َحْوَلِ��كَفاع ُ‬ ‫ب َالَنفُّضواْ مِ ْ‬ ‫ْفَعْنُهْم‬ ‫الَْقلْ ِ‬ ‫َ‬ ‫اسَتْغفِْرلَُهْمَوَشاوِْرُهْمفِي األْمرِ {آل‬ ‫َو ْ‬ ‫عمران‪.}951/‬‬ ‫كان خلق��ه عظيم��ا‪ ،‬إذا دخ��ل بيته‬ ‫ملك قلوب أزواجه بالعطف واإلحس��ان‬ ‫الرمح��ة و احلنان ما عاب طعاما ّ‬ ‫و ّ‬ ‫قط‪،‬‬ ‫وال ّ‬ ‫س��ب ام��رأة وال ضربه��ا وال أهانه��ا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي��ذل‪،‬‬ ‫ويع��ز وال‬ ‫يك��رم وال يه�ين‬ ‫كانت زوجته إذا جاءت ّ‬ ‫بالشراب أقسم‬ ‫عليه��ا أن تش��رب قبل أن يش��رب وإذا‬ ‫ج��اءت بامل��رق فيه عظم به حلم أقس��م‬ ‫عليها أن تنهش منه قبله ّ‬ ‫ثم يضع فمه‬ ‫يف املوض��ع الذي ش��ربت منه أو نهش��ت‬ ‫منه العظ��م بأبي ّ‬ ‫وأمي صل��وات ر ّبي و‬ ‫س�لامه علي��ه م��ا أكرمه وم��ا أحلمه‬ ‫وما أرمح��ه ال ّ‬ ‫يعنف وال يؤذ وال جيرح‬


‫أحدا‪.‬‬ ‫م��ا أحوجنا أن منأل مبحبّت��ه قلوبنا وما‬ ‫أحوجن��ا أن نر ّب��ي عل��ى ه��ذه األخالق‬ ‫الكرمية صغارن��ا وكبارنا ونعتقد‬ ‫فضله��ا ّ‬ ‫س��را وجه��ارا‪ ،‬أن تظه��ر آثارها‬ ‫علينا ليال ونهارا‪.‬‬ ‫أيه��ا الق��ارئ الكريم ما من ب��ذرة إالّ‬ ‫وهلا ثـم��رة أو ثـمارا‪ ،‬فمن بذر يف قلبه‬ ‫حماس��ن األخالق وعامل ّ‬ ‫الناس بها ّ‬ ‫البد‬ ‫أن ين��ال ثـمرة ذلك عاج�لا و آجال يف‬ ‫الدني��ا و اآلخ��رة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإن ثـم��ار م��كارم‬ ‫ّ‬ ‫تع��د وال حتص��ى لك��ن‬ ‫األخ�لاق ال‬ ‫نقف معك عند بعض ه��ذه الثماراليت‬ ‫ففي‬ ‫أخربن��ا عنه��ا س��يد األب��رار‬ ‫الدنيا فإن م��كارم األخالق تبارك يف‬ ‫ّ‬ ‫الديار و األعم��ار يعيش صاحبهاعمرا‬ ‫هنياوعيش��ا رغدا روى اإلمام أمحد يف‬ ‫ق��ال‪:‬‬ ‫مس��نده أن س��يدنا رس��ول‬ ‫ حس��ن اخللق وحس��ن اجلوار يعمران‬ ‫الديار ويزي��دان يف االعم��ار ‪ ،‬ثم رفع‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫صاح��ب حس��ن اخللق‬ ‫املصطف��ى‬ ‫إىل األفضلية املطلقة فق��ال فيما رواه‬ ‫احلاكم ع��ن ابن عم��ر ‪ d‬أفضل‬ ‫املومنني أحس��نهم خلقا ‪ ،‬ث��م زاده عزا‬ ‫وكرام��ة يف اجملتمع إذا هو عفا عمن‬ ‫ظلمه فقال عليه الصالة والس�لام يف‬ ‫احلديث املتفق عليه عن أبي هريرة "ما‬ ‫عف��ا أحد ع��ن مظلم��ة إال زاده اهلل بها‬ ‫عزا"‪.‬‬ ‫هذه بعض ثـمار م��كارم األخالق يف‬ ‫الدنيا فقد صدق و اهلل من قال‪:‬‬ ‫إمنا األمم األخالق ما بقيت ‬ ‫فإن هم ذهبت أ خالقهم ذهبوا‬ ‫أمــ��ا ثــماره��ا يف اآلخــ��رة فهــ��ي‬ ‫أجــ��ل و أعظ��م‪ :‬منه��ا حم��و اخلطاي��ا‬ ‫روى البيهق��ي ع��ن س��يدنا رس��ول اهلل‬ ‫ق��ال‪ :‬اخلل��ق احلس��ن يذي��ب‬

‫‪‬‬

‫اخلطايا كما يذيب املاء‬ ‫اجلليد ‪.‬‬ ‫ومنه��ا ثقل املي��زان ‪ :‬روى‬ ‫الرتمذي أن س��يدنا رسول‬ ‫قال‪ :‬ما من شيء‬ ‫ا‬ ‫للهّ‬ ‫أثقل يف ميزان املؤمن يوم‬ ‫القيامة من خلق حسن ‪.‬‬ ‫ومنه��ا بل��وغ درج��ة‬ ‫ّ‬ ‫الصائ��م القائ��م ‪:‬روى ابن‬ ‫حب��ان أن س��يدنا رس��ول‬ ‫ق��ال‪ّ :‬‬ ‫ إن املؤم��ن‬ ‫ا‬ ‫للهّ‬ ‫لي��درك حبس��ن خلق��ه‬ ‫درجة ّ‬ ‫الصائم القائم ‪.‬‬ ‫ومنها دخ��ول ّ‬ ‫اجلنة فقد‪:‬‬ ‫روى اب��ن حب��ان كذل��ك‬ ‫أن س��يدنا رسول ا‬ ‫للهّ‬ ‫الناس ّ‬ ‫س��ئل ما أكثر ما يدخ��ل ّ‬ ‫اجلنة‬ ‫قال‪ :‬تقوى ا وحسن اخللق ‪.‬‬ ‫للهّ‬ ‫ننال ه��ذه ّ‬ ‫الثم��ار يف ّ‬ ‫الدنيا‬ ‫فألج��ل أن‬ ‫ونفوز يف ّ‬ ‫الدارين ّ‬ ‫بالس��عادة الكربى‬ ‫ّأدبن��ا ّ‬ ‫فق��ال‪:‬‬ ‫س��يدنا رس��ول الل‬ ‫ّ‬ ‫ اتق ا حيثما كنت وأتبع ّ‬ ‫الس��يئة‬ ‫للهّ‬ ‫احلس��نة متحه��ا وخال��ق ّ‬ ‫الن��اس خبلق‬ ‫حس��ن ‪ ،‬وإذا كانت هذه بعض ثـمار‬ ‫حماس��ن األخ�لاق يف الدني��ا واآلخ��رة‬ ‫ّ‬ ‫ف��إن لألخ�لاق ثـمرة ال يس��اويها ذلك‬ ‫ّ‬ ‫أجل من ّ‬ ‫كل��ه بل هي ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫الثمار ولو‬ ‫ّ‬ ‫تش��ربت قلوبنا معناها ما اس��تبدلناها‬ ‫بشيء وال ساء خلقنا مع أحد‪.‬‬ ‫هذه ّ‬ ‫الثمرة اجلليلة أعطانا ّإياها ّ‬ ‫سيد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتفضل به��ا علينا‬ ‫األول�ين واآلخري��ن‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫وه��و رمح��ة ا للعامل�ين فامجع معي‬ ‫للهّ‬ ‫قلبك أيها القارئ الكريم وأقبل على‬ ‫هدي��ة صاح��ب اخلل��ق العظي��م الذي‬ ‫بعث��ه ا باملؤمن�ين رؤوف رحيم فقد‬ ‫للهّ‬ ‫روى اإلمام أمح��د وابن حبّان و الرتمذي‬ ‫عن أبي هريرة ‪ّ :d‬‬ ‫أن س��يدنا رسول‬ ‫‪3‬‬

‫‪‬‬

‫ا‬ ‫قال‪ :‬أال أخربكم بأحبّكم‬ ‫للهّ‬ ‫نيّ‬ ‫ّ‬ ‫إلي وأقربكم م جملسا يوم القيامة‬ ‫؟( قاهل��ا مرت�ين أو ثالثة) قال��وا بلى يا‬ ‫رسول اهلل قال‪ :‬أحسنكم خلقا ‪.‬‬ ‫ات��ركك أخ��ي الق��ارئ تتل��ذذ به��ذه‬ ‫اهلدي��ة احملمدي��ة والعطي��ة النورانية‬ ‫و أق��ول يف اخلت��ام إن جمال��س الصالة‬ ‫ال�تي‬ ‫والس�لام عل��ى س��يد األن��ام‬ ‫ّ‬ ‫س��نها مش��ائخنا رض��وان اهلل عليه��م‬ ‫إحي��اء لليالي ربيع األنور هي الس��بيل‬ ‫للتعل��ق الص��وري واملعن��وي باجلن��اب‬ ‫النب��وي وبالتالي التخلق بتلك األخالق‬ ‫املصطفوية واآلداب األمحدية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ه��م ارزقنا حمبّت��ه ّ‬ ‫الل ّ‬ ‫واتباعه وانهج بنا‬ ‫عل��ى ّ‬ ‫س��نته وطريقته واحش��رنا يوم‬ ‫القيامة حتت لوائ��ه ويف زمرته وأوردنا‬ ‫حوضه واس��قنا من يده ّ‬ ‫الشريفة شربة‬ ‫هنية ال نظمأ بعدها أبدا‪.‬‬ ‫وصلى اهلل وس��لم وبارك على ّ‬ ‫س��يدنا‬ ‫ونبين��ا و موالن��ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫حمم��د و عل��ى آل��ه‬ ‫وصحبه أمجعني ومن تبعهم بإحس��ان‬ ‫إىل يوم الدين‪.‬‬

‫‪‬‬


‫الشيخ قاسم اخلصاصي األندلسي‪d‬‬ ‫(‪1083 - 1002‬هـ ‪1673 /‬م )‬

‫تتزين جملة األنوار ّ‬ ‫احملمدية برتاجم مشايخ سلسلة أهل الطريق شيخا عن شيخ‬ ‫إىل ّ‬ ‫يف كل وقت و حني مقتبسة ذلك من كتاب «مشوش‬ ‫سيد الكونني‬ ‫العارفني» مجع و ترتيب الدكتور أمحد عبد السالم بلقايد جنل شيخنا ّ‬ ‫سيدي‬ ‫ّ‬ ‫حممد عبد اللطيف و الشريف حمسن احلارث و هي تقدم للقارئ الكريم َع َل ًما‬ ‫من أعالم طريق أهل اهلل الشيخ ّ‬ ‫سيدي قاسم اخلصاصي قدس اهلل سره ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫هو الش��يخ اإلمام‪ ،‬العارف اهلمام‪ ،‬منبع‬ ‫التوحي��د‪ ،‬ومعدن التجري��د والتفريد‪،‬‬ ‫حبر املعرفة الزخار‪ ،‬وغي��ث املدد الوابل‬ ‫امل��درار‪ ،‬الواص��ل الكام��ل احملق��ق‪،‬‬ ‫اجملذوب املقرب املستغرق‪ ،‬ذو اإلشارات‬ ‫العلي��ة‪ ،‬واحلقائ��ق الس��نية‪ ،‬واملواجد‬ ‫الرباني��ة‪ ،‬واإلش��راقات العرفاني��ة‪ ،‬أبو‬ ‫الفضل س��يدي قاس��م بن احلاج قاس��م‬ ‫ب��ن قاس��م اخلصاص��ي (بفت��ح اخل��اء‬ ‫املعجم��ة‪ ،‬وختفيف الص��اد)‪ .‬به عرف‪.‬‬ ‫األندلس��ي أصال‪ ،‬الفاس��ي دارا ومولدا‬ ‫ً‬ ‫ومنشئا وضرحيا‪.‬‬ ‫وقولنا‪ :‬اخلصاصي نسبة إىل خصاصة‬ ‫وهي مدينة على ش��اطئ البحر جببل‬ ‫قلعي��ة‪ ،‬ذات مياه وأجن��ة‪ ،‬ال عمارة بها‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫كان بها س��لفه‪ ،‬وكان هلم بها شهرة‬ ‫يف الوالية‪ ،‬ولبعضهم بها‪ ،‬وهو‪ :‬سيدي‬ ‫مس��عود اخلصاصي‪ ،‬مزارة‪ ،‬ثم انتقلوا‬ ‫عنها بع��د خالئها إىل اجلبل املذكور‪،‬‬ ‫ث��م إىل ف��اس‪ .‬وحك��ي عنه أن��ه قال‪:‬‬ ‫"حنن من األندلس‪ ،‬كان سلفنا هناك‬ ‫قبل ورودهم على قلعية"‪.‬‬ ‫ولد رمح��ه اهلل يف حدود واحد أو اثنني‬ ‫وأل��ف‪ ،‬وترب��ى يتيم��ا يف حج��ر أم��ه‪،‬‬ ‫ألن وال��ده تويف وترك��ه يف بطن أمه‪،‬‬ ‫إىل أن ش��ب وبل��غ احلل��م‪ ،‬وكانت له‬ ‫صب��وة وخلط��ة مع أت��راب له م��ن أهل‬ ‫حومت��ه وغريهم‪ ،‬كان ه��و يذكرها‬

‫ويذك��ر م��ا صدر عن��ه م��ن األفاعيل‬ ‫بس��ببها‪ ،‬وليع��رف الن��اس بذلك فضل‬ ‫اهلل وإحسانه إليه‪.‬‬ ‫ثم هب��ت علي��ه عواطف التوب��ة‪ ،‬فجاء‬ ‫إىل ضريح الشيخ أبي احملاسن الفاسي‬ ‫من غري قصد ل��ه به‪ ،‬إذ كان ال يعرفه‬ ‫وال يعرف امسه‪ ،‬فناداه‪" :‬يا صاحب هذا‬ ‫الق�بر‪ ،‬إن كنت وليا هلل حقا‪ ،‬فنطلب‬ ‫من��ك أن جيمع�ني اهلل بش��يخ خندمه‬ ‫هلل ال خيدمه معي أحد غريي"‪ .‬فجمعه‬ ‫اهلل بع��د ذل��ك بش��يخه األول‪ ،‬وه��و‪:‬‬ ‫سيدي مبارك بن عبابو الكوش‪ ،‬دفني‬ ‫خ��ارج باب اجليس��ة‪ .‬فصحب��ه مدة إىل‬ ‫وفاته‪ ،‬ثم صحب بعده العارف الفاسي‪،‬‬ ‫والزم��ه‪ ،‬وس��لب ل��ه اإلرادة‪ ،‬وفت��ح ل��ه‬ ‫على يدي��ه الفتح العظي��م‪ ،‬وبقي يف‬ ‫صحبته حنوا من عش��ر سنني‪ ،‬وكان‬ ‫يق��ول له‪" :‬أنت لي ولس��ت ألحد غريي"‬ ‫يشري واهلل أعلم بذلك أن فتحه كان‬ ‫على يده دون غ�يره‪ ،‬وكان يقول له‬ ‫أيضا‪" :‬أنت غريب‪ ،‬ليس لك أخ" يش�ير‬ ‫واهلل أعل��م إىل أنه غري��ب يف طريقه‬ ‫وعرفانه وحتقيقه‪.‬‬ ‫ثم بع��د وفاته‪ ،‬صح��ب خليفته ووارثه‬ ‫س��يدي ّ‬ ‫حمم��د ب��ن عب��د اهلل مع��ن‬ ‫األندلس��ي‪ ،‬وبق��ي يف صحبت��ه س��تة‬ ‫وعشرين سنة‪ .‬وهؤالء الثالثة األشياخ‬ ‫هم عمدته وإليهم س��لب اإلرادة‪ ،‬كما‬ ‫ذكره هو عن نفس��ه واحدا بعد واحد‬ ‫‪4‬‬

‫د‪ .‬أمحد عبد السالم‬ ‫بلقايد‬

‫وكان يقول‪ :‬إنه لقي س��تة وعشرين‬ ‫ش��يخا‪ ،‬أو حنوه��م‪ ،‬وه��و ‪d‬ال��وارث‬ ‫لش��يخه األخري‪ .‬وهو س��يدي ّ‬ ‫حممد بن‬ ‫عب��د اهلل‪ ،‬أخ�بر بذل��ك تلمي��ذه وولد‬ ‫ش��يخه املذكور سيدي أمحد ابن عبد‬ ‫اهلل ويف "املقص��د" "أن��ه جل��س يوم��ا‬ ‫مع أصح��اب س��يدي ّ‬ ‫حممد بع��د موته‬ ‫يتحدث��ون متحريين‪ ،‬كيف الس��بيل‬ ‫إىل معرفة وارثه؟ وس��يدي قاسم معهم‪.‬‬ ‫فقال هلم "ها هو الس��بع يف وس��طكم‬ ‫ولك��ن أين م��ن يس��تخرجه ويتفطن‬ ‫له"‪.‬‬ ‫وكان رمح��ه اهلل م��ن أه��ل العناية‬ ‫الرباني��ة‪ ،‬واألح��وال النوارنية‪ ،‬والغيبة‬ ‫يف التوحي��د‪ ،‬واالس��تغراق يف حب��ر‬ ‫التحقي��ق‪ ،‬ق��وي احل��ال‪ ،‬فائ��ض النور‪،‬‬ ‫فياض املدد‪ ،‬تغلب عليه الغيبة تعتاده‬ ‫زيادتها يف حنو مخس��ة أيام من كل‬ ‫شهر فال يعرف فيها األرض من السماء‪،‬‬ ‫وال ي��أكل وال يش��رب‪ ،‬إال أنه يس��أل‬ ‫ع��ن أوق��ات الص�لاة يف كل س��اعة‪،‬‬ ‫وقد يس��أل ع��ن صالة نهاري��ة بالليل‪.‬‬ ‫وكان إذا وق��ع ل��ه ذل��ك‪ .‬ال خيرج من‬ ‫داره‪ .‬وكانت طريقت��ه احملبة والفناء‬ ‫يف التوحي��د‪.‬ال يش�ير يف كالم��ه إال‬ ‫إليهم��ا وال يع��رج إال عليهما‪ ،‬وينهض‬ ‫بالن��اس إىل اهلل م��ن طريقتهم��ا‪ ،‬وال‬


‫الشيخ سيدي حممد بلقايد قدس اهلل سره‬ ‫يل��وي عل��ى طري��ق اخلوف وال يش�ير‬ ‫إلي��ه‪ ،‬وال حي��ب م��ن يق��ف م��ع اخلوف‬ ‫وش��هود مس��اويه‪ ،‬خمافة أن يقصر به‬ ‫ذلك عن النهوض إىل اهلل‪.‬‬ ‫وكان حيرك��ه الس��ماع‪ ،‬وينه��ض‬ ‫قائم��ا يتواجد من غ�ير رقص‪ ،‬ولكن‬ ‫يقف ويقرب من أهل السماع‪ ،‬وكان‬ ‫ش��ديد احلزم يف الدين‪ ،‬واتباع السنة‪،‬‬ ‫رفي��ع اهلمة ج��دا‪ ،‬منقطعا ع��ن الدنيا‬ ‫وأهله��ا‪ ،‬يف غاي��ة م��ن الزه��د وال��ورع‪،‬‬ ‫اَّ‬ ‫وقلة ذات الي��د‪ ،‬يأكل من عمل يده‪َ ،‬وَم��ا يَْعقِلَُه��ا إِل الَْع مِالُ��ون ‬ ‫ويتسبب يف حانوته‪ ،‬وال يقبل من أحد {العنكبوت‪}43/‬وأحوال��ه ومـقاماتــ��ه‬ ‫ش��يئا ولو م��ن أصحابه‪ ،‬ما عدا س��يدي‬ ‫أمحد اب��ن عب��د اهلل‪ .‬وكان حمبا آلل‬ ‫البيت‪ ،‬معظما هلم جدا‪.‬‬ ‫وله كرامات كثرية‪ ،‬ومكاش��فات‬ ‫غزي��رة‪ ،‬وتصرف��ات كب�يرة‪ ،‬ذك��ر‬ ‫بعضه��ا يف "املقص��د" وغ�يره‪ ،‬ورأى‬ ‫اخلض��ر علي��ه الس�لام وأخ�بر ب��ه‪،‬‬ ‫وكانت له مع ذلك مالمات وشطحات‬ ‫ينك��ر ظاهرها من مل يعرف حقيقتها‬ ‫ومل يشاركه يف حاله‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫كثرية‪ ،‬وكراماته عظيمة ش��هرية‪،‬‬ ‫يكف��ي يف مس��و ق��دره وعل��و فخره‬ ‫خترج س��يدي أمحد بن عب��د اهلل على‬ ‫يديه و كانت تربيته وتهذيبه به‪.‬‬ ‫ق��ال يف "املقص��د"‪ :‬وق��د ش��رعت هل��ذا‬ ‫العه��د يف تألي��ف مس��تقل يف أخباره‪،‬‬ ‫من كرامات وغريها‪ ،‬نويت تس��ميته‬ ‫عن��د إمتامه "بالزه��ر الباس��م يف أخبار‬ ‫الش��يخ س��يدي قاس��م"‪ ،‬يس��ر اهلل يف‬ ‫إكماله مبنه وأفضاله"‪ .‬ومل تس��اعده‬ ‫بإكماله األقدار‪ ،‬وال مسح له يإمتامه‬ ‫الزمان والقرار‪ ،‬فانتدب حفيده العالمة‬ ‫أبو عبد اهلل س��يدي ّ‬ ‫حمم��د بن الطيب‬ ‫القادري لذكر مآثره وأحواله يف مؤلف‬ ‫يف سفر وسط مساه "بالزهرالباسم"‪،‬‬ ‫أو الع��رف الناس��م‪ ،‬يف مناق��ب الش��يخ‬ ‫س��يدي قاس��م‪ ،‬ومآثر من له من األشياخ‬ ‫واألتباع أهل امل��كارم"‪ ،‬وخلص القول‬ ‫في��ه يف ثـمانية أب��واب‪ ،‬فليطالعه من‬ ‫أراده‪.‬‬ ‫ت��ويف رمح��ه اهلل و رض��ي عن��ه يف‬ ‫وس��ط ليلة األحد التاسع عشر من شهر‬ ‫رمض��ان املعظم س��نة ث�لاث وثـمانني‬ ‫وألف عن حن��و اثنني وثـمانني س��نة‪،‬‬ ‫ودف��ن بروض��ة أش��ياخه أعل��ى مطرح‬ ‫اجلن��ة‪ ،‬إزاء قبة الش��يخ س��يدي ّ‬ ‫حممد‬ ‫ب��ن عب��د اهلل‪ ،‬وراءه‪ ،‬وب�ني عليه بيت‪،‬‬ ‫بناه تلميذه سيدي أمحد ابن عبد اهلل‪،‬‬ ‫وقربه به مع��روف إىل اآلن‪ ،‬عليه دربوز‬ ‫يزار ويتربك به‪ .‬ترمج��ه يف "املقصد"‪،‬‬ ‫ويف "اإلمل��اع ببعض م��ن مل يذكر يف‬ ‫ممتع األمساع"‪ ،‬و"الصفوة"‪ ،‬والروض"‪،‬‬ ‫و"النشر" و"التقاط الدرر"‪ .‬وغري ذلك‪.‬‬


‫كلمات نورانية جاد بها رجال السلسلة الذهبية‬ ‫إن أنوار أهل الرتبية و السلوك تسبق ألفاظهم‪ ،‬فحيث وصل التنوير نفع التعبري‪ ،‬فكالمهم نور و إشارتهم‬ ‫نور الستمدادهم من نور الوجود و السبب األعظم لكل موجود سيّدنا ّ‬ ‫حممد صلى اهلل عليه و آله وصبحه‬ ‫وسلم‪ .‬فحيعلى ‪ -‬أيها احملب ‪ -‬إىل قبس من ذلك النور‪.‬‬ ‫وأن��ت تطلب من��ه الفضيحة‬ ‫احلم��د هلل وح��ده‬ ‫وهو يطل��ب منك الس�تر قال‬ ‫وصل��ى اهلل على من‬ ‫ش��يخنا س��يدي أبو عزة ‪d‬‬ ‫ال نيب بعده‪.‬‬ ‫يف القصيدة‪:‬‬ ‫إخواني فـــي اهلل وحمبنا من‬ ‫فك��ن قائ�لا اهلل دائم��ا ي��ا‬ ‫أجله الفقي��ه يف كالم ربه‪،‬‬ ‫فت��ى إىل أن متوت أو تش��اهد‬ ‫املتعبد هلل يف ش��ؤونه بأمره‪،‬‬ ‫ذاته‪ ،‬وكان السلف الصاحل‬ ‫س��يدي أمح��د ب��ن س��ليمان‬ ‫الذي��ن أصل��ح اهلل ظواهرهم‬ ‫علي��ك س�لام اهلل ورمحت��ه‬ ‫وبواطنه��م رض��ي اهلل عنهم‬ ‫وبركاته وبع��د‪ :‬فقد بلغين‬ ‫ال يطلب��ون من��ه كرام��ة‬ ‫كتاب��ك وقرأت��ه عل��ى دور‬ ‫ظاهر وال كرامة باطن‪ ،‬إمنا‬ ‫احلروف وفهم��ت ما خاطبتين‬ ‫كانوا يطلبون االس��تقامة‬ ‫ب��ه يف طري��ق رب��ك متح�يرا‬ ‫م��ع ربه��م‪ ،‬فق��د ق��ال موالن��ا‬ ‫يف أم��ر نفس��ك م��ن حيث مل‬ ‫ع��ز وج��ل لنبي��ه وحبيب��ه‬ ‫تع��رف زي��ادة وال نقصان��ا‪،‬‬ ‫صل��ى اهلل علي��ه وعل��ى آله‬ ‫فأمحد اهلل الذي أهلمك لذلك‬ ‫الشيخ سيدي حممد‬ ‫اسَ��تقِْمَكَما‬ ‫وأشكره على ما أنت طالبه اهلربي إبن احلاج حممد اهلربي‬ ‫وصحبه وسلم‪َ :‬ف ْ‬ ‫َ​َ َ​َ ْ ُ هَّ‬ ‫ُ‬ ‫صاحب الرسالة‬ ‫م��ن م��والك فل��ْوال فض‬ ‫أمِ��ْرت {هود‪}112/‬حت��ى‬ ‫��ل اللِ‬ ‫أوص��اف الربوبية لك��ن كن عبدا له‬ ‫َعَلْيُك��ْمَوَرْحَمتُ��ُهلَُكنتُ��م م َ‬ ‫‪« :‬ش��يبتين ه��ود ملا‬ ‫ق��ال‬ ‫ن‬ ‫َ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫وال تتش��وف ألمر مل يرده من��ك‪ ،‬فالذي‬ ‫الَْخا ِسرِ َ‬ ‫اسَ��تقِْم كَم��ا أمِ��ْرت ‬ ‫ين {البقرة‪}64/‬أمل‬ ‫ق��ال ل��ي‪َ :‬ف ْ‬ ‫تطلبه منه هو طالبه منك‪ ،‬وأنت تطلب‬ ‫وأم��ا الوالية فأنت ول��ي اهلل حقا‬ ‫تعل��م أن يف كالمه القدس��ي‪:‬‬ ‫احلرية منه وهو يطلب منك العبودية‪،‬‬ ‫وصدق��ا‪ ،‬فالقرآن يش��هد لك بها‬ ‫ م��ن تق��رب إل��ي ش�برا‬ ‫عن��د اهلل ملا أودعت��ه يف صدرك‬ ‫تقرب��ت إلي��ه ذراع��ا إىل أن ق��ال‪:‬‬ ‫ وم��ن أتان��ي ميش��ي‬ ‫وال تنازعه فيما ما أقامك فيه‪ ،‬فلو كشف وال تقف مع أمر نفس��ك إن قالت‬ ‫أتيت��ه هرول��ة فافه��م‪ ،‬واحلم��د لك ذلك الدعت نفسك أوصاف الربوبية لكن لك أنت كاذب أو أنت فاس��ق أو‬ ‫أن��ت خبي��ل‪ ،‬إىل غري ذل��ك‪ ،‬وإن‬ ‫هلل ال��ذي س�تر عليك ذل��ك‪ ،‬وال‬ ‫كن عبدا له وال تتشوف ألمر مل يرده منك‪،‬‬ ‫قالت لك أنت ول��ي اهلل فصدقها‪،‬‬ ‫تنازع��ه فيما ما أقام��ك فيه‪ ،‬فلو‬ ‫ألن كل م��ن ق��ال ال إل��ه ّ‬ ‫كشف لك ذلك الدعت نفسك فالذي تطلبه منه هو طالبه منك‬ ‫إال اهلل‬

‫‪‬‬

‫‪6‬‬


‫حمم��د رس��ول اهلل صل��ى اهلل علي��ه‬ ‫وعل��ى آل��ه وصحبه وس��لم بش��روطها‬ ‫فه��و ولي اهلل ومن ك��ذب فعليه لعنة‬ ‫اهلل‪ّ ،‬‬ ‫إال أن تلك الوالية والية عامة‪ ،‬أ ّما‬ ‫الوالي��ة اخلاصة فيتفاضل بعضها عن‬ ‫بالت ّ‬ ‫بعض ّ‬ ‫صفي والرتقي ويعطي اهلل‬ ‫لصاحب اهلمة العالية أكثر‬ ‫م��ن ذلك وم��ا ذل��ك على اهلل‬ ‫بعزيز واهلل يق��ول احلق وهو‬ ‫يهدي الس��بيل وعل��ى العهد‬ ‫والسالم‪.‬‬

‫تطل��ق عل��ى الق��ول والعمل (حس��ب‬ ‫اإلخ�لاص) اإلنس��ان إذا ص��ار مؤمن��ا‬ ‫كام�لا أقبل عليه ر ّب��ه‪ ،‬و املؤمن قوله‬ ‫موافق لقلبه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن الذين ءامنوا وطبقوا ما قيل هلم‪.‬‬ ‫اإلميان هو أن اإلنسان يطبق ما أمر به‪.‬‬

‫ ‬ ‫س��ئـــــل مــوالنـــ��ا‬ ‫الشيخ س��يدي حممد‬ ‫بلقايد ّ‬ ‫قدس اهلل سره‬ ‫عن قوله تعاىل‪:‬‬

‫ إِ َّ‬ ‫ن الََّذِي��ن آَمنُ��وا‬ ‫َوَعمِلُ��وا ا َّلص َ‬ ‫هَُ​ُم‬ ‫��ات َس��َيْجَعُل ل‬ ‫ال ِ‬ ‫حِ‬ ‫اَّلرمَْ‬ ‫ح ُ‬ ‫نُودًّا {مريم‪}96/‬‬

‫ق��ال هذا خ�بر م��ن اهلل تعاىل‬ ‫لعب��اده الصادق�ين‪ ،‬خبـــ��ر‬ ‫مس��اوي‪ّ ،‬‬ ‫إن الذي��ن ءامن��وا‬ ‫وعملوا الصاحلات من نية وقول وعمل‬ ‫ثم اإلخالص‪.‬‬ ‫اإلمي��ان درج��ات‪ ،‬ومقام��ات‪ ،‬حس��ب‬ ‫األعم��ال وإلخ�لاص‪ ،‬حس��ب حس��ن‬ ‫العم��ل وص��دق الني��ة وحس��ن الظن و‬ ‫أفضل ما حيب اهلل أن حتسن ظنك به‪.‬‬ ‫الذين ءامنوا مبا نزل على سيدنا حممد‬ ‫وطبقوا ما جاء به الرس��ول صلى‬ ‫اهلل عليه وعلى آله وصحبه وس��لم من‬ ‫الق��ول والعم��ل‪ ،‬وعمل��وا الصاحلات‪:‬‬

‫‪‬‬

‫الشيخ سيدي حممد‬ ‫بلقايد قدس اهلل سره‬

‫س��يدنا يوس��ف علي��ه الس�لام عندما‬ ‫رماه إخوته يف البئر جاؤوا ألبيهم فقالوا‬ ‫ل��ه أن الذئ��ب أكله مل يؤمنه��م فقالوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن لنَا {يوسف‪}17/‬‬ ‫م‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫نت‬ ‫أ‬ ‫ َوَما‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِّ‬ ‫أي وم��ا أن��ت مبص��دق لن��ا‪ ،‬اإلميان يف‬ ‫اللغ��ة‪ :‬التصديق‪ ،‬اإلميان يف الش��رع‪:‬‬ ‫النط��ق باللس��ان والتصدي��ق بالقلب‬ ‫والعمل باجلوارح‪.‬‬ ‫الق��رآن يب�ين أن اإلمي��ان ه��و العم��ل‬ ‫هُّ‬ ‫ُ‬ ‫ َوَم��ا َك َ‬ ‫ضي��َع إِيَمانَك��ْم ‬ ‫ان الل لُِي ِ‬ ‫‪7‬‬

‫{البقرة‪}143/‬أي صالتكم‪.‬‬ ‫اإلس�لام ه��و اإلستس�لام واخلض��وع‬ ‫ألوامر اهلل «املس��لم من س��لم الناس من‬ ‫لسانه ويده»‪.‬‬ ‫اإلس�لام جمموع يف قول��ه‪َ :‬وَم��ا آتَ ُاكُم‬ ‫ُ‬ ‫اَّلرُس ُ‬ ‫��ولَفُخ ُ‬ ‫��ذوهَُوَم��انَ​َهاك��ْمَعْن��ُهَفاَنتُه��وا ‬ ‫{الحشر‪.}7/‬‬ ‫املراد من املس��لمني أن يطبقوا‬ ‫ما قيل هلم من رسول اهلل صلى‬ ‫اهلل علي��ه وعل��ى آله وصحبه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫إذا ص��دق اإلنس��ان يف نيت��ه‬ ‫وقول��ه وعمل��ه ص��ار مؤمن��ا‬ ‫كامال‪ ،‬عند ذلك ميده اهلل‪.‬‬ ‫الود إذا حص��ل للعبد حصلت‬ ‫ل��ه الس��عادة األبدي��ة ظاه��را‬ ‫وباطنا‪ ،‬اإلنسان إذا اتقى اهلل‬ ‫يف ظاهره وباطنه وذكر اهلل‬ ‫وأخل��ص يف عمل��ه عند ذلك‬ ‫حيبه اهلل ألنه خلقه لعبادته‪.‬‬ ‫إذا كان ل��ك بس��تان وكان‬ ‫ل��ك ول��د‪ ،‬وكل ي��وم يعمل‬ ‫وينهمك يف العم��ل‪ ،‬حتبه أو‬ ‫ال حتبه؟ رمبا تعطيه بس��تان‬ ‫دون حماس��بة فم��ا بال��ك يف اهلل «م��ا‬ ‫تق��رب إلي عبدي بش��يء أحب إلي مما‬ ‫افرتضت��ه عليه وال يزال عبدي يتقرب‬ ‫إل��ي بالنواف��ل حت��ى أحب��ه‪ »..‬حدي��ث‬ ‫قدسي‪.‬‬ ‫العب��د آم��ن ب��اهلل «إذا أح��ب اهلل عبدا‬ ‫ين��ادي جربي��ل‪ :‬ي��ا جربيل إن��ي أحب‬ ‫فالنا فأحب��ه فيحبه جربي��ل ثم ينادي‬ ‫جربي��ل املالئك��ة ّ‬ ‫إن اهلل حيب فالنا‬ ‫فأحبوه فيحب��وه‪ ،‬ثم يوضع ل��ه القبول‬


‫«من مل يكن يف زيادة فهو يف‬ ‫نقصان» ‪.‬‬ ‫واملؤمن كل يوم يف زيادة‪.‬‬ ‫واملؤمن يربي قلبه على اهلل‪.‬‬ ‫«من أكثر ذكر اهلل برئ من النفاق»‬ ‫حديث نبوي شريف‪.‬‬ ‫«لكل شيء مصقلة ومصقلة القلوب‬ ‫ذكر اهلل» حديث نبوي شريف‪.‬‬ ‫هََّ َ‬ ‫ َواَلتَُكونُواَكالَّذ َ‬ ‫ِيننَُس��وا اللَفأ َنس��اُهْم‬ ‫َ‬ ‫أُنفَسُهْم {الحشر‪.}19/‬‬ ‫خلقن��ا اهلل ألجل ذك��ر اهلل َوتَ​َزَّودُواْ‬ ‫َف��إِ َّ‬ ‫َّادِ اَّلتْق��َوى ‬ ‫ن َخْي��َر ال��ز‬ ‫{البقرة‪.}197/‬‬ ‫الذكر يا زاهـد الذكــــر‬ ‫والذكر هو اجلبــــرية‬ ‫من ال له نور يف الذكر‬ ‫هذاك خاطي املريـرة‬ ‫الذكر بــواب لــلقلـــب‬ ‫حيظيه من كل ّ‬ ‫عــلــة‬ ‫ال حتقرن ذكر اللسان‪.‬‬ ‫أن��ت عليك األم��ر ويأتي ربي بس��اعة‬ ‫الفتح‪.‬‬ ‫ل��ه العناية م��ن اهلل أهلم��ه إىل الطريق‬

‫يف األرض»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ود رب��ي‪ :‬أن يقبل��ه اهلل واملالئك��ة املس��تقيم «واهلل لوال اهلل مل��ا اهتدينا»‬ ‫حديث نب��وي‪ ،‬ه��ذا نبينا يق��ول‪« :‬من‬ ‫والناس‪ ،‬وأن يكرهه الشيطان‪.‬‬ ‫إشتكى سيدنا موس��ى إىل اهلل فقال أط��اع اهلل أحب��ه اهلل وم��ن عصى اهلل‬ ‫ل��ه ّ‬ ‫إن النــ��اس يكرهوننـ��ي‪ ،‬فق��ال أبغضه اهلل»‪.‬‬ ‫ل��ه اهلل‪ :‬ي��ا موس��ى أن��ا ال��ذي خلقتهم «يا عبادي كلكم ضال إال من‬ ‫هديته فاستهدوني اهدكم»‬ ‫ورزقتهم ويكرهونين»‪.‬‬ ‫يف جن��ة اهلل ح�ين ندخله��ا جن��د هذه اخلري كله يف تقوى اهلل واآلداب‬ ‫مع اهلل‪.‬‬ ‫املودة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫ ‬


‫مساحة الشيخ ّ‬ ‫حممد عبد اللطيف بلقايد‬ ‫قصيدة لألستاذ الدكتور أمحد عمر هاشم‬

‫إىل ص���اح���ب احل���س���ب امل���اج���د‬

‫وري�������ث ال�����والي�����ة ع����ن وال����د‬

‫ف��ش��ي��خ ال��ت��ق��ى واهل����دى وال��ن��دى‬

‫أط������ل ب����إش����راق����ة ال���ع���اب���د‬

‫أت���ان���ا وب��ي�ن ي���دي���ه ال��ص��ف��اء‬

‫ص����ف����اء امل���س���ب���ح وال���س���اج���د‬

‫أت����ان����ا ويف وج����ه����ه م��س��ح��ة‬

‫ب����ن����ور ت����ض����رع����ه ال����زائ����د‬

‫س���ع���دن���ا خب��ي�ر ق������دوم ع��ظ��ي��م‬

‫خل���ي��ر ول��������ي ل����ن����ا رائ������د‬

‫ب���أرض ال��ك��ن��ان��ة ك���ان اللقاء‬

‫ب����أه����ل احمل����ب����ة م�����ن ت���ال���د‬

‫ف��ي��ا رب ب����ارك ل��ع��ب��د اللطيف‬

‫ول�����ي اهل������دى واب������ن ب��ل��ق��اي��د‬

‫ع��رف��ن��اك ي��ا شيخ عبد اللطيف‬

‫ك����رمي����ا وذا خ���ل���ق راش����د‬

‫ع��رف��ن��اك ن����ورا وش��ي��خ��ا وق����ورا‬

‫ت���ق���ود دع�����اة ال��س��ن��ى ال���واع���د‬

‫ع���رف���ن���اك ش��ه��م��ا ت��ق��ي��ا نقيا‬

‫وت���دع���و إىل اخل���ال���ق ال���واح���د‬

‫وت���دع���و ال��ع��ب��اد ل����رب ال��ع��ب��اد‬

‫ل���������رب ال��������������ورى ح����ام����د‬

‫ب�����وه�����ران زاوي���������ة أش���رق���ت‬

‫ب���ن���ب���ع أله�����ل ال���ت���ق���ى راف����د‬

‫ت���ض���م اهل�������داة وط���ل��اب ع��ل��م‬

‫ع��ظ��ي��م ب��دن��ي��ا ال������ورى س��ائ��د‬

‫وأن�������ت إم���ام���ه���م���و األمل���ع���ي‬

‫و خ��ي��ر إم��������ام هل�����م ق���ائ���د‬

‫إذا م���ا أت����اك ال��ع��ص��اة اه��ت��دوا‬

‫ومل ي��ب��ق يف ال���ق���وم م���ن ش���ارد‬

‫ت���ن���ادي ع��ل��ي��ه��م جب��ن��ح ال��دج��ى‬

‫ف��ل��م ي��ب��ق يف ال���ق���وم م���ن راق���د‬

‫بطلعتك ال��ن��ور ي��ه��دي احل��ي��ارى‬

‫وي�����دع�����و مل��س��ت��ق��ب��ل خ���ال���د‬

‫ونأتيك يف كل عام بشهر الصيام‬

‫ع�����ل�����ى م������وع������د واح�������د‬

‫ف��ن��ل��ق��اك ي���ا ش��ي��خ��ن��ا ج��ام��ع��ا‬

‫ل���ق���وم���ك يف م���ن���ت���دى ح��اش��د‬

‫ف��ي��ا رب ب����ارك ل��ع��ب��د اللطيف‬

‫وىل اهل������دى واب������ن ب��ل��ق��اي��د‬ ‫‪9‬‬


‫التــــواضـــــــع‬ ‫كثري من املتعلق�ين بالدعوة إىل اهلل‬ ‫وإن كانوا ال خيطر على باهلم احتقار‬ ‫الن��اس وال يرتكز يف بواطنهم نس��بة‬ ‫الغ�ير ّإىل التقص�ير لك��ن م��ن خالل‬ ‫اهتمام��ه وحركته للعمل يغفل عن‬ ‫ابتس��امة ويغف��ل عن س��ؤال عن حال‬ ‫ويغفل عن تقدم يف مشي أو عن إيثار‬ ‫يف ش��يء من الطعام وه��ذه الغفلة عن‬ ‫هذه األش��ياء البس��يطة توجد جباال من‬

‫عنه��ا تقوم علي��ك جبال م��ن القواطع‬ ‫واحلواج��ز والعوائ��ق يف دعوت��ك ال�تي‬ ‫إذا حبثت عن أس��بابها لن جتدها إال من‬ ‫َ‬ ‫جهت��ك كم��ا ق��ال اهلل تعاىل‪ :‬أَولَ​َّم��ا‬

‫ٌَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫��د أَصبْتُ��م مثَْلْيَه��اقُلْتُ��ْم‬ ‫أَصابَتْك��مُّم ِصيَب��ة ق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أنَّىَهَذاقُْلُهَومِ ْ‬ ‫ن ِعنِدِّ أنُْف ِسُكْم ‬ ‫{آل عمران‪ }165/‬فيجب علينا أن‬ ‫ننتبه ملثل هذا‪.‬‬

‫احلبيب ‪:‬عمر بن حفيظ‬ ‫(اليمن)‬

‫هل��م؟ ال يش��عر أه��ل الدي��ن مبنفعتنا‬ ‫هلم؟ ال يش��عرّأهل امللة بتواضعنا هلم؟‬ ‫أنك��ون خداما صادق�ين إذا أحدثنا ما‬ ‫يس��ري يف النف��وس م��ن أن ه��ؤالء رأوا‬ ‫أنفس��هم خريا منا؟ فكيف يسري هذا‬ ‫الش��عور إىل قلب مس��لم من واحد ُم ْن َت ٍم‬ ‫إىل ه��ذا امليدان وهذه الدع��وة هذا ما ال‬ ‫يكون أه��ل بلداننا وأهل زمننا جيب‬ ‫أن يشربوا من تعاملنا كأس اإلحسان‬ ‫إىل املس��يء والعف��و عن��د املق��درة‬ ‫والتجاوز عن املخطئ‪.‬‬ ‫تفقد نفسك إن كان حيوم يف قلبك‬ ‫أن لك األفضلية واألس��بقية واخلريية‬ ‫عل��ى الغ�ير فاعل��م أن��ك مل تأخ��ذ أول‬ ‫خطوات الس�ير وأول حقيق��ة االتصال‬ ‫بهذا النور هذا النور نور سجود والسجود‬ ‫مظه��ر ذل��ة للمعب��ود ف�لا تستس��قى‬ ‫حقيقة العزة والشرف إال به‪.‬‬

‫فالبد أن نوط��ن قلوبنا على أننا خدمة‬ ‫أه��ل الكون ويطل��ع اهلل على قلوبنا‬ ‫نعتقد إمكانية أن يش��فع يف أحدنا‬ ‫ي��وم القيامة من هو اآلن كافر يس��لم‬ ‫فيعلو ش��أنه عند احلق فيكون سببا‬ ‫األوه��ام فيظن��ون ب��ك الظن��ون كأن‬ ‫يف‬ ‫الش��رف‬ ‫أن‬ ‫أدرك��وا‬ ‫الذي��ن‬ ‫حن��ن‬ ‫خلالصك يوم القيامة ميكن ذلك‪.‬‬ ‫يظن��وا أن��ك ش��امخ بنفس��ك أو مغرت‬ ‫اخلدمة‪ ..‬فنحن اخلدام‪ ،‬أنكون خداما‬ ‫بدعوت��ك وم��ا إىل ذل��ك وبه��ذا تع��رف‬ ‫صادقني ثم ال يشعر املسلمون خبدمتنا من الذي أبعد إمكانية هذا؟ ما يبعده‬ ‫عظم��ة اآلداب النبوية ال�تي إذا غفلت‬ ‫‪10‬‬


‫إال ع��دوك ال��ذي أب��ى الس��جود ألبيك‬ ‫ويريد أن تتصل حببل��ه أيضا وتقرب‬ ‫م��ن مس��لكه ويبعد عنك ه��ذا فقل‬ ‫ل��ه ال بع��د إذا كان ه��ذا اعتقادنا مع‬ ‫الكافر فكيف مع املس��لم العاصي؟‬ ‫إذا فكيف يكون أدبنا مع القائمني‬ ‫بالطاع��ة واخلري؟ إذا رس��خ فينا األدب‬ ‫النب��وي حت��ى توقعن��ا حص��ول ه��ذه‬ ‫الش��فاعة من ذل��ك الكاف��ر فكيف‬ ‫أدبنا إذا مع املؤمن الصادق‪.‬‬

‫حنن عامل��ون ملرضاة مقل��ب القلوب ‪.‬‬ ‫فألج��ل ذلك عندن��ا ألهل اإلس�لام مع‬ ‫ختالفه��م الكب�ير‪ ،‬حمب��ة عل��ى ق��در‬ ‫إس�لامهم وم��ا عندهم من إمي��ان وفرح‬ ‫مب��ا لديهم من اخلري إن كان ذرة فذرة‬ ‫أو ذرتني فذرتني أو حبة فحبة أو حبتني‬ ‫فعندنا فرح حبتني‪.‬‬

‫معارض��ون ومنتق��دون وخمالف��ون‬ ‫م��ن أخيار وأش��رار صاحلني وفاس��قني‬ ‫مس��لمني وكف��ار أن��ت إن كنت يف‬ ‫ش��ك من هذا املس��لك واملنه��ج فاتبع من‬ ‫ش��ئت والساحة عنك غنية وإن كنت‬ ‫على يق�ين أنه اهل��دى وم�يراث النبوة‬ ‫وأن��ه حقيق��ة ترمج��ة العهد م��ع الرب‬ ‫فال تتأث��ر من كالم أح��د يكون من‬ ‫م��ا علينا م��ن البيان نؤدي��ه وما علينا‬ ‫كان‪.‬‬ ‫م��ن اإلحس��ان نؤدي��ه‪ ،‬وم��ا علين��ا من‬

‫نتوق��ع ه��ذا ونعل��م إمكانه م��ع متام‬ ‫معنى العزة عل��ى الكافرين فكما‬ ‫أن��ي أقيم احلد على من ثبت عليه ذلك‬ ‫تطه�يرا ومس��اعدة وتعرض��ا بس��ببه‬ ‫لفض��ل اهلل فيكون ذلك س��ببا خلري‬ ‫اجملتمع فكذلك حنم��ل راية اجلهاد‬ ‫عل��ى الكف��ار امتث��اال ألم��ر اجلب��ار‬ ‫وصدق��ا يف حمبته وحمبة رس��وله‬ ‫إس�لامهم أح��ب إلين��ا م��ن أن نغنم من‬ ‫أمواهلم أو جنتاح ديارهم فإسالم الواحد‬ ‫منهم أحب إىل قلوبنا من ملء الدنيا مبا‬ ‫فيها‪.‬‬

‫‪‬‬

‫هذه آداب النبوة اليت محلها الصحب‬ ‫الذين تعلموا اإلحسان إىل األسرى‬ ‫املشركني فكيف إحسانهم‬ ‫للمؤمنني؟‬ ‫إن��ه كان��ت لتق��ع يف ي��د أحده��م‬ ‫الكسرة والتمرة فيكتفي بالتمرة‬ ‫ويدف��ع الكس��رة لعزته��ا وقلته��ا‬ ‫ً‬ ‫ن��ادرا وحيبها الناس‬ ‫ولكونها حتصل‬ ‫فيدفعها لألسري املشرك بعد أن مسعوا‬ ‫نبيهم يوصيهم باإلحسان إىل األسرى‪ .‬املنه��ج عندن��ا جل��ي واحلج��ة عندن��ا الثبات وعدم مباالة مب��ا يقولون نقوم‬ ‫واضح��ة ال تقب��ل الش��ك وال االرتي��اب ب��ه‪ ،‬وم��ا علين��ا من ربن��ا م��ن رمحتهم‬ ‫حن��ن م��ن ه��ذه اإلنطالقة نكتس��ب‬ ‫ولس��نا مكلفني بتقليب القلوب بل نق��وم به إذا فال تأخر عندنا يف عزم وال‬ ‫ثباتن��ا وق��وة يقيننا وإال فف��ي األرض‬ ‫‪11‬‬


‫يف عم��ل‪ ،‬وال يف قول قائ��ل على ظهر‬ ‫األرض واملهمة توجهت علينا مبواصلة‬ ‫العم��ل والس��رعة فيه واجلد‪ ،‬واملش��ي‬ ‫احلثي��ث‪ ،‬فالقي��ام ب��ه عل��ى قاع��دة‬ ‫اللط��ف والعط��ف والرمح��ة والبي��ان‬ ‫واالختيار األنس��ب‪ ،‬والرتفع عن مجيع‬ ‫س��وء الظن��ون‪ ،‬والس��باب والش��تائم‬ ‫وشغل أنفس��نا مبا يعود بالنفع على‬ ‫ال��كل‪ ،‬لس��نا مث��ل ه��ذا‪ ،‬وال ندع��و‬ ‫هلذا‪ ،‬وال حنب ه��ذا‪ ،‬إمنا حنب املقابلة‬ ‫باخللق النبوي إحسانا وتواضعا وثباتا‬ ‫وبيانا‪ ،‬كل من اليقبل قد علمنا أنه‬ ‫يف ه��ذه احلالة ويف هذه الس��اعة إرادة‬ ‫مقل��ب قلبه فيه غري م��ا أردنا فما حنن‬ ‫بآهلة مع اهلل نقول‪ :‬سخر إرادتنا واترك‬ ‫إرادتك‪ ،‬ب��ل نعذر ذلك اإلنس��ان بذلك‬ ‫ونرتق��ب له م��ن مقلب القل��وب عطفة‬ ‫ورمحة توقف��ه على اهل��دى والصواب‪،‬‬ ‫وإذا تيقن��ا ل��ه س��يئة ‪ ..‬فال ننس��ى له‬ ‫حس��نة نعرفها وإذا تيقن��ا له مذمة فال‬ ‫ننك��ر فيه حممدة ندريها و إذا تيقنا‬ ‫في��ه معاي��ب ‪ ..‬فال نتغافل ع��ن مناقب‬ ‫حتل��ى به��ا و ش��غلنا يف احلدي��ث عن‬ ‫املناقب والفضائل وذكر احملاس��ن هو‬ ‫األص��ل يف منهجنا وأما األصل يف تلك‬ ‫الرذائل واملس��اوئ والعيوب السكوت‬ ‫عنها ينبغي أن يفيض هذا فينا‪ ،‬حتى‬ ‫يستجلى ذلك يف كل من مر بنا ورآنا‬ ‫من بعيد فضال عم��ن كلمنا‪ ،‬فضال‬ ‫عمن جلس معنا ال بد أن تستجلى فينا‬ ‫صفة أذلة على املومنني‪ .‬وتفيض فينا‬ ‫فائض��ة الرمح��ة خلل��ق اهلل‪ ،‬وتعظيم‬ ‫املومنني والتواضع والذلة هلم فال بد أن‬ ‫يرتسخ فينا هذا الوصف‪ ،‬حبيث يشعر‬ ‫كل مؤم��ن لقينا بأن قلوبنا تكن له‬ ‫احملب��ة والتقدي��ر‪ ،‬وتأمل ه��ذا الوصف‬

‫في��ك‪ ،‬والب��د أن ي��زداد ق��وة على ممر أو ج��اء ش��رعه لنا حبس��ن الظ��ن فيمن‬ ‫األيام‪ ،‬وإال كنت صورة يستجلى فيها صغ��ر أو كرب م��ن أهل امللة واإلس�لام‬ ‫والعياذ باهلل اإلعراض عن املس��لمني‪ ،‬كلهم؟!‬ ‫والرتفع والتكرب عليهم ‪.‬‬ ‫فلماذا ختالف شرعه؟ وتقصر حسن‬ ‫‪ ،‬ظنك على ظاهر أو مشهور‪ ،‬أين حسن‬ ‫فهذه ليس��ت م��ن أوصاف س��يدنا‬ ‫(ليس��ت من خ�لال قائدنا)‪ ،‬ليس��ت من ظنك بهذا الفقري‪ ،‬وه��ذا الضعيف‬ ‫نعوت قدوتنا وأس��وتنا‪ ،‬كل واحد منا واملسكني‪ ،‬أما شرع اهلل عز و جل‬ ‫البد أن يرسخ فيه هذا الوصف‪ ،‬وصف حسن الظن ب��ه‪ ،‬أم��ا أح��ب اهلل منك‬ ‫الذلة على املومنني‪ ،‬والتواضع للصغري إحرتامه‪ ،‬أما أحب اهلل منك إكرامه‪.‬‬ ‫والكب�ير من أج��ل اهلل واحلرص على كان سيد الوجود حممد‬ ‫حبيب‬ ‫أن نك��ون خدام��ا‪ ،‬فف��ي ذل��ك فوزن��ا الرمحن يبدأ من لقيه بالسالم من‬ ‫وعزن��ا نك��ون خدام��ا أله��ل الدي��ن‪ ،‬كل صغري أو كبري‪ ،‬وأبيض وأسود‪،‬‬ ‫نكون خداما هلذه امللة نكون خداما وأمحر وأصفر‪ ،‬حتى صبيان وفقراء‬ ‫للمس��لمني وخصوص��ا م��ن اليؤبه له املسلمني‪ ،‬بل كان حيب الفقراء‬ ‫‪ ،‬ب��ل كانت‬ ‫قاص��ر النظ��ر إذا ج��اء صاح��ب املعرفة وجي��ل��س معهم‬ ‫بني الناس بش��يء من املنزلة واملكانة اجلارية من جواري املدينة لتأخذ بيده‬ ‫ينظر إليه بش��كل م��ن التعظيم‪ ،‬أما فتذهب به حيث شاءت عليه الصالة‬ ‫إذا أت��ى من ال يؤبه له‪ ،‬فال يلتفت إليه‪ ،‬والسالم‪ .‬أين نشاهد هذه األخالق‪،‬‬ ‫وال يوس��ع ل��ه يف اجملل��س‪ ،‬وال يقدمه نسافر إىل أين حتى جندها؟ إن ماتت‬ ‫وه��ذا من احلرم��ان وم��ن النقصان ومن هذه األخ�لاق يف األمة ماتت حقائق‬ ‫اخلس��ران وإذا قص��ر نظ��رك على أهل الدين بينهم‪ ،‬وحقائق الصلة بصاحب‬ ‫اهليئات أو املعروفني أو املش��هورين بني األخالق ‪ ،‬وصار الناس صوريني‬ ‫الن��اس فأن��ت صاح��ب ح��س ال معنى‪ ،‬فأين حيصل هلم النظر من اهلل إن اهلل‬ ‫وصاحب شكل ال عقل‪.‬‬ ‫ال ينظر إىل صوركم ‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫أصحاب األش��كال هم الذين ميجدون‬ ‫ويعظم��ون وينتبه��ون ألصحـــ��اب‬ ‫الرتب والظه��ور والش��هرة وال يلتفتون‬ ‫إىل الضعف��اء مم��ن مظهره��م مظه��ر‬ ‫املسكنة ممن ال يؤبه هلم ‪.‬‬ ‫فأي��ن صحة معاملتك مع اهلل تعاىل إذا‬ ‫مل تقب��ل عل��ى الضعيف واملنكس��ر‬ ‫والفقري واخلامل وصاحب الذلة حبسن‬ ‫الظن والتواضع واألدب وإرادة خري ؟ أين‬ ‫صحة معاملتك مع اهلل‪ ،‬هل ش��رع اهلل‬ ‫لن��ا التواضع مل��ن أظهره و أش��هره فقط‬ ‫‪12‬‬

‫جي��ب عل��ى الواح��د من��ا أن حي��رص‬ ‫عليه��ا‪ ،‬فيكون مظه��ره مظهر لطف‪،‬‬ ‫ومظه��ر رمح��ة‪ ،‬ومظه��ر حس��ن ظ��ن‪،‬‬ ‫ومظه��ر تواض��ع‪ ،‬ومظهر ذل��ة‪ ،‬ومظهر‬ ‫ح��رص على اخلدمة لكل من صغر أو‬ ‫كرب‪.‬‬


‫صفوة الشواهد يف مشروعية اإلنشاد‬ ‫والسماع يف املساجد‬ ‫يق��ول اهلل تع��اىل يف حمك��م يَزُِيدفِي الَْخلِْقَمايَ​َشاء {فاطر‪}1/‬‬ ‫َ‬ ‫ُ��و قال س��اداتنا ابن كث�ير والقرطيب يف‬ ‫التنزي��ل قُ��ْل َه��ِذهِ َس��بِيلِي أْدع‬ ‫هّ‬ ‫اللَِعَل��ىبَ ِصَ�يرةٍَأنَْ‬ ‫��اَوَم��ن تفس�يريهما نق�لا ع��ن اإلم��ام الزهري‬ ‫إِىَل‬ ‫ِ‬ ‫َّاتبَعن {يوس��ف‪ }801/‬فاملقصود وابن جريج يف ذلك‪ :‬يعين حسن الصوت‬ ‫َ‬ ‫‪d‬‬

‫د‪ .‬الطاهر برايك‬ ‫(اجلزائر)‬

‫صحة أعمال املسلم يف الطريق إىل اهلل ورواه ع��ن الزهري س��يدنا البخاري‬ ‫تعاىل والس�ير إليه‪ ،‬وحتقي��ق األحوال يف األدب املف��رد وإىل ه��ذا ذهب أكثر‬ ‫واألفع��ال واألق��وال على نور الش��ريعة املفس��رين كالنس��في والبيض��اوي‬ ‫فانصر األنصار واملهاجره‬ ‫واخل��ازن‪ ،‬وهو اس��تدالل على اإلطالق‬ ‫مبيزان الكتاب والسنة النبوية ‪.‬‬ ‫املكاني الس��يما مبا يكون مرضيا وروى س��يدانا البخاري و مسلم رضي‬ ‫اهلل عنهما يف صحيحيهما عن سيدنا‬ ‫ولق��د كث��ر احلدي��ث ح��ول االنش��اد بعني الشرع ‪.‬‬ ‫عمر ‪d‬‬ ‫والس��ماع ومش��روعيته ال س��يما يف‬ ‫م��ر ُ‬ ‫س��عيد بن املس��يب قال ‪َّ :‬‬ ‫املناس��بات الش��ريفة ال�تي جيتمع فيها وم��ن الس��نة النبوي��ة م��ا رواه س��يدانا‬ ‫فلح َظ��ه‬ ‫يف املس��جد وحس��ان ُينش��د‪ِ ،‬‬ ‫املس��لمون لذك��ر اهلل تع��اىل وم��دح البخاري ومس��لم رض��ي اهلل عنهما يف‬ ‫عم��ر ‪d‬أي نظر إليه نظ��رة إنكار‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬ونعمد‬ ‫س��يدنا املصطف��ى‬ ‫فقال‪ :‬كنت أنش��د وفيه من هو‬ ‫قالت األنصار يوم اخلندق ‪ :‬حنن الذين‬ ‫هن��ا من خ�لال هذه األس��طر إىل‬ ‫خري منك‪ ،‬يريد رس��ول اهلل‬ ‫ذكر بعض الش��واهد الشرعية بايعوا حممدا على اجلهاد ما بقينا أبدا‪ .‬ث��م التف��ت إىل أبي هري��رة فقال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نش ُ‬ ‫يف مش��روعية ذلك يف املس��اجد‬ ‫رس��ول‬ ‫أمسعت‬ ‫��دك باهلل‬ ‫«أ ِ‬ ‫‪ :‬ال عيش إال عيش اآلخرة‬ ‫عل��ى وج��ه اخلص��وص حلجي��ة فأجابهم النيب‬ ‫يقول‪ « :‬يا حسان أجب‬ ‫اهلل‬ ‫ع�ني‪ ،‬الله��م أيده ب��روح ُ‬ ‫اإلنشاد عامة ‪.‬‬ ‫القدس؟‬ ‫فانصر األنصار واملهاجره‬ ‫قال‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫ونقص��د باإلنش��اد والس��ماع‬ ‫يف هذا الس��ياق م��ا كان يف احلضرة صحيحيهم��ا عن س��يدنا أن��س ‪ d‬أن وروى س��يدنا مس��لم يف صحيح��ه عن‬ ‫كان ينق��ل سيدتنا عائشة ‪g‬قالت ‪ :‬كان النيب‬ ‫األحدية بالثناء على اهلل الذي ليس من س��يدنا رس��ول اهلل‬ ‫ً‬ ‫ش��يء أحب إليه من��ه والرجاء يف فضله َّ‬ ‫منربا يف املس��جد‬ ‫يض��ع حلس��ان‬ ‫الل�بن م��ع الق��وم يف بناء املس��جد وهم‬ ‫ً‬ ‫قائما يفاخر عن رسول اهلل‬ ‫يقوم عليه‬ ‫والدعاء له‪ ،‬وم��ا كان متعلقا بذكر يرجتزون ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وسريته العطرة‬ ‫سيدنا املصطفى‬ ‫حس��ان‬ ‫‪ ،‬ويق��ول « إن اهلل يؤي��د‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ومعجزات��ه وح��ب الصحاب��ة واملؤمنني اللهم ال عيش إال عيش اآلخرة‬ ‫بروح ُ‬ ‫ُ‬ ‫القدس ما نافح أو فاخر عن رسول‬ ‫ل��ه ووصفه م��ن ناحييت َخ ْلق��ه ُ‬ ‫وخ ُلقه‬ ‫ ‪.‬‬ ‫فانصر األنصار واملهاجرة اهلل‬ ‫وتش��ويق املؤمن�ين لرؤيت��ه وورود‬ ‫وروى س��اداتنا البخ��اري ومس��لم وروى س��اداتنا الرتم��ذي وق��ال حدي��ث‬ ‫احل��وض معه ي��وم القيامة ث��م العيش‬ ‫والرتم��ذي وأمح��د والبيهق��ي ‪f‬عن حس��ن صحيح والنس��ائي وأب��و يعلى‬ ‫معه يف جنة اخللد على مطية الش��وق‬ ‫س��يدنا أن��س ‪ d‬ق��ال ‪ :‬قال��ت األنصار والبغ��وي والبيهق��ي وأب��و نعيم وابن‬ ‫واهليام ‪.‬‬ ‫يوم اخلندق ‪ :‬حنن الذين بايعوا حممدا حب��ان عن س��يدنا أنس ‪ d‬أن س��يدنا‬ ‫دخ��ل مك��ة واب��ن رواحة‬ ‫واألدل��ة من الق��رآن الكري��م كثرية عل��ى اجلهاد م��ا بقين��ا أب��دا‪ .‬فأجابهم الن�بي‬ ‫‪ :‬ال عيش إال عي��ش اآلخرة ميشي بني يديه وهو يقول ‪:‬‬ ‫يف ه��ذا الص��دد و منها ق��ول اهلل تعاىل الن�بي‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪13‬‬


‫س��لمة بن األك��وع ‪ d‬ق��ال ‪ :‬خرجنا‬ ‫خلوا بين الكفار عن سبيله‬ ‫إىل خيرب فسرنا ليال‬ ‫مع رسول اهلل‬ ‫اليوم نضربكم على تنزيله‬ ‫فق��ال رجل من القوم لعامر بن األكوع‬ ‫أال تس��معنا من هنيهات��ك‪ ،‬قال وكان‬ ‫ضربا يزيل اهلام عن مقيله‬ ‫عامر رجال ش��اعرا فنزل حي��دو بالقوم‬ ‫ويذهل اخلليل عن خليله‬ ‫يقول ‪:‬‬ ‫يا رب إني مؤمن بقيله‬ ‫اللهم لوال أنت ما اهتدينا‬

‫‪‬‬

‫فق��ال عمر ‪ d‬يا اب��ن رواحة بني يدي‬ ‫ويف ح��رم اهلل تق��ول‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫‪ :‬خ��ل عنه يا فاغفر فداء لك ما اقتفينا‬ ‫ش��عرا؟ فقال الن�بي‬ ‫عمر فلهي أسرع فيهم من نضح النبل ‪.‬‬ ‫وثبت األقدام إن القينا‬ ‫وروى اإلمام أمحد يف املسند من حديث‬ ‫وألقني سكينة علينا‬ ‫إحيـــاء ليلة املولد النبوي الشريف بسماع و مدائــح‬ ‫س��يدنا أن��س بن مالك ‪ d‬أن احلبش��ة‬ ‫كان��وا يزفن��ون يف مس��جد س��يدنا‬ ‫إنا إذا صيح بنا أتينا عائش��ة رضي اهلل عنه��ا قالت « كان‬ ‫‪ ،‬وق��ال اإلم��ام الن��ووي‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫يتناش��دون‬ ‫أصح��اب رس��ول اهلل‬ ‫‪ d‬يف ش��رحه عل��ى صحي��ح‬ ‫عنده الشعر وهو يبتسم ‪.‬‬ ‫ال بأس بإنشاد الشعر يف املسجد إذا كان‬ ‫سيدنا مسلم ‪ :‬يزفنون ‪ :‬من الزفن‬ ‫وأما م��ا وقع يف غ��زوة حنني مبا‬ ‫يعين الرقص‪ ،‬ويقولون بكالم مدحاً للنبوة أو اإلسالم‪ ،‬أو كان حكمة أو يف‬ ‫رواه س��اداتنا البخ��اري ومس��لم‬ ‫هل��م ‪ :‬حمم��د عبد ص��احل‪ ،‬فقال‬ ‫أنواع‬ ‫من‬ ‫ذلك‬ ‫وحنو‬ ‫الزهد‬ ‫أو‬ ‫األخالق‪،‬‬ ‫مكارم‬ ‫وأمح��د والرتم��ذي و النس��ائي‬ ‫«م��اذا يقولون؟‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫يف عم��ل الي��وم والليل��ة رض��ي‬ ‫« فقي��ل له إنه��م يقولون حممد اخلري‬ ‫‪ :‬أنا النيب‬ ‫اهلل عنه��م بقول��ه‬ ‫عب��د ص��احل‪ ،‬وروى اإلم��ام البزار‬ ‫ال ك��ذب أن��ا اب��ن عبداملطلب‪،‬‬ ‫يف مس��نده مبا صحح��ه احلافظ‬ ‫علينا‬ ‫عولوا‬ ‫وبالصياح‬ ‫فقد وقع منظوما من غري قصد منه إىل‬ ‫اب��ن القط��ان يف كتاب��ه « النظ��ر يف‬ ‫َّ‬ ‫أح��كام النظ��ر» أن احلبش��ة كانوا فقال رس��ول اهلل من هذا الس��ائق؟ ذلك لقوله تعاىل َوَماَعلْمنَاهُ الشْعَرَوَما‬ ‫نهُ��َو إاَّل ذْ‬ ‫ِكٌرَوقُْرِّ ٌ‬ ‫قالوا عامر ب��ن األكوع‪ ،‬فقال‪ :‬يرمحه يَنَبغِيلَُهإِ ْ‬ ‫آن‬ ‫يقولون ‪ :‬أبو القاسم طيب ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلل ‪.‬‬ ‫ني {يس‪. }96/‬‬ ‫ُّمبِ ٌ‬ ‫وانطالق��ا من من قول س��يدنا رس��ول‬ ‫اهلل‬ ‫مب��ا رواه س��يدنا مس��لم ‪ d‬وروى س��يدنا البخ��اري يف صحيح��ه وروى اب��ن أبي ش��يبة يف املصنف ويف‬ ‫َ‬ ‫لخْ‬ ‫ْ‬ ‫وغ�يره وجعل��ت ل��ي األرض مس��جدا بكت��اب األدب وس��يدنا مس��لم يف األدب ْ‬ ‫عن س��يدنا أ ِبي َج ْع َف ٍر ا ط ِم ِّي‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫الل ْب َن َر َو َ‬ ‫اح َة ‪،d‬‬ ‫وطهورا فإن إنش��اد الش��عر بني يديه صحيح��ه بكت��اب اجله��اد رضي اهلل ‪َ ،d‬أ َّن سيدنا َع ْب َد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫بي بن كعب ‪َ ُ ُ َ َ d‬‬ ‫يف أي مكان حيقق مشروعيته عنهما عن س��يدنا أ ّ‬ ‫َاء ‪:‬‬ ‫��ج َد قب ٍ‬ ‫كان َيقول و ُه ْم َي ْبنون َم ْس ِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال المَْ َساج َدا‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫قال « إن من « أ ْف َل َح َم ْن ُي َع ُ‬ ‫لدوام حضور وش��هود سيدنا رسول اهلل أن س��يدنا رسول اهلل‬ ‫ول‬ ‫ِ‬ ‫هََّ‬ ‫لمَْ جِ َ َ َ َ َ ُ هَّ‬ ‫ملعية اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫الشعر حكمة ‪.‬‬ ‫الل‬ ‫الل‬ ‫��اجدا‪ ،‬فق��ال ع ْب��د ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ :‬اُ َس ِ‬ ‫آن َقائ ًما َو َقاع ًدا‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫‪َ : d‬و َيق َرأ الق ْر َ ِ‬ ‫وق��د روى س��يدنا البخ��اري ‪ d‬يف و روى س��يدنا الرتمذي ‪d‬يف س��ننه‬ ‫هَّ‬ ‫ُ هَّ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ق‬ ‫الل‬ ‫��ول‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫اع ًدا‪ ،‬ف َقال َع ْب ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح��ه بكت��اب األدب عن س��يدنا وقال حديث حس��ن صحيح عن سيدتنا ‪َ :d‬وال َيب ُ َّ‬ ‫��ه َراق َدا‪َ ،‬ف َقالَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي��ت الل ْيل عن ِ‬ ‫ِ‬

‫‪‬‬

‫وال تصدقنا وال صلينا‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪14‬‬

‫ديني‬


‫ــح دينية على صاحبها أفضل الصالة و أزكى التسليم‬

‫ُ هَّ‬ ‫الل ‪‬‬ ‫َر ُسول ِ‬

‫‪َ :‬را ِق َدا ‪.‬‬

‫ومن أقوى الشواهد يف إثبات مشروعية‬ ‫إنش��اد الش��عر يف املس��جد م��ا أخرج��ه‬ ‫س��يدنا مس��لم يف صحيحه ويف فوائد‬ ‫أب��ي احلس�ين ب��ن املظف��ر رض��ي اهلل‬ ‫عنهم��ا َعن س��يدنا أ َنس ْب��ن َما ِل ٍك ‪d‬‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ ،‬ف َق َ‬ ‫َق َ‬ ‫ال‪َ « :‬جا َء أ ْع َر ِاب ٌّي ِإلىَ الن ِّ‬ ‫ال‪:‬‬ ‫َّبيِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ هَّ‬ ‫الل‪ ،‬أ َت ْي َن َ‬ ‫اك َو َما َل َنا َب ِع ٌ‬ ‫ري َي ِئ ُّط‬ ‫يا ر ُسول‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َوال َصبيِ ٌّ َي ْصط ِب ُح َوأنش َد ُه ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أ َت ْي َن َ‬ ‫اك َو ْال َع ْذ َرا ُء ُي ْد َمى ِلب ُ‬ ‫َان َها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َو َق ْد ُشغ َل ْت أ ُّم الص ِّ َعن ِّ‬ ‫الط ْف ِل‬ ‫ِ‬ ‫َّبيِ ِ‬ ‫الس ِت َ‬ ‫َوأ ْل َقى ب َ‬ ‫ك َّف ْي ِه ْال َف َتى ْ‬ ‫ك َان ٍة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لجْ‬ ‫َ‬ ‫وع َض ْع ًفا َما يمَ ُ ُّر َو َما يحُ ْ ِلي‬ ‫ِمن ا ِ‬

‫‪‬‬

‫َوال َش ْي َء ممَِّ ا َيأ ُ‬ ‫ك ُل َّ‬ ‫الن ُ‬ ‫اس ِع ْن َد َنا‬ ‫ْ‬ ‫لحْ َ َ ْ‬ ‫ام ِّي ْال ِع ْل َه ِز ْال َف ْش ِل‬ ‫ِس َوى ا ْنظ ِل ال َع ِ‬ ‫َو َل ْي َ‬ ‫س َل َنا ِإال ِإ َل ْي َك ِف َرا ُر َنا‬

‫هَّ‬ ‫َوأ ْش َخ َ‬ ‫ص ِم ْن ُه ِإ َل ْي ِه ْالب َ‬ ‫َص ْر‬ ‫َص ِع َد المِْ ْنبرَ َ ‪َ ،‬ف َح َم َد الل َع َّز َو َج َّل َوأ ْث َنى‬ ‫لىَ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ��مــاء‪َ ،‬و َق َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪:‬‬ ‫ــال‬ ‫الس‬ ‫��ه َو َر َف َع َي َد ُه ِإ‬ ‫َع َل ْي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اء ِّ‬ ‫الر َدا‬ ‫« َّ‬ ‫يعا فل ْم َيك ِإال ك ِإلق ِ‬ ‫ً‬ ‫اس َ َ ً‬ ‫الل ُه َّ‬ ‫��ر ً‬ ‫��م ْ ِ‬ ‫��قنا غ ْيث��ا ُم ِغيث��ا َس ِ‬ ‫َغ َد ًقا َطب ً‬ ‫ء َح َّتى َرأ ْي َنا ُه ُم َ‬ ‫َقا َعاجال َغيرْ َ َرا ِئ ٍث َنا ِف ًعا َغيرْ َ‬ ‫ول ُّ‬ ‫الد َر ْر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ تمَ ْ ُ‬ ‫الض ْر َع َو ُت ْن ُب��ت ب ِه َّ‬ ‫الز ْر َ‬ ‫أل بِ��ه َّ‬ ‫ض ٍّ‬ ‫‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِدقاق ال َغ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اق‬ ‫ُع‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تحُ ْ‬ ‫ض َب ْع َد َم ْو ِت َها َو َ‬ ‫��ه األ ْر َ‬ ‫ِ‬ ‫كذ ِلك‬ ‫َو ِيي ِب ِ‬ ‫َ َ هَّ‬ ‫هَّ‬ ‫أ َغ َ‬ ‫الل َما َر َّد َي َد ُه ِإلىَ نحَ ْ ِر ِه‬ ‫يخُ ْ َر ُج‬ ‫��ون ‪ .‬ف َو ِ‬ ‫اث ِب ِه الل َع ِل َّيا ُم َض ْر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫��ت الس َ‬ ‫َّ��ما ُء ِبأ ْد َوا ِئ َه��ا‪َ ،‬ف َد َخ َل‬ ‫َحتَّ��ى َألق ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ هَّ‬ ‫الل َوكان ك َما قال أ ُبو طا ِل ٍب‬ ‫أ ْه ُ‬ ‫��ل ْالب َط َان��ة َي ِع ُّج َ‬ ‫َ‬ ‫��ون‪َ :‬يا َر ُس��ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ��ماء‪ُ ،‬ث َّم َق َ‬ ‫��ع َي َد ُه إلىَ‬ ‫َْ‬ ‫��ر َق ‪َ .‬ف َر َ‬ ‫َ‬ ‫ان ل َذ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اك الخْ َ برَ ْ‬ ‫ال‬ ‫الس‬ ‫غ‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا ال ِع َي ِ‬ ‫‪َّ « :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نجْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الل ُه َّ‬ ‫��م َح َو َال ْي َنا َوال عل ْينا ‪ .‬فا اب‬ ‫هَّ‬ ‫ْ‬ ‫َف َم ْن َي ْش ُ‬ ‫كر الل َيل َقى المَْز َ‬ ‫يد‬ ‫اب َع��ن المَْ ِد َ‬ ‫��ة َح َّتى أ ْح َ‬ ‫َّ��ح ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس َ‬ ‫��د َق ِب َها‬ ‫ِ َ‬ ‫ين ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كاإل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ هَّ‬ ‫ك ِل‬ ‫الل‬ ‫الل َي ْل َقى ْال ِغيرَ ْ‬ ‫يل‪ ،‬ف َض ِحك َر ُسول ِ‬ ‫و َمن يكف ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫��د ْت َن َو ُ ُ ُ َّ َ َ‬ ‫َح َّتى َب َ‬ ‫هَّ َ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اج��ذه‪ ،‬ثم ق��ال ‪ « :‬للِ ِ در َ َ َ َ ُ هَّ‬ ‫أبي َطا ِلب َل ْو َ‬ ‫‪:‬‬ ‫الل‬ ‫ك َ‬ ‫ان َح ًّيا َق َّر ْت َع ْي َنا ُه‪َ ،‬م ْن فقال ر ُسول ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ام‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ ‬ ‫؟‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫َي‬ ‫ِ‬ ‫اع ًرا محُ ْ ِس ًنا فق ْد ْ‬ ‫ِ هٍَّ‬ ‫َِ‬ ‫أح َس ْنت ‬ ‫«إ ْن تك ْن ش ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َع َل ْيه الس ُ َ َ‬ ‫الل‬ ‫َّ�لام‪ ،‬ف َقال‪َ :‬أ َنا َيا َر ُس��ول ِ‬ ‫ِ‬ ‫وق��ال احلاف��ظ احملدث الغم��اري رمحه‬ ‫أ َر ْد ُت ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫اهلل ‪ :‬إن الذكر باألنغام يس��هل على‬ ‫َوأ ْب َي ُ‬ ‫ض َي ْس َت ْس ِقي ْال َغ َم َ‬ ‫ام ِب َو ْج ِه ِه‬ ‫النفس اإلكثار من الشعر واملديح بال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫امى ِع ْص َم ٌة ِلأل َر ِامل س��آمة وال مش��قة‪ ،‬فاألنغام مع الذكر‬ ‫َر ِب ُ‬ ‫يع ْال َي َت َ‬ ‫ِ‬ ‫وس��يلة إىل خصلت�ين حمبوبت�ين‪،‬‬ ‫َ ُ ُ لهْ ُ ُ‬ ‫اش ٍم‬ ‫آل َه ِ‬ ‫تلوذ ِب ِه ا الك ِم ْن ِ‬ ‫وذلك ألن اإلكثار من الذكر حمبوب‬ ‫َف ُه ْم ع ْن َد ُه ن ْع َمة َو َف َواصل كما أن محل النفس على ما تطيقه‬ ‫ِ‬ ‫فيِ ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫م��ن األعم��ال حمب��وب كم��ا ج��اء يف‬ ‫هَّ‬ ‫َ َّ‬ ‫الل َيأ ِوي محُ َ َّم ًدا‬ ‫كذ ْب ُت ْم َو َب ْي ُت ِ‬ ‫احلديث الذي رواه الش��يخان رضي اهلل‬ ‫ْ‬ ‫ون ُه َو ُن َناض ُل عنهما عن س��يدتنا عائش��ة رضي اهلل‬ ‫َولمَ​َّا ُن َقا ِت ُل ُد َ‬ ‫ِ‬ ‫عنها «عليكم من العمل ما تطيقون‬ ‫َو ُن ْس ِل ُم ُه َح َّتى ُن ْص َر َع َح ْو َل ُه‬ ‫ف��واهلل ال مي��ل اهلل حتى متل��وا ‪ ،‬وإذا‬ ‫كان كذل��ك فاألنغ��ام م��ع الذك��ر‬ ‫َف ُن ْذ ِه ُل َع ْن أ ْب َنا ِئ َنا َوالحْ َ ال ِئ ِل‬ ‫َ‬ ‫مس��تحبة ألن ما ثب��ت للمقاصد يثبت‬ ‫ُ هَّ‬ ‫َف َق َ‬ ‫‪« :‬أ َج ْ‬ ‫��ل ‪َ .‬ف َق َ‬ ‫الل‬ ‫ال َر ُس��ول‬ ‫ام للوسائل ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ َ​َ َ​َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫كنانة‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫َر ُجل ِم ْن ِ‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫َل َك الحْ َ ْم ُد َوالحْ َ ْم ُد ممَِّ ْن َش َ‬ ‫ك ْر‬ ‫ُس ِق َ‬ ‫ينا ِب َو ْج ِه النَّبيِ ِّ المَْ َط ْر‬

‫َوأ ْي َن ِف َرا ُر َّ‬ ‫اس ِإال ِإلىَ ُّ‬ ‫الر ْس ِل‬ ‫الن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫هَّ‬ ‫َد َعا الل َخا ِل َق ُه َد ْع َو ًة‬ ‫هَّ‬ ‫ُ‬ ‫َف َق َ‬ ‫َ‬ ‫يجَ ُ ُّ��ر ِر َدا َء ُه َح َّتى‬ ‫الل‬ ‫ام َر ُس��ول ِ‬

‫‪‬‬

‫‪15‬‬

‫أو ما ترى اإلبل اليت‬ ‫هي ويك أغلظ منك طبعا‬


‫فل��و كان الغن��اء حراما م��ا كان يف‬ ‫تصغى إىل قول احلداة‬ ‫بيت رس��ول اهلل وقد أنكره أبو بكر‬ ‫وتقطع البيداء قطعا‬ ‫بفضل‬ ‫بظاه��ر احل��ال فأقره الن�بي‬ ‫ه��ذا وق��د أمج��ع كب��ار علم��اء األمة الرخص��ة والرفق باخلليق��ة يف إمجاع‬ ‫وفقهاؤه��ا عل��ى مش��روعية الس��ماع القل��وب ثم ق��ال‪ :‬وكل حدي��ث يروى‬ ‫واإلنش��اد يف بيوت اهلل تعاىل بل منهم يف التحريم آو آية تتلى فيه فإنه باطل‬ ‫من وظفه��ا ودعا إليها ملا هلا من حتقيق س��ندا باطل معتقدا خربا وتأويال وقد‬ ‫رخص يف الغناء يف‬ ‫لس�ير النف��س عل��ى مطي��ة الش��وق ثبت أن الن�بي‬ ‫وق��ال اإلم��ام الس��هروردي رمح��ه اهلل‬ ‫واألن��س إىل اهلل تع��اىل وح��ب س��يدنا العيدي��ن ويف البكاء عل��ى امليت من‬ ‫تع��اىل ‪ :‬املنك��ر لإلنش��اد والس��ماع‬ ‫غري نوح ‬ ‫والتعلق به ‪.‬‬ ‫رسول اهلل‬ ‫يف املس��جد إما جاهل بالس��نن‬ ‫فقد قال اإلمام النووي ‪d‬‬ ‫واآلث��ار وإم��ا جاه��ل الطب��ع ال‬ ‫إن الذكر باألنغام يسهل على النفس‬ ‫ذوق ل��ه وأش��ار بالس��نن إىل‬ ‫يف شرح صحيح سيدنا مسلم‬ ‫اإلكثار من الشعر واملديح بال سآمة وال مشقة‬ ‫أن��ه كان‬ ‫م��ا صح عن��ه‬ ‫« ال ب��أس بإنش��اد الش��عر يف‬ ‫ً‬ ‫ل��ه ش��عراء يصغ��ي اليه��م يف‬ ‫مدحا للنبوة‬ ‫املسجد إذا كان‬ ‫أو اإلس�لام‪ ،‬أو كان حكم��ة أو يف وق��ال احلاف��ظ اب��ن حجر العس��قالني املس��جد وغ�يره منهم حس��ان ب��ن ثابت‬ ‫مكارم األخ�لاق‪ ،‬أو الزهد وحنو ذلك رمحه اهلل يف فتح الباري ش��رح صحيح وابن رواحة رضي اهلل عنهما واستنشد‬ ‫البخ��اري ‪َّ :‬‬ ‫حتص��ل من إنش��اد قصيدة أمية بن الصلت واستمع إليه كما يف‬ ‫من أنواع اخلري»‪.‬‬ ‫‪d‬‬ ‫كع��ب بن زه�ير بني يدي رس��ول صحيح مسلم ‪.‬‬ ‫وق��ال اإلم��ام أب��و بك��ر اب��ن العرب��ي‬ ‫ال�بردة ع��دة‬ ‫وإعطائ��ه‬ ‫اهلل‬ ‫وق��ال اإلم��ام الفقي��ه خلي��ل ب��ن‬ ‫املالكي رمحه اهلل تعاىل ش��ارح سنن‬ ‫سنــــن منهــا إباحة إنشــاد الشعـــر‬ ‫ٍ‬ ‫عبدالق��ادر الش��يباني النح�لاوي‬ ‫الرتم��ذي ال ب��أس بإنش��اد الش��عر يف‬ ‫و اس��تماعه يف املس��اجد و اإلعط��اء‬ ‫الدمشقي رمحه اهلل يف الباب السبعني‬ ‫املس��جد إذا كان يف مدح الدين‬ ‫م��ن كتاب��ه «ال��درر املباح��ة يف‬ ‫وإقامة الش��رع وقال أيضا أما‬ ‫ال بأس بإنشاد الشعر يف املسجد إذا كان‬ ‫احلظ��ر واإلباح��ة» و يف الفتاوى‬ ‫االستعارات والتشبيهات فمأذون‬ ‫اخلريية بعد نق��ل أقوال العلماء‬ ‫بها وإن استغرقت احلد وجتاوزت يف مدح الدين وإقامة الشرع‬ ‫واختالفهم يف مس��ألة الس��ماع ‪:‬‬ ‫املعتاد واس��تدل بإنش��اد س��يدنا‬ ‫الغناء وهو الس��ماع‪ ،‬وأما مساع‬ ‫كع��ب ب��ن زه�ير س��يدنا النيب‬ ‫علي��ه‪ ،‬و هو م��ا قاله اإلمام الس��فاريين‬ ‫الس��ادة الصوفي��ة رض��ي اهلل عنه��م‬ ‫ح�ين ج��اء تائبا حي��ث ق��ال‪ :‬بانت‬ ‫رمحه اهلل تعاىل يف غذاء األلباب شرح‬ ‫فبمع��زل عن ه��ذا اخلالف ب��ل ومرتفع‬ ‫س��عاد فقليب اليوم متبول وقال أيضا‬ ‫منظومة اآلداب ‪.‬‬ ‫ع��ن درجة اإلباح��ة إىل رتبة املس��تحب‬ ‫يف كتابه أحكام القرآن «وأما الغناء‬ ‫فإنه من اللهو املهيج للقلوب عند أكثر و ق��ال س��لطان العلم��اء الع��ز بن عبد كما صرح به غري واحد من احملققني‬ ‫العلم��اء منهم مالك ب��ن أنس وليس يف الس�لام رمح��ه اهلل تع��اىل ‪ :‬أما مساع ‪.‬‬ ‫القرآن وال يف السنة دليل على حترميه اإلنش��اد احمل��رك لألح��وال الس��نية‬ ‫ويقول ‪ -‬بتصرف بسيط ‪ : -‬وملا كانت‬ ‫أم��ا يف احلديث الصحيح فالدليل على املذك��ر لألم��ور األخروية ف�لا بأس به‬ ‫الغاي��ة من اإلنش��اد اإلرش��اد واملواعظ‬ ‫إباحته فإن أبا بكر دخل على عائشة بل يندب عند الفتور وسآمة القلب وال‬ ‫والفوائ��د حيث إن م��ن طبيعة مساعه‬ ‫وعندها جاريتان حاديتان من حاديات حيظ��ر إال عم��ن يف قلبه ه��وى خبيث‬ ‫إث��ارة كوام��ن النف��وس وتهيي��ج‬ ‫األنصار ثم ساق احلديث بتمامه وقال‪ :‬فإنه حي��رك ما يف القلب ‪ .‬وثم قال العز‬ ‫مكنون��ات القلوب مبا فيها من األنس‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫يف تفسريه ‪ :‬وأما األشعار والتشبيهات‬ ‫فمأذون بها وقد أنشد كعب ‪ d‬عند‬ ‫بانت س��عاد القصيدة‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫املشهورة فاس��تمعها ومل ينكر عليها‬ ‫ش��يئا وفيها االس��تعارات والتشبيهات‬ ‫حت��ى ش��به الريقة باخلم��رة وكانت‬ ‫حرمت‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪16‬‬


‫َ َ َ َْ َ َ‬ ‫باحلضرة القدس��ية والشوق إىل األنوار ويح نفسي ال أراها أبدا‬ ‫��ب أْو ألَْق��ى ا َّلس��ْمَعَوُهَو‬ ‫كان ل��ُه قل ٌ‬ ‫احملمدي��ة‪ ،‬فس��ماعهم يث�ير أحواهل��م‬ ‫يد {ق‪. }73/‬‬ ‫يف مجيل ال وال يف أدب َشهِ ٌ‬

‫احلس��نة ويظه��ر وجده��م ويبع��ث‬ ‫س��اكن الش��وق وحي��رك القل��ب وملا‬ ‫كان��ت قلوبهم بربه��م متعلقة وعليه‬ ‫عاكف��ة ويف حض��رة قرب��ه قائم��ة‬ ‫فالس��ماع يس��قي أرواحه��م ويس��رع‬ ‫يف س�يرهم إىل اهلل تع��اىل وعلى ذلك‬ ‫الميك��ن قي��اس األب��رار بالفج��ار وال‬ ‫الصاحلني على الطاحلني ‪.‬‬

‫وذك��ر اإلم��ام الش��اطيب رمح��ه اهلل‬ ‫تع��اىل يف كتاب��ه «االعتص��ام» أن‬ ‫أبا احلس��ن القرايف الص��ويف يروي عن‬ ‫س��يدنا احلس��ن البصري رمحه اهلل أن‬ ‫أقواما أتوا سيدنا عمر بن اخلطاب ‪d‬‬ ‫فقالوا ي��ا أمري املؤمنني إن لن��ا إماما إذا‬ ‫ف��رغ م��ن صالته تغن��ى‪ ،‬فقال س��يدنا‬ ‫عم��ر ‪ :d‬وحي��ك بلغ�ني عن��ك أم��ر‬ ‫س��اءني ق��ال‪ :‬وما ه��و يا أم�ير املؤمنني‬ ‫ق��ال‪ :‬أتتمج��ن يف عبادتك؟ ق��ال‪ :‬ال يا‬ ‫أم�ير املؤمن�ين لكنها عظ��ة أعظ بها‬ ‫نفس��ي‪ ،‬فق��ال س��يدنا عمر قله��ا فإن‬ ‫كان كالما حس��نا قلت��ه معك وإن‬ ‫كان قبيحا نهيتك عنه فقال‪:‬‬ ‫وفؤادي كلما عاتبته‬ ‫يف مدى اهلجران يبغي تعيب‬ ‫ال أراه الدهر إال الهيا‬ ‫يف متاديه فقد برح بي‬ ‫يا قرين السوء يا هذا الصبا‬ ‫فين العمر كذا يف اللعب‬

‫ومم��ا ذكرن��اه يتض��ح أن الش��عر‬ ‫نفس ال كنت وال كان اهلوى‬ ‫واإلنش��اد عامة ويف املسجد خاصة إذا‬ ‫راقيب املوىل وخايف وارهيب كان مما يشوق السامع إىل اهلل تعاىل‬ ‫أو خيوفه من النار أو يش��وقه إىل اجلنة‬ ‫فقال سيدنا عمر ‪:d‬‬ ‫‪،‬‬ ‫أو كان مدحا يف سيد األكوان‬ ‫نفس ال كنت وال كان اهلوى‬ ‫معين��ا على الطاعة منفرا من املعاصي‬ ‫حاث��ا عل��ى اإلتصاف حبمي��د الصفات‬ ‫راقيب املوىل وخايف وارهيب‬ ‫واإلبتع��اد عن قبيح العادات فال ش��يء‬ ‫ث��م قال س��يدنا عم��ر ‪ : d‬عل��ى هذا فيه بل مستحبا ملا يرتتب عليه ‪.‬‬ ‫فليغن من غنى ‪.‬‬ ‫فهذه األدل��ة تبني لنا جب�لاء تام مساع‬ ‫وساداتنا الصحابة‬ ‫وقال اب��ن قتيبة يف إيضاح الدالالت ‪ :‬سيدنا رس��ول‬ ‫ُحكي عن س��يدنا اب��ن جريج ‪ d‬أنه والتابع�ين والس��لف الص��احل لكونه‬ ‫كان ي��روح إىل اجلمع��ة فيم��ر على مساع��ا هادف��ا م��ن حي��ث أن��ه حيي��ي‬ ‫مغن فيدق بابه علي��ه فيخرج فيجلس يف النف��س ج��ذوة اإلمي��ان ويوقظ يف‬ ‫معه على الطريق ويقول‪ :‬غن‪ ،‬فيغنيه العقل قب��س الفكر فض�لا على أنه‬ ‫أصواتا فتس��يل دموعه على حليته ثم من اللهو املباح الذي يروح به عن النفس‬ ‫يقول « إن من الغناء ملا يذكر اجلنة ‪ .‬يف س��اعة الضي��ق وي��روي به��ا ظم��أ‬ ‫روحه العطشى إىل السكينة واألمان‬ ‫ولالم��ام جاب��ر اجلازولي ‪ d‬رس��الة‬ ‫مع حف��ظ حدود الش��رع هلل س��بحانه‬ ‫وتعاىل ‪.‬‬ ‫أساس كل خري حسن االستماع‬ ‫أال يا حمب املصطفى زد صبابة‬ ‫قال اهلل تعالي ولو علم اهلل فيهم‬ ‫وضمخ لسان الذكر منك بطيبه‬ ‫خريا ألمسعهم وقال عزوجل إن‬ ‫وال تعبأن باملبطلني فإمنا‬ ‫يف ذلك لذكري ملن كان له قلب أو‬ ‫عالمة حب اهلل حب حبيبه‬ ‫ألقي السمع وهو شهيد ‬ ‫وصلى اهلل تعاىل وس��لم على س��يدنا‬ ‫وموالنا حممد طه األمني وآله الطيبني‬ ‫تن��اول فيه��ا موض��وع الس��ماع‪ ،‬يقول إىل يوم الدين ‪.‬‬ ‫فيها ‪ :‬أساس كل خري حسن االستماع‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫هُّ‬ ‫ق��ال اهلل تعالي َولَ��ْوَعلَِم اللفِيهِ��ْم َخيرًْا‬ ‫ما أرجي بعده إال الفنا‬ ‫لأَّ مَْ‬ ‫سَعُهْ��مَ {األنفال‪}32/‬وق��ال عزوجل‬ ‫ضيق الشيب علي مطليب‬ ‫ن فيَذلَكلَذْ‬ ‫ِكَرىلَِمن‬ ‫ِ‬ ‫ إِ َّ ِ‬ ‫‪17‬‬


‫جماهدة النفس يف طاعة اهلل‬ ‫إن االنس��ان املؤمن التقي املتعبد احملب‬ ‫هلل و رس��وله و الذي حيرس دائما على‬ ‫امتث��ال أم��ر خالق��ه و اتباع س��نة نبيه‬ ‫الب��د و أن يقف أمام نفس��ه مس��تعينا‬ ‫بكتاب اهلل و س��نة سيدنا رسول اهلل‬ ‫‪ ‬و هذا األمر يسري على من يسر اهلل‬ ‫له س��بل اهلداية و أس��باب االستقامة و‬

‫االلت��زام ق��ال اهلل تع��اىل‪َ :‬‬ ‫ فَم��ن‬ ‫هُّ َ‬ ‫يُ��رِدِ الل أن يَْهِديَ��ُه يَْش��َرْح َص ْ‬ ‫��دَرهُ‬ ‫َ‬ ‫لِإلِْسَ�لامَِوَمِّ��نيُ��رِْد أنيُِضَّل��ُهجَْيَعْل‬ ‫��دَرهُ َضيقً��ا َحَرًج��اَكَأمَّنَ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫��د‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫��ا‬ ‫َص ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يِ‬ ‫ا َّلسَماء {األنعام‪.}125/‬‬ ‫فالطاعة س��هلة يس�يرة ممتعة يفرح‬ ‫به��ا قل��ب املؤم��ن و ته��دأ به��ا نفس��ه و‬ ‫متتلئ حياته بالراحة و السرور و اهلدوء‬ ‫و الربكة والرضا‪.‬‬

‫قول��ه «عجبا ألمر املؤم��ن إن أمره كله‬ ‫ل��ه خري و لي��س لذلك ألح��د إال للمؤمن‬ ‫إن أصابته س��راء ش��كر فكان خريا‬ ‫ل��ه و إن أصابت��ه ض��راء ص�بر ف��كان‬ ‫خريا له»؛ فاملؤمن من جياهد نفسه اليت‬ ‫تتقلب و تتلون داخله متقبال إرادة ربه‬ ‫و قسمته اليت شاءها له‪.‬‬ ‫و حي��اة اإلنس��ان على وج��ه العموم –‬ ‫الديني��ة و الدنيوي��ة – حتتاج إىل هذه‬ ‫املواجه��ة و تل��ك اجملاه��دة للنف��س و‬ ‫لنا يف رس��ول اهلل ‪‬األس��وة احلسنة‬ ‫و الق��دوة الصادق��ة فالن�بي ‪‬جاه��د‬ ‫نفس��ه و جاه��د الكف��ار و املنافقني؛‬ ‫و جاه��د كل الذي��ن و قفوا أمام نش��ر‬ ‫دعوته باحلكمة واملوعظة و اجملادلة‬ ‫بال�تي ه��ي أحس��ن و الص�بر و التحمل‬ ‫فتحم��ل ‪ ‬م��ا مل يس��تطع أح��د أن‬ ‫يتحمل��ه و اش��تد األذى علي��ه و عل��ى‬ ‫أصحابه األبرار و حدثت املقاطعة حتى‬ ‫أكلوا أوراق األش��جار من ش��دة اجلوع‬ ‫فظلت هممه��م عالية و عزائمهم قوية‬ ‫فرغ��م ش��دة األذى إال أنهم ثبت��وا على‬ ‫دينهم و عقيدته��م حتى جاء نصر اهلل‬ ‫و كان م��ن املمك��ن أن يدع��و النيب‬ ‫الكريم ربه الذي أرسله باحلق ليهلك‬ ‫الكف��ار و املش��ركني لك��ن األمور‬ ‫عند ُ‬ ‫ك ّمل الرجال و أصحاب الرسائل‬ ‫و العق��ول و الفك��ر و الدعوة ختتلف‬ ‫متاما عنها عند غريهم؛ و كل آية يف‬ ‫كتاب اهلل و كل حديث من أحاديث‬ ‫سيدنا رسول اهلل ‪ ‬تتوافق مع فطرة‬ ‫اهلل اليت فطر الناس عليها‪.‬‬

‫و حي��اة املؤم��ن ممل��وءة باجله��اد و‬ ‫اجملاهدة هو كغريه من البشر يتعرض‬ ‫للمواقف و األزمات و األحداث والظروف‬ ‫اململوءة باملتاعب و املصاعب واملشاق قد‬ ‫يصاب حبالة من عدم الرتكيز الذهين‬ ‫أو الصح��ي أو املعيش��ي فه��و كغريه‬ ‫كم��ا نعل��م‪ ،‬يتع��رض للم��رض و‬ ‫اخلمول و الضعف و الفقر و االبتالء إال‬ ‫أن املؤم��ن خيتلف عن غريه يف مواجهة‬ ‫هذه األزمات و تلك الظروف باالستعانة‬ ‫ب��اهلل و االعتم��اد عليه و اللج��وء إليه‬ ‫راضيا مبا قس��م اهلل حمتس��با ما حدث‬ ‫له من متاعب و مصاعب و مش��اق عند‬ ‫اهلل عز و جل شاكرا يف الرخاء صابرا‬ ‫فـي الضـراء فــاألمران مــن عنده سواء‬ ‫و يف كل منهما خري للمؤمن و هذا هو فالنف��س يف حاج��ة إىل تقويم و عالج‬ ‫العج��ب ال��ذي أخرب عنه الن�بي ‪ ‬يف‬ ‫‪18‬‬

‫ّ‬ ‫الشيخ ّ‬ ‫حممد إبراهيم‬ ‫(مصر)‬

‫و متابع��ة و ذلك ألنه��ا كثرية التقلب‬ ‫و التغري و ال تثبت على حال فس��رعان‬ ‫ما تك��ون مطمئنة حتى جتدها أمارة‬ ‫بالس��وء أو لوام��ة أو ملهم��ة أو مطوعة‬ ‫أو مس��ولة و اإلنس��ان م��ا مل يك��ن‬ ‫جماهدا هلا مواجها هلا معاجلا حبكمة‬ ‫ملخاطره��ا ذهبت بصاحبه��ا إىل املهالك‬

‫و اخلس��ران ق��ال تع��اىل‪َ :‬والَّذ َ‬ ‫ِي��ن‬ ‫َّ هََّ‬ ‫َج َ‬ ‫ن اللمَلَ​َع‬ ‫اهُدوافِينَالَ​َنْهِديَ​َّنُهْم ُسبَُلنَاَوإِ‬ ‫مْحُ‬ ‫ني {العنكبوت‪}69/‬‬ ‫الْ ِسنِ َ‬ ‫و اجلنة حماط��ة بامل��كاره و حمجوبة‬ ‫باملش��اق و حمفوف��ة باملصاع��ب و النار‬ ‫حمجوبة و حمفوفة بالشهوات و امللذات‬ ‫ففي حدي��ث أبي هريرة ‪d‬أن رس��ول‬ ‫اهلل ‪‬قال ‪« :‬حجبت النار بالشهوات و‬ ‫حجبت اجلنة باملكاره «متفق عليه»‬ ‫و فى رواية ملس��لم حف��ت بدل حجبت و‬ ‫هما مبعنى واحد‪.‬‬ ‫ف�لا ب��د إذن م��ن جماه��دة النف��س‬ ‫بالطاع��ات و األعم��ال الصاحلة فرضا‬ ‫و نفال س��را و جهرا فخ�ير الناس كما‬ ‫أخرب النيب ‪«‬من طال عمره و حس��ن‬ ‫عمل��ه» و لق��د ع��اش أصحاب س��يدنا‬ ‫ّ‬ ‫حمم��د ‪ ‬جياهدون أنفس��هم كما‬ ‫جياه��دون عدوهم فهم خري مثل صاحل‬ ‫يقتدى بهم بعد املربى األعظم و املعلم‬


‫األكرم سيدنا ّ‬ ‫حممد ‪.‬‬

‫جيلس��ون يف آخر مسجد سيدنا رسول العب��د من ربه فأقرب م��ا يكون العبد‬ ‫اسُجْد‬ ‫اهلل ‪ ‬وكان ال ميل��ك درهم��ا وال من ربه وهو ساجد قال تعاىل‪َ :‬و ْ‬ ‫دينارا وال ديارا وكان رس��ول اهلل ‪َ ‬واْقرَتِب {العلق‪ }19/‬فهكذا يكون‬ ‫حيب��ه وجيل��ه وما ش��عر يوم��ا أنه أقل جه��اد النف��س وجماهدته��ا ألنه��ا إن‬ ‫من غريه ألن اإلس�لام جاء ليس��وي بني تركت وما تش��تهي ذهب��ت بصاحبها‬ ‫الن��اس مجيع��ا واإلنس��ان يف اإلس�لام إىل املهالك ورحم اهلل اإلمام البوصريي‪:‬‬ ‫كام��ل اإلنس��انية واآلدمية وال فضل‬ ‫يف اإلنسانية ألحد إال بالتقوى والعمل والنفس كالطفل إن تهمله شب على‬

‫إن�ني أكتف��ي بصورت�ين عظيمتني‬ ‫لصحابي�ين جليل�ين األوىل لس��يدنا‬ ‫أن��س بن نضر ‪ d‬الذي جاهد نفس��ه و‬ ‫كبح مجاحها و تغلب عليها يف غزوة‬ ‫أح��د و هو يرى املش��ركني يفتكون‬ ‫باملس��لمني بع��د أن خال��ف الرم��اة أمر‬ ‫رسول اهلل ّ‬ ‫حممد ‪ ‬و تركوا مواقعهم‬ ‫هَّ‬ ‫نَأْكرمُ‬ ‫اللَِأتَْق ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ند‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫اك‬ ‫ ‬ ‫‪..‬‬ ‫الصاحل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم‬ ‫خاف جيش املسلمني فأقدم سيدنا أنس َّ هََّ‬ ‫ن اللَعلِيٌم َخبِريٌ {احلجرات‪،}13/‬‬ ‫بن نضر ‪ d‬إىل املش��ركني و هو يربأ إِ‬ ‫فعندم��ا طوع��ت النفس إلب��ن آدم قتل‬ ‫مما صنعوا باملس��لمني و قد اس��تقبله ه��ذا الصحاب��ي ه��و س��يدنا أب��و فراس‬ ‫‪ d‬أخي��ه فقتل��ه وعندم��ا س��ولت ألخ��وة‬ ‫سيدنا سعد بن معاذ ‪ d‬فنادى بأعلى ربيع��ة ب��ن كع��ب األس��لمي‬ ‫يوس��ف ب��أن يلق��و بأخيه��م يف غيابة‬ ‫صوت��ه‪ :‬يا س��عد بن مع��اذ اجلنة و رب وكان خادم��ا يقول س��يدنا أبو فراس‬ ‫اجلب وق��ال هل��م أبوهم يعق��وب عليه‬ ‫النض��ر إن��ي أج��د رحيها م��ن دون أحد‪ « .‬كن��ت أبي��ت عن��د رس��ول اهلل ‪‬‬ ‫َ َ ْ َ َُ َُ ُ َ‬ ‫فآتي��ه بوضوئ��ه وحاجت��ه فقال س��لين الس�لام قالبَل َس َّ��ول ْت لكْم أنفُس��كْم أْمًرا‬ ‫هلل در ه��ذا الصحاب��ي اجللي��ل ال��ذي‬ ‫ٌ هّ‬ ‫اللُ مْالُْسَ��تَع ُ‬ ‫انَعَلى‬ ‫أح��س برائحة اجلنة إحساس��ا حقيقيا قلت أسألك مرافقتك يف اجلنة فقال أو َفَص�ٌْب�رْ مَجِي��لَو‬ ‫غري ذلك قلت ذاك ه��و قال فأعين على َماتَ ِصُف َ‬ ‫ون {يوس��ف‪ }81/‬وعندما‬ ‫صادق��ا م��ن ش��دة يقينه بإستش��هاده‬ ‫أمرته��ا نفس��ها بالس��وء جعلت‬ ‫ودخوهلا من فض��ل اهلل ورمحته‬ ‫إم��رأة العزي��ز ت��راود فتاه��ا عن‬ ‫يق��ول س��يدنا مع��اذ ‪ : d‬فم��ا‬ ‫فآتيه‬ ‫‪‬‬ ‫اهلل‬ ‫رسول‬ ‫عند‬ ‫أبيت‬ ‫كنت‬ ‫نفس��ه ق��د ش��غفها حب��ا جاهد‬ ‫استطعت يا رسول اهلل أن أصنع‬ ‫علي��ه الس�لام نفس��ه َوَم��ا‬ ‫أي أن الرج��ل أبل��ى بالء حس��نا بوضوئه وحاجته فقال سلين قلت أسألك ُ ِّ‬ ‫أبَ��رىُء نَْف ِس��ي إِ َّ‬ ‫ن‬ ‫ث��م خيرب س��يدنا أنس ب��ن مالك‬ ‫مرافقتك يف اجلنة فقال أو غري ذلك؟ قلت ذاك‬ ‫َ‬ ‫النْ‬ ‫‪ d‬راوي احلدي��ث وه��و اب��ن أخ‬ ‫��ارةٌبِا ُّلسِّ��وءإَِّالَم��اَرِحَم‬ ‫��س ألَّم َ‬ ‫َّف َ‬ ‫ِّ‬ ‫ن رب ِ‬ ‫س��يدنا أنس بن نضر ‪ d‬يقول هو قال فأعين على نفسك بكثرة السجود‬ ‫��يَغُف��وٌر‬ ‫��يإِ َّ َ‬ ‫َرب َ‬ ‫فوجدن��ا ب��ه بضع��ا وثـمان�ين‬ ‫َّرِحيٌم {يوس��ف‪ .}53/‬ف�لا بد‬ ‫ضرب��ة بالس��يف أو طعنة برمح‬ ‫من جماهدة النفس واإلس��تعانة‬ ‫نفس��ك بكثرة السجود» رواه مسلم‪،‬‬ ‫أو رمية بس��هم ووجدناه قد قتل ومثل فهذا الصحابي اجلليل جاهد نفسه يف باهلل ع��ز وج��ل وبطاعت��ه وباألعمال‬ ‫به املش��ركون فما عرفه أحد إال أخته خدمة س��يدنا رس��ول اهلل ‪ ‬ثم زادت الصاحل��ة أعان�ني اهلل وإياك��م على‬ ‫من بنان أصابعه يقول سيدنا أنس ‪d‬‬ ‫تل��ك اجملاهدة عندما طلب من س��يدنا أنفس��نا وأهوائن��ا وش��ياطيننا حت��ى‬ ‫فكنا نرى أو نظ��ن أن هذه اآلية نزلت رس��ول اهلل ‪ ‬أن يسأله ليعطيه وإذا نلقى اهلل وهو عنا راض‪.‬‬ ‫فيه ويف أشباهه ‪ .‬مِ َ‬ ‫ني‬ ‫ن مْالُْؤمِنِ َ‬ ‫هََّ‬ ‫اللَعَلي��هَفمنهم بالرج��ل الفقري الذي ال ميلك دينارا وال الله��م آت نفوس��نا تقوايه��ا وزكيه��ا‬ ‫اه ُ‬ ‫ِرَج��اٌل َصَدقُواَماَع َ‬ ‫��دوا ْ ِ ُِْ‬ ‫‪‬‬ ‫اهلل‬ ‫رس��ول‬ ‫مرافقة‬ ‫يطلب‬ ‫درهم��ا‬ ‫أن��ت خري من زكاها أنت وليها وموالها‬ ‫َّم��نَقَض��ىحَْنَب��ُهَومِْنُه��مَّم��ن‬ ‫غري‬ ‫أو‬ ‫يقول‬ ‫‪‬‬ ‫اهلل‬ ‫رسول‬ ‫و‬ ‫اجلنة‬ ‫يف‬ ‫وصل��ى اهلل عل��ى س��يدنا ومعلمن��ا‬ ‫يَ​َنتِظ��ُرَوَمابَ​َّدلُ��واتَبْد‬ ‫ِيل {األحزاب‪ .}23/‬ذلك وهو يؤكد «ذاك هو» فقال رسول‬ ‫ّ‬ ‫حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬ ‫والص��ورة الثاني��ة للصحاب��ي اجلليل اهلل ‪« ‬فأعين على نفس��ك بكثرة‬ ‫وهو من أهل الصفة و من الذين كانوا الس��جود» ألن كث��رة الس��جود تقرب‬ ‫‪19‬‬


‫السماحة واملروءة‬ ‫إن من مكارم األخالق السماحة و املروءة‪ ،‬بل إنهما خلقان كرميان تنطوي‬ ‫حتتهما املكارم وتنمو بهما الفضائل‪ ،‬وهما من آداب الظواهر اليت هي مظاهر‬ ‫آداب البواطن وما حركة اجلوارح إال ثـمرات للخواطر‪ ،‬فاألعمال نتائج األخالق‬ ‫واألخالق معاني ختتلج يف صدور الناس وتدور يف أفكارهم وإمنا جتسدها‬ ‫أعماهلم وإن املكارم مهما مست واحملامد مهما ارتقت فإمنا مصدرها ومنتهاها‬ ‫سيد املكارم سيدنا ّ‬ ‫حممد ‪‬‬

‫أ‪ :‬احلبيب بن عودة‬ ‫(اجلزائر)‬

‫قال اهليثم بن الربيع بن زرارة النمريي ‪ g :‬وقد سئلت عن خلقه الكريم ‪‬‬ ‫قال��ت «كان خلقه الق��رآن‪ ،‬يغضب مروءت��ه ماحنل��ي ب��ه جيدا ه��ذا املقال‬ ‫إن املكارم واملعروف أودية‬ ‫لرض��اه»وكان‬ ‫ويرض��ى‬ ‫لغضب��ه‬ ‫املتواضع‪ ،‬وإن كان الزاد قليال والقلم‬ ‫ ‬ ‫أحلك اهلل منها حيث جتتمع سيدنا احلس��ن البصري قدس اهلل سره كلي�لا والكات��ب عليال ق��د خلفه‬ ‫إذا ذك��ر س��يدنا رس��ول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬الركب عن��د املنعرج وع��زاؤه أن أهل‬ ‫من مل يكن بأمني اهلل معتصما‬ ‫وجل‬ ‫ع��ز‬ ‫اهلل‬ ‫عل��ى‬ ‫آدم‬ ‫ول��د‬ ‫ أك��رم‬ ‫الك��رم ال يواخذون من به عرج ولنبدأ‬ ‫فليس بالصلوات اخلمس ينتفع أعظم األنبياء عليهم الصالة والس�لام حبديث اإلمام مس��لم ‪ d‬الذي رواه عن‬ ‫واإلعتص��ام ه��و اإلستمس��اك فمن مل منزل��ة عند اهلل‪ ،‬أتي مبفاتي��ح الدنيا‪ ،‬س��يدنا أنس بن مالك ‪ d‬قال‪":‬أن إمرأة‬ ‫يتمس��ك حبب��ل احلبي��ب ومل يك��ن فاخت��ار ماعن��د اهلل تع��اىل‪ ،‬و كان كان يف عقلها ش��يء فقالت يارسول‬ ‫ي��أكل عل��ى األرض وجيل��س عل��ى اهلل ّ‬ ‫إن ل��ي إلي��ك حاج��ة فقال‪ :‬ي��اأم‬ ‫ل��ه من م��كارم أخالق��ه نصيب فليس‬ ‫آكل‬ ‫عبد‬ ‫أن��ا‬ ‫ويقول‪ :‬إمن��ا‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫فالن‪ ،‬أنظري أي الس��كك شئت حتى‬ ‫مبنتف��ع وإن أت��ى بكث��رة األعم��ال‬ ‫أقض��ي ل��ك حاجت��ك فمكث‬ ‫وإن الس��ماحة وامل��روءة ب��ل‬ ‫معه��ا حت��ى قض��ى هلاحاجته��ا"‪.‬‬ ‫املكارم كلها إمنا تس��تمد‬ ‫ّ‬ ‫ألن العامل مظهر جتلّيّات ّ‬ ‫الصفات و وع��ن س��يدنا أنس ب��ن مالك ‪d‬‬ ‫من��ه ‪ ‬روحه��ا كي��ف ال‬ ‫ّ‬ ‫والعظيم جل جالله وتقدست احلبيب ‪‬مظهر جتليات الذات‪ ،‬وكما وكان خادم رس��ول اهلل ‪ ‬يف‬ ‫م��ا رواه الش��يخان ق��ال‪« :‬خدمته‬ ‫الصفات فرع عن ّ‬ ‫أمس��اؤه يث�ني عل��ى حبيب��ه ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫الذات‪ ،‬كذلك العامل‬ ‫عشر س��نني‪ ،‬فما قال لي أف قط‪،‬‬ ‫قائ�لا‪َ :‬وإِنَّ َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫��ق‬ ‫��كلَ​َع‬ ‫لىخل ٍ‬ ‫َعِظيم {القلــ��م‪ }4/‬قالــــ��ت فرع عن احلبيب ‪‬‬ ‫وال ق��ال لش��يء فعلت��ه مل فعلته‬ ‫وال لش��يء مل أفعل��ه مل مل تفع��ل‬ ‫سيدة نساء قريش املصونة أم‬ ‫ك��ذا ؟ وإن م��ن مساحت��ه ‪‬‬ ‫املومنني س��يدتنا خدجية ‪g‬‬ ‫بعد أن أخربه��ا ‪ ‬برؤيته امللك وقال كما ي��أكل العب��د‪ ،‬وأجلس كما ومساحته التبارى ومن مروءته ومروءته‬ ‫هلا‪ :‬لقد خش��يت على نفسي‪ :‬كلاّ ‪ ،‬جيلس العب��د وال ي��أكل متكيئا ال تضاه��ى ما أ خرب به س��يدنا جابر بن‬ ‫واهلل ال خيزي��ك اهلل ً‬ ‫أب��دا‪ ،‬إنك لتصل وال عل��ى خ��وان‪ ،‬وكان ي��أكل خبز عبد اهلل رض��ي اهلل عنهما إذ قال‪« :‬ما‬ ‫الرح��م وحتم��ل ال��كل‪ ،‬وتكس��ب الش��عري غري منخول» واخلوان هو الذي س��ئل رس��ول اهلل ‪‬ع��ن ش��يء فقال‬ ‫املع��دوم وتقري الضي��ف‪ ،‬وتعني على تس��ميه العامة عندنا املائ��دة‪ ،‬واملائدة ال وجيس��د ه��ذا املعنى م��ارواه اإلمام‬ ‫نوائ��ب احل��ق» وقال��ت الصديق��ة بنت إمن��ا هي الطعام‪ ،‬ولنح��اول أن نقتبس مس��لم ع��ن س��يدنا أن��س ‪ d‬وأرضاه‬ ‫الصدي��ق أم املومنني س��يدتنا عائش��ة من رياض مساحته ‪ ‬ونغرف من خلق قال‪« :‬إن رجال سأل النيب ‪ ‬غنما بني‬ ‫‪20‬‬


‫والكري��م ال يك��ون ّ‬ ‫إال مسح��ا فم��ا‬ ‫بش��دة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إال ليقيين‬ ‫جترأت عل��ى جذبك‬ ‫العفو احلليم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫السمح ّ‬ ‫ّأنك ّ‬ ‫ألن‬ ‫��خي‬ ‫الق��رآن خلق��ك و بذل��ك ذاع ّ‬ ‫الصيت و‬ ‫ّ‬ ‫حتدث املأل‪ ،‬لذا فال أخش��ى منك القود‪،‬‬ ‫وهلل د ّر اإلمام شرف ّ‬ ‫الدين البوصريي إذ‬ ‫ّ‬ ‫اهلمزية‪:‬‬ ‫يقول يف رائعته‬

‫جبل�ين فأعطاه إياها فذه��ب إىل قومه‬ ‫فقال ياقوم أس��لموا‪ ،‬ف��واهلل ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫حممدا‬ ‫ليعط��ي عط��اء من ال خيش��ى الفقر ‬ ‫ّ‬ ‫وحتمل‬ ‫والسماحة س��خاء وجود وحلم‬ ‫و عف��و م��ع ق��درة وإلي��ه ‪ ‬إنته��ت‬ ‫هذه امل��كارم فه��و اجلام��ع للمكارم‬ ‫ّ‬ ‫كله��ا وه��و ب��در متامه��ا قال ّ‬ ‫س��يدنا‬ ‫عب��د الكريم اجليلي ّقدس اهلل ّ‬ ‫س��ره‬ ‫ألن الع��امل مظهر ّ‬ ‫‪ّ «:‬‬ ‫جتل ّي��ات ّ‬ ‫الصفات‬ ‫و احلبي��ب ‪‬مظه��ر جتليات ّ‬ ‫ال��ذات‪،‬‬ ‫الصف��ات ف��رع عن ّ‬ ‫وكم��ا ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫ال��ذات‪،‬‬ ‫كذلك العامل ف��رع عن احلبيب ‪ ‬‬ ‫فهو ‪ ‬أبو القاس��م القاسم للعطايا و‬ ‫ّ‬ ‫املمد للربايا‪ ،‬وحسبنا شاهدا يف حلمه‬ ‫وجوده ومساحته ‪ ‬ما رواه ّ‬ ‫الشيخان‬ ‫البيهق��ي و ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللف��ظ ل��ه ع��ن ّ‬ ‫س��يدنا‬ ‫و‬ ‫أن��س بن مال��ك ‪ d‬ق��ال ‪ « :‬كنت مع‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلاش��ية‬ ‫يب ‪ ‬و عليه ُب ْر ٌد غليظ‬ ‫_وال�برد ‪ :‬ثوب ّ‬ ‫خمطط أو كس��اء من‬ ‫ّ‬ ‫الصوف األسود يلتحف به كالربنوس‬ ‫ّ‬ ‫أعرابي جذبة ش��ديدة‬ ‫عندنا _ فجذبه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حاش��ية ال�برد يف صفحة‬ ‫حت��ى ّأث��رت‬ ‫ّ‬ ‫ياحمم��د إمحل لي‬ ‫عنق��ه‪ ،‬ثمّق��ال ‪« :‬‬ ‫ّ‬ ‫بعريي هذي��ن من م��ال اهلل الذي‬ ‫عل��ى‬ ‫عن��دك‪ّ ،‬‬ ‫فإنك ال حتمل لي من مالك وال‬ ‫من مال أبيك فس��كت ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫يب ‪ ‬ثم‬ ‫ق��ال‪ « :‬املال مال اهلل و أنا عبده ّ‬ ‫ثم قال‬ ‫ّ‬ ‫أعرابي ما فعلت‬ ‫‪ : ‬ويق��اد منك يا‬ ‫بي _ ويقاد من القود وهو القصاص أي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أعرابي‪ ،‬فقال‬ ‫يقتص منك ما فعلت يا‬ ‫األعرابي ال ؟ فق��ال ‪ : ‬مل ؟ قال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألنك‬ ‫الس��يئة ّ‬ ‫ال تكايفء ّ‬ ‫بالس ّيئة‪ ،‬فضحك‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫ث��م أم��ر أن حيم��ل ل��ه على بعري‬ ‫ّ‬ ‫األعرابي‪:‬‬ ‫شعري‪ ،‬وعلى اآلخر متر‪ ،‬قال‬ ‫ال‪ّ ،‬‬ ‫ألن املعه��ود عن��ك ي��ا رس��ول اهلل‬ ‫الدف��ع بالتيّ هي أحس��ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألنك الكريم‬

‫ما سوى خلقه ّ‬ ‫النسيم وال غري‬ ‫الروضة ّ‬ ‫حمياه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الغناء‬ ‫ّ‬ ‫كله وحزم و عزم‬ ‫رمحة‬ ‫ ‬

‫ووقار و عصمة و حياء‬

‫الت ّ‬ ‫الرمح��ة ّ‬ ‫و غاي��ة ّ‬ ‫فض��ل و اإلنع��ام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الن��اس برمحت��ه ‪ّ ‬‬ ‫وأح��ق ّ‬ ‫الضعفاء‪،‬‬ ‫وم��ا بلغ املادحون يف وصفه ‪ ‬س��وى‬ ‫ّأنه��م ّ‬ ‫مثل��وا صفاته ّ‬ ‫للن��اس متثيل املاء‬ ‫ّ‬ ‫للنج��وم‪ ،‬كم��ا أفص��ح عن��ه اإلم��ام‬ ‫البوصريي إذ قال ‪:‬‬ ‫مّإنا ّ‬ ‫مثلوا صفاتك ّ‬ ‫للناس‬ ‫كما ّ‬ ‫مثل ّ‬ ‫النجوم املاء‬ ‫لذلك قال ّ‬ ‫سيدي عبد الكريم اجليلي‬ ‫ّ‬ ‫قدس اهلل ّ‬ ‫سره ‪:‬‬ ‫اهلل حسيب ما ألمحد منتهى‬ ‫ ‬

‫ومبدحه قد جاءنا فرقانه‬

‫حاشاه مل تدرك ألمحد غاية‬ ‫ ‬

‫إذ ّ‬ ‫كل غايات ّ‬ ‫النهى بدآنه‬ ‫الس��ماحة جود و سخاء‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫إن املروءة‬ ‫عزم و حزم وحلم و رأفة و عفو و جتاوز‪،‬‬ ‫س��يدنا زي��د ب��ن س��عنة ‪d‬‬ ‫حي��اول ّ‬ ‫إس��تجالءها ليطمئن ّقلبه‪ ،‬وقد كان‬ ‫‪21‬‬

‫ّ‬ ‫أجل أحبار اليهود الذين أس��لموا‪ ،‬حيث‬ ‫روى احلاك��م عنه ّأنه ق��ال ‪ « :‬مل يبق‬ ‫بوة ش��يء ّ‬ ‫من عالمات ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫إال وقد عرفته‬ ‫حممد ‪ ‬حني نظرت إليه ّ‬ ‫يف وجه ّ‬ ‫إال‬ ‫إثنتني مل أخربهما منه‪ ،‬يس��بق حلمه‬ ‫شدة اجلهل عليه ّ‬ ‫غضبه‪ ،‬وال تزيده ّ‬ ‫إال‬ ‫حلما‪ ،‬فكنت ّ‬ ‫أتلط��ف له ألن أخالطه‬ ‫فأع��رف حلم��ه وجهل��ه _ أي غضب��ه و‬ ‫انتقامه _ فابتعت – أي إشرتيت _ منه‬ ‫مت��را إىل أج��ل فأعطيته ّ‬ ‫الثم��ن‪ّ ،‬‬ ‫فلما‬ ‫كان قب��ل ّ‬ ‫حمل األج��ل ‪ -‬أي موعده –‬ ‫بيوم�ين أو ثالثة أتيته فأخذت مبجامع‬ ‫قميص��ه و ردائ��ه‪ ،‬ونظرت إلي��ه بوجه‬ ‫غلي��ظ‪ّ ،‬‬ ‫ثم قلت ‪ :‬أال تقضيين يا ّ‬ ‫حممد‬ ‫حقي‪ ،‬فواهلل ّإنكم يا بين عبد ّ‬ ‫ّ‬ ‫املطلب‬ ‫مطل – م��ن املماطلة وهي تأخري ّ‬ ‫الدين‬ ‫ّ‬ ‫املس��مى ‪ -‬فقال س��يدنا عمر‬ ‫عن أجله‬ ‫ّ‬ ‫ع��دو اهلل أتقول لرس��ول اهلل‬ ‫‪« : d‬أي‬ ‫م��ا أمسع فواهلل لوال ما أحاذر فوته – أي‬ ‫املعاهدة التيّ بينكم وبيننا – لضربت‬ ‫بس��يفي رأس��ك‪ ،‬ورس��ول اهلل ينظ��ر‬ ‫إىل عمر يف س��كون و ت��وأدة‪ّ ،‬‬ ‫ثم قال‬ ‫‪« :‬أن��ا وهو ّ‬ ‫كنا أحوج إىل غري هذا‬ ‫منك يا عمر‪ ،‬أن تأمرني حبس��ن األداء‪،‬‬ ‫و تأم��ره حبس��ن ّ‬ ‫التقاض��ي‪ ،‬إذه��ب يا‬ ‫عمر؛ فاقضه ّ‬ ‫حقه وزده عشرين صاعا‬ ‫مكان م��ا رعته ففعل‪ ،‬قال ّ‬ ‫س��يدنا‬ ‫ّ‬ ‫كل‬ ‫سعد بن س��عنة ‪ :‬فقلت يا عمر؟‬ ‫عالم��ات ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫ب��وة ق��د عرفته��ا يف وج��ه‬ ‫حممد ‪ ‬حني نظرت إليه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫إال إثنتني‬ ‫مل أخربهم��ا‪ ،‬فق��د إختربتهم��ا‪ ،‬إش��هد‬ ‫ّأن��ي « ق��د رضيت باهلل ر ّبا و باإلس�لام‬ ‫تعمد ‪d‬‬ ‫نبي��ا ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫مبحمد ‪ّ ‬‬ ‫دين��ا و‬ ‫املش��احنة يف ّ‬ ‫التقاضي بدل ّ‬ ‫السماحة‪،‬‬ ‫وواجهه ّ‬ ‫سيدنا عمر يف القضاء مبثلها‪،‬‬ ‫فعاتب��ه ّ‬ ‫س��يدنا رس��ول اهلل ‪ ‬بقوله‬


‫و يكفيك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األم��ة ‪ « :‬أال أخربك��م ما حي��رم على‬ ‫كمل حسنه‬ ‫أن اهلل‬ ‫ّ‬ ‫الن��ار و حت��رم عليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل قريب‬ ‫الن��ار‪،‬‬ ‫كمل اخللق و َُ‬ ‫كذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫حقا‬ ‫اخللقا‬ ‫ينّ‬ ‫ه س��هال إذا باع‪ ،‬س��هال إذا إش�ترى‪،‬‬ ‫و يكفيك ّ‬ ‫س��هال إذ إقتض��ى‪ ،‬يق��ول اهلل تع��اىل‬ ‫أن اهلل أوجد نوره‬ ‫يوم القيامة ل��ه ‪ « :‬أنا ّ‬ ‫أحق بذلك منك‪،‬‬ ‫و ّ‬ ‫مساه طه قبل أن خيلق اخللقــا‬ ‫س��احموا عبدي و جت��اوزوا عنه كما‬ ‫أن ّ‬ ‫و يكفيك ّ‬ ‫كان يس��امح يف دار ّ‬ ‫الشمس ّ‬ ‫الدني��ا و هم��ا‬ ‫ردت ألجله‬ ‫م��ن مقتضي��ات العم��ل ّ‬ ‫الص��احل‪ ،‬ب��ل‬ ‫الفياض قد ّ‬ ‫و من نوره ّ‬ ‫نور األفقا‬ ‫الصاحلات من األعمال‪ّ ،‬‬ ‫هم��ا جوهر ّ‬ ‫ألن‬ ‫و يكفيك ّ‬ ‫أن عذقا ّ‬ ‫األعمال مّإنا تصلح إذا إش��تملت على‬ ‫خر بأمره‬ ‫روح اإلس��عاد من إخ�لاص هلل و‬ ‫حمبّ��ة خل�ير الف��رد و اجلماعة و‬ ‫فمن ّ‬ ‫السماحة و من املروءة والعدل‬ ‫أداء للحق��وق قال تع��اىل ‪َ :‬وَما‬

‫‪ « :‬أن تأم��ره حبس��ن األداء‪ ،‬أي تأم��ر‬ ‫بالسماحة يف األخذ و العطاء و ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن من‬ ‫التواضع و ّ‬ ‫الس��ماحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الل�ين و كراهة‬ ‫ميز عن اإلخوان و األصحاب و ّ‬ ‫ّ‬ ‫الت ّ‬ ‫إن من‬ ‫امل��روءة أن يرق��ى امل��رء يف تواضعه إىل‬ ‫درجة من العظمة تق��ف دونها العقول‬ ‫ح�يرى فال متلك م��ا تق��ول‪ ،‬و عن مثل‬ ‫هذا ّ‬ ‫حيدثنا س��يدنا أب��و هريرة ‪ d‬من‬ ‫خالل ما رواهااحملب ّ‬ ‫الطربي يف خمتصر‬ ‫بوية إذ يقول‪ّ « ،‬‬ ‫إن ّ‬ ‫السرية ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫ّ‬ ‫النيب ‪‬‬ ‫ركب مح��ارا ّ‬ ‫عري��ا ‪ -‬أي ّ‬ ‫جمردا‬ ‫من احللس – إىل قباء و أبو هريرة‬ ‫معه ق��ال‪ :‬يا أبا هريرة أأمحلك ؟‬ ‫هََّ‬ ‫ُ‬ ‫فق��ال ‪ :‬ما ش��ئت يا رس��ول اهلل‪ ،‬بل من كمال اإلميان أن يستعمل العبد أمِ��ُرواإِاَّللَِيْعبُ ُ‬ ‫ص�ين‬ ‫��دوا اللخُْملِ​َِ‬ ‫ي��ن {البين��ة‪ّ }5/‬‬ ‫الشكر‪ ،‬لَ��ُه الد َ‬ ‫ث��م‬ ‫ق��ال ‪ :‬إركب‪ ،‬فوثب أب��و هريرة نعم اهلل يف طــاعة اهلل و ذلك هو ّ‬ ‫ِّ‬ ‫قال س��بحانه بعده��ا ‪ :‬إِ َّ‬ ‫ن‬ ‫لريك��ب فلم يقدر فاستمس��ك‬ ‫برس��ول اهلل ‪ ‬فوقع��ا معا‪ّ ،‬‬ ‫ثم فما أكرمك أ ّيها اإلنسان على ر ّبك‪ ،‬الَّذ َ‬ ‫ات‬ ‫ِين آَمنُ��واَوَعمِلُ��وا ا َّلصالَِح ِ‬ ‫ُ‬ ‫كل شيء ألجلك أْولَئِ َ‬ ‫ركب رس��ول اهلل ‪ّ ‬‬ ‫ث��م قال‪ :‬لو عرفت ذلك‪ ،‬خلق ّ‬ ‫��كُهْم َخْي��ُر الَْبرِيَّةِ {البينة‪}7/‬‬ ‫و أعل��ى العم��ل ّ‬ ‫الص��احل منزلة‬ ‫ي��ا أب��ا هري��رة أأمحل��ك؟ فقال ‪:‬‬ ‫ألجله‬ ‫وخلقك‬ ‫عند اهلل فضائل األخــالق مــن‬ ‫م��ا ش��ئت ي��ا رس��ول اهلل‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫الوفــ��اء بالعهـــ��د و ّ‬ ‫الصدق يف‬ ‫إرك��ب‪ ،‬فلم يق��در أب��و هريرة‬ ‫عل��ى ذل��ك ّ‬ ‫القــول و ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلــق‬ ‫الش��جاعة فــي‬ ‫فتعلق برس��ول اهلل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من النخلة العليا و رد هلا العذقا و ّ‬ ‫‪ ‬فوقعا مجيعا‪ّ ،‬‬ ‫الليــ��ن للمؤمنيــــ��ن و ّ‬ ‫الصبــر يف‬ ‫ثم قال‪ :‬يا أبا هريرة‬ ‫الــمعامل��ة و ّ‬ ‫الصبــر عل��ى إحتمــال‬ ‫‪ :‬أأمحل��ك ؟ فق��ال ‪ :‬ال و ال��ذي بعث��ك ويكفيك لواله ما كانت مسا‬ ‫ّ‬ ‫الـمكاره و عل��ى ّ‬ ‫حتمل أذى الناس و‬ ‫باحل��ق ال رميت��ك ثالثا « و ل��و مل يقلها‬ ‫كذا األرض بل لواله ما كانتا رتقا‬ ‫‪d‬‬ ‫الع��دل معهم بــ��أداء حقوقهــم و ّ‬ ‫ّ‬ ‫حــب‬ ‫الاس��تمر ‪ ‬يقول ل��ه ‪ :‬أأمحلك‬ ‫سيدنا قتادة ‪ d‬ويكفيك من ّ‬ ‫اخليــر و ّ‬ ‫يا أبا هريرة ؟ و خيرب ّ‬ ‫الس��عادة هلم و إعانتهم على‬ ‫صلى عليه فر ّبه‬ ‫ذل��ك و حتذيرهم من ّ‬ ‫ّأن��ه قد وف��د عليه ‪ ‬وفد ّ‬ ‫ّ‬ ‫الش ّ‬ ‫��ر و كراهته‬ ‫جاش��ي‪،‬‬ ‫الن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليه يصلي عشرا ثم ال يشقا‬ ‫هل��م و ّ‬ ‫الس��عي يف ختليصه��م من��ه‪ ،‬و‬ ‫فق��ام ‪ ‬خيدمهم فقال ل��ه أصحابه ‪:‬‬ ‫نكفي��ك‪ ،‬فق��ال ‪ّ :‬‬ ‫«إنه��م كانوا ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫الس��ماحة و امل��روءة م��ن م��كارم ذل��ك من امل��روءة وه��و م��ن مقتضيات‬ ‫أح��ب أن األخ�لاق التيّ ّ‬ ‫رغ��ب فيه��ا احلبيب ‪ ‬اإلميان لقوله ‪ ‬فيما رواه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الش��يخان‬ ‫ألصحابن��ا مكرم�ين‪ ،‬و أن��ا‬ ‫الت ّ‬ ‫خل��ق بهما‪ ،‬فمن ‪ :‬ال يؤم��ن أحدكم ّ‬ ‫أ ّمت��ه و دعاهم إىل ّ‬ ‫حتى ّ‬ ‫حيب ألخيه‬ ‫أكافــئهم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ختلق بهما فق��د نال ّ‬ ‫حي��ب لنفس��ه و ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن قــ��وام العمل‬ ‫حظه من املكارم م��ا‬ ‫حدها ّ‬ ‫له صفة ما ّ‬ ‫قط واصف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قال ّ‬ ‫الصالــح و مهما تعددت شعبه فالعدل‬ ‫س��يدنا رس��ول اهلل ‪ ‬فيما أورده‬ ‫ّ‬ ‫الوهاب ّ‬ ‫و يكفيك ّ‬ ‫س��يدي عبد ّ‬ ‫الشعراني ‪ d‬يف أساس��ه و ه��و مطلــ��وب م��ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الراعي و‬ ‫إنشقا‬ ‫أن البدر من أجله‬ ‫عيــ��ة‪ ،‬و ال ع��دل ّ‬ ‫إال ّ‬ ‫كتابه « كش��ف ّ‬ ‫الغم��ة عن مجيع ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫باتب��اع أوام��ر‬ ‫‪22‬‬


‫العرفية التيّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدي��ن واح�ترام القوان�ين‬ ‫نص��ا وال ّ‬ ‫ال تع��ارض ّ‬ ‫تعط��ل حكم��ا‬ ‫من أح��كام اهلل‪ ،‬والعدل مثلما ينظم‬ ‫عالق��ات ّ‬ ‫الناس بعضه��م ببعض ينظم‬ ‫أيض��ا عالقاته��م مبحيطه��م و بيئتهم‬ ‫التيّ ّ‬ ‫سخرها اهلل هلم على أساس ّ‬ ‫الصاحل‬ ‫الع��ام و املنفع��ة العا ّم��ة للب�لاد و ذلك‬ ‫ي��ؤدوا ل�لأرض ّ‬ ‫ب��أن ّ‬ ‫حقها م��ن عمران‬ ‫فيستخرجون ما أودع اهلل فيها من قوى‬ ‫ومنافع لتحقيق مراد اهلل من خلق تلك‬ ‫القوى يف ّ‬ ‫الرب و البحر وتسخريها ملنفعة‬ ‫اإلنس��ان ليعرف اإلنس��ان ر ّبه و يعمل‬ ‫على ش��كره وحس��ن عبادته قال اهلل‬ ‫هُّ‬ ‫ات‬ ‫تع��اىل ‪ :‬اللالَّذِي َخَلَق ا َّلسَ��ماَو ِ‬

‫هَُ��ْمَولَُيَبدلَ​َّنُه��م م��نبَْع��ِد فه��و به أعلم وما ّ‬ ‫ق��واك عليه فهو عليه‬ ‫ْارتَ​َض��ى ل‬ ‫َخْوفِهِ��ْمَأْمنً��ايَْعبُ​ُدونَ�ِن�يِ​ِّ اَليُِّْش��رُِك َ‬ ‫ون أق��وى‪ ،‬وما حبّبه إليك فهو له ّ‬ ‫أحب‪ ،‬و قد‬ ‫هََّ‬ ‫بي َشْيئًاَوَمنَكَفَربَْعَدَذلَِكَفُأْولَئَِك قال اهلل سبحانه ‪َ :‬ولَِك َّ‬ ‫ن الل َحَّب َب‬ ‫ِ‬ ‫ون {النور‪ّ }55/‬إن من إلَِْيُك��ُم إْالِمي َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فقُلُوبُِكْمَوَكَّرَه‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫َان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫هُ��ُم الفا ِس��ق‬ ‫يِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الس��ماحة و ّ‬ ‫تز ّي��ى ّ‬ ‫بزي إلِْيك��ُم الْكف��َر َوالْفُس��وق َوالْعِْصَي��ان ‬ ‫ختل��ق خبل��ق ّ‬ ‫امل��روءة و ّ‬ ‫حتلى حبلي��ة اإلميان و عمل {احلج��رات‪ ،}7/‬ف��إذا كان س��بحانه‬

‫ّ‬ ‫حي��ب إمي��ان عب��اده فه��و أوىل حبفظ‬ ‫بأركان اإلس�لام قد وعده اهلل بثالثة‬ ‫هي عهد منه سبحانه ومن أوفى بعهده حمبوب��ه‪ ،‬فلذل��ك ال يس��هو عن��ك‬ ‫م��ن اهلل ثالث��ة ه��ي أمس��ى م��ا يرومه بش��هواتك‪ ،‬وال يغف��ل عن��ك بله��وك‪،‬‬ ‫فاملؤمن ّ‬ ‫حيب اإلميان و يكره الكفر‬ ‫اإلنسان و يتوق لتحصيله ‪.‬‬ ‫و الفس��وق و العصي��ان‪ ،‬و اهلل حبّ��ب‬ ‫إس��تخالف العامل�ين ّ‬ ‫ُ‬ ‫الصاحل��ات يف‬ ‫إليه اإلميان وامتدحه فقال‪ :‬أْولَئَِك ُهُم‬ ‫هَّ‬ ‫��د َ‬ ‫ونَفْضلاً م َ‬ ‫األرض‪ ،‬و متكني دينهم الذي إرتضاه اَّلرا ِش ُ‬ ‫��ن اللَِونِْعَمة ‬ ‫هلم‪ ،‬وتبديلهم بعد اخل��وف أمنا‪ ،‬ثالثة‬ ‫ِّ‬ ‫{احلج��رات‪ }8/‬ليش��غلــه بش��كـــر‬ ‫ّ‬ ‫هن ج��زاء العم��ل ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫الص��احل املنبعث عن ّ‬ ‫َواألْر َضَوأن��َزَلمِ َ‬ ‫النعمــة عــن اإلعجــاب فإن اإلعجاب‬ ‫ن ا َّلس��َماءَماءَفأْخَرَج‬ ‫بِهِمِ َ‬ ‫حج��اب « فاملرء إذا عل��م أن ما به‬ ‫ات ِرْزقًالَُّكْمَوَسَّخَر‬ ‫ن اَّلثَمَر ِ‬ ‫لَُك��ُم الُْفلَْكلَِتْج��رِ َ‬ ‫ساحموا عبدي و جتاوزوا عنه كما من ّنعمة فمن اهلل و أن يشكر‬ ‫ي‬ ‫ف الَْبْحرِ‬ ‫يِ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫تل��ك ّ‬ ‫النعم��ة باس��تعماهلا يف‬ ‫ارَوَسَّخرلَُكُم‬ ‫بِأْمرِهَِوَس‬ ‫��خَرلَكُم األنَْه َ‬ ‫��خر كان يسامح يف دار ال ّدنيا‬ ‫طاعة اهلل‪ ،‬و طاعة اهلل هي املاء‬ ‫اَّلش��ْم َسَوالَْقَمَرَدآئَِب َ‬ ‫نيَوَس َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ال��ذي تس��قى به ش��جرة اإلميان‬ ‫��ارَوآتَ ُاكم منُكل‬ ‫لَك��ُم اَّللْيَلَواَّلنَه َ‬ ‫َ‬ ‫��دواْنِْعَم َِّ‬ ‫َم��ا َس��ألْتُ​ُموهَُوإِنتَُع ُِّّ‬ ‫يف القلب و شجرة اإلميان هي ال‬ ‫��ت‬ ‫هّ‬ ‫اإلميان ّ‬ ‫الصادق و اإلميان احملبوب‪ ،‬هلل إل��ه ّ‬ ‫إال اهلل وه��ي التيّ حيبّه��ا اهلل و التيّ‬ ‫اللِ َالحُْتُص َ‬ ‫وها {إبراهي��م‪ }43/‬فم��ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس��ماحة و من امل��روءة والعدل بل من الذي زينه يف قلوب عباد ه الصاحلني‪ ،‬حبّبه��ا إىل عب��اده و ّ‬ ‫ّ‬ ‫زينه��ا يف قلوبهم‪،‬‬ ‫فمن أتى اهلل مبحبوبه ش��فيعـا جنــح‬ ‫و ه��و الغ��ارس هلا يف قلوب من ش��اء من‬ ‫كم��ال اإلمي��ان أن يس��تعمل العبد‬ ‫و فاز‪ ،‬قال أحدهم ‪:‬‬ ‫عب��اده فمن رعاه��ا و عمل مبقتضاها‬ ‫نع��م اهلل يف طاع��ة اهلل و ذل��ك ه��و‬ ‫ّ‬ ‫الش��كر‪ ،‬فما أكرمك ّأيها اإلنس��ان عندي حقائق ّ‬ ‫و اقتف��ى أثر احلبيب ‪ ‬و لزوم حمبّته‬ ‫ود غرس نعمتكم‬ ‫تأهل للخالفة التيّ ال يصلح هلا ّ‬ ‫عل��ى ر ّبك‪ ،‬لو عرفت ذل��ك‪ ،‬خلق ّ‬ ‫ّ‬ ‫إال ذووا‬ ‫كل‬ ‫فلن يعود إخضرار العود إن يبسا‬ ‫الس��ماحة الذين يوثرون ّ‬ ‫املروءة و ّ‬ ‫احلق‬ ‫ش��يء ألجل��ك وخلقك ألجل��ه‪ ،‬خلقك‬ ‫أمدك بنعمه و ّ‬ ‫لعبادت��ه و ّ‬ ‫على الباطل و ينهلون من منهل ّ‬ ‫سيدنا‬ ‫س��خرلك ما فداركوها و يف أغصانها رمق‬ ‫رس��ول اهلل ‪ ‬العذب منه��ل ‪ّ « :‬أدبين‬ ‫يف مسائ��ه و أرض��ه و ق��ال ملالئكته‪،‬‬ ‫ال ترتكونا ّ‬ ‫درسا‬ ‫قد‬ ‫القلب‬ ‫فإن‬ ‫ّإني جاع��ل يف األرض خليفة و ّ‬ ‫ر ّبي فأحسن تأدييب ‪.‬‬ ‫عرفك‬ ‫بذل��ك يف كتاب��ه إذ خاطبك و غريك ّ‬ ‫إن الكريم إذا أنشأ حديقة‬ ‫هَُّالََّذِي��ن آمنُوا م ُ‬ ‫نكْم‬ ‫بقول��ه‪َ ،‬وَعَد الل‬ ‫َ ِ‬ ‫من املروءة أن تسقى و أن‪ ،‬تنحرسا‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َْ َ‬

‫ف‬ ‫ال ِ‬ ‫َوَعمِل��وا ا َّلص حِ‬ ‫��ات لَيْس��تخلِفَّنُهم يِ‬ ‫الأَْر َ‬ ‫اسَ��تْخَل َفالَّذ َ‬ ‫ِي��نمِن وقال أحد ّ‬ ‫ض كَم��ا ْ‬ ‫الصاحلني ‪ :d‬ما أعلمك به‬ ‫ِْ‬ ‫هَُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َقبْلِهِ��ْمَولُيَمكن َّ‬ ‫َ��ن ل��ْم دِيَنُه��ُم ال��ذِي‬ ‫ِّ‬ ‫‪23‬‬


‫األمانــة من الديانــة‬ ‫كما أنه ‪ ‬كان حيث املؤمنني‬ ‫ُ‬ ‫وي َر ِّغبُهم يف االتصاف بهذه الصفة‬ ‫النبيلة‪ ،‬ألنها فرع األمانة العظمى اليت‬ ‫َ‬ ‫البشر عليها‪ ،‬وذلك مبا ينزل‬ ‫ائتمن اهلل‬ ‫عليه من القرآن الكريم كقوله‬

‫لقد خلق اهلل تعاىل اخللق‪ ،‬واختار بين‬ ‫آدم حلم��ل األمانة العظم��ى َا َر َّ‬ ‫كبَه‬ ‫لمِ‬ ‫فيهم من العقل‪ ،‬ال��ذي فضلهم به على‬ ‫غريه��م‪ ،‬وجعل��ه من��اط تكليفه��م‪،‬‬ ‫فكان��ت ه��ذه األمان��ة أص��ل كل‬ ‫األمانات ال�تي َب َّي َن َها األنبياء واملرس��لون تعاىل َوإِن ُكنتُْم َعَلى َسَفرٍ َومَلْ‬ ‫ان َّمْقبُ َ‬ ‫ألممه��م‪ ،‬ق��ال اهلل تع��اىل إِنَّ��اَعَرْضنَ��ا جَتُِدواْ َكاتِبًا َفرَِه ٌ‬ ‫وضٌة َفإِ ْ‬ ‫ن‬

‫لأَْ‬ ‫لأَْ‬ ‫ا َمانَ​َةَعَلى ا َّلسَماَو ِ‬ ‫ضَوجْالَِبالِ‬ ‫اتَوا ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َفأَبَ�ْي�نْ أنحَْيمِلَْنَه��ا َوأْش َ��فْق َ‬ ‫ن‬ ‫��ان إِنَّ��ُه َك َ‬ ‫حَلَه��ا إْالَِنس ُ‬ ‫مِْنَه��ا َومَ​َ‬ ‫ان‬ ‫َظلُومً��ا َجُه��ول {األح��زاب‪ }27/‬وق��ال‬ ‫اإلم��ام البيهق��ي يف ش��عب اإلمي��ان‪:‬‬ ‫"يع�ني واهلل أعل��م‪ :‬فل��م يك��ن فيه��ا‬ ‫محَ ْ َم ٌل للتكلي��ف لخِ ُ ُل ِّو َها عن احلياة‬

‫حَلَها إْالَِنس ُ‬ ‫والعقل‪َ ،‬ومَ​َ‬ ‫��ان يعين‪:‬‬ ‫وكان فيه حممل لذل��ك؛ ألنه ُر ِّ‬ ‫ك َب‬

‫في��ه احلي��اة والعق��ل‪ ،‬ث��م ق��ال إِنَّ��ُه‬ ‫َك َ‬ ‫انَظلُومً��ا َجُه��ول ‪ ،‬ه��ذا ابت��داء‬ ‫كالم‪ ،‬يع�ني أن��ه بع��د احلمل‪ ،‬قد‬ ‫جيه��ل موضع حظه ويظلم نفس��ه‪،‬‬ ‫فيخال��ف األم��ر‪ ،‬ويرتك��ب النهي‪،‬‬ ‫وهذا تعجيب من حاله"‪.‬‬

‫وكان َّأو َل من اضطلع بهذه املهمة‬ ‫األنبياء واملرسلون عليهم الصالة‬ ‫والسالم‪ ،‬فكان اعتقاد األمانة واجبا‬ ‫يف حقهم‪ ،‬وكانوا أهال لذلك‪ .‬وكان‬ ‫نبينا ‪ ‬أكملهم فيها ويف كل‬ ‫ُ‬ ‫جمتمعه‬ ‫صفات الكمال‪ ،‬حتى َل َّقبَه‬ ‫الذي عاش فيه قبل البعثة بالصادق‬ ‫األمني‪ ،‬وكانوا يستودعونه أماناتهم‪،‬‬ ‫رغم خمالفة بعضهم له يف الدين‪ ،‬كما‬ ‫تدل على ذلك قصة هجرته ‪ ،‬حني‬ ‫استخلف سيدنا علي بن أبي طالب‬ ‫‪ d‬على الودائع اليت كانت عنده‪.‬‬

‫أ‪ :.‬عبد العالي عبد القادر‬ ‫(اجلزائر)‬

‫َ‬ ‫أمِ� َ‬ ‫�ن بَْعُضُكم بَْع ًضا َفلُْيَؤد الَّ�ذِي‬ ‫َ‬ ‫هَّ ِّ‬ ‫اْؤمُتِ َ‬ ‫ن أَمانَ​َتُه َولَْيَّت ِق الل َربَُّه َوَالتَْكتُ​ُمواْ يف املستدرك عن عبد اهلل بن عمر‬ ‫ُْ َ​َّ َْ هّ‬ ‫اللُ رضي اهلل تعاىل عنهما عن النيب ‪‬‬ ‫ا َّلشَهاَدَة َوَمنيَكتْمَها فإِنُه آثٌِم قلبُ​ُه َو‬ ‫ون َعليم {البقرة‪ ،}382/‬أنه قال‪ :‬أربع إذا كان ( ويف شعب‬ ‫مِبَا تَْعَملُ َ ِ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫كن )فيك‬ ‫اإلميان لإلمام البيهقي‪:‬‬ ‫ال يضرك ما فاتك من الدنيا‪ :‬حفظ‬ ‫أمانة‪ ،‬وصدق حديث‪ ،‬وحسن خليقة‪،‬‬ ‫وع َّفة ُط ْع َم ٍة ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ومبا يقوله من حديث نبوي شريف‪،‬‬ ‫ومثاله ما رواه احلاكم يف املستدرك‬ ‫عن أبي هريرة ‪ ،d‬أنه قال‪ :‬قال رسول‬ ‫اهلل ‪ِّ :‬‬ ‫ أد األمانة إىل من ائتمنك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وال ختن من خانك ‪ .‬فلم يجُ َ ِّ��وز ‪ ‬ونظ��را ألهميتها يف الدين فإن س��يدنا‬ ‫خيانة األمانة بأي مربر‪ .‬وكان حفظ عمر ب��ن اخلط��اب ‪ d‬جعله��ا معيارا‬ ‫ي��ن املَ ْ‬ ‫��ر ِء‪ ،‬مهم��ا كان‬ ‫ِل ِد ِ‬ ‫كن فيك ال يضرك ما فاتك حال��ه يف العب��ادة‪ ،‬فقد روى‬ ‫أربع إذا َّ‬ ‫البيهق��ي يف ش��عب اإلميان‬ ‫من الدنيا‪ :‬حفظ أمانة‪ ،‬وصدق حديث‪ ،‬ع��ن عمر ب��ن اخلط��اب ‪d‬‬ ‫أنه قال‪" :‬ال يغرنكم صالة‬ ‫وحسن خليقة‪ ،‬و ِع َّفة ُط ْع َم ٍة‬ ‫وال صيام‪ ،‬ولك��ن إذا حدث‬ ‫صدق‪ ،‬وإذا اؤمت��ن أدى‪ ،‬وإذا‬ ‫األمانة من ضمن األسباب اليت يضمن أشفى ورع"‪ .‬ومعنى أش��فى‪ْ :‬‬ ‫أي أشرف‬ ‫بها النيب ‪‬اجلنة ملن اتصف بها‪ ،‬فقد عل��ى الدني��ا وأقبل��ت علي��ه‪ .‬واألمانة‬ ‫روى ابن حبان يف صحيحه عن عبادة ينبغ��ي أن ت��ؤدى إىل أهله��ا كيفما‬ ‫بن الصامت ‪d‬‬ ‫أن رسول اهلل ‪‬قال‪ :‬كان حاهل��م يف الدي��ن‪ ،‬فق��د روى أبو‬ ‫َ‬ ‫ إضمنوا لي ستا‪ ،‬أضمن لكم اجلنة‪ :‬نعي��م يف احللية ع��ن ميمون بن مهران‬ ‫ُ‬ ‫اصدقوا إذا حدثتم‪ ،‬وأوفوا إذا وعدمت‪ ،‬أنه قال‪" :‬ثالث‪ ،‬املؤم��ن والكافر فيهن‬ ‫وأدوا إذا اؤمتنتم‪ ،‬واحفظوا فروجكم‪ ،‬س��واء‪ :‬األمانة تؤديها إىل م��ن ائتمنك‬ ‫وغ��ض��وا أب��ص��ارك��م‪ ،‬وك��ف��وا عليها من مسلم وكافر‪ ،‬وبر الوالدين‪،‬‬ ‫أيديكم ‪،‬‬ ‫اه َ‬ ‫كما ك��ان حفظها ق��ال اهلل تع��اىل َوإِن َج َ‬ ‫��د َاك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أيضا من األمور املق َّد َم ِة يف احلياة على‬ ‫َعل��ى أنتُْش��رَِكبِ��يَم��الَْي َس‬ ‫غريها مهما عظم‪ ،‬فقد روى احلاكم َ‬ ‫‪24‬‬

‫َ‬ ‫ْ َ َل�اَ‬ ‫ف‬ ‫ل��كبِهِ ِعل��ٌم ف� تُِطْعُهَم��اَوَصاِحبُْهَما يِ‬


‫َ‬ ‫اُّلدنَْي��اَمْعُروفً��اَوَّاتبِ��ْع َس��بِ َ‬ ‫يلَم ْ‬ ‫��اب‬ ‫��ن أنَ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫��يَمْرِجُعُك��ْمَفأنَبئُ​ُك��ممِبَا‬ ‫��يثُ َّ��م إلَِ َّ‬ ‫إلَِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫كنتُْمتَْعَملُون {لقمان‪ ،}51/‬والعهد‬ ‫تف��ي ب��ه مل��ن عاه��دت م��ن مس��لم أو‬ ‫كافر"‪.‬‬

‫واألمان��ة ه��ي س��لوك الزم للعام��ة‬ ‫واخلاص��ة عل��ى ح��د س��واء‪ ،‬فق��د َبينَّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الع��امل‬ ‫موقعه��ا يف طري��ق التص��وف‬ ‫ُ‬ ‫الع��ارف ب��اهلل تع��اىل الفضي��ل ب��ن‬ ‫عياض‪ ،‬فق��د روى البيهقي يف ش��عب‬ ‫اإلمي��ان‪ ،‬ع��ن مع��اذ بن أس��د أن��ه قال‪:‬‬ ‫"مسع��ت الفضيل ب��ن عي��اض يقول‪:‬‬ ‫أصل اإلميان عندن��ا‪ ،‬وفرعه‪ ،‬وداخله‪،‬‬ ‫وخارج��ه‪ ،‬بع��د الش��هادة بالتوحي��د‪،‬‬ ‫وبع��د الش��هادة للن�بي ‪ ‬بالب�لاغ‪،‬‬ ‫وبع��د أداء الفرائض‪ :‬ص��دق احلديث‪،‬‬ ‫وحف��ظ األمانة‪ ،‬وت��رك اخليانة‪ ،‬ووفاء‬ ‫بالعه��د‪ ،‬وصل��ة الرح��م‪ ،‬والنصيح��ة‬ ‫جلميع املس��لمني‪ .‬قال مع��اذ‪ :‬قلت‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫أبا علي‪ِ ،‬م ْ‬ ‫مسعته؟‬ ‫��ن رأيك تقول��ه أو‬ ‫ق��ال‪ :‬ال؛ ب��ل مسعن��اه وتعلمن��اه م��ن‬ ‫أصحابنا‪ ،‬ول��و مل أجده ع��ن أهل الثقة‬ ‫والفض��ل مل أتكل��م ب��ه‪ ،‬ق��ال مع��اذ‪:‬‬ ‫وكانت س��بعا‪ ،‬فنسيت واحدة"‪.‬النهي‬ ‫عن اخليانة ويف مقابل األمر باألمانة‪،‬‬ ‫فق��د نه��ى الش��ارع احلكي��م ع��ن‬

‫َ‬ ‫اخليان��ة‪ ،‬فقال تعاىل يَ��ا أيَُّهاالَّذ َ‬ ‫ِين‬ ‫ْ َخَُ ُ ْ هَّ‬ ‫َ‬ ‫اللَواَّلرُس َ‬ ‫��ولَوخَُتونُواْ أَمانَاتُِكْم‬ ‫آَمنُ��وا ال تونوا‬ ‫َ‬ ‫َوأنتُْمتَْعَلُم��ون {األنفال‪ ،}72/‬وهذا‬

‫النهي ع��ام يف كل األح��وال‪ ،‬حتى لو‬ ‫كان ه��ذا الذي ائتمنك ق��د خانك من‬ ‫ُ‬ ‫قبل‪ ،‬فنهى ُّ‬ ‫النيب ‪ ‬أن تعامله باملثل‪،‬‬ ‫لش��دة خبث اخليانة‪ ،‬فق��ال‪ِّ :‬‬ ‫"أد األمانة‬ ‫إىل م��ن ائتمن��ك‪ ،‬وال ختن م��ن خانك"‪.‬‬ ‫ونظ��را ملناف��اة هذه الصف��ة ملقتضيات‬ ‫اإلمي��ان‪ ،‬و ُب ْع ِده��ا ع��ن روح اإلس�لام‪،‬‬

‫فق��د عده��ا الن�بي ‪ ‬م��ن عالم��ات‬ ‫النف��اق‪ ،‬فقد روى البخاري ومس��لم يف‬ ‫صحيحيهم��ا‪ ،‬واللف��ظ للبخ��اري‪ ،‬عن‬ ‫عب��د اهلل بن عم��رو رض��ي اهلل تعاىل‬ ‫عنهم��ا أن النيب ‪‬قال‪" :‬أربع من كن‬ ‫فيه كان منافقا خالصا‪ ،‬ومن كانت‬ ‫فيه خصل��ة منهن كان��ت فيه خصلة‬ ‫من النفاق حتى َي َد َعها‪ :‬إذا اؤمتن خان‪،‬‬ ‫وإذا حدث كذب‪ ،‬وإذا عاهد غدر‪ ،‬وإذا‬ ‫خاص��م فجر"‪ .‬قال احلاف��ظ ابن حجر يف‬ ‫فت��ح الباري ‪ -‬عند ش��رح هذا احلديث –‬ ‫ما نصه‪" :‬والنفاق لغ��ة خمالفة الباطن‬ ‫للظاه��ر‪ ،‬فإن كان يف اعتقاد اإلميان‬ ‫فهو نفاق كفر‪ ،‬وإال فهو نفاق العمل‪،‬‬ ‫ويدخل فيه الفعل وال�ترك‪ ،‬وتتفاوت‬ ‫مراتب��ه"‪ .‬وروى ابن حب��ان يف صحيحه‪،‬‬ ‫ع��ن أنس بن مالك ‪ d‬أنه قال‪" :‬خطبنا‬ ‫رس��ول اهلل ‪ ‬فق��ال يف اخلطب��ة‪ :‬ال‬ ‫إمي��ان ملن ال أمانة له‪ ،‬وال دين ملن ال عهد‬ ‫ل��ه"‪ .‬يع�ني أن إميان��ه لي��س بكامل‪،‬‬ ‫ولي��س املراد َ‬ ‫نفي اإلمي��ان مطلقا‪ ،‬فقد‬ ‫ترجم له ابن حب��ان يف صحيحه بقوله‪:‬‬ ‫"ذك��ر خرب ي��دل عل��ى أن امل��راد بهذه‬ ‫األخب��ار ُ‬ ‫نفي األمر عن الش��يء للنقص‬ ‫عن الكم��ال"‪ .‬واخليانة أيضا تحَ ْ ِر ُم‬ ‫صاحبه��ا م��ن َ‬ ‫ص املغف��رة م��ن اهلل‬ ‫ف��ر ِ‬ ‫تعاىل‪ ،‬حت��ى ولو كان الس��بب املرجو‬ ‫َ‬ ‫الشهادة يف سبيل اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫لذلك هو‬ ‫فق��د روى البيهقي يف ش��عب اإلميان‪،‬‬ ‫ع��ن عبد اهلل بن مس��عود ‪ d‬أنه قال‪:‬‬ ‫"القت��ل يف س��بيل اهلل ُي َ‬ ‫َ‬ ‫الذنوب‬ ‫ك ِّف ُر‬ ‫َّ‬ ‫كله��ا إال األمان��ة‪ ،‬قال‪ :‬يؤت��ى بالعبد‬ ‫ي��وم القيام��ة وإن ق ِتل يف س��بيل اهلل‪،‬‬ ‫فيق��ال‪ِّ :‬أد أمانت��ك‪ ،‬فيق��ول‪ْ :‬‬ ‫أي رب‪،‬‬ ‫كي��ف وقد ذهبت الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬فيقال‪:‬‬ ‫انطلقوا به إىل اهلاوية‪ُ ،‬‬ ‫في ْن َط َل ُق به إىل‬ ‫اهلاوي��ة‪ ،‬ويمُ َ ث ُ‬ ‫َّ��ل له أمانت��ه كهيئتها‬ ‫‪25‬‬

‫يوم ُد ِف َع ْت إليه‪ ،‬فرياها فيعرفها‪ ،‬فيهوي‬ ‫يف أثره��ا حت��ى يدركه��ا‪ ،‬فيحمله��ا‬ ‫على منكبيه‪ ،‬حت��ى إذا نظر ظن أنه‬ ‫خارج زلت عن منكبيه‪ ،‬فهو يهوي يف‬ ‫أثرها أبد اآلبدين"‪.‬‬ ‫أنواع األمانات‪:‬‬ ‫إن معنى األمانة يدخل يف عدة أمور؛‬ ‫ولذلك ميكن تنويعها إىل عدد‬ ‫كبري من األمانات‪ ،‬وقد جاء يف بعض‬ ‫األحاديث اإلشارة إىل ذلك‪ ،‬فقد روى‬ ‫مسلم يف صحيحه‪ ،‬عن ابن عمر رضي‬ ‫اهلل تعاىل عنهما‪ ،‬عن النيب ‪ ‬أنه قال‪:‬‬ ‫"أال كلكم راع‪ ،‬وكلكم مسؤول‬ ‫عن رعيته‪ ،‬فاألمري الذي على الناس‬ ‫راع‪ ،‬وهو مسؤول عن رعيته‪ ،‬والرجل‬ ‫راع على أه��ل بيته‪ ،‬وه��و مسؤول‬ ‫عنهم‪ ،‬واملرأة راعية على بيت َب ْع ِلها‬ ‫وولده‪ ،‬وهي مسؤولة عنهم‪ ،‬والعبد راع‬ ‫على مال سيده‪ ،‬وهو مسؤول عنه‪ ،‬أال‬ ‫فكلكم راع‪ ،‬وكلكم مسؤول‬ ‫عن رعيته"‪ .‬كما ُن ِق َل ما يدخل يف‬ ‫هذا املعنى عن بعض الصحابة‪،f ،‬‬ ‫ومن ذلك ما رواه البيهقي يف شعب‬ ‫اإلميان‪ ،‬عن عبد اهلل بن مسعود ‪،d‬‬ ‫أنه قال‪" :‬الصالة أمانة‪ ،‬والوضوء أمانة‪،‬‬ ‫والوزن أمانة‪ ،‬والكيل أمانة‪ ،‬وأشياء‬ ‫عددها‪ ،‬وأعظم ذلك الودائع"‪ .‬وأيضا‬ ‫ُ‬ ‫بعض األئمة‪ ،‬فقد قال‬ ‫تناول ذلك‬ ‫البيهقي يف شعب اإلميان ‪ -‬بعد ذكر‬ ‫ُ َ‬ ‫اض املتقدم – ما‬ ‫كالم الفض ْي ِل بن ِع َي ٍ‬ ‫نصه‪" :‬ويدخل يف هذا الباب‪ :‬ما ُي َق َّل ُد‬ ‫ُ‬ ‫املؤمن بإميانه من العبادات واألحكام‪،‬‬ ‫وما عليه يف مراعاة حقوق نفسه‪،‬‬ ‫وحقوق زوجه وولده ووالده‪ ،‬وحقوق‬ ‫أخيه املسلم بالعون والنصيحة ابتداء‬ ‫وأداء‪ ،‬والنصح إذا استشاره يف أموره‬


‫[أو] استودعه شيئا‪ ،‬أو ُن ِّص َب وليا يف‬ ‫حمجور عليه‪ ،‬وحقوق‬ ‫مال اليتيم‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫مماليكه أو َم ْن ميلكه إن كان‬ ‫هو مملوكا‪ ،‬وما ُي َق َّل ُد الوالي من‬ ‫حقوق الرعايا‪ ،‬وما ُي َق َّل ُد الرعايا من‬ ‫حقوق الوالي‪ ،‬وأداء األمانة يف مجيع‬ ‫ذلك مشروع"‪ .‬وأذكر على سبيل‬ ‫االختصار بعض تلك األنواع‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أمانة الدين‪ :‬فيجب على املؤمن أن‬ ‫يعتين بواجبات العب��ادة متام العناية؛‬ ‫ألن ذلك من األمانة‪ ،‬ومما نقل يف ذلك‬ ‫كالم س��يدنا عب��د اهلل ب��ن مس��عود‬ ‫‪ d‬حي��ث ق��ال‪ ،‬كم��ا تق��دم نص��ه‪:‬‬ ‫"الصالة أمان��ة‪ ،‬والوض��وء أمانة"‪ .‬ومنه‬ ‫كالم اإلم��ام البيهق��ي‪ ،‬حي��ث قال يف‬ ‫ش��عب اإلميان‪ ،‬كما تق��دم‪ ،‬ما نصه‪:‬‬ ‫"ويدخل يف هذا الب��اب‪ :‬ما ُي َق َّل ُد املؤمن‬ ‫بإميانه من العبادات واألحكام"‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أمان��ة النصيح��ة‪ :‬فواج��ب عل��ى‬ ‫كل مس��لم أن ينص��ح ألمت��ه مجل��ة‬ ‫وتفصي�لا‪ ،‬بكل ما أوتي من أس��باب‬ ‫النص��ح‪ ،‬ول��و بالكلم��ة الطيب��ة‬ ‫والدع��وة الصاحل��ة‪ .‬ومم��ا يؤث��ر م��ن‬ ‫ذل��ك م��ا رواه مس��لم يف الصحيح‪ ،‬عن‬ ‫متي��م ال��داري‪ ،d ،‬أن الن�بي ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫"الدي��ن النصيحة‪ ،‬قلنا‪ :‬مل��ن؟ قال‪ :‬هلل‪،‬‬ ‫ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪ ،‬وألئمة املسلمني‬ ‫وعامته��م"‪ .‬وم��ن ذلك أيضا م��ا رواه أبو‬ ‫داود يف س��ننه‪ ،‬عن أب��ي هريرة‪،d ،‬‬ ‫أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ " :‬املستشار‬ ‫مؤمتن"‪.‬‬

‫ومم��ا ج��اء يف ذلك م��ا رواه مس��لم يف تقدم‪" :‬الصالة أمان��ة‪ ،‬والوضوء أمانة‪،‬‬ ‫الصحيح‪ ،‬أن رس��ول اهلل ‪ ‬ق��ال‪"َ :‬م ْن والوزن أمانة‪ ،‬والكيل أمانة‪ ،‬وأش��ياء‬ ‫َح َّ‬ ‫��د َث عين حبدي��ث َي َرى أن��ه كذب‪ ،‬عددها‪ ،‬وأعظم ذلك الودائع"‪.‬‬ ‫فه��و أح��د الكاذب�ين"‪ .‬وق��ال ‪ ‬يف‬ ‫‪ - 7‬أمان��ة البي��ع والش��راء‪ :‬وهي ال‬ ‫احلدي��ث املتوات��ر‪" :‬م��ن ك��ذب عل��ي‬ ‫تق��ل أهمي��ة عن س��ابقتها‪ .‬ومم��ا جاء‬ ‫متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"‪ .‬وهذا‬ ‫َ يف ذل��ك م��ا رواه مس��لم يف الصحيـ��ح‬ ‫مما س��بق به علما ُء املسلمني أصحاب‬ ‫ع��ن أب��ي هري��رة‪" :d ،‬أن رس��ول اهلل‬ ‫منهجي��ات احلديث الداعية إىل ضرورة ‪ ‬مر على ُص َ�ْب�رْ‬ ‫ة‬ ‫طعام‪ ،‬فأدخل يده‬ ‫ِ‬ ‫ٍَ‬ ‫الت��زام األمان��ة العلمي��ة‪ ،‬يف البح��ث‬ ‫ُ‬ ‫أصابع��ه َبلال‪ ،‬فق��ال‪ :‬ما‬ ‫فيه��ا‪ ،‬فنال��ت‬ ‫العلمي؛ بل إنهم تعلموه منهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫صاح��ب الطعام؟ ق��ال‪ :‬أصابته‬ ‫هذا ي��ا‬ ‫َ‬ ‫جعلته‬ ‫‪ - 4‬أمان��ة بي��ت الزوجي��ة‪ :‬فعل��ى الس��ما ُء يا رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬أفال‬ ‫كل من الزوجينْ رعاي��ة هذه األمانة‪ ،‬فوق الطعام كي يراه الناس؟ َمن غش‬ ‫ب��كل م��ا حتمل��ه ه��ذه الكلم��ة فلي��س م�ني"‪ .‬ومن��ه م��ا رواه احلاك��م‬ ‫م��ن معن��ى‪ ،‬وذل��ك يف حض��رة الطرف يف املس��تدرك‪ ،‬عن س��يدنا اب��ن عباس‬ ‫اآلخ��ر ويف غيابه؛ فقد روى مس��لم يف رض��ي اهلل تع��اىل عنهما‪ ،‬أنه ق��ال‪" :‬ملا‬ ‫صحيح��ه‪ ،‬كما مر‪ ،‬ع��ن النيب ‪‬أنه ق��دم رس��ول اهلل ‪ ‬املدين��ة‪ ،‬كان��وا‬ ‫قال‪" :‬والرج��ل راع على أهل بيته‪ ،‬وهو م��ن أخب��س الن��اس كيال‪ ،‬فأن��زل اهلل‬ ‫�ين ‬ ‫مس��ؤول عنهم‪ ،‬واملرأة راعية على بيت تب��ارك وتع��اىل َويْ��ٌل للُْمَطففِ َ‬ ‫فأحس��نوا الكيل بعدِّ ِّ‬ ‫بعلها وولده‪ ،‬وهي مسؤولة عنهم"‪.‬‬ ‫ذل��ك"‪ .‬ومنه ما‬ ‫‪ - 5‬أمان��ة احلرم��ات‪ :‬فواج��ب عل��ى‬ ‫املسلم أن ال حياول االطالع على أمر ال‬ ‫حيب صاحبه اطالع غريه عليه‪ .‬ومما‬ ‫ُ‬ ‫ُي ْؤ َث ُ‬ ‫كالم عبد اهلل بن عمر‬ ‫��ر يف ذلك‬ ‫رض��ي اهلل تع��اىل عنهم��ا‪ ،‬حي��ث روى‬ ‫البيهق��ي يف ش��عب اإلميان عن��ه‪ ،‬أنه‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ور‬ ‫قال‪" :‬من تضييع األمانة‬ ‫النظر يف الد ِ‬ ‫ُ‬ ‫واحل َجر"‪.‬‬ ‫‪ - 6‬أمان��ة الودائع‪ :‬وهي مما تتأكد‬ ‫رعايته‪ ،‬ألنه��ا املقصودة عند اإلطالق‬

‫َّ هَّ ْ‬ ‫ن الليَأُمُرُكْم‬ ‫فقد ق��ال اهلل تع��اىل إِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫��اتإِىَل أْهلَِه��اَوإَِذا‬ ‫أنتُ��ؤدُّواْ األَمانَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ��اسَأنحَْتُكُم��واْ‬ ‫َحكْمتُ��مبَ�ْي�نْ َ الن ِ‬ ‫َّ هَّ‬ ‫بالْعدل إ َّ هَّ ُ ُ‬ ‫ن الل‬ ‫ن اللنِعَِّمايَعِظكمبِهِإِ‬ ‫ِ َْ ِ​ِ‬ ‫َك َ‬ ‫صريًا {النس��اء‪،}85/‬‬ ‫ان مَسِيعً��ابَ ِ‬

‫‪ - 3‬أمانة العلم‪ :‬فال جيوز لناقل العلم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫النقص��ان يف م��ا ينقله من‬ ‫الزي��ادة أو‬ ‫عل��م‪ ،‬ولو كان يف ذل��ك تأييد ملا يراه‬ ‫هو حقا؛ ألنه إذا كان حقا‪ ،‬فال ُي ْن َصر‬ ‫‪d‬‬ ‫بباط��ل‪ ،‬وأعين ب��ه اخليان��ة العلمية‪ .‬وق��ال س��يدنا ابن مس��عود ‪ ،‬كما‬ ‫‪26‬‬

‫رواه احلاكم أيضا يف املس��تدرك‪ ،‬عن‬ ‫س��يدنا اب��ن عب��اس‪ ،‬رض��ي اهلل تعاىل‬ ‫عنهم��ا‪ ،‬أنه ق��ال‪" :‬قال رس��ول اهلل ‪‬‬ ‫ألصح��اب الكيل وال��وزن‪ :‬إنكم قد‬ ‫ُو ِّل ُ‬ ‫يت ْم أمرا فيه هلكة األمة الس��الفة"‪.‬‬ ‫ومما يؤثر عن الس��لف الصاحل من ذلك‬ ‫ما رواه أب��و نعيم يف حلية األولياء‪ ،‬عن‬ ‫َ‬ ‫يونس‬ ‫أمية بن بس��طام أنه قال‪" :‬جاءت‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ��ة َخ ٍّ‬ ‫��ز‪ ،‬فقالت له‪:‬‬ ‫ب��ن عبيد ام��رأة بجِ ُ ب ِ‬ ‫اش�ترها‪ ،‬فقال‪ :‬بكم تبيعيها؟ قالت‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫خبمس��مائة‪ ،‬ق��ال‪ :‬ه��ي خري م��ن ذاك‬ ‫قالت‪ :‬بس��تمائة‪ ،‬قال‪ :‬هي خري من ذاك‬ ‫فل��م يزل يقول هي خ�ير من ذاك‪ ،‬حتى‬ ‫بلغ��ت ألفا‪ ،‬وق��د َب َذ َلتها خبمس��مائة"‪.‬‬ ‫جعلن��ا اهلل وإياكم ممن يس��تمعون‬ ‫القول فيتبعون أحس��نه‪ ،‬ويتبعون أثر‬ ‫أفضل نيب بعثه‪ ،‬وسالم على املرسلني‬ ‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬


‫منهج اإلمام مالك رضي اهلل عنه يف‬ ‫التعامل مع السنة النبوية الشريفة‬ ‫الس��نة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫بوية ّ‬ ‫املشرفة يف املرتبة‬ ‫تأتي‬ ‫ّ‬ ‫الثاني��ة بع��د الكت��اب العزي��ز و ّ‬ ‫إن‬ ‫بالس ّ‬ ‫إمامنا مالك ‪ d‬يأخذ ّ‬ ‫��نة املتواترة‬ ‫ّ‬ ‫يق��دم‬ ‫اآلح��اد و إن كان خ�بر اآلح��اد‬ ‫علي��ه عمل أه��ل املدينة ال��ذي هو يف‬ ‫الس ّ‬ ‫حك��م ّ‬ ‫ّ‬ ‫العملي��ة املتواترة عند‬ ‫��نة‬ ‫علماء املذهب ‪ .‬وكان اإلمام مالك ‪d‬‬ ‫يتمثل بقول ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشاعر ‪:‬‬ ‫كثريا ما‬

‫الدين ما كان ّ‬ ‫و خري أمور ّ‬ ‫سنة‬

‫و الفقيـ��ه البصيـ��ر مبواض��ع الفتوى‬ ‫و مصادره��ا باإلمج��اع أيض��ا ‪ .‬هذا أمر‬ ‫ّ‬ ‫مقـ��رر ثابت جممع عليه ب�ين الفقهاء‬ ‫احملدثني ‪ .‬فاإلم��ام البخاري الذي ّ‬ ‫و ّ‬ ‫يعد‬ ‫صحيحـ��ه ّ‬ ‫أصح الكت��ب يف احلديث‬ ‫و أقواها نس��بة ‪.‬يعترب سند اإلمام مالك‬ ‫حنو بع��ض أحاديث��ه التيّ رواه��ا ّ‬ ‫أصح‬ ‫األس��انيد و ه��و مالك عن ناف��ع عن إبن‬ ‫عمر ‪ .‬و يقول أبو داوود ّ‬ ‫السجس��تاني ‪:‬‬ ‫" ّ‬ ‫أصح األس��انيد مالك عن نافع عن إبن‬ ‫ثم مالك عن ّ‬ ‫الز ّ‬ ‫عمر ‪ّ .‬‬ ‫هري عن سامل عن‬ ‫ثم مالك عن أبي ّ‬ ‫أبيه أي إبن عمر‪ّ .‬‬ ‫الزناد‬

‫األستاذ‪ :‬رشيد بومجعة‬ ‫(اجلزائر)‬

‫ّ‬ ‫وبعض رجاله ‪ ..‬ومن ّ‬ ‫حيتلون املراتب‬ ‫ثم‬ ‫ّ‬ ‫الث�لاث األول يف ّ‬ ‫ق��وة ّ‬ ‫الس��ند عل��ى ما‬ ‫ّ‬ ‫قرره أبو داوود فهو ‪d‬ثقة حيسن وزن‬ ‫الرجال بشهادة ّ‬ ‫احملققني ّ‬ ‫ّ‬ ‫الراسخني يف‬ ‫هذا العلم ‪ .‬و ّأما األمر ّ‬ ‫الثاني ‪ :‬فهو إمامة‬ ‫اإلمـ��ام مالك فـي احلديث ‪ .‬قال ّ‬ ‫الذهـيب‬

‫و هو بصدد تعداد خصاله ّ‬ ‫و ّ‬ ‫"إتفق ّ‬ ‫شر األمور احملدثات البدائع‬ ‫األئمة‬ ‫يذكر‬ ‫مل‬ ‫و‬ ‫هريرة‬ ‫أبي‬ ‫عن‬ ‫األعرج‬ ‫عن‬ ‫عل��ى ّأنه ّ‬ ‫حجة صحيح ّ‬ ‫الرواية " هذا يف‬ ‫أحدا غري مال��ك "و روى الترّ‬ ‫ّ‬ ‫مدي يف آخر‬ ‫ّ ّ احلديث ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫س��ننه عن حييى بن سعيد القطان أنه‬ ‫مكانــة اإلمــام مالــك يف الفقــه‬ ‫و ّأم��ا يف الفق��ه فق��د ّ‬ ‫تنوع��ت‬ ‫و احلديث‪:‬‬ ‫عبارات العلم��اء يف ّ‬ ‫الثناء عليه‬ ‫مالك أستاذي و ال أجد ّ‬ ‫علي يف‬ ‫أمن ّ‬ ‫كان اإلم��ام مال��ك إمام��ا يف‬ ‫و عل��ى منهج��ه يف إس��تنباط‬ ‫احلدي��ث كم��ا كان إمام��ا العلم من مالك و مالك ح ّ‬ ‫جة بيين وبني األح��كام ‪.‬فاإلم��ام ّ‬ ‫ّ‬ ‫الش‬ ‫��افعي‬ ‫يق��ول على اإلم��ام مال��ك رضي‬ ‫يف الفق��ه مجع ب�ين اإلمامة يف اهلل‪.‬‬ ‫احلدي��ث و اإلمام��ة يف الفق��ه‬ ‫اهلل عنهم��ا إذا ذك��ر العلماء‬ ‫م��ن غ�ير خ�لاف فه��و ‪d‬‬ ‫راو من‬ ‫فمال��ك جن��م و يق��ول أيض��ا‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫أصح حديثا من مالك مال��ك أس��تاذي و ال أجد ّ‬ ‫الطبق��ة األوىل يف احلدي��ث و هو فقيه قال ‪ " :‬ما يف القوم ّ‬ ‫أم��ن ّ‬ ‫علي يف‬ ‫ذو بص��ر و رؤية يف الفتيا و إس��تنباط بن أنس كان إماما يف احلديث " وهذه العلم من مال��ك و مالك ّ‬ ‫حجة بيين وبني‬ ‫األحكام ّ‬ ‫الفن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ت��دل على اهلل و ق��ال ّ‬ ‫الش��هادة من أهل ه��ذا ّ‬ ‫الش��رعية ‪.‬و معرفة املصاحل‬ ‫هل��وي ‪ ":‬وكان مال��ك‬ ‫الد‬ ‫و ما يكون مالئما هلا من الفتاوى من أمري��ن يضع��ان اإلم��ام مال��ك ‪ d‬يف من أثبتهم يف احلديث عن رس��ــول اهلل‬ ‫غيـر إبتعــاد علـى ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبقة األوىل ب�ين ّ‬ ‫النص‪.‬‬ ‫احملدثني ‪ :‬أ ّما األمر ‪‬و أوثقهم إسنـادا و أعلمهم بقضايا‬ ‫ّ‬ ‫األول ‪ :‬فه��و حس��ن إختيار اإلم��ام مالك عم��ر و أقاوي��ل عب��د اهلل ب��ن عم��ر و‬ ‫األقضية و الفتاوى املنسوبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫للصحابة‬ ‫و‬ ‫لل��ر ّواة الذي��ن ي��روي عنه��م إذ إعتربه عائشة و أصحابهم من الفقهاء ّ‬ ‫السبعة‬ ‫ّ‬ ‫و ّ‬ ‫التابع�ين‪ ،‬فإمامن��ا مالك ه��و ّ‬ ‫احملدث‬ ‫البخاري و أبو داوود ّ‬ ‫أصح األس��انيد هو و به و بأمثاله قام علم ّ‬ ‫الرواية و الفتوى‪.‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫الرعي��ل ّ‬ ‫يعد يف ّ‬ ‫األول باإلمجاع‪.‬‬ ‫‪27‬‬


‫فلما أسند إليه األمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫حدث و أفتى و أفاد‬ ‫و أجاد " ‪:‬وقال اإلمام ّ‬ ‫الذ ّ‬ ‫هيب" ‪:‬وقد ّإتفق‬ ‫ملالك مناقب ما علمتها إجتمعت لغريه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عل��و ّ‬ ‫الرواية‬ ‫أحدهم��ا ‪ :‬طول العم��ر و‬ ‫وثانيها‪ّ :‬‬ ‫الذهن ّ‬ ‫الثــاقب و الفهم و العلم‬ ‫وثالثه��ا‪ّ :‬إتف��اق األ ّم��ة على ّأن��ه ّ‬ ‫حجة‬ ‫صحيح ّ‬ ‫الرواي��ة‪ ،‬ورابعها‪ :‬إمجاع األ ّمة‬ ‫على دينه و ّإتباعه ّ‬ ‫السنن و خامسها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تقدمه يف الفتوى و ّ‬ ‫صحة قواعده" ‪.‬‬

‫أنواع ّ‬ ‫السنة يف نظر اإلمام مالك‬ ‫رضي اهلل عنه‪:‬‬

‫وإعتم��اده يف ال��رأي واملس��ائل عل��ى‬ ‫أق��وال الصحاب��ة وأرآئه��م وعم��ل أهل‬ ‫املدينة أي أهل السنة األثرية ومن شدة‬ ‫إحتياط��ه ‪ d‬يف احلدي��ث أن��ه خترج‬ ‫م��ن رواته ع��دة رج��ال وردت أحاديثهم‬ ‫يف صحيح البخاري ومس��لم كما قال‬ ‫‪((d‬أدرك��ت بهذا البلد مش��يخة هلم‬ ‫فض��ل وصالح حيدث��ون مامسعت من‬ ‫أحد منهم ش��يئا فقيل له ياأبا عبد اهلل‬ ‫في��م ؟ قال‪:‬ألنه��م مل يكون��وا يف ذلك‬ ‫يعرف��ون ماحيدثون)) وع��دم معرفتهم‬ ‫مبا حيدث��ون ه��و إس��تنتاج األحكام‬ ‫الصائب��ة من األخب��ار الصحيح��ة وفقا‬

‫ملقاص��د الش��ريعة ومص��احل األم��ة‬ ‫ّ‬ ‫إس��تدل اإلم��ام مالك بنوعني من‬ ‫لقد‬ ‫اإلسالمية وحينما نتتبع تطور املذهب‬ ‫ّ‬ ‫السنة ‪:‬‬ ‫املالك��ي يتب�ين لن��ا أن أصحاب��ه ق��د‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الن��وع ّ‬ ‫املتمثلة‬ ‫الس��نة املرفوعة‬ ‫األول ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫كونوا فريقني‪.‬‬ ‫يف األحاديث ّ‬ ‫الصحيحة س��واء كانت‬ ‫الفري��ق األول تأث��ر مبدرس��ة احلدي��ث‬ ‫خرب آحاد أو متواترة‪.‬‬ ‫وأعط��اه كامل عنايته مثل إبن وهب‬ ‫الن��وع الثان��ي‪ :‬هو الس��نة األثرية وهي املتوف��ى س��نة ‪179‬ه��ـ وإبن املاجش��ون‬ ‫أق��وال الصحابة وفتاويه��م وعمل أهل املتوفى سنة ‪212‬هـ وإبن حبيب املتوفى‬ ‫املدين��ة وأعرافه��م‪ ،‬ولق��د ف��رق اإلم��ام س��نة ‪237‬هـ وإب��ن أبي زمن�ين املتوفى‬ ‫مالك يف التدري��س بني هذين النوعني س��نة‪399‬هـ لك��ن مل يكت��ب هل��ذا‬ ‫وجعل مس��ائل الفقه أقرب إىل العمل اإلجتاه أن يش��مل املذه��ب كله‪ ،‬وأما‬ ‫والعرف حتى إنه كان يس��أل الطالب الفريق الثاني فقد تأثر مبدرسة الفقه‬ ‫إذا ج��اءه ه��ل يريد أن يدرس املس��ائل ال�تي إعتمدن على الس��نة األثرية وقد‬ ‫الفقهي��ة أو يري��د دراس��ة احلدي��ث‪ ،‬إنتش��رت عل��ى يد عب��د الرمح��ان بن‬ ‫ولق��د كان منش��أ ه��ذه التفرق��ة يف القاس��م املتوف��ى س��نة ‪191‬ه��ـ ومحل‬ ‫التدري��س مبالغته يف إح�ترام جمالس لواءه��ا يف إفريقي��ة أمث��ال س��حنون‬ ‫احلديث الش��ريف وحرص��ه أال جيعل املتوف��ى س��نة ‪240‬ه��ـ وإب��ن أب��ي زيد‬ ‫فتاويه على مس��توى أحاديث س��يدنا القريوان��ي املتوف��ى س��نة ‪386‬ه��ـ ويف‬ ‫رس��ول اهلل ‪ ‬وه��ذا يفس��ر لن��ا يف األندلس على يد جمموعة من العلماء‬ ‫آن واح��د تش��دده يف رواي��ة احلدي��ث أمثال ابن عيس��ى دينار املتوفى س��نة‬ ‫‪28‬‬

‫‪212‬هـ وحممد إبن عتباب املتوفى سنة‬ ‫‪462‬ه��ـ فاإلجتاه الذي س��اد يف املذهب‬ ‫املالك��ي هو الفقه ال��ذي إعتمد على‬ ‫الس��نة األثرية وماتقتضي من مسايرة‬ ‫العم��ل ومن اخت��اذ عمل أه��ل املدينة‬ ‫عمال مثاليا ومفسرا للسنة النبوية‪.‬‬ ‫ولق��د ق��ام بع��ض متأخ��ري املالكية‬ ‫بالتوفي��ق ب�ين الفريق�ين فاجتهد إبن‬ ‫عبد الرب املتوفى س��نة ‪463‬هـ يف وصل‬ ‫بالغ��ات اإلم��ام مالك يف املوط��أ وإهتم‬ ‫القاضي عي��اض املتوفى س��نة ‪544‬هـ‬ ‫بربطها باألحكام‪.‬‬

‫شروط قبول الرواية عند اإلمام‬ ‫مالك رضي اهلل عنه‪:‬‬ ‫الس��نة الصحيحة ه��ي األص��ل الثاني‬ ‫عند اإلم��ام يف األحكام كما س��بق‬ ‫ف��إذا صح احلديث فه��و مذهبه‪ ،‬وصحة‬ ‫احلديث عنده تتوقف على مايلي‪:‬‬ ‫ أن يك��ون ال��راوي ع��دال‪ :‬ب��ل إن��ه‬‫ليش�ترط ماه��و أكرب من الع��دل وهو‬ ‫أال يك��ون س��فيها أو أمحقا أو جاهال‬ ‫أو غ�ير مت��زن واحلمق ق��د جيتمع مع‬ ‫العب��ادة والتقى وإمامن��ا ‪ d‬ال يقبل‬ ‫من التق��ي األمحق وال م��ن العابد الذي‬ ‫اليزن األمور مبيزانها الصحيح‪.‬‬ ‫ أن يك��ون ال��راوي ضابط��ا لذل��ك مل‬‫يقبل رواية من مل يعرف ماحيمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ملم��ا مبقاص��د‬ ‫ أن يك��ون ال��راوي‬‫الس��نة التش��ريعية لذل��ك رد أحاديث‬ ‫كث�يرة م��ن معاصريه مهم��ا كانت‬


‫ّ‬ ‫س��يدنا احلس��ن البصري ‪ّ d‬أنه كان‬ ‫عدالتهم ألنهم مل يكونوا من أهل هذا‬ ‫الش��أن‪ .‬وقد صح عن��ه ‪ d‬أنه قال يف يقول‪ " :‬إذا اجتم��ع أربعة من ّ‬ ‫الصحابة‬ ‫ه��ذا الصنف ((ل��و أؤمت��ن أحدهم على عل��ى حدي��ث أرس��لته إرس��اال‪ " ،‬وق��ال‬ ‫أيض��ا "إذا قلت لك��م ّ‬ ‫حدثين فالن فهو‬ ‫بيت مال ماخان))‪.‬‬ ‫حديثه ال غري و متى قلت قال رسول ا‬ ‫للهّ‬ ‫ أال يكون الراوي صاحب بدعة يدعو‬‫‪ d‬فقد مسعته من أكثر من سبعني‬ ‫إىل بدعت��ه وق��د كان يس��ميهم‬ ‫رج�لا‪ " ،‬ولق��د روي ّ‬ ‫أن األعم��ش ق��ال‪:‬‬ ‫بأهل األهواء ف��كان ال يقبل روايتهم قل��ت إلبراهي��م ّ‬ ‫النخع��ي ‪":‬إذا رويت لي‬ ‫خش��ية أن تدفعهم املذهبية بأن يقولوا‬ ‫حديثا عن عبد ا بن مس��عود فأسند‬ ‫للهّ‬ ‫عل��ى الن�بي ‪ ‬م��امل يقل��ه وألنه��م‬ ‫لي فقال‪ :‬إذا قلت ّ‬ ‫حدثين فالن عن عبد‬ ‫بانتحاهل��م م��ا ينتحل��ون يعتربون يف‬ ‫ا فه��و ال��ذي روى ذل��ك و إذا قلت قال‬ ‫نظر اإلمام ‪ d‬فاس��قني به��ذا اإلبتداع للهّ‬ ‫عبد ا فقد رواه لي غري واحد" ‪.‬اهـ‬ ‫للهّ‬ ‫وأن فس��ق النف��س والعق��ل أق��وى من‬ ‫ويظهر ّ‬ ‫أن اإلرس��ال كان كثريا قبل‬ ‫فسق اجلوارح‪.‬‬

‫لكل ّ‬ ‫ّ‬ ‫اطمأن إليه وقبل منه‬ ‫الش��روط‬ ‫مسنده و مرسله ‪ّ .‬‬ ‫فالت ّ‬ ‫شدد يف االختيار‬ ‫هو س��بب االطمئنان وقبول اإلرس��ـال‪،‬‬ ‫و ّ‬ ‫أن قبوله املراس��يل على هذا االعتبار‬ ‫لي��س دلي�لا على أن��ه جييز اإلرس��ال‬ ‫بإط�لاق وجييز قبول املرس��ل بإطالق‬ ‫بل جييز اإلرسال من مثل من قبل منهم‬ ‫إرس��اهلم فالعربة باملرسل الذي أرسل ال‬ ‫باإلرسال يف ذاته‪.‬‬ ‫الوج��ه ّ‬ ‫الثان��ي‪ّ :‬أن��ه ‪ d‬مل جيع��ل‬ ‫الس ّ‬ ‫م��ن ّاتصال ّ‬ ‫��نة حن��و رواي��ة اآلحاد‬ ‫دلي�لا أق��وى من املراس��يل ال�تي تواترت‬

‫عن��ه وروته��ا اجلماع��ة ع��ن اجلماعة‬ ‫س��يدنا رس��ول ألن اقتناع��ه الوثي��ق ّ‬ ‫أن يظهر الكذب على ّ‬ ‫أن توات��ر العم��ل‬ ‫خل��ص ‪ d‬هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫الش��روط بقولـه‪:‬‬ ‫وقد‬ ‫ّ‬ ‫ا صل��ى ا علي��ه و آل��ه وصحب��ه يس��تحيل أن يكون ص��ادرا عن غري‬ ‫للهّ‬ ‫ممن للهّ‬ ‫"ال يؤخ��ذ العلم من أربع��ة ويؤخذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املشرع نفسه ‪.‬‬ ‫اضط��ر العلماء إىل‬ ‫فلما كثر‬ ‫س��واهم‪ ،‬ال يؤخ��ذ العلم من س��فيه وال‬ ‫السؤال عن اإلس��ناد ِل ُيعرف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الراوي وقد‬ ‫يؤخذ من صاحب ه��وى يدعو إىل هواه‬ ‫ق��ال اإلم��ام ب��ن س�يرين‪ " :‬مل يكونوا‬ ‫ّ‬ ‫ك��ذاب يكذب يف‬ ‫وبدعت��ه وال م��ن‬ ‫يسألون عن اإلسناد ّ‬ ‫فلما وقعت الفتنة قضايا انتقدت على املالكية بدعوى‬ ‫الناس وإن كان ال ّ‬ ‫أحاديث ّ‬ ‫يتهم على‬ ‫للس ّنة ّ‬ ‫خمالفتها ّ‬ ‫قال��وا ّ‬ ‫النبو ّية وآثار‬ ‫مسوا لن��ا رجالك��م‪ ،‬فينظر إىل‬ ‫ّ‬ ‫صل‬ ‫علي��ه‬ ‫ا‬ ‫��ى‬ ‫حدي��ث رس��ول ا‬ ‫للهّ‬ ‫للهّ‬ ‫للهّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحابة رضي ا عنهم‪.‬‬ ‫أهل ّ‬ ‫الس ّنة فيؤخذ حديثهم وينظر إىل‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم وال من ش��يخ له فض��ل وصالح‬ ‫أه��ل البدع ف�لا يؤخذ حديثه��م‪ " ،‬هلذا‬ ‫زع��م م��ن ي��رى خالف��ا للمالكية يف‬ ‫وعب��ادة إذا كان ال يع��رف ما حيمل‬ ‫ّ‬ ‫ومالك‬ ‫حنيفة‬ ‫أب��و‬ ‫األربعة‬ ‫ة‬ ‫األئم‬ ‫قب��ل‬ ‫مسألة صوم املسافر ّ‬ ‫وما ّ‬ ‫أن املالكية خالفوا‬ ‫حيدث به "‪.‬‬ ‫والشافعي وأمحد املرسل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫قات‬ ‫الث‬ ‫الس ّنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫النبوية عندما رأوا ختيري املسافر‬ ‫ّ‬ ‫الصوم و الفطر ّ‬ ‫ألن ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫والس��ؤال الذي ربمّ ا يرد علينا هو‪ :‬ملاذا بني ّ‬ ‫يب صلى ا‬ ‫ّ‬ ‫للهّ‬ ‫عليه وآله وصحبه ّ‬ ‫وسلم قال‪ " :‬ليس من‬ ‫تعامل اإلمام مالك رضي اللهّ عنه كان الإّ مام مالك ‪ d‬يقبل املرسل مع‬ ‫الس��فر " ّ‬ ‫إال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرواية ؟ الرب ّ‬ ‫الصيام يف ّ‬ ‫أن املالكية‬ ‫مع احلديث املرسل‪:‬‬ ‫يتش��دد يف قبـول ّ‬ ‫ّأنه هو الذي‬ ‫الذي��ن قال��وا ّ‬ ‫بالتخي�ير ّ‬ ‫حجتهم يف ذلك‬ ‫و اجلواب عن هذا ّ‬ ‫السؤال من وجهني‪:‬‬ ‫قبول األخبار املرس��لة كان أمرا شائعا‬ ‫اعتماده��م عل��ى احلدي��ث ّ‬ ‫الصحي��ح‬ ‫ألن ّ‬ ‫مّ‬ ‫يف عص��ر اإلم��ام مال��ك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الثق��ات الوج��ه ّ‬ ‫األول‪ :‬ه��و أن قبوله املرس��ل إنا الذي رواه اإلمام مالك يف ّ‬ ‫املوطأ يف‪ " :‬أنّ‬ ‫يصرح��ون ّ‬ ‫م��ن ّ‬ ‫التابع�ين كانوا ّ‬ ‫بأنهم كان م��ن رج��ال وث��ق به��م وانتقاه��م‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحابة س��افروا مع رس��ول ا صلى‬ ‫ّ‬ ‫للهّ‬ ‫يتش��دد يف البحث عن ّ‬ ‫الرجل الذي‬ ‫يرس��لون إذا كان��وا رووا احلديث عن فهو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ا عليه وسلم فلم يعب الصائم على‬ ‫ّ‬ ‫الصحاب��ة‪ ،‬فلق��د روى ع��ن يك��ون ثق��ة ف��إذا كان مس��توفيا للهّ‬ ‫ع��دة م��ن ّ‬ ‫املفط��ر وال املفطر عل��ى ّ‬ ‫الصائم " ّأما ما‬ ‫‪29‬‬


‫البيعان استحلف البائع ‬ ‫هذه عينات إتضح بها سعة فقه اإلمام‬ ‫مالك ‪ d‬و إحاطته باألثر املعمول به‪.‬‬ ‫وا أعل��م حبقيق��ة احل��ال ّ‬ ‫وصل��ى‬ ‫للهّ‬ ‫سيدنا ّ‬ ‫ا على ّ‬ ‫حممد املقتدى به يف‬ ‫للهّ‬ ‫األق��وال و األفعال وعلى آله وأصحابه‬ ‫املتبعني له يف احلال و املقال‪.‬‬ ‫ضريح اإلمام مالك رضي اهلل عنه يف البقيع ( املدينة املنورة)‬

‫رواه أب��و س��عيد اخل��دري ‪ّ d‬أنه صلى‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم ق��ال ‪ " :‬لي��س من الرب‬ ‫ا علي��ه‬ ‫للهّ‬ ‫الس��فر " ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصي��ام يف ّ‬ ‫فإنه ورد يف ش��أن‬ ‫ش��خص صائم ق��د ّ‬ ‫ظلل عن الش��مس‬ ‫وهو جيود بنفسه‪.‬‬ ‫ك��م��ا ان��ت��ق��د م��ع��ارض��وا امل��ذه��ب‬ ‫املالكي اإلم��ام مالكا بكونه مل‬ ‫يأخذ حبديث‪ّ ":‬‬ ‫البيعان باخليار ما مل‬ ‫يفرتقا " و روى عنه قوله‪ " :‬ليس هذا‬ ‫ّ‬ ‫حد معروف عندنا وال أمر معمول به "‬ ‫ّ‬ ‫واضطر بعض املالكية أن يؤول البيع‬ ‫هنا ّ‬ ‫بالسوم ‪ .‬أو بأن االفرتاق هو إبرام‬ ‫أن الذي يظهر هو ّ‬ ‫البيع‪ ،‬غري ّ‬ ‫أن اإلمام‬ ‫مالكا مل ير هو نفسه هذه ّ‬ ‫التأويالت‬ ‫وال��ذي يفرتض هو أنَّ��ه ملّا ق��ارن بني‬ ‫حديث اخليار وحديث ابن مسعود ‪d‬‬ ‫القائل‪ " :‬أيمّ ا بيعني تبايعا فالقول ما‬ ‫ّ‬ ‫يتارادان " وجد أن العمل‬ ‫قال البائع أو‬ ‫الذي أدرك ّ‬ ‫الناس عليه ّ‬ ‫يؤيد حديث‬ ‫ابن مسعود فقضي مبقتضاه‪ ،‬ويقول‬ ‫أشهب بعدما حكى إمجاع أهل العلم‬ ‫من أهل احلجاز على لزوم البيع‪ّ ،‬إنه‬ ‫منسوخ بقوله ‪ : ‬املسلمون على‬ ‫شروطهم وقوله ‪ : ‬إذا اختلف‬ ‫‪30‬‬


‫أنوار التنزيل سورة الفتح ‬

‫أ‪ .‬أمحد معزوز‬ ‫(اجلزائر)‬

‫بالعندي��ة‪ .‬ال باحل��ور والقص��ور ف�لا‬ ‫تكون اجلنة ف��وزا إال إذا كانت عند‬ ‫اهلل أم��ا إذا مل تكن عند اهلل فليس��ت‬ ‫بفوز ول��ذا قالت الس��يدة آس��ية عليها‬ ‫السالم زوجة فرعون اليت كانت على‬

‫ أنوار التنزيل ‪ -‬نفحات إميانية يف حلقات من تفسري كالم اهلل تسجلهــا اإلمي��ان ومات��ت علي��ه ؟ َقالَ ْ‬‫��ت َرب‬ ‫ندَكبَيتً��ا ف جَْ‬ ‫الن ِّ‬ ‫سيدي ّ‬ ‫و تبثها قناة القرآن الكريم بزاوية الشيخ ّ‬ ‫حممد بلقائد و بعدما نقلها‬ ‫َّة ‬ ‫نلِ��ي ِع َ ْ يِ‬ ‫ابْ ِ‬ ‫أبناؤنا الطلبة من املسموع إىل املكتوب نقدمها إىل القارئ الكريم خدمة {التحري��م‪ }11/‬ومل تق��ل "رب اب��ن ل��ي‬

‫لكالم اهلل سبحانه‪.‬‬

‫بيت��ا يف اجلن��ة "فه��ي أرادت القرب من‬

‫كن��ا وقفن��ا يف اللق��اء الس��ابق عند ف��وز أعظ��م م��ن ه��ذا العط��اء الرباني‪ .‬اهلل‪ .‬ال اجلن��ة فحس��ب ويف هذا املعنى‬ ‫قول��ه تع��اىل لُِيْدِخ َ‬ ‫��ل مْالُْؤمِنِ َ‬ ‫�ين لكن م��ن اجملم��ع عليه أن��ه ليس يف تقول السيدة رابعة العدوية قدس اهلل‬ ‫حَْ‬ ‫َ��ات َجن ٍ جَْ‬ ‫َومْالُْؤمِن ِ‬ ‫َّ��ات ترِيمِ��ن تتَِها الق��رآن الكري��م حش��و أي لي��س يف سرها‪:‬‬

‫لأَْ‬

‫َ‬ ‫ِّ‬

‫ا نَْهِّ��اُر َخالِد َ‬ ‫ِي��ن فِيَه��ا َويُكف��َر َعْنُه��ْم الق��رآن الكري��م كلم��ة وال حرف ال‬

‫َ‬ ‫َس��يئاتِهِْم {الفت��ح‪ }5/‬ورأين��ا كي��ف يفيد معنى وميكن اإلس��تغناء عنه كلهم يعبدون من خوف نار ‬ ‫أن علماءن��ا رض��ي اهلل عنه��م قال��وا وبالتال��ي يف قول��ه تع��اىل َوَك َ‬ ‫ان‬ ‫ويرون النجاة حظا جزي ‬ ‫ال‬ ‫هَّ‬ ‫احلكمة يف تأخري تكفري السيئات َذلَِك ِع َ‬ ‫ند اللَِفْ��وًزاَعِظيًما {الفتح‪ }5/‬لو أو أن يسكنوا اجلنان فيحظوا ‬ ‫هَّ‬

‫ع��ن إدخ��ال اجلن��ة أن امل��راد بتكفري أنك حذف��ت كلمة ِع َ‬ ‫ند اللِ وقلت‬

‫بقصور ويشربوا سلسبيال‬

‫الس��يئات أن متح��ى م��ن أذهانه��م يف وكان ذلك َفْوًزاَعِظيًما لعله يظهر ليس لي يف اجلنان والنار رأي‬ ‫اجلنة فال تعكر عليهم صفو مقامهم ألول وهل��ة أن املعنى مل يتغري لكن ملا‬ ‫أنا ال أبتغي حبيب بديــــال‬

‫َ‬

‫فيها ثم قال سبحانه وتعاىل َوك َ‬ ‫ان كان هذا كالم اهلل كانت كلمة قد ختللت مسلك الروح مين‬ ‫هَّ‬ ‫هَّ‬ ‫َذلِ َ‬ ‫��ك ِع َ‬ ‫ند اللَِفْوًزاَعِظيًما {الفتح‪ }5/‬أي ِع َ‬ ‫ن��د اللِ هن��ا تفي��د معن��ى أعظم‬ ‫ولذا مسي اخلليل خليال‬ ‫أن دخ��ول املومن�ين واملومن��ات اجلن��ة وأج��ل‪ .‬ومل تكن هناك عبثا وحاش��ا‬

‫وتكف�ير س��يئاتهم يف الدنيا وحموها ولذا ق��ال علماؤنا رض��وان اهلل عليهم وه��ذا احلال الذي كان عليه س��اداتنا‬ ‫عن أذهانهم يف اآلخرة فال يتذكرونها إمن��ا ذكر "عن��د اهلل "هنا ل�يرد أولياءه رض��وان اهلل عليه��م ه��و حال س��اداتنا‬ ‫كان ذل��ك عند اهلل ف��وزا عظيما وال إىل الق��رب ال إىل اجلن��ة وأن يش��غلهم الصحاب��ة وه��ذا ليس بدعا وحاش��اهم‬ ‫‪31‬‬


‫فذلك��م س��يدنا ثوب��ان ‪ d‬خي��رج‬ ‫ش��احب الوج��ه إىل املصطف��ى علي��ه‬ ‫الصالة والسالم فيقول ‪:‬مابك يا ثوبان‬ ‫فيقول تذكرت اجلن��ة فإن أنا دخلتها‬ ‫مل أرك" أي أن�ني ال أري��د اجلن��ة ال�تي ال‬ ‫أك��ون فيها بقربك ألنه يعل��م أنه إذا‬

‫كان عند رسول اهلل ‪‬‬

‫كان عند‬

‫اهلل وإن كان يف قرب رسول اهلل كان‬

‫املومنني عن املدينة وأن املشركني إمنا جهر بعدوانه و ألجل هذا يقول ساداتنا‬ ‫والسلوك ّ‬ ‫أن عداوة ّ‬ ‫يعذب��وا لذل��ك األم��ر وبالتالي يكون أهل الترّ بية ّ‬ ‫النفس‬ ‫أش��د م��ن ع��داوة ّ‬ ‫ذلك اخلط��اب معلال بعل��ة أنهم صدوا أكث��ر و ّ‬ ‫الش��يطان‬ ‫ّ‬ ‫ألن إبلي��س ال يأم��رك باخلري‪ .‬فهو ّ‬ ‫عدو‬ ‫ع��ن دخ��ول بي��ت اهلل‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫احلرام ألجل أال ُي َظ َن هذا‪ ،‬زاد املوىل عز يف ص��ورة ّ‬ ‫عدو إذا إس��تعذت با منه‬ ‫للهّ‬ ‫لكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫النف��س ّ‬ ‫األمارة ّ‬ ‫بالس��وء‬ ‫وجل املنافقات واملشركات ليعلم أنهم خن��س‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ع��دو بني جنبي��ك يف ص��ورة صديق‪.‬‬ ‫يعذب��ون لنفاقهم ال هلذه الواقعة فقط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويع��ذب املش��ركني واملش��ركات تأمرك بالطاعات لتنال بعدها معصية‬

‫‪‬‬

‫يف ق��رب احلق‪ ،‬الق��رب املعن��وي للحق لش��ركهم كذلك ثم ‪ :‬ملاذا بدأ املوىل‬

‫سبحانه وتعاىل مقتضى كلمة عند ع��ز وج��ل باملنافق�ين وق��ال ‪َ :‬ويَُعذَب‬ ‫هَّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهلل َوَك َ‬ ‫انَذلَِك ِع َ‬ ‫ني‬ ‫ات َومْالُْشِ��ركِ َ‬ ‫ند اللَِفْوًزاَعِظيًما مْالُنَافَِقِ�ين َومْالُنَافَِق ِ‬ ‫ات {الفت��ح‪ }6/‬قالوا يف ذلك‬ ‫ {الفتح‪ ،}5/‬أي ال فوز إال يف القرب من َومْالُْش��رَِك ِ‬

‫اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬

‫أو تن��ال ّ‬ ‫حظا من حظوظ ّ‬ ‫النفس أو حنو‬ ‫ّ‬ ‫ذل��ك‪ .‬لذا قال ّ‬ ‫وس��لم ‪" :‬‬ ‫صلى ا عليه‬ ‫للهّ‬ ‫أعدى أعدائك نفسك التيّ بني جنبيك "‬ ‫ّ‬ ‫ألنها ال تظهر العداوة و مّإنا تظهر الوالء‬

‫حك��م جليلة م��ن أهم تل��ك احلكم و ّ‬ ‫الصحب��ة‪ .‬كم��ا كان املنافق��ون‬

‫ني‬ ‫أنه ب��دأ بأخطر الصنفني على املومنني يظه��رون ذلك ثم‪ .‬ق��ال‪ :‬اَّلظان َ‬ ‫هَّ‬ ‫ِّ‬ ‫فإن املش��رك عدو يف صورة عدو محل بِ��اللِ َظ َّ‬ ‫��ن ا َّلس��ْوء {الفت��ح‪ }6/‬م��ا‬ ‫الس��وء ِ‬ ‫الذي ّ‬ ‫الس�لاح عل��ى املؤم��ن عرف��ت عداوته هو ّ‬ ‫ظ��ن ّ‬ ‫ظن��ه املنافقون و‬

‫ني‬ ‫ثم قال اهلل تعاىل ‪َ :‬ويَُعذَبمْالُنَافِقِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ات‬ ‫ني َومْالُْش��رَِك ِ‬ ‫��ات َومْالُْش��رِكِ َ‬ ‫َومْالُنَافَِق ِ‬ ‫هَّ‬ ‫ن ا َّلسْوءَعَلْيهِْمَدائَِرةُ‬ ‫نيبِاللَِظ َّ‬ ‫اَّلظان َ‬ ‫هَُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫هَُْم واملنافق عدو يف صورة صديق جيلس املنافقات و املش��ركون و املش��ركات‬ ‫اَّلس��ْوءَوَغ ِض َب اللَعَلْيهِْمَولَ​َعَنُهِْ��مَوأَعَّد ل‬ ‫مع املس��لمني ويتلفظ بالشهادة نفاقا قالوا ّ‬ ‫الس��وء هن��ا ‪ :‬هو ّأنهم ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫ظن ّ‬ ‫ظنوا‬ ‫اءتَم ِصريًا {الفتح‪}6/‬‬ ‫َجَهَّنَمَِوَس ْ‬ ‫بعدم��ا ذكراحلق س��بحانه وتعاىل ما ويصلي يف الص��ف األول فلعل بعض ّ‬ ‫أن تلك العصابة العظمى من س��اداتنا‬ ‫ّ‬ ‫الصحابة الكرام ل��ن ترجع إىل املدينة‬ ‫أع��ده لعب��اده املومنني م��ن أن يدخلهم املومن�ين م��ن أصح��اب النية احلس��نة‬

‫جن��ات جتري من حتتها األنه��ار خالدين‬ ‫فيه��ا ويكفر عنهم س��يئاتهم وكان‬ ‫ذلك عن��د اهلل فوزا عظيما من كمال‬ ‫حكمته س��بحانه أن يذكر ما توعد‬

‫ب��ه الكفار واملنافقني فقال ‪َ :‬ويَُعذَب‬ ‫ِّ‬ ‫ات {الفت��ح‪}6/‬‬ ‫مْالُنَافَِقِ�ين َومْالُنَافَِق ِ‬ ‫ومثلم��ا س��بق وذكرن��ا أن امل��وىل عز‬

‫وج��ل مل��ا ذك��ر املومن�ين يف اجل��زاء‬ ‫والعطاء توعد املنافقني واملش��ركني‬ ‫بالن��كال والعق��اب و ذك��ر معه��م‬ ‫املنافق��ات و املش��ركات لنف��س العلة‬ ‫ألجل أال يقال أن املنافقني إمنا يعذبوا‬ ‫ألنه��م وقفوا مع كف��ار قريش يف صد‬

‫يفض��ي إليه س��را م��ن أس��رار املومنني أبدا و س��يقضي عليهم أبو سفيان يف‬ ‫مك��ة ملّ��ا خ��رج املصطفى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صل��ى ا‬ ‫ظان��ا ّأن��ه مس��لم فيك��ون أذاه على‬ ‫للهّ‬ ‫العدو الذي عليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكفار‬ ‫وسلم بألف و أربعمائة‪،‬‬ ‫املس��لمني أكثر من ذل��ك‬ ‫ّ‬ ‫ناصبهم العداء و الذي محل ّ‬ ‫العــدة‬ ‫الس�لاح و قريـ��ش مــع ما هــم علي��ه من‬ ‫حصة تلفزيونية أنوار التنزيل ‬


‫و التقوى حبلفائهم األعراب الذين حول مل��ن ظ��ن ب��اهلل ظ��ن الس��وء‪ ،‬ذكره��ا جنود رمح��ة ينزهلا عل��ى أوليائه وهلل‬ ‫ّ‬ ‫ظ��ن املنافقون ّ‬ ‫املكرمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن هذا للمنافق�ين اللعن��ة أي اخل��روج م��ن جنود العذاب والزبانية‪ ،‬فجنود الرمحة‬ ‫مك��ة‬ ‫اخلروج ال رجوع بعده و ّ‬ ‫ظنوا ّ‬ ‫ظن ّ‬ ‫السوء رمح��ة اهلل والغضب والس��خط من اهلل هناك وجنود العذاب هنا‪.‬‬ ‫نبيه ّ‬ ‫ب��ا و ّ‬ ‫أن ا تعاىل يأم��ر ّ‬ ‫صلى س��بحانه وتعاىل وأعد هل��م جهنم ألنهم قال��وا ث��م م��ا احلكم��ة كذل��ك من‬ ‫للهّ‬ ‫للهّ‬ ‫ّ‬ ‫وس��لم بأن خي��رج أصحابه خلق��وا ألجله��ا ذك��ر املوىل ع��ز وجل اس��تبدال "عليم��ا "بقول��ه "عزي��زا"‬ ‫ا علي��ه‬ ‫للهّ‬ ‫ّ‬ ‫ليق��ع اهل�لاك و ه��ذا ظ��ن ّ‬ ‫الس��وء‪ .‬فإذا ذل��ك ترهيب��ا من هذا العم��ل ليكون اجل��واب أن املقام مقام ع��ذاب َويَُعذَب‬

‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ظن ّ‬ ‫��ات مق��ام ش��دة‬ ‫الس��وء هو حظ املؤمن حس��ن الظن باهلل فيكون مْالُنَافَِقِ�ينَومْالُنَافَِق ِ‬

‫كان جزاء من ّ‬ ‫ظن با‬ ‫للهّ‬ ‫للِهَّ‬ ‫العذاب فليك��ن ّ‬ ‫ات وقسوة على أناس يستحقونها فناسب‬ ‫حظك عكس ذلك ج��زاؤه اجلن��ة َو ِ ُجنُ��وُد ا َّلس��َماَو ِ‬

‫لأَْ‬

‫َ‬

‫هَُّ‬

‫ض َوك َ‬ ‫ان الل َعزًِي��زا َحِكيًم��ا مق��ام الع��ذاب اس��م الع��زة كقول��ه‬ ‫"تع��رف األم��ور بأضدادها" ف��إذا ظننت َوا ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب��ا اخل�ير وجدت��ه روى البخ��اري يف {الفتح‪ }7/‬سبق أن أشرنا إىل ّأن يف قوله تع��اىل َ‬ ‫ فأَخْذنَاهُ��ْم أْخَذَعزِي��زٍُّمْقَتِدٍر ‬ ‫للهّ‬ ‫هَُّ‬ ‫للِهَّ‬ ‫لأَْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫��س الل بَِعزِي��زٍ ذِي‬ ‫احلديث القدس��ي أنا عند ظن عبدي تع��اىل َو ُِجنُوُد ا َّلسَ��ماَو ِ‬ ‫اتَوا ْرض {القم��ر‪ }42/‬ألْي َ‬ ‫ّ‬ ‫فليظن بي ما شاء ويف رواية أنا حتقي��ق لقول��ه يف آي��ة أخ��رى َوَم��ا انتَِقام {الزم��ر‪ }37/‬فإذا ذكر االنتقام‬ ‫بي‬

‫ِّ‬ ‫اَّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫عند حسن ّ‬ ‫ُ��َو {املدث��ر‪ }31/‬واألخ��ذ والش��دة ذك��ر الع��زة ومل��ا‬ ‫فليظن بي ما يَْعَل��ُم ُجنُ��وَدَرب��كإِل ه‬ ‫ظن عبدي بي‬ ‫ش��اء ‪ .‬فإذا كان حال املنافق أن ّ‬ ‫ني‬ ‫يظن فجن��ود الس��موات املالئك��ة الكرام ذكر املنافقني َويَُع��ذَب مْالُنَافِقِ َ‬ ‫ِّ‬ ‫الس��وء وجن��ود األرض املؤمن��ون ّ‬ ‫الس��وء با فتدور عليه دائرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ات‬ ‫ني َومْالُْش��رَِك ِ‬ ‫��ات َومْالُْش��رِكِ َ‬ ‫والصحاب��ة َومْالُنَافَِق ِ‬ ‫للهّ‬ ‫هَّ‬ ‫فإن ش��أن املؤمن ّ‬ ‫فيقع عليه العقاب ّ‬ ‫ن اَّلسْوءَعَلْيهِْمَدائَِرةُ‬ ‫نيبِاللَِظ َّ‬ ‫أال الك��رام والس��كينة ال�تي أنزهل��ا يف اَّلظان َ‬ ‫هَُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس��لف قلوب املؤمنني هذا يف اآلية السابقة ّ‬ ‫إال خريا ولذا كان ّ‬ ‫هَُْم‬ ‫ثم ا َّلس��ْوءَوَغ ِض َب اللَعَلْيهِْمَولَ​َعَنُهِْ��مَوأَعَّد ل‬ ‫يظن با‬ ‫للهّ‬ ‫يقول��ون من مات ّ‬ ‫متيقنا ّ‬ ‫أن ا يدخله أعادها ّ‬ ‫صريًا {الفت��ح‪ }6/‬ذلك‬ ‫م��رة ثانية‪ ،‬وقف العلماء وقالوا َجَهنَّ��َمَِوَس ْ‬ ‫��اءتَم ِ‬ ‫للهّ‬ ‫ٍ‬

‫اجلن��ة أدخله ّ‬ ‫ّ‬ ‫الس��ر يف ّأنه س��بحانه أعاده��ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرة احل��ال الش��ديد يس��توجب أن يكون‬ ‫اجلنة لك��ن هذا اليقني م��ا‬ ‫يقتض��ي العم��ل فحس��ن ّ‬ ‫الظ ّ‬ ‫ثانية ّ‬ ‫ثم ما ّ‬ ‫السر كذلك يف ّأنه استبدل ذك��ر العزة هن��ا أحكم ول��ذا ذكر‬ ‫��ن با‬ ‫للهّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ب��د أن يكون مقرتن��ا بالعمل فإذا "عليما" هناك "بعزيزا" يف اآلية الثانية هنا عزي��زا حكيما ومل��ا كان هناك‬ ‫النفاق سوء ّ‬ ‫كان حال أهل ّ‬ ‫اجلواب أنه س��بحانه أعاد ذكرها ّ‬ ‫مرة ذك��ر الصحابة الكرام فذكر جنود‬ ‫الظ ّن با‬ ‫للهّ‬ ‫فح��ال أه��ل اإلميان حس��ن ّ‬ ‫ثاني��ة ّ‬ ‫الظ ّ‬ ‫ألن مناس��بة ذكره��ا يف ّ‬ ‫األول الرمحة قال "عليما" مبا يف قلوبهم وهنا‬ ‫��ن با‬ ‫للهّ‬ ‫‪.‬جاء يف األثر (خصلتان من كانتا فيه تفي��د ّ‬ ‫أن اجلن��ود املذكوري��ن هن��اك عزي��زا عل��ى املنافق�ين وعزي��زا على‬ ‫جن��ا‪ ،‬خصلتان لي��س بعدهما خصلة‪ ،‬جن��ود الرمحة وجنود الس��كينة ّ‬ ‫ألنه املشركني‪.‬‬ ‫حس��ن الظن باهلل وحسن الظن بعباده)‬ ‫ث��م م��ن حكمت��ه س��بحانه وتع��اىل‬ ‫وترهيب��ه كي�لا يك��ون العبد مثل‬

‫حاهلم يف الظن باهلل ظن الس��وء‪ ،‬ذكر‬

‫ما توعدهم به فقال َعَلْيهِْمَدائَِرةُ ا َّلس��ْوء‬ ‫هَُّ‬ ‫َ‬ ‫هَُم جهنمِ‬ ‫��ب اللَعَلْيهِ��ْمَولَ​َعَنُهْمَوأَع َّ‬ ‫َوَغ ِض َ‬ ‫��د لْ َ​َ​ََّ‬ ‫ص�يرًا {الفت��ح‪ ،}6/‬أرب��ع من‬ ‫َوَس ْ‬ ‫��اءتَم ِ‬

‫قال هُ��َو الَّذِيَأن��َزَل ا َّلس��ِكيَنَ‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫يِ‬ ‫ُواإِميَانً��اَّمَعإِميَانِهِْم س��يدنا حمم��د وآل��ه وصحب��ه وس��لم‬ ‫وب مْالُْؤمَِنِ�ينلَِيْزدَاد‬ ‫قُلُ ِ‬ ‫للِهَّ‬ ‫لأَْ‬ ‫ض َوَك َ‬ ‫ان تسليما كثريا إىل يوم الدين سبحان‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫��م‬ ‫لس‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ُ��و‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫َو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫هَُّ‬ ‫الل َعلِيًم��ا َحِكيًم��ا {الفت��ح‪( }4/‬جن��ود رب��ك رب الع��زة عما يصفون وس�لام‬ ‫واهلل ورس��وله أعلم وصل��ى اهلل على‬

‫الس��كينة ) فتك��ون اجلن��ود هناك على املرسلني واحلمد هلل رب العاملني ‪.‬‬ ‫جنود الرمحة ّ‬ ‫ثم ملّا ذكر املنافقني وما‬ ‫ّ‬ ‫أعد هلم من العذاب أعاد ذكر اجلنود يتبع يف األعداد القادمة‬

‫أنواع العقاب ذكره��ا املوىل عز وجل لتعلم أن هلل جنود الس��ماوات واألرض إن شاء اهلل‬ ‫‪33‬‬


‫إن العيــن لتدمــع و إن القلــب ليخشــع‬

‫احلاج حممد أوعامري‬ ‫رمحه اهلل تعاىل‬

‫ق��ال أح��د العارف�ين‪" :‬الدني��ا دار مم��ر‬ ‫فاعربوه��ا و ال تعمروه��ا"‪ ،‬و ك��م‬ ‫شاهدنا هذا و نشاهده يف أيامنا‪ ،‬كم‬ ‫ن��ودع من حبيب و ك��م نفارق من خل‬ ‫صديق إىل غري رجعة و كم نواري من‬ ‫عزيز ال�تراب‪ ،‬و ننقل��ب تاركني إياه‬ ‫رهن حفرته و كذلك كان ش��أننا مع‬ ‫أخ كري��م و حبيب ص��ادق وخل ويف‬ ‫هو س��يدي احلاج حممد أوعامري الذي‬ ‫ودعن��اه إىل غري رجعة يوم األربعاء ‪21‬‬ ‫حم��رم ‪1434‬ه��ـ املواف��ق لـ ‪ 5‬ديس��مرب‬ ‫‪ 2012‬م‪ ،‬وفق��دت الطريقة البلقائدية‬ ‫اهلربي��ة بوفات��ه أح��د كب��ار أبنائه��ا‬ ‫ال�بررة‪ ،‬وودعت زاوية الش��يخ س��يدي‬

‫حممد بلقايد أح��د عمارها‬ ‫األوفي��اء‪ ،‬ففقد الفق��راء بها‬ ‫جوهرة من عقدها النفيس‪،‬‬ ‫و ودعت حلقة أهل اللطيف‬ ‫رجال من رجاالتها‪ ،‬إنه سيدي‬ ‫احلاج حمم��د أوعامري‪ ،‬لقد‬ ‫ول��د رمح��ه اهلل تع��اىل يف‬ ‫‪ 11‬س��بتمرب ع��ام ‪1950‬م‬ ‫مبنطقة « مسريدة الفواقة»‬ ‫بضواح��ي مغني��ة والي��ة‬ ‫تلمس��ان‪ ،‬م��ات أب��وه و ه��و‬

‫حلق الفكر و يصطفي ما كان يراه‬ ‫َ‬ ‫��ه‪ ،‬و كان صاح��ب مب��دأ‬ ‫مناس��با مل ْي ِل ِ‬ ‫ثاب��ت املوق��ف يدل��ي برأيه و ل��و خالفه‬ ‫غريه و كان عنصرا نش��يطا يف نادي‬ ‫الفكر ليستمد منه طريق التفكري‬ ‫و أدوات التحليل و تولدت لديه القناعة‬ ‫أن اإلص�لاح مبدؤه النفس البش��رية و‬ ‫منتهاه هي‪ ،‬لذلك فإنه مل يندمج يف أية‬ ‫جمموع��ة ومل ينتم إىل أي مجاعة و إن‬ ‫كان قد اخنرط يف بعض التنظيمات‬ ‫الطالبي��ة‪ ،‬و مل يزل يبحث و يفكر و‬

‫طف��ل صغ�ير فنش��أ يتيما‬ ‫يف كن��ف أم��ه و كفال��ة‬ ‫أخوال��ه‪ ،‬ق��د زاول دراس��ته‬ ‫االبتـدائي��ة و املتوس��طة‬ ‫مبدين��ة آحف�ير املغربي��ة‬ ‫وواص��ل تعليم��ه الثان��وي‬ ‫مبدينة ف��اس‪ ،‬ليلتحق بعدها بكلية‬ ‫احلق��وق جبامع��ة اجلزائ��ر العاصم��ة‬ ‫أي��ن حتص��ل عل��ى ش��هادة ليس��انس‬ ‫يف احلق��وق ثم ش��هادة الدكتوراه يف‬ ‫القان��ون الدول��ي‪ ،‬و كان أثناء إقامته‬ ‫باجلامع��ة يبح��ث ع��ن مش��رب روحي‬ ‫ّ‬ ‫يس��د به ظمـ��أه الوجــدان��ي الروحي‪،‬‬

‫ينشد ضالته حتى ساقه سائق العناية‬ ‫إىل حض��رة أه��ل اهلل فجمع��ه اهلل‬ ‫بس��ماحة الش��يخ س��يدي حمم��د عبد‬ ‫اللطي��ف بلقاي��د حفظ��ه اهلل فأغن��اه‬ ‫بلحظه قبل لفظه ووجد لديه ما كان‬ ‫ينش��ده و لعل ما جذبه هو ما أقنعه به‬ ‫مساحته من أن س��احة الفكر ال تثمر‬ ‫م��ا مل ترتبط بالذكر فانق��اد طوعا و‬ ‫حط الرحال بالساحة البلقائدية و سلم‬ ‫أمره إىل أستاذه و شيخه فطاب مسعاه‬ ‫حي��ث ن��ال مبتغ��اه و جنا ثـم��رة حبثه‬ ‫" إمن��ا تطمئ��ن القل��وب بذك��ر اهلل "‪.‬‬ ‫فتعلق بشيخه و أحبه و انتهى به األمر‬ ‫إىل أن صار من أعيان الطريق‪.‬‬

‫و حي��دث عنه زميله يف الدراس��ة و ابن‬ ‫خالته الدكتور عبد العزيز أوكبدان‬ ‫فيق��ول‪ :‬كان احلاج حمم��د أوعامري‬ ‫رمحـــه اهلل ميتـاز جبــرأة فكريــة‬ ‫و ش��جاعة أدبي��ة توح��ي ب��أن الرج��ل‬ ‫كان يبحث ع��ن حقيقة جيد لوعتها‬ ‫و ال يكن��ه كنهها و مل يكن عمره‬ ‫إذ ذاك يتجاوز تسعة عشر سنة‪ ،‬يرتاد‬ ‫‪34‬‬

‫و بع��د التخرج أش��تغل س��يدي حممد‬ ‫أوعام��ري أس��تاذا حماض��را بكلي��ة‬ ‫احلقوق بوهران و مارس مهنة احملامــاة‬ ‫لس��نيــن طويلة فكــ��ان حماميــــا‬ ‫و مستش��ارا قانوني��ا لع��دة مص��احل‬ ‫منه��ا‪ :‬بلدي��ة بري اجلري‪ ،‬بن��ك الربكة‬ ‫و ش��ركة التأمني ‪ CAAT‬و شركة‬


‫العق��ار ‪ ،AADL‬كم��ا ت��درج يف‬ ‫ع��دة مناصب يف كلي��ة احلقوق‪،‬‬ ‫ف��كان عض��و اجملل��س اإلداري‬ ‫جلامعة وهران و نائب رئيس كلية‬ ‫احلق��وق‪ ،‬ق��د أطل��ق علي��ه طالبه‬ ‫لق��ب « أب��ا املس��اكني» لعطفــ��ه‬ ‫علــى الفقراء منهـــم‪ ،‬و مواس��اتهم‬ ‫و االهتمــ��ام بش��ؤونهـــم‪ ،‬و لس��ت‬ ‫أراني مبالغا إن قلت إن احلاج حممد‬ ‫أوعام��ري كان فريدا يف الرب بأمه‪،‬‬ ‫ش��ديد احلرص على راحتها ال يقدم‬ ‫عليه��ا أحدا‪ ،‬س��ريع االمتثال ألمرها‬ ‫مقدم��ا عل��ى خدمته��ا دون ت��وان‬ ‫و ميتث��ل أمره��ا و ال يبال��ي ق��د رآه‬ ‫ً‬ ‫مبنى أيام التشريق‬ ‫أكثر من واحد‬ ‫و هو حي��وم حول خيمتها و يضع هلا‬ ‫اإلش��ارات لتس��تدل بها عل��ى املمرات‪،‬‬ ‫يتفقدها كل حلظة يسأهلا عن حاهلا‬ ‫و يرغب إليها يف قض��اء حاجاتها‪ ،‬و هو‬ ‫يعلم لرجاح��ة عقله أن حاجتها أن تراه‬ ‫في�تراءى هلا ليطمئ��ن قلبها‪ ،‬و مبثل ما‬ ‫كان ابنا بارا بأمه كان فقريا صادقا‬ ‫شديد التعلق بشيخه حيبه حبا يرقى‬ ‫ع��ن الوصف‪ ،‬ق��د أثن��ى عليه ش��يخه‬ ‫األكرب س��يدي حمم��د بلقاي��د قدس‬ ‫اهلل سره و شهد له بطهارة القلب و نقاء‬ ‫الس��ريرة‪ ،‬و حدث عنه ش��يخنا سيدي‬ ‫حممد عبد اللطيف بلقايد حفظه اهلل‬ ‫تعاىل فقال « نشأ احلاج حممد يتيما‪،‬‬ ‫فقد أباه و هو ال يعلم عن مصريه شيئا‬ ‫و ترملت أمه فرتبى غريبا» لقد كان‬ ‫رمحه اهلل تعاىل شديد التعلق بشيخه‬ ‫س��يدي حممد عبد اللطيف حيبه فوق‬ ‫كل حمب��وب و ي�تردد عل��ى زيارت��ه‬

‫احلاج حممد أوعامري رمحه اهلل تعاىل‬ ‫مبعية شيخه سيدي حممد عبد اللطيف‬ ‫بلقايد حفظه اهلل تعاىل‬

‫صباح مساء‪ ،‬عظيم االعتقاد فيه و يف‬ ‫آل بيت��ه‪ ،‬حيب أفراد أس��رتــه و جيلهم‬ ‫و يث�ني عليه��م‪ ،‬يش��هــد له ش��يخــه‬ ‫س��يدي حممــ��د عبــ��د اللطيــ��ف‬ ‫بــالصــدق و الثبات و التــواضع فقال‬ ‫« ما تغري سيدي حممد منذ أن عرفناه ‬ ‫و ظــل متواضع��ا حتــى توفــاه اهلل و‬ ‫كذلك كان ش��أنه مع كل الفقراء‬ ‫ينظ��ر إليهم بعني الكم��ال‪ ،‬ال يدخر‬ ‫وس��عا يف خدمته��م ق��د ت��وىل الدف��اع‬ ‫ع��ن بعضهم يف بع��ض قضاياهم دون‬ ‫مقابل سوى رغبة يف خدمتهم و تفانيا‬ ‫يف إحق��اق احلق و قد كان رمحه اهلل‬ ‫تعاىل ش��ديد االهتمام باملعرفة كثري‬ ‫الس��ؤال يف الطري��ق ش��غوفا مبطالعة‬ ‫كت��ب األم�ير عب��د القادر ق��دس اهلل‬ ‫س��ره‪ ،‬و كت��ب الش��يخ س��يدي حمي‬ ‫الدين بن عربي‪ ،‬و ق��د بلغ من اهتمامه‬ ‫‪35‬‬

‫به��ا أنه ملا س��افر إىل اجلزائ��ر العاصمة‬ ‫للع�لاج صحب معه كت��اب فصوص‬ ‫احلك��م‪ ،‬و قد حتدث عنه أحد الفقراء‬ ‫فقال « كان س��يدي حمم��د أوعامري‬ ‫ش��ديد االهتمام باملعرفة جادا يف طلب‬ ‫العل��م كث�ير الس��ؤال يع�ير اهتماما‬ ‫بالغا مل��ن جييبه فيتلق��ى عنه بصدق‬ ‫ني��ة و مل يك��ن س��ؤاله اس��تظهارا أو‬ ‫تظاهرا بل رغب��ة يف العلم و صدقا يف‬ ‫طلب��ه‪ ،‬كما أن��ه مل يكن يبخل مبا‬ ‫لدي��ه م��ن عل��وم و معارف فق��د كان‬ ‫يدرس الفقه و الس�يرة و غريها يف أول‬ ‫زاوي��ة للطريق يف وهران حبي اهلضبة‬ ‫(‪ )PLATEAU‬و كان متفاني��ا يف‬ ‫خدمة الطريق و خدمة الفقراء‪ ،‬و حدث‬ ‫عنه أح��د احملامني و قد حض��ر اجلنازة‬ ‫يف الليل��ة الثاني��ة فقال « إن األس��تاذ‬ ‫حممد أوعام��ري كان رج�لا عظيما‬


‫و كان حم��ل احرتام و تقدير من طرف‬ ‫احملام�ين و القضاة حض��رت له مرافعة‬ ‫أدىل فيه��ا بعش��رين حج��ة ف��رد كل‬ ‫حج��ة إىل مرجعها و اس��تدل بعش��رين‬ ‫مرجع��ا يف القانون أم��ام اجمللس فلــم‬ ‫يس��توقفه أحد إجالال له و تعظيمــا ‬ ‫و ّ‬ ‫حدث عنه أحد أئمة وهران املش��اهري‬ ‫فق��ال‪« :‬وجه��ت لن��ا دعوة ع��ن طريق‬ ‫مديري��ة الش��ؤون الديني��ة حلض��ور‬ ‫ن��دوة باجلامع��ة فحضرن��ا حماض��رة‬ ‫قدمها األس��تاذ حمم��د أوعامري فش��د‬ ‫انتباهنا واس��تقطب اهتمامنا بأسلوبه‬ ‫الرائ��ع و منهجيت��ه الدقيقة يف العرض‬ ‫و قوت��ه يف اإلقن��اع»‪ ،‬و أثن��ى علي��ه‬ ‫أح��د القضاة و ه��و اليوم رئي��س غرفة‬ ‫باجمللس األعلى للقض��اء فقال‪ « :‬لقد‬ ‫كان احلاج حممد أوعامري على علو‬ ‫منزلته و سعة اطالعه شديد التواضع‬ ‫ال تغ��ادر االبتس��امة حمي��اه‪ ،‬فكن��ت‬ ‫أحرتم��ه كث�يرا و أحب��ه»‪ ،‬هك��ذا‬ ‫كان سيدي حممد أوعامري مواطنا و‬ ‫حماميا و أس��تاذا و فق�يرا و ابنا و زوجا‬ ‫و صهرا‪ ،‬حيدث عنه صهره عبد القادر‬ ‫زروق فيقول ‪ «:‬كان قوي الش��خصية‬

‫وحي��دث ع��ن زوجت��ه فيق��ول س��ألتها‬ ‫ع��ن س��يدي حمم��د فقال��ت ‪:‬كفاني‬ ‫أنه كان أس��تاذا دكتورا قد تزوجين‬ ‫و أن��ا ال أمل��ك س��وى مس��توى إبتدائي‬ ‫بس��يط فعاملين معاملة طيبة وكان‬ ‫يش��ركين يف أف��كاره حت��ى جعلين‬ ‫يف كث�ير م��ن احل��االت أعتق��د أن�ني‬ ‫يف مس��تواه العلمي ثم أذكر نفس��ي‬ ‫ومستوى معرفيت فأتراجع وألتزم حدي‪،‬‬ ‫‪2007‬م‬ ‫عام‪2007‬م‬ ‫احملمديةعام‬ ‫الدروساحملمدية‬ ‫جلساتالدروس‬ ‫جلسةمنمنجلسات‬ ‫جلسة‬ ‫وق��د حدث وأن��ي فقدت حاس��ة التذوق‬ ‫غزير املطالعة كثري الصمت حيس��ن‬ ‫مدة زمني��ة فكان هو يت��وىل التذوق‬ ‫اللغتني العربية و الفرنسية‪ ،‬ثم يقول‬ ‫حت��ى ال أتع��رض إىل النق��د م��ن طرف‬ ‫عندم��ا انتق��ل إىل مس��كنه اجلديد‬ ‫ولدت��ه‪ .‬هك��ذا كان س��يدي حممد‬ ‫كان و عائلت��ه يصل��ون منحرف�ين‬ ‫أوعامري حت��ى إذا أمل به املرض والزمه‬ ‫قليال ع��ن القبلة فأت��اه رجل صالــح‬ ‫مدة مخس��ة عش��ر ش��هرا وفقد القدرة‬ ‫فــي منامــه فأرش��ــده إلــى القبلــة‪،‬‬ ‫على ال��كالم جعل الفق��راء يزورونه‬ ‫و اسرتسل يف حديثه عنه فقال ‪ «:‬رأى‬ ‫يف بيت��ه ف��كان يبته��ج لرؤيته��م إذا‬ ‫احل��اج حممد رؤيا فأوهلا بأنه س��يموت‬ ‫ع��ادوه‪ .‬وإذا حدثه الفقراء عن س��يدنا‬ ‫ش��هيدا‪ ،‬فأطلع ش��يخه س��يدي حممد‬ ‫الش��يخ انبس��طت أس��اريره واس��تنار‬ ‫عب��د اللطي��ف بلقايد بذل��ك فقال له‬ ‫حمياه وأقبل على اإلستماع بكليته‬ ‫«هكذا س��يكون» فمات رمحه اهلل‬ ‫وقد ترتقرق عيناه فيس��بقه الدمع وهو‬ ‫بذل��ك امل��رض و قد ج��اء يف احلديث أن‬ ‫يس��مع احلدي��ث ع��ن حبيب��ه وكأن‬ ‫من مات مبثل ذلك املرض مات ش��هيدا‪،‬‬ ‫لسان احلال فيه يقول ‪:‬‬ ‫و أخرب عنه أيض��ا «أنه ملا تزوج رأى يف‬ ‫منام��ه أن س��يدتنا أم املؤمنني خدجية واهلل ال نظرت عيين إذا نظرت‬ ‫‪ g‬و سيدتنا مريــم عليــها الســالم‬ ‫إال حتدر منها دمعها دررا‬ ‫و س��يدتنا عائش��ة ‪g‬و س��يدتنا‬ ‫فاطم��ة الزه��راء ‪g‬و س��يدتنا أمن��ة وال تنفست إال ذاكرا لكم‬ ‫بن��ت وه��ب رض��ي اهلل عنه��ا ق��د زرنه‬ ‫وال تبسمت إال كامتا عربا‬ ‫فاستبش��ر بتل��ك الرؤيا و مس��ى بناته‬ ‫اخلمس بأساميهن و ليس له من األوالد لقد كان س��يدي حممد يعلم خطورة‬ ‫الذكور س��وى واحد هو حممد حمسن امل��رض ال��ذي أمل ب��ه وأن عالج��ه أم��ر‬ ‫وه��و طال��ب جامع��ي‪ ،‬وكل بناته قد ي��كاد يكون مس��تحيال بالنس��بة‬ ‫درس��ن وخترجن يف جامع��ات وهران ‪ ،‬لألطب��اء ولكن��ه م��ع ذل��ك كان‬ ‫‪36‬‬


‫مطمئ��ن الب��ال هادئ��ا راضي��ا مس��لما‬ ‫ومستسلما لقضاء اهلل مل يعرف اليأس‬ ‫إىل قلب��ه طريق��ا لكون ذل��ك القلب‬ ‫كان مطمئنا بذكر اهلل فاحلمد هلل‬ ‫الذي أكرمن��ا بصحبة س��ادتنا الذين‬ ‫س��لكوا بنا هذا املسلك‪ . ،‬مسلك « أال‬ ‫بذكر اهلل تطمئن القلوب ‪ ،‬وجممل‬ ‫الق��ول فإن احل��اج حمم��د أوعامري قد‬ ‫ع��اش مؤمن��ا وع��اش فقريا ب��كل ما‬ ‫حتمل��ه هذه الكلمة من معنى وأفنى‬ ‫حيات��ه يف الذك��ر واملذاك��رة قد فاز‬ ‫برضاء ش��يخه ورض��اء إخوان��ه الفقراء‬ ‫ورض��اء أمه وأهله ب��ل وكل من عرفه‬ ‫ويف ذل��ك دليل على أن��ه مرضي عند‬ ‫ألن رضا اخللق‬ ‫اهلل وعند رس��وله‬ ‫دليل على رضا اخلالق ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫لقد أخذ سيدي حممد قسطه من‬ ‫ذلك الظل‪ ،‬ثم ذهب وتركنا وقد‬ ‫قطع مضمار أيامه وبلغ حده الذي‬ ‫حدده اهلل له ومكث ستة عشر شهرا‬ ‫قد غض فيها بصره وكف لسانه‬ ‫فكان كالمه رمزا وحديثه إشارة‬ ‫قاصرا نظره على جدران غرفته‪،‬‬

‫وكأني به لو‬ ‫أطلق اهلل لسانه‬ ‫ألوصى أهله‬ ‫وأحبابه وخلاطب‬ ‫حممد حمسن‬ ‫ابنه مبا خاطب‬ ‫به ذلك الرجل‬ ‫الصاحل ابنه فقال‬ ‫له وهو على فراش‬ ‫املوت ‪ :‬يابين‬ ‫إني أرى داعي‬ ‫املوت اليقلع‪،‬‬ ‫وأرى من مضى‬ ‫ال يرجع ومن‬ ‫بقي فإليه ينزع‪،‬‬ ‫وإني موصيك‬ ‫بوصية فاحفظها‬ ‫«عليك بتقوى‬ ‫اهلل العظيم‪،‬‬ ‫وليكن أوىل‬ ‫األمور بك شكر اهلل وحسن النية يف‬ ‫السر والعالنية فإن الشكور يزداد‪،‬‬ ‫والتقوى خري زاد‪ ،‬وكن كما قال‬ ‫الشاعر ‪:‬‬

‫ولست أرى السعادة مجع مال‬ ‫ولكن التقي هو السعيد‬ ‫وتقوى اهلل خري الزاد ذخرا‬ ‫وعند اهلل لألتقى مزيد‬ ‫وما البد أن يأتي قريب‬ ‫ ‬

‫ولكن الذي ميضي بعيد‬ ‫ويف اخلت��ام نس��أل اهلل الكري��م رب‬ ‫الع��رش العظي��م أن يتغم��د س��يدي‬ ‫حممد أوعامري برمحته وأن يسكنه‬ ‫فس��يح جنات��ه وأن يلحق��ه بش��يخه‬ ‫وإخوانه جوار س��يدنا حممد صلى اهلل‬ ‫عليه وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫ختم املولد يف زاوية الشيخ سيدي حممد بلقايد يف املدينة اجلديدة ‪ -‬وهران ‪2011 -‬م‬

‫‪37‬‬


‫يف رحاب امللتقى السابع للدروس ّ‬ ‫احملمدية‬ ‫جلسة من جلسات امللتقى السابع للدروس احملمدية ‪1433‬هـ ‪2012 /‬م‬

‫أ‪ :‬احلبيب بن عودة‬ ‫(اجلزائر)‬

‫أقب��ل رمض��ان‪ ،‬وه��ل هالل��ه و مضى‬ ‫أس��بوعه األول أو كاد‪ ،‬وج��اء املوع��د‬ ‫موع��د امللتق��ى الس��ابع و أذن م��ؤذن‬ ‫مجيعن��ا ليلتئ��م مشلن��ا باألمه��ات‬ ‫اجللي�لات يف ملتقانا الس��ابع بوهران‬ ‫وللرقم سبعة وقعه اخلاص يف ثقافتنا‬ ‫اإلس�لامية فأيام األسبوع سبعة وخلق‬ ‫اهلل السماوات سبعا ومن األرض مثلهن‬ ‫واألش��واط يف الطواف والس��عي سبعة‬ ‫واملثان��ي س��بع وج��اء امللتق��ى الس��ابع‬ ‫لل��دروس ّ‬ ‫احملمدي��ة يف الي��وم الس��ابع‬ ‫م��ن رمض��ان ليتمي��ز عن س��ابقيه يف‬ ‫الرتب��ة ويتمي��ز عنه��م يف املوضوع إذ‬ ‫املوض��وع يتعل��ق بأعظم أس��رة عرفها‬ ‫تاري��خ البش��رية إنه��ا أس��رة احلض��رة‬ ‫النبوية تلك األسرة اليت أسست ألعظم‬ ‫حضارة إنس��انية ومهدت ألروع مدنية‬ ‫مل يش��هد هلا اجملتمع اإلنس��اني نظريا‬ ‫إنها أس��رة كانت مهبط الوحي يرتدد‬ ‫عليه��ا أم�ين اهلل عل��ى وحيه س��يدنا‬ ‫جربي��ل علي��ه الس�لام صب��اح مس��اء‬ ‫وهي مص��در األنوار واألس��رار ومركز‬ ‫دائرة الوجود اإلنس��اني مزار املالئكة‬ ‫الك��رام وهي فوق ذلك أس��رة احلبيب‬ ‫املصطف��ى س��يدنا ‪‬ال�تي خص اهلل‬ ‫هَُّ‬ ‫أهله��ا بقوله ِّع��ز وج��ل إِنََّم��ايُرِ ُ‬ ‫ي��د الل‬

‫تَْطهِيًرا {األحزاب‪}33/‬هي أس��رة ألزم‬ ‫املؤمن��ون حيا هلا ب��آدب خاصة إكراما‬ ‫لذوات احلجرات وإجالال لسيد السادات‬ ‫‪ ‬وتل��ك آداب تؤهله��م ألن يكونوا‬ ‫يف مس��توى ش��رف اإلضافة اليت خصوا‬ ‫َ‬ ‫ي أْولَى‬ ‫بها يف قوله تع��اىل النَّبِ ُّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫بِالُْمْؤمِنِ َ‬ ‫ي��ن مِ ْ‬ ‫اجُه‬ ‫��ن أُنف ِس��هِْمَوأْزَو ُ‬ ‫ُ‬ ‫أَّمَهاتُ​ُه��ْم {األح��زاب‪ }6/‬إضاف��ة ترقى‬

‫به��م إىل أعل��ى الدرج��ات لو أنه��م ذاقوا‬ ‫معنى األمومة هناك وما تشري إليه وما‬ ‫تقتضي��ه اآلداب ولعل ه��ذا هو املعنى‬ ‫ال��ذي قص��ده مساحة الش��يخ س��يدي‬ ‫حممدعبد اللطيف واهل��دف الذي رامه‬ ‫واملغ��زى الذي صوب حنوه عندما اختار‬ ‫مساحت��ه أن يك��ون حم��ور امللتق��ى‬ ‫الس��ابع س��يداتنا أمه��ات املؤمن�ين فإن‬ ‫الغالبي��ة العظم��ى م��ن أبناء اإلس�لام‬ ‫بات��وا ال يعلم��ون ش��يئا ع��ن األمه��ات‬ ‫اجللي�لات ف�لا يعلم��ون عدده��ن وال‬ ‫أمساءه��ن فضال ع��ن مشائله��ن لذلك‬ ‫كان ه��دف ه��ذا امللتق��ى ه��و إع��ادة‬ ‫ربط صل��ة املس��لمني عامة والش��باب‬ ‫منهم خاصة بأصله��م وأصالتهم وإثارة‬ ‫إهتمامه��م للبح��ث أكث��ر يف تراثه��م‬ ‫اإلس�لامي من أج��ل رد اإلعتبار ألمهات‬ ‫املؤمن�ين اجللي�لات وإزال��ة م��ا عل��ق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫��ل الْبي ِ َ ُ‬ ‫تَويُطهَركْم بأذهان الناس من أفكار س��يئة روجت‬ ‫لُِيْذِه َبَعنكُم الرْج َس أْه َ َْ‬

‫ِّ‬

‫‪38‬‬

‫هل��ا بع��ض التي��ارات وتناقلته��ا بعض‬ ‫اجله��ات واختذته��ا بع��ض الشاش��ات‬ ‫مادة خاما وجترأت لقول ماال يليق مما‬ ‫ينبغ��ي أن ين��زه ع��ن ذكره اللس��ان‬ ‫وينزه عنه الس��مع فإن املروءة من شيم‬ ‫الكرام ومقتضاها أن ينهض اإلنسان‬ ‫بالقلم وباللس��ان ليذود ع��ن احلرمات‬ ‫ويوض��ح األغلوط��ات تنزيه��ا لس��احة‬ ‫األمه��ات وذالكم هو الش��أن وهو املراد‬ ‫من امللتقى الس��ابع لل��دروس ّ‬ ‫احملمدية‬ ‫وه��و ملتق��ى جع��ل اهتمام��ه األس��رة‬ ‫املثالي��ة يف مراق��ي أوجها تلك األس��رة‬ ‫التى أجنبت للبش��رية مجعاء خالصة‬ ‫الصفوة م��ن النجباء وصف��وة الصفوة‬ ‫من األبناء أجنبت احلس��نني رضي اهلل‬ ‫عنهم��ا جنلي البت��ول فاطم��ة الزهراء‬ ‫‪ g‬الس��بطني الكرمي�ين واإلمامني‬ ‫اجلليل�ين وحس��بك أن الزه��راء أمهم��ا‬ ‫وس��يدنا علي أبوهما واملصطفى ‪‬‬ ‫جدهم��ا و س��يدتنا خدجي��ة الكربى‬ ‫جدتهم��اويف تل��ك احلج��رات كان‬ ‫مولدهم��ا ويف تل��ك األس��رة النبوي��ة‬ ‫اجلليل��ة كان��ت نش��أتهما م��ن هن��ا‬ ‫تتجل��ى أهمي��ة ه��ذا امللتق��ى الس��ابع‬ ‫وبال��غ اإلهتم��ام ال��ذي أواله مساح��ة‬ ‫الش��يخ س��يدي حممدعب��د اللطي��ف‬


‫حفظه اهلل تعاىل هذا وقد أبدى السادة العلماء ‪ -‬بعد مراسلتهم ‪ -‬عناية خاصة باملواضيع املقرتحة فجاءت مداخالتهم على‬ ‫النحو التالي ‪:‬‬ ‫ اإلفتتاح‪ :‬بعد كلمة اإلفتتاح اليت ألقاها نيابة عن مساحة الش��يخ س��يدي حممد عبد اللطيف ممثل الزاوية شكر من‬‫خالهلا فخامة رئيس اجلمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الراعي السامي للملتقى الذي بعث مبعالي وزير الدولة السيد‬ ‫عب��د العزي��ز باخلادم ممثال ل��ه حلضور افتتاح امللتقى وبعد أن خص مساحته بالش��كر كل الس��لطات الوالئية املدنية‬ ‫والعس��كرية وعلى رأسها السيد والي الوالية احملرتم الذي ألقى كلمة باملناسبة َن َّو َه فيها بأهمية امللتقى واألهمية اليت‬ ‫توليها هلا الدولة‪ّ .‬‬ ‫عم مساحته كل ضيوف امللتقى الكرام بالشكر والتقدير ونوه بالدور الذي تقوم به املؤسسة الوطنية‬ ‫للتلفزي��ون اجلزائري وباجملهود الذي بذله ويبذله الس��ادة العلماء األجالء وم��ا يقدمونه من حماضرات ودروس قيمة خدمة‬ ‫لكتاب اهلل وس��نة رس��وله ‪‬ثم أعلن مساحته عن افتتاح امللتقى بأول درس من الدروس ّ‬ ‫احملمدية تلته بعد ذلك الدروس‬ ‫واملداخالت على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الدكتور ّ‬ ‫حممد بن بريكة من اجلمهورية اجلزائرية‪:‬‬ ‫تناول بالعرض والتحليل موضوع تأمالت يف حياة أمهات املؤمنني ففصل أحيانا و أمجل أحيانا‬ ‫أخرى ومل يس��عفه الوقت لتناول كل جوانب املوض��وع بالتفصيل فاكتفى بذكر بعض احملطات‬ ‫يف حياة األمهات اجلليالت ممهدا ملن يأتي بعده ليفصل ما أمجله‪.‬‬

‫‪ - 2‬الدكتور الطاهر برايك ‪:‬من اجلمهورية اجلزائرية‪:‬‬ ‫قدم موضوعا عنوانه اإلقتداء بأمهات املومنني يف حمبة اهلل تعاىل ورس��وله ‪ ، ‬وبعد توطئة‬ ‫بس��يطة دخل يف املوضوع فاس��تعرض بعض مشائ��ل أمهات املؤمنني فذكره��ن كلهن رضي اهلل‬ ‫عنهن مربزا جوانب من معاشرة احلبيب املصطفى ‪ ‬ألهله و مواقف من آدابهن وسريتهن مع احلضرة‬ ‫النبوية‪.‬‬

‫‪ - 3‬الدكتور أسامة عبد الرزاق الرفاعي ‪:‬من مجهورية لبنان الشقيقة ‪:‬‬

‫تن��اول موض��وع مكان��ة العل��م والتعل��م والدع��وة إىل اهلل يف حي��اة أمه��ات املؤمن�ين رض��ي اهلل‬ ‫عنهن بالتحليل فأبرز الدور اجلليل للسيدات أمهات املؤمنني كمتلقيات للعلم من حضرة النيب‬ ‫‪ ‬وملقنات له للمس��لمني وركز خاصة على أم املؤمنني س��يدتنا عائشة الصديقة ‪ g‬وكثرة‬ ‫روايتها وش��دة حاجة الناس إىل علمها كما اس��توقفنا حبديثه عن فقه أم املؤمنني س��يدتنا خدجية‬ ‫الكربى ‪ g‬وحصافة رأيها مع فهمها العالي وما حضيت به من منزلة كرمية عند رسول اهلل ‪. ‬‬

‫‪ - 4‬الدكتور أمحد سعيد اللدن ‪:‬من مجهورية لبنان الشقيقة‪:‬‬ ‫قدم حماضرة كان موضوعها حقوق وواجبات املرأة يف اإلسالم من خالل حياة أمهات املؤمنني ‬ ‫تن��اول فيه بالش��رح والتحليل دور املرأة املس��لمة كزوج��ة وكأم وكمربية مس��تعرضا مناذج ملا‬ ‫ينبغي أن تكون عليه املرأة املس��لمة بنتا وزوجة وأما ومربية وقد حاول بهدوء أن يسقط ذلك على‬ ‫واقع املرأة املسلمة اليوم ‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫‪ - 5‬الدكتور مصطفى أمحد اخلضري‪ :‬من اململكة األردنية اهلامشية الشقيقة‪:‬‬ ‫كان موض��وع مداخلته وقفات مع فضائل بعض األمه��ات حاول من خالله الوقوف على مجلة من مناقب‬ ‫أمهات املؤمنني رضي اهلل عنهن حماوال إبراز جانيب التأثري والتأثر يف سرية أمهات املؤمنني مع ربط ذلك‬ ‫بشمائل احلضرة النبوية اجلليلة‪.‬‬

‫‪ - 6‬الدكتور عبد الباسط السيد ‪:‬من مجهورية مصر العربية الشقيقة‪:‬‬

‫قدم حماضرة علمية دقيقة موضوعها الرتبية األسرية يف اإلسالم من خالل حياة سيد املرسلني‬ ‫‪ ‬م��ع أمه��ات املؤمن�ين فتمي��ز طرح��ه باألس��لوب العلمي املخ�بري مركزا عل��ى اجلانب الطيب‬

‫والصيدالني مقدما أمثلة حية من الطب النبوي الشريف ومربزا الدور اجلليل الذي قامت به أم املؤمنني‬ ‫سيدتنا عائشة ‪ g‬وما حفظته من طب سيدنا رسول اهلل ‪.‬‬

‫العربية ّ‬ ‫‪ّ - 07‬‬ ‫ّ‬ ‫الدكتور أسامة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشقيقة ‪:‬‬ ‫مجهورية مصر‬ ‫الس ّيد حممود األزهري ‪ :‬من‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقدم مبحاضرة موضوعها«جهود أمّهات املؤمنني يف خدمة ا ّلسّ��نة النّبويّة ا ّ‬ ‫فتحدث بإسهاب‬ ‫لشريفة ‪،‬‬ ‫الس ّنة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنهن يف خدمة ّ‬ ‫وحتدث‬ ‫الشريفة‪،‬‬ ‫الدور اجلليل الذي إضطلعت به أ ّمهات املؤمنني رضي اهلل‬ ‫بإطناب عن أ ّمنا عائش��ة ‪ g‬و كثرة روايتها للحديث ّ‬ ‫س��يدتنا حفصة ّ‬ ‫الش��ريف‪ ،‬وعن ّ‬ ‫وسيدتنا أ ّم‬ ‫ّ‬ ‫سلمة رضي اهلل عنهما بإجياز‪ ،‬ثم أمجل احلديث عن باقي ّ‬ ‫عليهن ‪.‬‬ ‫األمهات رضوان اهلل‬

‫املغربية ّ‬ ‫الفتاح ّ‬ ‫الدكتورعبد ّ‬ ‫‪ّ - 08‬‬ ‫ّ‬ ‫الشقيقة ‪:‬‬ ‫الزنيفي‪ :‬من اململكة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قدم موضوعا‬ ‫علميا دقيقا عنونه بـ املنهج اإلجتهادي عند أمّ املؤمنني عائش��ة ‪ . g‬إستعرض‬ ‫م��ن خالل��ه جمموعة من مواقف أ ّم املؤمنني عائش��ة ‪ g‬إزاء بعض املس��ائل الفقهية ال�ّت�يّ دعت إليها‬ ‫ّ‬ ‫الضرورة واقتضت اإلجتهاد فأبرز ّ‬ ‫الدور اجلليل الذي قامت به ‪ g‬يف اإلستنباط من الكتاب و ّ‬ ‫الس ّنة‬ ‫ملا كانت ّ‬ ‫تتمتع به من فهم عميق ّ‬ ‫للس ّنة و فقهها ‪.‬‬

‫العربية ّ‬ ‫‪ّ - 09‬‬ ‫ّ‬ ‫الشيخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشقيقة‪:‬‬ ‫مجهورية مصر‬ ‫حممد إبراهيم ‪ :‬من‬ ‫ألق��ى حماضرة موضوعه��ا «أمّ الؤمنني حفص��ة العمريّة ‪ ،‬فح��اول من خالهلا إلقاء ّ‬ ‫الض��وء على ّ‬ ‫عدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مش��وق إعتمد فيه طرق‬ ‫والفقهية‪ ،‬بأس��لوب بيداغوجي‬ ‫العلمية‬ ‫جوان��ب م��ن حياتها ‪ g‬و منزلته��ا‬ ‫ّ‬ ‫كل عنص��ر مبس��اءلة عل��ى حنو ‪ :‬هي حفصة م��ا حفصة ؟ أبوها و م��ا أبوها؟ أخوها و م��ا أخوها ؟ و‬ ‫الس��ؤال مب��ا يكون ع��ن العلم بالوص��ف‪ ،‬فأعلمنا جبملة من األوص��اف واملناقب التيّ هل��ا ‪ g‬و التيّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صوامة ّ‬ ‫أهلتها لنيل مرتبة جليلة إذ شهد اهلل هلا وأمر حبيبه ‪‬مبراجعتها «راجع حفصة إنها ّ‬ ‫قوامة ‪.‬‬ ‫‪40‬‬


‫الدكتور مصطفى ّ‬ ‫‪ّ - 10‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلزائرية‪:‬‬ ‫اجلمهورية‬ ‫الشريف من‬ ‫جيدا من حيث ّ‬ ‫الطرح َع ْن َو َن ُه بـ « النّمودج اإلس�لامي للزوجة تناول من خالله ّ‬ ‫ّ‬ ‫قدم موضوعا ّ‬ ‫بالدراسة‬ ‫التحليل موضوع ّ‬ ‫املثالية املسلمة من خالل ّ‬ ‫الزوجة ّ‬ ‫و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النموذج اإلسالمي الذي ارتقى‬ ‫موذجية و املرأة‬ ‫الن‬ ‫النظري ّ‬ ‫بامل��رأة إىل مس��توى منقطع ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنهن ّ‬ ‫خاصة أ ّمنا‬ ‫متخذا من ّأمهات املؤمنني الكرمي��ات رضي اهلل‬ ‫عام��ة و ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬نظ��را ملا ّ‬ ‫عالي��ا للمرأة ّ‬ ‫للزوجة ّ‬ ‫خدجي��ة و ّأمنا عائش��ة رض��ي اهلل عنهما مثاال ّ‬ ‫كن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جيعلهن مناذج ّ‬ ‫يتمتع��ن به من حصافة يف ّ‬ ‫ال��رأي و ما ّ‬ ‫خاصة و مثال‬ ‫متيزن به من آداب و خلق كريم‬ ‫عليا للمرأة زوجا و أ ّما و رفيقة درب و شريكة حياة يف اجملتمع اإلنساني ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهلامشية‪،‬‬ ‫األردنية‬ ‫الدكتورحممد صبحي حسن العايدي من اململكة‬ ‫‪_11‬‬ ‫ّ‬ ‫ّيب ‪ ‬من خالل س��ورة األح��زاب ‪ :‬فاس��تعرض أقوال‬ ‫ق��دم حماض��رة حتت عن��وان «زوج��ات الن ّ‬ ‫املفس��رين لقوله تعاىل ‪ :‬مّ‬ ‫«إنا يري��د اهلل ليذهب عنكم ّ‬ ‫العلم��اء و ّ‬ ‫الرجس أه��ل البيت و يط ّهركم‬ ‫تطهريا فذكر من هم أهل البيت الذي عنتهم اآلية‪ ،‬ثم تدرج مع تفس�ير آيات األحكام و إس��تنباط‬ ‫اآلداب العالية الالزمة لذلك البيت النبوي ‪.‬‬

‫‪ _12‬الدكتور عبد اهلل ‪ pénot‬من مجهورية فرنسا ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ق��دم حماضرة ّ‬ ‫قيمة كان موضوعها «حقوق املرأة يف اإلس�لام من خالل حياة أمّهات املؤمنني ‬ ‫التحليل و ّ‬ ‫حيث تناول ّ‬ ‫بالش��رح و ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬موضوع املرأة و حقوقها ليخلص إىل‬ ‫باللغتني الفرنس��ية و‬ ‫ّ‬ ‫أن امل��رأة مل ّ‬ ‫تتمتع حبقوق حفظت هلا مكانتها وكرامتها كتلك التيّ أعطاها هلا اإلس�لام احلنيف‬ ‫ّ‬ ‫و التيّ‬ ‫جتلت من خالل معاشرة احلضرة ّ‬ ‫الن ّ‬ ‫بوية أل ّمهات املؤمنني رضي اهلل عنهن حماوال توجيه رسالة‬ ‫تتمتع به املرأة يف ّ‬ ‫ظل ّ‬ ‫إىل اجملتمع اإلنساني ليعلم ّ‬ ‫متتعت به و ّ‬ ‫أن ما ّ‬ ‫الشريعة اإلسالمية مل ترق إليه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إنسانية ‪.‬‬ ‫أي شريعة أو حضارة‬ ‫‪ _ 13‬األستاذ عيسى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلزائرية ‪:‬‬ ‫اجلمهورية‬ ‫صديقي من‬ ‫ق��دم حماض��رة بعنوان وقفات مع فضائل بعض األمّهات ‪ ،‬حيث ب�ّي�نّ من خالهلا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدور الذي قامت به بعض‬ ‫األمهات يف تيس�ير األحكام و ّ‬ ‫التسهيل على األ ّمة و نشر فقه البيت النبوي و السلوكات الراقية من‬ ‫خالل تعاملهن رضوان اهلل عليهن مع سيد الوجود ‪ ‬كصورة لإلقتداء بهن ‪.‬‬

‫‪ّ _ 14‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية ‪:‬‬ ‫مجهوريةمصر‬ ‫الدكتور أمحد عمر هاشم من‬ ‫لس��يّدة عائش��ة ‪ g‬تناول فضيلت��ه املوضوع ّ‬ ‫بالتحليل‬ ‫و كان موض��وع حماضرت��ه « أمّ املؤمنني ا ّ‬ ‫و املناقش��ة‪ ،‬مربزا ّ‬ ‫الص ّديقة بنت ّ‬ ‫أهم املواقف يف س�يرة ّ‬ ‫الص ّديق ‪ّ g‬‬ ‫ليوجه من خالل املوضوع رس��الة‬ ‫األمة ّ‬ ‫إىل ّ‬ ‫مركزا فيها على قيمة العفو و ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنس��انية‪ ،‬مع إس��قاطه على واقع‬ ‫الس��ماحة يف العالقات‬ ‫ّ‬ ‫خاصة يف يومياتهم املعاصرة‪ ،‬وحاجتهم إىل ّ‬ ‫املسلمني ّ‬ ‫التحلي بهذه القيمة قيمة العفو ‪.‬‬ ‫‪41‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلزائرية ‪:‬‬ ‫اجلمهورية‬ ‫‪ _ 15‬األستاذ أمحد معزوز من‬ ‫كان موض��وع حماضرت��ه « البش��رى مبناقب س��يّدتنا خدجي��ة الكربى ‪ g‬تن��اول خالله مراحل‬ ‫التحليل‪ّ ،‬‬ ‫تتمتع به ‪ g‬من بعد يف ّ‬ ‫مركزا على ما كانت ّ‬ ‫بالدراس��ة و ّ‬ ‫حياة أ ّمنا خدجية ‪ّ g‬‬ ‫النظر‬ ‫ال��رأي مع صدق الفراس��ة و بإصاب��ة ّ‬ ‫التقدير‪ ،‬و عل��ى ّ‬ ‫و حصاف��ة يف ّ‬ ‫الدور اجلليل ال��ذي إضطلعت به‬ ‫كزوج��ة مآزرة و مناص��رة ّ‬ ‫مبينا ما إنفردت به ‪ g‬من كون��ه مل ّ‬ ‫للن ّ‬ ‫يب ‪ّ ‬‬ ‫يتزوج ‪ ‬غريها طيلة‬ ‫منية التيّ قضتها س��ائر ّ‬ ‫املدة ّ‬ ‫حياته��ا مع��ه ‪ ،g‬و ّ‬ ‫مدة حياتها معه ‪ ‬إس��تغرقت ثلثي ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫الز ّ‬ ‫الزوجات‬ ‫الكرميات معه ‪ ،‬كما ّأنها ميزت عليهن بكونها أ ّم س��ائر أبنائه و بناته ما عدا ّ‬ ‫س��يدنا إبراهيم‬ ‫الس�لام‪ ،‬و بكونها أ ّم البتول موالتنا فاطمة ّ‬ ‫علي��ه ّ‬ ‫الزهراء ّأم احلس��نني رض��وان اهلل عليهم أمجعني و أنها رضي اهلل عنها‬ ‫ّ‬ ‫جدة األشراف ال يشاركها يف ذلك غريها ‪.‬‬ ‫الس��ابع ّ‬ ‫هذه عجالة قصرية‪ ،‬و عرض بس��يط جلملة ما ّ‬ ‫احملم ّ‬ ‫للدروس ّ‬ ‫قدم يف ّأيام امللتقى ّ‬ ‫دية خالل شهر رمضان الكريم‬ ‫عام ‪1433‬هـ ‪.‬‬

‫ندوة األستاذ الدكتور أسامة الرفاعي على هامش الدروس احملمدية عام ‪1433‬هـ ‪2012‬م‬

‫حماضرة الدكتور ‪ DENIS GRIL‬يف الدروس احملمدية عام ‪1433‬هـ ‪2012‬م‬

‫ندوة حول القرءات مع فضيلة الشيخ املقرئ حسن املرعب "لبنان" هامش الدروس احملمدية‬

‫ندوة األستاذ الدكتور أمحد عمر هاشم على هامش الدروس احملمدية عام ‪1433‬هـ ‪2012‬م‬

‫عام ‪1433‬هـ ‪2012‬م‬

‫‪42‬‬


‫املنك��ر وتغيريه واحلديث هنا يش�ير‬ ‫احلبيب حممد بن عبد الرمحن‬ ‫السقاف (اليمن)‬ ‫إىل التغيري واليش�ير إىل إنكار فقط‬ ‫تتم فليغريه بيده فإن مل يستطع فبلسانه‬ ‫دية عقد ّ‬ ‫السادس ّ‬ ‫حمم ّ‬ ‫احملم ّ‬ ‫دية‪ّ ،‬‬ ‫عدة ندوات ّ‬ ‫ّ‬ ‫واكب امللتقى ّ‬ ‫للدروس‬ ‫خالهلا اإلستفادة من العلماء احملاضرين يف شتى امليادين‪ ،‬وكان حيضر باحلكم��ة وباملوعظ��ة احلس��نةِّقال‬ ‫ل َسِ��بيل َرب َ‬ ‫الندوات ّ‬ ‫طالب ّ‬ ‫تلك ّ‬ ‫��ك‬ ‫الزاوية واملريدون األمر الذي أضفى على ساحة املسجد ّ‬ ‫جوا اهلل تع��اىل اْدُع إِ ىِ‬ ‫ِ‬ ‫ب حْالْكَم��ة َومْالَْوعَظ��ة حَْ‬ ‫الَس��َنةِ َوَجادهْ‬ ‫نورانيا زاده ّ‬ ‫طالب ّ‬ ‫واجملودين هيبة وجالال مبا ّ‬ ‫ِلُ��م‬ ‫ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قدموه ِ ِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزاوية املقرئني‬ ‫رمضانيا‬ ‫َ‬ ‫نإِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ي أْحَس ُ‬ ‫نَربََّك‬ ‫من جتويد وترتيل آلي القرءان الكريم‪.‬‬ ‫ت ِه َ‬ ‫بِال يِ‬ ‫بعد احلم��د هلل والصالة على س��يدنا‬ ‫ّ‬ ‫قدم الش��يخ يف ندوته‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫نبذة خمتص��رة حول موضوع مداخلته‬ ‫يف امللتقى الس��ابع لل��دروس احملمدية‬

‫‪‬‬

‫ن��دوة احلبي��ب حمم��د ب��ن عبد‬ ‫الرمحــن الس��قاف على هامش‬ ‫ال��دروس احملمدي��ة " املس��جد‬ ‫الكبري تلمسان" عام ‪1432‬هـ‬ ‫‪2011‬م‬

‫بعنوان منهج أرباب السلوك يف الدعوة‬ ‫إىل اهلل حي��ث ركز من خالل هذه‬

‫الن��دوة على عظم��ة الدع��وة إىل اهلل‬ ‫عز وجل وحقيقته��ا ودور أهل الرتبية‬ ‫والس��لوك وما حتملوه يف سبيل دعوة‬ ‫اخلل��ق إىل عب��ادة اخلال��ق م��ن خ�لال‬ ‫تهذي��ب النفوس والوص��ول إىل حضرة‬ ‫القدوس اس��تمدادا م��ن وراثتهم ملناهج‬ ‫حاال ومقاال‬ ‫دعوة سيد املرس��لني‬ ‫ونوه ببعض الطرق اليت يعتمدها أهل‬ ‫الرتبية والس��لوك يف الدع��وة إىل اهلل‬ ‫ع��ز وج��ل كالزوايا ُ‬ ‫والر ُب��ط واجملامع‬ ‫الدينية وإطعام الطعام يف املناس��بات‬ ‫الروحية كاملوالد ورمضان وغريها من‬ ‫األوقات املقدسة‬

‫‪‬‬

‫كفائ��ي ولي��س نافل��ة كم��ا يظن َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫البعض واملعن��ى أنه لو كان يف قرية ُهَو أعْل��ُممِبَن ضلَعن َس��بِيلِهَِوُهَو‬ ‫من القرى من حيس��ن التعليم والدعوة َأعَ‬ ‫ْلُمبِمْالُْهَتد َ‬ ‫ِي��ن {النحل‪}521/‬فإن‬

‫إىل اهلل ث��م مل يقوموا بتعليم من جهلوا‬ ‫أمور دينهم ألثـموا ‪.‬‬

‫‪ -2‬وقد تتع�ين الدعوة إىل اهلل عزوجل‬ ‫عل��ى أف��راد كق��ول س��يدنا رس��ول‬ ‫ م��ن رأى منك��م منك��را‬ ‫ث��م ع��رج احلبيب عل��ى وج��وب إدراك اهلل‬ ‫مفه��وم الدع��وة إىل اهلل عزوجل وذلك فليغريه بيده فإن مل يس��تطع فبلسانه‬ ‫من خالل نقطتني ‪:‬‬ ‫فإن مل يس��تطع فبقلب��ه وذلك أضعف‬ ‫‪ -1‬الدع��وة إىل اهلل ع��ز وج��ل ف��رض اإلمي��ان ‪ ،‬وه��ذه إش��ارة إىل أن من رأى‬ ‫منك��را وج��ب عليه حق��ا هلل إنكار‬

‫‪‬‬

‫‪43‬‬

‫مل يستطع بلس��انه لسبب من األسباب‬ ‫فبقلب��ه‪ ،‬وقف أهل الذوق يف التعريف‬ ‫بكيفية تغيري املنكر بالقلب وذلك‬ ‫يف تأثري املؤمن بقلب��ه على من حواليه‬ ‫وهذا س��ر من أس��رار الدع��وة احملمدية‬ ‫وإذا نظ��رت ع�بر التاري��خ لوج��دت أن‬ ‫أرب��اب الرتبي��ة والس��لوك ق��د غ�يروا‬ ‫الش��عوب واألمم بقلوب مفعمة باحلب‬ ‫والرمح��ة والش��فقة وإرادة اخل�ير هل��م‬


‫فم��ن رآهم وم��ن خالطهم ومن جالس��هم‬ ‫تأثر بس��ريان أنوار الذكر يف قلوبهم‪،‬‬ ‫وم��ن جان��ب فعلينا أن ن��درك حقيقة‬ ‫املس��ؤولية وثق��ل األمان��ة يف الدعوة‬ ‫إىل اهلل ع��ز وجل حبي��اء من اهلل وحياء‬ ‫يف استش��عار العطاء‬ ‫من رس��وله‬ ‫ّ‬ ‫الربان��ي ومبعث‬ ‫الرمح��ة العظمى إىل‬ ‫هاته األمة وم��ا حتمله احلبيب األعظم‬ ‫م��ن مش��اق ومصاع��ب يف تبليغ‬ ‫الدع��وة لكي تنعم أمت��ه يف كنف‬ ‫التوحيد اخلالص‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫وم��ن جانب آخ��ر علين��ا أن يكون لنا‬ ‫ن��وع م��ن املش��اركة يف الدع��وة إىل‬ ‫اهلل عز وج��ل حتى يكون لنا نس��بة‬ ‫وذلك‬ ‫من وراثة س��يدنا رسول اهلل‬ ‫باحل��ث والرتغي��ب على اعتن��اق هاته‬ ‫األمان��ة ول��و بش��كل معترب ويس�ير‬ ‫يف آداء مس��ؤولية الدع��وة إىل اهلل عز‬ ‫ بلغوا عين ولو آية فإذا‬ ‫وجل قال‬ ‫كان لك س��هم مشاركة يف شركة‬ ‫يكون بذلك لك شرف‬ ‫رسول اهلل‬ ‫هاته النسبة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫فعطاي��ا وأجور الدع��وة إىل اهلل التعد‬ ‫ألن الدع��وة إىل اهلل ع��ز وج��ل نفعه��ا‬ ‫متع��د والعلم��اء يقول��ون أن النف��ع‬ ‫املتع��د أفضل من النف��ع الالزم ألنك إذا‬ ‫أتي��ت بعبادة من نفس��ك تؤج��ر عليها‬ ‫ولكن ألن يه��دي اهلل بك رجال واحدا‬ ‫خ�ير ل��ك م��ن مح��ر النع��م وه��ذا أجره‬ ‫كب�ير وفضل��ه عظي��م فال��دال على‬ ‫اخلري كفاعل��ه وتصور أنك لو هديت‬ ‫بتوفي��ق اهلل عز وجل رجال عاصيا إىل‬ ‫صراط اهلل املس��تقيم لكانت صلوات‬ ‫ذلك الرجل املهدى يف ميزانك وأنت نائم‬ ‫وحس��انتك تعم��ل فه��ذه يف واحد فلو‬ ‫وفقت يف هداية اثن�ين وثالثة وأربعة‬

‫وتص��ور أن��ك ل��و ّ‬ ‫علمت أح��دا الفاحتة‬ ‫لكان ث��واب كل ماقرأه كله يعود‬ ‫إلي��ك وتص��ور إذا ه��و ّ‬ ‫علمه��ا ألوالده‬ ‫وأحف��اده فكي��ف يك��ون مرج��ع‬ ‫العطايا واحلسنات للمعلم األول‪.‬‬ ‫ففضائ��ل الدع��وة إىل اهلل ع��ز وج��ل‬ ‫كب�يرة وعظيم��ة وجي��ب أن نعل��م‬ ‫أنه��ا نعمة ورزق م��ن اهلل أن يقذف يف‬ ‫قلب��ك ّ‬ ‫ه��م الدع��وة إىل اهلل بأس��لوب‬ ‫ الرامح��ون‬ ‫راق��ي ورحي��م ق��ال‬ ‫يرمحه��م الرمحن ارمحوا من يف األرض‬ ‫يرمحك��م م��ن يف الس��ماء أي أ ن‬ ‫ترح��م الكاف��ر يف كفره حت��ى تدله‬ ‫إىل اإلس�لام والعاص��ي يف عصيان��ه‬ ‫حتى تهدي��ه إىل جادة الصواب وكما‬ ‫تعرفون األم برمحتها وش��فقتها عندما‬ ‫يك��ون ولده��ا حمموم��ا أو مريض��ا‬ ‫وه��و مط��روح عل��ى الف��راش جت��دون‬ ‫هذه األم ال تس��تطيع الن��وم وال الطعام‬ ‫وال تس��تطيع الراح��ة لرمحته��ا ف��األمل‬ ‫ال��ذي يف قلبها أش��د م��ن األمل الذي يف‬ ‫قل��ب ولدها املري��ض ألنه��ا حتبه حمبة‬ ‫أكيدة‪ ،‬فكل وارث لرسول اهلل‬ ‫ه��و راحم هلذه األمة مثل األم ومثل األب‬ ‫جي��د يف دعوته حرارة اهل��م بهذه األمة‬ ‫إذا أراد أن ين��ام تقل��ب عل��ى فراش��ه‬ ‫ويدع��و هلذه األم��ة ثم ه��و ال جيد وقتا‬ ‫للراحة وللش��راب بل يتح��رك للهداية‬ ‫باللس��ان وبالقل��م واليوم أت��اح اهلل لنا‬ ‫وسائل أخرى كاالنرتنيت و التصوير‬ ‫والكمبيوت��ر أت��اح اهلل لن��ا وس��ائل‬ ‫للدعوة كلها وما بقي على اإلنس��ان‬ ‫إال أن ي��ؤدي حق��ه‪ ،‬ومم��ا يتوهم��ه‬ ‫كث�ير من الن��اس يبعدهم ه��ذا الوهم‬ ‫أن ي��ؤدوا دوره��م يف الدع��وة إىل اهلل‬ ‫تعاىل توهمه��م أن الدعوة إىل اهلل هي‬ ‫وظيف��ة العلماء فق��ط والعلماء الذين‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪44‬‬

‫يرج��ع إليه��م يف كل ش��يء ولك��ن‬ ‫كلن��ا ينبغ��ي ل��ه أن يدع��و إىل اهلل‬ ‫لكن ال نتسور أسوار مناصب لسنا هلا‬ ‫أه�لا‪ ،‬أدع��وّإىل اهلل ولكن ال أفيت يف‬ ‫املس��ألة اليت ال أعرفها أرجعها إىل العامل‬ ‫الذي يعرف احلالل من احلرام قال اإلمام‬ ‫الغزال��ي " كل مس��ألة علمته��ا فأنت‬ ‫به��ا عامل ووج��ب علي��ك أن تعلمها من‬ ‫ال يعلمه��ا من املس��لمني " هكذا هي‬ ‫قاعدة أهل العلم يف نظرتهم إىل جمال‬ ‫الدعوة إىل اهلل‪.‬‬ ‫الس��ؤال األول ‪:‬ه��ل كل م��ن يتصدر‬ ‫للوع��ظ واإلرش��اد ل��ه الق��درة عل��ى‬ ‫الرتبية؟‬ ‫هن��اك ف��رق م��ا ب�ين الدع��وة والفتوى‬ ‫والتعلي��م وأيض��ا هن��اك ف��رق ما بني‬ ‫الدع��وة إىل اهلل العام��ة وب�ين تربي��ة‬ ‫املريدي��ن وتهذيبه��م األم��ر خيتل��ف‬ ‫الدع��وة إىل اهلل باملوعظ��ة أن ّ‬ ‫تع��رف‬ ‫الناس احل�لال واحلرام حتثهم على أداء‬ ‫الصالة حتثهم على بر الوالدين حتثهم‬ ‫عل��ى أن ْ‬ ‫يغش��وا املس��اجد حتذرهم من‬ ‫الغيب��ة والنميم��ة واملعاص��ي والزنى‬ ‫وغري ذل��ك باألس��اليب ال�تي ّ‬ ‫ميكنك‬ ‫اهلل منه��ا لك��ن إذا ج��اء الرج��ل الذي‬ ‫يري��د الس��لوك يري��د الرتبي��ة يري��د‬ ‫الوص��ول إىل مرتبة الصاحل�ين ومرتبة‬ ‫األولي��اء فه��ذا حيت��اج إىل تزكي��ة‬ ‫النفس هذه مهمة املربني الذين عندهم‬ ‫اإلذن بالرتبية يكون اإلنس��ان مربي‬ ‫ل��ه إذن يف الرتبي��ة مث�لا يف األجس��اد‬ ‫ال يقب��ل أحد منك��م أن يعاجله أحد‬ ‫في��ه م��رض يف جس��ده فكذل��ك م��ا‬ ‫يتعل��ق بالنفس وإصالحه��ا هذا أيضا‬ ‫حيتاج إىل طبيب وه��ذا الطبيب جيب‬ ‫أن تك��ون مع��ه ش��هادة الدكت��وراه‬


‫ندوة احلبيب حممد بن عبد الرمحــن السقاف على هامش الدروس احملمدية " املسجد الكبري تلمسان" عام ‪1432‬هـ ‪2011‬م‬

‫وهذه ليس��ت ش��هادة دكت��وراه وإمنا‬ ‫على س��بيل املثال تكون معه شهادة‬ ‫م��ن جهة معت�برة اجله��ات املعتربة هي‬ ‫مراج��ع املش��ايخ الذين يأذن��ون ملن رأوا‬ ‫فيه أهلية الرتبية‪ ،‬فالداعي إىل اهلل إذا‬ ‫وجد إنس��انا رغب يف الرتبي��ة فيحيله‬ ‫إىل رج��ال الرتبية ويبقى هو يف ميدان‬ ‫الدعوة إىل اهلل ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫العباد‬ ‫الس��ؤال الثاني ‪ :‬لقد دع��ا‬ ‫إىل اهلل حبال��ه قب��ل مقال��ه وذلك منذ‬ ‫رضاعه إىل وقت بعثته فما هي أهمية‬ ‫احل��ال يف الدع��وة إىل اهلل ؟ وما عالقة‬ ‫احلال بالعمل والقال؟‬

‫نع��م لَ​َق َ َ َُ‬ ‫ْ‬ ‫ف َرُس��ولِ‬ ‫��د كان لك��ْم يِ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫اللِ أُْسَ��وةٌ َحَس��َنٌة لَ��ن ك َ‬ ‫ان‬ ‫هََّ‬ ‫آْ مِّ َ هََّ​َ‬ ‫يَْرُج��و اللَوالَْي��ْوَم الِخ��َرَوَذك��َر الل كثِ�يرًا ‬ ‫{األحزاب‪}12/‬ال ش��ك أن لس��ان احلال‬ ‫أفصح من لس��ان املق��ال وفعل يؤثر يف‬ ‫ألف ش��خص م��ا ال يؤث��ر أل��ف قول يف‬ ‫شخص واحد‬

‫فلس��ان احل��ال أفص��ح ف��إذا كان‬ ‫الداعي إىل اهلل خيالف قوله فعله فإن‬ ‫االس��تجابة له لن تكون صادقة فرمبا‬ ‫كان ه��ذا س��ببا يف إح��داث خلخل��ة‬ ‫يف صفوف املس��لمني ألنه يق��ول ما ال‬ ‫يفع��ل كذال��ك يذك��ر أه��ل العلم‬ ‫أن اإلنس��ان ل��و كان مع��ه ش��يء م��ن‬ ‫التقصري فال ميتنع عن الدعوة إىل اهلل‬ ‫س��بحانه و تعاىل بالكام��ل بدواعي‬ ‫أنين لس��ت بكامل و لس��ت مستقيما‬ ‫اس��تقامة كامل��ة يدع��و إىل اهلل و‬ ‫حي��ث نفس��ه عل��ى أن يعم��ل فلع��ل‬ ‫دعوت��ه إىل اهلل و حث��ه الن��اس عل��ى‬ ‫العمل يكون س��ببا يف حتسنه هو و‬ ‫صالحه و ارتقائه هو كذالك بربكة‬ ‫الدع��وة إىل اهلل لكن ال يكون ذالك‬ ‫ديدن للناس كمثل الذي يقول لولده‬ ‫ال تش��رب السجائر فإنها مضرة للصحة‬ ‫و هو ماس��ك للس��جائر يف يده و يقول‬ ‫لول��ده ه��ي مض��رة للصح��ة! فكيف‬ ‫يس��تجيب الول��د لوال��ده! ألن الفع��ل‬ ‫يؤث��ر أكثر من الق��ول و الولد يقتدي‬ ‫‪45‬‬

‫بأبي��ه و يتأثر به و لذلك كان احلبيب‬ ‫على ه��ذا النحو كان‬ ‫املصطفى‬ ‫الصحابة مهما اجته��دوا وجدوه أكثر‬ ‫منه��م اجته��ادا و مهم��ا زه��دوا وج��دوه‬ ‫أكث��ر منهم زهدا وهل��ذا كان الدعاة‬ ‫م��ن أه��ل الس��لوك وم��ن أه��ل الرتبية‬ ‫هلم األثر الكبري بس��بب س��لوكهم و‬ ‫بس��بب أخالقه��م يف معامالته��م و هلذا‬ ‫نش��كوا يف زمنن��ا ه��ذا قل��ة الق��دوة‬ ‫احلس��نة و أما املتكلمون و املتفننون‬ ‫يف اخلطاب��ة أكث��ر مم��ا يف األزم��ان‬ ‫الس��ابقة وعنده��م وس��ائل مل تكن‬ ‫موجودة كوس��ائل االتصال احلديثة‬ ‫و اإلع�لام ال�تي تس��مع آالف الن��اس‬ ‫واخلطب��اء والوعاظ الذين يتفننون يف‬ ‫أس��اليب الدعوة كثري لك��ن أخربنا‬ ‫فق��ال أنت��م يف زم��ن‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫كث�ير فقه��اؤه قليل خطب��اؤه ويأتي‬ ‫عليك��م زمان كثري خطب��اؤه قليل‬ ‫فقه��اؤه واملقص��ود هن��ا بالفق��ه ليس‬ ‫ه��و ما يع��رف مبصطل��ح الفق��ه اليوم‬ ‫وإمن��ا صاح��ب الفق��ه صاح��ب املعرفة‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬


‫الس��ؤال الثالث ‪:‬م��ا هي أس��س الرتبية‬ ‫والدع��وة إىل اهلل ال�تي ال تتغ�ير بتغري‬ ‫الزمان وال املكان؟‬ ‫س��ؤال مجيل‪ ،‬الدعوة إىل اهلل سبحانه‬ ‫وتع��اىل متاح فيها اس��تخدام الوس��ائل‬ ‫كلم��ا أت��اح اهلل س��بحانه وتع��اىل‬ ‫كيفي��ة أو وس��يلة ف�لا ب��د لن��ا أن‬ ‫نس��تخدمها لكي ال تقوم علينا حجة‬ ‫أم��ام اهلل س��بحانه وتع��اىل‪ ،‬احلبي��ب‬ ‫اس��تخدم الوسائل املتاحة يف زمنه‬ ‫وبيئته عليه الصالة والسالم فال نقول‬ ‫أن اإلنسان ال يس��تخدم ما أتاح اهلل له‬ ‫م��ن الوس��ائل و إمن��ا إذا كان هن��اك‬ ‫وس��ائل أصلية فهي الوس��ائل النبوية‬ ‫وذل��ك‬ ‫ال�تي كان��ت يف زمان��ه‬ ‫يعين‪ ...‬مس��ألة مهمة‪ :‬أنه ال ينبغي أن‬ ‫نس��تغين عن األس��لوب النبوي األصلي‬ ‫ألن��ه جي��ب أن ن��درك أن اهلل س��بحانه‬ ‫أعط��اه‬ ‫وتع��اىل مل��ا بع��ث نبي��ه‬ ‫أفضل ش��يء فاألسلوب الذي استخدمه‬ ‫ه��و أفض��ل األس��اليب‬ ‫رس��ول اهلل‬ ‫فكل وس��يلة أو أس��لوب حيدث بعد‬ ‫ذلك نس��تخدمه ولكن ال نفضله عن‬ ‫األس��لوب األصلي! والطريقة األصلية‬ ‫ه��ي املباش��رة ه��ي االجتم��اع بالن��اس‬ ‫ه��ي الذه��اب إىل الن��اس ألن اجلل��وس‬ ‫واالجتماع ل��ه آثار كث�يرة فاجللوس‬ ‫يف املساجد ال نستند فقط إىل فكرة‬ ‫اخلط��اب إمنا هن��اك مالئكة حتضر‬ ‫معن��ا ت�تروح به��ا األرواح ورمح��ات‬ ‫تتن��زل علين��ا وهناك مغف��رة حتصل‬ ‫لن��ا باالجتم��اع يف ذك��ر اهلل هن��اك‬ ‫جوان��ب كث�يرة ال توج��د إال يف مث��ل‬ ‫ه��ذه الكيفي��ة كيفي��ة االجتم��اع‬ ‫وكيفي��ة اجملالس يف بي��ت من بيوت‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫مساحة الشيخ سيدي حممد عبد اللطيف بلقائد يكرم احلبيب حممد بن عبد الرمحــن السقاف‬

‫باهلل س��بحانه وتعاىل ال��ذي اكتمل أضع��ف اإلميان كما جاء يف احلديث‬ ‫في��ه مس��ت وصف��ة اإلس�لام كاملة النبوي الشريف؟‬ ‫مس��لكا ومعرفة وفهما وذوقا هذا هو‬ ‫يف قوله أضعف اإلميان إش��ارة باعتبار‬ ‫بالفقيه‬ ‫املقصود ب��ه يف كالمه‬ ‫أن��ه أضعف م��ا يؤدي��ه اإلنس��ان ألنه‬ ‫فزمانن��ا ه��ذا حيت��اج إىل ه��ذه القدوة‬ ‫إذا أراد أن ينك��ر بي��ده ف�لا ب��د له أن‬ ‫احلس��نة ولألس��ف أن كثريا من أهل‬ ‫يكون مستصحبا للنية احلسنة ألنه‬ ‫املس��لك احلس��ن ال يعرفهم الناس‪ .‬فنت‬ ‫إذا أنكر بيده يش�ترك القلب مع اليد‬ ‫الزم��ان وما حصل يف العامل من تغريات‬ ‫إذا أنكر بلس��انه فسيش�ترك القلب‬ ‫حيث صار اإلعالم له توجه فصار يقدم‬ ‫مع اللس��ان فإذا مل يتأتى ل��ه ال اليد وال‬ ‫الن��اس الذين ليس��وا بأه��ل و املؤهلون‬ ‫اللسان فس��يكون أقل ش��يء يؤديه‬ ‫م��ن الصاحل�ين والفض�لاء ال يعرفه��م‬ ‫ه��و أن ينك��ر ذلك داخل قلب��ه أما من‬ ‫الكثري من الناس ولكن على املرء أن‬ ‫حيث األثر فقد تكل��م بعض العلماء‬ ‫يبحث وعلى الصادق م��ن أهل القدوة‬ ‫يف ه��ذا احلدي��ث وق��ال قول��ه "أضعف‬ ‫احلس��نة أن جيتهد حتى يأتي أمر اهلل‬ ‫اإلمي��ان" أي مضاعف��ه وأكث��ره وإن‬ ‫ويأتي إذن اهلل سبحانه وتعاىل بظهور‬ ‫كان ه��ذا الق��ول لي��س الراج��ح عند‬ ‫هذه الدعوة‪.‬‬ ‫أه��ل العلم ليس هو الراجح عند ش��راح‬ ‫معل��وم أن عم��ل القلب أعظ��م بدليل احلدي��ث الذي��ن ش��رحوا احلدي��ث إمنا‬ ‫"نية املرء خري من عمله" وقوله الق��ول األول ال��ذي ذك��رت ولك��ن‬ ‫قوله‬ ‫عليه الصالة والسالم " إن اهلل ال ينظر بعض أهل الذوق وأهل العلم رأوا القول‬ ‫إىل أجس��ادكم وال إىل صورك��م الثان��ي فليس هناك تعارض يف مفهوم‬ ‫و لك��ن ينظ��ر إىل قلوبك��م" واألمر أن القلب هو األس��اس يف التغيري وبني‬ ‫باملعروف م��ن جنس العم��ل‪ ،‬فكيف أنه أضعف اإلميان إال من حيث أنه أقل‬ ‫كان إن��كار القل��ب للمنك��ر م��ن جهدا ميكن أن يقوم به اإلنسان‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪46‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬


‫اجلمــــــــع السنـــــــــــــوي‬ ‫اللجنة العلمية‬

‫يف كل عام من ش��هر أغسطس حتني عن أبيه ويقول كان الش��يخ س��يدي‬ ‫الذكرى وحت��ن القل��وب إىل صاحبها حمم��د بلقائد يأتي إىل وه��ران ويزور‬ ‫فيتواف��د املريدون واحملبون وأهل العلم الزاوي��ة وه��ي يف ط��ور البن��اء ويقول‬ ‫والق��رآن والص�لاح م��ن كل أصقاع‬ ‫ ياليت�ني كنت فيه��ا جذعا هذا‬ ‫املعم��ورة ليحي��وا الذكرى الس��نوية‬ ‫األم��ر الذي جعل ش��يخنا س��يدي عبد‬ ‫النتق��ال حم��ي الطري��ق وت��اج أه��ل‬ ‫اللطيف حفظه اهلل يشمر على ساعد‬ ‫التحقيق الش��يخ سيدي حممد بلقائد‬ ‫اجلد ويك��رس حياته وأبناءه من أجل‬ ‫إىل ج��وار ربه ولق��د دأب ابنه وخليفته‬ ‫خدم��ة الدي��ن وحتقي��ق رغبة ش��يخه‬ ‫م��ن بعده الش��يخ س��يدي حمم��د عبد‬ ‫وأبي��ه وهو يأم��ل أن يرى فرح ش��يخنا‬ ‫اللطي��ف بلقائد حفظ��ه اهلل وعائلته‬ ‫س��يدي حمم��د بلقائد قدس اهلل س��ره‬ ‫الكرمي��ة يف إحي��اء ذك��راه اخلالدة‬ ‫وتق��ر عين��ه بطلب��ة الق��رآن الكريم‬ ‫م��ن كل عام من��ذ انتقاله ‪28‬من ربيع‬ ‫واملتخرج�ين م��ن أه��ل العلم الش��ريف‬ ‫الثان��ي لس��نة ‪1419‬املوافق ل��ـ‪ 21‬أوت‬ ‫لك��ن احلكم��ة اإلهلي��ة حال��ت دون‬ ‫‪1998‬م باجلموع واملناس��بات بالزاوية‬ ‫ذلك ورفع شيخنا سيدي حممد بلقائد‬ ‫الكائن��ة بس��يدي مع��روف ناهي��ك‬ ‫ق��دس اهلل س��ره إىل جوار رب��ه قبل فتح‬ ‫ع��ن تعلي��م الق��رآن الكري��م والعلم‬ ‫الزاوي��ة غري أن ش��يخنا س��يدي حممد‬ ‫الش��ريف يف س��ائر أيام الس��نة ولطاملا‬ ‫عبد اللطيف حفظه اهلل تعاىل واصل‬ ‫كان ش��يخنا حفظه اهلل تعاىل يقول‬ ‫ال��درب من بعده على أن يفرح أباه يف‬ ‫ماهذه اجلم��وع والزوايا إال حس��نة من‬ ‫ع��امل األرواح ومن��ذ انتقال الش��يخ إىل‬ ‫حس��ناته وحيكي حفظه اهلل تعاىل‬

‫‪47‬‬

‫ج��وار رب��ه والعائل��ة البلقائدي��ة حتي‬ ‫ذك��رى انتقال��ه إىل يومنا ه��ذا فيما‬ ‫يس��مى باجلمع الس��نوي وفيه حيضر‬ ‫أه��ل العلم والق��رآن والص�لاح واخلري‬ ‫م��ن كل حدب وص��وب حييون الليلة‬ ‫بالق��رآن واملدائ��ح وال��دروس وجتتم��ع‬ ‫القل��وب و يطع��م الطعام عل��ى موائد‬ ‫احملبة واإلك��رام وفيها يكرم الطلبة‬ ‫الذين تفوقوا يف املسابقات اليت أقامتها‬ ‫الوالية أو الزاوية ولقد اتسمت اجلموع‬ ‫يف الس��نوات الثالث��ة األخ�يرة بتخ��رج‬ ‫دفعات طلبة العلم الشريف ‪.‬‬ ‫ملخص ما جاء يف اجلمع السنوي‬ ‫هلذا العام ‪1433‬هـ‬ ‫من��ذ الس��اعات األوىل م��ن ي��وم‬ ‫اجلمعة‪1433‬ه��ـ‪ 30 /‬أوت ‪2012‬م‬ ‫بدأ احملبون واملري��دون يتوافدون على‬ ‫الزاوي��ة وبع��د املغ��رب مباش��رة دخ��ل‬ ‫س��يدنا الش��يخ حفظ��ه اهلل وصلي��ت‬ ‫املغ��رب مجاع��ة واهت��ز اجلم��ع بدوي‬ ‫املعقب��ات وذك��ر اهلل جهرة ث��م تليت‬ ‫س��ورة الفت��ح افتتاح��ا للجم��ع ثم قدم‬


‫الدكتور أسامة عبد الرزاق الرفاعي من لبنان‬

‫الدكتور حممد بن بريكة من اجلزائر‬

‫الدكتور املنصر اهلذيلي من تونس‬

‫الدكتور أمحد شرف من مصر‬

‫ممث��ل الزاوي��ة كلم��ة‬ ‫ترحيبي��ة منوه��ا مبناقب‬ ‫الش��يخ س��يدي حمم��د‬ ‫بلقائد رمحه اهلل وبالدور‬ ‫الفع��ال ال��ذي تق��وم ب��ه‬ ‫الزاوية البلقائدية يف نشر‬ ‫العل��م وحتفي��ظ الق��رآن‬ ‫الكريـ��م بتوجيهـــ��ات‬ ‫و بركات ش��يخنا شافاه‬ ‫اهلل وعاف��اه كم��ا أش��ار‬ ‫إىل جمه��ودات الس��لطات‬ ‫الوالئي��ة يف التكرميات‬ ‫احملف��زة لط�لاب العل��م‬ ‫وحفظة الق��رآن الكريم‬ ‫وبالنياب��ة ع��ن فضيل��ة‬ ‫الش��يخ س��يدي حمم��د‬ ‫عبد اللطي��ف حفظه اهلل‬ ‫تعاىل رحب ممثل الزاوية‬ ‫بكل الضي��وف واحملبني‬ ‫واملريدين‪.‬‬ ‫ث��م ُش��رع يف تكري��م‬ ‫الطلب��ة املتخرج�ين م��ن‬ ‫قس��مي الق��رآن الكريم‬ ‫والعل��م الش��ريف وبعدها‬ ‫ق��دم الطلب��ة ملخ��ص‬ ‫أطروحاتهم ال�تي متحورت‬ ‫ح��ول املنه��ج الص��ويف‬ ‫وعقائده وآثاره والذي زاد‬ ‫التكري��م رونق��ا وبه��اءا‬ ‫مالمح الفرح واإلستبشار‬

‫‪48‬‬

‫البادية على أسارير وجه شيخنا حفظه‬ ‫اهلل تعاىل وهو يرى ثـمرات جمهوداته‪.‬‬ ‫قد أينعت يف طلبته ويرى فيهم أعالم‬ ‫اهلدى والنور لألمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ثم أقيمت صالة العش��اء وبدأ الس��ادة‬ ‫العلم��اء يف مداخالته��م حي��ث ألق��ى‬ ‫فضيل��ة الدكتور أس��امة عب��د الرزاق‬ ‫الرفاعي م��ن جهورية لبنان الش��قيقة‬ ‫درسا علق فيه على عناوين أطروحات‬ ‫الطلب��ة وأش��اد بأهميته��ا يف الوق��ت‬ ‫الراه��ن ث��م تط��رق إىل فض��ل جمال��س‬ ‫الذك��ر والذاكري��ن وبعده��ا يرف��ع‬ ‫الطلب��ة أصواته��م بالق��رآن الكري��م‬ ‫مجاعة ث��م صدع الس��ادة املس��معون‬ ‫يرتمن��ون بقصائد يف مج��ال احلبيب‬ ‫والعشق اإلهلي‪ ،‬ثم قدم الدكتور‬ ‫حممد ب��ن بريكة م��ن اجلزائر اخلبري‬ ‫الدول��ي يف التص��وف مداخل��ة ح��ول‬ ‫تأم�لات ح��ول أش��راط الس��اعة وبعد‬ ‫كل مداخل��ة وأخ��رى متت��زج األرواح‬ ‫بقداس��ة أس��رار الق��رآن الكريم الذي‬ ‫يتل��ى وقصائ��د أه��ل اهلل‪ ،‬فطفا على‬ ‫اجلم��ع ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫روحان��ي يرق��ى بالنف��س‬ ‫ج��و‬ ‫إىل مع��ارج األن��س والق��رب‪ ،‬ث��م ق��دم‬ ‫الدكت��ور املنص��ر اهلذيل��ي م��ن دولة‬ ‫تون��س درس��ا موضوع��ه الرمح��ة‬ ‫منهاجــ��ا‪ ،‬كمــ��ا أش��ــار الدكتور‬ ‫أمحد شرف من مجهورية مصر العربية‬ ‫يف مداخالته حول شرف‬

‫‪‬‬

‫األستاذ أ‬

‫محد معزوز‬

‫من اجلزائر‬


‫ولألمة اإلسالمية باألمن‬ ‫واإلس��ت��ق��رار وللجميع‬ ‫بالقبول واخلري والكرم‬ ‫واإلحسان ثم تفرق اجلمع‬ ‫ولسان حاهلم يقول‪:‬‬

‫القرآن والقراءات وهكذا تنوع اجلمع‬ ‫ب�ين درس وت�لاوة للق��رآن الكري��م‬ ‫وتغذية األرواح باآليات واألبيات خالل‬ ‫ه��ذا اإلجتم��اع الربان��ي والتذاكر يف‬ ‫الكرم اإلهلي مما جعل األستاذ أمحد‬ ‫معــ��زوز يق��دم كلم��ة ح��ول فضل‬ ‫الزي��ارة واجملالس��ة يف اهلل وماأعد اهلل ليالي الوصال‬ ‫هل��ا من األج��ر والث��واب كم��ا تنــاول‬ ‫لو تباع الشرتيتها‬ ‫األس��تاذ عبــد العالي عبد القادر قول‬ ‫سلطان العاشقني اإلما م البوصريي ‪:‬‬ ‫بروحي ولكن‬

‫األستاذ عبد العالي عبد القادر من اجلزائر‬

‫ال تباع وال تشرى‬

‫فإن من جودك الدنيا وضرتها‬

‫ّ‬ ‫ومن علومك علم اللوح والقلم و لكنها مرت‬

‫بالشرح و التفصيل‪.‬‬ ‫وال���ذي ميز اجل��م��ع ه��ذا ال��ع��ام هو‬ ‫مشاركة الطلبة املتخرجني الذين مت‬ ‫تعيينهم أو املرتبصني يف إلقاء الدروس‬ ‫واملداخالت كالطالب عبد القادر‬ ‫حيدة الذي عني إماما بزاوية مخيس‬ ‫مليانة وكان موضوع مداخلته منزلة‬ ‫القلب يف اإلنسان ثم الطالب دحون‬ ‫سفيان الذي عني فيما بعد إماما يف‬ ‫زاوية البليدة والذي قدم درسا حول‬ ‫املتحابني يف اهلل والطالب املرتبص‬ ‫درق��اوي الطيب الذي كان موضوع‬ ‫درسه احلكم العطائية وأثرها يف‬ ‫السلوك‪ ،‬ثم اختتم اجلمع بالدعاء‬ ‫بالشفاء‬ ‫لشيخنا‬

‫الطلب‬

‫ة املتخرجو‬

‫ن عام ‪33‬‬ ‫‪14‬هـ ‪12 /‬‬

‫‪20‬م‬

‫كأحالم نائم‬ ‫فيا ليتها عادت‬ ‫لنا مرة أخرى‬ ‫الطالب املتخرج ‪ :‬عبد القادر حيدة‬

‫عل��ى أم��ل أن يلتق��وا يف‬ ‫مناس��بة أخرى على موائد‬ ‫الك��رام واهلل املوف��ق‬ ‫وصل��ى اهلل عل��ى س��يدنا‬ ‫حممد وعلى آل��ه وصحبه‬ ‫وسلم‬

‫الطالب املرتبص‪ :‬دحون سفيان‬

‫‪49‬‬ ‫الطالب املرتبص‪ :‬الدرقاوي طيب‬


‫تعيني الطلبة املتخرجني‬

‫زيارة جنلي الشيخ سيدي حممد عبد اللطيف‬ ‫بلقايد حفظه اهلل إىل زاوية تقرت و تعيني‬ ‫اإلمام هلا‬

‫شرح من طرف بعض القائمني على الزاوية‬ ‫للوفد الزائر‬

‫زاوية الشيخ سيدي حممد بلقايد (زاوية فرعية مليانة)‬

‫زاوية الشيخ سيدي حممد بلقايد (زاوية فرعية مليانة)‬

‫َّ‬ ‫إن اهلل إذا أنع��م على عبد نعمة ٌّ‬ ‫حيب‬ ‫أن يرى أثرهـا علي��ه‪ ،‬و أن يتحدث بها‬ ‫ وأمّا بنعمة ربك فحدث ّ‬ ‫وإن ّ‬ ‫مما أنعم‬ ‫اهلل به على زاوية الشيخ سيدي حممد‬ ‫بلقاي��د ‪d‬أن ّ‬ ‫خترج فيهـا طلبة العلم‬ ‫الش��رعي ّ‬ ‫ومت تعينه��م أئم��ة خطبـ��اء‬ ‫بالزواي��ا الفرعية التابعـة للزاوية األم‪،‬‬ ‫فاحلم��د هلل عل��ى هذه النعم��ة وجزى‬ ‫اهلل ش��يخنا عل��ى رعـايت��ه وعنايت��ه‬ ‫بل وعل��ى حرص��ه لنفع األمـ��ة بأئمة‬ ‫جامعني بني حفظ كتـاب اهلل وسنـة‬ ‫موالن��ا رس��ول اهلل ‪ ‬وفقـه وعقيدة‬ ‫أهل الس��نة واجلماعة مع س��لوك أهل‬ ‫اهلل الدال�ين علي��ه باحلال قب��ل املقال‪،‬‬ ‫فلله احلمد واملنة ‪.‬‬ ‫وبفض��ل اهلل وكرم��ه وتوفيقـ��ه ّ‬ ‫مت‬ ‫تنصيب ثالثـة م��ن الطلبـة املتخرجني‬ ‫بزاوي��ة مليانة والبلي��دة وزاوية تقرت‬ ‫باجلن��وب اجلزائري وذلك مـ��ن طــرف‬ ‫ّ‬ ‫جنـلي شيخنـا حفظهمـا اهلل تعــاىل‬ ‫الدكتور حممد نور الدين‪ ،‬والدكتور‬ ‫حممد عبد الرمحن‪ ،‬يرافقهما األس��تاذ‬ ‫أمحد معزوز‪.‬‬ ‫افتتحت ه��ذه اجلولة بزاوية مليانة بلد‬ ‫العلم والعلماء‪ ،‬حيث استقبل املريدون‬ ‫الوفـ��د الكري��م بقصائ��د الس��مـاع‬ ‫والذك��ر‪ ،‬ومظـاهر الف��رح واالبتهـاج‬ ‫متجليـ��ة عـل��ى وجوهه��م‪ ،‬ث��م بعـ��د‬ ‫زيـارة بعـ��ض مرافـ��ق الزاوية عقدت‬ ‫جلس��ة تل��ي فيه��ا حمض��ر التنصي��ب‬ ‫م��ع بع��ض وصايـ��ا ش��يخنـا حفظ��ه‬ ‫اهلل تعـ��اىل‪ ،‬وقب��ل مغـ��ادرة مليان��ة‬ ‫زار الوف��د الزاويـ��ة اليت يش��رف عليهـا‬ ‫احلاج قس��طـالي وهي زاوية أ ِذن حمي‬ ‫َ‬ ‫الطريق ّ‬ ‫قدس اهلل روحه ببنائها وس��ط‬ ‫‪50‬‬

‫تسر َّ‬ ‫جنة من البساتني ُّ‬ ‫الناظرين‪ ،‬وهي‬ ‫وهلل احلمد عامرة برباع��م من الفتيان‬ ‫والفتي��ات حيفظ��ون كت��اب اهلل‬ ‫تعاىل‪.‬‬ ‫ثم اتجّ ـه اجلمي��ع إىل مدينـة البليدة‪،‬‬ ‫وكس��ـابقتها اس��تقبل أهل الزاويـة‬ ‫أبنـ��اء ش��يخنـا بالس��مـاع والذك��ر‪،‬‬ ‫وبعـد تالوة مـا ّ‬ ‫تيسر من كتـاب اهلل‬ ‫تعـاىل‪ ،‬متـت ت�لاوة حمضر التنصيب‬ ‫واف�ترق اجلم��ع عل��ى وصايا ش��يخنا‬ ‫بإعمار الزوايا بالقرآن والذكر والعلم‬ ‫الشرعي‪.‬‬ ‫توجـ��ه الوف��د إىل اجلزائ��ر العـاصم��ة‬ ‫ليقـ��ل يف الي��وم املوال��ي الطـائرة حنو‬ ‫مدين��ة تقرت احملط��ة الثالثة واألخرية‬ ‫ليج��د نفس احل��ال ونفس االس��تقبال‬ ‫بقصائ��د الس��مـاع ومظـاهر الس��رور‬ ‫والف��رح‪ ،‬متت خ�لال النهار زي��ارة أربع‬ ‫زواي��ا صغ�يرة احلج��م كب�يرة األث��ر‬ ‫خرجت والزالت ّ‬ ‫خت��رج حفظة كتـاب‬ ‫اهلل‪ ،‬ث��م اجتمع الفقراء لي�لا بالزاويـة‬ ‫ال�تي تعت�بر حب��ق جوهرة س��طعت من‬ ‫أعمـ��اق اجلنـ��وب بزخرف��ة عـاليـ��ة‬ ‫ونقش فريـد‪ ،‬حضـ��ر اجلمع عـدد من‬ ‫العلم��اء فـامت��زج اجملل��س بـالقــ��رآن‬ ‫والس��ماع وال��دروس النافع��ة‪ ،‬ثم تلي‬ ‫حمض��ر تنصي��ب اإلمام اخلطي��ب الذي‬ ‫أدىل هو كذلك بدلــوه مع العلمـــاء‪،‬‬ ‫و اختتم اجلمع بالدعاء لشيخنـا حفظه‬ ‫اهلل تعـاىل بالش��فـاء والعافية والتمين‬ ‫ألبنـائنـ��ا الطلب��ة التوفي��ق والس��داد‬ ‫والرش��د سائلني املوىل العلي القدير أن‬ ‫يوفق باقي أهل الزوايا إىل إمتام بنائها‬ ‫وإعمارها بالقرآن والذكر والعلم‪.‬‬


‫ركـــــن الطلبــــــة‬

‫الطلبة املتخرجون ‪51‬‬ ‫دفعة ‪1433‬هـ ‪2012 /‬م‬


‫ركـــــن الطلبــــــة‬

‫كالم صفوة أهل اهلل‬ ‫من روائع كالم األئمة األربعة‬ ‫رضي اهلل عنهم‬

‫قال اإلمام أبو حنيفة النعمان‬

‫قال سيــدنا عـلــي‬ ‫كرم اهلل وجهه‬

‫رضي اهلل عنه‬ ‫قال ‪ d‬يف إظهار نعمة صحبة‬ ‫الصاحلني بعدما صحب سيدنا جعفر‬ ‫الصادق سنتني قال _ لوال السنتان‬ ‫هللك النعمان _‬

‫قال سيدنا أبوبكر الصديق‬ ‫أق��ل الناس قيمة أقله��م علما‪ ،‬إذ قيمة‬ ‫املرء ما حيس��نه وكفى بالعلم ش��رفا‬ ‫رضي اهلل عنه‬ ‫أن يدعي��ه م��ن الحيس��نه ويف��رح به‬ ‫إذا نس��ب إلي��ه‪ ،‬وكف��ى باجله��ل ذما قال اإلمام مالك رضي اهلل عنه‬ ‫إن العب��د إذا دخل��ه العجب بش��ىء من‬ ‫أن يت�برأ من��ه م��ن ه��و في��ه‪ ،‬ويغضب الدن��و م��ن الباط��ل هلك��ة والق��ول‬ ‫زين��ة الدني��ا مقت��ه اهلل تع��اىل حت��ى‬ ‫إذا نس��ب إليه والناس ع��امل أو متعلم‪ ،‬بالباط��ل ُبع��د ع��ن احل��ق‪ ،‬وال خري يف‬ ‫يفارق تلك الزينة ‪.‬‬ ‫شيء من الدنيا بفساد دين املر ومروءته‬ ‫وسائرهم همج رعاع‪.‬‬ ‫قال سيدنا عمر بن اخلطاب‬ ‫رضي اهلل عنه‬

‫من خاف من اهلل تعاىل مل يشف غيظه‬ ‫ومن يتق اهلل مل يضيع ما يريد ‪.‬‬

‫قال اإلمام الشافعي‬

‫وقال أيضا رضي اهلل عنه‬ ‫صن النفس وامحلها على ما يزينها‬

‫رضي اهلل عنه‬ ‫أص��ل العل��م‪ :‬التثبي��ت‪ ،‬وثـمرت��ه‪:‬‬ ‫السالمة‬

‫تعش ساملا والقول فيك مجيل أصل الورع ‪ :‬القناعة‪ ،‬وثـمرته ‪ :‬الراحة‬ ‫وإن ضاق رزق اليوم فاصرب إىل غد‬

‫أصل الصرب ‪ :‬احلزم‪ ،‬وثـمرته ‪ :‬الظفر‬

‫عسى نكبات الدهر عنك تزول أص��ل العم��ل‪ :‬التوفي��ق‪ ،‬وثـمرت��ه ‪:‬‬ ‫قال سيدنا عثمان بن عفان‬ ‫النجاح‬ ‫رضي اهلل عنه‬ ‫وما أكثر اإلخـــوان حني تعدهم‬ ‫وغاية كل أمر الصدق‬ ‫ولكنهم عند النائبات قليل‪.‬‬ ‫اتق��و اهلل ف��إن تق��واه جن��ة م��ن يأس��ه‬ ‫ووس��يلة عنده واحذروا من اهلل الغرية‬ ‫قال اإلمام أمحد رضي اهلل عنه‬ ‫والزم��و مجاعتكم التص�يروا أخدانا‬ ‫إذ أردت أن يكون لك اهلل كما حتب‬ ‫واذك��رو نعم��ة اهلل عليك��م إذ‬ ‫فكن كما حيب‬ ‫كنت��م أع��داء فأل��ف ب�ين قلوبك��م‬ ‫فأصبحتم بنعمته إخوانا ‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫ركـــــن الطلبــــــة‬

‫ترمجة‬ ‫ترمجة اإلمام ورش ‪:d‬‬ ‫مل��ا كان أهل املغرب عموم��ا يقرؤون‬ ‫الق��رآن برواية اإلم��ام ورش كان لزاما‬ ‫على أهل املغرب أن يعرفوا ولو القليل‬ ‫عن اإلمام ورش وكيف كانت سريته‬ ‫ومسريته مع القرآن الكريم ورأينا أنه‬ ‫من الواج��ب أن نرتجم ل��ه ونعرف خلف‬ ‫هذه األمة بسلفها وعلمائها‪.‬‬ ‫نسبه‬ ‫ه��و ش��يخ الق��راء احملققني وإم��ام أهل‬ ‫األداء املرتل�ين الذي انتهت إليه رئاس��ة‬ ‫اإلق��راء بالدي��ار املصري��ة يف زمانه من‬ ‫غري من��ازع عثمان بن س��عيد بن عبد‬ ‫اهلل بن عمرو بن س��ليمان ب��ن إبراهيم‬ ‫املصري موىل آلل الزبري بن العوام ‪. d‬‬ ‫مولده‬ ‫ول��د س��نة عش��ر ومائة بقف��ط بلد من‬ ‫بالد صعيد مصر وأصله من القريوان ‪،‬‬ ‫كان ‪ d‬يكنى بأبي سعيد ولقبه‬ ‫شيخه اإلمام نافع رضي اهلل بورش ألنه‬ ‫كان عل��ى قصره يلب��س ثيابا قصارا‬ ‫فإذا مشى بدت رجاله وقيل لقب بورش‬ ‫لش��دة بياض��ه ولزم��ه ذلك حت��ى صار‬ ‫ال يع��رف إال ب��ه‪ ،‬ومل يك��ن فيما قيل‬ ‫أحب إليه منه فكان يقول ‪ « :‬أستاذي‬ ‫مساني به ‪.‬‬

‫اإلمام ورش ‪d‬‬

‫الق��راءة حس��ن الص��وت حي�بر القرآن‬ ‫حتبريا وجيوده جتويدا قد أوتي مزمارا‬ ‫م��ن مزام�ير آل داوود وحلس��ن صوت��ه‬ ‫كان الطلب��ة يهبونه حصصهم يقول‬ ‫‪ «d‬فكان��وا يهب��ون ل��ي أس��باقهم‬ ‫حتى كنت أقرأ عليه كل يوم سبعا‬ ‫وختمت يف سبعة أيام فلم أزل كذلك‬ ‫حتى ختمت عليه أربع ختمات يف شهر‬ ‫وخرجت‪.‬‬ ‫شيوخه وتالمذته‬ ‫كان اإلمام نافع بن نعيم أش��هر شيوخ‬ ‫ورش فق��د ارحت��ل إليه وع��رض عليه‬ ‫الق��رآن وختم��ه عل��ى مس��امعه عدة‬ ‫م��رات ونقل عنه القراءة أيضا وإضافة‬ ‫إىل اإلم��ام نافع نق��ل ورش القراءة عن‬ ‫امساعيل القسط وعن عبد الوارث عن‬ ‫أب��ي عمرو وأما تالمذته الذين عرضوا‬ ‫علي��ه الق��رآن ف��كان منهم أب��و ربيع‬ ‫امله��ري وأمح��د صاحل ويون��س بن عبد‬ ‫األعلى وداود ابن أبي طيبة وآخرون‬

‫خصائص قراءة ورش‬ ‫انتش��رت قراءة ورش يف مشال إفريقيا‬ ‫وغربه��ا ويف األندل��س وه��ي أكث��ر‬ ‫القراءات ش��يوعا يف العامل اإلس�لامي‬ ‫ومن خصائصه��ا ختفيف همزة القطع‬ ‫وإمال��ة األلف إىل الي��اء يف أواخر بعض‬ ‫وجاء يف صفته أنه كان أش��قر‪ ،‬أزرق‬ ‫الكلمات‬ ‫العينيني أبيض اللون إىل السمن أقرب‬ ‫منه إىل النحافة‪.‬‬ ‫اشتهار قراءة اإلمام ورش يف‬ ‫املغرب العربي‬

‫إش��تغل ‪ d‬بالق��رآن و بالعربية فمهر‬ ‫فيهما‪ ،‬رحل إىل اإلمام نافع ‪ d‬فعرض‬ ‫علي��ه أرب��ع ختم��ات وكان ‪ d‬جيد الق��راءة ه��ي« م��ا اتفق علي��ه مجهور‬ ‫‪53‬‬

‫ال��رواة عن األئمة الس��بعة أو العش��رة‬ ‫و»الرواية« تعين ما نقله أحد مش��اهري‬ ‫تالم��ذة اإلمام عن��ه (مثال ذل��ك رواية‬ ‫ورش ع��ن ناف��ع و رواي��ة حف��ص ع��ن‬ ‫عاصم) وأم��ا »الطريق« فهي ما أس��ند‬ ‫إىل أح��د كب��ار الق��راء ع��ن ال��راوي‬ ‫املعتمد مثل طريق أبي يعقوب األزرق‬ ‫ يف رواي��ة ورش س��عيد يف ق��راءة نافع‪.‬‬ ‫و يعت�بر ورش م��ن ب�ين األربع��ة‬ ‫األكث��ر ش��هرة ب�ين ال��رواة ع��ن‬ ‫ناف��ع و الذي��ن رك��ز املقرئ��ون عل��ى‬ ‫رواياته��م و ه��م إمساعي��ل ب��ن جعفر‬ ‫ و إس��حاق املس��ييب و قال��ون وورش‪.‬‬ ‫و ناف��ع املدني ه��و العلم ال��ذي أمجعت‬ ‫األمة على إمامته و س��نية قراءته حيث‬ ‫قال عنه مالك بن أن��س إنه (إمام الناس‬ ‫يف القراءة) و ق��ال عنه أمحد بن حنبل‬ ‫(إن أحب القراءة إليه قراءة أهل املدينة)‬ ‫وه��ي قراءة نافع‪ .‬كم��ا روي عن مالك‬ ‫بن أنس أنه قال (قراءة أهل املدينة سنة)‬ ‫قيل ل��ه قراءة نافع؟ ق��ال‪ :‬نعم‪( .‬و ليس‬ ‫معنى ذلك أن قراءة غريه ليس��ت سنة‪،‬‬ ‫ب��ل املقصود أنها س��نة أه��ل املدينة أي‬ ‫قراءتهم اليت اختاروها و القراءات السبع‬ ‫بل العش��ر كلها س��نة ثبتت عن النيب‬ ‫بالتوات��ر) و ق��د كان نافع القارئ‬ ‫ ش��يخا لإلمام مالك رمحهم اهلل مجيعا‪.‬‬ ‫واعت��اد املصنف��ون يف الق��راءات أن‬ ‫يبدؤوا به وبقراءته‪ ،‬حيث قال الشاطيب‬ ‫عنه يف حرز األماني يف ابتداء ِّ‬ ‫عد ُب ُدور‬ ‫القراءات السبعة‪:‬‬

‫‪‬‬

‫أما الكريم السر يف الطيب نافع‬ ‫فذاك الذي اختار املدينة منزال‬


‫و طري��ق األزرق م��ن الط��رق الثالث��ة‬ ‫اليت اش��تهرت يف اإلج��ازات و ُدونت يف‬ ‫كت��ب الق��راءات و ه��ي باإلضافة إىل‬ ‫الطري��ق األول األكثر ش��هرة »طريق‬ ‫األزرق«‪ ،‬طري��ق حممد بن عبد الرحيم‬ ‫األصبهان��ي و طري��ق أب��ي األزهر عبد‬ ‫الصم��د ب��ن عب��د الرمحن بن القاس��م‪.‬‬ ‫وق��د أخ��ذ األزرق الق��راءة ع��ن ورش‬ ‫عرض��ا و مساع��ا و خلف��ه يف اإلق��راء‬ ‫مبص��ر‪ .‬و ينق��ل اب��ن اجلزري ع��ن أبي‬ ‫الفض��ل اخلزاعي أن��ه أدرك أهل مصر‬ ‫و املغ��رب على رواية أب��ي يعقوب عن‬ ‫ورش ال يعرفون غريه��ا وإن كان هذا‬ ‫القول فيه ش��يء م��ن البالغة فإنه يعين‬ ‫م��ا هل��ذه الطريق��ة م��ن مكان��ة عند‬ ‫املغارب��ة عموما‪ .‬و يؤكدها أن الداني‬ ‫يف كت��اب اجلام��ع نقله��ا من تس��عة‬ ‫أس��انيد م��رورا بأبي بكر بن س��يف و‬ ‫إمساعي��ل النح��اس‪ ،‬و ه��ذه الطريقة‬ ‫هي املعتمدة يف جل اإلجازات املغربية‪،‬‬ ‫و أغل��ب أوج��ه األداء به��ا‪ .‬و ق��د أوردها‬ ‫الدان��ي بواس��طة حمم��د ب��ن س��عيد‬ ‫ النماطي‪ ،‬و بكر بن سهل الدمياطي‪.‬‬ ‫و ق��د اش��تهرت ه��ذه الرواي��ة باملغ��رب‬ ‫واعتن��ى به��ا املغارب��ة بق��راءة أه��ل‬ ‫املدين��ة عناي��ة فائق��ة و ذل��ك م��وازاة‬ ‫م��ع املذه��ب املالك��ي ال��ذي اخت��اره‬ ‫املغارب��ة‪ ،‬فناف��ع الق��ارئ كان ش��يخا‬ ‫ لإلم��ام مال��ك رمحه��م اهلل مجيع��ا‪.‬‬ ‫وقراءة نافع قراءة املدينة عرفت انتشارا‬ ‫واس��عا يف مجي��ع األمص��ار (كم��ا‬ ‫يقال م��ن األندلس إىل خراس��ان) حيث‬ ‫انطلق��ت من املدين��ة املنورة ش��رقا إىل‬ ‫الع��راق ث��م إىل م��ا وراء النه��ر‪ .‬فاجتهت‬ ‫بذل��ك إىل مصر و الق�يروان و األندلس‬ ‫و املغ��رب العرب��ي وازده��رت يف مص��ر‬

‫يف مدرس��ة اإلم��ام ورش ب��ن س��عيد ثم‬ ‫انتقلت إىل القريوان عند اإلمام حممد‬ ‫ب��ن خريون واب��ن س��فيان و فيها أصدر‬ ‫أح��د القض��اة حكم��ا ب��أن ال يق��رئ‬ ‫غريه‪ .‬ثم كان التواصل بني القريوان‬ ‫و األندل��س م��ع املش��رق فعرف��ت ه��ذه‬ ‫الق��راءة عهدا ذهبي��ا كان أقطابه أبو‬ ‫حممد مكي القيس��ي و أب��و العباس‬ ‫امله��دوي و أب��و علي األنطاك��ي و أبو‬ ‫عمرو الداني و ابن شريح‪ ،‬وملا بدأ جنم‬ ‫األندلس يف األفول جل��أت القراءات إىل‬ ‫الزواي��ا املغربي��ة و فيها وق��ع الرتكيز‬ ‫خصوص��ا على ق��راءة أه��ل املدينة يف‬ ‫أقطار املغرب العربي كله‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫وفاته‬ ‫ملا كانت س��نة س��بع وتس��عني ومائة‬ ‫حضرته املنية وقد بلغ من العمر س��بعا‬ ‫وثـمانني س��نة ودفن مبصر يف خالفة‬ ‫املأم��ون فج��زاه اهلل ع��ن الق��رآن وأهل‬ ‫الق��رآن خ�يرا ورفع بالق��رآن منزلته يف‬ ‫أع�لا عليني وطي��ب اهلل ث��راه وجعل‬ ‫اجلنة‪ .‬مأواه‬


‫الطلبــــــة‬ ‫ركـــــن الطلبــــــة‬ ‫ركـــــن‬

‫األسرة املتوكلة‬ ‫حكي أن حامت األصم كان رجال كثري العيال‪ ،‬وكان له أوالد ذكور‬ ‫وإناث‪ ،‬ومل يكن ميلك حبة وحدة‪...‬فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث‬ ‫معهم‪ ،‬فتعرضوا لذكر احلج‪ ،‬فداخل الشوق قلبه‪ ،‬ثم دخل على أوالده‪ ،‬فجلس‬ ‫معهم حيدثهم‪ ،‬ثم قال هلم‪:‬ماذا لو أذنتم ألبيكم أن يذهب إىل بيت ربه يف هذا‬ ‫العام حاجا‪ ،‬ويدعو لكم؟‬ ‫فقالو‪ :‬أنت وحنن على ما ترى من الفاقة‪ ،‬فكيف تريد ذلك وحنن بهذه احلالة؟‬ ‫وكانت له ابنة صغرية فقالت‪ :‬ماذا عليكم لو أذنتم له‪ ،‬دعوه يذهب‬ ‫حيث شاء‪ ،‬فإنه مناول للرزق‪ ،‬وليس برزاق‪ ،‬فذكرتهم ذلك‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬صدقت هذه الصغرية واهلل يا أبانا‪ ،‬انطلق حيث أحببت‪.‬‬ ‫فقام من وقته‪ ،‬وخرج مسافرا للحج‪ ،‬وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جريانهم‬ ‫يوخبونهم كيف أذنوا له باحلج‪ ،‬فجعل أوالده يلومون تلك الصغرية‬ ‫ويقولون‪ :‬لو سكت ما تكلمنا‪.‬‬ ‫فرفعت الصغرية طرفها إىل السماء‪ ،‬وقالت‪ :‬إهلي وسيدي وموالي‪،‬‬ ‫عودت القوم بفضلك وأنك ال تضيعهم فال ختيبهم‪ ،‬وال ختجلين‬ ‫معهم‪...‬‬ ‫فبينما هم على هذه احلالة إذ خرج أمري البلدة للصيد‪ ،‬فانقطع عن عسكره‬ ‫وأصحابه‪ ،‬فحصل له عطش شديد‪ ،‬فاجتاز بيت الرجل الصاحل حامت األصم‪،‬‬ ‫فاستسقى منهم ماء‪ ،‬وقرع الباب‪...‬‬ ‫فقالوا‪ :‬من أنت؟‬ ‫قال‪ :‬األمري ببابكم يستسقكم‪ ،‬فرفعت زوجة حامت رأسها إىل السماء‬ ‫وقالت‪ :‬إهلي وسيدي سبحانك‪ ،‬البارحة بتنا جياعا‪ ،‬واليوم يقف األمري‬ ‫على بابنا يستسقنا‪ ‬؟ ثم أخذت كوزا جديدا ومألته ماء‪ ،‬وقالت‬ ‫للمتناول منها‪ :‬اعذرونا‪ .‬فأخذ األمري الكوز وشرب منه‪،‬‬ ‫فاستطاب الشرب من ذلك املاء‪ .‬فقال‪ :‬هذه الدار ألمري؟‬ ‫فقالوا‪ :‬ال واهلل‪ ،‬بل لعبد من عباد اهلل الصاحلني‬ ‫يعرف حبامت األصم‪.‬‬ ‫فقال األمري‪ :‬لقد مسعت به‪.‬‬ ‫‪55‬‬


‫فقال الوزير‪ :‬يا سيدي لقد مسعت أنه البارحة سافر للحج ومل‬ ‫خيلف لعياله شيئا‪ ،‬وأخربت أنهم البارحة باتوا جياعا‪.‬‬ ‫فقال األمري‪ :‬وحنن أيضا قد أثقلنا عليهم اليوم‪ ،‬وليس من املروءة أن يثقل‬ ‫مثلنا على مثلهم‪ ،‬ثم حل األمري منطقة(ما يشد به الوسط)من وسطه ورمى بها‬ ‫يف الدار‪.‬‬ ‫ثم قال ألصحابه‪ :‬من أحبين فليلق منطقته‪ ،‬فحل مجيع أصحابه مناطقهم ورموا‬ ‫بها إليهم ثم انصرفوا‪..‬‬ ‫وقال الوزير‪ :‬السالم عليكم أهل البيت‪ ،‬آلتينكم الساعة بثمن هذه‬ ‫املناطق‪ ،‬فلما أنزل األمري رجع إليهم الوزير‪ ،‬ودفع إليهم ثـمن املناطق ماال‬ ‫جزيال واسرتجعها منهم‪.‬‬ ‫فلما رأت الصبية الصغرية ذلك بكت بكاء شديدا‪ ،‬فقالوا هلا‪ :‬ما هذا‬ ‫البكاء؟إمنا جيب أن تفرحي فإن اهلل قد وسع علينا‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬يا أم‪...‬واهلل إمنا بكائي كيف بتنا البارحة جياعا‪ ،‬فنظر إلينا‬ ‫خملوق نظرة واحدة‪ ،‬فأغنانا بعد فقرنا‪ ،‬فالكريم اخلالق إذا نظر‬ ‫إلينا ال يكلنا إىل أحد طرفة عني‪...‬اللهم انظر إىل أبينا‪ ،‬ودبره‬ ‫بأحسن التدبري‪..‬‬ ‫هذا ما كان من أمرهم‪ ،‬وأما ما كان من أمر حامت أبيهم‪ ،‬فإنه ملا خرج‬ ‫حمرما وحلق بالقوم توجع أمري الركب‪ ،‬فطلبوا له طبيبا‪ ،‬فلم جيدوا‪ ،‬فقال ‪:‬هل‬ ‫عبد صاحل؟ فدل على حامت‪ ،‬فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعويف األمري من‬ ‫وقته‪ ،‬فأمر له مبا يركب‪ ،‬وما يأكل وما يشرب‪ ،‬فنام تلك الليلة مفكرا‬ ‫يف أمر عياله‪ ،‬فقيل له يف منامه‪ :‬يا حامت‪ ،‬من أصلح معاملته معنا أصلحنا‬ ‫معاملتنا معه‪...‬ثم أخرب مبا كان من أمر عياله‪ ،‬فأكثر الثناء على اهلل‬ ‫تعاىل‪ ،‬فلما قضى حجه ورجع تلقته أوالده‪ ،‬فعانق الصبية الصغرية‬ ‫وبكى‪ ،‬ثم قال‪ :‬صغار قوم كبار قوم آخرين‪ ،‬إن اهلل ال ينظر‬ ‫إىل أكربكم ولكن ينظر إىل أعرفكم به‪ ،‬فعليكم‬ ‫مبعرفته واإلتكال عليه‪ ،‬فإنه من توكل على اهلل‬ ‫فهو حسبه‪.‬‬

‫‪56‬‬


‫ركـــــن الطلبــــــة‬

‫إسرتاحة اجمللة‬ ‫اهلم؟؟‬ ‫عالم ُّ‬ ‫رأى إبراهيم بن األدهم ً‬ ‫ً‬ ‫مهموما‪،‬‬ ‫رجال‬ ‫فقال له‪ :‬أيها الرجل‪ :‬أجيري يف هذا‬ ‫ الكون شيء ال يريده اهلل؟ قال‪ :‬ال‬ ‫ق�����ال‪ :‬أي��ن��ق��ص م���ن رزق���ك‬ ‫ ش����يء ق�����دره اهلل؟ ق�����ال‪ :‬ال‬ ‫ق��ال‪ :‬أينقص م��ن أجلك حلظة‬ ‫ كتبها اهلل يف عمرك؟ ق��ال‪ :‬ال‬ ‫قال إبراهيم‪ :‬فعالم اهلم إذن؟؟‬ ‫فقال له الرجل‪ :‬سر على بركة‬ ‫علوت بقدر علمي‬ ‫سئل أحد العلماء وهو على املنرب اهلل‪ ،‬فأنت الراكب وأنا املاشي‪.‬‬ ‫عن مسألة فقال‪ :‬اهلل أعلم ال أدري‪،‬‬ ‫فقيل له‪ :‬هذا املنرب ال يرقاه اجلهالء‬ ‫يطفيء السراج لئال يتحرج‬ ‫فقال‪ :‬إمنا علوت بقدر علمي‪ ،‬ولو‬ ‫السائل‬ ‫علوت بقدر جهلي لبلغت السماء‪.‬‬ ‫روي ع��ن سعيد ب��ن ال��ع��اص أنه‬ ‫ك��ان يطعم الناس يف رمضان‬ ‫فتخلف عنده ذات ليلة شاب من‬ ‫أنت الراكب‪ ..‬وأنا املاشي‬ ‫‪ ‬خرج إبراهيم ابن اده��م إىل احلج قريش بعدما تفرق الناس‪ ،‬فقال‬ ‫ماشيا‪ ..‬ف��رآه رج��ل على ناقته له سعيد‪ :‬أحسب أن الذي ّ‬ ‫خلفك‬ ‫فقال له‪ :‬إىل أين يا إبراهيم؟ قال‪ :‬حاجة؟ قال‪ :‬نعم‪ :‬أصلح اهلل األمري‬ ‫أريد احلج‪ .‬قال‪ :‬أين الراحلة فإن ‪ .‬فأطفأ سعيد الشمعة ثم قال ما‬ ‫الطريق طويلة؟ فقال‪ :‬لي مراكب حاجتك؟ قال‪ :‬تكتب لي إىل أمري‬ ‫ كثرية ال ت��راه��ا‪ ..‬ق��ال‪ :‬ماهي؟‪ ‬املؤمنني أن ّ‬ ‫علي دينا‪ ،‬واحتاج إىل‬ ‫ق����ال‪ :‬إذا ن��زل��ت ب���ي مصيبة مسكن ‪ .‬قال‪ :‬كم دينك؟ قال ألفا‬ ‫ رك���ب���ت م���رك���ب ال���ص�ب�ر‪ .‬دينار‪ ،‬وذكر ثـمن املسكن ‪ .‬فقال‬ ‫وإذا ن����زل����ت ب����ي ن��ع��م��ة سعيد‪ :‬خذها منا ونكفيك مؤونة‬ ‫ رك��ب��ت م��رك��ب ال��ش��ك��ر‪ .‬السفر‪ ..‬فكان الناس يقولون‪ :‬إن‬ ‫وإذا ن�����زل ب����ي ال��ق��ض��اء إطفاء الشمعة أحسن من إعطائه‬ ‫ رك���ب���ت م���رك���ب ال���رض���ا‪ .‬املال‪ ،‬لئال يرى يف وجهه ذل املسألة‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫سألتك باهلل أن ال خترب أحد ًا‬ ‫أنين أنقذتك‬

‫كان احلجاج بن يوسف الثقفي‬ ‫يستحم باخلليج العربي فأشرف‬ ‫ على الغرق فأنقذه أحد املسلمني‬ ‫و عندما محله إىل الرب قال له احلجاج‬ ‫ ‪ :‬أطلب ما تشاء فطلبك جماب‬ ‫ف���ق���ال ال����رج����ل‪ :‬وم����ن أن��ت‬ ‫ ح��ت��ى جت��ي��ب ل���ي أي ط��ل��ب ؟‬ ‫ قال‪ :‬أنا احلجاج بن يوسف الثقفي‬ ‫قال له ‪ :‬طليب الوحيد أنين سألتك‬ ‫باهلل أن ال خترب ً‬ ‫أحدا أنين أنقذتك‬

‫فموت يريح منه العباد والبالد‬

‫ قيل حلكيم‪ :‬أي األشياء خري للمرء؟‬ ‫ ق�������ال‪ :‬ع���ق���ل ي���ع���ي���ش ب��ه‬ ‫ ق�����ي�����ل‪ :‬ف�������إن مل ي��ك��ن‬ ‫ ق���ال‪ :‬ف��إخ��وان ي��س�ترون عليه‬ ‫ ق�����ي�����ل‪ :‬ف�������إن مل ي��ك��ن‬


‫ ق��ال‪ :‬فمال يتحبب به إىل الناس‬ ‫ ق����ي����ل‪ :‬ف�������إن مل ي��ك��ن‬ ‫ ق������ال‪ :‬ف������أدب ي��ت��ح��ل��ى ب��ه‬ ‫ ق����ي����ل‪ :‬ف�������إن مل ي��ك��ن‬ ‫ ق������ال‪ :‬ف��ص��م��ت ي��س��ل��م ب��ه‬ ‫ ق����ي����ل‪ :‬ف�������إن مل ي��ك��ن‬ ‫قال‪ :‬فموت يريح منه العباد والبالد‬

‫ب�ني ط��ف��وان وب�ن�ي غطسان‬

‫ختاصمت قبيلتا ب�ني طفوان‬ ‫ وب�ني غطسان يف نسب طفل‪ ‬‬ ‫ادع����ت ك���ل م��ن��ه��م��ا ان���ه هلا‬ ‫ فاحتكموا اىل أول ق��ادم إليهم‬ ‫ وكان القادم إليهم معتوها(جمنونا)‬ ‫ فقال ‪ :‬اطرحوه يف اليم ( البحر )‪ ‬‬ ‫ ف���إن ط��ف��ا ف��ه��و ل��ب�ني ط��ف��وان‪ ‬‬ ‫وإن غطس فهو لبين غطسان‬

‫أربـــــعة‪:‬‬

‫ بال حــاصل‪.‬‬ ‫"‪ - 5‬أربعــة من عالمـــات اللــؤم‪:‬‬ ‫إفشــاء السر‪ ،‬واعتقــاد الغدر‪،‬‬ ‫وغيبة اإلصــرار‪ ،‬وإســاءة اجلوار‪.‬‬

‫‪ - 1‬أربعــة تولــد احملبة‪ :‬حسن‬ ‫البشر‪ ،‬وبذل الرب‪ ،‬وقصد الوفــاق‪،‬‬ ‫ وترك النفــاق‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أربعــة تؤدي إلـــى أربعة‪:‬‬ ‫حصنها بالعدل ونقي طرقها‬ ‫الصمت إىل السالمة‪ ،‬والرب إىل‬ ‫من الظلم‪.‬‬ ‫الكرامة‪ ،‬واجلود إىل السيادة‪،‬‬ ‫كتب أحد الوالة للخليفه عمر بن‬ ‫ والشكر إىل الزيــادة‪.‬‬ ‫ماال كثرياً‬ ‫عبد العزيز ‪ d‬يطلب ً‬ ‫‪ - 3‬أربعــة من عالمـــات الكرم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫سورا حول عاصمة الواليه‪ .‬‬ ‫ ليبين‬ ‫بذل النــدى‪ ،‬وكف األذى‪،‬‬ ‫ وتعجيل املثوبة‪ ،‬وتأخري العقوبة‪ .‬فأجابه عمر‪ :‬ماذا تنفع األسوار؟؟‪ ‬‬ ‫‪ - 4‬أربعــة ال خيلو منهــا جــاهل‪ :‬حصنها بالعدل ونقي طرقها من‬ ‫الظلم‬ ‫قول بال معنى‪ ،‬وفعل بال جدوى‪،‬‬ ‫وخصومة بال طــائل‪ ،‬ومنــاظرة‬ ‫‪58‬‬

‫وصية خالدة‬

‫أوصى سيدنا علي بن أبي طالب‬ ‫كرم اهلل وجهه إبنه احلسن ‪d‬‬ ‫ً‬ ‫قائال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أرب���ع���ا‪ :‬‬ ‫ ي��اب�ني إح��ف��ظ ع�ن�ي‬ ‫ أغ����ن����ى ال���غ���ن���ى ال���ع���ق���ل‪ ‬‬ ‫ وأك���ب��ر ال���ف���ق���ر احل���م���ق‪ ‬‬ ‫ وأوح�����ش ال��وح��ش��ه ال��ع��ج��ب‪ ‬‬ ‫وأكرم احلسب حسن اخللق‬


‫ركـــــن الطلبــــــة‬

‫ فقه العــــــــــــــدد ‪-‬‬‫له إس��تعمال خامت من فضة كما أم��ا إذا دفنت فيصليه��ا ويعيدها‬ ‫س‪:1‬هل ينجس كثريطعام‬ ‫بقليل النجاسة أم ال؟‬ ‫قال الشيخ خليل رمحه اهلل(وخامت عل��ى الق�بر لق��ول الش��يخ خليل‬ ‫الفض��ة )أي هذا لي��س حمرم على رمحه اهلل(وإن دفن فعلى القرب)‪.‬‬ ‫ج‪ :1‬املقص��ود م��ن الطع��ام ه��و الرجل ولكن بشروط‪:‬‬ ‫الطعام املائع كاحلليب والسمن‬ ‫‪ _1‬أن يك��ون متح��داأي أن‬ ‫س‪ :4‬هل يرتتب على الس��قط‬ ‫والعس��ل فإن سقطت فيه جناسة‬ ‫جيع��ل خامت��ا واح��دا يف ي��ده ال‬ ‫أحكام اجلنازة ؟‬ ‫ول��و قل��ت وكان ه��و كث�يرا‬ ‫أكث��ر ون��دب ل��ه أن جيعل��ه يف‬ ‫كقل��ة من احللي��ب فإنها تنجس‬ ‫اليد اليسرى‪.‬‬ ‫كله��ا قال الش��يخ خلي��ل رمحه‬ ‫اهلل(وينج��س كثري طع��ام مائع ‪ _2‬أن يكون وزنه قدر درهمني ج‪ :4‬الس��قط مس��ي س��قطا ألنه‬ ‫ول��د ميتا فال يغس��ل وال يكفن‬ ‫بنجس ق��ل) مفهومه أنه إذا كان من الفضة ‪.‬‬ ‫واليصل��ى علي��ه لق��ول الش��يخ‬ ‫هذا الطعام جامدا وس��قطت عليه ‪ _3‬أن جيعله للسنة ال للعجب أو‬ ‫خليل رمحه اهلل(وغسل دمه ولف‬ ‫جناس��ة فإن��ه ال ينج��س وين��زع الرفاهية‪.‬‬ ‫خبرق��ه ووري)أي عليه الرتاب‪ ،‬أما‬ ‫حبسب قدرالنجاسة‪،‬‬ ‫فإذا سقط شرط من هذه الشروط إذاول��د الطفل حي��ا ثم م��ات فإنه‬ ‫يعام��ل معاملة املي��ت الكبريمن‬ ‫فال جيوز له إختاذه‪.‬‬ ‫تغس��يل وتكفني وصالة ودفن‬ ‫لقول الش��يخ خليل رمحه اهلل(إال‬ ‫س‪:3‬ما حك��م إذا صلى اإلمام‬ ‫أن تتحق��ق احلي��اة)أي بصي��اح‬ ‫على اجلنازة بغري دعاء أو سلم‬ ‫أوحن��وه بآله ثم إن م��ات فإنه بعد‬ ‫يف التكبرية الثالثة؟‬ ‫ذل��ك مباش��رة يغس��ل ويكفن‬ ‫ويصلى علي��ه ويدفن‪ ،‬فحكمه‬ ‫ج‪ :3‬الص�لاة باطل��ة وجي��ب كحكم امليت الكبري‪.‬‬ ‫إعادتهاق��ال الش��يخ خليل رمحه‬ ‫س‪:2‬ما شروط إستعمال خامت اهلل (وإن وااله أو س��لم بع��د‬ ‫س‪:5‬ماحكم م��ن كان يف صالة‬ ‫ث�لاث أع��اد) أي إذا صل��ى عليها‬ ‫الفضة بالنسبة للرجل؟‬ ‫الصبح فتذكر أن عليه الوتر؟‬ ‫بالتكبري دون الدعاء أوسلم بعد‬ ‫ج‪ :2‬ح��رم الش��رع عل��ى الرج��ل التكب�يرة الثالثةجي��ب إع��ادة‬ ‫إستعمال الذهب واحلرير ورخص الصالة وه��ذا إن بقيت ومل تدفن‪ ،‬ج‪ :5‬ق��ال الش��يخ خلي��ل رمح��ه‬ ‫‪59‬‬


‫اهلل(ن��دب قطعه��ا لف��ذ الم��ؤمت وقام لقضاء ركعة فاته‪ ،‬فهنا إذا س‪:8‬م��ا حك��م اجلن�ين ال��ذي‬ ‫ويف اإلمام روايت��ان)أي ندب للفذ سها فحكمه كحكم اإلمام‪ .‬خرج من الشاة بعد ذحبها؟‬ ‫واإلم��ام ال املأم��وم فه��و جائزله‪ ،‬أي‬ ‫قطع ص�لاة الصبح لص�لاة الوتر‬ ‫ج‪ :8‬يك��ون ح��ال اجلن�ين على‬ ‫ه��ذا إن مل يت��م ركعة أم��ا إذا أمت‬ ‫س‪:7‬ه��ل تعم��ل ال��ذكاة يف أمري��ن إما خيرج ميت��ا وإما خيرج‬ ‫ركوعه��ا كمل صالت��ه وفاته‬ ‫النع��م امليئ��وس حياته وحيل حي��ا‪ ،‬ف��إن خ��رج ميتا فإن��ه حيل‬ ‫الوتروال يقضيه ألنه قد فات وقته‬ ‫أكل��ه ألن ذكات��ه ذكاة أمه‪،‬‬ ‫أكله؟‬ ‫بصالة الصبح‪.‬‬ ‫ولكن حيل أكله بشرطني‪:‬‬ ‫ج‪ :7‬مع�ني النع��م امليئ��وس حياته‬ ‫‪ _1‬إذا مت نب��ات ش��عر جس��ده‪،‬‬ ‫س‪:6‬ما حكم إذا س��هى اإلمام أي م��ن غن��م أو بق��ر أوإب��ل مرض‬ ‫واليكف��ي ش��عر ال��رأس أو‬ ‫يف العيد وترك تكبرية أو أكثر؟ مرض��ا ش��ديدا بس��ب انتف��اخ يف‬ ‫العينني‪.‬‬ ‫البطن مثال لعشب أكلته‪ ،‬فخاف‬ ‫عليه��ا مالكه��ا أن مت��وت ف��أراد ‪ _2‬إذا مت��ت خليقت��ه أي ت��ام‬ ‫ج‪ :6‬فإن تذكر بعد ما قرأ الفاحتة‬ ‫تذكيته��ا‪ ،‬فإنها حيل أكلها إذا اخللق��ة‪ ،‬قال الش��يخ خليل رمحه‬ ‫والس��ورة ومل ينح�ني للرك��وع‪،‬‬ ‫اهلل (ذكاة اجلن�ين ب��ذكاة‬ ‫ذكيت بشرطني ‪:‬‬ ‫أت��ى مب��ا نس��يه م��ن التكبريات‬ ‫ّ‬ ‫أم��ه إن مت‪ ،‬بش��عر )ف��إن س��قط‬ ‫وأع��اد قراءة الفاحتة مع الس��ورة‪_1 ،‬أن يس��يل الدم عند تذكيتها‬ ‫ش��رط واحد فال ي��ؤكل ويعترب‬ ‫وكم��ل صالته وعليه الس��جود أي خروجه بقوة‪،‬‬ ‫ميتة‪ ،‬أم��ا إذا خرج حيا تام اخللقة‬ ‫البع��دي‪ ،‬وهذا معنى قول الش��يخ‬ ‫‪_2‬أن تتح��رك حت��ركا قويا بعد والش��عر‪ ،‬فوج��ب تذكيته ليحل‬ ‫خليل رمح��ه اهلل(وكرب ناس��يه‬ ‫تذكيتها مب��د رجل وضمها‪ ،‬فال أكله لقول الش��يخ خليل رمحه‬ ‫إن مل يركع وسجد بعده)‪ ،‬أما إذا‬ ‫يكف��ي ضمــ��أ ومــ��دا فقط أو اهلل (وإن خ��رج حيا ذك��ي)‪ ،‬فإن‬ ‫احنن��ى للركوع وتذك��ر فهنا‬ ‫ارتعاش‪.‬فإن سقط شرط واحد من ت��رك حت��ى م��ات فيح��رم أكله‪.‬‬ ‫قد فات حم��ل تدارك التكبريات‪،‬‬ ‫هذين الشرطني فال حيل أكلها‪ ،‬وذكرنا يف هذه املس��الة مثال يف‬ ‫فيكمل صالتة وعليه السجود‬ ‫وه��ذا معن��ى ق��ول الش��يخ خليل الش��اة وقس عل��ى ذلك بالنس��بة‬ ‫القبل��ي‪ ،‬قال الش��يخ خليل رمحه‬ ‫رمح��ه اهلل (وإن آي��س م��ن حياته لبقية األنعام‪.‬‬ ‫اهلل (إال مت��ادى وس��جد غري املؤمت‬ ‫بتحرك قوي مطلقا وسيل الدم)‪.‬‬ ‫قبل��ه)‪ ،‬ومفهومه غ�ير املؤمت أي أن‬ ‫املأموم إذا س��هى ع��ن التكبريات‬ ‫يف صل��ب إمام��ه فإن��ه ال يس��جد‬ ‫س��جود الس��هو ألن اإلم��ام حيمل‬ ‫عن��ه ذل��ك‪ ،‬إال إذا كان مس��بوقا‬ ‫‪60‬‬


‫قال األستاذ الدكتور أمحد عمر هاشم حفظه اهلل تعاىل‬ ‫يا أكرم اخللق جئنا يوم ذكراك‬

‫والقلب باحلب واإلخ�ل�اص ناجاك‬

‫جئنا مدينتك ال��زه��راء يدفعنا‬

‫وج���د وش����وق وحت���ن���ان ل��رؤي��اك‬

‫كان إمسها يثربا من قبل مقدمكم‬

‫فأصبحت طيبة م��ن ي��وم لقياك‬

‫كانت كسائر بلدان الدنا فغدت‬

‫من بعد هجرتكم تسمو بدنياك‬

‫ق��د أصبحت حرما مل��ا سكنت بها‬

‫وروض����ة م��ن ج��ن��ان اخل��ل��د ت��ه��واك‬

‫ت��ع��ط��رت أرض��ه��ا مل��ا خ��ط��وت بها‬

‫وصار مسكا من جنان اخللد هواك‬

‫م��ن أرض طيبة ن���ور ع��م عاملنا‬

‫ال بشراك يا ع��امل اإلس�لام بشراك‬

‫مجعت ك��ل خ�لال ال��رس��ل قاطبة‬

‫وب��ال��ك��م��ال إل���ه ال��ع��رش حباك‬

‫وم���ا جت��م��ل رس���ل اهلل م��ن خلق‬

‫وم��ن فضائل بعض م��ن سجاياك‬

‫إن��ا حنبك ع��ن بعد وع��ن كثب‬

‫وم���ا نسيناك ي��وم��ا أو سلوناك‬

‫أعلى إل��ه ال��ورى ق��در احلياة بكم‬

‫من ق��اب قوسني رب العرش أدن��اك‬

‫وس�����درة امل��ن��ت��ه��ى مل���ا مس���وت هلا‬

‫ق��د ق��ال ج�بري��ل س��ر ف��اهلل يرعاك‬

‫وحضرة القدس يف شوق حلضرتكم‬

‫ف���اهلل ي��ا س��ي��دي ب��ال��ق��رب واف���اك‬

‫فأنت س��ر وج��ود ال��ك��ون بأمجعه‬

‫واهلل ب��ال��رمح��ة ال���غ���راء أوالك‬

‫صليت بالرسل يف األقصى وقد سعدوا‬

‫وب��اإلم��ام��ة روح ال��ق��دس ن���اداك‬

‫أن���ت اإلم����ام هل��م ب��ل أن���ت خامتهم‬

‫وب��ال��س��م��اح��ة واإلح���س���ان ح�لاك‬

‫شفاعة امل��وق��ف العظمى بآخرة‬

‫م��ا ن��اهل��ا أح���د يف ال��ك��ون إالك‬

‫م���ا ن���اهل���ا م���ن ن�ب�ي ال وال ملك‬

‫إشفع تشفع ق��رب العرش ألعطاك‬

‫وأش�����رق ال���ن���ور يف ب���ر وم��رمح��ة‬

‫مل���ا أط���ل ع��ل��ى ال��دن��ي��ا حم��ي��اك‬

‫إن اخل�ل�ائ���ق ي���ا ط���ه ب��ع��امل��ن��ا‬

‫ل����والك م���ا خ��ل��ق��ت واهلل ل���والك‬ ‫‪61‬‬


‫ي���ا س��ي��دي ي���ا رس����ول اهلل آمل��ن��ا‬

‫أن ق��ام غ��ر ب���دار الكفر ع��اداك‬

‫وغ��ي�ره ق���ام يف غ���ي ويف حسد‬

‫ب��ال��زور وال��ظ��ل��م وال���ع���دوان آذاك‬

‫كم راح يظلم آل البيت يف سفه‬

‫م��ع��ان��دا ع���ادي���ا ف��ظ��ا وأف����اك‬

‫ه���ذا وذاك ي���روم���ان ال���دم���ار لنا‬

‫ال ت��ب��ق ي��ا رب ال ه���ذا وال ذاك‬

‫ل����وال ت��راج��ع��ن��ا ل����وال ت��ش��رذم��ن��ا‬

‫ما كان للكفر يغزو عقر دنياك‬

‫ك��ن��ا اع����ز ع��ب��اد اهلل ق��اط��ب��ة‬

‫ك��ن��ا أج���ل ال����ورى مل��ا أط��ع��ن��اك‬

‫ل��ك��ن أم��ت��ن��ا ي���ا وي����ح أم��ت��ن��ا‬

‫قد ضيعت يف زمان الضعف مسراك‬

‫كم ضيعت قيما كما أهدرت شيما‬

‫رمح���اك مم��ا جنته ال��ي��وم رمح��اك‬

‫ق��د ف��رط��ت أم�تي يف دن��ي��اك حقبا‬

‫فكيف ب��اهلل ي��وم ال��دي��ن نلقاك‬

‫لي يف شفعاتكم يا سيدي طمع‬

‫فاشفع لنا حنن بعض من رعاياك‬

‫م���ن آل ب��ي��ت��ك ف����رع كنانتنا‬

‫من زاره��م ن��ال فضال من عطاياك‬

‫إن�����ا ن���ق���دره���م إن�����ا حن��ب��ه��م��و‬

‫يف الذكر وصى بآل البيت موالك‬

‫ع��ن امل����ودة يف ال��ق��رب��ى جتمعنا‬

‫يف اجل��ن��ة اخل��ل��د ي��ا ط��ه ب��أخ��راك‬

‫جئنا نناجيك ن��رج��و اهلل يف أمل‬

‫وه���ل ي���رد ف��ت��ى ب��احل��ب ن��اج��اك‬

‫حاشاك يرجع من ناجاك دون قرى‬

‫أو أن يعود حزين القلب حاشاك‬

‫أحببت وق��ت الكرى ال أبتغي إربا‬

‫يف راح���ة ب��ل لعلي ف��ي��ه أل��ق��اك‬

‫ي��ا م��ن أس���أت ب��رس��م يف مشفعنا‬

‫شلت مدى العمر والتاريخ كفاك‬

‫كيف اجرتأت على خري الورى سفها‬

‫ق��د ب��وئ��ت ب��اخل��زي ظ�لام��ا واف��اك‬

‫ع��دوت ق��درك يا صعلوك منتقدا‬

‫خ��س��رت دن��ي��اك يف زور وأخ���راك‬

‫فسيد اخللق ن��ور ال��ك��ون أمجعه‬

‫لكن تعامت ع��ن األن���وار عيناك‬

‫ي��ا س��ي��دي ي��ا رس���ول اهلل أحزننا‬

‫م��ن ق��ال إن��ك ميت ‪...‬دام حمياك‬

‫ي��ا س��ي��دي ان��ت ح��ي يف مشاعرنا‬

‫على اهل��داي��ة وال��ت��ق��وى اتبعناك‬

‫م���ن ق����ال م��ي��ت م����ات منطقه‬

‫ف��اهلل رب ال���ورى يف ال��ق�بر أحياك‬

‫ال م���وت ل��ل��روح ف�����األرواح خ��ال��دة‬

‫م��ا ب��ال��ن��ا ب��ك وال���رمح���ن ن��اج��اك‬

‫نلقي عليك س�لام��ا يف تشهدنا‬

‫وق���د رددت علينا م��ن ث��ن��اي��اك‬

‫‪62‬‬


‫الرحلة الربانية إىل زيارة خري الربية‬

‫ي��وم العرض بالس�لام ال��ذى بلغنا عن‬ ‫اهل الش��وق «الس�لام عليك يا سيدي‬ ‫ي��ا رس��ول اهلل الس�لام عليك م��ن هذا‬ ‫اإلنس��ان ال��ذي إش��تاق إىل رؤي��اك‬ ‫وأكرمه اهلل باملث��ول بني يديك فالن‬ ‫بن فالن أش��هد أنك يا س��يدي يا رسول‬ ‫اهلل ق��د بلغ��ت األمانة و أديت الرس��الة‬ ‫و نصح��ت ألمت��ك فج��زاك اهلل خ�ير ما‬ ‫جزى نبي��ا عن أمته ‪ ...‬وبلغنا الس�لام‬ ‫ممن أوصانا بالس�لام عليه ‪..‬وس��ألناه‬ ‫الش��فاعة ال�تي قد خص به��ا عن يقني‬ ‫منا يف قوله ‪« ‬من زار قربي وجبت له‬ ‫ش��فاعيت وإنا ملستبشرون بقوله ‪‬‬ ‫ اليقف على قربي شقي ثم سلمنا‬

‫هذه بعض احملطات م��ن رحلة ميمونة األنام ‪‬‬ ‫ْ‬ ‫مباركة جملموع��ة من الطلبة إىل حج َف َ‬ ‫ُّ‬ ‫ـكــأ َّن الـز َّوا َر َمــا َم َّ‬ ‫ـت البَــأ‬ ‫ـس‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ ً َ ْ‬ ‫ـم َخـلـقـا َوال َّ‬ ‫َسـا ُء ِم ْ‬ ‫ُ‬ ‫بي��ت اهلل احلرام وزيارة خري األنام حتت‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫ــر‬ ‫الض‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ـن‬ ‫َ‬ ‫ي اثْ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫على ‬ ‫َ�‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ث‬ ‫ُ‬ ‫ْي�نْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬ ‫رعاية وكفالة ش��يخنا سيدي حممد‬ ‫فب��دأت الزي��ارة بدخ��ول مس��جده ‪ ‬الَْغاِر {التوبة‪ }40/‬نعم الرفيق سيدنا‬ ‫عب��د اللطي��ف بلقاي��د حفظ��ه اهلل‬ ‫من ب��اب الس�لام للدخ��ول إىل الروضة أبو بكر الصديق ‪ d‬ثم سلمنا على‬ ‫تع��اىل الذي عود املتفوق�ين من الطلبة‬ ‫الش��ريفة ‪ .‬وبع��د ص�لاة الصب��ح هب امللهم بالصواب سيدنا عمر بن اخلطاب‬ ‫بأن يكرمهم بزيارة جده األعظم ‪‬‬ ‫الن��اس إىل املواجهة املش��رفة فدخلنا يف م��ن جعل اهلل احلق على لس��انه وقلبه‬ ‫فكانت الرحل��ة بداية م��ن إجتماعنا‬ ‫س��يل الناس للسالم على س��يد الناس ‪ d‬و أرضاه وعن الصحابة أمجعني‪.‬‬ ‫يف الزاوية مع إخواننا وذوينا والقلوب‬ ‫تتشوق إىل زيارة سيد األنام ‪ ‬وبعد ورويدا رويدا وإذ بنا أمام س��يد األولني‬ ‫ومضى اليوم الثاني والثالث مع كتاب‬ ‫تودي��ع الوف��د بع�ين ت��ذرف بالدم��وع و اآلخرين ‪.‬‬ ‫اهلل ختمة بعد ختمة مع ذكر وصالة‬ ‫َو ُو ُجــو ٌه َ‬ ‫كـأ َّنـمــا أ ْلـب َ‬ ‫َـس ْـتـ َهــا‬ ‫احلاملة برقيات احلب والشوق و الدعاء‬ ‫عل��ى صاح��ب طيب��ة الطيب��ة ودع��اء‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫لحْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ـر َبــاءُ‬ ‫َ‬ ‫ــاء ألـوانـهـا ا ِ ْ‬ ‫ِمـن َح َ‬ ‫والس�لام للجناب النبوي ثم إجتهنا إىل‬ ‫ـي ٍ‬ ‫ومواظب��ة عل��ى الص�لاة مجاع��ة م��ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مطار وه��ران الدولي قاصدي��ن املدينة ود ُمــوع كـأن َ‬ ‫ـمــا أر َسـلـتـ َهـــا‬ ‫إحي��اء الليالي يف جمال��س أهل الصفة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـة َو ْ‬ ‫ـحـا َب ٌ‬ ‫ِم ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫املن��ورة عل��ى صاحبها أفض��ل الصالة‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ـــا‬ ‫ـف‬ ‫ط‬ ‫س‬ ‫ــون‬ ‫رض��ي اهلل عنهم إىل الضحى ثم نتوجه‬ ‫ـن ُجـف ٍ‬ ‫الر َح َ‬ ‫ـح ُّ‬ ‫ـط ْ‬ ‫ـح َ‬ ‫ـي ُ‬ ‫ـث ُي َ‬ ‫و أزك��ى الس�لام وما إن هبت نس��ائم َف َ‬ ‫ـط َـنـا ِّ‬ ‫إىل البقي��ع حيث مثوى آل البيت وعلى‬ ‫ـال َح ْ‬ ‫ـط‬ ‫ْالـو ْز ُر َع َّـنــا َو ُت َ‬ ‫طيب��ة يف الي��وم املوال��ي حت��ى متثلنا‬ ‫ـو َبــا ُء رأس��هم س��يدة النس��اء موالتنا فاطمة‬ ‫ـرف ُ‬ ‫ــع الحْ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫بقول سلطان العاشقني ‪:‬‬ ‫الس َ‬ ‫ك َ​َ َ ْ‬ ‫ـال َم أ ْ‬ ‫الزهراء رضي اهلل عنها وسيدنا احلسن‬ ‫َوقـ َ​َرأ َنــا َّ‬ ‫ــــق‬ ‫ــرم خـل ِ‬ ‫ـم َ‬ ‫ـم َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ـت ُر َب َ‬ ‫ـم ْ‬ ‫ــإ َذا ِش ْ‬ ‫ـت أ ْو َش َ‬ ‫ـاهــا‬ ‫َف‬ ‫ــرا ُء بن س��يدنا علي ‪..‬و جل أمهات املؤمنني‬ ‫ـي ُ‬ ‫ِ‬ ‫اللـه ِم ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإل ْق َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـع‬ ‫ـم‬ ‫ـس‬ ‫ي‬ ‫ـث‬ ‫ح‬ ‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــر ٌق َو َف َ‬ ‫كـبَـــا ُ‬ ‫َال َح ِ‪ ‬مـن ْـ َهـا َب ْ‬ ‫ء‬ ‫ـاح‬ ‫ِ‬ ‫رض��ي اهلل عنه��ن ومج��ع م��ن الصحب‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ــم أذْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوذه ِـل َـنــا ِع ْـن َ‬ ‫ــاء َوك ْ‬ ‫ـد اللق ِ‬ ‫ـــور َشـه ْ‬ ‫ــــور َوأ َّي َن ْ‬ ‫ـد َنــا‬ ‫أ ُّي ُن‬ ‫َ‬ ‫الكرام رضي اهلل عن اجلميع ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫لحْ‬ ‫َ‬ ‫ـن ا ـبـيـب ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َهـل َصـبّـا ِم َ‬ ‫ـقــا ُء‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يوم أ ْب َ‬ ‫ـد ْت َل َـنـا ْال ِقـب َ‬ ‫َـاب ُ‪ ‬قـبَــا ُء‬ ‫َ‬ ‫ـن المَْـ َهـا َب َ‬ ‫ـة َح َّ‬ ‫ـم َـنـا ِم َ‬ ‫ويف اليوم الراب��ع كعادتنا بعد إحياء‬ ‫َو َو َج ْ‬ ‫ـتــى‬ ‫وبعد وصولنا إىل مط��ار املدينة املنورة‬ ‫ك َ‬ ‫َال َ‬ ‫يـمـــــا ُء اللي��ل وص�لاة الضح��ى زرن��ا بع��ض‬ ‫ـــال ٌم ِم َّـنـــا َو َال ِإ َ‬ ‫قصدن��ا الفن��دق فحجزن��ا األمتع��ة ثم‬ ‫األماك��ن املقدس��ة فبدأن��ا بزي��ارة‬ ‫توجهن��ا إىل احل��رم املدن��ي لزي��ارة خري فس��لمنا على صاحب احل��وض وامللجأ املس��اجد السبعة (مس��جد سيدنا علي‬ ‫‪63‬‬


‫و مس��جد س��يدنا عمر مسجد‬ ‫سيدنا عثمان مسجد سلمان‬ ‫رض��ي اهلل عنه��م أمجعني ‪)..‬‬ ‫وهي موقع��ة األحزاب ومسيت‬ ‫به��ذه األمس��اء بأمس��اء مواقع‬ ‫أصحاب الرايات يومها‪.‬‬ ‫ويعلوه��م مس��جد الفتح الذي‬ ‫صلى فيه رس��ول اهلل ‪ ‬يوم‬ ‫عودته من فتح خيرب‪.‬‬ ‫ث��م بعده��ا إىل مس��جد ذي‬ ‫القبلت�ين ال��ذي توج��ه في��ه‬ ‫املسلمون وهم يف الصالة حنو‬ ‫الكعب��ة بع��د نس��خ حكم‬ ‫التوج��ه إىل بيت املقدس وبعد‬ ‫الصالة في��ه و الدع��اء اجتهنا‬ ‫إىل مس��جد قباء ال��ذي قال فيه‬ ‫املصطف��ى ‪ ‬من توض��أ يف بيته ثم‬ ‫أتى مس��جد قباء فصلى فيه ركعتني‬ ‫كانت له كأجر عمرة وكان ‪‬‬ ‫يأتي��ه كل يوم س��بت وختام��ا ذهبنا‬ ‫إىل أح��د وزرنا س��يد الش��هداء س��يدنا‬ ‫محزة فقرأن��ا عليه الس�لام وعلى من‬ ‫جب��واره س��يدنا عب��د اهلل ب��ن جحش و‬ ‫سيدنا مصعب بن عمري وعلى الشهداء‬ ‫الس��بعني الذي��ن استش��هدوا يف غزوة‬ ‫أح��د وصعدن��ا جب��ل الرماة فش��اهدنا‬ ‫موقع الغ��زوة وكأننا نعي��ش وقعتها‬ ‫من مكاننا هذا وزمننا هذا‪ .‬‬ ‫ويف آخ��ر األي��ام يف املدين��ة املنورة قدم‬ ‫سيدنا الشيخ ش��افاه اهلل وعافاه فزرنا‬ ‫مع��ه ج��ده األعظ��م ‪ ‬فتعلمن��ا من‬ ‫مست��ه أدب الزيارة وجوهره��ا وبعدها‬ ‫استأذنا منه يف الذهاب إىل مكة ‪.‬‬ ‫ويف الي��وم املوال��ي ش��ددنا الرح��ال إىل‬ ‫مك��ة فتوجهن��ا إىل ذي احلليف��ة )‬

‫فأحرمن��ا بالعمرة و دخلنا مكة زادها‬ ‫اهلل غزا فطفنا ط��واف العمرة وصلينا‬ ‫ركع�تي الطواف ثم س��عينا ثم حتللنا‬ ‫باحللق ومكثنا أياما قبل احلج وحنن‬ ‫ب�ين ط��واف وعم��رة وص�لاة وت�لاوة‬ ‫للق��رآن وذكر حتى أت��ى يوم الرتوية‬ ‫فأحرمن��ا وتوجهنا إىل منى فبتنا ليلتنا‬ ‫ويف الغد س��لكنا طري��ق عرفة ويف‬ ‫خيم��ة القصواء قضين��ا يوما مباركا‬ ‫طيب��ا مع ش��يخنا س��يدي حمم��د عبد‬ ‫اللطيف ش��افاه اهلل ومجع من الس��ادة‬ ‫الفقراء فقضين��ا ذالك الي��وم بالتلبية‬ ‫والذك��ر والت�لاوة وصلين��ا الظه��ر‬ ‫مجع��ا وقص��را وكان خت��ام مجعن��ا‬ ‫بالدع��اء م��ن س��يدنا الش��يخ وبع��ض‬ ‫العلم��اء مم��ن حض��روا وبع��د الغروب‬ ‫نفرن��ا إىل مزدلفة فصلين��ا بها املغرب‬ ‫والعش��اء مجع��ا و قص��را ث��م انطلقنا‬ ‫إىل من��ى ويف الصب��اح وبع��د طل��وع‬ ‫الش��مس ذهبنا لرمي مجرة العقبة ثم‬ ‫عدنا فحلقن��ا وحتللنا التحلل األصغر‬ ‫‪64‬‬

‫وبقين��ا يف من��ى ثالث��ة أي��ام‬ ‫عام��رة بالذك��ر و الدع��اء و‬ ‫إقامة الش��عائر ث��م ذهبنا إىل‬ ‫مكة فطفنا ط��واف اإلفاضة‬ ‫وبعده س��عينا س��عي الركن‬ ‫فت��م بذال��ك احل��ج وجعلن��ا‬ ‫م��ا تبق��ى م��ن األي��ام الغتنام‬ ‫الفرص��ة يف اإلتيان بالعمرات‬ ‫ويف ي��وم مب��ارك حضرن��ا‬ ‫مجع��ا مب��اركا م��ع س��يدنا‬ ‫الش��يخ يف الزاوي��ة جب��دة‬ ‫وحضر بعض أع�لام األمة من‬ ‫حمدثني ومفكري��ن وفقهاء‬ ‫كان من بينهم رئيس البعثة‬ ‫الفلس��طينية‪ .‬وبع��د اإلذن‬ ‫قام واعظا ومذك��را ومباهيا‬ ‫وأعرب لنا عن س��عادته برؤية‬ ‫ش��يخنا وقد كان قد مس��ع عنه وعن‬ ‫ش��يخه وتلميذ ش��يخه مفس��ر العصر‬ ‫الش��يخ الش��عراوي ‪ d‬واستش��هد‬ ‫بقصة وقعت للش��يخ الش��عراوي حني‬ ‫كان مدرس��ا يف جامع��ة أم الق��رى‬ ‫مبك��ة م��ع رئي��س اجلامع��ة ح�ين‬ ‫إس��تأذنه يف الذه��اب لزي��ارة س��يدنا‬ ‫رس��ول اهلل ‪ ‬فعقب رئيس اجلامعة‬ ‫عليه وقال له بل قل أريد زيارة املسجد‬ ‫النبوي فقال الشيخ الشعراوي إن أردت‬ ‫ذاك فس��أكون خاس��را يف ذهاب��ي‬ ‫ح�ين أترك أجر الص�لاة مبائة ألف إىل‬ ‫الص�لاة بأل��ف يف املس��جد النب��وي بل‬ ‫أري��د زيارة رس��ول اهلل ‪ ‬ف��رد عليه‬ ‫رئي��س اجلامعة قد أفحمتين فاذهب من‬ ‫غري إذن مين وال مشورة‬ ‫ويف آخر يوم طفنا طواف الوداع طواف‬ ‫راج غ�ير م��ودع وال قال س��ائلني املوىل‬ ‫الش��فاء لش��يخنا واألم��ن واإلس��تقرار‬ ‫لألمة احملمدية‬


‫ألبوم اجمللة‬

‫ألبوم اجمللة‬

‫‪66‬‬


‫حصة أنوار التنزيل ‪1433‬هـ ‪2012 /‬‬

‫‪67‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.