فلسفة سعادة

Page 1


‫تغريد �إبراهيم عبدالرحمن الطا�سان‪1437 ،‬هـ‬ ‫فهر�سة مكتبة امللك فهد الوطنية �أثناء الن�رش‬ ‫الطا�سان‪ ،‬تغريد �إبراهيم‬ ‫فل�سفة �سعادة‪/‬تغريد �إبراهيم الطا�سان‪ -‬الريا�ض‪1437،‬هـ‬ ‫‪�208‬ص؛ ‪� 210*14٫8‬سم‬ ‫ردمك‪978-603-02-0059-7 :‬‬ ‫‪ -1‬الق�ص�ص العربية ‪ -‬ال�سعودية �أ‪.‬العنوان‬ ‫‪1437/1583‬‬ ‫ديوي ‪813٫039531‬‬ ‫رقم الإيداع‪1437/1583 :‬‬ ‫ردمك‪978-603-02-0059-7 :‬‬



‫الكتاب ‪ :‬فل�سفة �سعادة‬ ‫امل�ؤلف ‪ :‬تغريد بنت �إبراهيم الطا�سان‬

‫‪taghreedtassan@gmail.com‬‬

‫الطبعة الأولى ‪ :‬يناير ‪2016‬‬

‫‪4‬‬

‫النا�رش ‪ :‬دار تغريد املعاين للن�رش والتوزيع ‪ -‬اململكة العربية ال�سعودية ‪ -‬الريا�ض‬ ‫ت ‪ - +966 11 419 3003 :‬فاك�س ‪+966 11 419 6009 :‬‬ ‫�ص‪.‬ب ‪ 501 :‬الرمز الربيدي ‪11421‬‬ ‫‪taghreed.publication@gmail.com‬‬

‫ت�صميم و�إخراج ‪ :‬حممد �إ�سحق‬


5


6


‫�إلى‪..‬‬ ‫معلم ال�سعادة الأول نبينا حممد �صلى اهلل عليه و�سلم ‪..‬‬ ‫جدي وجدتي ‪ ..‬نبع ال�سعادة ال�صايف‪..‬‬ ‫ابني في�صل ‪ ..‬ال�سعادة التي تدوم معي ‪..‬‬

‫‪7‬‬


‫‪8‬‬

‫�سعيدة لأين امر�أة‬ ‫الن�ساء يف الأر�ض ‪ ..‬دمي عطاء يروي به اهلل بذور ًا‬


‫فل�سفة ال�سعادة متثلت بحدث �شخ�صي ُر�سمت تفا�صيله كلوحة فرح ‪ ..‬من‬ ‫خالل م�ؤمتر «�سعيدة ب�أين امر�أة»‪ ،‬الذي �أقيم يف الكويت يف �أكتوبر ‪،2015‬‬ ‫هو كما و�صف يف بطاقة الدعوة فع ًال‪ ..‬احلدث التوعوي والرتفيهي الأول من‬ ‫نوعه يف اخلليج‪..‬‬ ‫كنت �سعيدة و�أنا �أرى الأنوثة من زاوية جديدة مل ي�سلط ال�ضوء كثرياً على‬ ‫�إ�شراقة مفهومها من قبل‪ ..‬وكنت فخورة و�أنا �أ�سمع �إعالء �ش�أن املر�أة مبنظور‬ ‫�إ�سالمي خمتلف‪..‬‬ ‫وكنت يف ده�شة من ثراء الطرح الذي �شدين �إلى �آخر �أنفا�س هذا امل�ؤمتر‬ ‫الذي ولدت بعده حياة جديدة ملفهومي عن الأنوثة‪ ،‬ف�سعدت �أكرث �أين‬ ‫«امر�أة»‪.‬‬ ‫نحتاج �إلى فعاليات كهذه لت�سلط ال�ضوء �أكرث على ما ي�ضغط على ع�صب‬ ‫الفهم‪ ،‬كي نتعلم معنى الأنوثة احلقيقي مبفهومه البعيد متاماً عن �أطر الأنوثة‬ ‫اجل�سدية التي ظلمناها وظلمنا كل �أنثى عندما ح�صرناها بهذا املعنى القا�صر‪..‬‬ ‫نحتاج �إلى برامج ترفع من من�سوب تقدير املر�أة لذاتها و�أنوثتها‪ ،‬ومفاهيم‬ ‫جديدة تردم الفجوة بني املر�أة وكثري من املجتمعات التي ال ترى فيها �أكرث‬ ‫من “�أنثى جميلة �شكل ناق�صة عقل”‪.‬‬ ‫ونحتاج �إلى �أن تكون املر�أة حتت جمهر اهتمامها هي �أو ًال‪ ،‬وبالتايل اهتمام كل‬ ‫ذي تخ�ص�ص يف الدين وعلم النف�س واالجتماع وال�سيا�سة واالقت�صاد‪ ،‬حتى‬ ‫تتوازن املجتمعات وتنه�ض وتتحقق بذلك فل�سفة �سعادة وال �أجمل‪..‬‬ ‫م�ؤمتر «�سعيدة �أين امر�أة» خطا خطوة البداية‪ ..‬فهل نرى من مي�سك بيد فكرته‬ ‫لتم�شي بثبات على �أر�ضية الوعي ال�صلب‪..‬‬ ‫وهل من املمكن �أن تتبنى الفكرة جهات داعمة لت�شبع جوع املجتمعات‬

‫‪9‬‬


‫لطاقات بناء هائلة ولكنها مهدرة‪ ،‬قد ن�ستغلها �إيجابياً لو فهمنا ن�ساءها؟‬ ‫ليت‪ ..‬وقد يكون يف ليت عمار لألف جمتمع ومليون بيت‪..‬‬

‫‪10‬‬


11


‫‪12‬‬

‫�أنا �أ�ستحق‬ ‫�أ�ستطيع نيل �أي �شيء مادمت مقتنعاً‬ ‫‪�-‬أين �أ�ستحقه ‪-‬‬


‫حديثي عن طاقة هائلة ت�سمى «اال�ستحقاق»‪.‬‬ ‫وتلك الهالة الدائرية الهامة من تقدير الذات التي ير�سمها ٌّ‬ ‫كل م ّنا حول‬ ‫نف�سه‪ ،‬لها ت�أثري كبري �سلباً �أو �إيجاباً على مدى جتاوب الو�سائل التي ي�ستعني‬ ‫بها للو�صول �إلى غاياته معه‪ ..‬وذلك ب�إي�صاله �إليها �أو �إبعاده عنها‪..‬‬ ‫اال�ستحقاق ملن حالت �ضبابية غمو�ض املعنى بينه‪ ،‬وبني الو�صول �إلى‬ ‫و�ضوحه‪ ..‬هو ذلك ال�شعور العميق ال�صادق النابع من �أعماق النف�س‪ ،‬الذي‬ ‫يرتدد �صدى حتفيزه لنا يف ف�ضاء الرغبة واحلما�س والإ�صرار‪ ،‬لننال الأف�ضل‬ ‫دائماً‪..‬‬ ‫و�إن كل غاية �أو هدف نرغب بالو�صول �إليه‪ ،‬هو لي�س �ضربة حظ �أتت من‬ ‫غري رام‪ ،‬بل هو ف�ضل من اهلل �سعى للو�صول �إلينا‪ ،‬كما �سعينا نحن له‪ ،‬لأننا‬ ‫بب�ساطة (ن�ستحقه)‪.‬‬ ‫اال�ستحقاق �شعور جميل كلما زاد من�سوبه يف ذواتنا و�صلنا �إلى ما نريد‬ ‫�أ�سرع‪ ..‬و�أ�صبح ‪-‬بف�ضل من اهلل‪ -‬لدينا وفرة يف النجاحات والتميز وال�سعادة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ..‬فنحن نالحظ دائما �أن الناجحني يف احلياة هم من �أحبوا �أنف�سهم‬ ‫فقدروها وارتقوا بها‪..‬‬ ‫هم �أولئك الذين يبت�سمون وهم ي�سريون ب�شموخ على �سجاد الثقة ب�أن‬ ‫�أحالمهم �ست�أتيهم دون �شك‪ ..‬ب�إرادة اهلل‪ ،‬ثم لأنهم ي�ستحقونها‪..‬‬ ‫هم يف �أمان مع ربهم‪ ،‬ثم �أحالمهم ورغباتهم مادامت ثقتهم مل تتجاوز حد‬ ‫اال�ستحقاق لتقفز �إلى م�ستنقع الغرور‪.‬‬ ‫هم �أ�شخا�ص مناق�ضون متاماً ملن يعي�شون دنياهم مدمرين لذواتهم‪ ..‬طاردين‬ ‫لأحالمهم ورغباتهم‪ ..‬الذين يلهثون للو�صول �إلى �أهدافهم ال�سرابية التي‬ ‫يح�سبونها من �شدة التوق �إلى حتقيقها ماء‪..‬‬ ‫و�إن َم ّن اهلل عليهم برحمته ب�شيء منها قالوا‪ :‬يا �إلهي كيف حتقق ذلك‪� ..‬أ�أنا �أ�ستحقها فع ًال!؟‬

‫‪13‬‬


‫‪14‬‬

‫ه�ؤالء‪ ..‬لن يلبث حتقريهم ال�ستحقاق ذواتهم �أن يثور عليهم ويعلن مترده‪..‬‬ ‫حارقاً كل �صنارة قد ت�صطاد لهم فر�صة‪� ..‬أو قاطعاً كل طريق قد ي�سلكونه‬ ‫للو�صول �إلى غاية‪..‬‬ ‫قد ي�س�أل �سائل‪..‬‬ ‫كيف �أرفع من من�سوب تقديري لذاتي وا�ستحقاقي؟‬ ‫اجلواب على ذلك �أب�سط من تعقيدات التفكري فيه‪..‬‬ ‫يكفي �أن نثق باهلل ونح�سن الظن به �أو ًال‪..‬‬ ‫ثم‪..‬‬ ‫مرافقة النا�س الذين يتمتعون بالتفا�ؤل الدائم والإيجابية‪..‬‬ ‫والإميان العميق ب�أن اهلل ال ميكن �أن يبخل علينا ب�شيء فيه خري لنا‪ ..‬لذلك‬ ‫هو ي�أتي بالأ�شياء يف �أن�سب الأوقات التي يعلمها هو �سبحانه بعلمه وجنهلها‬ ‫نحن‪..‬‬ ‫ولن نن�سى �أي�ضاً �أن ممار�سة الت�أمل الدائم ت�ساعد يف تنقية الذهن من كل‬ ‫�شوائب ال�سلبية وت�سللها غري امل�شروع �إلى حدود �إيجابيتنا وتفكرينا‪..‬‬ ‫كذلك التعلم من التجارب ال�سابقة وا�ستخال�ص اخلربات منها حتى ال‬ ‫تقيدنا للحظة احلا�ضرة وما هو � ٍآت بعدها‪..‬‬ ‫والأهم بعد التوكل على اهلل‪� ..‬أن نردد دائماً وعن �إميان عميق جملة «�أنا‬ ‫�أقدر‪� ..‬أنا �أ�ستحق»‪.‬‬


15


‫‪16‬‬

‫وجدت نف�سي‪..‬‬ ‫متى ما �شعرت بغربة فرح ‪ ..‬فهاجر �إلى �أنت وماتريد ‪..‬‬ ‫عندها فقط �سيكون لك وطن من �سعادة ‪! ..‬‬


‫من جرب منكم �شعور الغربة و�سط وفرة النجاحات والتميز‪ ،‬ورمبا الرثاء‬ ‫والب�شر حوله؟‬ ‫�س�ؤال غريب‪ ..‬واجلواب عليه �أغرب‪!..‬‬ ‫يحدث �أن نعي�ش حياة ناجحة مع مرتبة ال�شرف‪..‬‬ ‫ظروفنا فيها حائزة على لقب احلياة املثالية‪ ..‬ومع ذلك ن�شعر بوح�شة‬ ‫واغرتاب‪..‬‬ ‫يقف بيننا وبني اال�ستمتاع مبا وهبنا اهلل من نعم �شبه كاملة‪ ،‬حاجز غري مرئي‪،‬‬ ‫وا�ستفهامات ال جند لها جواباً‪ ،‬رغم �أن جوابها ب�سيط ال يحتاج منا لأكرث من‬ ‫نظارة دقيقة القيا�س‪ ،‬ن�ستطيع �أن نقر�أ من خاللها ما كتب على جدار النف�س‬ ‫من �إجابات‪.‬‬ ‫�ضياع املتعة و�سط حواري الكمال يحتاج منا �إلى زيارة لق�سم �شرطة‬ ‫النفو�س‪ ..‬لتحرير حم�ضر نبلغ فيه عن فقدان البهجة التي �ضاعت مع �إهمالنا‬ ‫لأنف�سنا‪ ،‬و�سط �ساحة احلياة املليئة بكل ما يبهج الغري والعمل‪ ،‬والظروف‬ ‫املحيطة لي�صل بهم �إلى درجة الر�ضا على ح�ساب �أنف�سنا التي �سقطت‬ ‫منا داخل فجوة عميقة‪ ،‬ات�سعت بني �آلية العمل �أو الدرا�سة �أو الواجبات‬ ‫االجتماعية‪ ..‬وبني رغبات النف�س واحتياجاتها‪..‬‬ ‫نفقد �أرواحنا يف خ�ضم �إ�شباع احلاجة من اال�ستقرار والنجاح والتميز التي‬ ‫ت�شغلنا عن التلذذ بتذوق لذة الرغبات‪ ،‬وما نريد نحن ال ما حتتمه علينا �أطر‬ ‫الرباويز االجتماعية الفاخرة التي نح�صر �أنف�سنا داخلها‪..‬‬ ‫لذلك جند �أن من يتمتع حقاً ب�أمان داخلي و�سالم روح‪ ،‬هو ذلك الإن�سان‬ ‫الذي ي�ضع كل �شيء يف خمازن مبتناول يد التحكم عندما يحتاج العودة‬ ‫�إليها‪ ..‬يف الوقت الذي ي�سعى فيه �إلى امل�ضي يف رحلة بحث عن الذات‪..‬‬ ‫يت�أمل يف رغباته‪ ..‬ي�س�أل ميوله عن طريق الو�صول �إلى فرحه‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ت�أملوا دواخلكم وابحثوا فيها‪..‬‬ ‫ابحثوا عن �أنف�سكم ال�ضائعة‪..‬‬ ‫وقبل �أن تقولوا «وجدت نف�سي»‬ ‫ا�س�ألوا �أنف�سكم �س�ؤ ً‬ ‫اال‪ ..‬وا�صدقوا �أنف�سكم بالإجابة‪..‬‬ ‫هل و�سيلة الو�صول �إلى �إجنازاتي وجناحاتي كانت رغبة ملحة‪� ..‬أم حاجة‬ ‫ملحة‪..‬؟‬ ‫�أجيبوا ‪ ..‬فقد يكون يف الإجابة نقطة التقاء بني �أنف�سكم وابتهاجكم‪.‬‬

‫‪18‬‬


19


‫‪20‬‬

‫احذروا جفاف‬ ‫طازج الفرح‬ ‫الت�ضعوا ثمرة الفرح الطازجة يف �صندوق احلزن العفن‬ ‫حتى التف�سد وت�صبح غري قابلة لال�ستخدام النف�سي‬


‫يقول حكيم‪�« :‬أنت ال حتتاج �إلى البحث عن ال�سعادة‪ ..‬فهي �ست�أتيك متى ما‬ ‫هي�أت لها موقع �إقامة يليق بها يف قلبك»‪.‬‬ ‫تذكرت هذه املقولة‪ ،‬و�أنا �أنظف هاتفي اجلوال من ع�شرات الر�سائل الن�صية‬ ‫التي ت�ستقبل العيد بحروف تبكي بحرقة على فراق رم�ضان‪ ..‬وكلمات‬ ‫تنتحب حلال الأمة‪ ،‬وهي ت�ستكرث علينا الفرح‪ ،‬وجترمنا به‪ ،‬وهذا املجتمع �أو‬ ‫ذاك يعي�ش حتت ظرف �سيا�سي �أو اقت�صادي يجرح �سالمة فرحه‪.‬‬ ‫ُترى لو كان ر�سول اهلل‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬بيننا‪ ..‬هل وافقنا على ن�صب‬ ‫�سرادق العزاء على ظروف و�أحوال لي�س بيدنا من الأمر �أي �شيء لنغريها‪،‬‬ ‫وق�صروا يف حمد اهلل و�شكره‬ ‫�أم �أنه �سي�ضعنا حتت قائمة َمن جحدوا النعم‪َّ ،‬‬ ‫عليها؟‬ ‫عندما �أكرمنا اهلل ب�شهر الرحمة واملغفرة والعتق من النار‪ ،‬و�أمرنا ب�صيامه‬ ‫وقيامه وتكثيف �صالح الأعمال فيه‪ ،‬جعل لنا العيد يف نهايته كمكاف�أة وهدية‬ ‫من الكرمي الأكرم‪ ،‬لنبتهج ون�ضحك ونعي�ش ال�سعادة‪ ،‬كمهرجان فرح يليق‬ ‫بعطية رب الرحمة وخالق الأكوان‪.‬‬ ‫لذلك‪� ،‬أ�ستغرب ممن يو ِّدع رم�ضان الغايل على نف�س كل من �شهد �أن ال �إله‬ ‫�إال اهلل و�أن حممداً‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬ر�سول اهلل‪ ،‬بالدموع واحلزن على‬ ‫فراقه‪.‬‬ ‫ملاذا ال نو ِّدعه وداع عزيز �سيعود؟‬ ‫رمبا يقول قائل‪ :‬وماذا �إن عاد هو ونحن حتت القبور‪� ..‬أقول لهم‪ :‬املوت واحلياة‬ ‫بيد اهلل وحده‪ ..‬ومن حكمة احلكيم‪� ،‬أن الإن�سان يجهل وقت وفاته‪ ،‬ليعي�ش‬ ‫الفرح امل�شروع الذي يحبه اهلل لعباده �أكرث من احلزن �إلى �آخر حلظة يف حياته‬ ‫‪..‬‬ ‫الَ ْر َح ِام َو َما َت ْدرِي نَف ٌْ�س‬ ‫ال�سا َع ِة َو ُي َن ِّز ُل ا ْل َغ ْي َث َو َي ْع َل ُم َما فيِ ْ أ‬ ‫(�إِنَّ اللهَّ َ عِ َند ُه عِ ْل ُم َّ‬

‫‪21‬‬


‫‪22‬‬

‫ُوت ِ �إنَّ اللهَّ َ َع ِلي ٌم َخ ِب ٌري)‪.‬‬ ‫َّما َذا َت ْك ِ�س ُب َغ ًدا َو َما َت ْدرِي نَف ٌْ�س ِب َ�أ ِّي �أَ ْر ٍ�ض تمَ ُ‬ ‫لذا‪ ..‬لنفرح �أن َم َّن اهلل علينا ب ُعمر‪ ،‬ما دامت رئتانا قادرتني على ال�شهيق‬ ‫والزفري‪.‬‬ ‫ولنفرح بحياتنا‪ ،‬ما دمنا ب�شراً‪� ،‬أرواحهم مع َّلقة باهلل‪ ،‬يعملون لدنياهم ك�أنهم‬ ‫يعي�شون �أبداً‪ ،‬ولآخرتهم ك�أنهم ميوتون غداً‪.‬‬ ‫ولنو ِّدع رم�ضان وداع حمب ممنت ملا َّي�سر اهلل لنا فيه من عمل‪ ،‬على �أمل‬ ‫ويقني �أنه �سيعود �إلينا ونحن ب�أح�سن حال‪� ،‬سواء كانت فينا �أنفا�س ترتدد‬ ‫على بقعة �صغرية يف الكرة الأر�ضية‪� ،‬أو كانت �أرواحنا عند ربها را�ضية‬ ‫مر�ضية برحمته وكرمه‪.‬‬ ‫هم الأمة والب�شر‪ ،‬فلكل مقام مقال‪ ،‬ولكل وقت �أذان‪..‬‬ ‫�أما َمن يحملون َّ‬ ‫مادامت تيا�سري الفرح ومعطياته و�أدواته وظروفه متاحة لنا‪ ،‬فلماذا ال نفرح‬ ‫ونغو�ص يف الفرح �إلى �أعمق مناطقه‪ ..‬مع احلر�ص على عدم ن�سيانهم من‬ ‫الدعاء وال�صدقات والدعمني املعنوي واملادي‪ ،‬من خالل الو�سائل املتاحة‪،‬‬ ‫�سواء من خالل مواقع التوا�صل االجتماعي‪� ،‬أو اجلهات الر�سمية املوثوق‬ ‫بها‪ ،‬التي ميكن �أن ت�صل من خاللها م�شاركتنا وم�ساعداتنا لهم‪..‬‬ ‫فاحلزن والبكاء ودفن فر�ص الفرح املتاحة لنا لن ت�صلح حالهم‪ ..‬وكل ما‬ ‫�سنجنيه �أن اهلل �سي�س�ألنا‪ ..‬ب�أي ذنب قتلنا ال�سعادة وو�أدناها‪ ..‬و�سيعاقبنا على‬ ‫رد هبة الفرح التي َم َّن علينا بها‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫«�إننا نبحث عن ال�سعادة غالباً‪ ،‬وهي قريبة منا‪ ،‬كما نبحث يف كثري من‬ ‫الأحيان عن النظارة وهي فوق �أعيننا»‪ ..‬تول�ستوي‪.‬‬ ‫�شدتني مقولة هذا الروائي الرو�سي‪ ،‬الذي و�ضع حكمته على مكان اجلرح‬ ‫يف ج�سد ال�سعادة امل�صابة حد دخول روحها يف غيبوبة‪.‬‬


‫لذلك‪ ..‬فلنفرح‪ ،‬وخا�صة �أن فرح العيد مازال طازجاً مل يجف‪ ،‬وما زال يف‬ ‫�شوال‪ ،‬ويف العمر كله‪ ،‬فر�ص لل�سعادة مل ننتبه �إليها بعد‪.‬‬ ‫لنهمل طازج احلزن‪ ،‬حتى يتعفن‪ ،‬فنلقي به يف �سلة التجاهل‪ ،‬ولنقبل على‬ ‫كعك الفرح احللو‪ ..‬نتناوله بلذة‪ ،‬ومع كل ق�ضمة نتناولها مبلعقة ال�ضحك‬ ‫واالبت�سامة‪ ،‬لن�سجد هلل �شكراً‪ ،‬ونحن نقول احلمد هلل الذي �أطعمني هذه‬ ‫علي �أن اختارين من عباده الذين‬ ‫ال�سعادة و�أ�سقاين من عذب الفرح‪ ،‬و َم َّن ّ‬ ‫ا�صطفى‪ ،‬و�أهداين فر�ص فرح من غري حولٍ مني وال قوة‪.‬‬ ‫جربوا فل�سفة ال�سعادة هذه و�سرتون الفرق‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫‪24‬‬

‫بئر النوايا‬ ‫النوايا هي ورقة احلظ الرابحة يف عمر ال�سنني‬


‫(�إِن َي ْع َل ِم هَّ ُ‬ ‫الل فيِ ُق ُلوب ُِك ْم َخيرْاً ُي ْ�ؤت ُِك ْم َخيرْاً)‪( ..‬الأنفال ‪.)70 -‬‬ ‫عن �أمري امل�ؤمنني �أبي حف�ص عمر بن اخلطاب‪ ،‬ر�ضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪� :‬سمعت‬ ‫ر�سول اهلل‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪ ،‬يقول‪�« :‬إمنا الأعمال بالن ّيات‪ ،‬و�إمنا لكل‬ ‫امرئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته �إلى اهلل ور�سوله‪ ،‬فهجرته �إلى اهلل ور�سوله‪،‬‬ ‫ومن كانت هجرته لدنيا ي�صيبها‪� ،‬أو امر�أة ينكحها‪ ،‬فهجرته �إلى ما هاجر �إليه»‪.‬‬ ‫رواه البخاري وم�سلم يف �صحيحهما‪.‬‬ ‫ال�شرح‬ ‫النية بئر ت�ستقر يف قاعها مقا�صد كل منا‪ ..‬وما يحدث لنا يف حياتنا من‬ ‫ت�ساهيل �أو تع�سري‪ ،‬ما هو �إال ذلك الدلو الذي غرف من قاعها العميقة بع�ضاً‬ ‫من رغبات باطنها‪� ،‬سقى بها تربة ما يحيط بنا من انفعاالت وظروف‪ ،‬لتنبت‬ ‫ثمر النوايا التي نقتات عليها‪ ..‬ومنها ن�شرب �سعادة �أو حزناً‪ ..‬راحة �أو تعباً‪.‬‬ ‫ولأن النوايا من �أ�سرار الب�شر‪ُ ،‬تك�شف هلل وحده يف الوقت الذي ت�سترت فيه‬ ‫وتخفي وجهها احلقيقي عن عباده‪ ..‬جعل اهلل النية احل�سنة التي ت�سكن‬ ‫قلوب و�أرواح ب�شر �أحبوا اهلل‪ ،‬ومن حبه ع�شقوا البيا�ض والنقاء واخلري واحلياة‪،‬‬ ‫بكل ما فيها من جمال و ِن َعم‪� ،‬أ�سا�س التوفيق والتي�سري والنجاح وال�سعادة‬ ‫يف احلياة‪ .‬كما جعل النية التي ا�ستقرت يف قاع روح �آ�سنة عكرة ب�سوداوية‬ ‫املقا�صد ورمادية النظرة للحياة ك�أفاعي الآبار‪ ،‬التي تفرغ �سمومها يف عذب‬ ‫مائها‪ ،‬فيت�سمم َمن ي�شرب منها وميوت‪ ..‬كما ميوت الفرح واخلري وحب احلياة‬ ‫عند ملدوغي النوايا‪.‬‬ ‫بيا�ض النوايا‪� ،‬أو �سوادها‪ ،‬لي�س رغبات كامنة ن�ضمرها ‪ -‬مع �أو �ضد الآخرين‬ ‫فقط ‪ ..-‬هي اجنذابات لنوايا تخ�صنا نحن �أو ًال‪ ..‬تتحكم يف فل�سفتنا للحياة‪..‬‬ ‫�إمياننا باحلب‪ ..‬متتعنا بنعم اهلل‪ ..‬اتكالنا عليه‪ ..‬اجلراءة يف تف�صيل الأحالم‪،‬‬ ‫وفق مقا�سات الرغبات‪ ،‬بعد الثقة باهلل‪� ،‬أنه �سي�أتي بها‪ ،‬رغم �أنف الب�شر‬

‫‪25‬‬


‫والظروف‪ ،‬وكل َمن يحاول �أن يدخل يف نفو�سنا ال�شك‪� ،‬أن كن فيكون‪ ،‬بيد‬ ‫اهلل وحده‪ ،‬ي�أمر بها ملن كانت نيته �شفافة �صافية عذبة‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫�صالح النية‪� ،‬أو ف�سادها‪ ،‬يرتتب عليه �أ�سلوبنا يف احلياة‪ ..‬عالقاتنا مع الب�شر‪..‬‬ ‫ومفاتيح النجاح �أو الف�شل‪ ..‬هي التي تر�سم ابت�سامات ال�سعادة يف عاملنا‪� ،‬أو‬ ‫ت�سكب دموع احلزن‪..‬‬ ‫وخري ما �أنتهي به ما بد�أت به‪..‬‬ ‫(�إِن يَ ْعلَ ِم هَّ‬ ‫اللُ فيِ ُقلُوبِ ُك ْم َخيرْا ً يُ� ؤْ ِت ُك ْم َخيرْاً) (الأنفال ‪.)70-‬‬ ‫فلنجعل من النوايا منهجاً لفل�سفة �سعادة تفرح بها �أيامنا‪.‬‬ ‫‪26‬‬


27


‫‪28‬‬

‫ليتهم ي�ضحكون!‬ ‫ا�ضحكوا ففي ال�ضحك مفتاح �ألف باب لل�سعادة‬ ‫�أو�صدها احلزن ب�أقفال غليظة‬


‫االبت�سام وال�ضحك‪..‬‬ ‫�أحدث الأدوية املكت�شفة واملوافق عليها من هيئة غذاء ودواء احلياة لعالج‬ ‫كثري من الأمرا�ض النف�سية‪ ،‬وبالتايل اجل�سدية‪..‬‬ ‫فمن منا فكر يف �صرف رو�شتة ال�ضحك من �صيدلية الفرح الزاخرة‬ ‫باللحظات ال�سعيدة التي متتلئ بها �أرفف الأيام؟‬ ‫كث ٌري منا‪ ،‬للأ�سف‪ ،‬يتوه يف الو�صول لأق�صر طرق العالج‪ ..‬لأن ذاكرة احلزن‬ ‫والأمل والتباكي على ق�سوة الظروف عنده حا�ضرة‪ ..‬دموع احل�سرة على �سوء‬ ‫حظه تن�سيه �أن يواظب على تناول ملعقة كبرية من ال�ضحك ‪ 3‬مرات يومياً‪،‬‬ ‫الهم والتهاب ال�شُ عب االبتهاجية‪..‬‬ ‫بعد كل وجبة َكدر ع�سرية‪ ،‬ليزول ت�ضخم ّ‬ ‫ليتهم يعلمون �أن احلياة معقدة‪ ،‬ملن �سلك فيها دروب متاهة احلزن والبكاء‬ ‫والتع�سري املظلمة‪ ..‬و�أنها �سهلة مي�سرة ب�سيطة‪ ،‬ملن فهم �أن �صعب الظروف‪،‬‬ ‫من طبيعة احلياة‪ ،‬و�أن الفرح فيها هو الأ�صل‪� ..‬أما احلزن‪ ،‬فهو �أمر عار�ض‪،‬‬ ‫مهما ق�سى �أو طال‪.‬‬ ‫لذلك‪ ..‬من حكمة اهلل‪� ،‬أن جعل كل �شيء يبد�أ �صغرياً‪ ،‬ثم يكرب‪� ..‬إال‬ ‫امل�صيبة‪ ،‬جعل اهلل والدتها كبرية‪ ،‬ومع الوقت ت�صغر وتتقزم‪.‬‬ ‫الفرح‪ ..‬التب�سم وال�ضحك واالبت�سام‪ ،‬ال تطلب منا جهداً كبرياً‪ ،‬وال ما ًال‬ ‫وفرياً‪ ..‬هو عطاء من اهلل‪ ،‬و�ضعه لنا بني طيات تفا�صيل حياتنا اليومية‪.‬‬ ‫قد جند ال�ضحكة حتت براءة قهقة طفل �أو طرافة لثغته‪ ،‬وهو يتعلم الكالم‪..‬‬ ‫قد جندها ر�ضاً ير�سم التب�سم على �شفاهنا �سعادة بدعوة والدين‪..‬‬ ‫بكلمة حلوة ممن نحب‪ ..‬ب ّرب ابن‪ ..‬بال�شفاء من مر�ض �أو النجاة من �أذى‪..‬‬ ‫بلقمة نظيفة ت�سكت �صرخات جوع املعدة �أو �شربة ماء هنية يف يوم قائظ‪،‬‬ ‫بطرفة ت�أتينا عرب ر�سالة �أو بجمعة عائلية ت�ضحك فيها القلوب قبل ال�شفاه‪ ،‬حباً‬ ‫ومودة و�ألفة‪..‬‬

‫‪29‬‬


‫‪30‬‬

‫�شعور الر�ضا والفرح الذي ينطق ب�صوت ال�ضحك متوافر بوفرة يف متناول يد‬ ‫كل �أحد‪..‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫جمتمعاتنا التي تهوى البكاء على �أحلان الظروف احلزينة ت�ستنكر ال�ضحك‬ ‫وتت�شاءم من طغيان ح�ضوره يف حلظات ال�سعادة‪ ،‬قائلني «اهلل يكفينا �شر هذا‬ ‫ال�ضحك»!‬ ‫يتذكرون دائماً حديث الر�سول‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪� ،‬أن ال�ضحك يمُ يت‬ ‫القلب‪ ،‬وين�سون قوله‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪« ،‬تب�سمك يف وجه �أخيك‬ ‫�صدقة»!‬ ‫من خوفنا من ال�ضحك ن�سينا �أن اهلل ‪-‬جل جالله ‪ -‬ي�ضحك!‬ ‫عن �أبي رزين قال‪« :‬قال ر�سول اهلل‪� ،‬صلى اهلل عليه و�سلم‪�« ،‬ضحك ربنا من‬ ‫قنوط عباده وقرب غريه‪ ،‬فقال �أبو رزين‪� :‬أو ي�ضحك الرب عز وجل؟ قال‪:‬‬ ‫نعم‪ ،‬فقال‪ :‬لن نعدم من رب ي�ضحك خريا» (�صحيح اجلامع)‪.‬‬ ‫وقال �صلى اهلل عليه و�سلم‪« :‬عجب ربنا من قنوط عباده‪ ،‬وقرب غريه ينظر‬ ‫�إليكم �أزلني قنطني‪ ،‬فيظل ي�ضحك‪ ،‬يعلم �أن فرجكم قريب) حديث ح�سن‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫الوجوه امل�ستب�شرة التي ت�شد طريف ال�شفاه بابت�سامة متفائلة ال تعني �أن بنوك‬ ‫الأيام �أفل�ست من �أر�صدة احلزن‪� ..‬إمنا هي تخربنا ب�أنه رغم ال�ضيق‪ ،‬مازال يف‬ ‫احلياة مت�سع ل�سعادة‪ ،‬و�أن الدنيا التي خلقها رب ي�ضحك مليئة مبناجم من‬ ‫فرح قريب حتتاج منا �إلى اكت�شافها فقط‪.‬‬ ‫ا�ضحكوا ‪ ..‬ففي ال�ضحك فل�سفة �سعادة تقهر كل حزن‪.‬‬


31


‫‪32‬‬

‫حياة ال ت�شيخ‬ ‫ال�شباب ‪� ..‬شباب الروح ‪ ..‬وماالعمر �إال رقم‬ ‫يحاول �أن ي�سرق منا لذة احلياة‪!..‬‬


‫يف قرية �أملانية �صغرية‪ ،‬خرجت ذات �صباح ربيعي مبت�سم املالمح‪ ،‬لأحت�سي‬ ‫قهوتي يف مقهى �صغري على جال نهر جار‪ ..‬بعد �أن تركت �أبي لريتاح‪ ،‬بعد‬ ‫�صباح مزدحم بالأ�شعة والتحاليل‪.‬‬ ‫كنت �أتوقع �أين �س�أكون �ضيفة امللل يف بلدة �صغرية‪� ،‬أهم معاملها م�ست�شفى‬ ‫يق�صده املر�ضى‪ ،‬كعطار ماهر ي�صلح ما �أف�سده الدهر‪..‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫ُده�شت و�أنا �أرى �شباباً تخطوا الـ ‪ ..60‬يذيبون قطع �سكر احلياة يف فنجان‬ ‫ال�سنني‪ ،‬لريت�شفوه لذة �إلى �آخر قطرة ُعمر‪..‬‬ ‫فتلك امر�أة جتاوزت الـ ‪ ،70‬بكامل �أناقتها‪ ،‬تت�سوق وهي تلب�س ثياباً ذات‬ ‫�ألوان ربيعية زاهية‪ ،‬من دون �أن تخاف لوم �أحد‪ ..‬وذلك رجل م�سن يرتدي‬ ‫مالب�س ريا�ضية يف مترين م�شي �صباحي يخربه �أنه ما زال على قيد الن�شاط‪،‬‬ ‫و�أن ال�سن كذبة‪..‬‬ ‫و�آخر مع زوجته‪ ..‬رمبا هما يف الـ ‪ ،70‬ولكن بريق احلب يف عينيهما يناف�س‬ ‫�شاباً وفتاة من �شرقنا يف �شهر ع�سلهما الطازج‪..‬‬ ‫جمموعة م�سنات ب�أناقة �آ�سرة ومرح فتيات الـ ‪ 20‬يف �إفطار ممتع يتجاذبن فيه‬ ‫الأحاديث ويتبادلن ال�ضحكات‪ ،‬من دون �أن يعد عليهن �أحد الب�سمة �أو‬ ‫ي�ستكرب الكلمة �أو ينتقد النزهة‪ ،‬كما يحدث يف �شرقنا املتكلف‪..‬‬ ‫�سرقني التدبر بتم�سك كبار ال�سن بروح احلياة من بني �أنياب ال�ضجر‪..‬‬ ‫من يراين �أجل�س �إلى تلك الطاولة الدائرية �أرت�شف حمتوى فنجاين‪،‬‬ ‫يح�سبني وحدي‪ ..‬ولكني مل �أكن كذلك‪..‬‬ ‫كنت يف وحدتي الكاذبة تلك �أ�ست�ضيف الت�أمل‪ ..‬لأجتاذب معه �أحاديث‬ ‫�شيقة عن فل�سفة احلياة بني ال�شرق والغرب‪..‬‬ ‫عن لذة الفرح ومتعة الدنيا التي متوت يف �شرقنا عند الـ‪ 40‬وتبد�أ يف غربهم‬

‫‪33‬‬


‫مع �إطاللة الـ ‪..50‬‬ ‫كان كوباً من قهوة‪ ..‬احت�سيته ر�شفات من كافيني �سعادة طرد خمول املتعة‪،‬‬ ‫و�أيقظ خاليا حب احلياة الفطري يف نف�سي الب�شرية‪ ،‬وجعلني �أ�صرخ بقوة‬ ‫داخلية‪ ،‬و�أنا �أبت�سم قائلة‪ :‬احلياة ت�ستمر ما دامت الروح ال ت�صاب ب�شيخوخة‬ ‫الي�أ�س �أو جتاعيد امللل و�صد�أ �سنوات العمر الرقمية‪.‬‬ ‫و�أدركت ٍ‬ ‫عندئذ �أن العمر الرقمي ما هو �إال كذبة تف�سد علينا فل�سفة التمتع‬ ‫ب�سعادة احلياة ‪..‬‬

‫‪34‬‬


35


‫‪36‬‬

‫الركادة زينة‬ ‫مراكب الهدوء غالباً مان�سري بها‬ ‫و�سط بحر من �سعادة هادئ‬


‫يف �صباح م�شرق جميل‪ ،‬فتحت «فرح» عينيها ب�سرعة‪ ..‬قفزت من �سريرها‪،‬‬ ‫كملدوغ غر�س النوم �أنياب الت�أخري يف ج�سد �صباحه‪ ..‬رك�ضت بخطوات‬ ‫�سريعة نحو احلمام‪ ،‬لتغ�سل وجهها‪ ،‬ثم خرجت لت�صلي وتلب�س‪ ..‬هربت من‬ ‫غرفتها‪ ،‬لتتفقد هذا وذاك‪ ،‬يف حماولة لل�سيطرة على الزمن‪ ،‬وجمع دقائق‬ ‫الوقت‪ ،‬الذي ينفرط منها ‪ -‬كعادتها ‪ -‬كل �صباح‪.‬‬ ‫و�سط زحمة �صباحها‪� ،‬سقط قو�س االبت�سامة من �شفتيها‪ ،‬و�ضاعت الطم�أنينة‬ ‫من نف�سها‪ ،‬حتى �إن �أذكار ال�صباح التي حتاول �أن تعيد الأمور برتديدها‬ ‫لتوازنها‪ ،‬ملت ا�ضطرابها ال�صباحي املعتاد‪ ،‬فتجاهلت ا�ستنجادها بها‪ ،‬لتمنحها‬ ‫بع�ضاً من هدوء اعتادت التفريط فيه‪.‬‬ ‫خرجت على عجل‪ ..‬بعد �أن ا�ستطاعت بجدارة �أن تخد�ش هدوء ال�صباح‪،‬‬ ‫لتحدث ثقباً وا�سعاً يف غالف طم�أنينته وروحانيته‪ ،‬ليت�سلل منها غبار الك�آبة‬ ‫واال�ضطراب‪ ،‬الذي ملأ نفو�س �أهل الدار‪ ،‬حد اختناق الفرح‪ ..‬فخرج كل‬ ‫منهم َب�س ِكينة جمروحة و�ضيق ينزف‪.‬‬ ‫حتى �إن جروح �صباحهم و�صباحها تلوثت بال�ضيق الذي التهب‪ ،‬ليعتل‬ ‫يومهم كله‪ ،‬ويبكي على �سعادة حتت�ضر‪.‬‬ ‫يف نف�س ال�صباح امل�شرق اجلميل‪..‬‬ ‫فتحت «مرح» عينيها بك�سل‪ ،‬وهي تقول �أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل‪ ..‬ربي‬ ‫�أ�س�ألك من خري هذا اليوم‪ ،‬و�أعوذ بك من �شره‪ .‬التفتت �إلى �ساعتها‪ ،‬بجانب‬ ‫�سريرها‪ ،‬فوجدت �أن النوم �سرق منها بع�ضاً من �سعة وقتها‪ ..‬ابت�سمت‬ ‫وقبلت‪ ،‬جمازاً‪ ،‬يد النوم التي م�سحت على عينيها‪ ،‬لتمنحها مزيداً من‬ ‫الراحة‪ ..‬فلي�س على النائم حرج‪..‬‬ ‫قامت برزانة وهي تلقي التحية على هدوء ال�صباح‪ ،‬وجتدد معه ميثاق‬ ‫ال�سالم‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫‪38‬‬

‫ا�ستحمت‪� ..‬صلت بطم�أنينة‪ ..‬قر�أت �أذكارها بهدوء‪ ،‬فغ�شيتها �سكينة �أكرب‪..‬‬ ‫خرجت‪ ،‬لتوقظ �أهل بيتها ب�صوتها احلنون‪ ..‬توزع عليهم ابت�سامتها العذبة‬ ‫ودعواتها التي ت�سكن نفو�سهم �سكينة واطمئناناً‪ ..‬قبالتها ال�صباحية وهي‬ ‫تودعهم �إلى مكان درا�ستهم �أو عملهم‪ ..‬كانت زاد ال�صباح الأكرث فائدة ‪..‬‬ ‫املليء بفيتامني احلب واالحتواء‪.‬‬ ‫خرجت �إلى عملها‪ ،‬وبيدها كوب قهوة لذيذ‪ ..‬احت�سته‪ ،‬وهي تقطع م�سافة‬ ‫الطريق‪ ..‬ومع كل ر�شفة كانت ابت�سامتها تت�سع‪ ،‬وهي ت�ستعر�ض تفا�صيل‬ ‫حياتها املرتبة اخلالية من تعب ال�ضو�ضاء وال�صخب‪ ..‬وتخطط مل�ساء �سعيد‪..‬‬ ‫بعد عودتها من عملها �إلى بيتها الدافئ ب�أ�سرة ع�شقت الهدوء‪ ،‬فع�شقها‬ ‫الأمان والطم�أنينة‪ ،‬ف�صادقها الفرح‪.‬‬ ‫فرح‪ ..‬ومرح‪..‬‬ ‫�أختان يف بيت واحد‪ ،‬تتقا�سمان فيه الظروف نف�سها‪ ..‬لكن �إحداهما تغلي‬ ‫على فوهة بركان‪ ،‬من ع�صبية وجزع وا�ستعجال‪ ..‬والأخرى �أع�صابها تعي�ش‬ ‫رفاهية يف جزر الهدوء والطم�أنينة وال�سكينة‪..‬‬ ‫و�شتان بني هذه وتلك‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫التي�سري‪ ..‬النجاح‪ ..‬الهدوء‪ ..‬التفا�ؤل‪..‬‬ ‫ حتتاج �إلى �صبحات مرتفة‪ ،‬حتى و�إن كانت مزدحمة‪..‬‬‫‪ -‬دلل �صباحك بالهدوء‪ ،‬ليدلل هو يومك بال�سعادة والطم�أنينة والنجاح‪.‬‬


39


‫‪40‬‬

‫ال املانحة‬ ‫ونعم القاب�ضة‬ ‫‪ -‬ال ‪ -‬قد تطلق الفرح امل�سترت خلف حجاب‪!..‬‬


‫هل �أنت ممن ترجح عندهم كفة «نعم» على كفة «ال»؟‬ ‫هل ت�شعرك «ال» ب�أن عورة العطاء عندك مك�شوفة‪ ،‬فت�سارع �إلى �سرتها بنطق‬ ‫«نعم» كلما همت «ال» �أن تهرب من �سجنها عرب �أبواب �شفتيك؟‬ ‫�إن كنت من ه�ؤالء‪ ..‬فعذراً‪� ..‬أنت ممن يعي�ش على خط فقر ال�سعادة‪ ،‬رغم‬ ‫َ�صدقات الفرح التي مينحك �إياها العطاء‪.‬‬ ‫ال �شك‪� ..‬أن الإيثار قيمة �سامية‪ ..‬وفعل جميل يجعلنا ن�صفد �شياطني‬ ‫الأنانية التي ت�سكننا ب�أغالل الإن�سانية‪ ،‬ونحن نلب�سها ثوب البذل والت�سامح‬ ‫والعطاء‪ ،‬الذي يرتق بالر�ضا �شقوق البخل وحب الذات التي قد ت�ضرب يف‬ ‫حلظة �ضعف قلب �إن�سانيتنا‪..‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫لـ «ال» علينا حق الرب بها‪ ..‬متى ارتفع �صوت نعم‪ ،‬وطغى بتخطيه حدود‬ ‫املعقول قافزاً فوق حواجز تقدير النف�س‪ ،‬ب�إرهاقها من �أجل راحة الآخرين‪..‬‬ ‫من حق «ال» �أن ننت�صر لها متى ما �سرق طمع «نعم» منها ري�شة الراحة‪،‬‬ ‫لري�سم ب�ألوان الفرح الثابتة ابت�سامات م�شرقة على مالمح الآخرين‪ ،‬تاركاً‬ ‫لنا �أقالماً من فحم ور�صا�ص نر�سم فيها ابت�سامات باهتة ال يلبث عبء �صنع‬ ‫ال�سعادة للآخرين على ح�ساب النف�س �أن ميحو �أثرها‪ ،‬تاركاً لنا خطوط التعب‬ ‫والإرهاق �شاهداً وا�ضحاً على زيف �سعادة فرح يدو�س على رغبات النف�س‬ ‫من �أجل راحة الآخرين‪..‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫رائعة «نعم» عندما ت�صادق على عالمة جودة البذل ب�شخ�صياتنا التي تعطي‬ ‫ما دام الإيثار ال يكلف النف�س �إال و�سعها‪..‬‬ ‫ورائعة «ال»‪ ..‬عندما تكون كمكابح توقف تهور البذل املتجاهل لعالمات‬ ‫التوقف عند تقاطعات قدرة النف�س على العطاء‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫لذا‪ ،‬التوازن بني «نعم» و»ال» ي�ضمن لنا �أريحية �شعور يغذي �أرواحنا بالر�ضا‬ ‫وال�سعادة‪ ..‬وي�ضمن لنا ا�ستمرار «نعم» الكرمية بتوزيع هدايا الفرح على‬ ‫«النف�س»‪ ،‬وبالتايل على «الآخرين»‪..‬‬

‫‪42‬‬


43


‫اخلط الأ�صفر‬ ‫‪44‬‬

‫عند �أنظمة املرور ‪ ..‬يف ال�ضوء الأ�صفر منجاة ‪..‬‬ ‫�أما يف قواعد احلياة ‪ ..‬ففي احلذز الأ�صفر �سالمة‬


‫�أخ�ضر‪� ..‬أ�صفر‪� ..‬أحمر‪..‬‬ ‫�ألوان ذات لغة عاملية‪ ،‬ترتبط ب�أذهاننا ب�إ�شارات املرور‪ ،‬التي تنظم ال�سري يف‬ ‫الطرقات بطريقة ت�ضمن لنا ال�سالمة من الأذى‪.‬‬ ‫تلك الألوان الثالثة ال يقت�صر �سرها العجيب يف �ضبط ال�سري على حركة‬ ‫املرور يف ال�شوارع‪� ،‬أو التحكم ب�سالمة ال�سيارات وامل�شاة فقط‪ ..‬هي منهج‬ ‫حياة‪ ،‬لو اتبعنا الفل�سفة التي تقوم عليها يف �ضبط ذلك احلديد املتحرك‬ ‫ل�ضبط �أمر حياتنا كله‪.‬‬ ‫يف الب�شر‪..‬‬ ‫هناك َمن ي�أبى خوفه �أن ي�ضيء له نوراً غري ذلك الأحمر‪ ،‬الذي يجعله يقف‬ ‫غالباً عند �أول �أمتار طريق الهدف‪ ،‬فال يتحرك خوفاً من التقدم‪ ،‬مرعوباً من‬ ‫حواجز العقبات‪ ..‬في�ضيع العمر‪ ،‬وهو يف حلم‪ ،‬خاف �أن يتحرر من �سجن‬ ‫خياله‪ ،‬ليتحرك بحرية على �أر�ض الواقع‪.‬‬ ‫�أما ال�صنف الثاين من الب�شر‪ ،‬فهم من �إ�شارة طموحهم م�ضاءة ب�أخ�ضر‬ ‫االنطالق دوماً‪ ..‬هم يف ماراثون رك�ض‪ ،‬ال ينتهي‪ ،‬للو�صول �إلى خط نهاية‬ ‫الهدف‪ ..‬مكابح النف�س عندهم فيها خلل‪ ،‬يعجز عن �إيقافهم عن ال�سعي‬ ‫ب�شرا�سة لإزالة �أي عقبة �أو حاجز يقف يف طريقهم‪ ..‬فرتاهم عندما يواجهون‬ ‫نقطة �ضبط اجتماعية تبطئ من �سرعة انطالقهم اجلنونية نحو �أهدافهم‪� ..‬أو‬ ‫عندما يفاجئهم حاجز عقبة جمتمعية‪ ،‬و�سط تكتل ازدحام الرغبات‪ ،‬يفتحون‬ ‫نافذة ال�شجار والرتا�شق بالكالم وال�صدام‪ ،‬فين�شغلون بها عن الغاية‪ ..‬في�ضيع‬ ‫الوقت‪ ،‬وميوت احللم‪ ،‬من دون �إجناز‪.‬‬ ‫�أما �أولئك الناجحون‪ ،‬الذين يع�شقون اعتماد �سطوع اللون الأ�صفر يف‬ ‫طريقهم فهم الفائزون‪ ..‬الذين �سلكوا �أق�صر الطرق للو�صول �إلى رغبة‬ ‫لب�ست عباءة الهدف‪ ..‬هم ينطلقون �سريعاً‪ ،‬ولكن بحذر‪ ،‬يجنبهم اال�صطدام‬ ‫بحواجز ال�ضبط الثابتة يف املجتمع‪ ..‬ال يحاولون طرقها ب�شرا�ستهم‪ ،‬ليحدثوا‬

‫‪45‬‬


‫‪46‬‬

‫فيها ثقباً ميرون من خالله‪ ..‬وال ت�صور لهم قوتهم �أنه ميكنهم القفز فوق‬ ‫�أ�سوارها العالية من دون �سقطة �أو رد فعل معاك�س قد يك�سر فيهم �ألف‬ ‫�شيء‪ ،‬ويعطلهم عن امل�ضي ب�سالم يف طريق حتقيق الرغبات والأحالم‪..‬‬ ‫الإ�صرار على حتقيق ما ن�ؤمن به جميل‪ ..‬وقيمة رائعة من قيم الب�شر العليا‪..‬‬ ‫ولكن ال�صدام ي�شوه هذه القيمة وميزق قد�سيتها‪ ،‬لذلك‪..‬‬ ‫لو و�ضع كلٌ منا �إ�شارة مرور داخل نف�سه‪ ،‬ل�ضبط �سري الأماين يف زحمة‬ ‫�شوارع الأحالم‪ ،‬و�ضمن لها �سالمة الو�صول �إلى الهدف من دون حوادث‬ ‫كارثية‪ ،‬ت�صطدم فيها غاياته بحواجز �صلبة كان من املمكن جتنبها‪ ،‬لو مل‬ ‫نتجاوز حتذير اللون الأ�صفر‪ ،‬الذي كان خري نور ي�ضيء لنا ظلمة الدرب‬ ‫وي�ضبط لنا ال�سالمة يف جنون زحمة �أهداف الب�شر املتجمعة و�سط �ساحة‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫فليتنا ندرك فل�سفة ال�سعادة املقرتنة باحلذر الأ�صفر ‪..‬‬


47


‫‪48‬‬

‫ر�ضا النا�س‬

‫ر�ضا النف�س �سر ر�ضا احلياة والنا�س والظروف‬


‫مذاهب»‪..‬‬ ‫«وللنا�س فيما يع�شقون‬ ‫ُ‬ ‫ر�ضا النا�س غاي ٌة ال تدرك‪..‬‬ ‫لوال اختالف الآراء لبارت ال�سلع‪..‬‬ ‫بع�ض من �أمثلة كثرية ذات م�ضمون ي�شري �إلى �أن الب�شر ال ميكن �أن يتفقوا‬ ‫على ر�أي‪ ..‬ومن اال�ستحالة �أن يجتمعوا على حب �شيء وا�ستح�سانه‪� ،‬أو كرهه‬ ‫وا�ستهجانه‪..‬‬ ‫لذا‪..‬‬ ‫من �أ�س�س بنيان �سعادته على �شفا ٍ‬ ‫جرف ها ٍر من ر�ضا النا�س‪ ..‬انهار به �أ�سفل‬ ‫وا ٍد �سحيق من �ضياع فرح ونكران ذات‪..‬‬ ‫وراحة البال وال�سعادة التي يبغيها الإن�سان من جراء �شراء �أكرب كمية‬ ‫من �أ�سهم ر�ضا النا�س على ح�ساب �سعادته مغامرة غري حممودة العواقب‪،‬‬ ‫وفرح خا�سر‪..‬‬ ‫وا�ستثمار يف تقدير ٍ‬ ‫لذلك‪..‬‬ ‫من اخلط�أ �أن ‪-‬ن�أكل ما يعجبنا ونلب�س ما يعجب النا�س‪ -‬لأن ثوب قبولهم‬ ‫ومباركتهم ملا نفعل لن ي�أتي �أبداً مبقا�س ر�ضانا نحن واقتناعنا مبا نفعل‪..‬‬ ‫و�ستبقى �صدورنا عر�ضة ل�سعال الك�آبة اجلاف ب�سبب ت�ساقط �أزرار الفرح من‬ ‫�سرتة �سعادتنا ال�ضيقة‪.‬‬ ‫ �أنا ومن بعدي الطوفان الهادئ‪ -‬الذي ي�ضمن يل �إبحار �سفينة حياتي مبن‬‫�أحب و�سط بحر احلياة ب�سالم دون الإ�ضرار بالآخرين‪ ..‬حكمة �صائبة ولي�ست‬ ‫�أنانية حمقاء‪ ،‬نحتاج �إليها لنعي�ش دنيانا بت�صالح تام مع �أنف�سنا‪ ،‬ومع من لهم‬ ‫حق مبا�شر علينا كالوالدين والأبناء وغريهم‪ ،‬ممن �أمرنا اهلل بربهم حد الر�ضا‬ ‫�أو ًال‪ ..‬ثم التعاي�ش مع خلق اهلل ب�سالم مبني على االحرتام وتقبل الآخرين‪،‬‬ ‫والعي�ش معهم كما هم وكما نحن‪ ،‬ال كما يجب �أن يكونوا �أو نكون عليه‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫ال�سعادة ت�أتي من فتح قلوبنا للب�شر‪ ،‬مع حماولة طرق �أبواب قلوبهم بب�ساطة‬ ‫التعامل واالحرتام واحلب‪ ..‬من دون الرك�ض املتعب خلف �إر�ضائهم‪� ،‬أو‬ ‫اغتيال روح �سعادتنا على مق�صلة ك�سب ر�ضاهم املتقلب الذي يخ�ضع لتقلبات‬ ‫الزمان واملكان والظروف‪..‬‬ ‫يف �إ�شباع النف�س بالر�ضا لري�ضى الآخرون وتر�ضى الظروف‪ ،‬فل�سفة �سعادة وال‬ ‫�أجمل اليدركها �إال الفطنون ‪..‬‬

‫‪50‬‬


51


‫‪52‬‬

‫لن �أعي�ش‬ ‫يف جلباب �أبي‬ ‫ما �أجمل �أن ن�ستوعب حقيقة دورة الزمن فندور معها‬ ‫بدل �أن تكون حجر عرثة يعرقل تطورها‬


‫على �شرفة غروب نا�صع الهدوء‪ ،‬خالٍ من بقع ال�ضجيج‪ ،‬جل�ست مع ابنتي‬ ‫و�صديقاتها‪ ،‬نتناول قطع الأحاديث احللوة مع ر�شفات النقا�ش الدافئ‪.‬‬ ‫جو تلك الأم�سية املائل للدفء �أ�سال جبال ال�صمت اجلليدية‪ ،‬التي ك َّونها‬ ‫جتاهل الأهل ب�صفة خا�صة‪ ،‬والكبار ب�صفة عامة‪ ،‬الحتواء اجليل ال�صاعد‪،‬‬ ‫وعدم تقبلهم ملبد�أ تطور الفكر واختالف االهتمامات‪ ،‬مع تطور ال�سنني‬ ‫واختالف الأجيال‪.‬‬ ‫�أده�شتني �أحاديث املراهقات ال�صغريات‪ ،‬العامرة بطازج الأفكار ون�ضارة‬ ‫املبد�أ‪ ..‬وحرارة احلما�س‪.‬‬ ‫اكت�شفت �أن وراء قَ�صة ال�شعر الغريبة والثياب امل�ستفزة لنا كباراً‪ ،‬وحتت تلك‬ ‫القهقهات الطائ�شة والتهور املندفع‪ ،‬تقبع مبادئ ال تتغيرَّ من جيل �إلى جيل‪،‬‬ ‫يف العقل الذي تربى على الوعي‪ ،‬و�أن ما يتغيرَّ فقط هو �أ�ساليب التعبري‪.‬‬ ‫الفكر هو نف�س الفكر‪ ،‬واملبد�أ هو نف�سه‪ ،‬من قدمي الأزل‪ ،‬ولكن بتطور ينا�سب‬ ‫طبيعة الع�صر‪ ،‬وبجر�أة �أكرث‪ ،‬وقدرة و�سرعة وحما�س و�إ�صرار �أكرب‪ ،‬لتنفيذ‬ ‫ما ت�ش َّربه فكرهم حد الإميان‪ ،‬ولكن ‪ -‬للأ�سف ‪ -‬كفر به كبار هذا اجليل‪،‬‬ ‫الذين وقفوا على ر�صيف حقبة ما�ضية من الزمن يخافون العبور �إلى ر�صيف‬ ‫الع�صرنة املقابل‪ ،‬خوفاً من �أن يده�س مبادئهم با�ص التغيري‪ ،‬فتموت الهوية‬ ‫الفكرية‪ ،‬وتطم�س ب�صمات املبادئ الأزلية‪.‬‬ ‫ال�شباب منجم حما�س و�أفكار و�إبداع‪ ..‬هو ثروة املجتمعات‪ ،‬رغم كل‬ ‫جتاوزاته‪ ،‬التي نراها نحن الكبار مبالغاً يف جر�أتها حد الوقاحة �أحياناً‪،‬‬ ‫متنا�سني �أننا كنا يف �سالف �سنوات م�ضت مراهقني و�شباباً‪ ،‬ي�ؤملنا ا�ستخفاف‬ ‫كبارنا مبعتقداتنا ومنهجنا وطريقة تعاطينا مع احلياة‪.‬‬ ‫كانت حفلة فرح م�صغرة‪� ..‬أن�صت فيها �أكرث مما حتدثت‪ ..‬ا�ستفدت �أكرث‬ ‫مما �أَفدت‪ ،‬وتلذذت بتذوق �أفكار �شبابهم الطازجة‪ ..‬املقدمة على طبق من‬

‫‪53‬‬


‫�أ�سلوب ع�صري مزين ب�أناقة مبهرة‪ ،‬فقررت �أن �أتقبل ابنتي‪ ،‬و�أرفع ر�أ�سي بها‬ ‫كما هي بكل جنون �أفكارها العاقلة‪ ،‬ال كما يجب �أن تكون عليه‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫ «لن �أعي�ش بجلباب �أبي»‪ ،‬ا�سم م�سل�سل‪ ،‬ولكنها حكمة‪ ،‬لو اقتنعنا بها‪،‬‬‫لتبخرت �أغلب م�شاكل الأهل مع املراهقني‪ ،‬وعا�شوا ب�سعادة وتوافق وال‬ ‫�أجمل‪.‬‬

‫‪54‬‬


55


‫‪56‬‬

‫لقافة‬ ‫ال حتر�ص على فتح نوافذ تتل�ص�ص منها على ما ا�سترت من‬ ‫خ�صو�صيات الآخرين فتغلق نافذة ال�سعادة على حياتك‬


‫لي�س �أ�سو�أ من �أن ين�شغل الإن�سان عن نف�سه وحما�سبتها �أو تطويرها �إلى‬ ‫مراقبة الآخرين‪ ،‬وتتبع تفا�صيل حياتهم‪ ،‬جمتهداً بك�شف ما �سرتوه عن �أعني‬ ‫املتل�ص�صني من �أ�سرارهم‪.‬‬ ‫«اللقافة» مبعناها العامي‪ ..‬االجتهاد يف البحث عن �أدق تفا�صيل حياة مدفونة‬ ‫بحفر عميقة حتت �أكوام خ�صو�صيات الب�شر‪.‬‬ ‫«داء» ومر�ض ع�ضال ي�صيب توافه النا�س ذوي الأماين ال�ضائعة‪ ..‬و�أ�صحاب‬ ‫الطموحات املنخف�ضة وال�سطحية العالية‪ ..‬فيحولهم من ب�شر �أمرهم اهلل برتك ما‬ ‫ال يعنيهم ليح�سن �إ�سالمهم‪� ..‬إلى كائنات غريبة تتغذى على الغيبة واخلو�ض يف‬ ‫�سري النا�س‪ ،‬وت�أكل حلوم �إخوانهم يف الب�شرية ميتاً‪ ،‬من دون �أن يكرهوه‪ ..‬ملر�ضهم‬ ‫هذا م�ضاعفات خطرية‪ ،‬لو يعلمون‪.‬‬ ‫منها‪� ،‬أن ميحق اهلل بركة ال�سعادة من نفو�سهم‪ ..‬ومن غ�ضبه عليهم ي�شغلهم‬ ‫باجرتار تفا�صيل حياة الآخرين‪ ،‬ب�شكل ين�سيهم و�ضع حياتهم هم حتت جمهر‬ ‫النف�س اللوامة للذات‪ ..‬التي حتا�سب نف�سها وتقيمها قبل �أن تكون مراقباً وحكماً‬ ‫على الآخرين‪ ،‬ما يجعلهم على هام�ش احلياة‪ ،‬حمرومني من االرتقاء ب�أنف�سهم‬ ‫وتطوير ذواتهم‪ ..‬ومن النجاح والإميان الذي يقربهم من اهلل �أكرث‪ ،‬فيحبهم‬ ‫اخلالق‪ ،‬ومن ثم يحبب بهم خلقه‪.‬‬ ‫التدخل ب�أمور النا�س ف�ضول مقيت‪ ،‬وح�شرية بغي�ضة‪ ،‬تتغلغل يف �شرايني‬ ‫ال�سعادة‪ ،‬حتى ت�سمم دماء الفرح الذي يجري فيها‪ ،‬فتموت املتعة الذاتية‪ ،‬لتحيا‬ ‫النميمة‪ ،‬ويتف�شى داء ُ‬ ‫الكره بني النا�س واحل�سد‪.‬‬ ‫يقول املثل ال�شعبي «�صباح اخلري يا جاري‪� ..‬أنت فـ حالك و�أنا فـ حايل»‪.‬‬ ‫حكمة ب�سيطة ت�ضمن لنا ال�سالمة وال�سالم‪ ..‬ليتنا نتناولها كل �صباح كم�ضاد‬ ‫«لقافة» لي�صفو لنا عكر احلياة وحتقق ال�سعادة يف احلياة‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫‪58‬‬

‫نا�صع البيا�ض‬ ‫النظافة اخلفيفة طهر �أخالق يعقم‬ ‫تفا�صيل احلديث والأفعال‬


‫من منا ال يبتهج لر�ؤية �شخ�ص نظيف؟!‬ ‫ومن منا ال تلفت نظره رائحة عطر فواح لإن�سان �أنيق؟!‬ ‫كلنا‪ ..‬تت�سابق حوا�سنا ملتابعة نظيف البدن عطر الرائحة �أنيق املظهر‪..‬‬ ‫ولكن‪ ..‬هل فكرنا يوماً باملعنى الأعمق للنظافة‪ ،‬ومفهومها الأ�شمل الذي‬ ‫يحثنا عليه الدين �أو ًال‪ ،‬ثم جتربنا عليه ذوقيات التعامل الإن�ساين واالجتماعي‬ ‫مع الآخرين؟‬ ‫�أحبائي ‪..‬‬ ‫كلنا نعرف �أن «النظافة من الإميان»‪ ..‬و�أن الإميان من �أهم �أ�سباب ال�سعادة‪..‬‬ ‫ولكن قليل منا من يدرك �أن احلديث يحثنا على ما هو �أعمق من نظافة‬ ‫الظاهر‪..‬‬ ‫ما �أق�صده‪..‬‬ ‫�أن النظافة لي�ست ماء و�صابوناً وعطراً فقط!‬ ‫النقاوة هي طهر يجب �أن نعقم به دواخلنا قبل خارجنا‪!..‬‬ ‫ما �أجمل �أن تكون نوايانا ح�سنة يف تعاملنا مع اهلل ومع النا�س‪!..‬‬ ‫وما �أجمل غ�سل بقع احلقد واحل�سد والكره العالقة بالقلوب من �أثر الرك�ض‬ ‫مباراثون �سباق الو�صول �إلى جناح مييزنا عن الآخرين‪ ،‬لتعود القلوب نا�صعة‬ ‫البيا�ض!‬ ‫وما �أرق ل�سان نظيف‪ ..‬نرتفع به عن فح�ش القول و�سيئ املنطق وبذيء‬ ‫الكالم‪ ..‬نكفي النا�س �شره ليقرتبوا منا وال ينفروا!‬ ‫وهل هناك �أكرث �أناقة من �أخالق نظيفة ن�صافح بها النا�س لتكون بطاقة‬ ‫تعريفنا الدائمة عندهم!‬ ‫وما �أروع نظافة ال�ضمري اخلايل من ف�ساد ي�ضر �صاحبه قبل �أن ي�ضر الآخرين!‬ ‫ولن �أن�سى نظافة مهمة نحتاج �إليها‪ ..‬ا�ستحدثت احلاجة �إليها كرثة القذارة‬

‫‪59‬‬


‫‪60‬‬

‫التي تراكمت و�سط عامل التكنولوجيا العنكبوتية‪ ،‬وو�سائل التوا�صل‬ ‫االجتماعي‪ ..‬حيث ت�سممت ال�ضمائر ف�سادا حد املوت‪ ،‬ف�أ�صبح الكذب‬ ‫واالفرتاء والقذف وت�صفية احل�سابات ال�شخ�صية‪ ،‬والأحقاد واحل�سد‬ ‫والغرية قنابل من نتانة م�ؤذية‪ ،‬يتحارب بها املف�سدون من خالل �صفحاتهم‬ ‫الإلكرتونية‪ ..‬وكم من �سمعة بي�ضاء نقية ُدن�ست كذباً وقتلت بقذائف‬ ‫ف�سقهم ال�شيطاين!‬ ‫«النظافة» احلقة تكون يف النية احل�سنة والقلب الأبي�ض والأخالق العطرة‬ ‫والل�سان املتعفف واخلجل احلقيقي من اهلل‪.‬‬ ‫ومن نظافة الداخل تلك ت�أتي نظافة اخلارج‪ ..‬فمن تطهرت �سريرته �أبى‬ ‫خارجه ‪ -‬بدناً ومكاناً ‪� -‬أن يخالف ما يبطن‪.‬‬ ‫اخلال�صة ‪..‬‬ ‫�صدقوين‪ ..‬من اهتم بنظافة مظهره و�أهمل داخله‪ ..‬لن يلبث �أن ي�صاب‬ ‫بعفن الأخالق‪ ..‬ولن ي�ستطيع عطر اخلارج �أن يغطي نتانة ف�ساد الداخل‪..‬‬ ‫و�ستنفر النا�س منه مبتعدة عنه رغم جمال غالفه الرباق‪.‬‬ ‫�أما من تطهر داخله بالنظافة والأناقة واجلمال فلن يخذل خارجه ُح�سن‬ ‫داخله جما ًال و�أناقة نا�صعة النظافة‪ ،‬وبذلك ميلك القلوب والعقول‬ ‫واحلوا�س‪ ..‬و�ستبقى �سريته العطرة و�سماً يو�سم به يف حياته‪ ،‬وورثاً يورثه‬ ‫لأبنائه حتى بعد املمات‪.‬‬ ‫النظافة فل�سفة ‪ ..‬لو تعمقنا مبعناها لع�شنا �سعادة نا�صعة الفرح‪.‬‬


61


‫‪62‬‬

‫لنهاجر‬ ‫احلب ‪ ..‬اجلمال ‪ ..‬ال�سالم‬ ‫حدود لوطن �سعادة مينح الروح �أجمل طم�أنينة و�أقوى �أمان‬


‫من منكم ج ّرب �سفر الروح‪..‬؟‬ ‫ومن منكم ع�شق بالد اجلمال فقرر �أن ي�ستقر بها مهاجراً؟‬ ‫�أغلبنا للأ�سف‪ ..‬يعي�ش داخل �أ�سوار مدن نف�سه العتيقة‪ ،‬يحر�س متاحف‬ ‫الروتني التاريخية يف عمره و�أيامه ‪..‬‬ ‫يعمل‪ ..‬ي�أكل وي�شرب‪ ..‬ي�سافر‪ ..‬يتوا�صل مع حميطه‪ ..‬وميار�س �أدواره‬ ‫االجتماعية كاملة على الوجه الأكمل دون خلل �أو نق�صان‪ ..‬ولكن ب�آلية‬ ‫عجيبة وروتينية مملة تف�سد طعم احلياة وحالوة الدنيا‪..‬‬ ‫ه�ؤالء‪ ..‬يتحولون مع الوقت �إلى �أدوات ت�ؤدي �أدوار ا�ستمرارية احلياة‪..‬‬ ‫يومهم �ضائع بني حمل �أوزار هموم الأم�س وعرثاته‪ ..‬وخوفهم من �أن ي�سرق‬ ‫احلظ والظروف جناح و�أمان الغد‪..‬‬ ‫يغتالون «الآن» بـ «كان» وما «�سيكون»‪ ،‬وبني املا�ضي وامل�ستقبل يظلم حا�ضراً‬ ‫هو العمر احلقيقي الذي يح�سب يف عداد الفرح‪..‬‬ ‫عالج ه�ؤالء «ال�سفر» �إلى مناطق نائية من جغرافية ذواتهم‪ ..‬الكت�شاف‬ ‫�سواحل الراحة‪ ..‬واال�سرتخاء على �شواطئ ال�سكينة‪..‬‬ ‫حقائبهم مليئة باحلب �أو ًال‪..‬‬ ‫حب اهلل ثم حبهم لذواتهم‪ ..‬ظروفهم‪ ..‬حميطهم‪ ..‬يومهم‪ ..‬حلظتهم‪..‬‬ ‫قبح فال يبقى‬ ‫ثم باجلمال‪ ..‬لأن احلب يغم�ض العيون والروح عن كل ٍ‬ ‫حا�ضراً �إال تذوق اجلمال‪..‬‬ ‫جمال يف �أنف�سنا‪ ..‬بنعم اهلل علينا‪ ..‬باملحيطني بنا‪ ..‬والعمل الذي يحب اهلل‬ ‫منا �أن نتقنه متى ما حتملنا م�س�ؤوليته‪ ..‬يف الكون‪ ..‬يف الطبيعة‪ ..‬يف ابت�سامات‬ ‫الب�شر‪ ..‬برباءة الأطفال‪ ..‬بن�شوة عطر �أو �أريج وردة‪ ..‬ب�أ�شياء كثرية ينرثها اهلل‬ ‫حولنا‪ ،‬ولكننا ال نراها‪ ،‬الن�شغالنا عنها بهموم الأم�س واخلوف من الغد‪..‬‬ ‫ومن احلب واجلمال ي�أتي ال�سالم‪ ..‬فمن يع�ش بحب ويتذوق من خالله‬

‫‪63‬‬


‫‪64‬‬

‫جمال الكون والأ�شياء‪ ،‬البد �أن يرفع ال�سالم رايته بداخله‪ ..‬معلناً فتحه‬ ‫لبالد ال�سمو الروحي‪ ..‬في�أتي ال�سالم طائعاً ي�شهد �أن ال �سعادة وال لذة يف‬ ‫احلياة �إال بحب وب�سالم ي�شرق من الداخل‪ ،‬لين�شر نوره �سالماً على كل‬ ‫�شيء وكل �أحد‪..‬‬ ‫اخلال�صة ‪..‬‬ ‫ما�ض ميت وخوف‬ ‫اتركوا عنكم عوا�صم ال�صخب امللوثة بذكريات عرثات ٍ‬ ‫من م�ستقبل هو يف ودائع اهلل‪..‬‬ ‫وهاجروا من كل هذا‪� ..‬إلى مناطق احلب واجلمال وال�سالم املوجود‬ ‫داخلكم ويف حميطكم‪ ،‬ويف احلياة والكون الوا�سع‪..‬‬ ‫تعرفوا على معاملها وجتولوا بدهاليزها‪..‬‬ ‫وا�ستمتعوا باللحظة‪ ..‬واحلا�ضر‪ ..‬والآن‪ ..‬فهذه هي فل�سفة ال�سعادة الأجنح‬ ‫لزيادة �أر�صدة الر�ضا والفرح وال�سعادة‪.‬‬


65


‫‪66‬‬

‫�سو�س الب�شر‬ ‫قل للزمان ‪ ..‬ارجع يازمان !‬


‫قبل ب�ضعة وع�شرين عاماً‪..‬‬ ‫يف زمن كان الرتابط بني �أفراد املجتمع يف خليجنا العربي مبنياً على �أ�س�س‬ ‫من تواد وتراحم وتكافل متني‪ ..‬جتاور �أبو علي و�أبو خالد يف احلي ويف‬ ‫امل�سكن‪..‬‬ ‫كان هناك باب وا�سع من حب ووفاء و�سالم و�سط ال�سور اليتيم الذي ف�صل‬ ‫بني منزليهما‪..‬‬ ‫يوقظهما فجراً �أذان يرتفع من م�سجد واحد‪ ..‬يفتح كل منهما باب بيته‬ ‫ليم�شي يف نف�س الدرب لي�صل �إلى جهة عمل واحدة‪ ،‬خب�أ اهلل لهم فيها‬ ‫لقمة عي�شهم وقوت يومهم هم و�أبنا�ؤهم‪..‬‬ ‫خلف الباب الذي خرج منه الرجال كان �أبنا�ؤهما يلعبون بحب ومرح‬ ‫حول �أم علي و�أم خالد‪ ،‬وهما تتبادالن �أحاديث ك�أنها �إذاعة احلي الداخلية‬ ‫التي تنقل �أخباره بعفوية مرحة مع �شاي ال�ضحى‪ ،‬وما ي�سر اهلل لهن معه من‬ ‫حلوى �أيام زمن الب�ساطة املعدة ب�أيد مل تتلوث باحلقد والكره‪.‬‬ ‫ومع نهاية �آخر ر�شفة َيدخُ لن املطبخ �سوياً ليت�شاركن �إعداد وجبة الغداء‬ ‫للأفواه اجلائعة يف قدر كبري‪ ،‬عندما يكتمل ن�ضج �أرزه يق�سم بني بيتني‬ ‫�أحدهما �سني والآخر �شيعي‪ ،‬ليملأ بطوناً جائعة للطعام‪ ،‬ويكمل �إطعام‬ ‫�أنف�س �شبعت حباً حد التخمة (اللذيذة) بعد القيلولة‪..‬‬ ‫يتجمع الرجال بعد �صالة املغرب يف قهوة احلارة ال�شعبية يتبادلون �أحاديث‬ ‫ال�سمر واملرح‪ ..‬يناق�شون �أمور جمتمعهم ال�صغري‪ ،‬ويعاجلون م�شاكله بروح‬ ‫واحدة ال تفرق بني هذا وال ذاك‪ ،‬متنا�سني من هو و�إلى �أي مذهب ينتمي‪.‬‬ ‫وعند نهاية اليوم‪ ..‬يعودون لبيوتهم‪ ..‬ي�ضع كل منهم ر�أ�سه على و�سادته‪،‬‬ ‫وقلبه ال يحمل �إال احلب جلاره والدعاء له ولنف�سه باخلري والرزق واحلفظ من‬ ‫احلافظ احلفيظ‪ ..‬لينام ا�ستعداداً ليوم جديد‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫‪68‬‬

‫بعد ب�ضعة وع�شرين عاماً من ذلك امل�شهد‪ ..‬كرب ال�صغار‪ ..‬وتعقدت‬ ‫املجتمعات ال�صغرية‪ ..‬ونبت يف الأر�ض �شياطني من �سو�س الب�شر‪ ،‬نخروا‬ ‫�أ�سا�س براءة توا�ضع العالقات يف املجتمعات اخلليجية‪� ..‬سلطوا احلقد على‬ ‫املذهب‪ ..‬كفروا املخالف وكرهوا املعار�ض‪ ..‬نحروا روح احلب و�أراقوا دماء‬ ‫ال�سالم على �أر�صفة املذهبية والطائفية والفنت‪.‬‬ ‫فتخا�صم �أولئك ال�صغار الذين كانوا يف �أح�ضان �أم علي و�أم خالد ينامون‬ ‫وحولهما يلعبون‪..‬‬ ‫ك�سر الود بحجر التع�صب فمات الوفاء واالطمئنان‪ ،‬وانتهت ق�صة عائلتني‬ ‫جمعهما احلب وفرقتهما الطائفية‪.‬‬ ‫ليتنا‪ ..‬نقف �أمام مر�آة املنطق الذي �أمرنا اهلل به‪..‬‬ ‫وهو �أننا ب�شر وجدنا لنعمر الأر�ض‪ ..‬نزرع احلب فيها لنح�صد ال�سالم الذي‬ ‫حتتاج �إليه �إن�سانيتنا لنتنف�س الأمان‪ ،‬وجنتمع على حب اهلل �أو ًال‪ ،‬ثم حب‬ ‫�أوطاننا التي فيها معا�شنا‪..‬‬ ‫لنحذر حيل الأنف�س الأمارة بال�سوء التي تو�سو�س لنا �أننا �سياط ال�سماء‬ ‫امل�سلطة على عباد اهلل جل وتنزه �سبحانه عما فعل �سفها�ؤنا با�سمه‪..‬‬ ‫�سني‪� ..‬شيعي‪� ..‬صويف‪ ..‬ليربايل‪� ..‬إخواين‪ ..‬و�إلى غري ذلك من املذاهب‬ ‫والت�صنيفات‪ ،‬لنحذر من �إ�صدار �صكوك تزكية وغفران ملن ُيرفع �إلى �أعلى‬ ‫منازل اجلنة‪� ،‬أو يكب �إلى �أعمق حفر النار‪..‬‬ ‫ولنفكر بعقل يقظ واع ال خمدر �أو م�ؤجر‪..‬‬ ‫�إن كل نفَ�س يدخل �أو يخرج من رئتي ب�شر حي هو ملك هلل وحده‪ ..‬فلي�س‬ ‫من حقي �أو حقك ك�سني �أو �شيعي �أن �أ�سرقه منك �أو تخطفه مني بحجة‬ ‫اختالف املذاهب والأديان‪ ..‬لأننا كلنا ملك امللك الديان‪ ..‬وهو جل يف‬ ‫عاله الذي قال «لكم دينكم ويل دين»‪.‬‬


‫اهلل‪ ..‬مل مينح ر�سله و�أنبياءه حق �إزهاق الأرواح من �أجل الو�صول �إلى‬ ‫الغاية‪ ..‬فمن نحن حتى نجُ رم ونبط�ش با�سم اهلل‪!..‬‬ ‫�أنا ب�شر‪� ..‬أنا �إن�سان‪� ..‬أنا روح‪..‬‬ ‫�أ�شعر‪� ..‬أفرح‪� ..‬أحزن‪� ..‬أبكي‪� ..‬أبت�سم‪� ..‬أخ�شى الأمل و�أرجو العافية‪� ..‬أخاف‬ ‫على نف�سي و�أهلي و�أوالدي‪ ،‬مثلك متاماً يا من اختلف مذهبك عن مذهبي‪،‬‬ ‫فكف �أذاك عني واتركني لربي �إن كنت على خط�أ‪ ،‬فعقابه علي حق‪،‬‬ ‫ورحمته التي ت�سبق عذابه و�سعت كل �شيء‪.‬‬ ‫و�إن كنت على �صواب فال تروع �أمني وتزهق روحي‪ ،‬ودعني �أ�ستمتع بر�ضا‬ ‫اهلل ومتعة ر�ضاه‪ ،‬بعيداً عن حمدودية حقدك الب�شري عمن خالفك‪..‬‬ ‫نحتاج لبيا�ض نوايا و�صفاء قلوب لن�صل �إلى فل�سفة ال�سعادة الأجمل‪..‬‬ ‫ولكن‪ ..‬من يفقه‪..‬؟‬

‫‪69‬‬


‫‪70‬‬

‫�ضاعوا ب�سببنا‬ ‫اال�ستفهامات املعلقة �أبواب ال�شيطان‬


‫كان واليزال يف هذا الع�صر وحا�ضر الزمان‪� ،‬أربعة �أطفال �أ�صبحوا الآن‬ ‫مراهقني‪ ..‬وهبهم اهلل من الفطنة والذكاء ما يجعل ماذا‪ ..‬وهل‪ ..‬وكيف‪..‬‬ ‫و َمل؟ ا�ستفهامات غزيرة ال تتوقف عقولهم عن التفكري بها‪ ،‬وال �أل�سنتهم عن‬ ‫ال�س�ؤال عنها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫كل منهم كان يحمل يف حقيبة عقله تلك الأجزاء ال�صغرية من الر�ؤى‬ ‫املفككة التي يذهب بها �إلى �أهله‪ ..‬ينرثها �أمامهم‪� ..‬أ�سئلة كثرية ذات عمق‬ ‫حتتاج �إلى �صرب و�إي�ضاح يتنا�سب مع �سنهم‪ ،‬وي�ساعدهم على جتميع �أجزاء‬ ‫ال�صورة‪ ،‬لي�ستمتعوا بو�ضوح املعنى ومتام الفهم‪.‬‬ ‫كلهم‪ ..‬كانت �أ�سئلتهم تتجاوز حاجز املعقول �أحياناً‪ .‬ولكنه العقل النا�شئ‪،‬‬ ‫الذي ال �سلطة لنا عليه‪ ،‬وال حيلة منلكها لنجربه على عدم جتاوز خط التفكري‬ ‫الأحمر‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫حمم ًال ومثق ًال بالأ�سئلة التي ُيطلقها �أمام والديه‪..‬‬ ‫كل منهم كان عقله َّ‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫�أحدهم‪ ..‬كانت �أ�سئلته جتاوزات يراها الأهل مترداً غري مقبول‪ ،‬و�أ�سئلة يجب‬ ‫�أن تبقى حبي�سة النف�س‪ ،‬مرفو�ضة الإجابة‪ ،‬غري قابلة للت�صريح‪ ،‬خوفاً من‬ ‫فتح �أبواب لأ�سئلة �أكرب‪ ،‬ال ميلكون هم �أنف�سم الإجابة عنها‪� ،‬أو لأن وقتهم‬ ‫�أثمن من �أن ي�صرفوا دقائقه يف لعبة ّ‬ ‫حل �أحاجي احلياة عندما ت�ستفز عقول‬ ‫الأبناء‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫مل الأهل‪ ،‬ف�أقفلوا الباب‪ ..‬يف الوقت الذي مل يي�أ�س فيه االبن‪ ،‬و�أ�ص َّر على‬ ‫طرق �أبواب �أخرى للجواب‪..‬‬ ‫حريته و�شغفه وتعط�شه جعلته �صيداً �سه ًال لأ�صدقاء ال�سوء‪ ..‬و�سارقي‬ ‫العقول‪ ..‬وغا�سلي الأدمغة‪..‬‬ ‫الأول‪� ..‬أ�صدقا�ؤه ج ّروه �إلى طريق اللذة الكاذبة‪ ،‬التي �أوهمته ب�أن الرجولة‬

‫‪71‬‬


‫‪72‬‬

‫يف اجلن�س وال�شراب والتدخني‪ ..‬و�إن كان رج ًال بحق‪ ،‬ففي املخدرات ٍ‬ ‫حتد‬ ‫لن يقدم عليه �إال القوي اجل�سور‪.‬‬ ‫للأ�سف‪� ،‬أغلق �أهله باب ال�صرب واالحتواء‪ ،‬ففتح له �أ�صدقاء ال�سوء �أبواب‬ ‫الف�ساد وال�ضياع‪.‬‬ ‫الثاين‪ ..‬عندما َّ‬ ‫�ضل طريق املعرفة‪ ،‬هداه عقله �إلى طريق له باب‪ ،‬ظاهره فيه‬ ‫الرحمة وباطنه من قبله العذاب‪..‬‬ ‫طريق التدين الزائف‪ ،‬الذي يدعو �إليه غا�سلو العقول‪ ،‬الذين يغرون ال�شباب‬ ‫بوعود اجلنة ونعيمها‪ ،‬الذي لن ي�صلوا �إليه‪� ،‬إال بالدم والقتل والدمار‪ ..‬و�أن‬ ‫النف�س رخي�صة جداً‪ ..‬و�أن احلور العني لن ي�ستقبلن �إال روح َمن �أتاهم �أ�شالء‬ ‫مزقها حزام نا�سف‪.‬‬ ‫الثالث‪ ..‬ذكا�ؤه كان �أكرب‪ ،‬و�أ�سئلته �أعمق‪� ،‬ضاق ذرعاً بحواجز ال�صد و�إقفال‬ ‫�أبواب �سد الذرائع‪ ،‬التي حجبت عنه �شفافية احلوار العقالين واملنطقي‪،‬‬ ‫التعمق �إلى ما هو �أكرب‪ ..‬مل تقنعه الأجوبة ال�سطحية‪ ،‬فخانه‬ ‫لتقف بينه وبني َّ‬ ‫ذكا�ؤه الأ�سود‪ ،‬ملقياً به و�سط م�ستنقع الإحلاد القذر‪.‬‬ ‫الرابع‪َ ..‬م َّن اهلل عليه ب�أ�سرة تعرف كيف ت�ستثمر ذكاء الأبناء‪ ..‬وكيف‬ ‫حتت�ضن حريتهم‪ ،‬وتكون ملج�أ لالحتواء‪..‬‬ ‫احلوار الهادئ كان حا�ضراً يف يومهم‪ ،‬واالختالف بني الآراء مل يكن يوماً‬ ‫�شرارة ت�شعل حرائق اخلالف‪ ..‬بل بالعك�س‪ ،‬كانت اختالفات �إيجابية حت ّلق‬ ‫بهم �إلى �سمو الوعي‪ ،‬لي�صلوا �إلى م�ستويات راقية من تفكري فردي م�ستقل‬ ‫غري قابل لتبعية �أو انقياد‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫�أغم�ضوا �أعينكم‪..‬‬ ‫عودوا بخيالكم م�سافة �سنوات طوال‪..‬‬


‫ثم قفوا عند حمطة طفولة علق بالعقل فيها مئات من عالمات اال�ستفهام‪..‬‬ ‫ثم مراهقة متعط�ش‪ ..‬لب�س احلرية معطفاً �صوفياً يف عز �صيف يوليو‪ ،‬فاختنق‬ ‫بها من دون �أن يجد َمن ي�ساعده على خلع رداء االلتبا�س وفك �أزرة‬ ‫الغمو�ض‪.‬‬ ‫و�أنتم يف مقهى املا�ضي البعيد حتت�سون قهوة الذكريات‪ ،‬تذكروا �أننا كنا‬ ‫نحتاج �إلى جرعة �إي�ضاح نبل بها عروق املعرفة اجلافة‪ ..‬ونروي بها ظم�أ‬ ‫الفهم‪..‬‬ ‫وهذا بال�ضبط ما يحتاجه �أبنا�ؤنا الآن‪ ،‬وخا�صة يف ظل مارثون �سرقة العقول‬ ‫وغ�سل الأدمغة الذي تتناف�س عليه مافيا اجلن�س والإرهاب‪.‬‬ ‫احموا بعد اهلل �أبناءكم من االنقياد والتبعية‪ ،‬ب�إزالة ما علق بلوح �شغفهم‬ ‫املعريف من عالمات ا�ستفهام‪ ..‬وحاولوا قدر امل�ستطاع �أن جتلوا غمو�ض احلياة‪،‬‬ ‫لتت�ضح لهم الر�ؤى‪ ،‬وي�صبحوا �أفراداً ذوي ا�ستقاللية فكرية‪ ،‬ال تبعية‪ ،‬قد‬ ‫جت ّرهم �إلى حفر الإرهاب‪� ،‬أو االنحالل الأخالقي املهلكة‪.‬‬ ‫هي �أ�سا�سيات مهمة يف التعامل مع الأبناء‪ ،‬يجب �أن ن�ستند �إليها يف م�شوار‬ ‫الرتبية‪ ،‬لن�صل �إلى ما ي�سرنا بهم ب�أمر اهلل‪ ،‬ونحقق فل�سفة �سعادة وال �أجمل‬ ‫مع �أوالدنا‪.‬‬ ‫حمى اهلل �أبناءنا و�أبناءكم من �شياطني الإن�س وو�ساو�س ال�ضياع‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫‪74‬‬

‫كي ال نتفاج�أ‬ ‫يف ع�صر التكنولوجيا ‪� ..‬أ�صبحنا نخاف على �أبنائنا‬ ‫من �إرهاب و�سائل التوا�صل احلديث ‪!..‬‬


‫�إلى فرتة قريبة كنا ك�أهل نحر�ص على �إبعاد �أبنائنا عن كل ما يحفز جوانب‬ ‫العنف والعدوان الكامنة يف نفو�سهم‪..‬‬ ‫فكنا �إلى جانب الن�صح والقدوة واملعاملة احل�سنة‪ ..‬نهتم دائماً �أن جننبهم‬ ‫م�شاهدة �أفالم العنف والأك�شن‪ ،‬وكل م�شاهد متثيلية تتقاطر من �شخو�ص‬ ‫جم�سديها قطرات من دم كرياته حمرا�ؤها وبي�ضا�ؤها �أ�صباغ كاذبة‪..‬‬ ‫كنا وكان التحكم‪ ..‬وال�سيطرة‪ ..‬وفر�ض نظام تربوي �صارم يطول ما تتلقاه‬ ‫احلوا�س وتت�شربه الأنف�س يف متناول حتكمنا‪ ..‬كل هذا خوفاً على �صغارنا‬ ‫من م�شروع جمرم نا�شئ �أو منحرف‪ ،‬حمل معه بقايا م�شاهدات عنيفة من‬ ‫روا�سب طفولة م�ضطربة‪.‬‬ ‫ولكن‪ ..‬يف وقت الذكاء التكنولوجي الذي نعي�شه‪ ،‬حتول الفيلم �إلى م�شهد‬ ‫حقيقي ب�أبطال حقيقيني ودم �صدق ال كذب فيه‪ ،‬يتدفق غزيراً من �أج�ساد‬ ‫حية ميثلون واقعاً ملمو�ساً ال �سيناريو مكتوباً‪!..‬‬ ‫�أ�صبح القتل والنحر واحلرق والدم والتعذيب على بعد �ضغطة �أ�صبع من‬ ‫�شا�شة �صغرية حممولة يف جيوبنا �أو �أ�صغر حقائبنا‪ ،‬تالزمنا كظلنا يف كل‬ ‫زمان و�أي مكان‪!..‬‬ ‫بتلك امل�شاهد التي ي�شيب لها �شعر الكبري‪ ،‬وي�ستمتع بها خيال ال�صغري‬ ‫بقلب قوي ال ي�شمئز من م�شهد العنف‪� ،‬أ�صبحنا نخاف من م�شروع �إعالم‬ ‫داع�شي يت�سلل مبكر من بني تقنيات الربامج ال�سهلة الذكية الغتيال براءة‬ ‫الطفولة‪ ،‬وقتل الرحمة والإن�سانية وال�ضمري يف �سن مبكرة‪ ،‬حتى يكون‬ ‫العقل فيما بعد مطواعاً خلطط ال�شياطني الب�شرية‪..‬‬ ‫واحلقد منفذ لها ببط�ش وجترب بدم بارد‪.‬‬ ‫واملرعب يف الأمر �أن موت القلب ال ينفع معه �إنعا�ش ال�ضمري‪ ،‬وال حماولة‬ ‫�إيقاف نزف فكر العقل املتدفق من �شريان املنطق واملعقول‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫‪76‬‬

‫لذلك‪ ..‬مازلنا �إلى حد ما يف بداية الأمر‪ ،‬ونحن نحتاج �إلى حلول جذرية‬ ‫�صارمة تق�ضي على وباء جنون الوح�شية الذي بد�أ يتف�شى‪..‬‬ ‫نحتاج �إلى جهود جبارة وتعاون �صادق بني الدولة وذوي االخت�صا�ص يف‬ ‫املجتمع‪ ،‬من رجال دين وعلماء اجتماع وعلم نف�س وتربية‪ ،‬ملواجهة طوفان‬ ‫ال�شر ب�سد عظيم نحمي به جي ًال كام ًال من التحول �إلى «زمبيز» يعيثون يف‬ ‫املجتمعات ف�ساداً‪ ،‬ال يقيم �أودهم �إال الدم‪ ،‬وال يغذي �أرواحهم �إال الدمار‪.‬‬ ‫نحتاج �إلى �سيا�سة حمكمة وخطط �إ�صالحية وقائية‪ ،‬تنجب حلو ًال جذرية‬ ‫بد ًال من �سيا�سة احلجب العقيمة‪ ،‬التي �ساهمت �إلى حد كبري يف �إثارة‬ ‫ف�ضول املراهق للبحث عن مزيد من جرائم القتل امل�صورة‪ ،‬من باب االطالع‬ ‫الذي يتحول تدريجياً �إلى �شغف ثم �إلى ممار�سة‪!..‬‬ ‫نحتاج �إلى حوار‪ ..‬نحتاج �إلى م�شاركة‪ ..‬نحتاج �إلى تعاون يجعلنا ن�ستخل�ص‬ ‫احلل من العقل امل�ستهدف‪ ،‬الذي لن نتمكن �أبداً من حمايته ما مل نتجول‬ ‫ب�أريحية داخل دهاليز عقله وحارات رغباته وتطلعاته‪ ،‬ون�شبعها حتى الر�ضا‪..‬‬ ‫لن�ستيقظ قبل �أن ن�ضطر للبحث عن مكان �ضيق يف �أر�ض اهلل الوا�سعة‬ ‫لننجو ب�أرواحنا منهم‪ ،‬لأن ال�شر قد يزرع يف بيوتنا ومن �أقرب الب�شر لنا‪.‬‬ ‫حقيقة‪ ..‬الكتابة يف هذا املو�ضوع م�ؤملة فما بالكم بواقعه‪!..‬‬ ‫ليتنا‪ ..‬ن�أخذ احليطة مع احلذر‪ ..‬ونفكر بعمق لنحارب ال�شياطني بذكاء حتى‬ ‫ال يتلب�سنا �أذاها و�شرها‪ ،‬ونغرق بدماء وح�شيتها‪ ،‬فتغيب ال�سعادة وفل�سفتها‬ ‫عن عاملنا‪!..‬‬


77


‫‪78‬‬

‫قبل �أن يقع‬ ‫الف�أ�س على الر�أ�س‬ ‫االعتدال ميزان ي�ضبط توازن الأخالق‬


‫قبل ‪ 16‬عاماً‪..‬‬ ‫�صرخته الأولى كانت جرعة ال�سعادة التي داوتها من معاناة ت�سعة �أ�شهر‬ ‫حملته فيها وهناً على وهن‪ ..‬لدرجة �أنها ن�سيت وجعها وهي تعي�ش �أمل بكاء‬ ‫جزعه وخوفه يف �أول حلظات لفحه بها برد الدنيا‪ ،‬بعد �أن كان �آمناً و�سط رحمها‬ ‫الدافئ‪..‬‬ ‫�شوقها العارم �إلى �ضم ذلك اجل�سد ال�ضعيف‪ ..‬وقلبها املت�شرب حباً لذلك‬ ‫املخلوق ال�صغري‪� ،‬أبى ال�صرب رغم �شدة التعب وعظيم الأمل‪ ..‬فـاحت�ضنته حباً‬ ‫ولهفة ورحمة‪ ..‬حتى قبل �أن يغ�سلوا عنه �آثار دمائها التي كانت متت�ص عافيتها‬ ‫لتغذيه جنيناً‪..‬‬ ‫�ضمته �إلى �صدرها‪ ..‬فهد�أ و�سكت بعد �أن ا�ستن�شق رائحتها‪ ،‬و�سمع �صوتها‬ ‫العالق بذاكرته الطازجة التي مل تخزن �إال عبري �أمه ونربتها التي عا�شت معه‬ ‫مراحل تكوينه جنيناً‪ ،‬نظرت �إلى عينيه ال�صغريتني‪ ..‬وت�أملت مالحمه الربيئة‬ ‫وهو يفرغ يف جوفه وجبته الأولى من �صدرها الذي امتلأ حباً له و�أم ًال به‪ ،‬ورجاء‬ ‫�أن يكون هو ع�صاها املتينة التي تتوك�أ عليها ‪ -‬خيالء‪ -‬وافتخاراً به يف �شبابها‪،‬‬ ‫و�سنداً تتقوى به عند انحناء ظهرها ب�شيخوختها‪..‬‬ ‫مير يوم بعد يوم‪ ..‬لت�صبح الأيام يف حزمة الوقت عاماً بعد عام‪ ..‬يكرب فيه وليدها‬ ‫جمداً جمتهداً‬ ‫فيتعلم امل�شي والكالم‪ ..‬وي�صبح طف ًال م�ؤدباً وديعاً‪ ..‬وتلميذاً جنيباً ّ‬ ‫يف مدر�سته‪ ..‬مطيعاً لوالديه‪ ..‬حمبوباً يف حميطه‪ ..‬مالمح �شخ�صيته التي تت�شكل‬ ‫تب�شر برجل قادم ترجو �أن ي�صنف من �أخيار الرجال‪..‬‬ ‫وكما مي�شي الب�شر مب�سارات احلياة‪ ..‬م�شى ابنها طريق طفولته �إلى نهايته‬ ‫بي�سر و�سال�سة وفرح‪ ..‬ومن نهاية درب الطفولة و�ضع قدميه على �أول �سالمل‬ ‫ال�شباب‪..‬‬ ‫كان على خلق جميل‪ ..‬حمباً للخري‪ ..‬حمافظاً على دينه‪ ..‬باراً بوالديه ‪ ..‬حافظاً‬ ‫لكتاب اهلل‪ ،‬متوازناً بكل �شيء‪ ..‬حمبوباً من النا�س‪ ،‬فطرته ال�سليمة والتزام‬

‫‪79‬‬


‫‪80‬‬

‫والديه كونا عنده نزعة دينية رائعة جعلته كارهاً ملا حرم اهلل‪� ..‬شغوفاً مبا يقربه �إلى‬ ‫اخلالق‪..‬‬ ‫ولأن ذلك كان من دواعي فخر والديه‪� ..‬أرادا له مزيدا من تقى‪ ،‬فحر�صا على‬ ‫ح�ضوره درو�س و�أن�شطة وخميمات دينية �أينما كانت‪ ..‬ثقتهم بلحى القائمني‬ ‫عليها كانت جواز قبول ومفاتيح ثقة لي�ضعوا ابنهم بني �أيديهم وحيداً دون رقابة‬ ‫منهم‪ ،‬لثقتهم �أنه �سيتعلم منهم ما يجعل من تربيته الدينية رادعاً له عن كل‬ ‫مغريات الزمان وف�ساده‪.‬‬ ‫ولكن ما ح�صل كان عك�س ذلك‪ ..‬بد�أت طباع ذلك الو�سطي املتوازن‬ ‫املت�سامح تتغري �شيئاً ف�شيئاً‪� ..‬أ�صبح حمباً للوحدة‪ ..‬قا�سياً يف انتقاد والديه‬ ‫و�أخواته‪ ..‬كارهاً لكل من يعار�ضه �أو يخالف ر�أيه‪ ..‬احلب الذي كان ميلأ قلبه‬ ‫�أ�صابه الت�صحر فانترث �شوك الكره على �سطح ف�ؤاده حتى و�صل �إلى عمقه‪..‬‬ ‫�أ�صبح غيابه عن البيت كثرياً‪ ..‬وكل حماوالت والديه لإعادته �إلى �صواب‬ ‫الطريق باءت بالف�شل‪ ..‬فلم يعد هناك غري دموع �أم ثكلت بر ولدها‪ ،‬وجهود �أب‬ ‫�ضاقت حيلته عن ا�سرتجاع فلذة كبده �إلى ح�ضن طاعته و�سط الطريق ال�سليم‪.‬‬ ‫يف يوم �أ�سود كئيب بعد غيابه الأخري الذي طال �أكرث مما يجب‪ ..‬وبعد كل‬ ‫�س�ؤال عن مكانه باء بالف�شل‪ ..‬فوجئ والداه �أنه �ضمن من �أ�صبحوا مطلوبني‬ ‫�أمنياً‪ ..‬و�أنه �أ�صبح �أحد عنا�صر �شبكة �إرهابية تخالف �شرع اهلل با�سم اهلل املنزه‬ ‫عن �أفعالهم‪ ..‬بعد �أن ا�ستغل �شياطني الإن�س مدعو الدين ومثريو الفنت �شبابه‬ ‫الغ�ض وحما�سه املتقد‪ ،‬ورغبته يف تخطي حواجز الزمن ليثبت �أنه رجل قبل‬ ‫الأوان‪..‬‬ ‫وهنا �أدرك والداه �أن �أحالمهم به ماتت‪ ،‬و�أن ابنهم �ضاع يف درب الالعودة‪..‬‬ ‫فن�صبوا له عزاء يف �صدورهم‪ ،‬دموعهم فيه جريانها م�ستمر ال يجف �أبداً‪..‬‬ ‫اخلال�صة ‪..‬‬ ‫يف زماننا هذا مل تعد اللحية والثوب الق�صري �أو النقاب‪ ،‬وقال اهلل وقال ر�سوله‪،‬‬


‫دلي ًال على التقى‪ ،‬لنثق به�ؤالء ون�سلمهم �أبناءنا بح�سن نية‪ ،‬ليغ�سلوا �أدمغتهم‬ ‫ويجعلوهم �أيديهم التي يبط�شون بها‪ ،‬ويروعون �أمن البالد والعباد‪..‬‬ ‫�أبنا�ؤنا �أمانة‪ ..‬ويكفينا منهم الو�سطية التي �أمرنا اهلل بها‪..‬‬ ‫ف�إن �أردنا لهم مزيداً من علم �شرعي‪ ،‬يجب �أن ن�س�أل عن ال�شيوخ والأن�شطة بدقة‬ ‫�أو ًال‪ ،‬حتى نت�أكد �أنهم �شيوخ �صالح وحق‪ ،‬ال �شيوخ زيف ونفاق و�ضالل‪ ،‬قبل‬ ‫�أن ن�سلمهم �أبناءنا‪ ،‬قبل �أن يقطع الف�أ�س ر�أ�س ال�سعادة والفرح ب�أكبادنا التي مت�شي‬ ‫على الأر�ض‪..‬‬ ‫لنحر�ص على �أال ي�سرق منا �أحد �سعادتنا بهم‪ ،‬و�أال ينحر �أملنا بهم وفرحنا‬ ‫ب�صالحهم و�سعادتهم‪..‬‬ ‫‪81‬‬


‫‪82‬‬

‫زمن احلوار‬ ‫يف هذا الوقت‬ ‫ما �أجمل �أن ن�أخذ ‪ -‬درو�ساً ‪ -‬من �أقوال ال�صغار‬


‫من حكايا ابني ال�صغري الكثرية‪ ..‬موقف احتد فيه النقا�ش بيني وبينه‪..‬‬ ‫كان ذلك عند ا�ستعدادنا للذهاب �إلى منا�سبة عائلية‪ ،‬اختلفنا حينئذ على‬ ‫ماذا �سريتدي‪ ..‬كان يل ر�أي وله ر�أي �آخر يف االختيار‪ ..‬و�أمام مت�سكي بر�أيي‬ ‫�أطاع هو‪ ..‬ولكنه قال يل جملة كانت يل در�ساً‪:‬‬ ‫«ماما �أنا �سمعت كالمك لأنك �أمي وما �أبيك تزعلني‪ ..‬لكن �أنا بعد يل ر�أي‬ ‫والزم ت�سمعينه مو كل �شي على كيفك»‪.‬‬ ‫كثرياً ما ت�ضع م�شاهد احلياة الواقعية ومواقفها العابرة �ألف عالمة ا�ستفهام‬ ‫على قناعاتنا و�أفكارنا و�أ�سلوبنا يف احلياة‪.‬‬ ‫فنبد�أ مبراجعة �أنف�سنا حماولني عمل حتديث لكل ما �سبق‪ ،‬حتى ن�ستطيع �أن‬ ‫ندور مع دورة احلياة واختالفات الأجيال ب�سال�سة‪ ،‬فال يطحننا دورانها حتت‬ ‫عجالت القناعات التي مل تعد �صاحلة لزماننا هذا‪..‬‬ ‫ولأن احلياة مدر�سة كبرية عريقة‪ ،‬واملواقف كتبها ومراجعها‪ ،‬تعلمت من ابني‬ ‫ال�صغري �أن الزمن تغري‪ ..‬و�أن العقل الب�شري تطور‪..‬‬ ‫و�أين يجب �أن �أ�شكر ابني امل�ؤدب جداً‪ ،‬لأنه �أطاعني �إر�ضا ًء وحباً وبراً‪ ،‬ولكنه‬ ‫يف نف�س الوقت ميلك �شخ�صية ت�ستطيع �أن تقول يل �أنا كائن م�ستقل ذو‬ ‫�شخ�صية م�ستقلة‪ ،‬ول�ست تابعاً �سهل االنقياد‪.‬‬ ‫تعلمت من �صغريي �أن جيلي املطيع الذي مل يكن يجر�ؤ على رفع عينه‬ ‫بعني والديه‪ ،‬مل يعد �صاحلاً لهذا الزمان املليء بفنت العنف والإغواء‪ ،‬وغ�سل‬ ‫العقول التي ال جتر�ؤ على قول‪ :‬ال‪� ،‬أو هذا ال ينا�سبني‪ ،‬و�أننا بزمن نحتاج فيه‬ ‫�إلى حوار يجعلنا نقرر ماذا نريد ونحن بكامل �إرادتنا‪ ،‬دون تبعية قد جترنا �إلى‬ ‫املهالك ودروب ال�ضياع‪..‬‬ ‫تعلمت �أن الأم بكل ر�صيدها من العمر الذي �صرفته يف بنوك �سنوات‬ ‫احلياة‪ ،‬قد تكون تلميذة يف �صف طفل �صغري تتعلم منه ما مل تعلمه لها‬

‫‪83‬‬


‫‪84‬‬

‫الأيام‪ ..‬و�أنها �إن عاندت و�أ�صرت على �أنها �أعلم منه مب�صلحته �ضاعت منه‪،‬‬ ‫و�ضاع منها يف دهاليز ا�ستقاللية ال�شخ�صية يف زمن احلوار‪..‬‬ ‫لذلك‪..‬‬ ‫ك�أم ‪� ..‬أحتاج حلوارات �أكرث عمقاً جتمع الأجيال املختلفة على طاولة نقا�ش‬ ‫تعلو بالفكر النامي‪ ،‬وتوجه ذلك احلما�س املندفع الثائر ليم�شي الهوينى على‬ ‫دروب احلياة‪.‬‬ ‫�أحتاج ونحتاج �إلى نقا�شات مرنة �شيقة �سل�سة متنوعة‪ ،‬ننزل بها من برج‬ ‫احلكمة واخلربة العايل الذي �أرى‪ ،‬ويرى �أغلب الآباء‪� ،‬أن بلوغه �صعب على‬ ‫�أبنائهم‪ ،‬ونعي�ش متغريات الع�صر لن�ستوعبها‪ ..‬وندرك �أن هذا جيل ذكاء‬ ‫وفطنة ووعي قد يفاجئنا‪ ،‬لدرجة �أننا قد نعود تالميذ على مقاعد احلياة‪ ،‬نتعلم‬ ‫من �أ�ساتذة هذا اجليل‪..‬‬ ‫احلوار يذيب الفجوة بني الأجيال ب�سرعة عجيبة كذوبان قطعة �سكر يف‬ ‫كوب �شاي �ساخن‪..‬‬ ‫والنقا�ش يجعل من الطفل �أو املراهق‪� ،‬إن�ساناً �صاحب م�س�ؤولية م�ستمدة من‬ ‫حرية قرار غري مربوط ببريوقراطية عائلية‪� ،‬أو تعال جمتمعي يتعامل مع هذا‬ ‫الفرد �أو تلك اجلماعة النا�شئة بفوقية �صدقت كذبة �أنه قليل خربة!!‬ ‫احلوار يعطيهم ثقة بالنف�س جتعلهم يفكرون �ألف مرة قبل �أن يبيعوا عقولهم‪،‬‬ ‫�أو يقدموها قرباناً ملن يرى بها منافع ميكن ا�ستغاللها لغايات قد تقتلنا ك�أهل‪،‬‬ ‫يف الوقت الذي تق�ضي فيه على �أمن جمتمعاتنا‪.‬‬ ‫فليتنا نكرث من حوارات الأجيال من خالل الندوات وامل�ؤمترات والربامج‬ ‫التعليمية‪ ،‬وكذلك الرتفيهية والربامج التطوعية‪ ،‬وبكل و�سيلة متزج احلا�ضر‬ ‫باملا�ضي لي�ستفيد جيل اليوم من خربة جيل الأم�س‪ ،‬وليتعلم جيل الأم�س‬ ‫كيف يحافظ على توازنه وهو مي�شي بثبات‪ ،‬مرتدياً قبعة اخلربة واحلكمة يف‬


‫زمن يرك�ض بجنون‪.‬‬ ‫و‪ ..‬لتتحقق ال�سعادة بفل�سفتها الأجمل بال �صدام‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫‪86‬‬

‫مالئكة و�شياطني‬ ‫يف الب�شر جتتمع املالئكة وال�شياطني‬ ‫ونحن من ير ّجح كفّة �أحدهما على الآخر‬


‫املالئكة ال ت�سكن الأر�ض‪ ..‬وال�شياطني لي�س لهم مكان يف ال�سماء‪!..‬‬ ‫الب�شر وحدهم هم من يجمع بع�ضاً من هذا و�شيئاً من ذاك‪ ،‬وم�ساحة التخيري‬ ‫التي �سمح اهلل بها للإن�سان هي من ترجح كفة مالئكيته على �شيطنته �أو‬ ‫العك�س‪.‬‬ ‫مزيج النور والنار‪ ،‬هذا من �صنع الإله الذي خلق الب�شر‪ ..‬هو �سبحانه من‬ ‫�أوجد النقي�ضني يف تركيبتهم الب�شرية‪ ..‬وخلق معها العقل الذي ميز به‬ ‫الإن�سان وكرمه به عن باقي خملوقاته‪ ،‬حتى يكون دربه يف احلياة من اختياره‬ ‫خمرياً فيه ال م�سرياً «وهديناه النجدين»‪.‬‬ ‫لذلك‪..‬‬ ‫كائنات ب�شرية من اخلط�أ �أن نقاوم طبيعتنا الإن�سانية ب�إجبارها على ارتداء‬ ‫معطف املثالية الثقيل يف عز �صيف الآدمية الطبيعية‪..‬‬ ‫املثالية ثقيلة جداً ومملة‪ ،‬لأن من يدعونها غرباء مهاجرون �إلى الأر�ض من‬ ‫طبقات ال�سموات ال�سامية‪� ،‬أو نازحون من مدينة �أفالطون الفا�ضلة‪..‬‬ ‫هم �أقلية يف عامل خلق اهلل فيه اخلري ونقي�ضه لتوازن احلياة‪ ..‬وليخترب قوة‬ ‫عبده يف اختيار الطريق ال�صحيح املو�صل لأهل اليمني �أو ال�شمال اختياراً‬ ‫مبنياً عن طواعية ال �إجبار‪..‬‬ ‫ال�سعادة احلقيقية يف مثالية �أخالقية مرنة تنري بنور مالئكيتها‪ ،‬ما �أظلم‬ ‫من �شياطني �أنف�سنا التي حتاول �أن متهد لنا طريق الو�صول �إلى الرغبات‬ ‫والأهداف ومتع احلياة بو�سائل غري م�شروعة‪ ،‬تدو�س يف رحلتنا �إليها م�شاعر‬ ‫الب�شر‪ ..‬وتهدم �صروحاً عالية من من�ش�آت �أخالقية مهمة‪ ،‬وجتعلنا ب�شراً نلب�س‬ ‫�أطواق املالئكة النورانية لنخفي قرون ال�شياطني فينا‪!..‬‬ ‫فلذلك يجب �أال ن�صدق مثاليات الإعالم اجلديد‪ ،‬و�أال نحكم على ما قيل‬ ‫من �شخ�ص القائل ونتجاهل قوله‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫كثرياً ما ن�سمع يف «�سناب» �أو نقر�أ يف «تويرت» �شيئاً‪ ،‬ونرى يف احلقيقة �شيئاً‬ ‫�آخر‪..‬‬ ‫ال يهم‪ ..‬ما دمنا قادرين على تقطري عذب القول وجميله‪ ،‬وتنقية الفائدة من‬ ‫عكر �شخ�صية قائلها وحقيقته‪..‬‬ ‫ما �أروع �أن نعي�ش احلياة بب�ساطة حتى تتحقق لنا ال�سعادة املرجوة بعيداً عن‬ ‫كل زيف ومثالية !‬

‫‪88‬‬


89


‫‪90‬‬

‫خمرج‪..‬‬ ‫ولكن �إلى �أين؟‬ ‫النجاح ‪ ..‬يف خلود يبقى بعد الفناء‬


‫الدنيا‪ ،‬وما �أدراك ما الدنيا؟!‬ ‫هي ق�صر كبري‪ ،‬له �أبواب متعددة‪ ،‬ندخل من بع�ضها‪ ،‬ونخرج من الأخرى‪..‬‬ ‫الفرق بني دخولنا �إليها وخروجنا منها‪� ،‬أننا ل�سنا خمريين يف �أي �أبوابها‬ ‫ندخل �إلى العامل‪ ..‬ولكن عند اخلروج‪ ،‬ف�أبوابها املتعددة ت�صطف �أمامنا‪،‬‬ ‫م�شرعة‪ ،‬لنختار منها ما ن�شاء‪.‬‬ ‫ال�س�ؤال‪..‬‬ ‫َمن منا َّفكر كيف �س�أخرج من الدنيا؟ ومن �أي باب؟‬ ‫بني �سهم ي�شري �إلى املدخل‪ ،‬و�آخر �إلى املخرج‪ ،‬هناك حياة عامة ال يخت�ص‬ ‫بها �أحد‪ ،‬وال ميلكها فرد‪..‬‬ ‫هي �أ�شبه ما تكون مبحطة وقود‪ ،‬تبقي القلوب على �أهبة النب�ض‪ ،‬لتزودنا‬ ‫نعمر الأر�ض ونبنيها‪..‬‬ ‫بطاقة اال�ستمرارية‪ ،‬لنبقى على قيد النف�س‪ِّ ..‬‬ ‫�ضروريات احلياة و�أ�سا�سياتها فيها م�شرتكة‪ ..‬ن�أكل‪ ..‬ن�شرب‪ ..‬نعمل‪..‬‬ ‫ونعمر‪ ..‬نهدم‪ ..‬و�إلى �آخر‬ ‫نتنا�سل‪ ..‬نفرح‪ ..‬نحزن‪ ..‬جنتمع‪ ..‬نفرتق‪ ..‬نبني ِّ‬ ‫ذلك من ختم الهوية الب�شرية على �صفاتنا البيولوجية‪.‬‬ ‫�أما احلياة الأخرى‪ ،‬فهي جمموعة وا�سعة من احليوات املتفرعة من احلياة‬ ‫الأم‪ٌ ..‬‬ ‫كل منا يف�صلها مبقا�سات رغبته يف كيف يعرف بنف�سه‪ ..‬وكيف ي�ضع‬ ‫لذاته هوية خا�صة كتب عليها «كائن ب�شري»‪..‬‬ ‫�إيجابي �أم �سلبي‪..‬‬ ‫اجتماعي �أم منعزل‪..‬‬ ‫جريء ِمقدام �أم �ضعيف جبان‪..‬‬ ‫م�ؤمن �أو بعيد عن روح الإميان‪..‬‬ ‫مبدع خالق �أو عادي تقليدي‪..‬‬ ‫واع م�ستقل فردي يحب روح اجلماعة‪� ،‬أم غافل تابع عاجز عن �إيجاد‬ ‫ٍ‬

‫‪91‬‬


‫‪92‬‬

‫�شخ�صية م�ستقلة لذلك ينقاد لغريه‪.‬‬ ‫مع كل �ساعة من �ساعات اليوم ن�سمع خرباً عن موت �أحدهم‪ ،‬فيم ُّر بنا‬ ‫أحب النا�س‪ ..‬عا�ش ب�سالم‪،‬‬ ‫�شريط حياته‪ ..‬ندمع ملن �أعطى و�أ�سعد و�أجنز و� َّ‬ ‫و�أهدى ال�سالم لغريه‪..‬‬ ‫ونفرح لفراق َمن طغى وجتبرَّ وعا�ش ُبكره‪ ،‬ف�أذاق النا�س م َّر احلقد‪.‬‬ ‫والأمثلة يف مدارات الدعوة وال�سيا�سة والفن واالقت�صاد والعمل االجتماعي‬ ‫كثرية‪..‬‬ ‫يف الدعوة‪..‬‬ ‫ووري ج�سد عبدالرحمن ال�سميط الرثى منذ �سنوات‪ ،‬وما زالت �سريته‬ ‫العطرة حية تتنف�س الذكر الطيب عند النا�س‪ ..‬تتغذى على دعوات ‪11‬‬ ‫مليون �شخ�ص‪ ،‬كان لهم بعد هدي اهلل هادياً للإ�سالم‪.‬‬ ‫يف ال�سيا�سة‪..‬‬ ‫خرج قبل �أيام �صاحب ال�سمو امللكي الأمري �سعود الفي�صل من باب اختار‬ ‫�أن ُيختم فيه على بطاقته الب�شرية وم�سريته ال�سيا�سية وال�شخ�صية بختم ي�شهد‬ ‫له باحلكمة والذكاء والقوة واالن�ضباط وامل�س�ؤولية‪.‬‬ ‫يف املجال الإن�ساين‪..‬‬ ‫خرجت ديانا من باب يذكرنا باجلمال والإن�سانية والبذل والب�ساطة‪ ،‬التي‬ ‫تتحدى عي�شة البذخ وحب احلياة‪ ،‬رغم وجع االنك�سار العاطفي الذي كانت‬ ‫حترتق بلهيبه‪.‬‬ ‫ويف الفن‪..‬‬ ‫حلق عمر ال�شريف بفاتن حمامة �سريعاً‪ ..‬ليذكرنا دائماً بالرومان�سية والعذوبة‬ ‫والرقة التي ترق�ص ‪ Slow‬على نب�ض القلب احلامل‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬


‫بني ختم الدخول �إلى الدنيا‪ ،‬وختم اخلروج منها‪ ،‬هناك مطارات كثرية‪،‬‬ ‫وجوازات مرور ُي�صادق عليها وعينا وعملنا و�إجنازاتنا‪ ،‬وذكرنا احل�سن الذي‬ ‫ندخل فيه �إلى و�سط القلوب‪ ،‬لنحيا على قمة احلياة‪ ،‬ونخرج منها بعطر‬ ‫الذكرى الفواح وخلود ال�سمعة الطيبة‪..‬‬ ‫هي فل�سفة �سعادة كتب اهلل لها الدميومة‪ ..‬لأن العقل الواعي عمل فيها �أثناء‬ ‫رحلة احلياة على بناء الروح وال�سمو بالذات‪ ،‬فعا�ش ما قدر اهلل له يف �سعادة‬ ‫ونور ورثته عنه ال�سمعة احل�سنة والذكر الطيب والروح اخلالدة بني النا�س �إلى‬ ‫�أن يرث اهلل الأر�ض و َمن عليها‪.‬‬ ‫‪93‬‬


‫‪94‬‬

‫املوت حياة �أخرى‬ ‫من قال �إن املوت نهاية ؟!‬


‫يقول �أبوالعتاهية‪:‬‬ ‫�إن هذا املوت يكرهه كل َمن مي�شي على الغربا‬ ‫وبعني العقل لو نظروا لر�أوه الراحة الكربى‬ ‫ويقول �شاعر �آخر‪:‬‬ ‫جزى اهلل عنا املوت خري جزائه ‪� ..‬أبر بنا من كل بر و�أر�أف‬ ‫يعجل تخلي�ص النفو�س من الأذى ‪ ..‬ويدين من الدار التي هي �أ�شرف‬ ‫املحملة مبطر دمع غزير يت�ساقط‬ ‫ت�ؤملني ُ�سحب اللوعة املرتاكمة على �سماء النف�س َّ‬ ‫على الوجنات‪ ،‬حافراً فيها �أخاديد من حزن عميق‪..‬‬ ‫تعددت الأ�سباب واحلزن واحد‪ ،‬وما يختلف هو درجة الأمل التي ت�سكن‬ ‫�أرواحنا‪ ..‬ولي�س كاملوت �ضارب جلذور احلزن يف عمق النفو�س‪.‬‬ ‫ولكن لو فكرنا قلي ًال‪ ،‬لوجدنا �أن للموت فل�سفة جميلة جداً‪ ..‬لو فهمناها‪ ،‬لتحول‬ ‫كرهنا له �إلى حب من نوع نادر وغريب‪..‬‬ ‫كلماتي لي�ست فل�سفة نظرية‪ ،‬بل هي عن جتربة‪..‬‬ ‫فقبل �أيام قليلة و َّدعت خالتي‪ ،‬التي مل تكن �شقيقة لوالدتي فقط‪ ،‬بل كانت‬ ‫علي بب�صمات كثرية‬ ‫�أمي الثانية‪ ،‬التي تقا�سمت مع والدتي تربيتي‪ ،‬و َعلمت َّ‬ ‫�ستبقى وا�ضحة على �شخ�صيتي ما حييت‪..‬‬ ‫وهم يجهزونها ملالقاة ربها‪� ،‬شاركت يف تكفينها‪..‬‬ ‫كانوا يبكون بحرقة‪ ..‬وكنت �أبكي بدموع �سكبت منها القليل على وجنتي‪..‬‬ ‫فقط ل�سببني‪..‬‬ ‫�أولهما‪� ..‬أخفف من تركيز رهبة املوت‪ ،‬الذي مهما حاولنا �أن نهون من هيبته‪� ،‬إال‬ ‫�أن له خ�شية ووج ًال ال ميكن جتاهلها‪..‬‬ ‫ثانيهما‪� ..‬شوقاً لر�ؤية �أمي الثانية ‪ -‬لولوة ‪ -‬يف دنيا �أحياء اجل�سد‪..‬‬ ‫كان هتان من دمع خفيف غ�سل ما علق ب�أغ�صان النف�س من جزع‪ ،‬لي�س‬

‫‪95‬‬


‫‪96‬‬

‫لطبيعتي الب�شرية حيلة يف رده‪ ..‬وبعده كان يل �شعور �آخر منحني بف�ضل اهلل قوة‬ ‫عجيبة وفرحاً داخلياً وغريباً وحباً هلل ولكل �شيء‪ ،‬وكل �أحد لو وزعته على قلوب‬ ‫النا�س جميعاً لكفى وفا�ض‪..‬‬ ‫اقرتبت من خالتي‪ ،‬رحمها اهلل‪ ..‬ق َّبلت ر�أ�سها‪ ،‬ثم ت�أملت وجهها وج�سدها‪،‬‬ ‫امل�سجى �أمامنا‪ ،‬بال حول وال قوة‪..‬‬ ‫ر�أيت نور بيا�ض نا�صع �أزال زرقة �إبر امل�ست�شفى وكدمات �أجهزة التنف�س و�أنابيب‬ ‫الأطباء امل�ؤملة‪..‬‬ ‫ر�أيت �سكينة تلك الروح مت�سح على اجل�سد املمدد‪ ،‬فتعيد �إليه جما ًال كانت‬ ‫ت�شتهر به خالتي‪ ،‬عجزت �سنوات العمر عن �سرقته‪ ،‬فخطفه منها املر�ض‪..‬‬ ‫ر�أيت طم�أنينة‪ ..‬جعلتني �أفكر بعمق وهدوء‪ ..‬ح�سبه النا�س رباط ج�أ�ش‪ ،‬وت�صرباً‬ ‫مني‪ ،‬وهم ال يعرفون �أين فقط كنت يف ت�أمل للموت وفل�سفته بطريقة ر�أيته فيها‬ ‫خريا‪ ،‬ال �شر على عباد اهلل‪ ،‬الذين تعلقت �أرواحهم بالرحمن الرحيم‪.‬‬ ‫ملاذا نخاف املوت؟‬ ‫�ألي�س املوت‪ ،‬هو بداية الرحلة لعامل خلود ال�سعادة الذي ال فناء فيه؟!‬ ‫�ألي�س يف عامل ما بعد الدنيا ‪ -‬حياة ‪ -‬من �سعادة‪ ،‬ال يتذبذب فيها الفرح وفق‬ ‫تقلبات الظروف والزمان واملكان؟ �ألي�ست احلياة حياة الروح؟ وما اجل�سد �إال‬ ‫حا�ضن لها‪ ،‬ملا �شاء اهلل من وقت‪ ،‬ثم تعود �إلى حيث كانت عند امللك القدو�س‪،‬‬ ‫مالك امللك والروح‪ ،‬العزيز الرحيم اجلبار‪ ،‬الذي يجازينا خرياً وفرحاً دائماً عند‬ ‫ا�سرتداد �أرواحنا‪ ،‬ويجرب ك�سر هزائم دنيا الفناء‪ ،‬ويجازينا على ال�صرب ب�شائر من‬ ‫نعيم ال يزول‪..‬‬ ‫�ألي�س لعباد اهلل ال�صاحلني ما ال عني ر�أت‪ ،‬وال �أذن �سمعت‪ ،‬وال خطر على قلب‬ ‫ب�شر‪ ،‬جزاء �شكرهم لنعم اهلل وحبهم جلالله و�صالح �أرواحهم؟‪..‬‬ ‫�ألي�س يف املوت والدة �أخرى لنا؟‬


‫يف جنات ال فراق وال �شقاء وال تعب فيها‪ ،‬ملن �صلحت روحه و�أحب اهلل بحق؟‬ ‫�أحبه حب الذي ي�ؤمن حقاً ب�أنه جل جالله �إله احلب‪ ..‬رب القوة‪� ..‬إله الرحمة‬ ‫والعظمة؟‬ ‫�ألي�س للموت فل�سفة عجيبة‪..‬‬ ‫ظاهرها‪..‬‬ ‫وتال�ش‪ ..‬وذوبان يف‬ ‫ كما كنت �أراه‪ ..‬كالنظرة ال�سائدة عند �أغلب النا�س‪ ..‬فناء ٍ‬‫عامل القبور‪..‬‬ ‫�أما باطنها‪..‬‬ ‫فوالدة جديدة‪ ..‬وحياة‪ ..‬وعامل خالد من نعيم ال يفنى؟‬ ‫و�أنا يف ت�أملي هذا‪ ،‬كانت روحي مت�شربة حد االرتواء �سورة ال�ضحى‪ ،‬ب�صوت‬ ‫ال�شيخ عبدالبا�سط عبدال�صمد‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬التي كنت �أ�سمعها و�أنا يف طريقي �إلى‬ ‫مغ�سلة املوتى‪..‬‬ ‫وعند قوله تعالى (ما ودعك ربك وما قلى‪ ،‬وللآخرة خري لك من الأولى‪،‬‬ ‫ول�سوف يعطيك ربك فرت�ضى)‪ ،‬وقفت �أحا�سي�سي كثرياً‪ ..‬رددتها بقوة‪ ،‬و�أنا‬ ‫�أبت�سم ابت�سامة املالقي حلبيب غاب ج�سده وبقيت روحه و�سريته العطرة ترفرف‬ ‫حولنا يف عامل الأحياء‪� ،‬إلى �أن ي�شاء اهلل‪ ،‬فنلتقي فوق ال�سماوات وعند رب‬ ‫الكون‪..‬‬ ‫( ُك ُّل نَف ٍْ�س َذ�آ ِئ َق ُة المْ َ ْو ِت َو�إِنمَّ َا ُت َو َّف ْو َن �أُ ُجو َر ُك ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َمةِ)‪.‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫ما ي�ؤمل يف املوت‪ ،‬هو ال�شوق جل�سد ح�ضن الروح التي نحب‪ ..‬لكن لو فكرنا‬ ‫قلي ًال‪ ،‬لأدركنا �أننا مع الأرواح اخلالدة يف توا�صل م�ستمر‪ ،‬وذلك بالدعاء وال�صدقة‬ ‫والعمل لهم‪..‬‬ ‫حتى �إنه من رحمة اهلل بنا‪ ،‬توا�صلنا معهم قد ي�أتي ك�أحالم يف حزة منام‪ ،‬وقتما‬

‫‪97‬‬


‫ي�ستبد بنا ال�شوق‪..‬‬ ‫نحن نظلم املوت عندما نعقد قرانه على الفناء‪..‬‬ ‫املوت والدة جديدة‪ ..‬هو حياة من �سعادة ال تفنى يف عامل اخللود ملن َعمر قلبه‬ ‫الإميان‪..‬‬

‫‪98‬‬


99


‫‪100‬‬

‫�إدارة �أزمات‬ ‫�أجمل مايف الأزمة اخلربة التي حت�صل معها وبعدها‬


‫َمن منا مل ي�سمع عن ق�صة �أحمد حممد احل�سن؟‪ ..‬ذلك الطفل ال�سوداين‪،‬‬ ‫الذي �أ�شعل مواقع التوا�صل االجتماعي والإعالم‪ ،‬ب�صفة عامة‪ ،‬بكل‬ ‫و�سائله؛ املقروءة وامل�سموعة واملرئية‪ ،‬خالل الفرتة املا�ضية‪.‬‬ ‫�أحمد‪ ..‬الطالب امل�سلم‪ ،‬الذي �أفرز ذكا�ؤه املتقد اخرتاعا‪َّ ،‬‬ ‫ت�شكل على هيئة‬ ‫�ساعة‪� ،‬أخذها معه‪ ،‬ليفاجئ بها معلمته يف �صباح (بائ�س �سعيد)‪ ،‬ا�ستطاع‬ ‫�أن يجمع النقي�ضني‪ ،‬ليهوي ب�أحمد �إلى عمق ال�صدمة والإحباط واخلوف‬ ‫والي�أ�س‪ ،‬عندما امتطت مدر�سته �صهوة الظن الآثم‪ ،‬وانطلقت ب�أق�صى �سرعتها‬ ‫نحو االعتقاد‪ ،‬ب�أن ما بحقيبته قنبلة من ُ�صنع ذلك الفتى امل�سلم‪ ،‬الذي قد‬ ‫يكون م�شروعاً �إرهابياً �صغرياً‪ ،‬ف�سارعت �إلى ا�ستدعاء ال�شرطة‪ ،‬ليتم اعتقاله‬ ‫يف ذلك ال�صباح العاب�س‪.‬‬ ‫ولأن �أحمد طفل بريء‪ ،‬مل يرتكب من اخلطايا‪� ،‬إال �أنه م�سلم ذو عقل فطن‬ ‫نظيف‪ ،‬فقد �أُفرج عنه يف ذلك ال�صباح‪ ،‬الذي �أدرك �أن «التك�شرية» به ال‬ ‫تليق‪ ،‬فابت�سم للفتى ال�صغري �صاحب احلظ الكبري‪ ،‬ف�أ�صبح بني طرفة نور‬ ‫�صباح وانتباهته من امل�شاهري‪ ،‬وانتقل من قاع احلزن وال�صدمة �إلى �سماء‬ ‫ٍ‬ ‫الرفعة والر�ضا والتقدير‪.‬‬ ‫َمن ي�صدق �أن الرئي�س �أوباما وهيالري كلينتون يعتذران له اعتذاراً �صريحاً!‬ ‫و�أن �أ�شهر �شركات التوا�صل االجتماعي تت�سابق‪ ،‬لتخطب ود عقله‪ ،‬عله‬ ‫يكون لها من ذكائه ن�صيب!‬ ‫�إلى هنا واحلكاية‪ ،‬نوعاً ما‪ ،‬قد تبدو عادية‪..‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫َمن منا َّفكر يف ما وراء ردة الفعل رفيعة امل�ستوى تلك‪ ،‬وخا�صة �أنه يف‬ ‫�أمريكا‪ ،‬وغريها‪ُ ،‬تنتهك يومياً �آالف من احلريات‪ ،‬و ُتدا�س ماليني من‬ ‫الكرامات‪ ،‬و ُتغتال مثلها من براءات الأطفال‪ ،‬وخا�صة يف عاملنا العربي‬

‫‪101‬‬


‫‪102‬‬

‫والإ�سالمي‪ ،‬وما من غرزة دبو�س ت�ؤمل �ضمائر عامل الكبار‪ ،‬ليتح َّركوا لن�صرة‬ ‫الأطفال وال�ضعفاء من ظلم الوح�شية احلديثة؟‬ ‫فلم كل هذا ال�سيل من االعتذارات والتفاعالت �إذاً؟!‬ ‫ال�سبب يا �سادة يا كرام‪ ،‬قد يكون‪ ،‬كما قال �أ‪�.‬أجمد املنيف‪ ،‬معلقاً على‬ ‫املو�ضوع يف ح�سابه بـ «تويرت» �إنه «�إدارة �أزمات»‪.‬‬ ‫هي فع ًال �إدارة �أزمات‪ ،‬حت َّرك فيها الذكاء الإعالمي وال�سيا�سي‪ ،‬ليخرج من‬ ‫م�أزق كان ميكن �أن ي�سبب لبالد «العم �سام» �صداعاً �إعالمياً عاملياً يحتاج‬ ‫�إلى عالج يفوق قدرة ردود الفعل التقليدية يف ت�سكينه‪ .‬كما �أن هذا املوقف‬ ‫كان من املمكن‪� ،‬أي�ضاً‪� ،‬أن يكون زر االنفجار حلزام نا�سف ي�ستغله مر�ضى‬ ‫العنف وم�صا�صو دماء ال�شباب با�سم الدين‪ ،‬للدفاع عن الدين الربيء‬ ‫منهم‪ ..‬كان من املمكن ا�ستغالله‪ ،‬لإراقة مزيد من الدماء‪ ،‬و�إحداث مزيد‬ ‫من الدمار‪.‬‬ ‫هنا تظهر االحرتافية الإعالمية‪ ،‬والإدارة ال�صحيحة لأزمات املواقف‪ ،‬التي‬ ‫تقلب الطاولة على الر�أي الآخر‪ ،‬وت�صحح اخلط�أ ب�أكرب قدر من التقدير‪ ،‬وحت ِّول‬ ‫اخل�سائر �إلى مكا�سب‪ ..‬وهذا ما نحتاجه يف عاملنا العربي والإ�سالمي‪ ،‬لكننا‬ ‫للأ�سف ال منلكه!‬ ‫يف عاملنا‪ ،‬نحن منار�س احللول العقيمة‪ ،‬للأ�سف‪ ..‬ردة الفعل عندنا‪� ..‬إما‬ ‫مقاطعة و�إما عنف‪.‬‬ ‫ويف احللني ال حل‪ ،‬بل تفاقم م�شكلة‪ ،‬وت�أليب للر�أي العام العاملي‪ ..‬وبني‬ ‫�أخذ ورد‪ ،‬وانفجار يعقب االنفجار‪ُ ،‬يراق دم الق�ضية الأ�سا�سية على �أر�صفة‬ ‫احللول ال�ضعيفة‪ ،‬و ُتدفن �أ�شالء احلدث امل�سبب يف مقابر الن�سيان‪ ،‬مع‬ ‫ا�ستمرار م�سل�سل الأخذ بالث�أر من دون جدوى‪.‬‬ ‫الذكاء الإعالمي مفقود عندنا‪� ..‬صوتنا فيه �ضعيف‪ ،‬لدرجة ال تكاد ت�سمع‪.‬‬


‫ليتنا ندرك �أنه احلل‪ ،‬و�أنه تلك القوة ال�سلمية التي ت�ضمن لنا زهق روح‬ ‫الباطل بكلمة حق‪ ،‬و�أنه مهما «جعجعنا» �أو �أحرقنا و�سائل التوا�صل بـ‬ ‫«ه�شتاقات»‪ ،‬ال ت�سمن وال تغني من جوع‪ ،‬ومهما �إلقينا ب�شبابنا الغ�ض يف‬ ‫�ساحات معارك «داع�ش» وغريه‪ ،‬الظاملة ليتنا نعرف �أن كل هذا ا�ستنزاف‬ ‫تغني عنه هالة �إعالمية ب َّراقة ير�سم حميطها بفرجار ذكاء �إعالمي‪ ،‬و�إدارة‬ ‫�أزمات مدرو�سة من دون �إراقة نقطة دم واحدة‪� ،‬أو الرك�ض حد اللهاث يف‬ ‫اجتاه احللول اخلاطئة!‬ ‫ولكن‪َ ..‬من يفهم؟‬

‫‪103‬‬


‫‪104‬‬

‫حتى يتقزم العنف‬ ‫من اخلط�أ ‪� ..‬أن ن�صنع من الال�شيء �شيء الي�ستحق‬


‫كثري منا يرى �أننا نعي�ش يف زمن احلروب والفنت واخليانة والكذب والف�ساد‬ ‫والزيف‪ ..‬و�أننا يجب �أن نعود لطريق ال�صواب الذي ُحدنا عنه‪� ،‬سواء كانت‬ ‫العودة طوعاً �أو كراهية‪ ،‬حتى يعود اال�ستقرار ويعم الأمن وينت�شر ال�سالم الذي‬ ‫كان‪!..‬‬ ‫من منا ال يتمنى ذلك وي�سعى �إليه؟!‬ ‫كلنا بالطبع نعي�ش حلم �إعادة �صفاء احلياة من جديد‪ ،‬وتعقيمها من كل نازعة �شر‬ ‫تلقي ب�سهام الفتنة على �أمن املجتمعات‪..‬‬ ‫كلنا ي�سعى �إلى �إزالة نخر �سو�س الف�ساد الذي و�صل �إلى ع�صب املجتمعات‪،‬‬ ‫وح�شوها بخري يقي النفو�س ويعمر ما تهدم من قيم الب�شر‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫جمتهد يف‬ ‫لذلك نرى �أن ك ًال ي�سعى لذلك بطريقته‪ ،‬ولكن‪ ..‬هل لكل‬ ‫الإ�صالح ن�صيب؟‬ ‫للأ�سف‪ ..‬ال‪.‬‬ ‫لأن وحدة النية مل تكن يف يوم من الأيام دافعاً كافياً للإ�صالح و�إغراق بذرة‬ ‫ال�شر باخلري لتموت قبل �أن تثمر‪.‬‬ ‫من املالحظ يف تعامل البع�ض مع م�شاكلنا �أنهم يتبعون التطرف يف املنا�صحة‬ ‫العنيفة‪ ،‬التي يتعامل من خالها النا�صح مع املن�صوح‪ ،‬وك�أنه كائن مالئكي‬ ‫خملوق من نور‪ ..‬و�أن اخلط�أ يتنافى مع طبيعته الب�شرية التي من �سماتها اخلط�أ‬ ‫والتوبة‪ ..‬واحلياد عن الطريق ثم العودة �إلى جادته‪.‬‬ ‫يريدون جمتمعاً �أفالطونياً ال خط�أ فيه‪ ،‬ويدعون �إلى ذلك بالق�سوة واملوعظة‬ ‫املغلظة‪ ..‬مي�سكون �سوط اخلوف لي�ضربوا به �ضمري املخطئ‪ ،‬ويجلدوا به ذاته‬ ‫وروحه ليعود مكرهاً ال مقتنعاً‪..‬‬ ‫هم بذلك يعتقدون �أنهم يربطون �شياطينه بحبل اخلوف‪ ،‬وليتهم يدركون �أن كل‬ ‫ما فعلوه هو �ضغط التمرد واخلط�أ داخل �أ�سطوانة الوجل‪ ،‬التي لن تلبث �أن تنفجر‬ ‫يوماً ما يف وجه اخلوف‪ ،‬لتحرق وتدمر كل �أمل يف التقومي والإ�صالح‪.‬‬

‫‪105‬‬


‫‪106‬‬

‫ما احلل �إذاً؟‬ ‫احلل ب�سيط جداً‪ ..‬جنده بني تفا�صيل احلب‪ ..‬وتقييد املخطئ بقيد املودة املرن‬ ‫داخل �إطار املوعظة احل�سنة‪..‬‬ ‫احلب والرتغيب وتقبل ما قد تو�سو�س له به �شياطينه‪� ،‬سيجعل عقله يفكك‬ ‫جزيئات التحري�ض الأمار بال�سوء وحتليلها‪..‬‬ ‫�سريى ال�صورة بو�ضوح خالٍ من غبا�ش اخلوف‪ ،‬يجعل عقله يفا�ضل بني‬ ‫اخلط�أ وال�صواب وبني البناء والهدم‪ ،‬وبني املوت واحلياة‪ ،‬فيختار طواعية طريق‬ ‫اخلري املمهد باحلب ومي�شي فيه دون جتاوز ملعايري ال�سالمة‪ ،‬وبذلك ي�سلم هو‬ ‫وي�سلم جمتمعه ب�أفراده من �أذاه‪ ،‬وكما كان احلب عالجه �سيكون ب�إرادته �أو‬ ‫بعدمها عالجاً لغريه من فريو�سات التطرف والعنف �شديدة العدوى‪!..‬‬ ‫مع احرتامي لكل �صاحب نية خرية �ضل فعله طريق ال�صواب‪.‬‬ ‫�أحرتم حر�صكم‪ ،‬ولكن للن�صح واملنا�صحة �أ�صول‪ ..‬احلب �أ�سا�سها الأقوى‪..‬‬ ‫واملرونة ركن من �أركانها‪ ..‬والتقبل والقبول رغم االختالف �أهم عوامل‬ ‫جناحها‪.‬‬ ‫لنن�شر ثقافة احلب العمالقة حتى يتقزم العنف‪ ..‬ونعي�ش يف جمتمعاتنا‬ ‫ب�سالم يحقق فل�سفة ال�سعادة ب�أجمل �صورها‪.‬‬


107


‫‪108‬‬

‫ا�ستفهامات حازمة‬ ‫الأحالم �أمانة ‪ ..‬فلنح�سن رعايتها‬


‫يحدث �أن تكون ظروف �شخ�ص ما �أقرب �إلى الكمال‪ ..‬ميلك �أغلب مقومات‬ ‫ال�سعادة‪ ..‬ولكن ل�سبب غام�ض‪ ،‬يجد االبتهاج من �أعماق نف�سه احلائرة هاربا‬ ‫ال�ضجِ ر املُهدد بثورة اكتئاب حق اللجوء‬ ‫م�شرداً‪ ..‬يبحث عن منفى مينح �أُن�سه َ‬ ‫الروحي �إلى جزيرة الـ ال حزن والـ ال قلق �أو غدر فرح‪.‬‬ ‫هنا‪ ..‬يجب على من وقع يف قب�ضة مباحث النف�س‪� ،‬أن يقف ب�صدق �أمام‬ ‫حمكمة التجلي مع الذات‪ ،‬ويجيب بكل �شفافية عن �أ�سئلة تنق�شع بالإجابة‬ ‫عنها غمو�ض تفا�صيل الفرح امل�سروق‪..‬‬ ‫�أين؟‪..‬‬ ‫مبعنى‪� ..‬أين �أنا؟ يف �أي بقعة من مناطق خريطة �أحالمي املر�سومة منذ بد�أت‬ ‫بتخطيط طرق الأماين ‪� -‬أقف ‪ -‬ماذا قطعت وماذا �أجنزت وماذا اخت�صرت‬ ‫وعن �أي تفا�صيلها تنازلت؟!‬ ‫هل؟‪..‬‬ ‫بعد �أن �أحدد موقعي‪� ..‬أ�س�أل نف�سي ‪ :‬هل �أنا يف ر�ضا عما �أنا فيه؟ وهل هذه‬ ‫الهالة من الوهج والنجاحات ال�شخ�صية واملجتمعية والعملية‪ ،‬هي ما تذيب‬ ‫جليد الفرح يف داخلي‪ ،‬لتن�ساب �شالالت قوية ت�صب يف �أنهار ال�سعادة؟‬ ‫ماذا؟‪..‬‬ ‫�إلى ماذا �أريد �أن �أ�صل؟‬ ‫مبعنى‪ ..‬هل �أنا ٍ‬ ‫مكتف ب�سعادة متنحني �إياها معطيات جناح ال متت لأحالمي‬ ‫ب�صلة‪� ،‬أم �أن نف�سي حتتاج �إلى عا�صفة حزم حترر �أحالمي امل�سجونة من �سيطرة‬ ‫البهجة وليدة الظروف؟‬ ‫كيف؟‪..‬‬ ‫هو ال�س�ؤال الأخري‪ ،‬وهو مفتاح حل لغز ال�سعادة‪..‬‬ ‫ال �شك �أن النجاح واحلبور وما ي�صاحبهما من ان�شراح نعمة من نعم الرازق‪،‬‬

‫‪109‬‬


‫عز وجل‪ ..‬ولكي ال نكفر بالنعم‪ ،‬ونكون ممن ي�شكر اهلل ليزيده‪ ،‬يجب �أن نفكر‬ ‫بعمق‪..‬‬ ‫كيف نفرح ب�سعادة �سكنت �أنف�سنا‪ ،‬بف�ضل من اهلل‪ ،‬من دون �أن نحلم بها‬ ‫يوماً؟‪ ..‬وكيف نحقق ذلك احللم الذي لن ي�صل الفرح �إلى �أعماقنا من‬ ‫دونه؟‪ ..‬ويف اجلمع بني ال�سعادتني حبور عظيم‪.‬‬ ‫خلف حدود �أين وهل وماذا وكيف‪..‬‬ ‫�سنجد وطناً ل�سعادتنا امل�شردة‪ ..‬فال تبخلوا على �أنف�سكم بالهجرة �إلى‬ ‫�شواطئ الفرح الدافئة‪.‬‬

‫‪110‬‬


111


‫‪112‬‬

‫قاطعوا ال�سياحة‬ ‫«ياغريب كن �أديب»‬ ‫ولكن من يفهم ؟؟‬


‫و�أخرياً‪ ..‬عاد �سائحو اخلليج �إلى بالدهم‪ ،‬بعد �صيف �ساخن مب�شكالت‬ ‫امل�صطافني‪.‬‬ ‫عاد م�سافرون كانوا من املمكن �أن يكونوا �سفراء خري و ُرقي لأوطانهم‪ ،‬لكنهم‬ ‫�أتوا مبلفات حتمل الع�شرات من عالمات اال�ستفهام والتعجب‪ ،‬التي حتتاج‬ ‫�إلى مئة جواب وجواب‪ ،‬عن ذلك االنطباع ال�سيئ‪ ،‬الذي تركوه خلفهم‪ ،‬يف‬ ‫أم�س احلاجة فيه �إلى تلميع �صورة العربي‪ ،‬وتنظيفها من �سواد‬ ‫وقت نحن يف � ِّ‬ ‫العنف والإرهاب والفو�ضى والهمجية‪.‬‬ ‫وكالعادة‪..‬‬ ‫بدل �أن يراجع كل منهم نف�سه‪ ،‬يف مدى التزامه وان�ضباطه يف احرتام قوانني‬ ‫و�أنظمة وخ�صو�صية املجتمع الذي �سافروا �إليه‪ ،‬عادوا ب�أنف�س ل َّوامة‪ ،‬لظلم‬ ‫واحتقار مل�سوه من بلد امل�صيف‪ ،‬و� ُأل�سن �ساخطة من عدم تق ُّبل ذلك املجتمع‬ ‫لهم‪ ،‬ب�سبب العن�صرية العرقية والدينية املمار�سة �ضدهم‪ ،‬كعرب وم�سلمني‪،‬‬ ‫و و و‪� ..‬إلى �آخر ذلك من مربرات يحاولون �أن ي�سرتوا بها عورة جهلهم‬ ‫ب�أبجديات الت�أدب واحرتام �أنظمة الغري‪ ،‬و�أميتهم ب�أدبيات ال�سفر و�أخالقياته‪.‬‬ ‫م�شكلتنا الأ�سا�سية ‪ -‬كخليجيني ب�صفة عامة ‪ -‬اعتقادنا �أننا مبالنا ا�ست�أجرنا‬ ‫تلك البقعة من الأر�ض التي �سافرنا لنحتمي بها من ح ِّر �شم�سنا احلامية‪،‬‬ ‫بظل �أ�شجار حدائقها الوارفة‪ ،‬ون�ستمتع بجوها العليل‪ ،‬و�أنه يحق لنا �أحقية‬ ‫كاملة �أن نحمل معنا يف حقائب �سفرنا موروثاتنا وعاداتنا وممار�ساتنا‪ ،‬وننرثها‬ ‫بفو�ضى وع�شوائية على تفا�صيل تلك املدينة‪ ،‬عابثني بخ�صو�صيتها‪ ،‬وراف�ضني‬ ‫�أي ح�سيب �أو رقيب‪.‬‬ ‫وبتبجح‪ ،‬نوثق �أفعالنا بال�صوت وال�صورة‪ ..‬فهذا يذبح بطة ويطبخها‪ ،‬وهو‬ ‫يعلم متام العلم ‪ -‬كما هو وا�ضح باملقطع ‪� -‬أن عمله غري قانوين‪ ،‬و�أنه �سرق‬ ‫ذلك الطائر من مرفق حكومي مينع ال�صيد‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫‪114‬‬

‫ويف م�شهد �آخر‪ ..‬جمموعة �شباب يطبخون طعامهم يف حديقة من حدائق‬ ‫لندن‪ ،‬متجاوزين القانون‪ ..‬وللأ�سف‪ ،‬يهدون املقطع ملدير القروب‪ ،‬وهم‬ ‫يقولون «هذوال الإجنليز من�صدمني»!‬ ‫و�آخرون‪ ،‬بكل ا�ستهتار‪ ،‬يفر�شون ب�ساطاً يف �ساحة برج �إيفل‪ ،‬يتباهون مبقطع‬ ‫تظهر فيه دلة قهوتهم العربية وال�شي�شة‪ ،‬وعلى �أنغام عربية‪ ،‬يرون �أنه يحق لهم‬ ‫ما ي�ستهجنه �أهل البلد‪.‬‬ ‫�أما خالف البا�ص‪ ،‬الذي اختلفوا فيه على جن�سية املتخا�صمات‪ ،‬فاجلبني‬ ‫يندى له خج ًال‪ ،‬حيث و�صل �إلى حد التما�سك بالأيدي وال�ضرب‬ ‫وال�صراخ بهمجية‪.‬‬ ‫ولن نغفل‪ ،‬طبعاً‪ ،‬اال�ستعرا�ض بال�سيارات الفارهة‪ ،‬التي يتباهى بها بع�ض‬ ‫�أثرياء اخلليج‪ ،‬وك�أننا ال منلك ميزة يف هذه الدنيا غري جيوب معب�أة باملال!‬ ‫طبعا‪ ،‬لن نن�سى النم�سا والت�شيك‪ ،‬وف�ضائح ت�شويه املرافق العامة مبخلفات‬ ‫«مت�شية» اخلليجيني‪ ،‬وا�ستمتاعهم باملاء واخل�ضرة واملالمح احل�سنة‪ ،‬التي‬ ‫�أ�صبحت عاب�سة ممتع�ضة من �أفعال «ربعنا»‪.‬‬ ‫ما ُي�ؤملني‪� ،‬أننا نظهر للعامل ب�أ�سو�أ ما فينا‪ ،‬رغم �أننا منلك الكثري من امليزات‪،‬‬ ‫لكن امل�شكلة �أن �أغلب �سفرائنا يف فرتة ال�صيف‪ ،‬ممن يجهل قوانني ال�سفر‬ ‫و�أبجديات الذوق العام واحرتام القوانني‪.‬‬ ‫التناق�ض العجيب‪� ،‬أننا �شعوب ال ترحم‪ ..‬نحلل لأنف�سنا ما نح ِّرمه على‬ ‫غرينا‪.‬‬ ‫تخ َّيلوا معي‪ ،‬لو �أن ما يحدث هناك من انتهاك للقوانني وهتك الحرتام‬ ‫خ�صو�صية البلد وعادات �أهله حدث عندنا‪.‬‬ ‫لو كان هذا حدث‪ ،‬لقامت قيامة النا�س‪ ،‬ولنادينا باحرتام تقاليد البلد‪،‬‬ ‫وارتفعت �أ�صواتنا باملطالبة بالعقاب‪ ،‬ليكون املُعاقب عربة ملن يعترب!‬


‫ماذا عنهم �إذاً؟ وملاذا ننادي مبا ال نلتزم به؟!‬ ‫وكيف ن�ضع ا�سرتاتيجية �سياحية جتعل من م�سافري ال�سياحة‪ ،‬التي هي حق‬ ‫م�شروع لكل واحد‪ ،‬واجهة ح�ضارية متنقلة لثقافة اخلليج الأ�صيلة ب�صورة‬ ‫ب َّراقة نفتخر بها؟‬

‫‪115‬‬


‫‪116‬‬

‫قبل �أن تنطفئ‬ ‫�شعلة الإبداع‬ ‫عبقرية ال�صغار بذور �إبداع �إن مل ت�س َق‬ ‫بالرعاية ماتت �أو ُ�سرقت‬


‫�أحمد �آل ر�شيد ‪ 12‬عاماً‪ ..‬اخرتع الدعا�سة املطيعة التي تو�ضع عند الأبواب‬ ‫لفتح و�إغالق الإنارة‪.‬‬ ‫رادا اخلليفي ‪� 10‬سنوات قال عنها �إيريك ليفراز رئي�س الربملان ال�سوي�سري‬ ‫يف جنيف‪� ،‬إنها �ستكون �أماً رائعة الخرتاعها جهازاً ي�ساعد ب�أمر اهلل على منع‬ ‫اختناق الر�ضع �أثناء النوم‪.‬‬ ‫جلني اجلاوي ‪ 18‬عاماً‪ ..‬ا�ستطاعت ابتكار طرق للتوا�صل مع من يعانون من‬ ‫ا�ضطرابات التوحد‪ ،‬ما ر�شحها للم�شاركة يف م�سابقة دولية تعد الأهم على‬ ‫م�ستوى العامل‪ ،‬وهي معر�ض �إنتل الدويل للعلوم والهند�سة (‪.)ISEF‬‬ ‫حممد م�سعود ال�سعيدي يف املرحلة املتو�سطة ابتكر جهازاً �أطلق عليه ا�سم‬ ‫الرميوت اخلارق‪ ،‬ميكن رجال املرور من �إيقاف ال�سيارة املخالفة التي تتجاوز‬ ‫نقاط التفتي�ش‪� ،‬إ�ضافة لقدرته على �إبطال مثبت ال�سرعة يف احلاالت التي‬ ‫يخرج بها عن �سيطرة قائد املركبة‪.‬‬ ‫�سيل هذا الإبداع املتدفق بغزارة انهمر من ال�سعودية وحدها‪ ،‬ويف باقي دول‬ ‫اخلليج والعامل العربي في�ضان من عبقرية مواهب وذكاء متقد‪.‬‬ ‫حقيقة‪ ..‬ال �أعرف هل �أفرح �أم �أحزن!!‬ ‫�أ�أفرح فخراً بتلك العقول العربية التي تخربنا �أن جينات الإبداع العربي‬ ‫التي نتغنى ب�أجمادها ليل نهار‪ ،‬مازالت خ�صبة قادرة على �إجناب العلماء‬ ‫واملخرتعني‪..‬‬ ‫�أم �أحزن للدعم املتوا�ضع جداً الذي يحت�ضن تلك العقول الفذة‪ ،‬لتتحول‬ ‫تدريجياً لأدمغة فاقدة الإنتاجية‪� ،‬أو معرو�ضة للبيع وال ن�ضمن من ي�شرتيها؟!‬ ‫�أطفالنا العباقرة يحتاجون مل�ؤ�س�سات حكومية وخا�صة متخ�ص�صة ترعى‬ ‫�إبداعهم وتنميه‪..‬‬ ‫يحتاجون �أي�ضاً �إلى ت�سليط �ضوء �إعالمي قوي على عقولهم اخلالقة‪،‬‬

‫‪117‬‬


‫لت�شحنهم بوقود الثقة والتحفيز لينطلقوا ب�أق�صى �سرعة نحو عاملية االخرتاع‪،‬‬ ‫وي�ضعوا لهم ب�صمة على لوح العبقرية الب�شرية و�إجنازاتها‪..‬‬ ‫ملاذا ال تتبنى اجلهات امل�س�ؤولة يف الدول العربية فكرة جائزة املخرتع العربي‬ ‫ال�صغري‪ ،‬كجائزة حتاكي جائزة نوبل‪ ،‬ي�شجعون فيها اتقاد ذكاء العقول يف كل‬ ‫جمال؟‬

‫‪118‬‬

‫ملاذا ال جند التب ّني ملجموعة من املواهب اقت�صادياً ونف�سياً وتعليمياً؟‪.‬‬ ‫ملاذا ال حتر�ص اجلهات امل�س�ؤولة على �إن�شاء مدار�س خا�صة باملوهوبني‪،‬‬ ‫تنا�سب التميز اال�ستثنائي مل�ستوى ذكائهم املتقدم على �أقرانهم‪ ،‬قبل �أن‬ ‫يختنق الذكاء فوق العادي و�سط كثافة وجود الذكاء العادي؟‬ ‫كيف نو�صل ملن يهمه الأمر �أن موهوبينا ال�صغار براعم عالقة ب�أغ�صان‬ ‫امل�ستقبل‪ ،‬حتتاج منا �إلى �سقيا دعم وثقة‪ ،‬كي تتفتح ن�ضرة الإبداع دون �أن‬ ‫تت�ساقط بتالت ذكائها على تربة الإهمال‪ ،‬وتدا�س ب�أقدام اال�ستغالل الذي‬ ‫قد يكون مدمراً؟‬ ‫بهم �سريتقي ت�صنيفنا بني الدول �إلى دول العامل الأول‪.‬‬ ‫وبذلك تتحقق فل�سفة من فل�سفات �سعادة احلياة‪.‬‬


119


‫‪120‬‬

‫طعام‪..‬‬ ‫�صالة‪ ..‬حب‬ ‫الروحانية ‪ ..‬زاد احلياة النقي‬


‫ال �أعرف ملاذا يرتبط عندي عنوان هذه الرواية �أو الفيلم ب�شهر رم�ضان‬ ‫املبارك‪..‬‬ ‫رمبا لأن يف العنوان حكمة رائعة تلخ�ص فل�سفة التعامل الأرقى مع �شهر‬ ‫اخلري‪..‬‬ ‫طعام‪..‬‬ ‫وهل �سبق �أن ر�أينا موائد عز فاخرة تناف�س موائد رم�ضان؟!‬ ‫�سبحان من جعل �أطباق �شهر اخلري تعر�ض فتنتها قبل �أن تكتمل كروائح‬ ‫تناف�س �إغراء �أغلى العطور الفرن�سية فتنة‪ ،‬وتداعب �أنف ال�صائم قبل الأذان‪..‬‬ ‫لتكتمل زينتها وقت ارتفاع �صوت امل�ؤذن بـ «اهلل �أكرب» معلناً وقت الإفطار‪،‬‬ ‫وهي تعر�ض جمالها ولذتها يف عر�ض �أطباق فاخرة‪ ..‬كل منها يقول من‬ ‫يناف�سني جما ًال ولذة وطعماً يحمل الل�سان واملعدة على �أجنحة الدالل‪!..‬‬ ‫�صالة ‪..‬‬ ‫ين من‬ ‫عندما �أقول �صالة‪ ..‬ف�أنا �أ�سمع �صوت م�ؤذين احلرم يطرق �أبواب �أذ ّ‬ ‫بعيد‪..‬‬ ‫�أ�شم‪ ..‬رائحة بخور امل�ساجد ف�أ�ستن�شق روحانية ال�شهر‪� ..‬أرى �أطياف الطعام‬ ‫ال�شهية وهي تخرج من �أبواب بيوت احلارة لتمد على موائد اخلري‪ ،‬والتكافل‬ ‫االجتماعي يف م�ساجد احلارة ليفرح املغرتب والوحيد والفقري بلقمة �إفطار‬ ‫ي�شاركه بها حمروم مثله‪ ،‬فتموت وحدته على عتبات رم�ضان اخلري‪.‬‬ ‫�أتذوق‪ ..‬حالوة �إميان �أ�شبع النفو�س حتى امتلأت خمازن النف�س بالعطاء‪،‬‬ ‫ففا�ضت على الغري باخلري‪..‬‬ ‫و�أمل�س‪ ..‬بركات ال�شهر واقعاً يعي�شه النا�س يف رم�ضان‪..‬‬ ‫حب‪..‬‬ ‫قد يكون لرتبيط ال�شياطني يف رم�ضان دور كبري يف مالئكية الأفعال‬

‫‪121‬‬


‫‪122‬‬

‫وردودها‪..‬‬ ‫ولأن رم�ضان الربكة هو �شهر اهلل الأحب‪ ..‬ف�إن الأعمال ُتنجز فيه بحب‪..‬‬ ‫وتعاون‪ ..‬وبذل‪ ..‬وعطاء نقي من �شوائب النفاق والزيف‪..‬‬ ‫ومن غلب �شيطانه �سالمة فطرته ينك�سر �شره يف �شهر اهلل الأعظم‪ ،‬ويتقزم‬ ‫�أمام خري ذوي النفو�س الطيبة العمالق‪..‬‬ ‫والأنانية والكره ي�ضطران كارهني �إلى �أخذ فرتة من بيات رم�ضاين‪ ،‬لأن‬ ‫حرارة احلب والروحانية والإميان التي ين�شر اهلل بركتها خرياً فواحاً ميلأ‬ ‫ت�صرفات الب�شر‪ ،‬تخنق �أ�صحاب النفو�س امل�صابة بح�سا�سية احلب‪ ،‬و�صدق‬ ‫النوايا والأفعال حد دخول �شرهم يف غيبوبة‪..‬‬ ‫رم�ضان‪..‬‬ ‫�شهر العبادة وال�صالة ‪..‬‬ ‫�شهر فن املوائد ولذائذها الذي ينتظره ال�صغري قبل الكبري‪.‬‬ ‫�شهر احلب‪ ..‬الذي يفر�ض نف�سه علينا باالختيار ال بالإجبار‪ ..‬ليجعلنا ندرك‬ ‫ب�أنه ال حياة وال �سعادة وال راحة �إال باحلب وللحب‪.‬‬ ‫�إذاً ‪..‬‬ ‫ففل�سفة ال�سعادة الأجمل يف �شهر اخلري ‪..‬‬ ‫�صالة‪ ..‬طعام‪ ..‬حب‬ ‫وكل عام و�أنتم بخري‪ ..‬تزهون باحلب واجلمال وال�سالم ويزهون هم بكم‪..‬‬


123


‫‪124‬‬

‫ال تف�سدوا علينا رم�ضان‬ ‫رم�ضان فر�صة لتقدم نف�سك كما يجب‬


‫�أم�س البعيد‪..‬‬ ‫ياحباااابه‪ ..‬يا حباااابه‪ ..‬يانور البيت و�أ�صحابه يا حبابه‪...‬‬ ‫خررج خرررج خرج ومل يعدددد‪...‬‬ ‫يا �أبونا و�أمنا يا �سند بيت الهنا �إحنا ما نن�سى ف�ضلكم حتى �آخر عمرناااا يا‬ ‫�أبونا و�أمنا‪...‬‬ ‫�أم�س القريب ‪..‬‬ ‫طاااا�ش‪ ..‬طااا�ش‪ ..‬طا�ش ما طااااا�ش‪..‬‬ ‫بابا فرحااان‪ ..‬جدو�سرحاااان ‪..‬‬ ‫ال �أعرف ملاذا �أ�شعر بغ�صة و�أنا �أتابع ال�سباق املحموم للإعالن عن م�سل�سالت‬ ‫رم�ضان وبراجمه‪!..‬‬ ‫رمبا لأنها تقتل الأمل بتوقعاتي يف برامج وم�سل�سالت ذات م�ضمون روحاين‪..‬‬ ‫و�إن�ساين‪ ..‬من بقايا الزمن اجلميل‪ ،‬بعيدة كل البعد عن مافيا الإنتاج الهادف‬ ‫�إلى تعبئة اجليوب على ح�ساب �إثارة الغرائز و�إفراغ الأخالق والعقول‪..‬‬ ‫�أحاول �أن �أجد امتداداً لربامج دينية حتاكي مدر�سة ال�شيخ علي الطنطاوي‪،‬‬ ‫لأ�شبع بها جوع الروح على مائدة �إفطاري الرم�ضاين‪ ..‬فال �أجد غري برامج‬ ‫�إفتاء لأ�سئلة مكررة �أكل الدهر عليها و�شرب‪� ..‬أو برامج ل�شيوخ يطريون �إلى‬ ‫مناطق نائية بهدف الدعوة‪ ،‬يطلون علينا ب�أ�سلوب ممل مكرر‪ ،‬فيه كثري من املن‬ ‫على الفقراء و�إراقة ماء وجوههم �أمام املاليني مل�ساعدتهم با�سم الإ�سالم‪.‬‬ ‫�أفت�ش ب�شغف يف برامج امل�سابقات عن ثقافة ماجد ال�شبل وغالب كامل‬ ‫و‪ ..‬ع ّلي �أجد غذاء لعقلي اجلائع للمعلومة اخلفيفة اللطيفة املفيدة‪ ..‬ولكني‬ ‫للأ�سف ال �أجد غري برامج م�سابقات �سمجة تقوم على �أ�سئلة �سطحية جداً‬ ‫جداً جداً‪ ،‬تقدمها مذيعة جميلة تلب�س مالب�س ال تليق بقد�سية ال�شهر وال‬ ‫بخ�صو�صية املجتمعات اخلليجية‪ ..‬تتبجح‪ ..‬تتغنج بهدف �سحب ما يف جيوب‬

‫‪125‬‬


‫‪126‬‬

‫ال�سذج الذين قد يخ�سرون الألوف يف دقائق مقابل �ألوووووو من معاي؟ �أهال‬ ‫و�سهال بـ (الدولة) و�أهلها‪!..‬‬ ‫ومع ذلك ال �أي�أ�س‪!..‬‬ ‫�أجته �صوب امل�سل�سالت‪� ..‬أبحث عن ليايل احللمية‪� ..‬أو �أم كلثوم �أو غريها‬ ‫من امل�سل�سالت املحافظة‪ ..‬ولكن للأ�سف ال �أجد �إال ما يندى له اجلبني من‬ ‫انحطاط القيم واملحتوى يف الدراما العربية‪ ..‬عهر‪ ..‬عالقات حمرمة‪� ..‬شرك‪..‬‬ ‫وووو‪...‬‬ ‫�أتعلق ب�آخر �أمل‪ ..‬و�أنا �أوجه �أ�شعة الرميوت بحثاً عن دراما خليجية هادفة‬ ‫تطرق باب واقع املجتمع لتنقل لنا تفا�صيله مب�صداقية‪.‬‬ ‫ولكن للأ�سف‪..‬‬ ‫�أفاج�أ بكمية ‪ -‬النكد ‪ -‬والدموع املن�سكبة من التلفاز‪ ..‬ونفايات احلقد‬ ‫واحل�سد والغرية والفرقة وال�شر والف�سوق‪ ،‬التي ُتلقى على �سمع وب�صر امل�شاهد‬ ‫من �صناديق علب الدراما اخلليجية التي ت�ضخم من ب�شاعة ق�ص�ص ومواقف‬ ‫فردية‪ ،‬وتقدمها بكذب على �أنها واقع املجتمع اخلليجي الذي ما زال رغم‬ ‫�أنفهم جمتمع اخلري والف�ضيلة والنقاء‪.‬‬ ‫حتى الكوميديا‪� ..‬أ�صبحت تهريجاً و�إ�سفافاً‪� ،‬إما ي�ستغل �سذاجة البع�ض‬ ‫لن�ضحك على الب�سطاء الذين يجب �أن نقدرهم‪ ..‬و�إما كامريا خفية مع‬ ‫م�شاهري‪ ،‬وا�ضح جداً �أنها باتفاق م�سبق‪ ،‬ومع ذلك ت�ستمر ملوا�سم م�ستخفني‬ ‫بذكاء امل�شاهد‪ ..‬و�إما برامج ت�صفية ح�سابات بني النجوم‪ ،‬وانتقادات بطريقة‬ ‫تخرج متاما عن �إطار الأدب‪..‬‬ ‫اخلال�صة‪..‬‬ ‫�أحن لأيام ال�شا�شة الراقية التي تقدم الفائدة من خالل برامج وم�سل�سالت‬ ‫هادفة ممتعة‪..‬‬


‫�أترحم على قيم ُتراق دماء �أخالقياتها على يد م�ؤلفني وخمرجني ومنتجني‬ ‫وممثلي امل�سل�سالت الال �أخالقية‪.‬‬ ‫و�أرجو �أن مير رم�ضان دون �أن �أرى م�شهداً ل�سكر وعربدة وخمدرات‪ ..‬ورق�ص‬ ‫ودعارة‪ ..‬و�صراع بني �إخوة قد ي�صل حلد القتل‪..‬‬ ‫و�أدعو اهلل‪� ..‬أن �أمتكن من العثور على برامج �أ�ستطيع �أن �أ�شاهدها مع �أبنائي‬ ‫دون �أن يتوج�س قلبي من مفاج�آت ال جترح براءة طفولتهم‪ ،‬وتثري عندهم �ألف‬ ‫�س�ؤال عن الذي يليق والذي ال يليق‪ ،‬واحلرام واحلالل الذي ال �أملك له‬ ‫�إجابة‪!!..‬‬ ‫ختاماً‪..‬‬ ‫الفن يف رم�ضان مكمل لل�سعادة يف نفو�سنا‪ ..‬فليت القائمني عليه يقدمون لنا‬ ‫ب�شكل يليق بقد�سية ال�شهر وبفل�سفة‬ ‫فناً يعزف �أحلان الفرح على �أوتار الروح ٍ‬ ‫ال�سعادة‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫هي لي�ست جتاعيد تف�ضح‬ ‫عمر ال�سنني هي‪ ..‬رواية ع�شق كتبت‬ ‫تفا�صيلها بخط الزمن اجلميل على �أيد‬ ‫ت�شابكت لتخرب اليائ�سني‪� ..‬أن احلب‬ ‫لي�س كذبة‪..‬بل هو ال�صدق واحلقيقة‬ ‫مهما ت�شوه بزيف العابثني‪..‬‬

‫‪128‬‬


‫‪129‬‬

‫يا راحة العمر الطويل‪ ..‬يبقى‬ ‫ح�ضنك الدافئ �شاب ًا فتي ًا ي�صد هجمات‬ ‫عجاف ال�سنني ا�سقني‪ ..‬من حبك‪...‬‬ ‫من حبك الويف ن�ضارة �أملأ بها �أخاديد‬ ‫جتاعيد �أرذل العمر باطمئنان ينت�شل‬ ‫الب�سمة من الغرق يف وحل ي�أ�س انتظار‬ ‫�ساعة الأجل احلزين‪..‬‬


‫‪130‬‬

‫فل�سفة �سعادة‬ ‫بع�ض املعاين ‪ ..‬حروفها �سعادة �أجمل الكلمات‬


‫�أول ال�صباح‪..‬احر�ص على من ترى �أو من ت�سمع ‪ -‬فبدون �أن ن�شعر‪ -‬يحدد‬ ‫ذلك مدى ات�ساع نف�سياتنا �أو �ضيقاها يف تقبل �أحداث اليوم ومفاج�أته‪..‬‬ ‫كرمية هي ال�صباحات التي جتعل من �شا�شات هواتفنا نوافذ �سعادة تدخل علينا‬ ‫من خاللها ن�سائم فرح �صباحي جميل‪ ..‬عليل �أو �أجمل!‬ ‫�صباح اخلري ‪..‬‬ ‫ت�صدقوا بها على ال�ضعفاء مع ابت�سامة كل �صباح‪ ..‬وا�ستمتعوا بـفل�سفة �سعادة‬ ‫جتدونها بجرب تلك اخلواطر املك�سورة‪.‬‬ ‫ماما‪..‬‬ ‫«ال تن�سني �أذكار ال�صباح» ‪..‬‬ ‫يقولها يل ابني فتغ�شاين الطم�أنينة و�أعرف �أين ب�أمر اهلل �أ�سقي بذور ال�صالح بعذب‬ ‫التوجيه والقدوة‪.‬‬ ‫الأمل يف ال�صباح ‪ ..‬كقهوة مركزة الكافيني تربت على غايف الن�شاط لي�ستيقظ‪،‬‬ ‫�أما الدعاء فهو ذلك الكوب الأنيق الذي نرت�شف منه عذب التفا�ؤل‪.‬‬ ‫رائحة العطر اخلفيف �صباحاً تنع�ش الروح وتعدل مرتبك املزاج وجتعلنا يف ود‬ ‫وغزل مع خ�صالت �شعورنا �أو �أطراف ثيابنا التي علق بها �أريج االنت�شاء‪.‬‬ ‫من الرائع �أن جندد عهود احلب ومواثيق الفرح مع احلياة كل �صباح ونحن‬ ‫نحت�ضن الدنيا بابت�سامة ر�ضاً‪.‬‬

‫‪131‬‬


‫البهجة ال�صباحية هي ميزان التوازن النف�سي الذي ي�ضبط باقي تفا�صيل اليوم‪..‬‬ ‫لذلك التفريط بها جرمية!‬ ‫كل يوم جديد هو فر�صة �أُخرى لنغري ماحال عن ا�ستقامة حياتنا ‪..‬‬ ‫و�صباحاتنا الأجمل هي تلك التي منتطي بها �صهوة الفر�ص وننطلق‪.‬‬ ‫لأنه ال �أجمل من ورود ال�صباح‪ ..‬فليجعل ٌّ‬ ‫كل منا داخل نف�سه متجر ورود يعبق‬ ‫�شذاها بروحه فينت�شي �أم ًال‪.‬‬

‫‪132‬‬

‫يخربين ال�صباح �أن حبل الرجاء باهلل يتدلى مع كل �شعاع �شم�س يربط‬ ‫ال�سماوات بالأر�ض و�أنه ال خوف وال وجل ما دمنا به متم�سكني عليه متوكلني‪.‬‬ ‫ال�صباح ال يفر�ض علينا كيف نكون �أبداً‪ ..‬هو ي�أتي بخيارات �أمزجة متعددة ولنا‬ ‫اخليار يف �أيها نختار‪.‬‬ ‫�أجمل ال�صباحات‪ ..‬ما وقفنا فيه بر�أ�س يرفعه ال�شموخ‪ ..‬نحت�ضن العامل ونحن‬ ‫ن�ستن�شق نقي الثقة بالنف�س‪ ..‬ثم نبت�سم ونـحن نقول‪ :‬نحن �أحرار بال �إرهاقات قيود‪.‬‬ ‫ما �أجمل تغريد ال�صباح عندما يكون بعذب الكالم‪ ..‬و�إف�شاء ال�سالم‪..‬‬ ‫وبكف ‪ ‬نعيق كارهي الهدوء الذي يزعج الآذان‪..‬‬ ‫ا�ستن�شقوا �أنفا�س ال�صباح بذكر اهلل والت�أمل بجمال خلقه حتى متتلئ �أرواحكم‬ ‫ر�ضاً وبهجة‪.‬‬


‫يحدث �أن ت�أتينا ا�ستفزازات �صباحية تخد�ش هالة الهدوء التي نغلف بها بداية‬ ‫يومنا‪..‬‬ ‫نخطئ عندما جنعل خرب�شاتها ي�صبح عالمة فارقة على وجه ال�صباح‪.‬‬ ‫يخربين ال�صباح ‪..‬‬ ‫�أن ما من موت �إال وبعده حياة‪ ..‬وما من حزن �إال ويعقبه فرح‪ ..‬وما من ع�سر ي�أتي �إال‬ ‫وخلفه ي�سر عظيم ‪ ..‬تلك هي احلياة‪.‬‬ ‫لنبد�أ يومنا ممتنني هلل فبال�شكر تدوم النعم ‪..‬‬ ‫اللهم ما �أ�صبح بي من نعمة �أو ب�أحد من خلقك فمنك وحدك ال �شريك لك فلك‬ ‫احلمد وال�شكر‪..‬‬ ‫�صباحات احلب ت�سري بنا على طريق معبد باالمتنان لكل ظرف زمان �أو مكان ‪-‬‬ ‫مهما كان ‪ -‬قد يعرت�ض درب �سرينا‪!..‬‬ ‫يف ال�صباح‪�..‬أن جتد من يتقا�سم معك ‪ ‬تفا�صيل ال�ضحكة حتى متتلئ نف�سك‬ ‫بالبهجة فذلك هو وقود الروح الذي يغذي الأمل يف النفو�س‪..‬‬ ‫لي�س �أجمل من �صباحات معقمة بالإميان والأمل نق�ضي بها على ميكروبات‬ ‫القنوط والعبو�س واالكتئاب‪..‬‬ ‫ي�س�ألني ال�صباح عن �سر الهوى بتفا�صيل ال�صباحات‪�..‬أخربته �أين ب�سحر‬ ‫جمالها مبهورة‪..‬‬ ‫وب�سالم ي�سكن روحي ب�إطاللته مغرمة‪..‬‬ ‫و�أين معها بع�شق و�أنا بها مفتونة‪.‬‬

‫‪133‬‬


‫لي�س �أجمل من �صباحات معقمة بالإميان والأمل نق�ضي بها على ميكروبات‬ ‫القنوط والعبو�س واالكتئاب‪..‬‬ ‫ي�س�ألني ال�صباح عن �سر الهوى بتفا�صيل ال�صباحات‪�..‬أخربته �أين ب�سحر‬ ‫جمالها مبهورة‪..‬‬ ‫وب�سالم ي�سكن روحي ب�إطاللته مغرمة‪..‬‬ ‫و�أين معها بع�شق و�أنا بها مفتونة‪.‬‬ ‫تفا�صيل ال�صباحات الآ�سرة‪ ..‬و�أ�سرار ُح�سنه الفاتن‪..‬ت�سترت خلف ا�سمك‬ ‫حجاب عن �أ�صحاب ‪ -‬التك�شرية ال�صباحية‪.-‬‬ ‫‪134‬‬

‫�صباحات الفرح قد تولد من �أب�سط الأ�شياء ‪..‬ك�إفطار فاخر من تن�سيق ابنتي‪..‬‬ ‫ال�سعادة �شعور مينح وال ي�شرتى‪!..‬‬ ‫من ‪ -‬الظلم ‪� -‬أن ‪ -‬نظلم ‪ -‬طفولة �صباحاتنا الربيئة بجلدها بع�صا م�شكالت‬ ‫الأم�س القا�سية‪..‬ال�صباح الوليد يحتاج حبنا لينمو اليوم �سليماً‪.‬‬ ‫�صباح اجلمال من رب جميل يحب كل جميل ‪�..‬صباح احلمد وال�شكر ‪ ‬لك‬ ‫خالقي على كل جمال يحيط بنا‪.‬‬ ‫(وال�صبح �إذا تنف�س) �أنفا�س ال�صباح م�شبعة بربكات اهلل تنرثها البكور ذرات‬ ‫طم�أنينة و�أمل‪..‬فما �أجمل يوم يبد�أ با�ستن�شاق �أنفا�سه املباركة!‬ ‫�صباحاتنا اجلميلة تبد�أ بعني تعانق حميا من نحب‪ ..‬وبقبالت نختم بها على‬ ‫وجناتهم وجباههم بختم احلب‪..‬فال تبخلوا بها على من حولكم‪.‬‬


‫�صباحات احلب تطهر النف�س من بكترييا ال�ضيق وفطريات الهم ‪ ..‬فما �أجمل‬ ‫�أن نبد�أ �صباحنا ب�صدقة ‪ -‬الود ‪ -‬على �أنف�سنا �أو ًال ثم على من حولنا‪.‬‬ ‫تتجلى فتنة ال�صباح يف هم�ساته الهادئة‪ ..‬التي تو�شو�ش �سكينة النف�س فتخربها‬ ‫‪� :‬أن اهلل نرث يف دروب يومنا من ف�ضله ‪� -‬سالماً‪.‬‬ ‫�صباح الأمل باهلل ي�ست�صلح �أرا�ضي الي�أ�س ‪ -‬البور ‪ -‬فتنبت يف تربة النف�س ‪-‬‬ ‫اخل�صبة ‪� -‬ألف وردة اجناز بعبري الإميان العطر‪.‬‬ ‫املتفائلون ‪ -‬فقط ‪ -‬هم من يجعل ال�صباح �شاحناً كونياً لبطاريات الأمل‬ ‫والن�شاط وال�سعادة يف نفو�سهم يعجز عن �إ�ضعافها كل عار�ض كدر �أو هم‪.‬‬ ‫�صباح ال�سعادة يعني �أن نثق ثقة تامة �أنه «لن ي�صيبنا اال ما كتب اهلل لنا» وعلى‬ ‫�ضوء ذلك نقبل خري القدر و�شره ونحن حامدون �شاكرون‪.‬‬ ‫ي�سعد �صباحك يا حلو ‪ ..‬جمرد �سماعها جتعل ‪ -‬الوقت وال�شعور ‪ -‬حلو‪ ..‬فليتنا‬ ‫ال نبخل بها على كل من نحب �صغاراً وكباراً‪.‬‬ ‫ال�صباح اجلديد كالطفل يولد على فطرة اخلري ونحن من بالي�أ�س جنره على‬ ‫�أ�شواك التعا�سري �أو بالتوكل والأمل ن�سري به على دروب التيا�سري‪.‬‬ ‫يخربين ال�صباح �أن الليل والنهار ما هو اال ترجمة فعلية لـ «فل�سفة احلياة»! ما �إن‬ ‫ميوت يوم �إال ويولد يوم جديد ‪ ..‬وهكذا التفا�ؤل والأمل‪.‬‬

‫‪135‬‬


‫الهدوء يف ال�صباح كال�سكر يف الدم‪ ..‬يجب �أن نحافظ على توازنه كي ن�ضمن‬ ‫�سالمة يومنا كله‪.‬‬ ‫تلميع الذاكرة من �صد�أ كل ذكرى موجعة وتنظيف النف�س من كل �أتربة‬ ‫خيبات عالقة ثم غ�سل الروح ب�أمل جديد جتعل ال�صباح واليوم كله ي�شع بهجة‪..‬‬ ‫�صباحات ‪ -‬النور ‪ -‬تق�شع كل ‪ -‬ظلمة وكدر ‪ -‬لذا‪ ..‬لنفرح �أن نكون نوراً‬ ‫لأحدهم‪ ..‬ونحر�ص على �أن ن�ضيء بنوره علينا كل عتمة‪..‬‬

‫‪136‬‬

‫من �صبح الدنيا بابت�سامة توكل ور�ضا وهدوء �صبحته دنياه بالي�سري والتوافيق‬ ‫واالطمئنان‪..‬‬ ‫�صباحات الهدوء تراتيل �صامتة نن�صت لها خا�شعني ونحن ن�ستمتع بجماليات‬ ‫الت�أمل‪..‬‬ ‫يف ال�صباح لنفتح نافذة النف�س املغلقة على راكد تفكري قلِق‪ ..‬ولنجدد هواء‬ ‫الطم�أنينة‪ ..‬ونتنف�س‪..‬‬ ‫يف كل �صباح هناك فرا�شات �أحالم حتررت من �سجن التمني لتحلق ُبحرية يف‬ ‫واقع يناف�س �أجمل اخلياالت‪..‬‬ ‫�سماء ٍ‬ ‫ال�صباح الأجمل ‪..‬‬ ‫هو ما ابتد�أ بكوب �صوت دافئ تت�صاعد منه �أبخرة احلب ‪..‬‬


‫يا جمال �صباح التغريد بتفا�ؤل تطرب له النف�س و�أمل يرتاق�ص على عذب‬ ‫�إيقاع الروح‪..‬‬ ‫من جرب منكم �أن يقف �أمام املر�آة �صباحاً ويقول لنف�سه ‪:‬‬ ‫�صباح الب�سمة العذبة التي تر�سمها بركات ال�سماء �أم ًال وبهجة على ثغر املتوكلني‬ ‫املتفائلني‪..‬‬ ‫�صباحات الهدوء هي التي تدلنا على امل�سارات ال�صحيحة للتفكري‪ ..‬والطرق‬ ‫الآمنة للإجناز والو�صول �إلى الغاية ‪ ..‬من �أق�صر الدروب‪..‬‬ ‫لعله خري‪� ..‬أقوى م�ضادات الغ�ضب عندما جتري رياح �صباحك مبا ال ت�شتهي‬ ‫�سفن التزاماتك‪..‬‬ ‫يف ال�صباحات املزدحمة بامل�س�ؤوليات ‪ ..‬نحتاج فقط ل�سالم داخلي وابت�سامة‬ ‫�أمتنان �صادقة لنتفادى حوادث اال�صطدام بحواجز الظروف التي تعيق �سلم الفرح‪.‬‬ ‫فنجان قهوة من كلمات لذيذة ينع�ش ال�صباح ويعدل منحنى املزاج‪� ..‬أع�شق‬ ‫الكلمة عندما تكون ‪ -‬ترويقة �أوقات ‪..-‬‬ ‫ال�صباح حياة جديدة ُتكتب لنا هبة من الرحمن كل �إ�شراق‪..‬‬ ‫الطيور يف ال�صباح‪ ..‬تفا�ؤل يحلق بنا على جناحي �أمل‪..‬‬

‫‪137‬‬


‫�أجمل ال�صباحات‪� ..‬صباحات ال�سفر‪� ..‬أروع ما فيها �أنك قبل �صعودك للطائرة‬ ‫تربط حزام الأمان حول نف�سك التي تخلت عن كل �ضجيج وتنطلق نحو �صفاء روح‬ ‫وال �أجمل‪..‬‬ ‫ال�صباح‪ ..‬فاكهة اليوم الغنية بكل خري‪ ..‬متى ما تناولناه طازجاً بحب وت�أمل‬ ‫انتع�شت �أرواحنا وتدفقت بالن�شاط املتفائل‪..‬‬ ‫م�صافحة الظالم للنور فجراً‪ ..‬هي �أ�صدق معاهدة �سالم‪ ..‬وتلك ال�سكينة التي‬ ‫ت�سكن الروح حلظة التقائهما هي �أجمل نتائج قد ن�شهدها‪.‬‬ ‫‪138‬‬

‫�أ�ستمع ل�صوت �أنفا�س ال�صبح وهي تردد‪� :‬أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل و�أنا �أت�أمل‬ ‫فتنة �أ�شعة ال�شم�س اخلجلى ترفع �ستائر الظالم على ا�ستحياء ف�أحب اهلل �أكرث‪.‬‬ ‫الغرام درجة راقية من احلب‪ ..‬متى ما طرق باب قلبك �أكرمي ا�ستقباله وعي�شي‬ ‫تفا�صيله لتتذوقي لذة احلياة‪..‬‬ ‫عند الفجر‪ ..‬ما �أكرث القلوب التي علقت رغباتها على �أجنحة الدعاء لينطلق بها‬ ‫�إلى رب العطاء‪..‬ثم نتو�سد ح�ضن الأمان وهو يداعب خ�صالت طم�أنينتها ويحكي‬ ‫لها حكايا اليقني بوعود العطاء الكرمي‪..‬‬ ‫يف الفجر‪� ..‬إن �ضاعت منك مفاتيح ال�سكينة‪ ..‬فابحث عنها يف �صندوق‬ ‫باب من هدوء وحب وجمال و�سالم داخلي‪..‬‬ ‫الت�أمل‪�..‬ستجد �ألف مفتاح لألف ٍ‬


‫يف الفجر‪ ..‬ما �أجمل �أن نردد كثرياً‪�..‬أحبك يا اهلل‪..‬حتى تزهر يف النف�س ب�ساتني‬ ‫من طم�أنينة يتكثف على �أزهارها ندى ال�سكينة وتغرد طيور ال�سالم‪..‬‬ ‫يف الفجر‪ُ ..‬تربط �شياطني احلرية‪ ..‬و ُت َ�صفِد الطم�أنينة عفاريت اخلوف‪ ..‬فتنت�شر‬ ‫مالئكة ال�سكينة يف حواري النفو�س الوجلة لتزيل اثار �شغب تيه النفو�س‪..‬‬ ‫يف الفجر‪..‬يهد�أ تالطم �أمواج ال�صخب في�سهل الغو�ص �إلى �أعماق الت�أمل يف‬ ‫الذات واملحيط‪ ..‬ال�ستخراج لآلئ اجلمال التي نرثها اهلل لنا يف كل ما حولنا‪..‬‬ ‫يف الفجر‪..‬يت�ألق يف النفو�س نور من �سكينة ي�سابق �أ�شعة ال�شم�س‪ ..‬لي�شرق على‬ ‫�أرواحنا �سناً من روحانية وطم�أنينة‪..‬‬ ‫يف الفجر‪ ..‬يختبئ ال�سالم يف جيوب �سكينة تنام يف ح�ضن �سكون‪ ..‬تهم�س‬ ‫ب�أذنه ب�أوراد االطمئنان وحتكي له عن رحمة رب الأنام‪..‬‬ ‫قلب �ساخن بالأمل‬ ‫يف الفجر‪ ..‬تخرج الدعوات مكتملة الن�ضج من �أعماق ٍ‬ ‫واليقني برب كرمي ي�ستقبل دعواتنا ثم يعيدها �إلينا �إجابات يف �أن�سب الأوقات‪..‬‬ ‫يف الفجر‪ ..‬لنور ال�سكينة �إ�شراق ير�سل �شعاعه الروحاين �إلى �أق�صى مناطق‬ ‫النف�س املهجورة‪ ..‬فين�شر فيها دفء ال�سالم فت�شرق الطم�أنينة‪..‬‬ ‫لل�صباح ابت�سامة عذبة‪ ..‬ال يراها �إال من غ�سل بنور �شم�س التفا�ؤل‬ ‫ظالم الي�أ�س‪..‬‬

‫‪139‬‬


‫�صباحك ابت�سامة ر�ضاً من ثغر نف�سك امل�شبعة بالتفا�ؤل‪� ..‬صباحك ويومك كله‬ ‫كما حتب‪ ..‬و�أكرث‪..‬‬ ‫�صباح النور امل�شرق من داخل الروح الذي ي�سكب الفرح �ضياء يطهر النف�س‬ ‫من فو�ضى التعب لتكون بداياتنا نظيفة من �شوائب الي�أ�س معطرة بالتفا�ؤل والأمل‪..‬‬ ‫اجعل من �صباحك فل�سفة ‪ -‬جمال روح ‪ -‬ت�شرق منك لت�سطع عليك وعلى‬ ‫من حولك �سعادة‪..‬‬

‫‪140‬‬

‫ال�شروق لي�س �شم�ساً تطل علينا كل �صباح ال�شروق‪..‬‬ ‫هو انبالج نور قلب حمب يق�شع عنا ظالم التعب ‪ ..‬وخيوط من �أ�شعة م�شاعر دافئة‬ ‫حت�ضن باحلنان قلوبنا الوجلة‪..‬‬ ‫�صباحك ري�شة تر�سم تفا�صيل يومك ب�أجمل تفا�صيل الفرح وتلونها ب�أزهى‬ ‫الألوان‪..‬‬ ‫يف ال�صباح‪ ..‬لنكن لأبنائنا قدوة عملية يف الهدوء واالطمئنان‪ ..‬مهما مر من‬ ‫مزعجات خارجة عن طوع �إرادتنا‪ ..‬ليتعلموا منا ال�سكينة و�ضبط االنفعال‪..‬‬ ‫ف�ضل عظيم‪ ..‬من رب كرمي �أن ن�صحوا على �أمن و�أمان على النف�س والأهل‬ ‫والأوطان‪ ..‬ال�صباحات املطمئنة من �أعظم نعم اهلل‪..‬‬ ‫اللهم �إنا ن�ستودعك �صباحنا من �سوداوية املت�شائمني‪ ..‬ومن �سلبية الك�سالى‬ ‫املحبطني‪ ..‬اللهم اجعله �صباحاً موفقاً بقدرتك وبالتوكل عليك‪..‬‬


‫جميل �أن يكون �صباحنا‪..‬‬ ‫�صباح احلب الأقد�س‪� ..‬صباحاً نتنف�س فيه حب اهلل‪� ..‬شهيقنا فيه طم�أنينة من �أذكار‬ ‫وت�سابيح‪ ..‬وزفرينا كل �ضيق وجزع‪..‬‬ ‫التي�سري‪..‬النجاح‪..‬الهدوء‪..‬التفا�ؤل يحتاج �إلى �صبحات مرتفة حتى و�إن كانت‬ ‫مزدحمة‪ - ..‬دلل �صباحك ليدلل هو يومك ‪..-‬‬ ‫يا رب‪� ..‬أحفظ �صباحنا من العقوق ب�أحالمنا‪..‬واجعله باراً ب�أمنياتنا‪ ..‬اللهم �إنا‬ ‫ن�ستودعك تفا�صيله من كل �ضيق �أو ف�شل فحفظنا و�إياه بحفظك‪..‬‬ ‫يخربين ال�صباح‪..‬‬ ‫�أن �أ�صبحنا و�أ�صبح امللك هلل عندما تخرج من القلب لتطرق باب العقل‪..‬تفتح لنا‬ ‫�أبواب اليقني �أننا حتت حماية رب قادر و�أننا بقوته نطمئن‪..‬‬ ‫ويربت ال�صباح بيد ال�سعادة على الروح عندما يبد�أ اليوم ب�صباح من نحب ‪..‬‬ ‫ت�أبى �صباحات الهدوء �إال �أن ت�أخذ حقها من الراحة و�سط مقاهي ال�سكينة عرب‬ ‫م�شوار اليوم الطويل‪..‬‬ ‫يف كل �صباح‪..‬‬ ‫يا رب اجعل الطم�أنينة ت�شرق على �أرواحنا �أ�شعة �شم�س دافئة يف يوم بارد‪ ..‬وامنحنا‬ ‫قب�ساً من نور النهار يق�شع عنا غب�ش الب�صرية‪..‬‬ ‫يخربين ال�صباح‪..‬‬ ‫�أن الن�صر واخلري والفرح للمتوكلني‪ ..‬و�أن اخليبة لليائ�سني املرتددين املتخاذلني‪..‬‬

‫‪141‬‬


‫لنهدِ ال�صباح �أم ًال باهلل يعقبه توكل ثم عمل‪ ..‬ليكون �صباحنا منا �أكرم ويرد‬ ‫�إلينا هدايانا خرياً وجناحاً وفرحاً وفالحاً‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫املكائد‪..‬وحفظ تتك�سر‬ ‫أمل بحماية منك تعجز جتاوزها‬ ‫يا رب‪� ..‬أ�صبحنا على � ٍ‬ ‫�أمام قوته ال�شرور‪ ..‬يا رب‪..‬احفظنا من كل �شيطان وخوان واجعلنا بقدرتك ب�أمان‪..‬‬ ‫�صباحات االزدحام تخربنا �أن احلياة مليئة بالب�شر‪ ..‬و�أن من يت�أخر لن يجد‬ ‫لأحالمه �أو �سعادته مكاناً و�سط زحمة الدنيا‪..‬‬

‫‪142‬‬

‫ال�صباح كالطفل‪ ..‬نحن من نر�سم على مالحمه عذب الب�سمات �أو م�ؤمل‬ ‫العربات‪..‬‬ ‫ احلرية ‪-‬‬‫ق�سوة �شعور يحتال بها ال�شيطان لنكرث من ‪ -‬لو ‪ -‬فنفتح له بها �أبواباً ت�سهل عمله!‬ ‫يا رب ال�صباح‪ ..‬وفالق الإ�صباح‪ ..‬اجعل لنا يف �صباحنا هذا نوراً ال ينطفئ‪..‬‬ ‫ي�ضيء لنا �أرواحنا وما �أظلم يف طريقنا من دروب وم�سالك‪..‬‬ ‫ا�ستعرا�ض نعم اهلل علينا �أول ال�صباح حمفز كبري للتفا�ؤل واالنطالق نحو العمل‬ ‫بخفة ون�شاط‪.‬‬ ‫ن�شعر بجمال كل �شيء حولنا متى ما �أ�شرق احلب بنوره على القلوب املظلمة‪!..‬‬


‫�إن اخرتنا احلب منهجاً نعي�ش به‪..‬مار�سنا الفرح بحب ‪ ..‬عربنا عن غ�ضبنا‬ ‫بحب‪..‬عملنا بحب ‪..‬عبدنا اهلل بحب ‪..‬فت�صبح احلياة جنة دنيانا‪..‬‬ ‫نب�ض يجمع بني رجل وامر�أة‪.‬‬ ‫من الظلم �أن نح�صر احلب يف زاوية ٍ‬ ‫هناك حب �أ�شمل و�أقد�س‪ ..‬لو ملأ قلوبنا لـ ابت�سمت احلياة وزان كل �شيء‪.‬‬ ‫وهل للحياة مذاق ال�سكر من غري حب ‪!..‬‬ ‫لنحب �إذا‪..‬‬ ‫نحب كل �شيء يحيط بنا حتى نت�صالح مع الظروف ال�صعبة يف الوقت الذي نزيد‬ ‫فيه من ا�ستمتاعنا بالأ�شياء اجلميلة‪..‬‬ ‫حب الوطن والإخال�ص له يظهر عندما يحاول احلاقدون النيل منه‪ ..‬لنكن عوناً‬ ‫له ال عليه عندما يعلو نهيق املغر�ضني‪.‬‬ ‫من املهم �أن تتنف�س نقاء احلب مهما تلوث اجلو املحيط بعوادم الكره‪ ..‬هذا هو‬ ‫الأهم‪..‬‬ ‫االهتمام ذروة �سنام احلب‪ ..‬ما �أجمله عندما ي�صبح �شريان حياة يبقي احلب‬ ‫على قيد النب�ض‪!..‬‬ ‫وما �أجمل احلب عندما يكون �ضابطاً ينظم فو�ضى احلياة ‪!..‬‬ ‫يخطئ من يظن �أن احلب �سجني خلف ق�ضبان اخليال‪ ..‬هو موجود‪ ..‬نحتاج فقط‬ ‫�أن نفهم احلب ثم ن�صدق مب�شاعرنا مع ال�شخ�ص املنا�سب‪..‬‬

‫‪143‬‬


‫لو نرثت كل �أ�سرة بذور احلب يف نفو�س �أفرادها و�سقت ذلك باالحتواء لأزهرت‬ ‫ب�ساتني ال�سالم‪ ..‬وال�ستن�شقنا عبريه �أمناً وطم�أنينة يف �أي بقاع الأر�ض كنا‪..‬‬ ‫احلب احلقيقي ينت�شل احلياة من بني �أنياب املوت‪..‬‬ ‫�سيدي حممد يخربنا �أن احلب من �شروط الإميان لأنه طريق ال�سالم الذي‬ ‫ينادي به الإ�سالم‪� ..‬أفال نقول �سمعاً وطاعة يا ر�سول اهلل‪!..‬‬

‫‪144‬‬

‫الع�شق جميل‪ ..‬والأجمل منه �أن تع�شق احلب الأ�شمل‪..‬‬ ‫لأنه احلب‪..‬‬ ‫ت�سعى �إليه وت�ؤمن �أن حياتك لن ت�سري على بحر هادئ من ال�سعادة �إال به‪..‬‬ ‫لن تنتهي ال�صراعات ولن تتوقف احلروب والدمار ما دمنا نح�صر احلب يف زاوية‬ ‫الع�شق احل�سي بني الع�شاق متنا�سني احلب الأ�شمل والأقد�س‪..‬‬ ‫هو احلب‪..‬‬ ‫يتخطى حدود ال�سن‪ ..‬والزمان‪ ..‬واملكان‪ ..‬ي�سقي م�شاعر القلوب حتى تثمر حناناً‪!..‬‬ ‫كل �إن�سان ي�ستطيع لو ان�شغل بنف�سه وتطوير ما ميزه اهلل به عن غريه وترك ما‬ ‫عند الآخرين هو الر�ضى والقناعة فقط‪..‬‬ ‫وحده حب اهلل‪ ..‬ي�ضيء لنا نفقا وا�سعاً و�سط دروب الظالم املوح�شة لن�سري يف‬ ‫طريق النور الذي ي�صل بنا �إلى �سعادة الدنيا وفوز الآخرة‪..‬‬


‫حب اهلل لعباده ي�سبق غ�ضبه ورحمته تغلب عقابه الرحيم‪ ..‬ر�ؤوف بخلقه ال‬ ‫يعذبهم �أبدا‪..‬‬ ‫�أ�سو�أ �أ�صناف الب�شر‪ ..‬ذلك الذي يعجز عن امتالك عقله‪ ..‬في�ؤجره‪..‬‬ ‫قبل �أن يتلوث زمن ال�صفاء ب�سموم الفنت والطائفية واحلقد البغي�ض‪ ..‬كنا‬ ‫نتنف�س ال�سالم ذرات منت�شرة يف هواء احلب النقي‪..‬‬ ‫من يعتقد �أن حب الع�شاق ي�سري على مركب الفرح الدائم مبحيط ال�سعادة‬ ‫الهادئ �سيغرق حتماً ‪ ..‬وعلى �شاطئ احلقيقية �سيموت‪..‬‬ ‫كثري من ع�سل ‪ -‬توافق ‪�-‬أبي�ض ممزوج بقليل من ع�سل‪ -‬اختالف ‪� -‬أ�سود لذيذ‬ ‫على �أن ال يجرح اخلالف فيها طهر احلب و�شفافيته‪..‬‬ ‫عندما نحب �شخ�صاً ما‪ ..‬ت�صغر كبائر �أخطائه عند الر�ضا‪ ..‬وعند العتب‪�..‬صغائر‬ ‫�سهوه �أو زالته ت�صبح كبائر ال كفارة لها‪!..‬‬ ‫يف احلب‪ ..‬الثقة هي امل�سافة الفا�صلة بني العقل والقلب التي تبقي النب�ض على‬ ‫قيد الع�شق‪..‬‬ ‫حبك جل�سدك �أحد �أنواع احلب الإيجابي‪..‬فـلنعرب له عن حبنا بالأكل اجليد‬ ‫والنوم اجليد والريا�ضة‪..‬دلل ج�سدك بال�صحة يدللك هو بال�سعادة‪.‬‬ ‫احلمد هلل على نعمة احلب‪..‬احلمد هلل على حلو الرب بعد م�شقة احلمل والرتبية‪..‬‬ ‫اللهم �أدمها نعمة واحفظها من الزوال‪.‬‬

‫‪145‬‬


‫طهارة الأج�ساد‪ ..‬باملاء تكون ‪� ..‬أما القلوب‪ ..‬فال طهارة لها �إال باحلب‪..‬‬ ‫االحرتام ال يعني �أن نحاول �إنعا�ش مودة حتت�ضر‪ ..‬عند الفراق �أجمل االحرتام‬ ‫�أن ال نحقد وال ن�ؤذي حتى و�إن مات احلب‪..‬‬ ‫ليت خطب اجلمعة والربامج الدينية حتتوي فكر ال�شباب بح�صره بثقافة احلب‬ ‫والتقبل لكل خمالف �أكرث من الكره واحلر�ص على فر�ض املعتقد حتى لو كان‬ ‫بالقوة‪..‬‬ ‫�سر براءة الأطفال و�سعادتهم‪ ..‬هو ذلك احلب الذي ي�سيطر على قلوبهم‬ ‫وعقولهم ‪ ..‬ليتنا نتعلم منهم وال ن�شغل العقل على ح�ساب القلب‪..‬‬ ‫‪146‬‬

‫طمع احلب‪ ..‬هو و�شم الع�شق على قلوب الع�شاق‪..‬‬ ‫كلما داهمني ظم�أ �شوق‪� ..‬أتناول من �صوتك جرعة حب‪� ..‬أرطب بها جفاف‬ ‫احلنني‪..‬‬ ‫غريب �أمر احلب‪!..‬بعد كل هذا القرب‪ ..‬ما زلت �أطمع تال�صق روح �أقوى‪..‬‬ ‫يذيب حواجز القرب فيجعلها اندماجاً‪..‬‬ ‫تلك النربة‪..‬التي قطعت م�سافات ال�شوق على جناح لهفة‪� ..‬أهدتها احلب يف‬ ‫�صندوق �صدق فاخر كتب عليه‪ِ � - ..‬أنت فقط وغريك �أ�شباح باهتة‪..‬‬ ‫تنقلب املوازين وي�صبح الال مقبول مر�ضياً عنه وما كان منتقداً حمموداً‪ ..‬هو‬ ‫احلب‪ ..‬يجعلنا ال نرى ال�شخ�ص على طبيعته احلقيقية‪!..‬‬


‫على �ضفاف حياة غزيرة احلب‪ ..‬ينبت اجلمال‪..‬ويزهر ال�سالم‪..‬‬ ‫ثروة امل�شاعر احلقيقية يف حياة ‪� -‬أغلب ‪ -‬الإناث‪� ..‬أب يعطي احلب ب�سخاء وال‬ ‫ينتظر مقاب ًال‪..‬‬ ‫يف احلب‪ ..‬القلب كالطائر احلر‪ ..‬ميوت‪� ..‬إن حكم عليه بال�سجن داخل قف�ص‬ ‫حبيب �أ�ضيق من حجم م�شاعره‪..‬‬ ‫�صدر ٍ‬ ‫يف احلب‪ ..‬نب�ض الأنثى يف �شباب دائم‪ ..‬هو ال يعرتف بتجاعيد امللل‪ ..‬وال‬ ‫ي�ست�سلم ل�شيخوخة الع�شرة والتعود مع تقادم ال�سنني‪..‬‬ ‫�أن�صاف احللول يف احلب‪ُ ..‬تبقي القلب على حافة ال�سقوط من �أثر وكز ِة كلمة �أو‬ ‫عرثة!‬ ‫من خاف �سلم ‪� -‬إال يف احلب‪ ....‬فمن خاف ُقتِل ‪..-‬‬ ‫غريب �أمر احلب‪ ..‬كلما زاد احلبيب يف العطاء زدنا حاجة �إلى ما عنده من عطاء‬ ‫وك�أننا لعذب م�شاعره فقراء!!‬ ‫يف احلب‪� ..‬أجمل الغزل ما هم�ست به العيون لأذن القلب فتوردت وجنتا‬ ‫الإح�سا�س خج ًال‪..‬‬ ‫يف احلب‪� ..‬صمت العا�شق ق�صائد من وله‪ ..‬حتكي ملحمة حامية الوطي�س بني‬ ‫العقل والقلب وما من غالب بينهما‪..‬‬ ‫ما�أغرب هذا احلب ‪!..‬‬

‫‪147‬‬


‫مادمت الب�س احلب ثوباً �أنيقاً �أقابل به ربي‪ ..‬نف�سي‪ ..‬ظرويف‪ ..‬والنا�س‪ ..‬ف�أنا يف‬ ‫�سعادة لن ُت�سرق مني �أبداً‬ ‫�إن احلب م�شاعر مباركة‪ ..‬ي�سقي جفاف القلوب املتحجرة حتى تلني فتتفجر‬ ‫منها �أنهار الرحمة وينبت حولها ع�شب العطاء‪..‬‬ ‫عندما يفر�ض العقل و�صايته على القلب ت�ؤجل العاطفة فرحها باحلب الى �أجل‬ ‫لن ي�أتي ما مل ِنع �أن احلب �أ�سا�س احلياة‪..‬‬ ‫حب الأب‪� ..‬أ�صدق م�شاعر مينحها �أجمل قلب‪..‬‬ ‫‪148‬‬

‫�س�أكتب على جدار العا�شقني‪� ..‬أن احلب ال�صادق يف قلوب املتعبني حلوى‬ ‫فاخرة يف يد فقري يتيم ‪..‬‬ ‫لذته جترب ك�سر اخلاطر احلزين متى ما جاد به القدر الكرمي‪..‬‬ ‫احلب هو م�ضاد لأك�سدة احلياة‪ ..‬يطهرها من ملوثات احلقد والبغ�ضاء والنفاق‬ ‫واخليانة‪..‬‬ ‫بتحبنى وال الهوى عمره ما زارك‪ ...‬بتحبنى وال �أنكتب ع القلب نارك‪� ...‬س�ؤال‬ ‫يكتب برماد القلب املحرتق‪..‬عندما يكون احلب من طرف واحد !‬ ‫مفهوم احلب عند الأنثى يختلف عن الرجل‪ ..‬احلب عندها متهور‪ ..‬يكره‬ ‫حواجز العقل فيقفز فوقها على نب�ض من جنون‪..‬‬


‫وكما يف احلياة غربة‪ ..‬يف احلب �أي�ضاً مغرتبون!! �سكنوا �أقفا�صاً هاجرت القلوب‬ ‫منها لأنها مل تتحمل �ضيق قف�ص من ذهب مغ�شو�ش‪..‬‬ ‫يف احلب م�شاعر الأنثى �أنانية ال تقبل تق�سيم نب�ض من حتب على اثنني‪..‬‬ ‫الطعام لي�س جمرد غذاء يدخل املعدة ليملأها‪ ..‬الطعام‪ ..‬قد يكون حباً تقتاته‬ ‫القلوب ف ُي�شبع الأرواح حباً واحتواء‪..‬‬ ‫احلب مدر�سة‪ ..‬نتعلم فيها رقي امل�شاعر‪ ..‬وعذب النب�ض‪..‬‬ ‫لذة احلب‪ ..‬يف طيف حا�ضر‪ ..‬و�صوت دافئ‪ ..‬يولد على نب�ضه الأن�س من رحم‬ ‫الغياب‪!..‬‬ ‫لذة احلب‪ ..‬يف �شعور ي�سكت كل �صوت ومي�سح كل انعكا�س‪ ..‬ويحلق بنا على‬ ‫جناح حلم �إلى �صورة الع�شق و�صوته فقط‪!..‬‬ ‫لذة احلب‪ ..‬يف �شوق يتدفق حياة‪ ..‬ال يجف من غزارة ح�ضور‪ ..‬وال ُي�سيل‬ ‫الدمع من قحط لقاء‪!..‬‬ ‫متى ما وقع العقل للقلب موافقته على حب �إن�سان‪ ..‬فتلك ال�شهادة ب�أن وداً اجته‬ ‫�إليه �صادقاً كام ًال‪..‬‬ ‫ما التباعد �إال �أوراق احلب الياب�سة‪ ..‬تت�ساقط بعد موت الع�شق‪� ..‬أما البعد فقد‬ ‫يكون ال�شتاء الذي يتبعه ربي ُع ود ن�ضر‪..‬‬

‫‪149‬‬


‫ال يوجد �أجمل من احلب نبد�أ به يومنا لي�ستقيم �أمره ‪..‬‬ ‫�أحبك ربي �أحبكم �أهلي �أحبك عملي �أحبكم �أ�صدقائي �أحبك ظرويف و�أحبك‬ ‫قدري‪..‬‬ ‫متى ما ت�شربت �أرواحنا حب اهلل الأعظم‪� ..‬أُحيطت �أرواحنا بهالة من نور‬ ‫�أ�ضاءت لنا عتمة الروح و�أنارت طريق الو�صول �إلى ال�سعادة وال�سالم الداخلي‬ ‫واخلارجي‪..‬وزان لنا وا�ستقام كل وئام مع خلق الأنام‪..‬‬ ‫حب اهلل‪..‬والتدبر بجمال وعظمة خلقه وكونه وخملوقاته‪ ..‬يجعلنا نرتقي ب�أنف�سنا‬ ‫ون�سمو ب�أرواحنا‪..‬‬ ‫‪150‬‬

‫�أعظم احلب حب اهلل‪ ..‬وحب يف اهلل متى ما متكن هذا احلب من قلوبنا زانت‬ ‫الدنيا و�صفا عكِ ر احلياة‪..‬‬ ‫لِق�صة احلب ال�صادق مع كل نهاية عام بداية‪ ..‬يجدد القلب بها عهده‪ ..‬وينع�ش‬ ‫خفقاته ونب�ضه‪..‬‬ ‫على جبني احلب �أكتب ‪ -‬لك ‪ -‬معلقة ع�شق بحرب القلب الناب�ض بك‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫العقل زينة‪� ..‬إال يف احلب !! فممار�سة احلكمة يف ح�ضرة القلب �سف ٌه من‬ ‫جنون‪..‬‬ ‫توهج جمر غرية الأنثى الذي خمد جمرد ر�سالة �صادرة من قلب احرتق بداخله‬ ‫حطب احلب امل�شتعل حتى �أ�صبح رماداً‪..‬‬


‫�أحياناً يقف احلب على حافة رهبة يهاب القفز �إلى �أ�سفل �سفح نعيم الع�شق‬ ‫العامر ليموت القلب بوح�شته وحيداً فـيقدم له العقل العزاء وهو ي�شجب جنب‬ ‫الوثبة‪..‬‬ ‫على جبني احلب �أطبع قبلة �إخال�ص‪ٍ ..‬‬ ‫لبعيد عندما �أبكتني احلياة وجدته مني‬ ‫قريبا وقت ما �أبتعد عني املقربون!!‬ ‫احلب بني الأم و�أبنائها هو احلب الوحيد املنزهة عن �سواد الزيف والنفاق‬ ‫والكذب‪..‬‬ ‫خمدوع‪ ..‬من يظن �أن احلب وحده يكفل ا�ستمرار القرب على خط احلياة‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫�أ�سلوبك يف احلب وحده هو من يكتب �سيناريو الهجر‪� ..‬أو ي�ضمن خلود البقاء‪..‬‬ ‫�سعادة اليوم تبد�أ بتناول القناعة �إفطار روح �صباحي كل يوم‪..‬‬ ‫�أنا يف �سعادة ‪�..‬أنا يف ثراء ‪�..‬أنا يف �صحة‪� ..‬أنا يف خري مادمت يف حفظ احلفيظ ‪..‬‬ ‫رددوها كل �صباح بيقني حتى تقبل عليكم الدنيا بجمال‪.‬‬ ‫ابت�سموا مهما كانت الظروف ‪ ..‬فقد مير من خالل قو�س االن�شراح املر�سوم على‬ ‫�شفاهكم ٌ‬ ‫حل كان خلف حاجز العبو�س حمتجزاً‪.‬‬ ‫ال�سعادة احلقيقية يف �ضحكات �صافية‪ ..‬جتمع ما تر�سب يف قاع النف�س والذاكرة‬ ‫من كدر‪ ..‬ثم تلقي بها يف �أبعد �سلة مهمالت‪.‬‬

‫‪151‬‬


‫لن جتد ال�سعادة �إال �إذا عمر احلب قلبك‪..‬‬ ‫وت�شبعت بجمال الكون واحلياة وما حولك عيناك‪..‬‬ ‫و َعمر ال�سالم داخلك ومنه �إلى حميطك‪..‬‬ ‫الوجوه امل�ستب�شرة التي ت�شد طريف ال�شفاه بابت�سامة متفائلة ال تعني �أن احلزن‬ ‫انقر�ض‪..‬‬ ‫بب�ساطة هي تخربنا �أنه برغم ال�ضيق ما زال يف احلياة مت�سع ل�سعادة وفرح‪.‬‬ ‫�سبحان من جعل يف ال�صالة ‪ ‬راحة وعمقاً يف الت�أمل ت�أتي معه ا�شراقات‬ ‫الروح ‪ ‬يف موكب من �سعادة‪.‬‬ ‫‪152‬‬

‫طعام ‪� ..‬صالة ‪ ..‬حب‬ ‫مثلث متوازي الأ�ضالع لفل�سفة �سعادة حتت�ضن الروح واجل�سد‪.‬‬ ‫من م�سببات ال�سعادة ‪�..‬أن تكون الأعني غا�ضة ب�صرها عن كل قبيح‪..‬‬ ‫القطة لكل جمال متناثر يف تفا�صيل الكون واحلياة والظروف املحيطة بنا‪.‬‬ ‫من �أ�سباب ال�سعادة ‪ ..‬النظافة يف النية ‪ /‬والأخالق ‪ /‬والبدن‪ /‬واملكان‪.‬‬ ‫�سعادة احلياة تبد�أ من الإميان بهذه الآية (و�أفو�ض �أمري �إلى اهلل �إن اهلل ب�ص ٌري‬ ‫بالعباد)‪..‬‬ ‫هند�سة الروح‪ ..‬تخ�ص�ص نادر‪..‬‬ ‫ال يربع به �إال من تخ�ص�ص ببناء �سعادة نف�سية فخمة م�ستخدماً قيم الوجود العليا ‪-‬‬ ‫احلب واجلمال وال�سالم –‪.‬‬


‫ت�أجج امل�شاعر ال َفر َِحة‪ ..‬هو ذلك املزيج من �سعاد ٍة يزاحمها �شكر هلل مع ده�شة‪..‬‬ ‫تغمر ال�شعور فتخت�صره بـب�سمة‪..‬‬ ‫من م�سببات ال�سعادة‪� ..‬أن تتجمل الأ�شجار يف ال�صبح وتلب�س ثوب البهاء‪..‬‬ ‫ال �سعادة تعادل ن�شوة االمتنان هلل و�شكره على نعمه املتف�ضل بها علينا‪..‬خا�صة‬ ‫بعد �أوقات الفرح التي غالباً نن�سى فيها �أن هذا من ف�ضل ربي‪..‬‬ ‫�أنا و�أ�سرتي‪..‬‬ ‫نحن الأ�سا�س الذي ن�ستطيع �أن نبني عليه ناطحات �سحاب �سعادة نعي�ش يف �أعلى‬ ‫طوابقها‪..‬‬ ‫اجلمال من م�سببات ال�سعادة لنبحث عنه يف كل تفا�صيل احلياة‪ ..‬ولنجعل‬ ‫حوا�سنا تتذوقه و�أرواحنا ت�ست�شعره‪..‬‬ ‫تخل�صت من ثوب فقر الفرح الرث‪ ..‬ولب�ست ثوب ال�سعادة الأنيق منذ �أن‬ ‫دخلت حياتي يف يوم كان بالن�سبة يل عيد‪.‬‬ ‫الكلمة الراقية �سعادة‪� ..‬سواء كانت �شعراً �أو نرثاً �أو حديثاً عادياً ‪ ..‬ال�شخ�صية‬ ‫اجلميلة غالباً ما تنتقي كلماتها‪..‬‬ ‫�أجمل �سعادة ‪ ..‬هي يف حلظة فرح حتررت من قيد ذكرى حبي�سة يف �سجون‬ ‫الأم�س‪ ..‬جتاهلت ترقباً يخيفها من �أمل يف رغبات ُحفظت يف �أدراج الغد‪!..‬‬

‫‪153‬‬


‫�أجمل �سعادة ‪ ..‬هي يف زرع بذور احلب يف القلب‪ ..‬لتزهر ب�ساتني جمال‪..‬‬ ‫حدودها تبد�أ من دواخلنا لتمتد مل�ساحات �شا�سعة حوالينا‪ ..‬عبريها وئام ين�شر‬ ‫ال�سالم‪..‬‬ ‫من م�سببات ال�سعادة‪� ..‬أن تقف �صباح كل يوم �أمام املر�آة‪ ..‬حمباً لنف�سك‪..‬‬ ‫فخوراً بها‪ ..‬ت�أخذ عينيك يف جولة �سياحية �إلى موطن اجلمال عندك فتحمداهلل على‬ ‫النعمة وتقول‪ :‬احلمد هلل الذي �أح�سن �صورتي‪..‬اللهم �أح�سن خُ لقي كما �أح�سن‬ ‫خلقي‪..‬‬ ‫�أعتقد �أن التكلف قناع يلب�سه فاقدو الثقة بالنف�س‪..‬‬ ‫‪154‬‬

‫�سر الو�صول �إلى ال�سعادة وال�سالم يف ‪ -‬الآن ‪ -‬لنعطي اللحظة احلا�ضرة حقها‬ ‫من التقدير دون �أن نرهقها بت�شوهات املا�ضي �أو غمو�ض امل�ستقبل �أو غب�ش الأفكار‪..‬‬ ‫على �سبيل ال�سعادة‪� ..‬أن ُيكتب لك ُعمر جديد نفث اهلل به روح الفرح من ‪-‬‬ ‫نب�ضة ‪..-‬‬ ‫�أحا�سي�س دافئة تلك التي تنفخ بالون حزن نف�سك بغاز الفرح حتى ينفجر‪..‬‬ ‫فتنت�شر ال�سعادة يف حميطك‪ ..‬وتتنف�س الراحة بعبري الود ال�صادق‪..‬‬ ‫�سعادة احلا�ضر هي امل�ضمونة‪ ..‬لأن املا�ضي ميت ال منلك منه �إال حلو‬ ‫الذكريات‪ ..‬وامل�ستقبل جمهول ال ميكن �أن جنازف بتخزين �سعادة له قد تكون‬ ‫�سراباً‪..‬‬


‫رحلة البحث عن ال�سعادة‪ ..‬حتتاج �أن نفت�ش داخل �أنف�سنا‪ ..‬وحتما �سنجدها‬ ‫خمتبئة خلف رغبات ردمت حتت ركام الظروف �أو الت�أجيل �أو التنا�سي‪..‬‬ ‫ال�سعادة الداخلية تلون ال�شكل اخلارجي بـ «ميك �أب» طبيعي ومتنح الوجه‬ ‫�إ�شراقة وجما ًال‪..‬‬ ‫هو ‪:‬‬ ‫هل ي�صلك �أي �شيء �أنت يل‪..‬‬ ‫هي‪:‬‬ ‫ي�صلني �أن ال�سعادة ذرات طيارة حمبو�سة يف علبة جميلة متى ما فتحتها بيديك‬ ‫انت�شرت حويل لأ�ستن�شقها فرحاً نقي‪..‬‬ ‫�أي �أحد ي�ستطيع ر�سم الإطار العام لل�سعادة حولك ولكن‪..‬خطوط الفرح‬ ‫الدقيقة وزخرفة تفا�صيلها ال يتقن ر�سمها �إال من يهتم لأمرك ب�صدق‪..‬‬ ‫�أعطني يدك‪..‬‬ ‫�أ�شدد قب�ضتك على كفي بقوة‪..‬‬ ‫فبني راحتينا �سعادة �أخاف �أن تطري �إن فككنا ت�شابك �أيادينا‪..‬‬ ‫حياة م�ضت‪ ..‬وحياة قادمة‪ ..‬وبينهما حياتنا الآن‪..‬‬ ‫ليتنا ال نرهق احلا�ضر باملا�ضي وال نعرقل امل�ستقبل مبا كان‪..‬‬

‫‪155‬‬


‫احلياة كالقهوة ‪..‬‬ ‫ُمرة مب�شاكلها لذيذة مبرارتها‪..‬‬ ‫م�شكلتها يف برودتها ال مرارتها‪..‬‬ ‫لذلك من الـعقل �أن ن�صنع لنا كوباً منع�شاً جديداً بدل �أن نتجرع مرارة ذلك البارد‪.‬‬ ‫احلياة علمتني �أن العمر احلقيقي هو حلظة نعي�شها بفرح‪..‬‬ ‫زخرفة احلياة ولونها الرباق نعمة من نعم اهلل‪ ..‬يجب �أن ن�ضعها دائماً يف متناول‬ ‫يد الذاكرة عند بهتان الفرح بفعل عوامل تعرية الظروف‪.‬‬ ‫‪156‬‬

‫متى ما احتفظت احلياة بحبها يف قلبك وجمالها بناظريك عندما تهب عوا�صف‬ ‫تثريها غبار ظروف حتجب عنك بع�ض فرحها فاعلم �أنك من �أ�سعد اخللق‪.‬‬ ‫لن نتمكن من ر�ؤية �ألوان فرح احلياة �أبداً‪ ..‬مادمنا ُنلب�س �أرواحنا نظارة الت�شا�ؤم‬ ‫ال�سوداء‪.‬‬ ‫من رحمة اهلل بالإن�سان �أن جعل له بذور �أحالم يزرعها يف تربة احلياة‪ ..‬ي�سقيها‬ ‫بالتفا�ؤل والعمل لتثمر �إجنازات وجناحات‪.‬‬ ‫احلياة كاجلو يحدث �أن تهب عليها عوا�صف حرية متل�ؤها بغبار الهم حتى تكاد‬ ‫تنعدم ر�ؤية الفرح ‪ ..‬ولكن �سرعان يعود ال�صفو وت�شرق �شم�س الفرح‪.‬‬ ‫العرثة در�س من درو�س احلياة متنحنا فيها �شهادة خربة‪ ..‬لذلك هي من نعم اهلل‬ ‫التي ت�ستحق ال�شكر لأنها تخت�صر لنا طريق الو�صول �إلى الر�ضا‪..‬‬


‫يف احلياة‪ ..‬لي�س هناك غرف مغلقة على �أكوام من َهم ُيظلِم بالنف�س‪ ..‬دوماً هناك‬ ‫نافذة ت�سمح للنور �أن يخرتق ظالم كل حزن‪..‬‬ ‫ال ي�أ�س من احلياة‪ ..‬فاحلياة‪..‬ربيع دائم‪..‬الفرح به خالد‪..‬وال�سعادة نور ب�إ�شراق‬ ‫دائم يك�شف غمة الظروف كلما تكاثف غبار الهموم‪..‬‬ ‫�صعبة احلياة عندما يربط بني قلبينا نب�ض يقطعه م�شرط الظروف‪..‬‬ ‫درو�س احلياة ولذة جتربتها جتعلنا يف �شوق الكت�شافها �إلى �آخر �شهقة نف�س‪..‬‬ ‫تفا�صيل احلياة كلها فل�سفة‪..‬‬ ‫يف �إكرام ال�ضعيف‪..‬قمع غرور‪..‬‬ ‫تهذيب ذات ‪..‬ارتقاء �أخالق مع �سمو روح‪..‬‬ ‫يف �إكرامهم نكون �سفراء �سالم و�إن�سانية ‪ ..‬فهل منا من يكره �أن يكون �سفرياً‪.‬‬ ‫تقدم لنا كل دقيقة مع ُعمر الوقت عر�ضاً لإمكانية البدء من جديد بداية‬ ‫طازجة‪..‬‬ ‫ماذا ‪ -‬لو ا�ستطعت ‪� -‬أن �أفعل ‪....‬ماذا ‪ -‬لو مل �أ�ستطع ‪� -‬أن �أفعل ‪ ...‬بني ‪-‬‬ ‫لو‪ -‬و‪ -‬لو‪ -‬بداية حياة �أو نهايتها‪.‬‬ ‫متى ما �صافحنا الدنيا بيد الر�ضا‪ ..‬ر�ضت هي ‪ ‬ور�ضي عنا كل �شيء فيها‪.‬‬

‫‪157‬‬


‫�أجمل �شيء �أن تن�سف �سجن اجلدية ومتار�س جنوناً غري متوقع يف وقت غري‬ ‫متوقع‪..‬‬ ‫جربوا‪..‬‬ ‫�ست�ضحكون كثرياً و�ستعودن جلديتكم بروح مرحة �سعيدة‪.‬‬ ‫الرق�ص ريا�ضة ج�سدية و�سياحة نف�سية‪..‬‬ ‫تلك اخلطوات الر�شيقة املرحة ال ميكن �أن تخد�ش لوح الهيبة الزجاجي املتني �إن‬ ‫مار�سناها باحرتام‪.‬‬

‫‪158‬‬

‫لو �أيقنا �أن ‪�-‬أنا‪ -‬وما �أرغب بي لن تذوب و�سط ‪ُ -‬هم ‪ -‬وما ميكن �أن ننجزه‬ ‫جمتمعني لأ�صبح الو�صول �أ�سرع و�آمناً‪.‬‬ ‫لنكرم ذواتنا بـ ‪�-‬أنا‪� -‬أ�ستحق‪ -‬ون�ؤمن بها فتقدير الذات مع رفع م�ستوى‬ ‫اال�ستحقاق يخت�صر م�سافات الو�صول �إلى الر�ضا‪.‬‬ ‫�إن �ساعات اليوم ال تعود بعد فناء‪..‬‬ ‫لذلك‪..‬‬ ‫من الظلم �أن ن�سمح بانتهاء عمر �أوقاته على �أ�شواك الهم بد ًال من و�سائد الفرح‪..‬‬ ‫احلزن يف الدنيا هو حبل م�شنقة اليائ�سني‪..‬‬ ‫الأ�صل يف احلياة هو الفرح‪..‬‬ ‫�أما الهموم فهي �سحب �صيف عابرة ال تلبث �أن تزول‪.‬‬


‫الأمنيات بذور زرعت يف تربة الأحالم لن�سقيها بالدعاء والعمل لنقطفها واقعاً‬ ‫جنني ثمره املعلق من �أغ�صان الأيام‪..‬‬ ‫االمتنان هلل لإجازة �سعيدة ق�ضيناها بدون دمعة حزن �أو وجع مر�ض �أو لوعة فقد‬ ‫يجعلنا نقبل على �أعمالنا ببهجة من باب «و�إن �شكرمت لأزيد َّنكم»‪.‬‬ ‫�أجمل الإجنازات ما كان �أحالماً �أبدعنا ر�سمها على لوحة الواقع‪..‬‬ ‫ملاذا‪� ..‬أين‪ ..‬وكيف؟‬ ‫ا�ستخدامها بتوازن يجعلنا على خط الفهم والإدراك‪ ،‬ولكن كرثة تداولها واخلو�ض‬ ‫بتفا�صيلها جتعلنا نعي�ش حتت خط الراحة‪.‬‬ ‫االمتنان �سر من �أ�سرار العافية والت�شايف‪..‬‬ ‫لنمنت لأج�سادنا‪ ..‬ظروفنا‪ ..‬وكل ما يحيط بنا ونحب كل ذلك ليحبونا هم ويقبلوا‬ ‫علينا كما نحب‪.‬‬ ‫الر�ضا مبا نحن فيه‪..‬ثم م�صافحة كل ظرف يقابلنا بيد القبول والتقبل �سيجعلنا‬ ‫نتجاوز كل �صعب بي�سر دون �أن يقف ذلك حاجزا يف طريق �سعادتنا‪.‬‬ ‫اع�شق �سواد الطريق الإ�سفلتي الذي يتحدى جربوت ال�صحراء‪..‬ا�سمعه يقول ‪:‬‬ ‫خلف كل موت حياة مادامت هناك رغبة‪!..‬‬

‫‪159‬‬


‫قبل �أن تثق ب�أحد‪ ..‬اخترب قلبه ‪..‬وبعد النتيجة‪ ..‬ال تثق مبن نام ف�ؤاده عن احلب‬ ‫وبقي عقلة مع م�صلحته يقظان‪..‬‬ ‫لأن ال�صرب مفتاح الفرج من ال�شدائد قرن اهلل به الب�شائر‪..‬‬ ‫�أ�صحاب الوجوه امل�ستب�شرة‪..‬هم تلك الأرواح الطاهرة التي جعلهم اهلل يف �أر�ضه‬ ‫لتطمئن القلوب بنورها عند كل �شدة‪.‬‬ ‫الوجوه امل�ستب�شرة جتمع يف عينيها خمزوناً ال ينفد من �إميان وطم�أنينة تنرثها طاقة‬ ‫�إيجابية مع كل ابت�سامة‪.‬‬ ‫‪160‬‬

‫لنغلق �آذاننا عن تدخالت الآخرين متبعني �صوت رغباتنا‪ ..‬نتحرك �ضمن �إطار‬ ‫ر�ضا اهلل ثم موافقة املجتمع دون �أن نخد�ش �شفافية الذوق العام‪..‬‬ ‫عندما نعطي ‪ -‬اللحظة احلا�ضرة ‪ -‬حقها من احلفاوة واالهتمام‪� ..‬ستقابلنا مبا‬ ‫يليق بنا من الفرح واحلبور‪.‬‬ ‫عند ال�سفر‪..‬الطرق ال�صحراوية �أو الزراعية ال�ضيقة متر بنا على �أماكن حترمنا‬ ‫الطرق ال�سريعة من التعرف عليها‪..‬وهكذا هي ظروف احلياة ال�ضيقة‪..‬‬ ‫من يقول �أن عمر الفرح ق�صرياً‪� ..‬شخ�ص يهوى عزف الناي ليغني احلزن‬ ‫ب�صوت �شجي حتى يجذب �إليه قلوب ب�سواد الي�أ�س متلحفة‪..‬‬


‫�أحب رائحة الأر�ض عندما ت�ستعيد انتعا�شها وتغت�سل باملاء ‪...‬و�أع�شق فطوراً‬ ‫حتت�ضنني فيه حديقة و�شجر‪..‬‬ ‫مينحنا �إدراك ما منلك دون �أن نطمع مبا وهبه اهلل للآخرين ثقة بالنف�س و�سالماً‬ ‫داخلياً يجعلنا متوازنني مع ذواتنا ويف عالقتنا بالآخرين‪.‬‬ ‫الذكريات الأليمة‪� ..‬أثاث قدمي �أ�صابه الوجع بنخر الفرح ف�أ�صبح ‪ ..‬عتيق بالياً‪..‬‬ ‫التخل�ص منها ي�ضمن لنا �سالمة ‪� -‬سعادة اللحظة ‪ -‬من ال�سقوط وهي جتل�س على‬ ‫�أرائك الذاكرة املهرتئة‪.‬‬ ‫كل يوم هو مولود جديد يحتاج منا لتغذيته بالتفا�ؤل ‪..‬ليكون �سعيداً‪.‬‬ ‫ال�ضمان الأقوى ال�ستمرارية الهدى وثبات اال�ستقامة يف وجه املغريات ‪..‬‬ ‫هو �أن نعبد اهلل بحب يغلب اخلوف‪..‬‬ ‫اهلل يحبنا فلنحبه كما يجب‪..‬‬ ‫يجب �أن جندد معاهدات العزم ون�ؤكد مواثيق التوكل والتفا�ؤل مع بداية كل‬ ‫�أ�سبوع‪.‬‬ ‫من قال �إن اجلمال مربوط بنوا�صي ال�شابات !! اجلمال‪..‬روح من نور ت�سكن‬ ‫مالمح ُح�سنها ال ي�شيخ �أبداً‪.‬‬ ‫البع�ض‪ ،‬مهما فعل ال ميكن �أن نغ�ضب منه‪ ،‬ومهما ق�صر يف حقنا نبت�سم له‪..‬‬ ‫مثل هذا هو هدية من اهلل لنا‪ ،‬يبعثه يف حياتنا لريتبها �أف�ضل‪..‬‬

‫‪161‬‬


‫اهلل اجلميل ‪..‬خالق الكون اجلميل يحب �أن يرى �أثر جمالٍ يحبه على عباده‪،‬‬ ‫فلنكن ب�أخالقنا و�أرواحنا و�أج�سادنا ونياتنا‪..‬ر�سل جمال للجمال‪.‬‬ ‫الب�ساطة والتلقائية يف التعامل تو�صلك �إلى عمق قلوب ‪ ‬النا�س بزمن قيا�سي‬ ‫بعك�س التكلف والت�صنع الذي يبعدك عنهم م�سافة �ألف حاجز من قبول‪.‬‬ ‫الربع �ساعة التي يغفو فيها الطفل يف ح�ضن �أمه يف م�شواره ال�صباحي �إلى‬ ‫املدر�سة‪ ..‬متنحه طم�أنينة ُعمر‪ ..‬فال تنهروه �أو حترموه منها‪.‬‬ ‫‪162‬‬

‫ما �أجمل �أن �أبني لنف�سي قمة تنا�سب رغباتي وتتميز عن قمة ي�سعى اليها‬ ‫ماليني غريي‪..‬القمة الثابتة ‪ ..‬ما �أتربع عليها وحدي بدون ازدحام‪.‬‬ ‫�إن مع الع�سر ي�سراً ‪ -‬لو نتذكرها دائماً ملا ُر�سم على مالمح الب�شر عبو�س وال‬ ‫�أغلق لهم القنوط �أبواب رحمة‪.‬‬ ‫نت�صارع‪ ..‬نتناحر‪ ..‬نلهث‪ ..‬نتعب‪..‬‬ ‫نتزاحم يف �سبيل �أن ن�صل �إلى قمة هرم �ضيقة‪ ..‬ونن�سى �أن يف �سهول احلياة مت�سعاً‬ ‫لألف قمة وقمة !!‬ ‫توكل على اهلل وام�ض يف طريق حياتك دون خوف من ك�سر حتى لو بدربك‬ ‫تفاج�أت ب�سقطة‪� ..‬أو ف�شل �أو �صادفتك يف دهاليز احلياة عرثة‪.‬‬


‫كرثة التفكري متلأ حياتنا بالفو�ضى والبحث يف التفا�صيل يبعرث ترتيب النف�س‪..‬‬ ‫فلنمار�س الت�أمل كثرياً لرنتب تلك الفو�ضى ونرتب زعزعة احلوا�س‪.‬‬ ‫زيادة ر�صيدنا لدى �أبنائِنا من احلب والتقدير هو اال�ستثمار احلقيقي والرثوة التي‬ ‫�سننفقها رعاية منهم دون ملل عندما نحتاجهم يف كربنا‪..‬‬ ‫اتفقنا على �أن ال نتفق‪ ..‬ولكن تعاهدنا على �أن ال يتحول اختالفنا �إلى ترا�شق‬ ‫بر�صا�ص العداء يقتل روح الفائدة من اختالف وجهات النظر‪..‬‬ ‫ممتعة هي ال�صعوبات التي تمُ َهد بجرافة التحدي ووعورة الظروف حتى ن�شق‬ ‫للنجاح طريقاً خالياً من حواجز الإحباط والي�أ�س‪..‬‬ ‫من باب ‪ -‬و�أما بنعمة ربك فحدث ‪ -‬من املفرح حد ت�ساقط دموع ال�سعادة‪� ..‬أن‬ ‫يكمل اهلل جناحنا العملي ب�صالح الأبناء وتفوقهم‪.‬‬ ‫يكون الك�سل غمازة فاتنة على خد ال�صباح‪ ..‬منار�سه �أكرث حتى ت�ضحك‬ ‫�صباحاتنا فن�ستمتع ب�سحرها �أكرث‪.‬‬ ‫(ويف ال�سماء رزقكم وما توعدون) ملاذا نلهث بتعب ونحارب ب�شرا�سة بغي�ضة‬ ‫�سعياً وراء مادة ورزقنا وما ق�سم لنا حمفوظ عند رب العاملني!‬ ‫ال�سبت لغ ًة يعني‪ ..‬يوم الراحة‪ ..‬النوم‪ ..‬االنقطاع عن العمل‪ ..‬هو يوم الدالل‬ ‫كما يخربنا ا�سمه‪..‬فـما �أجمل �أن نعي�شه كما يجب!‬

‫‪163‬‬


‫ا�ستمتع بحياتك اليوم‪ ..‬لأن الأم�س قد ذهب‪ ..‬والغد قد ال ي�أتي �أبداً ‪..‬‬ ‫رمادية ال�صباح �سحب رعدية تنذر بهطول �أمطار من كدر متى ما تلبدت �سماء‬ ‫نف�سك بها ‪ ..‬فـابحث عن ن�سائم فرح‪ ..‬مواقف طريفة وا�ضحك حتى يزول كل هم‪.‬‬ ‫اخلري الذي ي�أتيك من رب الرحمة دون توقع �أو انتظار‪ ..‬هو هدية اهلل لك‪..‬‬ ‫يخربك من خالله �أين منك يا عبدي قريب‪ ..‬ولك رازق كرمي‪.‬‬ ‫بذور الفرح املزروع يف تربة الهم‪ ..‬ت�ضرب بجذورها عميقاً الى داخل النف�س‬ ‫لذا‪ ..‬فمن الغباء �أن نف�سد ثماره الطازجة برطوبة الهم‪.‬‬ ‫‪164‬‬

‫لأن الإجازة وقت م�ستقطع من فو�ضى التعب وتزاحم امللل‪ ..‬يجب �أن ن�ستغل‬ ‫كل دقيقة فيها لنلتقط متبعرث الراحة ون�سرتخي على �شواطئ الهدوء‪.‬‬ ‫ما �أروع االبتعاد عن زيف الوهم من �أجل اال�ستمتاع ب�صدق احلقيقة‪..‬‬ ‫االبت�سامة‪ ..‬الب�شا�شة‪ ..‬الكلمة الطيبة‪..‬‬ ‫�إك�س�سوارات خارجية تعك�س جمال الروح الداخلية و ح�سن اخللق‪..‬‬ ‫�شكراً‪� ..‬إن كانت �صادقة ‪..‬‬ ‫كلمة دافئة و�سحرية تكمن بني حروفها قوة عجيبة مت�سح �أق�سى التعب وتبدله بن�شاط‬ ‫عجيب وفرح عميق‪..‬‬


‫الأم يف العائلة هي جمل�س الأمن الأ�سري‪ ..‬و�سفرية النوايا احل�سنة يف املجتمع‬ ‫املحيط‪..‬‬ ‫على خد الع�شق‪ ..‬فتن ٌة �سِ حرها توق يذيب �صرب العا�شقني‪..‬‬ ‫من يحاول �سرقة نب�ض يخرج من قلبك لقلبي‪ ..‬فليتحمل لأن القلم مرفوع عن‬ ‫املجنون ع�شقاً ‪� ..‬أنا جمنونة يف ا�سرتداد نب�ضي‪!..‬‬ ‫حدود اجلنون عندي �أن �أراك بعيداً عني‪ ..‬عندها فقط �أقفز هرباً خارج �أ�سوار‬ ‫العقل لأعلن احلرب بال رحمة عمن ي�صرفك عني‪..‬‬ ‫تتك�سر جماديف العتب عند ذكرياتنا القدمية ال�سعيدة‪ ..‬فنعوم بال مقاومة و�سط‬ ‫بحر ال�شوق حتى نغرق‪.‬‬ ‫تعرف‪..‬‬ ‫ً‬ ‫كلما جتمدت عاطفتك متنيت �أن �أهيئ لك و�سط �أروقة الذاكرة متك�أ و�أجعل من‬ ‫�أوقاتنا ال�سعيدة حطباً �أ�شعل به نار احلنني‪ ..‬عله يذيب جليد قلبك‪.‬‬ ‫فت�سيل على �أثر حبك �أودية الفرح وجتري �سيول ال َوله ‪..‬‬ ‫وكم من ذكرى قامت الليل تبكي خ�شوعاً يف حمراب احلنني !!‬ ‫قدر �أنت ال مفر منه!! عبثاً �أحاول االختباء منك يف زوايا الن�سيان املظلمة‪..‬‬ ‫ولكني �أجد تفا�صيل كنا وكان تالحقني يف �أروقة الذاكرة احلية بك‪!..‬‬

‫‪165‬‬


‫الأحالم �أماين فاتنة تلقي ب�شباك الغواية على واقع عميق الآمال علها ت�صطاد‬ ‫منه مراداً تتناوله فرحاً‪..‬‬ ‫بع�ض الب�شر خلقوا ب�أرواح مالئكية‪ ..‬نذهب �إليهم ب�أعا�صري من حرية تتقاذفنا‬ ‫ونخرج منهم ونحن ن�سرتخي على �شاطئ الطم�أنينة الهادئ‪..‬‬ ‫التعب املفاجئ �ضوء �أحمر يذكرنا �أن لأبداننا علينا حق‪ ..‬و�أن اجل�سد �أمانة‬ ‫�سنعاقب �إن �أهملناه و�سط م�شاغلنا‪..‬‬ ‫امل�ست�شفيات �صالة عر�ض لق�ص�ص درامية خمتلفة‪ ..‬وحده رب العاملني من‬ ‫يكتب نهاياتها‪ ..‬لذلك‪ ..‬ليفرح املري�ض �أن �أمره بيد اهلل ويرتك عنه �سيناريو القلق‪.‬‬ ‫‪166‬‬

‫«ماما �أبي �أم�سك �أيدك»‪..‬‬ ‫ليت طفولته تدرك حجم امتناين هلل عليه‪ ..‬يده ال�صغرية وحدها احت�ضنت يدي حباً‬ ‫ال زيف فيه �أو خديعة‪..‬‬ ‫قد ن�صل �إلى نهاية طريق فنكت�شف �أننا نحتاج �إلى ‪ u turn‬يف حياتنا يعيدنا‬ ‫�إلى نقطة بداية جتعلنا من�شي دربنا ب�أمان �أكرث‪..‬‬ ‫الكربياء ‪..‬‬ ‫هو ذلك الفتات الذي تقتات عليه الكرامة لتبقى على قيد ال�شموخ عندما ي�صيبها‬ ‫اخلذالن بت�صحر ثقة‪..‬‬ ‫ما �أجمل �أن ن�ؤرخ عمرنا بكتابة خاطرة فرح يومية ب�أحرف من ع�شق على ورق‬ ‫الأيام بدل �أن نقطع كل يوم ورقة تقومي لنعرف الزمان‪..‬‬


‫كثرية هي �أوقات الفرح احلا�ضرة ‪� ..‬إال �أن �أحلى حلظة يف حياتي مل ت�أت بعد‪..‬‬ ‫لأن ما عند اهلل من خري‪..‬‬ ‫قد تكون احلقيقة مرة‪ ..‬ولكنها يف النهاية قد تكون العالج الذي ي�شفي �أكرث من‬ ‫داء‪..‬‬ ‫�أطول امل�شاوير‪ ..‬تلك التي من�شيها على طرق وعرة حمفوفة مبخاطر ُحفر ُك�شف‬ ‫عنها غطاء الت�سرت لنقع يف قاع مر الـحقيقة‪..‬‬ ‫اخليانة �سواء كانت من امر�أة �أو رجل لي�س لها مربر‪ ..‬والقلب احلنون ال�صادق‬ ‫لن يقبل �أبدا احتواء قلب لوثته اخليانة‪..‬‬ ‫نحن ال ميكننا تغري املا�ضي �أبداً‪ ..‬ولكننا قادرون دائما اال�ستمتاع باحلا�ضر وعلى‬ ‫تغري امل�ستقبل‪.‬‬ ‫من قوانني املحبة‪ ..‬ال تدفئ ل�سانك مبعطف الكذب وترتك قلب من حتب‬ ‫لفعلك بردان‪..‬‬ ‫وهل للفرح مذاق �أطعمة من �ضحكة �صافية البهجة نتناولها عذب �سعادتهم‪..‬‬ ‫الروح حتتاج للتجديد لتبقى طازجة على قيد العطاء‪ ..‬واخلروج عن امل�ألوف‬ ‫حالل ما دام �ضمن �إطار حدود ال�سالمة مع اهلل‪..‬‬ ‫قد نريد �شيئاً �إلى حد التعلق الذي يجعل ال حياة لنا من غريه ‪ ..‬ولكن يفاجئنا‬ ‫اهلل �أنه لي�س لنا و�أن حياتنا لن تنتهي بدونه لنثق باهلل فقط واختياره لنا‪.‬‬

‫‪167‬‬


‫العام اجلديد كالبيت اجلديد‪ ..‬هو فر�صة لت�أثيث النف�س ب�أمل فاخر وروح �أنيقة‬ ‫زاهية التفا�ؤل ‪ ..‬فليتنا ال ننقل له قلقنا القدمي‪..‬‬ ‫كثرياً‪ ..‬ما يكون �أثر ق�سوتنا على �أبنائنا بق�صد الرتبية‪� ..‬أ�شد وقعاً وق�سوة ‪ -‬علينا‬ ‫ من تلك التي منار�سها ‪ -‬عليهم ‪..-‬‬‫العطاء داء ال دواء له �إال مزيد من �إيثار‪ ..‬على �أن يكون ح�سب درا�سة جدوى‬ ‫نف�سية ت�ؤثرنا وال ت�ؤثر علينا‪..‬‬

‫‪168‬‬

‫اجلراءة ‪..‬‬ ‫هي حلظة جنون حتررها من و�صاية العقل‪ ..‬لتعي�ش بها لذة الال معقول و�أنت تتحدى‬ ‫رتابة احلياة‪..‬‬ ‫عالج الأمل مواجهته لأن يف الهرب منه املاً �آخر ي�ضاف �إلى وجعه‪..‬‬ ‫ماذا لو مار�سنا الأنانية بعد طول بذل وعطاء‪ ..‬ترى‪ ..‬هل ننت�صر لكرامة �أتعبها‬ ‫غزير الت�ضحية ب�شح املقابل‪� ..‬أم �سنتعب لأن النف�س تعودت كرم الإيثار؟‬ ‫ماذا لو قررنا �أن نواجه الأمل ب�شجاعة وندخل �إلى �أكرث مناطقه وجعاً‪ ..‬هل‬ ‫يهزمنا ب�شرا�سته‪� ..‬أم �أننا ننت�صر عليه بالثقة �أننا �أكرث منه قوة و�إميان‪..‬؟‬ ‫ماذا لو حطمنا كل حاجز ي�ضعه الآخرون يف طريق ما نريد‪ ..‬ترى‪ ..‬هل �سنكون‬ ‫�أ�سعد بفقدهم الذي ‪ -‬قد ‪ -‬يكون م�ؤقتا�ص متحوه الأيام‪� ..‬أم بو�صولنا ملا نريد؟‬


‫ماذا لو �سقينا ذابل الأحالم بعذب الأمل والعمل حتى لو كانت تربة الظروف‬ ‫غري �صاحلة ‪ ..‬ترى هل �ستموت ‪� ..‬أم �أن التم�سك بها �سيخ�صب تربة الواقع لتثمر‬ ‫الآمال‪..‬؟‬ ‫بخار قهوتي املت�صاعد يهم�س يل فيقول‪:‬‬ ‫احلزن‪� ..‬أ�سود �ساخن حارق و�أن له �أبخرة تطري بالهم وتبقي يف مرارة الدفء لذة‬ ‫لل�شاربني ‪ ..‬ويف رواية للمهمومني‪..‬‬ ‫بعد الإجازة ميكن �أن نقول ‪..‬‬ ‫و�أخرياً‪ ..‬عادت فو�ضى تفا�صيل اليوم لترتتب على �أرفف االنتظام داخل خزانة‬ ‫الوقت‪� ..‬شعور جميل‪ ..‬والأجمل �أن نفرح بكل خطوة نخطوها لعلم �أو عمل‪..‬‬ ‫العبقرية املهنية للكوادر ال�شابة يجب �أن تعطى حقها من الدعم حتى تغذي‬ ‫دماء التنمية الوطنية مبا ي�ضمن �سالمة حياة املجتمع‪..‬‬ ‫ال تهتم‪ ..‬ما دمنا �أنا و�أنت وثالثنا خفقات قلبني احتدا نب�ضاً‪ ..‬هذا هو الأهم‪..‬‬ ‫وما عداه لغط قول من عطا�شى ع�شق حال ال�صد بينهم وبني ورود نبعه‪!..‬‬ ‫القراءة‪ ..‬هي مفتاح العقول املغلقة لت�ستوعب املتغريات االجتماعية احلتمية‬ ‫فتكون عونا للمجتمع بدل �أن تكون عقبة يف طريق منوه‪..‬‬ ‫احذر‪� ..‬أن تقول بل�سانك ما ال تعجز عنه �أفعالك‪ ..‬لأن يف ذلك عبثاً ب�صمام‬ ‫ال�صرب مما ي�ؤدي �إلى انفجار الثقة‪..‬‬

‫‪169‬‬


‫خد�ش امل�شاعر جنحة عقوبتها احلب�س داخل �سجن ال�ضمري حتى يعلن‬ ‫التوبة‪� ..‬أما اخليانة فهي قتل متعمد لروح الإخال�ص ي�ستوجب الق�صا�ص هجراً‪..‬‬ ‫النوايا ال�صادقة تتبع طريق خمت�صراً لت�صل �إلى ت�صديق من نر�سلها �إليه‪..‬‬ ‫لذلك خطواتها ت�صل �أبواب القلوب قبل طرقاتها فتفتح لها �أبواب الثقة‪..‬‬ ‫من احلكمة �أن ال نتحول �إلى حمللني وحمققني وق�ضاة وقت احلوادث‬ ‫والأزمات‪ ..‬ال�صمت حكمة حتى يجلو ال�ضباب‪..‬‬

‫‪170‬‬

‫يخربنا اليقني باهلل‪� ..‬أن عدد الب�شر �أ�صعب من ح�صره برقم‪ ..‬ولكن الرب ‪-‬‬ ‫واحد �أحد ‪ -‬قادر على �سماع خلقه واحتوائهم و�أنه برحمته بهم رحيم ومن ف�ضله‬ ‫عليهم كرمي‪..‬‬ ‫يخربنا اليقني باهلل‪� ..‬أن لكل عبد �س�ؤ ً‬ ‫اال ومطلباً ي�ضعه يف ظرف من دعاء ير�سله‬ ‫لرب ال�سماء‪..‬و�أن القادر القدير بعلمه العليم يقول ملا فيه خري منه كوين فيكون‪..‬‬ ‫ليتهم يعلمون‪� ..‬أن قوة �صمغ الزيف الذين يثبتون به �أقنعة ال�صدق على‬ ‫�إخال�صهم �أ�ضعف بكثري من قدرته على تثبيتها‪..‬‬ ‫بع�ض القلوب من رقتها ت�صاب به�شا�شة �شعور‪ ..‬يك�سرها جتاهل ال يجربه �إال‬ ‫احتواء دافئ مع جرعات مكثفة من حنان‪..‬‬ ‫القلب الذي يغذي نب�ضه احلب‪ ..‬ال ميكن �أن ي�صوم عنه‪ ..‬حتى لو عا�ش �أوقاتاً‬ ‫عجافاً من خذالن‪..‬‬


‫تلك االبت�سامة التي حفرت للدموع �سداً جتمع فيه �سيل اخليبات‪ ..‬كانت قبلة‬ ‫�أخرية على جبني ال�صرب قبل وداعه على ر�صيف الفر�صة الأخرية‪..‬‬ ‫ذواتنا ت�ستحق �أن نحبها‪ ..‬ونهتم بها‪� ..‬أعطوا ذواتكم اهتمامكم تعطيكم رقيها‬ ‫و�سموها‪..‬‬ ‫�أنت من اخت�صر يل الب�شر يف �شخ�ص يحمل جمال احلياة و�أمانها يف قلبه‪..‬‬ ‫ليوم اجلمعة يف قلبي مكانة خا�صة‪ ..‬هو يوم الذكريات الثمينة التي ت�أتيني‬ ‫بتلك الطيوف اجلميلة فيت�صاعد ال�شوق مع رائحة القهوة وعبق البخور‪..‬‬ ‫�إن حتققت الأحالم ف�سيعقد الفرح قرانه عليها و�إن ا�ست�شهدت ف�سريثها تقدير‬ ‫الذات الذي �سي�شيعها �إلى مدفنها بو�سام �شرف املحاولة‪..‬‬ ‫قد ال ت�سمح لنا النافذة باخلروج من حجرة تكومت بها الأحالم‪..‬نحتاج لباب‬ ‫وا�سع نخرج منه �إلى �شاطئ الأمل نتنف�س هواء حتيا به الأحالم‪..‬‬ ‫قد يكون الواقع بنا رحيماً‪ ..‬ولكن �إن كان البد من موت‪ ..‬فلت�ست�شهد‬ ‫الأحالم وهي تقاتل ب�شرف لتنال حرية التحقق‪..‬‬ ‫االحرتام هو وهج معدن ال�شخ�ص الذي يجهر بريق ُه التقدير حني فراق‪..‬‬

‫‪171‬‬


‫�أرقى الرحيل‪ ..‬ما تفارقت فيه الأرواح وبقي االحرتام حا�ضراً‪.‬‬ ‫احلاجة هي احلافز للو�صول والدافع للإجناز‪..‬‬ ‫�أما الرغبة‪ ..‬فهي ذلك اال�ستمتاع والتعلق بال�شيء‪..‬وتلك القوة التي جتعلنا نقهر ما‬ ‫يعيق الو�صول �إلى الهدف‪..‬‬ ‫ابت�سامتك التي ترتب فو�ضى �إرهاقات الآخرين حني ت�صادفك من يخالف‬ ‫مبد�أ احلب واجلمال وال�سالم الذي اتخذته منهج حياة هو االختبار احلقيقي لإميانك‬ ‫بهم‪..‬‬ ‫‪172‬‬

‫�أناقة تفا�صيل اليوم تبد�أ بتنظيف الروح باحلب لكل �شيء وكل �أحد‪..‬ثم‬ ‫بو�ضع اجلمال نظارة حتجب عنا �ضرر ب�شاعة ما عداه‪..‬ثم التعطر ب�سالم ن�صافح به‬ ‫الأمان‪..‬‬ ‫الطريق رفيق‪..‬ف�أحبوا طرقاتكم للعمل للعلم �أو حتى لعالج‪ ..‬اقطعوا م�سافاتها‬ ‫بحب لت�صل بكم بعون اهلل �إلى النجاح والوعي والت�شايف‪.‬‬ ‫�إين على �شفا ٍ‬ ‫جرف ها ٍر من �شوق‪�..‬أرجتي الت�شبث بط َر ِف نربة‪..‬علها تنقذين‬ ‫من �سقطة ٍ‬ ‫موت حمقق يف وادي الوجد ال�سحيق‪..‬‬ ‫تفا�صيل �أوقاتي معك تقفز من نوافذ الذاكرة‪ ..‬لتلهو يف �ساحة القلب‪..‬‬ ‫وتت�أرجح على �أرجوحة امل�شاعر‪..‬يدفعها ال�شوق وتتلقفها اللهفة‪..‬و�أنا بني هذه وتلك‬ ‫�أبت�سم من عذب الإح�سا�س ‪..‬‬


‫كوب القهوة ‪ -‬حياة ‪ -‬نرت�شف حكاياتها ال�شيقة �أحاديث من متعة تخرج بنا‬ ‫عن مدار الزمان‪..‬‬ ‫علينا فقط �أن نح�سن اختيار رفيق الر�شفات‪.‬‬ ‫وجدت نف�سي‪ ..‬عندما اكت�شفت زيف بع�ض من حويل ف�أخرجتهم من حياتي‬ ‫لي�ستقيم كل �شيء بدونهم‪..‬‬ ‫وجدت نف�سي‪ ..‬عندما �آمنت �أين �أ�ستطيع فعل كل �شيء �أريده‪..‬‬ ‫متى ما الم�س الإميان �أرواحنا حدثت كل املعجزات‪..‬‬ ‫ُيدبر الأمر‪ ..‬ما دام ترتيب �أمري بيدك يا اهلل فال مكان خلوف ي�سكن نف�سي‪..‬‬ ‫ولن يعكر �صفو يقيني بك قلق‪..‬‬ ‫دمعة الطفل تعبري عن رغبة عجز عن البوح بها منطوق الكالم‪� ..‬أما ابت�سامته‬ ‫فهي امتنان لكل حب واحتواء من والديه يكون �أو كان‪..‬‬ ‫وجدت نف�سي‪ ..‬مع �أرواح نقية جمعها اهلل من �أماكن خمتلفة بدون �سابق‬ ‫معرفة‪ ..‬تقا�سمنا الفرح و�شربنا ال�ضحك حد االرتواء‪!..‬‬ ‫وجدت نف�سي‪ ..‬عندما �أكرمتها بت�صاحلي معها‪ ..‬فهمتها فجعلتها الأولى يف‬ ‫كل �شيء‪ ..‬هي الأهم وما بعدها ‪ -‬هي ‪ -‬من يقيم �أهميته‪..‬‬ ‫وجدت نف�سي‪ ..‬عندما ي�سر اهلل يل من ي�صهر ما ت�شكل لدي من قناعات بالية‬ ‫ثم يعيد �صياغتها �سمواً نقياً‪!..‬‬

‫‪173‬‬


‫ما �أجمل �أن تفتح �ستائر ال�شبابيك ‪ ..‬وتقول للكون كل �صباح ‪:‬‬ ‫�صباح الأمل املتعلق ب�أبواب ال�سماء ‪� ..‬صباح التفا�ؤل املنت�شر ذرات يف الهواء ‪..‬‬ ‫�صباح الب�سمة املر�سومة على �شفاه ال�سعداء‪..‬‬ ‫�أنا والطائرة‪ ..‬كنا �أعداء ‪ ..‬بيننا وبني اخلوف �أ�شر�س �صراع‪ !..‬ولكننا واحلمد‬ ‫هلل �أ�صبحنا‪ ..‬ع�شاقاً �إن طال بيننا البعد ‪� ..‬أتعبنا اال�شتياق‪!..‬‬ ‫رفيق ال�سفر �إما �أن يكون مر�ساة ثقيلة ت�سحب البهجة منك �إلى عمق‬ ‫ال�ضجر‪� ..‬أو يكون ن�سمة هواء لطيفة تطري بك �إلى �أعلى �سماوات ال�سمو والفرح‪..‬‬ ‫‪174‬‬

‫و�أنا بني ال�سماء والأر�ض‪� ..‬أت�أرجح مبتعة على �أرجوحة الت�أمل التي �صنعتها من‬ ‫جمال ر�سم اهلل به تفا�صيل ال�سماء‪..‬‬ ‫عند كل �إقالع‪� ..‬ألقي بكل فكرة مزعجة عالقة يف ثنايا عقلي و�أحلق‪ ..‬نحو‬ ‫�أفق �أ�سبح فيه و�سط ف�ضاء من هدوء‪ ..‬و�أنا �أتغزل بال�سماء و�أو�شو�ش الغيم‪.‬‬ ‫ال حتزن وتي�أ�س من رحمة الرحيم‪ ..‬كن على ثقة �أن ما عند اهلل خري و�أبقى‬ ‫وت�أكد �أن من �آمن باهلل منهم يف نعيم عند الكرمي‪..‬‬ ‫الثقة غالية‪ ..‬والقلب �أثمن من �أن متنحه ملن يهتم بك ويخاف عليك‪ ..‬مادمت‬ ‫ت�سري باجتاه �أمانيه هو ‪..‬‬ ‫لذلك‪ ..‬ا�شكر كل ت�صرف م�ؤمل منهم يك�شف لك زيفهم‪..‬‬


‫احلمد هلل‪..‬‬ ‫لرنددها كثرياً عندما تنك�شف الأقنعة عمن و�ضعنا ثقتنا فيه ولكنه عندما مل ن�أت‬ ‫على هواه �أعتقد �أن ال�ضرب مبطرقة اختبار الثقة �سي�ؤملنا‪..‬‬ ‫ال �أمتنى معرفة ما �سيحدث كي ال �أحزن قبل الوقت ملا قد يحزنني‪ ..‬وال �أفقد‬ ‫ده�شة الفرح وعمق ال�سعادة ملا قد يبهجني ‪ ..‬كل �شيء بوقته حلو‪..‬‬ ‫و�أنا �أحلق على �أجنحة الغاية و�سط �أفق من ارتياح‪ ..‬ي�صل بي �إلى مدن‬ ‫ال�سالم الداخلي‪� ..‬أت�ساءل‪..‬‬ ‫�أين هي م�شقة ال�سفر التي عنها يتحدثون!‬ ‫ابت�سم مهما كانت الظروف هذا هو الأهم‪ ..‬فعلب �أدوية عالج النف�س املُتعبة‬ ‫ُر�صت على قو�س ال�شفاه املبت�سمة‪!..‬‬ ‫ما دمنا قادرين على اخلروج ب�سهولة من دائرة احلزن وال�سلبية ال�سوداء املغلقة‬ ‫�إلى دائرة الفرح والإيجابية البي�ضاء ‪ ..‬فنحن بخري‪..‬‬ ‫مهما اختلفت الظروف وحاولت �أن جتذبك �إلى دائرة ُهم‪ ..‬فال ت�ست�سلم‪ ..‬كن‬ ‫ �أنت‪..‬‬‫من املهم �أن نتعاي�ش مع �أي ظروف حولك‪ ..‬ت�صنع �سعادتك يف �أي حال‪ ..‬ال‬ ‫تقبل االنك�سار واخل�ضوع واال�ست�سالم‪..‬‬ ‫التوازن‪ ،‬تقبل واحرتام الر�أي املخالف‪ ،‬الإميان �أن �أي فكر قابل لل�صواب‬ ‫واخلط�أ‪ ..‬كلها �ضوابط ل�سالمة و�سالم التعاي�ش يف املجتمعات‪..‬‬

‫‪175‬‬


‫لو اقتنع الكل بلكم دينكم ويل دين‪ ..‬و�أن اجلنة والنار بيد الرب وحده ولي�س‬ ‫لأحد من خلقة احلق يف احلكم على عباده ‪ ..‬لع�شنا ب�سالم‪..‬‬ ‫يف ظل متغريات الع�صر‪..‬نحتاج حلوارات دينية �شبابية ذات ر�ؤى خمتلفة حتى‬ ‫نربي جي ًال قادماً يتقبل االختالف ويتعاي�ش معه دون «�إن مل تكن معي ف�أنت �ضدي»‪..‬‬ ‫من عالمات اجلمال ال�صوت‪..‬رقة �صوت الأنثى مع نعومته بال ت�صنع‪..‬‬ ‫ورخامة �صوت الرجل مع هدوء ‪ ..‬يغلف نرباته‪..‬‬

‫‪176‬‬

‫ال�شِ عر‪ ..‬اخلاطرة اجلميلة‪ ..‬والكلمة احللوة‪ ..‬بع�ض من �أدوات اجلمال املكملة‬ ‫لأناقة ال�شخ�صية وجمال احل�ضور‪..‬‬ ‫ليتهم يقتنعون �أن بذر الأخالق يف النف�س من ال�صغر تنبت التزام و�صالحاً‬ ‫بدون احلاجة �إلى رقابة‪..‬‬ ‫ما ي�ؤمل يف املوت هو ال�شوق جل�سد ح�ضن الروح التي نحب ملا �شاء اهلل من‬ ‫وقت ‪ ..‬ولو فكرنا قلي ًال لأدركنا �أن الروح خالدة ال متوت‪..‬‬ ‫نظلم املوت عندما نعقد قرانه على الفناء! املوت والدة جديدة وحياة من‬ ‫�سعادة ال تفنى يف حياة اخللود ملن عمر قلبه الإميان‪..‬‬ ‫نعوذ باهلل من جربوت الب�شر و�شياطني الإن�س الذين عاثوا ب�أمن املطمئنني‬ ‫ف�ساداً‪..‬‬


‫النداء الداخلي هو �صوت ال�صدق اخلايل من زيف املجامالت والتبعية‬ ‫االجتماعية الذي يقودنا �إلى م�س�ؤولية القرار وبالتايل متيزه‪..‬‬ ‫متى ما وجدت من �أحب لك ما يحبه لنف�سه‪..‬‬ ‫متى ما تقبلك بكل حاالتك �سيئها وجميلها‪..‬‬ ‫متى ما وجدته عند حاجتك له يف ال�شدة �أكرث من الرخاء‪..‬‬ ‫فذلك هو املحب ال�صادق فتم�سك به والتفرط به �أبداً ‪..‬‬ ‫قوة الأنثى‪ ..‬يف و�شاح نعومة �أنيق من�سوج من خيوط اجلربوت املتني‪ ..‬غري‬ ‫قابل للتمزق بخ�شونة ال�ضعف امل�ستكني‪..‬‬ ‫�أعذب احلزن ‪..‬‬ ‫حزن راق�ص‪ ..‬يبكي الفقد وهو يرق�ص على �أنغام يقني اللقاء‪..‬‬ ‫ال�شوق نغم حزين يعزفه ناي ال�صبابة‪ ..‬يتمايل له القلب طرباً يف الوقت الذي‬ ‫يبكي فيه الوجد ولهاً‪!..‬‬ ‫�ساعات الرتقب التي ت�سري حافية القدمني على طريق ال�شوق ال�شائك‪� ..‬أعوام‬ ‫من وله من�شيه بتعب ينزف �أم ًال بلقاء ي�شفي جروح التوق ‪..‬‬ ‫�أنا‪ ..‬و�أنت يجف ريق ال�صرب فينا‪ ..‬فنتوقف ‪..‬بعد منت�صف ال�شوق‪ ..‬لتناول‬ ‫جرعة �صوت مغم�سة بقطعة طيف ت�سد رمق التوق ‪ -‬حتى ‪ -‬لقاء نرجو �أن يكون‬ ‫قريباً‪..‬‬

‫‪177‬‬


‫�أ�صبحت م�سافة ال�صرب �أطول‪ ..‬حتى �إين من وجدي جفت عروق ا�صطباري‪..‬‬ ‫و�أنا �أردد اللهم اط ِو عني بعد اللقاء و�أعذين من م�شقة احلنني‪..‬‬ ‫يقتلني �سم عقارب ال�ساعة و�أنا �أم�شي يف �صحراء ال�شوق حافية ال�صرب‪� ..‬أرجتي‬ ‫اخت�صار م�سافة االنتظار‪..‬‬ ‫الطائرة والليل وال�سفر‪ ..‬فتنة تغري خامل ال�شعور ليمار�س غواية الت�أمل‬ ‫الهادئ ليبحر على مركب من حب �شامل ير�سو على ميناء ال�شكر هلل على عظيم‬ ‫النعم‪..‬‬ ‫‪178‬‬

‫احلدائق جنات م�صغرة‪ ..‬تغرينا بروعة �إح�سا�س تزرعه فينا لنعمل لر�ضا اهلل‬ ‫�أكرث لنفوز بجنات خلود ما خطرت على قلب �أو عقل ب�شر‪..‬‬ ‫وما �أجمل �أن يكون لنا يف كل يوم من عمر الزمن عيد!‬ ‫�صوتك الذي يجلب الوله من بئر ال�شوق العميقة ي�سقيني غروراً حد االرتواء‬ ‫ثقة ب�أين يف قلبك �أنثى واحدة كتبت لها بنب�ضاته حلن اخللود‪..‬‬ ‫بعد منت�صف ال�شوق‪ ..‬ينقطع نف�س الرتجي ولهاً فريتاح الرتقب يف مقهى‬ ‫اخليال �شوقاً‪..‬يحت�سي قهوة �أحالم اليقظة املنع�شة ليوقظ بها �صرباً‪�..‬أو�شك على‬ ‫الدخول يف �سبات‪..‬‬ ‫تلك العيون اجلريئة التي قفزت فوق تردد الل�سان‪ ..‬فحملت ر�سائل القلب‬ ‫العا�شق‪ ..‬يليق بها الغزل‪..‬‬


‫الإميان �أ�صل ال�شفاء ومنه تتفرع �آالف الأدوية التي ن�ستخدمها للتداوي من‬ ‫العلل‪..‬‬ ‫�إجازة الوالدين‪� ..‬سعادة �أوالدهم‪ ..‬ومكاف�أتهم �ضحكة فرح نابعة من قلوبهم‪..‬‬ ‫واهلل يعظم الأجر‪..‬‬ ‫نحن بخري‪ ..‬ما دمنا م�ؤمنني �أننا بخري مهما �صادفنا يف م�شوار احلياة من ‪-‬‬ ‫خِ برْ َ ِات َع ٍ‬ ‫ثرَات ‪� -‬أو ‪ -‬درو�س خذالن ‪ -‬فنحن بخري متى ما �أردنا �أن نكون بخري‪..‬‬ ‫نحن بخري‪ ..‬ما دمنا نعي�ش اللحظة احلا�ضرة م�ستمتعني بلذة الدنيا ومباهجها‪..‬‬ ‫نعمل ب�أريحية متخففة من هم الغد‪ ..‬تاركني تدبري الأمر ملن بيده الأمر‪..‬‬ ‫نحن بخري‪ ..‬ما دمنا ن�صافح من نعرف وال نعرف بابت�سامة ‪ -‬نت�صدق بها وداً‬ ‫و�سالماً ‪ -‬فتعود علينا من عباد اهلل تقديراً واحرتاماً ومن اهلل حباً وغفراناً‪..‬‬ ‫ما دمنا يف يقني �أنه ‪ -‬لن ي�صيبنا �إال ما كتب اهلل لنا ‪ ..‬فنحن بخري‪ ..‬لن ي�أتينا‬ ‫من رب توكلنا عليه �إال اخلري الوفري والفرح اجلزيل‪..‬‬ ‫نحن بخري‪ ..‬مادمنا نغ�سل ما علق بالقلوب من بقع ُكره وحقد �سوداء‪ ..‬ببيا�ض‬ ‫احلب النقي ونعطره بعطر الت�سامح‪..‬‬ ‫�إن �أردنا ر�ضا اهلل بحق فلنفرح‪..‬نبت�سم‪ ..‬نعي�ش دنيانا ب�سعادة العبو�س واحلزن‬ ‫لي�س من �صفات من �آمن برب عظيم ‪ -‬ي�ضحك ‪ -‬لعباده‪ ..‬كما ورد يف الأحاديث‪..‬‬

‫‪179‬‬


‫الإرهابيون يف كل زمان ومكان ال يحبون اهلل‪ ..‬هم مر�ضى نف�سيون يحبون‬ ‫ال�سلطة والظهور‪ ..‬فاختاروا طريق ال�شر لأنه الأ�سرع‪ ..‬الذين يحبون اهلل ال ي�سعون يف‬ ‫الأر�ض قت ًال ودماراً‪..‬‬ ‫فاتن هو‪ ..‬امل�ساء‪ ..‬وهو يلب�س عقد الوله املر�صع بـلآلئ �سحر ال�شوق املتوهج‬ ‫ع�شقاً‪..‬‬ ‫ربي‪� ..‬أنت �أعلم مني مبا ميتلئ به قلبي وتتوق له نف�سي‪ ..‬من رغبات بدنيا‬ ‫فرح‪ ..‬و�آخرة فوز وحبور ‪ ..‬ربي تقبل مني وارزقني �سعادتهما‪..‬‬ ‫‪180‬‬

‫الإميان ‪ ..‬من دخله كان �آمناً و�أجمل الأمان‪ ..‬يف طم�أنينة تنري عتمة الروح‬ ‫وروحانية تغ�شى ال�شعور ويقني �أن اهلل مع عبده مادام قلب عبده معلق به �سبحانه‪..‬‬ ‫الرحمة والرزق وال�صحة ‪..‬وكل �أبواب اخلري‪ ..‬مفاتيحها بيد اهلل وحده‪..‬‬ ‫من بحث عنها عند غريه فقد �أ�ضاع كل مفتاح‪..‬‬ ‫�إن الر�ضا مبا ق�سم اهلل مع القناعة به �ستفتح لنا �أبواب اخلري كله لنقل فقط‪..‬‬ ‫احلمدهلل‪..‬‬ ‫يف وهج ظهرية احلرية‪..‬‬ ‫قلوب قالت ‪ -‬يا اهلل ‪ -‬ثم فر�شت ب�ساطاً من فرح‬ ‫تنزل ال�سكينة برداً و�سالماً على ٍ‬ ‫و�سط حدائق �سعادة اللحظة احلا�ضرة‪ ..‬متنا�سية كل هم ‪..‬‬


‫�صباح‬ ‫خيوط النور التي تزين ثغر الفجر‪ ..‬هي ابت�سامة الكون فرحاً بوالدة ٍ‬ ‫جديد‪ ..‬ولنفرح معه ونبارك ونحن نكرب ب�أذن يومنا الوليد ونطلق عليه ا�سم �أمل‬ ‫جديد‪..‬‬ ‫ما �أعذب غزارة �أمطار دموع الفرح‪..‬بعد كل‪ ..‬تلك ال�سحب ال�سوداء التي‬ ‫تراكمت و�سط �سماء النف�س!‬ ‫�إن تقبلنا اخلط�أ من مراهق �أو جاهل �ضل الطريق كان من ال�سهل �إعادته �إلى‬ ‫جادة ال�صواب‪ ..‬لنحافظ على �أبنائنا قبل �أن يغ�سل م�شاعرهم و�أرواحهم �سارقو‬ ‫العقول‪..‬‬ ‫م�شكلتنا �أننا ال ندرك متغريات املراحل العمرية لأبنائنا‪ ..‬نطلب منهم الكمال‬ ‫يف �سن الطي�ش‪ ..‬فنقفل دونهم �أبواب احتوائنا ليفتحها لهم �شياطني الإرهاب!‬ ‫ال�شخ�صية الواعية امل�ستقلة‪ ..‬التي ال تقبل التبعية‪ ..‬تبد�أ بذرة يف بيت مرتابط‬ ‫امل�شاعر‪ ..‬احلوارات فيه مهما اختلفت مطروحة بني �أفراده على طاولة النقا�ش‪..‬‬ ‫لغة جهاد القتل والهمجية لي�ست �صاحلة لهذا الزمان‪ ..‬ما نحتاجه هو جهاد‬ ‫املعرفة وزيادة من�سوب الوعي لنقطع دابر املخربني ونن�شر ال�سالم يف الأر�ض‪..‬‬ ‫ي�صدق كذب �شياطني الإن�س فيفجر نف�سه �شوقاً للحور العني‪ ..‬متنا�سياً عقاب‬ ‫احلق �أنه �سيكون يف جهنم من املخلدين‪..‬‬

‫‪181‬‬


‫و�سط ق�سوة احلروب والفنت التى نعي�شها‪� ..‬أ�صبح ال�سالم غاية ومطلباً‬ ‫عاملياً‪ ..‬لن نح�صل عليه �إال �إذا ابتد�أ الأمن وال�سالم من داخل الفرد فاجلماعة‪..‬‬ ‫فاملجتمعات‪..‬‬ ‫بي‪..‬‬

‫لأنه معي‪ ..‬ما عاد هناك جمال حللم‪ ..‬كل حقيقة يل �أ�صبحت حلظته اخلالدة‬ ‫لأنه معي‪� ..‬أ�صبحوا ن�سياناً و�أ�صبحت ذاكرته اخلالدة‪..‬‬

‫‪182‬‬

‫لأنه معي‪� ..‬أنا ملكة متوجة على عر�ش الع�شق‪� ..‬آمر وانهي على مملكة قلبه‪..‬‬ ‫يل ال�سمع والطاعة حباً منه و�إكراماً‪..‬‬ ‫�أ�ضاعوا طريقهم ون�سوا كل �صواب حواليهم‪ ..‬فقط‪..‬لأنه معي‪..‬‬ ‫لأنه معي‪ ..‬جن جنون حمقى كثريين حوايل‪..‬‬ ‫لأنه معي‪ ..‬مات �أم�سي‪ ..‬ن�سيت غدي‪ ..‬وولدت حلظة ت�ساوي عمراً �أعي�شها‬ ‫فرحاً به‪..‬‬ ‫لأنه معي‪� ..‬أعي�ش نهاراً ال ظلمة فيه‪ ..‬وفرحاً غري قابل الأفول‪..‬‬ ‫لأنه معي‪� ..‬أنا يف كنف ال�سعادة �أعي�ش و�أتلذذ‪..‬‬ ‫لأنه معي‪ ..‬ما عدت �أخ�شى على نف�سي من �شيء �أبداً‪..‬‬ ‫ويدبر الأمر‪ ..‬هو اهلل تعهد لنا بتدبري �أمورنا‪ ..‬وعد ووعده حق فمما نخاف‪..‬؟!‬


‫ال�صرب ككل �شيء له حدود‪ ..‬ولل�صابر طاقة يجب �أن يحرتمها الآخرون‪..‬‬ ‫�إن التوكل على ‪-‬القادر‪� -‬أق�صر الطرق للو�صول �إلى النجاح والفوز‪ ..‬و�أن من‬ ‫يرجو ذلك من خلقه فهو من املخذولني‪..‬‬ ‫�أ�سو�أ �أ�صناف الب�شر فقري الإبداع‪..‬الذي يحاول ال�سري على خطى متيزك بدون‬ ‫هوية‪�..‬أم ًال يف الو�صول �إلى ما و�صلت �إليه‪ ..‬ومع ذلك ينتقدك ويذمك!!‬ ‫ر�سائل ال�سماء‪ ..‬هي عناية الرب من فوق عر�شه عز وجل يفهمها كل ذي‬ ‫وعي‪ ..‬ويجهلها من �شغلته الظواهر عن الغو�ص �إلى عمق معنى الر�سائل‪..‬‬ ‫�أنا روح مثلك ت�شعر‪� ..‬أنا �إن�سان مثلك �أت�أمل‪ ..‬بغ�ض النظر عن ديني �أو مذهبي‬ ‫�أو جن�سي‪ ..‬فارحموا من يف الأر�ض يرحمكم من يف ال�سماء‪..‬‬ ‫تنزه �إ�سالم ال�سالم عن اغتيال �أرواح الآمنني ب�سالح الطائفية البغي�ضة‪!..‬‬ ‫حمروم‪ ..‬من ي�ستلقي م�ستمتعاً بالفرح على �ضفاف حياة الغري خائفاً من‬ ‫ال�سباحة �إلى عمق �سعادة ت�سكن رغباته ‪ -‬هو ‪-‬خوفاً من لوم الآخرين‪..‬‬ ‫�إن وعد امللك الوهاب ال ينق�ض وعدنا بالعطاء حتى الر�ضى ‪ ..‬لذا ف�أنا مطمئنة‬ ‫�أن ما عند اهلل �آت دون �صراعات تناف�س حاقد‪..‬‬

‫‪183‬‬


‫التوفيق بيد اهلل وحده ‪� ..‬أما الظروف والب�شر فهم �أدوات ي�سخرها اهلل لنا يف‬ ‫الوقت املنا�سب �أو مينعهم عنا مل�صلحتنا‪..‬‬ ‫�إن �صيام املعدة عن الطعام لن ُيقبل ما مل ي�صم الل�سان عن م�ضغ �سري النا�س‬ ‫واجرتار خ�صو�صيتهم و�أ�سرارهم‪..‬‬ ‫رم�ضان يعلمنا‪� ..‬أن جرعة ماء �أو لقمة طعام قد تكون يف �أماين املحتاج ثروة ‪..‬‬ ‫فيا رب �أدمها علينا نعمة واجعلنا لعبادك املحرومني ج�سر �إغاثة من كل حرمان‪..‬‬ ‫‪184‬‬

‫اجلوع والعط�ش يعلمنا‪� ..‬أن االمتناع عن الطعام وال�شراب ما هو �إال مكمل‬ ‫ل�صيام العباد عن ال�شحناء والبغ�ضاء والكرب والغطر�سة‪ ..‬و�أن هذا هو هدف ال�صيام‪..‬‬ ‫�إن القر�آن ماء بارد يروي عروق الطم�أنينة اجلافة متى ما قر�أناه بتدبر وتلذذنا‬ ‫عذب معانيه‪..‬‬ ‫�أن اجلوع جوع القلوب �إلى �صفاء النوايا‪ ..‬و�إن العط�ش هو عط�ش الأرواح �إلى‬ ‫�أمانٍ يروي ظم�أ الب�شر �إلى ال�سالم‪..‬‬ ‫يف الإجازات ‪..‬‬ ‫عندما جتتمع اال�ستفادة مع املتعة ت�سمو الروح وتتجلى‪ ..‬وي�صبح الوقت عمراً من‬ ‫فرح‪..‬‬


‫خلقنا اهلل لنكون خلفاءه يف الأر�ض‪ ..‬نعمرها باحلب واجلمال وال�سالم ومل‬ ‫يعطنا ال�صالحية لنكون ق�ضاة نحا�سب النا�س ونقب�ض �أرواحهم با�سم الرحمن‬ ‫الرحيم‪..‬‬ ‫كف الغدر الذي �صفعت به وجنات مروءتنا يجب �أن يجعلنا نحذر بدون �أن‬ ‫يتوفق عطا�ؤنا عن �صب الرحمة يف ك�ؤو�س الفرح الفارغة حتى ي�شرب كل حمتاج‪..‬‬ ‫قهوة امل�ساءات املت�أخرة ال ي�ستلذ بها �إال من �أرادها �سكراً يحلي به ليلة �سهر‪!..‬‬ ‫ماذا لو �أين وجدت مفتاح الهرب �إلى منفى خارج حدود قلبك‪ُ ..‬ترى‪ ..‬هل‬ ‫�أتنف�س حريتي خارج �أ�سوار حبك‪� ..‬أم �أين �س�أكون ل�سجن ع�شقك من العائدين‪..‬؟‬ ‫ماذا لو ك�سرنا كربياء ‪ -‬لو‪ -‬وحتررنا من �سيطرة هيبتها بفِعل ما نريد متى ما نريد‬ ‫حتى ال مي�ضي عم ٌر من ندم يكرث فيه قول ماذا لو كنا فعلنا ما تريد‪..‬‬ ‫قهوة ال�سهارى‪ ..‬تطلق �سراح �أحا�سي�س �ضاق بها قف�ص القلب بعد �أن ُتنع�س‬ ‫العقل ليقع يف بئر ال�سبات‪..‬‬ ‫تلك الأ�شياء التي نت�شاركها حلماً‪ ..‬هي واقعي الأجمل الذي يجعلني �أنت�شي‬ ‫بعبري اللحظات‪!..‬‬

‫‪185‬‬


‫بني العقل والقلب‪ ..‬م�سافة نحار بها وحتار بنا‪.‬‬ ‫الأنثى القوية هي �أرق املخلوقات عاطفة ولكنها تلب�س القوة درعاً يحمي‬ ‫�شفافيتها من �سهام الق�ساة‪..‬‬ ‫الدعاء والأذكار قبل االختبار‪� ..‬أو عندما يقف دماغك عند حاجز الن�سيان‪..‬‬ ‫يفتح لك طريق التذكر ويدلك على درب املعلومة التائهة‪..‬‬ ‫ملن خانهم الوقت �أو الظروف عن املذاكرة كما يجب �أقول‪ :‬ال حتزنوا وال‬ ‫تهتموا‪..‬اهلل برحمته وكرمه �سيكون معكم و�ست�أتي �إجاباتكم كما حتبون‪..‬‬ ‫‪186‬‬

‫رحالتك اال�ستك�شافية �إلى داخلك �ست�صل بك �إلى من�سوب عالٍ من الوعي‬ ‫الذي �سي�ضيء لك كل ظالم يحيط بك‪..‬‬ ‫قد يخفق الطالب رغم اجلد واالجتهاد‪ ..‬لذلك ال حتزن �أو تهتم‪ ..‬قد يكون‬ ‫ذلك بداية جناح �أعظم لك‪..‬‬ ‫بعد االختبار ام�سح من ذاكرتك ما �أح�سنت به �أو �أخفقت من اختبار مادة‬ ‫يومك‪ ..‬وذاكر للمادة اجلديدة بذاكرة طازجة‪..‬‬ ‫الروح احللوة �سر اجلمال‪..‬‬ ‫الف�شل والإخفاق لي�س نهاية العامل‪ ..‬قد يكون هو �أول طرق النجاح الذي‬ ‫يختارونه هم بدون و�صاية من �أحد‪..‬‬


‫الأمن والأمان يف النف�س واملال والوطن‪ ..‬حق م�شروع لكل �إن�سان بغ�ض‬ ‫النظر عن جن�سه �أو لونه �أو ملته‪..‬‬ ‫نخطئ‪ ..‬عندما نحمل �أطفالنا ال�صغار ماال يطيقون من واجبات دينية ال‬ ‫يتحملها �صربهم ال�صغري‪..‬يكفيهم منا زرع القيم و�سقياها بالقدوة احل�سنة ل�صالح‬ ‫قادم‪..‬‬ ‫حر�ص اين ال�صغري على �صالة اجلمعة دون �إجبار مني يجعلني �أطمئن �أن‬ ‫بذرة اخلري حتتاج ل�سقيا جيدة فقط ووقت ٍ‬ ‫كاف لتطرح ثمارها احللوة دون ق�سوة �أو‬ ‫ا�ستعجال‪..‬‬ ‫‪187‬‬

‫وحدها تلك الأ�شياء ال�صغرية التي تطلب بها ود �أفراحي الكبرية‪ ..‬هي ما‬ ‫�أحتفظ به م�ؤونة ُم ْ�شبِعة‪� ..‬أغم�سها برائق الفرح و�أنا �أتناول حلو الذكريات‪..‬‬ ‫الذاكرة ال�سليمة‪ ..‬هي تلك الأ�شياء اجلميلة واللحظات ال�سعيدة التي نحر�ص‬ ‫ما�ض مات‪..‬‬ ‫على بقائها دافئة حية ونحن نخرجها من ثالجة ٍ‬ ‫تلك الأ�شياء التي نت�شاركها حلماً هي واقعي الأجمل الذي يجعلني �أنت�شي‬ ‫بعبري اللحظات‪..‬‬ ‫القمر‪� ..‬شامة بي�ضاء على خد الليل الأ�سود‪ ..‬يخربنا �أنه من رحمة اهلل هناك‬ ‫دائماً نفق من نور قادر على اخرتاق قتامة كل ظلمة‪..‬‬


‫�سبحانك ربي ما �أكرمك‪..‬ال خوف على من �آمن بهذا الرب العظيم‪..‬ارموا‬ ‫الهم بحقائب من دعاء وناموا على و�سائد الراحة‪..‬‬ ‫من �أجمل ما �سمعت‪ ..‬فع ًال‪ ..‬الدين حب و�سعادة وحياة‪..‬‬ ‫ال ي�سرق الفرح منا �إال التفكري مب�ستقبل متعكز على ذكريات ما�ض مت�صدع‬ ‫ببع�ض العرثات لنعي�ش اللحظة احلا�ضرة ونفرح بها‪..‬‬ ‫الأم بالأخ�ص‪ ..‬هي من تنحر راحتها قرباناً لراحة �أوالدها‪..‬‬

‫‪188‬‬

‫على �سبيل املكاف�أة نغلف قلوبنا بورق من حب براق‪ ..‬ونهديها ملن جعل من‬ ‫قوله وفعله وقلبه مظلة تقينا حر حقد احلا�سدين وظلم الظاملني‪..‬‬ ‫لي�س �أجمل من �أن تخلع عنك �أقنعة الزيف والتجمل وتكون �أنت بدون‬ ‫�أن حتاول الت�شبه بغريك فتكون الغراب الذي ن�سي م�شيته وهو يحاول تقليد م�شي‬ ‫احلمامة‪..‬‬ ‫بع�ض النا�س رحمة من رب العباد‪ ..‬ير�سلهم اهلل لك وبيدهم مفتاح حلقات‬ ‫تفرج !!‬ ‫ال�ضيق التي ا�ستحكمت حلقاتها فيفتحها مبفتاح احلل وقد كنا نظن �أنها ال ُ‬ ‫احلمد هلل على نعمة قلوب �أحاطني اهلل بها‪ ..‬حتتويني بحب‪ ..‬وتعطيني حتى‬ ‫�أتذوق من الر�ضا �أحاله‪..‬‬ ‫�أم�شي على �شاطئ قلبك حافية القدمني مطمئنة �أن �إخال�صك خالٍ من‬ ‫زجاج خيانة يجرح �أقدام ثقتي الرا�سخة بك‪..‬‬


‫العتاب‪ ..‬ع�شق خذله تقزم الهدوء ف�أراد �أن يثبت حجم عمقه بنربة غ�ضب!!‬ ‫من ير�سله اهلل كقب�س من نور ي�ضيء لك ما �أظلمت به متاعبك من دروب‬ ‫حياتك ‪� ..‬إن�سان بـ�أحا�سي�س دافئة ي�ستحق منك �أن تقدم له دعواتك ال�ساخنة على‬ ‫طبق من امتنان‪..‬‬ ‫ا�سفنجة االحتواء التي متت�ص بقدرة فائقة ما ين�سكب من م�شاعرنا العكرة �أثناء‬ ‫امتالء النف�س بالغ�ضب ‪� ..‬أحا�سي�س دافئة يجب �أن نحافظ عليها من برودة البعد‪..‬‬ ‫ولي�س كالأب �أحد بني الب�شر عذابات احلياة ميت�صها ح�ضنه الدافئ فتذوب‬ ‫الهموم دموعاً تت�ساقط من العني �إلى خارج روح ت�سكن اجل�سد‪..‬‬ ‫ال يرمي النخل ال�شامخ بحجر �إال حاقد ناق�ص يحاول �أن يك�سر علو الهمم‪..‬‬ ‫فريتد على ر�أ�سه ح�صاه‪..‬ويت�ساقط على النا�س حلو الثمر‪..‬‬ ‫وب�شر ال�صابرين‪ ..‬وحدها وعود اهلل ومواثيقه غري قابلة للنق�ض �أو اخليانة ‪..‬‬ ‫ووحدها ب�شائره �سبحانه جتعلنا ننام على و�سائد االطمئنان ونحن ال نخاف �أذى‪..‬‬ ‫يا اهلل‪ ..‬ب ُنطقها‪ُ ..‬تفتح �أبواب �سجون ال�صدور‪ ..‬ل ُيفرج عن كل هم �ضاقت به‬ ‫النف�س‪ ..‬ويخرج الفرح ليعانق ب�شوق حلو احلياة بعد طول غياب‪.‬‬ ‫ال عجب‪�!..‬أن ت�صيبك قذائف احلقد‪ ..‬وكث ٌري من �سهام احل�سد‪..‬لأنك‬ ‫بب�ساطة على‪� ..‬سبيل الكمال‪ ..‬بثقة تخطو ‪!..‬‬

‫‪189‬‬


‫امر�أة املواقف ال�صعبة و�أنثى امل�ستحيل‪..‬هي خارج مناف�سة الإناث‪..‬‬ ‫لذا‪� ،‬شبه كمالها �أ�سقط كل امر�أة غري ها من قلبه فـغارت منها الن�ساء‪..‬‬ ‫ي�ستحيل فقط ا�سرتجاع �أوقات فرح دفنت حتت الرتاب مع �أ�صحابها ‪ ..‬لذا‬ ‫رحمنا اهلل بتخزينها يف عقولنا ذكريات م�ضغوطة يعيد حنينا ت�شغيلها وقت ي�شاء‪..‬‬ ‫قد ت�صبب ال�شيخوخة حب حبيب حلبيب‪ ..‬ولكن‪ ..‬حب الأم لأبنائها يبقى‬ ‫فتياً ال يهرم �أبداً‪..‬‬

‫‪190‬‬

‫�إلهي‪�..‬أنت وحدك من يعلم يف �أي جيب من جيوب احلياة يختبئ رزقي‪..‬فـيا‬ ‫رب‪� ..‬أنر يل ب�صراً ال يخطئ مكانة‪..‬وب�صرية ال حتيد عن درب حكمة يو�صلني �إليه‪..‬‬ ‫قبح‬ ‫خلق اهلل الكون بجمالٍ �آ�سر‪ ..‬من فتنته‪ ..‬يغ�ض ب�صر اجلميل عن كل ٍ‬ ‫فريى كل �شيء يف الوجود جمي ًال‪.‬‬ ‫مباذا يخربين الليل ؟‬ ‫يخربين �أنه �صديق ال�سهارى‪ ..‬يدعوهم كل ليلة �إلى �سهرة يتجاذبون بها �أطراف ‪-‬‬ ‫الت�أمل ‪ -‬على ب�ساط من هدوء‪..‬‬ ‫مباذا يخربين الليل ؟‬ ‫يخربين �أنه متى ما �أ�سدل الظالم �ستائره ال�سوداء‪ ..‬فتح البوح �أزرار ال�صمت‬ ‫اخلانقة‪ ..‬ليتنف�س عذب احلرف ونقي الكالم‪..‬‬


‫�س�أكتب على جدران العا�شقني ‪..‬‬ ‫�أن القلب الناب�ض بال�صدق ‪ -‬الأمني ‪ -‬كنز ثمني‪ ..‬ال يفرط فيه �إال م�ستهرت لب�س‬ ‫رث ثياب ال�سفه ‪ -‬غ�شيم ‪..-‬‬ ‫وتبقى‪ ..‬براءة الطفولة ُطهر ال يتلوث بعهر احلروب!!‬ ‫ويبقى الفرح �أن�صع بيا�ضاً من قتامة الهم‪ ..‬ويبقى الع�سر عاجزاً عن هزمية‬ ‫ي�سرين وعد اهلل عباده بهما‪..‬‬ ‫�صرخات الوجع و�أ�صوات الأنني املخزنة يف زوايا غرف االنتظار يف‬ ‫امل�ست�شفيات جتعلنا ن�سجد هلل �شكراً على نعمة ال�صحة ون�س�أله دوام العافية‪..‬‬ ‫وتبقى الب�شا�شة التي تر�سم على مالمح الوجه �أعذب ابت�سامة‪ ..‬خري �سفري‬ ‫للنوايا احل�سنة بني الب�شر‪!..‬‬ ‫الع�صبية داء‪� ..‬آثاره اجلانبية ‪ -‬عنف ‪-‬‬ ‫لنعالج الأمر باحلكمة املنزهة عن �سلبيات الق�سوة‪..‬‬ ‫ال تطلبوا من �أبنائكم الهدوء يف ال�صباح و�أنتم على فوهة بركان من ع�صبية‪!..‬‬ ‫ت�صرفات �أبنائنا ما هي �إال انعكا�س لت�صرفاتنا ‪ ..‬لذا فلنفعل �أمامهم ما نتوقع‬ ‫منهم �أن يتعاملوا به معنا ومع النا�س يف حياتهم‪..‬‬ ‫العيون‪� ..‬ساعي بريد ويف يو�صل �أحاديث القلوب العا�شقة بظرف من نظرة‪..‬‬

‫‪191‬‬


‫�أحادث العيون ‪� -‬أ�صدق ‪ -‬و‪� -‬أكرث عذوبة ‪ -‬من ثرثرة الل�سان‪..‬‬ ‫للأنثى م�شاعر من ب�ساطتها ت�صعب على فهم الرجال‪!..‬‬ ‫الغروب‪ ..‬قبلة �أمتنان على ثغر نها ٍر ابت�سم لنا وداً‪ ..‬حتم ُّر لها وجنتا ال�سماء‬ ‫خج ًال‪..‬‬ ‫رب �صدفة تطرق �أبواب القلب من غري ميعاد‪ ..‬فيفتح الفرح لها باباً تدخل‬ ‫منه لتجل�س بخيالء و�سط �صدر الأيام‪..‬‬

‫‪192‬‬

‫ال�شوق‪ ..‬هو ديكتاتور الع�شق‪ ..‬يبط�ش بنا دون �شفقة ويجعلنا نتو�سل البعد �أن‬ ‫يرحمنا ‪ -‬بنظرة عني ‪ ..-‬و�أ�ضعف الإميان ‪ -‬نربة ‪..-‬‬ ‫اخلط الأ�صفر‪ ..‬هو �أجمل اخلطوط و�أق�صرها للو�صول �إلى الهدف‪..‬‬ ‫رائحة املطر‪ ..‬عطر تتعطر به الأر�ض فتنت�شي له الروح‪..‬‬ ‫ال�ضغط يولد االنفجار واالنفجار دمار‪ ..‬لذلك من اخلري �أن نطبق ‪ -‬ال �إفراط‬ ‫وال تفريط ‪ -‬مع �أبنائنا يف هذه الفرتة لنحافظ على التوازن ونحقق الفائدة‪..‬‬ ‫ال َع ّجا ْز الك�سول هو من �سيو�صلنا �سريعاً �إلى طريق االخرتاعات التي نتو�سد‬ ‫فيها الراحة‪..‬‬ ‫الأمان املادي‪ ..‬والرتبية التوجيهية لي�ست هي فقط ما يحتاجه الأبناء‪� ..‬أبنا�ؤنا‬ ‫بحاجة حب و�أمان عاطفي ح�صري ال مينحه �إال الوالدان‪..‬‬


‫حق الأبناء �أكرب و�أعظم من �أن نن�ساه يف زحمة امل�شاغل‪ ..‬من حقهم علينا‬ ‫تعوي�ض يليق بهم عن وقت �أ�شغلنا فيه العمل عنهم‪..‬‬ ‫و�صاية العقل على القلب متنحه احل�صانة من عبث الكاذبني وزيف املنافقني‪..‬‬ ‫متى ما ا�ستلمت �شهادة القرب من الكمال بظرف من مذمة ناق�ص فا�سجد هلل‬ ‫�شكراً على متيزك‪ ..‬وتذكر �أن اجلبل ال يهتز من ريح‪..‬‬ ‫من اخلط�أ �أن نغو�ص �إلى عمق نبع التفكري العكر لن�شرب مر احلرية يف وقت‬ ‫من اهلل علينا به بـن�شوة ال�شعور‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫عدم الرد عند الإ�ساءة هو لي�س فقط رقياً‪ ..‬هو �أي�ضاً �صفعة موجعة على خد‬ ‫املهاترات بكف التجاهل‪..‬‬ ‫القناعة والإميان بخري الأقدار و�شرها مفتاح كل خري‪..‬‬ ‫ونحن نعي�ش ن�شوة الفرح بن�صر اهلل لنا‪ ..‬ليتنا ال نن�سى الدعاء ملن ا�ست�شهدوا‬ ‫يف �سبيل كلمة اهلل ثم حمايتنا‪..‬‬ ‫�ألذ القهوة‪..‬‬ ‫ فنجان من �صوت ‪ -‬يغلي على نار ال�شوق‪ ..‬نرت�شف كلماته ب�سعادة �إلى �آخر حرف‪..‬‬‫�أحاديث رفقاء �سويعات االنتظار العابرين الذين ال نعرف حتى �أ�سماءهم‪..‬هي‬ ‫�أ�صدق درو�س احلياة‪..‬لأنها ت�أتي �صادقة عفوية مطهرة من �أ�صباغ التجمل‪..‬‬

‫‪193‬‬


‫يحدث �أن تتجمل ال�صباحات لنا‪ ..‬فتمنحنا �إطاللة ح�سن وبهاء جتعلنا ندندن بفرح‪..‬‬ ‫االنتظار‪ ..‬اختبار �صعب‪ ..‬ولكن‪� ..‬ص ٌرب ٌ‬ ‫جميل واهلل امل�ستعان{ ‪..‬‬ ‫وما بعد املكان �إال حيلة كاذبة‪ ..‬يربر بها القلب املفارق نية الهجر‪..‬‬ ‫كيف �أجيب قلبي اللحوح عندما ي�س�أل ‪ -‬هل ‪ -‬و‪ -‬متى ‪ -‬؟ ال �أعلم !! كل‬ ‫ما �أعرفه �أين على قيد الرجاء ‪� -‬أنتظر ‪..-‬‬ ‫ال�سفر هرب م�ؤقت متى ما �ضاق حبل امل�س�ؤولية‪..‬‬ ‫‪194‬‬

‫ال �أعلم هل ي�صهرنا ‪ -‬التباعد ‪� -‬أم نحن من نذيب ‪ -‬ال ُبعد ‪! -‬‬ ‫وكم من متعة كانت تائهة وجدناها يف حقائب �سفر!!‬ ‫الفر�ص ال�ضائعة حيلة املتخاذلني‪..‬‬ ‫الفر�ص والدة ال موت فيها وال فناء‪..‬‬ ‫لأننا ب�شر فنحن خطا�ؤون‪ ..‬لو حاولنا �أن نرتقي لنزاهة املالئكة �ضاع منا‬ ‫الطريق‪..‬الأف�ضل حماولة جتنب اخلط�أ ‪ ..‬ولكن �إن حدث فرحمة اهلل قابل التوبة‬ ‫وا�سعة‪..‬‬ ‫قهوة ‪ -‬ال�سبت ‪-‬‬ ‫ر�شفات من ك�سل لذيذ‪ ..‬تن�سكب داخل اجل�سد خدور ممتع متنحنا دفئ ال�شعور‬ ‫في�سيل متجمد الفرح!‬


‫اال�ستبداد يف كل �شيء ظلم ورجعية‪ ..‬ما جعلنا اهلل �أمة و�سطاً‪..‬وال جعل �أمرنا‬ ‫�شورى بيننا‪� ..‬إال لي�ضعنا على الطريق ال�صحيح يف منظومة احلياة‪..‬‬ ‫كل منهما �صاحلاً وطالح‪..‬‬ ‫الأخالق ال ترتبط برثاء �أو طبقة اجتماعية‪ ..‬ففي ٍ‬ ‫عجباً ممن يطغى برثائه‪!..‬‬ ‫الأخالق ال ي�شرتيها مال‪ ..‬والو�ضاعة مل تكن وكالة ح�صرية على الب�سطاء‪..‬‬ ‫(�إماطة الأذى عن الطريق �صدقة) وما �أكرث من يبخل على نف�سه ب�صدقة ال‬ ‫تكلف �شيئاً �سوى كف �أذى ب�صقه ‪� -‬أجلكم اهلل ‪ -‬على �أر�صفة مي�شي عليها النا�س!‬ ‫ذات �سر ن�سجت من خيوط طيفك املخزن يف ذاكرة القلب معطفاً من دفئ‪..‬‬ ‫�أرتديه عندما ي�شتد برد ال�شوق‪..‬‬ ‫مل يعد هناك مت�سع ل�ص ٍرب َيرتِق بف�شل رقعة الرجاء‪..‬‬ ‫يكفي‪ ..‬لنكن �أنا و�أنت فقط فـلم يعد هناك مت�سع من حتمل يطيق كل هذا‬ ‫ال�صخب وال�ضجيج‪..‬‬ ‫النعيم الذي �أ�ستظل به من حرارة فراغ القلب يف جنة ع�شقك والنار امل�شتعلة‬ ‫التي تتغذى من حطب غريتي عليك‪ ..‬تناق�ضات فاخرة تتجاذبني فيها مالئكة‬ ‫و�شياطني‪..‬‬

‫‪195‬‬


‫قلبي املهاجر �إلى وا ٍد غري ذي فرح �إمتلأت جتاويفه بال�سعادة ومل يعد هناك‬ ‫مت�سع ٍ‬ ‫ملزيد من حزن‪..‬‬ ‫�سحر العيون‬ ‫ ُطعم �شهي ‪ -‬يف ‪ -‬م�صيدة القلوب ‪..-‬‬‫الراحلون ‪ -‬الأحياء ‪-‬‬ ‫ورقة خريف �صفراء ياب�سة‪ ..‬جفت منها ن�ضارة الود ف�سقطت على �أر�ض الرحيل ومل‬ ‫تلبث �أن تفتت وتناثرت من رياح التجاهل‪..‬‬ ‫مل يعد هناك مت�سع ٍ‬ ‫لوقت تتناثر �أجزاء �ساعاته على �أر�صفة االنتظار!‬ ‫‪196‬‬

‫�أنا ‪ -‬و‪� -‬أنت ‪ -‬و‪ -‬الع�شق ‪-‬‬ ‫يف اجتماعنا حياة �أعمق‪ٌ ..‬‬ ‫وحفظ من كل تعب لعني‪..‬‬ ‫ت�ست�شهد يف �سبيل ال�ضمري �ألف فر�صة وتغتال براءة ال�ضحكة‪ ..‬و ُتقتل قلوب‬ ‫كل ذنبها �أنها كفرت باخليانة!‬ ‫الأحالم‪ ..‬هي قطرات ندى الأماين التي تتكثف على بتالت الروح لت�سقي‬ ‫الرغبات برقراق الأمل‪..‬‬ ‫لي�س �أجمل من تعاطي االبت�سامة كمن�شط �صباحي لننعم بيوم متفائل‬ ‫جميل‪..‬‬ ‫غ�صة الكالم حتتاج جلرعة بوح تدفع خانق ال�صمت وتفتح جمرى ال�صفاء‬ ‫ليتنف�س الود من جديد‪..‬‬


‫جمال الأنثى يزيد يف حياء يغتال بذيء اجلراءة دون �أن ت�سلب اجل�سارة‬ ‫روحها املنا�ضلة يف �سبيل و�ضع ب�صمة لتلك الأنثى على وجه احلياة‪..‬‬ ‫جمال الأنثى يزيد يف ثقافة تردم حفر ال�سطحية‪ ..‬وبقوة ال تخد�ش �شفافية‬ ‫نعومتها الفطرية‪ ..‬وبتوا�ضع وحنان يت�سلق حواجز الق�سوة والفوقية‪..‬‬ ‫طبياً‪..‬‬ ‫نب�ض القلب = حياة ج�سد‪..‬‬ ‫معنوياً‪ ..‬نب�ض القلب = حياة روح‪..‬‬ ‫لذا‪ ..‬فالقلب �أمانة ي�أثم من يلقي به على رف الإهمال حتى يخفت نب�ضه!‬ ‫بعد الأرواح ال يقا�س �أبداً بامل�سافة‪..‬‬ ‫وحدة قيا�سه الأدق تكون ب�سرعة احتواء ذلك القلب لك يف حاجتك له فرحاً �أو‬ ‫حزناً رغم بعد اجل�سد‪..‬‬ ‫نتجرع ُمر التجربة لنح�صل على حلو اخلربة‪..‬‬ ‫رحمات جتعلنا نفيق على منبه القوة بعد جرعة خمد ٍر من‬ ‫يف بع�ض الق�سوة‬ ‫ٌ‬ ‫حنانٍ كاذب‪..‬‬ ‫ممتنة لغيابك الذي جعلني �أمت�سك بك حد الت�شبث‪� ..‬إذ �أ�شعرين كم �أن‬ ‫احلياة خرائب موح�شة بدونك!!‬ ‫ممتع هو ذلك ال�سكوت الذي يحرم املتطفلني لذة �إ�شباع جوع الف�ضول‪..‬‬ ‫ومينحك �أنت وجبة م�شبعة من لذيذ الكالم ال�صامت‪..‬‬

‫‪197‬‬


‫يحدث �أن نقدم بائت الذكرى على مائدة ال�شوق‪ ..‬نتناولها ببطئ ونحن‬ ‫نغم�سها بحلو التفا�صيل علها ت�سد رمق الوجد‪..‬‬ ‫ما �أمتع املائدة التي ت�شبع جوع العاطفة وت�سد احتياج الروح عن نق�ص‬ ‫االحتواء والألفة قبل �أن ت�شبع البطون اجلائعة‪..‬‬ ‫الأب هو ال�سند القوي‪ ..‬الذي ت�ستند عليه الأنثى كي ال تنك�سر لو �سقطت‬ ‫يف حفرة من حفر احلياة اخلطرة‪..‬‬

‫‪198‬‬

‫«�أنا عند ظن عبدي»‬ ‫كيف لنا جتاهل وعد اهلل واالجنراف وراء خوف و�سو�س به ال�شيطان ‪ ..‬يا رب عليك‬ ‫نتوكل وبك ندفع ال�شرور ونحارب‪..‬‬ ‫«اعقلها وتوكل»‬ ‫اخلوف والرتدد‪ ..‬مكابح جناح و�أ�صفاد غليظة تغلق منافذ الو�صول �إلى خري خزنه اهلل‬ ‫خلف �أبواب اجلراءة ‪..‬‬ ‫الإميان بالقدر خريه و�شره ‪� ..‬أمر رباين يلخ�ص لنا فل�سفة دوران احلياة وتقلباتها‬ ‫لنحافظ على توازن االنفعال مع متغرياتها‪..‬‬ ‫خذ الن�صيحة من النا�س‪ ..‬ثم ا�ستفت قلبك وافعل ما �شئت‪.‬‬ ‫يا عالم الغيوب‪ ..‬يا من ال يخفى عليه �سر وال ت�سترت عنه نية‪ ..‬اك�شف لنا‬ ‫�سرت كل منافق كذاب‪ ..‬واحفظنا بحفظك ممن ال يخافك فينا وال يرحمنا‪..‬‬


‫التفكري بالأم�س امليت يجرح �شفافية تفا�ؤل ال�صباح ويثكل الأمل فيه ال�صباح‬ ‫بداية جديدة حلا�ضر وليد ٍ‬ ‫وغد ب�أمر اهلل �سعيد‪..‬‬ ‫متى ما �سبق حبنا هلل ورحمته خوفنا من عقابه ‪� ..‬أقبلنا ب�شغف على ما �أمرنا به‬ ‫واجتنبنا عن اقتناع عن ما نهانا عنه‪..‬‬ ‫يحتاج القلب بني فرتة و�أخرى �إلى �إجازة م�ؤقتة من العقل ميار�س فيها الطي�ش‬ ‫ب�أجمل �صوره‪..‬‬ ‫كيف تتعامل مع الذكريات؟‬ ‫فرح �ألب�سها روحي و�أزينها بال�شكر هلل �أما �سيئها ف�أجتهد‬ ‫�أف�صل من ح�سنها ثياب ٍ‬ ‫بتنظيف ذاكرتي منه لأرميه يف �سله مهمالتها‪..‬‬ ‫الذكريات اخلاذلة بقايا �أمل تنك�أ جرح اخليبة ما مل ُتداوى بالتنا�سي وت�ضمد‬ ‫ب�ضماد من فرح باحلا�ضر و�أمل يف امل�ستقبل ي�شفي حروق املا�ضي‪..‬‬ ‫التوكل على اهلل يكون يف �صغائر �أمور العبد وكبريها دون قيد عمل �أو �شرط �إجناز ‪..‬‬ ‫بقلوب‬ ‫يحدث �أن ي�سخر لنا اهلل من حيث مل نتوقع �أو نعلم‪� ..‬أ�شخا�صاً ٍ‬ ‫مالئكية نورهم ي�ضيء لنا ظلمات احلرية وير�شدنا �إلى �أق�صر الطرق لبلوغ النجاح‪..‬‬ ‫التحليق عالياً نحو جنون املرح الذي يقلب نظام الروتني ويهرب بنا م�سافة‬ ‫مليون خطوة فرح عن جفاف ال�سعادة يف �صحراء امللل‪..‬‬

‫‪199‬‬


‫كمادات قبالت ‪ -‬من تقدير و�شكر‪ ..‬نطفئ بها حرارة تعب من باع راحته‬ ‫لي�شرتي فرحنا‪..‬‬ ‫�ضمة �آمان حانية عند غربة ال�شعور وجزعه‪..‬‬ ‫لأن الكلمة ‪ -‬ر�سول ‪ -‬فلنحر�ص �أن تكون كلماتنا �سفراء خري‪ ..‬يجيدون‬ ‫التعبري عن بيا�ض نوايانا ويحر�صون على بناء عالقات احرتام قوية بيننا وبني الب�شر‪..‬‬

‫‪200‬‬

‫يف ليلة البدر‪� ..‬أمتدد حتت عري�شة ال�شوق الطازج‪� ..‬أجمع عناقيد الوله املتديل‬ ‫من �أغ�صان الع�شق الندية لأع�صرها خيا ًال من طيف‪ ..‬خمره لذ ٌة للمغرمني‪..‬‬ ‫ثق متاماً �أين ‪ -‬معك ‪-‬‬ ‫وحدها اخت�صرت طريق التعب!! عندما �أم�سك قلبي بقلبك ونحن من�شي الهوينى‬ ‫و�سط ممر احلياة‪..‬‬ ‫يف هد�أة الليل يبقى قلبي بك �ساهر‪ ..‬وعقلي بطيفك �ساهد‪ ..‬حتى و�إن غفا‬ ‫ج�سدي حتت حلاف ال�سبات‪..‬‬ ‫الغياب الذي يهتك �سرت ال�شوق هو كافر‪ ..‬يعيث يف �أر�ض القلب ف�ساداً يجب‬ ‫�أن يقام عليه حد احلرابة و�سط �ساحة اللقاء املزدحمة مب�شاعر احلب و�صخب احلنني‪..‬‬


‫�سعي من يقيم داخل رواق القلب عزاء ملن ركب ب�إرادته عربة الرحيل‪..‬‬ ‫مذمو ًم‪ ..‬وذنبه يف النواح لي�س م�شكوراً‪..‬‬ ‫لكل غياب ظرف‪ ..‬فـمتى ما كان الغياب قرار الطرف الآخر كان ال�شوق له‬ ‫ظلماً ميار�س بحق القلب املجروح‪..‬‬ ‫الغياب‪ ..‬مقيا�س دقيق لقدرة القلب على ال�صمود �أمام ق�سوة ال�شوق‬ ‫العا�صف‪..‬‬ ‫�صناعة الفرح فن راقياً ال يتقن �صنعه �أي �أحد‪..‬‬ ‫يف حكاية �سندريال‪..‬الأ�ساطري جنية طيبة تزيل العقبات لتجمع عا�شقاً‬ ‫بعا�شق‪ ..‬وعند �سندريال الواقع هواية جنيات ال�شر قطع حبال الو�صل بني القلوب‬ ‫العا�شقة‪..‬‬ ‫قبل �أن تق�سو على �أحد‪..‬تخيل‬ ‫ماذا لو عر�ضت حياته �أمامك على �شا�شة �سينما‪ ..‬هل تبكيك ظروفه فرتاجع نف�سك‬ ‫قبل �أن تطغى بجربوتك ‪� ..‬أم �أنها �ستجعلك حتن وتعطف؟‬ ‫الرهبة التي �أح�س بها و�أنا يف ح�ضرة البحر جتعلني �أ�شعر �أين �أمام �شيخ‬ ‫حكيم‪ ..‬يكفي �أن �أحكي له و�أ�شكي لأطرد احلرية و�أجد �ضال احلل‪..‬‬ ‫ان�سكاب لفائ�ض ما اجتمع يف �أنف�سهم من نوايا‪ ..‬وكل‬ ‫كالم النا�س ما هو �إال‬ ‫ٌ‬ ‫نف�س بخري �أو �شر ما امتلأت به نف�س �صاحبه ين�ضح !!‬ ‫�إناء ٍ‬

‫‪201‬‬


‫احلنني �أنثى ‪ -‬بريئة غرر بها القلب‪ ..‬ف�صادقت الليل و�أدمنت مناجاة النجوم‪..‬‬ ‫وا�ستعذبت ال�شكوى للقمر‪..‬‬ ‫من يجعل من �صمته مقربة غرام يدفن بها رفات حبه ‪ ..‬اخلائف �سيعي�ش‬ ‫عمره كله يتجرع مرارة‪�..‬إح�سا�س �صمت املذنب الذي اغتال لذة الع�شق وقتل وهج‬ ‫ال�شعور‪!..‬‬ ‫يف هد�أة الليل‪..‬تبقى عيون القلب يقظة‪ ..‬تتجاذب مع القمر �أطراف ال�سهر‪..‬‬ ‫فرح طرق باب نب�ضه الغايف ليم�ضي به �إلى لذيذ الأرق ع�شقاً‪..‬‬ ‫حتكي له عن ٍ‬ ‫‪202‬‬

‫وحدهم الأبناء من ي�ستحقون �أن نتجرع مر احلياة لرنتوي من عذب ابت�سامات‬ ‫�صافية من �شفاههم‪..‬‬ ‫�صحيح �أن كل الأيام لأمك ‪ ..‬مع �أمك‪ ..‬ولكن ال مينع هذا من �أن يخ�صها‬ ‫العامل بيوم تت�شارك فيه اجلهود جمتمعة لالحتفال بها فرحاً وتقديراً‪..‬‬ ‫جهود الأبناء لإ�سعاد الأم ‪ ..‬هو الفرح الأجمل واملتعة التي ال تناف�سها �سعادة‬ ‫‪ ..‬هو احلب احلقيقي املنزه عن كل زيف‪..‬‬ ‫يحدث �أن يكون هذا اجلو الفاتن‪..‬مثرياً ل�شغب الفرح‪ ..‬حمر�ضاً جلنون العبث‬ ‫للقفز فوق حواجز رزانة العقل والرك�ض فوق طبيعة ت�شربت �سحر املطر‪..‬‬ ‫املطر ‪ -‬ماء ‪ -‬ي�صبه اهلل على �أرواح �أ�صابها جفاف الي�أ�س‪ ..‬فريتوي الأمل‪..‬‬ ‫ويزهر الفرح‪ ..‬وحتيا حقول من �سنابل خري نعو�ض بها جوع �أوقات ٍهم عجاف‪..‬‬


‫املطر ال�صباحي‪..‬ابت�سامة ‪ -‬جو ‪ -‬ترت�سم على مالمح اليوم‪ ..‬تغازل الروح‬ ‫ن�شوة ل ُتنطق خجِ ل الفرح‪..‬‬ ‫عندما يحيطك اهلل بهالة من القلوب الطيبة التي تغمرك بدفئها دون �أن‬ ‫را�ض عنك‪..‬‬ ‫تعرفك‪ ..‬فاعلم �أنك مت�شي على جادة ال�صواب و�أن اهلل ٍ‬ ‫عندما �أعرف �أين �أم�شي على طريق ال�صواب ملكة متوجة بتاج النجاح‪ ..‬ال‬ ‫�ألتفت لأ�صوات ن�شاز احلاقدين حويل‪..‬‬

‫‪203‬‬


‫الفهر�س‬ ‫�إهداء ‪7............................................................................‬‬ ‫�سعيدة لأين �إمر�أة ‪8...................................................................‬‬ ‫�أنا �أ�ستحق ‪12......................................................................‬‬ ‫وجدت نف�سي ‪16..................................................................‬‬ ‫احذرو جفاف طازج الفرن ‪20......................................................‬‬ ‫بئر النوايا ‪24.......................................................................‬‬ ‫ليتهم ي�ضحكون ‪28.................................................................‬‬

‫‪204‬‬

‫حياة الت�شيخ ‪32....................................................................‬‬ ‫الركادة زينة ‪34.....................................................................‬‬ ‫ال املانحة ونعم القاب�ضة ‪40...........................................................‬‬ ‫اخلط الأ�صفر ‪44...................................................................‬‬ ‫ر�ضا النا�س ‪48.....................................................................‬‬ ‫لن �أعي�ش يف جلباب �أبي ‪52..........................................................‬‬ ‫لقافة ‪56...........................................................................‬‬ ‫نا�صع البيا�ض ‪58...................................................................‬‬ ‫لنهاجر ‪62.........................................................................‬‬ ‫�سو�س الب�رش ‪66.....................................................................‬‬ ‫�ضاعو ب�سببنا ‪70....................................................................‬‬ ‫كي النتفاج�أ ‪74....................................................................‬‬ ‫قبل �أن يقع الفا�س على الر�أ�س ‪78.....................................................‬‬


‫زمن احلوار ‪82.....................................................................‬‬ ‫مالئكة و�شياطني ‪86................................................................‬‬ ‫خمرج ‪ ..‬ولكن �إلى �أين ؟ ‪90.........................................................‬‬ ‫املوت حياة �أخرى ‪94...............................................................‬‬ ‫�إدارة �أزمات ‪100..................................................................‬‬ ‫حتى يتقزم العنف ‪104..............................................................‬‬ ‫ا�ستفهامات حازمة ‪108.............................................................‬‬ ‫قاطعو ال�سياحة ‪112................................................................‬‬ ‫قبل �أن تنطفئ �شعلة الإبداع ‪116.....................................................‬‬ ‫طعام ‪� ..‬صالة ‪ ..‬حب ‪120.........................................................‬‬ ‫التف�سدوا علينا رم�ضان ‪124.........................................................‬‬ ‫فل�سفة �سعادة ‪130..............................................................................‬‬

‫‪205‬‬


206


207


‫�صدر للم�ؤلفة‬

‫‪208‬‬


209


210



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.