إلى ف اسق
إلى (ســـــــــــــــولــــــــــــــــــــــــــــــي) ,ذا َك الواح ُد من كل مائة ,لكنه من ضمن األلف. لم يستشعر وجودها أح ٌد و خصوصا ً أن الوقت لم يكن للصالة و قد كانت ثيابها و قبعتها يخفيان أنوثتها حينما اجتازت المسجد حتى وصلت المنبر فسحبت اإلذاعة و المايكريفون و تسلّلت دون أن يلحظها الرجل المسّن ركن قصّيٍ يتلو ما تيسر من القرآن و آخر كان يصلي .توجهت حتى باب ال ُسدّة و أغلقت الباب. الجالس في ٍ علم تام بما سيؤول عليه أمرها ،لكن ...حصحص الحق و ليكن ما يكون .فجامع على هي و الصعداء تنفست ٍ ُ ً ّ الحيّ سيكون منبرا لصدى ما يجب أن يتف ّجر من قلبها ف َهيتَ لك مني و ممن ستصدِقنك بعدي. ف كبيرين جعالها تحدو نحو حتفٍ ال تلقي له باالً .سيسمعها كان شعورها يتلخص باشمئزاز عالي التوتر و قر ٍ و سيتعرف على صوتها فهو كان يدعوها بالبعد الرابع ك (خديجة بن ق ّنة) ل َم لصوتها من صدىً و بع ٍد جميلين كمذيعة مخضرمة .كان يُس ّر عندما تلقي على مسامعه قصيدة ما و يخبرها كم يأسره صوتها كما أنوثتها الفاضحة .يحبّ جاذبيتها و جمالها اآلسر كما تعجبه طلّتها .كم ،و كم تغ ّزل بها و كان يؤ ّكد أنه لم يبغي التعرف إليها لمال أو شهوة بل ألنوثتها ،لشخصها .ثعلبٌ جمي َل الفِراء يدعّي الوقار حتى يؤمِّن صيده. أَخذت نفسا ً عميقا ً و استجمعت ما لديها من قوّ ة و جرأة و صدح صوتها في الِمأذنة يُط ّل على الحيّ كله ليصل منزله .كان بعد وقت العِشاء و الناس في بلد الحرب يؤون باكراً إلى منازلهم في شهر ديسمبر. هي :يامن ستسمعني أنا بعدك الرابع ...يا من تدّعي الصدق آن لك أن توضع في بيت الدجاج رغم أن هيئتك كالديكة لكنك تبيضُ جيداً! قد جئتني عبر البحار كما الفاتحين و تجّار التوابل و الحرير ...مالك و بي؟ أنا أَم ُة هللا شك و ُ التي كانت في منأى عن غ ّ طغيانك .استبحت قلبي و استوطنت فيه و عثت في حياتي فسادا كما يأجوج و تكون قد استمتعتَ برحلتك كي تعود بنشاط جديد لحياتك حتى تج َد أخرى .لعبت دور البطولة مأجوج ،آمل أن َ ً ً ّ بكل أشكاله على مسرح حياتي و نلت الكأس المقدسة تقديرا إلتقانك الدور ،و ها أنا ذا أصفق لك و علنا بك ّل ُ أرسلت باقة ور ٍد كبير ٍة تقديراً لجهودك. حرار ٍة و قد رت أَ ُ لم تترك مجاال للشك فيك حتى صِ ُ ك .ال عِ ل َم لي بعددهن من ُخدِعن قبلي و ش ّ ك في وساوسي تجاه نفسي ِب َ لست بالئم ٍة زوجك على هجرك لتتركك على ح ّد تعبيرك عذر ّيا ً لشهور مضت! جعلتني أعتقد جازمة أنها لم ٌ ساذجة أنا ...و اإلعتراف بالذنب فضيلة. تقدّرك كزوجة كتبت نذورها و وقعت على عهودها! خمسة أشهر مرّت حتى استيقظت من أحالمي على يديك و المقصلة قد فصلت رأسي عن جسدي .زرعتَ بُرعم الكرز الرقيقة إال أنَّ رياحك الغربيّة التي هبّت فجأة قد أطاحت بها تذروها مجرّ د حبٍّ نمى فيّ كما تنمو أزها ُر ِ أوراق تتطاير في السماء. كم حاولت خالل تلك المدّة أن أعدّل ميزانك و أعيد توازنك و أنا أفيض عليك من دَلوي ،و في ك ّل مرّة كنت تعود لدركك األسفل .أخبرت عنك صديقتي و المتني فيك حتى ِب ّ ت أكره نفسي عندما أعاتبك و أحاسب ذاتي أ ّني أقسو عليك ،يا من يرتدي زيّ الحمل و النفس جاهلية عفنة كما آباءونا األولون. أحببتك و أصدح بها دون خجل ...فقد جعلتني أتوهّمك سما ًء ألرضي ...فكنت حبالً من الهوى أطاح بي ...ما ك كي يتحوّ ُل َعس ُل كالمك إلى ُس ِّم زعاف؟ أخبرتك يوما ً أن ما بيننا ليس حربا ً فكف عن أدري أي ذن ٍ ب اقترفت ل َ ُ َ علمت ار إلى حتفه بقدميه و أصابته طامّتي الكبرى .ما س ف رفض، بداخلك الذي الطفل أن إال بحماقاتك، إيذائي َ َ ُ أنني ورقة يانصيب تراهِنُ فيها عليّ و أن عدم ِربحك لها لن يضرّك أنت وحدك فقط ،فهناك المزيد منها معك؟ جوائز ممتاز لكنك لم تستطع القبض عليّ ...بل جعلت م ّني رصاصة تصيبك ال تصوّ ب معك. صائ ُد ٍ جعلتني غزاالً هام بحبّ صياده فيالي من ظب ّي ٍة صغير ٍة غبيّة و يالك من صيّا ٍد هوى تعذيب نفسه .أخبرتك أن ً ُ علمت أنّ وجهك الطفوليّ و براءتكً هي إحدى ت مضت لكن ما صدفة من سنوا ٍ شخصك يعجبني مذ التقينا ّ مق و فريد ،كما يحم ُل صوتك و كلماتك مورفين عالي الجودة يجعل من ن م بشكل و ف َِخاخِك لإليقاع بفريستك ٍ
ً فريستك ً ألشهر تبقى سائغة هنيئة يخدّر حواسها إلى أن تصحو المسكينة و السرير كفنها و الدموع زادها و لقمة ٍ صدمتها فيك. عذراً سيدي ،لست كباقي صيدك الذي يوضع رأسه على حائط قصرك تتغنى فيه أمام نفسك و أصدقاءك .فأنا ك الضئيلة لتكون غ ّناء ثم خسفت بها األرض و جعلتها ردما ً بينها و بين من كسلطانة الشرق التي رفعت ضيعت َ سيأتي ليبنيها بعدها ...و ستبقى ً آية ،ليس للعلن!لكن عندما تطالع وجهك في المرآة في ك ّل مرّة ستجد ذاك متجسداً أمام عينيك. أخبرتك يوما ً أنني أنثى،أشعر و أتألم و كم أحتقر الرجال عندما يتناسون إنسانيتي و ال يرون فيّ سوى مظهراً الئقا ً ملفتا ً للنظر و يظنون أني سهلة المنال ،و قلت لك وقتئذ رغم طراوتي التي أخفيها أنني أستطيع تدمير مدينة نهج بكاملها .فقلت لي :أن مجتمعنا و بسبب فهمه الخاطئ ال يقدّر المرأة بذاتها فال تكترثي ،و أنا لست على ِ علم أن كالمك مجرّد هراء ال يؤخذ ِجدّه و ال يتذ ّكره حتى قائله!. األولين ،أتذكر ذلك؟ ال ...ألنني لم أكن على ٍ ٌ بضاعة رخيصة ال تشترى ،و أن ما كنتَ قد أخبرتني به من وعو ٍد لزيار ٍة تاريخيّة ،أقاويل و بل هو هز ٌل و جمل تختصر كياني معك لباقي صفحات حياتك ما هي سوى إبراز مهاراتك و ف ّنك في سوق النساءّ ، كنخاس. ٍ بعض الظنّ إث ٌم) رجالً سأضع رأسي متكأ ً عليه _حتى ذاك الح ِّد أوهمتني بأنك لن تتركني_ ظننتك (و إن َ ك كأعجاز النخل الخاوية ،ال ترى لها من باقية. فا ّتضح أن َ سأل َتني ذات يوم :مالذي َقدَم ِت ِه لي؟ و رغم معرفتك لإلجابة و حتميّة يقيني ل َم َخفي من فحواه فقد أجبتك :أنتَ أكون هنا جال ً سة أمامك .عدّتَ مجدداً تسألُني :ما ستقولين لصديقاتك تعل ُم أنني حاربت عائلتي بأكملها ألجل أن َ ت ذا ترحلين فما الذي سيحصل و أين وصلتما في أمركما؟ عندها أجبتك :ال جديد فقط ضربا ً من إن سأل ّنكِ ها أن ِ ً ّ رددتَ قرار اتخاذ ي ق ح من ليس : أجبتك ! األمر انهي اآلن إلى تعذبيننا لم ا إذ : عليّ حين و الجنون و انتهى! ٍ ك لم يكن الجواب األول بل الثاني ،و أمّا األول فهو أن أرى ألي مدىً يشترك فيه شخصان وحدي .لكن ذل َ أكثر و قد وفيّت بوعودي جميعها و قدمّت كل ما أستطيع سنصل ،حتى ال يخامرني أدنى ش ّ ك في لو أنني بقيت َ ً ّ ُ إلنجاح رابط بيننا بدأته أنتَ ،و أجهضته أنتَ ،لكنّ قتله كان على يدّي حتى ال أعو ُد له أبدا .لست ممن يتلفتنّ خلفهنّ أو ينحنون لإللتقاط ما يسقط منهن بإرادته مهما ً كان. ك هو :ما فعلتَ أنتَ ألجلي؟ أنتَ تعلم من تكون بالنسبة لي ،لكن من أكون بالنسبة لك؟ أين أنا لكن سؤالي األهم ل َ ً ً ّ ٌ منك؟ كان جوابك مبتذال محضا .friend :علمت عندها أني عدد جديد كنت تأم ُل أن تباهي به ،اسم تضعه ضمن مجموعتك التي تجمعها كما طوابع البريد .كنتَ و ال زلتَ فراغا ً أجوفا ً ال ينضح سوى ذكور ًة فقط. نسيت أن معظم رجال قبائلنا جبناء ،يدعوّ ن البطوالت لفظا ً ُ توهمتك رجالً بك ّل ما تحمله من معنىً ...عذراً فأنا و في األس ّر ِة فقط ،لكنهم مج ّرد حيوانات َم َنوي ٍة تستعيض بنقص رجولتها في صدق فعالها بصفاق ِة لسانها، قصر فارهٍ ،فلمّا استحكموا ُلم أنثى رفعتهم من قارعة الطريق إلى ٍ شهوتها ،كذبها ،و تجرأها على اغتصاب ح ِ ّاف بقتلها. قلبها أمروا السي َ جزعة و قد بدأ حارس المسجد ّ ً رق بعصبية على باب الِمأذنة المغلق ...اص ّفر وجهها و جفّ توقفت فجأة بالط ِ ً حلقها وفاضت عيناها بالدمع الحار دون شهيق أو بكاء ،و صوت الحارس يمرّ عميقا عبر الباب الموصد ليصل المايكريفون للحيّ كله و قد بدأ رجال الحي و غِ لمانه و شبابه بال ّتوجه للمسجد يتبيّنون ما يحدث. مسحت وجهها بيدها و استجمعت صوتها الذي عبر مجدداً الحيّ ل َي ّ شق ك ّل ضجيج و همسات في كل بيوته. هي :أتراك تستطيع درء أعمالك عن محارمك؟ أتستطيع بعد ُخسرانِك في موازينك أن ُتقِي َمها بالقِسطِ بعد أن تتجسّد حيّة أمام عينيك على ابنتك ،أختك ،قريباتك؟ فلتذهب إلى الدرك األسفل لوادي ويل في جهنم فلست أفضل من فرعون أو أصحاب مدين ،فلتكوي النار قلبك كما تفعل بقارون ،عندها فقط سترى طيفي أمامك و ستطلب ع ّفوي و سأضِ نّ به عليك .سيسألني خالقي عن قلبي و لن أغفر. سئمت منكم يا معظم معشر بني آدم فأنتم تنسون أننا أنفس نفخ فينا هللا من روحه طلبا ً منكم ،ثم تريدون نهشنا ب أرحم ،فالذئب ال يطغى على فريسته إن لم يكن كنعاج استحكمها شرع الغاب لحما ً سائغا ً هنيا ً .حتى قانون الغا ِ ٍ جائعا ً أما أنتم فكما الح ّكام العرب تطغون جوراً و بذخا ً لتباهو بعضكم بوالئمكم التي ال تنضب.
ُ كّ .. أقسمت على ربّ العرش أن ال ك و قد تبت ي ُدك و ُد ّ ك ميزانك َد ّكاً ،و إن كنت ستعيش فأضمنُ ل َ سحقا ً ل َ ً ّ ُ َ ك الحياة ضنكا و يجعلك مرتاح البال هنيّ العيش و ال يمكنك على فريسة بعدي و لن تتذكر من كنَّ قبلي .فل َ أسأل هللا.... هنا توقفت و قد علت صرختها عندما ُكسر باب المأذنة و دخل عليها الحارس و بعض رجال الحيّ يجرجرونها ٌ جميلة ال يستطيع الناظر من ياقة قميصها و قد انجلت القبعة عن جديلة طويلة ب ّنية اللون ،مالمح وجهها عربيّة ُ إليه سوى أن يُبسمِل و يبقى يتأمل فيه صنع الخالق و إبداعه .كسبّيٍ إلى حيث جاء القاضي قد َمثلت ،في منتصف باح ِة المسجد يحيط بها أبناء آدم .همّت بالدفاع عن نفسها و بدأ صوتها بالعبور من حنجرتها فكمّموا رج َم غداً في ساحة المسجد النتهاكها حرمته. فِيها و أوثقوها و كان أمر القاضي أن ُت َ تخبر نفسها :حتى أنتَ ! يا من أقسمت يوما ً أن تعدل بحكم هللا و رسوله حنثت بيمينك فتظل ُم و تتجبّر دون أن تتبيّن! ُترى ،إن رأى هُدهُد سيدنا سليمان هذا و عاد إليه يخبره أما كان أرسل الجنّ من لد ِّنه يستنقذوني؟ وا ربـــــاه. في اليوم التالي و بعد صالة الظهر كانت عائلتها تطلب الصفح و التبيان و يتوسلون للقاضي لكن دون جدوى ترجى ،فلم يعيروهم أدنى رحمة ،سحبوها من قيدها كصيد ثمين وقد وقف هو بين الجموع يتفرّج عليها كطاووس مزهّو و قد انتصر على طير مذبوح أليم ،بدأ أطفال الحي بتنفيذ حكم شيطان رجيم ،و الرَّ ج ُم ينهال عليها بحجار ٍة مُس ِجا ٍة من شهوة و نصر ذكوريين على جسدها النحيل و قد طلبت تكميم فِيها لمنع صوتها من نصر ال يستح ّقه جهلة قريش لوأدهم امرأة. الخروج حتى ال تعطيهم شرف ٍ كانت تحاول عيناها البحث عنه بين الجموع و لم ُتخطِ ئه و هو يقف في أول الصفوف ...متبّل ُد النظر ِة كجيفة و قد اص ّفر وجهه رعبا ً و هو يناظرها فكالهما يعرف من الضحيّة و من الجالد .أما هي فكانت تبتسم و دموع ب تجرّع ح ّبا ً ما قصدت فيه سوى تقوى هللا فهدمه هو بهوىً آسن و شريعة اإلنسان. األلم تحرق ما تبقى من قل ٍ ٍ كانت تضحك ألنها سترحل قريرة العين و يبقى هو يصارع حياته يتمنى أنّ يُز ِهقَ هللا روحه ليريحه من كوابيسه و سهاده و هي تتجسد له في كل لحظة و سكنة و عبر أيامه. أغمضت عينيهاَ ،ت ُ ك أسنانها على قطعة القماش داخل َفمِها من شدة الضرب و تتمتم تخاطب نفسها :يا َمن ص ُّ وصف ذاته يوما ً أنه كأصحاب األعراف ...أدعوا هللا أن يجعلني لعنتك التي لن تأتي بعدها امرأة لحياتك ما حييت .سأبقى اللبؤة الوحيدة التي عبرت حياتك لتجعل منك رجال له نبضٌ و كيان ...له اسم مختلف ،و مكان في َ اسطاعت طردك من الج ّنة لتهوي ب (بريستيجك) لقاع فيك فأنا التي هذه الحياة بعد سنيّك العجاف .سأبقى وجعا ً َ األرض دون هوادة. ك الالرجولة و عليك الالراحة في صحوك قبل منامك ...سأبقى ذاك الحلم المقدّس الذي لم تنله بشرفي و هنيئا ً ل َ أنوثتي و عنفواني و سأظل المدينة المحرمّة التي لم تستطع رجولتك أن تطأ أرضها .و أزهو بنفسي طربا ً أنني أنك من مدينة مومباي المردومة. من المدين ِة الفاضلة و يكفيني َمعرف ُة َ L-Sh 4174070.41 / 417..70.41