76457219 كتاب بكر أبوبكر صدر السماء الحافية 2012 نصوص وظلال

Page 1

1


‫بكر أبوبكر‬ ‫صدر الدماء الحافية!‬ ‫نصوص‬

‫دار األمين نهنشز وانتىسيع‬ ‫حقىق انطبع واننشز محفىظت‬ ‫‪2012‬‬

‫‪2‬‬


‫مقدمة‬ ‫نصوص نثرية أخرى من مسار الكاتب الذي أبدع في الكتابة‬

‫السياسية والفكرية فألف فييا األبحاث والكتب‪ ،‬كما أبدع أربع مجموعات‬ ‫قصصية ميمة ىي‪ :‬لم ال‪ ،‬وفي الزمن الواقع بإمكانكم أن تطيروا‪ ،‬والثالثة‬ ‫ثالثة شروط بسيطة والرابعة ليس لمفقير أن يحمم‪.‬‬

‫تأتي ىذه النصوص النثرية لتجمع ما بين الشعر والمقالة والنص‬

‫األدبي معا لمكاتب بكر أبوبكر بعد أن صدر لو مجموعة سابقة ىي ‪:‬‬

‫برق مقيم‪ ،‬لتضيف إلى جيده العممي مضامينا أدبية إبداعية تستحق‬

‫التقدير الكبير‪.‬‬

‫يتنقل الكاتب واألديب بين المنثور األفقي والمنثور الرأسي‬

‫–ألنو‬

‫يرفض أن نسمي كتاباتو الرأسية شع ار‪ -‬فيضيف إلى حالوة الوجدانيات‬ ‫التي يتحفنا بيا طالوة الكمم الرشيق والمعاني الواسعة‪ ،‬ما يثير فيك‬

‫الشجن والتوثب‪ ،‬كما يثير في روحك األلفة والحنين والمحبة والخيال‪.‬‬ ‫من الواضح أن إبداع الكاتب مرتبط بمكونات شخصيتو وثقافتو ‪ ،‬وأيضا‬ ‫ببيئتو المنفتحة عمى األفق العالمي برحابة وتسامح يشيد لو بيا‪.‬‬

‫الناشر‬ ‫دار األمين لمنشر والتوزيع‬

‫فمسطين‪-‬رام اهلل‪ -‬العام ‪2012‬‬

‫‪3‬‬


‫المحتويات‬ ‫تباطأت والرذاذ‪.‬‬ ‫ذبىا ِس زااع ًا‪.‬‬ ‫ياسر في عين الدّ ر‪.‬‬ ‫اختراق القمعة‪.‬‬ ‫ا طنبىل نشىة اندنيع‪.‬‬ ‫مقعمعث بكزويت‬ ‫العربي الداجن يرقص في رفح!‬

‫إلى بالغ الحرية في سجن شطة‬

‫أرواح‬

‫غمسوا بدمي حجارة مستقبميم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ياسر عرفات حين يمقى عصاه!‬ ‫تونس والثالثة (بيبان)!‬

‫مقيدة جمست‪...‬ىناك!‬ ‫أتنفسيا وتتخمّمني!‬

‫صدر السماء الحافية ‪.‬‬

‫خميل الزبن صدى الباكين‪.‬‬ ‫من صخيب الميل‪.‬‬

‫أعيش كذلك !‬

‫ىواء الشكل القادم!‬ ‫اغتصاب بيت !‬ ‫انظـــــم انمزاوغ!‬ ‫اننهز انمتدفك رأيع‪.‬‬ ‫أنت كعب حذاء ‪...‬أنت الممك!؟‬ ‫‪4‬‬


‫بركة اإلمام أدام اهلل ظمو!‬ ‫تحية إلى جفون الوطن‬

‫حاكم المردة‬

‫حيث ال ىمس وال وجوه!‬ ‫امعر اننمز انذذبي !‬ ‫ىناك حيث اليقين !‬

‫اليند حيث تتصالح األشياء والكائنات‬

‫صديق!‬

‫‪5‬‬


‫تباطأت والرذاذ‪.‬‬ ‫تباطأت‬ ‫تموت ‪ ،‬انكمشت‬ ‫انحنت ‪ّ ،‬‬ ‫تباطأت‪.‬‬ ‫توانت عن الصعود‬ ‫تجيّمت‬ ‫وقصرت في الحراث‪.‬‬ ‫ّ‬

‫آلت إلى الذبول عندي‬

‫عندما تقيأت حدقاتيا‬ ‫وغسمت شطآن قمبيا‬ ‫وارتدت ثوب الرحيل‬ ‫وألقت بي في القناة‬ ‫جثة ميشمة‬ ‫ومصباح منفّر‬ ‫وعين قصدير‬ ‫وابرة صدئة‪.‬‬ ‫كانت تصنع الشذى‬ ‫وتحزم القصب‬ ‫وتتسع ببل حدود‬ ‫كانت‪.‬‬ ‫فأضحت ترمي بعينييا شواظ النوح‬ ‫وتمجم عرق المحبة‬ ‫وتطمق سواد القمب‬ ‫ورعونة الثأر‪.‬‬ ‫عندما تعرفت عمييا‬ ‫‪6‬‬


‫كانت قارورة عطر‬ ‫وعود خيزران‬ ‫ومرجل نار‬ ‫وفرس لينة‬ ‫وفرصة أكيدة‬ ‫وما فارقتيا إال بعد أن تباطأ الرذاذ‬ ‫وسقط العبير‬ ‫واغتم القمر‬ ‫واختنق الدرب‪.‬‬ ‫دىر مضى‬ ‫في األشياء‬ ‫قتمت ّ‬ ‫روح صافية‬ ‫واستئثار كبير‬ ‫وقسوة متوارثة‬ ‫وعنفوان ال يزول‬ ‫وارادة معقودة‪.‬‬ ‫بيدييا المعاندتين‬ ‫وعقاليا المربع‬ ‫البموري‬ ‫ونشوزىا ّ‬

‫أطفأت مصابيح الصييل‬

‫وأقعدت مراكب العشق عن االبحار‬ ‫وحطمت ساقاي‪.‬‬ ‫بعد قرنين‬ ‫أبت الصعود‬ ‫وتراكضت نحو األسفل‬ ‫قبمت الذبول والدنية‬ ‫‪7‬‬


‫وأدارت لي ظيرىا العريض‬ ‫ووجييا المشقق‬ ‫واندحار سبميا‪.‬‬ ‫كانت قد حزمت أمرىا‬ ‫وتولت من وجيي ىاربة‬ ‫ألنني شبلل الكيرمان‬ ‫والنور الصامد‬ ‫والردم العتيق‬ ‫وحياة اليوم وكل يوم‬ ‫ومالك الرذاذ المقيم‬ ‫عمى نافذة الحمم‪.‬‬ ‫توارت من حياتي‬ ‫لحظة ببل قدمين‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫ذبىا ِس زااع ًا‪.‬‬ ‫ذىبوا جميعا‬ ‫ما بين متشوق ومتردد‬ ‫حيث النجاة والعيش المريح‬ ‫ذىب الذين أعزىم‬ ‫والباب أوصد‬ ‫(‪)2‬‬ ‫حبواً‬ ‫ْ‬ ‫بخفّة‬

‫ثم ركضاً‬

‫مالوا عني متسارعين‬

‫وارتفعوا في جبيني قم اًر‬ ‫وأرخوا الطرف حالمين‬ ‫ذىبوا‬ ‫وخبلصة العقل‬ ‫نواره‬ ‫ومن القمب ّ‬ ‫اختطفوا‬

‫(‪)3‬‬ ‫صعدت القطار ببل أنيس‬ ‫ببل أحبلم‬ ‫ببل أيام‬ ‫ببل جميس‬

‫‪9‬‬


‫(‪)4‬‬ ‫وفي الشارع المجاور لم يغضب أحد‬ ‫وفي الشقة العميا تعالت الصيحات‬ ‫والعويل‬ ‫وجميرة تشاىد مباراة في الكرة‬ ‫وتمميذات االبتدائية يحممن حقائبين‬ ‫والمدائن تزىر كل يوم‬ ‫والغصن قد مال‬ ‫بما ثقل‬ ‫فتعممت البكاء ونسيت الغضب‬

‫(‪)5‬‬ ‫آثرت أن أنكفىء‬

‫وأىدر بصوت ٍ‬ ‫عال‬ ‫في الغرفة الموحشة‬ ‫تضمني الجدران والماضي‬ ‫ورحب ما انقضى وفات‬ ‫ورياح القادم السموم‬ ‫ممحة في قمب كسير‬ ‫وحاجة ّ‬ ‫وعيون موؤودة‬ ‫وكتف غمامة‬ ‫وبموط أزرق المون‬ ‫ورغبة في التمزق‬

‫‪10‬‬


‫(‪)6‬‬ ‫لكنيم‬ ‫ذىبوا سراعا‬ ‫ذىبوا جميعا‬

‫ما بين ِ‬ ‫فرح ومستجير‬ ‫والباب أوصد‬ ‫وأغمق النيج‬ ‫وعدت ألغفو في حضن البريق‬ ‫وارسم نشوة العبرة في قمب السديم‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫ياسر في عين الدّر‪.‬‬ ‫مهداة إلى شقٌقً ٌاسر أبوبكر أحد قادة االنتفاضة‪ ،‬والذي حكم علٌه عام‬ ‫‪2004‬بالسجن ثالثة مؤبدات وأربعٌن عاما فً معتقالت االحتالل الصهٌونً‬ ‫ياسر في عين البيدر‬ ‫طار فوق ربيع الدار‬ ‫وتنقل حفيفا يمس فينا الخدود والصدور‬ ‫ويمقي عمينا بالصباح تحية‬ ‫ياسر في عين الّدر‬

‫ويفصل الرجوع‬ ‫يركض فوق كمائن الموت‬ ‫ّ‬ ‫يبني لمغد الحر في حديقة األحبلم مربعا‬ ‫ويتخذ من أقصى المدى سمّما لمشمس‬ ‫يناجي الخندق والرمز وعاىد والنخيل‬

‫ويشرب من نبع الحياة ذاكرة‬ ‫ياسر‬

‫كان يتعبد في مسجد األطيار‬ ‫ويرش ماء الورد في أرض الخبر‬ ‫يزرع المرافيء ويتوضأ في فجر النوى‬ ‫ثبلثون عاما واألجراس صامتة‬ ‫حتى أقام ياسر لميبلد الحجر عقيدة‬

‫‪12‬‬


‫رجعُ الصوت‬ ‫ياسر ْ‬ ‫يقول في الوطن كبلما ساخنا‬ ‫وين ّقل فؤاده بين جبالو والسيول‬ ‫يطمع من فمقة الصبح وحجارة الندى‬ ‫يرن صوتو في أذن األقحوان والزمان‬ ‫ويعود بين المسافات والدروب مجمجبل‬ ‫ياسر نعمة الصعود‬ ‫ما قبل أن يحشر في منزل ورفاىة‬ ‫أو يسدل الستار عميو في ِخدر وحرير‬ ‫أو يقمع الرغبات والحنين والفوز الكبير‬ ‫فانتفض ألرض تسقى من ربيع القمب‬ ‫وتصل النياط باألوردة بالدمع السخي‬ ‫ياسر في صدر الكون‬ ‫يرفع رأسو دوما وأكتافو عالية‬ ‫هلل يحني الرأس وال ركوع لنازلة‬ ‫يقوم حيث الناس نيام والدنيا غانية‬ ‫في انتثار الصبح يرجو الحبيب ويتمفع بالغيمة‪.‬‬ ‫ياسر المكحول‬ ‫درب لألقصى‬ ‫ارتسم في كحل العين ا‬ ‫وحيث رفع ىامتو والتقط العبير‬ ‫وطار نس ار في ضياء العبور‬

‫‪13‬‬


‫اختراق القمعة‪.‬‬ ‫لم أكن!‬ ‫لم أكن من ذلك النوع من الناس الذي يتماىى مع اآلخرين‪ :‬ينشيء وينخرط‬ ‫ويتواصل في عبلقات اجتماعية فعالة‪ ،‬وآثرت أن أرتبط بعبلقاتي في حدود العمل ‪.‬‬ ‫أصعد من معظم عبلقاتي إلى درجة أعمى ‪ ،‬ولم أنقل ىذه العبلقات معي‬ ‫لذلك لم‬ ‫ّ‬ ‫إلى البيت حيث المكان والقمعة والصومعة ( ما صحبك إال من صحبك وىو بعيبك‬ ‫عميم ‪ ،‬وليس ذلك إال موالك الكريم‪ ،‬خير من أن تصحب من يطمبك ال لشيء يعود‬ ‫منك إليو)*‪.‬‬ ‫ال أدري مكمن السر في طبيعة عبلقاتي غير المنقولة معي إلى حيث المكان‬ ‫والقمعة‪ ،‬ربما ألنو مكان وربما ألنيا قمعة‪ .‬أي ألنني صنعت من انعزالي النسبي‪،‬‬ ‫ابتعادي‪ ،‬انسحابي من العبلقات االجتماعية صنعت منو انعزال المكان وىذه القمعة‬ ‫حيث الراحة واليدوء‪.‬حيث التأمل والتفكر‪ ،‬حيث الصبلة والوجد‪ ،‬والتخمي عن واقع‬ ‫كان دوما متوت ار شديدا في رأسي‪ ،‬أي في ركن األسرار ومخزن الفواجع ومفتاح‬ ‫الحقيقة‪ ...‬الصومعة‪( .‬ال تفرحك الطاعة ألنيا برزت منك‪ ،‬وافرح بيا ألنيا برزت من‬ ‫اهلل إليك‪ :‬قل بفضل اهلل وبرحمتو فبذلك فميفرحوا ىو خير مما يجمعو‬

‫ن‪(-‬سورة‬

‫يونس‪.*)58‬‬ ‫رزلة البحر‪.‬‬ ‫ينزع المفكرون والكتاب واألدباء والمجتيدون والعمماء والمتصوفة إلى العزلة‬ ‫والبحر والجبل والبعد‪ ( ،‬ما نفع القمب شيء مثل عزلة يدخل بيا ميدان فكرة)*‬

‫‪14‬‬


‫يفضمون قضاء الوقت فيما ييميم ويشغميم ال ما ييم اآلخرين ويشغميم والذي قد‬ ‫يكون ما لآلخرين ىو ما ييميم ويشغميم‪ ،‬ولكنيم يتعاممون معو بإرادتيم وبترحاب‬ ‫استقبال األنوار دون فرض عمييم‪ ،‬يتعاممون معو ضمن صيغ تفكيرىم و أولوياتيم‬ ‫وفي حدود رغبتيم وامبلءات السحاب والفيض الوارد الممزوج بوعييم الذاتي‪ ...‬ربما‬ ‫أكون مع ىؤالء وضمن أحد فئاتيم وربما أكون آثرت التحمل من مشاكل اآلخرين‪،‬‬ ‫ومن مشاكمي الخاصة باالعتزال وكف التفكير المفرط في المتعب والضار والمقمق‬ ‫منتقبل إلى مساحة الموج واليواء المنشط وأوراق الموز( متى أوحشك من خمقو فاعمم‬ ‫أنو يريد أن يفتح لك باب األنس بو)*‪.‬‬

‫كل الحواذي أصول‬ ‫ال أريد الخوض في مراحل التكوين والعجينة حيث وقفت تمك الفترة عمى‬ ‫الدراسة دون حياة اجتماعية فانحصر الوق ت في الغالي والثمين من أفكار اآلخرين‬ ‫عبر الكتب والورق‪ ،‬درس وبحث وتقصي وخوض في بطون شغوفة لممس األيادي‬ ‫وتدقيق العيون‪ ،‬بيت فمدرس ة فمكتبة فمبلعب صبا محدودة‪ ،‬ولربما ساعد انشغال‬ ‫الممِ ّح والنضالي حيث فمسطين تحمل في القموب وبين راحات اليدين في‬ ‫والدي في ُ‬ ‫خمق جو ناضج وجو جدي وجو حصري االتجاه حيث كل األمور قضاي ا‪ ،‬وكل‬ ‫اليوامش نصوص وكل الحواشي أصول‪ ،‬وكل الطرائف مفاىيم‪...‬‬ ‫فألقى الجفاف بثقمو في الروح والقمب‪ ...‬ولم أعد أعمم بعد كل ىذه السنوات‬ ‫ة أم‬

‫في أم فييم أم في البيئ‬ ‫ومع كثير من الشطحات والتغييرات ىل كان السبب ّ‬ ‫في حياتين حياة فانية قصيرة معاشة مفقود األمل منيا حيث‬ ‫ماذا؟! الميم أنو تشكمت ّ‬ ‫اآلخرين ضمنيا وحيث (أورد عميك الوارد ليستعممك من يد األغيار ويحررك من رق‬ ‫اآلثار‪ ،‬وأورد عميك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شيودك)*‪ ،‬وحياة‬ ‫لظى وتشوق ووجد واستقبال مع ذاتي لم تنفصل عني إطبلقا حتى استطعت أن‬

‫أنزعيا من مستقرىا لتظير الحقا بالصمت الحاكي والكتابة الناطقة والخطابة والتأمل‪.‬‬ ‫‪15‬‬


‫رزلة الصخب‬ ‫يرج المدينة‪ ،‬أنظر وال‬ ‫في عزلة الصخب ألفت العيش وأحببتو‪ ،‬أتواجد في ُب ُ‬ ‫أنخدع‪ ،‬أسمع وال أتكمم‪ ،‬أشاىد وال أشارك بل أختزن في عقمي وذىني وأعيش في‬ ‫فيء الصخب في ذاتي وكياني وأشيائي الصغيرة‪ ،‬في متاىات عقل‬

‫ي‪ ،‬في رحابة‬

‫أفكاري وأفكار اآلخرين‪ ،‬في ضياء النفس وانفراجيا‪ ،‬في ضيق خاطري‪ ،‬في انكماشي‬ ‫وقمقي واندفاعي واحباطاتي ويأسي وأممي‪ ،‬في لحظات الخيبة والسعادة‪ ،‬في لحظات‬ ‫األمل والمنى‪ ،‬في لحظات الرغبة والنشوة والتفجع واأللم‪ ،‬في شدة اإليمان وتوتر‬ ‫العزم‪ ،‬في قدرة االستعادة لما مضى أو صنع ما ىو قادم‪.‬‬

‫في البيت‪ ،‬حيث محيطو الخالي من األجوار‪ ،‬وفي قمعتي‪ ،‬في بيتي‪ ،‬في ذاتي‬ ‫حيث مستقر الصومعة‪ ،‬في نفسي امتمك كل شيء‪ ،‬وأحيط بكل شيء‪ ،‬أسيطر عمى‬ ‫ما أريد‪ ،‬أحوز عمى ما أريد وأرفض ما ال أريد‪ ...‬ال ينقض عمى دماغي أحد‪ ،‬وال‬ ‫عمي مشاعر أو واقع أو أولويات ال تيمني أو استغبلل لوقتي يفرضو‬ ‫تفرض ّ‬ ‫عمي‪...‬يضيعون وقتي وييدرون ثروة فكرية وعمم يتراكم ويتكاثر في أحضان‬ ‫اآلخرون ّ‬ ‫السكينة المتولدة مع انعز ٍ‬ ‫ال محموٍد في مسالك الفكر في وقت محدد في إطار المكان‬

‫والقمعة والصومعة( العمم النافع ىو الذي ينبسط في الصدر شعاعو وينكشف بو عن‬ ‫القمب قناعو)*‪.‬‬

‫في الصومعة آمنت ونيضت‪ ،‬خططت ونظمت‪ ،‬استقبمت وجيدت‪ ،‬نف ّذت‬

‫وأنجزت وأوجدت‪ ،‬وفي الصومعة تأممت واستعدت قوتي وانطمقت‪ ،‬وكنت ما أصبحت‬ ‫وما أحببت وما لم أقبل فيو التخطيء أو الموم‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫دون تخطي‪.‬‬ ‫اختمطت ضمن عممي في الواقع النضالي بالعديد من الشخصيات واألفكار‬ ‫وبقيت معظميا ضمن الدائرة الواسعة البعيدة‪ ،‬والقميل منيا اقترب من دائرتي‬ ‫المصيقة‪ ،‬القريبة فسعدت بأن يكونوا أصدقائي وحتى ضمن ىذه الدائرة بقيت القمعة‬ ‫والمكان والصومعة دون تخطي إال لمقميل من الخاصة أو خاصة الخاصة‪....‬من بمد‬ ‫صحراوي مصفر إلى ببلد االخضرار والبيجة والفؤاد المتقد إلى فمسطين‪ ،‬وتجوال‬ ‫متصل لمدن ودول عديدة في العالم خمّف عبلقات عديدة كميا ارتبطت بواحدة من‬

‫الدوائر البعيدة أو القريبة أو الخاصة‪ ،‬وفي تمك الخاصة المحدودة كان في كل مرحمة‬

‫ال يتجاوز العدد أصابع اليدين وربما حتى اآلن‪.‬‬

‫ال تأنس الصومعة وال تتقبل القمعة الغزاة‪ ،‬وال يرحب المكان باآلخرين بسيولة‬ ‫تقرب سيل وال انبساط كثير‪ ،‬فالصومعة قوقعة صعبة الفتح‪،‬‬ ‫وال يحتفي بيم‪...‬ال ّ‬ ‫مسورة عالية الحوائط‪ ،‬ال يدخميا إال العدد المحدود‬ ‫طاردة لؤلغراب‪ ،‬والقمعة مساحة ّ‬ ‫وبتصاريح صعبة المنال‪...‬في القمعة حيث الخدمات قميمة والتموين متناقص ال‬ ‫يستقر مقاما إال النساك والزىاد والصوفية‪ ،‬القمعة تحد وتحاصر وتحيط وتمنع‬ ‫وترفض‪ ،‬والقمعة كيان حصين وحاوية مقفمة القمعة حجاب من األعداء طارد‬ ‫لؤلشرار‪ ،‬مستقر أنيس ىي ومحيط ممتع لذيذ ( إنما وسعك الكون من حيث‬ ‫جسمانيتك ولم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك)* ال تخطي إال لمقميل وال استقبال‬ ‫حفي إال لمبضع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اختراق وبدط وفرح‬ ‫من حاول دخول القمع ة فشل حتى لو استوطن المكا ن حيث الجيرة‪ ،‬ومن دق‬ ‫بابيا وجد األقفال ثقيمة واالنتظار ثقيل فانتقل لمدائرة الثانية أو الثالثة‪...‬ربما فيم‬ ‫وربما لم يفيم‪ .‬ومن فيم ظ ّل صديقا في فيم محمود لنظرية العزلة في القمعة والذات‪،‬‬ ‫‪17‬‬


‫في التكبر أو الترفع عن الناس وما‬ ‫ومن لم يفيم انس ّل بعيدا وانسحب‪ ،‬وربما ّ‬ ‫ظن ّ‬ ‫تستعزن بعز‬ ‫في من ذلك شيء (إذا أردت أن يكون لك عز ال يفنى فبل‬ ‫ّ‬ ‫كان ّ‬ ‫يفنى)*‪.‬‬

‫لم يخترق القمعة إال عدد قميل‪ ،‬مجموعة غالية‪ ،‬ورفقة حانية وصداقات تقبِل‬ ‫ومرحب بيم إلى أبعد‬ ‫حيث اإلقبال متشارك وتحجم حيث اإلحجام مصان من األذى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحدود‪ .‬أما كيف اخترق ىذا العدد المحدود القمعة؟! فالسر فييم كامن والسر فيما‬ ‫يفعمون باق وكامل ( البسط تأخذ النفس منو حظيا بوجود الفرح والقبض ال حظ‬ ‫لمنفس فيو)*‪ ،‬وربما ىذا ما حصل؟!‬ ‫اقتربوا كثيرا‪...‬ثم اختفوا‬ ‫كانت ىي‪ ،‬وكان ىو‪ ،‬وكانوا ىم‪ ...‬ممن اخترقوا ودخموا وتربعوا‪ ،‬ناقشوا‬ ‫وحاوروا وقالوا وفعموا وأفادوا وقادوا‪ ،‬لم أكن ممن يبحث عن اآلخرين‪-‬وربما يكون ىذا‬ ‫من مساويء ما أرتبط بالعزلة‪ -‬وكانت ىي وىو وىم ممن يضيئون الدروب ويشيعون‬ ‫الغبطة‪ ،‬وال يقبمون باليزيمة فاقتربوا كثي ار حتى لم يعد لمعزلة عنيم‪-‬ىم فقط‪ -‬أي‬ ‫معنى‪ ،‬فارتبط المعنى بالبعد الخامس فييم‪.‬‬

‫ىي وىو وىم ذىبوا‪...‬تفرقوا أو سيتفرقون حيث المكان لم يعد يتسع لنا وليم‬ ‫معا‪ ،‬أو حيث الخيارات كثرت والبدائل اتسعت والفضاءات انبسطت‪...‬بعد أن تخطوا‬ ‫الحواجز كميا فدخموا المكان بروية وثقة ودخموا القمع ة برفعة ولطف وبريق وكثير من‬ ‫األنوار‪ ،‬وبعد أن نفذوا إلى ذاتي وكياني ونفسي حيث الصومعة تحيط وترسم‪ ،‬تنشيء‬ ‫وتخط وتقيم وتقعد‪ ،‬ترحب وتقرب وتبعد وترفض‪ ،‬تقود األنا في مساحة اآلخرين‬ ‫وتجذب اآلخرين لمساحة األنا‪...‬نفذوا دون اقتحام أو زحام أو شقة‪ ،‬ودخموا بسبلسة‬ ‫دون أن تمتبس عمييم الطريق حيث القمب المكموم المنتفض الناىض‪ ،‬وكانت منيم‬ ‫‪18‬‬


‫زىرة الميمون وكان منيم الموج الصاخب وكانت منيم رائحة الحميب وكان منيم السر‬ ‫الدفين‪...‬‬

‫ولكنيم فجأة بعد أن دخموا‪ ،‬بع د أن حققوا الكثير‪ ....‬اختفوا‪ ،‬ىكذا ببل سابق‬ ‫إنذار‪ ،‬اختفوا‪ ...‬فيل تراني فيما كان مني من عزلة مخطيء أومموم؟؟!‬

‫*عبارات مقتبسة من الصوفي الشاذلي أبو الفضل أحمد بن محمد الجذامي‬ ‫السكندري المعروف باسم ابن عطاء اهلل السكندري حيث الحكم العطائية‪.‬‬ ‫فمسطين‪-‬رام اهلل ‪ ،‬بكر أبوبكر حيث منع االحتبلل العودة لمبيت إثر عممية فدائية‬‫وقعت فأغمقت الحواجز طرقات النفس والدروب‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫ا طنبىل نشىة اندنيع‪.‬‬ ‫ميداة إلى ليمى و بشرى‪ ،‬وسالل الزىور‪.‬‬ ‫عندما تيبط إلى األرض من منفذ اسطنبول‬ ‫شده وتولد‬ ‫تأنس وتُ َ‬ ‫ألنك تحتضن العالم‬ ‫تطوق الجيات األربع بين ذراعيك‬ ‫دون أن تفمت منك بقعة ضوء أو سحابة رضيعة أو قطرة ماء متدفقة‬ ‫أو وجع طائر أو حريق قمب غزال‪.‬‬ ‫وعندما تغيب األشياء عن التدفق‬ ‫إلى بئر الذاكرة في حديقة عقمك‬ ‫فإنك تفرغ كميا‪ ،‬تخوى‬ ‫لتترك البئر‪-‬دون إرادة منك‪-‬تمتميء بالحماسة‬ ‫والتوثب‪ ،‬بالتوتر والخجل‬ ‫والترقب النفتاح الباب بشرى الحالمين‬ ‫أين سطوع الشمس في وجو القمر‪.‬‬ ‫تخجل المدائن وتتوارى كسوفا حين تط ّل اسطنبول‬

‫وتشعر الحواضر بالتوتر حين تقبل من بين الجميبلت مدينة الفاتح‬ ‫بشعرىا األسود الناعم المنسدل‬

‫وبخصرىا العطري النحيل‪،‬‬ ‫الوضاء الجميل‬ ‫بوجييا‬ ‫ّ‬ ‫وبعينييا الوادعتين‪.‬‬ ‫تنيزم السيوف واألسوار وتتوتر القموب أمام رفيف نورس‪.‬‬ ‫تنجرح األكباد وتركع الظنون‬ ‫وتنفرج راحة المقيا حين ال راحة تداني ملء الكفين من ماء الخمود‬ ‫‪20‬‬


‫عمى ضفاف البسفور المفطوم عمى األنفة واالندحام‪.‬‬ ‫عندما وقف الصقر العثماني عمى الشاطيء اآلسيوي‬ ‫وألقى بنظره من فوق حصانو األصيب صوب القسطنطينية‬ ‫كان يغزل الفجر‬ ‫ويرسم خريطة العالم عمى جرح القرن الذىبي‬ ‫كان يستبدل تاريخا بتاريخ‬ ‫وصفحات ِ‬ ‫بسفر‬

‫كان يسمع نداء اهلل في الطبيعة البِكر‬

‫ويكبر‬ ‫ّ‬

‫ويستنشق اليواء المخطط‬ ‫ويمبس أطواق اليديل‪.‬‬ ‫ما كان محمد الفاتح ليتغافل عن سمو المحظة واشراق النعيم‬ ‫وعناق البحر المنيمر فوق الرؤوس وبين الضموع‬

‫وفي عيون الخيل‪.‬‬ ‫ما كان لينتظر طويبل حتى يحتضن األربع بين زنديو والكفين‬ ‫وفي جنبات الروح‬ ‫وما كان ليرفض النداء‬ ‫فاستجاب بكل العشق والجزيل‬ ‫ليمتمك األزمان ويحقق العظمة والسناء‪.‬‬ ‫تزور المدينة‬ ‫فتفتح لك الجيب منيا واإلزار‬ ‫فتدخل المظى والنعيم‬ ‫لتجد في (السمطان أحمد) ىوى منقوش‬ ‫وفي الباب العالي اعتصار لمجبروت‬ ‫وفي سياد البحر مرآب لمطيور‬ ‫وفي المسجد األزرق ارتفاع جميل‬ ‫‪21‬‬


‫وفي جزيرة األميرات انبجاس لممشاعر‬ ‫وفي قصر السمطان دموع كثيرة وزمن مرتفع‬ ‫وفي انتفاض األنوثة دعوة عمنية لمرقص في ضوء الحريق‬ ‫وفي رقدة األشجار عمى خد الجبل صيحة‬ ‫وفي غسيل البحر الدائم ألقدام السفوح ليمى‪.‬‬ ‫مروا في طرقات المدينة‬ ‫الكثيرون ّ‬ ‫وتحسسوا بأيدييم طبلسميا والشواىد‬ ‫ربما ف ّكوا رموز حجارتيا في مساجدىا األسطورية‬

‫وفي متاحفيا وفي قصورىا وفي قبلعيا وفي بيوتيا وفي مقابرىا وفي أسواقيا‬

‫في م ازراتيا وفي مكتباتيا‬ ‫في أزقتيا وخمر الوجود‬ ‫وفي ثنايا حورياتيا وعرق الصبايا‪.‬‬ ‫القمّة مروا في المدينة واستطاعوا اإلمساك بقمبيا‬

‫بروحيا‬

‫ونفذوا حيث نجوى المحبين تمتزج بجرس أصوات الصوفية‬ ‫وصييل القبور‬ ‫وعازفي الوتر‬ ‫ومترنمي التجويد‪.‬‬ ‫قد تدخل المدينة وحدك وقد تدخميا زوجا‬ ‫أما أن تدخميا في أزواج ثبلثة‪،‬‬ ‫تتعانق أنت وشريكك وزوجين آخرين‬ ‫من أعز مقربيك وأصدقائك‬ ‫فإنك تمسك بقمة البيجة‬ ‫وصحو النجيع وعزة النوى وجمر الورود‬ ‫وتحقق نشوة الدنيا‪.‬‬ ‫ستة في واحد دخمنا قمب اسطنبول والروح‬ ‫‪22‬‬


‫كنا مقابل شاىق الجمال وعميق الحبلوة‬ ‫وواحد ّ‬ ‫وكثير الطبلوة في ماء كثير‬ ‫ويتموج ويترقرق بين العيون‪،‬‬ ‫يحيط ويدور‬ ‫ّ‬ ‫وفي سماء األلم‬ ‫من انكسار المحظة وانفراج األصابع‪.‬‬ ‫عندما تدخل اسطنبول تمتمك ج ّل ما ال يدرك‬

‫وتحتضن ما لم يكن مقد ار لك‬

‫وال تفمت منك قطرة أو سحابة أو لون‬ ‫وتقدر أنك ما كنت قبل اليوم بين العائشين‬ ‫ّ‬ ‫ألنك في اسطنبول تنال االرتواء‬ ‫وتحقق نشوة الدنيا‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫مقعمعث بكزويت‬

‫‪1‬‬

‫انكتعبت وانكهمت‬ ‫الكتابة تعبير عن استواء الروح عمى عرش الكمم ‪ ،‬والكتابة انتصاب الفكر في‬ ‫حديقة الكبلم ‪ ،‬والكتابة فعل مبرر ليائس قبل الرحيل ‪ ،‬والكتابة عشق ببل حد وأمل‬ ‫ببل سد‪ .‬وىي فعل االندماج في القائم واآلفل والقادم‪ ،‬والقادم اقتطاع لمكثير من‬ ‫األحاسيس واألفكار والذكريات‪ ،‬والكتابة نور ينبثق قس ار دون قدرة ألحد عمى إطفائو‪.‬‬ ‫ال النجارة أو الحدادة أو الرسم أو القصة أوسواقة السيارة يزحزح دبابة ‪ ،‬وانما‬ ‫كل ىذه األعمال ىي اعتراف بعظمة الخالق الذي وىبنا الحياة وجعل منا من يحفظ‬ ‫حق البقاء بالتعبير عن ذلك بمختمف األشكال واألعمال ما ال يزول وفي المقابل‬ ‫يزول االحتبلل وتزول الدبابة‪ .‬إن الدبابة فعل خوف ‪ ،‬والدبابة فعل مؤقت‪ .‬بينما‬ ‫الكممة فعل أصيل وفعل ال يزول ‪ ،‬مؤثر وقابل لمتغيير‪.‬‬ ‫انىطن‬ ‫الوطن أعجوبة االرتباط بما ىو روحي ومادي بما ىو بسيط ومركب‪ ،‬الوطن‬ ‫بساطة الحب واالنتماء ‪ ،‬والوطن حاضن المكونات لمشخوص ‪ ،‬وبوتقة الصير‬ ‫لمتناقضات ‪ ،‬والوطن ببساطة أنا وأنت في المجال الواسع الذي يضمنا وينعش لنا‬ ‫األحبلم ويسمح لنا أن نطأ آالءه بمودة ‪.‬‬ ‫إن الوطن أصبح في الصدور أكبر من مساحتو الجغرافية وفي األفئدة اكبر‬ ‫من قدرات أبنائو عمى تحدى المستحيل والبلمنطق الذي يحكم العالم‪ .‬إن التسمط‬ ‫العموي واالستعباد العالمي لمفكر والثقافات والناس والجغرافيا يجعل الوطن يتقمص‬ ‫ليندفع في الصدور يتخذ ما يشاء من مساحة ‪ .‬وان كان في ذلك ما يعمي من‬ ‫درجات الوالء لموطن فإنو في المقابل يضع تحدي المفيوم أمام الجميع ‪ .‬فالوطن في‬ ‫‪ 1‬مه دُار مع الصذافيت مىال خميس‪ ،‬وشزث في صذيفخي الذياة الجذيذة َالصباح‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫القمب لدى الجميع وعندما يطرح أماميم تختمف الرؤى إليو وتدب حينيا فوضى‬ ‫التفسير لممصطمح والمفيوم‪.‬‬ ‫انهند ت‬ ‫لست شاع ار وأحب الشعراء‪ ،‬وان كنت ميندسا فقد استفدت من اليندسة‬ ‫التفكير العممي وتحكيم العقل واالقتصاد في الوقت واحترام اإلنجاز‪ ،‬وأدعي أنني‬ ‫كاتب وأحب ذلك كثيرا‪ ،‬وعممي في التنظيم السياسي أصبح جزء من كياني ‪ ،‬ولو‬ ‫خيرت بين ىذا وذاك الخترت عناصر كثيرة شكمتني من ىذا وذاك وجعمتني ما أنا‬ ‫عميو اآلن متوافقا مع اهلل والنفس والوطن‪.‬‬ ‫األدب‬ ‫أن األدب مشذب لمروح وفي السياسة أوجاع وأفخاخ ومكائد قد ال يداوييا‬ ‫إال األدب والقيم ‪ ،‬في السياسة الحقة قدرة عمى التعاون مع الناس بصدق ومحبة‬ ‫وعيون مفتوحة وفي السياسة ابتكار لمتحايل عمى الضعف وخاصة في ىذا الزمن‪.‬‬ ‫وفي األدب اختراع لمحمول قد تبرز حمما لتتحول في الفكر مدخبل لمتعبئة ولمتغيير‬ ‫وفي السياسة خطة وأجنده‪.‬‬ ‫جمال اآلداب عامة تعبيرىا عن الكل برموز القمة ‪ ،‬وتعبيرىا عن العالم بعيون‬ ‫الفقراء والناس العاديين‪ ،‬وال أعتقد أدبا يصل العالمية منطمقا من المريخ أو من سعي‬ ‫لنقض مكونات المحيط‪.‬‬

‫األدب الممتع ىو األدب الذي يعبر عن ثقافة المرء سواء كانت ثقافتو محمية‬ ‫أو إقميمية أو كونية ولذة التذوق في تعدد التعبير عبر األدوات وكمما تنوعت‬ ‫العناصر تعددت الشرائح الممكن الكتابة وفقيا ما يجعل من األدب والثقافة سيل غير‬ ‫منقطع وموسيقى دىرية‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫الحداثة واالصالة‬ ‫الحداثة واألصالة ‪ ،‬التجدد والسمفية مفاىيم مختمطة عند الكثيرين‪.‬فمو اعتبرنا‬ ‫السمفية توقف وانقطاع لخرجنا من مسار العصر ولو اعتبرناىا منبع التجدد ومدرسة‬ ‫االحتضان والحصانة لحققنا جل االستفادة‪ .‬أما الحداثة باالنقطاع عن األصالة فيي‬ ‫خروج لئلنسان من ثوب جسده حيث ال انفصال بينيما ‪ ،‬واالستفادة من حضارات‬ ‫اآلخرين واجب دائم وضرورة أكيدة دون إلقاء الثوب جانبا أو نقض إمكانية البحث‬ ‫في األصيل ما يبعث فيو كوامن القوة وامكانية التجدد الدائم ‪ .‬وحضارتنا العربية‬ ‫اإلسبلمية حضارة تجدد وأصالة وتحديث غير منقطع‪ ،‬وىي تفتح ذراعييا دوما لمن‬ ‫يبتغي االستفادة منيا والتجديد‪.‬‬ ‫ىناك من الحداثيين من يرى االنقطاع الكمي عن التاريخ وعن الوعي القومي‬ ‫وعن الوعي الديني أي باختصار يفيم الحداثة تماىي مطمق مع اآلخر ومحو‬ ‫لمخصوصية واندماج بتصاغر ضمن ثقافة اآلخر ‪ .‬وىذا ما ال أراه فالتحديث في‬ ‫الفكر والتجارب والتعبير واألدب ممزم بقدر اعتماده عمى أدوات الوعي الذاتي وبقدر‬ ‫اقترابو من الناس وشؤونيم وليس بعيدا عنيم في تيويمات ال يفيميا أحد‪ .‬أما‬ ‫الصراع والجوع والحروب فيي من صنع يد االنسان وتعاممو الفظ مع نفسو‬ ‫والطبيعة ‪ .‬وىي من فعل التسيد وعقمية المطمق واالستبداد‬

‫المثقف والثقافة‬ ‫المثقف ىو الناس والمثقف ىو الكل وال خصوصية إال ما يعتبرىا الشخص‬ ‫من مكونات ذ اتو بما ال يفصحيا إال لو ولمقمة‪ .‬وال ثقافة إال نتاج أمة وأفرادىا ىم‬ ‫يصنعونيا ويبتكرونيا او يطورونيا ليصبح رغيف الخبز ثقافة والزعتر والزيت‬ ‫والبرتقال ثقافة واألسير والشييد والحجر والكوفية ثقافة‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫أما أدوات التعبير وأوعية اإلفصاح فتختمف بين فرد وآخر فيي تظير في‬

‫(العواف‬

‫ياغانمين) عند الناس جميعا و عندنا‪ ،‬وقد يحل محميا صباح الخير ‪ ،‬ما تظير في‬ ‫(ميرسي) عند اآلخرين‪.‬‬ ‫لست مع اعتبار الثقافة مقصورة عمى فئة من الناس أو طائفة‪ .‬وال تقاس‬ ‫الثقافة بحركات المسان وفصاحة الكبلم كما ال تقاس بحجم الورق وعدد السطور أو‬ ‫مساحة الظيور العمني في دنيا الناس‪ .‬وعميو ال أقر أن المتفذلك مثقف أو الوجو‬ ‫التمفزي مثقف أو الشاعر مثقف أو الكاتب مثقف أن الثقافة باعتبارىا نتاج لمكونات‬ ‫كثيرة صادرة من الشعب والعشب واألرض فيي من خبلليم جميعا وبأساليبيم‬ ‫المتنوعة‪ ،‬إنيا ثقافتيم‪ ...‬إنيا ىم‪.‬‬

‫االبداع‬ ‫وان كنت كما ذكرت سابقا لست شاع ار وانما كاتب وقاص ولكن أقول عامة‬ ‫أن التجدد قدرة عقمية نابعة من جدول أعمال يومي ال يقبل الركون والخمول وال يقبل‬ ‫السيل والوضيع وال يقبل الرجوع وعدم القيام‪ .‬إن عقمية اإلبداع ىي عقمية االتيان‬ ‫بالجديد والبلمع والمضيء والسامق من أشياء بسيطة ال يبدو فييا اإلمكانية أو‬ ‫الحياة‪ .‬إن بث الحياة فيما يظن اآلخرون فناءه تجدد وابداع‪.‬‬

‫المغة‬ ‫المغة أعظم اختراع بشري فالمغة أداة التعبير المتقنة عن الحمم والمتراكم‬ ‫والموجع والعميق‪ .‬وبغيرىا ال تعبير واضح عن شوق أو نفور ‪ ،‬عن سعي أو أفول‪.‬‬ ‫إن المغة تعبير عن اندماج لمجسد في فراشات الروح ومفتاح األسرار اإلليية في فكر‬ ‫االنسان‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫العربي الداجن يرقص في رفح!‬ ‫يجمس عمى األريكة الفارىة‬ ‫ويضع أمامو كأسا مميئا بالسائل األصفر‬ ‫مع قميل من المكسرات والفواكو الجافة والحميب‬ ‫ويتكي عمى عدد من الوسائد الوثيرة‬ ‫ْ‬ ‫نجد‬ ‫يمد رجميو (البغميتين) عمى كرسي ُم ّ‬ ‫يتمطى بعرض الخريف وطول النوم‬

‫وينثر من يده اليمنى محطات (التمفزة) وقنوات األثير‬ ‫أنو ال يحب القميل بل يعشق منيا الكثير الكثير‬ ‫ىنا ترقص ميرطقة عمى قموب اليواة‬ ‫يرقص العربي المخدر معيا بيز كتفيو وعنقو المولبي‬ ‫وىناك تتعرى رطبة القوام أمام مبليين النظّارة‬

‫وفي قناة الفرنجة (شريط) لم َتر مثمو عين بشر‬ ‫وفي محطة أخرى برنامج يزرع الشيوة وينزع النخوة‬

‫يتثاءب (الفطحل الصنديد) بعد منتصف الميل بساعتين‬ ‫ومازال يقمّب القنوات الرقمية‪ ،‬يقفز ويثبت ؟!‬

‫يقفز عن ألوان الدموع وأنيار الدم ونكبات الموجوعين‬ ‫ويثبت عمى آىات وحناجر صدئة وشبكة فاسقات‬ ‫يصارع حاجتو لمنوم ‪ ،‬إن الميل عنده لم يبدأ بعد‬ ‫يصوت لذاك األلمعي الحزين ولتمك الخاسرة‬ ‫ال بد لمعربي المخدر أن ّ‬ ‫رسالة قصيرة أو اتصال غالي الثمن‪ ...‬ال بأس في ذلك!‬ ‫فالعنوان إلى قمب الحبيب يمر بالياتف النقال !‬ ‫لم تستيو المعبة زوجة عاثرة الحظ ذات ضمير‬ ‫‪28‬‬


‫جمست سعاد تندب المائتين بين جناحي األمة في رفح وجنين‬ ‫تمقي بظبلل بؤسيا في رمل الطريق ومحيط اآلىات‬ ‫تستجدي لمسة اصبع لمعمبة السوداء الثمينة‬ ‫فبل تشاىد ما رطب ورطرط واستدار‬ ‫ذاك الذي استطابو بعميا العربي المخدر المغوار‬ ‫دوي رعود‬ ‫في عيون النيار ّ‬ ‫وفي قفا الميل تتناقل الريح صدى المذبوحين‬ ‫مدفونين تحت األنقاض أو أموات برمشة عين‬ ‫ناجين في رفح يبكون وآخرين يغالبون أو يتجمّدون‬ ‫في شارع السبلم عشرات ينتفضون‬

‫بين جروح ساخنة وجثث رطّبت األديم‬

‫في رفح يصنعون العسجد الموشى بالصاعقة لمبليين الموحدين‬

‫وقف المسيح طويبل فوق الجدار‬ ‫وأط ّل بناظريو يرمق الداخل والخارج‬ ‫في رفح تجاسر الفرح عمى الصديد‬

‫وفي رفح حيث يضحكون رغم تواصل النجيع‬ ‫كان المسيح يقف فوق الجدار‬ ‫جدار األلم الممتد من شمال جنين حتى جنوب رفح‬ ‫يعمن ابتداء العويل من ىناك حيث ابن عامر‬ ‫ويربط بحبل كثيف تل السمطان بحي الب ارزيل‬ ‫والعربي المخدر ال يرى إال بعين شيوتو‬ ‫أثداء وأفخاذ ومممس حرير‪.‬‬ ‫أنفاس متقطعة ولسان متدل وكرش متراقص وال بديل‬ ‫مازال الغضنفر يقمّب القنوات ويتوقف طويبل‬

‫حيث المطايا يتثنين بأرداف تيتز ذات اليمين وذات الشمال‬ ‫يغالب العربي الداجن نعاسو واحتقان أنفاسو سكرتو وانخراسو‬ ‫‪29‬‬


‫والرغبة كامنة في عمق ذاتو الباردة الخربة‬ ‫وىي تذرف الدمع السخين عمى قتمى رفح وىناك في جنين‬ ‫سعاد الحاضرة عمى خاصرة الغضنفر الداجن المتثائب‬ ‫تجيل الفكر بين رداءة مجاورة وعقل يحار‬ ‫صاحت بملء اليواء المحتبس في الرئتين وانتظار البريق‬ ‫سقطت قذيفة عمى مسجد ببلل‬ ‫والعربي الداجن يرقص‬ ‫وسقطت قذائف عمى تجمع لمتظاىرين‬ ‫والعربي المخدر يرقص‬ ‫وسقطت قذائف عمى النيام اآلمنين‬ ‫والعربي المخدر يترنم‬ ‫وتنيمر قنابل فوق البيوت وفي أحضان الشجر‬ ‫يحدث ذلك الميمة وكل ليمة ‪ ،‬يا أييا السادة المشاىدين‬ ‫يحدث ذلك في رفح وفي فمسطين‬ ‫وال حياة لمن تنادي و الروح وال أنين‬ ‫ومازال (الزق) العربي المخدر يييم في ما يشين‬ ‫ويكرع ما تبقى من كأس ثميل‬ ‫مازال يرقّص كتفيو ‪ ،‬ويشيح بيده اليسرى‬ ‫يصرخ العربي الكسيح عاليا‪...‬‬

‫لعمو استيقظ ‪ ،‬أم اتعظ؟؟ أم لعل فيو شيء من نخوة أو حنين؟!‬ ‫موتوا ما شئتم وما أشاء يكون‬ ‫بين أطبلل النيايات ورغبة الجنون‬ ‫مالي ولكم ومالي وأنتم وما تعبدون !‬ ‫ىي تأسف وىم يأسفون !‬ ‫عمى عربي كان ذات يوم بنجدة ذوي القربى مسكون‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫إلى بالغ الحرية في سجن شطة‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫األخ ياسر أبوبكر‬ ‫شقيقي‬ ‫سجن شطة‪-‬فمسطين‬ ‫بعد السبلم‬ ‫الزمن ينقضي ونحن غارقون في وعاء كبير يحتوينا‪ ،‬شئنا أم أبينا ‪ ،‬عممنا أم‬ ‫جيمنا‪ .‬وال يتحدد حجم ومساحة ىذا الوعاء بأبعاده الفيزيائية وانما بأبعاده العقمية التي‬ ‫يرسميا أنا وأنت وكل شخص لنفسو ‪ .‬فكثير ممن يعيشون في رحابة الدنيا‪ ،‬وما‬ ‫فييا‪ ...‬مسجونون في صندوق أفكارىم وذكرياتيم وآرائيم ‪،‬غير منفتحين وغير مرنين‬ ‫وغير مكافحين ‪ ،‬بل مقيدين بسبلسل غير مرئية قيدوا أنفسيم بيا أشد فتكا من‬ ‫سبلسل الحديد وقيود الزنازين‪.‬‬ ‫والميم أننا في ىذا الوعاء الذي يحوينا (الدنيا) أن نكون قادرين عمى توسيع‬ ‫مساحة أفكارنا وآرائنا وأحبلمنا وأىدافنا ‪ ،‬وىي ما ال يستطيع أحد أن يمتمكو غير‬ ‫الشخص نفسو‪ ،‬وال يستطيع أحد أن يشاركنا فيو إال بإرادتنا ألن البعد الرابع في‬ ‫الوعاء وىو الذات الممتمكة لمزمن والفكر‪ ،‬ىذه الذات ممك خاص لنا ال يشاطرنا بو‬ ‫أحد‪.‬‬ ‫إن المقومات الثبلثة لتوسيع مساحة األمل فينا والحمم فينا ومساحة الرؤيا‬ ‫وفضاء الفكر يعتمد عمى اإليمان الذي يزلزل الكيان ويقمب الموازين ويوسع المساحة‬ ‫أوال‪ ،‬ويعتمد عمى اإلرادة التي ال تسمب ما كان اإليمان مطمئنا ثانيا‪ ،‬والتي تجر‬ ‫الشخص بالصبر إلى نور العقل وفضاء النفس فوق السحاب ثالثا‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫ال أحد يستطيع أن يشاطرنا رغبتنا في التفكر واعمال العقل وما فيو من جيد‬ ‫ننمي فينا أبعاد التأمل‬ ‫يؤدي إلى نتيجة‪ ،‬وال أحد يستطيع أن ّ‬ ‫يقيد فينا ضرورة أن ّ‬ ‫الذاتي‪.‬‬ ‫لذلك أشير عميك واألخوة جميعا أن ال يكموا عقوليم إلى اآلخرين فتسمب ‪ ،‬وال‬ ‫إلى الذكريات فتصدأ‪ ،‬وال إلى الحفير فتخبو‪ .‬وأال يسمحوا ألي ظرف أن يمنع‬ ‫عقوليم من التحميق في أفاق الفكر إمتاعا وابداعا وتمخيصا وتحديدا وتنبيا وحبل‬ ‫لمشكمة واستثما ار لموقت واستنياضا لحاسة أو قدرة رياضية أو استنتاجية أو‬ ‫استنباطية أو غيرىا عبر الوسائل التي تبدعونيا أفرادا أو جماعات ثنائيا أو في‬ ‫حمقات‪.‬‬ ‫أما ثانيا فإن التأمل راحة والتأمل إصغاء ذاتي والتأمل تفريغ لمدماغ من سيل‬ ‫وتراكم‪ ،‬وابعاد لممخزون المتكاثف عن التأثير في القدرات‪ .‬والتأمل كراحة عقمية‬ ‫نفسية ضروري إلبعاد اليواجس واليموم والقمق والكآبة والدمار‪ ،‬واألفكار المتسمطة ‪-‬‬ ‫خاصة السمبية منيا والتي قد ال يستطيع اإلنسان دفعيا في ىذا الوعاء الكبير‬ ‫أوضمن األوعية األصغر – تعد عممية مثمرة وقدرة وىابة ال غنى عنيا لمنفس‪.‬‬ ‫ولمقيام بالشكل األبسط لمتأمل ىذا (والذي قد تكون الصبلة أيضا أحد أبرز‬ ‫أشكالو) استرِخ ما أمكن بعيدا عن األصوات وفي وضعية غير متوترة‪ ،‬وال بأس أن‬

‫تكون جالسا (متربعا)‪ ،‬مغمض العينين مرىف الحواس منقطعا عن المحيط‪ ،‬واعمد‬

‫عمى جعل ذىنك لوحة بيضاء‪ ،‬شاشة بيضاء باستبعاد فيض األفكار التي قد تجيء‬ ‫مندسة‪ .‬والتي قد تجد في االستجابة ليا ضرورة ولكن‬ ‫زرافات أو وحدانا متسممة أو‬ ‫ّ‬ ‫ال‪ ،‬أبعدىا‪ ،‬فالوقت اآلن مخصص لبلسترخاء والتأمل‪.‬‬ ‫اجعل ذىنك لوحة بيضاء دون أدنى فكرة أو حالة تذكر ‪ ،‬ما قد يكون صعبا‬ ‫ستتبيض الشاشة وتسترخي الحواس‬ ‫في البداية ولكن باإلصرار الشديد والعزيمة‬ ‫ّ‬ ‫‪32‬‬


‫وتطرد كل ما يط أر عمى الذىن من أفكار والتي كمما قدمت أخبِرىا أن وقتيا لم يحن‬ ‫فيو بعد ساعتين أو في الغد مثبل وستستجيب لك عاجبل أم آجبل‪.‬‬ ‫بعد أن تمتمك الموحة البيضاء قم باستدعاء الصور التي ترغب بيا وافردىا عمى‬ ‫الموحة من البحر أو الشاطيء وتفاصيمو ودقائقو إلى الزىرة بتفاصيميا إلى السماء‬ ‫إلى المرج إلى الصحراء‪.‬‬ ‫وما قد يجعمك منتشيا ال متوت ار أو مفكرا‪ ،‬تبحر في التفاصيل صورة تقترب‬ ‫وصورة تقترب وصور تتوالى‪ .‬إن التأمل قد يأخذ منحى إيماني فتصفو النفس وتتصل‬ ‫بالذات اإلليية فتعبر عن المحبة والشكر و الثناء عمى اآلالء واآليات‪.‬‬ ‫سبلمي والعائمة لك ولجميع األخوة طرفكم فردا فردا وجماعات‪ ،‬والفجر يكاد‬ ‫يطل برأسو فبل إظبلم دائم و إال فسد الكون‪ .‬وال مقدرة ألي كان أن يسمب مني أو‬ ‫منك أو منا مساحة التدفق والفوز في نفوسنا وعقولنا الحرة‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫أرواح‬ ‫الروح التعبة‪:‬‬ ‫روح تعبة قمقة منخورة‪ ،‬حيث السماء مطر منيمر والسحاب رأس أفعى‬ ‫والقمر جرح نازف والطوفان قادم بين األرجل وتحت السطور‪ ،‬والنساء شر مستطير‬ ‫والناس في كرب وبؤس غير منقطع‪.‬‬ ‫روح نازفة حيث المحاجر دامعة والرؤوس مظممة والذاكرة مثخنة والوداع كل‬ ‫حقيقة وال حقيقة إال السواد في رأس كل مطية أو جبل أو واد ‪.‬‬ ‫روح مقيورة ميدورة ببل أصابع أو حنايا ببل شطئان أو أبراج ‪ ،‬ببل ىوى‬ ‫أوعشق أو لمسات حانية‬ ‫روح ببل قادم أو أحبلم أو معقول أو معجون أو سمير ‪ ،‬روح تندب وتيرب‬ ‫من البحر وتنكمش من مرآى الوجود‪ ،‬وتيوي وال تستريح‪.‬‬ ‫الروح اليادئة‪:‬‬

‫روح مستريحة مسترخية ‪ ،‬في السماء حب وعفو ‪ ،‬وفي األرض ِشعر رطب‬ ‫‪ ،‬وثغر باسم ونغمات في كل صوت‬

‫وىواء عميل ‪ ،‬عيون كحيمة وقدود ممفوفة‬

‫وعافية ببل مرض أو خدوش ‪ ،‬والبكاء ضحك وغناء حيث األمواج تمتحم بنسمات‬ ‫العبير بين األنوف وأعطاف الصبايا‪.‬‬ ‫روح لذيذة حيث الممجوج قابل لبلحتضان والمرفوض متقبل والمأفون محبب‬ ‫والنابت نضج مكتمل والسعادة خان لمكل وخبز الناس‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫الروح القمقة‪:‬‬ ‫روح متشظية ‪ ،‬تستمقي عمى شطئان النفس وبين أقدام العقل وحيث الشراب‬ ‫يدير الرؤوس ‪ ،‬وتتنقل من فضاءات الريح وجروح الفؤاد وفتات األمل وشظايا‬ ‫األحبلم أو دفقات المأمول أو المتوقع ‪ ،‬القادم أو المدفون‪.‬‬ ‫الروح القمقة روح منيكة ‪ ،‬مترددة ‪ ،‬ترتدي زيين اثنين وثبلثة وربما أكثر ‪ ،‬قمم‬ ‫من السعادة وقيعان من األلم تتجاور وتتحاور وتتبلقى وتصنع مزيجا ونسيجا وختان‬ ‫لمنوح ورباط لمعبرة وقدح لمحب واسترقاق لمعيون‪ ،‬وانفجار لممدامع تبكي وتضحك ‪،‬‬ ‫تنتيك الرزانة وتقتل التعقل ‪ ،‬تسعى لمكثير وتأمل في الجود والخوف والحرير ‪.‬‬ ‫روح متشظّية حيث الشقوق تكبر وتصغر‪ ،‬وروح نافرة بارزة عالية تستمقي‬

‫بين حريق الفؤاد وبستان الياسمين‪ ،‬تقطف من األثمار ما لذ وأوجع ‪ ،‬ما ىز الكثير‬ ‫وبعث الكثير وطال المقموع والمستحيل ‪ ،‬المرجو والمأمول‪.‬‬ ‫روح تطير ببل أجنحة وتحمق بتعب وسرج مطيم وبطن ضامر وعيون آسرة‪،‬‬ ‫تحيط بالكثير وتمد مساحة تقبل القاتل والضحايا وتعطي الرخيم والفتاك كما تعطي‬ ‫النجوى واألمل‪.‬‬ ‫روح ببل مكان‪ ،‬ببل قرب‪ ،‬ببل يقظة‪ ،‬ببل اجتماع دائم وببل رقيق الكبلم في‬ ‫معازف القمب كاألسير في أخدود ببل حد وال مصاطب‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫غمسوا بدمي حجارة مستقبميم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نسيج ميدى إلى أصدقائي الذين سافروا وأقاموا في البعيد‪ ،‬وألولئك المقيمين‬ ‫غيبيم المعتقل إلى حين‪ ،‬والى الذين رحموا عن ىذا العالم‬ ‫في البعيد‪ ،‬والى الذين ّ‬ ‫بشيادة أو بدونيا حيث المستقر‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫مسمول البدن مجزوء الفؤاد ندي القمب‬ ‫نادب الحظ معتم العقل راكع الفكر‬ ‫حزين العين معتل العبرات ضعيف األجفان‬ ‫تركوني‬ ‫كرمة عميمة وبئر فارغة ووردة كسيرة‬ ‫غزالة شاردة وألم عظيم وراية حسيرة‬ ‫لصحراء فبلة وخيمة ببل سقف ودنيا أسيرة‬ ‫تركوني‬ ‫خفيف النيى‬ ‫رفيف اليوى‬ ‫كثير الجوى‬ ‫تركوني‬

‫(‪)2‬‬

‫شاىد عمى عصر الرجوع‬ ‫معاصر لدنيا الركوع‬ ‫مرتبك النفس واألنفاس والبتبلت‬ ‫تركوني‬ ‫‪36‬‬


‫أعاني السكرات والحيرة والربكة والسقوط‬ ‫وأقارع الخطوب والصديد وصدى اآلىات والمساحات البيضاء واليبوط‬ ‫وأمسي دون أمل في المقيا وكثير من الحسرات والندم وتخنقني العبرات‬ ‫ذىبوا وغابوا وتركوني‬

‫(‪)3‬‬

‫أتممس في الذاكرة دنياىم وضحكاتنا ومبلعبنا وفمسفاتنا والصييل‬ ‫وأرسم من سمّم رموشيم وابتساماتنا وطرائفنا ومعاركنا وشما ظميبل‬

‫وأكتب بيم نير الفرحة المفقود وعامر الحقائق وقمب القمب وباسق‬

‫النخيل‬ ‫وأرجم شياطينيم حيث ابتعدوا بعيدا‪ ،‬وغابوا طويبل ببل نظرات‬ ‫وتركوني‬

‫(‪)4‬‬

‫دنيا الخراب بعدىم أحاطت بي من كل صوب‬ ‫وعشيرة الرماة سددت في صدري كل الرماح‬ ‫وموائد الفتنة أحاطت بي من كل جنب‬ ‫وقعدت عمى باب محبتيم أرجو الصفح واليمسات‬ ‫ولكنيم ذىبوا بعيدا وتركوني‬ ‫حفروا عمى جمد صدري قصيدة الوداع األخيرة‬ ‫وغمسوا بدمي حجارة مستقبميم‬ ‫ّ‬ ‫عيني وقطّعوا مني األرجل واليدين‬ ‫وسمموا‬ ‫ّ‬

‫أين تركوني‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫(‪)5‬‬

‫نصف الدنيا تبخرت‬ ‫والقمر من خمفيم جرجر الشقاء‬ ‫والزاد عقبيم نفذ والطريق مازال طويبل‬ ‫غابوا وتركوني‬ ‫كأنني حمل ثقيل‬ ‫أو يمامة متمردة‬ ‫أو لوح ثمج قمق‬ ‫أو آنية مكسورة‬ ‫أو ىواء لقمب فاسد‬ ‫أو ندبة‬ ‫أو خطيئة‬

‫(‪)6‬‬

‫كانت الدنيا إصباحات تعج باألنوار‬ ‫عندما كانوا وكنا‬ ‫وتكتب بيدييا سف ار ببل حدود‬ ‫وتجمع النغمات من حديقة المقيا‬ ‫وتمقي بالسياد والتغضن واألسى‬ ‫وتبرق بالضوء الكريم‬ ‫وتفتح قمبيا ليتافنا والتيافت‬ ‫وكانت الدنيا جماال ببل نسب‬ ‫النوار‬ ‫وفتحا لممستغمق و ّ‬

‫وبيم تراجع العجاج وومضت األرواح‬

‫وابتدعت الشمس طقس الشروق‬ ‫لكنيم قذفوا بي لمخمف‬ ‫وتركوني‬ ‫‪38‬‬


‫أتوجع وفي الحمق مجموعة غصة‬

‫(‪)7‬‬

‫وأبكي حتى حد االختناق‪...‬وحيدا‬ ‫وأركع ألدعو دون مجيب‬ ‫واهلل رجائي واهلل معتصمي‬ ‫فييم الدنيا ركبت السماء‬ ‫وفييم القرنفل ترك الغفوة وضحك‬ ‫وفي بيتيم كان القمر يستريح ويأنس‬ ‫وفي رحاب األرواح كنا نجتمع‬ ‫يحف بنا السرور والجذوة‬ ‫حيث ال عوائق وال سدود‬ ‫وعند التمة العظيمة أداروا الظو ر سريعا‬ ‫وسافروا‪ ،‬غابوا‪ ،‬وتركوني‬

‫مالكم أييا المسافرون؟!‬

‫(‪)8‬‬

‫ىل من مشاعري وحبي لكم تيزأون!‬ ‫عجبت فيكم الرحيل والسكون!‬ ‫وعجبت منكم كيف ىناك تعيشون!‬ ‫سأترككم‬ ‫وسأظل فيكم وعنكم‪ ....‬وبدونكم‪ ....‬ببل سقوف‬ ‫أغني‬ ‫وأندب‬ ‫وأنتحب‬ ‫وأتذكر‬ ‫وأحمم‬ ‫‪39‬‬


‫وأكتب‬ ‫وأجيل النظر‬ ‫وأتأمل‬ ‫وأتمنى‬ ‫وأضحك‬ ‫وأتمو‬ ‫وأقفز‬ ‫حتى يدركنى القضاء أو حد الجنون‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫ياسر عرفات حين يمقى عصاه!‬ ‫قبل العشرين من عمره شيد النكبة فأحدثت في قمبو جرحاً نازفاً وألماً طالما‬

‫سني عمره ومراحل حياتو المتقدمة‪ ،‬انطمق لمدراسة الجامعية ليعوض ج أز‬ ‫استعاده في ّ‬ ‫من اإلحساس بالفقد والحزن فكانت كمية اليندسة حاضنة لفكر متقد‪ ،‬لثوري ال ييدأ‪،‬‬ ‫كثير النشاط غير قميل الحركة‪ .‬لقد أحدثت نكبة ‪ 1948‬تطو ار في شخصيتو فجعمت‬ ‫من الرجل الذي فكر لبرىة أن يياجر لمواليات المتحدة األمريكية‪ -‬كما تذكر بعض‬ ‫يسخر قدرتو غير المحددة عمى الحركة الدؤوبة في صالح‬ ‫المصادر‪ -‬جعمت منو ّ‬ ‫قضية لبسيا في عنقو أعواماً فاقت الخمسين‪.‬‬

‫ال يستطيعون إدارة الظير لو‬

‫عندما يصفو معاصروه أو أترابو ال يستطيعون أن يديروا ظيورىم لو‪ ،‬وال‬

‫يستطيعون إال أن ينصتوا لو‪ .‬ينبيرون بقدرتو الفائقة عمى الحركة والتنقل والفعل ‪،‬‬ ‫وينبيرون بشخصيتو القيادية الجاذبة‪ ،‬واستقبلليتو حتى كان التنظيم الذي ساىم في‬ ‫تأسيسو ال يشكل حزباً أو جبية أو تجمعاً بل حركة تتماشى مع ما وصف بو‪ ،‬فيو‬ ‫حركة والتنظيم الذي أنطقو وأخرجو من الظممات إلى النور أصبح حركة مشمسة‬

‫تمقى بأشعتيا عمى الشعب البلجئ‪ ،‬وعمى حركة الثورة العربية وعمى الثورة العالمية‪.‬‬ ‫قبل أن يصل الثبلثين من العمر كان قد برز قائداً مياباً‪ ،‬يحسب لو كل‬

‫حساب فمم تكن تجربتو في حرب القنال كمقاتل و كضابط إال ادخار في محصمة‬ ‫قدراتو القابمة لمتطور‪ ،‬ولم تكن تجربتو السياسية النقابية في جامعة القاىرة إال "بروفة"‬ ‫لقيادة أعمق وأشمل واكبر سرعان ما يصميا قبل األربعين من عمره‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫لقد صنع التشرد من ياسر عرفات شخصية صمبة ال تعرف التراجع أو التردد‬ ‫بل تصنع الحدث‪ ،‬وتقبل التحدي‪ .‬يضع الولولة والدموع والبكاء والندب خمف ظيره‬ ‫ويرسم البسمة واألمل والطموح مقترناً بآليات النضال‪ ،‬والفعل المتراكم في نطاق‬

‫السير عمى الشوك وبين األلغام وبشكل متعرج ما دام اليدف واضحاً‪ ،‬والوصول إليو‬

‫ال يتم إال في عمميات عبور متتالية لحقول متفجرة‪.‬‬ ‫صالبة الوطني النيضوي‬

‫كان ذو صبلبة استمدت من رحم النكبة وكرست بالفعل الثوري والعسكري‬ ‫عبر سيناء وفي حرب القنال‪،‬واقترنت بفيم العبلقة التكاممية بين الصبلبة المطموبة‬ ‫والمرونة المرغوبة وفق الشخوص واألدوار والزمن والمؤثرات المختمفة‪ ،‬حيث كان‬ ‫لترؤسو رابطة الطمبة الفمسطينيين في جامعة القاىرة أن جمع شتات الفمسطينيين‬ ‫المتوزعين بين التيارات القومية واإلسبلمية حينيا بمرونة التفيم لتعددية األفكار‪،‬‬ ‫ورغبات التعبير عن حب الوطن والسعي لتحريره باالرتباط المباشر بالقومي‬ ‫أو االسبلمي‪.‬‬ ‫فكان مايحسب لو أنو بمور الوعي الوطني المستقل‪ ،‬وان كان عمقو عربي‬ ‫إسبلمي وبعده عالمي ما شكل بداية في فكر الرجل الوطني النيضوي مع زمبلئو‬ ‫من مؤسسي الوطنية الفمسطينية وأصحاب تميز الشخصية الفمسطينية أو اليوية التي‬ ‫رغبت زعامات عربية كثيرة في إذابتيا وانيائيا سعياً الستيعاب الوجود اإلسرائيمي في‬ ‫المنطقة عمى حساب الفمسطينيين‪.‬‬

‫ياسر عرفات ذو القدرات واإلمكانيات المتفوقة خاض الحروب عمى جبيات‬ ‫القتال‪ ،‬كما خاضيا عمى جبيات السبلم فكان يحمل البندقية بيد وغصن الزيتون بيد‬ ‫كما قال بنفسو في خطابة الشيير في األمم المتحدة عام‬

‫‪ .1974‬و ما كان بذلك‬

‫متناقضاً بقدر ما كان يحاول ان يتفيم المرحمة أو المحظة ويضع ليا مقاييس ورؤى‬ ‫تتفق ومعادالت القوة ومعسكرات األعداء واألصدقاء ومساحات الحركة المتاحة‬ ‫‪42‬‬


‫وموازين القوى في منطقة تفجر عالمية ىي فمسطين‪ ،‬وما أطمق عمييا الحقاً الشرق‬

‫األوسط‪.‬‬

‫اوراق وغبار‬ ‫في سن العقل كان ياسر عرفات يعقد التحالفات ويمد جسور التعاون مع‬ ‫األصدقاء واألشقاء‪ .‬يستخدم ما يمتمك من أوراق قابمة لمكشف أو المساومة أو الحرق‬ ‫وفقاً لرؤية ما حاد عنيا انطمقت من رغبتو برؤية دولة فمسطينية مستقمة بالقدس‬

‫عاصمتيا وعودة البلجئين ‪ ،‬ما رفض عكسو حينما ضغط عميو أمريكيا وعالمياً عام‬

‫‪ 2000‬في كامب ديفد الثانية فحاصروه إلى حد القتل في المقاطعة في رام اهلل‪.‬‬

‫شخصية متميزة‪ ،‬عالمية‪ ،‬مثيرة لمجدل‪ ،‬مثيرة لمحركة‪ ،‬مثيرة لمغبار من حول‬ ‫مجمل تحركاتيا‪ ،‬يستخدم بالونات االختبار في طروحاتو السياسية‪ ،‬ويستشف مدى‬ ‫التقبل في عقل زمبلئو وفي وعي الشعب الذي انتخبو منذ أصبح ناطقا باسم فتح‪،‬‬ ‫ثم رئيساً لمنظمة التحرير الفمسطينية عام ‪ 1969‬ثم رئيساً لمسمطة الوطنية الفمسطينية‬ ‫عام ‪ 1994‬بانتخابات حرة وديمقراطية وبرقابة عالمية‪.‬‬

‫يستخدم نظرتو الثاقبة وقدرتو السياسية الفذة ‪،‬صبلبة ومرونة‪ ،‬استراتيجية‬ ‫وتكتيكا بأساليب التمرير لمفكرة أو اآلراء عبر اآلخرين‪ ،‬كما يستخدم الضغط ‪ .‬بنفس‬ ‫الوقت الذي اتخذ في كثير من األحيان من العاطفة أو العقل أو المال أو التبرير أو‬ ‫التطويع أو التضخيم أو التيوين أو المناخ طرقا تجعل من رؤيتو بضرورة الحصول‬ ‫عمى القرار الذي يراه صحيحا مقدمة الستخدام أي من الوسائل و األطر تمك التي‬ ‫أجاد استخداميا متقابمة في حركة فتح وفي منظمة التحرير الفمسطينية‪ ،‬وفي القيادة‬ ‫الفمسطينية وفي المجمس الوطني الفمسطيني ثم الحقاً في المجمس التشريعي‬

‫الفمسطيني‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫مرجعية القمم األحمر‬ ‫لقد شكل ياسر عرفات المرجعية الواحدة‪ ،‬والبلعب األول‪ ،‬والرمز‪ ،‬واألب‬ ‫الروحي‪ ،‬والضابط لئليقاع الفمسطيني فمم يسمح لخيط من الخيوط أن يفمت من بين‬ ‫يديو‪ ،‬فكان منيم من رأى بذلك ضرورة في ظل ديمقراطية غابة البنادق‪ ،‬ومنيم من‬ ‫رأى مركزية شديدة أو دكتاتورية ضارة أو استبدادا خاصة عمى الصعيد الداخمي‪ .‬إن‬ ‫يرض أن يترك القمم‬ ‫الرئيس ياسرعرفات القائد العام لقوات الثورة الفمسطينية لم َ‬ ‫األحمر من بين اصبعيو فالقرار يمر عبر المون‪ ،‬والتوجو والتحكم والضبط لمنظمات‬ ‫متعددة وآراء متباينة في قضية معقدة يجب أن يمر عبر توقيع مميور عمى جميع‬ ‫أنواع الورق‪.‬‬ ‫أحبو الكثيرون في العالم‪ ،‬فمقد برز كالطود الشامخ بعد حرب الكرامة وظير‬ ‫بالعنفوان كطائر الفينيق في حصار بيروت‪ ،‬وكان بطل فمسطين ورمزىا في مقاومة‬ ‫الغزو الصييوني لمبنان‪ ،‬واعترف بو العالم كرجل سبلم حينما تسمم جائزة نوبل بعد‬ ‫أن أقدم عمى خطوة مثيرة لمجدل فمسطينياً ولكنيا شجاعة بتوقيعو عمى اتفاقات اوسمو‬

‫وذلك في واشنطن عام ‪ ،1994‬لقد كان يغرس بيديو لواء فمسطين عمى سماء العالم‬ ‫ويصنع الغد القادم‪ ،‬غدا أفضل‪.‬‬ ‫أحبو الفمسطينيون‬ ‫أحبو الشعب الفمسطيني‪ ،‬حيث قاوم االحتبلل بشخصو اثر احتبلل الضفة‬

‫وغزة عام ‪ ،1967‬وحينما قاوم محاوالت شطب الشعب الفمسطيني والكيانية الوطنية‪،‬‬ ‫واالستقبللية لمقرار الوطني الفمسطيني المستقل في األعوام ‪1971‬و‪ ،1983‬وما بعد‬ ‫االنتفاضة األولى وثم الثانية‪.‬‬ ‫لقد شكل الرجل ضمانة واعية لؤلىداف الوطنية الفمسطينية وكما ظير جمياً‬

‫في مواقع القتال السياسي صبلبة دون مرونة‪ ،‬وتمسك دون تياون‪ ،‬وىيجان لمتاريخ‬ ‫مقابل مستقبل أريد لو منو أن يكون مدم اًر فمم يقبمو‪ ،‬فتحدى القوة العظمى األولى في‬

‫‪44‬‬


‫العالم لصالح شعبو فكسب شعبو‪ ،‬وكسب نفسو‪ ،‬وخسر اإلسرائيميين واألعداء‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد نظر إليو الشعب الفمسطيني قائدا ورم از حيا وزعيما تاريخيا ال يمكن‬ ‫تعويضو‪ .‬كما نظر الفرنسيون إلى ديغول‪ ،‬والينود إلى المياتما غاندي و مواطنو‬ ‫جنوب إفريقيا إلى مانديبل‬ ‫حيث ألقى الزعماء عصييم‬ ‫كرىو البعض الذين كان منيم قيادات العدو الصييوني فقالوا فيو الكثير‪،‬‬ ‫قالوا انو اإلرىابي األول وقالوا انو القاتل المأجور وقالوا انو المخرب‪ ،‬وقالوا انو ضد‬ ‫السبلم وليس ذو صمة‪.‬‬ ‫وقالوا انو المرفوض التعامل معو حتى بعد عودتو لموطن‪ ،‬وقالوا انو المحرض‬ ‫لممقاومة (اإلرىاب بمصطمحيم) والداعم لكتائب شيداء األقصى استكماالً لدوره في‬

‫إنشاء قوات العاصفة منذ العام ‪ 1959‬ثم ‪ ،1965‬ثم في دعمو لئلرىاب الدولي عبر"‬

‫أيمول األسود" والعمميات الخارجية ما رفضو وأدانو شخصياً وتنظيمياً ومؤسساتيا‪.‬‬ ‫لقد قال اإلسرائيميون في ياسر عرفات ‪-‬وخاصة اليمين المتطرف مؤخ ار‪-‬‬ ‫الكثير مما جعمو والشيطان واحدا‪ ،‬وىذا متوقع من عدو‪ ،‬رغم أن الكثير من‬ ‫اإلسرائيميين في االتجاه اآلخر فيموه رجبلً يمد يده لمسبلم‪ .‬ولكن ليس أي سبلم وانما‬ ‫سبلم الشجعان‪ ،‬السبلم العادل المحقق لؤلىداف‪ .‬كرىو عدد من الزعماء العرب ألنو‬

‫كشفيم بعطائو وعممو وحركتو وثوريتو وقدرتو عمى التنقل بين المراحل والمساحات‬ ‫والمواقف ما يتيح لمقضية أن تراكم االنتصارات الجزئية وصوال ألن يبصر عرفات‬ ‫القدس عاصمة لفمسطين ليصمي فييا أو يدفن فييا وليرفع طفل عمم فمسطين فوق‬ ‫أسوار ومآذن وكنائس القدس‪..‬‬ ‫بعصييم لتمتقفيا عصا عرفات‬ ‫كرىو الزعماء العرب‪-‬عدد منيم‪ -‬ألنيم القوا‬ ‫ّ‬ ‫فيخر السحرة ساجدين لفرعون مكذبين بموسى فمسطين‪ .‬فيحاربونو محممينو سبب‬ ‫ّ‬ ‫‪45‬‬


‫حروبيم أو االقتتال أو العمالة في األردن أو لبنان أو سورية أو العراق أو الكويت أو‬ ‫ليبيا أو غيرىا‪ ،‬فيكون ىو الييودي والمتآمر ومجيول النسب وغيرىا من االتيامات‬ ‫المضحكة والفاقعة‪.‬‬ ‫الوسط حيث ممعب الرئيس‬ ‫كرىو العربان قيادات منعزلة عن شعوبيا ‪ ،‬أو (راشية) ليم بالمال أو بالتيديد‬ ‫بالسجن والعصا أو بالضغط الجسدي والنفسي ‪ ،‬حيث أمن البمد قبل الجميع‬ ‫والسمطان أوال‪ ،‬وابن الرئيس يخمف أباه في جميوريات أو ممالك أو إمارات دون‬ ‫ديمقراطية ‪ ،‬ىي قائمة في فمسطين وأزعجت الكثيرحتى يوم وصولو إلى مستشفى‬ ‫بيرسي قرب باريس في فرنسا عام‬

‫‪ . 2004‬وانضم لعربة الكارىين مجموعة من‬

‫المنزعجين من توقف الموازنات عنيم‪ ،‬أو من استخدموا مرحمة ثم انتيى دورىم‪.‬‬ ‫أو ممن لم يفيموه جيداً‪ ،‬أو ممن انتقدوه فمم يستمع ليم‪ ،‬أو ممن كانوا بالدعم‬

‫الخارجي يسيرون‪ .‬وما كرىو الناقدين أو المعارضين أو المخالفين ولكنيم تمسكوا‬ ‫بنقدىم لو ومعارضتيم لكثير من ق ارراتو وأوامره وتوجياتو أو آراءه‪ ،‬وخالفوه في‬

‫طريقتة األبوية في إدارتو لمثورة ثم لممنظمة ثم لمسمطة‪ ،‬فقرب عددا من الفاسدين‪،‬‬ ‫وغطى عمى عدد من المسيئين‪ ،‬وسكت عن بعض العصاة والجبابرة‪.....‬‬ ‫ىؤالء الناقدون والمعارضون والمخالفون شكموا النصف الثاني اليام‬ ‫لمديمقراطية الفمسطينية التي ال يمكن أن تكتمل إال بالرأي والرأي اآلخر وىؤالء كانوا‬ ‫مع ياسرعرفات في مواقف كثيرة تشيد ليم وتشيد لو‪ ،‬وفي آخرىا حينما رفض كامب‬ ‫ديفد فحوصر ‪،‬وحينما تقرر القضاء عميو فوقف جميع المعارضين والناقدين‬ ‫والمخالفين من اليسار واليمين وقفوا في الوسط حيث ممعب الرئيس ياسر عرفات‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫عصارة فكره وعممو‬ ‫أحبار كثيرة سالت تكتب عن ياسر عرفات‪ ،‬وأحبار كثيرة ستسيل كتابة عنو‬ ‫مدحا أو شتماً‪ ،‬انبيا ار أو مخالفة‪ ،‬إنصافا أو تجنيا‪ ...‬وفي بعض ذلك قد يكون‬

‫بعض الحق فالرجل ليس مبلكاً وال نبيا‪ ،‬وانما يظل إنسانا يصيب ويخطيء تتجاذبو‬ ‫األفكار والتيارات واألىواء‪ ،‬ويظل قائداً متمي اًز وكاريزمياً يسعى جيد فكره وعممو‬ ‫لمتأسي بصبلح الدين فيحرر القدس أو يرسم مسا ار ‪-‬في ظل فيم المتغيرات‪-‬‬

‫تؤسس لذلك بعد الرحيل‪.‬‬ ‫لقاءاتو األخيرة قبل باريس كان يحاول فييا أن يضع عصارة فكره وحكمتو‬ ‫وآرائو وطرق عممو وسياساتو في ذىن من قابموه من األطر ومن الطبلب ومن‬ ‫الشبيبة ومن النساء ومن أبناء الوطن عامة أو العرب أو األجانب‪ .‬لقد كانت‬ ‫اإلشارات منو دالالت‪ ،‬وتكرار المواقف منو مسارات رغب بمن سيمحقو أن يتبعيا‬ ‫فكان مع مبليين العرب( عمى القدس رايحين شيداء بالمبليين) فمم تظير المبليين‬ ‫وألغيت الرحمة‬ ‫وكان يعدد من سرقوا أموال الفمسطينيين من زعماء العرب –ولم يرجعوىا حتى‬ ‫اآلن‪ -‬ويسمييم باالسم والحدث‪ ،‬وكان ال يتييب من ذكر مواقفيم المتواطئة والمذلة‬ ‫تجاه شعوبيم واألمة‪ .‬وألمح وأشار ألساليب قيادتو في االستبعاد واالكتساب وتفريق‬ ‫المعسكرات وتشكيل التحالفات وبعث المخبوء في النفوس‪ ،‬والتعامل مع المكشوف‬ ‫والمخفي‪ ،‬والربط الواضح في عقمو بين استخدام األدوات والزمن والمرحمة‪ ،‬ولكل زمن‬ ‫فيم مرتبط بعوامل التغيير في الواقع‪.‬‬ ‫ىل نكون قد فيمنا شخصية قيادية فذة ومربكة في آن معاً كشخصية ياسر‬

‫عرفات‪ ،‬أم يكون لممستقبل أن يتعامل معيا باستعادة لمماضي فيراىا في سياق‬ ‫المستقبل‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫تونس والثالثة (بيبان)!‬ ‫دخمنا تونس وفي القمب خفقات وفي العيون احتباس ماطر ‪ .‬كيف ال ونحن من‬ ‫بمد األنين الصاخب والفداء الحفيف‪ ،‬قادمون مجموعة من إطارات ( بالتعبير‬ ‫التونسي لمصطمح أطر عندنا) حركة فتح من الوطن ومن رام اهلل بالتحديد حيث‬ ‫أنشأنا الممتقى الفتحاوي عمى األرض ‪ .‬انطمقت المسيرة في ظل معاناة لم تنقطع‪ ،‬في‬ ‫لحظات الترقب والواقع المرير‪ ،‬وفي لحظات الحركة في المسار الصعب من رام اهلل‬ ‫الى جسرالكرامة‪/‬الممك حسين‪ /‬المنبي‪.‬‬ ‫عانى الوفد كما ىي العادة لدى الفمسطينيين حيث تم توقيف بعض األخوة‬ ‫لساعات وتم إلقاء القبض عمى آخر‪ ،‬وسمح لمباقي بالخروج من الشرنقة ليمحقيم‬ ‫بعدىا اآلخرون ليقابموا بصعوبات ال تقل ومعاناة لدى األخ والحبيب حممناىا بالعشق‬ ‫الناجز في قموب الفمسطينيين لكل ما ىو عربي رغم دعوات الغضب عمييم في كل‬ ‫مممة وجفوة أو مذبحة ال يعاني منيا اال الرواسي من أبناء فمسطين في أرض الرباط‪.‬‬ ‫بحمد اهلل وصل األخوة الثبلثة عشر دون الرابع عشر الى تونس وىم بجمّيم‬

‫يدخمون ألول مرة االخضرار في عمق تربة تونس‪ ،‬واالحمرار في زىور العاصمة‬

‫األولى لمفاطميين وبمد رابعة الثبلثة القيروان( الثبلثة ىي مكة والمدينة والقدس) ‪.‬‬ ‫وصل الوفد الى تونس حيث قرطاج مازالت ترفع رايتيا و تمقي بالعظمة والوىج‬ ‫والنور والولو في وجوه القادمين من بشر السماء و من زجاج المطار ‪ .‬استقبل األخوة‬ ‫تونس بفرحة لم تنقطع طوال األيام السبعة وبدفء الحبيب ومحبة االخ والشقيق‪.‬‬ ‫مقرنا‬ ‫ولما كانت مدينة رادس التي ال تبعد عن تونس العاصمة عشرة كيمومترات ّ‬

‫حيث مركز تكوين المكونين وىندسة التكوين (أي إعداد المدربين بمصطمحنا‬ ‫‪48‬‬


‫المشرقي) فمقد ألقى األخوة بأعباء السفر جانبا وتماىوا مع غابة رادس ومع شطآنيا‬ ‫فمم يعد ألحد قدرة عمى التفرقة بينيم وبين سكان المدينة وأرضيا وىوائيا وبحرىا‬ ‫وشجرىا وفرحيا وتبرجيا‪.‬‬ ‫دخمنا تونس من بوابة أبو القاسم الشابي والطاىر الحداد والثعالبي وخير الدين‬ ‫التونسي والحبيب بورقيبة‪ ،‬ودخمناىا من أبواب ثبلثة ‪-‬ولممصادفة وجد في مدينة‬ ‫القيروان الساحرة مسجد ىو مسجد الثبلثة بيبان (أبواب)‪ -‬الباب األول ىو باب‬ ‫المحبة حيث قيم وسموك االلتزام والتضحية واالنتماء والوالء قيم أصيمة ثابتة تشع من‬ ‫العيون وتبرز من القموب‪ ،‬ودخمنا من الباب الثاني أيضا وىو باب التنمية والبناء‬ ‫لمفرد والجماعة والمجتمع والتكوين حيث تونس أضحت ورشة عمل لتصعيد الفرد الى‬ ‫درجة التحدى وتحقيق المثابرة ودعم الطموح شعار تونس أبو القاسم الشابي الذي‬ ‫عانقو شوق الحياة فمم يقبل الموت بين الحفر‪.‬‬ ‫ومن الباب الثالث دخمنا الى التقدم والتحول والتطوير والتغيير واإلبداع في سنة‬ ‫محمودة أدخمت تونس في القرن الواحد والعشرين من أوسع أبوابو في اإلطارات‬ ‫والنظام واليياكل واآلليات والمجان والتكوين والمعموماتية والفكر ونداء التمكن من‬ ‫النيوض وربطو بعقمية التفتح والمرونة والتسامح‪.‬‬ ‫من الثبلثة بيبان دخمنا الى فناء التغيير والتحول والثورة الشبابية في تونس ولم‬ ‫نعجب!‬ ‫كنت قد أقمت في تونس لسنوات سبع سمان وعدت منيا لموطن‪ ،‬وفي كل مرة‬ ‫أعود ألعبر عن عدم التوبة في عشق تونس ‪-‬كما يقول (الشاعر ىنا) صخر‬ ‫حبش‪ -‬أرى مبلمح التجدد والتطور ما يجعل الفمسطيني يطيل الفرح ويطيل إجالة‬ ‫النظر ِ‬ ‫فرحا غير منقطع لتونس السماء واألرض والشعب ‪ ،‬ومغموما بما ال‬ ‫فرحا َ‬ ‫يوصف من غم عمى بمده(فمسطين) التي كمما تقدم فييا المناضمون خطوة أعاد‬

‫االحتبلل سنتة المرذولة فييا فيعيد الببلد والشجر والحجر والعباد الى الخمف سنوات‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫الكثير من اليوى واليدير مما يختمج في القمب والنفس حينما نرى رجاالت‬ ‫ونساء التحرير في تونس ونابل والحمامات والمنستير وبنزرت والقيروان حيث ذىبنا‬ ‫والتقينا‪ ،‬حيث لدينا الكثير مما قد نكتبو مما اختزنا بين الجوانح عن الجولة الجميمة‬ ‫التي جمنا فييا في بعض أرجاء تونس يحتاج منا إلدراج مجاالت االستفادة في خبزنا‬ ‫اليومي وعيون الفمسطينيين وأبناء حركة فتح ما يحيل الصراع الى تعاون واالختبلف‬ ‫الى مدخل التفيم والتعددية الى فضاء تسامح وتقبل ‪.‬‬ ‫لتونس دوما رجوع ولتونس دوما عودة وامام الشموخ والعنفوان والمحبة‬ ‫واالحتضان الرفيع ال بد من تحية كبيرة وكثير من الخشوع‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫مقيدة جمست‪...‬ىناك!‬ ‫مقيدة جمست‪ ،‬ىناك‬ ‫القصي‬ ‫عمى الكرسي‬ ‫ّ‬ ‫تحمل أفكا ار متضاغطة و بضع ىواجس‬ ‫من واقع نبضات القمب الوردية‬ ‫ومن أصيل شحنات الروح المتدافعة‪.‬‬ ‫مقيدة جمست تيمس في ذات ذاتيا‬ ‫وترسم ابتسامة غائرة‬ ‫بعيون مغادرة‬

‫(‪)2‬‬ ‫بانت في سطح السماء كالبرق‬ ‫واستقرت في عمق الكبلم مرآة لمخاطر‬ ‫وجمست أمامي لتقول بملء الفم‪:‬ال!‬ ‫حاورتيا دون كبلم‬ ‫وصاغت معي اتفاقا ىامسا دون حروف‬ ‫وأنا أتساءل‪.‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫كانت في كرسييا‪،‬ىناك‬ ‫تفترش السطور‬ ‫‪51‬‬


‫وتتأني متخيرة أرطب الكممات‬ ‫تحاول التحرر من مساحة مقيدة‬ ‫مسيجة‬ ‫وزالزل ّ‬

‫وضوابط محددة‬ ‫وجراحات ال تفوت لبيب‬

‫(‪)4‬‬ ‫دخمت من الباب بكثير من التردد‬ ‫وأممت بالخروج وكأن ال دخول‬ ‫وتكممت عبر الرجاء أكثر من األمل‬ ‫وقالت بالقميل من القول الكثير‬

‫(‪)5‬‬ ‫تمرق ببصرىا بصمت كالسيم‬ ‫توزعو بيني وبين أصدقاء ذوي ظُمُل‬ ‫جمست ونظرت وألمحت وقالت‪:‬‬

‫أخرجني من ىذا الفضاء الصعب‬ ‫وأقعدني حيث اتفقنا والنمير‬

‫(‪)6‬‬ ‫قالت ‪:‬ال‪ ،‬لمسجن بين جدران العيون‬ ‫وقالت‪:‬ال‪ ،‬وربي مع سواك ال أكون‬ ‫وقالت‪:‬مالي وىم‪ ،‬ويجمعنا حمو الحمم‬ ‫‪52‬‬


‫ثم قالت‪ :‬خذني بعيدا‬ ‫واألغاني في ركابنا تسير‬

‫(‪)7‬‬ ‫ماىذا السر الكبير وراء تمك األجفان ؟‬ ‫وما ىذه األفكار الخافتة؟‬ ‫األفكار الخائفة الساكنة‬ ‫العصية عمى الظيور؟‬ ‫لماذا كل ىذا التحفز؟‬ ‫ولماذا كل ىذا الدخان؟‬

‫(‪)8‬‬

‫أأممت أن تصوغ معي اتفاقا دون ِمياد؟‬ ‫أن نكون في الفكرة واألفكار ممحاحة‬

‫أو أن نصون الوصل وفي العيون ىدير‬ ‫أم نسبح في فضاء الكون وال َكمِم دون أصفاد‬

‫(‪)9‬‬ ‫فكي قيودك وانثري األفكار‬ ‫حفّزي التحفز وابعدي الدخان‬ ‫اتركي الءاتك واعتمري النيار‬ ‫فكي قيودك‪ ،‬وانثري األسرار‪.‬‬ ‫‪53‬‬


‫(‪)10‬‬ ‫مقيدة جمست والحرير يغفو‬ ‫بين أرائك العيون وصدر البتبلت‬ ‫ىائمة قعدت‪،‬ىناك‪ ،‬في أنفاس الورد‬ ‫تفكر مشدوىة‪ ،‬وتزفر بصوت عميل‬ ‫بين آالم المسير وفرحة الوصول‬ ‫بين رغبة التخالل‪ ،‬أو نزح العبير‬ ‫ىل أجابت عن تساؤالتي أم بالطرف أنابت؟‬

‫‪54‬‬


‫أتنفسيا وتتخمّمني!‬ ‫عندما تطل أمي في فجر يومي‬ ‫من شفق الجفون الوادعة‬ ‫عمي بظميا كزيتونة راسخة‬ ‫وتمقي ّ‬ ‫ينتثر في رحاب قدوميا عبير‬ ‫يتناثر فوق جبيني و المكان ‪.‬‬ ‫وعندما تمتد يدىا المتعبة المطيفة‬ ‫لتداعب خصمة أو اثنتين من شعري المنسدل‬ ‫عمي بسيل ال ينقطع من حنان‬ ‫تفيض ّ‬ ‫يظير باحتضان عيونيا لي‪ ،‬وميابة اإليمان‪.‬‬ ‫نجمي الوحيد ‪،‬‬ ‫ومع حمول الميل تكون أمي‬ ‫َ‬ ‫والطيف المنتظر حين الغروب‬ ‫عيني بسرعة عمى طيفيا‬ ‫فأغمض‬ ‫ّ‬ ‫كي ترافق أحبلمي في الشمال وفي الجنوب‪.‬‬ ‫عمري وزمن قادم وكثير من الكممات‬ ‫وما ال ينقطع منيا في اآلتي والذكريات‬ ‫ترافقني ‪ ،‬تيزني ‪ ،‬تكيربني ‪ ،‬تحييني ‪ ،‬معيا وفييا‬ ‫حين الضعف وحال الخوف وزمن األحزان‪.‬‬ ‫أمي مداد روحي وشييق صدري‬ ‫أتنفسيا وتتخمّمني في عشق المحظة والجنان‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫صدر السماء الحافية ‪.‬‬ ‫ميداة إلى األخوة ماىر فاخوري و بشار بدوي وحسن الحسن في برلين‬ ‫بانتظار اإلشارة ‪.‬‬

‫تحس بالوىج ينطمق أنوا ار مدوية من سمائيا‪ ،‬كما تحس‬ ‫عندما تدخميا ٌّ‬

‫باالرتياح ‪ .‬تشعر بشيء من الغموض الطافي عمى سطح الماء المغمف بالفضة ‪،‬‬ ‫وربما أيضا تتفاجأ باالتساع والمساحات الكبيرة تبتمعك و تستوعبك من رأسك إلى‬ ‫أخمص القدم ‪ ،‬واألفكار واليواجس التي تتممكك دون انزعاج‪.‬‬ ‫رغم أن الغموض المفضض مدعاة لمتوتر واالضطراب والتذبذب ‪ ،‬إال أن‬ ‫ىذا الغموض فييا حافز لبلستكشا ف وأداة حاثة عمى استجبلء ما استتر واماطة‬ ‫المثام عما احتجب ‪ ،‬وفي ك ّل ذلك راحة ‪ .‬راحة قادمة من ضياء مرتبط برغبة‬

‫االستكشاف ‪ ،‬وراحة موصولة باالنتعاش القادم مع نسائم الخريف المطيفة المحتجبة‬

‫عن الجنوب ‪ ،‬النسائم التي تخممت أغصان األشجار‬ ‫فأسقطت منيا مبليين األوراق الذىبية في رفق ووداعة لترسم لوحة زيتية‬ ‫جميمة أخاذة‪ ....‬أين ترامت فييا األشجار حول النير والشوارع في صفوف باسقة‬ ‫قائمة‪ ،‬كما الجند المسربل يستعرض قوتو أمام قصر القيصر في بياء واعصار ‪،‬‬ ‫وتقف شامخة بأنفة تشخص لمبعيد بالكثير من التحدي ‪ ،‬ببل وجل ودون استتار‪.‬‬ ‫عندما تدخميا تود لو تظل تستنشق اليواء منيا طويبل دون انقطاع حتى‬ ‫يمتميء قفصك الصدري ورئتيك بالحرير واشراق النفس ومضاء الخمود‪ ،‬في كل شيقة‬ ‫أو زفرة ‪ ،‬وتتمنى لو أن أيامك تدوم حتى لو كانت مربوطة بذيل ثور يدور في ساقية‬ ‫قروية بعيدة ‪ ،‬وال تقصر‪.‬‬ ‫‪56‬‬


‫تطول وال تمضي ‪. ...‬ألنك في الحقيقة تدخل عاصمة الحديد واعتدال الخريف‬ ‫وارتجاف الميج وانفراط خيط عيون القمر ‪ ،‬وحيث الجمال غارق بالفخامة والحفيف ‪.‬‬ ‫وما أن تطأ قدماك أرضيا حتى ترتوي بزقزقة الطيور وتدفق الماء وأنفاس النساء‬ ‫المتبخترات ولفحات الخريف الباردة ‪ ،‬وحتى تتسمل لزوجة األرض الثرية في مسام‬ ‫قدميك فرجميك فصدرك فرأسك حتى النخاع‪ ....‬كما أرض الختيار ‪.‬‬ ‫عفي‬ ‫برلين قمر شرس شارد دقيق النظر حيث ال قعود وال ممل ‪ ،‬وحصان ّ‬ ‫جامح يجرى ببل قيود عمّو يدرك األمنيات وخيوط األمل ‪ ،‬برلين قبر المسافات ومثوى‬ ‫المكنة ‪ ....‬وحيث تستطيب القافمة التوقف فما بعدىا من‬ ‫اليدير‪ ،‬وأرض العنفوان و ُ‬

‫مسير‪.‬‬

‫برلين عيد التوبة عن الميونة والميوعة والركون‬

‫‪ ،‬حيث القوة والحديد وما‬

‫استحدث من أمور وكل جديد ‪ .‬برلين صدر السماء الحافية تمس األرض بباطن‬ ‫قدمييا مسا خفيفا‪ ....‬وتشغل الخبلئق ‪.‬‬ ‫عندما تدخل مدينة برلين ال بد أن تؤخذ بانشغاليا الدائم وبحركتيا وعمميا‬ ‫الدؤوب ‪ ،‬كما تؤخذ فييا باليدوء المنبجس ما بين أعطاف النساء وتحت عيونين ‪،‬‬ ‫وحين يظير الرجال كالمسامير وحدانا وجماعات ‪ ،‬وفي عيون األطفال‬

‫‪ ،‬وحيث‬

‫تتكمم األغصان لغة الحبور ولغة الطيور ولغة الخرير‪.‬‬ ‫في برلين تتسامع القناطر والمتاحف والمعارض والمباني والباحات والنوافير‬ ‫والموحات والتماثيل والمطاعم والدور والركبان بخبر التوثب القادم مع مساء برلين‬ ‫الممون بذيل الطاووس ‪ ....‬يفرش ألوانو في سماء المدينة وأمام نواظر الراغبين‬ ‫والمحبين والمنيكين ‪ .‬في برلين ال مكان لموقوف أو التراجع أو الذبول فإما مسير‬ ‫أوقبور‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫دخمنا برلين من بوابة رام اهلل حيث ماىر خير األخ ونعم الصديق ‪ ....‬رجل‬ ‫من رجال الحديد قُ ّد من نسيج جبال القدس وعيبال والخميل والجرمق ‪ ،‬وحيث تربع‬ ‫جبل العاصور عمى أحد أكتاف مدينة رام اهلل التي قدم عبرىا ماىر من نابمس ‪...‬‬ ‫جبال وأرض فمسطين ببلدي تصنع في الحياة أشياء ال تُصنع مثميا وال يصنع من‬ ‫غيرىا ‪ ،‬وتصنع رجاال قمما تجد أمثاليم خارجيا إال في برلين ‪ ....‬فكيف إذا جمع‬ ‫عبر البوابة (أسدية) الصفات من منبعو األصيل في فمسطين ‪ ،‬واشراق النفس حيث‬ ‫ىواء برلين الصافي السافر الممون ( يرد الروح) كما فتىء يردد ماىر‪.‬‬ ‫الب َرد الفضي عمى البشر دون استئذان ولكن بمطف ‪ ،‬كما يسقط عمى‬ ‫يسقط َ‬ ‫الشجر ولكن بقميل من القسوة فبل تحتمل األوراق تمك الشدة فتجد طريقيا إلى األرض‬ ‫أسرع وبمطف‪ ....‬تمثم األوراق أديم األرض مستعجمة الرحيل ‪ ،‬وكأن في الترنح بين‬ ‫معدة‬ ‫مودة ّ‬ ‫ذراعي الريح ‪ ....‬بين األغصان في المسافة الطويمة الممتدة إلى األرض ّ‬ ‫مودة مستردة‪.‬‬ ‫‪ ،‬وكأن في احتضان األرض ُلزَمر األوراق الساقطة المنتظمة ّ‬ ‫تربعت برلين في قمب صديقي فجاورت فيو فمسطين منذ كان طالبا في‬ ‫الجامعة ‪ ،‬فخطا خطواتو األولى نحو ظل المدينة وعيون القمر وزقزقة الطيور وألوان‬ ‫الطاووس ‪ .‬ثم أصبحت بين ضموعو توثبا ونسائم ومضاء ‪ ،‬وحينما بذر في األرض‬ ‫ذرية كانت فييم فمسطين حبل الخمود وبريق الروح والتماع الذاكرة ‪ .‬وكانت برلين‬ ‫منطمق الرجوع ‪ ،‬وآثار أقدام الحقيقة الغامضة في ثمجيا الفضي عبر أيام شتائيا‬ ‫الطويمة الباردة‪.‬‬ ‫لممدينة في التعبير عن نفسيا أسموب مختمف متغير متميز ‪ .‬فما تجده في‬ ‫مدينة ما قد ال تجده في مدينة أخرى ‪.‬‬

‫‪58‬‬


‫وفي المدينة وسائط لمعرض والتقرب من الناس قد ال تنافسيا فيو غيرىا ‪.‬‬ ‫فمدينة تجذب وأخرى ترجو وثالثة تشمخ ورابعة تنفر القمب وخامسة تبيج النفس‬ ‫وأخرى تشعل النار وأخرى و أخرى‪.‬‬ ‫أما برلين فميا من دون المدن أسموب فريد في انتزاع اإلعجاب من قموب‬ ‫األغراب ‪ ،‬ومن أعماق األلباب ال تجارييا فيو غيرىا‪ ...‬ألن برلين ال ترجو وال‬ ‫تتوسل وال تطمب وال تيرب‪ ....‬إنيا (تستحوذ) منك عميك‪ ،‬عمى مكامن الشوق‬ ‫ومنازل العشق ومواطن الولو فتتشبث فييا النفس ببراثن النمر‪ ،‬وعدو الغزال ‪ ،‬وتكاد‬ ‫ال تتركيا إال والذكرى أصبحت مخممية‪.‬‬ ‫عندما طرح ماىر فاخوري رداء الظممة وغطاء الروح حيث االحتبلل‬ ‫الصييوني يدمر ويعطب‪ ،‬وجد في برلين قدسية الغموض وحصان التحدي ومركب‬ ‫العودة ونير المضاء وقيثارة الزمان‪.‬‬ ‫وكانت برلين بين ناظريو طاووس قزح ‪ ،‬وذاك الغموض الفضي الذي يفضي‬ ‫إلى الفعل حافز ماىر وحسن وبشار من ىناك إلى ىنا إلى فمسطين‪ .‬مدد الروح‬ ‫يبسط أشواقو عمى المؤمنين بكنعان في وطنو وحيث أقام أحمد وفي صدور األبناء ‪.‬‬ ‫في برلين ال تنسى ما خمفت وراءك أبدا ‪ ،‬ولكنك تزداد تألقا وتكتسب راحة‬ ‫االستجبلء واكتشاف ما احتجب ‪ ،‬وتنطمق لمفعل دون استئذان ‪ .‬فالمدينة ذات األلوان‬ ‫والطاووس والسماء الفضية ال تحجر وال تمنع بل تبسط وتسمح وتكشف وتبوح ‪،‬‬ ‫وتميم النفس وتميب الرغبة وتمح في التقرب وتدعو إلى االنطبلق ‪ ....‬حيث القدس‬ ‫تسمو والنجوم و خميرة االستمرار ‪.‬‬ ‫في برلين كان الحنين إلى رام اهلل يشتد ‪ ،‬فمقد كانت تنتظر ‪ .‬وفي اإلياب‬ ‫استرجاع لقمب مزروع في تراب الوطن‬

‫‪ ....‬من االستحواذ المفضض والسماء‬

‫الحافية ‪.‬‬ ‫‪59‬‬


‫خميل الزبن صدى الباكين‪.‬‬ ‫في عروق الورق ورائحة الحبر‪،‬‬ ‫كان يظير باسقا كالنخيل‬ ‫من بين دروب الموت والحياة واحتبلل النفس‬ ‫ظير ىاطبل كالسمسبيل‬ ‫في عتبات القير وعمى شرفات الحب‬ ‫كان يصحو ويغفو‪.‬‬ ‫في مسارات متصمة فتح فييا أبوابا‬ ‫وطرق نوافذ وفعل الجميل ‪.‬‬ ‫في أكمام الورد وعمى صدر بتبلت الموتس‬ ‫وحيث الحنين‬ ‫عند اكتمال الفرق وارتداء الحق‬ ‫وانتشار النور واحتمال األلم‬ ‫وحيث ترك الكثيرون تعبيم والتقطو ىو‪...‬‬ ‫كان يبني المستحيل ‪.‬‬ ‫ال دليل وال معجم وال خارطة حمل‪...‬‬ ‫ولكنو توشح القمم وانتصر‬ ‫حيث النور أطل من فوق كتفيو‬ ‫السبابة واإلبيام‬ ‫وبين ّ‬ ‫وتواصل حيث القافمة ّأرقتو‬ ‫ولكنو ركبيا وكان الدليل‪.‬‬ ‫********‬

‫‪60‬‬


‫في تونس حيث التقيتو‬ ‫كان ىاد ار صارخا صائحا كالسديم‬ ‫ال يستقر وال ييدا وال يستكين‬ ‫فبلعتناق (اإلنسان) فك ار ورأيا وحقوقا‪ ...‬ضريبة‬ ‫بمون الدم وطعم الطين‬ ‫وطريقا غير مذلّل ببل رنين‬

‫حمل المصاعب والعواصف والذىب‬

‫حمل الدجى والحرية‬ ‫ورفع اإلنسان قيمة ‪،‬‬ ‫فمم يتياون مع انتياك جماعة أو فرد أو فرقة‬ ‫وجعل من حياتو سجبلّ‬

‫لؤلسرى وسجناء الرأي والمعتقمين‬ ‫في كل آن وحين‪.‬‬

‫خميل الزبن *‬

‫القمب الفسيح وصوت الرعد في عيون الظُّبلم‬

‫خميل الزبن‬ ‫رفيق الفقراء وصدى الباكين وراء القضبان‬ ‫في عالم العروبة واألنين ‪.‬‬ ‫خميل الزبن‬ ‫رجل اإلنسان اإلنسان‬ ‫في كل حين وزمان‬ ‫منا) (منو) ما ُح ِّمل قمبو‬ ‫اقتمعوا ( ّ‬ ‫وعقمو والمسان‬ ‫النمري‬ ‫ولكنو حين ارتقى حيث زميمو ميشيل ّ‬ ‫خمّف ما ال يدركو القتمة‬

‫‪61‬‬


‫النيج والنشرة والصدق‬ ‫وضوء ال يخمد ذو يقين‪.‬‬ ‫* استشيد خميل محمد خميل الزبن في مدينة غزة اغتياال يوم الثبلثاء ‪، 2004/3/2‬‬ ‫وىو مستشار الرئيس لمشؤون اإلعبلمية وحقوق اإلنسان ورئيس تحرير مجمة النشرة‬ ‫المتخصصة في حرية الرأي وحقوق اإلنسان‪ .‬الشييد من مواليد مدينة حيفا في‬ ‫‪1944 /12/21‬‬ ‫التحق بالثورة منذ االنطبلقة وشارك في كافة معارك ومفاصل الثورة ‪ ،‬والتحق بإعبلم‬ ‫حركة فتح منذ ‪، 1968‬‬ ‫وكان سكرتير تحرير نشرة فتح في دمشق عام ‪ ،1971‬ثم نائب مدير وكالة (وفا)‬ ‫فنائب مسؤول اإلعبلم الموحد ثم مدير المكتب الصحفي لمرئيس عام ‪ 1983‬في‬ ‫تونس‪،‬ثم مكمفا بممف حقوق اإلنسان‬

‫وحيث رئس تحرير مجمة النشرة ‪ ،‬وبقي كذلك حيث الدخول لموطن حتى استشياده‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫من صخيب الميل‪.‬‬ ‫من أين يأتي ىذا اليدير ؟‬ ‫في رأسي‪ ،‬في أذني‪ ،‬بين الحنايا‪ ،‬عمى شرفات البصر‬ ‫حقل طنين ال يذوب‪ ،‬أو يرتوي‪ ،‬أو يسير‬ ‫‪......‬‬ ‫مازال يأتي‪ ...‬في صخيب الميل‪ ،‬يرىقني‪ ،‬يبارزني‪ ،‬ويقتمني‬ ‫كصوت الشمس‪ ،‬ومر الواقع‪ ،‬وقنوات االرتداد‬ ‫وأردية الضمير‬ ‫‪.......‬‬ ‫المناص‪ ،‬وال بد‪ ،‬وكان المسير‬ ‫مررت عمى الشواىد‪ ،‬حيث توسد الثرى‬ ‫عمي‪ ...‬منذ زمن طويل ‪،‬‬ ‫وأبي‪ ...‬منذ سنوات قصيرة‬ ‫وأخي‪ ...‬منذ برىة (‪)1‬‬ ‫مسافات خاوية‪ ،‬وقموب مدفونة بالحرير‬ ‫‪.......‬‬ ‫في ىدير الزمان‪ ،‬زرعت ثبلث زىرات‬ ‫ياسمين‪ ،‬وورد‪ ،‬وأقحوان‬ ‫واستنشقت الفجر ‪...‬من رائحة أمي‪،‬‬ ‫عمى عتبات الفضاء‬ ‫‪63‬‬


‫بوابة الصخب‪ ،‬وصفو النمير‬ ‫‪.......‬‬ ‫ارتج فؤادي‪...‬عمى وقع اليدير‬ ‫ومشيت‪...‬حقل السابقين‬ ‫دروب خالية‪،‬‬ ‫وقموب مغمفة بالحرير‬ ‫‪.......‬‬ ‫عيني ياسر (‪)2‬‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫تمممل االنتظار‬ ‫حيث ضمو‪ ،‬وضمني‪ ،‬عشقا وليبا‬ ‫ما بين الساعة واآلتي‬ ‫ىدير يتموه‪ ...‬ىدير كثير‬ ‫‪.......‬‬ ‫في صفو الحنايا‪ ،‬وارتداد الروح‬ ‫حيث الثرى‪ ...‬يحترق شوقا‬ ‫ظير اليدير ممتذا‪ ،‬يجري في عيون البصر‬ ‫دون عبير‬ ‫‪.......‬‬ ‫لعمو يأتي‪ ...‬من صخيب الميل‬ ‫في القبر أو الزنزانة أو فوق السرير‬

‫ىدير النور‪ ،‬وانكسار القمر‪ ،‬وارتفاع العشق‬ ‫دون صوت في حديد النوى‬ ‫‪64‬‬


‫أو صرير‬ ‫‪.......‬‬ ‫في عيد أرواح الموتى‬ ‫واستذكار المطر‪ ،‬واستمطار الذكرى‬ ‫مفر‬ ‫مكر ّ‬ ‫يتقمب الصمت‪ّ ،‬‬ ‫ويمازج انتقال المؤلؤ‪ ،‬وارتفاع النقع‬ ‫يأتي ويذىب‪ ...‬يؤنسنا‪ ،‬يسوطنا‪ ،‬يمسعنا‪ ،‬يبمعنا‬ ‫دون ىوادة‪ ...‬في خضم بحر كبير‪.‬‬

‫‪ )1( ‬استشيدوا جميعا في أزمان متفاوتة‪.‬‬ ‫‪ )2( ‬أخو الكاتب واعتقل في نابمس وحكم بالمؤبدات‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫أعيش كذلك !‬ ‫(‪)1‬‬ ‫جنة ىي ذكراك‬ ‫ونير ىو الشوق ‪...‬لمقياك‬ ‫عيون التفاح تغرد‬ ‫وأغصان التُقى‬ ‫وربيع المبلح‬ ‫وسجدة المنى‬ ‫وارتفاع السموى‬ ‫في انتظار البسمة‬ ‫أو قميل من النظرات‬ ‫في رحيق دنياك‬ ‫أعيش كذلك‬ ‫وألثم‪.‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫في جنة الذكرى‬ ‫نركب خيول الحصيد‬

‫ونر ِجع الزمن أمياال‬ ‫ُ‬ ‫و أياما‬ ‫كانت وكنا فييا‬

‫‪66‬‬


‫نكثر من العبث والشراب‬ ‫ونقمل من التفكر والنظر‬ ‫نكثر من الميو والجوى‬ ‫ونقمل من الجد والنوى‬ ‫نعتصر يومنا كما البرتقالة‬ ‫ونختزن لما ىو اآلن‪....‬ذكرى‬ ‫ألعيش كذلك‪.‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫نركب سحاب العيون‬ ‫ونطوف ببيت الحبيب‬ ‫في سماء الفرقة والبوح‬ ‫وجذور التباعد‬ ‫ومستراح األلم‬ ‫نتمنى ساعة طويمة‬ ‫في يوم لقياك‬ ‫رغم األسى كثير‬ ‫وحزن عقيم‬

‫و ِرّدة لمطّيف‬ ‫وانبعاث لمشوق ‪...‬قاتل مرير‬

‫(‪)4‬‬ ‫جنة ىي ذكراك‬ ‫ونار حقيقة لقياي فيك ‪.‬‬ ‫‪67‬‬


‫في ساحات الحارات البعيدة‬ ‫لعبنا سويا في اتساع الروح‬ ‫وركضنا ال يحدنا حد‬ ‫وتكممنا حتى حسدتنا الجبال‬ ‫وأطمنا الحكايا والنظر والغزل‬ ‫وكان يتبعنا كمب أنيس‬ ‫ويعدو‬ ‫وما ىو ببالغ‬ ‫ما بمغناه ذات يوم‬ ‫من طريق ببل نياية‬ ‫وعشق‬ ‫وولع‬ ‫ودنف *‬

‫(‪)5‬‬ ‫في جنة ذكراك‬ ‫ابتسم ‪...‬وابتئس‬ ‫وأعيش كذلك‬ ‫دونما حاجة لواقع يسندني‬ ‫أو حقيقة توقظني‬ ‫من حمو ما مر وانقضى‬ ‫في م اررة يوم طويل ال ينقضي ‪.‬‬ ‫* المرض الثقيل المبلزم ‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫ىواء الشكل القادم!‬ ‫ارتقوا سطح السفينة‬ ‫ليسوا وحدانا جاءوا وانما مع الريح‬ ‫اكتسب الداخمون لون الضباب‬ ‫وشكل البرتقال‬ ‫فكي محيط‬ ‫فأحدىم جاء من بين ّ‬ ‫واآلخر جاء مكسور الجرة‬ ‫والثالث كان صاحب صحيفة مغتالة‬ ‫والرابع والخامس وكانوا رفاقا‬ ‫ارتقى األخوة سطح السفينة‬ ‫يحممون أفكا ار ويممؤون الوادي عيونا‬ ‫مختمفون ‪ ،‬متغيرون‪ ،‬متمايزون‬ ‫ولكنيم امتشقوا سيف التمرد‬ ‫وصنعوا لموطن اسما ونغما وصييبل‬ ‫ارتقى األخوة سطح السفينة‬ ‫ألقوا بالثعالب في الماء‬ ‫واغتسموا من ذنوب األمس معا‬ ‫وغمسوا من نفس الحديث‬ ‫ّ‬ ‫فكان البيان والتعميم والنشرة مرصد النجوم‬ ‫وكانت فييم الفكرة طيفا ال يفارقيم‬ ‫تجمع األخوة عمى ظير السفينة‬ ‫تكتموا‪ ،‬تفاعموا‪ ،‬تواصموا‪ ،‬تصارعوا‬ ‫ولكنيم رسموا في اليواء شكل القادم‬ ‫‪69‬‬


‫أىازيج بيضاء وفرح واسع‬ ‫وفي عيونيم بحرين وسماء خضراء ودموع‬ ‫وكانت (الفتح) يقين أيدييم والشموع‬ ‫أصبح المرتقون لمسطح جموعا كثيرة ‪ ،‬ورافقتيم أشباح‬ ‫كانوا ألوانا في رداء مزركش واحد‬ ‫وأفكا ار في ذات الصحن‬ ‫وأنغاما في لحن واحد‬ ‫وارتجاجات في دماغ مشترك‬ ‫عسمي‬ ‫وأجسادا في ريق‬ ‫ّ‬ ‫حيث ألقت الديمومة شباكيا فوق أعناقيم‬ ‫وبين الضموع وداخل المحاجر‬ ‫وكونت فييم نفس الصابرين والمؤمنين‬ ‫ّ‬ ‫ومرجل الرباط وأمل الناس‬ ‫سارت فييم سفينة التمرد والثورة سنين طويمة‬ ‫وعبرت فييم عظاما ولحوما ودماء‬ ‫ألقت بيم عمى شطئان ممونة وبين أنواء عصفت‬ ‫وقصفت‬ ‫ونسفت‬ ‫وطالت واستطالت‬ ‫فأحدثت فييم الرزايا فروقا‬ ‫وشروخا وصدوعا‬ ‫ودوت بينيم أصوات وعوت ذئاب في ثوب أشباح‬ ‫المركب كادت ترسو‬ ‫ولكن الركاب أصبحوا ىائمين‬ ‫بعيون الىية وعن غير قصد متين‬ ‫كادوا يضيعون وينسون ويتغيرون‬ ‫‪70‬‬


‫أم ىل ضاعوا؟‬ ‫ألن اليواء قتل فييم حاسة السمع‬ ‫وارتفع الطنين ‪.‬‬

‫اغتصاب بيت !‬ ‫يحقد المغتصبون عمى الفمسطيني إنسانا ‪ ،‬كما يحسدونو روحا حرة منفمتة ‪،‬‬ ‫ويكرىونو شج ار وعنفوانا ِ‬ ‫وظبلَّ ‪ ،‬ويشعمون نار أرضو ويموثون ىواءه ‪ ،‬ويقبرون‬ ‫ذكرياتو في رجوم قراه والبيوت ‪ ،‬فيم ال يطيقونو بش ار أو بيتا أو خيمة بأركان أو‬ ‫حتى عريشة ‪ ،‬فيقصفونو ويدمرونو ويجرفونو وينسفونو ‪ ،‬وما أدركوا أن البيت ىيكل‬ ‫الفمسطيني ومسجده أو كنيستو يحممو في كل قطعة من روحو وجسده حيا كان أو‬ ‫ميتا ‪.‬‬ ‫يغتصب العبريون األرض فيجرمون بحق التاريخ والبيت وبرودة الطين‬ ‫وانتفاض الثرى ولون الشجر وعرق الفبلحين وابتسامة الفراشات وعجين الحوريات و‬ ‫خ ارريف ليالي الصيف والغوليات ‪ ،‬ويفترسون الوديان واألصفر والقبور والعاصور‬ ‫والحب والزنجبيل لتسيل الدماء من أنيار السماء ببل توقف‪.‬‬ ‫يكبمون األيادي بحريق االحتبلل وماء نفوسيم اآلسن ‪ ،‬وأجسادىم اليازلة‬ ‫المسمولة القاتمة ‪ ،‬ويعصبون العيون برماد الجمر وفتات المييب وعصف االسوداد ‪،‬‬ ‫ويطيمون القتل حتى سويداء الروح الفمسطينية الناجزة ‪ ،‬ويجرفون التراب واألرض‬ ‫حتى انبثاق الدم الفمسطيني أية من آيات اهلل الكبرى وآالئو العميا‪.‬‬

‫‪71‬‬


‫في فمسطين يغتصب اإلرىابيون الشجر والبحر والشوارع والبطيخ والتفاح‬

‫و َّ‬ ‫الن ْفس والطين والبيت واألماني وطائرات األطفال الورقية واألحبلم ‪ ،‬ويييمون التراب‬ ‫فوق الخياشيم وعمى عيون السوسن ‪ ،‬فيتحولون إلى خفافيش ‪ ،‬إلى حجارة صماء ‪،‬‬ ‫إلى أوبئة ‪ ،‬إلى ركام‪.‬‬ ‫عندما يطرد المغتصب الناس من جسد الضحية يتشقق الجمد وتمتيب‬ ‫األدمة‪ ،‬تتبمبل السرائر وتتوه اليمسات المحفورة في الجدران ‪ .‬وعندما يندفع‬ ‫المغتصب ليجرد الضحية من الضموع والحنايا واألطراف ‪ ،‬ينزع من جمده العقيم آخر‬ ‫الجبن اليادر وقميص العيون الفاسقة ‪ ،‬وينفمق‬ ‫خمية تنبض باإلنسانية ‪ ،‬ويمبس ثوب ْ‬ ‫قمبو الواجف ‪ ،‬وأيادي الخزي ‪ ،‬ويتحول المغتصب بإرادة منو إلى دود األرض‪.‬‬ ‫وعندما يغمق المغتصب عينيو ويصم اآلذان حين الدوي وتفتت القمب ‪ ،‬ال‬ ‫المنى في الضحية وال النحسار النظرات ودفن الرحابة والعجز والسماحة‬ ‫يأبو النييار ُ‬ ‫والعشق واألنين ‪ ،‬وانفبلت النقمة والثورة والزفير من فوىة بركان الصدمة والفجيعة ‪،‬‬ ‫ال يأبو المغتصب ألنو يتحول إلى لوح صفيح بارد أو جعران نتن ‪ ،‬ويغدو مطرقة‬ ‫حديدية ثقيمة قاسية ىادرة‪.‬‬ ‫وعندما يجرد المغتصب معصم الضحية من ِسوار الود واألمس المذيذ ‪،‬‬ ‫المحشور بين االتجاىات الخمسة و الطنافس والحشايا وفي المتكئات ‪ ،‬وعندما يجرد‬ ‫المغتصب عنق الضحية يتبعثر طوق الذكريات ‪ ،‬ورواسب األيام ورتابة تتالي‬ ‫السنين‪.‬‬ ‫وعندما ييم المجرم بفعمتو يكون قد أشعل فتيل المييب في قمب بيت السبلم‬ ‫من رفح إلى رام اهلل ومن خانيونس إلى نابمس ومن غزة إلى الخميل ومن دير البمح‬

‫الم َّ‬ ‫حيا نرجسية الحزن ‪ :‬بنسف بيتنا‬ ‫إلى جنين ‪ ،‬فتبكي عجوز فمسطينية عربية طمقة ُ‬ ‫الم َرار؟!‪.‬‬ ‫لم نأبو ليم وال لمدمار ‪ ،‬ولكنيم تركوا فينا المقت و َ‬ ‫‪72‬‬


‫يتقدم سبعة من جنود يوشع المضبوعين بخسة المصوص ‪ ،‬و وضاعة قُطَّاع‬

‫الطرق ‪ ،‬ويطوقون البيت من الداخل وفي الخارج بالمتفجرات وباألسبلك ‪ ،‬بالحقد‬

‫الحي فيتفجر ‪ ،‬و يتحول خبلل‬ ‫وبالدماء ‪ ،‬ويضغطون عمى السكين لتقطع الجسد‬ ‫ّ‬ ‫بضع ثوان طويمة إلى ذكريات حريرية شفافة تتطاير ِ‬ ‫فزعة إلى عنان السماء ‪،‬‬ ‫حمى عمى جباه وجنوب‬ ‫ويتحول إلى أحجار كريمة تضيء الجبين الفمسطيني ‪ ،‬وتُ َ‬ ‫وصدور وقموب المغتصبين ‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫اجتياح‬

‫انظـــــم انمزاوغ!‬

‫تجتاحني اليموم مستوحشة‬ ‫قطرة قطرة‬ ‫كالظاىرة‬ ‫األفكار النازفة من شقوق الكيف والماعنديات‬ ‫وترعبني‬ ‫ُ‬ ‫واألصوات الحائرة‬ ‫ويكتوي قمبي بمييب صمت البرايا‬ ‫ورموز الحقيقة‬ ‫وطعنات االحتبلل‬ ‫تعد حمقي حين إغبلق المنابع وقير األوراق‬ ‫وير ُ‬ ‫واعتقال الفكر‬ ‫يتمب ُسني الوجع المشرشر من سبطانة دبابة‬ ‫ّ‬ ‫وم َقمتي الذئب‬ ‫ُ‬ ‫وحديد الرعب‬

‫ويركض العشب النابت في المحم الحي‬ ‫بين الوساوس والجنون‬

‫صباح ٍ‬ ‫فالت ‪ :‬ىل ما زلت حيا؟!‬ ‫فأتساء ُل كل‬ ‫ٍ‬ ‫أتنفس حبك والعذاب ؟!‬ ‫أم تعجمت الرحيل؟!‬

‫ترتدين الماء‬

‫تموحين من بياض القمق‬ ‫في وعي الزنبقة‬ ‫‪74‬‬


‫لي ٌل يقظٌ‬

‫تركبين الفرح وخيول الورد‬ ‫وتكشفين الغد والخضرة‬ ‫وترتدين الماء المطرز بالشجن والعكن‬ ‫وأقفال المغة‬ ‫أسيرة‬ ‫رشفتك ظال‬

‫رشفتك ظبل مراوغا‬

‫وقعدت في شغف خيولك دندشة‬ ‫وشيقت عمى إيقاع ىواك والعواصف‬ ‫توسمتك شيرا‪ ،‬توسمتك قُ ْرطا‪ ،‬توسمتك مط ار‬ ‫وتعبت من إشارات الخيبة وظنون المرايا‬ ‫وتعممق الرماد القادم مع االحتبلل‬ ‫موجات قاحمة‬ ‫احببتك اجتياحا ‪ ،‬احببتك انفتاحا‬ ‫ورفضت فيك الغزو‬ ‫ورقصت في شيب عينيك‬ ‫سعفا شامخا‬ ‫ظال مراوغا‬

‫عمي الدنيا بالريش المقصقص‬ ‫تفيض ّ‬ ‫والخريف‬ ‫سر الوقوف‬ ‫وتقصف في صدري ّ‬ ‫وقمح الحبور‬ ‫وتُردي ما تبقى من ألواحي في وحل الحديد‬ ‫‪75‬‬


‫وتبقين في عظامي‬ ‫ظبل مراوغا‬ ‫يمب ُسني والخضرة‬ ‫َ‬ ‫والظنون ‪.‬‬

‫اننهز انمتدفك رأيع‪.‬‬ ‫أول ما يشدك إليو ابتسامتو الشفافة وعيونو الودودة‪ ....‬وشعره الخفيف‪،‬‬ ‫ووجيو الرائق ‪ ...‬ليجتو المطيفة‬ ‫وقدرتو الفائقة عمى التفيم ‪ ،‬عمى االستماع ‪ ،‬عمى التمثل لما يقال حتى لو‬ ‫كان صعبا صمبا خطي ار‪.‬‬ ‫قد تظن أنو يوافقك الرأي فيما تقول إلغراقو في اإلنصات ‪ ،‬أو قد تظن أنو‬ ‫ال يسمعك لطول صمتو ‪ ،‬ولكنك خائب في الحالتين حيث يفاجئك بقدرتو عمى‬ ‫استرجاع أفكارك لربما أفضل منك‬ ‫ثم يفاجئك أن صمتو من حسن التواصل مع اآلخرين‬ ‫وفي مفاجأتو الثالثة يطرح رأيو المخالف لك ولكنو المؤثر المقنع الواضح‬ ‫حتى ترفع حاجبيك عجبا‪ ،‬وتسند ظيرك إلى الكرسي تعبي ار عن الراحة والتأثر ‪.‬‬ ‫رجل جامع ىو ‪ ،‬في طميعة الركب دوما ‪ ،‬جماىيري إلى درجة قد ال ترى‬ ‫فييا فارقا بينو وبين العامة ‪ ،‬يحادثيم ‪ ،‬يبلطفيم ‪ ،‬ويستمع إلييم فيما يقولون حتى لو‬ ‫زلّوا‪.‬‬

‫‪76‬‬


‫ولكنو رجل المواقف حيث ال يسمح لجماىيريتو أن تكون عمى حساب المبادئ أو‬ ‫القيم أو أصول التعامل الراقي ‪.‬‬

‫صدر ممئ بالربيع ‪ ،‬وعيون توزع مضامين الحديقة ‪ ،‬ولسان عن الفحش‬ ‫مصان ‪ ،‬وأيادي بيضاء في حركة التحرير الوطني الفمسطيني‪ ( -‬فتح) التي عرفتو‬ ‫في سنوات الصييل و العنفوان من فمسطين إلى عمان إلى لبنان عودة لموطن‬ ‫وعرفتو في مراحل التمبد و االضطراب ‪ ،‬فكان في مرحمة االنشقاق طودا‬ ‫شامخا‪ ،‬وسدا مييبا في وجو االنحدار ‪ ،‬وتيا ار جارفا في جسد رجل واحد ‪.‬‬ ‫لقد شكل رجل األقحوان تيا ار مانعا لبلنقسام ‪ ،‬وبابا مفتوحا لروح التوحد‪،‬‬ ‫ورغبة الرتق ‪ ...‬فجاىد كما فعل كثير غيره ‪ ،‬جاىد في حوارات طويمة ولقاءات‬ ‫معقدة وتحركات صعبة عمّو يمنع التبعثر في فكر األخوة‬ ‫ويحيطيم بمظمة من مفاىيم االستيعاب ووسطية التفكير‪ ....‬ما لم يستوعبوه‬

‫فتكتموا واختُِرقوا وساروا في دروب اآلخرين‪.‬‬

‫عندما يكتب يستجمع التاريخ في كممة‪ ....‬ويعتصر األفق في جممة‪....‬‬ ‫ويرسم رؤية ‪ ...‬وينثر باقات حروفو عمى جمل مكينة ‪ ،‬وفقرات متناسقة‬ ‫وعندما يحمل فانو يمس جوانب لم يصميا اآلخرون ‪ ....‬وعندما يحدد يضع‬ ‫ألوانا حول الكثير من النقاط‬ ‫وعندما يستخمص فانو يحوصل ويستجمع المديات ‪ ،‬ويبرم اتفاقا مع النص‬ ‫السياسي أو األدبي أن يصمد كالحريق ‪.‬‬ ‫‪77‬‬


‫ليس بالضرورة أن تتفق معو في كل شيء ‪ ،‬فيو ال يطمب من أحد ذلك ‪،‬‬ ‫انو من مدرسة التعددية ‪ ،‬والصواب الكثيرة ‪....‬‬ ‫نير متدفق كبير ىو ‪ ،‬ومن أعبلم الفكر الحر ‪ ،‬و اإلغداق المستديم ‪ ...‬ال‬ ‫يقبل منك تطابقا أو تماثبل ‪ ،‬ويقبل اتفاقا في الرأي أو اختبلفا‪....‬‬ ‫يحب الحقيقة وال يغفل عنيا ‪ ...‬يفيم الصراع ‪ ،‬وال يتواني من خوضو حين‬ ‫الضرورة ‪ ،‬ولضرورة‪...‬‬ ‫ليس بالضرورة أن تعبر عن تطابق أو تماثل ‪ ،‬ولكن من الضروري أن‬ ‫تحترم االختبلف وتقدر الرأي اآلخر ‪ ،‬وال تخرج عن أصول الحوار وأسس العمل‬ ‫التنظيمي والسياسي واإلداري السميم ‪....‬‬ ‫قد تراه في كثير من المرونة فيو متساىل ‪ ،‬ولكنو حين تيب العواصف‬ ‫وتترنح األشجار الضخمة تراه وقد تحول إلى صقر ال تيزه الرزايا ‪ ،‬وتجد منو‬ ‫صبلبة كنت تظنيا في شخصيتو مؤودة ‪...‬‬ ‫يتحول صق ار ال يقبل المساومة كما ىم أبناء الفتح ‪ ،‬وني ار ال يقبل اليدوء‪....‬‬ ‫ويرفض أنصاف الحمول ‪ ،‬ويرفض الخطيئة ‪ ،‬وتسمع صوتو مدويا في الغرف‬ ‫المغمقة وبين الكوادر ‪ ،‬وحيث كان الختيار‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫أنت كعب حذاء ‪...‬أنت الممك!؟‬ ‫(‪)1‬‬ ‫تخفف من حممك‬ ‫وانطمق‬ ‫فأنت الكبير‬ ‫أنت الممك‬ ‫ميما الدىور تقمبت‬ ‫وميما العصور تبدلت‬ ‫وميما الطيور تمنعت أو زقزقت‬ ‫وميما الحمير سارت أو أحرنت‬ ‫وميما الجماىير أكمت أو جاعت أو تممممت‬ ‫ال ييم إطبلقا‬ ‫أنت الكبير‬ ‫أنت الممك‬ ‫تخفف من أخبلقك‬ ‫واركع أمام عيد ِذلّتك‬ ‫واطمب دوام الديباج‬

‫والحرير‬

‫واستمرار ِخ ّستك‬

‫واطمب الغفران من طاغوت العالم‬

‫ومن عنزتِك‬

‫وال تجزع من انحراف سريرتك‬ ‫وانجرافك وراء عورتك‬ ‫‪79‬‬


‫وشيوتك وأحبلمك المذيذة‬ ‫وانعدام سطوتك‬ ‫أنت المعظّم‬ ‫أنت األج ّل‬

‫أنت البارود‬

‫أنت الممك‬

‫(‪)2‬‬ ‫تخفف من قيمك‬ ‫من كبريائك‬ ‫من عزتك‬ ‫ال ضير في ذلك‬ ‫أنت الممك‬ ‫واسجد لربك الجديد‬ ‫ال إلو لك إال ىو‬ ‫ولمدوالر المعمق في رقبتك‬ ‫وألثم قدميو الشريفتين‬ ‫بشفتيك ومبسمك‬ ‫ال ضير في ذلك‬ ‫فمقد تغيرت لمتو كعبتك‬ ‫ولكن ما زلت أنت أنت‬ ‫أنت الممك‬

‫‪80‬‬


‫(‪)3‬‬ ‫يقولون ‪:‬‬ ‫أنت الكارثة واألىوال‬ ‫والخراب وسوء الحال‬ ‫وأكياس الشعير والزلزال‬ ‫فمم تعش في أحضانك إال قوانين سادتك‬ ‫تدك بيا أحبلم المبلئكة‬ ‫والعيون‬ ‫والبيان‬ ‫والسماء‬ ‫ومفقود عزتك‬ ‫ال بأس في ذلك‬ ‫مخابراتك تتكفل بيم‬ ‫وتركل أقفيتيم‬ ‫وترجم صحفيم‬ ‫وتسمل عيونيم‬ ‫وتيتك عرض أخواتيم‬ ‫وتكسر صدورىم‬ ‫واألقبلم‬ ‫واألرقام‬ ‫وِ‬ ‫الع ّزة مما ال تعرف‬

‫والعنفوان‬

‫وتظل أنت الحقيقة‬ ‫أنت الجبللة‬ ‫أنت السمو‬ ‫‪81‬‬


‫أنت األمير‬ ‫أنت الممك‬ ‫أنت الرئيس‬ ‫أنت الزعيم‬ ‫(‪)4‬‬ ‫لك أن تمشي كالثور اليائج‬ ‫كالزعفران‬ ‫كالزىرة‬ ‫كالصابون‬ ‫ككعب حذاء‬ ‫كالطاووس‬ ‫كالبعرة‬ ‫كالكعك‬ ‫سيان‬ ‫ممك أنت ابن ممك‬ ‫ما لك والوغى والدمار‬ ‫ونجدة المجاىدين واألخيار‬ ‫يكفيك اإلنصات لئلخبار‬ ‫أو لموجز مما دار‬ ‫فميس عندك جيش جرار‬ ‫وال شعب يحب ال ُك ّرار‬

‫تعيش رغد األذالء والدينار‬ ‫تجر ثيابك واإلدبار‬ ‫وقت الحرب والقرار‬ ‫وان بصقوا عميك‬ ‫‪82‬‬


‫بالوا عميك‬ ‫أنت الكبير‬ ‫أنت الطاووس‬ ‫أنت صاحب العظمة‬ ‫أنت الزعيم‬ ‫أنت الممك‬

‫(‪)5‬‬ ‫تخفف من ضغط مثانتك‬ ‫واشرب وال تصحو‬ ‫فممن تصحو ولماذا تصحو يا ممك؟!‬ ‫اشرب و التفتح جفنا واحدا‬ ‫فأن تغفو عن مشاكل القوم‬ ‫فيذا فعمك المعيود ‪ ،‬فعل الممك‬ ‫اشرب حتى الثمالة‬ ‫أمام الدمار‬ ‫والحصار‬ ‫واليزيمة‬ ‫واالحتبلل‬ ‫والعار‬ ‫واستباحة الحدود‬ ‫والحرائر‬ ‫والببلد‬ ‫والعباد‬ ‫والشجر‬ ‫‪83‬‬


‫والجماد‬ ‫والقمر‬ ‫وأمام الدمار‬ ‫وانحبلل الزنار‬ ‫وأفول الربيع‬ ‫وانتحار النيار‬ ‫فما لك إال واحدة ىي ‪ :‬الفرار‬ ‫من وجو أطفال األمة‬ ‫وأحزانيا واالرتباك‬ ‫ال تقمق‬ ‫فما لمقمق ُخمق األمير‬ ‫أو الرئيس‬ ‫أو الممك‬

‫(‪)6‬‬ ‫تخفف من جذورك‬ ‫وان تكن عمى شعبك كارثة‬ ‫حرامي كبير‬ ‫داعر عظيم‬ ‫رئيس في بزة ممك‬ ‫شيخ زنيم‬ ‫آثم مبمل‬ ‫شر مستطير‬ ‫قاتل مأجور‬ ‫خازوق قرير‬ ‫‪84‬‬


‫كمب حقير‬ ‫حمق بعير‬ ‫كمو مغفور لك‬ ‫فأنت الكبير‬ ‫أنت األمير‬ ‫صاحب األمر والنيي في مممكتك‬ ‫في غرفة نومك في سريرك‬ ‫أنت الممك‬

‫(‪)7‬‬ ‫مرغ شاربيك رمز اإلمارة والممك‬ ‫وربما حاجبيك ولحيتك‬ ‫في عطر الفاجرات‬ ‫وكعب الحذاء‬ ‫وعجيزة المدنس‬ ‫وبئر االرتيان‬ ‫لصناع كوفيتك العربية‬ ‫المغتصبة بين الغرب واألمريكان‬ ‫واستجب وال ترتبك‬ ‫إلشارة من أصبع رجل زوجة سيدك‬ ‫ومعبودك‬ ‫فالكثيرون عبيد مثمك وعبيد لسيدك‬ ‫ال تنزعج‬ ‫فأنت فييم اإلصباح‬ ‫واإلشراق‬ ‫‪85‬‬


‫والسبق‬ ‫والرضا‬ ‫والسعادة‬ ‫والثوار ليم الموت والفتك‬ ‫اقتموىم واقتموا ىوشي منو‬ ‫ومانديبل‬ ‫وعرفات‬ ‫وناصر‬ ‫وغيفا ار‬ ‫والعورة في عورتك‬ ‫أنت األمير‬ ‫أنت الكبير‬ ‫أنت الصرير‬ ‫يا صاحب الفخامة‬ ‫يا صاحب الجبللة‬ ‫أنت الممك‬

‫(‪)8‬‬ ‫طمبوا إياك‬ ‫ودفء حضنك راموا‬ ‫واعمم أن الشجعان ناموا‬ ‫والثعالب قاموا‬ ‫والكرام سقموا‬ ‫والمئام داموا‬ ‫والمرابطين أعدموا‬ ‫‪86‬‬


‫والفُّرار حكموا‬ ‫والناس ناموا‬ ‫أو أودعوا السجن‬ ‫في (غوانتينامو)‬ ‫فارقد ثمبل مطمئنا‬ ‫أنت الممك‬ ‫أنت العجالة‬ ‫أنت الوطاء‬ ‫أنت الممك‬

‫(‪) 9‬‬ ‫تخفف من حممك‬ ‫وال تضطرب أو تزعل أو ترتبك‬ ‫ما شأنك واألمة‬ ‫يكفيك ىموم سريرك‬ ‫حكمك‬ ‫و مضغ أحبلمك والعمك‬ ‫فالناس عمى دين مموكيم‬ ‫تخمة‬ ‫وخوفا‬ ‫وانييا ار‬ ‫وفسقا‬ ‫وتنيدا‬ ‫و وضاعة‬ ‫وعي ار‬ ‫‪87‬‬


‫وغزال أرعنا‬ ‫وسيارة فارىة‬ ‫ويوري‬ ‫وعتابا‬ ‫وتنورة عارية‬ ‫وافتتان‬ ‫ونسوان‬ ‫ووقوع في اليوى والشبك‬ ‫شعب الرئيس‪ ،‬مثل الرئيس‬ ‫شعب الممك‪ ،‬مثل الممك‬ ‫أنت الرئيس‬ ‫أنت الممك‬

‫(‪)10‬‬ ‫تخفف من أحمالك‬ ‫من ثيابك‬ ‫من (كيموتك)‬ ‫وأىنأ بحريتك‬ ‫ميما العيون حممقت‬ ‫وميما القامات جندلت‬ ‫وميما األنفس كتمت‬ ‫وميما المشانق عمقت‬ ‫وميما القرابين قدمت‬ ‫ميما الفجاج أغمقت‬ ‫ميما الببلد دمرت‬ ‫‪88‬‬


‫ميما الثروات نيبت‬ ‫ميما البيارق مزقت‬ ‫فإنك عيد وامارة‬ ‫وربما عقب سيجارة‬ ‫من يوم مولدك السامي الى أبدك الدامي‬ ‫أنت كعب حذاء وبكارة‬ ‫أنت األمير‬ ‫أنت االمام‬ ‫أنت الرئيس‬ ‫أنت الحرير‬ ‫أنت الخرير‬ ‫أنت المصير‬ ‫أنت الصرير‬ ‫أنت الممك ‪.‬‬

‫* رام اهلل‪ -‬فمسطين ‪ ،‬كتبت في ظل احتباس األرواح ودفن القومية في نجس‬ ‫االرتيان والخذالن لرمز األمة والثوار والصمود الشريد الطريد الشييد ياسر عرفات‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫بركة اإلمام أدام اهلل ظمو!‬ ‫مه عالم يسبّخ بذمذ طاغُث عزبي ال يىظز في َجً رعاياي َال دخّ َسرائً إال‬ ‫عبز شاشت حذجبٍم عىً ‪ ،‬ألوً يزِ بىفسً الخلُد َالسيادة َالعلياء ‪َ ،‬دخّ بعذ قبزي‬ ‫لم يسخطع عبيذي الخذزر… إال أن أدذٌم اخخزق جذار الصمج َأرسل لىا ٌذي‬ ‫المخطُطت مزسُمت علّ جسذي جثت وقلج عبز الذذَد ‪.‬‬ ‫أعواما طواال انتظرنا‬ ‫نحن وآباؤنا وأجدادنا األوائل‬ ‫لنظفر معا‪ -‬ولم ال ‪ -‬ببركة اإلمام ونيل الرضا‬ ‫وفسحة الدخول لمجمس ولي النعمة والقضا‬ ‫ألقيت عميكم السبلم يا سيدي‬ ‫إذ حظيت بفرصة رؤياكم‬ ‫فثار غضبك العرمرم وبدا لنا ظيرك العريض‬ ‫وعباءتك السوداء الطويمة والسر الشريد‬ ‫ولم تجب!‬ ‫أدركت أنكم تغتسمون في عالم آخر … الميم آمين‬ ‫ٍ‬ ‫الح ُجب‬ ‫وتتصمون مع ذات زالت لكم عنيا ُ‬ ‫أو ىكذا قال لنا الحاجب …الميم آمين‬ ‫عدت القيقرى ناكصا مدحو ار ذميما‬ ‫حدثتني نفسي‪ -‬والنفس في ىوى اإلمام متيمة‪ -‬بالعودة‬ ‫فعدنا‪ -‬إذ لم أكن وحدي في صحبة اآلباء واألجداد‬ ‫وأنعم عمينا حاجبكم بكرمو …فدخمنا معا مممومين‬ ‫مطأطئي الرؤوس بذلة خانعين‬ ‫وطرحنا عميكم السبلم في ثانيتين‬ ‫‪90‬‬


‫قطبتم يا موالنا المعظم الحاجبين‬ ‫والخدين وزممتم الشفتين‬ ‫ىممت والصحبة المنتظرة منذ قرون‬ ‫ىممنا لمحاجبين الشريفين لواء لمنصر المؤزر معقودين‬ ‫الى مجمس اإلمام األكرم والحق المبين‬ ‫عدنا وقد أصبحنا كثرة والنفس الى ىواكم في حنين‬ ‫التبع طبلب النعيم‬ ‫ألقينا عميكم سبلم ّ‬ ‫بصق اإلمام الجميل في وجوه كبار القوم‬ ‫عفوا أراذل القوم عند رمل قدميك الحميم‬ ‫وتناثر الماء النفيس عمى الوجوه والثياب والعمامات‬ ‫عمى القمصان وربطات العنق و البدالت‬ ‫فرحنا … ويا ليتك تدرك عمق فرحنا العميم‬ ‫فنحن وزراؤك مستشاروك أركان دولتك‬ ‫نحن رباط حذائك وثقب بنطالك العقيم‬ ‫نحن خدمك المخمصين يا معممنا من عيد آدم الى يوم الدين‬ ‫قد بوركنا منكم منذ حين‬ ‫مسحنا الجباه بالبصاق المقدس وتمتمنا شاكرين‬ ‫ورجعنا الى الخمف نوزع عشرات البسمات‬ ‫ونقول في حكمتك وحنكتك وعظمتك وعميائك‬ ‫أبيات الشعر ومئات األىازيج في يقين‬ ‫إن موالنا المظفر نظر إلينا ‪ ،‬كمّمنا ‪ ،‬انفرجت شفتيو لرؤيانا‬

‫وكرسنا خدما خمّصا …دائمين‬ ‫ّ‬ ‫إن موالنا المجتبى قد باركنا أدام اهلل ظمو …ألميم آمين‬ ‫وألن العود فينا طبع وتأسي من عيد مضى‬ ‫عيد اآلباء والجدود والركع السجود وعند عتبة األمير‬ ‫عدنا وسممنا عميكم باإلمامة والرياسة والجاه والحرير‬ ‫‪91‬‬


‫سممنا عميكم بالسمطان والحظ الجدير‬ ‫وكان ابنكم ولي عيدكم يبول عمى كرسي الخبلفة‬ ‫ضحكتم حتى بانت شمس ساطعة وربيع زاىر‬ ‫وانشرحت أسارير وجيكم القمطرير‬ ‫وعيون رأسكم الموزون الثقيل‬ ‫وأسنان ثغركم العاجي األصيل‬ ‫قيقيتم طويبل ومن فرط عجبكم شتمتم وجوه القوم‬ ‫شتمتم خدمكم المخمصين …نحن‬ ‫فأنزلنا البيانات والمقاالت وحبرنا الصفحات‬ ‫وحدثنا العامة عن الخبر الخزين ‪..‬وما ىو آت‬ ‫أنو أطال اهلل عمره قد أسبغ عمينا من حكمتو‬ ‫ومن عممو ما ال تدركو البصائر وال تحسو الحرائر‬ ‫السوي‬ ‫وأنو قدس اهلل سره قربنا الى جواره ّ‬

‫وقدم لنا من خيرات ولي عيده ما لم نحمم بو‬ ‫وما فاض فينا عن الحاجة‬ ‫أدام اهلل عزكم يا موالنا الجمّي‬

‫وأبقى اهلل لنا ذلنا وطاطأة الرؤوس‬ ‫العمي‪.‬‬ ‫في مجمسكم األبدي المبارك‬ ‫ّ‬

‫‪92‬‬


‫تحية إلى جفون الوطن‬ ‫وصمنا عزيز خطابكم ونقول ‪:‬‬ ‫تحية طيبة‬ ‫تحية فمسطين‬ ‫تحية أىازيج الميل وحنون الوطن‬ ‫تحية الرفض المدوي في سماء القرار‬ ‫والتخندق في وجو الغول واإلعصار‬ ‫تحية أعناق الحمام المزركش والعندليب‬ ‫في بمد المزن والرحيق‬ ‫تحية الصبايا المطبلت من شق القمر‬ ‫من فمسطين‬ ‫تحية الحائمات دون توقف‬ ‫في سماء القطوف‬ ‫والذىب‬ ‫تحية الثوار المتحصنين أمام الحريق‬ ‫وخمف المدفع‬ ‫وتحت الضباب‬ ‫وفي صدر الزمن‬ ‫تحية الزمن المشدود‬ ‫في قبضة محمد‬ ‫تحية المقبمين‬ ‫وخيل ال ُك ّرار‬

‫تحية الساىرين عمى وجع الفراق‬

‫ودمع الشييد وغصة األسير‬ ‫‪93‬‬


‫تحية النغمات الذىبية‬ ‫في الصدور والجنبات‬ ‫تحية الوجع الصارخ‬ ‫والعيون الزجاجية‬ ‫تحية مروج الوطن وماء بحر غزة‬ ‫تحية األرجوان وجنين القيامة‬ ‫تحية الواقفين منذ بدء الزمن‬ ‫والى آخر الزمن‬ ‫في وجو الظبلل والحزن‬ ‫في وجو المارد والنازيين‬ ‫واالنين‬ ‫تحية الجبال الصامدين‬ ‫واميات الواقفين‬ ‫تحية الفتح اآلتي ال محالة مسفر‬ ‫كالصبح مبين‬ ‫تحية الجؤذر الثاوي عمى عرق تين‬ ‫تحية األسود المكتوية‬ ‫بنار المساحات المتراجعة‬ ‫تحية الصابرات عمى دم الكرم‬ ‫واإلغماضة األخيرة‬ ‫تحية األسى المعمق في أرواح الزيتون‬ ‫وتحية العشب النابت في فكر الطفولة‬ ‫والرجولة وتيو األيام والكيولة‬

‫‪94‬‬


‫زيتا مقدسا وضحكات وبسمات‬ ‫وخطوات قمحية‬ ‫تحية نبع العقيق‬ ‫والشجر المحمق‬ ‫والجوى‬ ‫تحية المرابطين‬ ‫في أبد النضال وعناد الكفاح‬ ‫ونجوم النصر‬ ‫إليكم‬ ‫يا أىمنا في البعيد‬ ‫في القريب‬ ‫في القمب‬ ‫في المقل والخبليا وحين النشيج‬ ‫تحية من فمسطين‬ ‫ألى جفون الوطن‬ ‫إليكم‬

‫‪95‬‬


‫حاكم المردة‪.‬‬ ‫إلى الطفل الفمسطيني الذي استشيد عمى أحد الحواجز اإلرىابية قبل أن يولد ** ‪.‬‬ ‫‪------------------------------------------------‬‬‫التقط روحك البيضاء المحمقة‪،‬‬ ‫واقطع أنفاسيم واليدير ‪،‬‬ ‫وارفض غضب الميالي ونفير المدحورين‬ ‫وعسجد القمر ‪.‬‬ ‫التقط حجرك الفضي وصرير البنادق‪...‬‬ ‫وارفض شبح البرابرة ورماد العيون ‪.‬‬ ‫التقط مأساتك ‪ ،‬ممياتك ‪ ،‬شجاعتك ‪ ،‬قمبك الصغير ‪...‬‬ ‫وحاكميم ‪.‬‬ ‫فالمردة خائفون ‪.‬‬ ‫كاد يسير شرقا واقفا ‪،‬‬ ‫ىما واقفا ‪،‬‬ ‫ويقعد ّ‬ ‫وينام سعادة واقفا ‪.‬‬ ‫كان يمتص غذاءه طي ار حالما ‪،‬‬ ‫ويتيادى كالحد ‪ ،‬كالجرف ‪ ،‬كالمنعطف ‪ ،‬كموح زجاج ممون ‪...‬‬ ‫عشقا وانغماسا في بئر الرضى ‪،‬‬ ‫وعقيق العيون والتراب ‪.‬‬

‫ت ِ‬ ‫فرحا عمى كتف أجداده في القرن الماضي‬ ‫يربِ ُ‬ ‫وأوالده وأحفاده في القرن القادم ‪...‬‬ ‫‪96‬‬


‫ويسقي شعير القمب النابت بالدم والدمع‬ ‫وعصير الرزايا ‪.‬‬ ‫حاكم المردة المتجردين‬ ‫وال تسامحيم ‪...‬‬ ‫واضرب بعصاك قمب نابمس‬ ‫ينبعث منو اثني عشر نو ار ‪ ،‬وحقيقة‪،‬‬ ‫وكفاية ‪.‬‬ ‫التقط حجرك الفضي وامتداد النصل ‪،‬‬ ‫وألقميم رجع الريح وانذار الوريد ‪،‬‬ ‫وورق الورد ‪.‬‬ ‫وارجم بقمبك حديدىم‬ ‫وصديدىم‬ ‫واقطع حبمك السري وىاجم ‪...‬‬ ‫أكاذيبيم والغرق ‪،‬‬ ‫وخياالتيم الياربة من غزة وحمحول ورفح وجنين‪.‬‬ ‫التقط آخر أنفاسك جممة واحدة ‪...‬‬ ‫وانفث حممك ‪،‬‬ ‫براكينك ‪،‬‬ ‫لظاك ‪،‬‬ ‫في احتقان المردة وخوابييم‪،‬‬ ‫وأىنأ وأمك ‪.‬‬ ‫فالمردة منك مرعوبون ‪.‬‬

‫‪97‬‬


‫حيث ال ىمس وال وجوه!‬ ‫إلى البعٌد ‪ ،‬نعم هناك ‪ ،‬حٌث تعرف‪ ...‬حٌث تعاهدنا ذات مرة ‪.‬‬ ‫ىناك‪ ...‬حيث الوجوم القاطع ‪ ،‬والفضاء الساطع‪ ...‬خذني ‪ ،‬وال تتردد ‪.‬‬ ‫فالمجام الفضي عمى فمي قد ُش ّد ‪ ،‬والفراش قد طوي ‪ ،‬والقافمة في انتظار ‪.‬‬ ‫ال تتردد‪ ...‬دعني اكسر قيثارتي ‪ ،‬واقتمع معي أحجار عرشي ‪،‬‬ ‫ومزق أوراق أمسي ‪ ،‬وقدني إلى حيث أتمدد في لحدي‪.‬‬ ‫قدني فيك حتفا‪ ،‬ولعنة ‪ ،‬وىاوية ‪.‬‬ ‫خذني واحدا ‪ ،‬اثنين ‪ ،‬قطعا‪ِ ،‬م َزقاً ‪ ،‬كتمة واحدة ‪ ،‬أو كتبل وسوائل ‪.‬‬

‫ىل ىناك فرق؟!‬

‫خذني حبوا ‪ ،‬أو جريا أو طيرانا ‪.‬‬ ‫خذني بمطف أو بفظاظة ‪ ...‬أبدا ‪ ،‬الفرق ‪.‬‬ ‫اقتمعني من جذور النفزة والسياد والحمحمة والريش‬ ‫اقتمعني من وادي الحظوة والكائن إلى الحسرات و الشفير ‪.‬‬ ‫خذني إلى حيث ال كبلم وال ىبوب وال ألوان وال ىمس وال وجوه وال نظام ‪.‬‬ ‫خذني إلى حيث الفوضى كحبل في عينيك ‪ ،‬والكوكب يرقص دون انتظام ‪.‬‬ ‫خذني إلى حيث البلشيء يعسكر ‪ ،‬والجنون يسود ‪ ،‬والكون يغمض الجفن‬ ‫واتركني‪ ...‬أجمع فيك غيوم الشفاه ببل كممات أو خصام أو أسى ‪.‬‬ ‫بصمت يعتصرني ‪ ،‬يبيرني ‪ ،‬يصفعني ‪ ،‬يذبحني‪.‬‬ ‫دعني والماكان وانتقل بي عمى جناح الرغبة ‪ ،‬وحظوة المظى حيث األعناق ممقاة ببل‬ ‫أحداق ببل أجفان ببل قسمات وال ألحاظ ‪.‬‬ ‫وحيث النجوم مأزومة مربوكة تصمي دون حركة ‪ ،‬في صمت صاخب مطير خال‬ ‫من الرفعة واألنا واالىتياج والبريق ‪.‬‬ ‫‪98‬‬


‫خذني مقيدا مصفدا مسرببل ‪ ،‬إلى عين الزوال ونوم المتيجد وراحة اليدين الخشنتين‪،‬‬ ‫وامتزاج القناة بترياق السنا‪.‬‬ ‫خذني ‪ ،‬إلى البعيد ‪ ..‬ىل تذكر ؟ حيث تنيدنا ‪ ،‬تعاىدنا ‪ ،‬تواصمنا ذات قبمة ‪.‬‬ ‫إلى حيث ال كبلم وال ىبوب ‪ ،‬وال ألوان وال ىمس وال وجوه وال نظام ‪.‬‬ ‫اعتصرني وال تبقي من دمي قطرة حياة واحدة‬ ‫وال رجفة صدر أو رعشة جوانح أو حمم ‪.‬‬ ‫اعتصرني و ال تتركني إال ىامدا خامدا ببل ذكريات ‪ ...‬اتركني ال شي ‪.‬‬ ‫بين حناياك ثناياك رغباتك ‪ ،‬شفتاك ‪ ،‬انفراج ثغرك ‪.‬‬ ‫وأىمكني ‪ ،‬ثم اقذفني بقوة ‪ ،‬بقسوة ببل رحمة‪ ...‬ببل روح ‪ ،‬في البعيد ‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫امعر اننمز انذذبي !‬ ‫عرق األرض‬ ‫وأنبوبة الشفق‬ ‫أخو الشمس‬ ‫وانتصار النور‬ ‫عمار‬ ‫ارتفاع الغيوم‬ ‫وانتزاع القمب من رقيد الدنف‬ ‫عمار‬ ‫راح مرتحبل‬ ‫دون مطر‬ ‫أو قبمة‬ ‫دون يد تموح‬ ‫أو دمعة‬ ‫راح مرتسما عمى شفاه الوجد‬ ‫وغاب دون وجع في لظى الحبيب‬ ‫وتدثر بتراب الحقيقة وخبب النوح‬ ‫كان يمشي مرتينا حضيض الوغى‬ ‫كان يرقد في نار الندى‬ ‫ويؤجج في المدى رحيق األنبياء‬ ‫يتمطى كالنمر‬ ‫ويتقافز كالنمر‬ ‫ينظر كالنمر‬ ‫ويعدو كالنمر‬ ‫‪100‬‬


‫عمار‬ ‫فرح الثريا ونذير الوداد‬ ‫في داره صورة التقوى وعبير النجدة‬ ‫في عقمو خباء اإلخبلص ومرار اليوم‬ ‫بين عطفيو إنكسار القمق‬ ‫وسمو الصقور‬ ‫بين يدي عمار جمست أمة‬ ‫وبين أصابع عمار انزاحت غمة‬ ‫وبين عينيو تبصر صدى النفير‬ ‫ووشم االنتصار‬ ‫قد يكون أحب من البرايا‬ ‫أباه‬ ‫امو‬ ‫أخاه‬ ‫زوجو‬ ‫أبنو‬ ‫ولكنو أسقط أنين القمب‬ ‫وكره المادونيات‬ ‫والزخرف‬ ‫واأللم‬ ‫والدمقس‬ ‫وما غير الحصير‬ ‫وطار في ربيع الرخام‬ ‫وطمّق برج النجوى‬

‫وأسرج ظير السديم‬

‫وعاش‬ ‫‪101‬‬


‫ُخر‬ ‫في حيوات أ َ‬

‫ونجم آخر‬

‫أين ركب جناح الطير‬ ‫ورفرف فوق سماء الروح‬ ‫و في عين اليفوف‬ ‫وقع في سويداء النحر‬ ‫وحنين الماسيكون‬ ‫نمر ذىبي من نمور جنين‬ ‫صعد‬ ‫وارتقى درجات‪.‬‬ ‫*عمار أبوبكر اخو الكاتب الذي استشيد في مقاومة االحتبلل في ربوع جنين‪.‬‬

‫‪102‬‬


‫ىناك حيث اليقين !‬ ‫ىناك حيث االنحناء طبع مقدس ‪،‬‬ ‫والركوع عمم والسجود ىوى‪.‬‬ ‫تمم ُس مواضع األيادي‬ ‫ىناك حيث ُّ‬ ‫واألقدام والجباه سُّنة‪.‬‬ ‫تتبع أثر القُبمة والكممة‬ ‫وحيث ّ‬ ‫واليمسة واألنفاس‪،‬‬ ‫طقس ال يحترق‪.‬‬ ‫ىناك اتركوني لعمي ارتحل ‪.‬‬ ‫عمى ببلغة النخيل ‪،‬‬ ‫ىناك حيث اكتشف ّ‬ ‫وامتمك أبوالطيب فضاء ال َكمِم ‪،‬‬ ‫ولبسا ثوب الحكمة‪.‬‬ ‫ىناك حيث تقاسمت األقوام انبثاق الندى‬ ‫وعظمة الرافدين‬ ‫واكتشفت سحر بابل‪.‬‬ ‫ىناك حيث ارتحمت الحضارات‬ ‫ال تخشى الردى‪،‬‬ ‫وانعقدت فييا لممشاىد‬ ‫والبقاع والعشق الجميل‬ ‫رايات دون العدا ‪.‬‬ ‫اذىبوا وتعمموا واتركوني‪.‬‬ ‫ىناك حيث االنحناء في اآلشوريين طبع رفيع‬ ‫والركوع عالم قائم والسجود ببل كمل‪.‬‬ ‫‪103‬‬


‫ىناك حيث ينحنون لمنخيل‬ ‫ويقبمّون التقوى ‪،‬‬

‫ويرصدون االشتعال ‪،‬‬ ‫ويكتبون عمى وجو الماء وسطح الجريد‬ ‫أسطورة السومريين ‪.‬‬ ‫انطمقوا عمكم تصيبون منيم شيئا !‬ ‫في العراق يركعون لؤلغصان‬ ‫وكممات الربيع وانبيار المون‬ ‫ويخضبون الذكرى بالطين المعتق بدم أىل المذبحة‬ ‫ّ‬ ‫في العراق يرتشفون من بئر كرامة األولياء‬ ‫ولطائف األئمة والمجتيدين‪.‬‬ ‫ويغتسمون حيث جدائل الشمس تسبح في متن العبور‬ ‫ىناك حيث كتب سعد والرشيد والزبير والمثنى‬ ‫فصول انتصاراتيم ‪.‬‬ ‫وحيث انبرى الحسين وأبوحنيفة والكاظم‬ ‫لمدفاع عن حقيم المبين ‪.‬‬ ‫وحيث القافمة تحمل عط ار وحري ار وكتابا وبريقا‬ ‫ولياثا في ركاب العباسيين ‪.‬‬ ‫ىناك حيث التصوف نِحمَة‬ ‫والحب ديانة‬

‫وامتشاق بغداد صبلة‬ ‫والبكاء طائفة‬ ‫والتصالح مع اهلل عنوان ‪.‬‬ ‫أتركوني أنحني وأركع‪،‬‬ ‫وأسجد مميا صبحا وعشيا ‪،‬‬ ‫عمني أشبع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪104‬‬


‫ىناك في عراق اليدير وصميل القصائد‬ ‫وتقوى باسق النخيل ‪.‬‬ ‫دعوني أذوب ‪ ،‬أشيق ‪ ،‬أغرق ‪،‬‬ ‫لعمي أتوب ‪ ،‬لعمي الييم أعود ‪.‬‬ ‫ىناك حيث االنحناء صبلة والركوع دموع‬ ‫والسجود حج مبرور ‪.‬‬ ‫دعوني واياكم نتنفس حبر دجمة‬ ‫وصفاء الموصل وغبار كرببلء‬ ‫ورطوبة البصرة ولزوجة التاريخ‬ ‫ىناك حيث المجون والنساء والنبيذ‬ ‫غير بعيد عن صرخات اإلمام‬ ‫ولطمات المتشيعين ‪.‬‬ ‫دعوني أعبث في السقف والعويل‬ ‫في دار بابل حيث الوغى يتراقص‬ ‫بين النخيل في الحمة والناصرية‬ ‫وفي نجف أمير المؤمنين ‪.‬‬ ‫ىناك حيث االنحناء رقص والركوع فعل قديم‬ ‫والسجود جود ببل حدود‬ ‫دعوني أغسل أقدام الحجر‬ ‫المقيم عندكم من فمسطين‬ ‫وأقبل المراقد واألضرحة والسنين‬ ‫وأعبر الكون وشاىق السحاب‬ ‫ألُدفن في الكوفة و بيداء العرب‬ ‫وليل المميوفين‬ ‫من أجل لحظات النشوة‬ ‫والمذة و اليقين ‪.‬‬ ‫‪105‬‬


‫اليند حيث تتصالح األشياء والكائنات‬ ‫في اليند حيث التجاور فعل مضارع‪ ،‬تضع الحرب أوزارىا‪ ،‬وتعقد االتفاقيات‪،‬‬ ‫وتتصالح األشياء‪ .‬تكاد تنصرف عن نفسك ىناك‪ ،‬حيث األشياء تضع رؤوسيا عمى‬ ‫مخدة واحدة في جوار محمول عمى الزىر‪.‬‬ ‫لون السماء ينقمب في األنفس والروائح ومتن األشياء‪ ،‬فعندما تنظر إلى األزرق‬ ‫يكاد يخيل لك أن الشجر والبحر والبشر والبقر والتوابل والعصافير والناس كميم زرق‬ ‫الوجوه! ينعكس انتعاش الغيم وفرط النعيم وطعم الموج في بطن السماء‪ ،‬فبل تكاد‬ ‫تفمت من يديك حزمة ضوء‪.‬‬

‫اخضرار األرض الريانة يمقي بخصره عمى ولع الطبيعة في النماء الخالد‪ٌّ .‬‬ ‫كل‬ ‫أخضر في ذاتو وحين يطل عمى اآلخرين يجمب لك وليم ولبلتفاقيات واألشياء‬ ‫المتصالحة نسائم السكينة‪ ،‬وكثي ار من الحظوة‪ ،‬مع ما ال يدرك من‬ ‫االختبلف‪...‬تمحظو وقد ال تراه ولكنو في خطو وئيد نحو التماثل‪.‬‬

‫تتجاور األشياء المختمفة وتتصالح حيث الحجر في مستقر‪ ،‬والشجر في تسبيح‬ ‫والوادي يخبر الجبل قصة من كتاب (ألف ليمة وليمة) حيث قدم التاجر العربي ليطأ‬ ‫دليي ينشد الحرير‪ ،‬فارتفع إلى السحاب ومازال أىمو وأىل دليي ينتظرونو‪.،‬قال‬ ‫الراوي‪ :‬كان قد ألقى بأحمالو بين دعوات الصخور وتيجد النير وارتواء‬ ‫النغم‪...‬فارتفع مع أول سحابة حين ىبوب الريح‪.‬‬ ‫‪106‬‬


‫في اليند تبكر الكائنات لمحاق بثوب األمل‪ ،‬ولترسم عمى اصبع القدر كممات‬ ‫صغيرة‪ ،‬و مربعات صغيرة وظبلل حمراء كثيرة بقمم كثيف المون‪.‬‬

‫وفييا ينتشي النحيب فينسى قسمات األسى‪ ،‬يتأرجح مع تثنيات األغصان‪،‬‬ ‫يرقص في حضرة المرمر‪...‬يقدم فروض الوالء والطاعة‪.‬‬

‫بمد الكل‪ ،‬وكل شيء‪ ،‬بمد الواحد والوحدان‪ ،‬حيث الكثير في واحد‪ ،‬والوحدان‬ ‫في قمرة المعتقدات واألفكار واألنيار والمغات والميجات واأللوان والمكان وماوراء‬ ‫المكان والعينان والكروان كثير‪....‬تتبرع الكائنات دون وجل منك لترسم لك خطة‬ ‫الوصول لعتبة العشق‪ ،‬وتعممك أصول ّأنات الوجد وصرخات الصوفية حين الوصول‬ ‫إلى الحقيقة‪ ....‬في اليند صرخت كما صرخ سبلطين المغول المسممين قبمي‪:‬‬ ‫وجدتيا وجدتيا‪.‬‬

‫بمد النفير العام والمؤلؤ والزفير‪ ،‬بمد التصالح في الذات والجوىر‪ ،‬في المعنى‬ ‫والمظير‪ ،‬بمد التصالح بين االتجاىات والرمال والجمال والمتناقضات المتآلفات تدور‬ ‫في أفبلك متجاورة متقاطعة متجاذبة متنافرة متقافزة متشابكة متفرقة‪....‬وىل في غير‬ ‫اليند يكون ذلك؟‬

‫ال حرب‪ ،‬وال جدال‪ ،‬ال نزاع وال قتال‪....‬ىناك تتصالح الكائنات مع األشياء‬ ‫فبل ترى فرقا في اختبلف األلوان‪ ،‬وال ترى عجبا حين تتجاور أنت مع بوذا وشجر‬ ‫‪107‬‬


‫الميمون والبقر المقدس والجوز والببغاء في طريق حيدرأباد‪ ،‬والسمطانة راضية وأبو‬ ‫األعمى المودودي وغاندي وبابا حاجي والمبلريا‪ ،‬والنير المتوسد والنمر المفجوع‬ ‫بتقدم األغراب وأفيال المحبة وأعياد اليندوس والفطر والميبلد والغدير وعندما وصل‬ ‫الحكيم إلى (النرفانا)‪.‬‬

‫تتحاور السناجب عمى مسمع منك‪ ،‬عمى أغصان الشجر المجاور لبيتك‪ ،‬وفي‬ ‫أشجار الحديقة حيث يتنادون ويتناجون ‪ ،‬يتبلومون‪ ،‬يتوددون‪ ،‬يديرون ظيورىم‬ ‫ويتوارون‪ ...‬ثم ال تمبث أن تعود منيم إليك لغة الفعل المباح في دنيا الحقيقة‬ ‫واألرواح والخياالت و(الغورو) من أشوكا وكريشنا إلى راما وغنيش الفيل وصوال إلى‬ ‫أوشو المسجى في مدينة بونا‪.‬‬

‫تظير األلوان باجتياد ‪ ،‬تتوزع بينك واألشياء وبين أصحاب المذاىب‬ ‫والعبادات فبل تترك مساحة ببل لون أثير أو حضن وثير‪....‬تتمدد األبقار بين المنازل‬ ‫وفي الساحات‪ ،‬تمعب‪ ،‬تتثاءب‪ ،‬وتعبث‪...‬تأكل‪ ،‬تتكيء إلى ما شاءت وأينما شاءت‪،‬‬ ‫وعندما تقرر تقوم‪...‬تتمشى بكل أناقة‪ ،‬وبرزانة الواثق والمحبوب‪...‬ىبل نظرت قميبل‬ ‫إلى ميمنة صالون األبقار لتكتشف جماعات من الكبلب تتحادث بصمت‪ ،‬تتيامس‪،‬‬ ‫وتمقي عميك التحية‪.‬‬

‫في اليند تغمز األنوار واألقمار واألسماك واألردية بعينيا‪ ،‬وتركمك الحقيقة‬ ‫والضباب والتصالح بين القافمة والقمعة‪ ،‬بين الفبلة والمرج‪ ،‬وحيث التسبيح فعل الزم‪،‬‬ ‫في األشياء والكائنات‪...‬وليس فيك وحدك‪ .‬وحيث التسامي والتأمل والقفز بين جبال‬ ‫الروح وفضاءات النفس وغدران القمب رياضة يتقنيا ما ال يتحرك والمتحرك‪ ،‬العاقل‬ ‫والفطري‪.‬‬ ‫‪108‬‬


‫ال تكف وأنت في مقام تجاور الحضارات أن تبغض الحروب وتبكر وترسم‬ ‫وتناجي اهلل‪ ،‬تدعو وتراقب روحك المنقبضة وىي تتمدد وتنبسط وتسمو‪ ،‬وتتصالح‬ ‫فيك ومعك ومعيم‪....‬وترقى فيك من نافذة األريج إلى فك رباط األنا واالندفاع من‬ ‫مذود الرقاب‪ .‬ىرولة نحو االندغام في لغة األشياء والظبلل‪.‬‬

‫في اليند تتجانس المختمفات‪ ،‬وتتآلف المتفرقات‪ ،‬وتشبع األنظار من كممات‬ ‫القطرات الحانية‪ ،‬تتقابل الذاريات وتتنحنح النجوم ‪ ،‬فالغمام يستعد لمخطبة‪ ....‬الكل‬ ‫صامت يترقب اإلشراق بخشوع‪ ،‬وبعد الكبلم تضج القاعة بالتصفيق‪...‬وتستعيد‬ ‫الطبيعة التصالح والسكون‪.‬‬

‫‪109‬‬


‫صديق!‬ ‫صديق‬

‫كتف وقت الصعاب باألحمال ال ينوء‬ ‫وجبل حين الشدائد ثابت ال يمور‬ ‫وسقف يحمل الخمود بكفيو وال يجور‬ ‫يغرف من عين الياسمين إصباحات كثيرة‬ ‫ويعزف نغم الثوار في صبر الثرى‬

‫صديق‬ ‫حاجة الروح المتعبة لقميل من الفرحة‬ ‫ومنية الشقي لقميل من البوح الحزين‬ ‫ومبلىي الطفولة حين ارتداد الفؤاد‬ ‫يغرفني بعينيو ومجالو وحقل قمبو وتردد أزمانو‬ ‫ببل معين‬ ‫صديق‬ ‫عظة األيام ودرس األمس ومسار الغد‬ ‫البلىب حين السكون ‪ ،‬والياديء حين اندالع النار‬ ‫العاذر فيما الخطأ كبير والكريم دون عتب مبين‬

‫‪110‬‬


‫صديق‬ ‫رفقة ريانة وجمسة أثيرة وضحكات صاخبة وكوب قيوة‬ ‫ذكريات قادمة ورحبلت جميمة فاتت وعبور رشيق‬ ‫صديق صدوق ومخمب قط ضد البغاة ‪ ،‬وقطعة حرير ومعدن ثمين‬ ‫جسور ىدى وليل لمظمئى والحالمين والمنكسرين واألسرار لذيذ‬ ‫حبل مودة يرفض زمان القطع في انتشار األثير ‪ ،‬ورذاذ سمين ‪.‬‬

‫صديق‬ ‫انتقال الصدى بين األعماق وتمركز الجذب في مركز النظر‬ ‫كيان االعتصار وذوبان الريح وفضاء التقمب‬ ‫لذة االقتراب ومراوغة الفراق وضمة ورد‬ ‫إعصار جنين في ليل الواىمين‬ ‫وعاصفة غزة في سيف المتنبي‬ ‫وأسطورة رفح في كتب السنين‬ ‫وتمرد نابمس في متكأ القانطين‬ ‫يغرف إحساس فطين‬

‫صديق‬ ‫أتحسس فيو أيامي الوادعة والحارقة والحنين‬ ‫وأرسم من شعاع انبثاقو الوردي أحبلمي‬ ‫أركض عبر كمماتو وحركاتو ‪ ،‬وأغوص في معاني ىمساتو‬ ‫أرتحل في برق ندائو دون زاد أو ماء ‪ ،‬وأجمس في فناء قمبو أليفا‬ ‫وىو يغرف من نبع الزبرجد عندي ما يشاء بسبلسة مستكين‪.‬‬ ‫‪111‬‬


‫صديق‬ ‫ىو عنواني والتئام جرحي وانتشار الرجاء في عيد التوابين‬ ‫ىو الفضاء المنفمت من وتد الصمت العميم‬ ‫والبياض في حمكة القساوة والجشع والذئب األغبر‬ ‫ىو المأمول المفقود في رياض التائيين ‪.‬‬

‫‪112‬‬


‫مواليد فمسطين ‪1960‬‬

‫المؤلف‬

‫بكالوريوس ىندسة مدنية‪ ،‬ماجستير عموم سياسية‬

‫كاتب وباحث وأديب‬

‫لو من النتاج األدبي‪:‬‬ ‫‪-1‬لم ال ‪-‬مجموعة قصصية ‪،‬بيت الشعر‪،‬رام اهلل ‪2000‬‬

‫‪-2‬في الزمن الواقع بإمكانكم أن تطيروا ‪-‬مجموعة قصصية‪ ،‬دار الشروق‪،‬عمان‪2003 ،‬‬ ‫‪-3‬برق مقيم (نصوص) اتحاد الكتاب الفمسطينيين‪-‬القدس ‪2004 ،‬‬

‫‪ -4‬ثالثة شروط بسيطة (قصص)‪ ،‬اتحاد كتاب تونس‪ ،2007 ،‬وط‪ 2‬في ‪2010‬‬ ‫‪-5‬ليس لمفقير أن يحمم (قصص)‪ ،‬بيروت ‪2010‬‬ ‫كتب سياسية وفكرية‪:‬‬ ‫‪-1‬مفاىيم ال بد منيا‪ ،‬عناة لمنشر‪ ،‬رام اهلل ‪1997‬‬

‫‪-2‬مباديء المسؤولية التنظيمية‪ ،‬عناة لمنشر‪ ،‬رام اهلل ‪. 1998‬‬ ‫‪-3‬كيف تقيم معسكرا؟‪ ،‬التوجيو السياسي‪ ،‬رام اهلل ‪. 1997‬‬

‫‪-4‬حركة فتح والتنظيم الذي نريد‪ ،‬عناة لمنشر‪ ،‬رام اهلل ‪2003.‬‬ ‫‪ -5‬وجوه القيادة‪،‬المركز الفمسطيني لمدراسات‪ ،‬رام اهلل ‪.2005‬‬

‫‪-6‬القيادة والعمل بروح الفريق‪ ،‬التوجيو السياسي‪ ،‬رام اهلل ‪2004‬‬

‫‪-7‬تحقيق الفوز في قيادة الحممة االنتخابية‪،‬اتحاد الطالب‪ ،‬رام اهلل ‪1999. ،‬‬ ‫‪-8‬التدريب التنظيمي‪ ،‬لجنة اعداد الكادر‪ ،‬رام اهلل ‪ ،2005‬وط‪ 2‬في ‪2011‬‬ ‫‪ -9‬حركة حماس سيوف ومنابر‪-‬دار عناة‪ .2008 ،‬وط‪ 2‬في ‪2012‬‬

‫‪113‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.