مجلة "الدبلوماسي" العدد ٨٢

Page 1

‫العدد ( ‪ ) 82‬نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪ 2015‬م‬

‫فساد‬ ‫»‬ ‫الـ«‬

‫قمة العشرين‪..‬‬ ‫ترسم معالم المستقبل‬

‫أبرز أحداث عام ‪2015‬‬

‫شريان الحياة لإلرهاب‪..‬‬ ‫مكافحة تمويل اإلرهاب‬



‫االفتتــاحية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫رؤية سياسية خليجية موحدة‬

‫هذه اخلطوات العملية املدرو�سة مت الإعالن عنها يف البيان اخلتامي مبا‬ ‫ي�شتمل عليه من جدول زمني حمدد يف التمثيل‪ ،‬و�ست�سعى اململكة يف تطبيقها‬ ‫خالل فرتة رئا�ستها للمجل�س‪.‬‬ ‫�إن �أ�صحاب اجلاللة وال�سمو بحثوا خالل �أعمال القمة وب�شكل معمق كافة‬ ‫الق�ضايا والتحديات الإقليمية التي ت�شهدها املنطقة يف �إطار حتقيق وحماية‬ ‫دول املجل�س التعاون من �أثرها ‪ ،‬وكذلك امل�شاركة الفعالة يف هذه الأزم��ات‪،‬‬ ‫وا�شتملت هذه الق�ضايا على الق�ضية الفل�سطينية والأزم��ات يف كل من اليمن‬ ‫و�سوريا والعراق عالوة على خطر الإرهاب على دول املنطقة والعامل‪ ،‬و�ضرورة‬ ‫تكثيف اجلهود ملكافحته بكافة �أ�شكاله و�صوره واجلهات التي تقف وراءه‪.‬‬ ‫�إن �أ�صحاب اجلاللة وال�سمو قادة دول املجل�س تعاملوا مع هذه الق�ضايا‬ ‫وفق ر�ؤية �سيا�سية موحدة جتاه ال�صراعات الإقليمية من �أجل ا�ستعادة الأمن‬ ‫واال�ستقرار يف املنطقة‪.‬‬

‫العدد‬

‫لقد حر�ص قادة جمل�س التعاون اخلليجي يف هذا االجتماع على تر�سيخ مفهوم‬ ‫التعاون احلقيقي يف جميع املجاالت ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية‬ ‫والع�سكرية والأمنية وغريها من جماالت التعاون امل�شرتك‪.‬وناق�شوا الر�ؤية‬ ‫ال�شاملة التي طرحها خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبدالعزيز �آل‬ ‫�سعود على �إخوانه �أ�صحاب اجلاللة وال�سمو قادة دول املجل�س التي �أكدت على‬ ‫�ضرورة م�ضاعفة اجلهود لالرتقاء ب�أداء �أجهزة املجل�س لتحقيق ما تتطلع �إليه‬ ‫�شعوبنا وال�ستكمال اخلطوات املهمة التي بد�أها يف �إطار التعاون امل�شرتك‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫�شكلت �أعمال الدورة ال�ساد�سة والثالثني للمجل�س الأعلى ملجل�س التعاون‬ ‫لدول اخلليج العربية التي �أقيمت يف الريا�ض فر�صة ملراجعة وتقييم م�سرية‬ ‫جمل�س التعاون اخلليجي بعد ‪� 35‬سنة من انطالقه‪.‬‬

‫عادل الجبير‬ ‫‪1‬‬

‫الرؤية الشاملة‬ ‫التي طرحها خادم‬ ‫الحرمين الشريفين‬ ‫أكدت على ضرورة‬ ‫مضاعفة الجهود‬ ‫لالرتقاء بأداء‬ ‫أجهزة المجلس‬ ‫لتحقيق ما تتطلع‬ ‫إليه شعوبنا‬


‫العدد ( ‪ ) 82‬نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫جملـة دوريــة متخصصـة يصـدرهـا معهـد الـدراســات‬ ‫الدبلوماسية بوزارة اخلارجية اململكة العربية السعودية‬

‫املشرف العام‬

‫الدكتور نزار عبيد مدين‬ ‫وزير الدولة لل�ش�ؤون اخلارجية‬ ‫املدير العام‬

‫الدكتور عبدالكرمي بن حمود الدخيل‬ ‫مدير عام معهد الدرا�سات الدبلوما�سية‬ ‫املشرف على التحرير‬

‫الدكتور تركي العواد‬ ‫معهد الدرا�سات الدبلوما�سية‬ ‫الهيئة االستشارية‬

‫سمو السفري‬ ‫الدكتور تركي بن حممد بن سعود الكبري‬ ‫وكيل وزارة اخلارجية للعالقات متعددة الأطراف‬

‫سمو السفري خالد بن سعود بن خالد‬ ‫م�ساعد وزير اخلارجية‬

‫السفري الدكتور خالد اجلندان‬ ‫وكيل وزارة اخلارجية للعالقات الثنائية‬

‫السفري أ‪ .‬أسامة نقلي‬ ‫رئي�س الإدارة الإعالمية بالوزارة‬

‫الدكتور خالد الرويتع‬ ‫معهد الدرا�سات الدبلوما�سية‬ ‫التنسيق اإلعالمي‬

‫كلمة التحرير‬

‫برنامج التحول الوطني‪ ،‬الذي �أعلن عنه يف الريا�ض م�ؤخرًا‪ ،‬يلقي ال�ضوء على التحرك‬ ‫احلكومي القادم لتنمية الوطن عرب خطة �شاملة حتقق للمواطنني التنمية ال�شاملة خالل‬ ‫ال�سنوات اخلم�س القادمة‪.‬‬ ‫ور�سم ويل ويل العهد خالل اللقاء التعريفي بالربنامج‪ ،‬خارطة الطريق التي يعمل‬ ‫عليها جمل�س ال�ش�ؤون االقت�صادية والتنمية؛ حتقيقًا لتوجيهات خادم احلرمني ال�شريفني‪-‬‬ ‫حفظه اهلل‪ -‬يف خدمة املواطن وخلق املزيد من الفر�ص االقت�صادية واال�ستثمارية‪ ،‬يف‬ ‫ظل املحاور الأ�سا�سية خلطة التحول التي ت�شمل املجتمع واالقت�صاد والإدارة احلكومية‪،‬‬ ‫مرتكزة على ر�ؤية امللك �سلمان يف �أن تكون ال�سعودية منوذجً ا ناجحً ا ورائدًا يف العامل‬ ‫على كافة ال�صعد‪.‬‬ ‫برنامج التحول الوطني‪ ،‬هو التحرك احلكومي القادم لتنمية الوطن عرب خطة �شاملة‬ ‫حتقق للمواطنني التنمية ال�شاملة خالل ال�سنوات اخلم�س القادمة‪.‬‬ ‫�سمو ويل ويل العهد وقبل �أن ينهي حديثه ق��ال‪« :‬ه��ذا هو طموحنا‪ ..‬ف�شاركونا يف‬ ‫حتقيقه» وهذه دعوة لكل فئات املجتمع و�أطيافه للم�شاركة يف هذا الربنامج بكل �إيجابية‬ ‫وفاعلية لتحقيق الهدف املن�شود يف تنمية وتطوير بالدنا يف املرحلة القادمة‪.‬‬

‫أ‪ .‬فؤاد صلواتي‬

‫مدير مكتب مدير عام املعهد‬ ‫ملراسلة اجمللة على العنوان الربيدي التايل‬

‫معهد الدرا�سات الدبلوما�سية‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫�ص‪.‬ب ‪ 51988‬الريا�ض ‪11553‬‬ ‫هاتف ‪ 2199500 :‬حتويلة ‪9532 / 9599‬‬ ‫فاك�س ‪2011186 :‬‬

‫الناشر‬

‫اآلراء واملعلومات تنشر على مسؤولية أصحابها وال تعكس بالضرورة وجهة نظر وزارة اخلارجية أو املعهد‬

‫املدير العام‬ ‫تغريد بنت إبراهيم الطاسان‬ ‫ص‪ .‬ب ‪ 501‬الرياض ‪ 11421‬المملكة العربية السعودية‬ ‫هاتف‪+966 11 419 3003 :‬‬

‫فاكس‪+966 11 419 6009 :‬‬

‫ردمك ‪ 9131- 8503 : NSSI‬رقم الإيداع ‪15/0187‬‬


‫‪18‬‬

‫احت�ضنت العا�صمة الإم��ارات �ي��ة �أب��و‬ ‫ظبي‪ ،‬فعاليات الدورة الثامنة لقمة جمال�س‬ ‫الأجندة العاملية ‪ 2015‬و�شارك فيها �أكرث‬ ‫من ‪� 900‬شخ�صية من كبار املفكرين و�صناع‬ ‫القرار وممثلي اجلهات احلكومية ومنظمات‬ ‫املجتمع املدين من �أكرث من ‪ 60‬دولة ومنظمة‬ ‫ا�ست�شرفوا خاللها الفر�ص امل�ستقبلية يف‬ ‫العامل‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫‪48‬‬

‫تعترب االعتداءات الدموية التي تعر�ضت‬ ‫لها العا�صمة الفرن�سية باري�س امتدادًا ملوجة‬ ‫الإرهاب التي جتتاح �أوروبا �أخريًا‪ ،‬وال ي�شك‬ ‫�أح��د ب��أن الإره��اب بات الآن ميثل التهديد‬ ‫خ�صو�صا �أن �ه��ا حماطة‬ ‫ً‬ ‫الأك�ب�ر لأوروب � ��ا‪،‬‬ ‫مبناطق ال تتمتع باال�ستقرار ويفقد النا�س‬ ‫فيها الطم�أنينة‪.‬‬ ‫ي�شكل امل�ط��ر وال�ط�ق����س ال�ب��ارد‬ ‫حت��د ًي��ا ك�ب�يرًا لالجئني واملهاجرين‬ ‫الذين ت��زداد معاناتهم هذه الأي��ام‪،‬‬ ‫ف �ع�لاوة على ظ ��روف ب�لاده��م التي‬ ‫�أج�برت �ه��م ع �ل��ى ال �ل �ج��وء �إل� ��ى دول‬ ‫اجل ��وار‪ ,‬ي��أت��ي ف�صل ال�شتاء ليزيد‬ ‫معاناة ه�ؤالء الالجئني‪.‬‬

‫‪08‬‬

‫ا�ست�ضافت العا�صمة ال�سعودية الريا�ض خالل يومي ‪ 12 - 11‬نوفمرب‬ ‫‪2015‬القمة العربية الالتينية الرابعة‪ ،‬التي عقدت برئا�سةال�سعودية‬ ‫و�شاركت فيها ‪ 34‬دولة من الدول العربية ودول �أمريكا اجلنوبية‪.‬‬

‫‪04‬‬

‫�شهد العام امليالدي املنتهي ‪2015‬‬ ‫ال��ك��ث�ير م��ن ال��ت��ط��ورات ال�سيا�سية‬ ‫والأم��ن��ي��ة‪� ،‬إ���ض��اف��ة �إل���ى العديد من‬ ‫الأحداث املهمة التي �أحدثت تغيريات‬ ‫وتطورات مهمة يف املحيط ال�سعودي‬ ‫وال��ع��رب��ي وال�����دويل‪ ،‬و���س��وف ن�سلط‬ ‫ال�ضوء على بع�ض من هذه الأحداث‪.‬‬

‫في هذا العدد‬ ‫بانوراما‬

‫‪4‬‬

‫القمة‬

‫‪8‬‬

‫دوليات‬

‫‪12‬‬

‫أخبار المعهد‬

‫‪16‬‬

‫الحدث‬

‫‪22‬‬

‫فنون سياسية‬

‫‪26‬‬

‫اقتصاد‬

‫‪30‬‬

‫مكتبة‬

‫‪34‬‬

‫أزمات‬

‫‪48‬‬

‫األخيرة‬

‫‪64‬‬


‫أبرزها‪ ..‬تولي الملك سلمان الحكم‪ ،‬وإطالق عاصفة الحزم‪ ،‬ووفاة األمير سعود‬ ‫الفيصل‪ ،‬وتعيين عادل الجبير وزير ًا للخارجية‪ ،‬وهجمات باريس‪...‬‬

‫بانوراما‬ ‫‪4‬‬

‫أبرز أحداث عام ‪2015‬‬ ‫ حاتم أبو صالح ‪ -‬الرياض‪-‬‬‫�شهد العام امليالدي املنتهي ‪2015‬‬ ‫ال��ك��ث�ير م��ن ال��ت��ط��ورات ال�سيا�سية‬ ‫والأم��ن��ي��ة‪� ،‬إ���ض��اف��ة �إل���ى العديد من‬ ‫الأحداث املهمة التي �أحدثت تغيريات‬ ‫وتطورات مهمة يف املحيط ال�سعودي‬ ‫وال��ع��رب��ي وال�����دويل‪ ،‬و���س��وف ن�سلط‬ ‫ال�ضوء على بع�ض من هذه الأحداث‪.‬‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫وما مت �شحنه و�ضخه للمتمردين عرب ال�سفن‬ ‫وخطوط الطريان اجلوي الذي فتح يف وقت من‬ ‫الأوق��ات بني طهران و�صنعاء‪� ،‬إذ كان الهدف‬ ‫الأ�سا�سي لعا�صفة احلزم هو تدمري هذه القوة‪،‬‬ ‫لكي يبيت ال�شعب اليمني وقيادته يف م�أمن من‬ ‫هذه القوة‪ ،‬التي بيد جماعة ال ت�ؤمن مببد�أ‪،‬‬ ‫وهي عبارة عن �أدوات تنفذ قرارات ت�صدر يف‬ ‫�إيران‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 15‬أبريل‪ ،‬تبنى جمل�س الأمن الدويل‬‫م�شروع ق��رار دول جمل�س التعاون اخلليجي‬

‫ب�ش�أن اليمن ويطالب القرار احلوثيني بوقف‬ ‫ا�ستخدام العنف و�سحب قواتهم من �صنعاء‬ ‫وبقية امل�ن��اط��ق‪ ،‬ويفر�ض ح�ظ�رًا على تزويد‬ ‫احلوثيني وال �ق��وات امل��وال�ي��ة للرئي�س اليمني‬ ‫املخلوع علي عبد اهلل �صالح بال�سالح‪.‬‬ ‫وي �ت �� �ض �م��ن ال� �ق ��رار م �ط��ال �ب��ة احل��وث �ي�ين‬ ‫باالمتناع عن تهديد وا�ستفزاز الدول املجاورة‬ ‫لليمن‪ ،‬والدعوة �إلى ت�سهيل �إي�صال امل�ساعدات‬ ‫الإن�سانية �إل��ى اليمن‪ ،‬كما يدعو الأط ��راف‬ ‫اليمنية �إل��ى اال�ستجابة لدعوة الرئي�س عبد‬ ‫رب��ه من�صور ه��ادي �إل��ى احل��وار يف العا�صمة‬ ‫ال�سعودية الريا�ض‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 21‬أبريل‪� ،‬أعلنت قيادة التحالف‬‫ت��وق��ف عملية عا�صفة احل ��زم وب ��دء عملية‬ ‫�إع���ادة الأم���ل‪ ،‬وذل ��ك بعد �أن �أعلنت‪ ‬وزارة‬ ‫ال��دف��اع ال�سعودية‪� ‬إزالة جميع التهديدات‬ ‫التي ت�شكل تهديدً ا لأم��ن ال�سعودية وال��دول‬ ‫املجاورة‪ ،‬وبعد �أن مت تدمري الأ�سلحة الثقيلة‬ ‫وال���ص��واري��خ البال�ستية وال �ق��وة اجل��وي��ة التي‬ ‫ك��ان��ت بحوزة‪ ‬ميلي�شيا احلوثيني‪ ‬والقوات‬ ‫املوالية‪ ‬ل�صالح‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 29‬أب��ري��ل‪� ،‬أ�صدر خ��ادم احلرمني‬‫ال�شريفني امللك �سلمان بن عبدالعزيز �أم�رًا‬ ‫ملكيًا بتعيني الأمري حممد بن نايف وليًا للعهد‬ ‫ونائب ًا لرئي�س جمل�س الوزراء‪ ،‬وزيرا للداخلية‪،‬‬ ‫ورئي�س ًا ملجل�س ال�شئون ال�سيا�سية والأمنية‪ ،‬بعد‬ ‫طلب الأمري مقرن بن عبدالعزيز �إعفائه من‬ ‫من�صبه‪.‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ يف بداية العام وحتديدً ا يوم ‪ 23‬يناير‪،‬‬‫تويف امللك عبداهلل بن عبدالعزيز ومتت مبايعة‬ ‫امللك �سلمان بن عبدالعزيز ملكًا لل�سعودية‪،‬‬ ‫وب��وف��اة امللك عبداهلل واع�ت�لاء امللك �سلمان‬ ‫�سدة احلكم �أ�صبح الأمري مقرن بن عبدالعزيز‬ ‫وليًا للعهد‪ ،‬ويف اليوم نف�سه �أ�صدر امللك �سلمان‬ ‫�أمرًا ملكيًا بتعيني وزير الداخلية الأمري حممد‬ ‫بن نايف وليًا لويل العهد نائبًا ثانيًا لرئي�س‬ ‫جمل�س الوزراء‪.‬‬ ‫ ويف ‪ 29‬يناير‪� ،‬أ�صدر خ��ادم احلرمني‬‫ال�شريفني امللك �سلمان بن عبدالعزيز �أم�رًا‬ ‫ملكيًا ب�إعادة ت�شكيل جمل�س ال��وزراء ب�إعفاء‬ ‫وتعيني ع��دد من ال ��وزراء‪� ،‬إ�ضافة �إل��ى �إلغاء‬ ‫‪ 12‬جمل�سً ا وج�ه��ازًا حكوميًا‪ .‬كما مت ت�شكيل‬ ‫جمل�سني‪ :‬الأول لل�ش�ؤون الأمنية وال�سيا�سية‬ ‫برئا�سة ن��ائ��ب رئي�س جمل�س ال� ��وزراء وزي��ر‬ ‫الداخلية‪ ،‬وع�ضوية وزراء اخلارجية واحلر�س‬ ‫الوطني والدفاع وال�ش�ؤون الإ�سالمية والإعالم‬ ‫ورئي�س اال�ستخبارات العامة‪ ،‬والآخر لل�ش�ؤون‬ ‫االقت�صادية والتنمية برئا�سة الأم�ير حممد‬ ‫ب��ن �سلمان وع�ضوية وزراء ال�ب�ترول واملالية‬ ‫واالقت�صاد والإ�سكان والتجارة والنقل واحلج‬ ‫وال�ش�ؤون البلدية والقروية‪ ،‬وعدد من الوزارات‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫ وخ�لال ال�ف�ترة م��ن ‪� 8‬إل��ى ‪ 13‬فرباير‪،‬‬‫لتغي املناخ التابع التفاقية‬ ‫عقد م�ؤمتر جنيف رّ‬ ‫تغي املناخ يف‬ ‫الأم��م املتحدة الإطارية ب�ش�أن رّ‬ ‫جنيف ب�سوي�سرا‪ ،‬واتفقت فيه نحو ‪ 200‬دولة‬ ‫على م�سودة ن�ص ات�ف��اق م��ن امل�ق��رر �إب��رام��ه‬ ‫�أواخ���ر ال �ع��ام اجل ��اري مل�ح��ارب��ة تغري امل�ن��اخ‪،‬‬ ‫لكنها �أرج�أت القرارات ال�صعبة ب�ش�أن تقلي�ص‬ ‫جمموعة وا�سعة من اخليارات املتاحة للحد من‬ ‫االرتفاع ال�ضار لدرجات احلرارة‪.‬‬ ‫ ويف ‪ 26‬مار�س‪ ،‬انطلقت عملية عا�صفة‬‫احلزم‪ ‬بقيادة ال�سعودية‪ ،‬مب�شاركة حتالف‬ ‫دويل م �ك��ون م��ن ع���ش��ر دول � �ض��د ج�م��اع��ة‬ ‫احلوثيني‪ ‬والقوات املوالية‪ ‬لهم‪ ‬ولعلي عبد‬ ‫اهلل � �ص��ال��ح‪ ،‬وق ��د جن�ح��ت ه ��ذه ال�ع�م�ل�ي��ة يف‬ ‫�ضرب كل مفا�صل القوى لدى هذه اجلماعات‬ ‫وامليلي�شيات ال �ت��ي ا�ستهدفتها العا�صفة‪،‬‬ ‫وال�ق���ض��اء ع�ل��ى تر�سانتهم الع�سكرية التي‬ ‫ا�ستولوا عليها من ممتلكات اجلي�ش اليمني‪،‬‬

‫‪5‬‬


‫بانوراما‬ ‫‪6‬‬

‫كما �صدر �أمر ملكي يف اليوم ذاته بتعيني‬ ‫الأمري حممد بن �سلمان وليًا لويل العهد نائبًا‬ ‫ثانيًا لرئي�س جمل�س ال ��وزراء وزي� �رًا للدفاع‬ ‫ورئي�سً ا ملجل�س ال�ش�ؤون االقت�صادية والتنمية‪.‬‬ ‫أي�ضا �أ�صدر خادم احلرمني ال�شريفني امللك‬ ‫� ً‬ ‫�سلمان بن عبدالعزيز �أمرًا ملكيًّا ب�إعفاء الأمري‬ ‫�سعود الفي�صل من من�صب وزي��ر اخلارجية‪،‬‬ ‫بنا ًء على طلبه‪ ،‬وتعيني عادل بن �أحمد اجلبري‬ ‫وزيرًا للخارجية‪.‬‬ ‫وكذلك �أ�صدر خادم احلرمني ال�شريفني‬ ‫�أم� �رًا ملكيًّا بتعيني الأم�ي�ر �سعود الفي�صل‪،‬‬ ‫وزير دولة وع�ضوًا مبجل�س الوزراء‪ ،‬وم�ست�شارًا‬ ‫خا�صا خل��ادم احلرمني ال�شريفني‪،‬‬ ‫ومبعوثًا ًّ‬ ‫وم�شرفًا على ال�ش�ؤون اخلارجية‪.‬‬ ‫ ويف ‪ 22‬م��اي��و‪ ،‬ا��س�ت�ه��دف��ت العنا�صر‬‫الإجرامية والإرهابية اململكة بتنفيذ عمليات‬ ‫�إره��اب �ي��ة راح �ضحيتها ال�ع���ش��رات ب�ين قتلى‬ ‫وجرحى‪ ،‬وكان �أبرزها تفجري م�سجد القديح‬ ‫مبحافظة القطيف باملنطقة ال�شرقية وذلك‬ ‫�أثناء �أداء �صالة اجلمعة وتب َنّى تنظيم داع�ش‬ ‫هذا التفجري‪ ،‬وكان عدد القتلى و�صل يف هذا‬ ‫�شخ�صا و ‪ 102‬جريح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التفجري �إلى ‪22‬‬ ‫ ويف ‪ 9‬يوليو‪ ،‬تويف وزير اخلارجية ال�سابق‬‫الأمري �سعود الفي�صل يف والية لو�س �أجنلو�س‬ ‫الأمريكية بعد معاناة مع املر�ض‪ ،‬وذل��ك بعد‬ ‫�شهرين من تركه من�صب وزير اخلارجية الذي‬ ‫ظل ي�شغله �أربعني عامً ا منذ ‪ ،1975‬لي�صبح‬ ‫�أق��دم وزي��ر للخارجية يف ال�ع��امل‪� ،‬إذ عا�صر‬

‫�أربعة ملوك �سعوديني‪ ،‬وهو ابن امللك في�صل‬ ‫بن عبدالعزيز �آل �سعود‪ ،‬وح�صل على �شهادة‬ ‫البكالوريو�س يف االقت�صاد من جامعة برن�ستون‬ ‫يف ال��والي��ات املتحدة ع��ام ‪ ،1964‬وت��درج يف‬ ‫املنا�صب حتى عُ ني وكي ًال لوزارة النفط والرثوة‬ ‫املعدنية يف عام ‪.1971‬‬ ‫ ويف يوم ‪ 13‬يوليو‪� ،‬أعلن ق��ادة منطقة‬‫ال �ي��ورو ع��ن ات�ف��اق�ه��م ب��الإج �م��اع ع�ل��ى �إن�ق��اذ‬ ‫اليونان ‪ ‬عرب خطة م�ساعدة ثالثة لها بقيمة‬ ‫تقدر م��ا ب�ين ‪ 82‬و‪ 86‬مليار ي��ورو على ثالث‬ ‫� �س �ن��وات ‪.‬وب��ات��ت امل �خ��اط��ر املتعلقة ب�خ��روج‬ ‫اليونان ‪ ‬من منطقة اليورو من املا�ضي بعدما‬ ‫متكنت من االتفاق على �إع��ادة هيكلة ديونها‬

‫وح�صلت على متويل متو�سط الأجل يف حزمة‬ ‫بقيمة ‪ 35‬مليار يورو‪.‬‬ ‫ ويف ‪ 14‬ي��ول�ي��و‪� ،‬أع�ل�ن��ت ك��ل م��ن �إي��ران‬‫وال��والي��ات املتحدة عن التو�صل التفاق ب�ش�أن‬ ‫ال�برن��ام��ج ال �ن��ووي الإي� ��راين م��ا ��س��اع��د على‬ ‫خف�ض �سعر البرتول خالل �أ�شهر قليلة‪ .‬وقد‬ ‫�أدى ذلك االتفاق �إلى ت�أثري مبا�شر وفوري على‬ ‫�أ�سعار النفط اخل��ام‪� ،‬إذ تراجع �سعر برميل‬ ‫النفط اخل��ام الأمريكي �إل��ى دون ‪ 40‬دوالرًا‪،‬‬ ‫على الرغم من �أنه مل يتم بعد زي��ادة الإنتاج‬ ‫النفطي الإيراين بال�شكل الذي ي�ؤدي �إلى ذلك‬ ‫االنخفا�ض يف الأ�سعار‪ ،‬ولكن تت�أثر الأ�سواق‬ ‫املالية ب�شكل مبا�شر بالأخبار املهمة حتى ولو مل‬ ‫يكن لها ت�أثري فعلي وحقيقي يف الوقت احلايل‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 6‬أغ�سط�س‪ ،‬مت تفجري م�سجد قوات‬‫الطوارئ يف مدينة �أبها جنوب ال�سعودية‪ ،‬وهو‬ ‫تفجري انتحاري وقع �أثناء �أداء �صالة الظهر‬ ‫�شخ�صا وهم ‪5‬‬ ‫ً‬ ‫بامل�سجد‪ ،‬ونتج عنه مقتل ‪15‬‬ ‫رج��ال �أم��ن من ق��وات ال�ط��وارئ‪ ،‬و‪ 6‬متدربني‬ ‫بالدورات اخلا�صة ب�أعمال احلج‪ ،‬و‪ 4‬عمال من‬ ‫اجلن�سية البنغالد�شية‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 30‬أغ�سط�س‪ ،‬دخ�ل��ت ال�سعودية‬‫مرحلة تاريخية يف حياتها ال�سيا�سية‪� ،‬إذ‬ ‫ب��د�أت الن�ساء ال�سعوديات بت�سجيل �أ�سمائهن‬ ‫كمر�شحات يف انتخابات املجال�س البلدية يف‬ ‫دورتها الثالثة‪،‬‬ ‫وب��ال �ت��ايل ت �ك��ون امل�م�ل�ك��ة خ �ط��ت خ�ط��وة‬ ‫جديدة على �صعيد حت�سني �أو�ضاع امل��ر�أة عرب‬ ‫�أول انتخابات بلدية ت�شارك فيها املر�أة‪ ،‬لي�س‬ ‫أي�ضا‪.‬‬ ‫باالقرتاع فقط‪ ،‬بل وبالرت�شح � ً‬ ‫وكان امللك الراحل عبداهلل بن عبدالعزيز‬ ‫ه��و م��ن ق��رر يف ع��ام ‪ 2011‬ال�سماح للمر�أة‬ ‫ب��االق�تراع وال�تر��ش��ح لالنتخابات البلدية يف‬ ‫‪ ،2015‬م�ؤكدً ا وقتئذ على عدم تهمي�ش املر�أة يف‬ ‫املجتمع ال�سعودي‪.‬‬ ‫ ويف ي��وم ‪� 11‬سبتمرب‪ ،‬وق �ع��ت ح��ادث��ة‬‫�سقوط �آل��ة رافعة يف احل��رم املكي يف م�شروع‬ ‫تو�سعة امل�سجد احل��رام يف مكة املكرمة غرب‬ ‫ال�سعودية‪ ،‬وخلفت هذه احلادثة �أكرث من ‪108‬‬ ‫�شهداء وح��وايل ‪ 238‬جريحً ا ح�سب ما �أعلن‬ ‫عنه ال��دف��اع امل��دين‪ .‬وق��د �أ��ش��ارت العديد من‬ ‫املواقع الإخبارية �إلى �أن �سبب هذه احلادثة قد‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫يعود �إلى احلالة اجلوية ال�سائدة‪� ،‬إذ تعرّ�ضت‬ ‫املدينة لعوا�صف رملية وري��اح عاتية و�أمطار‬ ‫�شديدة‪.‬‬ ‫ ويف يوم ‪� 24‬سبتمرب‪� ،‬أدى تدافع من قبل‬‫�شخ�صا على الأق��ل‬ ‫ً‬ ‫احلجاج �إل��ى مقتل ‪769‬‬ ‫و�إ�صابة ‪� 694‬آخرين‪ ،‬بينما و�صل عدد القتلى‬ ‫�إلى �أكرث من ‪ ،2121‬وهو �أعنف حادث يحدث‬ ‫يف احلج منذ التدافع الأخري عام ‪ 1990‬الذي‬ ‫�شخ�صا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�أدى �إلى مقتل ‪1426‬‬ ‫وك�شف حادثا التدافع يف منى ومن قبله‬ ‫�سقوط راف�ع��ة يف احل��رم املكي خ�لال مو�سم‬ ‫احل��ج املن�صرم‪ ،‬ع��ن ال��وج��ه القبيح لإي��ران‬ ‫وح�ق��ده��ا ال��دف�ين و�أج�ن��دات�ه��ا اخل��ا��ص��ة �ضد‬ ‫اململكة والعامل العربي‪ ،‬وحماوالتها امل�ستمرة‬ ‫ال�ستغالل موا�سم احل��ج منذ �سنوات طويلة‬ ‫لإق�ح��ام ال�سيا�سة يف ال��دي��ن‪ ،‬وامل��زاي��دة على‬ ‫اململكة وجهودها ال�ضخمة واملقدرة يف خدمة‬ ‫حجاج بيت اهلل احلرام‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 26‬أكتوبر‪� ،‬أك��دت وزارة الداخلية‬‫ال�سعودية �سقوط قتيلني على الأق��ل‪� ،‬أحدهما‬ ‫منفذ الهجوم االنتحاري‪ ،‬الذي ا�ستهدف �أحد‬ ‫امل�ساجد يف مدينة «جن��ران» �إ�ضافة �إلى عدد‬ ‫«غري معروف» من اجلرحى‪.‬‬ ‫ ويف ‪� 31‬أكتوبر‪ ،‬حتطمت طائرة ركاب‬‫رو�سية و�سط �سيناء �شمال �شرقي م�صر كانت‬ ‫حتلق على علو ‪ 9450‬م�ترًا (‪ 31000‬ق��دم)‬ ‫عندما اختفت عن �شا�شات الرادار‪ .‬والطائرة‬ ‫الرو�سية املنكوبة هي من طراز «�إيربا�ص ‪»321‬‬ ‫تابعة ل�شركة «كوغاليم �أفيا» يف �سيناء‪ ،‬وكان‬ ‫على متنها ‪ 217‬راكبًا و‪ 7‬من �أف��راد الطاقم‬ ‫ولقي اجلميع م�صرعهم‪.‬‬

‫وع �ل��ى �إث ��ر احل��ادث��ة‪ ،‬منعت اث�ن�ت��ان من‬ ‫كربيات �شركات خطوط ال�ط�يران يف �أوروب��ا‬ ‫هما �شركة «لوفتهانزا» الأملانية‪ ،‬و�شركة «�إير‬ ‫فران�س» الفرن�سية طائراتهما من التحليق فوق‬ ‫�شبه جزيرة �سيناء انتظارًا ملعرفة �سبب حادثة‬ ‫الطائرة الرو�سية املنكوبة‪.‬‬ ‫ ويف‪ 4 ‬نوفمرب‪ ،‬ت�صدر امللك �سلمان بن‬‫عبدالعزيز قائمة �أقوى ال�شخ�صيات يف العامل‬ ‫العربي‪� ،‬إذ اختارته جملة «فورب�س» الأمريكية‬ ‫�ضمن �أوائل ال�شخ�صيات الأكرث نفوذً ا يف العامل‬ ‫لعام ‪ .2015‬كما جاء امللك �سلمان يف املركز‬ ‫ال��ـ‪ 14‬عامليًا يف القائمة التي �شملت ر�ؤ��س��اء‬ ‫وم�ل��و ًك��ا ورج ��ال �أع �م��ال و�شخ�صيات �شهرية‬ ‫يف ع��دد من دول العامل‪� ،‬سوا ًء على ال�صعيد‬ ‫ال�سيا�سي �أو االقت�صادي‪.‬‬ ‫ ويف‪ 13 ‬ن ��وف� �م�ب�ر‪ ،‬ه ��زت ال �ه �ج �م��ات‬‫الإرهابية العا�صمة الفرن�سية باري�س‪ ،‬وقالت‬ ‫�شرطة باري�س �إن عدد العمليات الهجومية يف‬ ‫هذه الليلة كانت ‪ 7‬هجمات يف وقت متزامن‪،‬‬ ‫�أعلن على �أثرها الرئي�س الفرن�سي فران�سوا‬ ‫�أوالن��د حالة الطوارئ يف كامل �أرج��اء فرن�سا‪،‬‬ ‫و�إغ�ل�اق احل ��دود ب�شكل م ��ؤق��ت‪ ،‬ون�شر ق��وات‬ ‫اجلي�ش يف باري�س‪.‬‬ ‫واعتربت هذه الهجمات الأعنف يف فرن�سا‬ ‫منذ احل��رب العاملية الثانية بعدما �أ�سفرت‬ ‫�شخ�صا و�إ�صابة ‪250‬‬ ‫ً‬ ‫احلوادث عن مقتل ‪128‬‬ ‫�شخ�صا يف حالة حرجة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫�آخ��ري��ن‪ ،‬بينهم ‪99‬‬ ‫وق �ت��ل ‪ 8‬م�ه��اج�م�ين‪ 7 ،‬منهم ق��ام��وا بتفجري‬ ‫�أنف�سهم‪.‬‬ ‫ وخ�ل�ال ال �ف�ترة م��ن ‪ 10‬ـ ‪ 11‬نوفمرب‪،‬‬‫ا�ست�ضافت العا�صمة ال�سعودية الريا�ض �أعمال‬

‫القمة الرابعة ل�ل��دول العربية ودول �أمريكا‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬ومت��ت خاللها مناق�شة موا�ضيع‬ ‫ذات �صلة بتعزيز التعاون بني ال��دول العربية‬ ‫والالتينية‪� ،‬إ�ضافة �إل��ى بحث ق�ضايا �إقليمية‬ ‫ودول� �ي ��ة‪ ،‬م�ث��ل الق�ضية الفل�سطينية ورف��ع‬ ‫احل�صار الإ�سرائيلي املفرو�ض على قطاع غزة‪،‬‬ ‫والإرهاب‪ ،‬و�إن�شاء قوة ع�سكرية عربية‪ ،‬والو�ضع‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬والو�ضع يف ليبيا‪ ،‬والو�ضع يف اليمن‪،‬‬ ‫وتطورات امل�ؤمتر التا�سع ملراجعة معاهدة عدم‬ ‫االنت�شار ال �ن��ووي‪ ،‬وال ��دورة الع�شرين مل�ؤمتر‬ ‫�أطراف اتفاقية الأمم املتحدة الإطارية ب�ش�أن‬ ‫تغري املناخ واملقدمة من جانب بريو‪.‬‬ ‫ ويف ‪ 15‬و‪ 16‬نوفمرب‪ ،‬عقدت يف مدينة‬‫�أنطاليا الرتكية قمة جمموعة «الع�شرين»‬ ‫التي بحثت م�شاكل االقت�صاد والتجارة وقطاع‬ ‫الطاقة على نطاق ال�ع��امل‪ ،‬و��ض��رورة �إ�صالح‬ ‫��ص�ن��دوق النقد ال ��دويل ومكافحة الف�ساد‪،‬‬ ‫�إل��ى جانب �أزم��ة الالجئني ومهمة الت�صدي‬ ‫للإرهاب‪ ،‬وال�سيما على خلفية هجوم عنا�صر‬ ‫تنظيم «داع�ش» يف باري�س‪.‬‬ ‫ وخ�ل�ال ال �ف�ترة‪ ‬ب�ين‪ 30 ‬نوفمرب‪ ‬و‪11‬‬‫دي�سمرب‪ ،‬ا�ست�ضافت فرن�سا ال��دورة احلادية‬ ‫والع�شرين من م�ؤمتر الأم��م املتحدة لتغري‬ ‫املناخ‪ ،‬وهو يعد من �أهم امل�ؤمترات‪ ،‬واعتربه‬ ‫ال�ك�ث�يرون م ��ؤمت �رًا تاريخيًا نتج عنه �إق��رار‬ ‫مل��ح��ددات رئي�سية حل��زم��ة م��ن ال���ض��واب��ط‬ ‫والتعهدات الدولية يف الإق�لال من انبعاثات‬ ‫ال�غ��ازات الدفيئة‪ ،‬وو�ضع �آليات لتنفيذ تلك‬ ‫االلتزامات بالن�سبة للدول املتقدمة وال��دول‬ ‫ذات االق �ت �� �ص��ادي االن �ت �ق��ايل ب �ح �ل��ول ع��ام‬ ‫‪2020‬م‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫ترأستها المملكة وشاركت فيها ‪ 22‬دولة عربية‪،‬‬ ‫و ‪ 12‬دولة من أمريكا الجنوبية‬

‫القمة العربية الالتينية الرابعة‬ ‫القمة‬ ‫‪8‬‬

‫ الدبلوماسي ‪ -‬خاص ‪-‬‬‫ا�ست�ضافت العا�صمة ال�سعودية الريا�ض خالل يومي ‪ 12 - 11‬نوفمرب ‪2015‬القمة العربية الالتينية الرابعة‪ ،‬التي‬ ‫عقدت برئا�سةال�سعودية و�شاركت فيها ‪ 34‬دولة من الدول العربية ودول �أمريكا اجلنوبية‪.‬‬


‫ال�سالم العادل وال�شامل للق�ضية الفل�سطينية‬ ‫وف � ًق��ا ل �ق��رارات ال�شرعية ال��دول �ي��ة وم �ب��ادرة‬ ‫ال�سالم العربية الرامية لإقامة دولة فل�سطني‬ ‫وعا�صمتها القد�س ال�شرقية على حدود ‪1967‬م‪.‬‬ ‫و�أكدت القمة على �ضرورة �إحقاق احلقوق‬ ‫الوطنية امل�شروعة لل�شعب الفل�سطيني‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك حقه يف تقرير امل�صري‪ ،‬مبا ي�ضمن قيام‬ ‫دولة فل�سطني امل�ستقلة على �أ�سا�س حدود عام‬ ‫‪ 1967‬وعا�صمتها القد�س ال�شرقية‪ ،‬تعي�ش يف‬ ‫�سالم جنبًا �إلى جنب مع دولة �إ�سرائيل‪� ،‬ضمن‬ ‫ح��دود �آمنة ومعرتف بها‪ ،‬و�إي�ج��اد حل عادل‬ ‫و�شامل لق�ضية الالجئني وفقًا لقرار اجلمعية‬ ‫العامة للأمم املتحدة ومبادرة ال�سالم العربي‪.‬‬ ‫ودع ��ت القمة �إ��س��رائ�ي��ل �إل ��ى االن�سحاب‬ ‫الفوري من جميع الأرا�ضي العربية التي احتلتها‬ ‫يف ‪ 5‬يونيو ‪ 1967‬مبا فيها اجل��والن ال�سوري‬ ‫املحتل وما تبقى من الأرا�ضي اللبنانية‪ ،‬وتفكيك‬ ‫جميع امل�ستوطنات مبا فيها تلك القائمة يف‬ ‫القد�س ال�شرقية املحتلة التي تعترب غري قانونية‬ ‫وغ�ير �شرعية وف� ًق��ا للقانون ال ��دويل‪ ،‬مبينة‬ ‫�أن االح�ت�لال م�ستمر للأرا�ضي الفل�سطينية‬ ‫والن�شاط اال�ستيطاين املتزايد ال��ذي تقوم به‬ ‫احلكومة الإ�سرائيلية‪ ،‬يعوق عملية ال�سالم‬ ‫ويقو�ض ح��ل ال��دول�ت�ين‪ ،‬ويقلل ف��ر���ص حتقيق‬ ‫ال�سالم الدائم‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫إدراك الجميع للدور‬ ‫الهام الذي تقوم به‬ ‫التكتالت والتجمعات‬ ‫اإلقليمية وأهمية‬ ‫العمل على تطوير‬ ‫شراكة استراتيجية‬ ‫قائمة على المصلحة‬ ‫واالحترام المتبادل بين‬ ‫اإلقليمين‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫دور رائد‬ ‫وجاءت ا�ست�ضافة اململكة لأعمال هذه القمة‬ ‫باعتبارها تُ�شكل العبًا �سيا�سيًا واقت�صاديًا‬ ‫رئي�سيًا باملنطقة‪ ،‬ولتعك�س مكانة اململكة العربية‬ ‫ال�سعودية والتقدير العربي وال ��دويل للدور‬ ‫الرائد الذي تقوم به خدمة للم�صالح والق�ضايا‬ ‫العادلة‪ ،‬كما �أنها جاءت امتدادًا للجهود احلثيثة‬ ‫التي تبذلها اململكة يف �أكرث من اجتاه وعلى كل‬ ‫ال�صعد لتحقيق كل ما من �ش�أنه خدمة م�صالح‬ ‫الدول العربية والدفاع عن ق�ضاياها‪.‬‬ ‫كلمة امللك �سلمان‬ ‫وك ��ان خ ��ادم احل��رم�ين ال�شريفني امللك‬ ‫�سلمان بن عبد العزيز افتتح �أعمال القمة يف‬ ‫مركز امللك عبدالعزيز ال ��دويل للم�ؤمترات‬

‫بالريا�ض‪ ،‬و�أل �ق��ى كلمة رح��ب فيها بح�ضور‬ ‫امللوك والر�ؤ�ساء والأم��راء قادة ور�ؤ�ساء وفود‬ ‫الدول امل�شاركة يف القمة‪.‬‬ ‫وق��ال امللك �سلمان‪« :‬ي�سعدين الرتحيب‬ ‫بكم م�ق��درًا لكم تلبية ال��دع��وة للم�شاركة يف‬ ‫هذه القمة‪ ،‬م�شيدً ا باجلهود الطيبة التي بذلها‬ ‫ر�ؤ�ساء ال��دورات ال�سابقة يف كل من الربازيل‬ ‫وقطر والبريو‪ ،‬م�ؤكدً ا على �أهمية العالقات بني‬ ‫دولنا‪ ،‬وحر�ص اململكة على تنميتها وتعزيزها‬ ‫يف املجاالت كافة»‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف امللك �سلمان‪�« :‬إننا ن�شعر باالرتياح‬ ‫للتوافق وال�ت�ق��ارب ب�ين وج�ه��ات نظرنا جتاه‬ ‫العديد من الق�ضايا وامل�سائل الدولية‪ ،‬ون�شيد‬ ‫ب��امل��واق��ف الإيجابية ل��دول �أم��ري�ك��ا اجلنوبية‬ ‫ال�صديقة امل�ؤيدة للق�ضايا العربية‪ ،‬وبخا�صة‬ ‫الق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬كما �أننا ننظر بالتقدير‬ ‫�إلى ما حققته القمم الثالث ال�سابقة‪ ،‬ونتطلع‬ ‫�إل��ى تن�سيق مواقفنا جتاه الق�ضايا املطروحة‬ ‫على ال�ساحة ال��دول �ي��ة‪ ،‬ومكافحة الإره ��اب‬ ‫والتطرف ون�شر ثقافة ال�سالم واحلوار»‪.‬‬ ‫و�أك�م��ل امللك �سلمان‪�« :‬إن فر�ص تطوير‬ ‫ال �ع�لاق��ات االق�ت���ص��ادي��ة ب�ين دول �ن��ا واع ��دة‪،‬‬ ‫ومب�شرة مب��ا يحقق من��اء وازده ��ار �أوطاننا‪،‬‬ ‫ويدفعنا لتذليل العقبات واملعوقات وت�شجيع‬ ‫ودع��م تدفق اال�ستثمارات‪ ،‬وتبادل اخل�برات‪،‬‬ ‫ونقل التقنية وتوطينها‪ ،‬والتعاون يف املجاالت‬ ‫كافة‪ ،‬م�شيدً ا بالنمو اجليد يف معدالت التبادل‬ ‫ال�ت�ج��اري وح�ج��م اال�ستثمارات البينية منذ‬ ‫انعقاد قمتنا الأول��ى يف برازيليا عام ‪،2005‬‬ ‫وما زالت الآمال معقودة لتحقيق املزيد يف هذا‬ ‫املجال‪ ،‬ولهذا ف�إننا ندعو �إلى ت�أ�سي�س جمال�س‬ ‫لرجال الأع�م��ال‪ ،‬والنظر يف توقيع اتفاقيات‬ ‫للتجارة احل��رة‪ ،‬وجتنب االزدواج ال�ضريبي‪،‬‬ ‫وت���ش�ج�ي��ع وح �م��اي��ة اال� �س �ت �ث �م��ارات ب�ي�ن دول‬ ‫الإقليمني التي �ستوفر �إطارًا تنظيميًا وقانونيًا‬ ‫لتعزيز تدفقات التجارة بينها»‪ .‬ويف ختام كلمته‬ ‫�شكر خادم احلرمني ال�شريفني اجلميع‪ ،‬متمنيًا‬ ‫لالجتماع التوفيق والنجاح‪.‬‬ ‫البيان اخلتامي‬ ‫ويف ختام �أعمالها‪� ،‬أ�صدرت القمة �إعالن‬ ‫ال��ري��ا���ض ال ��ذي ��ش��دد على � �ض��رورة حتقيق‬

‫‪9‬‬


‫القمة‬ ‫‪10‬‬

‫ك�م��ا دع��ت ال�ق�م��ة �إل ��ى � �ض��رورة التنفيذ‬ ‫الكامل لقرار جمل�س الأمن ب�ش�أن �إعادة الأمن‬ ‫واال�ستقرار يف اليمن‪ ،‬مطالبة جميع الأحزاب‬ ‫ال�شرعية يف اليمن باحرتام القرارات املتبناة‬ ‫من قبل م�ؤمتر احل��وار الوطني ال�شامل‪ ،‬وفقًا‬ ‫ملبادرة جمل�س التعاون اخلليجي وجميع قرارات‬ ‫جمل�س الأمن ذات ال�صلة‪.‬‬ ‫وج���دد �إع �ل�ان ال��ري��ا���ض ت ��أك �ي��د ال �ت��زام‬ ‫ال��دول العربية ودول �أمريكا اجلنوبية بوحدة‬ ‫و�سيادة وا�ستقالل و�سالمة الأرا�ضي اليمنية‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إل��ى طموحات ال�شعب اليمني للحرية‬ ‫والدميقراطية والعدالة االجتماعية والتنمية‪،‬‬ ‫م�ؤكدً ا دعم �شرعية الرئي�س اليمني عبد ربه‬ ‫من�صور ه��ادي‪ ،‬واجلهود املبذولة من خمتلف‬ ‫الأحزاب حلماية الدولة وم�ؤ�س�ساتها و�أمالكها‬ ‫وبنيتها التحتية‪.‬‬ ‫وح��ول الأح ��داث يف ليبيا‪� ،‬أع��رب��ت القمة‬ ‫يف �إعالن‪ ‬الريا�ض‪ ‬عن الدعم لعملية احلوار‬ ‫ال�سيا�سي اجلارية يف ليبيا حتت رعاية الأمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬ورف�ضها لأي تدخل يف ��ش��ؤون دول‬

‫املنطقة الداخلية من قبل قوى خارجية انتهاكًا‬ ‫مليثاق الأمم املتحدة ومبد�أ ح�سن اجلوار‪.‬‬ ‫وحول االحتالل الإيراين للجزر الإماراتية‪،‬‬ ‫دع��ا ال�ب�ي��ان �إي� ��ران للتجاوب م��ع طلب دول��ة‬ ‫الإم��ارات العربية املتحدة ب�إيجاد حل �سلمي‬ ‫لق�ضية اجل��زر الثالث (طنب الكربى وطنب‬ ‫ال�صغرى و�أبو مو�سى) يتوافق مع ميثاق الأمم‬ ‫املتحدة والقانون الدويل‪ ،‬م�شددًا على �ضرورة‬ ‫ت�ضافر اجلهود الإقليمية والدولية لإيجاد عامل‬

‫شدد (إعالن‪ ‬الرياض)‬ ‫على المساواة في حق‬ ‫جميع الشعوب في‬ ‫العيش في عالم خال‬ ‫من أي أسلحة نووية‬

‫م�ستقر وخال من املخاطر التي ي�شكلها االنت�شار‬ ‫النووي‪.‬‬ ‫ويف ذات الوقت‪� ،‬أكد �أهمية احرتام وحدة‬ ‫و�سيادة وا�ستقالل الدول و�سالمتها الإقليمية‪،‬‬ ‫وح��ل النزاعات بالطرق ال�سلمية‪ ،‬فيما دان‬ ‫الإره��اب بجميع �صوره و�أ�شكاله ورف�ض ربطه‬ ‫ب�أي دين �أو ثقافة �أو عرق‪.‬‬ ‫كما �أك��د �إع�لان الريا�ض �أهمية عالقات‬ ‫التعاون بني الدول العربية و�إيران القائمة على‬ ‫مبد�أ ح�سن اجل��وار واالمتناع عن ا�ستخدام‬ ‫القوة �أو التهديد بها‪.‬‬ ‫وح � � � ��ول الأزم� � � � � ��ة ال�� ���� �س� ��وري� ��ة‪ ،‬دع� ��ا‬ ‫(�إعالن‪ ‬الريا�ض) �إل��ى �ضرورة التو�صل �إلى‬ ‫حل �سلمي للأزمة ال�سورية وفقًا ملا جاء يف بيان‬ ‫جنيف ‪ 1‬وم�ؤمتر فيينا‪ .‬كما رحبت القمة يف‬ ‫(�إع�لان الريا�ض) الذي جرى تبنيه يف ختام‬ ‫الأع�م��ال‪ ،‬بنتائج م�ؤمتر فيينا ال��دويل ل��وزراء‬ ‫اخلارجية من �أجل التو�صل حلل �سيا�سي للأزمة‬ ‫ال���س��وري��ة‪ ،‬معتربًا �أن نتائج امل ��ؤمت��ر «تعك�س‬ ‫اجل��دي��ة يف التحرك ال ��دويل والإ� �ص��رار على‬


‫العدد‬

‫وفنزويال‪.‬‬ ‫جتمع دويل مهم‬ ‫اجل��دي��ر بالذكر‪� ،‬أن قمة ال��دول العربية‬ ‫ودول �أمريكا اجلنوبية‪ ،‬تعد مبثابة منتدى‬ ‫للتن�سيق ال�سيا�سي بني ال��دول العربية ودول‬ ‫القارة الأمريكية اجلنوبية‪ ،‬كما �أنها ت�ساند‬ ‫مواقف الدول النامية داخل املحافل واملنظمات‬ ‫الدولية يف ق�ضايا‪ ،‬مثل �إ�صالح الأمم املتحدة‪،‬‬ ‫واح�ترام القانون ال��دويل‪ ،‬ورف�ض التحركات‬ ‫الدولية �أحادية اجلانب‪ ،‬وم�ساندة تبني منظمة‬ ‫ال �ت �ج��ارة ال�ع��امل�ي��ة ج ��دول �أع �م��ال ذات طابع‬ ‫تنموي‪ ،‬وتنفيذ الأه��داف الإمنائية للألفية‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إلى امل�ساهمة يف حتقيق ال�سالم الدويل‬ ‫عن طريق نزع ال�سالح‪ .‬وتعد �أي�ض ًا جتمعًا دوليًا‬ ‫مهمًا يوفر �آلية لبحث �سبل التعاون والتن�سيق‬ ‫اجل �ن��وب��ي‪ -‬اجل�ن��وب��ي يف جم ��االت االقت�صاد‬ ‫والثقافة والرتبية والتعليم والتكنولوجيا وحماية‬ ‫البيئة وال�سياحة وغريها من القطاعات املتعلقة‬ ‫بالتنمية امل���س�ت��دام��ة وامل���س��اه�م��ة يف حتقيق‬ ‫ال�سالم العاملي‪ ،‬ال�سيما �أن��ه يتم على هام�ش‬ ‫�أعمال القمة عقد لقاءات لرجال الأعمال من‬ ‫الدول الأع�ضاء‪.‬‬ ‫وقد عُ قدت ثالث قمم حتى الآن‪ ،‬الأولى يف‬ ‫برازيليا يف ‪ 10‬وحتى ‪ 11‬مايو ‪ ،2005‬والثانية‬ ‫يف الدوحة يف ‪ 31‬مار�س ‪ ،2009‬والثالثة يف ليما‬ ‫يف ‪� 2‬أكتوبر ‪ ،2012‬التي ات�سمت ب�أنها �أول قمة‬ ‫تُعقد بني ممثلي ال��دول العربية ودول القارة‬ ‫الأمريكية اجلنوبية يف �أعقاب ث��ورات الربيع‬ ‫العربي‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫قمة الدول‬ ‫العربية ودول أمريكا‬ ‫الجنوبية‪ ،‬تعد بمثابة‬ ‫منتدى للتنسيق‬ ‫السياسي بين الدول‬ ‫العربية ودول القارة‬ ‫األمريكية الجنوبية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫�إيجاد حل ي�ضع حدً ا ملعاناة ال�شعب ال�سوري‪.‬‬ ‫و�أع ��رب (�إع�ل�ان‪ ‬ال��ري��ا���ض) ع��ن ال�ت��زام‬ ‫الدول العربية ودول �أمريكا اجلنوبية ب�سيادة‬ ‫وا�ستقالل �سوريا ووحدتها و�سالمة �أرا�ضيها‪،‬‬ ‫وااللتزام بالتو�صل �إل��ى حل �سلمي للأزمة يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬ورف�ض �أعمال العنف من قبل جميع‬ ‫الأطراف �ضد املدنيني العزل‪ ،‬و�إدانة انتهاكات‬ ‫حقوق الإن�سان يف �سوريا‪ ،‬معربًا عن تقدير‬ ‫القمة للجهود الهامة واملثرية للإعجاب بلبنان‬ ‫والأردن وم�صر والعراق ال�ستيعاب الالجئني‬ ‫ال�سوريني‪.‬‬ ‫وب�ش�أن تعزيز التعاون بني الطرفني‪ ،‬ت�ضمن‬ ‫البيان ت�أكيد �أهمية الدعم ال�سيا�سي الكامل من‬ ‫الدول العربية ودول �أمريكا اجلنوبية من خالل‬ ‫قرار اجلمعية العامة للأمم املتحدة‪ ،‬العتماد‬ ‫املبادئ الأ�سا�سية لعملية �إعادة هيكلة الديون‬ ‫ال�سيادية‪ ،‬و�أه�م�ي��ة تعزيز التوا�صل الثقايف‬ ‫واالج �ت �م��اع��ي ب�ين الإق�ل�ي�م�ين وال�ترح �ي��ب مبا‬ ‫ت�ضمنه (�إعالن‪ ‬الريا�ض) باعتباره �إعالنًا غري‬ ‫م�سبوق يف �شموليته و�صدوره بدون �أي حتفظ‪،‬‬ ‫وكذلك الرتحيب بنتائج االجتماعات القطاعية‬ ‫تنفيذً ا ملا جاء يف �إعالن ليما‪.‬‬ ‫ورحب البيان اخلتامي با�ست�ضافة فنزويال‬ ‫للقمة اخلام�سة للدول العربية ودول �أمريكا‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬م�ؤكدً ا �إدراك اجلميع للدور الهام‬ ‫الذي تقوم به التكتالت والتجمعات الإقليمية‬ ‫و�أهمية العمل على تطوير �شراكة ا�سرتاتيجية‬ ‫قائمة على امل�صلحة واالح�ت�رام املتبادل بني‬ ‫الإقليمني‪.‬‬ ‫و�أكدت القمة الرابعة للدول العربية ودول‬ ‫�أمريكا اجلنوبية‪� ،‬أن ا�ستخدام الطاقة النووية‬ ‫ل�ل�أغ��را���ض ال�سلمية ح��ق ال ميكن م�صادرته‬ ‫ل �ل��دول امل��وق�ع��ة على اتفاقية منع االنت�شار‪،‬‬ ‫مو�ضحة �أن تطبيق حق اال�ستخدام ال�سلمي‬ ‫للطاقة النووية بطريقة متييزية �أو انتقائية‬ ‫�سي�ؤثر على م�صداقية املعاهدة‪.‬‬ ‫و�شدد (�إع�ل�ان‪ ‬الريا�ض) على امل�ساواة‬ ‫يف حق جميع ال�شعوب يف العي�ش يف عامل خال‬ ‫من �أي �أ�سلحة نووية‪ ،‬م�ؤكدً ا �أن هذا الهدف لن‬ ‫يتحقق �إال من خالل «الإزالة التامة دون رجعة‬ ‫جلميع الرت�سانات النووية املوجودة»‪.‬‬ ‫و�أ�شار �إلى �أهمية دعوة املجتمع الدويل �إلى‬

‫تبني نهج �أكرث فاعلية لتنفيذ امل��ادة ال�ساد�سة‬ ‫من معاهدة عدم انت�شار الأ�سلحة النووية حتى‬ ‫ت�ستعيد املعاهدة م�صداقيتها التي بد�أت تت�آكل‬ ‫ب�سبب ع��دم تنفيذ االلتزامات اخلا�صة بنزع‬ ‫ال�سالح‪ ،‬داعيًا املجتمع الدويل �إلى االنخراط‬ ‫يف مفاو�ضات ب�ش�أن الأ�ضرار الإن�سانية الكارثية‬ ‫التي قد تنجم عن ا�ستخدام مثل تلك الأ�سلحة‪.‬‬ ‫التعاون بني الدول العربية‪ ‬والالتينية‬ ‫وبحثت القمة‪ ‬على مدى يومني‪ ،‬موا�ضيع‪ ‬‬ ‫ذات � �ص �ل��ة ب �ت �ع��زي��ز ال� �ت� �ع ��اون ب�ي�ن ال� ��دول‬ ‫العربية ‪ ‬والالتينية‪� ،‬إ�ضافة �إل��ى بحث ق�ضايا‬ ‫�إقليمية ودولية‪ ،‬مثل الق�ضية الفل�سطينية ورفع‬ ‫احل�صار الإ�سرائيلي املفرو�ض على قطاع غزة‪،‬‬ ‫والإرهاب‪ ،‬و�إن�شاء قوة ع�سكرية عربية‪ ،‬والو�ضع‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬والو�ضع يف ليبيا‪ ،‬والو�ضع يف اليمن‪،‬‬ ‫وتطورات امل�ؤمتر التا�سع ملراجعة معاهدة عدم‬ ‫االنت�شار ال �ن��ووي‪ ،‬وال���دورة الع�شرين مل�ؤمتر‬ ‫�أطراف اتفاقية الأمم املتحدة الإطارية ب�ش�أن‬ ‫تغري املناخ واملقدمة من جانب بريو‪.‬‬ ‫وفد اململكة �إلى القمة‬ ‫و�ضم وفد اململكة �إلى القمة الذي تر�أ�سه‬ ‫الأمري حممد بن نايف بن عبدالعزيز ويل العهد‬ ‫نائب رئي�س جمل�س الوزراء وزير الداخلية‪ ،‬ك ًال‬ ‫من الأمري حممد بن �سلمان بن عبدالعزيز ويل‬ ‫ويل العهد النائب الثاين لرئي�س جمل�س الوزراء‬ ‫وزير الدفاع‪ ،‬والدكتور م�ساعد بن حممد العيبان‬ ‫وزي��ر الدولة ع�ضو جمل�س ال��وزراء‪ ،‬واملهند�س‬ ‫علي بن �إبراهيم النعيمي وزير البرتول والرثوة‬ ‫املعدنية‪ ،‬وال��دك�ت��ور �إب��راه�ي��م ب��ن عبدالعزيز‬ ‫الع�ساف وزير املالية‪ ،‬والدكتور ع�صام بن �سعد‬ ‫بن �سعيد وزي��ر الدولة ع�ضو جمل�س ال��وزراء‪،‬‬ ‫وعادل بن �أحمد اجلبري وزير اخلارجية‪.‬‬ ‫و�شملت قائمة ال��دول اخلليجية والعربية‬ ‫امل�شاركة كلاً من‪ :‬ال�سعودية‪ ،‬وقطر‪ ،‬والكويت‪،‬‬ ‫والإم� � ��ارات‪ ،‬وال�ب�ح��ري��ن‪ ،‬وم���ص��ر‪ ،‬وال �ع��راق‪،‬‬ ‫ولبنان‪ ،‬وليبيا‪ ،‬وموريتانيا‪ ،‬واملغرب‪ ،‬وعمان‪،‬‬ ‫وفل�سطني‪ ،‬وال�صومال‪ ،‬وال���س��ودان‪ ،‬و�سوريا‪،‬‬ ‫وتون�س‪ ،‬واليمن‪ ،‬وجيبوتي‪ ،‬واجلزائر‪ ،‬والأردن‪،‬‬ ‫وجزر القمر‪ ،‬فيما �ضمت دول �أمريكا اجلنوبية‬ ‫لا م��ن‪ :‬الأرج �ن �ت�ين‪ ،‬وبوليفيا‪ ،‬وال�برازي��ل‪،‬‬ ‫ك� ً‬ ‫و�شيلي‪ ،‬وك��ول��وم�ب�ي��ا‪ ،‬والإك� � ��وادور‪ ،‬وج��وي��ان��ا‪،‬‬ ‫وب��اراج��واي‪ ،‬وب�يرو‪ ،‬و�سورينام‪ ،‬و�أوروج���واي‪،‬‬

‫‪11‬‬


‫قمة العشرين‬

‫خططا لمكافحة اإلرهاب ومعالجة‬ ‫تقر‬ ‫ً‬ ‫أزمة الالجئين والهجرة وتغ ّير المناخ‬ ‫دوليات‬ ‫‪12‬‬

‫ حامد الحارثي ‪ -‬جدة ‪-‬‬‫�شاركت اململكة العربية ال�سعودية بوفد تر�أ�سه خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبدالعزيز يف قمة قادة‬ ‫دول جمموعة الع�شرين (‪ )G20‬التي عقدت يف مدينة �أنطاليا الرتكية خالل الفرتة بني ‪ 15‬و‪ 16‬من �شهر نوفمرب املا�ضي‪.‬‬ ‫و�شكلت القمة نقلة يف �أجندتها وطبيعة امللفات املطروحة �أمام قادة الدول الع�شرين‪� ،‬إذ طغى ملف الإره��اب على‬ ‫مباحثات القمة‪ ،‬خالفًا للقمم ال�سابقة التي و�سمها الطابع االقت�صادي‪ ،‬وق�ضايا النمو والطاقة‪ ،‬كما ا�ست�أثرت الأزمة‬ ‫ال�سورية وق�ضية الالجئني باهتمام القادة‪.‬‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫غلبة الطابع ال�سيا�سي‬ ‫وتزامنت قمة ق��ادة �أغنى و�أك�بر ‪ 20‬دول��ة يف العامل مع جملة من‬ ‫التوترات والأزم��ات الدولية‪ ،‬خا�صة �أنها تعقد غداة هجمات باري�س‬ ‫التي خلفت نحو ‪ 130‬قتي ًال و�أكرث من ‪ 300‬جريح‪ ،‬مما �أجرب الرئي�س‬ ‫الفرن�سي على �إلغاء م�شاركته يف �أعمال هذه القمة‪.‬‬ ‫وكان وا�ضحً ا غلبة الطابع ال�سيا�سي على اجلانب االقت�صادي لقمة‬ ‫الع�شرين‪ ،‬وذلك �إدراكًا حلقيقة �أن اال�ستقرار ال�سيا�سي والأمن ركيزتان‬ ‫لأي اقت�صاد �صحي‪ ،‬فيما ال تنتج الأزمات ال�سيا�سية واالنفالت الأمني‬ ‫�إال اقت�صادًا متوعكًا‪.‬‬ ‫بيان �أنطاليا اخلتامي‬ ‫ويف هذا الإطار جاء بيان �أنطاليا م�شددًا على �أن تزايد الإرهاب‬ ‫يقو�ض ال�سالم والأمن الدوليني ويعر�ض للخطر جهود تعزيز االقت�صاد‬ ‫العاملي‪.‬‬ ‫م��ن جهة �أخ ��رى �أق��ر ق��ادة �أك�ب�ر اق�ت���ص��ادات ال�ع��امل يف بيانهم‬ ‫اخلتامي‪ ،‬خططً ا ملعاجلة �أزمة الالجئني وال�ضرائب وتغري املناخ والأمن‬ ‫الإلكرتوين وعدم امل�ساواة‪ ،‬يف م�ؤ�شر على ا�ستعداد املجموعة املتزايد‬ ‫لتو�سيع نطاق اهتمامها‪ ،‬بحيث ال يقت�صر على امل�شكالت االقت�صادية‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬

‫و�أ�ضاف القادة �أننا ما زلنا ملتزمني بتحقيق هدفنا الطموح‬ ‫لزيادة الناجت املحلي الإجمايل ملجموعة الع�شرين اثنني يف املئة‬ ‫بحلول ‪ ،2018‬م�ضيفني �أن فاعلية و�سرعة تنفيذ ا�سرتاتيجياتنا‬ ‫للنمو ت�أتي يف مقدمة �أولوياتنا مبا يف ذلك الإجراءات التي تهدف‬ ‫�إلى دعم الطلب والإ�صالحات الهيكلية‪.‬‬ ‫وتابع القادة �أنهم �سي�ضبطون بعناية قرارات ال�سيا�سة‪ ،‬ويعملون‬ ‫على تو�ضيح فحواها‪ ،‬يف �إ�شارة �إلى ح�سا�سية الأ�سواق املالية التي‬ ‫�شهدت ا�ضطرابات حادة هذا العام؛ حت�سبًا لرفع �أ�سعار الفائدة يف‬ ‫الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫و�أك��د ال�ق��ادة على التعهدات ال�سابقة ب�ش�أن �سعر ال�صرف‪،‬‬ ‫واالل�ت��زام مبقاومة �إج ��راءات احلماية التجارية‪ ،‬و�أق��روا �سل�سلة‬ ‫�إجراءات ملواجهة التهرب ال�ضريبي من جانب ال�شركات‪.‬‬ ‫وحترك القادة بفعل اال�ستياء العام الذي �أطلقته تقارير ب�أن‬ ‫�شركات عمالقة متعددة اجلن�سيات‪ ،‬مثل �ستاربك�س وجوجل مل‬ ‫تدفع �ضرائب عن طريق ا�ستغالل الثغرات القانونية‪� ،‬أو ح�صلت‬ ‫على معاملة �ضريبية تف�ضيلية من حكومات‪.‬‬ ‫ويف مواجهة �إحدى �أكرب امل�شكالت ال�شائكة هذا العام‪ ،‬تعهد‬ ‫ال �ق��ادة با�ستجابة «من�سقة و�شاملة» لأزم ��ة ال�لاج�ئ�ين‪ ،‬ووع��دوا‬

‫‪13‬‬


‫دوليات‬ ‫‪14‬‬

‫مب�ساعدة الالجئني يف احل�صول على التعليم‬ ‫والرعاية ال�صحية والعمل‪.‬‬ ‫و�أق��روا هدفًا لتقلي�ص �آث��ار تغري املناخ‪،‬‬ ‫و�إجراءات مل�ساعدة االقت�صادات النامية على‬ ‫تبني قواعد تنظيمية �أكرث �صرامة فيما يتعلق‬ ‫باملناخ‪ .‬‬ ‫و�أك ��د ال�ب�ي��ان اخل�ت��ام��ي لقادة‪ ‬جمموعة‬ ‫الع�شرين‪ ‬على عدم ربط الإرهاب ب�أي دين �أو‬ ‫جن�سية �أو ع��رق‪ ،‬م�شددًا على �ضرورة العمل‬ ‫على جتفيف منابع متويل «الإره ��اب»‪ ،‬الذي‬ ‫تهدد �أعماله ال�سالم والأمن الدوليني‪ ،‬ف�ض ًال‬ ‫عن تقوي�ضها جهود تعزيز االقت�صاد العاملي‪،‬‬ ‫داعني جميع الدول �إلى «امل�ساهمة» يف �إدارة‬ ‫�أزمة اللجوء‪.‬‬ ‫وعلى �صعيد �آخر‪ ،‬دعا بيان‪ ‬قمة الع�شرين‬ ‫�إل��ى جعل‪ ‬النمو االقت�صادي‪ ‬قويًا و�شامالً‪،‬‬ ‫مع ال�سعي لتوفري فر�ص عمل نوعية‪� ،‬إذ اتفق‬ ‫القادة على �ضرورة االهتمام بالتنمية ال�شاملة‬ ‫وحماربة البطالة‪ ،‬خا�صة يف �صفوف ال�شباب‬ ‫والن�ساء‪.‬‬ ‫جدول �أعمال القمة‬ ‫وك��ان امل�شاركون ناق�شوا خ�لال جل�سات‬ ‫القمة التي عقدت على مدى يومني عدة ق�ضايا‬ ‫منها الأزم��ة يف �سوريا‪ ،‬والهجرة ومكافحة‬ ‫الإرهاب‪ ،‬وتغري املناخ‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى حتديات‬ ‫االقت�صاد‪ ،‬ومنها النمو وخلق فر�ص العمل‪،‬‬ ‫واال�ستثمار ال��ذي ك��ان املو�ضوع الرئي�سي يف‬ ‫ج��دول �أع �م��ال املجموعة‪� ،‬إذ ت ��زداد �أهمية‬ ‫اال�ستثمار لزيادة معدل النمو العاملية ورفع‬

‫اتفق القادة على‬ ‫ضرورة االهتمام‬ ‫بالتنمية الشاملة‬ ‫ومحاربة البطالة‪ ،‬خاصة‬ ‫في صفوف الشباب‬ ‫والنساء‬

‫كلمة خادم الحرمين الشريفين‬

‫ويف كلمته التي �ألقاها خالل جل�سة ع�شاء العمل لقادة ور�ؤ�ساء وفود الدول امل�شاركة‬ ‫عب خادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن عبدالعزيز عن هذا‬ ‫يف قمة الع�شرين‪ ،‬رّ‬ ‫الوعي بطبيعة العالقة املتبادلة بني ال�سيا�سة واالقت�صاد‪� ،‬إذ و�ضع ‪ -‬حفظه اهلل ‪� -‬أ�سا�سً ا‬ ‫ملعاجلة م�شكالت النمو االقت�صادي وحتقيق ا�ستدامته عرب توفري الظروف املثالية‬ ‫متعاف‪ ،‬من خالل ت�ضافر اجلهود الدولية يف مكافحة الإرهاب والق�ضاء عليه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫القت�صاد‬ ‫وكذلك عرب �إيجاد حلول عادلة للأزمات والق�ضايا املزمنة يف املنطقة‪ ،‬التي وفرت البيئة‬ ‫اخل�صبة لنمو �آفة الإرهاب‪ ،‬وا�ستقطاب العنا�صر ال�ضالة‪.‬‬ ‫و�شدد امللك �سلمان على �أن مفتاح اال�ستقرار االقت�صادي يف املنطقة ويف العامل‬ ‫�أجمع‪ ،‬م�شروط بتحقيق ا�ستقرار �سيا�سي و�أمني‪ ،‬وال يتحقق الأخري دون تغيري الواقع‬ ‫الذي يفرز �أزمات وم�شاكل املنطقة‪ .‬ومن هذا املنطلق �أكد خادم احلرمني على «�ضرورة‬ ‫م�ضاعفة املجتمع الدويل جلهوده الجتثاث �آفة الإره��اب اخلطرة وتخلي�ص العامل من‬ ‫�شرورها‪ ،‬التي تهدد ال�سلم والأمن العامليني وتعيق جهودنا يف تعزيز النمو االقت�صادي‬ ‫العاملي وا�ستدامته»‪.‬‬ ‫وجدد خادم احلرمني الت�أكيد على براءة الدين الإ�سالمي احلنيف من الإرهاب‪،‬‬ ‫وا�صفًا �إياه ب�أنه داء عاملي ال جن�سية له وال دين‪ ،‬وجتب حماربته وحماربة متويله وتقوية‬ ‫التعاون الدويل يف ذلك‪.‬‬ ‫وقال خادم احلرمني �إنّ عدم اال�ستقرا ٍر ال�سيا�سي والأمني معيق جلهودنا يف تعزيز‬ ‫النمو االقت�صادي العاملي‪ ،‬وللأ�سف تعاين منطقتنا من العديد من الأزمات‪ ،‬داعيًا �إلى‬ ‫�إيجاد حل عادل ومن�صف للق�ضية الفل�سطينية‪ ،‬لإحالل �سالمٍ �شاملٍ ي�ضمن احلقوق‬ ‫امل�شروعة لل�شعب الفل�سطيني ال�شقيق‪ ،‬كما دعا امللك �سلمان املجتمع الدويل للعمل على‬ ‫�إيجاد حلٍ عاجل للأزمة ال�سورية وفق ًا ملقررات جنيف ‪.1‬‬ ‫وفيما يتعلق بالو�ضع يف اليمن‪� ،‬شدد امللك على �أن اململكة ودول التحالف حري�صة‬ ‫على �إيجاد حل �سيا�سي وفق قرار جمل�س الأمن رقم ‪.2216‬‬


‫�إفريقيا والربازيل وال�صني وكوريا اجلنوبية‬ ‫والهند و�إندوني�سيا واملك�سيك وتركيا واالحتاد‬ ‫الأوروبي‪.‬‬ ‫ويعقد ق ��ادة املجموعة دور ًي���ا اجتماعً ا‬ ‫اقت�صاديًا يبحثون خالله ما يعني على بناء‬ ‫اقت�صادات ق��وي��ة‪ ،‬ويجابهون م��ا يع�ضل من‬ ‫م�شكالت اقت�صادية تواجهها خمتلف دول‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫وي�سعى ق��ادة ال��دول خ�لال اجتماعاتهم‬ ‫ووزراء ماليتهم خالل االجتماعات التح�ضريية‬ ‫التي ت�سبق القمم‪� ،‬إلى بلورة الأفكار و�إيجاد‬ ‫احللول التي تق�ضي على تلك امل�شاكل وحتول‬ ‫دون ا�ستمرارها‪.‬‬ ‫ويعد دخول اململكة كع�ضو يف �أكرب جمموعة‬ ‫اقت�صادية عاملية‪ ،‬اع�ترا ًف��ا ب�أهمية اململكة‬ ‫االقت�صادية لي�س يف الوقت احلا�ضر فقط‪،‬‬ ‫أي�ضا‪ ،‬وتعطي الع�ضوية يف‬ ‫�إمن��ا يف امل�ستقبل � ً‬ ‫ه��ذه املجموعة للمملكة ق��وة ون�ف��وذً ا �سيا�سيًا‬ ‫واقت�صاديًا ومعنويًا كبريًا‪ ،‬يجعلها طرفًا م�ؤثرًا‬ ‫يف �صنع ال�سيا�سات االقت�صادية العاملية التي‬ ‫ت��ؤث��ر يف اقت�صاد اململكة واق�ت���ص��ادات دول‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫وج ��اءت ع�ضوية اململكة نتيجة الرت�ف��اع‬ ‫�أهميتها كم�صدر وم�سعر للطاقة العاملية التي‬ ‫تهم جميع دول العامل‪ ،‬والرتفاع حجم جتارتها‬

‫ال��دول�ي��ة وت ��أث�ير ذل��ك على دول ال �ع��امل‪ ،‬كما‬ ‫ج��اءت نتيجة الرت�ف��اع م��وارده��ا املالية التي‬ ‫من املتوقع �أن ت��زداد يف امل�ستقبل وتزيد من‬ ‫�أهمية اململكة يف االقت�صاد العاملي؛ ولهذا‬ ‫ف�إن ال�سيا�سات املالية التي تتخذها اململكة ال‬ ‫ت�ؤثر يف اقت�صادها فقط‪� ،‬إمنا لها ت�أثري وا�ضح‬ ‫ووا�سع يف امل�ستوى العاملي‪� ،‬إذ ت�ؤثر يف ن�شاط‬ ‫االقت�صاد العاملي من خالل ت�أثريها يف التجارة‬ ‫العاملية وم��ن خ�لال التحويالت �إل��ى اخل��ارج‬ ‫و�سيا�سة اال�ستثمار يف الأوراق املالية العاملية‪.‬‬ ‫ومن النتائج الإيجابية لع�ضوية اململكة يف‬ ‫ه��ذه املجموعة‪ ،‬توفري قنوات ات�صال دوري��ة‬ ‫بكبار �صناع ال�سيا�سات املالية واالقت�صادية‬ ‫العاملية‪ ،‬ما يعزز التعاون الثنائي مع ال��دول‬ ‫الرئي�سة املهمة يف العامل‪ .‬كما رفعت ع�ضوية‬ ‫اململكة يف ه��ذه املجموعة م��ن �أهمية توفري‬ ‫مزيد من ال�شفافية واملعلومات والبيانات املالية‬ ‫واالقت�صادية املتعلقة باململكة‪� ،‬أ��س��وة بدول‬ ‫العامل املتقدم‪ .‬ومن املتوقع �أن ت�ؤدي ع�ضوية‬ ‫اململكة يف املجموعة �إل��ى تن�سيق و�إ� �ص�لاح‬ ‫بع�ض ال�سيا�سات يف عدد كبري من املجاالت‬ ‫املالية واالقت�صادية‪ ،‬م��ا �سيدفع �إل��ى مزيد‬ ‫من التطوير للقطاعات املالية واالقت�صادية‬ ‫وي�صب يف نهاية املطاف يف م�صلحة اململكة‬ ‫واقت�صادها‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫قدرته على خلق فر�ص عمل جديدة‪ ،‬وتعزيز‬ ‫فر�ص ح�صول املن�ش�آت ال�صغرية واملتو�سطة‬ ‫على ال�ت�م��وي��ل‪ ،‬وحت�سني البيئة الت�شريعية‬ ‫لال�ستثمار‪ ،‬ورفع كفاءة اال�ستثمار العام‪ ،‬ودعم‬ ‫م�صادر بديلة لال�ستثمار يف البنى التحتية مثل‬ ‫التمويل القائم على الأ�صول‪.‬‬ ‫لقاءات امللك �سلمان على هام�ش القمة‬ ‫�إلى ذلك وعلى هام�ش �أعمال القمة‪ ،‬عقد‬ ‫خ��ادم احلرمني ال�شريفني امللك �سلمان بن‬ ‫عبدالعزيز لقاءات بناءة و�صريحة مع ر�ؤ�ساء‬ ‫تركيا والواليات املتحدة ورو�سيا وم�ست�شارة‬ ‫�أملانيا االحت��ادي��ة‪ ،‬كما التقى ر�ؤ� �س��اء وزراء‬ ‫بريطانيا وال�ه�ن��د وال�ي��اب��ان ووزي ��ر خارجية‬ ‫فرن�سا‪.‬‬ ‫و�شكلت اللقاءات فر�صة لبحث العالقات‬ ‫الثنائية والق�ضايا امللحة على ال�صعيدين‬ ‫الإقليمي والدويل‪ ،‬كما نقلت ر�ؤية اململكة حلل‬ ‫كثري من الأزمات التي تع�صف باملنطقة‪.‬‬ ‫وو� �ص��ف ال�ك��رم�ل�ين ل �ق��اء امل �ل��ك �سلمان‬ ‫بالرئي�س الرو�سي بـ»املهم»‪ ،‬كما قال متحدث‬ ‫با�سم رئا�سة ال���وزراء ال�بري�ط��اين �إن امللك‬ ‫�سلمان وك��ام�يرون بحثا ال��و��ض��ع يف �سورية‬ ‫و�أهمية �إحراز تقدم نحو �إيجاد حل �سيا�سي‪،‬‬ ‫ينتهي بانتقال �إلى حكومة ميكنها �أن متثل كل‬ ‫ال�شعب ال�سوري‪.‬‬ ‫كما تناولت املحادثات العالقات الثنائية‬ ‫ب�ي�ن ال �ب �ل��دي��ن‪ ،‬وات �ف��ق ك ��ام�ي�رون م��ع خ��ادم‬ ‫احلرمني على �أنها من الأهمية الكربى لأمن‬ ‫كل منهما‪.‬‬ ‫أي�ضا‬ ‫وبحثت القمة ال�سعودية الأمريكية � ً‬ ‫ملفات املنطقة ال�ساخنة و�سبل حلها‪ .‬كما كان‬ ‫لقاء خادم احلرمني والرئي�س الرتكي‪ ،‬بنّاء يف‬ ‫تقدمي ر�ؤية ملعاجلة الأزمات‪.‬‬ ‫ومتثل دول جمموعة الع�شرين ‪ 90‬يف املئة‬ ‫من االقت�صاد العاملي‪ ،‬و‪ 80‬يف املئة من التجارة‬ ‫الدولية‪ ،‬وثلثي �سكان العامل‪ .‬وبد�أت املجموعة‬ ‫يف تنظيم اجتماعاتها على م�ستوى القادة‪،‬‬ ‫منذ الأزمة املالية العاملية عام ‪.2008‬‬ ‫وت�ت�ك��ون املجموعة م��ن اململكة العربية‬ ‫ال�سعودية و�أملانيا وفرن�سا واليابان والواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية وكندا و�إيطاليا وبريطانيا‬ ‫ورو� �س �ي��ا والأرج��ن��ت�ي�ن و�أ� �س�ترال �ي��ا وج �ن��وب‬

‫‪15‬‬


‫‪ ‬في حلقة نقاش عقدها المعهد‬

‫أخبار المعهد‬ ‫‪16‬‬

‫باحثان أمريكيان يشيدان بدور‬ ‫المملكة في مكافحة اإلرهاب‬ ‫ إبراهيم العقيلي ‪ -‬الرياض ‪-‬‬‫نظم مركز الدرا�سات الأمريكية مبعهد الدرا�سات الدبلوما�سية حلقة نقا�ش بعنوان “العالقات ال�سعودية – الأمريكية‬ ‫ودور اململكة يف مكافحة الإره��اب‪ :‬ر�ؤية �أمريكية”‪ ،‬عقدت يف مقر املعهد بالريا�ض يوم‪ ‬الأربعاء ‪ 9‬دي�سمرب ‪2015‬م ‪.‬‬ ‫‪ ‬وحتدث يف احللقة كل من‪ :‬برايان كاتولي�س‪ ،‬زميل مركز التقدم الأمريكي‪ ،‬وخبري يف �سيا�سات الأمن الوطني الأمريكي‬ ‫يف ال�شرق الأو�سط وجنوب �آ�سيا‪ ،‬وخمتار عو�ض وهو باحث م�شارك يف فريق مركز التقدم الأمريكي حول �سيا�سات الأمن‬ ‫الوطني والدويل‪ .‬ويف م�ستهل احللقة حلقة النقا�ش رحب مدير عام معهد الدرا�سات الدبلوما�سية الدكتور عبدالكرمي بن‬ ‫حمود الدخيل باملتحدثني واحل�ضور‪ .‬‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫ركزت حلقة النقاش‬ ‫على مستجدات‬ ‫العالقات السعودية‬ ‫‪ ‬األمريكية‪ ،‬خاصة‬‫أن هذه العالقات‬ ‫استراتيجية على كافة‬ ‫الصعد السياسية‬ ‫واالقتصادية واألمنية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ح�ضر حلقة النقا�ش �أع�ضاء هيئة التدري�س‬ ‫باملعهد‪ ،‬وجامعة امللك �سعود‪ ،‬وخمت�صون من‬ ‫وزارة اخلارجية‪ ،‬وعدد من اجلهات احلكومية‬ ‫ذات العالقة‪.‬‬ ‫‪ ‬و�أدار حلقة النقا�ش الدكتور �صالح بن‬ ‫عبداهلل الراجحي امل�شرف على مركز الدرا�سات‬ ‫الأمريكية باملعهد‪.‬‬ ‫‪ ‬ورك ��زت حلقة النقا�ش على م�ستجدات‬ ‫العالقات ال�سعودية ‪ -‬الأمريكية‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫ه��ذه العالقات ا�سرتاتيجية على كافة ال�صعد‬ ‫ال�سيا�سية واالقت�صادية والأمنية‪.‬‬ ‫ول� �ق ��د �أ�� �س� �ه� �م ��ت ع �ل�اق� ��ات ال �� �ش��راك��ة‬ ‫اال�سرتاتيجية بني البلدين يف حتقيق امل�صالح‬ ‫امل�شرتكة‪.‬‬

‫كما تطرقت حلقة النقا�ش �إل��ى م�ستجدات‬ ‫االت�ف��اق ال�ن��ووي الإي ��راين و�أث ��ره على م�ستقبل‬ ‫اال�ستقرار والأمن يف املنطقة‪ ،‬وخا�صة على �أمن‬ ‫اخلليج العربي‪.‬‬ ‫ع�لاوة على التداعيات ال�سلبية للتدخالت‬ ‫الإيرانية يف دول املنطقة كالعراق و�سوريا واليمن‬ ‫ول�ب�ن��ان‪� ،‬إ��ض��اف��ة �إل��ى دع��م �إي���ران للجماعات‬ ‫الإرهابية كحزب اهلل واحلوثيني‪.‬‬ ‫وت �ن��اول��ت ح�ل�ق��ة ال �ن �ق��ا���ش ج �ه��ود اململكة‬ ‫يف حم��ارب��ة الإره� ��اب ع�ل��ى امل�ستويني ال��دويل‬ ‫والإقليمي‪ ،‬وجهودها يف �إن�شاء مركز مكافحة‬ ‫الإرهاب يف الأمم املتحدة‪ ،‬ودعمها ثقافة حوار‬ ‫احل�ضارات و�أتباع الأديان‪ ،‬وغريها من املبادرات‬ ‫ال�سعودية لدعم التعاون الدويل ملواجهه الإرهاب‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫تستعرض أبرز القضايا والتحديات الملحة على‬ ‫المستويين العالمي واإلقليمي‪ ..‬وإيجاد الحلول‬ ‫دوليات‬ ‫‪18‬‬

‫قمة مجالس األجندة العالمية‬ ‫ الدبلوماسي ‪ -‬خاص ‪-‬‬‫احت�ضنت العا�صمة الإماراتية �أبو ظبي‪ ،‬فعاليات الدورة الثامنة لقمة جمال�س الأجندة العاملية ‪ 2015‬خالل الفرتة‬ ‫من ‪� 27- 25‬أكتوبر املا�ضي‪ ،‬و�شارك فيها �أكرث من ‪� 900‬شخ�صية من كبار املفكرين و�صناع القرار وممثلي اجلهات احلكومية‬ ‫ومنظمات املجتمع املدين من �أكرث من ‪ 60‬دولة ومنظمة ا�ست�شرفوا خاللها الفر�ص امل�ستقبلية يف العامل‪ ،‬ف�ض ًال عن �إمكانية‬ ‫�إيجاد حلول غري تقليدية للتحديات وامل�شكالت العاملية والإقليمية وال�صناعية املهمة‪.‬‬


‫�أك�بر ع�صف ذهني ميهد الطريق �إل��ى‬ ‫دافو�س‬ ‫وتعترب القمة �أك�ب�ر ع�صف ذه�ن��ي يف‬ ‫العامل ميهد الطريق �إلى دافو�س من خالل‬ ‫الرتكيز على ع��دد من التحديات العاملية‪،‬‬ ‫كما �أنها تعد احلدث الأكرب من نوعه عامليًا‬ ‫من حيث تنوّع و�أهمية احل�ضور واملوا�ضيع‬ ‫املطروحة‪ ،‬وذلك لتفعيل احلوار العاملي حول‬ ‫التحديات امل�شرتكة التي مير بها العامل يف‬ ‫خمتلف امل�ج��االت ال�سيا�سية واالقت�صادية‬ ‫واالجتماعية واملالية والبيئية‪.‬‬ ‫وحتديات عاملية‬ ‫ورك��ز �أع�ضاء جمل�س الأج�ن��دة العاملية‬ ‫ل�ل�م�ن�ت��دى ع �ل��ى ‪ 9‬حت��دي��ات ع��امل �ي��ة متثلث‬ ‫يف ق�ضايا ال�ن�م��و االق �ت �� �ص��ادي واالن��دم��اج‬ ‫االجتماعي والتوظيف واملهارات ور�أ�س املال‬ ‫الب�شري والبيئة وندرة املوارد والأمن الغذائي‬ ‫وال��زراع��ة وم�ستقبل النظام امل��ايل العاملي‬ ‫وم�ستقبل الإن�ترن��ت والتكاف�ؤ بني اجلن�سني‬ ‫وال�ت�ج��ارة واال�ستثمار ال ��دويل واال�ستثمار‬ ‫والبنية التحتية والتنمية على املدى الطويل‪.‬‬ ‫وت��وزع ق��ادة الفكر امل�شاركون على �أكرث‬ ‫من ‪ 80‬جمل�سً ا من جمال�س الأجندة العاملية‬ ‫ذات املحاور املختلفة‪ ،‬وتهدف جميعها �إلى‬ ‫خلق فهم �أف�ضل للتحديات التي ت�ؤثر �سلبًا‬

‫على العامل على امل�ستويات الإقليمية واملحلية‬ ‫وال�صناعية‪.‬‬ ‫مرحلة غري م�سبوقة‬ ‫و�أك��د اخل�براء م�شاركون يف القمة‪� ،‬أن‬ ‫دولة الإمارات �سبقت العامل يف ر�ؤيتها بتطوير‬ ‫ودع��م اقت�صادها ب��االب�ت�ك��ارات اخل�لاق��ة‪،‬‬ ‫م�شريين �إلى �أن الإمارات ت�شهد مرحلة غري‬ ‫م�سبوقة من االزدهار تثري الإعجاب‪.‬‬ ‫ونوهوا ب ��أن ا�ست�ضافة حكومة �أبوظبي‬ ‫وحكومة الإم ��ارات لقمة جمال�س الأج�ن��دة‬ ‫العاملية‪ ،‬ت�شكل ر�سالة قوية للعامل‪ ،‬مفادها‬ ‫�أن االق�ت���ص��اد ال�ع��امل��ي ل��ن ينمو مب�ع��دالت‬ ‫متميزة �إال باالبتكارات كما طبقت ذلك يف‬ ‫اقت�صادها‪.‬‬ ‫و�أ��� �ش� ��اروا �إل� ��ى ال��ت��ج��ارب ال�ن��اج�ح��ة‬ ‫لدولة الإم ��ارات يف العديد من القطاعات‬ ‫االقت�صادية‪ ،‬وخا�صة قطاع اللوج�ستيات‬ ‫وامل�ن��اط��ق احل��رة وامل �ي��اه وال�ك�ه��رب��اء‪ ،‬و�إل��ى‬ ‫�أن دول��ة الإم ��ارات عاجلت حتديات كثرية‬ ‫يعاي�شها العامل اليوم بكفاءة واقتدار ومن‬ ‫املهم درا�سة جتربتها‪.‬‬ ‫و�أك� ��د اخل �ب�راء �أن جم��ال����س الأج �ن��دة‬ ‫التي ت�صل لنحو ‪ 80‬جمل�سً ا �ستناق�ش ت�سعة‬ ‫حتديات يعاي�شها العامل‪ ،‬وجتارب الدول يف‬ ‫مواجهتها‪ ،‬وعلى ر�أ�سها جتربة دولة الإمارات‬

‫االقت�صادية‪.‬‬ ‫و�أع��رب��وا ع��ن �إعجابهم بتجربة �إم��ارة‬ ‫�أبوظبي االقت�صادية‪ ،‬م�شريين �إلى �أن حكومة‬ ‫�أب��وظ �ب��ي جنبت نف�سها خم��اط��ر الأزم���ات‬ ‫االق�ت���ص��ادي��ة احل ��ادة وامل�ف��اج�ئ��ة‪ ،‬و�آخ��ره��ا‬ ‫�أزمة تراجع �أ�سعار النفط‪ ،‬وجنحت يف تنويع‬ ‫اقت�صادها ب�شكل يثري الإعجاب والتقدير‪.‬‬ ‫ق�ضايا ا�سرتاتيجية‬ ‫وناق�شت القمة على م��دار ث�لاث��ة �أي��ام‬ ‫العديد من الق�ضايا اال�سرتاتيجية التي تهم‬ ‫الإمارات واملنطقة‪ ،‬بدء ًا بالروبوتات والذكاء‬ ‫اال�صطناعي و�أبحاث الدماغ‪ ،‬و�صو ًال للنظام‬ ‫املايل العاملي وتغري املناخ والتجارة الدولية‬ ‫وال�ت�ن�م�ي��ة‪ ،‬وغ�يره��ا م��ن امل��و��ض��وع��ات ذات‬ ‫الت�أثري على م�ستقبل الب�شرية‪.‬‬ ‫كما �شملت املوا�ضيع التي بحثتها القمة‪،‬‬ ‫التحول ال�صناعي‪ ،‬وم�ستقبل ال�صناعة‪،‬‬ ‫والتغريات التي تطر�أ على االقت�صاد العاملي‪،‬‬ ‫والأم� ��ن ال �ع��امل��ي‪ ،‬وال �ت �ق��دم ال�ت�ك�ن��ول��وج��ي‪،‬‬ ‫والفر�ص التجارية عرب احلدود‪� ،‬إ�ضافة �إلى‬ ‫االخ �ت�لاالت االقت�صادية العاملية‪ ،‬والأم��ن‬ ‫الإل�ك�تروين‪ ،‬وال�شفافية ومكافحة الف�ساد‪،‬‬ ‫وو��س��ائ��ل التوا�صل االج�ت�م��اع��ي‪ ،‬وم�ستقبل‬ ‫قطاعي ال�سفر وال�سياحة‪ ،‬والتنوع البيولوجي‬ ‫ور�أ�س املال الطبيعي‪ ،‬ودور الفنون يف املجتمع‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫تعتبر القمة أكبر‬ ‫عصف ذهني في‬ ‫العالم يمهد الطريق‬ ‫إلى دافوس من خالل‬ ‫التركيز على عدد من‬ ‫التحديات العالمية‬

‫‪19‬‬


‫دوليات‬ ‫‪20‬‬

‫وتخللت القمة جل�سات تعاونية وتفاعلية‪،‬‬ ‫ت �ه��دف �إل� ��ى ت��وف�ير وج �ه��ات ن �ظ��ر ج��دي��دة‬ ‫ب�ش�أن التوجهات العاملية‪ ،‬و�صياغة حلول‬ ‫فعالة للتحديات العاملية‪ .‬و�ست�شكل نتائج‬ ‫ه��ذه اجلل�سات الأج �ن��دة القادمة للمنتدى‬ ‫االقت�صادي العاملي يف دافو�س ب�سوي�سرا يف‬ ‫عام ‪.2016‬‬ ‫وجهة مف�ضلة ل�صناع القرار‬ ‫ومتثل ا�ست�ضافة �أبو ظبي لقمة جمال�س‬ ‫الأجندة العاملية منذ �إطالقها يف عام ‪،2008‬‬ ‫وا��س�ت�م��رار اال�ست�ضافة امل �ق��ررة حتى عام‬ ‫‪� ،2018‬أي على امتداد ‪ 10‬دورات متتالية‬ ‫تتناوبها ك ٌّل من �أبوظبي ودبي‪ ،‬داللة مهمة‬ ‫على الدور املحوري الذي تلعبه دولة الإمارات‬ ‫ال �ع��رب �ي��ة امل �ت �ح��دة ع �ل��ى امل �� �س �ت��وى ال�ع��امل��ي‬ ‫كوجهة مف�ضلة ل�صناع ال�ق��رار‪ ،‬واملفكرين‬ ‫والأك��ادمي �ي�ين ورواد الأع �م��ال م��ن خمتلف‬ ‫�أن �ح��اء ال �ع��امل لاللتقاء واحل���وار وحم��اول��ة‬ ‫�إيجاد حلول فعالة ملا يواجهه عاملنا اليوم من‬ ‫حتديات‪.‬‬ ‫كما ت��ؤك��د ا�ست�ضافة الإم���ارات للقمة‪،‬‬ ‫�أن الإم��ارات وبكل ما حققته من �إجن��ازات‪،‬‬ ‫لا ال ي���س�ت�ه��ان ب��ه يف‬ ‫�أ� �ص �ب �ح��ت ال��ي��وم ث �ق� ً‬

‫�صناعة ال �ق��رار ال���دويل ورق � ًم��ا �صعبًا يف‬ ‫ح���س��اب��ات امل���ص��ال��ح ال��دول �ي��ة‪ ،‬خ��ا��ص��ة �أن‬ ‫املخرجات والتو�صيات التي تخرج بها قمة‬ ‫جمال�س الأج �ن��دة العاملية �ست�شكل الإط��ار‬ ‫العام والع�صب الفكري جلل�سات وفعاليات‬ ‫االجتماع ال�سنوي للمنتدى االقت�صاد العاملي‬ ‫الذي �سيعقد يف دافو�س يف �سوي�سرا يف يناير‬ ‫من العام املقبل ‪.2016‬‬ ‫�أزمات �سيا�سية واقت�صادية‬ ‫كما تعك�س اال�ست�ضافة حر�ص الإمارات‬ ‫على جمع قادة العامل و�صناع القرار‪ ،‬وكبار‬ ‫اخلرباء واملفكرين واملحللني اال�سرتاتيجيني‪،‬‬

‫االقتصاد العالمي‬ ‫لن ينمو بمعدالت‬ ‫متميزة إال باالبتكارات‬ ‫كما طبقت ذلك في‬ ‫اقتصادها‬

‫وكربى امل�ؤ�س�سات واملنظمات الدولية‪ ،‬على‬ ‫طاولة واحدة‪ ،‬من خالل اجتماعات �شبكات‬ ‫جمال�س الأجندة العاملية املتخ�ص�صة يف كافة‬ ‫القطاعات من االبتكار والتكنولوجيا والتعليم‬ ‫وال�صحة‪ ،‬و�صو ًال للمال والطاقة والتحديات‬ ‫املجتمعية والبيئة واملناخ‪ ،‬ملناق�شة العديد من‬ ‫امللفات ال�شائكة وو�ضع مقرتحات ميكن الأخذ‬ ‫بها وترجمتها على �أر�ض الواقع‪� ،‬أم ًال يف حل‬ ‫الأزمات ال�سيا�سية واالقت�صادية التي تع�صف‬ ‫بالعامل اليوم‪ ،‬وما �أكرثها تلك الأزمات التي‬ ‫ت�شكل ال��وق��ود الن��دالع �أزم ��ات ج��دي��دة �أك�ثر‬ ‫ح��دة‪ ،‬تنذر ب��والدة انق�سامات جمتمعية يف‬ ‫عاملنا اليوم‪� ،‬ستقود بال �شك حلالة من عدم‬ ‫اال�ستقرار يف العامل‪ ،‬و�ستعزز �آفات احلروب‬ ‫الأهلية والنزاعات الطائفية والعرقية‪ ،‬مما‬ ‫ينذر مبزيد من طوفان الالجئني العالقني‬ ‫بني ح��دود العامل‪ ،‬ال��ذي يعمق الأزم��ات بني‬ ‫ال��دول‪ .‬كما ت�سهم يف رف��ع م�ستويات الفقر‬ ‫واجلوع والبطالة واجلهل يف العامل اليوم‪.‬‬ ‫العب رئي�سي‬ ‫وبح�سب اتفاقية التعاون اال�سرتاتيجية‬ ‫التي كانت قد �أبرمتها الإم��ارات مع املنتدى‬ ‫االق�ت���ص��ادي العاملي يف ع��ام ‪ ،2013‬تقوم‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ال��دول��ة مبوجبها با�ست�ضافة قمة جمال�س‬ ‫الأجندة العاملية التابعة للمنتدى يف كل من‬ ‫�إم��ارت��ي �أب��و ظبي ودب��ي بالتناوب حتى عام‬ ‫‪ ،2018‬وجاء توقيع االتفاقية بتوجيهات من‬ ‫ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم‪ ،‬نائب رئي�س‬ ‫ال��دول��ة رئي�س جمل�س ال ��وزراء حاكم دب��ي‪،‬‬ ‫الرامية �إل��ى تر�سيخ مكانة الإم��ارات عامليًا‬ ‫كالعب رئي�سي يف ت�شجيع احل��وار الفكري‬ ‫ح��ول �أه��م الق�ضايا التي يواجهها العامل‪،‬‬ ‫وتعزيز دوره ��ا يف ا�ست�ضافة ه��ذا احل��دث‬ ‫الهام الذي يعد الأكرب من نوعه عامليًا‪.‬‬ ‫واخ� �ت ��ارت الإم� � ��ارات �أال ت�ق��ف موقف‬ ‫املتفرج من �أزمات العامل‪ ،‬بل �أن تكون الدافع‬ ‫وامل��وج��ه يف �آن واح��د ل�صناع ال�ق��رار وق��ادة‬ ‫العامل‪ ،‬ل�ضرورة �إيجاد حلول جذرية لتلك‬

‫الأزم��ات‪ ،‬حتى ال تتعمق وتت�شعب وميتد بها القمة جتمع م��ا ب�ين موظفني حكوميني من‬ ‫لعقود قادمة‪ ،‬وقد حر�صت الإمارات على �أن الإم��ارات العربية املتحدة‪ ،‬و�أع�ضاء جمل�س‬ ‫يكون لها دور فعال يف معاجلة �أزمات املنطقة الأم��م املتحدة للتنمية ال�صناعية «يونيدو»‪،‬‬ ‫والعامل‪.‬‬ ‫ووزارة االقت�صاد يف الإمارات‪.‬‬ ‫م�شاريع هامة‬ ‫وت ��أك �ي��دً ا على روح ال�ت�ع��اون ال�ق��وي��ة ما‬ ‫بني �شبكة جمال�س الأجندة العاملية‪ ،‬ودولة‬ ‫مجالس األجندة‬ ‫الإمارات العربية املتحدة منذ عقد �أول قمة‬ ‫يف الدولة عام ‪ 2008‬واملنتدى‪ ،‬ولد اثنان من التي تصل لنحو ‪80‬‬ ‫امل�شاريع الهامة التي �سيكون لها ت�أثري حملي‬ ‫مجلسا ستناقش‬ ‫ً‬ ‫كبري‪ ،‬الأول هو عملية م�ستمرة تعمل على تسعة تحديات يعايشها‬ ‫تبني ابتكارات جمل�س الأجندة العاملية على‬ ‫هيئة معرو�ضات يف متحف امل�ستقبل بدبي العالم‪ ،‬وتجارب الدول‬ ‫ال��ذي يفتح �أب��واب��ه ع��ام ‪ ،2017‬وال�ث��اين هو في مواجهتها‬ ‫ور�شة عمل رفيعة امل�ستوى يتم عقدها خالل‬

‫‪21‬‬


‫امتداد ًا لموجة اإلرهاب التي تجتاح أوروبا‬

‫اعتداءات باريس‬ ‫الحدث‬ ‫‪22‬‬

‫ غسان شعيب ‪ -‬باريس ‪-‬‬‫تعترب االعتداءات الدموية التي تعر�ضت لها العا�صمة الفرن�سية باري�س امتدادًا ملوجة الإرهاب التي جتتاح �أوروبا‬ ‫خ�صو�صا �أنها حماطة مبناطق ال تتمتع باال�ستقرار‬ ‫ً‬ ‫�أخريًا‪ ،‬وال ي�شك �أحد ب�أن الإرهاب بات الآن ميثل التهديد الأكرب لأوروبا‪،‬‬ ‫ويفقد النا�س فيها الطم�أنينة‪ ،‬وقد �سلطت هذه االعتداءات ال�ضوء على التحديات التي تواجهها �أوروبا‪ ،‬مما حدا باحتادها‬ ‫�إلى و�ضع م�س�ألة التعاون الأمني يف �صلب «�سيا�سة اجلوار» التي يتبعها مع ‪ 16‬دولة على حدوده من دون �إغفال التنمية‬ ‫االقت�صادية وتوظيف ال�شباب‪.‬‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫تعترب فرن�سا م��ن �أك�ث�ر ال ��دول الأوروب �ي��ة‬ ‫ال�ت��ي ا�ستهدفها «داع� �� ��ش»‪ ،‬ال�سيما ب�ع��د �أن‬ ‫�أع�ل��ن التنظيم بتبا ٍه وخ�ي�لاء م�س�ؤوليته عن‬ ‫هجمات باري�س الدموية وذلك بعمليات من�سقة‬ ‫ومتزامنة مت تنفيذها م�ساء اجلمعة ‪ 13‬نوفمرب‬ ‫‪ 2015‬يف �ستة �أماكن ح�سا�سة بينها �إ�ستاد دو‬ ‫فران�س �شمال باري�س ال��ذي كانت جت��ري فيه‬ ‫مباراة ودية يف كرة القدم بني منتخبي فرن�سا‬ ‫و�أمل��ان�ي��ا بح�ضور الرئي�س الفرن�سي فران�سوا‬ ‫هوالند‪ ،‬وقاعة احتفاالت باتاكالن التي كانت‬ ‫حلظتها مكتظة باجلمهور ال��ذي ك��ان يح�ضر‬ ‫حف ًال مو�سيقيًا‪ ،‬وعدد من مقاهي الأر�صفة التي‬ ‫تعج بها العا�صمة الفرن�سية‪.‬‬ ‫وبح�سب ال�شرطة الفرن�سية‪ ،‬ف ��إن ‪129‬‬ ‫�شخ�صا بجراح‪،‬‬ ‫ً‬ ‫�شخ�صا قتلوا و�أُ�صيب ‪180‬‬ ‫ً‬ ‫ثمانون منهم جراحهم خطرة‪ ،‬قبل �أن ترتفع‬ ‫احل�صيلة �إل��ى نحو ‪ 350‬جريحً ا‪ ،‬ج��راح مئة‬ ‫منهم خطرة‪.‬‬ ‫�صدمة وذهول‪ ..‬فانتقام‬ ‫وك��ان��ت ال�صدمة وال��ذه��ول واال��ض�ط��راب‬ ‫عناوين ال�ساعات الأرب ��ع والع�شرين الأول��ى‬ ‫ملا بعد االع �ت��داءات الإره��اب�ي��ة اجل��دي��دة التي‬ ‫طبعت �سلوك الفرن�سيني‪ ،‬حكوم ًة و�شعبًا‪� ،‬إذ‬ ‫بدا اجلميع غري م�صدق ملا ح�صل لعا�صمتهم‬ ‫العاملية اجلميلة‪ .‬وم��ا �إن انبلج �صباح اليوم‬ ‫التايل حتى حتولت ال�صدمة �إلى غ�ضب عارم‪،‬‬ ‫منفلت العقال يف بع�ض مظاهراته‪.‬‬ ‫فاندفعت بع�ض احل�شود الفرن�سية الغا�ضبة‬

‫يف بع�ض الأم�ك�ن��ة لالنتقام م��ن ك��ل م��ا ميت‬ ‫ب�صلة للعرب وامل�سلمني‪ ،‬فيما �أع�ل��ن رئي�س‬ ‫البالد فران�سوا هوالند «�إنها احل��رب‪ ،‬ما قام‬ ‫ب��ه الإره��اب �ي��ون عمل ح��رب��ي‪ ،‬ي�ستوجب ال��رد‬ ‫املنا�سب»‪ .‬وهو ما ي�ضع البالد‪ ،‬بر�سم كلمات‬ ‫ر�أ�س ال�سلطة فيها‪ ،‬يف موقف �شن حرب ال هوادة‬ ‫فيها على ميلي�شيات تنظيم داع�ش �أينما وجدت‪.‬‬ ‫وحت��ت �ضغط املعار�ضة وال���ش��ارع‪ ،‬وجهت‬ ‫احلكومة الفرن�سية وزير دفاعها ل�سرعة الرد‬ ‫االنتقامي على داع�ش‪ ،‬فهاتف الأخ�ير نظريه‬ ‫الأمريكي‪ ،‬وبعد �ساعات من ذلك انطلقت ‪10‬‬ ‫طائرات حربية فرن�سية و�أغ��ارت على مدينة‬ ‫ال��رق��ة ال�سورية‪ ،‬معقل تنظيم داع����ش‪� ،‬ألقت‬ ‫خاللها ‪� 20‬صاروخً ا �أحدثت انفجارات هائلة‬ ‫�أدت �إل��ى انقطاع التيار الكهربائي و�إم��دادات‬ ‫امل�ي��اه يف ك��ل �أن�ح��اء املدينة‪ ،‬وط��ال��ت ال�غ��ارات‬ ‫بح�سب ما نقله نا�شطون على مواقع التوا�صل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬امللعب البلدي‪ ،‬ومبنى ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫والفرو�سية‪ ،‬والهجانة‪ ،‬وال�ع�ي��ادات ال�شاملة‪،‬‬ ‫واملتحف‪ ،‬ومدخل املدينة اجلنوبي‪ ،‬والفرقة ‪،17‬‬ ‫واملداجن‪ ،‬ومع�سكر الطالئع‪.‬‬ ‫و�ضع �أمني ه�ش‬ ‫وعلى رغم �أن فرن�سا �أ�صبحت بعد الغارات‬ ‫يف و�ضع معنوي �أف���ض��ل‪� ،‬إال �أن حقيقة �أن ‪8‬‬ ‫�إرهابيني م�سلحني ببنادق كال�شنكوف و�أحزمة‬ ‫نا�سفة قلبوا كيانها و�أج�ب�روه��ا على �إع�لان‬ ‫حالة الطوارئ و�إعالن احلداد ملدة ثالثة �أيام‪،‬‬ ‫و�إغ�لاق احل��دود و�إقفال املدار�س واجلامعات‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫إعالن حالة الطوارئ‬ ‫وإعالن الحداد لمدة‬ ‫ثالثة أيام‪ ،‬وإغالق‬ ‫الحدود وإقفال المدارس‬ ‫والجامعات والمتاحف‬ ‫والمتنزهات‬

‫‪23‬‬


‫الحدث‬ ‫‪24‬‬

‫واملتاحف واملتنزهات ونحوها‪ .‬كل ذلك يعني �أن متفرقة �أ�سفرت عن مقتل ‪ 4‬يف احتجاز رهائن‬ ‫و�ضعها الأمني بدا يف تلك اللحظة ه�شً ا للغاية يف بورت دو فان�سان‪ ،‬وقتيل يف حادثة �إطالق نار‬ ‫و�أن جميع �أجهزتها الأمنية مل تكن على �أهبة يف مونروج‪� ،‬أي �أن احل�صيلة النهائية لل�ضحايا‬ ‫اال�ستعداد ملثل هذا الطارئ‪.‬‬ ‫بلغت ‪ 17‬قتي ًال يف باري�س و�ضواحيها‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫حادثة �شاريل �إيبدو‬ ‫�إل��ى منفذي تلك الهجمات الإرهابية الثالثة‬ ‫ويعيد تبني تنظيم داع�ش للهجوم الدامي‬ ‫الأخ �ي�ر ع�ل��ى فرن�سا �إل ��ى الأذه � ��ان احل��ادث‬ ‫الإره��اب��ي ال��ذي وق��ع يف العا�صمة نف�سها يف‬ ‫يناير امل��ا��ض��ي‪ ،‬ح�ين ا�ستهدف مقر �صحيفة‬ ‫يرى خبراء ومحللون‬ ‫�شاريل �إيبدو التي اقتحم فيها اثنان من امللثمني‬ ‫ب�أ�سلحتهما الر�شا�شة من نوع كال�شنكوف مقر سياسيون أن ما حدث‬ ‫ال�صحيفة ال�ساخرة �شاريل �إيبدو يف باري�س في فرنسا من أحداث‬ ‫يف ‪ 7‬يناير ‪ 2015‬بحدود ال�ساعة ‪� 11‬صباحً ا‪،‬‬ ‫و�شرعا ب�إطالق النار على �أع�ضاء هيئة حترير إرهابية‪ ،‬هو بداية‬ ‫ال�صحيفة وكل من ت�صادف وجوده داخل مقر للعنف في أوروبا‪،‬‬ ‫ال�صحيفة‪.‬‬ ‫�شخ�صا الذي من المنتظر أن‬ ‫ً‬ ‫و�أ�سفر ذلك الهجوم عن مقتل ‪12‬‬ ‫و�إ�صابة ‪� 11‬آخرين‪ .‬ومل ينته الأم��ر عند هذا يمتد إلى باقي العالم‬ ‫احل��د‪ ،‬فقد ت�لا ه��ذا الهجوم هجمات �أخ��رى‬

‫�سعيد كوا�شي و�شريف كوا�شي و�أميدي كوليبايل‪.‬‬ ‫م�سريات ت�ضامنية‬ ‫وبعد �أ�سبوع من احلادثة‪ ،‬وحتديدً ا يف ‪14‬‬ ‫يناير‪ ،‬ظهر ت�سجيل م�صور تبنى فيه تنظيم‬ ‫القاعدة يف جزيرة العرب العملية‪ ،‬وق��ال فيه‬ ‫املتحدث با�سم التنظيم �إن العملية متت ب�أمر‬ ‫م��ن زعيم التنظيم �أمي��ن ال�ظ��واه��ري‪ .‬يومئذ‬ ‫انطلقت يف فرن�سا م�سريات حتت ا�سم م�سرية‬ ‫اجلمهورية مدعومة مب�سريات يف مدن �أخرى يف‬ ‫العامل هي الأ�ضخم يف تاريخ البالد‪� ،‬إذ ناهزت‬ ‫‪ 3.700.000‬م�شارك‪ ،‬منهم حوايل مليونني يف‬ ‫م�سرية باري�س وحدها‪� ،‬إ�ضافة �إلى نحو ‪ 50‬من‬ ‫قادة العامل‪.‬‬ ‫ملاذا فرن�سا؟‬ ‫ولعل ال�سبب الأ�سا�سي ال��ذي يكمن خلفه‬ ‫ا�ستهداف ه��ذه اجلماعات لفرن�سا حتديدً ا‪،‬‬ ‫هو �أنها ت�ضم �أك�بر جالية م�سلمة يف �أوروب��ا‪،‬‬ ‫فمن وجهة نظرهم املحدودة يعي�ش امل�سلمون‬ ‫يف فرن�سا حالة من اال�ضطهاد التي وجب الث�أر‬


‫مهددة بحكم ترعرعه يف كل املجتمعات كجزء‬ ‫من ثقافاتها ومظهر من مظاهر الإحباط التي‬ ‫تعي�شها فئات خمتلفة منها‪ ،‬ف�إن اخلطر �سوف‬ ‫يزداد والكارثة �سوف تعم‪.‬‬ ‫و�شددوا على تعقد التحديات التي تواجه‬ ‫�أج �ه��زة اال��س�ت�خ�ب��ارات الأوروب��ي��ة واخل��دم��ات‬ ‫الأمنية يف حماوالت الت�صدي للتهديد املمتد من‬ ‫قبل عنا�صر جهادية متطرفة تدرب معظمها يف‬ ‫�سوريا والعراق‪ ،‬م�ؤكدين �أن حماية �أوروب��ا من‬ ‫االعتداءات الإرهابية‪ ،‬هي مهمة �شبه م�ستحيلة‬ ‫لعدة �أ�سباب‪� ،‬أولها‪ :‬اختباء �شبكات اجلهاديني‬ ‫ب�ين ماليني املهاجرين امل�سلمني املقيمني يف‬ ‫�أوروب��ا‪ ،‬وثانيها �سفر املزمعني على االن�ضمام‬ ‫للجماعات اجلهادية من و�إل��ى �ساحات القتال‬ ‫والتدريب يف �سوريا والعراق‪.‬‬ ‫وثالث الأ�سباب هو �سهولة احلركة داخل‬ ‫�أوروب��ا‪ .‬فقد يكون الطريان �آمنًا‪ ،‬ولكن ال�سكك‬ ‫احل��دي��دي��ة وو��س��ائ��ل النقل الأخ ��رى يف �أوروب ��ا‬ ‫لي�ست ك��ذل��ك‪ ،‬وه�ن��اك العديد م��ن الأه ��داف‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إل��ى �سهولة احل�صول على الأ�سلحة‬ ‫مثل الكال�شينكوف يجعل من ال�سهل تخطيط‬ ‫وتنفيذ الأعمال الإرهابية ال�سهلة‪ ،‬ف�ض ًال عن‬ ‫م�ؤامرات التفجري الطموحة‪.‬‬ ‫بالإ�ضافة �إلى ذلك‪ ،‬وعلى رغم التعاون بني‬ ‫�أجهزة اال�ستخبارات الأوروبية وحت�سنها‪� ،‬إال �أنها‬ ‫لي�ست دقيقة كما ينبغي‪ .‬وال يزال من ال�صعب‬

‫جدً ا التنب�ؤ بهوية الذين �سيقررون االنتقال من‬ ‫التفكري بالهجمات �إلى تنفيذها فع ًال من بني‬ ‫�آالف الأف ��راد املتطرفني‪ ،‬فمراقبة كل منهم‬ ‫تتطلب موارد �ضخمة وم�ستوى عاليًا من املراقبة‬ ‫من ال�صعب توفيقه مع الدميقراطية‪.‬‬ ‫ربط الإ�سالم بالإرهاب‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ومع كل موجة عنف جديدة‬ ‫ت�ضرب فرن�سا‪ ،‬وحت�م��ل يف طياتها ب�صمات‬ ‫مت�شددين‪ ،‬تت�صاعد خم��اوف امل�سلمني من‬ ‫ن�ظ��رات ال�شك املرفقة باتهامات ظ��اه��رة �أو‬ ‫مبطنة لهم‪ ،‬التي تنتهي �أحيانًا بجرائم كراهية‬ ‫موجهة �ضدهم �أو عمليات ا�ضطهاد‪.‬‬ ‫وبعد الهجمات الدامية التي تعر�ضت لها‬ ‫العا�صمة الفرن�سية‪ ،‬ب��د�أت مالمح احلركات‬ ‫املعادية للم�سلمني تتك�شف‪ ،‬من خ�لال كتابة‬ ‫�شعارات على جدران امل�ساجد وتوجيه الإهانات‬ ‫للن�ساء املحجبات‪ ،‬ورفع الفتات تربط الإ�سالم‬ ‫بالإرهاب‪.‬‬ ‫وتبقى املح�صلة النهائية‪� ،‬أن الهجمات‬ ‫الإرهابية التي �ضربت �أوروبا‪ ،‬عمقت االنق�سام‬ ‫ب�ين م��واط�ن�ي�ه��ا ح ��ول ال�ت�ع��ام��ل م��ع امل�سلمني‬ ‫والإ� �س�لام ‪‬ ,‬بينما ي��رى البع�ض الآخ��ر‪� ،‬أن ما‬ ‫يحدث هو من فعل �أقلية قليلة ج��دً ا‪‬ ،‬وال ميكن‬ ‫حتميل الأغلبية تبعات �سلوكها‪ ،‬ويقول ب�ضرورة‬ ‫التمييز بني امل�سلم والإره��اب��ي‪‬ ،‬و�أن كل م�سلم‬ ‫متطرف لي�س بال�ضرورة �إرهابيًا‪‬‬‬.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫لهم‪ ،‬ما يجعلها هدفًا مبا�شرًا للعمليات الغ�شيمة‬ ‫التي قد تطال م�ستقبالً‪ ،‬دو ًال �أوروبية �أخرى‪.‬‬ ‫ك��ذل��ك‪ ،‬ف���إن �سيا�سة فرن�سا املعتدلة يف‬ ‫ال�شرق الأو�سط‪ ،‬وحماربتها لـ»داع�ش»‪ ،‬ودورها‬ ‫القوي يف التحالف الدويل‪ ،‬كانت �ضمن الأ�سباب‬ ‫التي جعلتها القبلة املف�ضلة ل��دى الإرهابيني‬ ‫وعملياتهم‪.‬‬ ‫ويعترب دع��م فرن�سا الوا�ضح للحرب �ضد‬ ‫الإره� ��اب م��ن �أب ��رز الأ� �س �ب��اب ال�ت��ي ق��د تدفع‬ ‫«داع�ش» نحو ا�ستهدافها حتديدً ا دون غريها من‬ ‫الدول الأوروبية‪ ،‬خا�صة بعد �صفقات الأ�سلحة‬ ‫التي وقعت �أخ�يرًا بني م�صر وفرن�سا‪ ،‬وحاملة‬ ‫الطائرات التي �أر�سلتها �إلى �سوريا للم�شاركة يف‬ ‫احلرب �ضد التنظيم الذي ت�سلل الرعب لنفو�س‬ ‫عنا�صره املر�ضى و�أثار خماوفه باعتباره ال يرى‬ ‫لا وي�سعى جل��ر ال�ع��امل نحو حرب‬ ‫لنف�سه ب��دي� ً‬ ‫ثالثة‪.‬‬ ‫وم ��ا زاد ال �ط�ين ب �ل��ة اق�ت��ران ال�ه�ج�م��ات‬ ‫الإرهابية على فرن�سا ب�أزمة الالجئني‪� ،‬إذ �أثار‬ ‫عثور ال�شرطة الفرن�سية على جواز �سفر �سوري‬ ‫قرب جثة �أحد املهاجمني‪ ،‬خماوف من �أن يكون‬ ‫بع�ض امل�شاركني يف الهجمات قد دخلوا �أوروبا‬ ‫مت�سللني يف �صفوف ع�شرات �آالف الالجئني‬ ‫الفارين من احلرب يف �سوريا والعراق‪.‬‬ ‫خطط وتدابري �أمنية‬ ‫�أق ��رت دول االحت ��اد الأوروب � ��ي‪ ،‬منت�صف‬ ‫فرباير تدارك الفراغ ويعد هذا الإجراء تداركًا‬ ‫أي�ضا للفراغ م�سائل �أ�سا�سية وف�ض ًال عن هذه‬ ‫� ً‬ ‫اخلطة‪ ،‬م�ستقبل �أ�شد �سوادًا‬ ‫ويرى خرباء وحمللون �سيا�سيون �أن ما حدث‬ ‫يف فرن�سا من �أحداث �إرهابية‪ ،‬هو بداية للعنف‬ ‫يف �أوروب��ا‪ ،‬الذي من املنتظر �أن ميتد �إلى باقي‬ ‫العامل‪ ،‬الفتني �إلى �أن م�ستقبل الدول واملجتمعات‬ ‫بات �أ�شد �سوادًا مما كان يتوقعه اجلميع‪ .‬كما‬ ‫ت�أكد للجميع �أن كل الإج ��راءات التي اتخذت‬ ‫حتى الآن ملواجهة الإره��اب لي�ست كافية‪ ،‬و�أن‬ ‫الو�ضع �أخطر بكثري من جمرد قيام حتالفات‬ ‫تتعامل مع فظائع الإره��اب يف مناطق ال�صراع‬ ‫فقط وبفعالية �أقل بكثري مما يجب عمله‪ .‬و�إذا‬ ‫مل تقتنع دول العامل وقادته‪ ،‬ويف مقدمتها �أوروبا‬ ‫و�أمريكا وال�صني ورو�سيا واليابان وغريها‪ ،‬ب�أن‬ ‫اخلطر موجود يف داخلها‪ ،‬و�أن الب�شرية كلها‬

‫‪25‬‬


‫الوسائل الدبلوماسية‬ ‫خطوة هامة نحو تسوية المنازعات والخالفات الدولية‬ ‫بعيدا عن استخدام القوة‬ ‫التي تنشب‬ ‫ً‬ ‫فنون سياسية‬ ‫‪26‬‬

‫ د‪ .‬أحمد الجار اهلل ‪ -‬الرياض ‪-‬‬‫�شهد العامل �أزمات مالية متعددة لعدد من الدول عرفت با�سم الديون ال�سيادية‪ ،‬والغريب �أن نف�س الأزمة ونف�س‬ ‫العالقات املت�شابكة تتكرر بني الدائنني واملدينني‪ ،‬وتبدو هذه الق�ضية جلية يف �أزمة الديون ال�سيادية لليونان التي ا�شتدت‬ ‫م�ؤخراً‪.‬‬ ‫وكانت الأزمة متحورت‪ ،‬حتى �أواخر �أكتوبر املا�ضي‪ ،‬حول م�شكلة مزمنة مرتبطة �إلى حد كبري بالف�شل يف جعل مالية‬ ‫اليونان م�ستقرة‪ .‬وعلى رغم �أن الأزمة �سرعان ما بد�أت تنت�شر ب�سرعة لت�صل �إلى �إيطاليا و�إ�سبانيا‪ ،‬ويف الآونة الأخرية �إلى‬ ‫فرن�سا‪� ،‬إال �أن اليونان كانت �أولى �ضحايا الال نظام العاملي بني دول القارة الأوروبية‪ ،‬مما يهدد م�ستقبل اليورو الذي يعي�ش‬ ‫�أزمة حادة بعد التخوف من تداعيات هذه املحنة على الدول الأوروبية وما �ستجره عليها من �آثار �سلبية‪.‬‬


‫العدد‬

‫طرفني ي�ستخدمان ما لديهما من مهارات‬ ‫االت�صال اللفظي لتبادل احل��وار الإقناعي‬ ‫لي�صال �إلى حتقيق مكا�سب م�شرتكة‪ ،‬ويقول‬ ‫مايك بدلر �إن �أكرث تعاريف املفاو�ضات انت�شارًا‬ ‫هي التي تقول ب�أن التفاو�ض هو التباحث مع‬ ‫طرف �آخر بهدف الرتا�ضي �أو االتفاق‪.‬‬ ‫وعادة ما تقوم املفاو�ضات على االت�صاالت‬ ‫املبا�شرة بني الدولتني املتنازعتني بغية ت�سوية‬ ‫النزاع القائم بينهما عن طريق اتفاق مبا�شر‪،‬‬ ‫وتتم املفاو�ضات ع��ادة ب�ين وزراء خارجية‬ ‫ال ��دول املتنازعة وممثليها الدبلوما�سيني‪،‬‬ ‫�أو من يوكلون �إليهم القيام بتلك املهمة‪� ،‬إذ‬ ‫تنطوي املفاو�ضات الدبلوما�سية على قدر من‬ ‫املرونة والكتمان‪ ،‬لهذا هي موجودة يف خمتلف‬ ‫�أنواع املنازعات و�أغلبها با�ستثناء ما هو ع�سري‬ ‫منها‪ ،‬ولكن فعالية املفاو�ضات الدبلوما�سية‬ ‫تعتمد على توافر حد �أدن��ى من تكاف�ؤ القوى‬ ‫ال�سيا�سية بني الطرفني املتفاو�ضني‪ ،‬و�إال وقعت‬ ‫الدولة ال�ضعيفة حتت رحمة الدولة القوية يف‬ ‫املفاو�ضات اجلارية بينهما‪.‬‬ ‫‪-2‬امل�ساعي احلميدة‬ ‫وهي العمل الودي الذي تقوم به دولة ثالثة‬ ‫حيال الدولتني املتنازعتني‪ ،‬بق�صد التخفيف‬ ‫من ح��دة اخل�لاف بينهما‪ ،‬و�إي�ج��اد جو �أكرث‬ ‫مالءمة ال�ستئناف املفاو�ضات والو�صول �إلى‬ ‫تفاهم فيما بينهما‪ ،‬وذلك تفاديًا لن�شوب نزاع‬ ‫م�سلح‪� ،‬أو حل النزاع الدويل ح ًال �سلميًا‪� ،‬أي‬

‫‪82‬‬

‫تصنيف النزاعات‬ ‫إلى نوعين هما‪ :‬نزاعات‬ ‫سياسية‪،‬ونزاعات‬ ‫قانونية‪ ،‬وإن كان قد ظهر‬ ‫أخير ًا نوع ثالث وهو‬ ‫النزاعات الفنية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫توتر واحتكاك‬ ‫ع� ّرف��ت حمكمة ال�ع��دل الدولية الدائمة‬ ‫النزاع الدويل ب�أنه خالف حول نقطة قانونية‬ ‫�أو واقعية �أو تناق�ض �أو تعار�ض للطروحات‬ ‫القانونية �أو الواقعية �أو املنافع بني دولتني‪.‬‬ ‫وعادة ما تن�ش�أ النزاعات الدولية تقريبًا‬ ‫للأ�سباب ذات�ه��ا ال�ت��ي تن�ش�أ عنها ن��زاع��ات‬ ‫الأف� ��راد‪ ،‬م��ع �أن نتائج الأول ��ى �أ��ش��د خطرًا‬ ‫و�أعمق �أثرًا‪ ،‬ف�إلى جانب اخلالفات الب�سيطة‬ ‫و�سوء التفاهم اللذين قد ي�سمان العالقات‬ ‫بني دولتني �أو �أك�ثر مل��دة ق�صرية �أو طويلة‪،‬‬ ‫هنالك ق�ضايا ت�سبب ت��وت �رًا واحتكاكًا بني‬ ‫الدول وتعر�ض ال�سلم والأمن الدوليني للخطر‪،‬‬ ‫�أو على الأقل تعكر الهدوء وتخ ّل بالتوازن يف‬ ‫العالقات الدولية‪.‬‬ ‫وا�صطلح فقهاء ال�ق��ان��ون ال ��دويل على‬ ‫ت�صنيف املنازعات يف نوعني رئي�سيني‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫منازعات �سيا�سية ومنازعات قانونية‪ ،‬و�إن‬ ‫كان قد ظهر �أخ�يرًا نوع ثالث وهو املنازعات‬ ‫الفنية التي يتجه كل فرع منها �إلى الت�سوية من‬ ‫قبل هيئة متخ�ص�صة تكون على �إملام بامل�شاكل‬ ‫الفنية التي تنطوي عليها املنازعات‪.‬‬ ‫مبادئ قانونية‬ ‫جرت حم��اوالت عدة لر�سم احل��دود بني‬ ‫املنازعات ال�سيا�سية والقانونية‪ ،‬وكان الأ�سا�س‬ ‫يف هذا التمييز �أن الأولى ال ت�صلح لأن تنظر‬ ‫ف�ي�ه��ا حم �ك �م��ة‪ ،‬وق �� �ص��د ب��ذل��ك امل �ن��ازع��ات‬ ‫التي تلعب فيها االعتبارات ال�سيا�سية دورًا‬ ‫مهمًا كامل�صالح الوطنية احليوية وامل�صالح‬ ‫االقت�صادية‪�...‬إلخ‪ .‬يف حني �أن الثانية ت�صلح‬ ‫لأن تنظر فيها حمكمة‪ ،‬وق�صد بذلك لي�س‬ ‫فقط امل �ن��ازع��ات ال�ت��ي تنطوي على م�س�ألة‬ ‫أي�ضا تلك املنازعات التي تت�صل‬ ‫قانونية‪ ،‬و�إمنا � ً‬ ‫بالقانون ات�صا ًال وثيقًا بحيث ميكن اللجوء‬ ‫�إليه لت�سويتها‪ .‬وقد �أ�صبح هذا التمييز مقبو ًال‬ ‫و�أدخل يف بنود عدد من اتفاقيات التحكيم‪.‬‬ ‫و�أظ �ه��رت ال�ن��زع��ة التنظيمية للمجتمع‬ ‫الدويل‪� ،‬أن هناك �إمكانيات وفرية وحم�سو�سة‬ ‫يف �إيجاد احللول للأزمات الدولية من خالل‬

‫الطرق الدبلوما�سية‪ ،‬بعد �أن �أ�صبح حترمي‬ ‫ا�ستخدام ال�ق��وة‪� ،‬أو التهديد يف العالقات‬ ‫الدولية‪ ،‬من �أهم املبادئ القانونية امل�ستحدثة‬ ‫يف القانون الدويل وميثاق الأمم املتحدة على‬ ‫وج��ه الإط�ل�اق‪ .‬وه��ذا �أم��ر طبيعي ومنطقي‪،‬‬ ‫طاملا �أن معاجلة املنازعات هي �أحد الأهداف‬ ‫الرئي�سية لأي قانون على �أي م�ستوى‪ ،‬ويتبع‬ ‫القانون يف ذلك �إح��دى الطريقتني‪� ،‬إما منع‬ ‫وقوعها �أ�صالً‪� ،‬أو ت�سويتها بعد وقوعها‪.‬‬ ‫�صلة قوية ومتالزمة‬ ‫وتعترب ال�صلة بني مبد�أ حل املنازعات‬ ‫لا �سلميًا وم�ن��ع احل ��رب وحفظ‬ ‫ال��دول�ي��ة ح� ً‬ ‫ال�سالم ال ��دويل �صلة قوية وم�ت�لازم��ة‪ ،‬فال‬ ‫ميكن �أن نت�صور ا�ستتباب الأم��ن وال�سلم يف‬ ‫املجتمع ال��دويل دون �ضمان حل اخلالفات‬ ‫التي تن�شب بو�سائل بعيدً ا عن ا�ستخدام القوة‪.‬‬ ‫وق��د �أك��دت املواثيق الدولية على ت�سوية‬ ‫امل�ن��ازع��ات بالطرق ال�سلمية (املفاو�ضات‪،‬‬ ‫امل�ساعي احل�م�ي��دة وال��و� �س��اط��ة‪ ،‬التحقيق‪،‬‬ ‫التوفيق)‪� ،‬إذ �ألزم ميثاق الأمم املتحدة الدول‬ ‫الأع�ضاء جميعها بف�ض منازعاتهم بالو�سائل‬ ‫ال�سلمية على وج��ه ال يجعل ال�سلم والأم��ن‬ ‫وال�ع��دل ال��دويل عر�ضة للخطر‪ ،‬وباالمتناع‬ ‫يف عالقاتهم الدولية عن التهديد با�ستعمال‬ ‫القوة‪� ،‬أو ا�ستخدامها �ضد �سالمة الأر�ض‪� ،‬أو‬ ‫اال�ستقالل ال�سيا�سي لأي دولة‪� ،‬أو على �أي وجه‬ ‫�آخر ال يتفق ومقا�صد الأمم املتحدة‪ .‬وقد بينّ‬ ‫امليثاق الو�سائل ال�سلمية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫�أوالً‪ :‬الطرق الدبلوما�سية‪ ،‬وت�شمل‪:‬‬ ‫‪-1‬املفاو�ضات‬ ‫وه ��ي عملية ت�ت��م ب�ين ج �ه��ات ل�ه��ا �آراء‬ ‫ومطالب خمتلف عليها‪ ،‬حتاول حلها من خالل‬ ‫امل�ساومات والتنازالت امل�شرتكة للو�صول �إلى‬ ‫اتفاقية مقبولة‪ ،‬لذا فاملفاو�ضات هي احلوار‬ ‫املنظم ال��ذي يتم بني طرفني �أو �أك�ثر لهما‬ ‫�شخ�صية قانونية حمددة ك�أ�سلوب متفق عليه‬ ‫حلل اخلالفات بينهما‪� ،‬أو التو�صل �إلى حلول‪،‬‬ ‫�أو اتفاقات للم�سائل ذات الأهمية امل�شرتكة‪.‬‬ ‫كما �أنها تعد �أ�سلوبًا للتفاعل العقلي بني‬

‫‪27‬‬


‫فنون سياسية‬ ‫‪28‬‬

‫�أن هذه امل�ساعي احلميدة تهدف �إلى و�ضع حد‬ ‫حلرب قائمة �أو حمتملة‪.‬‬ ‫‪-3‬الو�ساطة‬ ‫تختلف الو�ساطة عن امل�ساعي احلميدة‪،‬‬ ‫ويق�صد بها �أن الدولة التي تقوم بامل�ساعي‬ ‫احل �م �ي��دة تكتفي ب��ال�ت�ق��ري��ب ب�ين ال��دول�ت�ين‬ ‫املتنازعتني‪ ،‬وحثهما على ا�ستئناف املفاو�ضات‬ ‫لت�سوية النزاع‪ ‬دون �أن ت�شرتك هي يف ذلك‪،‬‬ ‫بينما ت�شرتك الدولة التي تقوم بالو�ساطة يف‬ ‫املفاو�ضات التي تتم بني الطرفني املتنازعني‪.‬‬ ‫أي�ضا باقرتاح احلل الذي تراه‬ ‫كما تقوم � ً‬ ‫منا�سبًا للنزاع �إذا ر�أت �أن ذلك ي�ساعد �أطرافه‬ ‫على الو�صول �إلى نهاية موفقة يف ات�صاالتهم‪،‬‬ ‫�أي �أن الو�ساطة متثل م�سعى وديًا تقوم به دولة‬ ‫ثالثة من �أجل امل�ساعدة يف حل نزاع قائم بني‬ ‫دولتني‪.‬‬ ‫وتت�سم الو�ساطة ب�أنها اختيارية‪� ،‬إذ �إن‬ ‫ال��دول��ة التي تتو�سط يف حل ال�ن��زاع تقوم به‬ ‫متطوعة‪ ،‬كما ت�ك��ون ال ��دول املتنازعة حرة‬ ‫يف قبول الو�ساطة �أو رف�ضها وال تعد بذلك‬ ‫خمالفة للقانون ال��دويل‪ ،‬و�إن ك��ان الرف�ض‬ ‫يعد عم ًال غري ودي‪ .‬كما ت�ستخدم الو�ساطة‬ ‫كامل�ساعي احلميدة‪� ،‬إما ملنع ن�شوب حرب‪� ،‬أو‬

‫لو�ضع حد حلرب قائمة بني دولتني‪ .‬ومن �أجل‬ ‫جتنب ال�ضغط ال�سيا�سي الذي متار�سه الدولة‬ ‫الو�سيطة على الطرفني املتنازعني‪� ،‬أو حتيز‬ ‫الدولة الو�سيطة‪ ،‬برزت �ضرورة االلتجاء �إلى‬ ‫�شخ�صية م�ستقلة م�ؤهلة للقيام بدور الو�سيط‪.‬‬ ‫‪-4‬التحقيق‬ ‫يف احلاالت التي يكون فيها �أ�سا�س النزاع‬ ‫خالفًا على وقائع معينة‪ ،‬يكون من املفيد �أن‬ ‫تعينّ الدولتان املتنازعتان‪ ،‬جلنة حتقيق دولية‬ ‫تعهد �إليها فح�ص وقائع ال�ن��زاع والتحقيق‬ ‫فيها‪ ،‬وق��د �أ� �ش�ير �إل��ى ه��ذا يف امل ��ادة ‪ 9‬من‬ ‫اتفاقية اله��اي‪ ،‬وع��ادة ما يكون تكوين جلنة‬ ‫التحقيق بناء على اتفاق خا�ص بني الدولتني‬

‫مجلس األمن‬ ‫يجب أن يشجع على‬ ‫االستكثار من الحل‬ ‫السلمي لهذه‬ ‫المنازعات المحلية‬ ‫بطريق هذه المنظمات‬

‫املتنازعتني‪� ،‬إذ يت�ضمن هذا االتفاق الوقائع‬ ‫املطلوب التحقيق فيها‪ ،‬وال�سلطة املخولة‬ ‫للجنة يف ذلك‪ ،‬ومكان اجتماعها‪ ،‬والإجراءات‬ ‫التي تتبعها وكيفية ت�شكيلها‪.‬‬ ‫ويف حال عدم اتفاق الدولتني على ت�شكيل‬ ‫خا�ص للجنة تنتخب كل دولة ع�ضوين اثنني‪،‬‬ ‫وم��ن ث��م ي�خ�ت��ار الأع �� �ض��اء الأرب��ع��ة الع�ضو‬ ‫اخلام�س‪ .‬وتتولى جلنة التحقيق مهمتها من‬ ‫خ�لال جل�سات غري علنية‪ ،‬وتتخذ قراراتها‬ ‫بالأغلبية وحترر به تقريرًا ت�سلم ن�سخة منها‬ ‫لكل من ممثلي الطرفني يف جل�سة علنية‪.‬‬ ‫وي �ت �ن��اول ه��ذا ال�ت�ق��ري��ر‪� � ،‬س��رد ال��وق��ائ��ع‬ ‫املطلوب التحقيق فيها‪ ،‬وبيان ما ظهر للجنة‬ ‫ب�ش�أنها‪ ،‬من غري �أن يت�ضمن التقرير �أي حكم‬ ‫يف امل�س�ؤولية‪ ،‬بل يرتك لطريف النزاع كامل‬ ‫احلرية يف ا�ستخال�ص ما يريدانه منه‪ .‬وبعد‬ ‫�إي�ضاح حقيقة الوقائع املختلف عليها على‬ ‫النحو امل ��درج يف تقرير التحقيق‪ ،‬ي�صبح‬ ‫م��ن الأي �� �س��ر ع�ل��ى ال�ط��رف�ين ت�سوية ال �ن��زاع‬ ‫باملفاو�ضات الدبلوما�سية �أو التحكيم‪.‬‬ ‫‪ -5‬التوفيق‬ ‫وهو و�سيلة تقع بني الو�ساطة وبني الطرق‬ ‫الق�ضائية‪ ،‬ويقوم على التحقيق يف امل�سائل‬


‫العدد‬

‫يكت�سب �أي �صفة �إل��زام�ي��ة‪ ،‬وت�صبح احلرب‬ ‫ممكنة من الناحية القانونية‪.‬‬ ‫‪-2‬ت�سوية املنازعات الدولية كما وردت يف‬ ‫ميثاق الأمم املتحدة‬ ‫تبنت (امل� ��ادة ‪ )33‬م��ن امل �ي �ث��اق امل �ب��د�أ‬ ‫القا�ضي بوجوب اللجوء �إلى �إح��دى الو�سائل‬ ‫ال�سلمية وت��رك ال��دول الأع���ض��اء لكي تختار‬ ‫بحرية الو�سيلة ال�ت��ي تعتقد ب�أنها منا�سبة‬ ‫(مفاو�ضات‪ ،‬و�ساطة‪ ،‬حتقيق‪ ،‬توفيق‪ ،‬حتكيم‪،‬‬ ‫ت�سوية ق�ضائية)‪� .‬أما (املادة ‪ ،)34‬فقد منحت‬ ‫ملجل�س الأمن احلق يف التدخل املبا�شر يف حالة‬ ‫وج��ود ن��زاع‪� ،‬أو موقف يهدد ال�سالم العاملي‪،‬‬ ‫وذلك على النحو الآتي‪:‬‬ ‫�أ‪-‬اال�ستناد �إلى قرار ي�صدره جمل�س الأمن‬ ‫(املادة ‪.)34‬‬ ‫ب‪-‬اال�ستناد �إلى طلب يتقدم به �أي ع�ضو‬ ‫من �أع�ضاء الأمم املتحدة (املادة ‪.)35‬‬ ‫ج‪-‬اال�ستناد �إل��ى طلب ال�سكرتري العام‬ ‫للأمم املتحدة (املادة ‪.)99‬‬ ‫وع��ادة ما تختلف ال�سلطة التي يتمتع بها‬ ‫جمل�س الأمن يف هذا ال�ش�أن باختالف درجة‬ ‫ح�سا�سية امل�شكلة امل�ع��رو��ض��ة عليه ودرج��ة‬ ‫خطورتها‪ ،‬ففي حالة �إذا ك��ان الأم��ر يتعلق‬ ‫مبجرد تهديد لل�سلم‪ ،‬ف ��إن جمل�س الأم��ن ال‬ ‫ميلك �إال �إ�صدار تو�صيات يدعو فيها �أطراف‬ ‫ال �ن��زاع �إل��ى ح��ل خالفاتهم بالطريقة التي‬ ‫يراها منا�سبة لهما‪� ،‬أو قد يقوم جمل�س الأمن‬ ‫بتحديد الطريقة ال��واج��ب عليهما اتباعها‪،‬‬

‫‪82‬‬

‫يجب على أطراف أي‬ ‫نزاع من شأن استمراره‬ ‫أن يعرض حفظ األمن‬ ‫والسلم الدولي للخطر أن‬ ‫يلتمسوا حله بادئ األمر‬ ‫عن طريق المفاوضات‬ ‫والتحقيق والوساطة‬ ‫والتوفيق والتحكيم‬ ‫والتسوية القضائية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫التي يقوم حولها النزاع‪ ،‬واقرتاح احللول التي‬ ‫ميكن �أن ير�ضى بها الطرفان‪ ،‬وتقوم بالتوفيق‬ ‫جلان يطلق عليها ت�سمية (جل��ان التوفيق)‪،‬‬ ‫وه��ي ت�شبه جل��ان التحقيق يف ال�سعي حلل‬ ‫النزاع بني الدول‪� ،‬إال �أن جلان التوفيق يكون‬ ‫أي�ضا اقرتاح حل للنزاع ميكن �أن‬ ‫من مهامها � ً‬ ‫يقبله الطرفان املتنازعان‪.‬‬ ‫و»ال��ت��وف��ي��ق» ط��ري �ق��ة ح��دي �ث��ة لت�سوية‬ ‫املنازعات الدولية‪ ،‬دخلت التعامل ال��دويل‬ ‫بعد عام ‪ 1919‬بوا�سطة عدة معاهدات ثنائية‬ ‫وجماعية‪ .‬وتت�ألف جلان التوفيق مبوجب اتفاق‬ ‫يعقد بني الطرفني املتنازعني‪� ،‬أو بقرار �صادر‬ ‫من الأمم املتحدة‪� ،‬أو �إحدى املنظمات الدولية‬ ‫�أو الإقليمية‪ ،‬وتتولى هذه اللجان درا�سة النزاع‬ ‫واف عنه �إلى الطرفني‪،‬‬ ‫القائم وتقدمي تقرير ٍ‬ ‫�أو �إلى املنظمة‪ ،‬يت�ضمن عدة اقرتاحات‪� ،‬أو‬ ‫حلول‪ ،‬لت�سوية النِّزاع‪.‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬الت�سوية ال�سيا�سية‬ ‫�أن�شئت هذه الطريقة يف ت�سوية املنازعات‬ ‫ال��دول�ي��ة مبقت�ضى عهد ع�صبة الأم ��م لعام‬ ‫‪ ،1919‬وق��د ظلت م�ستمرة حتى ‪ ،1939‬ثم‬ ‫�أعيدت مع ميثاق الأمم املتحدة عام ‪،1945‬‬ ‫وق��د ت�ط��ور ه��ذا النمط يف الت�سوية عندما‬ ‫�أخ��ذت املنظمات الإقليمية تقوم ب��دور مهم‬ ‫يف ه��ذا اجل��ان��ب‪ ،‬كما ن�ش�أت وت�ط��ورت هذه‬ ‫الطريقة يف الت�سوية على ال�شكل الآتي‪:‬‬ ‫‪-1‬ت�سوية املنازعات الدولية كما وردت يف‬ ‫عهد ع�صبة الأمم‬ ‫عالج ميثاق ع�صبة الأم��م هذا املو�ضوع‬ ‫يف املادتني (‪ ،)15 -12‬وقد جاءت الن�صو�ص‬ ‫على �ضرورة ت�سوية جميع النزعات بالطرق‬ ‫ال�سلمية‪ ،‬وذل��ك باختيار �إح��دى الطريقتني‪،‬‬ ‫تتمثل الأول � ��ى يف ع��ر���ض امل �ن��ازع��ات على‬ ‫التحكيم �أو الق�ضاء ال��دويل (حمكمة العدل‬ ‫الدولية الدائمة)‪.‬‬ ‫يف حني تتمثل الثانية يف عر�ض املنازعات‬ ‫على جمل�س الع�صبة ال��ذي يعمل كو�سيط‬ ‫حم���او ًال ح�م��ل ال�ط��رف�ين ع�ل��ى ال�ت�ف��اه��م‪� ،‬أو‬ ‫الو�صول �إل��ى ت�سوية‪ .‬كما يتم �إع��داد تقرير‬ ‫يعر�ض على الت�صويت‪ ،‬ف� ��إذا ح�صل على‬ ‫الإج �م��اع (ع��دا �أ� �ص��وات ال ��دول املتنازعة)‬ ‫يكت�سب �صفة القانون وي�صبح ملزمً ا للدول‬ ‫املتنازعة‪� .‬أما �إذا ح�صل على الأغلبية‪ ،‬فال‬

‫�أو يقرتح عليهما احلل املنا�سب‪ ،‬وهذا ميثل‬ ‫جوهر ما تناولته املواد (‪ )38-33‬من ميثاق‬ ‫الأمم املتحدة‪.‬‬ ‫�أما يف احلاالت التي يكون فيها النزاع‪� ،‬أو‬ ‫ال�صراع مت�صاعدً ا للدرجة التي متثل تهديدً ا‬ ‫مبا�شرًا لل�سلم‪ ،‬ف ��إن املجل�س هنا ال يكتفي‬ ‫بالتو�صية‪ ،‬بل ي�صدر �أوام��ره بفر�ض تدابري‬ ‫م�ؤقتة ك�إيقاف القتال �أو �سحب القوات‪ ،‬كما له‬ ‫أي�ضا �أن ي�أمر بتطبيق اجلزاءات االقت�صادية‬ ‫� ً‬ ‫والع�سكرية املن�صو�ص عليهما يف الف�صل‬ ‫ال�سابق من امليثاق‪� .‬أما يف حالة عجز جمل�س‬ ‫الأم��ن عن القيام بامل�س�ؤولية ال�سابقة على‬ ‫الوجه املنا�سب‪ ،‬ف�إن اجلمعية العامة للأمم‬ ‫أي�ضا متلك هذه االخت�صا�صات‪،‬‬ ‫املتحدة هي � ً‬ ‫وذلك باال�ستناد �إلى القرار ‪ 377‬واملعروف‬ ‫با�سم قرار (االحتاد من �أجل ال�سالم)‪.‬‬ ‫‪-3‬ت�سوية املنازعات عن طريق املنظمات‬ ‫الإقليمية‬ ‫�أ� �ش��ار م�ي�ث��اق الأم���م امل�ت�ح��دة �إل ��ى ه��ذه‬ ‫الطريقة يف (املادة ‪ )33‬التي تن�ص على «يجب‬ ‫على �أط��راف �أي نزاع من �ش�أن ا�ستمراره �أن‬ ‫يعر�ض حفظ الأمن وال�سلم الدويل للخطر �أن‬ ‫يلتم�سوا حله بادئ الأمر عن طريق املفاو�ضات‬ ‫والتحقيق وال��و��س��اط��ة وال�ت��وف�ي��ق والتحكيم‬ ‫والت�سوية الق�ضائية‪ ،‬و�أن يلج�ؤوا �إلى الوكاالت‬ ‫والتنظيمات الإقليمية‪� ،‬أو غريها من الو�سائل‬ ‫ال�سلمية التي يقع عليها اختيارها»‪.‬‬ ‫بيد �أن امليثاق �شدد على وجوب جلوء الدول‬ ‫�إلى التنظيمات الإقليمية قبل عر�ض �أي نزاع‬ ‫نهائيًا على جمل�س الأمن‪،‬ومن هنا جاء ن�ص‬ ‫املادة ‪ 52‬الفقرة ‪ 2‬على «يبذل �أع�ضاء الأمم‬ ‫املتحدة الداخلون يف مثل هذه التنظيمات‪،‬‬ ‫�أو ال��ذي��ن ت�ت��أل��ف منهم تلك ال��وك��االت‪ ،‬كل‬ ‫جهدهم لتدبري حل �سلمي للمنازعات املحلية‬ ‫عن طريق التنظيمات الإقليمية‪� ،‬أو بوا�سطة‬ ‫الوكاالت الإقليمية‪ ،‬وذلك قبل عر�ضها على‬ ‫جمل�س الأمن»‪.‬‬ ‫كما �أن امل��ادة (‪ )52‬يف الفقرة ‪ 3‬تن�ص‬ ‫ع�ل��ى «جم�ل����س الأم ��ن ي�ج��ب �أن ي�شجع على‬ ‫اال�ستكثار من احلل ال�سلمي لهذه املنازعات‬ ‫املحلية بطريق هذه املنظمات‪� ،‬سواء كان ذلك‬ ‫بناء على طلب ال��دول املعنية‪� ،‬أو عن طريق‬ ‫الإحالة �إليها من جمل�س الأمن»‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫تهدد باندالع أزمة مالية عالمية جديدة‬ ‫ّ‬

‫أزمة ديون اليونان السيادية‬ ‫اقتصاد‬ ‫‪30‬‬

‫ وائل عبد الهادي ‪ -‬قبرص ‪-‬‬‫�شهد العامل �أزمات مالية متعددة لعدد من الدول عرفت با�سم الديون ال�سيادية‪ ،‬والغريب �أن نف�س الأزمة ونف�س‬ ‫العالقات املت�شابكة تتكرر بني الدائنني واملدينني‪ ،‬وتبدو هذه الق�ضية جلية يف �أزمة الديون ال�سيادية لليونان التي ا�شتدت‬ ‫وتزايدت ب�سرعة على مدى ال�شهر املا�ضي‪.‬‬ ‫وكانت الأزمة متحورت‪ ،‬حتى �أواخر �أكتوبر املا�ضي‪ ،‬حول م�شكلة مزمنة مرتبطة �إلى حد كبري بالف�شل يف جعل مالية‬ ‫اليونان م�ستقرة‪ .‬وعلى رغم �أن الأزمة �سرعان ما بد�أت تنت�شر ب�سرعة لت�صل �إلى �إيطاليا و�إ�سبانيا‪ ،‬ويف الآونة الأخرية �إلى‬ ‫فرن�سا‪� ،‬إال �أن اليونان كانت �أولى �ضحايا الال نظام العاملي بني دول القارة الأوروبية‪ ،‬مما يهدد م�ستقبل اليورو الذي يعي�ش‬ ‫�أزمة حادة بعد التخوف من تداعيات هذه املحنة على الدول الأوروبية وما �ستجره عليها من �آثار �سلبية‪.‬‬


‫الر�سمية‪.‬‬ ‫كما تُعتبرَ اليونان من البلدان احلا�ضنة‬ ‫لآالف املهاجرين الباحثني عن فر�ص العمل‪،‬‬ ‫وغالبية �أول�ئ��ك املهاجرين ي��زاول��ون عملهم‬ ‫الأج�ي�ر ب���ص��ورة غ�ير قانونية‪ ،‬ويطلق عليه‬ ‫بالعمل (الأ�سوَد) يف �أوروبا الغربية‪ ،‬لكونه غري‬ ‫خا�ضع لقوانني ال�ضريبة‪ ،‬وهذا يعني تهريب‬ ‫مبالغ خيالية م��ن ال �ي��ورو ب�صيغة حتويالت‬ ‫مالية �سرية وغ�ير �شرعية من قِبل الأج��راء‬ ‫الأجانب �إلى �أُ�سرهم يف �أوطانهم الأ�صلية‪.‬‬ ‫هذا ف�ض ًال عن ا�ستنزاف الألعاب الأوملبية‬ ‫التي جرت يف �أثينا عام ‪� 2004‬أكرث من �أربعة‬ ‫مليارات دوالر‪� ،‬إذ كان القائمون على تنظيمها‬ ‫من اجلانب اليوناين يتوقعون ح�صول �إيرادات‬ ‫�أك�ث�ر مم��ا �أُن � ِف��ق‪ ،‬لكن توقعاتهم ك��ان��ت غري‬ ‫واقعية‪ ،‬مما زاد العجز يف املوازنة ال�سنوية ‪،‬‬ ‫هذا العجز الذي ا�ستمر يف ت�صاعد م�ستمر و‬ ‫ب�صورة تراكمية‪.‬‬ ‫�إجراءات تق�شفية‬ ‫وهناك ما ي�شبه الإجماع بني املحللني على‬ ‫�أن تفاقم الأزمة اليونانية جاء لأ�سباب �سيا�سية‬ ‫يف الأ�سا�س‪� ،‬إذ �أو�ضح عامل االقت�صاد جوزيف‬ ‫�ستيجلتز‪ ،‬على �سبيل امل�ث��ال‪� ،‬أن االقت�صاد‬ ‫الأوروب� ��ي‪ ،‬ال��ذي يبلغ حجمه ‪� 16‬أل��ف مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬ي�ستطيع ا�ستيعاب عبء الدين اليوناين‬ ‫ب�أكمله‪� ،‬إذا توافرت الإرادة ال�سيا�سية‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫يعاني القطاع‬ ‫الحكومي من الترهل‬ ‫وتضخم الكادر اإلداري‪ ،‬إذ‬ ‫تصل الزيادة في الكادر‬ ‫الوظيفي إلى أكثر من‬ ‫‪%50‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫الدين العام‬ ‫ومي�ك��ن تعريف ال��دي��ن ال �ع��ام يف ال��دول��ة‬ ‫ب�أنه �إجمايل الأم��وال التي تقرت�ضها الدولة‬ ‫من الأفراد وامل�ؤ�س�سات ملواجهة �أحوال طارئة‬ ‫ولتحقيق �أه ��داف خمتلفة‪ ،‬وذل��ك عندما ال‬ ‫تكفي الإيرادات العامة تغطية النفقات العامة‬ ‫التي تتطلبها هذه الأحوال الطارئة مثل احلرب‬ ‫وحالة الت�ضخم ال�شديد‪ ،‬ولتمويل م�شروعات‬ ‫التنمية وملواجهة النفقات اجل��اري��ة العادية‬ ‫حتى يتم حت�صيل ال�ضرائب‪� ،‬إذ �إن مواعيد‬ ‫التح�صيل ق��د ال تتوافق مت��امً ��ا م��ع مواعيد‬ ‫النفقات اجلارية‪.‬‬ ‫وميكن �أن يكون الدين العام على �شكل‬ ‫�سندات غري قابلة للتداول‪� ،‬أو �أذونات خزانة‬ ‫ق�صرية الأج��ل مل��دة ثالثة �أ�شهر �أو �أك�ثر‪� ،‬أو‬ ‫�سندات قابلة للتداول من خالل �أ�سواق املال‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫الديون ال�سيادية‬ ‫�أما الديون ال�سيادية‪ ،‬فهي الديون املرتتبة‬ ‫على احلكومات ذات ال�سيادة‪ ،‬وتتخذ �أغلب‬ ‫ه��ذه ال��دي��ون �شكل ال�سندات‪ ،‬وعندما تقوم‬ ‫احلكومات ب�إ�صدار �سنداتها‪ ،‬ف�إنها ت�سلك‬ ‫�سبيلني ال ثالث لهما‪ ،‬الأول هو طرح �سندات‬ ‫بعملتها املحلية‪ ،‬وغالبًا ما تكون هذه ال�سندات‬ ‫موجهة نحو امل�ستثمرين املحليني‪،‬‬ ‫وال � �ث� ��اين �إ�� � �ص � ��دار �� �س� �ن ��دات م��وج �ه��ة‬ ‫للم�ستثمرين يف اخل��ارج بالعملة الأجنبية‪،‬‬ ‫وغالبًا ما تكون بعملة دولية مثل ال��دوالر �أو‬ ‫اليورو‪ ،‬ويف كلتا احلالتني ي�سمى دينًا حكوميًا‪.‬‬ ‫ويف جميع احلاالت‪ ،‬ف�إن الديون ال�سيادية‬ ‫حتدث ب�سبب ف�شل احلكومة يف �سداد ديونها‬ ‫املقومة بالعمالت الأجنبية‪ ،‬وبالتايل تعجز‬ ‫عن �سداد االلتزامات امل�ستحقة عليها‪ ،‬لذا‬ ‫تعمل احلكومات جاهدة كي حتول دون عدم‬ ‫قدرتها على �سداد ديونها‪� ،‬إذ �إن جمرد وجود‬ ‫�إ�شارات فقط ت�شري �إلى ذلك‪ ،‬ي�ؤدي �إلى فقدان‬ ‫امل�ستثمرين يف الأ�سواق املالية العاملية الثقة‬ ‫بحكومة هذه الدولة‪ ،‬وجتنبهم اال�شرتاك يف‬ ‫�أي مناق�صات �أو خ�صومات ل�شراء �سنداتها يف‬

‫امل�ستقبل‪.‬‬ ‫اقت�صاديات ه�شة‬ ‫واملتابع لأحداث الأزمة اليونانية �سيدرك‬ ‫�أنها مل تكن املرة الأولى التي تعجز فيها هذه‬ ‫ال��دول��ة ع��ن الإي �ف��اء مب�ستحقات ديونها‪� ،‬إذ‬ ‫تعر�ضت لعدة �أزمات مالية �سابقًا‪ ،‬وتكاد تكون‬ ‫�أ�سباب عجزها عن الإيفاء مب�ستحقات ديونها‬ ‫�آنذاك‪ ،‬هي نف�س الأ�سباب التي �أدت لعجزها‬ ‫عن الإيفاء مب�ستحقات ديونها حاليًا‪.‬‬ ‫وقد ك�شفت �أزمة ديون اليونان �أن الأزمة‬ ‫االقت�صادية التي �سادت الواليات املتحدة عام‬ ‫‪2008‬م‪ ،‬ثم انتقلت عدواها لبقية دول العامل‪،‬‬ ‫مل تنته بعد‪ ،‬فهناك الكثري من االقت�صاديات‬ ‫اله�شة التي ترتنح ويقرتب �سقوطها نتيجة‬ ‫ارت �ف��اع دي��ون�ه��ا وارت �ف��اع م �ع��دالت الت�ضخم‬ ‫والبطالة ب�شكل خميف‪ ،‬وهو ما ظهر جليًا يف‬ ‫اليونان‪.‬‬ ‫فاليونان كغريها من النُظم االقت�صادية‬ ‫الليربالية الر�أ�سمالية التي انهارت عام ‪2008‬‬ ‫ب ��د�أت ه��ي الأخ� ��رى ت�ع��اين م��ن �أزم ��ة مالية‬ ‫�شديدة‪� ،‬إذ بلغ حجم دينها العام ‪ 300‬مليار‬ ‫يورو‪ ،‬فيما بلغ عجزها التجاري ‪ %13.6‬من‬ ‫الناجت املحلي الإجمايل‪.‬‬ ‫�أ�سباب الأزمة‬ ‫وتعزى الأزم��ة االقت�صادية اليونانية �إلى‬ ‫�أن قوانني الن�شاط االقت�صادي لدول االحتاد‬ ‫الأوربي تن�ص على التزام الدول الأع�ضاء ب�أن‬ ‫يكون م�ستوى الإنفاق ال يتعدى ‪ %3‬فوق الناجت‬ ‫القومي الإجمايل‪ ،‬يف حني م�ستوى الإنفاق يف‬ ‫اليونان جتاوز ‪ %30‬على الناجت القومي العام‪،‬‬ ‫وا�ستمر احلال هكذا لعدة �سنوات‪ ،‬مما �أدى‬ ‫�إل��ى ا�ستنزاف االحتياطي اال�سرتاتيجي من‬ ‫النقد والذهب مع تراكم الديون‪.‬‬ ‫�إ�ضافة �إلى ذلك يعاين القطاع احلكومي‬ ‫من الرتهل وت�ضخم الكادر الإداري‪� ،‬إذ ت�صل‬ ‫الزيادة يف الكادر الوظيفي �إلى �أكرث من ‪،%50‬‬ ‫وهذا ناجم عن طبيعة ثقافة املجتمع اليوناين‪،‬‬ ‫وهي ثقافة �إر�ضاء �أع�ضاء احلزب والأقرباء‬ ‫والأ�صدقاء عن طريق التعيينات يف الدوائر‬

‫‪31‬‬


‫اقتصاد‬ ‫‪32‬‬

‫بيد �أن حكومات ال��دول الأوروبية الأكرث‬ ‫ثراء لي�ست م�ستعدة لتقدمي مثل هذا الدعم‬ ‫الوا�ضح‪ ،‬بل �إنها اقرتحت �أن تتخذ اليونان‬ ‫�إجراءات تق�شفية حادة الحتواء الأزمة‪ ،‬فعمدت‬ ‫�إلى التخفي�ض احلاد يف الإنفاق ورفع ال�ضرائب‬ ‫على املواطنني‪ ،‬ومن ثم �أقرت حزمة �إجراءات‬ ‫تق�شفية �صارمة و�صفها رئي�س الوزراء اليوناين‬ ‫ج��ورج بابندريو�س بالت�ضحيات الكبرية من‬ ‫�أج��ل الوطن‪ .‬وت�شتمل الإج ��راءات التق�شفية‬ ‫على رف��ع �ضريبة املبيعات «�ضريبة القيمة‬ ‫الزائدة» للمرة الثانية‪� ،‬إلى جانب رفع �ضريبة‬ ‫امل�ح��روق��ات والتبغ والكحوليات واملنتجات‬ ‫الكمالية كال�سيارات الفاخرة والعقارات‪� ،‬إلى‬ ‫جانب تقلي�ص الإج��راءات التق�شفية معا�شات‬ ‫املوظفني وم�ستخدمي الدولة‪ ،‬مقابل ح�صولهم‬ ‫على دعم مايل يف املنا�سبات الدينية ك�أعياد‬ ‫امليالد والف�صح وغريها‪.‬‬ ‫أي�ضا‬ ‫كما ا�ضطرت احلكومة اليونانية � ً‬ ‫�إل��ى �إع�ل�ان ت��داب�ير تق�شّ ف �إ�ضافية‪ ،‬ت�شمل‬ ‫اقتطاعات يف ال��روات��ب‪ ،‬وجتميد املعا�شات‬

‫التقاعدية‪ ،‬وزيادة ال�ضرائب والقيمة امل�ضافة‪،‬‬ ‫ك��ل ذل��ك ب��أم��ل توفري نحو ‪ 5‬مليارات ي��ورو‪،‬‬ ‫ا�ستجابة ملطالبة االحتاد الأوروبي الذي رحب‬ ‫بالتدابري اجلديدة‪ ،‬بغ�ض النظر عن نتائجها‬ ‫املحتملة‪ ،‬لكنه امتنع ع��ن �إع�ل�ان �إج ��راءات‬ ‫م�ساعدة مالية وا�ضحة لليونان‪.‬‬ ‫مقا�ضاة االحتاد الأوروبي‬ ‫�إ�ضافة �إلى ذلك هددت اليونان مبقا�ضاة‬

‫االقتصاد األوروبي‪،‬‬ ‫يبلغ حجمه ‪ 16‬ألف‬ ‫مليار دوالر ويستطيع‬ ‫استيعاب عبء الدين‬ ‫اليوناني بأكمله‪،‬‬ ‫إذا توافرت اإلرادة‬ ‫السياسية‬

‫م�ؤ�س�سات االحتاد الأوروب��ي يف حماكم العدل‬ ‫الأوروب� �ي ��ة مل�ن��ع ط��رده��ا م��ن منطقة العملة‬ ‫الأوروب��ي��ة امل��وح��دة الأورو‪ ،‬و�إن �ق��اذ نظامها‬ ‫امل�صريف‪ ،‬بح�سب م��ا ج��اء على ل�سان وزي��ر‬ ‫م��ال�ي�ت�ه��ا ي��ان�ي����س ف��اروف��اك �ي ����س ال� ��ذي ق��ال‪:‬‬ ‫«م�ع��اه��دات االحت ��اد ال تت�ضمن ب�ن��دً ا ب�ش�أن‬ ‫اخل ��روج م��ن الأورو ون�ح��ن نرف�ض اخل��روج‬ ‫وع�ضويتنا لي�ست قابلة للتفاو�ض»‪.‬‬ ‫وعلى رغم كل تلك الإج��راءات التق�شفية‬ ‫ال�صارمة‪� ،‬إال �أن اليونان �أ�صبح وا�ضحً ا �أنها‬ ‫لن ت�ستطيع الوفاء بالتزامات الدين يف الو�ضع‬ ‫احلايل‪ ،‬و�أنها �سوف ت�ضطر لإعالن ذلك‪� ،‬أي‬ ‫�إعالن �إفال�سها‪ ،‬وبالتايل فقد حتولت م�شكلة‬ ‫الديون ال�سيادية اليونانية �إل��ى �أزم��ة ح��ادة‪،‬‬ ‫تكاد تع�صف بالنظام االقت�صادي وال�سيا�سي‬ ‫لهذه الدولة‪ ،‬وتثري خم��اوف مت�صاعدة حول‬ ‫م�ستقبل العملة الأوروبية املوحدة‪ ،‬وا�ستمرار‬ ‫م�شروع ال��وح��دة الأوروب �ي��ة ذات ��ه‪ ،‬كما متتد‬ ‫تداعياتها لتهدد باندالع �أزم��ة مالية عاملية‬ ‫جديدة‪ ،‬قد تفوق يف ق�سوتها �أزمة عام ‪.2008‬‬


‫بالعملة الوطنية ب��دل ال�ي��ورو‪ ،‬وي�صبح �شراء‬ ‫لا الرتفاع‬ ‫ال �ي��ورو بعملة منخف�ضة ثق ًال ق��ات� ً‬ ‫تكاليفه على االقت�صاد عند ت�سديد املديونية‪.‬‬ ‫ومي�ك��ن �إ��ض��اف��ة ق�ضية �أخ ��رى �إل��ى ذلك‬ ‫متمثلة يف توقع بروز م�شكالت �إدارية قد تنجم‬ ‫من االن�سحاب من منطقة اليورو وت ��ؤدي �إلى‬ ‫�شلل يف �آليات االقت�صاد‪.‬‬ ‫حل م�ؤقت‬ ‫ويعتقد البع�ض �أن تقدمي اليورو ك�ضرورة‬ ‫مل�ساندة التجارة احل��رة بني ال��دول الأع�ضاء‬ ‫حتت �شعار «�سوق واحدة وعملة واحدة» ب�سعر‬ ‫�صرف ثابت‪ ،‬ال ميثل �شرطً ا الزدهار التجارة‪،‬‬ ‫ول��ن يكون ق ��ادرًا على اال�ستجابة للت�أثريات‬ ‫املرتاكمة الناجتة عن االختالفات يف الإنتاجية‬ ‫وتفاوت الرتكيبة ال�صناعية وال�صعوبات التي‬ ‫تواجه املرونة يف �أ�سواق العمل‪.‬‬ ‫�أما االجت��اه الثاين‪ ،‬فيعترب خطة الإنقاذ‬ ‫الأوروبية قد �أعطت الأمل يف تقليل احتماالت‬ ‫ح��دوث انهيار يف منطقة اليورو يف ال�سنوات‬ ‫الثالث القادمة‪� ،‬أي �أن احلل �سيظل م�ؤقتًا‪.‬‬ ‫وه��ذا ما جعل حزمة الإن�ق��اذ لالقت�صاد‬ ‫اليوناين مو�ضع نقد متمث ًال يف �إدارة الأزم��ة‬ ‫وال�سيا�سات التق�شفية التي انبثقت من رحمها‬ ‫وال �ت��ي ق��د ت�ق��ود �إل ��ى ت�ب��اط��ؤ ال�ن�م��و وال��رك��ود‬ ‫االقت�صادي ودون الق�ضاء على عوامل الأزمة‬ ‫الناجمة من املديونية ال�ضخمة وعجز امليزانية‪.‬‬

‫�إح�صائيات و�أرقام‬ ‫وت�شري الأرقام الر�سمية �إلى �أن حجم‬ ‫ال��دي��ون احلكومية اليونانية ت�صل �إل��ى‬ ‫حوايل ‪ 313‬مليار �أورو‪ ،‬ت�ضاف �إليها ديون‬ ‫للم�صارف وال�شركات اليونانية بقيمة‬ ‫�إجمالية تقارب ‪ 500‬مليار دوالر‪ .‬وبالن�سبة‬ ‫�إل��ى توزيع هذه الديون‪ ،‬تعترب املفو�ضية‬ ‫الأوروبية �أكرب دائني اليونان‪ ،‬وطبعًا على‬ ‫ما يُعرف ب�آلية اال�ستقرار املايل الأوروبية‪،‬‬ ‫�إذ ي�صل حجم الديون اليونانية جتاهها‬ ‫�إلى حوايل ‪ 131‬مليار �أورو‪ ،‬ثم ما يحمله‬ ‫االحت��اد الأوروب ��ي من دي��ون على الدولة‬ ‫الأوروبية وتقدر بحوايل ‪ 53‬مليارًا‪.‬‬ ‫فيما ت�صل ح�صة � �ص �ن��دوق النقد‬ ‫الدويل من الديون اليونانية �إلى نحو ‪20‬‬ ‫مليارًا‪ ،‬وت�ضاف �إل��ى ه��ذه ال��دي��ون قيمة‬ ‫ال�سندات احلكومية اليونانية‪ ،‬وال�سندات‬ ‫امل�ستحقة جتاه البنك املركزي الأوروب��ي‬ ‫(ال �ب �ن��ك امل��رك��زي الأوروب�� ��ي يحمل ‪18‬‬ ‫مليار �أورو من ال�سندات اليونانية‪ ،‬منها‬ ‫‪ 6.7‬مليارات �أورو ت�ستحق يف متوز و�آب‬ ‫املقبلني)‪ ،‬وعدد من امل�صارف الأوروبية‬ ‫وقيمتها الإجمالية حوايل ‪ 30‬مليار �أورو‪،‬‬ ‫مع �إ�ضافة ما يقارب ‪ 40‬مليار �أورو على‬ ‫�شكل م�ستحقات دي��ون مل�صلحة عدد من‬ ‫امل�ستثمرين الأجانب‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫قوى متعددة وخمتلفة الر�ؤى‬ ‫وتعك�س ه��ذه التطورات مالمح �أ�سا�سية‬ ‫يف النظام ال�سيا�سي واالقت�صادي العاملي يف‬ ‫املرحلة احلالية‪ ،‬الذي و�صفه حمللون بنظام‬ ‫«الال نظام» العاملي اجلديد‪ ،‬فبعد تراجع قدرة‬ ‫الواليات املتحدة عن ب�سط هيمنتها �سيا�سيًا‬ ‫واقت�صاديًا‪ ،‬ظهرت ق��وى متعددة وخمتلفة‬ ‫ال��ر�ؤى على ال�ساحة ت�سعى كل منها لتحقيق‬ ‫م�صاحلها القومية وحل م�شاكلها الداخلية‪،‬‬ ‫بينما ترف�ض‪� ،‬أو تعجز عن لعب موقف قيادي‬ ‫على امل�ستوى الدويل‪.‬‬ ‫من جهة �أخ��رى‪ ،‬وعلى الرغم من حزمة‬ ‫الإنقاذ التي �أقرها االحتاد الأوروبي والبالغة‬ ‫ن�ح��و‪ 750‬مليار ي��ورو‪ ،‬وال�ت��ي خففت احتمال‬ ‫حدوث انهيار خالل ال�سنوات الثالث القادمة‬ ‫لليونان‪� ،‬إال �أن البع�ض يعتقد �أن �أزمة اليونان‬ ‫ه��ي �أزم ��ة �أوروب �ي��ة وع�ل��ى �أوروب� ��ا �أن تتحمل‬ ‫هذه امل�س�ؤولية و�أن تبادر حللها‪ ،‬وهناك من‬ ‫ي�شكك يف قدرة �أوروب��ا على ا�ستيعاب الأزمة‬ ‫اليونانية التي �ألهبت خميلة وعقول املحللني‬ ‫االقت�صاديني واملاليني‪.‬‬ ‫�آثار �سلبية‬ ‫وب��د�أت التحليالت والت�أويالت تلهث وراء‬ ‫تف�سري «م�ق�ب��ول» يحفظ م��اء ال��وج��ه ويعطي‬ ‫ن�ظ��رة ول��و م��وارب��ة‪ ،‬حتمل ال�ت�ف��ا�ؤل مل�ستقبل‬ ‫اليورو الذي يعي�ش �أزمة حادة بعد التخوف من‬ ‫تداعيات املحنة اليونانية على الدول الأوروبية‬ ‫وما جتره من �آثار �سلبية على البلدان الأخرى‪.‬‬ ‫وان�صب اجلدل بني املحللني ب�صورة عامة‬ ‫يف اجت��اه�ين‪� :‬أولهما ي��رى �أن تخلي اليونان‬ ‫عن عملتها الوطنية (الدراخما) وا�ستبدالها‬ ‫باليورو الذي وحد العمالت بني الدول الأوروبية‬ ‫قد جر اليونان �إلى م�ستنقع عدم القدرة على‬ ‫التعاطي مع الأزمة املالية مبرونة‪.‬‬ ‫وترتكز هذه احلجة على �إمكانية تخفي�ض‬ ‫�سعر العملة الوطنية من �أجل دعم ال�صادرات‬ ‫وخف�ض مديونيتها‪ .‬ولكن متثل ه��ذه احلجة‬ ‫هروبًا �إل��ى الأم��ام‪ ،‬ملا قد ت�سببه من �أ�ضرار‬ ‫ج�سيمة نتيجة احتمالية هروب ر�ؤو�س الأموال‬ ‫خوفًا من حتويل اليورو �إل��ى العملة الوطنية‬ ‫ب�أ�سعار �صرف منخف�ضة‪� ،‬أو احتمال طلب‬ ‫امل�ستثمرين معدالت فوائد كبرية لالحتفاظ‬

‫‪33‬‬


‫كتاب ّ‬ ‫يركز على قضية تمويل اإلرهاب والجهود‬ ‫الدولية لمكافحته وتجفيف منابعه‬

‫شريان الحياة لإلرهاب‪..‬‬ ‫مكتبة‬

‫مكافحة تمويل اإلرهاب‬

‫‪34‬‬

‫ إبراهيم غالي‪ -‬األردن ‪-‬‬‫�شكّلت �أح��داث احل��ادي ع�شر من‬ ‫�سبتمرب ‪ 2001‬نقطة هامة يف التحوُّل‬ ‫ال��ع��امل��ي نحو مكافحة الإره�����اب‪� ،‬إذ‬ ‫�أول���ت ال���دول �أهمية ك��ب�يرة لتمويل‬ ‫التنظيمات الإره��اب��ي��ة ك��ج��زء من‬ ‫ا�سرتاتيجيتها ال�����ش��ام��ل��ة ملكافحة‬ ‫«الإره��اب»‪ ،‬وذلك انطالقً ا من قناعة‬ ‫مفادها �أن الق�ضاء على متويل هذه‬ ‫التنظيمات‪� ،‬أو على الأقل احلد منه‪،‬‬ ‫�سي�سهم دون �شك يف �إ�ضعاف قدرتها‪.‬‬


‫ق��درة اجلماعات الإره��اب�ي��ة‪ ،‬لي�س فقط يف‬ ‫أي�ضا‬ ‫�إدارة �ش�ؤونها اليومية والعادية‪ ،‬ولكن � ً‬ ‫يف قدرتها على توجيه �ضربات �إرهابية �أو‬ ‫حماولة الهرب �أو الإفالت من العقاب‪ ،‬وهو ما‬ ‫يربز �أهمية مكافحة متويل الإرهاب باعتبار‬ ‫�أن ذل��ك �أم��ر حم��وري يف �أيّ ا�سرتاتيجية‬ ‫عاملية �أو حملية ملكافحة الإرهاب‪.‬‬ ‫ول �ف��ت فيفيك � �ش��اده��ا �إل ��ى �أن هناك‬ ‫�إ�شكالية مرتبطة مب�صادر متويل الإره��اب‪،‬‬ ‫مبينًا �أنها م�صادر متباينة‪ ،‬بع�ضها قد يكون‬ ‫غ�ير ق��ان��وين مثل غ�سيل الأم���وال �أو غ�يره‪،‬‬ ‫وبع�ضها قد يكون من خالل م�صادر قانونية‪.‬‬ ‫وهنا ت�برز م�شكلة متعلقة ب�صعوبة تتبُّع �أو‬ ‫تعقُّب ذلك التمويل‪ ،‬وهو ما ميثل حتديًّا كبريًا‬ ‫لأنه يرتبط بتطبيق قوانني خمتلفة يف بلدان‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫جهود كبرية‬ ‫و�أكد الكاتب �أن عمليات متويل الإرهاب‬ ‫ترتبط ببع�ض الأم��ور ذات ال�صبغة الدينية‬ ‫مثل �أموال الزكاة‪� ،‬أو جمع الأموال لأغرا�ض‬ ‫خريية مثلما يحدث يف بلدان �إ�سالمية مثل‬ ‫باك�ستان‪ ،‬وهو �أمر ي�صعب ك�شفه من جانب‪،‬‬ ‫ويتطلب م��زي��دً ا م��ن ال�شفافية وامل�ساءلة‪،‬‬ ‫وتعزيز القوانني من ناحية �أخرى‪.‬‬ ‫ويو�ضح فيفيك �شادها �إمكانية غ�سل‬ ‫الأموال يف الف�ضاء الإلكرتوين‪ ،‬مبينًا �أنه من‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫الجهو ُد الدولية‬ ‫لمكافحة اإلرهاب‬ ‫بدأت منذ عام ‪1963‬‬ ‫من خالل الصكوك‬ ‫القانونية العالمية‬ ‫لمنع األعمال اإلرهابية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫على الرغم من الإج��راءات االحرتازية‬ ‫التي اتخذتها كافة دول العامل لتجفيف منابع‬ ‫متويل الإره��اب‪ ،‬ف��إن التنظيمات الإرهابية‬ ‫متكنت من ت�أمني احتياجاتها املالية مبعزل‬ ‫عن النظام امل�صريف العاملي‪ ،‬واعتمادًا على‬ ‫املوارد الذاتية‪.‬‬ ‫وي�أتي كتاب «�شريان احلياة للإرهاب‪..‬‬ ‫مكافحة مت��وي��ل الإره � ��اب» مل��ؤل�ف��ه فيفيك‬ ‫�شادها‪ ،‬وه��و عقيد هندي متقاعد وزميل‬ ‫ب��اح��ث يف معهد ال��درا� �س��ات والتحليالت‬ ‫ال��دف��اع�ي��ة (‪ )IDSA‬بنيودلهي‪ ،‬وترتكز‬ ‫معظم كتاباته يف الإرهاب والق�ضايا املتعلقة‬ ‫ب��ه‪ ،‬لي�سلط ال �� �ض��وء ع�ل��ى م �� �ص��ادر متويل‬ ‫الإره� ��اب الداخلية واخل��ارج �ي��ة‪ ،‬واجل�ه��ود‬ ‫الدولية ملكافحة متويل الإرهاب‪ ،‬مع الرتكيز‬ ‫على احل��ال��ة الهندية‪ ،‬مُ �ستخدمً ا يف ذلك‬ ‫حتليل ‪ ،)Analysis) SWOT‬ال��ذي يقوم‬ ‫ع�ل��ى تقييم ال�سيا�سات ال�ع��ام��ة م��ن حيث‬ ‫التوازن بني مكامن القوة وال�ضعف والفر�ص‬ ‫املتاحة وال�ت�ه��دي��دات‪ ،‬وذل��ك للمقارنة بني‬ ‫ا�سرتاتيجيات مكافحة الإرهاب املختلفة‪.‬‬ ‫نقطة هامة‬ ‫ب��داي��ة‪� ،‬أ� �ش��ار امل ��ؤل��ف �إل ��ى �أن اجل�ه��و ُد‬ ‫الدولية ملكافحة الإره ��اب ب��د�أت منذ عام‬ ‫‪ 1963‬من خالل ال�صكوك القانونية العاملية‬ ‫ملنع الأعمال الإرهابية‪ ،‬وذلك ب�إ�شراف من‬ ‫الأم��م املتحدة ووكاالتها املختلفة‪ ،‬بيد �أن‬ ‫مكافحة متويل الإرهاب (‪ )CFT‬بد�أت فعليًّا‬ ‫منذ ع��ام ‪ ،1999‬وذل��ك م��ن خ�لال اعتماد‬ ‫االتفاقية الدولية ملنع متويل الإرهاب‪ ،‬مبينًا‬ ‫�أن ال�ع��امل �شهد ��ص�ع��ودًا ك�ب�يرًا ل�ل�إره��اب‪،‬‬ ‫و�شكّلت �أح��داث احل��ادي ع�شر من �سبتمرب‬ ‫‪ 2001‬نقطة هامة يف التحوُّل العاملي نحو‬ ‫مكافحة الإرهاب‪.‬‬ ‫و�أو�ضح الكاتب �أن احلرب العاملية على‬ ‫الإرهاب (‪ )GWOT‬تزامنت مع حرب على‬ ‫نطاق وا�سع �ضد متويل الإره��اب‪ ،‬وذل��ك يف‬ ‫ظل االعرتاف ب�أن التمويل هو مبثابة �شريان‬ ‫احلياة بالن�سبة للإرهاب‪ ،‬وبالتايل كان لزامً ا‬

‫ابتكار منهجية من �أجل تتبُّع وتعقُّب و�إنهاء‬ ‫م�صادر التمويل‪.‬‬ ‫وي�شري الكاتب �إل��ى �أن الدرا�سات التي‬ ‫متّت فيما يتعلق بتمويل الإرهاب‪ ،‬قد ك�شفت‬ ‫على نحو متزايد �أن هناك ارتباطً ا وثيقًا‬ ‫ب�ين مت��وي��ل الإره� ��اب وب�ين غ�سيل الأم ��وال‬ ‫والأن�شطة الإجرامية الأخرى‪ ،‬وهو ما يتطلب‬ ‫�ضرورة اتباع نهج دويل من �أجل �إجناح �أي‬ ‫جهود عاملية‪ ،‬و�أن ذلك يتطلب وج��ود ردع‪،‬‬ ‫وحترُّكات وقائية‪ ،‬و�إملام بوظائف التحقيق‪،‬‬ ‫وتتبُّع ل�شبكات متويل الإرهاب يف العامل‪.‬‬ ‫تهديدات حملية‬ ‫وفيما يتعلق بالهند‪� ،‬أكد فيفيك �شادها‬ ‫�أن مكافحة الإرهاب تواجه حتديَّات خمتلفة‬ ‫ع��ن ت �ل��ك ال �ق��ائ �م��ة يف ال ��والي ��ات امل�ت�ح��دة‬ ‫الأمريكية �أو �أوروب��ا‪ ،‬وذلك نظرًا الختالف‬ ‫طبيعة التهديدات؛ مبينًا �أن الغرب يواجه‬ ‫تهديدات خارجية بالأ�سا�س ومن فاعلني من‬ ‫غري الدول‪� .‬أما الهند‪ ،‬ف�إنها تواجه تهديدات‬ ‫حملية‪ ،‬مثل املجاهدين الهنود (‪ ،)IM‬التي‬ ‫تتطور تطورًا ملحوظً ا‪.‬‬ ‫ول �ف��ت ال �ك��ات��ب �إل���ى �أن ال�ه�ن��د ت��واج��ه‬ ‫تهديدات �أخ��رى خارجية‪� ،‬سواء كانت من‬ ‫دول‪ ،‬م�ث��ل ب��اك���س�ت��ان ال �ت��ي مت� �وّل ح��رك��ات‬ ‫�إرهابية �ضد الهند‪� ،‬أو من «فاعلني من غري‬ ‫ال��دول»‪ ،‬مبينًا �أن هذا التنوُّع يف التهديدات‬ ‫يتطلب �آليات خمتلفة ب�ضرورة احل��ال من‬ ‫�أجل مواجهتها‪.‬‬ ‫ويجزم فيفيك �شادها ب�أن تفاقم الإرهاب‬ ‫يف والي��ات مثل البنجاب وج��ام��و وك�شمري‪،‬‬ ‫وه��ي والي��ات هندية‪ ،‬مل يكن لي�ستمر لوال‬ ‫الدعم املايل للإرهابيني من دولة باك�ستان‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إل��ى احل��دود غ�ير امل�ستقرة بني‬ ‫الهند ودول جم ��اورة مثل نيبال وميامنار‬ ‫وبنجالد�ش‪ ،‬وهو ما يزيد من �صعوبة حتجيم‬ ‫عمليات متويل الإرهاب‪.‬‬ ‫�أمر حموري‬ ‫و�أ�ضاف الكاتب �أن القدرة على جتفيف‬ ‫منابع الإرهاب من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إلى �شَ لّ‬

‫‪35‬‬


‫مكتبة‬ ‫‪36‬‬

‫املمكن �أن تنخرط اجلماعات الإرهابية يف‬ ‫مثل هذه العمليات من �أجل متويل عملياتهم‬ ‫الإره��اب �ي��ة‪ ،‬ن�ظ�رًا لأن�ه��م يحتاجون �أم ��وا ًال‬ ‫كثرية‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬ف�إن العمليات الالزمة‬ ‫لك�شف عمليات التمويل حتتاج �إل��ى جهود‬ ‫وتكاليف كبرية‪ ،‬ولكنها بالت�أكيد ذات �أهمية‬ ‫ك�برى من �أج��ل مواجهة عن�صر حا�سم من‬ ‫عنا�صر ا�ستمرار الإرهاب يف العامل‪.‬‬ ‫و�شدد الكاتب على �أهمية توافر املعلومات‬ ‫اال� �س �ت �خ �ب��ارات �ي��ة ح���ول اجل� �ه ��از الإداري‬ ‫والتنظيمي للجماعات الإرهابية والقواعد‬ ‫املنظمة لتلك اجل�م��اع��ات‪ ،‬وال��دع��م املحلي‬ ‫واخلارجي‪ ،‬وحتى م�ستويات الدعم من بع�ض‬ ‫الدول املتعاطفة‪ ،‬وتال�شي الثغرات يف حتويل‬ ‫الأم��وال‪ ،‬وحماولة تتبُّع �أي قنوات �شرعية �أو‬ ‫غري �شرعية ي�ستخدمها الإرهابيون‪ ،‬م�ؤكدا‬ ‫�أن التعرُّف على كل تلك الأمور من �ش�أنه �أن‬ ‫ي�ساعد يف الق�ضاء على الإرهاب‪.‬‬ ‫خطوة هامة‬ ‫وي�ؤكد فيفيك �شادها �أن حتديد م�صادر‬

‫متويل الإرهاب خطوة هامة من �أجل مواجهة‬ ‫الإرهاب‪ ،‬مبينًا �أن الهند قطعت �شوطً ا هائ ًال‬ ‫يف ذلك االجت��اه من خالل حتديد م�صادر‪،‬‬ ‫أي�ضا غ�سيل‬ ‫لي�س فقط متويل الإرهاب‪ ،‬ولكن � ً‬ ‫الأم� ��وال‪ ،‬وه��و ت�ق�دُّم حم��وري ن�ظ�رًا للتنوع‬ ‫الوا�ضح يف متويل الإرهاب بالبالد‪.‬‬ ‫وا� �س �ت �ع��ر���ض ال �ك��ات��ب ع���دة م �� �ص��ادر‬

‫تقوم االستراتيجية‬ ‫الهندية على إنشاء‬ ‫فعال إلنفاذ‬ ‫نظام َّ‬ ‫القانون من أجل أن‬ ‫رادع‬ ‫يكون بمثابة‬ ‫ٍ‬ ‫لتلك العمليات وتعزيز‬ ‫القدرات التنظيمية‬

‫رئي�سية منها لتمويل الإرهاب �أهمها‪ ،‬تهريب‬ ‫امل �خ��درات‪ ،‬واالح �ت �ي��ال مب��ا يف ذل��ك تزوير‬ ‫العملة‪ ،‬واجلرمية املنظمة‪ ،‬واالجتار بالب�شر‪،‬‬ ‫والف�ساد‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى الأموال واملوارد من‬ ‫املنظمات غري الهادفة للربح‪ ،‬وا�ستخدام‬ ‫ب�ع����ض ال �ق �ن��وات ال��ر��س�م�ي��ة وط� ��رق ال��دف��ع‬ ‫اجلديدة التي يتم من خاللها حتويل �أموال‬ ‫للإرهابيني‪.‬‬ ‫خماطر التمويل‬ ‫وت �ط��رق فيفيك � �ش��اده��ا �إل���ى خماطر‬ ‫التمويل التي ت��أت��ي غالبًا م��ن م�صادر من‬ ‫خارج الدولة‪ ،‬ولكن قد يكون العك�س �صحيحً ا‪،‬‬ ‫ففي ال��والي��ات الهندية �شمال �شرق البالد‬ ‫متويل العمليات الإرهابية م�صدره الرئي�سي‬ ‫االبتزاز‪ ،‬ولي�س التمويل من اخلارج‪.‬‬ ‫وهنا يمُ يّز امل�ؤلف بني م�صادر التمويل‬ ‫وال��و��س�ي�ل��ة امل�ستخدمة وامل�ستقبلني لتلك‬ ‫الأموال‪ ،‬مبينًا �أن امل�صادر اخلارجية للتمويل‬ ‫�سواء �أك��ان��ت املنظمات غري احلكومية‪� ،‬أو‬ ‫اجلمعيات اخلريية‪� ،‬أو االجتار باملخدرات‪� ،‬أو‬


‫ال يمكن هزيمة‬ ‫اإلرهاب في أي مكان‬ ‫في العالم‪ ،‬إال بمنع‬ ‫ُّ‬ ‫تدفق األموال إليه‬

‫عملية متويل الإره ��اب ال ت��زال ظ��اه��ر ًة قيد‬ ‫الت�شكُّل والدرا�سة‪ ،‬وهو ما قد ي�ؤثر على قدرة‬ ‫احلكومات يف تقييم التهديدات وتتبُّع م�صادر‬ ‫التمويل‪ ،‬وه��و م��ا يتطلب تطوير الكفاءات‬ ‫والقدرات للتعامل ب�شكل �شامل مع ذلك‪.‬‬ ‫�أما ثالث هذه املحددات‪ ،‬بح�سب فيفيك‬ ‫�شادها‪ ،‬فريتبط متويل الإره ��اب بعمليات‬ ‫وا�سعة النطاق تتطلب ت�ب��ادل اخل�ب�رات يف‬ ‫املجاالت املختلفة من �أج��ل �أن تكون هناك‬ ‫ا�سرتاتيجية تت�سم باملرونة‪ ،‬وتتعامل ب�شكل‬ ‫منهجي مع كل ما يتعلق بذلك‪ .‬يف حني يتمثل‬ ‫راب��ع ه��ذه امل�ح��ددات يف �أن �أي ا�سرتاتيجية‬ ‫مل�ك��اف�ح��ة مت��وي��ل الإره� � ��اب ت�ت�ط�ل��ب �إع� ��ادة‬ ‫تنظيم للقوانني والأدوار‪� ،‬سواء يف الوزارات‬ ‫�أو الهيئات املعنية ب��ذل��ك يف ك��ل دول��ة ويف‬ ‫تفاعالتها مع الدول الأخرى‪.‬‬ ‫اال�سرتاتيجية الهندية‬ ‫وت�ط��رق فيفيك �شادها لال�سرتاتيجية‬ ‫الهندية القائمة �ضد متويل الإره��اب‪ ،‬والتي‬ ‫ت�ق��وم على �ضمان الإ���ش��راف ال�ف� َّع��ال على‬ ‫امل�ؤ�س�سات املالية العاملة يف الهند‪ ،‬مع �ضمان‬ ‫االمتثال لقانون منع غ�سل الأم ��وال‪ ،‬ودعم‬ ‫اجلهود الدولية ملكافحة غ�سيل الأموال‪.‬‬ ‫كما تقوم اال�سرتاتيجية الهندية على‬ ‫�إن �� �ش��اء ن �ظ��ام ف � َّع��ال لإن��ف��اذ ال �ق��ان��ون من‬

‫�أج��ل �أن يكون مبثابة رادعٍ لتلك العمليات‬ ‫وتعزيز القدرات التنظيمية لأجهزة الدولة‬ ‫وامل �خ��اب��رات وال��وك��االت الوطنية املَعنية‪،‬‬ ‫و�إن�شاء �آلية تن�سيق فعَّالة فيما بينهم‪ ،‬ف�ض ًال‬ ‫ع��ن االن �خ��راط يف جميع اجل �ه��ود الدولية‬ ‫املتعلقة مبكافحة متويل الإرهاب‪.‬‬ ‫و�شدد الكاتب على �أن جت��ارب مكافحة‬ ‫متويل الإره��اب ال تزال يف حاجة �إلى مزيد‬ ‫م��ن التما�سك و�سد ال�ف�ج��وات ب�ين خمتلف‬ ‫الإدارات من خالل توفري نهج موحد ملواجهة‬ ‫متويل الإرهاب‪ ،‬الفتًا �إلى �أنه ال بد من جهود‬ ‫دولية �أكرب من �أجل مكافحة متويل الإرهاب‪،‬‬ ‫ن �ظ �رًا خل �ط��ورة ذل��ك ع�ل��ى الأم���ن وال�سلم‬ ‫الدوليني‪.‬‬ ‫و�أكد فيفيك �شادها �أنه ال ميكن هزمية‬ ‫الإره���اب يف �أي مكان يف ال �ع��امل‪� ،‬إال مبنع‬ ‫تدفُّق الأموال �إليه‪ ،‬داعيًا �إلى �أن تكون هناك‬ ‫م�ب��ادرات دولية م�شرتكة وت�ب��ادل للخربات‬ ‫وتعزيز للثقة ب�ين كافة ال ��دول‪ ،‬و�أن يكون‬ ‫التعامل ب�شكل منهجي مع ق�ضية التمويل‪،‬‬ ‫وذلك من خالل توفري املعلومات الأ�سا�سية‬ ‫عن التمويل‪� ،‬سواء كانت من خالل �أفراد �أو‬ ‫جماعات �أو منظمات‪ ،‬م�شددًا على �أنه كلما‬ ‫كانت اجلهود �أكرث تركيزً ا‪ ،‬انح�سر الإرهاب‬ ‫يف العامل‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫التزييف والتزوير‪� ،‬أو متويل دول خارجية مثل‬ ‫باك�ستان‪ ،‬لها �أكرث من و�سيلة لتحويل الأموال‪،‬‬ ‫مو�ضحً ا �أن و�سيلة حتويل تلك العمليات تكون‬ ‫من خالل منظمات لها طابع قانوين �أو تتعلق‬ ‫بعمليات جتارية‪ ،‬مبينًا �أن مَ ن ي�ستقبلون تلك‬ ‫التحويالت هم الإرهابيون �أو الراديكاليون �أو‬ ‫االنف�صاليون‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف فيفيك �شادها �أن��ه فيما يتعلق‬ ‫بامل�صادر الداخلية �أو املحلية للتمويل التي‬ ‫تتعلق باالبتزاز وفر�ض ال�ضرائب وغ�سيل‬ ‫الأموال والأنظمة الإجرامية واملنظمات غري‬ ‫احلكومية‪ ،‬ف�إن و�سيلة حتويل تلك العمليات‬ ‫ي�ك��ون م��ن خ�لال احل ��واالت �أو ي�ك��ون ب�شكل‬ ‫نقدي‪.‬‬ ‫ا�سرتاتيجية �شاملة وفعَّالة‬ ‫وذ ّك��ر فيفيك �شادها بحديث الرئي�س‬ ‫الأمريكي الأ�سبق جورج بو�ش عقب �أحداث‬ ‫�سبتمرب ‪ ،2001‬حينما ق��ال �إن «امل ��ال هو‬ ‫عَ َ�صب العمليات الإرهابية»‪ ،‬ويف هذا الإطار‬ ‫ا�ستعر�ض الكاتب ع��دة حم ��دّ دات مرتبطة‬ ‫بوجود ا�سرتاتيجية �شاملة وفعَّالة ملكافحة‬ ‫متويل الإره ��اب (‪� ،)CFT‬أول�ه��ا �أن متويل‬ ‫الإره��اب يرتبط ب�شكل كبري بعمليات خارج‬ ‫حدود الدول‪� ،‬أي بعمليات عابرة للحدود نظرًا‬ ‫لطبيعة العوملة‪ ،‬وهو ما يتطلب �ضرورة وجود‬ ‫تعاون وثيق بني كافة الدول والوكاالت الدولية‬ ‫من �أجل �أن تكون اجلهود مثمرة وذات فاعلية‬ ‫يف منع تدفق الأموال للإرهابيني حول العامل‪.‬‬ ‫و�أو��ض��ح �أن ث��اين ه��ذه امل�ح��ددات هو �أن‬

‫‪37‬‬


‫اقتصاديات كرة القدم تتحول إلى «بزنس» عالمي‬

‫فساد «الفيفا»‬ ‫الغالف‬ ‫‪38‬‬

‫ بندر الرشود ‪ -‬الرياض ‪-‬‬‫من املعروف �أن التداخل بني الريا�ضة وال�سيا�سة لي�س جديدً ا‪ ،‬ف�أحيانًا كان للريا�ضة ت�أثري يف ال�سيا�سة‪ ،‬وغالبًا ما‬ ‫تهيمن ال�سيا�سة على الريا�ضة‪ .‬ورغم �أن هذا الت�أثري قدمي وم�ستمر‪ ،‬ف�إنه كان دائمًا ينح�صر يف العالقة بني الريا�ضة‬ ‫وال�سيا�سة مبعناها املب�سط‪� ،‬أي العالقات بني الدول‪� ،‬أو االرتباط بني الريا�ضيني وال�سا�سة املحليني‪� ،‬أو حتى التدخل يف‬ ‫املباريات والبطوالت العتبارات �سيا�سية‪.‬‬


‫العدد‬

‫هذه الفرق‪.‬‬ ‫‪ ‬وي�شمل ذل ��ك ال�ف���س��اد خمتلف ج��وان��ب‬ ‫اقت�صادات كرة القدم‪ ،‬التي �أ�صبحت مبنزلة‬ ‫«ب��زن����س» عاملي وا��س��ع ال�ن�ط��اق‪ ،‬وق��د بلغ هذا‬ ‫الف�ساد �أعلى ذروة له يف ظل هيمنة التوجهات‬ ‫«النيو ليربالية» على النظام الر�أ�سمايل العاملي‬ ‫يف العقود الثالثة الأخرية‪.‬‬ ‫�أداة للهيمنة وتوجيه ال�شعوب‬ ‫‪ ‬وباتت نظرية الربوفي�سور بيرت اليجي‬ ‫�أ�ستاذ التاريخ يف جامعة ميت�شجان الأمريكية‪،‬‬ ‫من �أهم النظريات يف جمال العالقة بني كرة‬ ‫القدم والتطور الذي حدث يف العامل يف الن�صف‬ ‫الثاين من القرن التا�سع ع�شر و�أوائ��ل القرن‬ ‫الع�شرين‪.‬‬ ‫تقول هذه النظرية �ضمن ما تطرحه‪� :‬إن‬ ‫الأوروبيني ا�ستخدموا لعبة كرة القدم و�سيلة‬ ‫لـ «متدين» ال�شعوب التي ا�ستعمروها وتعليمها‬ ‫القيم الر�أ�سمالية‪ ،‬و»ف�ضائل املدنية الغربية» يف‬ ‫�إطار الفكرة التي ا�ستخدمت لتربير اال�ستعمار‬ ‫بوجه عام‪ .‬وحاول اخلبري االقت�صادي فرانكلني‬ ‫ف��ور بعد ذل��ك الربط بني ك��رة القدم والعوملة‬ ‫يف كتابه ال�صادر ع��ام‪« 2006‬كيف تف�سر كرة‬ ‫القدم العامل‪ ..‬نظرية غري مرجحة للعوملة»‪،‬‬ ‫�إذ ربط فيه بني كرة القدم والتجارة العاملية‪،‬‬ ‫وت�صدير ثقافة الغرب �إلى دول �آ�سيا و�إفريقيا‬ ‫و�أمريكا اجلنوبية‪.‬‬ ‫‪ ‬وعلى �إثر ذلك‪ ،‬ا�ستخدم اال�ستعمار كرة‬ ‫القدم �أداة للهيمنة وو�سيلة لتوجيه ال�شعوب‬

‫‪82‬‬

‫مؤشر التأثير‬ ‫والتأثر بين الرياضة‬ ‫دائما‬ ‫والسياسة‪ ،‬كان‬ ‫ً‬ ‫لمصلحة تأثر الرياضة‬ ‫سل ًبا بالسياسة‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫�سيطرة ال�سيا�سة على الريا�ضة‬ ‫م ��ؤ� �ش��ر ال �ت ��أث�ير وال �ت ��أث��ر ب�ين ال��ري��ا��ض��ة‬ ‫وال�سيا�سة‪ ،‬كان دائمًا مل�صلحة ت�أثر الريا�ضة‬ ‫�سلبًا بال�سيا�سة‪ ،‬وق��د جتلى ه��ذا يف ح��االت‬ ‫م�ت�ع��ددة‪ ،‬م��ن بينها ذل��ك ال�ت��زام��ن ب�ين تويل‬ ‫خ�صو�صا الع�سكريني‪� ،‬إدارة‬ ‫ً‬ ‫كبار امل�س�ؤولني‪،‬‬ ‫امل�ؤ�س�سات واالحت��ادات الريا�ضية‪� ،‬إ�ضافة �إلى‬ ‫انح�سار تلك ال�سيطرة ال�سيا�سية على م�ؤ�س�سات‬ ‫الريا�ضة وفوز �أندية ومنتخبات معينة ببطوالت‪.‬‬ ‫ومل يكن م�ستغربًا �أن ت�شهد العالقة بني‬ ‫الريا�ضة وال�سيا�سة حتوالت مهمة‪ ،‬بل جذرية‬ ‫أي�ضا �أن‬ ‫يف �سنوات قليلة‪ ،‬ومل يكن مفاجئًا � ً‬ ‫تتك�شف ف�ضائح ف�ساد مايل و�إداري يف كربى‬

‫امل�ؤ�س�سات الريا�ضية يف العامل‪� ،‬أال وهي االحتاد‬ ‫الدويل لكرة القدم ‪ FIFA‬الذي بات غارقًا يف‬ ‫ف�ضائح ف�ساد �أزكمت الأنوف‪.‬‬ ‫ك�شف امل�ستور‬ ‫ف�ضائح الف�ساد الكبري الذي كُ�شف النقاب‬ ‫عنه يف االحتاد الدويل لكرة القدم‪ ،‬مل ت�أت من‬ ‫ف��راغ‪ ،‬فهي مل تفاجئ من يتجاوز اهتمامهم‬ ‫ب ��أك�ثر الأل� �ع ��اب �شعبية يف ال��ع��امل‪� ،‬أخ �ب��ار‬ ‫م�سابقاتها ومبارياتها وجنومها‪.‬‬ ‫فاملعنيون مبا هو �أكرث من هذه الأخبار‪،‬‬ ‫كانوا يعرفون �أن ما ك�شف عنه ع�شية الدورة‬ ‫الأخ �ي�رة الن�ت�خ��اب رئ�ي����س «ف�ي�ف��ا» يف م��ار���س‬ ‫املا�ضي‪ ،‬لي�س هو كل الف�ساد ال��ذي تراكم يف‬ ‫هذا االحتاد على مدى فرتة طويلة من الزمن‪.‬‬ ‫�أي�ضا مل يكن مده�شً ا �أن يفوز جوزيف‬ ‫بالتر يف انتخابات رئا�سة «الفيفا» التي �أجريت‬ ‫بعد �أيام قليلة من ك�شف ف�ضائح الف�ساد التي‬ ‫يرجح تورطه هو فيها �شخ�صيًا‪ ،‬مبعاونة «فريق‬ ‫الف�ساد الريا�ضي العاملي»‪ ،‬وم��ن ثم مل يكن‬ ‫م�ستغربًا �أن يعلن بالتر ا�ستقالته بعد �أيام على‬ ‫انتخابه‪.‬‬ ‫وق ��د ج ��اء ذل ��ك ب��دع��م م��ن االحت � ��ادات‬ ‫املحلية امل�ستفيدة من ه��ذا الف�ساد و�شركات‬ ‫ك�برى تنامت م�صاحلها يف ظل حت��ول اللعبة‬ ‫من ريا�ضة �إلى «بزن�س» عاملي‪ ،‬خا�صة بعد �أن‬ ‫فتحت ال�سيا�سات الليربالية اجلديدة «النيو‬ ‫ليربالية» �آفاقًا وا�سعة �أمام هذه امل�صالح‪.‬‬ ‫ارت�ب��اط ك��رة ال�ق��دم بالنظام الر�أ�سمايل‬ ‫العاملي‬ ‫ويعترب ارت�ب��اط ك��رة ال�ق��دم منذ بدايتها‬ ‫تقريبًا بالنظام الر�أ�سمايل العاملي‪ ،‬وت�أثرها‬ ‫بتطوراته يف املراحل التي مر بها‪ ،‬منذ املرحلة‬ ‫اال��س�ت�ع�م��اري��ة ال�ك��ول��ون�ي��ال�ي��ة وح �ت��ى مرحلته‬ ‫ال��راه�ن��ة «ال�ن�ي��و ل�ي�برال�ي��ة»‪ ،‬م��ن �أب ��رز و�أه��م‬ ‫�أ�سباب ف�ساد هذه اللعبة على مدى تاريخها‪،‬‬ ‫وي�ن�ط�ب��ق ذل ��ك ع�ل��ى االحت� ��اد ال� ��دويل ال��ذي‬ ‫�أن�شئ لتنظيم م�سابقاتها‪ ،‬ويف مقدمتها ك�أ�س‬ ‫العامل «املونديال»‪ .‬كما ينطبق على كثري من‬ ‫االحت��ادات املحلية يف هذا البلد �أو ذاك وعلى‬ ‫�أندية ريا�ضية برزت من خالل تفوق فرق كرة‬ ‫القدم فيها‪ ،‬وا�ستمدت مكانتها من �إجنازات‬

‫‪39‬‬


‫الغالف‬ ‫‪40‬‬

‫التي خ�ضعت لالحتالل‪ ،‬و�إعادة ت�أهيلها‪ .‬ف�إلى‬ ‫جانب �أن امل�ستعمرين ر�أوا يف كرة القدم عام ًال‬ ‫من عوامل «مت��دي��ن» ه��ذه ال�شعوب‪ ،‬وبالتايل‬ ‫حتقيق «ر�سالة الرجل الأبي�ض»‪ ،‬فقد افرت�ضوا‬ ‫�أن هذه اللعبة ت�ساعدهم يف تنفي�س االحتقان‪،‬‬ ‫وت�سهم يف ترويج ال�سلع املرتبطة بها‪.‬‬ ‫كما �أن �إن���ش��اء ف��رق للكرة على خطوط‬ ‫االن �ت �م��اء ال �ع��رق��ي‪ ،‬وال��دي��ن��ي‪ ،‬وال �ق �ب��ائ �ل��ي‪،‬‬ ‫والع�شائري يف بع�ض البالد املنق�سمة اجتماعيًا‪،‬‬ ‫خ�صو�صا يف �إفريقيا‪ ،‬قد يدل على تعمد �إذكاء‬ ‫ً‬ ‫ال�ه��وي��ات الأول �ي��ة‪� ،‬أو التقليدية حلجز تطور‬ ‫الهوية الوطنية‪.‬‬ ‫عمق الت�شابكات وتعقد العالقات وامل�صالح‬ ‫‪ ‬ومن ثم تعددت جوانب «بزن�س» كرة القدم‬ ‫وتكاثرت‪ ،‬لت�شمل عقود الالعبني‪ ،‬واملدربني‪،‬‬ ‫والفنيني‪ ،‬واحلكام‪ ،‬ورواتبهم‪ ،‬و�شراء الأدوات‬ ‫الريا�ضية‪ ،‬وبناء املالعب و�صيانتها‪ ،‬وتربية‬ ‫ن��ا��ش�ئ�ين وب�ي�ع�ه��م (م ��دار� ��س �أو �أك��ادمي �ي��ات‬ ‫النا�شئني)‪ ،‬والإعالنات التجارية‪ ،‬و�صو ًال �إلى‬ ‫حقوق البث املبا�شر للمباريات‪.‬‬

‫ولعبت تلك الق�ضية دورًا هامً ا يف الك�شف‬ ‫عن عمق الت�شابكات‪ ،‬وتعقد العالقات وامل�صالح‬ ‫ب�ين خمتلف �أرك� ��ان املنظومة الريا�ضية يف‬ ‫العامل‪� ،‬سواء على امل�ستوى ال��دويل والقاري‪،‬‬ ‫�أو على م�ستوى االحتادات الوطنية‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫رئي�س �أعلى منظومة ريا�ضية يف العامل امل�ستقيل‬ ‫جوزيف بالتر جنح خالل رئا�سته التي ا�ستمرت‬ ‫‪16‬ع��امً ��ا يف حت��وي��ل الفيفا �إل��ى �إم�براط��وري��ة‬

‫ارتباط كرة القدم‬ ‫منذ بدايتها تقري ًبا‬ ‫بالنظام الرأسمالي‬ ‫العالمي من أبرز وأهم‬ ‫أسباب فساد هذه‬ ‫اللعبة على مدى‬ ‫تاريخها‬

‫اق�ت���ص��ادي��ة‪ ،‬و�شبكة م�صالح م�ت��داخ�ل��ة بني‬ ‫�شركات الدعاية والت�سويق‪ ،‬وم�ؤ�س�سات البث‬ ‫التليفزيوين‪ ،‬وم�صانع املنتجات الريا�ضية‪ ،‬مع‬ ‫االحت��ادات القارية واملحلية‪ ،‬وامل�س�ؤولني عن‬ ‫�إدارة كرة القدم فيها‪.‬‬ ‫دالالت وانعكا�سات‬ ‫وتعد �أح��دث حلقات الك�شف عن �سل�سلة‬ ‫الف�ضائح التي طالت الفيفا‪� ،‬أخريًا‪،‬‬ ‫اختيار رو�سيا وقطر كدولتني منظمتني‬ ‫لك�أ�س العامل عامي ‪ 2018‬و‪ ،2022‬مبا ا�ستتبعه‬ ‫ذلك من دالالت وانعكا�سات تتعلق بعودة رو�سيا‬ ‫ك�ق��وة عظمى ع��امل � ًي��ا‪ ،‬وب �� �ص��ورة ق�ط��ر ك��دول��ة‬ ‫�صغرية ذات دور ومكانة كبريين �إقليميًا‪.‬‬ ‫وع �ل��ى �إث� ��ر ذل ��ك مت �إج � ��راء حتقيقات‬ ‫مطولة‪ ‬ب�ش�أن �شبهات ف�ساد يف ملفات تنظيم‬ ‫ك�أ�س العامل لكرة القدم ‪ 2018‬و‪ 2022‬ومن‬ ‫�أب ��رز م��ا تو�صلت �إل�ي��ه التحقيقات ه��و وج��ود‬ ‫حتركات مريبة لأ�شخا�ص ينتمون تقريبًا جلميع‬ ‫البلدان التي تناف�ست للفوز ببطولتي ‪2018‬‬ ‫و‪.2022‬‬ ‫ت�صاعد اجلدل ال�سيا�سي‬ ‫وخل�صت التحقيقات �إلى عدم وجود �أ�سباب‬ ‫كافية لإعادة طرح العطاءات للبطولتني اللتني‬ ‫ف��ازت بتنظيمهما رو�سيا وقطر على التوايل‪،‬‬ ‫وب��د�أ اجل��دل ال�سيا�سي يت�صاعد على خلفية‬ ‫ف�ضيحة الف�ساد التي طالت االحت��اد ال��دويل‬ ‫ل �ك��رة ال �ق��دم بت�صريحات خمتلفة لزعماء‬ ‫غربيني منهم الرئي�س الرو�سي فالدميري بوتني‬ ‫ال��ذي اتهم ال��والي��ات املتحدة بالتدخل خارج‬ ‫نطاق واليتها الق�ضائية باعتقال ‪ 6‬م�س�ؤولني‬ ‫من االحتاد الدويل لكرة القدم‪ ،‬وقال �إن «هذه‬ ‫ما هي �إال حماولة �سافرة �أخ��رى من الواليات‬ ‫املتحدة ملد واليتها الق�ضائية لدول �أخرى»‪.‬‬ ‫فيما ق��ال وزي��ر خارجية بريطانيا فيليب‬ ‫هاموند‪� ،‬إن هناك خط�أ فادحً ا داخل االحتاد‬ ‫ال ��دويل ل�ك��رة ال �ق��دم «ال�ف�ي�ف��ا»‪ ،‬و�إن االحت��اد‬ ‫بحاجة �إلى �إ�صالح‪ ،‬مو�ضحً ا �أن م�شجعي كرة‬ ‫ال�ق��دم يف �أن�ح��اء ال�ع��امل ي�شعرون ب��اخل��ذالن‪،‬‬ ‫م�شريًا �إلى �أن �سمعة اللعبة ال�شعبية تلطخت‪،‬‬ ‫مبينًا �أن هناك خط�أ كبريًا يف قلب الفيفا وكرة‬ ‫القدم العاملية بحاجة �إلى �إ�صالحات‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬قال وزير اخلارجية الفرن�سي لوران‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫وال�سويد ‪ -‬تن�شر احلد الأدن��ى من املعلومات‬ ‫الالزمة الطالع اجلماهري على ما تفعله‪ ،‬وكيف‬ ‫تنفق �أموالها وما هي القيم التي ي�ؤمنون بها‪.‬‬ ‫وذك ��ر التقرير �أن ��ه مت��ت م��راج�ع��ة جميع‬ ‫النتائج التي مت التو�صل �إليها من خالل باحث‬ ‫واح��د �آخ��ر على الأق��ل يف الفريق‪ ،‬كما �أر�سلت‬ ‫نتيجة كل بلد �إل��ى االحت��ادات املعنية للت�أكيد‪،‬‬ ‫وتلقت املنظمة ‪ 39‬ردًا عليها‪.‬‬ ‫�إنتاج فيلم عن ف�ساد فيفا‬ ‫م��ن ج��ان��ب �آخ ��ر‪ ،‬يعتزم املمثل وامل�خ��رج‬ ‫الأم�يرك��ي بن �أفليك‪� ،‬إن�ت��اج فيلم عن ق�ضايا‬ ‫الف�ساد املتورط فيها االحتاد الدويل لكرة القدم‬ ‫«فيفا»‪.‬‬ ‫ويتمحور الفيلم حول الأمريكي ت�شاك بليزر‬ ‫امل�س�ؤول ال�سابق يف امل�ؤ�س�سة الكروية‪ ،‬الذي قدم‬ ‫معلومات �سمحت بالك�شف عن ف�ضيحة الف�ساد‪.‬‬ ‫و�سينتج �أفليك الفيلم ع�بر �شركته «بيل‬ ‫�سرتيت فيلمز» التي �أ�س�سها مع النجم مات‬ ‫دميون‪.‬‬ ‫و�ستقوم �أحداث الفيلم على كتاب «‪Houses‬‬ ‫‪ »of Deceit‬لل�صحايف كني بين�سينجر‪ ،‬الذي‬ ‫ب�ح��ث يف ف�ضيحة ت�ل�ق��ي ر���ش��اوى م��ن جانب‬ ‫م�س�ؤولني بـ»فيفا»‪ ،‬والتي ت��ورط فيها و�أ�سهم‬ ‫أي�ضا بليزر‪ ،‬النائب ال�سابق‬ ‫يف الك�شف عنها � ً‬ ‫لرئي�س االحتاد الأمريكي لكرة القدم‪ ،‬والأمني‬ ‫ال�ع��ام ال�سابق الحت��اد �شمال وو��س��ط �أمريكا‬ ‫والكاريبي لكرة القدم (كونكاكاف)‪ ،‬والع�ضو‬

‫ال�سابق باللجنة التنفيذية لـ»فيفا»‪.‬‬ ‫وك��ان بليزر قد اع�ترف يف ‪ 2013‬بتورطه‬ ‫يف جرائم ع��دة‪ ،‬بينها تلقي ر��ش��اوى الختيار‬ ‫مقري ك�أ�س العامل يف ن�سختي ‪ 1998‬و‪2010‬‬ ‫اللتني �أقيمتا يف فرن�سا وجنوب �إفريقيا على‬ ‫الرتتيب‪� ،‬إال �أنه تعاون مع ال�سلطات الأمريكية‬ ‫يف حتقيقاتها بق�ضايا ف�ساد �أدت �إلى اعتقال‬ ‫عدد من م�س�ؤويل «فيفا» �أخريًا وا�ستقالة رئي�س‬ ‫االحتاد جوزيف بالتر من من�صبه‪.‬‬ ‫ارتباط وت�شابك‬ ‫ومم��ا �سبق �أ�صبح م��ن ال��وا��ض��ح ج��دً ا �أن‬ ‫�شمول وتو�سع نطاق العمل الريا�ضي‪ ،‬وتداخله‬ ‫م��ع خمتلف �أن�شطة وم�ك��ون��ات امل�ج��ال العام‪،‬‬ ‫يغطي العامل مب�ستوييه العاملي فيما بني الدول‬ ‫بع�ضها مع بع�ض‪ ،‬والداخلي يف املجال العام لكل‬ ‫دولة‪.‬‬ ‫بيد �أن �أك�ثر ال��دالالت عمقًا يف كل ذلك‪،‬‬ ‫�أن العامل مل يعد يدار ب��أداة واح��دة‪ ،‬وال يت�أثر‬ ‫مبجال واح��د دون غ�يره‪ .‬فلم تعد ال�سيا�سة‬ ‫�أهم من االقت�صاد‪ ،‬وال الريا�ضة جمرد ن�شاط‬ ‫�إن�ساين ترفيهي متامً ا‪.‬‬ ‫ك�م��ا مل ي�ع��د الإع �ل�ام جم��رد �أداة لنقل‬ ‫امل�ع�ل��وم��ة‪ .‬ف�ق��د �أ��ص�ب�ح��ت احل �ي��اة الإن�سانية‬ ‫متكاملة ومتداخلة بني كل هذه املجاالت‪ ،‬التي‬ ‫امتزجت ب��دوره��ا معًا‪ ،‬ف��زاد كل منها �أهمية‬ ‫وق��وة‪ ،‬ع�بر االرت �ب��اط والت�شابك فيما بينها‪،‬‬ ‫ت�أثريًا وت�أثرًا‪.‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫فابيو�س‪� ،‬إن الق�ضية حتتاج بع�ض الوقت لتت�ضح‬ ‫مالب�ساتها‪ .‬و�أ�ضاف‪« :‬تطفو اتهامات الف�ساد‬ ‫منذ �سنوات عديدة‪� .‬سيكون من املنطقي �أن‬ ‫ت�ستغرق الأمور بع�ض الوقت لرنى ما هو حقيقي‬ ‫وما هو لي�س كذلك‪ ،‬وحينئذ ميكن لل�سلطات �أن‬ ‫تف�صل يف الأم��ر‪ ،‬لكن يف الوقت احل��ايل يبدو‬ ‫امل�شهد كارثيا»‪.‬‬ ‫االفتقار �إلى املعلومات وال�شفافية‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬انتقدت منظمة ال�شفافية‬ ‫ال��دول �ي��ة‪ ،‬االحت � ��ادات ال��وط�ن�ي��ة ل �ك��رة ال�ق��دم‬ ‫لتعمدها ن�شر معلومات قليلة ب�ش�أن ماليني‬ ‫الدوالرات التي تتلقاها من االحتاد الدويل لكرة‬ ‫القدم «فيفا»‪ ،‬معتربة �أن هذا «يظهر االفتقار‬ ‫�إلى املعلومات وال�شفافية‪ ،‬وي�سلط ال�ضوء على‬ ‫خماطر الف�ساد» يف ريا�ضة كرة القدم‪.‬‬ ‫وقالت املنظمة‪ ،‬وهي دولية غري حكومية‬ ‫معنية بالف�ساد‪ ،‬مقرها يف برلني‪� ،‬إن «�أك�ثر‬ ‫من ‪ 209‬احت��ادات وطنية لكرة ال�ق��دم‪ ،‬التي‬ ‫ت�شكل االحتاد الدويل لكرة القدم «فيفا»‪ ،‬تن�شر‬ ‫معلومات قليلة �أو ال تن�شر �أي معلومة ب�ش�أن ما‬ ‫تفعله‪ ،‬وكيف تنفق �أموالها‪ ،‬على الرغم من‬ ‫لا منها تقا�ضى �أك�ثر من مليون‬ ‫حقيقة �أن ك� ً‬ ‫دوالر من فيفا عام ‪.2014‬‬ ‫و�أ� �ش��ارت �إل��ى �أن��ه «يف ظ��ل اجتياح �أزم��ة‬ ‫الف�ساد للفيفا �أجرت املنظمة بحثًا حول الهياكل‬ ‫الإداري��ة لالحتادات الأع�ضاء يف فيفا‪ ،‬ملعرفة‬ ‫قدر املعلومات املعلنة ب�ش�أن الكيفية التي تعمل‬ ‫بها‪ ،‬واطلعت على مواقعها الإلكرتونية للعثور‬ ‫على معلومات حول احل�سابات املالية والأنظمة‬ ‫القانونية‪ ،‬وقوانني التعامل الر�سمية وتقارير‬ ‫الن�شاط ال�سنوية»‪.‬‬ ‫و�أو�ضحت �أن التقرير ال��ذي ج��اء بعنوان‬ ‫«ج��دول �أنظمة احت ��ادات ك��رة ال�ق��دم» يف ‪16‬‬ ‫�صفحة‪� ،‬أظهر �أن «‪ % 81‬من االحتادات لي�ست‬ ‫لديها �سجالت مالية علنية م�ت��اح��ة‪ ،‬و‪%21‬‬ ‫م��ن االحت ��ادات لي�ست لها م��واق��ع‪ ،‬و‪ %85‬من‬ ‫االحتادات ال تن�شر �أي تقارير ن�شاط ملا تفعله»‪.‬‬ ‫ولفت التقرير �إل��ى �أن ‪ 14‬فقط من �أ�صل‬ ‫‪ 209‬احت��ادات لكرة القدم الأع�ضاء يف فيفا‬ ‫ كندا‪ ،‬الدمنارك‪� ،‬إجنلرتا‪ ،‬املجر‪� ،‬أي�سلندا‪،‬‬‫�إيطاليا‪ ،‬اليابان‪ ،‬التفيا‪ ،‬نيوزيلندا‪� ،‬أيرلندا‬ ‫ال�شمالية‪ ،‬الرنويج‪ ،‬الربتغال‪ ،‬جمهورية �أيرلندا‬

‫‪41‬‬


‫في لحظات فاصلة تتحول الصفارة انفجا ًرا‪..‬‬ ‫واألهداف قتلى وجرحى‪ ..‬والتشجيع رهبة وصراخ ًا‬

‫الغالف‬ ‫‪42‬‬

‫صدى اإلرهاب يخ ّيم على‬ ‫عشاق الساحرة المستديرة‬ ‫ فارس المحيميد ‪ -‬الرياض ‪-‬‬‫�ألقت احلوادث والهجمات الإرهابية الأخرية التي طالت من�ش�آت ريا�ضية بظاللها على مالعب‪ ‬كرة القدم‪ ‬العاملية‪ ،‬ال‬ ‫�سيما هجمات العا�صمة الفرن�سية‪ ،‬بعدما �أدرك م�س�ؤولو اجلماعات والتنظيمات الإرهابية �أهمية هذه اللعبة‪ ‬وما متثله من‬ ‫ت�أثري �سيا�سي‪ ،‬ال�سيما مع وجود جماهري غفرية �أثناء �إقامة املباريات يف املالعب حول العامل‪.‬‬


‫فيما �شهد �شهر مايو �إن���ذارًا �آخ��ر‪ ،‬عن‬ ‫وج��ود قنبلة يف م��ؤمت��ر الفيفا ب��زي��وري��خ‪� ،‬إذ‬ ‫�أعلنت �شرطة مدينة زيوريخ ال�سوي�سرية‪� ،‬أن‬ ‫هناك قنبلة يف م�ؤمتر االحت��اد ال��دويل لكرة‬ ‫القدم‪� ،‬سجل خالل فرتة اال�سرتاحة يف قاعة‬ ‫اجلمعية العمومية التي كان يفرت�ض �أن تنتخب‬ ‫رئي�سً ا جديدً ا للفيفا‪.‬‬ ‫وكان ذلك ثاين حادث يف نف�س اليوم وذلك‬ ‫بعد �إخ��راج متظاهرتني رفعتا علم فل�سطني‬ ‫وطالبتا مبنع �إ�سرائيل من خو�ض امل�سابقات‬ ‫الدولية‪ ،‬ب�سبب القيود التي تفر�ضها على �سفر‬ ‫الالعبني الفل�سطينيني‪.‬‬ ‫تفجريات متزامنة‬ ‫وت �ع �ت�بر ع�م�ل�ي��ات ال�ت�ف�ج�ير ال �ت��ي ه��زّت‬ ‫العا�صمة الفرن�سية باري�س من �أعنف الهجمات‬ ‫على املالعب الريا�ضية التي راح �ضحيتها �أكرث‬ ‫من ‪ 128‬قتي ًال و‪ 200‬م�صاب‪ ،‬بينهم ‪ 80‬يف‬ ‫حالة خطرة‪.‬‬ ‫ف �ف��ي م �ل �ع��ب دي ف��ران ����س ح � ��اول �أح ��د‬ ‫االنتحاريني دخول ملعب دو فران�س الفر�سي‬ ‫ال��ذي ك��ان يحت�ضن ‪� 80‬أل��ف م�شجع يف ودية‬ ‫فرن�سا و�أمل��ان �ي��ا‪ ،‬وك��ان يح�ضرها الرئي�س‬ ‫الفرن�سي فران�سوا ه��والن��د‪� ،‬إذ فجر ثالثة‬ ‫انتحاريني �أنف�سهم يف املمر اخلا�ص بالإ�ستاد‬ ‫خارجه‪.‬‬ ‫ه��ذا �إ��ض��اف��ة �إل��ى التفجريات املتزامنة‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫اإلرهاب يهدد‬ ‫مستقبل اللعبة‬ ‫الشعبية األولى في‬ ‫العالم ويؤثر على‬ ‫البطوالت والدوريات‬ ‫الكبرى‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫تاريخ طويل‬ ‫الهجمات الإره��اب �ي��ة ال�ت��ي ه��زت �إ�ستاد‬ ‫دو فران�س الفرن�سي وحميطه‪ ،‬لي�ست الأولى‬ ‫التي تطال املالعب يف �أوروب ��ا‪� ،‬إذ �إن تاريخ‬ ‫الإره��اب يف امل�ستطيل الأخ�ضر طويل‪ .‬ففي‬ ‫حلظات فا�صلة‪ ،‬تتحول ال�صفارة �إلى انفجار‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والأه��داف �إلى قتلى وجرحى‪ ،‬والت�شجيع �إلى‬ ‫رهبة و�صراخ‪ ،‬وهو الأمر الذي �أثار حالة من‬ ‫القلق حول م�ستقبل اللعبة ال�شعبية الأولى يف‬ ‫العامل وت�أثري ذلك حول و�ضعيتها وا�ستئناف‬ ‫املباريات �أو ت�أجيلها �أو �إلغائها‪ ،‬وهو ما قد ي�ؤثر‬ ‫على البطوالت وال��دوري��ات الكربى يف الفرتة‬ ‫املقبلة‪.‬‬ ‫البداية كانت يف ك�أ�س �أم��م �إفريقيا عام‬ ‫‪ 2010‬التي �أقيمت ب�أجنوال عندما تعر�ضت‬ ‫حافلة املنتخب التوجويل لهجوم �إرهابي‪ ،‬مما‬ ‫ت�سبب يف م�صرع امل��درب امل�ساعد و املتحدث‬ ‫الإعالمي‪ ،‬وبعدها قرر املنتخب االن�سحاب من‬ ‫البطولة‪.‬‬ ‫وفى ‪ 2013‬قتل ت�سعة �شباب عراقيني يف‬ ‫العا�صمة بغداد تقل �أعمارهم عن ‪ 16‬عامً ا‬ ‫يف انفجار قنبلة داخ��ل ملعب لكرة القدم يف‬ ‫بغداد‪.‬‬ ‫وتعد هذه الواقعة �ضمن �سل�سلة كبرية من‬ ‫الهجمات التي �ضربت مالعب الكرة يف العراق‬ ‫�أخريًا‪ ،‬والتي ح�صدت �أرواح �أكرث من ‪� 50‬شابًا‪.‬‬ ‫كما فجر تنظيم داع�ش ملعب الرمادي‬ ‫الأوملبي غربي املدينة‪� ،‬إذ قام عنا�صر التنظيم‬ ‫ب��زرع عبوات نا�سفة �شديدة االنفجار داخ��لَ‬ ‫امللعب وحميطه ال��واق��ع يف البوت�شيليّب يف‬ ‫منطقة الـ‪ 18‬كلو غربي املدينة‪ ،‬ما �أ�سفر عن‬ ‫انهيار امللعب بكامله‪.‬‬ ‫‪ ‬ويف عام ‪ 2014‬قتل ‪ 40‬م�شجعًا نيجرييًا‬ ‫يف انفجار وقع مبلعب لكرة القدم يف مدينة‬ ‫موبي‪� ،‬شمال �شرق نيجرييا‪ ،‬حيث و�ضع �أحد‬ ‫الإرهابيني عبوة نا�سفة داخل امللعب‪.‬‬ ‫ويف قرب�ص ح��دث انفجار خفيف داخ��ل‬ ‫ملعب ك��رة ال�ق��دم ب��ال��دوري يف امل �ب��اراة التي‬ ‫جمعت بني �أومونيا نيقو�سيا و�أنورثو�سي�س‪،‬‬

‫وذلك خالل معاجلة �أحد الالعبني من الفريق‬ ‫الطبي‪ ‬‬ ‫ويف �أوك��ران �ي��ا‪ ،‬ت�ضرر �إ��س�ت��اد دونبا�س‬ ‫اخلا�ص بنادي �شاختار دونيت�سك‪ ،‬بطل دوري‬ ‫�أوكرانيا لكرة القدم بفعل انفجار هائل هز‬ ‫املدينة رغم التو�صل لوقف لإطالق النار بني‬ ‫احلكومة الأوك��ران�ي��ة واالنف�صاليني املوالني‬ ‫لرو�سيا‪.‬‬ ‫و�أظ �ه��رت �صور احل ��ادث‪ ،‬ال�ضرر ال��ذي‬ ‫حلق بالإ�ستاد يف مدينة دونيت�سك الواقعة‬ ‫لا‬ ‫يف � �ش��رق �أوك ��ران� �ي ��ا‪ ،‬ال �ت��ي ت �ع �ت�بر م�ع�ق� ً‬ ‫لالنف�صاليني‪ ،‬وت�سبب االنفجار يف �إحل��اق‬ ‫�أ�ضرار بالغة بالأجزاء الغربية وال�شرقية من‬ ‫الإ�ستاد‪ ،‬وحتطم جزء من الواجهة الزجاجية‬ ‫وتعر�ض جزء كبري منها ل�ضرر بالغ‪ ،‬والأجزاء‬ ‫أي�ضا‪.‬‬ ‫الداخلية ت�ضررت � ً‬ ‫�أما �إيطاليا‪ ،‬فقد �شهدت مباراة الديربي‬ ‫فيها بني فريق تورينو ويوفنتو�س‪ ،‬انفجار قنبلة‬ ‫ت�سببت يف �إ�صابة ‪� 10‬أ�شخا�ص من جمهور‬ ‫تورينو وذل��ك قبل انطالق امل�ب��اراة‪ ،‬يف �إطار‬ ‫مباريات م�سابقة الدوري الإيطايل‪.‬‬ ‫وان�ف�ج��رت القنبلة يف م��درج��ات تورينو‬ ‫ب�شكل مفاجئ ليبد�أ كل طرف يف �إلقاء اللوم‬ ‫على الآخ��ر وب��د�أت اال�شتباكات بني جماهري‬ ‫الفريقني‪ ،‬و�ألقت ال�شرطة القب�ض على ‪15‬‬ ‫�شخ�صا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويف اليمن انفجرت �سيارة مفخخة يف‬ ‫ملعب «�شباب البي�ضاء» ال��ذي يتمركز فيه‬ ‫احل��وث�ي��ون‪ ،‬وجمموعة انغما�سية تدخل بعد‬ ‫االنفجار‪.‬‬ ‫ويف ليبيا‪ ،‬قامت جماعة ت�سمى بنف�سها‬ ‫«جمل�س �شورى �شباب الإ�سالم» بذبح م�صري‬ ‫يدعى حممد �أح�م��د‪ ،‬يف ملعب لكرة القدم‬ ‫مبدينة درنة بال�شرق الليبي‪.‬‬ ‫�أما عام ‪ 2015‬وحتديدً ا �شهر �أبريل‪ ،‬فقد‬ ‫�شهد �إنذارًا كاذبًا غري م�سار ووجهة فريق فنار‬ ‫بخ�شة يف الدوري الرتكي‪� ،‬إ�ضافة �إلى تداعيات‬ ‫�إ�صابة ‪ 10‬من اجلماهري الإيطالية يف مباراة‬ ‫الديربي بني تورينو ويوفنتو�س‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫الغالف‬ ‫‪44‬‬

‫التي هزت العا�صمة باري�س يف مناطق �أخرى‬ ‫م�ت�ف��رق��ة‪ ،‬مم��ا ت�سبب يف ح��ال��ة م��ن ال��رع��ب‬ ‫�أ�صابت اجلماهري التي ح�ضرت �إلى املباراة‬ ‫الودية‪ ،‬والتي مل جتد �أمامها �سوى االحتماء‬ ‫مبلعب املباراة للحفاظ على حياتها‪.‬‬ ‫ورغم �أن القنبلة مل تدخل ملعب �إ�ستاد دي‬ ‫فران�س الذي �شهد �إقامة املباراة‪� ،‬إال �أن �صوت‬ ‫االنفجار ت�سبب يف الكارثة التي حدثت بعد‬ ‫وقوع �أكرث من ‪ 18‬قتي ًال خارج ملعب املباراة‪،‬‬ ‫وهروب الرئي�س الفرن�سي فران�سوا هوالند بني‬ ‫�شوطي امل�ب��اراة‪� ،‬إل��ى جانب ن��زول اجلماهري‬ ‫�أر�ض امللعب للهروب من الكارثة قبل �أن يقع‬ ‫خ�صو�صا بعد‬ ‫ً‬ ‫منهم العديد من ال�ضحايا‪،‬‬ ‫�إغ�لاق امللعب عليهم ورف�ض مغادرتهم قبل‬ ‫االطمئنان على �سالمتهم‪.‬‬ ‫�إجراءات �أمنية م�شددة‬ ‫وحت�سبًا لهجمات �إرهابية قد تقع على غرار‬ ‫ما �شهدته العا�صمة الفرن�سية باري�س‪� ،‬شددت‬ ‫مالعب كرة القدم الأوروب�ي��ة من �إجراءاتها‬ ‫الأمنية ب�ضرورة اال�ستمرار يف اليقظة واحلذر‬ ‫يف حميط العديد م��ن امل�ؤ�س�سات الر�سمية‬ ‫والأماكن العمومية‪� ،‬إ�ضافة �إلى مالعب كرة‬ ‫القدم التي ت�شهد جتمعات ب�شرية كبرية‪.‬‬

‫ويف �إطار هذه الإجراءات وبعد مرور ‪� 5‬أيام‬ ‫من حادثة فرن�سا التي حدثت يوم ‪ 14‬نوفمرب‪،‬‬ ‫عادت الأم��ور لت�سوء من جديد على وقع هذه‬ ‫الفاجعة الكبرية‪ ،‬فتم �إلغاء وديتي بلجيكا �ضد‬ ‫�إ�سبانيا‪ ،‬و�أملانيا �ضد هولندا يف ‪ 17‬من ال�شهر‬ ‫ذاته‪� ،‬إذ �أ�صدر االحتاد البلجيكي بيانًا �أعلن‬ ‫فيه �إلغاء مباراة املنتخب �ضد �إ�سبانيا بناء‬ ‫على ن�صيحة من احلكومة لأ�سباب �أمنية بحتة‬ ‫مفادها �أن �أحد منفذي عملية باري�س ت�سلل �إلى‬ ‫بلجيكا وي�شتبه يف ر�ؤيته بجوار ملعب املباراة يف‬ ‫العا�صمة بروك�سل‪.‬‬ ‫�أم��ا ما حدث يف مدينة هانوفر الأملانية‪،‬‬

‫أعمال العنف تلك‬ ‫ليست مقتصرة فقط‬ ‫على تفجير المنشآت‬ ‫الرياضية‪ ،‬وإنما دس‬ ‫اإلرهابيين بين الجماهير‬

‫ف�ه��و درام���ي بع�ض ال �� �ش��يء‪ ،‬ف�ق��د مت �إخ�ل�اء‬ ‫ملعب اللقاء قبل �ساعتني من �صفارة البداية‬ ‫و�أخربت ال�شرطة اجلماهري املوجودة �أن تعود‬ ‫للمنازل ب�سرعة‪ ،‬وهي مباراة كان من املفرت�ض‬ ‫�أن حت�ضرها امل�ست�شارة �إجنيال مريكل‪.‬‬ ‫وقبل ما يقرب من �ساعة ون�صف ال�ساعة‬ ‫من ب��دء امل�ب��اراة ال��ودي��ة بني �أملانيا وهولندا‬ ‫يف هانوفر‪ ،‬مت �إلغاء املباراة ب�سبب تهديدات‬ ‫�إرهابية مفادها �أن هناك من يريد �أن يفجر‬ ‫عبوة نا�سفة داخل امللعب و�أن املعلومات جاءت‬ ‫من طرف ال�سلطات الفيدرالية بهانوفر‪.‬‬ ‫م�صري يورو ‪2016‬‬ ‫وو�سط الأح��داث الإرهابية التي اقرتبت‬ ‫كثريًا من مالعب كرة القدم‪ ،‬تعالت الأ�صوات‬ ‫بت�أجيل �إق��ام��ة ال�ب�ط��والت ال�ك��روي��ة الكربى‪،‬‬ ‫ويف مقدمتها «ي��ورو ‪ ،»2016‬حتى ال تتعر�ض‬ ‫اجلماهري لهذه االعتداءات التخريبية‪.‬‬ ‫بيد �أن وزي��ر الريا�ضة الفرن�سي‪ ‬باتريك‬ ‫كانر ا�ستبعد‪ ‬فكرة التخلي عن ا�ست�ضافة ك�أ�س‬ ‫�أوروب��ا ‪ 2016‬لكرة القدم‪ ،‬بعد زيارته ملعب‬ ‫«�إ�ستاد دو فران�س» امل�ستهدف بثالثة اعتداءات‬ ‫�أ�سفرت عن �سقوط قتيل وجرحى عدة‪.‬‬ ‫وق��ال ال��وزي��ر « �إن الإره ��اب ال ميكنه �أن‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫يوقف الريا�ضة ب�أي حال‪� .‬ستقام ك�أ�س �أوروبا‬ ‫يف ظروف �أمنية م�شددة‪ ،‬و�سيجري تعزيزها‬ ‫فيما يت�صل مع احل��وادث التي ن�شهدها‪ ،‬لكن‬ ‫�إل �غ��اء ه��ذا امل �ه��رج��ان ال�شعبي ال�ك�ب�ير غري‬ ‫مطروح على الإطالق»‪.‬‬ ‫نهاية لعبة كرة القدم‬ ‫من جهة �أخ��رى كانت �صحيفة «ذا �صن»‬ ‫الربيطانية‪� ،‬أكدت �أن الإرهاب بد�أ يحتل العامل‬ ‫وي��دم��ر القيم الإن�سانية‪ ،‬ويُفجّ ر ك��ل م��ا هو‬ ‫جميل‪ ،‬مت�سائلة‪ ،‬لكن‪ :‬هل يكون حقًا ال�سبب‬ ‫يف نهاية لعبة ك��رة ال�ق��دم ومتعة ال�ساحرة‬ ‫امل�ستديرة؟‬ ‫ون�شرت ال�صحيفة تقريرًا مطو ًال منذ �أكرث‬ ‫من ‪� 5‬أ�شهر‪ ،‬حول ال�سلبيات التي �ستواجه لعبة‬ ‫كرة القدم حول العامل‪ ،‬م�شرية �إلى �أن �أكرب‬ ‫التحديات التي �ستقابل االحتاد الدويل لكرة‬ ‫القدم «فيفا» �ستكون تهديدات الإرهاب‪.‬‬ ‫و�ألقى التقرير ال�ضوء على جلوء اجلماعات‬ ‫الإرهابية للأعمال التخريبية يف مالعب كرة‬ ‫القدم خالل الفرتة الأخرية‪ ،‬م�ؤكدً ا �أن �أعمال‬ ‫العنف تلك لي�ست مقت�صرة فقط على تفجري‬ ‫املن�ش�آت الريا�ضية‪ ،‬و�إمنا د�س الإرهابيني بني‬ ‫اجلماهري‪.‬‬ ‫و�أك ��دت ال�صحيفة �أن م�س�ؤويل «فيفا»‪،‬‬ ‫مب�شاركة االحتادات القارية واملحلية‪ ،‬يكثفون‬ ‫الإج� ��راءات الت�أمينية للتعامل م��ع مثل هذه‬ ‫ال�ت�ح��دي��ات‪ ،‬خ��ا��ص��ة م��ع اق�ت�راب منا�سبات‬ ‫دولية كبرية‪ ،‬يف مقدمتها بطولة ك�أ�س الأمم‬ ‫الأوروبية يف فرن�سا‪.‬‬ ‫حراك �سيا�سي‬ ‫ويف ال�سياق نف�سه‪� ،‬أب��رزت ال�صحف يف‬ ‫متابعتها اخلربية على مواقعها على �شبكة‬ ‫الإنرتنت هتاف اجلماهري الرتكية «اهلل �أكرب ‪..‬‬ ‫اهلل �أكرب» خالل وقوف العبي املنتخب الرتكي‬ ‫ون �ظ�يره ال�ي��ون��اين دقيقة ح ��داد على �أرواح‬ ‫اعرتا�ضا من‬ ‫ً‬ ‫�ضحايا تفجريات باري�س‪ ،‬وذلك‬ ‫اجلماهري على وقوف الالعبني دقيقة حداد‬ ‫على �أرواح ال�ضحايا‪ ،‬وتنا�سي املجتمع الدويل‬ ‫للق�ضية الفل�سطينية والعدوان الغا�شم عليها‬ ‫يف كافة بقاع الأرا�ضي املحتلة‪.‬‬ ‫وكانت املباراة قد �شهدت حراكًا �سيا�سيًا‬ ‫بني الدولتني بعد ال�صلح ال��ذي ج��اء عقب ‪8‬‬

‫�سنوات من اخل�صام‪� ،‬أدى �إلى ابتعاد الدولتني‬ ‫اجلارتني عن بع�ضهما نهائيًا‪� ،‬إذ ح�ضر املباراة‬ ‫رئي�سا وزراء البلدين‪.‬‬ ‫وانتهت امل �ب��اراة بالتعادل ب�ين املنتخبني‬ ‫و�سط �أج ��واء اعرتا�ضية م��ن ال�ق��ارة العجوز‬ ‫وال�صحف الأوروبية كافة مبا فعلته اجلماهري‬ ‫الرتكية يف مدرجات ملعب املباراة‪.‬‬ ‫�صدمة كبرية‬ ‫م��ن جانب �آخ��ر‪ ،‬ع�بر ع��دد م��ن املدربني‬ ‫والالعبني عن خماوفهم الكبرية من تكرار‬ ‫العمليات الإرهابية خالل مباريات كرة القدم‬ ‫يف �أوروب��ا‪ ،‬وذلك عقب عمليات التفجري التي‬ ‫هزّت العا�صمة الفرن�سية باري�س‪.‬‬ ‫فقد �أك��د الفرن�سي �أر��س�ين فينغر املدير‬ ‫الفني لفريق �آر�سنال الإجنليزي عن خماوفه‬ ‫الكبرية من تكرار العمليات الإرهابية خالل‬ ‫مباريات ك��رة القدم يف �أوروب ��ا‪ ،‬وذل��ك عقب‬ ‫عمليات التفجري التي هزّت العا�صمة الفرن�سية‬ ‫باري�س‪.‬‬ ‫وق��ال فينغر‪« :‬ه��ذه الأفعال الإرهابية لن‬ ‫تكون لها نهاية‪ ،‬وبالطبع �ست�ضرب كرة القدم‬ ‫مرة �أخرى‪ ،‬وال�س�ؤال هنا عن �أهمية الو�سائل‬ ‫الت�أمينية»‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف‪« :‬مل �أكن بعيدً ا عن �أحداث باري�س‬

‫الأخ�ي�رة‪ ،‬ي��ا لها م��ن �صدمة ك�ب�يرة‪ ،‬كما �أن‬ ‫العبي منتحب فرن�سا يف �صدمة كبرية‪ ،‬علي �أن‬ ‫�أحتدث معهم قبل خو�ض املباراة املقبلة»‪.‬‬ ‫و�أ�شار‪�« :‬أحب �أن �أ�شكر االحتاد الإجنليزي‬ ‫وراب �ط��ة ال ��دوري على ال��دع��م العظيم ال��ذي‬ ‫قدموه لفرن�سا‪ ،‬خالل مواجهة املنتخبني ليلة‬ ‫الثالثاء يف وميبلي»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬لوران كوت�شليني ت�أثر كثريًا بهذه‬ ‫الأحداث‪� ،‬س�أحتدث معه‪� ،‬إن مل يكن م�ستعدً ا‬ ‫للمباراة املقبلة فلن �أ�شركه‪ ،‬علينا �أن نكون يف‬ ‫كامل تركيزنا يف املواجهات املقبلة»‪.‬‬ ‫وطالب فينغر امل�س�ؤولني عن حماية كرة‬ ‫ال �ق��دم‪ ،‬بفر�ض و��س��ائ��ل ت�أمينية �أك�ث�ر على‬ ‫املالعب والأح��داث الريا�ضية‪ ،‬م�شريًا �إلى �أن‬ ‫الإرهاب خطر يهدد كرة القدم ‪.‬‬ ‫فيما �أب��دى العب نادي بر�شلونة �أندري�س‬ ‫�أني�ستا قلقه �إزاء خماطر الإرهاب والظروف‬ ‫الأمنية امل�شددة التي �ستجري فيها مباريات‬ ‫كرة القدم‪.‬‬ ‫وقال الالعب امللقب بـ»الر�سام» �إن �إلغاء‬ ‫ع��دة مباريات يف ك��رة ال�ق��دم‪ ،‬بعد هجمات‬ ‫ب��اري����س الإره��اب �ي��ة‪ ،‬ق��د �أوج� ��دت ل��دي��ه قلقًا‬ ‫حقيقيًا‪ ،‬حتى و�إن كان يثق ب�إجراءات الأمن‬ ‫التي مت فر�ضها‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫تواصل بال انقطاع بين كل األجيال‬

‫صداقات الرؤساء األمريكيين‬ ‫عالقات‬ ‫‪46‬‬

‫ فداء بدوي ‪ -‬القاهرة ‪-‬‬‫ا�شتهرت الواليات املتحدة الأمريكية ب�صداقات ر�ؤ�سائها‪،‬‬ ‫�سواء �أكانت خارجية مع ملوك وزعماء العامل‪ ،‬مما �أثمر عن‬ ‫تعاونات اقت�صادية و�سيا�سية غيرّ ت وجه الع�صر احلديث‪� ،‬أم‬ ‫�صداقات داخلية بني الر�ؤ�ساء الأمريكيني �أنف�سهم‪� ،‬إذ درج‬ ‫كل رئي�س يف ن��ادي الر�ؤ�ساء الأمريكيني على نقل خربته‬ ‫و�أ�سراره �إلى الرئي�س التايل وتقدمي كل عون له‪ ،‬مما وطد‬ ‫عالقات �صداقة قوية ومتينة بينهم‪.‬‬


‫العدد‬

‫خذ حذرك من ذلك»‪.‬‬ ‫�أم��ا على �صعيد العالقات وال�صداقات بني‬ ‫ر�ؤ��س��اء ال��والي��ات املتحدة الأمريكية ونظرائهم‬ ‫ر�ؤ�ساء الدول الأخرى‪ ،‬فمن املعروف �أن اهتمام‬ ‫الر�ؤ�ساء الأمريكيني بخلق �صداقات متينة لي�س‬ ‫�أم� �رًا ج��دي �دًا؛ فالرئي�س رون��ال��د ري�غ��ان ارتبط‬ ‫ب�صداقة عميقة مع رئي�سة ال ��وزراء مارغريت‬ ‫تات�شر‪� ،‬أثمرت عن تعاونات اقت�صادية و�سيا�سية‬ ‫غريت وجه الع�صر احلديث‪.‬‬ ‫وكذلك العالقة الوثيقة التي ربطت رئي�س‬ ‫ال��وزراء الربيطاين ون�ستون ت�شر�شل بالرئي�س‬ ‫الأمريكي فرانكلني روزفلت‪ ،‬وانتهت بتعاونهما‬ ‫الوثيق للق�ضاء على اخلطر النازي يف احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪.‬‬ ‫ومل تن�ش�أ ال���ص��داق��ة ب�ين الزعيمني ل��و مل‬ ‫ي�ستثمرا الوقت واجلهد لبنائها معًا‪،‬‬ ‫فبعد هجمات ب�يرل ه��ارب��ر على ال�سواحل‬ ‫الأمريكية‪ ،‬ق�ضى ت�شر�شل عدة �أ�سابيع يف البيت‬ ‫الأبي�ض من �أج��ل تعميق �أوا��ص��ر ال�صداقة مع‬ ‫روزفلت‪.‬‬ ‫كما جنح الرئي�س الأمريكي احلايل باراك‬ ‫�أوب��ام��ا يف توثيق ع�لاق��ة ��ص��داق��ة م��ع الرئي�س‬ ‫الرو�سي ال�سابق دمي�تري ميدفيديف‪ ،‬ال��ذي مل‬ ‫يلبث طوي ًال يف �سدة الرئا�سة‪ .‬ويبدو �أن �سبب تلك‬ ‫ال�صداقة التي توطدت ب�سرعة‪ ،‬هو �أن الرئي�سني‬ ‫ينتميان يف الأ�سا�س ملهنة املحاماة قبل �أن يدخال‬ ‫عامل ال�سيا�سة‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫يقول الرئيس‬ ‫السابق هاري ترومان‪:‬‬ ‫«ليس هناك عالقة‬ ‫أجمل من عالقة عدوين‬ ‫سياسيين قديمين»‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫متتد ال�صداقات بني الر�ؤ�ساء طوال تاريخ‬ ‫ال��والي��ات املتحدة الأمريكية التي تعاقب على‬ ‫حكمها ‪ 44‬رئي�سً ا‪� ،‬أولهم الرئي�س جورج وا�شنطن‪،‬‬ ‫و�آخ��ره��م ب��اراك �أوب��ام��ا‪ ،‬ال��ذي �سيغادر البيت‬ ‫الأبي�ض بعد عام من الآن‪� ،‬إذ �ستُجرى االنتخابات‬ ‫الأمريكية الثامنة واخلم�سون لرئا�سة الواليات‬ ‫املتحدة يف الثامن من نوفمرب لعام ‪.2016‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن نادي الر�ؤ�ساء الأمريكيني‬ ‫من�صو�صا عليه يف الد�ستور الأمريكي‪� ،‬إال �أنه‬ ‫ً‬ ‫لي�س‬ ‫املكان الذي يلتقي فيه الر�ؤ�ساء للت�شاور وتبادل‬ ‫اخل�برات بغ�ض النظر عن �ألوانهم ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫مت ت�أ�سي�سه ع��ام ‪ 1953‬مع بداية عهد الرئي�س‬ ‫ال�سابق‪ ،‬دواي ��ت �إي��زن �ه��اور‪� ،‬إذ ك��ان يعتقد �أن‬ ‫الرئا�سة الأمريكية القوية �ضرورة لأمن �أمريكا‪،‬‬ ‫ولهذا ال�سبب ينبغي �أن يتعاون الر�ؤ�ساء فيما‬ ‫بينهم‪.‬‬ ‫وع�ل��ى �صعيد ال�ع�لاق��ات وال���ص��داق��ات بني‬ ‫ر�ؤ���س��اء ال��والي��ات امل�ت�ح��دة الأم��ري �ك �ي��ة‪ ،‬تعترب‬ ‫عالقة الرئي�س احل��ايل ب��اراك �أوباما بالرئي�س‬ ‫الأ�سبق بيل كلينتون الأبرز‪ ،‬فعندما كان الرئي�س‬ ‫الأمريكي ب��اراك �أوب��ام��ا يجهز �شريط الفيديو‬ ‫املف�صل اخلا�ص بحملته االنتخابية‪ ،‬وظّ ف اثنني‬ ‫من جنوم ال�سينما احلائزين جائزة الأو�سكار‪،‬‬ ‫�أحدهما النجم توم هانك�س‪ ،‬لريوي ق�صة احلملة‪.‬‬ ‫بيد �أن النجم احلقيقي للفيلم لي�س بالطبع‬ ‫�أوباما ال��ذي يتطلع للفوز بوالية ثانية‪� ،‬إمن��ا هو‬ ‫الرئي�س ال�سابق بيل كلينتون‪ ،‬ال��ذي ظهر على‬ ‫ال�شريط �أرب��ع م��رات خ�لال ‪ 17‬دقيقة‪ ،‬حمدقًا‬ ‫بنظره وم�ؤ�شرًا ب�إ�صبعه‪ ،‬ومدليًا ب�شهادته على‬ ‫الأداء االقت�صادي والإ�صالح ال�صحي وال�سيا�سة‬ ‫اخلارجية لأوب��ام��ا‪ ،‬ثم عرج على �إط��راء املديح‬ ‫والثناء على خطة �أوباما يف الق�ضاء على زعيم‬ ‫«القاعدة» �أ�سامة بن الدن‪ ،‬قائ ًال «عندما ر�أيت ما‬ ‫حدث متنيت �أن �أكون �أنا من فعل ذلك»‪.‬‬ ‫ويعد �أوباما وكلينتون الرئي�سني الدميقراطيني‬ ‫الوحيدين اللذين راوحت عالقتهما بني ال�صداقة‬ ‫وال�ع��داوة‪ ،‬تقاتال با�ستماتة عام ‪� ،2008‬إذ قال‬ ‫كلينتون �إن �سجل �أوباما هو عبارة عن «ق�ص�ص‬ ‫خرافية»‪ ،‬و�أ��ش��ار �أوب��ام��ا ب��دوره �إل��ى �أن رئا�سة‬ ‫كلينتون «ج��دي��رة ب ��االزدراء و�إه ��دار للفر�ص»‪،‬‬ ‫وق�ضيا جل ‪ 2009‬و‪ 2010‬يف حماولة خلق �صداقة‬

‫من ركام العداوة ال�سابقة‪.‬‬ ‫يقول الرئي�س ال�سابق هاري ترومان‪« :‬لي�س‬ ‫هناك عالقة �أجمل من عالقة عدوين �سيا�سيني‬ ‫قدميني»‪.‬‬ ‫ويعترب الر�ؤ�ساء احلاليون �شهادة حية على‬ ‫ذلك‪ ،‬ففي الوقت الذي عقد فيه كلينتون �أوا�صر‬ ‫ال�سالم وال�صداقة م��ع �أوب��ام��ا‪� ،‬سعى جاهدًا‬ ‫للتقرب م��ن عائلة الرئي�سني ال�سابقني بو�ش‪،‬‬ ‫قا�ضيًا �إجازته مع بو�ش الأب‪ ،‬م�ستثمرًا �أمواله‬ ‫مع بو�ش االبن‪ ،‬حتى �إنه ا�صطحب باربرا بو�ش‬ ‫جلنازة ال�سيدة الأولى ال�سابقة‪ ،‬بيتي فورد‪ ،‬زوجة‬ ‫الرئي�س جريالد فورد‪ ،‬ولهذا �أطلقت عليه عائلة‬ ‫بو�ش لقب «�أخ من والدة �أخرى»‪.‬‬ ‫كما متتد ال�صداقات بني الر�ؤ�ساء الأمريكيني‬ ‫يف �سجل التاريخ‪ ،‬فقد ات�صل الرئي�س دواي��ت‬ ‫�إيزنهاور بجون كينيدي �صبيحة عزمه �إع�لان‬ ‫عزل �سيا�سي على كوبا‪ ،‬على احتمال �أن ذلك من‬ ‫�ش�أنه �أن ي�شعل بدوره حربًا نووية‪ ،‬وات�صل كلينتون‬ ‫بالرئي�س ال�سابق ريت�شارد نيك�سون م�ساء �أحد‬ ‫الأيام‪ ،‬ليناق�ش معه ق�ضايا رو�سيا وال�صني‪ ،‬ويف‬ ‫الليلة التي ق�ضى فيها جنود «�سيل» الأمريكيني‬ ‫على بن الدن خ�ص�ص �أوب��ام��ا �أول حمادثتني‪،‬‬ ‫قبل �إخطار احللفاء و�أع�ضاء احلزبني وم�ؤيديه‪،‬‬ ‫لكل من بو�ش وكلينتون‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬بات من‬ ‫املعتاد بني الر�ؤ�ساء الأمريكيني �أن كل رئي�س يعمل‬ ‫على نقل خربته و�أ�سراره �إلى الرئي�س التايل‪ ،‬فقد‬ ‫�أخرب �إيزنهاور كينيدي بكيفية ا�ستدعاء مروحية‬ ‫الإن�ق��اذ يف احل��ال �إل��ى حديقة البيت الأبي�ض‪،‬‬ ‫و�أخرب ليندون جون�سون خلفه ريت�شارد نيك�سون‬ ‫�أين يخبئ �أ�شرطة الت�سجيل‪ ،‬وعلم رونالد ريغان‬ ‫كلينتون كيفية �إلقاء التحية ب�شكل �صحيح‪ ،‬وطلب‬ ‫بو�ش االب��ن من كلينتون تعليمه كيفية خماطبة‬ ‫ال�شعب ب�شكل �صحيح‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 2009‬وعندما حان الوقت النتقال‬ ‫البيت الأبي�ض �إلى �أوباما‪ ،‬تعهد بو�ش بتقدمي كل‬ ‫عون له‪ .‬وعودة �إلى عام ‪ 2005‬عندما زار �أوباما‬ ‫البيت الأبي�ض قبل حلفه اليمني ملن�صب �سيناتور‪،‬‬ ‫حدثه بو�ش قائال «�أمامك م�ستقبل باهر‪ ،‬لكنني‬ ‫ع�شت يف ه��ذه املدينة التي قد تكون جائرة يف‬ ‫بع�ض الأحيان‪ ،‬ولكن عندما يرتفع جنمك �سي�أتي‬ ‫�إليك النا�س من كل حدب و�صوب‪ ،‬ولهذا ال�سبب‬

‫‪47‬‬


‫يهدد الالجئين ويزيد معاناتهم ومآسيهم في فصل الشتاء‬ ‫ّ‬

‫مثلث البرد والصقيع والمطر‬ ‫أزمات‬ ‫‪48‬‬

‫ خالد الربيع ‪ -‬بيروت ‪-‬‬‫ي�شكل املطر والطق�س البارد حتديًا كبريًا لالجئني واملهاجرين الذين تزداد معاناتهم هذه الأيام‪ ،‬فعالوة على ظروف‬ ‫بالدهم التي �أجربتهم على اللجوء �إلى دول اجلوار‪ ,‬ي�أتي ف�صل ال�شتاء ليزيد معاناة ه�ؤالء الالجئني؛ حيث ال م�أوى وال‬ ‫دفء وال طعام يف هذا ال�شتاء القار�س‪ ،‬مما ي�صعب عليهم الأمر يف ظل وجود �أطفال وهم عاجزون‪.‬‬


‫اجلوية ال�سيئة م�صدر قلق متزايد‪ .‬ففي مركز‬ ‫ا�ستقبال �أوب��ات��وف��ات����ش‪� ،‬شكل نق�ص التدفئة‬ ‫وحمدودية الو�صول �إلى مرافق غ�سيل منف�صلة‬ ‫للأطفال‪ ،‬قلقًا للأطفال وعائالتهم من خماطر‬ ‫�صحية ونق�ص احلماية‪� ،‬إ�ضافة �إلى القلق من‬ ‫نوعية الطعام‪� ،‬إذ �إن معظم الأط�ف��ال تناولوا‬ ‫فقط مواد غذائية جافة ملدة �أ�سابيع‪ ،‬و�أحيانا‬ ‫لأ�شهر‪ ،‬وهناك قلق خا�ص ب�ش�أن التغذية‪.‬‬ ‫كارثة �إن�سانية‬ ‫ي�ق��ول م��دي��ر ال �ط��وارئ يف منظمة هيومن‬ ‫راي �ت ����س ووت ����ش ب�ي�تر ب��وك��رت‪« :‬ل�ي���س��ت هناك‬ ‫ا��س�ت�ج��اب��ة م��ن ط ��رف امل ��ؤ� �س �� �س��ات الأوروب� �ي ��ة‬ ‫الحتياجات الالجئني يف رحلة العبور‪ ،‬وامل�س�ألة‬ ‫تعتمد على �أ�صحاب النوايا احل�سنة واملتطوعني‪،‬‬ ‫الذين يوفرون البطانيات واملالب�س وامل�ساعدات‬ ‫الطبية للبع�ض»‪.‬‬ ‫م��ن ج��ان��ب �آخ���ر‪ ،‬ح��ذر رئ�ي����س املفو�ضية‬ ‫الأوروبية جان كلود يونكر‪ ،‬من خطورة حدوث‬ ‫كارثة �إن�سانية نتيجة و�ضع الالجئني واملهاجرين‬ ‫ال�سيئ‪ ،‬قائالً‪�« :‬سوف تهطل الثلوج قريبًا‪ .‬ال�شتاء‬ ‫ب��ات على الأب ��واب‪ ،‬والوقت مي�ضي»‪ .‬وحتذيره‬ ‫يف حمله‪ ،‬لأن دول البلقان ال تتحرك بال�سرعة‬ ‫الكافية لت�أمني �أماكن ت�صلح لإي��واء الالجئني‬ ‫فيها يف ال�شتاء‪ .‬وهناك ع�شرات‪ ،‬بل ورمبا مئات‬ ‫�آالف الب�شر يتجهون �إلى و�سط �أوروبا وغربها‪،‬‬ ‫معظمهم من �سوريا‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫ال يخفي الشتاء‬ ‫وراء مالمحه سوى‬ ‫المزيد من المآسي‬ ‫على الماليين منهم‬ ‫في الشتات بعدما‬ ‫هربوا من موت إلى آخر‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫مزيد من امل�آ�سي‬ ‫يعي�ش النازحون �أو�ضاعً ا م�أ�ساوية بعدما‬ ‫بد�أ ف�صل ال�شتاء يطل بوجه �آخ��ر‪ ،‬ال �سيما مع‬ ‫قلة التدفئة وانخفا�ض درج��ات احل��رارة وعدم‬ ‫وجود خدمات‪ ،‬وال يخفي ال�شتاء وراء مالحمه‬ ‫�سوى املزيد من امل�آ�سي على املاليني منهم يف‬ ‫ال�شتات بعدما هربوا من موت �إلى �آخر‪ ،‬ويتجدد‬ ‫لقا�ؤهم مع �أق�صى ف�صول ال�سنة فيحل عليهم‬ ‫ثقيلاً ب�أجواء باردة ال ميلكون �أمامها �أي �أ�سلحة‬ ‫حتميهم من �شبح ال�برد وال�صقيع ال��ذي �سكن‬ ‫�أج�سادهم‪ ،‬بل �إن��ه �سيكون عاملاً �إ�ضافيًا يف‬ ‫معاناتهم اليومية‪� ،‬إذ �إن العي�ش يف املخيمات‬ ‫�صعب للغاية حتى يف الأيام العادية ودون ق�سوة‬ ‫املناخ والرياح والأمطار والثلوج‪.‬‬ ‫خيام ع�شوائية‬ ‫من املعروف �أن خميمات الالجئني‪ ،‬ما هي‬ ‫�إال عبارة عن خيم مغطاة بالنايلون والقما�ش‪،‬‬ ‫ال توجد فيها دورات مياه وال مطبخ‪ ،‬وال حتى‬ ‫قنوات لل�صرف ال�صحي‪ ،‬ولذلك تزداد خماوف‬ ‫ال�لاج�ئ�ين وامل�ه��اج��ري��ن ال�ن��ازح�ين م��ن م�آ�سي‬ ‫ال�شتاء الذي يكون قا�سيًا هذا العام‪ ،‬ال�سيما يف‬ ‫ظل التغريات التي متر بها معظم دول العامل‪� ،‬إذ‬ ‫يوجد الالجئون يف �أماكن غري جمهزة ال�ستقبال‬ ‫املطر‪ ،‬لأن معظمها خيام ع�شوائية ال ت�صلح‬ ‫ملقاومة الأمطار والعوا�صف‪ ،‬فترتك قاطنوها يف‬ ‫مواجهة مع الربد دون �أي و�سيلة للتدفئة‪.‬‬ ‫انت�شار الأمرا�ض‬ ‫ويف ظ��ل ه��ذه ال�ظ��روف املناخية ال�ب��اردة‪،‬‬ ‫وعلى رغم جهود مفو�ضية الأمم املتحدة ل�ش�ؤون‬ ‫الالجئني‪ ،‬وجهود املتطوعني يف الدول الأوروبية‪،‬‬ ‫�إال �أن خماطر ال�شتاء تهدد الالجئني بانت�شار‬ ‫الأمرا�ض املو�سمية املعدية التي ت�صيب الأطفال‬ ‫وحديثي ال��والدة على وج��ه اخل�صو�ص‪ ،‬ف�ضلاً‬ ‫عن انت�شار الأم��را���ض اجللدية والتقرحات يف‬ ‫ظل انعدام �أي تخطيط م�سبق ملكافحة الأمرا�ض‬ ‫ال�شتوية كالر�شح والأم��را���ض ال�صدرية‪� .‬إلى‬ ‫جانب مرور جماري ال�صرف ال�صحي املك�شوفة‬ ‫بني اخل�ي��ام‪ ،‬التي تفي�ض مع هطول الأم�ط��ار‪،‬‬ ‫مما ي�ساهم ب�شكل كبري يف انت�شار الأوبئة‪ ،‬مثل‬

‫التهاب الكبد الوبائي والكولريا‪.‬‬ ‫انعدام االحتياجات الأ�سا�سية‬ ‫ت� ��ؤدي العوا�صف الثلجية �إل��ى انخفا�ض‬ ‫درج ��ات احل���رارة �إل��ى م��ا دون ال�صفر‪ ،‬مما‬ ‫وخ�صو�صا‬ ‫ً‬ ‫يزيد الأخطار على �أرواح الالجئني‪،‬‬ ‫الأط �ف��ال‪ ،‬ال �سيما يف غ�ي��اب و�سائل التدفئة‬ ‫والوقاية من الربد‪ ،‬ناهيك عن قطع الطرقات‬ ‫وتعذر التنقل لأي غر�ض كان‪� ،‬إلى جانب جتمد‬ ‫املياه يف اخلزانات وانقطاعها نتيجة لذلك‪.‬‬ ‫ع�ل�اوة على ت��وق��ف ال��درا��س��ة والتعليم يف‬ ‫كافة املناطق ب�سبب انعدام املوا�صالت‪� ،‬إ�ضافة‬ ‫�إلى �صعوبة التوا�صل مع الالجئني لت�أمني امل�ؤن‬ ‫واالح�ت�ي��اج��ات ال�لازم��ة‪ ،‬مم��ا ي��زي��د م��ن خطر‬ ‫املر�ض واجلوع‪ ،‬ف�ض ًال عن انقطاع �أو ندرة وقود‬ ‫التدفئة ب�سبب �صعوبة الو�صول �إليه �أو غالء‬ ‫�أ��س�ع��اره‪� ،‬أو ب�سبب نق�ص جتهيزات التدفئة‪،‬‬ ‫مم��ا يجعل الالجئني يتجهون �إل��ى ا�ستعمال‬ ‫و�سائل بديلة غري �آمنة للتدفئة‪ ،‬ك�إ�شعال الأوراق‬ ‫والأخ�شاب‪� ،‬أو حتى امل��واد البال�ستيكية‪ ،‬مما‬ ‫ي ��ؤدي �إل��ى ح��وادث اختناق وحرائق وك��وارث ال‬ ‫حتمد عقباها‪.‬‬ ‫حتد كبري‬ ‫�أك� ��دت منظمة الأم� ��م امل �ت�ح��دة للطفولة‬ ‫«اليوني�سيف» �أن املطر والطق�س البارد ميثالن‬ ‫«حت��د ًي��ا ك �ب�يرًا» لالجئني وامل�ه��اج��ري��ن الذين‬ ‫ي�صلون �إلى البلقان‪ ،‬خا�صة عندما ي�ضطرون‬ ‫�إل ��ى االن�ت�ظ��ار ل�ساعات طويلة على احل��دود‬ ‫للت�سجيل‪.‬‬ ‫وق��ال كري�ستوف بولرياك املتحدث با�سم‬ ‫املنظمة يف ت�صريح ل��ه‪� :‬إن الأط�ف��ال منهكون‬ ‫ج�سديًا ونف�سيًا وبع�ضهم بحاجة �إلى امل�ساعدة‬ ‫ال�ط�ب�ي��ة‪ ،‬ورغ ��م �أن الأم� ��ن ال �غ��ذائ��ي وف��ر���ص‬ ‫احل���ص��ول على امل�ي��اه ال�صاحلة لل�شرب‪ ،‬قد‬ ‫حت�سنت ب�شكل عام خالل الفرتة املا�ضية‪� ،‬إال �أن‬ ‫خماوف جدية ال تزال قائمة فيما يتعلق بتكييف‬ ‫هذه اخلدمات ملتطلبات الأطفال‪ ،‬م�شريًا على‬ ‫�سبيل املثال �إلى التحديات يف كرواتيا‪.‬‬ ‫و�أ� �ض��اف �أن��ه م��ع دخ��ول ف�صل ال�شتاء يف‬ ‫كرواتيا ي�شكل امل ��أوى واحلماية من الظروف‬

‫‪49‬‬


‫أزمات‬ ‫‪50‬‬

‫معاناة داخل املخيمات‬ ‫تقدم حكايات الالجئني داخ��ل املخيمات‬ ‫ومراكز الإي��واء �صورًا من املعاناة‪ ،‬لكن الو�ضع‬ ‫يكون �أكرث �سوءًا خالل رحلة العبور بني الدول‪،‬‬ ‫�إذ ي�ضطر الالجئون �إلى املبيت يف العراء البارد‬ ‫جدً ا‪� ،‬أو حتت الأ�شجار التي يت�سلل منها املطر‬ ‫الغزير‪.‬‬ ‫وتناولت �صحف �أمريكية وبريطانية‪� ،‬أحوال‬ ‫الالجئني الفارين لأوروب��ا من مناطق احلروب‬ ‫بال�شرق الأو�سط‪ ،‬و�أ�شار بع�ضها ملعاناتهم جراء‬ ‫ال�شتاء ال�ب��ارد وع��دم جاهزية �أوروب ��ا للتعامل‬ ‫معهم يف ه��ذه ال �ظ��روف‪ ،‬وحت��دث��ت �أخ��رى عن‬ ‫�ضرورات يحتاجونها كالتعليم‪.‬‬ ‫عدو �آخر‬ ‫وقالت جملة فورين بولي�سي الأمريكية‪� ،‬إن‬ ‫ف�صل ال�شتاء مقبل على الالجئني ال�سوريني‬ ‫الذين يحاولون عبور �أوروب��ا طلبًا للأمان‪ ،‬و�إن‬ ‫�أوروب��ا غري م�ستعدة للتعامل مع هذه الظروف‬ ‫اجلوية الباردة فيما يتعلق ب�إيواء الالجئني الذين‬ ‫تتقطع بهم ال�سبل على �أطراف القارة الباردة‪.‬‬

‫ويف مقابلة �أج��رت �ه��ا ف��وري��ن بولي�سي مع‬ ‫امل�ف��و���ض ال�سامي ل���ش��ؤون ال�لاج�ئ�ين �أنطونيو‬ ‫غوتريي�س ق��ال‪ :‬ال�لاج�ئ��ون ال�سوريون �صاروا‬ ‫ي��واج�ه��ون ع ��دوًا �آخ��ر يتمثل يف ف�صل ال�شتاء‬ ‫القا�سي يف �أنحاء �أوروبا واملناطق الأخرى‪.‬‬ ‫ويف تقرير لل�صحايف �أ�سامة القادري كتب‪:‬‬ ‫«روائ ��ح كريهة تنبعث م��ن خميم ت��ل �سرحون‬ ‫بلبنان‪ .‬هنا يُحرق الإ�سفنج والبال�ستيك داخل‬ ‫تعوي�ضا عن نق�ص املازوت‪ 85 .‬خيمة‬ ‫ال�صوبيات ً‬

‫عدد الالجئين ارتفع‬ ‫بحوالي ‪ 704‬آالف‬ ‫شخص في األشهر‬ ‫الستة األولى من‬ ‫السنة الماضية‪ ،‬إذ بات‬ ‫عددهم يتجاوز ثالثة‬ ‫الماليين‬

‫فيها ‪ 115‬عائلة تلج�أ �إل��ى ه��ذه الطريقة عند‬ ‫نفاد املازوت‪ ،‬ما يجعل الأجواء “م�سمّمة” فعلاً‬ ‫وت�ؤدي �إلى �أمرا�ض �صدرية كثرية»‪.‬‬ ‫حملة �إقليمية خا�صة‬ ‫�أطلقت املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة‬ ‫ل�ش�ؤون الالجئني‪ ،‬حملة �إقليمية خا�صة بف�صل‬ ‫ال�شتاء م��ن �أج��ل حماية الأ� �س��ر ال�لاج�ئ��ة من‬ ‫احتمال تكرّر م�شهد العوا�صف التي �شهدها‬ ‫العامل خالل �شتاء العام املا�ضي‪.‬‬ ‫و�أك��دت املفو�ضية �أن ا�ستعداداتها لف�صل‬ ‫ال�شتاء على قدم و�ساق من �أجل م�ساعدة نحو ‪15‬‬ ‫مليون �شخ�ص الجئ ونازح على مواجهة ال�شتاء‬ ‫يف منطقة ال�شرق الأو�سط‪ ،‬يف بلدان مثل الأردن‬ ‫ولبنان وم�صر والعراق و�سوريا‪� ،‬إذ �شهدت عدة‬ ‫قرى وبلدات‪ ،‬عوا�صف ثلجية متكررة وت�ساقطً ا‬ ‫غزيرًا للأمطار‪ ،‬ف�ضلاً عن رياح قوية‪.‬‬ ‫وك��ان ف�صل ال�شتاء املا�ضي‪ ،‬ب��د�أ يف وقت‬ ‫مبكر م��ن �شهر ت�شرين ال�ث��اين وا�ستمر حتى‬ ‫�أواخ��ر �شهر �آذار‪ ،‬و�شهدت دول عدة عوا�صف‬ ‫ثلجية وري��احً ��ا عاتية و�أم �ط��ارًا غزيرة ت�سببت‬


‫�ضمن برامج احلملة املو�سمية الهادفة مل�ساعدة‬ ‫الأ� �ش �ق��اء ال�لاج�ئ�ين وال �ن��ازح�ين ال���س��وري�ين يف‬ ‫خميمات ال�ن��زوح واللجوء يف ال��داخ��ل ال�سوري‬ ‫ودول اجل���وار‪� ،‬إل��ى ج��ان��ب تهيئتهم للظروف‬ ‫اجلوية ال�صعبة التي ت�شهدها مناطق وجودهم‬ ‫من موجات ال�برد القار�س وال�صقيع وهطول‬ ‫الأم�ط��ار الغزيرة والثلوج خ�لال ف�صل ال�شتاء‬ ‫نتيجة طبيعة هذه املناطق‪.‬‬ ‫وق ��ال امل��دي��ر الإق�ل�ي�م��ي للحملة الوطنية‬ ‫ال�سعودية الدكتور بدر بن عبدالرحمن ال�سمحان‪:‬‬ ‫�إن «برنامج توزيع احلملة الوطنية ال�سعودية‬ ‫غطى خ�لال ع�شر املحطات م��ن ه��ذا امل�شروع‬ ‫جميع القطاعات ال�سكنية يف خميم الزعرتي‬ ‫لالجئني ال�سوريني �شمال �شرق اململكة الأردنية‬ ‫الها�شمية‪ ،‬م�ستفيدً ا منها جميع �سكان املخيم‬ ‫من الأ�شقاء الالجئني ال�سوريني وهلل احلمد‪ ،‬وهو‬ ‫الذي ي�سكنه ما يقارب (‪� )90‬ألفًا من خمتلف‬ ‫الفئات العمرية‪� ،‬إذ ا�شتملت ه��ذه امل�ساعدات‬ ‫التي مت توزيعها على البطانيات واجلاكيتات‬ ‫وال�سرت والبلوفرات (الكنزات) والأطقم ال�شتوية‬ ‫من قبعات وق�ف��ازات‪� ،‬إل��ى جانب قطع الك�سوة‬ ‫ال�شتوية الأخرى والتمور»‪.‬‬ ‫كما ن��وه ال�سمحان ب� ��أن احلملة الوطنية‬ ‫ال�سعودية عرب مكاتبها م�ستمرة يف تنفيذ هذا‬ ‫الربنامج يف كافة دول اجل��وار ال�سوري املمثلة‬ ‫ب��الأردن وتركيا ولبنان‪ ،‬بالإ�ضافة للنازحني يف‬

‫الداخل ال�سوري‪� ،‬إذ من املتوقع �أن ي�صل عدد‬ ‫امل�ستفيدين الكلي من هذه امل�ساعدات �إلى قرابة‬ ‫املليون ون�صف من الأ�شقاء ال�سوريني‪.‬‬ ‫حمالت خمتلفة‬ ‫ن�ظ�م��ت ال �ع��دي��د م��ن ال� ��دول وامل��ؤ��س���س��ات‬ ‫الإن�سانية خالل �أعوام الأزمة ال�سورية امل�ستمرة‪،‬‬ ‫ح�م�لات خمتلفة مل�ساعدة ال�لاج�ئ�ين يف دول‬ ‫اجلوار‪� ،‬إال �أن خميمات �إقليم كرد�ستان العراق‬ ‫�سبق �أن عانت من التهمي�ش وفق تعبري العديد‬ ‫من املقيمني هناك‪.‬‬ ‫�أرقام و�إح�صائيات‬ ‫ت�شري �إح�صائيات الأم��م املتحدة �إل��ى �أنّ‬ ‫ال�سوريني باتوا ي�شكلون �أك�بر جمموعة الجئني‬ ‫ح ��ول ال��ع��امل‪ ،‬ي �ت��وزع��ون ع�ل��ى �أك�ث�ر م��ن ‪100‬‬ ‫دول��ة‪ ،‬متجاوزين بذلك عدد الالجئني الأفغان‬ ‫والفل�سطينيني‪.‬‬ ‫وقالت املفو�ضية العليا ل�ش�ؤون الالجئني‬ ‫التابعة للأمم املتحدة‪ ،‬يف تقرير لها‪� ،‬إنّ عدد‬ ‫الالجئني ارتفع بحوايل ‪� 704‬آالف �شخ�ص يف‬ ‫الأ�شهر ال�ستة الأولى من ال�سنة املا�ضية‪� ،‬إذ بات‬ ‫عددهم يتجاوز ثالثة املاليني‪ ،‬متوقعة �أن ي�صل‬ ‫العدد �إل��ى �أك�ثر من ‪ 4.27‬مليون �شخ�ص مع‬ ‫نهاية العام احلايل‪.‬‬ ‫ودعت املفو�ضية �إلى تقدمي م�ساعدات دولية‬ ‫�أكرب مل�ساعدة ال��دول واملجموعات املحلية على‬ ‫مواجهة تدفق الالجئني‪.‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫يف �إعاقة �إمكانية الو�صول‪ ،‬خا�صة يف املناطق‬ ‫الواقعة على ارتفاع يفوق ‪ 1,600‬مرت‪.‬‬ ‫(ديف قلوبهم)‬ ‫«�شتاء �آخر �سيق�ضيه الالجئون ال�سوريون‬ ‫بعيدً ا عن دفء منازلهم ووطنهم ه��ذا العام‬ ‫أي�ضا‪ ،‬و�ستكون العائالت التي اتخذت اخليم‬ ‫� ً‬ ‫ال�ع���ش��وائ�ي��ة والأب �ن �ي��ة غ�ير املكتملة وم��رائ��ب‬ ‫ال�سيارات �أو غريها من الأماكن غري ال�صاحلة‬ ‫للعي�ش ملج�أ لها‪ ،‬هي الأكرث ت�أثرًا خالل �أ�شهر‬ ‫ال�شتاء الباردة»‪ ،‬بهذه الكلمات دعت املفو�ضية‬ ‫ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني‪ ،‬بدء‬ ‫حملة تربعات لدعم الالجئني يف ال�شتاء‪ ،‬حتت‬ ‫عنوان «ديف قلوبهم»‪.‬‬ ‫ويف حم��اول��ة لت�شجيع ال�ع��امل على التربع‬ ‫لالجئني‪ ،‬ذكرت احلملة �أنه يف ال�شتاء املا�ضي‬ ‫�شهدت البلدان التي جل�أ �إليها ال�سوريون عوا�صف‬ ‫ثلجية عديدة زادت من ق�سوة حمنتهم‪ ،‬خا�صة‬ ‫يف البقاع التي تنخف�ض فيها درج��ة احل��رارة‬ ‫�إلى ‪ 15‬درجة حتت ال�صفر‪ ،‬والتي جل�أت �إليها‬ ‫�أغلب العائالت ال�سورية الفقرية‪ ،‬م�ضطرين �إلى‬ ‫جرف الثلوج عن خيامهم ومالجئهم يوميًا‪.‬‬ ‫ك �م��ا �أع �ل �ن��ت احل �م �ل��ة �أن ه �ن��اك ح��وايل‬ ‫‪ 195.000‬عائلة الجئة بحاجة ما�سة للم�ساعدة‬ ‫ليبقوا داف �ئ�ين وليحموا �أط�ف��ال�ه��م م��ن ق�سوة‬ ‫ال�شتاء‪ ،‬وا�صفة التربعات وامل�ساعدات‪ ،‬مبثابة‬ ‫�شريان احلياة للآالف من العائالت املحتاجة‪،‬‬ ‫التي تقوم مفو�ضية الالجئني بتوفري كل ما يلزم‬ ‫حلماية �أكرث العائالت حاجة‪ ،‬من خالل تقدمي‬ ‫امل�ساعدة احليوية ليتمكنوا من ت�أمني �إمدادات‬ ‫ال�شتاء الالزمة حتت عبارة «مل تكن احلاجة‬ ‫للتربع �أكرث �إحلاحً ا كما هي الآن»‪.‬‬ ‫�شقيقي دفئك هديف‬ ‫ا��س�ت�م��رارًا لدعم حكومة خ��ادم احلرمني‬ ‫ال�شريفني للأ�شقاء الالجئني ال�سوريني الذين‬ ‫هجِّ روا من بالدهم‪ ،‬و�ضمن نهج اململكة العربية‬ ‫ال�سعودية يف الوقوف مع ال�شعوب املت�ضررة يف‬ ‫�شتى بقاع الأر���ض‪ ،‬ا�ستكملت احلملة الوطنية‬ ‫ال�سعودية لن�صرة الأ�شقاء يف �سوريا املحطة‬ ‫العا�شرة والأخرية من م�شروعها «�شقيقي دفئك‬ ‫هديف» يف خميم الزعرتي بالتعاون مع املفو�ضية‬ ‫ال���س��ام�ي��ة ل �� �ش ��ؤون ال�لاج �ئ�ين (‪)UNHCR‬‬ ‫واملجل�س الرنويجي ل�ش�ؤون الالجئني (‪،)NRC‬‬

‫‪51‬‬


‫ضربة كبيرة لشركات التكنولوجيا األمريكية‬

‫قوانين‬

‫إلغاء االتحاد األوروبي‬ ‫التفاق «المالذات اآلمنة»‬

‫‪52‬‬ ‫ كمال صالح ‪ -‬لندن ‪-‬‬‫ح��دت املعلومات اال�ستخباراتية‬ ‫التي ك�شف عنها عميل اال�ستخبارات‬ ‫الأم��ري��ك��ي ال�����س��اب��ق �إدوارد �سنودن‬ ‫ب��امل��ح��ك��م��ة الأوروب����ي����ة ال��ع��ل��ي��ا‪� ،‬إل��ى‬ ‫اعتبار اتفاق تبادل بيانات املعلومات‬ ‫بني ال��والي��ات املتحدة ودول االحت��اد‬ ‫الأوروب����ي ال��ـ ‪ 28‬ال��ذي تعتمد عليه‬ ‫���ش��رك��ات مثل في�سبوك ب��اط�لاً‪ ،‬وهو‬ ‫م���ا ي�����ش��ك��ل ���ض��رب��ة ك��ب�يرة ل�����ش��رك��ات‬ ‫التكنولوجيا الأمريكية‪.‬‬ ‫وقالت املحكمة �إن اتفاق «املالذات‬ ‫الآمنة» بني الواليات املتحدة واالحتاد‬ ‫الأوروب����ي ال ي�ضمن بال�شكل الكايف‬ ‫حماية البيانات ال�شخ�صية للأوروبيني‬ ‫ولذلك تعني �إلغا�ؤه‪.‬‬


‫خطوة مهمة‬ ‫على صعيد حماية‬ ‫المعلومات الشخصية‬ ‫لألوروبيين على شبكة‬ ‫اإلنترنت‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫ال�شركات لبيانات املواطنني الأوروب�ي�ين وكيفية‬ ‫�إدارة هذه املعلومات على ال�شبكة العنكبوتية‪.‬‬ ‫وت�ؤيد فرن�سا و�أملانيا‪ ،‬اللتان متثالن ال�شريحة‬ ‫ال��وا��س�ع��ة م��ن م�ستخدمي غ��وغ��ل وفي�سبوك‪،‬‬ ‫امل��وق��ف ال��داع��ي �إل ��ى ف��ر���ض ق �ي��ود �أ� �ش��د على‬ ‫ال�شركات الأمريكية حلماية خ�صو�صية املعلومات‬ ‫ال�شـــخ�صية للمواطنــني الأوروبيني‪.‬‬ ‫بينما يقرتب املوقفان الربيطاين والأيرلندي‬ ‫من موقف وا�شنطن‪ ،‬وتف�ضل لندن ودبلن ا�ستمرار‬ ‫العمل باالتفاق احل��ايل ال��ذي قامت على �إث��ره‬ ‫كربيات �شركات التكنولوجية الأمريكية ب�إن�شاء‬ ‫مقرات رئي�سية لها يف �أيرلندا‪.‬‬ ‫ويرتبط اخل�لاف اجل��وه��ري ب�ين اجلانبني‬ ‫باختالف املقاربتني الأمريكية والأوروبية مل�س�ألة‬ ‫اخل�صو�صية وحدود حماية البيانات ال�شخ�صية‬ ‫على �شبكة الإنرتنت‪.‬‬ ‫ففي الواليات املتحدة يُنظر �إلى اخل�صو�صية‬ ‫على �أنها م�س�ألة حماية امل�ستهلك‪ ،‬بينما ينظر‬ ‫�إل�ي�ه��ا يف �أوروب� ��ا م��ن زاوي ��ة �أن �ه��ا م��ن احل�ق��وق‬ ‫الأ�سا�سية للمواطن كحرية التعبري عن ال��ر�أي‪.‬‬ ‫هذا البَون بني املقاربتني تعمق �أكرث بعد الوثائق‬ ‫التي �سربها �سنودن عن ن�شاطات اال�ستخبارات‬ ‫الأمريكية والربيطانية التج�س�سية على �شبكة‬ ‫الإنرتنت‪.‬‬ ‫يذكر �أن �شركات �أمريكية عمالقة يف جمال‬ ‫الإنرتنت‪ ،‬ومن بينها في�سبوك و�آبل‪ ،‬تقيم مقراتها‬ ‫يف �أي��رل�ن��دا لال�ستفادة م��ن ق��وان�ين ال�ضرائب‬ ‫املي�سرة فيها‪ .‬وب�ع��د ذل��ك يتم حت��وي��ل بيانات‬ ‫في�سبوك �إل��ى خ ��وادم (��س�يرف��ر) يف ال��والي��ات‬ ‫املتحدة‪.‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ا�ستند قرار املحكمة الأوروبية الذي و�صف‬ ‫ب�أنه خطوة مهمة على �صعيد حماية املعلومات‬ ‫ال�شخ�صية ل�ل�أوروب�ي�ين على �شبكة الإن�ترن��ت‪،‬‬ ‫�إلى املعلومات التي ك�شفها عميل اال�ستخبارات‬ ‫الأمريكي ال�سابق �إدوارد �سنودن عن عمليات‬ ‫املراقبة الأمنية الأمريكية لبيانات الأوروبيني‪.‬‬ ‫و�أك ��د ال �ق��رار �أن ق��وان�ين حماية املعلومات‬ ‫يف ال��دول الأوروب �ي��ة ه��ي التي حت��دد لل�شركات‬ ‫الأمريكية طرق التعامل مع املعلومات ال�شخ�صية‬ ‫للمواطنني الأوروبيني و�آلية جمع املعلومات و�سبل‬ ‫ا�ستخدامها على ال�شبكة‪.‬‬ ‫والحظ قرار املحكمة �أن حوايل ‪ 500‬مليون‬ ‫مواطن �أوروب ��ي لي�س لديهم حق �إق��ام��ة دع��اوى‬ ‫ق�ضائية �أمام املحاكم الأمريكية يف حال انتهاك‬ ‫خ�صو�صيتهم من جانب ال�شركات‪� ،‬أو من الأجهزة‬ ‫احلكومية الأمريكية‪ ،‬وهو �أمر ال يزال حمل جدل‬ ‫يف الكونغر�س الأمريكي‪ ،‬ومن امل�ستبعد االتفاق يف‬ ‫�ش�أنه و�إ�صدار �إقرار قانون يعطي الأوروبيني حق‬ ‫التقا�ضي يف ال��والي��ات املتحدة قبل االنتخابات‬ ‫الرئا�سية عام ‪.2016‬‬ ‫وقالت حمكمة العدل الأوروبية يف لوك�سمربغ‬ ‫يف حكمها امل�ؤلف من ثالث �صفحات‪� ،‬إن «حمكمة‬ ‫العدل تعلن �أن قرار املفو�ضية الأوروبية بخ�صو�ص‬ ‫املالذ الآمن يف الواليات املتحدة باطل»‪.‬‬ ‫و�أ�ضافت �أن على ال�سلطات الأيرلندية الآن‬ ‫ات�خ��اذ ق��رار ح��ول م��ا �إذا كانت �ستقوم بتعليق‬ ‫حتويل البيانات من امل�شرتكني الأوروب�ي�ين على‬ ‫موقع في�سبوك �إلى الواليات املتحدة «على �أ�سا�س‬ ‫�أن ذلك البلد ال يوفر م�ستوى كافيًا من احلماية‬ ‫للبيانات ال�شخ�صية»‪.‬‬ ‫وي�أتي هذا احلكم و�سط توترات بني بروك�سل‬ ‫ووا��ش�ن�ط��ن ح��ول ق�ضايا تنظيمية‪� ،‬إذ يجري‬ ‫االحت��اد الأوروب��ي العديد من حتقيقات مكافحة‬ ‫االحتكار بحق �شركات التكنولوجيا الأمريكية‪.‬‬ ‫وكان النا�شط النم�ساوي ماك�س �شرميز تقدم‬ ‫ب�شكوى �ضد ال�سلطات الأيرلندية فيما يتعلق‬ ‫بفي�سبوك العمالقة‪ ،‬لأن مقر ال�شركة الأوروب��ي‬ ‫يقع يف �أيرلندا‪.‬‬ ‫وقال �شرميز يف بيان �إن القرار «ي�شكل خطوة‬ ‫مهمة يف جمال اخل�صو�صية على الإنرتنت»‪ .‬وتابع‬ ‫�أن القرار «يو�ضح �أن املراقبة ال�شاملة تنتهك‬ ‫احلقوق الأ�سا�سية‪ ،‬وهذا القرار هو �ضربة كبرية‬

‫لعمليات املراقبة التي تقوم بها الواليات املتحدة‬ ‫على م�ستوى العامل والتي تعتمد ب�شكل كبري على‬ ‫�شركاء خا�صني»‪.‬‬ ‫بيد �أن �شرميز قال �إن اتفاق املالذات الآمنة‬ ‫ال��ذي عمره ‪ 15‬ع��ا ًم��ا �ضعيف ج �دًا �إل��ى درج��ة‬ ‫�أن��ه ال ي�ضمن خ�صو�صية �سكان �أوروب��ا بعد �أن‬ ‫ك�شف العميل ال�سابق يف اال�ستخبارات الأمريكية‬ ‫�سنودن تفا�صيل عمليات املراقبة‪.‬‬ ‫وي���س�م��ح االت��ف��اق لآالف ال �� �ش��رك��ات بنقل‬ ‫البيانات على �أ�سا�س �أن القوانني الأمريكية توفر‬ ‫حماية �شبيهة لتلك التي توفرها دول االحت��اد‬ ‫الأوروبي الـ‪.28‬‬ ‫ويتوقع �أن تعلن املفو�ضية الأوروبية عن ن�سخة‬ ‫جديدة من اتفاق «املالذات الآمنة» مع الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫م��ن جهة �أخ ��رى‪ ،‬مل ي�شعر م��رت��ادو �شبكة‬ ‫الإنرتنت بعد بارتدادات القرار الأوروبي ب�إلغاء‬ ‫االتفاق‪ ،‬وبالرغم من �أن القرار جاء �إثر �شكوى‬ ‫تقدم بها حمام من�سوي �ضد ال�سلطات الأيرلندية‬ ‫التي ت�ست�ضيف مقر �شركة في�سبوك‪ ،‬ف�إن ان�سياب‬ ‫املعلومات الأوروب �ي��ة ع�بر �سريفريات ال�شركة‬ ‫الأمريكية العمالقة ما زال جاريًا يف �شكل طبيعي‪.‬‬ ‫وقد ف�سر موقع في�سبوك ذلك ببيان �أ�شار‬ ‫فيه �إل��ى �أن ثمة اتفاقات جتارية �أخ��رى موقعة‬ ‫بني اجلانبني ت�ضمن ا�ستمرار العمل وفق اتفاق‬ ‫املالذات الآمنة‪.‬‬ ‫واقتفى بع�ض امل�س�ؤولني الأوروبيني �أثر املوقف‬ ‫الذي �أخذته �شركات التكنولوجيا الكربى‪ ،‬ومنها‬ ‫مايكرو�ست وفي�سبوك‪ ،‬التي طالبت املفاو�ضني‬ ‫الأوروبيني والأمريكيني بالتعجيل يف توقيع اتفاق‬ ‫جديد لتبادل املعلومات ي�سعى اجلانبان من دون‬ ‫جدوى للتو�صل �إليه منذ �سنتني‪.‬‬ ‫وت�ضغط الواليات املتحدة من �أجل موا�صلة‬ ‫العمل باتفاق امل�لاذات الآمنة الذي مت التو�صل‬ ‫�إليه عام ‪ 2000‬والذي ي�سمح لل�شركات الأمريكية‬ ‫بو�ضع البيانات ال�شخ�صية للم�ستخدمني يف‬ ‫�أوروب�� ��ا يف خ��دم��ة حم��رك��ات ال�ب�ح��ث وم��واق��ع‬ ‫التوا�صل االجتماعي ون�شاطات �أخرى على �شبكة‬ ‫الإنرتنت‪.‬‬ ‫فيما ي�سعى املت�شددون يف اجلانب الأوروبي‬ ‫�إل��ى �إع�ط��اء �صالحيات �أو��س��ع لهيئات احلماية‬ ‫ال��وط�ن�ي��ة تخولها التحكم يف �آل �ي��ة ا�ستخدام‬

‫‪53‬‬


‫التعدد الثقافي‬

‫السبيل الوحيد لمواجهة الهيمنة ومحاربة اإلرهـاب‬ ‫ثقافة‬ ‫‪54‬‬


‫لفل�سفة قبول الآخر‪ ،‬وتطبيقها‪.‬‬ ‫�إن التحوالت العاملية الناجمة عن تطور‬ ‫الفكر العوملي‪ ،‬لي�ست ب��الأم��ر ال�سهل‪ ،‬وال‬ ‫تدخل �ضمن �إط��ار املمكنات البديهية يف‬ ‫تاريخ تطور ال�شعوب‪ ،‬بل �إن الأمر �أعقد من‬ ‫ذلك بكثري‪ ،‬فامل�س�ألة �أو ًال هي حالة �صراع ما‬ ‫بني فكر ثقايف وم�صلحي �ساد لهذا الأَجَ ل �أو‬ ‫ذاك‪ ،‬ومتت تغذيته �أيديولوجيًا واقت�صاديًا‬ ‫وحتى ع�سكريًا‪ ،‬وفكر م�صلحي حديث وليد‬ ‫ال�ع��دي��د م��ن ال���س�ن��وات‪ ،‬وال ي�ت�ج��اوز مدته‬ ‫عقدين من الزمن‪.‬‬ ‫معطيات جديدة‬ ‫كما �أنها حالة تدعو املجتمعات املتنوعة‬ ‫وامل�صالح املتناق�ضة من خاللها �إلى تطبيق‬ ‫م�صاحلها وفقًا ملفاهيمها وبت�أثري ال�ضغط‬ ‫الذي يتولد عن القوة االقت�صادية التي متلكها‬ ‫تلك اجلهات‪ ،‬لينتهي الأمر يف نهاية املطاف‬ ‫برت�سيخ دور القوى املت�أقلمة مع املعطيات‬ ‫اجل��دي��دة وال �ق��ادرة على فهم الت�صدعات‬

‫العدد‬

‫قوى العولمة‬ ‫تعمد إلى تشجيع‬ ‫التنوع الثقافي الذي‬ ‫أصبح مطل ًبا أساس ًيا‬ ‫في عالمنا الحالي‬

‫‪82‬‬

‫�أمر طبيعي‬ ‫وع �ل��ى رغ ��م �أن ال���س�ع��ي للهيمنة �أم��ر‬ ‫طبيعي يف احلراك الثقايف بوجه عام؛ لأنه‬ ‫ممار�سة للأبوية ال�سلطوية الآمرة الناهية‪،‬‬ ‫ولو على نحو م�سامل‪� ،‬إال �أن الأم��ر �سيزداد‬ ‫�سوءًا‪ ،‬والهيمنة �ستكون �أكرث حدية‪ ،‬والنتائج‬ ‫�ست�صبح �أعظم وح�شية‪ ،‬عندما تكون الثقافة‬ ‫التي حت��اول الهيمنة ذات طبيعة قمعية يف‬ ‫م�ضمونها‪ ،‬بحيث ال تقبل الآخر املختلف �أيًا‬ ‫كانت درجة اختالفه‪ ،‬وال ت�ستطيع احتواءه‬ ‫كجزء من الكلي العام‪.‬‬ ‫و�إذا مل يكن املجتمع على درج��ة عالية‬ ‫م��ن احل�سا�سية جت��اه كافة �صور الهيمنة‪،‬‬ ‫والهيمنة الثقافية منها خا�صة‪ ،‬ف ��إن كل‬ ‫تيار فكري �سيت�سلل ليمار�س قمعه الفكري‪،‬‬ ‫ونفيه للآخر‪ ،‬و�سيحاول فر�ض �أيديولوجيته‬ ‫اخلا�صة بكافة و�سائل الإره� ��اب الفكري‬ ‫املدججة بكافة الأ�سلحة املادية واملعنوية‪،‬‬ ‫و�سيمار�س احل��رب النف�سية �سرًا وعالنية‬ ‫حتى تتحقق له هيمنته التي ي�سعى �إليها‪ ،‬ولن‬ ‫يبايل من �أجل حتقيق هذا الهدف �أن ي�سحق‬ ‫يف طريقه‪ ،‬ما يدعيه من قيم‪ ،‬وما يت�شدق به‬ ‫من منطق‪ ،‬وما تختزنه ذاكرته من �أدلة‪.‬‬ ‫مطلب �أ�سا�سي‬ ‫تغريت نظرية الهيمنة الثقافية عندما‬ ‫جاءت العوملة بتجلياتها احلالية‪� ،‬إذ �إن قوى‬ ‫العوملة تعمد يف ال��واق��ع �إل��ى ت�شجيع التنوع‬ ‫الثقايف الذي �أ�صبح مطلبًا �أ�سا�سيًا يف عاملنا‬ ‫احلا�ضر‪ ،‬لدرجة �أن هذا التنوع بات يحتل‬

‫مكان الثقافة الأحادية‪ ،‬التي كانت �سائدة‬ ‫خالل القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫وب��ات ال�ع��امل نتيجة لالنفتاح الناجم‬ ‫عن الفكر العوملي ما بني املكونات الثقافية‬ ‫املختلفة‪ ،‬قادرًا على ا�ستيعاب التنوع الثقايف‬ ‫للأمم وال�شعوب والإثنيات املتنوعة بف�ضل‬ ‫منجزات الثورة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬التي‬ ‫�أدت �إلى �إحداث ت�أثريات فعلية و�سلبية على‬ ‫مكانة الثقافة الأح��ادي��ة والطاغية‪ ،‬جربًا‪،‬‬ ‫على الثقافات املختلفة‪ ،‬و�أدت �إلى انكما�ش‬ ‫ت�أثريها الهيمني بفعل القوى املتولدة حديثًا‬ ‫على �صعيد الكوكب‪ ،‬كما �أدت �إلى ردات فعل‬ ‫عك�سية من قبل بع�ض الثقافات من جهة‪،‬‬ ‫و�إلى التمهيد لفل�سفة قبول الآخر وتطبيقها‬ ‫من جهة �أخرى‪.‬‬ ‫مفاهيم جديدة‬ ‫�أ�سهمت العوملة ‪ -‬التي اختلفت الآراء‬ ‫حولها و�أدت يف بع�ض احلاالت �إلى خلق ردات‬ ‫فعل عك�سية‪ ،‬من قبل بع�ض الثقافات‪ ،‬التي‬ ‫وجدت نف�سها تت�أذى من فعلها‪ .‬ودعت �إلى‬ ‫عو�ضا عن الكوكبية‪ ،‬حفاظً ا‬ ‫الفكر املحلي ً‬ ‫على القيم املحلية البعيدة عن االغ�تراب‪،‬‬ ‫التي يدعو لها الفكر العوملي ‪�-‬أ�سهمت يف‬ ‫الكثري من املواقع يف خلق مفاهيم جديدة‪،‬‬ ‫تولدت عن �سهولة انتقال ر�ؤو���س الأم��وال‬ ‫الب�شرية وامل��ادي��ة م��ا ب�ين �أ��ص�ق��اع الأر���ض‬ ‫املختلفة‪ ،‬و�أ��ص�ب��ح الكثري م��ن املجموعات‬ ‫الب�شرية املتنوعة واملتناق�ضة �أحيانًا يف حالة‬ ‫التجاور وال�ت��آل��ف‪ ،‬مم��ا �أدى �إل��ى التمهيد‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ جاسر العوهلي ‪ -‬الظهران ‪-‬‬‫ال �شك يف �أن كل تيار فكري يحاول فر�ض هيمنته الثقافية على كافة �أطياف التنوع‬ ‫الثقايف يف املحيط الذي يحاول التمو�ضع فيه‪ ،‬ال �سيما �أن هذه الهيمنة جزء ال يتجز�أ من‬ ‫طبيعته املالزمة له‪ ،‬بو�صفه حراكًا ثقافيًا ي�سعى على نحو تلقائي‪ ،‬يفر�ضه املنطق الداخلي‬ ‫للبنية الثقافية لتحقيق االنت�شار والرواج‪.‬‬ ‫ومن هذا املنطلق ت�سعى الثقافة �أيًا كانت لتحقيق �أكرب قدر من التنميط والهيمنة‬ ‫والت�سلط واالحتكار الثقايف‪ ،‬الذي يقود بدوره‪� ،‬إلى التنميط والت�سلط واالحتكار الفعلي‬ ‫يف الواقع املتعني‪ ،‬ب�شكل يجعل املثقف يتنقل ب�سلطاته الفكرية املتعالية املجردة �إلى �سلطة‬ ‫فعلية حتاول توظيف امل�ؤ�س�سات املدنية ملمار�سة هيمنتها‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫ثقافة‬ ‫‪56‬‬

‫احلا�صلة يف النظام العاملي للقرن الع�شرين‬ ‫بفعل قوة االنفتاح الناجم عن الفكر العوملي‪،‬‬ ‫الذي ي�ؤ�س�س لرتتيبات م�صلحية جديدة‪ ،‬قد‬ ‫تكون الكثري من الأط��راف الفاعلة �سابقًا‪،‬‬ ‫خارج �إطارها اليوم‪.‬‬ ‫وت�ع��د منطقة ال�شرق الأو� �س��ط واح��دة‬ ‫من �أكرث مناطق العامل �إ�صابة بورم �أحادية‬ ‫الثقافات املتعددة التي تنجم عن ا�ضمحالل‬ ‫التنوع الثقايف بت�أثري القوة النافذة للفكر‬ ‫الثقايف امل�سيطر‪.‬‬ ‫االنتماء العقائدي‬ ‫وي�شهد تاريخها على الكثري من الأفعال‬ ‫والت�صرفات املفتعلة يف �إطار �سل�سلة الدول‬ ‫الإ�سالمية العقائدية‪ ،‬التي تدخل يف �إطار‬ ‫رف�ض التنوع الثقايف‪ ،‬اجتماعيًا و�سيا�سيًا‬ ‫ودينيًا و�إثنيًا ا�ستنادًا �إلى اخللفية التي متنح‬ ‫الأول��وي��ة لالنتماء العقائدي على االنتماء‬ ‫الفكري القائم على اجل��دل‪ ،‬والأم��ر �سيان‬ ‫بالن�سبة للفكر الثقايف القائم على العقائدية‬ ‫القومية‪.‬‬ ‫وقد ق�سمت املنطقة على �أ�سا�س االنتماء‬ ‫القومي للبع�ض دون الآخرين‪ ،‬وذلك بفعل‬ ‫الت�أثريات القادمة من م�صدرين �أ�سا�سيني‪:‬‬

‫الأول هو الفعل الكولونيايل الغربي وما تبعه‬ ‫من ممار�سات بحق التنوع الثقايف من خالل‬ ‫تطويع التباينات االقت�صادية وال�سيا�سية‬ ‫لتتحول �إل ��ى خ�لاف��ات دي�ن�ي��ة وق��وم�ي��ة بني‬ ‫املكونات الب�شرية لأبناء املنطقة‪ ،‬والثاين هو‬ ‫فعل االنتماء القومي القائم على اللغة ب�شكل‬ ‫�أ�سا�سي وما تبعه من �إنكار لوجود الآخر الذي‬ ‫يقا�سمه التاريخ واجلغرافيا‪ ،‬وحتى العادات‬ ‫والتقاليد �أحيانًا‪.‬‬ ‫احلالة ال�سوداوية‬ ‫ومل تتمكن املنطقة م��ن اخل���روج من‬

‫تعدد مراكز القوى‬ ‫الثقافية وإعطاء‬ ‫كل ثقافة حي ًزا في‬ ‫الحراك الثقافي العام‬ ‫يضمنان عدم انفراد‬ ‫أي تشكل ثقافي‬ ‫بالهيمنة‬

‫احلالة ال�سوداوية التي رافقتها خالل القرن‬ ‫الع�شرين �إلى حالة متكنها من تر�سيخ مفهوم‬ ‫التعدد الثقايف‪ ،‬بل �إن الأمر قد زاد �سوداوي ًة‬ ‫م��ن خ�لال ت�ط��ور الفكر ال�ث�ق��ايف للتطرف‬ ‫الديني‪ ،‬الداعي �إلى توقيف اجلدل القائم‬ ‫ما بني الدين والعلمانية املتهمة بالزندقة‪.‬‬ ‫وقد �أدت هذه احلالة القائمة على �أحادية‬ ‫الثقافة �إلى والدة م�شكالت �إن�سانية قائمة‬ ‫يف �أ�سا�سها على غياب العدل يف اع�تراف‬ ‫املكونات الب�شرية يف منطقتنا بع�ضها ببع�ض‪.‬‬ ‫وجتلت هذه امل�شكالت يف بع�ض �صورها‬ ‫ب��ا� �س �ت �خ��دام ال �ع �ن��ف ف�ي�م��ا ب�ي�ن�ه��ا‪� � ،‬س��وا ًء‬ ‫مبحاوالت املكونات الثقافية امل�سيطرة يف‬ ‫الق�ضاء على املكونات الثقافية التي ت�شعر‬ ‫بالظلم‪� ،‬أو مب�ح��اوالت تلك املكونات التي‬ ‫ت�شعر بالظلم‪ ،‬للتخل�ص من الظلم‪.‬‬ ‫قوة العقل واملنطق‬ ‫ويف ال��وق��ت ذات���ه ت ��رى ه ��ذه الأف �ك��ار‬ ‫الثقافية‪ ،‬و�أكرث من �أي فرت ٍة �سابقة‪� ،‬أنها يف‬ ‫مواجهة قوة كبرية‪ ،‬وهي قوة العقل واملنطق‬ ‫ال�ت��ي متكنت م��ن اخل ��روج م��ن �أ��س��ر �أف�ك��ار‬ ‫الثقافة الأحادية والإعالن عن نف�سها حتت‬ ‫ت�أثري العديد من القوى الداعمة حقوقيًا‬


‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫و�سيا�سيًا واقت�صاديًا وتكنولوجيًا‪ ،‬التي‬ ‫ت�ساهم يف تهاوي الفكر الثقايف الأح��ادي‬ ‫ال�سائد يف املنطقة‪.‬‬ ‫وم ��ن ث��م مت�ه��د ال�سبيل �أم� ��ام ال�ت�ن��وع‬ ‫الثقايف‪ ،‬يف كل ما مي�س اجلن�س الب�شري‪،‬‬ ‫بحيث تكون النتيجة‪ ،‬ه��ي و�ضع الأر�ضية‬ ‫املتينة لإنقاذ الثقافات املظلومة من حالتها‪،‬‬ ‫دون النظر يف طبيعة تلك الثقافة �إذا كانت‬ ‫�إثنية �أم دينية �أم غريهما؛ لأن املمار�سات العنفية التي �شكلت الفعل ورد الفعل بني‬ ‫املكونات الثقافية يف املنطقة‪ ،‬قد دخلت يف‬ ‫خانة جلب الأذى لأبنائها‪ ،‬ومل تتمكن �إال من‬ ‫زي��ادة حجم ال�شرخ ال��ذي خلقته امل�صالح‬ ‫املتناق�ضة‪.‬‬ ‫جهل وجتاهل‬ ‫و�إذا ك��ان هناك من يعتقد �أن الهيمنة‬ ‫الفكرية لتيار فكري حمدد‪ ،‬يف �أي جمتمع‪،‬‬ ‫ميكن �أن يحفظ اال�ستقرار لهذا املجتمع‪،‬‬ ‫ف�إن هذا جهل �أو جتاهل لأهمية جدلية الفكر‬ ‫يف م�سرية الوعي‪ ،‬ف�ض ًال عن اجلهل بحقيقة‬ ‫اال�ستقرار‪ ،‬من حيث كونه تقب ًال للمغاير‪،‬‬ ‫بو�صفه م��وج��ودًا كحقيقة مو�ضوعية على‬ ‫�أر���ض ال��واق��ع‪ ،‬وم��ن ث��م‪ ،‬ف ��إن نفيه فكريًا ال‬ ‫يعني �أنه �أ�صبح معدومً ا‪ ،‬وهذا ما ال يعيه‪� ،‬أو‬ ‫ال يريد �أن يعيه �أح��ادي الفكر يف ممار�سته‬ ‫لن�شاطه الثقايف‪.‬‬ ‫ومن هنا يت�ضح �أن تعدد مراكز القوى‬ ‫الثقافية‪ ،‬و�إعطاء كل ثقافة حيزً ا يف احلراك‬ ‫ال �ث �ق��ايف ال �ع��ام‪ ،‬ي�ضمن ع��دم ان �ف��راد �أي‬ ‫ت�شكل ثقايف بالهيمنة؛ لأن انفراده �سي�ؤدي‬ ‫بال�ضرورة �إل��ى حماولة فر�ض ثقافته على‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫إذا لم يكن المجتمع‬ ‫على درجة عالية‬ ‫من الحساسية تجاه‬ ‫كافة صور الهيمنة‪،‬‬ ‫فسيتسلل كل تيار‬ ‫فكري ليمارس قمعه‬ ‫الفكري ونفيه لآلخر‬

‫الشرق األوسط‬ ‫من أكثر مناطق‬ ‫ً‬ ‫إصابة بورم‬ ‫العالم‬ ‫أحادية الثقافات‬ ‫المتعددة التي تنجم‬ ‫عن اضمحالل التنوع‬ ‫الثقافي‬ ‫بقية الثقافات الأخ��رى‪ ،‬وخا�صة �إذا كانت‬ ‫الثقافة ذات م�لام��ح وث��وق�ي��ة‪ .‬ول ��ذا‪ ،‬ف ��إن‬ ‫ال���س�م��اح ب �ح��راك ث �ق��ايف ي�ت�ج��اوز قناعات‬ ‫الثقافة التي تطمع ‪ -‬بحكم �شعبويتها ‪ -‬يف‬ ‫فر�ض هيمنتها �سيقلل من خطر �أن تكون‬ ‫�سلطة يف الواقع الفعلي‪ ،‬تنفي ما �سواها من‬ ‫الثقافات‪ ،‬ويف م�سرية هذا النفي الذي لن‬ ‫يتم دون ممانعة متار�س القتل والتفجري يف‬ ‫كل ميدان‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫شراب الزنجبيل‬

‫إكسير الشباب ورونق الجلد ومهدئ األعصاب‬

‫صحة وغذاء‬ ‫‪58‬‬

‫ بدور محمد ‪ -‬الرياض ‪-‬‬‫مع انتهاء ف�صل ال�صيف‪ ،‬ودخول ال�شتاء الذي يتميز عن باقي ف�صول ال�سنة بربودة الطق�س‪ ،‬يحدث للج�سم خمول‬ ‫وعدم رغبة يف بذل املزيد من الأن�شطة البدنية �أو احلركية‪ ،‬ويعترب الزجنبيل من �أف�ضل امل�شروبات ال�ساخنة التي ينُ�صح‬ ‫بتناولها خالل هذا الف�صل‪ ،‬وذلك بهدف �إنتاج الطاقة واحل�صول على الدفء و�إمداد اجل�سم بال�سعرات احلرارية الزائدة‪،‬‬ ‫كما �أنه يعزز مناعتنا �ضد �أمرا�ض الربد ويعالج �أو يقلل من مر�ض النقر�س (داء امللوك)‪.‬‬


‫يف ال�ب�ح��ر‪ ،‬ويفيد يف ع�لاج املغ�ص امل�ع��وي‪،‬‬ ‫وي�ساعد على اله�ضم وعالج املعدة والأمعاء‬ ‫املرتبكة‪ ،‬ويفيد يف ع�لاج الإ� �س �ه��ال‪ ،‬ويفيد‬ ‫يف ع�لاج �أم��را���ض ال�برد والأن�ف�ل��ون��زا‪ ،‬ويفيد‬ ‫يف تخفي�ض درج��ة ح��رارة اجل�سم املرتفعة‪،‬‬ ‫ويفيد يف عالج فقدان ال�شهية‪ ،‬ويفيد يف عالج‬ ‫ال�شهقة‪ ،‬ويزيد يف �إف��رازات املعدة لدى كبار‬ ‫ال�سن عند �سوء اله�ضم‪.‬‬ ‫كما �أن الزجنبيل جيد يف ح��االت تعب‬ ‫امل��خ‪ ،‬فهو ين�شط ال��ذاك��رة �إذا ا�ستعمل مع‬ ‫جوزة الكوال (جزءان مت�ساويان من الزجنبيل‬ ‫وج��وزة ال�ك��وال)‪ .‬وه��و يزيد الطاقة اجلن�سية‬ ‫للرجال والن�ساء‪ ،‬وهو جيد لعالج عدم النوم‬ ‫عند التنقل من بلد �إلى بلد‪� ،‬إذ ي�ساعد على‬ ‫النوم‪ .‬كما يفيد الزجنبيل يف ال�ضعف العام‪،‬‬ ‫وه��و يعالج الغثيان وال�ق��يء ال�صباحي عند‬ ‫احل��ام��ل‪ ،‬وج �ي��د يف ع�ل�اج ال �ت ��أث�ير املر�ضي‬ ‫عند العالج الكيميوثريابي‪ ،‬وبعد العمليات‬ ‫أي�ضا يف عالج‬ ‫اجلراحية‪ ،‬والزجنبيل جيد � ً‬ ‫الكحة و�أمرا�ض اجلهاز التنف�سي‪.‬‬ ‫طرق �إعداده‬ ‫بعد �إح�سا�سهم بنفثات ال�برودة‪ ،‬يرت�شف‬ ‫ال�سعوديون الزجنبيل بالزعفران‪ ،‬الذي يُع ّد‬ ‫عن طريق غليه مع املاء ثم ت�صفيته و�إ�ضافة‬ ‫ال�سكر �أو الع�سل لتتم حتليته‪� ،‬أو ب�إ�ضافة ملعقة‬ ‫�أو �أكرث من م�سحوقه �إلى كوب من املاء املغلي‪،‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫على الرغم من‬ ‫مذاقه الالذع والحار‪،‬‬ ‫فإن مغلي الزنجبيل‬ ‫يعد من أفضل‬ ‫المشروبات الشتوية‬ ‫بالسعودية‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫اكت�شفه العرب وا�ستنبطه الغرب منهم‬ ‫وق��د اكت�شف ال �ع��رب �أه�م�ي��ة الزجنبيل‬ ‫قدميًا وا�ستنبطه الغرب منهم‪ ،‬وبد�أت زراعته‬ ‫يف مناطق �آ�سيا اال�ستوائية‪� ،‬إذ ينمو بكرثة يف‬ ‫الهند والفلبني وال�صني و�إندوني�سيا وباك�ستان‪،‬‬ ‫و�أف�ضل �أنواعه هي تلك التي تزرع يف جزيرة‬ ‫جامايكا‪.‬‬ ‫وا�ستخدمه الغرب منذ نحو ‪� 2000‬سنة‪،‬‬ ‫ونقله الإ�سبان �إلى �أمريكا‪ .‬وتتعدد ا�ستخداماته‬ ‫يف الطب ال�شعبي وال�ت��داوي‪ ،‬وهو عبارة عن‬

‫عروق عقدية مثل عروق نبات ال�سعدى‪� ،‬إال �أنه‬ ‫�أغلظ ولونه �إما �سنجابي‪ ،‬و�إما �أبي�ض م�صفر‪،‬‬ ‫وله رائحة نفاذة مميزة طيبة يعرف بها‪ ،‬وهو‬ ‫حار الطعم‪ ،‬الذع وي�شمل عدة �أنواع‪ :‬زجنبيل‬ ‫بلدي وهو الرا�سن‪ ،‬وزجنبيل �شامي‪ ،‬وزجنبيل‬ ‫العجم‪ ،‬وزجنبيل فار�سي‪ ،‬وزجنبيل هندي‪،‬‬ ‫وهو املعروف امل�ستعمل‪ ،‬وي�سمى بالكفوف‪.‬‬ ‫�أف�ضل امل�شروبات ال�شتوية‬ ‫والكنز ‪ -‬كما يحلو للبع�ض �أن ي�سميه‬ ‫ ينبت حت��ت ال�ترب��ة‪ ،‬وي��وج��د يف الأ� �س��واق‬‫التجارية بعدة �صور (ناعم‪ ،‬خ�شن‪� ،‬أكيا�س‬ ‫ورقية)‪ ،‬وبنكهات متعددة‪.‬‬ ‫كما �أن ال�شركات املتخ�ص�صة يف ت�سويق‬ ‫منتجات الأع�شاب ا�ستلهمت فكرة تعبئته يف‬ ‫�أكيا�س ورقية �صغرية لتعبئة خمتلف �أن��واع‬ ‫الأع�شاب ذات اخلوا�ص العالجية الطبيعية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من مذاقه ال�لاذع واحل��ار‪،‬‬ ‫ف�إن مغلي الزجنبيل يعد من �أف�ضل امل�شروبات‬ ‫ال�شتوية بال�سعودية‪ ،‬ويتم تناولها يف جميع‬ ‫املناطق ومبختلف امل�ستويات‪ ،‬بغية احل�صول‬ ‫على الطاقة وال��دفء والنوم الهادئ بليايل‬ ‫الربد القار�سة‪.‬‬ ‫طارد لل�سموم‬ ‫وظ��ل الزجنبيل �إك�سري ال�شباب ورون��ق‬ ‫اجل �ل��د وم �ه��د ًئ��ا‪ ،‬ع�ل��ى م ��دى ق ��رون طويلة‪.‬‬ ‫والزجنبيل برائحته العطرية والنفاذة مدين‬ ‫ملكت�شفيه بتقوية جهازهم املناعي وب�أنه طارد‬ ‫لل�سموم من اجل�سم‪.‬‬ ‫ويعترب الزجنبيل من امل�شروبات املفيدة‬ ‫ج��دً ا ل�صحة الإن���س��ان م��ن ع��دة �أوج ��ه‪ ،‬فهو‬ ‫م�ضاد لاللتهابات‪ ،‬وطارد للرياح والغازات‪،‬‬ ‫وم�ضاد للتقل�صات‪ ،‬وط��ارد للبلغم‪ ،‬ومو�سع‬ ‫ل�ل�أوردة وال�شرايني‪ ،‬وخمف�ض للكول�سرتول‪،‬‬ ‫ومنبه للدورة الدموية‪ ،‬وم�ضاد للغثيان‪ ،‬وهو‬ ‫ي�ساعد اجل�سم على امت�صا�ص املواد الغذائية‪.‬‬ ‫وي�ح�ت��وي الزجنبيل على م��رك�ب��ات فينولية‬ ‫وجنجرول ومواد خماطية وزيت طيار‪.‬‬ ‫عالج املعدة والأمعاء‬ ‫وي�ستعمل الزجنبيل ملعاجلة دوران ال�سفر‬

‫‪59‬‬


‫صحة وغذاء‬ ‫‪60‬‬

‫وترتك لفرتة ع�شر دقائق قبل تناولها‪.‬‬ ‫وم��ن امل�م�ك��ن و� �ض��ع قليل م��ن القرنفل‬ ‫�أو القرفة �أو �إ��ض��اف��ة م�سحوقه لي�شرب مع‬ ‫احلليب �أو ال�سحلب ب�شكل يومي‪ ،‬فهو ي�ساعد‬ ‫ب�شكل جيد على الدفء ويقوم بتو�سعة الأوعية‬ ‫الدموية حتت اجللد مما ي ��ؤدي �إل��ى ال�شعور‬ ‫بالدفء‪ ،‬كما �أنه يفيد يف زيادة �إفراز العرق‬ ‫مم��ا ي ��ؤدي �إل��ى تلطيف يف درج��ات احل��رارة‬ ‫املنا�سبة للج�سم‪ ،‬وي�ساعد يف �إزال��ة البلغم‬ ‫وتنظيف الفم‪.‬‬ ‫ا�ستخدامه كتوابل‬ ‫وغ��ال� ًب��ا م��ا ت�ك��ون اجل ��دات ال�ك�ب�يرات يف‬ ‫ال�سن‪� ،‬أو الأم�ه��ات‪ ،‬مرجعًا �أ�سا�سيًا لتناول‬ ‫الأع���ش��اب‪ ،‬فمن عروقها ي�ستنبط الطقو�س‬ ‫والأعراف والتقاليد‪.‬‬ ‫كما حتر�ص ال�سعوديات على ا�ستخدامه‬ ‫كتوابل يف جتهيز الأطعمة ملنحها الطعم املميز‬ ‫واحلار على ح�سب الذائقة‪ ،‬وي�ضاف �إلى �أنواع‬ ‫م��ن امل��ر ّب �ي��ات واحل �ل��وى‪ ،‬ويحفظ يف �أم��اك��ن‬ ‫غري مغطاة مع نبات الزعرت الذي يغطيه‪� ،‬أو‬ ‫يو�ضع مع الفلفل الأ�سود حلمايته من الت�سوي�س‬ ‫والت�آكل‪.‬‬ ‫يزيل التوتر وال�صداع‬ ‫وي��رى املهتمون �أن �أ�سباب زي��ادة معدل‬ ‫ال�صداع والتوتر الع�صبي والغثيان وقلة النوم‪،‬‬ ‫ترجع �إلى قلة ما يتناوله الطالب من اجلن�سني‬

‫م��ن ال��وج �ب��ات ال �غ��ذائ �ي��ة‪ ،‬خ��ا��ص��ة يف ف�ترة‬ ‫االختبارات‪ ،‬و�إلى عدم �شرب الزجنبيل على‬ ‫الرغم من التوجه والتوعية ب�أهميته‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد انت�شار املنبهات املتمثلة كالقهوة وال�شاي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �إ�ضافة بع�ض النكهات‬ ‫يف �صناعة ال���ش��اي (كالقرنفل والزجنبيل‬ ‫والقرفة والكركديه والنعناع)‪� ،‬إال �أن البع�ض‬ ‫يعتمد على �شرب ال�شاي الأ�سود املر من دون‬ ‫حتلية‪ ،‬ما ي�ؤدي �إلى ا�ضطراب �ضربات القلب‪،‬‬ ‫و�ضيق التنف�س‪ ،‬وفقدان ال�شهية‪ ،‬وا�ضطرابات‬ ‫اله�ضم‪ ،‬وا�صفرار اللون‪ ،‬والأرق‪� ،‬إال �أنه ميكن‬ ‫�إزال��ة التوتر وال�صداع وال�شعور بالراحة من‬ ‫خ�لال م��زج الزجنبيل م��ع ال�ب��اب��وجن وزه��رة‬ ‫الزيزفون‪.‬‬ ‫�شراب ال�سعادة يف ال�شتاء‬ ‫ك�شفت درا�سة ن�شرت يف جملة فرويندين‬ ‫الأمل��ان �ي��ة‪� ،‬أن ��ش��راب الزجنبيل يعد مبثابة‬

‫إن شراب الزنجبيل‬ ‫يعد بمثابة إكسير الصحة‬ ‫في الشتاء؛ ألنه يحارب‬ ‫مسببات األمراض ويمنح‬ ‫الجسم إحساس ًا داخل ًيا‬ ‫بالدفء‬

‫�إك �� �س�ير ال���ص�ح��ة يف ال �� �ش �ت��اء؛ لأن ��ه ي�ح��ارب‬ ‫م�سببات الأم��را���ض ومينح اجل�سم �إح�سا�س ًا‬ ‫داخليًا بالدفء‪.‬‬ ‫وبح�سب املجلة املعنية بال�صحة واجلمال‪،‬‬ ‫ف ��إن الزجنبيل يحتوي على م��ادة جنجرول‬ ‫التي تعترب قاتلة للفريو�سات والبكترييا‪ .‬كما‬ ‫�أنها تعمل على تن�شيط عملية �سريان الدم يف‬ ‫الأغ�شية املخاطية املبطنة للأنف‪ ،‬وبالتايل‬ ‫ميكنها �صد الفريو�سات على نحو �أف�ضل‪ .‬لذا‬ ‫ي�سهم �شراب الزجنبيل يف الق�ضاء على نزلة‬ ‫الربد يف مهدها‪.‬‬ ‫كما يعمل �شراب الزجنبيل على تن�شيط‬ ‫م�ستقبالت احلرارة يف اجل�سم‪ ،‬ومن ثم يتدفق‬ ‫الدم يف ال�شرايني‪ ،‬مما مينح اجل�سم �شعورًا‬ ‫داخليًا بالدفء‪.‬‬ ‫ب��الإ� �ض��اف��ة �إل���ى ذل���ك‪ ،‬ي���س��اع��د ��ش��راب‬ ‫الزجنبيل على تن�شيط عملية الأي����ض‪ ،‬مما‬ ‫يزيد م��ن معدل ح��رق ال�سعرات احل��راري��ة‪،‬‬ ‫ف�ض ًال عن �أنه ي�ساعد على �سرعة الإح�سا�س‬ ‫بال�شبع‪ .‬لذا يعد �شراب الزجنبيل و�سيلة فعالة‬ ‫لإنقا�ص الوزن‪.‬‬ ‫من ناحية �أخرى‪ ،‬ي�ساعد �شراب الزجنبيل‬ ‫على �إف��راز املورفني يف اجل�سم‪ ،‬ال��ذي يتمتع‬ ‫بت�أثري مُ �سكّن ل�ل�أمل م��ن ناحية‪ ،‬وي�سهم يف‬ ‫ال�شعور بال�سعادة من ناحية �أخرى‪.‬‬ ‫�إقبال كبري‬ ‫م��ع دخ ��ول ال���ش�ت��اء وان�خ�ف��ا���ض درج��ات‬ ‫احل��رارة يف ال�سعودية يف هذه الأي��ام‪ ،‬يزداد‬ ‫ال�ط�ل��ب ع�ل��ى ال��زجن�ب�ي��ل ب�ن��وع�ي��ه امل�ط�ح��ون‬ ‫والأخ�ضر‪ ،‬مقارنة بالفرتة املا�ضية‪� ،‬إلى �أكرث‬ ‫من ‪ 200‬يف املئة‪ ،‬كما قفزت �أ�سعار الزجنبيل‬ ‫يف �أ�سواق اململكة �إلى �أكرث من ‪ 20‬يف املئة �إذا‬ ‫ما قورن ب�سعره قبل �أ�شهر قليلة ما�ضية‪ ،‬وذلك‬ ‫نتيجة الإقبال الكبري الذي ت�شهده النبتة التي‬ ‫ينطبق عليها ا�سم فاكهة ال�شتاء التي ت�سهم يف‬ ‫التدفئة‪.‬‬ ‫و�سجل �سعر الكيلوجرام من الزجنبيل‬ ‫�أخ�ي�رًا نحو ‪ 23‬ري ��ا ًال للمنتج امل���س�ت��ورد من‬ ‫�إثيوبيا‪ ،‬على حني مل يتجاوز �سعره ال�سابق ‪19‬‬ ‫ري��االً‪ ،‬ومثله املنتج ال�صيني والهندي‪ ،‬الذي‬ ‫يعترب الأك�ثر مبيعًا يف ال�سوق‪ ،‬نتيجة وفرته‬ ‫وحرارة طعمه‪.‬‬


‫‪61‬‬ ‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬


‫تشارك فيه ‪ 440‬دار نشر من ‪ 25‬دولة خليجية وعربية وعالمية بينها ‪ 117‬دا ًرا سعودية‬

‫جدة للكتاب يعود للركض من جديد‬ ‫َم ْع ِرض ّ‬ ‫ثقافة‬

‫ ناصر العلي ‪ -‬جدة ‪-‬‬‫ي�شكّل قرار م�ست�شار خادم احلرمني ال�شريفني و�أمري منطقة مكة املكرمة الأمري خالد الفي�صل بن عبدالعزيز‪ ،‬عودة‬ ‫معر�ض جدة للكتاب بعد غياب ل�سنوات طويلة و�إقامته ملدة خم�س �سنوات مقبلة‪ ،‬فر�صة كبرية خلدمة املنطقة الغربية‬ ‫و�سائر املثقفني يف اململكة‪ ،‬عرب تعزيز الدور التنويري الذي طاملا عرف به مثقفو منطقة احلجاز التي تزخر بعدد كبري‬ ‫جدً ا من الأدباء والكتاب واملثقفني‪.‬‬ ‫كما يعترب القرار رافدً ا جديدً ا للثقافة يف اململكة‪ ،‬وداعمًا �آخر ل�صناعة الكتاب وعامل الن�شر‪ ،‬وحمفزً ا ثانيًا للكتّاب‬ ‫وامل�ؤلفني‪ ،‬وتي�سريًا �إ�ضافيًا لع�شاق الكتاب من باحثني وقراء وحمبني‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫ت�أتي �إقامة املعر�ض الذي يهدف �إلى تنمية‬ ‫احل�س املعريف بالكتاب و�إث��راء الفكر والثقافة‬ ‫والبحث العلمي مبزيد م��ن ال �ق��راءة واالط�لاع‬ ‫وال��رق��ي ب�صناعة الن�شر والت�أليف‪ ،‬ا�ستمرارًا‬ ‫للجهود امللمو�سة التي تبذلها اململكة يف جمال‬ ‫الن�شر‪ ،‬وتو�سيع دائ��رة االهتمام بالكتاب‪ ،‬عرب‬ ‫تطبيق ا�سرتاتيجية �شاملة للم�شروع الثقايف‬ ‫الوطني‪ ،‬لتجديد ال�صلة بالكتاب‪ ،‬وتنمية امليول‪،‬‬ ‫واالجتاهات الإيجابية نحو القراءة لدى جميع‬ ‫فئات املجتمع‪ ،‬ون�شر الوعي ب�أهمية الكتاب‪.‬‬ ‫كما ت�أتي �إق��ام��ة املعر�ض للنهو�ض بالفكر‬ ‫الثقايف ب�شكل ي�ؤدي �إلى تنمية حقة متالئمة مع‬ ‫تطور الع�صر‪ ،‬من خالل �إدراك حاجات الإن�سان‬ ‫الثقافية بفهم ثقافة الع�صر املتجددة ووع��ي‬ ‫م�ستلزمات الثورة العاملية احلديثة وانعكا�ساتها‬

‫على الواقع العربي ب�شكل عام وال�سعودي ب�شكل‬ ‫خا�ص‪.‬‬ ‫ويعترب معر�ض ج��دة ال��دويل للكتاب الذي‬ ‫ت�شرف عليه وزارة الثقافة والإعالم‪� ،‬أكرب حدث‬ ‫من نوعه ت�شهده املنطقة‪ ‬الغربية من ال�سعودية‪،‬‬ ‫وه��و �أح��د �أه��م املعار�ض الثقافية التي �أب��رزت‬ ‫أي�ضا مهرجان‬ ‫جناحها يف العامل العربي‪ ،‬وهو � ً‬ ‫ثقايف مميز يقبل عليه مئات �آالف ال��زوار ممن‬ ‫يهتمون بالثقافة والعلم‪ ،‬ويريدون �شراء الكتب‪،‬‬ ‫وح�ضور الفعاليات والندوات التي ي�شارك فيها‬ ‫ك�ب��ار املثقفني م��ن داخ��ل وخ ��ارج اململكة ممن‬ ‫يعتربون املعر�ض مبثابة منرب للمثقفني واملفكرين‬ ‫أي�ضا اجلمهور‪.‬‬ ‫والكتاب و� ً‬ ‫وت�شارك يف معر�ض ه��ذا العام ال��ذي يقام‬ ‫حت��ت رع��اي��ة خ��ادم احل��رم�ين ال�شريفني امللك‬

‫�سلمان بن عبدالعزيز‪ ،‬ويفتتحه الدكتور عادل‬ ‫بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعالم واملقرر‬ ‫انطالقه يف ‪ 12‬دي�سمرب‪ 440 ،‬دار ن�شر من ‪25‬‬ ‫دولة خليجية وعربية وعاملية‪ ،‬من بينها ‪ 117‬دار‬ ‫ن�شر �سعودية وذلك على �أر�ض الفعاليات ب�أبحر‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫ويحظى احل��دث ال��ذي ت�ستمر فعالياته ‪10‬‬ ‫�أي��ام بدعم كبري من خمتلف اجلهات املخت�صة‬ ‫التي ت�سعى لتهيئة كافة �أ�سباب النجاح بتوجيهات‬ ‫متوا�صلة من الأمري م�شعل بن ماجد بن عبدالعزيز‬ ‫حمافظ جدة رئي�س اللجنة العليا للمعر�ض الذي‬ ‫�سيكون نقلة نوعية يف �صناعة الثقافة وداعمًا‬ ‫حلركة الن�شر والت�أليف‪ ،‬حمققًا الأرقام القيا�سية‬ ‫على �صعيد الزائرين والعار�ضني من دور الن�شر‬ ‫من داخل اململكة وخارجها على م�ستوى العامل‪.‬‬


‫توضح بيانات‬ ‫سوق النشر العربي‪ ،‬أن‬ ‫السعودية تتصدر المركز‬ ‫األول في حجم مبيعات‬ ‫الكتب عرب ًيا‬ ‫العامة والرتفيهية‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى قامت وكالة ال�ش�ؤون الثقافية‬ ‫التابعة ل ��وزارة الثقافة والإع �ل�ام بال�سعودية‬ ‫أي�ضا‬ ‫بتجهيز و�إع��داد كل ما يخ�ص املعر�ض‪ ،‬و� ً‬ ‫تنظيم الفعاليات والربامج الثقافية مب�شاركة‬ ‫العديد من اللجان الثقافية والإداري��ة املخت�صة‬ ‫التي لها خربة ومعرفة �سابقة يف �إقامة معار�ض‬ ‫الكتاب والثقافة‪.‬‬ ‫ومع انطالق معر�ض جدة ال��دويل للكتاب‪،‬‬ ‫ت�صبح العا�صمة ال���س�ع��ودي��ة ال��ري��ا���ض وجهة‬ ‫يق�صدها املثقفون وجمهور الكتاب الذين تت�سع‬ ‫م�ساحتهم ب�شكل الفت يف اململكة‪.‬‬ ‫وتو�ضح بيانات ��س��وق الن�شر ال�ع��رب��ي‪� ،‬أن‬ ‫ال�سعودية تت�صدر املركز الأول يف حجم مبيعات‬ ‫الكتب عربيًا‪ ،‬ويعترب معر�ض الريا�ض ال��دويل‬ ‫للكتاب ال�سوق الأبرز للكتاب يف املنطقة‪.‬‬

‫ويتطلع الكتاب والأدب ��اء وجمهور الثقافة‪،‬‬ ‫�إل ��ى ارت �ق��اء م�ع��ر���ض ك�ت��اب ج��دة �إل ��ى م�ستوى‬ ‫طموحاتهم‪ ،‬و�أن ينعك�س ثقافيًا عرب الفعاليات‬ ‫املتعددة التي تقام على هام�شه‪ ،‬وبينها ندوات‬ ‫وور�ش عمل م�صاحبة‪ ،‬ولقاءات املثقفني والكتاب‪،‬‬ ‫وحفالت التوقيع‪.‬‬ ‫يذكر �أن عددًا من الكتاب والأدباء واملثقفني‪،‬‬ ‫كانوا قد طالبوا مرارًا منذ �سنوات ب�إقامة معر�ض‬ ‫جدة الدويل للكتاب الذي كانت �آخر �إطاللة له‬ ‫قبل ‪ 12‬عامًا‪ ،‬وذلك على غرار معر�ض الريا�ض‬ ‫ال ��دويل للكتاب‪ ،‬مل��ا للمدينتني م��ن �أه�م�ي��ة يف‬ ‫اململكة‪.‬‬ ‫وكان الأم�ير خالد الفي�صل م�ست�شار خادم‬ ‫احلرمني ال�شريفني �أم�ير منطقة مكة املكرمة‪،‬‬ ‫اعتمد �إقامة معر�ض جدة الدويل للكتاب‪ ،‬وتقرر‬ ‫�أن يقام املعر�ض على غ��رار معر�ض الريا�ض‬ ‫ال���دويل للكتاب ع�ل��ى م��دى ‪�� 5‬س�ن��وات مقبلة‪ ‬‬ ‫كمرحلة �أولى ابتداء من العام احلايل ‪ 2015‬م‪،‬‬ ‫على �أن يقام ملدة ‪� 10‬أيام ابتداء من الثاين ع�شر‬ ‫من دي�سمرب كل عام‪ .‬فيما تتولى وزارة الثقافة‬ ‫والإعالم الإ�شراف العام على املعر�ض‪ ،‬و�أن ت�ضع‬ ‫الإج��راءات التنظيمية الفنية والربامج الثقافية‬ ‫امل�صاحبة‪ ،‬و�أن تتم اال�ستفادة من جتربة معر�ض‬ ‫الكتاب يف ال��ري��ا���ض م��ع م��راع��اة التقيد التام‬ ‫بالأنظمة و�أال يكون يف املعر�ض ما مي�س العقيدة‬ ‫والوطن والقيم والأخالق‪ .‬‬

‫العدد‬

‫‪82‬‬

‫نوفمبر ‪ -‬ديسمبر ‪2015‬م‬

‫ويت�ضمن امل�ع��ر���ض منظومة متكاملة من‬ ‫الأن�شطة والربامج والفعاليات امل�صاحبة التي‬ ‫أي�ضا‬ ‫�سي�ستفيد منها خمتلف فئات املجتمع‪ً � ،‬‬ ‫�سيكون للمر�أة والطفل و�صقل الإبداعات ال�شابة‬ ‫�أولويات يف فعاليات املعر�ض‪.‬‬ ‫كما �سيتم �إ�شراك كتاب الأعمدة ال�صحفية‬ ‫وامل�ث�ق�ف�ين يف ه��ذا احل ��دث لإث� ��راء الفعاليات‬ ‫الثقافية‪ ،‬وت�شمل ‪ 10‬حما�ضرات وندوات ثقافية‬ ‫و�أدب �ي��ة‪ ،‬وور� ��ش عمل ذات ال�ع�لاق��ة بالثقافة‪،‬‬ ‫و�صناعة الن�شر وم�ستقبلها‪ ،‬والأم�سيات ال�شعرية‬ ‫والق�ص�صية‪ ،‬والعرو�ض امل�سرحية املختلفة‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬حر�ص معر�ض جدة الدويل‬ ‫للكتاب على االحتفال ب��رواد الأدب ال�سعودي‬ ‫وامل�ؤ�س�سني لتاريخه‪� ،‬إذ مت تخ�صي�ص ممرات‬ ‫املعر�ض ال�ـ‪ 26‬ب�أ�سماء �أدب��اء و�شعراء وم�ؤرخني‬ ‫وكتاب كانت لهم ب�صمة يف ت�أ�سي�س الأدب املحلي‬ ‫يف احلقبة الأولى منه‪ .‬كما مت تخ�صي�ص م�ساحة‬ ‫لر�سامي الكاريكاتري مل�شاركة �أعمالهم مع الزوار‪،‬‬ ‫و�ستعر�ض �أعمالهم يف قاعات الندوات وبع�ض‬ ‫املمرات‪.‬‬ ‫هذا ويتوقع �أن يحظى املعر�ض الذي ر�صدت‬ ‫له ميزانية بلغت ‪ 20‬مليون ري��ال‪ ،‬بن�سبة زيارة‬ ‫عالية عطفًا على عدد املدن الكبرية التي يخدمها‬ ‫املعر�ض‪ ،‬وعلى ر�أ�سها جدة ومكة املكرمة واملدينة‬ ‫امل �ن��ورة وال �ط��ائ��ف‪� ،‬إل ��ى ج��ان��ب م��دن املنطقة‬ ‫اجلنوبية‪.‬‬ ‫ويقام معر�ض جدة هذا العام على م�ساحة‬ ‫كلية تقدر ‪� 50‬ألف مرت‪ ،‬منها ‪� 20‬ألف مرت مق�سمة‬ ‫�إلى ق�سمني؛ ع�شرة �آالف مرت عبارة عن ممرات‪،‬‬ ‫وع �� �ش��رة �آالف م�تر م�ت�ن��وع��ة م��ا ب�ين خ��دم��ات‬ ‫حكومية‪ ،‬مثل‪ :‬الربيد وحقوق الإن�سان ووزارة‬ ‫الثقافة والإعالم وال�صالون الثقايف وور�ش العمل‪.‬‬ ‫ومت ت�صميم املعر�ض على �شكل خيمة تنبع‬ ‫من ت��راث و�أ�صالة اململكة‪� ،‬إذ تقوم على عملية‬ ‫الت�صميم �شركة عاملية �سبق لها تنظيم مثل هذه‬ ‫املعار�ض يف خمتلف دول العامل ومتلك جتربة‬ ‫وا�سعة يف هذا امل�ضمار‪ .‬كما حر�ص يف ت�صميم‬ ‫املعر�ض على �أن يكون جمهزًا بو�سائل ال�سالمة‪،‬‬ ‫ومقاومًا للحريق والأم �ط��ار والأح ��وال اجلوية‪،‬‬ ‫ومراعيًا للحركة املرورية والكثافة املتوقعة من‬ ‫الزائرين‪� ،‬إلى جانب قربه من اخلدمات واملرافق‬

‫‪63‬‬


‫الدبلوماسية العامة‬

‫األخيرة‬ ‫‪64‬‬

‫د‪ .‬تركي العواد‬

‫معهد الدراسات الدبلوماسية‬

‫الدبلوماسية‬ ‫العامة هي الوصول‬ ‫لشعب دولة أخرى‬ ‫ونقل رسالة ودية له‬ ‫ً‬ ‫هدفا معي ًنا‬ ‫تحمل‬

‫مع �أن الدبلوما�سية العامة كم�صطلح مل ينت�شر ب�شكل وا�سع �إال مع بداية الألفية‬ ‫الثالثة‪ ,‬ف�إن تطبيقات الدبلوما�سية العامة و�أ�ساليبها قد ا�ستخدمها الإن�سان من �آالف‬ ‫ال�سنني‪ .‬فالإن�سان‪ ,‬بطبعه‪ ,‬مييل لنقل �أفكاره وثقافته ومعتقداته للآخرين من �أجل الت�أثري‬ ‫فيهم‪ .‬فالأفكار‪ ,‬والأديان‪ ,‬والتجارة انتقلت بني احل�ضارات ب�سبب قدرة الإن�سان على �إي�صال‬ ‫ر�سالته حل�ضارات مناطق �أخرى و�شعوبها‪.‬‬ ‫ومن �أ�شهر الأمثلة على ا�ستخدام �أ�ساليب الدبلوما�سية العامة يف الو�صول لعقول‬ ‫جمتمعات �أخرى وقلوبهم‪ ،‬ما فعله التجار امل�سلمون يف �شرق �آ�سيا‪ ,‬عندما ن�شروا الإ�سالم يف‬ ‫دول مثل‪� :‬إندوني�سيا وماليزيا فقط؛ لأنهم تعاملوا مع �شعوب تلك الدول باحرتام و�أمانة‬ ‫و�صدق‪ .‬يقول اهلل تعالى يف �سورة النحل خماطبًا نبينا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم (ا ْد ُع‬ ‫�إِلَى �سَ بِيلِ َر ِب َّك ِبالحْ ِ ْكمَةِ َوالمْ َوْعِ ظَ ةِ الحْ َ�سَ نَةِ وَجَ ا ِد ْلهُمْ بِا َّلتِي هِ يَ �أ َْح�سَ نُ )‪ .‬ويقول يف �سورة‬ ‫العنكبوت خماطبًا امل�سلمني (و اَ​َل تجُ َ ا ِدلُوا �أَهْ لَ ا ْل ِكتَابِ �إ اَِّل بِا َّلتِي هِ يَ �أ َْح�سَ نُ �إِل ا َلّذِ ينَ ظَ لَمُ وا‬ ‫َاحدٌ َونَحْ نُ لَهُ مُ�سْ لِمُ ونَ )‪.‬‬ ‫ِم ْنهُمْ وَقُ ولُوا �آ َم َنّا بِا َلّذِ ي �أُنزِ لَ إِ� َل ْينَا َو�أُنزِ لَ إِ� َل ْيكُمْ َو�إ اَِلهُ نَا َو ِ�إ َل ُهكُمْ و ِ‬ ‫بل �إن هذه الآية تناق�ش �إحدى القواعد املهمة يف الدبلوما�سية العامة التي تعتمد على‬ ‫االنطالق من �أر�ضية م�شرتكة (‪ )Common Ground‬مع الأ�شخا�ص الذين تختلف معهم‪.‬‬ ‫و�إذا ما �أخذنا املعنى الب�سيط املبا�شر؛ فالدبلوما�سية العامة هي الو�صول ل�شعب دولة‬ ‫�أخرى‪ ,‬ونقل ر�سالة ودية له حتمل هدفًا معينًا‪ .‬يو�ضح ملون يف كتابه (‪Organizing the‬‬ ‫‪� )Nation’s Public Diplomacy‬أن الدبلوما�سية العامة لي�ست ر�سالة من طرف واحد‪ ,‬بل هي‬ ‫حوار بني ح�ضارتني‪ .‬ف�إ�شاعة جو من احلوار املتبادل الذي ي�ساعد على تفهم كل طرف للآخر‬ ‫�ضرورة لنجاح �أي حملة من حمالت الدبلوما�سية العامة‪ .‬وي�ضيف‪� :‬أننا �إذا كنا جناهد‬ ‫من �أجل �إ�شاعة فهم وا�ضح عن جمتمعنا و�سيا�ساتنا يجب علينا‪ ,‬قبل ذلك‪� ,‬أن نفهم حوافز‬ ‫وثقافة وتاريخ ونف�سية ولغة ال�شعب الذي نريد الت�أثري فيه‪ .‬ويرى هان�س تت�ش �أنه لتحقيق‬ ‫�أهداف واقعية ميكن احل�صول عليها من برامج الدبلوما�سية العامة‪ ،‬يجب التخل�ص‪� ,‬أوالً‪ ,‬من‬ ‫�أ�ساليب الدعاية والإقناع‪ ،‬والرتكيز على التو�صل �إلى‪“ :‬حوار يف اجتاهني ‪”two-way street‬‬ ‫‪ .‬ويقول بوتر‪� :‬إنه حتى مع اختالف تعريفات الدبلوما�سية العامة‪ ,‬ف�إن النقطة املحورية‬ ‫التي يجب معرفتها عن الدبلوما�سية العامة‪ ،‬هي �أنها تتلخ�ص يف الأ�ساليب التي ت�ستخدمها‬ ‫�أي حكومة‪ ,‬وت�ستهدف �شعب دولة �أخرى من �أجل �إقناعه وا�ستمالته لتقبل وتفهم �أفكار‬ ‫وتوجهات و�سيا�سات وقرارات تلك احلكومة‪ .‬ويتم ذلك للت�أثري يف الر�أي العام مبا�شرة من‬ ‫خالل التبادل التعليمي والثقايف‪ ،‬ولي�س فقط من خالل و�سائل الإعالم‪ .‬ويقول بوتر �إن‬ ‫الفرق الرئي�س بني الدبلوما�سية الر�سمية �أو الكال�سيكية‪ ،‬وبني الدبلوما�سية العامة‪ ،‬هو �أن‬ ‫الأولى تعتمد على الأ�سلوب املبا�شر‪ ,‬بينما تتميز الدبلوما�سية العامة بكونها غري مبا�شرة‪.‬‬ ‫كما �أن الدبلوما�سية الر�سمية تتم على م�ستوى احلكومات واملمثلني الر�سميني يف الدولتني‪,‬‬ ‫يف حني تكون الدبلوما�سية العامة بني حكومة و�شعب دولة �أخرى‪� ,‬أو بني �أفراد �أو جماعات‬ ‫�أو منظمات من دولة مع �أفراد وجماعات من دولة �أخرى‪.‬‬


‫ﻄﺔﻘت‬ ‫ﻄطﺊﻌﺲات‬ ‫ﺾﺎﺈ‬ ‫تﺧمﻐﻃ ﻄﻌاﺻع اﻇﺎرﻇﺌ‬

‫ص‪.‬ب ‪ 501‬اﻟﺮﯾﺎض ‪ 11421‬اﻟﻤﻤﻠﮑﮥ اﻟﻌﺮﺑﯿﮥ اﻟﺴﻌﻮدﯾﮥ ‪ -‬ﻫﺎﺗﻒ ‪ 00966 11 419 6006 - 00966 11 419 3003 :‬ﻓﺎﮐﺲ ‪00966 11 419 6009 :‬‬ ‫‪P.O.Box 501 Riyadh 11421 Kingdom of Saudi Arabia - Tel : +966 11 419 3003 - +966 11 419 6006 Fax : +966 11 419 6009‬‬ ‫‪www.taghreed.com‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.