I Think magazine 23

Page 1

‫‪23‬‬

‫‪9/2013‬‬

‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬ ‫املقدسة إجراما ‪..‬‬ ‫أكرث اآليات‬ ‫ّ‬ ‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬


‫هيئة التحرير‬

‫أمين غوجل‬ ‫كنان‬ ‫كاترينا‬ ‫أخيل‬ ‫دينا‬ ‫تامبي‬ ‫زانا‬ ‫بن باز عزيز‬ ‫رامي‬

‫‪2‬‬

‫أي ثينك ساينس ‪i Think Science‬‬

‫‪3‬‬

‫شخصيات ملحدة‬

‫‪9‬‬

‫نبضات بن باز‬

‫‪11‬‬

‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫‪17‬‬

‫منفرد على الطبلة‬ ‫ٌ‬ ‫عزف ٌ‬

‫‪19‬‬

‫اإلسالميون ‪ ..‬اهلوام النرجسي و شطحات اخليال‬

‫‪21‬‬

‫رسالة من مؤسس شركة آبل ستيف‬

‫‪23‬‬

‫عن اإلحلاد و األمل و إرتقاء الروح‬

‫‪27‬‬

‫املقدسة إجراما ‪..‬‬ ‫أكثر اآليات‬ ‫ّ‬

‫‪29‬‬

‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫‪33‬‬

‫رجل من خلف الكواليس‬

‫‪35‬‬

‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫‪43‬‬

‫عشرة أشياء كانوا اليابانيني‬

‫‪45‬‬

‫نصائح هامة من آينشتاين‬

‫‪47‬‬

‫أخبار البحث عن املادة املظلمة‬

‫‪51‬‬

‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على سابقيه؟‬ ‫عاد لِيُفيت‬ ‫َ‬ ‫عن الشعب السوري “اخلاين” و الرئيس اللي بينشرب مع املي العكرة‬

‫‪59‬‬

‫سوريا ‪....‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪57‬‬

‫أي ثينك ساينس ‪i Think Science‬‬ ‫والدة أي ثينك الجديدة‬ ‫هي مجلة علمية متكاملة تعنى بطرح كل ماهو جديد من مقاالت و دراسات عالمية لتشكل مجلة علمية باللغة‬ ‫العربية سهدلة المنال و مجانية بالكامل و متاحة بسهولة ‪.‬‬ ‫لماذا ؟‬ ‫ألنه و من يحاول تتبع أخبار العلوم سيجد أنه من الصعوبة و جداً اذا لم تكن تتقن اللغة االنكليزية ايجاد المواضيع‬ ‫الحديثة لذلك ستكون أي ثينك ساينس مجلة علمية عربية حديثة احدى مهامها ترجمة الدراسات و المقاالت‬ ‫العالمية و نشرها للمتابع باللغة العربية ‪.‬‬ ‫متى ؟‬ ‫لم نبت بهذه المسألة لكننا حالياً نجمع أكبر قدر من االبحاث و المقاالت و الدراسات ألختيار أفضلها و يعاوننا‬ ‫في هذا مجموعة من أصدقائنا متابعي أي ثينك و أي ثينك ساينس بعد اطالق صفحتها الرسمية على الفيسبوك‬ ‫و لكن بالمجمل اطالق العدد االول سيكون في خالل شهر على أبعد تقدير ‪.‬‬ ‫اصدقائي مجلتنا الجديدة الهدف منها نشر علوم حقيقية في بالد تحتاج الى هكذا جرعات من المعرفة الميسرة و‬ ‫المتوفرة بلغة سهلة‬ ‫و ألنه يخلصها من غباوات شيوخها و أديانها غير معرفة أكبر و علوم أكثر و آفاق أرحب للتفكير‬ ‫سيكون مبدئياً فريق عمل أي ثينك هو المسؤول عن أي ثينك ساينس لحين تشكيل فريقها التحريري الخاص و‬ ‫كما وصلنا الى فريق عمل ممتاز ألي ثينك فأننا نأمل و من خالل مشاركاتكم أن نختار منكم من يود االنخراط في‬ ‫تحرير أي ثينك ساينس‬ ‫نحاول حالياً االتفاق مع أشخاص و مبادرات علمية محلية ناطقة بالعربية لتكون رافداً دائماً لمواضيعنا‬ ‫و نرحب بكل من يود الترجمة أو المساهمة بأي شكل و مشاركتنا حلمنا الجديد‪.‬‬ ‫أصدقائي و ألنه ال يكفي أن نشير الى الغلط بل يجب أن نعمل على اصالحه و نشر العلوم و المعرفة هي أول و‬ ‫افضل الطرق ألصالح ما خربته االيديولوجيات و االديان في العالم ‪.‬‬

‫‪i-think-magazine.blogspot.com‬‬ ‫‪www.ithinkmag.net‬‬ ‫‪facebook.com/I.Think.Magazine‬‬

‫‪1‬‬

‫كلمة رئيس التحرير‬

‫انها مولدتنا الجديدة‬ ‫انها أي ثينك ساينس‬ ‫و طبعاً‬ ‫عيشوا سعداء‬ ‫أيمن غوجل‬ ‫أحد أفراد عائلة أي ثينك و أي ثينك ساينس‬

‫‪2‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪ ...‬بيـــــل مـــــار‬

‫(‪ 8‬نوفمرب ‪1986‬ـ ‪ 11‬كانون التاين‪)2013‬‬

‫االعالمي الساخر والناقد السياسي واالجتماعي واملمثل واملؤلف الشهري ويليام بيل مار امريكي األصل من مواليد ‪ , 1956‬صاحب‬ ‫املرتبة ‪ 38‬من أعظم كوميديي العامل اىل اآلن ‪ ,‬ال ختفى أراء ويليام على احد فله فيلمه املشهور‬ ‫‪Religulous‬‬ ‫الذي ينتقد فيه الدين‪ ,‬فيمتاز بيل مار مبتابعة املواقف والتعليق عليها يف اسلوبه اهلجائي والنقدي الذي يتطلب كم اً معلومي اً‬ ‫وثقافة عالية اضاف ةً اىل الذكاء والفطنة ‪.‬‬ ‫عرف برتك الكنيسة الكاثوليكية‬ ‫الداعم حلقوق احليوانات واملدافع عن النباتية والناشط ضد القتل وتكثر الصفات لرجلنا احلديدي ‪ُ ,‬‬ ‫على اثر موقفه من حتديد النسل ‪ ,‬وكان ابوه قد حرم من خدماهتا وهو بعمر الثالثة عشر‪.‬‬ ‫((أنا آخر رجل من أصدقائي الذين مل يتزوجو أبداً ‪,‬وزوجاهتم ال يريدون اللعب معي أبداً ‪ ,‬فأنا كالعبد الذي جنا حيمل أخباراً من‬ ‫احلرية‪)).‬‬ ‫مل يتزوج ويليم ابداً يف حياته ما يأخذ لالعتقاد بأنه من معارضي الزواج عرب السماع بالفكرة فقط فعمره ‪ 56‬عام اً اال ان من يتابع‬ ‫افكاره يعلم جيداً انه من مناهضي الزواج الكثر يف هذا العامل ‪,‬عضو يف منظمة‬ ‫‪Project Reason‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪ ...‬بيـــــل مـــــار‬

‫بيل مار‬

‫املنظمة العلمانية املعتمدة على الثقافة و على م ��واه ��ب م ��ن املفكرين ال ��ب ��ارزي ��ن والشخصيات اإلب ��داع ��ي ��ة م ��ن جمموعة واس ��ع ��ة من‬ ‫التخصصات ‪ -‬العلوم والقانون واألدب والرتفيه‪ ،‬وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬وما إىل ذلك ‪ -‬إىل تشجيع التفكري النقدي والسياسة‬ ‫العامة‪ .‬و عقد املؤمت رات‪ ،‬وإنتاج األفالم‪ ،‬ورعاية البحوث العلمية واستطالعات ال رأي‪ ،‬ومنح جائزة ملنظمات أخرى غري رحبية‪ ،‬وتقدمي‬ ‫الدعم املادي للمنشقني الدينيني واملثقفني العامة ‪ -‬بغرض القضاء على نفوذ من الدوغمائية‪ ،‬واخل رافات والتعصب يف العامل‪ .‬كانت‬ ‫طريقة بيل يف انتقاد الدين ال مبهامجته فيعتربه من حيث املبدأ اسلوب لتسيري الناس لكن ينتقد ممارستهم للدين تارة اخرى لرييهم‬ ‫فرق الواقعية عن اخليال والكالم الفارغ ‪,‬‬ ‫(( إذا ظننت أن الرب حتدث يل أنا سأذهب اىل مونتيليفو ‪ ,‬وجيب عليك انت ذلك ))‬ ‫يف اشارة منه ايل مستشفى مونتيليفو يف نييورك املشهور مبصحاته النفسية يقول بيل مار عن اهلل مث الً ‪ .‬مل يبقى أحد مل يشهد لبيل‬ ‫مار مبهنيته العملية واالنصاف يف كالمه وذو توجه لي ربايل واضح ال يوجد لديه خط أمحر يف الفكرة وال يف اللفظ ‪ ,‬القدسية الحد‬ ‫يف قاموسه يتهكم أو يشتم رئيس بالده أو بابا الكنيسة أو الرسول أحيان اً فحرية التعبري على حد قوله أهنا سبب تقدم الغرب على‬ ‫باقي االمم وجيب احملافظة عليها!‬ ‫‪ ,‬اضاف ةً اىل انه غري انتقائي لضيوفه فيمكنه حماورة اي شخص نسبة اىل الثقافة العالية اليت يتمتع هبا هذا الرجل ‪ ,‬ويعترب ان الرسل‬ ‫واألنبياء هم فالسفة وفق اً لتصرحياته ‪ ,‬لألمانة العلمية ال نستطيع اجلزم بأن بيل مار ملحد فيمكن أن يصنف كالديين ربويب وفق اً‬ ‫لسياساته اليت يطرحها يف ب راجمه لكن يبقى السؤال االهم ملاذا يطرح أفكاراً كهذه تقود لالحلاد؟! ‪.‬‬ ‫يف العامل العريب االسالمي حيظى بيل مار بكره شديد ملا قدمه يف برناجمه من استه زاء بالنساء السعوديات والنقاب وال رتاث العريب «‬ ‫البدوي « ‪ ,‬اذن لمَِ يتعامل هبذا األسلوب؟! ‪ ..‬هذا ما حيتاج متابعة دقيقة ل رباجمه وكالمه ال احكام مسبقة أو أراء سطحية ‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫اسحاق اسيموف‬

‫رجل القلم اجلبار صاحب أكثر من مخسمئة كتاب و تسعون ألف رسالة رائد الكتابة االشهر والكيميائي احليوي اسحاق‬ ‫يودأويتش أسيموف من مواليد االحتاد السوفيييت من أصل يهودي ‪ ,‬وهناك جدال على موعد والدته بالتحديد ‪,‬اشتهر‬ ‫برواياته ذات اخليال العلمي ومنها نظريته « القوانني الثالثة للروبوت «‪ ,‬له الرؤية اليت اسقطت على اخليال العلمي احلايل‬ ‫حول مستقبل البشرية والرجال األليني اليت استخدم فيها االحتماالت للتنبوء باملستقبل مبا كتبه يف سلسلة األساس‬ ‫وتتألف من سبعة كتب ‪ .‬هاجر مع أهله اىل الواليات املتحدة وهو بعمر الثالث سنوات كحال الكثري من عقول االحتاد‬ ‫السوفيييت ‪.‬‬ ‫((لقد تلقيت تعليمي األساسي يف املدرسة ‪ ،‬لكن ذلك مل يكن كافي اً‪ .‬تعليمي احلقيقي ‪ ،‬القيم ‪ ،‬األخالق واملفاهيم‬ ‫(البنية الفوقية)‪ ،‬ثقافيت احلقيقية حصلت عليها من خالل املكتبة العامة‪ .‬فالطفل الذي يعيش مع أسرة فقرية ال تستطيع‬ ‫ش راء الكتب له ‪،‬فإن املكتبة هي الباب إىل التساؤول ولتحقيق إجناز عظيم‪ .‬و أنا ال ميكنين أن أكون ممتن اً مبا فيه الكفاية‬ ‫أن كانت لدي الفطنة ألندفع من خالل ذلك الباب و حتقيق أقصى استفادة من املكتبة ‪)).‬‬ ‫من رواد الثورة الفكرية واملشجعني عليها ‪ ,‬ويعترب من أكرب الق راء والكتاب يف العامل أمجع اذا انه كان ينتج كتاب متوسط‬ ‫احلجم كل تسعة ايام ‪ ,‬وميتاز بدقته الكتابية وندرة اخطائه وهو شيء قلما حيدث ويعترب معجزة حقيقية سجلها الكاتب‬ ‫‪ ,‬يف احلقيقة مل يتحصل أسيموف على شهادة الدكتوراه يف الكيمياء فقد كان فاشال متاما يف جتسيد التجارب املخربية‬ ‫ميدانيا وعمليا‪.‬‬ ‫((أنا ملحد‪ ،‬خارج وخارج‪ .‬استغرق مين وقتا طويال ليقول ذلك‪ .‬لقد كنت ملحدا لسنوات وسنوات‪ ،‬ولكن ما شعرت‬ ‫به أنه من غري احملرتم القول ما اذا كان احدا ملحدا‪ ،‬ألنه يفرتض انه ال احد ميتلك املعرفة‪ .‬بطريقة ما‪ ،‬كان من األفضل أن‬ ‫يقول كان واحدا انساين أو ملحد‪ .‬وأخ ريا قررت أن أنا خملوق من العاطفة‪ ،‬وكذلك العقل ‪ .‬عاطفيا‪ ،‬أنا ملحد‪ .‬ليس لدي‬ ‫األدلة إلثبات أن اهلل غري موجود‪ ،‬ولكن أظن ذلك بشدة و أنين ال أريد أن أضيع وقيت‪((.‬‬ ‫تويف اسحاق يف عام ‪ 1992‬على اثر ص راعه مع مرض السيدا ( االيدز ) الذي قارعه لعشرة اعوام واتاه باخلطأ عندما‬ ‫كان يبدل دمه نتيجة مرض الكلى الذي كان فيه ‪ ,‬اخفت عائلته املوضوع للعشرة سنوات قبل وفاته لكن ما لبث أن‬ ‫تكشف املوضوع ‪ ,‬رمبا مات اغتياالً هبذه الطريقة فال يشئ يستبعد عن املنظومة الدينية ال يف بالدنا وال يف املريخ حىت‪,‬‬ ‫فكل االديان أوجه لعملة واحدة بائدة عصى عليها الزمن ‪ ,‬ليس كالم كاتب املقال فقط بل هو كالم العديد والعديد من‬ ‫شخصيات هزت التاريخ بامسها وتركت ارث اً للبشرية نتغىن به اىل اآلن ‪.‬‬ ‫لو أنين مل أكن ملحدة ‪ ,‬ألمنت بإله خيتار الناس أعتماداً على حمصلة حياهتم و ليس باألعتماد على بعض الكلمات‬ ‫و أين ألعتقد أنه يفضل ملحدا صاحلا على داعية على القنوات التلفاز يستعمل كلمة اهلل يف كل كلمة ‪,‬اهلل ‪,‬اهلل‪ ,‬اهلل‪.‬‬ ‫بينما أعماله كلها معصية ‪,‬معصية معصية‬ ‫وألردت إهل اً ال خيلق جهنم ‪,‬فالعذاب املطلق جيب أن يكون للشر املطلق وال ميكن القول بأن هذا موجود حىت يف حالة‬ ‫هتلر‬ ‫عالوة على ذلك‪..‬فإن كانت اكثر حكومات البشر حضارية حتاول أن متحو التعذيب و تستبعد من القانون القسوة و‬ ‫العقوبات الغريبة‬ ‫‪ ,‬فهل ميكن لنا أن نتوقع شيء اقل من هذا من إاله رحيم‬ ‫أنين اشعر لو أن هنالك حياة بعد املوت فإن عقوبة الشر ستكون معقولة و ملدة حمددة‪ .‬و اشعر أن أطول و اسوء عقوبة‬ ‫جيب أن تكون ألولئك الذين شوهوا مسعة اهلل بأن اخرتعوا جهنم‪.‬‬ ‫اننا نعتقد ان االنسان كلما حاول كلما ارتقى مرتبته ‪ ,‬ليصبح امسى وارقى فكري اً من هنج اخلوف والكذب والتسلط ‪,‬‬ ‫تلك ارادة رائد اخليال العلمي اسحاق اسيموف ‪.‬‬

‫اسحاق اسيموف‬

‫‪5‬‬

‫اسحاق اسيموف‬

‫‪6‬‬


‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬ ‫اميا غولدمان‬

‫اميا غولدمان‬

‫على اإلنسان أن يعود إىل نفسه‪ ،‬وأن ينظر داخل أعماقه‪ ،‬قبل أن يتم ّك ن من تع لّ م عالقته مع أق رانه‪ .‬متّ تقييد‬ ‫وح ِك َم عليه بأن يبقى فريسة لصقور الظالم‪َ .‬ح ّرر بروميثيوس من أغالله‬ ‫بروميثيوس على صخر العصور من قبل ُ‬ ‫بكل أشباحه وكوابيسه وغيالنه‪.‬‬ ‫وسينجلي الظالم ّ‬ ‫إ ّن اإلحلاد بنفيه لوجود اآلهلة هو يف نفس الوقت أقوى تأكيد على اإلنسان وعقله وقد راته‪ ،‬ومن خالل اإلنسان‬ ‫_اهلدف الرئيسي والوحيد للحياة_ فاإلحلاد هو القبول األزيل للحياة‪ ،‬الغاية‪ ،‬واجلمال‪.‬‬ ‫اميا غولدمان ‪ :‬كاتبة وفيلسوفة وناشطة ال سلطوية من التوانيا « اكرب جزر البطليق اليت كانت احدى مجهوريات‬ ‫االحتاد السوفيييت « مؤسسة جملة فوضوية األرض اجمللة الالسلطوية ‪.‬‬ ‫ولدت اميا غولدمان يف كونفو يف االحتاد السوفيييت عام ‪ 1869‬هاجرت اىل أمريكا ونشطت يف احلركة االناركية‬ ‫الالسلطوية واعتقلت عدت م رات يف أمريكا وسجنت يف نيويورك بتهمة التحريض على الشغب ‪,‬‬ ‫اشرتكت مع الذي اصبح عشيقها فيما بعد الناشط والكاتب االسلطوي الكسندر بريكمان ليعتقلوا سوي اً بعد‬ ‫حماولة اغتيال رجل األعمال الصناعي واملمول هنري كالي فريك‪ ,‬الذي جنا بدوره من حماولة االغتيال تلك ‪,‬‬ ‫لتقضي وعشيقها سنتني يف السجن وبعد خروجها غادرت الواليات املتحدة اىل االحتاد السوفيييت اليت كانت‬ ‫معجب ةً به ولكن مل يطل اعجاهبا فما لبثت ان انتقدت تكميمه لالفواه املستقلة وحماربته للحرية وأدانته وأيدت‬ ‫الثورة البلشفية هناك لتطرد منه على أثرها ودونت جتربتها تلك يف كتاب امسته يا خيبة املي يف روسيا‪.‬‬

‫شخصيات ملحدة ‪...‬‬

‫اميا غولدمان‬

‫((اذا كانت األمومة هي االستجابة األعظم لطبيعة امل رأة‪ ،‬فما هي األنواع األخرى من احلماية الضرورية باستثناء‬ ‫احلب واحلرية؟ أما الزواج فهو يدنس وينتهك ويفسد استجابتها‪ .‬أال يقال للم رأة‪ :‬ميكنك فقط عندما تتبعينين أن‬ ‫تنجيب؟ أال تدان امل رأة حىت املقاطعة؟ أال تحُ تقر وتُعاب عندما ترفض أن تشرتي ح ّق ها يف األمومة ببيع نفسها؟ أليس‬ ‫حر‬ ‫يقر األمومة حىت لو كان حمم الً باحلقد والنفور؟ ومع ذلك فإذا كانت األمومة ناجتة عن خيار ّ‬ ‫الزواج وحده ما ّ‬ ‫وحب ونشوة وعاطفة جريئة‪ ،‬أال يؤدي ذلك إىل وضع تاج من الشوك على رأس برىء‪ ،‬منقوش عليه حبروف من‬ ‫ّ‬ ‫دم اللقب الشائن‪ :‬ابن زنا؟ وأين للزواج أن يتضمن كل الفضائل املرجوة منه‪ ،‬فج رائمه ض ّد األمومة سوف تبعده‬ ‫ّ‬ ‫احلب))‪.‬‬ ‫دائم اً عن مملكة ّ‬ ‫يذكر التاريخ ان اميا أول أم رأة حاربت االستغالل واالبت زاز اجلنسي للم رأة يف جمال العمل ‪ ,‬واول من وضع الفوضوية‬ ‫النسوية‪ ,‬وأيض اً كانت من مناهضي الزواج واالعتماد على اآللة بصفتها ستصنع عبيداً أقبح من الذي صنعه‬ ‫امللوك ‪ ,‬كما استطاعت حشد عش رات االالف من االراء املؤيدة هلا ‪ ,‬وكانت اميا من أول مناهضي احلرب العاملية‬ ‫االوىل واعتربهتا حرب اً استعمارية ‪ ,‬وتركت ارث اً ثقافي اً ورائها و امتدت كتابتها واحملاض رات لطائفة واسعة من‬ ‫القضايا ‪ ،‬مبا يف ذلك السجون ‪ ،‬واإلحلاد ‪ ،‬وحرية التعبري ‪ ،‬والتسلط العسكري ‪ ،‬وال رأمسالية ‪ ،‬والزواج ‪ ،‬واحلب‬ ‫احلر ‪ ،‬والشذوذ اجلنسي ‪ .‬على الرغم من أهنا نأت بنفسها عن احلركة النسوية و جهودها حنو منح امل رأة حق‬ ‫التصويت ‪ ،‬وقالت اهنا وضعت طرق جديدة إلدماج النوع االجتماعي يف السياسة الفوضوية لتموت فلسفتها‬ ‫مع موهتا بعد ان انتقلت اىل اسبانيا لتأييد الثورة األناركية هناك اليت عرفت فيما بعد باحلرب االهلية االسبانية ‪,‬‬ ‫واعيد احياء فلسفتها وهنجها يف عام ‪ 1970‬تركت ورائها ثالثة كتب والكثري من املقاالت النقدية ‪ ,‬ببساطة ام رأة‬ ‫حرة تستحق االح رتام‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬


‫نبضات بن باز ‪...‬‬

‫ديسمرب ‪2012 ,31‬‬ ‫اعتقلت الرشطة الكويتية بنباز‪ ،‬تم إيقافه من مكان عمله‬ ‫وزج به يف السجن‪.‬‬ ‫اتهم بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‬ ‫األدلة املقدمة ضده‪ ،‬مدونته‪:‬‬ ‫وثائق رسمية أسفله‬ ‫فرباير ‪2013, 7‬‬ ‫أدين بارتكاب جنحة‪ :‬ازدراء الدين اإلسالمي وفقا ألحكام‬ ‫املادة ‪ 111‬من قانون الجزاء الكويتي‪ .‬حكم عليه بالسجن‬ ‫ملدة سنة واحدة يف السجن باإلضافة إىل العمل القرسي‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل غرامة مالية واإلبعاد من الكويت‪.‬‬ ‫نشاط بنباز قبل اعتقاله‬ ‫كتابة عىل مدونته‪http://www.benbaz.info :‬‬ ‫الكتابة عىل صفحته يف الفيسبوك‬ ‫كاتب مساهم يف مجلة ‪( IThink‬مجلة إلحادية شهرية‬ ‫باللغة العربية)‪http://i-think-magazine.blogspot. :‬‬

‫نبضات بن باز ‪...‬‬

‫عبد العزيز محمد الباز‪ ،‬املعروف أيضا بإسم بنباز‪ ،‬ولد‬ ‫ألبوين مرصيني سنة ‪ 1985‬يف الكويت‬ ‫حاصل عىل درجة البكالوريوس يف التجارة شعبة اللغة‬ ‫اإلنجليزية‪ ،‬وعمل محاسبا لرشكة محلية يف الكويت تسمى‬ ‫مرايا الخليج حتى ألقي القبض عليه‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫?‬

‫نحن بحاجة ملساعدتكم‬ ‫للضغط عىل الحكومة‬ ‫الكويتية إلطالق رساح «بن‬ ‫باز»‬

‫نبضات بن باز‬ ‫‪com/، https://www.facebook.com/I.Think.‬‬ ‫‪Magazine‬‬ ‫مساهم عىل االنرتنت باإذاعة امللحدين العرب‬

‫نحن بحاجة ملساعدتكم للضغط عىل الحكومة الكويتية‬ ‫إلطالق رساح بنباز‬ ‫وقعو عىل العريضة‪http://tinyurl.com/ :‬‬ ‫‪BenBazPetition‬‬ ‫انضامم مجموعة ‪ FreeBenBaz‬يف الفيسبوك‪https:// :‬‬ ‫‪/www.facebook.com/groups/FreeBenBaz‬‬ ‫تابع صفحة يف الفيسبوك املجتمع ‪FreeBenBaz: https://‬‬ ‫‪www.facebook.com/Freebenbazpage‬‬ ‫عىل التويرت ‪hastag: # FreeBenBaz‬‬ ‫إذا كنت تستطيع تنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة‬ ‫الكويتية أو القنصلية يف مدينتك إتصل بناو سوف نساعدك‪.‬‬ ‫لالنضامم إىل ‪ FreeBenBazProtest‬الصفحة يف الفيسبوك‪:‬‬ ‫‪http://tinyurl.com/BenBazProtest‬‬ ‫يرجى مساعدتنا بالفيديو والكتابة يف مدوناتكم الخاصة‬ ‫وعىل الفسبوك والتويرت‪ ،‬وكتابة املقاالت‪،‬و اإلتصال بوسائل‬ ‫اإلعالم‬ ‫لدينا رشيط فيديو عىل موقع يوتيوب يرجى مشاهدة و‬ ‫البت عىل الفايسبوك و التويرت ‪:‬‬ ‫‪http://youtu.be/2B_n7wo4Ji4‬‬ ‫شكرا لكم!‬

‫مدونة محمد عبد العزيز‬ ‫‪www.benbaz.info‬‬ ‫صفحة الفيسبوك‬ ‫‪www.tinyurl.com/Benbazfacebook‬‬

‫لتوقيع العريضة‬ ‫‪www.tinyurl.com/BenBazPetition‬‬

‫‪10‬‬


‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫كامل النجار‬

‫املسيحية سبقت اإلسالم حبوايل ستمائة عام تقريب اً‪ .‬ورغم أن املسيحية بدأت كمنظومة دينية متساحمة مع نفسها ومع‬ ‫الغري‪ ،‬ومل تتطرق إىل السياسة أو احلكم يف تشريعاهتا خبالف «اعطوا ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل»‪ ،‬جند أن البابوات وكهنوت‬ ‫الكنيسة الكاثوليكية استطاعوا أن يسيطروا على السياسة يف أورب ��ا من وراء الكواليس وجعلوا امللوك واألم �راء واجه ةً‬ ‫حلكمهم‪ .‬واستمر هذا الوضع حىت جاء عصر التنوير يف القرنني الثامن عشر والتاسع عشر‪ ،‬فتالشت سلطة الكنيسة‬ ‫السياسية‪ .‬ومما ساعد على تقلص سلطة الكنيسة هو وجود منظومة تركز السلطة الدينية يف شخص البابا الذي خيضع‬ ‫لكلمته كل األشخاص الكاثوليك مبا فيهم الكهنوت‪ .‬ومما ال شك فيه أن كل األديان تدخلت يف السياسة لتضمن عائداً‬ ‫مادي اً مرحي اً لرجال الكهنوت‪.‬‬ ‫أنبياء بين إس رائيل على كث رهتم كان هلم دور سياسي واضح‪ ،‬كما يقول الربوفسور السوداين حممد حممود‪ ،‬أستاذ علم األديان‬ ‫املقارنة‪ ،‬يف كتابه ’نبوة حممد‪ ،‬التاريخ والصناعة‘ ‪« :‬ويظهر دورهم [أنبياء إس رائيل] السياسي جبالء يف عالقتهم الوثيقة‬ ‫بالبالط ومشاركتهم يف إهلاب الشعور القومي‪ .‬هؤالء األنبياء كانوا أنبياء «شعبيني» وينتمون لطور النبوة السابق على‬ ‫النبوة الكالسيكية‪( ».‬ص ‪.)14‬‬ ‫بالنسبة لإلسالم‪ ،‬فإن حممداً ترعرع يف بيئة يعبد أغلب أهلها األصنام كوسيلة لتقريبهم إىل اهلل‪ ،‬وقد كانت بيئتهم تعرف‬ ‫التوحيد‪ ،‬والصالة‪ ،‬والصيام والزكاة من اليهودية واملسيحية واألحناف‪ ،‬وعرفت احلج من ماضيها الوثين‪ .‬وبالتايل مل يكن‬ ‫هناك أي جديد يستطيع حممد أن يأيت به ليقنع الوثنيني أنه جاءهم برسالة دينية جديدة‪ .‬فكانت رسالته منذ البداية رسالة‬ ‫سياسية أراد هبا أن يسيطر على العرب والعجم‪ .‬ويظهر هذا جلي اً يف املقولة املنسوبة له عندما اجتمع مع أعيان مكة يف‬ ‫بيت عمه أيب طالب‪ ،‬قال وقتها خماطب اً عمه أبا طالب‪« :‬أدعوهم إىل أن يتكلموا بكلمة تدين هلم هبا العرب وميلكون هبا‬ ‫العجم‪( ».‬جامع البيان يف تأويل القرآن‪ ،‬لإلمام القرطيب‪ ،‬جزء ‪ ،23‬سورة ص)‪ .‬فإذاً رسالته كانت للسيطرة على العرب‬ ‫والعجم وليست ألغ راض دينية‪ .‬الدين هنا كان عبارة عن الوسيلة اليت يصل هبا إىل هدفه‬ ‫وألن الرسالة كانت سياسية منذ البدء‪ ،‬جند أن حممداً قد دخل يف معاهدات عديدة مع القبائل العربية املختلفة ليحيّ د‬ ‫بعضها وليثري ال ��ع ��داوات بني بعض القبائل مما يصب يف مصلحته هو‪ .‬وب ��دأ غزواته اليت قطعت الطريق وقننت للسلب‬ ‫أبرم معاهدات مع يهود املدينة ليضمن عدم مساعدهتم القبائل العربية ضده‪ ،‬ولكنه كان طوال الوقت‬ ‫والنهب والسيب‪ .‬مث ّ‬ ‫يفكر يف أعذار تسمح له بنقض تلك املعاهدات عندما تكون الظروف يف صاحله‪ ،‬حىت يتمكن من وضع يده على أمواهلم‪،‬‬ ‫كما فعل مع يهود بين قريظة وبين قينقاع‬ ‫وألن الرسالة كانت سياسية يف املقام األول‪ ،‬جاءت تشريعاهتا الدينية متناقضة ومتخبطة وفيها تكريس للعادات اجلاهلية‬ ‫من زواج وطالق ِ‬ ‫وع دة وغريها‪ .‬وكرست كذلك اضطهاد امل رأة والعبيد واإلماء‪ ،‬مما جيعلنا متيقنني أن مثل هذه التشريعات‬ ‫ال ميكن أن تصدر من إله يف السماء خلق هذا الكون‪ .‬فتفكري حممد كان منصب اً يف إقامة دولة املدينة وإجياد املال الالزم‬ ‫الستم راريتها‬ ‫فبداية اإلسالم‪ ،‬كما يعلم اجلميع‪ ،‬بداية ضبابية جمُ ع قرآهنا بعد موت نبيهم بعش رات السنني‪ ،‬ولغتها الكتابية كانت يف‬ ‫طور التكوين مما جعل القرآن املكتوب هبا قاب الً للتأويل والتغيري‪ ،‬وكانت روح البداوة هي املسيطرة على أتباع الرسالة‬ ‫اجلديدة حىت جاء اخلليفة العباسي املأمون وتبىن منظومة املعتزلة وأقام بيت احلكمة لرتمجة ال رتاث اهلليين من فلسفة وعلم‬ ‫الكالم والعلوم الطبيعية إىل اللغة العربية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولكن لسوء حظ أمة اإلسالم‪ ،‬اليت يفرتض أن تكون خري أمة أُخرجت للناس‪ ،‬ظهر ع رابون يف تلك األمة قبل وبعد موت‬ ‫الع ْربَات‪ ،‬واحدهتا َع َرابة‪ ،‬وهي مشل ضروع الغنم‪ ،‬أي لف شريط‬ ‫عراب تعين الشخص الذي يعمل َ‬ ‫املأمون بقليل‪ .‬وكلمة ّ‬ ‫رفيع حول حلماهتا‪ ،‬ملنع البهم من الرضاع (لسان العرب البن منظور)‪ .‬كان هدف هؤالء الع رابني هو حرمان األمة من‬ ‫رضاعة ذلك الثدي اهلليين الذي يدر العلم واملعرفة‪ .‬وملا كانت األمة اإلسالمية يف بداية تكوينها ويسيطر عليها اجلهل‬ ‫واألمية‪ ،‬فقد وجد هؤالء الع رابون رمح اً دافئ اً احتضنهم حىت منوا وترعرعوا ومن مث أحكموا خناقهم حول عنق أمة إق رأ‪ ،‬اليت‬ ‫ال تق رأ‬

‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫‪11‬‬

‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫أبواحلسن األشعري (ت ‪941‬م) كان أول وأشهر هؤالء الع رابني‪ ،‬إذ أن الرجل كان معتزلي اً يؤمن بالعقل واملنطق والفلسفة‬ ‫وعلم الكالم‪ ،‬حىت بلغ األربعني من عمره‪ ،‬مث رأى حممداً يف ُح ل ٍم وطلب منه حممد أن يدافع عن أحاديثه وسنته‪ ،‬فانقلب‬ ‫الرجل وأشهر العداء للمعتزلة‪ .‬ويف دفاعه عن األحاديث والسنة ختلى األشعري عن العقل واختذ موقف اً معاكس اً للمعتزلة‬ ‫يف كل شيئ لدرجة أنه قال بالتجسيم ودافع عن أن هلل أيدي وأرج الُ وجسم اً‪ ،‬وانه جيلس على العرش‪ .‬وملا وجد صعوبة‬ ‫يف شرح كيف ميكن أن جيلس اهلل على العرش والقرآن يقول (وسع كرسيه السموات واألرض)‪ ،‬قال إنه جيب على املسلم‬ ‫أن يؤمن أن اهلل جيلس على العرش بدون السؤال عن «كيف» (‪Karen Armstrong, A History of God, p‬‬ ‫‪.)195‬‬ ‫وذهب األشعري إىل أن كل عمل يقوم به اإلنسان‪ ،‬أو أي ظاهرة طبيعية ن راها ال تصدر من الطبيعة أو اإلنسان إمنا هي‬ ‫إرادة اهلل‪ .‬وذهب األشعري إىل أن اإلنسان ال يستطيع أن يعرف اخلري من الشر بدون أن خيربه اهلل عن طريق الوحي الذي يأيت‬ ‫لألنبياء والرسل‪ .‬ويف حماولته اإلجابة عن سؤال أرسطو‪ :‬هل اآلهلة حتب األشياء اخلرية ألهنا خرية‪ ،‬أم أن األشياء أصبحت‬ ‫خرية ألن اآلهلة أحبتها؟ يقول األشعري إن اهلل ال يفرض علينا عمل أي شيء ألنه خ يرّ ‪ ،‬وإمنا يصبح الشيء خ يرّ اً ألن اهلل أمر‬ ‫حرمه‪ ،‬ولكن لو حلله اهلل فسوف يصبح الكذب خ يرّ اً‪Robert( .‬‬ ‫به‪ .‬وكمثال على ذلك يقول «إن الكذب شر ألن اهلل ّ‬ ‫‪)70 Reilly, The Closing of the Muslim Mind, p‬‬ ‫وألن املعتزلة قالوا إن اهلل خ�يٌّر وال يق ّد ر إال اخلري ملخلوقاته‪ ،‬رد عليهم األشعري باملثال املشهور عن اإلخ ��وان الثالثة‪:‬‬ ‫أكربهم كان شري راً وملا مات أدخله اهلل النار‪ ،‬والثاين كان خ رياً وملا مات أدخله اهلل اجلنة‪ .‬والثالث مات يف طفولته قبل‬ ‫سن التكليف‪ ،‬فأنتهى يف الربزخ بني اجلنة والنار‪ .‬وسأل األشعري‪ :‬ملاذا مل يطل اهلل عمر الطفل حىت يعمل صاحل اً عندما‬ ‫يكرب فيدخل اجلنة‪ ،‬ألن اهلل ال يفعل إال اخلري ملخلوقاته؟ فكان رد احلاضرين أن اهلل مل يطل عمره ألنه علم أنه لن يفعل‬ ‫خ رياً لو كرب‪ .‬وهنا سأل األشعري‪ :‬ملاذا أطال اهلل عمر األخ األكرب حىت يرتكب كل املعاصي ويدخله النار؟ ملاذا مل ميته وهو‬ ‫صغري عندما علم أنه سريتكب املعاصي؟ وهبذه احلجة أقنع األشعري الناس بأن اهلل ليس ملزم اً أن يقدر اخلري ملخلوقاته‪،‬‬ ‫وأنه يفعل ما يريد ألنه ال يُسأل عما يفعل؟ ولألسف فقد سيطر الفكر األشعري على الساحة اإلسالمية وأقصى الفكر‬ ‫املعتزيل العقالين‪.‬‬ ‫أما أخطر الع رابني وأكثرهم ضرراً لألمة اإلسالمية هو بال شك أبو حامد الغ زايل (ت ‪1111‬م)‪ .‬ولد الغ زايل يف خ راسان عام‬ ‫‪1058‬م ودرس علم الكالم حتت أستاذه أبو املعايل اجلويين الذي كان قطب اً من أقطاب األشعرية‪ .‬ويف سن ثالثة وثالثني‬ ‫أصبح الغ زايل معلم اً باملدرسة النظامية ببغداد‪ ،‬وكانت مهمته الدفاع عن املذاهب السنية يف وجه املذاهب الشيعية‪ .‬وقد‬ ‫درس الفلسفة مث انقلب عليها وهاجم الفالسفة وقتل الفلسفة يف كتابه – هتافت الفالسفة – مث أصابته حالة نفسية‬ ‫كادت أن تودي حبياته‪ ،‬نتيجة تفاعالت ما ميليه عليه عقله الفلسفي وما ينطق به من عقله األشعري‪ .‬وبسبب هذه‬ ‫احلالة النفسية مل يتمكن من البلع أو الكالم لعدة أسابيع‪ .‬وأخ رياً هداه اهلل‪ ،‬كما يقول‪ ،‬إىل التصوف فساح يف األرض مع‬ ‫املتصوفني وسكن يف دمشق وفلسطني وفارس‪ ،‬قبل أن يرجع إىل بغداد‪ .‬وأخطر ما ذهب إليه الغ زايل أنه نفى السببية‪ ،‬وقال‬ ‫إنه ال توجد عالقة أو سببية بني النار وحريق القطن الذي يوضع على النار ألن اهلل هو الذي جعل النار تلمس القطن‬ ‫ويغري لون القطن إىل األسود‪ ،‬مث جيعله رماداً بواسطة املالئكة أو بدون واسطة‪ .‬وبإمكان اهلل أن يفعل غري ذلك وجيعل النار‬ ‫متس القطن دون أن حترقه‪ .‬مث ما هو الدليل أن النار هي اليت حترق األشياء؟ الفالسفة ال ميلكون أي دليل على ذلك غري‬ ‫مالحظة تغيري لون القطن عندما متسه النار‪ .‬ولكن املالحظات تربهن فقط توأمة األشياء مع بعضها البعض وال تثبت‬ ‫السببية‪ .‬فليس هناك أي سبب غري اهلل‪ .‬ويقول كذلك ما معناه‪ :‬الربط بني ما يعتقد البعض أنه السبب‪ ،‬وبني ما يعتقدون‬ ‫أنه النتيجة‪ ،‬ليس ضروري اً يف رأينا‪ .‬فليس هناك أي عالقة بني إطفاء الظمأ وشرب املاء‪ ،‬أو بني الشعور بالشبع وأكل‬ ‫الطعام‪ ،‬أو بني شروق الشمس وسطوع الضياء‪ ،‬أو بني قطع ال رأس واملوت‪ .‬العالقة الظاهرة بني هذه األشياء ناجتة عن إرادة‬ ‫اهلل املسبقة اليت خلقت هذه األشياء ملتصقة ببعضها‪ ،‬ولكن هذا ال يعين أهنا ال ميكن فصلها عن بعض‪ ،‬فبإمكان اهلل أن‬ ‫خيلق يف اإلنسان الشعور بالشبع دون أن يأكل طعام اً‪ ،‬أو يستمر اإلنسان يف احلياة بعد أن يُقطع رأسه‪( .‬نفس املصدر‬ ‫أعاله‪ ،‬ص ‪ .)63‬ويستمر الغ زايل فيقول إنه ليس من الضروري أن يخُ لق احلصان من احليوان املنوي‪ ،‬وال الشجرة من احلبة‪.‬‬ ‫ميكن أن يخُ لق احلصان والشجرة من ال شيء‪.‬‬ ‫ألن العقل حي ّف زنا إىل أن نسأل ونكتشف األشياء غري امللموسة‪ ،‬اعتربه الغ زايل عدو اإلسالم األول ألن اإلسالم يطلب من‬ ‫املسلم الرضوخ الكامل واالمتثال ألوامر اهلل بدون أي تفكري يف األسباب‪ .‬وبسبب شهرة الغ زايل وتعاليم األشعرية‪ ،‬وصل‬ ‫اجلمود الفكري إىل األندلس‪ .‬فنجد مفك راً ظاهري اً مثل أمحد بن حزم يرفض القياس ألنه يعتمد على العقل‪ ،‬ويقول «ال‬

‫‪12‬‬


‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫اهلل موجود !؟ ما الذي يجعلنا واثقني هكذا ؟ ‪ :‬ـ‬

‫‪13‬‬

‫شر يف ذاته ولكن اهلل جعله ش راً‪ .‬فالعمل الذي نعتربه خ يرّ اً قد يصبح ش راً‬ ‫شيء خ يرّ يف ذاته ولكن اهلل جعله خ رياَ‪ ،‬وال شيء ٌ‬ ‫إذا أراد اهلل له ذلك‪ ،‬والعكس صحيح‪ ».‬ويستمر ابن حزم فيقول «فإذا أخربنا اهلل تعاىل بأنه سوف يعاقبنا بأفعال غرينا‪ ،‬أو‬ ‫بسبب طاعتنا له‪ ،‬فإن ذلك يصبح عدالً من اهلل وعلينا القبول به‪ ».‬ويقول الفخري ال رازي (ت ‪ )1209‬من أتباع املدرسة‬ ‫األشعرية «إنه من املقبول يف معتقدنا أن اهلل تعاىل ميكنه أن يُدخل املذنبني إىل اجلنة واحملسنني إىل النار‪ ،‬ألن ملكية الق رار له‬ ‫وحده وال يستطيع أحد أن مينعه‪ ».‬ويظهر جلي اً من‬ ‫والسبب يف أن الغ زايل واألشعرية عموم اً رفضوا فكرة السببية هو شعورهم أنه لو كانت املسببات تؤدي إىل النتائج املعروفة‪،‬‬ ‫يصبح فعل اهلل ناجت اً عن ضرورة وليس عن إرادة حرة ميكنها تغيري النتيجة يف كل مرة يريد اهلل ذلك‪ .‬وبسبب هذه اآلراء‪،‬‬ ‫ومبساعدة أستاذه أيب املعايل اجلويين الذي كان علم اً من أعالم األشعرية‪ ،‬وتعاليم اإلمام أمحد بن حنبل الذي كان يعتقد أن‬ ‫علم الكالم مضر بالدين ألن اهلل قد تكلم مع اإلنسان عن طريق الوحي وبالتايل ليس اإلنسان يف حاجة ألن يفكر بطريقة‬ ‫جدية‪ ،‬وأن الوحي حل حمل العقل‪ ،‬وأن العلماء ال يعرتفون بالقياس وال بال رأي ألن كالمها ال قيمة له‪ ،‬تربعت املدرسة‬ ‫األشعرية على مسرح األحداث يف أمة اإلسالم وغاب العقل هنائي اً‪( .‬نفس املصدر أعاله‪ ،‬ص ‪ .)47‬وكذلك ساعدته أفكار‬ ‫«حديث ضعيف أفضل من القياس‪ ».‬بفضل هذه اآلراء أصبح الغ زايل أشهر‬ ‫اإلمام الشايف ذي امليول األشعرية‪ ،‬الذي قال‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫«ح جة اإلسالم»‪.‬‬ ‫من عل ٍم يف رأسه ٌ‬ ‫نار وحاز على لقب ُ‬ ‫وق ��د ختلى الغ زايل عن عقله متام اً عندما حت ��دث عن احل ��ج وق ��ال إ ّن ما يقوم به احل ��اج من رك ��ض بني الصفا وامل ��روة‪ ،‬وبقية‬ ‫الطقوس‪ ،‬ال يقبلها العقل وال يستسيغها‪ ،‬ولكن القيام هبا يُثبت عبودية الفرد هلل‪ « :‬ولذلك وظف عليهم فيها أعماال ال‬ ‫تأنس هبا النفوس وال هتتدي إىل معانيها العقول كرمي اجلمار باألحجار والرتدد بني الصفا واملروة على سبيل التك رار ومبثل‬ ‫هذه األعمال يظهر كمال الرق والعبودية فإن الزكاة إرفاق ووجهها مفهوم وللعقل إليه ميل والصوم كسر للشهوة اليت هي‬ ‫آلة عدو اهلل وتفرغ للعبادة بالكف عن الشواغل والركوع والسجود يف الصالة تواضع هلل عز وجل بأفعال هي هيئة التواضع‬ ‫وللنفوس أنس بتعظيم اهلل عز وجل فأما ترددات السعي ورمي اجلمار وأمثال هذه األعمال فال حظ للنفوس وال أنس فيها‬ ‫وال اهتداء للعقل إىل معانيها فال يكون يف اإلقدام عليها باعث إال األمر اجملرد وقصد االمتثال لألمر من حيث إنه أمر واجب‬ ‫اإلتباع فقط وفيه عزل للعقل عن تصرفه وصرف النفس والطبع عن حمل أنسه فإن كل ما أدرك العقل معناه مال الطبع‬ ‫إليه ميال ما فيكون ذلك امليل معينا لألمر وباعثا معه على الفعل فال يكاد يظهر به كمال الرق واالنقياد‪( ».‬إحياء علوم‬ ‫الدين‪ ،‬ربع العبادات‪ ،‬اجلزء ‪ ،7‬ص ‪)19‬؟ رحم العقل أمة اإلسالم اليت تقتدي بأمثال الغ زايل‪.‬‬ ‫وهناك ع رابون آخرون ساعدوا على انتشار الفكر األشعري والتعتيم على العقل املسلم‪ ،‬من أمثال ابن تيمية‪ ،‬وأيب األعلى‬ ‫املودودي‪ ،‬وحممد بن عبد الوهاب‪ ،‬وبعض «علماء» األزهر السابقني واملعاصرين‪ .‬فمث الً جند الشيخ أمحد بن جنيب املصري‪،‬‬ ‫شافعي املذهب‪ ،‬يقول يف كتابه – عمدة السالك وعدة الناسك – ما معناه‪ :‬علوم املاديني تعتمد يف املقام األول على اعتقاد‬ ‫املاديني أن األشياء يف ذاهتا حتتوي على مسببات غري اهلل‪ .‬الذين يعتقدون ذلك قد خرجوا من ملة اإلسالم‪.‬‬ ‫لقد كان صالح الدين األيويب وكبري قضاته‪ ،‬صدر الدين بن عيسى الدرباس‪ ،‬السبب الرئيسي يف انتشار املدرسة األشعرية‬ ‫يف مصر‪ .‬فقد حفظ صالح الدين األيويب عن ظهر قلب ما كتبه قطب الدين أبواملعايل مسعود النيسابوري‪ ،‬من أقطاب‬ ‫املدرسة األشعرية‪ ،‬وح ّف ظه صالح الدين ألبنائه وبقية أف راد األسرة األيوبية (‪The Closing of the Muslim Mind,‬‬ ‫‪ .)9 p‬انتشار املذهب األشعري أدى إىل إغالق العقل املسلم ومنع االجتهاد منذ القرن الثاين عشر امليالدي‪ ،‬وكنتيجة هلذا‬ ‫وخرجوا لنا علماء شريعة‬ ‫خربوا التعليم ّ‬ ‫املوقف جند أن البالد اإلسالمية سيطر على مناهج تعليمها «علماء» األمة الذين ّ‬ ‫ال يقدمون للمجتمع أي خدمات‪ .‬ويُظهر تقرير انتجته جامعة ماليزيا اإلسالمية أن البالد اإلسالمية هبا يف املتوسط ‪8.5‬‬ ‫مهندسني وفنيني يف كل ‪ 1000‬مواطن‪ ،‬بينما بقية دول العامل هبا يف املتوسط ‪ .40.7‬وإذا نظرنا إىل املنشورات العلمية يف تلك‬ ‫البالد جند أن كوريا اجلنوبية تنتج ‪ 144‬د راسة علمية يف كل مليون من سكاهنا‪ ،‬بينما تنتج البالد العربية ‪ 26‬د راسة فقط‬ ‫عن كل مليون شخص (نفس املصدر أعاله‪ ،‬ص ‪ .)162‬أما عن حقوق اإلنسان والدميق راطية اليت يعتربها أغلب «علماء»‬ ‫األمة كف راً‪ ،‬فحدث وال حرج‪ .‬وقد انشغل «علماء األمة بتوافه األمور مثل حساب درجة ح رارة نار جهنم‪ ،‬أو حتديد املواد‬ ‫الكيمائية يف أجسام الشياطني‪.‬‬ ‫فهل هناك أي أمل يف إصالح هذا الدين السياسي الذي دمر حياة املاليني من البشر فعلي اً عن طريق الذبح والتفج ريات‪،‬‬ ‫أو عن طريق إلغاء عقوهلم؟ هناك من بعتقد ذلك ولكين أقول بغري ذلك‬

‫القسم الثاين‬ ‫ال خيامرين أدىن شك أن اإلسالم منظومة سياسية تقمصت لبوس الدين‪ ،‬والدين منها ب راء‪ .‬األديان ميكن إصالحها كما‬ ‫حدث مع املسيحية واليهودية دون التعرض للنص املقدس ألتباع تلك الديانات‪ .‬اإلصالح يكون عن طريق تغيري اخلطاب‬ ‫الديين الذي ينطق به رجاالت الدين أو بغض الطرف عن بعض اآليات اليت حتدث إشكاالً مع متطلبات العصر‪ .‬فهاهي‬ ‫املسيحية اضطرت للخضوع جملاراة العصر ومسحت بتعميد النساء والقساوسة املثليني بعد أن نفضت يدها عن السياسة‬ ‫جم�برةً‪ .‬أم ��ا اليهودية فقد ح ��اول حاخاماهتا االحتفاظ بنصوصها كما هي وتطبيقها على أرض ال ��واق ��ع‪ .‬ورغ ��م أن بعض‬ ‫احلاخامات املتشددين يف إس رائيل ما زال ��وا يطبقون نفس النصوص اجلامدة اليت حتدد ما ميكن أن يفعله اليهودي يوم‬ ‫السبت‪ ،‬وما جيب أن يتحقق منه الرجل أو امل رأة قبل الزواج‪ ،‬فإن غالبية الشعب اإلس رائيلي قد اضطرهم اجملتمع احلديث‬ ‫للعمل يوم السبت والزواج من الزميلة املوظفة ذات الدخل الكبري حىت وإن مل تكن يهودية‪ .‬و يف الواليات املتحدة وأوربا‬ ‫قد ختلى اليهود وحاخاماهتم عن أشياء كثرية وقبلوا بتعميد النساء وبزواج اليهودي بغري اليهودية وختلوا متام اً عن اخلوض‬ ‫يف السياسة‪ .‬فانتشار التعليم والضغوط االقتصادية واجملتمعية محلت األديان على التأقلم أو االنق راض‪.‬‬ ‫ولكن لألسف نفس الضغوط ال تؤثر على األيدولوجيات السياسية لتتأقلم معها‪ .‬املنظومات السياسية مثل الفاشية‬ ‫املوسولينية ومثل النازية اهلتلرية مل يكن من املمكن أصالحهما ألهنما بُنيا على استعالء جنس مع ينّ من البشر على بقية‬ ‫األجناس‪ ،‬وسعيا للسيطرة على بقية األجناس ليس بالعلم أو املقدرة الفكرية‪ ،‬وإمنا بوراثة جينات جنس مع ينّ من البشر‬ ‫كاجلنس اآلري مث الً‪ .‬وما زال شباب النازية اجلديدة يف أوربا يلبسون نفس القمصان اهلتلرية أو املوسولينية ويؤدون نفس‬ ‫التحية العسكرية ويستعلون على املهاجرين ويقتلوهنم إذا متكنوا منهم ألهنم ال يستحقون احلياة يف نظرهم‪ .‬مثل هذه‬ ‫األديدولوجيات السياسية يكون إصالحها يف اخلالص منها هنائي اً ألن تعاليم األيدولوجية ال تسمح بالتأقلم مع الزمن‬ ‫ويف اعتقادي نفس الشيء ينطبق على املنظومة الشيوعية اليت بُنيت على سيطرة الطبقة العاملة على مفاصل االنتاج‪،‬‬ ‫أي على ديكتاتورية الربوليتاريا‪ .‬فال ميكننا أن نتخيل منظومة شيوعية تتأقلم مع سيطرة اإلقطاع الصناعي أو الزراعي‬ ‫على مفاصل الدولة وتسخري الطبقة العاملة كعملية إصالح لأليدولوجية الشيوعية‪ .‬فاملنظومة الشيوعية أمامها خ ريان ال‬ ‫ثالث هلما‪ :‬إما أن تُطبق عملي اً وتبلغ شأوها‪ ،‬وإما أن تنهار هنائي اً‪ ،‬فاالش رتاكية ليست هي الشيوعية‪ .‬وأرجو أن يصوبين‬ ‫كنت خمطئ اً يف طرحي هذا‪.‬‬ ‫صديقي فؤاد النمري إن ُ‬ ‫نأيت اآلن إىل اإلسالم‪ ،‬وهناك الكثريون الذين يعتقدون أنه باإلمكان إصالحه‪ .‬وقد شاركت يف ندوة يف روما عن إصالح‬ ‫اإلسالم قبل عدة أشهر مع الصديق الدكتور عبداخلالق حسني وبعض الكتاب العرب وبعض املستشرقني‪ .‬وكان مركز‬ ‫«املصلح» ‪ http://www.almuslih.org‬قد دعا هلذه الندوة‪ .‬كل املشاركني الذين قدموا أوراق اً يف هذه الندوة قالوا‬ ‫وكنت أنا الصوت النشاز الوحيد إلمياين املطلق أن اإلسالم أيدولوجية سياسية إما أن تُطبق‬ ‫بإمكانية إصالح اإلس�لام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بكاملها أو تنقرض‪.‬‬ ‫استحالة إصالح اإلسالم ترجع إىل عدة عوامل سوف أركز على بعضها وأذكر األخريات بدون نقاش‪ .‬العامل األول هو‬ ‫نظرية املسلمني الدونية لغري املسلم‪ .‬فهم يتبعون قدوهتم األوىل حممد الذي ال يرى بأس اً يف قتل عصماء بنت مروان اليت‬ ‫كانت ترضع وليدها على صدرها‪ ،‬ويقول‪ :‬ال ينتطح فيها عن زان ألهنا مل تسلم وبالتايل هي أقل شأن اً من أن تنتطح فيها‬ ‫عن زان ناهيك عن رج ��ال مسلمني هم فوقها درج ��ات ‪ .‬وهم كذلك يتبعون قدوهتم احلديثة هتلر ألنه اضطهد اليهود‬ ‫وقتلهم‪ ،‬فبعثوا إليه مفيت القدس الشيخ احلسيين للتهنئة‪ .‬وما دام املسلم أعلى مرتب ةً من غري املسلم‪ ،‬فلن يتنازل املسلم‬ ‫طواعية عن هذا املوضع ويقبل بإصالح اإلسالم فيصبح مساوي اً للكافر‬ ‫السبب الثاين هو جهل «علماء» اإلسالم بالعلوم الطبيعية والعلوم السياسية واالجتماعية‪ .‬كل ما يعرفونه هو القرآن‬ ‫والسنة والفقه والسرية‪ .‬هؤالء اجلهالء هم املتحكمون يف رقاب األمة‪ ،‬وهم املسؤولون عن مناهج التعليم وبالتايل يزرعون‬ ‫نفس البذرة يف أجيال املستقبل‪ .‬وهذا الوضع املريح قد جعلهم جنوم فضائيات عديدة حيصدون منها ماليني الرياالت‬ ‫ويبنون القصور الشاخمة‪ .‬فهل ميكن أن يقبلوا طواعي ةً بإصالح اإلسالم وتنوير العامة؟‬ ‫كلما شذ عامل دين أو فلسفة عن إمجاع جهالء اإلسالم كان اجللد والسجن وحرق كتبه عقاب اً جاه زاً متفق عليه‪ .‬فمث الً‬ ‫الفيلسوف العريب املسلم أبو يعقوب الكندي (ت ‪873‬م) عندما قال إن النبوة تعلو على الفلسفة يف بعض األشياء ولكن‬ ‫حمتوى االثنني ال خيتلف كث رياً‪ ،‬تواطأ عليه رجاالت الدين فطرده اخلليفة املتوكل من بغداد وصادر مكتبته العامرة (‪The‬‬ ‫‪ .)41 Closing of the Muslim Mind, p‬فهل جيرؤ رجل دين آخر على نقد اإلسالم واملطالبة بإصالحه؟‬ ‫تأصيل اخل رافة اإلسالمية حىت يف عقول املتعلمني منا‪ .‬فمث الً جند ابن خلدون‪ ،‬الذي كان من اتباع املدرسة األشعرية‪ ،‬يقول‬

‫‪14‬‬


‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫اإلسالم منظومة سياسية ال ميكن إصالحها‬

‫‪15‬‬

‫عن د راسة الفيزياء يف كتابه – املقدمة –»جيب أن منتنع عن د راسة هذه األشياء ألن مثل هذا االمتناع من صميم واجبات‬ ‫املسلم اليت حتتم عليه عدم اخلوض فيما ال يعنيه‪ .‬مسائل الفيزياء ال هتمنا يف أمور ديننا أو دنيانا‪ ،‬وعليه جيب أن نرتكها‬ ‫جانب اً‪( ».‬نفس املصدر أعاله‪ ،‬ص ‪.)43‬‬ ‫قفل ب ��اب االجتهاد‪ ،‬وق ��د ظل مقف الً منذ القرن الثاين عشر‪ ،‬وليس هناك من رج ��ل دي ��ن معاصر أو هيئة دينية تستطيع‬ ‫فتحه‪ .‬يظهر هذا جلي اً عندما حاول الشيخ حممد على السنوسي (ت ‪1859‬م)‪ ،‬والذي كان معروف اً بالسنوسي األكرب‪،‬‬ ‫فتح باب االجتهاد فرد عليه مفيت مصر بفتوى تقول «ال ينكر أحد أن فضل االجتهاد قد اختفى منذ أمد طويل‪ ،‬وليس يف‬ ‫زماننا احلاضر أي رجل وصل يف العلم إىل درجة فتح باب االجتهاد‪ ».‬وعليه سوف يظل باب االجتهاد مغلق اً إىل األبد ألن‬ ‫فقهاء السلف مل يرتكوا مسألة يف الدين إال وقتلوها حبث اً‪ ،‬وليس هناك ما ميكن إضافته ملا قالوه‪ .‬ورغم أن باب االجتهاد‬ ‫ظل مفتوح اً يف املذهب الشيعي‪ ،‬فإن «علماء» الشيعة مل يأتوا بأي اجتهاد يف العصور احلديثة‪ .‬وهكذا ُك تب علينا اجلهل‬ ‫وترديد مقولة حممد «كل جديد بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة يف النار؟»‬ ‫جهل «العلماء» وإمياهنم بنفي السببية ألن اهلل هو السبب يف كل شيء‪ .‬وقد محل هذا املوقف «علماء» باكستان باملطالبة‬ ‫بأسلمة كتب الفيزياء والكيمياء‪ ،‬فنجدهم مث الً يقولون «عندما يؤلف املختصون كتاب اً للفصل الثالث اإلعدادي‪ ،‬جيب‬ ‫أال يسأل املعلم‪ :‬ماذا سوف حيدث إذا مل يتناول احليوان طعام اً؟ بل جيب أن يكون السؤال‪ :‬ماذا سوف حيدث إذا مل يرزق‬ ‫اهلل احليوان بأي طعام؟» وبالنسبة للفيزياء‪ ،‬يقول الشيوخ «العلماء» «إن مجلة (الطاقة تسبب التغيري) مجلة ملغومة ألهنا‬ ‫توحي للطفل أن الطاقة هي سبب التغيري بينما اهلل هو السبب‪ ».‬وهنيئ اً ألمتنا مبثل هؤالء العلماء‪ .‬هل ميكن أن نُصلح‬ ‫اإلسالم وأطفالنا حيشي اجلهالء عقوهلم بتعاليم املدرسة األشعرية؟‬ ‫وإنكار السببية هذا قد قادنا‪ ،‬وسوف يظل يقودنا إىل متاهات عويصة‪ .‬فمث الً العامل كله يعرف أنه إذا جتمع السحاب يف‬ ‫ٍ‬ ‫مكان ما وابرق ذلك السحاب فهطول املطر يصبح احتماالً كب رياً‪ .‬ولكن «علماء» املسلمني يقولون التنبؤ بسقوط األمطار‬ ‫يقع خارج ما ميكن للمسلم شرع اً معرفته ورمبا يدخل يف علم ما فوق الطبيعة‪ .‬وكنتيجة حتمية ملثل هذه الفتاوى جند أن‬ ‫نش رات األحوال اجلوية اختفت من الصحف وال راديو والتلفزيون الباكستاين بني العام ‪ 1983‬و العام ‪ 1984‬يف أيام حكم‬ ‫اجلن رال ضياء الدين أو «ضياع الدين» كما مساه بعضهم‪ .‬وبدل أن نستفيد من العلم احلديث يف رصد حتركات السحب‬ ‫ودرجة احل رارة حىت ميكننا التنبؤ بأماكن هطول األمطار‪ ،‬يطلب منا جهالء األمة وساستها أن نصلي صالة االستسقاء اليت‬ ‫ظل املسلمون يقومون هبا منذ ظهور اإلسالم وحىت يومنا هذا وما زالت مكة صح راء جرداء ال تعرف املطر‪.‬‬ ‫غياب سلطة دينية مركزية تكون كلمتها ملزمة جلميع املسلمني‪ ،‬كما حيدث يف الكنيسة الكاثوليكية‪ .‬فنحن جند أن‬ ‫املسلمني قد انقسموا إىل ‪ 73‬فرقة كما قال رسوهلم‪ .‬فتوى األزهر ليست ملزمة للشيعة بكل فروعها من فاطميني واثين‬ ‫عشرية وعلويني وغريهم‪ ،‬وغري ملزمة لإلمساعيليني أو الدروز أو حىت الصوفية‪ .‬و»علماء األزهر أنفسهم ال يتفقون على‬ ‫رأي واحد يف أي مسألة تُعرض عليهم‪ ،‬كما رأينا يف فتوى رضاع الكبري‪ .‬فكيف لنا أن حنمل «علماء» األزهر على االتفاق‬ ‫إلصالح اإلسالم وهم يرتعدون خوف اً من تنقيح كتاب البخاري الذي يقول فيه إن اهلل ميين وينزل املين من عرشه؟ هل جيرؤ‬ ‫مثل هؤالء «العلماء» على تعليق العمل بآيات القتل والذبح وقطع األيدي واألرجل؟‬ ‫خوف أي رجل دين أو مفكر من التصريح بأي رأي قد يكون خمالف اً إلمجاع بقية رجال الدين‪ ،‬ولو أهنم ناد راً ما جيمعون‬ ‫على شيء‪ .‬يظهر هذا جلي اً يف حالة الشيخ الشيعي أمحد القباجني الذي أجهر ب رأيه يف القرآن فتربأ منه أخوه األكرب وبقية‬ ‫عائلته واعتقلته إي �ران ٍ‬ ‫لفرتة من ال ��زم ��ن‪ .‬ناهيك عن االغتياالت ال�تي طالت املفكرين من أمثال ف ��رج ف ��ودة وحسني مروة‬ ‫وغريهم الكثري‪ .‬فاخلوف من اإلرهاب مينع املتنورين من ال ُك تاب والفالسفة من طرح آرائهم يف العلن حىت تساعد يف تغيري‬ ‫تلك العقول املتحجرة‪ .‬ففي اهلند حاول السيد أمحد خان (‪ )1898-1817‬فعل ذلك وقال إن القرآن جيب أن يُعاد تفسريه‬ ‫درس هبا وأخ رياً أصبحوا هم‬ ‫ليتماشى مع العصر احلديث‪ .‬فقامت عليه قيامة «العلماء» اجلهالء وقاطعوا اجلامعة اليت كان يُ ّ‬ ‫الذين يعلمون يف اجلامعة‪ .‬وعندما حاول تلميذه سيد أمري علي (‪ )1924-1849‬نفس الشيء وقال إن أبا احلسن األشعري‪،‬‬ ‫وابن حنبل والغ زايل وابن تيمية هم سبب تأخر املسلمني‪ ،‬أصدر متويل الكعبة فتوى بكفره وأباح دمه (نفس املصدر أعاله‪،‬‬ ‫ص ‪)170‬‬ ‫اجلهل واألمية املتفشية يف ربوع العامل اإلسالمي من إندونيسيا إىل موريتانيا ومن باكستان إىل السودان‪ ،‬متثل العائق األكرب‬ ‫إلصالح اإلسالم ألن اإلصالح حيتاج قاعدة عريضة تقف وراء من يدعون لإلصالح‪ .‬فمث الً يف الواليات األمريكية اجلنوبية يف‬ ‫القرن الثامن عشر عندما كان اجلهل متفشي اً يف البيض والسود مع اً‪ ،‬ظهرت فجأة حركة الصحوة الدينية املسيحية ‪Born‬‬ ‫‪ Again Christians‬وق ��اد ه ��ذه احلركة خريج من جامعة ييل ‪ Yale‬الشهرية امس ��ه جوناثان إدواردس ‪Jonathan‬‬

‫غاضب عليهم لعدم ممارستهم طقوس‬ ‫‪ .)1758-1703( Edwards‬كان خطيب اً موفه اً واستطاع أن يقنع اجلهالء أن اهلل‬ ‫ٌ‬ ‫دينهم‪ .‬ويف فرتة وجيزة انتشرت الصحوة لكل أحناء الواليات املتحدة ووصل الناس إىل مرحلة اهلسترييا اجلماعية فكانوا‬ ‫يبكون يف الكنائس بصوت ٍ‬ ‫عال مث بعد دقائق يضحكون ويرددون األناشيد عندما خيربهم القسيس أن الرب قد ساحمهم‬ ‫(‪ .)371 Karen Armstrong, A History of God, p‬نفس هذا اجلهل واهلسترييا اجلماعية موجودة عندنا‬ ‫يف كل أحناء العامل اإلسالمي خاص ةً الع راق وإي ران عندما يضربون أنفسهم بالسالسل طواعية وينتحبون من أجل شخص‬ ‫قُتل قبل ‪ 1400‬عام‪ ..‬ويف مصر والسودان واليمن وغريها يتكدس آالف املسلمني يف ض رائح املوتى يتربكون هبا ويطلبون‬ ‫منها الشفاء من األم راض ومن العقم‪ .‬فما هو الدافع لرجاالت الدين يف مثل هذه األجواء إىل حماولة إصالح اإلسالم الذي‬ ‫سخ ر هلم مجع أموال اخلُمس ملليء كروشهم‪ ،‬أو سخر هلم ماليني املشاهدين لقنواهتم الفضائية اليت جتلب هلم املاليني؟ ال‬ ‫ّ‬ ‫ميكن أن يأيت اإلصالح من شيوخ اإلسالم‪ .‬فمن الذي ميكن أن يُصلح لنا اإلسالم؟ هل يصلحه املتعلمون من غري الشيوخ‬ ‫من أمثال أستاذ القانون يف جامعة الكويت‪ ،‬راشد العنزي‪ ،‬الذي يشرف على جلنة املناهج املدرسية‪ ،‬وقال جيب إلغاء املادة‬ ‫‪ 18‬من قوانني حقوق اإلنسان من الكتب املدرسية ألهنا تقول حبرية االعتقاد‪ ،‬وهذا خيالف شرعنا اإلسالمي؟ إذا كان هذا‬ ‫رأي أستاذ القانون فما هو رأي الشيوخ؟‬ ‫شيوخ اإلس �ل�ام يستميتون يف ال ��دف ��اع ع ��ن امل ��وروث اإلس�لام ��ي وال يتورعون ع ��ن مناجزة التنويريني ال ��ذي ��ن حي ��اول ��ون بعض‬ ‫اإلصالحات الطفيفة‪ ،‬فمث الً يف السودان قال السيد حسن عبد اهلل ال رتايب إن املالئكة مل تقاتل مع املؤمنني‪ ،‬ولو قاتلت‬ ‫فكان قتاالً معنوي اً‪ ،‬وإن عائشة كان عمرها مثان عشرة عام اً ملا تزوجها حممد‪ ،‬فانربى له شيخ امسه الكاروري يؤم مئات‬ ‫املصلني يوم اجلمعة وله أتباع باآلالف‪ ،‬فقال « أما نفيه لفعل القتل مادي اً فهذا غري مقبول»‪ ..‬وأكد أن القتل فعلي اً قد‬ ‫حدث يف معركة بدر الكربى‪ ،‬وأن هناك من مات هلع اً من املشركني ممن كانوا ي راقبون معركة بدر حينما مسعوا أصوات‬ ‫املالئكة يف املعركة‪ .‬وأشار إىل أنه ورد أن من شاركوا يف معركة بدر الكربى قالوا إن (الضرب) وطريقته يف جثث املشركني‬ ‫مل يكن بالضرب املعروف واملألوف‪( .‬متوكل أبوسن‪ ،‬صحيفة ال راكولة السودانية‪ .)2013/5/5 ،‬يؤكد الشيخ الكاروري‬ ‫أن املالئكة قتلوا املشركني وينسى أن رهبم عندما قال للمالئكة إين جاعل يف األرض خليفة‪ ،‬قالوا له «أجتعل فيها من‬ ‫يسفك الدماء»؟ وهاهم يسفكون الدماء‪ .‬من مصلحة الشيوخ زيادة جرعة التخدير‪.‬‬ ‫يف اعتقادي أن احلقوق ال تمُ نح بل تُؤخذ عنوةً‪ ،‬أو كما قال مجال عبد الناصر «ما أُخذ بالقوة ال يُسرتد إال بالقوة»‪ .‬حرياتنا‬ ‫أُخذت منا ومن أسالفنا بالقوة وبالسيف والسيب‪ .‬وحنن ضربونا عندما كنا أطفاالً لنحفظ خزعبالت اإلسالم‪ ،‬وعليه يبقى‬ ‫الطريق الوحيد لتحديث اإلسالم أو إلغائه هو القوة اليت استعملها احلبيب بورقيبة لتحديث بعض أج زاء اإلسالم‪ ،‬أو القوة‬ ‫اليت استعملها كمال أتاتورك ل يرُ جع اإلسالم إىل املساجد‪ .‬وقد تقدمت كال الدولتني يف ف رتات وجيزة إىل أن استجاب‬ ‫اجلهل إىل أصوات الشيوخ مرة أخرى ورجع اإلسالم تدرجيي اً إىل تركيا مع حزب العدالة‪ ،‬وإىل تونس مع ثورة الربيع العريب‪.‬‬ ‫وإن قليب ليتفطر على مصر أم الدنيا وعلى تونس اخلض راء وعلى ليبيا والسودان‪ .‬ولكن اجلهل يصنع املعج زات‬ ‫ويف اخلالصة أقول إنه ال ميكن إصالح اإلسالم بتات اً ومكانه الطبيعي هو املتحف الربيطاين مع هياكل الديناصورات‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫ٌ‬ ‫منفرد على الطبلة‬ ‫عزف‬ ‫ٌ‬ ‫ن زار قباين‬ ‫ب بال طَ �بْلَ ْه‬ ‫احلاكم يَ ْ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومجيع وزارت اإلعالم تَ ُد ُّق على ِ‬ ‫ذات الطب لَ ْه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫إيقاع ال طَ �بْلَ ْه‬ ‫م‬ ‫خ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫األنباء‬ ‫وكاالت‬ ‫ومجيع‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫والص ْغ َرى‬ ‫ُ‬ ‫والصحف ال ُك برْ ى‪ُ ..‬‬ ‫تعمل أيض اً راقص ةً‬ ‫يف ملهى متلكهُ الدولَ ْه!‪.‬‬ ‫ت يف امل وسيقى‬ ‫ص ْو ٌ‬ ‫وج ُد َ‬ ‫ال يُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ص ْوت الدولَ ْه!!‪.‬‬ ‫أردأُ من َ‬ ‫الس ْردي ِن‪..‬‬ ‫مثل َ‬ ‫َ‬ ‫ومثل الشاي‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ومثل ُح بُ وب احلَ ْم ِل‪..‬‬ ‫الض ْغ ِط‪..‬‬ ‫ومثل ُح بُ وب َ‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫السي‬ ‫غيار‬ ‫ومثل‬ ‫ّ ْ‬ ‫َِ‬ ‫املوجات‪..‬‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫على‬ ‫بث‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬ ‫الرمسي‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ال ّك ذ ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫اق جداً‪..‬‬ ‫وكالم السلطة َّبر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اصات‪...‬‬ ‫ق‬ ‫الر‬ ‫كثياب‬ ‫ْ‬ ‫وص َف ات احلُ ْك ِم ‪،‬‬ ‫ينج و من ْ‬ ‫ال أح ٌد ُ‬ ‫ِ‬ ‫الس ْل طَ ْه‪..‬‬ ‫وأدوية ُ‬ ‫األكل‬ ‫مالعق �قَْب َل‬ ‫فثالث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مالعق �قَْب َل صالة ال ظُ ْه ْر‬ ‫وثالث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العصر‬ ‫مالعق �بَ ْع َد صالة‬ ‫وثالث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مالعق‪� ..‬قَْب َل م راسيم التشييع ‪،‬‬ ‫وثالث‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القرب‪..‬‬ ‫وقبل ُد ُخ ول ْ‬

‫‪17‬‬

‫القهر ؟‬ ‫هل مثّةَ �قَ ْه ٌر يف التاريخ كهذا ْ‬ ‫األعصاب‪،‬‬ ‫خترتق‬ ‫ال طَ ْب ل ةُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الصرب‪..‬‬ ‫فيا ربيّ ‪ :‬ألهِْ ْم نَ ا‬ ‫ْ‬ ‫اجلر‪..‬‬ ‫جتيد َّ‬ ‫ب‪ ..‬جتيد ال َك ْس َر‪ُ ..‬‬ ‫وتجُ ُ‬ ‫يد النَ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫شعر أردأُ من ِش ْع ِر الدولَ ْه‬ ‫ال ُ‬ ‫يوجد ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب أذكى من َك ذ ِ‬ ‫ب الدولَ ْه‪..‬‬ ‫ال ُ‬ ‫يوجد َك ذ ٌ‬ ‫تعليقات‬ ‫أخبار‪.‬‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ص ُح ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس‪،‬‬ ‫ُخ َوذٌ المع ةٌ حتت‬ ‫ِ‬ ‫األكتاف‪،‬‬ ‫جنوم تربق يف‬ ‫ٌ‬ ‫ات‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫بنادق كاذب ةُ ال طَلَ َق ْ‬ ‫األنتينات‬ ‫مشنوق فوق حبال‬ ‫وطن‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫الكلمات‬ ‫سوى‬ ‫احلرب‬ ‫تقنية‬ ‫من‬ ‫يعرف‬ ‫ال‬ ‫وطن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫األموات‪..‬‬ ‫على‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫الن‬ ‫نشيد‬ ‫يذيع‬ ‫ال‬ ‫ز‬ ‫ما‬ ‫وطن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫تقاسيم الطب لَ ْه‬ ‫تعيد‬ ‫الدول ةُ منذ بداية هذا القرن ُ‬ ‫َ‬ ‫امللك»‬ ‫«الش ورى – بني الناس –‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫امللك»‬ ‫الدستور –‬ ‫نص‬ ‫«الشعب – كما َّ‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص بالكلمات سوى الدولَ ْه‪..‬‬ ‫ال أ َ‬ ‫َح ٌد يرقُ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بالكلمات‪،‬‬ ‫ال أح ٌد �يَْزين‬ ‫سوى الدولَ ْه!!‬ ‫امللك»‬ ‫«ال َق ْم ُع‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫امللك»‬ ‫«ش ْن ُق اإلنسان‬ ‫أساس ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫امللك»‬ ‫«حكم البوليس‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫َّ‬ ‫امللك»‬ ‫للحك ام‬ ‫«جتديد ال�بَ�يْ َع ة‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫«وض ع الكلمات على اخلَ ُازوقِ‬ ‫ُْ‬ ‫امللك‪»...‬‬ ‫أساس ْ‬ ‫ُ‬ ‫والسلط ةُ تعرض فِ �تْنَ تَ ها‬ ‫وح الها يف سوق اجلم لَ ْه‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أقبح من عري الدولَ ْه‪...‬‬ ‫ال يوجد عُ ْر ٌ‬ ‫ي ُ‬ ‫طَ �بْلَ ه‪ ..‬طَ �بْلَ ه‪..‬‬ ‫وطن عريب جتمعُ هُ من يوم والدته طب لَ ْه‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫وتفر ُق بني قبائله طب لَ ْه‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وأهل الذ ْك ر‪ ،‬وقاضي البلدة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫يرتعشو َن على َوقْ ع ال طَ �بْلَ ْه‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫كساعات الغف لَ ْه‬ ‫الرمسي جييء‬ ‫ب‬ ‫ُّ‬ ‫ال طَ َر ُ‬ ‫كل مكا ْن‪..‬‬ ‫من ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواحد أغلى من سعر اإلنسا ْن‬ ‫الربميل‬ ‫سعر‬ ‫ُ‬ ‫يعاد كأغنية الشيطا ْن‬ ‫الطرب‬ ‫ُّ‬ ‫الرمسي ُ‬ ‫ُ‬ ‫هنتز إذا غ نىَّ السلطا ْن‬ ‫أن‬ ‫ا‬ ‫وعلينَ‬ ‫ّ‬ ‫أمام رجال الشرطة – ْآه‪..‬‬ ‫ونصيح – َ‬ ‫َ‬ ‫ٍآه ‪ ..‬يا ْآه‪..‬‬ ‫ٍآه ‪ ..‬يا ْآه ‪..‬‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫�فَ​َر ٌح‬ ‫ٌ‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫موت‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍآه ‪ ..‬يا ْآه‪..‬‬

‫هل صار غناءُ احلاكم قُ ْدسيّ اً‬ ‫؟؟‪.‬‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫�فَ​َر ٌح‬ ‫ٌ‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫موت‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍآه ‪ ..‬يا ْآه‪..‬‬ ‫هل صار غناءُ احلاكم قُ ْدسيّ اً‬ ‫كغناء اهللْ ؟؟‪.‬‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫طَ َر ٌ‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫�فَ​َر ٌح‬ ‫ٌ‬ ‫مفروض باإلك ر ْاه‬ ‫موت‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍآه ‪ ..‬يا ْآه‪..‬‬ ‫هل صار غناءُ احلاكم قُ ْدسيّ اً‬ ‫كغناء اهللْ ؟؟‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫اإلسالميون ‪ ..‬الهوام الرنجسي و شطحات اخليال‬

‫حممد مريغني‬

‫يزعم الكثري من اإلسالميني أ ّن مشكلة الغربيني ( أنهّ م ال يفهمون اإلسالم على النحو الصحيح )‪ .‬ولكن ملاذا الغربيون ملزمون بفهم‬ ‫اإلسالم على النحو الصحيح ؟ هم أح رار فيما يهتمون به ‪ .‬مث هل يفهم املسلمون املسيحية على النحو الصحيح ؟ وهل يسمح‬ ‫اإلسالميون بالتبشري املسيحي على أرضهم حىت يفهم املسلمون املسيحية على النحو الصحيح ؟ يوجد ع ّدد مهول من املنظمات‬ ‫واجلماعات واملؤسسات واهليئات الدعوية العربية وغري العربية اليت تدعو لإلسالم بأمريكا وبكافة أحناء الغرب األورويب ‪ ،‬ولكن هل‬ ‫أي ٍ‬ ‫بلد ٍ‬ ‫عريب أو إسالمي ؟‬ ‫يُسمح مبؤسسة أو هيئة واحدة تدعو أو تُ ِّ‬ ‫بش ر بالديانة املسيحية يف ِّ‬ ‫إنظر إىل مئات املكاتب اإلسالمية التابعة لع ّدد من بلدان اخلليج بأمريكا اليت تعمل على نشر اإلسالم وطبع ونشر كتبه ‪ ،‬ولكنك‬ ‫باملقابل لن جتد دولة خليجية واحدة جيوز فيها توزيع اإلجنيل ناهيك عن التبشري باملسيحية ‪ .‬على األقل الغربيني مسحوا للمسلمني‬ ‫بنشر دعوهتم ببالدهم مث كونوا ـ أي الغربيني ـ على إثر ذلك رأيهم عن اإلسالم والذي يعتقد اإلسالميون أنّه غري صحيح ‪ ،‬وبالتايل فإ ّن‬ ‫املشكلة ليست مشكلة الغربيني يف الفهم اخلاطئ لإلسالم ‪ ،‬ولكن املشكلة هي يف مؤسسات اإلسالميني اليت عرضت عليهم اإلسالم‬ ‫على هذا النحو ‪ ،‬ألنهّ ا هي من نشرت عن اإلسالم هذه الفكرة اليت يعتقد اإلسالميون اليوم أنهّ ا فكرة غري صحيحة عن اإلسالم ‪.‬‬ ‫وباملقابل ف ��إ ّن أغلبية املسلمني يكونون وجهة نظرهم عن املسيحية من خالل ما يقوله عنها رج ��ال الدين ( املسلمني ) للناس‬ ‫كل األقطار اإلسالمية ‪ ،‬وبالتايل فإ ّن هذا يعين أنّنا‬ ‫باملساجد واملدارس واملنتديات العامة ‪ ،‬ألنّه غري مسموح بالتبشري املسيحي يف ِّ‬ ‫أيض اً ال نفهم املسيحية على النحو الصحيح وفقا ملنهج اإلسالميني أنفسهم ‪ .‬أنا ال أدافع عن املسيحية فأنا ملحد‪.‬‬ ‫ولكنّ ين ّأود أن أُشري إىل اخل لّ ل املنهجي الذي يبين عليه اإلسالميون وجهة نظرهم اليت ختتزل الفشل يف ( رسم صورة ب راقة لإلسالم يف‬ ‫ناتج عن إزدواجية‬ ‫الغرب ) وتنسبه ـ أي هذا الفشل ـ إىل عجز الغربيني عن فهم اإلسالم على النحو الصحيح ‪ ،‬وأعتقد أ ّن اخل لّ ل ٌ‬ ‫املعايِّري عند التعاطي مع اآلخر ‪ ،‬وحتديداً فيما خيتص باحلديث عن األديان ‪.‬‬ ‫على سبيل املثال ما يسمى حبد الردة باإلسالم ـ والذي نعرتف بأ ّن ع ّدد حمدود جداً من املدارس التجديدية باإلسالم ترفضه ـ ينبين على‬ ‫لك برتك الدين ‪ /‬اإلسالم‬ ‫أساس ( أ ّن احلرية مكفولة للبشر يف إعتناق الدين اإلسالمي من عدمه ‪ ،‬ولكن ليس من احلرية أن يُسمح ّ‬ ‫بعد أن إعتنقته ) ‪ .‬تكمن اإلزدواجية املعيارية هنا ـ أي يف خطاب هؤالء املؤمنون حبد الردة ـ يف أنهّ م باملقابل على إستعداد إلشعال‬ ‫قرر مسيحي أو مسيحية ترك دينها وإعتناق اإلسالم وواجهت رفض اً من أهلها‬ ‫حرب ضروس ـ وقد حدثت بالفعل مبصر ـ يف حال ّ‬ ‫لك وأن إعتنقته ‪ ،‬فهذه‬ ‫لك بتغ يِّ ري دين اإلسالم إذا سبق ّ‬ ‫أو كنيستها ‪ .‬رغم أ ّن اإلسالميني ي ّدعون بأنّه ليس من احلرية أن نسمح ّ‬ ‫ليست حرية على حد زعمهم ‪ ،‬بل هي ردة وجيب أن يحُّ د فاعلها ‪ ،‬بينما الردة من باقي الديانات لإلسالم هداية من الضالل !!!‪.‬‬ ‫هنا تكمن تلك اإلزدواجية اليت أحتدث عنها ‪ ،‬وهي نابعة عن أنانية وغرور ونرجسية هي من وجهة نظري نتاج طبيعي لتصور‬ ‫اخلطاب الالهويت وإعتقاده بإحتكار احلقيقة وحقه يف إزد راء خمالفيها ومنكريها والتعامل معهم مبنتهى اإلستعالء والعنف واإلقصاء‬ ‫بل واإللغاء التام ‪ ،‬وذلك إنطالق اً من اآلية القائلة « وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنيني « ‪.‬‬ ‫واملسيحية باملثل مل تسلم من هذه األنانية فهي اليت د ّش نت احلمالت الصليبية ضد املسلمني و أقامت حماكم التفتيش للربوتستانت‬ ‫يف فرنسا وع ّذبتهم وأحرقتهم أحياء مظنة منها بأ ّن احلق هي وحده من متتلكه ‪ ،‬لذلك قلت إ ّن االنانية ناجتة عن وهم اإلحتكار‬ ‫للحقيقة املطلقة باخلطاب الآلهويت عموم اً وليس اإلسالمي فقط ‪.‬‬ ‫يتبج حون بعنصرية الغربيني وبعدم فهمهم لإلسالم على النحو الصحيح ما إن تدخل‬ ‫الغريب باألمر هو أ ّن هؤالء أنفسهم الذين ّ‬ ‫يف ٍ‬ ‫جدال مع الواحد منهم حول الغرب واجملتمعات الغربية والتطور املعريف والعلمي بتلك اجملتمعات إالّ ويُسارع إىل القول بإنتشار‬ ‫اإلس�لام بالغرب ‪ ،‬ويُغرقك بعش رات النسب املؤية ( جمهولة األبوين ) واليت توضح هذا اإلنتشار لالسالم بالغرب ( الذي ال يفهم‬ ‫اإلسالم على النحو الصحيح ) على حسب زعمهم ‪.‬‬ ‫إ ّن املشكلة ليست بفهم الغرب لإلسالم فالغرب علماين ال هتمه األديان كث رياً ‪ ،‬وإنمّ ا املشكلة يف فهم املسلمني أنفسهم لدينهم‬ ‫كل مواطن غريب طف الً كا ّن‬ ‫هم هلم إالّ إمتطاء سياراهتم ّ‬ ‫‪ ،‬املشكلة يف أولئك الذين ال ّ‬ ‫املفخ خة وإرت ��داء أحزمتهم الناسفة وقتل ّ‬ ‫أو عجوز أو حىت مناضل يف سبيل القضايا العربية واإلسالمية على غ رار الناشط اإليطايل املتعاطف مع القضية الفلسطينية الذي‬ ‫ذحبه اإلسالميون املتطرفون بقطاع غزة من الوريد إىل الوريد ‪ .‬املشكلة ليست يف هؤالء الغربيني‪ ،‬املشكلة يف الفهم اإلسالمي نفسه‬ ‫لإلسالم ‪ ،‬مثل الفهم اخلاطئ لكيفية النضال ضد اهليمنة الغربية ‪ /‬على مق ّد رات العامل ‪ .‬فلم ولن يكن النضال الذي يقضي على‬ ‫هذه اهليمنة بتفجري ناطحات السحاب أو قتل األبرياء واألطفال أو باجلهاد الديين ‪.‬‬ ‫املتوح شة يتم عرب النضال ضد أنظمتنا املستبدة اليت‬ ‫النضال ضد اهليمنة الغربية ‪ /‬السياسية وليس املعرفية وسياساهتا ال رأمسالية‬ ‫ِّ‬

‫اإلسالميون ‪ ..‬الهوام الرنجسي و شطحات اخليال‬

‫‪19‬‬

‫اإلسالميون ‪ ..‬الهوام الرنجسي و شطحات اخليال‬

‫جعلت من أوطاننا مطي ةً لسياسات احلكومات الغربية ‪ ،‬وجعلت من أرض شعوهبا قواعد عسكرية جليوش الغرب ‪ ،‬النضال‬ ‫احلقيقي ضد الغرب السياسي ـ وليس املعريف ـ هو بتوجيه العنف حنو تلك القواعد العسكرية وليس حنو املواطنيني الغرب يِّ ني الذين‬ ‫يعيشون بني ظه رانينا ‪.‬‬ ‫النضال احلقيقي ضد سياسات الغرب الداعمة للكيانات العنصرية باملنطقة مثل الكيان اإلس رائيلي ومجاعات اإلسالم السياسي ‪/‬‬ ‫الوهايب اخلليجي ‪ ،‬النضال يتمثل يف العمل على تقوية إقتصادنا والعمل على الكف عن مد اليد هلم طمع اً يف معوناهتم وإعاناهتم‬ ‫‪ ،‬وذلك لن يتم وتلك األنظمة املتهادنة جامثة على صدور شعوبنا ال فرق بني حمور ممانعة أو إعتدال فك لّ هم أثبتوا عمالتهم لقوى‬ ‫اهليمنة األمريكية ‪ ،‬فاألول من حتت الطاولة والثاين من فوقها وحتتها ‪.‬‬ ‫أس س وجذور الص راع مع اهليمنة الغربية ‪ ،‬وال بد من اخلروج هبذا الص راع من دائرة ما يسمى بص راع احلضارات‬ ‫البد من معرفة ُّ‬ ‫أو الكيد لإلسالم من منطلق « لن ترضى عنك اليهود وال النصارى حىت تتبع ملتهم « ‪ .‬فأمريكا قائدة اهليمنة الغربية ليست‬ ‫نص رانية ‪ ،‬ولن ترضى عنا جملرد إعتناقنا املسيحية ‪ ،‬فماليني املوجودين ببلدان الشرق مسيحيني ‪ .‬مل ترضا أمريكا عنهم ‪ ،‬بل إخنرط‬ ‫معظمهم ـ مسيحيو الشرق ـ يف فرتة الستينيات والسبعينات يف صفوف حركات اليسار املناوئ للواليات املتحدة ‪.‬‬ ‫الص راع هو إذاً ص راع على اهليمنة السياسية من أجل السيطرة على املوارد اإلقتصادية فقط ليس إالّ مهما تدثّر بأقنعة مغايرة ‪.‬‬ ‫والدليل على ذلك دعم الغرب لإلسالم الوهايب اخلليجي ‪ ،‬بل واإلسالم اجلهادي بسورية ‪ .‬فالواليات املتحدة لن ترضى عنك إالّ‬ ‫لو تبنيت ما يضمن هلا تبعيتك ‪ ،‬حىت ولو كنت وهابيا ‪ ،‬بل إ ّن املطلوب منك أن تصري وهابي اً مداهن اً ألسيادك باخلليج لرتضى‬ ‫عنك الواليات املتحدة والغرب متام الرضا ‪.‬‬ ‫فلنكف عن ترديد ه راءات الفهم اخلاطئ أو املتحامل من قبل الغربيني لإلسالم واجلهاد ضدهم وإستباحة نسائهم ودماء أطفاهلم‬ ‫‪ ،‬ولنشرع فوراً يف العمل على إجتثاث أنظمة اإلنبطاح واإلستبداد ‪ ،‬ولنبدأ بالعمل على بناء إقتصاد قوي نقدر من خالله على‬ ‫فرض أجنداتنا السياسية على طاولة العامل الذي ال يعرتف اليوم بالشعارات الدينية التقليدية ‪ ،‬وإنمّ ا يعرتف فقط بشرعية التفوق‬ ‫املعريف والعلمي واإلقتصادي والعسكري ‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫رسالة من مؤسس شركة آبل ستيف جوبز اىل‬ ‫أبيه السوري عبد الفتاح اجلنديل‬

‫رسالة من مؤسس شركة آبل (‪ )Apple‬ستيف جوبز (‪ )Steve Jobs‬الى أبيه السوري عبد‬ ‫الفتاح الجندلي الذي أنجب إبنه ستيف من دون زواج ثم تركه وأصبح لقيط اً كي يتبناه آخرين‬ ‫ويبقى علمه لنا جميع اً‬ ‫لم أتع لّ م منكم أي شيء ‪ ..‬فحاولوا أن تتع لّ موا منّ ي ‪ ..‬شيئ اً واحداً ‪..‬‬ ‫تع لّ قكم بالماضي ‪ ..‬لن يغيّ ر الحاضر ‪ ..‬ناهيكم عن المستقبل ‪ ..‬الماضي ‪ ..‬سيحبسكم في‬ ‫الماضي ‪ ..‬فإتركوه ‪ ..‬دعوا أمجاد هوازن ‪ ..‬و إغارات مض ٍر و تميم ‪ ..‬و مع لّ قات ابن كلثوم ‪..‬‬ ‫األثري ‪ ..‬كل هذا ‪ ..‬لن يغيّ ر شيئ اً ‪ ..‬يا‬ ‫كفاكم غزالً ‪ ..‬في جميالت النوق ! دعوا هذا الغباء‬ ‫ّ‬ ‫عرب ‪ ..‬أنتم تنظرون ‪ ..‬في اإلتجاه الخاطيء ! يا أجدادي ‪..‬‬ ‫عربي ‪ ..‬مثلكم ‪ ..‬لكنّ ي ‪ ..‬ال أؤمن بالحسد ‪ ..‬و ال أؤمن بالغيبة ‪ ..‬و ال أؤمن بالخوف‬ ‫نعم ‪ ..‬أنا ٌ‬ ‫‪ ..‬و ال أؤم ��ن بالطالع ‪ ..‬و ال أؤم ��ن بالتقديس ‪ ..‬و ال بالنفاق ‪ ..‬أنا ‪ ..‬أؤم ��ن بالعمل ‪ ..‬أؤمن‬ ‫باإلنجاز ‪ ..‬باإلتقان ‪ ..‬أنا ال أؤمن باألمس ‪ ..‬أنا فقط ‪ ..‬أؤمن بالغد ‪ ..‬رغم أنه لم ِ‬ ‫يأت بعد ‪..‬‬ ‫ألني أراه اآلن ‪ ..‬هل تفهمون ما أقصد ؟! أنا ال أتك لّ م ‪ ..‬عن ٍ‬ ‫أحالم ‪ ..‬في منام ‪ ..‬تتحقق وحدها‬ ‫! أنا أتك لّ م عن ٍ‬ ‫عمل ‪ ..‬أبدأوه اليوم ‪ ..‬و ينتهي غداً ‪ ..‬إلى حقيقة ! إلى نتيجة !‬ ‫تمع نت فيكم ‪ ..‬لم أرى شيئ اً واضح اً ! سامحوني ‪..‬‬ ‫أجدادي العرب ‪ ..‬ك لّ ما نظرت إليكم ‪ ..‬و ّ‬ ‫قد ال أستطيع تغيير وضعكم ‪ ..‬لكنّ ي ‪ ..‬غيّ رت مستقبل اإلنسانية ‪ ..‬في التعامل مع التقنية ‪..‬‬ ‫على هذا الكوكب ‪ ..‬و سأستمر في تغييره ‪ ..‬ألني أستثمر وقتي ‪ ..‬في المشي إلى األمام ‪ ..‬و‬ ‫ليس ‪ ..‬في تقبيل ‪ ..‬أقدام اإلمام ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بماض سعيد‪ ...‬حفيدكم المحب‬ ‫مع تمنيّ اتي لكم‬ ‫ستيف جوبز‬

‫‪21‬‬

‫‪22‬‬


‫عن اإلحلاد و األمل و إرتقاء الروح‬

‫عن اإلحلاد و األمل و إرتقاء الروح‬

‫ترددت كثريا ً يف كتابة هذه املجموعة من األفكار املتسلسلة ولكني‬ ‫رأيت ان كتابتها قد تكون تأريخاً جيدا ً قد يقرأه أحد ابنايئ يف‬ ‫يوم من األيام ليعلم كيف كان يُفكر والده عندما كان يف أواسط‬ ‫العرشينيات و يف ذلك التوقيت العجيب يف تاريخ العامل حيث أن‬ ‫خريطة القوة العظمى بدأت فعلياً بالتغري و كذلك بدأت العوملة‬ ‫اتخاذ شكل أكرث قوة و أكرث إدالالً عىل أن الفرتة القادمة ستكون‬ ‫الغلبة فيها للامديّة و العقالنية امل ُطلقة القادرتان ‪-‬فعلياً‪ -‬عىل‬ ‫صناعة القوة و الحضارة حالياَ‪.‬‬ ‫استطاعت العديد من األحداث املتتابعة و آخرها الثورة املرصية‬ ‫ان تكرس العديد من القيود العقلية و النفسية لدى العديد من‬ ‫الشباب وهو ما أصاب الكثريين بنوع من الصدمة تجاه كمية‬ ‫املعلومات و الرواسخ املغلوطة لتي لديهم بعدما اتطّلعوا عىل‬ ‫املعلومات الحقيقية حول التاريخ و العلوم و الفنون استقاءا ً‬ ‫من املصادر املوثوقة‪ ,‬شعر الكثريين بنوع من اإلرتباك املؤقت‬ ‫ألنهم كانوا يقبعون تحت طبقة سميكة من الخرافات التي متت‬ ‫تنشئتهم عليها و التي ‪-‬واقعياً‪ -‬ال محل لها من اإلعراب‪ ,‬خرافات‬ ‫توفّر شعورا ً وهمياً بالثقة حول عظمة هويّتهم املحل ّية التي مل‬ ‫تتسبب يف الواقع اال يف زيادة تخلّف الدولة التي يعيشون فيها‪.‬‬ ‫و نتيجة ألن العامل اصبح مفتوحاً معلوماتياً و العقول الشابّة‬ ‫أصبحت أكرث إنفتاحاً و تهيؤا ً لتقبل املعلومات فقد أث ّر اإلطّالع‬ ‫املستمر عىل مستوى وعي العديدين فيام يخص الكثري من األمور‬ ‫التي كان يف السابق عرضة للغباء الدوجاميت و النظرة القارصة‪,‬‬ ‫لقد اتطّلع الكثريين عىل ما تكتبه املجمعات العلمية عن نظرية‬ ‫التط ّور و عن مدى اإلجامع العلمي الساحق عىل ص ّحتها وهو‬

‫‪23‬‬

‫ما أصبح فعلياً أمرا ً ُمسلامً به و ليس من ُمتغريات العلوم‪ ,‬و‬ ‫جدير بالذكر أن املتغريات يف العلوم هى األمور التي قد يوجد‬ ‫تعارض ما ّدي معها مستقبالً أما الثوابت فهى ما أقرتها كل األدلة‬ ‫املاديّة مدعومة باألبحاث الدقيقة بدون أدىن مجال للتغري‪ ,‬فعىل‬ ‫املستوى البيولوجي مثالً ال يمُ كن أن تكتشف العلوم ُمستقبالً‬ ‫أن أصابع اإلنسان عددها ستة أصابع وال يمُ كن عىل املستوى‬ ‫الريايض أن نكتشف أن مجموع اثنني زائد ثالثة قد يساوي‬ ‫مثانية‪ ,‬يف العلوم هناك ثوابت و متغريات مل تخضع بعد لإلثبات‬ ‫العميل‪ ,‬و نظرية التط ّور أحد هذه األمور التي ال جدال فيها و‬ ‫التي أصبح التوافق عليها داخل املجمعات العلمية ُمطلقاً و كل‬ ‫ما يُشاع عن خطأ نظرية التطور ماهو سوى جدال فارغ من‬ ‫املحتوى خارج اإلطار األكادميي العلمي عن طريق مجموعات‬ ‫مأجورة من الشخصيات التي تقوم بتقديم علوم مزيّفة «سيدو‪-‬‬ ‫ساينس» لنقد نظرية التطور بشكل ساذج لخداع العا ّمة و يتم‬ ‫ذلك بتمويل من الكنائس و رجال األعامل الداعمني لها يف أوروبا‬ ‫و أمريكا لدعم فكرة الخلق اإلنجيلية كام جاء يف سفر التكوين‬

‫أ ّدى هذا التعارض العلمي إىل محاولة أكرث حيادية للتدقيق يف‬ ‫مصداقية التوافق بني األديان اإلبراهيمية و العلوم و كان نتاج‬ ‫هذا البحث هو ُمج ّرد كتابات ُمنترشة عىل اإلنرتنت تقتبس سياقها‬ ‫من منشورات الـ «سيدو‪-‬ساينس» املدعومة من الكنيسة لدعم‬ ‫األفكار الدينية عموماً و كذلك استخدام أسلوب كالم يشتمل عىل‬ ‫خلط العلم بالفلسفة ليل عنق املنطق ‪-‬يستخدم هذا األسلوب‬ ‫الداعية ُمعز مسعود‪ -‬مع إضافة بعض السفسطائية الكاذبة التي‬ ‫يبث سمومها زغلول الن ّجار و م ّدعي اإلعجاز العلمي يف القرآن‬ ‫الكريم‪ ,‬مام أدى إىل إنتكاسة قويّة يف مفهوم قدسية األفكار التي‬ ‫رسخت لها األديان و التي مل تستطع الصمود طويالً يف مواجهة‬ ‫ّ‬ ‫العقالنية العلمية الحالية‪.‬‬ ‫كان املفر األكرث سهولة من هذه الجدلية النفسية و الرصاع الذهني‬ ‫ترسخ يف أذهان الكثريين هو املفر الفلسفي القائم عىل‬ ‫الذي ّ‬ ‫الحجة العقلية و محاولة إحتواء الذهن داخل سرتاتيجية عقلنة‬ ‫النصوص الدينية و جعلها أكرث منطقية ‪-‬نفسياً‪ -‬للمتلقّي و هنا‬ ‫نجد العديد من األمثلة عىل بعض املحاوالت التي قام بها البعض‬ ‫لعقلنة النصوص الدينية‪ ,‬ككتاب «حوار مع صديقي امللحد» و‬ ‫«رحلة عقل» و العديد من الكتب التي حوت أخطاءا ً منطقية‬ ‫اشتملت عىل التفاف النصوص حول أفكار مضللة و خداع القارئ‬ ‫و تضليله منطقياً بحيث ال يُالحظ األخطاء املنطقية املوجودة‪ ,‬تلك‬ ‫امل ُغالطات التي يتم استخدامها بإستمرار من قبل رجال الدين و‬ ‫الدعاة يف الكنائس و املساجد كمغالطة «املصادرة عىل املطلوب»‬ ‫و ُمغالطة «اإلستدالل الدائري» و «الشخصنة» و التي هى جميعاً‬ ‫ُمغالطات منطقية ت ُستخدم يف حالة الرغبة يف اإلقناع بأمور تبدو‬ ‫حقيقية ظاهرياً فقط كام يُستخدم يف مجال التسويق و الدعاية او‬ ‫مجال ترافع املحامني املحرتفني يف الكذب أمام رجال القضاء‪ ,‬تلك‬ ‫أمثلة عىل بعض املغالطات ‪:‬‬ ‫ُمغالطة امل ُصادرة عىل املطلوب | تشتمل هذه امل ُغالطة عىل طرح‬ ‫فكرة محددة ثم الدفاع عن صحتها باإلستدالل بـأسباب غري‬ ‫حقيقية‪ ,‬و ت ُعترب هذه امل ُغالطة أحد أشهر امل ُغالطات امل ُستخدمه‬ ‫من قبل رجال الدين‪.‬‬

‫و قال الله نعمل االنسان عىل صورتنا كشبهنا فيتسلطون عىل‬ ‫سمك البحر و عىل طري السامء و عىل البهائم و عىل كل االرض و‬ ‫عىل جميع الدبابات التي تدب عىل االرض‬

‫مثال ‪ :‬السباحة يف البحر ليالً أمر خطر و اال مل يكن ليمنعه‬ ‫خفر السواحل‬

‫و نظرا ً ألن األديان اإلبراهيمية ‪-‬األديان التي تم تصنيف مصدرها‬ ‫تؤصل لفكرة الخلق امل ُبارش و ليس‬ ‫من نسل إبراهيم‪ -‬جميعاً ّ‬ ‫التط ّور البيولوجي الذي حدث حقيقة‪ -‬فإن هذا التعارض‬ ‫الظاهري الواضح أدى بالكثريين إلعادة دراسة و تقييم موقف‬ ‫هذه األديان و كيف يكون مصدرها هو صانع العامل إذا كانت‬

‫يف هذا املثال يوجد الخطأ املنطقي يف أن قائل الجملة مل يوضّ ح‬ ‫سبب خطورة السباحة يف البحر ليالً و لكن قام بخداع املستمع و‬ ‫أعطاه بديل غري حقيقي ليس السبب أصالً يف الخطورة و امنا هو‬ ‫ُمجرد نتيجة طبيعية للخطورة و لتوضيح الشكل الصحيح لرتكيب‬ ‫الجملة دون وجود خطأ فإنها ستكون بالشكل التايل ‪:‬‬

‫كذلك أيضاً يقوم رجال الدين بإستخدام ُمغالطة «اإلستدالل‬ ‫الدائري» كالتايل ‪:‬‬ ‫مثال ‪ :‬القرآن الكريم هو كتاب الله ألن النبي أخربنا بذلك و‬ ‫كام تعلم فإن النبي هو رسول الله‬ ‫هنا نحن لسنا بصدد دراسة صحة الجملة من عدمه و لكن‬ ‫بصدد توضيح استخدام صيغة ُمخادعة يف إيصال املعلومة عن‬ ‫طريق ُمغالطة اإلستدالل الدائري‪ ,‬فقائل العبارة إستدل عىل‬ ‫اشياء الواحدة تلو اآلخرى بأشياء تحتاج يف حد ذاتها دليل إلثباتها‬ ‫و بالتايل صنع يف ذهن املستمع دائرة ُمغلقة من اإلستدالالت‬ ‫املرتابطة دون تقديم دليل واحد عىل صحة أياً منها بالنسبة‬ ‫للمستمع اذا مل يكن املستمع مؤمناً من األصل‪.‬‬

‫عن اإلحلاد و األمل و إرتقاء الروح‬

‫تتعارض مع أبسط حقائق البيولوجيا ؟‬

‫السباحة يف البحر ليالً أمر خطر نظرا ً لتعذّر الرؤية الجيدة‬ ‫للمنقذين يف حالة الغرق و كذلك إقرتاب نوعية أسامك محددة‬ ‫آكلة للحوم ليالً من الشواطي بناءا ً عىل املسح البحري الذي‬ ‫قامت به منظمة البيئة‪.‬‬

‫و نظرا ً إلزدياد درجة الوعي لدى العديد من الشباب فإن الكثريين‬ ‫مل تنطيل عليهم أساليب طرح األفكار يف الرصاع الفلسفي الذي‬ ‫كان قامئاً سابقاً‪ ,‬خصوصاً يف الوقت الذي ظهرت فيه مدارس‬ ‫فلسفية قادرة عىل هدم الفلسفة الدينية بدعم من العلوم‬ ‫الحديثة كاألنرثوبولوجي و علم النفس التط ّوري الذي بدأ يطعن‬ ‫يف مصداقية الكتب الدينية ملا يظهر من اكتشافات ت ُفسرّ الحيآة‬ ‫البرشية بشكل أكرث ماديّة و منطقية و سالسة‪ ,‬و بدا واضحاً‬ ‫للغاية قدرة العلامء النابغني يف مجال الفيزياء و األحياء عىل‬ ‫الهدم الفلسفي املدعوم بالعلوم للمغالطات الدينية‪.‬‬ ‫أمثر توفّر أطروحات ستيفن هوكنج و سام هاريس و ريتشارد‬ ‫دوكنز املقروءة و املسموعة و املرئية عن ازدياد حالة امليل‬ ‫للامديّة و اإلستمتاع الشديد باإلغراق يف حالة الشغف للتفسري‬ ‫العلمي للحيآه من حولنا لدى الكثريين‪ ,‬و هو أمر جيّد للغاية‬ ‫نظرا ً ألن اإلغراق يف املادية أحياناً يتولّد عنه اإلستمتاع بعقلية‬ ‫شغوفة متشككة باحثة عن الجديد وهو متاماً ما يتوافق مع‬ ‫العقلية العلمية التجريبية‪ ,‬لذلك بإمكاننا القول أن اإلغراق يف‬ ‫التحض يف العرص الحديث‬ ‫املادية العلمية هو أحد ُسبل التط ّور و‬ ‫رّ‬ ‫عىل عكس ما كان يحتاجه القدماء من فلسفة و روحانية قادرة‬ ‫عىل شحذ الهمم يف نشأة اإلنسان القديم يف ُمجتمعات غري آمنة‬ ‫و غري قادرة عىل تفسري الظواهر الطبيعية بشكل علمي بسيط‬ ‫يمُ كن فهمه‪.‬‬ ‫تجسدت االسرتاتيجية الذهنية املاديّة يف وعي نسبة‬ ‫و مؤخرا ً ّ‬ ‫محددة من شباب املتعلّمني يف اإلقليم اإلسالمي وهو أمر مل‬ ‫يحدث بهذا الكم ‪-‬و إن كان ال زال ضئيالً و قليالً جدا ً‪ -‬منذ‬ ‫إجتياح فكر كارل ماركس امل ّيال للامديّة الشديدة لعديد من‬

‫‪24‬‬


‫بلدان الدول ذات األغلبية امل ُسلمة يف القرن املايض‪ ,‬األمر الذي‬ ‫اسرتعى انتباه بعض دعاة التجديد الديني فحاولوا هدم شوكة‬ ‫هذا التيّار املا ّدي الذي ألقى باملعتقدات الدينية خلف ظهره نظرا ً‬ ‫إلقتناعه بضعفها الشديد ‪-‬منطقياً و علمياً‪ -‬يف مواجهة التنوير‬ ‫العلمي العقالين القائم عىل املنطق و العلم الدقيق‪ ,‬فظهرت بعض‬ ‫الربامج التلفزيونية التي ت ُحاول ُمقاومة اإللحاد و املاديّة املطلقة و‬ ‫قام بعض الدعاة العقالنيني امليّالني لإلعرتاف بالعلم املادي بنفس‬ ‫قوة إميانهم بالنصوص الدينية أمثال عدنان إبراهيم مبحاولة‬ ‫إعادة تقديم النصوص الدينية القرآنية بشكل أكرث ماديّة و أكرث‬ ‫تواؤماً مع العلوم مع إزالة كل ما يُرى أنه ال يتواكب مع العرص و‬ ‫ٌمقتضياته يف الس ّنة‪ ,‬و أثارت هذه االسرتاتيجية التي يتبعها عدنان‬ ‫إبراهيم وجدان الكثريين ممن وجدوا يف منهاجه املهرب الوحيد‬ ‫من تعارض النصوص الدينية مع العقل و املنطق من منظورهم‪,‬‬ ‫و لكن بنظرة ُمتف ّحصة عىل ما يق ّدمه عدنان إبراهيم وجدوا أنّه‬ ‫يجنح يف بعض األحيان إىل الخرافة و التضليل بشكل يُقلل كثريا ً‬ ‫من مصداقية طرحه الفكري‪ ,‬األمر الذي استوجب الوقوف وقفة‬ ‫حقيقية بالنسبة للباحثني عن الحقيقة للوقوف مع النفس و‬ ‫اإلستدارة تجاه ُمعتقداتهم و الجلوس بإجالل لتحيتها تحية أخرية‬ ‫و اإلنرصاف نهائياً و التو ّجه نحو العقالنية امل ُطلقة‪.‬‬

‫يُجيب عن هذا السؤال الكثري من املتخصصني يف مجال ُمقارنة‬ ‫األديان و دراستها‪ ,‬و أحد هؤالء األكرث أملعية يف هذا املجال هو‬ ‫فراس السواح و هنالك أيضاً أخرون‪ ,‬بإمكاننا إستنباط األسباب‬ ‫وراء وجود األديان من القراءات املتعددة للباحثني‪ ,‬و اذا قمنا‬ ‫بعمل فرز لهذه األسباب إلزالة األسباب التي تتعلّق بتمكني الحاكم‬ ‫من السيطرة عىل العا ّمة ‪-‬كام يف الديانات املرصية القدمية‪ -‬مثالً‬ ‫و كذلك إزالة أي أسباب تتعلّق مبصالح شخصية لدى ص ّناع‬ ‫الديانة أنفسهم‪ ,‬فإننا سوف نجد أن السبب الحقيقي لسطوع‬ ‫نجمة الدين و التدين عىل مدار التاريخ هو أمر يتعلّق بنفسية‬ ‫اإلنسان الحايل‪ ,‬فالدين كان دوماً يوفّر لإلنسان حالة عقلية تتيح‬ ‫له أجواء من السكينة و األمل و اإلميان بأن أي رش قد يحدث له‬ ‫يمُ كن أحتواؤه عىل أنه خري‪ ,‬كام أن قناعة اإلنسان بوجود قوى‬ ‫خفية قادرة عىل التدبري و تغيري املحتوم يسبب لإلنسان حالة‬ ‫من السعادة و اإلطمئنان‪ ,‬و جائت األبحاث الحديثة لتؤكد عىل‬ ‫تحسن من حالته املزاجية و قدرته عىل‬ ‫أن قوة قناعة اإلنسان ّ‬ ‫مقاومة األمراض و تح ّمل ضغوط الحياه ‪-‬حتّى و إن كان هذا‬ ‫الشعور باإلرتياح غري حقيقي فإنه يُساعد اإلنسان عىل تح ّمله‬ ‫للضغوط‪ -‬وهو األمر الذي يُعرف علمياً بإسم «تأثري بالسيبو»‬ ‫وهو حالة من العالج اإليحايئ الوهمي ذو التأثري النفيس اإليجايب‪.‬‬

‫الحظ أفراد امل ُجتمع ‪-‬الذين ليس لديهم إهتامم حقيقي بالتغري‬ ‫األيديولوجي الحاصل‪ -‬ما يحدث من تغريات يف عقلية الكثري من‬ ‫الشباب فيام يخص هجرهم للنصوص الدينية و التو ّجه نحو املاديّة‬ ‫املنطقية املتحررة‪ ,‬فلم تستطع الجمودية و الدوجامتية املتوفرين‬ ‫يف أفراد البلدان ذات األغلبية املسلمة بكرثة أن يفعال شيئاً حيال‬ ‫ما يحدث سوى شيطنة اآلخر و اتهامه بالقصور الفكري و املرض‬ ‫النفيس و اتبّاع الهوى‪ ,‬دون أدىن محاولة حقيقية لدراسة سبب ما‬ ‫يحدث مع رفض تام لآلخر‪ ,‬و هذا يُعترب نتيجة بديهية لسنوات‬ ‫طويلة من القبوع تحت السطوة الفكرية لرجال الدين الذين شوه‬ ‫التعصب‬ ‫أغلبهم عقول امل ُجتمع بالخرافات و امل ُغالطة املنطقية و‬ ‫ّ‬ ‫األعمى املتخفي يف ثياب الوسطية و اإلنقياد املطلق نحو العقيدة‬ ‫التمسك بالهويّة املحل ّية و اإلنغامس يف حب‬ ‫و كل هذا من باب‬ ‫ّ‬ ‫الذات‪ ,‬كام قام العا ّمة من الناس بتع ّمد عدم إحرتام هؤالء الشباب‬ ‫و تهميشهم و إهانة تجربتهم اإلنسانية و رصاعهم الداخيل الطويل‬ ‫بغض النظر عن مدى صحة ما وصلوا إليه أم ال‪.‬‬

‫و السؤال هنا ‪ :‬إذا كان الحاجة إىل الروحانية و اإلرتياح و األمل‬ ‫هو إحتياج برشي يتم تغذيته عن طريق الدين يف جميع بقاع‬ ‫األرض و بواسطة كافة األديان إذن فكيف نرى ‪ %97‬من العلامء‬ ‫املاديني املتخصصني يف العلوم الطبيعية ملحدين أو ال‪-‬دينيني‬ ‫منكرين ألي قوى ميتافيزيقية ؟‬

‫و بغض النظر عن نظرة امل ُجتمع لحالة إزدياد الوعي املنطقي تلك‬ ‫لدى بعض الشباب فإن تلك الفئة من الشباب وقع الكثريين منها‬ ‫يف الدول اإلسالمية يف مأزق حقيقي مل يٌدرك أبعاده اال بعد أن‬ ‫انغمس متاماً يف املاديّة و ألقى خلف ظهره كل ما ميت للروحانيات‬ ‫بصلة‪ ,‬فالسؤال الذي يتجاهله بعض الشباب امللحدين متعمدا ً‬ ‫وهو النقطة الرئيسية من هذا املقال ‪ :‬إذا كان الديانات جميعاً‬ ‫مبا تحتويه من نصوص مق ّدسة من صناعة البرش اذن فام سبب‬ ‫نشأتها من األصل ؟‬

‫‪25‬‬

‫اإلجابة ببساطة ألن لديهم حالة قويّة من الشعور باإلمتالء و‬ ‫إنشغال العقل و الثقة يف النفس نظرا ً ملا توفّرة بيئة العمل‬ ‫املتحضة من حالة إحساس بقيمة الذات و‬ ‫العلمية يف الدول‬ ‫رّ‬ ‫السيطرة عىل ُمجريات األمور‪ ,‬لذلك يقل لديهم اإلحتياج النفيس‬ ‫للسكينة و اإلطمئنان إىل أقىص درجة ُممكنة‪ ,‬حتّى ان ظهرت لدى‬ ‫أحدهم حاجة إىل االطمئنان و السكينة فيقوم بعالجه بواسطة‬ ‫ُمامرسة رياضة التأمل أو اليوجا التي تقوم بنفس فعل تأثري‬ ‫البالسيبو‪ ,‬و يعدو بعد ذلك الذهاب إىل الكنيسة يف املناسبات‬ ‫اإلجتامعية ُمج ّرد طقس إجتامعي ُمحبب دون اإلعتامد عليه‬ ‫كمصدر حقيقي للدعم النفيس‪.‬‬ ‫أما يف الدول اإلسالمية ذات التخلّف الحضاري و العلمي الحايل‬ ‫فإن الشباب امليّالني لإللحاد او البُعد عن الدين تتمثّل لدى‬ ‫الكثريين منهم ُمعضلة حقيقية ألنهم يحاولون بإستمرار اإلستغناء‬ ‫عن أحد املصادر الرئيسية للسكينة و اإلرتياح النفيس يف ظل‬ ‫غياب بدائل حقيقية ت ُشبع إحساسهم بذواتهم‪ ,‬ذلك الفراغ‬ ‫النفيس الذي يدفع الكثريين إىل حالة من الغضب تجاه املتدينني‪,‬‬ ‫غضب أحد أسبابه غرية امللحد أو غري املتديّن من حالة اإلطمئنان‬ ‫و اإلرتياح و اإلميان بالخري التي يتمتّع بها املؤمن اياً كان دينه‪ ,‬و‬

‫إن كان املؤمن موهوماً و غارقاً يف ال ُخرافة لك ّنه يف البالد املتخلّفة‬ ‫أكرث إتزاناً من امل ُلحد أو الوجودي الذي يُعاين من فراغ الذات و‬ ‫غياب الشعور باألمل و قيمة الحيآه و اإلطمئنان‪ ,‬امللحد يف الدول‬ ‫العربية شخص حكم عىل نفسه ‪-‬يف أغلب األوقات‪ -‬باإلكتئاب‬ ‫حتّى و إن كان ميتلك الحقيقة‪ ,‬و ما قد يزيد األمور سوءا ً هو حالة‬ ‫اإلنكار التي يعيش فيها بعض امللحدين تجاه إحتياجاتهم النفسية‪,‬‬ ‫حيث يُساهم هذا اإلنكار يف تفاقم األزمة و كأن اإلحتياج إىل األمل‬ ‫و السكينة و اإلطمئنان أمور ت ٌقلل من القيمة اإلنسانية للملحد‪.‬‬ ‫أياً كان دينك أو ُمعتقدك أو درجة إميانك‪ ,‬مؤمن أو ُملحد‪ ,‬ملاذا‬ ‫ليس بإمكانك التصالح مع نفسك و إعطاؤها حقوقها كاملة وفقاً‬ ‫للظروف املكانية و الزمانية التي تعيش فيها ؟ حتّى و إن كان سد‬ ‫هذا اإلحتياج يشتمل عىل أمور ال يقبلها عقلك‪ ,‬انت بصدد إشباع‬ ‫الذات و طمئنتها و جعلها أكرث إقباالً عىل الحيآه و هذا األمر ال‬ ‫يمُ كن فعله باألنشطة العقلية امل ُج ّردة‪ ,‬حتّى و إن كنت غري مؤمن‬ ‫بأي قوى ميتافيزيقية ملاذا ال تستطيع النظر للحيآة ببعض من‬ ‫األمل؟ ببعض من الشعور بضئالة أنفسنا ‪-‬كام يقول كارل ساجان‬ ‫يف كتابه نقطة زرقاء باهته‪ ,-‬و ما الذي يرض يف أن تنظر للحيآه‬ ‫بإعتبارها أمرا ً إيجابياً بالكامل ؟ بأنك ممنت لكل لحظة تتمتع فيها‬ ‫حواسك الخمس ؟ إن سخطك عىل الحيآه و‬ ‫بصحة جيدة و متتلك ّ‬ ‫انت بإستطاعتك النظر إىل زرقة السامء هو قمة اإلجحاف إذا ما‬ ‫متت ُمقارنته بسعادة األعمى املؤمن باألمل و الخري‪ ,‬إن سخطك‬ ‫عىل أية أحداث حدثت يف املايض و شعورك بفقدان األمل و‬ ‫اإلكتئاب هو قمة اإلجحاف مقارنة بهؤالء السعداء الذين م ّروا مبا‬ ‫مررت به أنت و ساعدهم شعورهم باألمل عىل أن يتجاوزوا ما‬ ‫هم فيه و يُصبحوا أكرث سعادة‪ ,‬أياً كان ُمعتقدك فإن األمل مل يرض‬ ‫و لن يرض طاملا كان ُمقترصا ً عىل حامية الذات و إسعادها و إشباع‬ ‫إحتياجتها من سكينة و شعور بأمل‪.‬‬ ‫إن حفظ التوازن بني النشاط الذهني و بني إشباع إحتياجات الذات‬ ‫هو الذي صنع إنسان العامل األ ّول الذي حرر نفسه من الخلط بني‬ ‫إحتياجاته النفسية و بني نشاطه العقيل‪ ,‬فمكّنه هذا من أن يُصبح‬ ‫قاضياً و مهندساً و عامالً و طبيباً و عاملاً ناجحاً و ُمتزناً وال يخلط‬ ‫بني إحتياجاته الذاتية و بني انشطته الذهنية املنطقية‪.‬‬ ‫اإلميان ليس جرمية و األمل ليس كارثة‬ ‫احتفظ بالحقيقة لكن تصالح مع إحتياجاتك‬ ‫بعيني اولئك الذين مل‬ ‫هؤالء الذين يرقصون يبدون وكأنهم مجانني‬ ‫ّ‬ ‫يتمكنوا من سامع املوسيقى‬ ‫حاول ‪ . .‬فبعض من األمل ال يرض ‪. .‬‬ ‫احمد يحيى محمود‬ ‫‪2013/8/15‬‬

‫‪26‬‬


‫املقدسة إجراما ‪...‬‬ ‫أكرث اآليات‬ ‫ّ‬

‫املقدسة إجراما ‪..‬‬ ‫أكرث اآليات‬ ‫ّ‬ ‫جل‬ ‫ُم قتطفات من أكثر اآلي ��ات‬ ‫المقدس ة إجرام يَّ ة‪ ,‬أ تَ ى بها اهلل وأنبيائِه وأوالده المسالمين‪َّ ,‬‬ ‫ّ‬ ‫جاللُهم‪:‬‬ ‫‪ -1‬المسيحية‪:‬‬ ‫أملك عليهم‪ ،‬فتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي»‬ ‫لم يري ُد وا أن‬ ‫«أم ا أعدائِ ي‪ ،‬أولئِ ك‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الذين ْ‬ ‫َ‬ ‫(إنجيل لوقا‪ :‬اإلصحاح‪—19‬اآلية ‪.)27‬‬ ‫‪ -2‬اإلسالم‪:‬‬ ‫«إِ ْذ ي ِ‬ ‫ك إِلَ ى الْم لاَ ئِ َك ِة أَنِّ ي م ع ُك م �ف ثَ بِّ تُ وا الَّ ِذين آم نُ وا س أُل ِْق ي فِ ي �ق لُ ِ َّ ِ‬ ‫ين َك َف ُروا‬ ‫وح ي َربُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫وب ال ذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِربُوا م �نْ ُه ْم ُك َّل �بَنَ ان»‬ ‫ُّ‬ ‫ض ِربُوا �فَ ْو َق الأْ َ ْع نَ اق َوا ْ‬ ‫ب فَ ا ْ‬ ‫الر ْع َ‬ ‫سورة األنفال‪ :‬اآلية ‪12‬‬ ‫‪ -3‬اليهودية‪( :‬ونقتبس من العهد القديم‪ ,‬وهو كتاب اليهود والمسيحيين)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وه َم ا َع لَ ى الْ بِ ْر َك ة ف ي َح �بْ ُرو َن‪.‬‬ ‫وه َم ا‪َ ،‬وقَ طَ عُ وا أَيْ د�يَ ُه َم ا َوأ َْر ُج لَ ُه َم ا‪َ ،‬و َع لَّ ُق ُ‬ ‫ْم ا َن �فَ َق �تَلُ ُ‬ ‫َوأ َ​َم َر َد ُاو ُد الْغ ل َ‬ ‫ث فَ أَ َخ ُذ وهُ و َد�ف نُ وهُ فِ ي �ق ب ِر أَ�ب �ن �ي ر فِ ي ح �ب رو َن‪ِ ».‬‬ ‫(س فر صموئيل الثانى ‪-‬‬ ‫س إِي ْش بُ و َش َ‬ ‫َ َ‬ ‫َوأ ََّم ا َرأْ ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َْ ْ َ ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫الر ِّ‬ ‫«م لْعُ و ٌن َم ْن �يَ ْع َم ُل َع َم َل َّ‬ ‫اح َّ‬ ‫ب بِ ِر َخ اء‪َ ،‬و َم لْعُ و ٌن َم ْن يَ ْم نَ ُع َس �يْ َف هُ‬ ‫َ‬ ‫ابع‪ :‬اآلية ‪ )12‬النه َ‬ ‫الر ُ‬ ‫األصح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع ِن َّ‬ ‫واألر�بَعُ و َن‪ :‬اآلية ‪(10‬‬ ‫الد م‪( ».‬س فر أرميا ‪-‬‬ ‫اح ال ثَّام ُن ْ‬ ‫َ‬ ‫األصح ُ‬ ‫ونقتبس أيض اً من التلمود‪ ,‬وهو كتاب اليهود الجامع لبعض تفاسير التوراة وأق ��وال موسى‬ ‫وحاخاماتهم‪ ,‬حيث جاء في المبحث الرابع (مبحث السنهدرين‪ :‬المحكمة العليا) من هذا‬ ‫الكتاب ما يلي‪:‬‬ ‫وم ْن يقدم من‬ ‫وم ْن يعبد األوثان ‪َ ,‬‬ ‫«هؤالء هم الذين يُرجمون‪ ... :‬من يج ّدف على اسم الرب‪َ ,‬‬ ‫وم ْن يدفع‬ ‫نسله (للصنم)‪ ...‬ومن يدنس السبت‪...‬والذين يحرض (األفراد على عبادة األوثان) َ‬ ‫(المدينة بكامهال على عبادة األوثان)‪...‬واالبن العنيد والمتمرد ص‪»170‬‬ ‫‪G.Sh‬‬

‫‪27‬‬

‫‪28‬‬


‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫أدهم الفو‬

‫القصص املكثفة القادمة تعكس تطورا تدرجييا و صعبا يف وعي شاب بسيط من بيئة « معتدلة « يف جمتمع « خمتلط‬ ‫« ‪!...‬‬

‫‪ -1‬طبقة القرية‬

‫ألعاب األطفال وأحاديثهم تشبه آلة تسجيل قدمية ‪ ..‬تعيد تك رار األصوات األصلية مع حبة جتعلك تنسى صورة‬ ‫األصل ! من احتالل إىل حترير إىل فضائح جنسية ‪ ..‬ولكن مبستوى حديث أطفال‪ .‬اليوم بعدما مر زمن طويل على‬ ‫تلك األحاديث‪ ،‬أجد أهنا كانت أكثر وضوحا ومباشرة من أحاديث الكبار ‪.‬‬

‫اجلنس والدين كانا من األحاديث اهلامسة عادة ‪ ..‬أحاسيس جد طارئة ومثرية وشهوانيات وأحالم ال يقيدها ص رامة‬ ‫الوالدين أو قهر اجملتمع‪ .‬احللم يل طاملا أن النجوم ال تشي بأحالمي ألحد‪ .‬أما الدين ‪ ..‬فسؤال يؤرق أحالم اليقظة؛‬ ‫ملا يذهب أولئك إىل بيت عبادة أنيق ولطيف ذو أصوات شبيهة باألفالم األجنبية ‪ ..‬وآخرون يذهبون إىل أماكن‬ ‫أنيقة أيضا‪ ،‬ولكن األصوات اخلارجة من مك ربات الصوت جتعل ف رائصك ترتعد من اخلوف‪ .‬يتسائل هنا كعادته‪:‬‬ ‫كم عدد اآلهلة املتحكمة هبذه الفوضى‪ ،‬وماذا يعبد أولئك البشر ما وراء البحار ‪ ..‬أت راهم منقسمون مثلنا‪ ،‬أم أهنم‬ ‫نسيوا معابدهم وحولوها حلدائق كبرية لألطفال؟‬

‫‪ -2‬طبقة المدرسة‬

‫لفقر القرية (والبلد عموما) مبناهج تعليمية خمصصة لألطفال‪ ،‬اضطر أن يعيد منهاج الصف األول مرتني قبل أن‬ ‫يسمح له عمره أن يسجل رمسيا يف املدرسة احلكومية الوحيدة يف القرية‪ .‬هنا اقرتح األساتذة اجلهابذة على والديه‬ ‫أن ينتقل مباشرة إىل الصف الثاين (بالواسطة‪ ،‬فأهل القرية يدعمون بعضهم !) ولكن الوالدين رفضا إال أن ميتثال‬ ‫للقوانني املرعية‪ ،‬فالقانون قانون!‬

‫كان للتك رار أث را مستداما على سلوكه التعلمي وقدرته على التواصل مع أق رانه‪ .‬اهتمامه باملادة التعليمية كان‬ ‫أشبه مبشاهدة الرسوم املتحركة ذاهتا للمرة العاشرة‪ ،‬حيث أن ال بديل عن القناة اليتيمة‪ ،‬التلفزيون احلكومي املبجل‪.‬‬ ‫هذا التك رار أُشبع بشعارات ومبادئ وط رائق تلقني أثرت على سلوكه العام الحقا؛ فهو جندي يف مدرسة ومل يتجاوز‬ ‫العاشرة بعد‪ .‬يتحضر للذود عن األمة وك رامتها ومل ينبت شعر يديه بعد‪ .‬يتعلم عن القومية واالش رتاكية واالمربيالية‪،‬‬ ‫وحبه األول مل ا يعرتف به بعد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يعود يتساءل‪ :‬من هو اهلل؟ أهو ما يتحدث به رفاقه كل يوم ويدعونه ليبعث بأموال إضافية هلم ليشرتوا ألعابا‬ ‫وحلويات؟ أم هو ذاك العمالق املنزه عن صفات العامة الذي يهتف له اجلميع واثقني من قدرته على حتقيق الرفاه‬ ‫والنصر هلم ولسائر األمة؟ سؤال ما ي زال خيطر بباله أحيانا !‬

‫ما قبل اجلامعة‪ ،‬كانت هناك م راهقة عنيفة عنفوان البحر يف ريح عاصفة‪ ،‬حب و عشق و أس رار! ال جيوز البوح‬ ‫باحلب يف بلده‪ ،‬احلب هو فقط ألولئك البشر ما وراء البحار‪ ،‬أما حنن فيجب أن نلتزم بتعاليم األب واألب القائد‬ ‫واألب الشيخ واألب اخلوري واآلب والروح القدس أيض اً‪ .‬يتساءل‪ :‬إله أنثى هو أكثر جاذبية للعبادة ‪ ..‬أما الذكر ‪..‬‬ ‫فال فائدة ترجى! سر من أس رار امل راهقة تشكل بعد اعتالجات خانقة قتلت كث ريا من احلب وقليال من اإلنسانية!‬ ‫يف اجلامعة‪ ،‬ينتظر مغام رات كثرية‪ ،‬يذكر بعض األفالم واملسلسالت والقصص عن جامعات ما وراء البحار‪ ،‬يتطلع‬ ‫الكتشاف علوم جديدة‪ ،‬أفكار جديدة‪ ،‬نضاالت جديدة‪ ،‬وال مانع من أجساد جديدة أيضا‪ .‬كان شغفه باحلياة‬ ‫ال يرويه شيء‪.‬‬

‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫‪ -3‬طبقة الجامعة‬

‫يف إح ��دى احملاض رات اجلامعية القليلة اليت ش ��ارك فيها‪ ،‬سأل األستاذ س ��ؤاال عن نقطة مل يفهمها‪ ،‬فما كان من‬ ‫األستاذ املبجل إال أن نعته بـ « بائع سندويش « و طرده من احملاضرة!‬ ‫كان كل الشغف والطموح يتضاءل مبعدل مقبول إحصائيا‪ ،‬إال أنه مل يكن من املمكن التعويض عن أي اخنفاض‬ ‫أو ترميمه جبرعة أمل‪ .‬كان األمل يقف عند حدود عيون لعوب أو خصر يدعوك ملداعبته‪ .‬حىت هذا األمل كان‬ ‫مشوبا بسطحية ال تدع للمتعة زمنا أكثر من دقائق عشر أو أقل بقليل‪ .‬ما يذكره أن التخرج من هذا املعسكر‬ ‫تطلب جهدا نفسيا خارقا لئال يرتكب محاقة أو محاقات مع بعض األساتذة أو الطالب \ الطالبات ألسباب ميكننا‬ ‫ختيلها بسهولة‪.‬‬ ‫األسئلة املكررة والتائهة يف خضم كل ه ��ذه الفوضى ال ت�ترك جم ��اال للشك أن ��ه إذا ك ��ان هنالك من إل ��ه أك�بر من‬ ‫القائد أو أصغر من الكون‪ ،‬وبغض النظر عن حجم عضوه الذكري‪ ،‬فهو بالتأكيد إله فاشل باستخدام أي معايري‬ ‫إحصائية بسيطة أو حىت باستخدام عدد الطالب املتخرجني دون عقد نفسية إىل العدد اإلمجايل لباقي الطلبة!‬

‫‪ -4‬طبقة العمل الحكومي‬

‫ال داعي لتفصيل اإلهانات وامل رارات اليت سبقت احلصول على أول راتب بعرق جبينه (أو عرق كمبيوتره احملمول إن‬ ‫صح التعبري)‪ .‬ولكن تفاصيل احلياة الروتينية اجلديدة لشاب يقتحم معرتك احلياة بوظيفة حكومية هو أمر يتطلب‬ ‫خربة عامل اجتماعي حمرتف‪ .‬كل اليقينات اليت تشكلت يف طبقات الوعي السابقة ال بد أن تظهر من جديد هنا‬ ‫بصورة أكثر فجائعية‪ ،‬اإلله هنا يصغر حجمه وحجم سلطته و حجم عضوه الذكري رمبا‪ ،‬األنبياء مد راء األقسام‬ ‫يسبحون حبمده وحبمد إله أهلهم وحبمد إله إله إهلهم الذي ال يأتيه الباطل ال من أمامه وال من خلفه وال من هم‬ ‫حيزنون‪ .‬املهم أن التشكيالت االجتماعية ملختلف األقسام ومريديها تتمازج مع العالقات الطبقية املشوهة خل ربات‬ ‫غري إجيابية يف أي من م راحل النضج السابقة‪ .‬روح التعاون أو التشارك شبه معدومة \ ممنوعة‪ .‬وضوح املعلومة أو‬ ‫تبادهلا يعتمد بشكل كامل على عمق إميانك بإهلك الصغري األول ‪ ..‬ورمبا بصلتك باإلله الثاين املتوسط ‪ ..‬وهكذا‬ ‫دواليك ‪ ..‬فبال آهلة ال عمل يسري وال موظف جيد قوت يومه‪.‬‬ ‫اهلرمية الساكنة أو اهلرمية التملقية الفردية الساكنة جتعل من اض رابات بيئة العمل أم را خمزيا و مقرفا وقاتال ألي‬ ‫مبادرة ختتلقها لتحرك سكون املوت يف عيون زمالء بعمر الورد‪.‬‬ ‫هنا ال بد من التغيري! أي تغيري وال أحد جيد ما يسد رمقه إال بالواسطة‪ .‬ولكن نزق الشباب جعله يثور (على‬ ‫مستواه الفردي) ويستقيل من عمل طاملا اعتربه قاتال لروحه وآلماله باحلياة‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪30‬‬


‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫‪ -5‬طبقة العمل في القطاع الخاص‬

‫طبقات جديدة من الوعي‬

‫هنا ال بد من التساؤل عن أعداد اآلهلة يف هذا البلد‪ ،‬فهو مل يستطع التأقلم مع فكرة وجود إهلني على األقل حىت‬ ‫اآلن فما بالك هبرم من اآلهلة املستنسخة!‬ ‫الصدفة احملضة ساعدته على إجياد عمل يف شركة تعمل بقطاع مماثل لعمله احلكومي السابق‪ ،‬هذه الصدفة جعلت‬ ‫من آماله تطفو ومن طموحه يعكس اجتاهه السابق ويقاوم طبيعة القهر الداخلي وحي ��اول أن يساعده ليستمرئ‬ ‫ساعات العمل الطويلة وكمية املعلومات الكبرية املطلوب معاجلتها بوقت أقصر مما اعتاد عليه‪.‬‬ ‫اآلهلة هنا أنيقة‪ ،‬جذابة‪ ،‬خمتلفة األجناس فال سيطرة ذكورية مطلقة ‪ ..‬هذا ما اعتقده يف السنة األوىل ‪ ..‬الحقا ومع‬ ‫دخوله القسري يف دورة حياة جمتمع العمل تبني له وبوضوح أن اإلله الذكر هو اآلمر الناهي ‪ ..‬فطبقات اآلهلة هنا‬ ‫تتوج مبجلس حكماء ي رأسه إله أول ووحيد جملتمع العمل!‬ ‫ال مشكلة طاملا أن هرمية اآلهلة هنا تدفع جيدا وال تتدخل يف أحالمك أو طول عضوك الذكري! ولكن ‪ ..‬فيما بعد‬ ‫ومع انتقاله إىل م راحل متقدمة من دورة حياة جمتمع العمل أصبحت البيئة مماثلة يف العمق لبيئة العمل التقليدية‬ ‫حيث ال روح فريق وال تقدير للمبادرة وال اح رتام للجهد‪ .‬فقط االح رتام لصاحب السلطة األقوى أو العضو الذكري‬ ‫األكرب‪ ،‬وأحيانا لصاحبة األثداء املكتنزة أكثر!‬ ‫اآلهلة تفقد بريقها من جديد ويعود التساؤل عن جدوى األلوهة و اختالفها مع طبيعة اإلنسان األول الغري معقدة‬ ‫واملنسجمة مع باقي التكوينات الطبيعة لكوكب فوضوي ككوكبنا‪.‬‬ ‫ال زال صاحبنا ي راكم طبقات وعي جديدة مع توهانه يف جهات األرض األربع ومعايشته لدورات حياة معقدة مع‬ ‫شعوب خمتلفني – شعوب ما وراء وما خلف البحار – ولكن سؤاله ما ي زال واحدا يف األصل‪ :‬أين هو اإلله احملب‬ ‫العادل الكامل؟ ‪ ..‬يعدنا هذا الصديق بتزويدنا بإجابته حاملا يتوصل إليها !‬

‫‪31‬‬

‫‪32‬‬


‫رجل من خلف الكواليس‬

‫إنسان‬ ‫هل ميكن لعمل متميز أو جهد شاق أن ميوت نتيجة ملوقف فردي أو مجاعي؟‬ ‫يف عام ‪ 1900‬م قام طالب دكتوراه فرنسي يدعى لوي باشوليه ‪ Louis Bachelir‬بكتابة أطروحته حول تسعري‬ ‫طور منوذج اً مهم اً يشرح تذبذب أسعار اخليارات‬ ‫اخليارات يف سوق باريس املايل (‪ ،)Option Pricing‬حينها ّ‬ ‫توج هه إىل مثل تلك املسائل العملية‬ ‫يف السوق‪ ،‬إال أن املشرف عليه أبلغه مدى االحباط الذي اجتاحه‪ ،‬نتيجة ّ‬ ‫كتسعري ورقة مالية يف سوق‪ .‬وقد فقد أثر باشوليه علمي اً بعد حصوله على درجة الدكتوراه‪ ،‬نتيجة األمل النفسي‬ ‫الذي عاناه من تسخيف حبثه‪.‬‬ ‫يف سنة ‪ 1997‬حصل العلماء مرين شولز ‪ ،Myron Scholes‬روبرت مريتن ‪ ،Robert Merton‬باإلضافة‬ ‫لإلشادة والتنويه جبهود العامل ال راحل آنذاك فيشر بالك ‪ Fisher Black‬على جائزة نوبل للسالم لنموذج تسعريي‬ ‫يشبه بشكل صاعق عمل الدكتور لوي باشوليه بعد ما يقارب القرن‪.‬‬ ‫نعم ميكن لعمل متميز وجهد جبار أن يزول أو ينام على رفوف املكاتب ملتحف اً الغبار‪ ،‬مفعم اً بالرطوبة وشاحب اً‬ ‫من األكسدة‪ ،‬ليأيت يوم يكشف عنه ويعود للحياة‪ ،‬أو ميوت حىت يبعث يف فكر رجل مبدع آخر‪.‬‬ ‫اليوم بطل حكايتنا يتسلل إىل هذه السطور من ذاكرة التاريخ‪ ،‬لنؤكد فضله الكبري يف نشر فكر تشارلز داروين‬ ‫الذي رمبا كان سينام أو ميوت نتيجة حروب رجال الكنيسة‪.‬‬ ‫توماس هنري ُه كسلي (‪ )Thomas Henry Huxley‬عامل أحياء إنكليزي‪ ،‬مطلق وصاحب مفهوم الالإدرية‬ ‫‪ Agnosticism‬وامللقب بكلب داروي ��ن ‪ Darwin’s Bulldog‬وذلك لدفاعه الشرس عن نظرية داروي ��ن يف‬ ‫التطور‪ ،‬حيث يعزى له القبول الواسع لنظرية داروين يف التطور بني مجهور علم األحياء‪ ،‬وذلك من خالل املناظرة‬ ‫اليت متت بينه وبني أسقف أوكسفورد صموئيل ويلربفورس ‪ Samuel Willberforce‬يف لقاء اجلمعية الربيطانية‬ ‫مبتحف جامعة أوكسفورد‪ .‬علم اً أنه مل يكن على توافق مع مجيع أفكار داروين‪.‬‬ ‫ولد ُه كسلي عام ‪ 1825‬يف قرية ‪ Ealing‬يف الريف اإلنكليزي‪ ،‬وترىب يف عائلة من الطبقة الوسطى حيث كان‬ ‫والده أستاذاً ملادة الرياضيات يف ابتدائية ايلنغ‪ ،‬و مرت العائلة‪ ،‬نتيجة إغالق املدرسة بأوضاع اقتصادية صعبة كان‬ ‫من نتائجها أن ترك ُه كسلي الصغري (‪ 10‬سنوات) املدرسة‪.‬‬ ‫عمل لف رتات قصرية كمتدرب لدى عدة أطباء مذ كان عمره ‪ 13‬سنة ودخل إىل كلية سيدنام – مدرسة التشريح‬ ‫بعمر الـ ‪ 16‬حيث حصل على منحة‪ ،‬نتيجة تفوقه‪ ،‬للد راسة يف مشفى ‪.Charing Cross‬‬ ‫اجتاز امتحان الطب األول ولكنه مل يتقدم إىل امتحان الطب الثاين الذي كان بإمكانه‪ ،‬فيما لو اجتازه‪ ،‬أن حيصل‬ ‫على شهادة الطب‪.‬‬ ‫جعل من نفسه يف مرحلة شبابه‪ ،‬نتيجة إطّالعه الواسع‪ ،‬خب رياً مبوضوع الالفقاريات وخصوص اً خالل رحلته العلمية‬ ‫البحرية مع ‪ Rattlesnake‬يف البحرية امللكية‪ ،‬كما درس الحق اً الفقاريات وعمل على العالقة بني اإلنسان‬ ‫والقرد‪.‬‬

‫رجل من خلف الكواليس‬

‫‪33‬‬

‫رجل من خلف الكواليس‬

‫رئيس اجلمعية امللكية ورئيس اجلمعية اجليولوجية‪.‬‬ ‫اثناء لقاء اجلمعية امللكية يف ‪ 30‬حزي ران عام ‪ 1860‬وبعد عام من اصدار داروين لكتابه أصل األنواع‪ ،‬قام أسقف‬ ‫أوكسفورد ويلربفورس باالسته زاء هبُكسلي بقوله (ال أدري فيما إذا كان ُه كسلي منحد راً من قرد من جهة والدته‬ ‫أو والده) حيث كان األسقف معروف اً مبهامجة نظرية التطور عموم اً وداروي ��ن خصوص اً بدعم ومساندة ريتشارد‬ ‫ٍ‬ ‫كجد يل‪ ،‬أو إنسان اً‬ ‫أوين‪ ،‬حيث أجاب ُه كسلي على سؤاله‪« ،‬إذا أردت جوايب فيما إذا كنت أفضل قرداً بائس اً‬ ‫موهوب اً من قبل الطبيعة وميتلك كل وسائل التأثري‪ ،‬ومع هذا يوظف كل هذه املقد رات واملواهب لغرض املهزلة يف‬ ‫مناظرة ونقاش علمي رزين‪ ،‬فإين ودون شك أفضل جداً من القردة»‬ ‫تويف سنة ‪ 1895‬يف ‪ 29‬حزي ران‪.‬‬ ‫امل راجع‪ :‬بتصرف مع االستناد لعدة مواقع الكرتونية‬

‫يعترب ُه كسلي من أهم األشخاص ذوي التعلم الذايت يف القرن ‪ ،19‬حيث أمت تعلمه الذايت مبفرده وق رأ يف اجليولوجيا‬ ‫واملنطق معتمداً على ذات ��ه‪ ،‬ويف مرحلة م راهقته تعلم األملانية وأج ��اده ��ا وعمل الحق اً على ترمجة بعض املواضيع‬ ‫العلمية من األملانية إىل اإلنكليزية خدمة لداروين‪.‬‬ ‫حصل ُه كسلي على عدة جوائز مثل امليدالية امللكية‪ ،‬وميدالية داروي ��ن‪ ،‬كما احتّ ل عدة مناصب مرموقة منها‬

‫‪34‬‬


‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫للعامل‪.‬‬ ‫إن للغات التي نتحدث بها تأثريا يف رؤيتنا َ‬ ‫‪ .L‬بوروديتسكي‬

‫باختصار‬ ‫يتواصل البشر فيما بينهم مستخدمين حزمة من اللغات المتعددة التي تتباين إلى حد كبير‬ ‫فيما تنقله من معلومات‪.‬‬ ‫ولطالما تساءل العلماء فيما إذا كانت اللغات المختلفة تعكس قدرات معرفية مختلفة‪.‬‬ ‫في السنوات الماضية برزت دالئل مبنية على التجربة واالختبار تشير إلى أن اللغة األم تؤثر‬ ‫فعال في الطريقة التي يفكر فيها اإلنسان في شتى أمور العالم بما في ذلك المكان والزمن‪.‬‬ ‫وهناك تلميحات تشير إليها النتائج البحثية األخيرة أيض اً مفادها أن اللغة جزء ال يتجزأ من‬ ‫العديد من سمات الفكر التي لم يدركها العلماء من قبل‪.‬‬

‫تعود الفكرة القائلة إن اللغات املختلفة قد متنح متحدثيها مهارات معرفية خمتلفة إىل مئات السنني‪ .‬وقد ارتبطت‬ ‫هذه الفكرة منذ ثالثينات القرن املاضي بعاملني لغويني أمريكيني مها <‪ E.‬سپري> و<‪ L .B.‬وورف> اللذين قاما‬ ‫بد راسة الكيفية اليت تتباين فيها اللغات‪ ،‬مشريين إىل فرضية مفادها أن اختالف األلسن قد يفضي إىل اختالف يف‬ ‫طرق التفكري‪ .‬ومع أن أفكارمها لقيت محاسا كب ريا يف بداية األمر‪ ،‬فقد ظلت هناك مشكلة صغرية واحدة‪ :‬غياب‬ ‫شبه كلي ملا يدعم هذه االدعاءات من دالئل‪ .‬وما إن حلت السبعينات إال وقد فقد الكثري من العلماء اهتمامهم‬ ‫بفرضية <سپري> ‪< -‬وورف>‪ ،‬وسرعان ما ختلوا عنها مبجرد ظهور جمموعة جديدة من النظريات فرضت نفسها‬ ‫على املشهد اللغوي تدعم فكرة «عاملية» اللغة والفكر‪ .‬لكن وبعد عقود عدة برزت أخ ريا دالئل ملموسة تعتمد‬ ‫على التجربة‪ ،‬تفيد بأن اللغة تتحكم يف طرق التفكري‪ .‬والدالئل اجلديدة هذه تقوض نظرية «العاملية»(‪ )1‬اليت‬ ‫صمدت ولسنني طويلة‪ ،‬بل تقدم رؤى جديدة باهرة تشرح أصول املعرفة وكيفية تَ َش ُّك ل الواقع‪ .‬وهلذه النتائج‬ ‫وشائج مهمة يف جماالت القانون والسياسة والرتبية والتعليم‪.‬‬

‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫تستطيع طفلة يف اخلامسة من عمرها تنتمي إىل جمتمع حضارة معينة أن تنجح وبكل سهولة فيما يعجز عنه‬ ‫كبار علماء جمتمعات حضارية أخرى‪ .‬إن دل هذا على شيء فهو يدل على فارق كبري يف القدرة املعرفية‪ .‬كيف‬ ‫نعلل ذلك؟ قد نفاجأ بأن اإلجابة ل رمبا تكمن‪ ،‬كما يبدو‪ ،‬يف مسألة تتعلق بأمر اللغة ذاهتا‪.‬‬

‫التأثير في التفكير‬

‫‪35‬‬

‫أقف أمام طفلة يف اخلامسة من عمرها يف بلدة تدعى پورمپوروو‪ ،‬تقع على الطرف الغريب من مدينة كيب يورك‬ ‫يف مشال أس رتاليا‪ ،‬تقطنها مجاعة من السكان األصليني للبالد‪ .‬أسأهلا أن تشري إىل الشمال فتفعل ذلك بدقة ومن‬ ‫دون أي تردد‪ .‬أتأكد من بوصليت فأعرف أن جواهبا صحيح‪ .‬وعندما أعود إىل قاعة احملاض رات يف جامعة ستانفورد‪،‬‬ ‫أكرر التجربة هذه املرة على حضور يضم كوكبة من كبار العلماء املتميزين ممن حصلوا على ميداليات يف العلوم‬ ‫تفوق ونبوغ‪ ،‬اعتاد بعضهم وألكثر من أربعني سنة ارتياد هذه القاعة حلضور ما يلقى فيها من حماض رات‪.‬‬ ‫وجوائز ّ‬ ‫أسأهلم أن يغمضوا أعينهم (ألتأكد أهنم اليغشون) وأطلب إليهم أن يشريوا إىل جهة الشمال‪ .‬يرفض العديد منهم‬ ‫ذلك‪ ،‬فهم اليعرفون حتديد اجلهة‪ .‬أما أولئك الذين يستجيبون لطليب فهم يأخذون وقتهم يف التفكري قبل أن يشريوا‬ ‫�دت هذه التجربة يف جامعة هارفارد وبرنستون وكذلك يف موسكو ولندن وبكني ومل‬ ‫حنو كل اجتاه ممكن‪ .‬لقد أَع � ُ‬ ‫أحصل سوى على النتائج نفسها‪.‬‬

‫يتواصل البشر مع بعضهم بعض اً يف مجيع أرجاء األرض مستخدمني حزمة مذهلة من اللغات تناهز السبعة آالف‬ ‫لغة أو ما يقارب ذلك‪ .‬ولكل لغة متطلبات خمتلفة يتوقع أن حييط هبا مستخدموها‪ .‬فأنا‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬إن‬ ‫شئت أن أخربك بأنين رأيت العم <ڤاين> يف الشارع رقم ‪ 42‬واستخدمت لغة امليان ‪ Mian‬للتعبري عن ذلك‪،‬‬ ‫وهي لغة مستخدمة يف بابوا غيين اجلديدة ‪ ،Papua New Guinea‬فالفعل الذي أستخدمه يشري إىل زمن‬ ‫وقوع احلدث فيما إذا جرى اآلن أم البارحة‪ ،‬أم يف املاضي البعيد‪ .‬أما الفعل يف اللغة األندونيسية فهو اليفصح عن‬ ‫زمن وقوعه أو يبني إن كان قد حدث مسبق اً أو هو آخذ يف احلدوث‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬يشري الفعل يف الروسية‬ ‫علي أن أحدد فيما إذا كان لقب «أونكل»‬ ‫عما إذا كنت ذك راً أم أنثى‪ .‬ويف اللغة (الصينية) املندرينية‪ ،‬يتعني َّ‬ ‫يقربين من جهة األم أو من جهة األب‪ ،‬وفيما إذا كانت هذه القرىب صلة دم أو زواج‪ .‬فهناك اختالف يف الكلمات‬ ‫املستخدمة لإلشارة إىل األعمام واألخوال حسب فئاهتم املختلفة (فقد تعود اإلشارة إىل أخ األم أي اخلال كما تبني‬ ‫الرتمجة الصينية بوضوح)‪ .‬أما لغة ال برِ اها ‪ Piraha‬احملكية يف األمازون‪ ،‬فليس مبقدوري إن استخدمتها أن أشري إىل‬ ‫رقم الشارع ‪ ،42‬وذلك لغياب مفردات تشري إىل األرقام ووجود مفردات تشري فقط إىل «بعض» و «كثري»‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فقد كشفت أحباث رائدة أج راها كل من <‪ C .S.‬ليڤستون> [من معهد ماكس پالنك للغويات‬ ‫النفسية(‪ )2‬يف مدينة ‪ Nijmegen‬هبولندا] و<‪ J .B.‬هاڤيالند> [من جامعة كاليفورنيا يف سانتياگو] يف‬ ‫العقدين املاضيني أن األشخاص الذين يستخدمون لغات تعتمد على االجتاهات املطلقة يتميزون بشكل استثنائي‬ ‫يف حتديد مواقعهم يف مناطق غري معروفة لديهم وداخ ��ل أبنية جديدة عليهم‪ .‬بل يقومون بذلك بشكل يفوق‬ ‫أولئك الذين يقطنون يف تلك البيئة وال يتحدثون مثل هذه اللغات‪ ،‬بل مبا يفوق يف الواقع توقعات العلماء حول‬ ‫قد رات اإلنسان‪ .‬فمتطلبات لغاهتم هي ما يشحذ ويدرب هذه القدرة املعرفية‪.‬‬

‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫پورمپوروو يرتتب على املرء أن يعرف موقعه جيداً كي يتمكن من احلديث بشكل صحيح‪.‬‬

‫وكما يبدو‪ ،‬فاألشخاص الذين يفكرون باملكان بشكل خمتلف يفعلون الشيء نفسه بالنسبة إىل الزمن‪ .‬وداللة‬ ‫ماقمت به مع زميليت <‪ A.‬گايب> [من جامعة كاليفورنيا ببريكلي] من إعطاء متحدثي لغة كوك ثايور‬ ‫ذلك‬ ‫ُ‬ ‫جمموعة من الصور ترصد تطوراً زمني اً ‪ -‬فمن رجل يهرم‪ ،‬إىل متساح ينمو‪ ،‬إىل موزة تؤكل‪ ،‬وطلبنا إليهم وضع‬ ‫الصور على األرض برتتيب زمين صحيح‪ .‬وقد قمنا باختبار كل فرد مرتني حبيث جعلناه يقابل اجتاه اً خمتلف اً يف‬ ‫كل م ��رة‪ .‬فقام متحدثو اللغة اإلنكليزية ممن طلب إليهم تنفيذ هذه املهمة‪ ،‬برتتيب البطاقات من اليسار إىل‬ ‫اليمني‪ .‬أما متحدثو اللغة العربية فقد نضدوها من اليمني إىل اليسار‪ .‬وهذا يعين أن االجتاه املستخدم يف الكتابة‬ ‫يف لغة ما يؤثر يف ترتيبنا للزمن‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن متحدثي لغة كوك ثايور مل يرتبوا البطاقات ال من اليسار إىل‬ ‫اليمني وال بالعكس‪ ،‬من اليمني إىل اليسار بل نضدوها من الشرق إىل الغرب‪ .‬أي إهنم لدى جلوسهم ناحية‬ ‫اجلنوب رتبوا البطاقات من اليسار إىل اليمني‪ .‬أما لدى مواجهتهم الشمال‪ ،‬فقد رتبوها من اليمني إىل اليسار؛‬ ‫ولدى مواجهة الشرق‪ ،‬اجتهت البطاقات حنو أجسادهم‪ ،‬وهكذا؛ مع أننا مل خنرب أي اً منهم عن الوجهة اليت كان‬ ‫يقابلها ‪ -‬فمتحدثو لغة كوك ثايور كانوا يدركون ذلك بأنفسهم ويستخدمون مواقعهم لتحديد متثيلهم للزمن‪.‬‬

‫ع ��دي ��دة ه ��ي ال ��ف ��روق ��ات ب�ين اللغات حبيث يتعذر حصر أوج ��ه اختالفها‪ .‬غ�ير أن ه ��ذا اليعين ب ��ال ��ض ��رورة أن البشر‬ ‫يفكرون بطرق متباينة جملرد حتدثهم بطرق خمتلفة‪ .‬إذ كيف يتسىن لنا أن نعرف إن كان متحدثو امليانية أو الروسية‬ ‫أو األندونيسية أو املندرينية أو ال رباهية يتعاملون مع العامل‪ ،‬متذكرين أو متفكرين فيه‪ ،‬بطرق ختتلف عنا بسبب‬ ‫اللغات اليت يتحدثون هبا؟ لقد كشفت األحباث اليت أجريتها يف خمتربي ويف أماكن عدة كيف تؤثر اللغة يف التجربة‬ ‫البشرية وحىت يف أهم أبعادها‪ :‬املكان والزمن والسببية والعالقة باآلخرين‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫لنعد إىل پورمپوروو‪ .‬إن لغة كوك ثايور ‪ ،Kuuk Thaayorre‬اليت يُتحدث هبا أهل البالد‪ ،‬ال تستخدم‪ ،‬على‬ ‫عكس اللغة اإلنكليزية‪ ،‬مصطلحات تشري إىل املكان كاأليسر واألمين‪ ،‬بل تستخدم مفردات اجلهات املطلقة (مشال‪،‬‬ ‫جنوب‪ ،‬شرق‪ ،‬غرب)‪ .‬وحنن بالطبع نستخدم باإلنكليزية مثل هذه املفردات «االجتاهية» غري أننا خنص هبا املقاييس‬ ‫املساحية الكبرية‪ .‬فال نقول‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬إهنم «وضعوا شوكة السلطة جنوب شرق شوكة الطبق الرئيسي»‬ ‫ إن لغة كوك ثايور تستخدم مفردات االجتاه هذه على نطاق واسع ومن دون متييز‪ .‬وهنا قد جتد من قد خيربك بأن‬‫«الفنجان هنا موضوع جنوب شرق الصحن‪ »،‬أو أن «الصيب الذي يقف جنوبا من <م ��اري> هو أخوها‪ ».‬ويف‬

‫كذلك فتمثيل الزمن كث ريا ما خيتلف من مكان إىل آخر على الكرة األرضية‪ .‬فمتحدثو اإلنكليزية مثال يعتربون‬ ‫أن املستقبل «أمامهم»‪ ،‬واملاضي «وراءهم»‪ .‬ويف عام ‪ 2010‬الحظ <‪ L.‬مايلز> وزمالؤه [من جامعة أبريدين يف‬ ‫اسكتلندا] أن متحدثي اإلنكليزية مييلون بأجسادهم‪ ،‬وبشكل عفوي‪ ،‬حنو األمام لدى اإلشارة إىل املستقبل‪ ،‬وإىل‬ ‫اخللف لدى اإلشارة إىل املاضي‪ .‬وخيتلف األمر يف لغة األميارا ‪ ،Aymara‬وهي اللغة املستخدمة يف منطقة جبال‬ ‫األنديز‪ ،‬حيث يشار إىل املاضي على أنه يف «األمام»‪ ،‬واملستقبل يف «اخللف‪ ».‬كذلك تتناغم لغة جسد متحدثي‬ ‫األميارا مع طريقة حتدثهم‪ :‬ففي عام ‪ ،2006‬الحظ <‪ R.‬نونيز> [من جامعة كاليفورنيا يف سانتياگو] و<‪E.‬‬ ‫سويتسر> [من جامعة كاليفورنيا يف بريكلي] أن متحدثي األميارا يشريون إىل األمام عندما يتحدثون عن املاضي‬ ‫وإىل اخللف لدى احلديث عن املستقبل‪.‬‬

‫َّ‬ ‫تذك ر من هو الفاعل‬ ‫يتباين متحدثو اللغات املختلفة أيضا يف وصفهم لألحداث‪ ،‬ومن مث يف دقة تذكرهم ملن قام هبا‪ .‬إن األحداث‪ ،‬حىت‬ ‫تلك اليت ال يستغرق حدوثها أكثر من رمشة عني‪ ،‬هي أمور معقدة وتتطلب منا تفس رياً وتعلي الً‪ .‬خذ على سبيل‬ ‫الس مان‪،‬‬ ‫املثال احلادث الذي تعرض له نائب الرئيس األمريكي السابق <ديك تشيين> أثناء رحلة صيد طيور ُّ‬ ‫واليت أصاب هبا <‪ H.‬ويتنگتون> خطأ‪ .‬فيمكننا لدى رواية احلدث أن نقول إن «<تشيين> أطلق النار على‬ ‫<ويتنگتون>» (أي إن <تشيين> هو املتسبب املباشر يف احلادث)‪ ،‬أو أن <ويتنگتون> أصيب بطلق ناري من‬

‫‪38‬‬


‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫ناد راً ما ترتك هذه املناورات اللغوية أث راً عظيم اً يف اجلمهور األمريكي؛ ذلك أن لغة التملص تبدو م راوغة باإلنكليزية‪،‬‬ ‫فهي حكر على مملكة املتملصني من الذنوب واألخطاء من أطفال وساسة‪ .‬ذلك أن متحدثي اإلنكليزية مييلون‬ ‫إىل صياغة مجلهم مبا يشري إىل القيام بالفعل مفضلني األفعال املتعدية حىت يف حاالت احل ��وادث الطارئة كما يف‪:‬‬ ‫«كسر جون املزهرية‪ ».‬وعلى عكس ذلك‪ ،‬يندر أن يشري اليابانيون واإلسبان إىل مسبب احلادث‪ .‬فقد يقول أحدهم‬ ‫باإلسبانية “‪« :”Se rompio el f lorero‬انكسرت املزهرية» أو « َك سرت املزهرية نفسها‪».‬‬ ‫اكتشفت مع إحدى طالبايت <‪ C .M.‬فوسي> أن مثل هذه االختالفات اللغوية تؤثر يف تفسري األشخاص‬ ‫لقد‬ ‫ُ‬ ‫للحدث وما يرتتب على ذلك من نتائج أثناء اإلدالء بشهادة وتَ ُّ‬ ‫ذك ر ما ج ��رى‪ .‬لقد قمنا ب ��د راس ��ات‪ ،‬نشرت عام‬ ‫شاهد فيها أشخاص يتحدثون اإلنكليزية واإلسبانية واليابانية أف�لام فيديو يقوم فيها شخصان بتفجري‬ ‫‪،2010‬‬ ‫َ‬ ‫بالونات وكسر بيض ودل ��ق مشروبات‪ ،‬إم ��ا عمداً أو خط أً‪ .‬وبعد ذل ��ك أعطينا املشاهدين اختبار ذاك ��رة مفاجئ اً‬ ‫طلبنا فيه إىل كل واحد أن يتعرف (كما يف تعرف اجملرمني يف خمافر الشرطة) كل حدث وحتديد من قام به‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك قامت جمموعة أخرى من متحدثي اإلنكليزية واإلسبانية واليابانية بوصف األفعال نفسها‪ .‬وعندما تفحصنا‬ ‫البيانات املعتمدة على الذاكرة وجدنا االختالفات ذاهتا اليت جرى التنبؤ هبا على ضوء األمن ��اط اللغوية‪ .‬فقد قام‬ ‫فج ر البالون» وبالتساوي‬ ‫متحدثو اللغات الثالث بوصف األفعال املتعمدة بعزوها إىل من قام بالفعل كما يف‪« :‬هو ّ‬ ‫كان من السهل هلم مجيع اً أن يتذكروا الفاعل‪ .‬أما عندما كان األمر يتعلق باحلوادث العرضية غري املتعمدة‪ ،‬فقد‬ ‫ظهرت فروقات ذات داللة‪ .‬حيث حنا اإلسبان واليابانيون بدرجة أكرب من نظ رائهم اإلنكليز‪ ،‬إىل عدم عزو الفعل‬ ‫إىل فاعله‪ .‬كذلك‪ ،‬فقد كان تذكرهم للفاعل أقل دقة‪ .‬ومل يكن هذا بسبب ذاكرة أضعف ميتلكوهنا ‪ -‬فهم تذكروا‬ ‫جيداً أصحاب احلوادث املتعمدة (اليت تسمح هلم لغاهتم باإلشارة إىل مرتكبيها) متام اً كما فعل املشاهدون اإلنكليز‪.‬‬ ‫ال تؤثر اللغات فيما نتذكره فحسب ولكن الرتكيبات اللغوية ميكن أن جتعل تعلم أشياء جديدة أسهل أو أصعب‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املمثال‪ ،‬هناك كلمات دالة على أرقام يف بعض اللغات تظهر فيها البىن العشرية (اليت تعتمد على‬ ‫أساس رقم ‪ )10‬أكثر جالء مما هي عليه يف اللغة اإلنكليزية (فليست هناك أرق ��ام صعبة يف لغة املندرين مثل ‪11‬‬ ‫و‪ 13‬اإلنكليزية‪ ،‬اليت ال يظهر يف تركيبتها اللغوية الرقم عشرة)‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن األطفال الذين يتعلمون هذه اللغات‬ ‫يستطيعون تعلم الكلمات الدالة على األرقام العشرة األوىل يف وقت أقصر‪ .‬وكذلك فباالعتماد على عدد املقاطع‬ ‫يف الكلمات الدالة على األرقام ميكن أن يسهل أو يصعب تذكر رقم هاتف أو القيام حبسابات ذهنية‪ .‬بل ميكن‬ ‫للغة أن تؤثر يف سرعة معرفة األطفال فيما إذا كانوا ذكوراً أو إناث اً‪ .‬ففي عام ‪ 1983‬قام <‪ A.‬گيور> [من جامعة‬ ‫ميتشگان] مبقارنة ثالث جمموعات من األطفال ممن كانت اللغة العربية أو اإلنكليزية أو الفنلندية لغتهم األم‪.‬‬ ‫فاللغة العربية تشري بوضوح كبري إىل الفروقات بني اجلنسني (فحىت كلمة «أنت» بالعربية تشري إىل جنس املشار‬ ‫إليه ذك راً أم أنثى)‪ .‬أما الفنلندية فتغيب عنها اإلشارة إىل التمييز حسب اجلنس‪ ،‬وحتتل اإلنكليزية موقع اً وسط اً‪.‬‬ ‫هلذا يستطيع األطفال املتحدثون بالعربية أن يتعرفوا أجناسهم قبل سنة من أق راهنم من متحدثي الفنلندية ‪ ,‬ويبقى‬ ‫األطفال اإلنكليز يف موقع الوسط بني هاتني اللغتني‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫أيهما السبب وأيهما النتيجة‬ ‫األخ اذة اليت تتمخض عنها التباينات عرب اللغوية يف جمال املعرفة‪ .‬ولكن أنىّ لنا‬ ‫ليست هذه سوى بعض النتائج ّ‬ ‫أن نستقرئ فيما إذا كان التباين يف اللغة يولّد بدوره تباين اً يف الفكر‪ ،‬أو العكس من ذلك؟ ويتضح أن اإلجابة‬ ‫تشري إىل اإلمكانيتني مع اً‪ .‬فطريقة تفكرينا تؤثر يف طريقة كالمنا والعكس صحيح أيضا‪ .‬لقد شهد العقد املاضي‬ ‫العديد من ال رباهني اخلارقة ما يؤكد على أن اللغة تؤدي فع الً دوراً سببي اً يف صياغة املعرفة‪ .‬فقد أشارت الد راسات‬ ‫إىل أن تغيري الطريقة اليت يتحدث هبا الناس تغري أيض اً أسلوب تفكريهم‪ .‬فتعليم األف راد كلمات جديدة تتعلق‬ ‫باأللوان‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬يغري من قدرهتم على التمييز بينها‪ .‬وكذلك تعليم األشخاص طريقة جديدة للتحدث‬ ‫عن الوقت يزودهم بطريقة جديدة للتفكري فيه‪.‬‬

‫تأثري اللغة يف تفكرينا‬

‫<تشيين>» (مبعدين بذلك احلدث عن <تشيين>)‪ ،‬أو أن «<ويتنگتون> أُمطر بالرصاص» (مقصني <تشيين>‬ ‫هنائي اً عن احلدث)‪ .‬لقد حتدث <تشيين> بنفسه عن األمر قائ الً‪« :‬يف هناية األمر‪ ،‬إنين الشخص الذي ضغط على‬ ‫ال ��زن ��اد وتسبب يف الطلقة ال�تي أص ��اب ��ت <ويتنگتون>» (مقحم اً سلسلة طويلة م ��ن األح ��داث بينه وب�ين نتيجة‬ ‫احلدث)‪ .‬أما تعليق الرئيس <بوش> فقد كان أكثر ب راعة يف تربيره للحادث عندما وصف <تشيين> بأنه «مسع‬ ‫طائ راً يطري جف الً‪ ،‬فاستدار وضغط على الزناد ليشاهد صديقه وقد جرح»‪ ،‬حموالً <تشيين> هبذا القول من مسؤول‬ ‫رئيسي عن احلادث إىل شاهد عليه‪ ،‬كل ذلك يف أقل من مجلة واحدة‪.‬‬

‫وملزيد من التمحيص يف هذا التساؤل ميكن د راسة أف راد ممن جييدون لغت ينْ ‪ .‬فقد بينت الد راسات على أن ثنائيي‬ ‫اللغة يغريون نظ رهتم للعامل تبع اً للغة اليت يتحدثوهنا‪ .‬وأظهرت جمموعتان من نتائج نشرت عام ‪ 2010‬أن أمــــوراً‬ ‫بســـــيطــة مبـــدئيــــة ميكــــن أن يُســـأهلــــا الـــواحـــد منـــا عمن حيب أو ال حيب تعتمد إجاباهتا على اللغة اليت‬ ‫نُسأل هبا‪ .‬هـــذا مـــا أتــت بــه د راستان إحـــدامهــا قـــام هبا <‪ O.‬أوگونيك> وزمالؤه [يف جامعة هارڤارد] واألخرى‬ ‫د راسة أج راها <‪ Sh.‬دانزيگر> وزمالؤه [يف جامعة بن گوريون] حيث درسوا حالة ثنائيي اللغة يف املغرب ممن‬ ‫يتكلمون العربية والفرنسية‪ ،‬وثنائيي اللغة يف الواليات املتحدة ممن يتحدثون اإلسبانية واإلنكليزية‪ ،‬وثنائيي اللغة‬ ‫يف إس رائيل ممن يتحدثون العربية والعربية‪ ،‬مركزين على ما يصاحب ذلك من مشاعر حتيز كامن لدى كل منهم‬ ‫جتاه لغة دون أخرى‪ .‬فقد طُلب على سبيل املثال إىل متحدثي العربية والعربية أن يبادروا وبسرعة إىل ضغط أزرار‬ ‫زر حرف ‪ M‬لدى رؤيتهم امس اً يهودي اً‬ ‫معينة استجابة لبعض الكلمات وحتت ظروف خمتلفة‪ .‬كأن يضغطوا على ِّ‬ ‫مثل (يائري) ‪ ،Yair‬أو صفة حمببة مثل «جيد» أو «ق ��وي»‪ .‬وأن يضغطوا على حرف ‪ X‬إن رأوا امس اً عربي اً مثل‬ ‫«أمح ��د» أو صفة ممجوجة مثل «خسيس» أو «ضعيف»‪ .‬ويف حالة أخ ��رى‪ ،‬عُ كس األمر حبيث تشاركت األمساء‬ ‫اليهودية والصفات املذمومة بزر إجابة واحدة‪ ،‬واألمساء العربية والصفات احلميدة بزر إجابة واحدة أيضا‪ .‬مث قام‬ ‫الباحثون بقياس السرعة اليت متكن هبا املشاركون من اإلجابة يف كلتا احلالتني‪ .‬وقد بدأ هذا األسلوب باالنتشار‬ ‫على نطاق واسع لقياس التحامل الالإرادي والتلقائي ‪ -‬أي الكيفية اليت يربط هبا الناس وبكثري من العفوية بني‬ ‫جمموعات إثنية معينة واخلصال احلميدة‪.‬‬ ‫ومن املستغرب أن الباحثني اكتشفوا فروق اً جلية يف التحيز الالإرادي والتلقائي بني ثنائيي اللغة على ضوء اللغة‬ ‫اليت يتم اختبارهم هبا‪ .‬فمتحدثو العربية والعربية أبدوا من جانبهم مواقف مضمرة أكثر إجيابية جتاه اليهود عندما‬ ‫ُس ئلوا بالعربية‪ ،‬عنها بالعربية‪.‬‬ ‫ويبدو كذلك أن اللغة ترتبط بالعديد من جوانب حياتنا الذهنية مبا يفوق ما افرتضه العلماء فيما مضى‪ .‬فالناس‬ ‫يعتمدون على اللغة حىت أثناء قيامهم بأمور بسيطة‪ ،‬كتمييز بقع اللون‪ ،‬أو ع ّد النقاط على شاشة ما‪ ،‬أو حتديد‬ ‫االجتاهات يف غرفة صغرية‪ :‬لقد وجدت وزمالء يل أن تقييد حرية الناس يف استخدام قد راهتم اللغوية بسالسة ‪-‬‬ ‫كأن يعطوا مهمة لغوية صعبة تتطلب جهدا وتنافسية ليستعيدوا تقري راً إخباري اً على سبيل املثال ‪ -‬يُضعف‬ ‫قد راهتم على القيام هبذه املهام‪ .‬وهذا يعين أن التصنيفات والفروقات املوجودة يف لغة معينة تتدخل يف حياتنا‬ ‫البح اثة لزمن طويل «تفك رياً» ليس إال جمموعة من العمليات اللغوية وغري اللغوية‬ ‫الذهنية بشكل واسع‪ .‬فما أمساه ّ‬ ‫يف آن واحد‪ .‬ونتيجة لذلك ميكن القول إنه الميكن وجود تفكري إلنسان بالغ ال تؤدي اللغة دورا فيه‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫إن السمة املميزة للذكاء البشري هي قدرته على التكيف‪ ،‬وقدرته على االخ رتاع وعلى إعادة ترتيب تصوراته للعامل‬ ‫مبا يتناسب واأله ��داف وكذا البيئات املتغرية‪ .‬وما التباين الكبري يف اللغات اليت انتشرت يف أرجاء هذا الكون إال‬ ‫نتيجة هلذه املرونة‪ .‬حيث توفر كل لغة أدواهتا املعرفية اخلاصة هبا حمتضنة كل ما طورته حضارهتا عرب آالف السنني‬ ‫من معرفة ورؤية للعامل‪ .‬حيث متتلك كل واحدة منها أسلوب إد راك وتصنيف اً وتفس رياً هلذه الرؤية‪ ،‬بل دلي الً قيم اً‬ ‫طوره وصقله أجدادنا‪ .‬واألحباث اليت جترى حول تأثري اللغات اليت نتحدث هبا يف أسلوب تفكرينا تساعد العلماء‬ ‫على كشف كيف تتولد املعرفة لدينا وكيف يتشكل الواقع وكيف أصبحنا أذكياء ومتحذلقني‪ .‬هذه هي البصرية‬ ‫اليت تساعدنا بدورها على فهم جوهر ما جيعلنا بش راً‪.‬‬

‫املؤلفة‬ ‫‪Lera Boroditsky‬‬ ‫<بوروديتسكي> أستاذة مساعدة يف جمال علم النفس املعريف جبامعة ستانفورد ورئيسة حترير ‪Frontiers in‬‬ ‫‪ Cultural Psychology‬يقوم خمتربها بإج راء أحباث يف مجيع أرجاء العامل‪ ،‬وهتتم أحباثها بشكل خاص مبواضيع‬ ‫التمثيل الذهين وتأثري اللغة يف املعرفة‬ ‫م راجع لالست زادة‬ ‫‪Language Changes Implicit Associations between Ethnic Groups and Evaluation‬‬ ‫‪.in Bilinguals. Shai Danziger and Robert Ward in Psychological Science, Vol‬‬ ‫‪.2010 June ;800–799 pages ,6 .No ,21‬‬ ‫‪Constructing Agency: The Role of Language. Caitlin M. Fausey et al. in‬‬ ‫‪Published online October .162 Article ,1 .Frontiers in Cultural Psychology, Vol‬‬ ‫‪.2010 ,15‬‬ ‫‪Remembrances of Times East: Absolute Spatial Representations of Time in‬‬ ‫‪an Australian Aboriginal Community. Lera Boroditsky and Alice Gaby in‬‬ ‫‪2010 November ;1639–1635 pages ,11 .No ,21 .Psychological Science, Vol‬‬ ‫________________________________________‬ ‫عنوان املقال األصلي‬ ‫‪HOW LANGUAGE SHAPES THOUGHT UNDER THE INFLUENCE‬‬

‫‪41‬‬

‫‪42‬‬


‫عشرة أشياء كانوا اليابانيني يقوموا بها يف‬ ‫حمنتهم االخرية يف فوكوشيما‪.‬‬ ‫اهلدوء‬ ‫ال منظر لضرب الصدر أو النواح واللطم‪ ،‬رغم الكارثة الكربى الليت ح لّ ت هبم‪.‬‬ ‫‪ -2‬اإلح رتام‬ ‫طوابري حمرتمة للماء واملشرتيات‪ .‬ال كلمة جافة و ال تصرف جارح وال دفع ونشالة‪.‬‬ ‫‪ -3‬القدرة‬ ‫عمارة فائقة وبناء عايل الدقة‪ .‬معظم املباين تارجحت و مل تنهار‪.‬‬ ‫‪ -4‬الرمحة‬ ‫الناس اشرتوا فقط ما حيتاجونه لقوت يومهم حىت يستطيع الكل احلصول على حاجاهتم‪.‬‬ ‫‪ -5‬النظام‬ ‫ال فوضى يف احملالت‪ .‬ال تزمري و ال استيالء على الطرق‪ .‬فقط استيعاب وتفهماحلالة‪.‬‬ ‫‪ -6‬التضحية‬ ‫مخسون عامال اثروا البقاء (رغم خطر املوت) يف املفاعل النووي يضخون ماء البحر فيه لغرض تربيده‪ .‬كيف ميكن‬ ‫ان يكافئوا؟‬ ‫‪ -7‬الرفق‬ ‫املطاعم خفضت أسعارها‪ .‬أجهزة الصرف اآليل تُركت يف حاهلا‪ .‬القوي اهتم بالضعيف‬ ‫‪ -8‬التدريب‬ ‫الكبار والصغار الكل عرف ماذا يفعل بالضبط‪.‬‬ ‫‪ -9‬اإلعالم‬ ‫أظهروا حتكما رائعا‪ .‬مل يكن هناك مذيعني تافهني يزيدون ويرعدون طلب اً للشهرة‪ ،‬فقط تقارير هادئة‬ ‫‪ -10‬الضمري‬ ‫عندما انقطعت الكهرباء واالنارة يف احملالت أعاد الناس ما بأيديهم إىل الرفوف وغادروا احملالت هبدوء‪.‬‬ ‫‪-‬هذه هي االخالق احلقيقيه‪ ،‬واليابانيني هم فقط من طبقها ‪ ...‬احننيت هلم تقدي را واح رتاما‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫‪44‬‬


‫نصائح هامة من آينشتاين‬

‫نصائح هامة من آينشتاين‬

‫نصائح هامة من آينشتاين‬ ‫‪ .1‬المثابرة كنز ال يقدر بثمن‪ :‬يقول أينشتاين‪ ” :‬ليست الفكرة في أني فائق الذكاء‪ ،‬بل كل‬ ‫ما في األمر أني أقضي وقت اً أطول في حل المشاكل! ”‬ ‫فيعتبر أينشتاين أن العبقرية عبارة عن ‪ ٪1‬موهبة و‪ ٪99‬عمل واجتهاد‪ .‬فال يوجد عباقرة‬ ‫بالفطرة بل يوجد مجتهدون يسعون لتحقيق ما يؤمنون به ألنفسهم ولمن حولهم‪ ،‬وال يفشل‬ ‫حق اً إال أولئك الذين يكفون عن المحاولة!‬ ‫وتذكر أنك إن أردت أن تبحث عن الفرص فابحث عنها وسط الصعوبات!‬ ‫‪ .2‬اتبع فضولك‪ :‬يقول أينشتاين‪ ” :‬ليس لدي أي موهبة خاصة‪ .‬لدي فقط حبي لالستطالع! ”‬ ‫فال تمنع نفسك من السؤال وال تتوقف عنه‪،‬‬ ‫‪ .3‬المعرفة تأتي من الخبرة‪ :‬يقول أينشتاين‪ ” :‬المعرفة ليست المعلومات‪ ،‬فمصدر المعرفة‬ ‫الوحيد هو التجربة والخبرة “‪.‬‬ ‫فالمعرفة ليست مجرد مجموعة من المعلومات التي يمكن ألي منا الحصول عليها دون أي‬ ‫جهد يذكر‪ ،‬بل المعرفة الحقيقية هي العمل باجتهاد الكتساب الخبرات‪.‬‬ ‫وبنفس المعنى له كلمة معبرة جداً يقول فيها أن الثقافة هي كل ما يتبقى في عقولنا بعد أن‬ ‫ننسى كل ما أخذناه في المدرسة!‬ ‫‪ .4‬تعلم قواعد اللعبة أوالً‪ :‬يقول أينشتاين‪“ :‬عليك أن تتعلم قواعد اللعبة أوالً‪ ،‬ثم عليك أن‬ ‫تتعلم كيف تلعب أفضل من اآلخرين”‬ ‫وله مقولة أخرى بنفس المعنى يقول فيها أننا بمجرد أن ندرك حدود إمكانياتنا تكون الخطوة‬ ‫التالية هي السعي لتخطي هذه الحدود‪ .‬فال يستطيع تحقيق المستحيل إال أولئك الذين‬ ‫يؤمنون بما يراه اآلخرون غير معقول!‬

‫‪ .6‬الخيال أكثر أهمية‪ :‬يقول أينشتاين‪“ :‬الخيال أهم من المعرفة‪ .‬بالخيال نستطيع رؤية‬ ‫المستقبل”‬ ‫كما أن الخيال هو الدافع الذي يحفزنا لنطور أنفسنا باالبتكار والتجديد‪.‬‬ ‫‪ .7‬ارتكب األخطاء‪ :‬يقول أينشتاين‪“ :‬الشخص الذي ال يرتكب أي أخطاء لم يجرب أي شيء‬ ‫جديد“!‬ ‫وله كلمة أخرى يقول فيها أن الطريقة الوحيدة لعدم ارتكاب األخطاء هي عدم القيام بأي أشياء‬ ‫جديدة!‬ ‫‪ِ .8‬ع ش اللحظة‪ :‬يقول أينشتاين‪ ” :‬ال أفكر أب ��داً في المستقبل‪ ،‬ألنه سيأتي قريب اً في كل‬ ‫األحوال “!‬ ‫‪ .9‬ابحث عن القيمة‪ :‬يقول أينشتاين‪ ” :‬ال تكافح من أجل النجاح‪ ،‬بل كافح من أجل القيمة ”‬ ‫‪ .10‬ال تتوقع نتائج مختلفة‪ :‬يقول أينشتاين‪“ :‬الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى‬ ‫وتتوقع نتائج مختلفة!”‬ ‫ف�لا يمكننا ح ��ل المشاكل المستعصية إذا ظللنا نفكر بنفس العقلية التي أوج ��دت تلك‬ ‫المشاكل‪ .‬وألينشتاين وجهة نظر غريبة بعض الشيء في حل المشاكل فيقول‪“ :‬إذا كان لدي‬ ‫ساعة لحل مشكلة سأقضي ‪ 55‬دقيقة للتفكير في المشكلة‪ ،‬و‪ 5‬دقائق للتفكير في حلها!”‬

‫‪ .5‬ابحث عن البساطة‪ :‬يقول أينشتاين‪“ :‬إذا لم تستطع شرح فكرتك لطفل عمره ‪ 6‬أعوام‬ ‫فأنت نفسك لم تفهمها بعد!”‬ ‫فأي أحمق يستطيع أن يجعل األمور تبدو أكبر وأكثر تعقيداً‪ ،‬لكنها تحتاج للمسة من عبقري‬ ‫لتبدو أبسط!‬

‫‪45‬‬

‫‪46‬‬


‫أخبار البحث عن املادة املظلمة‬

‫طريف سردست‬

‫ت ��وج ��د م ��ادة غامضة ت ��ؤث ��ر على امل ��ادة الكونية امل ��رئ ��ي ��ة‪ ،‬ال أح ��د متكن من‬ ‫رؤيتها مباشرة‪ ،‬ولكن العلماء يعلمون بوجودها من خالل تأثريها على‬ ‫بقية الكون‪ .‬االن يعمل العلماء على تتبع آثار هذه املادة الغامضة لكشف‬ ‫النقاب عنها‪ ،‬وهم يقرتبون من احلل‪.‬‬ ‫وع ��ل ��ى ال ��رغ ��م م ��ن ان الفيزيائيون‪ ،‬ع ��ام ‪ ،2012‬ع ��ث ��روا على جزيئة هيغل‬ ‫تصور عن شكل املادة املظلمة‬ ‫وحلوا معضلة السبب الذي يعطي الكون وزنه‪ ،‬الزالوا بعيدون عن فهم‬ ‫الكون‪ .‬عندما يتعلق االمر بني الالمتناهي االكرب وبني الالمتناهي االصغر ‪ -‬بني الكون املطلق وبني أصغر جزيئاته‬ ‫ فأن االسئلة الزالت أكثر من االجابات‪ .‬النجوم والكواكب واجمل رات يف الكون كله‪ ،‬تشكل جزء بسيط من الكون‬‫املطلق‪ %95 .‬من الكون عبارة عن مادة غري مرئية لنا وأكثر قليال من ربع هذه املادة تتكون من مادة مظلمة‪ ،‬حنن‬ ‫النفهم شيئا عنها‪.‬‬ ‫الأحد متكن من مالحظة املادة املظلمة‪ ،‬مباشرة‪ ،‬عن طريق التليسكوب او ُم سرعات اجلزيئات غري ان وجودها الشك‬ ‫فيه إذا ان الباحثون يرون تأثري قوة جاذبيتها على املادة املرئية يف الكون‪ .‬مثال نرى كيف ان جمموعة جم رات اهللبة‪،‬‬ ‫(‪ )Coma Supercluster‬تدور حول حمورها بسرعة أكرب مما ينبغي هلا ‪ ،‬وهي الظاهرة اليت نبهت ‪ ،‬عام ‪،1933‬‬ ‫الفلكي ‪ Fritz Zwicky‬اىل آثار املادة املظلمة للمرة االوىل‪ .‬لقد وجد ان جمموعة اجمل رات تتدور بسرعة عالية‬ ‫الميكن ان تكون إال إذا كان وزن املادة املرئية جملموعة اجمل رات أكرب بأربع مئة مرة مما هو عليه‪ .‬هلذا السبب استنتج‬ ‫ذيوسكي ان ‪ ،‬يف اجملموعة‪ ،‬البد أنه يوجد شئ اخر‪ ،‬مادة غري مرئية‪ ،‬أطلق عليها املادة املظلمة‪.‬‬ ‫تتداخل املادة املظلمة مع الكون‬ ‫م ��ن ��ذ ذل ��ك ال ��وق ��ت مت ��ك ��ن ال ��ب ��اح ��ث ��ون‪ ،‬ع ��دة م � �رات‪ ،‬م ��ن م�لاح ��ظ ��ة ت ��أث�ير امل ��ادة‬ ‫املظلمة على مادة كوننا املرئية‪ .‬مثال لوحظ ان اجمل رات احللزونية تدور حول‬ ‫نفسها بسرعة عالية‪ ،‬اىل درجة يتوجب على النجوم الواقعة يف أقصى اجملرة‬ ‫املعنية ان تقذف اىل خارجها من ج راء القوة النابذة‪ ،‬إذا كانوا حتت تأثري‬ ‫املادة املرئية وحدها‪ .‬كما نرى ان الضوء القادم اىل االرض‪ ،‬من جم رات بعيدة‪،‬‬ ‫ينحرف عن مساره أكثر بكثري مما ينبغي‪ ،‬لو كان فقط حتت تأثري جاذبية‬ ‫املادة املرئية‪ .‬هلذه االسباب يطلق على املادة الغامضة تعبري «الوزن املفقود‬ ‫للكون»‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫احدى اجلزيئات املرشحة لتكون من جزيئات املادة املظلمة يطلق عليها ‪wimps (weakly interacting‬‬ ‫‪.)massive particles‬‬ ‫وميبز جزيئ شبحي يتواصل بالكاد مع املادة املرئية‪ .‬يف الفيزياء توجد اربعة قوى اساسية‪ :‬القوة النووية الضعيفة‪،‬‬ ‫القوة النووية القوية‪ ،‬والقوة االلكرتومغناطيسية‪ ،‬وقوة اجلاذبية‪ .‬اثنتان فقط من هذه القوى ميكن ان تؤثر على‬ ‫وميبز‪ .‬االوىل هي قوة اجلاذبية‪ ،‬وكما اشرنا سابقا‪ ،‬ميكن لقوة اجلاذبية من املادة املظلمة ان تؤثر على ‪ ،‬مثال‪ ،‬دوران‬ ‫اجمل �رات‪ .‬الثانية هي القوة النووية الضعيفة‪ ،‬وال�تي تلعب دورا يف حتلل بعض امل ��واد املشعة‪ .‬بقية القوى ‪ -‬القوة‬ ‫النووية القوية اليت متسك نواة الذرة ‪ ،‬والقوة االلكرتومغناطيسية املسؤولة عن متاسك املركبات الكيميائية وقوة‬ ‫الكبح ‪ -‬التؤث ران على وميبز‪ .‬لالنتباه‪ ،‬وميبز جزيئ نظري‪ ،‬الزال الفيزيائيون يطمحون العثور عليه‪ ،‬عرب جتارب‬ ‫يف خمتلف احناء العامل‪.‬‬

‫أخبار البحث عن املادة املظلمة‬

‫أخبار البحث عن املادة املظلمة‬

‫على هذه اخللفية يتفق غالبية الفيزيائيني على أن املادة املظلمة تتألف من جزيئات الزالت جمهولة لنا‪ .‬يف هذه‬ ‫احلالة ستكون هذه اجلزيئات خارج املوديل القياسي‪ ،‬وهو نوع من حماولة تنظيم مكونات الكون يف نظام يضم‬ ‫اج زائه وجزيئاته‪ .‬اجلزيئ هيغل‪ ،‬الذي جرى العثور عليه اخ ريا‪ ،‬كان اجلزيئ االهم يف جدول املوديل االساسي‪ .‬لو‬ ‫مل جيري العثور على هذا اجلزئ الضطر الفيزيائيون اىل أعادة كتابة النظريات والسعي للعثور على موديل جديد‬ ‫يوضح طريقة ت رابط الكون ببعضه‪.‬‬ ‫غري أن مكونات املادة املظلمة‪ ،‬حسب الفيزيائيني‪ ،‬التتدخل يف مكونات املوديل االساسي ال راهن‪ .‬وإذا مت العثور‬ ‫على اي من هذه االج زاء البد من تكبري املوديل او أعادة كتابته متاما‪.‬‬

‫مطاردة وميبز جتري يف عدة منشأت ضخمة ومنها منشأة ايطالية بطول ‪ 1400‬مرت حتت سلسلة جبال غ ران ساسو‪.‬‬ ‫عندما وافقت احلكومة االيطالية على بناء نفق للسيارات حتت سلسلة جبال ساسو تلقف العلماء هذه الفرصة‬ ‫لبناء خمترب فيه‪ .‬هذا املكان مثايل لتموضع املخترب إذ أن موقعه العميق حيميه من جزيئات امليون اليت متطر على‬ ‫االرض من الفضاء اخلارجي‪ ،‬عندما ترتطم االشعاعات القادمة من الفضاء العميق بالطبقات العليا جلو االرض‪.‬‬ ‫ذلك يعين ان هذا التموضع حيمي التجارب من تشويشات اجلزيئات االخرى‪ ،‬اليت ليست مادة مظلمة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫من النتائج املزيفة‪.‬‬ ‫على العكس من امليون‪ ،‬الميكن للجبال أو اي مادة مرئية ان تكبح حركة الوميبز‪ .‬انه خيرتق اجلبال واي شئ اخر‬ ‫خبط مستقيم وكأهنا غري موجودة مما جيعل من الصعب بناء ُم ستقبالت مناسبة لصيدهم‪ .‬لذلك يضطر العلماء‬ ‫اىل االعتماد على االحتمال الضئيل يف حصول تأثري متبادل بني جزيئ الوميبز واملادة العادية‪ .‬يأمل الباحثون اهنم‪،‬‬ ‫إذا انتظروا فرتة طويلة مبا يكفي وأمتلكوا ُم ستقبل كبري مبا يكفي فأهنم سيتمكنون‪ ،‬يوما ما‪ ،‬من اصطياد وميبز‪.‬‬ ‫لذلك فأن خمترب غ ران ساسو الزال مل يلتقط اي وميبز‪ ،‬وإذا مل حيصل ذلك يف القريب العاجل‪ ،‬جيازف الباحثون ان‬ ‫يفقدوا فرصة االسبقية‪ ،‬إذ العديد من الدول متلك فرق احباث تسعى للعثور على جواب عن املادة املظلمة‪.‬‬

‫تتداخل املادة املظلمة مع الكون‬

‫بالطبع ليس من الضروري ان مجيع املادة املفقودة هي من نوع واحد‪ .‬أحدى الفرضيات تتدعي ان الثقوب السوداء‬ ‫واالق زام البيضاء والنجوم النيرتونية ‪ ،‬واليت مجيعها يطلق عليها اسم مشرتك هو ‪machos (massive compact‬‬ ‫‪ ,)halo objects‬انتشرت بني ثنايا الكون وتشكل جزء من املادة املظلمة‪ .‬وحىت أشعار اخر التدل املعطيات على‬ ‫ان ماتشو يوجد بكميات كافية ليشكل أكثر من كمية قليلة القيمة هلا من كمية الوزن املفقود للكون‪.‬‬

‫العلماء يتبارون يف العثور على املادة املظلمة‪ .‬يف الواليات املتحدة االمريكية حياول العلماء العثور على الويبز‬ ‫حتت احد اجلبال يف مناجم سابقا كانت الستخ راج امللح والذهب‪ .‬ومركز احباث اجلزيائات‪ ،‬سرين‪ ،‬الذي عثر‬ ‫العام املاضي على جزيئ هيغز‪ ،‬بدأ االن اعماله للبحث عن املادة املظلمة‪ ،‬ويستخدم الطريقة ذاهتا اليت ادت اىل‬ ‫اكتشاف هيغز‪ .‬يف سرين يقومون بتسريع الربوتون اىل سرعات عالية للغاية مث يصطدم فتنشا جزيئات جديدة‬ ‫خمتلفة ‪ ،‬غالبيتهم معروفة لنا‪ .‬يف بعض االحيان يظهر جزيئ نادر أو جمهول‪ .‬إذا حصل وظهر وميبز بنتيجة أحد‬ ‫االصطدامات فأنه سيغادر امل سرع مباشرة لعدم تفاعله مع املادة العادية‪ ،‬ولكن الفيزيائيني قادرون على حساب‬ ‫فيما إذا كان قد ظهر يف ُ‬ ‫املكان‪ .‬النبض‪ ،‬مبعىن جمموع احلركة اي وزن اجلزئ مضروب يف السرعة‪ ،‬يبقى على الدوام‬

‫‪48‬‬


‫أخبار البحث عن املادة املظلمة‬

‫حمفوظ يف مثل هذه الصدامات‪ .‬بتعبري اخر يكون جمموع النبض قبل االصطدام معادل جملموع النبض بعد االصطدام‪.‬‬ ‫وإذا جرى ان وميبز قد غادر املكان سيؤدي ذلك اىل فقدان نبض يف النتائج النهائية‪ ،‬وهبذا الشكل يستطيع العلماء‬ ‫االستنتاج انه كان هناك وميبز‪.‬‬ ‫حل معضلة امل ��ادة املظلمة ميكن ان يكون موجودا يف الفضاء اخل ��ارج ��ي‪ .‬على احملطة الفضائية الدولية اي س س‬ ‫يوجد جهاز يسمى الفا مغنتيك سبيكرتوم‪ .‬يقوم هذا اجلهاز بألتقاط اجلزيئات القادمة من االشعاعات الكونية يف‬ ‫الفضاء وقياس طاقتهم وشحنتهم‪ .‬منذ فرتة قصرية جرى نشر نتائج تشري اىل ان وميبز يصطدم مع بعضه البعض‬ ‫فينشأ عن ذلك بزيرتون واليكرتون‪ .‬وإذا صدقت هذه النتائج سيكون باالمكان التأكيد أن املادة املظلمة ‪ ،‬على‬ ‫شكل وميبز‪ ،‬متوزعة بأقسام متساوية يف مجيع احناء الكون‪ .‬الزال من الضروري القيام باملزيد من القياسات لتأكيد‬ ‫هذه النتائج هنائيا‪.‬‬ ‫اليوم توجد العديد من الفرضيات لتفسري امل ��ادة املظلمة‪ .‬غري ان الفرضية ليس هلا قيمة فعلية قبل ان تتأكد يف‬ ‫االختبارات العملية‪ .‬لذلك‪ ،‬بعد النجاح يف العثور على هيغز‪ ،‬أصبح حلم كل عامل اليوم اصطياد جزئ من املادة‬ ‫املظلمة‪ ،‬وتوجد مربرات للتفائل‪ .‬كل الوقت يتقدم العلماء خطوات جديدة حنو احلل‪ .‬مثال‪ ،‬يف عام ‪ 2013‬نشر‬ ‫علماء معهد ‪ Cryogenic Dark Matter‬االمريكي نتائج ميكن ان تكون فاحتة لعصر جديد‪.‬‬ ‫يف اختباراهتم يظهر‪ ،‬بنسبة ضمان تصل اىل ‪ 99,8‬باملئة‪ ،‬اهنم عثروا على املادة املظلمة‪ .‬االرقام تبدو « مضمونة»‬ ‫مبا يكفي‪ ،‬غري انه يف عامل الفيزياء اليكفي تعبري « تقريبا»‪ .‬الزال من الضروري القيام باملزيد من التجارب للتأكد‬ ‫من صحة املعطيات‪ .‬إذا تأكدت املعطيات ينتقل ويبز من الفرضية اىل النظرية‪.‬‬ ‫إذا متكن العلماء من حل معضلة املادة املظلمة سنتمكن من تفسري ربع الكون‪ ،‬وسيساعدنا ذلك على فهم كيفية‬ ‫نشوءه‪ .‬مثال سيتمكن العلماء من العثور على اجابة فيما إذا نشأت اجمل رات اوال ام اجملموعات اجملرية‪.‬‬ ‫عند نشوء الكون يلعب دورا هاما فيما إذا كانت املادة املظلمة مؤلفة من مادة مظلمة باردة او حارة‪ .‬إذا كانت‬ ‫كل املادة املظلمة باردة ‪ ،‬البد ان اجمل رات هي اليت نشأت اوال وبعد ذلك دخلت يف جتمعات جمرية‪ .‬غري ان الف راغات‬ ‫اهلائلة بني اجملموعات اجملرية الميكن تفسريها هبذا املنهج‪.‬‬ ‫إذا كانت كل املادة املظلمة حارة‪ ،‬سيعين ذلك ان جمموعة اجمل رات هي اليت نشأت اوال‪ .‬غري ان ذلك سيعين ان االمر‬ ‫احتاج اىل وقت طويل حبيث ان بعض أقدم االجسام الكونية املعلومة لنا اليتاح هلا ان تصبح هبذا القدم الذي هي‬ ‫عليه االن‪.‬‬ ‫احدث املالحظات تشري اىل ان الكون كان حيتوي على مادة مظلمة باردة ومادة مظلمة حارة‪ .‬املادة املظلمة احلارة‬ ‫تقريبا بال وزن‪ ،‬وحسب نظرية النسبية تسري بسرعة الضوء او قريب هلا‪ .‬املادة املظلمة الباردة تسري بسرعة اقل من‬ ‫سرعة الضوء وهلا وزن‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫‪50‬‬


‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على‬

‫طريف سردست‬ ‫تشري املستحاثات اىل ان االنسان قد نضج جسميا (اناتومي اً) قبل ‪ 200‬الف سنة‪ ،‬ومع ذلك مل يغادر منطقته يف مايعرف‬ ‫باهلجرة الكربى إال قبل ‪ 130‬الف سنة‪ ،‬فهل يعين ذلك انه قد احتاج اىل ‪ 70‬الف سنة حىت ينضج عقلي اً؟‬ ‫الربوفيسور ‪ ,Paul Mellars‬من جامعة كامربيدج‪ ،‬اصابته املفاجأة من النتائج الغري متوقعة اليت قدمها طالبه‪ .‬لقد‬ ‫عثرت الدكتورة ‪ ,Hannah Jones‬على قشرة بيضة نعامة‪ ،‬هلا من العمر حوايل ‪ 35‬الف سنة‪ ،‬واملهم ان هذه اللقية قد‬ ‫مت العثور عليها يف اهلند‪ .‬على قشرة البيضة كانت هناك رمسة تشبه شخص اً مقنع‪ ،‬مما جعل الدكتورة تستنتج بأن اللقية‬ ‫تؤرخ لنشوء بدايات الفن التجريدي عند انسان العصر احلجري‪ ،‬ولكن الربوفيسور باول الحظ اكثر من ذلك‪.‬‬ ‫خارطة اجلينات االنسانية اليت مت وضعها قبل مخس سنوات‪ ،‬اظهرت لنا ال رابطة اجلينية الوثيقة بني كل البشر‪ ،‬واننا مجيعا‬ ‫نعود بأصلنا اىل جمموعة واحدة اليتجاوز عدد اف رادها البضعة آالف‪ ،‬وهي جمموعة عاشت يف افريقيا قبل ‪ 80‬الف سنة‪.‬‬ ‫اخلارطة الوراثية تشري ايضا اىل ان هذه اجملموعة االنسانية االوىل منت وازداد عددها وانتشرت يف القارة االفريقية بسرعة هائلة‬ ‫قبل مابني ‪ 80-60‬الف سنة‪ .‬اىل اسيا جاء اف راد من اجملموعة قبل ‪ 60‬الف سنة‪ ،‬واىل اوروبا وصلوا قبل ‪ 40‬الف سنة‪.‬‬ ‫االمحاض االمينية تشري اىل ان مجيع البشر خارج افريقيا اليوم يعودون بأصلهم اىل موجة واحدة من اهلجرة ‪ ،‬جاءت مبجملها‬ ‫من افريقيا ليقوموا بإقصاء االنواع البشرية السابقة هلم‪ ،‬واحتالل مكاهنم‪.‬‬

‫االن بدأت تظهر لقى اخرى كان قد مت العثور عليها سابقا‪ ،‬ولكن مل يعطيها احد االهتمام الالزم‪ .‬يف شهر يونيو‪/‬كانون‬ ‫الثاين من عام ‪ 2007‬نشر العامل ‪ ,Alan Morris‬من جامعة كاب تاون اجلنوب افريقية نتائج حبث دويل عن مججمة‬ ‫هوفمري او ‪ Hofmeyr‬واليت عثر عليها عام ‪ 1952‬بدون ان يستطيع العلماء حتديد عمرها بطريقة الكربون ‪ 14‬املعتادة‪،‬‬ ‫وبدون حتديد العمر المتلك اجلمجمة اية قيمة‪.‬‬ ‫هذه اجلمجمة بقيت خمزونة اىل ان رآها العامل ‪ ,Frederick Grine‬ليقرتح حتديد عمرها مبساعدة الطني املتحجر يف‬ ‫الفجوات‪ ،‬مثل فجوة العني واالنف والدماغ‪ .‬من اجل حتديد العمر قام بإرسال عينات اىل خمتربين‪ ،‬احدهم يف كندا واالخر‬ ‫يف بريطانيا‪ ،‬لتأيت النتائج ان عمرهم مابني ‪ 39-33‬الف سنة‪ .‬قد يكون هذا العمر ليس كب ريا باملقارنة مع « لوسي» اليت‬ ‫هلا ‪ 3‬مالين سنة‪ ،‬ولكن امهيتها من كوننا نفتقد للمستحاثات اليت تعود اىل مابني ‪ 20-75‬الف سنة‪.‬‬

‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على‬

‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على سابقيه؟‬

‫كيلومرت‪ .‬فهل كانت البيضة اهلندية والرسوم واللقايا االفريقية من انتاج شعب واحد؟ مل ينتهي االمر عند الرسوم على‬ ‫قشور البيضة‪ ،‬بل مت العثور على املزيد من اللقى يف سري النكا واهلند عليها رسوم تتماثل مع رسوم واشكال اللقى‬ ‫االفريقية‪ .‬العلماء متفقون على ان هذه اللقى تعترب دليل كايف على ان احلضارة االفريقية قد انتقلت اىل آسيا‪ ،‬متاما كما‬ ‫كانت خريطة االمحاض االمينية قد اخربتنا سابق اً‪.‬‬

‫عندما قامت العاملة ‪ ,Katerina Harvati‬من معهد ماكس بالنك االملاين‪ ،‬بوضع صورة ثالثية االبعاد للجمجمة‪،‬‬ ‫يف سبيل مقارنتها مع بقية اجلماجم العائدة لالنسان احلايل واالنسان القدمي والنيندرتال‪ ،‬وهي مناذج عثر عليها يف اوروبا‬ ‫واسيا وافريقيا‪ ،‬كانت النتائج مدهشة‪ :‬اهنا تشبه االنسان احلديث االول الذي سكن اوروبا‪.‬‬ ‫التشابه يعين ان االنسان احلديث االول يف اوروبا وافريقيا كان هلم جد‬ ‫مشرتك منذ فرتة قصرية‪ ،‬على االغلب من قطيع القرود اجلنوبية‪ ،‬اليت‬ ‫انتشرت بسرعة كبرية قبل ‪ 80-60‬الف سنة‪ .‬االوائل من اف راد هذه‬ ‫اجملموعة هاجروا ليس فقط اىل اجلنوب ولكن ايضا اىل الشمال الشرقي‪،‬‬ ‫حيث عربوا باب املندب اىل شرق اجلزيرة العربية ومن خالهلا اىل اهلند‪.‬‬ ‫املسافات البحرية اليت تفصل اليابسة‪ ،‬كانت يف السابق اقصر بكثري‬ ‫عما هي عليه اليوم‪ ،‬وخالل عشرة االف سنة وصل احفاد القطيع‬ ‫اجلنويب اىل اس رتاليا عرب اجلزر االندونيسية ‪ .‬هذه االستنتاجات جرى‬ ‫تأكيدها من اهليكل العظمي‬ ‫الذي يعود اىل ‪ 50-45‬الف‬ ‫سنة‪ ،‬والذي مت العثور عليه‬ ‫يف جنوب اس رتاليا ومن اللقى اليت مت العثور عليها يف مغارات نيها ‪ ,Niah.‬يف‬ ‫بورنيو إضافة اىل ذلك فأن اخلريطة اجلينية اليت انتهى العلماء منها عام ‪2005‬‬ ‫‪ ،‬تدعم هذه االستنتاجات متاما‪ ،‬إذ تشري اىل ان بعض اجملموعات السكانية‪ ،‬يف‬ ‫ماليزيا ويف بعض اجلزر‪ ،‬استوطنوا املنطقة قبل ‪ 60‬الف سنة‪.‬‬

‫اصل انسان البحر االبيض‬

‫وحىت لو كانت اخلريطة اجلينية قد متت د راستها بالتفصيل وبدقة‪ ،‬إال ان قسم من االستنتاجات قد مت بناءها على اساس‬ ‫االف رتاضات‪ ،‬وبالذات ماخيص بتحديد عامل الزمن‪ ،‬مما جعل هذا العامل عرضة للجدل املستمر‪ .‬العلماء كانوا حيتاجون اىل‬ ‫« شاهد اخر» يساعدهم على حتديد االزمان ومقارنتها‪.‬‬ ‫هنا ظهر دور بيضة النعامة اليت اشرنا اليها يف بداية املوضوع‪ .‬باول ميلالش‪ ،‬الحظ على االفور التشابه بني الرمسة املوجودة‬ ‫على البيضة وبني رسوم اخرى عثر عليها سابقا على احجارة يف افريقيا اجلنوبية‪ .‬املسافة بني اللقيتني تصل اىل ‪10000‬‬

‫‪51‬‬

‫االن ظهر لنا ايضا جذور االنسان االصلي الذي وصل اىل ساحل البحر االبيض‬ ‫املتوسط‪ .‬احدث د راسة للحمض النووي تشري اىل ان اغلب الناس املتواجدين‬ ‫على الشاطئ االفريقي للبحر املتوسط ينحدرون من غرب افريقيا‪ .‬هذا يعين‬ ‫ان خط هجرة االنسان االول مل تكن مستقيمة‪ ،‬إذ عوضا عن قدومهم من شرق‬ ‫افريقيا‪ ،‬حيث موطن االنسان احلديث االول‪ ،‬عن طريق حوض النيل‪ ،‬جند ان‬ ‫احفاد االنسان الذي هاجر اىل آسيا هم الذي عادوا اىل غرب شاطئ املتوسط‬ ‫الستيطان افريقيا الشمالية على طول ساحل البحر‪ .‬هذا االمر حدث يف نفس‬ ‫الوقت الذي استمر فيه االستيطان بإجتاه أعماق آسيا شرقا واىل اوروبا غرب اً‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على‬

‫اناتوميا االنسان احلديث موجودة منذ ‪ 195‬الف سنة‪ ،‬حيث ان اقدم مججمة مت العثور عليها يف موقع ‪ Omo‬يف اثيوبيا‪،‬‬ ‫ولكن إذا كان االنسان موجودا منذ ذلك الوقت‪ ،‬ملاذا تأخر لينتشر يف العامل ويستوطنه؟ مالذي كان ينتظره؟‬ ‫من اجل تفسري هذه املعضلة‪ ،‬يتكلم العلماء عن «حلظة اإلنفجار يف‬ ‫االبداع»‪ ،‬وهو إشارة اىل تغيري نوعي يف الدماغ اعطاه القدرة على التفكري‬ ‫والتفاعل بطرق جديدة مل يعهده االنسان السابق‪ ،‬ادت اىل حب االطالع‬ ‫والبحث يف اجملهول‪ ،‬مسحت له بإستغالل افضل للموارد املتاحة‪ ،‬ول رمبا‬ ‫اعطت االسباب لنشوء بنية اللغة والبنية االجتماعية االوىل‪ .‬هذه جمموعة‬ ‫من الفرضيات‪ ،‬ولكن هناك اىل جانب اهلجرة املفاجأة والكبرية توجد‬ ‫دالئل اخرى تعود اىل نفس العصر التارخيي (‪ 80-60‬الف سنة)‪ ،‬تشهد‬ ‫على حدوث تغي ريات داخلية الميكن رؤيتها يف اهليكل اخلارجي لالنسان‪.‬‬ ‫اهم هذه الدالئل على حدوث «االنفجار يف االبداع» هي عقود الزينة من الصدف‪،‬‬ ‫الرسوم اجملازية املتماثلة‪ ،‬واالدوات احلجرية املصنوعة حبرص واهتمام‪ .‬مثل هذه اللقى‬ ‫مت العثور عليها يف جنوب وشرق افريقيا وظهرت فجأة للوجود قبل ‪ 75‬الف سنة‪،‬‬ ‫كأقدم دليل على وجود حضارة متقدمة‪ .‬امهية اللقى يف كوهنا تعرب عن ظهور تكنيك‬ ‫جديد مثل االحجار اهلاللية ملعاجلة اجللود‪ ،‬ورؤوس ح راب حجرية وحىت مايشبه رؤوس‬ ‫اسهم‪ .‬يف الدرجة الثانية تأيت رسومات االشكال املتناظرة ليشكف عن قدرة على‬ ‫التفكري اجملرد‪ .‬إضافة اىل ذلك هناك دالئل على ان االنسان القدمي قد قام بنقل املعدات‬ ‫واملصنوعات ملسافات بعيدة‪ ،‬مما يدل على نشوء اقتصاد بدائي لتبادل احللي والطعام‬ ‫واملواد‪ .‬االنسان االول محل معه الكثري من االشياء يف سفرته الطويلة إلستيطان العامل‬ ‫والميكن ان يكون ذلك بدون سبب‪.‬‬ ‫اهلجرة مل تكن االوىل‬ ‫هذه اهلجرة الكربى مل تكن هي االوىل لالنسان احلديث اناتومي اً (هذه اجلملة للتفريق بني االنسان احلديث يف الشكل‬ ‫اخلارجي واالنسان احلديث بعد ان مت نضوجه العقلي وحصول ظاهرة «االنفجار يف االبداع»)‪ ،‬إذ انه قام باهلجرة سابقا‬ ‫ولكنه مل حتظى بالنجاح البيلوجي نفسه‪ .‬يف منطقيت ‪ ,Skhul and Qafzeh‬الواقعتني يف اس رائيل مت العثور على بعض‬ ‫اهلياكل العظمية الشهرية‪ ،‬تعود اىل االنسان احلديث الذي عاش قبل ‪ 110-90‬الف سنة‪.‬‬

‫آثار جديدة من على ضفاف الدون الروسي تظهر ان االنسان احلديث الذي جاء مؤخ را من املناطق االدفئ‪ ،‬قد متكن من‬ ‫التأقلم مع ظروف هناية العصر اجلليدي افضل من االنسان الذي سبقه‪ :‬النيندرتال‪ .‬يف طبقة من طبقات الرتبة اليت تعود اىل‬ ‫ماقبل ‪ 45‬الف سنة عثر الباحثني على آثار اقدم متثال ‪ :‬وجه نصف كامل‪ ،‬منحوت على عظم املاموث‪ ،‬كما عثروا على‬ ‫ادوات متطورة‪ .‬املنطقة نفسها كان يهيمن انسان النيندرتال عليها يف السابق‪ ،‬ولكن بعد بدء العصر اجلليدي قبل حوايل‬ ‫‪ 115‬الف سنة انسحب النيندرتال منها ال اجلنوب ومل يعد اليها ابدا‪.‬‬

‫ملاذا انتصر االنسان احلايل على‬

‫يف كل مكان انتقل اليه اجدادنا االوائل واجهوا حتديات جديدة مل يعرفوها من قبل على شكل حيوانات وبيئة وظروف‬ ‫جديدة‪ ،‬والتحدي االخطر كان إلتقاؤهم ببشر من انواع اخرى‪ ،‬يسبقوهم يف التالئم البيلوجي مع احمليط ببضعة ىالف من‬ ‫السنوات‪ .‬بتعبري آخر‪ ،‬قام أجدادنا مبجازفة خطرة وهائلة تعطي االساس للتساؤل‪ :‬مالذي دفعهم اىل هذه املغامرة‪ ،‬ومالذي‬ ‫جعلهم فجأة قادرين على القيام هبا‪ ،‬ليصبحوا خالل بضعة آالف من السنني مهيمنني هنائيا على مجيع القارات؟‬

‫على العكس جند ان مصري االنسان احلديث بعد اهلجرة الثانية قد تغري‪ .‬لقد متكنوا يف خالل بضعة آالف من السنني من‬ ‫إبعاد إنسان النيندرتال واحللول مكانه‪ ،‬مبا فيها من مناطق اوروبا حيث عاش فيها قبلهم بثالثني الف سنة‪ .‬االنسان‬ ‫«املفكر» اظهر قد رات اكرب على ابداع احللول والتالئم مع الظروف اجلديدة االمر الذي جعله يتفوق على االنسان الذي‬ ‫قبله‪ ،‬وحىت على النسخة االوىل اليت هاجرت قبله‪.‬‬

‫نظرية جديدة تشري اىل امهية العصر اجلليدي يف تكون ومنو الدماغ عند االنسان‪ .‬الحظ العلماء ان املستحاثات املتواترة‬ ‫تشري اىل ان مججمة االنسان القدمي تعرضت فجأة لنمو متميز بالذات مبال رتابط مع حتول الطقس حنو الربودة‪ ،‬ليظهر‬ ‫بنتائجها اهلومو سابينس‪.‬‬ ‫قبل ‪ 2،5‬مليون سنة كانت الظروف مواتية االمر الذي ادى اىل دماغ اكثر حجما عند اجدادنا االقدم‪ ،‬حسب الباحثني يف‬ ‫جامعة هاوارد االمريكية ومعهد ماكس بالنك االملاين يف جينا واملختص بالبحث يف كيمياء البيلوجيا احليوية‪ .‬قبل ذلك‬ ‫كانت ح رارة االرض ماقبل اهلوموسابينس بعض الدرجات اعلى مما هي عليه اليوم‪ ،‬هذا االمر جعل من غري املمكن لدماغ‬ ‫كبري ان يتخلص‬

‫يف كال املنطقتني توجد آثار تدل على ان هذا االنسان كان‬ ‫يعرف شعائر الدفن اليت ي رافقها دفن العطايا واالضاحي‪.‬‬ ‫وبالرغم ان هذه االدلة كافية للداللة على وجود وعي‬ ‫بالذات فأن االدوات اليت عثر عليها كانت بدائية للغاية‪،‬‬ ‫وهذه اجملموعة االنسانية مل تظهر قدرة على الوقوف امام‬ ‫املنافسة والتحديات‪ .‬البقايا اليت عُ ثر عليها يف مغارات‬ ‫النيندرتال‪ ،‬من العصر االول والعصر االحدث‪ ،‬تشري اىل ان‬ ‫االنسان احلديث مل يبقى طويال‪ .‬لقد اندثر ليسود انسان‬ ‫النيندرتال على املسرح وحيداً‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫‪54‬‬


‫عاد ِل ُيفتي‬ ‫َ‬ ‫ك نِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض َح ٌ‬ ‫الل‬ ‫ساء‬ ‫َتْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َربع م ّم ا يأتي‬ ‫إالّ األ َ‬ ‫أ ُّم ي‪ ،‬أُختي‪ ،‬امرأتي‪ ،‬بنتي‬ ‫ِ‬ ‫قاوم ةٌ)‬ ‫ُك ُّل‬ ‫(م َ‬ ‫اإلرهاب ُ‬ ‫قاد إلى َم وتي‬ ‫إالّ إن َ‬ ‫فب ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫يوت النّ ِ‬ ‫(ج ها ٌد)‬ ‫نَ ْس ُ ُ‬ ‫ف َم َع ها بَيتي‬ ‫نس ْ‬ ‫إن لَ ْم يُ َ‬ ‫ِ‬ ‫تلوى‬ ‫التقوى ع ندي تَ ّ‬ ‫بين البَ لوى والبَ لوى‬ ‫ما َ‬ ‫ح س ب الب ْخ ِ‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ك على غَ يري‬ ‫إن نَزلَ ْ‬ ‫ت تِلَ َ‬ ‫ص ْم تي‬ ‫َخ �نَ َق ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ِم ن ظَ ْه ري‬ ‫لك َدنَ ْ‬ ‫وإذا تِ َ‬ ‫ص ْوتي‬ ‫رع ْ‬ ‫َز َ‬ ‫ت إعصاراً في َ‬ ‫لك التّ قوى‬ ‫وعلى َم ْه وى تِ َ‬ ‫أَبص ُق يوم الج ِ‬ ‫معة فَ توى‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ت �نَ ْع َل األَقوى‬ ‫فإذا َم َّ‬ ‫س ْ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫بت‬ ‫َلحس ها في يوم َّ‬ ‫أ ُ‬ ‫الوس ِط يَّ ةُ‪ :‬فِ ْف تي ‪ ..‬فِ ْف تي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رام‬ ‫ُ‬ ‫أعمال اإلجرام َح ٌ‬

‫َو َح ٌ‬ ‫الل‬ ‫س الوق ِ‬ ‫ْت‬ ‫في �نَ ْف ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ت فَ وقي‬ ‫فر إن �نَ َزلَ ْ‬ ‫ه َي ُك ٌ‬ ‫ت ِم ن تَ حتي‬ ‫دى إن َم ّر ْ‬ ‫َو ُه ً‬ ‫***‬ ‫ُه َو قد أَفتى‬ ‫وأنا أُفتي‬ ‫الع لَّ ةُ في س ِ‬ ‫وء الب ْذ ِ‬ ‫رة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت في ال ن َّْب تِ‬ ‫يس ْ‬ ‫الع لّ ةُ لَ َ‬ ‫وال ُق ب ح بِ أ ْخ ي لَ ِة ِ‬ ‫الناح ِ‬ ‫ت‬ ‫َ ُْ‬ ‫لَ يس ال ُق بح بطي ِن ال نَّحتِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ض ُع ال َف توى‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫القات‬ ‫َو‬ ‫َُ َ َ‬ ‫بال َق ْت ِل‬ ‫الم ستفتي‬ ‫ليس ُ‬ ‫َو َ‬ ‫و َع لَ ِ‬ ‫يه‪َ ..‬س نَ غدو أنعام اً‬ ‫َ‬ ‫ين سواطي ِر األَحكامِ‬ ‫بَ َ‬ ‫ام‬ ‫الح ّك ْ‬ ‫بين بَ ساطي ِر ُ‬ ‫َو َ‬ ‫اإلسالم‬ ‫َو َس يك ُف ُر حتّ ى‬ ‫ْ‬ ‫الم فتي)‬ ‫(إن لَ ْم يُ َ‬ ‫لج ْم هذا ُ‬

‫أحمد مطر‬

‫‪55‬‬

‫‪56‬‬


‫عن الشعب السوري "اخلاين" و الرئيس اللي بينشرب‬

‫رشا عمران‬

‫أيواهلل يا أخي العريب القومي حنن السوريني هيك ‪،‬خاينني بطبعنا وما منعرف شو هي الوطنية ‪ ،‬عنا رئيس‬ ‫بينشرب مع املي العكرة بس حنن هيك بدنا الغرب وأمريكا يضربونا ‪ ،‬اول ما بلشنا بقتل احلريري ‪ ،‬قتلناه حنن‬ ‫الشعب السوري اخلاين واهتمنا الرئيس املناضل تبعنا بلكي االستعمار بيفوت على سوريا وبيضرب البنية‬ ‫التحتية والفوقية تبعنا مامشي احلال ‪ ،‬بعدين قررنا نقلد الشعوب العربية الوطنية يلي عملت ثورات على‬ ‫انظمتها العميلة قمنا بلشنا بدرعا وخلينا شوية اوالد يكتبو كم كلمة واعتقلناهون وقبعنا اضافرهن وقتلنا كم‬ ‫واحد منهن وما فات االستعمار واحتلنا بعدين كربنا املظاه رات وصرنا نضرب حالنا بالرصاص ونعتقل حالنا‬ ‫ونعذب حالنا باملعتقالت ومنوت حتت التعذيب ومافات االستعمار احتلنا ‪،‬بعدين فكرنا انو ممكن اذا اقتحمنا‬ ‫مدنا وضيعنا بالدبابات وعملنا جمازر حبالنا وهنبنا بيوتنا بيفوت االستعمار بيحتلنا كمان ما فات ‪ ،‬قلنا مايف‬ ‫غري الطيارات نقصف منها حالنا وهندم بيوتنا ونتشرد ونلجأ متل ما بيلجؤوا خلق اهلل اخلونة كلهن كمان ما‬ ‫مشي احلال مافات االستعمار ضربنا واحتلنا ‪ ،‬قلنا أل بقا ماضل غري السكود ‪ ،‬نضرب حالنا بالسكود وميوت‬ ‫منا كتري كتري مشان القصة تكرب ويفوت االستعمار الغريب وحيتلنا كمان ما التكش فينا اهلل وكيلك ‪،‬قلنا طيب‬ ‫بلكي إذا فتحنا حدودنا بيفوتوا عناصر القاعدة التكفريين عالبلد وبيعملولنا أفغانستان عنا (الن متل ما‬ ‫بتعرف أخي القومي العريب حنن السوريني كلنا اصال مياليني للقاعدة ) بلكي هيك بيحس الغرب االستعماري‬ ‫على حالو وبيفوت بيحتلنا كمان ما مشي احلال ‪ ،‬قلنا معناهتا ما ضل عنا غري الكيماوي نشرب كل يوم‬ ‫الصبح على الريق كاسة كيماوي ووحدة تانية قبل النوم ومنموت دغري حنن ووالدنا ‪ ،‬مو تاري طلع الكيماوي‬ ‫هو اخلط األمحر يلي حاطو الغرب االستعماري النا وممنوع نستخدمو على حالنا ‪ ،‬واهلل يا حبيب ظبطت أخ ريا‬ ‫وقرر الغرب االستعماري بعد الكيماوي يلي قتلنا فيه حالنا حنن الشعب السوري اخلاين انو حيتلنا او يضرب‬ ‫بنيتنا التحتية والفوقية ‪..‬ونسيتك بشغلة اخي العريب القومي الواعي املثقف ‪ :‬كل هالوقت املاضي ورئيسنا يلي‬ ‫بينشرب مع املي العكرة عم يتعامل معنا كأوالدو متاما وكل ما خربنا شغلة بيكون دغري ساحمنا و ظبطها قبل‬ ‫ما الغرب االستعماري ينتبه خصوصا ملا بلشنا خنرب اللحمة الوطنية ‪..‬ولك أل مو ال لَ حمة ‪..‬مو حلمة الغنم ‪,,‬‬ ‫اللحمة الوطنية ‪،‬من التالحم ‪ ,,‬رئيسنا احلباب بيموت باللحمة الوطنية كان كل يوم يقعد جيمع يلي حننا عم‬ ‫نفرفطوا من هاللحمة الوطنية وينسج منو اجملتمع السوري متل ما بيحلم فيه هو بس حنن كنا مصرين خنرب‬ ‫احالمو لرئيسنا احلباب يلي بينشرب مع املي العكرة الن مقررين انو بدنا الغرب االستعماري يضربنا وحيتلنا حنن‬ ‫الشعب السوري اخلاين العميل التكفريي اجلهادي ‪ :‬عرفت كيف أخي العريب القومي اليساري املثقف ؟‬

‫عن الشعب السوري "اخلاين" و الرئيس اللي بينشرب‬

‫‪57‬‬

‫ع��ن الشعب ال��س��وري “اخل��اي��ن” و الرئيس اللي‬ ‫بينشرب مع املي العكرة‬

‫‪58‬‬


‫سوريا ‪....‬‬ ‫دعوين انطلق من مسلمة بسيطة ( سوريا جزء من العامل الذي نعيش به كما ان سكاهنا ينتمون للجنس البشري و‬ ‫حمكومون بقوانينه العامة الفيزيولوجية و السايكوسوسيولوجية ) ‪ ....‬و عليه جيب فهم ما جيري على الساحة السورية‬ ‫ضمن اإلطار العام لبين البشر ‪...‬‬ ‫الص راع ‪ ...‬امر طبيعي حيصل يف بني كل فصائل اهلرم الغذائي عدا عن ان االنسان هو الكائن الوحيد الذي يهدد اخيه‬ ‫االنسان من بين جنسه بأكثر من القتل ‪...‬نعود لفكرة الص راع لنسأل السؤال التايل ( من اجل ماذا ؟؟؟ )‪...‬‬ ‫هذا السؤال حيتوي تناقضا يف بنيته املنطقية ‪ ..‬ألن الص راع بني مجيع احليوانات حيتوي غاية ‪ ,‬بينما هو عند اإلنسان‬ ‫غاية حبد ذاته ‪ ,‬ويف افضل األحوال تكون غاية الص راع فرض السلطة و السطوة ( على األحياء ) ‪ ,‬و هذا بالضبط‬ ‫ما يدفع االنسان ليهدد االنسان بأكثر من القتل ‪ ,‬انه يهدده (بالبطش ‪ ,‬باالستعباد ‪ ,‬باملهانة و الذل) لألسف هذه‬ ‫تركيبة البشر اليت تقوم بينها و بني احمليط البشري) االقتصادي و الغريزي و الثقايف ووو) عالقة جدلية بتأثر و تأثري‬ ‫متبادل ‪...‬‬ ‫بناء على ما سبق اقول ‪ :‬اذا جاز لنا ان نستغرب فعلينا حقا ان نستغرب فقط من ( الذي يستغرب وجود الص راع بني‬ ‫البشر ) ‪....‬‬ ‫اصحاب النظرة الطوباوية هذه‪ ،‬الباكون‪ ،‬املتشائمون‪ ،‬النائحون‪ ،‬كل هؤالء تنقصهم املوضوعية بقدر ما ميتلكون من‬ ‫رهافة احلس االنساين ‪...‬‬ ‫يف سوريا ميوت االنسان ‪ ...‬لكن ليس هناك المنطقية ‪ ...‬على العكس كل شيء يسري مبنطقية و باتساق مع النزعة‬ ‫الوحشية اليت افرزهتا امناط االنتاج االقتصادي و من بني هذه االمناط ( الدين ) اذ جيب ان ال ننسى ان الفوز باجلنة ما‬ ‫هو بالنهاية اال حلم باالنتقال لنمط معيشة مأمول به ‪...‬‬ ‫أما التصنيفات الثانوية ‪ ,‬و األطر الضيقة و زوايا الرؤية الضحلة اليت تنتجها بروباغندات دينية او اقتصادية ألهداف‬ ‫سياسية أو العكس ‪ ,‬ما هي سوى فقاقيع و ملهاة حمكومون هبا و بالرؤية من خالهلا بسبب يأسنا و خوفنا و حزننا و‬ ‫مأساتنا ‪....‬‬ ‫القتل املعاكس لن جيدي نفعا ‪ ...‬االنتقام لن جيدي نفعا ‪ ...‬البكاء لن يغري شيئا ‪ ,‬اهلتاف لن يأيت سوى بالتهاب‬ ‫البلعوم ‪ ...‬كل ذلك سيعمق اهلوة لصاحل من ال يعرتفون بأفق ال ضيقة وال واسعة وال بأية رؤية ال دينية وال اميانية وال‬ ‫حىت اقتصادية ‪ ...‬فكل شيء مسخر خلدمة اهلدف األمسى ( اهليمنة ) ‪....‬‬ ‫‪...‬‬ ‫ما احلل ‪ ,‬كيف اخلالص ؟؟‬ ‫ال خالص وال حلول ( ‪ , ) sad but true‬األمر برمته متوقف على فردانيتك و ذاتك اخلاصة ‪ ,,,‬لن تستطيع ان‬ ‫تتقبل الواقع املرير و لكن هذا العجز لن يغري من الواقع شيء حىت لو ذرفت الف الف دمعة ‪...‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫عذ را لإلطالة ‪...‬‬ ‫الرجاء عدم التهجم بتعابري على شاكلة ( بال تنظري ‪ ,‬انت ما دقت شي ‪ ,‬ان لو كنت مكان اللي مات و انت لو‬ ‫كنت والد اللي مات ‪.‬بال بال بال ‪...‬ألنو انا كمان مات ايب و اخي و امي بس مو شرط بالكيماوي او بالدبح ‪ ...‬شو‬ ‫رأيكون حط صورة الطبيعة باللون األصفر ‪ ...‬الطبيعة اليت حتتم موهتم ايضا بدون ذنب وبال عدل وبال مباالة مبشاعري‬ ‫و حيب هلم ؟؟؟؟‬

‫‪59‬‬

‫‪camus albert‬‬

‫‪60‬‬


‫لتحميل املجلة‬ issuu www.issuu.com/i-think-magazine Mediafire www.mediafire.com/?odd3nd897q2ne Box www.box.com/s/zhvvajbeglqpq2enaqzp facebook www.facebook.com/I.Think.Magazine Web www.ithinkmag.net www.i-think-magazine.blogspot.com

‫عيشوا سعداء‬...ً‫شكرا‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.