دائما ً ما كانت النهايات متعاكسة إنما متشابهة بشيء وحيد و هو عندما يح ّل عيد ميالده يكون وحيداً ,لم يفهم ل َم؟ في عيد بنادم على ما قدّم ألي واحدة منهن الحبّ أيضا ً يكون وحيداً يتأمل خسارته ...يع ّد مرات خيباته و يحصي حماقاته ,ليس ٍ لكن لم يعتبرنه نهزاً للفرصة لتتخلى الواحدة منها عنه دون سابق إنذار؟ ما اللذي ال يقدّمه من اهتمام ,حنان ,مال ,رعاية, و إلتزام حتى يتعثر بأشباههن ك ّل مرّة! ما الدرس الوحيد الذي لم يتعلمه من هذه الدنيا بعد! ّ المطعم بالنحاس و المكسّو بالجلد األسود في غرفة مكتبته األنيقة التي صممها بعناية و على جلس على الكرسي الخشبي طراز العصر البوربوني ,كانت أمامه طاولة متوسطة الحجم مستطلية الشكل ال تنقص تفاصيل زخرفتها و لونها الجوّ زي راق للغاية .كان يتأمل محرابه و و زجاجها المصقول الذي يظهر و كأنه مرفوع على أغصان شجرّة باسقة عن ذوق ٍ ٍ الكتب المرصوفة على أرفف مكتبة التي اعتنى بتفاصيلها و غلّف واجهتها بالبلوّ ر خوفا ً على ميراث أحسّ أنه يندثر مع العصر الحالي و القادم .أجال بصره مرّة أخرى حتى صادف علبة األرابيسك المط ّعمة بالصدف على حامل جانبي صمم خصيصا ً لها .أصابه الجمود فجأة و ذهُل عن كل ما حوله. استذكر أن "عالية" كانت تلوم عليه عدم مراسلته لها عبر موقع التواصل االجتماعي و أنه ال يهتم بمشاعرها ...فسألها مرّة :و كيف تريدينني أن أقوم بذلك أنا ال أحبّذ التواصل عبر اإلنترنت بما أنني أراكي و أتكلم معك شخصيا ً ,كما أن متعة اللقاء المفاجئ أو أن نضرب موعداً و ننتظره حتى نرى بعضنا فيه مت...... فما كان منها إال أن قاطعته و انتفضت واقفة تقول له :أنت دقّة قديمة ,مالي صبر بين كل لقاء و لقاء وأم ّل من كثرة الخروج معك .و من ثم من اللذي يكتب الرسائل على الورق و يرسل بالبريد حتى اآلن؟ ها هااااااااا اعذرني لكن وصلنا ب مسدود ...لن نستطيع أن نكمل معا ً .وقتها أصيب بصدمة فبعد مضّي سنة كاملة و كل االهتمام و المراعاة لها و لدر ٍ ً حتى أنه حاول أن يقدّم لها خاتم الخطوبة عربونا عن صدق مشاعره معها لكنها رفضته بكل وقاحة و أخبرته أنهما بحاجة لوقت أطول هذا قرا ٌر ال يبّت به وحده و ّ حذرته من أن يطلبها رسميا ً حتى ترى هي الفرصة مناسبة لهما. ترى ...هل أنا غبيّ للغاية؟ أم أنني ما زلت ابن آدم ,ذاك الرجل التقليدي في أصول الحب و المتفّهم ألمور الحياة و الشراكة فيها ,أم أنني ولّدت متأخراً و صحوت في ز ٍمن غير زمني كما رقد أصحاب الكهف و استيقظوا في زمان ال يعلمون فيه من هم و أشكالهم مخيفة ح ّد وقع الرعب في النفوس! لم يعد يهتم بعدها بأن يجد أي فتاة فقد كانت حاله في وضع لم يستطع معه أن يقوم بأي خطوة حتىّ ... تعثر ب"هالة" و كان لها من اسمها أكبر نصيب فهي فعالً هالة حسن و ٍ جمال ,رآها في إحدى محال العطور حيث كانت تبتاع هديّة لعيد ميالد صديقتها بقي يراقبها وقتها و هو ال يعلم لماذا, حتى أن الشاب المسؤول عن البيع في الممر الذي كان يقف فيه نكزه و هو يكرر سؤالة للمرة الرابعة :هل تريد الزجاجة أرض أتت لكن إن تركها تفلت منه لحظتها يا سيدي؟ فأجابه بأنه سيعود ليأخذها و تركه ليلحق بالفتاة التي لم يعلم من أيّ ٍ فلن يعرف طريقا ً لها. لمخاض جديد و ظنّ ما زال يتذ ّكر كيف اقترب منها ليسألها عن اسمها و كيف جفلت منه بادئ األمر و من ث ّم ابتدأ طريقه ٍ أن األمر سيكون افضل .حاول تدارك هفواته القديمة و تقدّم فعالً لخطبة يدها و وافق األهل ,و بعد سنة و نصف منذ أول ضر و متابع للعصر ,يحترم الكتب و ال يتابع لقاء لهما بدأت "هالة" تتغير ...تتذمّر من عدم اهتمامه ,و أنه غير متح ّ التلفاز و ما تعرضه من حلقات لفنانين و فنانات ما سمع لهم قبالً ...المت عليه أناقته حتى في هندامه الرياضي و كيف أنه ال يرتدي بنطاالً من الجينز فهي تحب (الكاجوال مان) و بعد كل هذا ال يحمل جواالً عصريا ً فيه برامج التواصل االجتماعي ,و أخيراً ...هي ال تقدر أن تتزوج من رج ٍل يقدّس الحياة الزوجية و ال يريدها أن تعمل أو تبني طموحها .ما زالت تعصر كبده لوعة أن تطلب منه االنفصال قبل حف زفافهما بأسبوعين و أن ال سبيل ليكمال أبداً فهي ليست امرأة ّ خنوعا ً و لديها أولويات .....إلخ .ما اللذي يحصل بحق ربّ السماء و خالق األنبياء هل أنا مت ّخلف ,محدود الفكر ,و عقلي مدع و ال ناقص رجولة ,ال أقول أنيّ ذكر ...أنا رجل ...أنا رجل ...رجل. عبارة عن خزنة مقفلة؟ لست كذلك ,لست ٍ تنبّه إلى نفسه يصرخ بأعلى صوته في المحراب المق ّدس عندما دخل خادمه فجأة يتحرّى أمره و ما أل ّم به .شكره و طلب منه فنجان قهوة. فكرر عليه خادمه :سيدي هل أنت على ما يرام حقا ً لقد ظننت أن مكروها ً ح ّل بك أو.... ر ّد باقتضاب و بلطف و بزفير طويل :فنجان القهوة يا "جان" لو سمحت. بعد أن خرج الخادم وقف بشرود و قدماه تسّيرانه كيفما اتفق عقله الباهت عن كل ما حوله حتى توقف أمام أرفف الكتب و عيناه تجوالن فيها دونما تدقيق على شي ٍء بح ّد ذاته ,يسير يتأمل كنزه و يداه تتلمس أغلفّة متنوعة منها ناعم الملمس و