مراكش أزرق ّ ٌ خليط غير متجانس و تعالى الصراخ و الركض في السّاحة االشبيليّة ،سيدة و زوجها مضرجان برذا ٍذ أحمر... لزج على عربة رضيع كان قريبا ً من مكانها و هو يبكي و يصرخ ...أربعة شبّان مضرجّون يقفون في حالة ب شديد يبحلقون على األرض قريبا ً من موطئ أقدامهم و لون وجوههم أصفر من هول ما تبصر أعينهم و رع ٍ قد اتسعت األحداق آلخر مداها. ّج سريع كتالحق أنفاس مارثوني اقترب من خط النهاية ...ما بين صراخ ،شهقات، بدأت الصفارات تعلو بتدر ٍ بكاء ،دهشة ،و شحوب الوجوه و انصدامها بواقع ما ترى عيونهم. كانت هناك ...وحدها فقط! عيناها تطال ُع الالتجاه ...حدقتان زرقاوان خاليتان من الحياة ،متبلدتان كبلورتين ال ت شقراء باهتة اللون حولها كهالة آلهة إغريقية أبدع النحّات في رسمها. معنى لوجودهما .تتطاير خصال ٍ ستظ ّنون أنها أقدمت على قتل ذاتها و أزهقت روحها فالويل لها من مالئكة العذاب .لكن ل َم؟ ل َم ستقدم إنسانة متوازنة تعلم أهوال الجحيم و مافيه و ّ ملذات النعيم و ما يحويه على ذاك الفعل؟ إن كنت سأبدأ فسيكون من خريف أحد السنوات اإلسبانية عندما ظهر وجهه ألول مرة في شركة (كازار) اإلسبانية المختصّة بترميم اآلثار( .فيرناديز) شاب طويل القامة ،أسمر البشرة ،صافي العينين ،بشعره األسود و أناقة شابّ يانع في بداية العقد الثالث من عمره ،لم ُتعِره بالغ االهتمام فالمستجدّين يأتون كثيراً و يذهبون .لكنه لم يشبههم في شيء إال أنه أتى و استوطن كما يهود القدس اللذين استبّدوا و استباحوا و طغوا ...فشرّ دوا و ق ّتلوا و أهانوا. بعفويتها و ضحكاتها التي تملئ المكان كل يوم أسرت عليه حواسه( ...سيسسليّا) بأعوامها السبع و العشرون بدأت جحافلها تطرق أعتاب قلبه ،ب ّقوة شخصيتها و عدم مباالتها إال بعملها و تحررها المضبوط كساعة بينغ بانغ سيطرت على عقله رويداً رويداً إلى أن أصبح شغله في األشهر المتتالية أن يجتاح كيانها و يدخل من الثغور الضعيفة كي يتمّلكها! اعتبرها شجرة الزيتون الفلسطينية التي يجب أن ُتزرع في أرضه فقط و إال فسيجعل من أغصانها حطب مدفأته و يجعل من غارها تاجا يبارز به ك ّل واحد ٍة تحاول أن تخرج عن طاعته، لكأنهن جواري السلطان و ما ملكت أيمانه! بدأ خطوة ،أتبعها بأخرى ،و توالت عليها المقدمات و الوعود ،إال أنها كأنثى لم تسّلم أسوارها و أبواب قالعها. علمت فيه أنه يبغي ِودّها ...فتدلّلت كامرأة مرّة و ك ّ شرت عن أنيابها كلبؤة في أخرى حتى استكان و علم ان ال منجى له منها إال في الوقوع في قبضتها و التسليم لها ...و ألنه عدِم الحيلة في الدخول إلى مملكتها بادئ ذي بدء فقد كان يحاول بعصبيته و مزاجيته الحادة ،و كالمه غير المعقول أن يست ّجرها لكهفه المُقفر .نادراً ما كانت تنفع حيلته .لكن ما لم يكن يعلمه منها أنها كانت تخفي سقوطها في أخدوده ...تحترق بنار نظراته لها كلما طالعها طرفه برجولته المصطنعة و التي كان يظهرها خارج منزله هربا ً من سطوت والدته التي ال ّ يتخذ رأيا ً دونها... فهو ابن امّه و ال يخرج من جلبابها _ و لم تجعله يفقه من الرجولة سوى حرق األرض الخضراء ال إعمارها_ كانت قدماها ترتجفان كلما وقفت أمامه ،تتلعثم و تتبعثر الكلمات في فضاءه السحيق لكأنه إحدى الثقوب السوداء التي تجذب إلى غياباتها كل ما تراه ي ّ شع جماالً و إشراقا ً ...يضطرب نبضها و تخرج د ّقات قلبها عن معيارها ّ الصحيح ...كالفراشة تنجذب نحو بهاءه ،حتى ....ابتلعها لهيب جهنم إلى األبد. و الذي كان يخفى عليه منها و اكتشفه متأخراً _ما زاد مكره لها كأبيّ ابن أبي سلول_ هو أنه كان كبير الشبه برجل أحبّته منذ الطفولة فأخفته عنها الصراعات و التجاذبات اإلسبانية في سجونها ظلما ً منذ أكثر من ّ ست ٍ خبر عنه. إلى تصل ألن بالفشل محاوالتها جميع باءت و سنوات ٍ