إلى فاسق

Page 1

‫إلى ف اسق‬

‫إلى (ســـــــــــــــولــــــــــــــــــــــــــــــي)‪ ,‬ذا َك الواح ُد من كل مائة‪ ,‬لكنه من ضمن األلف‪.‬‬ ‫لم يستشعر وجودها أح ٌد و خصوصا ً أن الوقت لم يكن للصالة و قد كانت ثيابها و قبعتها يخفيان أنوثتها حينما‬ ‫اجتازت المسجد حتى وصلت المنبر فسحبت اإلذاعة و المايكريفون و تسلّلت دون أن يلحظها الرجل المسّن‬ ‫ركن قصّيٍ يتلو ما تيسر من القرآن و آخر كان يصلي‪ .‬توجهت حتى باب ال ُسدّة و أغلقت الباب‪.‬‬ ‫الجالس في‬ ‫ٍ‬ ‫علم تام بما سيؤول عليه أمرها‪ ،‬لكن‪ ...‬حصحص الحق و ليكن ما يكون‪ .‬فجامع‬ ‫على‬ ‫هي‬ ‫و‬ ‫الصعداء‬ ‫تنفست‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الحيّ سيكون منبرا لصدى ما يجب أن يتف ّجر من قلبها ف َهيتَ لك مني و ممن ستصدِقنك بعدي‪.‬‬ ‫ف كبيرين جعالها تحدو نحو حتفٍ ال تلقي له باالً‪ .‬سيسمعها‬ ‫كان شعورها يتلخص باشمئزاز عالي التوتر و قر ٍ‬ ‫و سيتعرف على صوتها فهو كان يدعوها بالبعد الرابع ك (خديجة بن ق ّنة) ل َم لصوتها من صدىً و بع ٍد جميلين‬ ‫كمذيعة مخضرمة‪ .‬كان يُس ّر عندما تلقي على مسامعه قصيدة ما و يخبرها كم يأسره صوتها كما أنوثتها‬ ‫الفاضحة‪ .‬يحبّ جاذبيتها و جمالها اآلسر كما تعجبه طلّتها‪ .‬كم‪ ،‬و كم تغ ّزل بها و كان يؤ ّكد أنه لم يبغي التعرف‬ ‫إليها لمال أو شهوة بل ألنوثتها‪ ،‬لشخصها‪ .‬ثعلبٌ جمي َل الفِراء يدعّي الوقار حتى يؤمِّن صيده‪.‬‬ ‫أَخذت نفسا ً عميقا ً و استجمعت ما لديها من قوّ ة و جرأة و صدح صوتها في الِمأذنة يُط ّل على الحيّ كله ليصل‬ ‫منزله‪ .‬كان بعد وقت العِشاء و الناس في بلد الحرب يؤون باكراً إلى منازلهم في شهر ديسمبر‪.‬‬ ‫هي‪ :‬يامن ستسمعني أنا بعدك الرابع‪ ...‬يا من تدّعي الصدق آن لك أن توضع في بيت الدجاج رغم أن هيئتك‬ ‫كالديكة لكنك تبيضُ جيداً! قد جئتني عبر البحار كما الفاتحين و تجّار التوابل و الحرير‪ ...‬مالك و بي؟ أنا أَم ُة هللا‬ ‫شك و ُ‬ ‫التي كانت في منأى عن غ ّ‬ ‫طغيانك‪ .‬استبحت قلبي و استوطنت فيه و عثت في حياتي فسادا كما يأجوج و‬ ‫تكون قد استمتعتَ برحلتك كي تعود بنشاط جديد لحياتك حتى تج َد أخرى‪ .‬لعبت دور البطولة‬ ‫مأجوج‪ ،‬آمل أن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بكل أشكاله على مسرح حياتي و نلت الكأس المقدسة تقديرا إلتقانك الدور‪ ،‬و ها أنا ذا أصفق لك و علنا بك ّل‬ ‫ُ‬ ‫أرسلت باقة ور ٍد كبير ٍة تقديراً لجهودك‪.‬‬ ‫حرار ٍة و قد‬ ‫رت أَ ُ‬ ‫لم تترك مجاال للشك فيك حتى صِ ُ‬ ‫ك‪ .‬ال عِ ل َم لي بعددهن من ُخدِعن قبلي و‬ ‫ش ّ‬ ‫ك في وساوسي تجاه نفسي ِب َ‬ ‫لست بالئم ٍة زوجك على هجرك لتتركك على ح ّد تعبيرك عذر ّيا ً لشهور مضت! جعلتني أعتقد جازمة أنها لم‬ ‫ٌ‬ ‫ساذجة أنا‪ ...‬و اإلعتراف بالذنب فضيلة‪.‬‬ ‫تقدّرك كزوجة كتبت نذورها و وقعت على عهودها!‬ ‫خمسة أشهر مرّت حتى استيقظت من أحالمي على يديك و المقصلة قد فصلت رأسي عن جسدي‪ .‬زرعتَ بُرعم‬ ‫الكرز الرقيقة إال أنَّ رياحك الغربيّة التي هبّت فجأة قد أطاحت بها تذروها مجرّ د‬ ‫حبٍّ نمى فيّ كما تنمو أزها ُر‬ ‫ِ‬ ‫أوراق تتطاير في السماء‪.‬‬ ‫كم حاولت خالل تلك المدّة أن أعدّل ميزانك و أعيد توازنك و أنا أفيض عليك من دَلوي‪ ،‬و في ك ّل مرّة كنت‬ ‫تعود لدركك األسفل‪ .‬أخبرت عنك صديقتي و المتني فيك حتى ِب ّ‬ ‫ت أكره نفسي عندما أعاتبك و أحاسب ذاتي أ ّني‬ ‫أقسو عليك‪ ،‬يا من يرتدي زيّ الحمل و النفس جاهلية عفنة كما آباءونا األولون‪.‬‬ ‫أحببتك و أصدح بها دون خجل‪ ...‬فقد جعلتني أتوهّمك سما ًء ألرضي‪ ...‬فكنت حبالً من الهوى أطاح بي‪ ...‬ما‬ ‫ك كي يتحوّ ُل َعس ُل كالمك إلى ُس ِّم زعاف؟ أخبرتك يوما ً أن ما بيننا ليس حربا ً فكف عن‬ ‫أدري أي ذن ٍ‬ ‫ب اقترفت ل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫علمت‬ ‫ار إلى حتفه بقدميه و أصابته طامّتي الكبرى‪ .‬ما‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫رفض‪،‬‬ ‫بداخلك‬ ‫الذي‬ ‫الطفل‬ ‫أن‬ ‫إال‬ ‫بحماقاتك‪،‬‬ ‫إيذائي‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫أنني ورقة يانصيب تراهِنُ فيها عليّ و أن عدم ِربحك لها لن يضرّك أنت وحدك فقط‪ ،‬فهناك المزيد منها معك؟‬ ‫جوائز ممتاز لكنك لم تستطع القبض عليّ ‪ ...‬بل جعلت م ّني رصاصة تصيبك ال تصوّ ب معك‪.‬‬ ‫صائ ُد‬ ‫ٍ‬ ‫جعلتني غزاالً هام بحبّ صياده فيالي من ظب ّي ٍة صغير ٍة غبيّة و يالك من صيّا ٍد هوى تعذيب نفسه‪ .‬أخبرتك أن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫علمت أنّ وجهك الطفوليّ و براءتكً هي إحدى‬ ‫ت مضت لكن ما‬ ‫صدفة من سنوا ٍ‬ ‫شخصك يعجبني مذ التقينا‬ ‫ّ‬ ‫مق و فريد‪ ،‬كما يحم ُل صوتك و كلماتك مورفين عالي الجودة يجعل من‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫بشكل‬ ‫و‬ ‫ف َِخاخِك لإليقاع بفريستك‬ ‫ٍ‬


‫ً‬ ‫فريستك ً‬ ‫ألشهر تبقى‬ ‫سائغة هنيئة يخدّر حواسها إلى أن تصحو المسكينة و السرير كفنها و الدموع زادها و‬ ‫لقمة‬ ‫ٍ‬ ‫صدمتها فيك‪.‬‬ ‫عذراً سيدي‪ ،‬لست كباقي صيدك الذي يوضع رأسه على حائط قصرك تتغنى فيه أمام نفسك و أصدقاءك‪ .‬فأنا‬ ‫ك الضئيلة لتكون غ ّناء ثم خسفت بها األرض و جعلتها ردما ً بينها و بين من‬ ‫كسلطانة الشرق التي رفعت ضيعت َ‬ ‫سيأتي ليبنيها بعدها‪ ...‬و ستبقى ً‬ ‫آية‪ ،‬ليس للعلن!لكن عندما تطالع وجهك في المرآة في ك ّل مرّة ستجد ذاك‬ ‫متجسداً أمام عينيك‪.‬‬ ‫أخبرتك يوما ً أنني أنثى‪،‬أشعر و أتألم و كم أحتقر الرجال عندما يتناسون إنسانيتي و ال يرون فيّ سوى مظهراً‬ ‫الئقا ً ملفتا ً للنظر و يظنون أني سهلة المنال‪ ،‬و قلت لك وقتئذ رغم طراوتي التي أخفيها أنني أستطيع تدمير مدينة‬ ‫نهج‬ ‫بكاملها‪ .‬فقلت لي‪ :‬أن مجتمعنا و بسبب فهمه الخاطئ ال يقدّر المرأة بذاتها فال تكترثي‪ ،‬و أنا لست على ِ‬ ‫علم أن كالمك مجرّد هراء ال يؤخذ ِجدّه و ال يتذ ّكره حتى قائله!‪.‬‬ ‫األولين‪ ،‬أتذكر ذلك؟ ال‪ ...‬ألنني لم أكن على ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫بضاعة رخيصة ال تشترى‪ ،‬و أن ما كنتَ قد أخبرتني به من وعو ٍد لزيار ٍة تاريخيّة‪ ،‬أقاويل و‬ ‫بل هو هز ٌل و‬ ‫جمل تختصر كياني معك لباقي صفحات حياتك ما هي سوى إبراز مهاراتك و ف ّنك في سوق النساء‪ّ ،‬‬ ‫كنخاس‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بعض الظنّ إث ٌم) رجالً سأضع رأسي متكأ ً عليه _حتى ذاك الح ِّد أوهمتني بأنك لن تتركني_‬ ‫ظننتك (و إن‬ ‫َ‬ ‫ك كأعجاز النخل الخاوية‪ ،‬ال ترى لها من باقية‪.‬‬ ‫فا ّتضح أن َ‬ ‫سأل َتني ذات يوم‪ :‬مالذي َقدَم ِت ِه لي؟ و رغم معرفتك لإلجابة و حتميّة يقيني ل َم َخفي من فحواه فقد أجبتك‪ :‬أنتَ‬ ‫أكون هنا جال ً‬ ‫سة أمامك‪ .‬عدّتَ مجدداً تسألُني‪ :‬ما ستقولين لصديقاتك‬ ‫تعل ُم أنني حاربت عائلتي بأكملها ألجل أن‬ ‫َ‬ ‫ت ذا ترحلين فما الذي سيحصل و أين وصلتما في أمركما؟ عندها أجبتك‪ :‬ال جديد فقط ضربا ً من‬ ‫إن سأل ّنكِ ها أن ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫رددتَ‬ ‫قرار‬ ‫اتخاذ‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫من‬ ‫ليس‬ ‫‪:‬‬ ‫أجبتك‬ ‫!‬ ‫األمر‬ ‫انهي‬ ‫اآلن‬ ‫إلى‬ ‫تعذبيننا‬ ‫لم‬ ‫ا‬ ‫إذ‬ ‫‪:‬‬ ‫عليّ‬ ‫حين‬ ‫و‬ ‫الجنون و انتهى!‬ ‫ٍ‬ ‫ك لم يكن الجواب األول بل الثاني‪ ،‬و أمّا األول فهو أن أرى ألي مدىً‬ ‫يشترك فيه شخصان وحدي‪ .‬لكن ذل َ‬ ‫أكثر و قد وفيّت بوعودي جميعها و قدمّت كل ما أستطيع‬ ‫سنصل‪ ،‬حتى ال يخامرني أدنى ش ّ‬ ‫ك في لو أنني بقيت َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫إلنجاح رابط بيننا بدأته أنتَ ‪ ،‬و أجهضته أنتَ ‪ ،‬لكنّ قتله كان على يدّي حتى ال أعو ُد له أبدا‪ .‬لست ممن يتلفتنّ‬ ‫خلفهنّ أو ينحنون لإللتقاط ما يسقط منهن بإرادته مهما ً كان‪.‬‬ ‫ك هو‪ :‬ما فعلتَ أنتَ ألجلي؟ أنتَ تعلم من تكون بالنسبة لي‪ ،‬لكن من أكون بالنسبة لك؟ أين أنا‬ ‫لكن سؤالي األهم ل َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫منك؟ كان جوابك مبتذال محضا‪ .friend :‬علمت عندها أني عدد جديد كنت تأم ُل أن تباهي به‪ ،‬اسم تضعه‬ ‫ضمن مجموعتك التي تجمعها كما طوابع البريد‪ .‬كنتَ و ال زلتَ فراغا ً أجوفا ً ال ينضح سوى ذكور ًة فقط‪.‬‬ ‫نسيت أن معظم رجال قبائلنا جبناء‪ ،‬يدعوّ ن البطوالت لفظا ً‬ ‫ُ‬ ‫توهمتك رجالً بك ّل ما تحمله من معنىً ‪ ...‬عذراً فأنا‬ ‫و في األس ّر ِة فقط‪ ،‬لكنهم مج ّرد حيوانات َم َنوي ٍة تستعيض بنقص رجولتها في صدق فعالها بصفاق ِة لسانها‪،‬‬ ‫قصر فارهٍ‪ ،‬فلمّا استحكموا‬ ‫ُلم أنثى رفعتهم من قارعة الطريق إلى‬ ‫ٍ‬ ‫شهوتها‪ ،‬كذبها‪ ،‬و تجرأها على اغتصاب ح ِ‬ ‫ّاف بقتلها‪.‬‬ ‫قلبها أمروا السي َ‬ ‫جزعة و قد بدأ حارس المسجد ّ‬ ‫ً‬ ‫رق بعصبية على باب الِمأذنة المغلق‪ ...‬اص ّفر وجهها و جفّ‬ ‫توقفت فجأة‬ ‫بالط ِ‬ ‫ً‬ ‫حلقها وفاضت عيناها بالدمع الحار دون شهيق أو بكاء‪ ،‬و صوت الحارس يمرّ عميقا عبر الباب الموصد ليصل‬ ‫المايكريفون للحيّ كله و قد بدأ رجال الحي و غِ لمانه و شبابه بال ّتوجه للمسجد يتبيّنون ما يحدث‪.‬‬ ‫مسحت وجهها بيدها و استجمعت صوتها الذي عبر مجدداً الحيّ ل َي ّ‬ ‫شق ك ّل ضجيج و همسات في كل بيوته‪.‬‬ ‫هي‪ :‬أتراك تستطيع درء أعمالك عن محارمك؟ أتستطيع بعد ُخسرانِك في موازينك أن ُتقِي َمها بالقِسطِ بعد أن‬ ‫تتجسّد حيّة أمام عينيك على ابنتك‪ ،‬أختك‪ ،‬قريباتك؟ فلتذهب إلى الدرك األسفل لوادي ويل في جهنم فلست أفضل‬ ‫من فرعون أو أصحاب مدين‪ ،‬فلتكوي النار قلبك كما تفعل بقارون‪ ،‬عندها فقط سترى طيفي أمامك و ستطلب‬ ‫ع ّفوي و سأضِ نّ به عليك‪ .‬سيسألني خالقي عن قلبي و لن أغفر‪.‬‬ ‫سئمت منكم يا معظم معشر بني آدم فأنتم تنسون أننا أنفس نفخ فينا هللا من روحه طلبا ً منكم‪ ،‬ثم تريدون نهشنا‬ ‫ب أرحم‪ ،‬فالذئب ال يطغى على فريسته إن لم يكن‬ ‫كنعاج استحكمها شرع الغاب لحما ً سائغا ً هنيا ً‪ .‬حتى قانون الغا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫جائعا ً أما أنتم فكما الح ّكام العرب تطغون جوراً و بذخا ً لتباهو بعضكم بوالئمكم التي ال تنضب‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ك‪ّ ..‬‬ ‫أقسمت على ربّ العرش أن ال‬ ‫ك و قد‬ ‫تبت ي ُدك و ُد ّ‬ ‫ك ميزانك َد ّكاً‪ ،‬و إن كنت ستعيش فأضمنُ ل َ‬ ‫سحقا ً ل َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك الحياة ضنكا و‬ ‫يجعلك مرتاح البال هنيّ العيش و ال يمكنك على فريسة بعدي و لن تتذكر من كنَّ قبلي‪ .‬فل َ‬ ‫أسأل هللا‪....‬‬ ‫هنا توقفت و قد علت صرختها عندما ُكسر باب المأذنة و دخل عليها الحارس و بعض رجال الحيّ يجرجرونها‬ ‫ٌ‬ ‫جميلة ال يستطيع الناظر‬ ‫من ياقة قميصها و قد انجلت القبعة عن جديلة طويلة ب ّنية اللون‪ ،‬مالمح وجهها عربيّة‬ ‫ُ‬ ‫إليه سوى أن يُبسمِل و يبقى يتأمل فيه صنع الخالق و إبداعه‪ .‬كسبّيٍ إلى حيث جاء القاضي قد َمثلت‪ ،‬في‬ ‫منتصف باح ِة المسجد يحيط بها أبناء آدم‪ .‬همّت بالدفاع عن نفسها و بدأ صوتها بالعبور من حنجرتها فكمّموا‬ ‫رج َم غداً في ساحة المسجد النتهاكها حرمته‪.‬‬ ‫فِيها و أوثقوها و كان أمر القاضي أن ُت َ‬ ‫تخبر نفسها‪ :‬حتى أنتَ ! يا من أقسمت يوما ً أن تعدل بحكم هللا و رسوله حنثت بيمينك فتظل ُم و تتجبّر دون أن‬ ‫تتبيّن! ُترى‪ ،‬إن رأى هُدهُد سيدنا سليمان هذا و عاد إليه يخبره أما كان أرسل الجنّ من لد ِّنه يستنقذوني؟ وا‬ ‫ربـــــاه‪.‬‬ ‫في اليوم التالي و بعد صالة الظهر كانت عائلتها تطلب الصفح و التبيان و يتوسلون للقاضي لكن دون جدوى‬ ‫ترجى‪ ،‬فلم يعيروهم أدنى رحمة‪ ،‬سحبوها من قيدها كصيد ثمين وقد وقف هو بين الجموع يتفرّج عليها‬ ‫كطاووس مزهّو و قد انتصر على طير مذبوح أليم‪ ،‬بدأ أطفال الحي بتنفيذ حكم شيطان رجيم‪ ،‬و الرَّ ج ُم ينهال‬ ‫عليها بحجار ٍة مُس ِجا ٍة من شهوة و نصر ذكوريين على جسدها النحيل و قد طلبت تكميم فِيها لمنع صوتها من‬ ‫نصر ال يستح ّقه جهلة قريش لوأدهم امرأة‪.‬‬ ‫الخروج حتى ال تعطيهم شرف‬ ‫ٍ‬ ‫كانت تحاول عيناها البحث عنه بين الجموع و لم ُتخطِ ئه و هو يقف في أول الصفوف‪ ...‬متبّل ُد النظر ِة كجيفة و‬ ‫قد اص ّفر وجهه رعبا ً و هو يناظرها فكالهما يعرف من الضحيّة و من الجالد‪ .‬أما هي فكانت تبتسم و دموع‬ ‫ب تجرّع ح ّبا ً ما قصدت فيه سوى تقوى هللا فهدمه هو بهوىً‬ ‫آسن و شريعة اإلنسان‪.‬‬ ‫األلم تحرق ما تبقى من قل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كانت تضحك ألنها سترحل قريرة العين و يبقى هو يصارع حياته يتمنى أنّ يُز ِهقَ هللا روحه ليريحه من‬ ‫كوابيسه و سهاده و هي تتجسد له في كل لحظة و سكنة و عبر أيامه‪.‬‬ ‫أغمضت عينيها‪َ ،‬ت ُ‬ ‫ك أسنانها على قطعة القماش داخل َفمِها من شدة الضرب و تتمتم تخاطب نفسها‪ :‬يا َمن‬ ‫ص ُّ‬ ‫وصف ذاته يوما ً أنه كأصحاب األعراف‪ ...‬أدعوا هللا أن يجعلني لعنتك التي لن تأتي بعدها امرأة لحياتك ما‬ ‫حييت‪ .‬سأبقى اللبؤة الوحيدة التي عبرت حياتك لتجعل منك رجال له نبضٌ و كيان‪ ...‬له اسم مختلف‪ ،‬و مكان في‬ ‫َ‬ ‫اسطاعت طردك من الج ّنة لتهوي ب (بريستيجك) لقاع‬ ‫فيك فأنا التي‬ ‫هذه الحياة بعد سنيّك العجاف‪ .‬سأبقى وجعا ً َ‬ ‫األرض دون هوادة‪.‬‬ ‫ك الالرجولة و عليك الالراحة في صحوك قبل منامك‪ ...‬سأبقى ذاك الحلم المقدّس الذي لم تنله بشرفي و‬ ‫هنيئا ً ل َ‬ ‫أنوثتي و عنفواني و سأظل المدينة المحرمّة التي لم تستطع رجولتك أن تطأ أرضها‪ .‬و أزهو بنفسي طربا ً أنني‬ ‫أنك من مدينة مومباي المردومة‪.‬‬ ‫من المدين ِة الفاضلة و يكفيني َمعرف ُة َ‬ ‫‪L-Sh‬‬ ‫‪4174070.41 / 417..70.41‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.