kovar dicle hejmar 12 beşî k.latînî.pdf

Page 1

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أساييش خانصور ‪ ...‬صمام و درع أمان المنطقة‬ ‫في الفلسفة زردشت‪ ،‬االرادة الحرة تعني بداية الفلسفة و رفض العبودبة‬

‫حملة رشيد باشا وحافظ باشا على سنجار‬


‫شهيد‪ :‬ايزدين ابراهيم(ايزدين ابراهيم)‬


‫دجلة‬ ‫البحث و التوثيق و التحليل‬ ‫العدد‪12 :‬‬

‫آذار‪2019 :‬‬

‫المدير المسؤول‪ :‬آرام كريم بابان‬ ‫المدير المشرف‪ :‬سامي عمر قاسم‬

‫«في هذا العدد»‬

‫صاحبها‪ :‬علي حسين حجي‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ـ حسين حجي نفسو‬

‫مجتمع الشرق األوسط‬ ‫األزمة والقضايا في‬ ‫ِ‬

‫‪5‬‬

‫عدم األستسالم)‬

‫‪14‬‬

‫حينها؛ ما يختاره الرفيق برخدان من أجل مجتمعه كامالً يكون(خط المقاومة و‬

‫ـ غمي بركات خوديدة‬

‫تأسيس قوات ‪YJŞ‬و ‪ YBŞ‬حاجة أساسية لحماية المجتمع اإليزيدي‬

‫‪16‬‬

‫ـ شيرزاد شمو قاسم‬

‫الحمالت على االيزيدية ‪...‬حمالت بدرخان بك امير بوتان‬

‫‪26‬‬

‫ـ حمد بشار خلف‬

‫التطور الطبيعي لعالم الفكر‬

‫شخصية كرجال وعالقته بالحكيم فيرس‬

‫تركيا و حلف الشمال االطلسي‬

‫ـ ابراهيم عمو كجي‬ ‫ـ بركات ابراهيم حسين‬

‫تنفيذ و اخراج‪:‬‬

‫في عيد أربعينية الصيف تتم فيه رقصة سما شيخ شمس‬

‫دريا روناهي‬

‫العنوان‪ :‬شنكال(سنجار)‬ ‫تلفون‪07504197663 :‬‬ ‫‪07507782806‬‬ ‫‪07507174358‬‬ ‫‪E. mail: Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أساييش خانصور ‪ ...‬صمام و درع أمان المنطقة‬

‫‪20‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪44‬‬


‫عبدالله أوجآالن‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فكرية‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫مجتمع الشرق األوسط‬ ‫األزمة والقضايا في‬ ‫ِ‬

‫ظاهرة الطبق ِة ـ السلط ِة والدول ِة المتداخل ِة أيديولوجياً وعملياً‬ ‫ُ‬ ‫تُ ُ‬ ‫عاش‬

‫املراحل اليت‬ ‫تُ َع رُِّب األزم ُة االجتماعي ُة عن‬ ‫ِ‬ ‫هَ‬ ‫العجز عن‬ ‫خاللا النظا ُم يف حال ِة‬ ‫يَسق ُط‬ ‫ِ‬ ‫مواصل ِة ذاتِه‪ .‬وهي ذات معنى أع ّم مما‬ ‫غلب‬ ‫تعنيه كلمة مشكلة أو قضية‪ .‬فبينما يَ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الدوري على األزمات‪ ،‬فإ ّن القضايا‬ ‫الطاب ُع‬ ‫ً‬ ‫تُ ُ‬ ‫والعالقات‬ ‫والظواهر‬ ‫األحداث‬ ‫عاش يوميا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األزمات اليت تُ ُ‬ ‫عاش‬ ‫واملؤسسات‪ .‬وبينما تُن َع ُت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫النظام نف ِسه مبصطلح «أزمات األجواء‬ ‫داخ َل‬ ‫ِ‬ ‫وص ُف‬ ‫السائدة»‪ ،‬فإ ّن أزم َة‬ ‫النظام حِب ِّ‬ ‫َد ذاتِه تُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولألزمات االجتماعي ِة‬ ‫مبصطلح»البنيوية»‪ .‬هذا‬ ‫ِ‬ ‫دواف ُعها وأسبابُها املتعددةُ اجلوانب‪ .‬فكيفما‬ ‫أ ّن َ‬ ‫اجملاالت السياسي ِة‬ ‫بعضها ينب ُع من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واالقتصادي ِة والدميوغرافية‪ ،‬فبعضها اآلخ ُر‬ ‫واجملتمعات اليت مَل‬ ‫مصد ُرها جيوبيولوج ّي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تت َط َّورْ فيها اهلرمي ُة والدولة(مؤسسات السلطة‬ ‫عموماً)‪ ،‬غالباً ما تَ ُكو ُن جيوبيولوجي َة املصدر‪.‬‬ ‫قد يُسفِ ُر ٌ‬ ‫أزمات‬ ‫طبيعي عن‬ ‫زلزال أو قح ٌط‬ ‫ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫خراب‬ ‫اجتماعي ٍة جادة‪ .‬وقد ينجم ذلك عن‬ ‫ٍ‬ ‫فاجئ‪ .‬كما قد تَ ُكو ُن عملي ُة التضاؤ ِل‬ ‫بيئي ُم ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫بقدر ما تَكو ُن عليه‬ ‫لألزمة‪،‬‬ ‫ا‬ ‫سبب‬ ‫السكاني‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تأمني الغذاءِ الالزم‪.‬‬ ‫الناس عن ِ‬ ‫عجز ِ‬ ‫عملي ُة ِ‬ ‫األزمات النامج ُة عن السلطة‪ ،‬فتُ ُ‬ ‫عاش‬ ‫أما‬ ‫ُ‬ ‫رََّ‬ ‫املستمر لمَُِع َّد ِل الربح‪ ،‬سواءً الذي تمَ​َّ‬ ‫ّي‬ ‫د‬ ‫بالت‬ ‫ِّ‬ ‫بالوسائل املالي ِة‬ ‫أم‬ ‫احلروب‪،‬‬ ‫تأمينُه بتقني ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تكاليف‬ ‫والتجاري ِة والصناعية‪ .‬فعندما تتعدى‬ ‫احلروب مكاسبَها‪ ،‬يصبح ال َمفَ َّر حينئ ٍذ من‬ ‫ِ‬ ‫عدم تاليف ذلك‬ ‫ل‬ ‫حا‬ ‫يف‬ ‫االجتماعية‪،‬‬ ‫األزم ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫أزمات‬ ‫بوسائل أخرى‪ .‬كما ال َمهرَ َب من‬ ‫ِ‬ ‫املستمر‬ ‫النظام الداخلية‪ ،‬يف حا ِل اهلبو ِط‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّالت ِ‬ ‫االحتكارات املالي ِة والتجاري ِة‬ ‫ربح‬ ‫ِ‬ ‫لمَُِعد ِ‬ ‫َُ ِّ‬ ‫النهوض‬ ‫وعدم‬ ‫ِ‬ ‫والصناعي ِة املت َِحكم ِة باألسواق‪ِ ،‬‬ ‫حروب جديدة‪.‬‬ ‫َّالت الربح تلك بوساط ِة‬ ‫بمِ ُ َعد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عندما يَطول أ َم ُد‬ ‫األزمات النابع ِة من األجواءِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فرتات األزم ِة‬ ‫السائدةِ أكثر(عادة ما ترتاو ُح‬ ‫ُ‬ ‫يف األنظم ِة الرأمسالي ِة بني ‪ 5‬ـ ‪ 100‬سنة)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تتحول إىل أزم ٍة نظامي ٍة ممنهجة‪ ،‬وتَغدو‬ ‫فإنها‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫النظام‬ ‫استحالة سريورةِ‬ ‫اجملتمع حتت َظلَّ ٌِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمراً واقعاً‪ .‬فَبِتَبَعث ِر بُني ِة النظام‪ ،‬يتوَلد وسط‬ ‫ظهور بُنى نظامي ٍة جديدة‪.‬‬ ‫من الفوضى ِ‬ ‫ألجل ِ‬ ‫َ‬ ‫و َمن يمَ تَلِ ُك األجوبة األرقى ِمن بني القوى‬

‫االستعدادات األيديولوجي ِة‬ ‫االجتماعي ِة ِوف َق‬ ‫ِ‬ ‫والبُنيَ ِويّة‪ ،‬يَ ُكو ُن قد اكتَ َس َب فرص َة أو وظيفةَ‬ ‫النظام اجلديد‪.‬‬ ‫الدور‬ ‫ِّ‬ ‫َأداءِ ِ‬ ‫الرئيسي يفِّ إنشاءِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتأسيس اجلدي ِد‬ ‫نظام‬ ‫ِ‬ ‫أفضت قضية تبَعث ِر كل ٍ‬ ‫مفهوم‬ ‫تسميات منحرف ٍة وشاذةٍ يف‬ ‫منه إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مَ​َّ‬ ‫َ‬ ‫التاريخ‬ ‫العلم الوضع ّي‪ .‬فقد نت مفاهي ُم تقد ُِّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاص عن نتائ َج‬ ‫مستقيم‬ ‫خط‬ ‫ٍّ‬ ‫على‬ ‫بشكل ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ورسم‬ ‫سلبي ٍة للغاية عربَ نشاطاتِ َها يف حتدي ِد ِ‬ ‫مبفهوم قد َِر ٍّي جديد‪ .‬ذلك‬ ‫اجملتمع‬ ‫أشكا ِل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫هندسي‬ ‫املشاريع مبنوا ٍل‬ ‫نشاطات صياغ ِة‬ ‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لطبيع ٍة ُم َعقَّدةٍ جداً كاجملتمع‪ ،‬دعك من‬ ‫أ ْن تَ ُكو َن حالً لألزمات‪ ،‬بل َج َّذرَتها أكثرَ‬ ‫مر التاريخ‪ُّ .‬‬ ‫أنواع التنا ُو ِل‬ ‫كل‬ ‫فأكثر على ِّ‬ ‫ِ‬ ‫خَت ُر ُج من البواب ِة نف ِسها‪ ،‬سواءً امليتافيزيقيّةُ‬ ‫منها(اإلسالم‪ ،‬املسيحية‪ ،‬اهلندوس وما‬ ‫شابه)‪ ،‬أم الوضعيّة(األمة‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬القانون‬ ‫واحلقوق)‪ .‬بل حتى إ ّن املناه َج الوضعية‪،‬‬ ‫وكما تَبَدّى يف الظاهرةِ الفاشية‪ ،‬تتخطى‬ ‫التطهري‬ ‫عمليات‬ ‫كونَها أزمة‪ ،‬لتتمخض عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الثورات العلمي ِة‬ ‫العرقي االجتماع ّي‪ .‬وحصيلة‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫احلرب العاملي ِة الثانية‪،‬‬ ‫والفلسفي ِة القائم ِة بَع َد‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ناقشات أكثرَ عُمقا قد‬ ‫باإلمكان القول أ ّن ُم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بشأن الطبيع ِة االجتماعية‪.‬‬ ‫َت‬ ‫د‬ ‫وتصاع‬ ‫دارت‬ ‫ِ‬ ‫بشأن األيكولوجيا‪ ،‬الفامينية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فاملستجدات ِ‬ ‫ً‬ ‫الثقافة والدميقراطية باتت أكثرَ إنارة للطبيع ِة‬ ‫ص‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وأكثرَ ُقدرةً على حتدي ِد ُفرَ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫احلل وزيادتِها مبنوا ٍل سليم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بشأن‬ ‫الرغم ِمن أ ّن نظرية املاركسي ِة ِ‬ ‫على ِ‬ ‫َ‬ ‫األزم ِة الرأمسالي ِة ترس ُم مال ِم َح الظاهرة‪،‬‬ ‫الوقت ال تَدنو من ِّ‬ ‫احلل‬ ‫إال أنها مع ُم ِض ِّي ِ‬ ‫املأمول ـ االشرتاكية أم الشيوعية ـ بل‬ ‫وبقدر ما يَرتَبِ ُط هذا‬ ‫تبتَ ِع ُد عنه أكثرَ فأكثر‪ِ .‬‬ ‫الناقص واخلاطئ لطبيع ِة‬ ‫بالتعريف‬ ‫الوض ُع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلل املُقترَ​َِح َة أيضاً‬ ‫فإن مناذ َج ِّ‬ ‫اجملتمع‪َّ ،‬‬ ‫ال تعين شيئاً أبع َد من اليوتوبيا‪ .‬واألنكى َّ‬ ‫أن‬ ‫أساليب ووسائ َل املمارس ِة املُقترَ​َح ِة قد وَقَ َعت‬ ‫َ‬ ‫تعزيز الرأمسالية‪ ،‬حتى وإ ْن لمَ‬ ‫يف خدم ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املضمار ملي ٌء‬ ‫ترغب يف ذلك‪ .‬والتاريخ يف هذا‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫طات اليائس ِة اليت‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫وال‬ ‫ة‬ ‫اخليالي‬ ‫ل‬ ‫باحللو‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫للحقائق املُعا َش ِة‬ ‫األهم‬ ‫ة‬ ‫النتيج‬ ‫هلا‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ال نهاي‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬

‫التاريخ فيما يتعل ُق باألزم ِة االجتماعي ِة‬ ‫طيل َة‬ ‫ِ‬ ‫لولا‪ ،‬هي ازديا ُد تَ َع ُّم ِق عملي ِة املعرفة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وح هِ‬ ‫والشعو ُر باحلاج ِة إىل ذلك‪ .‬بهذا املعنى‪،‬‬ ‫فالعل ُم والفلسفة‪ ،‬بل وحتى األديا ُن والفنو ُن‬ ‫قد تَ َط َّورَت ُمرتبط ًة عن كثب باحلاج ِة إىل‬ ‫األزمات االجتماعي ِة‬ ‫احتياجات‬ ‫الرد على‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثقيل ِة الوطأة‪.‬‬ ‫للقضايا االجتماعي ِة طواب ٌع ومناذ ٌج خمتلفة‪ .‬ال‬ ‫ريب أ ّن هلا جوانِبُها املشرتكة‪ ،‬من ُ‬ ‫حيث‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫كونِها نابعة من السلط ِة واالستغالل‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫هلا جوانبُها املتغايرةُ أيضاً‪ ،‬من جه ِة عي ِشها‬ ‫بشكل أكثر كثافة‪ .‬إضاف ًة إىل َّ‬ ‫أن ما هو‬ ‫يومياً ٍ‬ ‫لبعض األفرا ِد‬ ‫قضي ٌة إشكالي ٌة بالنسب ِة‬ ‫ِ‬ ‫واجملموعات‪ ،‬يُ َع ُّد حالً بالنسب ِة ألفرا ٍد‬ ‫َم بالنسب ِة‬ ‫وجمموعات أخرى‪ .‬وهذه امليزةُ أَع‬ ‫لألزمات‪ ٍ .‬إذ تتأثر بها مجي ُع ُّ الشرائحِ‬ ‫ُ‬ ‫خَ‬ ‫االجتماعي ِة سلباً‪ ،‬وال ير ُج مستفي ٌد من‬ ‫مرحل ِة األزم ِة هذه‪ ،‬عدا ُ‬ ‫اجملتمع‬ ‫بعض أعداءِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلامشيني‪ .‬إذا مَل يَ ُكن مصد ُر القضايا‬ ‫االجتماعي ِة خارجياً‪ ،‬فهي تنب ُع أساساً من‬ ‫قمع واستغال ِل بُؤَ ِر السلطة‪ .‬حيث تتأث ُر املرأةُ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل ونظا ِمه اهلرم ّي‪،‬‬ ‫سلباً من مركزي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫والقروي من أَفَنديه اآلغا‪،‬‬ ‫والعب ُد من سيده‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رب َع َملِه‪،‬‬ ‫واملأمو ُر من آ ِم ِره‪ ،‬والعا ِمل من ِّ‬ ‫القمع واالستغال ِل‬ ‫وجممو ُع‬ ‫اجملتمع من أجهزةِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لحقُ‬ ‫الحتكارات السلطة‪ .‬وهكذا يَ َ‬ ‫العائدةِ‬ ‫ِ‬ ‫الضر ُر باجلميع‪ ،‬ويُستَ َغ ّ‬ ‫ُ‬ ‫للقمع‬ ‫ويتعرض‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫والتعذيب‪ ،‬لِيُعان َي اجلمي ُع يف نهاي ِة املآ ِل من‬ ‫احتكارات‬ ‫إشكالي ٍة اجتماعية‪ .‬أما ما تُقَ ِّد ُمه‬ ‫ُ‬ ‫السلط ِة واالستغال ِل على أنه ح ّل‪ ،‬فما هو‬ ‫ُ‬ ‫وأساليب االستغال ِل‬ ‫أشكال السلط ِة‬ ‫سوى‬ ‫ُ‬ ‫السبب تُب ِدي أشكالُ‬ ‫األكثر كثافة‪ .‬وهلذا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫التقدم املستمر‪.‬‬ ‫الدول ِة واالستغال ِل ُقدرَتها على‬ ‫ِ‬ ‫ومتردات دائم ٌة‬ ‫فمقاومات‬ ‫أما مث ُن ذلك‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الوقوع ِمراراً يف‬ ‫وبسبب‬ ‫وحروب مضادة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫منطق السلط ِة وجاذبي ِة االستغالل‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قمع واستغال ِل‬ ‫نري‬ ‫حتت‬ ‫العيش‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫النتيج‬ ‫ِ ِ‬ ‫احتكارات السلط ِة اليت تُ َع ُّد منب َع القضايا‬ ‫ِ‬ ‫بأكثر األشكا ِل ُذالً وهَواناً‪ ،‬وكأ ّن ذلك قَ َد ٌر‬ ‫ِ‬ ‫حمتوم‪ .‬من هنا‪ ،‬فتاري ُخ املدني ِة الدولتي ِة‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪6‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الشرق أوسطي ِة‬ ‫تاري ُخ املدني ِة‬ ‫ِ‬ ‫وإنكار البيئ ِة‬ ‫دمار‬ ‫ِ‬ ‫هو تاري ُخ ِ‬ ‫واحمليط‪ .‬حيث يتحول ذلك‬ ‫التاريخ‬ ‫إىل عاد ٍة متأصل ٍة يف‬ ‫ِ‬ ‫ُكم تَ َش ُّك ِل ِقيَ ِم املدني ِة‬ ‫حِب ِ‬ ‫كثقاف ٍة مادي ٍة ومعنوي ٍة‬ ‫إنكار ِقيَ ِم‬ ‫ِ‬ ‫بالتأسيس على ِ‬ ‫اجملتمع النيولي ّ‬ ‫يت(تَفني ُدها‬ ‫ِ‬ ‫دياليكتيكياً)‪ ،‬رغمَ َّ‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫أيكولوجي‬ ‫النيولييت‬ ‫اجملتم َع‬ ‫ٌّ‬ ‫على صعي ِد ِقيَ ِم ِكلتا الثقافتَني‪.‬‬ ‫وتطوير‬ ‫حتديث‬ ‫بأح ِد معانيه هو تاري ُخ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫القمع واالستغال ِل من‬ ‫ألساليب‬ ‫مستمرين‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جانب‪ ،‬وتاريخ تط ُّو ِر فلسف ِة احلري ِة واملساواةِ‬ ‫ُ‬ ‫قاومني جتاه ذلك‬ ‫وممارستِها العملي ِة لدى امل ِ‬ ‫اجلانب اآلخر‪.‬‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمعات‬ ‫الشرق األوس ِط من‬ ‫ظلت‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫جمتمعات ِ‬ ‫مر التاريخ من‬ ‫اإلنساني ِة اليت عانت على ِّ‬ ‫غريها‪ .‬ما من‬ ‫األزمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملشاكل أكث َر من ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫األساسي وراء ذلك يَكمن‬ ‫السبب‬ ‫ن‬ ‫شك أ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫القمع‬ ‫الدائم حتت ظل‬ ‫يف‬ ‫اضطرارها ِ‬ ‫ِ‬ ‫للعيش ِ‬ ‫للمدني ِة املركزي ِة طيل ِةَ‬ ‫الساحق‬ ‫واالستغال ِل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫آالف عام‪ .‬هذا مَ‬ ‫ول يُشاهَد‬ ‫ة‬ ‫اخلمس‬ ‫فرتةٍ تُنا ِه ُز‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫القمع واالستغال ِل املكث ِف‬ ‫هذا ُّ‬ ‫الكم من أشكا ِل ِ‬ ‫مَ‬ ‫والطويل األم ِد يف أي ِة بقع ٍة أخرى من العال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الشرق األوسط‪:‬‬ ‫جمتمع‬ ‫قضية املرأة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َّ‬ ‫إن تقييمَ القضايا اليت تحَ ياها املرأةُ أوالً يف‬ ‫اجملتمع ضمن أبعا ِدها التارخيي ِة ـ االجتماعي ِة‬ ‫ِ‬ ‫يتحلى باألهمية‪ .‬فقضي ُة املرأةِ هي منب ُع كاف ِة‬ ‫الح ُظ َّ‬ ‫أن هرمي ًة رجولي ًة(النظام‬ ‫القضايا‪ .‬إذ نُ ِ‬

‫األبوي) مسيطرةً وصارم ًة قد متأس َست على‬ ‫الطبقي‬ ‫اجملتمع‬ ‫العبور إىل‬ ‫املرأة‪ ،‬حتى قب َل‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والدول ّ‬ ‫الصياغات‬ ‫الكثري من‬ ‫ِ‬ ‫يت‪ .‬ومت اللجوءُ إىل ِ‬ ‫امليثولوجي ِة والديني ِة كذريع ٍة حلاكمي ِة الرجل‪.‬‬ ‫انعكاس‬ ‫لح َم ُة إينانا‪ ،‬إهل ُة أوروك‪ ،‬هي‬ ‫و َم َ‬ ‫ٌ‬ ‫نص امللحم ُة املذكورةُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫حيث‬ ‫املرحلة‪.‬‬ ‫هلذه‬ ‫ُّ‬ ‫العار ِم للطبيع ِة‬ ‫باحلنني‬ ‫الشعور‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُالحظُ‬ ‫ولإلهل ِة األ ِّم املقدس ِة القدمية‪ .‬ومثلما ي َ‬ ‫كر‬ ‫يف امللحمة‪ ،‬فإ ّن املرأةَ تَئِ ُّن من ِحيَ ِل و َم ِ‬ ‫نظام اهلرمي ِة‬ ‫ُ‬ ‫وج ِ‬ ‫ور الرجول ِة احلاكم ِة ضمن ُ ِ‬ ‫قح َمت فيه‪.‬‬ ‫والدول ِة البطريارك ّي الذي أ ِ‬ ‫عاش يف هذه الوجه ِة أكث ُر وضوحاً‬ ‫والواق ُع املُ ُ‬ ‫ولفتاً‬ ‫بابل(النزاعات بني‬ ‫لحم ِة‬ ‫ُ‬ ‫لألنظار يف َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ماردوخ‪ ،‬إله بابل القدير‪ ،‬وديامات‪ ،‬اإلهلة‬ ‫األنثى)‪ .‬هذا ويُذ َك ُر يف امليثولوجيا السومري ِة‬ ‫َّ َ ُ َ‬ ‫الر ُج ِل األعوج‪.‬‬ ‫ضلع َّ‬ ‫أن َاملرأة خلِقت من ِ‬ ‫إنه تعب ٌري ّ‬ ‫ويستمر هذا التعاطي يف‬ ‫رمزي‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫األديان التوحيدي ِة أيضاً‪ .‬فاملرأةُ اليت َ‬ ‫دخلَت‬ ‫ِ‬

‫الزقورات السومري َة كإهلة‪ ،‬قد َخرَ َجت منها‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بيت دعارة‬ ‫أول‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ُف‬ ‫ي‬ ‫حيث‬ ‫املعبد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كعاهرةِ‬ ‫ِ‬ ‫املدائن السومرية‪ ،‬وتُرَفَّ ُع املرأةُ من مرتب ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫عاهرةِ املعب ِد إىل جاري ِة القصر‪ .‬كما أنها مادةُ‬ ‫األسواق التجارية‪.‬‬ ‫عبودي ٍة ال غنى عنها يف‬ ‫ِ‬ ‫بينما باتت عبدةَ‬ ‫شؤون املنز ِل فحسب يف‬ ‫ِ‬ ‫املدني ِة اإلغريقي ِة ـ الرومانية‪ ،‬وال مكا َن هلا‬ ‫يف السياسة‪ .‬أما يف املدني ِة األوروبية‪ ،‬فهي‬ ‫للرجل بالتعاقد‪ .‬ويف املدني ِة‬ ‫أدا ٌة جنسيّ ٌة تابع ٌة‬ ‫ِ‬ ‫الرأمسالي ِة هي عاهر ٌة كوني ٌة عمومية‪ .‬هكذا‬ ‫اكت َس َب التاري ُخ بُني ًة ومعن ًى جنسوياً عرب‬ ‫سيطرةِ الرجل‪ ،‬ليسريَ التاري ُخ بعدَها َذ َكراً‪.‬‬ ‫ينعكس ُ‬ ‫تأنيث املرأة(أي عبوديتَها) كما هو‬ ‫تسلسلياً‬ ‫والوسائل الرجولي ِة يف‬ ‫املواضيع‬ ‫ِ‬ ‫علىَ َ ِّ ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫للقمع واالضطهاد‪.‬‬ ‫ض‬ ‫اجملتمع املستغل وامل َع َّر ِ‬ ‫فبينما ِ تنتق ُل الزمرةُ الفوقيُِة السياسيةُ‬ ‫اجملتمع إىل مرتب ِة‬ ‫والعسكري ُة والرهبا ُن يف‬ ‫ِ‬ ‫اجلنسوي ِة احلاكمة‪ ،‬فإ ّن الشرائ َح التحتي َة‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫احملكوم َة تُستَأنَ ُث تدرجيياً‪ .‬يُد ََّر ُب الرج ُل‬ ‫بسلوكيات‬ ‫الروماني‬ ‫اإلغريقي ـ‬ ‫اجملتمع‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫عمر الشباب‪.‬‬ ‫جنسوي ٍة بالغ ِة‬ ‫الرتكيز بدءاً من ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بنطاق‬ ‫االحنرافات اجلنسية‬ ‫فحل‬ ‫ُ‬ ‫هكذا تَستَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عصور املدني ِة حصيلة التعا ُم ِل‬ ‫مر‬ ‫واسع على ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫وبقدر ما تَغدو‬ ‫بالتالي‪،‬‬ ‫املرأة‪.‬‬ ‫ء‬ ‫إزا‬ ‫اجلنسوي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ثل‬ ‫املرأةُ عَبدة‪ ،‬فالرج ُل العب ُد أيضاً يصب ُح باملِ ِ‬ ‫امرأةً أو زوج ًة خانعة‪.‬‬ ‫ولدى إضاف ِة القضايا النامج ِة عن أجهزةِ‬ ‫الراهن أيضاً إىل‬ ‫الرأمسالي‬ ‫القمع واالستغال ِل‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلذور التارخيية‪ ،‬يغدو‬ ‫ذات‬ ‫تلك القضايا ِ‬ ‫ِ‬ ‫عيش حياةٍ يَسودُها‬ ‫ال َمهرَ َب للمرأةِ من ِ‬ ‫الشرق‬ ‫اجملتمع‬ ‫الكابوس املُر ِع ُب حقاً يف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوسط ّي‪ .‬فأ ْن تَ ُكو َن امرأةً رمبا يعين أ ْن تَ ُكو َن‬ ‫الظروف وأَع َس ِرها‪ .‬ذلك َّ‬ ‫أن‬ ‫إنساناً يف أحلَ ِك‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫القمع واالستغال ِل الفظ الذي‬ ‫درجات‬ ‫أَ َش َّد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعانيه اجملتمع‪ ،‬يتم تطبيقُها على جس ِد‬ ‫ِ‬ ‫وكدح املرأة‪ .‬أما كو ُن املرأةِ أيضاً إنساناً‪ ،‬فيتم‬

‫فكرية‬

‫‪7‬‬

‫وقت خَ َ‬ ‫تلّي التعا ُم ِل‬ ‫إدرا ُكه حديثاً‪ .‬لقد حا َن ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الذليل عن مكانه للحاج ِة‬ ‫اجلنسوي‬ ‫املتصلب ِ‬ ‫ِ‬ ‫صديق ورفيق‪ .‬أو يَدُو ُر جدالُ‬ ‫إىل‬ ‫ِ‬ ‫البحث عن ٍ‬ ‫ذلك على األقل‪ .‬ينبغي املعرف َة أنه يستحيلُ‬ ‫ُ‬ ‫ذات معنى‪ ،‬ما مَل يتحق ْق‬ ‫عيش حياةٍ مثين ٍة ِ‬ ‫ٌ‬ ‫عيش سلي ٌم مع املرأةِ ضمن اجملتمع‪ .‬علينا‬ ‫َ‬ ‫باإلدراك بأ ّن‬ ‫صياغة أقوالنا وتطويرَ ممارساتنا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫احلياةَ األمث َن واألمج َل ميك ُن حتقيقها مع‬ ‫املرأةِ احلرةِ املتمتع ِة متاماً بكرامتِها و ِع َّزتِها‪.‬‬ ‫قضايا القبيلة‪ ،‬األثنية والقوم‪:‬‬ ‫تأتي قضايا القبيل ِة(العشرية) واألثني ِة واألم ِة‬ ‫يف صدارةِ القضايا املُعاش ِة ِمراراً وتكراراً يف‬ ‫التاريخ‬ ‫الشرق‬ ‫اجملتمع‬ ‫أوسطي منذ بدءِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يومنا الراهن‪ .‬فكلما تصاعدَت املدني ِةُ‬ ‫إىل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الدولتية‪ ،‬كلما انتشرت هكذا قضايا وت َع َّمقت‪.‬‬ ‫قبل تَ َط ُّو ِر املدنية‪ ،‬كانت احلياةُ احلرةُ‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫كبري هي السائدةُ يف القبيل ِة‬ ‫الطبيعي ُة إىل ٍّ‬ ‫حد ٍ‬ ‫ُ‬ ‫احلال بالنسب ِة للمرأة‪ .‬وكانت أخال ُق‬ ‫مثلما‬ ‫ً‬ ‫القبيل ِة متفوقة جداً‪ .‬كان الفر ُد يُب ِدي شتى‬ ‫سبيل قبيلته‪ ،‬مثلما‬ ‫التضحيات يف‬ ‫أنواع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫سبيل فَر ِدها‪ .‬ما كان قائماً‬ ‫تُب ِديها القبيلة يف ِ‬ ‫هو فر ٌد وجمتمعي ٌة حقيقيان‪ .‬لكن‪ ،‬وعندما‬ ‫القبائل‬ ‫أرادت بُنى املدني ِة السطوَ على‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واستعبادَها‪ ،‬كان يتحقَّ ُق معها أيضا العبو ُر‬ ‫املقاومات وأوس ِعها نطاقاً يف‬ ‫إىل مرحل ِة أكرب‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الرئيسي جَ َ‬ ‫التاريخ‪ .‬أي َّ‬ ‫ت َّس َد يف‬ ‫التناقض‬ ‫أن‬ ‫َّ‬ ‫املقاوم ِة جتاهَ االستعبا ِد‬ ‫العالق ِة بني القبيل ِة‬ ‫وبني الدولة‪ .‬فباتت ِ ُ‬ ‫اجلبال والبوادي أوساطاً‬ ‫للمقاومة‪ .‬ذلك َّ‬ ‫أن الدفا َع شر ٌط ال استغناءَ عنه‬ ‫أجل املَأ َك ِل والتوالُد‪ .‬يتوجب املعرف َة يقيناً‬ ‫من ِ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫التاريخ وحشية بعد استعبا ِد‬ ‫أن أكثرَ وجوهِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مجع العبي ِد من العشائر‪ .‬وقد‬ ‫املرأة‪ ،‬يتمثل يف ِ‬ ‫اخلالص من هذه القضي ِة‬ ‫َج ِهدَت العشائ ُر إىل‬ ‫ِ‬ ‫بِتَ َح ُّو هِلا إىل قبائل‪ ،‬وبتصعي ِد مقاوماتِها‪ .‬إال‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫تنظيم قوى املدني ِة‬ ‫أنّه غالباً ما َطغى تَفَ ُّو ُق‬ ‫ِ‬ ‫وتقنيتِها املُ َسلَّح ِة على الدوام‪.‬‬ ‫التنظيمات القَبَلِيَّ ِة والعشائري ِة‬ ‫ومتاشياً مع‬ ‫ِ‬ ‫العصور الوسطى‪ ،‬ارتقى ٌ‬ ‫تنظيمي‬ ‫شكل‬ ‫يف‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫إىل مستوى املِلة ـ القوم‪ .‬أي‪ ،‬مت خط ُو‬ ‫التوج ِه حنو األمة‪،‬‬ ‫درب ُّ‬ ‫ُخطوةٍ أخرى على ِ‬ ‫القوم إىل‬ ‫وأضيفَت أيديولوجي ُة وتنظي ُم‬ ‫ِ‬ ‫وتنظيم القبيل ِة والعشرية‪ .‬هكذا‬ ‫أيديولوجي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الصني واهلن ِد‬ ‫كانت األديا ُن التوحيدية يف‬ ‫ِ‬ ‫والشرق األوس ِط قد اكتَ َسبَت ضرباً من معاني‬ ‫ِ‬ ‫احلروب الديني ُة‬ ‫ين القَوم ّي‪ .‬فكانت‬ ‫ُ‬ ‫ال ِد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ري بالتداخل‪ .‬وكانت األقوا ُم‬ ‫والقومية تَس ُ‬ ‫اإلغريقي ُة‪ ،‬األرمنية‪ ،‬اآلشورية‪ ،‬العربية‪،‬‬ ‫الفارسي ُة والكردي ُة خَتتا ُر دينَها حسبَما يتواءَ ُم‬ ‫ُ‬ ‫البعض يُؤَسلِم‪،‬‬ ‫ومصالحِ َ ها القومية‪ .‬فكان‬ ‫ُ‬ ‫البعض اآلخ ُر مسيحياً‪ .‬أما القو ُم‬ ‫ويَغدو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫اليهودي‪ ،‬فقد كان باألصل قد تك َّو َن منذ‬ ‫البداي ِة كرتكيب ٍة جديدةٍ ديني ٍة وقومية‪ .‬لكن‪،‬‬ ‫األيديولوجيات القَبَلِيَّ ُة والعشائرية‪ ،‬وال‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫األديا ُن القومية تمَ​َيَّزت مبهارةِ حل القضايا‬ ‫املُعاشة‪ .‬فاليهودي ُة كانت قضي ًة ُمعاش ًة‬ ‫الشعوب اآلشوري َة‬ ‫حني أ ّن‬ ‫َ‬ ‫منذ البداية‪ .‬يف ِ‬ ‫َ‬ ‫واألرمني َة واهليليني َة‪ ،‬اليت كانت أول من‬ ‫ارتَ َّد عن الوثنية‪ ،‬مَل تَ ُكن قادرةً ِّ‬ ‫شكل‬ ‫بأي ٍ‬ ‫تطبيق‬ ‫من األشكال على‬ ‫السالم واألخوةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والوحدةِ اليت حَبَثوا عنها يف املسيحي ِة ضمن‬ ‫بشكل تام‪ .‬بل كان هذا الوض ُع سيُ َم ِّه ُد‬ ‫احلياةِ ٍ‬ ‫ً‬ ‫املستجدات سيئ ِة الطالع‪،‬‬ ‫السبي َل أيضا أمام‬ ‫ِ‬ ‫واليت عاشوها قروناً عديدةً إكراماً للمسيحية‪.‬‬ ‫وبالرغم من َّ‬ ‫أن اإلسال َم املتصاع َد على أرضي ِة‬ ‫َ‬ ‫مناهضِ​ِة الوثني ِة قد َجل َب السالمَ والوحدةَ‬ ‫والعشائر العربية‪ ،‬إال أنه‬ ‫للقبائل‬ ‫والتفو َق‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫معمعان‬ ‫خالل فرتةٍ وجيزةٍ وَ َج َد نف َسه يف‬ ‫ِ‬ ‫الصراع مع اليهو ِد واملسيحيني‪ .‬هكذا‪ ،‬وبينما‬ ‫حاوَ َل ِدي ُن اإلسالم َّ‬ ‫قسم من القضايا‪ ،‬فقد‬ ‫حل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وخنص‬ ‫أتى معه بِ َكوم ٍة من القضايا الكربى‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بالذكر األقوامَ األرمني َة واهليليني َة واآلشوري َة‬ ‫ِ‬ ‫نح ِص َرةَ يف بال ِد األناضول‪ ،‬حيث‬ ‫واليهودي َة املُ َ‬ ‫للتطورات اليت َش ِهدَتها باكراً نوعاً‬ ‫ـ وكضحي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ما ـ كانت ستَدخل مرحلة َّ‬ ‫جد عصيب ٍة جتاهَ‬ ‫َ‬ ‫رس وال ُكر ِد الذين ت َع َّرفوا‬ ‫العرب‬ ‫ِ‬ ‫واألتراك والفُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫على اإلسالم‪ .‬وبإضاف ِة نزاعاتِهم املذهبي ِة اليت‬ ‫عر ُف ا َ‬ ‫هلوادةَ أو السكو َن إىل القضايا اليت‬ ‫ال تَ ِ‬ ‫ً‬ ‫عانوها‪ ،‬كان ذلك سيؤدي تدرجييا إىل تصفي ِة‬ ‫أمرهم‪ .‬هكذا كان املسيحيون سيَشهَدون‬ ‫تصفيات يف بال ِد األناضو ِل شبيه ًة من حيث‬ ‫ٍ‬

‫‪8‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫َ‬ ‫املعرفة أنه يستحي ُل‬ ‫ينبغي‬ ‫ُ‬ ‫ذات‬ ‫عيش حيا ٍة مثين ٍة ِ‬ ‫معنى‪ ،‬ما مَل يتحق ْق‬ ‫ٌ‬ ‫عيش سلي ٌم مع املرأ ِة ضمن‬ ‫َ‬ ‫صياغة‬ ‫اجملتمع‪ .‬علينا‬ ‫أقوالنا وتطوي َر ممارساتنا‬ ‫باإلدراك بأ ّن احلياةَ األمث َن‬ ‫ِ‬ ‫واألمج َل ميك ُن حتقيقُها مع‬ ‫املرأ ِة احلر ِة املتمتع ِة متاماً‬ ‫بكرام ِتها و ِع َّز ِتها‬ ‫التوقيت مع‬ ‫األسلوب ومتزا ِمن ًة من حيث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تلك اليت عا َشها املسلمون يف شب ِه اجلزيرةِ‬ ‫اإلسبانية‪.‬‬ ‫الدين واملذهب‪:‬‬ ‫قضايا ِ‬

‫جانب القضايا الديني ِة اليت عانت منها‬ ‫وإىل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األقوا ُم فيما بينها‪ ،‬كانت ستضاف القضايا‬ ‫األديان‬ ‫املذهبي ُة أيضاً إليها‪ .‬إذ كانت وعو ُد‬ ‫ِ‬ ‫والسالم ذات‬ ‫وااللتحام‬ ‫األخوةِ والتكا ُم ِل‬ ‫يف‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املصاحل املادية‪ .‬فالتفاوت‬ ‫تأثري حمدو ٍد مقابل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫املتنامي‬ ‫الطبقي‬ ‫اجملتمع كان قد َصيرََّ القومَ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والنزاعات منذ أَ َم ٍد‬ ‫نف َسه كوم ًة من القضايا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بعيد‪ .‬فمثالً‪ ،‬كانت اليهودية قد أدت إىل‬ ‫نزاعات قاسي ٍة جداً ضم َن قبيل ٍة ِّ‬ ‫جد صغريةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اص ٍة منذ عه ِد موسى وبني أقرَ ِب املق َّربني‬ ‫و ُمترَ َّ‬ ‫نات موسى مع أخيه هارون‬ ‫شاح ُ‬ ‫إليه‪ .‬ف ُم َ‬ ‫بالذكر‬ ‫وأختِه ماريام مثري ٌة لالهتمام‪ .‬وخنص‬ ‫ِ‬ ‫أ ّن النتيج َة البارزةَ للميدان يف صرا ِعه مع‬ ‫انكسار على‬ ‫ري إىل حصو ِل‬ ‫أختِه ماريام تش ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حساب املرأة‪ .‬كان عيسى يُنا ِش ُد املوسويني‬ ‫ِ‬ ‫الفقراءَ بالدرج ِة األوىل‪ .‬كما كان معاوية قد‬ ‫البيت وبدخو ِل‬ ‫أهل ِ‬ ‫َشرَ َع بتوطي ِد ِ‬ ‫التفوق على ِ‬

‫احلرب السالالتي ِة حتى قب َل وفاةِ حممد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم سيتخذون قرا َر‬ ‫يف‬ ‫ج‬ ‫اخلوار‬ ‫وكان‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل إنقا ِذ اخلالف ِة من َزعي َميها‬ ‫ِ‬ ‫املوت يف ِ‬ ‫االثنَني‪ ،‬بل من ُزعمائِها الثالثة‪ :‬علي ‪،‬‬ ‫معاوية وعَم ُرو بن العاص ‪ .‬وكان يَزيد بن‬ ‫َ‬ ‫معاوية سيَنقَ ُّ‬ ‫ض يف صحراءِ الكربالءِ على أخيرَ ِ‬ ‫البيت ويذحبه كما تُذبَ ُح النِّعاج‪.‬‬ ‫أهل ِ‬ ‫أبناءِ ِ‬ ‫وكان ُّ‬ ‫َ‬ ‫جلب معه قضايا‬ ‫شعب ُمؤسلِ ٍم سيَ ُ‬ ‫كل ٍ‬ ‫جديدةً متفاقم ًة كالتيهور‪ ،‬سواءً داخلَه أو مع‬ ‫مسلم آخر‪ .‬وكانت املَدَني ُة اإليراني ُة‬ ‫ٍ‬ ‫شعب ُ ٍ‬ ‫الر ِّد على هزميتِها جتاه‬ ‫اجلذرية ستسعى إىل ِ َّ‬ ‫املذهب الشيع ّي‪ .‬بينما‬ ‫العرب املسلمني بإنتاج‬ ‫ِ‬ ‫كان ِأُ‬ ‫األنساب احلاكم ِة من السالجق ِة‬ ‫ء‬ ‫را‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫األتراك سيَ ِجدون مصا َ‬ ‫حلهم يف‬ ‫والعثمانيني‬ ‫ِ‬ ‫الس يِّ ِّ‬ ‫مسيطر يف اإلسالم‪.‬‬ ‫ن كتقلي ٍد‬ ‫املذهب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يف حني أ ّن الشرائ َح الفقرية واحملرومة من‬ ‫الشيعي وال َعلَِو َّي‬ ‫الرتكمان ستختا ُر املذهبَني‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫باألغلب‪ .‬وكان ال ُكر ُد أيضاً سيُعانون انقساماً‬ ‫مشابهاً‪ .‬فبينما اعتَنَ َق األُ َمراءُ السلطويون‬ ‫الس يِّ ّ‬ ‫التحالف مع‬ ‫ن‪ ،‬متَّ ِخ ِذين من‬ ‫َ‬ ‫املذهب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫لطنات العربي ِة والرتكي ِة أساسا؛ كانت‬ ‫ال َس ِ‬ ‫ُ‬ ‫ستستمر يف بقائِها‬ ‫بذاتها‬ ‫ة‬ ‫املعتز‬ ‫ء‬ ‫الفقرا‬ ‫شرائ ُح‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َعلَِويَّ ًة أو زرادشتية‪.‬‬ ‫كما كانت القرو ُن الثالث ُة األوىل من عه ِد‬ ‫باالنقسامات املذهبية‪ .‬إذ‬ ‫املسيحي ِة حافِل ًة‬ ‫ِ‬ ‫ضطرةً‬ ‫لالستمرار‬ ‫كانت‬ ‫ُ‬ ‫الطبقات واألقوا ُم ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫قوم‬ ‫حلها بغطاءٍ مذه يِ ّ‬ ‫مبصا ِ‬ ‫َب‪ .‬هكذا كان لِكل ٍ‬ ‫بحثون عن‬ ‫مذهبُه‪ ،‬حبيث كان الالتينيون سيَ َ‬ ‫مذهب الكاثوليكية‪ ،‬واإلغريقُ‬ ‫اخلالص عرب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والسالف عربَ األرثوذكسية‪ ،‬واألرم ُن عرب‬ ‫الغريغوريانية‪ ،‬واآلشوريون عرب النسطورية‪.‬‬ ‫فضالً عن أ ّن هذه األقوامَ كانت ستُعاني من‬ ‫انقسام جدي ٍة حول ما إذا كان الدي ُن‬ ‫قضايا‬ ‫ٍ‬ ‫الذي تعتَنِقُه سيُصب ُح دي َن اإلمرباطوري ِة أَم ال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واليهودي ُة مَل تَكتَ ِف عموماً‬ ‫بإخراج الدِّينَني‬ ‫واإلسالمي من بني صفوفِها‪ ،‬بل‬ ‫املسيحي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫القبائل‬ ‫وانقسمت يف داخلِها حتى مستوى‬ ‫ِ‬ ‫كف انقسا ُمها إىل يهودي ٍة‬ ‫أيضاً‪ .‬فكأنه مَل يَ ِ‬ ‫ً‬ ‫رس‬ ‫وإسرائيلية‪ ،‬فانق َس َمت أيضا إىل ُموالني للفُ ِ‬ ‫و ُموالني لإلغريق‪ .‬ومن ثَ َّم َش ِهدَت انقساماً َ‬ ‫آخر‬ ‫الغرب والشرق (األشكنازيم‬ ‫على ِ‬ ‫شكل يَهو ِد ِ‬ ‫جانب العلمانيني‪ ،‬فقد‬ ‫وإىل‬ ‫والسفارديم)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عصر املدني ِة الرأمسالي ِة املُتَنَ ِّورين‬ ‫أخرَ َجت يف ِ‬ ‫بني أحشائِها‪.‬‬ ‫الدنيويني من ِ‬ ‫ُ‬ ‫إصالح‬ ‫َم َّرت املسيحية يف هذه املرحل ِة حبرك ِة ُ َ ٍ‬ ‫كبرية‪ .‬إذ ُولِدَت الربوتستانتية‪ ،‬وأن ِشئت‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫انقسامات ديني ٌة‬ ‫الكنائس القومية‪ .‬كما كانت‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫مدنيات‬ ‫يف‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫اس‬ ‫قد‬ ‫ة‬ ‫مشابه‬ ‫ة‬ ‫ومذهبي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الشرق األقصى‪ ،‬وخاصة يف اهلن ِد والصني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫جالب ًة معها القضايا اجلديدة‪ .‬ولدى حَبثِنا‬ ‫يف األرضي ِة املادي ِة ِّ‬ ‫لكل هذه القضايا املذهبي ِة‬ ‫والدينية‪ ،‬لن نَلقى صعوب ًة تُذ َكر يف رؤي ِة أ ّن‬ ‫َ‬ ‫القمع واالستغال ِل املتكاثف ِة واملنتشرةِ قد‬ ‫َأجهزة ً ِ‬ ‫ً‬ ‫احلديث‬ ‫ل ِعبَت دورا أساسيا يف ذلك‪ .‬موضو ُع‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫القمع واالستغال ِل اليت شنتها‬ ‫هنا هو‬ ‫ُ‬ ‫حروب ِ‬ ‫االحتكارات املادي ُة واأليديولوجي ُة املتداخل ُة‬ ‫ُ‬ ‫ضد اجملتمع‪ .‬لقد كانت هذه القضايا تَ َش َّكلَت‬ ‫منذ عه ِد دول ِة الكهن ِة السومريني واملصريني‪،‬‬ ‫وتفاقمت أكثر فأكثر مع احلروب‪ .‬ولدى‬ ‫النار بالنار»‪ ،‬كان‬ ‫قوله‪« :‬ال مُي ِكنُ َك إطفاءَ ِ‬ ‫َ‬ ‫بوذا يُفي ُد حبقيق ٍة عظيم ٍة استَخل َصها من‬ ‫جتاربِه وخرباتِه العظيم ِة اليت عا َشها‪ .‬ذلك‬ ‫َّ‬ ‫أن السلط َة كانت تعين احلرب‪ .‬أما احلرب‪،‬‬ ‫فكانت تعين االستغالل‪ .‬بناءً عليه‪ ،‬فالسلط ُة‬ ‫سبيل‬ ‫ال مُي ِكن إال أ ْن ِحُت ِار َب سلطة‪ .‬إذ ما ِمن ٍ‬ ‫لبلوغ الربح املُمتِع‪.‬‬ ‫آخر ِ‬ ‫وبينما يَ ُكو ُن تاري ُخ املدني ِة الذي يُنا ِهزُ‬ ‫هكذا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫آالف عاماً تارخياً ُمنتِجاً للقضايا‬ ‫ة‬ ‫اخلمس‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫احللول اخليالي َة‬ ‫اليومي ِة من جانب‪ ،‬فإ ّن‬ ‫املَ َ‬ ‫عروض َة للوس ِط على أنها وسائ ُل ح ّل‪ ،‬كانت‬ ‫وتكاثف القضايا‬ ‫ال تنف ُع سوى يف استفحا ِل‬ ‫ِ‬ ‫من اجلانب الثاني‪ .‬فال ميثولوجيا اآلهل ِة‬ ‫الرهبان السومريني‪ ،‬وال إل ُه‬ ‫ظام لدى‬ ‫ِ‬ ‫ال ِع ِ‬ ‫املنبع عينِه‪،‬‬ ‫وأنبياءُ‬ ‫األديان التوحيدي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذات ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرؤوس‬ ‫االنقسامات املذهبية املتعددة‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والزعام ِة كانت قادرةً على أ ْن تَ ُكو َن حالً‬ ‫ُ‬ ‫فاحللول اخليالي ُة كانت‬ ‫للعبودي ِة املتجذرة‪.‬‬ ‫عاجزةً عن التحو ِل إىل حلو ٍل مادية‪ .‬ولدى‬ ‫احتكارات السلط ِة واالستغال ِل‬ ‫عدم اكتفاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنقل ذاتِها إىل كاف ِة األقوام‪ ،‬بل وبقيامها‬ ‫ِ‬ ‫بالت َغل ُغ ِل حتى ِّ‬ ‫اجملتمع‬ ‫مسامات‬ ‫وأهم‬ ‫أدق ِّ‬ ‫ِ‬ ‫تأسيساً على الدول ِة القومية؛ فإ ّن اللوح ِةَ‬ ‫اجملتمع‬ ‫املتكون َة تفي ُد باستفحا ِل القضايا يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫أمجع‪ .‬ونَ َظراً ألنه مَل يَ ُع ْد َ‬ ‫مسامات‬ ‫هناك‬ ‫ٌ‬ ‫الظلم‬ ‫اجملتمع مُي ِك ُن‬ ‫ِ‬ ‫الحتكارات ِ‬ ‫أخرى يف ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫تسريب‬ ‫آالف سنة‬ ‫َ‬ ‫واالستغال ِل امل َع ِّمرَةِ مخسة ِ‬ ‫أرباحها‬ ‫قضاياها‪ ،‬وبالتالي اإلكثارَ من‬ ‫ِ‬ ‫عربَها؛ فهذا ما معناه أ ّن نهايتَها قد َحلَّت‬ ‫الحت لل َعيان‪ .‬بهذا املعنى‪ ،‬فلدى‬ ‫فعالً‪ ،‬أو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أقرب‬ ‫القو ِل حِبُلو ِل نهاي ِة التاريخ‪ ،‬رمبا نكو ُن َ‬ ‫إىل احلقيق ِة أكثرَ من ِّ‬ ‫وقت مضى‪.‬‬ ‫أي ٍ‬

‫فكرية‬

‫‪9‬‬

‫قضية املدينة والبيئة‪:‬‬ ‫بدأَ ُ‬ ‫جمتمع‬ ‫عيش قضايا املدين ِة والبيئ ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫الشرق األوس ِط منذ َمطلَ ِع املدنية‪ .‬فلدى‬ ‫ِ‬ ‫املدائن‬ ‫إنشاءات‬ ‫قصص أُوىل‬ ‫اإلمعان يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السومرية‪ ،‬ستُد َر ُك األجواءُ اليت تصاعدت‬ ‫فيها املدن‪ ،‬سواءً داخلَها أو فيما بينها‪ .‬إنها‬ ‫أجوا ٌء مشحون ٌة بالقضايا‪ .‬وهي قضايا نابع ٌة‬ ‫فالتمد ُن حَي ِم ُل االستعبادَ‪،‬‬ ‫من العبودية‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫التدو َل يف َخباياه‪ .‬وتَأَ‬ ‫السوق‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫وبالتالي‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫لب معه القضية االقتصادية أيضا‪ .‬ف َمن‬ ‫جَي ُ‬ ‫َ‬ ‫كان سيُق ِّر ُر نِ َس َب التباد ِل واملقايضة‪ ،‬أي‬ ‫فاقات لَن تَكو َن يَسريةً‬ ‫الو ُ‬ ‫األسعار؟ كانت ِ‬ ‫يف هذا املوضوع‪ .‬فضالً عن أ ّن إعاش َة املدين ِة‬ ‫ومحايتَها كانت قضي ًة قائم ًة بذاتِها‪ .‬كما أ ّن‬ ‫املتكونة(الراهب‪ ،‬احلاكم والقائد‬ ‫ُز َمرَ السلط ِة ِّ‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫دائم فيما‬ ‫العسكري) كانت على ُ‬ ‫تناح ٍَر ٍ‬ ‫بينها‪ ،‬مما كان سيُ َم ِّه ُد الطريق أمامَ قضايا‬ ‫الثورةِ والثورةِ املضادة‪ .‬هذا باإلضاف ِة إىل قضايا‬ ‫املدائن يف التضخم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أما إدارةُ ودول ُة املدين ِة املتناميتان بالتوازي‬ ‫مع املدينة‪ ،‬فقد ظلتا ظاهرتَني ال غنى عنهما‬ ‫عصور املدنية‪ .‬فدول ُة املدين ِة هي‬ ‫مجيع‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أقدم أشكا ِل السلط ِة وأكث ُرها رَواجا‪ ،‬بينما‬ ‫ُ‬ ‫والدول القومي ُة بَ َر َزت إىل‬ ‫اإلمرباطوريات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األساسي الطاغي‬ ‫امليدان الحقاً‪ .‬أما الشكل‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بنسب ٍة ساحقة‪ ،‬فكان ُحكمَ ودول َة املدين ِة أو‬ ‫احلكمَ والدول َة املنحصرَين‬ ‫باألطراف املجُ ِاورَةِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ُ‬ ‫َ‬ ‫للمدينة‪ .‬يف حني َّ‬ ‫الكثيف بني‬ ‫التناف َس‬ ‫َ‬ ‫دامات‬ ‫املدائن كان يَفتَ ُح اجملال أمام ِّ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫َورها‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫كانت‬ ‫واليت‬ ‫الدائمة‪،‬‬ ‫واالشتباكات‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫إمكانات املدن‪ .‬أما ُّ‬ ‫احلل املَطروح‪،‬‬ ‫تَستَنفِ ُذ‬ ‫ِ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪10‬‬

‫فكان مصطل َح املدين ِة املرتوبو ِل املهيمنة‪ .‬وما‬ ‫أوروك‪ ،‬أور‪ ،‬بابل‪ ،‬آشور‪ ،‬برسابوليس‪،‬‬ ‫مدائن اهليمن ِة‬ ‫أثينا وروما سوى هكذا نو ٌع من ِ‬ ‫مراكز اإلمرباطورية‪.‬‬ ‫اليت أدَّت فيما بعد دورَ ِ‬ ‫الح ُظ َّ‬ ‫أن سارغون‪ ،‬مؤسس السالل ِة‬ ‫نُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫إمرباطور يف التاريخ‪ .‬وهو‬ ‫األكادية‪ ،‬هو أول‬ ‫ٍ‬ ‫مَل يَقتَ ِصر على إتْ‬ ‫املدن السومري ِة بآكاد‬ ‫باع ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ AGADE‬وإخضا ِعها لسيطرتِه‪ ،‬بل ونَقَ َل‬ ‫ساحات املدني ِة يف عصره‪.‬‬ ‫هيمنتَه إىل كاف ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ويف هذه احلال‪ ،‬فاإلمرباطورية تعين أ ْن‬ ‫تَبس ُط مدين ُة اهليمنة(املرتوبول) نفو َذها على‬ ‫املدن األخرى وأطرافِها‪ ،‬وأ ْن ُ‬ ‫حصتَها‬ ‫تأخ َذ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وألن التجارةَ‬ ‫فوائضها االجتماعية‪َّ .‬‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أسواق أوسع‬ ‫ي ضمن‬ ‫والزراعة والصناعة تُ َس رَُّ‬ ‫ٍ‬ ‫تلِّفُ‬ ‫وبإمكانيات مادي ٍة أوفر‪ ،‬فقد كانت خُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وراءَها رحبا وفريا‪ .‬بالتالي‪ ،‬فتنظي ُم السلط ِة‬ ‫ِ‬ ‫منوذج اإلمرباطوري ِة الشاسعة كان يصب ُح‬ ‫وف َق‬ ‫حد كبري‪ .‬هذا وبإمكاننا استشفافَ‬ ‫ً‬ ‫ُمربحِ ا إىل ٍّ‬ ‫ِّ‬ ‫هذه النزع ِة بكل سهول ٍة يف إمرباطوري ِة‬ ‫سارغون واإلمرباطوريتَني البابلي ِة واآلشورية‪.‬‬ ‫بالذكر اإلمرباطوري َة اآلشوري َة اليت‬ ‫وخنص‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫املواد اخلام‬ ‫كانت قد تمَ​َ َّر َست يف جتارةِ ِّ‬ ‫وطموحها يف محاية موارد ِ‬ ‫الربح‬ ‫واملصنوعة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َرض‬ ‫بأعتى األشكال‪َ ،‬ج َعلها ال تتوانى عن ع ِ‬ ‫ألجل السلطة‪ .‬بل وكان‬ ‫أكثر املشا ِه ِد وحشي ًة ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلشوريون يَتَباهَون ويَفتَ ِخرون بإنشائِهم‬ ‫مجاجم البشر‪.‬‬ ‫اجلدرا َن واألسوارَ من‬ ‫ِ‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ِ‬ ‫النتائج املرجوةِ يف‬ ‫كان البرَ ُس يَ َودُّون ني َل‬ ‫بأساليب أكثرَ مرونةً‬ ‫الوجه ِة ذاتِها ولك ْن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫نحوا يف ذلك‪ .‬أما املدينةُ‬ ‫وأخالقية‪ .‬وقد جَ َ‬ ‫الالمع ُة بامتياز يف تلك العهو ِد‪ ،‬فكانت بابل‪.‬‬ ‫لقد كانت املدين َة اإلشكالي َة واملسؤول َة البهي َة‬ ‫اليت مَتا َز َج واند َم َج فيها اثنان وسبعون من‬ ‫املِلَل‪ .‬بينما كانت املدائ ُن الربسي ُة حتذو‬ ‫اإلغريق‬ ‫كون محل ِة‬ ‫حذوَ بابل‪ .‬وإىل‬ ‫جانب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التمدن حالً متقدماً أكثر‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫الرومان يف‬ ‫ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هذه املد ّن أيضا كانت تتشاط ُر القضايا عينَها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كم واإلعاش ِة والدفاع‪.‬‬ ‫ويف مقدمتِها‬ ‫ميادي ُن احل ِ‬ ‫َ‬ ‫باإلمكان‬ ‫ومن خال ِل اجل ِمي َع ِة اهليليني ِة كان‬ ‫ِ‬ ‫الشرق‬ ‫ضمن‬ ‫املدن‬ ‫معمار ِ‬ ‫ِ‬ ‫بلو ُغ مرحل ٍة أرقى يف ِ‬ ‫تأسيسات باهرةً يف هذا‬ ‫األوسط‪ .‬وحنن نَش َه ُد‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫كون‬ ‫الشأن‪ .‬ولكن‪ ،‬ليس عسريا‬ ‫ُ‬ ‫تشخيص ِ‬ ‫معب ِد مدين ٍة لوحده كان يَنُ ُّم عن قضايا متعددةِ‬ ‫سبيل‬ ‫األبعا ِد فيما يتعل ُق باجملتمع‪ .‬وعلى ِ‬ ‫املثال‪ ،‬فتقيي ُم كيف استَنفَ َذ أهرا ٌم واح ٌد من‬ ‫فرعون املصري ِة اجملتم َع سيَ ُكو ُن‬ ‫أهرامات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكثرَ لفتاً لألنظار‪ .‬أما أثينا وروما كمدينتيَ‬ ‫مرتوبول‪ ،‬فقد كانتا خمنوقتَني بالقضايا‬ ‫االجتماعي ِة حتى ا َ‬ ‫حللق‪.‬‬ ‫الشرق األوس ِط يف العه ِد‬ ‫بالرغم من ِكبرَ ِ ِ‬ ‫مدائن ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم ّي‪ ،‬إال أنها معمارياً كانت ُمتَ َخلِّفةً‬ ‫جداً عن العه ِد اهليلي ّ‬ ‫ين‪ .‬فقد كانت خَت َس ُر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫منبع‬ ‫ميزاتِها تدرجييا‪ ،‬وتتحول بالتالي إىل ٍ‬ ‫وارها‪ .‬أما عد ُم‬ ‫للقضايا يف داخلِها‬ ‫ِ‬ ‫وألجل ِج ِ‬

‫انتقالهِ ا إىل الثورةِ الصناعية‪ ،‬فقد كان يُزي ُد‬ ‫من وطأةِ قضاياها‪.‬‬ ‫محل ُة املدين ِة يف مدني ِة أوروبا الغربي ِة أدت‬ ‫ُن االقتصادي ِة املتنامي ِة على أرضي ِة‬ ‫إىل املُد ِ‬ ‫التجارةِ والسوق‪ .‬كانت هذه احلمل ُة ممهورةً‬ ‫برأس املا ِل من ُذ البداية‪ .‬وقد اندفَ َعت دائماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حلرَفِيّني يف‬ ‫وراءَ بس ِط اهليمن ِة على شرائح ا ِ‬ ‫املناطق الريفي ِة وداخ َل املدينة‪ .‬وقد َجلَ َب هذا‬ ‫ِ‬ ‫صراعات طبقي ًة حادةً معه‪ .‬وبينما كان‬ ‫الوض ُع‬ ‫ٍ‬ ‫ري َ‬ ‫ُ‬ ‫َر ُ‬ ‫امليول‬ ‫ض ويُث ُ‬ ‫املدن حُي ِّ‬ ‫التناف ُس داخ َل وبني ِ‬ ‫حنو اإلمرباطوري ِة واملُلوكي ِة يف البداية‪ ،‬إال‬ ‫اخلضوع‬ ‫أنها اض ُط َّرت مع الثورةِ الصناعي ِة إىل‬ ‫ِ‬ ‫واالستسالم للدول ِة القومية‪ .‬وقد أَبدَت املد ُن‬ ‫ُ ِ‬ ‫واإليطالي ُ‬ ‫عدم التخلي‬ ‫يف‬ ‫َتها‬ ‫ء‬ ‫كفا‬ ‫ة‬ ‫األملانية‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫آخرَ‬ ‫عن شب ِه استقالليتِها املعروف ِة تارخييا إال ِ‬ ‫االستسالم للدول ِة القومية‬ ‫عدم‬ ‫ِ‬ ‫اجلميع‪ ،‬ويف ِ‬ ‫القرن التاسع عشر)‪.‬‬ ‫متأخر(حتى‬ ‫وقت‬ ‫حتى ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫من هنا‪ ،‬فالثورةُ الصناعية حسب رأيي مل‬ ‫املدن وبداي َة‬ ‫تصب ْح حالً‪ ،‬بل َغدَت نهاي َة ِ‬ ‫موتِها‪ .‬فالصناعوي ُة والبريوقراطي ُة قد َض َّخ َمتا‬ ‫التاسع عشر‪.‬‬ ‫القرن‬ ‫املد َن‬ ‫كالتيهور تزامناً مع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السرطاني الذي ال‬ ‫وهذا التضخ ُم من النوع‬ ‫ِّ‬ ‫معنى له البتة‪ ،‬انتهى ِبالبيئ ِة إىل كارث ٍة بكلِّ‬ ‫معنى الكلمة‪ .‬أي َّ‬ ‫أن املدين َة ال تَقت ُل نف َسها‬ ‫فحسب‪ ،‬بل وتَقت ُل معها البيئة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫الريفي أيضاً(أي‪،‬‬ ‫يت اجملتم َع‬ ‫وت ُ‬ ‫تَستَهلِ ُك مُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫التاريخ املَُع ِّمرةَ ‪ 15000‬سنة‪ ،‬وقوتَه‬ ‫حقيق َة‬ ‫ِ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫املنتجة‪ ،‬ومنب َع الثقاف ِة املادية واملعنوية)‪.‬‬ ‫والنتيج ُة هي خَ َ‬ ‫اجملتمع ضمن قضايا‬ ‫تبُّ ُط‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمالقة‪ ،‬حَ َ‬ ‫عام إلنتاج البطال ِة‬ ‫مركز ٍّ‬ ‫وت ُّولُه إىل ٍ‬ ‫َ‬ ‫واحلرمان‪ .‬أي َّ‬ ‫الشرق األوس ِط اليت‬ ‫أن مدينة ِ‬ ‫َ‬ ‫َخ ِسرَت هيمنتَها‪ ،‬قد صارت مركز الالمدينة‪،‬‬ ‫وسائل املدين ِة‪،‬‬ ‫وت وإمات ِة إحدى ِّ‬ ‫ومرك َز َم ِ‬ ‫أهم ِ‬ ‫بشكل مستمر‪.‬‬ ‫وبالتالي اجملتمعي ِة ٍ‬ ‫دمار‬ ‫تاري ُخ املدني ِة‬ ‫ِ‬ ‫الشرق أوسطي ِة هو تاري ُخ ِ‬ ‫وإنكار البيئ ِة واحمليط‪ .‬حيث يتحول ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ُكم تَ َش ُّك ِل‬ ‫ب‬ ‫التاريخ‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫متأصل‬ ‫ة‬ ‫عاد‬ ‫إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالتأسيس‬ ‫قِيَ ِم املدني ِة كثقاف ٍة مادي ٍة ومعنوي ٍة‬ ‫ِ‬ ‫إنكار قِيَم اجملتمع النيولي ّ‬ ‫يت(تَفنيدُها‬ ‫على ًِ ِ‬ ‫أن ِاجملتم َع النيولييتَّ‬ ‫دياليكتيكيا)‪ ،‬رغمَ َّ‬ ‫أيكولوجي على صعي ِد ِقيَ ِم ِكلتا الثقافتَني‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫املعنوي ويف دينِه حيوي ٌة‬ ‫فالبيئ ُة يف عالمَِه‬ ‫َّس كأمسى قيمة‪ .‬كما َّ‬ ‫إمكانيات‬ ‫أن‬ ‫وتُقَد ُ‬ ‫ِ‬ ‫بااللتفاف حول املرأةِ هي‬ ‫التغذي ِة املتنامي َة‬ ‫ِ‬ ‫بداي ُة االقتصاد‪ .‬أي َّ‬ ‫أن الطبيع َة واملرأةَ ضمن‬ ‫ُ‬ ‫احتا ٍد متناغم‪ .‬كما يُر َم ُز باإلهل ِة األ ِّم إىل‬ ‫ّ‬ ‫احليوي‪ .‬فالقِس ُم األك ُرب‬ ‫الطبيعي‬ ‫الدين ِ ِّ‬ ‫مفهوم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسائل اإلنتاج ِّ‬ ‫اخرتاع املرأة‪،‬‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫املادي ًمن حَ ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫املأكل واملَلبَ ِس أيضا ت ِمل طاب َعها‪.‬‬ ‫ة‬ ‫وثقاف‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫تتعرض مع املدني ِة إىل‬ ‫كل هذه القِيَ ِم سوف‬ ‫َ‬ ‫وقمع حتت‬ ‫ي وسائل ربح‬ ‫اإلنكار‪ ،‬وستُ َص رَُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ظل هيمن ِة الرجل‪ .‬وسوف تٍُستَحقَ ُرٍ األرضُ‬ ‫األُ ّم‪ُ .‬‬ ‫الكتب املقدس ُة للرجال‪« :‬نسا ُؤكم‬ ‫تقول ُ‬ ‫َح ٌ‬ ‫رث لكم‪ ،‬فأتوا َحرثَكم أَنّى شئتم»‪ .‬واألنكى‬ ‫أ ّن املد َن السومري َة م َّهدَت السبي َل أمام تمَ​َلُّحِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بهدف‬ ‫الدائم‬ ‫األراضي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بسبب استخدا ِمها َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫الطبيعي‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫خماطر‬ ‫من‬ ‫م‬ ‫َظ‬ ‫ع‬ ‫مما‬ ‫الربح‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ َ ُّ ِ‬ ‫ُّن‬ ‫بِتَغذيته بالتَّ َص ُّح ِر االصطناع ّي‪ .‬ودو ُر التَّ َمد ِ‬ ‫سليب للغاي ِة يف تَ َص ُّح ِر ميزوبوتاميا‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫االستحقار إىل الطبيع ِة‬ ‫لَطاملا يُنظ ُر بِ َعني‬ ‫ِ‬ ‫نظر املدنية‪ .‬إ ّن هذا‬ ‫واألرض يف وجه ِة‬ ‫والبيئ ِة‬ ‫ِ‬ ‫أيديولوجي ِيف أصله‪ُ ِ ،‬‬ ‫يهدف إىل احلطِّ‬ ‫َ‬ ‫املوقف‬ ‫ٌّ‬ ‫ُّ‬ ‫جمتمع الزراع ِة ـ القرية والتحك ِم‬ ‫شأن‬ ‫من ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫التضاد‬ ‫أساس‬ ‫ِّ‬ ‫اليسري به‪ ،‬ألنه تصا َع َد على ِ‬ ‫ِ‬ ‫معه‪ .‬لقد ابتَ َدعَت املدني ُة تَ َص ُّوراً أيديولوجياً‬ ‫عن مَ‬ ‫عدو لَدو ٌد‬ ‫العال‪ ،‬وكأ ّن هذا العالمَ​َ ٌّ‬ ‫احلساب‬ ‫اإلنسان إعطاء‬ ‫للبشرية‪ ،‬وأنه على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إزاءَه‪ .‬كما تَ ُ‬ ‫الكتب املقدسة‪»:‬إنه مكا ٌن‬ ‫قول‬ ‫ُ‬ ‫المتحانِكم‪ ،‬ال غري»‪ .‬مقابل ذلك‪ ،‬وبينما‬ ‫خَيل ُق الدولتِيون ِجنانَهم يف هذا مَ‬ ‫العال‪ ،‬فهم‬ ‫باألديان اليت ابتَ َكروها‪ ،‬ألنهم‬ ‫مَل يُؤ ِمنوا البت َة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وجدَها‪ .‬من‬ ‫يَعلَمون ِعلمَ اليقني أنهم هم َمن أ َ‬ ‫الناشئ‬ ‫االجتماعي‬ ‫جانب آخر‪ ،‬فالتطو ُر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬

‫فكرية‬

‫‪11‬‬

‫بالتداخل مع األجواءِ اجليوبيولوجي ِة سوف‬ ‫ِ‬ ‫جوهره هذا أيديولوجياً مع‬ ‫إنكار‬ ‫على‬ ‫يُر َغ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫تاريخ املدنية(يف احلقيقة‪ ،‬جيب القول‪:‬‬ ‫تقد ُِّم ِ‬ ‫ُ‬ ‫تضاد وتناف ٍر معه‬ ‫مع ُ‬ ‫تراج ِعه)‪ ،‬لِيَغدوَ على ٍّ‬ ‫ملجُ‬ ‫َ‬ ‫مَ‬ ‫َ‬ ‫اخليالي وا َّرد‪.‬‬ ‫رات العالِ اآلخ ِر‬ ‫عرب ُّ‬ ‫تصو ِ‬ ‫ِّ‬ ‫يَكمن جوه ُر القضي ِة األيكولوجي ِة يف هذه‬ ‫َ‬ ‫اإلدراك‬ ‫احلقيق ِة القائمة‪ .‬بالتالي‪ ،‬نستطي ُع‬ ‫أنها قضي ٌة اجتماعي ٌة كلياً ِّ‬ ‫بكل خطورتِها‪.‬‬ ‫جوهره هكذا‪ ،‬من‬ ‫إنكار ِ‬ ‫وجمتم ٌع ُمر َغ ٌم على ِ‬ ‫االستمرار حبياتِه‬ ‫غري املمكن َجعلَه قادراً على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احتكارات السلط ِة‬ ‫ألَ َج ٍل طويل‪ .‬فمنط ُق‬ ‫ِ‬ ‫واحلروب األيديولوجي ُة‬ ‫واالستغال ِل يف الربح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سبيل ذلك؛ إمنا‬ ‫والعسكري ُة اليت َشنَّتها يف ِ‬ ‫هي أيكولوجي ٌة مضاد ٌة وبيولوجي ٌة مضاد ٌة‬ ‫وجمتمعي ٌة مضادة‪ .‬أما األزم ُة املُعاش ُة راهناً‬ ‫املالي للهيمن ِة الرأمسالية‪ ،‬فكأنَّها‬ ‫يف‬ ‫العصر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وعيون‬ ‫أذهان‬ ‫الوقائع يف‬ ‫نَقشت كل هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن مَ‬ ‫البشري ِة مجعاء‪ ،‬وتُبَينِّ ُ‬ ‫للجميع َعلَناً َّ‬ ‫العال‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫بات‬ ‫املزيف الذي اختَلَقَته هذه اهليمنة قد َ‬ ‫لفائف وَرَقِيّة‪ .‬مَل تَغترَ ِ ْب البشريةُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حمض‬ ‫يف أي ِة مرحل ٍة من مراحلِها عن الطبيع ِة‬ ‫ألنني‬ ‫واحلياةِ‬ ‫واجملتمع هلذه الدرجة‪ .‬ونظراً ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرق األوس ِط حتت أعباءِ املدني ِة‬ ‫جمتمع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫املركزي ِة القاهرةِ والن َّهاب ِة ألطو ِل مدة‪ ،‬وألنه‬ ‫ألسباب‬ ‫األقرب إىل التَّ َص ُّح ِر‬ ‫يتصدر املناط َق‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫جيوبيولوجي ٍة طبيعي ٍة واصطناعي ٍة على‬ ‫السواء؛ فهو ال يُعاني من القضايا فحسب‪،‬‬ ‫بل ويتخلى عن احلياةِ لدرج ِة رؤيتِه َّ‬ ‫احلل‬ ‫يف االنتحار‪ .‬أو باألحرى‪ ،‬يُر َغ ُم على التخلي‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫قضية الطبقة‪ ،‬اهلرمية‪ ،‬األسرة‪ ،‬السلطة‬ ‫والدولة‪:‬‬ ‫الشرق األوس ِط هو اجملتم ُع األب َك ُر يف‬ ‫جمتم ُع ِ‬ ‫تَ َع ُّرفِه على قضايا الطبق ِة واهلرمي ِة والسلط ِة‬ ‫أن َ‬ ‫التاريخ الكون ّي‪ .‬حنن نَعلَُم َّ‬ ‫أول منظوم ٍة‬ ‫يف َِ‬ ‫َ‬ ‫الشباب‬ ‫على‬ ‫تأسست‬ ‫ة‬ ‫السلط‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫هرمي ٍة ق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرجل املستَبِ ِّد املاكر ‪+‬‬ ‫واملرأة‪ .‬فتحالف‬ ‫ِ‬ ‫الشامان والراهب ‪ +‬الرجال العجائز اخلرباء‬ ‫وجلميع‬ ‫اهلرميات‬ ‫دئي لكاف ِة‬ ‫ِ‬ ‫هو منوذ ٌج بِ ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫السلطات والدو ِل اليت ستتصاع ُد بعدَها‪ .‬هذا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التحالف هو َمه ُد ونواةُ ِّ‬ ‫كل القضايا االجتماعية‪.‬‬ ‫اهلرمي(‪ 5000‬ـ‬ ‫إننا نَش َه ُد عه َد آل ُعبَيد‬ ‫َّ‬ ‫‪ 3500‬ق‪.‬م) يف ميزوبوتاميا السفلى قَب َل هيمن ِة‬ ‫مدين ِة أوروك‪ .‬إنها هرمي ٌة انتشرت يف كاف ِة‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫التنظيمات‬ ‫ومتاشياً مع‬ ‫ِ‬ ‫القَبَلِيَّ ِة والعشائري ِة يف‬ ‫العصور الوسطى‪ ،‬ارتقى‬ ‫ِ‬ ‫تنظيمي إىل مستوى‬ ‫شك ٌل‬ ‫ٌّ‬ ‫املِلَّة ـ القوم‪ .‬أي‪ ،‬متَّ‬ ‫خط ُو خطو ٍة أخرى على‬ ‫التوج ِه حنو األمة‪،‬‬ ‫درب ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أيديولوجية‬ ‫وأُضيفَت‬ ‫القوم إىل‬ ‫وتنظي ُم ِ‬ ‫وتنظيم القبيل ِة‬ ‫أيديولوجي ِة‬ ‫ِ‬ ‫والعشرية‬

‫أصقاع ميزوبوتاميا‪ .‬هي نظا ٌم منسو ٌج َ‬ ‫حول‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫نظام‬ ‫البيت‬ ‫الكبري واألسرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواسعة‪ ،‬وبداية ٌِ‬ ‫الساللة‪ .‬ما يَتَ َك َّو ُن هنا هو تَ َص ُّو ٌر وتطبيق‬ ‫مَ‬ ‫والشباب ُّ‬ ‫عال خَت َض ُع فيه املرأةُ‬ ‫وكل الباقني‬ ‫ُ‬ ‫لِ ٍ‬ ‫خار َج الشرحي ِة اهلرمي ِة الفوقي ِة إىل استعبا ٍد‬ ‫تتأسس فيه أرضي ُة القضي ِة‬ ‫ممنهَج‪ ،‬وبالتالي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫االجتماعي ِة ألو ِل مرة‪ .‬وميزوبوتاميا تتمي ُز أيضاً‬ ‫حبقيق ِة قيادتِها الكوني ِة هلذا النظام‪ .‬وهي‬ ‫أيضاً أص ُل األيديولوجي ِة السالالتي ِة والعائلية‪.‬‬ ‫و ُكو ُن هاتَني املؤسستَني ال تَربَحان منيعتَني يف‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬هو على عالق ٍة كثيب ٍة بهذه‬ ‫ِ‬ ‫ال ِعلَّ ِة التارخيية‪ .‬هاتان املؤسستان ذاتا الريادةِ‬ ‫الرجولي ِة واألقدم يف اجملتمع‪ ،‬قد أَبدَتا تطوراً‬ ‫مر التاريخ‪ .‬فبينما حَ َ‬ ‫ت َّولَت‬ ‫مستمراً على ِّ‬ ‫شكل‬ ‫السالل ُة إىل بؤرةٍ أساسي ٍة للسلط ِة وإىل ٍ‬ ‫صارت‬ ‫أساسي للدولة‪ ،‬فإ ّن النزع َة العائلي َة‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫اخللي َة النواةَ الرمسي َة لكاف ِة اجملتمعات‪.‬‬ ‫بهدف‬ ‫وحروب السلط ِة الناشب ُة طيل َة‬ ‫ُ‬ ‫التاريخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعوائل الكبرية‪ ،‬ال‬ ‫السالالت‬ ‫هدم‬ ‫أو‬ ‫إنشاءِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫عد هلا وال حصر‪ .‬وبهذه‬ ‫َّ‬ ‫احلروب ال تُ َص رَُّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫اجملتمعات مصدرا للقضايا فحسب‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫وكأنها تُستَهلَ ُك وتُستَنفَ ُذ ضمنياً أيضا‪ً.‬‬ ‫نظام السالل ِة كتَكا ُم ٍل أيديولوج ّيٍ‬ ‫ينبغي فه َم ِ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والدولة ُتنتَ ُج يف‬ ‫فالسلطة‬ ‫األهم‬ ‫أحشا ِء السالل ِة أوالً‪ُّ .‬‬ ‫َ‬ ‫من ِّ‬ ‫كل ذلك َّ‬ ‫الساللة هي‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫املؤسسة اليت ُت َع ِّو ُد قبيلَتَها‬ ‫وعشريتَها أوالً‪ ،‬و ِمن ثَ َّم‬ ‫َ‬ ‫النظم القَبَلِي ِة األخرى‬ ‫بقية ِ‬ ‫طبقي وعلى‬ ‫على أو ِل تفاوت ٍّ‬ ‫العبودية‪ .‬لذا‪ ،‬يَكا ُد يَ ُكو ُن‬ ‫من املستحيل العثو ُر على‬ ‫دون ساللة‬ ‫سلط ٍة أو دول ٍة من ِ‬ ‫الشرق األوسط‬ ‫يف مدني ِة‬ ‫ِ‬ ‫جانب تَ َط ُّو ِره من‬ ‫متداخل‪ .‬وإىل‬ ‫ُنيوي‬ ‫ِ‬ ‫وب ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫نظام القبيلة‪ ،‬إال أنه يَبين نف َسه على‬ ‫أحشاءِ ِ‬ ‫إنكاره وكنواةٍ عائلي ٍة للشرحي ِة الفوقي ِة‬ ‫ِ‬ ‫أساس ِ‬ ‫ُ‬ ‫احلاكمة‪ .‬له هرميت ُه الصارمة جداً‪ ،‬وهو‬ ‫دئي‬ ‫الطبق ُة احلاكم ُة األوىل‪ .‬إنه النموذ ُج البِ ُّ‬ ‫الرجل‬ ‫للسلط ِة والدولة‪ ،‬ويَرتَ ِك ُز إىل دعام ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الذكور‬ ‫كبري من‬ ‫ِ‬ ‫واألوال ِد الذكور‪ .‬فامتالك عد ٍد ٍ‬ ‫ألجل السلطة‪ .‬وقد أف َس َحت هذه‬ ‫أم ٌر ٌّ‬ ‫هام ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اخلاصية اجملال أمام تَ َع ُّد ِد الزوجات‪ ،‬وأمامَ‬ ‫ُ‬ ‫حياةِ ا َ‬ ‫بعض‬ ‫ونظام اجلواري‪.‬‬ ‫ريم‬ ‫حل‬ ‫وامتالك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومئات األوال ِد متعل ٌق‬ ‫الرجا ِل‬ ‫لعشرات النساءِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بأيديولوجي ِة الساللة‪ .‬فالسلطة والدولة تُنتَ ُج‬ ‫األهم من ِّ‬ ‫كل ذلك َّ‬ ‫أن‬ ‫يف أحشاءِ السالل ِة أوالً‪ُّ .‬‬ ‫السالل َة هي املؤسس ُة اليت تُ َع ِّو ُد قبيلَتَها‬ ‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫النظم القَبَلِي ِة‬ ‫وعشريتها أوال‪ ،‬و ِمن ث َّم بقية ِ‬ ‫طبقي وعلى‬ ‫األخرى على أو ِل تفاوت‬ ‫ٍّ‬ ‫العبودية‪ .‬لذا‪ ،‬يَكا ُد يَ ُكو ُن من املستحيل‬ ‫دون ساللة يف‬ ‫العثو ُر على سلط ٍة أو دول ٍة من ِ‬ ‫ُكم‬ ‫ب‬ ‫كذلك‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬األم ُر‬ ‫مدني ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُحَِ ِّ ُِ‬ ‫واقع السالل ِة فيها‪ ،‬وألنها تشكل‬ ‫جذري ًِة ِ‬ ‫ً‬ ‫مدرسة جتهيزية بالنسب ِة للسلط ِة ـ الدولة‪.‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫حَ َ‬ ‫ت ُّو ُل السالل ِة إىل أيديولوجي ٍة رمسي ٍة قد تَرَ َك‬ ‫مهِّداً السبي َل‬ ‫بصماتِه على بُني ِة العائلة‪،‬جح مَُ‬ ‫أمام أيديولوجي ٍة حتتي ٍة على شاكل ِة»النزعة‬ ‫العائلية»‪ .‬هذا ومث َة فر ٌق بني عائل ٍة وأخرى‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫جد متغايرةٍ للوحدةِ بني‬ ‫تواجدَت‬ ‫أشكال ُّ‬ ‫فقد َ‬ ‫املرأةِ والرجل‪ ،‬سواءً طيل َ‬ ‫التاريخ أم ما قب َل‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫التاريخ‪ .‬إذ كان من ُط عائل ِة الكالن‪ ،‬اليت‬ ‫يَطغى فيها وز ُن املرأة‪ ،‬منتشراً جداً على‬ ‫وج ِه اخلصوص‪ .‬وال يُعرَ ُف الرج ُل ـ الزو ُج‬ ‫ُ‬ ‫فاألخوال واألوال ُد‬ ‫كثرياً يف هذا النم ِط العائل ّي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أهم بكثري‪ .‬النم ُط اآلخر هو الذي يتعادَل فيه‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫عكس ما يُعتَقد‪،‬‬ ‫نائي‬ ‫ثُ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل واملرأة‪ .‬وعلى ِ‬ ‫ُ ً‬ ‫برواج واسع‪ .‬بينما‬ ‫فقد شو ِه َد هذا النمط أيضا ٍ‬ ‫(رب البيت) قد‬ ‫نظا ُم رئاس ِة‬ ‫الرجل للمنز ِل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫بثالوث الساللة‬ ‫ُط ِّو َر بع َد ذلك بكثري‪ ،‬اقتفاءً‬ ‫ِ‬ ‫ـ السلطة ـ الدولة‪ُ .‬‬ ‫األولي هو تنشئ ُة‬ ‫وهدفه‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫مصاحل الشرائح الفوقي ِة‬ ‫نسائه وأوال ِده وفق‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الشخصيات‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫وخ‬ ‫والدولة‪،‬‬ ‫للسالل ِة والسلط ِة‬ ‫ِ‬ ‫التابع ِة اخلانعة‪ .‬تَكم ُن مصا ُ‬ ‫حل السلط ِة والدول ِة‬ ‫الزوجات‬ ‫تلك يف‬ ‫أساس األسرةِ الكثريةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واألوالد‪،‬‬ ‫عدم لزو ِمها بتاتا‪ ،‬ورغمَ‬ ‫بالرغم من ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنها تمَ​َ َّخ َضت عن قضايا اجتماعي ٍة ثقيل ٍة‬ ‫للغاية‪ .‬ومثلما هي الساللة‪ُّ ،‬‬ ‫رب منز ٍل‬ ‫فكل ِّ‬ ‫الزوجات‬ ‫بإكثاره من‬ ‫يحُ اكيها ويَتَ َشبَّه بها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واألوالد‪ ،‬ألنه يرى ذلك ضمانا للقوةِ واحلياة‪.‬‬ ‫والعقلي ُة السائدةُ يف اجملتمع حُ َ‬ ‫تفِّ ُزه باستمرار‬ ‫ِ‬ ‫حذو هذا ا َ‬ ‫الباب بذلك‬ ‫حلذو‪ .‬مع أ ّن َ‬ ‫على ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫يَ ُكو ُن قد فتَ َح على ِمصراعَيه أمام كل القضايا‬ ‫وإلدراك‬ ‫االجتماعية‪ ،‬بدالً من إجيا ِد احلل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اهلام معرف ُة أ ّن هذا‬ ‫القضايا االجتماعية‪ ،‬من ِّ‬ ‫ضرورات األيديولوجيا الرمسية‪،‬‬ ‫الوض َع من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وإدراك املساعي الديني ِة يف دع ِمه وتوطي ِده‪.‬‬ ‫تُ َع ُّد ثقاف ُة السالالتي ِة والعائلية‪ ،‬اليت ال تَنفَ ُّك‬ ‫الشرق األوس ِط الراهن‪،‬‬ ‫جمتمع‬ ‫منيع ًة يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بسبب ما‬ ‫املصادر األساسي ِة للقضايا‪،‬‬ ‫أح َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتزاع‬ ‫تُسفِ ُر عنه من تَ َض ُّخ ٍم‬ ‫ٍّ‬ ‫وطمع يف َّ ِ‬ ‫سكاني ٍ‬ ‫احلص ِة من السلط ِة والدولة‪ .‬كما أ ّن احلط من‬ ‫تعليم األطفال‪،‬‬ ‫شأن املرأة‪ ،‬الالمساواة‪ ،‬عد َم‬ ‫ِ‬ ‫نزاعات األُسرةِ وقضي َة الشرف؛ كلُِّها مرتبطةٌ‬ ‫ِ‬ ‫بالنزع ِة العائلية‪َّ .‬‬ ‫وكأن منوذجاً ُم َص َّغراً من‬ ‫قضايا السلط ِة والدول ِة الداخلية قد أُ ِّس َس‬ ‫داخ َل األسرة‪ .‬من هنا‪ ،‬فتحلي ُل األسرةِ شر ٌط‬ ‫حتليل السلطة ـ الدولة ـ‬ ‫ألجل‬ ‫ال َّ‬ ‫ِ‬ ‫بد منه ِ‬ ‫الطبقة واجملتمع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع ِمن‬ ‫أ ْن تَ ُكو َن األسرةُ والساللة يف‬ ‫ِ‬ ‫املواضيع األيديولوجي ِة واملمارس ِة‬ ‫أفضل وأَمثَ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫العملي ِة للسلطوي ِة والدولتي ِة أم ٌر مفهوم‪ ،‬ما‬ ‫ُ‬ ‫ور السلطة‪ .‬فَاملعاناةُ‬ ‫دا َمتا قد أ ِّس َستا وف َق حِم ِ‬ ‫الشرق‬ ‫الدائم ُة من قضايا السلط ِة والدول ِة يف‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع الذي‬ ‫التحاف‬ ‫األوسط‪ ،‬إمنا تَ ُعو ُد إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تأسست عليه بنزع ِة العائلي ِة والسالالتية‪.‬‬ ‫إنها قضايا تُ َغ ِّذي َ‬ ‫بعضها بعضاً بالتبادل‪ .‬ومن‬ ‫األيديولوجي‬ ‫اجلانب‬ ‫استيعاب‬ ‫عظيم األهمي ِة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للقضايا يف هذا املضمار‪ .‬فاألم ُر الذي ما يزالُ‬ ‫الشرق‬ ‫جمتمع‬ ‫بعيداً عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الفهم يف َذهني ِة َ َِ‬ ‫األوسط‪ ،‬هو َّ‬ ‫أن السلطة والدولة اللتني يَ ُسو ُد‬ ‫ري فيهما كوسيل ٍة ِّ‬ ‫حلل القضايا‪ ،‬إمنا‬ ‫التفك ُ‬ ‫تُوَلِّدان نتائ َج ُمناقِضة‪ ،‬وتُنتِجان حياةً ال حولَ‬ ‫اإلبداع ومشحون ًة بالعبودية‪.‬‬ ‫هلا وخالي ًة من‬ ‫ِ‬ ‫العالقات تلك‬ ‫السبب حنن نُفَ ِّس ُر كوم َة‬ ‫هلذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جد هام‪.‬‬ ‫بالنبع‬ ‫العني للقضايا‪ .‬وهذا أم ٌر ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وبسبب انتباهي باكرا جدا هلذا الوضع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َيت اهتماماً كبرياً‬ ‫باأليديولوجيات‬ ‫فقد أبد ُ‬ ‫ِ‬ ‫واملمارسات‬ ‫واملناقشات‬ ‫والتنظيمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدميقراطية‪ .‬ذلك أ ّن احلياةَ كانت تُ َعلُِّمين‬ ‫أن السبي َل إىل ِّ‬ ‫مرور ِّ‬ ‫كل يوم‪َّ ،‬‬ ‫حل‬ ‫طردياً مع ِ‬ ‫القضايا االجتماعي ِة يمَ ُّر من هنا‪.‬‬ ‫نقيض ما يُعتَقَد‪ ،‬فالطبق ُة ال تُ َولِّ ُد‬ ‫وعلى‬ ‫ِ‬ ‫فتكوينات‬ ‫السلط َة والدولة‪ .‬بل بالعكس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫السلط ِة والدول ِة املبني ُة على السالالتي ِة‬ ‫والعائلية(املؤسستَني اهلرميتَني) هي اليت‬ ‫تؤدي إىل التماي ُِز الطبق ّي‪ .‬أي َّ‬ ‫أن األولوي َة‬ ‫تكمن يف األيديولوجي ِة واملمارس ِة الدولتي ِة‬ ‫كون هذه‬ ‫وباملستطاع‬ ‫َ‬ ‫تشخيص ِ‬ ‫اهلرمية‪ِ ُ َّ .‬‬ ‫ً‬ ‫رائج جدا يف‬ ‫بشكل‬ ‫املرحل ِة قد مت عيشها‬ ‫ٍ‬ ‫الشرق أوسطية‪ُ ٍ .‬‬ ‫فميول التماي ُِز‬ ‫تاريخ املدني ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطبقي من األعلى حنو األسفل هي األوطد‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫واألهم من‬ ‫األسفل حنو األعلى‪.‬‬ ‫وليس من‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬تُعاش ظاهرة الطبق ِة ـ السلط ِة والدول ِة‬ ‫املتداخل ِة أيديولوجياً وعملياً‪َ ،‬‬ ‫بدل عالق ِة‬ ‫الدول ِة والطبق ِة كظاهرتَني منفصلتَني عن‬ ‫ستور‬ ‫بعضهما‪ .‬إنها مرحل ٌة ُمعاش ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل َم ٍ‬ ‫حد كبري‪ ،‬حبيث تَكا ُد تجُ َع ُل الطبقةُ‬ ‫إىل ٍّ‬ ‫التصويرات األيديولوجي ِة‬ ‫بسبب‬ ‫خمفي ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القَبَلِيَّ ِة والعائلي ِة والسالالتي ِة والدولتية‪ .‬وهكذا‬ ‫منو ِ‬ ‫الوعي الطبق ّي‪ .‬ذلك َّ‬ ‫أن‬ ‫يُع َم ُل على عرقل ِة ِّ‬ ‫بالتحليالت‬ ‫القيام‬ ‫التعا ِط َي‬ ‫َ‬ ‫امللموس ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫هام لدى ِ‬ ‫الطبقية‪ .‬إذ ينبغي تنا ُولهَ ا مثلما تَ َش َّكلَت‬ ‫اجملتمع بالتَ َح ُّو ِل‬ ‫مرور‬ ‫عليه تارخيياً‪ .‬فلدى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫متداخل مع‬ ‫الطبقي يف‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬فهو ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫حَ َ‬ ‫ت ُّو ِل األسرةِ والسالل ِة الرمسي ِة إىل سلط ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ودولة‪ .‬فالعبودي ُة ال تُؤَ َّس ُس على الكدح ِّ‬ ‫املادي‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫واملشاعر‬ ‫األذهان‬ ‫وحسب‪ ،‬بل تُبنى أوالً على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واألبدان‪ .‬إذ ال تتطو ُر عبودي ُة الكدح ّ‬ ‫املادي‪،‬‬ ‫ما مَل تتطورْ العبودي ُة األيديولوجية‪ .‬من هنا‪،‬‬ ‫اخلصائص‬ ‫وألجل رؤي ِة القضايا النامج ِة عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطبقي ِة الواسع ِة االنتشار‪ ،‬فسيكون من املفي ِد‬ ‫أكثر ُ‬ ‫متكامل يف هذا االجتاه‪.‬‬ ‫سلوك تَعا ُم ٍل‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫كيانات السلط ِة والدول ِة املتأسس ِة‬ ‫إن رؤي َة‬ ‫ِ‬ ‫الشرق األوس ِط على أنها مسسرةٌ‬ ‫فوق‬ ‫جمتمع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫سياسية(املكاسب اليت ختلقها القوة)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫سوف يُقَ ِّر ُب املرءَ من احلقيق ِة أكث َر كثرياً‪.‬‬ ‫كعمليات بُؤَ ِر‬ ‫فالرتاكمات االجتماعي ُة تتحق ُق‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫السلط ِة والدول ِة يف السطو‪ ،‬أكثر من كونِها‬ ‫عالق ًة بني السي ِد والعبد‪ .‬السلط ُة ظاهر ٌة‬ ‫أكث ُر انتشاراً من الدولة‪ .‬إذ قد تُ ُ‬ ‫عاش السلط ُة‬ ‫بكثافة يف حا ِل‬ ‫غياب الدول ِة أيضاً‪ .‬بناءً‬ ‫ِ‬ ‫يتوجب تقييمَ بُؤَ ِر السلط ِة على أنها‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رأس املال‪ .‬إذ ال معنى‬ ‫ضرب من‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫احتكارات ِ‬ ‫َ‬ ‫لِ َكينون ِة السلط ِة دون الربح‪َّ ،‬‬ ‫اهلدف‬ ‫ألن‬ ‫لكيانات السلط ِة هو الربح‪ .‬أما‬ ‫األساسي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ري بالسلط ِة كمؤسس ٍة منفصل ٍة عن الربح‪،‬‬ ‫التفك ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َربَت‬ ‫فهو احنراف وشذوذ‪ .‬إنه موضو ٌع ٌّ‬ ‫هام ته َّ‬ ‫تنويره‪.‬‬ ‫السوسيولوجيا الغربي ُة دوماً من‬ ‫ِ‬ ‫فاالحتكارات ال تُؤَ َّس ُس‬ ‫ُ‬ ‫كرأس ما ٍل وعربَ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫الرأمسالي فقط‪ .‬بل غالبا ما تُؤَ َّس ُس‬ ‫النظام‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫كاحتكارات السلط ِة وجمموعاتِها‪.‬‬ ‫التاريخ‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بالربح دون سلطة‪.‬‬ ‫ري‬ ‫التفك‬ ‫ل‬ ‫يستحي‬ ‫لذا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويَنطبق هذا على املدني ِة األوروبي ِة أيضاً‪.‬‬ ‫بنحو‬ ‫بل وسيَكو ُن مبقدورنا تفسري‬ ‫التاريخ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫احتكارات السلط ِة‬ ‫اعتبار‬ ‫أفضل‪ ،‬يف حا ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربح أكثر كالسيكي ًة وشفافية‪.‬‬ ‫كأدوات‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫الدول ُة ظاهر ٌة خمتلفة عن السلطة‪ .‬هي أيضاً‬ ‫متمايز عنها‪.‬‬ ‫كشكل‬ ‫تستن ُد إىل السلطة‪ ،‬ولك ْن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فأوالً‪ ،‬لدى رؤي ِة العدي ِد من بُؤَ ِر السلط ِة زيادةَ‬ ‫احتما ِل نَيلِها رحباً أكربَ لدى احتا ِدها‪ ،‬فهي‬ ‫بشغف شديد‪ .‬هكذا تُ َشيَّ ُد‬ ‫تَه ِد ُف إىل التدو ِل‬ ‫ٍ‬ ‫الدول ُة دائماً‬ ‫ملختلف بُؤَ ِر‬ ‫ربح مشترَ​َ ٍك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كتنظيم ٍ‬ ‫ص الربح‪،‬‬ ‫السلطة‪ .‬بالتالي‪،‬‬ ‫وبسبب ِح َص ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهي تَش َه ُد يف ثنايا بُنيتِها الداخلي ِة تنازعاً‬ ‫وتنافراً‪ ،‬بل وحتى حروباً داخلي ًة مستمرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُكم تحَ​َ لّيها بتقلي ٍد أكثر‬ ‫فضال عن ذلك‪ ،‬وبحِ ِ‬ ‫مجيع احتكارات الربحِ‬ ‫نقاءً وشرعية‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تَ ُكو ُن دوماً يف ِّ‬ ‫صف الدول ِة بوصفِها تعبرياً عن‬ ‫حلها العامة‪ .‬لكن‪ ،‬ويف حا ِل تحَ​َ ُّولهِ ا إىل‬ ‫مصا ِ‬ ‫َ‬ ‫تشتيت‬ ‫َد ُد مصاحل الدولة‪ ،‬فإ ّن‬ ‫جاد يُه ِّ‬ ‫َ‬ ‫ضرر ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫بالبحث عن دول ٍة‬ ‫الدول ِة القائم ِة‪ ،‬والبدءَ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وسلط ٍة جديدتَني يَ ُ‬ ‫جدول األعمال‪.‬‬ ‫دخ ُل‬

‫فكرية‬

‫‪13‬‬

‫الشرق األوس ِط ُ‬ ‫متتلك‬ ‫َ‬ ‫جتارب ال حصرَ‬ ‫ومدني ُة ِ‬ ‫تارخيها‪.‬‬ ‫هلا يف هذا املنحى على ِّ‬ ‫مر ِ‬ ‫بتحليالت السلط ِة والدول ِة‬ ‫باإلمكان القيا َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫سياق املدني ِة‬ ‫على‬ ‫ء‬ ‫بنا‬ ‫ة‬ ‫واقعي‬ ‫أكثر‬ ‫مبنوا ٍل‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫آالف عاما‪ً.‬‬ ‫املركزي ِة ِّ‬ ‫املعمرةِ ما يُناه ُز مخسة ِ‬ ‫قرون للمدني ِة األوروبي ِة‬ ‫بينما تاري ُخ اخلمس ِة ٍ‬ ‫ً‬ ‫حتليالت‬ ‫ألجل‬ ‫يُ َع ُّد مكاناً وزماناً ناقصا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫السلط ِة والدولة‪ .‬وهلذا السبب يَسو ُد العج ُز يف‬ ‫بشأن الدول ِة والسلطة‪.‬‬ ‫صياغ ِة‬ ‫ٍ‬ ‫حتليالت قديرةٍ ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فبينما تعرض املاركسية مثاال من اجلهال ِة‬ ‫التام ِة يف هذا املوضوع‪ ،‬فإ ّن الليربالي َة تَ ُ‬ ‫سلك‬ ‫وخفية‪ .‬يف حني َّ‬ ‫أن‬ ‫مواقف حتريفي ًة أكثر دق ًة ِ‬ ‫َ‬ ‫در ُك احلقيقة أفضل‪ ،‬لكنها‬ ‫القوى احملافِظ َة تُ ِ‬ ‫ترى التعبريَ عنها ال يتناسب ومصا َ‬ ‫حلها‪ .‬بل‬ ‫تُفَ ِّض ُل اللغ َة األيديولوجي َة ـ امليثولوجية‪،‬‬ ‫التحريفي أكث َر‬ ‫ُموَ ِّط َدةً بذلك من السر ِد‬ ‫ِّ‬ ‫ري قضايا السلط ِة والدول ِة خارجةً‬ ‫فأكثر‪ .‬وتصي ُ‬ ‫باألكثر عن احلقيق ِة ضمن اجملتمع‪ ،‬إمنا‬ ‫مبعدَّالت ِ‬ ‫جوهرها‪.‬‬ ‫الربح الكامن ِة يف‬ ‫مرتب ٌط ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الدين واإلل ِه امل َط َّو َرين‬ ‫البلوغ مب َ‬ ‫ُصطلحي ِ‬ ‫لدىَ ِ‬ ‫سوسيولوجي‬ ‫تفسري‬ ‫تاريخ املدني ِة إىل‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫طيلة ِ‬ ‫ُ‬ ‫بياني للدولة‪،‬‬ ‫حقيق ّي‪ ،‬سي َ‬ ‫ُالحظ أنهما رس ٌم ٌّ‬ ‫أيديولوجي مبمارس ِة املَلِك ـ اإلله‪ .‬من‬ ‫وسمُ ُ ٌّو‬ ‫ٌّ‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫هنا‪ ،‬فتقيي ُم الدول ِة القومي ِة الراهن ِة كإل ٍه هاب ٍط‬ ‫ُ‬ ‫خيتلف مضموناً عن‬ ‫على وج ِه األرض‪ ،‬ال‬ ‫العلماني على أنها التنظي ُم‬ ‫تقيي ِمها بالتعبري‬ ‫ِّ‬ ‫نفسه الذي ُصِيرٍَّ بال إله‪ .‬وهيغل قد قَرَأَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ني عميق ٍة أكثر‪ ،‬نسب ًة إىل ماركس‪.‬‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫التاري‬ ‫َِ ٍ‬ ‫الشرق األوس ِط هي قضايا‬ ‫يف‬ ‫اجملتمع‬ ‫قضايا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األسرةِ والسالل ِة والطبق ِة والسلط ِة والدولة‪،‬‬ ‫واليت تُ ُ‬ ‫برواج وكثاف ٍة أكثر‬ ‫عاش يف راهننا‬ ‫ٍ‬ ‫بكثري من ِّ‬ ‫وقت مضى‪.‬‬ ‫أي ٍ‬

‫إذ ال معنى لِ َكينون ِة السلط ِة‬ ‫َ‬ ‫دون الربح‪َّ ،‬‬ ‫اهلدف‬ ‫ألن‬ ‫لكيانات السلط ِة‬ ‫األساسي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫هو الربح‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪14‬‬

‫شهداء‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫حينها؛ ما يختاره الرفيق برخدان من أجل مجتمعه كامالً يكون‬ ‫(خط المقاومة و عدم األستسالم)‬

‫آ‪ :‬دنيا خدر‬

‫الشهيد عدنان سليمان‪ ،‬األسم احلركي‪:‬‬ ‫برخدان توهللدان‪ ،‬أسم األب‪ :‬بابري علي‬ ‫زلفو‪ ،‬أسم األم‪ :‬عزمية‪ ،‬ولد برخدان توهللدان‬ ‫عام ‪ 1987‬يف حضن الرتاب املقدسة؛ يف قرية‬ ‫غرزريك التابعة ملنطقة شنكال‪ ،‬ثم ينتقلون‬ ‫إىل قرية دوميز التابعة ملركز شنكال و يستمر‬ ‫هناك يف قضاء طفولته‪ .‬يقدّم خطواته يف‬ ‫احلياة ضمن عائلة وطنية‪ ،‬و يكرب يوماً عن‬ ‫يوم ضمن عشريته املسماة بأسم»جيلكا»؛ تلك‬ ‫العشرية املعروفة و املشهورة جبسارتها و‬ ‫شجاعتها حيث تتلقى قدراً و احرتاماً كبرياً‬ ‫ضمن اجملتمع اإليزيدي‪ .‬تتألف عائلة الرفيق‬ ‫برخدان من تسعة أخوة و أخوات‪ ،‬يعيش‬ ‫ضمن أجواء عائلة متواضعة و وضعهم املادي‬ ‫يف مستوى متوسط‪ .‬الرفيق برخدان بشخصيته‬ ‫الراكزة وصاحب املسؤلية كان دائماً ملفتاً‬ ‫لألنظار و حمط احملبة و موضحاً للمجتمع‬ ‫وكل من حوله عن مدى اختالف شخصيته‬

‫رغم صغر سنه‪ .‬دائماً كان يتلقى الثقة الكاملة‬ ‫من عائلته و جمتمعه و ذلك نتيجة شخصيته‬ ‫الالئقة بالثقة و احملبة‪ .‬بروحه املليء مبشاعر‬ ‫املسؤلية دائماً لعب دور الطليعة و أصبح ذلك‬ ‫أساس حياته‪ ،‬حيث بنى تأثرياً إجيابياً‬ ‫كبرياً على أصدقائه و كافة معارفه‪.‬‬ ‫ُرف منذ صغرهِ بشخصيته‬ ‫هلذه األسباب ع ِ‬ ‫الريادية؛ ُ‬ ‫روح كادحة يف خدمة‬ ‫ذات‬ ‫حيث َ‬ ‫ٍ‬ ‫األخالق و الصداقة‪ ،‬بهذا الشكل يُبقي أمس ُه‬ ‫منحوتاً يف ذاكرةِ كافة أصدقائ ِه‪ .‬نتيجة‬ ‫غر سنّ ِه كان دائماً‬ ‫تناقضاته اليت بدأت منذ ِص ِ‬ ‫ذات فضو ٍل و أهداف حيث كان مرافقاً دائماً‬ ‫لروحه الباحث ملعرفة و فهم مصدر‪ ،‬سبب‬ ‫و حقيقة كل ما حيصل من حوله خصوصاً‬ ‫التقربات الالأخالقية أجتاه جمتمعه‪ .‬لن‬ ‫يقبل يوماً تلك الوحشية و العبودية املفروضة‬ ‫على جمتمعه؛ نتيجة كل من ذلك أصبح‬ ‫حسرات عميقة نابعة‬ ‫خياالت كبرية و‬ ‫ٍ‬ ‫ذات ِ ٍ‬ ‫طفل بريء؛ اجتاه وطنه و أصبح‬ ‫من روح ٍ‬

‫ببحثه وفهمه ملعنى احلرية يعشقها يوماً عن‬ ‫يوم‪ .‬كما كان الرفيق برخدان منذ طفولته‬ ‫دائماً من أجل أصدقائ ِه‪ ،‬فمع وصول ِه لشبيبت ِه‬ ‫ومع تصادف ِه حلقيق ِة األعداء الذين هامجوا‬ ‫بإبادة وحشية يف ‪3‬ـ‪8‬ـ‪ 2014‬على اجملتمع‬ ‫اإليزيدي؛ أصبح أيضاً من أجل أصدقائه و‬ ‫جمتمعه و أختار دون أي تردد الطريق الذي‬ ‫يكون به فِداءً هلم و خلدمة حياتهم احلرة‬ ‫ضمن ذراعي ترابهم العظيمة‪ .‬يف تلك األيام‬ ‫و اللحظات املؤملة و القاسية حيث مير بها‬ ‫اجملتمع اإليزيدي من إبادة و وحشية؛ مت‬ ‫القبض على اآلالف من األشخاص من قبل‬ ‫أعداء اإلنسانية‪ ،‬و يف ذلك احلني يتم القبض‬ ‫على عائلة الرفيق برخدان أيضاً؛ حيث‬ ‫أمه‪ ،‬أثنان من أخوتيه و أربعة من أخواته‬ ‫مع أطفاهلم الصغار مجيعهم يصبحون بني‬ ‫األيادي القاتلة و العدائية لكل ما يسمى‬ ‫باألخالق والوجدان‪.‬‬ ‫حينها؛ ما خيتاره الرفيق برخدان من أجل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫جمتمعه كامالً يكون«خط املقاومة و عدم األستسالم»‪.‬‬ ‫لن يرتاجع و يفارق قريته مع أخيه باسم سليمان علي‪ ،‬و يريدان‬ ‫احملاربة فيها حتى النهاية لكن عندما يرون أنعدام احلرب و ذلك‬ ‫نتيجة هروب الذين كانوا دائماً يسمون أنفسهم بأسم حاميي شنكال‬ ‫حنو اخليانة؛ فحينئذ يتجهون حنومركز شنكال‪ ،‬و بعد مرور ‪ 5‬أيام‬ ‫ينتقلون إىل طرف اجلبال‪ .‬يف طرف اجلبال يتعرفون على تالميذ القائد‬ ‫آبو؛ أنصار احلرية«‪ ،»HPG‬فينضم الرفيق برخدان برفقة أخيه إىل‬ ‫مسرية النضال و من هنا يبدأ ببحثه و مسريته ضمن حبر فلسفة القائد‬ ‫آبو‪ .‬عندما يتم حترير أمه و أثنان من أخوتيه حيث يريدون األلتقاء‬ ‫به حتى لو كانت مرة واحدة‪ ،‬حينها يكون جواب الرفيق برخدان‬ ‫على هذا الشكل‪:‬‬ ‫شخص إيزيدي‬ ‫«عهدي هو بأنين سوف لن أعود حتى تواج ِد أي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫أسريا ً بني أيادي داعش و سأكون هنا مناضالً‪ ،‬مقاوما حتى حترير‬ ‫شنكال»‪ .‬بهذا الشكل يكون مصراً يف النصر و األنتقام‪ .‬تهدر منه القوة‬ ‫و الطاقة الالنهائية و جيمع حقده املرتاكم يف روحه و يأتي بهاِ قوةً‬ ‫تقتل األعداء يف كل حلظة من حلظات نضال ِه؛ و بتلك القوة يريد أن‬ ‫عمل‬ ‫يقوي من قوة جمتمعه‪ .‬مل يكن بأستطاعته الوقوف فارغاً دون ٍ‬ ‫حيارب بها األعداء؛ حقده احلاد ضد العدو كان دائماً مييله حنو‬ ‫العمل الدائمي و النضال القوي‪ ،‬و حقيق ًة؛ ضمن مدة قصرية يتوحد‬ ‫مع فلسفة احلرية حيث من إحدى أقوال عائلته يكون بهذا الشكل‪:‬‬ ‫«أستغربنا و تفاجئنا من شخصيته‪ ،‬فبالرغم من أنه كان جديداً يف‬ ‫تعارف ِه على الرفاق و تالميذ القائد آبو إال أنه كان يأتينا بفكرةٍ و كأنه‬ ‫سنني عديدة» و ذلك نتيجة سقيه جلذور جسارته من فكر‬ ‫يعرفهم منذ ٍ‬ ‫القائد آبو ومع ذلك خبطواته السريعة حنو التقدم و الطليعة‪ .‬رفاق‬ ‫دربه دائماً يتكلمون عنه و يقولون بأنه كان دائماً ضمن أقوا ٍل من هذا‬ ‫الشكل «جيب أن حنمي شنكال»‪ ،‬و ضمن هذه األهداف كان دائماً‬ ‫شاخماً كاجلبال‪ .‬لذلك برخدان توهللدان من بداية اإلبادة الثالثة و‬ ‫بشكل‬ ‫السبعون و حتى اللحظات األخرية يشارك يف النضال و املقاومة ٍ‬ ‫ف ّعال و من صميم روحه النقي؛ حيث له دو ٌر أساسي يف تأسيس‬ ‫وحدات مقاومة شنكال«‪ »YBŞ‬وبهذا الشكل يتوىل مكاناً يف عضوية‬ ‫القيادة يف وحدات مقاومة شنكال‪ .‬ففي احلمالت اليت حصلت دائماً‬ ‫دور ريادي‪ ،‬و يف النهاية؛ يف أشتباكات شنكال بتاريخ‬ ‫كان ذو ٍ‬ ‫‪23‬ـ‪1‬ـ‪ 2015‬ينضم إىل صفوف الشهداء‪ .‬بشهادته حيث بنى مشاعراً‬ ‫جديدة يف أرواح األنصار؛ بالعشرات من األنصار تعهدوا باألنتقام و‬ ‫السري على خطاه‪.‬‬ ‫نعم‪ ...‬هو برخدان توهللدان؛ يف دار املقاومة أصبح صاحب ما محل ُه‬ ‫أسم حيث حقق و أنتصر يف املقاومة؛ ضمن تلك احلياة املفروضة‬ ‫من ٍ‬ ‫مس َع صراخ السنني‬ ‫اآلباء‪،‬‬ ‫و‬ ‫األمهات‬ ‫صراخ‬ ‫صوت‬ ‫ع‬ ‫مس‬ ‫الظالم‬ ‫عليها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لنساء و أطفال إيزيدخان ومن أجل األنتقام؛ من أجل احلقيقة أصبح‬ ‫سري أبدي‪ .‬كما أن ُّ‬ ‫كل وردة تفتح تربتها للنبعة‬ ‫عاشقاً حاقداً ضمن ٍ‬ ‫اليت تسقيها باحلياة و تزدهر معها يوماً بعد يوم فالرفيق برخدان‬ ‫أيضاً فتح حضنه لنبعة احلياة؛ لفكر و فلسفة القائد آبو‪ ،‬ت ّوجه حنو‬ ‫اجلمال و يوماً عن يوم ع ّظم من شخصيته حتى أن جعل من ذاته منبعاً‬ ‫للحياة احلرة‪ .‬كان مثل وردةٍ رقيقة أجتاه وطن ِه و بهذا القدر كانت‬ ‫أشواك ُه حادةً ضد أعدائ ِه؛ لذلك كان ميثل تعبرياًعن العشق احلقيقي‬ ‫يف شخصيته؛ العشق الذي جيمع يف ذاته تاريخ آالف السنني؛ العشق‬

‫شهداء‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫«أستغربنا و تفاجئنا من شخصيته‪،‬‬ ‫فبالرغم من أنه كان جديداً يف تعارف ِه على‬ ‫الرفاق و تالميذ القائد آبو إال أنه كان يأتينا‬ ‫سنني عديدة»‬ ‫بفكر ٍة و كأنه يعرفهم منذ ٍ‬

‫الذي يحُ ّول املوت إىل احلياة و يُرسم ضحك َة احلرية و النصر على‬ ‫وجه األوطان‪ .‬جعل كل حلظة من حياته نضاالً و من أجل أن يصل‬ ‫باآلمال الغري متحققة إىل حلظة حتقيقها جعل من جسده فدائاً‪ ،‬بقي‬ ‫لشعبه كخ ٍط ميثل املقاومة و النصر و بأنتصاره أصبح رمزاً للحرية‬ ‫لشعبه و لإلنسانية؛ على خطاه كل حلظة أمتألت بتجديد العهود‬ ‫للوصول إىل احلرية املؤكدة‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪16‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫تأسيس قوات ‪YJŞ‬و ‪ YBŞ‬حاجة أساسية لحماية المجتمع اإليزيدي‬

‫سرحد عفرين‬

‫نظراً إىل املرحلة اليت نعيش فيها و خاص ًة‬ ‫يف ظل اهلجمات اليت يتعرض إليه الوطن‬ ‫بشكل عام من قبل اجلماعات اإلرهابية و‬ ‫خاصة مبا يسمى بالدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫و الشام(داعش)؛ استجوب علينا كالشباب‬ ‫والفتيات اإليزيدية بأن نعمل على إنشاء قوة‬ ‫عسكرية للحفاظ على قومنا وأهل ديننا‪ .‬على‬ ‫هذا األساس يف تاريخ ‪ 2014/6/16‬مت تنظيم‬ ‫عدد من الشبان عن طريق احلركة اإليزيدية‬ ‫احلرة يف سنجار بأن يبعث هؤالء الشبان‬ ‫إىل غرب كردستان(روج آفا) عند وحدات‬ ‫محاية الشعب ‪YPG‬لكي يتم تدريبهم على‬ ‫فنون احلرب وأن يتم حتضريهم و تزويدهم‬ ‫باألسلحة و املعدات العسكرية حتاشني ألي‬ ‫هجوم يتعرض إليه سنجار من قبل هذه‬ ‫العصابات‪ .‬حيث كنا على معرفة جادة‬ ‫بأن القوات املوجودة يف سنجار و خاص ًة‬ ‫البيشمركة من قوات حزب الدميقراطي‬

‫الكردستاني سوف يرتكون املدنيني من دون‬ ‫أي محاية أو دفاع و يلزونا بالفرار من دون‬ ‫أي مقاومة‪ .‬حنن كشعب نعيش حالة من‬ ‫االحتكار من قبل هذه اجلهة والدليل على‬ ‫ذلك؛ التصرفات العنصرية و االستهزائية‬ ‫اليت كانت تتم من قبل هذا احلزب و‬ ‫أعوان هذا احلزب منذ عقود من الزمن‪ .‬إن‬ ‫أعضاء هذا احلزب لن حيافظوا على محاية‬ ‫شعبنا و سوف يتخلون عنها بتدخل بسيط‬ ‫من قبل هذه العصابة‪ .‬هناك تباينات من‬ ‫اجلانب الديين أيضاً‪ ،‬حيث هنا يف هذا‬ ‫الوطن حالة من التناقضات بشتى أنواعها‬ ‫منها‪ :‬دينية‪ ،‬مذهبية‪ ،‬فكرية‪ ،‬إيديولوجية‪،‬‬ ‫عرقية‪ ،‬عشائرية‪ ،‬حزبية وإىل آخره من هذه‬ ‫املصطلحات الوضعية‪ .‬هلذا من الواضح جداً‬ ‫أن املطلوب منا كأبناء حركة احلرية و أبناء‬ ‫الديانة اإلنسانية هو أن نعمل جاهدين لكي‬ ‫نتخلص من أمثال تلك املفاهيم الغري صاحلة‬ ‫لنا‪.‬‬ ‫بعد تلقي البعض من التدريب مت عودة قسم‬ ‫من املقاتلني إىل سنجار لكي يعملوا على تنظيم‬ ‫وتوعية الشعب للخطر القادم على اجملتمع‬ ‫و كيفية التسلح والتنظيم‪ .‬لكن هذا احلزب‬

‫املذكور يف األعلى تدخل يف هذا األمر أيضاً‬ ‫حيث عمل على نزع األسلحة من الناس‬ ‫حتت أسم محاية املنطقة‪ .‬لقد مت ضبط اآلالف‬ ‫من قطع األسلحة و كذلك العتاد من املدنيني‬ ‫منه؛ املرخصة و الغري املرخصة و أيضاً مت‬ ‫إلقاء القبض على عدد من املقاتلني ووضعهم‬ ‫يف السجون‪ .‬كان ينادي و يكرر هذا احلزب‬ ‫مبقولة أن هؤالء ليسوا بعراقيني و يتعاملون‬ ‫بأجندة خارجية‪ .‬طبعاً حنن كاجملتمع‬ ‫اإليزيدي لسنا غرباء عن هذه االتهامات‬ ‫الباطلة اليت يتم احلياكة له من قبلهم‪ .‬كلنا‬ ‫على علم بكفاية األمر بظهور تنظيم مثل‬ ‫تنظيم داعش اإلرهابية و كيف مت الدعم له و‬ ‫أيضاً كيف مت الدعم يف فتح املمرات و احلدود‬ ‫له من قبل بعض الدول اجملاورة و كذلك‬ ‫أعطيت املساند املشروعة له بقتل و خطف‬ ‫و سيب نسائنا والتهجري مبئات اآلالف من‬ ‫أبناء شعبنا إىل أماكن بعيدة كل البعد من‬ ‫هذا الوطن‪ ،‬أيضاً هناك اآلالف منهم ال أحد‬ ‫يعرف مصريهم ما بني شهيد‪ ،‬مفقود أو‬ ‫أسري‪ .‬إن هذا الوضع املأساوي و الظامل الذي‬ ‫تعرضنا إليه مل يشاهد عليه التاريخ املعاصر‬ ‫و ال يف التاريخ القديم‪ ،‬حيث إننا نعيش يف‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫عصر؛ كما هو معروف بعصر احلداثة و عصر‬ ‫التكنولوجية و عص ٌر مت به ظهور الكثري من‬ ‫املنظمات حلقوق اإلنسان‪ .‬يتم احلديث يف‬ ‫املؤمترات و يف اجملالس العاملية عن مستوى‬ ‫التنوير و النهضة يف العلوم و عن األخالق و‬ ‫السياسة النزيهة بكامل املواصفات اجلميلة‬ ‫و األنيقة‪ ...‬ولكننا يف الواقع و يف الوضع‬ ‫القائم نرى اجملريات و األحداث خمتلفة‬ ‫عن ذلك بكثري‪ .‬من املعيب على القول بعد‬ ‫كل من هذه الكلمات الرنانة اليت متتح هذا‬ ‫العصر؛ بأننا نعيش أسوء و أفقر العصور‬ ‫على اإلطالق يف مر الزمان و بعيد كل البعد‬ ‫عن األخالق واإلنسانية و عن احلقوق اليت‬ ‫كان يتمتع به اجملتمعات اإلنسانية يف قدم‬ ‫التاريخ‪ .‬من الواضح و كذلك من اجلاري على‬ ‫املسرح التارخيي يف القديم البعيد و احلديث‪،‬‬ ‫حنن كمجتمع تعرضنا إىل أكثر من إبادة‪ .‬إذا‬ ‫مت التحري و التمعن و التعمق يف التحليل‬ ‫عن األسباب فسوف يظهر لدينا عدد من‬ ‫األسباب وعدد من املسائل اليت يستحق‬ ‫التفكري عليه و إدراجه على الطاولة حيث‬ ‫البدء يف احلديث عليه‪ .‬إن التاريخ يعطينا‬ ‫أمثلة كافية ووافية عن الذي جرى بأجدادنا‬ ‫و مبا حل بهم من مآسي و إرهاب على أيادي‬ ‫الفاشيني الذين كانوا حيكمون هذه األراضي‬ ‫من اإلمرباطوريات و املماليك و احلكومات‬ ‫و كلهم و من دون أي متيز كانوا يغتزونا و‬ ‫ميرحون على حسب هذا اجملتمع‪ .‬األكثر من‬ ‫كل ذلك على جمتمع يتحلى بديننا هي األقدم‬ ‫على اإلطالق يف التاريخ كل ذلك فقد من أجل‬ ‫السيطرة على األراضي و على حمو هذا املكون‬ ‫من الوجود و الفناء و يزول من سطح هذا‬ ‫األرض‪ .‬حيث ال حيق له العيش و ال حتى‬ ‫التنفس او يسمي نفسه بأنه إنسان و ينتمي‬ ‫إىل البشرية‪ .‬هنا اريد أن أتطرق إىل البعض‬ ‫من األحداث و البعض من األمور التارخيية‬ ‫لعلى هذه األحداث تعطينا البعض من األمثلة‬ ‫والبعض من العرب ويف احلقيقة؛ ال يزال قتل‬ ‫اإليزيديني مستمراً يف عصرنا احلالي‪.‬‬ ‫اجملزرة اليت تعرض هلا كشعب و جمتمع‬ ‫يف الثالث من آب من عام ‪ 2014‬واليت باتت‬ ‫تعرف بالفرمان الـ‪ ،74‬ارتكبت يف احلقيقة‬ ‫من قبل القوى املتسلطة البعيدة عن األخالق‬ ‫اليت مل تقبل باإليزيدية كدين وبالتالي جعلوها‬ ‫هدفاً هلم‪ .‬رغم شدة األمل و صعوبة القول؛ إال‬ ‫أن علينا احلديث عن احلقيقة يف أن الكثري‬

‫مقالة‬

‫‪17‬‬

‫من اإلبادات اليت صدرت حبقنا مع األسف‬ ‫الشديد كانت من قبل القوى احلاكمة للكرد‬ ‫السنة الذين دخلوا حتت سيطرة احلكام يف‬ ‫ذلك العهد وهذا العهد‪ .‬كما أن سياسة القمع‬ ‫واإلنكار املمنهج اليت مورثه حبقنا كان من‬ ‫قبل العثمانيني و شركائهم‪.‬‬ ‫هذه بعض من الفرمانات اليت صدرت ضد‬ ‫اإليزيديني؛ رغم آالمها فمن الضروري عرض‬ ‫التسلسل الزمين لإلبادات اليت صدرت‬ ‫ونفذت حبق اإليزيديني ونقلها إىل يومنا هذا‬ ‫و أريد هنا أن أحتدث عن البعض منها بشكل‬ ‫خمتصر‪:‬‬ ‫ـ يف عام ‪ 906‬قام والي املوصل احلمداني‬ ‫بقتل ألف عائلة إيزيدية بسبب رفضهم‬ ‫اعتناق الدين اإلسالمي‪.‬‬ ‫ـ يف عام ‪ 980‬هامجت القوى احلاكمة يف‬ ‫املوصل الكرد من غري املسلمني يف جوملريك يف‬ ‫مشال كردستان‪ ،‬حيث مت إما إعدامهم شنقاً‬ ‫أو قطع رؤوسهم وتثبيتها على الرماح‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1107‬قتل حوالي ‪ 500‬ألف‬ ‫شخص من قبل اجليوش اإلسالمية‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1245‬دخل املغول مدينة شهرزور‪،‬‬ ‫هدموا املدينة بأكملها وقتلوا اآلالف من‬ ‫اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1254‬هاجم اإلقطاعي املوصلي بدر‬ ‫الدين لولو بك منطقة شيخان وقتل اآلالف‬ ‫من اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1221‬مت اختطاف شيخ حسن ومن‬ ‫ثم إعدامه‪ ،‬وعندما ف ّر اإليزيديون من مناطقهم‬ ‫والتجأوا إىل املناطق اجلبلية‪ ،‬مت هدم مراكزهم‬ ‫املقدسة‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1415‬مت قتل اإليزيديني من قبل‬ ‫املسلمني الذين كانوا يسكنون من حوهلم‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1640‬ـ‪ 1641‬قام مالك باشا والي‬ ‫آمد يف عهد العثمانيني على رأس جيش‬ ‫قوامه ‪ 70‬ألفاً باهلجوم على شنكال وارتكبوا‬ ‫اجملازر حبق اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1647‬ـ‪ 1648‬شن جيش والي مدينة‬ ‫وان يف عهد العثمانيني هجوماً على منطقة‬ ‫شيخان وارتكبوا جمزرة حبق اإليزيديني‪،‬‬ ‫اعتقلوا حينها شيخ مريزا وقاموا بإعدامه‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1715‬قام حسن باشا والي بغداد‬ ‫يف عهد العثمانيني بشن هجوم على شنكال‪،‬‬ ‫قتلوا اإليزيديني حينها وسلموا إدارة املنطقة‬ ‫للعرب البدو‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1733‬ـ‪ 1734‬ارتكب أمحد باشا‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫رغم شدة األمل و صعوبة‬ ‫القول؛ إال أن علينا احلديث‬ ‫عن احلقيقة يف أن الكثري من‬ ‫اإلبادات اليت صدرت حبقنا‬ ‫مع األسف الشديد كانت من‬ ‫قبل القوى احلاكمة للكرد‬ ‫السنة الذين دخلوا حتت‬ ‫سيطرة احلكام يف ذلك العهد‬ ‫وهذا العهد‬ ‫العثماني جمزرة يف منطقة شنكال‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1752‬ـ‪ 1753‬هامجت اجليوش‬ ‫العثمانية بقيادة سليمان باشا منطقة شنكال‬ ‫وقتلوا الكثري من اإليزيديني‪ ،‬هدموا القرى‬ ‫واألماكن املقدسة اخلاصة باإليزيديني‬ ‫واستوطنوا فيها ملدة عامني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1767‬ـ‪ 1768‬وبأمر من أمني باشا‬ ‫والي املوصل يف العهد العثماني‪ ،‬قاد ابنه‬ ‫محلة عسكرية ضد شنكال وارتكب جمزرة‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1770‬ـ‪ 1771‬قاوم أمري منطقة‬ ‫شيخان بداغ يف وجه العثمانيني‪ ،‬نتيجة‬ ‫لذلك ارتكب العثمانيون جمزرة يف شيخان‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1773‬ـ‪ 1774‬قام والي املوصل أمني‬ ‫باشا بهدم وتدمري منطقة شنكال وارتكاب‬ ‫جمزرة فيها‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1779‬هاجم شقيق أمني باشا‬ ‫والي املوصل منطقة شنكال وقتل الكثري من‬ ‫اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1785‬قام والي املوصل يف العهد‬ ‫العثماني عبد الباقي بشن هجوم على‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪18‬‬

‫من املعيب على القول بعد‬ ‫كل من هذه الكلمات الرنانة‬ ‫اليت متتح هذا العصر؛‬ ‫بأننا نعيش أسوء و أفقر‬ ‫العصور على اإلطالق يف مر‬ ‫الزمان و بعيد كل البعد عن‬ ‫األخالق واإلنسانية و عن‬ ‫احلقوق اليت كان يتمتع به‬ ‫اجملتمعات اإلنسانية يف قدم‬ ‫التاريخ‬ ‫اإليزيديني يف منطقة دنانادي الواقعة شرقي‬ ‫نهر دجلة‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1786‬ـ‪ 1787‬قاوم األمري جولو‪،‬‬ ‫أمري منطقة شيخان يف وجه والي آميديه‪،‬‬ ‫وعند هزمية جولو تعرض اإليزيديون جملزرة‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1789‬ـ‪ 1790‬هامجت قبيلة طيء‬ ‫العربية البدوية شنكال وارتكبت جمزرة‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1790‬ـ‪ 1792‬هامجت قبيلة طيء‬ ‫شنكال مرة أخرى‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1792‬ـ‪ 1793‬دمر حممد والي‬ ‫املوصل مثاني قرى إيزيدية يف منطقة شنكال‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1793‬ـ‪ 1794‬هاجم حممد والي‬ ‫املوصل مرة أخرى شنكال وميهرييكان‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1794‬ـ‪ 1795‬قامت اجليوش‬ ‫املؤمترة بأمر سليمان باشا واليت أرسلت من‬ ‫بغداد بنهب شنكال وتدمريها‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1799‬ـ‪ 1800‬قام عبد العزيز‬ ‫طيء الذي أرسل من بغداد مبشاركة البدو‬ ‫من قبيلته وغريهم من القبائل العربية كقبيلة‬ ‫عبيد ومحدان إىل منطقة شيخان حيث حرقوا‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ونهبوا ‪ 25‬قرية إيزيدية‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1802‬ـ‪ 1803‬هاجم والي املوصل‬ ‫علي باشا شنكال‪ .‬قام حبصار وهجوم‬ ‫شنكال لعدة أشهر قتل خالهلا العشرات من‬ ‫اإليزيديني ونهب األراضي الزراعية‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1809‬ـ‪ 1810‬هاجم والي بغداد‬ ‫سليمان القاتل مبشاركة جيش الضابط حسني‬ ‫دوبالين شنكال وقاموا بنهب قرى باالد‪،‬‬ ‫شنكال‪ ،‬ميهريكان والكثري من القرى األخرى‬ ‫يف الشمال‪ .‬وقد ارتكبوا حينها جمزرة كبرية‬ ‫حبق اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1832‬هاجم بدرخان بك منطقة‬ ‫شيخان‪ ،‬حيث مل يكن وقتها أمرياً بعد‪ .‬أُسر‬ ‫يف ذلك اهلجوم علي بك الذي قتل حتت‬ ‫التعذيب‪ .‬قتل يف ذلك اهلجوم الكثري من‬ ‫اإليزيديني‪ ،‬حيث مت قطع الطريق عند نهر‬ ‫دجلة أمام اإليزيديني الفارين من شيخان‬ ‫باجتاه جبال شنكال وقتلهم مجيعاً‪ .‬بعد ‪12‬‬ ‫عاماً هاجم بدرخان بك اإليزيديني يف منطقة‬ ‫توري وفرض على األهالي هناك اعتناق الدين‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1832‬ـ‪ 1833‬هاجم األمري حممد‬ ‫رواندوزي اإليزيديني يف منطقة اكره‪ .‬وبعدها‬ ‫بعام واحد هاجم منطقة شنكال‪ ،‬حيث‬ ‫ارتكب جمزرة وقتل األمري علي بك الذي‬ ‫رفض اعتناق الدين اإلسالمي حتت التعذيب‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1836‬قام والي آمد رشيد باشا‬ ‫على رأس جيش مؤلف من ‪ 40‬ألف مقاتل‬ ‫من ضمنهم الكرد املسلمني أيضاً بشن هجوم‬ ‫على اإليزيديني القاطنني شرقي آمد وغرزان‪.‬‬ ‫بعدها هاجم منطقة اجلزيرة و تلعفر وشنكال‪.‬‬ ‫قتل يف تلك اهلجمات اآلالف من اإليزيديني‬ ‫وأسر املئات منهم واستخدامهم كعبيد‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1838‬هاجم حافظ باشا خليفة‬ ‫رشيد باشا على شنكال وقتل الشباب والرجال‬ ‫وقام بأسر النساء واألطفال واقتادهم إىل آمد‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1846‬شن طيار باشا والي املوصل‬ ‫هجوماً على شنكال وحرق الكثري من القرى‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1853‬ـ‪ 1856‬حيث كانت قد‬ ‫بدأت احلرب العثمانية القرمية قام يزدان‬ ‫شري بانتفاضة سانده فيها كل من إيزديي‬ ‫منطقة سرهد وسريت يف مشال كردستان‪،‬‬ ‫هلذا تعرض هؤالء اإليزيديني إىل القتل‪،‬‬ ‫ومنهم من اعتنق اإلسالم حفاظاً على أرواحه‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1856‬تعرض اإليزيديون الذين‬ ‫شاركوا يف انتفاضة ديرسم مع العشائر‬

‫احمللية ضد السلطنة العثمانية وبعد فشل‬ ‫االنتفاضة حتوله إىل جمزرة بشعة‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1872‬أصدر والي بغداد مدحت‬ ‫باشا قرار التجنيد اإلجباري لإليزيديني كي‬ ‫خيدموا كجنود للخالفة العثمانية‪ .‬وقد فض‬ ‫إيزيديو جنوبي كردستان هذ القرار‪ ،‬اعتربت‬ ‫إدارة بغداد هذا الرفض على أنه مترد ونتيجة‬ ‫لذلك قام بشن هجوم على منطقة شيخان‬ ‫وحرق القرى اإليزيدية‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1877‬عندما تعرض إيزيديو منطقة‬ ‫آمد وغرزان يف مشال كردستان للهجوم‪ ،‬ف ّر‬ ‫حوالي ثالثة آالف إيزيدي بقيادة علي بك‬ ‫واستوطنوا يف القسطنطينية‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1879‬مت نفي عشرية سبيكا اليت‬ ‫كان يرتأسها عمر آغا إىل منطقة قارس‪ ،‬وقد‬ ‫وصل عدد املنفيني يف العام ‪ 1916‬إىل حوالي‬ ‫‪ 40‬ألف‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1890‬مت البدء حبملة إنكار وإحماء‬ ‫اإليزيديني الذين انتفضوا ضد ظلم السلطنة‬ ‫العثمانية‪ ،‬حيث مت قتل املئات منهم واضطر‬ ‫املئات من العائالت إىل اهلجرة‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1892‬أصدر اجلنرال عمر وهيب‬ ‫باشا قراراً يقضي باعتناق اإليزيديني للدين‬ ‫اإلسالمي أو اعتناق دين آخر مذكور يف‬ ‫القرآن‪ ،‬وبهذا القرار فتح الباب أمام جمزرة‬ ‫جديدة ضد اإليزيديني‪ .‬مت شن هجمات على‬ ‫مناطق شيخان وشنكال واضطر حوالي ‪14‬‬ ‫ألف إيزيدي إىل اعتناق اإلسالم ومت نقل‬ ‫أشيائهم املقدسة إىل املوصل حينها‪ .‬كما‬ ‫هامجت الوحدات التابعة لعمر وهيب باشا‬ ‫مزار اللش الواقعة يف منطقة شيخان وقاموا‬ ‫بهدم وتدمري األماكن املقدسة وقاموا بفتح‬ ‫مدارس إسالمية يف اللش ومت حظر املراسم‬ ‫اإليزيدية و حتى منع لفظ كلمة«إيزيدي»‪.‬‬ ‫وقد اخذو سنجق اإليزيدية(شعار طاووسي‬ ‫ملك) إىل املوصل ومنها نقلوها إىل اسطنبول‪،‬‬ ‫ويف العام ‪ 1967‬قام احد أحفاد عمر وهيب‬ ‫باشا والذي يدعى طاهر أوزد جليك بعرض‬ ‫السنجق للبيع‪ ،‬وقد قوبل ذلك التصرف‬ ‫باستنكار احلكومة العراقية قائلة بأن هذا‬ ‫الشعار للعراقيني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1911‬ارتكب العثمانيون بقيادة‬ ‫اجلنرال فاروق باشا جمزرة ضد اإليزيديني‬ ‫واألرمن والنسطوريني والقزلباشيني‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪1914‬ـ‪ 1918‬يف احلرب العاملية‬ ‫األوىل وأثناء ارتكاب جمازر ضد األرمن‪ ،‬ف ّر‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أكثر من ‪ 20‬ألف أرمين والتجأوا إىل اإليزيديني‬ ‫يف شنكال‪ .‬وبسبب رفض اإليزيديني تسليم‬ ‫األرمن للعثمانيني‪ ،‬هاجم العثمانيون يف شباط‬ ‫‪ 1918‬مبساندة من العشائر البدوية العربية‬ ‫وبعض القبائل الكردية املسلمة شنكال‬ ‫وارتكبوا جمزرة هناك‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1918‬مت استهداف اإليزيديني‬ ‫الذين فروا من شنكال والتجأوا إىل أرمينيا‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 1940‬اقتحم اجليش الرتكي قرية‬ ‫كواخا التابعة ملنطقة هزخ‪ ،‬حيث اعتقلوا ‪29‬‬ ‫إيزيدياً وضعوهم يف مغارة وقاموا حبرقهم وهم‬ ‫أحياء‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 2007‬يف هجوم تعرض له أهالي‬ ‫منطقة«سيبا شيخ خضر» و «تل عزير» يف‬ ‫شهر آب اسر تفجري سيارة حمملة بإعالف‬ ‫احليوانات‪ ،‬قتل فيها حوالي ‪ 500‬إيزيدي‪.‬‬ ‫ـ يف العام ‪ 2014‬وحتديداً يف الثالث من شهر‬ ‫آب ومع هجوم مرتزقة داعش وانسحاب قوات‬ ‫بيشمركة احلزب الدميقراطي الكردستاني‪،‬‬ ‫تعرض اإليزيديون جملزرة قتل فيها اآلالف‬ ‫ومت أسر اآلالف من النساء ومن ثم بيعهم‬ ‫كعبيد يف سوق النخاسة‪ .‬ويعترب هذا اهلجوم‬ ‫أعنف هجوم يتعرض له اإليزيديون يف هذا‬ ‫القرن‪.‬‬ ‫يقول«مهرداد إزادي» بأن األكراد يف التاريخ‬ ‫القديم و بشكل عام كان معظمهم يعتنقون‬ ‫معتقدات الديانة اإليزيدية‪ ،‬لكن نتيجة‬

‫مقالة‬

‫‪19‬‬

‫القمع واجملازر اليت تعرضوا هلا‪ ،‬اضطروا‬ ‫ألن يعتنقوا اإلسالمية‪ ،‬والذين رفضوا ذلك مت‬ ‫نفيهم بعيداً وتصفيتهم‪ .‬لقد ذكرنا يف األعلى‬ ‫عدد من النماذج حول اجملازر اليت تعرضنا‬ ‫هلا‪.‬‬ ‫نتعرف من هذا السرد التارخيي املذكور بأننا‬ ‫كمجتمع نعيش حالة من األضطهاد و القمع و‬ ‫حالة من القتل املستمر بشتى أشكاله العنيفة‬ ‫من دون أن يكون هناك ضفيف من األمل‬ ‫يف احلياة أو أخذ قليل من الرمحة و من‬ ‫العفو و األخالق اإلنساني‪ .‬هذا من جانب و‬ ‫من اجلانب اآلخر و هو؛ هل يعقل ملخلوق‬ ‫أن حياسب أو أن يعاقب بالسبب الديين‬ ‫أو بسبب اللغة أو بسبب الثقافة أو بأسباب‬ ‫أخرى من هذه األفكار الذي ترعرع و عاش به‬ ‫كإنسان‪ ،‬فإننا نعيش هذا الواقع املرير‪ .‬كما‬ ‫ذكرنا يف األعلى حنن يف عصر يتم تسميتها‬ ‫بعصر النهضة و التنوير و اإلصالح و نقول يف‬ ‫ذلك بأن اإلنسانية قد تطورت؛ إمنا العكس‬ ‫هو الصحيح‪ .‬بعد هذا السرد التارخيي نعود‬ ‫و نكمل احلديث عن احلالة اليت أخذنا إىل‬ ‫أن نتمسك يف توسيع نطاق ‪ YBŞ‬و ‪ YJŞ‬و‬ ‫نعمل على ضم اآلالف من الشباب و الشابات‬ ‫ضمن التنظيم و حتويل هذه القوة إىل قوة تصل‬ ‫ملستوى أن تكون(نصرها مبيناً) جلميع أحناء‬ ‫املعمورة و أن يتم احلديث به يف كل اجملاميع‬ ‫و األجتماعات الرمسية و الغري رمسية‪ .‬إننا‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫كما ذكرنا يف األعلى‬ ‫حنن يف عصر يتم تسميتها‬ ‫بعصر النهضة و التنوير و‬ ‫اإلصالح و نقول يف ذلك بأن‬ ‫اإلنسانية قد تطورت؛ إمنا‬ ‫العكس هو الصحيح‬

‫عملنا على توحيد صفوفنا اإليزيدية و كذلك‬ ‫العمل على مشل القوة و الشخصيات السياسية‬ ‫اإليزيدية يف كل أحناء املعمورة يف العامل و إنشاء‬ ‫املنسقية العامة للمجتمع اإليزيدي‪ .‬أيضا مت‬ ‫توسيع نطاق احلركة اإليزيدية يف سنجار و‬ ‫إنشاء جملس شنكال املواقد و من ثم حتويله‬ ‫اىل اجمللس التأسيسي‪ ،‬أيضاً مت إنشاء حزب‬ ‫احلرية الدميقراطي اإليزيدي ‪ PADÊ‬وإنشاء‬ ‫الكثري من احلركات واملؤسسات و املنظمات‬ ‫من أجل خدمة اجملتمع؛ حيث من بلديات‬ ‫و كذلك مؤسسات للتنمية االقتصادية و قد‬ ‫أقدمنا نسائنا اإليزيديات خبطوة هامة جدا‬ ‫على إنشاء حركتها التنظيمية واإليديولوجية‬ ‫لتوعية املرأة اإليزيدية كامالً باسم حركة‬ ‫حرية املرأة االيزيدية‪.TAJÊ‬‬ ‫‪...‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪20‬‬

‫تحليلي‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫القوال ‪ ...‬من هو ومن أين جاءت هذه التسمية؟‬

‫في عيد أربعينية الصيف تتم فيه رقصة سما شيخ شمس‬

‫سليمان جعفر‬

‫ـ هذه الكلمة مأخوذة من كلمة(‪KALO‬كالو)‬ ‫السومرية وهي تعين الكاهن ـ الرجل املتدين‬ ‫ـ كبري السن ‪ ...‬اخل‪ ،‬ويف العصر البابلي كان‬ ‫ال ‪ KALO‬خيدم يف املعابد ويعزف املوسيقى‬ ‫الدينية على الدف والشبابة يف األعياد‬ ‫واملناسبات الدينية ‪.‬‬ ‫ـ والعرب يلفظون كلمة قال = كال ‪GAL‬‬ ‫‪.‬وهي تعين بالسومرية(الصوت) إن القوالني‬ ‫هم املرتلون واملرددون لألحلان والرتاتيل‬ ‫واألناشيد الدينية عند السومريني‪.‬‬ ‫ـ ينتمي القوالون يف األساس اىل عشريتني‬ ‫ايزيديتني فقط هما‪ :‬عشريتي اهلكاري‬ ‫والدوملي‪ ،‬وتأتي وظيفتهم بالتوارث‪ ،‬والجيوز‬ ‫أن ينضم اىل القوالني فرد من عشرية مغايرة‪،‬‬ ‫ولكن بعد محلة اإلبادة والتنكيل اليت شنها‬ ‫األمري حممد الراوندوزي امللقب ب(‪MÎRÊ‬‬

‫‪)KOR‬عام ‪ 1832‬م على اإليزيديني ق ّل عدد‬ ‫القوالني بسبب تلك احلملة‪ ،‬فأقدم شخص‬ ‫امسه(‪)BASO‬من العشرية املاموسية مبرافقة‬ ‫الطاووس مع القوالني‪ ،‬وكان متكلماً بارعاً وذو‬ ‫فكر وعلم غزيرين وانضم اىل جوقة القوالني هو‬ ‫وأسرته‪ ،‬وهذا مستمرحتى اليوم ‪.‬‬ ‫مكان تواجدهم‪ :‬القوالون اهلكاريون‬ ‫يسكنون بعشيقة‪ ،‬والقوالون الدومليون‬ ‫يسكنون حبزاني‪ ،‬وأثناء طواف الطاووس‬ ‫يقف اهلكاريون على ميني متثال الطاووس‬ ‫ومهمتهم العزف على الشبابة‪ ،‬والدومليون‬ ‫يقفون على يسار متثال الطاووس ومهمتهم‬ ‫النقر على الدفوف‪.‬‬ ‫ويعترب القوالون الصدراألمني الذي حافظ‬ ‫على الرتاث واللغة والدين و ركيزة أساسية‬ ‫ومهمه ملعتنقي الديانة االيزيدية‪ ،‬وهم‬ ‫يتمتعون مبنزله اجتماعية مرموقة واحرتام‬ ‫ملحوظ يف أوساط اجملتمع االيزيدي وأنهم‬ ‫القلب املخلص الصادق الذي نقل االقوال‬ ‫والنصوص والسبقات الدينية عن ظهر قلب‬ ‫وحافظوا على استمرارية فلسفة الديانة‬

‫االيزيدية‪ ،‬بل وخلدوها ومنحوا احلياة‬ ‫والروح ملعتقدات اإليزيدية القدمية خمتبئني‬ ‫بني كهوف وصخور اجلبال منذ آالف السنني‬ ‫وورثوا ميثولوجيا هذه الديانة العريقة اليت‬ ‫متتد اىل آالف السنني قبل امليالد وخلفوها‬ ‫عرب اجيال من اجلد اىل االبن واىل احلفيد‬ ‫بكل امانه ووفاء يف ظل ظروف قاسية بل‬ ‫ومميتة حماطة بهم مليئة بالفرمانات والقتل‬ ‫والتصهري واإلبادة اجلماعية اليت يندى هلا‬ ‫جبني اإلنسانية واليت ال متت اىل الضمري‬ ‫واحلق بشيء‪ ،‬ولوالهم لضاعت الديانة‬ ‫االيزيدية وتارخيها القديم‪.‬‬ ‫الفقري‪:‬‬ ‫مصطلح ديين إيزيدي يطلق على أولئك‬ ‫الناس الذين يلبسون اخلرقة املقدّسة‪ .‬والفقري‬ ‫هو الناسك املتعبد الذي يرتك ملذات الدنيا‬ ‫ويطمح يف نعيم وخلود اآلخرة ‪.‬‬ ‫ويف اهلند مثالً يطلقون كلمة فقري على كل‬ ‫متقشف مسلماً كان أم هندوكياً‪ .‬ولفقراء اهلند‬ ‫حرمة خاصة ومنزلة اجتماعية سامية وفتاوي‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫شرعية مسموعة وكان للشيخ آدي فقراء من‬ ‫اهلند‪ ،‬وعلى هذا رمبا كان فقراء اإليزيديني‬ ‫احلاليني من أحفاد أولئك الفقراء اهلنود‪ ،‬وما‬ ‫يعزز هذا القول هو تسمية القسم األعظم من‬ ‫عشرية فقراء شنغال‪ ،‬بالشرقيني‪.‬‬ ‫حيق للشرائح االجتماعية التالية أن تلبس‬ ‫اخلرقة املقدسة‪:‬‬ ‫فخذ من عائلة الشيخ سن ـ شيوخ شيخو بكر‬ ‫ـ مجيع برية أومر خاالن ـ عشرية الفقراء يف‬ ‫شنغال(الشرقيني) ـ فقراء بوقدار ومتيندار ـ‬ ‫متولي اللش النوراني‪.‬‬ ‫الكوجك‪:‬‬ ‫هو الرجل الديين الذي تزهّد وترك ملذات‬ ‫الدنيا‪ ،‬ويلجأ اىل رياضة نفسية يف غاية من‬ ‫القسوة واالبتعاد عن شهوات النفس‪ ،‬واليؤذي‬ ‫أي كائن(بشر ـ حيوان ـ حشرات) واللفظ‬ ‫الصحيح لكلمة كوجك بالكردية ‪GUHÇAK‬‬ ‫أي صاحب األذن الصاغية والنظيفة‪ ،‬وهو‬ ‫العامل بأسرار الدين‪ ،‬ونتيجة لكثرة تفكريه‬ ‫باألمور اإلهلية والدينية يقع يف غيبوبة يف‬ ‫بعض األحيان‪ ،‬ويصوم الكوجك أربعينية‬ ‫الصيف وأربعينية الشتاء‪.‬‬ ‫اجمللس الروحاني‪:‬‬ ‫يتشكل اجمللس الروحاني من‪:‬‬

‫تحليلي‬

‫‪21‬‬

‫ـ مري(األمري)‪ MÎR :‬هو الرئيس الدنيوي‬ ‫لإليزيدية‪ ،‬وهو من شيوخ القاتانية مهمته‬ ‫تسيري أموراإليزيدية الدينية والدنيوية معاً‪،‬‬ ‫وله وصالحياته كبرية‪ ،‬وزعامة اإلمارة‬ ‫متوارثة ومن واجباته‪:‬‬ ‫‪1‬ـ محاية اإليزيديني وقيادتهم ومتثيلهم لدى‬ ‫اجلهات الرمسية‪.‬‬ ‫‪2‬ـ اإلشراف على إعادة ترميم وبناء األماكن‬ ‫املقدسة يف اللش‪ ،‬من موارد وضمانات‬ ‫السنجق(الطاووس) واملزارات واخلريات اليت‬ ‫تقدم من قبل اخليرّ ين اىل اللش‪.‬‬ ‫‪3‬ـ مساعدة احملتاجني من اإليزيديني‪.‬‬ ‫‪4‬ـ تسوية اخلالفات اليت حتدث بني‬ ‫اإليزيديني‪.‬‬ ‫ـ بابي شيخ‪ BABÊ ŞÊX:‬ينحدر من‬ ‫أسرة فخر الدين من األصل الشمساني وهو‬ ‫الرئيس الروحي والديين‪ .‬وقدوة املشايخ‪،‬‬ ‫ومستشاراألمري يف األمور الدينية‪ ،‬ويسمى(شيخ‬ ‫اإلمارة‪ .)EXTIYARÊ MÎRGEHÊ‬ومن‬ ‫واجباته‪:‬‬ ‫‪1‬ـ زيارة قرى اإليزيدية مرة أو مرتني يف السنة‬ ‫إلرشادهم وتوعيتهم‪ ،‬توعية دينية واجتماعية‬ ‫وح ّل خالفاتهم‪.‬‬ ‫‪2‬ـ توجيه االرشادات والتوجيهات لرجال‬ ‫الدين للقيام بواجباتهم الدينية‪.‬‬ ‫‪3‬ـ زيارة اللش النوراني يف األعياد واملناسبات‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫الدينية اليت تقام هناك ألداء املراسيم فيه‪.‬‬ ‫‪4‬ـ صيام أربعينييت الصيف والشتاء‪.‬‬ ‫ويرتدي بابى شيخ لباساً خاصاً مصنوع من‬ ‫اخلام ويتمنطق حبزام مصنوع من شعر املاعز‬ ‫يس ّمى رسته (‪ )RISTA BABÊ ŞÊX‬ويلف‬ ‫هذا احلزام حوله سبع مرات‪ ،‬وفيه بعض‬ ‫ّ‬ ‫ويلف على‬ ‫احللقات النحاسية املقدسة‪،‬‬ ‫رأسه شال من القماش األبيض يس ّمى شال‬ ‫بابى شيخ(‪ )ŞAŞIKA BABÊ ŞÊX‬ويتدلىّ‬ ‫من على كتفه حبل مصنوع من الصوف‬ ‫األمحر يس ّمى املفتول(‪ ،)MEFTÛL‬ويضع‬ ‫على رأسه طاقية بيضاء تس ّمى كولكى بابي‬ ‫شيخ(‪ ،)KULKÊ BABÊ ŞÊX‬وجيلس على‬ ‫سجادة مقدسة متوارثة من جده األكرب(ملك‬ ‫فخرالدين)‪ .‬وحي ّرم على بابى شيخ شرب‬ ‫اخلمور(وكذلك على كل رجال الدين)‬ ‫والجيوز للبابى شيخ أن يتزوج بعد تسلّمه‬ ‫هذا املنصب‪.‬‬ ‫وعندما يتوفى بابى شيخ جيتمع األمري مع‬ ‫الشخصيات اإليزيدية املعروفة واجمللس‬ ‫الروحاني يف اللش‪ ،‬أو يف دار اإلمارة النتخاب‬ ‫اخللف من اسرة الشيخ فخرالدين حصراً‪،‬‬ ‫بشرط أن يكون من وقع االختيار حسن السرية‬ ‫والسلوك اجتماعياً ودينياً‪ ،‬وأن يكون ضليعاً‬ ‫يف أمور الدين اإليزيدي‪.‬‬ ‫وندون أدناه لوحة شرف منصب بابا شيخ‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪22‬‬

‫(‪)EXTIYARÊ MERGEHÊ‬‬ ‫ـ بابا شيخ رشو جاء بعد كوجك برهيم حتى‬ ‫تويف عام ‪1829‬م‬ ‫ـ بابا شيخ ناصر ابن بابا شيخ رشو من عام‬ ‫‪1829‬م حتى ‪1892‬م‬ ‫ـ بابا شيخ برهيم رشو من عام ‪1892‬م حتى‬ ‫‪1915‬م‬ ‫ـ بابا شيخ امساعيل من عام ‪1915‬م حتى‬ ‫عام ‪1919‬م‬ ‫ـ بابا شيخ حجي والد بابا شيخ الياس من‬ ‫‪1919‬م حتى ‪1952‬م‬ ‫ـ بابا شيخ حجي ابن بابا شيخ امساعيل‬ ‫‪1952‬م حتى ‪1978‬م‬ ‫ـ بابا شيخ الياس حجي من عام ‪ 1978‬م‬ ‫حتى ‪1994‬م‬ ‫ـ بابا شيخ ختو ابن بابا شيخ حجي امساعيل‬ ‫من ‪1994‬م وحلد اآلن‬ ‫ـ بيش إمام‪ PÊŞ ÎMAM:‬من العائلة‬ ‫اآلدانية‪ ،‬ومن ساللة الشيخ حسن‪ ،‬يطلق‬ ‫العنان للحيته وشاربه‪ ،‬وهو ذو دراية بالعلوم‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫ـ بابي كافان‪ BABÊ GAVAN:‬من شيوخ‬ ‫آمادين أي مشساني‪ ،‬ومن حاشية بابى‬ ‫شيخ‪ ،‬ويقيم معه يف جلسة الشيخ فخرالدين‬ ‫يف األعياد واملناسبات الدينية‪ ،‬ويرافق البابا‬ ‫شيخ يف زياراته‪.‬‬ ‫ـ بابي جاويش‪ BABÊ ÇAWÎŞ:‬زاهد‬ ‫متعبّد حيرم عليه الزواج‪ ،‬يعيش طوال حياته‬ ‫يف اللش ويقوم خبدمة املعبد‪ ،‬لباسه أبيض‪،‬‬ ‫ويتمنطق باحلبل املقدس(‪ RISTE‬رستة)‪،‬‬ ‫وجيوز ألي ايزيدي ومن أية طبقة أن يصبح‬ ‫بابي جاويش‪.‬‬ ‫ـ شيخ الوزير‪ :‬من العائلة الشمسانية‪.‬‬ ‫ـ مري احلج‪ :‬من عائلة األمري أي قاتاني‪،‬‬ ‫مسؤول عن مراسيم أداء فريضة احلج‬ ‫ـ النقيب‪ :‬من عائلة بري هاجي آل‪.‬‬ ‫ـ الكوجك‪ :‬رجل ديين ترك الدنيا وتزهّد‪،‬‬ ‫ويصوم أربعينية الصيف والشتاء‪ .‬لباسه‬ ‫كلباس بابى شيخ‪ ،‬يلجأ اىل ممارسة رياضة‬ ‫نفسية يف غاية القسوة واالبتعاد عن ملذات‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهو اليؤذ أي كائن حي(بشر ـ حيوان‬ ‫ـ حشرات ‪ ...‬اخل)‪ ،‬وكلمة كوجك حم ّرفة‬ ‫من كلمة‪ GUHÇAK‬أي األذن الصافية‬ ‫والنظيفة‪ ،‬وهو العامل بكافة أسرار الدين‪،‬‬ ‫ولكثرة تفكريه باألمور الدينية يقع يف غيبوبة‬

‫تحليلي‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الشيخ فخر الدين قد ح ّرم‬ ‫على ذريته ومريديه أذية‬ ‫الشجر‪ ،‬ويعود السبب اىل‬ ‫رواية مفادها ا ّن الشيخ فخر‬ ‫اضطر مرة أن خيبىء نفسه‬ ‫من األعداء فف ّر ليستنجد‬ ‫باالختفاء حتت شجرة كثيفة‬ ‫األوراق والفروع‪ ،‬وهي تشبه‬ ‫البالن اىل جد كبري‬ ‫يف بعض األحيان ويدعي بأنه يقف خالهلا‬ ‫على األسرار الدينية‪.‬‬ ‫ـ رئيس القوالني‪ :‬وهو من طبقة املريد حصراً‬ ‫ومن عائلة دومليا زرزابا‪.‬‬ ‫ـ الفقري‪ :‬متفرغ للعبادة وهاجر ملذات الدنيا‪،‬‬ ‫وأصبح حمل الرمحة والشفقة‪ ،‬واملعنى احلريف‬ ‫للفقري هو(الزاهد املتعبّد)‪ ،‬يلبس الفقري‬ ‫اخلرقة املقدسة ويشد فوقها حزاماً أمحر‬ ‫مصنوع من الصوف(رستة) ويف عنقه رباط‬ ‫يس ّمى(مفتول)‪ ،‬ويلبس طاقية حتت عمامته‬ ‫السوداء تس ّمى(كولك)‪ ،‬ميكن ألي إيزيدي أن‬ ‫يصبح فقرياً‪.‬‬ ‫ـ اجمليور أو السادن‪ :‬مسؤول عن املزارات‬ ‫املقدسة‪.‬‬ ‫ـ فقرا‪ :‬نساء متزهدات حيرم عليهن الزواج‪،‬‬ ‫يقمن خبدمة املعبد(من االعتناء بنظافته‬ ‫وإشعال الفتائل ورش البخورعلى النار لتفوح‬ ‫الروائح الطيبة من املعابد)‪ ،‬ويوقدن الفتائل يف‬ ‫املناسبات الدينية‪ ،‬ويساعدن يف عمل الربات‪.‬‬ ‫احملرمات لدى اإليزيدية‪:‬‬

‫كما يوجد يف كل األديان حمرمات وممنوعات‪،‬‬ ‫فالديانة اإليزيدية فيها أيضاً حمرمات‪،‬‬ ‫وتنقسم اىل قسمني‪ :‬أوهلما حم ّرم ومكروه‪.‬‬ ‫وثانيهما حم ّرم ولكنه جميد ومبارك‪.‬‬ ‫واحملرمات ختتلف من منطقة اىل أخرى‬ ‫وأحياناً من عشرية اىل أخرى‪ ،‬وهناك‬ ‫ختص طبقة بعينها‪ ،‬دون أن يلتزم‬ ‫حمرمات ّ‬ ‫بها شخص من طبقة أخرى‪ ،‬فعلى سبيل‬ ‫املثال‪ :‬الشيخ فخر الدين قد ح ّرم على ذريته‬ ‫ومريديه أذية الشجر‪ ،‬ويعود السبب اىل رواية‬ ‫مفادها ا ّن الشيخ فخر اضطر مرة أن خيبىء‬ ‫نفسه من األعداء فف ّر ليستنجد باالختفاء‬ ‫حتت شجرة كثيفة األوراق والفروع‪ ،‬وهي‬ ‫تشبه البالن اىل جد كبري‪ ،‬ولكنها أضخم‬ ‫فليالً‪ ،‬وقد خبأته الشجرة وأنقذته من ذلك‬ ‫املأزق‪ ،‬بعد ذلك واحرتاماً لتلك الشجرة‬ ‫اليت أوته وصانته وخبأته عن أعني األعداء‪،‬‬ ‫قال(من حيبين اليؤذي الشجرة)‪.‬‬ ‫مثال آخر على احملرمات اخلاصة‪ :‬إن شيوخ‬ ‫آمادين ومريدوهم اليأكلون حلم الديك‪ ،‬حيث‬ ‫تقول الرواية أن الشيخ أمادين كان قد صدر‬ ‫حبقه قرار اإلعدام كونه مل يتخل عن ديانته‬ ‫رغم كل عمليات التعذيب‪ ،‬فقرر والي املوصل‬ ‫اململوكي األرمين بدر الدين لؤلؤ إعدامه‪،‬‬ ‫وحدد التنفيذ وقت صياح الديك‪ ،‬ولكن‬ ‫الديك وبقدرة اهلل مل يصيح تلك الليلة لكي‬ ‫اليعدموا الشيخ‪.‬‬ ‫وملا صار الصباح أعفي الشيخ من اإلعدام‪،‬‬ ‫وعلى أثر ذلك ح ّرم الشيخ ذبح الديك‪ ،‬وسار‬ ‫على نهجه كل مريديه‪ .‬على أن هناك قسم‬ ‫من املمنوعات دخل اىل الديانة اإليزيدية‬ ‫بتأثري األديان اجملاورة‪ ،‬ورمبا خوفاً من‬ ‫بطشها واتقاءً لشرها كي الينعتوا اإليزيدية‬ ‫بالكفرة‪ ،‬كما هو احلال يف امتناع اإليزيدية‬ ‫عن أكل حلم اخلنزير حتت تأثري الديانة‬ ‫االسالمية‪.‬‬ ‫ومن احملرمات العامة اليت جيب أن يلتزم‬ ‫بها كل إيزيدي مهما كانت طبقته‪ ،‬الزواج‬ ‫من خارج الديانة اإليزيدية‪ ،‬وهو أمر التساهل‬ ‫فيه حيث يطرد من يتزوج من خارح طبقته‬ ‫من القرية أو العشرية(والغاية من ذلك احلفاظ‬ ‫على الدماء اإليزيدية من اإلختالط بدماء غري‬ ‫إيزيدية‪ ،‬وأعتقد أنه يف الظروف اليت يعيش‬ ‫فيها اإليزيدي لو كان الزواج من باقي األديان‬ ‫مسموحاً به ملا وجدت الديانة اإليزيدية يف‬ ‫يومنا هذا‪ ،‬ولكان مصريها الزوال احلتمي)‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ومن احملرمات األخرى عدم املساس بقدسية‬ ‫اخلرقة‪ ،‬وعدم ضرب أو إهانة من يلبسها‪.‬‬ ‫حتريم الصيد‪:‬‬ ‫اإليزيدية تنحر الذبائح وتقيم الوالئم حسب‬ ‫القدرة االقتصادية يف معظم أعيادها ومناسباتها‪،‬‬ ‫إال أنها حت ّرم الذبح يف عيد(خضر لياس) بل‬ ‫وحترم الصيد أيضاً يف هذه املناسبة‪ ،‬وكذلك‬ ‫السفر ملدة أربعة أيام معتقدين أن خضر لياس‬ ‫ميارس الصيد يف هذه األيام‪( .‬قد يكون السبب‬ ‫يف حتريم الصيد يف تلك الفرتة هو فرتة والدة‬ ‫إناث بعض احليوانات‪ ،‬حيث الميكن قتل‬ ‫حيوان يرضع صغاره‪ ،‬أو قد تكون تلك فرتة‬ ‫تزاوج بعض احليوانات)‪.‬‬ ‫ـ حتريم لبس اللون األزرق‪ :‬هلذا التحريم‬ ‫أو لنقل املنع عدة آراء‪ ،‬منها أن اللون األزرق‬ ‫هو اللون األساسي لطائر الطاووس‪ ،‬وتقديراً‬ ‫لطاووس ملك‪ ،‬والذي يرمز له بطائر الطاووس‬ ‫فقد امتنع اإليزيديون عن لبس األزرق‪ ،‬وذلك‬ ‫احرتاماً وتبجيالً وليس لسبب آخر‪.‬‬ ‫ولكن هناك رأي آخر يقول أن اللون األزرق‬ ‫يف الكردية يسمى(شني‪)ŞÎN‬وهي كلمة تعطي‬ ‫معنى احلزن أيضاً‪ ،‬ولتشاؤمهم من احلزن‬ ‫ابتعدوا عن لبس اللون األزرق‪ ،‬ورأي آخر‬ ‫يقول أن لباس اجلنود اآلشوريني الذين كانوا‬ ‫يف قتال دائم مع الكرد كانت زرقاء‪ ،‬فامتنع‬ ‫الكرد عامة‪ ،‬واإليزيدية خاصة عن لبس هذا‬ ‫اللون‪.‬‬ ‫واجلدير ذكره أنه حتى يف االسالم فإن‬

‫تحليلي‬

‫‪23‬‬

‫اللون األسود مكروه يف الصالة‪ ،‬وقال أمري‬ ‫املؤمنني(ع) ألصحابه‪ :‬التلبسوا السواد فإنه‬ ‫لباس فرعون‪ ،‬ولكن أنهي هذا املوضوع‬ ‫بالقول‪ :‬ليست العربة يف لون اللباس‪ ،‬بل‬ ‫العربة يف لون قلوبنا‪ ،‬لذلك أقول ليكن قلبك‬ ‫أبيضاً‪ ،‬والبس ماشئت‪.‬‬ ‫ـ الكفر حرام مهما كان السبب‪ ،‬ألن اإليزيدية‬ ‫تعرتف وتق ّر بأن كل دين أو عقيدة أوجدها اهلل‬ ‫إمنا هي مقدسة‪ ،‬لذا الجيوز النطق بأي كلمة‬ ‫جترح مشاعر الناس‪ ،‬وكل إنسان حر فيما‬ ‫يعتقده‪ ،‬لذلك الجيوز ألي شخص أن يكفّر‬ ‫شخص آخر‪ ،‬أو يتهمه باإلحلاد‪ ،‬فاحملاسب‬ ‫هو رب العاملني‪ ،‬وهو رب اجلميع‪ ،‬والجيب‬ ‫أن يدّعي أحدنا حمبة اهلل(تزلفاً) أكثر من‬ ‫اآلخرين‪ ،‬فمحبة اهلل تكون يف قلب كل مؤمن‬ ‫به سبحانه وتعاىل‪.‬‬ ‫ـ حمرم على اإليزيدي أن يتزوج من أمه‬ ‫وأخته وابنة أخية وأبنة أخته وأرملة أخيه و‬ ‫زوجة عمه و زوجة خاله‪ ،‬و خالته و عمته‬ ‫وشقيقة زوجته وزوجة أبيه وأخواتها‪.‬‬ ‫ـ حيرم على اإليزيدي الزواج ألكثر من واحده‬ ‫إال يف حاالت خاصة نذكر منها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ يف حال إصابة الزوجة مبرض عضال‪،‬‬ ‫أو يف حال عدم قدرة الزوجة القيام باألعباء‬ ‫املنزلية‪.‬‬ ‫‪2‬ـ يف حال وفاة الزوجة‪.‬‬ ‫‪3‬ـ يف حال الوصول اىل درجة فقدان األمل يف‬ ‫اإلجناب‪ ،‬ويف هذه احلالة جيب أخذ موافقة‬ ‫الزوجة حتماً‪.‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫الكفر حرام مهما كان‬ ‫السبب‪ ،‬ألن اإليزيدية‬ ‫تعرتف وتق ّر بأن كل دين أو‬ ‫عقيدة أوجدها اهلل إمنا هي‬ ‫مقدسة‪ ،‬لذا الجيوز النطق‬ ‫بأي كلمة جترح مشاعر‬ ‫الناس‪ ،‬وكل إنسان حر‬ ‫فيما يعتقده‪ ،‬لذلك الجيوز‬ ‫ألي شخص أن يكفّر شخص‬ ‫آخر‪ ،‬أو يتهمه باإلحلاد‪،‬‬ ‫فاحملاسب هو رب العاملني‬ ‫‪4‬ـ إذا ضبطت الزوجة تزني‪ ،‬حيث يعترب‬ ‫الزنى من أقبح األفعال عند اإليزيديني‪.‬‬ ‫‪5‬ـ الجيوز لإليزيدي أن يطلق زوجته إال إذا‬ ‫أعدم احليلة يف استمرار الوفاق بينهما‪ ،‬وبعد‬ ‫أن يعلن كل من يتوسط بينهما بأن استمرار‬ ‫الزواج بينهما أصبح مستحيالً‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫هلذا التحريم أو لنقل املنع‬ ‫عدة آراء‪ ،‬منها أن اللون‬ ‫األزرق هو اللون األساسي‬ ‫لطائر الطاووس‪ ،‬وتقديراً‬ ‫لطاووس ملك‪ ،‬والذي يرمز‬ ‫له بطائر الطاووس فقد امتنع‬ ‫اإليزيديون عن لبس األزرق‪،‬‬ ‫وذلك احرتاماً وتبجيالً وليس‬ ‫لسبب آخر‬

‫‪24‬‬

‫تحليلي‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫والطالق عند اإليزيدية ليس جمرد كلمة تقال‬ ‫أمام الزوجة(أنت طالق) بل هناك طقس خاص‬ ‫باإليزيديني وهو بأن يناول الزوج الربات أو‬ ‫حجر سيبا ليد الزوجة مباشرة أمام عدة شهود‬ ‫ويقول هلا‪ :‬أنت منذ اآلن أخيت‪ ،‬ويف هذه‬ ‫احلالة الميكن عودة الوضع اىل ما كان عليه‬ ‫قبل النطق بتلك الكلمة مطلقاً ومهما حصل‪،‬‬ ‫ألنها أصبحت أخته‪ .‬واملرأة املطلقة أو األرملة‬ ‫من حقها الزواج مرة أخرى‪ ،‬والجيوز ألحد‬ ‫منعها يف حال رغبتها بالزواج‪.‬‬ ‫ـ الشخص غري املختون الجيوز أن يذبح‬ ‫األضاحي‪ ،‬وهذا تأكيد على أ ّن اإليزيدية‬ ‫تسري على هدى وتعليمات ج ّد األنبياء‬ ‫ابراهيم اخلليل الذي أمره اهلل بأن يقوم خبنت‬ ‫كل ذكر‪ ،‬وإال فلن يُعترب من صنف الرجال ‪.‬‬ ‫ـ إذا تويف طفل ومل يكن خمتوناً جيب ختنه‬ ‫قبل دفنه‪ ،‬لكي ميوت على سنة إبراهيم‬ ‫اخلليل‪.‬‬ ‫ـ الجيوز لإليزيدي أن يتكبرّ أو يتعاىل على‬ ‫غريه(إال مبا يقدمه من خري لقومه)‪ ،‬أل ّن اهلل‬

‫عندما خلق وخيلق األرواح جيعلها متساوية‪.‬‬ ‫ـ حي ّرم على اإليزيدي الكذب والرياء و‬ ‫السرقة والنصب واالحتيال بكل أشكاهلا‪.‬‬ ‫وهناك حمرمات أخف وطأة من غريها تسمى‬ ‫أحياناً ممنوعات أو نواهي‪ ،‬اهلدف منها‬ ‫تهذيب النفس واجملتمع وهي‪:‬‬ ‫ـ عدم حلق الشوارب‪ ،‬طبعاً هذا كان يف‬ ‫األزمنة املاضية‪ ،‬حيث كانت الشوارب من‬ ‫عالمات الرجولة أو اخلشونة‪ ،‬وكان الوجه‬ ‫النسائي الناعم واخلالي من أي أشعار من‬ ‫عالئم األنوثة‪.‬‬ ‫ـ التبول يف املاء واألنهار‪ ،‬فهذه تعترب آداب‬ ‫عامة‪ ،‬فالبشر يستخدمون مياه األنهار‬ ‫للشرب‪ ،‬فإذا تب ّول شخص يف تلك املياه‪،‬‬ ‫فهو امر مثري ويشمئز منه الناس‪.‬‬ ‫ـ البصاق أما اآلخرين‪ ،‬أيضاً البصاق أمام‬ ‫اآلخرين غري مستحب‪ ،‬ألن البصاق عبارة عن‬ ‫خملفات غري نظيفة خترج من فم اإلنسان‪،‬‬ ‫(وقد يكون) صاحبها مريضاً فتنتقل اجلراثيم‬ ‫اليت قد تكون يف البصاق وتصيب اآلخرين‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بالعدوى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـ الجيوز التبول وقوفا‪( ،‬هذا قبل أن يسكن‬ ‫اإليزيديون يف األبنية اليت تبنى فيها بيوت‬ ‫اخلالء)‪ ،‬فالتبول وقوفاً ميكن أن يؤدي اىل‬ ‫كشف العورة ملن حول ذلك الشخص‪ ،‬وهو‬ ‫أمر أخالقي قبل أن يكون ديين‪.‬‬ ‫السما أو الرقص الديين‪:‬‬ ‫حسب ماورد يف األفستا والنصوص البهلوية‬ ‫إن جه م ‪ CEM‬هو الذي يقوم بتضحية‬ ‫الثور‪ ،‬وحيمل زردشت عليه بشدة‪ ،‬وكانت‬ ‫تنجز هذه العملية‪ ،‬أي تقديم الثور كقربان بعد‬ ‫غروب الشمس‪ ،‬أو يف مكان مظلم كالكهوف‬ ‫أو السراديب‪ ،‬وكانت متارس مبصاحبة‬ ‫الرقص واألغاني مع حرق أعشاب ال(هوم‬ ‫ـ سوم ـ سوما) وهلذا كانوا يطلقون على هذه‬ ‫الرقصة (سه ما‪ ،)SEMA‬واليت هي يف األصل‬ ‫اسم لعشب مقدّس يف اللغة السنسكريتية‪،‬‬ ‫وتصبح(هوم ـ هوما) يف األفيستا على أنها‬ ‫حماولة لضمان اخللود‪ .‬عموماً املعتقد‬ ‫اإليزيدي يقول ان الشخص الذي يقوم بهذا‬ ‫الرقص الديين يطهر نفسه من كل الشرور‬ ‫واخلطايا من خالل هذا الرقص‪.‬‬ ‫من يقوم برقصة السما وكيف‪:‬‬ ‫لرقصة السما نظام خاص‪ ،‬ودقيق جداً‬ ‫ويكون على الشكل التالي‪:‬‬ ‫بداية خيرج الفقري(سادن مزار اللش) من‬ ‫املعبد وهو يلبس لباس الشيخ آدي(تاج حلله‬ ‫‪)TACHILE‬وأثناء ذلك يقوم القوالون بالنقر‬ ‫على الدف والنفخ يف الشبابة وينشدون ويرتّلون‬ ‫األحاديث الدينية(األقوال) اخلاصىة سهذا‬ ‫الطقس‪ ،‬ويهلهل املؤمنون بصيحات(هول ‪...‬‬ ‫هوال سلطان إيزي‪ ،‬وتطلق النساء الزغاريد‪،‬‬ ‫فيصبح اجلو شاعري صويف أخاذ‪ ،‬وتقشعر‬ ‫أبدان املوجودين فيدخلون يف حالة من‬ ‫اإلميان قلّما يستطيع شاعر وصف ما يعرتي‬ ‫املوجودين من مشاعر جيّاشة‪.‬‬ ‫ميسك بيش إمام حبزاني(من شيوخ الشيخ‬ ‫حسن) يد الفقري اليسرى‪ ،‬ثم مري احلج(بسمري‬ ‫‪ ،)PIS MÎR‬ثم شيخ الوزير(من شيوخ الشيخ‬ ‫مشس) ثم واحد من شيوخ الشيخ امساعيل‪،‬‬ ‫ثم خادم بابادين‪ ،‬ثم سادن(خادم) بري سيبا‪.‬‬ ‫يسري هذا الصف حتى يصل اىل ميني أختيار‬

‫تحليلي‬

‫‪25‬‬

‫املزار(بابا شيخ)‪ .‬وهناك ميسك اليد اليمنى‬ ‫للفقري كل من‪:‬‬ ‫بيش إمام بابا شيخ(من شيوخ شرف‬ ‫الدين)‪ ،‬ثم بابا شيخ(من شيوخ فخرالدين)‬ ‫ثم بابا كافان(من شيوخ آمادين)‪ ،‬ثم سادن‬ ‫كانيا سيب‪ ،‬ثم اختيار حبزاني‪ ،‬ثم اختيار‬ ‫بعشيقة(من طبقة املريد)‪ ،‬بابا جاويش‪.‬‬ ‫وعند اكتمال الصفني يف صحن املعبد يتقدّم‬ ‫الفقري الذي يرتدي اخلرقة املقدسة ويقف‬ ‫يف املقدمة بني الصفني‪ ،‬ويصبح كقائد هلذه‬ ‫اجلوقة من املؤمنني‪ ،‬ويأخذ بابا جاويش‬ ‫مكانه يف آخر الصفني‪ .‬ثم يدورون بعكس‬ ‫عقارب الساعة حول شعلة النار تاني تسمى‬ ‫جقلتو‪ ،‬ثالث دورات‪ .‬وتكون خطواتهم‬ ‫موزونة بدقة‪ ،‬حيث يبدؤون خبطو اخلطوة‬ ‫األوىل بالرجل اليسرى بسحلها بهدوء على‬ ‫األرض مع رفع اليد اليمنى اىل الكتف األيسر‬ ‫وتنيلها بسحبها على الصدر من األعلى‬ ‫اىل األسفل‪ ،‬واخلطوة الثانية تبدأ بالرجل‬ ‫اليمنى واليد اليسرى(هذه احلركة يؤديها‬ ‫اجملموعتني معاً)‪.‬‬ ‫الحظ هذا الرتتيب يف الرقص الديين‪ ،‬وكيف‬ ‫يتم إشراك كافة الطبقات الدينية يف هذه‬ ‫الطقوس‪ ،‬وإن ّ‬ ‫دل هذا على شيء فهو يدل‬ ‫على املساواة والعدالة يف الدين اإليزيدي‪،‬‬ ‫دون أن يكون ألحد أو لطبقة ميزة على طبقة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫انواع رقصة السما‪:‬‬ ‫لرقصة السما سبعة انواع هي‪:‬‬ ‫ـ مسا إيزي‬ ‫ـ مسا قانوني‬ ‫ـ مسا شيخ مشس‬ ‫ـ مسا شرفدين‬ ‫ـ مسا بلند‬ ‫ـ مسا زرزان‬ ‫ـ مسا سه رتربا( ‪ ÊZÎ‬ـ ‪ QANÛNÎ‬ـ ‪ŞÊŞIMS‬‬ ‫ـ ‪ ŞERFEDÎN‬ـ ‪ BILND‬ـ ‪ ZERZA‬ـ ‪SER‬‬ ‫‪)TIRBA‬‬

‫املناسبات اليت تقام فيها كل أنواع رقصة‬ ‫السما‪:‬‬ ‫ـ يف عيد أربعينية الصيف تتم فيه رقصة مسا‬ ‫شيخ مشس ومسا شرفدين ومسا قانوني‪.‬‬ ‫ـ يف اسبوع(مجاهية) شيخ آدي تقام مخسة‬ ‫أنواع من رقصة السما هي(قانوني ـ شرفدين‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫ـ شيخ مشس ـ بلند ـ زرزا)‪ ،‬ويتم تكرار مسا‬ ‫قانوني وشيخ مشس‪ .‬ثم تقام يف كل يوم نوع‬ ‫من أنواع السما مثال‪:‬‬ ‫ـ يوم احضار بري شباكي تقام فيه رقصة مسا‬ ‫قانوني‪.‬‬ ‫ـ يوم قاباغ تقام فيه رقصة مسا بلند‪.‬‬ ‫ـ يوم احضار بريا(‪ROJA SIWARKIRINA‬‬ ‫‪)PERIYA‬مسا زرزا‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر فإ ّن رقص السما كان حيضره‬ ‫سابقاً اإليزيديون فقط ولكن اآلن حيضره حتى‬ ‫الغرباء عن اإليزيدية‪.‬‬ ‫حسب املعتقد اإليزيدي إن الرقص الديين(سه‬ ‫ما) مت ألول مرة من قبل املالئكة السبعة عندما‬ ‫أغلقت أبواب السماء‪ .‬والرقصة هي عبارة عن‬ ‫التضرع اىل اهلل لفتح باب السماء‪.‬‬ ‫اجلدير بالذكر فأن املصريني القدماء كانوا‬ ‫يؤدون الفعالية الدينية(سه ما) وهي نفسها‬ ‫اليت تؤدى بني اإليزيدية منذ القدم والزالت‬ ‫حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫وملا صار الصباح أعفي‬ ‫الشيخ من اإلعدام‪ ،‬وعلى‬ ‫أثر ذلك ح ّرم الشيخ ذبح‬ ‫الديك‪ ،‬وسار على نهجه‬ ‫كل مريديه‪ .‬على أن هناك‬ ‫قسم من املمنوعات دخل‬ ‫اىل الديانة اإليزيدية‬ ‫بتأثري األديان اجملاورة‪،‬‬ ‫ورمبا خوفاً من بطشها‬ ‫واتقاءً لشرها كي الينعتوا‬ ‫اإليزيدية بالكفرة‪ ،‬كما هو‬ ‫احلال يف امتناع اإليزيدية‬ ‫عن أكل حلم اخلنزير حتت‬ ‫تأثري الديانة االسالمية‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪26‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الحمالت على االيزيدية ‪...‬‬

‫حمالت بدرخان بك امير بوتان‬

‫داود ُمـراد خـتاري‬

‫ـ محلة األمري البدرخاني على‬ ‫قرية(مزيزاخ)‪...‬‬ ‫ويقول ر ّسام‪ :‬إنه يف عيد األضحى عندما‬ ‫حيتفل املسلمون بطقوس قيام إبراهيم بتقديم‬ ‫ابنه اسحق قرباناً هلل وذلك بذبح اخلروف‪،‬‬ ‫فإن بدرخان بك كان يقوم جبمع األيزديني‬ ‫يف مراسيم رهيبة مروعة حيث يقوم بنفسه‬ ‫بتقديم الذين كانوا يركنون إىل السكوت‬ ‫متوجسني خيفة على حياتهم فيفسر سكونهم‬ ‫كما لو أنهم أشهروا إسالمهم وذلك إحساناً‬ ‫وصدَق ًة ويوضعون بصفة خدم يف دار‬ ‫عليهم َ‬ ‫االمري‪ .‬مبشر ملم باألمور الطبية من أورمية‬ ‫زار دركله يف ‪ 1846‬وشاهد أربعني من‬ ‫األيزديني اخلمسني الذين اهتدوا لإلسالم يف‬

‫قصر بدرخان بك‪ ،‬يتمتعون باهتمام خاص‬ ‫من االمري لدرجة أنهم أصبحوا موضع حسد‬ ‫اخلدم اآلخرين‪ .‬ويقول سافرستيان‪ :‬إىل‬ ‫جانب ذلك هناك آراء أخرى تذهب إىل عكس‬ ‫ذلك وتصف األمري بدرخان باالعتدال وتذكر‬ ‫بأنه كان يقدم املساعدات املادية إىل كل الذين‬ ‫جلأوا إليه من فقراء ومعوقني وأيتام وأرامل‪.‬‬ ‫خالل سنوات(‪1840-1830‬م) يقود األمري‬ ‫بدرخان أمري بوتان محلة على االيزدية‪،‬‬ ‫ويقول أيدن روناك‪ :‬كان أجدادنا يعيشون‬ ‫يف قرية(مزيزاخ) اليت تبعد عن مدينة‬ ‫ميدياد حنو مخس كيلو مرتات‪ ،‬هجم األمري‬ ‫البدرخاني بقواته على القرية املتكونة من‬ ‫ثالثة أفخاذ(شفقتيان‪ ،‬ساليكان‪ ،‬منردانيان)‬ ‫وطلب منهم ترك ديانتهم واعتناق اإلسالم‪،‬‬ ‫قتل الكثري من األهالي والكثري منهم خافوا‬ ‫من املوت احلقيقي فاسلموا‪ ،‬والذين رفضوا‬ ‫أوامر بدرخان بك‪ ،‬هجروا قراهم واجتهوا‬ ‫حنو النهر(بامرد عند املوسكان‪ ،‬قرية قوبان)‬ ‫وهم مريزا حجي وكوجو مع أقربائه‪ ،‬لكن‬

‫األمري عاقبهم وهجم عليهم هناك‪ ،‬وبعد فرتة‬ ‫ارسل اليهم رسالة يؤكد فيها ان تواجدكم يف‬ ‫بامردينا ليس بعيداً عين وان نفوذي ميتد‬ ‫إىل دياربكر‪ ،‬لكنهم رفضوا طلبه مرة أخرى‬ ‫واكدوا عدم رضوخهم لتهديده ورفضوا طلبه‪،‬‬ ‫بعد فرتة هاجم عساكر األمري قريتهم اجلديدة‬ ‫وقتل جمموعة من الناس من بينهم(هزى‬ ‫وفاطمة) شقيقات مريزا حجي وكان مريزا‬ ‫وكوجوا مع بعض من رجاهلم يف ضيافة‬ ‫قرية(جفان) كانت فاطمة حتمل على صدرها‬ ‫صيب صغري وسيم‪ ،‬مشر أحد ازالم األمري‬ ‫سيفه على رأس الطفل فقطعه‪ ،‬وعندما رجع‬ ‫مريزا ومجاعته رأوا ما خلفه جنود األمري‪،‬‬ ‫محلوا أسلحتهم وركضوا وراءهم فتمكنوا من‬ ‫القبض على أربعة عشر نفراً يف مياه(قزكى)‬ ‫بعد أن دارت معركة طاحنة يف النهر‪ ،‬يقال‬ ‫ان مياه النهر مل تصفى من الدماء بعد ثالثة‬ ‫أيام من جراء القتلى بني الطرفني‪.‬‬ ‫مل تكن معركة بني جمموعة من األشخاص‪،‬‬ ‫لقد أتى لنجدة االيزدية من القرى(قوبان‪،‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫هنجيكة‪ ،‬جفان‪ ،‬آوات الشمالية‪ ،‬آوات‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬خربك‪ ،‬جخسان‪ ،‬مجساريب‪،‬‬ ‫تلى‪ ،‬رضوان‪ ،‬محدونة‪ ،‬آرانزى‪ ،‬شريبى‪،‬‬ ‫سوديك‪ ،‬حودا‪ ..‬كانت معركة الدال وارانزا‬ ‫وشيخا)‪.‬‬ ‫وهذه مقاطع من ملحمة تتغين ببطوالتهم‪...‬‬ ‫ێ ب گەنكە‬ ‫گەرا كۆزك ‌‬ ‫ێ درویش‬ ‫ێ حەجی باب ‌‬ ‫ێ میرزای ‌‬ ‫سور ‌‬ ‫ێ حەسەن خەلەكە‬ ‫باب ‌‬ ‫ێ بۆتان كوشتی یە‬ ‫ێ میر ‌‬ ‫ژ لەشكەر ‌‬ ‫سەد كێم یەكە‬ ‫نە هێژی حەیفا فاتما جاف بەلەكە‬ ‫ێ پر كورە‬ ‫گەرا گۆزك ‌‬ ‫ئەف برا و پسمام ل ڤی نەیاری ددن‬ ‫بێ‌ قسورە‬ ‫ێ بابێ‌ من لێدەن‬ ‫هەفت باب ‌‬ ‫هاوارا ئێزدیان نێزیكە نە دورە‬ ‫ێ راستێ‌‬ ‫ێلو ‌‬ ‫تال نافروی ‌‬ ‫ێ‬ ‫ێ درویش باب ‌‬ ‫ێ باب ‌‬ ‫چنگینا سوار ‌‬ ‫حەسەن خاستێ‌‬ ‫ێ لێشكەرا ددەن پێشیاخۆ‬ ‫بسوار ‌‬ ‫بەری ددەتە ئاڤا مەزن‬ ‫ێ‬ ‫ێ چەپی ل مل ‌‬ ‫ێ دهێژینە ل مل ‌‬ ‫سور ‌‬ ‫راستی‬ ‫من خالل ترمجة امللحمة املغناة يتبني ان‬ ‫السيد مريزا استطاع قتل(‪ )99‬من أعداءه‪،‬‬ ‫وان أبناء ديانته قد أمدو ُه بالرجال واألسلحة‪،‬‬ ‫كانت املعركة يف اشد ضراوتها بني أبناء‬ ‫القومية الواحدة‪ ،‬لكن األفق واإلسرتاتيجية‬ ‫القومية الكردية كانتا غائبتان بل معدومتان‪،‬‬ ‫أي نصر؟ هو نصر ألعدائهم!!‪ .‬س ّر وفرح‬ ‫العثمانيون بأخبار هذه املعارك الطاحنة‪،‬‬ ‫ألنها تقلل من قوة خصمهم‪.‬‬ ‫ـ محلة بدرخان بك على ايزدية الشيخان‬ ‫سنة‪1832‬م ‪...‬‬ ‫سنة(‪1832‬م) قاد األمري البوتاني بدرخان‬ ‫بك محلة كبرية على ايزدية الشيخان‬ ‫حبجة تعرضهم إىل قوافل التجار‪ ،‬ونهب‬ ‫القرى فانتفض االيزديون بوجهه‪ ،‬لكنهم‬ ‫مل ينجحوا يف مسعاهم‪ ،‬وقتل أعداد كبرية‬ ‫وأسرى جمموعة منهم‪.‬‬ ‫ـ محلة بدرخان بك يف طور العابدين سنة‬

‫‪1844‬م ‪...‬‬

‫تاريخ‬

‫‪27‬‬

‫سنة ‪1844‬م جهز بدرخان بك أمري جزيرة‬ ‫بوتان قوة كبرية على قرى االيزدية يف(طور‬ ‫العابدين) وطلب منهم اعتناق االسالم‪ ،‬لكنهم‬ ‫رفضوا‪ ،‬فقتّل فيهم‪ ،‬وبعد ما أدركوا املوت‬ ‫احملتوم اسلمت(‪ )7‬من القرى والبقية رفضوا‬ ‫وحاربوا ودارت معارك كبرية‪ ،‬وعندما رجع‬ ‫بدرخان بك‪ ،‬عادت القرى اليت استسلمت‬ ‫إىل ديانتها ولعنوا األمري بدرخان بك‪.‬‬ ‫ـ محالت بدرخان بك البوتاني على‬ ‫سنجار‪...‬‬ ‫بدرخان بك البوتاني‪ :‬كان استقالله(‪1263‬هـ‬ ‫ـ ‪1847‬م)‪ ،‬فرض طاعته على جبل سنجار‬ ‫االيزدية باعتبار أنهم من العنصر البوتاني‬ ‫وقام حبمالت سنوية على جبل سنجار‬ ‫الستحصال الضرائب منهم‪.‬‬ ‫قص عل ّي أحدهم ‪-‬‬ ‫يقول د‪ .‬أديب معوض ّ‬ ‫احد االكراد النابهني من ساللة االمراء الكرد‬ ‫العريقة اليت كانت يف عهد السلطان سليم‬ ‫العثماني‪ ،‬وما بعده حتى اىل االمراء‪ ،‬يوم‬ ‫كلفه(الباب العالي) يف االستانة ان يغري على‬ ‫من كان من اليزيدية يف جواره‪ ،‬للتنكيل بهم‬ ‫والكراههم على االسالم‪ ،‬اذا استطاع اىل ذلك‬ ‫سبيالً‪ ،‬اال ان حمدثي قال‪:‬‬ ‫ـ كان قد وقع أسرياً يف أيدي رجال االمري‪،‬‬ ‫أحد رؤساء االيزدية من جبل سنجار‪ ،‬فلما‬ ‫جيء به اىل خيمة االمري عرض عليه االسالم‪،‬‬ ‫فرفض اوالً وثانياً وثالثاً‪ ،‬حتى عيل صرب‬ ‫االمري فأستل سيفه يقطع به ذراع االسري‬ ‫اليمنى كان ميسك بها أحد أعمدة اخليمة‬ ‫وهو واقف‪ ،‬فلم يكن من اليزيدي‪ ،‬وقد برتت‬ ‫ميناه اال ان رفع اليسرى ميسك بها ثانية‬ ‫العمود‪ ،‬كأنه مل حيصل شيء مما كان‪،‬‬ ‫فلم يسع االمري‪ ،‬ازاء تلك الشجاعة‪ ،‬اال ان‬ ‫أبدى أسفه وأمر فضمد جرح غرميه االيزدي‪،‬‬ ‫واكرمه واطلق سراحه وعاد ادراجه اىل حيث‬ ‫كان‪.‬‬ ‫بعد ان قطع املواثيق على نفسه باحملافظة‬ ‫على اولئك اجلريان الشجعان من ابناء جلدة‬ ‫االسري الباسل‪ ،‬أخوة االكراد بالدم‪ ،‬مبثل‬ ‫هذه الروح القوية العالية‪ ،‬ميثل هذا التمسك‬ ‫اليقيين بالعقيدة واملبدأ‪ ،‬ميثل هذا النوع من‬ ‫نكران الذات يف سبيل القومية والوطنية‪،‬‬ ‫مبثل هذه املظاهر الرائعة من كرب النفس‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫سيطر حييى باشا على‬ ‫املوصل بعد االنتفاضة اليت‬ ‫قام بها ضد الوالي العثماني‬ ‫يف بغداد علي رضا باشا الالز‪،‬‬ ‫وذلك بسبب دعم شيخ عشائر‬ ‫مشر له وللمدينة‪ .‬وقد أعلن‬ ‫حييى باشا اجلليلي بعد‬ ‫استيالءه على املوصل مبساعدة‬ ‫أهاليها‪ ،‬أنه(عاد اىل املوصل‬ ‫وسوف حيكمها بأمر من‬ ‫دولة إبراهيم باشا ال بأمر من‬ ‫الدولة العثمانية)‬ ‫والشجاعة والشمم‪ ،‬متكن الرئيس االيزدي يف‬ ‫حالة أسره‪ ،‬من ان يكتسب أعجاب ابن‬ ‫عرقه الكردي املسلم‪ ،‬ومن السيطرة على‬ ‫عواطفه‪ ،‬حتى اختذ االمري منه أقرب‬ ‫االصدقاء‪ ،‬ومن اخوانه االيزدية‪ ،‬أكرم‬ ‫اجلريان وأعز االخوان‪.‬‬ ‫اليارد كان قد بلغ الرابعة والثالثني عند‬ ‫عودته إىل إنكلرتة يف ‪ ،1851‬ووجد هواية‬ ‫جديدة يف السياسة والدبلوماسية‪ ،‬فرجع إىل‬ ‫استنبول يف ‪ 1877‬ليخدم سفرياً لربيطانيا ملدة‬ ‫ثالث سنوات‪ ،‬لكن مل يزر املوصل مرة أخرى‪.‬‬ ‫أما صديقه وسلفه بول بوتا فقد تويف مغموراً‬ ‫يف ‪ .1870‬وتورط فيكتور بالسي ذو احلماس‬ ‫الشديد يف نيويورك يف فضيحة مالية‪ ،‬وتويف‬ ‫يف رومانيا عام ‪ ،1875‬وقضى بدرخان بك‬ ‫أيامه االخرية يف أمن وهدوء بدمشق حيث‬ ‫تويف العام ‪ ،1868‬ليندبه مخسة وستون ابناً‬ ‫والعديد من البنات‪.‬‬ ‫ـ محلة رشيد باشا على الكورد االيزديني‬ ‫يف جزيرة بوتان سنة ‪1834‬م ‪...‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪28‬‬

‫سنة ‪1834‬م حارب رشيد باشا الكورد‬ ‫االيزديني يف جزيرة بوتان‪ ،‬دامت فرتة حربه‬ ‫عدة أشهر ومتكن من احتالهلا‪ .‬يقول(فون)‪:‬‬ ‫ان الكثري من امللوك والرؤساء يف املدينة كانوا‬ ‫يؤمنون(باملالك غري الصاحل) فقتل الكثري منهم‬ ‫واسر العديد من نسائهم‪ ،‬كان ذلك يف عهد‬ ‫السلطان حممد الثاني‪ ،‬عندما اسند أمر قواته‬ ‫إىل رشيد باشا الذي قاد محلة على اخلالتية‬ ‫وقتل(‪ )40000‬أربعون الف ايزيدي‪.‬‬ ‫يف صيف سنة ‪1834‬م حترك رشيد باشا‬ ‫جبيش قوامه(‪ )40‬الف عسكري ليزحف من‬ ‫صامصون وعربَ سيواس ومالطية يف احملور‬ ‫الشرقي واجلنوبي مزود باحلديد والنار‪،‬‬ ‫عربت قواته األراضي الكردية‪ ،‬وأبدى عدد‬ ‫كبري من العشائر واحلكام الكورد مقاومة‬ ‫عنيفة للجيش الرتكي‪ ،‬بيد أن القوى مل تكن‬ ‫متكافئة‪ ،‬مع ذلك كان تقدم األتراك بطيئاً‬ ‫وكلفهم دماء كثرية‪ ،‬قاو َم االيزديون يف سريت‬ ‫اجليش الرتكي مقاومة ضارية‪ ،‬وانضم إليهم‬ ‫األرمن‪ ،‬وصاحب عملية إخضاع االيزديني‬ ‫فرض اعتناق الدين اإلسالمي عليهم قسراً‪.‬‬ ‫وحينما انطلق من سيواس‪ ،‬هاجم قبيلة‬ ‫مريان االيزدية يف ويران شهر وسنجار واستمر‬ ‫الصراع سنتني‪ ،‬أبدى االيزديون مقاومة‬ ‫عنيفة‪ ،‬اجربت الكرد والرتكمان على دفع‬ ‫ضرائب سنوية وإمداد اجليش باجلنود‪.‬‬ ‫ـ محلة رشيد باشا وحافظ باشا على‬ ‫سنجار‪ ،‬يف صفر سنة ‪1253‬هـ ـ ‪1836‬م‬ ‫‪...‬‬ ‫قدم حممد باشا امللقب حبافظ باشا‪ ،‬من‬ ‫ماردين وذهب لفتح سنجار‪.‬‬ ‫أدت احلمالت العسكرية املستمرة وشدة ما‬ ‫أصاب االيزديني يف سنجار من مظامل حسبما‬ ‫ذكر رحالة بريطاني معاصر لألحداث‪ :‬إىل‬ ‫تشكيل مجاعات ليهامجوا النواحي اجملاورة‬ ‫هلم ويغريوا على القوافل‪ ،‬وهذا ما أثار استياء‬ ‫احلكومة العثمانية اليت جردت ضدهم من‬ ‫جديد عدة محالت ومنها محالت رشيد باشا‬ ‫وحافظ باشا بني سنيت (‪1836‬ـ‪1837‬م)‬ ‫واللذين فاجآ إيزيدية جبل سنجار‪ ،‬فالتجأوا‬ ‫مضطرين إىل الكهوف واملغارات كي ينجون‬ ‫بأرواحهم‪ ،‬إال أن ذلك مل يكن جمدياً‪ ،‬إذ‬ ‫حاصرهم اجليش العثماني وقام بقتلهم بنريان‬ ‫البنادق واملدافع‪ ،‬حتى أبيد ثالثة أرباعهم ‪..‬‬ ‫تويف حممد رشيد باشا سنة ‪1837‬م نتيجة‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫انتشار الكولريا بني صفوف جيشه فأصابه‬ ‫املرض ومات بسببه‪ ،‬فخلفه حافظ باشا‬ ‫وقاد محلة على االيزدية يف سنجار‪ ،‬يقول‬ ‫لونكريك‪:‬‬ ‫ان قوات حافظ باشا طحنوا االيزدية‪،‬‬ ‫وأصبحوا فريقني األوىل بقيادة مريزا باشا‬ ‫واجته مشاالً وفريق مصطفى باشا اجته‬ ‫جنوباً‪ ،‬وعندما أدرك األهالي حجم‬ ‫وضخامة العسكر وقوته‪ ،‬ارسل املهركان‬ ‫املشهورين بشجاعتهم ستة خيول هدية‬ ‫إىل حافظ باشا‪ ،‬لكنه رفضها وطلب قطيع‬ ‫من الغنم مع أبقاء اثنني من وجهائهم رهينة‬ ‫لديه حلني االستيالء على كافة املناطق‪ ،‬لكن‬ ‫أهالي سنجار رفضوا فبدأت املعارك وقتل‬ ‫أعداد هائلة من الطرفني‪ ،‬لكن العسكر احرقوا‬ ‫كافة الكهوف واملالجىء داخل اجلبل فمات‬ ‫من االيزديني أعداد هائلة‪ ،‬ثم سبى اجليش‬ ‫النساء واألطفال وباعهم يف بالد العجم‪،‬‬ ‫وتعترب تلك اعنف محلة قاسية ضد جبل‬ ‫سنجار‪.‬‬ ‫اراد حافظ باشا ان تكون محلته حتت غطاء‬ ‫الدين‪ ،‬وكان هناك ضابطني بريطانيني‬ ‫يف معسكرات العثمانيني وهما(الكولونيل‬ ‫كوتسايدي) والثاني(الكابنت كيمبل) وضابط‬ ‫من بروسيا يعمل كمفتش للجيش‪ ،‬كانت هذه‬ ‫احلملة عنيدة وضخمة‪ ،‬اذ مت احتالل القالع‬ ‫الكردية واحدة تلو االخرى‪ ،‬وقتل حوالي‬ ‫مخسة عشرة الف كردي‪ ،‬ويقول(ثؤذؤل)‬ ‫لقد رأيت بعيين‪ ،‬كنت قريباً من احلدث‬ ‫ضد العشائر واسر(‪ )4000‬كردي‪ ،‬صرخات‬

‫وبعد أسابيع قليلة تقدم‬ ‫جيش حافظ باشا على جبل‬ ‫سنجار من الغرب‪ ،‬بينما‬ ‫اكتسح اجلنود تلعفر من‬ ‫املوصل‪ ،‬ووصلوا اجلبال من‬ ‫جهة الشرق‪ ،‬غري متأكد من‬ ‫طبيعة املنطقة لكن مدفوعاً‬ ‫متشجعاً من حلم ترائى‬ ‫فيه ألحد مساعديه خملوق‬ ‫مساوي ينبؤه مبشراً بهزمية‬ ‫األيزيديني‬ ‫وعويل النساء واالطفال حترق الكبد‪ ،‬وبقى‬ ‫هؤالء ستة ايام يف األسر‪ ،‬وكان يعطى هلم‬ ‫القليل من اخلبز األسود فقط‪ ،‬ويشربون‬ ‫من اجملاري القذرة‪ ،‬يف اليوم الثالث مات‬ ‫عشرون طفال رضيعاً‪ ،‬وخالل ستة ايام مات‬ ‫الكثري منهم‪.‬‬ ‫ويذكر باسيل نيكيتني‪ :‬حدث ان وقع احد‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ان االيزديني سلموا كنوزهم‬ ‫املدفونة إىل حافظ باشا‪ ،‬لكن‬ ‫وفق مصدر أخر أنهم كشفوا‬ ‫له عن كهف واحد حيث‬ ‫احتفظوا ببعض النفائس‪،‬‬ ‫بينما مل يبوحوا له بسر املكان‬ ‫احلقيقي الذي حيوي على‬ ‫كنوزهم املخبأة‪ ،‬وبعد التفكري‬ ‫يف ترحيل رجال القبيلة إىل‬ ‫السهل مسح هلم حافظ باشا‬ ‫بالبقاء يف اجلبال‬ ‫بيكوات االكراد اسرياً اثناء محلة حافظ باشا‬ ‫عام ‪1837‬م ما كان من الباشا احلقود اال ان‬ ‫رماه يف قدر من الزيت املقلي‪ ،‬فلبث حمافظاً‬ ‫على رباطة جأشه حتى مات‪ ،‬النه رفض‬ ‫االدالء باي معلومات عن الثوار االكراد رغم‬ ‫العروض املغرية‪.‬‬ ‫ويؤكد امساعيل بك جول كان معهم(‪)18000‬‬

‫تاريخ‬

‫‪29‬‬

‫مثانية عشر الف جندي وجمند من النفري‬ ‫العام‪ ،‬يف البداية حضروا إىل اهلول والبحرية‬ ‫غرب جبل سنجار يف منطقة(اخلوانة) وكان‬ ‫قائد املشاة مصطفى قد توجه حنو اجلنوب‪،‬‬ ‫ومريزا باشا قائد اخليالة حنو الشمال‪ ،‬أما‬ ‫حافظ باشا فكان متنكراً بنفسه وتوجه حنو‬ ‫الصوالغ والنبه وطوق املكان‪ ،‬يف اليوم األول‬ ‫قتل من االيزدية يف قرية مهركان(‪)140‬‬ ‫شخص أما نساؤهم وأطفاهلم فأخذوهم إىل‬ ‫خيامهم والعجزة مت قتلهم مجيعاً من قبل‬ ‫اجلنود داخل القرية‪ ،‬وقتل من اجليش‬ ‫حوالي سبعمائة ومخسون جندي‪ ،‬أخذ‬ ‫اجلنود يبحثون عن االيزدية يف قرى وكهوف‬ ‫اجلبل وكلما رأوا مجاعة منهم قتلوهم‪،‬‬ ‫وبلغ جمموع القتلى من جيش حافظ باشا‬ ‫حنو الف‪ ،‬أما من االيزدية فنحو الفني ومت‬ ‫اسر ستة االف من النساء واألطفال وساروا‬ ‫بهم إىل املوصل ثم إىل بالد العجم ومت بيعهم‬ ‫مجيعا‪ ،‬وبقى من االيزدية يف هذه املنطقة‬ ‫القلة القليلة املختبئة يف الكهوف واملغارات‪،‬‬ ‫لكن اثنني من اغوات املهركان قد اختبؤا‬ ‫يف كهف عالي مل يصله اجلنود وهما علي‬ ‫هزو وعلي نافخوش‪ ،‬األول كان من الفرسان‬ ‫اجملربني‪ ،‬أرسل اليهما الباشا مبعوثاً وتعهد‬ ‫بعدم اذيتهم‪ ،‬وفعال حضرا وأطلق سراحهم‪.‬‬ ‫يذكر جوهانس‪ :‬قتلوا مجيع األطفال األبرياء‬ ‫بذحبهم من الرأس وقطع أذانهم واللذين‬ ‫فعلوا ذلك استلموا مكرمة من قائدهم من(‪50‬‬ ‫ـ ‪ )100‬كروش‪ ،‬هؤالء الصامتني املتأملني‬ ‫حيرقون االن قلوبنا‪.‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫وكتب القنصل االنكليزي يف املوصل مذكرة‬ ‫شكوى إىل سفارته يف استنبول حول الفضائع‬ ‫وعمليات القتل العشوائية اليت قام بها جنود‬ ‫حافظ باشا ضد أهالي سنجار‪ ،‬والعدد اهلائل‬ ‫من األسرى من النساء واألطفال وبيعهم‬ ‫مجيعاً يف بالد العجم‪ ،‬وقد أسرف يف قتل‬ ‫النساء والرجال واألطفال والشيوخ وأحرق‬ ‫الكثري منهم داخل الكهوف‪ ،‬كما هتك جنده‬ ‫أعراض النساء‪.‬‬ ‫يف ربيع(‪1836‬م) توجه جيش رشيد باشا من‬ ‫دياربكر باجتاه الشرق‪ ،‬وكان متتزودا باملدافع‬ ‫اجلديدة‪ ،‬وقصف بها جزيرة ابن عمر لعدة‬ ‫اشهر‪ ،‬وتركت كومة من اخلرائب وأبيد أو‬ ‫استبعد األهالي الذين كانوا غالبيتهم من‬ ‫األيزديني‪.‬‬ ‫يف نفس السنة ‪1836‬م قاد حممد رشيد باشا‬ ‫الصدر األعظم السابق والي سيواس وسائر‬ ‫عسكر الشرق من ديار بكر يصحبه اثنا عشر‬ ‫فوجاً من العساكر النظامية وجعل وجهته‬ ‫جبل سنجار‪ ،‬وبعد ان ضرب اليزيدية عرب‬ ‫دجلة من اسكي موصل ليتوجه حنو إمارة‬ ‫شيخان وعرب الزاب الكبري ودخل منطقة‬ ‫اربيل وخيم يف صحراء حرير‪.‬‬ ‫ـ محالت حافظ باشا‪...‬‬ ‫تركوا بغداد يف شباط عام ‪ 1837‬ووصلوا املوصل‬ ‫يف نهاية الشهر‪ ،‬كانت تلك رؤية رسام األوىل‬ ‫ملدينته منذ مغادرته هلا قبل عشرة أعوام‪ ،‬ومن‬ ‫املوصل توجه املنقبان مشاالً‪ ،‬وقضيا ليلتهما‬ ‫األوىل يف القرية األيزيدية( ُدلْ ْب) حيث الحظ‬ ‫أينسوورث أن األهالي كانوا غري راغبني يف‬ ‫استقبالنا‪ ،‬فاستمرا يف التقدم بعد مالحظتهما‬ ‫ما يشبه عيد سلحفاة الرب‪ ،‬ألنهم جتمعوا يف‬ ‫زمر قارعني أتراسهم بالبعض حمدثني ضجة‬ ‫كبرية‪.‬‬ ‫ويف ديار بكر ـ واليت وصالها يف بداية شهر‬ ‫نيسان ـ إلتقى أينسوورث ورسام حبافظ باشا‪،‬‬ ‫وعلما منه سبب عدم استقبال األيزيديني‬ ‫هلما حبرارة‪ ،‬الباشا الذي كان ال زال يشعر‬ ‫باللوعة واألمل على فقدانه لشحنة من األلبسة‬ ‫العسكرية تعرضت للنهب على أيدي لصوص‬ ‫سنجار‪ ،‬كان جيهز محلة ليقمع بها إىل األبد‬ ‫آخر أكثر مثريي الـمـتـاعب‪ ،‬والذين يشكلون‬ ‫مصدر تهديد على خط املواصالت الذي أنشئ‬ ‫حديثاً بني دياربكر واملوصل‪.‬‬ ‫وبعد أسابيع قليلة تقدم جيش حافظ باشا‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫يف صيف سنة ‪1834‬م‬ ‫حترك رشيد باشا جبيش‬ ‫قوامه(‪ )40‬الف عسكري‬ ‫رب‬ ‫ليزحف من صامصون وع َ‬ ‫سيواس ومالطية يف احملور‬ ‫الشرقي واجلنوبي مزود‬ ‫باحلديد والنار‪ ،‬عربت‬ ‫قواته األراضي الكردية‪،‬‬ ‫وأبدى عدد كبري من العشائر‬ ‫واحلكام الكورد مقاومة‬ ‫عنيفة للجيش الرتكي‪ ،‬بيد‬ ‫أن القوى مل تكن متكافئة‬

‫‪30‬‬

‫على جبل سنجار من الغرب‪ ،‬بينما اكتسح‬ ‫اجلنود تلعفر من املوصل‪ ،‬ووصلوا اجلبال من‬ ‫جهة الشرق‪ ،‬غري متأكد من طبيعة املنطقة‬ ‫لكن مدفوعاً متشجعاً من حلم ترائى فيه‬ ‫ألحد مساعديه خملوق مساوي ينبؤه مبشراً‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بهزمية األيزيديني‪ ،‬قام حافظ بضرب طوق‬ ‫من احلصار على اجلبل طالباً من األيزيديني‬ ‫االستسالم حتدت قبيلة واحدة وهي(مهركان)‬ ‫أوامر الباشا‪ ،‬وفتحت النار على عساكر الباشا‬ ‫بعد أن أرسلت النساء واالطفال والشيوخ إىل‬ ‫أماكن أمينة بالكهوف‪ .‬واستمرت املعارك ملدة‬ ‫ثالثة أشهر‪ ،‬حلقت خالهلا خسائر جسيمة‬ ‫بالطرفني مبا فيهم حافظ باشا نفسه الذي‬ ‫لدغته أم األربع واألربعني‪.‬‬ ‫وأخرياً أوشك عتاد األيزيديني على النفاد‬ ‫فاستسلم زعيمهم اللو دون أية شروط وحينما‬ ‫كانوا يظهرون من أماكن اختبائهم مت تعدادهم‬ ‫مبا ال يقل عن ‪ 516‬شخصاً خرجوا من كهف‬ ‫واحد‪ ،‬ومن بني الغنائم عثر على البزات‬ ‫العسكرية املنهوبة‪ ،‬وعشرين سرجاً كانت‬ ‫قد سلبت من سعاة احلكومة‪ ،‬وثالثني ألف‬ ‫رأس غنم‪ ،‬وعدد من النساء األسريات الالتي‬ ‫عدن على الباشا بثمن يتـراوح بني ‪5‬ر‪ 4‬و ‪30‬‬ ‫دوالراً يف سوق النخاسة مباردين‪.‬‬ ‫حوالي هذه الفتـرة وضع حافظ باشا نهاية ملا‬ ‫كان يتمتع به مريزا آغا الرضواني من حكم‬ ‫ذاتي يف شرق ديار بكر‪ ،‬ويف عهد رشيد باشا‬ ‫كان قد مت تنصيب حاكم عثماني على القصر‪،‬‬ ‫لكنه اختطف زوجة مريزا آغا فقتل انتقاماً من‬ ‫قبل األيزيديني‪ ،‬وأعفي عن مريزا آغا وأعيد‬ ‫له االعتباره كحاكم‪ ،‬لكنه بعد موت رشيد‬ ‫باشا أستدعي إىل مقر القائد العثماني اجلديد‬ ‫حيث تـم قتله‪ ،‬وعاش أبناؤه لسنوات طويلة‬

‫يف رضوان كمواطنني عاديني‪.‬‬ ‫ويف ‪ 1838‬جدد حافظ باشا محلته الخضاع‬ ‫الكرد املتمردين إىل احلكم العثماني ودفع‬ ‫الضرائب لدعم جيشه اجلديد‪ ،‬وأرسل له‬ ‫السلطان مستشارين مت إعادتهما من بروسيا‪:‬‬ ‫الكابنت البارون هلموت فون مولتكه من هيئة‬ ‫االركان العامة‪ ،‬والضابط املهندس الكابنت‬ ‫هاينرخ فون مولباخ الذي جلب مبعيته‬ ‫خُ َ‬ ‫مططه كوربورال أوفالهرتي‪.‬‬ ‫وأول واجبات مولتكه التكتيكية كان تقديم‬ ‫املساعدة ألحد قادة حافظ لسحق حامية‬ ‫كوردية قرب جبل جودي‪ ،‬وتضمنت القوة‬ ‫العثمانية قوة غري نظامية من الكرد حتت‬ ‫قيادة بدرخان بك أمري بوتان‪ ،‬ويف ليلة‬ ‫شديدة الربودة يف وقت مبكر من شهر مايس‬ ‫كان البارون مولتكه سعيداً مبشاركة األمري‬ ‫لغطائه الفرائي عندما غطوا يف النوم على‬ ‫نتوء جبلي حتت النجوم‪ ،‬ويف متوز قطعت‬ ‫عمليات حافظ العسكرية مشال شرق دياربكر‬ ‫بعد صدور أوامر سلطانية له بضرورة الرتكيز‬ ‫على مالطية واالستعداد للزحف جنوباً‪ .‬فقد‬ ‫كان حممود الثاني يعد العدة الستعادة األقاليم‬ ‫اليت خسرها لصاحل املصريني‪.‬‬ ‫وتتألف من كل‪ +‬من أينسوورث ورسام‬ ‫ومساح خبري يف التلسكوب املنصوب على‬ ‫ثالثة أقدام‪ ،‬والتجهيزات العلمية االخرى‬ ‫العائدة للبعثة‪ ،‬وكان اهلدف األساسي للبعثة‬ ‫إجراء كشوفات يف وسط وشرق األناضول‪،‬‬ ‫وشـمال العراق‪ ،‬وسنجار‪ ،‬وكذلك جلمع‬ ‫املعلومات حول حالة واحتياجات الكنيستني‬ ‫النسطورية واليعقوبية‪ .‬واضافت التعليمات‬ ‫مايلي‪:‬‬ ‫احلالة السياسية واملعنوية للقبائل الكردية‬ ‫احملمدية يف أحناء املنطقة‪ ،‬لغتهم‪ ،‬معتقداتهم‬ ‫اخلرافية‪ ،‬وخصوصياتهم األخرى أيضاً‬ ‫ينبغي أن ال تنجو من مالحظاتكم‪ ،‬وسيكون‬ ‫أمراً مرغوباً كتابة تقارير تتعلق باأليزيديني‪،‬‬ ‫أو عبدة النار‪ ،‬أو(‪ )......‬أو(عبدة ‪.)......‬‬ ‫ويف أيلول من العام ‪ 1838‬جتمعت البعثة‬ ‫اجلديدة يف استنبول بعد أن متكن رسام‬ ‫من قضاء الوقت يف مالطا يف زيارة لزوجته‪،‬‬ ‫وحسم بعض احلسابات مع البعثة‪ ،‬حيث‬ ‫كان صهره ثريسي بادجر الذي كان قد عاد‬ ‫من سوريا بعد أن تعلم العربية جيداً‪ ،‬يشغل‬ ‫مسؤولية مطبعة جممع البعثات الكنسية‪،‬‬ ‫ورافقت ماتيلدا رسام زوجها إىل استنبول‪،‬‬ ‫لكنها نصحت بالعدول عن قرارها يف االنضمام‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫إىل البعثة‪.‬‬ ‫توجه الرحالة إىل املناطق الداخلية لألناضول‪،‬‬ ‫ولكن تراكم الثلوج اضطرهم للبقاء يف أنقرة‬ ‫ألسابيع عدة‪ ،‬ووصلوا مالطيا يف نهاية شهر‬ ‫مايس عام ‪.1839‬‬ ‫وهنا كان أمامهم خياران بني اختاذ الطريق‬ ‫الذي يتوجه مباشرة حنو الشرق إىل املوصل‬ ‫اليت وطأتها أقدام باجيو وعساكره املغولية قبل‬ ‫ستة قرون خلت‪ ،‬أو االنعطاف حنو اجلنوب‬ ‫إىل بريجك حيث أقام حافظ باشا للتو مقر‬ ‫قيادته بعد مسرية صعبة ومتعبة عرب اجلبال‪،‬‬ ‫يرافقه مستشاروه التكنيكيون الربوسيون‪،‬‬ ‫واملاللي املتضلعني يف التعاليم اإلسالمية‪.‬‬ ‫وتذكراً لصداقة الباشا قبل سنتني‪ ،‬ورغبة يف‬ ‫زيارة موقع بورت ويليام وشم رائحة التاريخ‬ ‫وهو يصنع‪ ،‬كل هذه الـعـوامــل مــشـتـركة‬ ‫أقنعت أينسوورث بالتوجه حنو اجلنوب‪.‬‬ ‫يف يوم ‪ 21‬متوز عام ‪ 1839‬ـ وهو أطول يوم يف‬ ‫السنة ـ شو ِه َد الرحالة الثالثة وهم حيجبون‬ ‫عن األنظار كضيوف شرف يف معسكر حافظ‬ ‫باشا يف نيسيب على بعد عشرة أميال غرب‬ ‫الفرات‪.‬‬ ‫يقول أينسوورث فـي وصـف مركز‬ ‫خيمتهم اليت كانت قريبة من خيمة حافظ‬ ‫باشا‪((:‬كانت احلواشي ذات خطوط زخرفية‬ ‫منتظمة حمفورة باللون األمحر‪ ،‬وكانت‬ ‫األرضية مغطاة بالبُسط‪ ،‬ويف األمام صف‬ ‫مزدوج من الوسائد مكسوة باحلرير امللون‬ ‫باألصفر واألمحر‪ ،‬مطرزة عليها بعناية فائقة‬ ‫زهور ذهبية))‪.‬‬ ‫حاول الباشا ثنيهم عن فكرة مواصلة املسري‬ ‫إىل سنجار‪ ،‬حيث يثبت األيزيديون كونهم‬ ‫مثريي مشاكل‪ ،‬وحثهم للبقاء ومشاهدة جيشه‬ ‫الذي قوامه ‪ 34‬ألف رجل وهو خيوض غمار‬ ‫حرب حقيقية مع القوات املصرية املتمركزة‬ ‫مباشرة إىل اجلنوب‪ ،‬ويف نفس الليلة حترك‬ ‫حبذر اجليش املصري األقل عدداً واألحسن‬ ‫عدة والذي يقوده إبراهيم باشا مع رئيس‬ ‫أركانه الفرنسي ـ قائد نابليوني عتيد ـ حول‬ ‫جناح اجليش العثماني بُغية االستيالء على‬ ‫مؤخرة جيش حافظ املكشوفة وغري احملمية‪.‬‬ ‫وحبلول الصباح التالي ظهر بوضوح خطورة‬ ‫التهديد‪ ،‬كان حلافظ خياران‪ :‬إما مهامجة‬ ‫املصريني وهم يف حركة‪ ،‬أو التـراجع إىل‬ ‫اخللف لتعزيز مواقعه مبحاذاة الفرات‪ ،‬لكن‬ ‫الباشا بقي مكانه غري قائم بأي نشاط‪ ،‬غارقاً‬ ‫ومشدوهاً إىل دراسة التنبئات القدمية وتفسري‬

‫تاريخ‬

‫‪31‬‬

‫األحالم‪.‬‬ ‫لقد وصف أينسوورث املوقف املتوتر حتت‬ ‫خيمة حافظ يف ذلك املساء من ‪ 22‬متوز‪،‬‬ ‫عندما أصر كل من مولباخ ومولتكه مستخدمني‬ ‫رسام كمتـرجم‪ ،‬على االنسحاب قبل أن يتم‬ ‫انفصال اجليش عن قاعدته‪ ،‬تردد الباشا‪،‬‬ ‫ظهر فـي البداية على أنه يوافق على األجراء‪،‬‬ ‫لكن املاللي أقنعوه بالوقوف والقتال‪.‬‬ ‫يف اليوم التالي استعد اجليشان خلوض غمار‬ ‫املعركة‪.‬‬ ‫ارتفعت معنويات العثمانيني نتيجة وصول‬ ‫التعزيزات‪ ،‬بضمنهم ‪ 750‬رجالً من غري‬ ‫النظاميني حتت قيادة بدرخان بك ـ أمري‬ ‫بوتان ـ الذين أوكلت إليهم مهمة الصمود‬ ‫يف موقع أساسي على اجلناح والربوسيون ـ‬ ‫وحسب ما ميلي عليهم واجبهم ـ أشرفوا على‬ ‫توزيع جنود حافظ‪.‬‬ ‫استعد أينسوورث ورفاقه للرحيل‪.‬‬ ‫استغرقت معركة نيسيب ساعتني فقط يف‬ ‫‪ 24‬متوز عام ‪ ،1839‬اجلنود العثمانيون‪،‬‬ ‫وأغلبهم جمندون كورد‪ ،‬كانوا غـيـر مدربني‬ ‫على مواجهة نار املدفعية املستمرة‪ ،‬فانتشر‬ ‫اخلوف واهللع‪ ،‬وحتول اجلنود إىل لصوص‬ ‫ونهابني متوجهني حنو اجلبال رغم جهود‬ ‫حافظ والربوسيني لصد اهلجمة‪.‬‬ ‫انفصل أينسوورث واملساح عن رسام‪ ،‬وضاعت‬ ‫حقائبهم وجتهيزاتهم‪.‬‬ ‫املؤرخون املعاصرون لتلك الفتـرة يعتـرفون‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫حافظ باشا فكان متنكراً‬ ‫بنفسه وتوجه حنو الصوالغ‬ ‫والنبه وطوق املكان‪ ،‬يف‬ ‫اليوم األول قتل من االيزدية‬ ‫يف قرية مهركان(‪)140‬‬ ‫شخص أما نساؤهم وأطفاهلم‬ ‫فأخذوهم إىل خيامهم‬ ‫والعجزة مت قتلهم مجيعاً من‬ ‫قبل اجلنود داخل القرية‬ ‫بأن معركة نيسيب تعد حدثاً هاماً يف التاريخ‬ ‫العثماني‪ ،‬سار جمندو حافظ الكرد عرب‬ ‫األناضول حمتفظني بأسلحتهم وعتادهم حنو‬ ‫الشرق عائدين إىل بيوتهم‪ ،‬وعاد بدرخان بك‬ ‫الذي سحب قواته مبكراً من املعركة عاد‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪32‬‬

‫تاريخ‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫سنجار‪ ،‬وجرت يف هاتني احلملتني مذابح دموية قتل فيها على ما‬ ‫يؤكده اليارد حنو ما يناهز ثالثة ارباع سكان اجلبل‪ ،‬منهم قتلوا‬ ‫رمياً بالرصاص وبقنابل اجلند‪ ،‬ومنهم جلأوا إىل املغاور والكهوف‪،‬‬ ‫فحاصرهم اجلند وأضرموا النار فيها فماتوا حرقاً أو خنقاً بالدخان ثم‬ ‫سيق األوالد إىل املدن حيث عرضوا للبيع لتزيد امثانهم من ثروة الذين‬ ‫غمسوا أيدهم يف دم هؤالء املساكني‪ ،‬فأضطر االيزدية ان يهاجروا‬ ‫قراهم ويشكلوا عصابات للدفاع عن حياتهم‪ ،‬اهم القرى املذكورة لسنة‬ ‫‪1894‬م يف سنجار‪.‬‬ ‫ـ محلة حييى باشا اجلليلي على سنجار سنة ‪1833‬م ‪...‬‬ ‫سيطر حييى باشا على املوصل بعد االنتفاضة اليت قام بها ضد الوالي‬ ‫العثماني يف بغداد علي رضا باشا الالز‪ ،‬وذلك بسبب دعم شيخ‬ ‫عشائر مشر له وللمدينة‪ .‬وقد أعلن حييى باشا اجلليلي بعد استيالءه‬ ‫على املوصل مبساعدة أهاليها‪ ،‬أنه(عاد اىل املوصل وسوف حيكمها‬ ‫بأمر من دولة إبراهيم باشا ال بأمر من الدولة العثمانية) لكن الوالي‬ ‫العثماني متكن من االطاحة حبكم حييى باشا اجلليلي واعادة املوصل‬ ‫اىل احلكم املباشر سنة ‪ ،1834‬ومل متض سوى بضع سنوات حتى‬ ‫شهدت املوصل انتفاضة عربية عارمة سنة ‪ .1839‬وقد مشلت الثورة‬ ‫أحناء املوصل كافة‪ ،‬شارك فيها عدد من علماء الدين واالعيان وكان‬ ‫قادة االنتفاضة على صلة بأحد ضباط اجليش املصري يف بالد الشام‬ ‫واتضح ذلك من خالل رسالة مؤرخة يف ‪ 12‬آب ‪ 1839‬جاء فيها أن‬ ‫والي بغداد علي رضا باشا أمخد الثورة وقتل من أعيان املوصل(إثنان‬ ‫أدراجه إىل إمارته بوتان وهو يعيد النظر يف والئه للسلطان‪.‬‬ ‫وسي من العلماء سبعة اىل نواحي البصرة من دون‬ ‫مت تغيري أشخاص ومناصب أخرى نتيجة معركة نيسيب‪ ،‬قدم حافظ وسبعون شخصاً رّ‬ ‫ذنب سوى أنهم كاتبوا أفندينا أبراهيم باشا) وقد قاد حييى باشا يف‬ ‫ً‬ ‫باشا إىل احملكمة العسكرية‪ ،‬وفصل من واجبه‪ ،‬وعني واليا على متوز سنة ‪ 1833‬مبساعدة عشائر مشر اجلربا محلة ضد االيزدية يف‬ ‫أرضروم‪.‬‬ ‫سنجار وقتل العديد منهم‪.‬‬ ‫(سنة ‪1835‬م)‪ :‬توجه هذا الوالي من استنبول حتت لوائه سبعة‬ ‫باشاوات جبيوشهم الكبرية صوب االيزديني يف منطقيت سنجار‬ ‫والشيخان‪ .‬جاءت احلملة بعد الطاعون الذي فتك‬ ‫بااليزدينيالفقراءومل سنة ‪1844‬م جهز بدرخان بك أمري جزيرة‬ ‫يبقى منهم بسبب الطاعون إال عدد قليل جدا‪ ،‬كان االيزديون‬ ‫الذين جنوا من الطاعون واحلمالت السابقة قد احتموا‬ ‫بالكهوف بوتان قوة كبرية على قرى االيزدية يف(طور‬ ‫فحاصرهم اجلند وأبادهم قتال بالرصاص والقنابل الدخانية اخلانقة‪،‬‬ ‫فاضطرا الناجون ان يهجروا قراهم ومساكنهم ومل يبق من‬ ‫االيزديني العابدين) وطلب منهم اعتناق االسالم‪،‬‬ ‫يف سنجار إال بضع عشرات من البشر‪ ،‬واجتمع مجيعهم يف اوسفان‬ ‫بعد الفرمان وبرز على وجوههم اهلالك واجلوع‪ ،‬ال حول وال قوة‬ ‫هلم لكنهم رفضوا‪ ،‬فقتّل فيهم‪ ،‬وبعد ما أدركوا‬ ‫إال باهلل وحسب قول هوراتيد ساوثكيت يف قصة رحلة عرب أرمينيا‬ ‫كوردستان‪:‬‬ ‫املوت احملتوم اسلمت(‪ )7‬من القرى‬ ‫ان االيزديني سلموا كنوزهم املدفونة إىل حافظ باشا‪ ،‬لكن وفق مصدر‬ ‫أخر أنهم كشفوا له عن كهف واحد حيث احتفظوا ببعض‬ ‫النفائس‪ ،‬والبقية رفضوا وحاربوا ودارت معارك‬ ‫بينما مل يبوحوا له بسر املكان احلقيقي الذي حيوي على كنوزهم‬ ‫املخبأة‪ ،‬وبعد التفكري يف ترحيل رجال القبيلة إىل السهل مسح هلم كبرية‪ ،‬وعندما رجع بدرخان بك‪ ،‬عادت‬ ‫حافظ باشا بالبقاء يف اجلبال‪ ،‬وأجاز هلم االحتفاظ بديانتهم وعاداتهم‬ ‫وقوانينهم‪ ،‬لكنهم أدرجوا ضمن قوائم الذين جيب عليهم دفع الضريبة القرى اليت استسلمت إىل ديانتها ولعنوا‬ ‫إىل اإلمرباطورية‪ ،‬ووضعت حامية عسكرية على الطريق الرئيسي عند‬ ‫نصيبني‪.‬‬ ‫األمري بدرخان بك‬ ‫يف تلك السنة(‪1260‬هـ ‪1844‬م) قا َد حافظ باشا محلة عسكرية على‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فكرة‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫التطور الطبيعي لعالم الفكر‬

‫ودولتِها‪ ،‬بل وقب َل ِّ‬ ‫مقومات‬ ‫كل شيء‪ ،‬حتدي ُد‬ ‫ِ‬ ‫تأسي ِسها املثلى‪.‬‬ ‫اعداد فارس حربو‬ ‫وإذا ما تعرفنا عن قرب إىل هؤالء الفالسفة‬ ‫إذن‪ ،‬وبينما تَ ُكو ُن الفلسف ُة انطالق ًة يف الفكر‪ ،‬الذين خلفوا أثاراً وتركوا مدارس بامسهم‬ ‫شكل آخ ُر ِمن أمنا ِط يف تلك املرحلة‪ ،‬حينها سنفهم ماذا تعين‬ ‫اجلانب اآلخر ٌ‬ ‫فهي من‬ ‫ِ‬ ‫املغرتب عن البيئة‪ .‬والصوفيون الذين املرحلة الروحية والذهنية اجلديدة لإلنسانية‪.‬‬ ‫الفكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حلكم واملعارف الفلسفي ِة‬ ‫نشر ا‬ ‫على‬ ‫لون‬ ‫يَع َم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بتَنَ ّوري ِتلك املرحلة(مثقفو أوروبا يف أوالً ـ زرادشت والزرادشتية‬ ‫أ ْشبَ ُه مِ ُ ِ‬ ‫الثامن عشر)‪ .‬حيث يُد َِّرسون أوال َد‬ ‫القرن‬ ‫ِ‬ ‫قاضونَه من مهما مت تقييم زرادشت على أنه نيب‪ ،‬فإن‬ ‫العوائل امليسورةِ مقاب َل ما يَتَ َ‬ ‫ِ‬ ‫مال‪ .‬ويُؤَ ِّس ُس الفالسف ُة مدار َسهم‪ ،‬متاماً مواقفه تدل على أنه أقرب ألن يكون فيلسوفاً‪،‬‬ ‫مثلما اخرت َع الرهبا ُن الدينَ‪ ،‬ومثلما َش َّكلوا ويعتقد بأنه عاش بني القرن العاشر والسادس‬ ‫األناس التابعني للمعبد‪ .‬إنهم يَبنُون ما يُشبِ ُه قبل امليالد‪ .‬واملقبول أنه عاش يف مشال غرب‬ ‫َ‬ ‫املدارس إيران الذي كان يشهد ثورة زراعية قوية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫من‬ ‫م‬ ‫زخ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫(اجملالس)‪.‬‬ ‫الكنائس‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫األديان التعددية‪ .‬وكان مرتبطاً باالقتصاد الزراعي لدرجة‬ ‫غرار ما يف‬ ‫ِ‬ ‫الفلسفي ِة على ِ‬ ‫ين أو العشق‪ .‬مبعنى أنه استطاع أن يؤسس عالقة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫كل مدرس ٍة منها ك ِد ٍ‬ ‫ميكننا النظ ُر إىل ِ‬ ‫مستقل بذاته‪ .‬ونظراً أل ّن األديا َن من ٌط بني شخصيته ووجوده وبني املؤثرات اليت‬ ‫ٍّ‬ ‫مذهب‬ ‫ٍ‬ ‫فكري يف نهاي ِة مطافها‪ ،‬فيُم ِك ُن اعتبارها ولّدتها الثقافة النيوليثية‪ .‬وقد اختذ اجلهد‬ ‫ٌّ‬ ‫فلسف ًة تقليدي ًة متمأسس ًة وواضح َة املعامل واإلنتاج والكسب احلالل أساساً لفلسفته‪،‬‬ ‫العقائدية‪ .‬أي‪ ،‬من املهم عدمَ النظر إىلِ ويضفي القدسية على اخلضرة وجيعل من‬ ‫الفوارق بينهما على أنها تَ َضادّ‪ .‬فبينما ِيَ ُكو ُن محاية احليوانات مبدءاً له‪ ،‬ومينع تقدميها‬ ‫ِ‬ ‫واملوجه باألغلب‪ ،‬على كقرابني واكتفى باالستفادة من ق ّوتها يف‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫للشعب‬ ‫ا‬ ‫وت‬ ‫ق‬ ‫الدي ُن‬ ‫املرؤوس َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والشبان املنتمني الزراعة واالستفادة من حليبها ودهونها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تَ ُكو ُن الفلسفة غذاءَ املتنورين‬ ‫ِ‬ ‫للطبقات املتقدمة‪ .‬من هنا‪ ،‬فأفالطون وأرسطو أما أساس زرادشت كفيلسوف فإنه يعتمد على‬ ‫مسئوليات ومها ّم أَقْرَ َب إىل األخالق العليا وعلى الصراع الدائم بني الظلمة‬ ‫يَتَ َطلَّعان لِتَ َح ُّم ِل‬ ‫ٍ‬ ‫تأسيس مدين ِة والنور وبني الصاحل والطاحل‪ ،‬أي أنه يعتمد‬ ‫أ ْن تَ ُكو َن سعياً للنجاح يف‬ ‫ِ‬ ‫الرهبان واحلفا ِظ عليها وإنقا ِذها‪ ،‬ولكنْ‪ ،‬على مبدأ وحدة وصراع األضداد الديالكتيكي‪.‬‬ ‫مبنظور فلسفي‪ .‬أي أ ّن العم َل األساس َّي وهو أول من اعرتف حبرية اإلرادة اإلنسانية‪.‬‬ ‫الذي ٍيَن َك ُّب عليه الفالسف ُة هو كيفي ُة حتدي ِد وهذا يعين أن اإلنسان أصبح حسب هذا‬ ‫والصو ُن األمث ُل جملتمع املدينة املعتقد صاحب طاقة خالقة كانت حتى ذلك‬ ‫اإلدارةِ املثلى‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬

‫الوقت إحدى الصفات اخلاصة لإلله‪ .‬إن‬ ‫عميلة اإلبداع الفردي اليت تعد جوهر الفكر‬ ‫الغربي هي إحدى اجلوانب الفلسفية اهلامة‬ ‫لزرادشت‪ .‬وإن اعتماد اإلرادة احلرة أساساً‬ ‫تعين بداية الفلسفة ورفض مفهوم العبد‪ .‬وتعد‬ ‫تعاليمه يف هذا اإلطار نقطة العبور بني الفلسفة‬ ‫والدين‪ ،‬متثل الطريق الفاصل بني الفلسفة‬ ‫والدين‪ .‬وتعد هذه امليزة تطوراً كبرياً‪.‬‬ ‫ثانياً ـ البوذية‬ ‫ال يوجد للرب مكان يف فلسفته‪ ،‬فانه ال يتخذ‬ ‫من الطبيعة أساساً‪ ،‬وال يهتم كثرياً باخلالق‬ ‫واملخلوق‪ ،‬فالقضية األساسية اليت يبحث عن‬ ‫حل هلا‪ ،‬هي الواقع املؤمل للعامل وخصائص‬ ‫احلياة املؤملة للمجتمع‪ .‬تعد هذه التعاليم اليت‬ ‫استمرت حتى يومنا هذا حتت اسم البوذية‬ ‫باعتبارها فلسفة احلياة جملتمعات هامة يف‬ ‫جنوب شرقي آسيا‪ ،‬فلسفة أخالقية من زاوية‬ ‫خصائصها االجتماعية األساسية‪ ،‬واصالح‬ ‫أخالقي‪.‬‬ ‫ومثلما تأثر بتقاليد زرادشت‪ ،‬فانه أثر كال‬ ‫اجلانبني الشرق والغرب‪ .‬وهناك روابط وثيقة‬ ‫بني البوذية والتصوف‪ .‬ووضع أنظمة مثل‬ ‫الزهد واالنزواء واالنقطاع عن الغرائز‪ ،‬وذلك‬ ‫إلدراك أنانية الطبقة احلاكمة املستغلة واحلد‬ ‫منها‪ ،‬مثلما قامت هذه التجارب احلياتية‬ ‫برتبية النفس‪ ،‬كذلك مهدت بأنظمة اإلهلام‬ ‫مثل نظرة العارفني والعودة إىل الوجدان الذي‬ ‫أعماه الثراء والنظرة الواقعية لتوازن الطبيعة‪،‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫دين يف الكونفوشوسية‪ ،‬بل‬ ‫هناك قضية اجملتمع والنظام‬ ‫السياسي فقط‪ ،‬وكيفية إعادة‬ ‫بناء النظام االجتماعي‬ ‫والسياسي الذي أصابه‬ ‫العطب؟‪ .‬واجلانب الذي مت‬ ‫الرتكيز عليه هو االنشغال‬ ‫باألفراد أكثر من االنشغال‬ ‫بتأسيس العالقات من جديد‬ ‫بني املؤسسات املختلفة‬

‫‪34‬‬

‫فكرة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫السبيل أمام التعليم وخلقت راحة الضمري‪.‬‬

‫بعض فالسفة الطبيعة‪:‬‬

‫كونفوشيوس‬

‫إسهامات«تالس امليليت» الذي يعترب‬ ‫الفيلسوف األول يف تاريخ الفلسفة؛ إذ قام‬ ‫بتفسري الطبيعة اعتماداً على عالقاتها الذاتية‬ ‫اجلوهرية دون أن يضم اهلل اىل العمل‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من أننا سنجد أنه مل يقدم أي شيء مبقاييس‬ ‫أيامنا هذه حني يقول‪»:‬خلق الكون من املاء»‪،‬‬ ‫ولكن عندما نأخذ قوله هذا يف تلك األيام دون‬ ‫أن يضع فكره حتت ظل اهلل وأن يقوله بكل‬ ‫حرية‪ ،‬فإننا سنرى أنه ميتاز بقيمة ثورية يف‬ ‫تاريخ الفكر اإلنساني‪.‬‬ ‫يبني هريوقليطس من دون أن يتحدث عن‬ ‫اإلله بأن أساس الطبيعة يقول عبارة عن‬ ‫حركة ذاتية‪ .‬ويقول بأن الطـبيعة تـتحرك‬ ‫بـواسطة نـظام قـوانينها الـداخلية الـذاتية‬ ‫أو ما ميكن أن نقيمها كقانون«‪»LOGOS‬هلا‪،‬‬ ‫وتتغري بشكل مستمر دون حاجتها ألي مؤشر‬ ‫إهلي خارجي؛ حيث يضع هذه الصيغة يف‬ ‫املقولة التالية«ال ميكن أن تستحم يف مياه نهر‬ ‫جاري مرتني»‪ .‬وبذلك وألول مرة يضع وبكل‬ ‫وضوح أساساً ألسلوب التفكري الذي يأخذ‬ ‫املادة أساسا له‪ ،‬ويعد أسلوب التفكري هذا‬ ‫مصدراً رئيساً لنظرة املادية يف تاريخ الفلسفة‬ ‫ولنظرة املادية التارخيية اليت سيتم تطويرها‬

‫كانت هذه التعاليم أشبه ما تكون بتجديد‬ ‫أكثر من كونها إصالحية‪ ،‬فليس هناك دين‬ ‫يف الكونفوشوسية‪ ،‬بل هناك قضية اجملتمع‬ ‫والنظام السياسي فقط‪ ،‬وكيفية إعادة بناء‬ ‫النظام االجتماعي والسياسي الذي أصابه‬ ‫العطب؟‪ .‬واجلانب الذي مت الرتكيز عليه‬ ‫هو االنشغال باألفراد أكثر من االنشغال‬ ‫بتأسيس العالقات من جديد بني املؤسسات‬ ‫املختلفة‪ ،‬يعين أن املسألة األخالقية هي‬ ‫املسألة األساسية يف الكونفوشيوسية‪ .‬وكان‬ ‫العمل جيري على ترسيخ النضال عن طريق‬ ‫التشييد بالنضال األخالقي‪ ،‬وقد قدمت‬ ‫توضيحات مفصلة تناولت أدق النقاط املتعلقة‬ ‫مبا جيب أن تكون عليه قواعد احلياة بني‬ ‫األفراد‪ ،‬وما زالت هذه الذهنية متارس‬ ‫تأثريها على اجملتمع الصيين‪ ،‬وتقف خلف‬ ‫الطابع واالجتهاد الصيين‪ ،‬وان تعاليمها‬ ‫ذات طبيعة صوفية وال ميكن إنكار دورها يف‬ ‫الطرائق الصوفية ودوره يف سري التطور العام‬ ‫للحضارة‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فيما بعد‪.‬‬ ‫يضع فيثاغورث أسس الفلسفة املثالية‪ ،‬وهو‬ ‫أيضاً كتالس يتلقى تعليمه يف مدارس الكهنة‬ ‫يف مصر وبابل لفرتة طويلة من شبابه«‪،»25‬‬ ‫حيث جتول وشاهد ديار احلضارة‪ ،‬إن أهمية‬ ‫هذا الفيلسوف الذي عاش يف القرنني السادس‬ ‫اخلامس قبل امليالد كونه طبق الرياضيات‬ ‫على عالقات الطبيعة‪ ،‬كما أضفى القدسية‬ ‫على األرقام‪ ،‬ويؤمن بأنه يستطيع تفسري‬ ‫كل شيء باالعتماد على خصائص األرقام‬ ‫وأدعى بأنه يستطيع أن يسمع لغة االنسجام‬ ‫املوجودة يف الكون بواسطة املوسيقى ودافع‬ ‫عن نظام«‪ .»ARMONIA‬وأفرتض بوجود‬ ‫األسس الروحية يف أساس كل شيء‪ ،‬وكان‬ ‫يرى أن حقيقة املادة واجلسد تلعبان دور‬ ‫القفص فقط‪ ،‬لقد مارس فيثاغورث تعاليمه‬ ‫بطريقة صوفية‪ ،‬ويأخذ التعليم املكثف‬ ‫أساساً‪ ،‬وأعد النظام الفلسفي ملرحلة ما قبل‬ ‫أفالطون يف اجملتمع الطبقي الذي كان يولد‬ ‫يف اإلغريق وجنوب إيطاليا‪.‬‬ ‫هذا ويكتسب الفيلسوف بارمنيديس أهمية‬ ‫كربى الفرتاضه بأنه يكمن يف أساس كل‬ ‫شيء املنطق والفهم وموهبة الدماغ‪ .‬فقد كان‬ ‫يثق بأنه ميكن الوصول للحقيقة باالستعالم‬ ‫بالدماغ واملخ لذا فإنه كان يرى بأن املعلومة‬

‫فكرة‬

‫‪35‬‬

‫القادمة عن طريق األحاسيس والعواطف تكون‬ ‫خمادعة وال ميكن الوثوق بها‪ .‬باألساس إن‬ ‫أهمية بارمنيدس تأتي من إيالئه األهمية‬ ‫للعقل ومن اهتمامه الكبري بعقل اإلنسان‬ ‫املتيقظ وتثمينه الكبري للمخ‪ .‬فرمبا كان‬ ‫متطرفاً‪ ،‬وابتعاده عن املصادر االستعالمية‬ ‫امللموسة‪ ،‬فتح باباً أمام اخلطأ يف األسلوب‬ ‫حبيث استمر آلالف السنني‪ .‬إال أنه ميكن‬ ‫القول بأنه لوضعه وإظهاره ألهمية الفكر‬ ‫املنطقي لعب دوراً كونياً‪.‬‬ ‫سقراط‬ ‫السؤال الذي أراد سقراط أن يقدم اإلجابة‬ ‫عليه أساساً هو‪ :‬هناك الكمال يف كل شيء‬ ‫وخاصة يف كل عمل«مقاييس الكمال وقوانينه‬ ‫وتقاليده»‪ ،‬وإذا أردنا التوسع ‪ ،‬إن أول شيء‬ ‫جيب القيام به من أجل التحدث عن موضوع‬ ‫أو عن عمل ما‪ ،‬هو معرفة أسس هذا العمل‬ ‫أو هذا املوضوع‪ .‬وهنا تظهر أمامنا كلمة السر‬ ‫الشهرية املتمثلة مببدأ«أعرف نفسك» وجيب‬ ‫على الذين ليس لديهم معلومات كافية عن‬ ‫املوضوع أو العمل‪ ،‬بل وأكثر من ذلك إن‬ ‫الذين ال ميلكون معلومات على درجة من‬ ‫الكمال جيب أال يتكلموا‪ ،‬وأن ال يتدخلوا‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫وهنا تظهر أمامنا كلمة‬ ‫السر الشهرية املتمثلة‬ ‫مببدأ(أعرف نفسك) وجيب‬ ‫على الذين ليس لديهم‬ ‫معلومات كافية عن املوضوع‬ ‫أو العمل‪ ،‬بل وأكثر من ذلك‬ ‫إن الذين ال ميلكون معلومات‬ ‫على درجة من الكمال جيب‬ ‫أال يتكلموا‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪36‬‬

‫بهذا العمل‪ ،‬الن اجلهل هو مصدر الفوضى‬ ‫واخلطأ وهو بالتالي مصدر كل الشرور‪،‬‬ ‫وجيب على الذي يريد فتح طريق اخلري‪،‬‬ ‫وأن يكتسب املعرفة اخلاصة به‪.‬‬ ‫وتوجد هلذه املعرفة معايري عامة‪ ،‬إذ ال‬ ‫ميكن أن يكون لكل شخص معايري خاصة‬ ‫به‪ ،‬فلكل مهنة ولكل مؤسسة معايري وقوانني‬ ‫خاصة بها‪ ،‬وهذه املعايري والقوانني سارية‬ ‫املفعول أيضاً من أجل فروع هذه املهن‬ ‫واملؤسسات واليت ذات مستويات‪ .‬ومبعنى‬ ‫آخر جنده ينادي بالعمل على أساس املبدأ‬ ‫القائل«املمارسة السليمة‪ ،‬تعتمد على النظرية‬ ‫السليمة»‪ ،‬وإذا دققنا قليالً‪ ،‬سندرك أن هذا‬ ‫املوقف هو املوقف ذاته الذي كان يبحث عنه‬ ‫كل من بوذا و كونفوشيوس وزرادشت‪.‬‬ ‫النتيجة‬

‫فكرة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الطموحات املخفي ِة يف ع يَ‬ ‫َين فتاةٍ يافع ٍة جافل ٍة‬ ‫مرتعدةٍ كغزا ٍل خائف‪ .‬بل إنها ـ وبطبيع ِة‬ ‫احلال ـ تعم ُل أساساً‬ ‫بالعلم الذي يسعى‬ ‫ِ‬ ‫إجناب‬ ‫اجلهل الفظيع يف‬ ‫لتحليل دوافع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مفهوم اجلنسوية األخطر من‬ ‫ة‬ ‫حصيل‬ ‫األطفال‬ ‫ِ‬ ‫اإلبادة اجلماعية‪ ،‬وأسبابِ ِه الكامنة يف اإلنسان‬ ‫وحتليل كاف ِة‬ ‫والنُّ ُظ ِم السلطوية املهيمنة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫حلقات التطور الطبيعي للحياة يف ذاتها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫على الفلسفة‪ ،‬كعلم اجتماع‪ ،‬أن تلعب دوراً‬ ‫يف راهننا يطابق ما كانت عليه يف ميالدها‪.‬‬ ‫وتُ َعد العودة إىل الفلسفة‪ ،‬مقابل العلم املتسلط‪،‬‬ ‫املبدأ األولي لظهور اجملتمع احلر‪ .‬وقد تبني‬ ‫من خالل أعداد ال حصر هلا من األمثلة‪،‬‬ ‫عرب التاريخ ويف حاضرنا؛ أن الدميقراطية‬ ‫غري املرتكزة إىل الفلسفة‪ ،‬ستعاني االحنطاط‬ ‫والرتدي بكل سهولة‪ ،‬وستغدو اآللة الدنيئة‬ ‫على اإلطالق يف يد الدمياغوجيني‪ ،‬لكي‬ ‫يُديروا الشعوب بها‪ .‬والسبيل الوحيد لعرقلة‬ ‫ذلك‪ ،‬هو تسيري الكفاح الذي تتوحد فيه‬ ‫السياسة والتقاليد واألعراف‪ ،‬لتشكل كالً‬ ‫متكامالً ال ينفصم‪ ،‬حبيث يش ِّكل العلم‬ ‫جانباً منه‪ ،‬لتكون اإلثنية جانبه اآلخر‪.‬‬ ‫وبروح املسؤولية العليا هذه‪ ،‬سنبدأ مسرية‬ ‫احلياة األكثر حرية‪ ،‬واملعتمدة على املساواة‪،‬‬ ‫وسنخلق عاملها من أحشاء أزمة النظام القائم‪.‬‬

‫حماوالت‬ ‫إ ْن مل حَتص ْل معرف ُة الذات‪ ،‬فأي ُة‬ ‫ٍ‬ ‫أو جهو ٍد علمي ٍة مبذول ٍة لن تنجوَ من االنتهاءِ‬ ‫باألديان والفلسفات الدوغمائية ِ‬ ‫األفدح خطراً‪.‬‬ ‫ففلسفتنا تَعي احلياةَ وتدركها ٍّ‬ ‫ككل متكامل‪،‬‬ ‫بدءاً من الشعور واإلحساس مبعاني نظرةٍ من‬ ‫حتليل املعاني يف‬ ‫عني حصان‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تغريدةِ عصفور‪ .‬وهي فلسف ٌة مفعم ٌة باملعاني‬ ‫التقدير واالحرتام الكبري‬ ‫الثمينة‪ ،‬بدءاً من‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫حكيم عجوز‪ ،‬وصوال إىل الر ِّد على منبع‪ :‬حتليالت عبد اهلل أوجاالن‬ ‫جتاه‬ ‫ٍ‬

‫أساس زرادشت كفيلسوف‬ ‫فإنه يعتمد على األخالق‬ ‫العليا وعلى الصراع الدائم‬ ‫بني الظلمة والنور وبني‬ ‫الصاحل والطاحل‪ ،‬أي أنه‬ ‫يعتمد على مبدأ وحدة‬ ‫وصراع األضداد الديالكتيكي‪.‬‬ ‫وهو أول من اعرتف حبرية‬ ‫اإلرادة اإلنسانية‪ .‬وهذا‬ ‫يعين أن اإلنسان أصبح‬ ‫حسب هذا املعتقد صاحب‬ ‫طاقة خالقة كانت حتى‬ ‫ذلك الوقت إحدى الصفات‬ ‫اخلاصة لإلله‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ثقافة‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫شخصية كرجال وعالقته بالحكيم فيرس‬

‫خيري شنكالي‬

‫يقع مزار كرجال على اجلبل املطل على‬ ‫شاريا وحوله جمموعة من اخلرائب األثرية‬ ‫اليت تعود لعهده أو ماقبله حيث املبين‬ ‫بأحجار كبرية‪ ،‬إضافة إىل وجود ينبوع ماء‬ ‫قريباً عنه‪ .‬مزار كرجال مبثابة منزل يسندها‬ ‫ثالث مساند من الكونكريت وعليها صور‬ ‫األفاعي السوداء واليت تعرب عن احلكمة‬ ‫والدهاء واألستفادة من مسه يف الكثري من‬ ‫األدوية وبنسب متفاوتة‪ ،‬قربه داخل املزار‬ ‫كما حييطه سور من الصخور‪ ،‬سنوياً يزوره‬ ‫اآلالف من الزوار مبناسبة طوافه املعتاد يف‬ ‫موسم الربيع من كل عام ويشاركون مراسيمه‪.‬‬ ‫املواقع األثرية عديدة كالآلثار املوجودة‬ ‫حول املزار وآثار لقلعة قدمية تسمى قلعة‬ ‫حين رمبا امرأة‪ ،‬وآثار قلعة بدري واليت‬ ‫هي أيضاً إمرأة و تقع يف الغرب من كرجال‬ ‫مبسافة عدة كيلومرتات‪ ،‬يطلق البعض من‬ ‫األهالي(شريكرجال) أي يلقبوه بأألسد‪.‬‬ ‫كرجال هذه الشخصية الغامضة القادمة من‬ ‫الشرق(بالد فارس) دخل كوردستان العراق‬

‫عن طريق جبال سورين وحلبجة كمحطته‬ ‫األوىل واستقر يف إحدى مرتفعاته املسمى‬ ‫بأمسه(كوري زار‪ ،‬الزاء حيمل ثالث نقاط‬ ‫= ‪ )KURI JAR‬ويعين الولد املسكني‬ ‫باللغة الكردية وهناك عني ماء قريب عن‬ ‫موقعه املسماة بأمسه وهذا يدل على أنه‬ ‫ُّ‬ ‫إيزيدي الديانة وكان‬ ‫من بالد فارس ولكنه‬ ‫يتكلم الكردية كونه عاش يف املناطق الكردية‬ ‫وحيتمل أن يكون من اإليزديني الشكاك‪.‬‬ ‫قضي فرتة من حياته هناك وعمل يف الطب‬ ‫واحلكمة واختبار النباتات الطبية واقتنائها‪،‬‬ ‫لشفاء املرضى واملصابني باألمراض املزمنة‪.‬‬ ‫انتقل فيما بعد اىل جبل متني واستقر يف إحدى‬ ‫القمم املطلة على منطقة شيالدزي وعلى مرتفع‬ ‫فيه عني ماء مسي هناك ب(‪)KORI JAR‬‬ ‫حيث جتمع حوله اإليزديني القائديني الذين‬ ‫كانوا يسكنون سيناء والعشائر األخرى‪ .‬كان‬ ‫شاباً مسكيناً ويف نفس الوقت درويشاً ناسكاً‬ ‫خياف اهلل وهادئاً وهلذا لقب بال(‪ )JAR‬أي‬ ‫املسكني‪.‬‬ ‫وصف بطول قامته وحنافة جسمه‪ ،‬حيث‬ ‫كان ذو شوارب سوداء بدون حلية‪ ،‬وكان‬ ‫يرتدي الثياب الدينية املتواضعة القصرية‬ ‫ذات شالحيات(وجك‪ ،‬له وه ندى) طويلة‬ ‫وصدرية ذات اللون الربتقالي وسروال أخف‬

‫لوناً من الصدرية‪.‬‬ ‫استقر أخرياً يف اجلبل املطل على قرية‬ ‫شيخدري احلالية ومبسافة حوالي ‪ 7‬كلم‬ ‫مشال شرق جممع شاريا وأصبح مساعداً‬ ‫ل(لقمان احلكيم) أو ما يسمى لدى اجملتمع‬ ‫اإليزدي ب(حكي فريس‪ ،‬حكيم فريس)‬ ‫عمل معه يف الطب سبع سنوات وجعل نفسه‬ ‫أصماً وأبكماً‪ ،‬يعتقد وجود صلة مواطنة بني‬ ‫الشخصيتني؛ ذكرنا موطن كرجال ومن أين‬ ‫أتى أ ّما حكيم فريس أعتقد بأن الكلمتني(حكيم‬ ‫أي الطبيب وفريس كنيته فارس‪ ،‬أي احلكيم‬ ‫الفارسي وعلى هذا أألساس ألتحق كرجال‬ ‫حبكيم فريس ومنذ تلك الفرتة تنافس كرجال‬ ‫سيده يف املهنة‪.‬‬ ‫يف إحدى أاليام دخل قرادا(‪ )TAMBO‬يف‬ ‫أ ُذن أحد األشخاص ووصل إىل الغشاء القريب‬ ‫عن الدماغ وأحتار لقمان احلكيم يف معاجلته‬ ‫فنطق كرجال وقال أستخدم النار يف إخراج‬ ‫الدعبة فقرب سلكاً ساخناً على فوهة أذن‬ ‫املصاب وتأثرت احلشرة حيث أضطرت‬ ‫يف فك أرجلها من الطبلة الداخلية لألذن‬ ‫وخرجت منها ميتة وجنا الرجل من املرض‪.‬‬ ‫لكن بسبب اخلالف يف املهنة ترك حكيم‬ ‫فريس املنطقة وتوجه حنو منطقة ختاري‬ ‫ولقب بلقمان احلكيم يف الظاهر والباطن‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪38‬‬

‫وإضاف ًة لعمله كطبيب(حكيم) فتح صيدلية‬ ‫ووضع أدويته على الرفوف‪.‬‬ ‫ذهب شخص ما إىل احلكيم وهو مصاب‬ ‫مبرض جلدي خبيث؛ عندما فحصه احلكيم‬ ‫أجابه بعدم وجود دواء هلذا املرض‪ ،‬حيث‬ ‫كان على دراية بالعالج ولكن مل يستطيع‬ ‫توفريه‪ ،‬فخاب أمل املريض ورجع‪ ،‬يف‬ ‫الطريق ألتقي براعي غنم؛ طلب منه حليباً و‬ ‫وضع الراعي له حليبا من شاة أسود(ميها قه‬ ‫ر) وتركها املصاب ليربد‪ ،‬صدف ًة جاءت حية‬ ‫وشربت من احلليب ثم تزوعت فيه؛ فظ ّن‬ ‫املريض إذا شرب منه سوف ميوت ويتخلص‬ ‫من مرضه فشربه وبعد وصوله للمنزل حتسن‬ ‫وشفي يف احلال‪ ،‬سأله شقيقه كيف شفيت‬ ‫فقص عليه املريض ماحدث مع احلية‪.‬‬ ‫فعادوا للحكيم مشافاً معافاً‪ ،‬قال له احلكيم‬ ‫هل شربت حليب الغنم األسود وسم احلية‬ ‫؟ فأجابه بنعم‪ .‬منذ ذلك اليوم جعل احلكيم‬ ‫شعاره الكأس واحلية‪ ،‬أي كأس احلليب وسم‬ ‫احلية وكاملعتاد أصبح شعا ًر وعالمة مميزة‬ ‫للصيدليات جبميع أحناء العامل‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫كرجال هذه الشخصية الغامضة القادمة من الشرق(بالد‬ ‫فارس) دخل كوردستان العراق عن طريق جبال سورين‬ ‫وحلبجة كمحطته األوىل واستقر يف إحدى مرتفعاته‬ ‫املسمى بأمسه(كوري زار‪ ،‬الزاء حيمل ثالث نقاط =‬ ‫‪ )KURI JAR‬ويعين الولد املسكني باللغة الكردية وهناك‬ ‫عني ماء قريب عن موقعه املسماة بأمسه وهذا يدل على‬ ‫ُّ‬ ‫إيزيدي الديانة وكان يتكلم‬ ‫أنه من بالد فارس ولكنه‬ ‫الكردية كونه عاش يف املناطق الكردية وحيتمل أن يكون‬ ‫من اإليزديني الشكاك‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مقالة‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫تركيا و حلف الشمال االطلسي‬ ‫من اسباب تكوين حلف الشمال االطلسي هو تواجد القوات السوفييتية في دول شرق اوربا‬

‫ازاد شيخ عبدال‬

‫ ‬

‫لقد مر احلكم الرتكي مبرحلتني‬ ‫تارخييتني‪:‬‬ ‫‪1‬ـ مرحلة النرجسية الدينية‬ ‫‪2‬ـ مرحلة النرجسية القومية‬

‫‪1‬ـ مرحلة النرجسية الدينية‪ :‬يتألف‬ ‫اجملتمع الرتكي بشرياً من الشعوب‬ ‫واألقليات وكما مبني ادناه األتراك األكراد‬ ‫العرب واألرمن وبقايا اليونانيني واجلركس‬ ‫والالز والسريان و الكلدان واآلشوريني‪ .‬اما‬ ‫بالنسبة لألكراد والعرب واألرمن واألشوريون‬ ‫والكلدان و السريان هم من سكان املنطقة‬ ‫األصليني‪ .‬بينما األتراك هم الوافدين إىل هذه‬ ‫األرض والبد من الوقوف على هذه الوافدية‪.‬‬ ‫والذي حلق ضرره مجيع الشعوب األخرى‬ ‫يف املنطقة وأعاق تقدمهم‪ .‬تارخيياً قامت‬ ‫حضارات عريقة يف هذه املنطقة تعاقب عليها‬ ‫أقوام وعلى التسلسل السومريون واألكاديون‬ ‫والبابليون واآلشوريون واملديديون والفرس‬ ‫واإلغريق والعرب املسلمون وكل الوثائق‬ ‫التارخيية تدل على هذا التسلسل على هذه‬ ‫األرض ومنذ عشرة آالف سنة قبل امليالد مل‬ ‫تظهر أية وثيقة تارخيية تدل على وجود‬ ‫شعب تركي(العثماني) يف هذه املنطقة ومل‬ ‫يظهر اسم الرتكي سوى يف العهد العباسي‬ ‫العربي اإلسالمي‪.‬‬ ‫لقد وفد األتراك(العثمانيون) إىل املنطقة‬ ‫على شكل قبائل رحل من شرق آسيا وهم‬ ‫حيملون معهم سحنتهم املغولية وخيتلفون‬ ‫عن سكان املنطقة يف عاداتهم وتقاليدهم‬ ‫ولغتهم ودينهم مثل بعد األرض عن‬ ‫السماء هرباً من اجلوع والقحط مندفعني‬

‫حنو املناطق املخضرة ومل تكن يومها سوى‬ ‫كردستان متوفرة هلذه العوامل ورحب بهم‬ ‫األكراد ومسحوا هلم بنصب خيامهم‪ ،‬ووفقاً‬ ‫للعقيدة اإلسالمية اليت اعتنقها األكراد‬ ‫واليت تقول إمنا املؤمنون إخوة وهكذا اعتنق‬ ‫األتراك(العثمانيون) اإلسالم ودخلوا يف نطاق‬ ‫اإلخوة املؤمنة وهكذا أصبحوا من سكان‬ ‫املنطقة وتزوج خلفاء وأمراء العباسيني من‬ ‫نسائهم‪ .‬حتى أصبح األتراك القوة العسكرية‬ ‫الضاربة بالدولة العباسية‪ .‬لقد خرج من‬ ‫األتراك القائد حممد الفاتح الذي قاد احلملة‬ ‫العسكرية على القسطنطينية اليت كانت‬ ‫عاصمة البيزنطيني يف الشرق واستطاع أن‬ ‫يفتحها وجيعلها عاصمة لبين عثمان ومسيت‬ ‫فيما بعد باستانبول‪ ،‬ثم توسع األتراك(بين‬ ‫عثمان) حتى بغداد والقاهرة وبقية بالد‬ ‫العرب واملسلمني‪ .‬ومن هنا بدأ مسلسل‬ ‫سالطني بين عثمان الذي دام حكمهم أربعة‬ ‫قرون من الزمن وكلها حروب واستبداد‬ ‫وختلف وفقر وذل حتت يافطة رفع راية‬ ‫اإلسالم ونشره يف أصقاع الدنيا وهكذا استفاد‬ ‫األتراك(بين عثمان) من تقمصهم الديانة‬ ‫اإلسالمية وأصبحوا أصحاب أرض وعاصمة‬ ‫مركزية يف الشرق األوسط‪ .‬ومع استالم بين‬ ‫عثمان السلطة وأصبح هلم عاصمة مركزية‬ ‫اسطنبول واختالل موازين العدل انقلبت كل‬ ‫األمور وبدأت تسري باملقلوب من ذلك احلني‬ ‫وحتى يومنا هذا‪ .‬فصاحب األرض أصبح‬ ‫بدون أرض‪ ،‬واحملروم من األرض أصبح‬ ‫صاحب األرض‪ ،‬والغازي أصبح حاكماً‪،‬‬ ‫واملغزى عليه أصبح حمكوماً‪ .‬واللص أصبح‬ ‫شريفاً والشريف أصبح لصاً‪ .‬وصاحب احلق‬ ‫أصبح باطالً والباطل أصبح صاحب احلق‪.‬‬ ‫لقد كان تاريخ حكم سالطني بين عثمان مدة‬ ‫أربع قرون كلها جمازر بشرية‪ .‬جمزرة حبق‬ ‫بقايا سكان اإلغريق بعد فتح القسطنطينية‪.‬‬ ‫وجمازر يف البلقان‪ .‬وجمازر بشرية حبق‬ ‫الشعب األرمين إلبادته عن بكرة أبيه‪.‬‬ ‫وجمازر حبق الشعب الكردي وخاصة‬ ‫مبنطقة ديرسم الكردية والزالت اجملزرة‬

‫مستمرة حتى اآلن ويف العهد اجلمهوري مت‬ ‫تدمري مخسة آالف قرية كردية وتهجري‪6-5‬‬ ‫ماليني من قراهم إىل اجملهول‪ .‬وارتكاب‬ ‫جمازر حبق الشعب العربي وكان آخرها ما‬ ‫قام به مجال باشا السفاح باإلعدام شنقاً‬ ‫خرية مناضلي الشعب العربي وهم شهداء‬ ‫ستة أيار بدمشق وبريوت‪.‬‬ ‫‪2‬ـ مرحلة النرجسية القومية‪ :‬لقد استبدل‬ ‫الغرب انكلرتا وفرنسا وأمريكا احلكم‬ ‫العثماني ذو النرجسية الدينية باحلكم‬ ‫القومي‪ .‬وأطلقوا امساً على هذا احلكم‬ ‫وأمسوه اجلمهورية الرتكية وهم يدركون‬ ‫متاماً كم من الشعوب موجودة داخل هذا‬ ‫البلد‪ .‬قامت النرجسية القومية الرتكية بذبح‬ ‫األكراد واألرمن والعرب والالز وبقايا الشعب‬ ‫اليوناني كما ذكرنا أعاله‪ ،‬إنهم حاولوا خالل‬ ‫قرن كامل إجياد أمة خيالية طوباوية تركية‬ ‫صافية مائة باملائة وهلذا مت إنكار وجود أي‬ ‫قومية أخرى فوق األراضي الرتكية وتبنوا‬ ‫أيديولوجيات إبادة مجاعية لكل شعب ال‬ ‫يقول أنا تركي‪ .‬ولتنفيذ هذه األيديولوجية‬ ‫النرجسية القومية مت استخدام أبشع أنواع‬ ‫التعذيب اجلسدي والنفسي وانتهاكات‬ ‫خطرية حلقوق اإلنسان‪ .‬لقد سلخت عائلة‬ ‫سايكس بيكو لواء االسكندرون من سوريا‬ ‫وضمتها لرتكيا وخلقت بذلك شرخاً كبرياً‬ ‫بني جارين وتعاونت فرنسا مع تركيا للقضاء‬ ‫على الثورة الكردية يف تركيا عام ‪1925‬م‬ ‫بقيادة الشيخ سعيد‪ .‬وقبل الغرب تركيا يف‬ ‫منظمة احللف األطلسي العسكرية وقامت‬ ‫املنظمة بإمداد تركيا بكافة اإلمدادات‬ ‫العسكرية ومحايتها‪.‬وأقامت أمريكا قاعدة‬ ‫أجنرلك على األرض الرتكية وعشرات من‬ ‫قواعد التجسس والتنصت ضد االحتاد‬ ‫السوفييت والدول اجملاورة‪ .‬وعقدت تركيا‬ ‫حتالفاً اسرتاتيجياً مع إسرائيل ضد العرب‪.‬‬ ‫وإن االنتهاكات اليت كانت ترتكب حبقوق‬ ‫اإلنسان يف تركيا أكثر من أي بلد يف الشرق‬ ‫األوسط وكان الغرب يعلم بذلك ويسكت‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪40‬‬

‫فبداء العمل على بناء‬ ‫غواصات وفرقاطات جديدة‬ ‫واستبدال املدمرات اليت‬ ‫حصلت عليها من الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية يف احلرب‬ ‫العاملية الثانية مبدمرات‬ ‫حديثة‪ .‬وبناء الصناعات‬ ‫العسكرية احمللية اما‬ ‫جبهد ذاتي او مشرتك‪ ،‬فتم‬ ‫االتفاق مع الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية على تشيد مصانع‬ ‫عسكرية‬ ‫عنها‪ .‬وعصابات قتل منظمة(كونرتا) بعلم‬ ‫ودعم من الدولة مهمتها قتل السياسيني‬ ‫واملثقفني األكراد وتصفية اليسار الرتكي‪.‬‬ ‫وتسليح مليشيات كردية(محاة القرى) ضد‬ ‫حزب العمال الكردستاني‪.‬‬ ‫نشأة تركــــــيا‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫لقد خلفت ستة قرون من حكم الساللة‬ ‫العثمانية املتواصل تركة‪ ،‬سلبية واجيابية‪،‬‬ ‫مل يستطيع أي نظام حكم الحق جتاهلها‪،‬‬ ‫فالشبان االتراك الذين جاءوا اىل السلطة‬ ‫خالل احلركة الدستورية يف عام ‪1908‬م‬ ‫ابقوا على تلك الساللة احلاكمة وحاولوا‬ ‫استغالل تركتها من اجل تنفيذ برنامج‬ ‫لالصالح اجلذري والتغري البنيوي‪ ،‬اما‬ ‫النظام الذي قاده مصطفى كمال اتاتورك‬ ‫والذي اعقب نظام الشبان االتراك‪ ،‬فقد‬ ‫حاول رفض تلك الرتكة متاما والغاء النظام‬ ‫امللكي ونفي افراد الساللة احلاكمة وانشاء‬ ‫اجلمهورية العلمانية‪.‬حتى ذلك الرفض‬ ‫كان مبنيا على ما كانت تتمتع به الساللة‬ ‫احلاكمة من هيبة يف النفوس‪ ،‬فلو مسح‬ ‫هلا بالبقاء بأي دور‪ ،‬مهما كان شكليا‬ ‫هلدد مشروع بناء تركيا جديدة برمته‪ .‬لقد‬ ‫ادرك بعض القادة يف احلركة الوطنية القوة‬ ‫الكامنة يف الرموز التقليدية وحاولوا االبقاء‬ ‫عليها لتسهيل عملية إضفاء الشرعية على‬ ‫احلكومة اجلديدة‪.‬‬ ‫ولقد كانت افضل االمارات االمارة اليت‬ ‫يقودها(عثمان بن ارطغل) الرجل الذي‬ ‫اعطى امسه لساللة حاكمة مسيت(الساللة‬ ‫العثمانية)‪ ،‬وكان للعثمانيني حدود مشرتكة‬ ‫مع االمرباطورية البيزنطية‪.‬متتد هذه‬ ‫احلدود اىل الشمال الغربي من االناضول‬ ‫يف املنطقة احمليطة مبا تسمى اليوم(اسكي‬ ‫شهر) ونتيجة هلذا اصبحت العثمانية مركز‬ ‫لاليديولوجية الدينية وجذبت اليها مددا‬ ‫متواصال من القبائل الرتكمانية اليت دفع‬

‫بها املغول اىل اسيا الصغرى‪.‬‬ ‫ان الدولة العثمانية‪ ،‬اليت اصبحت‬ ‫امرباطورية عاملية مع حلول القرن اخلامس‬ ‫عشر‪ ،‬بدأت حياتها كفرع اقطاعي متسلط‬ ‫من السالجقة الذين تغلغلوا يف بالد االناضول‬ ‫ودحروا اجليش البيزنطي يف عام ‪1071‬م‪،‬‬ ‫ومنذ ذلك الوقت استمر السالجقة واجملندون‬ ‫من قبائلهم على التقدم يف بالد االناضول‬ ‫واسسوا ساللة حاكمة تدعى(سالجقة روم)‬ ‫حكمت هذه الساللة معظم اجزاء االناضول‬ ‫الشرقية والوسطى من عاصمتهم يف(كونيا)‬ ‫يف حني حكم االباطرة البيزنطيون غرب‬ ‫االناضول من القسطنطينية‪.‬‬ ‫لقد استطاع العثمانيون‪ .‬بهذه االيديولوجية‬ ‫الدينية واليت مل يكن يف ذلك العصر سواها‬ ‫استطاعوا ان يهزموا البيزنطني يف معركة بعد‬ ‫االخرى‪.‬لقد جنح (عثمان)(‪1280‬ـ ‪)1324‬‬ ‫م يف تأسيس ساللة حاكمة من خالل فتحه‬ ‫القليم مسيحي حيث استقر اتباعه الذين‬ ‫كانوا رحال‪.‬اما ابنه اورهان (‪1324‬ـ ‪)1359‬‬ ‫م فقد واصل هذه السياسة احلربية‪ ،‬واستوىل‬ ‫على مدينة (بورصة) يف العام ‪1326‬م‬ ‫وجعلها العاصمة االوىل لساللته احلاكمة‪.‬‬ ‫ما ان استتبت االمور يف داخل تركيا حتى‬ ‫قام اتاتورك بالتقرب من العامل الغربي‬ ‫والذي نادى بشعار(السلم يف الداخل والسلم‬ ‫يف اخلارج)‪ ،‬وكانت الغاية من وراء ذلك‬ ‫استقطاب اكرب عدد ممكن من الدول الغربية‬ ‫جبانب تركيا‪ ،‬مبا فيها االحتاد السوفييت‬ ‫وباالمكان ان نقول ان اتاتورك بداء منذ اليوم‬ ‫االول من استيالءه على السلطة بالتقرب من‬ ‫العامل الغربي وذلك عن طريق اتباع سياسة‬ ‫حتديث تركيا بواسطة جمموعة من القوانني‬ ‫اليت اصدرها يف هذا الشان‪ .‬حيث قام‬ ‫فعال بتبديل احلروف العربية اىل احلروف‬ ‫االتينية‪ ،‬واختذ قرارا بالغاء اخلالفة يف‬ ‫تركيا‪ ،‬وتغري قانون االحوال الشخصية‪.‬‬ ‫واخريا تبنى مبداء العلمانية يف الداخل‪.‬‬ ‫كان اتاتورك يعتقد ان تطبيق هذه االمور‬ ‫يف السياسة الداخلية يعين من وجهة نظره‬ ‫التقرب من العامل الغربي عن طريق تطبيق‬ ‫املدنية الغربية‪ ،‬وبذلك استطاع اتاتورك‬ ‫وطيلة فرتة حكمه يف بداية العشرينات‬ ‫من هذا القرن اىل وفاته عام ‪ 1938‬م ابعاد‬ ‫تركيا عن طابعها الشرقي وقد اصبح واضحا‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫يعترب اتفاق التعاون‬ ‫العسكري االسرتاجتي‬ ‫الرتكي اإلسرائيلي أهم‬ ‫املتغريات اآلنية اليت طرأت‬ ‫على املعادلة اآلمنية يف‬ ‫الشرق األوسط والقوقاز وشرق‬ ‫البحر املتوسط منذ انهيار‬ ‫االحتاد السوفييت وانتهاء‬ ‫حرب اخلليج الثانية وكان‬ ‫هلذا االتفاق عدة جماالت‬ ‫وأحد هذه اجملاالت‬ ‫فيما بعد‪ ،‬بان خلفاء اتاتورك الذين جاءوا‬ ‫بعده حاولوا ترمجة نظريته عن السياسة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وهي اعتبار تركيا جزاء ال‬ ‫يتجزاء من اوربا‪ ،‬واعترب ذلك شيء مقدس‬ ‫ال ميكن مساسه‪ .‬وهذه االمور تتعلق يف‬ ‫كيفية اجياد دولة علمانية تقتبس من اوربا‬ ‫وسائل املدنية احلديثة واليت تقوم على‬ ‫املبادىء اليت نادى بها اتاتورك منذ بداية‬

‫مقالة‬

‫‪41‬‬

‫العشرينات من هذا القرن‪.‬‬ ‫جنحت الدبلوماسية الرتكية بعد احلرب‬ ‫العاملية الثانية يف التقرب من الواليات‬ ‫املتحدة واالقطار الغربية وذلك عن طريق‬ ‫مبدأي ترومان ومارشال‪ ،‬عندما استطاعت‬ ‫اقناع الواليات املتحدة بأهميتها يف منطقة‬ ‫الشرق االوسط كأداة من ادوات احلرب‬ ‫الباردة بني الواليات املتحدة واالحتاد‬ ‫السوفيييت(سابقا)‪ ،‬ونتيجة لذلك فقد‬ ‫ابرمت جمموعة من االتفاقيات الثنائية‬ ‫واليت استطاعت تركيا عن طريقها احلصول‬ ‫على معونات اقتصادية وعسكرية من‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬كما استطاعت تركيا بعد‬ ‫ذلك االنضمام اىل اجمللس االوربي وذلك‬ ‫عام ‪1949‬م وافق جملس حلف الشمال‬ ‫االطلسي يف ‪ 21‬ايلول عام ‪ 1951‬م على‬ ‫انضمام تركيا اىل احللف ويف ‪ 18‬شباط‬ ‫‪1952‬م نفذ الربتوكول اخلاص بانضمام‬ ‫تركيا اىل احللف‪ ،‬ويف هذه الفرتة بالذات‬ ‫وافق اجمللس الوطين الرتكي الكبري على‬ ‫هذا القرار‪ .‬وبانضمام تركيا اىل حلف الشمال‬ ‫االطلسي يكون قد امتد دفاع الغرب اىل‬ ‫حدود ايران‪ ،‬وسد الفراغ يف اجلناح الشرقي‬ ‫حلوض البحر االبيض املتوسط مبا يف ذلك‬ ‫حبر االدرياتك‪.‬‬ ‫انشيء حلف مشال االطلسي(الناتو) عام‬ ‫‪ 1949‬ملواجهة خطر التوسع الشيوعي الذي‬ ‫اعقب احلرب العاملية الثانية عندما سعى‬ ‫االحتاد السوفيييت السابق لبسط نفوذه على‬ ‫اوربا‪ ،‬وكان تأسيسه عام ‪1949‬م بناء على‬ ‫معاهدة مشال االطلسي واليت مت التوقيع‬ ‫عليها يف واشنطن يف ‪1949/4/4‬م‪ .‬الدور‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫الرئيسي هلذا احللف هو حراسة حرية‬ ‫ومحاية الدول االعضاء فيه من خالل القوة‬ ‫العسكرية حيث نصت الئحته على ان‬ ‫هدفه الرئيسي هو محاية احلرية واملرياث‬ ‫واحلضارة العامة للدول االعضاء عن طريق‬ ‫تشجيع االستقرار والرفاهية يف منطقة‬ ‫الشمال االطلسي واتفق االعضاء على ان‬ ‫أي هجوم مسلح ضد احدى الدول االعضاء‬ ‫سيعترب هجوما ضد مجيع الدول‪.‬‬ ‫من اسباب تكوين حلف الشمال االطلسي‬ ‫هو تواجد القوات السوفييتية يف دول شرق‬ ‫اوربا والشعور لدى غرب اوربا بقرب هجوم‬ ‫سوفيييت عليهم يف وقت كان يسود فيه‬ ‫القلق من التوسع السوفيييت يف اوربا كان هو‬ ‫السبب يف قرار دول غرب اوربا بالتحالف‬ ‫والتعاون الوثيق مع الواليات املتحدة‬ ‫وللحلف اهداف ثانوية هي محاية دول‬ ‫العامل بشكل عام ومحاية الدول االعضاء‬ ‫بشكل خاص وكذلك حفظ االمن واالستقرار‪.‬‬ ‫انهى السلطان عبد احلميد الثاني‪ ،‬هذه‬ ‫االصالحات بطريقة استبدادية ونتيجة لذلك‬ ‫تكونت العدائية بني السلطان والقوى الوطنية‬ ‫يف تركيا‪.‬ويف سنة ‪1922‬م‪ ،‬مت خلع اخر‬ ‫السالطني حممد السادس(سلطان تركيا)‪.‬‬ ‫وقد الغى مصطفى كمال اتاتورك اخلالفة‬ ‫نهائيا يف عام ‪1922‬م‪ .‬و شهدت تركيا بعد‬ ‫احلرب العاملية األوىل حركة قومية قادها‬ ‫مصطفى كمال أتاتورك أي(أب األتراك)‬ ‫الذي ألغى السلطنة و أعلن مجهورية‬ ‫تركيا‪ ،‬فتوىل رئاستها عام ‪ 1923‬م حتى‬ ‫و فاته عام ‪ 1938‬م‪ .‬قد متكن من استبدال‬ ‫املبادىء اإلسالمية بأعراف قومية علمانية‬ ‫و استبدل الكتابة يف تركيا من العربية إىل‬ ‫الالتينية خلفه(عصمت انينو) حتى عام‬ ‫‪ 1950‬م وسيطر احلكم املدني على البالد‬ ‫حتى عام ‪ 1973‬م وحكم العسكر بعد هذا‬ ‫التاريخ فأدى ذلك إىل وضع غري مستقر يف‬ ‫تركيا فاندلعت أعمال العنف عام ‪1980‬م‪،‬‬ ‫ان احلكومة الرتكية تعاني من معارضة‬ ‫األكراد واألرمن حيث أن االكراد ميثلون‬ ‫‪ 25-20‬مليون نسمة و احلكومة الرتكية ال‬ ‫تعرتف بهم كجمهورية مستقلة و يف عام‬ ‫‪1991‬م مسح الرئيس الرتكي أوزال بلجوء‬ ‫األكراد على األراضي الرتكية إثر االحداث‬ ‫يف العراق عام ‪1991‬م‪ ،‬و يف عام ‪1993‬م‪،‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪42‬‬

‫أصبحت تسلنو تشيلر أول رئيسة للوزراء يف‬ ‫تركيا‪.‬‬ ‫أهمية موقع تركيا للدول العربية والشرق‬ ‫األوسط‬ ‫أصبحت تركيا حتظى باهتمام خاص من‬ ‫قبل الدول العربية وخاصة دول منطقة‬ ‫الشرق األوسط وان تلك األهمية تعود أساساً‬ ‫إىل ما يلي أهمية تركيا يف منطقة الشرق‬ ‫األوسط وذلك حبكم عالقتها املتطورة مع‬ ‫دول حلف مشال األطلسي باعتبارها عضوا‬ ‫يف ذلك احللف‪ .‬وحبكم موقعها اجلغرايف‬ ‫اجملاور للعراق والوطن العربي‪ ،‬وما ينطوي‬ ‫على ذلك من مضـامني سياسية واقتصادية‬ ‫واجتماعية وعسكرية‪ .‬وتسيطر تركيا على‬ ‫مضيق(البوسفور والدردنيل) احليويني‬ ‫للمالحة‪ .‬وتعد تركيا جراء موقعها اجلغرايف‬ ‫مبثابة اجلسر الذي يربط بني الشرق والغرب‬ ‫وان موقعها يؤهلها الن تكون معربا رئيسيا‬ ‫يف مركز الكثافة السكانية املرتفع يف جنوب‬ ‫شرق أسيا ودول اإلنتاج الصناعي املتزايد يف‬ ‫غرب أوربا‪.‬‬ ‫لغرض قيام تركيا بالدور العسكري‬ ‫واالسرتاتيجي يف املنطقة والعمل على‬ ‫خلق البنى التحتية لبنـاء صـناعة السـالح‬ ‫وتطـويرها لغرض حتسيـن استعـداد تركيـا‬ ‫عسكريا قامت بإنشاء أكثر مـن(‪)12‬‬ ‫مؤسسة عسكرية تركية وأمريكية وأوربية‬ ‫تعمل بفعالية وتعاون مع بعضها يف احلقل‬ ‫الدفاعي إلنشاء مشاريع مشرتكة‪ ،‬او‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اتصاالت عمل إلنتاج أسلحة حديثة ولوازم‬ ‫عسكرية يف تركيا وأكثر من ذلك إن هناك‬ ‫مشاريع حرة ختلقها تركيا يف سوق مفتوحة‬ ‫بإمكانها املنافسة‪ ،‬تعترب عملية تطوير‬ ‫وحتديث القوات املسلحة الرتكية عملية‬ ‫غري مصممه حلماية االمن الرتكي فحسـب‬ ‫بل هي مصممه ألغراض أخرى ذات أهداف‬ ‫ختدم دول حلف مشال األطلسي كما ختدم‬ ‫على املدى البعيد األطماع الرتكية املؤجلة‬ ‫ذاتها‪ .‬فقد أوضح القائد العام السابق لقوات‬ ‫حلف مشال األطلسي(اجلنرال الكسندر‬ ‫هيغ) أن العالج ملشكلة الضعف اليت تعاني‬ ‫منها القوات املسلحة الرتكية تتطلب توفري‬ ‫ما يكفي من قطع الغيار لصناعة وحتسني‬ ‫استعداد السالح الرتكي وحتديثه حبيث‬ ‫ميكن القوات املسلحة الرتكية من أداء دورها‬ ‫األطلسي‪.‬‬ ‫حرب اخلليج الثانية والتسلح الرتكي‬ ‫سعت تركيا للحفاظ على جيش قوي السيما‬ ‫بعد حرب اخلليج الثانية لكي تنفذ دورا‬ ‫مزدوجا وهو ان تكون ممثلة للغرب يف‬ ‫املنطقة اإلقليمية وممثلة للمنطقة اإلقليمية‬ ‫والعامل اإلسالمي لدى الغرب ورغبتها‬ ‫القدمية يف تأدية دور مهم يف إطار النظام‬ ‫اإلقليمي يف الشرق األوسط وهذا ما الحظناه‬ ‫يف حرب اخلليج الثانية حيث لعبت تركيا‬ ‫دورا رئيسيا ومهما من خالل تقدميها‬ ‫تسهـيالت كبرية لقوات التحالف وخاصة‬ ‫يف جمال القوة اجلوية واملتمثل باستخدام‬ ‫هذه القوات لقاعدة(اجنــرلك) اليت تقع‬

‫جنوب غرب تركيا كما وان تركيا تواجه‬ ‫عددا من التهديدات احملتملة واملتمثلة‬ ‫بتعاظم القــدرات العسكرية للدول اجملاورة‬ ‫وال سيما إيران ومواجهة مشاكلها الداخلية‬ ‫وخاصة تلك املتعلقة بقمع احلركة الكردية‬ ‫اليت تطالب باالنفصال عنها وتأمني التفوق‬ ‫ورمبا التوازن مع اليونان ملواجهة املشاكل‬ ‫القائمة بينهما كاحلدود البحرية وجزيرة‬ ‫قربص وإزاء كل هذه األسباب اليت وردت‬ ‫شرعت تركيا مبا يلي‪.‬‬ ‫حتديث قواتها العسكرية لغرض حتويل‬ ‫اجليش الرتكي إىل جيش حمرتف حمدود‬ ‫العدد(نصف مليون فرد) ولكنه ذو تسليح‬ ‫وتدريب وكفاءة قتالية عالية فبدأت منذ‬ ‫انتهاء حرب اخلليج الثانية يف العام ‪1991‬م‬ ‫تتسلم أسلحة أملانية وأمريكية وصلت‬ ‫قيمتها إىل(‪ )8 ،9‬مليار دوالر وتشمل‬ ‫على(‪ )600‬دبابة أمريكية و (‪ )400‬دبابة‬ ‫أملانية و(‪ )700‬مدرعة وطائرات قتالية من‬ ‫طراز(أف ‪ 4‬وطائرات نقل سي ـ ‪.)130‬‬

‫لغرض قيام تركيا بالدور‬ ‫العسكري واالسرتاتيجي‬ ‫يف املنطقة والعمل على خلق‬ ‫البنى التحتية لبنـاء صـناعة‬ ‫السـالح وتطـويرها لغرض‬ ‫حتسيـن استعـداد تركيـا‬ ‫عسكريا قامت بإنشاء أكثر‬ ‫مـن(‪ )12‬مؤسسة عسكرية‬ ‫تركية وأمريكية وأوربية‬ ‫تعمل بفعالية وتعاون مع‬ ‫بعضها يف احلقل الدفاعي‬ ‫إلنشاء مشاريع مشرتكة‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫فبداء العمل على بناء غواصات وفرقاطات‬ ‫جديدة واستبدال املدمرات اليت حصلت‬ ‫عليها من الواليات املتحدة األمريكية يف‬ ‫احلرب العاملية الثانية مبدمرات حديثة‪.‬‬ ‫وبناء الصناعات العسكرية احمللية اما جبهد‬ ‫ذاتي او مشرتك‪ ،‬فتم االتفاق مع الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية على تشيد مصانع عسكرية‬ ‫يف األرضي الرتكية مبعونة بعض الشركات‬ ‫األمريكية بغية خلق منوذج متطور للصناعة‬ ‫العسكرية مثل مشروع طائرات(أف ‪ 16‬سي)‬ ‫وميكن تطويره يف املستقبل إىل حد تصدير‬ ‫االسلحه للبلدان االسالمية‪ ،‬وتوجهت‬ ‫اىل بعض الدول األوربية للغرض نفسه‬ ‫فعقدت صفقة مع أسبانيا إلنتاج(‪ )40‬طائرة‬ ‫نقل خفيفة من نــوع(كـازا) ومع ايطاليا‬ ‫إلنتاج(‪ )52‬طائرة تدريب من نوع(اغوستا)‬ ‫ومع فرنسا إلنتاج الرادارات املتحركة‬ ‫نوع(توست آي ان)‪ .‬وقيام أمريكا بتشجيع‬ ‫تركيا لتطوير صناعتها العسكرية وحتديثها‬ ‫ألسباب عدة أهمها‪.‬‬ ‫أوالً​ً‪ :‬رفع مكانتها بني األطراف املعنية‬

‫جنحت الدبلوماسية الرتكية‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‬ ‫يف التقرب من الواليات‬ ‫املتحدة واالقطار الغربية‬ ‫وذلك عن طريق مبدأي‬ ‫ترومان ومارشال‪ ،‬عندما‬ ‫استطاعت اقناع الواليات‬ ‫املتحدة بأهميتها يف منطقة‬ ‫الشرق االوسط كأداة من‬ ‫ادوات احلرب الباردة بني‬ ‫الواليات املتحدة واالحتاد‬ ‫السوفيييت(سابقا)‬

‫مقالة‬

‫‪43‬‬

‫برتتيبات األمن الشرق أوسطية بعد حرب‬ ‫اخلليج الثانية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬حتويلها اىل دولة مصدرة للسالح‬ ‫للدول اإلسالمية يف أسيا الوسطى والقوقاز‬ ‫ومن اجـل ان تلعب دور التوازن يف القوى‬ ‫بينها على حساب الدور اإليراني‪.‬‬ ‫اتفاق التسلح بني تركيا وإسرائيل‬ ‫يعترب اتفاق التعاون العسكري االسرتاجتي‬ ‫الرتكي اإلسرائيلي أهم املتغريات اآلنية اليت‬ ‫طرأت على املعادلة اآلمنية يف الشرق األوسط‬ ‫والقوقاز وشرق البحر املتوسط منذ انهيار‬ ‫االحتاد السوفييت وانتهاء حرب اخلليج‬ ‫الثانية وكان هلذا االتفاق عدة جماالت‬ ‫وأحد هذه اجملاالت هو التسلح حيث‬ ‫مشل قيام إسرائيل بتطوير(‪ )45‬طائرة( اف‬ ‫ـ ‪ )4‬بقيمة(‪ )600‬مليون دوالر تابعة لسالح‬ ‫اجلو الرتكي وقيام تركيا بصيانة وحتديث‬ ‫الطائرات اإلسرائيلية من طراز (أفـ ـ ‪)16‬‬ ‫وكذلك وضع خطة لتجديد وحتديث(‪)56‬‬ ‫طائره(أف ـ ‪ )5‬وصيانة(‪ )600‬دبابة( ام‬ ‫‪ )60‬الرتكية وخطة إلنتاج(‪ )800‬دبابة‬‫إسرائيلية نوع مريكافا لرتكيا وخطة مشرتكة‬ ‫إلنـتاج طائرات استطالع بدون طيار وخطة‬ ‫مشرتكة إلنتاج صواريخ أرض جو بقيمة‬ ‫نصف مليار دوالر مبدى(‪ )150‬كم‪.‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫إىل تبين احلكومة الرتكية لسوق جديد يرتكز‬ ‫علي(ثالث عناصر رئيسية)‪.‬‬ ‫أ‪ .‬تطلعات إقليمية بالسيطرة على مشال‬ ‫العراق حتى ٍاملوصل مبا يف ذلك حقول النفط‬ ‫وقد ظهرت هذه املطامع بعد حرب اخلليج‬ ‫الثانية تربز على السطح كما تتطلع تركيا‬ ‫إىل السيــــطرة على بعض املناطق السورية‬ ‫اليت يقطنها األكراد واحملاذية لشمال العراق‬ ‫وشرق سوريا‪.‬‬ ‫ب‪ .‬تطلعات سياسية وسوقية يف الدول‬ ‫اإلسالمية اليت كانت تشكل جزاء من االحتاد‬ ‫السوفـييت السابق‪.‬‬ ‫ج‪ .‬تــحول تركيـــا إىل دولــه عظمى يف‬ ‫املنطقـــة يف ضـوء مركزها السياسي الـذي‬ ‫تتتع به(كجســـر للغرب واىل الغرب)‬ ‫وبسبب امتالكها ألكرب قوة عسكرية باملنطقة‬ ‫عالوة على مصادر الثـروة الطبيعة اليت أهمها‬ ‫املياه وهذا يعين إن تركيا أقوى حليف للغرب‬ ‫إضافة إىل أنها تشكل عامل استقرار وتوازن‬ ‫يف النظام األمين اجلديد‪ ،‬وهذا حيتاج إىل قوة‬ ‫عسكرية كربى لتحقيق هذه األهداف‪.‬‬

‫املصادر‬ ‫‪ .1‬تركيا واجملتمع والدولة‪ ،‬ترمجة د‪.‬‬ ‫محدي محيد الدوري‪.‬‬ ‫‪ .2‬تركيا وحلف الشمال االطلسي‪ ،‬للدكتور‬ ‫امحد نوري النعيمي‪.‬‬ ‫‪ .3‬التحالف الغربي والعالقات االطلسية‪.‬‬ ‫املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪.‬‬ ‫أهداف التسليح الرتكي‬ ‫‪ .4‬طريق احلقيقة‪ .‬ابو الياس‬ ‫‪ .5‬صنع تركيا احلديثة‪ .‬تأليف الدكتور‬ ‫تزايدت أهمية تركيا كعامل إقليمي يف ضوء فريوز امحد‪ ،‬ترمجة د‪ .‬سلمان داود‬ ‫املتغريات الدولية واإلقليمية وقد أدى ذلك الواسطي‪.‬‬


‫مجلة دجلة‬

‫السنة اثنان‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪44‬‬

‫لقاء‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أساييش خانصور ‪ ...‬صمام و درع أمان المنطقة‬

‫على األوضاع يف املنطقة‪ .‬ميكننا القول بأن‬ ‫آ‪ :‬هبون شنكالي‬ ‫قوات األساييش تستند بالدرجة األوىل على‬ ‫قال مسؤول قوات أساييش خانصور شريزاد قوة الشعب‪.‬‬ ‫قاسم مشو يف لقاء خاص مع جملتنا أن قواتهم‬ ‫يعترب ودرع و صمام أمان املنطقة بالنسبة * يف حال حدوث أي خالف أو مشكلة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬إذا تعمل هذه القوات بكل اجتماعية ما هي اإلجراءات و اخلطوات‬ ‫مساعيها و بالتنسيق مع املؤسسات األخرى اليت تتخذها قواتكم حللها؟‬ ‫املوجودة يف املنطقة على حل اخلالفات‪ .‬ـ كما تعلمون يف كل اجملتمعات حيدث‬ ‫منافيا يف الوقت نفسه االدعاءات اليت تقال مشاكل‪ ،‬بالنسبة جملتمعنا أيضا يوجد‬ ‫بأنه يوجد خروقات أمنية متأكدا أن اهلدف بعض املشاكل كل مشكلة هلا خصوصيتها‪،‬‬ ‫نعمل على حلها بالتنسيق مع اجملالس‬ ‫من هذه االدعاءات زعزعة أمن املنطقة‪.‬‬ ‫واملؤسسات يف خانصور‪ .‬كما أن بعض املشاكل‬ ‫* انتم كاسأييش خانصور كيف حترصون تتعلق مبجلس الشعب يف خانصور حتل عن‬ ‫طريقهم‪ ،‬وايضا مشاكل املرأة تنحل عن طريق‬ ‫على أمن املنطقة؟‬ ‫ـ حنن كقوات أساييش يف خانصور نعتمد اساييش املرأة و جملس املرأة‪ .‬هناك مشاكل‬ ‫بالدرجة األوىل على تعأون الشعب معنا‪ ،‬طارئة نتدخل بعدما السيطرة على الوضع يتم‬ ‫وأهلنا يف خانصورمتعاونني معنا من ناحية ارسال التبليغ إىل اجلهة املعنية سوى كان‬ ‫املعلومات االستخباراتية‪ ،‬ولدينا نقاط يف جملس املرأة أو جملس الشعب يف خانصور‬ ‫مداخل اجملمع وأيضا لدينا قسم الطوارئ‪ ،‬بعد اصدار قرار من هذين املؤسستان حنن‬ ‫كما أن دوريات قواتنا تعمل ليال ونهارا من بدورنا نأخذ اإلجراءات الالزمة‪.‬‬ ‫أجل احلفاظ على اجملمع‪ .‬وإذا مل يكن هناك‬ ‫دعم املواطنني ال ميكن ألي قوة كان السيطرة * ماهي طبيعة املشاكل اليت تعملون على‬

‫حلها؟‬ ‫ـ املشاكل اليت حتدت اغلبها مشاكل اجتماعية‬ ‫منها عائلية‪ ،‬قد تكون عشائرية ومنها ثقافية‬ ‫أيضا اليوجد مشاكل ثقافية كبرية?‬ ‫اليت يتم حلها عن طريق توعية الشباب من‬ ‫قبل اجمللس أو األساييش‪ .‬لكن حتى اآلن مل‬ ‫تطرأ أية مشكلة أمنية و حنن من جهتنا لدينا‬ ‫خطة وتوجيهات مدروسة يف حال حدوث‬ ‫خرق أمين حمتمل‪.‬‬ ‫* ماهي مدى تقبل اجملتمع لقواتكم و هل‬ ‫ترى هذه القوات كملك هلا؟‬ ‫ـ أوال يرى اجملتمع بان األساييش كدرع‬ ‫هلم وصمام أمان‪ ،‬ثانيا الرفاق املنضمني إىل‬ ‫االساييش مجيعهم من أهل املنطقة وأبناء هذا‬ ‫اجملتمع وهلذا يرى اجملتمع االساييش ملكا‬ ‫هلم‪ .‬حنن أيضا نعمل ضمن هذه املؤسسة على‬ ‫أساس محاية أهلنا ومناطقنا‪ ،‬ومن ناحية‬ ‫اخرى حنن كأيزيديني اخذنا درس ماحدث‬ ‫لنا يف‪ 3‬آب‪ ،‬لو كان لدينا قوة كاساييش يف‬ ‫ذلك الوقت ملا حصل ماحصل وهذا سبب‬ ‫رئيسي قمنا بتأسيس قوات االساييش بناءا‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫لقاء‬

‫‪45‬‬

‫على طلب شعبنا ومت تشكيل هذا القوة عن كمنظمات يتم اخذ إجراءات من قبل اسايش‬ ‫طريق االدارة الذاتية الدميقراطية يف شنكال وبعدها يباشرون بعملهم بشكل طبيعي‪ .‬إذا‬ ‫ألن اجمللس يرى اجملتمع حباجة اىل قوة تطلب األمر نعمل على محايتهم‪.‬‬ ‫حيميها‪.‬‬ ‫* هل صدف أن حدثت مشكلة ما وعجزمت‬ ‫* ظاهرة اطالق النار يف املناسبات كيف عن حلها؟‬ ‫ـ حلتى اآلن مل حيدث شيء كهذا‪ ،‬قلنا‬ ‫تعاملون مع ذلك؟‬ ‫ـ حرصا منا على مصلحة الشعب و سالمته سابقا يتم حل كثري من املشاكل بالتنسيق مع‬ ‫منعنا اطالق عيارات النارية يف املناسبات‪ .‬مؤسسات أخرى كمجلس الشعب يف خانصور‬ ‫ولكن حيدث يف بعض األحيان اثناء و جملس املرأة‪ .‬واغلبية املشاكل اليت حتدث‬ ‫االحتفاالت وبعض املناسبات إطالق العيارات مشاكل عائلية‪ ،‬طبيعة جمتمعنا جمتمع مسامل‬ ‫النارية ال يسمح من قبلنا بإطالق أكثر من و واعي هلذا ال يصعب علينا حل مشاكلهم‪.‬و‬ ‫ثالث طلقات‪ ،‬وذلك يف حاالت استثنائية من جهة اخرى ألننا من أبناء هذا اجملتمع‬ ‫كحاالت وفات وأعراس‪ ،‬خالفا على ذلك يتم التزام واحرتام لقرارات اليت تصدر من‬ ‫حياسب ويصادر السالح من شخص املخالف‪ .‬املركز اسايش يف خانصور‪.‬‬ ‫وأيضا قمنا بتبليغ كل احملالت بعدم بيع‬ ‫األلعاب النارية إىل االطفال يف األيام العادية‪ * .‬هل توجد خماطر امنية على تلك املنطقة‬ ‫اي خانصور؟‬ ‫* كيف هي عالقتكم مع املؤسسات اأخرى يف ـ كما تعلمون بعد هزمية داعش يف املنطقة‬ ‫من قبل وحدات مقاومة شنكال و وحدات‬ ‫جممع خانصور؟‬ ‫ـ طبعا كما تعلمون هناك مؤسسات كثرية نساء شنكال مل يبقى أي خطر على املنطق‬ ‫يف خانصور منها مؤسسات خدمية وإدارية عامة وخانصور خاصة‪ .‬إذا حصل أي خطر‬ ‫ومدنية‪ .‬عالقات جيدة معهم وتنسيق عالي أو تهديد على شعبنا سوف نقف ضدها‬ ‫بيننا ويتم اجتماعات معهم شهريا على مهما كلفنا الثمن‪ ،‬ال ميكن أن نقبل يتعرض‬ ‫اساس تطوير وتقديم افضل خدمات ال هلنا جمتمعنا ألباداة مرة أخرى‪.‬‬ ‫يف خانصور‪ .‬هناك أيضا مؤسسات مؤقتة‬

‫العدد ‪12‬‬

‫‪2019/3/20‬‬

‫السنة اثنان‬

‫مجلة دجلة‬

‫* هناك االدعاءات تقول بأن هناك عناصر‬ ‫داعش حول املنطقة ويتم القبض عليهم وما‬ ‫هو هدفهم من تلك االدعاءات؟‬ ‫ـ نعم يف بعض االحيان نسمع مثل هذه ادعاءات‬ ‫بأنه يوجد خروقات من قبل أشخاص مشتبهة‬ ‫ولكن هذه االدعاءات عارية عن الصحة‪ .‬بعد‬ ‫حترير منطقة خانصور يف ‪19‬ـ‪12‬ـ‪ 2014‬مل‬ ‫يكن هناك أي خرق أمين يف مناطق اليت حتت‬ ‫سيطرة قواتنا واهلدف من هذه االدعاءات‬ ‫زعزعت االستقرار يف املنطقة وزرع اخلوف يف‬ ‫قلوب املواطنني ويتم نشر هذه االشاعات من‬ ‫قبل بعض االحزاب السياسية بال شك هذا‬ ‫الشيء ال يصب يف مصلحة الشنكاليني عامة‪.‬‬ ‫هناك شيء مهم جيب أن يعلمها اجلميع‪،‬‬ ‫جمتمعنا ال يصدق هكذا اشاعات من اي جهة‬ ‫كان جمتمعنا يعتمد ويؤمن بقوات اليت حرر‬ ‫مناطقهم من قبضة جماميع إرهابية وايضا‬ ‫اصبح لدى اجملتمع وعي تام بهذا اخلصوص‪.‬‬ ‫* ماهي كلمتكم األخرية؟‬ ‫ـ نتمنى من اهلنا يف خانصور عند علمهم بأية‬ ‫عمل خترييب يف املنطقة ان يتواصلوا معنا‬ ‫لكي نستطيع القضاء على أعمال ختريبية‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬معا سوف نقضي على االرهاب‬ ‫واعداء ايزيدخان‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.