تغريد �إبراهيم عبدالرحمن الطا�سان1437 ،هـ فهر�سة مكتبة امللك فهد الوطنية �أثناء الن�رش الطا�سان ،تغريد �إبراهيم فل�سفة �سعادة/تغريد �إبراهيم الطا�سان -الريا�ض1437،هـ �208ص؛ � 210*14٫8سم ردمك978-603-02-0059-7 : -1الق�ص�ص العربية -ال�سعودية �أ.العنوان 1437/1583 ديوي 813٫039531 رقم الإيداع1437/1583 : ردمك978-603-02-0059-7 :
الكتاب :فل�سفة �سعادة امل�ؤلف :تغريد بنت �إبراهيم الطا�سان
taghreedtassan@gmail.com
الطبعة الأولى :يناير 2016
4
النا�رش :دار تغريد املعاين للن�رش والتوزيع -اململكة العربية ال�سعودية -الريا�ض ت - +966 11 419 3003 :فاك�س +966 11 419 6009 : �ص.ب 501 :الرمز الربيدي 11421 taghreed.publication@gmail.com
ت�صميم و�إخراج :حممد �إ�سحق
5
6
�إلى.. معلم ال�سعادة الأول نبينا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم .. جدي وجدتي ..نبع ال�سعادة ال�صايف.. ابني في�صل ..ال�سعادة التي تدوم معي ..
7
8
�سعيدة لأين امر�أة الن�ساء يف الأر�ض ..دمي عطاء يروي به اهلل بذور ًا
فل�سفة ال�سعادة متثلت بحدث �شخ�صي ُر�سمت تفا�صيله كلوحة فرح ..من خالل م�ؤمتر «�سعيدة ب�أين امر�أة» ،الذي �أقيم يف الكويت يف �أكتوبر ،2015 هو كما و�صف يف بطاقة الدعوة فع ًال ..احلدث التوعوي والرتفيهي الأول من نوعه يف اخلليج.. كنت �سعيدة و�أنا �أرى الأنوثة من زاوية جديدة مل ي�سلط ال�ضوء كثرياً على �إ�شراقة مفهومها من قبل ..وكنت فخورة و�أنا �أ�سمع �إعالء �ش�أن املر�أة مبنظور �إ�سالمي خمتلف.. وكنت يف ده�شة من ثراء الطرح الذي �شدين �إلى �آخر �أنفا�س هذا امل�ؤمتر الذي ولدت بعده حياة جديدة ملفهومي عن الأنوثة ،ف�سعدت �أكرث �أين «امر�أة». نحتاج �إلى فعاليات كهذه لت�سلط ال�ضوء �أكرث على ما ي�ضغط على ع�صب الفهم ،كي نتعلم معنى الأنوثة احلقيقي مبفهومه البعيد متاماً عن �أطر الأنوثة اجل�سدية التي ظلمناها وظلمنا كل �أنثى عندما ح�صرناها بهذا املعنى القا�صر.. نحتاج �إلى برامج ترفع من من�سوب تقدير املر�أة لذاتها و�أنوثتها ،ومفاهيم جديدة تردم الفجوة بني املر�أة وكثري من املجتمعات التي ال ترى فيها �أكرث من “�أنثى جميلة �شكل ناق�صة عقل”. ونحتاج �إلى �أن تكون املر�أة حتت جمهر اهتمامها هي �أو ًال ،وبالتايل اهتمام كل ذي تخ�ص�ص يف الدين وعلم النف�س واالجتماع وال�سيا�سة واالقت�صاد ،حتى تتوازن املجتمعات وتنه�ض وتتحقق بذلك فل�سفة �سعادة وال �أجمل.. م�ؤمتر «�سعيدة �أين امر�أة» خطا خطوة البداية ..فهل نرى من مي�سك بيد فكرته لتم�شي بثبات على �أر�ضية الوعي ال�صلب.. وهل من املمكن �أن تتبنى الفكرة جهات داعمة لت�شبع جوع املجتمعات
9
لطاقات بناء هائلة ولكنها مهدرة ،قد ن�ستغلها �إيجابياً لو فهمنا ن�ساءها؟ ليت ..وقد يكون يف ليت عمار لألف جمتمع ومليون بيت..
10
11
12
�أنا �أ�ستحق �أ�ستطيع نيل �أي �شيء مادمت مقتنعاً �-أين �أ�ستحقه -
حديثي عن طاقة هائلة ت�سمى «اال�ستحقاق». وتلك الهالة الدائرية الهامة من تقدير الذات التي ير�سمها ٌّ كل م ّنا حول نف�سه ،لها ت�أثري كبري �سلباً �أو �إيجاباً على مدى جتاوب الو�سائل التي ي�ستعني بها للو�صول �إلى غاياته معه ..وذلك ب�إي�صاله �إليها �أو �إبعاده عنها.. اال�ستحقاق ملن حالت �ضبابية غمو�ض املعنى بينه ،وبني الو�صول �إلى و�ضوحه ..هو ذلك ال�شعور العميق ال�صادق النابع من �أعماق النف�س ،الذي يرتدد �صدى حتفيزه لنا يف ف�ضاء الرغبة واحلما�س والإ�صرار ،لننال الأف�ضل دائماً.. و�إن كل غاية �أو هدف نرغب بالو�صول �إليه ،هو لي�س �ضربة حظ �أتت من غري رام ،بل هو ف�ضل من اهلل �سعى للو�صول �إلينا ،كما �سعينا نحن له ،لأننا بب�ساطة (ن�ستحقه). اال�ستحقاق �شعور جميل كلما زاد من�سوبه يف ذواتنا و�صلنا �إلى ما نريد �أ�سرع ..و�أ�صبح -بف�ضل من اهلل -لدينا وفرة يف النجاحات والتميز وال�سعادة. لذلك ..فنحن نالحظ دائما �أن الناجحني يف احلياة هم من �أحبوا �أنف�سهم فقدروها وارتقوا بها.. هم �أولئك الذين يبت�سمون وهم ي�سريون ب�شموخ على �سجاد الثقة ب�أن �أحالمهم �ست�أتيهم دون �شك ..ب�إرادة اهلل ،ثم لأنهم ي�ستحقونها.. هم يف �أمان مع ربهم ،ثم �أحالمهم ورغباتهم مادامت ثقتهم مل تتجاوز حد اال�ستحقاق لتقفز �إلى م�ستنقع الغرور. هم �أ�شخا�ص مناق�ضون متاماً ملن يعي�شون دنياهم مدمرين لذواتهم ..طاردين لأحالمهم ورغباتهم ..الذين يلهثون للو�صول �إلى �أهدافهم ال�سرابية التي يح�سبونها من �شدة التوق �إلى حتقيقها ماء.. و�إن َم ّن اهلل عليهم برحمته ب�شيء منها قالوا :يا �إلهي كيف حتقق ذلك� ..أ�أنا �أ�ستحقها فع ًال!؟
13
14
ه�ؤالء ..لن يلبث حتقريهم ال�ستحقاق ذواتهم �أن يثور عليهم ويعلن مترده.. حارقاً كل �صنارة قد ت�صطاد لهم فر�صة� ..أو قاطعاً كل طريق قد ي�سلكونه للو�صول �إلى غاية.. قد ي�س�أل �سائل.. كيف �أرفع من من�سوب تقديري لذاتي وا�ستحقاقي؟ اجلواب على ذلك �أب�سط من تعقيدات التفكري فيه.. يكفي �أن نثق باهلل ونح�سن الظن به �أو ًال.. ثم.. مرافقة النا�س الذين يتمتعون بالتفا�ؤل الدائم والإيجابية.. والإميان العميق ب�أن اهلل ال ميكن �أن يبخل علينا ب�شيء فيه خري لنا ..لذلك هو ي�أتي بالأ�شياء يف �أن�سب الأوقات التي يعلمها هو �سبحانه بعلمه وجنهلها نحن.. ولن نن�سى �أي�ضاً �أن ممار�سة الت�أمل الدائم ت�ساعد يف تنقية الذهن من كل �شوائب ال�سلبية وت�سللها غري امل�شروع �إلى حدود �إيجابيتنا وتفكرينا.. كذلك التعلم من التجارب ال�سابقة وا�ستخال�ص اخلربات منها حتى ال تقيدنا للحظة احلا�ضرة وما هو � ٍآت بعدها.. والأهم بعد التوكل على اهلل� ..أن نردد دائماً وعن �إميان عميق جملة «�أنا �أقدر� ..أنا �أ�ستحق».
15
16
وجدت نف�سي.. متى ما �شعرت بغربة فرح ..فهاجر �إلى �أنت وماتريد .. عندها فقط �سيكون لك وطن من �سعادة ! ..
من جرب منكم �شعور الغربة و�سط وفرة النجاحات والتميز ،ورمبا الرثاء والب�شر حوله؟ �س�ؤال غريب ..واجلواب عليه �أغرب!.. يحدث �أن نعي�ش حياة ناجحة مع مرتبة ال�شرف.. ظروفنا فيها حائزة على لقب احلياة املثالية ..ومع ذلك ن�شعر بوح�شة واغرتاب.. يقف بيننا وبني اال�ستمتاع مبا وهبنا اهلل من نعم �شبه كاملة ،حاجز غري مرئي، وا�ستفهامات ال جند لها جواباً ،رغم �أن جوابها ب�سيط ال يحتاج منا لأكرث من نظارة دقيقة القيا�س ،ن�ستطيع �أن نقر�أ من خاللها ما كتب على جدار النف�س من �إجابات. �ضياع املتعة و�سط حواري الكمال يحتاج منا �إلى زيارة لق�سم �شرطة النفو�س ..لتحرير حم�ضر نبلغ فيه عن فقدان البهجة التي �ضاعت مع �إهمالنا لأنف�سنا ،و�سط �ساحة احلياة املليئة بكل ما يبهج الغري والعمل ،والظروف املحيطة لي�صل بهم �إلى درجة الر�ضا على ح�ساب �أنف�سنا التي �سقطت منا داخل فجوة عميقة ،ات�سعت بني �آلية العمل �أو الدرا�سة �أو الواجبات االجتماعية ..وبني رغبات النف�س واحتياجاتها.. نفقد �أرواحنا يف خ�ضم �إ�شباع احلاجة من اال�ستقرار والنجاح والتميز التي ت�شغلنا عن التلذذ بتذوق لذة الرغبات ،وما نريد نحن ال ما حتتمه علينا �أطر الرباويز االجتماعية الفاخرة التي نح�صر �أنف�سنا داخلها.. لذلك جند �أن من يتمتع حقاً ب�أمان داخلي و�سالم روح ،هو ذلك الإن�سان الذي ي�ضع كل �شيء يف خمازن مبتناول يد التحكم عندما يحتاج العودة �إليها ..يف الوقت الذي ي�سعى فيه �إلى امل�ضي يف رحلة بحث عن الذات.. يت�أمل يف رغباته ..ي�س�أل ميوله عن طريق الو�صول �إلى فرحه.
17
ت�أملوا دواخلكم وابحثوا فيها.. ابحثوا عن �أنف�سكم ال�ضائعة.. وقبل �أن تقولوا «وجدت نف�سي» ا�س�ألوا �أنف�سكم �س�ؤ ً اال ..وا�صدقوا �أنف�سكم بالإجابة.. هل و�سيلة الو�صول �إلى �إجنازاتي وجناحاتي كانت رغبة ملحة� ..أم حاجة ملحة..؟ �أجيبوا ..فقد يكون يف الإجابة نقطة التقاء بني �أنف�سكم وابتهاجكم.
18
19
20
احذروا جفاف طازج الفرح الت�ضعوا ثمرة الفرح الطازجة يف �صندوق احلزن العفن حتى التف�سد وت�صبح غري قابلة لال�ستخدام النف�سي
يقول حكيم�« :أنت ال حتتاج �إلى البحث عن ال�سعادة ..فهي �ست�أتيك متى ما هي�أت لها موقع �إقامة يليق بها يف قلبك». تذكرت هذه املقولة ،و�أنا �أنظف هاتفي اجلوال من ع�شرات الر�سائل الن�صية التي ت�ستقبل العيد بحروف تبكي بحرقة على فراق رم�ضان ..وكلمات تنتحب حلال الأمة ،وهي ت�ستكرث علينا الفرح ،وجترمنا به ،وهذا املجتمع �أو ذاك يعي�ش حتت ظرف �سيا�سي �أو اقت�صادي يجرح �سالمة فرحه. ُترى لو كان ر�سول اهلل� ،صلى اهلل عليه و�سلم ،بيننا ..هل وافقنا على ن�صب �سرادق العزاء على ظروف و�أحوال لي�س بيدنا من الأمر �أي �شيء لنغريها، وق�صروا يف حمد اهلل و�شكره �أم �أنه �سي�ضعنا حتت قائمة َمن جحدوا النعمَّ ، عليها؟ عندما �أكرمنا اهلل ب�شهر الرحمة واملغفرة والعتق من النار ،و�أمرنا ب�صيامه وقيامه وتكثيف �صالح الأعمال فيه ،جعل لنا العيد يف نهايته كمكاف�أة وهدية من الكرمي الأكرم ،لنبتهج ون�ضحك ونعي�ش ال�سعادة ،كمهرجان فرح يليق بعطية رب الرحمة وخالق الأكوان. لذلك� ،أ�ستغرب ممن يو ِّدع رم�ضان الغايل على نف�س كل من �شهد �أن ال �إله �إال اهلل و�أن حممداً� ،صلى اهلل عليه و�سلم ،ر�سول اهلل ،بالدموع واحلزن على فراقه. ملاذا ال نو ِّدعه وداع عزيز �سيعود؟ رمبا يقول قائل :وماذا �إن عاد هو ونحن حتت القبور� ..أقول لهم :املوت واحلياة بيد اهلل وحده ..ومن حكمة احلكيم� ،أن الإن�سان يجهل وقت وفاته ،ليعي�ش الفرح امل�شروع الذي يحبه اهلل لعباده �أكرث من احلزن �إلى �آخر حلظة يف حياته .. الَ ْر َح ِام َو َما َت ْدرِي نَف ٌْ�س ال�سا َع ِة َو ُي َن ِّز ُل ا ْل َغ ْي َث َو َي ْع َل ُم َما فيِ ْ أ (�إِنَّ اللهَّ َ عِ َند ُه عِ ْل ُم َّ
21
22
ُوت ِ �إنَّ اللهَّ َ َع ِلي ٌم َخ ِب ٌري). َّما َذا َت ْك ِ�س ُب َغ ًدا َو َما َت ْدرِي نَف ٌْ�س ِب َ�أ ِّي �أَ ْر ٍ�ض تمَ ُ لذا ..لنفرح �أن َم َّن اهلل علينا ب ُعمر ،ما دامت رئتانا قادرتني على ال�شهيق والزفري. ولنفرح بحياتنا ،ما دمنا ب�شراً� ،أرواحهم مع َّلقة باهلل ،يعملون لدنياهم ك�أنهم يعي�شون �أبداً ،ولآخرتهم ك�أنهم ميوتون غداً. ولنو ِّدع رم�ضان وداع حمب ممنت ملا َّي�سر اهلل لنا فيه من عمل ،على �أمل ويقني �أنه �سيعود �إلينا ونحن ب�أح�سن حال� ،سواء كانت فينا �أنفا�س ترتدد على بقعة �صغرية يف الكرة الأر�ضية� ،أو كانت �أرواحنا عند ربها را�ضية مر�ضية برحمته وكرمه. هم الأمة والب�شر ،فلكل مقام مقال ،ولكل وقت �أذان.. �أما َمن يحملون َّ مادامت تيا�سري الفرح ومعطياته و�أدواته وظروفه متاحة لنا ،فلماذا ال نفرح ونغو�ص يف الفرح �إلى �أعمق مناطقه ..مع احلر�ص على عدم ن�سيانهم من الدعاء وال�صدقات والدعمني املعنوي واملادي ،من خالل الو�سائل املتاحة، �سواء من خالل مواقع التوا�صل االجتماعي� ،أو اجلهات الر�سمية املوثوق بها ،التي ميكن �أن ت�صل من خاللها م�شاركتنا وم�ساعداتنا لهم.. فاحلزن والبكاء ودفن فر�ص الفرح املتاحة لنا لن ت�صلح حالهم ..وكل ما �سنجنيه �أن اهلل �سي�س�ألنا ..ب�أي ذنب قتلنا ال�سعادة وو�أدناها ..و�سيعاقبنا على رد هبة الفرح التي َم َّن علينا بها. اخلال�صة.. «�إننا نبحث عن ال�سعادة غالباً ،وهي قريبة منا ،كما نبحث يف كثري من الأحيان عن النظارة وهي فوق �أعيننا» ..تول�ستوي. �شدتني مقولة هذا الروائي الرو�سي ،الذي و�ضع حكمته على مكان اجلرح يف ج�سد ال�سعادة امل�صابة حد دخول روحها يف غيبوبة.
لذلك ..فلنفرح ،وخا�صة �أن فرح العيد مازال طازجاً مل يجف ،وما زال يف �شوال ،ويف العمر كله ،فر�ص لل�سعادة مل ننتبه �إليها بعد. لنهمل طازج احلزن ،حتى يتعفن ،فنلقي به يف �سلة التجاهل ،ولنقبل على كعك الفرح احللو ..نتناوله بلذة ،ومع كل ق�ضمة نتناولها مبلعقة ال�ضحك واالبت�سامة ،لن�سجد هلل �شكراً ،ونحن نقول احلمد هلل الذي �أطعمني هذه علي �أن اختارين من عباده الذين ال�سعادة و�أ�سقاين من عذب الفرح ،و َم َّن ّ ا�صطفى ،و�أهداين فر�ص فرح من غري حولٍ مني وال قوة. جربوا فل�سفة ال�سعادة هذه و�سرتون الفرق.
23
24
بئر النوايا النوايا هي ورقة احلظ الرابحة يف عمر ال�سنني
(�إِن َي ْع َل ِم هَّ ُ الل فيِ ُق ُلوب ُِك ْم َخيرْاً ُي ْ�ؤت ُِك ْم َخيرْاً)( ..الأنفال .)70 - عن �أمري امل�ؤمنني �أبي حف�ص عمر بن اخلطاب ،ر�ضي اهلل عنه ،قال� :سمعت ر�سول اهلل� ،صلى اهلل عليه و�سلم ،يقول�« :إمنا الأعمال بالن ّيات ،و�إمنا لكل امرئ ما نوى ،فمن كانت هجرته �إلى اهلل ور�سوله ،فهجرته �إلى اهلل ور�سوله، ومن كانت هجرته لدنيا ي�صيبها� ،أو امر�أة ينكحها ،فهجرته �إلى ما هاجر �إليه». رواه البخاري وم�سلم يف �صحيحهما. ال�شرح النية بئر ت�ستقر يف قاعها مقا�صد كل منا ..وما يحدث لنا يف حياتنا من ت�ساهيل �أو تع�سري ،ما هو �إال ذلك الدلو الذي غرف من قاعها العميقة بع�ضاً من رغبات باطنها� ،سقى بها تربة ما يحيط بنا من انفعاالت وظروف ،لتنبت ثمر النوايا التي نقتات عليها ..ومنها ن�شرب �سعادة �أو حزناً ..راحة �أو تعباً. ولأن النوايا من �أ�سرار الب�شرُ ،تك�شف هلل وحده يف الوقت الذي ت�سترت فيه وتخفي وجهها احلقيقي عن عباده ..جعل اهلل النية احل�سنة التي ت�سكن قلوب و�أرواح ب�شر �أحبوا اهلل ،ومن حبه ع�شقوا البيا�ض والنقاء واخلري واحلياة، بكل ما فيها من جمال و ِن َعم� ،أ�سا�س التوفيق والتي�سري والنجاح وال�سعادة يف احلياة .كما جعل النية التي ا�ستقرت يف قاع روح �آ�سنة عكرة ب�سوداوية املقا�صد ورمادية النظرة للحياة ك�أفاعي الآبار ،التي تفرغ �سمومها يف عذب مائها ،فيت�سمم َمن ي�شرب منها وميوت ..كما ميوت الفرح واخلري وحب احلياة عند ملدوغي النوايا. بيا�ض النوايا� ،أو �سوادها ،لي�س رغبات كامنة ن�ضمرها -مع �أو �ضد الآخرين فقط ..-هي اجنذابات لنوايا تخ�صنا نحن �أو ًال ..تتحكم يف فل�سفتنا للحياة.. �إمياننا باحلب ..متتعنا بنعم اهلل ..اتكالنا عليه ..اجلراءة يف تف�صيل الأحالم، وفق مقا�سات الرغبات ،بعد الثقة باهلل� ،أنه �سي�أتي بها ،رغم �أنف الب�شر
25
والظروف ،وكل َمن يحاول �أن يدخل يف نفو�سنا ال�شك� ،أن كن فيكون ،بيد اهلل وحده ،ي�أمر بها ملن كانت نيته �شفافة �صافية عذبة. اخلال�صة.. �صالح النية� ،أو ف�سادها ،يرتتب عليه �أ�سلوبنا يف احلياة ..عالقاتنا مع الب�شر.. ومفاتيح النجاح �أو الف�شل ..هي التي تر�سم ابت�سامات ال�سعادة يف عاملنا� ،أو ت�سكب دموع احلزن.. وخري ما �أنتهي به ما بد�أت به.. (�إِن يَ ْعلَ ِم هَّ اللُ فيِ ُقلُوبِ ُك ْم َخيرْا ً يُ� ؤْ ِت ُك ْم َخيرْاً) (الأنفال .)70- فلنجعل من النوايا منهجاً لفل�سفة �سعادة تفرح بها �أيامنا. 26
27
28
ليتهم ي�ضحكون! ا�ضحكوا ففي ال�ضحك مفتاح �ألف باب لل�سعادة �أو�صدها احلزن ب�أقفال غليظة
االبت�سام وال�ضحك.. �أحدث الأدوية املكت�شفة واملوافق عليها من هيئة غذاء ودواء احلياة لعالج كثري من الأمرا�ض النف�سية ،وبالتايل اجل�سدية.. فمن منا فكر يف �صرف رو�شتة ال�ضحك من �صيدلية الفرح الزاخرة باللحظات ال�سعيدة التي متتلئ بها �أرفف الأيام؟ كث ٌري منا ،للأ�سف ،يتوه يف الو�صول لأق�صر طرق العالج ..لأن ذاكرة احلزن والأمل والتباكي على ق�سوة الظروف عنده حا�ضرة ..دموع احل�سرة على �سوء حظه تن�سيه �أن يواظب على تناول ملعقة كبرية من ال�ضحك 3مرات يومياً، الهم والتهاب ال�شُ عب االبتهاجية.. بعد كل وجبة َكدر ع�سرية ،ليزول ت�ضخم ّ ليتهم يعلمون �أن احلياة معقدة ،ملن �سلك فيها دروب متاهة احلزن والبكاء والتع�سري املظلمة ..و�أنها �سهلة مي�سرة ب�سيطة ،ملن فهم �أن �صعب الظروف، من طبيعة احلياة ،و�أن الفرح فيها هو الأ�صل� ..أما احلزن ،فهو �أمر عار�ض، مهما ق�سى �أو طال. لذلك ..من حكمة اهلل� ،أن جعل كل �شيء يبد�أ �صغرياً ،ثم يكرب� ..إال امل�صيبة ،جعل اهلل والدتها كبرية ،ومع الوقت ت�صغر وتتقزم. الفرح ..التب�سم وال�ضحك واالبت�سام ،ال تطلب منا جهداً كبرياً ،وال ما ًال وفرياً ..هو عطاء من اهلل ،و�ضعه لنا بني طيات تفا�صيل حياتنا اليومية. قد جند ال�ضحكة حتت براءة قهقة طفل �أو طرافة لثغته ،وهو يتعلم الكالم.. قد جندها ر�ضاً ير�سم التب�سم على �شفاهنا �سعادة بدعوة والدين.. بكلمة حلوة ممن نحب ..ب ّرب ابن ..بال�شفاء من مر�ض �أو النجاة من �أذى.. بلقمة نظيفة ت�سكت �صرخات جوع املعدة �أو �شربة ماء هنية يف يوم قائظ، بطرفة ت�أتينا عرب ر�سالة �أو بجمعة عائلية ت�ضحك فيها القلوب قبل ال�شفاه ،حباً ومودة و�ألفة..
29
30
�شعور الر�ضا والفرح الذي ينطق ب�صوت ال�ضحك متوافر بوفرة يف متناول يد كل �أحد.. ولكن.. جمتمعاتنا التي تهوى البكاء على �أحلان الظروف احلزينة ت�ستنكر ال�ضحك وتت�شاءم من طغيان ح�ضوره يف حلظات ال�سعادة ،قائلني «اهلل يكفينا �شر هذا ال�ضحك»! يتذكرون دائماً حديث الر�سول� ،صلى اهلل عليه و�سلم� ،أن ال�ضحك يمُ يت القلب ،وين�سون قوله� ،صلى اهلل عليه و�سلم« ،تب�سمك يف وجه �أخيك �صدقة»! من خوفنا من ال�ضحك ن�سينا �أن اهلل -جل جالله -ي�ضحك! عن �أبي رزين قال« :قال ر�سول اهلل� ،صلى اهلل عليه و�سلم�« ،ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غريه ،فقال �أبو رزين� :أو ي�ضحك الرب عز وجل؟ قال: نعم ،فقال :لن نعدم من رب ي�ضحك خريا» (�صحيح اجلامع). وقال �صلى اهلل عليه و�سلم« :عجب ربنا من قنوط عباده ،وقرب غريه ينظر �إليكم �أزلني قنطني ،فيظل ي�ضحك ،يعلم �أن فرجكم قريب) حديث ح�سن. اخلال�صة.. الوجوه امل�ستب�شرة التي ت�شد طريف ال�شفاه بابت�سامة متفائلة ال تعني �أن بنوك الأيام �أفل�ست من �أر�صدة احلزن� ..إمنا هي تخربنا ب�أنه رغم ال�ضيق ،مازال يف احلياة مت�سع ل�سعادة ،و�أن الدنيا التي خلقها رب ي�ضحك مليئة مبناجم من فرح قريب حتتاج منا �إلى اكت�شافها فقط. ا�ضحكوا ..ففي ال�ضحك فل�سفة �سعادة تقهر كل حزن.
31
32
حياة ال ت�شيخ ال�شباب � ..شباب الروح ..وماالعمر �إال رقم يحاول �أن ي�سرق منا لذة احلياة!..
يف قرية �أملانية �صغرية ،خرجت ذات �صباح ربيعي مبت�سم املالمح ،لأحت�سي قهوتي يف مقهى �صغري على جال نهر جار ..بعد �أن تركت �أبي لريتاح ،بعد �صباح مزدحم بالأ�شعة والتحاليل. كنت �أتوقع �أين �س�أكون �ضيفة امللل يف بلدة �صغرية� ،أهم معاملها م�ست�شفى يق�صده املر�ضى ،كعطار ماهر ي�صلح ما �أف�سده الدهر.. ولكن.. ُده�شت و�أنا �أرى �شباباً تخطوا الـ ..60يذيبون قطع �سكر احلياة يف فنجان ال�سنني ،لريت�شفوه لذة �إلى �آخر قطرة ُعمر.. فتلك امر�أة جتاوزت الـ ،70بكامل �أناقتها ،تت�سوق وهي تلب�س ثياباً ذات �ألوان ربيعية زاهية ،من دون �أن تخاف لوم �أحد ..وذلك رجل م�سن يرتدي مالب�س ريا�ضية يف مترين م�شي �صباحي يخربه �أنه ما زال على قيد الن�شاط، و�أن ال�سن كذبة.. و�آخر مع زوجته ..رمبا هما يف الـ ،70ولكن بريق احلب يف عينيهما يناف�س �شاباً وفتاة من �شرقنا يف �شهر ع�سلهما الطازج.. جمموعة م�سنات ب�أناقة �آ�سرة ومرح فتيات الـ 20يف �إفطار ممتع يتجاذبن فيه الأحاديث ويتبادلن ال�ضحكات ،من دون �أن يعد عليهن �أحد الب�سمة �أو ي�ستكرب الكلمة �أو ينتقد النزهة ،كما يحدث يف �شرقنا املتكلف.. �سرقني التدبر بتم�سك كبار ال�سن بروح احلياة من بني �أنياب ال�ضجر.. من يراين �أجل�س �إلى تلك الطاولة الدائرية �أرت�شف حمتوى فنجاين، يح�سبني وحدي ..ولكني مل �أكن كذلك.. كنت يف وحدتي الكاذبة تلك �أ�ست�ضيف الت�أمل ..لأجتاذب معه �أحاديث �شيقة عن فل�سفة احلياة بني ال�شرق والغرب.. عن لذة الفرح ومتعة الدنيا التي متوت يف �شرقنا عند الـ 40وتبد�أ يف غربهم
33
مع �إطاللة الـ ..50 كان كوباً من قهوة ..احت�سيته ر�شفات من كافيني �سعادة طرد خمول املتعة، و�أيقظ خاليا حب احلياة الفطري يف نف�سي الب�شرية ،وجعلني �أ�صرخ بقوة داخلية ،و�أنا �أبت�سم قائلة :احلياة ت�ستمر ما دامت الروح ال ت�صاب ب�شيخوخة الي�أ�س �أو جتاعيد امللل و�صد�أ �سنوات العمر الرقمية. و�أدركت ٍ عندئذ �أن العمر الرقمي ما هو �إال كذبة تف�سد علينا فل�سفة التمتع ب�سعادة احلياة ..
34
35
36
الركادة زينة مراكب الهدوء غالباً مان�سري بها و�سط بحر من �سعادة هادئ
يف �صباح م�شرق جميل ،فتحت «فرح» عينيها ب�سرعة ..قفزت من �سريرها، كملدوغ غر�س النوم �أنياب الت�أخري يف ج�سد �صباحه ..رك�ضت بخطوات �سريعة نحو احلمام ،لتغ�سل وجهها ،ثم خرجت لت�صلي وتلب�س ..هربت من غرفتها ،لتتفقد هذا وذاك ،يف حماولة لل�سيطرة على الزمن ،وجمع دقائق الوقت ،الذي ينفرط منها -كعادتها -كل �صباح. و�سط زحمة �صباحها� ،سقط قو�س االبت�سامة من �شفتيها ،و�ضاعت الطم�أنينة من نف�سها ،حتى �إن �أذكار ال�صباح التي حتاول �أن تعيد الأمور برتديدها لتوازنها ،ملت ا�ضطرابها ال�صباحي املعتاد ،فتجاهلت ا�ستنجادها بها ،لتمنحها بع�ضاً من هدوء اعتادت التفريط فيه. خرجت على عجل ..بعد �أن ا�ستطاعت بجدارة �أن تخد�ش هدوء ال�صباح، لتحدث ثقباً وا�سعاً يف غالف طم�أنينته وروحانيته ،ليت�سلل منها غبار الك�آبة واال�ضطراب ،الذي ملأ نفو�س �أهل الدار ،حد اختناق الفرح ..فخرج كل منهم َب�س ِكينة جمروحة و�ضيق ينزف. حتى �إن جروح �صباحهم و�صباحها تلوثت بال�ضيق الذي التهب ،ليعتل يومهم كله ،ويبكي على �سعادة حتت�ضر. يف نف�س ال�صباح امل�شرق اجلميل.. فتحت «مرح» عينيها بك�سل ،وهي تقول �أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل ..ربي �أ�س�ألك من خري هذا اليوم ،و�أعوذ بك من �شره .التفتت �إلى �ساعتها ،بجانب �سريرها ،فوجدت �أن النوم �سرق منها بع�ضاً من �سعة وقتها ..ابت�سمت وقبلت ،جمازاً ،يد النوم التي م�سحت على عينيها ،لتمنحها مزيداً من الراحة ..فلي�س على النائم حرج.. قامت برزانة وهي تلقي التحية على هدوء ال�صباح ،وجتدد معه ميثاق ال�سالم.
37
38
ا�ستحمت� ..صلت بطم�أنينة ..قر�أت �أذكارها بهدوء ،فغ�شيتها �سكينة �أكرب.. خرجت ،لتوقظ �أهل بيتها ب�صوتها احلنون ..توزع عليهم ابت�سامتها العذبة ودعواتها التي ت�سكن نفو�سهم �سكينة واطمئناناً ..قبالتها ال�صباحية وهي تودعهم �إلى مكان درا�ستهم �أو عملهم ..كانت زاد ال�صباح الأكرث فائدة .. املليء بفيتامني احلب واالحتواء. خرجت �إلى عملها ،وبيدها كوب قهوة لذيذ ..احت�سته ،وهي تقطع م�سافة الطريق ..ومع كل ر�شفة كانت ابت�سامتها تت�سع ،وهي ت�ستعر�ض تفا�صيل حياتها املرتبة اخلالية من تعب ال�ضو�ضاء وال�صخب ..وتخطط مل�ساء �سعيد.. بعد عودتها من عملها �إلى بيتها الدافئ ب�أ�سرة ع�شقت الهدوء ،فع�شقها الأمان والطم�أنينة ،ف�صادقها الفرح. فرح ..ومرح.. �أختان يف بيت واحد ،تتقا�سمان فيه الظروف نف�سها ..لكن �إحداهما تغلي على فوهة بركان ،من ع�صبية وجزع وا�ستعجال ..والأخرى �أع�صابها تعي�ش رفاهية يف جزر الهدوء والطم�أنينة وال�سكينة.. و�شتان بني هذه وتلك. اخلال�صة.. التي�سري ..النجاح ..الهدوء ..التفا�ؤل.. حتتاج �إلى �صبحات مرتفة ،حتى و�إن كانت مزدحمة.. -دلل �صباحك بالهدوء ،ليدلل هو يومك بال�سعادة والطم�أنينة والنجاح.
39
40
ال املانحة ونعم القاب�ضة -ال -قد تطلق الفرح امل�سترت خلف حجاب!..
هل �أنت ممن ترجح عندهم كفة «نعم» على كفة «ال»؟ هل ت�شعرك «ال» ب�أن عورة العطاء عندك مك�شوفة ،فت�سارع �إلى �سرتها بنطق «نعم» كلما همت «ال» �أن تهرب من �سجنها عرب �أبواب �شفتيك؟ �إن كنت من ه�ؤالء ..فعذراً� ..أنت ممن يعي�ش على خط فقر ال�سعادة ،رغم َ�صدقات الفرح التي مينحك �إياها العطاء. ال �شك� ..أن الإيثار قيمة �سامية ..وفعل جميل يجعلنا ن�صفد �شياطني الأنانية التي ت�سكننا ب�أغالل الإن�سانية ،ونحن نلب�سها ثوب البذل والت�سامح والعطاء ،الذي يرتق بالر�ضا �شقوق البخل وحب الذات التي قد ت�ضرب يف حلظة �ضعف قلب �إن�سانيتنا.. ولكن.. لـ «ال» علينا حق الرب بها ..متى ارتفع �صوت نعم ،وطغى بتخطيه حدود املعقول قافزاً فوق حواجز تقدير النف�س ،ب�إرهاقها من �أجل راحة الآخرين.. من حق «ال» �أن ننت�صر لها متى ما �سرق طمع «نعم» منها ري�شة الراحة، لري�سم ب�ألوان الفرح الثابتة ابت�سامات م�شرقة على مالمح الآخرين ،تاركاً لنا �أقالماً من فحم ور�صا�ص نر�سم فيها ابت�سامات باهتة ال يلبث عبء �صنع ال�سعادة للآخرين على ح�ساب النف�س �أن ميحو �أثرها ،تاركاً لنا خطوط التعب والإرهاق �شاهداً وا�ضحاً على زيف �سعادة فرح يدو�س على رغبات النف�س من �أجل راحة الآخرين.. اخلال�صة.. رائعة «نعم» عندما ت�صادق على عالمة جودة البذل ب�شخ�صياتنا التي تعطي ما دام الإيثار ال يكلف النف�س �إال و�سعها.. ورائعة «ال» ..عندما تكون كمكابح توقف تهور البذل املتجاهل لعالمات التوقف عند تقاطعات قدرة النف�س على العطاء.
41
لذا ،التوازن بني «نعم» و»ال» ي�ضمن لنا �أريحية �شعور يغذي �أرواحنا بالر�ضا وال�سعادة ..وي�ضمن لنا ا�ستمرار «نعم» الكرمية بتوزيع هدايا الفرح على «النف�س» ،وبالتايل على «الآخرين»..
42
43
اخلط الأ�صفر 44
عند �أنظمة املرور ..يف ال�ضوء الأ�صفر منجاة .. �أما يف قواعد احلياة ..ففي احلذز الأ�صفر �سالمة
�أخ�ضر� ..أ�صفر� ..أحمر.. �ألوان ذات لغة عاملية ،ترتبط ب�أذهاننا ب�إ�شارات املرور ،التي تنظم ال�سري يف الطرقات بطريقة ت�ضمن لنا ال�سالمة من الأذى. تلك الألوان الثالثة ال يقت�صر �سرها العجيب يف �ضبط ال�سري على حركة املرور يف ال�شوارع� ،أو التحكم ب�سالمة ال�سيارات وامل�شاة فقط ..هي منهج حياة ،لو اتبعنا الفل�سفة التي تقوم عليها يف �ضبط ذلك احلديد املتحرك ل�ضبط �أمر حياتنا كله. يف الب�شر.. هناك َمن ي�أبى خوفه �أن ي�ضيء له نوراً غري ذلك الأحمر ،الذي يجعله يقف غالباً عند �أول �أمتار طريق الهدف ،فال يتحرك خوفاً من التقدم ،مرعوباً من حواجز العقبات ..في�ضيع العمر ،وهو يف حلم ،خاف �أن يتحرر من �سجن خياله ،ليتحرك بحرية على �أر�ض الواقع. �أما ال�صنف الثاين من الب�شر ،فهم من �إ�شارة طموحهم م�ضاءة ب�أخ�ضر االنطالق دوماً ..هم يف ماراثون رك�ض ،ال ينتهي ،للو�صول �إلى خط نهاية الهدف ..مكابح النف�س عندهم فيها خلل ،يعجز عن �إيقافهم عن ال�سعي ب�شرا�سة لإزالة �أي عقبة �أو حاجز يقف يف طريقهم ..فرتاهم عندما يواجهون نقطة �ضبط اجتماعية تبطئ من �سرعة انطالقهم اجلنونية نحو �أهدافهم� ..أو عندما يفاجئهم حاجز عقبة جمتمعية ،و�سط تكتل ازدحام الرغبات ،يفتحون نافذة ال�شجار والرتا�شق بالكالم وال�صدام ،فين�شغلون بها عن الغاية ..في�ضيع الوقت ،وميوت احللم ،من دون �إجناز. �أما �أولئك الناجحون ،الذين يع�شقون اعتماد �سطوع اللون الأ�صفر يف طريقهم فهم الفائزون ..الذين �سلكوا �أق�صر الطرق للو�صول �إلى رغبة لب�ست عباءة الهدف ..هم ينطلقون �سريعاً ،ولكن بحذر ،يجنبهم اال�صطدام بحواجز ال�ضبط الثابتة يف املجتمع ..ال يحاولون طرقها ب�شرا�ستهم ،ليحدثوا
45
46
فيها ثقباً ميرون من خالله ..وال ت�صور لهم قوتهم �أنه ميكنهم القفز فوق �أ�سوارها العالية من دون �سقطة �أو رد فعل معاك�س قد يك�سر فيهم �ألف �شيء ،ويعطلهم عن امل�ضي ب�سالم يف طريق حتقيق الرغبات والأحالم.. الإ�صرار على حتقيق ما ن�ؤمن به جميل ..وقيمة رائعة من قيم الب�شر العليا.. ولكن ال�صدام ي�شوه هذه القيمة وميزق قد�سيتها ،لذلك.. لو و�ضع كلٌ منا �إ�شارة مرور داخل نف�سه ،ل�ضبط �سري الأماين يف زحمة �شوارع الأحالم ،و�ضمن لها �سالمة الو�صول �إلى الهدف من دون حوادث كارثية ،ت�صطدم فيها غاياته بحواجز �صلبة كان من املمكن جتنبها ،لو مل نتجاوز حتذير اللون الأ�صفر ،الذي كان خري نور ي�ضيء لنا ظلمة الدرب وي�ضبط لنا ال�سالمة يف جنون زحمة �أهداف الب�شر املتجمعة و�سط �ساحة احلياة. فليتنا ندرك فل�سفة ال�سعادة املقرتنة باحلذر الأ�صفر ..
47
48
ر�ضا النا�س
ر�ضا النف�س �سر ر�ضا احلياة والنا�س والظروف
مذاهب».. «وللنا�س فيما يع�شقون ُ ر�ضا النا�س غاي ٌة ال تدرك.. لوال اختالف الآراء لبارت ال�سلع.. بع�ض من �أمثلة كثرية ذات م�ضمون ي�شري �إلى �أن الب�شر ال ميكن �أن يتفقوا على ر�أي ..ومن اال�ستحالة �أن يجتمعوا على حب �شيء وا�ستح�سانه� ،أو كرهه وا�ستهجانه.. لذا.. من �أ�س�س بنيان �سعادته على �شفا ٍ جرف ها ٍر من ر�ضا النا�س ..انهار به �أ�سفل وا ٍد �سحيق من �ضياع فرح ونكران ذات.. وراحة البال وال�سعادة التي يبغيها الإن�سان من جراء �شراء �أكرب كمية من �أ�سهم ر�ضا النا�س على ح�ساب �سعادته مغامرة غري حممودة العواقب، وفرح خا�سر.. وا�ستثمار يف تقدير ٍ لذلك.. من اخلط�أ �أن -ن�أكل ما يعجبنا ونلب�س ما يعجب النا�س -لأن ثوب قبولهم ومباركتهم ملا نفعل لن ي�أتي �أبداً مبقا�س ر�ضانا نحن واقتناعنا مبا نفعل.. و�ستبقى �صدورنا عر�ضة ل�سعال الك�آبة اجلاف ب�سبب ت�ساقط �أزرار الفرح من �سرتة �سعادتنا ال�ضيقة. �أنا ومن بعدي الطوفان الهادئ -الذي ي�ضمن يل �إبحار �سفينة حياتي مبن�أحب و�سط بحر احلياة ب�سالم دون الإ�ضرار بالآخرين ..حكمة �صائبة ولي�ست �أنانية حمقاء ،نحتاج �إليها لنعي�ش دنيانا بت�صالح تام مع �أنف�سنا ،ومع من لهم حق مبا�شر علينا كالوالدين والأبناء وغريهم ،ممن �أمرنا اهلل بربهم حد الر�ضا �أو ًال ..ثم التعاي�ش مع خلق اهلل ب�سالم مبني على االحرتام وتقبل الآخرين، والعي�ش معهم كما هم وكما نحن ،ال كما يجب �أن يكونوا �أو نكون عليه.
49
اخلال�صة.. ال�سعادة ت�أتي من فتح قلوبنا للب�شر ،مع حماولة طرق �أبواب قلوبهم بب�ساطة التعامل واالحرتام واحلب ..من دون الرك�ض املتعب خلف �إر�ضائهم� ،أو اغتيال روح �سعادتنا على مق�صلة ك�سب ر�ضاهم املتقلب الذي يخ�ضع لتقلبات الزمان واملكان والظروف.. يف �إ�شباع النف�س بالر�ضا لري�ضى الآخرون وتر�ضى الظروف ،فل�سفة �سعادة وال �أجمل اليدركها �إال الفطنون ..
50
51
52
لن �أعي�ش يف جلباب �أبي ما �أجمل �أن ن�ستوعب حقيقة دورة الزمن فندور معها بدل �أن تكون حجر عرثة يعرقل تطورها
على �شرفة غروب نا�صع الهدوء ،خالٍ من بقع ال�ضجيج ،جل�ست مع ابنتي و�صديقاتها ،نتناول قطع الأحاديث احللوة مع ر�شفات النقا�ش الدافئ. جو تلك الأم�سية املائل للدفء �أ�سال جبال ال�صمت اجلليدية ،التي ك َّونها جتاهل الأهل ب�صفة خا�صة ،والكبار ب�صفة عامة ،الحتواء اجليل ال�صاعد، وعدم تقبلهم ملبد�أ تطور الفكر واختالف االهتمامات ،مع تطور ال�سنني واختالف الأجيال. �أده�شتني �أحاديث املراهقات ال�صغريات ،العامرة بطازج الأفكار ون�ضارة املبد�أ ..وحرارة احلما�س. اكت�شفت �أن وراء قَ�صة ال�شعر الغريبة والثياب امل�ستفزة لنا كباراً ،وحتت تلك القهقهات الطائ�شة والتهور املندفع ،تقبع مبادئ ال تتغيرَّ من جيل �إلى جيل، يف العقل الذي تربى على الوعي ،و�أن ما يتغيرَّ فقط هو �أ�ساليب التعبري. الفكر هو نف�س الفكر ،واملبد�أ هو نف�سه ،من قدمي الأزل ،ولكن بتطور ينا�سب طبيعة الع�صر ،وبجر�أة �أكرث ،وقدرة و�سرعة وحما�س و�إ�صرار �أكرب ،لتنفيذ ما ت�ش َّربه فكرهم حد الإميان ،ولكن -للأ�سف -كفر به كبار هذا اجليل، الذين وقفوا على ر�صيف حقبة ما�ضية من الزمن يخافون العبور �إلى ر�صيف الع�صرنة املقابل ،خوفاً من �أن يده�س مبادئهم با�ص التغيري ،فتموت الهوية الفكرية ،وتطم�س ب�صمات املبادئ الأزلية. ال�شباب منجم حما�س و�أفكار و�إبداع ..هو ثروة املجتمعات ،رغم كل جتاوزاته ،التي نراها نحن الكبار مبالغاً يف جر�أتها حد الوقاحة �أحياناً، متنا�سني �أننا كنا يف �سالف �سنوات م�ضت مراهقني و�شباباً ،ي�ؤملنا ا�ستخفاف كبارنا مبعتقداتنا ومنهجنا وطريقة تعاطينا مع احلياة. كانت حفلة فرح م�صغرة� ..أن�صت فيها �أكرث مما حتدثت ..ا�ستفدت �أكرث مما �أَفدت ،وتلذذت بتذوق �أفكار �شبابهم الطازجة ..املقدمة على طبق من
53
�أ�سلوب ع�صري مزين ب�أناقة مبهرة ،فقررت �أن �أتقبل ابنتي ،و�أرفع ر�أ�سي بها كما هي بكل جنون �أفكارها العاقلة ،ال كما يجب �أن تكون عليه. اخلال�صة.. «لن �أعي�ش بجلباب �أبي» ،ا�سم م�سل�سل ،ولكنها حكمة ،لو اقتنعنا بها،لتبخرت �أغلب م�شاكل الأهل مع املراهقني ،وعا�شوا ب�سعادة وتوافق وال �أجمل.
54
55
56
لقافة ال حتر�ص على فتح نوافذ تتل�ص�ص منها على ما ا�سترت من خ�صو�صيات الآخرين فتغلق نافذة ال�سعادة على حياتك
لي�س �أ�سو�أ من �أن ين�شغل الإن�سان عن نف�سه وحما�سبتها �أو تطويرها �إلى مراقبة الآخرين ،وتتبع تفا�صيل حياتهم ،جمتهداً بك�شف ما �سرتوه عن �أعني املتل�ص�صني من �أ�سرارهم. «اللقافة» مبعناها العامي ..االجتهاد يف البحث عن �أدق تفا�صيل حياة مدفونة بحفر عميقة حتت �أكوام خ�صو�صيات الب�شر. «داء» ومر�ض ع�ضال ي�صيب توافه النا�س ذوي الأماين ال�ضائعة ..و�أ�صحاب الطموحات املنخف�ضة وال�سطحية العالية ..فيحولهم من ب�شر �أمرهم اهلل برتك ما ال يعنيهم ليح�سن �إ�سالمهم� ..إلى كائنات غريبة تتغذى على الغيبة واخلو�ض يف �سري النا�س ،وت�أكل حلوم �إخوانهم يف الب�شرية ميتاً ،من دون �أن يكرهوه ..ملر�ضهم هذا م�ضاعفات خطرية ،لو يعلمون. منها� ،أن ميحق اهلل بركة ال�سعادة من نفو�سهم ..ومن غ�ضبه عليهم ي�شغلهم باجرتار تفا�صيل حياة الآخرين ،ب�شكل ين�سيهم و�ضع حياتهم هم حتت جمهر النف�س اللوامة للذات ..التي حتا�سب نف�سها وتقيمها قبل �أن تكون مراقباً وحكماً على الآخرين ،ما يجعلهم على هام�ش احلياة ،حمرومني من االرتقاء ب�أنف�سهم وتطوير ذواتهم ..ومن النجاح والإميان الذي يقربهم من اهلل �أكرث ،فيحبهم اخلالق ،ومن ثم يحبب بهم خلقه. التدخل ب�أمور النا�س ف�ضول مقيت ،وح�شرية بغي�ضة ،تتغلغل يف �شرايني ال�سعادة ،حتى ت�سمم دماء الفرح الذي يجري فيها ،فتموت املتعة الذاتية ،لتحيا النميمة ،ويتف�شى داء ُ الكره بني النا�س واحل�سد. يقول املثل ال�شعبي «�صباح اخلري يا جاري� ..أنت فـ حالك و�أنا فـ حايل». حكمة ب�سيطة ت�ضمن لنا ال�سالمة وال�سالم ..ليتنا نتناولها كل �صباح كم�ضاد «لقافة» لي�صفو لنا عكر احلياة وحتقق ال�سعادة يف احلياة.
57
58
نا�صع البيا�ض النظافة اخلفيفة طهر �أخالق يعقم تفا�صيل احلديث والأفعال
من منا ال يبتهج لر�ؤية �شخ�ص نظيف؟! ومن منا ال تلفت نظره رائحة عطر فواح لإن�سان �أنيق؟! كلنا ..تت�سابق حوا�سنا ملتابعة نظيف البدن عطر الرائحة �أنيق املظهر.. ولكن ..هل فكرنا يوماً باملعنى الأعمق للنظافة ،ومفهومها الأ�شمل الذي يحثنا عليه الدين �أو ًال ،ثم جتربنا عليه ذوقيات التعامل الإن�ساين واالجتماعي مع الآخرين؟ �أحبائي .. كلنا نعرف �أن «النظافة من الإميان» ..و�أن الإميان من �أهم �أ�سباب ال�سعادة.. ولكن قليل منا من يدرك �أن احلديث يحثنا على ما هو �أعمق من نظافة الظاهر.. ما �أق�صده.. �أن النظافة لي�ست ماء و�صابوناً وعطراً فقط! النقاوة هي طهر يجب �أن نعقم به دواخلنا قبل خارجنا!.. ما �أجمل �أن تكون نوايانا ح�سنة يف تعاملنا مع اهلل ومع النا�س!.. وما �أجمل غ�سل بقع احلقد واحل�سد والكره العالقة بالقلوب من �أثر الرك�ض مباراثون �سباق الو�صول �إلى جناح مييزنا عن الآخرين ،لتعود القلوب نا�صعة البيا�ض! وما �أرق ل�سان نظيف ..نرتفع به عن فح�ش القول و�سيئ املنطق وبذيء الكالم ..نكفي النا�س �شره ليقرتبوا منا وال ينفروا! وهل هناك �أكرث �أناقة من �أخالق نظيفة ن�صافح بها النا�س لتكون بطاقة تعريفنا الدائمة عندهم! وما �أروع نظافة ال�ضمري اخلايل من ف�ساد ي�ضر �صاحبه قبل �أن ي�ضر الآخرين! ولن �أن�سى نظافة مهمة نحتاج �إليها ..ا�ستحدثت احلاجة �إليها كرثة القذارة
59
60
التي تراكمت و�سط عامل التكنولوجيا العنكبوتية ،وو�سائل التوا�صل االجتماعي ..حيث ت�سممت ال�ضمائر ف�سادا حد املوت ،ف�أ�صبح الكذب واالفرتاء والقذف وت�صفية احل�سابات ال�شخ�صية ،والأحقاد واحل�سد والغرية قنابل من نتانة م�ؤذية ،يتحارب بها املف�سدون من خالل �صفحاتهم الإلكرتونية ..وكم من �سمعة بي�ضاء نقية ُدن�ست كذباً وقتلت بقذائف ف�سقهم ال�شيطاين! «النظافة» احلقة تكون يف النية احل�سنة والقلب الأبي�ض والأخالق العطرة والل�سان املتعفف واخلجل احلقيقي من اهلل. ومن نظافة الداخل تلك ت�أتي نظافة اخلارج ..فمن تطهرت �سريرته �أبى خارجه -بدناً ومكاناً � -أن يخالف ما يبطن. اخلال�صة .. �صدقوين ..من اهتم بنظافة مظهره و�أهمل داخله ..لن يلبث �أن ي�صاب بعفن الأخالق ..ولن ي�ستطيع عطر اخلارج �أن يغطي نتانة ف�ساد الداخل.. و�ستنفر النا�س منه مبتعدة عنه رغم جمال غالفه الرباق. �أما من تطهر داخله بالنظافة والأناقة واجلمال فلن يخذل خارجه ُح�سن داخله جما ًال و�أناقة نا�صعة النظافة ،وبذلك ميلك القلوب والعقول واحلوا�س ..و�ستبقى �سريته العطرة و�سماً يو�سم به يف حياته ،وورثاً يورثه لأبنائه حتى بعد املمات. النظافة فل�سفة ..لو تعمقنا مبعناها لع�شنا �سعادة نا�صعة الفرح.
61
62
لنهاجر احلب ..اجلمال ..ال�سالم حدود لوطن �سعادة مينح الروح �أجمل طم�أنينة و�أقوى �أمان
من منكم ج ّرب �سفر الروح..؟ ومن منكم ع�شق بالد اجلمال فقرر �أن ي�ستقر بها مهاجراً؟ �أغلبنا للأ�سف ..يعي�ش داخل �أ�سوار مدن نف�سه العتيقة ،يحر�س متاحف الروتني التاريخية يف عمره و�أيامه .. يعمل ..ي�أكل وي�شرب ..ي�سافر ..يتوا�صل مع حميطه ..وميار�س �أدواره االجتماعية كاملة على الوجه الأكمل دون خلل �أو نق�صان ..ولكن ب�آلية عجيبة وروتينية مملة تف�سد طعم احلياة وحالوة الدنيا.. ه�ؤالء ..يتحولون مع الوقت �إلى �أدوات ت�ؤدي �أدوار ا�ستمرارية احلياة.. يومهم �ضائع بني حمل �أوزار هموم الأم�س وعرثاته ..وخوفهم من �أن ي�سرق احلظ والظروف جناح و�أمان الغد.. يغتالون «الآن» بـ «كان» وما «�سيكون» ،وبني املا�ضي وامل�ستقبل يظلم حا�ضراً هو العمر احلقيقي الذي يح�سب يف عداد الفرح.. عالج ه�ؤالء «ال�سفر» �إلى مناطق نائية من جغرافية ذواتهم ..الكت�شاف �سواحل الراحة ..واال�سرتخاء على �شواطئ ال�سكينة.. حقائبهم مليئة باحلب �أو ًال.. حب اهلل ثم حبهم لذواتهم ..ظروفهم ..حميطهم ..يومهم ..حلظتهم.. قبح فال يبقى ثم باجلمال ..لأن احلب يغم�ض العيون والروح عن كل ٍ حا�ضراً �إال تذوق اجلمال.. جمال يف �أنف�سنا ..بنعم اهلل علينا ..باملحيطني بنا ..والعمل الذي يحب اهلل منا �أن نتقنه متى ما حتملنا م�س�ؤوليته ..يف الكون ..يف الطبيعة ..يف ابت�سامات الب�شر ..برباءة الأطفال ..بن�شوة عطر �أو �أريج وردة ..ب�أ�شياء كثرية ينرثها اهلل حولنا ،ولكننا ال نراها ،الن�شغالنا عنها بهموم الأم�س واخلوف من الغد.. ومن احلب واجلمال ي�أتي ال�سالم ..فمن يع�ش بحب ويتذوق من خالله
63
64
جمال الكون والأ�شياء ،البد �أن يرفع ال�سالم رايته بداخله ..معلناً فتحه لبالد ال�سمو الروحي ..في�أتي ال�سالم طائعاً ي�شهد �أن ال �سعادة وال لذة يف احلياة �إال بحب وب�سالم ي�شرق من الداخل ،لين�شر نوره �سالماً على كل �شيء وكل �أحد.. اخلال�صة .. ما�ض ميت وخوف اتركوا عنكم عوا�صم ال�صخب امللوثة بذكريات عرثات ٍ من م�ستقبل هو يف ودائع اهلل.. وهاجروا من كل هذا� ..إلى مناطق احلب واجلمال وال�سالم املوجود داخلكم ويف حميطكم ،ويف احلياة والكون الوا�سع.. تعرفوا على معاملها وجتولوا بدهاليزها.. وا�ستمتعوا باللحظة ..واحلا�ضر ..والآن ..فهذه هي فل�سفة ال�سعادة الأجنح لزيادة �أر�صدة الر�ضا والفرح وال�سعادة.
65
66
�سو�س الب�شر قل للزمان ..ارجع يازمان !
قبل ب�ضعة وع�شرين عاماً.. يف زمن كان الرتابط بني �أفراد املجتمع يف خليجنا العربي مبنياً على �أ�س�س من تواد وتراحم وتكافل متني ..جتاور �أبو علي و�أبو خالد يف احلي ويف امل�سكن.. كان هناك باب وا�سع من حب ووفاء و�سالم و�سط ال�سور اليتيم الذي ف�صل بني منزليهما.. يوقظهما فجراً �أذان يرتفع من م�سجد واحد ..يفتح كل منهما باب بيته ليم�شي يف نف�س الدرب لي�صل �إلى جهة عمل واحدة ،خب�أ اهلل لهم فيها لقمة عي�شهم وقوت يومهم هم و�أبنا�ؤهم.. خلف الباب الذي خرج منه الرجال كان �أبنا�ؤهما يلعبون بحب ومرح حول �أم علي و�أم خالد ،وهما تتبادالن �أحاديث ك�أنها �إذاعة احلي الداخلية التي تنقل �أخباره بعفوية مرحة مع �شاي ال�ضحى ،وما ي�سر اهلل لهن معه من حلوى �أيام زمن الب�ساطة املعدة ب�أيد مل تتلوث باحلقد والكره. ومع نهاية �آخر ر�شفة َيدخُ لن املطبخ �سوياً ليت�شاركن �إعداد وجبة الغداء للأفواه اجلائعة يف قدر كبري ،عندما يكتمل ن�ضج �أرزه يق�سم بني بيتني �أحدهما �سني والآخر �شيعي ،ليملأ بطوناً جائعة للطعام ،ويكمل �إطعام �أنف�س �شبعت حباً حد التخمة (اللذيذة) بعد القيلولة.. يتجمع الرجال بعد �صالة املغرب يف قهوة احلارة ال�شعبية يتبادلون �أحاديث ال�سمر واملرح ..يناق�شون �أمور جمتمعهم ال�صغري ،ويعاجلون م�شاكله بروح واحدة ال تفرق بني هذا وال ذاك ،متنا�سني من هو و�إلى �أي مذهب ينتمي. وعند نهاية اليوم ..يعودون لبيوتهم ..ي�ضع كل منهم ر�أ�سه على و�سادته، وقلبه ال يحمل �إال احلب جلاره والدعاء له ولنف�سه باخلري والرزق واحلفظ من احلافظ احلفيظ ..لينام ا�ستعداداً ليوم جديد.
67
68
بعد ب�ضعة وع�شرين عاماً من ذلك امل�شهد ..كرب ال�صغار ..وتعقدت املجتمعات ال�صغرية ..ونبت يف الأر�ض �شياطني من �سو�س الب�شر ،نخروا �أ�سا�س براءة توا�ضع العالقات يف املجتمعات اخلليجية� ..سلطوا احلقد على املذهب ..كفروا املخالف وكرهوا املعار�ض ..نحروا روح احلب و�أراقوا دماء ال�سالم على �أر�صفة املذهبية والطائفية والفنت. فتخا�صم �أولئك ال�صغار الذين كانوا يف �أح�ضان �أم علي و�أم خالد ينامون وحولهما يلعبون.. ك�سر الود بحجر التع�صب فمات الوفاء واالطمئنان ،وانتهت ق�صة عائلتني جمعهما احلب وفرقتهما الطائفية. ليتنا ..نقف �أمام مر�آة املنطق الذي �أمرنا اهلل به.. وهو �أننا ب�شر وجدنا لنعمر الأر�ض ..نزرع احلب فيها لنح�صد ال�سالم الذي حتتاج �إليه �إن�سانيتنا لنتنف�س الأمان ،وجنتمع على حب اهلل �أو ًال ،ثم حب �أوطاننا التي فيها معا�شنا.. لنحذر حيل الأنف�س الأمارة بال�سوء التي تو�سو�س لنا �أننا �سياط ال�سماء امل�سلطة على عباد اهلل جل وتنزه �سبحانه عما فعل �سفها�ؤنا با�سمه.. �سني� ..شيعي� ..صويف ..ليربايل� ..إخواين ..و�إلى غري ذلك من املذاهب والت�صنيفات ،لنحذر من �إ�صدار �صكوك تزكية وغفران ملن ُيرفع �إلى �أعلى منازل اجلنة� ،أو يكب �إلى �أعمق حفر النار.. ولنفكر بعقل يقظ واع ال خمدر �أو م�ؤجر.. �إن كل نفَ�س يدخل �أو يخرج من رئتي ب�شر حي هو ملك هلل وحده ..فلي�س من حقي �أو حقك ك�سني �أو �شيعي �أن �أ�سرقه منك �أو تخطفه مني بحجة اختالف املذاهب والأديان ..لأننا كلنا ملك امللك الديان ..وهو جل يف عاله الذي قال «لكم دينكم ويل دين».
اهلل ..مل مينح ر�سله و�أنبياءه حق �إزهاق الأرواح من �أجل الو�صول �إلى الغاية ..فمن نحن حتى نجُ رم ونبط�ش با�سم اهلل!.. �أنا ب�شر� ..أنا �إن�سان� ..أنا روح.. �أ�شعر� ..أفرح� ..أحزن� ..أبكي� ..أبت�سم� ..أخ�شى الأمل و�أرجو العافية� ..أخاف على نف�سي و�أهلي و�أوالدي ،مثلك متاماً يا من اختلف مذهبك عن مذهبي، فكف �أذاك عني واتركني لربي �إن كنت على خط�أ ،فعقابه علي حق، ورحمته التي ت�سبق عذابه و�سعت كل �شيء. و�إن كنت على �صواب فال تروع �أمني وتزهق روحي ،ودعني �أ�ستمتع بر�ضا اهلل ومتعة ر�ضاه ،بعيداً عن حمدودية حقدك الب�شري عمن خالفك.. نحتاج لبيا�ض نوايا و�صفاء قلوب لن�صل �إلى فل�سفة ال�سعادة الأجمل.. ولكن ..من يفقه..؟
69
70
�ضاعوا ب�سببنا اال�ستفهامات املعلقة �أبواب ال�شيطان
كان واليزال يف هذا الع�صر وحا�ضر الزمان� ،أربعة �أطفال �أ�صبحوا الآن مراهقني ..وهبهم اهلل من الفطنة والذكاء ما يجعل ماذا ..وهل ..وكيف.. و َمل؟ ا�ستفهامات غزيرة ال تتوقف عقولهم عن التفكري بها ،وال �أل�سنتهم عن ال�س�ؤال عنها. ٌ كل منهم كان يحمل يف حقيبة عقله تلك الأجزاء ال�صغرية من الر�ؤى املفككة التي يذهب بها �إلى �أهله ..ينرثها �أمامهم� ..أ�سئلة كثرية ذات عمق حتتاج �إلى �صرب و�إي�ضاح يتنا�سب مع �سنهم ،وي�ساعدهم على جتميع �أجزاء ال�صورة ،لي�ستمتعوا بو�ضوح املعنى ومتام الفهم. كلهم ..كانت �أ�سئلتهم تتجاوز حاجز املعقول �أحياناً .ولكنه العقل النا�شئ، الذي ال �سلطة لنا عليه ،وال حيلة منلكها لنجربه على عدم جتاوز خط التفكري الأحمر.. ٌ حمم ًال ومثق ًال بالأ�سئلة التي ُيطلقها �أمام والديه.. كل منهم كان عقله َّ ولكن.. �أحدهم ..كانت �أ�سئلته جتاوزات يراها الأهل مترداً غري مقبول ،و�أ�سئلة يجب �أن تبقى حبي�سة النف�س ،مرفو�ضة الإجابة ،غري قابلة للت�صريح ،خوفاً من فتح �أبواب لأ�سئلة �أكرب ،ال ميلكون هم �أنف�سم الإجابة عنها� ،أو لأن وقتهم �أثمن من �أن ي�صرفوا دقائقه يف لعبة ّ حل �أحاجي احلياة عندما ت�ستفز عقول الأبناء.. َّ مل الأهل ،ف�أقفلوا الباب ..يف الوقت الذي مل يي�أ�س فيه االبن ،و�أ�ص َّر على طرق �أبواب �أخرى للجواب.. حريته و�شغفه وتعط�شه جعلته �صيداً �سه ًال لأ�صدقاء ال�سوء ..و�سارقي العقول ..وغا�سلي الأدمغة.. الأول� ..أ�صدقا�ؤه ج ّروه �إلى طريق اللذة الكاذبة ،التي �أوهمته ب�أن الرجولة
71
72
يف اجلن�س وال�شراب والتدخني ..و�إن كان رج ًال بحق ،ففي املخدرات ٍ حتد لن يقدم عليه �إال القوي اجل�سور. للأ�سف� ،أغلق �أهله باب ال�صرب واالحتواء ،ففتح له �أ�صدقاء ال�سوء �أبواب الف�ساد وال�ضياع. الثاين ..عندما َّ �ضل طريق املعرفة ،هداه عقله �إلى طريق له باب ،ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب.. طريق التدين الزائف ،الذي يدعو �إليه غا�سلو العقول ،الذين يغرون ال�شباب بوعود اجلنة ونعيمها ،الذي لن ي�صلوا �إليه� ،إال بالدم والقتل والدمار ..و�أن النف�س رخي�صة جداً ..و�أن احلور العني لن ي�ستقبلن �إال روح َمن �أتاهم �أ�شالء مزقها حزام نا�سف. الثالث ..ذكا�ؤه كان �أكرب ،و�أ�سئلته �أعمق� ،ضاق ذرعاً بحواجز ال�صد و�إقفال �أبواب �سد الذرائع ،التي حجبت عنه �شفافية احلوار العقالين واملنطقي، التعمق �إلى ما هو �أكرب ..مل تقنعه الأجوبة ال�سطحية ،فخانه لتقف بينه وبني َّ ذكا�ؤه الأ�سود ،ملقياً به و�سط م�ستنقع الإحلاد القذر. الرابعَ ..م َّن اهلل عليه ب�أ�سرة تعرف كيف ت�ستثمر ذكاء الأبناء ..وكيف حتت�ضن حريتهم ،وتكون ملج�أ لالحتواء.. احلوار الهادئ كان حا�ضراً يف يومهم ،واالختالف بني الآراء مل يكن يوماً �شرارة ت�شعل حرائق اخلالف ..بل بالعك�س ،كانت اختالفات �إيجابية حت ّلق بهم �إلى �سمو الوعي ،لي�صلوا �إلى م�ستويات راقية من تفكري فردي م�ستقل غري قابل لتبعية �أو انقياد. اخلال�صة.. �أغم�ضوا �أعينكم.. عودوا بخيالكم م�سافة �سنوات طوال..
ثم قفوا عند حمطة طفولة علق بالعقل فيها مئات من عالمات اال�ستفهام.. ثم مراهقة متعط�ش ..لب�س احلرية معطفاً �صوفياً يف عز �صيف يوليو ،فاختنق بها من دون �أن يجد َمن ي�ساعده على خلع رداء االلتبا�س وفك �أزرة الغمو�ض. و�أنتم يف مقهى املا�ضي البعيد حتت�سون قهوة الذكريات ،تذكروا �أننا كنا نحتاج �إلى جرعة �إي�ضاح نبل بها عروق املعرفة اجلافة ..ونروي بها ظم�أ الفهم.. وهذا بال�ضبط ما يحتاجه �أبنا�ؤنا الآن ،وخا�صة يف ظل مارثون �سرقة العقول وغ�سل الأدمغة الذي تتناف�س عليه مافيا اجلن�س والإرهاب. احموا بعد اهلل �أبناءكم من االنقياد والتبعية ،ب�إزالة ما علق بلوح �شغفهم املعريف من عالمات ا�ستفهام ..وحاولوا قدر امل�ستطاع �أن جتلوا غمو�ض احلياة، لتت�ضح لهم الر�ؤى ،وي�صبحوا �أفراداً ذوي ا�ستقاللية فكرية ،ال تبعية ،قد جت ّرهم �إلى حفر الإرهاب� ،أو االنحالل الأخالقي املهلكة. هي �أ�سا�سيات مهمة يف التعامل مع الأبناء ،يجب �أن ن�ستند �إليها يف م�شوار الرتبية ،لن�صل �إلى ما ي�سرنا بهم ب�أمر اهلل ،ونحقق فل�سفة �سعادة وال �أجمل مع �أوالدنا. حمى اهلل �أبناءنا و�أبناءكم من �شياطني الإن�س وو�ساو�س ال�ضياع.
73
74
كي ال نتفاج�أ يف ع�صر التكنولوجيا � ..أ�صبحنا نخاف على �أبنائنا من �إرهاب و�سائل التوا�صل احلديث !..
�إلى فرتة قريبة كنا ك�أهل نحر�ص على �إبعاد �أبنائنا عن كل ما يحفز جوانب العنف والعدوان الكامنة يف نفو�سهم.. فكنا �إلى جانب الن�صح والقدوة واملعاملة احل�سنة ..نهتم دائماً �أن جننبهم م�شاهدة �أفالم العنف والأك�شن ،وكل م�شاهد متثيلية تتقاطر من �شخو�ص جم�سديها قطرات من دم كرياته حمرا�ؤها وبي�ضا�ؤها �أ�صباغ كاذبة.. كنا وكان التحكم ..وال�سيطرة ..وفر�ض نظام تربوي �صارم يطول ما تتلقاه احلوا�س وتت�شربه الأنف�س يف متناول حتكمنا ..كل هذا خوفاً على �صغارنا من م�شروع جمرم نا�شئ �أو منحرف ،حمل معه بقايا م�شاهدات عنيفة من روا�سب طفولة م�ضطربة. ولكن ..يف وقت الذكاء التكنولوجي الذي نعي�شه ،حتول الفيلم �إلى م�شهد حقيقي ب�أبطال حقيقيني ودم �صدق ال كذب فيه ،يتدفق غزيراً من �أج�ساد حية ميثلون واقعاً ملمو�ساً ال �سيناريو مكتوباً!.. �أ�صبح القتل والنحر واحلرق والدم والتعذيب على بعد �ضغطة �أ�صبع من �شا�شة �صغرية حممولة يف جيوبنا �أو �أ�صغر حقائبنا ،تالزمنا كظلنا يف كل زمان و�أي مكان!.. بتلك امل�شاهد التي ي�شيب لها �شعر الكبري ،وي�ستمتع بها خيال ال�صغري بقلب قوي ال ي�شمئز من م�شهد العنف� ،أ�صبحنا نخاف من م�شروع �إعالم داع�شي يت�سلل مبكر من بني تقنيات الربامج ال�سهلة الذكية الغتيال براءة الطفولة ،وقتل الرحمة والإن�سانية وال�ضمري يف �سن مبكرة ،حتى يكون العقل فيما بعد مطواعاً خلطط ال�شياطني الب�شرية.. واحلقد منفذ لها ببط�ش وجترب بدم بارد. واملرعب يف الأمر �أن موت القلب ال ينفع معه �إنعا�ش ال�ضمري ،وال حماولة �إيقاف نزف فكر العقل املتدفق من �شريان املنطق واملعقول.
75
76
لذلك ..مازلنا �إلى حد ما يف بداية الأمر ،ونحن نحتاج �إلى حلول جذرية �صارمة تق�ضي على وباء جنون الوح�شية الذي بد�أ يتف�شى.. نحتاج �إلى جهود جبارة وتعاون �صادق بني الدولة وذوي االخت�صا�ص يف املجتمع ،من رجال دين وعلماء اجتماع وعلم نف�س وتربية ،ملواجهة طوفان ال�شر ب�سد عظيم نحمي به جي ًال كام ًال من التحول �إلى «زمبيز» يعيثون يف املجتمعات ف�ساداً ،ال يقيم �أودهم �إال الدم ،وال يغذي �أرواحهم �إال الدمار. نحتاج �إلى �سيا�سة حمكمة وخطط �إ�صالحية وقائية ،تنجب حلو ًال جذرية بد ًال من �سيا�سة احلجب العقيمة ،التي �ساهمت �إلى حد كبري يف �إثارة ف�ضول املراهق للبحث عن مزيد من جرائم القتل امل�صورة ،من باب االطالع الذي يتحول تدريجياً �إلى �شغف ثم �إلى ممار�سة!.. نحتاج �إلى حوار ..نحتاج �إلى م�شاركة ..نحتاج �إلى تعاون يجعلنا ن�ستخل�ص احلل من العقل امل�ستهدف ،الذي لن نتمكن �أبداً من حمايته ما مل نتجول ب�أريحية داخل دهاليز عقله وحارات رغباته وتطلعاته ،ون�شبعها حتى الر�ضا.. لن�ستيقظ قبل �أن ن�ضطر للبحث عن مكان �ضيق يف �أر�ض اهلل الوا�سعة لننجو ب�أرواحنا منهم ،لأن ال�شر قد يزرع يف بيوتنا ومن �أقرب الب�شر لنا. حقيقة ..الكتابة يف هذا املو�ضوع م�ؤملة فما بالكم بواقعه!.. ليتنا ..ن�أخذ احليطة مع احلذر ..ونفكر بعمق لنحارب ال�شياطني بذكاء حتى ال يتلب�سنا �أذاها و�شرها ،ونغرق بدماء وح�شيتها ،فتغيب ال�سعادة وفل�سفتها عن عاملنا!..
77
78
قبل �أن يقع الف�أ�س على الر�أ�س االعتدال ميزان ي�ضبط توازن الأخالق
قبل 16عاماً.. �صرخته الأولى كانت جرعة ال�سعادة التي داوتها من معاناة ت�سعة �أ�شهر حملته فيها وهناً على وهن ..لدرجة �أنها ن�سيت وجعها وهي تعي�ش �أمل بكاء جزعه وخوفه يف �أول حلظات لفحه بها برد الدنيا ،بعد �أن كان �آمناً و�سط رحمها الدافئ.. �شوقها العارم �إلى �ضم ذلك اجل�سد ال�ضعيف ..وقلبها املت�شرب حباً لذلك املخلوق ال�صغري� ،أبى ال�صرب رغم �شدة التعب وعظيم الأمل ..فـاحت�ضنته حباً ولهفة ورحمة ..حتى قبل �أن يغ�سلوا عنه �آثار دمائها التي كانت متت�ص عافيتها لتغذيه جنيناً.. �ضمته �إلى �صدرها ..فهد�أ و�سكت بعد �أن ا�ستن�شق رائحتها ،و�سمع �صوتها العالق بذاكرته الطازجة التي مل تخزن �إال عبري �أمه ونربتها التي عا�شت معه مراحل تكوينه جنيناً ،نظرت �إلى عينيه ال�صغريتني ..وت�أملت مالحمه الربيئة وهو يفرغ يف جوفه وجبته الأولى من �صدرها الذي امتلأ حباً له و�أم ًال به ،ورجاء �أن يكون هو ع�صاها املتينة التي تتوك�أ عليها -خيالء -وافتخاراً به يف �شبابها، و�سنداً تتقوى به عند انحناء ظهرها ب�شيخوختها.. مير يوم بعد يوم ..لت�صبح الأيام يف حزمة الوقت عاماً بعد عام ..يكرب فيه وليدها جمداً جمتهداً فيتعلم امل�شي والكالم ..وي�صبح طف ًال م�ؤدباً وديعاً ..وتلميذاً جنيباً ّ يف مدر�سته ..مطيعاً لوالديه ..حمبوباً يف حميطه ..مالمح �شخ�صيته التي تت�شكل تب�شر برجل قادم ترجو �أن ي�صنف من �أخيار الرجال.. وكما مي�شي الب�شر مب�سارات احلياة ..م�شى ابنها طريق طفولته �إلى نهايته بي�سر و�سال�سة وفرح ..ومن نهاية درب الطفولة و�ضع قدميه على �أول �سالمل ال�شباب.. كان على خلق جميل ..حمباً للخري ..حمافظاً على دينه ..باراً بوالديه ..حافظاً لكتاب اهلل ،متوازناً بكل �شيء ..حمبوباً من النا�س ،فطرته ال�سليمة والتزام
79
80
والديه كونا عنده نزعة دينية رائعة جعلته كارهاً ملا حرم اهلل� ..شغوفاً مبا يقربه �إلى اخلالق.. ولأن ذلك كان من دواعي فخر والديه� ..أرادا له مزيدا من تقى ،فحر�صا على ح�ضوره درو�س و�أن�شطة وخميمات دينية �أينما كانت ..ثقتهم بلحى القائمني عليها كانت جواز قبول ومفاتيح ثقة لي�ضعوا ابنهم بني �أيديهم وحيداً دون رقابة منهم ،لثقتهم �أنه �سيتعلم منهم ما يجعل من تربيته الدينية رادعاً له عن كل مغريات الزمان وف�ساده. ولكن ما ح�صل كان عك�س ذلك ..بد�أت طباع ذلك الو�سطي املتوازن املت�سامح تتغري �شيئاً ف�شيئاً� ..أ�صبح حمباً للوحدة ..قا�سياً يف انتقاد والديه و�أخواته ..كارهاً لكل من يعار�ضه �أو يخالف ر�أيه ..احلب الذي كان ميلأ قلبه �أ�صابه الت�صحر فانترث �شوك الكره على �سطح ف�ؤاده حتى و�صل �إلى عمقه.. �أ�صبح غيابه عن البيت كثرياً ..وكل حماوالت والديه لإعادته �إلى �صواب الطريق باءت بالف�شل ..فلم يعد هناك غري دموع �أم ثكلت بر ولدها ،وجهود �أب �ضاقت حيلته عن ا�سرتجاع فلذة كبده �إلى ح�ضن طاعته و�سط الطريق ال�سليم. يف يوم �أ�سود كئيب بعد غيابه الأخري الذي طال �أكرث مما يجب ..وبعد كل �س�ؤال عن مكانه باء بالف�شل ..فوجئ والداه �أنه �ضمن من �أ�صبحوا مطلوبني �أمنياً ..و�أنه �أ�صبح �أحد عنا�صر �شبكة �إرهابية تخالف �شرع اهلل با�سم اهلل املنزه عن �أفعالهم ..بعد �أن ا�ستغل �شياطني الإن�س مدعو الدين ومثريو الفنت �شبابه الغ�ض وحما�سه املتقد ،ورغبته يف تخطي حواجز الزمن ليثبت �أنه رجل قبل الأوان.. وهنا �أدرك والداه �أن �أحالمهم به ماتت ،و�أن ابنهم �ضاع يف درب الالعودة.. فن�صبوا له عزاء يف �صدورهم ،دموعهم فيه جريانها م�ستمر ال يجف �أبداً.. اخلال�صة .. يف زماننا هذا مل تعد اللحية والثوب الق�صري �أو النقاب ،وقال اهلل وقال ر�سوله،
دلي ًال على التقى ،لنثق به�ؤالء ون�سلمهم �أبناءنا بح�سن نية ،ليغ�سلوا �أدمغتهم ويجعلوهم �أيديهم التي يبط�شون بها ،ويروعون �أمن البالد والعباد.. �أبنا�ؤنا �أمانة ..ويكفينا منهم الو�سطية التي �أمرنا اهلل بها.. ف�إن �أردنا لهم مزيداً من علم �شرعي ،يجب �أن ن�س�أل عن ال�شيوخ والأن�شطة بدقة �أو ًال ،حتى نت�أكد �أنهم �شيوخ �صالح وحق ،ال �شيوخ زيف ونفاق و�ضالل ،قبل �أن ن�سلمهم �أبناءنا ،قبل �أن يقطع الف�أ�س ر�أ�س ال�سعادة والفرح ب�أكبادنا التي مت�شي على الأر�ض.. لنحر�ص على �أال ي�سرق منا �أحد �سعادتنا بهم ،و�أال ينحر �أملنا بهم وفرحنا ب�صالحهم و�سعادتهم.. 81
82
زمن احلوار يف هذا الوقت ما �أجمل �أن ن�أخذ -درو�ساً -من �أقوال ال�صغار
من حكايا ابني ال�صغري الكثرية ..موقف احتد فيه النقا�ش بيني وبينه.. كان ذلك عند ا�ستعدادنا للذهاب �إلى منا�سبة عائلية ،اختلفنا حينئذ على ماذا �سريتدي ..كان يل ر�أي وله ر�أي �آخر يف االختيار ..و�أمام مت�سكي بر�أيي �أطاع هو ..ولكنه قال يل جملة كانت يل در�ساً: «ماما �أنا �سمعت كالمك لأنك �أمي وما �أبيك تزعلني ..لكن �أنا بعد يل ر�أي والزم ت�سمعينه مو كل �شي على كيفك». كثرياً ما ت�ضع م�شاهد احلياة الواقعية ومواقفها العابرة �ألف عالمة ا�ستفهام على قناعاتنا و�أفكارنا و�أ�سلوبنا يف احلياة. فنبد�أ مبراجعة �أنف�سنا حماولني عمل حتديث لكل ما �سبق ،حتى ن�ستطيع �أن ندور مع دورة احلياة واختالفات الأجيال ب�سال�سة ،فال يطحننا دورانها حتت عجالت القناعات التي مل تعد �صاحلة لزماننا هذا.. ولأن احلياة مدر�سة كبرية عريقة ،واملواقف كتبها ومراجعها ،تعلمت من ابني ال�صغري �أن الزمن تغري ..و�أن العقل الب�شري تطور.. و�أين يجب �أن �أ�شكر ابني امل�ؤدب جداً ،لأنه �أطاعني �إر�ضا ًء وحباً وبراً ،ولكنه يف نف�س الوقت ميلك �شخ�صية ت�ستطيع �أن تقول يل �أنا كائن م�ستقل ذو �شخ�صية م�ستقلة ،ول�ست تابعاً �سهل االنقياد. تعلمت من �صغريي �أن جيلي املطيع الذي مل يكن يجر�ؤ على رفع عينه بعني والديه ،مل يعد �صاحلاً لهذا الزمان املليء بفنت العنف والإغواء ،وغ�سل العقول التي ال جتر�ؤ على قول :ال� ،أو هذا ال ينا�سبني ،و�أننا بزمن نحتاج فيه �إلى حوار يجعلنا نقرر ماذا نريد ونحن بكامل �إرادتنا ،دون تبعية قد جترنا �إلى املهالك ودروب ال�ضياع.. تعلمت �أن الأم بكل ر�صيدها من العمر الذي �صرفته يف بنوك �سنوات احلياة ،قد تكون تلميذة يف �صف طفل �صغري تتعلم منه ما مل تعلمه لها
83
84
الأيام ..و�أنها �إن عاندت و�أ�صرت على �أنها �أعلم منه مب�صلحته �ضاعت منه، و�ضاع منها يف دهاليز ا�ستقاللية ال�شخ�صية يف زمن احلوار.. لذلك.. ك�أم � ..أحتاج حلوارات �أكرث عمقاً جتمع الأجيال املختلفة على طاولة نقا�ش تعلو بالفكر النامي ،وتوجه ذلك احلما�س املندفع الثائر ليم�شي الهوينى على دروب احلياة. �أحتاج ونحتاج �إلى نقا�شات مرنة �شيقة �سل�سة متنوعة ،ننزل بها من برج احلكمة واخلربة العايل الذي �أرى ،ويرى �أغلب الآباء� ،أن بلوغه �صعب على �أبنائهم ،ونعي�ش متغريات الع�صر لن�ستوعبها ..وندرك �أن هذا جيل ذكاء وفطنة ووعي قد يفاجئنا ،لدرجة �أننا قد نعود تالميذ على مقاعد احلياة ،نتعلم من �أ�ساتذة هذا اجليل.. احلوار يذيب الفجوة بني الأجيال ب�سرعة عجيبة كذوبان قطعة �سكر يف كوب �شاي �ساخن.. والنقا�ش يجعل من الطفل �أو املراهق� ،إن�ساناً �صاحب م�س�ؤولية م�ستمدة من حرية قرار غري مربوط ببريوقراطية عائلية� ،أو تعال جمتمعي يتعامل مع هذا الفرد �أو تلك اجلماعة النا�شئة بفوقية �صدقت كذبة �أنه قليل خربة!! احلوار يعطيهم ثقة بالنف�س جتعلهم يفكرون �ألف مرة قبل �أن يبيعوا عقولهم، �أو يقدموها قرباناً ملن يرى بها منافع ميكن ا�ستغاللها لغايات قد تقتلنا ك�أهل، يف الوقت الذي تق�ضي فيه على �أمن جمتمعاتنا. فليتنا نكرث من حوارات الأجيال من خالل الندوات وامل�ؤمترات والربامج التعليمية ،وكذلك الرتفيهية والربامج التطوعية ،وبكل و�سيلة متزج احلا�ضر باملا�ضي لي�ستفيد جيل اليوم من خربة جيل الأم�س ،وليتعلم جيل الأم�س كيف يحافظ على توازنه وهو مي�شي بثبات ،مرتدياً قبعة اخلربة واحلكمة يف
زمن يرك�ض بجنون. و ..لتتحقق ال�سعادة بفل�سفتها الأجمل بال �صدام.
85
86
مالئكة و�شياطني يف الب�شر جتتمع املالئكة وال�شياطني ونحن من ير ّجح كفّة �أحدهما على الآخر
املالئكة ال ت�سكن الأر�ض ..وال�شياطني لي�س لهم مكان يف ال�سماء!.. الب�شر وحدهم هم من يجمع بع�ضاً من هذا و�شيئاً من ذاك ،وم�ساحة التخيري التي �سمح اهلل بها للإن�سان هي من ترجح كفة مالئكيته على �شيطنته �أو العك�س. مزيج النور والنار ،هذا من �صنع الإله الذي خلق الب�شر ..هو �سبحانه من �أوجد النقي�ضني يف تركيبتهم الب�شرية ..وخلق معها العقل الذي ميز به الإن�سان وكرمه به عن باقي خملوقاته ،حتى يكون دربه يف احلياة من اختياره خمرياً فيه ال م�سرياً «وهديناه النجدين». لذلك.. كائنات ب�شرية من اخلط�أ �أن نقاوم طبيعتنا الإن�سانية ب�إجبارها على ارتداء معطف املثالية الثقيل يف عز �صيف الآدمية الطبيعية.. املثالية ثقيلة جداً ومملة ،لأن من يدعونها غرباء مهاجرون �إلى الأر�ض من طبقات ال�سموات ال�سامية� ،أو نازحون من مدينة �أفالطون الفا�ضلة.. هم �أقلية يف عامل خلق اهلل فيه اخلري ونقي�ضه لتوازن احلياة ..وليخترب قوة عبده يف اختيار الطريق ال�صحيح املو�صل لأهل اليمني �أو ال�شمال اختياراً مبنياً عن طواعية ال �إجبار.. ال�سعادة احلقيقية يف مثالية �أخالقية مرنة تنري بنور مالئكيتها ،ما �أظلم من �شياطني �أنف�سنا التي حتاول �أن متهد لنا طريق الو�صول �إلى الرغبات والأهداف ومتع احلياة بو�سائل غري م�شروعة ،تدو�س يف رحلتنا �إليها م�شاعر الب�شر ..وتهدم �صروحاً عالية من من�ش�آت �أخالقية مهمة ،وجتعلنا ب�شراً نلب�س �أطواق املالئكة النورانية لنخفي قرون ال�شياطني فينا!.. فلذلك يجب �أال ن�صدق مثاليات الإعالم اجلديد ،و�أال نحكم على ما قيل من �شخ�ص القائل ونتجاهل قوله.
87
كثرياً ما ن�سمع يف «�سناب» �أو نقر�أ يف «تويرت» �شيئاً ،ونرى يف احلقيقة �شيئاً �آخر.. ال يهم ..ما دمنا قادرين على تقطري عذب القول وجميله ،وتنقية الفائدة من عكر �شخ�صية قائلها وحقيقته.. ما �أروع �أن نعي�ش احلياة بب�ساطة حتى تتحقق لنا ال�سعادة املرجوة بعيداً عن كل زيف ومثالية !
88
89
90
خمرج.. ولكن �إلى �أين؟ النجاح ..يف خلود يبقى بعد الفناء
الدنيا ،وما �أدراك ما الدنيا؟! هي ق�صر كبري ،له �أبواب متعددة ،ندخل من بع�ضها ،ونخرج من الأخرى.. الفرق بني دخولنا �إليها وخروجنا منها� ،أننا ل�سنا خمريين يف �أي �أبوابها ندخل �إلى العامل ..ولكن عند اخلروج ،ف�أبوابها املتعددة ت�صطف �أمامنا، م�شرعة ،لنختار منها ما ن�شاء. ال�س�ؤال.. َمن منا َّفكر كيف �س�أخرج من الدنيا؟ ومن �أي باب؟ بني �سهم ي�شري �إلى املدخل ،و�آخر �إلى املخرج ،هناك حياة عامة ال يخت�ص بها �أحد ،وال ميلكها فرد.. هي �أ�شبه ما تكون مبحطة وقود ،تبقي القلوب على �أهبة النب�ض ،لتزودنا نعمر الأر�ض ونبنيها.. بطاقة اال�ستمرارية ،لنبقى على قيد النف�سِّ .. �ضروريات احلياة و�أ�سا�سياتها فيها م�شرتكة ..ن�أكل ..ن�شرب ..نعمل.. ونعمر ..نهدم ..و�إلى �آخر نتنا�سل ..نفرح ..نحزن ..جنتمع ..نفرتق ..نبني ِّ ذلك من ختم الهوية الب�شرية على �صفاتنا البيولوجية. �أما احلياة الأخرى ،فهي جمموعة وا�سعة من احليوات املتفرعة من احلياة الأمٌ .. كل منا يف�صلها مبقا�سات رغبته يف كيف يعرف بنف�سه ..وكيف ي�ضع لذاته هوية خا�صة كتب عليها «كائن ب�شري».. �إيجابي �أم �سلبي.. اجتماعي �أم منعزل.. جريء ِمقدام �أم �ضعيف جبان.. م�ؤمن �أو بعيد عن روح الإميان.. مبدع خالق �أو عادي تقليدي.. واع م�ستقل فردي يحب روح اجلماعة� ،أم غافل تابع عاجز عن �إيجاد ٍ
91
92
�شخ�صية م�ستقلة لذلك ينقاد لغريه. مع كل �ساعة من �ساعات اليوم ن�سمع خرباً عن موت �أحدهم ،فيم ُّر بنا أحب النا�س ..عا�ش ب�سالم، �شريط حياته ..ندمع ملن �أعطى و�أ�سعد و�أجنز و� َّ و�أهدى ال�سالم لغريه.. ونفرح لفراق َمن طغى وجتبرَّ وعا�ش ُبكره ،ف�أذاق النا�س م َّر احلقد. والأمثلة يف مدارات الدعوة وال�سيا�سة والفن واالقت�صاد والعمل االجتماعي كثرية.. يف الدعوة.. ووري ج�سد عبدالرحمن ال�سميط الرثى منذ �سنوات ،وما زالت �سريته العطرة حية تتنف�س الذكر الطيب عند النا�س ..تتغذى على دعوات 11 مليون �شخ�ص ،كان لهم بعد هدي اهلل هادياً للإ�سالم. يف ال�سيا�سة.. خرج قبل �أيام �صاحب ال�سمو امللكي الأمري �سعود الفي�صل من باب اختار �أن ُيختم فيه على بطاقته الب�شرية وم�سريته ال�سيا�سية وال�شخ�صية بختم ي�شهد له باحلكمة والذكاء والقوة واالن�ضباط وامل�س�ؤولية. يف املجال الإن�ساين.. خرجت ديانا من باب يذكرنا باجلمال والإن�سانية والبذل والب�ساطة ،التي تتحدى عي�شة البذخ وحب احلياة ،رغم وجع االنك�سار العاطفي الذي كانت حترتق بلهيبه. ويف الفن.. حلق عمر ال�شريف بفاتن حمامة �سريعاً ..ليذكرنا دائماً بالرومان�سية والعذوبة والرقة التي ترق�ص Slowعلى نب�ض القلب احلامل. اخلال�صة..
بني ختم الدخول �إلى الدنيا ،وختم اخلروج منها ،هناك مطارات كثرية، وجوازات مرور ُي�صادق عليها وعينا وعملنا و�إجنازاتنا ،وذكرنا احل�سن الذي ندخل فيه �إلى و�سط القلوب ،لنحيا على قمة احلياة ،ونخرج منها بعطر الذكرى الفواح وخلود ال�سمعة الطيبة.. هي فل�سفة �سعادة كتب اهلل لها الدميومة ..لأن العقل الواعي عمل فيها �أثناء رحلة احلياة على بناء الروح وال�سمو بالذات ،فعا�ش ما قدر اهلل له يف �سعادة ونور ورثته عنه ال�سمعة احل�سنة والذكر الطيب والروح اخلالدة بني النا�س �إلى �أن يرث اهلل الأر�ض و َمن عليها. 93
94
املوت حياة �أخرى من قال �إن املوت نهاية ؟!
يقول �أبوالعتاهية: �إن هذا املوت يكرهه كل َمن مي�شي على الغربا وبعني العقل لو نظروا لر�أوه الراحة الكربى ويقول �شاعر �آخر: جزى اهلل عنا املوت خري جزائه � ..أبر بنا من كل بر و�أر�أف يعجل تخلي�ص النفو�س من الأذى ..ويدين من الدار التي هي �أ�شرف املحملة مبطر دمع غزير يت�ساقط ت�ؤملني ُ�سحب اللوعة املرتاكمة على �سماء النف�س َّ على الوجنات ،حافراً فيها �أخاديد من حزن عميق.. تعددت الأ�سباب واحلزن واحد ،وما يختلف هو درجة الأمل التي ت�سكن �أرواحنا ..ولي�س كاملوت �ضارب جلذور احلزن يف عمق النفو�س. ولكن لو فكرنا قلي ًال ،لوجدنا �أن للموت فل�سفة جميلة جداً ..لو فهمناها ،لتحول كرهنا له �إلى حب من نوع نادر وغريب.. كلماتي لي�ست فل�سفة نظرية ،بل هي عن جتربة.. فقبل �أيام قليلة و َّدعت خالتي ،التي مل تكن �شقيقة لوالدتي فقط ،بل كانت علي بب�صمات كثرية �أمي الثانية ،التي تقا�سمت مع والدتي تربيتي ،و َعلمت َّ �ستبقى وا�ضحة على �شخ�صيتي ما حييت.. وهم يجهزونها ملالقاة ربها� ،شاركت يف تكفينها.. كانوا يبكون بحرقة ..وكنت �أبكي بدموع �سكبت منها القليل على وجنتي.. فقط ل�سببني.. �أولهما� ..أخفف من تركيز رهبة املوت ،الذي مهما حاولنا �أن نهون من هيبته� ،إال �أن له خ�شية ووج ًال ال ميكن جتاهلها.. ثانيهما� ..شوقاً لر�ؤية �أمي الثانية -لولوة -يف دنيا �أحياء اجل�سد.. كان هتان من دمع خفيف غ�سل ما علق ب�أغ�صان النف�س من جزع ،لي�س
95
96
لطبيعتي الب�شرية حيلة يف رده ..وبعده كان يل �شعور �آخر منحني بف�ضل اهلل قوة عجيبة وفرحاً داخلياً وغريباً وحباً هلل ولكل �شيء ،وكل �أحد لو وزعته على قلوب النا�س جميعاً لكفى وفا�ض.. اقرتبت من خالتي ،رحمها اهلل ..ق َّبلت ر�أ�سها ،ثم ت�أملت وجهها وج�سدها، امل�سجى �أمامنا ،بال حول وال قوة.. ر�أيت نور بيا�ض نا�صع �أزال زرقة �إبر امل�ست�شفى وكدمات �أجهزة التنف�س و�أنابيب الأطباء امل�ؤملة.. ر�أيت �سكينة تلك الروح مت�سح على اجل�سد املمدد ،فتعيد �إليه جما ًال كانت ت�شتهر به خالتي ،عجزت �سنوات العمر عن �سرقته ،فخطفه منها املر�ض.. ر�أيت طم�أنينة ..جعلتني �أفكر بعمق وهدوء ..ح�سبه النا�س رباط ج�أ�ش ،وت�صرباً مني ،وهم ال يعرفون �أين فقط كنت يف ت�أمل للموت وفل�سفته بطريقة ر�أيته فيها خريا ،ال �شر على عباد اهلل ،الذين تعلقت �أرواحهم بالرحمن الرحيم. ملاذا نخاف املوت؟ �ألي�س املوت ،هو بداية الرحلة لعامل خلود ال�سعادة الذي ال فناء فيه؟! �ألي�س يف عامل ما بعد الدنيا -حياة -من �سعادة ،ال يتذبذب فيها الفرح وفق تقلبات الظروف والزمان واملكان؟ �ألي�ست احلياة حياة الروح؟ وما اجل�سد �إال حا�ضن لها ،ملا �شاء اهلل من وقت ،ثم تعود �إلى حيث كانت عند امللك القدو�س، مالك امللك والروح ،العزيز الرحيم اجلبار ،الذي يجازينا خرياً وفرحاً دائماً عند ا�سرتداد �أرواحنا ،ويجرب ك�سر هزائم دنيا الفناء ،ويجازينا على ال�صرب ب�شائر من نعيم ال يزول.. �ألي�س لعباد اهلل ال�صاحلني ما ال عني ر�أت ،وال �أذن �سمعت ،وال خطر على قلب ب�شر ،جزاء �شكرهم لنعم اهلل وحبهم جلالله و�صالح �أرواحهم؟.. �ألي�س يف املوت والدة �أخرى لنا؟
يف جنات ال فراق وال �شقاء وال تعب فيها ،ملن �صلحت روحه و�أحب اهلل بحق؟ �أحبه حب الذي ي�ؤمن حقاً ب�أنه جل جالله �إله احلب ..رب القوة� ..إله الرحمة والعظمة؟ �ألي�س للموت فل�سفة عجيبة.. ظاهرها.. وتال�ش ..وذوبان يف كما كنت �أراه ..كالنظرة ال�سائدة عند �أغلب النا�س ..فناء ٍعامل القبور.. �أما باطنها.. فوالدة جديدة ..وحياة ..وعامل خالد من نعيم ال يفنى؟ و�أنا يف ت�أملي هذا ،كانت روحي مت�شربة حد االرتواء �سورة ال�ضحى ،ب�صوت ال�شيخ عبدالبا�سط عبدال�صمد ،رحمه اهلل ،التي كنت �أ�سمعها و�أنا يف طريقي �إلى مغ�سلة املوتى.. وعند قوله تعالى (ما ودعك ربك وما قلى ،وللآخرة خري لك من الأولى، ول�سوف يعطيك ربك فرت�ضى) ،وقفت �أحا�سي�سي كثرياً ..رددتها بقوة ،و�أنا �أبت�سم ابت�سامة املالقي حلبيب غاب ج�سده وبقيت روحه و�سريته العطرة ترفرف حولنا يف عامل الأحياء� ،إلى �أن ي�شاء اهلل ،فنلتقي فوق ال�سماوات وعند رب الكون.. ( ُك ُّل نَف ٍْ�س َذ�آ ِئ َق ُة المْ َ ْو ِت َو�إِنمَّ َا ُت َو َّف ْو َن �أُ ُجو َر ُك ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َمةِ). اخلال�صة.. ما ي�ؤمل يف املوت ،هو ال�شوق جل�سد ح�ضن الروح التي نحب ..لكن لو فكرنا قلي ًال ،لأدركنا �أننا مع الأرواح اخلالدة يف توا�صل م�ستمر ،وذلك بالدعاء وال�صدقة والعمل لهم.. حتى �إنه من رحمة اهلل بنا ،توا�صلنا معهم قد ي�أتي ك�أحالم يف حزة منام ،وقتما
97
ي�ستبد بنا ال�شوق.. نحن نظلم املوت عندما نعقد قرانه على الفناء.. املوت والدة جديدة ..هو حياة من �سعادة ال تفنى يف عامل اخللود ملن َعمر قلبه الإميان..
98
99
100
�إدارة �أزمات �أجمل مايف الأزمة اخلربة التي حت�صل معها وبعدها
َمن منا مل ي�سمع عن ق�صة �أحمد حممد احل�سن؟ ..ذلك الطفل ال�سوداين، الذي �أ�شعل مواقع التوا�صل االجتماعي والإعالم ،ب�صفة عامة ،بكل و�سائله؛ املقروءة وامل�سموعة واملرئية ،خالل الفرتة املا�ضية. �أحمد ..الطالب امل�سلم ،الذي �أفرز ذكا�ؤه املتقد اخرتاعاَّ ، ت�شكل على هيئة �ساعة� ،أخذها معه ،ليفاجئ بها معلمته يف �صباح (بائ�س �سعيد) ،ا�ستطاع �أن يجمع النقي�ضني ،ليهوي ب�أحمد �إلى عمق ال�صدمة والإحباط واخلوف والي�أ�س ،عندما امتطت مدر�سته �صهوة الظن الآثم ،وانطلقت ب�أق�صى �سرعتها نحو االعتقاد ،ب�أن ما بحقيبته قنبلة من ُ�صنع ذلك الفتى امل�سلم ،الذي قد يكون م�شروعاً �إرهابياً �صغرياً ،ف�سارعت �إلى ا�ستدعاء ال�شرطة ،ليتم اعتقاله يف ذلك ال�صباح العاب�س. ولأن �أحمد طفل بريء ،مل يرتكب من اخلطايا� ،إال �أنه م�سلم ذو عقل فطن نظيف ،فقد �أُفرج عنه يف ذلك ال�صباح ،الذي �أدرك �أن «التك�شرية» به ال تليق ،فابت�سم للفتى ال�صغري �صاحب احلظ الكبري ،ف�أ�صبح بني طرفة نور �صباح وانتباهته من امل�شاهري ،وانتقل من قاع احلزن وال�صدمة �إلى �سماء ٍ الرفعة والر�ضا والتقدير. َمن ي�صدق �أن الرئي�س �أوباما وهيالري كلينتون يعتذران له اعتذاراً �صريحاً! و�أن �أ�شهر �شركات التوا�صل االجتماعي تت�سابق ،لتخطب ود عقله ،عله يكون لها من ذكائه ن�صيب! �إلى هنا واحلكاية ،نوعاً ما ،قد تبدو عادية.. ولكن.. َمن منا َّفكر يف ما وراء ردة الفعل رفيعة امل�ستوى تلك ،وخا�صة �أنه يف �أمريكا ،وغريهاُ ،تنتهك يومياً �آالف من احلريات ،و ُتدا�س ماليني من الكرامات ،و ُتغتال مثلها من براءات الأطفال ،وخا�صة يف عاملنا العربي
101
102
والإ�سالمي ،وما من غرزة دبو�س ت�ؤمل �ضمائر عامل الكبار ،ليتح َّركوا لن�صرة الأطفال وال�ضعفاء من ظلم الوح�شية احلديثة؟ فلم كل هذا ال�سيل من االعتذارات والتفاعالت �إذاً؟! ال�سبب يا �سادة يا كرام ،قد يكون ،كما قال �أ�.أجمد املنيف ،معلقاً على املو�ضوع يف ح�سابه بـ «تويرت» �إنه «�إدارة �أزمات». هي فع ًال �إدارة �أزمات ،حت َّرك فيها الذكاء الإعالمي وال�سيا�سي ،ليخرج من م�أزق كان ميكن �أن ي�سبب لبالد «العم �سام» �صداعاً �إعالمياً عاملياً يحتاج �إلى عالج يفوق قدرة ردود الفعل التقليدية يف ت�سكينه .كما �أن هذا املوقف كان من املمكن� ،أي�ضاً� ،أن يكون زر االنفجار حلزام نا�سف ي�ستغله مر�ضى العنف وم�صا�صو دماء ال�شباب با�سم الدين ،للدفاع عن الدين الربيء منهم ..كان من املمكن ا�ستغالله ،لإراقة مزيد من الدماء ،و�إحداث مزيد من الدمار. هنا تظهر االحرتافية الإعالمية ،والإدارة ال�صحيحة لأزمات املواقف ،التي تقلب الطاولة على الر�أي الآخر ،وت�صحح اخلط�أ ب�أكرب قدر من التقدير ،وحت ِّول اخل�سائر �إلى مكا�سب ..وهذا ما نحتاجه يف عاملنا العربي والإ�سالمي ،لكننا للأ�سف ال منلكه! يف عاملنا ،نحن منار�س احللول العقيمة ،للأ�سف ..ردة الفعل عندنا� ..إما مقاطعة و�إما عنف. ويف احللني ال حل ،بل تفاقم م�شكلة ،وت�أليب للر�أي العام العاملي ..وبني �أخذ ورد ،وانفجار يعقب االنفجارُ ،يراق دم الق�ضية الأ�سا�سية على �أر�صفة احللول ال�ضعيفة ،و ُتدفن �أ�شالء احلدث امل�سبب يف مقابر الن�سيان ،مع ا�ستمرار م�سل�سل الأخذ بالث�أر من دون جدوى. الذكاء الإعالمي مفقود عندنا� ..صوتنا فيه �ضعيف ،لدرجة ال تكاد ت�سمع.
ليتنا ندرك �أنه احلل ،و�أنه تلك القوة ال�سلمية التي ت�ضمن لنا زهق روح الباطل بكلمة حق ،و�أنه مهما «جعجعنا» �أو �أحرقنا و�سائل التوا�صل بـ «ه�شتاقات» ،ال ت�سمن وال تغني من جوع ،ومهما �إلقينا ب�شبابنا الغ�ض يف �ساحات معارك «داع�ش» وغريه ،الظاملة ليتنا نعرف �أن كل هذا ا�ستنزاف تغني عنه هالة �إعالمية ب َّراقة ير�سم حميطها بفرجار ذكاء �إعالمي ،و�إدارة �أزمات مدرو�سة من دون �إراقة نقطة دم واحدة� ،أو الرك�ض حد اللهاث يف اجتاه احللول اخلاطئة! ولكنَ ..من يفهم؟
103
104
حتى يتقزم العنف من اخلط�أ � ..أن ن�صنع من الال�شيء �شيء الي�ستحق
كثري منا يرى �أننا نعي�ش يف زمن احلروب والفنت واخليانة والكذب والف�ساد والزيف ..و�أننا يجب �أن نعود لطريق ال�صواب الذي ُحدنا عنه� ،سواء كانت العودة طوعاً �أو كراهية ،حتى يعود اال�ستقرار ويعم الأمن وينت�شر ال�سالم الذي كان!.. من منا ال يتمنى ذلك وي�سعى �إليه؟! كلنا بالطبع نعي�ش حلم �إعادة �صفاء احلياة من جديد ،وتعقيمها من كل نازعة �شر تلقي ب�سهام الفتنة على �أمن املجتمعات.. كلنا ي�سعى �إلى �إزالة نخر �سو�س الف�ساد الذي و�صل �إلى ع�صب املجتمعات، وح�شوها بخري يقي النفو�س ويعمر ما تهدم من قيم الب�شر.. ٍ جمتهد يف لذلك نرى �أن ك ًال ي�سعى لذلك بطريقته ،ولكن ..هل لكل الإ�صالح ن�صيب؟ للأ�سف ..ال. لأن وحدة النية مل تكن يف يوم من الأيام دافعاً كافياً للإ�صالح و�إغراق بذرة ال�شر باخلري لتموت قبل �أن تثمر. من املالحظ يف تعامل البع�ض مع م�شاكلنا �أنهم يتبعون التطرف يف املنا�صحة العنيفة ،التي يتعامل من خالها النا�صح مع املن�صوح ،وك�أنه كائن مالئكي خملوق من نور ..و�أن اخلط�أ يتنافى مع طبيعته الب�شرية التي من �سماتها اخلط�أ والتوبة ..واحلياد عن الطريق ثم العودة �إلى جادته. يريدون جمتمعاً �أفالطونياً ال خط�أ فيه ،ويدعون �إلى ذلك بالق�سوة واملوعظة املغلظة ..مي�سكون �سوط اخلوف لي�ضربوا به �ضمري املخطئ ،ويجلدوا به ذاته وروحه ليعود مكرهاً ال مقتنعاً.. هم بذلك يعتقدون �أنهم يربطون �شياطينه بحبل اخلوف ،وليتهم يدركون �أن كل ما فعلوه هو �ضغط التمرد واخلط�أ داخل �أ�سطوانة الوجل ،التي لن تلبث �أن تنفجر يوماً ما يف وجه اخلوف ،لتحرق وتدمر كل �أمل يف التقومي والإ�صالح.
105
106
ما احلل �إذاً؟ احلل ب�سيط جداً ..جنده بني تفا�صيل احلب ..وتقييد املخطئ بقيد املودة املرن داخل �إطار املوعظة احل�سنة.. احلب والرتغيب وتقبل ما قد تو�سو�س له به �شياطينه� ،سيجعل عقله يفكك جزيئات التحري�ض الأمار بال�سوء وحتليلها.. �سريى ال�صورة بو�ضوح خالٍ من غبا�ش اخلوف ،يجعل عقله يفا�ضل بني اخلط�أ وال�صواب وبني البناء والهدم ،وبني املوت واحلياة ،فيختار طواعية طريق اخلري املمهد باحلب ومي�شي فيه دون جتاوز ملعايري ال�سالمة ،وبذلك ي�سلم هو وي�سلم جمتمعه ب�أفراده من �أذاه ،وكما كان احلب عالجه �سيكون ب�إرادته �أو بعدمها عالجاً لغريه من فريو�سات التطرف والعنف �شديدة العدوى!.. مع احرتامي لكل �صاحب نية خرية �ضل فعله طريق ال�صواب. �أحرتم حر�صكم ،ولكن للن�صح واملنا�صحة �أ�صول ..احلب �أ�سا�سها الأقوى.. واملرونة ركن من �أركانها ..والتقبل والقبول رغم االختالف �أهم عوامل جناحها. لنن�شر ثقافة احلب العمالقة حتى يتقزم العنف ..ونعي�ش يف جمتمعاتنا ب�سالم يحقق فل�سفة ال�سعادة ب�أجمل �صورها.
107
108
ا�ستفهامات حازمة الأحالم �أمانة ..فلنح�سن رعايتها
يحدث �أن تكون ظروف �شخ�ص ما �أقرب �إلى الكمال ..ميلك �أغلب مقومات ال�سعادة ..ولكن ل�سبب غام�ض ،يجد االبتهاج من �أعماق نف�سه احلائرة هاربا ال�ضجِ ر املُهدد بثورة اكتئاب حق اللجوء م�شرداً ..يبحث عن منفى مينح �أُن�سه َ الروحي �إلى جزيرة الـ ال حزن والـ ال قلق �أو غدر فرح. هنا ..يجب على من وقع يف قب�ضة مباحث النف�س� ،أن يقف ب�صدق �أمام حمكمة التجلي مع الذات ،ويجيب بكل �شفافية عن �أ�سئلة تنق�شع بالإجابة عنها غمو�ض تفا�صيل الفرح امل�سروق.. �أين؟.. مبعنى� ..أين �أنا؟ يف �أي بقعة من مناطق خريطة �أحالمي املر�سومة منذ بد�أت بتخطيط طرق الأماين � -أقف -ماذا قطعت وماذا �أجنزت وماذا اخت�صرت وعن �أي تفا�صيلها تنازلت؟! هل؟.. بعد �أن �أحدد موقعي� ..أ�س�أل نف�سي :هل �أنا يف ر�ضا عما �أنا فيه؟ وهل هذه الهالة من الوهج والنجاحات ال�شخ�صية واملجتمعية والعملية ،هي ما تذيب جليد الفرح يف داخلي ،لتن�ساب �شالالت قوية ت�صب يف �أنهار ال�سعادة؟ ماذا؟.. �إلى ماذا �أريد �أن �أ�صل؟ مبعنى ..هل �أنا ٍ مكتف ب�سعادة متنحني �إياها معطيات جناح ال متت لأحالمي ب�صلة� ،أم �أن نف�سي حتتاج �إلى عا�صفة حزم حترر �أحالمي امل�سجونة من �سيطرة البهجة وليدة الظروف؟ كيف؟.. هو ال�س�ؤال الأخري ،وهو مفتاح حل لغز ال�سعادة.. ال �شك �أن النجاح واحلبور وما ي�صاحبهما من ان�شراح نعمة من نعم الرازق،
109
عز وجل ..ولكي ال نكفر بالنعم ،ونكون ممن ي�شكر اهلل ليزيده ،يجب �أن نفكر بعمق.. كيف نفرح ب�سعادة �سكنت �أنف�سنا ،بف�ضل من اهلل ،من دون �أن نحلم بها يوماً؟ ..وكيف نحقق ذلك احللم الذي لن ي�صل الفرح �إلى �أعماقنا من دونه؟ ..ويف اجلمع بني ال�سعادتني حبور عظيم. خلف حدود �أين وهل وماذا وكيف.. �سنجد وطناً ل�سعادتنا امل�شردة ..فال تبخلوا على �أنف�سكم بالهجرة �إلى �شواطئ الفرح الدافئة.
110
111
112
قاطعوا ال�سياحة «ياغريب كن �أديب» ولكن من يفهم ؟؟
و�أخرياً ..عاد �سائحو اخلليج �إلى بالدهم ،بعد �صيف �ساخن مب�شكالت امل�صطافني. عاد م�سافرون كانوا من املمكن �أن يكونوا �سفراء خري و ُرقي لأوطانهم ،لكنهم �أتوا مبلفات حتمل الع�شرات من عالمات اال�ستفهام والتعجب ،التي حتتاج �إلى مئة جواب وجواب ،عن ذلك االنطباع ال�سيئ ،الذي تركوه خلفهم ،يف أم�س احلاجة فيه �إلى تلميع �صورة العربي ،وتنظيفها من �سواد وقت نحن يف � ِّ العنف والإرهاب والفو�ضى والهمجية. وكالعادة.. بدل �أن يراجع كل منهم نف�سه ،يف مدى التزامه وان�ضباطه يف احرتام قوانني و�أنظمة وخ�صو�صية املجتمع الذي �سافروا �إليه ،عادوا ب�أنف�س ل َّوامة ،لظلم واحتقار مل�سوه من بلد امل�صيف ،و� ُأل�سن �ساخطة من عدم تق ُّبل ذلك املجتمع لهم ،ب�سبب العن�صرية العرقية والدينية املمار�سة �ضدهم ،كعرب وم�سلمني، و و و� ..إلى �آخر ذلك من مربرات يحاولون �أن ي�سرتوا بها عورة جهلهم ب�أبجديات الت�أدب واحرتام �أنظمة الغري ،و�أميتهم ب�أدبيات ال�سفر و�أخالقياته. م�شكلتنا الأ�سا�سية -كخليجيني ب�صفة عامة -اعتقادنا �أننا مبالنا ا�ست�أجرنا تلك البقعة من الأر�ض التي �سافرنا لنحتمي بها من ح ِّر �شم�سنا احلامية، بظل �أ�شجار حدائقها الوارفة ،ون�ستمتع بجوها العليل ،و�أنه يحق لنا �أحقية كاملة �أن نحمل معنا يف حقائب �سفرنا موروثاتنا وعاداتنا وممار�ساتنا ،وننرثها بفو�ضى وع�شوائية على تفا�صيل تلك املدينة ،عابثني بخ�صو�صيتها ،وراف�ضني �أي ح�سيب �أو رقيب. وبتبجح ،نوثق �أفعالنا بال�صوت وال�صورة ..فهذا يذبح بطة ويطبخها ،وهو يعلم متام العلم -كما هو وا�ضح باملقطع � -أن عمله غري قانوين ،و�أنه �سرق ذلك الطائر من مرفق حكومي مينع ال�صيد.
113
114
ويف م�شهد �آخر ..جمموعة �شباب يطبخون طعامهم يف حديقة من حدائق لندن ،متجاوزين القانون ..وللأ�سف ،يهدون املقطع ملدير القروب ،وهم يقولون «هذوال الإجنليز من�صدمني»! و�آخرون ،بكل ا�ستهتار ،يفر�شون ب�ساطاً يف �ساحة برج �إيفل ،يتباهون مبقطع تظهر فيه دلة قهوتهم العربية وال�شي�شة ،وعلى �أنغام عربية ،يرون �أنه يحق لهم ما ي�ستهجنه �أهل البلد. �أما خالف البا�ص ،الذي اختلفوا فيه على جن�سية املتخا�صمات ،فاجلبني يندى له خج ًال ،حيث و�صل �إلى حد التما�سك بالأيدي وال�ضرب وال�صراخ بهمجية. ولن نغفل ،طبعاً ،اال�ستعرا�ض بال�سيارات الفارهة ،التي يتباهى بها بع�ض �أثرياء اخلليج ،وك�أننا ال منلك ميزة يف هذه الدنيا غري جيوب معب�أة باملال! طبعا ،لن نن�سى النم�سا والت�شيك ،وف�ضائح ت�شويه املرافق العامة مبخلفات «مت�شية» اخلليجيني ،وا�ستمتاعهم باملاء واخل�ضرة واملالمح احل�سنة ،التي �أ�صبحت عاب�سة ممتع�ضة من �أفعال «ربعنا». ما ُي�ؤملني� ،أننا نظهر للعامل ب�أ�سو�أ ما فينا ،رغم �أننا منلك الكثري من امليزات، لكن امل�شكلة �أن �أغلب �سفرائنا يف فرتة ال�صيف ،ممن يجهل قوانني ال�سفر و�أبجديات الذوق العام واحرتام القوانني. التناق�ض العجيب� ،أننا �شعوب ال ترحم ..نحلل لأنف�سنا ما نح ِّرمه على غرينا. تخ َّيلوا معي ،لو �أن ما يحدث هناك من انتهاك للقوانني وهتك الحرتام خ�صو�صية البلد وعادات �أهله حدث عندنا. لو كان هذا حدث ،لقامت قيامة النا�س ،ولنادينا باحرتام تقاليد البلد، وارتفعت �أ�صواتنا باملطالبة بالعقاب ،ليكون املُعاقب عربة ملن يعترب!
ماذا عنهم �إذاً؟ وملاذا ننادي مبا ال نلتزم به؟! وكيف ن�ضع ا�سرتاتيجية �سياحية جتعل من م�سافري ال�سياحة ،التي هي حق م�شروع لكل واحد ،واجهة ح�ضارية متنقلة لثقافة اخلليج الأ�صيلة ب�صورة ب َّراقة نفتخر بها؟
115
116
قبل �أن تنطفئ �شعلة الإبداع عبقرية ال�صغار بذور �إبداع �إن مل ت�س َق بالرعاية ماتت �أو ُ�سرقت
�أحمد �آل ر�شيد 12عاماً ..اخرتع الدعا�سة املطيعة التي تو�ضع عند الأبواب لفتح و�إغالق الإنارة. رادا اخلليفي � 10سنوات قال عنها �إيريك ليفراز رئي�س الربملان ال�سوي�سري يف جنيف� ،إنها �ستكون �أماً رائعة الخرتاعها جهازاً ي�ساعد ب�أمر اهلل على منع اختناق الر�ضع �أثناء النوم. جلني اجلاوي 18عاماً ..ا�ستطاعت ابتكار طرق للتوا�صل مع من يعانون من ا�ضطرابات التوحد ،ما ر�شحها للم�شاركة يف م�سابقة دولية تعد الأهم على م�ستوى العامل ،وهي معر�ض �إنتل الدويل للعلوم والهند�سة (.)ISEF حممد م�سعود ال�سعيدي يف املرحلة املتو�سطة ابتكر جهازاً �أطلق عليه ا�سم الرميوت اخلارق ،ميكن رجال املرور من �إيقاف ال�سيارة املخالفة التي تتجاوز نقاط التفتي�ش� ،إ�ضافة لقدرته على �إبطال مثبت ال�سرعة يف احلاالت التي يخرج بها عن �سيطرة قائد املركبة. �سيل هذا الإبداع املتدفق بغزارة انهمر من ال�سعودية وحدها ،ويف باقي دول اخلليج والعامل العربي في�ضان من عبقرية مواهب وذكاء متقد. حقيقة ..ال �أعرف هل �أفرح �أم �أحزن!! �أ�أفرح فخراً بتلك العقول العربية التي تخربنا �أن جينات الإبداع العربي التي نتغنى ب�أجمادها ليل نهار ،مازالت خ�صبة قادرة على �إجناب العلماء واملخرتعني.. �أم �أحزن للدعم املتوا�ضع جداً الذي يحت�ضن تلك العقول الفذة ،لتتحول تدريجياً لأدمغة فاقدة الإنتاجية� ،أو معرو�ضة للبيع وال ن�ضمن من ي�شرتيها؟! �أطفالنا العباقرة يحتاجون مل�ؤ�س�سات حكومية وخا�صة متخ�ص�صة ترعى �إبداعهم وتنميه.. يحتاجون �أي�ضاً �إلى ت�سليط �ضوء �إعالمي قوي على عقولهم اخلالقة،
117
لت�شحنهم بوقود الثقة والتحفيز لينطلقوا ب�أق�صى �سرعة نحو عاملية االخرتاع، وي�ضعوا لهم ب�صمة على لوح العبقرية الب�شرية و�إجنازاتها.. ملاذا ال تتبنى اجلهات امل�س�ؤولة يف الدول العربية فكرة جائزة املخرتع العربي ال�صغري ،كجائزة حتاكي جائزة نوبل ،ي�شجعون فيها اتقاد ذكاء العقول يف كل جمال؟
118
ملاذا ال جند التب ّني ملجموعة من املواهب اقت�صادياً ونف�سياً وتعليمياً؟. ملاذا ال حتر�ص اجلهات امل�س�ؤولة على �إن�شاء مدار�س خا�صة باملوهوبني، تنا�سب التميز اال�ستثنائي مل�ستوى ذكائهم املتقدم على �أقرانهم ،قبل �أن يختنق الذكاء فوق العادي و�سط كثافة وجود الذكاء العادي؟ كيف نو�صل ملن يهمه الأمر �أن موهوبينا ال�صغار براعم عالقة ب�أغ�صان امل�ستقبل ،حتتاج منا �إلى �سقيا دعم وثقة ،كي تتفتح ن�ضرة الإبداع دون �أن تت�ساقط بتالت ذكائها على تربة الإهمال ،وتدا�س ب�أقدام اال�ستغالل الذي قد يكون مدمراً؟ بهم �سريتقي ت�صنيفنا بني الدول �إلى دول العامل الأول. وبذلك تتحقق فل�سفة من فل�سفات �سعادة احلياة.
119
120
طعام.. �صالة ..حب الروحانية ..زاد احلياة النقي
ال �أعرف ملاذا يرتبط عندي عنوان هذه الرواية �أو الفيلم ب�شهر رم�ضان املبارك.. رمبا لأن يف العنوان حكمة رائعة تلخ�ص فل�سفة التعامل الأرقى مع �شهر اخلري.. طعام.. وهل �سبق �أن ر�أينا موائد عز فاخرة تناف�س موائد رم�ضان؟! �سبحان من جعل �أطباق �شهر اخلري تعر�ض فتنتها قبل �أن تكتمل كروائح تناف�س �إغراء �أغلى العطور الفرن�سية فتنة ،وتداعب �أنف ال�صائم قبل الأذان.. لتكتمل زينتها وقت ارتفاع �صوت امل�ؤذن بـ «اهلل �أكرب» معلناً وقت الإفطار، وهي تعر�ض جمالها ولذتها يف عر�ض �أطباق فاخرة ..كل منها يقول من يناف�سني جما ًال ولذة وطعماً يحمل الل�سان واملعدة على �أجنحة الدالل!.. �صالة .. ين من عندما �أقول �صالة ..ف�أنا �أ�سمع �صوت م�ؤذين احلرم يطرق �أبواب �أذ ّ بعيد.. �أ�شم ..رائحة بخور امل�ساجد ف�أ�ستن�شق روحانية ال�شهر� ..أرى �أطياف الطعام ال�شهية وهي تخرج من �أبواب بيوت احلارة لتمد على موائد اخلري ،والتكافل االجتماعي يف م�ساجد احلارة ليفرح املغرتب والوحيد والفقري بلقمة �إفطار ي�شاركه بها حمروم مثله ،فتموت وحدته على عتبات رم�ضان اخلري. �أتذوق ..حالوة �إميان �أ�شبع النفو�س حتى امتلأت خمازن النف�س بالعطاء، ففا�ضت على الغري باخلري.. و�أمل�س ..بركات ال�شهر واقعاً يعي�شه النا�س يف رم�ضان.. حب.. قد يكون لرتبيط ال�شياطني يف رم�ضان دور كبري يف مالئكية الأفعال
121
122
وردودها.. ولأن رم�ضان الربكة هو �شهر اهلل الأحب ..ف�إن الأعمال ُتنجز فيه بحب.. وتعاون ..وبذل ..وعطاء نقي من �شوائب النفاق والزيف.. ومن غلب �شيطانه �سالمة فطرته ينك�سر �شره يف �شهر اهلل الأعظم ،ويتقزم �أمام خري ذوي النفو�س الطيبة العمالق.. والأنانية والكره ي�ضطران كارهني �إلى �أخذ فرتة من بيات رم�ضاين ،لأن حرارة احلب والروحانية والإميان التي ين�شر اهلل بركتها خرياً فواحاً ميلأ ت�صرفات الب�شر ،تخنق �أ�صحاب النفو�س امل�صابة بح�سا�سية احلب ،و�صدق النوايا والأفعال حد دخول �شرهم يف غيبوبة.. رم�ضان.. �شهر العبادة وال�صالة .. �شهر فن املوائد ولذائذها الذي ينتظره ال�صغري قبل الكبري. �شهر احلب ..الذي يفر�ض نف�سه علينا باالختيار ال بالإجبار ..ليجعلنا ندرك ب�أنه ال حياة وال �سعادة وال راحة �إال باحلب وللحب. �إذاً .. ففل�سفة ال�سعادة الأجمل يف �شهر اخلري .. �صالة ..طعام ..حب وكل عام و�أنتم بخري ..تزهون باحلب واجلمال وال�سالم ويزهون هم بكم..
123
124
ال تف�سدوا علينا رم�ضان رم�ضان فر�صة لتقدم نف�سك كما يجب
�أم�س البعيد.. ياحباااابه ..يا حباااابه ..يانور البيت و�أ�صحابه يا حبابه... خررج خرررج خرج ومل يعدددد... يا �أبونا و�أمنا يا �سند بيت الهنا �إحنا ما نن�سى ف�ضلكم حتى �آخر عمرناااا يا �أبونا و�أمنا... �أم�س القريب .. طاااا�ش ..طااا�ش ..طا�ش ما طااااا�ش.. بابا فرحااان ..جدو�سرحاااان .. ال �أعرف ملاذا �أ�شعر بغ�صة و�أنا �أتابع ال�سباق املحموم للإعالن عن م�سل�سالت رم�ضان وبراجمه!.. رمبا لأنها تقتل الأمل بتوقعاتي يف برامج وم�سل�سالت ذات م�ضمون روحاين.. و�إن�ساين ..من بقايا الزمن اجلميل ،بعيدة كل البعد عن مافيا الإنتاج الهادف �إلى تعبئة اجليوب على ح�ساب �إثارة الغرائز و�إفراغ الأخالق والعقول.. �أحاول �أن �أجد امتداداً لربامج دينية حتاكي مدر�سة ال�شيخ علي الطنطاوي، لأ�شبع بها جوع الروح على مائدة �إفطاري الرم�ضاين ..فال �أجد غري برامج �إفتاء لأ�سئلة مكررة �أكل الدهر عليها و�شرب� ..أو برامج ل�شيوخ يطريون �إلى مناطق نائية بهدف الدعوة ،يطلون علينا ب�أ�سلوب ممل مكرر ،فيه كثري من املن على الفقراء و�إراقة ماء وجوههم �أمام املاليني مل�ساعدتهم با�سم الإ�سالم. �أفت�ش ب�شغف يف برامج امل�سابقات عن ثقافة ماجد ال�شبل وغالب كامل و ..ع ّلي �أجد غذاء لعقلي اجلائع للمعلومة اخلفيفة اللطيفة املفيدة ..ولكني للأ�سف ال �أجد غري برامج م�سابقات �سمجة تقوم على �أ�سئلة �سطحية جداً جداً جداً ،تقدمها مذيعة جميلة تلب�س مالب�س ال تليق بقد�سية ال�شهر وال بخ�صو�صية املجتمعات اخلليجية ..تتبجح ..تتغنج بهدف �سحب ما يف جيوب
125
126
ال�سذج الذين قد يخ�سرون الألوف يف دقائق مقابل �ألوووووو من معاي؟ �أهال و�سهال بـ (الدولة) و�أهلها!.. ومع ذلك ال �أي�أ�س!.. �أجته �صوب امل�سل�سالت� ..أبحث عن ليايل احللمية� ..أو �أم كلثوم �أو غريها من امل�سل�سالت املحافظة ..ولكن للأ�سف ال �أجد �إال ما يندى له اجلبني من انحطاط القيم واملحتوى يف الدراما العربية ..عهر ..عالقات حمرمة� ..شرك.. وووو... �أتعلق ب�آخر �أمل ..و�أنا �أوجه �أ�شعة الرميوت بحثاً عن دراما خليجية هادفة تطرق باب واقع املجتمع لتنقل لنا تفا�صيله مب�صداقية. ولكن للأ�سف.. �أفاج�أ بكمية -النكد -والدموع املن�سكبة من التلفاز ..ونفايات احلقد واحل�سد والغرية والفرقة وال�شر والف�سوق ،التي ُتلقى على �سمع وب�صر امل�شاهد من �صناديق علب الدراما اخلليجية التي ت�ضخم من ب�شاعة ق�ص�ص ومواقف فردية ،وتقدمها بكذب على �أنها واقع املجتمع اخلليجي الذي ما زال رغم �أنفهم جمتمع اخلري والف�ضيلة والنقاء. حتى الكوميديا� ..أ�صبحت تهريجاً و�إ�سفافاً� ،إما ي�ستغل �سذاجة البع�ض لن�ضحك على الب�سطاء الذين يجب �أن نقدرهم ..و�إما كامريا خفية مع م�شاهري ،وا�ضح جداً �أنها باتفاق م�سبق ،ومع ذلك ت�ستمر ملوا�سم م�ستخفني بذكاء امل�شاهد ..و�إما برامج ت�صفية ح�سابات بني النجوم ،وانتقادات بطريقة تخرج متاما عن �إطار الأدب.. اخلال�صة.. �أحن لأيام ال�شا�شة الراقية التي تقدم الفائدة من خالل برامج وم�سل�سالت هادفة ممتعة..
�أترحم على قيم ُتراق دماء �أخالقياتها على يد م�ؤلفني وخمرجني ومنتجني وممثلي امل�سل�سالت الال �أخالقية. و�أرجو �أن مير رم�ضان دون �أن �أرى م�شهداً ل�سكر وعربدة وخمدرات ..ورق�ص ودعارة ..و�صراع بني �إخوة قد ي�صل حلد القتل.. و�أدعو اهلل� ..أن �أمتكن من العثور على برامج �أ�ستطيع �أن �أ�شاهدها مع �أبنائي دون �أن يتوج�س قلبي من مفاج�آت ال جترح براءة طفولتهم ،وتثري عندهم �ألف �س�ؤال عن الذي يليق والذي ال يليق ،واحلرام واحلالل الذي ال �أملك له �إجابة!!.. ختاماً.. الفن يف رم�ضان مكمل لل�سعادة يف نفو�سنا ..فليت القائمني عليه يقدمون لنا ب�شكل يليق بقد�سية ال�شهر وبفل�سفة فناً يعزف �أحلان الفرح على �أوتار الروح ٍ ال�سعادة.
127
هي لي�ست جتاعيد تف�ضح عمر ال�سنني هي ..رواية ع�شق كتبت تفا�صيلها بخط الزمن اجلميل على �أيد ت�شابكت لتخرب اليائ�سني� ..أن احلب لي�س كذبة..بل هو ال�صدق واحلقيقة مهما ت�شوه بزيف العابثني..
128
129
يا راحة العمر الطويل ..يبقى ح�ضنك الدافئ �شاب ًا فتي ًا ي�صد هجمات عجاف ال�سنني ا�سقني ..من حبك... من حبك الويف ن�ضارة �أملأ بها �أخاديد جتاعيد �أرذل العمر باطمئنان ينت�شل الب�سمة من الغرق يف وحل ي�أ�س انتظار �ساعة الأجل احلزين..
130
فل�سفة �سعادة بع�ض املعاين ..حروفها �سعادة �أجمل الكلمات
�أول ال�صباح..احر�ص على من ترى �أو من ت�سمع -فبدون �أن ن�شعر -يحدد ذلك مدى ات�ساع نف�سياتنا �أو �ضيقاها يف تقبل �أحداث اليوم ومفاج�أته.. كرمية هي ال�صباحات التي جتعل من �شا�شات هواتفنا نوافذ �سعادة تدخل علينا من خاللها ن�سائم فرح �صباحي جميل ..عليل �أو �أجمل! �صباح اخلري .. ت�صدقوا بها على ال�ضعفاء مع ابت�سامة كل �صباح ..وا�ستمتعوا بـفل�سفة �سعادة جتدونها بجرب تلك اخلواطر املك�سورة. ماما.. «ال تن�سني �أذكار ال�صباح» .. يقولها يل ابني فتغ�شاين الطم�أنينة و�أعرف �أين ب�أمر اهلل �أ�سقي بذور ال�صالح بعذب التوجيه والقدوة. الأمل يف ال�صباح ..كقهوة مركزة الكافيني تربت على غايف الن�شاط لي�ستيقظ، �أما الدعاء فهو ذلك الكوب الأنيق الذي نرت�شف منه عذب التفا�ؤل. رائحة العطر اخلفيف �صباحاً تنع�ش الروح وتعدل مرتبك املزاج وجتعلنا يف ود وغزل مع خ�صالت �شعورنا �أو �أطراف ثيابنا التي علق بها �أريج االنت�شاء. من الرائع �أن جندد عهود احلب ومواثيق الفرح مع احلياة كل �صباح ونحن نحت�ضن الدنيا بابت�سامة ر�ضاً.
131
البهجة ال�صباحية هي ميزان التوازن النف�سي الذي ي�ضبط باقي تفا�صيل اليوم.. لذلك التفريط بها جرمية! كل يوم جديد هو فر�صة �أُخرى لنغري ماحال عن ا�ستقامة حياتنا .. و�صباحاتنا الأجمل هي تلك التي منتطي بها �صهوة الفر�ص وننطلق. لأنه ال �أجمل من ورود ال�صباح ..فليجعل ٌّ كل منا داخل نف�سه متجر ورود يعبق �شذاها بروحه فينت�شي �أم ًال.
132
يخربين ال�صباح �أن حبل الرجاء باهلل يتدلى مع كل �شعاع �شم�س يربط ال�سماوات بالأر�ض و�أنه ال خوف وال وجل ما دمنا به متم�سكني عليه متوكلني. ال�صباح ال يفر�ض علينا كيف نكون �أبداً ..هو ي�أتي بخيارات �أمزجة متعددة ولنا اخليار يف �أيها نختار. �أجمل ال�صباحات ..ما وقفنا فيه بر�أ�س يرفعه ال�شموخ ..نحت�ضن العامل ونحن ن�ستن�شق نقي الثقة بالنف�س ..ثم نبت�سم ونـحن نقول :نحن �أحرار بال �إرهاقات قيود. ما �أجمل تغريد ال�صباح عندما يكون بعذب الكالم ..و�إف�شاء ال�سالم.. وبكف نعيق كارهي الهدوء الذي يزعج الآذان.. ا�ستن�شقوا �أنفا�س ال�صباح بذكر اهلل والت�أمل بجمال خلقه حتى متتلئ �أرواحكم ر�ضاً وبهجة.
يحدث �أن ت�أتينا ا�ستفزازات �صباحية تخد�ش هالة الهدوء التي نغلف بها بداية يومنا.. نخطئ عندما جنعل خرب�شاتها ي�صبح عالمة فارقة على وجه ال�صباح. يخربين ال�صباح .. �أن ما من موت �إال وبعده حياة ..وما من حزن �إال ويعقبه فرح ..وما من ع�سر ي�أتي �إال وخلفه ي�سر عظيم ..تلك هي احلياة. لنبد�أ يومنا ممتنني هلل فبال�شكر تدوم النعم .. اللهم ما �أ�صبح بي من نعمة �أو ب�أحد من خلقك فمنك وحدك ال �شريك لك فلك احلمد وال�شكر.. �صباحات احلب ت�سري بنا على طريق معبد باالمتنان لكل ظرف زمان �أو مكان - مهما كان -قد يعرت�ض درب �سرينا!.. يف ال�صباح�..أن جتد من يتقا�سم معك تفا�صيل ال�ضحكة حتى متتلئ نف�سك بالبهجة فذلك هو وقود الروح الذي يغذي الأمل يف النفو�س.. لي�س �أجمل من �صباحات معقمة بالإميان والأمل نق�ضي بها على ميكروبات القنوط والعبو�س واالكتئاب.. ي�س�ألني ال�صباح عن �سر الهوى بتفا�صيل ال�صباحات�..أخربته �أين ب�سحر جمالها مبهورة.. وب�سالم ي�سكن روحي ب�إطاللته مغرمة.. و�أين معها بع�شق و�أنا بها مفتونة.
133
لي�س �أجمل من �صباحات معقمة بالإميان والأمل نق�ضي بها على ميكروبات القنوط والعبو�س واالكتئاب.. ي�س�ألني ال�صباح عن �سر الهوى بتفا�صيل ال�صباحات�..أخربته �أين ب�سحر جمالها مبهورة.. وب�سالم ي�سكن روحي ب�إطاللته مغرمة.. و�أين معها بع�شق و�أنا بها مفتونة. تفا�صيل ال�صباحات الآ�سرة ..و�أ�سرار ُح�سنه الفاتن..ت�سترت خلف ا�سمك حجاب عن �أ�صحاب -التك�شرية ال�صباحية.- 134
�صباحات الفرح قد تولد من �أب�سط الأ�شياء ..ك�إفطار فاخر من تن�سيق ابنتي.. ال�سعادة �شعور مينح وال ي�شرتى!.. من -الظلم � -أن -نظلم -طفولة �صباحاتنا الربيئة بجلدها بع�صا م�شكالت الأم�س القا�سية..ال�صباح الوليد يحتاج حبنا لينمو اليوم �سليماً. �صباح اجلمال من رب جميل يحب كل جميل �..صباح احلمد وال�شكر لك خالقي على كل جمال يحيط بنا. (وال�صبح �إذا تنف�س) �أنفا�س ال�صباح م�شبعة بربكات اهلل تنرثها البكور ذرات طم�أنينة و�أمل..فما �أجمل يوم يبد�أ با�ستن�شاق �أنفا�سه املباركة! �صباحاتنا اجلميلة تبد�أ بعني تعانق حميا من نحب ..وبقبالت نختم بها على وجناتهم وجباههم بختم احلب..فال تبخلوا بها على من حولكم.
�صباحات احلب تطهر النف�س من بكترييا ال�ضيق وفطريات الهم ..فما �أجمل �أن نبد�أ �صباحنا ب�صدقة -الود -على �أنف�سنا �أو ًال ثم على من حولنا. تتجلى فتنة ال�صباح يف هم�ساته الهادئة ..التي تو�شو�ش �سكينة النف�س فتخربها � :أن اهلل نرث يف دروب يومنا من ف�ضله � -سالماً. �صباح الأمل باهلل ي�ست�صلح �أرا�ضي الي�أ�س -البور -فتنبت يف تربة النف�س - اخل�صبة � -ألف وردة اجناز بعبري الإميان العطر. املتفائلون -فقط -هم من يجعل ال�صباح �شاحناً كونياً لبطاريات الأمل والن�شاط وال�سعادة يف نفو�سهم يعجز عن �إ�ضعافها كل عار�ض كدر �أو هم. �صباح ال�سعادة يعني �أن نثق ثقة تامة �أنه «لن ي�صيبنا اال ما كتب اهلل لنا» وعلى �ضوء ذلك نقبل خري القدر و�شره ونحن حامدون �شاكرون. ي�سعد �صباحك يا حلو ..جمرد �سماعها جتعل -الوقت وال�شعور -حلو ..فليتنا ال نبخل بها على كل من نحب �صغاراً وكباراً. ال�صباح اجلديد كالطفل يولد على فطرة اخلري ونحن من بالي�أ�س جنره على �أ�شواك التعا�سري �أو بالتوكل والأمل ن�سري به على دروب التيا�سري. يخربين ال�صباح �أن الليل والنهار ما هو اال ترجمة فعلية لـ «فل�سفة احلياة»! ما �إن ميوت يوم �إال ويولد يوم جديد ..وهكذا التفا�ؤل والأمل.
135
الهدوء يف ال�صباح كال�سكر يف الدم ..يجب �أن نحافظ على توازنه كي ن�ضمن �سالمة يومنا كله. تلميع الذاكرة من �صد�أ كل ذكرى موجعة وتنظيف النف�س من كل �أتربة خيبات عالقة ثم غ�سل الروح ب�أمل جديد جتعل ال�صباح واليوم كله ي�شع بهجة.. �صباحات -النور -تق�شع كل -ظلمة وكدر -لذا ..لنفرح �أن نكون نوراً لأحدهم ..ونحر�ص على �أن ن�ضيء بنوره علينا كل عتمة..
136
من �صبح الدنيا بابت�سامة توكل ور�ضا وهدوء �صبحته دنياه بالي�سري والتوافيق واالطمئنان.. �صباحات الهدوء تراتيل �صامتة نن�صت لها خا�شعني ونحن ن�ستمتع بجماليات الت�أمل.. يف ال�صباح لنفتح نافذة النف�س املغلقة على راكد تفكري قلِق ..ولنجدد هواء الطم�أنينة ..ونتنف�س.. يف كل �صباح هناك فرا�شات �أحالم حتررت من �سجن التمني لتحلق ُبحرية يف واقع يناف�س �أجمل اخلياالت.. �سماء ٍ ال�صباح الأجمل .. هو ما ابتد�أ بكوب �صوت دافئ تت�صاعد منه �أبخرة احلب ..
يا جمال �صباح التغريد بتفا�ؤل تطرب له النف�س و�أمل يرتاق�ص على عذب �إيقاع الروح.. من جرب منكم �أن يقف �أمام املر�آة �صباحاً ويقول لنف�سه : �صباح الب�سمة العذبة التي تر�سمها بركات ال�سماء �أم ًال وبهجة على ثغر املتوكلني املتفائلني.. �صباحات الهدوء هي التي تدلنا على امل�سارات ال�صحيحة للتفكري ..والطرق الآمنة للإجناز والو�صول �إلى الغاية ..من �أق�صر الدروب.. لعله خري� ..أقوى م�ضادات الغ�ضب عندما جتري رياح �صباحك مبا ال ت�شتهي �سفن التزاماتك.. يف ال�صباحات املزدحمة بامل�س�ؤوليات ..نحتاج فقط ل�سالم داخلي وابت�سامة �أمتنان �صادقة لنتفادى حوادث اال�صطدام بحواجز الظروف التي تعيق �سلم الفرح. فنجان قهوة من كلمات لذيذة ينع�ش ال�صباح ويعدل منحنى املزاج� ..أع�شق الكلمة عندما تكون -ترويقة �أوقات ..- ال�صباح حياة جديدة ُتكتب لنا هبة من الرحمن كل �إ�شراق.. الطيور يف ال�صباح ..تفا�ؤل يحلق بنا على جناحي �أمل..
137
�أجمل ال�صباحات� ..صباحات ال�سفر� ..أروع ما فيها �أنك قبل �صعودك للطائرة تربط حزام الأمان حول نف�سك التي تخلت عن كل �ضجيج وتنطلق نحو �صفاء روح وال �أجمل.. ال�صباح ..فاكهة اليوم الغنية بكل خري ..متى ما تناولناه طازجاً بحب وت�أمل انتع�شت �أرواحنا وتدفقت بالن�شاط املتفائل.. م�صافحة الظالم للنور فجراً ..هي �أ�صدق معاهدة �سالم ..وتلك ال�سكينة التي ت�سكن الروح حلظة التقائهما هي �أجمل نتائج قد ن�شهدها. 138
�أ�ستمع ل�صوت �أنفا�س ال�صبح وهي تردد� :أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل و�أنا �أت�أمل فتنة �أ�شعة ال�شم�س اخلجلى ترفع �ستائر الظالم على ا�ستحياء ف�أحب اهلل �أكرث. الغرام درجة راقية من احلب ..متى ما طرق باب قلبك �أكرمي ا�ستقباله وعي�شي تفا�صيله لتتذوقي لذة احلياة.. عند الفجر ..ما �أكرث القلوب التي علقت رغباتها على �أجنحة الدعاء لينطلق بها �إلى رب العطاء..ثم نتو�سد ح�ضن الأمان وهو يداعب خ�صالت طم�أنينتها ويحكي لها حكايا اليقني بوعود العطاء الكرمي.. يف الفجر� ..إن �ضاعت منك مفاتيح ال�سكينة ..فابحث عنها يف �صندوق باب من هدوء وحب وجمال و�سالم داخلي.. الت�أمل�..ستجد �ألف مفتاح لألف ٍ
يف الفجر ..ما �أجمل �أن نردد كثرياً�..أحبك يا اهلل..حتى تزهر يف النف�س ب�ساتني من طم�أنينة يتكثف على �أزهارها ندى ال�سكينة وتغرد طيور ال�سالم.. يف الفجرُ ..تربط �شياطني احلرية ..و ُت َ�صفِد الطم�أنينة عفاريت اخلوف ..فتنت�شر مالئكة ال�سكينة يف حواري النفو�س الوجلة لتزيل اثار �شغب تيه النفو�س.. يف الفجر..يهد�أ تالطم �أمواج ال�صخب في�سهل الغو�ص �إلى �أعماق الت�أمل يف الذات واملحيط ..ال�ستخراج لآلئ اجلمال التي نرثها اهلل لنا يف كل ما حولنا.. يف الفجر..يت�ألق يف النفو�س نور من �سكينة ي�سابق �أ�شعة ال�شم�س ..لي�شرق على �أرواحنا �سناً من روحانية وطم�أنينة.. يف الفجر ..يختبئ ال�سالم يف جيوب �سكينة تنام يف ح�ضن �سكون ..تهم�س ب�أذنه ب�أوراد االطمئنان وحتكي له عن رحمة رب الأنام.. قلب �ساخن بالأمل يف الفجر ..تخرج الدعوات مكتملة الن�ضج من �أعماق ٍ واليقني برب كرمي ي�ستقبل دعواتنا ثم يعيدها �إلينا �إجابات يف �أن�سب الأوقات.. يف الفجر ..لنور ال�سكينة �إ�شراق ير�سل �شعاعه الروحاين �إلى �أق�صى مناطق النف�س املهجورة ..فين�شر فيها دفء ال�سالم فت�شرق الطم�أنينة.. لل�صباح ابت�سامة عذبة ..ال يراها �إال من غ�سل بنور �شم�س التفا�ؤل ظالم الي�أ�س..
139
�صباحك ابت�سامة ر�ضاً من ثغر نف�سك امل�شبعة بالتفا�ؤل� ..صباحك ويومك كله كما حتب ..و�أكرث.. �صباح النور امل�شرق من داخل الروح الذي ي�سكب الفرح �ضياء يطهر النف�س من فو�ضى التعب لتكون بداياتنا نظيفة من �شوائب الي�أ�س معطرة بالتفا�ؤل والأمل.. اجعل من �صباحك فل�سفة -جمال روح -ت�شرق منك لت�سطع عليك وعلى من حولك �سعادة..
140
ال�شروق لي�س �شم�ساً تطل علينا كل �صباح ال�شروق.. هو انبالج نور قلب حمب يق�شع عنا ظالم التعب ..وخيوط من �أ�شعة م�شاعر دافئة حت�ضن باحلنان قلوبنا الوجلة.. �صباحك ري�شة تر�سم تفا�صيل يومك ب�أجمل تفا�صيل الفرح وتلونها ب�أزهى الألوان.. يف ال�صباح ..لنكن لأبنائنا قدوة عملية يف الهدوء واالطمئنان ..مهما مر من مزعجات خارجة عن طوع �إرادتنا ..ليتعلموا منا ال�سكينة و�ضبط االنفعال.. ف�ضل عظيم ..من رب كرمي �أن ن�صحوا على �أمن و�أمان على النف�س والأهل والأوطان ..ال�صباحات املطمئنة من �أعظم نعم اهلل.. اللهم �إنا ن�ستودعك �صباحنا من �سوداوية املت�شائمني ..ومن �سلبية الك�سالى املحبطني ..اللهم اجعله �صباحاً موفقاً بقدرتك وبالتوكل عليك..
جميل �أن يكون �صباحنا.. �صباح احلب الأقد�س� ..صباحاً نتنف�س فيه حب اهلل� ..شهيقنا فيه طم�أنينة من �أذكار وت�سابيح ..وزفرينا كل �ضيق وجزع.. التي�سري..النجاح..الهدوء..التفا�ؤل يحتاج �إلى �صبحات مرتفة حتى و�إن كانت مزدحمة - ..دلل �صباحك ليدلل هو يومك ..- يا رب� ..أحفظ �صباحنا من العقوق ب�أحالمنا..واجعله باراً ب�أمنياتنا ..اللهم �إنا ن�ستودعك تفا�صيله من كل �ضيق �أو ف�شل فحفظنا و�إياه بحفظك.. يخربين ال�صباح.. �أن �أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل عندما تخرج من القلب لتطرق باب العقل..تفتح لنا �أبواب اليقني �أننا حتت حماية رب قادر و�أننا بقوته نطمئن.. ويربت ال�صباح بيد ال�سعادة على الروح عندما يبد�أ اليوم ب�صباح من نحب .. ت�أبى �صباحات الهدوء �إال �أن ت�أخذ حقها من الراحة و�سط مقاهي ال�سكينة عرب م�شوار اليوم الطويل.. يف كل �صباح.. يا رب اجعل الطم�أنينة ت�شرق على �أرواحنا �أ�شعة �شم�س دافئة يف يوم بارد ..وامنحنا قب�ساً من نور النهار يق�شع عنا غب�ش الب�صرية.. يخربين ال�صباح.. �أن الن�صر واخلري والفرح للمتوكلني ..و�أن اخليبة لليائ�سني املرتددين املتخاذلني..
141
لنهدِ ال�صباح �أم ًال باهلل يعقبه توكل ثم عمل ..ليكون �صباحنا منا �أكرم ويرد �إلينا هدايانا خرياً وجناحاً وفرحاً وفالحاً.. ٍ املكائد..وحفظ تتك�سر أمل بحماية منك تعجز جتاوزها يا رب� ..أ�صبحنا على � ٍ �أمام قوته ال�شرور ..يا رب..احفظنا من كل �شيطان وخوان واجعلنا بقدرتك ب�أمان.. �صباحات االزدحام تخربنا �أن احلياة مليئة بالب�شر ..و�أن من يت�أخر لن يجد لأحالمه �أو �سعادته مكاناً و�سط زحمة الدنيا..
142
ال�صباح كالطفل ..نحن من نر�سم على مالحمه عذب الب�سمات �أو م�ؤمل العربات.. احلرية -ق�سوة �شعور يحتال بها ال�شيطان لنكرث من -لو -فنفتح له بها �أبواباً ت�سهل عمله! يا رب ال�صباح ..وفالق الإ�صباح ..اجعل لنا يف �صباحنا هذا نوراً ال ينطفئ.. ي�ضيء لنا �أرواحنا وما �أظلم يف طريقنا من دروب وم�سالك.. ا�ستعرا�ض نعم اهلل علينا �أول ال�صباح حمفز كبري للتفا�ؤل واالنطالق نحو العمل بخفة ون�شاط. ن�شعر بجمال كل �شيء حولنا متى ما �أ�شرق احلب بنوره على القلوب املظلمة!..
�إن اخرتنا احلب منهجاً نعي�ش به..مار�سنا الفرح بحب ..عربنا عن غ�ضبنا بحب..عملنا بحب ..عبدنا اهلل بحب ..فت�صبح احلياة جنة دنيانا.. نب�ض يجمع بني رجل وامر�أة. من الظلم �أن نح�صر احلب يف زاوية ٍ هناك حب �أ�شمل و�أقد�س ..لو ملأ قلوبنا لـ ابت�سمت احلياة وزان كل �شيء. وهل للحياة مذاق ال�سكر من غري حب !.. لنحب �إذا.. نحب كل �شيء يحيط بنا حتى نت�صالح مع الظروف ال�صعبة يف الوقت الذي نزيد فيه من ا�ستمتاعنا بالأ�شياء اجلميلة.. حب الوطن والإخال�ص له يظهر عندما يحاول احلاقدون النيل منه ..لنكن عوناً له ال عليه عندما يعلو نهيق املغر�ضني. من املهم �أن تتنف�س نقاء احلب مهما تلوث اجلو املحيط بعوادم الكره ..هذا هو الأهم.. االهتمام ذروة �سنام احلب ..ما �أجمله عندما ي�صبح �شريان حياة يبقي احلب على قيد النب�ض!.. وما �أجمل احلب عندما يكون �ضابطاً ينظم فو�ضى احلياة !.. يخطئ من يظن �أن احلب �سجني خلف ق�ضبان اخليال ..هو موجود ..نحتاج فقط �أن نفهم احلب ثم ن�صدق مب�شاعرنا مع ال�شخ�ص املنا�سب..
143
لو نرثت كل �أ�سرة بذور احلب يف نفو�س �أفرادها و�سقت ذلك باالحتواء لأزهرت ب�ساتني ال�سالم ..وال�ستن�شقنا عبريه �أمناً وطم�أنينة يف �أي بقاع الأر�ض كنا.. احلب احلقيقي ينت�شل احلياة من بني �أنياب املوت.. �سيدي حممد يخربنا �أن احلب من �شروط الإميان لأنه طريق ال�سالم الذي ينادي به الإ�سالم� ..أفال نقول �سمعاً وطاعة يا ر�سول اهلل!..
144
الع�شق جميل ..والأجمل منه �أن تع�شق احلب الأ�شمل.. لأنه احلب.. ت�سعى �إليه وت�ؤمن �أن حياتك لن ت�سري على بحر هادئ من ال�سعادة �إال به.. لن تنتهي ال�صراعات ولن تتوقف احلروب والدمار ما دمنا نح�صر احلب يف زاوية الع�شق احل�سي بني الع�شاق متنا�سني احلب الأ�شمل والأقد�س.. هو احلب.. يتخطى حدود ال�سن ..والزمان ..واملكان ..ي�سقي م�شاعر القلوب حتى تثمر حناناً!.. كل �إن�سان ي�ستطيع لو ان�شغل بنف�سه وتطوير ما ميزه اهلل به عن غريه وترك ما عند الآخرين هو الر�ضى والقناعة فقط.. وحده حب اهلل ..ي�ضيء لنا نفقا وا�سعاً و�سط دروب الظالم املوح�شة لن�سري يف طريق النور الذي ي�صل بنا �إلى �سعادة الدنيا وفوز الآخرة..
حب اهلل لعباده ي�سبق غ�ضبه ورحمته تغلب عقابه الرحيم ..ر�ؤوف بخلقه ال يعذبهم �أبدا.. �أ�سو�أ �أ�صناف الب�شر ..ذلك الذي يعجز عن امتالك عقله ..في�ؤجره.. قبل �أن يتلوث زمن ال�صفاء ب�سموم الفنت والطائفية واحلقد البغي�ض ..كنا نتنف�س ال�سالم ذرات منت�شرة يف هواء احلب النقي.. من يعتقد �أن حب الع�شاق ي�سري على مركب الفرح الدائم مبحيط ال�سعادة الهادئ �سيغرق حتماً ..وعلى �شاطئ احلقيقية �سيموت.. كثري من ع�سل -توافق �-أبي�ض ممزوج بقليل من ع�سل -اختالف � -أ�سود لذيذ على �أن ال يجرح اخلالف فيها طهر احلب و�شفافيته.. عندما نحب �شخ�صاً ما ..ت�صغر كبائر �أخطائه عند الر�ضا ..وعند العتب�..صغائر �سهوه �أو زالته ت�صبح كبائر ال كفارة لها!.. يف احلب ..الثقة هي امل�سافة الفا�صلة بني العقل والقلب التي تبقي النب�ض على قيد الع�شق.. حبك جل�سدك �أحد �أنواع احلب الإيجابي..فـلنعرب له عن حبنا بالأكل اجليد والنوم اجليد والريا�ضة..دلل ج�سدك بال�صحة يدللك هو بال�سعادة. احلمد هلل على نعمة احلب..احلمد هلل على حلو الرب بعد م�شقة احلمل والرتبية.. اللهم �أدمها نعمة واحفظها من الزوال.
145
طهارة الأج�ساد ..باملاء تكون � ..أما القلوب ..فال طهارة لها �إال باحلب.. االحرتام ال يعني �أن نحاول �إنعا�ش مودة حتت�ضر ..عند الفراق �أجمل االحرتام �أن ال نحقد وال ن�ؤذي حتى و�إن مات احلب.. ليت خطب اجلمعة والربامج الدينية حتتوي فكر ال�شباب بح�صره بثقافة احلب والتقبل لكل خمالف �أكرث من الكره واحلر�ص على فر�ض املعتقد حتى لو كان بالقوة.. �سر براءة الأطفال و�سعادتهم ..هو ذلك احلب الذي ي�سيطر على قلوبهم وعقولهم ..ليتنا نتعلم منهم وال ن�شغل العقل على ح�ساب القلب.. 146
طمع احلب ..هو و�شم الع�شق على قلوب الع�شاق.. كلما داهمني ظم�أ �شوق� ..أتناول من �صوتك جرعة حب� ..أرطب بها جفاف احلنني.. غريب �أمر احلب!..بعد كل هذا القرب ..ما زلت �أطمع تال�صق روح �أقوى.. يذيب حواجز القرب فيجعلها اندماجاً.. تلك النربة..التي قطعت م�سافات ال�شوق على جناح لهفة� ..أهدتها احلب يف �صندوق �صدق فاخر كتب عليهِ � - ..أنت فقط وغريك �أ�شباح باهتة.. تنقلب املوازين وي�صبح الال مقبول مر�ضياً عنه وما كان منتقداً حمموداً ..هو احلب ..يجعلنا ال نرى ال�شخ�ص على طبيعته احلقيقية!..
على �ضفاف حياة غزيرة احلب ..ينبت اجلمال..ويزهر ال�سالم.. ثروة امل�شاعر احلقيقية يف حياة � -أغلب -الإناث� ..أب يعطي احلب ب�سخاء وال ينتظر مقاب ًال.. يف احلب ..القلب كالطائر احلر ..ميوت� ..إن حكم عليه بال�سجن داخل قف�ص حبيب �أ�ضيق من حجم م�شاعره.. �صدر ٍ يف احلب ..نب�ض الأنثى يف �شباب دائم ..هو ال يعرتف بتجاعيد امللل ..وال ي�ست�سلم ل�شيخوخة الع�شرة والتعود مع تقادم ال�سنني.. �أن�صاف احللول يف احلبُ ..تبقي القلب على حافة ال�سقوط من �أثر وكز ِة كلمة �أو عرثة! من خاف �سلم � -إال يف احلب ....فمن خاف ُقتِل ..- غريب �أمر احلب ..كلما زاد احلبيب يف العطاء زدنا حاجة �إلى ما عنده من عطاء وك�أننا لعذب م�شاعره فقراء!! يف احلب� ..أجمل الغزل ما هم�ست به العيون لأذن القلب فتوردت وجنتا الإح�سا�س خج ًال.. يف احلب� ..صمت العا�شق ق�صائد من وله ..حتكي ملحمة حامية الوطي�س بني العقل والقلب وما من غالب بينهما.. ما�أغرب هذا احلب !..
147
مادمت الب�س احلب ثوباً �أنيقاً �أقابل به ربي ..نف�سي ..ظرويف ..والنا�س ..ف�أنا يف �سعادة لن ُت�سرق مني �أبداً �إن احلب م�شاعر مباركة ..ي�سقي جفاف القلوب املتحجرة حتى تلني فتتفجر منها �أنهار الرحمة وينبت حولها ع�شب العطاء.. عندما يفر�ض العقل و�صايته على القلب ت�ؤجل العاطفة فرحها باحلب الى �أجل لن ي�أتي ما مل ِنع �أن احلب �أ�سا�س احلياة.. حب الأب� ..أ�صدق م�شاعر مينحها �أجمل قلب.. 148
�س�أكتب على جدار العا�شقني� ..أن احلب ال�صادق يف قلوب املتعبني حلوى فاخرة يف يد فقري يتيم .. لذته جترب ك�سر اخلاطر احلزين متى ما جاد به القدر الكرمي.. احلب هو م�ضاد لأك�سدة احلياة ..يطهرها من ملوثات احلقد والبغ�ضاء والنفاق واخليانة.. بتحبنى وال الهوى عمره ما زارك ...بتحبنى وال �أنكتب ع القلب نارك� ...س�ؤال يكتب برماد القلب املحرتق..عندما يكون احلب من طرف واحد ! مفهوم احلب عند الأنثى يختلف عن الرجل ..احلب عندها متهور ..يكره حواجز العقل فيقفز فوقها على نب�ض من جنون..
وكما يف احلياة غربة ..يف احلب �أي�ضاً مغرتبون!! �سكنوا �أقفا�صاً هاجرت القلوب منها لأنها مل تتحمل �ضيق قف�ص من ذهب مغ�شو�ش.. يف احلب م�شاعر الأنثى �أنانية ال تقبل تق�سيم نب�ض من حتب على اثنني.. الطعام لي�س جمرد غذاء يدخل املعدة ليملأها ..الطعام ..قد يكون حباً تقتاته القلوب ف ُي�شبع الأرواح حباً واحتواء.. احلب مدر�سة ..نتعلم فيها رقي امل�شاعر ..وعذب النب�ض.. لذة احلب ..يف طيف حا�ضر ..و�صوت دافئ ..يولد على نب�ضه الأن�س من رحم الغياب!.. لذة احلب ..يف �شعور ي�سكت كل �صوت ومي�سح كل انعكا�س ..ويحلق بنا على جناح حلم �إلى �صورة الع�شق و�صوته فقط!.. لذة احلب ..يف �شوق يتدفق حياة ..ال يجف من غزارة ح�ضور ..وال ُي�سيل الدمع من قحط لقاء!.. متى ما وقع العقل للقلب موافقته على حب �إن�سان ..فتلك ال�شهادة ب�أن وداً اجته �إليه �صادقاً كام ًال.. ما التباعد �إال �أوراق احلب الياب�سة ..تت�ساقط بعد موت الع�شق� ..أما البعد فقد يكون ال�شتاء الذي يتبعه ربي ُع ود ن�ضر..
149
ال يوجد �أجمل من احلب نبد�أ به يومنا لي�ستقيم �أمره .. �أحبك ربي �أحبكم �أهلي �أحبك عملي �أحبكم �أ�صدقائي �أحبك ظرويف و�أحبك قدري.. متى ما ت�شربت �أرواحنا حب اهلل الأعظم� ..أُحيطت �أرواحنا بهالة من نور �أ�ضاءت لنا عتمة الروح و�أنارت طريق الو�صول �إلى ال�سعادة وال�سالم الداخلي واخلارجي..وزان لنا وا�ستقام كل وئام مع خلق الأنام.. حب اهلل..والتدبر بجمال وعظمة خلقه وكونه وخملوقاته ..يجعلنا نرتقي ب�أنف�سنا ون�سمو ب�أرواحنا.. 150
�أعظم احلب حب اهلل ..وحب يف اهلل متى ما متكن هذا احلب من قلوبنا زانت الدنيا و�صفا عكِ ر احلياة.. لِق�صة احلب ال�صادق مع كل نهاية عام بداية ..يجدد القلب بها عهده ..وينع�ش خفقاته ونب�ضه.. على جبني احلب �أكتب -لك -معلقة ع�شق بحرب القلب الناب�ض بك.. ُ العقل زينة� ..إال يف احلب !! فممار�سة احلكمة يف ح�ضرة القلب �سف ٌه من جنون.. توهج جمر غرية الأنثى الذي خمد جمرد ر�سالة �صادرة من قلب احرتق بداخله حطب احلب امل�شتعل حتى �أ�صبح رماداً..
�أحياناً يقف احلب على حافة رهبة يهاب القفز �إلى �أ�سفل �سفح نعيم الع�شق العامر ليموت القلب بوح�شته وحيداً فـيقدم له العقل العزاء وهو ي�شجب جنب الوثبة.. على جبني احلب �أطبع قبلة �إخال�صٍ .. لبعيد عندما �أبكتني احلياة وجدته مني قريبا وقت ما �أبتعد عني املقربون!! احلب بني الأم و�أبنائها هو احلب الوحيد املنزهة عن �سواد الزيف والنفاق والكذب.. خمدوع ..من يظن �أن احلب وحده يكفل ا�ستمرار القرب على خط احلياة.. ٌ �أ�سلوبك يف احلب وحده هو من يكتب �سيناريو الهجر� ..أو ي�ضمن خلود البقاء.. �سعادة اليوم تبد�أ بتناول القناعة �إفطار روح �صباحي كل يوم.. �أنا يف �سعادة �..أنا يف ثراء �..أنا يف �صحة� ..أنا يف خري مادمت يف حفظ احلفيظ .. رددوها كل �صباح بيقني حتى تقبل عليكم الدنيا بجمال. ابت�سموا مهما كانت الظروف ..فقد مير من خالل قو�س االن�شراح املر�سوم على �شفاهكم ٌ حل كان خلف حاجز العبو�س حمتجزاً. ال�سعادة احلقيقية يف �ضحكات �صافية ..جتمع ما تر�سب يف قاع النف�س والذاكرة من كدر ..ثم تلقي بها يف �أبعد �سلة مهمالت.
151
لن جتد ال�سعادة �إال �إذا عمر احلب قلبك.. وت�شبعت بجمال الكون واحلياة وما حولك عيناك.. و َعمر ال�سالم داخلك ومنه �إلى حميطك.. الوجوه امل�ستب�شرة التي ت�شد طريف ال�شفاه بابت�سامة متفائلة ال تعني �أن احلزن انقر�ض.. بب�ساطة هي تخربنا �أنه برغم ال�ضيق ما زال يف احلياة مت�سع ل�سعادة وفرح. �سبحان من جعل يف ال�صالة راحة وعمقاً يف الت�أمل ت�أتي معه ا�شراقات الروح يف موكب من �سعادة. 152
طعام � ..صالة ..حب مثلث متوازي الأ�ضالع لفل�سفة �سعادة حتت�ضن الروح واجل�سد. من م�سببات ال�سعادة �..أن تكون الأعني غا�ضة ب�صرها عن كل قبيح.. القطة لكل جمال متناثر يف تفا�صيل الكون واحلياة والظروف املحيطة بنا. من �أ�سباب ال�سعادة ..النظافة يف النية /والأخالق /والبدن /واملكان. �سعادة احلياة تبد�أ من الإميان بهذه الآية (و�أفو�ض �أمري �إلى اهلل �إن اهلل ب�ص ٌري بالعباد).. هند�سة الروح ..تخ�ص�ص نادر.. ال يربع به �إال من تخ�ص�ص ببناء �سعادة نف�سية فخمة م�ستخدماً قيم الوجود العليا - احلب واجلمال وال�سالم –.
ت�أجج امل�شاعر ال َفر َِحة ..هو ذلك املزيج من �سعاد ٍة يزاحمها �شكر هلل مع ده�شة.. تغمر ال�شعور فتخت�صره بـب�سمة.. من م�سببات ال�سعادة� ..أن تتجمل الأ�شجار يف ال�صبح وتلب�س ثوب البهاء.. ال �سعادة تعادل ن�شوة االمتنان هلل و�شكره على نعمه املتف�ضل بها علينا..خا�صة بعد �أوقات الفرح التي غالباً نن�سى فيها �أن هذا من ف�ضل ربي.. �أنا و�أ�سرتي.. نحن الأ�سا�س الذي ن�ستطيع �أن نبني عليه ناطحات �سحاب �سعادة نعي�ش يف �أعلى طوابقها.. اجلمال من م�سببات ال�سعادة لنبحث عنه يف كل تفا�صيل احلياة ..ولنجعل حوا�سنا تتذوقه و�أرواحنا ت�ست�شعره.. تخل�صت من ثوب فقر الفرح الرث ..ولب�ست ثوب ال�سعادة الأنيق منذ �أن دخلت حياتي يف يوم كان بالن�سبة يل عيد. الكلمة الراقية �سعادة� ..سواء كانت �شعراً �أو نرثاً �أو حديثاً عادياً ..ال�شخ�صية اجلميلة غالباً ما تنتقي كلماتها.. �أجمل �سعادة ..هي يف حلظة فرح حتررت من قيد ذكرى حبي�سة يف �سجون الأم�س ..جتاهلت ترقباً يخيفها من �أمل يف رغبات ُحفظت يف �أدراج الغد!..
153
�أجمل �سعادة ..هي يف زرع بذور احلب يف القلب ..لتزهر ب�ساتني جمال.. حدودها تبد�أ من دواخلنا لتمتد مل�ساحات �شا�سعة حوالينا ..عبريها وئام ين�شر ال�سالم.. من م�سببات ال�سعادة� ..أن تقف �صباح كل يوم �أمام املر�آة ..حمباً لنف�سك.. فخوراً بها ..ت�أخذ عينيك يف جولة �سياحية �إلى موطن اجلمال عندك فتحمداهلل على النعمة وتقول :احلمد هلل الذي �أح�سن �صورتي..اللهم �أح�سن خُ لقي كما �أح�سن خلقي.. �أعتقد �أن التكلف قناع يلب�سه فاقدو الثقة بالنف�س.. 154
�سر الو�صول �إلى ال�سعادة وال�سالم يف -الآن -لنعطي اللحظة احلا�ضرة حقها من التقدير دون �أن نرهقها بت�شوهات املا�ضي �أو غمو�ض امل�ستقبل �أو غب�ش الأفكار.. على �سبيل ال�سعادة� ..أن ُيكتب لك ُعمر جديد نفث اهلل به روح الفرح من - نب�ضة ..- �أحا�سي�س دافئة تلك التي تنفخ بالون حزن نف�سك بغاز الفرح حتى ينفجر.. فتنت�شر ال�سعادة يف حميطك ..وتتنف�س الراحة بعبري الود ال�صادق.. �سعادة احلا�ضر هي امل�ضمونة ..لأن املا�ضي ميت ال منلك منه �إال حلو الذكريات ..وامل�ستقبل جمهول ال ميكن �أن جنازف بتخزين �سعادة له قد تكون �سراباً..
رحلة البحث عن ال�سعادة ..حتتاج �أن نفت�ش داخل �أنف�سنا ..وحتما �سنجدها خمتبئة خلف رغبات ردمت حتت ركام الظروف �أو الت�أجيل �أو التنا�سي.. ال�سعادة الداخلية تلون ال�شكل اخلارجي بـ «ميك �أب» طبيعي ومتنح الوجه �إ�شراقة وجما ًال.. هو : هل ي�صلك �أي �شيء �أنت يل.. هي: ي�صلني �أن ال�سعادة ذرات طيارة حمبو�سة يف علبة جميلة متى ما فتحتها بيديك انت�شرت حويل لأ�ستن�شقها فرحاً نقي.. �أي �أحد ي�ستطيع ر�سم الإطار العام لل�سعادة حولك ولكن..خطوط الفرح الدقيقة وزخرفة تفا�صيلها ال يتقن ر�سمها �إال من يهتم لأمرك ب�صدق.. �أعطني يدك.. �أ�شدد قب�ضتك على كفي بقوة.. فبني راحتينا �سعادة �أخاف �أن تطري �إن فككنا ت�شابك �أيادينا.. حياة م�ضت ..وحياة قادمة ..وبينهما حياتنا الآن.. ليتنا ال نرهق احلا�ضر باملا�ضي وال نعرقل امل�ستقبل مبا كان..
155
احلياة كالقهوة .. ُمرة مب�شاكلها لذيذة مبرارتها.. م�شكلتها يف برودتها ال مرارتها.. لذلك من الـعقل �أن ن�صنع لنا كوباً منع�شاً جديداً بدل �أن نتجرع مرارة ذلك البارد. احلياة علمتني �أن العمر احلقيقي هو حلظة نعي�شها بفرح.. زخرفة احلياة ولونها الرباق نعمة من نعم اهلل ..يجب �أن ن�ضعها دائماً يف متناول يد الذاكرة عند بهتان الفرح بفعل عوامل تعرية الظروف. 156
متى ما احتفظت احلياة بحبها يف قلبك وجمالها بناظريك عندما تهب عوا�صف تثريها غبار ظروف حتجب عنك بع�ض فرحها فاعلم �أنك من �أ�سعد اخللق. لن نتمكن من ر�ؤية �ألوان فرح احلياة �أبداً ..مادمنا ُنلب�س �أرواحنا نظارة الت�شا�ؤم ال�سوداء. من رحمة اهلل بالإن�سان �أن جعل له بذور �أحالم يزرعها يف تربة احلياة ..ي�سقيها بالتفا�ؤل والعمل لتثمر �إجنازات وجناحات. احلياة كاجلو يحدث �أن تهب عليها عوا�صف حرية متل�ؤها بغبار الهم حتى تكاد تنعدم ر�ؤية الفرح ..ولكن �سرعان يعود ال�صفو وت�شرق �شم�س الفرح. العرثة در�س من درو�س احلياة متنحنا فيها �شهادة خربة ..لذلك هي من نعم اهلل التي ت�ستحق ال�شكر لأنها تخت�صر لنا طريق الو�صول �إلى الر�ضا..
يف احلياة ..لي�س هناك غرف مغلقة على �أكوام من َهم ُيظلِم بالنف�س ..دوماً هناك نافذة ت�سمح للنور �أن يخرتق ظالم كل حزن.. ال ي�أ�س من احلياة ..فاحلياة..ربيع دائم..الفرح به خالد..وال�سعادة نور ب�إ�شراق دائم يك�شف غمة الظروف كلما تكاثف غبار الهموم.. �صعبة احلياة عندما يربط بني قلبينا نب�ض يقطعه م�شرط الظروف.. درو�س احلياة ولذة جتربتها جتعلنا يف �شوق الكت�شافها �إلى �آخر �شهقة نف�س.. تفا�صيل احلياة كلها فل�سفة.. يف �إكرام ال�ضعيف..قمع غرور.. تهذيب ذات ..ارتقاء �أخالق مع �سمو روح.. يف �إكرامهم نكون �سفراء �سالم و�إن�سانية ..فهل منا من يكره �أن يكون �سفرياً. تقدم لنا كل دقيقة مع ُعمر الوقت عر�ضاً لإمكانية البدء من جديد بداية طازجة.. ماذا -لو ا�ستطعت � -أن �أفعل ....ماذا -لو مل �أ�ستطع � -أن �أفعل ...بني - لو -و -لو -بداية حياة �أو نهايتها. متى ما �صافحنا الدنيا بيد الر�ضا ..ر�ضت هي ور�ضي عنا كل �شيء فيها.
157
�أجمل �شيء �أن تن�سف �سجن اجلدية ومتار�س جنوناً غري متوقع يف وقت غري متوقع.. جربوا.. �ست�ضحكون كثرياً و�ستعودن جلديتكم بروح مرحة �سعيدة. الرق�ص ريا�ضة ج�سدية و�سياحة نف�سية.. تلك اخلطوات الر�شيقة املرحة ال ميكن �أن تخد�ش لوح الهيبة الزجاجي املتني �إن مار�سناها باحرتام.
158
لو �أيقنا �أن �-أنا -وما �أرغب بي لن تذوب و�سط ُ -هم -وما ميكن �أن ننجزه جمتمعني لأ�صبح الو�صول �أ�سرع و�آمناً. لنكرم ذواتنا بـ �-أنا� -أ�ستحق -ون�ؤمن بها فتقدير الذات مع رفع م�ستوى اال�ستحقاق يخت�صر م�سافات الو�صول �إلى الر�ضا. �إن �ساعات اليوم ال تعود بعد فناء.. لذلك.. من الظلم �أن ن�سمح بانتهاء عمر �أوقاته على �أ�شواك الهم بد ًال من و�سائد الفرح.. احلزن يف الدنيا هو حبل م�شنقة اليائ�سني.. الأ�صل يف احلياة هو الفرح.. �أما الهموم فهي �سحب �صيف عابرة ال تلبث �أن تزول.
الأمنيات بذور زرعت يف تربة الأحالم لن�سقيها بالدعاء والعمل لنقطفها واقعاً جنني ثمره املعلق من �أغ�صان الأيام.. االمتنان هلل لإجازة �سعيدة ق�ضيناها بدون دمعة حزن �أو وجع مر�ض �أو لوعة فقد يجعلنا نقبل على �أعمالنا ببهجة من باب «و�إن �شكرمت لأزيد َّنكم». �أجمل الإجنازات ما كان �أحالماً �أبدعنا ر�سمها على لوحة الواقع.. ملاذا� ..أين ..وكيف؟ ا�ستخدامها بتوازن يجعلنا على خط الفهم والإدراك ،ولكن كرثة تداولها واخلو�ض بتفا�صيلها جتعلنا نعي�ش حتت خط الراحة. االمتنان �سر من �أ�سرار العافية والت�شايف.. لنمنت لأج�سادنا ..ظروفنا ..وكل ما يحيط بنا ونحب كل ذلك ليحبونا هم ويقبلوا علينا كما نحب. الر�ضا مبا نحن فيه..ثم م�صافحة كل ظرف يقابلنا بيد القبول والتقبل �سيجعلنا نتجاوز كل �صعب بي�سر دون �أن يقف ذلك حاجزا يف طريق �سعادتنا. اع�شق �سواد الطريق الإ�سفلتي الذي يتحدى جربوت ال�صحراء..ا�سمعه يقول : خلف كل موت حياة مادامت هناك رغبة!..
159
قبل �أن تثق ب�أحد ..اخترب قلبه ..وبعد النتيجة ..ال تثق مبن نام ف�ؤاده عن احلب وبقي عقلة مع م�صلحته يقظان.. لأن ال�صرب مفتاح الفرج من ال�شدائد قرن اهلل به الب�شائر.. �أ�صحاب الوجوه امل�ستب�شرة..هم تلك الأرواح الطاهرة التي جعلهم اهلل يف �أر�ضه لتطمئن القلوب بنورها عند كل �شدة. الوجوه امل�ستب�شرة جتمع يف عينيها خمزوناً ال ينفد من �إميان وطم�أنينة تنرثها طاقة �إيجابية مع كل ابت�سامة. 160
لنغلق �آذاننا عن تدخالت الآخرين متبعني �صوت رغباتنا ..نتحرك �ضمن �إطار ر�ضا اهلل ثم موافقة املجتمع دون �أن نخد�ش �شفافية الذوق العام.. عندما نعطي -اللحظة احلا�ضرة -حقها من احلفاوة واالهتمام� ..ستقابلنا مبا يليق بنا من الفرح واحلبور. عند ال�سفر..الطرق ال�صحراوية �أو الزراعية ال�ضيقة متر بنا على �أماكن حترمنا الطرق ال�سريعة من التعرف عليها..وهكذا هي ظروف احلياة ال�ضيقة.. من يقول �أن عمر الفرح ق�صرياً� ..شخ�ص يهوى عزف الناي ليغني احلزن ب�صوت �شجي حتى يجذب �إليه قلوب ب�سواد الي�أ�س متلحفة..
�أحب رائحة الأر�ض عندما ت�ستعيد انتعا�شها وتغت�سل باملاء ...و�أع�شق فطوراً حتت�ضنني فيه حديقة و�شجر.. مينحنا �إدراك ما منلك دون �أن نطمع مبا وهبه اهلل للآخرين ثقة بالنف�س و�سالماً داخلياً يجعلنا متوازنني مع ذواتنا ويف عالقتنا بالآخرين. الذكريات الأليمة� ..أثاث قدمي �أ�صابه الوجع بنخر الفرح ف�أ�صبح ..عتيق بالياً.. التخل�ص منها ي�ضمن لنا �سالمة � -سعادة اللحظة -من ال�سقوط وهي جتل�س على �أرائك الذاكرة املهرتئة. كل يوم هو مولود جديد يحتاج منا لتغذيته بالتفا�ؤل ..ليكون �سعيداً. ال�ضمان الأقوى ال�ستمرارية الهدى وثبات اال�ستقامة يف وجه املغريات .. هو �أن نعبد اهلل بحب يغلب اخلوف.. اهلل يحبنا فلنحبه كما يجب.. يجب �أن جندد معاهدات العزم ون�ؤكد مواثيق التوكل والتفا�ؤل مع بداية كل �أ�سبوع. من قال �إن اجلمال مربوط بنوا�صي ال�شابات !! اجلمال..روح من نور ت�سكن مالمح ُح�سنها ال ي�شيخ �أبداً. البع�ض ،مهما فعل ال ميكن �أن نغ�ضب منه ،ومهما ق�صر يف حقنا نبت�سم له.. مثل هذا هو هدية من اهلل لنا ،يبعثه يف حياتنا لريتبها �أف�ضل..
161
اهلل اجلميل ..خالق الكون اجلميل يحب �أن يرى �أثر جمالٍ يحبه على عباده، فلنكن ب�أخالقنا و�أرواحنا و�أج�سادنا ونياتنا..ر�سل جمال للجمال. الب�ساطة والتلقائية يف التعامل تو�صلك �إلى عمق قلوب النا�س بزمن قيا�سي بعك�س التكلف والت�صنع الذي يبعدك عنهم م�سافة �ألف حاجز من قبول. الربع �ساعة التي يغفو فيها الطفل يف ح�ضن �أمه يف م�شواره ال�صباحي �إلى املدر�سة ..متنحه طم�أنينة ُعمر ..فال تنهروه �أو حترموه منها. 162
ما �أجمل �أن �أبني لنف�سي قمة تنا�سب رغباتي وتتميز عن قمة ي�سعى اليها ماليني غريي..القمة الثابتة ..ما �أتربع عليها وحدي بدون ازدحام. �إن مع الع�سر ي�سراً -لو نتذكرها دائماً ملا ُر�سم على مالمح الب�شر عبو�س وال �أغلق لهم القنوط �أبواب رحمة. نت�صارع ..نتناحر ..نلهث ..نتعب.. نتزاحم يف �سبيل �أن ن�صل �إلى قمة هرم �ضيقة ..ونن�سى �أن يف �سهول احلياة مت�سعاً لألف قمة وقمة !! توكل على اهلل وام�ض يف طريق حياتك دون خوف من ك�سر حتى لو بدربك تفاج�أت ب�سقطة� ..أو ف�شل �أو �صادفتك يف دهاليز احلياة عرثة.
كرثة التفكري متلأ حياتنا بالفو�ضى والبحث يف التفا�صيل يبعرث ترتيب النف�س.. فلنمار�س الت�أمل كثرياً لرنتب تلك الفو�ضى ونرتب زعزعة احلوا�س. زيادة ر�صيدنا لدى �أبنائِنا من احلب والتقدير هو اال�ستثمار احلقيقي والرثوة التي �سننفقها رعاية منهم دون ملل عندما نحتاجهم يف كربنا.. اتفقنا على �أن ال نتفق ..ولكن تعاهدنا على �أن ال يتحول اختالفنا �إلى ترا�شق بر�صا�ص العداء يقتل روح الفائدة من اختالف وجهات النظر.. ممتعة هي ال�صعوبات التي تمُ َهد بجرافة التحدي ووعورة الظروف حتى ن�شق للنجاح طريقاً خالياً من حواجز الإحباط والي�أ�س.. من باب -و�أما بنعمة ربك فحدث -من املفرح حد ت�ساقط دموع ال�سعادة� ..أن يكمل اهلل جناحنا العملي ب�صالح الأبناء وتفوقهم. يكون الك�سل غمازة فاتنة على خد ال�صباح ..منار�سه �أكرث حتى ت�ضحك �صباحاتنا فن�ستمتع ب�سحرها �أكرث. (ويف ال�سماء رزقكم وما توعدون) ملاذا نلهث بتعب ونحارب ب�شرا�سة بغي�ضة �سعياً وراء مادة ورزقنا وما ق�سم لنا حمفوظ عند رب العاملني! ال�سبت لغ ًة يعني ..يوم الراحة ..النوم ..االنقطاع عن العمل ..هو يوم الدالل كما يخربنا ا�سمه..فـما �أجمل �أن نعي�شه كما يجب!
163
ا�ستمتع بحياتك اليوم ..لأن الأم�س قد ذهب ..والغد قد ال ي�أتي �أبداً .. رمادية ال�صباح �سحب رعدية تنذر بهطول �أمطار من كدر متى ما تلبدت �سماء نف�سك بها ..فـابحث عن ن�سائم فرح ..مواقف طريفة وا�ضحك حتى يزول كل هم. اخلري الذي ي�أتيك من رب الرحمة دون توقع �أو انتظار ..هو هدية اهلل لك.. يخربك من خالله �أين منك يا عبدي قريب ..ولك رازق كرمي. بذور الفرح املزروع يف تربة الهم ..ت�ضرب بجذورها عميقاً الى داخل النف�س لذا ..فمن الغباء �أن نف�سد ثماره الطازجة برطوبة الهم. 164
لأن الإجازة وقت م�ستقطع من فو�ضى التعب وتزاحم امللل ..يجب �أن ن�ستغل كل دقيقة فيها لنلتقط متبعرث الراحة ون�سرتخي على �شواطئ الهدوء. ما �أروع االبتعاد عن زيف الوهم من �أجل اال�ستمتاع ب�صدق احلقيقة.. االبت�سامة ..الب�شا�شة ..الكلمة الطيبة.. �إك�س�سوارات خارجية تعك�س جمال الروح الداخلية و ح�سن اخللق.. �شكراً� ..إن كانت �صادقة .. كلمة دافئة و�سحرية تكمن بني حروفها قوة عجيبة مت�سح �أق�سى التعب وتبدله بن�شاط عجيب وفرح عميق..
الأم يف العائلة هي جمل�س الأمن الأ�سري ..و�سفرية النوايا احل�سنة يف املجتمع املحيط.. على خد الع�شق ..فتن ٌة �سِ حرها توق يذيب �صرب العا�شقني.. من يحاول �سرقة نب�ض يخرج من قلبك لقلبي ..فليتحمل لأن القلم مرفوع عن املجنون ع�شقاً � ..أنا جمنونة يف ا�سرتداد نب�ضي!.. حدود اجلنون عندي �أن �أراك بعيداً عني ..عندها فقط �أقفز هرباً خارج �أ�سوار العقل لأعلن احلرب بال رحمة عمن ي�صرفك عني.. تتك�سر جماديف العتب عند ذكرياتنا القدمية ال�سعيدة ..فنعوم بال مقاومة و�سط بحر ال�شوق حتى نغرق. تعرف.. ً كلما جتمدت عاطفتك متنيت �أن �أهيئ لك و�سط �أروقة الذاكرة متك�أ و�أجعل من �أوقاتنا ال�سعيدة حطباً �أ�شعل به نار احلنني ..عله يذيب جليد قلبك. فت�سيل على �أثر حبك �أودية الفرح وجتري �سيول ال َوله .. وكم من ذكرى قامت الليل تبكي خ�شوعاً يف حمراب احلنني !! قدر �أنت ال مفر منه!! عبثاً �أحاول االختباء منك يف زوايا الن�سيان املظلمة.. ولكني �أجد تفا�صيل كنا وكان تالحقني يف �أروقة الذاكرة احلية بك!..
165
الأحالم �أماين فاتنة تلقي ب�شباك الغواية على واقع عميق الآمال علها ت�صطاد منه مراداً تتناوله فرحاً.. بع�ض الب�شر خلقوا ب�أرواح مالئكية ..نذهب �إليهم ب�أعا�صري من حرية تتقاذفنا ونخرج منهم ونحن ن�سرتخي على �شاطئ الطم�أنينة الهادئ.. التعب املفاجئ �ضوء �أحمر يذكرنا �أن لأبداننا علينا حق ..و�أن اجل�سد �أمانة �سنعاقب �إن �أهملناه و�سط م�شاغلنا.. امل�ست�شفيات �صالة عر�ض لق�ص�ص درامية خمتلفة ..وحده رب العاملني من يكتب نهاياتها ..لذلك ..ليفرح املري�ض �أن �أمره بيد اهلل ويرتك عنه �سيناريو القلق. 166
«ماما �أبي �أم�سك �أيدك».. ليت طفولته تدرك حجم امتناين هلل عليه ..يده ال�صغرية وحدها احت�ضنت يدي حباً ال زيف فيه �أو خديعة.. قد ن�صل �إلى نهاية طريق فنكت�شف �أننا نحتاج �إلى u turnيف حياتنا يعيدنا �إلى نقطة بداية جتعلنا من�شي دربنا ب�أمان �أكرث.. الكربياء .. هو ذلك الفتات الذي تقتات عليه الكرامة لتبقى على قيد ال�شموخ عندما ي�صيبها اخلذالن بت�صحر ثقة.. ما �أجمل �أن ن�ؤرخ عمرنا بكتابة خاطرة فرح يومية ب�أحرف من ع�شق على ورق الأيام بدل �أن نقطع كل يوم ورقة تقومي لنعرف الزمان..
كثرية هي �أوقات الفرح احلا�ضرة � ..إال �أن �أحلى حلظة يف حياتي مل ت�أت بعد.. لأن ما عند اهلل من خري.. قد تكون احلقيقة مرة ..ولكنها يف النهاية قد تكون العالج الذي ي�شفي �أكرث من داء.. �أطول امل�شاوير ..تلك التي من�شيها على طرق وعرة حمفوفة مبخاطر ُحفر ُك�شف عنها غطاء الت�سرت لنقع يف قاع مر الـحقيقة.. اخليانة �سواء كانت من امر�أة �أو رجل لي�س لها مربر ..والقلب احلنون ال�صادق لن يقبل �أبدا احتواء قلب لوثته اخليانة.. نحن ال ميكننا تغري املا�ضي �أبداً ..ولكننا قادرون دائما اال�ستمتاع باحلا�ضر وعلى تغري امل�ستقبل. من قوانني املحبة ..ال تدفئ ل�سانك مبعطف الكذب وترتك قلب من حتب لفعلك بردان.. وهل للفرح مذاق �أطعمة من �ضحكة �صافية البهجة نتناولها عذب �سعادتهم.. الروح حتتاج للتجديد لتبقى طازجة على قيد العطاء ..واخلروج عن امل�ألوف حالل ما دام �ضمن �إطار حدود ال�سالمة مع اهلل.. قد نريد �شيئاً �إلى حد التعلق الذي يجعل ال حياة لنا من غريه ..ولكن يفاجئنا اهلل �أنه لي�س لنا و�أن حياتنا لن تنتهي بدونه لنثق باهلل فقط واختياره لنا.
167
العام اجلديد كالبيت اجلديد ..هو فر�صة لت�أثيث النف�س ب�أمل فاخر وروح �أنيقة زاهية التفا�ؤل ..فليتنا ال ننقل له قلقنا القدمي.. كثرياً ..ما يكون �أثر ق�سوتنا على �أبنائنا بق�صد الرتبية� ..أ�شد وقعاً وق�سوة -علينا من تلك التي منار�سها -عليهم ..-العطاء داء ال دواء له �إال مزيد من �إيثار ..على �أن يكون ح�سب درا�سة جدوى نف�سية ت�ؤثرنا وال ت�ؤثر علينا..
168
اجلراءة .. هي حلظة جنون حتررها من و�صاية العقل ..لتعي�ش بها لذة الال معقول و�أنت تتحدى رتابة احلياة.. عالج الأمل مواجهته لأن يف الهرب منه املاً �آخر ي�ضاف �إلى وجعه.. ماذا لو مار�سنا الأنانية بعد طول بذل وعطاء ..ترى ..هل ننت�صر لكرامة �أتعبها غزير الت�ضحية ب�شح املقابل� ..أم �سنتعب لأن النف�س تعودت كرم الإيثار؟ ماذا لو قررنا �أن نواجه الأمل ب�شجاعة وندخل �إلى �أكرث مناطقه وجعاً ..هل يهزمنا ب�شرا�سته� ..أم �أننا ننت�صر عليه بالثقة �أننا �أكرث منه قوة و�إميان..؟ ماذا لو حطمنا كل حاجز ي�ضعه الآخرون يف طريق ما نريد ..ترى ..هل �سنكون �أ�سعد بفقدهم الذي -قد -يكون م�ؤقتا�ص متحوه الأيام� ..أم بو�صولنا ملا نريد؟
ماذا لو �سقينا ذابل الأحالم بعذب الأمل والعمل حتى لو كانت تربة الظروف غري �صاحلة ..ترى هل �ستموت � ..أم �أن التم�سك بها �سيخ�صب تربة الواقع لتثمر الآمال..؟ بخار قهوتي املت�صاعد يهم�س يل فيقول: احلزن� ..أ�سود �ساخن حارق و�أن له �أبخرة تطري بالهم وتبقي يف مرارة الدفء لذة لل�شاربني ..ويف رواية للمهمومني.. بعد الإجازة ميكن �أن نقول .. و�أخرياً ..عادت فو�ضى تفا�صيل اليوم لترتتب على �أرفف االنتظام داخل خزانة الوقت� ..شعور جميل ..والأجمل �أن نفرح بكل خطوة نخطوها لعلم �أو عمل.. العبقرية املهنية للكوادر ال�شابة يجب �أن تعطى حقها من الدعم حتى تغذي دماء التنمية الوطنية مبا ي�ضمن �سالمة حياة املجتمع.. ال تهتم ..ما دمنا �أنا و�أنت وثالثنا خفقات قلبني احتدا نب�ضاً ..هذا هو الأهم.. وما عداه لغط قول من عطا�شى ع�شق حال ال�صد بينهم وبني ورود نبعه!.. القراءة ..هي مفتاح العقول املغلقة لت�ستوعب املتغريات االجتماعية احلتمية فتكون عونا للمجتمع بدل �أن تكون عقبة يف طريق منوه.. احذر� ..أن تقول بل�سانك ما ال تعجز عنه �أفعالك ..لأن يف ذلك عبثاً ب�صمام ال�صرب مما ي�ؤدي �إلى انفجار الثقة..
169
خد�ش امل�شاعر جنحة عقوبتها احلب�س داخل �سجن ال�ضمري حتى يعلن التوبة� ..أما اخليانة فهي قتل متعمد لروح الإخال�ص ي�ستوجب الق�صا�ص هجراً.. النوايا ال�صادقة تتبع طريق خمت�صراً لت�صل �إلى ت�صديق من نر�سلها �إليه.. لذلك خطواتها ت�صل �أبواب القلوب قبل طرقاتها فتفتح لها �أبواب الثقة.. من احلكمة �أن ال نتحول �إلى حمللني وحمققني وق�ضاة وقت احلوادث والأزمات ..ال�صمت حكمة حتى يجلو ال�ضباب..
170
يخربنا اليقني باهلل� ..أن عدد الب�شر �أ�صعب من ح�صره برقم ..ولكن الرب - واحد �أحد -قادر على �سماع خلقه واحتوائهم و�أنه برحمته بهم رحيم ومن ف�ضله عليهم كرمي.. يخربنا اليقني باهلل� ..أن لكل عبد �س�ؤ ً اال ومطلباً ي�ضعه يف ظرف من دعاء ير�سله لرب ال�سماء..و�أن القادر القدير بعلمه العليم يقول ملا فيه خري منه كوين فيكون.. ليتهم يعلمون� ..أن قوة �صمغ الزيف الذين يثبتون به �أقنعة ال�صدق على �إخال�صهم �أ�ضعف بكثري من قدرته على تثبيتها.. بع�ض القلوب من رقتها ت�صاب به�شا�شة �شعور ..يك�سرها جتاهل ال يجربه �إال احتواء دافئ مع جرعات مكثفة من حنان.. القلب الذي يغذي نب�ضه احلب ..ال ميكن �أن ي�صوم عنه ..حتى لو عا�ش �أوقاتاً عجافاً من خذالن..
تلك االبت�سامة التي حفرت للدموع �سداً جتمع فيه �سيل اخليبات ..كانت قبلة �أخرية على جبني ال�صرب قبل وداعه على ر�صيف الفر�صة الأخرية.. ذواتنا ت�ستحق �أن نحبها ..ونهتم بها� ..أعطوا ذواتكم اهتمامكم تعطيكم رقيها و�سموها.. �أنت من اخت�صر يل الب�شر يف �شخ�ص يحمل جمال احلياة و�أمانها يف قلبه.. ليوم اجلمعة يف قلبي مكانة خا�صة ..هو يوم الذكريات الثمينة التي ت�أتيني بتلك الطيوف اجلميلة فيت�صاعد ال�شوق مع رائحة القهوة وعبق البخور.. �إن حتققت الأحالم ف�سيعقد الفرح قرانه عليها و�إن ا�ست�شهدت ف�سريثها تقدير الذات الذي �سي�شيعها �إلى مدفنها بو�سام �شرف املحاولة.. قد ال ت�سمح لنا النافذة باخلروج من حجرة تكومت بها الأحالم..نحتاج لباب وا�سع نخرج منه �إلى �شاطئ الأمل نتنف�س هواء حتيا به الأحالم.. قد يكون الواقع بنا رحيماً ..ولكن �إن كان البد من موت ..فلت�ست�شهد الأحالم وهي تقاتل ب�شرف لتنال حرية التحقق.. االحرتام هو وهج معدن ال�شخ�ص الذي يجهر بريق ُه التقدير حني فراق..
171
�أرقى الرحيل ..ما تفارقت فيه الأرواح وبقي االحرتام حا�ضراً. احلاجة هي احلافز للو�صول والدافع للإجناز.. �أما الرغبة ..فهي ذلك اال�ستمتاع والتعلق بال�شيء..وتلك القوة التي جتعلنا نقهر ما يعيق الو�صول �إلى الهدف.. ابت�سامتك التي ترتب فو�ضى �إرهاقات الآخرين حني ت�صادفك من يخالف مبد�أ احلب واجلمال وال�سالم الذي اتخذته منهج حياة هو االختبار احلقيقي لإميانك بهم.. 172
�أناقة تفا�صيل اليوم تبد�أ بتنظيف الروح باحلب لكل �شيء وكل �أحد..ثم بو�ضع اجلمال نظارة حتجب عنا �ضرر ب�شاعة ما عداه..ثم التعطر ب�سالم ن�صافح به الأمان.. الطريق رفيق..ف�أحبوا طرقاتكم للعمل للعلم �أو حتى لعالج ..اقطعوا م�سافاتها بحب لت�صل بكم بعون اهلل �إلى النجاح والوعي والت�شايف. �إين على �شفا ٍ جرف ها ٍر من �شوق�..أرجتي الت�شبث بط َر ِف نربة..علها تنقذين من �سقطة ٍ موت حمقق يف وادي الوجد ال�سحيق.. تفا�صيل �أوقاتي معك تقفز من نوافذ الذاكرة ..لتلهو يف �ساحة القلب.. وتت�أرجح على �أرجوحة امل�شاعر..يدفعها ال�شوق وتتلقفها اللهفة..و�أنا بني هذه وتلك �أبت�سم من عذب الإح�سا�س ..
كوب القهوة -حياة -نرت�شف حكاياتها ال�شيقة �أحاديث من متعة تخرج بنا عن مدار الزمان.. علينا فقط �أن نح�سن اختيار رفيق الر�شفات. وجدت نف�سي ..عندما اكت�شفت زيف بع�ض من حويل ف�أخرجتهم من حياتي لي�ستقيم كل �شيء بدونهم.. وجدت نف�سي ..عندما �آمنت �أين �أ�ستطيع فعل كل �شيء �أريده.. متى ما الم�س الإميان �أرواحنا حدثت كل املعجزات.. ُيدبر الأمر ..ما دام ترتيب �أمري بيدك يا اهلل فال مكان خلوف ي�سكن نف�سي.. ولن يعكر �صفو يقيني بك قلق.. دمعة الطفل تعبري عن رغبة عجز عن البوح بها منطوق الكالم� ..أما ابت�سامته فهي امتنان لكل حب واحتواء من والديه يكون �أو كان.. وجدت نف�سي ..مع �أرواح نقية جمعها اهلل من �أماكن خمتلفة بدون �سابق معرفة ..تقا�سمنا الفرح و�شربنا ال�ضحك حد االرتواء!.. وجدت نف�سي ..عندما �أكرمتها بت�صاحلي معها ..فهمتها فجعلتها الأولى يف كل �شيء ..هي الأهم وما بعدها -هي -من يقيم �أهميته.. وجدت نف�سي ..عندما ي�سر اهلل يل من ي�صهر ما ت�شكل لدي من قناعات بالية ثم يعيد �صياغتها �سمواً نقياً!..
173
ما �أجمل �أن تفتح �ستائر ال�شبابيك ..وتقول للكون كل �صباح : �صباح الأمل املتعلق ب�أبواب ال�سماء � ..صباح التفا�ؤل املنت�شر ذرات يف الهواء .. �صباح الب�سمة املر�سومة على �شفاه ال�سعداء.. �أنا والطائرة ..كنا �أعداء ..بيننا وبني اخلوف �أ�شر�س �صراع !..ولكننا واحلمد هلل �أ�صبحنا ..ع�شاقاً �إن طال بيننا البعد � ..أتعبنا اال�شتياق!.. رفيق ال�سفر �إما �أن يكون مر�ساة ثقيلة ت�سحب البهجة منك �إلى عمق ال�ضجر� ..أو يكون ن�سمة هواء لطيفة تطري بك �إلى �أعلى �سماوات ال�سمو والفرح.. 174
و�أنا بني ال�سماء والأر�ض� ..أت�أرجح مبتعة على �أرجوحة الت�أمل التي �صنعتها من جمال ر�سم اهلل به تفا�صيل ال�سماء.. عند كل �إقالع� ..ألقي بكل فكرة مزعجة عالقة يف ثنايا عقلي و�أحلق ..نحو �أفق �أ�سبح فيه و�سط ف�ضاء من هدوء ..و�أنا �أتغزل بال�سماء و�أو�شو�ش الغيم. ال حتزن وتي�أ�س من رحمة الرحيم ..كن على ثقة �أن ما عند اهلل خري و�أبقى وت�أكد �أن من �آمن باهلل منهم يف نعيم عند الكرمي.. الثقة غالية ..والقلب �أثمن من �أن متنحه ملن يهتم بك ويخاف عليك ..مادمت ت�سري باجتاه �أمانيه هو .. لذلك ..ا�شكر كل ت�صرف م�ؤمل منهم يك�شف لك زيفهم..
احلمد هلل.. لرنددها كثرياً عندما تنك�شف الأقنعة عمن و�ضعنا ثقتنا فيه ولكنه عندما مل ن�أت على هواه �أعتقد �أن ال�ضرب مبطرقة اختبار الثقة �سي�ؤملنا.. ال �أمتنى معرفة ما �سيحدث كي ال �أحزن قبل الوقت ملا قد يحزنني ..وال �أفقد ده�شة الفرح وعمق ال�سعادة ملا قد يبهجني ..كل �شيء بوقته حلو.. و�أنا �أحلق على �أجنحة الغاية و�سط �أفق من ارتياح ..ي�صل بي �إلى مدن ال�سالم الداخلي� ..أت�ساءل.. �أين هي م�شقة ال�سفر التي عنها يتحدثون! ابت�سم مهما كانت الظروف هذا هو الأهم ..فعلب �أدوية عالج النف�س املُتعبة ُر�صت على قو�س ال�شفاه املبت�سمة!.. ما دمنا قادرين على اخلروج ب�سهولة من دائرة احلزن وال�سلبية ال�سوداء املغلقة �إلى دائرة الفرح والإيجابية البي�ضاء ..فنحن بخري.. مهما اختلفت الظروف وحاولت �أن جتذبك �إلى دائرة ُهم ..فال ت�ست�سلم ..كن �أنت..من املهم �أن نتعاي�ش مع �أي ظروف حولك ..ت�صنع �سعادتك يف �أي حال ..ال تقبل االنك�سار واخل�ضوع واال�ست�سالم.. التوازن ،تقبل واحرتام الر�أي املخالف ،الإميان �أن �أي فكر قابل لل�صواب واخلط�أ ..كلها �ضوابط ل�سالمة و�سالم التعاي�ش يف املجتمعات..
175
لو اقتنع الكل بلكم دينكم ويل دين ..و�أن اجلنة والنار بيد الرب وحده ولي�س لأحد من خلقة احلق يف احلكم على عباده ..لع�شنا ب�سالم.. يف ظل متغريات الع�صر..نحتاج حلوارات دينية �شبابية ذات ر�ؤى خمتلفة حتى نربي جي ًال قادماً يتقبل االختالف ويتعاي�ش معه دون «�إن مل تكن معي ف�أنت �ضدي».. من عالمات اجلمال ال�صوت..رقة �صوت الأنثى مع نعومته بال ت�صنع.. ورخامة �صوت الرجل مع هدوء ..يغلف نرباته..
176
ال�شِ عر ..اخلاطرة اجلميلة ..والكلمة احللوة ..بع�ض من �أدوات اجلمال املكملة لأناقة ال�شخ�صية وجمال احل�ضور.. ليتهم يقتنعون �أن بذر الأخالق يف النف�س من ال�صغر تنبت التزام و�صالحاً بدون احلاجة �إلى رقابة.. ما ي�ؤمل يف املوت هو ال�شوق جل�سد ح�ضن الروح التي نحب ملا �شاء اهلل من وقت ..ولو فكرنا قلي ًال لأدركنا �أن الروح خالدة ال متوت.. نظلم املوت عندما نعقد قرانه على الفناء! املوت والدة جديدة وحياة من �سعادة ال تفنى يف حياة اخللود ملن عمر قلبه الإميان.. نعوذ باهلل من جربوت الب�شر و�شياطني الإن�س الذين عاثوا ب�أمن املطمئنني ف�ساداً..
النداء الداخلي هو �صوت ال�صدق اخلايل من زيف املجامالت والتبعية االجتماعية الذي يقودنا �إلى م�س�ؤولية القرار وبالتايل متيزه.. متى ما وجدت من �أحب لك ما يحبه لنف�سه.. متى ما تقبلك بكل حاالتك �سيئها وجميلها.. متى ما وجدته عند حاجتك له يف ال�شدة �أكرث من الرخاء.. فذلك هو املحب ال�صادق فتم�سك به والتفرط به �أبداً .. قوة الأنثى ..يف و�شاح نعومة �أنيق من�سوج من خيوط اجلربوت املتني ..غري قابل للتمزق بخ�شونة ال�ضعف امل�ستكني.. �أعذب احلزن .. حزن راق�ص ..يبكي الفقد وهو يرق�ص على �أنغام يقني اللقاء.. ال�شوق نغم حزين يعزفه ناي ال�صبابة ..يتمايل له القلب طرباً يف الوقت الذي يبكي فيه الوجد ولهاً!.. �ساعات الرتقب التي ت�سري حافية القدمني على طريق ال�شوق ال�شائك� ..أعوام من وله من�شيه بتعب ينزف �أم ًال بلقاء ي�شفي جروح التوق .. �أنا ..و�أنت يجف ريق ال�صرب فينا ..فنتوقف ..بعد منت�صف ال�شوق ..لتناول جرعة �صوت مغم�سة بقطعة طيف ت�سد رمق التوق -حتى -لقاء نرجو �أن يكون قريباً..
177
�أ�صبحت م�سافة ال�صرب �أطول ..حتى �إين من وجدي جفت عروق ا�صطباري.. و�أنا �أردد اللهم اط ِو عني بعد اللقاء و�أعذين من م�شقة احلنني.. يقتلني �سم عقارب ال�ساعة و�أنا �أم�شي يف �صحراء ال�شوق حافية ال�صرب� ..أرجتي اخت�صار م�سافة االنتظار.. الطائرة والليل وال�سفر ..فتنة تغري خامل ال�شعور ليمار�س غواية الت�أمل الهادئ ليبحر على مركب من حب �شامل ير�سو على ميناء ال�شكر هلل على عظيم النعم.. 178
احلدائق جنات م�صغرة ..تغرينا بروعة �إح�سا�س تزرعه فينا لنعمل لر�ضا اهلل �أكرث لنفوز بجنات خلود ما خطرت على قلب �أو عقل ب�شر.. وما �أجمل �أن يكون لنا يف كل يوم من عمر الزمن عيد! �صوتك الذي يجلب الوله من بئر ال�شوق العميقة ي�سقيني غروراً حد االرتواء ثقة ب�أين يف قلبك �أنثى واحدة كتبت لها بنب�ضاته حلن اخللود.. بعد منت�صف ال�شوق ..ينقطع نف�س الرتجي ولهاً فريتاح الرتقب يف مقهى اخليال �شوقاً..يحت�سي قهوة �أحالم اليقظة املنع�شة ليوقظ بها �صرباً�..أو�شك على الدخول يف �سبات.. تلك العيون اجلريئة التي قفزت فوق تردد الل�سان ..فحملت ر�سائل القلب العا�شق ..يليق بها الغزل..
الإميان �أ�صل ال�شفاء ومنه تتفرع �آالف الأدوية التي ن�ستخدمها للتداوي من العلل.. �إجازة الوالدين� ..سعادة �أوالدهم ..ومكاف�أتهم �ضحكة فرح نابعة من قلوبهم.. واهلل يعظم الأجر.. نحن بخري ..ما دمنا م�ؤمنني �أننا بخري مهما �صادفنا يف م�شوار احلياة من - خِ برْ َ ِات َع ٍ ثرَات � -أو -درو�س خذالن -فنحن بخري متى ما �أردنا �أن نكون بخري.. نحن بخري ..ما دمنا نعي�ش اللحظة احلا�ضرة م�ستمتعني بلذة الدنيا ومباهجها.. نعمل ب�أريحية متخففة من هم الغد ..تاركني تدبري الأمر ملن بيده الأمر.. نحن بخري ..ما دمنا ن�صافح من نعرف وال نعرف بابت�سامة -نت�صدق بها وداً و�سالماً -فتعود علينا من عباد اهلل تقديراً واحرتاماً ومن اهلل حباً وغفراناً.. ما دمنا يف يقني �أنه -لن ي�صيبنا �إال ما كتب اهلل لنا ..فنحن بخري ..لن ي�أتينا من رب توكلنا عليه �إال اخلري الوفري والفرح اجلزيل.. نحن بخري ..مادمنا نغ�سل ما علق بالقلوب من بقع ُكره وحقد �سوداء ..ببيا�ض احلب النقي ونعطره بعطر الت�سامح.. �إن �أردنا ر�ضا اهلل بحق فلنفرح..نبت�سم ..نعي�ش دنيانا ب�سعادة العبو�س واحلزن لي�س من �صفات من �آمن برب عظيم -ي�ضحك -لعباده ..كما ورد يف الأحاديث..
179
الإرهابيون يف كل زمان ومكان ال يحبون اهلل ..هم مر�ضى نف�سيون يحبون ال�سلطة والظهور ..فاختاروا طريق ال�شر لأنه الأ�سرع ..الذين يحبون اهلل ال ي�سعون يف الأر�ض قت ًال ودماراً.. فاتن هو ..امل�ساء ..وهو يلب�س عقد الوله املر�صع بـلآلئ �سحر ال�شوق املتوهج ع�شقاً.. ربي� ..أنت �أعلم مني مبا ميتلئ به قلبي وتتوق له نف�سي ..من رغبات بدنيا فرح ..و�آخرة فوز وحبور ..ربي تقبل مني وارزقني �سعادتهما.. 180
الإميان ..من دخله كان �آمناً و�أجمل الأمان ..يف طم�أنينة تنري عتمة الروح وروحانية تغ�شى ال�شعور ويقني �أن اهلل مع عبده مادام قلب عبده معلق به �سبحانه.. الرحمة والرزق وال�صحة ..وكل �أبواب اخلري ..مفاتيحها بيد اهلل وحده.. من بحث عنها عند غريه فقد �أ�ضاع كل مفتاح.. �إن الر�ضا مبا ق�سم اهلل مع القناعة به �ستفتح لنا �أبواب اخلري كله لنقل فقط.. احلمدهلل.. يف وهج ظهرية احلرية.. قلوب قالت -يا اهلل -ثم فر�شت ب�ساطاً من فرح تنزل ال�سكينة برداً و�سالماً على ٍ و�سط حدائق �سعادة اللحظة احلا�ضرة ..متنا�سية كل هم ..
�صباح خيوط النور التي تزين ثغر الفجر ..هي ابت�سامة الكون فرحاً بوالدة ٍ جديد ..ولنفرح معه ونبارك ونحن نكرب ب�أذن يومنا الوليد ونطلق عليه ا�سم �أمل جديد.. ما �أعذب غزارة �أمطار دموع الفرح..بعد كل ..تلك ال�سحب ال�سوداء التي تراكمت و�سط �سماء النف�س! �إن تقبلنا اخلط�أ من مراهق �أو جاهل �ضل الطريق كان من ال�سهل �إعادته �إلى جادة ال�صواب ..لنحافظ على �أبنائنا قبل �أن يغ�سل م�شاعرهم و�أرواحهم �سارقو العقول.. م�شكلتنا �أننا ال ندرك متغريات املراحل العمرية لأبنائنا ..نطلب منهم الكمال يف �سن الطي�ش ..فنقفل دونهم �أبواب احتوائنا ليفتحها لهم �شياطني الإرهاب! ال�شخ�صية الواعية امل�ستقلة ..التي ال تقبل التبعية ..تبد�أ بذرة يف بيت مرتابط امل�شاعر ..احلوارات فيه مهما اختلفت مطروحة بني �أفراده على طاولة النقا�ش.. لغة جهاد القتل والهمجية لي�ست �صاحلة لهذا الزمان ..ما نحتاجه هو جهاد املعرفة وزيادة من�سوب الوعي لنقطع دابر املخربني ونن�شر ال�سالم يف الأر�ض.. ي�صدق كذب �شياطني الإن�س فيفجر نف�سه �شوقاً للحور العني ..متنا�سياً عقاب احلق �أنه �سيكون يف جهنم من املخلدين..
181
و�سط ق�سوة احلروب والفنت التى نعي�شها� ..أ�صبح ال�سالم غاية ومطلباً عاملياً ..لن نح�صل عليه �إال �إذا ابتد�أ الأمن وال�سالم من داخل الفرد فاجلماعة.. فاملجتمعات.. بي..
لأنه معي ..ما عاد هناك جمال حللم ..كل حقيقة يل �أ�صبحت حلظته اخلالدة لأنه معي� ..أ�صبحوا ن�سياناً و�أ�صبحت ذاكرته اخلالدة..
182
لأنه معي� ..أنا ملكة متوجة على عر�ش الع�شق� ..آمر وانهي على مملكة قلبه.. يل ال�سمع والطاعة حباً منه و�إكراماً.. �أ�ضاعوا طريقهم ون�سوا كل �صواب حواليهم ..فقط..لأنه معي.. لأنه معي ..جن جنون حمقى كثريين حوايل.. لأنه معي ..مات �أم�سي ..ن�سيت غدي ..وولدت حلظة ت�ساوي عمراً �أعي�شها فرحاً به.. لأنه معي� ..أعي�ش نهاراً ال ظلمة فيه ..وفرحاً غري قابل الأفول.. لأنه معي� ..أنا يف كنف ال�سعادة �أعي�ش و�أتلذذ.. لأنه معي ..ما عدت �أخ�شى على نف�سي من �شيء �أبداً.. ويدبر الأمر ..هو اهلل تعهد لنا بتدبري �أمورنا ..وعد ووعده حق فمما نخاف..؟!
ال�صرب ككل �شيء له حدود ..ولل�صابر طاقة يجب �أن يحرتمها الآخرون.. �إن التوكل على -القادر� -أق�صر الطرق للو�صول �إلى النجاح والفوز ..و�أن من يرجو ذلك من خلقه فهو من املخذولني.. �أ�سو�أ �أ�صناف الب�شر فقري الإبداع..الذي يحاول ال�سري على خطى متيزك بدون هوية�..أم ًال يف الو�صول �إلى ما و�صلت �إليه ..ومع ذلك ينتقدك ويذمك!! ر�سائل ال�سماء ..هي عناية الرب من فوق عر�شه عز وجل يفهمها كل ذي وعي ..ويجهلها من �شغلته الظواهر عن الغو�ص �إلى عمق معنى الر�سائل.. �أنا روح مثلك ت�شعر� ..أنا �إن�سان مثلك �أت�أمل ..بغ�ض النظر عن ديني �أو مذهبي �أو جن�سي ..فارحموا من يف الأر�ض يرحمكم من يف ال�سماء.. تنزه �إ�سالم ال�سالم عن اغتيال �أرواح الآمنني ب�سالح الطائفية البغي�ضة!.. حمروم ..من ي�ستلقي م�ستمتعاً بالفرح على �ضفاف حياة الغري خائفاً من ال�سباحة �إلى عمق �سعادة ت�سكن رغباته -هو -خوفاً من لوم الآخرين.. �إن وعد امللك الوهاب ال ينق�ض وعدنا بالعطاء حتى الر�ضى ..لذا ف�أنا مطمئنة �أن ما عند اهلل �آت دون �صراعات تناف�س حاقد..
183
التوفيق بيد اهلل وحده � ..أما الظروف والب�شر فهم �أدوات ي�سخرها اهلل لنا يف الوقت املنا�سب �أو مينعهم عنا مل�صلحتنا.. �إن �صيام املعدة عن الطعام لن ُيقبل ما مل ي�صم الل�سان عن م�ضغ �سري النا�س واجرتار خ�صو�صيتهم و�أ�سرارهم.. رم�ضان يعلمنا� ..أن جرعة ماء �أو لقمة طعام قد تكون يف �أماين املحتاج ثروة .. فيا رب �أدمها علينا نعمة واجعلنا لعبادك املحرومني ج�سر �إغاثة من كل حرمان.. 184
اجلوع والعط�ش يعلمنا� ..أن االمتناع عن الطعام وال�شراب ما هو �إال مكمل ل�صيام العباد عن ال�شحناء والبغ�ضاء والكرب والغطر�سة ..و�أن هذا هو هدف ال�صيام.. �إن القر�آن ماء بارد يروي عروق الطم�أنينة اجلافة متى ما قر�أناه بتدبر وتلذذنا عذب معانيه.. �أن اجلوع جوع القلوب �إلى �صفاء النوايا ..و�إن العط�ش هو عط�ش الأرواح �إلى �أمانٍ يروي ظم�أ الب�شر �إلى ال�سالم.. يف الإجازات .. عندما جتتمع اال�ستفادة مع املتعة ت�سمو الروح وتتجلى ..وي�صبح الوقت عمراً من فرح..
خلقنا اهلل لنكون خلفاءه يف الأر�ض ..نعمرها باحلب واجلمال وال�سالم ومل يعطنا ال�صالحية لنكون ق�ضاة نحا�سب النا�س ونقب�ض �أرواحهم با�سم الرحمن الرحيم.. كف الغدر الذي �صفعت به وجنات مروءتنا يجب �أن يجعلنا نحذر بدون �أن يتوفق عطا�ؤنا عن �صب الرحمة يف ك�ؤو�س الفرح الفارغة حتى ي�شرب كل حمتاج.. قهوة امل�ساءات املت�أخرة ال ي�ستلذ بها �إال من �أرادها �سكراً يحلي به ليلة �سهر!.. ماذا لو �أين وجدت مفتاح الهرب �إلى منفى خارج حدود قلبكُ ..ترى ..هل �أتنف�س حريتي خارج �أ�سوار حبك� ..أم �أين �س�أكون ل�سجن ع�شقك من العائدين..؟ ماذا لو ك�سرنا كربياء -لو -وحتررنا من �سيطرة هيبتها بفِعل ما نريد متى ما نريد حتى ال مي�ضي عم ٌر من ندم يكرث فيه قول ماذا لو كنا فعلنا ما تريد.. قهوة ال�سهارى ..تطلق �سراح �أحا�سي�س �ضاق بها قف�ص القلب بعد �أن ُتنع�س العقل ليقع يف بئر ال�سبات.. تلك الأ�شياء التي نت�شاركها حلماً ..هي واقعي الأجمل الذي يجعلني �أنت�شي بعبري اللحظات!..
185
بني العقل والقلب ..م�سافة نحار بها وحتار بنا. الأنثى القوية هي �أرق املخلوقات عاطفة ولكنها تلب�س القوة درعاً يحمي �شفافيتها من �سهام الق�ساة.. الدعاء والأذكار قبل االختبار� ..أو عندما يقف دماغك عند حاجز الن�سيان.. يفتح لك طريق التذكر ويدلك على درب املعلومة التائهة.. ملن خانهم الوقت �أو الظروف عن املذاكرة كما يجب �أقول :ال حتزنوا وال تهتموا..اهلل برحمته وكرمه �سيكون معكم و�ست�أتي �إجاباتكم كما حتبون.. 186
رحالتك اال�ستك�شافية �إلى داخلك �ست�صل بك �إلى من�سوب عالٍ من الوعي الذي �سي�ضيء لك كل ظالم يحيط بك.. قد يخفق الطالب رغم اجلد واالجتهاد ..لذلك ال حتزن �أو تهتم ..قد يكون ذلك بداية جناح �أعظم لك.. بعد االختبار ام�سح من ذاكرتك ما �أح�سنت به �أو �أخفقت من اختبار مادة يومك ..وذاكر للمادة اجلديدة بذاكرة طازجة.. الروح احللوة �سر اجلمال.. الف�شل والإخفاق لي�س نهاية العامل ..قد يكون هو �أول طرق النجاح الذي يختارونه هم بدون و�صاية من �أحد..
الأمن والأمان يف النف�س واملال والوطن ..حق م�شروع لكل �إن�سان بغ�ض النظر عن جن�سه �أو لونه �أو ملته.. نخطئ ..عندما نحمل �أطفالنا ال�صغار ماال يطيقون من واجبات دينية ال يتحملها �صربهم ال�صغري..يكفيهم منا زرع القيم و�سقياها بالقدوة احل�سنة ل�صالح قادم.. حر�ص اين ال�صغري على �صالة اجلمعة دون �إجبار مني يجعلني �أطمئن �أن بذرة اخلري حتتاج ل�سقيا جيدة فقط ووقت ٍ كاف لتطرح ثمارها احللوة دون ق�سوة �أو ا�ستعجال.. 187
وحدها تلك الأ�شياء ال�صغرية التي تطلب بها ود �أفراحي الكبرية ..هي ما �أحتفظ به م�ؤونة ُم ْ�شبِعة� ..أغم�سها برائق الفرح و�أنا �أتناول حلو الذكريات.. الذاكرة ال�سليمة ..هي تلك الأ�شياء اجلميلة واللحظات ال�سعيدة التي نحر�ص ما�ض مات.. على بقائها دافئة حية ونحن نخرجها من ثالجة ٍ تلك الأ�شياء التي نت�شاركها حلماً هي واقعي الأجمل الذي يجعلني �أنت�شي بعبري اللحظات.. القمر� ..شامة بي�ضاء على خد الليل الأ�سود ..يخربنا �أنه من رحمة اهلل هناك دائماً نفق من نور قادر على اخرتاق قتامة كل ظلمة..
�سبحانك ربي ما �أكرمك..ال خوف على من �آمن بهذا الرب العظيم..ارموا الهم بحقائب من دعاء وناموا على و�سائد الراحة.. من �أجمل ما �سمعت ..فع ًال ..الدين حب و�سعادة وحياة.. ال ي�سرق الفرح منا �إال التفكري مب�ستقبل متعكز على ذكريات ما�ض مت�صدع ببع�ض العرثات لنعي�ش اللحظة احلا�ضرة ونفرح بها.. الأم بالأخ�ص ..هي من تنحر راحتها قرباناً لراحة �أوالدها..
188
على �سبيل املكاف�أة نغلف قلوبنا بورق من حب براق ..ونهديها ملن جعل من قوله وفعله وقلبه مظلة تقينا حر حقد احلا�سدين وظلم الظاملني.. لي�س �أجمل من �أن تخلع عنك �أقنعة الزيف والتجمل وتكون �أنت بدون �أن حتاول الت�شبه بغريك فتكون الغراب الذي ن�سي م�شيته وهو يحاول تقليد م�شي احلمامة.. بع�ض النا�س رحمة من رب العباد ..ير�سلهم اهلل لك وبيدهم مفتاح حلقات تفرج !! ال�ضيق التي ا�ستحكمت حلقاتها فيفتحها مبفتاح احلل وقد كنا نظن �أنها ال ُ احلمد هلل على نعمة قلوب �أحاطني اهلل بها ..حتتويني بحب ..وتعطيني حتى �أتذوق من الر�ضا �أحاله.. �أم�شي على �شاطئ قلبك حافية القدمني مطمئنة �أن �إخال�صك خالٍ من زجاج خيانة يجرح �أقدام ثقتي الرا�سخة بك..
العتاب ..ع�شق خذله تقزم الهدوء ف�أراد �أن يثبت حجم عمقه بنربة غ�ضب!! من ير�سله اهلل كقب�س من نور ي�ضيء لك ما �أظلمت به متاعبك من دروب حياتك � ..إن�سان بـ�أحا�سي�س دافئة ي�ستحق منك �أن تقدم له دعواتك ال�ساخنة على طبق من امتنان.. ا�سفنجة االحتواء التي متت�ص بقدرة فائقة ما ين�سكب من م�شاعرنا العكرة �أثناء امتالء النف�س بالغ�ضب � ..أحا�سي�س دافئة يجب �أن نحافظ عليها من برودة البعد.. ولي�س كالأب �أحد بني الب�شر عذابات احلياة ميت�صها ح�ضنه الدافئ فتذوب الهموم دموعاً تت�ساقط من العني �إلى خارج روح ت�سكن اجل�سد.. ال يرمي النخل ال�شامخ بحجر �إال حاقد ناق�ص يحاول �أن يك�سر علو الهمم.. فريتد على ر�أ�سه ح�صاه..ويت�ساقط على النا�س حلو الثمر.. وب�شر ال�صابرين ..وحدها وعود اهلل ومواثيقه غري قابلة للنق�ض �أو اخليانة .. ووحدها ب�شائره �سبحانه جتعلنا ننام على و�سائد االطمئنان ونحن ال نخاف �أذى.. يا اهلل ..ب ُنطقهاُ ..تفتح �أبواب �سجون ال�صدور ..ل ُيفرج عن كل هم �ضاقت به النف�س ..ويخرج الفرح ليعانق ب�شوق حلو احلياة بعد طول غياب. ال عجب�!..أن ت�صيبك قذائف احلقد ..وكث ٌري من �سهام احل�سد..لأنك بب�ساطة على� ..سبيل الكمال ..بثقة تخطو !..
189
امر�أة املواقف ال�صعبة و�أنثى امل�ستحيل..هي خارج مناف�سة الإناث.. لذا� ،شبه كمالها �أ�سقط كل امر�أة غري ها من قلبه فـغارت منها الن�ساء.. ي�ستحيل فقط ا�سرتجاع �أوقات فرح دفنت حتت الرتاب مع �أ�صحابها ..لذا رحمنا اهلل بتخزينها يف عقولنا ذكريات م�ضغوطة يعيد حنينا ت�شغيلها وقت ي�شاء.. قد ت�صبب ال�شيخوخة حب حبيب حلبيب ..ولكن ..حب الأم لأبنائها يبقى فتياً ال يهرم �أبداً..
190
�إلهي�..أنت وحدك من يعلم يف �أي جيب من جيوب احلياة يختبئ رزقي..فـيا رب� ..أنر يل ب�صراً ال يخطئ مكانة..وب�صرية ال حتيد عن درب حكمة يو�صلني �إليه.. قبح خلق اهلل الكون بجمالٍ �آ�سر ..من فتنته ..يغ�ض ب�صر اجلميل عن كل ٍ فريى كل �شيء يف الوجود جمي ًال. مباذا يخربين الليل ؟ يخربين �أنه �صديق ال�سهارى ..يدعوهم كل ليلة �إلى �سهرة يتجاذبون بها �أطراف - الت�أمل -على ب�ساط من هدوء.. مباذا يخربين الليل ؟ يخربين �أنه متى ما �أ�سدل الظالم �ستائره ال�سوداء ..فتح البوح �أزرار ال�صمت اخلانقة ..ليتنف�س عذب احلرف ونقي الكالم..
�س�أكتب على جدران العا�شقني .. �أن القلب الناب�ض بال�صدق -الأمني -كنز ثمني ..ال يفرط فيه �إال م�ستهرت لب�س رث ثياب ال�سفه -غ�شيم ..- وتبقى ..براءة الطفولة ُطهر ال يتلوث بعهر احلروب!! ويبقى الفرح �أن�صع بيا�ضاً من قتامة الهم ..ويبقى الع�سر عاجزاً عن هزمية ي�سرين وعد اهلل عباده بهما.. �صرخات الوجع و�أ�صوات الأنني املخزنة يف زوايا غرف االنتظار يف امل�ست�شفيات جتعلنا ن�سجد هلل �شكراً على نعمة ال�صحة ون�س�أله دوام العافية.. وتبقى الب�شا�شة التي تر�سم على مالمح الوجه �أعذب ابت�سامة ..خري �سفري للنوايا احل�سنة بني الب�شر!.. الع�صبية داء� ..آثاره اجلانبية -عنف - لنعالج الأمر باحلكمة املنزهة عن �سلبيات الق�سوة.. ال تطلبوا من �أبنائكم الهدوء يف ال�صباح و�أنتم على فوهة بركان من ع�صبية!.. ت�صرفات �أبنائنا ما هي �إال انعكا�س لت�صرفاتنا ..لذا فلنفعل �أمامهم ما نتوقع منهم �أن يتعاملوا به معنا ومع النا�س يف حياتهم.. العيون� ..ساعي بريد ويف يو�صل �أحاديث القلوب العا�شقة بظرف من نظرة..
191
�أحادث العيون � -أ�صدق -و� -أكرث عذوبة -من ثرثرة الل�سان.. للأنثى م�شاعر من ب�ساطتها ت�صعب على فهم الرجال!.. الغروب ..قبلة �أمتنان على ثغر نها ٍر ابت�سم لنا وداً ..حتم ُّر لها وجنتا ال�سماء خج ًال.. رب �صدفة تطرق �أبواب القلب من غري ميعاد ..فيفتح الفرح لها باباً تدخل منه لتجل�س بخيالء و�سط �صدر الأيام..
192
ال�شوق ..هو ديكتاتور الع�شق ..يبط�ش بنا دون �شفقة ويجعلنا نتو�سل البعد �أن يرحمنا -بنظرة عني ..-و�أ�ضعف الإميان -نربة ..- اخلط الأ�صفر ..هو �أجمل اخلطوط و�أق�صرها للو�صول �إلى الهدف.. رائحة املطر ..عطر تتعطر به الأر�ض فتنت�شي له الروح.. ال�ضغط يولد االنفجار واالنفجار دمار ..لذلك من اخلري �أن نطبق -ال �إفراط وال تفريط -مع �أبنائنا يف هذه الفرتة لنحافظ على التوازن ونحقق الفائدة.. ال َع ّجا ْز الك�سول هو من �سيو�صلنا �سريعاً �إلى طريق االخرتاعات التي نتو�سد فيها الراحة.. الأمان املادي ..والرتبية التوجيهية لي�ست هي فقط ما يحتاجه الأبناء� ..أبنا�ؤنا بحاجة حب و�أمان عاطفي ح�صري ال مينحه �إال الوالدان..
حق الأبناء �أكرب و�أعظم من �أن نن�ساه يف زحمة امل�شاغل ..من حقهم علينا تعوي�ض يليق بهم عن وقت �أ�شغلنا فيه العمل عنهم.. و�صاية العقل على القلب متنحه احل�صانة من عبث الكاذبني وزيف املنافقني.. متى ما ا�ستلمت �شهادة القرب من الكمال بظرف من مذمة ناق�ص فا�سجد هلل �شكراً على متيزك ..وتذكر �أن اجلبل ال يهتز من ريح.. من اخلط�أ �أن نغو�ص �إلى عمق نبع التفكري العكر لن�شرب مر احلرية يف وقت من اهلل علينا به بـن�شوة ال�شعور.. ّ عدم الرد عند الإ�ساءة هو لي�س فقط رقياً ..هو �أي�ضاً �صفعة موجعة على خد املهاترات بكف التجاهل.. القناعة والإميان بخري الأقدار و�شرها مفتاح كل خري.. ونحن نعي�ش ن�شوة الفرح بن�صر اهلل لنا ..ليتنا ال نن�سى الدعاء ملن ا�ست�شهدوا يف �سبيل كلمة اهلل ثم حمايتنا.. �ألذ القهوة.. فنجان من �صوت -يغلي على نار ال�شوق ..نرت�شف كلماته ب�سعادة �إلى �آخر حرف..�أحاديث رفقاء �سويعات االنتظار العابرين الذين ال نعرف حتى �أ�سماءهم..هي �أ�صدق درو�س احلياة..لأنها ت�أتي �صادقة عفوية مطهرة من �أ�صباغ التجمل..
193
يحدث �أن تتجمل ال�صباحات لنا ..فتمنحنا �إطاللة ح�سن وبهاء جتعلنا ندندن بفرح.. االنتظار ..اختبار �صعب ..ولكن� ..ص ٌرب ٌ جميل واهلل امل�ستعان{ .. وما بعد املكان �إال حيلة كاذبة ..يربر بها القلب املفارق نية الهجر.. كيف �أجيب قلبي اللحوح عندما ي�س�أل -هل -و -متى -؟ ال �أعلم !! كل ما �أعرفه �أين على قيد الرجاء � -أنتظر ..- ال�سفر هرب م�ؤقت متى ما �ضاق حبل امل�س�ؤولية.. 194
ال �أعلم هل ي�صهرنا -التباعد � -أم نحن من نذيب -ال ُبعد ! - وكم من متعة كانت تائهة وجدناها يف حقائب �سفر!! الفر�ص ال�ضائعة حيلة املتخاذلني.. الفر�ص والدة ال موت فيها وال فناء.. لأننا ب�شر فنحن خطا�ؤون ..لو حاولنا �أن نرتقي لنزاهة املالئكة �ضاع منا الطريق..الأف�ضل حماولة جتنب اخلط�أ ..ولكن �إن حدث فرحمة اهلل قابل التوبة وا�سعة.. قهوة -ال�سبت - ر�شفات من ك�سل لذيذ ..تن�سكب داخل اجل�سد خدور ممتع متنحنا دفئ ال�شعور في�سيل متجمد الفرح!
اال�ستبداد يف كل �شيء ظلم ورجعية ..ما جعلنا اهلل �أمة و�سطاً..وال جعل �أمرنا �شورى بيننا� ..إال لي�ضعنا على الطريق ال�صحيح يف منظومة احلياة.. كل منهما �صاحلاً وطالح.. الأخالق ال ترتبط برثاء �أو طبقة اجتماعية ..ففي ٍ عجباً ممن يطغى برثائه!.. الأخالق ال ي�شرتيها مال ..والو�ضاعة مل تكن وكالة ح�صرية على الب�سطاء.. (�إماطة الأذى عن الطريق �صدقة) وما �أكرث من يبخل على نف�سه ب�صدقة ال تكلف �شيئاً �سوى كف �أذى ب�صقه � -أجلكم اهلل -على �أر�صفة مي�شي عليها النا�س! ذات �سر ن�سجت من خيوط طيفك املخزن يف ذاكرة القلب معطفاً من دفئ.. �أرتديه عندما ي�شتد برد ال�شوق.. مل يعد هناك مت�سع ل�ص ٍرب َيرتِق بف�شل رقعة الرجاء.. يكفي ..لنكن �أنا و�أنت فقط فـلم يعد هناك مت�سع من حتمل يطيق كل هذا ال�صخب وال�ضجيج.. النعيم الذي �أ�ستظل به من حرارة فراغ القلب يف جنة ع�شقك والنار امل�شتعلة التي تتغذى من حطب غريتي عليك ..تناق�ضات فاخرة تتجاذبني فيها مالئكة و�شياطني..
195
قلبي املهاجر �إلى وا ٍد غري ذي فرح �إمتلأت جتاويفه بال�سعادة ومل يعد هناك مت�سع ٍ ملزيد من حزن.. �سحر العيون ُطعم �شهي -يف -م�صيدة القلوب ..-الراحلون -الأحياء - ورقة خريف �صفراء ياب�سة ..جفت منها ن�ضارة الود ف�سقطت على �أر�ض الرحيل ومل تلبث �أن تفتت وتناثرت من رياح التجاهل.. مل يعد هناك مت�سع ٍ لوقت تتناثر �أجزاء �ساعاته على �أر�صفة االنتظار! 196
�أنا -و� -أنت -و -الع�شق - يف اجتماعنا حياة �أعمقٌ .. وحفظ من كل تعب لعني.. ت�ست�شهد يف �سبيل ال�ضمري �ألف فر�صة وتغتال براءة ال�ضحكة ..و ُتقتل قلوب كل ذنبها �أنها كفرت باخليانة! الأحالم ..هي قطرات ندى الأماين التي تتكثف على بتالت الروح لت�سقي الرغبات برقراق الأمل.. لي�س �أجمل من تعاطي االبت�سامة كمن�شط �صباحي لننعم بيوم متفائل جميل.. غ�صة الكالم حتتاج جلرعة بوح تدفع خانق ال�صمت وتفتح جمرى ال�صفاء ليتنف�س الود من جديد..
جمال الأنثى يزيد يف حياء يغتال بذيء اجلراءة دون �أن ت�سلب اجل�سارة روحها املنا�ضلة يف �سبيل و�ضع ب�صمة لتلك الأنثى على وجه احلياة.. جمال الأنثى يزيد يف ثقافة تردم حفر ال�سطحية ..وبقوة ال تخد�ش �شفافية نعومتها الفطرية ..وبتوا�ضع وحنان يت�سلق حواجز الق�سوة والفوقية.. طبياً.. نب�ض القلب = حياة ج�سد.. معنوياً ..نب�ض القلب = حياة روح.. لذا ..فالقلب �أمانة ي�أثم من يلقي به على رف الإهمال حتى يخفت نب�ضه! بعد الأرواح ال يقا�س �أبداً بامل�سافة.. وحدة قيا�سه الأدق تكون ب�سرعة احتواء ذلك القلب لك يف حاجتك له فرحاً �أو حزناً رغم بعد اجل�سد.. نتجرع ُمر التجربة لنح�صل على حلو اخلربة.. رحمات جتعلنا نفيق على منبه القوة بعد جرعة خمد ٍر من يف بع�ض الق�سوة ٌ حنانٍ كاذب.. ممتنة لغيابك الذي جعلني �أمت�سك بك حد الت�شبث� ..إذ �أ�شعرين كم �أن احلياة خرائب موح�شة بدونك!! ممتع هو ذلك ال�سكوت الذي يحرم املتطفلني لذة �إ�شباع جوع الف�ضول.. ومينحك �أنت وجبة م�شبعة من لذيذ الكالم ال�صامت..
197
يحدث �أن نقدم بائت الذكرى على مائدة ال�شوق ..نتناولها ببطئ ونحن نغم�سها بحلو التفا�صيل علها ت�سد رمق الوجد.. ما �أمتع املائدة التي ت�شبع جوع العاطفة وت�سد احتياج الروح عن نق�ص االحتواء والألفة قبل �أن ت�شبع البطون اجلائعة.. الأب هو ال�سند القوي ..الذي ت�ستند عليه الأنثى كي ال تنك�سر لو �سقطت يف حفرة من حفر احلياة اخلطرة..
198
«�أنا عند ظن عبدي» كيف لنا جتاهل وعد اهلل واالجنراف وراء خوف و�سو�س به ال�شيطان ..يا رب عليك نتوكل وبك ندفع ال�شرور ونحارب.. «اعقلها وتوكل» اخلوف والرتدد ..مكابح جناح و�أ�صفاد غليظة تغلق منافذ الو�صول �إلى خري خزنه اهلل خلف �أبواب اجلراءة .. الإميان بالقدر خريه و�شره � ..أمر رباين يلخ�ص لنا فل�سفة دوران احلياة وتقلباتها لنحافظ على توازن االنفعال مع متغرياتها.. خذ الن�صيحة من النا�س ..ثم ا�ستفت قلبك وافعل ما �شئت. يا عالم الغيوب ..يا من ال يخفى عليه �سر وال ت�سترت عنه نية ..اك�شف لنا �سرت كل منافق كذاب ..واحفظنا بحفظك ممن ال يخافك فينا وال يرحمنا..
التفكري بالأم�س امليت يجرح �شفافية تفا�ؤل ال�صباح ويثكل الأمل فيه ال�صباح بداية جديدة حلا�ضر وليد ٍ وغد ب�أمر اهلل �سعيد.. متى ما �سبق حبنا هلل ورحمته خوفنا من عقابه � ..أقبلنا ب�شغف على ما �أمرنا به واجتنبنا عن اقتناع عن ما نهانا عنه.. يحتاج القلب بني فرتة و�أخرى �إلى �إجازة م�ؤقتة من العقل ميار�س فيها الطي�ش ب�أجمل �صوره.. كيف تتعامل مع الذكريات؟ فرح �ألب�سها روحي و�أزينها بال�شكر هلل �أما �سيئها ف�أجتهد �أف�صل من ح�سنها ثياب ٍ بتنظيف ذاكرتي منه لأرميه يف �سله مهمالتها.. الذكريات اخلاذلة بقايا �أمل تنك�أ جرح اخليبة ما مل ُتداوى بالتنا�سي وت�ضمد ب�ضماد من فرح باحلا�ضر و�أمل يف امل�ستقبل ي�شفي حروق املا�ضي.. التوكل على اهلل يكون يف �صغائر �أمور العبد وكبريها دون قيد عمل �أو �شرط �إجناز .. بقلوب يحدث �أن ي�سخر لنا اهلل من حيث مل نتوقع �أو نعلم� ..أ�شخا�صاً ٍ مالئكية نورهم ي�ضيء لنا ظلمات احلرية وير�شدنا �إلى �أق�صر الطرق لبلوغ النجاح.. التحليق عالياً نحو جنون املرح الذي يقلب نظام الروتني ويهرب بنا م�سافة مليون خطوة فرح عن جفاف ال�سعادة يف �صحراء امللل..
199
كمادات قبالت -من تقدير و�شكر ..نطفئ بها حرارة تعب من باع راحته لي�شرتي فرحنا.. �ضمة �آمان حانية عند غربة ال�شعور وجزعه.. لأن الكلمة -ر�سول -فلنحر�ص �أن تكون كلماتنا �سفراء خري ..يجيدون التعبري عن بيا�ض نوايانا ويحر�صون على بناء عالقات احرتام قوية بيننا وبني الب�شر..
200
يف ليلة البدر� ..أمتدد حتت عري�شة ال�شوق الطازج� ..أجمع عناقيد الوله املتديل من �أغ�صان الع�شق الندية لأع�صرها خيا ًال من طيف ..خمره لذ ٌة للمغرمني.. ثق متاماً �أين -معك - وحدها اخت�صرت طريق التعب!! عندما �أم�سك قلبي بقلبك ونحن من�شي الهوينى و�سط ممر احلياة.. يف هد�أة الليل يبقى قلبي بك �ساهر ..وعقلي بطيفك �ساهد ..حتى و�إن غفا ج�سدي حتت حلاف ال�سبات.. الغياب الذي يهتك �سرت ال�شوق هو كافر ..يعيث يف �أر�ض القلب ف�ساداً يجب �أن يقام عليه حد احلرابة و�سط �ساحة اللقاء املزدحمة مب�شاعر احلب و�صخب احلنني..
�سعي من يقيم داخل رواق القلب عزاء ملن ركب ب�إرادته عربة الرحيل.. مذمو ًم ..وذنبه يف النواح لي�س م�شكوراً.. لكل غياب ظرف ..فـمتى ما كان الغياب قرار الطرف الآخر كان ال�شوق له ظلماً ميار�س بحق القلب املجروح.. الغياب ..مقيا�س دقيق لقدرة القلب على ال�صمود �أمام ق�سوة ال�شوق العا�صف.. �صناعة الفرح فن راقياً ال يتقن �صنعه �أي �أحد.. يف حكاية �سندريال..الأ�ساطري جنية طيبة تزيل العقبات لتجمع عا�شقاً بعا�شق ..وعند �سندريال الواقع هواية جنيات ال�شر قطع حبال الو�صل بني القلوب العا�شقة.. قبل �أن تق�سو على �أحد..تخيل ماذا لو عر�ضت حياته �أمامك على �شا�شة �سينما ..هل تبكيك ظروفه فرتاجع نف�سك قبل �أن تطغى بجربوتك � ..أم �أنها �ستجعلك حتن وتعطف؟ الرهبة التي �أح�س بها و�أنا يف ح�ضرة البحر جتعلني �أ�شعر �أين �أمام �شيخ حكيم ..يكفي �أن �أحكي له و�أ�شكي لأطرد احلرية و�أجد �ضال احلل.. ان�سكاب لفائ�ض ما اجتمع يف �أنف�سهم من نوايا ..وكل كالم النا�س ما هو �إال ٌ نف�س بخري �أو �شر ما امتلأت به نف�س �صاحبه ين�ضح !! �إناء ٍ
201
احلنني �أنثى -بريئة غرر بها القلب ..ف�صادقت الليل و�أدمنت مناجاة النجوم.. وا�ستعذبت ال�شكوى للقمر.. من يجعل من �صمته مقربة غرام يدفن بها رفات حبه ..اخلائف �سيعي�ش عمره كله يتجرع مرارة�..إح�سا�س �صمت املذنب الذي اغتال لذة الع�شق وقتل وهج ال�شعور!.. يف هد�أة الليل..تبقى عيون القلب يقظة ..تتجاذب مع القمر �أطراف ال�سهر.. فرح طرق باب نب�ضه الغايف ليم�ضي به �إلى لذيذ الأرق ع�شقاً.. حتكي له عن ٍ 202
وحدهم الأبناء من ي�ستحقون �أن نتجرع مر احلياة لرنتوي من عذب ابت�سامات �صافية من �شفاههم.. �صحيح �أن كل الأيام لأمك ..مع �أمك ..ولكن ال مينع هذا من �أن يخ�صها العامل بيوم تت�شارك فيه اجلهود جمتمعة لالحتفال بها فرحاً وتقديراً.. جهود الأبناء لإ�سعاد الأم ..هو الفرح الأجمل واملتعة التي ال تناف�سها �سعادة ..هو احلب احلقيقي املنزه عن كل زيف.. يحدث �أن يكون هذا اجلو الفاتن..مثرياً ل�شغب الفرح ..حمر�ضاً جلنون العبث للقفز فوق حواجز رزانة العقل والرك�ض فوق طبيعة ت�شربت �سحر املطر.. املطر -ماء -ي�صبه اهلل على �أرواح �أ�صابها جفاف الي�أ�س ..فريتوي الأمل.. ويزهر الفرح ..وحتيا حقول من �سنابل خري نعو�ض بها جوع �أوقات ٍهم عجاف..
املطر ال�صباحي..ابت�سامة -جو -ترت�سم على مالمح اليوم ..تغازل الروح ن�شوة ل ُتنطق خجِ ل الفرح.. عندما يحيطك اهلل بهالة من القلوب الطيبة التي تغمرك بدفئها دون �أن را�ض عنك.. تعرفك ..فاعلم �أنك مت�شي على جادة ال�صواب و�أن اهلل ٍ عندما �أعرف �أين �أم�شي على طريق ال�صواب ملكة متوجة بتاج النجاح ..ال �ألتفت لأ�صوات ن�شاز احلاقدين حويل..
203
الفهر�س �إهداء 7............................................................................ �سعيدة لأين �إمر�أة 8................................................................... �أنا �أ�ستحق 12...................................................................... وجدت نف�سي 16.................................................................. احذرو جفاف طازج الفرن 20...................................................... بئر النوايا 24....................................................................... ليتهم ي�ضحكون 28.................................................................
204
حياة الت�شيخ 32.................................................................... الركادة زينة 34..................................................................... ال املانحة ونعم القاب�ضة 40........................................................... اخلط الأ�صفر 44................................................................... ر�ضا النا�س 48..................................................................... لن �أعي�ش يف جلباب �أبي 52.......................................................... لقافة 56........................................................................... نا�صع البيا�ض 58................................................................... لنهاجر 62......................................................................... �سو�س الب�رش 66..................................................................... �ضاعو ب�سببنا 70.................................................................... كي النتفاج�أ 74.................................................................... قبل �أن يقع الفا�س على الر�أ�س 78.....................................................
زمن احلوار 82..................................................................... مالئكة و�شياطني 86................................................................ خمرج ..ولكن �إلى �أين ؟ 90......................................................... املوت حياة �أخرى 94............................................................... �إدارة �أزمات 100.................................................................. حتى يتقزم العنف 104.............................................................. ا�ستفهامات حازمة 108............................................................. قاطعو ال�سياحة 112................................................................ قبل �أن تنطفئ �شعلة الإبداع 116..................................................... طعام � ..صالة ..حب 120......................................................... التف�سدوا علينا رم�ضان 124......................................................... فل�سفة �سعادة 130..............................................................................
205
206
207
�صدر للم�ؤلفة
208
209
210