الوتر املشدود أبناء “فتح” بني الفكر والتنظيم والسياسة
الوتر املشدود أبناء “فتح” بني الفكر والتنظيم والسياسة بكر أبو بكر الطبعة العربية االوىل 2019 دار االمني للنرش والتوزيع
رام الله فلسطني وطنية +970568549769 جوال +970599649769 e:mail:daralamin2010@gmail.com تصميم الغالف :رامي قبج املونتاج الفني :دار البريق العريب All rights reserved. No part of this book may be reproduced in any form or by any means without the prior permission of the publisher.
جميع الحقوق محفوظة .ال يسمح باعادة اصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه ،بأي شكل من األشكال ،اال باذن خطي مسبق من النارش.
دراسات
الوتر املشدود
أبناء “فتح” بني الفكر والتنظيم والسياسة
بكر أبﻮ بكر
احملتويات املقدمة 7............................................................................... الفصل األول :الصالبة النضالية وشجاعة الرصاع11............................. الصالبة الوطنية النضالية 11........................................................... كيف نتعلم من الناس؟ 21............................................................. يف النقد والحركة الوطنية 26 .......................................................... يف ُصلب {التنظيم} و{الهوامش} 33................................................ حركة فتح والفكر التنظيمي 47...................................................... النضال الداخيل وشجاعة الرصاع 51................................................ النقد والتوبة وقوى الرفض ،وانحراف الرسول! 58 ............................ املصالحة التنظيمية والرجم بالحجارة 62......................................... املتش ّبهون بحركة فتح والحاسدون 68............................................. الحجر املانع يف حركة فتح! 72........................................................ االستقواء عىل حركة فتح 79 ........................................................... الفصل الثاين :املنهج التنظيمي يف حركة فتح 85............................... املؤمتر السابع لحركة “فتح” مرآة عاكسة أم فجر جديد؟ 87................ عنواين الوحيد حركة فتح ،بدون ولكن! 95....................................... يف العقل الحر واملنهج التنظيمي 102.............................................. من يجب أن يقود حركة فتح؟ 116................................................. املتمردون يف حركة فتح والفكر السلطاين 119.................................. حركة فتح ما بعد العاصفة! 122..................................................... أنا ال أنتمي لحركة فتح! 131........................................................... كيف نبني الشخصيات الحرة يف القيادات الطالبية؟ 136.......................
كيف نفهم القيادة يف حركة فتح؟ 140............................................. الفصل الثالث :الرصاع يف السياسة ،والقيادة 145............................. يف إدارة الرصاع وإسرتاتيجية التنظيم 147........................................ التنظيم السيايس واألوامر 153............ ............................................. عناوين القيادة 161........................... ............................................. كيف نعمل بثقة بالنفس ف ُنحدث التغيري 176.................................. كيف نحافظ عىل الفوز؟ 184............. ............................................. التعامل مع األجيال؟ تجاوز النقص واإلخالص لفلسطني 188................. االبداع ال السوداوية وخطاب األزمة 205......................................... استنهاض الكادر يف إطار عقلية العمل والتجدد 220............................
مقدمة عند الكتابة يف حركة التحرير الوطني الفلسطيني« -فتح» فإنك تجد الكثري مام تقوله ،ليس فقط لطول التاريخ الحريك منذ النشأة عام 1957أو االنطالقة عام 1965أو منذ االنتفاضة عام 1987أو غريها من املراحل الهامة. أن تكتب عن حركة فتح فأنت تكتب عن ثورة فلسطني ،ثورة األمة ،ليس فقط المتالء الصفحات باملنجزات أو االخفاقات من التجارب مع الراحل الخالد يارس عرفات الذي لفّت كوف ّيته العامل واخوانه ،وصوالً للرئيس أبومازن ،وامنا ألن معدل النقد والرصاع والحوار الداخيل املرتبط باألداء والعمل يف إطار النهج النضايل يف حركة فتح هو يف حالة ثورة وهيجان وتفجر دائم ال يهدأ. يف حركة فتح أنت تستطيع من بني عديد العناوين املتقاطعة أواملتناقضة أو املتجاورة أن ترسم لك مسارا داخل الحركة رغم الوتر املشدود بني الواثقني واملتشبهني وبني املتمردين واولئك املرتددين ،وبني الكمون والتجدد. أن يكون لك مسا ٌر أو دو ٌر أو إسهام هو ما نحاول أن نسربه يف هذا الكتاب من خالل العناوين املقرتحة ،سواء تلك التي تتعرض للجامهري أو القيادة أو التنظيم أو السياسة أو للعقل الحر والنضال وادارة الرصاع ،أو البناء الجامعي أو الذايت لالستنهاض الوطني والعرويب ،والنرص باذن الله. بكر أبوبكر مسؤول التعبئة الفكرية مفوضية االعالم والثقافة والتعبئة الفكرية يف حركة فتح 2019 7
8
الفصل االول: الصالبة النضالية وشجاعة الصراع الصالبة الوطنية النضالية كيف نتعلم من الناس؟ يف النقد والحركة الوطنية يف ُصلب {التنظيم} و{الهوامش} حركة فتح والفكر التنظيمي النضال الداخيل و شجاعة الرصاع النقد والتوبة وقوى الرفض ،وانحراف الرسول! املصالحة التنظيمية والرجم بالحجارة املتش ّبهون بحركة فتح والحاسدون. الحجر املانع يف حركة فتح! االستقواء عىل حركة فتح
الصالبة الوطنية النضالية ما االختالف الذي ميكن أن تراه بني شخصيتني أحداهام بالتقييم النهايئ ُمنجزة والثانية غري منجزة ،لكن للمفاجأة أن كليهام تتميزان بالوعي النظري. وكالهام يُ ِ قدم ويعمل ،وكالهام يلجآن لوضع األهداف والتخطيط ،وكالهام كل منهام يق ّدر الوقت ،ويحرتم فريق العمل معه، مؤمن مبا يعمله بل وإن ّ ويتواصل معه دوريا دون إغفال وإهامل... إذن ما الفرق بني هاتني الشخصيتني التي أدت بأحدهام أن (يتجاوز) الكثري من العقبات ،وهو يحتفظ بصفات االستمرار الثالثة وهي :التفاؤل واإلميان وااليجابية ،بينام مل يكن من اآلخر إال أن عمله يتضاءل مع تكاثر املعيقات والعقبات ،وبدأ يلجأ للشكوى والتذمر والتشاؤم وإلقاء اللوم عىل اآلخرين وأصبح منظاره أسود كالح؟ قدرة االستمرار ومقياس التجاوز
ما الفرق؟ ميكننا أن نعزو الفرق اىل الوعي النظري و العميل أوال ،واىل القدرة عىل تجاوز املعيقات ثانيا وامتالك القدرة عىل (االستمرار) ،لعوامل عدة ذاتية وتنظيمية ،وتلك املتعلقة بتأثريات املحيط املختلفة. لكن الوعي بأن أي عقبة او مشكلة ال تعني نهاية العامل كقناعة راسخة والقدرة عىل االستمرار وقدرة التجاوز املرتبطة بكل الصفات التي ذكرناها لكل من القائدين أو الكادرين هي قطعا مختلفة بالنسبة أوبالشدة والقوة، إذا افرتضنا مقياسا مدرجا من 7نقاط ،فقد يتناقص لدى األول مع كل مصيبة أو نائبة أومحطة كابحة ،لتصل أدناها بينام يظل الوعي وتظل قدرة االستمرار وتجاوز املعيقات محتفظة بألقها عند الثاين عند املحطة /التدريج 5أو 6أو 7وهي محطة (اليقني). 11
الصالبة الذاتية
دعونا نناقش السبب الذي أراه هاما ورمبا مؤثرا وذو أولوية عىل غريه من األسباب وهو قطعا يتعلق مبا ذكرناه من امتالك (الوعي) و(القدرة) عىل (التجاوز) وخاصية (االستمرار) إال وهو الصالبة ،الصالبة الذاتية والصالبة الوطنية ،والصالبة النضالية فامذا نعني بذلك؟. يقول العرب أن الصلب هو الشديد ،ويف الرأي :شديد الرأي ،وهو القوي. ويقول علامء النفس إن الصالبة النفسية هي( :عملية التكيف السليم والجيد يف أوقات الشدة والضغوط والصدمات مع بقاء األمل والثقة بالنفس والقدرة عىل التحكم باملشاعر.)... إن الشعب الفلسطيني قد م ّر مبراحل تدفق يف العمل واالنجازات يف الرجال واملآثر يف عديد املجاالت ،وجابه من املصاعب واملآيس الكثري منذ وطأت قدم الفلسطيني 1هذه األرض. ودون أن نوغل يف التاريخ فإن لنا يف القرن الثامن عرش وسرية ملك فلسطني ظاهر العمر الزيداين مؤسس أول دولة فلسطينية 2حديثة ُحسن
( -1الفلسطيني=الفلستي جامعة دينية ،أو قبيلة عربية قدمية وهم أتباع اإلله العريب فلس يف اليمن كانوا يسمون فلستيني نسبة لهذا اإلله ،وهم من أوائل من سكن هذه البالد مع الكنانيني (الكنعانيني) املنسوبني لقبيلة كنانة من طيء حيث تلفظ األلف يف بعض لهجات العرب عينا فتصبح كنان كنعان-راجع أبحاث فاضل الربيعي وفرج الله صالح ديب وأحمد الدبش وجواد عيل...الخ)-مراجعة فاضل الربيعي واحمد الدبش وفرج الله صالح ديب. -2ظاهر العمر الزيداين ( 1196 - 1106هـ 1775 - 1695 /م) كان أحد الحكام الفلسطينني يف فلسطني يف فرتة الحكم العثامين ،عني ظاهر العمر عام 1705حاكامً عىل عكا وعمل عىل تقوية مركزه وأعاد تحصني عكا ضد أمراء الدروز .ويف عام 1742م متكن من احتالل طربية .عمل عىل جذب التجار األوروبيني ومبساعدة وزيره إبراهيم الصباغ أدخل سياسة اقتصادية جديدة وهي االحتكار ألهم املنتجات يف إمارته (دولته الفلسطينية االوىل يف التاريخ الحديث) .وملا شكت الدولة العثامنية يف نواياه تحالف مع عيل بك شيخ البلد يف مرص وساعده عىل غزو بالد الشام ثم تحالف يف العام التايل مع األمري يوسف الدرزي ومتكن مبساعدة األسطول الرويس من االستيالء عىل بريوت وطرد حاكمها أحمد باشا الجزار .وحكم
12
التأيس يف مجاالت كثرية ،ولكن القرن العرشين بدا قاهرا مع تعاظم الهجمة الصهيونية منطلقة خاصة مع الصعود الثوري الفلسطيني الرافض للتهويد ونهب األرض والهجرة. ما أريد الرتكيز عليه أن املصاعب واألزمات واملصائب والنكبات واملظامل تكالبت يف كثري من العصور عىل العريب وعىل الفلسطيني ،واستطاع يف كل مرحلة ان «يعي ويتجاوز ويقفز» ويُكمل الطريق يف درب األشواك الذي طاملا تحدث عنه وسار فيه يارس عرفات (2014-1929م) حامل مفتاح الدولة الفلسطينية الحديثة. صالبة الفكرة ،وفلسطين
صالبة الفكرة من مقومات الصالبة ،ال تعني التحجر أو التكلس أو انقطاع سيالن املاء مطلقا ،فالتحجر أو التكلس يفرتض صالحية الفكرة يف كل زمان ومكان 3،ويفرتض صالحية فهم وتطبيق الفكرة بشكل أوحدي ،والتحجر ال يقبل النقاش أو الحوار كام ال يقبل التعديل أو التطور أو التغيري ...ما ال نعنيه أبدا بصالبة الفكرة ،التي منيز فيها بني الفكرة العليا أوالتي تقف يف مصاف العقيدة ،والتي تصبح الغاية وبني الفكرة الدنيا الناشئة لخدمة العليا وهي كِ رَس أو أجزاء األهداف التي تخدم الغاية. إن الغاية يف الحركة الوطنية الفلسطينية عامة ويف حركة فتح وفكرتها الرئيسة هي (تحرير فلسطني) وحول هذه الفكرة القاعدة أو الفكرة العليا تنشأ مجموعة من األفكار املنبثقة أو الالحقة ،ومهام جاز الحوار والتغيري والتفهم لهذه األفكار فإنه حتام يف خدمة الغاية أوالفكرة العليا ،لذا فإن ما يقارب 60عاما يف مساحة طالت معظم فلسطني الحالية واستمر حتى جاوز الثامنني من عمره وقتل غيلة ،وملزيد من االطالع عىل سريته العطرة االطالع عىل كتاب /رواية (قناديل ملك الجليل) لألديب الفلسطيني ابراهيم نرص الله. -3ال ننزه إال كالم الله عن التغري والتبدل ،وما أفهام الناس حتى ملعاين كالم الله إال حالة من التغري والتبدل.
13
الصالبة مبعنى انقطاع التأثريات عن الفكرة /العقيدة هي الصالبة التي يجب أن يتحىل بها الفلسطيني واىل األبد. قد يجول يف الخاطر عن ماهية القاعدة /الفكرة /العقيدة لنقول أنها وطنيا وسياسيا ونضاليا لدينا هي:إن «فلسطني كلها لنا» مهام حصل أو كانت املرحلة ،ومن هنا نفرق بني التعبئة االسرتاتيجية وتلك املرحلية. إذن من مقومات الصالبة صالبة الفكرة مبنطق الفكرة العليا أوالفكرة العقيدة أوالفكرة الغاية ،مع حركية األفكار األخرى امللحقة أوالناشئة أو الساندة لألوىل ،ومن هنا نرى الحق الفلسطيني يدخل يف هذا النطاق بكل وضوح. ثبات الفكرة العليا وصالبة اإلرادة
أما الصالبة من حيث صالبة الدفاع عن الفكرة فإنها تتضمن تنويع الوسائل حتامً ،وتتضمن تعدد الخطط والربامج أو التكتيكات يف ظل ثبات الفكرة العليا يف الرساطية (=االسرتاتيجية). إن صالبة الدفاع عن الفكرة يعني صالبة اإلرادة فكام أن صالبة الفكرة تعني عمق االميان لدرجة اليقني (وأعبد ربك حتى يأتيك اليقني 4) ...فإن 5 صالبة الدفاع عن الفكرة تعنى صالبة اإلرادة. يف اإلرادة قد يقع الخيار ،وقد يقع الدفع أو التأثري أوالضغوط ليظهر الشخص صلب اإلرادة يف قامة عالية ال يخضع للضغوط ،وإن أتقن التعامل معها مبرونة ألن إرادة الصمود لديه وصالبة اإلرادة تُكمل لديه الصالبة الفكرية. -4ضمن تفسريات اليقني أنه املوت وضمن التفسريات أيضا قال القرطبي :واملراد استمرار العبادة مدة حياته ،كام قال العبد الصالح :وأوصاين بالصالة والزكاة ما دمت حياً .انتهى، والعبادة يف االسالم تتضمن العمل الصالح دوما فالصالة تنهى عن الفحشاء واملنكر وهو عمل وأصل االستخالف عمل أي اعامر األرض. -5الصالبة النفسية لدى العامل “كوبازا” تتكون من السيطرة (التحكم ) ،االلتزام والتحدي.
14
من حقائق املواجهات الباسلة مع العدو يف غزة والضفة ما قاله الرئيس أبو مازن (ال منلك الطائرات واملدفعية ولكننا منلك قوة الحق والعدل ،ولن نركع إال لله الواحد القهار) وهذه الصالبة هي ما متثل – رغم املخرصني واملح ّرضني والكذابني– عناق العمل امليداين مع السيايس والقانوين واإلعالمي لتصبح مطالب املقاومة وامليدان هي مطالب السيايس ويزيد عليها. إن صالبة الفكرة /العقيدة لدى يارس عرفات -وحركة فتح -رغم ما مارسه من واقعية ومرحلية وعمليانية بدت للبعض تنازالً أو خضوعا للضغوط أو إنحسارا ً لإلرادة حتى ُو ِصف بأوصاف نابية كثرية ،وما أصابوا أبدا ،هذه الصالبة للفكرة ليارس عرفات شحذت اإلرادة لديه (ولدى املناضلني عامة، ومنهم العريب والفلسطيني والفتحوي اقتداءا به) فلم يتزلزل أمام ضغوط رئيس أكرب دولة يف العامل (بيل كلنتون) ليتنازل عن القدس أو أرض فلسطني فينهي الرصاع لألبد 6ظانّني آمثني أننا ال نفرق بني الفكرة العليا /املعتقد تلك التي تسندها الحقائق الحضارية والتاريخية والقانونية والدينية ،وبني إمكانيات التعامل مع متغريات السياسة. الحقيقة واإليمان تسنِد الصالبة
إن فلسطني كأرض هي لنا نحن العرب الفلسطينيني ،وهذه حقيقة علمية وتاريخية ال يصمد أمامها تزييفات التوراة أو الصهيونية ،أو ضالالت العرب الذين انصاعوا لتاريخ التوراة يف استعادة واسقاط تاريخها املزيف عىل تاريخ األنبياء وإلصاقه بفلسطني ،وما الحقيقة الوحيدة التي تصادفنا إال أن االرسائييل الجديد 7قد أقام دولته ،ولكن أين أقامها؟ أقامها عىل جزء من (أرض) فلسطني التي مل تكن يوما سوى ذلك ،وهو أيضا ما نص عليه القرار
-6وذلك يف (كامب ديفد )2عام 2000 -7ملاذا نقول االرسائييل الجديد ألن االرسائييل اليوم أي ساكن فلسطني يف الجزء السيايس الذي يطلق عليه اسم (ارسائيل) ال عالقة له البتة باالرسائييل العريب اليمني القديم ال علميا وال جينيا وال تاريخيا وال إثنيا /قوميا–ميكن مراجعة الكاتب اليهودي آرثر كوستلر والكاتب شلومو ساند وغريهام.
15
األممي بالتقسيم ،فال مجال للحديث إال عن أن فلسطني كلها لنا ،أوعن البدائل مثل دولتني عىل (أرض فلسطني) أودولة واحدة عىل (أرض فلسطني)، وغري ذلك سفه. إن صالبة هذه الفكرة واالميان بها ،وصالبة إرادة الدفاع عنها 8بصالبة صمود الفلسطيني اليومية حني يزرع حقله ،ويسقي زرعه ويحصده ،وصالبته يف البذر والزرع واإلمثار ،منذ آالف السنني ،وصالبة البناء والتنمية واملقاومة بكل أشكالها يف فلسطني. الصالبة النفسية والحائط
وإن كان مبحثنا سياسياً ووطنياً إال أن تدعيم عامل الصالبة النفيس يأخذ حيزا هاما يف الفكرة ولدى الناس وهو جزء من التفاعل مع الذات والجامهري، حيث القناعة واإلميان والوعي واستمرار وتواصل شحذ الفكرة ويف الصالبة. يقول عامل النفس «وليامز وأخ��رون»« :أن الصالبة النسبية ترتبط -8أشارت عاملة النفس كوبازا ()kobasa 1984اىل أن الصالبة النفسية تعمل عىل تسهيل أنواع عمليات االدراك والتقويم واملواجهة التى يقوم بها الفرد ،وبالتاىل تقوده نحو الحل الناجح للموقف والناجم عن شعوره باألحداث السالبة الضاغطة ألن دور الصالبة النفسية يظهر يف تعديل العملية الدائرية التي تبدأ بالضغوط أو مجموعة الضغوط وتنتهى باالرهاق وما يصاحبه من أمراض نفسية أو جسمية. ويتم ذلك من خالل طرق متعددة: 1 .1الصالبة تعدل من إدراك األحداث وتجعلها تبدو اقل وطأة وتأثريا سلبيا. 2 .2تؤدى الصالبة إىل أساليب مواجهة نشطة أو تنقل الفرد من حالة أخرى أى يغري الفرد من أسلوبه بحيث يستطيع املواجهة لألحداث الضاغطة. 3 .3الصالبة تؤثر عىل أسلوب املواجهة بطريقة غري مبارشة من خالل تأثريها عىل الدعم االجتامعي. 4 .4الصالبة توجه الفرد إىل التغيري يف أسلوب حياته مثل التغيري يف النظام الغذايئ، املامرسات الصحية ،مامرسة الرياضة وهذا بالطبع يقلل من اإلصابة باإلمراض الجسمية
16
بأسلوب املواجهة حيث أن األفراد الذين ميتلكون صالبة عالية مييلون إىل استخدام أسلوب املواجهة التحوييل ،وأسامه (املواجهة الفعالة) وفيه يقوم األفراد بتغيري األحداث التي ميكن أن تولد ضغوطا إىل فرص للنمو» ،أنظر املقاومة الشعبية واملقاطعة للمنتجات االرسائيلية وأنظر لتعدد أساليب النضال الفلسطيني ،لذلك يضيف وليامز “نجدهم يتوافقون مع األحداث الضاغطة بطريقة ايجابية وفعاله ومتفائلة وعىل النقيض من ذلك األفراد أصحاب الصالبة املنخفضة مييلون إىل أسلوب املواجهة غري الفعال وهو أسلوب تراجعي تجنبي وفيه يتجنب األفراد املواقف التي ميكن أن تحدث لهم ضغوطا ،وبالرغم من هذا التجنب أو االبتعاد فهو يكون مؤقتا حيث أن املواقف الضاغطة ال تنتهي فيظل هؤالء األفراد يعانون من التشاؤم والهموم» .ونقول بل رمبا يكررون نفس األسلوب الذي ثبت فشله بالتجربة فال يتعلمون أبدا ويصطدمون بالحائط فيُحبَطون ورمبا يحبِطون. لقد ظهر للعاملة “كوبازا” يف دراستها حول الصالبة النفسية أن هناك سامت ثالثة ميزت الذين يتمتعون بالصالبة النفسية: 1 .1درجة عالية من االلتزام .اعتقاد قوى مبا يقومون به ،وغياب شعور االغرتاب أثناء تأدية املهام املطلوبة منهم. 2 .2درجة عالية من التحدي للقيام مبهامهم من منطلق االعتقاد بأن التغري حقيقة ينبغي التعامل معه واستثامره للنمو الشخيص. 3 .3درجة عالية من التحكم يف األمور الوظيفية والحياتية مع إدراك شخيص يف قدرتهم عىل التحكم يف مرسات ومرضات الحياة .أو الثواب والعقاب يف الحياة وتبني بأنه السمة الرئيسية عند هؤالء. وكذلك األمر ما ميكن أن نعكسه نحن عىل الكادر التنظيمي اوال يف قناعاته الخاصة ،وقناعاته العامة بأهداف التنظيم والعمل فيه بجهد وقوة، وبالتايل بقدرة وصالبة التنظيم ككل إذ يف الدرجات او املستويات العالية من االلتزام والتحدي والتحكم تكمن الدرجة العالية من الصالبة ومن هنا يظهر معدن الكوارتز او التوباز أو الكورندوم أو االملاس لدى الكادر أويبقى يلعب 17
يف مساحة بودرة التلك أو الجبس.
9
التدريب على الصالبة
أما كيف نربيّ (نعلم /ندرب) أنفسنا وأبناءنا وكوادر التنظيم السيايس، وأبناء األمة من جامهرينا عىل الصالبة الوطنية والنفسية ،وصالبة اإلرادة والقيم فهي ترتبط بالتايل: 1 .1من موقعك املسؤول يف أي عمل تجنب تلبية جميع احتياجات األشخاص (عامة ومنذ الطفولة)...فمثل هذا األمر يف التنشئة والرتبية ويف مجاالت التدريب التنظيمي الحقاً أو التعليم يعطل قدرتهم عىل التفكري وعىل حل املشكالت التي قد تعرتضهم ويجعلهم يتوقعون أن كل يشء يف حياتهم مرتب والداعي للقلق .أي يجب أن يقلقوا ويتعلموا عدم الركون للغري كلياً ،يجب أن ال تكون الرعاية أو اإلدارة أو القيادة هنا مبنطق السيطرة املطلقة أو مبنطق الدالل املفيض للقعود عن العمل عند أول عقبة أو مشكلة. 2 .2تجنب الحامية الزائدة للشخص /الكادر والخوف املفرط عليه من التعرض للخطر..فمنعه من القيام بنشاط ابداعي أو التفكري بحرية ضمن ضوابط التنظيم خوفاً عليه يحرمه خاصية التعود عىل مخاطر الحياة والعمل املبدع والتفكري الحر. 3 .3علينا تعليم أبناءنا ثم كوادرنا يف التنظيم السيايس مهارات عدة وقدرات -9من باب املقارنة فقط هل ميكننا تصنيف درجة الصالبة الوطنية مع (الصالدة) لدى (موس) التي تعني :مقياس موس لصالدة املواد هو مقياس يستخدم للداللة عىل قدرة املواد املختلفة عىل مقاومة الخدش .ويتم ذلك بفحص قدرة مادة صلبة عىل خدش مادة أقل صالبة منها .وضع هذا املقياس عام 1812م عىل يد عامل املعادن األملاين فريدرش ّ مقياسا ترتيبيًا ،أي أنه يعطي املواد ترتيبًا معينا يف قامئة املواد موس .ويعترب مقياس موس ً وال يعطي القيمة املطلقة للصالبة .فمثال ذلك األملاس الذي ييل الكورندم حسب مقياس موه مع أن صالبته تقارب أربع أضعاف صالبة الكورندم( .املقياس من 10يبدا بالتلك ثم الجبس ،كالسايت ،فلورايت ،أباتيت ،أورثوز ،كوارتز ،توباز لينتهي بالكورندوم ثم األملاس األشد صالدة)
18
عدة ننميها منها مهارة التخطيط ومهارة اتخاذ القرار ومهارة حل املشكالت..فإذا كان الشخص يشعر بالقلق من مامرسة عمل معني.. ع ّرفه كيف يحدد أسباب مخاوفه وكيف يتعامل معها ويضع الحلول لها ،واطلقه ليبدع يف ظل قيم وضوابط التنظيم حيث مركزية التخطيط واملتابعة وال مركزية التنفيذ. 4 .4عندما يخطئ الشخص /الكادر ،ال بأس فكل ابن آدم خطاء (وخري الخطائني التوابون كام يقول الرسول عليه السالم) وعليه أن يتعلم االلتزام بالنظام والقيم واألفكار الجامعة وقوانني العمل وباعتبارها قيام وموجهات للسلوك ال معيقات للعمل..وتوجه للمخطيء واسأله :كيف ستصلح ما أفسدته؟..يجب أن يشعر باملسؤولية عن أعامله وأن يحل املشكالت التي تسبب فيها ،وأن يتعلم االنضباط للقوانني والنظام. 5 .5ال تقدم للشخص /الكادر كل األجوبة لألسئلة التي يطرحها...شجعه عىل أن يبحث عن إجابات لها بنفسه..وأن يتحمل التعامل مع الغموض يف الحياة ونقص املعلومات. 6 .6تجنب القلق أو التشاؤم أو الظهور بسلبية طاغية وبشكل مفرط أمام اآلخرين ،فكثريا ما ال يستحق املوقف ذلك القلق الشديد..وال تكرر الردح أو الشتم أو اللطم مثل قول :هذه كارثة أومصيبة ال نستطيع التعامل معها..ما يعني تهويل األمور واخراجها من سياق القدرة عىل املعالجة. 7 .7ادفعه دوما للعمل (وقل اعملوا )...وال تجعل من قوله مقياسا لألداء لوحده فاقرتان حسن الكالم بالعمل يف الكادر التنظيمي يعلمه االنخراط بامليدان ومواجهة املشاكل والعقبات والتفكري والقدرة عىل التجاوز وااللتزام باملباديء يف وجه الضغوط فيتصلب. نلخص فنكرر ما ذكرناه أعاله يف أن الحقيقة واإلميان تس ِند الصالبة النضالية والوطنية حيث إن فلسطني كأرض هي لنا نحن العرب الفلسطينيني وهذه حقيقة علمية وتاريخية ال يصمد أمامها تزييفات التوراة أوالصهيونية، وما الحقيقة الوحيدة التي تصادفنا إال أن االرسائييل الجديد قد أقام دولته، ولكن أين أقامها؟ أقامها عىل (أرض) فلسطني التي مل تكن يوما سوى ذلك، 19
وهو أيضا ما نص عليه القرار األممي بالتقسيم ،فال مجال للحديث إال عن أن فلسطني كلها لنا ،وعن البدائل مثل دولتني عىل (أرض فلسطني) أودولة واحدة عىل (أرض فلسطني) ،وغري ذلك سفه. إن صالبة هذه الفكرة ،وصالبة الوعي وصالبة إرادة الدفاع عنها بصالبة صمود الفلسطيني اليومية حني يزرع حقله ،ويسقي زرعه ويحصده، وصالبته يف البذر والزرع واإلمثار ،منذ آالف السنني ،وصالبة البناء والتنمية واملقاومة بكل أشكالها يف فلسطني ،وهي يف ذاتها صالبة التنظيم النضايل الوطني الذي يجعل من أهدافه العليا (مبادئه) االيقاع الذي يضبط تفكريه ويحمل مخاوفه ويربط أداءه العميل أو الواقعي بفكره. 10
-10الرجوع لعاملة النفس كوبازا (.) kobasa 1984
20
كيف نتعلم من الناس؟ إن سألت أحدهمَ :من معلّمك؟ قد يرسح بعيدا يف تاريخه الشخيص محاوال تذكر (املد ّرس) أو(النموذج) الذي أث ّر فيه ،فلرمبا زاده هذا املدرس ِعلامً أو ثقافة أو أدباً أو ق ّوم يف مسلكه ،أوغيرّ من طريقة نظره للحياة أو الناس أواألشياء ،وقد يرسع بالر ّد ليورد اسم نبي أو شخصية شهرية باعتبارها معل َم ُه ،ولرمبا يتعصب البعض ليفرتض أن معلّمه األوحد هو هذا أو ذاك، أكان نبيا أو مصلحا أو شخصية تاريخية أو دينية أو فكرية...أو فنية ،أو أمه أو أبيه ،ولرمبا يأخذ منحى فكري ويقول:علمتني تجارب الحياة ،أو تعلمت من أخطاء اآلخرين ،أو ينخرط يف ذاتية مفرطة ليفرتض أنه فقط هو معلّم ذاته. السؤال كبري وقد تصح فيه كث ٌري من اإلجابات ،فلكل رأيه فيمن علّمه، مبعنى نقل اليه علامً نافعا أوثقافة ما أث ّرت به ،أو غيرّ سلوكياته أو اتجاهاته أو ق ّومه وأرشده وفتح أمامه دروبا أو أغلق أبواب رش مستطري. نتعلم من الناس أكانوا مشهورين أم مغمورين ،متعلمني أم أميني بالقراءة والكتابة ،ونتعلم من كل يشء (نعم يشء) وهذا اليشء أكان برشا ً أم حيوانا أم نباتاً ،أم كان ريحا رصرصا ً عاتية ،أو نسمة مساء لطيف ،أو نازلة نزلت عىل رؤوسنا أو صاعقة ونتعلم من موج البحر ،بغض النظر عن حجم العلم أو تأثريه فينا من أيها. التعلم من الناس والتنظيم
الوعي أن ال ِعلم متاح يف بطون الكتب ويف الحياة ،ويف صدور الرجال والنساء داللة انفتاح فكري ،وسعي خالص ل ُنشدان الحقيقة تلك القابعة هناك ،أو عند طرف عينك ،أويف ذرة الرتاب أو خل ّية القلب ،ولرمبا يف أنني الفراشة أو صدى صوت الصحراء يف يوم حر قائظ. 21
عنواننا كيف نتعلم من الناس؟ يفرتض أننا من الناس – عىل اطالق الناس أي بَ ّرهم وفاجرهم ،من أحسن منهم ومن أساء – نتعلم ونتلقى الدروس فإن مل يكن لتجارب الحياة من تقدم وتراجع وصعود وهبوط وفشل وتردد ونجاح ُمعلّم ،فهل نسبق ذلك بالتعلُّم من اآلخرين أم ال؟ يف التنظيامت السياسية عامة تُعترب الجامهري»جامهري التنظيم» وقود الفعل أو كام تقول حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح (وقود الثورة) أوكام تقول األدبيات اليسارية (مادة الثورة) ،والتنظيم مع الجامهري مثل (السمكة يف املاء) أومثل (الجمل املتس ّيد عىل عرش صحرائه وواحاته) والجامهري بالنسبة البن التنظيم هي املؤرش التجاه الرأي العام ،وإن مل يكن فهي إشارة عىل املزاج العام ،والدليل عىل رضورة التغيري أو التمسك بالفكرة أوالرأي أواألسلوب أو تنويعه. االعتراف واإلقرار قبل التعلّم
كيف نتعلم من الناس؟ من الجامهري؟ أفرادا وجامعات وتنظيامت سياسية يفرتض بنا فهم وإقرار ثالثة مبادئ أهمها: أننا نُ ِق ّر ونعرتف ،ويجب أن نعترب أنفسنا جزء من الناس ،ال طبقة أو(خاصة) ،أو (أهل حل وعقد)، متس ّيدة ،طبقة منفصلة ،صفوة( ،طليعة) ّ أو (قيادة) دون غرينا أو ...جاءت من املريخ لتهدي سكان األرض (الجامهري) الجهلة األغبياء (العامة) ،وكلام ساد خطاب الفصل بني القائد أوامل ُصلِح أو النبي أواملفكر ...أو املسؤول عن الناس يف نطاق مسؤوليته أوخارجها ،كلام سارا يف اتجاهني متعاكسني. لذا وجب اإلقرر أوالً :أننا (جزء من الشعب) وجزء غري متاميز إال باملسؤولية املامرسة فعال ،وجزء ألنه (مسؤول) يعني أن مهمته الكربى (خدمة الناس) ال صفع وجوههم والتكرب عليهم. 22
ثانيا :علينا اإلقرار بأننا مل –ولن -نختم العلم ،لذا نحن نتعلّم ،دوما وأبدا، وكام الحكمة العربية الشهرية (أطلبوا العلم من املهد إىل اللحد) ،ونتعلم من كل يشء ( َوإِ ْن ِم ْن شيَ ْ ٍء إِ اَّل يُ َس ِّب ُح ِب َح ْم ِد ِه-االرساء .)44 يقول الله تعاىل ( َواللَّ ُه أَ ْخ َر َج ُك ْم ِم ْن بُطُونِ أُ َّم َهاتِ ُك ْم لاَ تَ ْعلَ ُمو َن شَ يْئًا الس ْم َع َوالأَْبْ َصا َر َوالأَْفْ ِئ َدةَ() النحل )78 :فالذي خلق الساموات َو َج َع َل لَ ُك ُم َّ وجل ينري لنا طريق التفكري والتأمل والتعقل والتدبر يف أحكام واألرض ع ّز ّ القرآن الكريم وقصصه ،ويف خلجات النفس وصدر السامء الحافية ،ويف ما خفي من أرسار الكائنات أكانت حجرا أم شجر أم برشا يف حث واضح الداللة، واآليات الكثرية ،تحثنا عىل التفكر وعىل التعلم لذلك كانت األسامع واألبصار والعقول ،ويف ذات األمر قال عليه السالم (الدنيا ملعونة ،ملعون ما فيها ،إال ذكر الله تعاىل وما وااله وعامل أو متعلم) وقالَ « :م ْن َخ َر َج فيِ طَل َِب الْ ِعل ِْم فَ ُه َو فيِ َسبِيلِ اللَّ ِه َحتَّى يَ ْر ِج َع « كل ومن هنا فنحن نتعلم من كل يشء مادي أوحيوي ،وقطعا نتعلم من ّ الناس ب ّرهم وفاجرهم ،من شيخهم الجاهل وذاك كبري األفعال ،ومن شبابهم الطائش والنزِق وذاك املهذّب ،كام نتعلم من النساء واألطفال. أما ثالثا فإننا نُق ّر :أننا يجب أن نتعلم من الناس ،كمعادلة هي نتيجة االقرار أننا من الناس بال طبقية أو انفصال أو متيز (مهام اختلفت املسؤوليات والصالحيات واملهامت وطرائق التفكري ومستواها). مداميك تعلمنا من الناس
من هنا يصح أن ننطلق لنضع بعض مداميك (كيف) نتعلم (أو أتعلم) من اآلخر يف كل يشء ونخصص هنا من الناس: أوالً :علينا أن نستمع ،ن ِ ُحسن األصغاء ،نُحسن التأمل ،والتفكر والتدبر يف كل ما يقوله اآلخرين ولالستامع واإلصغاء فن قائم بذاته (فن اإلصغاء 23
ومستوياته املختلفة قابل للتعلم والتدريب) فال نقاطع وال ندافع وال نرصخ وال نغفل وال نسهو وال نتعصب وال نتغافل وال نتهكم...ول ُحسن االنصات نحث اآلخر عىل الحديث ،ونسأل حيث وجب بلطف ونعلّق حيث اقتىض ثانيا :علينا أن نعطي «وقتاً محددا ً» للحوار واملحادثة أو االتصال ،وعلينا أن نهتم ،ونثني ،ونستجيب سواء بالشكل أو الكالم ،بالحركة واإلمياءة ،أو بالتعبري اللفظي ...فال إنصات ظاهر إن أدرنا الظهر للمتكلم أو تغافلنا عنه بحديث جانبي أو بحديث هاتفي أو عىل الحاسوب ،وال اهتامم كام ال استفادة إن اخرجنا العيون من ميدان االصغاء ...لذا فنحن نرغب ونهتم حقا ،والوقت معك ،وقد نثني ومندح حيث نرى اإليجايب ،أو(ننقد) دون قدح أو جرح أو اتهام ،لذا نحن نستجيب بأناقة حسب تقديرنا لشخصية املتحدث أمامنا :أكان خجوالً أم ثرثارا ً أرعنا ،أم موجها أم عدوانيا أومنفتحا...الخ أما ثالثا :فنحن نتعلم ونتثقف ونستفيد من الناس بشكل مبارش أو غري مبارش بشكل آين أوالحق عرب إدخال (تعديالتهم) التي تفاعلت فينا، يف داخلنا ،إدخالها يف مضامني (منظومة) أفكارنا أوأفعالنا أوسلوكنا ،ويف هذا إقرار حقيقي عميل بأننا نتعلّم ،وإال يصبح اإلصغاء كمشاهدة الرايئ (التلفزة) ملجرد قضاء الوقت أو االستمتاع الحر ،أو يصبح كأننا نتعامل مع الناس باالستامع السطحي ملجرد إعطاء االنطباع أو التأثري املزيف أننا نهتم، ملكاسب شخصية. االلتزام والتعلم
إن التمسك باألفكار واألهداف املمثلة ملؤسسة أو تنظيم أو جامعة رضوري وهام ،ويعني قبول انخراط الشخص فيها ،وتفاعله داخل التنظيم يف إطار املوافقة منه عىل األفكار أوالغايات وعىل اآلليات التشاركية (االلتزام والحوار والدميقراطية والنظام) ،وهذا ال يعني يف حال من األحوال الجمود والتكلس كام ال يعني التقديس ،وال يعني التحجر ،فاإلميان قاطع بالدليل 24
والبينة ،والشك جائز ويحتاج لبينة ،والقرار وإن رفضته األقلية واجب اإلتباع يف ظل املامرسة املعارضة الرشيدة ،من هنا تظهر العالقة الصحيحة بني األميان بالفكرة ،واالنصباط لألوامر داخل التنظيم ،وتقبل اآلخر ،وبالتايل اإلنفتاح للتعلّم واإلستزادة فلرمبا ضمن عقلية البدائل واالحتامالت نرى طريقاً (أو طُرقا) مختلفا فنلُجه. إن مل نتعلم من الناس فتدخل أفكار وتوجهات واحتياجات الناس يف برامج وخطط األحزاب والتنظيامت السياسية وغري السياسية والجامعات، فهذه التنظيامت قطعاً منقطعة لفكرها أولذاتها تعيش يف عزلة ،ليست بعيدة عن عزلة التنظيامت القومية أوالدينية أو الفكرانية (األيديولوجية) املتطرفة ،التي تراها بذاتها الشمولية والكل ّية و الحرصيّة تمُ ِسك بسيف الحق ومفتاح الجنة.
25
في النقد والحركة الوطنية إن مفهوم النقد للسياسات أو األفكار أو التوجهات ال يعنى قطعاً الطعن يف ذات الشخص أو عائلته ،أو خياراته الشخصية ،أو التهجم عليه وفق مرفوضات الحديث الرشيف (ط ّعان ،ل ّعان ،فاحش ،بذيء) أبدا ،ألن النقد مضمون تركيب جديد للصورة أو الرؤية أو النظرة ،أو تبيان لنواقص ومثالب ،من املمكن أن يكون املنقود قد أغفلها أو أهملها ،وقد تكون طُغمة الحكم حول الزعيم “السلطان /الرئيس /املدير” أو البِطانة أوذوي املصالح الضيقة قد ضلّلوه ،بل و رمبا يكون الشخص القائد أو املسؤول قد وصل فيه الغرور أو النزق و الهوى اىل نهايته (فإن مل يستجيبوا لك فاعلم امنا يتبعون أهواءهم ،ومن أضل ممن اتبع هواه بغري هدى من الله ،ان الله ال يهدي يل قبيلة بني القوم الظاملني – القصص )50كام اتبع هواه النموذج القرآين الج ّ ارسائيل العربية اليمنية املنقرضة فيام أشارت له اآليات الكرمية يف أكرث من موضع فاستب ّدوا ون ّزهوا أنفسهم فسقطوا. النقد ونموذج الهدهد
إن مفهوم النقد يكون لذات املوضوع أو الحالة أو املوقف أو الرأي، ومتى تعداه للطعن يف ذات الشخص أو (التنظيم) أو الجامعة بإطالق يل، أحكام مطلقة وكل ّية مثل التهم بالكفر أو الخيانة أو العهرأو الكذب الك ّ أو العنرصية ،أو ...الخ ،فان الناقد هنا يكون قد خرج من مساحة النقد اىل مساحة أخرى هي ما بني الطعن املعاقب عليه قانونياً ،وبني االنزالق الكيل نحو الهاوية. نأخذ العربة يف كثري من املجاالت من تاريخنا العريب االسالمي امليلء بااليجابيات كام السلبيات والثغرات (مبعنى أنه تاريخ وتراث قابل للنقد والتصحيح والنظر والحوار والتغيري) ولنا يف األمئة والصحابة واملجتهدين ِع رَب يف ذلك كثرية ،كام لنا يف تاريخ األمم األخرى ،بل ويف تاريخنا العريب 26
الفلسطيني ما نحرتمه ونق ّدره ونجلّه يف فهم معنى االختالف ،وفهم رضورة النقد وفهم كيف ومتى واىل أين يتم توجيه النقد. يقول اإلمام إبن القيم يف نقده اللطيف لشيخه (أستاذه) قبل أن يسطّر رأيه املختلف فيام قاله شيخه (مثيل ومثل الشيخ الهروي كمثل الهدهد مع سيدنا سليامن ،حيث وقف الهدهد عىل باب سيده سليامن ذليال وهو «أحطت مبا مل تُحط به ،وجئتك يستدرك عليه بعض ما نسيه أوأخطأه قائال ُ من سبأ بنبأ يقني» ،ويبقى الهدهد هو الهدهد وسيدنا سليامن هو النبي وامللك العظيم). النقد في الحركة الوطنية وعمر
إن كان النقد يف الحركة الوطنية مقبوالً ،بل و يُحث عليه يف اللقاءات الداخلية مبعنى أن هذه التنظيامت تضع يف جدول أعامل اجتامعاتها التنظيمية بند (النقد والنقد الذايت) ما كان مامرسا لتنظيف الذات أوال بنقدها وتبيان أخطائها ،قبل البحث يف عورات اآلخرين ،لكن هذا األمر قد ض ُعف يف كثري من التنظيامت اىل الدرجة التي عال فيها صوت النقد منتقالً من النقد الصامت (الداخيل) اىل النقد الصاخب (خارج األطر) واىل الدرجة التي تناىس فيها الشخص الناقد ذاته وو ّجه كل سهامه لآلخر أو للمحيط أوللظروف ،وما هذا أبدا هو غاية فكرة النقد و النقد الذايت. يقع الرضر يف التنظيامت السياسية من إهامل االجتامعات املثمرة أو الفعالة ،فام بالك حني انعدام عقدها أصال؟! وان ُعقدت فيأيت الرضر من عدم دوريتها ،ما يُف ِقد الكادر وحدة الخطاب ووحدة املوقف وتعميق روح االنتامء وااللتزام ويحرمهم مساحة التواصل الحروالحوار والقرار ،بل ويحرمهم مساحة تنظيف الذات أوالً بالنقد الذايت أمام املأل ،فالبداية دوما من عندي قبل أن أشري بأصبعي لآلخر بنقد فام بالك باتهام! ويف املقابل يكون اآلخر تحت العني ومتأهباً مبحبة لتقبل النقد وفق 27
حكمة عمر بن الخطاب (ريض الله عنه) الذي كان يردد (رحم الله امرأ اهدى إ ّيل عيويب) وقيل بصيغة (إن أحب الناس ا ّيل من أهدى إ ّيل عيويب)، ال كام قال أحد الخلفاء األمويني حني صعد املنرب( :من قال برأسه كذا قلنا بسيفنا وكذا) مهددا كل من يعارضه من اليوم األول وهو الشخص ذاته َمن أعترب تذاكر سرية عمر بن الخطاب (ريض الله عنه) مفسدة للرعية! وهذه من تلك ،و لنا العربة ملن يعترب حيث قيل لبعض العلامء وقد اعتزل الناس وكان منطوياً عنهم مل امتنعت عن املخالطة فقال :وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيويب؟ يقول لينني« :موقف الحزب السيايس تجاه أخطائه ميثل واحدا ً من املقاييس األكرث دقة يف تقييم جدية وإخالص هذا الحزب ،وكذا أمانته يف التزاماته تجاه طبقته .التعرف برصاحة عىل الخطأ ،التأكد من األسباب التي أدت إليه ،تأمني طريق تصحيحه – تلك هي السامت املميزة للحزب الجاد، والتي هي كيف ميارس دوره ويؤدي واجباته ،وكيف يجب عليه تثقيف وتدريب طبقته ،ومن ثم الجامهري». مارست حركة فتح النقد والنقد الذايت يف مؤمتراتها ويف اجتامعاتها ،وكثريا ما أبدى قادتها رأيا مغايرا يف لقاءاتهم الداخلية حتى أن كل من القياديني خالد الحسن (أبو السعيد) وصالح خلف (أبو إياد) كانا وغريهام ميثالن خطان مختلفان كام كان ماجد أبورشار ،ومل يعني ذلك نقضا لاللتزام الداخيل واالنضباط يف آلية توازن الوطني مع الحريك ويف إطار واضح من الحرص ال التدمري. لدغة األفعى واالنتماء
قد يلجأ الكادر الحريك يف التنظيم عىل رفع صوته عاليا خارج األطر وذلك يف ظل إنحسار مساحة التواصل الداخيل يف آلياته املعروفة (اجتامع ،لقاء، ندوة ،مؤمتر)...ال سيام وأن مجاالت التعبري يف ظل علنية التنظيم (أو شبه علنيته) قد أعطت الكثريين الرغبة يف التعبري العلني حتى لو كان خروجا 28
عن منطق االلتزام وكأن لسان حالهم يقول وهل يُالم الذي لدغته االفعى أن يرصخ؟ قد يجد الكثريون العذر أيضا لضعف االنتامء ولضعف االلتزام عندهم، وكيف ال يتأىت ذلك وال لقاءات دورية أوتواصل ف ّعال يستطيع فيها الكادر ويحس أنه محرتم ويتم تقدير رأيه وليس خروفاً أن يربز نفسه ويثبت ذاته ّ الهش عليه كام يَهش الراعي عىل غنمه ..الرغبة يف النقد ضمن قطيع يتم ّ ترتافق عند الكثريين مع مفهوم الحرية والدميقراطية ،رغم عدم الفهم ملعنى املساحات املتاحة أواملفروض التعبري فيها ،ويف كل منها بقدر مختلف أو شكل مختلف أو مضامني مختلفة ،وما ذلك إال لفهم –عند البعض-ال يصح ملعنى الدميقراطية ،والتي ال تعني قطعاً الفوىض أواتخاذ املنابر للطعن والشتم والتعريض باآلخرين ،والتي تغفل أن الدميقراطية :حوار والتزام يف رشاكة وتواصل. التواصل االجتماعي ،والتقريع الشخصي
بال شك أن وسائل التواصل اإلعالمي واالجتامعي قد أتاحت مساحات واسعة للحريات ،ما هو يشء جيد وهنا برز أيضا خطورة فهم الحرية مبعنى إسقاط الحدود وااللتزامات ،فللبيت حدود ،وكمثال :فإن من يريد تزويج دب بالقول انها تأيت يوميا هب و ّ ابنته ال يشوهها ،فال يكرر أمام كل من ّ متأخرة بعد 12ليال ،أو انها كثرية السهرات أو ...أو ...ما هو إن صح عنها وجب أن يكون نقدا داخليا ،ويصدق ذات األمر مع التنظيم. قال أحد الصحابة وهو مسعد بن كدام (رحم الله من أهدى اىل عيويب يف ِسرت بيني وبينه ،فإن النصيحة يف املأل تقريع) ،وبالطبع فان هذا يصدق يف األمور الذاتية والشخصية ،أو حالة إقران الناقد بني املوقف وذات الشخص، ال يف أمور الرأي واملوقف واالتجاه ما له مجاالته الدميقراطية وطرق تعبريه املعروفة. 29
هل تتصور أنك تض ّيق عىل عضو يف تنظيم سيايس فريى نفسه رقام أوبطاقة انتخابية أو شخص ضمن حشد (ال ضمن تنظيم) أنه سيك ّن احرتاما أو انتامء عاليا لتنظيمه؟ بالطبع ال ،فاإلهامل أو اإلنكار أواالستصغار لآلخرين أو التعايل عليهم أوتحقريهم ،واستخدامهم فقط كوقود ملعارك داخليه لن يكون مثنه إال مزيد من التمزق الذي نراه يف الفصائل الفلسطينية اليوم. مساحات النقد
يجد الشخص العادي كام العضو املنتمي لفصيل ،يجد املساحة مفتوحة أمامه للتعبريعرب وسائل التواصل االجتامعي املختلفة ،فال يظن أحد أن فكرة التنظيم املغلق عىل ذاته فكرة قابلة للحياة يف هذا الزمن ،يف هذه الوسائل يقول الشخص ما يشاء وقد يتخطى الحدود بني الخاص والعام ،بني الشخيص و الرأي املعلن ،أو بني التنظيمي الداخيل والجامهريي العلني فيصبح كمن يريد تزويج ابنته ويش ّهر بها ،فال يستقيم األمر أبدا ً. إن االهتامم بوسائل التواصل االجتامعي رضورة وهو ما يقوم به العديد من كادرات التنظيامت ،ولكنه ال يُغني مطلقا عن الواقع ،فالواقع االفرتايض يبقى افرتايض والواقع امل ُعاش يتنفس الهواء ويسعى بني الناس فيُ ِحدث التأثري الكبري وال بديل عن االتصاالت املبارشة بني الناس. مساحة الحرية املتاحة يف النقد تلك التي للشخص مع ذاته وبني ذاته بال حدود ،وتلك من صديقه لشخصيته بينهام فقط ،وتلك لترصفاته الشخصية بني أقرانه أو يف محيط ضيق تبقى يف املحيط ،وتختلف هذه املساحة عن املساحة األخرى أي تلك املتوجب نزع غالف الشخصنة عنها كليا مبعنى إبعاد توصيف الشخص بأي شكل حينام يتخذ رأيا أو موقفا ،ويتم نقد الرأي أو املوقف ال نقد ذات الشخص (فالن ألنه قال كذا “رأي” فهو طويل قصري”ذات”...الخ) ما يخلط بينهام الكثريون لضاللة مقصودة أولتشهري أولسوء فهم آلية الفصل. 30
إذن املساحة األوىل للنقد هي مساحة شخصية بحتة ،املساحة الثانية هي مساحة الرأي العام للفرد ،ولها 3مجاالت :مجال يف اإلطار الضيق البن التنظيم (إطاره املبارش) أواإلطار األوسع (للمسؤول األعىل أو عرب املؤمتر أو الجلسات العامة) ،أو قد تصل حال شدة اإلهامل واالنكسار اىل رفع الصوت عالياً يف وسائل اإلعالم ما يجب التعامل معه بحذر. النقد لدى الفكرانيين صفر
يقع االختالف واضحاً بني التنظيامت الدميقراطية وتلك الفكرانية (األيديولوجية) فالثانية ال تفصل بني الشخص و املوقف وإمنا تربط بني إطالق التُ َهم ونقد املوقف بحيث أن املوقف إن أتخذ من أحد قادتها وإن كان مخالفا وشاذا فهو رحمه الله وسامحه أو يتم تأييده وحتى تنزيهه ،وإن أخذ الرأي من شخص آخر خارج التنظيم يتم إلصاق أبشع التُهم فيه لذات املوقف. تتصل القداسة أو النزاهة أو الصواب املطلق يف التنظيامت الفكرانية بالفكرة لتنعكس عىل ذات التنظيم وتتن ّزل عىل ذوات قادة التنظيم، فيصبحون غري قابلني للنقد ألن مآل النقد يف مثل هذه التنظيامت الفصل أواإلبعاد والنبذ ،أوالخروج من التنظيم كام قال الحاج مصطفى مشهور أحد قادة “االخوان” مستصغرا املخالفني ومق ّزما لهم ورافضاً النقد حيث قال هم: (كالورقة الصفراء التي تسقط من الشجرة الخرضاء اليانعة). ال تكف غالب التنظيامت الفكرانية األيدولوجية سواء القومية الشوفينية أوالشيوعية أو اإلسالموية عن الربط بني الشخص واملوقف بشكل متعمد، لتحقيق املفاصلة بني املعسكريني (الفسطاطني) والربنامجني و الفكرين وكأن الدنيا خري مطلق يف ركابهم ورش مطلق مصاحب لآلخر.
31
النقد لتنظيف الذات أوال ال لتنزيهها
إن النقد و النقد الذايت رضورة لتنظيف الذات أوال ،ولتصحيح املسار لس ُبل أو مخارج جديدة وإلقالة العرثات، ثانيا و لتحقيق التواصل واإلشارة ُ وحل املشاكل واألزمات ال للطم والشتم واالتهام ،و ال لبعث كوامن السلبية والظالمية واالنحسار ،وإمنا للتفكري املشرتك ببعث جديد ونهضوية ،ال تنقطع، ورصاع يسعى للتجديد والتغيري ،وإيجابية تعني قطعا الصعود ال الهبوط.
32
صلب {التنظيم} و{الهوامش} في ُ إن التنظيم السيايس يشك ُّل جسدا ً تتكامل فيه مكوناته ،وتتفاعل ،بال انقطاع ،وهي يف تفاعلها الدائم تحافظ عىل حيوية الجسد ودميومته يف حركّية دؤوبة التهدأ ،أكانت هذه الحركية مرتبطة {بالحوارأم الفعل}. إن التفاعل املكتمل الدائرة يف داخل جسد التنظيم يقتيض ُحسن التعاطي مع املسار (املسارات) ،وهذا ال ُحسن يقتيض التبادلية ،وال يعني مسارا ً باتجاه واحد أبدا ،مبعنى أن مجرى الحركة ومسارها املتدفق (السلوك: الحوار والفعل) يسري من أعىل إىل أسفل ،وأيضا بالعكس أي من أسفل إىل أعىل (يف تراتبية الهيكل التنظيمي الهرمي) ،كام يسري يف داخل املرء ذاته وحواره النفيس-الروحي الفكري ،كام يسري أفقيا (داخل الوحدة التنظيمية من خلية إىل إقليم يف حركة فتح ،وكافة التنظيامت ،أو داخل آليات االتصال يف االجتامعات والندوات والدورات ،) ...وهذا يقتيض إتاحة الفرصة الالزمة لألعضاء ألن يقدموا ما لديهم من أفكار وتجارب واقرتاحات بحرية ،دون بخس آلرائهم أو مبادراتهم ،ودون تقليل من شانهم ودون محاوالت لفرض الرأي الواحد. يف التفاعالت الكيميائية يتم ترتيب الذرات يف الجزيئات الكيميائية، ويف مثل هذا التفاعل نشهد اتحاد بعض الجزيئات بطرق أخرى لتكوين شكل من مركب أكرب أو أعقد ،أو تفكك املركبات لتكوين جزيئات أصغر ،أو تكس إعادة ترتيب الذرات يف املركّب .والتفاعالت الكيميائية تشمل عادة رّ أو تكوين روابط كيميائية .ومن أنواع التفاعل :ما يؤدي لتغيري جزيئ أو كيل، ومنه ما يؤدي لالندماج واالنصهار وتكوين مركب جديد ،ومنه ما يؤدي لتفكك وبالتايل خروج وانهيار. ومن التفاعالت (الكيميائية) ما يكون نارشا ً للحرارة ومنها املاص للحرارة عىل ما يذكر علامء الكيمياء ،وهل ترى التفاعالت اإلنسانية ببعيدة عن هذا التوصيف؟ ال أظن ذلك .رغم تعقد الذات اإلنسانية والتعامل معها، 33
إذ أنها تحتاج لتحقيق التوازن فيها –ومعها -عىل املتعاملني مع الكادر ومع الناس-بل ومع أنفسهم -أن يدركوا أوال أهمية ورضورة وحساسية املكونات (الذات /الناس) والبيئة أو الوسط املحيط ،وطبيعة التعامل محكوما بالفعل ورد الفعل ،وأيضا الهدف والنتيجة ،وهنا نحن نرى أن التفاعل املكتمل نريده يف التنظيم أن يكون نارشا لحرارة اإلميان والعمل للجميع ،وأن يُحدث تغيريات بالشخصيات داخل التنظيم مبا ميكّن من حصول االندماج واحتكاك وانصهار األفكار يف بوتقة تحقق نتيجة واحدة مأمولة. إن التفاعل داخل جسد التنظيم يسري من أعىل إىل أسفل ،فرنى االتصاالت املتيرسة واملتابعة والتخطيط وصدور القرارات والرقابة ،وتسري من أسفل إىل أعىل (يف الهرم التنظيمي) فرنى األعامل ونسمع اآلراء واملقرتحات وتُق ّدم التقارير ومحارض االجتامعات وسجالت النشاطات واالشرتاكات املالية، وبدون هذه الحركية الرائقة ،التي وجب مت ّيزها بالسالسة واللّيونة والتدفق ينسد مجرى النهر التنظيمي ويتوقف التدفق. حوض الماء والتفاعل في التنظيم
إن مستوى املاء يف الحوض (والحنفية مفتوحة عليه) يرتفع حتى يفيض يف نهاية األمر .ماذا يحدث إن تدفق املاء خارجاً أرسع من تدفقه للداخل؟ يبدأ مستوى املاء بالنزول .وأخريا ،نرى أننا إن استمررنا بتدفق املاء بنفس املعدل لتدفقه إىل الخارج فإن مستوى املاء سيبقى ثابتاً؟ إن محاكاة حوض االستحامم هذه تبني هيكلية “التجميع و التدفق” التي توجد يف أنظمة مختلفة من حولنا ومنها يف التنظيم السيايس. إن الخزن هو تراكم ،.واملاء يف الحوض هو املخزون املرتاكم .فإن استطعنا تحقيق التوازن يف أطار املخزون املجمع ،والتدفق الناتج فإننا نكون قد أدخلنا التنظيم يف مرحلة االستقرار ويف التفاعل املكتمل الذي نتحدث عنه ونهدف منه لتحقيق هذا التوازن 34
من أشكال التفاعل االجتامعي (ومنه التنظيمي :حيث أن التنظيم تفاعل بني جامعة إنسانية لديها فكر وأهداف مشرتكة وقوانني وتقوم بعمل) التعاون والتنافس والتوافق والرصاع ،ويتضمن التفاعل االجتامعي (كام يشري موقع بذورالكوكب العلمي-بالنت سيد)التفاعل أو التأثري املتبادل لسلوك األفراد والجامعات الذي يتم عادة عن طريق االتصال الذي يتضمن بدروه العديد من الرموز وهناك عالقة بني أهداف الجامعة وما يتطلبه تحقيق تلك األهداف من تفاعل اجتامعي يُيَ رّس وصول الجامعة إىل تحقيق أهدافها. استنتج مظفر رشيف (أحد مؤسيس علم النفس االجتامعي) من خالل تجاربه انه عندما يتفاعل أعضاء الجامعة قاصدين تحقيق هدف مشرتك فانه مع الوقت يربز بناء الجامعة ،ينظم األعضاء يف مراكز وادوار تحددها معايري تحكم السلوك االجتامعي وتكون أساس االتجاهات االجتامعية نحو املوضوعات واألشخاص ويحدث تفاعل اجتامعي بني جامعتني أو أكرث يلونه التنافس وتسوده املواقف املحبطة وتنمو إتجاهات سالبة نحو بعضها البعض ،ووجد أيضا عندما تكون الجامعات حتى وان كان بينها توتر ويتم بينها تفاعل اجتامعي نحو هدف مشرتك ال ميكن تحقيقه بجهد جامعة واحدة فإن الجامعات متيل إىل التعاون ويقل من خالل هذا التفاعل ما بينها من رصاعات واتجاهات سالبة. النظرية التفاعلية في القيادة
يف فن القيادة نظريات عديدة منها نظرية الرجل العظيم التي سقطت، ونظرية السامت /الخصائص للشخصية التي أصبحت مايض ،ومن النظريات الحديثة :النظرية الوظيفية ،النظرية املوقفية ،النظرية التفاعلية /التكاملية، النظرية اإللهامية ،النظرية التبادلية ،النظرية التحويلية ،نظرية مركزية املبادئ (يراجع الباحث أحمد بن عبد املحسن العساف يف بحث مهارات القيادة وصفات القائد ،الرياض) 35
ونحن يف إطار حديثنا هنا عن التفاعل التنظيمي وصلب التنظيم ،من األجدر أن نركز عىل النظرية التفاعلية التي يطلق عليها أصحابها أيضاً النظرية التوافقية ،وتقوم هذه النظرية عىل فكرة املزج بني متغريات النظريات السابقة ،فهي تأخذ يف االعتبار السامت الشخصية والظروف املوقفية والعوامل الوظيفية معاً ،وتعطي النظرية أهمية كبرية إلدراك القائد لنفسه ،وإدراك اآلخرين له وإدراكه لآلخرين ،فالحياة التنظيمية مثالً تتطلب سامت معينة للكادر والقائد ،وتختلف هذه السامت باختالف املوقف الذي يوجب استخدام بعضها وتوفره ،كام يختلف سلوك الكادر /القائد باختالف موقعه أو مهمته التي تحدد له املهام والصالحيات التي سيترصف مبوجبها (أنظر القيادة اإلدارية للدكتور سامل القحطاين ،العدد 23مجلة البحوث األمنية السعودية1423 ،هـ) . إذن تؤكد هذه النظرية عىل التكامل والتفاعل بني املتغريات الرئيسة التالية التي تحقق نجاح القائد : ◊ ◊القائد ،شخصيته ونشاطه يف الجامعة. ◊ ◊األعضاء ،اتجاهاتهم وحاجاتهم ومشكالتهم . ◊ ◊ الجامعة نفسها ،من حيث العالقـة بني أفرادهـا وخصائصهـا وأهدافها وعملية التفاعل بني أفرادها. من الواضح هنا أن “النظرية التفاعلية” ،تؤكد عىل أهمية املرؤوسني (األعضاء يف اإلطار التنظيمي) ،كعامل مؤثر يف نجاح القيادة أو فشلها .وإذا كانت النظرية التفاعلية ،تقيم فهمها لخصائص القيادة ،عىل ربط نجاح القائد بقدرته عىل التفاعل مع املرؤوسني ،وتحقيق أهدافهم ،فإن ذلك ال يعنى من الناحية الواقعية توفر القدرة لدى القائد ،عىل إحداث تكامل يف سلوك الجامعة العاملة كلها ،وإمنا يعني قدرته عىل إحداث تكامل ،لدى معظم أعضاء الجامعة العاملة . ونعود للقول ثانية أن خالصة مفهوم “النظرية التفاعلية» هي :أن القائد الناجح هو الذي يكون قادرا ً عىل التفاعل مع املجموعة ،وإحداث التكامل 36
يف سلوك أعضائها ،أو سلوك معظمهم ،آخذا ً يف اعتباره آمال أفرادها ،وقيمهم وتطلعاتهم( .أنظر بكر أبوبكر ،وجوه القيادة ،املركز الفلسطيني للدراسات، رام الله.)2005 ، كان يارس عرفات ال يعكس خالفاته السياسية أو التنظيمية عىل عالقته التفاعلية باألعضاء داخل منظمة التحرير الفلسطينية وداخل حركة فتح والحقا» السلطة ،مبعنى أنه كان يعزل الخالف السيايس بالرأي عن طبيعة عالقاته –اتصاالته االنسانية معهم ،فلم يقطع تواصله مع مخالفيه وإمنا أبقى دامئا عىل العالقة معهم يف فهم لقيم وتطلعات األفراد التي متزج بني املوقف السيايس وبني احتياجاتهم الفردية ،فإن اختلف مع أحدهم مل يكن هذا يف عرفه أن يعاقبه أو يحد من طموحاته أو يُقصيه أبدا ً. لذا نستنتج مام سبق ويف إطار التوافق والتكامل يف نطاق النظرية القيادية التفاعلية إن متطلبات التفاعل املكتمل الدائرة (االيجايب وليس السلبي) داخل التنظيم السيايس تتمثل يف تحقيق مبادئ اتصالية ثالثة هي: االنسيابية والتبادلية وتوسيع املساحات ،سواء للفعل أو الحوار يف ظل أسس الهيكل ،وطبيعة األهداف املقررة والخطط املقررة. مساحات رحبة
يقول الكاتب عبدالكريم العامري يف شبكة النبأ :إن االزدحام الشديد بني املجموعة البرشية يخلف آثارا ً مذهل ًة ونتائج بالغة الخطورة ،منها تحطم وانحالل الحياة االجتامعية (فام بالك التنظيمية) ،أما العادات والتقاليد العامة والرادع الديني اللذان يتحكامن يف ضبط النفس والسيطرة عىل عدم استعامل العنف ،فتطرحان جانباً دون اكرتاث أو مباالة. ثم يعلق بالقول :ليس علينا إال أن نفهم من أن ما يحيط باإلنسان من فراغات ومساحات تباعدت أوتقاربت امنا هي نتيجة إلحساساته من ملس، شم ،شعور ،رؤيا ،إن هذه الفراغات هي ليست مجرد حيز من الفراغ أو 37
الهواء فحسب ،بل هي وسيلة اإلنسان التصاله بالعامل الخارجي وما يحيط به وهي يف عني الوقت تحميه منه .أما زيادة الضغط عىل هذه الفراغات الحيوية والرضورية لبقاء اإلنسان عىل نحو يرضيه فقد تسبب له متاعب وأمراضا ال حرص لها وال دواء. إن توسيع مساحات التفاهم والحوار والعمل تعنى أن كل عضو أو شخص لديه الفرصة املتاحة ليطرح رأيه ،أو يعرب عن ذاته أو يقدم مقرتحه، وألن يقوم بجهد أو مبادرة أو نشاط أو عمل ويشاركها اآلخرين ،فال يستأثر رئيس الجامعة (الوحدة التنظيمية مهام علت) وكأنه صاحب األمر وليس لألعضاء سوى التنفيذ. ◊ ◊إن توسيع مساحات التفاهم تعطى للمياه (التنظيمية) قدرة إن تنقي نفسها ،ونرشبها يف النتيجة شفافة نقية. ◊ ◊إن توسيع مساحات التفاهم يعني كرس عقل االحتكار وعقل االستبداد وعقل السيطرة وعقل األنا والعقل القمعي الكامن لصالح الرحابة واالنفتاح والتسامح والجامعية. مساحات التفاهم (وهذه املساحات وإن كانت معنوية ،داخل العقل أو داخل النفس أو يف أسلوب التعامل ،فهي باتساعها متاما كاملساحات املادية من حيث هي ساحات عامة وفضاءات تجلب االنرشاح والشعور باالنطالق والرحابة لدى اإلنسان) ومساحات أو أدوات التعبري من خالل االجتامعات أو اللقاءات أو إتاحة فرصة ذات قدر كبري من األهمية مبا تقلل من االحساس بالقهر أو النبذ و من عوامل االضطراب والحنق والضغط الشديد الذي قد يعاين منه الشخص. التبادلية واالجتماع وسيادة النظام
أما التبادلية :كأحد رشوط التفاعل املكتمل يف صلب التنظيم فإنها تفرتض أوالً أن حقوق األعضاء واحدة ومصانة ،فال يتقدم أحدهم الصفوف ليقول معرتضاً :أهي هكذا فعال؟ مضيفا :نحن نعلم أنها هكذا حسب ما هو 38
مكتوب بالنظام ،ولكن عىل األرض أهناك حقوق للعضوية متساوية؟ مبعنى هل يستطيع أي عضو أن يرفع شكوى أو اقرتاح أو سؤال كام يريد ضمن التسلسل؟ أم هل يستطيع مساءلة أومقاضاة مسئوله أمام الجهة األعىل؟ أم هل تراه يستطيع أن يعارض – يف إطاره – دون خشية من عقاب ما؟ أم هل يشعر بالرحابة واملساواة والندية املمزوجة باملحبة حني يتحدث أو يعرتض أو ينتقد؟ وكلّها أسئلة مرشوعة. إن هذا ما يجب أن نراه عملياً يف مسألة مساواة الحقوق لألعضاء ،كرشط أساس لتحقيق التبادلية ،فكيف أقتنع أن هناك (تبادلية) تفرتض تحقق: املساواة والندية والحرية ،وأنا ال أعرتف أصال أو أستهني بحقوق اآلخرين؟ لنقول نحن :إن الرد عىل هذا الجدل يستدعي منا العمل معا عىل تحصني النظام ،كيف ذلك؟ نقول :بأن نقوم بتطبيقه .ويف إطار التبادلية يأيت الحوار وااللتزام كقانون محدد لتسليس تدفق مجاري املياه الدميقراطية. يقول الرسول (صلىّ الله عليه وسلم )( :ال تكن إ ّمعة تقول أنا مع الناس، إن أحسنوا أحسنت ،وإن أساءوا أسأت ،بل وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا ،وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم) ويف الحديث النبوي عىل توطني النفس باإلحسان إشارة واضحة لرضورة الحوار والرفض والنقد ،فكام يجب تحقيق االنضباط وااللتزام والطاعة فإن التبادلية هنا يف الحديث الرشيف اقتضت أن ميتلك الشخص إرادة اإلحسان بأال يكون تابعا جهوال مسيئا ،ما ينطبق مع كافة العالقات والتفاعالت اإلنسانية السوية. يجب أن تتسع املساحة الداخلية للحوار ،من خالل االجتامعات التنظيمية الدورية ،و إال أصبحت صفحات الشابكة (االنرتنت) واملقاهي ،ورمبا وسائل اإلعالم األخرى هي مساحة التنفس املستهدفة. إن دورية عقد االجتامعات تدخل يف صلب العمل التنظيمي ،إذ ال ميكن بناء الخطط واملشاريع وتوزيع التكليفات بالعمل ،وتقييم ومتابعة مسار العمل ،وتقديم التوصيات ،ومامرسة النقد والنقد الذايت إال من خالل 39
الصلة الصحيحة بني األطر املختلفة وبني االجتامع .كام ال ميكن تحقيق ِّ القيادات إال عرب االجتامع الذي يرفع التوصيات ويقدم املقرتحات ،ويف املقابل (من أعىل إىل أسفل) يتلقى التوجيهات كام يتلقى مفردات وتحليالت الوضع السيايس والتثقيفي لعرضه داخل االجتامع. إن االجتامع التنظيمي الدوري محطة الزمة للحوار ال غنى عنها مطلقا، وتوزيع العمل واملتابعة واتخاذ القرار فيام هو من شأن اإلطار (الوحدة التنظيمية) والنقد والتخطيط ،ما يعنى أنه كلام اتسعت هذه املساحة كان املردود ايجابيا عىل العضو ،بحيث يشعر بكيانه ودوره وإنسانيته ،وأنه ميارس فعليا حقه التنظيمي ،وإال فإن التفلّت واللجوء لوسائل تعبري أخرى يصبح لديه أكرث قبوالً ،السيام يف ظل سيل املعلوماتية الذي يتدفق ليل نهار يف أذنيه وأمام برصه ،يف كل آن ولحظة ،ويدعوه للكالم واثبات الذات ،والرصاخ وأحيانا البكاء والعويل. سيادة النظام :يف طرفة تُذكر أثناء خطاب جامهريي لرئيس نظام قمعي عريب ،همس األول من الجالسني املستمعني يف أذن الثاين :أأنت مع سيادة القانون أم مع سيادة الرئيس؟ رد عليه الثاين باسامً :هل بإمكاين اختيار اإلثنني معا؟ األول وقد رمقه حراس املستبد بنظرة حادة تعنى أن أغلق فمك فالزعيم يتكلم ،وإال! فابتعد عن زميله جازعاً ،وقال يف نفسه :عرفت الجواب. إن سيادة النظام ال سيادة املسؤول يجب أن تكون ال َحكَم ،وهذا ال يعني فرط عقد االلتزام مطلقا ،وإمنا تأيت معادلة االلتزام مبقدار االلتزام بالنظام الداخيل ،والصالحيات املحددة والقيم واألهداف بالجامعة. وكام (ال طاعة ملخلوق يف معصية الخالق) فال طاعة ملسؤول يف معصية القانون أو النظام ،ولكن الرد بوسائل النظام ،أي معالجة خرق القانون بتفعيله ،ال خرقه ،وهنا تظهر معادلة االلتزام وتحقيق سيادة النظام. معادلة باتجاهني :إذ ال ميكن تحقيق التبادلية والعضو مطلوب منه دوما 40
(االنصياع) لألوامر وااللتزام بالقرارات والتنفيذ لألعامل والتصفيق لالنجازات واإلشادة حتى باإلساءات ،فهذا يف حقيقته مامرسة استبدادية تحت ستار (التزام األطر الدنيا بأوامر األطر العليا) ما يجب أن يصح فقط عىل قاعدة النظام /القانون أوال وااللتزام بالقيم ثانيا والتبادلية يف اتجاهني بحيث يمُ كّن العضو من الحديث والحوار والنقد واملبادرة ورعاية منجزاته ضمن الجامعة وإبداء الرأي والدفاع عنه. ال نفرتض التزاما حقيقيا أن بخسنا حق العضو يف أن يفتح فمه أو يف أن يقرتح أو يف أن يتم شكره واإلشادة مبا أنجز ،وعليه فإن مبدأ االتجاهني تعني الحقوق والواجبات وتعني صعودا ونزوال يف الهرم التنظيمي وتعني مسار متقدم وراجع هي (االتصاالت) اإلنسانية املكتملة ،وتعنى إرسال واستقبال، وال تعني مطلقا تكميم األفواه وفرض ُحراس عىل الكلامت داخل االطار التنظيمي. إن التفاعل املكتمل يتحقق يف الوحدة (اإلطار) التنظيمية يف أي منظمة أو تنظيم سيايس أواجتامعي يف االنسيابية ويف التبادلية ويف املساحات الواسعة. االنسيابية والعوائق والتعطيل
ويف االنسيابية نقول أنه من املتوجب: ◊ ◊عدم وضع عوائق للحوار وإبداء الرأي ،وإثبات الذات يف إطار التنافس لتحقيق املصلحة العامة ،ويف ذات الوقت عدم استخدام سيف النظام بشكل قهري ،إذ يصبح التهديد ببند العقوبات يف كل ما هب ودب عجزا ً يف املسؤول ،وسيفاً عىل رقبة العضو الذي قد يرى نفسه مجربا ً أما عىل الثورة والرفض ،أو االنصياع دون قناعة ،أو إحداث الشغب والفوىض والتخريب ،وقد يتحول ملع ّوق للعمل بوضوح. ◊ ◊عدم تعطيل أدوات النظام وهي االجتامع والتقرير واملؤمتر واللقاءات، واالتصاالت مع القيادة ضمن األطر ،ملا ذكرناه يف أهمية االجتامع 41
الدوري ما ينسحب عىل األدوات األخرى. ويف االنسيابية تسامح ولني وسهولة ،ويف الحديث الرشيف« :أَت َ ْد ُرو َن عَلىَ الس ْهلِ ، َم ْن ُح ِّر َم ِت ال َّنا ُر؟» ،قالوا :الله ورسولُه أعلم ،قال« :عَلىَ الهَينِّ ِ ،اللِّينِّ َِّ ، ِيب». ال َقر ِ ◊ ◊ ُحسن استخدام النظام (القانون) ،وذلك بتحقيق التوازن بني رضورة (االلتزام واالنضباط) وبني (النقد والنقد الذايت) ويف إطار معرفة مساحات الرسية مقابل العلنية ،ويف التقابل الواضح يف النظام الداخيل (الدستور) بني واجبات العضو وحقوقه ،وبني صالحيات املسؤول بال عسف. إذن ف»التفاعل املكتمل الدائرة» كام أسميناه داخل جسد التنظيم (صلب التنظيم) من ثالثية :االنسيابية والتبادلية وتوسيع املساحات ،يغلق الدائرة أو يحقق مقدارا متوازنا بني مساهامت األعضاء داخل التنظيم وبني املردود أو النتائج التي تعود بالفائدة والنفع علينا (كمجموعة) وعىل القضية وعىل الشخص ذاته. يتفاعل األعضاء يف صلب (صلب التنظيم) تفاعال مكتمل الدائرة يف سياق توازن مرغوب ،وهو عىل صعوبته إال أن االقتناع به ،ثم تنفيذه ،ميهد لحياة تنظيمية مستقرة ،غري متوترة أو مست ِف ّزة أو تناحرية. الصراع وديغول و المع ِّوقين و «الهوامش»
يقول الله تعاىل يف محكم التنزيل ( قَ ْد يَ ْعلَ ُم اللَّ ُه الْ ُم َع ِّو ِق َني ِم ْن ُك ْم َوالْقَائِلِ َني ِإل ْخ َوانِ ِه ْم َهلُ َّم إِلَ ْي َنا َوال يَأْتُو َن الْ َبأْ َس إِالَّ قَلِيالً) (األحزاب )-18ويف التفسري لآلية الكرمية يقول ابن كثري ما نصه(( :يخرب تعاىل عن إحاطة علمه باملعوقني- والعوق هو شدة املنع والرصف -لغريهم من شهود الحرب (والجهاد بكل أنواعه هنا) ،والقائلني إلخوانهم أي أصحابهم وعرشائهم وخلطائهم{ هلم إلينا} أي إىل ما نحن فيه من اإلقامة يف الظالل والثامر وهم مع ذلك{ ال يأتون البأس إال قليالً .أشحة عليكم} أي بخالء باملودة والشفقة عليكم ،وقال 42
السدي{ أشحة عليكم} أي يف الغنائم ،فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغىش عليه من املوت {أي من شدة خوفه وجزعه، وهكذا خوف هؤالء الجبناء من القتال} فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة ح��داد} أي فإذا كان األمن تكلموا كالماً فصيحاً عالياً ،وادع��وا ألنفسهم الشجاعة والنجدة ،وهم يكذبون يف ذلك ،قال ابن عباس{ :سلقوكم} أي استقبلوكم ،وقال قتادة :أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا ،قد شهدنا معكم ،وأما عند البأس فأجنب قوم وأخذله للحق ،وهم مع ذلك{ أشحة عىل الخري} أي ليس فيهم خري قد جمعوا ال ُجنب والكذب وقلة الخري}. فهم كام قال يف أمثالهم الشاعر :أيف السلم أعيار جفاء وغلظة ** ويف الحرب أمثال النساء العوارك؟ (األعيار :جمع عري وهو الحامر) أي يف حال املساملة كأنهم ال ُح ُمر ،ويف الحرب كأنهم النساء الحيض ،ولهذا قال تعاىل: {أولئك مل يؤمنوا فأحبط اللّه أعاملهم وكان ذلك عىل اللّه يسريا} أي سهالً هيناً عنده)). ويقول د.محمد املجايل عميد كلية الدراسات العليا يف الجامعة األردنية تعليقا عىل اآلية الكرمية عن املعوقني (عجيب أمر القرآن وهو يتحدث برصاحة عن فئة من الناس ال ه ّم لها إال إعاقة الخري ،بأية وسيلة متاحة، ولو بالكلمة؛ ال يعجبها الخري ،وانتشاره ،وال املجتمع النظيف اآلمن ،وال حتى الخريية لها ،ألن فكرها مش ّوش وبوصلتها تائهة ومعايريها منقلبة ،جمعت الضالل والظالم معاً ،فامذا نتوقع من أمثال هؤالء إال الوقوف عرثة يف طريق الحق؟ واألعجب مام سبق ،أن يظن اإلنسا ُن نفسه أنه عىل حق ،يف مبدئه ومنهجه ،ويسارع إىل تخطئة اآلخرين ونقدهم النقد الالذع ،وهو يعتقد أنه متبع رأياً سديدا ً). ونحن نقول إن كان املع ِّوقني يفرتضون بأنفسهم أحيانا أنهم عىل حق كام يعتقد د.محمد املجايل ،فإن هناك فئة ضالة ُم ِضلّة فاسدة ُم ِ فسدة، 43
هي يف األصل ليست من صلب “التنظيم” ،تعلم أنها مضلٍّلة (بكرس الالم)، وذات أهواء ،ولكنها تتامدى َغيَّا وتتامدى يف الخطايا وتتامدى فسادا خفية أو علنا ،فقط تحقيقا ملصالحها الذاتية أو مل ُشغّليها ،ولو كان الثمن هو أن يدوسوا اآلخرين جميعا أمامهم ،إنهم مع ّوقني (بكرس الواو) وهم انتهازيني وهم يف نفس الوقت متسلقني استطاعوا أن يركبوا رأس الهرم االجتامعي أو السيايس أواالقتصادي أو التنظيمي وتربعوا عىل عرش النظام قاصدين هدمه أو استبداله أو إحالل من يشابهونهم مكانهم وهم يف املجتمع األخطر واألكرث صعوبة يف ذات الوقت أن تصل لهم وتكشفهم ،إنهم “الهوامش” املعوقني للحق ،الذين سادوا. إن التفاعل ويف شكله اآلخر (الرصاع) قد يبقى مقبوال ما دام يف نطاق البيت الواحد ولهدف جامع ،ويصبح ذو طابع تخريبي ممجوج عندما يخرج من بوابة املنزل الرحب – هذا إن كان رحباً فعالً – وهنا يظهر من نسميهم «الهوامش» :وهم الطبقة الطفيلية أواالنتهازية أواملتسلقة التي ال تتمتع ال بالوعي وال الحس وال بالثقافة وال بالقيم وال بالتجربة التنظيمية وال بالفكر واألهداف التنظيمية ،لتستغل قربها مجرد قربها– لغفلة من الزمن– مع القيادة ،وتحاول أن تفرض رشوطها وأفكارها املنحرفة. أن الهوامش يف جسد التنظيم مجموعة من التجار املرتبّحني من تجارة السلطة الحاكمة داخل البلد أو التنظيم املستأثِر أو املؤثر ،وهي الجامعة التي متاهت نظريا مع أفكار الحركة (أو التنظيم أي كان) ،أويف الحقيقة مع توجهات القيادة -بغض النظر عن صحتها أو فسادها -دون سند من تاريخ أو قيم أو فكر إال تاريخ وقيم وفكر الوصولية مبا تعنيه من ذاتية غالبة ،ومن مصلحة شخصية طاغية قد تصل لحد االغتيال السيايس أو حتى الجسدي للمعارضني أو املعيقني للهاميش ألن يصعد يف سلم رغباته. إن الهوامش (وهم أصال عىل هامش الفعل والتجربة والفكرة كام هوامش الصفحة ال متنها) يف جسد التنظيم الثوري يتكاثرون كالفطريات ،متاما 44
كام الفراشات عىل الضوء أوباألحرى كالذباب عىل املزابل ،إذ يستطيعون إن يعملوا يف ظروف قاسية ،ألن أهدافهم االنتهازية واضحة املعامل وعجلة مصالحهم تدور ،و منطقة استهدافهم هي املسؤول (القائد /الزعيم) ،ومربرها مصلحي بحت ،وان بثوب وطني هو قطعا زائف. ّ ّ شك الجرناالت حول الرئيس ديغول بأحد الوزراء بأنه يتعامل مع جهة أجنبية ،ولكنهم مل يستطيعوا أن يضبطوه متلبساً ،أو أن يجدوا عليه دليل إدانة واحدة ،وظلت شكوكهم تتزايد من ترصفاته وسلوكه إىل أن جاء اليوم الذي اضطروا فيه لعرض األمر عىل الرئيس ،فاستدعاه واستغل محرر فرنسا من النازية “شارل ديغول” جاذبيته (كارزما الشخصية) فأطال انتظار الوزير تم أدخله وبعد فرتة صمت مرعبة وهو يدير الظهر له ،واجهه مباغتا بالقول: منذ متى وأنت تتعامل مع العدو؟ فقال الوزير الذي أخذته املفاجأة :منذ سنوات. وهنا قال ديغول -بعد أن اعرتف الرجل من هول الصدمة -لكن مخابراتنا مل تستطيع أن تجد عليك دليالً واحدا ً؟ ماذا كنت تفعل؟ وكيف كانوا يتصلون بك؟ قال :مل يكونوا يتصلون يب وال أتصل بهم ،وإمنا كل ما طُلب مني عندما ُج ّندت هو أن أتخري أسوأ الشخصيات ألضعها يف قيادة اللجان أو املؤسسات املختلفة. مثل هؤالء من «الهوامش» عىل هامشيتهم -ومتوضعهم الحقيقي عىل هامش ُصلب التنظيم -من حيث الفكر أو القيم أو التجربة التنظيمية ميلكون براعة التسلق والتزلف والتقرب من املسؤول فال يضريهم اإلساءة املقصودة لخيار الناس وال يضريهم أن يسقط التنظيم ويندحر ،كام ال يهمهم أن تتناحر الناس وتشتبك ،بل هم يتحمسون لذلك إن مل يكونوا أساسا املحرضني واملحفزين عىل التدمري. يف الثورة الفلسطينية ظهرت يف فرتة معينة عبارة (االستزالم-من زملة أي رجل) أي االرتباط الفردي بقائد يسبح بحمده دون الله ،أو دون النظام ،أو 45
دون الحركة ،وظهرت مصطلحات «االنتهازيون واملتسلقون واالنبطاحيون» يف إطار الخالفات الفكرية أو السياسية – وان كان كثري منها قد تم تعريفه بشكل تعسفي إال أنه يف البعض منها كان صحيحا -وما ندعوه اليوم باسم الهوامش هم األخطر ،فاألوائل من االنتهازيني كان لهم تاريخ يف الثورة أو إميان جزيئ بالفكرة ،أما الهوامش فال إميان وال عمل إال ما يحقق رغبة الذات أومصلحة العدو عدا عن افتقادهم الكيل للقيم واألخالق ناهيك عن فقدان التجربة التنظيمية-الجامهريية. إن صلب التنظيم يشتمل عىل العقل والفؤاد ،و يشتمل عىل اللب والقلب ،كام يشتمل عىل األطراف فإن كان العقل يتوزع عىل الجميع بشكل شمويل ،فإن القلب مبعنى الرحابة واملحبة وتحقيق التفاعل املكتمل الدائرة مطلوب من الرئيس أو القائد أو املسؤول ،دون إهامل لوجود الهوامش والتعامل معهم بق ّوة ،ولكن بنفس الوقت دون تضخيم لهم عىل حساب ُصلب التنظيم.
46
حركة فتح والفكر التنظيمي إن الفكر التنظيمي لحركة فتح ينعقد له اللواء بالتعانق ما بني فكرة التحرير والهياكل التنظيمية ومقومات األداء حيث يتحقق الرابط الوثيق بني اإلميان بالفكرة واملسارب أو املسارات التي عربها يتم متثيل وتكريس وتحقيق االنتامء وااللتزام ما يعرب عنه بالهياكل التنظيمية من القاعدة إىل القمة التي متارس العمل أو القيام باملهمة أو األداء. إن مهمة الكادر وواجبه يحدده النظام الداخيل بوضوح لكل إطار ،وبال عمل ال يوجد تنظيم إذ أن العمل هو مكمل خاميس التعريف (الفكرة، أعضاء ،هياكل ،نظام ،عمل) وكام أوضحنا فأن حركة فتح تنظيم العمل الدائم املرتبط بالفكرة والقضية والناس. إن آليات العمل ضمن الهيكل هي ُمحققة الفكرة وقناة األداء وسبيل التواصل عرب االحتياجات والتقارير واملؤرشات. لذلك فإنه يصح أن نقول أن الفكر التنظيمي يستند للمفاهيم التالية: 1 .1اإلميان العميق بفلسطني جامع لنا ،وبفكرة التحرير ،ورضورة النضال بكافة األشكال ابتداء من الكفاح املسلح وحرب الشعب إىل إبداعات الفلسطينيني باالنتفاضات والكفاح أواملقاومة الشعبية ،وبناء الدولة ومؤسساتها. 2 .2وكام ينص النظام الداخيل فإن االنتامء وااللتزام فيام هو محظور ومرتبط بالوقت واملهمة إىل جانب علنية األفكار والسياسات والرؤى ثم النقد والنقد الذايت تشكل ركناً رئيساً يف الفكر التنظيمي للحركة. 3 .3الخطاب الحضاري املستمد من بيئتنا ومحيطنا وكياننا وامتدادنا العرويب اإلسالمي :فحركة فتح بكادر تنظيمها املسلم منه أو املسيحي، املؤمن بالله وبقدرته عىل العطاء هو من صلب هذه الحضارة وهذه الثقافة مهام تعدد عنده الرأي كمكون شخيص إنساين قابل لألخذ والرد وللخطأ والصواب ما ينزع أي مفاهيم ظالمية بقداسة أو مطلقية الرأي 47
الذي يجب أن ينضبط للفكرة واألطر. إن حركة فتح فرسان العقل يف الحضارة العربية اإلسالمية بعطاء دائم وحضاري ومنفتح عىل كل تجارب الشعوب ،وباحرتام شديد لكل اإلسهامات املسيحية واإلسالمية يف أتون هذه الحضارة ،وكذلك بالنهل من الحضارات األخرى ضمن االنفتاح والوسطية واالعتدال الذي متثله حركة الشعب الفلسطيني. 4 .4إن اإلبداع يف صلب التنظيم يرفض ورقة النعي أو السوداوية أو البكاء و اللطم، وإن كان اإلبداع يرحب بالنقد وفق أرضية اإلصالح والتطوير والتقدم ويف ذلك دوما تكون البداية من عندي (عندك) حيث ال يقبل الفكر التنظيمي الفتحوي مفهوم عالقة املالبس (الشامعة) سواء كانت متمثلة بالقيادة أو بالنظر أحادي الزاوية للسلبيات واإلخفاقات.
إن كل إخفاق أو سلبية يجب أن تقابل بعفل إيجايب وكل تراجع أو أزمة يجب أن تكون دافعاً وحافزا للمراجعة واالستفادة لتشكيل دفعة لألمام وليس إىل حافة الهاوية. إن اإلبداع سياق فعل متصل ،وأفكار وخطط ال تنضب فإن تكون فتحاويا فأنت صاحب اإللهام لآلخرين ،ومدرسة اإلقدام والشجاعة ،ورمز اإلنجاز قبل أن تتصدى لآلخرين بشجاعة أيضا مشريا إىل سلبياتهم أو مساوئهم. 5 .5التواصل التنظيمي :مل تعد الفكرة وحدها واإلميان بها والتعبئة باتجاهها هي عامل االستقطاب والحفاظ عىل العضو ،ومل تعد النشاطات هي املحفز الوحيد لألداء حيث أن االتصاالت بأشكالها املختلفة يف السياق الرأيس واألفقي ،والشفوي منها والكتايب ،الفردي منها والجامعي والجامهريي كلها تشكل حقيقة التعاون والتنسيق والتسان. إن دخول العامل يف عرص الفضاء والشبكات (االنرتنت) ولغة التواصل االجتامعي أصبح يوجب عىل كادر الحركة أن يقود هذه الوسائل مبا ترسمه الحركة من سياسات ورؤى وخطط ،ولكن ذلك عىل أهمية ما ثبت بالثورات العربية الحديثة. 48
ال غنى أبدا ً عن االجتامع التنظيمي واللقاءات التنظيمية املهرجانات الجامهريية يف آليات متابعة يومية ودورية تجعل من التواصل قنطرة توحيد األفكار ومكان التنفيس كام طلب البعض ،ومساحة تصارع أو تقابل اآلراء وحيث يجب أن يكون عامل التوافق هو محركنا يف ذلك. إن اإلدارة الحكيمة أو الرشيدة يف التنظيم تجعل من التواصل التنظيمي مدخالً لتحقيق الخطط والربامج عرب تنظيم الجهود وتوجيهها وقيادتها واملحاسبة عليها. 6 .6االرتباط مع الناس :إن فتح مل تقبل أن تكون حركة الطليعة أو الصفوة املنقطعة عن الناس أبدا فمزجت بني طليعية كوادرها ،وجامهريية تطلعاتها وعالقاتها مع الناس باملحبة واالعتامد والتعلم من الجامهري وتحسس شؤونها وحاجاتها ودوام االقرتاب والتواصل معها ،فحركتنا كالسمكة ،تعيش الجامهري متى ما انقطعت عن العوم يف هذا البحر تالشت وانتهت. إن فتح الجامهري محبة غامرة ،وفعل خدمة ال تنضب ملصلحة الناس (مادة الثورة) معينها فال يجوز يف الحركة أن نرتفع عن الجامهري وندعي العلم أو القداسة أو املعرفة أو النزاهة أو االستعالء كام هو شأن تنظيامت أخرى تضع بينها والجامهري حاجزا نفسيا أو دينيا بادعاء عصمتها أو فوقيتها ما هو يف حقيقته سقوط للفكرة والقائد التنظيمي معا. إن الجامهري هي مقياس النجاح أو الفشل ،ومهام كانت األفكار عظيمة فإنها تظل حبيسة العقل أواالدارج أو األوراق أو الشابكة إن مل تعتنقها الجامهري وتجعل منه كائنا حيا يرزق. 7 .7اإليجابية واملؤسسية :إن حركة فتح مل تكن يوما من أولئك الذين يردحون أو يدعون املظلومية التاريخية أو البكائني عىل أمجاد عابرة ،أومن مستدعيي التاريخ لينقذهم ألن فكر العمل واالنجاز يعيش بالعقلية اإليجابية ،والعقلية اإليجابية تظهر باملنعطفات الصعبة يف املآيس يف 49
الضائقة واألزمات فتتغلب عليها بآليات حل األزمات وباالستفادة من التجارب وبدفع العربة إىل األمام. إن قاعدة البكاء واللطم والسلبية ليست من شيم الرجال أو النساء يف حركتنا ،ألن مشعل االنتصار يسري يف فضاء عقلية اإلنجاز والتطور والتدفق الحر إىل األمام. إن االيجابية واإلبداع وااللتزام واالرتباط مع الناس والتواصل التنظيمي مع فكر التحرر كلها من مقومات املؤسسة التي تشكل فيها اإلدارة الحكيمة للمؤسسة فرضا الزما وليس سنة ومن هنا القائد الحقيقي هو الذي يشيع املناخ االيجايب الحافز تحت إدارته أو قيادته وهو القادر عىل دفع لآلخرين للتحرق شوقا لتنفيذ واجباته ،وحيث أن البداية دوما من عندي (عندك) عند أي عضو أو كادر فإن املسؤولية تكرب بكرب املوقع حيث ال يجوز أن نلقي اللوم عىل األعضاء أو الكوادر يف ظل تقاعس أو خذالن أو ضعف القائد. إن عقلية املؤسسة وإيجابية التفكري واملناخ هام من أركان البعث التنظيمي ،والنهضوية يف حركة فتح حيث ال يصح أبدا االستناد إىل حوائط غري ثابتة وإمنا إىل الفريق الذي يسند بعضه بعضا من خالل توزيع األدوار واملهامت والواجبات ،وصون الحقوق. إن حركة فتح هي حركة األسس التنظيمية واإلدارية والسياسية الثالثة حيث العمل مركز وحيث العمل عمود الخيمة وسارية السفينة وهو العمل املرتبط باإلميان بالله والفكرة والقدرة عىل تحقيق األهداف وليكون التناغم والتناسق العمود الثالث أو الركن الثالث لتنظيم لن يُهزم ،مقدام ،مطور قادر عىل التفاعل والحياة.
50
النضال الداخلي وشجاعة الصراع يعاين التنظيم السيايس أو املؤسسة من رصاع دائم يكون يف املؤسسات أو الجامعات ذات “االتصاالت الفاعلة” رصاعا نحو بناء أو تكديس أو إبراز اإلنجازات وبالتنافس لخدمة الناس وأهداف التنظيم. يكون الرصاع يف التنظيم املرتاجع واملخلخل واملنتكس محتدماً حول األحقية والواجب ،واملفرتض والواقع...الخ ،وما يشوب ذلك من تكالب عنيف المتالك عنارص تأثري وقوة وامتيازات أكرب قد تخرج عن حدودها. يهمل كثري من األشخاص يف داخل هذا الجسم التنظيمي (أو يف أي جامعة) أنه هو نفسه جزء من الرصاع بأفكاره وأقواله وأعامله ،فريى باآلخر فقط صلب املشكلة أو يف اإلطار ،أو يف داللة أو فائدة األفعال ،وعليه يصبح الرصاع موجة اجتياحات للمتناقضات يف داخل التنظيم ،كام هو يف ذات اإلنسان منبع الرصاع الحقيقي ومجال النرص والفوز فيها. الرصاع هو تدافع ذايت إنساين سواء داخل النفس ،أو مع املحيط ،وأشد أنواع رصاعاتنا مع أنفسنا ،يف ذاتنا مع أفكارنا وتوقعاتنا بناء عىل افرتاضاتنا. لمن الفضل ،والرضا
عندما أنجز عمالً-أي عمل -وتظهر نتائجه اإليجابية الواضحة ،ما يحقق يل الرضا أو السعادة أواالمتنان ،وأكون فرحا جدا فأتوقع من اآلخرين أن يهنئوين أو يكافئوين أو يشكروين ،أو ينسبوا الفضل يل عىل األقل ال أن يهملوين أو ينسبوه لهم هم ،وعندما أتحدث عن موضوع ما وليكن #غضبة_القدس أو (هبة القدس) وصريورتها منذ استشهاد محمد أبوخضري ()2014 /7 /2 ثم القائد زياد أبوعني كتواصل مقاومة أفرتض أن ما أقوله الحقيقة ،فكيف إن جاءين من يذكر أن تصدي لجان املقاومة ،وصمود قرية قُرصة بنابلس، وصمود الخليل منذ أعوام وخاصة منذ بداية العام 2014ميثل تراكم مع 51
صمود املقدسيني ليصنع عوامل الغضبة أو االنتفاضة؟ هل أترك ما يُذكر من معلومة أو حقيقة وأفرتض صحة ما أقول فقط؟ دون تغيري أو تعديل أو نقاش أو تق ُبل ،أو جدال؟ كل منا قد يفرتض أن الحقيقة أو الصحيح إىل جانبه ،لذا يفرتض أن ّ يتفاعل اآلخرون معه وفق قاعدة فهمه هو ،هكذا يظن أو يأمل. قد يلقى القبول نعم ،ولكن قد ال يجد الشخص املؤمن بفكرته {املطلقة} من الكثريين إال حالة من حاالت الص ّد والرفض أو الدس ...وهو حقيقة الرصاع إذ كيف نظن بأنفسنا الحقيقة املكتملة كأنها القمر املنري وال يكون هناك معارض لها؟ أو ال تكون حقيقة أصالً...وكيف نظن أن ال أعداء للحقيقة أيضا يف االتجاه اآلخر. أصل الصراع قوتان أو أكثر
أصل الرصاع قوتان (أو أكرث) متقابلتان -وكام قلنا -يف الذات يف النفس، وبني الناس ،ويف املجتمعات ،ويف الجامعة ويف التنظيم السيايس أو االجتامعي، وعىل رأسه ،السيايس وبني الكائنات ويف الطبيعة عامة. لذا كان “الجهاد” مبعانيه العديدة خوضا للرصاع ،بصرب وشجاعة ومحبة، وكشفاً ملجاهل الذات (ألهمها فجورها وتقواها). إن الظن الذي يصل أحيانا يف كثري منا لحد اليقني بأن “كل” ما نقوله أو نفعله حقيقة أو صواب ،قد يكون نابعا من ثقة ومن حرص ،رمبا ،لكنه قد يكون كذلك يف أجزاء منه ،ومن هنا قد ال يراه اآلخرون كلّه أو جزء منه كام نراه نحن ،أو قد ال يرونه كام نراه ألنه صادر مني ،ويف ذلك استمرارية “ألوالية” الرصاع حيث قوتان أو أكرث متقابلتان تتبارزان ،تتنافسان.
52
«تحاث» الصبر والتجاور
“تحاث” الصرب والفهم وحسن التفاعل وشجاعة التف ّهم والتقبّل والتحاور بل والتجاور لألفكار والتناصح واإلقناع والعرض والكظم والحوار واالقرتاب تصبح مطلوبة يف أوالية الرصاع وتحاثّ القيم (التحاث أكرث من الحث حيث كل قيمة إيجابية تحث عىل بناء قيمة أخرى إيجابية ،فقيمة الصدق قد تطلق قيام كثرية مثل قيمة املوضوعية وقيمة املوضوعية تستدعي قيمة حسن اإلنصات والحوار والتقبل والشجاعة.)... عندما تحدثت يف أحد الندوات عن أهمية اإلدارة للموارد واألفكار من -1 أموال و -2ناس ،و -3وقت ،و -4أفكار ،و -5أعامل داخل التنظيم السيايس (ويف أي جامعة) ما يجب ُحسن استخدامه ضمن آليات علمية إدارية ،قام األخ أحمد وتصدى بقوة معتربا أن “الوقت” ليس موردا أبدا ،فرد عليه خالد قائال :وهل املوارد دامئة أم أنها تنفد؟ قال أحمد املعرتض :بل هي تنفد ،فقال خالد :إذن فالوقت مورد ،فام أرسع نفاده ،أكرث من قوة األشخاص واملال! فكل ما متتلك ينفد ،وقد يتناقص فينفد أو يزيد وعليه نستطيع أن نعرفه كمورد. وثار جدل كان فيها للصرب واالستامع واالحرتام والتقبل يف محاولة جميلة من األخني ليصال معا -واكرر معا -ملفهوم يتشاركانه ومع الحضور ما أدى بالنهاية لنتيجة عربت عن ذاتها بشجاعة التقبل والتفهم والتغيري. ملاذا كل ذلك؟ إنه قاعدة “التحاث” التي تربز فينا لتحقيق راحة ذاتية ورضا واستقرار ،ولتثبيت اإلميان الذايت وبالفكرة ،وجدوى العمل من جهة، ومن جهة أخرى تحث عىل “التفهم” مبعنى البحث يف املشرتكات والتقاطعات والجوامع والقواسم ما يعني “تنازل” عن قسم مام نؤمن به ،أو تقبله بعد فهمه رمبا بشكل جديد ،أو مبشاركته.
53
المصالح تلوث العذوبة
لو افرتضنا أن األخ أحمد أرص عىل رفض موقف املحارض يف الندوة وهو أنا وبرشاسة ،أو أرص عىل رفض موقف خالد املخالف لرأيه ،جملة وتفصيال، فامذا ميكن أن نقول يف هذا الوضع؟ إنه وضع صعب جدا ال شك. إن افرتضنا أننا كمجموع (داخل اجتامع ملؤسسة أو تنظيم سيايس ،أو يف ندوة )..نتخذ موقفا موحدا وصحيحا؟ نحن نراه هكذا أي موحدا وصحيحاً، قد يكون هو املوقف الصائب ،ولكن قد يصيب أحمد املختلف معنا بالرأي (داخل االجتامع أو الندوة )...يف جزء مام قاله أيضا وقد يكون مخطيء ،ولكن إن أرص أحمد (كنموذج) أنه ال يخطيء أبدا ً –مثال -بالقول ،أو باملامرسة فقد يقفز سؤالنا عن العقل املغلق أو املوقف املسبق أواملصلحة هنا بقوة ليجعل من تساؤلنا عن السبب وراء ذلك منطقيا. لدي أنا أو لدى اآلخرين قد تطغى كثريا عىل عفوية نعم هناك مصالح ّ أوعذوبة أو مصداقية أو دقة الفكرة أو املوقف أو الفعل ،ولكننا ال نتمكن أبدا ً من عزلها فهي من العوامل الكثرية املتحكمة بالرضورة يف نشاط العقل واتخاذ القرارات وبتحديد املواقف من اآلراء واألفعال والنظر إىل األشخاص. عود عىل بدء فإن الحوار الذايت عملية متواصلة ال تنتهي ،يداعب فيها الضمري الوعي بالدين والواقع والقوانني واملواقف ،حيث أخوض مع ذايت يوميا مثل هذا الحوار الرضوري والجاد ،والذي قد يصل يف مداه للتفكري يف “جدوى” األشياء أو االنتامءات أو املواقف بل قد يصل “التفكري الحدي األقىص” للتفكري يف االميانيات والقطعيات. «تحاث» التنقيب وتطوير فهم الصراع
ويف ذات آليات التفكري ،والبحث والتشكك ال بأس أن يكون ذلك ،ولكن يجب حثّ الذات عىل البحث والتنقيب والدرس والتأمل وحسن النظر يف آالء الله ويف اآلخرين ،فلرمبا نجد حتى ب”األرشار” منهم فيهم بصيص 54
أمل أو سطعات نور ،أو نلتمس لهم األعذار الرتباطات ومصالح وتحالفات وتقاطعات صحيحة أوغري صحيحة ،ولكنها تصب يف آلية فهمنا نحن لذواتنا، وإحسان فهمنا لآلخرين ومحركهم الذايت. أمل يكن من األجدر فينا كلنا وباألخوين أحمد وخالد املختلفني بالرأي يف مثالنا أن يوطّنا النفس دوما عىل آليات تحاث التنقيب ،وعىل صعوبة توطني النفس عىل التفكر والتقبل ،بأن تحيل األمر لذاتك أوال ،وتبدأ من هناك. لدينا واج���ب ذايت ب��ح��ثّ ال���ذات ع�لى تطوير فهمنا لذاتنا وللرصاع=الجهاد=النضال ورضورته وكيفية استثامره إيجابا يف رسم شكل الذات القادمة ،أي كيف أريد أن أكون. (المساحة) المشتركة فيزيائيا ً
نعم إن للسنوات وعمليات الدرس والنظر والتبينّ والتأمل والتفكر أثر كبري عىل التثبت واليقني ،ونعم لها أثر كبري عىل تقبل اآلخر (ورمبا بأشكال سلبية مثل تجنب أو إدارة الظهر أو اختيار مساحة بعيدة )..بعجره وبجره ،فامذا ميكن أن نفعل معه ما دمنا يف نفس املنطقة أو املحيط أو املساحة املشرتكة أو اإلطار (نفس البيت ،املدرسة ،الرشكة ،املؤسسة ،التنظيم ،املجتمع).. ال يستطيع الطالب يف جامعته من أن ينفصل عن مساحته ومحيطه الجامعي املنخرط فيه ،كام قد يكون مهووسا مبحيطه القروي الفئوي ،أو بانتامئه الحزيب الضيق ،وتصبح هذه املساحات بدال من أن تكون عامل نضال وجهاد مع األشقاء عامل «تغاضب» داخل الشخصية السلبية التي تستل من كل الفضاءات هذه ما يعينها عىل تخطي اآلخرين ال االقرتاب منهم. ويف هذا املعطى قد نبتئس وننقلب ونرتاجع ون�ترك ،نرتك املساحة املشرتكة فيزيائيا (قد تظل املساحة املشرتكة مع اآلخرين عقليا تحكمنا) ومثل هذا الرتك والتخيل هو فعل املتطهرين املثاليني ،وقد ننساق وننجر 55
وننتهز(من االنتهازية السياسية) ونتساوق ونهتبل الفرص مع األنذال-من نراهم كذلك -ولكن يف املقابل اإليجايب قد نتفهم ونعي ونخوض الرصاع ونجاهد ونتعب ونرتقى بذواتنا ،ونحن نرى اآلخرين مبصالحهم وانتهازيتهم يرتاكبون ويذوون ،وليكن. «الحرث» و«التحاث» و«الجهاد الكبير»
يجب أال ينرصف تفكرينا وفعلنا أبدا عن “التحاث” وعن “الحرث” يف حقل الذات أوال ،كام يقول عيل رشيعتي ،بل علينا أن نجاهد به “جهادا كبريا ً” (يف اآلية الكرمية الجهاد الكبري هو الجهاد بالحق والقرآن والكلمة) ويف هذا فإن تحقيق النرص يتمثل مبدى تحقيق انعكاس الذات عىل اآلخرين أو يف اآلخرين ،انعكاس تجربة الذات االيجابية بنقلها لآلخرين ،فانتصار الذات إن استطعنا نقله قد يكون مدويا يف نفس اآلخرين شاءوا أم أبوا ،أحسوه واضحا أم مل يدركوه. النضال الخارجي
«الجهاد الداخيل» والنضال يف الرصاع املقصود هو :يف ذايت ،أنا حيث حقل الحرث و ّيف أنا حيث مكان التفكّر ،وأنا من ميثل مساحة التغيري ،يف كل ّية نفيس ومجامع فكري ،وما ينتج عنه عديد الترصفات والسلوكيات. يف املعطى املثمر وااليجايب واملنري يف نفيس وذايت إن مل يظهر أثره يف نضايل ورصاعي وجهادي وكفاحي اإليجايب النتيجة ،أي يف كفاحي “الداخيل” أن مل يصبح خارجيا مضيئا يف داخل سواي ،أي بشكل “نضال خارجي” وهو النضال الذي أبذله لينعكس بعملية انتقال أقوم بها وأسقطها وأنقلها يف ذات اآلخرين أي خارج ذايت ،فقد يظل هذا الجهاد “الذايت” الهام الذي أقوم به ذو يل أنا فقط ،وقد يصبح منكفئا ويقود للمثالية. تأثر فردي ع ّ أنا أريد أن أصفع الروح الغرورة املتكربة االنتهازية يف ذايت قبل الجميع، 56
ويف اآلخرين الحقا ،وأنقل نضايل الداخيل بخارجيته كتجربة مشمسة لآلخر يف ذاته وداخل الجامعة ،وعىل صعوبة ذلك مع عديد الشخصيات إال أن نجاحي هنا إن استطعت نجاح شجاع ومضاعف ومأجور.
57
النقد والتوبة وقوى الرفض ،وانحراف الرسول! عندما تظهر مالمح النقد يف التنظيم السيايس فليكن لديك قناعة أن هناك قوى رفض تتشكل .وليس الخوف من النقد أو الرفض بحد ذاته ،وإمنا يأيت الخوف ورمبا الخطر من القناة أو األسلوب ،كام يأيت من االستغالل مبعنى أن تتقدم طبائع األشخاص وهواهم الشخيص عىل حقيقة اإلصالح أو التطوير أو التغيري املفرتض أنه هدف النقد. يف حركة فتح يظهر النقد ضمن مدارس عدة ال تتوقف عند تبيان املثالب وال يحدها حد اىل درجة الشطط أحيانا يف التعرض داخل األطر ويف خارجها ملا تراه خطأ ،وإن كنا مع مدرسة النقد الصارخ داخل التنظيم يف األعم واألغلب فإن نقد الظواهر أو الحاالت الخارجة يعد مطلبًاها ّما. أنا المنقود أوال
من حيث ترىب الكادر يف حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح عىل رضورة أن ميارس نقد ذاته (وهي بذات مهمة املؤمن يف تنقية نفسه يف عالقته مع الله والناس) فإنه بذلك يتحصل عىل قوة نقد اآلخر باملعنى الذي يعطيه الحق أن يشري اىل ترصفات أو أفعال أو مامرسات أو أقوال هذا أو ذاك يف إطاره (خليته ،شعبته ،لجنته ،اجتامعه )...دون أن يربط ذلك بالغضب أو التحامل أو اإلقصاء للشخص ألن الهدف هو رفض العمل املدان ،وال يصل األمر لرفض صاحبه ،وإخراجه من التنظيم أو الجامعة إال برشوط قانونية دستورية مرتبطة بقانون العقوبات يف النظام. اذن نحن نتكلم عن السلبيات ورضورة مواجهتها ونقدها («بيده أو لسانه أو قلبه» ...أنظر وتأمل يف عظمة الفكرة هنا حيث التدرج أو رضورة متييز الوسيلة ،أو اختيار الزمن أو األنسب يف كالم الرسول عليه السالم) ،فإن مل أكن قاد ًرا عىل تلمسها-أي السلبيات -يف ذايت فأنقد نفيس أوال فكيف يل أن أشري فقط لآلخر وسوء مامرساته! ومن هنا جاءت (النقد والنقد الذايت) 58
كبند أسايس يف االجتامع التنظيمي يف اإلطار الثوري والسيايس والتنظيمي ألي جامعة. الدرب ال ُمنار
أن أهمية النقد كام قلنا يف ظل افرتاض صيانة الناقد عن الهوى واألهداف الشخصية وعن الشتم والتعريض تكمن بأن مثل هذا النقد ينري دربا مل يكن مضاء لدى املنقود ،وهو ما يجب أن يراه هكذا ألنه إن رآه طعنا وتحزبا ضده لن ِ يأت النقد مثاره أب ًدا ،ومن هنا تكاملية عالقة (النقد والنقد الذايت) ،فمن يفرتض أنه كامل مكمل وأنه يحق له ما ال يحق لغريه فهو ممن يرضبون بالقرار والنظام /القانون بعرض الحائط ملجرد امتالكه القوة أو السطوة أو املركز. نعم نقبل عقلية النقد يف حركة فتح ما دامت ترتسم قسم نحو قاعدة البناء من خالل الكشف واإلنارة لطرق مل تطرق ،والكشف عن مثالب مل ينتبه لها الشخص املنقود أو (اإلطار القيادي) محل النقد ،ونعم نقبل النقد ما كان الناقد نفسه يتحرك يف مساحة مفتوحة يقبل هو ذاته من خاللها أن يكون عرضة للنقد ،فهو ليس منزها أبدا ،وعليه فإن التحيل بخاصية االنفتاح يعنى احتاملية الخطأ كليا او جزئيا قامئة. ونعم نقبل عقلية النقد أيضا ما ارتبطت بشخصية ايجابية وليست سلبية، بشخصية عاملة فاعلة ،وليست خاملة ال تفعل سوى احباط اآلخرين أو شتمهم تحت مسمى النقد ،ونعم فالنقد من الشخصية املنفتحة وااليجابية واملبا ِدرة يصبح مقبوال وقابال لألخذ به عىل عكس تلك الشخصيات التي يصل فيها اليأس والنكد والسوداوية أو القناعة بكامل أو قداسة فكرتها حدا ال تتورع به عن فعل املوبقات من طعن ولعن وشتم ما قد يصل لحد القتل.
59
من شرائط الرفض
إن قوى الرفض يف التنظيم السيايس هي قوى حية متحركة ،وتعرف كيف وأين ومتى تتحرك ،وهي عامل دافع للتقدم متى ما استطاعت أن تعرب عن ذاتها بطريقة صحيحة ،فال تنحرف ضد أشخاص بعينهم أحسنوا أم أساءوا، وال تتعاون مع الغريب عىل اإلطار ،وال تتثبت برأيها حتى أن بدا لها صواب اآلخر ،وال تتكتل نحو فكرة مغلقة بل تكون هي حالة متحركة وليست جامعة أو تكتال داخل التنظيم أبدا ،حالة متحركة عىل مساحة تضيق أو تتسع ارتباطا باالستجابات من الطرف اآلخر ،ومن هنا يكون االرتباط بالحالة حول املوقف أو الفكرة أو الفعل وليس حول الشخص أو االشخاص أو اإلقليم أو املذهب. انحراف «الرسول»
نأسف أن نرى يف تنظيامت أخرى ،أن النقد يعني الشتم واللطم والقباحة والتبخيس والتعريض واالتهام دون وجه حق واألخذ باإلشاعة والظن ونفخ األحقاد وإشاعة أجواء الفتنة واالحرتاب الداخيل ،وأن النقد من اآلخر ملثل هؤالء املخرصني يصل لديهم ولدى أتباعهم ملستوى الخيانة أو مبستوى الكفر. وقد يصل املدى يف مثل هذه املنظامت إىل حد القتل أيضا كام هو الحال يف التنظيامت الفكرانية (األيديولوجية) املتطرفة. وال نرى خريا يف تنظيم سيايس يحاول أن يجعل من ذاته رسوال جديدا للحق يف أمة محمد صىل الله عليه وسلم ،وكأننا نعود ثانية لعصور الجهالة واالستغباء ،ويبعث فينا من يظنون أنهم دونا عن البرش منزهون مقدسون يلقون بألفاظهم الثقيلة السمجة يف آذاننا شيبا وشبابا وأطفاال ونساء يف عرض مرسحي إن دل عىل يشء فإمنا يدل عىل فساد األرضية والرتبة والتنشئة، وهي تلك الرتبة املناقضة ملفهوم قبول اآلخر وملفهوم النقد والنقد الذايت أو باملصطلح اإلسالمي والقول الرشيف مناقضة للعالقة املبارشة مع الله حيث 60
(التائب من الذنب كمن ال ذنب له) ،والله جل جالله الذي هو (أقرب إليه من حبل الوريد) (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) (الشورى ،)25وليس التوبة بوساطة العبيد أبدا. إن من ينصب نفسه إل ًها أو نصف إله أو رسوال -حاىش لله ورسوله ،-هو ذاته من ينصب نفسه مستبدا مالكا لألمر دون جامعته ،وهو -أو أشباهه- من يوزع االتهامات عىل الناس باالتجاهات الستة ،وهو من يغفر لهم أو يضعهم يف جهنم األرضية أو الساموية ،وهو من يقلدهم مفاتيح الخلود؟! وهو ذاته من ينتقص من قيمة القرآن الكريم والصلة اإلميانية املبارشة مع الله يف عالقة (القرب /الوريد /التوبة) ،وهو ذاته الذي يرفض أن ميارس مع نفسه ذات العالقة هذه ،فهو ومريدوه املحصنون من الذنوب الذي يقررون ذنوب اآلخرين وال يرون أنفسهم محل ذنب مطلقًا ،وهم بالتعبريات التنظيمية من ال ميارسون النقد لذاتهم ،بل ومينعون زوجاتهم أو أوالدهم ،أو ممن هم منتمني لفصيلهم أن يكون لهم أوعليهم أي مساحة نقد. إن أمثال هؤالء يف الغلو الديني ،وأمثالهم يف الغلو السيايس يحتاجون لقوى رفض داخلهم تنتقدهم وتق ّومهم وترسم لهم منارة وطرقا جديدة ،فال يتوهون ِ فيضلون غريهم بادعاء هداهم وعصيانهم عن النقد.
61
المصالحة التنظيمية والرجم بالحجارة دار لغط كثري حول مصطلح (املصالحة) أو املصالحات الداخلية يف التنظيم السيايس عامة ،ويف حركة التحرير الوطني الفلسطيني( -فتح) تحديدا ضمن مداوالت أعضاء املجلس الثوري لحركة فتح ،متهيدا للجلسة القادمة للمجلس، وحسب ما علمت أن الفكرة وإن تم تداولها بصيغ متعددة يتم طرحها يف دوائر مختلفة بالحركة سواء يف قطاع غزة أوالضفة أو أقاليم الخارج، وما ذالك إال عالمة فارقة يف مسرية حركة فتح التي تلطم السكون بحجارة الصخب فتثري يف املياه الراكدة هدير الحوار. متيزت حركة فتح وما زالت بخوض الرصاعات والنقاشات والحوارات، وهي ان تخلت عن ذالك فلن تقوم لها قامئة ،ففكرة الفتح ثورة وتحرر وعطاء ،وانتامء وطني خالص ،وكل هذا ال يقبل السكون أو السبات أو األنني، وإمنا تسعى للمبادرة والجهد والعمل بفكر ال يهدأ ال ينام ،يستثري املستقر ويبعث يف الغافني حلم الحقيقة. املصالحة يف داخل أطر فتح فكرة ليست ض ّيقة املفهوم أبدا ،بل هي فكرة واسعة املعنى والدالالت ،فإن كان التصالح هو يف األصل بني اإلنسان وذاته (توازن) ،وبني اإلنسان وربه ،وبني اإلنسان ومجتمعه وتنظيمه ،أو بني التنظيامت ذاتها ،أومع النقائض ...فإنها يف داخل التنظيم السيايس ويف حركة فتح إضافة ملا سبق تطل علينا مبنية عىل أسس خمسة. ان املصالحة ان كان لنا أن نحدد أسسها تفرتض بنا فهم املعنى بصيغته السياسية ،فاملصالحة قد تعني (االتجاه يف تسيري التناقضات نحو إعامل منهجية مساملة بدل منهجية املواجهة العنيفة) ،أو هي (السعي املشرتك نحو إلغاء عوائق املايض ،وتصحيح ما ترتب عن املايض من غنب وأخطاء) والتعريف هذا للناشط السيايس املغريب املصطفى صوليح. واملصالحة أيضا هي :آلية استخدام الحوار يف حل النزاع نقيضا للقوة 62
كام يقول الكاتب البحريني منصور الجمري ،ويقول الشاعر يف مفهوم الصلح والصالح والتصالح ما يعني العمل ضد الفساد :فكيف بإطراقي إذا ما شتمتني؟ وما بعد شتم الوالدين ُصلًوح. ويف املصالحة السياسية استناد لقيم التسامح والحوار والوصول لصيغة تفاهم ،وبرامج وآليات محددة ،يف ظل أن الخالف يشء طبيعي ،عىل أال يتحول ألزمة كام يقول الكاتب السوري محمد العمري. أن املصالحة مع النفس كام يقول الكاتب السعودي د .عبد الرحمن شالش تقوم عىل 3أركان هي (القناعة والحب والرضا) ،وهل نقول إن املصالحة هي تقريب لوجهات النظر أم تضييق للفجوات؟ والحديث يف املصالحة كثري سواء تلك املصالحة الوطنية أواملجتمعية أو االقليمية او الداخلية أو مع الذات أو مع املحيط ،ومن املهم لنا اإلطالل عىل املفهوم وأن كنا هنا سنتعرض له بصيغة املصالحة التنظيمية الداخلية يف أي تنظيم أو حزب سيايس ،ويف حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح. الصفح والعفو في حضارتنا
ح ِفل التاريخ عامة بالحروب والخالفات والكوارث ،ويف ظل عالقات االستبداد واالنتقام والهوى واملصالح كان الكثريون من ذوي القلوب الرحبة والعقول النرية والصدور املنرشحة يتجاوزون عن اإلساءة (ما يعتقدونها كذلك) ،وإن مل يكن ملفهوم النقد قدميا بلورة يف إطار دميقراطي إال أن بذور الفكرة أي التصالح والعفو والحوار وقبول النقد (نقيضً ا لحجارة الصخب السلبي) كانت حارضة دوما يف الحضارات ومنها يف حضارتنا العربية االسالمية. يف العهد املدين لقي الرسول صىل الله عليه وسلم من يهود املدينة (وهم يهود عرب ال عالقة لهم بقبيلة بني ارسائيل العربية اليمنية املنقرضة) أنوا ًعا من الخيانة فأنزل الله عليه قوله :وَلاَ تَ َز ُال تَطَّلِ ُع عَلىَ َخائِ َن ٍة ِم ْن ُه ْم إِلاَّ قَلِيلاً 63
اصف َْح ِإ َّن اللَّ َه يُ ِح ُّب الْ ُم ْح ِس ِننيَ[ املائدة ،]13 :فصرب ِم ْن ُه ْم فَا ْع ُف َع ْن ُه ْم َو ْ الرسول صىل الله عليه وسلم عليهم وعفا وصفح. ويف تأديب الله جل وعىل لرسوله الكريم أنزل الله عليه يف املرحلة املك ّية (فاصفح الصفح الجميل ،ان ربك هو الخالق العليم (الحجر )86-85ثم أنزل عليه قوله (فاصفح عنهم وقل سالم فسوف يعلمون)(الزخرف ( ،)89فكان يقابل أذى أهل الرشك بالصفح الجميل ،وهو الصفح الذي ال يكون مقرونا بغضب أوكِرب أو تذمر من املواقف املؤملة ،وكان كام أدبه الله تعاىل ثم كان يقابل أذاهم بالصفح الجميل ويعرض قائال :سالم. (أحب األمور إىل الله ثالثة :العفو يف وعن عمر بن عبد العزيز قال: ُّ القدرة ،والقصد يف الجدة ،والرفق يف العبادة ،وما رفق أحد بأحد يف الدنيا إال رفق الله به يوم القيامة) التصالح في التنظيم السياسي
إن كان لنا من تصالح أو مصالحة ومصافحة يف التنظيم السيايس ،أو يف حركة فتح مجال منوذجنا ،فيجب أن تكون مصالحة مناهضة لفعل الرجم بالحجارة ،مصالحة بني فكر قيادة الحركة يف كل املواقع من اللجنة املركزية حتى اإلقليم والخلية ،وبني النظام الداخيل (القانون) ،فاالفرتاق عن النظام أصبح واسعا ،وال ُبعد عن ُحسن تطبيقه يف ضوء عمليات االستقواء والتهميش والتربم من املخالف واالستبعاد أصبح منهجا لدى مجموعة محددة ولكنها مؤثرة. أوال :لنتصالح مع الذات وقيمنا
لذا فان الخطوة األوىل لنتصالح مع أنفسنا هي أن نفتش يف داخلنا عن قيمة اإلميان وقيمة االلتزام ،ومعنى (القيم) التي تحكمنا بعيدا عن شغب املصالح وعفرة الهوى ،فان مل تستطع القيادة (يف أي مستوى إداري-تنظيمي) 64
أن تتصالح مع ذاتها ومع القيم الناظمة ،فالعداء ظاهر وبينّ ،والتوازن مختل، ومنطق القبيلة هو الذي سيسود. ثانيا :لنصلح ما بيننا والقانون
ولنصعد الدرجة الثانية حيث وجب تحقيق املصالحة بيننا وبني النظام (الدستور أو القانون أو النظام الداخيل)األوىل تطبيقا واألجدر تحقيقا متقاطعا مع قانون املحبة الذي مييز حركة فتح عمن سواها. بحسن االتصاالت ثالثا :لنتصالح مع األطر ُ
يتلو الخطوة األوىل يف الدرجة الثالثة صعودا يف سلم املصالحة علينا أن نتصالح ما بني األطر .والتصالح ما بني األطر (أفقيا وعموديا) هو بتفعيل معنى (االتصاالت) وتحقيق التواصل التنظيمي ،هذا التواصل الذي وجب أن يتم وفق النظام الداخيل (الدستور أو القانون) ،وضمن قاعدة بناء املحبة والثقة واالنتامء للحركة ،وليس وفق قاعدة التحشيد الذايت أو االنتخايب املصلحي ما يعني االستخدام لألعضاء يف املعارك السياسية أو التنظيمية الداخلية. إن تفعيل االتصاالت هي مصالحة بني األطر (وبالطبع بني الكوادر واألعضاء داخل هذه األطر من الخلية فالشعبة فصاعدا) ،فكام أن العالقة تبنى عىل االلتزام فإننا ملزمون بالحوار لتصبح كفتا ميزان الدميقراطية داخل األطر هام حوار والتزام ،ولتصبح قيم العطاء مقرتنة بتعميق املحبة والثقة واالنتامء ،وليصبح فكر الحوار يعني أن نفكر معا ،وليس أشتاتا (بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم ال يعقلون-الحرش )14 وليقرتن بثالثية (التق ّبل والتف ّهم والتجاور) ولنقل االعرتاف والتقبل ثم التفهم والتجاور.
65
في المتعاطفين واألصدقاء
إن واجب َحسن االتصال وعدم التهميش يف التنظيم السيايس ال يطال فقط األعضاء يف العالقات البينية ،وإمنا يطال الدائرتني األوسع أو الفئتني الهامتني اللتني ال غنى عنهام أي فئة األنصار (املتعاطفني ،واملؤيدين ،واملساندين دون انخراطهم يف الهيكل التنظيمي ،)...واألصدقاء ممن ال يؤيدوننا يف كل مواقفنا بالرضورة ،ولكنهم صادقني وناصحني ووطنيني ودميقراطيني ،أو هم من فلسطينيي الهوى والنضال من الدول األخرى. وغني عن القول هنا يف السياق أن العالقة مع عموم الشعب بكل فئاته ورشائحه هو واجب من واجبات التنظيم السيايس بغض النظر عن موقف أو مواقف هذه الفئات من التنظيم السيايس ألن مهمة كادر التنظيم التعلم من الجامهري واالعتامد عليها وتعبئتها ومهمته أيضا خدمتها والسعي حثيثا لجذبها واستقطابها ال لتنفريها واستبعادها ملجرد االختالف. رابعا :إعادة النظر بالمهمشين والمستبعدين
إن الركن الرابع يف التصالح الداخيل يف حركة فتح وأي تنظيم سيايس إجامال يعني أيضا إعادة النظر باملهمشني أو املستبعدين أو الحردانني ،أو املستكفني عن العمل أوعن املشاركة ألي سبب ،أو العازفني عن املشاركة (يف العازفني من املهم تفهم أسباب العزوف) أو غريهم ...فلرمبا حني نجيل النظر ونعيد تركيب زوايا الصورة نكتشف قطعة مل تكن تحت أنظارنا سابقا تعدل النظر ،وتعيد الرتكيب بشكل ينمي فكرة التجمع والتقارب ال االستبعاد والتباعد. خامسا :تقييم القرارات والمناخ
خامسا فمام ال شك فيه أن أي مسؤول يف موقعه (أو أي قائد يف أما ً موقعه ،رغم أن علمية معنى «القائد» ال تنطبق بالرضورة عىل كل مسؤول 66
أومدير أو عضو يف موقع متقدم )...يتخذ سلسلة من القرارات متس جوهر التنظيم ،كام متس األعضاء. وقد تكون طبيعة القرارات نظامية أو قانونية وقد ال تكون كذالك ،بل قد تكون قانونية ونظامية نعم ،ولكنها جاءت يف ظرف أو مناخ قايس يستدعي التطبيق الحريف للنظام دون االخذ بعني االعتبار لتسلسل العقوبة أو تخفيفها أو اإلمكانية للصفح والعفو أو كأنها اتخذت يف حالة غضب ،أوعربت عن اإلسفاف أوالتعسف بتطبيق النظام عىل حساب تفهم اآلخر وقانون املحبة. إن هناك الكثري من االعتبارات التي قد ترتبط بتطبيق النظام ،ما تصبح بعد مرور الزمن غري نافذة أو فعالة ،أو قد تربز مع الوقت معطيات جديدة تجعل من مراجعة القرارات وإعادة النظر يف إطار الحفاظ عىل األعضاء فعال واجبا ،ومن هنا فإن النظر يف قرارات التجميد والفصل والعقوبات عامة بحق األفراد يصبح رضورة تأيت يف إطار املراجعة والنقد والتسامح والتصالح. إن الرصاع داخل التنظيم وخاصة السيايس عندما يأخذ شكل التحدي واالستقواء والتقاذف والرجم بالحجارة بني األطراف املتصارعة فإنه ميكّن للطرف األعىل مرتبة أو االكرث سلطوية -إن غلّب هواه ال ضمريه -أن يتعسف أو يظلم باستخدام النظام ،ما يواجه بتحدي (أو مترد) فتصبح العالقة رجمية ِح ّدية ال تتناسب مع املفهوم اإلنساين السامي للتنظيم عامة ،وهو التنظيم الذي يجمع وال يبرت. إن خفض وترية الرصاع واالستغناء عن الرجم ،ليصبح يف اتجاهات تقديم األفضل واألمثل ،وليصبح يف مواجهة العدو املشرتك ،ويف إطار املنافسة الرضورية يف هذا الباب يشكل حجر الزاوية يف النجاح التنظيمي يف إدارة الرصاع ،الرصاع الذي تصبح معه عملية “االتصاالت” الفعالة و”مقاومة التهميش” وبناء “الصالبة” الوطنية والتنظيمية من أساسيات “الجهاد” الداخيل والتصالح الداخيل والبناء املستقبيل. 67
المتشبّهون بحركة فتح والحاسدون. املواضيع املتعلقة بحركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح تستأثر دوما بالضجيج واإلثارة ،وخاصة عندما يتعلق األمر بالخالفات الداخلية ،التي يتم التعامل معها من الجهات الحاقدة أو الحاسدة أو املغتاظة بالكثري من املبالغات والتضخيامت أو الكثري من الحقد أيضا ،أو الكثري من التشفي أحيانا. ويف معرض الطعن يف حركة فتح –وباستخدام البعض لرصاعاتها الداخلية أو بعض اختالفاتها -فإنك تحس يف ردود أفعالهم إضافة ملا سبق بيشء من التمني املكتوم أن يكون بعض هؤالء املتص ّيدون جز ًءا من نسيج حركة فتح برحابتها الواسعة ،وبقدرتها عىل التعامل مع االختالفات والرصاعات الحادة، وقدرتها الفذة عىل الخروج من املشاكل واألزمات أكرث قوة .هم ال يعرفون سحرها وال يدركون رسها الذي يخشونه ويتمنونه يف آن واحد فيرصخون ويض ّجون ويبدأون بالعواء. إن الضجيج حول أمور حركة فتح الداخلية -لو أخرجنا العامل اإلقليمي والدويل منها هنا فقط لغرض الرتكيز وليس إلهامله -أمر ليس جديد عىل هذه الحركة التي رفعت فوق أكتافها الكثريين ليعود قلّة منهم مسددين لها الخنجر املسموم بدل أن ينسحبوا بهدوء كام فعل الرواد األوائل ،أم إنهم ال يستطيعون أن يكتبوا فيها تاريخا مجيدا عاشوا جزء منه فري ّدون بعض الجميل كام فعل معها الكثري من املنصفني أمثال الشيخ هاين فحص أو د.سعود املويل من لبنان الشقيق ،أو كام فعل د .محمد حمزة و د .عمر محجوب من مرص الشقيق’ أو أو ...والقامئة تطول.. التضخيم واملبالغات ومشاعر الغضب أو الحسد ،وحاالت التشفي ومتني املوت لآلخر ،هي من املشاعر السلبية التي امتألت فيها النفوس من تيارات مختلفة عىل حركة فتح ومنها يف فصيل “حامس” نتيجة التعبئة البغيضة ضد اآلخر ،ما عرب باالعتذار عنه علنا محمد نظمي نصار من قادة القسام التابع لحامس إذ قال يف منشور له عىل صفحته بالفيسبوك نصا(:اعتذر للشعب 68
الفلسطيني ،يف الداخل والخارج ،ولرئيس الشعب الفلسطيني الخالد يارس عرفات أبو عامر ،اعتذر لحركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح) ولكل الفصائل ثم أضاف (اعتذر لكم عن هول الكراهية التي كانت تسكنني لكم، وعن العمل الدؤوب ليك ال يكون لكم مكان عىل خارطة الوطن الجغرافيه والسياسية ،اعتذر لكم عن حلمي األكرب وهو أن تكونوا جميعا راقدون تحت األرض أمواتا بال حراك ،وارجو أن يغفر الله يل عيل هذا التلبيس من إبليس، من أن هذه الكراهية ستوصلني إىل الحور العني ،والفردوس األعيل). أنها مشاعر سلبية أشعلت مواقف سياسية بل ودينية استندت لتعبئة فكرانية (=ايديولوجية) حاقدة وفاسدة درج عليها البعض من الشخصيات واألحزاب لنقص يف الرتوية يف العروق ،والنقطاعات الهواء عن أجسادهم فيحيلون الترب إىل تراب أو هكذا يتمنون. أن حركة فتح الفكرة وحركة فتح املبادىء ،وحركة فتح هواء الحرية النقي ،وحركة فتح الدميقراطية الصاعدة ،وحركة فتح الفكر العرويب االسالمي الثوري العقالين املدين بأطرها -عىل كثري خلل فيها وبعدد من شخوصها ورغم عدم تخلصها من كثري من الشوائب والعوالق -هي مفتاح العشق املفيض إىل فلسطني. حركة فتح كام قال فيها املفكر العريب اإلسالمي هاين فحص« :تشبه فلسطني بل هي أخت فلسطني أو بنت فلسطني» ،وكان صادقًا كل الصدق يف ذلك ،لذا متتد مساحة الحوار الدميقراطية والتعددية فيها لتصل أحيانا إىل حاالت قصوى تقرتب من الفوىض والتشتت واالنحدار. يحتاج األمر منا دامئا عدم التويل أثناء زحف قطار التحطيم والتهشيم والرعب الداهم تجاه الحركة ،وإمنا علينا حينها أن نرفع مشعل النقد و التطور واالستنهاض والعقلية املؤسسية ،ونرا كم االنجاز بكل الطاقة ،الن فلسطني تستحق منا الكثري. 69
لن أضيف يف بوتقة واحدة أولئك الكارهني الحاسدين الحاقدين للحركة أو املتمنني أن يكونوا شبيهها رسا ،ولن أذكر منهم األحزاب أو األسامء ،وذكرت من مواقفهم يف مقااليت أو مقاباليت الرائية (التلفزية) الكثري بكل أدب واحرتام، وحتى مودة يف األخالق معهم. يف نفس إطار الحديث فان الناقدين للحركة –وحتى من أبنائها-عرب ما يظهر ذلك يف عباراتهم وكتاباتهم ولقاءاتهم مهام كانت شدة كلامتهم وانتقاداتهم ،فان هذا حق لهم نصونه قطعا كأحرار وثوار ودميقراطني ،وال نضعهم يف نفس الزمرة ،أي زمرة الكارهني والحاسدين واملتشبهني ،فشتان بني هؤالء وأولئك. وملن ال يفرقون بني النقد والطعن نحيلهم إلحدى الفضائيات املتخصصة ب”أقىص” البذاءة فيستغفرون الله العيل العظيم ،وميسحونها من أوقاتهم الثمينة ،ليضيفوا الرتددات الجديدة لتلك القنوات التي تبغي قول الحق ،فال تلجأ للكذب أو التزوير أوالتضخيم أو االتهام أو التخوين. يستطيع العاقلون أن مييزوا بني قنوات «يوتيوب» ذات املحتوى الحزيب الدعايئ األسود وأحيانا الرمادي (الذي ميوه باالجتزاء والخلط ،وتلبيس الحق بالباطل) وبني تلك التي تشري ملواضيع الخلل والزلل والخطأ كام تعرض مواضيع النجاح والفوز والتقدم بكل موضوعية وصدق ورغبة يف اإلصالح أو التطوير. يف حركة فتح تعلمنا الكثري ،ومام تعلّمناه االحرتام واملحبة ،وعدم االنحناء أبدا إال لله سبحانه وتعاىل. وما تعلّمناه أال ننتمي أو نوايل َمن يستخدم فلسطني أو سيف الدين أو سيف القومية العنرصية املسار ،أو سيف العشرية ضد إخوانه أو ضد مصلحة بالده. يف حركة فتح تعلمنا أن نتقىص الحقائق ،وننهج منهج الصدق فال نتوه مع 70
السيل العرِم من الشائعات واألكاذيب ،ومواجهات الرأي والرأي املشاكس يف ظل التدفق اإلعالمي املستفيض اليوم. يف حركة فتح ال ندعي الكامل وال الصواب املطلق وال ندعي الرأي األوحد أو املقدس ،وال نص ّنف الناس بني وطني وخائن أو مؤمن وكافر أو غريه ،فلسنا قضاة ولسنا أوصياء عىل عقول الناس أو قلوبهم أبدا. يف حركة فتح قد تجد عديد مثالب ومساويء وسلبيات نعم ،وقد ترى متسلقني وطفيليات صحيح ،لذا عليك التوقف عندها وخوض الرصاع الداخيل ضدها بكل شجاعة ومحبة وعنفوان ونظام ،إال أن حركة فتح تظل البيت الذي يحتضن كل من فيه ليال مهام كان سعيهم بالنهار. يف حركة فتح مل نتعلم الكذب أبدا ،فيام أتقنه أولئك الذين جعلوا الشعارات مركبهم ،واأللسنة الحداد والسيوف أدواتهم ،ومل نتعلم “امليكافيلية” فيام جعله أولئك كتابهم الذي يهتدون بهديه. يف حركة فتح مل نتعلم الكراهية أو الحقد أو النفي لآلخر فيام د ّرسوه هم ،بل وأرشبوه لصغارهم ،حتى غدا الحقد والحسد والتمني والتش ُّبه يظهر واضحا يف كثري مواقف مل يستطيعوا حتى اآلن أن ينعموا بسببها بسكينة اإلميان باآلخر املختلف ،وال سكينة االهتداء ملشاعر ومنطق األخوة والرفاقية الجميلة. حركة فتح وادي ذو زرع ،يستطيع أن ينمو ويرتعرع مبختلف أنواع النباتات واألشجار املثمرة واألزهار ،وكلام كان السامد واملاء والهواء والرعاية كافية ،كلام استنشقنا عبري الزهور املختلفة ،فنفرح لرائحة القرنفل والياسمني والفل والطيون ،وال نعادي الورد الجوري أو الخزامى أو االقحوان. ّ
71
الحجر المانع في حركة فتح! نشأ التنظيم السيايس لخدمة الجامهري ،ونشأت التنظيامت املجتمعية االنسانية عىل تعدد أطيافها لخدمة املجتمع أو رشائح وفئات منه تلتئم حول احتياجات أو رغبات او أهداف أو قضايا أو أفكار أوتوجهات جامعة. نشأ (التنظيم) من فكرة التجمع والتوحد حول هدف او حاجة أو اهتامم أو مصلحة عامة ما ،وليس من فكرة إحداث االنقسام والتفتت يف املجتمع، أي ببساطة لتلبية احتياجات التنوع يف إطار التجمع. وتكون مجمل التنظيامت ضمن النظام العام (الدولة أو الثورة) يف خدمة الهدف املركزي امل ُجمع عليه ،أما إن كان هذا الهدف او األهداف قد تناثرت أو تشظت أو ذابت فإنه حتام يصبح التجمع التنظيمي مبعنى التكتل بديال عن فكرة التنظيم الجامعة ،وهي الفكرة التي ليس لها إال خدمة أهداف الجامهري. إن خطورة مرض االتصاالت الرسية /املسترتة (أي الخارجه عن اإلطار الرسمي يف التنظيم من خلية فشعبة فصاعدا )...تكمن يف إحداث رشخ حقيقي يف البنية التنظيمية التي تتكتل وتتجمع وتتحزب مخالفة أدوات الرصاع املتاحة ضمن النظام ،هذه األدوات التي متثل الخطوات التي يبيحها النظام من اجتامعات ونقد داخيل ومؤمترات ومراجعات ومحاكامت ومساءالت وعقوبات. بين لينين ويكن وخالد الحسن
تصيب التنظيامت السياسية الكثري من األمراض التي عالجتها كافة التنظيامت فكتب فتحي يكن من قيادات االخوان املسلمني يف لبنان عن هذه األمراض تحت عنوان (املتساقطون عىل طريق الدعوة) ،وكتب اآلباء الفتحويون املؤسسون يف املسلكية التنظيمية والسياسية والجامهريية ،وكتب 72
الشيوعيون وعىل رأسهم فالدميري لينني ،كام كتب خالد الحسن عن االستبداد القيادي ،كام كتب العديد من قيادات مختلف األطياف والفصائل. يذكر لينني من أمراض التنظيامت (االفتقار اىل التدريب الجاد والرتبية الثورية) ،ويعترب فتحي يكن أن من أمراض الحركات اإلسالموية أن يعترب صنف من الناس ذاته الويص عىل اإلسالم واملسلمني من خالل تقزيم األمة يف طريق الخوارج الجدد ،واعترب الفئوية والقبلية والحزبية البغيضة من االمراض .ورغم تعصب فتحي يكن لرأيه وافرتاضه أن كل من خالفه يتموضع يف إطار اولئك املتساقطني إال أنه تعرض لهذه االمراض بشكل يستحق التامل. وكتب صخر حبش بحثا كامال وهاما يف النقد والنقد الذايت ،كام كتب هاين الحسن يف نقد اتفاقيات أوسلو ما يشكل منوذجا صحيا للنقد دون اإلرضار بالتنظيم. نموذج حزب جبهة التحرير الجزائرية
يف منوذج الرصاع ما بني تحقيقه اليجابية تالقح األفكار وحوارها ،وما بني سلبية تزاحمها وتناطحها عىل القمة مبنطق اإلقصاء وااللغاء نتعرض لنموذج من الرصاع الحديث يف حزب جبهة التحرير الجزائرية إذ أنه :إثر رصاع طويل يف إطار قيادة الحزب وهي اللجنة املركزية لحزب جبهة التحرير الجزائرية أسفر هذا الرصاع يف أحد مراحله لتسلم عامر سعداين ألمانة الحزب الذي يرأسه رشف ّيا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وكانت اجتامعات اللجنة املركزية (متاثل اللجنة املركزية يف تنظيامت اليسار الفلسطيني ،أواملجلس الثوري يف حركة فتح ،أومجلس الشورى يف التنظيامت اإلسالموية) ،اتخذت هذه االجتامعات املتكررة منحى رصاع عنيف جدا ،ما أدى بهذا الرصاع يف ختامه إلزاحة عبدالعزيز بلخادم من زعامته بالحزب (من ،)2013-2011وكان ذلك يف دورة صعبة للجنة املركزية عىل عادة الخالفات التي تكاثرت وتصاعدت فيها بني أطراف اللجنة 73
(القيادة) ،واستخدمت فيها القوة ،كام استخدمت أدوات سلطة الدولة باملنع أو السامح ،و(البلطجة) من جميع األطراف كام تشري االنتقادات. مل يتوقف الرصاع بعد إزاحة بلخادم حيث استمرت املحاور (بلخادم- سعداين )...يف التناطح ما أدى ألصدار رئيس الجمهورية قرارا بعزل عبد العزيز بلخادم من مناصبه الرسمية داخل الدولة. هذا العزل لبلخادم من مناصبه حول الرئيس يف الدولة من حق رئيس الجمهورية ،أما عزله أوطرده من موقعه الحزيب فهنا يقع التساؤل ألقطاب الحزب حيث تورد صحيفة الخرب عام 2014تعليقها قائلة (ان العنف الذي حمله بيان العزل وشكل اإلقالة يظهر استمرار النظام السيايس يف التعامل بنفس االساليب املوروثة من عهد األحادية ،اىل جانب الخلط بني مؤسسات الدولة واملؤسسات الحزبية ،ناهيك عن توظيف وكالة األنباء الرسمية يف نزاع بني عصبة واحدة كام حدث مع عبد القادر حجار عام .) ...1999 وبغض النظر عن م�بررات االقالة أو العزل عام 2014لبلخادم من مناصبه بالدولة ،وطبيعة الرصاعات الحادة يف داخل الحزب ،فإن االشكالية الحقيقية كام نراها ظهرت جلية باالستقواء بأطر أوأجهزة أو مؤسسات أو أشخاص (بلطجية) من خارج التنظيم (أو الحزب) ،وحيث متحورت حول الرصاع السلطوي /املصلحي /الشخيص يف الدولة والنفوذ بشكل رئيس ،أي ضمن استمرار حقيقة الرصاع حول الحكم والسلطة مستخدمني كل األسلحة املرشوعة أو غري املرشوعة ،أي تلك التي تتفق مع النظام الداخيل للتنظيم او تلك التي تستقوي عليه. قدم االمني العام لهذا الحزب التاريخي املناضل عامر سعداين ( 66عاما) فيام بعد استقالته أخريا ( )2016 /10 /22وذلك “ألسباب صحية” كام ذكر، ليخلفه جامل ولد عباس ( 82سنة) أمينا عاما حتى العام 2020كام أقرت اللجنة املركزية ،ورمبا ال يزال الرصاع الحاد مستمرا ما ال نتمناه لهذا الحزب العمالق. 74
الصراع في التنظيمات الفلسطينية
إن الرصاع يف التنظيامت الفلسطينية عامة طويل ،ويحتاج لبحث أطول، سواء داخل التنظيامت اليسارية أو يف حركة فتح ،او داخل االخوان املسلمني ويف «ح�ماس» ،وال�صراع يف شكله السلبي التناطحي قد تخالطه أمراض عديدة ،ولكنه يف شكله االيجايب التحاوري يولد آليه دفع تحث عىل التغيري، لذا فالفهم للرصاع يف هذا السياق االيجايب يعني حقيقة التمسك بالجوامع (يسمونها قواسم وكان الراحل القائد صخر حبش يرص عىل تسميتها جوامع مشرتكة وليست قواسم) واألهداف والقانون. التاريخ طويل للرصاعات داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطني منذ العام 1967سواء الفكرية اوالتنظيمية أو املصلحية الشخصية ،كام الحال يف الرصاعات داخل التنظيامت االسالموية ومنها االخوان املسلمني منذ التأسيس، والحال يف حركة فتح. وإذ كان مفهوم الرصاع له معنيني كام ذكرنا أي معنى إيجايب حيث يولد تجددا يف األفكار وتنازالت واتفاقات وحرص مشرتك فإنه يف جانبه السلبي يولد تناطحات وإقصاءات ،أحيانا ما تكون مفيدة للتيار العام كام الحال بخروج العديد من جسد االخوان املسلمني أو من جسد الجبهة الشعبية او من جسد حركة فتح ،خاصة متى ما اقرتن الرصاع باالستقواء الخارجي. أمراض التنظيمات وقواعد المسلكية
إن أمراض التنظيامت السياسية كثرية ،وحرصت حركة فتح أن تثبت يف منهج تفكريها التجديدي رفض العقل «االنتهازي» (الذي يستسهل املكاسب ويسعى لها عىل حساب األهداف) ،ورفض املنطق العقل «التطهري» (الذي يتوقف وينقطع حني تصادم األهداف مع املصالح فيخرج) ويف املقابل كرست منطق التعامل «الثوري» أي بايجابية من خالل عرض ما يجب أن يكون وخوض الرصاع ضد ما تراه سلبيا فيام هو كائن. 75
تدخل حركة فتح يف أدبياتها املرض يف نطاق التعامل مع العالج ،أي بذكر السلبي يف سياق الرتكيز عىل اإليجايب محددة عرش قواعد للمسلكية الثورية الصحيحة والصحية يف املجال التنظيمي :من االنتامء ،واالنضباط ،واملركزية الدميقراطية ،والنقد والنقد الذايت ،والفعالية ،واملبادرة ،والرسية ،والتخطيط، والتنفيذ والتطبيق ،واملتابعة واملراقبة ،والتي لطاملا شجع عثامن أبو غربية وهاين الحسن من قيادة الحركة عىل اعادة بنائها وتصليبها وتعديلها مبا يضيف عليها ويقويها ما نحاول منذ زمن وقلة من الكادر املثقف واملفكر أن يفعلها ويضيف عليها مبا ميتنها ويجددها ليكون تيار القيم واملسلكية الثورية هو التيار السائد. يف حركة فتح التي خاضت يف داخلها رصاعات عدة ،وخاضت مع األصابع الخارجية عديد املواجهات فإن لديها هاجس الخصوصية ،وعدم التدخل يف شؤونها الداخلية حتى أصبح ما تسميه (القرار الوطني املستقل) شعارا لها مرتبطا بفكرها الدميقراطي الوطني الحضاري يف محيط حضارتنا العربية االسالمية ،إال أن دخول (السلطة /الحكم) كعامل ومثري افتتان وفتنة جديد يف املعادلة ،ومع تقاطعات االرسائيليني واإلقليم والخصوم قد جعل من هذا الرصاع معي ًبا بحق حركة فتح والشعب الفلسطيني ،ونحن مل نحقق عىل األرض ال االستقالل وال الدولة حتى اآلن. القوة نحن
يقول العلامء حسب آخر األبحاث إن النملة تنشأ ال تعلم شيئاً ثم تتعلم جميع املهام الواجب القيام بها وفق برنامج شديد التعقيد يهديها إىل الطريق الصحيح ،والسؤال :أليس هذا هو ما تعنيه اآليةَ ( :ربُّ َنا ال َِّذي أَ ْعطَى ك َُّل شيَ ْ ٍء َخلْ َق ُه ث ُ َّم َه َدى)؟! وأليس أدعى بنا أن نركز عىل العضو يف داخل املجتمع والعضو يف داخل التنظيم من التصارع حول عنق الزجاجة فقط؟ إن القوة الحقيقية التي يجب النظر لها داخل التنظيم السيايس هي يف 76
الفكرة ويف األهداف ويف حراس الفكرة واألهداف ،وفلسطني كجامع ووعاء لها كلها ،وإن القوة واملنعة هي يف تطبيق النظام الداخيل واحرتام القوانني والقرارات املتخذة أصوال ،والقوة الحقيقية هي يف جامهري الحركة املنتمية وامللتزمة واملثقفة والعاملة واملبدعة والناقدة باحرتام واملتجددة ،والقوة كل القوة هي يف املساحة املفتوحة للتواصل بني القيادة والكوادر يف كل املفاصل وبشكل دوري ،والوقوة الحقيقية يف اآلليات املتبعة التي ال يجب أن نخرقها بل نشدد عىل حراستها مقرونة بالقيم والتدريب والبناء الذايت والجامعي الداخيل. ذكر ابن املقفع يف كتاب الشهري كليلة ودمنة قصة مفادها أنهم :زعموا أن جامع ًة من القردة كانوا سكاناً يف جبلٍ ،فالتمسوا يف ليل ٍة بارد ٍة ذات رياح وأمطا ٍر نادرا ً ،فلم يجدوا ،فرأوا يراع ًة /حرشة تطري كأنها رشارة نارٍ ،فظنوها نارا ً ،وجمعوا حطباً كثريا ً فألقوه عليها ،وجعلوا ينفخون طمعاً أن يوقدوا نارا ً يصطلون بها من الربد .وكان قريباً منهم طائر عىل شجر ٍة ،ينظرون إليه وينظر إليهم ،وقد رأى ما صنعوا ،فجعل يناديهم ويقول :ال تتعبوا أنفسكم فإن الذي رأيتموه ليس بنارٍ .فلام طال ذلك عليه عزم عىل القرب منهم رجل فعرف ما عزم عليه .فقال له :ال لينصحهم فينهاهم عام هم فيه ،فمر به ٌ تلتمس تقويم ما ال يستقيم ،فإن الحجر املانع الذي ال ينقطع ال تجرب عليه السيوف ،والعود الذي ال ينحني ال يعمل منه القوس ،فال تتعب .فأىب الطائر أن يطيعه ،وتقدم إىل القردة ليعرفهم أن الرياعة /الحرشة املضيئة ليست بنارٍ. فتناوله بعض القردة فرضب به األرض فامت. شاهت الوجوه وتبت األيادي العابثة ألي شخص أو جهة أو فئة تص ّعد الخالفات الداخلية يف أي فصيل ،أو يف املجتمع أو يف أي مؤسسة وطنية، وعىل رأسها حركة فتح عىل حساب الهدف األسايس والتناقض األسايس املعرب عنه فقط باالحتالل االرسائييل ويف نضالنا القتالعه من أرضنا. وشاهت وجوه أي فئة ترفض النظام والحكمة والقيم الجامعة ،ونحن 77
لن نجرب سيوفنا يف الحجر املانع ،لكن عودنا ينحني ألخوتنا ومييل لهم فتستقيم األمور ،وسنتعب كثريا ونخوض الرصاع االيجايب لتعتدل الكفة فيتحقق التوازن والقسطاس. وليس لنا كثوريني مجاهدين مثابرين إال الدعوة والعمل بحزم للملمة البيت الداخيل الفلسطيني عامة ،فنحن تحت الضوء والنظر ،وحالنا يختلف كل ّيا عن تلك الخالفات يف الدول أو االحزاب العربية الشقيقة ،فهل ندرك ذلك ونتدارك وندفع املسرية اىل األمام.
78
االستقواء على حركة فتح هل يكون االستقواء التنظيمي قابال للنامء يف داخل التنظيم عامة؟ أم انه فقط يأيت من خارجها؟ وهل من املمكن أن يكون االستقواء ِصنو القيادة، أم أن الكادر قادر عىل الفعل باملثل؟ ومجموعة أخرى من األسئلة تربز يف ظل الضغوطات التي تهاجم حركة فتح وقيادتها أوال من العدو االرسائييل، وثانيا من الخصوم السلطويني ،وثالثا من بعض األطراف الخارجية والداخلية، رغم أن معاركنا الحقيقية مع العدو الصهيوين قد ابتدأت وتستمر مع صدام الحق... وألن الشأن الفتحوي يف الكثري منه أصبح متا ًحا والكالم فيه مبا ًحا للعامل والجاهل ،فإن مل تتكلم أنت يف قيادة الحركة فإنك ال تستطيع أن متنع تبلبل األفكار وتشتت الرؤى فالكالم والحوار من أوجب الواجب بني القيادة والكوادر عىل األرض ويف االجتامعات الدورية خاصة يف ظل منصات حوار قد ودب من الكالم الذي يف ثلثيه بعيد هب ّ طارت مع بساط الريح فتناقلت ما ّ عن الحقيقة والواقع. حركة “فتح” من التنظيامت الفلسطينية املناضلة يف كل مراحلها ،وال أقول هذا كام يظن البعض تعصبا أو تطرفا للحركة ،فأن أضع حق الحركة أو أي فصيل يف نصابه ال يعني أال أنقده فلطاملا نقدت حركة “حامس” و”الجبهة الشعبية” مع احرتامي لنضال هذين الفصيلني وغريهام مهام اختلفت معهام، ومل أكف عن نقد ما أراه بغيضا يف حركة “فتح” ،ويل يف ذلك أسلويب والتزامي مبفاهيم النقد بصيَ ِغ ِه الحركية الثالث (الهامس والصارخ واله ّدار) حيث أن األولوية للنقد –خاصة متى ما ارتبط بأسامء محددة -أن تكون باإلطار الداخيل. يف حركة فتح تخرج السياقات أحيانًا عن احرتام األطر ألننا نحن من نهلهلها ألي كان أن ينهش يف لحمنا ،بل ونتساوق معه بفوضويتنا ،فنتيح املجال ّ ونسري وراء اإلشاعات غري مدركني للتعبئة ِ الخطرة التي نخلقها يف استهالك 79
أنفسنا يف الرصاع الداخيل مبعناه السلبي (للرصاع معنى ايجايب هام ورضوري يؤدي للتغيري) ،فتظل العيون ألبناء الحركة والحريصني عليها يف أمتنا مس ّمرة عىل الشاشات فتترسب لروحها حاالت الوهن واالنقباض وهاالت السوداوية ورمبا االنسحاب واالنحسار واالنشقاق. إن أوىل أولويات حركة “فتح” العظيمة برجالها وفكرها وفلسطينيتها وحضارية فكرها العقالين املدين أن تُقبِل عىل البناء الداخيل بالفكر والتثقيف واح�ترام األطر والجامهري ولغة الحوار واملحبة ،وأن تُقدم عىل التعبئة الداخلية السليمة التي تُعيل من االنتامء األصيل لفلسطني وللحضارة الجميلة الرحبة التي نحن منها أي حضارة أمتنا العربية االسالمية بجناحيها كمسلمني ومسيحيني ،والتي ترتفع بالقيم واالخالق وحسن السلوك واملعاملة فوق كثري من األضواء التي تخلب بعض األلباب باألضواء املسلطة عىل أرباب الحكم والسلطة فيتنازعونها ويتقلبون بني أحضانها الوثرية وكراسيها الرخوة، متناسني العدو الرئيس وأولوية املجابهة التي لن تنتهي قريبا يف أرض الرباط، ومتناسني مهمتهم بخدمة الناس. يقول األخ نبيل عمرو أن حركة (فتح مليئة باألخطاء والخطايا ،ومليئة بالتقصري فيام ال يجوز التقصري فيه ،وهذه أمور رمبا تكون عىل الدوام هي مادة الحوار الداخيل فيها ،ومصدر التذمر الدائم يف مزاجها ،فام نراه اآلن من مظاهر ال تعجبنا يف تفكري وسلوك هذه الحركة ،ليس باألمر الجديد عليها) ويقرر بال مواربة أن كلمة الرس فيها ما ال نختلف معه فيه تنبثق من املمنوعات الثالثة حيث (املمنوع األول ...رهن القرار لغري الفلسطينيني. واملمنوع الثاين ...مغادرة االنتامء العريب .واملمنوع الثالث ..االنعزال عن الحياة الدولية والتصادم معها). اىل ذلك يقول كاتب فتحوي آخر معلقا عىل أحداث مخيم األمعري يف رام الله حيث التصدي لعقد اجتامع لكادر من حركة فتح ((الحلول األمنية والعسكرية ال تستطيع ان تحافظ عىل نظام وال عىل رئيس وال عىل سلطة، 80
لو كانت تستطيع لنجحت يف الحفاظ عىل نظام زين الدين بن عيل يف تونس ومعمر القذايف يف ليبيا و لنجحت يف الحفاظ عىل وحدة سوريا و غريها من النامذج ،هذا و نحن نتحدث عن دول حقيقية وأنظمة حقيقية و ليس عن سلطة محدودة الصالحيات بحكم وجود االحتالل .واألمر اآلخر هو ما عالقة األجهزة األمنية يف خالفات تنظيمية؟ ما هي عالقة حرس الرئيس الخاص واألمن الوقايئ واملخابرات واالستخبارات والرشطة املدنية واألمن الوطني والدفاع املدين يف اجتامع تنظيمي لكوادر من فتح يناقشون مستقبل حركة فتح ويعربون عن مواقفهم يف قضايا تنظيمية؟)) وأتفق مع الكاتب برضورة رفض االستخدام السلطوي أو استخدام القوة مهام كانت يف الخالفات الداخلية ألي فصيل قطعا ،ولكن باملقابل فإنني أطالب من أي شخص ،أو مجموعة رسمية ضمن إطارها يف داخل حركة فتح أال تحركها أعالم بعض الدول العربية فتتسرت بها ويشتد ساعدها بها، حتى لو بدا هذا الساعد وكأنه غري مفتول العضالت ،فحركة فتح ال تقبل أن ترهن قرارها للخارج لذا تتصدى يوميا لإلرسائييل املحتل بخشونة ال ّنزال عىل األرض ،وبنعومة الدبلوماسية الشجاعة التي تعزل الكيان وتجلب له الجنون، ولذلك ال تقبل ألي استقواء منها عليها أو من خارجها عليها أكان عربيا أو اقليميا أو دوليا. كنا قد كتبنا عن مؤمتر(عني السخنة) مل نغفل فيه حق أي مركز أو مؤسسة الحديث بالقضية الفلسطينية ما هو فخر وقوة لنا ،ولكننا أنكرنا عىل أبناء الحركة أن يستغلوا أي غطاء يف مواجهة الفكرة أوالهدف الجامع أو األطر املركزية نعم األطر املركزية ،ألن االستقواء عىل الحركة بغريها مرفوض ما أظن أن كل الفتحويني يتفقون عليه ويعلمون خطورته. األسري املحرر من سجون “حامس” يف غزة زيك السكني قال يف رسالة له( :رسالة مني إىل الرئيس مبارشة :أنت الكبري ،ومثل ما يقول املثل :الكبري يحمل الصغري ،ويجب عىل الكبري ان يستوعب الصغري ،هذا رجايئ أنا وكل 81
األرسى وكل املعتقلني ،انت يا فخامة الرئيس أنت الكبري مللم املوجود ان كان من فتح او من حامس ونحن معاك قلباً وقالباً). قال القيادي ب»الجهاد االسالمي” أحمد املدلل عىل قناة هنا القدس /26 ( :2016 /10دامئا نقول ان الكرة يف ملعب الرئيس عباس فهو الذي يستطيع أن يجمع الكل الفلسطيني)مضيفا أننا (نبقى ندق عىل الجدران ونطالب الرئيس محمود عباس بأننا يجب ان نقف امام الحقيقة). ونعرض ما قاله اللواء توفيق الطرياوي برسالته لكوادر الحركة الفت ّية دوما تحت عنوان( :فلسطني وطننا ،والقدس عاصمتنا ،و”فتح” حركتنا ،و”حامس” خصمنا السيايس ،و”إرسائيل” عدونا ..فأحكموا البوصلة) حيث يؤكد عىل رضورة االنتباه الجامعي للخطر الرئيس املحدق بشعبنا ،وأرضنا وقضيتنا، من قبل النقيض االحتاليل ،ويؤكد يف هذا النداء الهام ،بأن أبناء حركة فتح، وكوادرها ومناضليها ،تظل مسؤولة من قبل قيادتها ،وأطرها التنظيمية والشعبية ،برغم التباينات ،عىل القيادة رعايتها واحتضانها ،وتقوميها حني يلزم التقويم ،وليس صحيحاً أبدا ً بأن حل إشكالية التباين أو االختالف يتأىت بالتخيل عنها ،وتركها لكل املرتبصني بها ،وعىل رأسهم االحتالل الذي يقوم بتغذية الفرقة والعداء واالستعداء بني أبناء الحركة. د.جامل محيسن عضو مركزية الحركة يقول( :أن فتح تشكل دوما صامم أمان للمرشوع الوطني الفلسطيني ،وأنها موحدة ،وستبقى كذلك ،أمام كل املؤامرات التي تستهدف آمال وتطلعات شعبنا ،يف إقامة دولته املستقلة عىل ترابه الوطني). نعم ستكون حركة فتح قوية وموحدة وضد املرتبصني ،وترفض االستقواء ألن االستقواء عىل الحركة من الخارج قد خاب يف كل مراحلها التاريخية ومل ينجح أي منها مطلقا ،وكذلك األمر هو ذاته ما سيحصل مع أي إستقواء يحصل أو سيحصل يف قادم األيام ألن الحركة التي تنسمت رحيق الحرية والفكر املستنري ونبع العقالنيةـ وحددت أن عدوها الرئيس هو االحتالل وأن 82
هدفها األكرب تحرير فلسطني لن تخور ولن يخبو ألق نجمها أبدا. نعم قد يكون االستقواء من القيادة التنظيمية ألي فصيل مبا فيها حركتنا بسوء استخدام الحق أوبسوء تطبيق النظام أو عدم تطبيقه أو باإلهامل املتعمد ،أو النبذ أو التكتيل االنتخايب ،ونعم قد تستغل أي قيادة حجم نفوذها لتتالعب بالنظم والقوانني ما نراه يف أحزاب وفصائل عدة وما يحتاج منا يف النضال الداخيل أن يظل داخليا يف ظل معركة كربى هي حقيقة النضال ضد خطر االحتالل ،ويف ظل أن االستقواء الداخيل القيادي -إن وجد -يجب أن يجابه ضمن زرع ومحصول الثقافة الحركية التي تنتمي لألمة والوطن ال لألشخاص أي كانوا أبدا.
83
الفصل الثاني: منهج البناء التنظيمي يف حركة فتح. املؤمتر السابع لحركة «فتح» مرآة عاكسة أم فجر جديد؟ عنواين الوحيد حركة فتح ،بدون ولكن! يف العقل الحر واملنهج التنظيمي من يجب أن يقود حركة فتح؟ املتمردون يف حركة فتح والفكر السلطاين حركة فتح ما بعد العاصفة! أنا ال أنتمي لحركة فتح! كيف نبني الشخصيات الحرة يف القيادات الطالبية؟ كيف نفهم القيادة يف حركة فتح
المؤتمر السابع لحركة «فتح» مرآة عاكسة أم فجر جديد؟ لغرض اإلط�لال -وان من خالل عدة ومضات -عىل الرصح أو البناء الفتحوي املنهجي وكمساهمة جادة يف التفكري املشرتك يف أوضاع الحركة العربية الفلسطينية بغية التطوير والتجدد ،ولتحقيق االمتزاج بني مختلف التجارب نطرح هذه الورقة للنقاش. كثرُ ت التحليالت واملطالبات من املؤمتر العام السابع لحركة فتح ،بل ودار رصاع شديد لتثبيت إقرار موعده ،وكان ملثل هذا اإلرصار املحمود أن تحقق املطلوب ،وأن أن استطاعوا تحقيق مجموعة من املنجزات يجب أن تس ّجل لهم ،ولكل كوادر الحركة بشكل جمعي باحرتام شديد ،والتي كان آخرها النجاح بتكريس انعقاد دورات اللجنة ملركزية واملجلس الثوري وأطر اخرى ثم عقد املؤمتر العام العتيد. المرآة العاكسة
رسعت بانجاز التقارير لن تستعرض الظروف الذاتية والخارجية التي لرمبا ّ املطلوبة بعيدا عن خالفات وتباينات األخوة يف الخلية األوىل ،فإن هناك مجموعة من األمور تظهر للعلن ومل تعد خافية عىل أحد السيام وإن حركة فتح عبارة عن صندوق مفتوح ،ومرآة عاكسة للمجتمع العريب الفلسطيني بأمانة ،عاكسة لتنوعه وتعدده ،ورمبا العتداده وثقته بنفسه واعتزازه بتاريخه وثورته ووطنه وأمته كام هي عاكسة ملشاكله من مناطقية وعائلية ،وسعي الكتساب الخطوة أو املكانة أو النفوذ ،ولكن هذه املرآة العاكسة يف جميع األحوال ال تقبل االنعكاسات االقليمية والخارجية لتكرس ذاتها خطوطا يف جسد الشعب الفلسطيني أوجسد حركة فتح ،فتسري بنا املركب باستقالليتها ضمن العمق العرويب الحضاري نحو األمان. 87
ال نستطيع أن نُنكر املقدار الكبري للتدخالت غري الحميدة والعبث يف جسد الثورة وجسد حركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح تحت شعارات كبرية خادعة ومزيفة ،وعرب التاريخ الحافل وامليضء لثورتنا ،ورغم نجاح جزء من هذه التدخالت ملرحلة محددة إال أنها يف النهاية قد لقيت مصريها املحتوم ،وهو الخروج من مسار الزمن. صراع الزرافات
تعتمد الزرافة للدفاع عن نفسها ضد عدو مثل منر أو أسد عىل الرفس بقدمها ،وهذه الرفسة قوية مبا يكفي لتحطيم الجمجمة كالوعاء الفخار، ولهذا السبب ال ترفس زرافة زرافة أخرى مطلقا بل تتناطحان أوتدفعان بعضهام البعض بقوة برقبتيهام الطويلتني عندما تتصارعان ،ألن رقبة الزرافة مرنة متتص الرضبات مثل العصا «الكاوتشوك» ،ويصعب استخدامها لغري ذلك نظرا لثقلها وضخامتها. أحببت أن أورد هذا املثل من الطبيعة ألقول أن الرصاع والتغيري من سنن الخليقة والحياة ،ولكن للرصاع والتغيري أدواته وحدوده وتوقيتاته :تناطح أم رفس ،والن الرصاع ال يوجد إال يف منت العالقات االجتامعية (أو التنظيمية) فإنه يظهر حني يدرك الفاعلون التضارب بني مصالحهم وترصفاتهم ،بني أهدافهم وقيمهم بني سلوكياتهم ومواقفهم ،وهذه (الرصاعات) داخل املجتمع أو التنظيم أو حتى داخل الفرد نفسه من املمكن ان تستمر حالة حاث ّة ومحفزة للتقدم حتى مستوى معني ،أي ما بقيت يف نطاق (التناطح) ومل تصل إىل حد (الرفس) يف عامل الزرافات ،فاإلرباك الذي يسببه الرصاع يف العمل والتنظيم ووسائل اتخاذ القرار قد يقترص عىل االختالف يف الرأي وتعدد البدائل وهو أمر مرغوب ويقود إىل التفكري الناقد واىل اإلبداع واالبتكار والتغيري بدل التقوقع والجمود. وقد تصل التناقضات والرصاعات املجتمعية أو التنظيمية (أو النفسية) 88
إىل حد الشقاق واالنفصال متى ما عجزت إدارة الرصاع عن حفظ التوازن التنظيمي أو متى ارتبطت هذه النزاعات بأبعاد خارجية أو أجنبية أو نوايا مبيتة. المؤتمرات ضرورة
إن املؤمترات يف التنظيامت السياسية عامة ،ومنها يف حركة فتح رضورة اتصالية وتطويرية ونهضوية ،ويف إطار الرصاع املحمود ،ومعنى الرضورة هنا يرتبط بأهمية تكريس املبدأ ،مبدأ الدميقراطية املركزية الضابط لجسد الحركة. فال تتجه “القيادات” نحو االستبداد كام بدا يف مواقف مختلفة مضت، وال تتحول القاعدة إىل جموع قطيعية تس ّخر لخدمة األغراض املوسمية “للقيادة” أولهذا الشخص أوذاك من الصف األول ،بينام حق الكوادر واألعضاء يف املشاركة واالح�ترام واكتساب الدور املطلوب هو األصل يف االتصاالت والعالقات الثورية النضالية ،فنحافظ بذلك عىل األصالة والتجديد معا ،فالقافلة تجمعنا ،فال إهامل وال إقصاء وال تكالب وال تزاحم غري محمود. لن نكون مف ّرطني وال مستسلمني وال منبطحني وال مهرولني ،فام ك ّنا ممن يخذل وطنه أو قضيته أبدا ،وما كنا ل ُنلقي النفايات يف حديقة فلسطني 11 الخلفية قَط. يف ذهابنا ألي مؤمتر نعمل عىل أن نك ّرس ونؤكد ونتمسك ونش ّدد ،ال لنفرط أو نتخاذل كام يكذب وير ّوج امل ُخ ّرصون ،ويحرض املح ّرضون. ذاهبون لرنسم شارة النرص التي طاملا رسمها الخالد يارس عرفات متنقال مع صحبه من الثوار من مخيامت الصمود يف لبنان وسوريا واالردن ،اىل -11عقدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مؤمترها السابع يوم 29نوفمرب/ ترشين الثاين 2016يف قاعة أحمد الشقريي مبقر الرئاسة الفلسطينية يف رام الله يف الضفة الغربية ،واختتم املؤمتر أشغاله يوم 4ديسمرب /كانون األول من نفس العام.
89
املنايف عائدا اىل فلسطني مؤسسا لفجر القدس الباهر القادم حتام. وذاهبون ملؤمتر الحركة لنعيد ما قد فُقد من ألق ومنعة وعزة وشغف بالعمل والعطاء مع ظهور الطفيليات والنباتات املتسلقة يف جسدنا ،ذاهبون لند ّون يف رأس الصفحة األوىل ما نسيه اآلخرون من أهداف ومباديء وأخالق وقيم تجمعنا ،وذاهبون لرنسم شارة النرص أمام عيون الفجر القادم ،ذاهبون لرنسم منهج عمل جديد ورؤية تنطلق من نقاط أساسية خمسة كالتايل: فلسطين الخط األحمر الغليظ
ذاهبون للمؤمتر (لنغلّظ) من الخط األحمر ،فال يستطيع أي كان أن يتجاوزه ،ولنعلن أن فساد الرؤية والسياسة واملسار والرواية الصهيونية من جميع جوانبها ،إضافة لتنامي تيارات اليمني اإلرسائييل الفايش العنرصي، واستمرار قبضة االحتالل الحديدية وسعيه املتواصل الجتثاث شعبنا واحتالل أرضنا أمور كلها تعمل عىل تغليظ الخط األحمر لدينا ،املتمثل بالرواية نكل من التأكيد الفلسطينية الحقيقة والتاريخ العريب الفلسطيني الذي ال ّ فيه عىل الحق والتجذّر والعدالة يف فلسطني أرض آبائنا وأجدادنا منذ وجدت هذه األرض. وعليه فإن باب النضال الطويل سيظل مفتوحا ولن يغلق أبدا ،ففكرة ثورتنا وخطابنا وروايتنا يسندها علم اآلثار كام ساندها التاريخ والعلم وامليزان ،ومن هنا فالخط األحمر الغليظ سيظهر واضحا بال مواربة كام كان دامئا. (سو ٌد وقائعنا) وتعدد أبواب النضال
ذاهبون إىل املؤمتر لنحقق فتح جميع األبواب واملسارات عرب التمسك األصيل بالحرب (املقاومة) الشعبية طويلة األمد (النفس) ،والتي إن بدأت مع الكفاح املسلح الذي سيظل خيارا ،فإنها ال تتخىل عنه مطلقا ،لكنها تستكمل 90
حلقاتها حسب معطيات الواقع وموازين القوى وتقاطعات الفرص املتاحة واملصالح ومضامني الفعل املوحد القادر عىل تحقيق النرص بأي وسيلة كانت. باالنتفاضات واملقاومة الشعبية وغريها ،وال تحيد أبدا عن مهمة الكشف الدوري عن الوجه العنرصي (االبارتهايدي) للكيان االرسائييل بكل جالء ،كام وتحض عليها ال تتخيل عن كل أشكال املقاطعة لهذا الكيان البغيض ،بل ّ ومتارسها وتدعمها بكل قوة. وذاهبون للمؤمتر بعقلية اإلميان الراسخ بالله سبحانه وتعاىل معينا ووكيال ،وبالهدف الجامع ،مع الوعي املستنري بالواقع والقدرة عىل تخيرّ السبل لتحقيق الهدف الذي تتعانق فيه اإلرادة أفضل البدائل ،أو اكتشاف ُ الفلسطينية ألسود الفتح مع اإلرادة العربية الجامعة مع كافة االحرار يف العامل. (بيضاء نقية) وسال ٌم ال يقبل الدنيّة
رايتنا الفلسطينية يف أحد ألوانها بيضاء نقية ألننا منذ فجر وجودنا املتواصل بال انقطاع عىل أرضنا عىل أرض فلسطني ككنعانيني (كُنانيني) ويبوسيني وفلسطينيني ولخميني وغساسنة عرب كنا وما زلنا دعاة سلم ،لكننا ال نقبل أن نُضام أبدا ،ومن أكرث ضيام وظلام وعدوانا من االحتالل؟ لذلك سنستمر بخوض نضالنا :امليداين املقاوم والسيايس والدبلومايس والقانوين واإلعالمي ضد آخر احتالل عىل وجه البسيطة ،وضد العنرصية، وضد األوهام واألكاذيب التوراتية التاريخية ،وضد مدافع اليمني االرسائييل الذي يلوث األرض بخناجر االستيطان التي تُدمي أرضنا وتؤذي شعب فلسطني واألمة يف كل مكان. إن السالم الذي نريده لن يفرط بفلسطني األرض والتاريخ والجغرافيا أبدا ،ولن يرسم قوسا يسقط حق الالجئني أبدا ،ولن يجعل القدس خارج 91
السياق أبدا فهي لنا كانت وستظل عربية فلسطينية اسالمية مسيحية ،مهام زور املزورون وكذب املنجمون. إن السالم الذي نبتغيه سالم لن يعرتف لالرسائييل بأكاذيب وخرافات وأوهام “حقه” بفلسطني التي تربر له طرد الفلسطيني من أرضه يف حيفا ويافا واملثلث والنقب وأم الفحم ،أو رام الله وبيت لحم والخليل وغزة ،أو اإلمعان يف االستيطان عىل أجسادنا املرضجة بالدم وعبق الرتاب ،وارتكاب املذابح. إن السالم الذي نريده سال ُم يرفض صيغة “الدولة القومية اليهودية” العنرصية والكاذبة ،وس�لام يفتح الباب عىل مرصاعيه منذ ترصيح بلفور املشؤوم ،فقرار التقسيم ال��ذي أدى ملظلمة النكبة التاريخية “محرقة=هولوكوست” الشعب الفلسطيني التي يجب االقرار بها من صناعها واالعتذار عنها ،والتكفري عن كل الخطايا التي لحقتها. والسالم الذي نبتغيه سالم األنداد ،والدميقراطية الجامعة ،وسالم الشجعان الذين يضعون قضية األرسى إمامهم ال خلفهم ويصعدون بالدرجات نحو ضوء الفجر البازع من خلف الركام. األكف المشققة شعار برنامجنا الوطني
تتقدم حركة فتح يف هذا املؤمتر بواحد من أهم برامجها الوطنية املشتملة عىل الرؤية القادمة يف الجوانب االجتامعية واالقتصادية والفكرية والتنموية والثقافية الفكرية بشكل الفت ومتميز يجعل حركة فتح منارة حضارية لطاملا تغنت وتبنت العقالنية والواقعية يف مسار حضارتنا العربية اإلسالمية بجناحيها املسيحي واإلسالمي. ولطاملا سجلت يف فكرها وثقافتها ورؤيتها املجتمعية إنها تسعى حثيثا لتحقيق الدولة املدنية الدميقراطية ،دولة املواطنة والقانون ،دولة الحرية 92
واملشاركة ،وإنها تؤمن بالحوار والتسامح وتعرتف باآلخر ،كام تؤمن بالحق والعدالة والحرية والكرامة االنسانية. تتقدم حركة فتح بربنامج أخرض ،وشعاره األكف املشققة للعامل والفالح واملوظف واملناضل واملقاوم ،تتقدم بربنامج البناء الوطني االجتامعي لفلسطني ،ولن تكف بأن تجعل من أبواب هذا الربنامج مفتوحة عىل الربنامج وأسس ملرحلة نضالية جديدة يف سياق األهداف السيايس الذي عالج مرحلة ّ الثابتة بالدولة الفلسطينية املستقلة وعاصمتها القدس وعودة الالجئني. نحن يف حركة فتح من أسسنا ملقولة البندقية بيد ومنجل املزارع بيد، ونحن من اعتربنا النضال بزراعة أرضنا وبناء بالدنا والصمود فيها واجب رباط ،ونحن من آمنا بالريشة والقلم واللحن والكلمة الطلقة اىل جوار نضالنا امليداين بحيث اعتربنا كل ذلك من مكونات شمولية مفهوم النضال. كلنا «أعضاء» في حركة فتح ،وال فخر
عندما حمل البطل صالح الدين األيويب الراية الصفراء كان يتقدم الخطى حثيثا نحو فلسطني ،وإن كان من لحقه من ساللته مل يحافظوا عىل نقاء الراية ولوثوها ،فإن حركة فتح التي حملت هذه الراية الصفراء مع دخول االنتفاضات حيز الوعي العاملي ستظل وفية لعلم فلسطني املمثل لكل فلسطني ،ولهذه الراية فكرا وثقافة وسياسة. ويف البعد التنظيمي الداخيل كام كانت حركة فتح وف ّية دوما ملسلسل النضاالت (شهداء وجرحى وأرسى )...منذ البدء ،ومنذ رسم ظاهر العمر الزيداين حدود فلسطني حديثا ،ومنذ رصخ عز الدين القسام هذا «جهاد نرص أو استشهاد» ،ستظل وفية لهام ،ولقضيتنا وتاريخنا ومستقبلنا وللخالد يارس عرفات الذي جعل حطّته (كوفيته) رمزا لفلسطني والثورة املستمرة من خالل «شبل أو زهرة سرتفع علم فلسطني يف القدس» عاصمة الدولة الفلسطينية عىل أرض فلسطني. 93
إن املؤمتر أدعى ما يكون لالحتفاء بالعرب والفلسطينيني الذين قدموا الكثري لهذه الثورة فمنهم من قيض نحبه ومنهم من ينتظر ،فتكرس مفهوم الوفاء وتظهر الوجه العرويب للحركة الوجه االبداعي الوجه الحاضن لكل شموع الثورة من أي يد جاءت لتيضء معنا درب الحرية. إن املؤمتر أدعى ما يكون تنظيميا لتكريس مفهوم «العضوية ال املوقع كأولوية» ،واعتبار العضو املناضل من حيث هو عضو يف التنظيم يعني اإلميان وااللتزام والفعالية والعطاء واإلمثار ،ويعني املشاركة لكل من موقعه والدور واملامرسة ،ما هو مدعاة للفخر بانتامئه لألمة وفلسطني والحركة. ال عضوية بال إطار تنظيمي ،وال عضوية بال مسؤولية واضحة ،وال عضو بال مسؤول أبدا أومرجعية نظامية ،وال عضو ال يعرف دوره أو عمله أو موضع مشاركته. وال عضو بال اشرتاك مايل شهري يف هذا الجهد التنظيمي الطوعي من حيث أن التنظيم (التزام أخالقي وعمل تطوعي). إن غري ذلك ال يكون إال حلم االنتهازيني واملستلقني الذي يريدون التنظيم جرسا نحو نجومية السلطة الخداعة ،ال نحو آداب النضال ومقارعة املحتل، وقيم حضارتنا وثورتنا وحركتنا التي ترتبط مبرتكزين أساسيني هام :التضحية واإلميان املطلق بالنرص ،ما هو دأبنا ومسريتنا الجامهريية املستمرة ولن تتوقف قافلتها بإذن الله إال حني تظهر فلسطني الواحة املرشقة جليّة من البعيد.
94
عنواني الوحيد حركة فتح ،بدون ولكن! من السهل أن يع ّدد الكثريون مجموعة من األسباب يحددون بها مواقع الزلل والخلل يف أمر ما أو مسار شخص أو جهة ما ،أو يشريون بأصابعهم إىل مواضع الخطأ والرتاجع والخرسان ،وذلك لطبيعة هذا اإلنسان الذي يلبس النظارة السوداء فال يرى إال اللون الواحد ،وعندما تفاجئه أنت بالقول :نعم، هناك نواقص وأخطاء و”لكن” ،يقول لك :رجاء أن تعدم هذه “الالكن”! حيث ال يريد أن يرى من الصورة إال السلبي منها فقط ،فرييح ذاته من عناء التفكري والعمل الجاد للتطوير. حركة فتح
نحن وبال هذه ال»لكن» ،عىل يقني من عديد األسباب التي تجعلنا ال نضع عىل بطاقة التعريف السياسية لنا إال اسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح ،وأن كنا قد مارسنا بحسب املسؤولية التاريخية التي نتحملها حريتنا يف النقد واالعرتاض والدميقراطية واإلشارة ملواطن الخلل يف كل مناسبة ،وللموقف الذي نخالفه ،ويف كل محفل ،وحيث لكل مقام مقال فإننا أيضا مل نغمط أحدا حقه عىل وجه العموم ،فكيف لنا أن ننتقص من حق حركة فتح عىل الثورة العاملية وعىل املحيط العريب برمته وعىل فلسطني ...وعلينا!؟ بال لكن
ألسنا حني نُن ِكر الفضل نكون بذلك أبناء قساة عاقني؟ وكام دأب أحدهم يتطاول مؤخرا بقسوة عىل هذه الحركة العمالقة لحقد دفني يف ذاته وأسانيد خرافية يف أحالمه ،ميزج فيها بني فهمه املتعطل للدين وبني دفائن بُغضه، فيعبرّ مبا نهى الله ورسوله عليه السالم عنه من شدة خصومه شتام ولعنا وطعنا وبذاءة؟. 95
نحن وبال (لكن) نستطيع وبكل ثقة أن نحدد مالمح إمياننا والتصاقنا الحر بحركة فتح ،حركة فتح الفكرة الناهضة والصاعدة واالبداعية واملتجددة، وحركة فتح التضحيات الجسام. حركة فتح الشعب الواحد بال تصنيف ،وحركة فتح الفكر املدين واملنهج املستنري ،حركة فتح العمل والبناء والتنمية ال تريد حمدا وال شكورا ،وال متن عىل أحد بثقل انجازاتها املشهودة. حركة فتح املحبة والدميقراطية ،حركة فتح الثورة والجهاد والنضال بكافة أشكاله ،وحركة فتح الشيوخ والشبيبة واملرأة الحامية ،وحركة فتح الصدر الرحب املتسامح حتى مع ألد الخصوم ،وحركة فتح التي مل توجه بندقيتها أبدا إال يف وجه العدو الصهيوين الذي يحتل أرضنا السليبة فلسطني. فلسطين القدس
يتقدس أسم فلسطني ويعلو بحيث ال يطاله اسم آخر ،بل وال يجرؤ أن يقرتب منه ،عندما تتحدث حركة فتح عن فلسطيننا ،عن قدسنا ،عن حيفا ويافا والنارصة ورام الله وغزة ورفح وطربيا فلست بوارد أن أضع يف أولويايت رقم 2ورقم 3ورقم 4سوى تحرير فلسطني ،وهكذا هي «الوطنية» يف حركة فتح ال تقبل رشيكا وال منازعا وال منافسا ،ومن هنا جاء “التخصيص” يف العمل لفلسطني و”الرتكيز للجهد” من أجلها فقط و”األولوية” حتى ال ثاين لها. شعب غير منقسم
حركة فتح هي حركة الشعب الواحد الذي ال يصنف استنادا للضامئر والظن ،وال يقسم هذا الشعب بني مؤمن وغري مؤمن ،أو مسلم فئة (أ) و مسلم فئة (ب) هو مرتد أو علامين أو كافر أو ضال أال ساء ما يصنعون! كام ال تقسم املسيحيني عىل ذات النمط ،فالكل فلسطيني والكل مؤمن ،ومهام 96
كانت درجة اميانه فهذا مقياسه عند الله سبحانه وتعايل ،بال حرصية لفئة أو إقصاء ألخرى ،وحركة فتح حركة اإلميان يف مسار حضارتنا العربية اإلسالمية دون غلو أو تطرف ،وبال تهاون أو تزلّف .لذا نحن فرسان العقل يف حضارتنا العربية االسالمية. فتح السالح ال ُمش َرع
إن حركة فتح هي حركة السالح املوجه فقط نحو العدو ،فهي الحركة التي أدارت ظهرها طويال للحرب مع الشقيق حتى سبقتها مدافع الجيش السوري إىل طرابلس (عام ،)1983ومل تواجه االنقالب الدموي لفصيل «حامس» عام 2007حقنا للدماء ورفضا لقتال املسلم للمسلم والفلسطيني للفلسطيني والعريب للعريب. حركة فتح حامية الرشعية الفلسطينية تسيدت خنادق املواجهة ضد العدو يف كل املجاالت العسكرية والسياسية واالجتامعية والقانونية والثقافية والتاريخية ،ومل تهمل الدفاع عن القرار الوطني الفلسطيني املستقل ضد تجار الدم والشعارات يف أمة العرب. فتح رفضت االقتتال كام يتقاتل األكباش من التنظيامت االسالموية املتطرفة يف مواجهة بعضهم البعض ال يعرفون ُحرمات الله اليوم ال يف العراق وال سوريا وال ليبيا وال سيناء وال اليمن ،...ويحلّلون قتل بعضهم البعض ما س ّبب لهذه األمة وملدعي االنتساب لهذا الدين العظيم الخزي والعار ،هو ذاته خزي وعار االنقالبيني يف غزة الذي سيالحقهم إىل األبد. حركة فتح امتشقت السالح منذ الفجر ،ورصاصاتها مو ّجهة لقلب العدو الصهيوين املحتل فقط ،فهي ال تعرف عنوانا آخر لذلك ،يخشونها فال يردع عاصفتها إال تحرير فلسطني ،كل فلسطني أمنا وتاريخنا وروايتنا الحقيقية، مهام كان سياق الفهم السيايس املرحيل. 97
في دروب السياسة
حركة فتح عندما تتسلق درج أودروب السياسة الصعبة ال تداور وال تكذب وال متايلء وال تتزلف أحدا أو دولة أو قوة خارجية بل تتجه مبارشة إىل الهدف ،فترضب حيث وجب ،وتفاوض بكل أمانة وثقة وليس كام يهرف ويخ ّرف ذاك الهزيل الفكر. وعندما تتوقف حركة فتح لتتبرص وتتأمل وتنتقد نفسها وتصحح وتخطط وتتعلم فهي تعلم أين تضع أقدامها ،وعندما تصبح البندقية أواالنتفاضة أواله ّبة أو الغضبة خيارها تجف االقالم وترفع الصحف فريتفع علم الفتح علم فلسطني فقط. وفتح املرحابة إىل الدرجة التي يتسلق عىل أكتافها الكثري من االنتهازيني تصارع وال تهدأ حتى تنفض عنها غبار استغاللهم فال يصبحون إال يف خرب كان ولو بعد زمن. سيارة ياسر عرفات والعودة والبناء
أعادت حركة التحريرالوطني الفلسطيني-فتح مئات اآلالف إىل وطنهم، الذي لن يفارقوه ولو غاب بعضهم عنه جسديا مقدار ألف عام ،أو ألف حلم أوألف أمنية ،يف أمل تحقق كان قد راود هذه الجموع ،فإذ به مع سيارة الخالد فينا يارس عرفات التي تخرتق شوارع غزة الحبيبة عام 1994يعودون زرافات وجامعات مهللني مكربين. يعودون والعودة حق ناجز لكل فلسطني ولكل فلسطيني ،ومن عادوا كانوا يقبّلون تراب هذا الوطن ،ويرضبون مع الصامدين مبعاولهم يف عمق األرض يزرعون ويحصدون ،ويبنون آالف املدارس واملستشفيات والشوارع واملؤسسات واملساجد والكنائس واملشاريع العمالقة من مطار ومعابر وميناء ومدن جديدة ،وطرقات وحدائق وآالف االنجازات املادية والنفسية والعملية والعلمية والفنية دون أن تنتظر الحركة من أحد قول (شكرا لحركة فتح) إذ 98
ت ُحسب كل االنجازات لغريها ،ومع أول مثلبة تُتّهم بكلّها عند حافر الحصان املتعرث. أحب حركة فتح المتعطّرة
أحب حركة فتح ألنني استطيع بعطرها أن أشم روائح متعددة ،مختلفة ُّ لكنها طيبة ،متباينة أحيانا ،لكنها جميلة مهام حملت من شوائب يف بعض األحايني ،وتجد يف غالبها مؤرش واحد يشري إىل فلسطني ،وألنني فيها أتنفس الحرية هواء نقيا ،وقدرة حرة عىل التعبري والنقد واملامرسة العف ّية حتى لو اقتىض الرصاع مني حول أمر ما طول األمد. يف حركة فتح لست أخىش سيف التكفري أو التخوين أبدا ذاك السيف املشبوه املم ّرغ بالدم يحمله أصحاب الفكر األسود يلوحون به يف اإلعالم ويف املساجد أو املحافل ،أو يستخدمونه حيث التسلط والطاغوتية واالستعباد يف مرحلة “التمكني” الظالمية. حركة الطالب والخريجين والثوار
حركة فتح التي تعاملت مع الكوادر والجامهري فخ ّرجت عرب بعثاتها حول العامل-ثم يف فلسطني -مئات اآلالف من الطالب الخريجني مبختلف التخصصات ،ودربت يف حياضها عسكريا (ثم سياسيا) اآلالف من الثوار الفلسطينيني والعرب ومن اإليرانيني واآلسيويني واألفارقة واألوروبيني ما ال يحىص من أبطال حركات التحرر ،هي حركة فتح التي مدت اليد ألصدقائها فام خذلوها ،ألنها مل تنسهم يف محنتهم فقدمت لهم أكرث مام تستطيع ،ومل تقصرّ مع أرس األرسى والشهداء والجرحى فعاملتهم كفلسطينيني من كافة الفصائل ومن العرب عىل قدم املساواة ،وجعلت من الدم الزيك املسفوح ألجل فلسطني مقدسا فأعلت من شأن الشهداء مل تفرق بني أحد منهم بجنة أو نار أو دعوة أو صالة فالله خري الحاكمني. 99
وعاء فلسطين يجمعنا
مل تكن الحركة التي ولدت والدة عسرية لتنهض ،لو استندت لفكرانية (=أليديولوجية) شعاراتية فارغة ،أو لو استندت لفكرة متحجرة تقرتِن بالجمود والتكلس واالنغالق حيث ال هواء يتجدد ،كام يف (االسالموية والشيوعية والقومية العنرصية) وهي التنظيامت التي سبقتها بالتأسيس، ولحقها بعضها متأخرا بالفهم وبالعمل بعد سبات عميق. فتح بدال من التيه األيديولوجي آثرت أن تجعل من وعاء فلسطني ِ متسعا لكل لون ،فرفضت التصنيف واللون الواحد ،فكان علم فلسطني هو علم حركة فتح الذي يجمع الكل الفلسطيني عىل اطالقه ،ويجمع حوله كل األمة العربية واإلسالمية ،بل وباعتباره علم الثورة العاملية يجمع أحرار العامل. حركة بلون التراب
يف حركة فتح –وبدون ولكن -مل أشعر بالغربة أبدا بني األجيال رغم املواجهات الصحية بني األفهام أحيانا ،ومل أشعر بالغربة بني اختالف التجارب (التنظيم والقاعدة الثورية واملعتقل ،والداخل والخارج) ،وما كنت غريبا بني فئات الشعب والجامهري الغفرية من عامل وموظفني ومهندسني وأطباء... يف حركة فتح قد تجد الفوىض أحيانا مام ال يطاق ،ومن الدميقراطية بحلوها ومرها ما ال يبهج ،وقد ترى من النباتات املتسلقة مجموعات ،وقد يصدمك حجم تقدم بعض االنتهازيني وأهل الباطل ،ولكنك بصالبة الثوري تتوقف وتتأمل فتأخذ نفسا وتشحذ سالحك وتثري النقع ،ويف حركة فتح قد تتجابه كتل السحاب بشدة أحيانا فتولد من رشارة الربق غيثا نافعا أو سيوال جارفة ،ولكنها يف جميع االحوال حركة ال تهدأ وال تك ّن وال تركد. يف حركة فتح قد ترى أحيانا ما ال يرسك وال يبهجك وال يفرحك فتنكمش وتنزعج وتتباطأ لديك رغبة الفعل! نعم ،ولكنك رسعان ما تشتعل غضبا عىل املحتل فقط ،ورسعان ما تجد يف ثنايا تاريخ أو فكر أو سرية أو منهج الحركة 100
ما يشدك للوثوب والتقدم فأنت يف جنة الفلسطينيني ،أنت يف حركة فتح. فتح حركة بلون تراب األرض ،يتشابه فيها الطالب واملهندس وامليكانييك والنجار ومصمم املواقع االلكرتونية والفنان وصاحب القلم ،...فال تكاد متيزهم عندما يسريون متأبطني كتاب الرتبية الوطنية التي تشري لفلسطني النظيفة والشقية واللطيفة والغاضبة والجذىل ،واملتحررة قريبا بنرص الله، وما ذلك عىل الله بعسري.
101
في العقل الحر والمنهج التنظيمي ما املشكلة الحقيقية التي تعصف بالتنظيامت السياسية الفلسطينية داخليا وبتنظيم حركة فتح؟ وما هي العوامل التي تفاقم أو تهدئ من املشكالت يف بطن التنظيم؟ وهل كل املشكالت بالتنظيم السيايس وتحديدا الحركة ذات طبيعة خارجية؟ أم لنا أن ننظر يف ذاتنا أوال لنتحقق ونتقىص ونفحص ونش ّخص فنصل لألسباب الحقيقية ونسعى معا لخوض الرصاع لتجاوزها. إن املشكالت الداخلية يف داخل التنظيم السيايس – وهي ما سرنكز عليه هنا –تأيت من اتجهات ثالثة إما بنيوية هيكلية ،أوانتهازية ذاتية مصلحية، أو منهجية وادارية ،وقد يري االخرون زوايا أخرى للنظر ،لن نبخسهم فيها حقهم بأن يتعاونوا معنا ويفيدونا. يف كثري من التنظيامت السياسية كانت املشكلة الفكرية-الثقافية املرتبطة بفكر التنظيم أو أهدافه تقف كالطود الشامخ بني التيارات ،يحاولون تجاوزه- الطود املشكلة -أو االلتفاف عليه او تسلقه ،أو يقومون باالحرتاب كتيارات رافضني الخطوط الخارجة عن التيار العام ،ولكن يف الوقت الحايل تعاين كثري من التنظيامت يف اليسار واليمني ومنها حركة فتح ضعفا يف األداء الفكري ،ما يعني أن التيارات الفكرية املتصارعة حول الفكرة واالسرتاتيجية والربنامج غري موجودة ،أومل تتفجر حتى اآلن. العقل االنتهازي
إن االنتهازية كمشكلة أصيلة يف التنظيم السيايس تغلّب األهداف الذاتية- األنوية (من األنا العظمى يف ذات الشخص) عىل األهداف العامة ،وتغلّب املصالح االقتصادية أو السلطوية املرتبطة بالشخص او بالشخص وجامعته أو عشريته عىل الهدف الوطني ،ويف أحسن االحوال فإن االنتهازي يستطيع أن يقنع ذاته أن الهدف العام (الوطني) مرتبط به شخصيا ومبصالحه الخاصة، 102
حيث ال يرى التعارض الكبري إال ان افرتقتا ،وال يستطيع أو ال يريد أن يفهم أن الوعي الوطني يقتيض منه التنازل ،ويقتيض منه التخيل ،ويطلب منه النظر أبعد من أرنبه أنفه ،أو أبعد من مساحة مكتبه ومستشاريه املرمتني عىل أقدامه ،وأبعد من أرجل كريس السلطة الوثري ،فاملرسح ميتلئ باملمثلني وليس هو الالعب الوحيد أو النجم الذي ال ميكن أن يعوض ،لذا يرى بوجوده حرصيا قصبة النجاة لآلخرين وللتنظيم وللوطن ،وما هو كذلك. إن قرص النظر ،أو غض النظر عن خطايا الشخص ،أو تربيره الدائم ألفعالة وعدم قدرته عىل محاسبة الذات واملراجعة ،وعدم رغبته بالتغيري واإلصالح، أو عدم قدرته عىل التسامح واالستيعاب ينبع من خوفه الشديد من فقدان املكانة-مكانته وهيمنته ،وينبع منفقدانه الدور الذي ال يراه مرتبطا إال به، وإال مبوقعه وإال مبصالحة التي يفرتض بها االمتزاج باملصلحة الوطنية ،فيق ّدم الخاص املحدود عىل العام ضمن تربير يراه منطقيا وما هو إال تعبري عن خوف ورعب وتوجس من التغيري ورفض لالعرتاف باألخطاء وإرصار عىل رذيلة الشخصانية (أو انفجار األنا العليا) التي قد تصل به لحدود التحكم يف مصائر اآلخرين واالستبداد (الدكتاتورية) ،وكأن الكون يتمحور حول ذات هذا الشخص وال ينفك يطلب رضاه أو وجوده ،فإن غاب غابت الشمس وأن بقي فقط فالحياة مستمرة. إن املشاكل والشخصيات االنتهازية تحرق الكفاءات عمدا ،بل و تربر ذلك بكل جرأة تصل لحد الوقاحة ،فهي ال تعرتف بالفكرة املجاورة لها أو املخالفة لها أو حتى تلك امل ُصاغة بشكل مختلف ولكنها يف ذات السياق، كام ال تعرتف باتساع املساحة وعمق االقرتاب فتلجأ لكل األساليب القانونية أو غري القانونية أو بتطويعها بتعسف يتم فيه رضب الصغري ليعترب الكبري، فيسري مع القطيع بال رأي وال عقل وال روح ويردد (الحائط الحائط /الحيط الحيط )..أو أنا ومن بعدي الطوفان. 103
لهيب وصالة وريح
إن العقلية االنتهازية عقلية مهيمنة وعقلية استئثارية ،وعقلية مصلحة تفعل مفاعليها يف ذات الشخص فينتكس ،وقد ال يعود ليستقيم حتى لو صام وصىل وقام ولصوت الدعاء عالّ أبدا ،فاملنتكس قد دخل يف طور جديد ابتعد فيه عن الجادة ،واقرتب فيه من فوهة الجحيم ،وهو ينظر إليها إما اله أو مستمتع أومحمل بكل الحطب الالزم الستمرار اللهيب بإرادته أو دون وعيه. إن التنظيم السيايس الذي تسود فيه الشخصيات أو العقليات أو املشاكل ذات الطبيعة االنتهازية تنظيم هو كالورقة يف مهب الريح ،ال تثبت يف مكان وال تصمد عىل منهج أو فكرة أو اسرتاتيجية ،بل يتقافز بني األفكار واملنهاج كالزئبق متاما حيث تتوه الخواص فيه ما بني الصالبة والسيولة، فتكون امليوعة يف األفكار واملواقف والسياسات اىل الدرجة التي تظهر فيها التناقضات والتضارب جليّة ،ولكنها وهنا الطامة الكربى حيث تجد من يربرها ويشري إليها (لليشء ونقيضه) بأكف الراحة وببسامت الفرح. {العضو} انتماء أصيل و{مساهمات} دائمة
أما النوع الثاين من املشاكل يف التنظيم السيايس فهي املشاكل البنوية ،أي تلك املتعلقة باألطر والهياكل وعندما نتكلم عن األطر أو الهيكل التنظيمي الرابط بهرم السلطة بني القيادة والقاعدة أفقيا ،فإننا ال نتحدث عن أرقام وكتل مصمتة ،وإمنا نتحدث عن أعضاء /عضوية ،عن برش ،عن شخصيات لها للسقيا ،وتحتاج ألن تظل دوما متأهبة الروح و عقول وأجساد وأرواح تحتاج ُ نشطة العقل ومشاركة بامليدان ،وذات قيم متجذرة. تجس (تصنع جرسا) إن الفرق واضح بني التعامل مع األطر كمواقع رّ تجس لبذل الجهد لتحقيق األهداف لألهداف الذاتية واالنتهازية أوكمواقع رّ الوطنية. ويف حوارات بناء أو تعديل (النظام الداخيل /الدستور) تظهر الشخصيات 104
منها تلك التي تريد إنتاج النظام (القانون أو الدستور الحاكم يف التنظيم) من منظور أين أكون أنا فيه! أو من منظور كيف نكون معا (ككادر وأعضاء) فيه ،واملنظوران مختلفان كليا ومتصادمان. إن العضوية يف التنظيم السيايس بحد ذاتها أي ك»عضوية» هي مكسب وهي جائزة وهي مهمة وهي باب مفتوح للمشاركة ،ومن هنا يأيت بذل الجهد طواعية وااللتزام أخالقيا ضمن شعارنا الذي ال ميوت (إن التنظيم التزام اخالقي وعمل تطوعي) وعليه فالعضوية {مساهامت} كثرية تفرتض توقد اإلرادة والقدرة وبذل الجهد عىل أداء الواجبات ،وتوفر الوقت ،وأحيانا كثرية توفر املال من الشخص يرصفه عىل العمل التنظيمي ،ودون ذلك فإن العضوية ساقطة ال قيمة لها. منتم للحركة التي ما هي إال إن مكسب العضو يف التنظيم هو بكونه ٍ بوابة فلسطني وبوابة النرص باذن الله تعاىل ،وماذا يريد الشخص من مجد أكرث من أن يكون جزاءا من هكذا حركة؟ وما يضريه أن يرى اىل جانبه الشخصيات التي ال يطيقها ولكنه يعمل إلصالحها او يصارع لتغيري مواقفها ومنهجها؟ او ما يضريه أن يهتم بذاته أوال ويحصنها ،حتى لو فسد اآلخرون، فهو املحور وإشعاعه يجب أن يصيب ضمن عقل الجامعة أولئك االنتهازيني او املخربني. قال يل الكاتب واألديب املبدع يحيى يخلف رافضا التكالب حول املواقع التنظيمية املتقدمة :يكفيني فخرا أن يشري يل الناس يف الشارع قائلني أنظروا هذا املبدع من حركة فتح. بدون {مساهمات} تتراكم الطحالب
قلنا أن مقدمات الفعل /العطاء {مساهامت} يف داخل التنظيم السيايس هي بالرغبة األكيدة بالعمل ،ثم توفر القدرة واإلمكانية واإلرادة لدى هذا الشخص /العضو للعمل ،وامتالكه أو تخصيصه للوقت (وأحيانا كثرية لجزء 105
من ماله ،أو روحه) فداء للوطن ،وعمال يف داخل إطار التنظيم ،وإال كانت النظرة بغري ذلك نظرة انتهازية بحته ال ترى يف التنظيم إال مكاسب مادية أو شخصية أو سلطوية ،فيقع التنظيم واألعضاء يف فخ التدمري البنيوي (التنظيمي) ليتحول التنظيم اىل رصاعات قوى ونفوذ تحطم األطر ،وتلقى يف سلة النفايات القيمة باحرتام األطر ،بل وحينها قد ت ُعىل من قيمة االتصاالت املسترتة (الرسية) يف التنظيم التي تؤهل لنشوء التكتالت املصلحية ،ولرتاكم الطحالب أو النباتات املتسلقة. مدعوون على عرس أم مشاركون؟
إن بناء النظام عىل قاعدة أن {العائدات} هي مبقدار {مساهامت} لكل عضو يف التنظيم تفرتض 4صفات رئيسة .إذ أنها تفرتض: 1 .1روحا متأهبة للعضو ،روحا خالقة روحا إيجابية ال انتكاسية وال سوداوية وال تشاؤمية، 2 .2سعيا حثيثا لألمام بالجهد املتواصل وتراكم العمل الفردي ضمن بوتقة الجامعة. 3 .3عقال خالقا ِ نشطا ال يكل التفكري والتدبري ،ويعي معنى االنتامء وااللتزام وأهمية االبداع واالنجاز ،ويرص عىل دوره النظامي باملشاركة (يف االجتامعات الدورية واملامرسة الدميقراطية والنقد والتقييم ،والقيام بالنشاطات بقوة و مبحبة ،وباملراجعة الذاتية.)... 4 .4رباعية االسهامات هو أن يكون ذلك مرتبطا باألخالق الثورية ،وبقيمنا العربية االسالمية الحضارية بشقيها االسالمي واملسيحي ،وبقيمنا الثورية التي تحافظ عىل عنفوان االنطالقة وحكمة النظر يف الواقع ورغبة التصدي للعوائق ،وخوض {الرصاع} الرئيس ضد االحتالل والعدوان أوال ،ويف املجتمع ضد التخلف والجهالة. ويف التنظيم السيايس نخوض {الرصاع} من أجل تحقيق نهضوية بنيوية تف ّعل كل اجزاء العمل ضمن فرق عمل (وحدات تنظيمية فاعلة) وضمن 106
مجموعات ،وليس كأجراء أو حشود مدعوين ألعراس أوبيوت عزاء مبجرد أن ينفض العرس ينفضون وهكذا دواليك. اإلهمال التنظيمي آفة
إن اهامل العضو يأيت من ذاته ،أو من مسؤوله ،أو من سوء إدارة البنية التنظيمية (غالبا ما يقع ذلك من رأس الهرم) ،فال يجب عىل العضو هنا أن يتخىل عن الهدف الجامع ،وال عن رضورة استمراره ببناء ذاته ،سواء قدم له اآلخرون دعام هو واجبهم أم مل يفعلوا ،فهو ملزم امام الله سبحانه وتعاىل، وأمام فلسطني وأمام ذاته أن يطور نفسه يوميا دون أن يكون دافعه لذلك إال اإلخالص لله ولفلسطني وللحركة ولذاته ،وبال كلل بل وبإرصار ومحبة. أما من زاوية إهامل املسؤول لواجباته تجاه العضو فهنا تتأصل عقدة اإلطار ،واالتصاالت الصحيحة (االتصاالت مبعنى بناء العالقات وإدامتها وطريقة التواصل الدوري بني األعضاء) التي إن ارتبطت بعقلية املنفعية واالنتهازية أو عقلية دعوات العرس أو بيت العزاء املوسمية -وليست االجتامعات الدورية -أي التعامل مع االعضاء فقط حني الحاجة لهم للحشد أو التجمهر نقول حينها عىل مثل هذا التنظيم السالم ،فال {مخرجات} وال {املساهامت} وبالتايل ال {عائدات} إال تكريس املصلحية واالنتهازية واملنفعية. (العائدات :وهي ما يعود عىل الشخص أو الجامعة باملنفعة العامة ،ومنها الذاتية إلحاقامن خالل :مشاركته ،وأهمية الدور الذي يقوم به ،وبالثناء عىل انجازاته ،واكتساب املكانة واالحرتام واملحبة) االستغالل والمنفعية والفردية في اإلطار
إن التنظيم السيايس فكر وهدف ومصالح جامعة ،والتنظيم السيايس إطار جامع للتنوع يف القدرات البرشية ،مبنطق أو مبنهج إدارتها تحقيقا للتعاون والتكامل بينها بعقلية الفريق. 107
يدخل التنوع التنظيمي يف نهر العطاء املتدفق والعمل ليكون الناتج أو {العائد} تراكميا وكبريا بحيث ال يقارن بناتج فعل الفرد املجرد ،ومتى كان الفرد لوحده قادر عىل اإلبداع بعيدا عن اإلطار فلك أن تدرك أن املشكلة كبرية يف االتصاالت التنظيمية ،ولك أن تدرك إن املصلحة أو املنفعية أو (االستخدام) وليس (االستثامر) ألبناء التنظيم هو حقيقة ما يحصل. اذا ال بديل عن املشاركة الدورية لكل عضو يف التنظيم ،فاملشاركة يف الهيكل التنظيمي (وضمن وحدته التنظيمية) بأدواتها الخمس هي حقيقة الدور واملكانة واإلحساس بالوجود ،واملؤرش الصائب إننا نقرتب من تحقيق االهداف الكربى( .األدوات الخمسة تتمثل :باالجتامع الدوري لإلطار وعرب محرض وبرنامج معروف ،والتقرير الدوري عن النشاط ،واملهمة إذ لكل مهمته ومسؤوله ،والهيكل التنظيمي :إذ الكل منخرط ضمن الهيكل ،و ُحسن االتصاالت بني األعضاء والجامهري) مدرسة الليوث أم النمور؟
إن العضوية مقدسة من حيث أن تكاتفها وتكاملها وتعاونها يعني جهدا مركزا ،ويعني نجاحا جامعيا ويعني انتصارا يتلوه انتصار ،بإذن الله وهمة الفرسان ،من حيث أن املشاركة للعضو أصيلة وباألدوات الخمسة املذكورة، ولنكررها فهي تتمثل بالتايل بأهمية .1 .2 .3 .4
1حضوره الدوري الجتامعاته السياسية والتثقيفية والعملية. 2تقدمية لتقاريره عن أدائه ومهمته ومراجعاته وإبداعاته كلجنة وكمسئول لجنة يف اطاره 3مبامرسته لدوره (حيث يكرس ويظهر ويثبت شخصيته وقدراته ألقرانه وللتنظيم) عرب املهمة الثابتة ،والتكليف املؤقت ،أي عرب العمل والنشاط املناط به بكل أشكاله. 4بنقده لذاته وسعيه الدؤوب لتطوير ذاته وشخصيته ،ومتسكه بأهداب الفضائل والقيم وتطوير قدراته الروحية. 108
5 .5وبوجوده أصال ضمن إطار وباحرتامه إلطاره ورسية ما يدور فيه وحسن تواصله مع زمالئه ومع الجامهري. العضو الذي يحرتم قدسية عضويته وخصوصية إطاره (إن مل يكن له إطار عليه املطالبة بذلك) ضمن أخوته أو فريقه ال يعمد-عىل سبيل املثال -إىل نرش الغسيل القذر بالفضاء فيزمجر مجروحا حني يكتئب أو يتضايق أو ال يوافق عىل يشء ما ،عرب تحويل املجموعات االلكرتونية (عىل الواتس أب وغريها) أو منصات التواصل االجتامعي (يف الفيسبوك وغريه) أو املقاهي بديال متيرسا عن اإلطار التنظيمي ،فلكل خصوصيته ورسية مداوالته مع علنية فكر الحركة ،أو علنية توصيات اإلطار أو قراراته حسب النظام ونوع التوصية او القرار وحسب التدرج التنظيمي. يف التنظيم املشتت الذي تنخره عقلية الفردية والنزق واالنتهازية يحصل االنقطاع واالنعزال لألفراد ومنه تربز عقلية االقصاء مقابل األنا واالستئثار، إذ تتأسس مدرسة النمر االنعزالية عىل حساب مدرسة الليث (أي األسد) االتصالية التفاعلية( .تعيش األسود يف جامعات « ُز َمر» ما ال يفعله النمر الذي يعيش منفردا ،وتتواصل األسود بالحركات التعبريية الجسدية املختلفة واملتطورة جدا ،وعربالتواصل البرصي ،والتعابري الصوتية املتعددة) (ليزر) التنظيم
إن املشاكل البنيوية تتفجر عندما ترى الكادرات املتقدمة يف الصفوف األوىل التي يطلق عليها مسمى (القيادات) -رغم أن {املوقع} املتقدم ولو كان رأس الهرم ال يعني {القيادة} مبفهومها العلمي أبدا-عندما تراهم يتعاملون مع البناء التنظيمي كعملية توظيف أو استخدام أو حتى استغالل بينّ ،ال كعملية استثامر لقدرات األعضاء الخالقة ومشاركة ،أو كنور جديد يضاف ألنوار أخرى فريكزها ويحولها ألداة ليزر قاطعة. هذه املشاكل النبوية تتفاقم كلام ثم خرق التعاهد غري املكتوب بني 109
االطارات العليا والدنيا وهو التعاهد الذي ينص عىل تقابل {املساهامت} و{العائدات} ،أو بشكل آخر عىل االلتزام الطوعي مقابل الهدف الجامع، أي اننا كلام اقرتبنا من الهدف معا نحقق التزاما أكرب به ،وكلام كان الهدف هو آخر ما يفكر به املسؤول يف موقعه ،كلام تناقص االلتزام وتناثر التنظيم (بأعضائه وكوادره) فتاتا عىل موائد للئام. العقلية المنهجية
املشاكل املنهجية يف التنظيم ،وباعتقادي أنها عصب الحقيقة الغائبة عن وعينا ،هي املشاكل التي تعاين منها كثري من التنظيامت السياسية يف عاملنا وسبل االدارة الرشيدة (أو القيادة العريب ،اذ يتم استبدال النظام والقوانني ُ الحكيمة) مبا يتوافق أو يتم تطويعه لرغبات {الذات} املحصنة والبعيدة عن املحاسبة ،ومبا يتوافق مع الطموحات الشخصية وأحيانا مع النزق وال ِكرب (أن متيش باألرض مرحا) بعيدا عن الدرع الذايت أو الجامعي برضورة اتباع املنهج االداري /القيادي العلمي ،أو الرشيد الذي يُعيل من القيم ،ويثبت املبادئ ويسري بني البدائل يف حقل الزهور املتنوعة األلوان والروائح الزكية. ميكننا أن نعرف التفكري بأنه( :نشاط العقل أو منهج العقل يف حل املعضالت و املشاكل التي تواجه اإلنسان ومحاولة التك ّيف مع بيئته و فهم ما يصادفه من ظواهر). ويف إطار رفضنا للتفكري الخيايل والتفكري الخرايف والتفكري بعقول اآلخرين (العقلية النقلية املسلوبة) ،ومبعنى آخر بعيدا عن األوهام أوعن املحرمات بعقلية القوالب املصبوبة بتحريم مناقشة املسلامت يأيت التفكري التجريبي، والتفكري العلمي ما بني التفكري النقدي والتفكري اإلبداعي لينيشء املحددات واملسارات التي نريدها أو التي يجب أن نتبعها يف تفكرينا وحكمنا وإدارتنا التنظيمية. يقول الكاتب زيك امليالد إن ((فكرة املنهجية متثل رشطا أساسيا يف عملية 110
البناء الفكري؛ ألنها تبلور الرؤية ،وترسم الطريق ،ويتأكد هذا الرشط عند معرفة أن البناء الفكري هو عملية طويلة ،وبحاجة إىل زمن طويل نسبيا، كام أنها عملية بطيئة ال تظهر مثرتها ،أو مثراتها رسيعا وعاجال )).ويضيف قائال أيضا ((وعن رؤيتي لفكرة املنهجية يف عملية البناء الفكري ،ويف طريقة اكتساب املعارف والعلوم ،هذه الرؤية ابتداء ال تولد فجأة ،وال تظل كام هي جامدة ،من دون تغري أو تحريك ،وإمنا تظل يف حالة تغري وتجدد وتراكم دائم ومستمر)). وعليه من املمكن آن نعرف املنهجية (املنهج) بأنها(:نسق عقيل منظَّم يف ربط الحوادث و الظواهر املراد تفسريها أوحلها بظواهر أو أحداث أخرى يف نفس النطاق مام يوفر الجهد و الوقت واملال). مناهج التفكير و حركة فتح
إن املنهج الذي يجب أن يسود يف حركة فتح هو املنهج الذي يرتبط باألهداف السياسية من جهة أوبالفكر السيايس أوالً ،وباالتجاه االقتصادي، ثم ثالثا بالرؤية املجتمعية يف العالقات ضمن الدولة القادمة ورابعا يف تحديد شكل العالقات مع املحيط العريب ومع اإلرسائييل والعامل. أما خامسا فإن املنهج يف التعامل داخل اإلطار التنظيمي يجب أن ينبثق من أسس واضحة تدخل ضمن النظام ويتم تبينها ثم تطبيقها وهو الجزء األهم واإلخطر بالنسبة للعضو والعضوية واالتصاالت الداخلية التي متثل حياة التنظيم ،ويك ال نبتعد كثريا يف املفاهيم سنميز يف البداية بني بعض املفاهيم. ففي حني أن {االسرتاتيجية} تعني ضمن ما تعنيه( :علم وفن وضع املخططات العامة) حسب املفكر العريب خالد الحسن ،أو هي (أفضل السبل/ الجرس لتخطي العقبات بالوصول من الضفة حيث نحن واقعا إىل الضفة الثانية للنهر حيث يجب أن نكون مستقبال ،استنادا للقدرة والفرصة واإلمكانية). 111
وعليه تصبح {األه��داف} والغايات (الغايات هي األه��داف الكبرية، واألهداف هنا هي الصغرية أي املستتبعة للغايات) هي الضابط لإلسرتاتيجية عىل اعتبار أنها ت ُصنع لتحقيق الغايات وعليه ت ُرسم السياسات (قواعد العمل) وتوضع الخطط والربامج. أما أن تحدثنا عن {املنهج} ومنه املنهج الفكري فيمكننا أن نعرفه بالتايل: املوىل سبحانه وتعاىل يقول (لكل جعلنا منكم رشعه ومنهاجا) (املائدة )48 ويف هذا التعريف األوىل فاملنهج أو املنهاج يعني الطريق الواضح وضمن تعريفات عديدة فإننا منيل العتبار املنهج (نظام للتفكري يحدد أنواع أو أمناط التفكري ،ويشكل املنهج القواعد املرجعية العامة عند التعامل مع املشكلة والبدائل) ،أو لنقل ببساطة أن {املنهج أو املنهجية} الفكرية -حيث لن تفرق بينهام -سياسيا وتنظيميا هنا يعني( :الطريق العقيل املتبع للوصول للهدف). فاملنهج التاريخي تكون كل تحليالته وتعامالته مع املشاكل وطبيعة قراراته املتخذة مرتبط باملقارنات التاريخية واملفاضالت واملنهج املاضوي وهو أيضا تاريخي لكنه مي ّجد املايض عىل حساب الحارض وال يرى املستقبل أفضل أبدا إال إذا استنسخ املايض بينام املنهج الوعظي هو الذي يأمر ويضع التعليامت وال يرى باآلخرين إال منفذين واملنهج القضايئ يفصل ويحكم ويقيض فإما حق أو باطل وإما برئ أو مدان بينام املنهج الفلسفي يحاول أن يجد عالقات بني مختلف مكونات األمر حتى لو كانت الروابط وهمية ويربطها مبا هو أوسع منها أما املنهج الثوري فهو منهج التعامل مع الواقع بعقلية نقدية تغيريية، يفهم الواقع ويسعى لخوض الرصاع لتغيريه. 112
المنهج التغييري
إن املنهج الثوري ميثل طريقه التفكري ،ويتمثل يف أسلوب القيادة وأسلوب اإلدارة الداخلية الذي يرتكز عىل قواعد هامة هي: هو املنهج الذي يعظم من دور اإلطار (الجامعة /الفريق) عىل حساب الفرد فيه ،فالقيمة لكل فرد يف إطاره وقيمة اإلطار مبخرجاته الجامعية. هو املنهج الذي يصل ال يقطع ،ويتابع وال يرتاخى ويعتمد الدورية يف العمل (يف االجتامعات واللقاءات واملؤمترات ،ودورية املحارض والتقارير عن سري العمل ،والرد عىل الشكاوى ،وإجراء املراجعات واملحاسبات يف اوقاتها.)... وهو املنهج الذي يعتمد عىل االجراءات والقواعد كحاكم ملجمل سري األمور يف التنظيم ،فللنشاط أي نشاط قواعد تحكمه ،ولالنضامم للحركة قواعد ،ولقياس االلتزام قواعد ،وللرتقي الحريك قواعد ،وعليه فالنظام عامة والقواعد هي اساس الحكم ومقياس التطور والتقدم. إن املنهج القيادي الذي يحرتم اإلطار كإطار ال ينكر متيزات بعض االفراد فيسمح لهم باملبادرات واإلبداعات ،واإلسهام عرب القنوات املتبعة ،لذا فهو منهج انساين ليس تقليدي وال وظيفي. إن املنهج الثوري منهج متوازن ما بني بناء الشخصية الواعية واملثقفة ويف ذات الوقت الفاعلة الناشطة والعاملة وهي املؤثرة يف الجامهري. أن املنهج الثوري كسياسية هو منهج يركز وال يشتت ،ويؤكد وال يشكك، فريكز عىل الهدف الرئييس (إزالة االحتالل )...وال يجعل للثانوي تعديا عىل الرئيس أبدا. املنهج الثوري منهج فهم واضح ملعادالت الواقع وللمتغريات ،وإدراك دائم للمستجدات وقد تختلف نسب الفهم فنميز بني األعضاء ،وتظهر الرؤية القيادية مع وضوح الرؤيا وصفاء الفكرة إال أن ذات الفهم الواضح 113
للمتغريات واملستجدات مبارشة أو عرب القدوة القيادية رضورة. املنهج الثوري السيايس يبتغى املصلحة من حيث فلسطني أوالً ،ومن حيث أن القاطرة الفلسطينية ال يسرت إال يف القطار العريب ومن حيث فهم وجودنا األصيل يف معادلة حضارة أمتنا العربية اإلسالمية بشقيها املسيحي واإلسالمي املنفتحة عىل العامل. إن القواعد املتبعة أي املنهج الذي يحكم حراكنا السيايس واإلداري والتنظيمي ال ينفصل أبدا عن األخالق والقيم االصلية ومنطق القدوة والنموذج الذي يجب أن يتحىل به الجميع يف مقابل الجامهري. إن املنهج الذي يحكمنا يف النظام الداخيل للحركة محدد بعناوينه الرئيسة من التزام وانضباط وخصوصية (رسية) ،ومركزية دميقراطية ونقد ذايت وهو إن مل يكن متبعا فال قيمة للنصوص ،وإن مل ميارس دوريا فال يرسخ يف األذهان، وإن مل تنطلق املقاييس التنظيمية منه فال قيمة ملا نكتب ونسطر. إن املنهج الذي يحكم عقولنا كأعضاء يف التنظيم يجب أن يكون أنا مهم ،أنا مؤثر ،أنا يل دور ،أنا فخور بانتاميئ ،أنا أشارك إذا أنا ابن حركة فتح ،فيصبح منطلق األهمية يف القدرة والنشاط وتوفر الوقت وليس منطلق األهمية -وعليه الرصاع والتكالب -عىل عنق الزجاجة أي بالتكالب عىل املراكز املتقدمة فقط .فالعضو ملجرد أنه عضو هو محرتم وله مكانته بالتزامه باملساهامت وهوفاعل وهام ومؤثر وفخور.
114
خاتمة
إننا أدعى ما يكون تنظيميا لتكريس مفهوم “العضوية ال املوقع كأولوية”، واعتبار العضو املناضل من حيث هو عضو يف التنظيم يعني اإلميان وااللتزام والفعالية والعطاء واإلمثار ،ويعني املشاركة لكل من موقعه والدور واملامرسة، ما هو مدعاة للفخر بانتامئه لألمة وفلسطني والحركة. ال عضوية بال إطار تنظيمي ،وال عضوية بال مسؤولية واضحة ،وال عضو بال مسؤول أبدا أومرجعية نظامية ،وال عضو ال يعرف دوره أو عمله أو موضع مشاركته. وال عضو بال اشرتاك مايل شهري يف هذا الجهد التنظيمي الطوعي من حيث أن التنظيم (التزام أخالقي وعمل تطوعي). إن غري ذلك ال يكون إال حلم االنتهازيني واملستلقني الذي يريدون التنظيم جرسا نحو نجومية السلطة الخداعة ،ال نحو آداب النضال ومقارعة املحتل، وقيم حضارتنا وثورتنا وحركتنا التي ترتبط مبرتكزين أساسيني هام :التضحية واإلميان املطلق بالنرص ،ما هو دأبنا ومسريتنا الجامهريية املستمرة ولن تتوقف قافلتها بإذن الله إال حني تظهر فلسطني الواحة املرشقة جل ّية من البعيد.
115
من يجب أن يقود حركة فتح؟
12
سأقرص الحديث عن الوضع التنظيمي ،وداخل املؤمتر ،فنحن ذاهبون للمؤمتر وفق برنامج وسياسات ،ووفق فكر نظامي ووفق إرادة تغيري :تسمح وال تسمح ،تعي وال تغفل ،تع ِقل وال ترخي وهذه اإلرادة التي ينبغي أن تكون صلبة ،يجب أن تتجلىّ يف الواقع التنظيمي ملا بعد املؤمتر السابع ،فام يعنيني لو كسبت العامل وخرست ذايت (كتنظيم) كام يقول املسيح عليه السالم ،لذا كان الرتكيز من نقطة البداية، ونقطة البداية هي نحن ،ألننا (نحن=الكل الفلسطيني والعريب) مادة الثورة ومشعل النضال الذي فينا إما يشتعل أويخمد ،وفينا إما يتأصل أو يتهاوى. وألننا أصحاب مشعل الحرية والكرامة والنضال لن نقبل بأبواق االنهزامية والسوداوية والسلبية واللطميات داخل املؤمتر. وسنكون سعداء كام يريدنا الله سبحانه وتعاىل كمستخلفني يف األرض، بأن نعلم قبلتنا بوضوح ،فال تتقلّب منا الوجوه ،وقبلتنا الوطنية هي فلسطني، وما املركبات املختلفة (التنظيامت) إال مراكب نستقلها لتحرير فلسطني ،ولن نخرق مركبنا أبدا. أننا ندخل املؤمتر بسعي طموح ،وإرادة ال تلني ،وسعادة لن تعطلها تخرصات األقارب أواألباعد ،والفجر الذي يطل من عيون فلسطني وينادينا يفرض علينا أن ندقق يف َح َملة املشاعل (يف اللجنة املركزية واملجلس الثوري، ويف سياق االقليم بقيادة االقليم) فال نتوه بني األشجار ،ولن نرتكس أمام النباتات املتسلقة أبدا ،ال تشدنا الحم ّية أو العصبوية املناطقية ،وال ننساق وراء أصحاب الوعود الالهبة أواملصالح اآلنية ما وجدوا. -12كتبت هذه املادة قبيل انعقاد املؤمتر العام السابع لحركة فتح .وقد يختلف معها بعض القراء مبقارنة الحدث والنتيجة ولكل رأيه ،ولكن مضمون املادة بصيغته التعبوية يفتح باب الرصاع بشكل دائم ومتجدد.
116
إننا ندخل املؤمتر لبناء برنامج سيايس نضايل مقاوم فالرحلة طويلة ،عىل كافة االتجاهات ،برنامج وحدوي شمويل ال يلغي اآلخر وال يهمل وال يهمش وال يُقيص ،بل يرعى ويضم ويجمع التنوع يف بوتقة الدميقراطية. ذاهبون للمؤمتر لتأكيد حقنا التاريخي والقانوين والسيايس الذي ال يزول يف هذه األرض وهذا الوطن يف فلسطني. ذاهبون وأهدافنا السياسية واضحة لذا لن نسمح للطفيليات أوالطحالب والنباتات املستسلقه أن تخنق االشجار الباسقة أبدا... سندقق يف َح َملَة املشاعل القادمني ملوقع قيادتنا عىل قواعد ثالث هي:
1 .1القدرة :القدرة العقلية والجسدية والنفسية وال ِق َيم ّية (الخلق القويم والقدوة) للعضو يك ننتخبه ليتبوأ املوقع املطلوب 2 .2توفر همة العمل وإرادة الفعل والربنامج وخوض الرصاع ال االنسحاق تحت رضبات االحتالل ،أو تحت أقدام الفيلة من الداخل والخارج من أصحاب الذهنيات املستبدة أو املناهج الفوضوية. جل وقتنا (ومالنا وأرواحنا) فداء للوطن، 3 .3قاعدة توفر الوقت بتخصيص ّ ولتحقيق هذه األهداف فنحن حملة األكفان ،وأوائل من سنكون عىل الئحة الشهداء ...هكذا وإال فال. ان القواعد الثالث املمثلة بالقدرة العقلية والنفسية والجسدية واالخالقية، جل الوقت واملال والروح ،هي وبتوفر همة العمل وارادة الفعل ،وبتخصيص ّ مقتضيات النظر ملن يتقدم ليشغل املواقع املتقدمة ...وإال فال. لن نقبل من يشك أو يظن بالنرص ،أومن نتوجس منهم أن ِ يطأطئوا الرؤوس أوينقادوا الشارات االحتالل أو أزالمه فيتحولون شيئا فشيئا اىل خنجر يف صدر الثورة والحركة. لن نقبل أيضا بأولئك الذين يستغلون مصالحهم املالية ،أوالرأسامل القذر لنهب البلد والسيطرة عىل الهرم االقتصادي والهرم السيايس ،وهم منزوعي 117
االخالق والقيم والثقافة حني تُق ّدم مصالحهم (أوتختلط)عىل املصالح الوطنية ،فالرأسامليون االستغالليون داء األحزاب وآفة التنظيامت السياسية، فإما يطيحون بها أويسخرونها لخدمتهم ،ال لخدمة عموم الجامهري ...سواء وجدوا يف املؤمتر ،أو كان يف مسريتهم ما يدل عىل ذلك. لن نقبل الجثث الهامده أو ال ُخشُ ب املسندة أو أرجل الكرايس الذين يقبلّون األيادي واالقدام للمستبد (الديكتاتور) فينا ،ويركعون عند أول اشارة تلوح لهم لتحقيق مكسب سلطوي يستغلونه سلبا لتحقيق مآربهم الخاصة ،ال لخدمة الوطن بدماء متجددة وأفكار متجددة ومتطورة تنتهض به ،وتشحن الهمم. لذا نحن لن نسمح ملثل هؤالء من الرأسامليني االستغالليني ،أو الجثث الهامدة ،أوالخناجر يف جسد الثورة أن يتقدموا الصفوف بكل جهدنا ،فنحن مبجموعنا نعي ونعقل ونسمح لألزهار أن تتنوع. ويف ضوء قناعتنا بطهارة الثوب والبس ِي ِه من أبناء حركة فتح واملؤمترين، اال أن الظن يف بعضه إثم ،ويف بعضه اآلخر ُحسن تدبر ،ونحن أبدا مع وعد الله (وعد الله ،ال يخلف الله وعده ،ولكن أكرث الناس ال يعلمون –الروم آيه )6 من ميتلك القدرة واإلرادة والوقت ويتحلىّ بالقيم ،كام يتحىل بالتمسك األصيل باملباديء سنضعه فوق الهامات واألكتاف ،ونكون له مع ذلك باملرصاد بالنقد الذايت واملراجعات واملحاسبة والتقويم ،فمن منهم بقامة أيب بكر أو عمر ،وهام مل يتكربا عىل املحاسبة والتقويم! نحن بلغة الحوار والحصاد نكون أقرب لعني األرض ،ونحن بعمل الفريق نكتيس ُحلّة االنتصارات بإذن الله تعاىل ،فنحن /أنا /كلنا ككوادر وأعضاء وقيادة سنبقى أوفياء لفلسطني وللختيار سيد الشهداء ،ولرتاب هذه األرض الطيبة. 118
المتمردون في حركة فتح والفكر السلطاني
13
فكرت مل ّيا عند كتابة هذا الجزء من الكتاب ،وتأملت هل من املناسب نرشه أم عدم نرشه! ألن مضمونه غري املنحاز لن يعجب البعض من سدنة املعبد أو ذوي الفكر السلطاين املرفّه ،فيأولونه وفق األمزجة واألهواء النزق الشخيص ،ولكني مع تكرار الحوارات املثمرة مع أخوة كرام من أعضاء الحركة عامة قد توصلت لتبني فكرة الرضورة مبعنى ان ما يكون رضوري يف زمن يصبح بال فائدة ترجى عندما يتعداه الحدث. لذلك أكتب بشكل واضح ،وإن كان مزع ًجا ملن يسري معتاشا عىل هامش األرباب ،فال يعني أبناء حركة فتح أمثالهم ،وال يعني أبناء حركة فتح وأنا منهم اال بروز الفكرة التي ابتدأت ولن تنتهي اال بشعار الحركة الخالد ثورة حتى النرص. لذا دعوين أتساءل مبودة ،أمل يكن األجدر بنا خوض الرصاع الداخيل باألدوات “النظامية الداخلية” بحدها األقىص ،فال تضيق بنا الصدور عند حدود الهمسات واالتهامات واإلشارات الباردة تتهم هذا وذاك؟ أمل يكن من األجدر بنا التعامل مع كثري من املختلفني أو املخالفني لنا أو املتمردين منا يف جسدنا -سمهم ما شئت -مبنطق الحوار والنقاش الهادئ ومبنطق العقل والحجة والتفاهم ،ومبنطق االحتواء واالستيعاب ،بل وأحيانا التجاوز عن كثري من االساءات؟ انتصارا للنظام ولألخوية النضالية ،وللمظهر الوحدوي الشامل ،وابرازا للصورة باأللوان ال باألبيض واألسود فقط وهي الصورة التي تجلب األمل ألبناء الحركة امليامني و لهذا الشعب الصابر الذي قد نفتقد صربه علينا فيدير لنا الظهر؟ أمل يكن من األكرم لوجوهنا أن تبدو باسمة وليست مقطبة ،فتكون أكرث -13جاءت كتابة هذا الجزء من الكتاب يف ظل الهمسات الداخلية يف حركة فتح ،ويف ظل احتداد بعض الرصاعات الداخلية التي ال يخلو منها تنظيم ،ومنها حركة فتح.
119
قدرة عىل مل الشتات يف ظرف طغيان االرسائييل الواسع ،وطالق االقليمي لنا؟ ومراوغات الدويل؟ أمل يكن من األكرم لنا أن نعض عىل الجراح حتى ملن أساءوا لنا تنظيميا أو سياسيا فنعمل عىل مل شعثنا وتقريب األباعد؟ قال يل الكثري من األخوة ال تكتب بهذا املوضوع فتصنف باتجاه اليمني أو اليسار! فقلت كام قال معلمنا وأستاذنا املفكر الكبري خالد الحسن رافضا منطق التصنيف األعمى (اللهم اجعلنا من أهل اليسار يف الدنيا ،ومن أهل اليمني يف اآلخرة) هذا كان ردي وسيكون حسايب العقيل للمختلف مع فكر حركة فتح فلست من الذين يقتلون “النظام” الوسطي االحتوايئ الجامع النشط عس ًريا، ُ جل والقانون والهدف من أجل عيون هذا الزائل أو ذاك ،ولست -وأحسب ّ أبناءالحركة كذلك -أو لسنا من حملة املباخر ،أو ممن نُشرتى بقليل من الدراهم أو كثري ،فهذه ثورة عمالقة وهذا فكر عظيم وهذا تاريخ مجيد، ومستقبل لن يكون مرشقا إال بكتف أخي إىل كتفي وبصدره يذود عني خفق البنود ،أخي /أختي يف حركة فتح ،واخي من كافة الفصائل مهام كنت وقد أظل مختلفا معهم يف كثري من املواقف واألفكار والسياسات. كان من األوىل لنا بدال من أن نقيم املشانق ،حتى دون محاكامت أحيانا، أن نستمع بأناة ،ونصرب ونكظم الغيظ ،ونضم األحبة واملتمردين منهم اىل جوانحنا رغم أن منهم من قد مالوا أو كالوا مبكيال آخر! ما هو مرفوض قطعا! أمل يكن من اآلجدر بنا أن نفتح الباب قليال فنوسع املساحة لتالقى العيون واقرتاب الصدور بديال عن برقيات التهديد املتبادلة عرب فضائيات مل يصبح لها من املهامت اال إحداث مزيد من التشظي والرشوخ يف الحركة الوطنية عامة ويف حركة فتح؟ لتفرح الحركة الصهيونية وتتسيد عىل فلسطني ويف ربوع 120
املنطقة التي تحولت خرابا. إن يف حركة فتح “البعض من العرشات” الذين يحملون الفكر السلطاين املرفّه ،وكرثة غالبة هم “قلب الحركة وعقلها” تحمل مفاتيح النضال فتضحي بوقتها وعقلها وروحها لفلسطني ،وقلة أخرى تستقوي بالخارج ،فإن تسامح الفكر الجمعي الفتحوي كثريا مع االستبداد وحتى مع اصحاب الفكر السلطاين ،مع االستبداد يف سياق إيثار السالمة واتقاء الفتنة فإنه ال يتسامح أبدا بأن يدخل الدب إىل كرمنا من بوابة اآلخر. إننا يف رصاعنا الداخيل لن نغلق األبواب وراءنا أبدا ،حتى يف وجه القلة أو األبعاض ،فام حصل وهو أليم حقا ومل نرىض به ،ما زال قابال للتجاوز ،وال نريد لهذا الشعب وهذه الحركة أن يتفرق جمعها شذر مذر. لقد أوصاين أيب أن أعض عىل الجراح وأتجاوز ،وقال يل أخي يارس املعتقل أن بعد الظالم شمس ساطعة ،وهاتفني أخي عامر الشهيد باألمس قائال: مقعدك بجواري مازال خاليا فال تجعلني أطيل االنتظار ،وال تطيل امل ُكث بالخارج...لقد اشتقت لك.
121
حركة فتح ما بعد العاصفة!
14
حني تتصارع األفكار فإن تلك األفكار الت ِعبة املجهدة منها رسعان ما ترتبك أو تستسلم ،وتركب خيل السباق األفكار التي تختار لها من الجياد األصيلة. تقف األفكار األصيلة لكنها (التطهرية) حائرة ال تدري السبب يف الرتاجع؟ فلم يتم تبنيها! أهو لخطأ يف ذات األفكار املح ّملة بالقيَم وأسس النظام ونسيج العقل وخريطة املرور؟ أم أن الخطأ يف (حملة املشاعل)؟ أي حملة الفكرة الصلبة حني تتجاذبهم أحالم السلطة الوردية أو اغراءات السلطان القرمزية ،أوعصاه الغليظة! ولرمبا تحتار األفكار التطهرية اىل أن تنكمش أو ت ُه ّمش( .االفكار التطهرية بتعريفنا هي تلك األفكار التي ترى ذاتها صحيحة ألنها مرتبطة بالقيم واالخالق والجامهري والوعي ،ولكنها تفتقد األسلوب الثوري يف التعامل). حني يبدأ االستعراض ال تستطيع هذه األفكار أن ترسم لذاتها خطا مقروءا، إذ تكتشف أنها حتى لو كان لها خط واضح ومقروء فإن املستهدفني من الجمهور ال يقرأون أصال! فهم قد طلّقوا عقولهم ،وأ ّجروا أدمغتهم ،فأصبحوا أجسادا بال أرواح ،أو فتات صخور كواكب أصابتها لوثة كونية فتشظت وتناثرت...فرِحة! كان الحوار حادا وثقيال بيني وبني أحد األخوة األصدقاء حول حزب جبهة التحرير الجزائرية ،وهو إذ حاول أن يفلسف املآل الذي وصل اليه الحزب من رصاعات شديدة وتباينات خطرة -استخدم فيها املال والبلطجية والسلطة- وهو الحزب املناضل الذي أطلق شعلة الثورة الجزائرية ،فإنه حاول التمييز بني ثالثة اتجاهات رئيسة يف الجبهة ،األول هو السلطوي االستبدادي ،والثاين هو االتجاه الجذري الثوري كام أسامه لكنه التطهري ،والثالث هو االتجاه اإل ّمعي (من اإلمعة الذي مييل حيث متيل الريح فال عقل وال رأي وال تدبري) -14ضمن قراءتنا املبارشة ملا بعد مؤمتر حركة فتح السابع للعام .2016
122
الذي يتصبب عرقا وهو يجري خلف السلطوي االستبدادي ،ويغيرّ ِقناعه فيبدو بقناعات مغايرة عندما يقف يف مواجهة االتجاه الجذري محاوال التمظهر برداء التالميذ الذين ينهلون العلم ،لكن عقولهم كالسنابل الخالية تسبح يف خياالت اللذة املشوبة بالبِطنة ،وبريق العيون حني تلمع عىل باب رب األرباب ،أو عندما يلمح طيف خد ِم ِه أو زبانيته. كان الحوار ج��ادا وح��ادا بيني وبني الصديق ألين رفضت املقارنة االستنساخية للتجارب خاصة بني النتيجة التي وصل لها التنظيم الثوري الجزائري حني تح ّزب ،وبني حركة فتح الحائرة دون توازن بني التنظيم الثوري وعقلية الحزب السلطوي. كان املؤمتر السابع لحركة فتح يف نهاية العام ٢٠١٦مؤمترا براقا ومثريا، ومضلال بنفس الوقت ،فربيق املظهر وكم االثارة التي ترافقت معه لرمبا طغت عىل كثري من الغموض والتضليل ،عرب سيل الخطابات التي قدمها أعضاء املؤمتر ُمغ ِفلني أومؤخرين عرض الفكرة أو االنتقاد واملراجعة ليقدموا ذواتهم كأولوية طغت عىل األهداف الحقيقية لعقد املؤمترات ،ومع ذلك ظهرت مجموعة من االيجابيات الهامة التي مل يكن ليتوقعها الكثريون يف مقابل تكريس عدد من األبعاد السلبية. كان من املتوجب علينا أن نصارع ونقاتل ونعمل بشدة داخل الحركة، وإن بطريقة موىس وهارون مع الفرعون (فقوال له قوال لينا) لتغيريها ،ولكننا فشلنا فشال ذريعا أو مل نستطع أن نقدم النموذج الذي يحتذى به ،فانبطحنا أمام األنا العليا فينا. يف املؤمتر السابع لحركة فتح تصارعت األفكار مع املصالح ،واملصالح اآلنية مع تلك اآلجلة ،كام تصارعت األجيال بقسوة ،كام كان للمناطقية دورا انتهازيا ،بل وكان الرصاع شديد الوطأة بني خط السلطة /الحزب ،وخط الثورة (ترى مثله بوضوح يف كافة الفصائل الفلسطينية أيضً ا) حتي أسفرت املعركة عن فوز أحدهام عىل اآلخر رمبا بالرضبة القاضية. 123
إن من إيجابيات املؤمتر السابع لحركة فتح أن ك ّرس رضورة عقد املؤمترات ورمبا دوريتها الحقا ،كام ك ّرس قدرة حركة فتح عىل تجاوز األزمات والصعاب سواء الخارجية (الضغوط) أو الداخلية (التمرد ،والتجنح ،واملشاكسة) فعىل الرغم من كثري أخطاء وعرثات شابت التعامل مع املتمردين إن شئت ،فإن حركة فتح التي ترفض التجنح أو االنشقاق أو الترشذم اعتادت التسامح مع االستبداد فيها اتقاء للفتنة او الترشذم وذلك عىل حساب الدميقراطية والنظام (القانون) ،ولرمبا كان هذا امتدادا لعمقنا الرتايث الحضاري العريب االسالمي الذي يعترب (الفتنة أشد من القتل) فيوايل السلطان الفاجر ولكنه القوي اتقاء للفتنة ،ويف سياق مفاده أن دفع الرضر أوىل من جلب املنفعة حتى يف الشأن العام واألمور السياسية. متكنت حركة فتح أن تظهر موحدة رغم أنف الحاقدين ،ورغم أنف الشامتني املنتظرين بلهف لتشظي حركة فتح ،او حامس او الشعبية ،ليصعد ألعوبة االمرييك أو االرسائييل بديال عنهم ،ظهرت موحدة ما يحسب لها باحرتام و ُحسن تقدير ،إذ أمسك الرئيس أبومازن بالزمام وقاد الخيول بكفاءة اتفق البعض مع منهجه أو اختلف -فإنه كان معلّام قطع بعمله هذا رقابالفتنة ،بل وأسكت بعض ألسنة الحق ذاتها فلم تواجهه خوفا وطمعا وليس رجاء ،اال ان الكامن تحت السطح البارز لجبل الجليد كثري مام ال يستطيع املؤمتر السابع أو آليات وطرق اإلدارة الخائبة ،والقيادة الحالية أن تتغافل عنه أو تتجاوزه أبدا ...ما يوجب عليها البدء رسيعا بورشة عمل لحلّه من أسفل اىل أعىل. استطاعت حركة فتح التي ج ّددت لغالب قيادتها السابقة دون جهد كبري، أن تكرس احرتاما للقدماء والر ّواد بعقلية الدراويش واملريدين التي متيزها حتى اآلن ،ولكنها مل تستطع أن تخرج من إطار األنا والشخصنة واالرتباطات الض ّيقة ،فلم تفرز ارتباطات متمحورة حول الفكرة أو الرأي السيايس أو املوقف الصلب ،كام ان معظم من شارك باملؤمتر افرتض بذاته قامة متساوية لزمالئه حتى لوكان زميله متقدما عليه بآالف الخطوات ،فوقع املحذور 124
واملحظور إذ تنافس الصغار عىل املوقع املظنون به الكثري مام هو هراء ووهم ،فنجح تكتيك الكبار ،وتعملقت األنا وروح االستبداد فينا. نجحت حركة فتح بتقريب األبعاد بني التجارب النضالية الرئيسية (تجربة القواعد /التنظيم بالداخل أوبالخارج /االنتفاضة واملقاومة /املعتقالت) ورمبا بشكل جزيئ ،ولكنها مل تحقق اندماجها مطلقا كام كان للتجربة الحديثة وهي الخامسة اي تجربة (السلطة) ان تسيطر وتهيمن حتى عىل هواء املؤمتر...تقريبا بشكل كيل. مع كثري ايجابيات ارتبطت بالصورة ،خاصة تلك التي وقف فيها األخ الرئيس ابومازن مع أعضاء اللجنة املركزية املنتخبني ،ومع خطابه الشامل كرئيس دولة ،ومع تقدميه واملؤمتر التقدير للقادة املؤسسني (أبوماهر وأبواألديب وأبواللطف) ،ومع شفافية االنتخابات املشهود لها ،إال أن السلبيات تأىب اال أن تطل برأسها ما يحتم عيل أخوتنا باللجنة املركزية (وأختنا دالل سالمة) أن يعيدوا حزم أمورهم وطرق ادارتهم وطريقة تعاطيهم مع أصل الحركة ،ومع قلب الحركة ،وعيون الحركة. إن أصل الحركة فكرة التحرير لفلسطني ،وقلب الحركة النابض هم األعضاء، وعيون الحركة هم الجامهري ،فبدون القدرة عىل إعادة تجديد وبلورة الفكر الفتحوي النهضوي التقدمي نسقط يف فخ الجمود والتكلس والرتاجع ،ونصبح أرسى االستبداد والسلطوية واالجتهادات الشخصية ،وهيمنة الفرد اإلله فقط يف أي موقع كان. وهذا يقتيض منا أن نتعلم أن نحني الرؤوس يف الصالة فقط لله عز وجل دون غريه (يا داوود إنا جعلناك يف االرض خليفة فاحكم بني الناس بالعدل... اين وليت عليكم ولست بخريكم فان أحسنت فأعينوين وان أسأت فقوموين)، ويقتيض ان نؤمن وننضبط ونلتزم ب(النظام الداخيل) والقرارات املتخذة أصوال ،وبقيادتنا ما أحسنت ،وأن نلتزم بقيمنا الجامعة ،وبالنقد الشخيص لألداء يف داخل أطرنا فقط. 125
لقد فشلنا باملؤمتر أن نضع ضوابط نظامية تكبح جامح اللجنة املركزية إذا أساءت ،أو أخطأت يف مواضع كثرية فنق ّومها ،وفشلنا بتكريس أداة رقابة فاعلة ،بل ان املؤمترين -وانا منهم -مل يكلفوا أنفسهم أن يحاسبوا أعضاء اللجنة املركزية عىل كثري أخطاء تراكمت عرب السنني يف منهج السياسة وتشابك دهاليزها ،ويف اإلدارة ،واالنتخابات املختلفة ،ويف التنظيم ومخرجات العمل ،ووقفوا مبهوتني مبهورين ،فسقطنا عند حدود الخطابات واستجالب األكف الالهبة بالتصفيق التي طغت عىل الحس النقدي لدينا ،هذا الحس النقدي الذي كان مجاله الحقيقي يف هذا املؤمتر ،ويف املؤمترات الحركية، واالجتامعات عامة ال يف الدواوين واملقاهي ،أو عىل صفحات التواصل االجتامعي التي تتحول لنزيف أفئدة ،وردح ،وسخرية وسوداوية ،وأدعية دون قطران. إن عبقرية السقوط هي النتيجة الحتمية السرتاتيجية الفشل ،وال تأيت اسرتاتيجية الفشل اال يف حالة الرتنّح ما ال يحتاج من اصحاب العبقرية هذه نتيجة افتقادهم الوعي والرؤية الصحيحة اال دفعة قوية نحو الهاوية. عبقرية النرص هي النتيجة الحتمية السرتاتيجية املقاومة ،وال تربز اسرتاتيجية املقاومة اال يف حالة الوضوح مع الذات والجامهري وحني امتالك الرؤية الصحيحة ،ما ال يحتاج من اصحاب العبقرية اال دفقات متصلة ال تنتهي اال بالنرص ،النرص الذي هو مربر الصمود والرباط وهدف تراكم الدفقات. إن قلب الحركة النابض هم أبناء الحركة ،أعضاء الحركة ،وإذ كرسنا “االستغالل” للعضو الحريك فإننا سرنيب جيال انتهازيا يسعى لألخذ ويسعى للجائزة ،ويسعى ملصلحته يف إطار الربط الفاسد بني الحركة وبني السلطة الفلسطينية ،اذ يفرتضون أن هذا يشكل جرسا لذاك والعكس بالعكس ،وما هذا صحيح أصال ،وماهكذا تكون النضالية أبدا ،وال هكذا هي الثورية التي إن فقدت روح التمرد والعمل لفلسطني فقط ،وروح التضحية بحمل األرواح 126
عىل االكف ،وان افتقدت النظرية النضالية تحول اعضاء التنظيم اىل قطيع يدار بالكأل واملاء وعصا الراعي. العضوية مسلك وقيم وإميان وإرادة وإنجاز ،وليست موقعا أو منصبا أبدا ،وحيث ُوجِد العضو نفهم ان هناك (عمل) وهناك (ابداع) وهناك (انجاز) ،وال نفهم العضوية ان تتحول اىل انتهازية مطلقة ،وباب ِشكاية ولطميات وشتائم ،أو تتحول اىل ذيلية لهذا او ذاك فيام كان سابقا يسمى ظاهرة (االستزالم). إن العضو قدرة وعطاء ودور ومكانة تُحرتم ،والعضو قبل ان يتحصل عىل (العائدات) فإن (مساهامته) هو هي التي يجب ان توضع بامليزان ل ُيصار لتحقيق البناء ومسح درج الصعود فال يتزحلق أحد. الجامهريهم أعني الحركة ،وهم الناس الذين أرشكناهم بشؤوننا فلم نبتئس عندما انتقدونا او فرحوا لنا-رغم رضورة الحفاظ عيل خصوصية املداوالت باألطر ما تفتقده الرتبية التنظيمية -رمبا ألن حركة فتح تعترب نفسها أم الجامهري وبنت فلسطني ،فهي تشبه كل وطني وكل ثائر وكل حر ،ولكن يجب اال نقف عند هذا الحد فقط ،فرنقص طربا ونعيش عىل أمجاد املايض. الجامهري طاقة نضالية جبارة ،وهم حقيق ُة الفعل الكليّ الذي بهم نتجاوزالعقبات ونخوض الرصاع الرشس ضد االحتالل ،ونحقق برنامجنا السيايس والنضايل وعرب املقاومة الشعبية الشاملة ومن خالل أدوات النضال الجديدة األخرى التي أشار لها االخ الرئيس من قانونية ومقاطعة ،وضد العنرصية (االبارتهايدية) ويف الرواية التاريخية. إن الربنامج السيايس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح والربنامج الوطني والنظام الداخيل (الدستور /القانون) قد ظُلمت باملؤمتر ،فلم تأخذ حظها بالنقاش العميق أبدا لضيق الوقت ،مع امكانية التمديد من جهة ما الصبغة الخطابية االنشائية عيل البناء الفكري والسيايس، مل يحصل ،ولغلبة ّ 127
ولتعدد اللجان التي فاقت ١٣لجنة توزع عليها املؤمتر ،وأيضا لكثري من العمل الجانبي الطاغي باتجاه التحالفات االنتخابية ،وتدخالت أدوات السلطة الخفية ولكنها امللموسة. لكن يف جميع األحوال فان القيادة القدمية الجديدة التي أحيلت لها الربامج تستطيع ان تعتمد سياسيا عىل الوثائق الثالث الرئيسية والهامة، وهي خطاب االخ الرئيس والتقرير السيايس للجنة املركزية ،ومقرتح الربنامج السيايس الذي ألول مرة يف تاريخ الحركة يستغرق نقاشه أكرث من عامني برئاسة د.نبيل شعث ومشاركتنا يف ٧٠ساعة عمل ،اضافة لعدد من املداخالت الرثية ،فتبني منها جميعا الربنامج السيايس النضايل ،وتقدمه كاسرتاتيجية اشتباك مع االحتالل يف السنوات الخمس القادمة. حني الحديث عن النظام الداخيل (الدستور) فإننا نسجل باحرتام شديد قدرة املرأة الحركية عىل اثبات ذاتها ،كام كانت قدرة الشبيبة ،والذين لن تستطيع اللجنة املركزية ان تتجاوز مطالبهم املحقة بأطر رسمية معرتف فيها داخل النظام. رغم صعوبة النقاشات ملقرتح تعديل النظام داخل املؤمتر ،وتباين الطروحات الختالف التجارب والعقليات ومناذج التفكري ،إال أننا بالحقيقة بحاجة لنظرة عميقة للكثري من البنود املتعلقة باألطر القيادية والقاعدية، ويف آليات االنتخاب ويف طريقة تحديد عضوية املؤمتر العام ،بل ويف املبادئ االساسية التي يبتدئ بها النظام ،وهي مهمة ليست سهلة لتنظيم عريق فتي ينهد للدميقراطية والتجدد ،عليه أن يخرج من أرس رمزية القيادات لكنه ّ التاريخية (أبوعامر ،ابومازن) اىل مربع االرتباط الكيل بالقلب والعيون واألصل الجامع. يتموضع فكر حركة فتح يف األصل الوطني الحضاري الجامع للكل املتنوع فيها ،الذي ان مل يتم اغناؤه بالثقافة والتعبئة والتحريض والفكرة الوحدوية حول فلسطني ،وبالتدريب والتجديد ،فان االندثار أواالنحسار عىل األقل قادم 128
ال محالة ،وسيكون مآل التنظيم ليس بأفضل مام هو حاصل مع تنظيامت عدة ،مبا فيها تباينات حزب جبهة التحرير الجزائرية الصعبة والتي ابتدأنا حولها الحديث ،أي اىل مآل االنتهازية والنفعية واألنا والسلطوية وما يجره ذلك من متزق وتشظي ال تحمد عقباه. إن الجامهري وجميع الفصائل مبا فيها “حامس” و”الجهاد” ،وكذلك الحردانني واملستائني من الحركة قبل او بعد املؤمتر تنظر اىل حركة فتح نظرة األمل ،ونظرة االخ االكرب املطلوب منه أن يُقدم ويبدع ويتحرك ويصنع األحداث ويحتضن ،ما يعني ان املهامت القادمة أصعب فال مناص من أن تستعيد فتح عافيتها بعد عاصفة املؤمتر. ان عىل حركة فتح أن تستعيد دفء عالقتها مع األعضاء والجامهري وعليها أن تبني اسرتاتيجية نضالية شاملة تقلص من مساحة فعل السلطوي لصالح الكفاح الشعبي املقاوم ،ومتد اليد مفتوحة لجميع االخوة ،فالعقل التجميعي الوحدوي من حول فلسطني هو عقل حركة فتح التي رفضت اسالة الدم الفلسطيني عىل الحوار ،وقبلت التنوع وعقلنته ،ورغم كثري اساءات وجروح وطعنات عانتها الحركة من القريب والبعيد اال أنها رسعان ما تعود لتحتضن الجميع يف إطارنا الوطني الجامع ،ومن خالل منظمة التحرير الفلسطينية املطلوب اعادة تنشيطها وتقويتها بكل الفصائل واملؤسسات والشخصيات الفلسطينية والعربية ،وتوجيه السالح فقط ضد االحتالل االرسائييل الذي مل يُبقي لنا اال أن نتامسك ونتعاضد وفق حديث رسولنا الكريم صىل الله عليه وسلم (كالبنيان املرصوص يشد بعضه بعضا). ِ ترعاك كام ظل نجحت حركة فتح يف مؤمترها السابع ،سريي وعني الله يردد قائدها التاريخي أبوماهرغنيم ،فظهرت صلبة عف ّية قوية# ،حركة_ فتح_قوية ،فغ ّنت نشيد (الغالبة) و(أنا يا اخي) و(أنا قد كرست القيد)، ورسمت عالمة النرص ،ولبست كوفية الختيار الخالد فينا ،وبكت الشهداء ووعدت االرسى ،لكنها بانتظار (حملة املشاعل) من الدعاة الصلبني فيها، 129
الذين ينطبق عليهم قول الشاعر أحمد شوقي( :قف دون رأيك بالحياة مجاهدا ان الحياة عقيدة وجهاد) الذين يستطيعون خوض الرصاع بحزم، ويقدرون عىل تحويل النشيد اىل فعل مرتاكم ،وإىل نور ساطع وإىل عمل وطني تحرري مقاوم شامل ،ال غنى عنه وال بديل ،فالقدس وفلسطني ان مل تكن يف مجرى دمائنا ،فالجلطة نصيبنا املحتوم.
130
أنا ال أنتمي لحركة فتح!
15
أنا ال أنتمي لحركة فتح! من أجل أن أكون واضحا المعا نافرا معفرا ،وامنا انتمى لحركة فتح ليشء آخر... ألنها أم فلسطني أو بنت فلسطني ،ألنها سلم الوصول ألمها أو ابنتها ألنني رأيت فيها جادة الصواب ،وألننى أقبل أن أكون جنديا يخدم، يخدم يف أي موقع وعضوا أصنع منهجى وأظهر أثري ونتاج لييل ببالغة... أنا ال انتمي ملن تهزهم املواقع أو املناصب أو ملن يختالون فيهتزون كالريشة يف مهب الريح ومن هنا نحسن البداية. أنا ال أنتمي لحركة فتح ألحصل عىل مكافأة نهاية الخدمة أو آلكل منها املحايش أو القدرة أو املشاوى أو املناسف أبدا... ولست أسعي لسدر الكنافة اللذيذ وال ايل أصابع الكالج (األالز) الزايك فلست بالساعي لغرور السلطة وبطنتها أو ردائها الوثري يكفيني رداء محمد (صىل الله عليه وسلم) آو عيل ولست ممن يلت ّذ مبامرسة نفوذ التسيّد عيل رقاب الناس.
( -15كتبت يف 2016- /11 /20فلسطني-رام الله)
131
لقد انتميت لحركة فتح ألنها حركة الدراويش فأضع خدى مداسا للفقراء الذين يعزمون عيل النضال فيصل ّون الفجر ويقرعون أجراس الكنائس مرددين نشيد الربتقال رافعني رايات الغضب وعصري الزيتون أنا ال أنتمي لحركة فتح ألنها متثل شخص هذا أو ذاك بل النها متثل فكرهم /فكرنا الجمعي وسعيهم الكيل وثوريتنا الجامحة وأنا انتمى لحركة فتح الفكر والثقافة واألصالة الحضارية وألنها ترفع األهداف فوق الشخوص وتحتمي بأصالة االنتامء لألرض وبسالة الشعب وإبائه ...يف امتداد رحيق األمة يرطب أفواه الجامهري أنا ال أنتمي لحركة فتح منخدعا باألضواء الرباقة أو بحليب السلطة منزوع الدسم وامنا انتمى ألخدم وأقدم وأعطي فأنا أخذت منها الكثري من القيم واالنتامء والنظرات والسلوى 132
وتعلمت منها اإلباء والتساند والصالبة ونبع الحنني أنا ال أنتمي لحركة فتح ملجرد أن أكون رقام أو أضافة ،أو ملحقا تافها وإمنا انتمى لحركة فتح ألمنح وأشارك وأبدع وأصنع مع اخواين /أخوايت مستقبل بالدنا واملحيط اللجي أنا ال أنتمي لحركة فتح اال ألنها تشبهني وتشبه فلسطني... بالغني والتنوع وثراء متحف الرتاث وانتمى لها ألنها تعج بناس ميتلكون من اإلميان وطيبة القلب ونزق الحب الذي يفيض فيجري أنهارا يف حركة فتح نتصارع ونتشاكس وتظهر فينا نوازع اإلنسانية واألمل حني تحتقرنا دبابات العدو فتقتحم بيوتنا وعقولنا... نرفض ونرصخ بصيحات األمل املقرون بالعمل إذ نحمل الحجر ونجعله الشاهد الحي عيل موكب الشهداء أنا ال أنتمي لحركة فتح ألنها حفلة عرس أو مهرجان أو مؤمتر أو مسند أريكة أو ألنها بوابة فحيح
133
أو منشورا عىل وسائل التواصل االجتامعي... هي فتح ألنها سياج آمن ،وتراث كامن هي فتح النها سياق متصل مل يجعل النهايات منفصلة عن البدايات، هي فتح آلنها سياق يتكامل … يجعلني أصحو مطمئنا عيل أطفايل وجرياين مطمئنا تحت سامء فلسطني العالية وشجرها الضارب الجذور آلالف السنني أنا ال أنتمي لحركة فتح لنوازع األنانية أو املصلحية أو الكربياء الفارغة، حركة فتح هي مجايل ألنني أشارك اخواين وأخواىت ومجايل الذي أصنع به وبهم ومعهم معلقات الفتح يف جوف الكعبة وآلنني معهم أقطف ُسهد النخيل يف باحات املسجد األقىص املبارك أنا أنتمي لحركة فتح فخورا بأن يشريون يل من البعيد قائلني :من بريق عيون الفدائيني ترشق املنايا والرزايا وترتفع توابيت الشهداء وتتدىل أعواد املشانق وتنتفض األيادي املكبلة بزرد السالسل وينتفض قلم الكاتب وريشة الفنان وحنجرة الشاعر وقبضة املقاتل 134
أنا أنتمي لحركة فتح ألنني أشم فيها رائحة الحامل يصحو عىل صياح الديكة مبهورا بجامل الفجر مسحورا بإبهار آيات الله جل وعال وانتمي لحركة فتح ألنني ارغب فيها أن أقبل يد العامل وأغسل قدم الفالح وأخيط رداء أمي يف نسيج كل األمهات... يف حركة فتح أعانق بحر حيفا واملجدل ورفح وأطل فيها من علياء جبال الجليل حتي صحراء السبع واريحا والخليل... أضل أنا! فهل ستظل هكذا أم ّ أنا ال أنتمي لحركة فتح ،بل لفلسطني أوال ،حيث وجدت املفتاح أخريا
135
كيف نبني الشخصيات الحرة في القيادات الطالبية؟ إن بناء الشخصية تحتاج من الشخص نفسه (االعرتاف) أولاً بحاجة ما ت ٌشعل (الرغبة) لديه للبحث أو السعي (للمعرفة) للتز ّود بها ،ومن ثم (بناء) ذاته بالعلم والثقافة والتجربة والقدوة والتدريب. وعليه فان قدرتنا كمكلفني أو قادة رأي عىل تحقيق التأثري يف الشخص يف أساسها إن مل تكن مرتبطة بالقدوة أو النموذج أوال ،أو الحدث االبداعي واملبهر واملثري للشخص ثانيا ،أوبالنشاط الجامع ثالثا وامللبي (لالحتياجات والرغبات) ،أو رابعا عرب الفكرة املفيدة والنافذة ،أو خامسا عرب تأصيل مستوى التواصل بشكل غري منقطع ميدانيا وفضائيا فإننا نكون يف البدايات، إن مل نكن يف املرحلة التي تسبق الوعي. إن عملية البناء للشخصية يف مرحلة “ما بعد” ،أي يف املرحلة الجامعية ال ميكن أن تأيت بقرار خارجي ،وان كان للعامل الخارجي من الحث الكثري ما يجب العمل فيه ،وإمنا محرك البناء الرئيس قرار داخيل يف الشخص نفسه، ويكون قراره هذا من ذاته نعم ولكن ذاته املتأثرة باملحيط. لذا فان قدرتنا عىل أن نكون نحن من أدوات التأثري يف ذات الشخص هي مبقدار ما نستطيع أن نكون أحد عوامل التأثري يف محيطه ،أو ببساطة أن نكون أمامه ال خلفه ،بالفكرة أوالعمل أو النموذج. الطريق الشاق للتأثير
كيف نكون أمام الشخص تحت ناظريه وليس يف خلف عقله؟ يحتاج منا ذلك أن نسلك سبيال غري معبد ،سبيال شاقا ،ورمبا طويال ،ألن عوامل التشتيت واإللهاء من جهة إضافة اىل قامئة االولويات الحديثة لدى االنسان العرصي تعددت اىل الدرجة التي ال يستطيع أو ال يريد مبوجبها أن يضعنا يف قامئة أولوياته هذا اوال.، 136
وإن استطعنا أن نكون يف ذيل قامئة أولوياته فهذه بداية الطريق إذ نتمكن من التمدد أوالصعود درجة درجة لنكون يف مقدمة أو رأس القامئة، وبالتايل نصبح يف دوائر اهتامماته أو من أدوات التأثري يف محيطه. إن املشكلة الكربى ليست يف القيادات الشابة أبدا ،وإمنا يف القيادات ِ املؤسسة أواملنظّمة التي ترغب بالوصول للطالب يف ظل فهمها أورضورة فهمها ملتغريات العرص ،وأهمية التواصل والحوار واملشاركة ،وكيفية التموضع يف دوائر اهتامم وقامئة أولويات ،ويف محيط الشخص اوالطالب ،وعليه فان آلية التمكني من التموضع هذه تعترب حجر الزاوية يف عملية البناء. التعبئة المؤقتة والتربية الدائمة
لنعد اىل البدايات فهل نستطيع استنادا ملجد سابق ،أو تاريخ عريق، أواستنادا النجازات انقضت أولشخصيات خالدة ،أو لكلامت مكررة أوعبارات أو شعارات مشحونة ومسجوعة ،أو اقتباسات تحريضية أوتنفيذية أن نريب أجياال؟ هل نستطيع عرب االستخدام “اليسء” للقرآن والدين ،أو بسحب سوط التكفري أو التجهيل أوالتخوين أن نرضب به وجه املخالفني ،أن نفوز؟ هل نستطيع بكل هذه الوسائل أو بعض منها أن نريب أجياال؟ ال أعتقد أنها وسائل تربية وتعبئة دامئة ،وان اشتملت عىل مكنون تعبوي هام قد يكون مؤقتا؟ إن استطعنا رسم شخصيات مبضامني محدودة من الفكر املغلق أواملقولب وغري الحر بوسائل تفكريه ،وبعدم اتساع اطالعه عىل املعارف واملناهج يف ظل املبادي ،يكون الجيل القادم من جيل املنقبضني أواملرعوبني أو ببساطة ثبات ْ هم أجيال العبيد؟! 137
كيف نكون ضمن االولويات؟
إن بناء جيل من األحرار يحتاج منا القفز للنظر بحكمة يف واحدة من خمسة أمور قد تضعنا كمؤسسة أو منظمة ضمن أولويات الشخص العضو، أوالطالب أو القائد الذي نبغيه أن يكون. اإلبهار واإلبداع أو اإلنجاز :إن الحدث املبهر اليوم أو الحدث املبدع ،او االنجاز املؤثر قد يجلب لنا مجموعة من الناس يتقارب اهتاممها مع مضمون الحدث (سيايس /اجتامعي /فني /اقتصادي)...ما يشعل فيها الرغبة ،وهذه بحد ذاتها بداية الطريق. النشاط الجامع (املشاركة) :يف العلم فان ما يختزنه أو يتمثله االنسان من معلومات برصية أ سمعية ال يضاهي أبدا ذاك املرتبط مبشاركته يف الحدث، وعليه فان قيامة بالنشاط أو مشاركته به يضع يف عقله مجموعة من الخربات هي ما يجب أن نجتهد لنكون من ضمنها. القدوة أو النموذج :ان التأثر الحاصل يف كثري من الناس يأيت من الفقهاء والدعاة أواملبرشين ،أومن الحكامء واإلعالميني أومن املفكرين والسياسيني كام هم عىل شاشات الرايئ (=التلفزة) أوعىل صفحات التواصل االجتامعي وارد ،كام هو التأثر باملطربني واملطربات واملمثلني وغريهم ،ولكن سريتهم وحقيقة ما يتعلق بحياتهم ومنطق املشابهة هي ما يدفع بهم أن يكونوا يف مساحات اهتامم الشخص أوخارجها ،ما يربز لنا أهمية (القدوة) أوالنموذج، السيام أن تكون من الناس ،وبني الناس ،وأن يشعروا ويحسوا بذلك فيقدرونه ويسعون للوصول له. الفكرة الناجزة أو النافذة :أي تلك الفكرة التي تفتح نافذة ،وهي بذاتها نافذة مؤثرة يف إدراكات الشخص واهتامماته ،فليك تنفذ روحه أوقلبه وتحتل موقعا فيه فتسجل عىل قامئة أولوياته يجب ان يحس بها أويقتنع بها ،أو تصيب حاجة من حاجاته ،أو نجهد أنفسنا لتوضيحها ورشحها أو نرشكه بها. 138
تأصيل مستويات التواصل :والتأصيل يكون أفقيا وعموديّا وميدان ّيا وفضائيّا م ًعا ،مبعنى أن االكتفاء بالتواصل ذو االتجاه الواحد قد ال يكون تأثريه بالقدر الكايف ولكن التأثري املحقق للهدف بالتأثري بالشخص وجذبه أو تغيريه يكمن باتباع أدوات اتصال متعددة وبأشكال مختلفة تصبح للشخص كمظلة أو حائط استناد من حيث هي تحيط به وتربطه باملضمون.
139
كيف نفهم القيادة في حركة فتح؟
16
ماذا نريد أن نفعل يف إطار مامرستنا الدميقراطية اليومية عامة يف التنظيم السيايس ،ويف نشاطاتنا اليومية وعالقاتنا ،ويف مؤمترات األطُر الدورية؟ دورنا كأعضاء فاعلني ال يقل عن دور الذين تولوا الصفوف االمامية، فنحن منخرطون بالحركة وفق إميان عميق والتزام واعي.، منتمون للحركة وفق اقتناع وعمل بربنامج وسياسات ،ووفق فكر نظامي، ووفق إرادة تغيري :تسمح وال تسد الطريق ،تعي وال تغفل ،تع ِقل وال ترخي هذه اإلرادة التي ينبغي أن تكون صلبة ومتينة ،يجب أن تتجلىّ وتظهر يف الواقع التنظيمي يف كل فعالية او عالقة او نشاط مقاوم ،أو ملا بعد أي مؤمتريُعقد (أكان عىل مستوى املنطقة أو االقليم فصاعدا) ،فام يعنيني لو كسبت العامل وخرست ذايت (كتنظيم) كام يقول املسيح عليه السالم. لذا كان الرتكيز من نقطة البداية ،ونقطة البداية هي نحن ،ألننا (نحن= الفرد مع الكل الفلسطيني والعريب) مادة الثورة ومشعل النضال الذي فينا إما يشتعل أويخمد ،وفينا إما يتأصل أويتهاوى وينكرس. مشعل الحرية
إننا ندخل مركب الفعل التنظيمي الدوري أو اليومي يف حركة فتح ويف املؤمترات بسعي طموح ،وإرادة ال تلني ،وسعادة لن تعطلها تخرصات األقارب أو األباعد. والفجر الذي يطل من عيون فلسطني ،وينادينا ،يفرض علينا أن ندقق يف فريق العمل أي عمل ،ويف َح َملة املشاعل (يف املنطقة ويف االقليم ويف اللجنة -16يف التعبئة الداخلية للحركة ،ويف رصاعنا الداخيل يجب ان ننطلق من واقع املشاركة الدميقراطية يف إحداث التغيري باعتبارنا فاعلني ال سلبيني انتظاريني بائسني.
140
املركزية واملجلس الثوري )...فال نتوه بني األشجار ،ولن نرتكس أمام النباتات املتسلقة أبدا ،فنحن يف رصاع معها متواصل. يجب ال تشدنا الحم ّية أو العصبوية املناطقية أو العشائرية ،وال ننساق وراء أصحاب الوعود الالهبة أواملصالح اآلنية ما وجدوا. إننا ندخل فعل االنخراط يف أي عمل أو نشاط ،أو مؤمتر داخيل للبناء، أو القرتاح رؤى لربنامج سيايس نضايل مقاوم للحركة نرفعها كتوصيات لألطر العليا. لسنا حشدا انتخابيا يُساق كاألغنام ،بال رأي أو نظرة أو علم أو تعلم أو مسؤولية ،فالرحلة طويلة ،وعىل كافة االتجاهات. اس �ث َلاَ ث َ ٌة :فَ َعالِ ٌم َربَّانيِ ٌَّ ،و ُمتَ َعلِّ ٌم عَلىَ وكام قال عيل بن أيب طالب (رض) :ال َّن ُ َسبِيلِ نَ َجا ٍةَ ،و َه َم ٌج َر َعا ٌع أَتْ َبا ُع ك ُِّل نَا ِعقٍ ،يمَ ِيلُو َن َم َع ك ُِّل رِي ٍح ،لَ ْم يَ ْستَ ِضيئُوا ِب ُنو ِر الْ ِعل ِْمَ ،ولَ ْم يَلْ َجئُوا إِلىَ ُركْنٍ َوثِيقٍ .فلنحدد أين نكون يجب أن يكون سعينا التأثري يف طرح الفكرة أو الرأي ،واقرتاح الخطوة يف إطار التوصيات الناضجة لتحقيق برنامج عمل ،ونشاطات ،أنا ونحن أول من ينخرط للعمل فيه يف إطاري فصاعدا. إننا نتعامل يف محيطنا مبحبة وتفاعل وتفاين من أجل الوطن بحيث نتجاور ،فال يُلغي أحدنا اآلخر ،وال يهمل وال يهمش ،وال يُقيص ،بل يرعى ويضم ويجمع التنوع يف بوتقة الدميقراطية املنضبطة للقانون والنظام. ذاهبون ألي فعالية حركية لتأكيد أننا مؤمنون والحمد لله ،وأننا منخرطون يف العمل من أجل حقنا التاريخي يف فلسطني كل فلسطني ،مهام كانت املرحلية والواقعية السياسية ،ولذلك نحن نعمل معا والنضال شاق والدرب صعب ونحن لها. ننفذ املطلوب منا من تكليف أو مهمة يف إطار عمل الفريق الواحد، 141
وأهدافنا السياسية وبرنامج عملنا يف املنطقة أو االقليم وبكل الحركة واضح، لذا لن نسمح للطفيليات أوالطحالب والنباتات املستسلقه أن تخنق االشجار الباسقة أبدا ،وإال فالرصاع قائم ماداموا يكبتون األنفاس. نعم ننفذ املطلوب منا بقيم التقبّل واالحرتام والتنفيذ األمني وااليجابية بال تذمر اوسلبية أوركون أوتيئيس لآلخرين... ندقق
سندقق يف َح َملَة املشاعل القادمني ملواقع قيادتنا يف االنتخابات (الوطنية او البلدية ،او الطالبية اوالنقابية ،اوالحركية...الخ) ،أو باالستمزاج من املنطقة فاالقليم صعودا عىل قواعد منها التايل: 1 .1القدرة :القدرة العقلية والجسدية والنفسية وال ِقيَميّة (الخلق القويم والقدوة) للعضو يك ننتخبه أونزكيه ليتبوأ املوقع املطلوب ويف الخلق القويم وتأثريه يقول الحسن البرصيِ :عظ الناس بفعلك ،وال ت ِعظهم بقولك .وعىل قاعدة: 2 .2توفر همة العمل وإرادة الفعل والربنامج وخوض الرصاع بال تذمر وانكسار ،وبال انسحاق تحت رضبات االحتالل ،أو تحت أقدام الفيلة من الداخل والخارج من أصحاب الذهنيات املستبدة أو املناهج الفوضوية أو االستغالليني. جل وقتنا (ومالنا وعىل القاعدة الثالثة 3-قاعدة توفر الوقت بتخصيص ّ وأرواحنا وفكرنا) فداء للوطن. ولتحقيق هذه األهداف فنحن حملة األكفان ،وأوائل من سنكون عىل الئحة الشهداء ...هكذا وإال فال. إن القواعد الثالث املمثلة بالقدرة العقلية والنفسية والجسدية واالخالقية، جل الوقت واملال والروح ،هي وبتوفرهمة العمل وارادة الفعل ،وبتخصيص ّ 142
مقتضيات النظر ملن يتقدم ليشغل املواقع املتقدمة يف أي إطار ...وإال فال. لن نقبل
لن نقبل من يظن القيادة مكسبا ماديا أو مغنام أو وجاهة او تس ّيدا.. (ال تقولوا أنت أوأنتم ال تفعلون هذا ،فهو واجب علينا جميعا ،إنه واجب ال ينتظر ،فالكل يجب أن يقوم به وفق القاعدة النبوية الرشيفة :باليد أوالقلب أواللسان وهو أضعف االميان) ولن نقبل من يشك أويظن بالنرص الظنون لن نقبل من نتوجس منهم أن ِ يطأطئوا الرؤوس. لن نقبل من ينقادون إلشارات االحتالل أو أزالمه فيتحولون شيئا فشيئا اىل خنجر يف صدر الثورة والحركة. لن نقبل أيضا بأولئك الذين يستغلون مصالحهم املالية ،أوالرأسامل القذر لنهب البلد والسيطرة عىل الهرم االقتصادي والهرم السيايس ،وهم منزوعي االخالق والقيم والثقافة حني تُق ّدم مصالحهم (أوتختلط)عىل املصالح الوطنية ،فالرأسامليون االستغالليون داء األحزاب وآفة التنظيامت السياسية، فإما يطيحون بها أويسخرونها لخدمتهم ،ال لخدمة عموم الجامهري ...سواء وجدوا يف املؤمتر ،أو كان يف مسريتهم ما يدل عىل ذلك. لن نقبل الجثث الهامدة أو ال ُخشُ ب املسندة أو أرجل الكرايس الذين يقبلّون األيادي واالقدام للمستبد (الديكتاتور) فينا ،يف أي منا ،ويركعون عند أول اشارة تلوح لهم لتحقيق مكسب سلطوي يستغلونه سلبا لتحقيق مآربهم الخاصة ،ال لخدمة الوطن بدماء متجددة وأفكار متجددة ومتطورة تنتهض به ،وتشحن الهمم.
143
لن نسمح
لذا نحن لن نسمح ملثل هؤالء من الرأسامليني االستغالليني ،أو الجثث الهامدة ،أوالخناجر يف جسد الثورة أو السوداويني السلبيني املنهارين نفسيا أن يتقدموا الصفوف. (وماذا إن تقدموا؟! ،نقول أن الرصاع ال ينتهي وال يجب أن ننهار أو ننسحب أو نركن ،فيتعملقون عىل ظهورنا) نفعل ذلك ب��إرادة خوض الرصاع بكل جهدنا ،فنحن مبجموعنا نعي ونعقل ،ونسمح لألزهار أن تتنوع. ويف ضوء قناعتنا بطهارة الثوب والبس ِي ِه من أبناء حركة فتح ،اال أن الظن يف بعضه إثم ،ويف بعضه اآلخر ُحسن تدبر ،ونحن أبدا مع وعد الله (وعد الله ،ال يخلف الله وعده ،ولكن أكرث الناس ال يعلمون –الروم آيه ) 6 نضعه فوق الهامات
من ميتلك القدرة واإلرادة والوقت ويتحلىّ بالقيم ،كام يتحىل بالتمسك األصيل باملباديء سنضعه فوق الهامات واألكتاف. ونكون له مع ذلك باملرصاد بالنقد ال��ذايت ،واملراجعات واملحاسبة، والتقويم مبحبة ولطف وتساند. ف َمن منهم ياتُرى بقامة أيب بكر أو عمر ريض الله عنهام ،وهام مل يتكبرّ ا عىل املحاسبة والتقويم! نحن بلغة الحوار والحصاد نكون أقرب لعني األرض. ونحن بعمل الفريق نكتيس ُحلّة االنتصارات بإذن الله تعاىل. فنحن /أنا /كلنا ككوادر وأعضاء وقيادة سنبقى أوفياء لفلسطني ولشعبنا وحضارتنا وقيمها ،وللختيار سيد الشهداء ،ولرتاب هذه األرض الطيبة بعملنا وقيمنا وإمياننا ،والله معنا. 144
الفصل الثالث: الصراع يف السياسة ،والقيادة يف إدارة الرصاع وإسرتاتيجية التنظيم التنظيم السيايس واألوامر عناوين القيادة كيف نعمل بثقة بالنفس فنحدث التغيري كيف نحافظ عىل الفوز؟ التعامل مع األجيال؟ تجاوز النقص واالخالص لفلسطني. االبداع ال السوداوية وخطاب األزمة. استنهاض الكادر يف إطار عقلية العمل والتجدد
في إدارة الصراع وإستراتيجية التنظيم هل يعقل أن يكون هناك مؤسسة ال متتلك إسرتاتيجية واضحة؟ وهل يعقل أن يكون هناك تنظيم سيايس بال إسرتاتيجية أصال؟ نعم ،يعقل! بل وهو حاصل إىل درجة أن كوادر أحد التنظيامت يفهمون اإلسرتاتيجية كفن للحرب فقط ،ال شأن لها بالتنظيم السيايس غري مدركني التطورات املتالحقة يف مختلف العلوم واالستخدامات للمصطلحات التي منها (اإلسرتاتيجية) تلك التي انتقلت من عامل العسكر والحرب إىل عامل اإلدارة والتنظيم واملؤسسات وذلك منذ العام 1951كام يقول د .سعد غالب ياسني يف كتابه الهام حول اإلدارة اإلسرتاتيجية. ونزيد عىل ذلك ان املؤسسات يف العامل بدأت تدخل االسرتاتيجيات يف كافة أعاملها حتى أن السمعة للرشكة أو املؤسسة (السمعة :هي مجموع إدراكات الخارجني عن املؤسسة حول الصفات البارزة لها ،وهي تعكس االحرتام العام الذي تتمتع به من قبل مساهميها املتعددين) أصبحت لها إسرتاتيجية ألنها مصدر ردود األفعال املبارشة للمساهمني يف بيئتهم أي أن منو الرشكات كام أثبتت الدراسات يتأثر بسمعتها يف السوق لذلك أصبح للسمعة إسرتاتيجية تدار .ومع ذلك مازال هناك من يقول لك ما لنا واالسرتاتيجيات!! هل اإلسرتاتيجية خطة أو سبيل للعمل فقط كام يورد د.السيد عليوة، أم هي وسائل لتحقيق غاية ذات بدائل كام يقول العامل (بوسامن )؟ أم هي (أهداف وخطط وسياسات تتعلق بتحقيق التناسب بني موارد املنظمة الداخلية وظ��روف البيئة الخارجية املحيطة بها)وأن تحقيق التناسب “التكيف“ يؤدي إىل تحقيق األهداف اإلسرتاتيجية بكفاءة عالية؟ أم هي حسب (منتسربع) :عبارة عن خطة موضوعة تحدد سياقات وسبل الترصف ،وهي حيلة أوخدعة تتمثل يف مناورة لاللتفاف حول املنافسني، وهي منوذج متناغم األجزاء من خالل السلوك املعتمد أوحتى غري املعتمد 147
للوصول إىل وضع أو مركز مستقر يف البيئة ،وهي يف النهاية منظور فكري (رؤية) يعطى القدرة عىل إدراك األشياء وفقا لعالقاتها الصحيحة. كلها تعريفات صحيحة وتنظر للمفهوم من زوايا مختلفة فأين نحن من ذلك؟ ومبا أن البيئة وامل��وارد والقيم حسب (ثومبسون)تؤثر يف صياغة أي إسرتاتيجية ،فإنه عموماً يجمل د .فالح الحسيني أن اإلسرتاتيجية –ما نريد أن نعتمد عليه يف التعريف -هي عملية تنظيم األفكار ملواجهة حاالت املخاطر وعدم التأكد ،وتحديد الفرص املتاحة للمنظمة يف البيئة وبالتايل استخدام الكفاءة املميزة لالستفادة من املوارد املتاحة للمنظمة. وعليه تكون كل من مداخالت وكتب وآراء (صن تسو) و(كالوزفتز) و(ليدل هارت) و(بوفر) 17عن اإلسرتاتيجية باعتبارها فناً للحرب فقط قد تطورت كثريا مستفيدة بالرضورة من هؤالء املفكرين الكبار ،وبقيت قيادات فلسطينية عديدة تفكر باملسألة بعقلية ما قبل النكبة ،أي قبل تطور املفهوم؟ لماذا اإلستراتيجية؟
امتالك املؤسسة ألهداف يعد أولوية ،وامتالكها لخطة ال نقاش فيه، رغم أنك قد تصادف يف مسريتك العملية مؤسسات تسري (عىل الله كام يقولون ،أي بال تخطيط أواتجاهات أو رؤية ،ويف واقعنا الفلسطيني حول هذا املوضوع حدث وال حرج. تنظيم سيايس يغني فيه قادته عىل كافة املوجات والطبقات ويف مختلف الفضائيات ويحلم أن يعود ويسود ،وتنظيم سيايس آخر ال يستطيع ان يفرق بني إسرتاتيجية املقاومة العسكرية وإسرتاتيجية تحمل أعباء السلطة ويدعى أن الله حافظه دون سواه. -17مفكرون اسرتاتيجيون عسكريون.
148
وتنظيم سيايس آخر يعترب أن إسرتاتيجية املظاهرات والبيانات واملعارضة لهدف املعارضة تبقيه حيا يف عقول أو قلوب الناس ،وكلهم باعتقادي واهمون. إن اإلسرتاتيجية حينام يتم اختيارها بفهم صحيح ،واإلدارة اإلسرتاتيجية أيضا ،تفيد أي تنظيم سيايس (منظمة) أو غريه إفادة هامة يف: االستجابة للتحديات التي تواجه املنظمة وتعكس أفضل البدائل والخيارات املتاحة. تطبيق أنظمة كفؤة لتحفيز العاملني وتحقيق تناسق جامعات العمل وأفراد التنظيم. توفري فرص لتطبيق أساليب إدارية فعالة مثل اإلدارة باألهداف أو اإلدارة من خالل األنظمة. تنمية القدرة عىل التفكري االسرتاتيجي الخلاّ ق لدى القادة. «ويضيف د .سعد غالب أيضا ملا سبق ذكره» :تحدد الخصائص األساسية املميزة للمنظمة من غريها املنافسة لها. متنح املنظمة إمكانية امتالك ميزة تنافسية مؤكدة. تحديد الجامهري والقطاعات املمكن أن تؤثر فيها. تخصيص املوارد املتاحة لالستخدامات البديلة وزيادة الكفاءة والفعالية. خلق درجة عالية من التكامل والتنسيق يف البيئة التنظيمية. القدرة عىل التفكري املتميز ورؤية املستقبل والتنبؤ مبتغريات الواقع، واالستجابة الرسيعة واملرنة له. كل ذلك وتتساءل عن أهمية أن يكون لنا يف تنظيامتنا السياسية إسرتاتيجية 149
ما؟ وإن تعاملنا مع إسرتاتيجية ما ال نستطيع األخذ باالعتبار القيم واملوارد والجهود والفرص معا يف آلية تكييف وتوازن تجعل من األهداف االسرتاتيجية قابلة للتحقيق ،وليست مجرد شعار يأرس القلوب واأللباب. الصراع ونطاقه في التنظيم.
يف الرصاع داخل التنظيم السيايس يتم استغالل املوارد كأدوات ،حيث يعترب األشخاص واألموال والعالقات أدوات يف الفوز بهذا الرصاع ،ومعظم الرصاعات تأخذ أشكاال ،و ترتكز حول األفكار أو استغالل األفكار والنفوذ والسلطة وحجم الصالحيات والتأثري يف القرار واملصالح الشخصية بزيادة حجم األموال أو تحسني الصورة أو التقدم يف التنظيم. قد يتخذ الرصاع منحى إيجايب وقد يتخذ منحى سلبي .والرصاع يف النطاق االيجايب مهام كانت أهداف املتصارعني يعنى عدم املس بقواعد اللعب مثل القوانني أو اللوائح أو األعراف ،فالرصاع أو ما يصطلح عليه (باللعب) عندما يكون مرتبطا بذلك فانه يف حالتي الشدة أو االنخفاض ال يرض التنظيم أوالحزب ،بل قد يدفع لتحسني هذه القوانني أو اللوائح أو النظم الحاكمة، والتي رمبا لجمودها أو تآكلها وعدم قدرتها عىل استيعاب املتغريات مل تعد قادرة أن ترسم حدودا واضحة للعالقات والصالحيات والنفوذ ،فيأيت الرصاع هنا كعامل تغيري أسايس بها. أما يف النطاق السلبي فان الرصاع يخرج عن الحدود أو القوانني أو األعراف فتستغل كافة األدوات لتكتيل االنتصارات حيث األشخاص يخضعون والعالقات يتم استغاللها والفكرة تصبح يف خدمة األفراد ال التنظيم. يف أحد التنظيامت الفلسطينية الصغرية عانت القيادة من سلسلة من األزمات شقت املكتب السيايس إىل قسمني إىل الدرجة التي تحولت فيها الكلمة والهمسة واالجتامع واملكاملة الهاتفية عنوانا الصطفاف أومدخالً إلعادة ترتيب املواقف ،والنظر إىل املعسكرات بعني مختلفة .وملا أصبح حجم 150
النفوذ يتحدد بالقرب أو البعد من الشخص حصل االنشقاق. يف تنظيم سيايس فلسطيني إسالموي استخدمت األداة األكرث تطويعا يف عمليات الهجوم الداخيل بني مراكز النفوذ ،وهذه األداة هي األشخاص أولاً واألفكار ثانياً ،وألن األفكار يف التنظيامت األيديولوجية عامة ومنها الدينية سهلة التطويع إلرادة مركز النفوذ فال يبقى عىل األدوات الط ّيعة وهم األفراد إال الطاعة العمياء فيشكلون اصطفافات تؤدي يف حقيقة األمر لرشخ عمودي. إن النفوذ بشمول تأثري الشخص يف اآلخرين خارج نطاق أو حدود صالحياته قد يرتبط يف التنظيم السيايس باملال أو املوقع القبيل أو الشهادة العلمية أو الصورة اإلعالمية أو حجم العالقات التي قد ال يتيحها له املوقع أو الصالحية ولكنه يخرقها ويتمدد خارجها فيستفيق التنظيم متأخرا ً عىل إخطبوط له يف كل مكان ذراع. التنظيم قِيَم ومنجزات
يف أحد اللقاءات التنظيمية العشوائية أي تلك التي يرتب لها البعض دون هدف واضح أو جدول أعامل ،ودون معرفة طبيعة الحضور ،يف هذا اللقاء دار الحديث عن إدارة التنظيم وكان الحديث يف هكذا اجتامعات ينتقل بني املواضيع دون اتجاه محدد ،واألنىك من ذلك واألم ّر أن عددا من الحضور كانوا يتكلمون بالهاتف أو يخرجون لذات السبب أي الحديث ،مام س ّبب إرباكا شديدا ً حيث اضطر عدد من الحضور إلعادة ما قالوه مرارا وتكرارا. عن إدارة التنظيم ذكرتُ أن ملك اإلدارة أو من سمي (غورو) اإلدارة 18بيرت دراكر تحدث عن املؤسسة الناجحة قائال أنها تحتاج إىل: 1 .1قيم والتزامات وانتامء. 2 .2إنجازات. « -18الغورو» عند الهندوس مصطلح يجمع بني الربوبية واملعلم – وهو هنا مبعنى املعلم االكرب
151
3 .3قدرة عىل التجدد والتغيري. 4 .4قوانني عمل. 5 .5الوعي بحاجات الجمهور وشبكة عالقات. وذكرت أن هذا (الغورو) 19الذي تويف عن 95عاماً ،والذي ولد يف النمسا عام 1909قد اعترب مقياس الحكم عىل (املوظفني)يف املؤسسات هو النقطتني األوليني ما دعا مدير رشكة «جرنال الكرتيك» يف الثامنينات من القرن العرشين أن يعتمد عليهام ليصنف موظفيه إىل ثالث فئات والثالث منها ال أمل فيه، ففصل ثلث املوظفني ليقفز ناتج أرباح الرشكة لعرش أضعاف يف فرتة قصرية، وأهمية االقتباس هنا أن املقياس هو القيم واالنجاز وكان ذلك يف الرشكة فام بالك بتنظيم سيايس هو أكرث حاجة لهاتني النقطتني. تصدى يل أحد الحضور متهكام معتربا أن ما ينطبق عىل املؤسسات ال ينطبق عىل التنظيامت السياسية فلم أجبه الن من ال يدرك أن العالقات اإلنسانية الطوعية يف التنظيامت السياسية هي أكرث حاجة لالنتامء والقيم من العالقات الوظيفية يف الرشكات ال يدرك حقيقة اإلدارة التنظيمية. ويف ذات السياق ويف رصاع عجيب عىل تثبيت أو نقض عقلية املؤسسة قمت ومجموعة من الخرباء واألساتذة بتقديم مشاريع لوائح ونظم ألطر مختلفة يف حركة فتح لقيت استحسانا وقبوالً من أحد األخوة القياديني حينها ،وملا ح ّدثت باملوضوع أخا من املسؤولني امليدانيني اعترب ذلك ترفا ألننا كام قال :نعمل بالقطعة وحسب الحدث ال حسب اللوائح والنظم!
-19املقصود هنا هو بيرت فردناند دراكر (باإلنجليزية)Peter Ferdinand Drucker : كاتب إقتصادي أمرييك من أصل منساوي يهودي ،ولد يف فيينا عاصمة النمسا يف 1909م وعاش معظم حياته يف الواليات املتحدة األمريكية حيث عاش يف الفرتة بني ( 19نوفمرب 11 1909نوفمرب )2005أجمع الكل أنه األب الروحي لإلدارة ،فهو الذي ح ّدد مفهومالرشكة يف تحليله الرائع لرشكة جرنال موتورز تو ّيف يف عام 2005م عن عمر 96سنة وكان قد حصل عىل أرفع الجوائز التقديرية يف الواليات املتحدة “الوسام الرئايس للحرية” يف عام 2002م.والده كان محامياً ووالدته طبيبة أي أنه عاش وترعرع يف بيئة مثقفة.أنتج أربع سالسل تعليمية مص ّورة عن اإلدارة ،من صفاته املميزة (محب للقراءة ،ذاكرة قوية ،شديد الذكاء واالدراك والفهم) ،وله اكرث من 40كتابا
152
التنظيم السياسي واألوامر عامل االقتصاد واإلدارة الشهري(بيرت دراك��ر) كان ُملهام للعديد من االقتصاديني واملدراء بحيث أن كتاباته وأفكاره ساعدت الكثري من الرشكات واملؤسسات عىل التطور استنادا العتامد أسس االنتامء والقيم للمؤسسة أوال، وللقدرة عىل االنجاز ثانيا. عندما أوضحت ذلك استسخف أحد الحارضين 20يف االجتامع هذه املقارنة بني اإلدارة والتنظيم السيايس وهذا األمر يف العام 2008بعد أن أصبح املفهوم مفهوما من الجميع. ولكن للغرابة أنه بقى أناس تحكمهم عقلية الفوىض والالنظام بحيث أنهم يعتقدون أن التنظيم السيايس ال شأن له بعلم اإلدارة. اإلدارة والتنظيم السياسي
أن تحفز اآلخرين فأنت تقود ،وأن تحل مشاكلهم فأنت تدير .وان ت ُخرج منهم أفضل ما لديهم فأنت تقود ،وان تكلفهم مبهام فأنت تدير .وان تفعل األشياء بشكل صحيح فأنت تدير وأن تفعل اليشء الصحيح فأنت تقود .لذا فالقائد بالرضورة مدير واملدير ليس بالرضورة قائدا ،ويف التنظيم السيايس نحتاج ملدراء كام نحتاج لقادة ولقدرات أخرى. عندما بدأنا مع د.حسن املطري بانتهاج األسلوب العلمي يف عمل الدورات التنظيمية وكان ذلك يف العام 1987قمنا مبجموعة زيارات ألساتذة جامعة مختصني باإلدارة لنسألهم عن آلية تطويع مفاهيم اإلدارة لصالح التنظيم السيايس ،إال أنهم كلهم لألسف مل يجدوا إمكانية لفعل ذلك حيث عربوا عن اختالف عميق بني املسألتني وبالطبع كانوا مخطئني؟ -20املفاجاة رمبا غريالسارة أن املذكور أصبح وزيرا يف مرحلة الحقة!
153
ألننا قمنا ضمن فريق د.حسن املطري 21بتطويع كافة مفاهيم اإلدارة وعلم االجتامع وعلم النفس والفكر والفلسفة وغريها من املواضيع ذات الصلة ،قمنا بتطويعها للوضع التنظيمي القيادي اإلنساين. يف مرحلة الحقة قمت بحمل ملفني ضخمني من املواد التدريبية التثقيفية التي ُج ّهزت من قبل عرشات األساتذة والكوادر عىل مدار سنوات يف سياق نفس القاعدة وسلمتها يف تونس لألخ هايل عبد الحميد (أبوالهول) الذي كان له حينها رحمه الله اهتامما عاليا بذلك ،كام كان لألخ محمد غنيم (أبو ماهر) مسؤول التعبئة والتنظيم للحركة ذات االهتامم. عدد كبري من املواد وأغلب العناوين الرئيسة هي ذاتها التي استندنا عليها يف عملنا كمسؤول للتدريب والدورات يف التعبئة والتنظيم يف تونس، ثم يف فلسطني مع اتباع منهج منفتح يف التفكري ما أثرى وأغنى. أضفنا الحقًا مع عدد من األساتذة الكرام أخوات واخوة يف حركة فتح عناوين وتفصيالت أخرى هامة وذلك يف دورات األقاليم يف الخارج ،ثم منذ العام 1996يف دوراتنا يف الوطن ،لتظل اإلدارة إدارة نحتاجها يف أي جامعة او مؤسسة او تنظيم سيايس. كيف تعطي األوامر
أجد من املفيد يف املؤسسات عامة ،وخاصة يف املنظامت املجتمعية والسياسية أن يتم التعامل مع األعضاء ضمن الهيكل أو اإلطار بعقلية املشاركة ال عقلية التابع واملتبوع ،لذا فإن إعطاء األوامر يجب أن يأخذ شكل التوجيه واإلرشاد وضمن آليات اتخاذ القرار التي ترتبط باالجتامع واللوائح. -21حسن املطري أو أبوعيل املطري ،واسمه الحريك عيىس الكردي قيادي فلسطيني فذ من حركة فتح ،واحد أهم القيادات املميزة التي أدخلت فن اإلدارة يف سياق العمل التنظيمي يف عمل الدورات التنظيمية والسياسية يف الكويت من العام ،1990-1987وكنا معها مزاملني يف هذا العمل الهام.
154
وبعد صدور القرار تأيت اللحظة الحرجة حيث أن طريقة تطبيق القرار عرب تبليغه يجب أال تأخذ صفة األمر املبارش ،ملاذا؟ يجيبنا عىل ذلك الكاتب (ف .جون ريه) 22كالتايل: .1
.2
.3
.4
1ال ِ تعط األوامر :ألنه عندما تُعطى األوامر فإنك تطلب من شخص ما أن يفعل شيئا مثل (ضع امللف يف الدرج ) .انك عندما تعطى األوامر فإنك ال تتيح للشخص أن يفكر ماذا يفعل أو كيف يفعله .كل ما يفعله هو أن يرضيك بأن ينفّذ حرفيا ما قلته (أمرت به) .هناك سببان يجعالن هذا الشئ سيئا األول انك ال تسمح للشخص أن يتصور أفضل الطرق لتحقيق املهمة ،وثانيا :ال تدعه يتعلم. ِ 2 أعط اإلرشادات بدالً من األوامر :عندما تحدد للشخص (سواء املوظف أو الكادر) ماذا تريد أن ينفّذ بدال من إعطاء األوامر فإنك تعطيه الحرية لبذل كامل جهده ليحقق املهمة .ومع ذلك فإن هذا ليس دامئا الحال ألنك قد تحتاج للمتابعة والتوجيه ،ولكن تبقى فرصة أن يقوموا بعمل أفضل مام خططت له. 3ويضيف «ف .جون ريه» أن الشخص عندما يُعطى اإلرشادات والتوجيهات بدال من األوامر 23فان عليه أن يفكر وليس إتباع األوامر فقط ،حيث ينخرط (الكوادر أو املوظفون الذين أعطوا اإلرشادات) يف التفكري بآليات التنفيذ واتخاذ القرار بأفضل طريقة وبأن يستثمرون القليل من ذواتهم يف الحل .وأيضا تتولد لديهم القناعة مبا فعلوا فيقدرونه ويدافعون عنه. 4كن واض ًحا :األوامر دوما واضحة (قدم يل التقرير عىل مكتبي يوم الخميس) متثل أمرا ً فال تدع مجاالً للتفسريات ،وعليه فعندما تعطى
-22ف.جون ريه كاتب ومؤلف متخصص بعلم االدارة ،وخبري يف فن االدارة ومهاراتها حيث خصص جون وقته طوال حياته املهنية إلرشاد املديرين الجدد ،يف كثري من األحيان النساء واألقليات. -23التوجيه او اإلرشاد دالة عىل الطريق وسياقات متعلقة بالخطة ومباديء توصل للهدف وتعطى بشكل سلس وهو من سامت املديرالفعال والقائد بينام االوامر تفهم مبنطق الجرب والقرس.
155
التوجيهات تحتاج لتكون واضحاً بشأن النتائج املتوقعة. يشعر بعض السياسيني والقادة واملسؤولني ذوي الرؤية القصرية باملكانة أو القوة عرب مامرسة سيطرتهم عىل اآلخرين ومن أشكال هذه السيطرة إصدار األوامر بشكل واضح أو غري واضح ،ولكنه صارم وملفت للنظر. إال أنه يف اإلرشادات فإن قاعدة الوضوح تعنى أال تقول مثال( :أريد منك أن تراجع تقارير الشهر املايض وأن ترجع يل)ألنها جملة قليلة الوضوح ،بل ممكن أن تقول يف لقائنا يوم الخميس أريدك تنظيم تقارير الشهر املايض يف قامئة واحدة وأن تقول يل أين تقدمنا وأين تراجعنا ،ما يعنى وضوحاً أكرث للتوجيهات. ِ .55 .5 أعط التوجيهات ال األوامر :وبواقع االستفادة من نفس الكاتب يقول أن واجبك كمدير (أو قائد أومسئول) أن تجعل األشياء تحصل .وهذا يعنى أيضا أن تحصل األشياء من خالل اآلخرين .انك عندما تعطي األوامر فانك تق ّيد الفريق (املجموعة) مبستوى خربتك فقط ،ولكن عندما تعطى التوجيهات تدع الكوادر (أو املوظفني)أن يساهموا مبا يستطيعون. من املمكن أن تكون مساهامتهم ليست بنفس جودة ما تفعل ،ولكنها تعطي مؤرشا عىل انك يجب أن تعطيهم تدريبات أخرى .وعىل الرغم من ذلك قد تكون أفضل من فكرتك .عندما يحصل ذلك يكون لديك كادر(أو موظف) يشعر باالنخراط واملشاركة كام يشعر بالتحفيز ،وتبدو أنت أكرث فطنة. استغالل المرأة في التنظيمات السياسية
أصبح الجميع يتغنى بدور املرأة يف العمل السيايس ،وقبله يف العمل املجتمعي والنشاطات الجامهريية ،فبعد سنوات طوال من إغفال دور املرأة وتهميش وجودها بدأت التنظيامت السياسية وألهداف مصلحيه وليس لقناعة عميقة برفع شعارات متكني املرأة أو املرأة املؤمنة أو إرشاك املرأة يف 156
القرار وغريها من الشعارات. استندت التنظيامت إىل الواقع االجتامعي الستغالل املرأة فالتنظيامت (اإلسالموية – السياسية)استغلت الجهل املجتمعي العام ومنه جهل بعض النساء ،أو قلة وعيهن وخضوعهن للقيم املوروثة واملرتبطة خطأ باإلسالم لتكريس دعم النساء لهذه التنظيامت واألحزاب. ففي أكرث من بلد عريب استُغلت النساء تحت مظلة رموز أو شعارات دينية من مثل (صوتك أمانة) و(اإلسالم هو الحل) و(إقامة الشهادة لله) و(يد املتوضئ هي خري يد تصون) بوصفها التنظيامت التي تحمل صفة (املمثل الرشعي الوحيد لإلسالم) وباستغالل مبدأ املشاركة ليس كمبدأ دميقراطي وإمنا كواجب ديني. لقد لعبت البيئة االجتامعية الثقافية ذات الطابع التقليدي املاضوي التي تربط اإلسالم بالخرافات وتقديس شيخ الجامع أو الداعية –كام كانت الحال يف العصور الوسطى يف أوربا حول مركزية الكنيسة-حتى لو ارتكب الخطايا دورا يف تطويع عقول النساء خاصة عرب جلسات القسم والحلفان عىل انتخاب ممثيل التنظيامت (اإلسالموية) ألنهم ميثلون الله دون سواهم، ويدعمون ماليا وألنه ال يجوز الحنث بالقسم ما قد يشوه الجنني أو يسقط االبن يف الثانوية العامة أو يجعل من جسد املرأة أو زوجها أو أوالدها مرتعاً لألمراض ما يلقى قبوال عند العامة. ومل يكن الستغالل املرأة باعتبارها ضمن الفهم الناقص أنها «ناقصة عقل ودين» «ال يجوز توليها األمور العامة من حكم وقضاء خاصة» 24مقترصا عىل التنظيامت االسالموية ،بل ان عديد تنظيامت املجتمع املدين السياسية وغري السياسية األخرى من دميقراطية أو علامنية أو يسارية قد مارست ذات -24يف العام 2012أصدر “االخوان املسلمني” اعالنا برفع الحظر! عن والية املراة! أي تم السامح لها حسب فكرهم املشاركة بالشؤون العامة أي ان تكون رئيسا او قاضية ،بعد أن رفضوها 80عاما.
157
االستغالل! إما عرب مزيد من التحرر واالنفالت الذي يتنايف بكثري من أشكاله مع الدين اإلسالمي وحضارتنا ومع القيم واألخالق املرشقية عامة ،أو تبني (أجندات)املنظامت واملؤسسات األجنبية يف النوع االجتامعي (الجندر) ويف العنف األرسي ويف حق املرأة بجسدها ...الخ من العناوين التي ال تتفق مع قيمنا الرشقية يف الدين اإلسالمي والدين املسيحي. أما عن االستغالل بحجم املشاركة ،فلقد اتفقت غالب التنظيامت عىل حرص حصة املرأة يف القيادة السياسية فعليا بالحد األدىن تحت دعاوى مختلفة منها حرمة االختالط أو عدم القدرة عىل السهر ،أو رفض هذه التنظيامت وجود املرأة من أساسه يف قمة هرم السلطة يف الحزب أو الدولة. يف حالتنا الفلسطينية -عىل سبيل املثال -تتمثل املرأة يف قيادة حركة فتح املركزية بسيدة واحدة وعرش أخوات أو أكرث يف مجلسها الثوري ،بينام يغيب مثل ذلك يف األطر الحزبية يف فصيل «حامس». ويف حني تقوم املرأة بحركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح بدور نشط يف زيادة حجم مشاركتها من باب األهلية واملساواة نجد الحث يف حامس عىل استبعاد ذلك يف األطر التنظيمية حيث األولوية للزوج والبيت واألوالد رغم اضطرار كافة التنظيامت إلعالن أسامء نساء مشاركات يف املجالس البلدية، أواالنتخابات الترشيعية رضوخا للقوانني فقط أو كسبا ألصوات النساء دون قناعة حقيقية بدورها. ورغم هذا االقصاء املفاهيمي للمراة يف التنظيامت اإلسالموية فإنه يسجل للمرأة بحامس رضائها بدورها املحجم ،وهي من وقفت وراء عدد من انجازات حامس. إن استغالل املرأة يف األحزاب السياسية عامة يأيت من عدم احرتام دورها أوال ،ويأيت من النظر إليها نظرة سلبية ثانيا ،وأيضا باعتبار أن املرأة التي تعمل يف الشأن العام أما مسرتجلة أو أرملة أو مطلقة يف آلية تعريض بالنساء 158
تسخف من قدرات وإمكانيات النساء ،وتلجم الكثريات عن املشاركة خاصة والنظرة للمرأة املختلطة يف الرجال بالنشاط العام ال تحظى باحرتام ٍ كاف يف املجتمعات التقليدية ما تكرسه التنظيامت الدينية من جهة وكثري من كادرات التنظيامت األخرى ذات الواقع االجتامعي الثقايف املحافظ. تعيش كثري من كوادر األحزاب يف رصاع نفيس وتناقض ففي حني يشارك الكادر الرجل املرأة يف مواقع ومواقف ونشاطات مختلفة نجده يرفض ذلك لزوجته أو أخته أو ابنته ألنه ال يرى بها األهلية أويعتقد أن البيت مكانها الوحيد أو ال يثق ببيئة العمل أو االتصال التي تشارك فيها ،أو أن يعرب عن رغبة بالتواصل مع املرأة ألهداف مختلفة ما ال يرغبه من اآلخرين يف قريباته، ما يدلل عىل هشاشة اميانه بالفكرة. أن النظر للمرأة كأم أو ابنة أو زوجة هو تحديد لوظيفتها ودورها يف املجتمع ،والخوف من دخولها نطاق العمل العام هو حرمان املجتمع من أفكار وإبداعات وقدرات يجب استثامرها يف املرأة التي يجب ان ينظر لها كإنسان ومواطن له كافة الحقوق وليس غري ذلك. مع االحرتام الكامل لخصوصية املرأة ولخصوصية الر ّجل فلكل يف املجتمع اإلنساين دور تشاريك هو الذي يحافظ عىل النوع والبقاء ويف غري هذا الجانب فال اختالف الن الله خلق عقال منحه الرجل واملرأة ليتم استثامره يف كامل املجتمع ال من خالل نصفه فقط وتحت ذرائع وأسباب لن تصمد مع الزمن. يف حركة فتح ليس غريبا أبدا أن تفرد للمرأة مكانة هامة ضمن كافة الربامج واملشاريع النضالية امليدانية والثقافية واإلعالمية والسياسية ويف كافة القطاعات ،وكام نفعل نحن يف دوراتنا وندواتنا كنموذج مرشق. وال يفوتنا التنويه للرسالة التي وجهها الرئيس محمود عباس للمرأة يف عيد املرأة قائال( :إن املرأة هي التي ربت األجيال وزرعت يف قلوبهم حب الوطن ،وكانت رشيكا للرجل يف مواجهة املظامل التي لحقت بشعبنا) وقال: 159
(املراة نصف املجتمع وهي املربية للنصف اآلخر ،وهي املرساة والحضن الدايفء ...إنها األم والزوجة واألخت والبنت ،وهي املناضلة واألسرية والشهيدة والجريحة ،لذلك فإن حقوقها يف املساواة مع الرجل ليست ِم ّنة منه بل هي أسس بناء وطننا ومجتمعنا السليم ).وال تعليق فهذه هي حركة فتح.
160
عناوين القيادة القائد 25المزاجي
يف النظام األسايس لحركة فتح 26ويف 3مواضع عىل األقل يتم التعرض للمزاجية ،يف املادة 29فرع هـ منه ترد كلمة املزاجية مرفوقة بالرفض ومقرونة بالعقاب حيث أن االنضباط يعنى :عدم اتخاذ القرارات الفردية واملواقف املزاجية ،ويف املادة 38الفرع «ل» ،يعد من واجبات العضوية العمل بروح أخوية وجامعية ونبذ كل األساليب الفردية واملزاجية ،وألن املزاجية والعشوائية والفوىض متثل مسلكيات مرتبطة معا فإن التنظيم السيايس يضع أنظمة ولوائح داخلية لتحكم بدال من ذاك املزاجي الذي يعترب أنه املرجعية بال قيم أو لوائح أو رادع. املزاجي يف الحياة العادية شخصية متذبذبة غري قادرة عىل بناء عالقات دامئة أو القيام بأعامل نافعة أو ذات أثر فام هو الحال عندما يكون هذا املزاجي قد وصل لقمة الهرم يف مؤسسة أو منظمة أو رشكة؟ مفيد كان يف قمة هرم وزارة من الوزارات وكان هو املرجعية ملعظم أن مل يكن لكافة املوظفني بحكم موقعة ورغم أن الوزارة يفرتض أن يحكمها لوائح ونظم إال أن السيد مفيد مل يكن ذا صلة بهذه املفاهيم. يأمر بأمر هنا ولجهة محددة ويف ذات الحالة مع جهة أخرى يصدر أمرا مخالفا ،يعاقب املوظف الفالين عىل جرم هو يراه جرما ،اقرتفه دون سند -25تعريف القائد يفرتض توفرعنارص منها القدرة للقائد كطرف أول بالتأثري عىل اآلخرين “تحت مسؤوليته” كطرف ثاين ،وتوجيههم نحو تحقيق األهداف وفق الخطة ،أوميكننا تعريف القيادة أنها :تحقيق األهداف من خالل اآلخرين بحفز كل طاقتهم .ومن هنا فمن زاوية القيم واالخالق قد نجد القائد اليسء اوالسلبي او باملقابل الجيد أوااليجايب ،ولكنه قائد بالحالتني لتوفر العنارص بالتعريف. -26يف املؤمتر السادس لحركة فتح عام 2009تم تغيري اسم النظام األسايس اىل النظام الداخيل.
161
قانوين ،وال يعاقب املوظف الفالين عىل ذات الجرم. يطلب من املوظفني احرتام املرجعيات ،ويخرتق األقسام واإلدارات والفروع غري آبه بوجود مسؤولني فيها .يضع أطر بديلة لكل من ال يعجبه ورسعان ما يلقى بهذه األطر أو الشلل يف غياهب املجهول فال تعود تعلم أهي الرشعية أم تلك القامئة حسب هيكلية الوزارة. ّ ال يقبل بانتقاده أبدا ،وهو مسموح له بنقد وشتم والتعريض مبن يشاء ويف االجتامعات ،ويرى الحرية موقوفة عليه وعىل (شلّته) ،ويجب أن يُحرم من نسمة الحرية كل مخالف ملزاجه العكر واملتغري. (يجب أن تكون العالقات بني األعضاء عالقات موضوعية مقياسها مبادئ الحركة وأنظمتها ،وال يكون هناك مكان لعالقات شخصية مبعثها الرغائب والهوى -كام تقول املادة 5من مقدمة النظام األسايس لحركة فتح)مع (رضورة محاربة كل مظاهر الغرور والكسل والبحث عن الراحة واملزاجية وسائر املظاهر الضارة– املادة 38ن ). الشخص املزاجي وبال عىل نفسه وأرسته وأصدقائه فكيف وهو يف موقع املدير أو الوزير أو القائد أو املسؤول يف التنظيم أو املؤسسة أو كصاحبنا 27 السيد مفيد املدير العام يف الوزارة؟! القائد المدّعي!
متر عليك يف حياتك مناذج متنوعة من الشخصيات فيها املنجز أواملفكر أو الناقد أو االنبساطي املرح أو مغلق العقل أو املدعي أو األناين أواملفعم بالحيوية أو...الخ ،ورمبا ال تستطيع أن تحدد مالمح وصفات الشخصية من اللقاء األول عىل أهميته ،وبالرضورة تستطيع أن ترسمها بوضوح من خالل التجربة.
-27هناك فروقات بني مفهوم املدير ومفهوم القائد ،فقد يكون القائد مديرا ،وال يكون املدير قائدا .فالقائد يعلم األنصار ويطورهم ويسألهم ويهتم بهم ويشكر من ينجز بل ويذكر منجزاتهم ...إنه ببساطة “نحن وليس أنا”.
162
والشخص امل ّدعي هو من يستثمر الوقت املخصص له ،ويرسق أوقات اآلخرين ليضفى عىل شخصيته محدودة الكفاءة بالحقيقة أهمية طاغية معلوم لدى الغالبية يقينا أنها وهمية ،حيث تظهر الرثثرة منه لساعات طويلة تراها مليئة باالدعاء أوالكذب أو بالعلك وتكرار الكالم ،أو يف تعميق املشاكل والخالفات ال حلها. الشخص او القائد املدعي هو من أخطر األنواع التي تصادفها ،فهي تستطيع أن ترسم لشخصها تاري ًخا يف أذهان اآلخرين ،وان كان بالحقيقة وهميا أو مبالغا به ،ولكن التكرار واالرصار من شخصه وصمت اآلخرين الذين يعرفونه ،وجهل البعض اآلخر يجعل مثل هذه النوعية تتقدم الصفوف. القائد الملهم
من الصعوبة مبكان أن تنجب األمة زعامء أو رم��وز ،إذ أن صناعة الرمز تحتاج ملواهب شخصية حادة وبارزة ولقدرات عالية ،و)آللية أو ملاكنة(مرافقة للشخصية ،إضافة لتوفر الظرف املناسب سياسيا أو اقتصاديا أواجتامعيا أوكلها معا. ورابعا عامل ارتباط الشخص بقضية يكرس نفسه لها ضمن امتالكه، وخامسا وجود فكرة أو أهدافا أو رؤية ووسائل فعالة وإبداعية تلهم الجامهري وتحفزهم وتجعلهم ينخرطون يف العمل تحت لواء هذا القائد امللهم أو الزعيم. وألنه كذلك فإن الزعيم أو القائد امللهم قد ال يتكرر يف نفس املجال (مجال سيايس ،اقتصادي ،اجتامعي ،ديني ،فني ...الخ) إال كل عرشات السنني. أن العوامل الخمسة املذكورة أعاله والتي تسهم يف صناعة القائد املحفّز أو امل ُلهم لآلخرين وهو يف ذات الوقت قد يصبح الزعيم أو الرمز ،هذه العوامل من الصعب أن تتوفر كل سنة أو عقد ورمبا قرن. 163
فام بالَكُم ونحن نصطدم يوميا مبجموعة من الشخصيات يف العامل الثالث هم قادة بأحزابهم أودولهم أومنظامتهم املختلفة ويظنون كل الظن إىل حد اليقني أن الدولة أو الحزب أو التنظيم بدونهم سيتقهقر وينهار! هؤالء املتوهمون يعتقدون أن جهودهم جبارة وبدونهم فإن الحزب كالخيمة منزوعة العمدان! بل ولديهم يقني أنهم أصحاب رؤيا أو فكرة تتعاىل عن الجامهري وترتبط فقط باملجال الذي يصنعونه ألنفسهم فكريا أو دينيا أو سياسيا أواجتامعيا! وعليه فإن الحزب أو األمة أو العامل يعتمد عليهم وعىل أفكارهم امل ُلهمة أو جهودهم الجبارة؟! فهم يقودون وما عىل األمة إال الطاعة والخضوع واالستمتاع بنتائج قراراتهم! هذا الصنف من القادة (العظام!) كام يعتقدون رمبا تجده يف سوق الخضار أو عند سواقي سيارات االجرة (التاكيس) ورمبا عند عامل البناء كام تجده يف املستوى السيايس ،وهو بيقينه بأفضليته وعبقريته وقدرته عىل إلهام اآلخرين مييش كالطاووس فال تسعه األرض لذا يتلقّب بألقاب الفخامة والسيادة والغبطة واملشيخة! وكيف ال وهو القائد (امللهم) و(العبقري) الذي مل ينجب الزمان له مثيال رغم امتالء املكان الذي يعمل فيه أو يتحرك من خالله بالعرشات الذين يقنعون أنفسهم أنهم مثله أو أفضل منه. إن القائد الذي يعترب نفسه العبقري أو القائد امللهم ،هو أحد أبرز أسباب تخلف األمة أمتنا العربية واإلسالمية وهو أحد أهم عنارص تردي مقومات الدول من صناعة واقتصاد وتجارة وعلم بل وفن ،ألنه باعتباره الشخصية الشاملة الكاملة التي تفهم يف كل العلوم عامة أو ضمن مجاله ،يعني منطقه هذا عدم الحاجة للعلامء أو األدباء أو املختصني. نظرة فاحصة عىل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وعىل التنظيامت السياسية الفلسطينية تجعلنا منتلئ رعبا وغامّ إذ نجد (قادة عظام!) من 164
مختلف األعامر ورمبا من ما قبل سن البلوغ ،أما سقف السن فمفتوح. وبغض النظر عن األمراض النفسية ألمثال هؤالء فهم يف الكثري منهم معدومي العافية الجسدية وال يَعتربون. القائد امللهم أو الرمز قد يظهر يف أي املجاالت رمبا يف كل قرن مرة ورمبا ال يجود علينا الزمان مبثله إال كل قرنني ويظل يف التاريخ عنوانا يف األدب أو العلم أو السياسة أو الحكمة أو الرياضة أو الفن أوالدين ماال ينفع معه أفعال أولئك الذين تحركهم ظنون العظمة واالستعالء والتكرب واإللهام ألنهم زائلون بال أثر ،تالحقهم تعرث الغراب يف مشيته وضحكات أقرانهم ،وسخرية الجامهري امل ّرة منهم. قيادة الفوضى!
هناك نوع من املسؤولني ،وهم إما قادة أو مدراء يتولون إدارة مهام العمل يف مؤسسات ،خاصة يف التنظيم السيايس عرب رسم التوجهات وإطالق الرؤية وتحديد السياسات ،ثم يقومون بعد ذلك بتسليم مفاتيح العمل لكل مبادر وقادر عىل العمل ،يدعمونه ويصدون عنه كل محاوالت التخريب أو القفز أوالتهميش أو التحقري. عندما يضع املدير أو القائد األهداف أو رؤية أو سياسة للعمل ،ويختارأو ينتخب الطاقم يصبح دوره الرئيس بعد هاتني املرحلتني هو إمساك الخيوط ملنعها من التشابك ،فال تضارب وال تقاطع ،ويصبح دوره رسم مجاالت التعاون بني األطر واألفراد عرب توفري مناخ من الرعاية ومن خالل عملية الرقابة والتقييم واملتابعة. إن املتابعة فن ال يتقنه إال القلة من القادة امللهمني (بكرس الهاء) أواملدراء املبدعني ألن املتابعة عني عىل الخطة وعني عىل التنفيذ ،واملتابعة فن متهيد السبل وتعبيد الطرق أمام القافلة ال إعاقتها أو نهبها ،واملتابعة للقائد فن 165
إدارة املوارد واألفراد لتحقيق الرؤية عرب االنجاز وتحقيق النتائج. إن القيادة بالرؤية قيادة شفافة ذات صدر مفتوح وأيادي مرحبة ،قيادة الثقة بالذات واآلخرين ،قيادة الطاقة التي تنطلق من الشخص كأنه كوكب دري ييضء يف اآلخرين أداء متعاظام ،وينابيع متدفقة حيث التحفيز يعد عامال حاسام يف صاحب الرؤية الذي يعمل تحت ضوء الشمس ال يف الظلمة. يف التنظيم السيايس أفراد وصلوا ملواقع القيادة (أي املستويات التنظيمية العليا) يف غفلة من الزمن ليقودوا يف الفوىض ،أو كام كان يردد أحد أعضاء اللجنة املركزية لحركة فتح ويسميهم القادة بالصدفة ،وهؤالء وصلوا ملواقعهم نتيجة الرصاعات السياسية-التنظيمية-املصلحية ،أو أوهام العمل الرسي أولقدرات انتهازية بلطجية طاغية أو لتقاطعات مراكز القوى أو العتبارات القبيلة او الجغرافيا. ومن هؤالء من يفتقر للبناء الذايت ،فال هو ذو خلفية ثقافية عملية ِ مكتف مبا تساعده عىل ملء موقعه ،وال هو يريد أن يتعلم أو يتطور فهو استقر يف رأسه من سنوات طوال فال كتاب وال دراسة وال جريدة تستحق القراءة! أو كام قال يل أحدهم متفاخرا؟! وهو ميط يديه وراء رأسه الكبرية ،وهو جالس خلف مكتبه الوثري :والله انني مل أقرأ كتابا من أربع سنوات؟! إن مثل هؤالء القادة يف خضم الفوىض تراهم أجسادا بال روح وشخصيات قد تظن أنت أنها للوهلة األوىل مليانة كام يقولون ،ولكنه عندما يتكلم أو حتى يتنفس تكتشف أنه الطبل األجوف. إن املوكوسني من قادة الفوىض يحبون الرجال والنساء الضعفاء ،ويقدرون العنارص باهتة املالمح ،واألف��راد ذوي الحاجات املصلحية الذاتية ألنهم يستطيعون السيطرة عليهم بالتخويف أو املال أو إدعاء الوصول للمقامات العليا ،أو عرب إظهار الرفق أو التدين أو الشعبية ،فرتى األعضاء حوله مبنزلة 166
األتباع أو املريدين من شيخ الطريقة فيستسلمون كليا ،فام دامت حاجاتهم مشبعة فال بأس من قرع الدفوف يف عرس تنصيب القائد الفوضوي قائدا ملهام. إن القائد الفوضوي قائد بال مبادئ وبال قيم :يحلف وال يلتزم ويفتي ويغري فتواه ويحلل بال دراية ،هو نصف مستمع ،يرسم ويخطط بال معلومات، ويرسق جهود اآلخرين دون أدىن حرج او خجل ،ويكتل ويستزمل ومن يخرج من محيط دائرته يلقى العنت والشدائد. إن قائد الفوىض نقيض قائد الرؤية ،حيث ال رؤية عنده وال تخطيط ،وال تنظيم وال قوانني ،وإمنا دفقات من األفكار العشوائية املرتبطة مبصلحة آنية تصيب أحيانا ،وتنكرس يف أحايني كثرية ،تنجح آنيا وتدمر التنظيم اسرتاتيجيا ولكنه يف نظره العليل وعقله الكليل عمل جليل ليس له مثيل. عندما يفتقد املدير أو القائد الرؤية والقيم والقوانني أو املبادئ أو مفاتيح العمل فإن عمله ،وإن كرث جهد بال نتيجة وعمل بال مضمون وتعب مع رغبة يف ازدياد مبهمة األسباب. صادفت قائدا فوضويا من أكرث من عرشين عاما وكانت كنيته (أبو محمد) ،وهو أيضا قائد بالصدفة حيث استشهد زمالؤه يف إطاره فلم يبق ليستلم املوقع إال هو ،فكان أبو محمد -رحمه الله اآلن -يثري الغبار حول اآلخرين فيسد الرؤية عنهم ويسخف منجزاتهم وإن كانوا تحت إمرته من جهة ،ويدبج املعلقات مبا يقوم به وإن كان من أتفه األمور ،فعىل سبيل املثال ظهر تلك األيام جهاز املثالة (الفاكس) وهو كغريه أداة عمل إال أن قائد الفوىض اعترب الفاكس اخرتاعا رسيا فال ورقة أو رسالة تخرج أو تجيء إال تحت نظره وبيده هو فقط ،فيصبح انتاج الفاكس انجازا من انجازاته، وما أسهل أن متحو اسم شخص لتكتب اسمك عوضا عنه حتى لقب املذكور باسم (فاكس مان) ،وهذه األيام ظننت أن مثل هذا النوع انقرض فإذ ببيوض الديناصور تفقس ،وعودة لصاحبنا أبو محمد الفاكسامن نوضح أنه مبجرد أن 167
جفت املوارد املالية أطفئت عليه الكهرباء وأصبح املريدون ميرون عليه دون أن يحييوه حتى قىض كمدا. إن قائد الفوىض ينرش الفوىض ليسود ،وقائد الفوىض يستغل الفوىض ليستمر ،وقائد الفوىض-مع تحفظي أصال عىل تسميته بقائد -يدعم الفوىض ليقود. يقول ملك اإلدارة الحديثة الفيلسوف (بيرت دراكر) إن القيادة نتائج وليست خصائصا ،فامذا يفيد األمة قائد قنوع ذو أخالق حميدة ال يحقق نتائجا أوانجازات؟ّ فام بالك بقائد ال ميتلك ال الخصائص وال القدرة عىل االنجاز!! يف الثورة الفلسطينية-ولحقتها يف ذلك برسعة الريح حركة حامس -نرى بوضوح من أشكال الصنف الثاين الكثري ورمبا أمناط أخرى سلبية ،وهذا الصنف الفوضوي أو قائد الصدفة رغم أنه قد يستثمر بعضا مام يحفظ من ظاهر اآليات أو يتغنى بغابر األمجاد أويتظاهر بالعمل أو الجامهريية أوالبساطة ،فإنه بتعبه هذا خارس وبال قيمة ،ويظل أصحاب هذا النوع من اإلدارة يشكلون ثغرة يف املركب ،أو تفاحة فاسدة يف الصندوق رسعان ما تصيب البقية بالعطن إن مل تنتزعه من حضنها. إن قائد الرؤية يف حركة فتح ويف أطر الثورة الفلسطينية باعتقادي موجود يف مختلف املستويات حتى مستوى الخلية ،فحني ترى الفكر الوثاب ورعاية املبادرات وتطبيق القوانني وتحقيق للتعاون والتآلف بني األعضاء وحني ترى املركب يسري بثقة ،وحني ترى متابعة بعينني مفتوحتني من رجل يشع طاقة تغمر اآلخرين ما يلههم للعمل فإنه بواردنا أن نتغري ونتقدم ونحقق أحالم األمة.
168
المهمشون
مل أكن أظن أنني سأصادف يف حيايت ،وبشكل متكرر مثل هذه النوعية من البرش وهي نوعية من يطلق عليهم باملهمشني سياس ّيا ،ولكن هذا ماحصل واضطررنا للتعامل معهم بصعوبة بالغة. إنك من املمكن أن تصنف املوظفني أو العاملني أو األعضاء يف التنظيم إىل 3فئات أساسية كالتايل: الفئة األوىل :العاملني أصحاب الرؤية وامللتزمني باالنجاز وتشكل ما نسبته تقريبا .10% الفئة الثانية :الراغبني بالعمل املحتاجني للتحفيز ،أو املتكاسلني الذين يؤثر فيهم مناخ العمل وتشكل ما نسبته .80% الفئة الثالثة :وتتكون من صنفني هام الالمبالني او املهمشني ،واىل جانبهم البلطجية. والفئة الثالثة هي من صادفتها بشكل متكرر وتعاملت بالطبع مع الفئتني األخريني ولكن هذه الفئة هي الفئة الخطرة ألنها بصنفها البلطجي تأرس التنظيم وترسقه وتصول وتجول مستخدمة كل أساليب اإلرهاب الفكري واإلداري واملايل. وبصنفها املهمش نتيجة تهميشها بإرادة منها أو بسبب اآلخرين فهي تعيش خارج سياق األحداث يف العمل أو التنظيم وقد تخطئ الحكم عليها بأنها ال مبالية مبعنى عدم رغبتها بأن تتخذ لنفسها دورا يف العملية اإلدارية أو التنظيمية. إن خطورة هذه الفئة تظهر بوضوح عندما تتاح لها الفرصة حيث أنها تتحول إىل وحش يريد أن يسرتد سنوات عمره الفانية التي عاش فيها منبوذا أو مهمشا أو يتحول إىل كلب مطواع للسيد البلطجي غال ًبا الذي فتح له الباب وجعل منه شيئا مذكورا. 169
لقد كان صديقي ولنسمه فالح رجال ذو تاريخ نضايل ال يُنكر ولكنه شخص متطلب ال يعمل بقدر ما يطلب لذلك أدمن تقديم أوراق املساعدات املالية للرئيس عرفات رحمه الله ،وأما يف عمله الوظيفي فقد كان محدود القدرات ال يعمل إال باتجاه واحد ،ويريد من اآلخرين أن يحملوه عىل ظهورهم. ظل صديقنا فالح يف الظل عرش أعوام إىل أن جاء الوقت وقدمه أصدقاؤه بعد أن خلت الساحة فتحول إىل وحش كارس يلطم ذات اليمني وذات الشامل. أما الكلب املطواع للسيد البلطجي فكان رجال تعاملت معه عن بعد. كان قد فقد موقعه لسبب أو آلخر فلام أخرجه عدوه اللدود ضمن حسابات محددة يف التنظيم من قعر برئ النسيان تحول إىل ادأة لينة يف يده ،ترضب ذات اليمن وذات الشامل دون التفات للصواب من الخطأ وإمنا يف آلية عرفان بالجميل ال تعرتف بالقوانني واللوائح بقدر ما تعيل من قدر الشخص الذي أعطاها عمال ومكانًا بني اآلخرين وبضع دريهامت بعد سنوات من العزلة والنبذ. القائد الحاسم
عرفت ثالثة مناذج من القادة يف الثورة الفلسطينية فيام يتعلق مبوضوع ُ حريصا حاز ًما حاسماً ،ال يرتك القضايا الحسم والبت يف األمر ،فاألول كان ً تطول وال يدع مجاالً للفوىض أو للقيل والقال ،وال يرتك مساحة اجتهاد غري منضبطة للوائح والنظم والقيم ،إذ كان يسارع لطلب األطراف ذات العالقة باألمر أو املشكلة ويستمع ويربط الوقائع ويصدر الحكم فتنتهي املشكلة، وال تطول أو تتحول ألزمة ،وال ترتك مساحة الستمرار التباغض أو التأثري السلبي عىل العمل. أما الثاين فكان قائدا متأن ّيا يطرح النموذج األبوي ،يرتك املسائل لفرتة طويلة وال يتخذ موقفا من األطراف بشكل دائم .قد يتخذه لصالح طرف مرة 170
و يتجاوز املوقف للطرف اآلخر مرة أخرى .أي أنه ال يحسم ولكن يتعامل مع املوقف ذاته مبنطق (التمرير)لهذا ثم التمرير لذاك الشخص بغض النظر عن القوانني واللوائح ،وبغض النظر عن القرارات التي يكون هو من قام باتخاذها. وكان الثالث قائدا متهاونا يسعى للتوفيق وان مل يحصل يرتك األطراف تتصارع ويرتقب ظهور النتائج ،ال يدافع عن قراره وال تهمه اللوائح ،وينظر للمخرجات فان كانت يف صالحة من الطرفني رغم تنازعهام سعى للتهدئة دون إيجاد الحل الحاسم أو املرتبط باللوائح أو حتى املرتبط بقراراته ،ولسان حاله يقول ما داموا يتصارعون ويرجعون يل يف كل مرة فليكن. األول يبني مؤسسة ألنه يحرتم اللوائح والقوانني والقيم ،كام يحرتم التخصصات ويدافع عن قراراته. والثاين وسطى يحاول إرضاء الطرفني ومنحهام الفرصة للعمل بغض النظرعن اللوائح ويف سعى ضعيف لبناء عقلية املؤسسة بالتوافق. والثالث متهاون ال يهمه تواصل النزاع والخالف بقدر ما يهمه أال يخرس أحدا ولو عىل حساب القوانني والتخصصات واللوائح ،وبقدر ما يهمه العمل. فهل نختار املؤسسة أم التوافق أم التناحر ،وهل نختار املهتم باللوائح والقيم أم املهتم بإرضاء األشخاص أم نختار املهتم فقط بالعمل والنتائج؟ يف التنظيم السيايس عامة ،تتواجه األساليب الثالثة فال تنظيم وال يحزنون، وال مؤسسة وال خالفه ،وال عناية تصل إىل حد تكريس الحرص ،حتى أصبحت التنظيامت ملتقى لكتل وشلل وجامعات وفرق أشبه بالسوق «السوبرماركت» حيث العالمات التجارية لنفس املنتج متعددة وعليه بإمكانك أن تختار منها ما تشاء اليوم ما تلقيه غدا يف الزبالة وتختار غريه (والعوض بسالمتكم) كام يقول املثل الشعبي. 171
المتابعة كمهمة قيادية
عندما يقوم أي شخص بعمل فإنه ينفذ مجموعة من الخطوات املتتالية التي ال يتم العمل إال بإنجازها. إن خطوات العمل هذه قد تحتاج لخطة وقد ال تحتاج عندما تصبح رتيبة (=روتينية) متكررة ،فالنجار عندما يذهب إىل بناية ليحدد متطلبات األبواب للشقق يبدأ بأخذ القياسات ثم يحدد السعر ويعود ليصنع األبواب وكلها خطوات عمل ترتبط بآلية وخطة عقلية وميزانية ووقت وجهد ذهني لتحقيقها هو يتقنه ،وعليه فإن املتابعة للعامل من رب عمله أنه يقوم بتنفيذ الخطوات وفق الخطة واألسلوب ويف الزمن املقرر. أما يف اإلدارة للمؤسسات فإن املتابعة فيها ترتبط بالقيادة والتوجيه ألن آلية التيقّن ترتبط مبقياس أومعيار األسلوب والخطوات املقررة والزمن وحدود اإلمكانيات واألشخاص وعدم التداخل ...الخ من املعايري املحددة ألي عمل ،وعليه تصبح املتابعة عبارة عن إطاللة دورية من رشفة اإلدارة عىل ساحة املعركة أو العمل. ويف التنظيم السيايس فإن مهمة املتابعة مرتبطة بالهيكل التنظيمي مبعنى أن كل مسؤول أو منسق أو أمني رس إلطار (اإلقليم ،املنطقة( )...الوحدة، األرسة )...حسب تقسيامت أي تنظيم ،هذا املسؤول هو املعنى مبتابعة األعضاء والوحدات ونشاطاتها ضمن صالحياته مبعنى تيقنه من تنفيذهم لخطوات العمل وفق املعايري ،أو تيقنه من استخدامهم لقدراتهم بحدودها القصوى لتحقيق اإلنجاز ،أواستيثاقه من قدرتهم عىل التطور والعمل. يقوم الحداد أو بائع البطيخ أو مسوق زجاجات املاء أو موظف الكهرباء بإعطاء تقرير شفوي لرب عمله يف إطار املتابعة ،وما هو رضوري يف التنظيم السيايس أن يقدم كل مسؤول وحدة أو مهمة أو لجنة ملسؤوله تقريرا دوريا شفويا ومكتوبا ،يعلم فيه مسؤوله بتنفيذه لخطوات العمل باألسلوب املتفق عليه وبالشكل املقرر وباألشخاص املكلفني ويف الزمان واملكان املقررين 172
وضمن امليزانية املتاحة ،أو بغري ذلك أو إضافة لذلك من معايري. وعليه تصبح املتابعة بحسب علم اإلدارة مهمة إرشافية فاملدير أوالقائد الذي ميارس املتابعة ال يقوم هو شخصيا بتنفيذ العمل وأن حصل أن قام هو بالتنفيذ بدال عن اآلخرين فاما يعد ذلك نقص يف وعي القائد أو املدير وعدم فهمه ملهام عمله أو داللة عىل فشله يف إدارة الوحدات أو األشخاص. كثريا ً ما يحصل الخلط يف التنظيامت بني املهامت التنفيذية واملهامت اإلرشافية حيث أن الثانية هي مجال املتابعة واألوىل مجال تركز الفعل والعالقة بينهام ترتبط بوسائل املتابعة األساسية من :محرض اجتامع ،تقرير خطط ،تقارير أداء وكلها دورية وترفع من املستوى التنفيذي إىل املستوى اإلرشايف أومن املستويات التنظيمية الدنيا إىل العليا. وللعلم فإنه يف التنظيامت السياسية قد يكون هناك تداخل يف املهمتني مبعنى أن تنفيذ أمني رس املنطقة ملهامه عرب تنفيذها (وهذه مهمة تنفيذية) ال يعفيه من متابعة عمل أعضاء لجنة املنطقة (وهذه مهمة إرشافية). إن املهامت التخصصية يف التنظيامت أو االستشارية يف اإلدارة ليست مهامت يجوز لها أن تتابع النشاطات أو األعضاء ألن يف ذلك خلطا ،بل وتدخال يف عمل األطر (الهياكل)صاحبة الصالحية ،وما مهمة التخصص إال تقديم (خدمة) أو (فعل) يف اتجاه محدد (تنمية عقلية ،تطوير أداء ،تدريب، رشح ،تحليل استنتاج ،تقديم تقرير ،استبيان أو استطالع رأي ،فرز األعضاء، إجراء انتخابات ،تقديم كشوف ،تقديم أفكار أو آراء ،تلخيص محارض.)... وليس لها أن تتابع ذلك يف األطر ما يعني نقص يف الوعي اإلداري التنظيمي أو اغتصاب ملهام اآلخرين ،أو رغبة يف تشكيل محور أو تيار داخل التنظيم أو الحزب. إن املهامت االستشارية أو التخصصية مرتبطة باملسؤول األول فقط ،أو بحدود الصالحيات املنصوص عليها دون االرتباط مطلقا بتشكيل آلية متابعة 173
لألداء أو لألعضاء أنفسهم يف الهيكل ،وإال ألصبحت خطوط السلطة من أعىل إىل أسفل كثرية ومتداخلة أوال وتضعف من خط السلطة الرضوري والوحيد واملتمثل باملتابعة واإلدارة والقيادة وفق التسلسل من أعىل إىل أسفل. الحرائق واألوراق الخضراء في المؤسسة
يحب أن يكون مهاباً مسيط ًرا فاستخدم يف ذلك األسلوب عرفت مدي ًرا كان ّ التقليدي املعروف أي الثواب والعقاب أو ما يسمى حديثا بسياسة الجزرة والعصا .فكان يغدق عىل املق ّربني الذين يل ّبون أغراضه حتى لو مل تتوافق مع سياسة املؤسسة ويبعد املخال ِفني وأن كانوا من املتخصصني أواملهنيني املشهود لهم. ولتمتني موقعه يف املؤسسة أغلق باب املعلومات فكان يقننها فال تخرج إال (مفلرتة)وبالقدر الذي ال يرضه كام يعتقد ،كام وبث العيون يف أجزاء املؤسسة يتحسب الخطوات ،ويحسب الحركات فالنظرة والكلمة عنده لها معنى من أي شخص أتت قريب مقرب أو بعيد مبعد ،وعليه كان ال بد للعصا والجزرة أن تظهر يف كل موقف وكل سكنة وه ّنة بحيث أن جو املؤسسة أصبح مليئا بالحرائق والدخان فالدسائس يف كل مكان و(املؤامرات) ال تكاد تنتهي ،ال سيام وأن مجموعة امتهنت ذلك لغرض أن تتكسب فام دام رب البيت بالطبل ضارب فشيمة أهل البيت الرقص. يتحسبون للكلمة خرج الناس من قمصانهم النظيفة وبدوا قذرين ّ ويزاودون عىل بعضهم البعض يف التقرب من املدير ،وكانت الحظوة تقاس بكمية املعلومات املقدمة للمدير عن فالن وعالن. إضافة للمرونة النفسية الشديدة للشخص الوايش إىل حد تقبل اإلهانات والتذلل الذي فيه تنحني قامة الرجال ليقبّلون األيادي واألقدام بعملية مربرها أنهم يتسابقون لنيل الرضا والقرب .وبالطبع المتالك تلك املظاريف الورقية الصغرية الصفراء التي متتلئ باألوراق الخرضاء. 174
ولكل مثنه حسب تقدير املدير فمنهم من ال يسوى ورقة خرضاء واحدة ومنهم من ال تكفيه األوراق العرشة ذات املائة دوالر للواحدة منها. كان املدير يتعامل مع املؤسسة وكأنها ملكه الخاص ،ويتعامل مع منطقة صالحياته كنفوذ ال يحتمل التحدي بأي شكل من األشكال .ملاذا؟ ألن مجلس اإلدارة الذي هو عضو مؤسس فيه كام كان يردد يتعامل مع بعضه البعض وفق نفس املنطق حيث أن القوي فيهم هو من يسيطر عىل منطقته سيطرة كاملة ويحكم قيادتها دون معارضة مطلقا. استخدم سياسة الثواب والعقاب وفق أهوائه ويف نطاق سيطرته وألغراضه ولزيادة قوته ونفوذه أما هو ف ُمعفي إعفاءا كامالً من املحاسبة حتى لو تم تدمري املعبد عىل من فيه ،وهذه ليست نكتة أو قصة سخيفة أب ًدا ،بل حقيقة هي أقرب لواقعك أكرث مام تظن.
175
كيف نعمل بثقة بالنفس فنُحدث التغيير يف بلدة سبسطية قرب نابلس وملجموعة من الشباب قمنا بإعطاء ورشة عمل حول تنمية الثقة بالنفس حيث تم استعراض 6آليات ميكن استخدامها لتعزيز الثقة بالنفس ،ومبا أنني لست عاملا نفسيا فلم أكن ألدري هل تطبيق النظري يؤدي فعلياً للتعزيز أم ال. بعد ذلك أرسل يل طالب يف السنة الرابعة يف إحدى الجامعات رسالة يتحدث فيها عن ضعف ثقته بنفسه وعن خجله وعن عدم قدرته عىل املواجهة وأشار إىل انه قرأ املادة يف موقعي حول الثقة بالنفس ومل تفده، كام مل تفده أنه سكن مع طلبة أقوياء كام قال ،وطلب مني معالجة األمر إن أمكن. ان كان يل أن أقدم سبيال من التجربة مع الذات و اآلخرين ال من املسطور النظري فيمكنني القول ان االعرتاف باملشكلة هو نصف الطريق للحل ألنه ال عالج ملريض ينكر مرضه وال دواء يحقق شفاء ما دام املريض مقتنعاً بعدم الشفاء لذا فان خطوة االعرتاف تعد غنيمة وهذا أوالً. ثانيا يجب توفر الرغبة يف التعزيز أو التطوير ،والرغبة محرك اإلرادة للقيام بالفعل .لقد كنت أشعر بخوف كبري من مجرد الجلوس يف اجتامع أو الصعود إىل املرسح لتسلم هدية تفوقي يف املدرسة فكيف بالحديث أمام اآلخرين. فامذا تغري؟ انه االعرتاف والرغبة واإلرادة ثم العمل وهذه الخطوات األربعة تعني ثالثا مامرسة االختالط والتواصل والحديث بني الناس ويف الندوات واالجتامعات بقناعة التغيري يف ذايت. أما رابعا فان اإلعداد املسبق ملا سيقال وان كان بضعة كلامت يعد منقبة. وخامسا فان تخيل املواقف املختلفة ومعايشتها ذهنيا ثم تطبيقها يف 176
الواقع يعد خطوة ال غنى عنها وقد تفشل مرة فتتعرق فال تحملك رجالك وتخور قواك وال تتكلم وقد تتلعثم يف الثانية ويضحكون منك ولكنك يف الثالثة ستفوز أوتحقق قهرك ألسوأ مخاوفك. أما سادسا فال غنى عن الصالة والدعاء كام ال غنى عن مخاطبة النفس باألفكار االيجابية :أنك ستفعلها وأنك ستفوز وأنك ستحقق املراد فأنا قوي وأنا قادر وأنا استطيع وأنا الفائز. يف املرات األوىل التي واجهت فيها الجامهري رددت عبارة أيها األخوات أيتها األخوات عدة مرات ومل تكن هناك أخت واحدة بني الحضور ،ويف املرة يل ويف الثالثة عندما ألقيت محارضة أحسست الثانية شعرت بخوار يف رج ّ عيني ،ولكن إرصاري عىل خوض غامر الفعل أن العرق شكّل غشاوة عىل ّ واختبار كافة املواقف الذهنية ثم الفعلية قد حقق الثقة بالنفس وباعتقادي القدرة عىل املواجهة والتغيري. استثمار العقل
كانت املرة األوىل التي كتبت فيها بحثا خارج نطاق تخصيص -وتخصيص األول كان الهندسة املدنية -قبل 30عاما أو أكرث ،وكان البحث عن االتصاالت يف التنظيم. تخرجت مهندسا وعملت لفرتة محدودة يف املجال ،وقام األخ أبو عيل مسؤويل التنظيمي يف حركة فتح حينها باإلعداد لدورة حول الثقافة الحركية، كانت مهمتي فيها إعداد مادة االتصاالت وتجهيزها ثم إلقائها يف الكادر الحريك بالدورة. سهل؟ هل تظن أن مسؤولية إعداد مادة أو بحث أو دراسة عمل هينّ أو ٌ إن كنت كذلك أدعوك إلعداد ورقة من 4صفحات حول موضوع تنظيمي أو سيايس أو تثقيفي ليس بطريقة القص واللزق املنترشة هذه األيام ،وإمنا 177
بطريقة التمحيص والتقليب واإلعداد الذي يشغّل العقل ،وبعد ذلك مطلوب منك أن تحارض باملادة أمام جمهور! فان كنت تظن أن العمل الفكري عمل سهل عىل اعتبار انه مجرد خربشة قلم أو صوت عىل الورق فأنت واهم ،ألن العمل الفكري معركة تدور يف الدماغ لتنتقل إىل اللسان أو القلم هي حقيقة معركة يا غالب يا مغلوب. يقول العلامء أن اإلنسان يفكر بخمسني إىل 60ألف فكرة يوميا ،تصوروا حجم االستهالك لخاليا الدماغ ،وحجم التفعيل فيها ،وهذه األفكار ليست بالرضورة هامة أو مفيدة أو مثمرة ،وإال لكنا كأمة وأفراد يف حال غري هذا الحال أوال. وثانيا فإن اإلنسان بطبعه يستسهل األمور ويتعجلها (خلق اإلنسان عجوال)لذلك فإنه يستهلك دماغه فيام ال يرض وال ينفع وقد يرض وال ينفع. ما نريد قوله أن استثامر األفكار يف العقل يعني توجيها باتجاهات ثالثة، األول :أن تكون أفكارا إيجابية ،والثاين أن تشتمل عىل أشعة (ألفا)التأملية، والثالث أن نتحرى األفكار املفيدة. القدرات العقلية تتفاوت فمن يبذل جهدا يطور ذاته بذاته ،ومن يستسهل أن تلعب األفكار برأسه ذات اليمن وذات الشامل وكأنه حائط مللعب (اسكواتش)يتلقى رضبات الكرة مستسلامً فله ذلك. أما من يريد أن يرى تغيريا يف مسار عقله فليس له إال نصيحة العامل واملخرتع أديسون التي تنص عىل أن يبذل الجهد ألن اإلبداع والتطور كام قال يحتاج إىل 99%جهد وعمل دؤوب. عودة لبحثنا يف االتصاالت من 30عاما مضت ،أقول لقد كنت مجمدا ً لفكري البحثي عند حدود ما أخذته بالجامعة ويف كلية الهندسة تحديدا ،بل كنت أرى البحث والدراسة عبء يجب التخلص منه ،ولكن ذلك كله تغري 178
منذ ذاك اليوم الذي كلفني فيه األخ أبوعيل املطري باستثامر عقيل والبحث واملحارضة ،ليالزمني هذا املنهج مقرونا بالتوتر والقلق كحوافز للتعديل والتحسني والتطوير ونشدان األفضل أن يف كتابة الدراسات والبحوث وان يف أي أعامل أخرى. ُحسن اإلعداد هو الحل
ماذا يحدث عندما تعقد اجتامعا بال جدول أعامل ،أو عندما تعد لرحلة دون أن تقوم بتنظيم نشاطاتها وتكليفاتها ،أو أن تقيم حفلة مبجرد االتصال لدعوة املحتفى بهم دون برنامج زمني وإداري للحفلة؟ بالطبع يف جميع هذه الحاالت ومبجرد عقد االجتامع أو الرحلة أو الحفلة ستقف مشدوها من كم املشاكل التي ستجابهك أو من القضايا الكثرية الصغرية التي مل تنتبه لها. إن اإلعداد املسبق أو التمرين عىل املوضوع باعتباره عنرصا رئيسا يف فن إتقان العمل ليس كالما يف الهواء بل حقيقة ،وإليكم ماذا يحصل عند افتقاد اإلعداد املسبق أو املران أو التنظيم. قمت وعدد من األخوة بتنظيم رحلة لألخوة واألخوات يف الجامعة إىل منطقة جميلة فدعونا الجميع وجهزنا الحافالت ،وملا مل يكن لدينا كشف مبن سيحرض فقد كان عدد الحافالت أقل من العدد الحارض فكانت أول املشاكل وأصعبها ما طغى عىل الرحلة وهدد سمعة مجلس الطلبة بالفشل. ومع انسحاب عدد من الطالب والطالبات ،انطلقنا بالحافلة إىل املنطقة املحددة ومل نحدد طبيعة الربنامج فكانت كل مجموعة تتحلق معا أو تتشاجر أو تلعب بشكل عشوايئ وكنا نرغب كمنظمني بعقد ندوة سياسية قبل الغداء فلم نستطع لسوء التنظيم وافتقاد الربنامج وضياع التكليفات أن نجمع إال عددا قليال من األخوة واألخوات. 179
ارتبكت وأنا أتحدث فيهم عن الوضع السيايس وتوقفت كثريا بوقفات غري محسوبة ما جعل كالمي ممال جدا ،كام علمت الحقا ،وعندما تداركت األمر بإشارة من أحد األخوة شكرتهم ودعوتهم للغداء. أن حسن األداء ال يتحقق بالفوىض والعشوائية ،وإمنا بالتنظيم والتخطيط واإلعداد املسبق ،بالتمرين املتكرر بل وبتصور املشاكل ذهنيا وتصور حلولها قبل وقوعها وإال فإن العواقب ستكون غري سليمة. المعاناة واتخاذ القرار
ماذا يدور يف عقلك عندما تفكر باتخاذ قرار صعب؟ وكيف تستطيع أن تقرر يف ظل محدودية البدائل؟ وكيف تعالج اآلثار الجانبية للقرار املتخذ؟ وكيف تحسم يف النهاية رغم الصعوبة ورمبا األمل أن هذا القرار هو البديل األمثل لهذا املوقف ويف هذا التوقيت؟ قد يسعفك الوقت للتفكري يف اتخاذ القرار ،وتظل تعاين طويال وقد تجد نفسك فجأة أمام حالة ال تستطيع منها الفرار ،فقرر! سواء أكان القرار املطلوب مستعجالً أو يف فسحة من الزمن فإنه يضغط عليك ويرصخ يف وعيك. إن املؤثرات الضاغطة يف اتخاذ القرار كثرية ولكن دعني أجمل بضعة عوامل اعتقد أهميتها أولها :الوقت ،فالوقت يف القرار ذو أهمية قصوى، إذ أن أهمية القرار أو نتائجه تعتمد عىل الوقت فإن فاتك القطار لن ينفع الندم. اما العامل الثاين فهو :توفر إرادة اتخاذ القرار ،فقد يعلم الشخص أن بدائله متاحة ولكنه منهك أومتعب أو ضعيف فال يتخذ القرار لضعف الهمة أو فقدان اإلرادة ،وقد ميتلك الشخص جسدا ً قويا ولكنه يخور يف املواجهة، وثالثا :فإن توفر اإلرادة عامل مهم ولكنها كلام كانت إرادة حرة كلام 180
كانت ضاغطة باتجاه تحقيق أهداف الشخص ذاته ،ما يختلف كثريا لو كانت إرادة الشخص مقيّدة أومسيرّ ة من آخرين. أما رابعا :فإن تقبل النتائج يع ّد عامال ضاغطا ،وكذلك الرغبة يف رؤية النتائج أو حتى تقبل النتائج السلبية أيضا يعد عامال مؤثرا وضاغطا التخاذ القرار. وخامسا :توفر الظرف املناسب من دعم فني مثال أو دعم نفيس أو دعم اجتامعي من شخص أو أشخاص مقربني أو جامعة مقربة. أن الثالثية النفسية التي تحكم اتخاذ القرار تبدأ باملعاناة املشتتة ثم املركزة وتتصاعد إىل القمة ليصل اإلنسان أحيانا لحد التمزق ،وعندها تنشق السحب عن ضوء أبيض فتظهر نقطة االنزالق والتي عندها يجب أن يتم اتخاذ القرار ،فإن اتخذ فإن الراحة النفسية هي املكافأة لهذه العملية النفسية الشاقة. مررت كثريا يف نزاع أو رصاع نفيس كبري ليك اتخذ قرارا ،مثل قرار الرتشيح للجنة اإلقليم يف حركة فتح بأحد الدول ،ثم قرار االستمرار أو االنسحاب ىل عضو اللجنة املركزية املسيطر عىل يف ظل الضغط الكبري الذي مارسه ع ّ اإلقليم ومازلت يف العرشينات من عمري آنذاك ،ثم كان لقرار الخروج من تلك الدولة معاناة أخرى ولحقه قرار العمل مع الرئيس الراحل يارس عرفات أو العمل يف مكتب التعبئة والتنظيم يف تونس مع األخ أبو ماهر ،ثم قرار البقاء يف تونس أو العودة للوطن ،وعرشات القرارات الصعبة األخرى يف الوطن والتي كلها كلفتني جهدا عصبيا وجهدا نفسيا مؤثرا باإلضافة لقرارات شخصية أخرى تتعلق بالدراسات العليا واألبحاث. مير القرار بالنفس اإلنسانية يف اعتقادي باملراحل التالية: 1 .1اإلحساس بالحاجة التخاذ القرار :فعندما تعارضت مباديئ مع املامرسات التي يقوم بها بعض الزمالء زمالء يف العمل خضت معركة 181
.2
.3
.4
.5 .6 .7
نفسية إلحسايس بالحاجة التخاذ قرار يف هذا الوضع فإما أن استخدم إسرتاتيجية االنسحاب أو املواجهة ويف األوىل راحة والثانية معاناة. 2املعاناة :فمن الواضح أن املعاناة تسبق وترتافق وقد تلحق اتخاذ القرار، خاصة إذا كان الشخص يهتم ،نعم ،يهتم .فاالهتامم بحد ذاته يولد عقلية اإلتقان والتميز واإلبداع والتغيري ،فمن يهتم بأرسته أو مبادئه أو عملة أو متعته أو أصدقائه أو قضية عامة فإنه يتخذ السبل لتحقيقها ويضطر ألن يختار من بينها ويف ذلك معاناة كيف ومتى يقرر. 3البحث عن البدائل :ثم حني توفرها آلية البحث فيها ،ما هو البديل األصلح أو األسهل أو األهم؟ أوالذي يخفف املعاناة أو الذي يجلب السكينة ...الخ ،وعملية البحث العقلية النفسية هذه تعنى ان تتقابل مجموعة العوامل الداعمة لهذا الخيار يف مواجهة مجموعة العوامل الداعمة لذاك الخيار يف الذهن أو عىل الورق وأنت بينها كالقايض يفصل بني حجج النيابة ومحامي الدفاع. 4الشعور بالخوف :حيث أن القرار خاصة املصريي يف حياة اإلنسان ينقله من حالة إىل حالة ومن مرحلة إىل مرحلة أخرى مختلفة كلياً .من مرحلة املعروف واملجرب اىل مرحلة مجهولة غامضة ،ينتقل من منطقة الراحة واألمان التي يعرفها إىل منطقة الفزع والخوف من املجهول القادم. 5زوال العبء :مع قرب اتخاذ القرار ورغم الشعور بالخوف من املستقبل، كتفي صاحب من القادم من النتائج ،فإن حمالً ثقيال يبدأ بالزوال عن ّ القرار فيمتزج شعور الخوف بالراحة بشكل عجيب. 6الحسم واتخاذ القرار :أن مرحلة الحسم باتخاذ القرار تكون قد تجاوزت البدائل واختارت ،ويكون املولود من تزاوج مرحلتي الشعور بالخوف وزوال العبء والراحة مولودا يجب التعامل معه ورعايته. 7السكينة :يف مرحلة السكينة تتوقف التعارضات التي كانت قامئة يف الذهن ،وتنسحب أصابع املعاناة التي أطبقت عىل الدماغ حيث تواجهت العوامل يف معركة طاحنة ،واآلن بعد اتخاذ القرار (البديل املتخذ) تختبئ البدائل األخرى تحت بند غري املقبول أو املرفوض أو 182
املؤجل ويتقدم القرار مزهوا إىل األمام ،يف حال ممتزجة من الخوف والراحة معا ليدخل اإلنسان بعد اتخاذه القرار لهذه املرحلة مرحلة السكينة التي قد تكون مؤقتة أو طويلة استعدادا ً آلثار ونتائج ما حسم.
183
كيف نحافظ على الفوز؟ ليس من املهم أن تفوز حركة فتح يف جامعة بيت لحم أو جامعة بريزيت، وليس املهم أن تحقق انتصارات أخرى هنا وهناك ،ملاذا؟ ألنه قد ال تستطيع الحفاظ عليها مستقبال ،وعليه فإن املهم هو كيف نستطيع الحفاظ عىل الفوز واستثامره و ذلك بتحصني كادر فتح وكادر الشبيبة مبضامني الفكر والقيم الوطنية الفتحوية األصيلة تلك القيم املستمدة من حضارتنا العربية اإلسالمية املنفتحة غري املنغلقة ،وبعقلية املامرسة وتحقيق االنجاز. من املهم لنستمر أن نعرف كيف نحافظ عىل قيم الوالء لخط الشهيد القائد الكبري الختيار يارس عرفات الذي مل يستشهد إال وكان قد حقق القفزة يف الفكر الثوري والوعي الوطني من جهة حيث ربط بني آلية الصالبة واملرونة يف توازن يفهم الواقع وقواه ويحلله ويستفيد منه ،ومن جهة أخرى ربطه بحاجات الناس والجامهري. إن حركة فتح الناس وفتح الغد وفتح الجامهري وفتح فلسطني هي فتح املحبة التي تسبغ عىل الجميع حتى عىل املخطيء من أبناء الشعب محبة األب الحاين الذي يق ّوم االعوجاج وال يكرس ،يصلح الخطأ وال يقتل ،وهي فتح التي تأخذ أبناءها بالشدة الالزمة يف رحابة االستامع للنقد ورحابة حرية الحركة التي ترفض بعض عقليات السطوة أو الهيمنة أو االقطاعيات تلك التي تعشعش يف أقبية التنظيامت الشمولية. من الفوز يجب أن نصنع الغد ،ونكرس الحدث ونتحىل باليقني ،وعدم التوقف عند النتيجة ثم النوم عىل بساط من حرير ،أو االحتفال من خالل التضييق عىل اآلخرين ،أو العودة لتكرار األخطاء بال هيبة من النظام الفتحوي ستسبب عدم القدرة عىل استثامر الفوز. إن استثامر الفوز أهم من الفوز بحد ذاته ،ومبا أن معركة الحركة الوطنية الفلسطينية وسيفها الدميقراطي ممثال بالطلبة يجب أن يظل مجردا ضد 184
الطغاة ممن يتجهزون لسلب أسلحة الدميقراطية يف املجتمع من يد دعاتها، فعليه ال نوم بعد اليوم بل عمل وبناء ومتسك بالقيم والنظم. إن استثامر الفوز يبدأ أوال مبحاسبة الذات ،نعم ...فهذا وقته وليس أيام الفشل فقط ،أين قرصنا ومن قرص فينا ،ألن محاسبة املقرصين يف ظل الفوز رغبة يف الحفاظ عليه ،ومحاسبة املرتاجع يف ظل الفوز رغبة يف تقدم أكرث وعمل أكرب ال يكتفي ببضعة مقاعد وال يكتفي بعمل وحيد أوحد هو الحشد لالنتخابات ،بينام ننام طوال العام عن خدمة الطلبة وعن تطوير أنفسنا وأطرنا :فال بناء وال تأسيس وال اجتامعات وال تقارير وال متابعة وال حساب. إن استثامر الفوز يعني رضورة العمل عىل التغيري ثانيا ،التغيري يف مفاهيمنا وأهدافنا مبا يتوافق أكرث مع غايات وأهداف ومتطلبات الجامهري الطالبية ،ألنه بال خدمة دؤوبة للطلبة وللمرشوع الوطني فإن الخسارة سام وهدف مقدس ال يتوقف إال بالتحرير قادمة ،ونحن أصحاب مرشوع ٍ للوطن ،وال يتوقف عند حدود األشخاص فاألفراد زائلون والفكرة ال تزول. إن استثامر الفوز يعني ثالثا وضع قواعد ولوائح وضوابط لعمل الكوادر يتحركون يف نطاقها ويبدعون وينطلقون ،ويف نفس الوقت ينضبطون ملا أقروه بال تهاون وبال هوادة ،فال مناص من املتابعة واملحاسبة وفق النظم واللوائح. يك ال نعتمد عىل الوضع السيايس وتأثرياته الدولية واإلقليمية وانعكاساتها عىل الساحة فنصبح غري فاعلني بل ورقة يف مهب الريح متى ما كان الوضع الدويل يف صفنا فزنا ومتى ما كان مخالفا لنا خرسنا ،يجب رابعا أن نستثمر الفوز برؤية سياسية واضحة يف الحركة وبرؤية طالبية واضحة تحكم كل الجامعات واملعاهد فنعطي للطالب حرية واسعة يبتعدون فيها عن السياسة الرسمية فينطلقون يف ملعبهم بأنفة وقوة ومتيز ولكن ضمن األسس املتفق عليها. إننا يف معرض متغريات كبرية سياسية وإسرتاتيجية يف املنطقة لذا يتوجب 185
الستثامر الفوز أن نتعلم وال منل التعلم فنستمع لنبض الشارع يف البدء والختام فلسنا مالئكة ولسنا التنظيم الذي ال ينازع ولسنا حزب السلطة ولسنا الوحيدين يف امليدان ولسنا قوة التبارى ،ولسنا صحابة الرسول ممن غفرت لهم ذنوبهم كام يدعي اآلخرون ألنفسهم ،ولسنا املنزهني او أصحاب نزعة الصواب املطلق. ومع وضعنا كل اآلذان عىل قلب الشارع نستمع لدقاته ومخطط قلبه وجب علينا تحقيق الثقة بخياراتنا وأهدافنا التي يجب أن تكرب فال تقف يف جامعة بريزيت مثال عند حد 25مقعد فقط ،ألننا نحن يف فتح صناع الكيانية والهوية الفلسطينية ،أصحاب االستقاللية املتحررة من التبعيات ألي نظام رجعي أو تقدمي ،ونحن تنظيم الجامهري وتنظيم القدرات املتجددة وتنظيم املبادرات وتنظيم الفكر الالمع وتنظيم اإلبداع ،وتنظيم الوسطية يف أمة ال تقبل التطرف وتأنف من التجرب والتسلط الديني أو الدنيوي وهذا خامسا. إن االستثامر للفوز فينا –سادسا -يستدعي تواصل الخطوات الدميقراطية يف كافة مفاصل الحركة يك ال يظل املؤمتر السادس أو السابع أو الثامن شعارا بل يصبح تاريخا ،ونقبل عىل املؤمتر الذي يليه بأنفس جبارة وعيون مفتوحة ورغبات يف االنجاز. إذ نبارك لحركة فتح عرس الدميقراطية الوطني ،فإننا والحال كذلك يجب وهذا سابعا -أن نؤمن ونكرس ذلك فينا وباآلخرين قيم الدميقراطية منانتخابات وتداول سلمي وشفافية وقانون بحيث ال نقبل مكانا للميسء بيننا وال نقبل الدفاع عنه مهام كلف األمر ،فال حصانة مليسء من دين او قانون، ألن الذين قتلوا أكرث من 650بريئا يف غزة تحت دعاوي التكفري والردة أو التخوين سيتبوءون مقعدهم خلف صفوف الجامهري التي ستلفظهم وتتجنبهم. ويك ال نكون يف الصفوف الخلفية غدا وجب علينا أن نصلح الكثري يف ذاتنا ال يضرينا فساد اآلخرين يف فكرهم أو مامرساتهم فاالقتداء ال يتم إال بالحلقة 186
األقوى بالرسول األعظم وقادة األمة والثوار وقادة الرأي والعلم يف الوطن ويف العامل ممن يجب أن نسمع ونفهم ونتعلم منهم بنفسية الطالب املقبل عىل العلم وعقلية الثائر الذي ال يقبل الظلم وإرادة املواطن الذي يفهم حقوقه وواجباته.
187
التعامل مع األجيال؟ تجاوز النقص واإلخالص لفلسطين. سأعالج يف هذه املادة مواضيع أربعة يف أوالها عن التعامل مع االجيال، ثم انتقل للقسم لفلسطني وليس للحزب او التنظيم كآلية تثقيف لألجيال، ثم فكرة الحوار مع حامس ،وملاذا ندافع عن حركة فتح وعقلية التجدد. كيف نتعامل مع األجيال؟
تعاين حركة فتح من تدافع لألجيال فيها خاصة يف الفرتة ما بني األعوام ()2008 -1989والحقا حتى العام 2018رغم املؤمتر السابع وهي الفرتة الزخمة والصعبة متالحقة األحداث الجسام سياسيا وتنظيميا وعسكريا بني مؤمتريها الخامس الذي عقد يف تونس ،والسادس ،ثم السابع. تدافع األجيال أو رصاع األجيال يف املجتمعات ملحوظ وقائم ،ويكاد يكون أمرا طبيعيا وكذلك األمر يف التنظيم السيايس. انه يف فرتة 19عاما بني مؤمتري فتح (الخامس والسادس) مل يتغري يف الحركة صف القيادة األول والثاين فمن الطبيعي أن تصبح الرصاعات محتدمة عىل األفكار واملصالح واملكانة والتقدم للصفوف واملشاريع والنفوذ وخدمة الجامهري والنضال أو خدمة األهداف الذاتية يف توليفة متعددة الجوانب. نفخت عديد الفضائيات والصحف واألصابع األجنبية يف موضوع رصاع األجيال يف فتح ،فوصفت اصطفافا بني الشيوخ سنا عىل حده وبني الشباب سنا ما هو توصيف جد خاطئ. يف حركة فتح عىل األقل هناك خمسة أجيال ،جيل االنطالقة (-1948 )1965وجيل املد الثوري ثانيا (1971-1965م) ،وجيل الرصاع السيايس الداخيل واإلقليمي ( )1987-1971وجيل االنتفاضة ( )1994-1987وجيل السلطة الوطنية ويتلوه جيل املقاومة الشعبية بامتياز منذ العام .2005 188
ولكل جيل ضمن كل مرحلة قيم وأفكار وأهداف ومشاريع ورؤى مختلفة ال يصح معها االعتباط بتقسيم الرصاع أو التدافع وكأنه فقط بني جيلني. فمن هم الشيوخ؟ وما هو السن؟ ومن هم الشباب؟ وما هو السن؟ انه تدافع أجيال متعددة ال حل لها إال بالدميقراطية والشفافية يف فتح وعرب تداول السلطة باالنصياع للوائح واحرتام القوانني والتنظيم. لماذا يكرهون فتح؟
مل أكن أفهم ملاذا يكرهون فتح؟ فيثريون رصاع األجيال أو عدم التجدد او عدم الدميقراطية أويكربون من حجم السلبيات لتفوق حجم جبل أحد، السيام وان الفكرة نبيلة والبناء النظري بغالبه متوافق مع تطلعات الجامهري بحيث أن حركة فتح تحسست آالم الشارع وأحالمه ورسمتها كأهداف ومسالك عمل ،وأنجزت يف الطريق الكثري. يكرهون فتح كام قد يقول قائل :ألن بها فُساد ومفسدين أو ألنها استأثرت بالسلطة دون اآلخرين أوألنها ابتعدت عن الناس وسعى قادتها وكوادرها لتحقيق مصالحهم الشخصية عىل حساب العباد ،أو ألنها مارست طغيانا ما عىل الناس من خالل بعض مامرسات األجهزة األمنية يف مرحلة من املراحل. أو يكرهونها ألن قادتها يقولون ما ال يفعلون ،أو ألنها مل تحقق ما وعدت به الشعب الفلسطيني من دولة واستقالل وحرية ،ورمبا يقولون إنها مكروهة ألن الفتحويني زنادقة أو علامنيني أو دميقراطيني كفرة أو مرتدين من االتهامات الجديدة؟؟ هل هذا صحيح أم أن به شئ من التجني ،أو الكثري منه؟ بإمكاين بعد هذه السنوات الطويلة يف حركة فتح أن أقول :أن الناس ال تكره حركة فتح أبدا ،فقد تختلف مع عصابات فيها أو منحرفني أو البعض ممن انتهت مدة صالحيتهم الذهنية وبإجاملهم فهم قلة ،نعم تختلف مع 189
مثل هؤالء الذين يتواجدون يف كل تنظيم ،ولكن الناس ال تكره فتح. إن من يكره حركة فتح هم هؤالء العصابات أو البلطجية أو املنحرفني أو تجار التنظيامت داخلها أويف الفصائل غريها الذين يتعمدون تأجيج الرصاعات وخرق القوانني ...أي قوانني ،أو الذين يتعاملون مع الحركة كمورد مايل ومعقل نفوذ ومنصة سيطرة عىل عباد الله من األعضاء والكوادر األنقياء. هؤالء بشعورهم الطاغي بالنقص ورغبتهم أن يحرتمهم الناس دون جدوى يتواثبون حول القيادة ويتميزون غيظا وميتلؤن حقدا فيقومون بتدمري التنظيم ليس لفوضويتهم أو جهلهم أو نقص عقولهم أوعشوائيتهم كام يظهر األمر للوهلة األوىل ،وإمنا عن سابق إرصار وترصد ألن تنظيم التنظيم ووضع أسس وقواعد وقوانني له يكشف مثل هذه الشخوص ويع ّريها أمام الكادر واألعضاء –يف كل التنظيامت-بعد أن كانت عارية فقط أمام نفسها، حيث تبصق عىل نفسها يف املرآة حني الخلوة ،وتحاول أن تغطي عىل عجزها وجهلها مبامرسات ال نظامية مقصودة. إن من يكره فتح هم جهالها الذين يسعون للسيادة أو الوصول ملنصب من خاللها ،والذين يعكسون جهلهم هذا عرب اإلعالم والفضائيات ...ورب ضارة نافعة حيث يصبح الناس يف ظل توفر الفضائيات ومواقع التواصل االجتامعي أكرث قدرة عىل متييز الغث من السمني فال تختار إال األفضل ،ألن الجامهري إن أخطأت مرة فال تخطئ مرة ثانية. يف حديثه عن الرصاع حول الرئيس يقول مروان كنفاين يف كتابه سنوات األمل ص 442أن أشخاص الدائرة حول الرئيس – ما يصدق يف العمل التنظيمي أيضا – معرضون دامئا (لدوامة متكررة من محاوالت العزل والدس والوقيعة ...تبدو تلك الصورة كموجات بحر متالحقة تحمل كل منها تحالفات وقتية ومتغرية). ويضيف كنفاين يف الصفحة التالية أن هذه الدائرة كانت (مغرقة يف 190
التنافس والتناحر عامرة باالستعداد النتهاج كافة الطرق واستعامل كافة الوسائل لنهش الذمم والتعريض بالكفاءة والنزاهة الوطنية) ما أظنه يصدق عىل تلك الدوائر حول خليل الوزير أو صالح خلف وغريهم ،أو حاليا حول قيادات التنظيامت الفلسطينية الحالية ،ما أرجو أال يكون كلها. اإلخالص لفلسطين ال لإلخوان المسلمين.
احتفلت حركة (هي حزب) حامس يف غزة 28بتأسيسها بشكل عريض، لتحتفل بحقيقة األمر مبرور 80عاما عىل والدة حزب اإلخوان املسلمني حزبها ذو االمتداد العاملي ال العريب وال الوطني الفلسطيني ما بدا واضحا بقسم اإلخوان املسلمني يف املهرجان الباهت سياسيا. تحتفل حامس يف بهرجة وتزويق كبريين الفتني يف ظل واقع بائس مل تعش غزة مثله يف جميع العهود السابقة ،فقر وبطالة وجوع وأيام سوداء. يف مقابل اكتساب واكتناز أمراء الحرب لألموال والرثوات القادمة عرب اإلنفاق واالحتكارات واملافيات ،ويف مقابل الحفاظ عىل رؤوس قادة حامس، وبعد االنقالب الدموي البشع تهدي الحركة يف يوم (حامس األكرب) هدية للشعب الفلسطيني يف أكرب عملية فساد مايل علني من خالل املهرجان املذكور حيث أنها رصفت ما يقارب 5-3ماليني دوالر -حسب بعض املواقع االلكرتونية – لتحتفل (بالحج األكرب يف مهرجانها) بديال عن الوقوف بعرفه (وكذلك االمر يف السنوات الالحقة حيث البذخ مل يتوقف مقابل معاناة الناس). من ينظر لعدد من قادة أو نواطق هذا التنظيم يرى بوضوح عالمات -28يف العام 2008كان قد مر عىل االخوان املسلمني األعوام الثامنني حيث تأسس الحزب “االخوان املسلمني” عام ،1928وكان االخوان املسلمني الفلسطينيني جزء منهم بذات االسم ،اىل أن تم انشاء فصيل حامس وكام يف ميثاقها عام 1988باعتبارها الفرع الفلسطيني لالخوان املسلمني.
191
الفرقة واالرتباك واالنقسام الشديد سواء يف الترصيحات أو ردود الفعل العصبية أو الحناجر الهادرة أو االبتسامات الصفراء العريضة ،ويرى يف عيون الجميع منهم رصاع الفاسدين والغالة املفسدين أولئك الذين يستغلون الدين استغالال شديدا بحيث أنهم يعرصونه عرصا وال يبقون منه قطرة واحدة فهم املؤمنون املسيطرون بفضل اإلخوان املسلمني وعرشات املحطات الفضائية التي تتبعهم ضد (املنافقني)أو(الكفار)الذين (ال تتكيف) معهم آيات اإلصالح والحوار كام أورد خالد مشعل يف قناة الفجر!؟. أن التنظيم –أي تنظيم وليس فقط حامس-الذي يعجز عن رؤية غريه ال محال أن مآله السقوط ،وال محال أن نهايته ستكون بنفس الطريقة التي جعلته يرتقى عىل رقاب العباد قرسا وعرب فوهة البندقية ،فالجامهري التي اضطر الكثري منها للمشاركة يف (عرس حامس األكرب)– بالرتهيب والرتغيب- البديل للوقوف بعرفة هي الجامهري نفسها التي تحس بعظم الظلم خاصة متى ما جاء من أولئك الذين يظنون أنه بقى شئ فيهم للداعية بعد أن انتحر عىل عتبة كريس السلطان وبعد أن استل السيف ليجز به رقاب الشعب، فإغواء الكريس الزائل لدى الذين (يك ّيفون)اآليات كام يشاؤون ال كام جاءت يف إغواء شيطاين المناص من االستجابة له. أن املسارات الثالثة التي تحدث عنها الحمساويون-تحديدا تيار االنقسام األبدي فيها -وهي مسار املقاومة :الشعار الزائف ،حيث مل يبق مقاومة مبعنى كفاح مسلح وال يحزنون إال ضد حركة فتح ،ومسار الدعوة التي انتحرت عىل محراب شهوات السلطة ،ومسار السلطة (سلطتهم) التي تلوثت بالدم والفاقة والحصار هي مسارات مسدودة .فلم يعد يترشف فرد من أبناء غزة أو العامل اإلسالمي أن ينتمي ألي من هذه املسارات التي دنست وداست جروح الناس وقتلت فرحتهم سواء بالحج أو العيد لتضخ األموال من أجل احتفال زائف استعرايض باذخ ال قيمة له إال بتحطيمه لكل أساس بني خالل 40عاما للوحدة الوطنية. 192
إن بداية االنهيار هي بالشعور بالتفوق وتضخم الذات العليا ،وبداية االنهيار سوء االعتقاد بالنفس قبل سوء االعتقاد باآلخر ،وبداية االنهيار أن يستحكم هوى السلطة وجربوت القوة يف عقل الداعية – الذي كان داعية – مهام أقسم من عىل منصة الخطابة قسم اإلخوان املسلمني ،والذي ما هو يف كل األحوال كان أو سيكون قسم اإلخالص لفلسطني أبدا ،قسم حركة فتح. (أقسم بالله العظيم ،وأعد برشيف ومعتقدايت أن أكون مخلصا لفلسطني، وأن أعمل عىل تحريرها ،باذال كل ما أستطيع ...ألخ ،هذا قسم حر والله عىل ما أقول شهيد) هذا هو قسم فتح املسمى قسم اإلخالص لفلسطني ال لغريها وهو الوالء والوفاء للوطن بعد الله ال لحزب أو تنظيم أو جامعة أو شخص. إن الذي ما زال يظن بنفسه حكومة رشعية بعد أن أوصل الدم إىل كل بيت يف غزة هو واهم ،فالرشعية الوطنية ال تكتسب بالقتل حتى لو كانت بدايتها صندوق االنتخابات ألن املسدس يسقط الصندوق ويقيم دولة املافيات والفساد والتخريب كام هو حاصل ،وأن الجامعات املتناحرة عىل النفوذ والسطوة واملال تحت غطاء الدين أو غريه رسعان ما سيخرج من بني ظهرانيها من يرفض جهرا ال رسا ً مثل هذا الفسوق ويعلن الرباءة منه ،كام يعلن الوالء لله تعاىل وللقيادة الوطنية الرشعية املوحدة. إذا كان الزهار الذي يظن نفسه ممثل الفلسطينيني الوحيد يف لقائه مع صحفية (هآرتس) اإلرسائيلية -التي يقول أنه ال يعرتف بها -حامال معه ال ُعجب وال ِكرب فانه بال شك ال يستطيع النظر لنفسه باملرآة دون ان يصفر طربا للبدلة غالية الثمن التي أصبح يلبسها وملوكب السيارات التي تحف به من ميني وشامل –عندما أصبح وزيرا وبعدها-كلام خرج من بيته يف غزة ذات املساحة الصغرية الضيقة جدا ،ما كان يعيبه عىل من سبقوه يف السلطة الزائلة ،واىل هنا يكون قد تحقق حلمه بالعظمة والرئاسة والسلطة وبذلك ميلك جنة الدنيا واآلخرة كام قد يعتقد. ليعلم كل رافض للوحدة مؤيد لالنقالب واستمرار االنقسام يف حامس 193
او غريها أن مئات التنظيامت يف التاريخ اإلسالمي ظنت نفس الظن أي الدميومة ومنهم القرامطة فلم ينفعها ادعاء العظمة أوالقوة أوالنيابة عن الله أو رسوله فتالشت ،وبقى اإلسالم العظيم. إن االنهيار :صعود صاروخي يعقبه عدم قدرة عىل التنفس يف األعىل حيث أن كمية األكسجني تقل لذلك فان الرئتني قد تتفجران .ومهام صاحب الصعود من أدوات ملك زائل استخدمت بشكل حاقد فإن الناس ليسوا إمعات ،والشعب الفلسطيني املحافظ واملؤمن بطبعه ليس كافرا وليس مرتدا وليس مشايعا لهم ،والجامهري ليست عمياء ،والبسطاء ملاحون وقادرون عىل تحديد املسار الحقيقي والذي ليس هو أي من مسارات حامس الثالثة التي حادت وابتعدت عنها. انك تستطيع أن تشرتي جوع الناس وغضبهم وسواد أيامهم بكرسة خبز أو لرت بنزين أو بدعوة غاضبة أو رصاخ عىل منرب ملرة واحدة ،ولكنك ال تستطيع أن تشرتي شعورهم الحقيقي ،وغضبهم الدفني وصربهم العفيف ودعواهم لله برد الظلم الذي فاجأتهم به مليشيات حامس تلك التي ظنوا بها خريا يف البداية فكانت عليهم طامة كربى يف دينهم أوال ويف وطنهم وقضيتهم ثانيا ،ويف أوالدهم وأقواتهم ثالثا ورمبا أوال. انك قد تخدع الناس بعض الوقت ولكنك ال تستطيع أن تخدعهم كل الوقت .فيوم الكفارة قريب مهام طال الزمن ،وانحراف البوصلة للقائد السيايس ال تق ّوم إال بالقانون وبكلمة الحق التي ستقولها جامهري غزة هادرة بال وجل عند أقدام الجور. إن الشعب الذي بذل الغايل والنفيس وقام بعرشات الثورات واالنتفاضات ال يتخىل عن قيم الحرية والوطنية والوحدة ما تخىل عنها اآلخرون ،لذلك فإن لصرب هذا الشعب العظيم املخلص لفلسطني فقط حدود. 194
كيف نتصالح مع «حماس»؟
29
يف حركة فتح نتعلم االلتزام ،وألننا أصالء الثورة الفلسطينية ونسل عظامء فلسطني ممن فجروا الثورات تلو الثورات ،وألن فتح سيطرت عىل القرار الفلسطيني وعىل الحركة الوطنية بالرحابة واملحبة وبالقدرة عىل احتضان الجميع وبالقدرة عىل تفهم االختالفات وبالقدرة عىل رعاية التعددية يف ظل غابة البنادق كام كان يسميها املغفور له الزعيم الشهيد يارسعرفات. أقول ألن فتح كذلك ،ونحن فيها تعلمنا االلتزام رغم املساحة الواسعة للحوار فيها ورغم الحرية الكبرية ... ولكن ألن لكل فعل رد فعل كام تقول الفيزياء مساو له بالقوة ومضاد باالتجاه ،ومن قام بفعل القتل الذي مل تشهد له الخمسني عاما من تاريخ الثورة املعارصة هم انقالبيو حامس ...فهل ردة الفعل يشء غري طبيعي أم ماذا؟ ويك ال نبتعد كثريا فإن القتل بكل وضوح غري مقبول ،ليس ألننا مل نعتده ومل نفعله يف تاريخنا كحركة فتح ما أبقى صورتنا ناصعة البياض بهذا الجانب، بل وألنه مرفوض دينيا ووطنيا من أي طرف أوجهة جاء ،وعليه نرفض ردات الفعل باملجمل ألن الفيصل هو القانون فقط ال تهم الردة أو العاملة والقتل بالسالح خارج نطاق القانون. والعامل كله قد شهد وعرب فضائية «حامس» مستوى ومعدل القتل من املتطرفني املتسرتين باإلسالم ،بل وشهد حجم املغاالة التي خرجت عن أعراف وقوانني الرشيعة اإلسالمية السمحاء حتى تجاوز القتل املرعب أكرث من 600 شهيدا ال نريد الخوض يف تفاصيلها ألنه ملن يريد بإمكانه الرجوع إىل عديد املواقع بالصوت والصورة ،أو ألهايل الضحايا يف قطاع غزة. -29رغم أن هذا الجزء قد كتب عام 2009فهو مازال يف العام 2019يتحدث يف ذات الشأن!
195
نعم لدعوات الحوار والوحدة الوطنية رغم الشتم والبغض واالتهامات املتتالية لحركة فح وقادتها سواء من حركة حامس أو ممن يؤيدونها بدعوى تسلمها راية املقاومة من كتف يارس عرفات ،أو بدعوى أنها متثل اإلسالم حرصيا! وكأن األمة قد كفَرت عداهم ،أو كُفّرت. إذن فإن موافقتنا عىل العودة الدامئة ملربع الحوار والوحدة الوطنية ال تعني أبدا عدم االقتصاص من القتلة من جهة كام ال تعني إال عودة األمور لنصابها قبل االنقالب األسود ،وتعني إرساء أسس وقوانني ال حياد عنها للحوار متنع القتل املستقبيل استنادا لفتوى فاسق هنا أو هناك أو تهم الزندقة والتكفري والردة املسيّسة واملرفوضة. إن للحوار أسس وللحوار قواعد وللحوار مفاهيم حيث ال يجوز الحوار تحت تهديد أو تلويح السالح والدعم الخارجي الذي فاق املليارات ،وال يجوز الحوار تحت تهديد سحق ومحق حركة فتح أو تحت عنوان أن ما يل يبقى يل وأريد مشاركتك فيام عدا ذلك. وال حوار متناغم أو متزن بدون الرجوع عن الباطل واالنقالب والقتل بحيث يصبح التخيل عن عبادة صنم السلطة واجبا عىل من استلموا السلطة طويال يف حركة فتح ،أو عىل من ركبوا قطارها حديثا من حامس وأعجبتهم املقاعد الوثرية لدرجة أنهم سيبيدون األمة كلها دونها. إن الحوار إميان مسبق بإمكانية التعايش مع اآلخر املختلف بالرأي والفكر بل والعقيدة أيضا ،وباإلميان بإمكانية الصواب من سواي وأيضا بإمكانية تعدد الصواب. إن الدعوة للحوار واملصالحة والوحدة الوطنية ال تعني فرض مفاهيم الدكتاتورية والتسلط التي تعيشها بعض الشعوب العربية تحت حكم ملوك غري متوجني أكرث ظلام وعنفا وبغضا من ملوك متوجني يرعون حامس أو أدعياء املقاومة. 196
إن الدعوة للحوار بل ومامرسته وااللتزام به ،وتفهم اآلخر فريضة دينية ووطنية نلتزم بها ،فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ،ويف ظلهام فإن املواطنة املحتكمة للقانون هي املواطنة الحقة ال حكم أصحاب العباءات والعامئم أو أصحاب الربطات والياقات البيضاء. زمن الدفاع عن فتح!
30
سكتنا طوال فرتة املجزرة يف غزة عن أفعال مليشيات حركة أو فصيل «حامس» ولنقل املليشيات السوداء فيها مفرتضني بالرضورة وجود عنارص خري ،ما هو أكيد ففي الناس كثري خري يف أي فصيل. نقول سكتنا عن إساءاتهم وأفعالهم التي تدمي القلب ،وتوحد الفتحويون قاطبة مع املقاومة مع كافة الفصائل اىل الحد الذي شاركت فيه كتائب األقىص الجريحة يف غزة يف مقاومة العدوانات الصهيونية املتكررة عىل شعبنا الفلسطيني يف غزة. رغم عرشات عالمات االستفهام عىل استغالل دول املحيط للعدوانات؟ ما ظهر جليا من عدد من الدول التي صدعتنا مبدافعها الكالمية إذ مل تقدم شيئا لفلسطني أو غزة إال حرب الفضائيات والدعم الشفوي وجمدت ترسانات األسلحة وأغلقت كافة الحدود ليبقى شعبنا الفلسطيني لوحده يتجرع الوحشية و األمل الكبري و يداوي جراحه؟ يف كافة املدن الفلسطينية. سكتنا عن خطايا ترتكب من خالل الفكر االنغالقي االقصايئ الذي بدا يسود يف بعض حامس ومل نتكلم يف كثري من االحيان احرتاما للدم ،وقلنا رمبا الدم يوحد والدم يوفق والدم يجمع وال يفرق ولكن هيهات فإن الحقد األعمى وانتشار مدارس التكفري والتطبري(رضب الرؤوس الحليقة واستقطار الدم) والتخوين يف كل زاوية يف فلسطني أصبحت سمة لفئة من االسالمويني الذين -30هذا الجزء من الكتاب كتب عام 2009و مازال يف العام 2019يتحدث يف ذات الشأن! وصالحيته مل تنفد.
197
ال يرون-ضمن التعبئة الداخلية املغايرة أحيانا عن العلني -إال معسكرين أو فسطاطني أحدهام فسطاط املامنعة (وهن الراغبات) واآلخر فسطاط الخيانة وال يرون ألوان قوس قزح يف الفعل الوطني والسياسة واملجتمع. إن ما حصل يف غزة أثناء العدوان الوحيش من قبل حامس فرتة االنقالب عام 2007وما بعدها كثري وغري مقبول وال يغسله إال إعادة التعبئة والتثقيف ملثل هؤالء املعتدين من حامس -ونتمنى أن يكونوا قلة -عىل الوطن واملواطن؟؟ ما يحتاج لقرار سيايس جريء من قيادة حامس إن أرادت أن تكون جزء من املجتمع وليس أداة لنحر املجتمع تحت حجج املقاومة أو اإلميان أو اإلسالم أو احتكار أي منها؟؟ غريب أمر هؤالء القتلة؟؟ وغريب أمر هؤالء الحاقدين أصحاب البطش والبيانات؟ يظنون بالشعب األيب الصامد قبول اإلهانة منهم وأنه سيبقى عليهم وهم مازالوا يتجربون بدال من أن يتواضعوا لشعبهم حتى ملن خالفوهم؟؟ وغريب أمر هؤالء األشداء بينهم الفارين من وجه عدوهم؟؟ ال أعتقد أنهم ينتمون لتنظيم وطني أو إسالمي أبدا؟؟ وحتى لو ا ّدعوا ذلك؟؟ فكيف يتفق أن يهدد الشخص قومه النازفني بالويل والثبور وكأن لسان حالهم يقول ما مل يستطع العدوان فعله فنحن له؟؟؟ واىل بعض أصوات فتح غري املفهومة ،مل يعد الصمت عليكم ممكنا ،أنتم مستهدفون ومنظمة التحرير الفلسطينية والرشعية والدولة املستقلة هو املستهدف الحقيقي من الحرب الصهيونية عىل شعبنا وأرضنا وليس هنية أو الزهار أوعبدالسميع ،يا أخي أنتم املستهدفون ومع ذلك تخرجون عىل الفضائيات تشتمون فتح وكأنكم ال تعون ما يحصل أبدا؟؟ وكأنكم تنظيم مهان دوما؟؟ وتتهمون فتح وليس هذا الوقت أو الزمان؟؟ فبدال من أن تدعموا الصمود واملقاومة والتي كانت فتح جزء ال يتجزأ؟ منه والشعب الفلسطيني البطل ،تردحون. وبدال من أن تقووا حركتكم املحارصة سياسيا وماليا منذ سنوات تسريون يف 198
طاحون تدمريها؟؟؟ وكأن الفكرة الوطنية عندكم قد استنفذت؟! وحان وقت إطالق رصاصة الرحمة عليها؟؟ ترووا قليال فحركة فتح الرحابة والدميقراطية والسامحة ال تعني أبدا أن نتشاتم عىل الفضائيات وال تعني أبدا أن نستخدم الفضائيات (الفضائحيات) منصة ألغراض شخصية لكم. إنه زمن الدفاع عن فتح وزمن الدفاع عن (م.ت.ف) التي استهدفت يف حرب املخيامت ( )1988-1984يف حرب ملصلحة األجندة اإلقليمية ذاتها اليوم حني راح يف تلك الحرب ما مل يقتله اإلرسائيليون منا يف مختلف الحروب. للقلة الفضائية من أبناء حركة فتح تعالوا عن مصالحكم الذاتية وافتخروا بانتامئكم الوطني الفلسطيني العرويب اإلسالمي ،أي انتامئكم لحركة فتح، وال تخجلوا منه كلام تفاجأتم بسؤال ال تعرفون االجابة عليه انقلبتم عىل أعقابكم شتام يف ذواتكم ،قوموا بقيادة حملة الدفاع عن حركة فتح وعن املنظمة وعن الرشعية اآلن واتركوا الخالفات جانبا أو أثريوها يف مكانها الصحيح أو اخرجوا من فتح فالطريق سالك. ولقيادة حامس يف الخارج أو يف غزة نقول :إننا نطالب «حامس» التي ترغب بالسلطة بقوة وباستمرارها بيدها وحاربت من أجل ذلك ألهداف ال نتفق معها عليها ،نطالبها أن ال تصمت فلم يعد السكوت مقبوال عن الفاسدين وتيار البطش فيها ،و أن تكشف الغطاء عن مثل هؤالء املجرمني الذين يوزعون دوما بيانات الفتنة الجديدة ،وأن تخرس أصوات القتل والرباء والوالء املغلوط ،والتكفري والتخوين لهذه املجموعات التي تختطفها ،وتنزع أسلحتهم املوجهة فقط للداخل وأن تعي أنها تعيش يف مجتمع دميقراطي ليس إقصايئ أوديكتاتوري ،وبعدها تقول أنها تريد الوحدة الحقيقية وعدم تشطري الوطن؟ فهل نرى اختالفا؟؟
199
فتح إما التجدد أو تفرق السبل
نخرج من سياق الحوار مع «حامس» لنتكلم مع حركة فتح فنقول :كيف لإلنسان املناضل عامة ،وللمواطن الفلسطيني الصامد أن يرى اللوحة ذات الثقوب وال يتكلم؟! وكيف له أن يرى الصورة غري املكتملة ما يظهر القبح عىل حساب الجامل ويصمت؟؟ إذ ليس من عادة الفلسطيني الحر أن يصمت، فهو الذي هز العروش بقضيته وأطلق الطاقات بقضيته وألهم الجرناالت كام ألهم القيادات والكادرات بجرأته يف الحق التي أرعبت اإلنجليز ابتداء ،ثم اإلرسائيليني باألمس واليوم ما ميثل محصلة شخصية جهادية نضالية صابرة صامدة مرابطة بعرف الدين الحنيف والفهم القومي والبناء الوطني. والشخصية الفلسطينية التي تأىب الصمت هي الشخصية املتمردة أبدا عىل الفاسد والباطل سواء لبس عباءة الدميقراطية أو الوطنية أو اإلسالم أو أي لون آخر ،فلم تسكت أبدا عىل تجاوز أو إساءة أو فساد أوانحناء أو خطايا. لقد قادت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» املسرية بهذه الشخصية (الفلسطينية) التي صنعت (فتح) ،وفتح أسهمت بعظمة يف إبرازها وبلورتها وتصديرها لكل أنظمة الديكتاتورية والتسلط-قبل أن تعود لنا مثل هذه األنظمة بلبوس اإلسالم يف غزة -يف العامل لتعلن أن الفلسطيني منهج فكري وأداة تغيري وفعل صائب ومقدرة ال تزول وإمكانية تجدد أبدية. إن فتح التي أبدعت وما زالت وعمقت الربط بني القضية والوسيلة بحيث أن تكاملهام أودع يف قلوب املوالني من األمة العربية واإلسالمية وأحرار العامل والء لهذه القضية عرب فتح ،هي فتح التي تصنع التاريخ كل يوم وال تعجز بفلسطينيتها عن الرصاخ جهارا نهارا بالقول (ال) كبرية يف وجه العدوان واالحتالل ويف وجه االنقالبيني املخزي وأمام الظالميني.
200
كام ال تستحي أن ترصخ يف داخل بيتها عندما تشعر أن البوصلة قد تنحرف أو أن املسرية قد تتوقف او ترتاجع. إن بناء العقل الفلسطيني باملكونات املذكورة كان امتيازا فتحويا ،وان الفتحوية بالبنود املذكورة كانت فعال فلسطينيا فحدث هذا التالقي الذي حاول الصهاينة أن ينسفوه كام حاول الالحقون بدعاوي الدين واملقاومة والتكفري أن يفككوه ،وهيهات هيهات ...فام بني الشعب الفلسطيني والفتحوية حبل مجدول يربط وال يفصم. لقد أنتجت فتح عقلية منفتحة دميقراطية حرة شورويّة مدنية ال تفهم السكوت عىل الخطأ كام مل تفهم استقرار االحتالل فأبدعت ثورة مستمرة ثم أشكال متفاعلة متعددة يف املقاومة أو الكفاح الوطني وما زال يف جعبة الفتح -ملن عمي أو صم أو خرس -الكثري مام سيصعق املراهنني عىل زوال فتح أو ذوبان وهج مشعلها امليضء فتح التي أض��اءت ال��درب فصنعت الكيانية والشخصية و أظهرت الفتحويني كفرسان العقل يف خضم الحضارة العربية اإلسالمية تدوس عىل األزمات كام تدوس عىل الرمل األبيض وتسري بهدوء الواثق رغم الظن كل الظن من القريب أحيانا قبل البعيد أن فتح األزمات تعني الزوال ما هو سعي املحافل األمريكية واإلرسائيلية قبل سعي الحاقدين من االنقالبني أو أولئك املترضرين من قوة وعملقة هذه الحركة فينرشون و يكتبون السموم ويلجأون للكذب واالفرتاء والتهجم الشخيص والشتم لضعف حججهم وقلة معينهم وبعدهم عن النزاهة ،وال أسميهم يك ال يكربوا ويظلوا يف مربع الصغار. فتح النضج والتجدد أصاب العديد فيها مرض الشيخوخة الفكرية فال برنامج وال رؤية وال قدرة عىل إدراك املستجدات وال خطة وال قرار بل وال رغبة يف التجدد ،وال إمكانية حتى جسدية عىل االستمرار ونحن عندما نقول ذلك داخل البيت وان حمل اإلعالم كالمنا فألننا نقولها والكثري من الناقدين 201
الفتحويني األصالء برغبة التغيري الذي ال مناص منه والتجدد الذي ال بديل عنه فهو سنة الله يف خلقه وهو أصل األشياء ومسار الفعل. إن فتح التي جعلت من النقد نصف العملة جعلت الوجه اآلخر هو اإلبداع والعمل والتجدد فال نقد بال عمل وال عمل بال نقد وال نقد بال سعي للتجدد وإحداث التغيري واملبادرة يف الذات والفكرة والتنظيم وهذا أيضا من مقومات الفكر الفتحوي الذي ال يفهمه املنحازون لعقلية املؤامرة أو أصحاب الفنت أو أولئك القلة من الحاقدين لسبب أو بال سبب. إن شيخوخة فكر وعمل أعضاء اللجنة املركزية يف فتح وعدد ال يستهان به من املجلس الثوري يف كثري من املراحل بني املؤمترات ،كانت ضمن أسباب عدة أخرى مدخل الرتدي وسبب األزمات التي عانت منها الحركة ففي كل محطة أو مفصل بدل أن تظهر اللجنة املركزية حكيمة متضامنة تقوم بالتوزع عىل مساحة االختالف العريب بل واإلقليمي والعاملي دون رابط يربطها ودون عقلية إلقاء الشباك التي كان ينتهجها الفارس الذي ترجل فحيثام أمطرت الغيمة فله خراجها. أما اآلن فاملطر غزير والغيامت كثرية ،والخراج ليس لنا ألن إدارة القيادة أو إدارة التعارضات واالختالفات داخل اللجنة املركزية أصبحت بعيدة كل البعد عام كانت توصف به إدارة الرئيس الراحل املعلم يارس عرفات بأنهم يتناوبون أو يوزعون األدوار. لقد شطّت اللجنة املركزية بشخوصها وشطّت بتحالفاتها وخرجت عن العصمة النسبية التي كان الكادر ينظر لها بها 31ألنها انحازت لذاتها ،يف عدد من املفاصل واملواقف ،ومل تلق نظرة واحدة عىل كم التحديات التي تواجه القضية والحركة من تحدي االحتالل الجاثم بحكومته املتطرفة التي ستهدم -31كانت النظرة ذات االجالل للجنة املركزية للحركة مرتبطة بالعطاء والفعل واالقدام يف مراحل عديدة من مراحل الثورة ،وبدأت تخبو هذه الحالة من االجالل بعد املؤمتر السادس ثم السابع لحركة فتح.
202
مرشوع الدولة إىل تحدي النظر يف تجديد أساليب النضال إىل تحدي إنهاء االنقالب الدموي يف غزة الذي دفع بالقضية عرشات السنوات إىل الخلف إىل تحدي البناء الذايت وتجديد األطر. إننا ال ندين ألحد يف الحركة ،وندين للحركة فكرا وأطرا ومنهجا ومسارا موصال لفلسطني ،وفتح أكرب من مجموعنا ،كام فلسطني أكرب من أي مسار، لذا فلن نعيب عىل من يخرج شاهرا قلمه يف وجه الخطأ ألنه يف حركة فتح إمكانية النقد عايل الصوت الذي ال يفهمه الحاقدون واالنقالبيون يف غزة عىل سبيل املثال ويظنونه وغريهم ترشذم وسريكعوا عندما تلطمهم موجات الفتح. إن شيخوخة اللجنة املركزية ،واملقصود دوما شيخوخة الفكرة والربنامج وطريقة التفكري وقلة املنجزات ،هي التي أفضت لهذا الكم املرتاكم من األزمات وعدم ثقتها بالكوادر وظنها أن ال حركة بدونهم هو ما قصم ظهر البعري فهم تجربة نحرتمها ونجلها ولكن الكادر األصغر أصبح ميتلك مجموع تجاربهم ويزيد لذا فلقد كان األجدر بهم أن ينحازوا للتجدد والتجربة املتعاظمة ال أن ينحازوا للذات والشيطان وفقدان األمل وقلة الهمة وضعف اإلميان وافتقاد الرؤية السياسية لغالبهم. إن إدارة الرصاع يف اإلطار القيادي األول بأن تلقي مبشاكلها عىل الكادر الوسيط واألصغر أصبحت سياسة مفهومة ،فمن نوعية األعضاء باملؤمترات إىل عددهم إىل مكان وزمان املؤمترات ،ما هو يف حقيقة األمر تأجيل مستمر وصوال لثبات الوضع القائم أو لالستكامل غدا مرفوضا ألن من مينون النفس باالستكامل عامة ال يختلفون كثريا عن سابقيهم بل هم ممن يشعلون لهم النريان. أن خرق النظام سواء بتطليق مبدأ جامعية القيادة املنصوص عليه يف النظام الداخيل كام هو شأن طبيعة العالقات يف املركزية ،إىل التفرد يف اإلعالن عن مكان وزمان املؤمتر-أي مؤمتر -هو مام كان وأصبح غري مقبول لدى 203
الكوادر التي سرتى أن عليها الكالم رفضا للصمت بل والفعل ما ميثل فضيلة الفلسطيني ،فتتحمل عبء التجدد بالحركة ال انتظار رضا فالن أو عالن من أعضاء املركزية ،فإمياننا بالله الذي ال يهتز ،واحرتامنا والتزامنا بالقانون وحركة فتح وفلسطني أكرب من الجميع ،وأكرث ثقال يف ميزان حسناتنا عند الله تعاىل.
204
اإلبداع ال السوداوية وخطاب األزمة الحظت حالة احباط عامة وتهكم وحنق ورغبات يف االنفالش مرتابطة مع نظرات سوداوية خطرة ،رمبا نتفهمها معا يف إطار كل كبوة او مذبحة او عدوان علينا يف غزة أو الضفة ،ورغبتنا وجميع األخوة يف تقديم أرواحهم فداء ألهلنا يف غزة إال أن تلك الحالة لدى بعض كادر فتح إن استمرت فإنها تسبب الرجرجة للتنظيم والجرح النازف ،بأن يسري عىل طريق كله مطبات ومنعرجات صعبة وهو ما ال نريده أبدا ،وهو من مقدمات الشعور العارم بالكآبة املرضية ثم اليأس والقنوط الذي نهانا الله تعاىل عنه يف كتابه العزيز. إن التنوع يف الطرح والتحليل والحوار واآلراء القائم لدى األخوة عىل الشابكة وفيسبوك ويف مجموعات (واتس أب) داللة عىل قدرتهم الفكرية والعقلية التى تحرتم ،وداللة أيضا عىل رحابة فتح ودميقراطيتها بحيث ال سيف يرفع ليجز الرؤوس وال إشارة (ال) ترتفع لتخرس األفواه وال تنصب مشانق لهذا أو ذاك كام ال متارس فتح سياسية االتهام والتشويه والنبذ للمخالف فيها أبدا. ولكن هذا ال يعفينا من التنبه لبعض األقالم من أصحاب التيئيس املقصود والرغبة يف تدمري الحركة تحت شعارات براقة وتحت دعاوي اإلصالح او التغيري. إن األخوة كوادر حركة فتح عىل الفضاء االلكرتوين خاصة باعتقادي متنبهني لهذه الفئة القليلة وقادرين عىل متييزها وتحجيمها السيام بعد أن يثبت الربنامج الحريك يف نطاقه ويصبح هو املرجعية للتعددية. أين هي فتح سؤال يردده البعض متهكام عىل كل إطار يعزل نفسه عنه أو أن اإلطار املعني مل يتمكن من استيعابه ،ويف هذا بعض الصحة التي ال تعفي الشخص أن يتحىل بقيم حركة فتح األساسية تلك التي إن مل يتمكن من 205
عكسها عىل مسار حياته فهو يقف عىل مفرتق طرق. إن من القيم األساسية التي ال تتغري يف الحركة هي اإلميان بالله سبحانه وتعاىل ،واإلميان بحقنا الثابت يف فلسطني الذي ال ينازع ،ومهام كربت املخاطر ومهام تأزمنا واختلفنا ،ومهام ضعفنا أمامها فإن هذا اإلميان مستقر ال يتزعزع وثانيا التضحية ما يعني أن يأخذ اإلنسان من وقته وفكره وذاته وماله لصالح هذه الحركة ألن مقدار التضحية يجب أن يرتبط بحجم اإلميان. وثالثا وهو ما أريد أن أركز عليه هنا هو عقلية املبادرة واملبادأة والفعل والنشاط تلك التي تحرتم العمل وتقوم به فال تكتفي فقط بالنقد (أوالتشنيع أحيانا) أو تكتفي بذكر السلبيات يف إطار لن يكون نهايته إال قتل اإلميان والتضحية واإلبداع يف الفرد الفتحاوي. ورابعا وخامسا إىل عارشا قد نضع التفكري االيجايب املنطلق للمستقبل قيمة أساسية كام نضع االنتامء وااللتزام قيمة ال غنى عنها يجب أن تحرتم وتفهم وتنفذ بأدواتها كام أن الصدق واملحبة وحرمة العرض واملال والدم كلها تعترب من أهم وأبرز قيم فتح. إن يارس عرفات بهذه القيم الثالث وبالكثري بالطبع غريها متيز عن أقرانه، وظل دوما يف املقدمة ال يهمه من ينقده ألنه كان صانع سياسة وصانع فكرة وصانع منهج وصانع فعل. إن صناعة األشياء واألحداث واملبادرة تجعل من العقل حرا غري مقيد يفكر يف شتى االتجاهات .يفكر كيف يعمل وكيف يقدم وكيف ينجز بينام اقتصار العقل عىل البحث يف املايض ومتجيد املايض وترقب األخطاء وإبراز السلبيات قد يصبح مدخال للجمود بل ومحققا للركود وسببا لرتهل التنظيم 32 وسلبيته. -32د.عبدالحميد األنصاري يسمي هذه الفئة من االسالمويني :املنتحرون عىل عتبة التاريخ.
206
إن النقد يف أي حركة ثورية أو دميقراطية رضوري بل ورضوري جدا وهام ويحض عليه ،ألنه يصوب املسار أو يجب أن يفعل ذلك ويحدد األمور التي يجب أن تتغري ويصنع رأي عام باتجاه التغيري املحمود ،لكنه يف حالة األزمات املصريية الكربى ووجود العدو الواضح واملنافس النشط الذي يبغي شق الحركة وتفتيها جهارا نهارا يصبح النقد الصارخ (وليس الهامس أواملرتفع، تراجع أدبيات فتح يف النقد والنقد الذايت) سالحا بيد اآلخر ويف نحورنا إن تقديم الفعل والعمل واملبادرة هو الحل فإن قلنا إن القيادة نامئة أوقامئة ،فاترة الهمة أو فاعلة ال تفعل شيئا ،أو فعالة مقرصة أو أدت ما تستطيع من واجبها ،ال تسوى رشوى نقري أو أنها جواهر ال ميثل ذلك شيئا يف حقيقة أننا نغري يف فكرها وسلوكها ملاذا؟ ألن العمل وحده هو الذي يؤخذ بعني االعتبار وترتك كافة االنتقادات غري املرتبطة بفعل او إطار أو مجال تأثري ترتك محلقة يف الهواء دون أن تصل أي أذن ،او تلقى يف سلة املهمالت، اوتبقى حروفا ناتئة عىل الشبكة فقط. ما أريد قوله أن ابن فتح ميثل بُعدا وطنيا نضاليا يف ذاته ،ال يهمه إن تهاون اآلخرون أو انكرسوا أو قرصوا ألن منبع إميانه الله سبحانه وتعاىل أوال كام قلنا والقضية ثانيا:هو أي إميانه بنفسه ،وثالثا وبقدراته وبرضورة أن يغري يف ذاته وقد قلت كثريا ومرارا أن محطة التغيري( :هي أنا)فإن مل أحدث تغيريا متصال يف عقيل وفكري وادايئ وطريقة فعيل يوميا من خالل صناعة األهداف والتخطيط والتنظيم لعميل فأنا واهم بأنني أقدم شيئا .إنني بذلك ال أقدم شيئا لذايت فكيف لريب أو أهيل أو وطني أو تنظيمي؟! يقولون أين القيادة يف غزة؟ ويقولون أين القيادة يف الضفة؟ والبعض ينكر وجود التنظيم رغم االنجازات الكبرية املرتاكمة-وان ببطء -التي حققتها الحركة ألول مرة يف تاريخها يف االنتخابات الداخلية املستمرة ،ويف حرص العضوية وضخ سلسلة من املواد التثقيفية والدورات ،ورغم التغيري العضوي يف آليات التفكري والدمقرطة...الخ. 207
ويقولون القيادة مقرصة؟ ويقولون ويقولون الكثري ...بل وأحيانا يرتفع القول لدرجة الخروج عن آداب النقد السليم والحديث والحوار ،وقد اتفق مع الكثري من االنتقادات هذه بل ورمبا لدي أكرث منها ما كتبته يف مرحلة الراحة ال مرحلة الهجوم والتدمري اليوم الذي تتعرض فيه الحركة ألرشس هجمة مخطط لها. ولكن ،هذه الالكن اللعينة التي تتحكم يف تسلسل األفكار وتكبح التطرف... لكن لكل مقام مقال ولكل حالة دواءها الناجع ولكل مرحلة آليات التعامل معها ،فال يجوز أن نجنح كثريا يف النقد إىل درجة الشتم والقدح املفيض للتيئيس ألننا نخرج أنفسنا دون أن ندري رمبا من أنفسنا ،وننفصل نفسيا عن محيطنا وعن حركتنا ،إن نظرة منا إىل الجانبني أو من فوق الشجرة وتحرر فينا قليل من ضغط األفكار السوداوية قد ميكن األكسجني أن يطوف بالدماغ فننطلق للفعل أكرث من النقد ،ويجعلنا نضع كل يشء يف مساره ،حيث النقد مطلوب وحيث العمل بال انجاز خسارة. يف التاريخ اإلسالمي اختلف املسلمون يف أواخر فرتة الصحايب عثامن ابن عفان ويف حياة الخليفة عيل بن أيب طالب ريض الله عنهام ،اختلفوا يف السياسية والسلطة والحكم وتقاتلوا ومن ذلك الوقت بدأت بذور االنشقاقات تنمو إىل أن ظهرت يف مرحلة الحقة طائفة أو جامعة (أو تيار) عقالنية سميت باملعتزلة عقلنت الفكر اإلسالمي (والفكر إبداع أنساين كام نعلم جميعا) وقدمت للمسلمني الكثري وأسهمت يف صد االتهامات املوجهة ضد اإلسالم من أصحاب الديانات األخرى بفعالية. ولكن أين هذه الجامعة اآلن واليوم من التيارات اإلسالمية املوجودة؟ لقد تبخرت؟ ملاذا؟ ألسباب عديدة بالطبع ومنها أنها التهت بالفعل النقدي عن العمل عىل األرض ملصلحة الناس ...ما ال نريده من كوادر فتح ،مبعنى أن االستمرارية لحركة فتح مادامت تحمل حاجات الجامهري عىل أكتافها فهي متواصلة وما دامت تتحمل تبعات القضية ومرشوعها ،وما دام كادرها يتجدد 208
يف األطر واألفكار ويف ذاته فهي حركة عفية وعصية عىل الكرس. إن حركة فتح مسار طويل أن انحرف نصلحه وفتح ثوب أن اتسخ ننظفه؟ ألنها مازالت حركة اإلطار الصالح لتحقيق أهدافنا السياسية فال نغري املسار من النقيض إىل النقيض وال نلقي بالثوب فهو مل يتمزق وبالفتحاويني األشاوس لن يتمزق. عىل أنا وعىل جميع األخوة باعتقادي أال ميلوا النقد والحوار الداخيل نعم وهذا ما هو محمود ،ولكن أن يكون بحسب درجة شدته يف إطاره أفضل بكثري ،ويف وقته ،ويف مجال تأثريه ،مع تأكيدي أنه قد تحصل ظروف وحاجة للنقد الصارخ خارج األطر يف كثري من األحيان ولكن بنية التغيري ال التدمري وهو ما حصل يف كثري من مراحل حياتنا. إن املبادرة والعمل واالنجاز يجب أن يكون ديدننا (فال يجوز أن نظل نسمع جعجعة وال نرى طحنا=أي انجازا ،كام يقول املثل) فال مناص لكل كادر فتحوي من االنخراط يف نشاطات مختلفة ذاتية ،وجامهريية وفكرية واجتامعية ونفسية وإدارية وفنية ودينية بل ويوثقها وميررها إلخوانه، ولتكن مهارة بناء الذات وتطوير القدرات مجال تنافسنا ملصلحتنا وخدمة للحركة وفلسطني ،ال املدافع الكالمية فق ما كان سمة اإلخوان املسلمني وما عاد ليصبح سمتهم ثانية مع حامس اليوم يلوكون الكالم ويتفلونه بال طعم ويتقزز منه الناس. إن (الكالم الكبري) والعبارات الرنانة الطنانة قد تشنف اآلذان ومتتع النفس وتحرك العواطف لفرتة ولكنها ال تحقق انجازا ،فأن تطعم مسكينا سمكة هذا جيد ولكن أن تعلمه صيد السمك فهذا أفضل ،ويك ال يصدق قول (شمعون بريز) أن العرب يحبون زخرف القول ويستخدمونه للتنميق فقط وال يستخدمونه للتعريف وإحداث الوعي ،فإن اقرتان القول بالفعل لدى كادرنا هو صفة قرآنية يجب أن نتحىل بها ،ومن ال يعجبه فليرشب من بحر غزة ،وبحر فلسطني. 209
إن ملسة عىل رأس ابن شهيد أو زيارة عائلة جريح أو سلة طعام ألرسة او بسمه يف وجه عجوز أوقراءة القرآن او قراءة تجارب الشعوب أوقراءة قصة ل(باولو كويليو) اوأمني املعلوف او (غابريل غارسيا ماركيز) مثال أو خدمة أرملة أو املشاركة النشطة يف تنمية أطفالنا أو يف األفراح واألتراح ألبناء شعبنا وحل مشاكلهم ...الخ من النشاطات اإلبداعية ،أهم لفلسطني وفتح من كل الحروب الكالمية لإلخوان املسلمني وأفكارهم الخرافية والظالمية. وهكذا كان الرسول محمد صىل الله عليه وسلم قدوتنا ومفرج كربنا وهمنا بفعله وبدعائه الكريم الدائم وبعدم يأسه وتباشري الفرح واالنفراج والتفاؤل تنري العامل كله منطلقة من وجهه الكريم ،وهكذا كان الصحابة والحكامء وكان الخالد يارس عرفات. إن نفض فكر الرتهل وثياب السواد ونعي الذات والتشاؤم والنقد املفرط املفيض لليأس والقعود عن الفعل ،ال تتم إال بالعمل وتحقيق االنجازات: الشخصية الذاتية والحركية والجامعية ،أو املجتمعية ،وال تتم إال باحرتامنا لتعدديتنا يف الرأي ضمن ضوابط الفكر الفتحوي واحرتامنا ألطرنا –حتى عىل ضعفها ورمبا عدم قدرتها كلها عىل التواصل ما هو مشكلتنا جميعا وما يحتاج لنقاش كل يف موضعه-وبالعمل فقط يعود لحركتنا نهضوية يف مرشوعها الفكري العرويب اإلسالمي اإلنساين املنفتح ،والسيايس والجامهريي. أنتم ،نحن املبتدأ وأنتم نحن الخرب ،والله معنا حكام وإنها لثورة حتى النرص. الصوت العالي وتكتيكات المؤتمرات!
تعد املامرسة الدميقراطية أساس الحكم الرشيد (أو اإلدارة الرشيدة )، وعندما توضع قواعد املحاسبة واملساءلة والشفافية للتنفيذ عىل كل األعضاء يف التنظيم فإن مربر الخوف أو التوجس يصبح غري موجود ،كام يزول مربر االتهام العشوايئ أو اإلشاعات. 210
أن مربر السعي للحامية واألمان وفق منطق القطيع (أو االستزالم) الذي يبحث عن رأس يصبح أيضا غري وارد ،إضافة إىل أن حكم النظام هو البديل األوحد لحكم الفرد املستبد أو الجامعة املهيمنة ،لذا فإن التنظيم السيايس الذي يريد أن يحيا يف هذا العرص ال بد له من التمسك بحرية األفراد ودعم وعيهم وقدرتهم عىل إبداء الرأي وحقهم يف االختالف ضمن نظام املؤسسة. أقول قويل هذا ومؤمترات فتح الداخلية فيها األمواج تتالطم وتخرج األفكار وتتقاطع التحليالت وتتعدد اآلراء التي يجب أن تكون كذلك أي متعددة ،ولكن يف سياق وحدة األهداف وما يتم االتفاق عليه من توجهات وقرارات. إن أهمية القرارات والتوجهات يف املؤمتر-أي مؤمتر -أنها متثل حصيلة األفكار واآلراء التي تتقاطع أو تتغري أو ينفي القوي منها الضعيف يف إرادة البحث عن الفكرة املؤثرة أو الجامعة أو املحققة لألهداف. ال مناص من االتفاق يف أي مؤمتر عىل األهداف (أو الثوابت)التي تقرر أن فلسطني موطن الفلسطينيني وأن فتح مازالت حركة تحرر وطني تج ّد يف بناء السلطة والدولة ،وأن ما أصبح يطلق علية (الثوابت الوطنية) يف إطار الواقعية السياسية ميثل الحد املقبول للحراك السيايس الفتحوي الوطني واإلقليمي والعاملي. امللفات أمام كل مؤمتر تكون كثرية والتعرض لها جميعا لن يكون متيرسا يف أقله تحت ضغط الوقت ،ألنه لو فتح أي من ملفات الكبوات واألزمات والرصاعات ،فإنه لن يكفيك أيام وأسابيع إلغالقها ،أوالبت فيها ،ولكن ذلك ال يعني عدم التطرق لها بقدر ما يعني رضورة الوعي باجرتاح آليات نظامية تقوم مبعالجتها ضمن أمد زمني معني. إن خطاب األزمات الذي سيصعد الكثريون رمبا ليتناولوا من خالله ما أصاب الحركة ،يف املوقع أو الشعبة أو املنطقة أو االقليم او بالحركة ككل، 211
هو خطاب له ثالث احتامالت. فأما أن يكون خطابا تنفيسيا أو ثوريا تطهريا يوجه االتهامات مشريا إىل أصحابها دون حسابات ،أو خطابا انتخابيا يوجه االتهامات بقسوة دون أي إشارة ألصحابها أو لطرق الحل أو املحاسبة ألنه قطعا كان جزء من هذه األزمة أو األزمات ،واالحتامل الثالث أن يكون خطابا موجها يشري إىل مكمن الداء ويطرح العالج عرب آليات الحل املرتبطة بالفكرة واألشخاص واملكان والزمن املحدد إلعطاء النتائج. إن خطاب األزمة والكبوة أو الرصاع قد يفتح جروحا كثرية البد أن تثار مبنطق الحرص ال االنتقام ،ولكن الشجاعة ليست يف فتحها فقط وإمنا يف وضع الربامج والخطط والرؤى التي تقطع دابرها وتتخلص منها. إن الصوت العايل يف املؤمترات قد يحقق كسبا مؤقتا ،ولكنه قد يكون صوتا مأمورا يف لعبة التوازنات لخدمة هذا الطرف عىل حساب ذلك ما يؤثر يف صندوق االنتخابات ما يحتاج منا لوعي عميق ورؤية شفافة وقراءة عميقة لخلفيات كل متحدث ودوافعه وأسبابه وحتى شكل طرحه وطبيعة حركاته وصوته ،فاملستسلم نفسيا ال يتحول بني ليلة وضحاها إىل فدايئ ،واملتعايل عىل الجامهري ال يتحول يف لحظات إىل حبيب الجامهري ،والذي يظن أنه ميلك مفاتيح الفردوس ال يتحول فجأة إىل منبع حنان يستعطف الكوادر ويستثريها مدعيا أنه يسري خلفها فيام تقرر. يف الخواطر الصوفية يقولون( :تستسلم الذات اليائسة القلقة دون وعي لالندراج داخل حدود القطيع أوالحشد ،وتغدو رقام ال شخصية متفردة متميزة ،وبالطبع فإنها تخضع متاما ملعايري وقيم القطيع دون أدىن توقف أو مناقشة ). يف املؤمترات عامة ،وما يسبقها تظهر مجموعة من التكتيكات واملناورات يجب االنتباه لها من أبرزها 212
أوال :التساوق مع الجو العام ،حيث ترى األعضاء من كافة التوجهات املتعارضة يتحدثون حول موضوع محدد بنفس اللغة (مثال الكل سيكون مع الثوابت وأن كان له رأي آخر). وثانيا :ستخلق بعض التكتالت يف املؤمتر عدوا وهميا من مثل األمن يف املؤمتر ،والوقت ،والطرف الخارجي الفالين الذي يجب أن نحاربه وإال سيفشل املؤمتر. وثالثا :خلق أجواء محددة قد تكون رئاسة املؤمتر ضليعة يف ذلك من خالل توجيهها ملسار الجلسات فمن أجواء محبطة أو سارة أو انتقائية إىل ودية أو متطرفة أو تفاؤلية أو تصعيدية. ورابعا :فقد يسعى تكتل إلظهار رأسه وزعيمه بصورة البطل ليتمنى الجميع التقرب منه ،أوبصورة املضطهد الذي يسعى الجميع لالنتقام ممن اضطهده. وخامسا :الرضب بيد من حديد عرب إثارة الغبار حول شخص أو أشخاص يف املؤمتر يتم تقريعهم ليسكت اآلخرون أو ينزوون جانبا. وسادسا :وهو العامل الهام يف التأثري عىل الناس أال وهو اإليهام( صناعة الوهم أو الدعاية) من خالل اإلشادة بفكرة أو شخص والتكرار للفكرة ودور الشخص فيصبح قيدا ذهنيا ال نستطيع التحلل منه ،كام تفعل الفضائيات والدعايات وأساليب (اإلخ��وان املسلمني)يف التلميع عرب إظهار ما يجب وإخفاء جبل الثلج تحت املياه. إن أهمية املؤمتر-أي مؤمتر يف أي تنظيم سيايس -بنتائجه ومؤمترات حركة فتح هامة ألنها مؤمترات لحركة عظيمة يجب أن تصعد درجة إىل األمام فتصلح الكثري مام أفسده قادتها ليس فقط برضورة فتح امللفات وإمنا بإحالة كل قضية وكل متهم فيهم –ان وجد -إىل العدالة واملساءلة واملحكمة الحركية ليصار للبت يف كافة املواضيع خالل شهور محددة. 213
إن مؤمتر حركة فتح أو أي فصيل سيايس هو مؤمتر صنع السياسات، فام رآه البعض محسوما من حيث أن ال خالف سيايس واضح يف الحركة أو الفصيل يقابله رؤية البعض املختلفة واملحرتمة حول العديد من امللفات. كام أن البعض يرون أنهم ميثلون التيار الوطني مقابل الالوطني -يف طرح غريب فان كان هناك توجه غري وطني يف مؤمتر فتح مثال ،فلامذا نسمح بحضوره أصال -وما يراه القسم الثالث من أن فتح املستقبل هي فتح النظام والقيم املستمدة من الدائرة الحضارية العربية اإلسالمية. وبناء عليه فإن عىل أكتاف كادرات املؤمتر السيايس التنظيمي مهمة صنع املستقبل بعيدا عن الغفلة والسقوط التي قال فيهام أبو حيان التوحيدي (إن الغفلة حضور الجهالة والغياب والعجز عن إدراك الحقيقة أو إدراكهام إدراكا وهميا زائفا ينطوي عىل الشبهة والضاللة واملخايلة مبعنى أن املوضوع يستقر محتجبا بظاهره الخارجي املموه الذي يستلب الوعي ويغيبه عن لب املوضوع وحقيقته الخفية يف عمقه ). آن األوان للذاهبني ألي مؤمتر ليتفقوا عىل األسس التي تحكم إيقاع حركتهم والتي قد تكون كالتايل: أوال :من املهم أن نختلف معا ولكن نتحاور ،ونختلف مع اآلخرين ونتجاور. ثانيا :من املهم أن ننترص للفكرة والتجربة والرؤية والرجال األشداء القادرين عىل حملها ،ال أن نعمل عبيدا عند اآلخرين. ثالثا :ال يجوز استثناء أحد فكل مخطئ أو ميسء يجب أن يأخذ قصاصه العادل حسب النظام. رابعا :الحكم األوحد بيننا ليست الرواية لهذا أو ذاك بل النظام واملساءلة واملكاشفة والقانون. خامسا :سقطت القالع الوهمية ودالت دولة الزعيم و األزالم وانتهى 214
منطق االستبداد استنادا للتاريخ أو االدعاء ،ألن ما يجمعنا الثوابت والحرية والدميقراطية والوعي والعقل ال االستغفال واإليهام أواالستهبال. لقد فعلتها «فتح».
لقد فعلتها “فتح” دوما ،فبعد كل كبوة جواد ،او مرحلة انسداد ،أو نبوة سيف ،نراها تتجدد وتستطيع النهوض من جديد ،فطائر الفينيق الذي طاملا تغنى به الشهيد القائد الخالد يارس عرفات الذي كان مرافقا ملشهد املؤمترات ومشهد االنتفاضات ومشهد املقاومة يطل برأسه محييا كل الفتحويني وأبناء فلسطني. تشكل املؤمترات يف حركة فتح انعطافة حقيقية ونقطة تغيري يف منحنى الحركة بكافة األطر ،تفشل حال نجاحها رهان الكثريين من اإلرسائيليني، وكارهي” فتح” الذين يراهنون دوما عىل فشل الحركة بل وعىل انقسامها وتناثرها فيخيب دوما رجاؤهم. وكان الله معنا عند كل مفرتق ألن الحق يف ركابنا ،وخابت كافة محاوالت املخرصني الهزيلة بتعطيل املسرية. إن نقطة التغيري تتمثل بدورية انعقاد املؤمترات عامة ،ومنها مؤمتر الحركة العام (السادس ثم السابع) ما يجب أن يعيد الحركة بقوة إىل خريطة املنطقة سياسيا وتنظيميا ودبلوماسيا وإداريا لتستعيد «فتح” وتجدد رشعيتها الدستورية الداخلية ،ولتذهب بعيدا نحو تقوية جسدها وخياراتها وكادرها املتقد حامسا والراغب يف العمل. كاد املنحنى يطبق عىل رقبة “فتح“ يف كثري من املراحل حيث تحاورت سنوات حتى دخلت معرتك املؤمترات ،وهي جاهزة كليا للقرارات. إن دورية انعقاد املؤمترات واجبة ،وانعقاد املؤمتر السادس بعد عرشين عاما ،ثم السابع يف وقته تقريبا أدى النقالب املنحنى رأسا عىل عقب مشكال 215
بالفعل نقطة انعطاف حقيقية جددت الخاليا وأضحكت وجوه الصحابة ريض الله عنهم ،وضخت دماء غري ملوثة يف جسد حركة الشعب الفلسطيني تلك التي تنهل من محيطها الحضاري العريب اإلسالمي ،ولطمت كل املراهنني بالسقوط فأوجعتهم الرضبة وأدارت رؤوسهم الخاوية. لقد فعلتها «فتح» فحققت بانعقاد مؤمتراتها ستة أهداف ميكن أن نحددها بالتايل: اثبت املؤمترات قدرة «فتح» املكينة عىل وقف مسلسل الكبوات واألزمات والسلبيات ،ورغبتها يف النهوض والتطور والتقدم إىل األمام. عربت فتح عن متسكها بالثوابت الوطنية فكانت رسالة املؤمترات أن «فتح» ما زالت حركة وطنية ثورية تسعى للتحرير ،وتقاتل االحتالل بكافة الوسائل وعىل رأسها الكفاح املسلح وحرب الشعب التي تظل خيارا إىل جانب الخيارات األخرى فام كفلته الرشعية الدولية بنضاالت أبناء الثورات املتعددة وأبناء الفتح كان حري باملؤمتر أن يثبتها. كرست «فتح» احتضانها ملرشوع الدولة املدنية الدميقراطية التعددية املستقلة يف آلية فهم عميل للواقع القائم وآليات التعامل معه. أعطت املؤمترات بانعقادها ألعضاء الحركة جميعا الحافز الكبري ألحداث التغيري يف كافة األطر واملستويات خاصة تلك التي تكلست يف التنظيم واملؤسسات والنقابات ما يستدعى ورشة كبرية لتشكيل صورة جديدة بكافة األبعاد. تفرض املؤمترات قاعدة رئيسة تتجىل يف أن النظام الداخيل للحركة والربنامج السيايس هام عامد الحركة ومو ّجه تحركها ومرجعيتها ما يسقط فكرة القائد املهيمن أو الزعيم األوحد (أو هذا ما يفرتض أن نسعى له) حيث ال مناص من العمل الجامعي الحقيقي ومبرجعية واحدة هي النظام الداخيل والربنامج. 216
تثبت فتح بعقد املؤمترات أنها التنظيم األهم يف منطقة الرشق األوسط، فهي التنظيم الدميقراطي الحقيقي يف ظل ظلامت من فوقها ظلامت ألدعياء امتالك الحقيقة والكذب عىل الله والناس من تنظيامت القمع وفقدان الحرية وبيع الضامئر أو السيطرة عىل العقول واغتصابها بدعاوي إيديولوجية أوإلهية ،وأثبتت قدرتها عىل النهوض والتطور معربة عن احرتام حقوق اإلنسان واملرأة ،فها هي املرأة يتقرر حقها يف 30باملائة من املواقع الحركية ،وها هو العضو يتوسع مجال حريته وحركته يف األطر التنظيمية، وهاهي املركزية تتعانق مع الدميقراطية يف سياق االلتزام والحرية. حركة « فتح « التي فلت منها العقال لفرتة طويلة فعانت من الكبوات إىل الدرجة التي ظن فيها العديد من الكوادر انه لن تقوم لها قامئة يف مراحل متعددة ،ال سيام وان كثري من األقالم املمسوخة والفضائيات املعادية قد كرست وقتها فقط للطعن يف الحركة وتلميع تنظيامت أخرى ،سقطت هذه التنظيامت يف امتحان املواجهة كام سقطت يف امتحان الدم وسقطت بني الجامهري. وهاهي حركة « فتح « تفعلها ثانية وثالثة وتنطلق بجداره من تحت الدمار الذي حاولوا أن يدفنوها فيه كام طائر الفينيق. لقد تقلب كادر «فتح» عىل جمر النار سنوات طويلة فمع كل كبوة كان يزداد لديه الشعور باملرارة واألىس ،فيلجأ للنقد العلني إىل الحد الذي اخرج بعض الكادر عن طوره وانخدع بالصورة الرباقة املكذوبة لآلخرين وصدق الكثري مام أشيع عن حركته فنال من حركته عىل وسائل التواصل االجتامعي دون إدراك لحجم الرضر. لقد تحول النقد يف مرحلة من املراحل إىل عمل بحد ذاته ،فتجمدت األفكار وتقلصت املبادرات وتراجعت إلبداعات وأصبح العمل الحقيقي مع األعضاء والكوادر والجامهري نسيا منسيا ،ولكن فتح فعلتها مجددا ً وها هي تستعيد زمام األمور مع كل مؤمتر أو موجة مقاومة او انتصار سيايس فتضع 217
املبادرة واإلبداع والتفكري االيجايب والتغيري والتجدد والعمل عىل رأس جدول أعاملها ،فتذوب كل األفكار الخداعة واألفكار املعادية يف بحر عطاء ال ينضب. لقد فعلتها فتح ألنها تشكل الحائط املتني ،والسد الضخم ،الذي يسند ويدعم كل أصحاب املبادرات وكل الساعني لخدمة الوطن وكل القابضني عىل الجمر ،وكل الذين يضعون خدودهم مداسا للجامهري حبا وحنانا وخدمة ال تتوقف ،ولكل الذين جعلوا القضية الفلسطينية وتحرير فلسطني هدفا ال يتزحزح لحظة من أدمغتهم ،فيالقيهم هذا الهدف قعودا ووقوفا ويف الصحو واملنام .إنها السد الذي يسمح بالفعل وانهامر املاء بسالسة ونظام واتزان بني كل مكونات الوطن وطيف تعدديته. فتح كانت ومازالت هي املعني الذي ال ينضب لكل الظامئني والشاربني من الجامهري الفلسطينية والعربية العريضة ،ممن ال يطعنون يف الظهر وال يبصقون يف اإلناء الذي رشبوا منه أواملنهل ،وممن ال ينكرون اآلخرين ،وال يطلقون الطلقة الحاقدة عليهم يف ظهورهم لتستقر يف جسد األخ أو ابن العم والجار الجنب ،ثم يقبلون عليهم سلخا وتقطيعا ينزعون منهم القلوب ويقطعون فيهم األرجل واأليدى والرؤوس مسلحني مبفاتيح الجنة املكذوبة دنيا وآخرة. وتظل فتح املبتدأ وغريها ستعلو وجهه الغربة اليوم وغدا ،وستتوارى القتة يف ظل ركام الزمن ويف يوم العرض الكبري ،وسينىس الوجوه الكالحة ذات رَ الكثريون بإذن الله تعاىل مشاهد الرعب واإلرهاب والقتل من أولئك الذين مل يفهموا الحركة الوطنية والثورية إال انتقاما وطغيانا وتعصبا وتط ّرفا واقصا ًء وسيطرة عىل السلطة ورقاب العباد فدا ًء لشخوصهم ودفاعا عن ذواتهم الفانية. رغم أنف كل األعداء والحاقدين فعلتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح وتجددت ،ورغم أنف أولئك الذين لن يكفوا أيديهم وال ألسنتهم عن الصحابة األبرار فعلتها حركة فتح ،ومن جنبات املؤمتر ومن عىل ثرى املقاومة الشعبية يف كل مكان من فلسطني يف الضفة وغزة والداخل ،ومع دعوات 218
كل األمهات يف فلسطني ،ومع مساعي كل الحركيني يف كل مكان وكل األخوة واألصدقاء يف العامل ،ومن عيون أبناء الفتح الدافئة والساهرة ،ومن عقول ال تحدها حدود السامء وال طبقات األرض منفتحة ومتزنة ،وأذهان قلقة ولكنها تعي وتدرس وتقرر ،وأفئدة حانية ولكنها متحفزة ...خرج املارد الفتحوي بكل قوة وعنفوان وعليكم أن تسريوا يف مجراه الرئييس أو ضمن روافده، ولكل طاريء عىل التاريخ واملستقبل أن ينظر إن كان له نظر.
219
استنهاض الكادر في إطار عقلية العمل والتجدد ( َونُرِي ُد أَن نمَّ ُ َّن عَلىَ ال َِّذي َن ْاستُضْ ِعفُوا فيِ الأَْ ْر ِض َونَ ْج َعلَ ُه ْم أَئمَِّ ًة َونَ ْج َعلَ ُه ُم الْ َوا ِرثِ َني) (القصص)5 يف اآلية الكرمية داللة عىل أن الله تعاىل ميهل وال يهمل ،فاملستضعفون يف األرض أي أرض البد أن يأيت يوم مي ّن فيه الله عليهم ،وميكنهم من االستخالف وإعامر األرض ،بجعلهم أمئة أي دعاة للخري والصالحات ،وهي مدخل الوراثة 33 مبعنى متكينهم من خدمة الناس وإعامر األرض والدعوة لله. أركان العمل الثالثة
34
ويف الوعد االلهي دعوة للعمل ترتابط مع فكرة العمل الواردة يف القرآن الكريم بنص الكلمة:عمل الواردة بصيغ مختلفة 371مرة. واليكم الربط بحقيقته إذ يقول الله تعاىل ( َوتِل َْك الْ َج َّن ُة الَّ ِتي أُو ِرثْتُ ُمو َها بمَِا كُ ْنتُ ْم ت َ ْع َملُو َن) (الزخرف)72: الصالِ َح ِ ات ويقول سبحانه وتعاىل بتكرار متصل (إِ َّن ال َِّذي َن آ َم ُنوا َو َع ِملُوا َّ كَان َْت لَ ُه ْم َج َّناتُ الْ ِف ْر َد ْو ِس نُ ُزلاً ) (الكهف ،)107ما تكرر عدة مرات. نستنتج مام سبق أن الضعف ال ميكن تخطيه اال بالعمل ،وليس أي عمل فهو العمل الرشوط بأركانه الثالثة :أوال أنه عمل صالح مفيد ايجايب ومقرتن -33يف التفسريات العامية املشوهة افرتاض أن “الوراثة” هنا هي كوراثة االبن عن أبيه ما هو غري صحيح البتة ،بل هو القاء الواجب الرباين بالعمل يف األرض وخدمة الناس والدعوة لله وعمل الصالحات ،وهو معنى الوراثة هنا ،ال سيام أن اآلية الكرمية جاءت بالقبيلة العربية املنقرضة قبيلة بني ارسائيل املندثرة ،وبالطبع القرآن الكريم تنطبق حكمه وعظاته وتعاليمه عىل كل زمان. -34ألقيت كمحارضة يف جامعة خضوري يف حشد من الطلبة يف مدينة طولكرم-فلسطني 2018 /11 /4
220
باالميان فالعمل رشط االميان وليس شطر من االميان. ومن هنا فاالميان بالهدف والغاية يشكل حافزا ودافعا للتقدم اىل األمام، ولكنه بال عمل ال قيمة له مام ميز املسلمون فيه بني املسلم واملؤمن، وبذلك يكون الركنان املتعانقان هام العمل واالميان ،والبد للثالث من أركان العمل وهي صفته أي ان يكون عمال صالحا مفيدا ايجابيا كام أسلفنا ،وعليه فاملكافأة الدنيوية بالفوز واألخروية بالجنة. ال ُع َمر والقسام وعرفات
( َونُرِي ُد أَن نمَّ ُ َّن عَلىَ ال َِّذي َن ْاستُضْ ِعفُوا فيِ الأَْ ْر ِض َونَ ْج َعلَ ُه ْم أَئمَِّ ًة َونَ ْج َعلَ ُه ُم الْ َوا ِرثِ َني القصص )5 ولنا يف النامذج العربية الفلسطينية الكثري يف سياق العمل ،ولكن سنذكر منها ثالثة مناذج ،األول :ظاهر العمر الزيداين الذي كان أول من رسم حدودا لألرض الفلسطينية يف العرص الحديث يف القرن 18ليكون اول رئيس للدولة الفلسطينية. ولنا أن نعرج عىل الشيخ عزالدين القسام الذي أضاف للثورة عقلها املنظم فجعل الجهاد ضد العدو أصال منظام وليس عمال فرديا او فزعة عرب. ليأيت يارس عرفات فيجعل من االعتامد عىل الجامهري أساسا وهؤالء الثالثة من قيادة املستضعفني يف األرض منا وممن م ّن الله عليهم بالثبات وانجاز النموذج لنحتذي به. هل نحن ضعفاء؟
ماذا نستفيد من ذلك يف عملنا الطاليب يف الجامعة ،إننا نستفيد الكثري إذ يجب أال نظن بأنفسنا الضعف أمام أعدائنا ،فإن حصل ذلك فقدنا من أركان املنة من الله الكثري ،وفقدنا صفة هامة من صفات حرب الشعب طويلة 221
األمد وهي امتالك القدرة عىل التأثري باآلخرين.
35
ليك مين الله علينا ويهدينا ويوفقنا ال مناص لنا من تحقيق رشائط املنة والفوز عىل الحد األدىن من خالل ثالثية :االميان والعمل وااليجابية وهو بالعمل املوصوف بالصالح أو املفيد. الجهاد وخماسية التنظيم
دعوين أتحدث بالفكرة الثانية وهي حول التنظيم ،وخاصة السيايس، وأيضا سأذكر من كتاب الله العزيز ما يغنينا عن كثري تفصيل. فيقول الله سبحانه وتعاىل ( َوال َِّذي َن َجا َه ُدوا ِفي َنا لَ َن ْه ِديَ َّن ُه ْم ُس ُبلَ َنا ۚ َو ِإ َّن اللَّ َه لَ َم َع الْ ُم ْح ِس ِن َني (العنكبوت )69حيث ميكننا أن نتامل يف هذه اآلية الكرمية ما يخربنا عن مفهوم العمل الجامعي أو التنظيم. ف”الذين” داللة الجامعة املخاطبة و”جاهدوا” مبعنى بذل الوسع والجهد بالعمل املرتبط باالميان كام قلنا وهو العمل املفيد الصالح االيجايب لخدمة الناس وإرضاء الله التي تبدو واضحة باآلية حني القول “فينا” حيث الغاية رضاء الله وما ينبثق عنها من أهداف شخصية أو عامة أو تنظيمية أو وطنية كلها مربوطة بالحبل او الغاية األكرب وهو رضا الله سبحانه. ولتحقق الهداية من الله يقتيض هنا (الجامعية) و(العمل) و(الغاية) وفيها فإن امكانية تعدد (السبُل) يف العمل الخيرّ أو يف مساحات التفكري او التدبري يف الشأن السيايس اواالقتصادي او التنظيمي تصبح متاحة ولكن “ -35تعتمد حرب الشعب عىل تجنيد كامل طاقات الجامهري واالستفادة منها بعد تنظيمها وتثقيفها وتعبئتها لصالح تقويض جبهة العدو تفتيتها .وحرب الشعب حرب ثورية طويلة االمد ،ال ينحرص النضال من خاللها يف االمور العسكرية البحتة ،بل يشمل ايضا النضال السيايس والنضال االجتامعي ،وتطوير قيم ومسلكية الفرد باالضافة اىل تطوير قدرات الجامعة الثقافية واملهنية لتزيد من عطائها وخدمتها ملتطلبات الحرب والثورة «-من منشورات حركة فتح-التعبئة الفكرية-عن صخر حبش تحت عنوان حرب الشعب.
222
يتبقى وفق اآلية الكرمية عنرص خامس وهو عنرص (القيم) حيث املحسنني واالحسان تقوى وعبادة واالحسان كام يقول األمئة أن تعبد الله كأنك تراه فإن مل تكن تراه فإنه يراك ،وإحسا ٌن يف حقوق ال َخلْق ...وهو بذل جميع املنافع ِمن أي نو ٍع كان ،ألي مخلوق يكون. التنظيم السيايس هو مجموعة من األفراد يلتئمون عىل أهداف محددة تجمعهم ويحكمهم قانون او نظام ذو هيكل تنظيمي ،ويقومون بعمل مشرتك ،لذا فالعمل املفيد والصالح واملستدعي للتمكني واملنة من الله من االوجب أن يكون منظام ،فال تشكك مبقدار العمل الجامعي عىل إحداث التأثري مقارنة بانجاز الفرد مهام كبرُ وعظُم. منوذج الكسب لدى يارسعرفات إن التنظيم يتسع وقد ينكمش ،وباتساعه أوانكامشه أسباب عدة لكننا نريد توسعه اعتامدا عىل الفكرة والفعل او املبادرة. ففكرة حركة «فتح» والثورة الفلسطينية هي فكرة تحرير فلسطني ،ضمن االمة العربية ودورها ،وهي الفكرة الجامعة لكل الناس بكافة الرشائح ومن هنا يتوقف علينا رضورة إحداث التأثري يف الناس الفئة املستهدفة. ويف الجامعة هي جموع الطالب املطلوب أن نجذبهم ونؤثر فيهم ونستقطبهم لفكرتنا وعملنا وأطرنا من خالل االنتقال خالل املراحل الخمسة للجذب وهي التصويب والتحديد للمستهدفني أوال ،ثم مد الجسور ثانيا، ثم تحقيق الصداقات ثالثا ،ما يليها من مرحلة النصري رابعا ،فمرحلة العضو العامل. ويف عملية الكسب والتأثري يف اآلخرين أساليب عدة دعونا نستعرض 9فقط منها كالتايل من منوذج الراحل يارس عرفات ،فلقد متيزت حياته يف مرحلة الصبا والشباب ما نريد أن نركز عليها هنا ألننا نحادث شبابا وشابات مبميزات جاذبة تسعة كالتايل: 223
.1 .2 .3 .4 .5 .6 .7 .8 .9
1كان يارسعرفات يتشوق للتعلم ،وال يقف عند هذا الحد بل ينقل املعرفة ويعلّم 2امتلك مهارة أو سمة العمل الدؤوب ،وهو العمل غري النمطي بل 36 العمل املتجدد إذ كان يفاجيء اقرانه دوما بكل ما هو جديد 3ذوعقلية جامعة غري مفرقة ،وكان شخصية مستقلة عن الحزبية والعشائرية والعائلية. 37 4يحتفظ بجيبه دوما بالخطة (ب) 5اليهاب محادثة الكبار باحرتام وحسن حديث (لقاء الحاج أمني الحسيني يف بيت والده ،وهو بسن16عاما) 6كان عمليا وليس نظريا فقط (يصنع خططه الحربية ويطبقها كطفل، ثم الحقا كقائد ثورة) 7الثناء واإلشادة عىل زمالئه ما يحببهم به ويشدهم اليه 8إدارة الحوارات والنقاشات املتنوعة إذ يُحسن االستامع يتخل يوما عن حلمه حتى غدا هدفا (عاد من حرب 1948النكبة، 9مل ّ بعمر18عاما ،والحلم بالتحرير أصبح هدفا). حركة فتح والتأثير
واىل ذلك فمن املمكن أن نقول أيضا أن التأثريعامة يتطلب أوال :االميان بالفكرة والتآلف معها، كام يتطلب ثانيا :إحسان لغة الجسد مبا تشتمل عليه من االيجابية واملظهر الحسن ،ومن االبتسامة واظهار الحفاوة والسعادة ،ومن تقليد سلوك اآلخرين واملحاكاة لهم.
-36كان يصلح األشياء يف البيت وخصص لذلك عدة خاصة ،وكان يصنع األشياء ويجمع الكتب ويقراها ويتعرف عىل املحيط ،ويربط عالقات متنوعة مع أقرانه من مختلف الخلفيات(...نانيس دوبرو ،يارس عرفات متى مل يكن هنا ،مؤسسة يارس عرفات) -37كان يقود املظاهرات يف الثانوية يف مرص ضد االحتالل االنجليزي فقرا خطابا له ذات يوم يف املدرسة امام جمع من الطالب فجاه املدير ونزع الورقة ،واىل أن غاب املدير عن األنظار قام يارس عرفات باخراج الخطبة بنسختها الثانية من جيبه الخلفي.
224
كام تايت ثالثا املصداقية والجدية من حيث إبداء االهتامم بالجمهور، وإثارة حامستهم والتعاطف معهم ،ومن حيث االلتزام بالوعود حني تقطع، وعرب التمييز بني الشخص واملوقف ،وتفويض العمل بثقة باآلخرين ،وأن تكون الحدود والتوقعات والنتائج واضحة بني األفراد. ويف النقطة الرابعة وهي التواصل مبحبة البد من استخدام تقنية املدح والثناء مبكانها والتقاط األسامء ،ويقول لك خرباء التنمية :أعد املشاعر قبل الكلامت ،ومن املهم حسن اإلصغاء و»االستامع االنعكايس» برتداد جزء مام يقوله الشخص مقابلك ،وهنا أيضا لنا التقيد بقانون املحبة والنفس االيجايب. اما بالنقطة الخامسة وتحت عنوان كن إيجابيا فإنا نقول :اعرتف بالخطأ وامسك زمام املبادرة ،ونقول كام اآلية الكرمية «الكاظمني الغيظ» ،ال تغضب ف»ليس الشديد بالرصعة» كام يقول سيد الخلق صىل الله عليه وسلم ،ومرة اخرى نؤكد عىل اعدادك املشاعر االيجابية قبل التلفظ بالكلامت ،ولك أن تبتعد عن الجدل ما استطعت وأن تتقمص شخصية محاورك لتفهمه ويف املشابهة بالنطق او اللبس او التعبريات رسالة إيجابية أيضا. وال مناص يف النقطة السادسة من تخري الزمان واملكان والحال لحسن االتصال واليقاع التأثري الكبري ،وأيضا التصويب نحو دائرة التأثري وليس دوائر االهتامم. عقلية التجدد الحركي
ذكرنا العمل وأهميته والتنظيم واحتضانه للعمل املنتج ،لنقول أيضا أننا يف حركة فتح نستنهض الكادر من 3جوانب األول :من حيث الشخص مع نفسه والثاين من حيث هو وزميله أو الشخص اآلخر ،وعالقتهام الثنائية أو ضمن مجموع ،38والثالثة هي نحن بعالقاتنا الجامعية كتنظيم وجمهور. -38يف املؤسسة تواجد فريق من 35موظف شاب ومرشق وحاميس ،ومع ذلك مل يكونوا يتشاركون باملعلومات فيام بينهم (االنانية) ،بل وحتى الحلول مل تكن مشرتكة ،مبعنى تعمق الفردية واألنانية فيهم ،فكان أن أجريت عليهم التجربة التالية :وضع صندوق وسط املطعم
225
وعليه إلن حركة فتح تجذب اآلخرين بك ويب ومبا متتلكه من قدرات وكفاءات وفكر وتاريخ فعلينا أن ندرك أن عقلية التجدد الجاذبة يف حركة فتح هي التي تتسم بالتايل: 1 .1التجاوز للقديم امل ُحبط البائس 2 .2نفهم الواقع بالتثقيف الذايت والقراءة واالستفادة من التجارب 3 .3القفز نحو املستقبل ولزوم اإليجابية (والد نبيل شعث قال له :إلزم يارس عرفات) المنل الحركة فنصنع الحدث ،فحركة فتح حركة التفكري املنطقي ّ 4 .4 واالبداعي حركة الواقع وقدرة التخيل إن من مميزات حركة فتح أيضً ا كام سبق وأرشت اليها يف لقاء رايئ (تلفزي) يف فضائية فلسطني حيث قلت: 1 .1أنها تغتسل يوميا مباء التجدد فال تقبل املاء الراكد أبدا فتأسن ،واىل ذلك تحتفي بالشباب 2 .2حركة فتح هي حركة بلون الرتاب فهي تجمع وال تفرق ،وتقبل التعددية باملؤسسة بعد أن أزيحت الكرايس اىل الجدران ،ويف الصندوق كمية كبرية من البالونات (النفافيخ) وطلب خبري التنمية البرشية من كل واحد منهم ان ينفخ بالونا ،ويكتب عليه اسمه بلطف ألن نسيج البالونات رقيق ،ففعلوا اال خمسة تفرقعت بالوناتهم فاستبعدوا من التجربة. وبعد ان نفخوها وطلب منهم أن يطيرّ وها باملكان ،اخرجوا من املكان. يف املرحلة الثانية قام منسقو التجربة بنفخ باقي البالونات التي بالصندوق. ثم أعيد الفريق الذي أصبح تعداده 30موظفا وموظفة اىل املكان ،وطلب من كل شخص فيهم ان يلتقط البالون الذي عليه اسمه من مئات البالونات الطائرة خالل 15دقيقة كحد أقىص ،وهذا ما مل يتمكن فيه أحد يف ظل البالونات الكثرية الطائرة يف املكان. يف املرحلة الثالثة أعيد إدخالهم للمكان ،للمطعم ،وطلب من كل واحد منهم ان يلتقط بالونا عليه اسم ،أي اسم ،ويسلمه لصاحبه فانجروا املهمة يف بضع دقائق! ليتعلموا بوضوح مدى أهميته مشاركة املعلومات ومدى أهمية التوصل للحلول املشرتكة وأهمية العمل الجامعي والتخيل عن االنانية أو الفردية بالنظرة والعمل. قال قائد الفريق :نحن اكرث كفاءة عندما نكون راغبني باملشاركة مع بعضنا البعض ،ونحن أفضل يف حل املشاكل عندما نعمل معا وليس بشكل فردي.
226
فال تقدس األشخاص وال تقيص املختلفني 3 .3وحركة فتح حركة متعطرة رغم وجود بعض الروائح العطنة فيها نعم، لكن رسعان ما يتغلب الثوري عىل عالعقل الوظيفي ،فال يتحول اىل تطهري ويصارع االنتهازيني ممن ركبوا قطار الثورة يف مراحل املد او الكسب والرصاع بني الثالثة ال ينتهي أي بني التطهري والثوري واالنتهازي. 4 .4حركة فتح حركة متأرجحة بني الفوىض العارمة اىل حد السيولة أحيانا وبني عقلية املؤسسة ما يحتاج منا لجهد ذايت وثنايئ وجامعي منظم، اصبرِ ُوا َو َصا ِب ُروا َو َرا ِبطُوا َواتَّقُوا اللَّ َه لَ َعلَّ ُك ْم ت ُ ْفلِ ُحو َن (يَا أَيُّ َها ال َِّذي َن آ َم ُنوا ْ (آل عمران .)200 5 .5حركة فتح حركة وطنية دميقراطية مدنية تركز عىل األولويات وتنحي الثانويات وتصنع الشخصيات مبكوناتها الثالثة متعلمة وعاملة ونضالية. ودعوين هنا أقتطف كلمة للعالمة العريب اللبناين االسالمي هاين فحص رحمه الله إذ يقول عن حركة فتح (أريد لفتح أن تعالج أعطابها ألن فلسطني ال تستغني عنها ،وأنا ال احب فتح ألنها جميلة او طويلة أو غنية...احب حركة فتح ألنها بنت فلسطني ،ألنها أم فلسطني التي تشيبهها ،وال احب أن يرتاجع الشبه بني فتح وفلسطني) تمايز
وللتاميز عن اآلخرين دعوين أقول أن مام ال تتصف به حركة فتح أبدا أي بأن نعرفها بالعكس عرب 5مواصفات قد نصف فيها الكثري من التنظيامت الفكرانية (االيديولوجية). وهي -أي تلك التنظيامت -أنها ذات فكر سيايس مقدس ومطلق ال يأتيه الباطل ال من بني يديه وال من خلفه ،والقداسة تنسحب من الفكرة عىل الفصيل وقادته فيصبح الكل مجموعة من القدبسني. وهي ثانيا :ذات فكر حرصي يخصها فقط. 227
وثالثا :هي إقصائية لآلخر من جنة فكرها وتنظيمها ورعايتها الحرصية. ورابعا :هي تستخدم الخرافات باستغالل الثوابت. اما خامسا :فهي تنظيامت متقوقعة عىل نفسها ،منعزلة سواء من خالل بيئتها الذهنية اواملادية أو حتى االلكرتونية. سمعة التنظيم واالنتماء
39
عمل وتأثري وتنظيم ومواصفات يجب أن نتحىل بها لنكتسب السمعة التي هي أيضا من عوامل الجذب واالستقطاب للقضية وللتنظيم. ومن يصنع السمعة نحن ،إذ مبقدار ما نكون منوذجا حيا للقيم واالخالق نسود ،فأنا ال أرى منك إال فعلك وال أهتم كثريا لحديثك املنمق املنزوع العمل 40يقول املتنبي: الس ِ ادات فَ ّع ُال ال يُدر ُِك امل َج َد إالّ َس ّي ٌد ف َِط ٌن لِماَ يَشُ ُّق َعىل ّ اس كُلُّ ُه ُم؛ أل ُجو ُد يُ ْف ِق ُر َواإلقدا ُم قَتّ ُال. لَ ْوال امل َشَ ّق ُة َسا َد ال ّن ُ أو كام قال أمري الشعراء أحمد شوقي وما نـيل الـمـطـالب بالتمنـي***ولـكـن تــؤخـذ الـدنـيا غالبـا
-39منوذج الطالب الياباين»أوساهريا» الدارس يف أملانيا يف صناعة املحرك لبالده ونقلها ملصاف الدول املتقدمة ،منوذج كام منوج «يل كوان يو» رئيس وزراء البلد ونهضة سنغافورة بالعلم والعمل ،ومنوذج يارس عرفات الربكان الثائر الصغري يف مواجهة االرسائيليني وهو مازال طالبا ،وأبوجهاد الذي بدا النضال بقنبلة مربوطة بخيط ،كلها من مناذج االرصار والعزمية وصدق االنتامء للفكرة وكذلك أطقال تل الزعرت عام 1976وصناعة الشموع الضاءة املستشفى الوحيد املحارص من قبل االنعزاليني اكرث من 50يوما .بينام نجد يف قصة السلطان اململويك قانصوه الغوري يف مواجهة السلطان سليم االول عام 1516مبعركة مرج دابق قرب حلب ،وتففلت املامليك من الحرب نجد ضعف الدوافع والحوافز وفقدان االنتامء. 40كَبرَُ َم ْقتًا ِعن َد اللَّ ِه أَن تَقُولُوا َما لاَ ت َ ْف َعلُو َن (الصف )3
228
قوم ٌ منال***إذا اإلقـدام كـــان لــهـم ركابا وما استعـىص عىل ِ وللسمعة فعلها يف اآلخرين وفق ما تذكر الرواية عن أحد قادة الجيوش املتحاربة فرتة ما أسمي يف تاريخ الصني حروب املاملك الثالثة حيث انتحى القائد الذي ال يهزم بقطعة من جيشة يف قلعة بعيدا عن جيشه ليأخذ قسطا من الراحة ،فعلم أعداؤه بذلك فتقدموا للقضاء عليه ،فإذ به يفاجا بذلك من االستطالع خارج القلعة ،فطلب منهم بكل ثقة آلة “أرهو” الصينية الوترية، واعتىل أعىل نقطة بالقلعة وبدا يعزف! وسط مفاجأة مجموعة الجند معه إال أن الجيش العرمرم القادم للقلعة عندما شاهد املنظر من بعيد ذهل وظن باالمر خدعة ،فرجع يجر أذيال الخيبة .إنها السمعة يا سادة التي يجب أن نحتفظ بها وال نتخىل عنها. صدق االنتماء
قلنا عمل وتأثري وتنظيم ومواصفات يجب توفرها يف الكادر ليكون قدوة ومنوذج وليكسب تنظيمه السمعة وان ركزنا عىل يشء محدد هنا فلنا ان نركز عىل االلتزام واالنتامء واالنضباط والدميقراطية ويف صدق االنتامء 1 .1صفاء القلوب وتوحد التوجهات 2 .2انجاز التكليفات بطريقة أكرث ابداعا واخالصا 3 .3تنافس يف بذل العطاء ،ال عىل املواقع بال عمل 4 .4زيادة الثقة املتبادلة (انا وهو ،نحن).. 5 .5التشخيص املبكر لألخطاء 6 .6عدم االكرتاث للمناصب والعناوين 7 .7الثبات يف العمل حتى آخر املشوار واىل ذلك فإن مظاهر ضعف االنتامء قد تربز من خالل: ◊ ◊عدم االهتامم بالعمل أو االنشطة ◊ ◊وعدم االهتامم باملواعيد واالجتامعات 229
◊ ◊بل والتهرب من القيام باملهام وإلقاء املسؤوليات عىل االخرين ◊ ◊ويربز كرثة النقد والشكوى والرتكيز فقط عىل السلبيات ◊ ◊وترى التقليل من شان املؤسسة وعدم االعرتاف مبنجزاتها ◊ ◊وهناك من يروج لآلراء الشاذة وينسبها للتنظيم ◊ ◊والعمل عىل التثبيط من خالل املقارنات غري الواقعية مع مؤسسات أخرى ◊ ◊ناهيك عن املبالغة والتضليل أو التقليل والتهوين ،وكلها أمراض وآفات البد من التصدي لها. ومن الله التوفيق .وانها لثورة حتى النرص
230
الكاﺗﺐ :بكر أبﻮبكر مواليد فلسطني ،تخرج يف العام 1985بكالوريوس هندسة مدنية. الشهادة العليا يف العلوم السياسيةعام .2003 شارك يف عدة حلقات ودوراتونــدوات ومــؤمتـرات فكرية وإداريــة ونقابية وسياسية. عقد وأدار وحارض يف مئات الدورات لكوادر تنظيمية ووطنية وجالياتيف عدة تخصصات فكرية وسياسية وتنظيمية وانسانية يف فلسطني وخارجها. رئيس االتحاد العام لطلبة فلسطني يف الكويت ().1986- 1984 عضو لجنة إقليم (قيادة) حركة (فتح)بالكويت () 1991-1987 عضو املجلس اإلداري لالتحاد العام لطلبة فلسطني منذ .1990 عضو املجلس الوطني الفلسطيني.ثم عضو األمانة العامة التحاد الكتابواألدباء الفلسطينيني منذ ()-2010 2005 مسؤول الدراسات والدورات يف قيادة مكتب التعبئة والتنظيم لحركة(فتح) ،تونس ()1996-1991 عضو قيادة مكتب التعبئة والتنظيم يف الوطن منذ العام .2002ومسؤول التدريب وإعداد الكادر نائب املفوض ،ومسؤول دائرة التدريب يف التوجيه السيايس والوطنييف فلسطني ()2008-1996
عضو املجلس الثوري لحركة فتح ( )2016-2009ثم عضو املجلساالستشاري للحركة. * مسؤول التعبئة الفكرية يف حركة فتح ،مفوضية االعالم والثقافة والتعبئة الفكرية منذ العام 2017 له العديد من الدراسات واألبحاث والكتابات املنشورة يف الصحفواملعتمدة للدورات املختلفة. مفكر وكاتب وأديبصدرت له الكتب التالية: الدراسات والكتابات:
1 .1مفاهيم ال بد منها – عناة للطباعة والنرش – رام الله 1997م. 2 .2تحقيق الفوز يف قيادة الحملة االنتخابية – .gups- 1999 3 .3مبادئ املسؤولية التنظيمية -.عناة للطباعة والنرش1998 - 4 .4كيف تقيم معسكرا ً؟ التوجيه السيايس.1997 ، 5 .5التفكري يف حركة (حامس) -مدرسة الكوادر-1998 6 .6حركة (فتح)بؤرة اإلبداع والتميز –مدرسة الكوادر.-1998 7 .7حركة (فتح) والتنظيم الذي نريد ،دار عناة.2003 ، 8 .8وجوه القيادة ،املركز الفلسطيني للدراسات ،رام الله2005 ، 9 .9حركة حامس سيوف ومنابر ،دار عناة ،رام الله2008 ، 1010أوعية الفكر االسالموي محاولة للفهم ،دار الجندي ،القدس 2016 1111مدينة القدس ،التاريخ الحقيقي ،وتهويد االحتالل ،دار الجندي ،القدس، 2017 1212حركة فتح واالسالم والعلامنية ،دار االمني ،رام الله2016 ، 1313أساطري اليهود وأرض فلسطني يف القرآن الكريم ،دار االمني ،رام الله، 2017
1414طريق مغلق ،الدميقراطية والتعبئة يف التنظيامت االسالموية ،دار االمني ،فلسطني2017 ، 1515االنطالقة االغتسال يف املطر واالنتصار ،دار االمني ،فلسطني 2018 النتاجات األدبية:
◊ ◊م ال! (مجموعة قصصية)-.دار الزاهرة-2000 ◊ ◊يف الزمن الواقع بإمكانكم أن تطريوا (مجموعة قصصية) ،دار الرشوق، 2003 ◊ ◊برق مقيم (نصوص نرثية) –اتحاد الكتاب الفلسطينيني -القدس2004 ، ◊ ◊ثالثة رشوط بسيطة (مجموعة قصصية) ،اتحاد كتاب تونس 2007 ◊ ◊صدر السامء الحافية (نصوص)-رام الله-دار األمني للنرش-2011 ◊ ◊بيدي أن أصري دبابة (نصوص)-رام الله-دار األمني للنرش-2013 املواقع عىل الشابكة: www.bakerabubaker.info baker.abubaker@yahoo.com http:/ / www.facebook.com/ baker.abubaker @bakerabubaker http:/ / ar.scribd.com/ bakerabubaker/ documents