I think magazine 22

Page 1

‫‪22‬‬

‫‪8/2013‬‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬ ‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬ ‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬


‫هيئة التحرير‬

‫أمين غوجل‬ ‫بن باز عزيز‬ ‫رامي‬ ‫كنان‬ ‫كاترينا‬ ‫دينا‬ ‫املستنري‬ ‫كرم‬ ‫تامبي‬ ‫ميس‬ ‫زها‬ ‫زانا‬

‫‪2‬‬

‫نحن بالفعل ( منوت بغيظنا )‬

‫‪3‬‬

‫شخصيات ملحدة‬

‫‪17‬‬

‫نبضات بن باز‬

‫‪15‬‬

‫الله موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬

‫‪19‬‬

‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬

‫‪21‬‬

‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند الله نبياً‬

‫‪23‬‬

‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ (نعم)‬

‫‪25‬‬

‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫‪29‬‬

‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬

‫‪31‬‬

‫حوار أبا لهب و الله‬

‫‪33‬‬

‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬

‫‪35‬‬

‫ملحدنا العريب املأنشح وملحدهم الغريب السينيه‬

‫‪37‬‬

‫أين أنت أيها املنطق‬

‫‪39‬‬

‫التمييز بني العلم الحقيقي و العلم الزائف‬

‫‪43‬‬

‫مغالطة‪ :‬األملاس يتك ّون من الفحم‬

‫‪45‬‬

‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬

‫‪49‬‬

‫هل يدل النظام عىل وجود ُمنظم؟‬

‫‪51‬‬

‫َ‬ ‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬

‫‪53‬‬

‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬

‫‪i-think-magazine.blogspot.com‬‬ ‫‪www.ithinkmag.net‬‬ ‫‪facebook.com/I.Think.Magazine‬‬

‫‪1‬‬

‫كلمة رئيس التحرير‬ ‫نحن بالفعل ( نموت بغيظنا )‬ ‫ال شك أن تعبري موتوا بغيظكم استعمل معك عزيزي امللحد أن كنت مثلي تدخل يف تلك النقاشات اجلوفاء الغبية مع خري امم اخرجت للناس‬ ‫اكيد مسعتها اذا كنت مثلي يستفزك اهلبل اللفظي و العملي فرتد و تناقش و تتقيئ‬ ‫أنا ضحكت كل مرة قيلت يل و الشك أنك فعلت مثلي‬ ‫لكن أنت و أنا نعرف أننا بالفعل منوت غيظاً منهم‬ ‫من املؤكد أنه ليس منطقهم الذي ال يشق له غبار ألنه بأمكان طفل يف العاشرة من عمره ميتلك قليالً من الثقافة و خمزوناً لفظياً أن يهزم منطقهم‬ ‫االكثر طفوله و األسذج من براءة أطفال أيام زمان ‪.‬‬ ‫من املؤكد أن ما يقتلنا غيظاً ليس عدم قدرتنا على فهم لوغاريتم الدين و ماهية اهلل و اخلطط اخلفية لالهوت و طرقه املاكرة يف احلفاظ على التوازن‬ ‫بني االنتصار التارخيي الدائم ألتباعه املخلصني و كوهنم أضحوكة األمم املتطورة و مضرب مثاهلا يف التخلف و اهلزائم ‪.‬‬ ‫أكيد ليس قوة خرافاتكم و مراهقة اعجازاتكم فاخلرافة خرافة حىت لو كانت مجيلة و ممتعة فما بالكم خبرافاتكم الصحراوية الصفراء املسخ ‪.‬‬ ‫ما يغيظنا فعالً و ببساطة ‪ -‬و أظن أنكم ستوافقوين الرأي ‪ -‬هو كيف أمكنهم البقاء حىت اآلن ؟‬ ‫ما يغيظنا هو أنتصار الغباء‬ ‫ما يغيظنا هو أن ترى شيوخهم ينبحون ليل هنار على االرض و يف الفضاء بأمور ختجل أن تناقشها ‪ -‬لسخافتها ‪ -‬مع منطق اطفالك‬ ‫ما يغيظنا هو املقارنة الدائمة اليت نقوم هبا بني ما وصل اليه العامل الطبيعي و الناس الطبيعيني و حتضرهم و علمهم و كمية الغباوات و العته الذي‬ ‫نتعرض له على مدار األربع و العشرين ساعة أينما ولينا وجهنا‬ ‫عندما ترى أن مشاكل بعض الناس هو صورة سيأخذها مسبار كاسيين الذي حيلق اآلن حوايل زحل و مشاكل معتوه عريب مسلم و هو حياول‬ ‫تأمني ما يسد رمقه ليفطر به عند هناية هنار رمضان الكرمي‪.‬‬ ‫ما يغيظنا هو مقارنتنا الدائمة بني ما ميكن أن تكون حياتنا يف جمتمع ال يقدس العته و العهر الفكري و اسلوب احلياه الشرجي و بني جمتمعات‬ ‫تقدس الزهور و العلم و النظافة ‪.‬‬ ‫ما يغيظنا هو عدم فهمنا كيف لكائن غيب غري مفكر منقاد بالكامل تافه لدرجة اللزاجة غري متأقلم باملفهوم ال��داروين أن يستمر بالعيش و‬ ‫البقاء يف مثل هذا العامل‪.‬‬ ‫ما يغيظنا و ما سيقرب موتنا هبذا الغيظ هو نوع من انعدام األمل يف االنفكاك عن هذه املزابل الفكرية و هذا الشرخ االوسخ و بالد العهر‬ ‫العريب الواحد‬ ‫هناك مشكلة ‪.‬‬ ‫املشكلة فعالً أن قوانني داروين حتتاج وقتاً طويالً للقضاء احيائياً على مثل هذه الكائنات‬ ‫و حنن المنلك كل هذا الوقت ‪.‬‬ ‫لكن‬ ‫و هنا بارقة االمل‬ ‫على االقل‬ ‫و ما يدفعنا لعدم املوت غيظاً‬ ‫أننا لسنا هم‬ ‫حنن لسنا هم و هذا يكفي حالياً‬ ‫و هل يوجد يف العامل أفضل من أن ال تكون مثلهم‬ ‫أصدقائي ‪ ...‬عيشوا سعداء‬ ‫أمين غوجل‬

‫‪2‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫(‪ 8‬نوفمرب ‪1986‬ـ ‪ 11‬كانون التاين‪)2013‬‬

‫ألكسندر كراهام بيل‬

‫لقد ارتبط كل من والد بيل وجده وأخيه بالعمل يف جمال التخاطب وتصحيح النطق وتعليم الكالم للصم والبكم‪ ،‬وكانت والدته‬ ‫وزوجته من الصم؛ األمر الذي كان له أثر بالغ على حياة بيل وعمله‪.‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد دفعه حبثه يف جمال السمع والكالم إىل‬ ‫إج راء جتارب عديدة على أجهزة السمع؛ األمر الذي مكنه يف النهاية من اخ رتاع أول جهاز تليفون واحلصول على أول ب راءة اخ رتاع‬ ‫مسجلة يف الواليات املتحدة األمريكية يف عام ‪ .1876‬وبالنظر إىل حياته العلمية‪ ،‬جند أن «ج راهام بيل» اعترب أن أبرز اخ رتاعاته‬ ‫وأشهرها؛ هو اخ رتاع التليفون‪ ،‬يعد مبثابة تدخل على عمله األصلي كعامل يف جمال الصوت‪ ،‬كما أنه رفض أن يكون لديه تليفون يف‬ ‫حجرة مكتبه‪.‬‬ ‫العديد من االخ رتاعات األخرى كانت ملحوظة يف حياة بيل الالحقة‪ ،‬مبا يف ذلك العمل ال رائد يف االتصاالت البصرية‪ ،‬القارب احمللق‬ ‫وعلم الط ريان‪ .‬أصبح «ألكسندر ج راهام بيل» يف عام ‪ 1888‬أحد األعضاء املؤسسني للجمعية اجلغ رافية الوطنية يف واشنطن‬

‫صغريا‪ ،‬كان لدى «ألكسندر ج راهام بيل» نزعة قوية ملعرفة واكتشاف كل شيء حييط به يف العامل اخلارجي من‬ ‫عندما كان طف الً‬ ‫ً‬ ‫حوله‪ ،‬األمر الذي أدى إىل قيامه بتجميع عينات من النباتات إلج راء التجارب عليها وكان ذلك يف مرحلة مبكرة من عمره‪ .‬ومنذ‬ ‫سنواته األوىل‪ ،‬أبدى «بل» مدى تأثره بالطبيعة وموهبته يف الفن والشعر واملوسيقى واليت كانت والدته تسانده وتشجعه‪.‬وانه بدون‬ ‫أي تدريب رمسي تفوق يف العزف على البيانو وأصبح بذلك عازف البيانو لألسرة‬ ‫قد شجعه والده على االهتمام بد راسة الصوتيات وتعليم الكالم ويف عام ‪ 1863‬ونتيجة النبهار «بل» بالنتائج اليت توصل إليها إثر‬ ‫تصميمه هلذا اإلنسان اآليل‪ ،‬فإنه واصل عمله يف إج راء التجارب على أحد الكائنات احلية وهو كلب الصيد الصغري «ترويف» الذي‬ ‫كانت متتلكه العائلة‪ .‬بعد أن قام بتعليمه أن يتذمر باستم رار‪ ،‬فكان أليك ميد يده يف فم الكلب ويستخدم شفاه الكلب واألحبال‬ ‫الصوتية إلنتاج أصوات بسيطة «آو آه آوو جا ما ما»‪ .‬ومع قليل من اإلقناع‪ ،‬بدأ ال زائرون إىل حد ما يتصورون أن هذا الكلب ميكنه‬ ‫أن يتلفظ بعبارة مثل «كيف حالك يا جديت؟»‪.‬وأكثر داللة على طبيعته املرحة فإن اخرتعاته أقنعت املشاهدين أهنم رؤوا كلب‬ ‫يتكلم‪ .‬ولكن هذه التجارب األولية اليت أسفرت عن نتائج إجيابية خاصة بالصوت دفعت «بيل» للشروع يف أول عمل جاد له بشأن‬ ‫مستخدم ا الشوكة الرنانة الكتشاف رنني الصوت‪.‬وكتب تقري را عن عمله عندما كان عمره تسعة عشرة عام اً وأرسلها‬ ‫نقل الصوت‬ ‫ً‬ ‫إىل عامل بفقه اللغة ألكسندر إليس‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫ألكسندر كراهام بيل‬

‫هو خمرتع اسكتلندي‪ ،‬وكان أحد العلماء البارزين‪ ،‬خمرتع‪ ،‬مهندس واملبتكر الذي يرجع إليه الفضل يف اخ رتاع أول هاتف عملي‪.‬‬ ‫كديانة يعترب نفسه الادريا‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫ألكسندر غراهام بيل‬

‫أص ��ب ��ح «ب ��ي ��ل» أس ��ت ��اذاً لفسيولوجية ال ��ص ��وت وأس ��ال ��ي ��ب تعليم‬ ‫الكالم للصم والبكم بكلية التخاطب جبامعة بوسطن‪.‬‬ ‫يف عام ‪ ،1875‬قام «بيل» بتطوير جهاز التلغ راف الصويت وأعد‬ ‫طلب اً ب رباءة االخ رتاع الذي توصل إليه‪.‬منذ أن وافق على تقاسم‬ ‫أرباح الواليات املتحدة مع املستثمرين غاردينر هوبارد وتوماس‬ ‫س ��ان ��درز‪ ،‬فطلب بيل م رافقة حماولة تسجيل ب �راءة اإلخ ت�راع يف‬ ‫بريطانيا‪.‬‬ ‫ُس جلت ب �راءة اخ ت�راع «ب ��ي ��ل» برقم ‪ 174465‬ومنحها مكتب‬ ‫ب راءات اإلخ رتاع بالواليات املتحدة األمريكية إىل «بيل» يف يوم‬ ‫‪ 7‬مارس عام ‪.1876‬وكانت ب راءة اخ رتاع بيل تتعلق ب «طريقة‬ ‫وجهاز لنقل الصوت أو غريها من األص ��وات التلغ رافيا‪ ...‬من‬ ‫خ�لال التسبب يف التموجات الكهربائية‪ ،‬وتشبه يف شكلها‬ ‫لذبذبات اهلواء امل رافقة للصوتية أو غريها من الصوت»‬ ‫بدأ «بيل» سلسلة من النظريات والتجارب العملية واحملاض رات‬ ‫لكي يقدم اخ�تراع ��ه اجلديد للمجتمع العلمي خاص ةً وجلميع‬ ‫األف � �راد ع ��ام �ةً‪.‬وب ��ع ��د م ��رور ي ��وم واح ��د فقط على حماضرته األوىل‬ ‫ع ��ن ال ��ن ��م ��وذج األص ��ل ��ي ل ��ل ��ت ��ل ��ي ��ف ��ون يف امل ��ع ��رض ال � ��دويل امل ��ئ ��وي‬ ‫(‪ )Centennial Exposition‬ال ��ذي أق ��ي ��م بفيالدلفيا‬ ‫(‪ )Philadelphia‬ع ��ام ‪ ،1876‬أدى ه ��ذا األم ��ر إىل تصدر‬ ‫اخ رتاع التليفون العناوين الرئيسية يف مقاالت الصحف يف مجيع‬ ‫أحناء العامل‪ .‬مؤثرون لزوار املعرض مشلت االم رباطور بيدرو الثاين‬ ‫يف ال ربازيل‪ ،‬يف وقت الحق بيل وأتيحت له الفرصة إلثبات شخصيا االخ رتاع لوليام طومسون‪،‬‬ ‫كان هلذا احلماس واإلعجاب الشديد الذي أحاط العروض العامة اليت قدمها «بيل» تأثري كبري حيث من ذلك عن مدى القبول الدويل‬ ‫الخ رتاعه الذي أحدث ثورة يف عامل تكنولوجيا االتصاالت‪.‬وبيل شركة اهلاتف مت إنشاؤه يف عام ‪ ،1877‬وحبلول عام ‪ ،1886‬أكثر من‬ ‫‪ 150،000‬شخص يف الواليات املتحدة اململوكة للهواتف‪.‬‬ ‫على الرغم من أن ألكسندر ج راهام بيل ارتبط امسه ارتباطًا وثي ًق ا باخ رتاع التليفون‪ ،‬فإن له اخ رتاعات أخرى كانت حتظى بقدر من‬ ‫األمهية‪.‬‬ ‫تكمن م ��دى عبقرية «بيل» إىل حد ما يف أن ��ه حصل على ‪ 18‬ب �راءة اخ�تراع مت منحها بامسه فقط و‪ 12‬ب �راءة اخ�تراع حصل عليها‬ ‫مناصف ةً مع مساعديه‪.‬ومشلت هذه ال رباءات ‪ 14‬ب راءة اخ رتاع خاصة بالتليفون والتلغ راف وأربع ب راءات خاصة جبهاز الفوتوفون وب راءة‬ ‫اخ رتاع واحدة خاصة بالفونوغ راف ومخس ب راءات للمركبات اهلوائية وأربع ب راءات للطائ رات املائية وب راءيت اخ رتاع خلاليا السيلينيوم‪.‬‬ ‫إن اخ رتاعات بيل كانت تغطي جمموعة واسعة من املصاحل ومشلت سرتة معدنية للمساعدة يف التنفس‪ ،‬ومقياس السمع للكشف عن‬ ‫مشكالت طفيفة يف السمع‪ ،‬وجهاز لتحديد مواقع اجلبال اجلليدية‪ ،‬والتحقيقات حول كيفية فصل امللح من مياه البحر‪ ،‬والعمل‬ ‫على إجياد الوقود البديل‪.‬‬

‫املصدر ‪:‬موقع املعرفة‬

‫‪4‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫أبيقور‬ ‫(‪ 270-341‬ق‪.‬م)‬

‫أبيقور‬

‫أبيقور‬

‫فيلسوف يوناين قدمي‪ ،‬وصاحب مدرسة فلسفية مسيت بامسه (اإلبيقوريّة)‪.‬‬ ‫الزمين) وهو‬ ‫ولد أبيقور حوايل سنة ‪ 341‬ق م وتوفيٌ حوايل ‪ 270‬ق م (أي أنٌه يأيت بعد سق راط وأفالطون أرسطو يف ال ترٌ تيب ٌ‬ ‫ودرس الفلسفة‪ .‬مل يبقى من الكتب‬ ‫أس س املدرسة األبيقوريٌة‪ .‬هاجر إىل أثينا حوايل سنة ‪ 311‬ق م‬ ‫فيلسوف يوناين ٌ‬ ‫واستقر فيها ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اليت ألٌفها سوى شذ رات من احلكم وثالث رسائل‪.‬‬ ‫قام بكتابة حوايل ثالمثائة منجز مل يصلنا منهم إال بعض األج زاء والرسائل ومعظم ما وصلنا من الفلسفة اإلبيقورية مستمد من‬ ‫التابعني هلا وبعض املؤرخني‬ ‫غاية الفلسفة بالنسبة إلبيقور كانت الوصول للحياة السعيدة واملطمئنة وهلا خاصتني ‪ ،« Ataraxia« :‬وتعين الطمأنينة‪ ،‬و‬ ‫السالم‪ ،‬والتخلص من اخلوف و» ‪ « Aponia‬وتعين غياب األمل‪ ،‬واالكتفاء الذايت حماط اً باألصدقاء‪ .‬قال إبيقور أن السعادة واألمل‬ ‫مها مقياس اخلري والشر‪ ،‬وأن املوت هو هناية اجلسد والروح وهلذا ال ينبغي أن نرهبه‪ ،‬وأن اآلهلة ال تكافئ أو تعاقب البشر‪ ،‬وأن‬ ‫الكون ال هنائي وأبدي‪ ،‬وأن أحداث الكون تعتمد باألساس على حركات وتفاعالت الذ رات يف الف راغ‪.‬‬ ‫أثينيي‪ ،‬نوكليس وهارييسرتييت‪ ،‬وكان أبوه قد هاجر إىل مستعمرة أثينية بإحدى جزر حبر إجية تسمى جزيرة‬ ‫كان والده ووالدته‬ ‫نْ‬ ‫ساموس قبل حوايل عشرة سنوات من والدة إبيقور يف ف رباير ‪ 341‬ق‪.‬م‪ .‬تعلم إبيقور الفلسفة يف صباه علي يد معلم أفالطوين‬ ‫يسمى بامفيلوس‪.‬‬ ‫و يف الثامنة عشر من عمره ذهب إىل أثينا ملدة سنتني لتأدية اخلدمة العسكرية وقد خدم معه يف نفس الفئة العمرية الكاتب‬ ‫املسرحي ميناندير‪.‬‬ ‫هج ر بريديكاس مجيع األثينيني املقيمني بساموس إىل مدينة كولوفون اليت تقع على سواحل ما يسمى‬ ‫بعد موت اإلسكندر األكرب‪ّ ،‬‬ ‫برتكيا اآلن حيث ذهب إبيقور إليهم هناك بعد انتهاء خدمته العسكرية‪ .‬وتعلم على يد نوزيفانس الذي اتبع تعاليم دميوقريطوس‬ ‫‪.‬‬ ‫يف العامني ‪ 311‬و ‪ 310‬ق‪.‬م تعلم إبيقور يف ميتيليين ولكنه تسبب يف بعض الص راعات وأُرغم على الرحيل‪ .‬ذهب بعدها إىل‬ ‫مدرسة يف المباسكس قبل أن يرجع إىل أثينا يف العام ‪ 306‬ق‪.‬م‪ .‬وهناك أسس « احلديقة «‪ ،‬وهي مدرسة فلسفية مساها نسبة‬ ‫حلديقته اليت كانت تقع يف منتصف املسافة تقريبا بني الرواق اإلغريقي املعمد واألكادميية األفالطونية وكانت تعد مكان جتمع‬ ‫أعضاء املدرسة‪ .‬رغم تأثره مبفكرين أقدم منه مثل دميوقريطوس الذي اختلف معه يف نقطة شديدة األمهية وهي مبدأ احلتمية‪ ،‬فقد‬ ‫كان إبيقور ينكر دائما هذا التأثر ويتهم الفالسفة اآلخرين باخللط وي ّدعي أنه تعلم ذاتيا‪.‬‬

‫جمرد فكرة تقول إِن كل شيء يف العامل ميكن توضيحه من دون حاجة إِىل إِقحام اآلهلة‬ ‫با ِإلله ف ِإنّه‪ ،‬عند اإلبيقوريني‪ ،‬جيب أن َّ‬ ‫يتم من ّ‬ ‫أو القوى السحرية‪ .‬فالقدر‪ ،‬يف نظر إبيقور‪ ،‬غريب متام اً عن ا ِإلنسان الذي يعرف سالم النفس انطالق اً من اللحظة اليت يتوقف‬ ‫يوض حها توضيح اًَ منطقي اً وطبيعي اً‪.‬‬ ‫فيها عن اخلوف من األحداث الطبيعية‪ ،‬أل ّن ب ِإمكانه أن ّ‬ ‫«أنشأ إبيقور نظامي اً فلسفيا وأسلوب اً للحياة يستحقا اح رتامنا بل ووالءنا‪ .‬ذلك النظام احليايت اإلبيقوري أغري اآلالف ألتباعه‬ ‫وااللت زام به يف اجملتمعات البحرمتوسطية القدمية اليت ظلت متماسكة ملئات السنني‪ .‬ولكن‪ ،‬منذ بداية مسريته التعليمية مل تسلم‬ ‫رسالة إبيقور من االع رتاضات وحماوالت التشويه من فالسفة أكادمييني وسلطات سياسية مث دينية مسيحية‪ .‬مل حيدث رغم كل ذلك‬ ‫أن هجر اإلبيقوريون فكرهم أو أبدلوه بفكر فلسفي آخر بل علي العكس كانت املدارس الفلسفية األخري تفقد طالهبا لصاحل‬ ‫املدرسة اإلبيقورية‪ ،‬ملاذا؟ ألهنم ببساطة وجدوا أن هلذا الفكر معين حقيقي ومنطق متماسك‪.‬‬

‫لم أبالى أبدا بالعوام ‪ ,‬الن ما اعرفه ال يوافقونني عليه ‪ ,‬وما يتفقون عليه ال اعرفه‬ ‫لو أن اآللهة تنصت لصالة البشر لهلكوا سريعا أجمعين ‪ ,‬ألنهم ال يتوقفون عن الصالة التي يدعون فيها‬ ‫أن يصيب الشر بعضهم بعضا‬

‫مل يتزوج إبيقور طوال حياته ومل ينجب‪ .‬كان يعاين من احلصى الكلوية ومتلك منه مرض حيت تويف يف العام ‪ 270‬ق‪.‬م عن عمر‬ ‫يناهز ‪ 72‬عام اً ورغم األمل الشنيع الذي كان يشعر به‪ ،‬كتب إىل صديق له يف المباسكاس يقول ‪« :‬أكتب لك هذا اخلطاب يف يوم‬ ‫سعيد‪ ،‬وهو أيضا آخر يوم يل يف احلياة‪ ،‬لقد أصبت باحنباس البول والديزنتاريا‪ ،‬وهو شيء مؤمل جدا حيث ال ميكن أن يكون هناك‬ ‫مثيال ملعانايت‪ ،‬ولكن هبجة عقلي اليت تأيت من إعادة تأمل مجيع د راسايت الفلسفية‪ ،‬ختفف عين كل اآلالم‪ .‬أرجو منك االهتمام‬ ‫بأطفال مرتودورس‪ ،‬بطريقة تليق بتفاين هذا الشخص من أجلي ومن أجل الفلسفة»‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫إِن الطبيعة‪ ،‬يف نظر الرواقي‪ ،‬هي نفسها ا ِإلله‪ ،‬أما يف نظر اإلبيقوري‪ ،‬ف ِإهنا حدث واقعي جيد فيه ا ِإلنسان ال راحة والسالم‪ ،‬ومن‬ ‫الواضح أن الرواقيني واإلبيقوريني يستعملون تعب رياً واحداً لتمييز موقف احلكيم هو غياب االضط راب ‪ Ataraxia‬أو انعدامه وإِذا‬ ‫كان هذا الغياب مرتبط اً ‪-‬عند الرواقيني‪ -‬مبنطق أ ّن األشياء واملوجودات واألحداث مرتبطة بعضها ببعض بعالقة عليّ ا متعلقة‬

‫‪6‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬ ‫من فلسفة ابيقور‬

‫هي اخلري األمسى وهي «غاية احلياة‬ ‫ٌ‬ ‫أهم ما وصلنا من فلسفته يدور حول املسألة اخللقيٌ ة‪ .‬وأطروحته األساسيٌ ة تتم ثٌل يف أ ٌن الل ٌذة ٌ‬ ‫تصوره لإلنسان فباعتبار أ ٌن اإلنسان جسد و نفس فإ ٌن سعادته تكمن يف حتقيق‬ ‫على‬ ‫عادة‬ ‫للس‬ ‫أبيقور‬ ‫ر‬ ‫تصو‬ ‫س‬ ‫ويتأس‬ ‫عيدة»‪.‬‬ ‫الس‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اخلري املالئم لطبيعة كليهما‪ .‬واخلري املالئم لطبيعة اجلسد هو ال لٌ ٌذة أم اٌ اخلري املالئم لطبيعة ال نٌ فس فهي ال طٌمأنينة ‪ .‬وبال تٌ ايل‬ ‫الس بيل إىل حتقيق أكرب قدر ممكن من ال لٌ ٌذة؟ وكيف‬ ‫الس ؤالني التٌ اليني ‪ :‬كيف ٌ‬ ‫سيكون على الفلسفة األبيقوريٌة أن جتيب عن ٌ‬ ‫الس بيل إىل حتقيق ال طٌمأنينة؟‬ ‫ٌ‬ ‫األول فيجيب أبيقور أ ٌن ذلك يتح ٌق ق باإلعتدال‪ .‬إذ خالفا ملا يعتقده البعض‪ ،‬ليست األبيقوريٌة دعوة إىل التٌ متٌ ع‬ ‫الس ؤال ٌ‬ ‫ٌأم ا عن ٌ‬ ‫هي ل ٌذة خيالطها الكثري من األمل واإلف راط يف‬ ‫كل احلاالت ودون ٌ‬ ‫أي شروط‪ ،‬ذلك أ ٌن ال لٌ ٌذة اليت حتصل بإشباع ٌ‬ ‫بال لٌ ٌذة يف ٌ‬ ‫الرغبات ٌ‬ ‫يؤدي إالٌ إىل ال تٌ عاسة واهلالك‪ .‬ويف احلقيقة يق ٌدم أبيقور معىن جديدا ل لٌ ٌذة إذ ال لٌ ٌذة عنده ال تكمن يف إشباع‬ ‫طلبها ال ميكن أن ٌ‬ ‫الرغبة وهي عندئذ غياب لألمل الذي يصحبها‪.‬‬ ‫الرغبة وإنمٌ ا يف غياب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الس ؤال ال ثٌاين فيجيب أبيقور إ ٌن ذلك يتح ٌق ق بال تٌ خ لٌ ص ممٌا يسبٌ ب اضط راب ال نٌ فس وال نٌ فس تضطرب من اخلوف من أمرين‬ ‫ٌأم عن ٌ‬ ‫أساسيني ‪ :‬اآلهلة واملوت‪ .‬وال يستطيع اإلنسان أن يتخ لٌ ص من هذا اخلوف إالٌ بالوعي بال مشروعيٌ ته يف كلتا احلالتني‪ .‬فبال نٌ سبة‬ ‫يهم األحياء‪ .‬إذ بناء على أ ٌن املوت هو هناية فعلية لإلنسان‬ ‫للموت ليس هنالك ما يدعو إىل اخلوف منه إذ املوت يف احلقيقة أمر ال ٌ‬ ‫فال ميكن لإلنسان أن يواجهه «فعندما أوجد اليوجد املوت وعندما يكون املوت لن أكون موجودا» فلم اخلوف إذا؟ ٌأم ا اآلهلة‬ ‫الهتم ه شؤون البشر ومن مثٌة فليس هنالك‬ ‫يهتم إالٌ بنفسه وبال تٌ ايل فاإلاله ٌ‬ ‫فأبيقور الينفي وجودها لك نٌ ه يعترب أ ٌن الكائن الكامل ال ٌ‬ ‫ما يدعونا إىل اخلوف من عقابه‪.‬‬ ‫يقول ابيقور عن اللذة‪:‬‬ ‫حارة وا ٌن ال ثٌلج أبيض‪.‬‬ ‫ٌأم ا أ ٌن الٌل ٌذة خري فذلك أمر‬ ‫بديهي يشعر به اإلنسان كما يشعر أ ٌن ال نٌ ار ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الس عيدة وغايتها‪.‬‬ ‫هي بداية احلياة ٌ‬ ‫إ ٌن ال لٌ ٌذة ٌ‬ ‫وكل ما مي تٌ ع العني واألذن‪.‬‬ ‫أتصور ماهو خري إذا استبعدنا مل ٌذات ال طٌعام‬ ‫ٌ‬ ‫بال نٌ سبة يل ال ميكنين أن ٌ‬ ‫واحلب ٌ‬ ‫كل أمل‪.‬‬ ‫إنٌنا ال نبحث عن أيٌة ل ٌذة‪ ...‬وال ينبغي أن نتج نٌ ب ٌ‬ ‫ال لٌ ٌذة اليت نقصدها هي اليت تتميٌ ز بانعدام األمل يف اجلسد واالضط راب يف اجلسد‪.‬‬ ‫احلي أن يسعى إىل شيء ينقصه‪.‬‬ ‫و ٌ‬ ‫مبجرد أن تتح ٌق ق لنا هذه احلالة ح تىٌ هتدأ ٌ‬ ‫كل عواصف ال نٌ فس ولن يكون على الكائن ٌ‬ ‫عندما أوجد اليوجد املوت وعندما يكون املوت لن أكون موجودا‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫من فلسفة ابيقور‬

‫كان أبيقور ينكر تدخل اآلهلة يف شؤون العامل‪ ،‬وينطلق من االع رتاف خبلود املادة‪ ،‬اليت متلك مصد را داخليا للحركة‪ .‬وقد أحي‬ ‫أبيقور املذهب الذري عند ليوكيبوس ودميقريطس مضيفا تغي رياته اخلاصة‪ .‬فقد أدخل فكرة ‹االحن رافات» اآلين (املشروط بظروف‬ ‫داخلية) للذ رات عن مسارها‪ ،‬لكي يفسر إمكان تصادم الذ رات املتحركة يف الفضاء احلاوي بسرعة متساوية‪ .‬وهذا هو أساس‬ ‫نظرة أعمق للتداخل بني الضرورة والصدفة‪ ،‬وخطوة لألمام باملقارنة باحلتمية اآللية عند دميقريطس‪ .‬وأبيقور حسي يف نظرية‬ ‫املعرفة‪ ،‬فاألحاسيس صادقة بذاهتا ألهنا تنطلق من الواقع املوضوعي‪ :‬أما األخطاء فتنشأ عن تفسري األحاسيس‪ .‬ويشرح أبيقور أصل‬ ‫األحاسيس بطريقة مادية ساذجة‪ :‬تدفق مستمر للجزئيات الدقيقة ي زاح من سطح األجسام ليخرتق احلواس وحيدث فيها صورا‬ ‫لألشياء‪ .‬وهدف املعرفة حترير اإلنسان من اجلهل واخل رافات‪ ،‬من اخلوف من اآلهلة واملوت‪ ،‬الذي بدونه تكون السعادة مستحيلة‪.‬‬ ‫ويف جمال األخالق‪ ،‬يربر أبيقور املتع العقلية القائمة على املثل األعلى الفردي لإلفالت من األمل وحتقيق حالة هدوء ومتعة للروح‪.‬‬ ‫وأكثر حاالت اإلنسان عقالنية ليست هي النشاط وإمنا السالم الكامل‪ ،‬السكينة‪ .‬وقد شوهت الفلسفة املثالية (هيجل مثال)‬ ‫املذهب املادي ألبيقور‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫من فلسفة ابيقور‬

‫وعن اإلهليات‪ ،‬يكتب سام علي انه قال‪:‬‬ ‫إن الغاية اليت يرمي إليها األبيقوريون من وراء هذه الطبيعيات هي أن يزيلوا عن اإلنسان كل األوهام واآلراء السابقة اليت من شأهنا‬ ‫أن تع ّك ر السعيدة‪ ،‬فكأهنا يف الواقع متصلة اتصاالً تام اً مبسألتني دينيتني رئيستني‪:‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬مسألة اآلهلة من حيث تصورهم ووجودهم‪.‬‬ ‫واملسألة الثانية‪ :‬مسألة العناية اإلهلية‪.‬‬ ‫أما الدين وما يتصل باهلل بوجه عام فقد الحظ األبيقوريون‪ ،‬وأبيقور على رأسهم‪ ،‬أن عدم اإلميان بالدين الشعيب املألوف‬ ‫واملعتقدات الدينية عموم اً أسلم بكثري من اإلميان هبا‪ ،‬حىت أن الذي يؤمن هبا هو الذي يرتكب خطيئة دينية يف الواقع‪ ،‬بينما الذي‬ ‫ال يؤمن هبا هو الذي يسلك سبيل الصواب‪.‬‬ ‫شر ما بعده شر‪ ،‬وإن الواجب على اإلنسان ومهمة الفلسفة األوىل أن‬ ‫ويذهب «لوكرتيوس» إىل أبعد من هذا فيقول‪ :‬إن الدين ٌّ‬ ‫تتخلص هنائي اً من كل دين‪ ،‬ألن الدين هو ينبوع كل شر‪ .‬أما العناية اإلهلية فقال عنها األبيقوريون أهنا وهم من األوهام‪ ،‬وال تتفق‬ ‫مع مقام األلوهية‪ ،‬فأين هذه العناية اإلهلية يف ع ا ٍلمَ ُّ‬ ‫اخلي أسوأ بكثري‬ ‫حظ الشر فيه أكرب من بآالف امل رات من حظ اخلري‪ ،‬ومصري رِّ‬ ‫جداً من مصري الشرير؟‬ ‫وأدناه بعض احلوارات االبيقورية االساسية واليت تبني يعض جوانب فلسفته يف احلياة ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إذا كان اهلل كامل وكلي القدرة فهو إذن يف سالم دائم ولذا الميكن أن يغضب أو أن ينزعج من أي شيء أو من أي خملوق الن‬ ‫غري الكامل هو الذي ينزعج ويغضب ويضطرب واذا كان اهلل كامال فهو الحيتاج اىل اي شيء او اىل اي احد ألنه إذا احتاج إىل‬ ‫شيء أو طلب من أي احد شيء ما سيكون ليس اخلالق الكامل او الكلي القدرة ‪.‬‬ ‫‪ -2‬إن املوت ال يعين لنا الكثري فعندما يتحول اجلسد والدماغ إىل ت راب ورماد لن يبقى هناك شعور أو تفكري ‪.‬‬ ‫‪ -3‬إن قمه اللذة أن تكون ح را من احلسد‪.‬‬ ‫‪ -4‬من املستحيل أن تكون سعيدا بدون أن تكون حكيما وحمرتما وشريفا ومن املستحيل أن تكون حكيما وحمرتما وشريفا بدون‬ ‫أن تكون سعيدا ‪.‬السعادة تعتمد على ممارسه احلكمة ‪،‬االح رتام واألمانة وان تكون مهمال لواحدة من هذه األمور يعين أن حياتك‬ ‫سيسودها االضط راب والضياع واألسى ‪.‬‬ ‫‪ -5‬ليس هناك لذة أو متعه هي سيئة حبد ذاهتا أو لذاهتا ‪،‬ماهو سيء هو أن ال تستخدم عقلك عندما ختتار أي من املتع اليت تقبل‬ ‫عليها أو تلك اليت تتجنبها ‪.‬‬ ‫‪ -6‬إذا كان ما جيلب البهجة حلياه اإلنسان يسهم بتحريرهم من اخلوف من الرب واملوت ويسهم بتعليمهم كيفيه التحكم‬ ‫برغباهتم بشكل عقالين ومنطقي ‪،‬سيصبحوا اح رارا من اي امل جسدي او عاطفي وسيكونون بدون أخطاء ويكون هذا بداية‬ ‫القضاء على الشر ‪.‬‬ ‫‪ -7‬اذا مل يتعكر صفو أذهاننا بأيه خ رافات حول املذنبات والنجوم الساقطة أو إية خ رافات فلكيه أخرى وباخلوف من املوت وبقله‬ ‫معرفتنا حبدود األمل أو كيف تعامل مبنطقيه مع رغباتنا سيكون سهال علينا أن منتلك معرفه كليه وشامله لعلوم الطبيعة ‪.‬‬ ‫‪ -8‬ان اي منا لن يكون متحررا من مجيع األفكار املزعجة واملخيفة إذا مل يكن لديه معرفه علميه دقيقه وشامله للطبيعة وإال‬ ‫فسيكون بدون ذلك حتت سيطرة اخل رافات واألساطري‪.‬‬ ‫‪ -9‬ان الغىن احلقيقي هو ان متلك ماحتتاجه فعال حلياه هانئة سعيدة ومن اخلطأ أن تتصور أن الغىن واجلاه ستنهي كل متاعبك بل‬ ‫ستسهم بإرهاقك طول حياتك ‪.‬لن تعطيك احلياة اخلالدة من السعادة أكثر مما تعطيك حياتك الفانية إذا استطعت ان حتيا حياه‬ ‫عقالنيه وان تبين فهما صحيحا للبهجة يف هذه احلياة ‪.‬‬ ‫من أقوال ابيقور املأثورة يف اهلل واملوت‪:‬‬

‫هل يريد اهلل ان يمنع الشر ‪ ,‬لكنه ال يقدر ؟‬ ‫حينئذ هو ليس كلى القدرة !!‬ ‫هل يقدر ‪ ,‬لكنه ال يريد ؟‬ ‫حينئذ هو شرير !!‬ ‫هل يقدر ويريد ؟‬ ‫فمن اين يأتى الشر اذن ؟‬

‫‪8‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫هل هو ال يقدر وال يريد؟‬ ‫فلماذا نطلق عليه اهلل اذن؟‬

‫من فلسفة ابيقور‬

‫إما ان اهلل يريد أن يمحو الشر لكنه ال يقدر ‪ ,‬او انه يقدر لكنه ال يريد ‪ ,‬او انه ال يقدر وال يريد‬ ‫ان كان يريد ‪ ,‬ولكنه ال يقدر ‪ ,‬فانه ليس كلى القدرة‬ ‫ان كان يستطيع ‪ ,‬ولكنه ال يريد ‪ ,‬فانه شرير‬ ‫لكن ان كان اهلل يقدر ويريد ان يمحو الشر ‪ ,‬فلماذا يوجد الشر فى العالم ؟‬

‫لماذا أخاف من الموت ؟‬ ‫فطالما انا موجود‪ ،‬فان الموت ال وجود له‬ ‫وعندما يكون الموت‪ ،‬فأنا لست موجودا‬ ‫فلماذا اخاف من ذلك الذى ال وجود له عندما أكون موجودا ؟؟‬

‫مصدر ‪ :‬الذاكرة‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫(‪ 8‬نوفمرب ‪1986‬ـ ‪ 11‬كانون التاين‪)2013‬‬

‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬

‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬

‫رئيس كوبا منذ العام ‪1959‬عندما أطاح حبكومة «فوجلنسيو باتيستا»‬ ‫وحول بالده إىل النظام الشيوعي‪ ،‬لتصبح كوبا أول بلد يعتنق الشيوعية‬ ‫ّ‬ ‫يف العامل الغريب‪.‬‬ ‫ترعرع يف كنف والديه املهاجرين من إسبانيا والذين يعدون من امل زارعني‬ ‫االث ��ري ��اء‪ .‬تلقى تعليمه يف املدرسة التحضريية‪ ،‬ويف ع ��ام‪ ،1945‬التحق‬ ‫جبامعة ه ��اف ��ان ��ا حيث درس ال ��ق ��ان ��ون وخت ��رج منها ع ��ام ‪ .1950‬مث عمل‬ ‫كمحامي يف مكتب حم ��ام ��اة صغري وك ��ان ل ��دي ��ه ط ��م ��وح يف ال ��وص ��ول إىل‬ ‫ال�برمل ��ان ال ��ك ��ويب إال أن االن ��ق�لاب ال ��ذي ق ��اده فولگنسيو باتيستا عمل‬ ‫على إلغاء االنتخابات ال ربملانية املزمع عقدها‪ .‬وكردة فعل احتجاجية‪،‬‬ ‫قوة قتالية وهاجم إحدى الثكنات العسكرية وأسفر هذا‬ ‫ش ّك ل كاسرتو ّ‬ ‫اهلجوم عن سقوط ‪ 80‬من أتباعه وإلقاء القبض على كاسرتو‪ .‬حكمت‬ ‫احملكمة على كاسرتو بالسجن ‪ 15‬عام اً وأطلق س راحه يف عفو عام يف‬ ‫مايو ‪ ،1955‬اختفى بعدها يف املنفى بني املكسيك والواليات املتحدة‪.‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫فيدل أليهاندرو كاسرتو‬

‫و على منت قارب ش راعي‪ ،‬أحبر كاسرتو ورفاقه من املكسيك إىل كوبا‬ ‫وسمُ يت زمرته حبركة ‪ 26‬يوليو‪ ،‬وأعرب كاسرتو عن تبنيه لفكر الرئيس‬ ‫األمريكي توماس جفرسون والرئيس اب راهام لينكولن فيما يتعلق بنظام‬ ‫العمل ورأس املال ورفضه لتأميم أي من الصناعات احمللية‪ .‬وجيادل كل من خصومه وأنصاره أن أفكار كاسرتو املعلنه قبل حصوله‬ ‫على السلطة ال متت بصلة بالواقع العملي بعد توليه مهام الرئاسة‪.‬‬ ‫حترك كاسرتو عسكري اً مع حفنة من الرجال يف ‪ 2‬ديسمرب ‪ 1956‬وفيدل كاسرتو يصل إىل كوبا على منت مركب بعد حوايل عام قضاه‬ ‫يف املنفى بني املكسيك والواليات املتحدة‪ .‬كان معه فصيل ثوري من ‪ 80‬ثوري وقع يف كمني مل ينج منه سوى ‪ 12‬شخص اً‪ ،‬جلأوا إىل‬ ‫اجلبال ومارسوا حرب عصابات وشكلوا نواة جيش الثوار‪ .‬ومبرور الزمن بلغ عدد اف راد اجليش ‪ 800‬عنصر‪ .‬وبتأييد شعيب‪ ،‬وانضمام‬ ‫رجال القوات املسلحة الكوبية إىل صفوفه‪ ،‬استطاع كاسرتو أن يشكل ضغط اً على حكومة هافانا مما اضطر رئيس احلكومة ورئيس‬ ‫اجلمهورية إىل اهلرب من العاصمة يف ‪ 1‬يناير ‪ 1959‬واستحواذ كاسرتو وأعوانه على العاصمة الكوبية هاڤانا‪.‬‬ ‫يعترب كاسرتو نفسه ملحداً ومل ميارس الطقوس الدينية املسيحية منذ نعومة أظافره‪ ،‬وقد أقصته البابوية يف الفاتيكان عن املذهب‬ ‫الكاثوليكي يف ‪ 3‬يناير ‪ 1962‬الرتداد كاسرتو عن الكاثوليكية‪.‬‬ ‫سارعت الواليات املتحدة باالع رتاف باحلكومة الكوبية اجلديدة وكان كاسرتو رئيس اً للحكومة آنذاك‪ .‬وسرعان ما بدأت العالقات‬ ‫االمريكية الكوبية بالتدهور عندما قامت كوبا بتأميم الشركات األمريكية‪ ،‬و حتديداً‪ ،‬شركة «الفواكه املتحدة»‪ .‬و يف ابريل من‬ ‫وتذرع الرئيس األمريكي لعدم استطاعته‬ ‫‪ ،1959‬زار الرئيس كاسرتو الواليات املتحدة والتقى مع نائب الرئيس ريتشارد نيكسون‪ّ ،‬‬ ‫اللقاء مع كاسرتو الرتباطه بلعبة الغولف وقد طلب الرئيس األمريكي من نائبه التحقق من انتماء كاسرتو السياسي ومدى ميوله‬ ‫جلانب املعسكر الشرقي‪ ،‬وخلص نائب الرئيس نيكسون إىل أن كاسرتو «شخص بسيط و ليس بالضرورة مييل إىل الشيوعية»‪ .‬ويف‬ ‫ف رباير عام ‪ ،1960‬اشرتت كوبا النفط من االحتاد السوفيييت ورفضت الواليات املتحدة املالكة ملصايف تكرير النفط يف كوبا التعامل‬ ‫مع النفط السوفيييت‪ ،‬فقام كاسرتو على تأميم املصايف االمريكية مما جعل العالقات االمريكية الكوبية يف أسوأ حال‪.‬‬ ‫استناداً على مذك رات الرئيس السوفيييت خوروشوف‪ ،‬فقد رأى االحتاد السوفيييت أن يقوم على نشر صواريخ بالستية لتحول دون‬ ‫حماولة الواليات املتحدة من غزو اجلزيرة‪ .‬ويف ‪ 15‬اكتوبر ‪ ،1962‬اكتشفت طائ رات التجسس االمريكية منصات الصواريخ السوفييتية‬ ‫يف كوبا ورأت هتديداً مباش را للواليات املتحدة نتيجة املسافة القصرية اليت تفصل بني كوبا والواليات املتحدة (‪ 90‬ميل)‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫و قامت البحرية االمريكية بتشكيل خط حبري يعمل على تفتيش السفن املتجه‬ ‫إىل ك ��وب ��ا‪ .‬و يف ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1962‬بعث الرئيس ال ��ك ��ويب ك ��اس�ترو برسالة خطية‬ ‫شن هجوم نووي على الواليات املتحدة ولكن‬ ‫للرئيس السوفيييت حيثه فيها على ّ‬ ‫االحتاد السوفيييت مل يستجب هلذا الطلب‪ .‬ورضخ االحتاد السوفيييت إلزالة الصواريخ‬ ‫الكوبية شريطة أن تتعهد الواليات املتحدة بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ‬ ‫البالستية األمريكية يف تركيا‪ .‬و باستتباب األمن وزوال اخلطر‪ ،‬اتسمت العالقة بني‬ ‫الواليات املتحدة و كوبا بالعدائية‬

‫‪12‬‬


‫نبضات بن باز ‪...‬‬

‫ديسمرب ‪2012 ,31‬‬ ‫اعتقلت الرشطة الكويتية بنباز‪ ،‬تم إيقافه من مكان عمله‬ ‫وزج به يف السجن‪.‬‬ ‫اتهم بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‬ ‫األدلة املقدمة ضده‪ ،‬مدونته‪:‬‬ ‫وثائق رسمية أسفله‬ ‫فرباير ‪2013, 7‬‬ ‫أدين بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‪ .‬حكم عليه بالسجن‬ ‫ملدة سنة واحدة يف السجن باإلضافة إىل العمل القرسي‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل غرامة مالية واإلبعاد من الكويت‪.‬‬ ‫نشاط بنباز قبل اعتقاله‬ ‫كتابة عىل مدونته‪http://www.benbaz.info :‬‬ ‫الكتابة عىل صفحته يف الفيسبوك‬ ‫كاتب مساهم يف مجلة ‪( IThink‬مجلة إلحادية شهرية‬ ‫باللغة العربية)‪http://i-think-magazine.blogspot. :‬‬

‫نبضات بن باز ‪...‬‬

‫عبد العزيز محمد الباز‪ ،‬املعروف أيضا بإسم بنباز‪ ،‬ولد‬ ‫ألبوين مرصيني سنة ‪ 1985‬يف الكويت‬ ‫حاصل عىل درجة البكالوريوس يف التجارة شعبة اللغة‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وعمل محاسبا لرشكة محلية يف الكويت تسمى‬ ‫مرايا الخليج حتى ألقي القبض عليه‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫?‬

‫نحن بحاجة ملساعدتكم‬ ‫للضغط عىل الحكومة‬ ‫الكويتية إلطالق رساح «بن‬ ‫باز»‬

‫نبضات بن باز‬ ‫‪com/، https://www.facebook.com/I.Think.‬‬ ‫‪Magazine‬‬ ‫مساهم عىل االنرتنت باإذاعة امللحدين العرب‬

‫نحن بحاجة ملساعدتكم للضغط عىل الحكومة الكويتية‬ ‫إلطالق رساح بنباز‬ ‫وقعو عىل العريضة‪http://tinyurl.com/ :‬‬ ‫‪BenBazPetition‬‬ ‫انضامم مجموعة ‪ FreeBenBaz‬يف الفيسبوك‪https:// :‬‬ ‫‪/www.facebook.com/groups/FreeBenBaz‬‬ ‫تابع صفحة يف الفيسبوك املجتمع ‪FreeBenBaz: https://‬‬ ‫‪www.facebook.com/Freebenbazpage‬‬ ‫عىل التويرت ‪hastag: # FreeBenBaz‬‬ ‫إذا كنت تستطيع تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة‬ ‫الكويتية أو القنصلية يف مدينتك إتصل بناو سوف نساعدك‪.‬‬ ‫لالنضامم إىل ‪ FreeBenBazProtest‬الصفحة يف الفيسبوك‪:‬‬ ‫‪http://tinyurl.com/BenBazProtest‬‬ ‫يرجى مساعدتنا بالفيديو والكتابة يف مدوناتكم الخاصة‬ ‫وعىل الفسبوك والتويرت‪ ،‬وكتابة املقاالت‪،‬و اإلتصال بوسائل‬ ‫اإلعالم‬ ‫لدينا رشيط فيديو عىل موقع يوتيوب يرجى مشاهدة و‬ ‫البت عىل الفايسبوك و التويرت ‪:‬‬ ‫‪http://youtu.be/2B_n7wo4Ji4‬‬ ‫شكرا لكم!‬

‫مدونة محمد عبد العزيز‬ ‫‪www.benbaz.info‬‬ ‫صفحة الفيسبوك‬ ‫‪www.tinyurl.com/Benbazfacebook‬‬

‫لتوقيع العريضة‬ ‫‪www.tinyurl.com/BenBazPetition‬‬

‫‪14‬‬


‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫حممد مريغني‬

‫اجلواب يف منتهى البساطة وإن تع ّددت الصيغ والفلذلكات البيانية والعرفانية اليت تجُ يب عليه‪ ،‬وهو أ ّن القرآن هو من أخربنا بذلك‪.‬‬ ‫كفيل بأن نُصدق القرآن‬ ‫ومادمنا عاجزين عن إجياد تصور علمي لوجود الكون أو كيفية نشوئه فهذا من وجهة نظرنا كمؤمنني‬ ‫ٌ‬ ‫الذي أخربنا عن نظرية اخللق و السماء اليت كانتا رتق اً ففتقهما اهلل وخلق السموات واألرض يف ستة أيام وفجر ينابيع يف األرض ‪...‬‬ ‫إخل ‪.‬‬ ‫هب أننا عجزنا عن إجياد تصور منطقي لبداية الكون وكيفية وجودنا‪ ،‬وأن مجيع اإلجتهادات العلمية اليت قدمت لنا تصوراهتا أو‬ ‫إف رتاضاهتا حول هذا املوضوع مل تُقنعنا‪ ،‬هل هذا العجز ٍ‬ ‫كايف ألن جنزم أ ّن اهلل هو‬ ‫بداية أو من بدأ الكون ؟‬ ‫ملاذا ال نضع إحتمال ولو ‪ %0.5‬بأ ّن الكون قد يكون ناتج عن حتوالت أو عمليات‬ ‫فيزيائية ما أو ظاهرة مل ندرك كنهها بعد وقد ندركها يف املستقبل؟ متام اً كما أن‬ ‫عالج اليوم حقيقة موضوعية دون أن نعين بإق رارها أنّنا عاجزين عن‬ ‫ليس للسرطان ٌ‬ ‫عالج له يف املستقبل املنظور ‪.‬‬ ‫إجياد ٍ‬ ‫مبعىن آخر ملاذا يظهر اهلل يف الصورة بإستم رار عرب تاريخ البشر فقط مللئ كل ف راغ‬ ‫علمي أو فجوة معرفية ؟؟‬ ‫إ ّن عدم قدرة امللحدين على إثبات ( عدم ) وجود اهلل ال يصلح أن يكون دلي الً على‬ ‫أي شئ أو كائن ال يتم من خالل العجز عن نفي إثباته‪،‬‬ ‫وجوده ‪ ،‬أل ّن إثبات وجود ّ‬ ‫وإنمّ ا يتم من خالل القدرة على إثباته برهانيا ‪ ..‬فاإلثبات ليس سلبي اً أو نفيي اً وإنمّ ا‬ ‫هو فعل إجيايب ‪ .‬على سبيل املثال ‪ :‬عدم القدرة على تأكيد عدم وجود (عباس)‬ ‫داخل الغرفة املغلقة ال يُثبت أ ّن عباس داخلها بالفعل ‪ ،‬وإن ظّل اإلحتمال قائم اً‬ ‫‪ ..‬وبالتايل عدم القدرة على نفي وجود اهلل ال يعين أنّه موجود بالفعل ‪.‬‬ ‫ملاذا نصدق الق ران ونُقر بصحة ما أتى به من أن مثّة إله خلقنا ليجمعنا ذات يوم‬ ‫ليعذب بعضنا ويُنعم البعض اآلخر ؟ وأنّه خلق اجلنة والنار واملالئكة اليت تسبح‬ ‫من خيفته ( ويسبح الرعد حبمده واملالئكة من خيفته ) واحلافية من حول العرش‬ ‫رس ل من السماء ل ّدعم وتعضيض‬ ‫( وترى املالئكة حافني من حول العرش ) واليت تُ َ‬ ‫صفوف املسلمني يف ح ��روهب ��م املقدسة ( إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم رحيا‬ ‫وجنودا مل تروها ) ‪.‬‬ ‫بل وتتنزل على العباد الصاحلني بالطمأنينة أن ال ختافوا وال حتزنوا ‪ ،‬وتنادي القائمني باحملاريب وهم يصلون ‪ ،‬وتنادي على مرمي‬ ‫وتبشرها باإلصطفاء اإلهلي وتتوىف األنفس وتُطلق أبواق اإلنذار بيوم احلشر ‪ ،‬وخلق اجلن الذين هلم رسل متاما مثلما لنا حنن وبعضهم‬ ‫يدخلون النار أيضا يوم القيامة مع كفارنا معشر اإلنس ( ولقد زرأنا جلهنم كثري من اجلن واإلنس ) بل هم مطالبون كذلك بإتباع‬ ‫إيل انه استمع نفر من اجلن فقالوا انا مسعنا ق رانا عجبا يهدي اىل الرشد فامنا به )‪ ،‬بل سبق وأنهّ م‬ ‫الرسالة اإلسالمية ( قل اوحي ّ‬ ‫عُ بِ ُد وا من قبل ( وجعلوا هلل شركاء اجلن ) ( بل كانوا يعبدون اجلن أكثرهم هبم مؤمنون )‪ .‬وال أُريد اخلوض يف التهاويل اليت أمرنا‬ ‫القرآن بأن نقتنع بأنهّ ا ستحدث يوم أن يبعثنا اهلل من قبورنا ليحاسبنا لضيق السياق ‪ ،‬وال أُريد احلديث كذلك عن باقي الغيبيات‬ ‫اليت أمرنا كذلك بأن نُصدقها ومن ضمنها املعج زات اليت هي بالنسبة لنا اليوم غيبيات ألنّنا مل نشاهدها وال منلك دلي الً على‬ ‫حدوثها أو تأكي ٌد ما على حدوثها‪.‬‬ ‫عموم اً فالنتسائل ‪ :‬ما الدليل الذي ق ّد مه لنا القرآن ويف مقابله يأمرنا أن نقر بكل ذلك ويكون من حق اهلل علينا ـ إن مل نفعل ـ‬ ‫تعذيبنا وختليدنا يف النار ؟ النريد أن نزعم بإستحالة حدوث الفيضان الذي أغرق العامل أو البحر الذي إنشق ملوسى أو الفتاة اليت‬ ‫ميس سها ذكر أو النار اليت مل حترق إب راهيم ‪ ....‬اخل ‪ ،‬ولكن هل حق اً هي قد حدثت بالفعل ؟ وما الدليل‬ ‫تلد مولودها وهي عذ راء مل ّ‬ ‫على حدوثها ؟‬ ‫بإمكان املريغين أو املكاشفي أو ايّاً من أقطاب الصوفية أن ي ّدعي وي ّدعي ح ريانه معه أهنم رأوه وهو حيي املوتى ‪ ،‬ولكن هل هذا لوحده‬

‫ولنا أن نتساءل باملثل ‪ :‬هل جمرد (ظهور) الشمس من املشرق يثبت أ ّن اهلل هو من فعل ذلك أو أ ّن ذلك مت بناءً على أوامر منه‬ ‫شخصي اً ؟ ملاذا ال نقول أ ّن السبب هو دوران األرض ؟ أنا شخصيا أعتقد أ ّن الشمس (ستظهر) باملشرق حىت ولو مل يكن اهلل‬ ‫موجوداً ‪ ،‬ويف آخر األمر املسألة جمرد تالعب بالكلمات ‪.‬مث هب أنّين ّإدعيت أ ّن جديت هي من (تأيت) بالشمس من املشرق ‪ ،‬فهل‬ ‫تستطيع أن تنفي أو تؤكد صحة هذه اإلفادة ( الكالمية )؟‬ ‫لك يف أن ال تُصدقين ‪ ،‬وإذا أنكرت صدق هذا اإلدعاء الصادر مين لعدم تقدميي‬ ‫إذا كنت ممن مييلون إىل تصديق القرآن فال عذر ّ‬ ‫برهان اً عليه فإ ّن مقتضى ( العدل املوضوعي ) أن تُنكر باملثل إدعاء اإلله الذي قدمه لنا القرآن ‪.‬هذا طبعا إذا أردت اإلنصاف‬ ‫والعلمية ‪ .‬قد تطالبين بإجياد دليل على أ ّن جديت هي من (ت ��أيت) بالشمس من‬ ‫املشرق ‪ ،‬ويل أن أُطالبك كذلك بالدليل على أ ّن اهلل هو من يفعل ؟ مث هل ( تأيت‬ ‫) الشمس من املشرق بالفعل ام ( تظهر )لنا كذلك ؟ وهل كلمة تأيت تعين (‬ ‫تظهر لنا )بالتأكيد الّ ‪ ،‬إذاً فإاله القرآن كان يعتقد أ ّن الشمس هي اليت تدور‬ ‫حول األرض أم ماذ ؟؟ ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫هو إذن حتدي يف منتهى العبثية والالموضوعية ‪ ،‬وأستغرب كيف إلله حكيم ‪،‬‬ ‫خبري ‪ ،‬عليم ‪ ،‬بأن يورده يف كتابه ويسوقه للتدليل على وجوده ‪ .‬وقد قيل قدمي اً‬ ‫أ ّن ‪ ( :‬ديك الفجر حيسب أ ّن الشمس تشرق بسبب صياحه ) ‪.‬‬ ‫البعض يذهب للتدليل على وجود اهلل بأخالقية وعقالنية القيّ م اليت أتى هبا قرآنه‬ ‫الكرمي ‪ ،‬وسنسلم جدالً بأخالقية وكمالية وعقالنية القيّ م والتشاريع اليت أتى‬ ‫هبا ـ رغم كل ما سنسوقه تأكيداً على الضد ـ وبأنهّ ا هي األحكم نسق اً ونظم اً‬ ‫بني ظه رانينا ‪ ،‬ولكن هل كل ذلك أيض اً كفيل بأن يُثبت يل بأنهّ ا من عند اهلل‬ ‫؟ ‪.‬فالنفرتض أنّين متكنت من صياغة قانون أو حزمة من القوانني أجازها فقهاء‬ ‫القانون وفطاحلته ‪ ،‬فهل خت ��ول يل شهادهتم إدع ��اء نسبتها للسماء ألنهّ ��ا فقط‬ ‫وفقط مكتملة ؟وهل ستصدق أنت بأنّين أتيت هبا من عند اهلل فقط ألنهّ ا على‬ ‫ٍ‬ ‫درجة عالية من الكمال املعرتف به على ٍ‬ ‫نطاق واسع ؟ هل يدلِّ ل اإلعالن العاملي‬ ‫للحقوق ـ مبا بلغه من إح رتام لإلنسان وحقه الكرمي يف العيش واحلياة ـ على أنّه‬ ‫تنزيل من حكي ٍم خبري يف حال إدعى سدنته ذلك ؟‬ ‫البوذية على سبيل املثال هبا قيّ م وتعاليم يف منتهى األخالقية فهل هذا يُثبت أنهّ ا‬ ‫كل األديان‬ ‫الدين احلق والواجب اإلتباع ؟وطبع اً ال حاجة لنا هنا ألن نذكر أ ّن ّ‬ ‫ت ّدعي أخالقية تعاليمها ‪ ،‬بل كثريٌ من اإلسالميني عند مناقشة امللحدين يدافعون عن األديان مجيع اً بإعتبار أنهّ ا الضامن لألخالق‬ ‫يف اجملتمع ‪ ،‬فأيّاً منها أحق باإلتباع إذا كانت القاعدة اليت ننتقي هبا الدين هي ما أتى به من أخالق ‪.‬‬ ‫خالصة املسألة وكما قلنا ‪ :‬هي أنّنا نؤمن باهلل فقط أل ّن القرآن أخربنا بوجوده ‪ ،‬وميكننا ان نُ ّدبج عبارات فذلكية عن اإلستق رار‬ ‫وال راحة النفسية والطمأنينة وقوة اجلذب الوجداين للقرآن ‪ ،‬دون أن نتمكن بواسطة تلك العبارات ـ ذات اإليقاع احملبب للنفس ـ‬ ‫أن نُقيم ُح ّج ة على الكافرين ‪ ،‬وإن مل يقتنعوا بتلك احلُ ّج ة أوجب عليهم اهلل ناراً وقودها الناس واحلجارة خالدين فيها أبداً ك لّ ما‬ ‫نضجت جلودهم أبدهلم اهلل جلوداً غريها إمعان اً منه يف العذاب ‪.‬‬ ‫هل يُعقل أن يحُ اسبين ( الرمحن الرحيم ) وحيكم علي باخللود يف النار ألنيّ مل أؤمن هبذه الفذلكات اليت ال تقنع إال ذوي األحكام‬ ‫بوة والرتبية اإلجتماعية الذين وجدوا أباءهم على هذا وظلوا على أثارهم مهتدون ؟هذا لعمري خ لّ ل‬ ‫املسبقة املتأسلمني بفطرة األُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫وعطب فادح مريع يف نظام العدالة اإلهلية الذي قدمه لنا القرآن بل واألدي ��ان السماوية ككل ‪.‬هي عدالة عرجاء ألنهّ ا تُقدم لنا‬ ‫خيارين فقط ‪ ،‬األول إذا إخرتناه سيُ جازينا عليه باجلنة ‪ ،‬والثاين إذا إخرتناه سيعاقبنا عليه بالنار ‪ .‬فهل حق اً اهلل بذلك مينحنا احلرية‬ ‫حل أخالقي من جريرة تعذيبنا مبثل تلك الوحشية ؟‬ ‫وهو بالتايل يف ٍّ‬ ‫هل جمرد تبين رأي وهو ( الكفر ) ورفض رأي اخر وهو( اإلميان ) ـ حىت ولو كان هذا األخري مبني اً من وجهة نظر البعض على‬ ‫أدلة وب راهني ـ يكفي إلسباغ صفة األخالقية على فعل تعذيب ُم تبين ال رأي األول ( الكفر) ‪ ،‬بل وختليده سرمدي اً يف النار ؟ ‪.‬هل‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫‪15‬‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟‬

‫كافي اً ـ حىت ولو يف ظل اإلبقاء على إحتمال إحياء البشر للموتى ـ ألن يصلح كإثبات على إحياء شيوخ املتصوفني للموتى ؟ ملاذا‬ ‫جر القارب بعد أن ربطه خبصيته قاطع اً به عرض النيل ؟‬ ‫نصدق حممد وال نصدق أ ّن الشيخ ( فرح ود تكتوك ) قد ّ‬ ‫دعونا نعمد إىل أحد تلك األدلة اجلدلية اليت أراد الق ران هبا أن يُث بِ ت لنا بأ ّن اهلل موجود ‪ ،‬ولننظر إىل التحدي الذي عرضه اهلل على‬ ‫النمرود ليقيم عليه احلُ ّج ة ويبهته باحلق والقول الفصل ‪ ،‬وهو حتدي ‪ :‬إ ّن اهلل يأيت بالشمس من املشرق فهل تقدر على أن تأيت‬ ‫هبا من املغرب ؟‬

‫‪16‬‬


‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫‪17‬‬

‫هذه هي حق اً احلرية اليت جتعل من اهلل ع ��ادالً مع عباده وخلقه‬ ‫؟ م ��ال ��ك ��م ( ب ��اهلل ) ك ��ي ��ف حت ��ك ��م ��ون ؟ ‪ .‬ب ��ل إ ّن ه ��ذا التعذيب‬ ‫والتنكيل واإلنتقاص من تلك احلرية املزعومة مت يف هذه الدنيا يف‬ ‫األم م السابقة‬ ‫بعض األحيان حسب ما أتى به القرآن من ّ‬ ‫قص ص ّ‬ ‫دم ر اهلل هبا ال ُق رى وأهلك البشر وأغرق العامل بسبب كفر‬ ‫اليت ّ‬ ‫البعض ‪.‬‬ ‫وح�تى ه ��ؤالء ال ��ذي ��ن ُخ ��س ��ف هب ��م يف احل ��ي ��اة ال ��دن ��ي ��ا ال ألج ��ل ٍ‬ ‫شئ‬ ‫إالّ لعدم ق ��درة أذهاهنم ( ال�تي خلقها هلم اهلل ) على اإلمي ��ان به‬ ‫سيُ شاركون الكفار الذين ّأم د اهلل يف آجاهلم ( يعمهون ) يف نار‬ ‫جهنم حيث سيُ ساقوا معهم ( إىل جهنم زم را ) ( ولكن حقت‬ ‫كلمة العذاب على الكافرين ) (وإعتدنا ملن ك ��ذب بالساعة‬ ‫س ��ع�يرا ) ( إن ��ا اع ��ت ��دن ��ا ل ��ل ��ك ��اف ��ري ��ن س�لاس�لا وأغ �ل�اال وس ��ع�يرا ) (‬ ‫والذين كفروا قطعت هلم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم‬ ‫احلميم ) ( اليُقضى عليهم فيموتوا وال يخُ ّف ف عنهم من عذاهبا‬ ‫)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب ��ل �يُ� ّ�ع ��ظ � ُ�م م ��ن إستغ رابنا أ ّن ه ��ذا الكفر ليس فقط ( حسب‬ ‫اإلدع ��اء ال�لاه ��ويت ) ذايت حم ��ض ‪ ،‬ب ��ل ي ��رج ��ع السبب فيه بدرجة‬ ‫نص به اهلل وكي الً ثانوي اً ـ بعد هوى النفس ـ‬ ‫أو ب أُخرى إىل كائن ّ‬ ‫للتأثري على خيار البشر ويزين هلم هذا الكائن الكفر والفجور‬ ‫‪.‬ونعين طبعا هبذا الكائن الشيطان ‪ ،‬حيث يغدوا وليّ ك وموجه اً‬ ‫خلطآك حنو هذا اخليار الكفري ‪ ،‬وهو ـ على ضعفه ( ان كيد‬ ‫الشيطان ك ��ان ضعيفا ) ـ ليتسائل امل ��رء إذائ ��ه عن احلكمة من‬ ‫وجوده !!‬ ‫أالّ يكفي هوى النفس حمك اً وإختباراً لصالبة اإلرادة ‪ ،‬وليُ صبح‬ ‫بالتايل التغلب على هذا اهلوى مه را للجنة ومثن اً باهظ اً لدخوهلا‬ ‫؟ ملاذا يُغيّ ض اهلل لنا شياطني لتكون ق رائن لنا حىت ولو عشنا‬ ‫على ِذكر الرمحن ( ومن يعش على ذكر الرمحن نقيض له شيطانا‬ ‫فهو له قرين ) ( امل ت رانا أرسلنا الشياطني على الكافرين تؤزهم‬ ‫أزرا فال تعجل عليهم إنمّ ا نعد هلم عدا ) ( إالّ أنّا سلطناه عليهم‬ ‫لنعلم من يؤمن باالخرة )‪.‬‬ ‫كل ما أوردناه حنسب أنّه يجُ رد اهلل من خصيصة هي من أهم‬ ‫إ ّن ّ‬ ‫خصائص اإلله ‪ ،‬وهي العدل ‪ ،‬والّ حنسب أ ّن الفكرة اليت تنطوي‬ ‫عليها اجلنة والنار يمُ كن أن تُلهم اإلنسان وتُقنعه هبذا اإلله الذي‬ ‫خيلق كل هذا التاريخ ومايتضمنه من حروب وكروب وكوارث‬ ‫وأفكار وفلسفات وعلوم وجم رات وكواكب ‪ ...‬فقط ألجل يوم‬ ‫حياسب فيه البشر ألنهّ م مل يعبدوه وهو مل يُقنعهم حىت بوجوده‬ ‫ناهيك عن أن يصدقوا ما وعد به‬

‫‪18‬‬


‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬

‫وديع طعمة‬

‫الطقوس الرمضانية‪ ،‬كعادة بقية الطقوس اإلسالمية‪ ،‬ميارسها املسلم بدون أدىن معرفة جلذور هذه الطقوس‪ ،‬أو ما إذا كانت تشريع اً‬ ‫مساوي اً كما يقول املسلمون عن طقوسهم أم تشريع اً وثني اً! و قد أثبت ذلك يف حبوث سابقة موجودة يف كتايب «اإلسالم نصوص و‬ ‫أفعال»‪ .‬و كعادة املسلم يرتك األدلة اليت نضعها يف أحباثنا‪ ،‬و يبدأ بشتمنا و تكذيب تلك األدلة بكلمة واحدة‪ :‬أنت حاقد على‬ ‫اإلسالم‪ ،‬أنت تدلس‪ ،‬أنت تكذب إخل؛ مع العلم أن كل ما نكتبه يف أحباثنا‪ ،‬ويكون من عندنا‪ ،‬املقدمة و اخلامتة‪ ،‬و بعض النقاط‪،‬‬ ‫و ما تبقى هي آيات و أحاديث و تفاسري و نصوص تارخيية موثقة!‬ ‫يف هذا البحث سنناقش الغاية من شهر رمضان لدى اإلسالم‪ ،‬و جذوره الوثنية‪ ،‬باإلضافة لبعض احلقائق األخرى‪ ،‬و اليت سبق يل‬ ‫و أن ناقشتها مع الشيوخ يف البالتوك عام ‪ ،2008‬و مبواقع إسالمية مصرية‪ ،‬باإلضافة ملقهى الناقد‪ ،‬و قد تكلم عنها املغريب رشيد‬ ‫بعد عام يف إحدى حلقاته‪ ،‬و تناوهلا بالتفصيل اململ‪ ،‬و بأدق األمور‪ ،‬و ذلك حبلقتني كاملتني‪ .‬إال أين لن أطيل الشرح‪ ،‬و سأكتفي‬ ‫بأهم األحداث‪.‬‬ ‫يدعي املسلمون أن شهر رمضان هو شهر الصوم ليس فقط عن األكل و الشرب‪ ،‬ألن جابر بن عبداهلل يقول ‪ ( :‬إذا صمت فليصم‬ ‫مسعك وبصرك ولسانك عن الكذب واحملارم )‪ .‬إال أن شهر رمضان‪ ،‬شهر اللعن و الشتائم على الكفرة‪ :‬عن الزهري قال (‪ : )1‬كانوا‬ ‫يلعنون الكفرة يف رمضان‪ ،‬يشري إىل دعاء القنوت‪ ،‬مث يصلي على النيب (صلعم) مث يدعو للمسلمني‪.‬‬ ‫أما اعتقادهم عن هذا الشهر بأنه شهر الغف ران و حمو الذنوب‪ ،‬أي افعل ما تشاء طيلة السنة‪ ،‬و بعدها صم‪ ،‬و لك اجلنة! و األحاديث‬ ‫كثرية تقريب اً ‪ 50‬حديث من أصح الكتب اليت تتكلم عن ذلك‪ ،‬و لكننا سنأخذ أمهها « البخاري « ( ‪ : )2‬من صام رمضان إميانا‬ ‫واحتسابا ‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه ‪ .‬يعين ال بأس بأن تكذب طيلة السنة‪ ،‬و تسرق و تنهب و تقتل و « تغزو « كما كانوا‬ ‫يفعلون يف السابق و مازالوا‪ ،‬و يف النهاية كله يتم حموه مقابل الصيام عن الطعام و الش راب!‬ ‫جذور رمضان‪:‬‬ ‫رمضان له صلة وطيدة ب» اهلالل « أي القمر‪ ،‬كاإلسالم عموم اً‪ ،‬خاصة فوق املساجد‪ ،‬و ما أن نعرف السبب‪ ،‬سيبطل العجب‪ ،‬فاهلل‬ ‫هو إله القمر‪ ،‬و ألنه ليس حبثنا اآلن سنؤجله حلني‪ ،‬أما رمضان و اهلالل‪ ،‬فهو خاص « بالصابئيون املندائيون « (‪ )3‬فهناك طائفة‬ ‫من املندائيني اليت كانت تعيش يف مشال الع راق ‪ ،‬كانت تصوم رمضان‪ .‬كان رمضان اص الً طقس اً سنوي اً يمُ ارس يف مدينة ح ران (‪)4‬‬ ‫يف مواقع عبادة سني‪ ،‬اله القمر‪ ،‬كان يف أور وح ران وكان يُرمز اليه باهلالل ‪ ،‬و كان ذلك لعدم ظهور القمر بسبب جمموعة الثريا‬ ‫يف ‪(Taurus‬ب ��رج الثور ) اليت حتدث يف األسبوع الثالث من آذار ‪ .‬فيصوم احل رانيون ملدة شهر من أجل عودة القمر ‪ .‬فيعد القمر‬ ‫بالرجوع اىل دير ‪ Kadi‬حيث حيتفل احل رانيون بعودته‪ .‬ويقول ابن الندمي (‪ )5‬أن احل رانيني كانوا يصومون ملدة شهر تكرميا إلله القمر‬ ‫املدعو سني‪ .‬و وصف ابن ندمي الضحايا احليوانية اليت كانوا يقدِّموهنا اىل القمر‪ .‬و يذكر أيض اً احتفال احل رانيني بعودة القمر بعد‬ ‫صيام رمضان كان يُدعى عيد الفطر! (‪. )6‬‬ ‫جاء يف املختصر بتاريخ البشر أليب الفداء (‪ : )7‬الصائبة هلم الصالة على امليت بال ركوع وال سجود ويصومون ثالثني يوم اً وإن‬ ‫نقص الشهر اهلاليل صاموا تسع اً وعشرين يوم اً وكانوا ي راعون يف صومهم الفطر واهلالل حبيث يكون الفطر وقد دخلت الشمس‬ ‫ِ‬ ‫حران و اخوان الصفا « (‪ : )8‬أهنم كانوا‬ ‫احلمل ويصومون من ربع الليل األخري إىل غروب قرص‪ .‬و جاء أيض اً يف كتاب « صابئة ّ‬ ‫يبدأون صومهم خالل شهر الصيام‪ ،‬من قبل أن تشرق الشمس حىت غروهبا‪ .‬أي متاما كما يفعل املسلمون خالل شهر رمضان‪.‬‬ ‫الرمضاء فيه ذلك الوقت‪ .‬أما الطربي يف تفسريه يقول (‪ )10‬انه اسم من امساء‬ ‫أما اسم رمضان‪ ،‬فقد قال املسعودي (‪ : )9‬لشدة حر َّ‬ ‫اهلل‪ .‬لكن رمضان يف اجلاهلية كان امسه ناتق‪ .‬كما جاء يف تاج العروس (‪ )11‬وهي مأخوذه من أنتق أي صام‪ .‬مما يعين أن رمضان‬ ‫مسي كذلك يف اجلاهلية‪ ،‬أي قبل اإلسالم‪ ،‬و هذا ما يؤكده ابن منظور (‪ !)12‬أما الطربي زعيم املفسرين يقول ( ‪ )13‬كان العرب‬ ‫الوثنيون يصومون ممتنعني عن الطعام والش راب وممارسة اجلنس متاما كما بدأ صوم املسلمون ‪ .‬وكان صومهم عن الكالم أيض اً‪.‬‬ ‫و هذا ما تؤكده أصح املصادر اإلسالمية يف كالمهم عن الصحايب ايب بكر بقوهلم ( ‪ : )14‬لقد اقرتب ابو بكر اىل ام رأة وثنية يف‬ ‫املدينة ووجدها صائمة ومن مجلة صيامها االمتناع عن الكالم‪ .‬بل أن القرآن أكد هذا الصوم ( ‪ : )15‬فَ ُك لِ ي َوا ْش َر بيِ َو�قَِّري َع �يْنً ا ۖ‬ ‫فَ ِإ َّم ا �ت ريِ َّن ِم ن الْ ب ش ِر أَح ًدا �ف ُق وليِ إِنيِّ نَ َذ ر ِ‬ ‫تعبدا يف‬ ‫ص ْوًم ا �فَلَ ْن أُ َك لِّ َم الْ�يَ ْوَم إِنْ ِس يًّ ا‪ .‬و يقولون بتفسريها ‪ :‬والسكوت كان ً‬ ‫ْ ُ‬ ‫ت ل لرَّحمْ َٰ ِن َ‬ ‫َ َ​َ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫شرعهم‪ ،‬دون شريعة حممد صلعم‪.‬‬ ‫كان حممد يصوم مع قريش‪ ،‬فقد جاء يف البدء و التأريخ للمقدسي (‪ : )16‬وكان قريش يتحنثون حب راء يف رمضان وكان رسول اهلل‬ ‫يفعل ذلك‪ .‬و ألن اليهود و النصارى كانوا يصومون أيض اً باسم عاشوراء‪ ،‬فقد قام حممد الحق اً بنسب هذا الصوم لإلسالم‪ ،‬كما‬

‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬

‫‪19‬‬

‫ما ال يعرفه املسلم عن شهر رمضان!‬

‫تؤكد املصادر اإلسالمية‪ ،‬يف قوله (‪ : )17‬فقال حنن أحق مبوسى…! و لكن قام بتسبيقه يوم اً واحداً كما يقول ابن اثري (‪ !)18‬و‬ ‫قام حممد جبعلها آية تقول يف سورة البقرة اية ‪ ”187‬وكلوا واشربوا حىت يتبني لكم اخليط االبيض من اخليط االسود من الفجر ‪،‬‬ ‫مث أمتّوا الصيام اىل الليل‪ .‬و هو نفس الكالم املأخوذ من التلمود اليهودي (‪ : )19‬أن أول هنار الصيام هو الوقت الذي يقدر املرء‬ ‫فيه أن يتب ينّ اخليط االبيض من اخليط االزرق‪ .‬و لكي ال تكون فضيحة حملمد أمام قريش‪ ،‬فقد أقر بأن اليهود و املسيحيني كانوا‬ ‫يصومون شهر رمضان‪ ،‬بل قال أيض اً أنه موجود يف اإلجنيل‪ ،‬و جاء ذلك يف عش رات املصادر نورد أمهها (‪ .)20‬و قام بتأثري من‬ ‫صحابته و على رأسهم عمر بن اخلطاب‪ ،‬بتعديل طريقة الصوم املقتبسة من املسيحيني و اليهود‪ ،‬و ذلك بالسماح هلم أن يأكلوا‬ ‫يف الليل و ميارسوا اجلنس مع النساء (‪ )21‬ألن الصوم عند تلك األديان كان جمرد وجبة واحدة خالية من اللحوم يف اليوم كله‪ ،‬و‬ ‫كانوا ميتنعون عن اجلنس‪ ،‬كما كانوا يتعبدون إلهلهم أكثر و يركعون أكثر هبذا الشهر ‪ ،‬هذا باإلضافة إىل الزكاة أيض اً‪.‬‬ ‫أما انتشار هذا الصوم يف قريش‪ ،‬فهذا يعود لوجود اليهود و النصارى [ صوم عاشوراء ] و قبلهم الصابئية احل رانية (‪ )22‬حيث كان‬ ‫منهم [ العرب ] من مييل إىل الصابئة ويعتقد يف أنواء املنازل العتقاد املنجمني يف الكواكب السبعة السيارة ويعتقدون اهنا فعالة‬ ‫بأنفسها ويقولون مطرنا بنوء الكواكب ومنهم من يعبد املالئكة ومنهم من يعبد اجلن‪ ،‬وكان ذلك يف عهد احتالل نابونيدس‬ ‫لتيماء وذلك ملدة عشر سنني بني سنيت ‪ 550‬و ‪ 540‬قبل امليالد‪.‬‬ ‫هامش‪ :‬كل عام و أنتم خبري‪ ،‬بغض النظر عن عدم إمياننا مبا سبق‪ ،‬أو بالدين عامة‪ ،‬فلكل مرء حرية االعتقاد‪ .‬كان ذلك جمرد‬ ‫تسليط الضوء على ما ال يعرفه أغلبية املؤمنني‪ ،‬و رمبا مجيعهم‪ ،‬ألهنم يأخذون إمياهنم من شيوخهم‪ ،‬و ليس بالبحث و االقتناع‪.‬‬ ‫دمتم بعقل‪.‬‬ ‫م راجع‪:‬‬ ‫‪ -1‬املصدر‪ :‬نتائج األفكار‪ .‬الصفحة أو الرقم‪ 157/2 :‬خالصة الدرجة‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪ -2‬املصدر‪ :‬صحيح البخاري الصفحة أو الرقم‪ 38 :‬خالصة الدرجة‪[ :‬صحيح] ‪.‬‬ ‫‪1994 ,Sinasi Gunduz, The Knowledge of Life, Oxford University -3‬‬ ‫‪78 Dodge, B., The Sabians of Harran, page -4‬‬ ‫‪ -5‬ابن الندمي‪ ،‬الفهرست‪ ،‬صفحة ‪ 324‬و‪325‬‬ ‫‪ -6‬ابن الندمي ‪ ،‬الفهرست ‪ ،‬صفحة ‪319‬‬ ‫‪ -7‬ايب الفداء ‪ ،‬املختصر يف تاريخ البشر ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪65‬‬ ‫حران واخوان الصفا‪ ،‬صفحة ‪57‬‬ ‫‪ -8‬حممد عبد احلميد احلمد‪ ،‬صابئة ّ‬ ‫‪ -9‬املسعودي ‪ ،‬مروج الذهب ‪ 2‬صفحة‪213‬‬ ‫‪ -10‬تفسري الطربي ‪2265 ،‬‬ ‫‪ -11‬تاج العروس ‪ 20 ،‬صفحة ‪592‬؛ ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬حرف النون ‪ ،‬صفحة ‪445‬‬ ‫‪ -12‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬حرف راء ‪ ،‬صفحة ‪231‬‬ ‫‪ -13‬تفسري الطربي ‪ 56 : 16‬و روح املعاين ‪79 : 16‬‬ ‫‪ -14‬القسطالين ‪ ،‬ارشاد الساري ‪ 175 : 6 ،‬؛ أبن حجر ‪ ،‬االصابة يف متييز الصحابة ‪ ،315 : 4‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪55 :2 ،‬‬ ‫‪ -15‬تفسري اآلية رقم [‪ ]26‬من سورة [مرمي]‬ ‫‪ -16‬البدء والتأريخ ‪ ،‬املقدسي ‪ ،‬اجلزء ال رابع ‪ ،‬صفحة ‪50‬‬ ‫‪ -17‬تاريخ الطربي ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬صفحة ‪18‬؛ أنظر أيض اً سنن ايب داود ‪ ،‬ايب داود السجستاين‪ ،‬رقم ‪2444‬‬ ‫‪ -18‬ابن اثري ‪ ،‬النهاية يف غريب احلديث واالثر ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪96‬‬ ‫‪ -19‬التلمود ‪ 5 : 1‬واملشنا ‪2: 1‬‬ ‫‪ -20‬البخاري ‪ ،‬التاريخ الكبري ‪ ،‬رقم ‪ 880‬؛ انظر ايضا ابن اثري ‪ ،‬اسد الغابة ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬صفحة ‪ 881‬تاج العروس ‪ 15 ،‬صفحة‬ ‫‪ -296‬راجع ايضا الفريوزابادي ‪ ،‬القاموس احمليط ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬صفحة ‪429‬‬ ‫‪ -21‬ابن حجر ‪ ،‬االصابة يف متييز الصحابة ‪ ،‬رقم ‪4066‬‬ ‫‪ -22‬هناية االرب يف معرفة أنساب العرب ‪ ،‬القلقشندي ‪ 18 ،‬صفحة ‪11‬‬

‫‪20‬‬


‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل نبيًا‪:‬‬

‫حممد مريغني‬

‫ما مييز اإلنسان عن احليوان ليس العقل أو القدرة على التفكري ‪ ،‬وإنمّ ا الكذب ‪ ،‬اإلنسان ليس حيوان ناطق أو عاقل كما يزعم‬ ‫فالسفة اإلغريق ‪ ،‬إنّه حيوا ٌن كاذب ‪ ،‬فاإلنسان هو الكائن الوحيد على وجه األرض الذي يستطيع الكذب ‪ ،‬إذا إستثنينا احلرباء‬ ‫اليت تُض لِّ ل خصومها عرب تغيري لوهنا كي تتماهى مع الوسط املادي املوجودة به كآلية دفاعية لصرف وتشتيت إنتباه ُم ف ِرتسها أو‬ ‫فَ ريستها ‪،‬طبع اً إذا إعتربنا سلوكها هذا كذب اً ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مكان مائز ومرموق على‬ ‫حنن ال نهُ ني اإلنسان عندما ننعته باحليوان الكاذب ‪ ،‬بل العكس متام اً حنن منتدحه ونُقدِّسه ونضعه يف‬ ‫خارطة الوجود ‪ ،‬فالكذب ليس سلوك اً ال أخالقي اً أو شري راً ‪ ،‬الكذب هو عنوان احلضارة واإلنسانية ‪ ،‬بدأت احلضارة والتحضر‬ ‫عندما كذب أول إنسان ومل يقل الصدق ‪ ،‬بدأت احلضارة عندما إكتشف اإلنسان الكذب ‪ ،‬كان الناس قبل ذلك أوغاد ‪ ،‬لئام ‪،‬‬ ‫متعجرفني ‪ ،‬وقحني ‪،‬صفيقني ‪ ،‬ال يعرفون اجملاملة واملطايبة ‪ ،‬وال يعرفون كيفية التعبري عن أو باألحرى صناعة حبهم لالخرين وحب‬ ‫اآلخرين هلم ‪ ،‬وال يعرفون ما معىن السياسة ومقتضيات التعايش اإلجتماعي باجملتمع اإلنساين ‪ .‬قبل أن يعرف اإلنسان الكذب مل‬ ‫يكن يعرف الدين وال يعرف اهلل وال املالئكة وال الشياطني وال حىت األنبياء ‪.‬‬ ‫اإلنسان حيتاج للكذب ليُ ج نِّب نفسه عذاب اإلعتقاد باخللود يف العدم بعد املوت ‪ ،‬اإلنسان حيتاج للكذب ليشعر بوجود ( الرجل‬ ‫الذي بالسماء ) والذي يوكل ويفوض له أمره وملجأه ‪ ،‬اإلنسان حيتاج للكذب ليتعلق باألمل يف مقابلة األع زاء واألصدقاء واألقارب‬ ‫الذين فقدهم باملوت يف الدار االخرة ‪ ،‬لقد كان األنبياء هم أكثر الناس كذب اً ألنهّ م اكثر الناس أخالقي ةً ‪ ،‬ومثالية ‪ ،‬وإنسانية ‪،‬‬ ‫وعبقرية ‪ .‬رسالة األنيباء العظيمة هي الكذب من أجل احلفاظ على اإلنسان ‪ ،‬وعلى مت يُّ زه ‪ ،‬وعلى مركزيته بالوجود ‪ ،‬وعلى تدعيم‬ ‫غروره الطاؤوسي ‪ ،‬وتعزيز ثقته بذاته ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫للتحق ق من قيمة الكذب وضرورته ما عليك إالّ أن تتخيل لو يكف العاشق عن الكذب على معشوقته وخيربها بأنهّ ا ليست مجيلة‬ ‫ضخم وقبيح ‪ ،‬ختيل أن تكف الزوجة عن الكذب على زوجها وتخُ ربه بأنهّ ا تعيسة حبياهتا معه والسبّ ب الوحيد لقبوهلا‬ ‫وأ ّن أنفها‬ ‫ٌ‬ ‫مواصلة العيش مبعيته هو األبناء ‪ ،‬ختيل أن يكف الطبيب عن الكذب على مريضه ويخُ ربه بأن ال أمل يف الشفاء ‪ ،‬ختيل أن يكف‬ ‫املعلم عن الكذب على تالمذته ويخُ ربهم بأنهّ م أغبياء وأنّه ال جدوى من تعليمهم ‪ ،‬ختيل معي أن تكف عن الكذب على أولئك‬ ‫الذين جتري اجلرمية يف عروقهم فطري اً وتقول هلم بأنّه ال جنة هناك وال نار ‪ ،‬ختيل أن تكف عن الكذب على الفق راء وختربهم بأنّه‬ ‫ٍ‬ ‫لن يتم تعويض فقرهم ِغ ن اً وث راءً باجلنة ‪ ،‬ختيل معي أن ال تكذب على ٍ‬ ‫حادث مريع وختربه صادق اً بأنّه لن‬ ‫طفل صغري فقد أبويه يف‬ ‫ي رامها بعد اليوم إطالق اً ‪ .‬أالّ ترى أنّه حينها فقط تستحيل احلياة إىل فوضى و تعاسة و شقاء وعبث و فتنة وخالفات غبية ال معىن‬ ‫هلا وكان باإلمكان جتاوزها لو كنا قد كذبنا ومل نقل احلقيقة ؟‬

‫إ ّن الصادق هو إنسا ٌن أناين ‪ ،‬يُريد أن ينعم مبتعة ال راحة النفسية الناجتة عن قوله للصدق ‪ ،‬حىت ولو ترتب على هذا شقاء االخرين‬ ‫حبث عن اخلالص الفردي ‪ ،‬هو سلوك هبيمي شهواين أل ّن مرتكبه أو امل ِ‬ ‫قدم عليه ال يضع يف‬ ‫وتعاستهم ‪ ،‬الصدق هو يف جوهره ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫إنسان أحقر وأتفه وأكثر جترداً من األخالق مثل ذلك اإلنسان الصادق الذي يخُ رب طف الً فقد‬ ‫أولويته مشاعر االخرين ؟‪ ،‬فهل من‬ ‫بالتقزز‬ ‫يديه بأ ّن يداه لن تعاودا النمو أبداً ؟‪ ،‬هل هناك أنذل من ذلك الصادق الذي يخُ رب إنسان مشوه َخ لقي اً بأ ّن منظره يُشعره‬ ‫ُّ‬ ‫؟‪ ،‬هل هنالك أحط من سلوك إنسان يخُ رب صادق اً أ ُّم اً ملكومة بولدها الذي تعتقد ـ أي تلك األُم أنّه سيدخل اجلنة ألنّه مات شهيداً‬ ‫ـ فيخربها هذا الصادق بأ ّن إبنها مل ميت شهيداً وإنمّ ا مات يف سبيل قضية ال أخالقية وهي قتل أكرب ع ّدد من الشيعة باملسجد‬ ‫فج ر نفسه به ؟‬ ‫الذي ّ‬ ‫عب عن عميق إمتنانه‬ ‫اإلنسان كاذب بالفطرة ‪ ،‬حىت وهو يصوغ القيم األخالقية فهو يكذب ‪ ،‬فذلك الذي ميدح جاره ويشكره ويُ رِّ‬ ‫له أل ّن جاره هذا يُقدِّم له اخلدمات هو إنسا ٌن كاذب ‪ ،‬فلو كان صادق اً يف رغبته يف اإلمتان له لوصف هذا الرجل جاره بالسذاجة‬ ‫‪ ،‬وألخربه بأنّه ليس من اخلري له أن يُبدِّد طاقته يف مساعدته ‪ ،‬وإ ّن عليه أن يلتفت ملصلحته ال مصلحة االخرين ‪.‬‬

‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل نبيًا‪:‬‬

‫ال يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يُكتب عند اهلل‬ ‫نبيًا‪:‬‬

‫وال تتجلى القيمة العملية للكذب ودوره يف صناعة احلضارات بوصفه فقط عنص راً من عناصر احلرب ‪ ،‬وإنمّ ا الكذب كذلك حموراً‬ ‫إلبداع اإلنسان املتحضر ‪ ،‬فالفنون ـ مرآة احلضارة وزبدهتا اخلالصة ـ حتتوي على مقادير هائلة من األكاذيب ‪ ،‬فالرواية واملسرح‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل أساسي على حماولة خداع امل تلقي وإجباره على اإلندماج وجداني اً مع ما حتكيه هذه‬ ‫والسينما والد راما ك لّ ها فنون تعتمد‬ ‫ُ‬ ‫الفنون من أكاذيب حتاول أن تصنع واقعها اخليايل ‪.‬‬

‫لذلك فاإلنسان عندما ميتدح الصدق فهو يكذب ‪ ،‬وعندما ُّ‬ ‫ذم ه للكذب ويف مدحه‬ ‫يذم الكذب فهو يكذب ‪ ،‬ولو كان صادق اً يف ِّ‬ ‫للصدق إلستبدل كلمة الكذب بكلمة الصدق ‪ ،‬أو لغ يرّ بني مدلوالت الكلمينت حبيث يكون الصدق سلوك اً شري راً ويكون الكذب‬ ‫سلوك اً أخالقي اً ‪.‬‬ ‫أيُّها الناس إ ّن لكم يف أنبيائكم أُسوة حسنة ‪ ،‬وإ ّن أنبيائكم هؤالء عرب التاريخ كانوا أمهر الكاذبني ‪ ،‬فقد إحرتفوا الكذب ‪ ،‬فمهنة‬ ‫النيب هي الكذب على الناس ‪ ،‬فعلى ُخ طاهم اإلنسانية النبيلة سريوا ‪ ،‬فحاربوا الصادقني وإجعلوا من الكذبة قاد ًة لكم وزعماء‬ ‫وأنبياء ‪ ،‬فهم وحدهم ـ أي هؤالء الكاذبون ـ من يستطيعون إدارة هذا الكون ‪ ،‬وهم وحدهم من مبقدورهم ممارسة السياسة ‪.‬‬ ‫ال تقلق أيها القاري فأنا لست نبي اً وال فنان اً وال زعيم اً وال ساسي اً ناجح اً وال فنان اً أو ممث الً بارع اً حىت أكذب عليك هنا ‪ ،‬أنا من‬ ‫كل الصدق ‪ ،‬ألنّين أناين ووقح وال أريد‬ ‫هؤالء األنانيون لذلك ال حتسب أنّين أكذب عليك أبداً ‪ ،‬أنا هنا أصدمك باحلقيقة صادق اً ّ‬ ‫منك أن حتبين فاحلب صناعة الكذابيني وأنا لست كذاب اً لذلك لست حمب اً وال حمبوب اً ‪.‬‬

‫إكذبوا لتحافظوا على إنسانيتكم ‪ ،‬وعلى وجودكم ‪ ،‬وعلى حياتكم ‪ ،‬فوحدهم املوتى هم من ال يكذبون ‪ ،‬هل تعلمون ملاذا ؟‬ ‫ألنهّ م فقدوا حياهتم ففقدوا معها قدرهتم على الكذب ‪ ،‬أو ربمّ ا هم فقدوا القدرة على الكذب فعجزوا عن العيش هبذا العامل و‬ ‫هبذه احلضارة اليت قوامها الكذب فماتوا ‪ ،‬فالكذب هو روح اإلنسان ‪ ،‬بل إ ّن الكذب هو العنصر األساسي يف تشييد احلضارات‬ ‫العظيمة ‪ ،‬فدائم اً ما كانت احلروب هي احملطات الفارقة يف مسرية اإلنسان ‪ ،‬والتجليات العملية للفلسفات اإلنسانية مل تتح ّق ق‬ ‫وأهنار من الدماء يف فرنسا ويف أوروبا ‪ ،‬والعلمانية أتّت بعد جمازر‬ ‫إالّ بعد احلروب الطاحنة ‪ ،‬فاحلداثة أتّت بعد أشالء من اجلثث ٌ‬ ‫جس دت معياراً أخالقي اً‬ ‫األم م ومن بعدها ّ‬ ‫ومعارك دامية إرتكبتها املذاهب الدينية ضد بعضها البعض ‪ ،‬وعصبة ّ‬ ‫األم م املتحدة ـ اليت ّ‬ ‫شبه مطلق لإلنسانية مجعاء ـ أتّت بعد حربني عامليتني ضروستني أفنتا ماليني البشر ‪ ،‬فاحلروب إذن هي سالمل وم راحل لإلرتقاء يف‬ ‫سلم التطور املعريف واألخالقي والفلسفي ‪ ،‬واحلروب بالطبع ال تعدوا عن كوهنا حمض أكاذيب وأخاديع للتجييش العاطفي ‪ ،‬ولبث‬ ‫الرعب يف قلوب األعداء ‪ ،‬ولتعضيض املوقف العسكري نفسي اً على أرض املعارك ‪ ،‬ولوضع اخلُطّط والتكتيكات احلربية ‪ ،‬وإلضفاء‬ ‫مربرات أخالقية ( كاذبة ) لسفك الدماء أمام العامل ‪ ،‬فاحلرب إذن كذبة ‪ ،‬واحلرب هي صانعة احلضارت واملعارف ‪ ،‬إذن الكذب هو‬ ‫بدوره صانع احلضارات واملعارف طاملا أنّه ـ أي الكذب ـ هو الوجه الثاين لعملة احلرب ‪ ،‬بل الوجه الرئيسي هلا ‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫‪22‬‬


‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ [نعم]‬

‫«‪There is one thing even more vital to science than intelligent methods; and that‬‬ ‫‪is, the sincere desire to find out the truth, whatever it may be.» Charles Sanders‬‬ ‫‪Pierce‬‬ ‫«هناك يشء واحد أكرث حيويّة للعلم من الطرق الذك ّية‪ ،‬وهو ‪ :‬الرغبة الصادقة يف معرفة الحقيقة‪ ،‬مهام كانت «‪ .‬تشارلز ساندرز بريس‬ ‫إن مشكلة وجود اإلله ليست مشكلة يف حد ذاتها فقط ألنها تعترب من امليتافيزيقيا‬ ‫‪ ،‬ولكن لكونها إدعاء عريض ال سقف له ‪ ،‬رمبا يذهب الدينيّون إيل ما هو أبعد من‬ ‫املادي حولنا‬ ‫ذلك ‪ ،‬وأ ّن العقل قارص ومن ث ّم يشكّكون يف حكمنا حتّي عيل العامل‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬واننا ال ميكننا الوصول إيل أي حقيقة سواء كانت ماديّة ام ميتافيزيقيّة‪ ،‬وعليه فإن‬ ‫قض ّية اإلله تعترب ‪-‬وفق عقديتهم‪ -‬شئ ال ميكننا نفيه مهام ت ّوفرت األدلّة عيل ذلك‬ ‫‪ ،‬فاإلله ال شئ ينفي وجوده ‪ .‬إن هذا الزعم وتلك املصادرات هي عبارة عن كُتلِ‬ ‫من اإلميان واليقني األعمي ‪ ،‬ليس فقط لعدم توفر اثبات لها ‪ ،‬بل ألنها ال تقبل أي‬ ‫دليلِ ينفي صحتّها ‪ ،‬وح ّجتهم أنّ» وجود اإلله» ال يخضع للبحث العلمي ألن العلم‬ ‫وطريقته التجريبيّة ببساطة ال ميكنها (بالطرق الطبيعيّة) الفصل يف قضية اإلله أو‬ ‫أي شئ ما ورايئ ‪ ،‬هناك العديد من الفلسفات التي ت ّم إنشاؤها خصيصاً لت ّربر‬ ‫غياب األدلة وتشكك يف قدرتنا عيل الحكم والفصل يف اي قض ّية ماورائ ّية ‪ ،‬هذه‬ ‫الفلسفات كالفلسفة اإلسالميّة ‪-‬بكل تأكيد‪ -‬ال تثبت وجود اإلله ‪ ،‬بل كل ما تفعله‬ ‫مخصصة للحديث عن تلك‬ ‫هو تربير العجز عن تقديم أي اثبات ‪ ،‬ولهذا فهي ّ‬ ‫املاورائيّات ‪ ،‬فهي مج ّرد عبارات إنشائيّة متت صياغتها لتعبرّ عن عجز هؤالء‬ ‫األشخاص فرشعوا يف اخرتاع اشياء غري مربهنة او مثبتة كالتسليم بفرض ّية العلّة‬ ‫األويل عيل كونها علّة ال تحتاج إيل معلول ‪ ،‬وأن سلسلة السبب ّية تت ّوقف عندها ‪،‬‬ ‫ورمبا يذهبون إيل ماهو ابعد من هذا وأ ّن هذه العلّة األويل هي التي تتبّبت يف‬ ‫هذه السبب ّية ولهذا فال تخضع لها ‪ ،‬وال يجب ان نحكم عليها من منطلق هذا ‪ ،‬ألن‬ ‫القوانني « الزمان واملكان «هام باألصل نتجا عن تلك العلّة األويل التي هي اإلله‬ ‫عندهم ‪،‬كل هذا من اجل محاولة اثبات أن ما هو «خارق‪ /‬ماورا ّيئ» غري قابل‬ ‫التجريبي يعمل يف مجاله ‪ ،‬والدين يف‬ ‫لإلختبار ولذلك يجب ان نرتك منهج العلم‬ ‫ّ‬ ‫مجاله املاورايئ وأن ال تعارض بينهام وكالهام صحيح ! ما اعنيه هنا بقابل لإلختبار‬ ‫هو أن ميتلك اإلدعاء ‪ /‬الفرض ّية دليالً من أي نوع ميكن التحقّق منه سواء كان هذا‬ ‫الدليل لصالحه أو ضده ولكن أنه فقط و ملجرد أننا ال نستطيع دحض ادعاء نهائياً‬ ‫من تلك اإلدعاءات املاورائ ّية (مثل االدعاء بأن «الجن موجود )‪ ،‬ال يعني أنه ينبغي‬ ‫علينا أن نؤمن بأن الجن رمبا يكون موجود يف الواقع‪ ،‬فالفرض ّيات يف العلم ‪ ،‬بغض‬ ‫النظر عماّ إذا كانت تتعلق بالظواهر «الطبيعيّة» أو «الخارقة للطبيعة»‪،‬ال ميكن ان‬ ‫يتم اثباتها او دحضها بشكل نها ّيئ فالهدف النها ّيئ للعلم هو تفسري العامل من خالل‬ ‫النامذج التي تدعمها األدلة املتوفّرة‪،‬فرمبا دليل جديد يتعارض مع النامذج املقبولة‬ ‫لدينا حالياً‪،‬ولذا ال ميكن أن تثبت فرض ّية أو نظريّة علم ّية عىل وجه اليقني أو تكون‬ ‫غري قابلة للتكذيب «‪ . »falsification‬فالفرضيات و النظريات العلم ّية هي بال‬ ‫شك ‪ .defensible‬ولكن الفرضيّات والتي ال ميكننا الفصل فيها ميكننا التعبري عنها‬ ‫مبجموعة متدرجة من االحتامالت ترتاوح بني اليقني الكامل وما يقرب ‪50-50‬‬ ‫وانتها ًء بالشك الكامل وكام يقول دوكينز يف كتابه «وهم اإلله» ال يهم ما إذا كان‬ ‫الله غري قابل للدحض او اإلثبات (هو ليس كذلك ) ولكن مايهم إذا كان وجوده‬ ‫ممكناً & فحتى لو مل يثبت وجود الله أو ت ّم دحضه عىل وجه اليقني ‪ ،‬بطريقة أو‬ ‫بأخرى ‪ ،‬فإن األدلة املتاحة والتفكري يسفران عن تقدير احتام ِل ِ‬ ‫بعيد عن ‪ 50‬يف‬ ‫املائة(ص ‪ )54‬فحقيقة أننا ال ميكننا اثبات او دحض جود يشء ما ال يعني بالرضورة‬ ‫وضع احتامل وجوده وعدم وجوده بنفس املقدار ‪ ،‬وهكذا ملجرد أن شيئاً ما ممكناً‬ ‫ال يعني أنه محتمالً وباملثل ملجرد انه مل يتم دحض شيئاً ال يعني أن هناك ما يربر‬ ‫اإلعتقاد بأنه موجود ‪ ،‬لكن ما يقصده «دوكنز» هنا وكام األطروحة األساس ّية لكتابه‬

‫هو أن الله يكاد يكون ‪-‬من املؤكد‪ -‬غري موجود(أي وجوده ليس واردا ً )‪ ،‬فمن‬ ‫الواضح أن دوكينز ال ينظر إيل الله عيل انه غري قابل للدحض او اإلثبات مبعني‬ ‫آخر ‪ :‬املثل الشهري لـ»برتراند راسل» بشأن ادعاء أن هناك إبريق شاي صيني يف‬ ‫مدار ما حول الشمس ‪،‬فعىل الرغم من عدم وجود أدلة مبارشة لصالح أو ضد‬ ‫هذا اإلبريق ‪،‬ميكننا ان نضع حكامً منطق ّياً لتقييمٍ مسبق أن هذا االدعاء غري‬ ‫صحيح‪ .‬وبالتايل فجميعنا ملحدين بهذا اإلبريق ولسنا الأدريني‪ ،‬فعىل الرغم من‬ ‫أن إبريق الشاي غري مف ّند‪ ،‬فال أحد يعتقد يف وجوده ألنه ال يوجد أدلة عىل ذلك‪،‬‬ ‫وسيكون من العبث إنشاء فلسفة تسمح بإمكان ّية وجود ابريق شاي واننا‬ ‫عاجزين عن دحض هذا األبريق العظيم ! ولكن درجة الشك تقل وتزيد وفقاً‬ ‫لإلدعاء ‪ ،‬فعندما ادعي انني امتلك س ّيارة سيكون طلب الربهان والدليل عيل ذلك‬ ‫ضعيفاً حيث ان اشخاص كثريين مثيل ميتلكون س ّيارات ‪ ،‬ا ّما عندما ادعي انني‬ ‫نووي ‪ ،‬فهنا درجة الشك تزيد واملطالبة بالدليل والربهان تزيد ‪،‬‬ ‫امتلك مرشوع ّ‬ ‫والحكم األ ّويل هو انني ادعي ادعاء كاذب ‪ ،‬ولذا ومن باب أوىل‪ ،‬ال ينبغي ألحد‬ ‫أن يؤمن باإلله أو األرواح ملجرد أن وجودها مل يت ّم دحضه نهائياً عيل ال ّرغم من‬ ‫كونها تنتهك القوانني الفيزيائ ّية املعروفة‪ ،‬والتي باألصل تشكل كم ّية هائلة من‬ ‫األدلة ضدهم ‪ ،‬ولكن ان غياب الدليل هنا وحده ميكن أن يكون بالفعل الدليل‬ ‫عىل عدم الوجود ‪ ،‬أي عند عدم وجود أدلة ت ّؤيد ادعاء ما فهو باطل ‪.‬ولكن وكر ِد‬ ‫عيل تلك الفلسفات التي تحاول ان تضع هالة مزيّفة حول وجود اإلله بإعتباره‬ ‫ميتافيزيقيا ولهذا ال ميكننا قياسه باألدلة املاديّة يلخصه دوكنز يف جملة واحدة‬ ‫«وجود الله هو فرض ّية علم ّية مثل أي فرض ّيةأخرى «( ص ‪ 50‬نفس الكتاب‬ ‫السابق) فالحقيقة انّهم ليسوا فقط يضعون مصادراتهم عن العلم ‪ ،‬وينفونه يف‬ ‫حيّز ضيّق ومن ث ّم يفصلونه عن اإلدعاءات الدينيّة حتّي يثبتوا انه الميكن للعلم‬ ‫ان يقول كلمته فيها ثم يجب ان يرتك العلم املجال للدين وبنا ًء عليه اإلله موجود‬ ‫الديني ‪ ،‬ولكن هذا خاطئ وكام يقول دوكنز « الكون من قبل‬ ‫ضمن هذا املجال‬ ‫ّ‬ ‫خالق ذيك خارق هو نوع مختلف جدا ً عن الكون بدون «( ص ‪ ، )58‬ولهذا فإن‬ ‫احتامل ص ّحة فرض ّية ما ميكن تقييمها علم ّياً ليس فقط من خالل نتائجها املاديّة‬ ‫ولكن ايضاً من خالل توافقها مع مالدينا من نظريات علميّة ‪ ،‬فوجود اإلله ليس‬ ‫واردا ً ‪ ،‬وليس ايضاً غري قابالً لإلختبار او انه ال ميكن ان يحكم عليه العلم‬ ‫والتجريب‪ ،‬كال فعىل سبيل املثال ال الحرص‪ .‬وفقا لألديان فإن فرضية أن الله‬ ‫موجود يعني أنه قد خلق الكون مبا ورد بها ‪-‬أي بالكتب الخاصة باألديان‪-‬وهذا‬ ‫يختص به العلم ولذا فإن كل ما يتناقض بشكل قاطع مع املالحظات املاديّة بشأن‬ ‫كيفيّة الخلق ينفي وجود هذا اإلله ‪ ،‬ولهذا فبكل تأكيد وجود اإلله هو فرضيّة‬ ‫علم ّية ميكن التحقق منها من خالل آثارها التي من خاللها ميكن تأكيدها او نفيها‬ ‫وذلك من األدلة املتاحة ‪،‬فالعلم يتقدّم وكلام تقدّم تناقض مع اساطري الدين ‪ ،‬بل‬ ‫واصبح العلم اآلن يهتم بأسئلة ويجيب عليها رغم انها كانت تعترب ميتافيزيقيا يف‬ ‫السابق‪ ،‬فالعلم قادر عيل معرفة الحقيقة والباطل ومثال الختبار تجريبي للتدليل‬ ‫عىل ذلك ذكره دوكينز ‪،‬التحقيق من الدعاء وفاعليّته عىل النتائج الصحيّة للمرىض‬ ‫الذين سيخضعون لعمل ّية جراح ّية‪ ،‬أظهرت الدراسة التي نرشت يف دورية القلب‬ ‫األمريكيّة وبتمويل من مؤسسة جون متبلتون‪ ،‬التي تدعم البحوث الروحانيّة‪ ،‬ان‬ ‫هناك اختالف كبري يف نتائج االنتعاش بني املرىض الذين كانوا يدعون لهم وأولئك‬ ‫الذين مل يكن يت ّم الدعاء لهم يف الواقع كان أداء االشخاص الذين يعرفون أنه يتم‬

‫ولهذا فإن اإلجابة عيل السؤال «هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟» هي نعم وبكل‬ ‫تأكيد ‪ ،‬وان كون علمنا محدود وعقلنا قارص ماهو إال هروب وترقيع ليس إال‬ ‫‪ ،‬بل ولو نظرنا إيل هذا األفرتاض سنجده باألصل قامئاً عيل جهل سابق ‪ ،‬فمن‬

‫‪ -1‬املالحظة ‪observation‬‬ ‫لديك مالحظات لشئ وتريد التع ّرف عيل ماه ّيته‪.‬‬ ‫‪ -2‬وضع فرضيّات ‪hypothesis‬‬ ‫محاولة وضع وصف مبديئ‪ ،‬او العديد من الفرض ّيات‪ ،‬التي تنسجم وتتاميش مع‬ ‫املالحظة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬التوقعات ‪predictions‬‬ ‫‪ .‬استخدام تلك الفرض ّيات لوضع التوقعات مل َسيصبح عليه ذاك الشئ الذي‬ ‫تشاهده ‪.‬‬ ‫‪ -4‬اإلختبار ‪Test‬‬

‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ [نعم]‬

‫‪23‬‬

‫هل ميكننا نفي وجود اإلله ؟ (نعم)‬

‫الدعاء لهم أسوأ من االشخاص الذين مل يكن لديهم اي علم بهذا األمر وانا ال اعني‬ ‫التجربة هنا حرف ّياً ‪ ،‬بل كمثال ألن هذه الفرض ّية «اإلله موجود» ميكن للعلم ان‬ ‫يتحقق منها ‪ ،‬ففي وقت سابق كان من املفرتض أن الربق هو أداة الله يعبرّ بها عن‬ ‫اإللهي ولكن أظهر القليل من البحث اإلحصايئ‪ ،‬أن الربق يرضب الجميع‬ ‫غضبه‬ ‫ّ‬ ‫دون متييز او النظر إيل اخالقهم وعليه فإنه ميكن ان ننفي وجود هذا اإلله من‬ ‫خالل صفاته التي هي اساس هذا االدعاء مثالً ادعاء ان هناك «كائن ‪/‬اإلله» يهتّم‬ ‫بالنواحي األخالق ّية وانه معني بالشؤون الداخل ّية لإلنسان ليس من الصعب اثباته‬ ‫او نفيه من خالل املالحظة كام يزعمون ‪،‬كال األمر خاضع للتجربة كام ت ّم يف‬ ‫الدراسة السابقة ‪ ،‬او حتّي النظر إيل تلك الكوراث الطبيع ّية التي يتم توزيعها‬ ‫بشكل عشوايئ ‪ ،‬فضالً عن وجود عيوب يف التصميم ودون املستوى األمثل يف‬ ‫الكائنات البيولوجيّة السيام مع تشكل املالحظات اإلضافيّة التي يصعب التوفيق‬ ‫بينها وبني وجود مصمم ذيك وخارق كام وضّ حت يف موضوع «التصميم الذيكّ ‪VS‬‬ ‫اإلنتخاب الطبيعي « ناهيكم عن أن أكرث من ‪ 99‬يف املئة من جميع األنواع التي‬ ‫وجدت عىل األرض قد انقرضت‪ .‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬فإن السلسلة الغذائية بأكملها‪،‬‬ ‫والتي تتميز باالفرتاس والتطفل‪ ،‬هو تعبري واضح عن وحشيّة غري مكرتثة للطبيعة‬ ‫ووضّ حت ذلك يف موضوع «الله بني األلوهيّة والساديّة» ولكن إن كان األمر مج ّرد‬ ‫البحث عن بدائل مل يضعه العلم التجريبي ‪ ،‬دون اإللتزام بهذا املنهج وقبِلنا مجرد‬ ‫احتامل تفسري بديل [أي فرضيّة وجود إله] كأسباب كافية للتخيل عن اي نظريّة‬ ‫علم ّية او انهام ال يتناقضان وكل يف مجاله فنحن هنا لن نلتزم بأي فرض ّية عىل‬ ‫اإلطالق‪ ،‬وذلك ألن البدائل ستكون النهائيّة فاإلله هو افرتاض ناتج من تعميم ‪،‬‬ ‫ت ّولد لدينا من خالل وهم وخلط مل نراه فالسيارة لها صانع ألننا نري ذلك من خالل‬ ‫املصانع‪ ،‬والباب له صانع ألننا نري الن ّجار ‪ ،‬ولكن ملاذا نعتقد ان الكون له صانع ؟!‬ ‫ال ميكن ان نقول هذا إال لو رأينا هذا الصانع يصنع هذا الكون ‪ ،‬او ان هذا الكون‬ ‫داخل مصنع ما ‪ ،‬وإال فاإلحتامالت النهائ ّية قد نكون محاكاة حاسوب ّية ‪ ،‬وقد نكون‬ ‫تجربة ألحد الكائنات الفضائيّة ‪ ،‬وقد نكون يف حلم احدهم وال وجود لنا حقيقة ‪،‬‬ ‫وقد يكون الكون هو ما نقصده باإلله نفسه ‪ ،‬كل هذا حتّي ميكننا تجريبه ‪ ،‬نعم‬ ‫ميكن لكل هذه الفرض ّيات ان تخضع للبحث العلمي ألنه يف حالة ما إذا كنا محاكاة‬ ‫تعقب هذه اإلخطاء‬ ‫حاسوبيّة فحتامً ستوجد اخطاء وفشل يف النظام وميكننا‬ ‫ّ‬ ‫والبحث عنها ‪ ،‬ولكن القول بأن هذه الفرض ّية غري خاضعة لإلختبار او اإلثبات او‬ ‫الديني هنا يجب‬ ‫النفي هو مج ّرد هروب ومحاولة بائسة لتغطية عورتها فقط الن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫التجريبي ضاربا كل ما‬ ‫عليه ان يعرتف بانه يريد اإلعتقاد مخالفاً املنهج العلمي‬ ‫ّ‬ ‫يؤكّد عدم وجود إله عرض الحائط والتي هي من اساس تلك الفرض ّية الدين ّية ‪ ،‬غري‬ ‫ممتلكاً ألي دليل يدعم موقفه ‪ ،‬ويحتفظ بهذا اإلعتقاد داخله كالذي يعتقد بأن‬ ‫سانتاكلوز يرسل له الهدايا ‪.‬فالحقيقة حتّي سانتا كلوز ميكن ان يخضع للتجربة ‪،‬‬ ‫مثله مثل أي شئ ماورايئ ميكننا التحقق من آثاره يف هذا الواقع املادي وإال فهو‬ ‫غري موجود ‪ ،‬ناهكيم عن ان الغري مادي «ماورايئ» هو عبارة عن فراغ تام خا ِل من‬ ‫املادة‪ ،‬والفراغ التام هو الالوجود‪ -‬الغري موجود‪ ،-‬وعليه فإن الغري مادي والغري‬ ‫موجود شئ واحد ال فرق بينهام ‪ ،‬وهنا يجب ان نري ونستطيع اختبار تأثريات لهذا‬ ‫املاورايئ ‪ ،‬كحال اإلله و استجابته للدعاء ‪ ،‬او حدوث اشياء ال تخضع لقوانينا‬ ‫الفيزيائيّة او حتّي هذا الواقع املادي ككل ‪ ،‬فاملذي مينع اإلله من ان يستجيب‬ ‫ويقوم بإمناء طرف لعبد من عباده ؟! هل هذا حدث عيل م ّر التاريخ ؟ هل حدث‬ ‫شيئاً ما‪ -‬حقيقة‪ -‬يدل عيل ان هناك شيئاً ما ماورايئ ؟ ! إن كان نعم فام هو وأين‬ ‫الدليل؟ ‪ ،‬وإن كان ال ‪ ،‬فلامذا اإلعتقاد إذن بوجوده طاملا انه غري مادي وليس له‬ ‫املادي ؟؟ انه فقط للهروب من مسلسل السبب ّية كام يقول الفيلسوف‬ ‫آثار يف عاملا‬ ‫ّ‬ ‫«توماس ناجل» ‪ « ،‬فمن املؤكد ‪ ...‬التناقض إىل مسلمة العلة األويل كوسيلة للهروب‬ ‫من حلقات من سلسلة النهائية‪.‬وإذا كان كل يشء يجب أن يكون له سبب‪ ،‬ملاذا ال‬ ‫يتطلّب اإلله الخاص بك واحدا ً ؟ الجواب هو معيار أنه ال يحتاج أي سبب ‪ ،‬ألنه‬ ‫هو الذي تسبّب فيه‪ .‬ولكن إذا كان الله ميكن أن يكون سبب ذايت ‪ ،‬ملاذا ال يكون‬ ‫العامل نفسه سببه ذاتياً ؟ « ‪.‬‬

‫الذي افرتض ان اإلله موجود ؟ إنهم االسالف الجهلة ‪ ،‬ولكن ليست هذه هي‬ ‫املشكلة ‪ ،‬فالفرض ّية ميكننا التأكد من صحتها او نفيها ‪ ،‬ولهذا ميكننا ان نقبلها او‬ ‫نرفضها متاماً كأي فرضيّة أخري يتم إنشاؤها كمحاولة لتفسري اي ظاهرة ‪ ،‬فالطرق‬ ‫العلم ّية تعمل حتّي عيل املاورا ّيئ ميكن تلخيصها باآليت ‪:‬‬

‫اختبار تلك التنبؤات من خالل التجارب أو مالحظات إضافية وتعديل الفرضيّات‬ ‫يف ضوء النتائج إلستبعاد أو وضع فرض ّية جديدة‪.‬‬ ‫‪ -5‬يت ّم تكرار الخطوات ‪ 3‬و ‪ 4‬حتى الحصول عيل موافقة تا ّمة للفرض ّية والتجربة‬ ‫مع الواقع الذي تالحظة ‪.‬مع عدم وجود أيّة تباينات بني الفرضيّة والتجربة و‪/‬‬ ‫أو املراقبة‪.‬‬ ‫عندما يتم الحصول عىل تلك الفرض ّية التي تتوافق بشكل كامل مع املالحظة‬ ‫وميكن ان تتنبأ مبا يحدث تصبح نظريّة وتقدم مجموعة مرتابطة من املقرتحات‬ ‫التي ترشح فئة من الظواهر التي سبق وت ّم مالحظتها ‪.‬‬ ‫ولهذا فإن القوانني الفيزيائيّة وتطبيقاتها تعمل يف اي عرص ميكن ان نعود إليه‬ ‫الديني ال مينحنا اجابة غاضمة وتص ّور‬ ‫‪،‬بخالف اإلدعاءات الدينيّة ‪ ،‬فالجانب‬ ‫ّ‬ ‫غامض فحسب! بل اجابته خطأ ‪ ،‬األرض مسطحة ‪ ،‬اإلنسان من نسب امرأة ورجل‬ ‫وجدا بطريقة جال جال ! ‪ ،‬فهي اجابات ليست صحيحة وال مي ّر باملراحل إذن هو ال‬ ‫مينحنا طرق بعينها للتأكد من اإلجابة ! ‪ ،‬ال يقبل الطرق العلم ّية ‪،‬ال يرتاجع حني‬ ‫ال تصلح إجابته للتطبيق ! ‪ ،‬يتامدي يف اإلدعاءات والسخافات حني نثبت خطأ‬ ‫إجابته ! لنرضب مثاالً يوضّ ح كيف ميكننا ان ننفي ادعاء وجود شئ ماورايئ ‪ ،‬وفقاً‬ ‫للطريقة العلم ّية السابقة ‪ ،‬انت يف منزل ما ‪ ،‬جاهل بكل القوانني الفيزيائ ّية ‪ ،‬ثم‬ ‫وجدت اوراق تتطاير يف انحاء منزلك إذن لديك [املالحظة ‪ ]observation‬و هنا‬ ‫ميكنك وضع فرض ّياتك [‪ ]hypothesis‬لتكن (عفريت) يعبث معك ‪ ،‬اآلن جاء‬ ‫دور[التوقعات ‪ ،] predictions‬تت ّوقع ان هذه األوراق قد تتطاير يف اي وقت‬ ‫باختالف الظروف البيئيّة‪ ،‬او تغيري هيئة املنزل كإغالق النوافذ واألبواب ثم تقوم‬ ‫بـ [اإلختبار ‪ ]Test‬حسناً ‪ ،‬حتامً ستخالف نتائج هذا اإلختبار فرض ّيتك‪ ،‬حيث‬ ‫اننا نعلم ان األوراق تتطاير بسبب الهواء وليس العفريت ‪ ،‬هنا الجانب الديني‬ ‫متاماً كهذا املثال‪ ،‬فعيل ال ّرغم من انه بالطرق العلم ّية ستت ّوصل إيل ان الهواء‬ ‫هو السبب ‪ ،‬إال انه ال يتخليّ عن وجود العفريت‪ ،‬سواء اختربت األمر واغلقت‬ ‫النوافذ ومل تتطاير فسيقول لك قول» الغزايل» الذي ينكر ويرفض رضورة الرتابط‬ ‫التجريبي ككل ويدعي عدم وجود رضورة التالزم بني الظواهر وأسبابها‬ ‫‪ ،‬والعلم‬ ‫ّ‬ ‫الن [العفريت ]يفعل ما يشاء إن شاء حدث وإن مل يشأ مل يحدث اي انه يف‬ ‫حالة ما إذا قمت بتصنيع هواء ووضعت األوراق لتتطاير فلن ينفي هذا وجود‬ ‫عفريت الغزايل ‪ ،‬ولكن هذا ال يعني ان العلم قد نفي وجود العفريت واستبعد‬ ‫احتامليّة تواجده بل بينّ وفسرّ الظاهرة ‪ ،‬ولكن كام ذكرت هذا اإلدعاء ال سقف‬ ‫له ‪ ،‬فتجده يقول لك وملاذا يفعل الهواء هذا ؟ انا اعلم ان العفريت يعبث معي‬ ‫لكن ملاذا يفعل الهواء ذلك ؟! نقول له ال يهم العلم اإلجابة عيل سؤالك املسبوق‬ ‫بـ «ملــاذا» ‪ ،‬العلم يهتم فقط باألسئلة املسبوقة بـ «كيــف» واجاب ونفي وجود‬ ‫عفريتك ‪ ،‬فلامذا تظل تت ّمسك به !؟‬ ‫ولهذا فإن اإلجابة العلميّة تصلح للتطبيق واإلختبار ‪ ،‬وميكنها الفصل يف قضيّة‬ ‫وجود هذا اإلله واشياؤه املاورائ ّية‪ ،‬واجابته ‪ -‬حتّي اآلن ‪ -‬هي بكل تأكيد انّه[غري‬ ‫موجود]‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫ان الرمز «عنخ» (‪ )1‬الذي يرمز إيل احلياة االبدية عند قدماء املصريني ‪ ،‬والذي كان حيملة االهلة وامللوك ‪ ،‬إمنا يرمز باالساس لوحدة‬ ‫اإلناث والذكور طبق اً لد راسة أج راها توماس إمنان ‪ ،‬واليت نشرت ألول مرة يف عام ‪ .1869‬وهلذا فإن اجلزء البيضاوي ميثل املؤنث بينما‬ ‫اجلزء االخر ميثل املذكر ومها أجتماع لـ‪ :‬إيزيس وأوزيريس أصل احلياة !‬ ‫جند أيض اً الشكل اهلندسي أو ما يسمي (‪ )Vesica piscis()2‬وهو كما يرتجم حرفي اً من اللغة الالتينيّ ة (مثانة االمس ��اك) وهو‬ ‫والروحي‬ ‫املادي‬ ‫الشكل الناتج من تقاطع دائرتني ‪ ،‬ميثالن التقاء أو تقاطع بني العاملني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫(‪)Vesica piscis‬‬ ‫يف االديان الوثنيّ ة ميثل هذا الرمز العامل املادي من جهة والعامل الروحي من جهة أخرى وما بينهما هو (جسر بني السماء واألرض )‬ ‫كان تقديس هذا الرمز يف مجيع االديان الوثنية القدمية فنجد االله (شيفا) يف اهلندوسيّ ة (‪ )3‬وهو أحد اآلهلة يف الثالثوث اهلندوسي‬ ‫البيضاوي ‪ .‬جند تطابق هذا الثالثوث‬ ‫أو ما يسمي الرتميوريت(‪ )4‬إىل جانب ب رامها اخلالق وفيشنو احلافظ ‪ ،‬وكان يرمز له هبذا الشكل‬ ‫ّ‬ ‫بالثالوث املقدس يف املسيحيّ ة ‪ ،‬باالضافة إيل استخدام‬ ‫نفس الرمز‬ ‫انتقل ه ��ذا ال ��رم ��ز إيل املسيحية وه ��و ي ��رم ��ز إيل (ي ��س ��وع)‬ ‫أبن اهلل ‪ ،‬واعتمد املسيحيون االوائل هذا الرمز كنوع من‬ ‫الشفرة السريّة لتعرف فيما بينهم ليتجنبوا االضطهاد‬ ‫كما انه يعترب ممر بني السماء واالرض عن طريق صعود‬ ‫يسوع إيل السماء ‪ ،‬وأيت هذا الرمز كاقتباس مباشر من‬ ‫ال �ـ(‪ ، )Vesica piscis‬وكان يستخدم هذا الرمز أيض اً‬ ‫يف حضارة اسيا جند االهلة‬ ‫كوبيلي أو (بالالتينية‪ )CYBELE :‬وهي إهلة لشعوب‬ ‫آسيا الصغرى (‪ )5‬وهي معبودة من أغلب شعوب املنطقة‬ ‫ومساها الرومان ماغنا ماتر ديوم إيدايا (بالالتينية‪ )Magna Deum Mater Idaea:‬أو أم اآلهلة العظيمة اإليدايانية‪ ،‬وكانت‬ ‫عبادهتا متمركزة يف فرجييا ووجدت طريقها إىل اليونان لكنها مل تنتشر وكان هذا يف بدايات القرن السادس قبل امليالد إيل أن دخلت‬ ‫روما يف ‪ 204‬ق‪ .‬م حيث حظيت بأمهية كبرية ‪.‬ويرمز هلا هبذا الشكل البيضاوي ‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫نالحظ وج ��ود هن ��ر الكاجنر امل ��ق ��دس يف اهلند ‪،‬وك ��ذا ق ��ص الشعر‬ ‫ل ��ب ��دء ح ��ي ��اة ج ��دي ��دة خالية م ��ن ال ��ذن ��وب وه ��ذه ال ��ط ��ق ��وس تتم يف‬ ‫امل ��ه ��رج ��ان ال ��ذي ي ��ق ��ام سنويّا يف والي ��ة «اس ��ام» اهلندية ‪ ،‬ويفتح‬ ‫امل ��ع ��ب ��د ليستقبل احل ��ج ��اج وامل ��ص ��ل�ين ‪ ،‬وي ��ع ��د ه ��ذا امل ��ع ��ب ��د أك�بر‬ ‫االم ��اك ��ن ال �ت�ي ي ��ت ��م احل ��ج ال ��ي ��ه ��ا س ��ن ��ويّ��ا يف ال ��ع ��امل ‪.‬وي ��ذه ��ب اليها‬ ‫املاليني كل عام ويستمر احلج اربعة اي ��ام وي ��زوره تقريب اً مايزيد‬ ‫عن املائة ألف (‪ )100.000‬حاج يومي اً ‪،‬ال يعترب الفرد أمت العبادة‬ ‫ح�تى يتم إك ��م ��ال ال ��ط ��واف يف اجت ��اه ع ��ق ��ارب الساعة ‪ ،‬كما جند‬ ‫باالسالم تقريب اً نفس الطقوس من قص الشعر وشرب مياة زمزم ‪،‬‬ ‫والطواف ولو نظرنا جيداً إيل احلجر االسود لوجدناه عبارة عن امتداد لالديان (‪ Yoni‬ياين) فاالطار الفضي ميثل املهبل ‪ ،‬ويتوسطة‬ ‫احلجر البظر كما باليوين روين ‪.‬‬

‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫ميثل الشكل البيضاوي أيض اً كرمز لالنوثة االهليّ ة ‪ ،‬أو الفرج‬ ‫االهلي وحتيط به هالة من الضوء ‪ ،‬وأيض اً كرم زاً للخصوبة كما‬ ‫ّ‬ ‫يف اهلندوسيّ ة القدمية فنجد الـ (يوين أو ‪ )6( )Yoni‬تستخدم‬ ‫هذا الرمز كتعبري عن مهبل االهلة االنثي وميثل اخلصب واالجناب‬ ‫فيقدسون هذا الرمز وجندة يف الكثري من املعابد اهلنديّة ‪ ،‬أنتقلت‬ ‫هذه الرموز إيل العرب ‪ ،‬فنجدهم قدسوا االحجار وبنوا مثل‬ ‫هذه املعابد ‪ ،‬وكانت عبادهتم مرتبطة بعبادة الالت وهو يعين‬ ‫«االهل ��ة» وهي ثالثة اهلة علي غ �رار االل ��ه القمري لدي اليونان‬ ‫«كور ‪ -‬دميرت‪ -‬هيكات» وكانت متثل ثالوث اً انثويّاً هي واإلهلتني‬ ‫مناة والعزى ‪ ،‬عبدها العرب وباخلصوص ممن سكن مكة وما‬ ‫جاورها من املدن والقرى وكذلك األنباط وأهل مملكة احلضر‪ .‬وكانوا يعتقدون أن الثالثة بنات اهلل‪ ،‬هلذا جند القرآن يقول « ألكم‬ ‫الذكر وله األنثى تلك إذا قسمة ضيزى (سورة النجم)‪.‬‬ ‫وكما جند يف اهلندوسيّ ة أو عبادات اليوين أن هذا الرمز يعترب معبد الرحم املقدس‪.‬‬

‫كان لالت(‪ )7‬بيت مشيد يف الطائف تسري العرب إليه ويضاهي‬ ‫أه ��ل الطائف به الكعبة‪ ،‬وكانوا يسمونه بيت ال ��ربّ��ة‪ .‬وك ��ان له‬ ‫وح َج بَ ة ‪ .‬وكانت السدانة آلل أيب العاص بن أيب يسار‬ ‫كسوة َ‬ ‫ب ��ن م ��ال ��ك ول ��ب�ني ع ��تّ ��اب ب ��ن م ��ال ��ك‪ ،‬وك�لامه ��ا أس ��رت ��ان ثريتان من‬ ‫ثقيف‪ .‬وكان لالت أيضا واديا يدعونه َح َرم الربة ال يُقطع شجره‬ ‫وال يصاد حيوانه ومن دخله فهو آم ��ن‪ .‬و كانت العرب تعظم‬ ‫الالت ويتقربون إليها وكان الثقفيون إذا قدموا من سفر ساروا‬ ‫إىل الالت ليقدموا شكرهم هلا‪.‬‬ ‫والعادة الشهرية عند النساء تقريب اُ كل ‪ 28‬يوم اً ‪ ،‬وكذا الشهر‬ ‫القمر ي ‪ 28‬ومبا أن املهبل مقدس ‪ ،‬مت تقديس القمر وأصبح‬ ‫اهلالل رمز هلذه االديان(‪)8‬‬

‫‪26‬‬


‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫وهذا يوضح لنا ملاذا جلبت قريش االسدال االسود من املني‬ ‫‪ ،‬وذل ��ك لتغطية احلجر االس ��ود (مهبل اهلل) وكما ذك ��رت يف‬ ‫موضوع سابق‬ ‫بعنوان (ي ��وم اشتعلت ال ��ن ��ار يف أرض ال ��رم ��ال ‪ )!!..‬ت ��ب�ّي�نّ أن‬ ‫احلجر االسود ماهو إال بقايا نيزك سقط من الفضاء ‪ ،‬واختد‬ ‫من ذلك النيزك العرب مجيع الكعبات اليت قدوسها ‪ ،‬كما‬ ‫حمم د عليها‬ ‫فعلت قريش بالكعبة وهي الوحيدة اليت وابقي ّ‬ ‫‪ ،‬فما هي إال امتداد هلذه االدي ��ان (ي ��وين) أو االدي ��ان املهبليّ ة‬ ‫‪ ،‬وعلي ما يبدو أن العرب أخذوا من النيزك قطعة ذو لون‬ ‫أبيض ‪ ،‬وبعد ف�ترة من الزمن يتحول ه ��ذا اللون إيل االس ��ود‬ ‫وحتول (يف ظنهم ) إيل اللون االسود ‪.‬‬ ‫بفعل التأكسد ‪ ،‬وفسر هذا العرب أنه بتقبيل هذا احلجر ميتص الذنوب ‪ّ ،‬‬

‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫ومما يدل علي ان هذه الكعبات كانت عبادة‬ ‫م ��ه ��ب ��ل ��يّ ��ة ه ��و ق ��ول أب ��و ب ��ك ��ر مل ��س ��ع ��ود الثقفي‬ ‫وكانت ثقيف يعبدون الالت (امصص ببظر‬ ‫الالت) (‪)9‬‬ ‫وكانت طقوس تقبيل وحلس املهبل يف املعابد‬ ‫شائعة يف ذلك الوقت‪ ،‬هلذا جند أن حممد قبل‬ ‫احلجر االسود‪.‬‬

‫واستناداً إيل « ‪ « African presence in early Asia‬اجمللد ‪ ،7‬العدد ‪ 1‬ص ‪272‬‬

‫‪27‬‬

‫‪28‬‬


‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬

‫دراسة تربط شدة التدين بضمور جزء من الدماغ‬ ‫يعترب الكثري من الناس أن الدين هو وسيلة مهمة يف التعامل مع التوتر وحاالت اإلكتئاب‪ ,‬كما أن العديد من الد راسات السابقة‬ ‫أظهرت اث ��ار مفيدة للتدين على وظائف ال ��دم ��اغ‪ .‬معظم ه ��ذه ال ��د راس ��ات كانت تركز على االث ��ار املباشرة للممارسات الدينية‬ ‫كالتأمل والصالة وعدد قليل منها قام بتقييم اثار التدين على املدى الطويل يف الدماغ‪.‬‬ ‫الد راسة احلالية ركزت على تأثري التدين يف وظائف وحجم الدماغ ‪ ,‬ولقد أجريت على ‪ 268‬شخصا تتجاوز أعمارهم ‪ 58‬عاما‬ ‫كانوا قد أجابوا بشكل سابق على عدة أسئلة تتعلق مبدى أمهية الدين لديهم‪ .‬وهو ما جعل هذه الد راسة فريدة من نوعها برتكيزها‬ ‫فقط على األشخاص املتدينني والغري متدينني‪.‬‬ ‫نتائج الد راسة أظهرت أن األشخاص الذين إعرتفوا بتعرضهم لتجارب دينية غريت من جمرى حياهتم لديهم ضمور أكرب يف منطقة‬ ‫احلصني املسؤولة عن العواطف والذاكرة‪ .‬كما أظهرت النتائج أيضا أن املسيحني الربوتستانت الذين تعرضوا لوالدة روحية جديدة‬ ‫باإلضافة للكاثوليك والالدينني لديهم أيضا ضمور يف منطقة احلصني‪.‬‬ ‫نتائج هذه الد راسة جاءت مفاجئة بعض الشيء‪ ,‬خصوصا وأن د راسات أخرى أظهرت أن التدين حيسن من الصحة النفسية‪.‬‬ ‫الباحثون وضعوا فرضية بأن السبب قد يعود اىل أن األشخاص املتشددين دينيا يواجهون صعوبة يف التأقلم مع اجملتمع واإلندماج فيه‬ ‫بشكل طبيعي‪ ,‬كما أن الشعور الدائم بالذنب والتقصري أو اخلوف من العقاب السماوي يزيد من التوتر النفسي‪ .‬هذه األسباب‬ ‫ت ��ؤدي اىل زي ��ادة إف �راز هرمون التوتر وال ��ذي ب ��دوره ي ��ؤدي اىل ضمور احلصني الدماغي‪ .‬والشي نفسه يفسر ملا أن الالدينني يعانون‬ ‫كذلك من ضمور يف احلصني الدماغي‪.‬‬ ‫طبعا الباحثون إعرتفوا بأن هناك عوامل أخرى قد تكون أثرت على نتائج هذه الد راسة كصغر حجم العينة الد راسية أو أن يكون‬ ‫هؤالء االشخاص يعانون أساسا من قصور يف احلصني مما دفعهم للتدين أو ترك الدين‪ .‬ولكن يف مجيع االحوال‪ ,‬هذه الد راسة تسلط‬ ‫الضوء على مدى تعقيد العالقة بني الدماغ والتدين‪.‬‬

‫ترمجة‪Leonard Zinc :‬‬

‫‪29‬‬

‫‪30‬‬


‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫هذا الكون ما ضمريه‬ ‫روى ال راوون أو ختيل القصاصون أن أبا هلب – ذلك الشريف القرشي الذي رفض اإلميان بالنيب فهجاه القرآن هو وزوجته يف السورة‬ ‫املشهورة – استطاع بعد أن مات بأسلوب من أساليب التسلل أن يلقى اهلل وان يدخل معه أو ضده يف ح ��وار ‪ ,‬فيه كل اإلث ��ارة‬ ‫والغ رابة والقوة واجلسارة يف مكان متوت فيه كل اجلسارات وتصمت كل الكلمات ويهون فيه كل العقل والشموخ ‪ .‬وقد جرى‬ ‫احلوار بينهما خاطف اً عاصفا منتص را منهزما ‪ ,‬كمعركة كونية رهيبة تقع بني الشمس واألرض ‪.‬‬ ‫قال أبو هلب ‪:‬‬ ‫ي ��ا اهل ��ي مل ��اذا اخ �ت�رت حم ��م ��دا نبيا ومل خت�ترين أن ��ا نبي اً ‪ ,‬ول ��س ��ت اف ��ه ��م أن يف ه ��ذا نقضا‬ ‫حلكمتك أو استعالء على قدرتك ؟ فرد اهلل قائال ‪:‬‬ ‫لقد اخرتت حممداً ألن فيه م زايا ليست فيك ‪ ,‬قال أبو هلب‪:‬‬ ‫لقد أجبت مبا كنت أرجو وأتوقع أن جتيب به ‪ ,‬إذن لقد وقعت أيها اإلله العظيم يف‬ ‫املأزق الذي أردته لك أو أردته أنت لنفسك ‪ .‬فمن الذي أعطى حممداً تلك امل زايا اليت‬ ‫جعلت منها أيها الكائن العادل سبب اً الختياره ؟ أليس الذي أعطاه إياها هو أنت‬ ‫يا اهلي الكبري ؟‬ ‫إذن لقد أعطيت حممداً مزية ‪ ,‬مث جزيته عليها بالنبوة ‪ ,‬مث جزيته على النبوة بان‬ ‫فضلته على العاملني ‪ ,‬أما أنا فقد حرمتين من تلك املزية مث عاقبتين على حرمانك يل‬ ‫حبرمان آخر ‪ ,‬أي بأن منعت عين النبوة ‪ ,‬وجعلتين كاف راً ‪ ,‬مث جعلتين من أهل النار ‪.‬‬ ‫إذن لقد حابيت حممداً حماباة مبتدئة بال سبب سابق ‪ ,‬مث جزيته على هذه احملاباة‬ ‫مبحاباة ثانية مث ثالثة ‪ ,‬أما أنا فقد ظلمتين مبتدئ اً بال ذنب أو استحقاق سابق ‪ ,‬الن‬ ‫البدء هو أنت دائما ‪ ,‬مث جازيتين على ظلمك يل األول بظلم ثان وثالث ‪ -‬انك هبذا‬ ‫تعاقبين مبا فعلت أنت ‪ ,‬وتثيب حممدا مبا فعلت أنت أيضا ‪ .‬وقد كان ممكنا أن تفعل‬ ‫العكس يا إهلي ‪ ,‬نعم كان ممكنا – وهذا لن خيفى عليك – أن تفعل يل ما فعلته له ‪,‬‬ ‫وتفعل له أو به ما فعلته يل أو يب ‪ .‬وأي السلوكني حينئذ هو العدل والذكاء ‪ ,‬وأيهما‬ ‫هو الظلم والغباء ؟ إن ها هنا ورطة حمتومة ال ميكن اخلروج منها ‪ ,‬إن التفريق بيين‬ ‫وبينه يف اختيارك وتصرفك شيء ال ميكن أن يكون معقوال أو عادال ما دام البدء هو أنت دائما ‪ .‬انه حمتوم عليك أن تفرق وتفاضل‬ ‫بني األشياء املتساوية بال أي سبب يف نفس األشياء ‪ ,‬إن السبب هو أنت ‪ ,‬فلماذا ؟‬ ‫أيها اإلله لقد حابيت حممدا ثالث م رات لتتحول إىل حماباة دائمة ‪ ,‬وظلمتين ثالث م رات لتتحول إىل ظلم دائم – جزيته على احملاباة‬ ‫البادئة بتك رار احملاباة ‪ ,‬وجزيتين على الظلم البادئ بتك رار الظلم ‪ ,‬فأي شيء هذا أيها الرب العظيم ؟ أريد أن أشكرك أو أحاكمك‬ ‫إىل منطقك أو إىل أخالقك أو إىل مالئكتك أو إىل البشر أنفسهم ‪ ,‬لدى أية حمكمة من حماكمهم أو قانون من قوانينهم ‪ .‬إن اختيار‬ ‫حممد هلذه احملاباة املبتدئة ظلم بقدر ما اختياري هلذا الظلم املبتدئ ظلم ‪.‬‬ ‫ولو انك وضعت قلبك علي منذ البداية ووضعت بغضك على حممد منذ البداية لكان شيئا معقوال بقدر ما كان العكس معقوالً‬ ‫‪ ,‬انك لن تستطيع أن تكون معقوال إال بعمل ما به تكون غري معقول ‪ .‬وهذه ورطة ال بد أن يقع فيها كل اخلالقني لألشياء من‬ ‫بدايتها ‪ ,‬املستقلني خبلقها ‪.‬‬ ‫تقول القصة ‪:‬‬ ‫وهنا ازداد صوت أىب هلب ومحاسه ارتفاع اً وفحيح اً وحشرجة صاعقة ‪ ,‬بينما غمرت اإلله االبتسامات اليت فيها كل تعب ريات الشعور‬ ‫باالقتناع والتواضع واالستحسان واحلرج الباحث عن أي أسلوب من أساليب االستغفار وال رتاجع ال زاخر باحلياء الطيب النبيل ‪.‬‬ ‫وقد قال بعد اإلفاقة من الصدمة اهلائلة بلغة فيها من النبل ما جعل الشموس ترجتف رهبة وحب اً وحياء ‪ ,‬ويف بعض الروايات أن‬ ‫الدموع هنا قد تسللت من قلبه إىل عينيه إىل خديه حىت لقد شعر أبو هلب بالرثاء واإلشفاق على خصمه ‪ ,‬وبأنه قسا عليه كث ريا ‪:‬‬

‫‪31‬‬

‫أي أبا هلب ‪ ,‬أيها الصديق ‪:‬‬ ‫إين لن أعذب أحدا ألين جعلته خمتلفا عن اآلخرين أو خمالفا هلم ‪ ,‬كما إين لن أعذب‬ ‫القمر ألين جعلته خمتلف اً عن الشمس ‪ ,‬أو أعذب الصرصار ألين أردت أن يكون أصغر‬ ‫من الفيل ‪ ,‬أو أعذب صفايت ألن بعضها جاء أقوى أو أفضل من بعض ‪ ,‬كما إين لن‬ ‫أعذبك ألين مل أهبك امل زايا اليت حابيت هبا حممداً ‪ ,‬بل لن أسوي بينكما يف املكان‬ ‫عندي ‪ ,‬بل سيكون مكانك أعلى وأمجل ألنك قد تعذبت وظلمت يف سبيلي ‪ ,‬يف‬ ‫سبيل حتقيقي لذايت ‪ .‬فمن العدل أن تنال التعويض ‪.‬‬ ‫أما حممد فلم يتعذب عذابك يف سبيلي ‪ ,‬بل لقد نال اجملد والتفضيل بال سبب منه‬ ‫أو فيه ‪ ,‬بل بإراديت اليت ال سبب هلا غري إراديت ‪.‬‬ ‫إين أريد ألين أريد ‪ ,‬ال ألن ما أريد أفضل مما ال أريد ‪ .‬وكيف ميكن أن يكون شيء‬ ‫أفضل من أي شيء مع أين أنا الكائن قبل كل شيء ؟ فالكينونة كلها مين وبعدي‬ ‫‪ ,‬بل وأن ��ا ال ��ذي أختار أن يكون شيء أفضل من شيء ‪ .‬إن العدل أال يكون حممد‬ ‫مساويا لك يف مكانة املكان يف دار اجل زاء ‪ ,‬ليس من العدل أن يكون من ضحي به‬ ‫مثل مكان من ضحي باآلخرين من أجله ‪ ,‬أو من جعل اآلخ ��رون وجعل شقاؤهم‬ ‫وقوداً جملده ‪ ,‬وحسابات يف شهرته ‪ ,‬وصلوات على قربه ‪.‬‬

‫كشف املستور عن تقديس االديان للصخور‪!!..‬‬

‫حوار أبا لهب و اهلل‬

‫امسع يا بين ‪ ,‬امسع يا أبا هلب ‪:‬‬ ‫لقد صنعتك وصنعت حممدا وصنعت مبتدئا فضائلكما ورذائلكما بال أي سبب منكما أو فيكما ‪ ,‬وقد صنعتكما خمتلفني ألن‬ ‫االختالف غرض من أغ راضي وتدبري من تدابريي وضرورة من ضرورايت ‪ ,‬فاالختالف بينكما ليس عقوبة ألحدكما وتفضيال لآلخر‬ ‫‪ .‬لقد خلقت اجلنة والنار واحلقول املثمرة والصحارى والنهر والربكان واألسد والفأرة ‪ ,‬فهل أثيب هذا ألين خلقته افضل وأعاقب‬ ‫ذاك ألين خلقته أسوأ أو اقل ؟ بل العدل واملنطق أن افعل العكس ‪ ,‬فالذي خلقته اقل م زايا يستحق عطفي وج زائي اكثر من الذي‬ ‫خلقته افضل أو أقوى أو اعظم م زايا ألين قد ضحيت به وقبل التضحية بفدائية صابرة ‪.‬‬ ‫فأنت إذا يا أبا هلب جدير أن تنال من الثواب واإلعجاب لدي اكثر مما جيب أن ينال حممد ‪ ,‬الن حكميت قد ضحت بك واختارت‬ ‫أن جتعل منك فدائيا يتعذب لكي يكون عذابه متمما ملنطقي يف هذا الكون ‪ ,‬وواهبا يل سروري وشهوايت ‪ .‬ولو أىن عاقبت بعض‬ ‫خملوقايت أو فضلت بعضها على بعض يف الثواب أو احلب لكنت معاقب اً لنفسي ومفض الً بعضها على بعض ‪ ,‬لو أىن عاقبت إبليس‬ ‫أو أعطيت حممداً أو موسى من األجر ما مل أعط أو أكثر مما أعطي فرعون أو أبا هلب الذي هو أنت لكنت بذلك معاقب اً لبعض‬ ‫ذايت بالعدوان على خملوقايت ومفض الً لبعض منطقي وحكميت على بعض ‪ ,‬وحم ��والً هذا العقاب والتفضيل إىل عقاب وتفضيل‬ ‫لبعض الناس واىل حتقري لآلخرين ‪.‬‬

‫إذن أيها الصديق ‪ ,‬أي أبا هلب ‪:‬‬ ‫اذهب واحبث لك عن مكان يف ملكويت أعلى من مكان حممد – أيها الصديق ‪ ,‬أيها الفدائي العظيم يف سبيل إراديت اليت ال أعرف‬ ‫كيف تفرض نفسها علي ‪ ,‬وكيف تعذبين وتتحول إىل تعب ريات على اآلخرين ال أدري كيف تتحول ‪ ,‬وبأي منطق تتحول ‪ ,‬وعلى‬ ‫أي قياس تفعل ذلك ‪.‬‬ ‫قالت القصة ‪:‬‬ ‫وهنا ضجت املالئكة قائلني ‪ :‬كال ‪ ,‬كال أيها الرب الطيب ‪ ,‬إن هذا سيغري بالفساد وجيعل الناس يرفضون اإلميان واالستقامة ‪,‬‬ ‫إذ ال شيء حينئذ خيافونه أو يرجونه باالستقامة واإلميان ‪.‬‬ ‫فرد اهلل عليهم قائ الً – وكأنه يفشي سره ألول مرة يف التاريخ ‪:‬‬ ‫أي مالئكيت ومستشاري عرشي الطيبني ‪ ,‬وهل الناس يؤمنون أو يفعلون الفضيلة خوف اً من العذاب أو حبث اً عن الثواب – أو هل‬ ‫يكفرون أو يفسقون رفض اً للثواب أو جه الً أو إنكارا لألميان به ؟ إن الناس يفعلون هذا أو هذا حبث اً عن التالؤم مع أنفسهم ومع‬ ‫ظروفهم ‪ ,‬وخضوع اً لظروفهم ‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬

‫جورج مارديني‬ ‫‪2013-06-10‬‬ ‫إ ّن الخطب الرنّانة ايت تُطربنا بها القنوات الدينية يف كل برامجها وتطرح فيها شعارات كاإلسالم هو الحل أو اإلسالم قادم ‪ ,,,‬بعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيشه بل رمبا‬ ‫إذا استمرت األمور عىل هذا املنوال فمن غري املستبعد أن يكون الشعار يف املستقبل ‪ :‬اإللحاد هو الحل ‪..‬‬ ‫هل هناك ملحدون وال دينيون يف سوريا والعامل العريب ؟ أم ال ؟‬ ‫إذا كان جوابك بالنفي فأرجوك ان تتوقف عن القراءة ومتابعة األخبار ألن هذا معناه أنك تعيش يف مدينة موجودة يف الخيال حيث جميع الناس موحدون بالله ومؤمنون‬ ‫بأنبيائه ورسله ‪..‬‬ ‫الدين يف الحقيقة اقنع البرش بأن هناك رجل خفي يعيش يف السامء يرى كل يشء تفعله ‪ ,,‬وإذا مل تصغي لكالمه فهو لديه مكان ميلء بالنار والعذاب‪ ,,‬حيث سريسلك‬ ‫لتعاين وتختنق وتبيك لألبد حتى نهاية الوقت ‪..‬‬ ‫كل شخص م ّنا عىل صورته ومثاله‪ ,‬يحبنا كثريا ً ويراقب األشياء من بعيد ‪..‬‬ ‫لقد حاولت فعالً أن أومن بأن هناك إله خلق ّ‬ ‫تعيش يوماً عىل هذه األرض كلام رأيت حولك والحظت بأن هناك يشء ما خاطىء‪..‬‬ ‫ولكن للحقيقة أنّه كلام ُ‬ ‫حروب‪ ,‬موت‪ ,‬دمار‪ ,‬فقر‪ ,‬فساد‪ ,‬جهل‪ ,‬جرائم‪ ,‬ارهاب والكثري من األمور التي تتناىف مع ما ا ُشيع عن منطق الله وعدالته ورحمته‪..‬‬ ‫من خالل الحياة اليومية ستشاهد الكثري من األشخاص اللذين يسيطر الدين عىل حياتهم فهم يستغلون الله ويصلون له ويطلبون منه ‪..‬‬ ‫يارب افعل كذا‬ ‫يا الله اعطني ذلك‬ ‫إلهي اريد عمل أفضل ‪ ,‬ارغب بالنجاح والتوفيق ‪..‬‬ ‫حسناً ‪ ,,‬لنتذكر أن هناك خطة الهية صنعها الرب وأنّه هو وحده يعلم مالذي سوف يحصل معنا‬ ‫ولنفرتض أنك تصيل ليشء ليس يف خطة الرب‪ ,‬ماذا تريد ان يفعل ؟‬ ‫هل يغيرّ خطته فقط لك ! ! ال‪ ,‬ال أظنه سيفعلها ‪..‬‬ ‫لنفرتض أيضاً بأن صلواتك مل يستجاب لها‪ ,‬ماذا تقول‪ ..‬الجواب التقليدي واالعتيادي‪ :‬إنها مشيئة الرب ‪ ,‬لتكن مشيئتك‬ ‫(يعني باملرشمحي ومن األخري هيك الله بدّو‪,‬هيك الله كاتب او ميكن ما حققيل هالطلب ألنو شايفيل الخري بغري يش ‪..‬‬ ‫ال بأس‪ ,,‬ولكن إذا كانت مشيئة الرب وهو سيقوم مبا يريد فعله يف كل األحوال ملَ تتعب نفسك بالصالة من البداية ! !‬ ‫اعتقد أن هذا مضيعة كبرية للوقت ‪..‬‬ ‫كل انسان له وجهة نظره الخاصة فيام يتعلق بالصالة والدعاء‪ ,,‬فمنهم من يعتقد بأنها فرض وواجب‪ ,‬ومنهم من يشعر بالراحة النفسية والتقرب إىل الله من خاللها‬ ‫ا ّما بالنسبة يل فإنني مؤمن ومقتنع متاماً بأن يد واحدة تعمل وتبذل جهدها لخدمة اإلنسان أينام كان أفضل بكثري من األيادي التي تُصليّ والشفاه التي تتلو مختلف‬ ‫اآليات والدعوات ‪..‬‬

‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬

‫‪33‬‬

‫ليس بالصالة وحدها يحيا اإلنسان‬

‫‪34‬‬


‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي السينيه‬

‫‪Tony Athée‬‬

‫كتري بتشوف انتقادات من بعض امللحدين املتشدقني احملليني لبقية زمالئهم يف الدرب‬ ‫بإنتقاد اسلوب امللحد احمللي «املأنشح» بالتعبري‪ ،‬ومقارنته بامللحد الغريب «السينيه»‪ .‬اكرت األنتقادات يلي بسمعها هي انه امللحد‬ ‫احمللي بضل ينقد ويشتم ويكفر على اهلل والدين واألنبياء اخل‬ ‫وبيجي املنتقد امللحد السينيه ليستدل انه هذا امللحد احمللي املأنشح الي زال يعاين عقداً ومل يتخلص ويتجاوز ارثه الديين السابق‬ ‫وبيجيك املنتقد املؤمن السينيه ليستدل انه هذا دليل إمي ��ان ال واع ��ي بوجود اهلل ‪ ..‬فلو كان غري موجود فلماذا نشتم شيء غري‬ ‫موجود‪.‬‬ ‫والكثري من األنتقادات ‪ ..‬لذا وددت ايضاح بضع نقاط سريعا وال اعين هبا مطلقا الدفاع عن الشتائم او التكفري‪ ،‬لكن لكي نضع‬ ‫النقاط على احلروف برؤية اللوحة األمشل للوضع‪.‬‬ ‫بداية البد من توضيح خطني رئيسيني ينتهجهما من يستخدم كلمة ملحد كوصف لنفسه‬ ‫‪Atheist vs AntiTheist‬‬ ‫إمجاال امللحد «األثيست» املثايل هو شخص غري مبايل بنقد األديان وال إجياد دالئل اهلل او تفنيده ‪ ..‬هو شخص بطريقة او بأخرى‬ ‫مقتنع بعدم امهية و وهم كل هذه األساطري واملاورائيات ويريد عيش حياته هبدوء وسالم ‪ ....‬اي عمليا انسان اليثري الضجة‬ ‫احيانا يصفون انفسهم بأنه الورقة البيضاء اليت ال يلوثها اي معتقد او خ رافة كانت ‪...‬‬ ‫الصنف الثاين «األنيت ثيست» ول رمبا مقابلها بالعربية‪« ،‬ناقد األديان» او معاديها‪ ،‬وهو يرى ان كل هذه األساطري معيقات لتقدم‬ ‫البشرية ووجب عليه املسامهة يف نقدها ودحضها حىت تزول‪ ،‬فهو يضعها ندا وعدوا له‪.‬‬

‫أفتخر بنفسك‪ ..‬فأنت املعامل رقم واحد يف معادلة صريورة التطور اجملتمعي يف جمتمعاتنا املتخلفة‬ ‫أنا ملحد مأنشح وافتخر‬

‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي السينيه‬

‫ملحدنا العربي املأنشح وملحدهم الغربي‬ ‫السينيه‬

‫ملحدهم السينيه غالبا هو نتيجة حتصيل حاصل جملتمع وبيئة منفتحة ومتحررة علمانية حبتة‬ ‫بينما ملحدنا احمللي املأنشح هو اخلطوة األنتقالية رقم واحد ‪ ..‬هو عنصر هام ضمن صريورة تطور جمتمع متخلف‪ ،‬استطاع اختاذ‬ ‫ق راره بذاته وحتمل عقباته وخماطره ليعلن انه ملحد ولن يتبع بقية القطيع‪.‬‬

‫طبعا يف جمتمعاتنا العربية األمر اشكايل جدا ويتجاوز اإلشكال اللفظي بني املنهجني السابقني ليصل اىل مشكلة البيئة والتجربة‬ ‫احلياتية والثقافية لكل ملحد بيننا حىت وصل اىل ماهو عليه اليوم‪.‬‬ ‫املثل يقول‪ :‬اعطين بيئة وجمتمع متل العامل واخللق بعطيك ملحد طوباوي متل يلي عم تتفزلك عليه‬ ‫كل انسان ابن بيئته ‪ ..‬مشكلتنا انه يلي بيجمعنا كملحدين ليس تشارك األفكار املوحدة ‪ ..‬فال يوجد معتقد إحلادي مقولب‬ ‫وجاهز اساسا‪ ،‬بل نبذ اجملتمع ذو الغالبية املؤمنة واملتدينة لنا هو ماجيعلنا نشكل فريقا «غري منسجم» غالبا ينأى بنفسه عن‬ ‫الغالبية السائدة املتدينة‬ ‫فيصبح نقد الدين واملاورئيات بكل اشكاهلا هو وسيلة متايز سليب ألعالن نفسنا ضمن هذه الغالبية ‪...‬‬ ‫اإلحلاد ال يغدو عن كونه جمرد ضجيج ضمن جمتمع ذو غالبية متدينة ولوال هذه البيئة ملا مسعنا الضجيج اإلحلادي‬ ‫اإلحلاد كموجة البحر ‪ ..‬اليت ال ميكن ان توجد لوال وجود مياه البحر اساسا‬ ‫فهكذا تصرفات غالبية امللحدين احملليني من نقد او سخرية او استه زاء باملقدسات امر طبيعي كردة فعل على جمتمع ال يعرتف‬ ‫بوجودهم وبل يصفهم بأفضل األحوال بأهنم مرضى نفسيني ‪ ،‬هذا ان مل يصل األمر اىل سيف التكفري وهتديد احلياة !‬ ‫امللحد السويدي لن يتصرف كما يتصرف امللحد العريب ! ألنه انسان حر بكل تفاصيل حياته اخلاصة وال يتدخل يف شؤون احد‬ ‫وال احد يتدخل يف شؤونه ‪ ..‬النتيجة الطبيعية لثقافة جمتمع منفتح متحرر ويؤمن باحلرية الشخصية لكل فرد من اف راده‪.‬‬ ‫يف حالتنا يغدو السلوك املعادي للدين (لفظا او فعال) ألية تكريس استم رار اعالن وجود ‪ ...‬ستزول بتحقيق اهلدف الضمين وهو‬ ‫«إعالن الوجود» إسوة بأي جمتمع منفتح ومتحضر حيرتم حقوق اف راده وال يرضعهم حليب التدين منذ الصغر فرضا ال مفر منه‪.‬‬ ‫رغم اح رتامي للملحدين املثاليني املساملني الغربيني «السينيه» ‪ ...‬لكنين سأبقى أحب افضل واحرتم وارفع من شأن ملحدنا احمللي‬ ‫«املأنشح» لفارق جوهري بسيط ولكنه مهم ومفصلي‬

‫‪35‬‬

‫‪36‬‬


‫أين أنت أيها املنطق‬

‫إنسان‬

‫بعد ق راءيت جمللة أنا أفكر‪ ،‬ومتعيت يف ق راءة النقد وإعمال الفكر والعقل يف كسر أصنام العقائد‪ ،‬رغبت باملشاركة يف مقال‪ ،‬ع لّ ين‬ ‫أسهم بنشر فكر توعوي مل أكن سبّ اق اً على زمالئي بنشره‪ ،‬وأش ّدد أن األفكار املطروحة هنا هي حصيلة ق راءات ونقاشات وتأمالت‬ ‫ال ّأدعي ملكية أي منها‪ ،‬فالنتاج الثقايف اإلنساين حصيلة ت راكمية لكل بين البشر وأعتقد أنه ال فضل ألي حضارة على أخرى يف‬ ‫تقدم البشرية‪.‬‬ ‫رمبا طرح العديد منا تساؤالت متنوعة أدرك الحق اً عدم جواز احلديث عنها (وحيرم ذلك) مثل ماهية اهلل‪ ،‬فمنا من يدفن الفضول‬ ‫خوف اً‪ ،‬جاع الً من عقله مقربة‪ ،‬ومنا من يتأمل وقد يشارك أفكاره مع غريه حمرراً عقله من شواهد املقابر‪.‬‬ ‫مل اهلل! مل هو الشيء الوحيد القادر على الظهور من العدم‪ ،‬وال ميكن إلله غريه أن يظهر‪ ،‬ملاذا جنادل بعدم امكانيّ ة ظهور الكون‬ ‫املادي احملسوس من العدم ونقبل بكل بساطة بوجود إله غري حمسوس ومعنوي من العدم؟‬ ‫اذا افرتضنا وجوده وخشيتنا منه‪ ،‬فهو كما يظهر يف دعوات بعض رجال ال ّدين‪ ،‬أنه حياسب البشر على أفعاهلم ألنه م لّ كهم العقل‪،‬‬ ‫لذا لنُ عمل العقل واملعرفة البشرية ولنحاججه به‪.‬‬ ‫البد لك بعد معاشرة طويلة ألف راد عائلتك‪ ،‬أنك أضحيت مدرك اً لطباعهم‪ ،‬فتدرك مىت و ماهي األمور اليت تسعدهم أو تغضبهم‪،‬‬ ‫وبالتايل ميكن أن تستغل هذه املعرفة بعض األحيان‪ ،‬بطلب معروف منهم يف حلظاهتم السعيدة‪ ،‬وبالرغم من أنك آدمي ولست إله‬ ‫فأنت تتنبأ بنسبة جيدة بتصرفاهتم‪ .‬فإذا كنت خالق اً وأوج ��دت هذا اإلنسان يف بيئة معينة تدرك آثارها عليه‪ ،‬وبظروف ثقافية‬ ‫ومناخية حمددة تعرف كل نتائجها على تصرفاته‪ ،‬ومورثات حيملها بدون ق رار منه ودين م ��وروث وصمته أنت به وتعلم مسبق اً‬ ‫عواقب كل ذلك يف اختاذ ق رارته‪ ،‬هل تعتقد أنه من املنطقي حماسبة هذا االنسان على فعلتك كإله؟ هل تعتربأن كل ما ذُكر يشكل‬ ‫مسوغ اً جاداً ملعاقبته؟ هل تكفي لـ ‪ 90 – 70‬سنة من العمر البشري القصري‪ ،‬بأفضل حال‪ ،‬للحكم على هذا اإلنسان‪ ،‬املغلوب‬ ‫التقم ص‪ ،‬هل تظن أن‬ ‫أبدي الينتهي يف جهنّ م أو يف اجلنّ ة؟ وهل يعترب هذا عدالً؟ وحىت لو كنت من مؤمين نظرية ّ‬ ‫على أمره‪ ،‬بشكل ّ‬ ‫عيش عدة حيوات‪ ،‬معظمكم ال يذكر شيئ اً منها وال ت رتاكم خربة سابقة عنها‪ ،‬هي أساس منطقي لبناء حياة الحقة وللمحاسبة‬ ‫يف اآلخرة؟‬ ‫هل هذا اإلله العامل هبذه الظروف واخلالق هلذا اإلنسان وواضعه يف هذا املستنقع إله منطقي حبسابه‪ ،‬كما لو أنه إنسان صنع شيئ اً‬ ‫ما‪ ،‬بقرف مث الً‪ ،‬ويدرك أنه مل يبذل اجلهد الكايف يف تصميمه وصناعته‪ ،‬مث عند أول فشل يف آلته حيرقها ويرمي اللوم عليها!‬ ‫ِ‬ ‫مرة فيما إذا كان اإلنسان ح راً يف ق راراته‪ ،‬فابتسم وقال يبدو لنا ذلك ولكننا لسنا كذلك‪.‬‬ ‫ُس ئ ل عامل الفيزياء لورنز ك راوس ّ‬ ‫خيلق اهلل هذه الدنيا‪ ،‬يضع فئ رانه حتت التجربة‪ ،‬عامل اً بنتائجها سلف اً‪ ،‬مث يشوي بضع منها‪ ،‬وأما الفئ ران األليفة األخرى فيبقيها يف‬ ‫جواره وبصحبته‪ .‬ماذا سيفعل هذا اإلله بعد وضع البشر يف جهنّ م ويف اجلنّ ة‪ ،‬هل سيعيش حالة األزل اجلديدة اململة هبذا األسلوب‪،‬‬ ‫أم سيعيد خلق آخرين؟‬ ‫ماذا أضافت جتربة اخللق له‪ ،‬هل هي نشوة السيد أو صاحب السلطة املطلقة برضوخ عواقب األمور له؟ ماهي احملصلة أو العربة؟ أو‬ ‫حرة زائفة‬ ‫مل يكن مبقدوره أن يضع أولئك البشر منذ البداية يف اجلنّ ة وأن ال خيلق الشيطان حىت؟ خيلقنا ويضعنا حتت التجربة بإرادة ّ‬ ‫َق البشر امتَ َح نهم مث كافئهم وعاقبهم وماذا بعد؟ ال أدري ال أرى ج ّدية أو منطقية هبذه العملية!‬ ‫حىت يوقع احلجة علينا!!! َخ لَ َ‬ ‫ِ‬ ‫طبيعتنا البشرية جتعلنا نطلق فكرنا وجتربتنا البشرية ونسقطها على األمور من حولنا‪ُ ،‬وج دنا على هذه األرض وكان لنا والدان‬ ‫(بداية)‪ ،‬مجيع النباتات حولنا تبدأ ببذرة لتنهي شجرة عمالقة (بداية)‪ ،‬نلحق بساقية ماء لتنتهي عند منهل (بداية) لذلك ميكن‬ ‫عم ا كان قبل الوجود املادي أو املسبب األول كما قال أرسطو؟ هل‬ ‫لفكرنا أن يدفعنا لالعتقاد بوجود بداية هلذا العامل‪ ،‬والتساؤل ّ‬ ‫ميكن للصدفة أن تأيت بكل هذا النظام؟‬ ‫إنه إطار فكري يصعب اخل ��روج منه‪ ،‬كم من مرة أتت األحب ��اث العلمية بنتائج خمالفة ملعتقدات البشر أو ملا اعتقدوه أنه ثابت؟‬ ‫وبالتايل ليس كل ماتشعر به حقيقة كما يقول ريتشارد دوكينز وذلك لدى سؤاله أن هناك من يشعر بالذات اإلهلية يف عبادته‪،‬‬ ‫فكان جوابه أ ّن العلم يقوم على احل ��االت االحصائية والعلمية حىت يستطيع االستنباط واالستنتاج وبالتايل ليس كل ماتشعر به‬ ‫مبفردك ميكن تعميمه كحقيقة مجعية‪ ،‬فالعلم هو احلسام احلاسم‪.‬‬ ‫عمر ه ��ذا الكون يقارب ‪ 14‬مليار سنة وتشكله وتطوره استغرق ه ��ذا الزمن‪ ،‬وخ�لال ذل ��ك الزمن تطور كل ش ��يء‪ ،‬فلم تتشكل‬ ‫العني فجأة من الفضاء كما حياجج املتدينون‪ ،‬الشكل الذي ن راه اآلن احتاج ملاليني السنني‪ ،‬وليس منطقي اً من اهلل العامل واملبدع‬ ‫أن يستغرق هذه املاليني حىت يصري البشر هبذا الشكل‪ ،‬فاإلنسان بعمره الصغري مقارنة بعمر هذا الكون سيصبح قريب اً قاد راً على‬

‫أين أنت أيها املنطق‬

‫‪37‬‬

‫أين أنت أيها املنطق‬

‫ويطور وليس إله ينبغي أن ال خيطئ أو يتعلم! وهنا‬ ‫استبدال األعضاء البشرية بأجهزة‪ ،‬واإلنسان بطبعه خ طّاء ويتعلم من اخلطأ ّ‬ ‫يبدو لنا اإلنسان أسرع من خالقه بالتطوير‪.‬‬ ‫فإذا كانت البداية ختلو من املنطق‪ ،‬الذي هو نتاج عقلنا‪ ،‬وإعمال عقلنا فيه هو سبيل جناتنا كما يتفق عليه امللحدون والدينيون‪،‬‬ ‫ف رمبا يتوجب علينا أن نفكر من جديد‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫سعد حمامه‬ ‫‪2013/4/12‬‬

‫العلم ال زائف أو ‪ Pseudoscience‬مشتق من الكلمة الالتينية «‪ »Pseudo‬و تعين مزيف‪ .‬إن أفضل طريقة لتمييز الشئ املزيف‬ ‫هي أن نعرف أقصى ما نستطيع عن نظريه احلقيقي‪ .‬إن بائع اجملوه رات مييز اجملوه رات املزيفة بسهولة‪ ،‬ألنه يعرف الذهب جيدا‪.‬‬ ‫وباملثل‪ ،‬حنتاج أن نفهم العلم جيدا حىت نستطيع متييزه عن العلم ال زائف‪ .‬معرفة العلم ال تعين أبدا معرفة بعض احلقائق العلمية‬ ‫(كاملسافة بني األرض و الشمس‪ ،‬معرفة عمر األرض‪ ،‬و أن نعرف الفرق بني الثدييات و الزواحف‪ ،‬و ما إىل ذلك ‪ .)...‬إن معرفة‬ ‫العلم تعين أن نفهم طبيعة العلم‪ :‬معايري الدليل العلمي‪ ،‬كيفية تصميم و إجناز جتربة علمية‪ ،‬كيف نفهم و نفسر نتائج التجارب‬ ‫العلمية‪ ،‬كيف خنترب الفرضيات‪ ،‬كيف تبىن النظريات‪ ،‬و العديد من خصائص الط رائق العلمية اليت تسمح لنا باحلصول على‬ ‫معلومات حقيقية عن العامل املادي الذي نعيش به‪.‬‬ ‫من اجلدير بالذكر أن وسائل اإلع�لام هتتم برتهات العلم ال زائف أكثر من‬ ‫اهتمامها بالعلم احلقيقي‪ ،‬ببساطة ألن العلم ال زائف يستطيع أن حيشد‬ ‫ع ��دد أك�بر من املتابعني «ألس ��ب ��اب قد نتناول ذكرها فيما بعد»‪ .‬ل ��ذا فمن‬ ‫املفيد أن نتعرف على خصائص العلم ال زائف‪ .‬إن وجود أي من خصائص‬ ‫العلم ال زائف جيب أن يثري لدينا قد را كب ريا من الشك و االرتياب‪ .‬و حىت‬ ‫املواد العلمية اليت ختلو من هذه اخلصائص اليت سنذكرها بالتفصيل الحقا‬ ‫قد تكون رغم ذلك جمرد علم زائف‪ ،‬ذلك أن أتباع العلم ال زائف خيرتعون‬ ‫طرق جديدة للتضليل كل يوم‪.‬‬ ‫خصائص العلم ال زائف‪:‬‬ ‫العلم ال زائف ال يبايل باحلقائق‪ .‬أدعياء العلم ال زائف ال يبحثون يف امل راجع‬ ‫املعتمدة لكل علم وال جيرون أية جتارب علمية‪ .‬إهنم ببساطة يقوم بادعاء ما‬ ‫يريدون‪ ،‬هذه اخلياالت العلمية هي قوام العلم ال زائف‪.‬‬ ‫ن ��اد را ما يقوم أرب ��اب العلم ال زائف مب راجعة أعماهلم‪ .‬إن الطبعة األوىل من‬ ‫كتبهم هي على األعم األغلب ذاهتا الطبعة األخرية و لو كان الفارق بينهما‬ ‫عقودا أو حىت قرونا من الزمن‪ .‬حىت الكتب اليت تعج باألخطاء الواضحة مبا‬ ‫فيها األخطاء املطبعية تعاد طباعتها كما هي م رات و م رات‪ .‬باملقابل فإن‬ ‫الكتب العلمية احلقيقية تصدر دائما بنسخة جديدة عندما تعاد طباعتها‬ ‫بعد عدة سنوات نتيجة لل رتاكم السريع للحقائق العلمية اجلديدة‪.‬‬ ‫العلم ال زائف ضبايب دائما‪ .‬يتلقف العلماء املزيفون تقارير منشورة باجل رائد‬ ‫اليومية و يلتقطون الشائعات و يقتبسون من كتب زمالؤهم من العلماء املزيفني‪ .‬كما و يلجؤون إىل التنقيب يف الكتب الدينية‬ ‫و كتب اخل رافات و األساطري‪ .‬من النادر أو قل من املستحيل أن يقوم هؤالء بد راسات خاصة هبم للحصول على املعلومات‪.‬‬ ‫يبدأ العلم ال زائف دائما بفرضية تكون عادة مثرية للعواطف و صعبة التصديق‪ ،‬و من مث يبحث عن ما يدعمها من أدلة‪ .‬األدلة‬ ‫اليت تعارض الفرضية يتم جتاهلها‪ .‬مبعىن آخر‪ ،‬فإن هدف العلم ال زائف هو أن مينح مسحة من العقالنية على املعتقدات و األفكار‬ ‫الشائعة و ال راسخة يف ثقافة اجملتمع‪ ،‬ب ��دال م ��ن أن ميحص ه ��ذه املعتقدات أو يبحث ع ��ن تصويبها‪ .‬ل ��ذا يقفز العلم البديل إىل‬ ‫االستنتاجات اليت تالئمه‪ ،‬و تدعم خطه االيديولوجي‪ ،‬و هو هبذا جيتذب األفكار املنتشرة مسبقا يف جمتمعه و املفاهيم املغلوطة‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫العلم ال زائف ال يبايل باملعايري اليت توثق صحة الدليل‪ .‬مبعىن آخر فإن العمل ال زائف ال يستند إىل التجربة العلمية احملكمة القابلة‬ ‫لإلعادة و لكنه بدال من ذلك يلجأ دائما إىل شهادات شهود عيان ال ميكن بأي حال التحقق من صحة شهاداهتم و إىل جمموعة‬ ‫من القصص و احلكايات و الشائعات و أمثاهلا من القيل و القال‪ .‬باملقابل يتجاهل العلم ال زائف املنشورات العلمية األصلية أو‬

‫العلم ال زائف يقوم على التجربة الشخصية بدال من التجربة العلمية‪ .‬و للتوضيح دعنا نفرتض أن أمحد كان يعاين من الصداع‪،‬‬ ‫شرب أمحد كوبا من اليانسون و بعد قليل ختلص من الصداع‪ .‬بالنسبة للعلم ال زائف‪ ،‬فهذا يعين أن اليانسون يصلح كعالج‬ ‫للصداع‪ .‬بالنسبة للعلم هذه ببساطة ال يعين شيئا طاملا أن أية جتربة علمية حقيقية مل جترى إلثبات ذلك‪ .‬فالعديد من األمور‬ ‫حدثت قبل أن يتخلص أمحد من الصداع‪ :‬لقد شرب أمحد اليانسون و مضى بعضا من الوقت بعد ذلك ‪،‬و أخذ أمحد قسطا من‬ ‫ال راحة‪ ،‬رمبا يكون أمحد قد نام أيضا لبعض الوقت‪ ،‬و هناك احتمال أن يكون أمحد قد تناول أحد أنواع املسكنات الشائعة‪ ،‬بعض‬ ‫هذه العوامل أو كلها مكن أمحد من التخلص من صداعه‪ .‬أما الثبات دور اليانسون يف معاجلة الصداع فالبد من إج راء جتربة‬ ‫علمية يوضع خالهلا جمموعة من الناس الذين يعانون من الصداع يف شروط متطابقة‪ ،‬باستثناء أن نصفهم سوف يتناول اليانسون‬ ‫بعكس النصف اآلخر‪ .‬بعد ذلك سوف نقوم مبقارنة النتيجة بني اجملموعتني و عندها فقط رمبا نكون قادرين على معرفة الدور‬ ‫للحقيقي لليانسون يف معاجلة الصداع‪ .‬اجملموعة اليت مل تتناول اليانسون يف مثالنا هذا نسميها اجملموعة الشاهدة‪ .‬باستثناء حاالت‬ ‫شديدة الندرة‪ ،‬فإن أي جتربة علمية ال حتوي جمموعة شاهدة ليس هلا أي قيمة علمية‪ .‬الحظ أن العلم حياول أن يأخذ كل املتغ ريات‬ ‫بعني االعتبار بعكس العلم ال زائف الذي يتعمد جتاهلها‪.‬‬ ‫العلم ال زائف يستند إىل التوافق العشوائي حلضارة بشرية م ��ا‪ ،‬ب ��دال من‬ ‫اعتماده على قوانني الطبيعة الثابته‪ :‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬يعتمد التنجيم‬ ‫على أمساء األشياء‪ ،‬من الواضح أن تسمية األشياء و األشخاص تتم بشكل‬ ‫عفوي واعتباطي و ختتلف من جمتمع إىل آخر و من ثقافة إىل أخرى‪ .‬لو‬ ‫ك ��ان كوكب امل ��ري ��خ ق ��د مس ��ي بكوكب امل ��ش�تري و العكس بالعكس فإن‬ ‫ه ��ذا ل ��ن يصنع ف ��ارق ��ا بالنسبة لعلم الفلك‪ .‬أم ��ا بالنسبة لعلم التنجيم‬ ‫فقد حيدث ذلك اختالفا جوهريا ألن هذا العلم ال زائف يعتمد كليا على‬ ‫األمساء و ال يبايل باخلصائص الفيزيائية للكوكب نفسه‪.‬‬

‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫يفسرها بشكل خاطئ لكي يدعم ما يذهب إليه‪.‬‬

‫إدع ��اءات العلم ال زائف قد تصل إىل حد السخافة‪ ،‬كإدعاء أحدهم أنه‬ ‫يتمتع ب ��ق ��د رات خ ��ارق ��ة للطبيعة منحته إي ��اه ��ا كائنات فضائية (إق �رأ إن‬ ‫شئت عن يوري جيللر ‪) Uri Geller‬‬ ‫يتجنب العلم ال �زائ ��ف أن يضع ادع ��اءات ��ه م ��وض ��ع االخ ��ت ��ب ��ار فهو ال يقوم‬ ‫يتنفيذ أية جتارب علمية منهجية و عادة ما يتجاهل التجارب اليت جيريها‬ ‫ال ��ع ��ل ��م ��اء‪ .‬كما أن العلماء ال �زائ ��ف ��ون ال يتابعون العمل على ادع ��اءاهت ��م‬ ‫العلمية‪ ،‬ف ��إذا ادع ��ى أحدهم أنه أج ��رى جتربة ما فإن أح ��دا من زمالئه لن‬ ‫حياول تك رار التجربة للتحقق من صحة النتائج‪ .‬حىت عندما يدعى أحد‬ ‫العلماء ال �زائ ��ف�ين قيامه بتجربة أع ��ط ��ت نتائج مهمة ف ��إن ��ه ه ��و نفسه ال‬ ‫يعيدها إطالقا للتحقق من صحة النتائج أو من دقة إج راءات التجربة‪ .‬و‬ ‫على العكس متاما‪ ،‬ففي العلم احلقيقي تكرر التجارب اهلامة من قبل العلماء يف مجيع أحناء العامل و مبزيد من الدقة و التمحيص‬ ‫يف كل مرة‪.‬‬ ‫العلم ال زائف حياول دائما أن خيلق الغموض دون أن يكون هلذا الغموض وجودا حقيقيا‪ ،‬إنه يفعل ذلك بتجاهله ملعلومات حمورية‬ ‫و تفاصيل مهمة عن الظاهرة‪ .‬فأي ظاهرة قد تبدو غامضة إذا حجبنا املعلومات اليت تفسرها أو أضفنا تفاصيل خيالية متاما‪ .‬إن‬ ‫الكتب اليت تتناول مثلث برمودا هي األمثلة التقليدية عن هذه التقنية‪.‬‬ ‫العلم ال زائف ال يتقدم مع مرور الزمن‪ .‬دائما ما توجد موضات عابرة‪ ،‬و العامل ال زائف قد ينتقل من موضة إىل أخرى (فمن األشباح‬ ‫إىل األطباق الطائرة‪ ،‬و من األطباق الطائرة إىل الد راسات النفسية)‪ .‬و لكنك إذا تابعت موضوعا حمددا فإنك لن تالحظ أي تقدم‬ ‫علمي يف هذا اجملال‪ .‬قلما تظهر أية معلومات جديدة و من النادر أن تقرتح نظريات جديدة‪ ،‬و املفاهيم القدمية ال يناهلا التعديل‬ ‫على ضوء االكتشافات اجلديدة‪ ،‬فالعلم ال زائف يندر أن يأيت باكتشافات جديدة إذا صح لنا أن نستخدم كلمة اكتشافات يف‬

‫‪40‬‬


‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫خيرتع العلماء ال زائفون مصطلحات شبه علمية خاصة هبم‪ .‬هذه املصطلحات تكون عادة شديدة الضبابية و غري معرفة بشكل‬ ‫واض ��ح أو ليس هلا تعريف حمدد على اإلط�لاق‪ .‬هذه الضبابية جترب املستمع هل ��ؤالء أن يفسر ما يسمع حسب معلوماته و تصوره‬ ‫املسبق‪ .‬فما الذي ميكن أن نفهمه من مصطلح «الطاقة الكونية احليوية» ؟ يف احلقيقة حياول العلماء املزيفون ابتداع مصطلحات‬ ‫تشبه تلك املستخدمة من قبل العلماء و التقنيني يف جمال معني دون أن يكون هلذه املصطلحات أي معىن حقيقي‪ .‬الحظ أن دجايل‬ ‫املعاجلة الروحية سوف يعانون من الضياع إذا مت حرماهنم من استخدام كلمة «طاقة»‪ ،‬مع العلم أن استخدامهم اهلذه املفردة ال‬ ‫عالقة له على اإلطالق مبفهوم الطاقة احلقيقي الذي يستخدمه الفيزيائيون‪.‬‬ ‫يدعي العلم ال زائف أن الظواهر اليت يدرسها «غيورة» حبيث ال ميكن مالحظتها إال ضمن شروط خاصة جدا و لكنها عادة غري‬ ‫حمددة بدقة (هذه الظاهرة ال ميكن مالحظتها بوجود أحد املشككني أو غري املؤمنني هبا‪ ،‬و أحيانا ال حتدث هذه الظاهرة بوجود أي‬ ‫شخص حياول مشاهدهتا اللهم إال العامل ال زائف الذي حدثنا عنها‪ ،‬أو أهنا حدثت ملرة واحدة يف تاريخ البشرية)‪ .‬و على العكس‬ ‫متاما من ذلك فإن العلم احلقيقي يقر بأن أي ظاهرة طبيعية ميكن أن تتم د راستها من قبل أي شخص إذا امتلك األدوات الالزمة‪.‬‬ ‫من الواضح أننا مجيعا نستطيع استقبال األمواج ال راديوية إذا امتلكنا جهاز راديو بسيط و مل نسمع عن جهاز راديو ال يعمل إال‬ ‫أمام املؤمنني به ! لنفرتض أن شخصا يدعي أنه عازف كمان‪ ،‬إال أنه يرفض أن يعزف بوجود آخرين يودون مساع عزفه‪ ،‬من الواضح‬ ‫أن هذا الشخص يكذب عندما يدعي أنه جييد العزف على الكمان‪ .‬بإمكانك عزيزي القارئ مشاهدة مقطع فيديو تبدو فيه هذه‬ ‫اخلاصة يف أوضح صورها و بشكل رمبا يثري كث ريا من الضحك !‬ ‫‪http://www.youtube.com/watch?v=jnLR6JkpLM4‬‬

‫التمييز بني العلم احلقيقي و العلم الزائف‬

‫هذا اجملال‪ .‬أما األفكار القدمية فهي حتوز أكرب قدر من االح رتام و التبجيل‪ .‬إن العلم ال زائف ال يقوم باكتشاف أية ظواهر جديدة‪.‬‬ ‫يف الواقع يعمد العلماء ال زائفون غالبا إىل التعامل مع ظواهر معروفة جيدا للعلماء و لكنها جمهولة من قبل العامة حبيث يتقبل‬ ‫عامة الناس أي ادعاءات يأيت هبا هؤالء العلماء املزيفون‪ .‬السري على اجلمر هو مثال شائع عن ذلك‪.‬‬

‫مرتجم بتصرف‬ ‫يتبع ‪...‬‬

‫‪41‬‬

‫‪42‬‬


‫يتكون من الفحمبتصرف‬ ‫مغالطة‪ :‬األملاس‬ ‫ّ‬

‫يتكون من الفحم‬ ‫مغالطة‪ :‬األملاس‬ ‫ّ‬ ‫ترجمة و إعداد‪ :‬العالِم ّ‬ ‫الشعبي‬

‫والتطور‪ ،‬األمل ��اس تكون منذ‬ ‫طب ًق ا لعلماء اجليولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫حوايل ‪ 3-1‬مليار عام‪ ،‬هذا أقدم بكثري من أي تاريخ‬ ‫مسج ل حلىت أي نباتات أرضية‪ ،‬فما بالك بالفحم؟‬ ‫َّ‬ ‫عرف كوقود أحفوري؛ فهو يتكون من البقايا‬ ‫الفحم يُ َّ‬ ‫امل ��يّ ��ت ��ة للنباتات م ��ث ��ل األش ��ج ��ار و ال ��س �راخ ��س و غ�يره‪.‬‬ ‫تكوين الفحم يأخذ ماليني السنني و ميكن اقتفاء أثره‬ ‫م ��ن ‪ 300‬ل �ـ ‪ 400‬مليون ع ��ام‪ ،‬لكن ليس مليار ع ��ام‪.‬‬ ‫فكيف إذن لألملاس أن يتكون من الفحم الذي مل يكن‬ ‫له وجود آنذاك؟‬ ‫األمل ��اس ي ��ت ��ك ��ون م ��ن عنصر واح ��د ف ��ق ��ط ‪ -‬ال ��ك ��ارب ��ون‪.‬‬ ‫تكونه يتطلب درجات ح رارة عالية (من ‪ 900‬لـ ‪1300‬‬ ‫ّ‬ ‫درج ��ة مئوية) و ضغط غري متوفر إال يف عمق ‪ 140‬لـ‬ ‫‪ 190‬كيلومرت يف دث ��ار األرض (الطبقة ال�تي تقع حتت‬ ‫القشرة األرضية)‪.‬‬ ‫أما الفحم فهو شكل غري منظم للكاربون و بالكاد‬ ‫ميكنه تغيري تركيبه الكيميائي و يتحول للغ رافيت‪،‬‬ ‫و لكن ليس ل�لأمل ��اس‪ .‬ال ��ت ��ح � ُّ�ول م ��ن فحم ألمل ��اس شبه‬ ‫نادرا‬ ‫مستحيل بسبب الشوائب و حقيقة أن الفحم ً‬ ‫ما يتواجد يف أعماق أكثر من ‪ 3‬كيلومرت‪ ،‬و هو الغري‬ ‫مناسب لتكوين األملاس‪.‬‬

‫‪I believe in Science‬‬

‫‪43‬‬

‫‪44‬‬


‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬

‫النظرية املوجية لهيجنز‬

‫تيارا‬ ‫يف غضون تلك الفرتة تقريب اً‪ ،‬واليت قدم فيها نيوتن اق رتاحاته حول الطبيعية اجلسيمية للضوء؛ أي‪ ،‬بوصفه تدفق اً ‪ Flux‬أو ً‬ ‫التكون يف هولندا ‪ Holland‬عن طريق كريستيان هيجنز‬ ‫‪ Stream‬من اجلسيمات املتناهية الصغر‪ ،‬فإن نظرية أخرى كانت قيد ُّ‬ ‫متام ا الق رتاح نيوتن عن الضوء الذي مل يرى فيه نيوتن‬ ‫‪ .)1695 –1629( Christian Huygens‬فلقد قدم هيجنز اق رتاح اً ً‬ ‫مضادا ً‬ ‫أي مسة موجية‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فإن هيجنز قد افرتض أن الضوء ذي مسة متوجية متام اً‪ ،‬حيث أن أشعة الضوء ميكنها أن‬ ‫تنحين وتلتقي ثانية؛ حيث يقول‪:‬‬ ‫«إن الضوء ينتشر‪ ،‬مثلما ينتشر الصوت‪ ،‬عن طريق املوجات واألسطح الكروية‪ .‬ولذلك فإنين أمسيها باملوجات من خالل تشاهبها‬ ‫مع تلك اليت تُرى موجودة يف املاء عندما يُلقى حجر فيه»‪.‬‬ ‫ومن هنا يتبني لنا‪ ،‬أن هيجنز قد افرتض‪ ،‬ومنذ أحباثه األوىل عن االنكسار يف عام ‪ ،1652‬أن انتشار الضوء يكون متماث الً مع انتشار‬ ‫موجات املاء عندما يلقى حجر يف بركة ساكنة‪ ،‬وهلذا فإن النمط الناتج يَ ُك ون عبارة عن سلسلة من املوجات الصغرية املتحدة‬ ‫املركز ‪ ،Concentric ripples‬والذي تكون فيه ذُ َرى‪ hills‬املوجات منفصلة بشكل ُم طرد عن طريق املسافة اليت تسمى اآلن‬ ‫بالطول املوجي ‪.Wave length‬‬ ‫ظاهرا‪ ،‬ولكنها تثري تساؤالً هام اً وهو‪ :‬ما‬ ‫على أية حال فإن هذه التماثالت بني موجات الضوء وموجات املاء والصوت هي مقبولة ً‬ ‫حجرا يف املاء‪ ،‬فإنه حيدث‬ ‫الوسط الذي يكون ُم تطلبا من أجل انتشار موجات الضوء ؟ إنه ملن الطبيعي القول‪ ،‬أنه عندما نلقي ً‬ ‫موجات فيه‪ .‬ومن مث‪ ،‬فلكي تنتشر موجات املاء وتنتقل من مكان آلخر‪ ،‬فإهنا تتطلب وجود وسط تنتشر فيه؛ أي‪ ،‬املاء‪.‬كما أن‬ ‫موجات الصوت تستلزم وس طً ا؛ أي‪ ،‬اهل ��واء‪ ،‬لكي تنتشر وتنتقل من مكان آلخر‪ .‬فصوت الكمان ‪ ،Violin‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫يصل إىل آذاننا بسبب اهت زاز أوتاره ‪ ،strings‬مث تنتشر تلك االهت زازات ‪ vibrations‬عرب اصطدامها جزيئات اهلواء‪ ،‬واليت تحُ دث‬ ‫موجات متضاغطة تنتقل إىل األذن‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬اقتيد هيجنز إىل ضرورة أن يكون هناك وسطا ما‪ ،‬من أجل انتقال موجات الضوء‪ .‬وبطبيعة احلال‪ ،‬فانه ال ميكن أن يكون‬ ‫ذلك الوسط هو اهلواء والذي حتدث فيه موجات الصوت‪ ،‬حيث أن الضوء ميكنه أن مير عرب الف راغ‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬فإن هيجنز‬ ‫قد َس لَّ َم‪ ،‬بأنه من الضروري وأن يكون هناك شكل آخر للمادة؛ أي‪ ،‬مادة أثريية ‪ ،Ethereal matter‬ذات مرونة‪elasticity‬‬ ‫متابع ا يف ذلك‬ ‫مطلقة باعتبارها أداة انتقال ‪ the vehicle‬الضوء‪ .‬ومن مث فإن هيجنز قد افرتض وجود األثري بوصفه جوه را ماديا‪ً ،‬‬ ‫جدا يف نقلها للضوء‪ ،‬والذي يشكل كل منها مرك زا‬ ‫جدا وذات استجابة سريعة ً‬ ‫ديكارت‪ ،‬والذي يكون مؤل ًف ا من جزئيات صغرية ً‬ ‫حلركة ارجتافية‪ .‬وافرتض أنه يكون موجودا يف تلك األج زاء من الفضاء اليت تعترب ظاهريا خاوية‪.‬‬ ‫هكذا إذن شكلت فرضية اإلثري قلب وجوهر النموذج املوجي هليجنز والركيزة األساسية له‪ .‬فلقد افرتض هيجنز‪ ،‬مثل ديكارت‬ ‫ونيوتن وآخرين‪ ،‬أن الفضاء برمته يعمه اإلث�ير بوصفه وسطا مرنا رقيق اً ج ��داً‪ ،‬من أجل تفسري انتشار الضوء‪ ،‬وال ��ذي يتكون من‬ ‫جسيمات متجاورة ذات أحجام متساوية‪ ،‬ويعترب كل جسيم منها مرك زا ملوجة كروية‪ .‬ومن مث تنتقل موجات الضوء عن طريق تتابع‬ ‫حركات تلك اجلسيمات‪ ،‬املوجودة كصف يف سلسلة‪ ،‬واليت حتمل كل منها املوجات الكروية يف مجيع االجتاهات‪ .‬وهبذه الطريقة‬ ‫تنتقل وتنتشر موجات الضوء‪.‬ولكن هذا االنتقال ال يتم بشكل منتظم‪ ،‬ولكن على حد وصف هيجنز ‪:‬‬ ‫«كطرقات‪ percussions‬عند م راكز هذه املوجات‪ ،‬واليت ال متتلك أي تتابع منتظم‪ .‬إنه ليس من الضروري وأن نفرتض أن املوجات‬ ‫نفسها تتبع كل واحدة منها األخرى مبسافات متساوية»‪.‬‬ ‫ومن هنا يتبني لنا أن هيجنز‪ ،‬أيضا كسلفه هوك‪ ،‬مل يقل بدورية ‪ periodicity‬موجات الضوء‪ .‬باألحرى‪ ،‬فإن موجات هيجنز‬ ‫هي مبثابة نبضات منفصلة ‪ ،isolated pulses‬واليت تكون متولدة عن طريق اصطدام جسيمات اإلثري هبا واليت تتبع كل واحدة‬ ‫منها األخرى بف رتات غري منتظمة‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫واآلن‪ ،‬إذا كان الضوء ينتقل على صورة موجات يف االيثري‪ ،‬طبق اً هليجنز‪ ،‬فما نوع احلركة اليت تنتشر وتنتقل هبا موجات الضوء‬ ‫؟ حنن نعلم أن هناك نوعان من احلركة املوجية‪ :‬حركة طولية ‪ ،Longitudinal motion‬وحركة مستعرضة ‪Transverse‬‬ ‫‪ ،motion‬فبينما تنتمي حركة موجات الصوت إىل النوع األول‪ ،‬فإن حركة موجات املاء تنتمي إىل النوع األخري‪.‬‬ ‫فبالنسبة ملوجات الصوت‪ ،‬فإن كل جسيم للوسط احلامل هلا؛ أي‪ ،‬اهلواء‪ ،‬يتحرك ذهاب اً وإياب اً على طول االجتاه الذي تنتشر فيه‬ ‫املوجات؛ أي أن‪ ،‬سعة امل ��وج ��ة‪ amplitude‬تكون موازية الجتاه انتشارها‪ .‬ولذلك مسيت حبركة طولية‪ .‬فعلى سبيل املثال فان‬ ‫موجات الصوت الصادرة من جرس‪ ،‬مثال‪ ،‬تصل إىل آذاننا؛ بسبب أن كل جسيم للهواء يتحرك بالتناوب مقرتبا ومبتعدا عن اجلرس‬ ‫يف اجتاه انتشار املوجة‪ .‬لكن األمر خمتلف بالنسبة ملوجات املاء‪ ،‬حيث أنه‪ ،‬وإن كانت موجات املاء تنتشر على طول سطح املاء‪،‬‬ ‫فإن اجلسيمات املفردة للماء ال تنتشر مبثل تلك الطريقة؛ إن حركة تلك اجلسيمات تكون ألعلى وأسفل‪ ،‬وب زاويا عمودية على‬ ‫السطح وعمودية على اجتاه انتشار املوجة؛ أي أن‪ ،‬سعة املوجة تكون عمودية على اجتاه انتشارها‪ ،‬ولذلك مسيت حبركة موجية‬ ‫مستعرضة‪.‬‬

‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬

‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬

‫إن النتيجة املنطقية املرتتبة على حقيقة أن انتشار موجات الضوء‪ ،‬طبقا هليجنز‪ ،‬يكون بشكل تتابعي‪ ،‬واليت تتبع كل واحدة‬ ‫منها األخرى بف رتات غري منتظمة‪ ،‬هي أن الضوء البد وأن يستغرق زمنا ما لكي ينتقل من مكان آلخر؛ أي‪ ،‬أن هناك سرعة حمددة‬ ‫للضوء‪ ،‬وذلك خالفا للتصور الديكاريت القائل باالنتشار الفوري‪ instantaneously‬للضوء‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق مبوجات الضوء‪ ،‬فبينما ذهب هوك ‪ ،Hooke‬من قبل‪ ،‬إىل أن موجات الضوء تكون متماثلة متاما مع موجات‬ ‫املاء‪ ،‬ومن مث فإنه نسب إليها حركة موجية مستعرضة؛ فإن هيجنز قد رأى‪ ،‬وعلى العكس من هوك‪ ،‬أن موجات الضوء تكون‬ ‫أكثر شبه مبوجات اهلواء‪ ،‬ومن مث فإنه نسب إليها حركة موجية طولية‪ .‬ومن مث فإن فكرة التذبذبات العمودية على اجتاه االنتشار‬ ‫ظلت غريبة على هيجنز‪ ،‬والذي رأى أن جزيئات اإلثري تتحرك باجتاه الشعاع‪.‬‬ ‫على أي ��ة ح ��ال‪ ،‬ف ��ان النظرية املوجية هليجنز ق ��د جنحت يف وص ��ف وتفسري ع ��دد م ��ن اخلصائص املعروفة للضوء مثل االنعكاس‬ ‫واالنكسار‪ ،‬بشكل مقنع‪ ،‬وان مل تؤد إلقناع اجلميع هبا‪ ،‬يف تفسريها النتشار الضوء يف خطوط مستقيمة‪.‬‬ ‫يتضح لنا مما سبق مالمح منهجية هيجنز‪ ،‬فبخالف نيوتن‪ ،‬فإنه مل يكن ملتزم اً على اإلطالق بالتعاليم البيكونية‪ .‬فلم حياول‬ ‫هيجنز صنع قائمة كاملة عن خصائص الضوء‪ ،‬عن طريق التجربة‪ ،‬مثلما فعل نيوتن‪ .‬كما أنه مل يكن ليعتقد بأن قائمة كهذه‬ ‫تكون ضرورية من أجل أغ راضه‪ .‬إن اهتمامه الوحيد كان إعطاء تفسري ميكانيكي واضح خلصائص قليلة عن الضوء‪ ،‬واليت اعتقد‬ ‫أن فالسفة طبيعيني آخرين قد أخفقوا يف تفسريها‪.‬‬ ‫ويف احلقيقة فإن ما كان حياول هيجنز تفسريه هو «وقائع اخل�برة»‪ ،‬ولكنه مل يكن ليدعي يف أي موضع من حبثه أنه ينطلق من‬ ‫تلك الوقائع للربهنة على النظرية ال�تي قدمها‪ .‬ب ��األح ��رى‪ ،‬ف ��إن مناقشاته ترتكز على توضيح كيف أن ه ��ذه الوقائع تتفق مع‬ ‫مفاهيمه أكثر من تلك املفاهيم اليت كانت مفرتضة عن طريق الفالسفة الطبيعيني اآلخرين قبله‪ .‬ولذلك فإن نقطة بدايته كانت‬ ‫املشكالت اليت تنبثق من النظريات السابقة أكثر من الوقائع ذاهتا‪( .‬على سبيل املثال‪ :‬مشكلة االنتقال الفوري للضوء يف النسق‬ ‫الديكاريت)‪ .‬وعن طريق فحص الصعوبات املتضمنة يف الفروض املوجودة من قبله؛ فإنه اقتيد إىل تعديل تلك الفروض‪ ،‬أو اق رتاح‬ ‫فروض جديدة‪ .‬ومن مث فإنه يشرع يف إيضاح كيف ميكن لفروضه أن تفسر التجارب‪ .‬إنه عادة ما يقدم فروضه بوصفها تفس ريات‬ ‫ختمينية ‪ Conjectural explanation‬للتجارب‪ .‬وباالختصار فان منهج هيجنز التقليدي كان دائم االنطالق من الفرض‬ ‫إىل التجربة وليس العكس‪.‬‬ ‫وبكلمات أخرى‪ ،‬فإنه ميكننا القول‪ ،‬أن السمة العامة ملنهجية هيجنز تكمن يف تبنيه ملا عرف بوصفه املنهج الفرضي االستنباطي‬ ‫‪ Hypothetico-deductive-Method‬خبالف املنهج االستق رائي ‪ ،inductive-Method‬املتبىن عن طريق نيوتن‪،‬‬ ‫والذي يرتكز على االنطالق من فروض توحي هبا معطيات التجربة ومالبسات الظواهر املدروسة لبناء نظرية عن طريق االستنباط؛‬ ‫نظرية ال ميكن األخذ هبا كنظرية صحيحة إال إذا أكدهتا التجربة؛ أي‪ ،‬تار ًك ا مسألة صحتها أو عدم صحتها للتجربة وللتجربة‬ ‫وحدها‪.‬‬ ‫على أية حال فإنه يبدو لنا‪ ،‬أنه حبلول هناية القرن السابع عشر‪ ،‬قد بزغت نظريتان متعارضتان يف جمال البصريات‪ ،‬حول طبيعة‬ ‫الضوء؛ أي‪ ،‬النظرية اجلسيمية والنظرية املوجية‪ ،‬حيث تبنت كل منهما نسق اً مفاهيمي اً متعارض اً مع اآلخر‪ .‬فلقد بدا اجلسيم‪،‬‬ ‫طبق اً للتصور النيوتيين‪ ،‬لكي يكون ذي وج ��ود حم ��دد بإحداثيات حم ��ددة مت ��ام �اً؛ أي‪ ،‬يف موضع معني ويف حلظة معينة‪.‬كما أن‬

‫‪46‬‬


‫رؤية الفيزياء الكالسيكية للضوء واالشعاع‬

‫اجلسيمات تصطدم وترتد بطاقة متبادلة ميكن حساهبا بدقة مطلقة‪ ،‬على األقل من حيث املبدأ‪ .‬بينما بدت املوجة‪ ،‬طبق اً للتصور‬ ‫املوجي‪ ،‬لكي تكون منتشرة بشكل غري حمدود يف مكان ما من الوسط املوجي؛ إهنا تكون موجة يف ذلك الوسط‪ .‬ومن مث فإن انتشار‬ ‫املوجة ينقص بشكل جوهري من حتديد أية إحداثيات هلا‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فانه ال يوجد شيء يف احلركة املوجية يتطابق مع تصادم اجلسيمات وارتدادها على اإلطالق‪ .‬فك رات البلياردو‬ ‫ومتوجات ال برِْ َك ة‪ ،‬هي كينونات خمتلفة جوهري اً يف النوع‪ .‬ومن مث بدا أن ُك الً من النظريتني تكونان مستبعدتني تبادلي اً‪ .‬إن كال منهما‬ ‫صحيح ا يف الوقت نفسه‪ ،‬حيث أنه يكون من املستحيل تصور إمكانية وصف أي حدث عن طريق كل من هاتني‬ ‫ال ميكن أن يكون‬ ‫ً‬ ‫أيض ا استحالة مالحظية‬ ‫الطريقتني للوصف يف نفس الوقت‪ .‬إن هذه االستحالة ليست استحالة تصورية فحسب‪ ،‬ولكنها تتضمن ً‬ ‫‪ notationally impossibility‬تتعلق بإج راء عمليات حقيقية إلمكانية مالحظة خصائص املوجة وخصائص اجلسيم يف‬ ‫نفس الوقت‪ ،‬كما أن اللغات الوحيدة املتاحة‪ ،‬حينئذ‪ ،‬لوصف ديناميكيات املوجة واجلسيم تشكل تعارضا حقيقيا‪.‬‬ ‫بيد أن األمر مل يستمر كث ريا على هذا النحو‪ ،‬من وجود نظريتني متنافستني‪ ،‬تدعي كل منهما أهليتها يف وصف وتفسري خصائص‬ ‫الضوء‪ .‬فعلى الرغم من النجاحات املؤزرة للنظرية املوجية يف تفسري الكثري من الظواهر البصرية‪ ،‬فإهنا ما لبثت أن ُس حقت متام اً‬ ‫حتت وط ��أة ما أصبح شائع اً بوصفه التأويل اجلسيمي النيوتيين للضوء‪ ،‬لكي يُ َد َّش ن بوصفه التأويل التقليدي ‪Orthodoxal‬‬ ‫‪ ،interpretation‬مثلما مت التنويه عنه من قبل‪.‬‬ ‫ويف احلقيقة فإن النموذج اجلسيمي عن الضوء‪ ،‬قد بدأ باألُفول مع بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬عندما أثرى توماس يونج ‪Thomas‬‬ ‫‪ )1829 –1773( Young‬وأوغسطني فرنل ‪ ،)1827 –1788( Augustine Fresnel‬الفرض املوجي بأفكار جديدة‪ .‬حيث‬ ‫اتضح من مسامهاهتما أن مجيع أن ��واع الظواهر البصرية املعروفة يف ذلك الوقت ميكن تفسريها بشكل مالئم عن طريق األفكار‬ ‫املوجية‪ .‬وبفضل األفكار ال رائعة ليونج وفرنل أصبحت النظرية اجلسيمية عن الضوء ذات أمهية تارخيية فقط‪ ،‬كما أصبحت النظرية‬ ‫املوجية ذات سيطرة مطلقة على فيزياء بصريات القرن التاسع عشر‪ .‬وهذا ما سوف نتناوله يف اجلزء الالحق‪.‬‬ ‫تاليف الدكتور ‪Khalid Zahra :‬‬ ‫م راجعة ‪Jamal Novelty :‬‬ ‫منقول من صفحة‬ ‫الفيزيائيون ‪The Physicists‬‬

‫‪47‬‬

‫‪48‬‬


‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬

‫طريف سردست‬ ‫‪2013/2/25‬‬

‫يعتقد البعض ان وجود نظام يدل على وجود ُم نظم‪ ،‬وأن باالمكان الربهنة على ذلك باملنطق العقلي‪ .‬السيارة كنظام‪ ،‬احدى االمثلة‬ ‫اليت يقدموهنا للداللة على صحة برهاهنم املنطقي‪ ،‬انطالقا من اننا نعلم أن السيارة هلا ُم نظم‪ ،‬وقياس اً على ذلك‪ ،‬بنظرهم‪ ،‬يدل‬ ‫النظام على وجود ُم نظم‪ ،‬على العموم‪ .‬وهناك أمثلة شهرية أخرى مثل ان الكرسي يدل على النجار وأن البعر يدل على البعري‪،‬‬ ‫فهل االمر كذلك حق اً!‬ ‫ماهو الربهان املنطقي؟‬ ‫الربهان املنطقي هو االستدالالت العقلية حسب آليات لغوية وذهنية متفق عليها‪ ،‬تعصم الذهن عن االحن �راف عن ماهو متفق‬ ‫عليه‪ ،‬غايته كشف حقيقة إدعاء أو فرضية‪ ،‬باحلجة التجريدية‪ ،‬بواسطة تركيبات لغوية وحسب رؤية ذهنية لتصور العامل‪ .‬والربهان‬ ‫املنطقي خيتلف عن الربهان املوضوعي‪.‬‬ ‫ك ��ان ارسطوطاليس اول من كتب يف املنطق‪ ،‬غري ان املنطق االغريقي‪ ،‬على الرغم من تقدمه فكريا‪ ،‬اوصلنا م �رات عديدة اىل‬ ‫استنتاجات خاطئة‪ ،‬مثال القول ان الذباب من اخلل او من الروث‪ ،‬وان املواد االساسية هي مخسة‪ :‬ال رتاب والنار واملاء واهلواء والضوء‪.‬‬ ‫اليوم يعتمد العلم على املنهج العلمي‪ ،‬حيث املنطق أصبح احد فروعه‪ ،‬انطالقا من املعطيات املوضوعية‪ ،‬يف حني الزالت التيارات‬ ‫الدينية تقدم حججها انطالقا من « املنطق العقلي والبناء اللغوي»‪ ،‬وبعيدا عن املوضوعية العلمية‪ ،‬بل وحىت رافضني هلا‪.‬‬ ‫مثال لو وضعت كفك االمين يف ماء بارد وكفك االيسر يف ماء دافئ‪ ،‬مث اخرجتهم‪ ،‬فما هو االستنتاج « املنطقي» الذي ستصل اليه‬ ‫عن ح رارة اجلو‪ ،‬هل هو بارد ام دافئ؟ ان االستنتاج االصح هو ان االحاسيس ذاتية غري موضوعية‪ ،‬ولذلك هي ختدعنا والتشكل‬ ‫اساسا صاحلا لالستنتاج املنطقي‪ .‬على العكس يعتمد الربهان املوضوعي على اجهزة القياس‪ ،‬خارج احاسيسنا‪ ،‬لتقدمي معطيات‬ ‫موضوعية‪.‬‬ ‫ونعود االن اىل مثال السيارة‪( ،‬والكرسي)‪ ،‬هل حقا ان السيارة هي « منظومة»‪ ،‬حىت ميكن مقارنتها بنظام الطبيعة؟‬ ‫عندما ننظر اىل البحر‪ ،‬سنجد منظومة مغلقة التعتمد على احد من خارجها‪ ،‬اي ان السبب والنتيجة يف دورة مغلقة‪ .‬االمساك يف‬ ‫البحر تعيش وتتكاثر وتأكل بدون تتدخل من خارج املنظومة‪ ،‬ولو قام احدنا مثال بصيد بضعة امساك ونقلها اىل حوض مائي يف‬ ‫بيته‪ ،‬فسيكون جم ربا على ان يكون «جزء من املنظومة» اجلديدة حىت تستمر االمساك باحلياة‪ .‬بذلك‪ ،‬حنن نعلم ان حوض االمساك‬ ‫حيتاج اىل « ُم نظم» الن احلوض وحده اليستطيع إبقاء االمساك على قيد احلياة‪ .‬مبعىن اخر املنظومة ناقصة بدون االنسان‪ ،‬ليكون‬ ‫االنسان جزء من املنظومة وليس «خالقها» فقط‪ .‬االمر نفسه بالنسبة للسيارة‪ .‬ان السيارة بدون االنسان هي منظومة ناقصة‪،‬‬ ‫الحياة فيها‪ ،‬والتتم فيها السبب والنتيجة يف دورة مغلقة‪ ،‬ولذلك نعلم ان هناك مكون ناقص يف هذه املنظومة‪ ،‬هو الذي يدل على‬ ‫ان للسيارة صانع‪ ،‬واالمر ليس كذلك بالنسبة للطبيعة‪.‬‬ ‫املنظومة هي اصغر عدد من املكونات‪ ،‬مع بعضها ق ��ادرة على القيام جبميع الوظائف احليوية‪ ،‬واي غياب لواحدة من املكونات‬ ‫تؤدي اىل تعطيل عمل اجملموعة متاما‪ .‬ويف مثال السيارة سيكون من املستحيل على السيارة العمل كمنظومة بدون االنسان‪ ،‬ولذلك‬ ‫فاالنسان جزء من هذه املنظومة‪ ،‬وغيابه يلغي وجود «املنظومة» كمنظومة‪ ،‬ليجعلها جمرد قطع مرتبطة ببعضها‪ ،‬وهذا الذي يدل‬ ‫على فاعل‪ ،‬واالمر ليس كذلك مع الطبيعة‪.‬‬ ‫دعونا نعترب ان االنسان متكن من اخ�تراع انسان آيل‪ ،‬ذك ��ي‪ ،‬ق ��ادر على تصليح نفسه وعلى بناء روب ��وت ��ات جديدة ب ��دون تتدخل‬ ‫االنسان‪ ،‬وبالتايل اصبح لدينا نظام قادر على القيام بدورة كاملة بدون تتدخل خارجي‪ ،‬اليس هذا دليل على ان « للنظام ُم نظم»؟‬ ‫ان النظام‪ ،‬يف الطبيعة‪ ،‬هو نتاج تطور افقي وعامودي‪ .‬حنن نعلم ان احليوانات واالنسان احندرت عن « موديالت» سابقة هلا‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فهي نتاج تطور عامودي‪ ،‬بالذات بسبب آلية م رتابطة بيلوجيا وفيزيائي اً جتعل وجودها ممكنا‪ .‬على العكس سنجد ان الروبوتات‬ ‫معزولة زمنيا‪ ،‬وبالتايل ليست امتداد للتاريخ الطبيعي‪ .‬كما ان وجودها فيزيائيا‪ ،‬يتناقض مع فيزياء املواد اليت تتكون منها‪ ،‬من‬ ‫حيث ان فل زات احلديد مثال التتحول اىل حديد صايف ضمن آلية طبيعية‪ ،‬وبالتايل معزولة عن الروبوتات‪ ،‬كمنتوج هنائي‪ ،‬فكيف‬ ‫نتجت مكونات الروبوتات‪ ،‬طبيعيا‪ ،‬وليست جزء من دورة طبيعية مستقلة؟ هلذا السبب من السهل معرفة ان الروبوتات حتتاج اىل‬ ‫« خالق»‪ ،‬يف حني ان الطبيعة الحتتاج‪.‬‬ ‫لنقارن بني خلية وسيارة‪ .‬اخللية متلك مكونات تامة تسمح هلا القيام بوظائفها وإع ��ادة انتاج نفسها بدون تدخل خارجي‪ ،‬اهنا‬ ‫التعطينا اية فرصة لالعتقاد بوجود احد لتربير وجودها‪ .‬ولو ازلنا احلمض النووي ستتوقف اخللية عن القيام بوظائفها‪ .‬االنسان‬

‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬

‫‪49‬‬

‫هل يدل النظام على وجود ُمنظم؟‬

‫بالنسبة للسيارة هو احلمض النووي‪ ،‬ولذلك تدل السيارة على وجود االنسان‪ .‬هنا جيب ان ينربي احد ليقول ومن اين اتت اخللية‬ ‫االوىل؟‬ ‫وأن املقصود من مثال السيارة هو للمقارنة مع اخللية االوىل وحدها وليس اخللية على االطالق‪.‬‬ ‫عندما نقول ان اخللية‪ ،‬كنظام‪ ،‬الحتتاج اىل ُم نظم‪ ،‬ليس فقط من خالل استقاللية السبب والنتيجة داخل اخللية وامنا ايضا بفضل‬ ‫ارتباط ذلك بعوامل االرض مثل االشعة الكونية واهل ��واء والرطوبة ودرج ��ة محوضة البيئة واحل �رارة والضغط والعوامل الكيميائية‬ ‫والفيزيائية‪ .‬ول ��و ك ��ان نشوء اخللية معزولة عن االسباب على االرض‪ ،‬لكان بإمكان اخللية ان تعيش يف كل مكان ك ��وين على‬ ‫االطالق‪ ،‬وعندها سيكون ذلك برهانا على وجود ُم نظم‪ ،‬من حيث انه وجود العالقة له بأسباب‪ ،‬متاما كما لو نعثر على روبوت‬ ‫على القمر‪ .‬سيكون ذلك وجود بال اسباب وهو الدال على وجود ُم وجد‪ ،‬االمر الذي الينطبق على اخللية او الطبيعة وبالتايل‬ ‫الداللة على وجود ُم نظم او موجد‪.‬‬ ‫عدا عن ذلك‪ ،‬فأن صناعة الروبوتات والسيارات‪ ،‬ليست عملية « خلق نظام» وامنا إعادة ترتيب النظام املوجود‪ ،‬متاما مثل حوض‬ ‫االمساك يف البيت‪ ،‬حيث نعيد ترتيب ظروف البحر‪ ،‬اقتباسا من البحر‪ ،‬والخنلق حب راً جديدا‪ .‬أي اننا نقلد النظام املوجود والخنلق‬ ‫نظاما‪ ،‬فالنظام اليخُ لق االنسان يدرس خصائص املعادن وخيتار املوجود منها ‪ ،‬املناسب لتحقيق غرض حمدد ‪.‬فينتزع املعدن من‬ ‫نظامه‪ ،‬من املنظومة الطبيعية املتكاملة‪ ،‬ليضعه يف منظومة ناقصة‪ ،‬هو جزء منها ولكنه الينجح ابدا يف خلق نظام جديد‪ ،‬الن‬ ‫احلديد على الدوام جزء من نظام دورته القدمية‪ ،‬ويف النهاية يعود اليها‪ ،‬مهما عارض االنسان‪ ،‬ليبقى «النظام اجلديد» عملية‬ ‫معزولة‪ .‬لذلك‪ ،‬نرى ان من عالئم النظام الطبيعي انه الحيتاج اىل ُم نظم‪ ،‬فهو مغلق يف دورته‪ ،‬كامل املكونات‪ ،‬والغاية له‪ ،‬وقادر‬ ‫على جتديد وتنظيم نفسه آليا يف ح ��دود تكامل مكوناته‪ ،‬ب ��دون حاجة اىل تتدخل خارجي‪ .‬يف حني ان انت زاع عناصر وإع ��ادة‬ ‫ترتيبها‪ ،‬بطريقة مبتسرة ومنعزلة عن اآللية الطبيعية‪ ،‬هي اليت حتتاج اىل « ُم نظم» وامل نظم هنا بالضرورة جزء من هذا النظام‬ ‫املبتسر‪ ،‬إذ الميكن «للنظام االصطناعي» ان يعمل اصال بغياب « امل نظم»‪ ،‬وبالتايل ُ‬ ‫مثال السيارة ليس دليل على حاجة النظام‬ ‫اىل م نظم‪ ،‬وامنا دليل على ان داللة حاجة النظام اىل امل نظم‪ ،‬جرى ُ‬ ‫استمدادها من كون امل نظم جزء من النظام وليس معزول عنه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫خارجها‪ ،‬وبالتايل فاملثال اليتطابق على ُ‬ ‫ُ‬ ‫مايسعى املنطق العقلي على الربهنة عليه‪.‬‬ ‫« امل نظم» يف املثال هو جزء من املنظومة وليس‬ ‫ُ‬ ‫لكل ذلك االمثلة املطروحة التشابه العملية الطبيعية على االطالق‪ ،‬والتزيد عن كوهنا مغالطة عقلية‪.‬‬ ‫هل ميكن للنظام ان يوجد مبعزل عن املادة؟‬ ‫أن حماولة الربهنة على أن «النظام دليل على امل نظم» يعين بالضرورة اف�تراض ان النظام والكيانات املطلوب تنظيمها شيئان‬ ‫خمتلفان‪ .‬متاما مثل مثال السيارة‪ ،‬جند ان التصورُ أن االنسان يقوم بتنظيم مكونات السيارة يف نظام قابل للعمل‪ ،‬وبذلك يكون‬ ‫االنسان هو امل نظم‪ .‬غري اننا نعلم ان الكون بكامله يقوم على مكونات ذري ��ة‪ ،‬وأن خصائص امل ��ادة يف أصغر اشكاهلا هي اليت‬ ‫حددت شكل ُالعامل‪ ،‬أي النظام الكوين‪ .‬لذلك التساؤل‪ ،‬ليس فيما إذا كانت مكونات العامل قد نشأت قبل نشوء النظام‪ ،‬حىت‬ ‫احتاجت اىل ُم نظم‪ ،‬وإمنا فيما إذا كان النظام منفصل عن وجود مكونات العامل حىت حيتاج اىل ُم نظم‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬نعلم ان االلكرتون هو شحنة سالبة‪ ،‬وهذا بالذات الذي حيدد مكانه يف النظام‪ .‬وإذا كان االلكرتون هو الشحنة‪ ،‬فكيف‬ ‫ميكن « تنظيمه» بعد كينونته‪ ،‬على الرغم من ان كينونته بذاهتا هي اليت حددت موقعه يف النظام؟ مبعىن اخر‪ ،‬هل ميكن لاللكرتون‬ ‫ان يكون بدون شحنة‪ ،‬اليت حتدد نظامه‪ ،‬ومع ذلك هو إلكرتون؟ إن افتقاد االلكرتون للشحنة يلغي انه الكرتون اساسا‪ ،‬وبالتايل‬ ‫بدون نظام‪ ،‬كماهية‪ ،‬اليوجد الكرتون اصال‪ .‬مبعىن اخر افتقاد االشياء للنظام يف ماهيتها هو انعدام الوجود نفسه‪ ،‬الذي يفرتض‬ ‫املنطق الديين انه حيتاج اىل ُم نظم‪ .‬من هنا فأن النظام هو ماهية االشياء وليس شئ مضاف لضبط الوجود‪ ،‬والميكن ان حيتاج اىل‬ ‫ُم نظم‪ ،‬لعدم انفصال النظام عن ماهية الوجود نفسها‪ .‬فما اليوجد بدون نظام الميكن تنظيمه‪ ،‬ولن حيتاج اىل ُم نظم‪.‬‬

‫احلوار املتمدن‬

‫‪50‬‬


‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬ ‫َ‬

‫جورج لينكولني‬

‫ مسح ملقاتلني أجانب من جنسيات خمتلفة (لبنانية‪ ،‬إي رانية‪ ،‬ع راقية‪ ،‬تركية) بالدخول إىل البالد وتنفيذ عمليات عسكرية‬‫يقومون هبا على أساس طائفي تكفريي بالضبط كأولئك الذين دخلوا من خمتلف الدول العامل معلنني اجلهاد لنصرة أهل السنة‪.‬‬

‫أنت ضد اإلسالميني املسلحني؟ ضد التكفرييني واجلهاديني الذين ملؤوا بالدنا؟ ضد السياسيني الذين يأمترون باخلارج‬ ‫هل َ‬ ‫ويتبعون تعليمات املخاب رات األوربية واألمريكية؟ ضد الكتائب املسلحة اليت تسريها مشيئة من أنشأها وميوهلا؟ حسن اً‪ ..‬إىل هنا‬ ‫اِعلم أن معظم من بدؤوا بالثورة السلمية (وأنا مسؤول عن كلمة معظم) يقفون ضد هؤالء اليوم‪ ،‬وال أحد يلومك على ذلك‪،‬‬ ‫أرجوك‬ ‫كنت تؤيد النظام من مبدأ عدو عدوي هو صديقي‬ ‫َ‬ ‫ولكن هناك فرق بني الوقوف ضد الثورة والوقوف مع النظام‪ ،‬إن َ‬ ‫فعليك أن تعلم أن النظام الذي تؤيده هو نظام قام ويقوم‬ ‫أخاطبك… وإن مل يكن كذلك‪،‬‬ ‫فأنت أغىب من أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال تكمل الق راءة َ‬ ‫ٍ‬ ‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‪:‬‬ ‫أفعال ليست س راً‪ ،‬واألط راف املؤيدة للنظام تعرتف هبا‪،‬‬ ‫بأفعال تستحق‬ ‫معارضتك‪ٌ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ قام بقتل متظاهرين سلميني جملرد معارضتهم له‪ ،‬وحىت لو صدقت األسطورة اليت أخربك إياها عن كون مندسني قاموا بقتل‬‫املتظاهرين السلميني فال ميكن إنكار حصول على األقل ‪ 100‬حالة‪ ..‬وأحتداك‪.‬‬ ‫ قام باغتيال واعتقال وهتجري ممنهج للنشطاء املدنيني السلميني‪ ،‬يف حني يطلق س راح آالف اإلسالميني املوجودين يف سجونه‬‫من قبل الثورة‪ ،‬ومن يتعاونون مع اجلماعة املسلحة إىل اليوم‪ ،‬مفسح اً اجملال للتيار اإلسالمي ودعاة السالح ليحتلوا الساحات‬ ‫وينفذوا ما أوصلنا إىل هذا اليوم‪.‬‬ ‫‪ -‬يدعي محاية األقليات يف حني ُس جلت العديد من حاالت قتل واعتقال وقتل حتت التعذيب لنشطاء ومثقفني من األقليات‪.‬‬

‫ يقوم اليوم بتجاهل الضائقة االقتصادية اليت متر هبا أنت أو أف راد عائلتك‪ ،‬ويستمر بدفع ماليني الدوالرات من االحتياطي‬‫النقدي للمصرف املركزي متسبب اً بتهاوي قيمة اللرية السورية‪ ،‬وواضع اً مستقبل البالد على كف عفريت وإن انتهت احلرب‪،‬‬ ‫رافع اً الدين العام للدولة إىل ما يقارب ‪ %49‬من الدخل القومي (سابق اً كان ي رتاوح بني ‪)%5 – 4‬‬ ‫لك رأي اً فيها‪،‬‬ ‫أنت مل خترت أن خيوضها‪ ،‬وليس َ‬ ‫ يزيد أسعار املواد األساسية اليت يقوم بتقدميها ورسوم األوراق الرمسية ليمول حرب اً َ‬‫يف حني ال ي زال ضباطه يتنعمون بسياراهتم ووقودها اجملاين اليت تقطع أمثاهنا من النقود املخصصة لدعم احملروقات اليت ستحرم‬ ‫منها قريب اً يف الشتاء‪.‬‬

‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬ ‫َ‬

‫نظامك فعل التايل عزيزي املوايل‬ ‫َ‬

‫ يدعي أنه لكل السوريني‪ ،‬يف حني قام أو تغاضى على األقل عن عدة جمازر ارتكبت حبق مدنيني عزل من بينهم أطفال ونساء‬‫وشيوخ على أساس طائفي‪.‬‬

‫ تسبب بعناده مبقتل اآلالف (إن مل يكن عش رات اآلالف) من السوريني يف اجليش واالجهزة األمنية كي حتافظ اجلماعة احلاكمة‬‫اليت مل تتكبد أي خسائر بشرية على موقعها يف احلكم‪.‬‬ ‫ جتاهل خروج ثالث حمافظات تقريب اً بالكامل عن سيطرته تارك اً إياها لقمة سائغة لإلسالميني و خصوص اً ما يدعى اليوم‬‫بالدولة اإلسالمية يف الع راق والشام‪ ،‬فقط لكوهنا بعيدة عن العاصمة وخطوط إمدادها اليت ارتكب جمازر حقيقية كي حيافظ‬ ‫عليها يف القابون والغوطة عامة والقصري ومحص القدمية‪.‬‬ ‫ رفع البدل اخلارجي ثالثة أضعاف‪ ،‬حارم اً مئات اآلالف من الشباب السوريني من القدرة على زيارة عائالهتم يف الداخل‪،‬‬‫ورفع تكاليف استصدار جواز السفر ومنح ميزة لألغنياء القادرين على دفع (‪ )15,000‬ل‪.‬س‪ ،‬مسامه اً بسجن من هم يف الداخل‬ ‫ومن هم يف اخلارج‪ ،‬معمق اً عزلتنا االجتماعية‪.‬‬ ‫ ينصب احلواجز ويغلق الطرقات ويتسبب بازدحام جيعل املدنيني لقمة سائغة للتفج ريات اإلرهابية يف حني فروعه األمنية‬‫ومكاتبه احلكومية ي معظمها بعيدة مبا يكفي لعدم تأذي جدار واحد منها يف حال أي انفجار حبكم إغالقه للطرقات من‬ ‫حوهلا‪ ،‬نفس الطرقات اليت تتسبب باالزدحام الذي يقتل العش رات يف كل تفجري‪.‬‬ ‫لك أن اجلماعات املسلحة اليت حيارهبا هي الشيطان نفسه‪ ،‬ومع ذلك حيافظ على موقع وحداته العسكرية ومستودعات‬ ‫ يقول َ‬‫إياك لقمة سائغة – من‬ ‫أنت وغريها‪ ،‬تارك اً َ‬ ‫أسلحته ومنصات إطالق صوارخيه ومدافعه بالقرب وداخل مناطق مدنية تقطنها َ‬ ‫خيربك هو‪ ،‬ي راهن على أخالق الشيطان‬ ‫جديد – ألسلحة الشيطان اليت تفتقد للدقة‪ ،‬وتفتقد للمسؤولية جتاه املدنيني… كما َ‬ ‫حبياتك‪.‬‬ ‫ أهم من كل ذلك رضي أن يبقى يف احلكم رغم اً عن مطالب شرحية واسعة من الشعب‪ ،‬حمرض اً أنصاره على املزيد من‬‫ٍ‬ ‫وانقسام هو األكرب يف تاريخ شعبنا وصل حد القتل بأبشع الطرق‪.‬‬ ‫بشرخ‬ ‫التعصب يف مواالته‪ ،‬متسبب اً ٍ‬ ‫خييفك به النظام هو حركة األخوان العميلة‪ ،‬والنفوذ اخلارجي‪ ،‬فلنفرتض أن‬ ‫عزيزي املوايل‪ ،‬يف بداية األحداث كان البعبع الذي‬ ‫َ‬ ‫ذلك األسوأ وصل‪ ،‬هل كان سيتسبب مبقتل أكثر من مئة ألف سوري؟ بتشريد نصف الشعب السوري؟ هل هناك من يستطيع‬ ‫وقوفك‬ ‫وقوفك إىل جانب احل راك املسلح والسلمي املعروف بالثورة…‬ ‫معارضتك للنظام ال تعين‬ ‫أن يتسبب بكل هذا احلقد؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وقوفك إىل جانب شعبك‪ ،‬انسى كل هذا الكالم‪ ،‬وفكر مرتني من جديد‪.‬‬ ‫وقوفك ضد الظلم‪،‬‬ ‫ضد النظام يعين‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪51‬‬

‫‪52‬‬


‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬

‫أخاف عليك يا سوريا ‪....‬‬ ‫إذا انتهت األزمة أن يعيد الزمان نفسه كما حصل يف الثمانينات ‪....‬‬ ‫أن تعود اجلوامع الغالية الثمن لتبىن عوض اً عن امل راكز العلمية و م راكز األحباث وامل راكز الثقافية واملكتبات‪....‬‬ ‫أن تعود تلك الش رائط اليت تباع لشيوخ العهر والنكاح ليصدح صوهتا املرتفع يف وسائط النقل العامة و يف كل زاوية من زوايا أزقة‬ ‫املناطق الشعبية املوبؤة‪....‬‬ ‫أن تعود معاهد تعليم اإلرهاب الديين و املدارس الشرعي`ة اإلرهابية و حتفيظ فتاوى النكاح و اجلهاد‪...‬‬ ‫املتحج ر يوزعون النظ رات التكفريية لكل من ال ميشي على هواهم‪....‬‬ ‫أن نرى أصحاب الذقون و أصحاب الدين‬ ‫ّ‬ ‫أن نبقى نسمع خطب اجلمعة مبا حتمله تلك اخلطب من رسائل مب طّنة لبذرة إرهاب أعمى من تكفري لدين وسحق لطائفة وقتل‬ ‫ملرتد ‪...‬‬ ‫ال نريد لسوريا أن تكون مصدر اإلرهاب الديين و الص راع الطائفي و اضطهاد أقليات‪...‬‬ ‫بل نريدها مصدر العلم و الثقافة والفن و احلرية الفكرية والدميق راطية و العلمانية ‪...‬‬ ‫أخاف عليك يا سوريا ‪.......‬وسأظل أخاف‪.‬‬ ‫وائل امسر‬

‫‪53‬‬

‫‪54‬‬


‫لتحميل املجلة‬ issuu www.issuu.com/i-think-magazine Mediafire www.mediafire.com/?odd3nd897q2ne Box www.box.com/s/zhvvajbeglqpq2enaqzp facebook www.facebook.com/I.Think.Magazine Web www.ithinkmag.net www.i-think-magazine.blogspot.com

‫عيشوا سعداء‬...ً‫شكرا‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.