158642540 بيدي أن أصير دبابة كتاب بكر أبوبكر في نصوصه الأدبية الجديدة

Page 1

‫بكر أبوبكر‬ ‫بيدي أن أصير دبابة!‬

‫نصوص‬ ‫دار األمني للنرش‬


‫بيدي أن أصري دبابة‬ ‫تأليف‪ :‬بكر أبوبكر‬ ‫الطبعة األوىل‪2013،‬‬ ‫فلسطني ‪ -‬رام الله‬ ‫جميع الحقوق محفوظة‬ ‫دار األمني للطباعة والنرش‬


‫سجل النصوص‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•نصوص خرضاء ‪ -‬مراد السوداين‬ ‫• أذوب‬ ‫•أحتفي بالعتمة فرحا‬ ‫•ارتواءات‬ ‫•أنت فجر الحق‬ ‫•أظن ذلك‬ ‫•افرح‪ ،‬افرح بالليايل‬ ‫•أقحوانة‬ ‫•األحمق يغني‬ ‫•األقامر السواكب‬ ‫•القمراملكلل بالحجيج‬ ‫•إال ِّك ال عشق‬


‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•آالم القاهرة‬ ‫•الليل وأغنيات السامء‬ ‫•الرياعة وزهرة روحي‬ ‫•إهانة‬ ‫•أوارها والقمر‬ ‫•بلقياكم سعدت‬ ‫•بيدي أن أصري دبابة‬ ‫•تأكل آخر حبة تني‬ ‫•تعاندين األنفاس‬ ‫•تفاح الكواعب وبريد شفتيك‬ ‫•تونس الهمس الساري‬ ‫•جرس أنا‬ ‫•حزين أجمل‬ ‫•حيث تنتظر الخيول‬ ‫•حني ترسو البالبل‬ ‫•خمرة الصويف الحصيف‬ ‫•رام الله ارتفاع املوج‬


‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•ساعتي تزف‬ ‫•سجادة‬ ‫•سيف مشهر‬ ‫•شجرة تشكو‬ ‫•شفيع التائبني‬ ‫•شهيق األرض وزفريها‬ ‫•صالة وطبول‬ ‫•طاقتي والكلب‬ ‫•عاجلتني بالتحية‬ ‫•عشب أصفر وحصيد‬ ‫•فتاة الكمنجة‬ ‫•قلبي فصول أربعة‬ ‫•كربياؤه وانزعاجاته‬ ‫•ال تدخل الشمس سجني‬ ‫•لحن املسري‬ ‫•لذاذة مثر‬ ‫•لن أقبل أبدا غريك ‪ ...‬فلسطني‬ ‫•مازلت أميش‬


‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫•محظوظ اذ ينال‬ ‫•من أنت إن مل تغضب؟‬ ‫•من نفَس الثوار قادمون‬ ‫•نادي املهج‬ ‫ُ‬ ‫يلتقط النجامت‬ ‫•نبيل‬ ‫•نحر الزمن‬ ‫•هاين خمرية الكالم‬ ‫•هناك‬ ‫•هي حبيبتي وكفى‬ ‫•وجلست أرشبكم بروية‬ ‫•وحرشتكم شهداء‬


‫نصوص خضراء كوجع قديم‬

‫مراد السوداين*‬ ‫هذه نصوص محمولة عىل وجع الطريق‪ ..‬الطريق‬ ‫الطويل ‪ ..‬الطويل الذي خطاه الكاتب املحارب‪ ،‬هنا‬ ‫للكتابة طعم الحريق وصهيل الشجر الذبيح عىل التالل‬ ‫العاليات وشهقة املاء املعاند‪ ..‬كتابة شعرية بقدر ما يف‬ ‫البالد من فيض الجامليات ونداءات املواسم والحرث‬ ‫وغناء الرعاة عىل أكتاف الوديان وبقدر ما يف البالد‬ ‫من البطولة وأسطورة املواجهة التي تتجدد كلام ناحت‬ ‫ميامة وزغردت أم شهيد وعلت تراويد جداتنا يف ليايل‬ ‫الشتاء والربد‪..‬‬ ‫نصوص تحتشد باملواويل الذابحة وبالغة العشب الذي‬


‫يشق الجفاف واليباس ليعلن الفرح واندالع الخرضة‬ ‫الطافحة كشمس مهيمنة‪...‬‬ ‫نصوص بها لني املواجيد ودمع العاشق النواح وصالبة‬ ‫املحارب املقتحم ألهوال الدرب وظلمته‪ ...‬نصوص واضحة‬ ‫كمرآة املاء وجرأة الصغار وهم يرفعون شارة النرص الفتي‬ ‫عىل حواجز املواجهة والفداء‪..‬‬ ‫تتوزع النصوص بني الخاص والعام يف جدل الفح ‪ ..‬يصري‬ ‫الكاتب نرجسة تفيض غناء بحجم البالد واتساع الفرح‪،‬‬ ‫وتارة يصري دبابة تعلن اقتدار عوج بن عناق الفلسطيني‬ ‫الذي يرص عىل الحياة ويقرتح أسبابها عىل الرغم من املحل‬ ‫والجفاف والحزن واالغرتاب ؛ نلمس حميمية دافئة كرقة‬ ‫أنثى الطري ‪ ،‬ساخنة كنصل الجرح ‪..‬‬ ‫إذ هي تفاصيل التجربة التي عربها الكاتب بكامل وجعها‬ ‫وخرسانها وانتصارها عىل مخالب االنكسار والرتدي‬ ‫والسقوط ‪ ...‬يعلو املكان بطاقته االستثنائية وأزاهريه‬


‫املتوهجة حنوناً وخرفيشاً وزيتاً ساطعاً وتيناً عىل مساطيح‬ ‫التعب‪ ،‬وقمح الخوايب الساموي وحصيد الحرث والزرع ‪.‬‬ ‫" بيدي أن أصري دبابة " انفتاح النية عىل الفعل إذ تصري‬ ‫النية فعال ناجزا ً يف تحول اإلمكان إىل حقيقة نلمس‬ ‫تفاصيلها ونشم عبقها الغامر‪..‬‬ ‫املحارب املستند إىل إرادة جامحة ومتاسك فذ يؤكد فضاء‬ ‫الحرية الذي يفتحه الكاتب الحر والواثق باقرتاب الضوء‬ ‫وهاجا كحقيقة البالد وحقها األكيد ‪ ..‬املحارب يواصل‬ ‫الطريق ويكتب مشاهدات الرحلة‪ ،‬منترصا للجميل والحي‬ ‫فيها‪ ،‬منازال القبيح واملظلم واملنكرس واملتخاذل والعاجز‬ ‫‪ ..‬إنها رؤيا عارفة تأخذ من ابن عريب وذي النون املرصي‬ ‫واملتصوفة األفذاذ ما يجعلها تؤسس الكتشاف الفاعلية يف‬ ‫الروح ووقْد الكالم الجسور‪..‬‬ ‫والنصوص مفتوحة كذلك عىل األنثى التي تجاور املحارب‬


‫فيأخذ منها ما يجعله يواصل املشوار ‪ ..‬فهي الشهيدة واألم‬ ‫وغزالة الرب والربق العاشقة التي يتأملها الكاتب أرضاً وفرية‬ ‫وعطاء عاليا‪ ..‬األنثى التي تسند الروح وتهدهد الوجع‬ ‫ٍ‬ ‫كنفس حي‪ ،‬والبعيدة كحنني‬ ‫املتوحش ‪ ..‬األنثى القريبة‬ ‫صعب‪.‬‬ ‫نقرأ‪:‬‬ ‫" أذوب خلف حائط القمر وسجدات النهار‬ ‫وأذوب انتظارا ً إلذن البحر أن ييضء الرساج‬ ‫وأشق قرط الحاممة وإسورة الغزال‬ ‫وأرتجي من صائدات النجوم وصاال‬ ‫وأحب أيام الحصيد وارتياح النبع‬ ‫وأغرم يف اللفتات واللمسات وف ّواح الكالم " ‪.‬‬ ‫احتفالية باذخة وتدلّه ن ّداه وأنثى لها إيقاع البالد يف اكتامل‬ ‫الفرح والحلم والكالم العفي‪.‬‬ ‫مدن عربها الكاتب تركت وشمها الباقي ذكرى ال تزول ‪..‬‬


‫هل هو الحنني املعلق كتميمة يف العنق؟ أم هو الوجع‬ ‫الذي صار حنينا م ّرا؟!! القاهرة والقريوان وبغداد وبريزيت‬ ‫نصاً حارا ً حرارة‬ ‫‪ ...‬الخ ‪ .‬كلها تعرب يف محرق الوعي‪ ،‬لتخرج ّ‬ ‫اإلبداع وه ْبوه الصارخ‪...‬‬ ‫النصوص التي تقرأها عزيزي القارئ ‪ /‬عزيزيت القارئة‬ ‫يرج املدى‬ ‫تستحق التوقف واإلنتباه‪ ..‬فهي إضاممة كالم ّ‬ ‫ويستعيد لياقة البحر يف النشيد الفلسطيني‪...‬‬ ‫ها هو بكر أبو بكر يواصل الكتابة مؤكدا ً قدرته عىل اجرتاح‬ ‫الجامليات وتخليق الفعل من مدى اإلمكان واملمكنات‪ ،‬ما‬ ‫زال الكالم مشتعال كقنديلٍ هتّ ٍ‬ ‫اف بالضوء‪ ،‬وما زال سياق‬ ‫البالد عالياً كموج الحرية القادم بال ريب‪.‬‬ ‫وما زال املثقف يف بالدنا يعيل قوس املنازلة‪.‬‬ ‫*األمني العام لالتحاد العام للكتاب واألدباء الفلسطينيني‪.‬‬ ‫‪11‬‬


12


‫أذوب‬

‫أذوب خلف حائط القمر وسجدات النهار‬ ‫وأذوب انتظارا إلذن البحر أن ييضء الرساج‬ ‫وأعشق َ‬ ‫قرط الحاممة وإسورة الغزال‬ ‫ُ‬ ‫وأرتجي من صائدات النجوم وصاال‬ ‫وأحب أيام الحصيد‪ ،‬وارتياد النبع‬ ‫وأغرم يف اللفتات واللمسات وف ّواح الكالم‬ ‫وأتدلّهُ يف رحيق السجايا وإشارات املطر‬ ‫يرتج قلبي لس ْع ِي الربيع‬ ‫وأظنني دنِف حني ّ‬ ‫ِش ُ‬ ‫واظ عقيل ينكرس حني تدمع العيون‬ ‫ولِ ُ‬ ‫حاظ شوقي تندمل حني تدور املُقَل‬


‫وثلوج كبدي تذوب عند تك ّور النهايات‬ ‫وأظنني أُف ُنت حني تسريين َر َمال‬ ‫أو حني تقصفني قلبي براجامت ال ُق َبل‬ ‫أو عندما ترفعني الراية اليمنى‪ ،‬وتبتسمني‬ ‫وأذوب قصدا حني ارتجاف الشفتني‬ ‫وارتجاج النجفتني‪ ،‬وهدير اإلدبار‬ ‫صعدت املنرب‬ ‫ُ‬ ‫يف اليوم الثابت‬ ‫وتركت عصاي وم ّزقت أوراقي‬ ‫و ُجلْت يف وجوه الحارضين‪ ،‬وتأملت‬ ‫وملا مل أجدك حارضة يف قلوبهم توجعت‬ ‫وأقمت الصالة بال خطبة‬ ‫فالعيون فارغة‬ ‫وفلسطني مل تكن يومها حارضة‬ ‫وكنت أذوب‬


‫احتفي بالعتمة فرحا‬

‫عرفناه يرتقي وما عرفناه يذبل‬ ‫ورأيناه من عىل قمة الجبل يل ّوح‬ ‫وبيديه امللونتني يرفرف‬ ‫وبعينيه الضحوكتني يهفهف‬ ‫رأيناه يأكل العجة يف الصباح‬ ‫ويرشب الشاي األخرض مساء‬ ‫ويتجنب لحم الخروف والعجول‬ ‫وميضغ األعشاب بتأنٍ شديد‬ ‫عرفناه خفيفا يف الحركة‬ ‫دقيقا يف عمله‬ ‫صبو ٌر كتوم ملغم باآلهات هو‬


‫يحبس أنفاسه ملرأى وردة‬ ‫ُ‬ ‫ويبيك ملسمع الزرزور يغني‬ ‫يغني وينتحب طويال‬ ‫حني تنام الغيامت‬ ‫بعيدا عن حضنه‬ ‫ويعدو بال هدف‬ ‫حني تشهق الكواعب‪.‬‬ ‫فيه رائحة الرتاب والغسق‬ ‫وأرسار حضن أمه‬ ‫والنوار‬ ‫وهتاف العصافري وخرير الورد‬ ‫والقطرات التي تشجيه‬ ‫عرفناه يعود طفال‬ ‫يؤلف األقاصيص الغريبة والسحر‬ ‫رأيناه طويالً حتى عانق القمر‬


‫وصغرياً حتى العب النملة الرند‬ ‫وأبيض فلم منيزه عن الحليب‬ ‫وأسود فاختفى بالعتمة فرِحا‬ ‫متاهى مع الروح واللوح والبوح واملرويّات‬ ‫وتباهى بالنغامت والرمال وغضب األشجار‬ ‫وأحب تراب بيته وأزهار حديقته‬ ‫وزوايا الخالص‬ ‫عرفناه كرمياً بال حدود‬ ‫وبارعاً يف اقتناص األمل‬ ‫وقادراً عىل احتواء الرتددات‬ ‫وأصيالً يف بناء الصداقات‬ ‫وجامعاً للمتناقضات والهوى‬ ‫سلّمنا عليه عندما ركب الطائرة‬ ‫وظننا أنه قد ال يلتفت‬ ‫فأبقى قلبه مت ّوجاً بني أضلعي‬ ‫وطار‬


‫ارتواءات‬

‫أغني للنخيل فيك‬ ‫مرشوع األمل‬ ‫ومدرسة املحبني‬ ‫وأرمتي بني ذراعيك‬ ‫ظآمن الفؤاد‬ ‫شقي الضلوع‬ ‫باسق الثمرات‬ ‫وأسجد شكرا للرب‬ ‫أن جمعني ولحظ عينيك‬ ‫إذ‬


‫كلام طالت املسافة‬ ‫بيننا‬ ‫وجدتني أرحل‬ ‫مع رغاء الرمال‬ ‫وأنامل النوق‬ ‫و ُقبالت املساء‬ ‫وارتكازات الرماح‬ ‫وسياحة الصدور‬ ‫وأس ّجل نفيس يف مكتب املفقودين‬ ‫ُّ‬ ‫وأخط رسالة توقٍ لك عرب األثري‬ ‫مبلل ًة بصقيع القلب‬ ‫لرمبا تهدّ ئ القلب األسري‬ ‫أتوق للقْياك دوما‬ ‫وأنت تجلسني هنا‬ ‫تنظرين ما بني الجرعات‬


‫واالرتواءات‬ ‫وما تحت الجوانح‬ ‫وتبتسمني‬ ‫ما بني إغفاءة وإغامضة‬ ‫تستلقني ناجزة العرين‬ ‫فأذوب يف عجائب لقياك‬ ‫وبارد فجرك‬ ‫واللهيب‬


‫أنت فجرالحق‬

‫هم كتيبة اإلعدام‬ ‫وأنت نور الحق‬ ‫وقصيدة الثوار‬ ‫وريحانة املظلومني‬ ‫ومرجل النضال‬ ‫أنت فجر الحق‬ ‫وفرئان البساتني هم‬ ‫وأنت عزمية الفالحني‬ ‫وتجار شعاع الشمس هم‬ ‫ديدان األرض‬ ‫‪21‬‬


‫‪22‬‬

‫أكلة مال اليتيم‬ ‫وزناة رسهم وعالنيتهم‬ ‫حاولوا أن يشوهوك‬ ‫أو يأكلوك‬ ‫أويغووك‬ ‫فارتد النصل لنحرهم‬ ‫قاموا وقعدوا‬ ‫ومالوا وصعدوا‬ ‫وظنوا ومتنوا‪ ،‬ولكنهم خابوا‬ ‫أرادوك أن متيل قليال‬ ‫ورغبوا أن تحيد قدرا ضئيال‬ ‫ولكن قميصك ُقدَّ من دبر‬ ‫وما استطاعوا فيك التغيري‬ ‫ُقساة طُغاة بُغاة هم‬ ‫تكاد تسمع نخريهم يف كل مكان‬


‫ولعلك اآلن تنظر لعيونهم التائهة‬ ‫وهمساتهم الغادرة‬ ‫وانحناءاتهم حد الهزل‬ ‫فتنكشف أقفيتهم‬ ‫وتربز أسنانهم الصفراء‬ ‫فيترشنقون‬ ‫ما أخالهم قتلوك‬ ‫فأنت تركت لهم "الجمل مبا حمل"‬ ‫لتسمو‬ ‫فتحتضن النور‬ ‫كتيبة الفاسدين هم‬ ‫ال يعيشون إال يف الظالم‬ ‫يتنفسون روث الخفافيش‬ ‫ويطربون للرذيلة‬ ‫أراك تضحك يف مرقدك اآلن‬ ‫‪23‬‬


‫وتنام ملء الجفون‬ ‫املس‬ ‫وهم يتخطفهم ّ‬ ‫دعهم يف غيهم يعمهون‬ ‫ومن الله عليك السالم‬

‫‪24‬‬


‫أظن ذلك‬

‫عندما تصحني مبكرة‬ ‫وتغسلني شعرك بالنهار‬ ‫وتصبني فنجان القهوة السوداء‬ ‫بروية وغرام‬ ‫أظنك تبتسمني‬ ‫ويف زيت الفطور والزعرت‬ ‫ومرآة السحر الوديع‬ ‫قد تجدينني لذيذاً‬ ‫ال أحاسبك عىل عدد الخطوات‬ ‫أو عىل رنني الهاتف املتكرر‬ ‫‪25‬‬


‫وال يزعجني عدد أوراق املريمية‬ ‫يف كوب الشاي‬ ‫فأنت دنياي والنسيم‬ ‫أو أظن ذلك‬ ‫رأيتك عىل النوم تنتفضني‬ ‫وتسجلني كشف الحضور لدى القمر‬ ‫وتنخرطني معه يف أغنية مشرتكة‬ ‫عىل وقع النوال‬ ‫كنت ترتّبني الغيامت‬ ‫وترفعني يديك لتشريي‬ ‫وترسمني حدوداً للفشل‬ ‫وتنهضني‬ ‫أم أظن ذلك‬ ‫عىل خدود الفراشات‬ ‫ِ‬ ‫رسمت علم فلسطني‬

‫‪26‬‬


‫ويف باحة الرنجس‬ ‫ص َعدت فيك حركة (فتح)‬ ‫فهل كنت تنسجني رداء الحرية‬ ‫أم يف ولع األرض تذوبني‬ ‫أر ِ‬ ‫اك من خلف األغصان تتأرجحني‬ ‫أم تراك تدبكني‬ ‫أم تتحزمني القضية واليقني‬ ‫ألنك أزلية باقية خالدة‬ ‫حيث ال تساورين الظنون‬ ‫ال تبتعدي عني‬ ‫وأدخليني يف صف (العاصفة)‬ ‫ومدرسة الرنجس‬ ‫فأنا أحب القهوة والفراشات وشعرك‬ ‫فال تلومينني‬ ‫‪27‬‬


28


‫افرح‪ ،‬افرح بالليالي‬

‫افرح‬ ‫بالنجوى والعناقيد‬ ‫واللحم الحنيذ‬ ‫افرح باللوز الطري‬ ‫افرح بالغوايل‬ ‫اسعد بالحنايا والكعك اللذيذ‬ ‫يف عيدك التايل افرح‬ ‫افرح باألكف املبسوطة والجديد‬ ‫امرح وال تبايل‬ ‫وضمني يف باحة عينيك‬ ‫‪29‬‬


‫وافرح بشذى األقراط‬ ‫وانعطافة الكثبان يف مئزريك‬ ‫فأنت واأللحان ُسؤيل‬ ‫َ‬ ‫وأنت واألشجان فييض‬ ‫َ‬ ‫وفيك والغوامض انشداهي‬ ‫دعني أرجوك وأقول‬ ‫انرث عىل أوراق الخريف دموعك‬ ‫وس ّجل شهادة حبي يف كتاب املحن‬ ‫وادع شفتاك تنفرجان عن اسمي‬ ‫والتصق بصدري واحفظ عهودك‬ ‫ناغي أوتار قلبي‪ ،‬والفنن‬ ‫وامتزج بشهيقي‪ ،‬وانصب خيمتك‬ ‫راقب جنوحك وميل جسدك‬ ‫ال تبتعد عن أذين ومرايا الزمن‬ ‫‪30‬‬


‫أقحوانة‬

‫أقحوانة ساهمة‬ ‫مرفوعة الرأس‬ ‫تفكر بالبعيد‬ ‫وتحدّ ق يف املسافات‬ ‫وترسم الفضاء دوائر‬ ‫وتقول جملة واحدة‬ ‫ألنها تصغي أكرث‬ ‫وسط بحر العواصف‬ ‫و َخ َبب األمطار‬ ‫وحني احمرار خدود الرعد‬ ‫‪31‬‬


‫تجلس وحيدة‬ ‫ُ‬ ‫ال تجاورها أخوات‬ ‫أو جارات‬ ‫أو رموزاً رسية‬ ‫أو حتى جندب أعمى‬ ‫أقحوانة‬ ‫يف جرداء شتاء ماكر‬ ‫تخيط من الربد دثارا‬ ‫وتصنع من سنا الربق نصوعا‬ ‫وترخي مرفقيها حزينة‬ ‫فالفراشات نامئة‬ ‫والصمت يصدح‬ ‫وأحمد يلعب مع أصدقائه‬ ‫فلمن تزهر هي؟!‬ ‫‪32‬‬


‫األحمق يغني‬

‫عندما تكلّمه يثور‬ ‫وعندما تنصت له يسخط‬ ‫وعندما تقاطعه يثور‬ ‫وما أن ترتكه حتى يرصخ‬ ‫لن تستطيع منه فكاكا‬ ‫أحمق‪ ،‬يريد خدمتك فيكرس رجلك‬ ‫ويفرتض أنه يفيدك فيخرب بيتك‬ ‫أحمق يكلمك كالعارف ببواطن األمور‬ ‫فال تجرؤ عىل مقاطعته‬ ‫وإن فعلت ترسبلت بالقطران‬ ‫‪33‬‬


‫وهو يشدو ويغني فوق األغصان‬ ‫إن كلّمته ال يفهم‪ ،‬وإن فهم فهو يأثم‬ ‫يفهم يف كل يشء حتى يف طفولتك‬ ‫ويعلم كل يشء حتى يف تخصيب الذرة‬ ‫ويف أنواع الزعرت والشاي والقهوة املرة‬ ‫ال يقف أمامه نارص أو عرفات أو صاحب الدُ ّرة‬ ‫ضليع يف شؤون الفن واالقتصاد والسياسة‬ ‫ويعلم يف الطب واألرواح ومفهوم الرياسة‬ ‫ويف حقيقته ال يفقه ذرة مام يقول‬ ‫وال ملا إليه األمور حقاً تؤول‬ ‫أوتجرؤ عىل قول ذلك!‬ ‫أم تستطيع أن ال تجاريه؟‬ ‫أم تظن نفسك من مجلسه تستطيع الخروج؟‬ ‫أنت يف وضع حرج‬ ‫أنت يف موقف زلِج‬

‫‪34‬‬


‫تتكلم أو تقاطع أو تنصت أو تقوم‪ ...‬محال‬ ‫عليك‬ ‫وما لك إال أن تجاريه‪ ،‬وهل لك أن تعرتض؟‬ ‫لك أن تقطع رشيان يديك‪ ،‬أو من حامقته‬ ‫تقرتض‬

‫‪35‬‬


‫األقمار السواكب‬

‫حلم يتجلىّ كلام أرشق صباح‬ ‫وغيمة تنحرس‪ ،‬ودنيا تقوم‬ ‫ع ٌني تشخص نحو البعيد‬ ‫وفم محشور بالكلامت‬ ‫وقلب خافق بالخوف والحب‬ ‫ٌ‬ ‫وعني ال ترى إال ما سيأيت‬ ‫وترى فيام انقىض مرتكزا‬ ‫عىل ضفاف النيل أشكو حرييت‬ ‫ويف أرض الكنانة أرجو خاليص‬ ‫متر عليك الركبان واألوراد تحمل نعوشها‬ ‫وترقص يفَّ األماين واملدامع‬ ‫‪36‬‬


‫تنتحر الرغبات عىل عتبات الفضاء‬ ‫وتتالىش األشياء يف الاليشء‬ ‫وتنقبض القوادم يف تابوت العهد القديم‬ ‫وتنجرف النهايات إىل هوة الفراغ‬ ‫وتترسبل املرسالت بالرنجس‬ ‫وتشهق الشمس‬ ‫فيضيع عقيل يف الغياب‬

‫‪37‬‬


‫ّ‬ ‫القمرالمكلل بالحجيج‬

‫أنت‪ ...‬فنان‬ ‫متتلك الحب بني يديك‬ ‫ويف قلبك‬ ‫وتفيض عىل الدنيا بنغامت‬ ‫ه ّن أجمل‬ ‫من عجب الصبية بنفسها‬ ‫وأعذب من رشف الزالل‬ ‫وأرق من حرير خراسان‬ ‫وأوقع أثراً من موعظة أرسطو‬ ‫أو خطاب ملفوح الوجه‬ ‫‪38‬‬


‫يا من الحتكاك يديه بأوتار العود‬ ‫هوى‬ ‫ويا من لقلق كلامته‬ ‫جوى‬ ‫مثلك ال يضيق‬ ‫وال يتربم‬ ‫مهام أحاطت به الخطوب‬ ‫أو تقاتلت حول رأسه النوازل‬ ‫أحمد‬ ‫القمر املكلل بالحجيج‬ ‫والعنفوان األزيل‬ ‫مانح الحرية‬ ‫ملن يريد االرتشاف‬ ‫ومانع التعدي‬ ‫عىل من تخفّى تحت ردائه‬

‫‪39‬‬


‫ال يقبل الهدْ ر‬ ‫ال يقبل الهدر يف الكلامت‬ ‫وال يقبل الهدر يف التوازنات‬ ‫وال يقبل الهدر يف املساومات‬ ‫وال يقبل بهدر الكرامة‬ ‫ألن من يعش مرفوع الرأس‬ ‫واألغنية والعود مثلك‬ ‫ال يقبل تقبيل األيادي‬ ‫أو الجري وراء األقزام‬ ‫أحمد‬ ‫عبق السنني‬ ‫ومضاء الرعد‬ ‫وجبني املحبني‬ ‫وارتجاف القامئني يف رحابة املحراب‬ ‫عندما يتصل فال انقطاع‬

‫‪40‬‬


‫ّ‬ ‫إال ِ‬ ‫ك ال عشق‬

‫مالت إليها نفيس وهفت‬ ‫وعلقت بها روحي‪ ،‬وسمت‬ ‫كنسيم الصيف عىل صدرى غفت‬ ‫وبني أغصان شوقي نامت وارتوت‬ ‫*******‬ ‫يف ساحات قلبي الربّي لعبت‬ ‫ومن النوافذ املوشاة بالحرير عند املعرب‬ ‫قلبي َس َبت‬ ‫*******‬ ‫وعند اخرضار اللوز‬ ‫‪41‬‬


‫مقلتي‬ ‫ومع رصير أهداب‬ ‫ّ‬ ‫وصعود النهار يف حلقي‬ ‫وارتفاع موج البحر يف ردايئ‬ ‫ومع جريان الغزالن املرتوي‬ ‫وعبور ماء النهر فراشة‬ ‫مالت وصاحت وعبثت واىل قلبي هفت‬ ‫*******‬ ‫هي األوىل بال نهاية‬ ‫وهي ال َولَه عىل النجوى‬ ‫وهي الوداد يف عيد وليد‬ ‫كتبت عىل قمييص عنوانا‬ ‫وطارت بني العربات منتشية‬ ‫فلم أصمد وسقطت راكعاً‬ ‫إالك العشق وال زه ُر‬ ‫‪42‬‬


‫آالم القاهرة‬

‫تغص يف حلقي وأختنق‬ ‫عندما ّ‬ ‫تقهقه عالياً‬ ‫فهي سعيدة بإفساد يومي‬ ‫كلب رشس‬ ‫وعندما يقف يل ٌ‬ ‫وسط الطريق‬ ‫تكون قد استأجرته لريهبني‬ ‫وهي من يدفع لعامل النظافة‬ ‫ليشيح بوجهه عني‬ ‫تكاد ال تتوقف عن الزئري‬ ‫إال والطنني ال يغادر رأيس‬ ‫‪43‬‬


‫شهرا‬ ‫تظن أنها حينام تتقرفص‬ ‫فالكون قد تقلص‬ ‫وعىل الناس جميعا وأنا‬ ‫أن نحني لها الرأس وال (نتحرقص)‬ ‫ترى األشياء من خرم إبرة‬ ‫فال تعرتف بالربيع وتكره الصيف‬ ‫وترتديني شتاء بالقوة القاهرة‬ ‫وتجلد ظهري حينام ال تكون كفّي‬ ‫مفتوحة‬ ‫تنرش الخراب والطاقة السلبية‬ ‫كلام حورصت أو تأزمت‪.‬‬ ‫تحب من األلوان املظلم ومشتقاته‬ ‫وال تسعد أو تفرح أو تنبسط‬ ‫إال عىل سبيل التغيري‬

‫‪44‬‬


‫فالعبوس والطنني واألنني والشكاية‬ ‫فيها طبع وسكني وحياة‬ ‫إنها آالم ظهري املستقرة‬ ‫التي ال تغادرين‬ ‫وتنقض ليالً ونهاراً‬ ‫ّ‬ ‫بل‬ ‫رساً وجهاراً‬ ‫أأعيش معها غريباً وحيداً‬ ‫طريداً‬ ‫أم أعد سياطها الالهبة‬ ‫دون آهة واحدة‬

‫‪45‬‬


‫الليل وأغنيات السماء‬

‫ما عجبت ملخلوق كام عجبت للّيل‬ ‫ينسل من ضياء الشمس‬ ‫ُ‬ ‫فيطغى‬ ‫ويرتجف حني مرأى الفجر‬ ‫ُ‬ ‫فينزاح‬ ‫قادر عىل التقدم بال وجل‬ ‫ومبتسم حني يرتاجع‬ ‫الليل‬ ‫مسافات الحامل يف يد القدر‬ ‫وعني الطامحني يف غد أحىل‬ ‫ومحراب تعبد األحبة واملتصوفة‬ ‫‪46‬‬


‫الليل عندما يسفر‬ ‫تق ّبل يديه األشجار‬ ‫وترعى الغنامت يف سهوب صدري‬ ‫وتتأرجح املوجات عىل بحرية قلبي‬ ‫ويرتفع الرغاء بني القطعان‬ ‫الليل‬ ‫إذ يرسج خيوله وينطلق‬ ‫يرسم شكل األقامر وملسات املحبني‬ ‫ويرقب األشعار وقصص األطفال قبل النوم‬ ‫ويداعب النجامت ويراقص األمسيات‬ ‫الليل‬ ‫عندما يهبط فهو كانطباق القدر‬ ‫يحمل بني كفيه نعامء املراشف والحرير‬ ‫ويحمل نقامء الذكريات البارعات‬ ‫تنسل من القفص املكني‬ ‫ُّ‬ ‫زفرات موجعات‪.‬‬ ‫‪47‬‬


‫صديق للحزاىن هو‬ ‫وللعشاق ولعابري السبيل‬ ‫الليل‬ ‫واحة األديب ودوحة الراهب وملجأ املظلوم‬ ‫وضحكة األنيس ولوعة الحبيس وسكن النمور‬ ‫عندما ينام الليل تصحو الكائنات للدبيب‬ ‫وتغتسل يف حديقة النهار‬ ‫وتودع أحامالً وأحالماً وأمنيات‬ ‫وترجو الله خري املسعى والنمري‬ ‫وعندما يصحو الليل تنام الكائنات بوداعة‬ ‫إذ يرخي عباءته فتطمنئ النفوس‬ ‫وتضع األرواح حملها بني يديه‬ ‫ويرفع الفقري كفيه لله ترضعاً‬ ‫وتندثر الفروقات فالكل له يف خضوع‬ ‫الليل‬ ‫عناق الشمعات مع ورود الفضاء‬ ‫‪48‬‬


‫وقيثارة ابن رشد إذ يطرق عازفا‬ ‫وتسبيحات ابن عريب وغزلياته‬ ‫وتأمالت ذو النون املرصي‬ ‫وطريق الجنادب املستقيم‬ ‫وعرس القلم ورجع أغنيات السامء‬ ‫ال نحتسب األيام إال به‬ ‫وال نقبل عىل النهار إال من بابه‬

‫‪49‬‬


‫اليراعة وزهرة روحي‬

‫ما كنت للبعيد رقيب‬ ‫وال كنت أرهق نفيس يف رسم الجداول‬ ‫أو صناعة الخوف‬ ‫وكنت أنتمي ملا أريد‬ ‫فيتحقق زاهياً بشكل فريد‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫وكف القدر كان يرافقني دوما‬ ‫فالطريق منري وبهيج‬ ‫والسري فيه أثري‬ ‫وما عدت للوراء أنظر‬ ‫فالخطو حثيث‬


‫والجري عندي محبب‪.‬‬ ‫طاوعتني نفيس إذ بذلت يف تهذيبها الكثري‬ ‫فصربت وتحملت وقضيت‬ ‫أال أذوب يف حاجة أو أؤرس للذة‬ ‫فجعلت من جسدي الفاين مخديت‬ ‫وأغلقت مرآيت‬ ‫وأفرغت جيويب من املال‪.‬‬ ‫وضعت خدي عىل األرض‬ ‫وما كان لجبل أو فرس‬ ‫أو حاممة أو رمح أن يبهرين‪.‬‬ ‫غزاين الشيب وأنا مثقل‬ ‫والتقيت معه بالهواجس والنوازع والرباكني‬

‫‪51‬‬


‫وحاولت تقبيل الشمس‬ ‫فأدارت ظهرها لنفيس الحزينة‬ ‫مل أعرتف بها إال مبشقة‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫محني الظهر‬ ‫ورصت أركض‬ ‫ّ‬ ‫متوتر العضالت‬ ‫كسري الخاطر‬ ‫فاألرزاء كثرية‬ ‫واملعني عىل الحمل قد ول‬ ‫والروح مني قد جلست عند أول مقهى‬ ‫قريب‬ ‫تحاول أن تسرتد أنفساها‬ ‫فرتكتني أسري َر َمالً‬ ‫أنعي حظي‬ ‫وقلة حيلتي‬


‫ونزقي‬ ‫وانتحار قلبي‬ ‫وتعب الروح‪.‬‬ ‫ما عدت من أميس متذكرا‬ ‫إال كسري الهوى‬ ‫وشقي الفؤاد‬ ‫ألن الرياعة التي أحببتها طوحتني‬ ‫وغافلتني‬ ‫وعاجلتني بالطعنات عند كل انعطافة ‪.‬‬ ‫وأذابت الشمع فوق جراحي وتبسمت‬ ‫ثم طارت‬ ‫وما تركتني أداوي يف جسدي الجراح‬ ‫وأحرقت زهرة روحي‬

‫‪53‬‬


‫َ‬ ‫الشوق والحنني‪.‬‬ ‫وأفسدت يفّ‬ ‫مل يعد يف الغد موضع لرشبة ماء‬ ‫ومل يعد يف القادم اشتياق للغة العيون‬ ‫أو حريق األجساد‬ ‫ومل يعد يف الغد‬ ‫أيد حانية‬ ‫أو قلوب قلقة‬ ‫أو كلامت جميلة‪.‬‬ ‫يتبق يل‬ ‫مل َ‬ ‫سوى أوجاع السنني‬ ‫ومكثور األمل‬ ‫وما ترك الخالن يب‬ ‫ٍ‬ ‫صفصف خاوية‬ ‫من قاعٍ‬ ‫وبثور‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫إهانة‬

‫كان يفرتش قلبي املظلوم كله‬ ‫لكنه ناور وداور وأخىل مكانه‬ ‫جاور الريح الصاعد ومتسك بالصد‬ ‫وارتىض هجايئ ‪ ،‬فسقط عن حصانه‬ ‫أحببته ‪ ،‬ورضيت فيه أن أجزع‬ ‫وكرهني وأفزعني ‪ ،‬ووجه يل إهانة‬ ‫طاملا أرخيت ‪ ،‬شد كثرياً‪ ،‬وتعاىل‬ ‫وعندما أشد ال يرخي أبداً عنانه‬ ‫ما أقوله مرفوض ‪ ،‬أو غري موثوق‬ ‫وما يقوله اآلخرون له يف قلبه مكانة‬

‫‪55‬‬


‫جنة الرضا واملحبة والقبول‬ ‫وبستان اإلشادة والفرح يف كل أركانه‬ ‫أما أنا فحصيد يومي بائس‬ ‫هجر وشقاق ‪ ،‬ولؤم وتطري‪ ،‬ومهانة‬ ‫يف مساء يوم قائظ انتظرته‬ ‫فأسقط عاممتي ‪ ،‬ورماين بالكهانة‬ ‫كنت أترقب قبوالً وتشوقاً وصهيالً‬ ‫لكنه كان يغسلني من قلبه دون صيانة‬ ‫مستبدٌ هو‪ ،‬وشقي ‪ ،‬ومارق غري تقي‬ ‫شاققني وناكدين وجادلني ‪ ،‬بال أمانة‬ ‫ال يعرف الفضل ‪ ،‬وال يصون العهد‬ ‫وجهله وتكربه‪ ،‬وعناده ‪ ،‬كفر بال رطانة‬ ‫تركته يخرج من قلبي النازف‬ ‫فشق طريقه مرسعاً بال دفع ‪ ،‬أو إعانة‬ ‫‪56‬‬


‫أوارها والقمر‬

‫أخافها بالقرب‬ ‫وأخافها بالبعد‬ ‫يف القرب تضنيني‬ ‫ويف البعد تشقيني‬ ‫اقرتبت طارت‬ ‫ُ‬ ‫كلام‬ ‫ابتعدت حامت‬ ‫ُ‬ ‫وكلام‬ ‫حول رأيس تطن‬ ‫ويف روحي تنئ‬ ‫وال ترتكني أرتاح أبدا‬ ‫تجلدين بالسياط تربما‬ ‫‪57‬‬


‫وتشكو ما ال يُشىك‬ ‫فالقمر بني يديها مصيبة‬ ‫واألزهار تراها حطاما‬ ‫والحلم الجميل تكرهه‬ ‫كام تكره إرشاقتي والنهار‬ ‫ال أكاد أتكلم إال خالفت‬ ‫وال أطرح أمراً إال حاججت‬ ‫ال تؤمن وال تسلِّم وال تنقاد‬ ‫ترصخ يف أذين بال كلل‬ ‫ألمر هني‪ ،‬أو جلل‬ ‫ترتصدين يف كل طريق‬ ‫لجوجة تقدح رشاً‬ ‫ترعبني إن صمتت‬ ‫وتزعجني حني تصيح‬ ‫وتخيفني حني تشهق‬

‫‪58‬‬


‫وتجمد خاليا جسدي‬ ‫وترجمني رساً وعلناً‬ ‫أخافها فأتجاوز عن الكثري‬ ‫فتتامدى‬ ‫وأحاسب عىل القليل‬ ‫فتربز أسنان الليث‬ ‫حمى قاتلة‬ ‫وجمر متقد‬ ‫ومنجم فحم‬ ‫والنجاة من أيها عسرية‬ ‫أفال أخافها؟!‬

‫‪59‬‬


‫بلقياكم سعدت‬

‫عند حافة العبور‬ ‫وعىل صهيل العيون‬ ‫وعرب بوابة الرشوق‬ ‫رسو األنيس‬ ‫ومن عربات ال ْ‬ ‫صدفة‬ ‫رأيتك‬ ‫تغسلني شعرك‬ ‫ويهت ّز فيك الكيان‬ ‫ويرتوي الهواء من سمرتك‬ ‫ويسبق الحامم انعطافاتك‬ ‫‪60‬‬


‫رأيتك‬ ‫تتمردين عىل الصباح‬ ‫إذ متتشق الشمس أهدابك‬ ‫ويتزنّر النهار ابتساماتك‬ ‫الليل جفنيه عىل صدرك‬ ‫ويغمض ُ‬ ‫ما كدت أحني ظهري‬ ‫ألعانقك‬ ‫ألقبلك‬ ‫ألرتويك‬ ‫حتى خلتك تنترثين‬ ‫حبوباً غاوية‬ ‫تضيئني اللوز‬ ‫والعبق‬ ‫والرداء األزرق‬ ‫وتضحكني‬

‫‪61‬‬


‫من أحالم الصبايا‬ ‫وجدول العاشقني‬ ‫وعتبات القمر‬ ‫رأيتك‬ ‫تنفردين‬ ‫سلة من األمنيات واملنايا‬ ‫خطاطيف القلوب والرزايا‬ ‫ال متلّني الصعود‬ ‫عىل جرس قلبي‬ ‫يا ليتني عشباً أخرض‬ ‫أو سامء عذراء‬ ‫أو نفحة غرام‬ ‫يف تراب رضابك‬ ‫بلقياك سعدت‬ ‫فهل تسمحني‬

‫‪62‬‬


‫أن اشتعل فيك‬ ‫لظى‬ ‫وسقسقة‬ ‫وتجل‬ ‫يتلو رفعة املريد‬ ‫إذ أبحر فيك‬ ‫بال أرشعة‬ ‫تأخذيني حيث تشائني‬ ‫دون أصفاد‬ ‫وبال مواعيد مسبقة‬ ‫أريحيني‬ ‫أم ِ‬ ‫إنك عىل الولهان‬ ‫ال تشفقني‬

‫‪63‬‬


‫بيدي أن أصير دبابة‬

‫بيدي أن أطري‬ ‫بيدي أن أغي‬ ‫بيدي أن أكون أطول‬ ‫أستطيع أن أمنو أكرث‬ ‫بيدي أن أقاوم‬ ‫بيدي أال أساوم‬ ‫أستطيع أن أقفز‬ ‫عن النحيب والوجع واليأس الكمني‬ ‫أستطيع أن أنجز‬ ‫رغم العيص والسالمل والطاقات‬ ‫‪64‬‬


‫أستطيع أن أقرأ يف ضوء فراشة‬ ‫وأقدر أن أرسم يف عني الشمس‬ ‫وأميش منتصبا بدون ظالل‬ ‫أنا القادم نهراً بارداً‬ ‫وسقفاً عالياً‬ ‫وربيعاً ضاوياً‬ ‫وسوسنة جديت‬ ‫أنا النافر الزافر الوافر‬ ‫حسن الطلعة غري ه ّياب‬ ‫ولكنك حدودي والرحيل‬ ‫وأنت عشقي النبيل‬ ‫ملحتك تغدقني بال كتاب‬ ‫وتبتسمني للغيامت والعتبات والنفري‬ ‫وتأكلني بأطراف أصابعك وتسبحني‬ ‫التقي ُتك سيفاً بجراب‬

‫‪65‬‬


‫وقلامً يهوى كتاب‬ ‫وبَكراً يرنو الجواب‬ ‫أنا الصدى لصوت املحرومني‬ ‫وأنت قدري‬ ‫وأنا الرجز املن ّزل عىل الفاسدين‬ ‫وأنت ثغري‬ ‫وأنا الشهور التسعة‬ ‫وأنت حميل‬ ‫بيدي أن أصري دبابة‬ ‫وبيدك أن تلقمي املدفع‬ ‫وأستطيع أن أصري حاممة‬ ‫وأنت فضاء الرحاب‬ ‫"بيدي ال بيد عمرو"‬ ‫قد ألتقى بك وحتفي‬ ‫احتفظت بك يف حلقي‬

‫‪66‬‬


‫ويف كتبي ودموعي‬ ‫وعند انتصار الفجر‬ ‫ويف عيد الصبايا‬ ‫وارتجاف ذرة الرتاب شوقا‬ ‫أنا العناق وأنت النحر‬ ‫وحيث تكونني يتجىل هو‬ ‫فاسمحي يل أن أكون أطول‬ ‫ودعيني أطري‬ ‫وهو ينظر‬

‫‪67‬‬


‫تأكل آخر حبة تين‬

‫بكيتك‬ ‫يف رسي وعالنيتي‬ ‫واعترصت دموعي وانتحبت‬ ‫كنت عىل الرسير ممددا‬ ‫ويف عينيك بريق القديسني‬ ‫بالكاد تكلمت ‪ ...‬لكني سمعتك‬ ‫وبالكاد همست ‪ ...‬لكني فهمتك‬ ‫وبالكاد حركت يدك ‪ ...‬لكني استجبت لك‬ ‫قلت ال تبيك ‪ ...‬فبكيت‬ ‫وهمست أن اد ُع يل ‪ ...‬فانتحبت‬ ‫‪68‬‬


‫ألحق بك‬ ‫وأرشت بالشهادتني ‪ ...‬فكدت ُ‬ ‫بكيت قبلك‬ ‫شجرة ُج ّز رأسها‬ ‫وحرشجة طري ذبيح‬ ‫ومرج أزهار داسته أرجل املغول‬ ‫وألف كتاب مل تنج من محاكم التفتيش‬ ‫وصدى عويل ثكاىل يف صفّني‬ ‫وعندما أحرقوا املسجد األقىص‬ ‫و وقتام سقطت غزة‬ ‫وحني اكفهر وجه دجلة‬ ‫وملا داعبت خصالت شعرها‬ ‫وعندما تحولت لظل امرأة‬ ‫ويف قرص السلطان إذ شتمني‬ ‫وبكيت‬ ‫حينام تجىل القيوم وأسفر‬

‫‪69‬‬


‫بكيت إجالالً وحباً و ِذلّة ورحمة‬ ‫وحني مرضت ابنتي الصغرية‬ ‫وعندما مات املطر بردا‬ ‫وملا كلمتني الصخرة الكبرية‬ ‫وعندما سافر وحيدي‬ ‫وقبل ذلك بكيت‬ ‫عندما تز ّو َجت بنت الخباز‬ ‫بكيت‬ ‫افتقاد النجوى‬ ‫وانكسار األمل ومتدّ د الهزمية‬ ‫وانحسار الربيع وطغيان األنا‬ ‫وردة املؤمنني وتعملق الفاسدين‬ ‫وبكيت‬ ‫سكون األشواق وانتصاب الكذب‬ ‫ووفاة الحب وانبثاق الحقد‬

‫‪70‬‬


‫واحرتقت لتلوث الثوار وانقطاع الطمث‬ ‫وبكيت‬ ‫ملرأى فراشة حائرة‬ ‫وبعري شامخ يسري عىل غري هدى‬ ‫أو ينكّس رأسه خزيا‬ ‫وبكيت‬ ‫عندما مل تق ّبلني أمي‬ ‫وعندما ثار أبوذر‬ ‫وعندما ضحك طفل رشيد‬ ‫يف مرآب السيارات بكيت‬ ‫وعىل صدر البحر‬ ‫وعند اكتامل القمر‬ ‫ومع تالوة املصحف‬ ‫وحني سامعي صهيل النهر‬ ‫ويف ساعات الليل البطيئة‬

‫‪71‬‬


‫وعندما مزق الفجر رشنقته‬ ‫ذكرتني بكتاب البكاء‬ ‫وملا رأيتك تأكل آخر حبة تني‬ ‫وتسبل يديك بهدوء‬ ‫وتغمض عينيك بال جهد‬ ‫للمرة األخرية‬ ‫مبتسامً ‪ ،‬وأحسبك راضياً‬ ‫بكيت‬

‫‪72‬‬


‫تعاندني األنفاس‬

‫هل فاض النهر وانترش الرعد‬ ‫أم استوى املركب عىل العباب‬ ‫هل تجاوزت باملعقود السياج‬ ‫أم انهزمت؟‬ ‫تعاكسني نفيس فارتعد‬ ‫وتعاندين األنفاس فارتقب‬ ‫قلام اشتقت إىل املستقبل‬ ‫وكثرياً ما ساورين حلم األفول‬ ‫أعد أشيايئ وأرسم القديم‬ ‫وأشعر بالخذالن فأميد‬ ‫‪73‬‬


‫تجتاحني خواطري فأنزف‬ ‫وتندفع نهايايت فأستسلم‬ ‫كان البعيد شمعة غاوية‬ ‫وكان القادم حلامً مقدساً‬ ‫وعندما سقطت الشمعة‬ ‫وتفتت الحلم‬ ‫فزعت الوردة وانشق األمل‬ ‫فلم أجدين إال مستلقيا‬ ‫أحدق يف الفراغ‬ ‫بال مراوغة‬

‫‪74‬‬


‫تفاح الكواعب وبريد شفتيك‬

‫لعلك تنقلب قمراً‪ ،‬فعساك تروق لها‬ ‫أو لعلك تطفو عىل نخيل العربات‪ ...‬فتح ُّبك‬ ‫أو لرمبا تنشط ريحاً منتفضة‬ ‫فتميل إليك يف جنح الليل لتحتضنك‬ ‫ليتك تسمو‪،‬أو تتبلل‪ ،‬أو إليها تعرج‬ ‫فلعلها ترنو إليك‬ ‫هل أقسمت عىل التبعرث فيها‪ ،‬أم أنك شتات؟‬ ‫أم استحلت عبقاً يفوح من جنباتها وزراً وشطئانا؟‬ ‫أمتسك عن عصيانها أم أنت لها عبد مقيم؟!‬ ‫أراك تدمع‬ ‫أراك ترتجف‬ ‫‪75‬‬


‫أراك تندهش‬ ‫أراك تنكمش‬ ‫ح ٌّر أنت يف أن تطأك بال ضجيج‬ ‫إنها تدنو إليك‪ ،‬راغبة فيك؟‬ ‫أخائف أنت‪ ،‬أم بدن ّوها سعيد؟‬ ‫أم لجموح رغائبها أنت عسري؟ّ‬ ‫ها هي تُ ِغري فيك وتج ّرد السيوف واللواحظ‬ ‫أراك ترتاجع وهي فيك اشتعال الكون‬ ‫إنها ترقبك‪،‬متوج فيك‪ ،‬تنقبض ثم تنبسط‬ ‫رام الله‪ ...‬عبق السحابات الشبقة والعسجد القديم‬ ‫رام الله‪ ...‬اكتامل تفاح الكواعب وعنف الفدائيني‬ ‫إنها حلم الصبايا والكُامة والعصاة والصوفيني‬ ‫رام الله‪ ...‬ترنو وترقب وتدنو وتروق وتنفرج‬ ‫وهي يف أوج اكتاملها بريد شفتيك واعتقال ضوء‬ ‫عينيك‪.‬‬ ‫‪76‬‬


‫تونس الهمس الساري‬

‫تونس‬ ‫شمس الرمال الناعسة‬ ‫والقمر األَرِق‬ ‫وغدير الغيد الدافقات‬ ‫وعرين الجامل الظاهر‬ ‫واملسترت‬ ‫تونس‬ ‫وقع األحداق اآلرسة‬ ‫ومنارة النعامء‬ ‫وعجينة اللطف‬ ‫‪77‬‬


‫والشفاه اللمياء‬ ‫والهمس اللذيذ‬ ‫تٰس ِك ُرنا فنصحو‪.‬‬ ‫عندما دخلنا تونس‬ ‫غمرنا حفيف (البلفدير)‬ ‫وعطر شارع بورقيبة‬ ‫وانتصاب قامة ابن خلدون‬ ‫وطراوة أنامل (املنار)‬ ‫ولزوجة جسد(قرطاج)‬ ‫فازددنا شبابا‬ ‫و تعلمنا الفرح و السهاد‬ ‫وطلقنا البكاء والسواد‬ ‫وتعلمنا االبتسامات‬ ‫ويشء من الضحك‬ ‫وكثري من الحياة‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫كدنا ننهزم أمام ذواتنا‬ ‫فعلمتنا تونس شحذ الحديد‬ ‫وتقنيات اللذة‬ ‫ورعونة األفخاذ‬ ‫وسقاية األمل‬ ‫وطلب املزيد‬ ‫وعندما شملتنا بالخضاب‬ ‫اكتسبنا التدفق‬ ‫بعد طول جدب‬ ‫وتعلمنا‬ ‫معاين الحب األزيل‬ ‫والخلود‬ ‫مع سيدي أبوالحسن الشاذيل‬ ‫وفارس بغداد الجيالين‬ ‫والسيدة عائشة املنوبية‬

‫‪79‬‬


‫ومل نكد ن ُذق حالوتها‬ ‫حتى ركبنا السفن قافلني‪.‬‬ ‫تونس بوابة الناقوس‬ ‫ومفتاح البحر إىل السامء‬ ‫ومرجل لظى األفراس‬ ‫ووجيب قلوبنا‬ ‫حني لُقيا الفاتنات‬ ‫وتحسس النوافذ الزرقاء‪.‬‬ ‫تونس‬ ‫القمر الحبيب‬ ‫والشعب األريب‬ ‫دخلناها حفاة‬ ‫بأجساد منهكة‬ ‫ولحظات ناحلة‬ ‫وقلوب بحجم الحىص‬

‫‪80‬‬


‫وخرجنا منها موجوعني‬ ‫بلحظات ال تنىس‬ ‫وقلوب كبرية‬ ‫ولكن مشققة‪.‬‬ ‫يف زوايا (القريوان)‬ ‫وثنيات (سوسة)‬ ‫وحني يطل (بوقرنني)‬ ‫و (سيدي بوسعيد)‬ ‫إلعالن شموخهام‬ ‫كنا نتسامى ونتكلل‪.‬‬ ‫ويف (مدنني) و(توزر)‬ ‫كانت الظالل تالحقنا‬ ‫والطيف الشفيف‪.‬‬ ‫أحببنا (قابس) كام (املنستري)‬ ‫ولفحتنا حرارة صبايا (بنزرت)‬

‫‪81‬‬


‫وكرم (حامم االنف)‬ ‫وذبنا يف رقة (صفاقس)‬ ‫وزيتون السهول والغلة والتمور‬ ‫وأحببنا الطاجني والهريسة‬ ‫كام (البحرية) و (البساج)‬ ‫فكيف نكف عام خالط النسيج‬ ‫وتداخل مع الخاليا‬ ‫وسهوب الرموش والعقيق‬ ‫تونس معجزة التونسيني‬ ‫وهدية الله للمحبني‬ ‫وحورية بحر العرب‬ ‫أحببناها حتى الثاملة‬ ‫ولن نكف‬

‫‪82‬‬


‫جسر أنا‬ ‫ٌ‬

‫أصعدته صدري وأركبته ظهري‬ ‫فصال وجال‬ ‫كان يف زمانه صديء‬ ‫بال أيدي أو عيون‬ ‫يتعرث يف خطواته‬ ‫فرصخ طالباً النجدة‬ ‫فكنت جاهزا‬ ‫وقفت بينه وبني السقوط‬ ‫وفتحت له األبواب‬ ‫وكرست من أمامه املوانع‬ ‫‪83‬‬


‫كان يظهر تذلال‬ ‫ويجري أمامي‬ ‫يقبل األيادي ويغمس‬ ‫ولكنه يستل خنجرا‬ ‫يغرسه يف ظلمة سوأته‬ ‫ويتصدر املشهد‬ ‫اتخذين جرساً مللذاته‬ ‫وأحالمه العكرة‬ ‫يعوي أمامي‬ ‫وينهش لحمي حيثام خال لرسيرته الفاسدة‬ ‫كان يلمع فيظهر معدنا نبيال‬ ‫ويقدم القليل يف الطريق‬ ‫وحني جد الجد نسخ كل ما قال‬ ‫وبال عىل وعوده‬ ‫ونكث معي عهوده‬

‫‪84‬‬


‫حذروين منه طويالً فتاجرت به‬ ‫بحلمي وأنايت وسعة يف صاليت‬ ‫فشق طريقاً من صدري حتى قربي‬ ‫وارمتي يضحك‬ ‫فالوضيع ال تنفع معه الخريات‬ ‫وال يعرتف بالفضل ويخون‬ ‫بكل يرس وسكون‬ ‫ورسعان ما ينكرس‬ ‫ويسقط‬ ‫مخلّفاً أملَاً ال يزول‬ ‫علني أتعلّم‬ ‫فيصغر قلبي‬ ‫ويأخذ حجمه الطبيعي‬

‫‪85‬‬


‫حزني أجمل‬

‫كان قطرة قطرة‬ ‫ثم ابتلعني بحرا‬ ‫وكان ثقيال‬ ‫فصادقني‬ ‫وكنت أخشاه طويال‬ ‫فشملني‬ ‫حزين أجمل‬ ‫يبتلعني ويصادقني‬ ‫ويشملني‬ ‫كلام أفل الضوء‬ ‫‪86‬‬


‫أطل‬ ‫ّ‬ ‫وكلام قلّت املؤونة‬ ‫ظهر‬ ‫وكلام طال الدرب‬ ‫تجىل‬ ‫حزين أجمل‬ ‫يشحذين قاطعا‬ ‫ويحفر يف قلبي‬ ‫مسجدا‬ ‫ويعلق عىل صدري‬ ‫الرنجس‬ ‫ويرصخ يّ‬ ‫فيزك أحالمي‬ ‫إذا جلست ال يتخلف‬ ‫عن املداعبة‬ ‫وإذا غنيت‬

‫‪87‬‬


‫كان فريد األطرش‬ ‫ويرتنم باللّطميات الشيعية‬ ‫والرواديد‬ ‫واملقامات‬ ‫ويبيعني قهره‬ ‫من نهر الصفاء‬ ‫حزين أجمل‬ ‫فام أن اغتسل منه‬ ‫حتى أشقى‬ ‫(ردا عىل ما قالته الشاعرة قبيل أدناه)‬ ‫ال تسلني عن الحزن‬ ‫فهو من ِّيي‬ ‫وقلبي زا ُد ُه‬ ‫كان باألمس غريباً‬

‫‪88‬‬


‫وغدى موطني‬ ‫أحمي حدوده‬ ‫حا َول البعض‬ ‫اقتالعه‬ ‫ُنت مشكورا‬ ‫فك َ‬ ‫ُم َث ِّبت ِعامده‬ ‫أيها املستع ِمر‬ ‫ارحل‬ ‫سئمت احتاللك‬ ‫خذ قصاصايت‬ ‫وامتطي عمري‬ ‫وارحل‬ ‫خذ عيوين‬ ‫أجنحة لجموحك‬ ‫وارحل‬

‫‪89‬‬


‫أشعل النار‬ ‫بأشواقي وأحالمي‬ ‫يك ترى دربك‬ ‫وترحل‬ ‫اصلُب‬ ‫ضفائر كربيايئ‬ ‫أرشعة‬ ‫ألسطول عنادك‬ ‫وارحل‬ ‫ال تنىس‬ ‫أرجوحة املسامري‬ ‫وأسلحة الدمار الشائعة‬ ‫اغرسها بأفكاري‬ ‫يك تطرح حزنا‬ ‫يف الفصول األربعة‬

‫‪90‬‬


‫حيث تنتظر الخيول‬

‫كلام كنت بقريب احتشد‬ ‫وأفور كام الغيوم‬ ‫أعود طفالً الهيا‬ ‫أَسود فعالً كاسيا‬ ‫أجود بأنفاس تائهة‬ ‫وسحابات فاترة‬ ‫اقرتيب أكرث‬ ‫فلرمبا قضيت عىل حزين‬ ‫وأشبعت يفّ البكاء‬ ‫وحبل الصمت والرصاخ‬ ‫‪91‬‬


‫أطييل دفأك مرتقبا‬ ‫فهل ستنهضني‬ ‫ومن لهاثك تتجردين‬ ‫والصفري‬ ‫أتذكرين‬ ‫لقد كنت معي ذات ليلة‬ ‫و ُج ِ‬ ‫دت مبا هو أريج‬ ‫باتساع العربات‬ ‫وامتشاق السيف‬ ‫واستدارة الشفق‬ ‫كنت‬ ‫وخرير النوايا‬ ‫ومنري العطايا‬ ‫وانبالج العسري‬ ‫‪92‬‬


‫منيش معا‬ ‫ونصعد الدرجات‬ ‫نحو فتحة يف الجدار‬ ‫حيث تنتظر الخيول‬ ‫فهل تركبني‬ ‫اقرتيب أكرث‬ ‫فلرمبا تنصهرين‬

‫‪93‬‬


‫حين ترسو البالبل‬

‫‪94‬‬

‫تطيل النظ َر حني تطل من النافذة‬ ‫ُ‬ ‫تل ّوح بيدها اليمنى وتثري الحلم‬ ‫أنطلق بعيدا وال تبتعد‬ ‫إنها قناع تنفيس ورشنقتي‬ ‫ّ‬ ‫تحط عىل جذعي حني أظهر مكتمال‬ ‫تغ ّرد شوقا وتسرتيح‬ ‫وتلح عىل البوح بسعادة‬ ‫ُ‬ ‫عندما تتكلم انرصف يف تأملها‬ ‫تخوض حرباً حني تقول‬ ‫تطاوعها الكلامت أحيانا وقد تتلعثم‬


‫وعندما تقول تصنع حياتها‬ ‫وحياتها عسل مفرط الحالوة‬ ‫وتتموضع هي بني الكلامت‬ ‫ترسدين دون أن تزفر‬ ‫وترسقني دون أن أشكو‬ ‫وترصف طريقي بالقبالت‬ ‫وتسلبني جنوين فتنزف ضياء‬ ‫تعشق األزهار والحلويات والشموع‬ ‫تعمل بأيد ست وتفكر بعقلني‬ ‫(سيتا) أيقونة الجامل و ِهبة العامل‬ ‫حينام تعانقها الغيامت تنهمر‬ ‫وتزجي للحصيد أغاين البالبل‬ ‫وتنعش ذاكرتها بحبل الوداد‬ ‫وتنجو من حرية النهار بالخرير‬ ‫تنصت لألشياء والناس والدبيب‬

‫‪95‬‬


‫فتنة ولني وسطوة وطرب‬ ‫ويرس ومنارق‬ ‫حينام عدت ذلك املساء‬ ‫وتكحل النجالوتني‬ ‫ُ‬ ‫كانت تجدل شعرها‬ ‫وتعد طعام العشاء وحلوى الحلبة‬ ‫وتقرأ شيئا من الشعر املبلل بالولع‬ ‫تركب قاريب وتسحب املرساة‬ ‫وتبحر بني غناء البالبل والنداء‬

‫‪96‬‬


‫خمرة الصوفي الحصيف‬

‫مثل وهج النار‬ ‫وإدبار الليل‬ ‫وتغريدة النهر‬ ‫وانجراف السهاد‬ ‫حدّ َقت يف وجهي بعبور‬ ‫وضمتني بعينيها الناجيتني‬ ‫وم ّررت يدها الغضة فوق رأيس‬ ‫حصنتني بابتسامتها الالهبة‬ ‫وفجر ثغرها البسام‬ ‫ثم ركضت مثل قمر وثاب‬

‫‪97‬‬


‫‪98‬‬

‫ليان‬ ‫ابنتي الصغرى‬ ‫ذات العينني اللوزيتني‬ ‫وذات الرداء الطهور‬ ‫حائط الرجاء األخري‬ ‫وانفالت اللحظات الصاخبة‬ ‫وخمرة الصويف الحصيف‬ ‫وكسارة الصخور‬ ‫ومبعث البهاء يف صدري الحزين‬ ‫ومزن الليايل الناقمة‬ ‫علمتني‬ ‫ن ّورتني‬ ‫كيف يكون الحب‬ ‫وارتسام األمل يف بدر النخيل‬ ‫ورحيق القلوب الدافئة‬


‫علمتني‬ ‫كيف أفك أقفال النهايات‬ ‫وأصنع سالمل األحالم‬ ‫وأرجو الله استمرار الزينة‬ ‫علمتني‬ ‫كيف أكتب اسمي بحروف جميلة‬ ‫وكيف ألفظ اسمها بأناقة‬ ‫وكيف ألهو معها بخشوع‬ ‫وألتقط الحكمة من عرباتها‬ ‫فال أضيع‬

‫‪99‬‬


‫رام اهلل ارتفاع الموج‬

‫حينام تسقط من الفضاء‬ ‫أو ترتدي ثوباً أصفر‬ ‫أو تلطخ يديك بالحرب‬ ‫أو تفكر عاليا‬ ‫ستجد رام الله إىل جانبك‬ ‫وحينام تغني يف املنارة‬ ‫أو تجادل بنات بريزيت‬ ‫أو تتبخرت برسوال قصري‬ ‫أو ترسم طفولتك عىل الشارع‬ ‫فإن رام الله تغفر لك‬ ‫وحني تالحق الصبايا‬ ‫‪100‬‬


‫وتقبل الخد األسيل‬ ‫وتقول شعر محمود درويش‬ ‫فإن موج رام الله يرتفع‬ ‫و حينام تبيك ولعا‬ ‫أو ترجو االنصهار يف عينيها‬ ‫أو ترشف رحيق شفتيها‬ ‫أو توسوس لك النفس بالتجرد‬ ‫فإن رام الله دوماً حارضة‬ ‫عىل أرصفة شوارعها‬ ‫القصرية املتعرجة املثرية‬ ‫ترتدي الحسناوات عاصفة‬ ‫وتحمل العجائز بيوتهن عىل الرؤوس‬ ‫ويتسىل األطفال باألسلحة الخشبية‬ ‫ويحتكر الطالب عجاج املعارك‬ ‫يف رام الله مدينة النقائض‬ ‫بإمكانك أن تشعل الدنيا‬ ‫‪101‬‬


‫أو تعمل رجل إطفاء‬ ‫رام الله خد فلسطني الوردي‬ ‫وعينيها العسليتني‬ ‫فيها يأكل القمر الفالفل‬ ‫وتغسل الريح شعرها بوداعة‬ ‫وترتدي األُ ُسود رداء أبوعامر‬ ‫وتغني الفراشات نشيد الثورة‬ ‫ألنها رس الله الدفني‬ ‫ومحراب العاشقني‬

‫‪102‬‬


‫ساعتي تزف‬

‫حسبتها نهرا يفور‬ ‫أو سهام يدور‬ ‫أو عيني صقر تقرر الرفض أو القبول‬ ‫لكنها‬ ‫للوقت تتشوق‬ ‫وتطل عليك صبح مساء‬ ‫يف كل آن‬ ‫تزف إليك البرشى أو الذبول‬ ‫ال يهمها اختالف الناس‬ ‫أو القضايا والرزايا وتعابري اإلحساس‬ ‫ساعتي ال تطرح السؤال‬ ‫وال تعرتض أو تصول‬

‫‪103‬‬


‫هي بني الناس عملة مثينة‬ ‫ويف الفعل جد خطرية‬ ‫كانت حلية جميلة و سوار أثري‬ ‫مل تتمرد أو تثور‬ ‫لكنها فتحت باب السكينة ورمبا الثورة أو األفول‬ ‫لك أن تختار‬ ‫وما عليها إال الدوران‬ ‫يف معصمي كانت تتألق‬ ‫يف زمان لها ومىض‬ ‫وعز لها انقىض‬ ‫إنها اليوم متوء‬ ‫إذ حل محلها الهاتف املحمول‬ ‫بأشياء كثرية وكتاب مقفول‬ ‫فهل أنصفها العشب والغدير‬ ‫وانبهاري بها والزمن الغبري‬ ‫وقبالت األمس والحرير‬ ‫أم طالتها القشعريرة وحريق األنفاس‬ ‫‪104‬‬


‫سجادة‬ ‫ّ‬

‫كنا منيش معا متشابيك األيادي‬ ‫هم العاشقون ‪...‬‬ ‫يتشابكون يساراً بيمني‬ ‫ونحن نتشابك باأليادي األربع‬ ‫وعندما يطلون علينا من النوافذ‬ ‫بعضهم يبتئسون أال يكونوا مثلنا‬ ‫واآلخرون يفرحون‬ ‫أيام مضت مخضخضة‬ ‫دون قلق فالسنني قادمة‬ ‫والحياة كمومس لعوب‬ ‫‪105‬‬


‫تزين الغواية‬ ‫والعشق يصنع من الخيال‬ ‫طربا‬ ‫وافرتاضات‬ ‫بعد عرشين عاما‬ ‫وطأت روحي‬ ‫فتسامت‬ ‫لكنها ظلت تحبس حياتها‬ ‫يف قامئة مشرتيات‬ ‫يف ثالجة‬ ‫غسالة‬ ‫أو ّ‬ ‫أو سجادة‬ ‫ال متل عن النحيب لنيلها‬ ‫عرشون عاما انتقلت فيها‬ ‫وتسامت‬

‫‪106‬‬


‫وما زالت هي‬ ‫بال روح‬ ‫قطعت من قلبها مزقا‬ ‫وألصقتها‬ ‫قطعة يف األرائك‬ ‫وأخرى يف الطاوالت‬ ‫ومزق توزعت‬ ‫بني املالبس واألحذية‬ ‫وسجادة‬ ‫بعد عرشين عاما‬ ‫قلت لها لك يف القلب منازل‬ ‫ويف الروح ارتقاء‬ ‫قالت يل‬ ‫أريد السجادة ‪...‬‬ ‫فكف عن ذلك‬

‫‪107‬‬


‫ٌ‬ ‫سيف مشهر‬

‫مل يعد أمامي الكثري‬ ‫فمن العمر انقىض الربيع‬ ‫وما كان أمامي يلطم ظهري‬ ‫وأحالم الشباب حالت دخانا‬ ‫وأرض األمنيات جدبت‬ ‫وصيايص النجاة تهدمت‬ ‫فملت عىل شجرة‬ ‫ُ‬ ‫وألقيت عليها بهمومي‬ ‫وتناسخت معها قليال‬ ‫ورجوتها السامح‬ ‫‪108‬‬


‫فمنها أستمد القوة وأمتلئ بالوقود‬ ‫كنا رأسا برأس وعينانا متقابلتان‬ ‫أنا والشجرة‬ ‫ذبلت الروح وانقطع الرجاء‬ ‫تسامت الروح وابتهج الرجاء‬ ‫وتفضض شعري واحتملتني العظام‬ ‫ورصت شيخاً حكيامً وسيفاً مشهرا‬ ‫كانت الشجرة تحدق بعيني وتردعني‬ ‫وترفض كالمي وتحاججني‬ ‫حتى امتأل من وقودها خزاين‬ ‫فرصت طفالً الهياً وعصفورا‬ ‫وعدت قوسا شديدا وجحفال‬ ‫وما عادت الغربان تنعق فينا‬ ‫تجدد الجسد وامتشق الفكر سيفه‬ ‫وصهلت الروح وانبثق النور‬

‫‪109‬‬


‫فانفككت عن الشجرة وقفزت‬ ‫المس وجوهكم كلام هبت ريح‬ ‫هأنذا أُ ُ‬ ‫وأخاطبكم كلام مر يف ذهنكم خاطر‬ ‫أو حني يخامركم شك‬ ‫وحني تحلمون بال شك‬ ‫ترونني‬

‫‪110‬‬


‫شجرة تشكو‬

‫يف البقعة األثرية من بريزيت املكان‬ ‫وقفت مشدوهاً بأرض الزمان‬ ‫عيني وعانقت قلبي‬ ‫أحبتها ّ‬ ‫وأكرثت فيها من ُق َبل الغزالن‬ ‫السهوب‬ ‫أطلقت عيني تطوف ّ‬ ‫وتعلقت روحي برجرجة الهبوب‬ ‫ريح لطيفة ونسامت ناعسة‬ ‫ألقت رحلَها عىل سفح خدي‬ ‫فكدت أهوي من شدة وجدي‬ ‫جلست أرضاً‪ ،‬اقرتبت كثريا‬ ‫‪111‬‬


‫فسمعت العجب‬ ‫ُ‬ ‫بدأت أصغي‬ ‫طيور تغني وجداجِ د ترصخ‬ ‫وفراشات تتثاءب‬ ‫ومنل يفكر يف شتاء قادم‬ ‫ٌ‬ ‫وشجرة تشكو ذبول األغصان‬ ‫وأخرى تستعيد ذكرى الخالّن‬ ‫أصخت السمع توقف القول‬ ‫ُ‬ ‫الصمت هديراً و ِعب‬ ‫َ‬ ‫سمعت‬ ‫ُ‬ ‫فكدت أذوب يف ُحب الصباح‬ ‫ويف ذكرى أطلت يف عيد النجوم‬ ‫سخاء محبب وعزف كثيف‬ ‫يف أذين تجىل ونار الغدير‬ ‫عىل تلك التلة يف بريزيت‬ ‫نسيت نفيس وحار األصيل‬ ‫وعدت شهيداً لذات املكان‬

‫‪112‬‬


‫يف مجد البديع وبديع الصنيع‬ ‫رويت مسايئ بعصري العنب‬ ‫وألفيت روحي تق ّبل صخرة‬ ‫واعتليت غيمة برزت باملكان‬ ‫وطفت أعانق هسيس األغاين‬ ‫رسمت رماحاً رسمت سيوفا‬ ‫وكنت أقاتل رياح الغضب‬ ‫فتلفتت زهرة وصاحت تنادي‬ ‫يف حب البالد يسود األدب‬

‫‪113‬‬


‫شفيع التائبين‬

‫هو الذي إذا ك ّني عجزت الكلامت‬ ‫وإذا تحلق حوله الربق اتأد‬ ‫وإذا دامت الريح عىل تجنبه تختار‬ ‫عشقاً وحباً ونشيدا‬ ‫هو صاحب الكلامت والينابيع‬ ‫يف عينيه تسرتيح النغامت الحزينة‬ ‫وتستوطن قلبه الدموع‬ ‫هو الشايف النقي الناهض‬ ‫عندما ميد كفيه تسجيب الغيامت‬ ‫وتنزاح الغمم‬ ‫‪114‬‬


‫وتأكل الكائنات منه حلو الريق‬ ‫صحبته باألمس فقمت شامخا‬ ‫وارتويت من صمته‬ ‫ونوازع ه ّناته وابتساماته والنهى‬ ‫هو سيد الكائنات والنجوى‬ ‫وشفيع التائبني وال ُخلّص‬ ‫رفيع العامد شديد النفري‬ ‫رائق النظرات معجز اللهفة‬ ‫يفرد جناحيه فيحتضن الدنيا‬ ‫ويكتب عىل سنا األرض ثورة‬ ‫ويركب األمواج بال مجدافني‬ ‫ويحسم املعركة بكفيه العاريتني‬ ‫وقنديل القرآن ورواسخ اآليات‬ ‫هو الحبيب الطنيب املجيب‬ ‫هو النسق املظلّل بالجنان‬

‫‪115‬‬


‫وأعجوبة الخلق ويد الله‬ ‫عندما تبرصه ال تحتاج لعينيك‬ ‫فهو الهادي البادي املعني‬ ‫النافر من الظلمة ‪ ،‬مصباح الهدى‬ ‫سيدي‬ ‫سيد الدارين والعاملني والزجاج‬ ‫سيدي‬ ‫ال تفرت ه ّمته وال تزوغ بصريته‬ ‫ميسح رأسك وجسدك بالدعاء‬ ‫فتضمن قربا مرشقا وفردوسا‬ ‫ما لكم والصديد‬ ‫وما لكم والبغاة‬ ‫واتركوا األشقياء وسود املهج‬ ‫فالرسول محمد قد أىت‬ ‫‪116‬‬


‫شهيق األرض وزفيرها‬

‫ُجلت الصحاري‬ ‫وصعدت الجبال‬ ‫وقطعت الحواجز‬ ‫وحلَلت يف رطب السهول والوديان‬ ‫ومل أجد عشقاً رابيا‬ ‫إال يف وهاد صدرك والرشوق‬ ‫فأقمت يف عينيك دهرا‬ ‫ومل أنظر إال ملا ترين‬ ‫وعقدت العزم عىل العبور‬ ‫بني جنبات قلبك والثلوج‬ ‫‪117‬‬


‫تراءى يل الليل‬ ‫بني سفنك فجراً صادحا‬ ‫وقفزت يف املسافة الضيقة‬ ‫بني انكامش الظالم وسطوع النهار‬ ‫فوجدتك تركبني الخندريس‬ ‫فكنت شهيق األرض وزفريها‬ ‫فكيف أحيا إن مل أتنفسك‬

‫‪118‬‬


‫صالة وطبول‬

‫سيكون يوماً مشمساً هذا اليوم‬ ‫قت أذين بصدر األرض‬ ‫وألص ُ‬ ‫تنفست بعمق َ‬ ‫أتظن ذلك‪...‬كلمتني‬ ‫إذ بعد الليل املاطر ال بد من نهار بهيج‬ ‫وكأنك تعلم‬ ‫كيف املسري بالطرقات املتعرجة بال كوابح‬ ‫وبال مشاعل أو مصابيح أو زجاجة ماء‬ ‫ولكني وجدت طريق عوديت نحوك‬ ‫أهالً وسهال‬ ‫كان اليوم مزخرفاً والهدهد يغني بسخاء‬ ‫‪119‬‬


‫أما زلت متشككا‬ ‫وكنت أقتبس الروايات من قلق الشتاء‬ ‫وأج ّر خلفي رسبا من الطيور ومكتبة مفعمة‬ ‫هل يف القارب متسع أم البحر يغني‬ ‫أراك سعيدا‬ ‫أواصل الحركة فعنوان الحياة صالة وطبول‬ ‫وميدان الحياة صباح وعشق الثنايا و الوصول‬ ‫هل يجب أن نبقى معا‬ ‫لن أنسحب ولن أتراجع‪،‬‬ ‫نعم يجب أن نبقى معا‬ ‫أرسعت الخطى القرتب أكرث وأسمع‬ ‫إذ كانت األرض تغني وهي ما تزال هنا‬

‫‪120‬‬


‫طاقتي والكلب‬

‫هل تنقبض الشمس فتتج ّهم‬ ‫وهل تثمل ورودها يف رابعة النهار‬ ‫أم هو حظي العاثر!‬ ‫يل املحسودتني‬ ‫وخطى رج ّ‬ ‫إذ حورصت يف كهف‬ ‫حيث الطاقة السلبية ترعد؟‬ ‫وقف الغراب يخطب‬ ‫يف جمع مطأطئ الرؤوس‬ ‫أشبع قلبي بالهموم والشقوق‬ ‫واقتنص من خالياي املرشئب‬ ‫‪121‬‬


‫وانفلت يذبحني‬ ‫مطلقا نار مدفع مشعٍ‬ ‫كان جو املكان خانقا‬ ‫وكانت الحوائط سوداء‬ ‫واألقامر مذهولة‬ ‫وهواء رطب ينحرين‬ ‫وهو يتخبط يف عباراته‬ ‫وخطابه يشخب دما‬ ‫يستدرج الكلامت علّها تطاوعه‬ ‫فتخرج من خيشومه ساخطة‬ ‫رقيعة ناصبة رافضة‬ ‫وأذين تكاد تعوي‬ ‫ويتهيأ لك أن الكون أجوف‬ ‫وأن السامء تسقط عىل رأسك‬ ‫وأنك يف حفرة أفضل‬ ‫‪122‬‬


‫فهو يجأر‬ ‫وإن سكت تحل علينا اللعنة‬ ‫خطاب أسود‬ ‫ٌ‬ ‫يزرع اليأس ويهدد بالويالت‬ ‫فالنار تشتعل بردائك‬ ‫ويستخدم الله ف ّزاعة‬ ‫يحصن فيها أكاذيبه‬ ‫ّ‬ ‫والنقص الساحق يف شخصيته‬ ‫وانكسار اإلقناع‬ ‫وصعود الخرافات‬ ‫طاقة سلبية صاعدة‬ ‫تصنع من الخوف والكره واألحقاد‬ ‫حقال‬ ‫وتصنع من البديهيات معجزة‬ ‫ومن الخرافات حقائق علمية‬ ‫‪123‬‬


‫تركته يهرف ‪ ،‬وعدوت‬ ‫واحتضنت أول غيمة قابلتني‬ ‫وحمدت الله كثريا‬ ‫وقبلّت أشجار الربيع‬ ‫وحجارة الوادي‬ ‫وضحك يل كلب هزيل‬ ‫يه ّز ذيله يف منتصف الطريق‬ ‫وأشارت يل حاممة ملوحة‬ ‫عليل يف رئتي‬ ‫واستقر هواء ٌ‬ ‫وأناخ الله بعريا‬ ‫حملني رحمة نحو البعيد‬ ‫فباحت يل الريح بأرسارها القرمزية‬ ‫حني خلّفته وراء ظهري‬ ‫لقد استعدْ ُت طاقتي اإليجابية‬ ‫من نبل الطبيعة‬ ‫ورقة بديع الخالق‬

‫‪124‬‬


‫عاجلتني بالتحية‬

‫أرستني احتوتني اجتاحتني‬ ‫بسهولها وهضابها ورائحة تربتها‬ ‫بعطر برتقالها وزعرتها الربي‬ ‫بارتوائها وعنفوانها وتدفقها‬ ‫مبريميتها والخرفيش والحنون‬ ‫بالتني والزيتون وطور نابلس‬ ‫بشجاعتها ونبلها وطهرها‬ ‫بالعنب والجريد وطلحها‬ ‫بقدرتها عىل صنع البرش‬ ‫استقلّت بقلبي وتعللت‬ ‫وجادلتني يف األولويات‬

‫‪125‬‬


‫ويف الدين والسياسة وحقوق اإلنسان‬ ‫ويف املاء الطهور وخشب الزيتون‬ ‫عم ّرت يف بيادري مسجدا‬ ‫وأقامت يف صدري عمودين‬ ‫كتب عىل األول غزة ورام الله والقدس‬ ‫ونقش يف الثاين حيفا ويافا واللد‬ ‫وقلّمت أغصاين وعشّ بتني‬ ‫فام عدت أعرف فرقاً بيننا‬ ‫هي قرية فلسطينية طافحة‬ ‫بالحب واألمل والتغريد‬ ‫وكثري من األمسيات السعيدة‬ ‫وأنا من قىض عمره حلام‬ ‫لو كانت بحراً لغمرتني‬ ‫ولو كانت موجاً العتلتني‬ ‫ولو كانت سحابة ألمطرتني‬ ‫ولكنها أنا وأنا هي‬ ‫‪126‬‬


‫نغمر ونعتيل ومنطر‬ ‫ومنيس ونحب ونزرع‬ ‫قرية فلسطينية زاهية‬ ‫رمقتني بزاوية العني فلم أنم‬ ‫كان صدرها يرتج دخانا وأملا‬ ‫وأنفاسها متقطعة ولكن صامدة‬ ‫عاجلتني بالتحية والصبح الرقيق‬ ‫واختتمت يومها برتبيت ٍة عىل كتفي‬ ‫وناولتني خبزاً شهياً من الطابون‬ ‫وضمة كبرية من البصل األخرض‬ ‫وشيئا من الزعرت وصحن زيت‬ ‫فلم أمتالك نفيس ورصخت طربا‬ ‫ودرت حول نفيس حد التع ّرق‬ ‫وعندها قفزت من الحلم‬ ‫‪127‬‬


‫عشب أصفر وحصيد‬

‫يف ليلة مرض وأوجاع‬ ‫وجه الشيطان ومظلة األباليس‬ ‫سجن الطهارة ورائحة العفن‬ ‫كانت ترسي يف دمي‬ ‫وتغرقني يف تالطم الصديد‬ ‫تنزفني ملوثا وتقذفني طعني‬ ‫احتككت بها محاذراً طويالً ‪..‬فعانقتني‬ ‫قبلتني ‪..‬غشيتني‪..‬وهتكت روحي‬ ‫واحتويتها طويال مضطرا‪ ،‬وعقرتني‬ ‫ال تكف عن الشكوى والطلبات‬ ‫‪128‬‬


‫وال تحدثني إال باألوامر والنكبات‬ ‫فتحت لها األبواب وكانت طاغية‬ ‫عبوس شموص مقثاة الرشور‬ ‫ٌ‬ ‫نسجت فيها األشعار‬ ‫ُ‬ ‫لطاملا‬ ‫وأدرت معها نقاشاً وحوارا‬ ‫ُ‬ ‫ولكنها افرتشت قلبي غانية‬ ‫ومرت عىل عظام ظهري كاوية‬ ‫وأسبلت عينيها عىل صدري‬ ‫وكان منها طبع اللؤم والخيانة‬ ‫والخسة والربا والكهانة‬ ‫ساومتني ‪..‬العبتني‪..‬كايدتني‬ ‫لدغتني كثريا‪ ،‬عىل العموم‬ ‫فتأوهت أنا وقهقهت هي‬ ‫يف كل مرة أسامح وال ألوم‬ ‫وأعتذر كثرياً وهي امللوم‬

‫‪129‬‬


‫إنها شيطان مريد‬ ‫فيها العناد واالستبداد والتسلط‬ ‫وأفعال البغي األكيد‬ ‫تضحك وتطعن وتراوغ وتُث ِخن‬ ‫كيف الخالص من نزغ الخناس‬ ‫وقاهرة الروح وهدير األنفاس‬ ‫ذات وجهني ولؤم وكذب شديد‬ ‫يا ليتني عشب أصفر ‪،‬وحصيد‬ ‫أو عصا راعي أو زبُر حديد‬ ‫وال أكون فيها أوتكون م ّني‬ ‫متلّكتني رباطا يف برد شتاء‬ ‫وألقتني مكبال يف العراء‬ ‫مثانية وأربعة واثنني‬ ‫سلبتني العافية واملضاء‬ ‫وصفاء ذهني ورقة قلبي والنداء‬

‫‪130‬‬


‫واهتزاز قعودي والغناء‬ ‫انتظرت منها جملة أو كلمة‬ ‫ولكنها خرساء الفخذين والعينني‬ ‫متحجرة القلب دانية النارين‬ ‫فهل فيها تجوز الشكوى‬ ‫وهل من مثلها براء‬

‫‪131‬‬


‫فتاة الكمنجة‬

‫تحرك ذراعها اليمنى بخفة‬ ‫وتسند الكمنجة عىل كتفها األيرس‬ ‫ترنو انبثاق اللحن الشجي‬ ‫فتغمض عينيها وتصيخ سمعها‬ ‫تؤرجح الرأس والصدر والكامن‬ ‫تطرب من حبات املطر‬ ‫وضحكات أشعة الشمس‬ ‫و ُقبالت القمر املعزوف‬ ‫ومكعبات السامء والشجر األخرض‬ ‫تغار من احتكاك العود بالوتر‬ ‫وانتشار الفضاء صديق املطر‬ ‫‪132‬‬


‫تخفت النجامت وتعلو النغامت‬ ‫وتهمس الفراشات بأرسارها‬ ‫وترتدي األرض قرطيها املاسيني‬ ‫وتعرتف السنابل بالحلم‬ ‫فأذوب أنا يف خالص النسيم‬ ‫يهفهف عىل خدها ويداعب عنقها‬ ‫ويروي قصة األمس يف قرار وجواب‬ ‫ما زالت الكمنجة تتحسس ذقنها والجيد‬ ‫وترسل فرسانها يجوبون السهوب‬ ‫ال ميل اليعسوب من الحديث‬ ‫وال الزهر من الغناء‬ ‫ومن فتحة يف جدار السامء‬ ‫تطل هي بهي ًة نافرة ناهضة‬ ‫فينشق قلبي دوائر وأهلة‬ ‫ّ‬ ‫وأرقص مع رموش عينيها‬ ‫وأق ّبل فيها الحواجب والجليد‬

‫‪133‬‬


‫قلبي فصول أربعة‬

‫رأيتك تختبئني خلف الغيامت‬ ‫وتهربني من ثغاء الريح‬ ‫وهمس العتبات‬ ‫وجدتك تطرقني باب املطر‬ ‫وتحلمني بعزف النجوم‬ ‫وترتجمني لغة األرض‬ ‫ملن ال يفهم اللغة األصلية‬ ‫كنت يف الصباح فراشة‬ ‫ومتسني عىل سفر‬ ‫ترتاحني قليال‬ ‫‪134‬‬


‫من خلجات النفس‬ ‫وإطراقات السهو‬ ‫وتجوبني السهول واألحالم‬ ‫والبيداء‬ ‫وقلق الروح‬ ‫وتسافرين بني أقامر فؤادي‬ ‫ويف فضاءات العيون‬ ‫وتحت أجنحة البجعات‬ ‫ترسمني االنرشاح قوس قزح‬ ‫وتسخرين من هزمية املحارب‬ ‫وانتكاسة الشاعر‬ ‫و ِر ّدة العاشق‬ ‫وغرق املوجات يف أخاديد العناد‬ ‫وترشقني من األلحاظ‬ ‫بحراً طاهرا‬ ‫يف رقة الشفق األسري‬

‫‪135‬‬


‫وتنرثين سيوفا جوى ودنفا‬ ‫وتفرحني بحجم قلوب كل العذارى‬ ‫وآمال املراهقني‬ ‫وأحالم األُ ُسود‬ ‫وإبداعات الثائرين‬ ‫ملرآك يسكن الل َجج‬ ‫ويطيب الغناء‬ ‫وتُكشَ ف ال ُحجب‬ ‫وتصحو البجعات بوداعة‬ ‫قلبي بني يديك‬ ‫فصول أربعة‬ ‫إذا حزن فهو سعيد‬ ‫وإذا تأمل فهو سعيد‬ ‫وإذا تعلّم فهو شكور‬ ‫وإذا أدمنك حباً فهو حبور‬ ‫‪136‬‬


‫كبرياؤه وانزعاجاته‬

‫يهيم معي يف الخيال‬ ‫ويبسط الرؤى‬ ‫ويجيب عن السؤال‬ ‫وملقطوع العناقيد‬ ‫حسم‬ ‫ويف زمان مىض‬ ‫رسم‬ ‫ويف غزوات انقضت‬ ‫واكتشافات وارتحاالت‬ ‫امتشقته‬ ‫‪137‬‬


‫فكتب‬ ‫حب قديم‬ ‫كان ٌ‬ ‫مل يرشق نهار‬ ‫أو يرخي الليل أستاره‬ ‫إال كان فيصال و َحكَم‬ ‫مل يفارق األصابع أو الجيوب‬ ‫ينحت ويخط ‪ ،‬يصعد وينزل‬ ‫يحب ويكره‬ ‫ويرصخ أو ينتحب‬ ‫لكنه موجود‬ ‫أقول كان‬ ‫أما اليوم‬ ‫األصابع تهواه‬ ‫فلم تعد‬ ‫ُ‬ ‫كام العقل جفاه‬ ‫وحلّت مكانه لوحة املفاتيح‬

‫‪138‬‬


‫يف الحاسوب والهاتف الذيك‬ ‫دون رضاه‬ ‫كان القلم ‪ ...‬يصقل الفكرة‬ ‫ويقرتن باملسطور‬ ‫ويختال‬ ‫ويغني منتشيا‬ ‫إال أنني رأيت‬ ‫يف أصابعي املج ّردة ‪...‬اليوم‬ ‫منبع شوق ورغبة حامل وفرصة للفرار‬ ‫من أسرْ القلم‬ ‫وأنينه وكربيائه وانزعاجاته‬ ‫فأصبحت ال أعود إليه‬ ‫إال يف الشدائد‬ ‫عند انحسار الفكر‬ ‫وارتقاب القريض‬

‫‪139‬‬


‫وارتشاف النهايات‬ ‫لكنه وان غاب‬ ‫هذا القلم‬ ‫ورغم الجفوة والعتاب‬ ‫فان يف ما صنعته يداه‬ ‫سجلت يف زمن طويل‬ ‫وجعي‬ ‫و انتصارايت‬

‫‪140‬‬


‫ال تدخل الشمس سجني‬

‫ال تدخل الشمس سجني‬ ‫واملاء يجري حراً بالجوار‬ ‫ال يدخل الهواء زنزانتي‬ ‫واألطفال يف بلدي يلهون كاألبرار‬ ‫كيف ال تدخل النسامت قلبي‬ ‫واألحباب راقدون يف لب القرار‬ ‫عف ُن السجان ميأل أنفي‬ ‫ويتضاحكون خزياً و عارا‬ ‫باألمس شبحوين ورضبوين‬ ‫واليوم ملثل فعل األمس تكرار‬ ‫زميل الزنزانة أشجى قلبي‬

‫‪141‬‬


‫أنينا ونشيجاً وحنيناً بتارا‬ ‫عففت عن الرشب وزهدت أكيل‬ ‫ورغبت يف عيش األسود والثوار‬ ‫أصل يومي بأميس‬ ‫مثانون يوما ُ‬ ‫ويف الغد يل الدنيا والنوار‬ ‫انأ الذي صام حباً يف الله ووطني‬ ‫ونرش جناحيه يشق مغاليق الدار‬ ‫إن كنت يف نكد وظُلمة تعيص‬ ‫فالشمس ترشق من عيون األحرار‬ ‫ال تدخل الشمس سجني‬ ‫لكن النور يف مهجتي ب ّتار‬ ‫أهيل وأمي وصاحبتي وابنتي‬ ‫يحملون الرجاء واألمل والعطر املنثار‬ ‫ح ٌر أنا يف عمق سجني‬ ‫وسيد أنا يف حديقتي واألزهار‬ ‫‪142‬‬


‫لحن المسير‬

‫دعوين أحوقل‬ ‫دعوين أبسمل‬ ‫دعوين أقرفص‬ ‫دعوين أطري‬ ‫دعوين أالعب‬ ‫صغار النخيل‬ ‫شهدت النوازل‬ ‫وخضت املنازل‬ ‫كرهت الهجري‬ ‫ركبت العواصف‬ ‫‪143‬‬


‫سئمت الحرير‬ ‫سعدت بانهزامي‬ ‫وحظّي الرضير‬ ‫دعوين أحلّق‬ ‫دعوين أم ّزق‬ ‫دعوين أحطّم‬ ‫فتات الصواعق‬ ‫نهاري الطويل‬ ‫وغيظي وفييض‬ ‫وبقايا حظي‬ ‫وإرهاق قيظي‬ ‫ونكدي األثري‬ ‫وقفت مليا‬ ‫ُ‬ ‫شخصت بنظري‬ ‫أناجي الرثيّا‬

‫‪144‬‬


‫وسبعني حلام‬ ‫وثلامً صغريا‬ ‫وقرص األمري‬ ‫دعوين أحلق‬ ‫دعوين أطري‬ ‫أقود الهواجس‬ ‫كثيفاً وعابسا‬ ‫وكذب املرايا‬ ‫وعنف الهبوب‬ ‫دعوين أغوص‬ ‫دعوين أرفرف‬ ‫يف نور الطبيعة‬ ‫ومشكاة روحي‬ ‫ونصل الشفاه‬ ‫وبحر الهدير‬

‫‪145‬‬


‫أق ّب ُل جبينك‬ ‫كأين معينك‬ ‫وأحيص دموعي‬ ‫وأمثان ركوعي‬ ‫أُمللم روحي‬ ‫ألَمي وخضوعي‬ ‫واحرتاق شموعي‬ ‫صبويت وخنوعي‬ ‫يف لييل األسري‬ ‫أكبل عيونك‬ ‫أصفد جفونك‬ ‫وأركب رموشك‬ ‫فأنىس الكثري‬ ‫أطل ُْت التفايت‬ ‫تركت فؤادي‬ ‫ُ‬

‫‪146‬‬


‫حبي وسهادي‬ ‫ونسق الحامم‬ ‫يف ألق العبري‬ ‫دعوين أخاطر‬ ‫دعوين أزيل‬ ‫بقايا الشجاعة‬ ‫بجسدي الحسري‬ ‫دعوين أهاجم‬ ‫دعوين أميل‬ ‫فرأيس تقاتل‬ ‫وقلبي عليل‬ ‫حسبت حسابا‬ ‫أجبت جوابا‬ ‫و ُقدت جيوشا‬ ‫حطّمت قالعا‬

‫‪147‬‬


‫وعدت أسري‬ ‫ضلوعي تجادل‬ ‫وعيني تغازل‬ ‫بقايا الحبايب‬ ‫ونار الصليل‬ ‫وبركان خدي‬ ‫ومعشوق روحي‬ ‫وأرض النمري‬ ‫دعوين أقاتل‬ ‫دعوين أطري‬ ‫دعوين أثور‬ ‫فمفتاح حايل‬ ‫ومرسال فكري‬ ‫وتحقيق حلمي‬ ‫‪148‬‬


‫ومنجاة روحي‬ ‫يف نور داري‬ ‫وإسعاد فريس‬ ‫وحب البالد‬ ‫ونظم العباد‬ ‫ولحن املسري‬

‫‪149‬‬


‫لذاذة ثمر‬

‫يف خيمة‬ ‫عند اكتامل الشمس‬ ‫بعد هزيع بارد‬ ‫وتحت صدر الجبال‬ ‫الكبار‬ ‫وعند أقدام نهر جار‬ ‫تسفرين‬ ‫عن لذاذة مثر‬ ‫مل يكتمل النضج‬ ‫وترسلني أشعتك‬ ‫‪150‬‬


‫بهدوء‬ ‫فيلجم لساين‬ ‫وانبهر‬ ‫(إىل صغرييت ليان)‬

‫‪151‬‬


‫لن أقبل أبدا غيرك ‪ ...‬فلسطين‬

‫عن سامءك الرقراقة‬ ‫وعشاءك اليومي‬ ‫لن أتخىل أو أرتحل‬ ‫وعن جنة العيون فيك‬ ‫وانتصاراتك الصغرية‬ ‫وعن صهيلك املتواتر‬ ‫ورعونة املسافات‬ ‫لن أتراجع أبدا‬ ‫يف ترابك املعجون‬ ‫بصدى األرواح‬ ‫‪152‬‬


‫وجيدك املوشح‬ ‫بالحطة املنترصة‬ ‫وشكيمك الرابضة‬ ‫بني جرزيم وعيبال‬ ‫ويف نحر رام الله‬ ‫وصدر بيت لحم والخليل‬ ‫وعن انهامر أيامك‬ ‫يف لذيذ عشقي‬ ‫لن أغيب‬ ‫وعن صفو رياحك‬ ‫املنتقبة‬ ‫بالثورة والنوار‬ ‫وارتشافاتك الليلية‬ ‫من ُمزن األنفاس‬ ‫سأموت فيك‬

‫‪153‬‬


‫ولن أستكني‬ ‫ويف ارتقاب سنا شمسك‬ ‫عابرة الوريد‬ ‫وغياب احتجاجاتك‬ ‫يف رشايني دمي‬ ‫واعتصارك يل‬ ‫يف شطئان حيفا‬ ‫والجليل‬ ‫سأنتظر السنني‬ ‫تلو السنني‬ ‫رأيتك تخطرين كالهيفاء‬ ‫يف عيون العاشقني‬ ‫وترسمني حياة‬ ‫يف بيسان و يافا وجنني‬ ‫لن أتراجع أبدا‬

‫‪154‬‬


‫والعودة ِح ْر ٌز مكني‬ ‫ولن أودعك غدا‬ ‫فام زلت وفية تحلمني‬ ‫وتقبلني عيل‬ ‫وترثين غابايت‬ ‫بالهطول والهبوب‬ ‫إليك الصعود والدفق‬ ‫ودونك الرثى‬ ‫واملسكوب‬ ‫لن أقبل أبدا غريك ‪...‬‬ ‫ألنك فلسطني‬

‫‪155‬‬


‫ما زلت أمشي‬

‫يف ذاك اليوم‬ ‫عندما تعلمت امليش‬ ‫احتجتك كثرياً ألول مرة‬ ‫لكنك غفوت‬ ‫وعندما تعلّمت الضحك‬ ‫وثرثرت سعيدا‬ ‫كنت تتثاءبني غري مكرتثة‬ ‫يف اليوم التايل‬ ‫نصبت طويل‬ ‫واجتزت عقبتني‬ ‫‪156‬‬


‫وتسلقت شجرة التفاح‬ ‫وصادقت دميتي‬ ‫وصافحت ثالثة من الغنامت‬ ‫وكتبت اسمي بحروف أنيقة‬ ‫وحملت كرايس ألريك إ ّياها‬ ‫بحثت عنك طويال‬ ‫لكنك كنت تحرقني كتبي‬ ‫وتسكبينني من الرشفة‬ ‫سنوات مضت‬ ‫ٌ‬ ‫مشيت فيها دون رساج‬ ‫واجتزت مفازات عريقة‬ ‫وحزت نجامت كثرية‬ ‫ومألت سلتي بأحالم نبيلة‬ ‫وتعطرت ألعانقك‬ ‫ُ‬ ‫لكنني كلام عدت إليك‬

‫‪157‬‬


‫تلقني ماء الغضب يف وجهي‬ ‫وترصعني الغيالن والرغبات‬ ‫وترقصني‬ ‫متنيتك يف بوتقتي‬ ‫يف مجرى دمي‬ ‫لكنك أب ْي ِت‬ ‫عجبت من ابتعادك والصدود‬ ‫ومن حمرة شفتيك والبارود‬ ‫حتى الغدران تأملت‬ ‫وحارت القمحات والحاممات‬ ‫وسقط البرَ َد‬ ‫السحب‬ ‫رغم قساوة ُ‬ ‫وشح املطر‬ ‫كنت بانتظارك طويال‬ ‫منذ ح َب ْوت‬

‫‪158‬‬


‫لكنك كنت عني متيلني‬ ‫جافية‬ ‫وأنا ما زلت أكتب‬ ‫وأنا ما زلت أحلم‬ ‫وبعيداً عنك‬ ‫أميش‬

‫‪159‬‬


‫محظوظ إذ ينال‬

‫‪160‬‬

‫قال إنه محظوظ‬ ‫فظننت املال مسعاه‬ ‫وقال إنه سعيد‬ ‫فاعتقدت الجاه رجاه‬ ‫أتراه يسعى ملركز أو منصب أو فراش أثري‬ ‫أم بغيته امرأة يحبها أم عزوة أم بيت كبري‬ ‫أم مكتب فارِه وكريس وثري‬ ‫قال إنه محظوظ‬ ‫قلت لرمبا هو من أصحاب القوافل‬ ‫يحلم بالصوف والخز والفراشات والحرير‬ ‫ويرجو عيشا هن ّيا وعافية وغدير‬ ‫أعادها عىل مسمعي ثالثا‬


‫لست محظوظا ملركز أو مال أو نسب أو بنني‬ ‫ولكني سعيت‬ ‫ويف السعي سعادة‬ ‫وأحببت ويف الحب عبادة‬ ‫وآمنت ويف اإلميان صلة‬ ‫وعشقت الرمان والقمح والنسامت‬ ‫ودعوت ويف الدعاء مغفرة‬ ‫واهتديت ويف الهدى رزقي‬ ‫وسموت ويف الروح نوال‬ ‫وكان الله هادينا والجالل‬ ‫فحبانا نحن الفلسطينيني‬ ‫مبا افتقده اآلخرون‬ ‫من حظوة خصنا بها‬ ‫أن كنا أبناء هذه األرض‬ ‫دون الناس أجمعني‬ ‫فنلنا أكرث مام متنينا‬ ‫أفال نكون من الشاكرين‬ ‫‪161‬‬


‫من أنت إن لم تغضب؟‬

‫َ‬ ‫تعال واغضب‬ ‫اغتسل من طيبتك‬ ‫وحبك الساموي‬ ‫وهدوء خاطرك‬ ‫وسلبيتك‬ ‫وافرك عينيك‬ ‫واترك الرموش الناعسة‬ ‫جانبا‬ ‫وتخفف من ابتساماتك‬ ‫وتعال اغضب‬ ‫أال يستثريك صدأ العقول!‬ ‫‪162‬‬


‫وحرقة األم‬ ‫وانتظارات األسري‬ ‫ومناجاة القلوب!‬ ‫وتردد الفراشات‬ ‫ونشيج الرتاب‬ ‫من تحت شهيد‬ ‫أو شجرة زيتون‬ ‫أال يف ّجرك من الداخل‬ ‫ُرعب النخيل‬ ‫وسقوط القمر‬ ‫يف رداء االشتياق!‬ ‫ودموع األزهار الطر ّية‬ ‫وانكسار األمل‬ ‫وصرب الفالحني‬ ‫وسكنات العوسج؟‬ ‫أال يغضبك‬ ‫‪163‬‬


‫ارتفاع الصديد‬ ‫وتكاثر الرمال‬ ‫وتعطل العيون‬ ‫وجدب النوايا‬ ‫وحرسة الصبايا‬ ‫وارتداد األبطال‬ ‫ووجع األموات‬ ‫وخذالن الزهور‬ ‫قم واستقم‬ ‫وال تُ ِدر ظهرك واقتحم‬ ‫اغضب كثريا‬ ‫والتزم‬ ‫واسلك طريق الناجني‬ ‫وال تستكن‬ ‫من أنت إن مل تغضب؟‬ ‫‪164‬‬


‫من َ‬ ‫نفس الثوار قادمون !‬

‫عاملقة‬ ‫وقفة ثابتة‬ ‫ورأس شامخ‬ ‫يعانق الفضاء‬ ‫وعيون ترنو‬ ‫وقلب باالميان عامر‬ ‫شامخون هم‬ ‫راسخون هم‬ ‫جامعون هم‬ ‫للشامئل جامعون‬ ‫‪165‬‬


‫الله غايتهم‬ ‫وفلسطني قبلتهم‬ ‫ترى فيهم ابن الخطاب‬ ‫وترى محمد الفاتح‬ ‫كام ترى الكواكبي‬ ‫والحزن العقيم‬ ‫***‬ ‫لربد الصيف وحريق الشتاء‬ ‫لألصداف الحبيسة‬ ‫والناي املكب‬ ‫ومطاليب األزهار‬ ‫للحقائق جامعون‬ ‫وللغد املرسبل بالنوازع‬ ‫***‬ ‫حني يطلّون من عتمة السهاد‬

‫‪166‬‬


‫تنفرج الك ّوات‬ ‫وينعقد األمل‬ ‫بثوب زاهي‬ ‫وتبدو الرياح ٍ‬ ‫ألنهم من نفس الثوار قادمون‬ ‫عىل لهيب الصهيل‬ ‫ومن رشقات الظالل‬ ‫يندفعون‬ ‫***‬ ‫هل رأيتهم حني انبالج الصباح‬ ‫واكتحال األرض بنور الشمس‬ ‫هل تخيلتهم يتلفعون بالنار والبارود‬ ‫أم حسبتهم ينكفئون‬ ‫وما لك أن تحسب ذلك‬ ‫***‬ ‫عرايا من اإلثم املم ّجد حولهم‬

‫‪167‬‬


‫يكتسون لون الرحيق ونسامت الفجر النابت‬ ‫عرب فلسطينيون‬ ‫إنهم ٌ‬ ‫حني يصبحون وحني ميسون‬ ‫تخالهم برقا‬ ‫وتحسبهم يد القدر‬ ‫ألنهم‬ ‫ال يقبلون القليل‬ ‫ويحلمون مبا يحققون‬ ‫وحلمهم عىل أكتافهم يصول‬ ‫ويف عيونهم مثقاب وحنني‬ ‫وعرس قادم‬ ‫وفعل جليل‬ ‫ٌ‬

‫‪168‬‬


‫نادي المهج‬

‫لت رموش الطفولة‬ ‫ق ّب ُ‬ ‫حاورت دموع االمل‬ ‫طت حصون الربايا‬ ‫مشّ ُ‬ ‫طت رسور القلم‬ ‫نشّ ُ‬ ‫‪....................‬‬ ‫نهضت سعيدا‬ ‫ُ‬ ‫ْت نشيطا‬ ‫َخ َفف ُ‬ ‫جهدت أحارب طيور الظالم‬ ‫سعيت لهن‬ ‫ُ‬ ‫حففت بهن‬ ‫ُ‬ ‫كربت أناغي حصاد األمل‬ ‫‪...............‬‬ ‫جمعت الكالم وعتيق الصور‬ ‫ُ‬ ‫وبسطت ردايئ لدنيا النعم‬ ‫ُ‬

‫‪169‬‬


‫حياة بسيطة ورشبة ماء‬ ‫ومهر أصيل وعشق الشمم‬ ‫‪.....................‬‬ ‫بسم ٌة كسول ٌة وع ٌني سخية‬ ‫جميل وحار النغم‬ ‫ونح ٌر ٌ‬ ‫رسير وطيء وفكر دفيق‬ ‫ونظرة حب وسقيا الغنم‬ ‫‪....................‬‬ ‫حسمت كثرياً رسمت‬ ‫ُ‬ ‫مراراً‬ ‫وأطلقت فكري وقلبي خلج‬ ‫ُ‬ ‫ولكن رأيي ملرأى عيونك‬ ‫شتات فتات يف نادي املهج‬ ‫‪..........................‬‬ ‫مث ٌر رقيق وريق لطيف‬ ‫وثغ ٌر جميل يقول الحكم‬ ‫وسعي حثيث ونطق طريف‬ ‫ٌ‬ ‫وغصن بان ينريُ الظُلَم‬

‫‪170‬‬


‫ُ‬ ‫يلتقط النجمات‬ ‫نبيل‬

‫عمري معه ليس صفحات عابثة‬ ‫وأيامي معه ضجيج وكلامت حاشدة‬ ‫أتصفح الكتاب فتهطل الدموع غزيرة‬ ‫وأُ ُ‬ ‫بعث حيا‬ ‫نشأ كقطرات الندى اثر عاصفة‬ ‫وقلب دافق‬ ‫وعاش بساعدين لحوحني ٍ‬ ‫قلب النهايات وما قبل النتيجة‬ ‫َ‬ ‫وفتح صفح ًة جديدة‪ّ ،‬‬ ‫وخط بيده اليمنى‬ ‫َ‬ ‫ولدت حصانا بريا‬ ‫ُ‬ ‫هذا بياين األ ّول‪ :‬لقد‬ ‫وأقفل الكتاب‬ ‫ما كان ملثله أن يعيش مستكينا‬ ‫وما كان ملثله أن يرىض بالندوب‬ ‫‪171‬‬


‫يلج الصهيل ويقتحم‬ ‫َّ‬ ‫وحق ملثله أن َ‬ ‫ويبحر يف تالطم املوجات ويزفر‬ ‫نبيل‬ ‫ع َرق السنوات العجاف والزمهرير‬ ‫وأجراس امليالد الدافئة واللحن الحزين‬ ‫وسنابل القمح العتيقة‪ ،‬وأذان الفجر‬ ‫واملرسوم رقم واحد للقمر القديم‬ ‫وعناد الدموع النازفة والقلب الكسري‬ ‫وبريق املغول الشايك‪ ،‬ونرص صالح الدين‬ ‫ُ‬ ‫يلتقط النجامت من حقول الشمس‬ ‫سا َر‬ ‫ويزر ُع الربتقال والنجوى والعويل‬ ‫فيصنع ميالده الهادر كل يوم ويثور‬ ‫أقفل الكتاب ويف القلب نشيج‬ ‫لقد توسد مقلتي فكان دمع العني‬ ‫وافرتش جفوين فكان حرويف النافرة‬ ‫نبيل‪ ...‬سهم العواطف الج ّياشة‪ ،‬أحببته كل يوم‬ ‫‪172‬‬


‫نحر الزمن‬

‫ُّ‬ ‫ينسل من تحت عيني‬ ‫إذ كلام غفوت يفاجئني‬ ‫ويرسم يف جبيني ملحمة‬ ‫ُ‬ ‫كلام ساءلته ته ّرب‬ ‫وكلام تداركته يهرب‬ ‫يطبع خامته يف كل خلية‬ ‫يل ف ُيسفر‬ ‫ُ‬ ‫يكشف عورة لي ِ‬ ‫ويلحق بكل شعرة برأيس فريديها‬ ‫ويستق ّر تحت العيون ويف الراحتني‬ ‫كنت مستعداً للقفز من القطار‬ ‫لكن عينيها منعتاين‬ ‫‪173‬‬


‫ليان ابنة قلبي وصدى مساءايت الحاملة‬ ‫فأنا منذ ردح طويل قد اخرتت‬ ‫أن أقرأ دعاء الوداع‬ ‫وأن أصيل عىل نفيس‬ ‫صالة الجنازة‬ ‫كانت تحملق يب فأرتعد ح ّبا‬ ‫فتنقلب خيارايت وارتد‬ ‫ُ‬ ‫كان الزمن يسعى ا ّيل كأفعى‪.‬‬ ‫يستق ُّر تحت العيون ويف الراحتني‬ ‫ويستفزين كلام قاومته ونهضت‬ ‫ج ّردين من كل تنهيدة أو رصخة‬ ‫ومن كل غمزة أو فرحة أونظرة‬ ‫زمني قد فات‪ ...‬وزمانها قد أىت‬ ‫قطا ُرها يج َّر عربتي بصعوبة‬ ‫و الشيب املتكاثر يف رأيس يضحك‬

‫‪174‬‬


‫والهلع يف وجهي ال يقنط‬ ‫ُ‬ ‫ال يقلقني املشيب‪ ،‬ولكن الزمن مستبد‬ ‫فأنا علقت يف نحر الزمن‬ ‫إن ذبحته ماتت وإن ذبحني عاشت‬ ‫ال يروقني أن يسحب مني اللحظات الجميلة‬ ‫وساعات الوحدة والتأمالت‬ ‫وترياق الصبابة وساعات األرق‬ ‫واألفكار النازفة والصلوات الكثرية‬ ‫زمني األخري‪ ،‬وسواد لييل‬ ‫ملحته يرتدي عباءة الحكامء القشيبة‬ ‫الصبا والنزق والثورة‬ ‫فينز ُع عني ِّ‬ ‫الشغب والهدير ومقعد املعارضة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ويحطم يفَّ‬ ‫ويستل روحي‬ ‫ُّ‬ ‫ويقلق أفكاري‬ ‫وددت لو انه سكب الحكمة يف جسد غريي‬ ‫وأبقاين ‪-‬كام أنا‪ -‬طرياً ال يكف عن التحليق‬

‫‪175‬‬


‫هاني خميرة الكالم‬

‫كان الكالم لعبته وكان الجواب مهنته والحرير‬ ‫ُ‬ ‫والنضال مركبه اىل النجوم‬ ‫وكان الحوار بغيته‬ ‫عندما يتكلم‬ ‫ترتفع االقدا ُم عن األرض‬ ‫ُ‬ ‫ويط ُري الشاخصون إليه بال أجنحة‬ ‫قليل من رذاذ غيامته الطافحة‬ ‫ويتخلّلهم ٌ‬ ‫وترتاح أفكا ُر املتلهفني عىل عتب ِة خطابه‬ ‫فرتتخي وتستسلم‬ ‫وأظنها تتهيأ لفصلِ القبول الزاهر‬ ‫ُحس يف كلامته جرسا لذيذا‬ ‫وعندما يزأر ت ُّ‬ ‫ومياها دافقة‬ ‫‪176‬‬


‫ولعلك تغا ُر من قشيب ُحلَل أفكاره الظاهرة‬ ‫واملتوارية‬ ‫وعندما تتقافز من فمه ال ُج َمل ال تنفصل عنه‬ ‫تظل تشريُ اليه‬ ‫وإن أصابت فيك الكبد ُّ‬ ‫ال تستطيع من أفكاره فكاكاً‪ ،‬وال من حديثه ارتواء‬ ‫هو الساقي يف أمة العطىش‬ ‫ُ‬ ‫البارق يف سام ٍء تنتظ ُر الهطول زمنا‬ ‫وهو‬ ‫وهو الزار ُع والحاصد واملجنون والعاقل معا‬ ‫يكف هو عن الخبيز‬ ‫ال ُّ‬ ‫فهو صانع فصل املقال كعك ًة لذيذة‬ ‫وهو ناسج الرداء ممهوراً بالقيم العتيقة‬ ‫والناشب والفارس األصيل‬ ‫وهو الراغب والالعب‬ ‫ُ‬ ‫صاحب املرساة واملنارة والطقس والنهر العجيب‬ ‫ينظ ُر اليكم فريى ما ال ترون‪ ،‬ويجعل لكلامته ثِقال‬ ‫يغر ُِف من نهره الكبري سعادته وظُلَل العبارات‬ ‫هاين أحب حيفا وحملته يف قلبها‬ ‫‪177‬‬


‫وكاشفته رام الله فرتك فيها قصيدة مل تكتمل‬ ‫نزف قليال من فكره‬ ‫ويف كل بقعة تنفسها َ‬ ‫رفض لبس الغاللة السوداء وم ّزق ورقة النعي‬ ‫َ‬ ‫القسام عبادة دون عاممة‬ ‫وسا َر عىل درب ّ‬ ‫وجاور النا َر والختيار والرنجس وسود العيون‬ ‫كان ُسؤلُه الحقيقة وسع ُيه الوحدة‪ ،‬ويرشق‬ ‫بالوطن‬ ‫وع ّرج عىل امليدان والساحات وطعن الثعبان‬ ‫خلته يهمس‪ ..‬وكان صامتاً يتأمل‬ ‫وظننته يهزج وصوتُه رصي ُر القلم‬ ‫وكاد يتحرشج أم ظننته كذلك؟‬ ‫فهاين تنا ُم عىل صدره الكلامت‬ ‫وال تغلق دونه مالعبها األوراق ‪....‬ألنه خمرية‬ ‫الكالم‬

‫‪178‬‬


‫هناك‬

‫هناك‬ ‫ُ‬ ‫حيث يرتجرج الصدى‬ ‫رس املوج‬ ‫وينك ُ‬ ‫وترتاح الحنايا‬ ‫ويركب القلب بغيته‬ ‫ويتجسدُّ الحلم‬ ‫وتتك ّو ُر النهايات‬ ‫وترتكز األسارير‬ ‫هناك‬ ‫حيث يبني الراعي ر ْج َمه‬ ‫‪179‬‬


‫ويثري الناجي أشواقه‬ ‫ويقطع السائ ُر املفازة‬ ‫ُ‬ ‫وينطلق مع األنوار‬ ‫والغبار والرشارات والسديم‬ ‫هناك‬ ‫كنا نلعب بسهولة‬ ‫ونأكل طعام الغيامت‬ ‫ون ُعدُّ خطوات النمل‬ ‫ونقتدي‬ ‫وهناك‬ ‫سعيت وحيدا‬ ‫ُ‬ ‫حيث‬ ‫وشممت حقيق َة االرتقاء‬ ‫ُ‬ ‫وأغلقت الثغرات‬ ‫وأقمت عىل كتف الطريق عالمة‬ ‫ُ‬ ‫هناك‬

‫‪180‬‬


‫كانت العالمات ممح ّية‬ ‫واإلشارات غامضة‬ ‫والحقيقة ملن يطلبها‬ ‫وكنت أنت وحيدة‬ ‫تركلني ٍ‬ ‫ماض متج ّعد‬ ‫وتفردين رداءك للخيول‬ ‫علّها تنام وادعة‬ ‫ِ‬ ‫وكنت تشعلني العالمات‬ ‫وترجمني ال ُحلْكة‬ ‫وتصنعني النهايات‬ ‫وتوزعني األحالم‬ ‫بعدالة‬

‫‪181‬‬


‫هي حبيبتي وكفى‬

‫يف ر ّقة الطري الجميل‬ ‫وجريان النهر األسيل‬ ‫وعتم ِة الليل الطويل والندى‬ ‫يف وداعة القط الخفيف‬ ‫ومشاكسة القلب الضعيف‬ ‫وعذوبة املاء الشفيف‪ ،‬والهوى‬ ‫يف لحظ عينيها املثري‬ ‫وخفق صدرها الجمري‬ ‫وارتعاشة أناملها والعبري‪ ،‬والنوى‬ ‫جلست تناجي الدرب النازف‬ ‫‪182‬‬


‫الغيم الغارف‬ ‫وتحاو ُر َ‬ ‫وترسم البح َر الجارف وال ّردى‬ ‫َ‬ ‫قامت تتخطى الصفوف‬ ‫وت ُّ‬ ‫ُدق ملشيتها الدفوف‬ ‫تطرب ملرآها الطيور والكفوف‬ ‫وتذوب فيها األنفس واملدى‬ ‫هي حبيبتي وكفى‬

‫‪183‬‬


‫وجلست أشربكم بروية‬

‫شهدت مولدكم عند عتبات النور‬ ‫ُ‬ ‫فهل رأيتموين وأنا فيكم أتغ ّنى‬ ‫أم تركتموين أصار ُع النجامت‬ ‫وقليال من األحزان الصارخة‪.‬‬ ‫أحببتكم طويال وجلست أرشبكم برو ّية‬ ‫تهم باالنطالق‬ ‫حيث األزاهري ُّ‬ ‫وفيكم القبول مع االختالف قاعدة نتعلمها‬ ‫والرضا رغم الضيق بقاء لألول وانتهاء للثاين‬ ‫وحيث القناعة والود سم ٌة ال تزول‬ ‫و اقرتان القول القليل بالعمل الكثري ل ّذة‬ ‫وحيث البناء ال تهزه عواصف هنا أو هناك‬ ‫‪184‬‬


‫و الرغب ُة يف رِفعة اآلخر وتقدّ مه مستعجلة‬ ‫و ما يتخلل األشجار يفرح الجوارح‬ ‫نسامت تربد القلب‬ ‫ٌ‬ ‫و األشواق تطل من البعيد‬ ‫وحيث ال يستطيع أحد أن يه ّز أو يهدد استقرار‬ ‫النوايا‬ ‫وحقيقة انتعاش الصدور بالحب األلهي‬ ‫وحيث األمنيات مشاعل واألحالم منارات‬ ‫رشف زالل وعبادة‬ ‫والعمل بهام ولتحقيقهام‬ ‫ُ‬ ‫دعوين أسجل يف كتاب الشمس أسامء ال‬ ‫تنمحي‬ ‫حيث مالك عن الرساط ال مييل وماهر يتكلل‬ ‫أسجل مواقفا ال تنىس ونتفاً من‬ ‫ودعوين ُّ‬ ‫السعادة غامرة‬ ‫دعوين أختزن صفحات وجوهكم مع اإلرشاقات‬ ‫الكثرية‬ ‫واتركوين أصطحب طفولة قلوبكم معي إىل‬ ‫املسعى‬ ‫‪185‬‬


‫حيث أذوب يف حب اإلصباحات واملساءات‬ ‫القليلة الهادئة‬ ‫واتركوين "أملك" "مبهارة" محبة الهبوب‬ ‫وسقاية الحجيج‬ ‫أحج‬ ‫تهب رياحكم أسمو ‪ ،‬وحني أنكمش ُّ‬ ‫فحني ّ‬ ‫اليكم‬ ‫تركتكم تضحكون مع الفراشات وتغريد األرض‬ ‫وتطلّون من محاجر العيون نظرات ال تهدأ‬ ‫وتركبون سامء العشق طالوة‬ ‫وتكتبون يف سفر املستقبل بدايات مل تنتهي‬ ‫ويف حريق الصدور محب ًة ال تنقيض‬ ‫وحيث تقيم الغيامت تحفرون سقايات باردة‬ ‫ومع هجري الصحراء ترسمون ألواناً عامئة‬ ‫دعوين أفتح الصفحة تلو الصفحة‬ ‫من كتاب عمري معكم‬ ‫فال أرى إال أجنحة ترفرف وقلباً واحداً خافقا‬ ‫‪186‬‬


‫وحشرتكم شهداء‬

‫هل تعتقدون أنها جاءت إليكم‬ ‫أم تظنون أنها بكم مفتونة‬ ‫أم تظنون بأنفسكم جرأة النظر لكتفيها‬ ‫ولرمبا تنسبون النرص والبطولة والفوز لكم‬ ‫يف جميع الحاالت‪ ...‬أنتم واهمون‬ ‫من صلب الفضاء املتمرد جاءت‬ ‫انسلت‬ ‫ومن رغاء االنتصار الصامت ّ‬ ‫ومن ساحات الحب الدافئ أسفرت‬ ‫توسمت‬ ‫وإن اختارتكم هي ‪ ،‬فلعلها ّ‬ ‫توسمت فيكم النباه َة واملجاهدة والصرب‬ ‫‪187‬‬


‫فألقت عليكم شيئاً من وهج جبينها‬ ‫خلف أذنيها‬ ‫وقليلٍ من رذاذ العطر َ‬ ‫محسوب من خاصية الخشوع‬ ‫وقد ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫وإذ زرعت فيكم الحق واإلميان‬ ‫واجهتم املرار َة والدموع ‪ ،‬وكثرياً من األحزان‬ ‫فلسطني‬ ‫لقد مسحت صدو َركم بالشجاعة والثورة‬ ‫وأضاءت مشكاة النور يف قلوبكم ‪ ،‬واإلقدام‬ ‫وأسقتكم اللنب والسمن والعسل ‪ ،‬والدم‬ ‫فغسلتم ذنوبكم والكبائر‪ ...‬يف طهورها‬ ‫وز ّينتم جبني األمة بجامل عذريتها‬ ‫وطاولتم السامء‪ ،‬و ُحجِ بتم بفضلها عن النار‬ ‫فاحتسبكم املتجليّ أحياء بفضلها‬ ‫وحرشكم مع األنبياء والصديقني‪ ،‬شهداء‬ ‫‪188‬‬


‫املؤلف‪ :‬بكر محمود عيل أبوبكر‬ ‫مواليد فلسطني ‪1960‬‬ ‫بكالوريوس هندسة مدنية‪ ،‬ماجستري علوم سياسية‬ ‫كاتب وأديب‬

‫له من النتاج األديب‪:‬‬

‫‪1.1‬مل ال ‪-‬مجموعة قصصية ‪،‬بيت الشعر‪،‬رام الله‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2.2‬يف الزمن الواقع بإمكانكم أن تطريوا ‪-‬مجموعة‬ ‫قصصية‪ ،‬دار الرشوق‪،‬عامن‪2003 ،‬‬ ‫‪3.3‬برق مقيم (نصوص) اتحاد الكتاب‬ ‫الفلسطينيني‪-‬القدس ‪.2004 ،‬‬ ‫‪189‬‬


‫‪4.4‬ثالثة رشوط بسيطة (قصص)‪ ،‬اتحاد كتاب‬ ‫تونس‪ ،2007 ،‬وط‪ 2‬يف ‪.2010‬‬ ‫‪5.5‬ليس للفقري أن يحلم (قصص)‪ ،‬بريوت ‪.2010‬‬ ‫‪6.6‬صدر السامء الحافية (نصوص)‪ ،‬رام الله‪ ،‬دار‬ ‫األمني‪.2012 ،‬‬

‫كتب سياسية وفكرية‪:‬‬ ‫‪1.1‬مفاهيم ال بد منها‪ ،‬عناة للنرش‪ ،‬رام الله ‪.1997‬‬ ‫‪2.2‬مباديء املسؤولية التنظيمية‪ ،‬عناة للنرش‪ ،‬رام‬ ‫الله ‪.1998‬‬ ‫‪3.3‬كيف تقيم معسكرا؟‪ ،‬التوجيه السيايس‪ ،‬رام الله‬ ‫‪.1997‬‬ ‫‪4.4‬حركة فتح والتنظيم الذي نريد‪ ،‬عناة للنرش‪ ،‬رام‬ ‫الله ‪.2003‬‬ ‫‪5.5‬وجوه القيادة‪،‬املركز الفلسطيني للدراسات‪ ،‬رام‬ ‫‪190‬‬


‫الله ‪.2005‬‬ ‫‪6.6‬القيادة والعمل بروح الفريق‪ ،‬التوجيــه‬ ‫السيايس‪ ،‬رام الله ‪2004‬‬ ‫‪7.7‬تحقيق الفوز يف قيادة الحملة االنتخابية‪ ،‬اتحاد‬ ‫الطالب‪ ،‬املعهد الوطني لتدريب الكوادر‪ ،‬رام‬ ‫الله ‪ 1999‬والطبعة ‪2‬كانون ثاين ‪2012‬‬ ‫‪8.8‬التدريب اإلداري و التنظيمي‪ ،‬لجنة إعداد‬ ‫الكادر‪ ،‬رام الله ‪ ،2005‬وط‪ 2‬يف ‪ ، 2011‬وط‪ 3‬يف‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪9.9‬حركة حامس سيوف ومنابر‪-‬دار عناة‪.2008 ،‬‬ ‫وط‪ 2‬يف ‪.2012‬‬

‫‪191‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.