رواية أبو تلات

Page 1

‫بسم ا‪ ‬الرحمن‪ ‬الرحيم‬

‫أبو‪ ‬تلت‬

‫رواية‬ ‫‪ ‬‬

‫محمد‪ ‬عباس‪ ‬على‪ ‬داود‬ ‫‪1‬‬


‫إهداء‬

‫اليك‪ ‬يامن‪ ‬صر ت‬ ‫ت‪ ‬الرفيق‪ ‬والسفر‪ ‬والغد‪ ‬المقسوم‬ ‫ب‪ ‬وإعلنا ا‪ ‬لتقدير‪ ‬‬ ‫‪ ‬أقدم‪ ‬كلماتي‪ ‬عنوانا ا‪ ‬لح ب‬

‫‪2‬‬


3


‫)‪(1‬‬

‫الهاربة‬ ‫أخذ سامح مدخل أبي تلتا قادماً من الطريق السريع‬ ‫‪ ‬اقترب من نهايته‬ ‫‪ ‬مضت العربة يميناً‬ ‫‪ ‬توقفت ذاهلة أمام حشد من الخلق كثير‪ ‬‬ ‫‪ ‬رأى تجمهراً وأناسا ً كثيرين يحاصرون مبنى النقطة‬ ‫‪ ‬بأيديهم أسلحة نارية وبيضاء وبعض النبابيت‪ ‬‬ ‫‪ ‬وهتافهم يرج المكان ‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬الفاجرة تأخذ جزاءها‪ ‬‬ ‫توقفت العربة مخذولة ودق قلبه بعنف ‪ ،‬حدق من مكانه في المبنى‬ ‫المحاصر ‪ ،‬البواب مغلقة؛ كذلك النوافذ ولصوتا يشي بوجود حياة‬ ‫هناك ‪.‬‬ ‫خامره خاطر بالتراجع فوراً ‪ ،‬القتراب الن وتعرفهم عليه هلك ‪ ،‬مد يده‬ ‫إلى مقود العربة ‪،‬أبت التحرك تحت ضغط الجساد التي تراصت خلفها‬ ‫والعين التي نفذتا من خللا زجاجها لتحدق به‪ ،‬لهيب الحداق طاله‪،‬‬ ‫استحالا عليه الرجوع ‪ ،‬فتح الباب ‪ ،‬شق الزحام‪ ،‬تعالت أصواتا حانقة ‪ :‬‬ ‫­‪ ‬ضابط النقطة­‪ ‬‬ ‫‪4‬‬


‫حاصرته السلحة النارية فورا ً‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ستبقى لدينا حتى تعود الفاجرة‬ ‫لحظتها رأى الرشاشاتا تصنع حلقة حولة‬ ‫‪ ‬خلفها نيران العين ومعها سياط الكلماتا‬ ‫انكمش قلبه رعبا ً ‪ ،‬تفتت أحاسيسه شذراتا‪ ،‬وعاد عقلة صفحة بيضاء كما‬ ‫وولد ووقف ليدري ماالمر‪ .‬‬ ‫نكس عينيه هنيهة قبل أن يعاود بالكاد لم شتاتا أمره‬ ‫حدق في الوجوه من حوله‬ ‫النظراتا متحدية‪ ،‬قاسية ‪ ،‬الصابع متنمرة‬ ‫والسلحة حانقة‬ ‫تنتظرإشارة لتنطلق في عناد‪! ‬‬ ‫تحركت قدماه خطوة نحو النقطة ‪ ،‬تصلبت اليدي على السلحة ‪ ،‬تشبثت‬ ‫الصابع على الزناد ‪ ،‬قالا بهدوء محدثا ً وجها ً توسم في شيبته الوقار ‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬دعني أرى المر بالداخل أول ً‬ ‫‪ ‬تعالت الصواتا بنبراتا معجونة في بعضها البعض بأحرف نارية متأججة‬ ‫اللهيب ‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬يريدالهرب‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬سنحرق المكان على من فيه‬ ‫‪ ‬لم يفلت عينا الرجل الشائب ‪ ،‬ولم يأبه للكلماتا المتناثرة من حوله منتظراً‬ ‫قولا الرجل الذي نطق أخيراً فمحق الصواتا من حوله ‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬وإذا لم تعد ؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬حدق في عينيه بثباتا ‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬سأعود‬ ‫كانت السماء بيضاء حالمة تنظر في حنو إلى الرض ‪ ،‬حاملة بين يديها‬ ‫سحبا ً ناعمة رقيقة تسري في المكان‪ ،‬بينما على بعد قليل تروي الشمس‬ ‫عطشها من رحيق الكون قادمة على مهل إلى منتصف القبة الزرقاء‪. ‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪ ‬فتحت الجساد المتلحمة له فرجة نفذ منها إلى المام‬ ‫‪ ‬دق الباب الذي لم يره مغلقا ً من قبل‪ ‬‬ ‫‪ ‬انتبه للحظه أن خشبه قد هرم ‪ ،‬شاخت خلياه وأنسجته ‪ ،‬وأن كررة واحدة‬ ‫من هؤلءالمتجمهرين كافية لكي تلقيه أرضا ً بل حولا‪.‬‬ ‫‪ ‬رفع صوته مناديًا‪ ،‬بعد دهر رأى بالكاد فرجة صغيرة تفتح استطاع أن ينفذ‬ ‫منها إلى الداخل وعاد الباب الشائخ إلى الغلق من جديد‪ . ‬‬ ‫كان المتجمهرون يحكمون الحصار على المبنى‪.‬‬ ‫‪ ‬حصاراً لم يحدث من قبل‪ ‬في الرواياتا المروية عن السابقين من أهل‬ ‫المنطقة ول في خيالا المحدثين فيها ‪.‬‬ ‫ترتفع أصواتهم خشنة‪ ،‬متباينة الضجيج ‪ ،‬مدى جرأتها لحد له‪ ،‬وقوة‬ ‫النقطة بالداخل تتتحصن بالصمت بقدر ماتملك ودون أي استفزاز؛ حتى‬ ‫ليحدث مايخشاه الجميع من اقتحام يحدث معه وقوع ضحايا؛ ويتحولا‬ ‫المر إلى كابوس جديد‪. ‬‬ ‫هرولا سامح إلى الداخل‬ ‫‪ ‬رأى الصولا أنور في الردهة المواجهة للباب مباشرة وراء المكتب ؛ عيناه‬ ‫متجهمتان ؛ ووجهه يحاكي في صفرته وجوه المواتا ؛ يصدر الوامر‬ ‫والتعليماتا صارخا ً أنه لن يسمح باقتحام النقطة مهما كانت السباب؛ وأنه‬ ‫لبد من التصدى لهؤلءالمشاغبين ؛ وأن تكون السلحة جاهزة للعمل عند‬ ‫اللزوم‪.‬‬ ‫حدق سامح في عينيه‪.‬‬ ‫‪ ‬زجاجهما بريقه مخذولا‪.‬‬ ‫‪ ‬ورغم أن اللحظة غير مناسبة بالمرة لإهدار أي دقيقة في أمر لطائل منه‬ ‫إل أن المشهد في حد ذاته جعله لثوان قليلة يدقق فيه النظر ‪.‬‬ ‫‪ ‬يراه و يرقبه وقد سالا عرقه على وجهه ورقبته؛ وانفرج فمه انفراجة‬ ‫معوجة بدتا من خللها أسنانه بالاصفرار المعشش فيها ولسانه ليهدأ‬ ‫ساخطا ً ومهدداً ‪:‬‬ ‫‪6‬‬


‫­‪ ‬إذا فكرمخلوق في اقتحام النقطة الضرب في المليان‪ ‬‬ ‫‪ ‬نقطة أبي تلتا لن تكون صيداً سهلً لمتشردين‪.‬‬ ‫دارسامح بعينيه عنه حتى عثر على الضابط صدقي‬ ‫كان يجلس وراء مكتبه متوتر النظراتا ؛ يمسك بسماعة الهاتف طالبا ً رقم‬ ‫الداخلية في السكندريه؛ تغلغلت الدهشة في صدر سامح أكثر ؛ اقترب‬ ‫صارخا ً ‪:‬‬ ‫ صدقي‬‫رآه الخر ‪ ،‬انتفض من مكانه مستغيثا ً به‪ ‬؛ ‪ ‬بدا الوجه مغسول ً بماء‬ ‫الرعب ‪ ،‬ممتقعًا‪ ،‬باهت السماتا كأنه ليس صدقي الذي يعرفه ‪ ،‬صرخ بعد‬ ‫أن وضع يده على السماعة‪:‬‬ ‫‪­ ‬أطلب قوة إضافيه للسيطرة على الموقف‬ ‫­‪ ‬اتصلت بهم ؟‬ ‫‪ ­ ‬لم يرد أحد‬ ‫أغلق سامح الخط ؛ استدارإلى الصولا أنور طالبا ً منه الصمت ؛ ومضى‬ ‫إلى قوة النقطة ؛ أمرهم بعدم رفع السلحا في وجوه المتجمهرين مع الثباتا‬ ‫في أماكنهم وانتظار تعليماتا أخرى‪. ‬‬ ‫جلس أنور وقد ازدادتا حمرة وجهه اشتعال ً؛ أخذ يغمغم بكلماتا مبهمة‬ ‫تعربر عن سخطه على من أعجزوه عن أداء عمله ؛ شرلوا حركته ‪،‬ومنعوه‬ ‫من كسر شوكة هؤلء الملعين الذين ليعرفهم غيره ‪..‬هذا هو‬ ‫جزاءالمعاملة الحسنة معهم ؛ صبيان صغار يتولون أمر كهذا ليس لهم‬ ‫دراية ول خبرة ‪..‬آخر زمن ‪..‬تمرد وعصيان ووقوف في وجه الحكومة مرة‬ ‫واحدة ‪ ،‬كأنه لتوجد هيبة ول قانون وكأن الصولا أنور ومهابته قد‬ ‫ذهبت دون رجعة؛ والسبب في هذا الذين منهم ل‪.‬‬ ‫وهو ينظر إلى سامح نظراتا ذاتا مغزى؛ تنبه لها سامح فترك صدقى‬ ‫الذي كان يستكمل شرحا مالديه واتجه نحوه ؛ هب واقفا ً بعرقه واصفرار‬ ‫وجهه‪: ‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪ ­ ‬إمرأة قتلت زوجها ؛أهله بالخارج يطالبون بالقصاص‬ ‫‪ ­ ‬أين هي ؟‬ ‫‪ ­ ‬ل أعرف ؛ لكنهم يقولون أنها هنا‬ ‫‪ ­ ‬ماأسمها ؟‬ ‫‪ ­ ‬بهية حسن سليمان‬ ‫‪ ­ ‬والقتيل ؟‬ ‫‪ ­ ‬السيد محمد رضوان‬ ‫توجه نحو الباب‬ ‫أمر بفتحه على‪ ‬قدر فرجة ينفذ منها إلى الخارج ‪ ،‬وإعادة إغلقه فوراً‪. ‬‬ ‫‪ ‬رأى الحشود بصراخهم وتلويح أيديهم بالسلحة والغضب مازالوا‬ ‫يتواثبون ؛ مقسمين أنهم لن يتركوا ثأرهم مهما كان المر‪.‬‬ ‫وقف أمام الباب مرتفعاً عنهم بسبب الدرجاتا الثلث التي تواجه الداخل من‬ ‫باب النقطة مباشرة إلى الردهة الواسعة‪. ‬‬ ‫أخذ ينظر صامتا ً إلى الوجوه هنا وهناك ؛ يتامل القسماتا‪ ‬التي لوحرتها‬ ‫الشمس ؛ يسمع الكلماتا الحماسية التي ازداد إشتعالها لرؤيتهم له ؛‬ ‫مؤكدين له أنهم لن يتركوا ثأرهم مهما كان المر‪.‬‬ ‫‪ ‬كان الكبار بينهم عددهم قليل ؛ وجوههم أهدأ ونظراتهم رغم حدتها تميل‬ ‫إلى اللين نوعا ً ما ‪ ،‬أما الشباب والصبيان فإن العدد كبير جداً‬ ‫والمشاعرمتأججة والصدور حانقة ؛ واليدي تعتقل السلحة في جنون ‪،‬‬ ‫لو أرادوا الدخولا إلى النقطة فلن يكلفهم المر إل دفع الباب الكهل الذي لن‬ ‫يدخر وسعا ً في الترنح والميل على جنبه مؤثراً الستسلم فوراً ؛ القوة‬ ‫التي يريد الصولا استخدامها لن تحل المشكلة معهم ‪ ،‬ثم إنه لو طلب مدداً‬ ‫كما يفكر الضابط صدقي فسيحتاج المر إلى وقت تكون المشكلة فيه قد‬ ‫تفاقمت‪. ‬‬ ‫المهم الن ماذا يقولا ؟‬

‫‪8‬‬


‫‪ ‬هؤلءالناس ‪ -‬خاصة في تلك الظروف ‪ -‬يريدون كلما ً حاسما ً ؛ ووعداً‬ ‫صادقا ً بتنفيذ مايريدون ؛ وعداً بأن الموضوع سيحل بالعدلا ؛ وأن القتيل‬ ‫مهما كان شأنه لن يضيع دمه هدراً‪. ‬‬ ‫كانت النوافذ و الشرفاتا فوقه مبذورة بالعين المتراصة المحدقة ؛‬ ‫والبنية المجاورة والمحالا موصدة البواب ‪ ،‬رويداً هدأتا الصواتا‪ ‬؛‪ ‬‬ ‫التفت العيون حوله؛ انتظرالجميع أن ينتهي صمته هذا الذي طالا؛ ولما‬ ‫لم يتكلم تقدم الرجل الذي حادثه من قبل ؛ رأى من هيئته وهو يتقدم أنه‬ ‫كبيرهم سنا ً ومقاما ً ‪ ،‬هاديء النظراتا ‪ ،‬رقيق الملمح ‪ ،‬يزين سمرة وجهه‬ ‫جبهةعالية تتصل بشيب شعره المغطى بعمامة بيضاء ؛ رأى أن حدسه قد‬ ‫صدق وأن حاسته السادسة أوالتوفيق‪ ‬الذي لزمه جعله يختار هذا الرجل‬ ‫دون سواه ؛ أشار الرجل بيده يمنع اللغط ‪ ،‬لزمت اللسنة السكون‪.‬‬ ‫حدجه سامح بنظرةطويلة متفحصة ‪ ،‬قالا متمهلً ‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬لم‪ ‬يتم القبض على المرأة بعد‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬المرأة لديكم بالداخل‪. ‬‬ ‫­‪ ‬أقسم ليست بالداخل ؛ أعدكم أنني سأعثر عليها؛ ستواجه التحقيق ؛ وإذا‬ ‫ثبتت إدانتها ستنالا عقابها‬ ‫رد العجوزمعترضا ً‪:‬‬ ‫إن‪ ‬لم تكن بالداخل فأين هي لتحاكموها ؟‬ ‫­‬ ‫مؤكد هربها قريبها الصولا أنور‬ ‫ارتجف أنور في مكانه وهو يسمع إسمه ربما للمرة الولى مذ عمل بهذه‬ ‫النقطة ينطق هكذا بل توقير أواحترام‬ ‫تمنى لو يخلي بينه وبينهم ليرد عليهم بطريقته ‪ ،‬ويعلمهم كيف يتحدثون‬ ‫عنه‬ ‫قالا سامح‪: ‬‬ ‫لكم علري أن أجدها وأقدمها للتحقيق‬ ‫­‬ ‫سألا العجوزمستوثقًا‪:‬‬ ‫‪9‬‬


‫ومالذى يدفعني لتصديقك؟‬ ‫­‬ ‫ت ملمح سامح قليلً ؛ قالا بثقة ‪:‬‬ ‫رق ر‬ ‫ كلمة الشرف بيننا‬‫‪ ­ ‬أمامك شهر لتنفيذ وعدك ‪. ‬‬ ‫تعالت صيحاتا الرفض والعتراض من السلحة والعين المتأججة‪.‬‬ ‫‪ ‬أشاربيده طالبا ً مغادرة المكان ؛ انشق الجمع نصفين رغما ً عنه ؛ نفذ‬ ‫إلى المام ‪ ،‬استداروا خلفه عائدين من حيث أتوا والسلحة تشق السحاب‬ ‫في حدة ونفاذ صبر‪.‬‬ ‫عاد سامح إلى الداخل‪.‬‬ ‫‪ ‬أمرفوراً بفتح النوافذ والباب الرئيسى للنقطة‪ . ‬‬ ‫‪ ‬وجدالصولا أنور وقد تحولت صفرة وجهه إلى إحمرار شفاف يقولا‬ ‫‪ ‬بحرارة ‪:‬‬ ‫أحسنت يافندم‬ ‫­‬ ‫حدق في وجهه باسما ً ولم يرد‪.‬‬ ‫‪ ‬داربعينيه باحثا ً عن شيء ما قبل أن يعود إليه سائلً‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬أين بهية ؟‬ ‫رد بسرعة وقد ازداد وجهه إحمراراً‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬وا يافندم ل أعرف‬ ‫غادرتا البسمة وجه‪ ‬سامح وهو يقولا‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬إن كنت فعلً لك يد في هروبها فسوف أحورلك للتحقيق‪.‬‬

‫‪10‬‬


Â

11


‫)‪(2‬‬ ‫حميده وتاريخ الحارة‬ ‫جلست حميدةعلى الرض بجوار الباب الكبير‬ ‫‪ ‬يداها في حجرها‬ ‫ظهرها إلى الجدار‬ ‫‪ ‬ساكنة‬ ‫‪12‬‬


‫‪ ‬هادئة‬ ‫ل يتحرك منها إل عينان ترقب بهما مايجري أمامها‬ ‫خروج الرجالا لعمالهم صباحاً ‪ ،‬الرجالا الكبار الذين يملكون المراكز‬ ‫والثروة‪ ،‬والبسطاءالذين يملكون القليل ؛ أو بالكاد يجرون وراء قوتا‬ ‫يومهم ‪ ،‬أو الذين يرتبطون بأعمالا محددة في الحكومة مثل الصولا أنور‪. ‬‬ ‫‪ ‬ترقب الباب الكبير وهو يفتح في الصباحا لخروج الجميع ؛ بعدهايغلق على‬ ‫الحارة من جديد؛ لتبدأطقوس النسوة اليومية في الخروج؛ تمتل‬ ‫المصاطب والبواب والنوافذ ؛ تدور الحاديث والمناقشاتا والمناوشاتا‬ ‫ليحدها حد ول يوقفها خوف ؛ حتى إذا كرلت اللسنة وبارتا المناقشاتا‬ ‫واقترب موعد عودة الرجالا أعيد فتح الباب الخشبى الكبيرللحارة ودخلت‬ ‫كل منهن إلى بيتها ؛ إل حميدة‪ ! ‬‬ ‫تبقى مكانها ويأتيها طعامها وشرابها في مواعيد مقدسة ؛ والويل كل الويل‬ ‫إذا تاخر عنها ‪ ‬فقد تغضب ‪ ،‬وإذا غضبت يظهر الجان الذي عليها ؛ ترغى‬ ‫وتزبد وتصولا وتجولا وتنطق بلغة ليفهمها أحد من أهل الحارة‪ ‬؛ ‪ ‬وإن‬ ‫كان البعض قد أشار أنها لغة فارسية لكون الجان الذي يتلبسها فارسي ‪،‬‬ ‫تنقلب الحارة على من فيها ساعتها ‪ ،‬يتبارى الجميع رغم اختلف مراكزهم‬ ‫وأعمارهم في محاولة مراضاتها حتى يذهب الجنى عنها ‪ ،‬و ترضى‪. ‬‬ ‫وقد اشتهرتا حميدة في الحارة وخارجها بقدرتها على كشف البلء عن‬ ‫المكروبين ؛ واقتلع الداء عن المصابين ‪ ،‬يأتيها أحدهم أوإحداهن فتنظر‬ ‫في عينيه؛ ‪ ‬وربماتحسست أصابعها الخشبية اليابسة موضع اللم‪ ‬؛‪ ‬وقد‬ ‫تسأله عن أعراض بعينها لم يذكرها؛ ‪ ‬ثم بعدها تصف الدواء؛ تقولا‬ ‫أسماءأعشاب يحتار المرء في حفظها ؛ يسمعها ربما لولا مرة ؛ يمضى‬ ‫إلى العطاريسأله عنها ؛ ومتى جربها وأحس بفعاليتها شكر لحميدة‬ ‫فضلها‪. ‬‬ ‫لذا فهي في جلستها هذه أمام الباب الكبير بجوار بيت فياض بك سليمان‬ ‫على المصطبة المفروشة بسجادة يدوية منقوشة بخيوط بهيجة اللوان لم‬ ‫‪13‬‬


‫تكن مهملة أو غير مرغوب فيها ‪،‬بل أنها كانت ذاتا قدر تاريخى في حياة‬ ‫الحارة وأهلها كابراً عن كابر‪.‬‬ ‫‪ ‬الكثرمن هذا أنها كانت ترى الفنجان ‪ ،‬ذلك قبل أن تشكو من عينيها منذ‬ ‫سنواتا طوالا لتدري كم ؛ لم تكن تطمع في مالا نظير هذا أو تفعله رغبة‬ ‫في مكسب ؛أو حتى خروجا ً عن الدين؛ ‪ ‬بل كانت تمسك بالفنجان فتصلي‬ ‫على النبي المختاربعد أن توحد ا وتؤكد لمن أمامها أن الغيب بيده وحده‬ ‫لشريك له ؛ وأن عملها ليس كشف الغيب بل جلء الحاضر ومن خللا‬ ‫ترتيب أحداثه تقرأ الفنجان وتبين مافيه‪.‬‬ ‫‪ ‬يأتيهاالكبراء مثلهم مثل الصغار‪.‬‬ ‫‪ ‬يسألونها أن تنظر في فنجانهم وترى وتتكلم ‪.‬‬ ‫‪ ‬إذاكانت راضية فالمر يسير‬ ‫‪ ‬وأماالخرى فما عليها سوى أن تتذمر ؛ تعوج لسانها وتنطق ببعض‬ ‫الكلماتا المبهمة حتى يبتعد راضيا ً من الغنيمة بالياب‪. ‬‬ ‫هذا كان بالمس‬ ‫‪ ‬وأمسهاهذا لمن ليعرفه يمتد لسنواتا بعيدة خلت‬ ‫‪ ‬فليدري أحد عمرها بالتحديد‪. ‬‬ ‫الن تكتفى بجلستهاالهادئة ‪ ،‬تنظر في صمت‪.‬‬ ‫‪ ‬لتتكلم إل إذا اقترب محدثها ورفع صوته‬ ‫‪ ‬فإذا أرادتا الكلم تكلمت؛ وإل أشاحت بيدها وأدارتا وجهها عنه‪. ‬‬ ‫‪ ‬أفراد بعينهم تسمعهم جيداً وتنتبه لهم ‪ ،‬ترفع صوتها العجوز منادية‬ ‫بمجرد أن تسمع صوتا أقدامهم ‪ ،‬منهم عائشة بنت أنور‪.‬‬ ‫في السابعة والنصف صباحا ً ارتفع صوتا حذائها قادما ً على البعد‪.‬‬ ‫انتبهت حميدة‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬عائشة‬ ‫رداء سماوي اللون ‪ ،‬وتغطي رأسها بمنديل أبيض يبرز‬ ‫ً‬ ‫كانت ترتدي‬ ‫إستدارة وجهها المشرب بالحمرار ‪ ،‬ردتا‪ :‬‬ ‫‪14‬‬


‫‪ ­ ‬صباحا الخير‬ ‫انبسط الوجه المستطيل وانفرج الفم عن هوة خالية من السنان‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬إلى أين؟‬ ‫تضحك عائشة منها‪ ،‬كل يوم نفس السؤالا ‪ ،‬وفي كل مرة تنصحها بعدم‬ ‫ترك الحارة ‪ ،‬اقتربت منها تقربل وجنتيها اللتين تكرمش جلدهما وحدقت في‬ ‫عينيها ‪:‬‬ ‫خائفة عرلى ؟‪ ‬‬ ‫­‬ ‫قالت ‪ :‬الحارة ياعائشة ؛ لتتركيها يابنيتي‪. ‬‬ ‫تشرد عائشة وهي تنظر إلى الطريق والبوابة الضخمة التي تفصل الحارة‬ ‫عنه ‪ ،‬منذ كم سنة وهذه العائلةهكذا تغلق الحارة عليها ؟‬ ‫حارة بالكامل تضم عائلة السليمانية بطباعها وعاداتها ؛ لتتزوج من‬ ‫خارجها ول تسمح لغريب بدخولها ؛ تفرتح أهلها وخرجوا إلى الدنيا من‬ ‫حولهم ‪ ،‬ومع هذا!‬ ‫الزمن ترغير واليام استدارتا وماكان مقبولً بالمس صار مرفوضا ً اليوم؛‬ ‫مرفوض بجميع المقاييس‪ ،‬صحيح أن الزواج من خارج العائلة تم خرقه‬ ‫من البعض ؛ تزوج من العائلتا المجاورة ؛ لكن عامة السليمانية مازالوا‬ ‫يخشون هذا‪. ‬‬ ‫همست وهي مازالت أسيرة شرودها ‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬لماذا ياخاله ؟‬ ‫تعتمد حميدة منذ ضعف بصرها على السمع وإن كانت لتبين ذلك ‪،‬ارتفع‬ ‫وجهها لعلى ومدتا ذقنها للمام‬ ‫‪ ­ ‬من خرج من داره‪ .‬‬ ‫ربتت عائشة كتفها‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬أنا رايحة إلى الكلية‪ .‬لن أتأخر‬ ‫تنظر حميدة وتهمس ‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬يسترك ربنا‬ ‫‪15‬‬


‫وترقبها وهي تتجه نحو الباب‪. ‬‬ ‫تسألا عائشة نفسها وهي تواجه الطريق‬ ‫‪ ‬هل تدرك الخالة حميدة من أمرها شيئا ً ؟‬ ‫‪ ‬هل تشعرحقيقة بما حولها حتى وإن لم تره ؟‬ ‫شيء غريب أمرهذه المرأة‪.‬‬ ‫‪ ‬تبدي نحوها عطفا ً حقيقيا ً وخوفا ً طبيعيا ً كأنها ابنتها‪ . ‬‬ ‫‪ ‬وتدوربكلماتها حولا معنى معين يبدو أثره على وجهها وهي تتكلم‪.‬‬ ‫لماذا تخاف عليها هكذا ؟‬ ‫‪ ‬ماالذي يمكن أن يحدث من المظاهراتا ‪ ،‬من جنون المواجهاتا ؟‬ ‫‪ ‬أم يكون الخوف من جهة شريف ؟‬ ‫‪ ‬مالذي يمكن أن يفعله ويضرها ؟‬ ‫تهتز رموشها مراتا وهي تكمل السير‪. ‬‬ ‫ولماذا شريف بالذاتا ياعائشه؟‬ ‫‪ ‬يرتعد القلب ‪ ،‬تخشى أن تقولا أنه إذا جرى سوء فسوف يحدث من جهة‬ ‫شريف ‪ ،‬الشيء الوحيد الذي تفعله وتخفيه عن والديها ‪ ،‬هي تعرفهما جيداً‬ ‫لو شعرا فقط بأنها تعرف رجلً غريبا ً أو تحادثه سوف تكون تلك نهاية‬ ‫خروجها حتى إلى الجامعة ‪.‬‬ ‫المشكلة أنها رغم معرفتها بهذا وجدتا نفسها ل تكلمه فقط ‪ ،‬بل تتقرب إليه‬ ‫‪ ،‬تراه يذهب وسط المظاهراتا يقود الطلب ‪ ،‬يشعل أي مكان يكون فيه‬ ‫بحماسه وبلغة لسانه ‪ ،‬تذهب معه ‪ ،‬يهرولا هاربا ً والدخان يخنقه‪ ،‬تسير‬ ‫خلفه‪ ،‬يتكلم عن الحرية وحقوق النسان‪ ،‬تسمعه‪.‬‬ ‫تشد الحقيبة بعصبية إلى صدرها أكثر ؛ تضغط بأصابعها رغما ً عنها على‬ ‫جلدها ‪ ..‬وهل كانت تقصد هذا؟‬ ‫لقد كانت تحادثه كزميل ل أكثر‪ ،‬هو الذي تسلل دون أن تدري إلى أفكارها‪. ‬‬ ‫ترفع عينيها إلى الطريق ومنه إلى السماء‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫ثم أنه صاحب رسالة ‪ ،‬يحمل أفكاراً رائعة تشدها إليه ‪ ،‬وهو فوق هذا‬ ‫مؤدب ‪ ،‬عاقل ‪ ،‬ولطيف ؛ لم تبدرمنه بادرة سوء‪ ،‬بل العكس هو‬ ‫الصحيح ‪ ،‬إنه دائم الصمت ‪ ،‬يحاذر قدر المكان في كلماته ‪ ،‬ويحني رأسه‬ ‫خجلً إذا تجاوز الحوار حدود الجد‪ ،‬وهي التي تسعى إليه وتحادثه وتسمع‬ ‫لكلماته ؛ حتى حينما شعرتا أنه يريد أن يفاتحها بحبه ويخجل من‬ ‫مواجهتها ويهرب بعينيه منها أخذتا تشجعه إلى أن تجرأ وجمع عزيمته‬ ‫وهمس مرة واحدة )عائشة ‪ ،‬أنا أحبك ( وهرولا مبتعداً خشية رد فعلها وما‬ ‫قد يفعله به‪.‬‬ ‫تضحك وهي ترمق الطريق والنهار بنوره الصحو‪. ‬‬ ‫تذكر قولا حميدة‬ ‫تهمس لنفسها‬ ‫ياترى بماذا تشعرين ياخاله ؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪17‬‬


18


‫‪(3) ‬‬ ‫عودة‪ ‬سالى‪ ‬‬ ‫أشار سامح على الجميع بعدم مغادرة النقطة ؛ وتشديد الحراسة على‬ ‫البواب والمنافذ جيداً ؛ ومراقبة المبنى بالكامل تحسبا ً لي جديد؛ وعاد‬ ‫إلى مكتبه ومعه الضابط صدقي الذي بدا عليه توتر وشت به نظراته‬ ‫وزفراته والتفاتاته العاصفة ‪ ،‬أتى أحد الجنود بكوبين من الشاي ومضى ‪،‬‬ ‫نظر سامح من خللا القضبان الحديدية التي تؤطر النافذة إلى الطريق ‪،‬‬ ‫حدق في جهامة الوحشة التي تمتل بها الدروب من حوله ؛ الصمت يغلف‬ ‫الركان ويخفي معه سر تلك الهاربة ؛ وإن كان هناك خيط يستطيع البدء‬ ‫منه فهو معرفة الصولا أنور بها ؛ لوواجهه مباشرة سينكر تماما ً أي صلة‬ ‫له بها ‪ ،‬المر يحتاج إلى تخطيط لجباره على البوحا بما لديه ؛ وفي ذاتا‬ ‫الوقت إلى سباق محموم مع الوقت لكشف المروإثباتا قدرة النقطة برجالها‬ ‫على القيام بمهامها دون الستعانة بقوة المديرية ؛ وكذلك قبل إنتهاء‬ ‫المهلة التي حددها مع أهل القتيل‪. ‬‬ ‫اتجه بعينيه إلى وجه صدقي خلفه‬ ‫‪ ‬أراد أن يحادثه عن المهلة التي تعطف بها الهالى على الحكومة‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫‪ ‬نادرة تستحق أن تذكر بالتاريخ والساعة‪.‬‬ ‫‪ ‬وأن تعلن في طرائف وغرائب الحداث‬ ‫‪ ‬أهالي قتيل يمهلون الحكومة شهراً لكشف لغز مقتله وإل‪ ..! ‬‬ ‫انتبه إلى الهاتف يدق مبعثراً خواطره في الهواء‬ ‫‪ ‬التقط السماعة متبرما ً‬ ‫‪ ­ ‬كيف حالك ياسامح؟‬ ‫‪ ­ ‬من؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬نسيت صوتي‪ ? ‬‬ ‫‪ ‬أنا سالي‬ ‫‪ ­ ‬سالي من ؟ ‪ ..‬آه سالي؛ تحت أمرك‬ ‫‪ ­ ‬أريد أن أراك‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬حالياً ل أستطيع‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬سامح‪ ،‬من فضلك‬ ‫­‪ ‬ل أستطيع الن‪ ‬‬ ‫­‪ ‬أحضر أنا إليك‬ ‫‪ ­ ‬ليس الن‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬إذن لن تقبل أي توضيح أوحتى استمرارنا كأصدقاء ؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬ليس الن‪.‬‬ ‫ووضع السماعة مكانها‬ ‫‪ ‬رجع بظهره إلى الوراء محدقا ً في طياتا الهواء النازفة بالحنق من حوله؛‬ ‫ارتسمت لمخيلته صورة سالي ممطرة بالتكبر والجحود ؛ معقولا سالي‬ ‫بنفسها تعتذر وتطلب الصفح ‪ ،‬ويصل المربها إلى الرجاء؟‬ ‫هذه ليست شخصيتها‪ .‬كبرياؤها يمنعها؛ حتى لوندمت فليست هي التي‬ ‫تعتذر ؛ طبيعتها تأبي هذا ‪ ،‬هناك شيء ما ‪.‬‬ ‫عاد بذاكرته إلى مكالمتها السابقة وماقالته فيها ‪ ،‬لم يصدق أذنيه حينها‬ ‫وهو يسمع صوتها عبر الهاتف‪ ،‬يسمع كلماتها ويدقق في رنين صوتها‬ ‫‪20‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫­‬

‫ويستعيد حروفها‪ ،‬ظنها أولا المر تمازحه ‪ ،‬تختبر حبه كما اعتادتا أن‬ ‫تفعل ‪ ،‬فكثيراً ماكانت تستفزه إلى درجة الغليان ثم ماتلبث أن تؤكد له‬ ‫بكلماتا رقيقة أنها تحبه‪ ،‬لكنها تكره أن تحب رجلً لتثق في درجة حبه‬ ‫لها ‪ ،‬لذا فإنها تمتحن هذا الحب‪ .‬يقولا لها وأعماقه تغلى من الغضب ‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬مقياس الحب ليس في درجة تحملي‬ ‫تقولا في جد ‪:‬‬ ‫وماهو في نظرك هذاالمقياس ؟‬ ‫يعيد ماقالا مراتا ومراتا‪:‬‬ ‫الحب هو ارتباطي الوثيق بك ‪ ،‬إحتياجي الدائم إليك‬ ‫تحتج ‪:‬‬ ‫إحتياج ؟‬ ‫يشرحا ‪:‬‬ ‫لكل كلمة طيبة ‪ ،‬لكل نظرة حنون ‪ ،‬للحظة صمت حتى ‪ ،‬أكون فيها‬ ‫سعيداً إلى جوارك‪.‬‬ ‫تضحك من قلبها ؛ وجههاحينما تضحك يشرق كربيع صحو تغرد طيوره‬ ‫وتتفتح أزهاره ؛ وينعش نسيمه القلوب ‪ ،‬و عيناها تنير بنظراتا تجعله‬ ‫شهيا ً بديعا ً‪. ‬‬ ‫تقولا ‪:‬‬ ‫حلو هذا الكلم‪..‬لكنه للسف مجرد كلم‬ ‫يحدق في عينيها ؛ عسلهما شقي له أغوار‪. ‬‬ ‫ماذا تريد ؟‬ ‫ليدري‬ ‫يحاولا ثانية معها‬ ‫ينسى مهنته التي تحتاج الحسم والحزم وعدم تمييع المور ويحاولا أن‬ ‫يبسط لها أفكاره ويكشف لها أنه ينظر إليها كرمز وصورة نقية يتمنى أن‬ ‫يعيش معها بقية العمر ‪ ،‬وكانت هي تسمعه وهى شاردة ‪ .‬يرى عينيها‬ ‫تائهتين فوق هاماتا أشجار الكازينو أو نظراتها تغوص في أعماق الماء‬ ‫‪21‬‬


‫وموج البحرأمامها الذي ليركل عن الفوران‪ ،‬أو إذا كان يقود عربته وهي‬ ‫بجانبه تهرب بوجهها منه‪ ،‬فكان يربت على يدها بحنو ‪ ،‬ويشعر أن هذا‬ ‫النوع من البناتا هو الذي يتمناه ويستريح إليه ‪ ،‬ذلك النوع الذي لم‬ ‫ينغمس في مظاهر وسطحياتا فارغة تتمثل على الوجوه والتصرفاتا ‪ ،‬ثم‬ ‫إنها برغم طبيعتها الحادة وتصرفاتها الصلبة وردودها العنيفة إل أنها ذاتا‬ ‫وجه واحد وحقيقة واضحة ‪ ،‬ولم تجرب بعد أي علقاتا مع غيره ‪ ،‬لذا‬ ‫فخطبته لها وقربه منها رغم أنه يستفز أعصابه ويجبره على التجمل‬ ‫بالصبر إل أنه يستريح له ‪ ،‬ويشعر أنه بالتفاهم بينهما بعد الزواج‬ ‫سيستطيع أن يعيش معها ويستأنس تلك الطبيعة البرية ويطورعها كما يشاء‬ ‫‪ ،‬فهي فى نهاية المر حيية ‪ ،‬لديها خجل طبيعى يبدو في تصرفاتها كلما‬ ‫تحدث إليها ‪ ،‬وهذا مايعجبه فيها ‪ ،‬فهو رغم طبيعة عمله واختلطه بأنواع‬ ‫من البشر كثيرة واحتكاكه المباشر بهم مايزالا يحمل نفسه الصيلة بين‬ ‫جوانحه‪ ،‬تلك النفس التواقة إلى البراءة والنقاء والجمالا الطبيعى في أبسط‬ ‫صوره ‪ ،‬يحمل قلبا ً ليحمل ضغينة لحد ‪ ،‬ربما خاصم وربما قالا أكره‪ ،‬لكن‬ ‫ماهى الكراهية ؟‬ ‫ليعرف ‪.‬‬ ‫و إذا خاصم فهذا معناه عدم الكلم ل أكثر ‪ ،‬أما الحقد والكراهية وما إليها‬ ‫فل يعرفها ‪ ،‬وهذا ما يحيره ‪ ،‬إنه يبدو شرسا ً أحيانًا‪ ،‬يندفع في العقاب كأنما‬ ‫المجرم قد ارتكب مال يغتفر ‪ ،‬ثم يفيق لنفسه سريعا ً ويعود لرشده وينظر‬ ‫إلى الجميع بنظرة من كان منكم بل خطيئة فليرمها بحجر ‪ ،‬وربما جلس مع‬ ‫مجرمين واستمع إليهم بعيداً عن رسمياتا وظيفته ‪ ،‬وذلك ليس لمجرد‬ ‫إعداد رسالة الماجستير التي يرعد لها عن الجرام والطبيعة البشرية ومدى‬ ‫تحكم الظروف الجتماعية فيها ‪ ،‬ليس هذاالسبب وحده بل إنها طبيعة‬ ‫نماها فيه والده اللواءعدلى ‪ ،‬وكذلك والدته الدكتوره عايده قبل أن يرتبط‬ ‫بسالي أو غيرها‪ .‬لكن سالي على أي حالا شخصية أحادية الجانب؛‬ ‫تتصرف بطبيعتها ‪ ،‬تمتاز بإخلص وعقل وخفة دم؛ ونوع من الحياء‬ ‫يحبه فيها ؛ لكنها دوما ً متحفزة معه‪ ،‬ليعرف لم ؟‬ ‫‪22‬‬


‫‪ ‬صحيح هو لم يتذمر ‪ ،‬بل على العكس رحب بهذا على اعتبار إنها إذا كانت‬ ‫هكذا معه فما بالك بالخرين ‪ ،‬إنها حتى لم تسمح له بتقبيلها‪ ،‬بل أنه حينما‬ ‫يغازلها بكلمة رقيقة ترتبك وتهرب بعينيها منه‪.‬‬ ‫لكن مكالمتهاالخيرة وما قالته فيها هزته من العماق‪.‬‬ ‫‪ ‬هزتا معايير الكون أمامه‪. ‬‬ ‫لم يصدق أذنيه حينها وهو يسمع صوتها عبر الهاتف‬ ‫‪ ‬يسمع كلماتها ويدقق في رنين صوتها ويستعيد حروفها‬ ‫ظنها أولا المر تمزحا معه ؛ لكنها وهي تسترسل أكدتا له جدية ما تقولا؛‬ ‫وقف ممسكا ً بسماعة الهاتف والرض تدور به؛ ينظر إلى الشياء أمامه‬ ‫تائه النظراتا؛ حائراً ليدري ماذا يقولا أومايجب فعله ؛ حتى إذاانتهت‬ ‫المكالمة رمى السماعة وهو شارد النظراتا‪ ،‬مضطرب النفاس ‪ ،‬غائب‬ ‫الفكر ونارتتأجج في صدره‪. ‬‬ ‫معقولا !!؟ ‪..‬هل هذه سالي حقا ً ؟‬ ‫إنها تقولا بصوتا بارد ل أثر فيه للنفعالا ‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬أسفه ياسامح ‪ ،‬أنا قصدتا أكلمك بنفسي حتى لتغضب أو تسيء بي‬ ‫الظنون ‪ ،‬وحتى أحتفظ بك صديقا ً ‪..‬كل شيء نصيب ونحن ليس لنا‬ ‫نصيب معا ً ‪ ،‬أتمنى لك السعادة مع غيري ‪.‬‬ ‫هكذا بمكالمة صغيرة منها أنهت خطوبتها له ‪ ،‬لم تبالا بأثر كلماتها عليه‬ ‫ولم تأبه لرد فعله‪ ،‬وبكل هدوء أغلقت الخط ‪ ،‬ذبحت بسكين باردة أوردته‬ ‫وشرايينه ونعمت براحة ضمير وهدوء بالا !‬ ‫دار بالعربة دوراتا متخبطة شاردة ليس لها قرار ولوجهة ‪ ،‬بعدها ذهب‬ ‫إلى والدته ‪ ،‬كانت تجلس بالصيدلية بعد الظهر وحدها والصمت ‪ ،‬عيناها‬ ‫باسمتان كعادتها ‪ ،‬رحبت به ‪ ،‬مدتا يدها إلى ثلجة صغيرة بجوارها ؛‬ ‫فتحت له علبة عصير من النوع الذي يحبه ‪ ،‬سألته عما به ولماذا هو‬ ‫مقطب الجبين هكذا ‪ ،‬حكى ماكان ‪ ،‬رآى وجهها لونه يتحولا إلى الاصفرار‬ ‫وعيناها تضيقان‪ ،‬ترزحا تحت عبء مشاعر غضب تحاولا جاهدةالسيطرة‬ ‫عليها ‪ ،‬مضى عنها إلى البيت ‪ ،‬دخل إلى حجرته وأغلق بابهاعليه ‪،‬رأى‬ ‫‪23‬‬


‫عيون الظلمة تحيط به ‪ ،‬الظللا المترامية عبر شراعة الشباك تصور له‬ ‫وجوها تضحك منه ‪ ،‬الخيالتا التي ترسمها ظللا أوراق وفروع‬ ‫الشجاروحوشا ً تريد النقضاض على قلبه وتمزيقه بكل ماتمتلك من حقد ‪،‬‬ ‫غطى وجهه هاربا ً من نفسه ‪ ،‬انتبه لصوتا أمه يسبقها إلى الدخولا عليه‬ ‫وإزاحه الظلمة عنه ‪ ،‬تجلس إلى جانبه ‪ ،‬تطلب منه مناقشة المر بالعقل‬ ‫بعيداً عن النفعالا الوقتي الذي ليفيد‪.‬‬ ‫حدق في وجهها الذي استعاد لونه الطبيعى وهو ليكاد يفهم شيئا ً ؛ المر‬ ‫يمس كرامته ‪ ،‬لقد تغاضى عن متناقضاتا كثيرة في شخصية هذه البنت ‪،‬‬ ‫رضى بتحفظها أمام مشاعره وحيادها أمام لهفته وصمتها أمام تدفق‬ ‫كلماته‪ ،‬لكن‪! ‬‬ ‫انتبه لمه منبسطة الوجه ‪ ،‬رائقة الصوتا تتحدث إليه ‪ ،‬استمع إليها وهو‬ ‫بين مشاعره تائه ليدري إلى أين‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬بصراحه أنا احترمت هذه البنت‪ ‬‬ ‫صرخ وقد فاجأته الكلماتا‪:‬‬ ‫ ماذا تقولين ؟‬‫‪ ­ ‬صارحتك بمشاعرها الحقيقية‬ ‫هب من مكانه محتجًا‪:‬‬ ‫ متى ؟‬‫ربتت كتفه برفق‪:‬‬ ‫ لو كانت سيئة لخدعتك‬‫‪ ­ ‬لكنها ارتبطت بغيري وأنا خطيبها‬ ‫‪ ­ ‬ومن أخبرك بهذا ؟‬ ‫‪ ­ ‬وبماذا تفسرين ما جرى ؟‬ ‫‪ ­ ‬لأفسره بأكثر مماقالته ‪ ،‬كل شىء نصيب‬ ‫لزم الصمت ‪،‬الحوار لن يجدي معها‪ ،‬هويدرك مقصدها ‪ ،‬يعرف ماذا تريد ‪،‬‬ ‫في رأسها فكرة لن تهدأ حتى تجعله يقولا أنه اقتنع بها ‪ ،‬لكن الجرحا الن‬ ‫مشتعل ولن تطفأه الكلماتا‪.‬‬ ‫‪24‬‬


‫عاد لنفسه ولجدران الحجرة التي تفصله عن الظلمة والوحشة التي‬ ‫ينطوى عليها الطريق في هذا الوقت من المساء ‪ ،‬تمتم‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬لكن لماذا تراجعت سالي بهذه السرعة وعادتا تتصل بي ؟‬ ‫‪ ­ ‬سامح‪ ،‬مابك ؟‬ ‫انتبه لصدقي أمامه‬ ‫‪ ‬حدق في وجهه بعينين شاردتين وهويسحب نفسه بالكاد من حومة‬ ‫الذكرياتا ومراجل النار التي تشوى أعصابه ؛ وصورة سالي التي تتقافز‬ ‫أمامه ؛ بصوتها الناعم نعومة السكين الملساء وهي تقطع أوردته وتسفك‬ ‫دمه وهي تطلب النفصالا عنه‪،‬إلى حومة القضية الجديدة التي أربكت‬ ‫حساباته كلها ؛ خاصة في هذا الوقت الحرج الذي يجد نفسه فيه مطالبا ً‬ ‫بحماية نفسه أول ورجاله قبل حماية الناس‪. ‬‬ ‫تغلغلت خاطرة مفاجئة في صدره هش لها‬ ‫‪ ‬عاد إلى صدقى متسائلً‪ : ‬‬ ‫‪­ ‬أيهماأفضل ؛ المرأة التي تقتل رجلها قبل الزواج ‪ ،‬أم التي تقتله بعده؟‪ ‬‬

‫‪25‬‬


‫‪(4) ‬‬ ‫الوعد‪ ‬‬ ‫سارت‪ ‬العربة‪ ‬به‪ ‬ناحية‪ ‬أرض‪ ‬الفولي‪ ‬القديمة‪.‬‬ ‫عبرت‪ ‬الرض‪ ‬الفضاء‪ ‬من‪ ‬أجزائها‪ ‬الجافة‪ ‬؛‪ ‬متحاشية‪ ‬الخرى‪ ‬الممتلئة‬ ‫بالمياه‪ ‬من‪ ‬جوف‪ ‬الأرض؛‪ ‬أومن‪ ‬أثرالمطار‪. ‬‬ ‫تركها‪ ‬إلى‪ ‬منطقة‪ ‬الملحات‪ ‬خلفها‪ ،‬ومضى‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬مساكن‪ ‬عديدة‪ ‬تتناثر‬ ‫في‪ ‬الفضاءالرحب‪ ‬؛‪ ‬تقل‪ ‬تدريجيا اوتعود‪ ‬لتكثروتتزاحم‪ ‬على‪ ‬شاطئ‪ ‬البحر‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫‪ ‬وقف‪ ‬به‪ ‬السائق‪ ‬أمام‪ ‬باب‪ ‬خشبي‪ ‬عملق‪ ‬؛‪ ‬باب‪ ‬قديم‪ ‬حفرت‪ ‬به‪ ‬صور‬ ‫ونتؤات‪ ‬بارزة‪ ‬بلون‪ ‬يميل‪ ‬إلى‪ ‬البني‪ ‬المحروق‬ ‫‪ ‬تأمل‪ ‬ضخامته‪ ‬وسمكه‪ ‬الذي‪ ‬يدل‪ ‬على‪ ‬وجود‪ ‬قلعة‪ ‬بالداخل‪ ‬وليس‪ ‬مجرد‬ ‫بيوت‪ ‬أو‪ ‬حارات‪ ‬يسكنها‪ ‬أناس‪ ‬عاديون‪. ‬‬ ‫‪ ‬بدت‪ ‬لمخيلته‪ ‬للحظة‪ ‬خاطفة‪ ‬صور‪ ‬قلع‪ ‬العصورالتاريخية‪ ‬التي‪ ‬إمتلت‪ ‬بها‬ ‫الفلم‪ ‬القديمة‪ ، ‬وكيف‪ ‬كانت‪ ‬تحمى‪ ‬نفسها‪ ‬بغلق‪ ‬بابها‪ ‬الذي‪ ‬يشبه‪ ‬هذا‬ ‫كثيراا‪ ، ‬ويتم‪ ‬محاصرتها‪ ‬لشهر‪ ‬أو‪ ‬ربما‪ ‬لسنوات‪ ‬مثل‪ ‬ملحمة‪ ‬هوميروس‬ ‫اللياذه‪ ‬وحصان‪ ‬طرواده‪ ‬الشهير‪.‬‬ ‫حدثته‪ ‬نفسه‪ ‬أن‪ ‬الحيلة‪ ‬وليس‪ ‬القوة‪ ‬هي‪ ‬التي‪ ‬تسيطر‪ ‬وتتمكن‪. ‬‬ ‫الحيلة‪ ‬بدون‪ ‬القوة‪ ‬تنتصر‪.‬‬ ‫القوة‪ ‬بدون‪ ‬الحيلة‪ ‬ربما‪ ‬فازت‪ ‬وربما ‪ ‬ل‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬للباب‪ ‬متسائلا‪ ‬كيف‪ ‬لم‪ ‬يره‪ ‬من‪ ‬قبل‬ ‫‪ ‬كثيراا‪ ‬مامر‪ ‬من‪ ‬هنا‪ ‬؛‪ ‬و‪ ‬نظراا‪ ‬لهدوءالمكان‪ ‬وحالةالسكون‪ ‬المخيمة‪ ‬كان‬ ‫يكمل‪ ‬السير‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬يفكرفي‪ ‬تأمل‪ ‬هذه‪ ‬الروعة‪ ‬أو‪ ‬اختراق‪ ‬هذا‪ ‬الحصن‪ ‬؛‬ ‫ليرى‪ ‬العالم‪ ‬الذي‪ ‬خلفه‪ ، ‬ينظركيف‪ ‬يعيشون؛‪ ‬وهل‪ ‬تكمن‪ ‬خلفه‪ ‬بيوت‬ ‫تاريخية‪ ‬مثله‪ ‬وشخصيات‪ ‬مما‪ ‬يسمع‪ ‬عنها‪ ‬أو‪ ‬يراها‪ ‬في‪ ‬الفلم‪ ‬؛‪ ‬أم‪ ‬هي‬ ‫مجرد‪ ‬واجهه‪ ‬قديمة‪ ‬لماضب‪ ‬سحيق‪ ‬؛‪ ‬تتلوها‪ ‬أبنية‪ ‬حديثة‪ ‬ووجود‪ ‬ينتمي‪ ‬‬ ‫لعالم‪ ‬اليوم‪ ‬؛‪ ‬ولماذايغلق‪ ‬عليهم‪ ‬حتى‪ ‬الأن‪ ‬؟‬ ‫لقد‪ ‬اعتاد‪ ‬في‪ ‬جولته‪ ‬بسيارةالدورية‪ ‬التمهل‪ ‬في‪ ‬السير‪ ‬ومتابعة‪ ‬الوجوه‪ ‬عن‬ ‫بعد‪ ‬والهتمام‪ ‬بالمرورعلى‪ ‬شوارع‪ ‬المنطقة‪ ‬ككل‪ ،.‬لكنه‪ ‬لم‪ ‬يتخيل‪ ‬أن‪ ‬تكون‬ ‫هناك‪ ‬حارة‪ ‬بهذا‪ ‬الحجم‪ ‬والتساع‪ ، ‬مغلقة‪ ‬على‪ ‬نفسها‪ ‬هكذا‪ ‬في‪ ‬عصرنا‬ ‫الحالي‪ ‬الذي‪ ‬انفتحت‪ ‬فيه‪ ‬كل‪ ‬البواب‪ ، ‬وهبت‪ ‬فيه‪ ‬شتى‪ ‬التيارات‪ ‬ومن‪ ‬كل‬ ‫التجاهات‪ ،‬إلى‪ ‬الدرجة‪ ‬التي‪ ‬أصبحت‪ ‬فيها‪ ‬المعرفة‪ ‬والعلوم‪ ‬متاحة‪ ‬لكل‪ ‬ذي‬ ‫بال‪. ‬‬

‫‪27‬‬


‫‪ ‬ثم‪ ‬هذاالباب‪ ‬العملق‪ ‬الذي‪ ‬يغلق‪ ‬على‪ ‬عائلة‪ ‬بأكملها؛‪ ‬عائلة‪ ‬تشعبت‬ ‫وتفرعت‪ ‬ونمت‪ ‬في‪ ‬مكانها‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬يعكرصفوها‪ ‬غريب‪! ‬‬ ‫‪ ‬لبد‪ ‬من‪ ‬الدخول‪ ‬الن‪ ‬ليرى‪ ‬بعينيه‪ ‬ماهناك‪.‬‬ ‫يتعرف‪ ‬أولا‪ ‬على‪ ‬دروبها‬ ‫‪ ‬وثانيا ا‪ ‬ليستطيع‪ ‬تحديد‪ ‬الموقف‪ ‬على‪ ‬الرؤية‪ ‬والبحث‪ ‬وليس‪ ‬الستنتاج‪.‬‬ ‫الصول‪ ‬أنور‪ ‬من‪ ‬سكان‪ ‬هذا‪ ‬الحصن‪ ‬؛‪ ‬وجوده‪ ‬فيه‪ ‬حجة‪ ‬قوية‪ ‬وجواز‪ ‬مرور‬ ‫للعبور‪ ‬بسلم‪ ‬إلى‪ ‬عالمهم‪.‬‬ ‫الشهر‪ ‬الذى‪ ‬تحدد‪ ‬كمهلة‪ ‬تمضي‪ ‬أيامه‪ ‬منذرة‪ ‬في‪ ‬الوقت‪ ‬الذي‪ ‬ليجد‪ ‬فيه‬ ‫مدخلا‪ ‬لبحث‪ ‬ول‪ ‬طريقا ا‪ ‬لولوج‪ ‬إلى‪ ‬دراسة‪ ‬أو‪ ‬كشف‪ ‬متاهات‪ ‬مازالت‬ ‫مستغلقة‪ ‬عليه‪. ‬‬ ‫أمر‪ ‬العسكري‪ ‬الذي‪ ‬يرافقه‪ ‬أن‪ ‬يدق‪ ‬الباب‪ ‬فوراا‪.‬‬ ‫دق‪ ‬مقبضاا‪ ‬معدنياا‪ ‬على‪ ‬هيئة‪ ‬قبضة‪ ‬يد‪ ‬بشرية‪ ‬وسط‪ ‬الباب‪ ‬الخشبي‪ ‬بقوة‪.‬‬ ‫لحظات‪ ‬وفتح‪ ‬ليكشف‪ ‬عما‪ ‬وراءه‪. ‬‬ ‫‪ ‬حدقت‪ ‬عينان‪ ‬حادتا‪ ‬النظرات‪ ‬في‪ ‬القادمين‬ ‫عرفت‪ ‬الضابط‪ ‬سامح‪ ‬فوراا‬ ‫ألقت‪ ‬الترحيب‪ ‬بين‪ ‬يديه‪ ‬ووسعت‪ ‬له‪ ‬الطريق‪. ‬‬ ‫تقدم‪ ‬على‪ ‬قدميه‪ ‬مفضل ا‪ ‬السير‪ ‬على‪ ‬ركوب‪ ‬السيارة‪ ‬ليطيل‪ ‬فتره‪ ‬التأمل‬ ‫واكتشاف‪ ‬المكان‪ ‬محدقا ا‪ ‬في‪ ‬البيوت‪ ‬من‪ ‬حوله‪ ، ‬بدت‪ ‬الماكن‪ ‬تاريخا ا‪ ‬يتكلم‬ ‫‪ ،‬بيوت‪ ‬قديمة‪ ‬ذات‪ ‬أحجاركبيرة‪ ، ‬ونوافذعالية‪ ، ‬وشرفات‪ ‬بها‪ ‬نمنمات‬ ‫ورسوم‪ ،‬وبيوت‪ ‬أحدث‪ ‬قليلا‪ ‬تمتاز‪ ‬بضخامة‪ ‬وقوة‪ ‬بنيانها‪ ، ‬تشعر‪ ‬بها‬ ‫فضفاضة‪ ‬سامقة‪ ‬وسط‪ ‬أخرى‪ ‬قليلةالرتفاع‪ ، ‬وهناك‪ ‬بيوت‪ ‬أحدث‪ ‬تمتاز‬ ‫بألوان‪ ‬حديثة‪ ‬مزينة‪ ‬بالحجارة‪ ‬الحرارية‪ ‬أو‪ ‬الطوب‪ ‬الفرعوني‪ ‬البني‪ ‬اللون‬ ‫أو‪ ‬الحجري‪ ‬البارز‪ ‬الذي‪ ‬يدل‪ ‬على‪ ‬بذخ‪ ‬ورفاهية‪ ، ‬كأن‪ ‬الحجارة‪ ‬تحكي‬ ‫‪ ‬تاريخ‪ ‬المكان‪ ‬منذ‪ ‬عصوره‪ ‬الولى‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫كل‪ ‬بيت‪ ‬من‪ ‬هذه‪ ‬البيوت‪ ‬لو‪ ‬تكلم‪ ‬سيحكي‪ ‬عن‪ ‬قصة‪ ‬البناء‪ ‬وأصحاب‪ ‬البناء‬ ‫وأسبابه‪ ‬ومكانته‪ ‬وسط‪ ‬البنية‪ ‬الخرى‪. ‬‬ ‫‪ ‬سار‪ ‬إلى‪ ‬المام‪. ‬‬ ‫رأى‪ ‬الخالة‪ ‬حميدة‪ ‬في‪ ‬مكانها‪ ‬بجسدهاالعجف‪.‬‬ ‫‪ ‬تجلس‪ ‬هادئة‪.‬‬ ‫‪ ‬ممددةالقدمين‪.‬‬ ‫‪ ‬ظهرها‪ ‬إلى‪ ‬الحائط‪ ‬ترقب‪ ‬الغادي‪ ‬والرائح‪ ‬في‪ ‬صمت‬ ‫تبادل‪ ‬نظرات‪ ‬متفحصة‪ ‬ونظرات‪ ‬مترقبة‪ ‬تسأل‪ ‬أسئلة‪ ‬صامتة‪ ‬تنطقها‬ ‫النظرات‪ ‬دون‪ ‬الحرف‪.‬‬ ‫ألقى‪ ‬التحية‪ ‬متودداا‪.‬‬ ‫سألت‪ ‬الرجل‪ ‬الذي‪ ‬يرافقه‪ ‬من‪ ‬يكون‪ ، ‬خاصة‪ ‬وهو‪ ‬يرتدى‪ ‬ملبس‪ ‬ملكية‬ ‫وليس‪ ‬زيه‪ ‬الرسمى‬ ‫صاح‪ ‬في‪ ‬وجهها‪ :‬‬ ‫‪­ ‬هذا‪ ‬الضابط‪ ‬سامح‪ ‬الذي‪ ‬يعمل‪ ‬مع‪ ‬الصول‪ ‬أنور‬ ‫هزت‪ ‬رأسها‪ ‬بروية‪ ‬وهي‪ ‬تتابع‪ ‬التحديق‪ ‬في‪ ‬وجهه‪ ‬مشيرة‪ ‬على‪ ‬مرافقه‪ ‬أن‬ ‫يبلغ‪ ‬الصول‪ ‬فورا ا‪.‬‬ ‫أكمل‪ ‬السيرمتفحصا اكل‪ ‬مايمر‪ ‬به‪ ‬من‪ ‬أبنيه‪ ‬وحارات‪ ‬صغيرة‪ ‬متفرعة‪ ‬هنا‬ ‫وهناك‪. ‬‬ ‫الموضوع‪ ‬أصعب‪ ‬مما‪ ‬كان‪ ‬يظن‪.‬‬ ‫‪ ‬هذاالمكان‪ ‬الفسيح‪ ‬بدوره‪ ‬ودروبه‪ ‬؛‪ ‬كيف‪ ‬يبحث‪ ‬فيه‪ ‬عن‪ ‬بهية؟‬ ‫‪ ‬إذا‪ ‬كانت‪ ‬هنا‪ ‬فعلا‪ ‬فالمر‪ ‬يحتاج‪ ‬أن‪ ‬تخرج‪ ‬بنفسها؛‪ ‬أما‪ ‬غيرهذا‪ ‬فيحتاج‬ ‫إلى‪ ‬جهد‪ ‬فوق‪ ‬طاقته‪ ‬كقائد‪ ‬لنقطه‪ ‬شرطة‪ ‬صغيرة‪ ‬محدودة‪ ‬الفراد‪.‬‬ ‫اقترب‪ ‬بيت‪ ‬أنور‪.‬‬ ‫أشار‪ ‬مرافقه‪ ‬إليه‪.‬‬ ‫‪ ‬يأخذ‪ ‬ناصية‪ ‬أحد‪ ‬الطرق‪.‬‬ ‫‪29‬‬


‫‪ ‬الدروب‪ ‬هنا‪ ‬متعددة‪ ‬؛‪ ‬فسيحة‪ ‬؛‪ ‬وكلها‪ ‬تبدو‪ ‬متصلة‪ ‬يسهل‪ ‬النفاذ‪ ‬منها‬ ‫وإليها‪ ‬بيسر‪.‬‬ ‫‪ ‬ترى‪ ‬في‪ ‬أي‪ ‬بيت‪ ‬هي‪ ‬الن؟‬ ‫المر‪ ‬بيد‪ ‬أنور‪.‬‬ ‫‪ ‬هووحده‪ ‬الذي‪ ‬يستطيع‪ ‬إذا‪ ‬صح‪ ‬إحساسه‪ ‬بأمانة‪ ‬الوظيفة‪ ‬وشرفها‪ ‬أن‬ ‫يعيدها‪.‬‬ ‫يمكنه‪ ‬أن‪ ‬يعده‪ ‬بمعاملة‪ ‬حسنة‪ ‬وتحقيق‪ ‬عادل‪ ‬للوصول‪ ‬إلى‪ ‬الحقيقة‪. ‬‬ ‫لكن‪ ­ ‬سأل‪ ‬نفسه‪ ­ ‬ماأدراك‪ ‬أنهم‪ ‬ليعرفون‪ ‬ماجرى‪ ، ‬وأن‪ ‬هذا‪ ‬فيه‪ ‬إدانة‬ ‫لهم‪ ‬تضطرهم‪ ‬لخفاء‪ ‬بهية؟‬ ‫ثم‪ ‬من‪ ‬هوالرجل‪ ‬الذي‪ ‬ساعدها‪ ‬؛‪ ‬أوقتله‪ – ‬حتى‪ ­ ‬أمامها‪ ‬؛‪ ‬ولماذا‪ ‬لم‬ ‫يهرب‪ ‬أصل ا؟‬ ‫‪ ‬أشارمرافقه‪ ‬إلى‪ ‬بيت‪ ‬بعينه‪ ،‬تقدم‪ ‬داخلا‪ ‬من‪ ‬الباب‪.‬‬ ‫‪ ‬انتبهت‪ ‬حواسه‪.‬‬ ‫‪ ‬أنور‪ ،‬مؤكد‪ ‬ستتكلم‪ ‬وإل‪ ! ‬‬ ‫‪ ‬بدأ‪ ‬صعودالسلم‪.‬‬ ‫كان‪ ‬أنور‪ ‬قد‪ ‬فوجيء‪ ‬بمن‪ ‬يخبره‪ ‬أن‪ ‬الضابط‪ ‬سامح‪ ‬جاء‪ ‬لزيارته‪.‬‬ ‫شعور‪ ‬بالريبة‪ ‬اجتاحه‪.‬‬ ‫‪ ‬هذاالشاب‪ ‬لن‪ ‬يهدأ‪.‬‬ ‫‪ ‬مصمم‪ ‬على‪ ‬اللعب‪ ‬بالنار‪.‬‬ ‫‪ ‬ماذ‪ ‬ا‪ ‬سيرى‪ ‬في‪ ‬بيته؟‬ ‫هل‪ ‬يحسب‪ ‬أنه‪ ‬سيرى‪ ‬بهية‪ ‬عنده‪ ‬؟ا‬ ‫‪ ‬أم‪ ‬يظن‪ ‬أنه‪ ‬سيعثرعليها‪ ‬في‪ ‬الحارة؟‬ ‫ضباط‪ ‬كثيرون‪ ‬مرواعلى‪ ‬النقطه؛‪ ‬لم‪ ‬يفكرأحدهم‪ ‬في‪ ‬زيارته‪ ‬أودخول‪ ‬الحارة‬ ‫أصلا‪.‬‬ ‫قام‪ ‬سريعا‪ ‬للترحيب‪ ‬به‪.‬‬ ‫‪30‬‬


‫غيّر‪ ‬ملبس‪ ‬النوم‬ ‫طلب‪ ‬من‪ ‬زوجه‪ ‬النظرسريعاا‪ ‬إلى‪ ‬غرفة‪ ‬الضيوف‪ ‬؛‪ ‬وترتيب‪ ‬المكان‪ ‬ليستقبل‬ ‫الزائر‪ ‬؛‪ ‬ومضى‪ ‬إلى‪ ‬المرآه‪ ‬يضبط‪ ‬ملبسه‪ ‬ويرجل‪ ‬شعره‪ ‬حول‪ ‬أذنيه‪.‬‬ ‫‪ ‬تلقي‪ ‬ومحياه‪ ‬في‪ ‬المرآة‪.‬‬ ‫‪ ‬سألته‪ ‬عيناه‪ ‬لماذا‪ ‬يجئ‪ ‬سامح‪ ‬بنفسه‪ ‬إلى‪ ‬هنا؟‬ ‫ضحك‪ ‬للسؤال‪.‬‬ ‫‪ ‬يريداللعب‪ ‬مع‪ ‬عم‪ ‬أنورالعجوز‪ .‬‬ ‫يظنني‪ ‬سهلا‪ ، ‬يستطيع‪ ‬المناورة‪ ‬معي‪. ‬‬ ‫عبست‪ ‬عيناه‪.‬‬ ‫قال‪ ‬لنفسه‪..‬ضابط‪ ‬صغير‪ ‬لكنه‪ ‬لماح‪.‬‬ ‫مشكلته‪ ‬أنه‪ ‬ليعرف‪ ‬مع‪ ‬من‪ ‬يتعامل‪.‬‬ ‫طيب‪! ‬‬ ‫أنا‪ ‬أقدرذكاءه‪ ‬رغم‪ ‬صغره‪ ،‬وهوليقدر‪ ‬خبرتي‪ ‬رغم‪ ‬أنني‪ ‬في‪ ‬سن‪ ‬والده‪.‬‬ ‫على‪ ‬القل‪ ‬يسمع‪ ‬لي‬ ‫قالت‪ ‬له‪ ‬عيناه‪..‬انتظرياأنور‪.‬لتنسى‪ ‬أنك‪ ‬مخطيء‪ ‬؛‪ ‬تتجبروتفعل‪ ‬ماتريد؛‬ ‫الناس‪ ‬كلها‪ ‬قبل‪ ‬مجيء‪ ‬سامح‪ ‬كانت‪ ‬تمتليء‪ ‬بالكره‪ ‬لك‪ ‬؛‪ ‬تضيق‪ ‬بك‬ ‫وبصوتك‪ ‬العريض‪ ‬الذي‪ ‬يجلجل‪ ‬مقتحما ا‪ ‬القلوب؛‪ ‬هذابالضافة‪ ‬لليد‬ ‫الممدودة‪ ‬في‪ ‬قوة‪ ، ‬دون‪ ‬خشية‪ ‬أوخوف‪ ‬من‪ ‬عقاب‪ .‬‬ ‫أدار‪ ‬وجهه‪ ‬عن‪ ‬المرآه‪.‬‬ ‫‪ ‬ل‪.‬‬ ‫‪ ‬هذا‪ ‬لم‪ ‬يحدث‪.‬‬ ‫‪ ‬لم‪ ‬أكن‪ ‬بالمتجبر‪.‬‬ ‫‪ ‬لم‪ ‬أكن‪ ‬بالظالم‪.‬‬ ‫‪ ‬كنت‪ ‬أعرف‪ ‬أن‪ ‬وظيفة‪ ‬الشرطي‪ ‬فرض‪ ‬المن‪ ‬والسيطرةعلى‪ ‬النظام‪ ‬؛‬ ‫وإشعارالخارجين‪ ‬على‪ ‬القانون‪ ‬أن‪ ‬فوقهم‪ ‬قوة‪ ‬لترحم‪ ‬؛‪ ‬أن‪ ‬يعرف‪ ‬الناس‬ ‫‪31‬‬


‫أن‪ ‬الشرطي‪ ‬حاكم‪ ‬مستبد‪ ‬لكنه‪ ‬عادل؛‪ ‬يفرض‪ ‬سطوته‪ ‬ونفوذه‪ ‬بقوة؛‪ ‬سواء‬ ‫كانت‪ ‬قوة‪ ‬القانون‪ ‬وأحكامه‪ ‬أو‪ ‬قوته‪ ‬هو‪ ‬وشخصيته‪ ‬التي‪ ‬ترهب‪ ‬الشرار‪. ‬‬ ‫‪ ‬الصول‪ ‬عارف‪ ‬يرحمه ا‪ ‬علمني‪ ‬هذا‪. ‬‬ ‫‪ ‬صرخة‪ ‬في‪ ‬وجه‪ ‬مواطن‪ ‬قد‪ ‬تكشف‪ ‬لك‪ ‬عن‪ ‬مجرم‪.‬‬ ‫‪ ‬وإن‪ ‬لم‪ ‬تكشف‪ ‬لك‪ ‬عن‪ ‬مجرم‪ ‬فستمنع‪ ‬جريمة‪.‬‬ ‫‪ ‬الخوف‪ ‬يجبرالقلوب‪ ‬على‪ ‬الستكانة‪ ‬ويبسط‪ ‬المان‪ ‬بين‪ ‬الخلق‪. ‬‬ ‫‪ ‬أماعن‪ ‬النقود‪ ‬التي‪ ‬كنت‪ ‬آخذها‪ ‬فأنا‪ ‬لم‪ ‬أطلب‪ ‬قط‪. ‬‬ ‫‪ ‬لم‪ ‬أقل‪ ‬لحد‪ ‬هات‪.‬‬ ‫هم‪ ‬الذين‪ ‬كانوايمدون‪ ‬أيديهم‪ ‬بالعطاء‪.‬‬ ‫كنت‪ ‬أعرف‪ ‬أنها‪ ‬وسيله‪ ‬للتقرب‪ ‬إلي‪ ، ‬ومحاوله‪ ‬إرضائي‬ ‫ورغم‪ ‬هذا‪ ‬كنت‪ ‬أراعي‪ ‬ضميري‬ ‫حدقت‪ ‬العينان‪ ‬فيه؛‪ ‬في‪ ‬وجهه‪ ‬من‪ ‬أعلى‪ ‬رأسه‪ ‬بتوردها‪ ‬وبياض‪ ‬الشعرالقليل‬ ‫فيها؛‪ ‬إلى‪ ‬العينين‪ ‬الضيقتين‪ ‬بالفم‪ ‬الواسع‪ ،‬والخدودالمسحوبة‪ ، ‬والشارب‬ ‫القصير‪ ‬والذقن‪ ‬السمينة‪ ‬؛‪ ‬حدقت‪ ‬طويلا‪ ‬ثم‪ ‬سألته‪: ‬‬ ‫هل‪ ‬أنت‪ ‬مقتنع‪ ‬بماتقول؟‬ ‫­‬ ‫‪ ‬اغتاظ‪ ‬منها‪ ‬؛‪ ‬ترك‪ ‬المرآه‪ ‬في‪ ‬ضيق‪ ‬وهويزمجر‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ناس‪ ‬شياطين‪ .‬يريدون‪ ‬تسليك‪ ‬أمورهم‪ .‬أصبح‪ ‬أنا‪ ‬المخطيء‪! ‬‬ ‫ثم‪ ‬أن‪ ‬كل‪ ‬شئ‪ ‬كان‪ ‬يسيربهدوء؛‪ ‬فما‪ ‬الذي‪ ‬جرى‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫ورفع‪ ‬صوته‪ ‬محتداا‪ ‬مخاطبا ا‪ ‬زوجه‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماالمر؟‬ ‫جاءه‪ ‬التأكيد‪ ‬بأن‪ ‬كل‪ ‬شيء‪ ‬على‪ ‬مايرام‬ ‫مضى‪ ‬إلى‪ ‬باب‪ ‬الشقة‪ ‬متجهاا‪ ‬إلى‪ ‬السلم‬ ‫كان‪ ‬يغمغم‪ ‬ساخطااعلى‪ ‬سامح‪ ‬بسبب‪ ‬قدومه‪ ‬إليه‪ ‬هكذا؛‪ ‬مؤكداا‪ ‬أن‪ ‬هذه‪ ‬لعبة‬ ‫أكبر‪ ‬منه‪ ‬؛‪ ‬‬

‫‪32‬‬


‫‪ ‬لعبه‪ ‬ستجلب‪ ‬له‪ ‬المتاعب‪ ‬؛‪ ‬مادام‪ ‬يلعبها‪ ‬مع‪ ‬رجل‪ ‬مثله‪ ‬؛‪ ‬بخبرته‪ ‬وعقله‬ ‫وعائلته‪ ‬الكبيرة‪.‬‬ ‫نوعا‪ ‬ما‪ ، ‬تاريخه‪ ‬وسيط‪ ‬بين‪ ‬العتاقة‪ ‬والحداثة‪ ، ‬تشي‬ ‫كان‪ ‬البيت‪ ‬قديما ا‪ ‬ا‬ ‫هيئته‪ ‬بأصوله‪ ‬وحسن‪ ‬نشأته‪ ، ‬له‪ ‬سلم‪ ‬عريض‪ ‬رخامي‪ ‬الدرجات‪ ، ‬بجدران‬ ‫أحجارها‪ ‬رغم‪ ‬قدمها‪ ‬متماسكة‪ ‬رائقة‪ ‬اللون‪ ‬في‪ ‬رقي‪ ‬دون‪ ‬إسراف‪، ‬‬ ‫بدرابزين‪ ‬خشبى‪ ‬مصقول‪ ‬نظيف‪ ‬الهيئة‪ ‬سليم‪ ‬البنيان‪ ، ‬يؤدي‪ ‬إلى‪ ‬شقة‪ ‬أنور‬ ‫بالدورالول‪ ‬بحجراتها‪ ‬الرحبة‪ ‬؛‪ ‬والطلءاللبني‪ ‬الرائق‪ ‬الذي‪ ‬يريح‪ ‬العين‪. ‬‬ ‫وقف‪ ‬أنورمنتظراا‪ ‬قدوم‪ ‬سامح‪ ‬أعلى‪ ‬السلم‪.‬‬ ‫‪ ‬كان‪ ‬الخبر‪ ‬قد‪ ‬وصله‪ ‬هاتفياا‪ ‬بمجرد‪ ‬دخوله‪ ‬من‪ ‬باب‪ ‬الحارة‪ ‬فاستعد‪ ‬له‪.‬‬ ‫‪ ‬لبس‪ ‬جلباباا‪ ‬أبيض‪ ،‬تحته‪ ‬صديري‪ ‬خفيف‪ ‬الزرقاق‪.‬‬ ‫‪ ‬بعدها‪ ‬مضى‪ ‬نحوالباب‪ ‬لمقابلته‪. ‬‬ ‫‪ ‬واجب‪ ‬ثقيل‪ ‬عليه‪ ‬أن‪ ‬يؤديه‪ ،‬فسامح‪ ‬هذا‪ ‬الذي‪ ‬كف‪ ‬يده‪ ‬ولسانه‪ ‬عن‪ ‬ناس‬ ‫الناحية‪ ،‬وأمره‪ ‬أن‪ ‬يعاملهم‪ ‬بالرفق‪!! ‬‬ ‫أي‪ ‬رفق‪ ‬يريد‪ ‬؟‬ ‫يسمع‪ ‬هذه‪ ‬بعبارتهاالجوفاء‪ ‬وحروفهاالمتهالكة‪ ‬؟‬ ‫وينظرإلى‪ ‬تلك‪ ‬ودمامتها‪ ‬؟‬ ‫ثم‪ ‬أن‪ ‬أكثر‪ ‬مايعكر‪ ‬مزاجه‪ ‬هم‪ ‬أولئك‪ ‬الرجال‪ ‬من‪ ‬العمال‪ ‬والصنايعية‪ ‬زوار‬ ‫النقطة‪ ‬أذ‪ ‬أن‪ ‬عتلية‪ ‬القوم‪ ‬ليأتون‪ ‬إل‪ ‬نادرا‪ ، ‬وهؤلء‪ ‬لينال‪ ‬منهم‪ ‬إل‬ ‫نظرات‪ ‬متعالية‪ ‬وكلمات‪ ‬جافة‪ . ‬أماالنوع‪ ‬الول‪ ‬فرغم‪ ‬الضجيج‪ ‬والزعاج‬ ‫وضيقه‪ ‬بهم‪ ‬إل‪ ‬أن‪ ‬لقمة‪ ‬العيش‪ ‬الطرية‪ ‬والنقود‪ ‬الحمراء‪ ‬والخضراءلتأتيه‬ ‫إل‪ ‬منهم‬ ‫طيرهذه‪ ‬النعمة‪. ‬‬ ‫لكن‪ ‬هذا‪ ‬النقيب‪ – ‬منه ل‪ّ – ‬‬ ‫‪ ‬الغريب‪ ‬أن‪ ‬الناس‪ ‬عرفوا‪ ‬المر‪.‬‬ ‫‪ ‬كيف؟‪ ‬ليدري‪. ‬‬

‫‪33‬‬


‫وإن‪ ‬كان‪ ‬واثقا‪ ‬أن‪ ‬أحد‪ ‬الجنود‪ ‬قد‪ ‬سرب‪ ‬الخبرإلى‪ ‬ذويه‪ ، ‬ومنهم‪ ‬إلى‪ ‬بقية‬ ‫الهالي‪ . ‬‬ ‫صارت‪ ‬النقطه‪ ‬تعمل‪ ‬وليقبض‪ ‬منها‪ ‬شيئا‪.‬‬ ‫‪ ‬بدون‪ ‬مقابل‪ ‬وبدون‪ ‬حتى‪ ‬صراخ‪ ‬أوحتى‪ ‬مجردعبوس‪ ‬في‪ ‬وجه‪ ‬قادم‪، ‬‬ ‫والحجة‪ ‬القائمة‪ ‬أن‪ ‬ظروف‪ ‬البلد‪ ‬واحتياجات‪ ‬المن‪ ‬تتطلب‪ ‬حسن‪ ‬المعاملة‬ ‫والرفق‪ ‬مع‪ ‬الجمهور‪ ‬‬ ‫وهل‪ ‬البوليس‪ ‬يصلح‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬بوليسا ا‪ ‬من‪ ‬غيرحزم‪ ‬وضبط‪ ‬وربط‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬هل‪ ‬نمسك‪ ‬المجرم‪ ‬المتمرس‪ ‬معتاد‪ ‬الجرام‪ ‬خاصة‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الظروف‪ ‬التي‬ ‫اجتاحت‪ ‬فيها‪ ‬البلد‪ ‬موجات‪ ‬الفوضى‪ ،‬ونرجوه‪ ‬ونحب‪ ‬على‪ ‬يده‪ ،‬ونطلب‪ ‬منه‬ ‫أن‪ ‬يترك‪ ‬الجرام‪ ‬من‪ ‬أجل‪ ‬خاطرنا؟‬ ‫منه ل‪ ‬نقيب‪ ‬سامح‪.‬‬ ‫‪ ‬هوالذي‪ ‬فعل‪ ‬هذا‬ ‫‪ ‬أضاع‪ ‬تقاليد‪ ‬وهيبة‪ ‬سنوات‪ ‬في‪ ‬زمن‪ ‬قياسي‪. ‬‬ ‫‪ ‬المشكلة‪ ‬أن‪ ‬السليمانية‪ ‬كلهم‪ ‬كانوا‪ ‬يقدرونه‪ ‬ويفخرون‪ ‬به‪ ،‬هو‪ ‬الصول‬ ‫أنورمن‪ ‬كبارهم‪ ‬سنا اوحكمة‪.‬‬ ‫‪ ‬الن‪ ‬تغيرالوضع‪.‬‬ ‫‪ ‬ستصيرياأنور‪ ‬ضعيفا ا‪ ‬محتاجا ا‪ ‬للعون‪ ‬؛‪ ‬وهذا‪ ‬بفضل‪ ‬سامح‪ ‬الذي‪ ‬يجيء‬ ‫الن‪ ‬لزيارتك‪. ‬‬ ‫‪ ‬لكن‪ ‬لماذا‪ ‬يجيء‪ ‬أصل‪ ‬؟‬ ‫إرتفعت‪ ‬الصوات‪ ‬من‪ ‬باب‪ ‬البيت‪ ‬صاعدةالسلم‬ ‫‪ ‬هبط‪ ‬مرحبا ا‪ ‬وهو‪ ‬يرسم‪ ‬على‪ ‬شفتيه‪ ‬الفرح‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬أهل‪ ‬يافندم‬ ‫مد‪ ‬سامح‪ ‬يده‪ ‬مصافحا ا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬كيف‪ ‬حالك‪ ‬الن؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬بخيرلنني‪ ‬رأيتك‪ .‬‬ ‫‪34‬‬


‫أتسعت‪ ‬إبتسامة‪ ‬سامح‪ ‬وهويؤكد‬ ‫‪ ­ ‬قلقنا‪ ‬عليك‬ ‫وصعد‪ ‬متجها ا‪ ‬إلى‪ ‬أعلى‪ ،‬سمع‪ ‬خطوات‪ ‬صاعدة‪ ‬خلفه‪ ، ‬توقف‪ ‬مفسحا ا‬ ‫الطريق‪ ‬لفتاة‪ ‬شابة‪ ‬بالصعود‪. ‬أرتفع‪ ‬صوت‪ ‬أنورالجهوري‪ ‬وهو‪ ‬يشير‬ ‫إليها‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ابنتي‪ ‬عائشة‬ ‫رفع‪ ‬سامح‪ ‬وجهه‪ ‬إليها‪ ‬محييا ا‪ ، ‬اتسعت‪ ‬عيناه‪ ، ‬صبح‪ ‬مشرق‪ . ‬بسمة‬ ‫الشفتين‪ ‬حيية‪.‬‬ ‫تبسم‪ ‬لهامرحبا ا‪. ‬ألقت‪ ‬السلم‪ ‬وانطلقت‪ ‬إلى‪ ‬أعلى‪ . ‬أما‪ ‬هو‪ ‬فقد‪ ‬أكمل‪ ‬الصعود‬ ‫متمه ا‬ ‫ل‪ ، ‬وأنورأمامه‪ ‬يفسح‪ ‬الطريق‪.‬‬ ‫جلس‪ ‬في‪ ‬حجرةالصالون‪ ‬بكراسيها‪ ‬العالية‪، ‬المغطاة‪ ‬بقماش‪ ‬مزركش‪ ‬بورود‬ ‫بيضاء‪ ، ‬والريكة‪ ‬العريضة‪ ‬التي‪ ‬تتوسط‪ ‬يمين‪ ‬الحجرة‪ ‬بجوار‪ ‬النافذة‬ ‫المغلقة‪ ‬الشيش‪ ، ‬وسط‪ ‬صورالعائلة‪ ‬المتراصةعلى‪ ‬الجدران‪ ‬لمعة‬ ‫الزجاج‪ ، ‬والطر‪ ‬ذات‪ ‬الحواف‪ ‬الذهبية‪ ‬المصقولة‪. ‬‬ ‫دق‪ ‬الباب‪ ‬بلطف‪، ‬هب‪ ‬أنور‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ، ‬مد‪ ‬يده‪ ‬إلى‪ ‬الخارج‪ ‬وعاد‪ ‬بعربة‬ ‫صغيرة‪ ‬من‪ ‬اللومنيوم‪ ‬البيض‪ ‬علي‪ ‬سطحها‪ ‬الزجاجي‪ ‬المصقول‪ ‬بعض‬ ‫المشروبات‪ ‬والحلوى‪.‬‬ ‫تبودلت‪ ‬كلمات‪ ‬المجاملة‬ ‫صمت‪ ‬سامح‪ ‬لحظات‪ ،‬قال‪ ‬بعدها‪ ‬بطريقة‪ ‬ودية‬ ‫‪ ­ ‬الحقيقة‪ ‬أننى‪ ‬لم‪ ‬آت‪ ‬للزيارة‪ ‬فقط‬ ‫أتسعت‪ ‬حدقتا‪ ‬أنوركأنما‪ ‬قد‪ ‬دهش‪ ‬وسأل‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬بماذا‪ ‬تأمر؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أفكرفي‪ ‬طلب‪ ‬مساعدة‪ ‬من‪ ‬السكندرية‬ ‫حدق‪ ‬أنورفي‪ ‬عينيه‪.‬‬ ‫ماذايريد‪ ‬بالضبط‪ ‬؟‬ ‫‪35‬‬


‫يريد‪ ‬هز‪ ‬أعصابه‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬يظنه‪ ‬خفيفاا‪ ‬سيرتعد‪ ‬عندما‪ ‬يعرف‪ ‬بأمر‪ ‬تدخل‪ ‬السكندرية‪ ‬في‪ ‬المر‪ ‬؟‬ ‫يريد‪ ‬تهديده؟‬ ‫رسم‪ ‬الجد‪ ‬على‪ ‬وجهه؛‪ ‬هتف‪ ‬بإهتمام‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬لماذا؟‬ ‫‪ ­ ‬الوقت‪ ‬يمضي‪ ، ‬القضية‪ ‬لم‪ ‬أصل‪ ‬فيها‪ ‬لشيء‪ ، ‬ليس‪ ‬هناك‪ ‬خيط‪ ‬واحد‬ ‫يدلني‪ ‬إلى‪ ‬طريق‪ ‬أسير‪ ‬فيه‪ . ‬‬ ‫صمت‪ ‬جامح‪ ‬ساد‪ ‬المكان‪.‬‬ ‫‪ ‬أنور‪ ‬رأسه‪ ‬على‪ ‬صدره؛‪ ‬يرمق‪ ‬السجادةالحمراء‪ ‬النيقة‪ ‬بنقوشها‪ ‬الصفراء‬ ‫؛‪ ‬يتتبع‪ ‬خطوطها‪ ‬مفكراا‪ ،‬هامسا ا‪ ‬لنفسه‪ ‬أن‪ ‬المرليس‪ ‬مجرد‪ ‬تهديد؛‪ ‬هناك‬ ‫شيء‪ ‬يريد‪ ‬سامح‪ ‬قوله‪ ‬؛‪ ‬ترى‪ ‬ماهو؟‬ ‫أما‪ ‬سامح‪ ‬فاكتفى‪ ‬بمراقبته‪ ‬منتظراا‪ ‬رد‪ ‬فعله‪ ‬؛‪ ‬واثقا‪ ‬أن‪ ‬بهية‪ ‬في‪ ‬الحارة‪،‬‬ ‫وبأنها‪ ‬في‪ ‬نهاية‪ ‬المرستقع‪ ‬في‪ ‬يده‪ ‬؛‪ ‬خاصة‪ ‬أن‪ ‬أنوريعرف‪ ‬جيداا‪ ‬معنى‬ ‫وصول‪ ‬مباحث‪ ‬وتحقيقات‪ ‬وكمائن‪،‬ويفهم‪ ‬أن‪ ‬أول‪ ‬من‪ ‬سيضار‪ ‬هوالحارة‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫رفع‪ ‬أنورعينيه‪ ‬الضيقتين‪ ‬هامسا ا‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬لكن‪ ،‬هذا‪ ‬ليس‪ ‬في‪ ‬صالحك‪ ‬كضابط‪ ‬مسئول‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬من‪ ‬هذه‪ ‬الناحية‪ ‬ل‪ ‬تهتم‪ .‬إل‪ ‬إذا‪ ‬وجدنا‪ ‬خيطا ا‪ ‬أوإشارة‪ ‬تقودنا‪ ‬إلى‪ ‬شيء‬ ‫‪ ­ ‬إذن‪ ‬ننتظرقليل‪ ‬ونرى‬ ‫حدق‪ ‬سامح‪ ‬في‪ ‬عينيه‪ ‬متفحصا ا‪ . ‬قاصداا‪ ‬أن‪ ‬يصمت‪،‬وأن‪ ‬يشعره‪ ‬أنه‪ ‬يراقبه‬ ‫جيداا‪ ، ‬وأنه‪ ‬يطلب‪ ‬وعداا‪ ‬ل‪ ‬كلمات‪.‬‬ ‫همس‪ ‬أخيراا‪ ‬ببطء‪ ‬متسائل‪ : ‬هذارأيك‪ ، ‬وستساعدني؟‬ ‫رد‪ ‬أنور‪ ‬بقوة‪: ‬مؤكد‬ ‫قام‪ ‬سامح‪ ‬واقفا ا‪ :‬وأنا‪ ‬أثق‪ ‬في‪ ‬وعدك‬ ‫وتقدم‪ ‬نحوالباب‪.‬‬ ‫‪36‬‬


37


(5)

38


‫المحنة‬

‫غمامة‪ ‬من‪ ‬ضباب‪ ‬كاسح‪ ‬غطت‪ ‬عيني‪ ‬عائشة‪ ‬أو‪ ‬هو‪ ‬حجاب‪ ‬من‪ ‬زرقة‬ ‫وسواد‪ ‬شديدين‪ ‬عزل‪ ‬بصرها‪ ‬؛‪ ‬كبت‪ ‬نبضاتها‪ ‬؛‪ ‬فلم‪ ‬تعد‪ ‬تعي‪ ‬من‪ ‬الحياة‪ ‬إل‬ ‫خوف‪ ‬الظلمة‪ ‬ورهبة‪ ‬السواد‪.‬‬ ‫حجرة‪ ‬صغيرة‪ ‬تلك‪ ‬التي‪ ‬تأخذ‪ ‬ركنا‪ ‬قصيا ا‪ ‬فيها؛‪ ‬منطوية‪ ‬على‪ ‬نفسها؛‬ ‫مرتعدة‪ ‬النبضات؛‪ ‬ترى‪ ‬الكون‪ ‬بحراا‪ ‬من‪ ‬ظلمة‪ ‬تحيط‪ ‬به‪ ‬وأنيابا ا‪ ‬جامحة‬ ‫تنهش‪ ‬قلبها‪ ‬وعينيها‪ ‬دون‪ ‬مغيث؛‪ ‬وهي‪ ‬لتمتلك‪ ‬إل‪ ‬دموعا ا‪ ‬مقهورة‪، ‬‬ ‫تتدلى‪ ‬حاملة‪ ‬معها‪ ‬نظراتها‪ ‬إلى‪ ‬أدنى‪ ، ‬دون‪ ‬أن‪ ‬تفكر‪ ‬إن‪ ‬كانت‪ ‬تستطيع‪ ‬‬ ‫حتى‪ ‬رفع‪ ‬عينها‪ ‬لعلى‪. ‬‬ ‫‪ ‬الحجرة‪ ‬مكدسة‪ ‬إلى‪ ‬حافتها‪ ‬بأجساد‪ ‬متلحمة‪ ، ‬بعضها‪ ‬ينتفض‪ ‬من‪ ‬هول‬ ‫لحظاته‪ ‬التي‪ ‬لم‪ ‬يحسب‪ ‬رؤيتهاذات‪ ‬يوم‪.‬‬ ‫تخفض‪ ‬رأسها‪ ‬والدموع‪ ‬تتسابق‪ ‬حاملة‪ ‬ذعرها‪ ‬ودهشتها‪ ‬لما‪ ‬جرى‪.‬‬ ‫‪ ‬لقد‪ ‬كانت‪ ‬تسير‪ ‬وسط‪ ‬الفتيات‪ ‬حاملة‪ ‬حاجيات‪ ‬شريف‪ ‬التي‪ ‬رجاها‪ ‬أن‬ ‫تحفظها‪ ‬لحين‪ ‬انتهاءالمظاهرات‪ ‬؛‪ ‬امتدت‪ ‬أيدي‪ ‬غليظة‪ ‬إلى‪ ‬كتفيها‪ ‬؛‪ ‬فتشت‬ ‫حاجياتها‪ ‬ومعها‪ ‬شنطة‪ ‬شريف؛‪ ‬قيدت‪ ‬يديها‪ ‬فوراا‪ ‬؛‪ ‬غطت‪ ‬عينيها‪ ‬و‪ ‬رمت‬ ‫بها‪ ‬فى‪ ‬عربة‪ ‬وسط‪ ‬آخريات‪ ‬أخذن‪ ‬بنفس‪ ‬السلوب‪.‬‬ ‫‪ ‬دهورمرت‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تتحرك‪ ‬العربة‪ ‬؛‪ ‬تسير‪ ‬وسط‪ ‬الظلمة‪ ‬والهول‪ ‬وسواد‬ ‫الكون‪ ‬من‪ ‬حولها‪ ‬؛‪ ‬عقلها‪ ‬بالساس‪ ‬أصبح‪ ‬صفحة‪ ‬بيضاء‪ ‬لسطور‪ ‬فيها‪ ‬؛‬ ‫نبضاتها‪ ‬تهرول‪ ‬تارة‪ ‬وتموت‪ ‬أخرى‪ ‬؛‪ ‬وأذناها‪ ‬تلتقطان‪ ‬آنات‪ ‬الخريات‬ ‫ونحيبهن‪.‬‬ ‫‪ ‬أنزلوها‪ ‬في‪ ‬مكان‪ ‬لم‪ ‬تستطع‪ ‬تحديد‪ ‬معالمه‪ ‬أو‪ ‬مكانه‬ ‫‪39‬‬


‫‪ ‬اقتادوها‪ ‬داخله‪ ‬إلى‪ ‬سللم‪ ‬هبطت‪ ‬بها‪ ‬إلى‪ ‬ساحة‪ ‬تم‪ ‬فيها‪ ‬تفتيش‪ ‬متاعها‬ ‫وسحب‪ ‬كل‪ ‬مايربطها‪ ‬بالعالم‪ ‬الخارجى‪ ‬وأولهم‪ ‬الهاتف‪ ‬المحمول‪.‬‬ ‫‪ ‬أودعوها‪ ‬داخل‪ ‬تلك‪ ‬الغرفة‪ ‬الجحيم‪ ‬مع‪ ‬آخريات‪ ‬تم‪ ‬اختيارهن‪ ‬من‪ ‬وسط‬ ‫الجميع‪ ‬وتوصيفهن‪) ‬شديدات‪ ‬الخطورة‪ ( ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬تم‪ ‬تسجيل‪ ‬بيانتهن‬ ‫وإنذارهن‪ ‬بالويل‪ ‬والثبور‪.‬‬ ‫ربتت‪ ‬إحداهن‪ ‬على‪ ‬كتفها‪ ‬مواسية‪ ، ‬من‪ ‬خلف‪ ‬فيض‪ ‬الدمع‪ ‬أطلت‪ ‬عليها‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ما‪ ‬إسمك‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬أول‪ ‬مرة‪ ‬يتم‪ ‬القبض‪ ‬عليتك‪ ‬؟‬ ‫تساقطت‪ ‬بعض‪ ‬القطرات‪ ‬موافقة‪ ، ‬ضمتها‪ ‬الخرى‪ ‬بحنو‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬قل‪ ‬لن‪ ‬يصيبنا‪ ‬إل‪ ‬ماكتب ا‪ ‬لنا‪ ، ‬هو‪ ‬جهاد‪ ‬في‪ ‬سبيل ا‪ ‬علينا‪ ‬أن‬ ‫نخوضه‪ ، ‬محاربة‪ ‬دولة‪ ‬الكفر‪ ‬واجب‪ ‬على‪ ‬كل‪ ‬مسلم‪ ‬و‪ ‬مسلمة‪.‬‬ ‫صمتت‪ ‬قليلا‪ ‬ثم‪ ‬أردفت‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أحيي‪ ‬شجاعتك‪ ، ‬أنت‪ ‬الوحيدة‪ ‬التي‪ ‬حملت‪ ‬قنابل‪ ‬ومولوتوف‪ ‬؟‬ ‫انتفض‪ ‬قلبها‪ ‬انتفاضة‪ ‬عجب‪ ‬جامح‪ ‬وومضت‪ ‬عيناها‪ ‬بوميض‪ ‬توهة‪ ‬أخذتها‬ ‫فوراا‪ ‬إلى‪ ‬عالم‪ ‬لم‪ ‬تره‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ، ‬دنيا‪ ‬لم‪ ‬تخبرها‪ ‬ولم‪ ‬تخبر‪ ‬ما‪ ‬فيها‪ ، ‬المر‪ ‬لم‬ ‫يكن‪ ‬فيه‪ ‬حتى‪ ‬تلميح‪ ‬باشتراكه‪ ‬فى‪ ‬أمور‪ ‬كهذه‪ ، ‬ولم‪ ‬يقل‪ ‬لها‪ ‬أنها‪ ‬ستحمل‬ ‫شيئا ا‪ ‬من‪ ‬هذا‪ ، ‬لم‪ ‬يأخذ‪ ‬حتى‪ ‬رأيها‪ ! ‬‬ ‫خدعها‪ ، ‬استغل‪ ‬ثقتها‪ ‬فيه‪ ‬بل‪ ‬أدنى‪ ‬تردد‪ ‬أو‪ ‬تفكير‬ ‫لقد‪ ‬أخذوها‪ ‬منها‪ ، ‬زمجرت‪ ‬عيونهم‪ ‬وصدورهم‪ ‬وأحاطوها‪ ‬بسياج‪ ‬من‬ ‫إنذارات‪ ‬مرعبة‪ ‬وهي‪ ‬لتدري‪ ‬ماالمر‬ ‫‪ ‬حدقت‪ ‬في‪ ‬وجه‪ ‬محدثتها‪ ، ‬أرادت‪ ‬أن‪ ‬تنفي‪ ‬عن‪ ‬نفسها‪ ‬المر‪ ، ‬وجدتها‬ ‫تمجد‪ ‬جرأتها‪ ، ‬اضطرت‪ ‬للصمت‪ ‬وهي‪ ‬تحدق‪ ‬في‪ ‬متاهات‪ ‬الحيرة‪ ‬وكهوف‬ ‫الظلمة‪ ‬التي‪ ‬تطويها‪ ‬وتدور‪ ‬بها‪ ‬في‪ ‬أغوارها‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬تمتلك‪ ‬لنفسها‪ ‬إرادة‬ ‫القبول‪ ‬أو‪ ‬الرفض‪. ‬‬

‫‪40‬‬


‫رأت‪ ‬نفسها‪ ‬وهي‪ ‬تقف‪ ‬محنية‪ ‬الرأس‪ ‬أمام‪ ‬محقق‪ ‬متجهم‪ ‬يحمل‪ ‬في‪ ‬يده‬ ‫سيفا ا‪ ، ‬وفي‪ ‬عينيه‪ ‬ناراا‪ ، ‬ولسانه‪ ‬سوطا ا‪ ، ‬وهي‪ ‬محصورة‪ ‬بين‪ ‬يديه‪ ‬في‬ ‫ركن‪ ‬قصى‪ ، ‬مسلط‪ ‬عليها‪ ‬فيه‪ ‬الضاءة‪ ‬المبهرة‪ ‬وعشرات‪ ‬الكاميرات‪ ‬التي‬ ‫تسجل‪ ‬عليها‪ ‬كل‪ ‬لفتة‪ ‬وحركة‪ ‬وبادرة‪ ‬وإحساس‪ ‬يظهر‪ ‬أثره‪ ‬على‪ ‬محياها‪.‬‬ ‫هزتها‪ ‬المرأة‪ ‬منبهة‪.‬‬ ‫من‪ ‬كهف‪ ‬شرودها‪ ‬سمعتها‪ ،‬ووسط‪ ‬متاهة‪ ‬أفكارها‪ ‬ومشاعرها‪ ‬رأتها‬ ‫تسألها‪ ‬إن‪ ‬كانت‪ ‬تريد‪ ‬التصال‪ ‬بأحد‪ ‬لإنقاذها‪ ‬قبل‪ ‬تنفيذ‪ ‬وعيدهم‪ ‬معها‪. ‬‬ ‫ازداد‪ ‬الكون‪ ‬إعتاما‪ ‬والظلمة‪ ‬سواداا‪ ‬وهي‪ ‬تحدق‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ ‬متسائلة‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬يمكن‪ ‬التصال‪ ‬من‪ ‬هنا‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬هزت‪ ‬رأسها‪ ‬باليجاب‪ ، ‬رأت‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ ‬تساؤلا‪ ‬جديداا‪ ‬عن‪ ‬كيفية‪ ‬حدوث‬ ‫هذا‪ ، ‬همست‪ ‬في‪ ‬أذنها‪ ‬بالطريقة‪ ‬التي‪ ‬يتم‪ ‬بها‪ ‬إخفاء‪ ‬الهاتف‪ ‬ومكان‬ ‫إخفائه‪ ، ‬احّمر‪ ‬وجه‪ ‬عائشة‪ ‬خجلا‪ ، ‬أدارات‪ ‬وجهها‪ ‬عنها‪ ‬حيااء‪. ‬‬ ‫عادت‪ ‬تحثها‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬اطلبى‪ ‬الرقم‪ ‬التي‪ ‬تريدين‬ ‫خل‪ ‬الكون‪ ‬من‪ ‬أي‪ ‬اسم‪ ‬أمامها‬ ‫أضحى‪ ‬صفحة‪ ‬بيضاء‪ ‬حروفها‪ ‬مطموسة‪ ، ‬وبياضها‪ ‬متاهة‪ ‬من‪ ‬ضباب‪. ‬‬ ‫خلت‪ ‬دروب‪ ‬مخيلتها‪ ‬من‪ ‬أي‪ ‬صورة‪ ‬يمكن‪ ‬أن‪ ‬تركن‪ ‬إليها‬ ‫‪ ‬العائلة‪ ‬لو‪ ‬علمت‪ ‬فلن‪ ‬تعود‪ ‬للدراسة‪ ‬أبداا‪.‬‬ ‫‪ ‬والدها‪ ‬لن‪ ‬يرحمها‪ ‬خاصة‪ ‬إذا‪ ‬علم‪ ‬بالحقيبة‪ ‬التي‪ ‬كانت‪ ‬تحملها‪.‬‬ ‫فياض‪ ‬بك‪ ‬أيضا‪ ‬سيشعر‪ ‬أنها‪ ‬قد‪ ‬ذبحته؛‪ ‬فهو­‪ ‬خاصة‪ ‬الن‪ ­ ‬يتحاشى‬ ‫الظهور‪ ‬بأنه‪ ‬يساعد‪ ‬جماعة‪ ‬ما‪ ‬ويتوارى‪ ‬خلف‪ ‬صمت‪ ‬مبين‪. ‬‬ ‫‪ ‬ترقرقت‪ ‬الدموع‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ ‬وهي‪ ‬تهزرأسها‪ ‬سلبا ا‪.‬‬ ‫تحني‪ ‬رأسها‪ ‬استسلما‪.‬‬ ‫ترى‪ ‬في‪ ‬براح‪ ‬ظلمتها‪ ‬نهاية‪ ‬لبد‪ ‬آتية‪ ‬ينتهى‪ ‬فيها‪ ‬كل‪ ‬شيء‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫إل‪ ‬أنها‪ ‬وسط‪ ‬ضبابية‪ ‬فكرها‪ ‬ومضت‪ ‬في‪ ‬رأسها‪ ‬صورة‪ ‬أسرعت‬ ‫بالمساك‪ ‬بتلليبها‪ ‬فوراا‪ ، ‬عادت‪ ‬إليها‪ ‬بلهفة‪ ‬المل‪ ‬هامسة‪ ‬برقم‪ ‬سامح‪ ، ‬‬ ‫أخذت‪ ‬الرقام‪ ‬تتصارع‪ ‬مع‪ ‬نبضاتها‪ ‬مهرولة‪، ‬جاء‪ ‬الصوت‪ ‬خافتا ا‪ ‬لكنه‪ ‬ثابت‬ ‫النبرات‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬من‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬عائشه‬ ‫حاول‪ ‬أن‪ ‬يتذكرالاسم؛‪ ‬صاحبة‪ ‬الصوت‪ ‬؛‪ ‬يحدد‪ ‬شخصيتها‪ ‬؛‪ ‬خاصة‪ ‬أنه‬ ‫سمعه‪ ‬من‪ ‬قبل‪.‬‬ ‫توترت‪ ‬نظراته‪ ،‬بحث‪ ‬في‪ ‬ذاكرته‪ ‬عن‪ ‬اسم‪ ‬لعائشة‪ ‬يحمل‪ ‬سمات‪ ‬هذا‬ ‫الصوت‪ ، ‬خاصة‪ ‬أن‪ ‬فيه‪ ‬رعبا ا‪ ‬تنضح‪ ‬به‪ ‬الحروف‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬عائشة‪ ‬؟!‬ ‫‪ ­ ‬بنت‪ ‬الصول‪ ‬أنور‬ ‫‪ ‬ازدادت‪ ‬مساحة‪ ‬الحيرة‪ ‬في‪ ‬براح‪ ‬صدره‬ ‫‪ ‬كيف‪ ‬حصلت‪ ‬على‪ ‬رقم‪ ‬هاتفه‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬ولماذا‪ ‬تحادثه‪ ‬أصلا‪ ‬خاصة‪ ‬إذا‪ ‬كان‪ ‬أبوها‪ ‬في‪ ‬النقطة‪ ‬معه‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬يمكنها‪ ‬محادثته‪ ‬أو‪ ‬طلبه‪ ‬من‪ ‬هاتف‪ ‬أحد‪ ‬المساعدين‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬انجدنى‪ ،‬أنا‪ ‬بحاجة‪ ‬لمساعدتك‪ ‬‬ ‫تنبهت‪ ‬حواسه‪ ، ‬حدق‪ ‬من‪ ‬خلف‪ ‬القضبان‪ ‬الحديدية‪ ‬على‪ ‬نافذة‪ ‬حجرته‪ ‬إلى‬ ‫ظلمة‪ ‬الطريق‪ ‬وأعمدة‪ ‬النارة‪ ‬القليلة‪ ‬التي‪ ‬تكافحها‪ ، ‬وجوه‪ ‬ضبابية‪ ‬السمات‬ ‫لترى‪ ‬ملمحها‪ ‬تسيررائحة‪ ‬غادية‪ ‬بالقرب‪ ‬من‪ ‬النقطة‪ ، ‬ونجوم‪ ‬بالعلى‬ ‫بالكاد‪ ‬ترى‪ ‬نورها‪ ‬وسط‪ ‬جحيم‪ ‬الظلمة‪ ‬الذي‪ ‬يتفشى‪ ‬في‪ ‬الفضاء‬ ‫‪ ­ ‬ارجوك‬ ‫‪ ‬اتسعت‪ ‬في‪ ‬براح‪ ‬رأسه‪ ‬مساحات‪ ‬حيرة‪ ‬بل‪ ‬حدود‬ ‫ماذا‪ ‬تريد‪ ‬بالضبط‪ ‬؟‬ ‫رنين‪ ‬صوتها‪ ‬يصرخ‪ ‬بما‪ ‬هنالك‬ ‫‪42‬‬


‫عادت‪ ‬تكمل‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬قبضواعلّي‪ ‬في‪ ‬المظاهرات‬ ‫فضحت‪ ‬أضواء‪ ‬سيارة‪ ‬عابرة‪ ‬قلب‪ ‬الظلمة‪ ، ‬رأى‪ ‬الطريق‪ ‬والشجرة‪ ‬الوارفة‬ ‫بالناحية‪ ‬المقابلة‪ ‬ممتدة‪ ‬الفروع‪ ‬إلى‪ ‬أعلى‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ‬وثقة‪ ‬رغم‪ ‬توغل‬ ‫الظلمة‪.. ‬هز‪ ‬رأسه‪ ‬متفهما ا‪ ‬المر‪ . ‬قال‪ ‬بسرعة‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬أنتت‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬ل‪ ‬أدري‬ ‫‪ ­ ‬متى‪ ‬تم‪ ‬القبض‪ ‬عليك‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬أمس‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬أمام‪ ‬مسجد‪ ‬القائد‪ ‬إبراهيم‬ ‫‪ ­ ‬سأتصرف‬ ‫هب‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ‬محدقا ا‪ ‬في‪ ‬فراغ‪ ‬يحيط‪ ‬به‪ ‬؛‪ ‬نيران‪ ‬تتأجج‪ ‬شعلتها‪ ‬في‪ ‬صدره‪ ‬‬ ‫؛‪ ‬وحيرة‪ ‬يتجاوب‪ ‬رنينها‪ ‬هائلا‪ ‬في‪ ‬ثنايا‪ ‬وتلفيف‪ ‬عقله‪ ‬؛‪ ‬هو‪ ‬يعرف‬ ‫خطورة‪ ‬المر‪ ، ‬يعرف‪ ‬جيداا‪ ‬أي‪ ‬جهة‪ ‬تحاسب‪ ‬هؤلء‪ ، ‬يعرف‪ ‬أنه‪ ‬ليمتلك‬ ‫المقدرة‪ ‬على‪ ‬فعل‪ ‬شىء‪ ‬اللهم‪ ‬إل‪ ‬إبلغ‪ ‬رؤسائه‪ ‬وشرح‪ ‬وجهة‪ ‬نظرة‬ ‫والتعرف‪ ‬على‪ ‬اتجاهات‪ ‬تفكيرهم‪ ‬؛‪ ‬ثم‪ ‬التنفيذ‪ ‬في‪ ‬حدود‪ ‬الطاعة‬ ‫واللتزام‪.. ‬لكن‪ ‬هل‪ ‬المر‪ ‬يستلزم‪ ‬إبلغهم‪ ‬؟‬ ‫هرول‪ ‬إلى‪ ‬عربته‪.‬‬ ‫من‪ ‬موقع‪ ‬النقطة‪ ‬على‪ ‬مشارف‪ ‬البحر‪ ‬اتجه‪ ‬قاصداا‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪، ‬‬ ‫‪ ‬هابطاا‪ ‬إلى‪ ‬ميدان‪ ‬الكيلو ‪ 21‬الذي‪ ‬أصبح‪ ‬بمرتاديه‪ ‬من‪ ‬المتجهين‪ ‬إلى‪ ‬قلب‬ ‫المدينة‪ ‬والعائدين‪ ‬منها‪ ‬مكتظا ا‪ ‬ليلا‪ ‬ونهارا‪ ‬بالعشرات‪ ‬من‪ ‬كل‪ ‬العمار‬ ‫والتجاهات‪، ‬‬ ‫بعدها‪ ‬أخذ‪ ‬الطريق‪ ‬الدولي‪ ‬قاصداا‪ ‬محطة‪ ‬مصر‪ ‬ومنها‪ ‬إلى‪ ‬مديرية‪ ‬المن‬ ‫رأسا ا‪.‬‬ ‫‪43‬‬


‫استأذن‪ ‬في‪ ‬لقاء‪ ‬سيادة‪ ‬العميد‪ ‬مسئول‪ ‬ملف‪ ‬أبي‪ ‬تلت‬ ‫‪ ‬شرح‪ ‬له‪ ‬ماحدث‬ ‫‪ ‬اطلعه‪ ‬على‪ ‬مايمكن‪ ‬اكتسابه‪ ‬لو‪ ‬مد‪ ‬يد‪ ‬المساعدة‪ ‬إلى‪ ‬عائشة‪ ، ‬خاصة‪ ‬أن‬ ‫القضية‪ ‬لم‪ ‬تعد‪ ‬قضية‪ ‬قتيل‪ ‬فقط‪ ، ‬ولكنها‪ ‬تشعبت‪ ‬إلى‪ ‬حدود‪ ‬أخرى‪ ‬جديدة‪.‬‬ ‫استمع‪ ‬العميد‪ ‬إلى‪ ‬حديثه‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ‬؛‪ ‬مسجلا‪ ‬كلماته‪ ‬بواسطة‪ ‬هاتف‪ ‬نقال‬ ‫على‪ ‬مكتبه‪ ‬؛‪ ‬بعدها‪ ‬طلب‪ ‬منه‪ ‬مقابلتها‪ ‬وفهم‪ ‬المر‪ ‬جيداا‪ ‬منها‪ ‬والعودة‬ ‫إليه‪، ‬مؤكداا‪ ‬له‪ ‬أنه‪ ‬سيتصل‪ ‬فوراا‪ ‬بسيادة‪ ‬اللواء‪ ‬مدير‪ ‬المن‪ ‬وتنسيق‪ ‬المر‬ ‫معه‪. ‬‬ ‫من‪ ‬مكتب‪ ‬مكافحةالرهاب‪ ‬عرف‪ ‬مكانها‬ ‫أخذ‪ ‬إذنا ا‪ ‬بلقائها‪ ‬فوراا‪ ‬و‪ ‬النفرد‪ ‬بها‬ ‫حينما‪ ‬رأته‪ ‬تفجرت‪ ‬الدموع‪ ‬التي‪ ‬كانت‪ ‬قد‪ ‬جفت‪ ‬على‪ ‬مآقيها‪ ، ‬أحنت‪ ‬رأسها‬ ‫وهي‪ ‬تهمس‪ ‬له‪ ‬بما‪ ‬لديها‪.‬‬ ‫‪ ‬روت‪ ‬له‪ ‬ماجرى‪ ‬بالتفصيل‪. ‬‬ ‫‪ ‬المظاهرات‪ ‬الطلبية‬ ‫‪ ‬حقيبة‪ ‬شريف‪ ‬التي‪ ‬استودعها‪ ‬إياها‬ ‫‪ ‬قنابل‪ ‬ومولوتوف‬ ‫‪ ‬شماريخ‪ ‬ومنشورات‬ ‫ثم‪ ‬القنابل‪ ‬المسيلة‪ ‬للدموع‪ ، ‬واصطياد‪ ‬ماتم‪ ‬اصطياده‪ ‬من‪ ‬المتظاهرين‬ ‫‪ ‬قالت‪ ‬أنها‪ ‬جديدة‪ ‬على‪ ‬هذا‪ ‬‬ ‫‪ ‬أعجبت‪ ‬بجرأة‪ ‬شريف‪ ‬وأحاديثه‪ ‬‬ ‫‪ ‬حينما‪ ‬اقتربت‪ ‬منه‪ ‬وبقية‪ ‬أصحابه‪ ‬وافقت‪ ‬على‪ ‬مشاركته‪ ‬نشاطاته‪ ‬الثورية‬ ‫ضد‪ ‬أعداء‪ ‬الدين‬ ‫‪ ‬لكنها‪ ‬كانت‪ ‬تخشى‪ ‬الدخول‪ ‬في‪ ‬متاهة‪ ‬المظاهرات‪ ‬والمطاردات‪ ‬الخانقة‬ ‫خشية‪ ‬أن‪ ‬يحدث‪ ‬ماتخشى‪ ‬منه‪. ‬‬

‫‪44‬‬


‫‪ ‬لكنه‪ ‬يومها‪ ‬طلب‪ ‬منها‪ ‬أل‪ ‬تضعف‪ ‬في‪ ‬مواجهة‪ ‬الكفر‪ ‬والكافرين‪ ‬؛‪ ‬وأن ا‪ ‬‬ ‫لن‪ ‬يغفر‪ ‬لها‪ ‬تقاعسها‪ ‬؛‪ ‬فخرجت‪ ‬وهاهو‪ ‬قد‪ ‬وقع‪ ‬ماكانت‪ ‬تخشى‪ ‬منه‪.‬‬ ‫حدق‪ ‬في‪ ‬وجهها‪ ، ‬عينيها‪ ، ‬حجابها‪ ، ‬وجبال‪ ‬القلق‪ ‬التي‪ ‬تكسو‪ ‬محياها‪، ‬‬ ‫استأذن‪ ‬لحظات‪ ‬قام‪ ‬فيها‪ ‬بالتصال‪ ‬بالوزارة‪ ‬من‪ ‬جديد‪ ، ‬أطلع‪ ‬سيادة‪ ‬العميد‬ ‫على‪ ‬المر‪ ،‬تشاورمعه‪ ،‬أخذ‪ ‬تعليماته‪ ‬بخصوص‪ ‬خطة‪ ‬محددة‪ ‬رسمها‪ ‬له‪، ‬‬ ‫اتسعت‪ ‬ابتسامته‪ ،‬تحولت‪ ‬كآبة‪ ‬الظلمة‪ ‬إلى‪ ‬تباشير‪ ‬فرح‪ ‬وهو‪ ‬يعود‪ ‬إليها‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬المر‪ ‬خرج‪ ‬من‪ ‬يد‪ ‬الجميع‪ ، ‬النيابة‪ ‬قادمة‪ ‬للتحقيق‪ ،‬قد‪ ‬يأخذ‪ ‬هذا‬ ‫أياما ا‪ ، ‬تهمتك‪ ‬ليست‪ ‬سهلة‪ ،‬سأطلب‪ ‬التحقيق‪ ‬معك‪ ‬سريعا ا‪ ‬وأحاول‬ ‫إخراجك‪ ‬بأي‪ ‬ضمان‪ ‬على‪ ‬مسئوليتي‪ ‬الشخصية‪ ، ‬لكن‪ ‬مؤكد‪ ‬سوف‪ ‬تكون‬ ‫هناك‪ ‬قضية‪ ، ‬وضروري‪ ‬أن‪ ‬تمثلي‪ ‬أمامها‪ ،‬في‪ ‬هذه‪ ‬الحالة‪ ‬سأكون‪ ‬مسئولا‬ ‫عن‪ ‬إحضارك‪ ، ‬هل‪ ‬أعتمد‪ ‬عليك‪ ‬؟‬ ‫أحنت‪ ‬رأسها‪ ‬ولم‪ ‬ترد‪ .‬ردت‪ ‬الدموع‪ ‬عنها‬ ‫تم‪ ‬استدعاؤها‪ ‬للتحقيق‪ ‬بعد‪ ‬لحظات‪ ، ‬ارتجفت‪ ‬نظراتها‪ ‬المرتاعة‪ ‬أصلا‪ ‬وهى‬ ‫ترجوه‪ ‬بكل‪ ‬ماتملك‪ ‬من‪ ‬خوف‪ ‬ورهبة‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬معها‪ ، ‬ربت‪ ‬كتفها‪ ‬برفق‬ ‫وهو‪ ‬يدفعها‪ ‬ناصحا ا‪ ‬أن‪ ‬تقول‪ ‬للمحقق‪ ‬ماقالته‪ ‬له‪ ‬بالحرف‪ ‬ول‪ ‬تزيد‪. ‬‬ ‫ساعات‪ ‬مضت‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تعود‪ ‬إليه‪ ‬في‪ ‬حجرة‪ ‬النتظار‪ ، ‬منهكة‪ ‬كانت‪ ، ‬زائغة‬ ‫العينين‪ ‬والقلب‪ ، ‬تائهة‪ ‬الفكار‪ ،‬ترى‪ ‬من‪ ‬خلل‪ ‬ضباب‪ ‬حيرة‪ ‬بل‪ ‬حدود‬ ‫‪ ‬تغطي‪ ‬عينيها‪ ، ‬همست‪ ‬حين‪ ‬رأته‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬لأدري‪ ‬كيف‪ ‬وثقت‪ ‬به؟‬ ‫أدرك‪ ‬أنها‪ ‬تتحدث‪ ‬عن‪ ‬شريف‪ ، ‬رد‪ ‬ببطء‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬تركك‪ ‬وهرب‬ ‫صمت‪ ‬قليل‪ ‬ثم‪ ‬رفع‪ ‬عينيه‪ ‬إلى‪ ‬براح‪ ‬عينيها‪ ‬الداميتين‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬النجاة‪ ‬بالنسبة‪ ‬لك‪ ‬أن‪ ‬يقبض‪ ‬عليه‪ ‬و‪ ‬يعترف‬ ‫عاد‪ ‬شلل‪ ‬الدموع‪ ‬ينهمر‪ ‬فياضا ا‪ ‬من‪ ‬عينيها‪.‬‬ ‫أخذ‪ ‬تصريحا‪ ‬لإفراج‪ ‬مؤقت‪ ‬عنها‪ ‬وخرج‪ ‬بها‪ ‬إلى‪ ‬الطريق‬ ‫‪45‬‬


‫‪ ‬قالت‪ ‬من‪ ‬خلل‪ ‬دموعها‪ ‬وهي‪ ‬تحتويه‪ ‬بنظرات‪ ‬امتنان‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬إحساسي‪ ‬لم‪ ‬يكذب‪ ‬علّي‬ ‫وركبت‪ ‬العربة‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ‬وتسليم‪. ‬‬ ‫سألها‪ ‬ماذا‪ ‬ستقول‪ ‬لهم‪ ‬في‪ ‬البيت‪ ‬عن‪ ‬فترة‪ ‬غيابها‪ ، ‬هزت‪ ‬رأسها‪ ‬شاردة‬ ‫وهي‪ ‬ترمق‪ ‬الطريق‪ ‬والعربات‪ ‬المارة‪ ‬ولم‪ ‬تنطق‪ ‬بحرف‪ ، ‬هذه‪ ‬أول‪ ‬مرة‬ ‫تبيت‪ ‬فيها‪ ‬خارج‪ ‬بيتهم‪ ، ‬أول‪ ‬مرة‪ ‬ترى‪ ‬فيها‪ ‬مارأت‪ ‬وتشعر‪ ‬فيها‪ ‬بما‪ ‬شعرت‬ ‫‪ ،‬لو‪ ‬سارت‪ ‬المور‪ ‬بها‪ ‬في‪ ‬مجراها‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬ولم‪ ‬ينقذها‪ ‬سامح‪ ‬كانت‪ ‬قد‬ ‫انتهت‪.. ‬عادت‪ ‬إليه‪ ‬بعيني‪ ‬الحمد‪ ‬والتقدير‪ ‬عاجزة‪ ‬عن‪ ‬إيجاد‪ ‬حروف‪ ‬أو‬ ‫عبارات‪ ‬تحكي‪ ‬مشاعرها‪ ‬أو‪ ‬تصف‪ ‬حالتها‪ ‬الن‪ ، ‬قالت‪ ‬أخيراا‪: ‬‬ ‫هل‪ ‬تقرضني‪ ‬هاتفك‪ ‬؟‬ ‫­‬ ‫تبسمت‪ ‬عيناه‪ ‬ومد‪ ‬يده‪ ‬إليها‪ ‬به‪ ‬في‪ ‬صمت‪ ، ‬سارعت‪ ‬بالتصال‪ ‬برقم‪ ‬ابنة‬ ‫خالتها‪ ‬المقيمة‪ ‬في‪ ‬منطقة‪ ‬كامب‪ ‬شيزار‬ ‫‪ ­ ‬سماح‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬أنت‪ ‬ياعائشة‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬شرحت‪ ‬لها‪ ‬سريعا‪ ‬ماكان‪ ‬‬ ‫قصت‪ ‬عليها‪ ‬سماح‪ ‬ماجرى‪ ‬مذ‪ ‬غابت‪ ، ‬بحث‪ ‬العائلة‪ ‬عنها‪ ‬وقلق‪ ‬الجميع‬ ‫عليها‪ ، ‬سألتها‪ ‬الرأى‪ ‬فيما‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬تبرر‪ ‬به‪ ‬غيابها‪ ، ‬قالت‪­: ‬‬ ‫‪­ ‬الدكتور‪ ‬محمود‪ ‬استاذنا‪ ‬بالكلية‪ ‬يمكنني‪ ‬العتماد‪ ‬عليه‪ ، ‬قولى‪ ‬لهم‪ ‬إنك‬ ‫تعبت‪ ‬وأخذوك‪ ‬إلى‪ ‬عيادته‪ ، ‬وهناك‪ ‬رحت‪ ‬في‪ ‬غيبوبة‪ ‬لم‪ ‬تعطك‪ ‬الفرصة‬ ‫للتصال‪ ‬بهم‪ ‬وإخبارهم‪ ‬بمكانك‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وماهو‪ ‬المرض‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬عندى‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬ألم‪ ‬في‪ ‬الصدر‪ ‬شديد‪ ‬لم‪ ‬يعطك‪ ‬الفرصة‪ ‬للتفكير‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وهو‪ ‬سيقول‪ ‬هذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬مؤكد‬

‫‪46‬‬


‫عادت‪ ‬إليه‪ ‬منتظرة‪ ‬رأيه‪ ‬فيما‪ ‬سمع‪ ، ‬هز‪ ‬رأسه‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬ينطق‪ ‬بكلمة‪ ‬كانت‬ ‫تراوده‪ ‬منذ‪ ‬سمع‪ ‬اقتراح‪ ‬قريبتها‪ ) ‬اتق‪ ‬شر‪ ‬النساء‪ ‬ومكرهن‪. ( ‬‬ ‫أمام‪ ‬مدخل‪ ‬شارع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬الرئيسى‪ ‬نزلت‪ ‬من‪ ‬العربة‪ ، ‬حدقت‪ ‬في‪ ‬عينيه‬ ‫ممتنة‪ ‬بصوت‪ ‬مدغم‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تواجه‪ ‬الطريق‪ ‬وحيدة‪ ‬إل‪ ‬من‪ ‬مشاعر‬ ‫متضاربة‪ ‬تحيط‪ ‬بقلبها‪ ‬الصغير‪ ‬وهي‪ ‬ترى‪ ‬شريف‪ ‬يقول‪ ‬مال‪ ‬يفعل‪ ،‬ظاهره‬ ‫يختلف‪ ‬بقوة‪ ‬عن‪ ‬باطنه‪ ، ‬بينما‪ ‬سامح‪ ‬يفعل‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬يتكلم‪ ‬أويتفاخر‪ ‬بمايقوم‬ ‫به‪.‬‬ ‫‪ ‬عادت‪ ‬ترى‪ ‬وجهه‪ ‬وهو‪ ‬ينظر‪ ‬إلى‪ ‬عينيها‪ ‬محدقا‪ ‬في‪ ‬نبضاتها‪ ‬بنظرات‬ ‫واثقة‪ ‬وهو‪ ‬يمد‪ ‬يده‪ ‬طالبا ا‪ ‬منها‪ ‬مرافقته‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬أفلتت‪ ‬من‪ ‬الجحيم‪ ‬‬ ‫‪ ‬و‪ ‬رأت‪ ‬الحياة‪ ‬ماتزال‪ ‬تسير‪ ‬كما‪ ‬هي‪ ‬في‪ ‬أبى‪ ‬تلت‪ ‬ولو‪ ‬إلى‪ ‬حين‪.‬‬

‫‪47‬‬


48


‫)‪(6‬‬ ‫زيارة‪ ‬ليلية‬ ‫مستغرقا ا‪ ‬في‪ ‬النوم‪ ‬كان‪. ‬‬ ‫جاءه‪ ‬من‪ ‬يوقظه‪ ‬وهوملثم‪ ‬الوجه‪.‬‬ ‫ليظهرمنه‪ ‬إل‪ ‬عينان‪ ‬تبرقان‪ ‬وسط‪ ‬الظلم‪.‬‬ ‫بيده‪ ‬مسدس‪ ‬سريع‪ ‬الطلقات‪.‬‬ ‫فتح‪ ‬عينيه‪ ‬محاول‪ ‬استيعاب‪ ‬المر‪.‬‬ ‫رأى‪ ‬نفسه‪ ‬يرقد‪ ‬على‪ ‬فراشه‪.‬‬ ‫فتح‪ ‬عينيه‪ ‬لقصى‪ ‬مااستطاعتا‪ ،‬ولم‪ ‬يتحرك‪ ‬كما‪ ‬طلب‪ ‬منه‪.‬‬ ‫حاول‪ ‬التماسك‪ ‬قدرالمستطاع؛‪ ‬والتحكم‪ ‬في‪ ‬نبضات‪ ‬قلبه‪ ‬المتسارعة‪ ‬وهو‬ ‫يسأل‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬من؟‬ ‫قال‪ ‬الملثم‪ ‬بصوت‪ ‬هامس‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬نريدالحديث‪ ‬معك‬ ‫‪ ­ ‬بالسلح‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬ل‬ ‫‪ ‬اعتدل‪ ‬سامح‪ ‬نصف‪ ‬جالس‪ ‬؛‪ ‬والرجل‪ ‬يراقبه‪ ‬على‪ ‬بعد؛‪ ‬وقد‪ ‬نكس‬ ‫المسدس‪ ‬إلى‪ ‬جانبه؛‪ ‬وإن‪ ‬كانت‪ ‬نظراته‪ ‬تشي‪ ‬بأنه‪ ‬على‪ ‬أهبه‪ ‬الستعداد‬ ‫لي‪ ‬مفاجأة‬ ‫أسند‪ ‬سامح‪ ‬جسده‪ ‬إلى‪ ‬ظهرالسرير‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬من‪ ‬أنت‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬جئت‪ ‬ببهية‪ ‬إليك‪ ‬‬ ‫‪49‬‬


‫‪ ­ ‬بهية‪! ‬‬ ‫‪ ‬هنا‪ ‬وفي‪ ‬منتصف‪ ‬الليل؟‬ ‫‪ ­ ‬هذا‪ ‬أفضل‬ ‫‪ ­ ‬وكيف‪ ‬دخلت‪ ‬إلى‪ ‬هنا؟‬ ‫‪ ­ ‬كما‪ ‬سأخرج‬ ‫‪ ­ ‬هذا‪ ‬ليس‪ ‬عمل‪ ‬قانوني‬ ‫‪ ­ ‬أنا‪ ‬أؤدي‪ ‬مهمة‬ ‫‪ ­ ‬من‪ ‬كلفك‪ ‬بها؟‬ ‫‪ ­ ‬دعنا‪ ‬في‪ ‬بهيةالن‪.‬‬ ‫‪ ‬هل‪ ‬أدخلها؟‬ ‫‪ ­ ‬لماذا‪ ‬جئت‪ ‬بها‪ ‬إلى‪ ‬هنا؟‬ ‫‪ ­ ‬لتتكلم‪ ‬معها‪ ‬وتحكم‪ ‬بنفسك‪ ‬عليها‬ ‫‪ ­ ‬افرض‪ ‬إنني‪ ‬أدنتها‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬سنرى‪ .‬‬ ‫كان‪ ‬الظلم‪ ‬قد‪ ‬بدأيبين‪ ‬قليل ا‪ ‬عن‪ ‬حاجيات‪ ‬الحجرة‪.‬‬ ‫‪ ‬السريرالخشبي‪ ‬الصغير‪.‬‬ ‫‪ ‬الكوميدينو‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪.‬‬ ‫‪ ‬مكتب‪ ‬إيديال‪ ‬مواجه‪ ‬له‪.‬‬ ‫‪ ‬دولب‪ ‬صاج‪.‬‬ ‫‪ ‬ثم‪ ‬مقاعد‪ ‬ثلثة‪.‬‬ ‫وأخيراا‪ ‬باب‪ ‬مغلق‪ ‬؛‪ ‬وأمامه‪ ‬رجل‪ ‬ملثم‪ ‬بيده‪ ‬مسدس‪ ‬منكس‪ ‬إلى‪ ‬الرض‪.‬‬ ‫‪ ‬قال‪ ‬سامح‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬هاتها‬ ‫فتح‪ ‬الملثم‪ ‬الباب‪ ‬مناديا ا‪ ‬بصوت‪ ‬هامس‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬بهية‪ ،‬تعالي‬ ‫‪50‬‬


‫تقدم‪ ‬نحوالباب‪ ‬هيكل‪ ‬امرأة‪ ‬دخلت‪ ‬في‪ ‬هدوء‪. ‬‬ ‫‪ ‬بدت‪ ‬بدون‪ ‬أن‪ ‬تظهر‪ ‬ملمحها‪ ‬شيئا ا‪ ‬مبهاما‪ ‬؛‪ ‬شغل‪ ‬جزءاا‪ ‬من‪ ‬الفراغ‪ ‬؛‬ ‫مظلم‪ ‬صغير‪ ‬نحيل‪ . ‬خاطب‪ ‬سامح‪ ‬الرجل‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬أضيء‪ ‬النور‬ ‫من‪ ‬خلف‪ ‬اللثام‪ ‬برقت‪ ‬العينان‪ ‬؛‪ ‬ندت‪ ‬عنه‪ ‬زمجرة‪ ‬خفيفة‪ ، ‬قال‪ : ‬‬ ‫نساؤنا‪ ‬لتظهرعلى‪ ‬غريب‬ ‫­‬ ‫هب‪ ‬سامح‪ ‬مندفعا‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬أناضابط‪.. ‬‬ ‫‪ ‬محقق‪ ‬ولست‪ ‬شيئاآخر‪.‬‬ ‫‪ ‬أضيء‪ ‬النور‬ ‫فكرالملثم‪ ‬قليلا‪ ‬ثم‪ ‬سأل‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬المفتاح؟‬ ‫حدق‪ ‬سامح‪ ‬في‪ ‬الكيان‪ ‬الذي‪ ‬انزاحت‪ ‬عنه‪ ‬الظلمة‪ ‬؛‪ ‬بدا‪ ‬أمامه‪ ‬جسد‪ ‬نحيل‪ ‬في‬ ‫إمتلء‪ ‬؛‪ ‬رقيقة‪ ‬الوجه؛‪ ‬عيناها‪ ‬مسبلتان‪ ‬لترفعهماعن‪ ‬الرض؛‪ ‬تبدو‬ ‫هادئةالملمح‪ ‬مستكينة‪ ‬النظرات؛‪ ‬من‪ ‬ذلك‪ ‬النوع‪ ‬الذي‪ ‬خلق‪ ‬ليقول‪ ‬نعم‬ ‫بدون‪ ‬مناقشات‬ ‫لكن‪! ..‬‬ ‫هاجمته‪ ‬الأفكار‬ ‫المظاهروحدها‪ ‬لتكفي‬ ‫أنت‪ ‬تعرف‪ ‬ذلك‬ ‫سائل‪ ‬نفسه‪.. ‬هل‪ ‬هذه‪ ‬المرأة‪ ‬يمكن‪ ‬أن‪ ‬تجيء‪ ‬عليها‪ ‬لحظة‪ ‬تخرج‪ ‬فيهاعن‬ ‫جلدها؟‬ ‫هذه‪ ‬المرأة‪! ‬‬ ‫أتسعت‪ ‬عيناه‪ . ‬تركها‪ ‬إلى‪ ‬الملثم‬ ‫‪ ­ ‬تقول‪ ‬إنها‪ ‬بهية؟‬ ‫‪51‬‬


‫­‬

‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫­‬

‫‪ ­ ‬نعم‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وماأدراني‪ ‬أنهاهي‬ ‫‪ ­ ‬ماذاتريد؟‬ ‫‪ ‬بطاقةهوية‬ ‫ارتفعت‪ ‬الجفان‪ ‬لتطل‪ ‬من‪ ‬خلفها‪ ‬حدقتان‪ ‬ناعمتان‪ ‬فيهما‪ ‬ضعف‪ ‬أنثوي‪ ‬إلى‬ ‫درجةالخضوع‪ . ‬مدت‪ ‬يدها‪ ‬وسلمته‪ ‬بطاقتها‪ .‬قرأها‪ ‬وأعادها‪ ‬إليها‪:‬‬ ‫‪ ‬لماذاقتلت‪ ‬السيد‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أنه‪ ‬أبو‪ ‬أولدي‪..‬زوجي‪ .‬كيف‪ ‬أقتله؟‬ ‫‪ ‬إذن‪ ‬من‪ ‬قتله‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬ل‪ ‬أعرف‬ ‫‪ ‬ألم‪ ‬يكن‪ ‬معك‪ ‬في‪ ‬الحجرة‪ ‬حين‪ ‬قتل؟‪ ‬‬ ‫كان‪ ‬الملثم‪ ‬يقف‪ ‬قريبا امنها؛‪ ‬عاقداا‪ ‬ذراعيه‪ ‬على‪ ‬صدره‪ ‬يرقب‪ ‬الحوار‪ ‬في‬ ‫صمت‪ ،‬ناقل انظراته‪ ‬في‪ ‬رتابة‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬يكلف‪ ‬نفسه‪ ‬مشقة‪ ‬التدخل‪ ‬بكلمة‪ ‬ما‪.‬‬ ‫انتبه‪ ‬سامح‪ ‬أنه‪ ‬ربما‪ ‬يرقب‪ ‬كلماتها‪ ‬؛‪ ‬أويؤثر‪ ‬عليها‪ ‬فتعجزعن‪ ‬النطق‪ ‬أمامه‬ ‫؛‪ ‬مؤكد‪ ‬لو‪ ‬أبعده‪ ‬سيخرج‪ ‬منها‪ ‬بشيء‪. ‬‬ ‫‪ ‬وطالما‪ ‬أرسلوها‪ ‬إليه‪ ‬هكذا‪ ‬فهم‪ ‬يريدون‪ ‬إبعاد‪ ‬الشبهة‪ ‬عنها؛‪ ‬يريدون‪ ‬أن‬ ‫يعرف‪ ‬أنها‪ ‬بريئة‪ ،‬وأن‪ ‬هناك‪ ‬آخرغيرها‪. ‬‬ ‫على‪ ‬كل‪ ‬حال‪ ‬مؤكد‪ ‬إنها‪ ­ ‬إن‪ ‬لم‪ ‬تكن‪ ‬مشتركة‪ ‬في‪ ‬الجرم‪ – ‬رأت‪ ‬الجاني‬ ‫وربما‪ ‬تريدالتسترعليه‪. ‬‬ ‫‪ ‬سنرى؛‪ ‬وإستداربهدوء‪ ‬إلى‪ ‬الملثم‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬انتظر‪ ‬قليل‪ ‬خارج‪ ‬الحجرة‬ ‫انتفض‪ ‬الرجل‪ : ‬ماذاقلت؟‬ ‫وشهرسلحه‬ ‫تنمرسامح‪ ‬له‪: ‬‬ ‫‪ ‬أريد‪ ‬محادثتها‪ ‬وحدها‪ ‬؛‪ ‬بدون‪ ‬تأثير‪ ‬أوخوف‪ ‬منك‪ ‬؛‪ ‬تفضل‪ ‬‬ ‫‪52‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫أنت‪ ‬وهي‪ ‬وحدكما‪ !! ‬‬ ‫‪ ‬هي‪ ‬متهمة‪ ‬في‪ ‬جريمة‪ ‬قتل‪ ‬؛‪ ‬وإذاثبت‪ ‬إدانتها‪ ‬فلن‪ ‬أتركها‬ ‫ماذاتقصد؟‬ ‫‪ ‬مادمت‪ ‬أتيت‪ ‬بها‪ ‬إلّى‪ ‬فيجب‪ ‬أن‪ ‬استجوبها‬ ‫‪ ‬هذا‪ ‬لن‪ ‬يكون‪ ‬بدوني‪ . ‬هيا‪ ‬يابهية‬ ‫‪ ‬كماتريد‬ ‫‪ ‬اندفعت‪ ‬بهية‪ ‬تحادث‪ ‬الرجل‪. ‬‬ ‫‪ ‬بل‪ ‬انتظر‬ ‫نظر‪ ‬إليها‪ ‬؛‪ ‬قالت‪ ‬بهدوء‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬مادمت‪ ‬بريئة‪ ‬لن‪ ‬أخاف‪.‬‬ ‫‪ ‬اسأل‪ ‬ياحضرةالظابط‬ ‫عاد‪ ‬سامح‪ ‬يطلب‪ ‬منه‪ ‬الخروج‪. ‬‬ ‫‪ ‬تفرس‪ ‬فيه‪ ‬بحدة‪ ‬وبدا‪ ‬كما‪ ‬لوكان‪ ‬يبحث‪ ‬المرفي‪ ‬رأسه‪.‬‬ ‫أخيراا‪ ‬قال‪ ­: ‬سأقف‪ ‬خارجا ا‬ ‫وأغلق‪ ‬الباب‪ ‬خلفه‬ ‫أشارسامح‪ ‬لها‪ ‬أن‪ ‬تقترب‪ ‬؛‪ ‬أمرها‪ ‬بالجلوس‬ ‫‪ ­ ‬أريدك‪ ‬أن‪ ‬تتكلمي‪ ‬بحرية‪.‬‬ ‫‪ ‬كيف‪ ‬تزوجت‪ ‬السيد؟‬ ‫نظرت‪ ‬إليه‪ ‬مباشرة؛‪ ‬عيناهاصافيتان‪ ‬؛‪ ‬همست‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬وهل‪ ‬هذا‪ ‬له‪ ‬دخل‪ ‬بالموضوع؟‬ ‫‪ ­ ‬لتريدين‪ ‬الجابة‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬كان‪ ‬والدي‪ ‬ووالد‪ ‬السيد‪ ‬صديقين‪ ‬؛‪ ‬شغلهم‪ ‬واحد؛‪ ‬وطريقهم‪ ‬واحد‪ ‬؛‬ ‫وحياتهم‪ ‬واحدة‪ .‬كانا‪ ‬ليفترقان‪ ‬إلا‪ ‬حينما‪ ‬يقتربان‪ ‬من‪ ‬الحارة‬ ‫‪ ­ ‬لماذا‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أبي‪ ‬يدخل‪ ‬الحارة‪ ‬ويودع‪ ‬عم‪ ‬حسن­‪ ‬‬ ‫‪53‬‬


‫­‪ ‬لنه‪ ‬لم‪ ‬يكن‪ ‬من‪ ‬سكان‪ ‬الحارة؟‬ ‫‪ ­ ‬ليس‪ ‬من‪ ‬السكان‪ ‬ولمن‪ ‬العائلة‬ ‫‪ ­ ‬والعائلة‪ ‬كانت‪ ‬راضية‪ ‬عن‪ ‬هذه‪ ‬الصداقة؟‬ ‫‪ ­ ‬كانت‪ ‬راضية‬ ‫‪ ­ ‬وبعدالزواج‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬أراد‪ ‬عم‪ ‬حسن‪ ‬وأبي‪ ‬زيادة‪ ‬أواصر‪ ‬الرتباط‪ ‬فاتفقا‪ ‬على‪ ‬زواجي‪ ‬وسيد‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أقول‪ ‬ماذا‪ ‬كان‪ ‬موقف‪ ‬العائلة؟‬ ‫‪ ­ ‬حدثت‪ ‬بعض‪ ‬المشكلت‪. ‬‬ ‫وأشاحت‪ ‬بوجهها‪ ‬عنه‪ ‬إلى‪ ‬الناحية‪ ‬الخرى‪ . ‬ظل‪ ‬يراقبها‪.‬‬ ‫فكر‪ ‬أن‪ ‬يلحقها‪ ‬بالسئلة‪ ‬؛‪ ‬لكنه‪ ‬فضل‪ ‬أن‪ ‬تهدأ‪ ‬وتطمئن‪ ‬إليه‪ ‬بدلا‪ ‬من‬ ‫التوتر‪ . ‬‬ ‫صحيح‪ ‬هو‪ ‬إن‪ ‬حاصرها‪ ‬بأسئلته‪ ‬ستتعلثم؛‪ ‬وقد‪ ‬تندفع‪ ‬في‪ ‬أقوال‪ ‬يأخذها‬ ‫عليها‪ . ‬‬ ‫لكن‪ ‬والرجل‪ ‬الملثم‪ ‬بالخارج؛‪ ‬وهو‪ ‬مؤكد‪ ‬يسمع‪ ‬كل‪ ‬شئ؛‪ ‬فمن‪ ‬الولي‪ ‬أن‬ ‫يتعامل‪ ‬معها‪ ‬بطريقة‪ ‬آخرى‪ ‬تستريح‪ ‬إليها؛وتسرد‪ ‬من‪ ‬تلقاء‪ ‬نفسها‪ ‬ماتريد‪. ‬‬ ‫عادت‪ ‬تنظر‪ ‬ناحيته‪ ‬بعد‪ ‬صمت‪ ‬طال‪ ‬ثوان‪ . ‬قال‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماهي؟‬ ‫‪ ­ ‬رفضوا‪ ‬هذا‪ ‬الزواج‪ .‬المهم‪ ‬تزوجنا‪ ‬وعشت‪ ‬معه‪ ‬في‪ ‬بيت‪ ‬أبيه‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬ولماذا‪ ‬رفضوا؟‬ ‫‪ ­ ‬عندنا‪ ‬ممنوع‪ ‬الزواج‪ ‬من‪ ‬خارج‪ ‬العائلة‬ ‫‪ ­ ‬وإذاحدث؟‬ ‫‪ ­ ‬مشاكل‬ ‫‪ ­ ‬مثل‪ ‬قتل‪ ‬الزوج؟‬ ‫‪ ­ ‬لم‪ ‬تصل‪ ‬لهذا‪ ‬من‪ ‬قبل‬ ‫‪ ­ ‬ويوم‪ ‬الحادث‪ ‬؛‪ ‬ماذا‪ ‬رأيت؟‬ ‫‪54‬‬


‫‪ ­ ‬جاء‪ ‬ضيوف‬ ‫‪ ­ ‬منهم‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬لم‪ ‬أرهم‪ .‬حينما‪ ‬دق‪ ‬الباب‪ ‬طلب‪ ‬مني‪ ‬أن‪ ‬أتوارى‪ .‬جلس‪ ‬معهم‪ ‬وحده‪.‬‬ ‫‪ ‬و‪ ‬تعالت‪ ‬أصواتهم‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬لم‪ ‬تميزي‪ ‬هذه‪ ‬الصوات؟‪ ‬‬ ‫­‪ ‬لم‪ ‬أعرفهم‪ .‬وحدثت‪ ‬مشاجرة‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬كم‪ ‬كان‪ ‬عددهم‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬اثنان‪ ‬أوثلثة‪ .‬حينما‪ ‬خرجوا‪ ‬انتظرت‪ ‬أن‪ ‬ينادي‪ ‬عليّ‪. ‬‬ ‫‪ ‬طال‪ ‬الوقت‪..‬ناديته‪ ‬أنا‬ ‫‪ ‬بعثت‪ ‬الولد‪ ‬إليه‪ ‬‬ ‫‪ ‬وجدناه‪ ‬غارقا‪ ‬في‪ ‬دمه‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أي‪ ‬أولدك‪ ‬تقصدين؟‬ ‫‪ ­ ‬الكبير‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وماذافعلت؟‬ ‫‪ ­ ‬صرخت‪ ‬وبكيت‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬ثم‪ ‬هربت‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬حينما‪ ‬أتهمونى‪ ‬ظلما ا‬ ‫‪ ­ ‬ولماذاهربت‪ ‬إذا‪ ‬كنت‪ ‬بريئة‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬خفت‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬لماذا‪ ،‬ومن‪ ‬ماذا‪ ، ‬أم‪ ‬نصحك‪ ‬أحدهم‪ ‬بالهروب؟‬ ‫‪ ­ ‬ل‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬بهية؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬نعم‬ ‫‪ ­ ‬سأحتاج‪ ‬إليك‪ ‬كثيراا‪ ، ‬هل‪ ‬تفهمين‪ ‬هذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬نعم‪ ‬‬ ‫‪55‬‬


‫‪ ­ ‬بدل ا‪ ‬من‪ ‬البحث‪ ‬عنك‪ ‬؛‪ ‬ومؤكد‪ ‬سنعثر‪ ‬عليك‪. ‬‬ ‫‪ ‬وساعتها‪ ‬ستواجهين‪ ‬إتهامات‪ ‬عديدة‪.‬‬ ‫‪ ‬أنصحك‪ ‬بتسليم‪ ‬نفسك‪.‬‬ ‫‪ ‬وأعدك‪ ‬أن‪ ‬العدل‪ ‬سيأخذ‪ ‬مجراه‬ ‫‪ ‬ولن‪ ‬أمسك‪ ‬بأذى‪ ‬مادام‪ ‬لم‪ ‬يثبت‪ ‬عليك‪ ‬شيء‬ ‫‪ ‬يمكنك‪ ‬الذهاب‪ ‬الن‪.‬‬ ‫قامت‪ ‬إلى‪ ‬الباب‪ ‬؛‪ ‬دقته‪ ‬بلطف‪ ‬وخرجت؛‪ ‬عادالملثم‬ ‫‪ ­ ‬بعدإذنك‬ ‫ومضى‪ . ‬فكرسامح‪ ‬في‪ ‬القيام‪ ‬خلفه؛‪ ‬لم‪ ‬يجد‪ ‬في‪ ‬نفسه‪ ‬ميلا‪ ‬لهذا؛‪ ‬مؤكد‬ ‫ستأتيه‪ ‬ثانية‪. ‬‬ ‫وإن‪ ‬لم‪ ‬تفعل‪ ‬فإن‪ ‬أنور‪ ‬سيقوم‪ ‬بهذا‪!. ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪56‬‬


(7)

57


‫‪ ‬دعوة‪.. ‬والقبول‬ ‫أطلق‪ ‬سامح‪ ‬زفراته‪ ‬لتصطدم‪ ‬بالنافذ‪ ‬؛‪ ‬تخترق‪ ‬حديدها‪ ‬المتشابك‪ ‬وراء‬ ‫الزجاج‪ ‬المفتوح‪ ‬وتنطلق‪ ‬شاكية‪ ‬إلى‪ ‬السماء‪.‬‬ ‫دوماا‪ ‬كان‪ ‬هناك‪ ‬كبار‪.. ‬التاريخ‪ ‬يقول‪ ‬هذا‪.‬‬ ‫‪ ‬وكان‪ ‬هناك‪ ‬من‪ ‬يتقدم‪ ‬الصفوف‪ ‬ليحمل‪ ‬الراية‪ ‬وقت‪ ‬الجد‪ ‬؛‪ ‬يخترق‪ ‬الواقع‬ ‫بكل‪ ‬مرارته‪ ‬ويكسر‪ ‬الحسابات‪ ‬والخطط‪ ‬؛‪ ‬ويدك‪ ‬حصون‪ ‬الليل‪ ‬وينفذ‪ ‬إلى‬ ‫صبح‪ ‬ترى‪ ‬فيه‪ ‬مصر‪ ‬على‪ ‬صفحة‪ ‬مرآة‪ ‬النيل‪ ‬نفسها‪ ‬من‪ ‬جديد‬ ‫ما‪ ‬الذي‪ ‬جرى‪ ‬يامصر‪ ‬؟‬ ‫حتى‪ ‬الن‪ ‬تنأى‪ ‬أبو‪ ‬تلت‪ ‬عن‪ ‬اضطرابات‪ ‬المدينة‪ ‬وضجيجها؛‪ ‬روائح‬ ‫المؤامرات‪ ‬والخطط‪ ‬الجهنمية‪ ‬التي‪ ‬تنتشر‪ ‬في‪ ‬كل‪ ‬إتجاه‪ ‬قاصدة‪ ‬تحطيم‬ ‫صخرة‪ ‬لم‪ ‬يستطع‪ ‬كائن‪ ‬تحطيمها‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ‬؛‪ ‬رغم‪ ‬بعدها‪ ‬عن‪ ‬المنطقة‪ ‬إل‪ ‬أن‬ ‫القلوب‪ ‬هنا‪ ‬والعيون‪ ‬ترصدها‪ ‬وتتأثر‪ ‬بها‪ ‬؛‪ ‬يستخدمون‪ ‬في‪ ‬تنفيذ‪ ‬خططهم‪ ‬كل‬ ‫مايملكون‪ ‬من‪ ‬قوةونفوذ‪ ‬؛‪ ‬يريدون‪ ‬دفع‪ ‬أبناء‪ ‬البلد‪ ‬الواحد‪ ‬للقتتال‪ ‬فيما‬ ‫بينهم‪ ‬وهم‪ ‬بعيد‪ ‬آمنين‪ ‬؛‪ ‬يتسلون‪ ‬بمشاهدة‪ ‬الدمار‪ ‬والخراب‪ ‬وهو‪ ‬يأكل‬ ‫الخضر‪ ‬واليابس‪ ‬دون‪ ‬تمييز‪. ‬‬ ‫قد‪ ‬تغفل‪ ‬بلد‪ ‬عن‪ ‬هذا‪ ‬وربما‪ ‬بلدان‪ ‬أو‪ ‬أكثر‪ ‬؛‪ ‬أما‪ ‬مصر‪ ‬فلها‪ ‬شأن‪ ‬آخر‪ ‬؛‬ ‫ومكانة‪ ‬أخرى‪ ‬؛‪ ‬وحسابات‪ ‬فوق‪ ‬مايدركون‪. ‬‬ ‫‪ ‬إنهم‪ ‬ليعرفون‪ ‬قيمة‪ ‬هذا‪ ‬البلد‪ ‬وسره‪ ‬الكامن‪ ‬في‪ ‬أعمق‪ ‬أعماق‪ ‬التاريخ‪ ‬؛‬ ‫فكيف‪ ‬يفلحون‪ ‬معها‪ ‬؟‬ ‫انتبه‪ ‬لطرق‪ ‬على‪ ‬الباب‪.‬‬ ‫ظنه‪ ‬جنديا ا‪ ‬من‪ ‬جنود‪ ‬النقطة‪ ‬جاء‪ ‬لمر‪ ‬ما‪ ، ‬المكان‪ ‬الذى‪ ‬كان‪ ‬طوال‪ ‬عمره‬ ‫هادئا ا‪ ‬تحمل‪ ‬سيماه‪ ‬معالم‪ ‬النضباط‪ ‬والحزم‪ ‬صار‪ ‬الن‪ ‬يخشى‪ ‬عليه‪ ‬من‪ ‬أقل‬ ‫شرارة‪ ‬قد‪ ‬تشعل‪ ‬نيرانا ا‪ ‬لن‪ ‬تخمد‪. ‬‬ ‫‪58‬‬


‫حدقت‪ ‬عيناه‪ ‬في‪ ‬ضلفتي‪ ‬الباب‪ ‬نصف‪ ‬المفتوح‪. ‬اللفتة‪ ‬المعلقة‪ ‬على‪ ‬النصف‬ ‫المغلق‪ ) ‬ضابط‪ ‬النقطة(‪ ‬لتبين‪ ‬له‪ ،‬بينما‪ ‬الضلفة‪ ‬المفتوحة‪ ‬تشي‪ ‬بقدم‬ ‫وتهالك‪ ‬الخشب‪ ‬الذي‪ ‬تاه‪ ‬لونه‪ ‬بعوامل‪ ‬السنين‪ .‬اعتدل‪ ‬منفلتا ا‪ ‬من‪ ‬خواطره‪: ‬‬ ‫­‪ ‬ادخل‬ ‫رأى‪ ‬عائشة‪ ‬من‪ ‬جديد‪. ‬‬ ‫لكنها‪ ‬هذه‪ ‬المرة‪ ‬عائشة‪ ‬أخرى‪ ‬غير‪ ‬التي‪ ‬رآها‪ ‬هناك‪.‬‬ ‫بدت‪ ‬هنا‪ ‬حلما ا‪ ‬رقيقا ا‪ ‬مبهجاا‪ ‬يتجسد‪ ‬في‪ ‬ثوب‪ ‬بشرى‪ ‬يشد‪ ‬العين‪ ‬إليه‪. ‬‬ ‫اتسعت‪ ‬عيناه‪ ‬وانهمرت‪ ‬على‪ ‬مخيلته‪ ‬حوادث‪ ‬المس‪ ‬القريب‪ ‬معها‪. ‬‬ ‫بدت‪ ‬على‪ ‬ضوءالنهار‪ ‬قلبا ا‪ ‬غضا ا‪ ‬يسكنه‪ ‬الحياء‪ ‬؛‪ ‬ترتدي‪ ‬فستانا ا‪ ‬أزرق‬ ‫سماوي‪ ‬اللون‪ ‬؛‪ ‬تغطي‪ ‬رأسها‪ ‬بمنديل‪ ‬أبيض؛‪ ‬لها‪ ‬عينان‪ ‬واسعتان؛‪ ‬صافيتان‬ ‫؛‪ ‬ووجه‪ ‬دائري‪ ‬شفاف‪ ‬تعلوه‪ ‬حمرة‪ ‬خفيفة؛‪ ‬وهي‪ ‬تهمس‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬يمكنني‪ ‬الدخول؟‬ ‫تبسمت‪ ‬عيناه‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬بالطبع‪ ، ‬تفضلي‬ ‫أشارإلى‪ ‬مقعد‪ ‬أمامه‪ ‬وهوينظر‪ ‬إليها‪ ‬متسائل‪ ‬عن‪ ‬سر‪ ‬تلك‪ ‬الزيارة‪ ‬؛‪ ‬وهل‬ ‫وراءها‪ ‬أمر‪ ‬تريد‪ ‬اطلعه‪ ‬عليه‪ ، ‬هوطلب‪ ‬منها‪ ‬هذا‪ ، ‬إذا‪ ‬أرادت‪ ‬التحدث‪ ‬معه‬ ‫تتصل‪ ‬به‪ ‬؛‪ ‬تقول‪ ‬ماتريد‪ ‬؛‪ ‬أو‪ ‬تطلب‪ ‬لقاءه‪ ‬وتحادثه‪ ‬بما‪ ‬لديها‪ ‬؛‪ ‬خاصة‪ ‬إذا‬ ‫اتصل‪ ‬بها‪ ‬شريف‪ ‬أو‪ ‬قابلها ل‪ ‬ي‪ ‬سبب‪ ‬كان‪ ‬؛‪ ‬على‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬المر‪ ‬سراا‬ ‫بينهما‪ ‬حتى‪ ‬تأمن‪ ‬شر‪ ‬العين‪ ‬التي‪ ‬قد‪ ‬تتربص‪ ‬بها‪ ‬من‪ ‬ناحية‪ ‬الهل‪ ‬أو‪ ‬حتى‬ ‫الزملء‪ ‬في‪ ‬الجامعة‪ .‬‬ ‫قال‪ ‬بصوت‪ ‬ليشي‪ ‬بما‪ ‬وراءه‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬تحت‪ ‬أمرك‪.‬‬ ‫أسبلت‪ ‬أهدابها‪ ‬السوداء‪ ‬على‪ ‬دفء‪ ‬عينيها‪ ، ‬همست‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أبي‪ ‬طلب‪ ‬أن‪ ‬أدعوك‪ ‬لحفل‬ ‫للمحة‪ ‬خاطفة‪ ‬ضاقت‪ ‬عيناه‪ ، ‬قطب‪ ‬جبينه‪ ‬والدهشة‪ ‬تغزو‪ ‬جوانحه‪. ‬‬ ‫‪59‬‬


‫علت‪ ‬في‪ ‬رأسه‪ ‬أصوات‪ ‬اتهام‪ ‬واضحة؛‪ ‬تدور‪ ‬كلها‪ ‬حول‪ ‬الصول‪ ‬أنور‬ ‫وحركاته‪ ‬التي‪ ‬تشير‪ ‬بوضوح‪ ‬تام‪ ‬إلى‪ ‬ضلوعه‪ ‬في‪ ‬جريمة‪ ‬وقتها‪ ‬ليس‪ ‬الن‬ ‫فى‪ ‬ظروف‪ ‬البلد‪ ‬؛‪ ‬وليس‪ ‬هذا‪ ‬مكانها‪ ، ‬خاصة‪ ‬أن‪ ‬أفراد‪ ‬النقطة‪ ‬أقل‪ ‬من‪ ‬أن‬ ‫يواجهوا‪ ‬تجمهراا‪ ‬أو‪ ‬شغبا ا‪ ‬كالذي‪ ‬حدث‪ ‬منذ‪ ‬أيام‪. ‬‬ ‫‪ ‬تمالك‪ ‬مشاعره‪ ‬فوراا‪.‬‬ ‫تبسمت‪ ‬عيناه‪ ‬وارتفع‪ ‬صوته‪ ‬مرحبا ا‪ ‬بها‪ ، ‬محاول ا‪ ‬مداراة‪ ‬شعوره‪ ‬بأنه‬ ‫يتسلق‪ ‬جبلا‪ ‬وعراا‪ ، ‬به‪ ‬منحدرات‪ ‬ونتؤات‪ ‬حادة‪ ‬؛‪ ‬إن‪ ‬سلم‪ ‬من‪ ‬بعضها‪ ‬فلن‬ ‫يسلم‪ ‬من‪ ‬آخرى؛‪ ‬وأن‪ ‬عليه‪ ‬الحذرالشديد‪ ‬لمواصلة‪ ‬الارتفاع‪ ‬وإل‪!.. ‬‬ ‫مؤكدهذه‪ ‬السياسة‪ ‬التي‪ ‬يتبعها‪ ‬هنا‪ ‬لن‪ ‬تجدى؛‪ ‬وسيضطرفي‪ ‬النهاية‪ ‬إلى‬ ‫الاعتراف‪ ‬بفشله‪ ‬؛‪ ‬والعودة‪ ‬إلى‪ ‬السلوب‪ ‬التقليدي‪ ‬للحصول‪ ‬على‪ ‬مايريد‬ ‫الصول‪ ‬أنورموجود‪ ‬؛‪ ‬هولمحه‪ ‬منذ‪ ‬قليل‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬يعرف‪ ‬بمجيء‪ ‬ابنته‪ ‬الن؟‬ ‫الغريب‪ ‬أن‪ ‬التحريات‪ ‬أثبتت‪ ‬عكس‪ ‬ماقالته‪ ‬بهية‪ ‬حينما‪ ‬قالت‪ ‬أنها‪ ‬سمعت‬ ‫أصوات‪ ‬شجاروعراك‪ ‬بين‪ ‬زوجها‪ ‬وقاتليه‪ .‬الجيران‪ ‬من‪ ‬حولهم‪ ‬نفوا‪ ‬تماما‬ ‫ا‪ ‬سماع‪ ‬أي‪ ‬صوت‪ ‬غيرعادي‬ ‫ترى‪ ‬هل‪ ‬أرسل‪ ‬أنور‪ ‬بابنته‪ ‬لمر‪ ‬يخص‪ ‬القضية؟‬ ‫أشاربيده‪ ‬إلى‪ ‬مقعد‪ ‬أمامه‪ ‬وهو‪ ‬يبتسم‪ ‬مرحبا ا‪ ‬به‬ ‫‪ ‬لست‪ ‬محتاجة‪ ‬لتبرير‪ ، ‬تفضلى‬ ‫­‬ ‫صمت‪ ‬قليلا‪ ‬؛‪ ‬رفع‪ ‬عينيه‪ ‬إلى‪ ‬براح‪ ‬نظراتها‬ ‫‪ ‬قال‪ ‬فيما‪ ‬يشبه‪ ‬الهمس‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬شريف‪ ‬مايزال‪ ‬هاربا ا‪ ‬ا؟‬ ‫أحنت‪ ‬رأسها‪ ‬في‪ ‬تسليم‪ ، ‬ولم‪ ‬ترد‪. ‬‬ ‫دق‪ ‬جرساا‪ ‬بجواره‪ ‬؛‪ ‬تلل‪ ‬القلق‪ ‬على‪ ‬وجنتيها‪ ‬؛‪ ‬تشاغلت‪ ‬بضبط‪ ‬الحجاب‬ ‫فوق‪ ‬رأسها‪ ،‬سأل‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬بابا‪ ‬يعرف‪ ‬إنك‪ ‬هنا؟‬ ‫‪ ­ ‬نعم‬ ‫‪60‬‬


‫جاءشاب‪ ‬صغير‪ ‬؛‪ ‬دق‪ ‬الباب‪ ‬ووقف‪ ‬ينتظر؛‪ ‬طلب‪ ‬منه‪ ‬مشروبا ا‪ ‬مثلجا ا‪ ‬؛‬ ‫هرول‪ ‬إلى‪ ‬الخارج‪ ‬فوراا‪. ‬‬ ‫همس‪ ‬وهو‪ ‬يتشاغل‪ ‬بترتيب‪ ‬بعض‪ ‬الوراق‪ ‬أمامه‪­: ‬‬ ‫‪ ­ ‬القبض‪ ‬عليه‪ ‬واعترافه‪ ‬سوف‪ ‬ينهي‪ ‬صلتك‪ ‬بالموضوع‪ ‬تماما ا‪. ‬‬ ‫‪ ‬أصرت‪ ‬على‪ ‬الصمت‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬أتمنى‪ ‬أن‪ ‬تبلغيني‪ ‬إذا‪ ‬رأيته‬ ‫أحنت‪ ‬رأسها‪ ‬طاعة‪ ‬وقد‪ ‬تدرج‪ ‬وجهها‪ ‬من‪ ‬البيض‪ ‬إلى‪ ‬الحمر‪ ‬ثم‪ ‬إلى‬ ‫إصفرار‬ ‫تركها‪ ‬إلى‪ ‬الهاتف‪ ‬؛‪ ‬اتصل‪ ‬بأنور‪ ‬وعاد‪ ‬إليها‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬مارأيك‪ ‬في‪ ‬المكان؟‬ ‫‪ ­ ‬هاديء‪ ‬وجميل‬ ‫تألقت‪ ‬عيناه‪ ‬بالابتسام‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أنت‪ ‬أول‪ ‬انسان‪ ‬يصفه‪ ‬بهذا‪ ‬الوصف‬ ‫‪ ­ ‬وسيادتك‪ ‬كيف‪ ‬تراه؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬احيانا‪ ‬بحيرة‪ ‬من‪ ‬الدماء‪ ‬راكدة‪ ‬إلى‪ ‬حين‪ ‬؛‪ ‬منعزلة‪ ‬صامتة؛‪ ‬موحشة؛‬ ‫أبحث‪ ‬فيهاعن‪ ‬صوت‪ ‬أدمي‪ ‬أأتنس‪ ‬به‪ ‬؛‪ ‬وأحيانا‪ ‬أخرى‪ ‬أتون‪ ‬من‪ ‬نارعلى ّ‬ ‫أن‪ ‬أواجهه‪ ‬وأطفيء‪ ‬ناره‪ ‬بطريقة‪ ‬ما‪ . ‬‬ ‫دخل‪ ‬أنورمهرولا‪.‬‬ ‫صلعته‪ ‬تسبقه‪ ‬وبطنه‪ ‬يهتز‪ ‬أمامه‪ . ‬عل‪ ‬صوته‪ ‬الجهورى‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬تحت‪ ‬أمرك‬ ‫‪ ­ ‬تفضل‪ ‬ياعم‪ ‬أنور‬ ‫تبادلت‪ ‬عائشة‪ ‬ووالدها‪ ‬النظرات‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تعود‪ ‬للكلم‬ ‫‪ ­ ‬والدي‪ ‬صمم‪ ‬أن‪ ‬أحضرإليك‪ ‬بنفسي‪ ‬‬ ‫تعملقت‪ ‬الحيرة‪ ‬في‪ ‬صدره‪ ، ‬تأكد‪ ‬بما‪ ‬ليدع‪ ‬مجالا‪ ‬لشك ت‪ ‬أن‪ ‬هناك‪ ‬مخططا ا‪ ‬ما‬ ‫يجري‪ ‬تنفيذه‪ ‬وهو‪ ‬ليدرك‪ ‬حتى‪ ‬الن‪ ‬ماهو‪ ‬ول‪ ‬ماهو‪ ‬مبتغاه‪. ‬‬ ‫‪61‬‬


‫تبسم‪ ‬مجامل‪ : ‬تحت‪ ‬أمرك‬ ‫وهوليكاد‪ ‬يفهم‪ ‬شيئا‬ ‫‪ ‬تدخل‪ ‬أبوها‪ ‬في‪ ‬الحوار‪ ‬وهويبتسم‪ . ‬إبتسامته‪ ‬التي‪ ‬تفضح‪ ‬مايخفيه‪ ‬من‬ ‫إصفرارأسنانه‪ ‬الباقية‬ ‫‪ ­ ‬في‪ ‬الحقيقة‪ ‬خشيت‪ ‬أن‪ ‬تكسفني‬ ‫‪ ‬قلت‪ ‬لها‪ ‬تدعوك‪ ‬هي‪ ‬بنفسها‪ ‬لحضورحفل‪ ‬صغير‪ ‬‬ ‫‪ ‬بمناسبة‪ ‬حصولهاعلى‪ ‬بكالريوس‪ ‬الطب‬ ‫إتسعت‪ ‬عينا‪ ‬سامح‪ ‬وتوسدت‪ ‬شفتيه‪ ‬بسمة‪ ‬ناعمة‪ ‬؛‪ ‬مد‪ ‬يده‪ ‬مهنئا‪. ‬‬ ‫دخل‪ ‬الضابط‪ ‬صدقي‪ . ‬ألقى‪ ‬بنظراته‪ ‬إلى‪ ‬وجه‪ ‬عائشة‪ ‬متسائل‪ ‬بعينيه‪ ‬من‬ ‫تكون‪ ، ‬أشارسامح‪ ‬إليها‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬دكتوره‪ ‬عائشة‪ ‬بنت‪ ‬الصول‪ ‬أنور‬ ‫‪ ‬تألقت‪ ‬البسمة‪ ‬في‪ ‬عينيه‬ ‫‪ ‬بدا‪ ‬طابع‪ ‬الحسن‪ ‬على‪ ‬وجهه‬ ‫‪ ‬خاطبه‪ ‬أنور‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬حضرتك‪ ‬مدعولحضورحفل‪ ‬صغير‪ ‬بمناسبة‪ ‬حصول‪ ‬عائشة‪ ‬على‬ ‫بكالريوس‪ ‬الطب‪ ‬‬ ‫تهللت‪ ‬نظراته‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ألف‪ ‬مبروك‬ ‫‪ ‬تبسمت‪ ‬عائشة‪ ‬بخجل‪ ‬وهي‪ ‬تشكره‪ . ‬نظرإليهما‪ ‬سامح‪. ‬؛‪ ‬عيناه‪ ‬تنقلت‬ ‫بينهما‪ ‬وهما‪ ‬يتحدثان‪ ‬؛‪ ‬تاهت‪ ‬نظراته‪ ‬في‪ ‬سراديب‪ ‬خاطرة‪ ‬ومضت‪ ‬في‬ ‫خاطره‪ ‬؛‪ ‬رأهما‪ ‬بعين‪ ‬خياله‪ ‬يتهمسان‪.‬‬ ‫‪ ‬يمسك‪ ‬يدها‪.‬‬ ‫‪ ‬تأخذ‪ ‬ملمحها‪ ‬ملمح‪ ‬سالي‪.‬‬ ‫‪ ‬تبتسم‪ ‬له‪.‬‬ ‫‪ ‬ينظرفي‪ ‬عينيها‪.‬‬ ‫‪62‬‬


‫يشدها‪ ‬إليه‪.‬‬ ‫‪ ‬ترفع‪ ‬يديها‪ ‬إلى‪ ‬كتفيه‬ ‫‪ ‬يمد‪ ‬يده‪ ‬إلى‪ ‬وسطها‬ ‫يحتضنها‬ ‫يحتضنها‬ ‫فجأة‪ ‬يدفعهاعنه‬ ‫ترفع‪ ‬سماعةالهاتف‪ ‬وتحدثه‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬سامح‪ ، ‬اغفرلي‬ ‫‪ ­ ‬ل‬ ‫وهز‪ ‬رأسه‪ ‬مفلتا ا‪ ‬من‪ ‬مشاعره‪ ‬؛‪ ‬عائداا‪ ‬إلى‪ ‬ماحوله‬ ‫رأى‪ ‬عائشة‪ ‬تقف؛‪ ‬تؤكدعليهما‪ ‬في‪ ‬الحضور‪ ‬وتمضي‬ ‫أرسل‪ ‬عينيه‪ ‬في‪ ‬أعقابها‪ .‬شئ‪ ‬مافي‪ ‬هذا‪ ‬المريدعو‪ ‬إلى‪ ‬الحيرة‪ . ‬ماالذي‬ ‫يهدف‪ ‬إليه‪ ‬أنوربالظبط‪ ‬؟‬ ‫على‪ ‬كل‪ ‬هي‪ ‬فرصة‪ ‬ليفصل‪ ‬بين‪ ‬طريقتين‪ ‬تصارع‪ ‬كل‪ ‬منهماالخرى‪ ‬؛‬ ‫أما‪ ‬أن‪ ‬يظل‪ ‬متماسكا امحافظاعلى‪ ‬هدوئه‪ ‬؛‪ ‬يحل‪ ‬ألغاز‪ ‬هذاالمر‪ ‬بروية‪،‬‬ ‫أوينقلب‪ ‬على‪ ‬هذا‪ ‬الهدوء؛‪ ‬ويعترف‪ ‬بعجزه‪ ،‬ويتجه‪ ‬إلى‪ ‬الحل‪ ‬التقليدي‬ ‫حتى‪ ‬يحصل‪ ‬على‪ ‬مايريد‪ ‬قبل‪ ‬انتهاء‪ ‬المهلة‪ ، ‬وإن‪ ‬كان‪ ‬الوضع‪ ‬في‬ ‫السكندرية‪ ‬حاليا ا‪ ‬ليس‪ ‬فيه‪ ‬ترف‪ ‬المساعدة‪ ‬إل‪ ‬في‪ ‬الظروف‪ ‬القصوى‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬سامح‬ ‫إنتبه‪ ‬لصدقي‪ ‬يحادثه‬ ‫‪ ­ ‬مارأيك؟‬ ‫أداروجهه‪ ‬في‪ ‬المكان‪ ‬حوله‪ ‬؛‪ ‬المكتب؛‪ ‬المقاعدالمتناثرة؛‪ ‬الوراق‪ ‬المكومة‬ ‫؛‪ ‬الدولب‪ ‬الصاج‪ ‬و‪..‬همس‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬رائعة‬ ‫‪ ­ ‬عائشة؟‬ ‫‪63‬‬


‫‪ ­ ‬الفرصة‪ ‬التي‪ ‬جاءت‪ ‬‬ ‫قال‪ ‬عبارته‪ ‬الخيرة‬ ‫وإبتسامةشاردةعلى‪ ‬شفتيه‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪64‬‬


‫‪(8) ‬‬ ‫بيت‪ ‬الصائغ‪ ‬‬ ‫لم‪ ‬تكن‪ ‬الفترة‪ ‬التي‪ ‬قضاها‪ ‬ضابطا ا‪ ‬كافية‪ ‬لتغير‪ ‬صفة‪ ‬أصيله‪ ‬في‪ ‬صدقي‬ ‫وهي‪ ‬حبه‪ ‬للستحواز‪ ‬في‪ ‬كافة‪ ‬صورة‪ ، ‬ليس‪ ‬الستحواز‪ ‬فقط‪ ‬ولكن‪ ‬غريزة‬ ‫المتلك‪ ‬التي‪ ‬تفيض‪ ‬بها‪ ‬روحه‪ ‬ونبضاته‪ ، ‬ربما‪ ‬لحياته‪ ‬ومامر‪ ‬به‪ ‬من‬ ‫أحداث‪ ، ‬خاصة‪ ‬وجوده‪ ‬وأمه‪ ‬وحدهما‪ ‬بعد‪ ‬زواج‪ ‬أبيه‪ ‬بأخرى‪ ‬؛‪ ‬وتقسيمه‬ ‫‪65‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫وقته‪ ‬و‪ ‬ماله‪ ‬بين‪ ‬بيتين‪ ، ‬وإدراكه‪ ‬منذ‪ ‬صغره‪ ‬لهذا‪ ‬؛‪ ‬نتيجة‪ ‬رؤيته‪ ‬لوالدته‬ ‫ومشاركته‪ ‬مشاعرها‪ ‬وسماعه‪ ‬لحاديثها‪ ‬ونصائحها‪ ‬؛‪ ‬خاصة‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬رزق‬ ‫والده‪ ‬بأطفال‪ ‬من‪ ‬الخرى‪ ‬وانتقالها‪ ‬لبؤرة‪ ‬الهتمام‪ ‬والرعاية‪ ‬؛‪ ‬بينما‪ ‬تخلت‬ ‫أمه‪ ‬عن‪ ‬مكانها‪ ‬الثير‪ ‬في‪ ‬دائرة‪ ‬الضوء‪ ‬والهتمام‪ ، ‬ورضاءها‪ ‬بمنطقة‬ ‫الظل‪ ‬تعيش‪ ‬فيها‪ ‬وترعى‪ ‬ولدها‪ ، ‬صامتة‪ ‬صمت‪ ‬الكبرياء‪ ‬ورفض‪ ‬التسول‬ ‫والنحناء‪ ‬حتى‪ ‬لزوج‪ ‬آثر‪ ‬أخرى‪ ‬عليها‪ ، ‬ولنها‪ ‬تعلمت‪ ‬الحياكة‪ ‬قبل‬ ‫زواجها‪ ‬فقد‪ ‬اضطرت‪ ‬مع‪ ‬ابتعاد‪ ‬الزوج‪ ‬إلى‪ ‬معاودة‪ ‬العمل‪ ‬في‪ ‬البيت‪ ‬بالحياكة‬ ‫للجارات‪ ‬في‪ ‬البيت‪ ‬أو‪ ‬خارجه‪ ، ‬محتفظة‪ ‬في‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬برأسها‪ ‬مرفوعا ا‪ ‬؛‬ ‫وبروحها‪ ‬رغم‪ ‬الشرخ‪ ‬عالية‪ ، ‬وقد‪ ‬ثارت‪ ‬العواصف‪ ‬وقامت‪ ‬الزوابع‪ ‬عاتية‬ ‫بينها‪ ‬وبين‪ ‬زوجها‪ ‬الذي‪ ‬ماإن‪ ‬عرف‪ ‬بإقدامها‪ ‬على‪ ‬معاودة‪ ‬العمل‪ ‬ولو‬ ‫بالمنزل‪ ‬حتى‪ ‬عاد‪ ‬صاخبا ا‪ ‬رافضا ا‪ ‬هذا‪ ‬تماما ا‪ ، ‬متهما ا‪ ‬إياها‪ ‬بالساءة‪ ‬إليه‬ ‫وإلى‪ ‬مكانته‪ ‬حينما‪ ‬يقولون‪ ‬زوجة‪ ‬عبد‪ ‬الحميد‪ ‬البشارى‪ ‬الصائغ‪ ‬الكبير‬ ‫تعمل‪ ‬لترعى‪ ‬ولدها‪! ‬‬ ‫صرخت‪ ‬فيه‪: ‬‬ ‫لن‪ ‬أدفن‪ ‬شبابى‪ ‬بين‪ ‬جدران‪ ‬أربعة‬ ‫ومال‪ ‬الشباب‪ ‬بالعمل‪ ‬؟‬ ‫أحادث‪ ‬الخلق‪ ، ‬أتعامل‪ ‬معهم‪ ، ‬أراهم‪ ‬ويروني‪ ، ‬والعمل‪ ‬يعطيني‪ ‬هذا‬ ‫لكنه‪ ‬إساءة‪ ‬لي‬ ‫هل‪ ‬عرفت‪ ‬شيئا ا‪ ‬مشينا ا‪ ‬عني‪ ‬؟‬ ‫وماأدراني‪ ‬‬ ‫أتحداك‪ ‬وأتحدى‪ ‬من‪ ‬يقول‪ ‬هذا‬ ‫لعمل‪ ‬بعد‪ ‬الن‬ ‫ارجع‪ ‬لبيتك‪ ‬وسألبي‪ ‬طلبك‬ ‫لن‪ ‬يمكني‪ ‬إهمال‪ ‬البيت‪ ‬الخر؟‬ ‫ولن‪ ‬أتسول‪ ‬وجودك‪ ‬معى‬ ‫‪66‬‬


‫­‬ ‫­‬

‫سأقطع‪ ‬المصروف‪ ‬عنك ت‬ ‫لن‪ ‬أطالبك‪ ‬به‪.‬‬ ‫ومضى‪ ‬عنها‪ ‬ضارباا‪ ‬حياته‪ ‬معها‪ ‬بسهام‪ ‬النسيان‪ ، ‬واكتفى‪ ‬بعدها‪ ‬باستقبال‬ ‫ولده‪ ‬منها‪ ‬كل‪ ‬أسبوع‪ ‬في‪ ‬المحل‪ ، ‬أو‪ ‬كلما‪ ‬احتاج‪ ‬شيئا ا‪ ، ‬مكتفيا ا‪ ‬في‬ ‫البداية‪ ‬بسؤاله‪ ‬عن‪ ‬أمه‪ ‬وأحوالها‪ ، ‬بعدها‪ ‬ابتعد‪ ‬بمشاعره‪ ‬عنهما‪ ‬مكتفيا‬ ‫بمبلغ‪ ‬ليكاد‪ ‬يكفى‪ ‬الولد‪ ‬الصغير‪ ‬ثم‪ ‬الشاب‪ ‬اليافع‪ ‬شيئا ا‪ ، ‬ولول‪ ‬مساعدة‪ ‬أمه‬ ‫مااستطاع‪ ‬إكمال‪ ‬تعليمه‪ ‬والتقدم‪ ‬لكلية‪ ‬الشرطة‪ ، ‬وبطبيعة‪ ‬الحال‪ ‬ونتيجة‬ ‫لهذه‪ ‬التربية‪ ‬خرج‪ ‬إلى‪ ‬الحياة‪ ‬مدركا‪ ‬أن‪ ‬عليه‪ ‬أن‪ ‬يقتطع‪ ‬كل‪ ‬ماتطوله‪ ‬يده‪ ‬من‬ ‫حلوة‪ ‬الحياة‪ ، ‬ربما‪ ‬لضطراره‪ ‬منذ‪ ‬صغره‪ ‬لتذوق‪ ‬العلقم‪ ‬مرغما ا‪. ‬‬ ‫لذا‪ ‬فحينما‪ ‬رأى‪ ‬عائشة‪ ‬شده‪ ‬إليها‪ ‬رحيق‪ ‬الجمال‪ ‬الطازج‪ ‬التي‪ ‬تشعه‪ ‬روحها‬ ‫وكذلك‪ ‬إشراقة‪ ‬البراءة‪ ‬التي‪ ‬تفيض‪ ‬من‪ ‬عينيها‪ ، ‬ونسائم‪ ‬الطيبة‪ ‬والحنان‪ ‬في‬ ‫صوتها‪ ‬ولفتاتها‪.. ‬فكر‪ ‬فوراا‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬له‪ ‬معها‪ ‬قصة‪ ، ‬بدأت‪ ‬الفكار‪ ‬تداعبه‬ ‫وهو‪ ‬يجهز‪ ‬لحوار‪ ‬طويل‪ ‬معها‪ ، ‬وكانت‪ ‬بداية‪ ‬خطته‪ ‬التقرب‪ ‬من‪ ‬والدها‬ ‫الذي‪ ‬أصبح‪ ‬عم‪ ‬أنور‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬كان‪ ‬الصول‪ ‬أنور‪ ‬المزعج‪ ‬بصوته‪ ‬العالي‪ ‬الذي‬ ‫ليطاق‪ . ‬‬

‫‪67‬‬


(9) 68


‫الرهابى‪ ‬الخطير‪ ‬‬ ‫كان‪ ‬معمما ا‬ ‫طويل‪ ‬اللحية‬ ‫‪ ‬لتكاد‪ ‬ترى‪ ‬من‪ ‬ملمحه‪ ‬إل‪ ‬عينيه‬ ‫‪ ‬عيناه‪ ‬ترميان‪ ‬الكون‪ ‬بنيران‪ ‬حذر‪ ‬داهم‬ ‫جلبابه‪ ‬القصيرالبيض‪ ‬أسفله‪ ‬بنطال‪ ‬من‪ ‬نفس‪ ‬اللون‬ ‫فوقه‪ ‬صديرى‪ ‬رمادى‪ ‬كالح‪ ‬مفتوح‪ ‬الزرار‪.‬‬ ‫جلس‪ ‬إلى‪ ‬جوارعائشة‪ ‬على‪ ‬الرمال‬ ‫ملقيا ا‪ ‬بين‪ ‬الكلمة‪ ‬والخرى‪ ‬بنظراته‪ ‬فيما‪ ‬حوله‪. ‬‬ ‫‪ ‬بينما‪ ‬أمام‪ ‬عينيه‪ ‬زرقة‪ ‬متدرجة‪ ‬للماء‪ ، ‬وأفق‪ ‬صحو‪ ‬بألوان‪ ‬حمراء‪ ‬ضاربة‬ ‫إلى‪ ‬الصفرار‪ ، ‬وشواشي‪ ‬الموج‪ ‬بيضاء‪ ‬تنداح‪ ‬عبرفضاء‪ ‬لحصر‪ ‬له‪ ، ‬‬ ‫وهو‪ ‬ليرى‪ ‬إل‪ ‬ظله‪ ‬السود‪ ‬الذي‪ ‬تضربه‪ ‬المياه‪ ‬الغاضبة‪ ‬بين‪ ‬حين‪ ‬وآخر‬ ‫فوق‪ ‬الرمال‪. ‬‬ ‫سألته‪ ‬لماذا‪ ‬طلب‪ ‬رؤيتها‪ ‬بعد‪ ‬ماكان‪ ‬منه‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬وكيف‪ ‬يظهر‪ ‬هكذا‪ ‬والكون‪ ‬مقلوب‪ ‬عليه‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬وما‪ ‬الذي‪ ‬ينوي‪ ‬فعله‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬أطاح‪ ‬بمستقبله‪ ‬نتيجة‪ ‬سيره‪ ‬خلف‪ ‬أوهام‬ ‫وجنون‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬هز‪ ‬رأسه‪ ‬في‪ ‬شرود‪ ‬‬ ‫‪ ‬همس‪ ‬أنه‪ ‬يعرف‪ ‬جيداا‪ ‬أن‪ ‬البحث‪ ‬عنه‪ ‬لم‪ ‬يهدأ‪ ‬‬ ‫‪ ‬وأن‪ ‬العين‪ ‬تتربص‪ ‬به‪. ‬‬

‫‪69‬‬


‫الحكومة‪ ‬حددت‪ ‬شخصة‪ ‬؛‪ ‬تابعت‪ ‬نشاطه‪ ‬ولم‪ ‬يعد‪ ‬ممكنا ا‪ ‬ظهوره‪ ‬وسط‬ ‫الطلبة‪ ‬أو‪ ‬حتى‪ ‬في‪ ‬المدرجات‪ ، ‬التهم‪ ‬جاهزة‪ ‬والسجن‪ ‬لن‪ ‬يرحم‪ ‬مهما‪ ‬كانت‬ ‫السباب‪ ، ‬هو‪ ‬يعرف‪ ‬هذا‪ ‬ويفهم‪ ‬جيداا‪ ‬إنهم‪ ‬لن‪ ‬يتركوه‪ ‬ماداموا‪ ‬وضعوا‬ ‫أعينهم‪ ‬عليه‪ ، ‬السنة‪ ‬الدراسية‪ ‬ضاعت‪ ‬وانتهى‪ ‬المر‪ ، ‬لكنه‪ ‬كان‪ ‬لبد‪ ‬أن‬ ‫يراها‪ ، ‬يقسم‪ ‬لها‪ ‬أنه‪ ‬لم‪ ‬يقصد‪ ‬أبداا‪ ‬الزج‪ ‬بها‪ ‬إلى‪ ‬شر‪ ‬مقيم‪ ، ‬وأنه‪ ‬فقط‪ ‬كان‬ ‫يعرف‪ ‬أنها‪ ‬بعيدة‪ ‬عن‪ ‬الشبهات‪ ‬ففكر‪ ‬أن‪ ‬يستغل‪ ‬هذا‪ ‬بل‪ ‬نية‪ ‬شر‪ ‬من‪ ‬أى‪ ‬نوع‬ ‫ولي‪ ‬سبب‪ ‬كان‪. ‬‬ ‫سألته‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬تقيم‪ ‬؟‬ ‫دارت‪ ‬عيناه‪ ‬بنظرات‪ ‬غائمة‪ ‬فيما‪ ‬حوله‪ ، ‬قال‪ ‬وهو‪ ‬يرمى‪ ‬البحر‪ ‬بنيران‬ ‫حروفه‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬مكان‪ ‬آمن‪ ‬قريب‪ ‬من‪ ‬أبى‪ ‬تلت‪ ‬‬ ‫‪ ‬أعمل‪ ‬في‪ ‬البناءعند‪ ‬أحد‪ ‬أقاربي‪ ‬دون‪ ‬أن‪ ‬ينتبه‪ ‬لوجودي‪ ‬أحد‬ ‫‪ ‬يأتى‪ ‬من‪ ‬يأتي‪ ‬ويعيش‪ ‬من‪ ‬يعيش‪ ‬دون‪ ‬مضايقة‪ ‬من‪ ‬أحد‪ ‬مادمت‬ ‫أتوارى‪ ‬خلف‪ ‬جدران‪ ‬تضمني‪ ‬ومعارف‪ ‬يحموني‪ ‬من‪ ‬العيون‬ ‫‪ ‬لم‪ ‬أجد‪ ‬مكانا‪ ‬أتوارى‪ ‬فيه‪ ‬إل‪ ‬هنا‪ ، ‬درست‪ ‬المكان‪ ‬جيدا‪ ، ‬دخلت‪ ‬على‬ ‫جوجل‪ ، ‬بحثت‪ ‬في‪ ‬عمرالمنطقة‪ ‬وماكتب‪ ‬عنها‪ ، ‬طبعته‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬تريدين‬ ‫إلقاء‪ ‬نظره‪ ‬عليه‪ ‬؟‬ ‫تبسمت‪ ‬في‪ ‬غم‪: ‬‬ ‫­‪ ‬ياريت‬ ‫مد‪ ‬يده‪ ‬إلي‪ ‬جيب‪ ‬جلبابه‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ، ‬أخرج‪ ‬بعض‪ ‬الوراق‪ ‬ناولها‪ ‬لها‪ ، ‬كان‬ ‫مماقرأته‪ :‬‬ ‫كان‪ ‬حى‪ ‬العجمي‪ ‬قديما ا‪ ‬منطقة‪ ‬صحراوية‪ ‬تغطيها‪ ‬رمال‪ ‬بيضاء‪ ‬ناعمة‪ ‬تشي‬ ‫بالروعة‪ ‬؛‪ ‬وتفيض‪ ‬بالسحر؛‪ ‬يسكنها‪ ‬بعض‪ ‬البدو؛‪ ‬وقليل‪ ‬من‪ ‬أهل‪ ‬المدينة‬ ‫الذين‪ ‬يستلزم‪ ‬عملهم‪ ‬الإقامة‪ ‬بها‪ ‬؛أو‪ ‬ممن‪ ‬قصدوها‪ ‬للبعد‪ ‬عن‪ ‬المدينة‬ ‫‪70‬‬


‫وصخبها‪ ‬والتزاماتها‪ ‬ايضا‪ ‬؛‪ ‬وهو‪ ‬تابع‪ ‬لمحافظة‪ ‬السكندرية‪ ‬و‪ ‬يقع‪ ‬على‬ ‫بعد‪20 ‬كم‪ ‬غربا ا‪ ، ‬وقد‪ ‬بدأ‪ ‬النتباه‪ ‬إليه‪ ‬كمجمع‪ ‬لطبقة‪ ‬النخبة‪ ‬في‪ ‬مصر‪ ‬عام‬ ‫‪ 1950‬ممن‪ ‬يبحثون‪ ‬عن‪ ‬الهدوء‪ ‬والصفاء‪ ‬والجو‪ ‬الصحو‪ ‬بعيداا‪ ‬عن‬ ‫الضوضاء‪ ‬والزحام‪ ‬وماإليه‪ ‬ثم‪ ‬تطور‪ ‬إلى‪ ‬المنطقة‪ ‬المعروفة‪ ‬اليوم‪ ‬؛‪ ‬و ‪ ‬ل‬ ‫تزال‪ ‬تلك‪ ‬المنطقة‪ ‬إلى‪ ‬الن‪ ‬واجهة‪ ‬شعبية‪ ‬محلية‪ ‬للطبقة‪ ‬المتوسطة‪ ‬في‬ ‫مصر‪ ، ‬و‪ ‬يوجد‪ ‬بها‪ ‬العديد‪ ‬من‪ ‬الثار‪ ‬من‪ ‬بينها‪ ‬القلعة‪ ‬الفرنسية‪ ‬التى‪ ‬بنيت‬ ‫خلل‪ ‬الحملة‪ ‬الفرنسية‪ ‬و‪ ‬العديد‪ ‬من‪ ‬أبراج‪ ‬المراقبة‪ ‬التي‪ ‬بنيت‪ ‬في‬ ‫عهدالدولة‪ ‬العثمانية‪ .‬وترجع‪ ‬تسمية‪ ‬شاطئ‪ ‬العجمي)‪ ‬البيطاش‪ ( ‬نسبة‪ ‬إلى‬ ‫الشيخ‪ ‬محمد‪ ‬العجمي‪ ‬البيطاش‪ ‬وهو‪ ‬مغربي‪ ‬الصل‪ ،‬وشاطئ‪ ‬العجمي‬ ‫)بيانكي(‪ ‬نسبة‪ ‬إلى‪ ‬المواطن‪ ‬السويسري‪ ‬أشيل‪ ‬بيانكي‪ ‬والذي‪ ‬أسس‪ ‬شركة‬ ‫بيانكي‪ ‬لمواد‪ ‬البناء‪ ‬وتقسيم‪ ‬الراضي‪ ‬عام‪ 1952 ‬وشاطئ‪ ‬الهانوفيل‪ ‬نسبة‬ ‫إلى‪ ‬مدام‪ ‬هانو‪ ‬اللبنانية‪ ‬الصل‪ ‬وهي‪ ‬أول‪ ‬من‪ ‬أقام‪ ‬في‪ ‬المنطقة‪ ‬وأسست‬ ‫فندق اا‪ ، ‬وشاطئ‪ ‬سيدي‪ ‬كرير‪ ‬نسبة‪ ‬إلى‪ ‬سيدي‪ ‬كرير‪ ‬الجزائري‪ ‬الصل‪ ‬والذي‬ ‫جاء‪ ‬لتدريس‪ ‬علوم‪ ‬الدين‪ ‬وأقام‪ ‬في‪ ‬المنطقة‪ ،‬وشاطئ‪ ‬أبوتلت‪ ‬نسبة‪ ‬إلى‬ ‫الشقاء‪ ‬الثلثة‪ ‬الذين‪ ‬كانوايتملكون‪ ‬معظم‪ ‬أراضي‪ ‬المنطقة‪.‬‬ ‫وتقسم‪ ‬منطقة‪ ‬العجمى‪ ‬إلى‪ ‬عشرة‪ ‬أحياء‪ ‬و‪ ‬هم‪ ‬كالتالي‪: ‬‬ ‫‪ (1‬البيطاش‬ ‫‪ (2‬الهانوفيل‬ ‫‪ (3‬أبو‪ ‬يوسف‬ ‫‪ (4‬شهرزاد‬ ‫‪ (5‬أكتوبر‬ ‫‪ (6‬الحديد‪ ‬و‪ ‬الصلب‬ ‫‪ (7‬شاطيء‪ ‬النخيل‬ ‫‪ (8‬الكيلو‪ ‬واحد‪ ‬و‪ ‬عشرين‬ ‫‪ (9‬الصفا‬ ‫‪71‬‬


‫‪ 10 ) ‬أبوتلت‬ ‫والمنطقة‪ ‬الخيرة‪ ‬تقع‪ ‬في‪ ‬الكيلو‪ 23 ‬غرب‪ ‬السكندرية‪ ‬على‪ ‬طريق‬ ‫السكندرية‪ / ‬مطروح‪ ‬الساحلي‪ ‬وسميت‪ ‬بهذاالسم‪ ‬نسبة‪ ‬الى‪ ‬أشقاء‪ ‬ثلثة‬ ‫كانوا‪ ‬يمتلكون‪ ‬معظم‪ ‬أراضى‪ ‬المنطقة‪ ‬ومازالت‪ ‬عائلة‪ ‬أبى‪ ‬تلت‪ ‬موجودة‬ ‫الى‪ ‬الن‪ ، ‬وهى‪ ‬تعتبر‪ ‬من‪ ‬أعرق‪ ‬المناطق‪ ‬وأقدمها‪ ‬اذ‪ ‬كان‪ ‬الطابع‪ ‬المميز‬ ‫لها‪ ‬الهدوء‪ ‬والسكينه‪ ‬وكانت‪ ‬مكان‪ ‬استجمام‪ ‬ومصيف‪ ‬لعلية‪ ‬القوم‪، ‬‬ ‫وتميزت‪ ‬بوجود‪ ‬فيلل‪ ‬ذات‪ ‬طراز‪ ‬معماري‪ ‬مميز‪ ‬لكن‪ ‬تبدل‪ ‬الحال‪ ‬الن‪ ، ‬وبعد‬ ‫أن‪ ‬كانت‪ ‬منطقة‪ ‬جذب‪ ‬للصفوة‪ ‬أصبحت‪ ‬الن‪ ‬منطقة‪ ‬طرد‪ ‬لهم‪ ‬فمياه‬ ‫الصرف‪ ‬الصحى‪ ‬والمياه‪ ‬الجوفية‪ ‬تحاصر‪ ‬السكان‪ ‬في‪ ‬بيوتهم‪ ، ‬و‪ ‬أصبح‬ ‫السير‪ ‬في‪ ‬الشارع‪ ‬عملية‪ ‬شبه‪ ‬انتحارية‪ ، ‬وقدامتدت‪ ‬شهرتها‪ ‬لسنين‪ ‬عدة‬ ‫كمصيف‪ ‬هاديء‪ ‬يمتاز‪ ‬بمياه‪ ‬زرقاء‪ ‬صافية‪ ‬ورمال‪ ‬ناعمة‪ ‬وجو‪ ‬رائق‬ ‫ليبارى‪ ‬وشارعها‪ ‬الرئيسي‪ ‬المسمى‪ ‬باسم‪ ‬المنطقة‪ ­ ‬شارع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ­ ‬‬ ‫يمتد‪ ‬مرصوفا ا‪ ‬مصقول‪ ‬السطح‪ ‬متفرعا ا‪ ‬من‪ ‬الطريق‪ ‬الدولى‪ ‬إلى‪ ‬البحر‬ ‫مباشرة‪ ‬دون‪ ‬تعرجات‪ ‬أو‪ ‬عوائق‪ ‬ما‪ ،. ‬وتنقسم"أبوتلت"‪ ‬إلي‪ ‬قسمين‬ ‫الول‪ ‬من‪ ‬الناحية‪ ‬البحرية‪ ‬ويتميز‪ ‬بشواطئه‪ ‬الرائعة‪ ‬التي‪ ‬تعتبر‪ ‬أول‪ ‬الساحل‬ ‫الشمالي‪ ، ‬وبها‪ ‬شاطئ‪ ‬الصفا‪ ‬والشاطئ‪ ‬الفضي‪ ‬وتتميز‪ ‬بوجود‪ ‬عدد‪ ‬من‬ ‫الفيلت‪ ‬لعائلت‪ ‬من‪ ‬صفوة‪ ‬المجتمع‪ ‬المصري‪ ‬خاصة‪ ‬في‪ ‬شارع‪ ‬الهرام‬ ‫والذي‪ ‬يعد‪ ‬من‪ ‬أشهرالشوارع‪ ‬التي‪ ‬يوجد‪ ‬بها‪ ‬فيلل‪ ‬لعائلت‪ ‬مصرية‬ ‫شهيرة‪ ، ‬هذا‪ ‬بالضافة‪ ‬إلى‪ ‬بعض‪ ‬القصورالشامخة‪ ‬ومنها‪ ‬قصر‪ ‬رئيس‬ ‫تحرير‪ ‬سابق‪ ‬لصحيفة‪ ‬الهرام‪ ‬التي‪ ‬يسمى‪ ‬الشارع‪ ‬الذي‪ ‬تقع‪ ‬فيه‪ ‬باسمها‬ ‫شارع‪ ‬الهرام‪ ‬؛‪ ‬والقسم‪ ‬الثاني‪ ‬هو"أبوتلت"‪ ‬قبلي‪ ‬حيث‪ ‬ترتفع‬ ‫الكثافةالسكانية‪ ، ‬ويوجد‪ ‬عدد‪ ‬من‪ ‬المساكن‪ ‬العشوائية‪ ‬وإن‪ ‬كانت‪ ‬المنطقة‬ ‫قد‪ ‬شهدت‪ ‬في‪ ‬السنوات‪ ‬الخيرة‪ ‬طفرة‪ ‬هائلة‪ ‬في‪ ‬الناحية‪ ‬القبلية‪ ‬بعد‪ ‬بناء‬ ‫منتجع‪ ‬اليكس‪ ‬ويست‪ ، ‬وهو‪ ‬أحد‪ ‬الفنادق‪ ‬الفاخرة‪ ‬الذي‪ ‬يديره‪ ‬مجموعة‬ ‫فندقية‪ ‬أمريكية‪. ‬‬ ‫‪72‬‬


‫وعلى‪ ‬الرغم‪ ‬من‪ ‬موقع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬المتميز‪ ‬حيث‪ ‬أنها‪ ‬تقع‪ ‬على‪ ‬البحرمباشرة‬ ‫وكان‪ ‬يسكن‪ ‬بها‪ ‬الصفوة‪ ‬من‪ ‬السياسيين‪ ‬وورجال‪ ‬العمال‪ ‬والصحافة‪ ‬وأهل‬ ‫الفن‪ ‬وما‪ ‬إليهم‪ ‬إل‪ ‬أنهم‪ ‬هجروها‪ ‬إلى‪ ‬الساحل‪ ‬الشمالي‪ ‬بسبب‪ ‬حالة‪ ‬الهمال‬ ‫في‪ ‬الخدمات‪ ‬وتردي‪ ‬حالة‪ ‬الطرق‪ ‬وسوء‪ ‬حالة‪ ‬الصرف‪ ‬الصحي‪ ‬فضل‪ ‬عن‬ ‫الهمال‪ ‬في‪ ‬كل‪ ‬شىء‪ ، ‬وزحفت‪ ‬إليهاعائلت‪ ‬أخرى‪ ‬متوسطة‪ ‬الحال‪ ‬أو‬ ‫فقيرة‪ ‬بحثاا‪ ‬عن‪ ‬مأوى‪ ‬بعيد‪ ‬عن‪ ‬صخب‪ ‬المدينة‪ ‬أو‪ ‬باحثة‪ ‬عن‪ ‬مسكن‪ ‬أكثر‬ ‫اتساعا ا‪ ‬أو‪ ‬ربما‪ ‬هربا ا‪ ‬من‪ ‬شىء‪ ‬ما‪ ، ‬هذا‪ ‬بالضافة‪ ‬إلى‪ ‬البدو‪ ‬الذين‬ ‫يقطنونها‪ ‬منذ‪ ‬أماد‪ ‬بعيدة‪ ‬من‪ ‬القبائل‪ ‬المعروفة‪ ‬التي‪ ‬تحكمهم‪ ‬الحكام‬ ‫العرفية‪ ‬ولهم‪ ‬قوانينهم‪ ‬الخاصة‪ ‬ومن‪ ‬الصعب‪ ‬اختراقهم‪ ‬أمنيا‪ ،‬فمنهم‪ ‬من‬ ‫يقومون‪ ‬بسرقة‪ ‬السيارات‪ ‬ثم‪ ‬يساومون‪ ‬أصحابها‪ ‬عليها‪ ‬مقابل‪ ‬مبالغ‪ ‬مالية‬ ‫يتم‪ ‬تحديدها‪ ‬حسب‪ ‬قيمة‪ ‬السيارة‪ ‬وحسب‪ ‬وجود‪ ‬وسطاء‪ ‬ومعارف‪ ‬بين‬ ‫السارق‪ ‬والمسروق‪.‬‬ ‫وتحتاج‪" ‬أبوتلت"‪ ‬حاليا‪ ‬إلي‪ ‬رصف‪ ‬وتمهيد‪ ‬للطرق‪ ‬وتحتاج‪ ‬إلي‪ ‬شبكة‬ ‫مواصلت‪ ‬عامة‪ ‬تربطها‪ ‬بالميادين‪ ‬الرئيسية‪ ‬في‪ ‬السكندرية‪ ‬بدل‪ ‬من‬ ‫استبداد‪ ‬المواصلت‪ ‬الخاصة‪ ‬التي‪ ‬تتفنن‪ ‬في‪ ‬زيادة‪ ‬أجرة‪ ‬الركوب‪، ‬‬ ‫والجميل‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬المنطقة‪ ‬أنها‪ ‬كعادة‪ ‬المصريين‪ ‬جميعا ا‪ ‬يستطيع‪ ‬القاطنون‬ ‫بها‪ ‬التعايش‪ ‬بحميمية‪ ‬واضحة‪ ‬دون‪ ‬تمييز‪ ‬بسبب‪ ‬دين‪ ‬أو‪ ‬جنس‪ ‬فهناك‬ ‫المسجد‪ ‬الجامع‪ ‬الكبيربالقرب‪ ‬من‪ ‬البحر‪ ‬في‪ ‬شارع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬الرئيسى‬ ‫الذي‪ ‬يسمى‪ ‬مسجد‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ، ‬وكذلك‪ ‬على‪ ‬بعد‪ ‬خطوات‪ ‬قليلة‪ ‬منه‪ ‬وإلى‬ ‫الداخل‪ ‬تقع‪ ‬كنيسة‪ ‬السيدة‪ ‬العذراء‪ ‬المحاطة‪ ‬دوما‪ ‬بنظرات‪ ‬الإكبار‪ ‬من‬ ‫الجميع‪ ‬فلكل‪ ‬فروضه‪ ‬ولكل‪ ‬طقوسه‪ ‬ويجمعهم‪ ‬حب‪ ‬واحد‪ ‬اسمه‪ ‬الوطن‪.‬‬ ‫قالت‪ ‬فى‪ ‬شرود‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬وماذا‪ ‬بعد‪ ‬؟‬ ‫أشاح‪ ‬بيده‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬مقاومة‪ ‬الظلم‪ ‬جهاد‬ ‫‪73‬‬


‫‪ ­ ‬وضياع‪ ‬المستقبل‪ ‬؟‬ ‫عاد‪ ‬إلى‪ ‬عينيها‪، ‬بحر‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬صفاءه‪ ‬أقل‪ ‬من‪ ‬صفاءهما‪ ، ‬عمقه‪ ‬أقل‪ ‬من‬ ‫عمقهما‪ ، ‬أمواجه‪ ‬أهدأ‪ ‬من‪ ‬أمواجهما‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬القضية‪ ‬لم‪ ‬تعد‪ ‬مستقبل‪ ‬فرد‪ ، ‬بل‪ ‬أمه‬ ‫­‪ ‬هل‪ ‬أنت‪ ‬مقتنع‪ ‬بما‪ ‬تقول‪ ‬؟‬ ‫­‪ ‬العسكر‪ ‬يريدون‪ ‬استمرار‪ ‬الهمينة‪ ‬على‪ ‬كل‪ ‬شيء‪ ، ‬السيطرة‪ ‬على‪ ‬الثروات‬ ‫واستنفاذها‪ ‬لنفسهم‬ ‫­‪ ‬ومن‪ ‬غيرهم‪ ‬الن‪ ‬يمتلك‪ ‬المقدرة‪ ‬على‪ ‬حفظ‪ ‬المن‪ ‬؟‬ ‫­‪ ‬لن‪ ‬يستطيعوا‪ ‬‬ ‫­‪ ‬ستمنعهم‪ ‬أنت‪ ‬وأمثالك‪ ‬بالقنابل‪ ‬البدائية‪ ‬التي‪ ‬تصنعونها‪ ‬وبالمظاهرات‬ ‫الهزيلة‪ ‬؟‬ ‫­‪ ‬أنت ب‪ ‬لتعرفين‪ ‬شيئا ا‬ ‫­‪ ‬أرى‪ ‬أن‪ ‬تعود‪ ‬لرشدك‪ ‬‬ ‫­‪ ‬الن‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أرى‪ ‬الظلم‪ ‬بعيني‪ ‬وأصمت‪ ‬؟‬ ‫­‪ ‬أنت‪ ‬تقتل‪ ‬البرياء‪ ،‬هذا‪ ‬معناه‪ ‬إرهاب‪ ‬وليس‪ ‬مقاومه‬ ‫حدق‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ ‬شارداا‪ ، ‬ضارباا‪ ‬بأطراف‪ ‬أصابعه‪ ‬قلب‪ ‬الرمال‪. ‬ارتبكت‬ ‫‪ ­ ‬مالك‪ ‬تنظر‪ ‬هكذا؟‬ ‫غاصت‪ ‬أصابعه‪ ‬في‪ ‬قلب‪ ‬الرمال‪ ، ‬قال‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬التراجع‪ ‬أمام‪ ‬أعداء‪ ‬الدين‪ ‬محال‪ ، ‬والمواجهه‪ ‬قادمة‪ ‬وسوف‪ ‬ترين‬ ‫ركبت‪ ‬نظراتها‪ ‬موجة‪ ‬قادمة‪ ‬على‪ ‬البعد‪ . ‬تاهت‪ ‬وسط‪ ‬البحر‪ ، ‬تسائلت‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬أرى‪ ‬ماذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬تغيرت‪ ‬كثيراا‪ ‬ياعائشة‬ ‫­‪ ‬البلد‪ ‬لتحتمل‪ ‬الخلف‪ ، ‬ننهض‪ ‬بها‪ ‬أولا‬ ‫­‪ ‬كنت ت‪ ‬مع‪ ‬الحق‪ ‬والدفاع‪ ‬عن‪ ‬الدين‪ ‬‬ ‫‪74‬‬


‫‪ ‬تنظرإليه‪ ‬؛‪ ‬إلى‪ ‬وجهه‪ ‬وعينيه‬ ‫‪ ­ ‬مال‪ ‬الدين‪ ‬بما‪ ‬يجرى‪ ، ‬ومن‪ ‬قال‪ ‬أن‪ ‬الحق‪ ‬هنا‪ ‬وليس‪ ‬هناك‪ ‬؟‬ ‫تتأجج‪ ‬نظراته‪ ، ‬يحرق‪ ‬بها‪ ‬هامات‪ ‬الموج‪ ‬الهادر‪ ‬موجة‪ ‬وراء‪ ‬أخرى‪ ‬في‬ ‫تعاقب ل‪ ‬يفتر‪. ‬‬ ‫­‪ ‬ادعوا‪ ‬أن‪ ‬يهديك‬ ‫هزت‪ ‬رأسها‪ ‬سلبا ا‪ ‬ولم‪ ‬ترد‪. ‬‬ ‫لحظ‪ ‬صمتها‪. ‬سألها‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬مابك؟‬ ‫خطرببالها‪ ‬سامح‪ ‬الضابط‪.‬‬ ‫‪ ‬لتعرف‪ ‬لماذا‪ ‬طافت‪ ‬صورته‪ ‬بخيالها‪ ‬الن‬ ‫لقد‪ ‬قال‪ ‬لها‪ ‬أن‪ ‬تبلغه‪ ‬فورا‪ ‬إذا‪ ‬رأت‪ ‬شريف‪ ‬هذا‪ ‬‬ ‫‪ ‬مفتاح‪ ‬برائتها‪ ‬بيده‬ ‫إنهاء‪ ‬ارتباط‪ ‬إسمها‪ ‬بما‪ ‬جرى‪ ‬في‪ ‬مظاهرات‪ ‬الجامعة‪ ‬مقرون‪ ‬به‬ ‫‪،‬و‪ ‬إل‪ ‬فمايزال‪ ‬اسمهاهناك‪ ‬وكذا‪ ‬بياناتها‪ ‬الشخصية‪ ،‬وقضية‪ ‬ليعرف‪ ‬إل ا‪ ‬‬ ‫نهايتها‪ ، ‬هل‪ ‬تتصل‪ ‬به‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬عائشة‪ ‬‬ ‫تنتبه‪ ‬لشريف‪ ‬بجوارها‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬اعتذرلضطرارى‪ ‬لتركك‪ ‬الن‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬أراك‪ ‬ثانية‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬إن‪ ‬شاءا‪ ، ‬ابلغى‪ ‬سلمى‪ ‬لبقية‪ ‬الصحاب‬ ‫استدار‪ ‬مغادراا‬ ‫عاد‪ ‬وحدق‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ ‬ضاغطا ا‪ ‬على‪ ‬حروفه‪ ، ‬وهو‪ ‬يحدق‪ ‬في‪ ‬بؤبؤ‬ ‫عينيها‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬أنا‪ ‬أثق‪ ‬بك‪ ‬رغم‪ ‬كل‪ ‬شيء‪ ‬‬ ‫‪ ‬هزت‪ ‬رأسها‪ ‬متفهمة‪ ‬مايرمي‪ ‬إليه‬ ‫‪75‬‬


‫أدارت‪ ‬وجهها‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬البحروالرمال‪ ‬الناعمة‪ ‬وهديرالموج‪ ،‬وعادت‬ ‫إليه‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬لتقلق‬ ‫وتركت‪ ‬نظراتها‪ ‬محلقة‪ ‬نحوالفق‪ ‬البعيد‪ ‬الممتد‪ ‬بل‪ ‬إنتهاء‬ ‫عادت‪ ‬صورة‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬صفحة‪ ‬مخيلتها‪ ‬‬ ‫هزت‪ ‬رأسها‪ ‬ببطء‪ ‬محاولة‪ ‬الفلت‪ ‬من‪ ‬براثن‪ ‬نظراته‪ ‬المنغرزة‪ ‬في‪ ‬أعماقها‬ ‫خامرها‪ ‬خاطر‪ ‬مفاجيء‪ ‬لماذا‪ ‬هو‪ ‬بالذات‪ ‬؟‪ ‬هناك‪ ‬صدقي‪ ‬مثلا‪ ، ‬تذكرت‬ ‫وجه‪ ‬هذا‪ ‬الخير‪ ،‬انقبضت‪ ‬نظراتها‪ ،‬صدقي‪ ‬جامد‪ ، ‬مهما‪ ‬حاول‪ ‬أن‬ ‫يبدوغيرهذا‪ ‬؛‪ ‬صلب‪ ‬الرأي‪ ‬؛‪ ‬عنيد‪ ‬؛‪ ‬ليملك‪ ‬المرونة‪ .‬أماسامح!‪....‬‬ ‫تهزرأسها‪ ‬بقوة‪..‬لن‪ ‬أفكرفيه‪. ‬‬ ‫تعود‪ ‬لشريف‪ ‬الذي‪ ‬تبخر‪ ‬تماما ا‪ ، ‬مسكين‪... ‬كانت‪ ‬تظن‪ ‬أن‪ ‬المستشفيات‬ ‫ستخطفه‪ ‬لمهارته‪ ‬ونبوغه‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬يمكنها‪ ‬حينما‪ ‬يبني‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬مستشفى‪ ‬خاص‪ ‬أن‪ ‬تشركه‪ ‬معها‪ .‬لكن‬ ‫لم‪ ‬ينتظر‪ ‬البناء‪ ‬والتجهيز‪ ، ‬لم‪ ‬ينتظرحتى‪ ‬أن‪ ‬يفكر‪ ‬في‪ ‬أمر‪ ‬غده‪. ‬‬ ‫الشيء‪ ‬الذي‪ ‬يحيرها‪ ‬أنها‪ ‬كانت‪ ‬ترى‪ ‬فيه‪ ‬صورة‪ ‬تميل‪ ‬إليها‪ ،‬الجد‪ ‬والنشاط‬ ‫والحماس‪ ‬والتصميم‪ ‬على‪ ‬الرأى‪ ‬والنبوغ‪ ، ‬لكن‪ ‬سامح‪ ! ‬‬ ‫سامح‪ ‬صورة‪ ‬أخرى‪ ‬ليمكن‪ ‬إهمالها‪. ‬‬ ‫هل‪ ‬تميل‪ ‬له‪ ‬؟‬ ‫ربما‬ ‫لكنها لتجهر بهذا حتى لنفسها ‪.‬‬ ‫هزت‪ ‬رأسها‪ ‬لتفلت‪ ‬من‪ ‬من‪ ‬فيض‪ ‬أفكارها‬ ‫عليها‪ ‬الن‪ ‬فوراا‪ ‬أن‪ ‬تتصل‪ ‬بسامح‪ ، ‬تخبره‪ ‬بما‪ ‬جرى‬ ‫انتبهت‪ ‬لضجة‪ ‬هناك‪ ‬عند‪ ‬أول‪ ‬الطريق‪ ‬السفلت‬ ‫رمت‪ ‬بعينها‪ ‬إلى‪ ‬هناك‬ ‫هبت‪ ‬واقفة‪ ‬وهى‪ ‬ترى‪ ‬بعض‪ ‬الجنود‪ ‬يملون‪ ‬المكان‬ ‫‪76‬‬


‫والهالي‪ ‬يحيطون‪ ‬بهم‪ ‬على‪ ‬البعد‬ ‫فكرت‪ ‬أن‪ ‬تهرول‪ ‬لترى‪ ، ‬عادت‪ ‬تقف‪ ‬مترددة‪ ‬وهى‪ ‬تلهث‪ ‬والبحر‪ ‬يعول‬ ‫والموج‪ ‬يهدر‪ ‬والسماء‪ ‬تغطيها‪ ‬غيوم‪ ‬لتعرف‪ ‬كيف‪ ‬أتت‪ ‬ولماذا‪. ‬‬ ‫‪ ‬سألت‪ ‬أحدهم‪ ‬حينما‪ ‬رأته‪ ‬قادما ا‪ ‬من‪ ‬هناك‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماالمر‪ ‬؟‬ ‫أشار‪ ‬بيده‪ ‬ل‪ ‬مباليا ا‬ ‫‪ ­ ‬قبضوا‪ ‬على‪ ‬إرهابي‪ ‬خطير‬ ‫رأت‪ ‬بعين‪ ‬خيالها‪ ‬الجنود‪ ‬وهم‪ ‬يحيطون‪ ‬بشريف‪ ‬فى‪ ‬هدوء‪ ‬وصمت‪ ‬حاسم‬ ‫وهو‪ ‬يمضي‪ ‬وسطهم‪ ‬محني‪ ‬الرأس‪ ، ‬كسيراا‪ ،‬وهم‪ ‬يتجهون‪ ‬به‪ ‬ناحية‬ ‫المجهول‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪77‬‬


78


‫‪(10) ‬‬

‫أنور‪ ‬والموت‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬بدت‪ ‬السماء‪ ‬لعينى‪ ‬أنور‪ ‬منبثقة‪ ‬من‪ ‬بين‪ ‬البنية‪ ‬السمنتية‪ ‬المحيطة‪، ‬‬ ‫مكسوة‪ ‬بطلء‪ ‬ضوئي‪ ‬سحري‪ ، ‬ينبض‪ ‬بسكينة‪ ‬حالمة‪ ‬تليق‪ ‬بالموقف‪ ‬الذي‬ ‫يحيط‪ ‬به‪. ‬‬ ‫نظر‪ ‬لعلى‪ ‬دامعا ا‪. ‬‬ ‫شعر‪ ‬لوهلة‪ ‬بشوق‪ ‬لرؤية‪ ‬فسحة‪ ‬النور‪ ‬ومعارج‪ ‬الرجاء‪ ‬بأعلى‪ ، ‬تمنى‪ ‬لو‬ ‫يزيح‪ ‬تلك‪ ‬البنية‪ ‬ليتسع‪ ‬له‪ ‬مجال‪ ‬الرؤية‪ ، ‬يرى‪ ‬باب‪ ‬السماء‪ ‬كما‪ ‬لم‪ ‬يره‪ ‬من‬ ‫قبل‪ . ‬حدق‪ ‬في‪ ‬وجه‪ ‬الشمس‪ ،‬فى‪ ‬تلك‪ ‬الشعلة‪ ‬التي‪ ‬ليهدأ‪ ‬لها‪ ‬أوار‪ ، ‬للهالة‬ ‫التي‪ ‬ليمتلك‪ ‬الناظر‪ ‬أمام‪ ‬إشعاعها‪ ‬إل‪ ‬أن‪ ‬يخفض‪ ‬البصر‪ ‬إن‪ ‬لم‪ ‬يكن‪ ‬خشوعا ا‬ ‫لرهبة‪ ‬مخلوق‪ ‬رائع‪ ‬وإبداع‪ ‬خالق‪ ‬مبدع‪ ‬فالخوف‪ ‬من‪ ‬شدة‪ ‬الضياء‪. ‬‬ ‫‪ ‬تفجرت‪ ‬خواطره‪ ‬بين‪ ‬عينيه‪ ،‬سحبته‪ ‬من‪ ‬الموقف‪ ‬حوله‪ ، ‬جرفت‬ ‫معهاهدوءاا‪ ‬كان‪ ‬يتوارى‪ ‬خلفه‪ ‬عن‪ ‬أعين‪ ‬الخلق‪ ، ‬تساءل‪ ‬هل‪ ‬يمكن‪ ‬أن‬ ‫تموت‪ ، ‬وإذا‪ ‬ماتت‪ ‬كم‪ ‬عدد‪ ‬المشيعين‪ ‬الذين‪ ‬سيتبعون‪ ‬جثمانها‪ ‬إلى‪ ‬مثواها‬ ‫الخير‪ ‬؟‬

‫‪79‬‬


‫أرضا‪ ‬من‪ ‬تراب‪ ، ‬التراب‬ ‫ا‬ ‫هاهى‪ ‬القدام‪ ‬السليمانية‪ ‬من‪ ‬حوله‪ ‬تمضي‪ ، ‬تطأ‪ ‬‬ ‫أصله‪ ‬أجساد‪ ‬تحللت‪ ، ‬أوالجساد‪ ‬أصلها‪ ‬تراب‪ ‬نفخ‪ ‬فيه ا‪ ‬من‪ ‬روحه‪، ‬‬ ‫أعداد‪ ‬مهولة‪ ‬من‪ ‬الوجوه‪ / ‬التربة‪ ‬العابسة‪ ‬تتحرك‪ ‬في‪ ‬بطء‪ ‬وبلتدافع‪. ‬‬ ‫‪ ‬ترى‪ ‬لو‪ ‬عادوا‪ ‬جميعا ا‪ ‬الن‪ ‬لصلهم‪ ‬الترابى‪ ‬كم‪ ‬يكون‪ ‬حجمه‪ ‬فوق‪ ‬الرض‪ ‬؟‬ ‫هاهو‪ ‬الموت‪ ‬يسير‪ ‬الهوينى‪ ‬أمامهم‪ .!! ‬‬ ‫مات‪ ‬اليوم‪ ‬رمضان‪ ‬شيخ‪ ‬الجامع‪ ‬الكبير‪ ،‬قريبه‪ ‬من‪ ‬ناحية‪ ‬الم‪ ، ‬ترك‬ ‫النقطة‪ ‬فوراا‪ ، ‬توجه‪ ‬إلى‪ ‬المسجد‪ ‬للصلة‪ ‬عليه‪ ‬ثم‪ ‬مرافقة‪ ‬جثمانه‪ ‬إلى‬ ‫مثواه‪ ‬الخير‪ .. ‬المنطقة‪ ‬كلها‪ ‬هوت‪ ‬أفئدتها‪ ‬إلى‪ ‬المسجد‪ ‬ثم‪ ‬تبعته‪ ‬إلى‬ ‫المقابر‪ ، ‬أعداد‪ ‬رآها‪ ‬أنور‪ ‬وهو‪ ‬يمضى‪ ‬حاملا‪ ‬شيب‪ ‬نظراته‪ ‬ووهن‪ ‬خطواته‬ ‫فتفجرت‪ ‬في‪ ‬صدره‪ ‬براكين‪ ‬خواطر‪ ‬أغرقت‪ ‬هدوءه‪ ‬وتركته‪ ‬في‪ ‬جحيم‪ ‬من‬ ‫الحروف‪ ‬المصهورة‪ ‬التي‪ ‬تأكل‪ ‬قلبه‪ ‬بأنياب‪ ‬حداد‪ ، ‬فتح‪ ‬عينيه‪ ‬على‪ ‬مالم‬ ‫يطف‪ ‬بخياله‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ،‬سائلا‪ ‬نفسه‪:‬‬ ‫­‪ ‬كم‪ ‬عددالمشيعين‪ ‬لجثمانك‪ ‬لو‪ ‬مت‪ ‬اليوم؟‬ ‫أشاح‪ ‬بوجهه‪ ‬محاولا‪ ‬الفلت‪ ‬من‪ ‬إلحاح‪ ‬السؤال‪ ‬على‪ ‬رأسه‪ ، ‬ارتفع‪ ‬رنينه‬ ‫أكثر‪ ، ‬تردد‪ ‬صداه‪ ‬في‪ ‬أروقة‪ ‬دماغه‪ ، ‬ورأى‪ ‬جثمانه‪ ‬يسيرهزيلا‪ ‬وبضعة‬ ‫أشخاص‪ ‬ليكادون‪ ‬يشدون‪ ‬البصرأويملون‪ ‬العين‪ ‬يسيرون‪ ‬خلفه‪، ‬‬ ‫أغرقت‪ ‬بحار‪ ‬السى‪ ‬عينيه‪ ‬وهو‪ ‬ينعي‪ ‬نفسه‪ ‬متحسراا‪ ‬على‪ ‬حاله‪ ، ‬سيذهب‬ ‫إلى‪ ‬الخرة‪ ‬غريبا ا‪ ‬بل‪ ‬مشيعين‪ ‬هو‪ ‬الذي‪ ‬منذ‪ ‬عمل‪ ‬بالشرطة‪ ‬كان‪ ‬يجمع‬ ‫حوله‪ ‬الخلق‪ ، ‬منذ‪ ‬كان‪ ‬عريفا اصغيراا‪ ‬في‪ ‬كراكون‪ ‬الدخيله‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬ينتقل‬ ‫للعمل‪ ‬بكراكون‪ ‬اللبان‪ ‬ثم‪ ‬أبى‪ ‬تلت‪ ، ‬آآآآآه‪ ‬ياأنور‪ ‬ياعبد‪ ‬المقصود‪ ، ‬كم‬ ‫جرى‪ ‬بك‪ ‬الزمن‪ ‬وكم‪ ‬تطاولت‪ ‬دقائقة‪ ‬وثوانيه‪ ‬وأصبحت‪ ‬سنوات‪ ‬أخذت‪ ‬من‬ ‫عمرك‪ ‬الكثير‪ ، ‬خمسة‪ ‬وخمسون‪ ‬عاما ا‪ ‬الن‪ ‬كنت‪ ‬تظن‪ ‬أنها‪ ‬تمهيد‪ ‬لختام‬ ‫رحلة‪ ‬تستحق‪ ‬أن‪ ‬تنال‪ ‬بعدها‪ ‬الراحة‪ ‬وتلوذ‪ ‬بهدوء‪ ، ‬فاذا‪ ‬بالحياة‪ ‬كلها‪ ‬من‬ ‫حولك‪ ‬تنقلب‪ ‬وتتبدل‪ ، ‬وروح‪ ‬المكان‪ ‬الهادىء‪ ‬يتحول‪ ‬إلى‪ ‬عبوس‪ ‬مقيم‪. ‬‬ ‫عاد‪ ‬لجثمان‪ ‬رمضان‪ ‬شيخ‪ ‬الجامع‪ ‬الذي‪ ‬يجر‪ ‬خلفه‪ ‬أجساد‪ ‬المشيعين‪. ‬‬ ‫‪80‬‬


‫تساءلت‪ ‬عيناه‪ ‬بحيرة‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬يبالي‪ ‬أهل‪ ‬الخرة‪ ‬بكثرة‪ ‬عدد‪ ‬المشيعين‪ ‬للميت‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬وهل‪ ‬تكون‪ ‬مكانته‪ ‬بينهم‪ ‬مرتبطة‪ ‬بهذا‪ ‬العدد‪ ‬؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬أدار‪ ‬عينيه‪ ‬في‪ ‬الخلق‪ ‬حوله‪ ، ‬رؤس‪ ‬مبذورة‪ ‬في‪ ‬أديم‪ ‬الرض‪ ، ‬تسير‬ ‫خلف‪ ‬الجثمان‪ ، ‬تودعه‪ ‬في‪ ‬ود‪ ‬غامر‪ ‬ليدخل‪ ‬إلى‪ ‬الخرة‪ ‬مفاخراا‪ ‬بعدد‬ ‫مشيعيه‪ ، ‬كيف‪ ‬له‪ ‬وهو‪ ‬أنور‪ ‬عبدالمقصود‪ ‬سليمان‪ ‬أن‪ ‬يناجي‪ ‬الرض‪ ‬لكي‬ ‫تنبت‪ ‬رؤسا ا‪ ‬مثل‪ ‬تلك‪ ‬لتسيرخلفه‪ ‬؟‬ ‫تكورت‪ ‬الدموع‪ ‬في‪ ‬عينيه‪ ، ‬صنعت‪ ‬أمواجا ا‪ ‬هادرة‪ ‬ودوامات‪ ‬مالها‪ ‬من‬ ‫قرار‪، ‬رأى‪ ‬جثمانه‪ ‬من‪ ‬جديد‪ ‬ملقى‪ ‬على‪ ‬الرض‪ ‬ليجد‪ ‬من‪ ‬يحمله‪، ‬‬ ‫السليمانية‪ ‬كل ‪ ‬مشغول‪ ‬بحاله‪ ، ‬وبعضهم‪ ‬أسعده‪ ‬خبررحيله‪ ،‬ناس‪ ‬أبى‬ ‫تلت‪ ‬ينكرونه‪ ‬ميتا ا‪ ‬كما‪ ‬أنكروه‪ ‬حياا‪ ،‬يلوكون‪ ‬سيرته‪ ‬في‪ ‬سعادة‪ ‬بالتخلص‬ ‫منه‪ ،‬و‪ ‬امرأته‪ ‬وحيدة‪ ‬بالطريق‪ ‬تبكى‪ ‬رجلها‪ ‬الذي‪ ‬ليجد‪ ‬من‪ ‬يتعطف‬ ‫ويسيرخلفه‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬يواريه‪ ‬التراب‪. ‬‬ ‫‪ ‬أولئك‪ ‬الشرار‪ ‬بكل‪ ‬مالديهم‪ ‬من‪ ‬حقد‪ ‬وضغينة‪ ‬عليه‪ ‬وعلى‪ ‬قدراته‪ ‬وروحه‬ ‫القوية‪ ‬التي‪ ‬كانت‪ ‬هي‪ ‬مؤهلته‪ ‬لكي‪ ‬يكون‪ ‬رجل‪ ‬النقطة‪ ‬منذ‪ ‬سنين‬ ‫‪،‬ليستحقون‪ ‬منه‪ ‬أي‪ ‬عطف‪ ‬أو‪ ‬حتى‪ ‬مجرد‪ ‬اهتمام‪ ‬بهم‪ ‬أو‪ ‬بسيرهم‪ ‬خلف‬ ‫جثمانه‪ ‬إلى‪ ‬مثواه‪ ‬الخير‪. ‬‬ ‫ارتجف‪ ‬جفناه‪ ‬بقوة‪ ‬عند‪ ‬هذه‪ ‬الخاطرة‪ ‬ونحاها‪ ‬بكل‪ ‬طاقته‪ ‬من‪ ‬عقله‪ ‬هامسا ا‬ ‫لنفسه‪ ‬أن‪ ‬المر‪ ‬لم‪ ‬يعد‪ ‬فعل‪ ‬ورد‪ ‬فعل‪ ، ‬النهاية‪ ‬اقتربت‪ ‬ياأنور‪ ، ‬عليك‪ ‬أن‬ ‫تعترف‪ ‬بهذا‪ ‬وأن‪ ‬تفعل‪ ‬شيئا ا‪ ‬من‪ ‬أجل‪ ‬كسب‪ ‬مشيعين‪. ‬‬ ‫حينما‪ ‬تموت‪ ‬ستحتاج‪ ‬لهم‪ ‬ياأنور‪. ‬‬ ‫ستكون‪ ‬وحيداا‪ ،‬ضعيفا ا‪ ، ‬لتمتلك‪ ‬من‪ ‬أمر‪ ‬نفسك‪ ‬شيئا ا‪.‬‬ ‫نزلت‪ ‬دموعه‪ ‬صاغرة‪ ‬على‪ ‬خديه‪. ‬‬ ‫‪ ‬من‪ ‬خلف‪ ‬الدموع‪ ‬المتأججة‪ ‬رأى‪ ‬المرئيات‪ ‬من‪ ‬حوله‪ ‬كائنات‪ ‬هلميه‪ ‬تتحرك‬ ‫في‪ ‬متاهة‪ ‬الرض‪ ، ‬ظلل‪ ‬تتحرك‪ ‬أو‪ ‬هي‪ ‬أقنعة‪ ‬ترتديهاالرواح‪ ‬ثم‪ ‬ماتلبث‬ ‫‪81‬‬


‫أن‪ ‬تخلعها‪ ‬بعد‪ ‬أداء‪ ‬دورها‪ ‬على‪ ‬مسرح‪ ‬الحياة‪ ، ‬لفتت‪ ‬انتباهه‪ ‬بين‪ ‬تلك‬ ‫المرئيات‪ ‬حروف‪ ‬ذهبية‪ ‬مكتوبة‪ ‬على‪ ‬لوحة‪ ‬معلقة‪ ‬على‪ ‬مدخل‪ ‬حانوت‪ ‬قريب‬ ‫‪ ،‬سقطت‪ ‬عليها‪ ‬أشعة‪ ‬الشمس‪ ‬فأخذت‪ ‬تشد‪ ‬العين‪ ‬المارة‪ ‬برونقها‪ ، ‬مسح‬ ‫وجهه‪ ‬بباطن‪ ‬كفه‪ ، ‬قرأ‪ : ‬‬ ‫‪ ‬من‪ ‬يفعل‪ ‬الخيرليعدم‪ ‬جوازيه‬ ‫‪ ‬ليذهب‪ ‬العرف‪ ‬بين‪ ‬ا‪ ‬والناس‬ ‫حدقت‪ ‬عيناه‪ ‬في‪ ‬الكلمات‪ ‬كأنما‪ ‬يتعرف‪ ‬عليها‪ ‬من‪ ‬الحطيئة‪ ‬لول‪ ‬مرة‪، ‬‬ ‫اللوحة‪ ‬تبدو‪ ‬أعلها‪ ‬سماء‪ ‬صافيةالديم‪ ، ‬تحت‪ ‬السماء‪ ‬تلك‪ ‬الكلمات‪ ، ‬‬ ‫وتحت‪ ‬الكلمات‪ ‬مباشرة‪ ‬صحراء‪ ‬قاحلة‪ ‬إصفرارها‪ ‬لمحدود‪ ، ‬إلى‪ ‬جانب‬ ‫منها‪ ‬تنزوي‪ ‬نخلتان‪ ‬متجاورتان‪ ، ‬يسير‪ ‬تحت‪ ‬ظلهما‪ ‬رجل‪ ‬وحيد‪ ‬يحمل‪ ‬بيده‬ ‫اليسرى‪ ‬عصا‪ ‬يتوكأ‪ ‬عليها‪ ، ‬واليمنى‪ ‬ممسكة‪ ‬بطرف‪ ‬مخلة‪ ‬من‪ ‬القماش‬ ‫ملقاة‪ ‬على‪ ‬ظهره‪ ‬المحني‪ ‬قليلا‪ ‬إلى‪ ‬المام‪ .. ‬عاد‪ ‬أنوريمسح‪ ‬عينيه‪ ‬بقوة‪، ‬‬ ‫يواصل‪ ‬التحديق‪ ‬في‪ ‬اللوحة‪ ،‬يشعر‪ ‬أنه‪ ‬ذلك‪ ‬الرجل‪ ‬السائر‪ ‬وحده‪ ‬وسط‬ ‫الصحراءحاملا‪ ‬مخلته‪ ‬في‪ ‬سكينة‪ ‬القانع‪ ‬بأحواله‪ ‬وطول‪ ‬سفره‪، ‬أن‪ ‬تلك‬ ‫الكلمات‪ ‬هي‪ ‬رسالة‪ ‬هبطت‪ ‬عليه‪ ‬من‪ ‬السماء‪ ، ‬رسالة‪ ‬فيها‪ ‬مهمة‪ ‬محدد‬ ‫عليه‪ ‬أن‪ ‬يقوم‪ ‬بها‪ ، ‬وإجابة‪ ‬شافية‪ ‬على‪ ‬تساؤله‪ ‬الذي‪ ‬لم‪ ‬يبح‪ ‬به‪ ‬لمخلوق‪..‬‬ ‫عاد‪ ‬للبكاء‪ ، ‬لكنه‪ ‬هذه‪ ‬المرة‪ ‬حمداا‪ ‬للذي‪ ‬لم‪ ‬يهمله‪ ‬رغم‪ ‬أفعاله‪ ‬السابقة‪،‬‬ ‫‪ ‬ورغم‪ ‬سيره‪ ‬وحيداا‪ ‬في‪ ‬صحراءالوجود!!‬ ‫‪................‬‬ ‫عاد‪ ‬إلى‪ ‬بيته‬ ‫من‪ ‬حجرةالنوم‪ ‬المطلة‪ ‬على‪ ‬أرض‪ ‬الحارة‪ ‬الموحشة‪ ‬في‪ ‬ذاك‪ ‬الوقت‪ ‬من‬ ‫الليل‪ ‬أشعل‪ ‬سيجارته‪ ‬متأمل االصمت‪ ‬والعتمة‪ ‬المتوغلة‪ ‬في‪ ‬أنحاء‪ ‬لم‪ ‬تعد‪ ‬كما‬ ‫كانت‪ ‬قبل ا‪ ،‬النهاية‪ ‬اقتربت‪ ‬والليل‪ ‬يسود‪ ‬وليس‪ ‬هناك‪ ‬إل‪ ‬رحيل‪ ‬لفكاك‬ ‫منه‪. ‬‬ ‫‪ ‬ماذا‪ ‬أخذت‪ ‬زادا ا‪ ‬لرحيلك‪ ‬؟؟؟‬ ‫‪82‬‬


‫رفع‪ ‬عينيه‪ ‬إلى‪ ‬السماء‪ ‬من‪ ‬جديد‪ ، ‬جهامة‪ ‬الظلمة‪ ‬حجزت‪ ‬عنه‪ ‬وجه‪ ‬النور‪.‬‬ ‫تذكر‪ ‬كيف‪ ‬أصبح‪ ‬يعود‪ ‬إلى‪ ‬بيته‪ ‬محنيا ا‪ ‬رأسه‪ ‬الصلعاء‪ ، ‬حاملا‪ ‬ضجيج‬ ‫أفكاره‪ ‬في‪ ‬صدر‪ ‬ليهدأ‪ ‬له‪ ‬أزيز‪ ،‬يرمق‪ ‬الطرقات‪ ‬على‪ ‬غير‪ ‬عادته‪ ‬بنصف‬ ‫نظرة‪ ‬ل‪ ‬أكثر‪ ،‬ويرد‪ ‬تحايا‪ ‬الخلق‪ ‬بصوت‪ ‬خافت‪ ‬ليكاد‪ ‬يبين‪. ‬‬ ‫يسمع الحاديث عن القتيل والقاتل المجهولا الذي لم يستدلا عليه‪ ،‬وبهية‬ ‫الزوجةالهاربة وجاري البحث عنها ‪ ،‬ويرى الوجوه الجديدة في المنطقة‬ ‫ذاتا الملمح الجامدة‪ ،‬والتي تدور في الطرقاتا تتربص بمن تشتبه فيه ‪،‬‬ ‫وتأتي به إلى النقطة للتحقيق معه ‪.‬‬ ‫ينظر‪ ‬إلى‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ،‬ويتابع‪ ‬حالة‪ ‬الطوارئ‪ ‬والتحقيقات‪ ‬المستمرة‪. ‬‬ ‫‪ ‬يعجب‪ ‬لسامح‪ ‬الذي‪ ‬رغم‪ ‬كل‪ ‬شئ‪ ‬يصرعلى‪ ‬معاملة‪ ‬الجميع‪ ‬بالحسان!‬ ‫يراه‪ ‬يجلس‪ ‬إلى‪ ‬المتهمين‪ ،‬يناقشهم‪ ‬ويستمع‪ ‬إليهم‪ ‬وليحاول‪ ‬إستخدام‬ ‫الوسائل‪ ‬المتعارف‪ ‬عليها‪ ‬في‪ ‬التعامل‪ ‬معهم‪. ‬‬ ‫‪ ‬وفي‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬رغم‪ ‬علمه‪ ‬بأن‪ ‬بهية‪ ‬في‪ ‬حارة‪ ‬السليمانية‪ ‬لم‪ ‬يقرب‪ ‬الحارة‬ ‫إلى‪ ‬الن‪ ‬بأى‪ ‬تفتيش‪ ‬أوحتى‪ ‬مرور‪ ، ‬ولم‪ ‬يحاول‪ ‬الحديث‪ ‬إليه‪ ‬فى‪ ‬هذا‪ ‬تهديداا‬ ‫أو‪ ‬تفاهما ا‬ ‫ربما‪ ‬لصعوبة‪ ‬البحث‪ ‬فيها‪ ،‬أو‪ ‬ربما‪ ‬الخوف‪ ‬من‪ ‬رجالها‪ ‬الكبار‪.! ‬‬ ‫‪ ‬أيضا ا‪ ‬قد‪ ‬يكون‪ ‬عاجزااعن‪ ‬تخيل‪ ‬إستخراج‪ ‬إذن‪ ‬تفتيش‪ ‬لحارة‪ ‬كاملة‪.‬‬ ‫‪ ‬وإل‪ ‬لماذا‪ ‬يصمت‪ ‬حتى‪ ‬الن‪ ‬؟‬ ‫الغريب‪ ‬أن‪ ‬سامح‪ ‬لم‪ ‬يتحدث‪ ‬معه‪ ‬في‪ ‬أمر‪ ‬زيارة‪ ‬بهية‪ ‬له‪ ، ‬ولم‪ ‬يخبره‬ ‫بنتيجة‪ ‬لقائه‪ ‬معها‪.‬‬ ‫‪ ‬يسير‪ ‬إلى‪ ‬الن‪ ‬هادئا ا‪ ‬وليتخذ‪ ‬إجرااء‪ ‬من‪ ‬شأنه‪ ‬إعلن‪ ‬الطوارئ‪ ‬في‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫من‪ ‬خلل‪ ‬معرفته‪ ‬به‪ ‬فإنه‪ ‬ليس‪ ‬ساذجا ا‪. ‬‬ ‫‪ ‬ترى‪ ‬ماوراء‪ ‬كل‪ ‬هذا؟‬

‫‪83‬‬


‫وهل‪ ‬سلط‪ ‬العيون‪ ‬لترصده‪ – ‬أنور‪ ­ ‬أيضا ا‪ ، ‬وإذا‪ ‬ترصدته‪ ‬هنا‪ ‬وفي‬ ‫الطريق‪ ‬فماذاعن‪ ‬الحارة؟‬ ‫مؤكد‪ ‬هناك‪ ‬تدبير‪ ‬ما‪ ‬لها‪. ‬‬ ‫‪ ‬هذا‪ ‬الصمت‪ ‬وراءه‪ ‬شئ‪ ‬ما‪.‬‬ ‫المشكلة‪ ‬إنه‪ ‬الن‪ ‬ليستطيع‪ ‬نقل‪ ‬مخاوفه‪ ‬إلى‪ ‬أحد‪ ‬من‪ ‬أقاربه‪ .‬ليستطيع‬ ‫العتراف‪ ‬أنه‪ ‬قلق‪ ، ‬وأن‪ ‬أعصابه‪ ‬مضطربة‪ ‬وهوليرى‪ ‬مايجب‪ ‬أن‪ ‬يراه‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬المفترض‪ ‬والمتبع‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تسود‪ ‬حالة‪ ‬من‪ ‬الطوارئ‪ ‬والعصبية‪،‬‬ ‫وحالت‪ ‬قبض‪ ‬على‪ ‬من‪ ‬يشتبه‪ ‬بهم‪ ‬والتعامل‪ ‬معهم‪ ‬بكل‪ ‬ألوا‪ ‬ن‪ ‬التحقيق‬ ‫لمعرفة‪ ‬القاتل‪ ، ‬خاصةأن‪ ‬هناك‪ ‬مهلة‪ ‬عليهم‪ ‬الوفاء‪ ‬بها‪. ‬‬ ‫فهل‪ ‬هوكبرلدرجة‪ ‬أنه‪ ‬لم‪ ‬يعد‪ ‬يفهم‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أم‪ ‬هناك‪ ‬شئ‪ ‬جديد‪ ‬ليدركه‪ ‬؟‬ ‫أم‪ ‬يخفون‪ ‬عنه‪ ‬تحركاتهم‪ ‬لشكهم‪ ‬فيه؟‬ ‫ثم‪ ‬ماذا‪ ‬سيأخذ‪ ‬من‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ‬؟‬ ‫وكيف‪ ‬يأمن‪ ‬على‪ ‬نفسه‪ ‬ظلمة‪ ‬ووحشة‪ ‬قبر‪ ‬وعمل‪ ‬يلزمه‪ ‬أبد‪ ‬الدهر‪ ‬‬ ‫أحنى‪ ‬رأسه‪ ‬مقررا‪ ‬اأن‪ ‬يكون‪ ‬أنور‪ ‬جديد‪ ‬يختلف‪ ‬عن‪ ‬ذي‪ ‬قبل‬ ‫يصبح‪ ‬هادئا ا‪.‬‬ ‫يجلس‪ ‬مكانه‪ ‬في‪ ‬نقطةأبي‪ ‬تلت‬ ‫يفصل‪ ‬بين‪ ‬الناس‪ ‬في‪ ‬النزاعات‪ ‬الصغيرة‬ ‫‪ ‬يسجل‪ ‬محضراا‪ ‬بين‪ ‬متخاصمين‬ ‫أويعقد‪ ‬صلحا ا‪ ‬بين‪ ‬متشاحنين‪ ‬دون‪ ‬صخب‬ ‫مكتفيا ا‪ ‬حينما‪ ‬يضيق‪ ‬صدره‪ ‬بالنفخ‪ ‬يمينا ا‪ ‬وشما ا‬ ‫ل‪ ،‬والمسح‪ ‬على‪ ‬رأسه‬ ‫الصلعاء‪ ‬بمنديله‪ ، ‬دون‪ ‬أن‪ ‬يعلو‪ ‬صوته‪ ‬كما‪ ‬كان‪ ‬يعلو‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ، ‬ودون‪ ‬أن‬ ‫يتفوه‪ ‬بكلمة‪ ‬مماكان‪ ‬معتادااعليه‪ ‬استعداداا‪ ‬للرحيل‪ ‬وفي‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬استجابة‬ ‫لسامح‪ ‬الذي‪ ‬كف‪ ‬يده‪ ‬ولسانه‪ ‬عن‪ ‬ناس‪ ‬الناحية‪ ، ‬وأمره‪ ‬أن‪ ‬يعاملهم‬ ‫‪ ‬بالرفق!!‬ ‫‪84‬‬


‫تبتسم‪ ‬شفتاه‪ ‬الغليظتان‪ ‬ابتسامة‪ ‬رثاء‪ ‬وهو‪ ‬يتخيل‪ ‬الرفق‪ ‬الذي‪ ‬يقصده‪ ‬هذا‬ ‫الضابط‪ ..‬يسمع‪ ‬هذه‪ ‬بعبارتها‪ ‬الجوفاء‪ ‬وحروفها‪ ‬المتهالكة‪ ، ‬ينظر‪ ‬إلى‬ ‫‪ ‬تلك‪ ‬ودمامتها‪ ،‬وليقبل‪ ‬شيئا ا‪ ‬مما‪ ‬كان‪ ‬يقبله‪ ‬سابقا ا‪ ­ ‬منه‪ ‬ل‪ – ‬طير‪ ‬هذه‬ ‫‪ ‬النعمة‪ . ‬الغريب‪ ‬أن‪ ‬الناس‪ ‬عرفوا‪ ‬المر‪ .. ‬كيف‪ ‬؟‪ ‬ل‪ ‬يدري‪. ‬وإن‬ ‫‪ ‬كان‪ ‬واثقا‪ ‬أن‪ ‬أحد‪ ‬الجنود‪ ‬قد‪ ‬سرب‪ ‬الخبر‪ ‬إلى‪ ‬ذويه‪ ‬ومنهم‪ ‬إلى‪ ‬بقيه‬ ‫‪ ‬الهالي‪ . ‬‬ ‫صارت‪ ‬النقطه‪ ‬تعمل‪ ‬ول‪ ‬يقبض‪ ‬منها‪ ‬شيئاا‪،‬‬ ‫يعرق‪ ‬بدون‪ ‬مقابل‪ ‬وبدون‪ ‬صراخ‪ ، ‬أو‪ ‬حتى‪ ‬مجرد‪ ‬عبوس‪ ‬في‪ ‬وجه‪ ‬قادم‬ ‫وهل‪ ‬البوليس‪ ‬يصلح‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬بوليسا‪ ‬من‪ ‬غير‪ ‬حزم‪ ‬وضبط‪ ‬وربط‪ ‬؟‬ ‫أضاع‪ ‬سامح‪ ‬تقاليد‪ ‬وهيبة‪ ‬سنوات‪ ‬في‪ ‬زمن‪ ‬قياسي‪. ‬‬ ‫‪ ‬المشكلة‪ ‬أن‪ ‬السليمانية‪ ‬كلهم‪ ‬كانوا‪ ‬يقدرونه‪ ­ ‬الصول‪ ‬أنور‪ ­ ‬ويفخرون‪ ‬‬ ‫به‪ . ‬كان‪ ‬من‪ ‬كبارهم‪ ‬سنا‪ ‬وحكمة‪ . ‬الن‪ ‬تغير‪ ‬الوضع‪ .‬‬ ‫ستصير‪ ‬يا‪ ‬أنور‪ ‬ضعيفا ا‪ ‬محتاجا ا‪ ‬للعون‪. ‬‬ ‫مضى‪ ‬إلى‪ ‬مرقده‪ ‬محني‪ ‬الرأ‪ ‬س‪ ‬؛‪ ‬محادثا ا‪ ‬السخط‪ ‬في‪ ‬صدره‪ ، ‬متعجبا ا‪ ‬مما‬ ‫صارعليه‪ ‬حال‪ ‬النقطة‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬البوليس‪ ‬يصلح‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬بوليسا ا‪ ‬من‪ ‬غير‪ ‬كلمة‬ ‫قاسية‪ ‬وبعض‪ ‬القلم‪ ‬والركلت؟‬ ‫هل‪ ‬نمسك‪ ‬المجرم‪ ‬معتاد‪ ‬الجرام‪ ‬ونرجوه‪ ‬ونحب‪ ‬على‪ ‬يديه‪ ‬أن‪ ‬يكف‪ ‬عن‬ ‫إجرامه‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أغمض‪ ‬عينيه‪ ‬محاول ا‪ ‬الإفلت‪ ‬من‪ ‬ليل‪ ‬خواطره‪ ‬الدامس‪ ،‬هامسا ا‪ ‬لنفسه‬ ‫أن‪ ‬المر‪ ‬سهل‪ ، ‬سوف‪ ‬يجلس‪ ‬مكانه ل‪ ‬يبدو‪ ‬عليه‪ ‬مايدل‪ ‬على‪ ‬وجود‬ ‫تشوهات‪ ‬في‪ ‬جوفه‪ ‬نتيجة‪ ‬النيران‪ ‬التي‪ ‬ليهدأ‪ ‬أجيجها‪ ‬ولتفتر‪ ‬حدتها‪ ‬‬ ‫يلتزم‪ ‬الصمت‪ ‬ويكتفي‪ ‬بالجلوس‪ ‬بعيداا‪ ‬قدر‪ ‬المستطاع‬ ‫يتعامل‪ ‬مع‪ ‬الخلق‪ ) ‬على‪ ‬غيرعادته‪ ( ‬بالرفق‪!. ‬‬ ‫تحرك‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ‬يريد‪ ‬القيام‪ ‬؛‪ ‬اصطدم‪ ‬بشئ‪ ‬لم‪ ‬يره‪ ‬؛‪ ‬آلمته‪ ‬الصدمة‪ ‬؛‪ ‬فتح‬ ‫عينيه‪ ‬على‪ ‬إتساعها‪ ‬؛‪ ‬لم‪ ‬يصدق‪ ‬؛‪ ‬دارحول‪ ‬نفسه؛‪ ‬أخذيدق‪ ‬الجدران‬ ‫‪85‬‬


‫الدائرية‪ ‬بكلتا‪ ‬يديه‪ ‬؛‪ ‬الجدران‪ ‬الزجاجيةالشفافة‪ ‬تبدوعلى‪ ‬هيئة‪ ‬زجاجة‬ ‫لهاعنق‪ ‬طويل‪،‬وهوفيها‪ ‬وحده‪ ‬؛‪ ‬يصرخ‪ ‬بأعلى‪ ‬صوته‪ ‬ولمجيب‪. ‬‬ ‫ماذاجرى‪ ‬ياأنور‪ ‬؟‬ ‫تصرف‪ ‬أو‪ ‬يتصرف‪ ‬أي‪ ‬أحد‪.‬‬ ‫أخذالعرق‪ ‬يهطل‪ ‬مغطيا ا‪ ‬صلعته‪ . ‬هابطا ا‪ ‬إلى‪ ‬عينيه‪ . ‬فجأة‪ ‬وجد‪ ‬من‪ ‬يمد‪ ‬إليه‬ ‫سلما ا‪ ‬ويطلب‪ ‬منه‪ ‬الصعود‪. ‬هرول‪ ‬بجسده‪ ‬الضخم‪ ‬ناحيته‪ ‬ليجد‪ ‬في‪ ‬النهاية‬ ‫زوجته‪ ‬تهنئه‪ ‬بسلمته‪ . ‬غمغم‪ ‬يشكرها‪ ‬وأدارعينيه‪ ‬حوله‪ ‬ليفاجئ‪ ‬بأنها‬ ‫أخرجته‪ ‬من‪ ‬زجاجةعظيمة‪ ‬العنق‪ ‬إلى‪ ‬زجاجة‪ ‬أعظم‪ ‬عنقا ا‪ ‬قبعا‪ ‬فيها‪ ‬معا‪. ‬‬ ‫‪ ‬حاول‪ ‬التسلق‪ ‬لعبورعنق‪ ‬الزجاجة‪.. ‬لم‪ ‬يستطع‪ . ‬صرخ‪ ‬طالبا ا‪ ‬المساعدة‬ ‫شعربيد‪ ‬تهزه‪ ‬بقوة‪ . ‬فتح‪ ‬عينيه‪ ‬على‪ ‬اتساعها‪ ‬وقلبه‪ ‬يدق‪ ‬بكل‪ ‬ماأوتى‪ ‬من‬ ‫قوة‪ ‬باحثا‪ ‬عمن‪ ‬يدفعه‪ ‬هكذا‪ ، ‬رأى‪ ‬الغرفة‪ ‬غارقة‪ ‬في‪ ‬سكون‪ ، ‬ولمبة‬ ‫صغيرة‪ ‬على‪ ‬الجدار‪ ‬يمينا ا‪ ‬وأخرى‪ ‬يساراا‪ ‬ترميان‪ ‬بضؤهما‪ ‬الواهن‪ ‬على‬ ‫الفراش‪ ،‬وامرأته‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪ ‬صدرها‪ ‬يعلو‪ ‬ويهبط‪ ‬بانتظام‪ ، ‬سأل‪ : ‬كيف‪ ‬؟‬ ‫ولم‪ ‬يكمل‪ ، ‬حدق‪ ‬في‪ ‬وجهها‪ ‬ليتأكد‪ ‬من‪ ‬استغراقها‪ ‬في‪ ‬النوم‪. ‬‬ ‫أدارعينيه في الحجرة من حوله وهو يستعيذ بال من شر الكوابيس ‪ .‬قام‬ ‫إلى الشرفة ‪ .‬أشعل سيجارة وجلس يبحث المرمن جد يد‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪86‬‬


87


‫‪(11) ‬‬ ‫‪ ‬أول‪ ‬الخيط‬ ‫جاءت‪ ‬زيارة‪" ‬محمد‪ ‬أبوليلة‪ " ‬للصول‪ ‬أنورفي‪ ‬النقطة‪ ‬مفاجئة‪ ‬له‪ ‬تماما ا‪. ‬‬ ‫خاصة‪ ‬أن‪ ‬محمداا‪ ‬قريبه‪ ‬وابن‪ ‬حارته‪ ، ‬وليبعد‪ ‬عنه‪ ‬كثيراا؛‪ ‬وهوأكدعليه‪ ‬أل‬ ‫يأتي‪ ‬لي‪ ‬سبب‪ ‬خاصة‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪. ‬‬ ‫نظر‪ ‬إليه‪ ‬مأخوذاا‪ ‬وهويمسح‪ ‬بالمنديل‪ ‬رأسه‪ ‬ووجهه‪ ‬ورقبته‪ . ‬ترك‪ ‬من‬ ‫حوله‪ ‬وصرخ‪ ‬فيه‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماالذي‪ ‬أتى‪ ‬بك؟‬ ‫فرد‪ ‬قامته‪ ‬فاتسعت‪ ‬فتحة‪ ‬طوق‪ ‬الجلباب‪ ‬؛‪ ‬بدا‪ ‬من‪ ‬تحتها‪ ‬صديري‪ ‬رمادي‬ ‫اللون‪ ‬جديد‬ ‫‪ ­ ‬كيف‪ ‬حالك‪ ‬ياأباأنور؟‬ ‫‪ ‬هل‪ ‬هذا‪ ‬وقت‪ ‬سلمات‪ ‬؛‪ ‬وهنا‪ ‬؛‪ ‬وفي‪ ‬تلك‪ ‬الظروف‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬ماوراءك‪ ‬يامحمد؟‬ ‫‪ ­ ‬كل‪ ‬الخير‬ ‫اتسعت‪ ‬ابتسامته‪ ،‬أحنى‪ ‬قامته‪ ‬العالية‪ ‬قليلا‪ ‬واقترب‪ ‬منه‪ ‬مستديراا‪ ‬حول‬ ‫المكتب‪ ‬ليصل‪ ‬إلى‪ ‬أذنه؛‪ ‬محاول ا‪ ‬الهمس‪ ‬له‪ ‬أن‪ ‬بهية‪ ‬مريضة‪ ‬وتحتاج‬ ‫طبيب‪ ‬؛‪ ‬وأن‪ ‬عائشة‪ ‬كادت‪ ‬تتصل‪ ‬بأحد‪ ‬مدرسيها‪ ‬في‪ ‬الكلية‪ ‬لول‪ ‬أن‪ ‬عرف‬ ‫‪88‬‬


‫فجاء‪ ‬يستشيره‪ ‬أول‪ ، ‬حاول‪ ‬أنورالتماسك‪ ‬والتصرف‪ ‬بسرعة‪ ‬للتعجيل‬ ‫برحيله‪ .‬سحب‪ ‬مقعداا‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪ ‬وأشار‪ ‬إليه‬ ‫‪ ­ ‬اجلس‪ ‬وقل‪ ‬ماتريد‪ ‬؛‪ ‬بسرعة‬ ‫جلس‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪ ‬؛‪ ‬اقترب‪ ‬منه‪ ‬برأسه‪ ‬؛‪ ‬قال‪ ‬بصوت‪ ‬حاول‪ ‬أن‪ ‬يجعله‬ ‫همسا‪ :‬ا‪ ‬‬ ‫لماذا‪ ‬جئت‪ ‬إلى‪ ‬هنا؟‪ ‬‬ ‫­‬ ‫‪ ‬بهية‪. ‬‬ ‫­‬ ‫مالها‪ ‬؟‬ ‫­‬ ‫انتفض‪ ‬قلبه‪ ‬فزعا ا‪ ‬؛‪ ‬قالها‪ ‬وهوينظرإلى‪ ‬الباب‪ .‬داعيا ا‪ ‬ا‪ ‬أليدخل‪ ‬سامح‪ ‬الن‬ ‫؛‪ ‬هومؤكد‪ ‬لن‪ ‬يعرفه‪ ، ‬لكن‪ ‬الحذر‪ ‬واجب‪ ، ‬ثم‪ ‬أنه‪ ‬الوحيد‪ ‬الجالس‪ ‬وباقي‬ ‫الخلق‪ ‬واقفون‪. ‬‬ ‫مشكلتك‪ ‬يامحمد‪ ‬أن‪ ‬لك‪ ‬عقلا‪ ‬وحدك‪ . ‬تفكيرثان‪ ‬خالص‪.‬‬ ‫ومؤكدالشئ‪ ‬الذي‪ ‬أتى‪ ‬بك‪ ‬الى‪ ‬هنا‪ ‬خائب‪ ‬مثلك‬ ‫‪ ­ ‬مريضة‪ .‬‬ ‫حدق‪ ‬في‪ ‬عينيه‪ ‬متوجسا ا‬ ‫‪ ­ ‬ثم‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أراح‪ ‬ظهره‪ ‬على‪ ‬المقعد‪ ‬واضعا ا‪ ‬ساقا ا‪ ‬فوق‪ ‬الخرى‬ ‫‪ ­ ‬خلص‪ ‬شغلك‪ ‬وبعدها‪ ‬نتكلم‪ ‬‬ ‫‪ ‬بصبر‪ ‬نافذ‪ ‬همس‪ ‬أنور‬ ‫‪ ­ ‬قل‪ ‬يامحمد‪ ‬وامضي‪ ‬لحالك‪ ‬‬ ‫‪ ‬اعترض‪ ‬محمد‬ ‫‪ ­ ‬كيف‪ ‬والخلق‪ ‬أمامنا‪ .‬هيا‪ ‬اصرفهم‪ ‬أولا‬ ‫نظرأنور‪ ‬إليه‪ ‬شاعراا‪ ‬بجحيم‪ ‬يتصاعد‪ ‬من‪ ‬جوفه‪ ‬هادراا‪ ، ‬يود‪ ‬لو‪ ‬أنه‪ ‬إبتلعه‬ ‫وكفاه‪ ‬شرجلوسه‪ ‬بجواره‪ ‬هكذا‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫عاد‪ ‬إلى‪ ‬الرجل‪ ‬والمرأة‪ ‬وأعينهما‪ ‬المحدقة‪ ‬ترقب‪ ‬مايجري‪ . ‬أفرغ‪ ‬مافي‬ ‫صدره‪ ‬فيهما‬ ‫‪ ­ ‬خلصني‪ ‬ياعوضين‬ ‫‪ ‬صفية‪ ‬تتهمك‪ ‬أنك‪ ‬ضربتها‪ ،‬حصل؟‬ ‫حدق‪ ‬عوضين‪ ‬في‪ ‬وجهه‪ ‬بإستنكار‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وهل‪ ‬ضرب‪ ‬امرأتي‪ ‬جريمة؟‪ ‬‬ ‫نفخ‪ ‬أنورمافي‪ ‬جوفه‪ ‬من‪ ‬نار‪ ‬مستعيذا‪ ‬بال‪ ‬من‪ ‬شر‪ ‬غضب‪ ‬يكافح‪ ‬للتخلص‬ ‫من‪ ‬شوائبه‪ ‬وأدرانه‪ ‬قدر‪ ‬المستطاع‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪ ‬؛‪ ‬ومنذ‪ ‬وفاة‪ ‬الشيخ‪ ‬رمضان‬ ‫بالتحديد‪ . ‬استدار‪ ‬إلى‪ ‬محمد‪ ‬بجانبه‪. ‬‬ ‫‪ ‬لفائدة‪ ‬من‪ ‬إفهامه‪. ‬‬ ‫‪ ‬فكر‪ ‬أن‪ ‬يعتذرعن‪ ‬العمل‪ ‬ويغادر‪ ‬النقطة‪ ‬ليجبره‪ ‬على‪ ‬الرحيل‪ .‬خشي‪ ‬أن‪ ‬تراه‬ ‫عينا‪ ‬سامح‪ ‬وهو‪ ‬معه‪ . ‬لوعرفه‪ ‬ستحدث‪ ‬كارثة‪. ‬‬ ‫‪ ‬صرخ‪ ‬في‪ ‬عوضين‬ ‫‪ ­ ‬وا‪ ‬جريمة‪ ‬ياعوضين‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬في‪ ‬أي‪ ‬قانون؟‬ ‫عاد‪ ‬أنور‪ ‬ينفخ‪ ‬في‪ ‬غيظ‪ ‬متمتما ا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماذا‪ ‬أقول‪ ‬له؟‬ ‫هب‪ ‬أبوليلة‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ‬واقفا ا‬ ‫‪ ­ ‬بعد‪ ‬إذنك‪ ‬ياأبا‪ ‬أنور‪ ، ‬أنا‪ ‬أفهمه‬ ‫فوجيء‪ ‬أنور‪ ‬؛‪ ‬نظربعينيه‪ ‬الضيقتين‪ ‬نحوه‪ ‬؛‪ ‬نظرات‪ ‬حارقة‪ ‬لم‪ ‬يرها‪. ‬‬ ‫سأل‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماهو‪ ‬سبب‪ ‬المشكلة‪ ‬ياعوضين؟‬ ‫حدجه‪ ‬عوضين‪ ‬بنظرة‪ ‬مستفهمة‪ ، ‬إستدارإلى‪ ‬أنور‪ ، ‬وجده‪ ‬صامتا ا‪ ، ‬ينظر‬ ‫دون‪ ‬أن‪ ‬يعلو‪ ‬صوته‪ ‬بزمجرة‪ ‬أوسباب‪ ‬ظنه‪ ‬راضياا‪ ،‬أوربما‪ ‬عين‪ ‬قريبه‪ ‬معه‬ ‫في‪ ‬البوليس‪ ‬فانطلق‪ ‬مجيبا‪: ‬‬ ‫‪90‬‬


‫‪ ­ ‬كنت‪ ‬نائما ا‪ ‬في‪ ‬أمان ا‪ . ‬وجدتها‪ ‬فوق‪ ‬دماغي‪ ‬تهزني‬ ‫‪ ‬بقوة‪ ‬؛‪ ‬وتصرخ‪ ‬في‪ ‬وجهي‪ ‬لماذا ل‪ ‬أتبع‪ ‬الشرعية‬ ‫كانت‪ ‬عينا‪ ‬أنورترقبان‪ ‬الباب‪ ‬بتوجس‪،‬وهويدعوا‪ ‬بالستر؛‪ ‬ويفكرفي‪ ‬حيلة‬ ‫يخرج‪ ‬بها‪ ‬أبوليلة‪ ‬من‪ ‬النقطة‪ ‬سريعا ا‪ ‬ودون‪ ‬إحراج‪ ‬له؛‪ ‬فهو‪ ‬مهما‪ ‬كان‬ ‫قريب‪ ‬ولو‪ ‬أظهر‪ ‬له‪ ‬الشدة‪ ‬ستأكل‪ ‬العائلة‪ ‬وجهه‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬إليه‪ ‬راجيا ا‪­: ‬‬ ‫اتصرف‪ ‬يامحمد‬ ‫­‬ ‫قال‪ ‬بحماس‪ ­: ‬‬ ‫‪ ­ ‬أحل‪ ‬الموضوع‪ ‬أول‬ ‫وأنصت‪ ‬إلى‪ ‬عوضين‪ ‬يكمل‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬قلت‪ ‬لهاالصباح‪ ‬رباح‪ ‬؛‪ ‬وعدت‪ ‬أغمض‪ ‬عيني‪ ، ‬كان‪ ‬جسمي‪ ‬مهدوداا‬ ‫‪ ‬وأريد‪ ‬ساعة‪ ‬راحة‪ ‬من‪ ‬شقاء‪ ‬يوم‪ ‬بطوله‪ ‬‬ ‫قاطعه‪ ‬محمد‪ ‬أبوليلة‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬ألست‪ ‬مع‪ ‬الشرعية‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬هذا‪ ‬كلم‪ ‬يناقشه‪ ‬الكبار‪ ،‬لكنى‪ ‬فوجئت‪ ‬بها‪ ‬تحفظه‪ ‬للولد‪ ، ‬الولد‪ ‬ابني‬ ‫عبد‪ ‬ا‪ ‬يناقش‪ ‬أخاه‪ ‬الصغير‪ ، ‬صرخت‪ ‬فيه‪ ‬ياابني‪ ‬اسكت‪ ، ‬بلفائدة‪. ‬‬ ‫ضربته‪ ‬وأمرته‪ ‬بعدم‪ ‬الخوض‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬المر‪ . ‬‬ ‫‪ ‬اندفع‪ ‬محمد‪ ‬أبو‪ ‬ليلة‪ ‬مكملا‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬قامت‪ ‬صفية‪ ‬بالعتراض‬ ‫‪ ‬أرأيت‪ ‬ياابامحمد‪ .‬هذاسبب‪ ‬المشكل‪ ‬‬ ‫ثم‪ ‬استدار‪ ‬الى‪ ‬أنور‪ ‬فارداا‪ ‬صدره‪ ، ‬قاطعه‪ ‬عوضين‪ ‬متحمساا‪ : ‬ل‪ ، ‬أنتظر‬ ‫صرخ‪ ‬أنور‪ : ‬يكفى‪ ‬هذا‪ ،‬خلص‪ ‬ياعوضين‬ ‫قاطعه‪ ‬محمد‪: ‬انتظر‪ ‬أنت‪ ‬ياأبامحمد‪ . ‬قل‪ ‬ياعوضين‬ ‫وعاد‪ ‬إلى‪ ‬عوضين‪ ‬الذي‪ ‬أكمل‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬صرخت‪ ‬فيها‪ ‬أننى‪ ‬حر‪ ‬في‪ ‬رأيي‪ ‬وفي‪ ‬أولدي‬ ‫‪91‬‬


‫وحذرتها‪ ‬من‪ ‬محاولة‪ ‬بث‪ ‬سمومها‪ ‬في‪ ‬صدورهم‬ ‫تركت‪ ‬البيت‪ ‬غاضبة‪ ‬وذهبت‪ ‬لبيت‪ ‬أبيها‬ ‫قلت‪ ‬لها‪ ‬ارجعي‪ ‬واخزي‪ ‬الشيطان‬ ‫قالت‪ ‬لن‪ ‬أعود‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬تتعهد‪ ‬بعدم‪ ‬التدخل‪ ‬بيني‪ ‬وبين‪ ‬أولدي‬ ‫ضحك‪ ‬محمد‪ ‬بصوت‪ ‬عال‪ ،‬أكمل‪ ‬عوضين‬ ‫‪ ­ ‬قلت‪ ‬لها‪ ‬نناقش‪ ‬أمورنا‪ ‬في‪ ‬بيتنا‪ ،‬اتهمتني‪ ‬بالضلل‪ ، ‬ضربتها‬ ‫سأل‪ ‬محمد‪ : ‬ضربتها‪! ‬؟‬ ‫صرخ‪ ‬أنور‪ : ‬خلص‪ ‬يامحمد‪ ، ‬خلص‪ ،‬اسكت‬ ‫ثم‪ ‬لعوضين‪ : ‬يعني‪ ‬معترف‪ ‬بواقعة‪ ‬الضرب؟‬ ‫هزعوضين‪ ‬كتفيه‪ ‬الهزيلتين‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬ضربتني‪ ‬هي‪ ‬وأمها‪ ‬لنني‪ ‬في‪ ‬بيتهم‪ .‬أنا‪ ‬ضربتها‪ ‬قلمين‪ . ‬أمسكتني‬ ‫من‪ ‬رقبتي‪ ‬وأمها‪ ‬ضربتني‪ ‬في‪ ‬رأسي‪ ،‬أنظرالى‪ ‬دمي‪ ‬المتجمد‪. ‬‬ ‫فتح‪ ‬محمد‪ ‬فمه‪ ‬ليتكلم‪ ‬لكنه‪ ‬عاد‪ ‬وأغلقه‪ ‬حينما‪ ‬رأى‪ ‬الضابط‪ ‬يدخل‪ ‬من‪ ‬الباب‬ ‫‪ .‬نظرعوضين‪ ‬إليه‪ ‬بحذرمشوب‪ ‬بخوف‪ ،‬أما‪ ‬أنورفقد‪ ‬صمت‪ ‬تماما ا‪ ‬وقد‬ ‫حاصرته‪ ‬الحيرة‪ ،‬شعرأنه‪ ‬ينزلق‪ ‬إلى‪ ‬هاوية‪ ‬لقرارلها‪ ، ‬تبتلعه‪ ‬دون‬ ‫هوادة‪ ، ‬وهو‪ ‬يهوي‪ ‬دون‪ ‬صوت‪ . ‬نظر‪ ‬إلى‪ ‬الرض‪ ‬المتسخة‪ ‬التي‪ ‬لم‪ ‬تمتد‬ ‫إليها‪ ‬يد‪ ‬منذ‪ ‬أيام؛‪ ‬وهويدعوا‪ ‬أل‪ ‬ينتبه‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬أبوليلة‪ . ‬فكرأن‬ ‫يتصرف‪ ‬بسرعة‪ ‬ليشغل‪ ‬إنتباهه‪ ‬عنه‪ . ‬صرخ‪ ‬في‪ ‬عوضين‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬تعالى‪ ‬امض‪ ‬على‪ ‬المحضر‬ ‫‪ ­ ‬سأعتذرلها‪ ‬ولمها ا‬ ‫ترك‪ ‬سامح‪ ‬المكان‪ ‬ومضى‬ ‫صرخ‪ ‬أنور‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬محمدأبوليلة‪ .‬رح‪ ‬أنت‪ ‬الن‪ ، ‬افعل‪ ‬ماتشاء‪ ‬‬ ‫‪ ‬سنتكلم‪ ‬فيما‪ ‬بعد‪ ‬‬ ‫احتج‪ ‬محمد‪ : ‬لكن‪!..‬‬ ‫‪92‬‬


‫صرخ‪ ­: ‬اذهب‪ ‬يامحمد‪ ‬الن‬ ‫تمتم‪ ‬وهويمضي‪ ‬أنه‪ ‬لم‪ ‬يقل‪ ‬كل‪ ‬مالديه‪ ‬وماجاء‪ ‬من‪ ‬أجله‬ ‫وخرج‪ ‬من‪ ‬النقطة‪ ‬غاضبا ا‬ ‫‪..‬‬ ‫عاد‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬مكتبه‪ ‬وهول‪ ‬يكاد‪ ‬يصدق‪ ‬نفسه‪ .، ‬أنه‪ ‬هو‪.‬‬ ‫ذات‪ ‬العينين‪ ‬وذات‪ ‬الصوت‪. ‬‬ ‫‪ ‬في‪ ‬حجرته‪ ‬في‪ ‬الستراحةعندما‪ ‬صحا‪ ‬من‪ ‬النوم‪.‬‬ ‫‪ ‬أنه‪ ‬يذكر‪ ‬نظراته‪ ‬جيداا‪ ‬ولينساها‪. ‬‬ ‫ورنين‪ ‬الصوت‪ ‬لن‪ ‬يخفى‪ ‬عليه‪.‬‬ ‫لكن‪ ‬كيف‪ ‬تجرأ‪ ‬وجاء‪ ‬إلى‪ ‬النقطة؟‬ ‫الغريب‪ ‬أنه‪ ‬يقف‪ ‬أمام‪ ‬أنورهو‪ ‬والخر‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬معه‪ ‬بلخوف‪ . ‬يظهرإنها‬ ‫مشكلة‪ ‬بسيطة‪ . ‬على‪ ‬كل‪ ‬سنرى‪. ‬‬ ‫‪ ‬هب‪ ‬من‪ ‬مجلسه‪ ‬إلى‪ ‬الخارج‪ ‬وصدره‪ ‬يمور‪ ‬بشعورملتهب‪ ‬ليهدأ‪.‬‬ ‫‪ ‬الجرأة‪ ‬وصلت‪ ‬إلى‪ ‬درجة‪ ‬أن‪ ‬يدخل‪ ‬النقطة‪ ‬بلخوف‪. ‬‬ ‫‪ ‬مؤكد‪ ‬هو‪ ‬؛‪ ‬رغم‪ ‬أنه‪ ‬غالى‪ ‬في‪ ‬مداراة‪ ‬وجهه‪ ‬ليلتها‪. ‬‬ ‫‪ ‬سيجمعهم‪ ‬الن‪ ‬في‪ ‬مكتبه‪ ‬؛‪ ‬يبحث‪ ‬المر‪ ‬و‪ ‬ينفرد‪ ‬به‪. ‬‬ ‫‪ ‬يوجه‪ ‬له‪ ‬تهمة‪ ‬التسترعلى‪ ‬مجرم‪. ‬‬ ‫هذا‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬يدله‪ ‬مرغما ا‪ ‬على‪ ‬مكان‪ ‬بهية‬ ‫اقتحم‪ ‬غرفةالتحقيقات؛‪ ‬وجد‪ ‬أمامه‪ ‬صفية‪ ‬بجوارالسورالحديدي‪ ‬؛‬ ‫وعوضين‪ ‬بداخله‪ ‬منكس‪ ‬الرأس‪ ‬يسألها‪ ‬الصفح؛‪ ، ‬وأنورخلف‪ ‬مكتبه‪ ‬ملتهب‬ ‫الوجنتين‬ ‫كاد‪ ‬يصرخ‪ : ‬أين‪ ‬الرجل‪ ‬الخر؟‬ ‫لكنه‪ ‬تماسك‪ ‬بالكاد‪.‬‬ ‫رسم‪ ‬إبتسامةعلى‪ ‬شفتيه‪.‬‬

‫‪93‬‬


‫حدق‪ ‬رغما ا‪ ‬عنه‪ ‬في‪ ‬عيني‪ ‬أنور‪ ‬الذي‪ ‬اعتدل‪ ‬فوراا‪ . ‬مسح‪ ‬رأسه‪ ‬بتورد‬ ‫وبياض‪ ‬الشعرالقليل‪ ‬فيها‪ ،‬ونزل‪ ‬إلى‪ ‬العينين‪ ‬الضيقتين‪ ‬بالفم‪ ‬الواسع‪ ‬؛‬ ‫والخدود‪ ‬المسحوبة‪ ، ‬والشارب‪ ‬القصير‪ ‬والذقن‪ ‬السمينة‪ . ‬قال‪ ‬بغيظ‬ ‫مكتوم‪: ‬‬ ‫­‪ ‬ماهى‪ ‬حكايتهم؟‬ ‫مشيراا‪ ‬الى‪ ‬صفية‪ ‬وعوضين‬ ‫‪ ­ ‬موضوع‪ ‬الساعة‪ ‬ياافندم‬ ‫عل‪ ‬صوت‪ ‬المرأة‪ : ‬ضد‪ ‬الشرعية‪ ‬يابك‬ ‫سأل‪ ‬سامح‪ : ‬من؟‬ ‫أشارت‪ ‬إلى‪ ‬عوضين‪ :‬زوجي‬ ‫تبسم‪ ‬سامح‪ ‬؛‪ ‬وجه‪ ‬حديثه‪ ‬لنور‪:‬‬ ‫­‪ ‬هاتهم‪ ‬المكتب‬ ‫واستدارخارجاا‪ ، ‬إندفع‪ ‬عوضين‪ ‬صارخا ا‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬السماح‪ ‬ياناس‪ .‬حقك‪ ‬علّى‪ ‬ياصفية‪.‬‬ ‫تحرك‪ ‬أنورليقودهما‪ ‬أمامه‪ .‬إندفعت‪ ‬صفية‪ ‬بأثرالخوف‪ ‬تقول‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬سامحته‪ ‬ياحضرة‪ ‬الصول‪ ‬‬ ‫لم‪ ‬يرد‪ ، ‬كان‪ ‬يريد‪ ‬فهم‪ ‬مايريده‪ ‬سامح‪ ‬منهما‪ ، ‬الغريب‪ ‬أنه‪ ‬عاد‪ ‬كما‪ ‬توقع‬ ‫؛‪ ‬لكنه‪ ‬لم‪ ‬يسأل‪ ‬عن‪ ‬محمد‪ ‬أبوليلة؛‪ ‬بل‪ ‬طلب‪ ‬هذين‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬يعي‪ ‬مايفعل؟‬ ‫الظاهرأنه‪ ‬فارغ‪ ‬؛‪ ‬ليشغله‪ ‬شئ‪ ‬؛‪ ‬يريدأن‪ ‬يتسلى‪. ‬‬ ‫نسي‪ ‬الوعد‪ ‬ونسي‪ ‬النذار‪ ‬والمهلة؛‪ ‬ليعرف‪ ‬مالذي‪ ‬يجري‪ ‬حوله‪ ‬هنا‪، ‬‬ ‫وقيمة‪ ‬الكلمة‪ ‬التي‪ ‬دونها‪ ‬الرصاص‪ ‬والقتل‪. ‬‬ ‫ا‪ ‬يرحم‪ ‬أيام‪ ‬زمان‪ ‬؛‪ ‬كان‪ ‬الضابط‪ ‬ضابط‪ ‬بحق‪ ، ‬طول‪ ‬بعرض‪ ‬بمهابة‪، ‬‬ ‫ينظرللمجرم‪ ‬يرعبه‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬ينطق‪ ‬بحرف‪ ، ‬أماهذا‪.. ‬عليه‪ ‬العوض‪ . ‬‬

‫‪94‬‬


‫إنه‪ ‬يجالس‪ ‬المجرمين‪ ‬؛‪ ‬يحادثهم‪ ‬؛‪ ‬يتسامر‪ ‬معهم‪ ‬ويمنع‪ ‬أي‪ ‬إيذاء‪ ‬بدني‬ ‫أومعنوي‪ ‬لهم‪ ، ‬كأنهم‪ ‬أبرياء‪ . ‬الذي‪ ‬يغيظ‪ ‬إنه‪ ‬عاد‪ ‬ثانية‪ ‬بعدأن‪ ‬لمح‬ ‫محمدابوليلة‪ ‬؛‪ ‬مؤكدعرفه‪ ‬من‪ ‬وجهه؛‪ ‬لكنه‪ ‬كان‪ ‬ملثما ا‪ ‬؛‪ ‬هل!‪.... ‬‬ ‫ويستدعي‪ ‬صفية‪ ‬وعوضين‪ ‬لسؤالهماعنه‪ . ‬‬ ‫تدافعت‪ ‬دقات‪ ‬قلبه‪ ‬؛‪ ‬بدت‪ ‬كالصراخ‪ ‬في‪ ‬إذنيه‪ ‬؛‪ ‬لوحدث‪ ‬هذا‪ ‬سيعرفه؛‬ ‫يستدعيه‪ . ‬‬ ‫لكن‪ ‬لل‪ ‬؛‪ ‬هذاصعب‪ ‬؛‪ ‬ثم‪ ‬أن‪ ‬الدنيا‪ ‬كانت‪ ‬ليلا‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬بصبرنافذ‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬دعونا‪ ‬نرى‪ ‬مايريد‪ ‬في‪ ‬يومكم‪ ‬هذا‪ ‬‬ ‫ومضى‪ ‬إلى‪ ‬المام‬ ‫جلس‪ ‬سامح‪ ‬متحفزاا‪ ‬وعيناه‪ ‬تتربصان‪ ‬بالباب‪ ، ‬الفرصة‪ ‬جائتك‪ ، ‬المفتاح‬ ‫الذي‪ ‬تبحث‪ ‬عنه‪ ‬بلجدوى‪ ‬أتاك‪ ‬وأنت‪ ‬في‪ ‬مكانك‪ ، ‬كان‪ ‬أبوك‪ ‬دوما ا‪ ‬يقول‪ ‬لك‬ ‫اجتهد‪ ‬في‪ ‬البحث‪ ‬وإعمال‪ ‬العقل‪ ‬وسوف‪ ‬تصل‪ ‬إلى‪ ‬ماتريد‪ ‬أو‪ ‬يصل‪ ‬إليك‬ ‫ماتريد‪ ، ‬وكنت‪ ‬لتفهم‪ ‬مايعنى‪ ، ‬لكنك‪ ‬الن‪ ‬تعي‪ ‬وتصر‪ ‬على‪ ‬الإمساك‬ ‫بالفرصة‪ ‬مهما‪ ‬كانت‪ ‬الظروف‪.. ‬فكرأن‪ ‬يباغت‪ ‬أنورحينما‪ ‬يطالعه‪ ‬بقوله‬ ‫‪ ­ ‬قل‪ ‬لقريبك‪ ‬الذي‪ ‬رأيته‪ ‬الن‪ ‬أنني‪ ‬أريده‪ ‬هنا‪ ‬غدا‬ ‫لكنه‪ ‬خشي‪ ‬من‪ ‬تهريب‪ ‬بهية‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬يعثرعليها‪ .. ‬الرجل‪ ‬سينكرأنه‪ ‬هو‪،‬‬ ‫وفي‪ ‬نفس‪ ‬الوقت‪ ‬سيأخذ‪ ‬حذره‪ ،‬ويبعد‪ ‬بهية‪ ‬تمامااعن‪ ‬المنطقة‪ . ‬‬ ‫من‪ ‬الفضل‪ ‬التعامل‪ ‬مع‪ ‬المر‪ ‬بحرص‪. ‬‬ ‫لكن‪ ‬هل‪ ‬يعرف‪ ‬عوضين‪ ‬الرجل‪ ‬الملثم‪ ‬أم‪ ‬ل؟‬ ‫لوأنكرمعرفته‪ ‬ستكون‪ ‬فرصةعظيمة‪ ‬قد‪ ‬أفلتت‪ ‬منه‪. ‬‬ ‫ل ل‪ ، ‬إنه‪ ‬يعرفه‪ . ‬هو‪ ‬رآه‪ ‬يحادثه‪ . ‬أيضا ا‪ ‬صفية‪ ‬وعوضين‪ ‬يعتبران‪ ‬نماذج‬ ‫حية‪ ‬مؤكد‪ ‬ستفيده‪ ‬في‪ ‬دراسته‪. ‬صحيح‪ ‬أن‪ ‬عوضين‪ ‬ليس‪ ‬مجرما ا‪ ‬ولتنطبق‬ ‫عليه‪ ‬الشروط‪ ‬المحددة‪ ‬في‪ ‬رسالة‪ ‬الماجستير‪ ، ‬لكنهاعلى‪ ‬القل‪ ‬فرصة‬

‫‪95‬‬


‫لدراسة‪ ‬تأثيرالتغيرات‪ ‬في‪ ‬البيئة‪ ‬المحيطة‪ ‬و‪ ‬الظروف‪ ‬السياسية‪ ‬على‪ ‬الفراد‬ ‫محدودي‪ ‬الثقافة‪ ‬وسلبيتها‪ ‬المؤدية‪ ‬إلى‪ ‬فعل‪ ‬الجريمة‪.‬‬ ‫دق‪ ‬أنورالباب‪ ‬ودخل‪ .‬أدى‪ ‬التحية‪ ‬وأ‪ ‬مر‪ ‬عوضين‪ ‬وزوجته‪ ‬بالدخول‪ . ‬تقدم‬ ‫الثنان‪ ، ‬عوضين‪ ‬ظاهرالرتعاد‪ ، ‬قال‪ ‬لنفسه‪ ‬بمجرد‪ ‬رؤيته‪ ‬للضابط‪ ‬جالسا ا‬ ‫متحفزاا‪ ‬له‪ ، ‬الظاهر‪ ‬أن‪ ‬الموضوع‪ ‬أكبرمما‪ ‬تخيلت‪ ‬ياعوضين‪ ،‬الظاهرأن‬ ‫الشرعية‪ ‬التي‪ ‬تتحدث‪ ‬عنها‪ ‬صفية‪ ‬وتدعوه‪ ‬إليها‪ ‬لها‪ ‬مريدون‪ ‬كثيرون‬ ‫ومجرد‪ ‬رفضها‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪ ‬أصبح‪ ‬جريمة‪ ‬كبرى‪ ‬فيهاتحقيق‪ ‬وضابط‬ ‫وسجن‪. ‬‬ ‫كانت‪ ‬صفية‪ ‬إلى‪ ‬جواره‪ ‬تقف‪ ‬ممتقعة‪ ‬اللون‪ ، ‬لتدري‪ ‬ماتقول‪ ،‬صحيح‪ ‬هي‬ ‫كانت‪ ‬تريد‪ ‬تأديب‪ ‬عوضين‪ ،‬لكن‪ ‬ليس‪ ‬إلى‪ ‬حد‪ ‬الضباط‪ ‬الكبار‪ ‬والسجن‪ ‬؛‬ ‫ليتني‪ ‬ماجريت‪ ‬إلى‪ ‬النقطة‪ ‬وشكوتك‪ ‬ياعوضين‪ ‬؛‪ ‬هاهي‪ ‬الحكومة‪ ‬سوف‬ ‫تسجنه؛‪ ‬تسجن‪ ‬زوجي‪ ‬أبوأولدي؛‪ ‬ماذاأفعل‪ ‬الن؟‬ ‫تجمعت‪ ‬سحب‪ ‬الدموع‪ ‬في‪ ‬عينيها‪ . ‬نظرت‪ ‬إلى‪ ‬عوضين‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬يتمتم‬ ‫بأيات‪ ‬يحفظها‪ ‬من‪ ‬القرآن‪ ‬الكريم‪ ‬طالبا ا‪ ‬الستر‪.‬‬ ‫أشارسامح‪ ‬لنور‪ ‬بالنصراف‪ ،‬تيقن‪ ‬الاثنان‪ ‬أن‪ ‬المرفيه‪ ‬حبس‪ ‬لن‬ ‫يفلتهما‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬اجلسا‪ ‬أنت‪ ‬وهي‬ ‫حملقت‪ ‬العيون‪ ‬في‪ ‬وجهه؛‪ ‬تبسمت‪ ‬عيناه؛‪ ‬هبطا‪ ‬إلى‪ ‬الرض‪ ‬؛‪ ‬إتسعت‬ ‫إبتسامتة‪ ‬؛‪ ‬إشار‪ ‬إلى‪ ‬المقاعد‪ ‬؛‪ ‬سأل‪ : ‬ماالذي‪ ‬جري‪ ‬بالضبط‪ ‬؟‬ ‫موجها ا‪ ‬سؤاله‪ ‬إلى‪ ‬عوضين؛‪ ‬عاد‪ ‬يضطرب‪ ‬؛‪ ‬همس‪ ‬بماكان‪ ‬؛‪ ‬هزسامح‬ ‫رأسه‪ ‬متفهما ا‪، ‬اتجه‪ ‬لصفية‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬تدعين‪ ‬إلى‪ ‬الشرعية‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬تعرفين‪ ‬ماهي؟‬ ‫تمتمت‪ ‬ببضع‪ ‬كلمات‪ ‬مضغومة‪ ‬لتكاد‪ ‬تبين‪ ، ‬رأت‪ ‬عينيه‪ ‬تبرقان‪ ، ‬تلعثمت‪، ‬‬ ‫صمتت‪ ‬تستجمع‪ ‬شتات‪ ‬نفسها‪ ‬وأرسلت‪ ‬لدموعها‪ ‬العنان‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬أخطأت‪ ‬يابك‬ ‫‪96‬‬


‫تبسمت‪ ‬عيناه‪، ‬انفرجت‪ ‬عقدة‪ ‬نبضاتها‪ ‬قليلا‪ ، ‬وشت‪ ‬انبساطة‪ ‬وجهه‪ ‬بأن‬ ‫الجو‪ ‬يمكن‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬صافيا ا‪ ‬بعيداا‪ ‬عن‪ ‬غيوم‪ ‬القلق‪ ‬والسجون‪.. ‬هدأت‪ ‬رويداا‬ ‫؛‪ ‬همست‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬تعلمت‪ ‬هذا‪ ‬من‪ ‬السيدة‪ ‬سميحة‪ ‬زوجة‪ ‬محمد‪ ‬أبوليلة‪. ‬‬ ‫‪ ­ ‬مالذي‪ ‬تعلمتيه‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬أن‪ ‬السلم‪ ‬جاء‪ ‬ليغير‪ ‬المجتمع‪ ‬الكافر‪ ‬ويقضي‪ ‬على‪ ‬وباء‪ ‬الرشوة‬ ‫والفسا‪ ‬د‪ .. ‬يعيد‪ ‬إلى‪ ‬الناس‪ ‬حقوقها‪ ‬ويرفع‪ ‬الظلم‪ ‬عن‪ ‬المظلومين‪ ‬ولكن‪!.. ‬‬ ‫‪ ­ ‬لكن‪ ‬ماذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬لشيء‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬تتحدث‪ ‬إليكم‪ ‬السيدة‪ ‬سميحة‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬نجتمع‪ ‬في‪ ‬حارة‪ ‬السليمانية‪ ، ‬نساء‪ ‬كثيرات‪ ، ‬تطعمنا‪ ‬وترضينا‪ ‬وتعلمنا‬ ‫أمور‪ ‬ديننا‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬ومالذي‪ ‬جرى‪ ‬من‪ ‬عوضين‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬يرفض‪ ‬هذا‪ ‬الكلم‪ ‬ويقول‪ ‬أنه‪ ‬كذب‪ ‬وافتراء‪ .‬‬ ‫استدار‪ ‬إلى‪ ‬عوضين‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬أنت‪ ‬قلت‪ ‬هذا‪ ‬؟‬ ‫عادت‪ ‬إليه‪ ‬ارتعادته‪ : ‬لم‪ ‬أقل‪ ‬شيئا ا‪، ‬‬ ‫بدت‪ ‬له‪ ‬من‪ ‬بين‪ ‬النظرات‪ ‬ظلل‪ ‬بسمة‪ ‬حانية‪ ‬تترامى‪ ‬على‪ ‬حواف‪ ‬الجفنين‪، ‬‬ ‫تماسك‪ ‬قليلا‪ ‬وهو‪ ‬يحاول‪ ‬جاهداا‪ ‬البحث‪ ‬عن‪ ‬ماهية‪ ‬انتماء‪ ‬هذا‪ ‬الضابط‬ ‫ليرضيه‪.‬‬ ‫قال‪ ‬سامح‪ : ‬تكلم‪ ‬ياعوضين‪ ‬؛‪ ‬لماذا‪ ‬ترفض‪ ‬كلم‪ ‬صفية‪ ‬؟‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬ياباشا‪ ، ‬أرادوا‪ ‬تحويل‪ ‬البلد‪ ‬لمليشيات‪ ، ‬تفريغ‪ ‬البلد‪ ‬من‪ ‬الجيش‬ ‫والشرطة‪ ‬ليخلو‪ ‬لهم‪ ‬الجو‪ ، ‬قسموا‪ ‬البلد‪ ‬نصفين‪ ‬كل‪ ‬منهما‪ ‬يقاتل‬ ‫الخر‪ ‬بحجة‪ ‬أنه‪ ‬يدافع‪ ‬عن‪ ‬السلم‪.‬‬ ‫تركه‪ ‬إلى‪ ‬صفيه‪: ‬‬ ‫‪97‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫تتجادلن‪ ‬كثيراا‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬أريد‪ ‬هدايته‪ ‬للنجاة‪ ‬من‪ ‬النار‪. ‬‬ ‫‪ ‬لماذا‪ ‬أتيت‪ ‬إلى‪ ‬النقطة؟‬ ‫اقول‪ ‬لك‪ ‬الحق‪ ‬يابك‪ ، ‬أردت‪ ‬فقط‪ ‬أن‪ ‬أرهبه‪ ، ‬يتوب‪ ‬عن‪ ‬مد‪ ‬يده‪ ‬علاي‬ ‫‪ ‬والمحضر؟‬ ‫يسهل‪ ‬التنازل‪ ‬عنه‪.‬‬ ‫إتسعت‪ ‬إبتسامة‪ ‬سامح؛‪ ‬قال‪ ‬كمن‪ ‬تذكر‪ ‬شيئا‪ : ‬ا‬ ‫‪ ‬لكن‪ ‬حينما‪ ‬رأيتكما‪ ‬كان‪ ‬معكما‪ ‬رجل‪ ‬آخر‪ ،‬أين‪ ‬هو؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬تقصد‪ ‬سيادتك‪ ‬محمد‪ ‬أبوليلة‪ ‬قريب‪ ‬الصول‪ ‬أنور؟‬ ‫‪ ‬أين‪ ‬ذهب؟‬ ‫‪ ‬كلم‪ ‬الصول‪ ‬ومشى‬ ‫‪ ‬آه‪ ،‬والن‪ ‬هل‪ ‬ستعاود‪ ‬ضرب‪ ‬صفية؟‬ ‫‪ ‬توبه‪ ‬يابك‬ ‫‪ ‬والشرعية‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬لكم‪ ‬دينكم‪ ‬ولي‪ ‬دين‪ ‬‬ ‫ضحك‪ ‬سامح‬ ‫قللي‪ ‬ياعوضين‪ ‬؛‪ ‬هل‪ ‬يثور‪ ‬الجدل‪ ‬هنا‪ ‬كثيراا‪ ‬بسبب‪ ‬هذا‪ ‬الموضوع‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬مؤيدو‪ ‬الشرعية‪ ‬نفوذهم‪ ‬قوي‪ ‬هنا‪ ‬لذا‪ ‬فالجدال‪ ‬نادر‪ ‬‬ ‫ومنهم‪ ‬السليمانية‪ ‬بطبيعة‪ ‬الحال‪ . ‬‬ ‫‪ ‬طبعا ا‬ ‫استدار‪ ‬عنهما‪ ‬إلى‪ ‬الطريق‪ ‬شبة‪ ‬الخالية‪ ‬التي‪ ‬يعشش‪ ‬فيها‪ ‬هدوء‪ ‬راكد‪ ‬تعلوه‬ ‫غيمة‪ ‬من‪ ‬سواد‪ ‬تأخذ‪ ‬بالقلوب‪ ، ‬هكذايكون‪ ‬الكلم‪ ‬إذن‪ ، ‬دروس‪ ‬دينية‬ ‫باسم‪ ‬الدين‪ ‬وبينها‪ ‬نضع‪ ‬مانشاء‪ ‬من‪ ‬أفكار‪ ‬ومانريد‪ ‬من‪ ‬توجهات‪ ‬لبسطاء‬ ‫لن‪ ‬يمتلك‪ ‬أحدهم‪ ‬المقدرة‪ ‬على‪ ‬النقاش‪ ‬ول‪ ‬الستعداد‪ ‬لرفض‪ ‬مايقدم‪ ‬إليه‪ ‬‬ ‫ماداموا‪ ‬يقدمونه‪ ‬باسم‪ ‬الدين‪ ، ‬نرتدى‪ ‬مسوح‪ ‬الدين‪ ‬ونتكلم‪ ‬في‪ ‬شئونه‬ ‫‪98‬‬


‫ليثق‪ ‬بنا‪ ‬البسطاء‪ ‬بعدها‪ ‬نفعل‪ ‬مانريد‪.. ‬هاهو‪ ‬أنورخطط‪ ‬ودبر‪ ، ‬ووصل‬ ‫المر‪ ‬به‪ ‬إلى‪ ‬اقتحام‪ ‬حجرته‪ ،‬أرسل‪ ‬أبوليلة‪ ‬ببهية‪ ‬إليه‪ ‬واثقا ا‪ ‬أنه‪ ‬أكبر‪ ‬من‬ ‫الوقوع‪ ،‬هكذا‪ ‬نمسك‪ ‬بأول‪ ‬الخيط‪ ، ‬وهكذا‪ ‬يحلو‪ ‬اللعب‪! ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪99‬‬


‫‪ ‬‬ ‫)‪ (12‬‬

‫نقطة‪ ‬خلف‬ ‫‪ ‬‬ ‫من‪ ‬مدخل‪ ‬شارع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬على‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪ ‬تألقت‪ ‬على‪ ‬الجانبين‬ ‫أنوار‪ ‬متللئة‪ ‬متباينة‪ ‬اللوان‪ ، ‬تضيء‪ ‬وتنطفيء‪ ‬في‪ ‬تناسق‪ ‬بديع‪ ‬يخطف‬ ‫البصر‪ ‬ميمما اتجاه‪ ‬حارة‪ ‬السليمانية‪ ‬حيث‪ ‬يقام‪ ‬الحتفال‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬سامح‪ ‬قد‪ ‬انطلق‪ ‬بعربته‪ ‬من‪ ‬مسكنه‪ ‬في‪) ‬ساباباشا‪ ( ‬مرتديا‪ ‬بذلة‬ ‫سماويه‪ ‬اللون‪ ‬قاصداا‪ ‬باكوس‪ ‬حيث‪ ‬يقطن‪ ‬صدقى‪ ‬واتجها‪ ‬سوياا‪ ‬إلى‪ ‬الطريق‬ ‫الدولي‪ ‬ميممين‪ ‬وجهيهما‪ ‬إلى‪ ‬الكيلو‪ 21 ‬ومنه‪ ‬يعبران‪ ‬الكوبرى‪ ‬إلى‪ ‬أبي‬ ‫تلت‪. ‬‬ ‫‪100‬‬


‫بدا‪ ‬مدخل‪ ‬الحارة‪ ‬في‪ ‬زفة‪ ‬من‪ ‬ضياء‪.‬‬ ‫‪ ‬أضواء‪ ‬متراقصة‪ ‬ملونة‬ ‫تنطفيء‪ ‬هنا‪ ‬لتضيء‪ ‬هناك‪ ، ‬والعكس‪.‬‬ ‫‪ ‬جو‪ ‬معطر‪ ، ‬وزينة‪ ‬في‪ ‬كل‪ ‬مكان‪ ، ‬حتى‪ ‬البوابة‪ ‬الخشبية‪ ‬العتيدة‪ ‬تألقت‪، ‬‬ ‫سرت‪ ‬في‪ ‬ثناياها‪ ‬فتوة‪ ‬شباب‪ ‬وعادت‪ ‬رائقة‪ ‬متأنقة‪ ‬مبهرة‪ ، ‬مرتدية‪ ‬حلة‪ ‬من‬ ‫نور‪ ‬ساعدت‪ ‬في‪ ‬إظهار‪ ‬مواطن‪ ‬جمالها‪ ، ‬بينما‪ ‬فرشت‪ ‬الرض‪ ‬بنشارة‬ ‫الخشب‪ ‬الملونة‪ ‬بالبيض‪ ‬والحمر‪ ‬والصفر‪ ‬في‪ ‬تناسق‪ ‬شديد‪ ‬الروعة‪، ‬‬ ‫وزينت‪ ‬أجزاء‪ ‬منها‪ ‬بالزهورالتي‪ ‬كتبت‪ ‬بهاعبارات‪ ‬التهنئة‪ ‬والترحيب‬ ‫بالزائرين‪ ‬على‪ ‬مسافات‪ ‬متقاربة‪ ، ‬بينما‪ ‬مداخل‪ ‬البيوت‪ ‬ونوافذها‪ ‬تتنافس‬ ‫في‪ ‬التجلي‪ ‬بعناقيد‪ ‬النور‪ ‬الملونة‪ ‬التي‪ ‬تضيء‪ ‬وتنطفيء‪ ‬في‪ ‬تناسق‪ ‬وترتيب‬ ‫شديدين‪ ،‬وخلق‪ ‬كثيرون‪ ‬ينتشرون‪ ‬في‪ ‬الرجاء‪.‬‬ ‫‪ ‬حلل‪ ‬وفساتين‪ ‬تزاحم‪ ‬الضواء‪ ‬واللوان‪ ‬بهجتها‬ ‫عربات‪ ‬من‪ ‬أنواع‪ ‬حديثة‪ ‬مصطفة‪ ‬على‪ ‬بعد‪ ‬تشي‪ ‬بمدى‪ ‬مايتمتع‪ ‬به‬ ‫الضيوف‪ ‬من‪ ‬جاه‪ ‬وثروات‪ ‬شتى؛‪ ‬متزاحمة‪ ‬تكاد‪ ‬تغلق‪ ‬الطريق‪ ‬؛‪ ‬وفتيان‬ ‫يقودون‪ ‬الضيوف‪ ‬إلى‪ ‬الداخل‪ ‬في‪ ‬حبور‪. ‬‬ ‫انتقى‪ ‬سامح‪ ‬ركنا ا‪ ‬منزيا ا‪ ‬بعيداا‪ ‬عن‪ ‬الزحام‪ . ‬أوقف‪ ‬عربته‪ ‬الصغيرة‪ ‬ومضى‬ ‫وصدقي‪ ‬إلي‪ ‬الباب‪ ، ‬ملبسهماالمدنية‪ ‬لم‪ ‬تنبيء‪ ‬عنهما‪. ‬‬ ‫كانت‪ ‬عربات‪ ‬القادمين‪ ‬تقف‪ ‬بهم‪ ‬أمام‪ ‬الباب‪ ‬؛‪ ‬ينزل‪ ‬منها‪ ‬البعض‪ ‬؛‪ ‬‬ ‫وتمضي‪ ‬للبحث‪ ‬عن‪ ‬مكان‪ ‬تنتظر‪ ‬أصحابها‪ ‬فيه‪ ‬وهي‪ ‬تبرق‪ ‬في‪ ‬العيون‪ ‬؛‪ ‬و‬ ‫تزهو‪ ‬بحداثتها‪ ‬ومنظرها‪ ‬وبريق‪ ‬لونها‪ ‬على‪ ‬الخريات‪. ‬‬ ‫تقدم‪ ‬سامح‪ ‬داخلا‪ ‬؛‪ ‬سأله‪ ‬أحدهم‪ ‬عن‪ ‬إسمه‪ ‬وبطاقة‪ ‬دعوته‪ ، ‬قرأ‪ ‬الإسم‬ ‫على‪ ‬البطاقة‪ ‬تهلل‪ ‬وجهه‪ ، ‬رحب‪ ‬به‪ ، ‬وتقدمه‪ ‬وصدقي‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬كان‬ ‫الصول‪ ‬أنور‪.‬‬ ‫أدار‪ ‬صدقي‪ ‬عينيه‪ ‬حوله‪ ، ‬كوكبة‪ ‬الضياء‪ ‬هنا‪ ‬غيرها‪ ‬في‪ ‬الحارة‪ ‬عندهم‪، ‬‬ ‫في‪ ‬حارتهم‪ ‬الحتفال‪ ‬يكون‪ ‬أمام‪ ‬الخلق‪ ، ‬تفترش‪ ‬الرمال‪ ‬الملونة‪ ‬الرض‬ ‫‪101‬‬


‫وتفترش‪ ‬اللمبات‪ ‬الملونة‪ ‬السماء‪ ، ‬وتوضع‪ ‬الكوشة‪ ‬وأمامها‪ ‬مقعدان‬ ‫للعروسين‪ ‬في‪ ‬مكان‪ ‬يراه‪ ‬الجميع‪ ، ‬وبجوارها‪ ‬تنصب‪ ‬بألواح‪ ‬الخشب‪ ‬قاعدة‬ ‫كبيرة‪ ) ‬بيست‪ ( ‬تقف‪ ‬عليها‪ ‬الفرقة‪ ‬الموسيقية‪ ‬وترقص‪ ‬أمامهم‪ ‬راقصة‬ ‫مسكينة‪ ، ‬والخلق‪ ‬حولها‪ ‬من‪ ‬كل‪ ‬حدب‪ ، ‬وتوزع‪ ‬المشروبات‪ ‬الروحية‬ ‫وغيرها‪ ‬وكذلك‪ ‬الممنوعات‪ ، ‬ويمتل‪ ‬الجو‪ ‬بكل‪ ‬ماهو‪ ‬مزعج‪ ‬من‪ ‬أصوات‬ ‫منفرة‪ ‬ودخان‪ ‬أزرق‪ ‬وصراخ‪ ‬لمعنى‪ ‬له‪ ، ‬وياويل‪ ‬من‪ ‬تحدثه‪ ‬نفسه‬ ‫بالعتراض‪ ، ‬ول‪ ‬يكسر‪ ‬حدة‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ‬إل‪ ‬الشرطة‪ ‬وتدخلها‪ ‬السافر‪ ‬والحاد‬ ‫فى‪ ‬معظم‪ ‬الحيان‪. ‬‬ ‫‪ ‬همس‪ ‬لسامح‪ ‬مشيراا‪ ‬إلى‪ ‬ملبس‪ ‬أنور‪ ‬وشياكته‬ ‫‪­ ‬انظر‬ ‫كان‪ ‬أنور‪ ‬يرتدي‪ ‬بذلة‪ ‬بيضاء‪ ،‬تميل‪ ‬إلى‪ ‬اللون‪ ‬السكري‪، ‬تنكسرعلى‬ ‫حوافها‪ ‬الضواء‪، ‬وترتد‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬تشد‪ ‬العيون‪ ،‬بينما‪ ‬تحتها‪ ‬قميص‪ ‬أبيض‬ ‫بربطة‪ ‬عنق‪ ‬سوداء‪ ‬تتدلى‪ ‬فوق‪ ‬كرشه‪ ‬الذي‪ ‬بدا‪ ‬بدون‪ ‬البذلة‪ ‬الميري‪ ‬الليلة‬ ‫في‪ ‬أحسن‪ ‬حالته‪.‬‬ ‫نظرإليه‪ ‬سامح‪ ‬وعاد‪ ‬إلى‪ ‬صدقي‪ ‬بنظرة‪ ‬لوم‪ . ‬لكن‪ ‬الخيرقال‪ ‬هازلا‬ ‫‪ ­ ‬لقد‪ ‬نجحت‪ ‬كثيراا‪ ‬ولم‪ ‬يحدث‪ ‬معي‪ ‬هذا‪ ‬‬ ‫تبسم‪ ‬سامح‪ : ‬الناس‪ ‬طبقات‪.‬‬ ‫كان‪ ‬أنورقد‪ ‬قادهما‪ ‬إلى‪ ‬داخل‪ ‬الشقة‪ ‬وهويعيدعبارات‪ ‬الترحيب‪ . ‬بدت‬ ‫الصالة‪ ‬على‪ ‬إتساعها‪ ‬خلية‪ ‬نحل‪ ‬لتهدأ‪ . ‬زوارها‪ ‬يتجمعون‪ ‬على‪ ‬المقاعد‪ ‬أو‬ ‫وقوفاا‪ ‬يتحدثون‪ . ‬عائشة‪ ‬بينهم‪ ‬في‪ ‬فستان‪ ‬أسود‪ ‬بذوائب‪ ‬بيضاء‪ ‬رقيقة‬ ‫أعلى‪ ‬الصدر‪ ‬والذراعين‪ ‬لمعة؛‪ ‬بينماعلى‪ ‬رأسها‪ ‬منديل‪ ‬أبيض؛‪ ‬منقوش‬ ‫بخطوط‪ ‬سكرية‪ ‬اللون‪ . ‬تسيربعودها‪ ‬المعتدل‪ ‬في‪ ‬ثقة‪ ‬بين‪ ‬الكل‪ ‬في‪ ‬هدوء‪، ‬‬ ‫حتى‪ ‬إذا‪ ‬لمحت‪ ‬سامحا ا‪ ‬على‪ ‬البعد‪ ‬مضت‪ ‬إليه‪ ‬مرحبة‪ ، ‬انتبهت‪ ‬لصدقى‪ ‬؛‬ ‫حدجته‪ ‬بنظرة‪ ‬ضيق‪ ، ‬ردت‪ ‬سلمه‪ ‬وتهنأته‪ ‬بالكاد‪ ‬وعادت‪ ‬إلى‪ ‬سامح‪ ‬؛‬ ‫همست‪ ‬تشكره‪ ‬وهي‪ ‬تسلم‪ ‬عليه‪: ‬‬ ‫‪102‬‬


‫‪­ ‬اشكرك‪ ‬لحضورك‬ ‫ضحكت‪ ‬شفتاه‪ : ‬بل‪ ‬أشكرلك‪ ‬دعوتي‪.‬‬ ‫وتقدم‪ ‬صدقي‪ : ‬أناسعيد‪ ‬لمشاركتك‪ ‬فرحتك‪ ‬الليلة‪.‬‬ ‫متشكرة‪ . ‬‬ ‫­‬ ‫واستدارت‪ ‬عنه‪ ‬إلى‪ ‬سامح‪ ‬من‪ ‬جديد‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬لوكان‪ ‬المربيدي‪ ‬ما‪ ‬صنعت‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ‬الضجيج‪ ‬‬ ‫تدخل‪ ‬أنورطالبا ا‪ ‬أن‪ ‬يعرفهماعلى‪ ‬بعض‪ ‬رجال‪ ‬العائلة‪..‬مضيا‪ ‬خلفه‪ ‬إلى‪ ‬بعض‬ ‫أفراد‪ ‬يجلسون‪ ‬في‪ ‬ركن‪ ‬قصي‪ ‬يتحدثون‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ، ‬يبدوعليهم‪ ‬الوقار‪. ‬‬ ‫هتف‪ ‬أنوروهو‪ ‬يتقدم‪ ‬نحوهم‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬معذرة‪ ‬لقطع‪ ‬حديثكم‪ .‬لكن‪ ‬أردت‪ ‬أن‪ ‬أقدم‪ ‬لكم‪ ‬سيادة‪ ‬النقيب‪ ‬سامح‬ ‫والملزم‪ ‬أول‪ ‬صدقي‪ ‬أيضا ا‪ ‬ثم)‪ ‬لسامح‪ ‬وصدقي‪ ( ‬هؤلءأقاربي‬ ‫وأشارالى‪ ‬الول‪ ‬من‪ ‬اليمين‪ ( ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬سليمان‪ ‬عضوالمجلس‬ ‫الموقر‪..‬محمودبك‪ ‬سليمان‪ ‬مستشار‪ ‬بالمحكمة‪ ..‬محمدبك‪ ‬أبوليلة‪(....‬‬ ‫تاهت‪ ‬بقيةالكلمات‪ ‬عن‪ ‬سامح‪ ‬وهويتفرس‪ ‬في‪ ‬وجهه‪..‬تلك‪ ‬هي‪ ‬العيون‪ . ‬لن‬ ‫ينساها‪ . ‬لكن‪ ‬طالما‪ ‬هو‪ ‬كبيرهكذا‪ ‬لماذا‪ ‬جاء‪ ‬بنفسه‪ ‬إلى‪ ‬مخدعه؟‪ ‬‬ ‫كان‪ ‬يمكنه‪ ‬أن‪ ‬يكلف‪ ‬أحداا‪ ‬غيره‪ ‬؛‪ . ‬ثم‪ ‬هذه‪ ‬الألقاب‪ ‬والوظائف‪ ‬كيف‪ ‬تسمح‬ ‫لنفسها‪ ‬بإخفاء‪ ‬بهية‪ ‬؟‬ ‫هل‪ ‬يظنون‪ ‬أنهم‪ ‬قد‪ ‬استولوا‪ ‬على‪ ‬كل‪ ‬شىء‪ ، ‬المناصب‪ ‬العيا‪ ، ‬والثورة‪، ‬‬ ‫والثروة‪ ‬والجاه‪ ‬أيضا‪ ، ‬ومن‪ ‬حقهم‪ ‬فعل‪ ‬مايشاؤن؟‬ ‫على‪ ‬كل‪ ‬هويشعر‪ ‬أن‪ ‬المرأكبرمن‪ ‬مجرد‪ ‬قتل‪ ‬فرد‪ ‬والبحث‪ ‬عن‪ ‬قاتله‬ ‫ولن‪ ‬يهدأحتى‪ ‬يصل‪ ‬إلى‪ ‬مايريد‪.‬‬ ‫تلقت‪ ‬يده‪ ‬بيدي‪ ‬أبي‪ ‬ليلة‪ . ‬حدق‪ ‬في‪ ‬عينيه‪ ‬بقوة‪ . ‬ضحك‪ ‬أنورهاتفا ا‪ : ‬‬ ‫‪ ‬تفضل‪ ‬‬ ‫­‬ ‫‪ ‬و‪ ‬قادهما‪ ‬للجلوس‪ ‬بين‪ ‬القوم‪. ‬‬ ‫‪ ‬تركهما‪ ‬ومضى‪ ‬لبعض‪ ‬شأنه‪. ‬‬ ‫‪103‬‬


‫‪ ‬دارالحوارحول‪ ‬مايجري‪ ‬على‪ ‬الساحة‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪، ‬التطورات‪ ‬المتلحقة‪ ‬التي‬ ‫يلهث‪ ‬الناس‪ ‬خلفها‪ ، ‬تمكن‪ ‬التيارات‪ ‬الصيلة‪ ‬القادرة‪ ‬على‪ ‬القيادة‪ ‬من‪ ‬أدوات‬ ‫الحكم‪ ‬اليوم‪ ،‬وقدرتهاعلى‪ ‬مجابهة‪ ‬أعدائها‪ ‬والنتصار‪ ‬عليهم‪ ،‬فقد‪ ‬قال‬ ‫الشعب‪ ‬كلمته‪ ‬ولبد‪ ‬من‪ ‬إحترامها‪، ‬والسير‪ ‬قدما‪ ‬لتحقيق‪ ‬الغاية‪ ‬الكبرى‪ ‬وهى‬ ‫رفع‪ ‬راية‪ ‬الشرع‪ ‬عاليا ا‪ ‬وإزهاق‪ ‬كل‪ ‬ماهو‪ ‬زائف‪ ‬وخبيث‪ ‬ليغادر‪ ‬الساحة‬ ‫غير‪ ‬مأسوف‪ ‬عليه‪ ‬لتعود‪ ‬للبلد‪ ‬نصاعتها‪ ‬وعزها‪. ‬‬ ‫طال‪ ‬الحديث‪ ‬ولم‪ ‬يشارك‪ ‬سامح‪ ‬فيه‪ ‬بإ‪ ‬سهامات‪ ‬تذكر‪.‬‬ ‫انتقل‪ ‬بعدها‪ ‬الكلم‪ ‬إلى‪ ‬الشهادات‪ ‬الجامعية‪ ‬وجدواها‪ ‬اليوم‪ . ‬قال‪ ‬فياض‪ ‬بك‬ ‫بتواضع‪ ‬مفتعل‬ ‫‪ ­ ‬هديتي‪ ‬لها‪ ‬ستكون‪ ‬مستشفى‪ ‬خاص‪ ‬هنا‪ ‬في‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬؛‪ ‬على‪ ‬أحدث‬ ‫طراز‪.‬‬ ‫تلقت‪ ‬نظرات‪ ‬سامح‪ ‬وصدقي‪ ‬وقالت‪ ‬ماتشاء‪ ‬دون‪ ‬رقيب‪. ‬‬ ‫انتقل‪ ‬الحديث‪ ‬إلى‪ ‬أنور‪ ‬وعمله‪ ‬الذي‪ ‬لم‪ ‬يعد‪ ‬مناسبا ا‪ ‬له‪ ‬بالمرة‪ ،‬خاصة‪ ‬أنه‬ ‫ليس‪ ‬محتاجاا‪ ،‬ويستطيع‪ ‬إذا‪ ‬أراد‪ ‬أن‪ ‬يقضي‪ ‬حياته‪ ‬غنيا ا‪ ‬ميسوراا‪ ‬ويترك‬ ‫لولده‪ ‬الكثيرمن‪ ‬بعده‪ . ‬ثم‪ ‬أنه‪ ‬تقدم‪ ‬في‪ ‬العمر‪ ‬ولم‪ ‬يعد‪ ‬لديه‪ ‬الجهد‬ ‫والعصاب‪ ‬لتحمل‪ ‬المشاق‪ .‬هونفسه‪ ‬بدأ‪ ‬يمل‪ ‬من‪ ‬عمله‪ ‬ويؤكد‪ ‬أنه‪ ‬ضاق‬ ‫به‪.‬‬ ‫بعدها‪ ‬انحرف‪ ‬الحوار‪ ‬إلى‪ ‬قضية‪ ‬بهية‪ ‬وزوجها‪ ‬السيد‪ ‬محمد‪ ‬رضوان‪، ‬‬ ‫وكيف‪ ‬أن‪ ‬الموضوع‪ ‬كله‪ ‬عائلي‪ ،‬ويمكن‪ ‬أن‪ ‬يحل‪ ‬بعيداا‪ ‬عن‪ ‬القانون‬ ‫والحكومة‪.‬‬ ‫سأل‪ ‬سامح‪ : ‬كيف؟‬ ‫قيل‪ : ‬تتكفل‪ ‬العائلة‪ ‬بالبحث‪ ‬عن‪ ‬القاتل‪ ‬وتسلمه‪ ‬للعدالة‪ . ‬شرط‪ ‬أن‪ ‬تبتعد‬ ‫التحريات‪ ‬والشرطة‪ ‬والتحقيقات‪ ‬عن‪ ‬بهية‬ ‫قال‪ ‬سامح‪ ‬وهويتلمس‪ ‬الحذرقدرالمستطاع‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬وا‪ ‬هات‪ ‬القاتل‪ ‬ونعرضه‪ ‬على‪ ‬النيابة‪ ‬وينتهي‪ ‬المر‪ ‬‬ ‫‪104‬‬


‫تدخل‪ ‬أبوليلة‪ : ‬دون‪ ‬أن‪ ‬تذكربهية‪ ‬أوحتى‪ ‬تستدعى‪ ‬كشاهدة‪.‬‬ ‫أكد‪ ‬سامح‪ : ‬هذا‪ ‬اختصاص‪ ‬النيابة‪ ‬والقضاء‪ ‬وسيادة‪ ‬المستشاريعرف‪ ‬هذا‪.‬‬ ‫متجها ا‪ ‬بنظراته‪ ‬إلى‪ ‬محمودبك‪ ‬سليمان‪.‬‬ ‫جاء‪ ‬أنور‪ ‬فانقطع‪ ‬الحوار‪ . ‬دعا‪ ‬الحاضرين‪ ‬للنتقال‪ ‬إلى‪ ‬قاعة‪ ‬أخرى‪ ‬لتناول‬ ‫الطعام‪ . ‬حاول‪ ‬سامح‪ ‬وصدقي‪ ‬العتذارلكن‪ ‬القوم‪ ‬أصروا‪.‬‬ ‫كانت‪ ‬الحجرة‪ ‬خالية‪ ‬إل‪ ‬من‪ ‬مائدة‪ ‬طعام‪ ‬مستطيلة‪ ‬محملة‪ ‬بما‪ ‬لذ‪ ‬وطاب‪ ‬من‬ ‫ألوان‪ ‬الطعام‪ .‬جاءت‪ ‬جلسة‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬جوار‪ ‬أبي‪ ‬ليلة‪ ‬الذي‪ ‬همس‪ ‬مرحبا ا‬ ‫به‪:‬‬ ‫‪ ­ ‬سعدنا‪ ‬بلقائك‪ ‬الليلة‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬وأنا‪ ‬سعدت‪ ‬بمعرفتك‪ .‬وأتمنى‪ ‬أن‪ ‬تتصل‪ ‬الصداقه‬ ‫‪ ‬بيننا‪ . ‬وياحبذا‪ ‬لو‪ ‬تفضلت‪ ‬بزيارتي‪ ‬باكرفي‪ ‬النقطة‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أنا!‪ ‬لماذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬لنشرب‪ ‬القهوة‪ ‬معا ا‬ ‫برقت‪ ‬عيناه‪ . ‬حدق‪ ‬سامح‪ ‬فيهما‪.‬‬ ‫‪ ‬محال‪ ‬أل‪ ‬يكون‪ ‬هو‪. ‬‬ ‫‪ ‬لكن‪ ‬الظاهرأنني‪ ‬أخطأت‪ ‬التوقيت‪ ‬بعرض‪ ‬هذا‪. ‬‬ ‫ماكان‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬اندفع‪ ‬هكذا‪. ‬‬ ‫ثم‪ ‬أنه‪ ‬إذاحضر‪ ‬إلى‪ ‬النقطة‪ ‬وسألته‪ ‬عن‪ ‬بهية‪ ‬وقال‪ ‬لأعرف؛‪ ‬ماذاأفعل‬ ‫لحظتها‪ ‬؟‪ ‬ثم‪ ‬الصطدام‪ ‬بعائلة‪ ‬كهذه‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬مدروسا ا‪.‬‬ ‫قال‪ ‬بعد‪ ‬صمت‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬على‪ ‬القل‪ ‬نتكلم‪ ‬عن‪ ‬صفية‪ ‬وعوضين‬ ‫انفك‪ ‬توتر‪ ‬أبو‪ ‬ليله‪ ‬قليلا‪ ، ‬ضحك‪ ‬قائلا‪ : ‬أما‪ ‬رجل‪ ‬عجيب‪.‬‬ ‫تنفس‪ ‬سامح‪ ‬الصعداء‪ ‬وهويرى‪ ‬الحوارينتقل‪ ‬بعيدااعن‪ ‬المنطقة‪ ‬الحرجة‪ ‬ولو‬ ‫إلى‪ ‬حين‪. ‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‪105‬‬


‫انسل‪ ‬الغروب‪ ‬عبرالبنية‪ ‬والطرقات‪،‬ولم‪ ‬يعد‪ ‬يبدومن‪ ‬الشمس‪ ‬إل‪ ‬شظايا‬ ‫تمتد‪ ‬عند‪ ‬الفق‪ ‬دامية‪ ‬ذابلة‪ ‬الاصفرار‪ ،‬بينما‪ ‬كسا‪ ‬الهدوء‪ ‬أرجاء‪ ‬النقطة‬ ‫بعد‪ ‬يوم‪ ‬حافل‪ ‬وتنقلت‪ ‬لتهدأ‪ ‬ولحظات‪ ‬من‪ ‬التوترسادت‪ ‬على‪ ‬مدى‪ ‬المكان‪.‬‬ ‫‪ ‬أولها‪ ‬كان‪ ‬حادثة‪ ‬تصادم‪ ‬على‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪) ‬طريق‪ ‬اسكندرية‪ / ‬مطروح‬ ‫(‪ ‬وخروج‪ ‬الهالي‪ ‬على‪ ‬سائق‪ ‬السيارة‪ ‬الصغيرة‪ ‬الذي‪ ‬دهس‪ ‬إمرأة‪ ‬وطفلتها‬ ‫ولم‪ ‬يفكرحتى‪ ‬في‪ ‬التوقف‪ ‬ليرى‪ ‬مايجري‪ . ‬لولمرورعربة‪ ‬شرطة‪ ‬في‬ ‫المكان‪ ‬؛‪ ‬طاردته‪ ‬واتصلت‪ ‬بالكمين‪ ‬عندالكيلو‪ 21 ‬وعادت‪ ‬به‪ ‬إلى‪ ‬مكان‬ ‫الحادث‪ . ‬كادالهالي‪ ‬يفتكون‪ ‬به‪ ‬وهويبدو‪ ‬في‪ ‬عالم‪ ‬آخرنتيجة‪ ‬تعاطيه‪ ‬حبوبا ا‬ ‫مخدرة؛‪ ‬يقف‪ ‬لمباليا ا‪ ، ‬ليدرك‪ ‬حجم‪ ‬ماجرى‪ ،‬وكلماته‪ ‬تخرج‪ ‬بطيئة‬ ‫مشوشة‪ . ‬أسرع‪ ‬سامح‪ ‬ومعه‪ ‬رجاله‪ ‬إلى‪ ‬الطريق‪ . ‬تم‪ ‬التحفظ‪ ‬على‪ ‬السيارة‬ ‫وعليه‪.‬‬ ‫بعدها‪ ‬جاء‪ ‬صدقي‪ ‬وأخذ‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬رأى‪ ‬رجلين‪ ‬مقيدين‪ ‬من‪ ‬رسغيهما‬ ‫بقيد‪ ‬واحد‪، ‬تبدوعليهما‪ ‬أثاراا‪ ‬من‪ ‬تعامل‪ ‬رجال‪ ‬التحقيق‪ ‬معهما‪.‬‬ ‫‪ ‬قال‪ ‬صدقي‪ ‬مشيراا‪ ‬إلى‪ ‬أحدهما‪ ‬بالذات‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬لديه‪ ‬معلومات‪ ‬مهمة‬ ‫نظرسامح‪ ‬إلى‪ ‬الوجهين‪ ‬؛‪ ‬ملمحهما‪ ‬تنطق‪ ‬بماكان‪. ‬‬ ‫سأل‪ ‬نفسه‪ : ‬هل‪ ‬يمكن‪ ‬الحصول‪ ‬على‪ ‬اعتراف‪ ‬ما‪ ‬بدون‪ ‬هذه‪ ‬الممارسات‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬وإذا‪ ‬لم‪ ‬يكن‪ ‬منها‪ ‬بد‪ ‬فهل‪ ‬تكون‪ ‬بهذه‪ ‬الفظاعة‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬ولوقدرلهذين‪ ‬أن‪ ‬يعودا‪ ‬للطريق‪ ‬ماذاسيفعلن‪ ‬مع‪ ‬الناس؟‬ ‫طلب‪ ‬فك‪ ‬قيدهما‪ ‬فوراا‪ ،‬أمرهما‪ ‬بالجلوس؛‪ ‬إنقبضت‪ ‬ملمح‪ ‬صدقي‪ . ‬اتجه‬ ‫إلى‪ ‬أحدهما‪ ‬آمراا‪ ‬أن‪ ‬يعيد‪ ‬ماقال‪ ‬عن‪ ‬عائلة‪ ‬السليمانية‪ ‬والوامرالتي‪ ‬كان‬ ‫يتلقاها‪ ‬من‪ ‬بعض‪ ‬أفرادها‪ ‬بخصوص‪ ‬بعض‪ ‬العمال‪ ‬المشبوهة‪ ‬في‪ ‬المنطقة‬ ‫‪ .‬أشار‪ ‬إلى‪ ‬رجال‪ ‬بإسمهم‪ ‬لهم‪ ‬علقات‪ ‬معهم‪ ‬تتسم‪ ‬بعدم‪ ‬النظافة‪ ‬من‬ ‫إستيلءعلى‪ ‬أراضي؛‪ ‬إلى‪ ‬متاجرة‪ ‬في‪ ‬ممنوعات؛‪ ‬إلى‪ ‬تزويرفي‪ ‬أوراق‬ ‫و‪.....‬و‪!...‬‬ ‫‪106‬‬


‫أخذسامح‪ ‬يستمع‪ ‬حتى‪ ‬إذا‪ ‬إنتهى‪ ‬سأله‪ ‬بعض‪ ‬السئلة‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬يتركه‬ ‫ويمضي‪ ، ‬يجلس‪ ‬إلى‪ ‬مكتبه‪ ، ‬يرتب‪ ‬الفكارفي‪ ‬رأسه‪ ، ‬يحدد‪ ‬السماءالتي‬ ‫لديه‪ ‬وكيف‪ ‬ينفذ‪ ‬إلى‪ ‬مالديها‪ ‬من‪ ‬معلومات‪ ،‬وبعدها‪ ‬تبدأالمواجهة‬ ‫بمهاجمةالحارة‪ ، ‬ليس‪ ‬من‪ ‬أجل‪ ‬بهية‪ ‬فقط‪ ‬ولكن‪ ‬من‪ ‬أجل‪ ‬عناصرأخرى‬ ‫لتقل‪ ‬أهمية‪ ‬عنها‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫دخل‪ ‬صدقي‪ ‬مكتبه‪ ‬عابس‪ ‬الوجه‪ ، ‬قابضا ا‪ ‬على‪ ‬غضب‪ ‬يفيض‪ ‬من‪ ‬حركاته‬ ‫ونظرات‪ ‬عينيه‪. ‬‬ ‫سأله‪ ‬سامح‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬مابك‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬رد‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬تدري‪ ‬ماتفعل؟‬ ‫إتسعت‪ ‬عينا‪ ‬سامح‪ ... ‬أفلتت‪ ‬منه‪ ‬الفكار‪ ‬وانتبه‪ ‬له‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماذاتقصد؟‬ ‫‪ ­ ‬أقصد‪ ‬إنهاحرب؛‪ ‬صراع‪ ‬لمكان‪ ‬فيه‪ ‬لشفقة‪ ،‬عند‪ ‬ما‪ ‬تفك‪ ‬قيد‪ ‬مجرم‬ ‫يراك‪ ‬ضعيفا ا‪ ‬يسهل‪ ‬التلعب‪ ‬بك‪ ، ‬فإذا‪ ‬أكرمته‪ ‬وأجلسته‪ ‬أمامك‪ ‬فقد‪ ‬طواك‬ ‫وأكلك‪ ‬وقال‪ ‬لك‪ ‬مايريده‪ ‬هو‪ ‬لماتريده‪ ‬أنت‪.‬‬ ‫تبسم‪ ‬سامح‪ ‬مؤثراا‪ ‬الصمت‪ ‬على‪ ‬جدال‪ ‬لجدوى‪ ‬منه‪ ‬فقد‪ ‬تحادثا‪ ‬فى‪ ‬هذا‬ ‫المر‪ ‬مراراا‪ ‬واختلفا ا‪ ‬كثيراا‪ ، ‬واتفقا امعا ا‪ ‬على‪ ‬عدم‪ ‬الخوض‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬المر‬ ‫مستقبل‪ ‬مراعاة‪ ‬للعلقة‪ ‬بينهما‪ ‬كزملء‪ ‬قبل‪ ‬كل‪ ‬شيء‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬صدره‪ ‬يفوربرغبة‪ ‬جامحة‪ ‬في‪ ‬الصراخ‪ ‬في‪ ‬وجهه‪ ‬أن‪ ‬العنف‪ ‬يجب‪ ‬أن‬ ‫يكون‪ ‬الختيارالخير‪ ، ‬وإن‪ ‬مايمكن‪ ‬الوصول‪ ‬إليه‪ ‬عن‪ ‬طريق‪ ‬الحوار‬ ‫والمناقشة‪ ‬والقناع‪ ‬أفضل‪ ‬ممايمكن‪ ‬الوصول‪ ‬إليه‪ ‬بالعنف‪ ‬؛‪ ‬لكنه‬ ‫‪107‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫اضطرللصمت‪ .‬مجال‪ ‬التحاورفي‪ ‬هذا‪ ‬ليس‪ ‬الن‪ ،‬إلغاء‪ ‬أدمية‪ ‬متهم‪ ‬لمجرد‬ ‫اتهامه‪ ‬دون‪ ‬ثبوت‪ ‬جرمه‪ ‬جريمة‪ ،‬لنك‪ ‬بهذا‪ ‬تعتدي‪ ‬على‪ ‬شخص‪ ‬بريء‪،‬‬ ‫وإلغاءأدمية‪ ‬متهم‪ ‬بعد‪ ‬ثبوت‪ ‬جرمه‪ ‬أيضا ا‪ ‬جريمة‪ ‬مادام‪ ‬اعترف‪ ‬وينتظرعقاب‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫هذاما‪ ‬يراه‪ ‬ويقتنع‪ ‬به‪ ، ‬حتى‪ ‬وإن‪ ‬جاء‪ ‬إستخدام‪ ‬العنف‪ ‬بنتائج‪ ‬أسرع‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬لصدقي‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬ليعجبك‪ ‬إسلوبي؟‪ ‬تراه‪ ‬عقيماا؟‬ ‫رد‪ ‬محتداا‪ : ‬اسمع‪ ‬ياسامح‪ ، ‬دعنا‪ ‬ننتهي‪ ‬من‪ ‬هذه‪ ‬القضية‪ ‬أولا‬ ‫غابت‪ ‬عن‪ ‬شفتيه‪ ‬البسمة‪ ‬وهويرى‪ ‬صدقي‪ ‬يفصح‪ ‬عن‪ ‬مشاعرعداء‬ ‫واضحة‪ . ‬الختلف‪ ‬إذن‪ ‬ليس‪ ‬في‪ ‬إسلوب‪ ‬عمل‪ ‬أوتفكير‪ . ‬إنه‪ ‬في‪ ‬طبيعة‪ ‬كل‬ ‫منهما‪ ‬ونظرته‪ ‬للمور‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬ماذاتريدياصدقي‪...‬العنف‪ ‬للعنف؟‬ ‫‪ ­ ‬العنف‪ ‬مع‪ ‬المنحرف؛‪ ‬المجرم‪ ‬؛‪ ‬الفاسد‬ ‫‪ ‬هووسيلة‪ ‬التفاهم‪ ‬المناسبة‪ ، ‬الم‪ ‬تسمع‬ ‫‪ ‬قول ا‪ ‬عزوجل‪ " ‬فإذالقيتم‪ ‬الذين‬ ‫‪ ‬كفروافضرب‪ ‬الرقاب‪" ‬‬ ‫‪ ‬هذامع‪ ‬الكفر‪ ‬والكفارالخارجين‪ ‬عن‪ ‬الدين‪.‬‬ ‫‪ ‬والخارجين‪ ‬على‪ ‬القانون‪ ‬أيضا ا‪.‬‬ ‫‪ ‬الذين‪ ‬ثبت‪ ‬إدانتهم‪ . ‬لالمتهمين‬ ‫‪ ‬للوصول‪ ‬إلى‪ ‬تحقيق‪ ‬العدل‪ ‬لبدمن‪ ‬وجود‬ ‫‪ ‬ضحايا‪.‬‬ ‫‪ ‬وهؤلء‪ ‬في‪ ‬مهنتنا‪ ‬نحاول‪ ‬مراضتهم‬ ‫‪ ‬بعد‪ ‬إلغاء‪ ‬ادميتهم؟‬ ‫‪ ‬السيئة‪ ‬تعم‬ ‫‪ ‬هل‪ ‬تفضل‪ ‬أن‪ ‬أتنحى‪ ‬عن‪ ‬القضية؟‬ ‫‪108‬‬


‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫­‬ ‫­‬ ‫­‬ ‫­‬

‫­‬ ‫­‬

‫‪ ‬لم‪ ‬أقل‪ ‬هذابالمرة‪ . ‬على‪ ‬ذكرالقضية‬ ‫‪ ‬ماذاستفعل‪ ‬بالمعلومات‪ ‬التي‪ ‬حصلت‪ ‬عليها؟‬ ‫‪ ‬سأقوم‪ ‬بمشاورة‪ ‬سيادة‪ ‬العميد‪ ‬بالمديريه‪! ‬‬ ‫أرى‪ ‬أن‪ ‬نستصدرأمراابالقبض‪ ‬على‪ ‬بهية‬ ‫‪ ‬والتحقيق‪ ‬معها‪ . ‬بهذا‪ ‬نحسم‪ ‬المر‬ ‫بهذا‪ ‬لن‪ ‬نصل‪ ‬إلى‪ ‬شئ‪ ، ‬اولا‪ ‬لن‪ ‬بهية‪ ‬ستختفي‪ ‬ولن‪ ‬نعثر‪ ‬عليها‪ ‬؛‬ ‫ثانيا ا‪ ‬حتى‪ ‬لووجدناها‪ ‬كيف‪ ‬نثبت‪ ‬التهمة‪ ‬عليها‪ ‬؛‪ ‬خاصة‪ ‬أن‪ ‬العائلة‬ ‫ستكون‪ ‬خلفها‪ ‬والمحامين‬ ‫‪ ‬وستخرج‪ ‬من‪ ‬القضية‪ ‬ونظل‪ ‬ندورفي‪ ‬حلقة‪ ‬مفرغة‬ ‫‪ ‬والعمل؟‬ ‫‪ ‬سوف‪ ‬استفزهم‪ . ‬أرمي‪ ‬اليهم‪ ‬بأول‪ ‬كارت‬ ‫‪ ‬وماهو؟‬ ‫‪ ‬العمليات‪ ‬القذرةالتي‪ ‬يقومون‪ ‬بها‪ ‬؛‪ ‬أسرارهم‪ ‬التي‪ ‬يخفونها‪. ‬‬ ‫مؤكدسيتحركون‬ ‫‪ ‬وهذاما‪ ‬أريده‪.‬‬ ‫‪ ‬وبهية؟‬ ‫‪ ‬ستأتي‪ ‬بنفسها‪ ‬إلى‪ ‬النقطة‪. ‬‬ ‫‪ ‬أعدك‪ ‬بهذا‪.‬‬

‫‪109‬‬


110


‫)‪(13‬‬ ‫المواجهه‬

‫رأى‪ ‬سامح‪ ‬من‪ ‬خلف‪ ‬زجاج‪ ‬النافذة‪ ‬عربة‪ ‬مرسيديس‪ ‬سماوية‪ ‬اللون‪ ‬تقترب‬ ‫من‪ ‬النقطة‪ ، ‬كان‪ ‬يقف‪ ‬مراقبا‪ ‬الطريق‪ ‬والصمت‪ ‬ومساءاغيرأمسيات‪ ‬كثيرة‬ ‫سبقته‪ ، ‬مساءا‪ ‬يحمل‪ ‬قلقا ا‪ ‬وتوتراا‪ ‬وترقبا ا‪ ‬لحداث‪ ‬ليمكن‪ ‬توقعها‪ ‬أو‪ ‬حتى‬ ‫معرفة‪ ‬مكان‪ ‬أو‪ ‬وقت‪ ‬حدوثها‪ ، ‬فالمور‪ ‬أصبحت‪ ‬الن‪ ‬تجرى‪ ‬بل‪ ‬منطق‪ ‬أو‬ ‫ترتيب‪ ، ‬عليك‪ ‬فقط‪ ‬أن‪ ‬تنتظر‪ ‬وأن‪ ‬تملك‪ ‬المقدرة‪ ‬على‪ ‬التحرك‪ ‬والتصرف‬ ‫بعقلنية‪ ‬في‪ ‬شيء‪ ‬لعقلنية‪ ‬فيه‪ ، ‬النقطة‪ ‬رغم‪ ‬صغر‪ ‬عدد‪ ‬أفرادها‪ ‬تأخذ‬ ‫أقصى‪ ‬درجات‪ ‬الستعداد‪ ‬لمجابهة‪ ‬مايجد‪ ‬من‪ ‬أمور‪ ، ‬وفي‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬يتم‬ ‫التنسيق‪ ‬على‪ ‬مدى‪ ‬ساعات‪ ‬النهار‪ ‬بينها‪ ‬و‪ ‬بين‪ ‬المديرية‪ ‬في‪ ‬السكندرية‬ ‫ويتم‪ ‬تلقي‪ ‬التعليمات‪ ‬ونقل‪ ‬الصورة‪ ‬أولا‪ ‬بأول‪ ‬إليهم‪ ‬من‪ ‬ناحية‪ ‬تحركات‬

‫‪111‬‬


‫الفراد‪ ‬والنشاط‪ ‬العام‪ ، ‬ثم‪ ‬ما‪ ‬يتعلق‪ ‬بالتعامل‪ ‬مع‪ ‬جريمة‪ ‬القتل‪ ‬التي‪ ‬بدأت‬ ‫خيوطها‪ ‬تتضح‪ ‬لأعين‪ ‬المحققين‪. ‬‬ ‫شيء‪ ‬ما‪ ‬في‪ ‬نفسه‪ ‬قال‪ ‬إنه‪ ‬محمد‪ ‬أبوليله‪. ‬‬ ‫تابع‪ ‬السيارة‪ ‬وهى‪ ‬تتخذ‪ ‬لها‪ ‬موقعاا‪ ‬أمام‪ ‬النقطة‪ ، ‬يفتح‪ ‬الباب‪ ‬ويظهر‪ ‬أبو‬ ‫ليلة‪ ‬بقامته‪ ‬المديدة‪ ‬ووجهه‪ ‬المكتنز‪ ‬وعينيه‪ ‬البراقتين‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬سامح‪ ‬قد‪ ‬يأس‪ ‬من‪ ‬حضوره‪ ‬بعد‪ ‬أيام‪ ‬من‪ ‬النتظار؛‪ ‬لذا‪ ‬فقد‪ ‬شعر‪ ‬بفرح‬ ‫وهو‪ ‬يراه‪ ‬أمامه‪ ، ‬تحفزت‪ ‬خلياه‪ ‬وتحركت‪ ‬غريزة‪ ‬الشرطى‪ ‬فيه‪ ‬وبدأ‪ ‬فوراا‬ ‫مناورات‪ ‬التحقيق‪ ‬معه‪. ‬‬ ‫رحب‪ ‬به‪ ‬وأجلسه‪ ‬على‪ ‬مقعد‪ ‬مواجه‪ ‬لمكتبه‪ ‬وطلب‪ ‬قهوة‪ ‬كما‪ ‬وعد‪. ‬‬ ‫ضحك‪ ‬أبوليلة‪ ‬بمودة‪: ‬‬ ‫­‪ ‬النقطة‪ ‬هادئة‬ ‫‪ ­ ‬لم‪ ‬تكن‪ ‬كذلك‪ ‬قبل‪ ‬دقائق‬ ‫‪ ­ ‬كيف؟‬ ‫‪ ‬حدق‪ ‬فى‪ ‬عينيه‪ ‬باسما ا‪ ، ‬أشاح‪ ‬بيده‪ ‬قائلا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬بعض‪ ‬المورالمعتادة‬ ‫‪ ‬صمت‪ ‬قليلا‪ ‬وهو‪ ‬يتابع‪ ‬الخر‪ ‬بعينيه‪ ‬ثم‪ ‬قال‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ‬وهو‪ ‬يحاصره‪ ‬‬ ‫بنظراته‪ ‬مترقبا ا‪ ‬رد‪ ‬فعله‪ ‬اللحظي‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬على‪ ‬فكرةكانت‪ ‬لي‪ ‬عندك‪ ‬خدمة‪ ‬صغيرة‬ ‫‪ ­ ‬عندي‪ ‬أنا‪ ‬؛‪ ‬خدمة!‪ ‬؟‬ ‫‪ ­ ‬نعم؛‪ ‬أريد‪ ‬مناقشة‪ ‬بهية‪ ‬ثانية‬ ‫‪ ‬اتسعت‪ ‬عيناه‪ ‬واضطربت‪ ‬حركة‪ ‬أجفانه‪ ‬ولم‪ ‬يدر‪ ‬أين‪ ‬يلقي‪ ‬بيده‪ ‬التي‪ ‬رفعها‬ ‫عن‪ ‬حافة‪ ‬المكتب‪ ‬حيث‪ ‬كانت‪ ‬ترتكز‪ ، ‬وهمس‪ ‬متعجبا ا‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬بهية!‬ ‫وكست‪ ‬ملمحه‪ ‬حدة‪ ‬كأنما‪ ‬طعن‪ ‬بخنجر؛‪ ‬رأه‪ ‬يحادثه‪ ‬ببسمة‪ ‬لهية‪ ‬؛‬ ‫ليعرف‪ ‬قدره‪ ‬وليدرك‪ ‬أهميته؛‪ ‬شعر‪ ‬أنه‪ ‬يسخرمنه‪ ‬؛‪ ‬وهوليقبل‪ ‬أن‪ ‬يسخر‬ ‫‪112‬‬


‫منه‪ ‬أحد؛‪ ‬الفضل‪ ‬لكرامته‪ ‬أن‪ ‬يقوم‪ . ‬يرفض‪ ‬مجرد‪ ‬أن‪ ‬يناقشه‪ ‬؛‪ ‬سنه‬ ‫ومقامه‪ ‬يأبيان‪ ‬عليه‪ ‬أن‪ ‬يقبل‪ ‬السخرية‪.‬‬ ‫‪ ‬هل‪ ‬يأتي‪ ‬ببهية‪ ‬إليه‪ ‬هكذا‪ ‬بكل‪ ‬بساطة‪ ‬ويقول‪ ‬له‪ ‬تفضل‪ ‬أدخلها‪ ‬السجن؟‬ ‫بهية‪ ‬دونها‪ ‬رجال‪ ‬ودماء‪ ‬وأرواح‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬ينظر‪ ‬أحد‪ ‬اليها‪ ­ ‬مجرد‪ ‬نظر‪­ ‬‬ ‫بسوء‪. ‬‬ ‫جاءت‪ ‬القهوة‪ ، ‬أمتدالصمت‪ ‬ستارا ا‪ ‬يحجب‪ ‬الكلمات‪ ‬إلى‪ ‬حين‪ ، ‬يطفئ‬ ‫النيران‪ ‬التي‪ ‬إستعرت‪ ‬ولو‪ ‬لثوان‪ ‬معدودة‪ ‬قبل‪ ‬المواجهة‪ ‬المحتومة‪ ‬من‬ ‫جديد‪. ‬‬ ‫ظل‪ ‬أبوليلة‪ ‬مكانه‪ ‬ترواده‪ ‬نفسه‪ ‬على‪ ‬القيام‪ ‬ويخشى‪ ‬من‪ ‬اللوم‪ ‬والتأنيب‪ ‬إذا‬ ‫نفذ‪ ‬مايريد؛‪ ‬خاصة‪ ‬أن‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬سليمان‪ ‬والصول‪ ‬أنورهّونا‪ ‬كثيراا‪ ‬من‪ ‬شأن‬ ‫هذه‪ ‬الزيارة‪ ‬؛‪ ‬قال‪ ‬أن‪ ‬سامح‪ ‬هذا‪ ‬لخطرمنه‪ . ‬واضح‪ ‬إنه‪ ‬يميل‪ ‬إلى‬ ‫المظاهرالفارغة‪ ‬؛‪ ‬يصلح‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬عمله‪ ‬علقات‪ ‬عامة‪ ‬أوإستقبال‪،‬‬ ‫أماعمل‪ ‬البوليس‪ ‬فليس‪ ‬مجاله‪ ، ‬ثم‪ ‬أراد‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬أن‪ ‬ينهي‪ ‬المرفقال‪ ‬إنه‬ ‫حتى‪ ‬إذا‪ ‬كان‪ ‬هناك‪ ‬قلق‪ ‬فهم‪ ‬يعرفون‪ ‬جيداا‪ ‬كيف‪ ‬يتصرفون‪. ‬‬ ‫عاد‪ ‬أبوليلة‪ ‬للعتدال‪ ‬على‪ ‬كرسيه‪ ‬وإن‪ ‬كان‪ ‬مايزال‪ ‬محتفظا‪ ‬بسيماه‬ ‫المكسوة‪ ‬بالغضب‪ ‬ونظرته‪ ‬الناضحة‪ ‬بالضيق‪ ‬؛‪ ‬رشف‪ ‬رشفة‪ ‬متأنية‪ ‬من‬ ‫الفنجان‪ ، ‬بحث‪ ‬في‪ ‬نفسه‪ ‬عن‪ ‬رد‪ ‬يكون‪ ‬قاسيا ا‪ ‬وفي‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬في‪ ‬الحدود‬ ‫اللياقة‪ ، ‬عاد‪ ‬بعينيه‪ ‬إلي‪ ‬عيني‪ ‬سامح‪ ‬؛‪ ‬قال‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬تريدها‪ ‬مني؛‪ ‬أنا‪ ! ‬‬ ‫‪ ‬ردت‪ ‬ابتسامة‪ ‬سامح‪ ‬فوراا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬نعم؛‪ ‬مثلما‪ ‬أتيت‪ ‬بها‪ ‬المرة‪ ‬السابقة‬ ‫‪ ‬عادت‪ ‬الرجفة‪ ‬تشتعل‪ ‬في‪ ‬جفنيه‪ ، ‬هرولت‪ ‬نبضاته‪ ‬ضيقا ا‪ ‬أو‪ ‬خوفا ا‪ ‬ليدري‬ ‫‪ .‬انسكبت‪ ‬الحروف‪ ‬من‪ ‬شفتيه‪ ‬ثائرة‪ ‬النبرات‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ماذا‪ ‬تقول‪ ‬بالضبط؟‬ ‫‪ ‬تحولت‪ ‬البسمة‪ ‬على‪ ‬شفتى‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬جد‪ ‬وهو‪ ‬يجيب‪: ‬‬ ‫‪113‬‬


‫‪ ­ ‬أريد‪ ‬بهية‪ ‬هنا‪ ‬لمناقشتها‬ ‫‪ : ‬‬ ‫‪ ‬نفخ‪ ‬أبو‪ ‬ليله‪ ‬صدره‪ ‬وأشاح‪ ‬بوجهه‪ ‬عنه‪ ‬قائل ا‬ ‫‪ ­ ‬أنا‪ ...‬لأعرف‪ ‬مكانها‬ ‫‪ ‬عاجله‪ ‬سامح‪ ‬بكلماته‪ ‬المسننة‪ ‬فوراا‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬وموضوع‪ ‬أرض‪ ‬محمد‪ ‬رضوان‪ ‬والدالقتيل؛‪ ‬هل‪ ‬تعرفه‪ ‬أم‪ ‬ل؟‬ ‫‪ ‬تشابكت‪ ‬أصابعه‪ ‬في‪ ‬حجره‪ ‬وعاد‪ ‬يحاول‪ ‬فكها‪ ‬وهو‪ ‬يسأل‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬مالها‪ ‬أرض‪ ‬محمد‪ ‬رضوان؟‬ ‫‪ ­ ‬لتعرف‪ ‬موضوعها؟‬ ‫‪ ­ ‬ل‬ ‫‪ ­ ‬وأرض‪ ‬الجمعية؟‬ ‫‪ ­ ‬أي‪ ‬أرض؟‬ ‫‪ ­ ‬التي‪ ‬باعتهاعائلةالسليمانية‪ ‬لجمعية‪ ‬إسكان‪ ‬أبوتلت‪ ‬‬ ‫‪ ‬لتعرفها؟‬ ‫‪ ­ ‬ل‬ ‫‪ ­ ‬جميل‪ ،‬وعمليات‪ ‬البحر‬ ‫‪ ­ ‬نعم!‬ ‫‪ ‬كان‪ ‬هنا‪ ‬قد‪ ‬تراخى‪ ‬تماما ا‪ ‬على‪ ‬مقعده‪ ‬وكسا‪ ‬ملمحه‪ ‬إصفرار‪ ‬طارىء‪ ‬وبدأ‬ ‫يبحث‪ ‬عن‪ ‬الهواء‪ ‬في‪ ‬غرفة‪ ‬شعر‪ ‬أنها‪ ‬خلت‪ ‬منه‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬سامح‪ ‬بذات‪ ‬هدوئه‪ ‬وإن‪ ‬كانت‪ ‬كلماته‪ ‬باردة‪ ‬حادة‪ ‬الشفرة‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬أناعايزبهية‪ ‬يامحمد‬ ‫‪ ‬أريدهاأن‪ ‬تأتي‪ ‬بإرادتها‪ ‬كشاهدة‪ ‬بدلا‪ ‬من‬ ‫‪ ‬حضورها‪ ‬متهمة‪ ‬‬ ‫‪ ‬إحمرار‪ ‬وجهه‪ ‬وشى‪ ‬بما‪ ‬لديه‪ ، ‬هب‪ ‬واقفا ا‪ ‬وهو‪ ‬يرميه‪ ‬بنيران‪ ‬نظراته‪، ‬‬ ‫استدار‪ ‬خارجا ا‪ ‬وهو‪ ‬يشيح‪ ‬بيده‪ ‬في‪ ‬قوة‪ : ‬عن‪ ‬إذنك‬

‫‪114‬‬


‫وإستدار‪ ‬قاصداا‪ ‬عربته‪ ‬التي‪ ‬انطلقت‪ ‬ثائرة‪ ‬هادرة‪ ‬تطوي‪ ‬الرض‪ ‬مبتعدةعن‬ ‫النقطة‪. ‬‬ ‫لم‪ ‬يفكر‪ ‬في‪ ‬المرورعلى‪ ‬أنور؛‪ ‬ولم‪ ‬يكن‪ ‬حتى‪ ‬يفكرفيه‪ ، ‬كانت‪ ‬الظلمة‪ ‬قد‬ ‫بدأت‪ ‬تسود‪، ‬ونورالأعمدة‪ ‬الصفر‪ ‬يظهرضوءه‪ ‬ويمتد‪ ‬متواصلا‪ ‬في‪ ‬قلب‬ ‫الطرقات‪.‬‬ ‫‪ ‬عادسامح‪ ‬ينظرمن‪ ‬وراءالزجاج‪ ‬إلى‪ ‬المارة‪ ‬والسكون‪ ‬المخيم‪ ‬على‪ ‬المكان‬ ‫مفكراا‪ ‬في‪ ‬الخطوة‪ ‬التالية‪ ، ‬لقد‪ ‬ألقى‪ ‬إليهم‪ ‬بكارت‪ ‬أول‪ .. ‬مؤكد‪ ‬سيردون‪. ‬‬ ‫يتحركون‪ . ‬وهذا‪ ‬مايريده‪. ‬‬

‫‪115‬‬


116


‫)‪ (14‬‬ ‫لفح‪ ‬النيران‪ ‬‬

‫في‪ ‬بيت‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬سليمان‪ ‬في‪ ‬قلب‪ ‬الحارة‪ ‬جلس‪ ‬محمد‪ ‬أبوليلة‪ ‬حاملا‬ ‫بركانا ا‪ ‬في‪ ‬صدره‪ ‬يقذف‪ ‬بالحمم‪ ‬؛‪ ‬ضاربا ا‪ ‬كفا ا‪ ‬غليظة‪ ‬بكف‪ ‬غليظة‪ ‬؛‪ ‬يرمي‬ ‫المكان‪ ‬حوله‪ ‬بنظرات‪ ‬العجب‪ ‬والدهشة‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬يهددني‪ ‬أنا!‬ ‫‪ ‬لبد‪ ‬من‪ ‬عمل ب‪ ‬ويكون‪ ‬سريعا ا‪ ‬لوقف‪ ‬هذا‪ ‬الضابط‪ ‬عند‪ ‬حده‪ ، ‬لبد‬ ‫من‪ ‬منعه‪ ‬من‪ ‬عمل‪ ‬أي‪ ‬شئ‪ ‬مؤكد‪ ‬سيعمله‪ ‬مادام‪ ‬وضع‪ ‬يده‪ ‬على‪ ‬أشياء‬ ‫ماكان‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬يعرفها‪. ‬‬ ‫مد‪ ‬فياض‪ ‬ساقيه‪ ‬أمامه‪ ‬على‪ ‬السجادة‪ ‬الفاخرة‪ ‬تحت‪ ‬قادميه‪ ، ‬هادئا ا‪ ‬كان‪، ‬‬ ‫ينصت‪ ‬حام ا‬ ‫ل‪ ‬بين‪ ‬أصابعه‪ ‬سيجارة‪ ‬تتصاعد‪ ‬الدخنة‪ ‬منها‪ ‬بتؤدة‪ ‬وثقة‪ ‬إلى‬ ‫حيث‪ ‬تفرد‪ ‬صدرها‪ ‬أعلى‪ ‬المكان‪ ، ‬طلب‪ ‬منه‪ ‬أن‪ ‬يهدأ‪ ‬؛‪ ‬كررهامراراا‪، ‬‬ ‫أخيراا‪ ‬أشار‪ ‬إليه‪ ‬بالصمت‪ ‬محتداا‪ ، ‬لما‪ ‬صمت‪ ‬تكلم‪ ‬مترفقا ابه‪: ‬‬ ‫­‪ ‬هو‪ ‬ليمثل‪ ‬شيئاا‪ ‬بالمرة‪ ، ‬كلمة‪ ‬للوزير‪ ‬تنفيه‪ ‬من‪ ‬الرض‬ ‫أكد‪ ‬محمد‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬لقد‪ ‬هددني‪ ‬؛‪ ‬قالها‪ ‬صريحة‪ ‬لى‪ ‬؛‪ ‬ستأتي‪ ‬ببهية‪ ‬رغما ا‪ ‬عنك‪ ‬وإل‪ ‬أتيت‬ ‫بها‪ ‬أنا‪ .‬ليهمه‪ ‬العائلة‪ ‬ورجال‪ ‬العائلة‪ ‬ولمقام‪ ‬العائلة‬ ‫حدق‪ ‬فياض‪ ‬في‪ ‬وجهه‪ ‬وهو‪ ‬يقول‪ ‬ضاغطا ا‪ ‬على‪ ‬حروفه‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬قل‪ ‬لي‪ ‬نص‪ ‬كلمه‪ ‬بالضبط‪ ‬‬ ‫‪117‬‬


‫‪ ­ ‬حاضر‬ ‫جلس‪ ‬يستمع‪ ‬هادئا ا‪ ‬مستغرقا ا‪ ‬حتى‪ ‬إذا‪ ‬انتهى‪ ‬قال‪ ‬له‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬سوف‪ ‬أنقله‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ‬وبأ‪ ‬سرع‪ ‬مايمكن‪ ‬؛‪ ‬وما‪ ‬نريده‪ ‬سيكون‬ ‫‪ ­ ‬وإذافكرفي‪ ‬مهاجمة‪ ‬الحارة؟‬ ‫‪ ­ ‬لن‪ ‬يجد‪ ‬الوقت‪ ‬لهذا‪ .‬‬ ‫‪ ­ ‬أنت‪ ‬عضوفي‪ ‬المجلس‪ ‬الموقر‪ .‬هل‪ ‬ستقدم‪ ‬إستجوابا ا‪ ‬للوزير؟‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬اذهب‪ ‬أنت‪ ‬ودع‪ ‬المرلي‬ ‫في‪ ‬ذات‪ ‬الليلة‪ ، ‬قام‪ ‬اللصوص‪ ‬بكسرباب‪ ‬حديدي‪ ‬لحانوت‪ ‬المجوهرات‬ ‫الوحيد‪ ‬في‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ، ‬قبيل‪ ‬الفجر‪ ‬بقليل‪ ‬وفي‪ ‬حدود‪ ‬الساعة‪ ‬الثالثة‪ ‬توقفت‬ ‫سيارة‪ ‬حديثة‪ ‬الموديل‪ ‬أمامه‪ ، ‬هبط‪ ‬منها‪ ‬ثلثة‪ ‬نفر‪ ‬وبدأوا‪ ‬عملهم‪ ‬في‪ ‬هدوء‬ ‫‪ ،‬صهروا‪ ‬القفال‪ ‬وصنعوا‪ ‬فتحة‪ ‬كبيرة‪ ‬في‪ ‬الباب‪ ‬الصاج‪ ، ‬نفذ‪ ‬منها‪ ‬أحدهم‬ ‫وبدأ‪ ‬يناولهما‪ ‬كل‪ ‬ماتصل‪ ‬إليه‪ ‬يداه‪ ، ‬رأى‪ ‬البعض‪ ‬من‪ ‬النوافذ‪ ‬المحيطة‬ ‫وبعض‪ ‬العابرين‪ ‬الذين‪ ‬تصادف‪ ‬مرورهم‪ ‬في‪ ‬هذا‪ ‬الوقت‪ ‬من‪ ‬الليل‪ ‬مايجري‪، ‬‬ ‫كانت‪ ‬السلحة‪ ‬الرشاشة‪ ‬بانتظارهم‪ ، ‬تتربص‪ ‬بكلمة‪ ‬تقال‪ ‬هنا‪ ‬أو‪ ‬صرخة‬ ‫تنطلق‪ ‬هناك‪ ، ‬بعد‪ ‬النتهاء‪ ‬من‪ ‬مهمتهم‪ ‬غادروا‪ ‬المكان‪ ‬في‪ ‬هدوء‪ ‬خارجين‬ ‫بسيارتهم‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬ابتلعهم‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪. ‬‬ ‫‪ ‬هرول‪ ‬صاحب‪ ‬الحانوت‪ ‬صارخاا‪ ‬إلى‪ ‬المكان‪ ، ‬قال‪ ‬بين‪ ‬دموعه‪ ‬وصراخه‬ ‫‪ ‬أنه‪ ‬تم‪ ‬الستيلءعلى‪ ‬مجوهرات‪ ‬قيمتها‪ ‬لتقل‪ ‬عن‪ ‬مليون‪ ‬جنيه‪ ‬؛‪ ‬تم‪ ‬ابلغ‬ ‫النقطة‪ ، ‬أيقظوا‪ ‬سامح‪ ‬من‪ ‬نومه‪، ‬هرول‪ ‬إلى‪ ‬المكان‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬أبلغ‪ ‬النيابة‬ ‫للتحقيق‪. ‬‬ ‫‪ ‬اتصل‪ ‬مجهول‪ ‬بالصحافة‪ ‬أثناء‪ ‬السرقة‪ .‬‬ ‫نزل‪ ‬الخبر‪ ‬فوراا‪ ‬على‪ ‬مواقع‪ ‬التواصل‪ ‬وكذلك‪ ‬وكلت‪ ‬الخبار‪ ‬المختلفة‪! ‬‬ ‫بدأالتحقيق‪ ‬في‪ ‬الحادث‪ ‬الذي‪ ‬يعتبرالول‪ ‬من‪ ‬نوعه‪. ‬‬ ‫ومايزال‪ ‬البحث‪ ‬جاريااعن‪ ‬الجناه‪. ‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪118‬‬


‫فى‪ ‬اليوم‪ ‬التالى‪ ‬مباشرة‪ ‬قام‪ ‬اللصوص‪ ‬بالتوجه‪ ‬الى‪ ‬قصر‪ ‬مسئول‪ ‬كبير‪، ‬‬ ‫يتخذه‪ ‬مقراا‪ ‬له‪ ‬في‪ ‬فصل‪ ‬الصيف‪ . ‬تسوروا‪ ‬السور‪ ‬المطل‪ ‬على‪ ‬طريق‬ ‫جانبى‪ ‬واطلقوا‪ ‬الرصاص‪ ‬من‪ ‬مسدسات‪ ‬كاتمة‪ ‬للصوت‪ ‬على‪ ‬ثلثة‪ ‬كلب‬ ‫تحرس‪ ‬المكان‪ ، ‬بعدها‪ ‬هبط‪ ‬أحدهم‪ ‬وفتح‪ ‬لهم‪ ‬الباب‪ ‬الحديدى‪ ‬الكبير‪ ‬من‬ ‫الداخل‪ ‬وقادهم‪ ‬الى‪ ‬حجرات‪ ‬النوم‪ ‬وأماكن‪ ‬المجوهرات‪ ‬والذهب‪ ‬والنقود‬ ‫السائلة‪ ، ‬وخرجوا‪ ‬من‪ ‬الباب‪ ‬آمنين‪ ‬الى‪ ‬حيث‪ ‬تلقفتهم‪ ‬ذات‪ ‬السيارة‬ ‫وغادرت‪ ‬المكان‪ ‬الى‪ ‬حيث‪ ‬عاد‪ ‬يبتلعها‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪. ‬‬ ‫تم‪ ‬ابلغ‪ ‬النقطة‪ ، ‬هرول‪ ‬سامح‪ ‬الى‪ ‬المكان‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬أبلغ‪ ‬النيابة‪ ‬للتحقيق‪. ‬‬ ‫‪ ‬اتصل‪ ‬مجهول‪ ‬بالصحافة‪ ‬أثناء‪ ‬السرقة‪ .‬‬ ‫نزل‪ ‬الخبر‪ ‬فوراا‪ ‬على‪ ‬مواقع‪ ‬التواصل‪ ‬وكذلك‪ ‬وكلت‪ ‬الخبار‪ ‬المختلفة‪! ‬‬ ‫بدأالتحقيق‪ ‬في‪ ‬الحادث‪. ‬‬ ‫ومايزال‪ ‬البحث‪ ‬جاريا ا‪ ‬عن‪ ‬الجناه‪. ‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫وصلت‪ ‬إلى‪ ‬الصحافة‪ ‬ايضا ا‪ ‬أنباء‪ ‬عن‪ ‬إختطاف‪ ‬سيدة‪ ‬كانت‪ ‬تسير‪ ‬في‬ ‫منتصف‪ ‬النهار‪ ‬بالشارع‪ ‬الرئيسي‪ ‬في‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ .‬وصف‪ ‬أحد‪ ‬الشهود‪ ‬ممن‬ ‫رأى‪ ‬الحادثة‪ ‬كلها‪ ‬من‪ ‬خلف‪ ‬شيش‪ ‬نافذة‪ ‬مسكنة‪ ‬المطل‪ ‬مباشرة‪ ‬على‪ ‬موقع‬ ‫الحادث‪ ، ‬قال‪ ‬أنه‪ ‬رأى‪ ‬سيدة‪ ‬تسير‪ ‬بجوار‪ ‬زوجها‪ ‬قادمة‪ ‬من‪ ‬الجهة‪ ‬القبلية‬ ‫متجهة‪ ‬إلى‪ ‬الجمعية‪ ‬التعاونية‪ ‬في‪ ‬منتصف‪ ‬شارع‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ، ‬توقفت‬ ‫سيارة‪ ‬حديثة‪ ‬الموديل‪ ‬أمامها‪ ، ‬هبط‪ ‬منها‪ ‬ثلثة‪ ‬نفر‪ ‬ورفعوا‪ ‬البنادق‪ ‬اللية‬ ‫في‪ ‬وجه‪ ‬الزوج‪ ‬الذي‪ ‬ارتعد‪ ‬في‪ ‬مكانه‪ ‬وبهتت‪ ‬نظراته‪ ‬وهو‪ ‬يرتد‪ ‬إلى‪ ‬الخلف‬ ‫لشعوريا ا‪ ‬رافعا ا‪ ‬يديه‪ ، ‬متسائل ا‪ ‬عما‪ ‬يريدون‪ ‬سلبه‪ ‬منه‪ ‬وهو‪ ‬ليمتلك‪ ‬إل‬ ‫ثمن‪ ‬بضعة‪ ‬زجاجات‪ ‬من‪ ‬الزيت‪ ‬وقليلا‪ ‬من‪ ‬كيلوات‪ ‬السكر‪ ‬وعدد‪ ‬من‪ ‬قطع‬ ‫الصابون‪ ‬جاء‪ ‬ليشتريها‪ ‬لستهلك‪ ‬الشهر‪ ، ‬اقتربت‪ ‬البندقية‪ ‬من‪ ‬رأسه‪ ، ‬مد‬ ‫يديه‪ ‬بكل‪ ‬مايملك‪ ‬راضخا ا‪ ، ‬سحبوا‪ ‬زوجته‪ ‬الشابة‪ ‬من‪ ‬جواره‪ ، ‬أمسك‪ ‬بيدها‬ ‫يمنعها‪ ‬من‪ ‬النقياد‪ ‬اليهم‪ ، ‬عاجلوه‪ ‬بضربة‪ ‬على‪ ‬رأسه‪ ‬ألقته‪ ‬أرضا ا‪ ‬بين‬ ‫‪119‬‬


‫الوعي‪ ‬والل‪ ‬وعي‪ ‬وسحبوها‪ ‬إلى‪ ‬السيارة‪ ‬التي‪ ‬غادرت‪ ‬المكان‪ ‬بهم‪ ‬إلى‬ ‫حيث‪ ‬ابتلعها‪ ‬الطريق‪ ‬السريع‪. ‬‬ ‫تم‪ ‬إبلغ‪ ‬النقطة‪ ، ‬هرول‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬المكان‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬أبلغ‪ ‬النيابة‪ ‬للتحقيق‪. ‬‬ ‫‪ ‬اتصل‪ ‬مجهول‪ ‬بالصحافة‪ ‬أثناء‪ ‬الختطاف‪ ‬واصفا ا‪ ‬ماحدث‪ ‬بدقة‪. ‬‬ ‫نزل‪ ‬الخبر‪ ‬فوراا‪ ‬على‪ ‬مواقع‪ ‬التواصل‪ ‬وكذلك‪ ‬وكلت‪ ‬الخبار‪ ‬المختلفة‪! ‬‬ ‫بدأالتحقيق‪ ‬في‪ ‬الحادث‪. ‬‬ ‫ومايزال‪ ‬البحث‪ ‬جاريااعن‪ ‬الجناه‪. ‬‬ ‫‪..‬‬ ‫دخل‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬سليمان‪ ‬من‪ ‬بوابة‪ ‬المجلس‪ ‬الموقر‪ ‬حاملا‪ ‬مظروفا ا‪ ‬كبيرا ا‬ ‫مكتوب‪ ‬أعله‪ ‬سرى‪ ‬للغاية‪. ‬‬ ‫بدا‪ ‬هادئا ا‪ ‬واثق‪ ‬الخطوات‪ ‬يحيي‪ ‬من‪ ‬يمر‪ ‬به‪ ‬في‪ ‬وقار‪ ‬وتؤدة‪ ، ‬راسما ا‪ ‬على‬ ‫شفتيه‪ ‬بسمة‪ ‬صغيرة‪ ‬تكفي‪ ‬بالكاد‪ ‬لتكون‪ ‬واجهة‪ ‬يراها‪ ‬العابرون‪ ، ‬جلس‬ ‫مكانه‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬سجل‪ ‬أن‪ ‬لديه‪ ‬استجوابا ا‪ ‬لوزير‪ ‬الداخلية‪ ! ‬‬ ‫سأله‪ ‬رئيس‪ ‬المجلس‪ ‬عن‪ ‬ماهية‪ ‬هذاالستجواب‪ ،‬قال‪ ‬إنه‪ ‬بخصوص‬ ‫أحداث‪ ‬جسام‪ ‬تجري‪ ‬في‪ ‬دائرته‪ ‬النتخابية‪ ، ‬وبصفته‪ ‬أمينا ا‪ ‬على‪ ‬مصالح‬ ‫الخلق‪ ‬فقد‪ ‬أوكلوه‪ ‬ليقوم‪ ‬بمسائلة‪ ‬المختصين‪ ‬والصرار‪ ‬على‪ ‬حماية‬ ‫الحقوق‪ ‬وفرض‪ ‬هيبة‪ ‬المن‪ ‬؛‪ ‬وبخاصة‪ ‬في‪ ‬هذه‪ ‬الظروف‪ ‬التي‪ ‬تمر‪ ‬بها‬ ‫البلد‪ ‬حاليا ا‪ ‬؛‪ ‬ولتكون‪ ‬سرعة‪ ‬التحقيق‪ ‬عبرة‪ ‬لمن‪ ‬يعتبر‪ ، ‬وشهادة‪ ‬أن‬ ‫مصر‪ ‬حتى‪ ‬في‪ ‬أحلك‪ ‬الوقات‪ ‬تمتلك‪ ‬القدرةعلى‪ ‬النهوض‪ ‬بواجبتها‪ ‬في‬ ‫حماية‪ ‬أبناءها‪ ‬؛‪ ‬وفرض‪ ‬المن‪ ‬على‪ ‬ربوعها‪ ‬؛‪ ‬وكذلك‪ ‬لتقول‪ ‬للعالم‪ ‬أن‬ ‫النظام‪ ‬الحالي‪ ‬خير‪ ‬نظام‪ ‬يمكنه‪ ‬تطبيق‪ ‬الشرعية‪ ‬وإعلء‪ ‬شأنها‪ ‬في‪ ‬ربوع‬ ‫البلد‪. ‬‬ ‫‪ ‬تم‪ ‬تسجيل‪ ‬الستجواب‪ ‬في‪ ‬مضبطة‪ ‬المجلس‪ ‬واستدعاء‪ ‬وزير‪ ‬الداخلية‬ ‫بناء ا‪ ‬على‪ ‬طلب‪ ‬رسمي‪ ‬للرد‪ ‬على‪ ‬الستجواب‪. ‬‬

‫‪120‬‬


‫‪ ‬نودي‪ ‬على‪ ‬العضو‪ ‬الموقر‪ ‬سليمان‪ ‬فياض‪ ، ‬أمسك‪ ‬بالميكروفون‪ ‬محييا ا‬ ‫الوزير‪ ‬الهمام‪ ‬على‪ ‬سرعة‪ ‬تلبيته‪ ‬للدعوة‪ ‬؛‪ ‬وكذلك‪ ‬تمنياته‪ ‬بالتوفيق‬ ‫للوزارة‪ ‬في‪ ‬مهامها‪ ‬الجسام‪ ‬التي‪ ‬ينوء‪ ‬بها‪ ‬كاهلها‪ ، ‬بعدها‪ ‬بدأ‪ ‬الحديث‪ ‬عن‬ ‫أبي‪ ‬تلت‪ . ‬طالبا ا‪ ‬توضيحا ا‪ ‬رسميا ا‪ ‬من‪ ‬الوزيرعما‪ ‬يجرى‪ ‬هناك‪ ، ‬موزعا ا‪ ‬في‬ ‫ذات‪ ‬الوقت‪ ‬صوراا‪ ‬مما‪ ‬تناقلته‪ ‬الخبار‪ ‬عما‪ ‬جرى‪ ‬من‪ ‬سرقات‪ ‬واختطاف‬ ‫وغيرها‪ ‬؛‪ ‬ومتسائل ا‪ ‬عن‪ ‬مدى‪ ‬كفاية‪ ‬الجراءات‪ ‬المنية‪ ‬لمواجهة‪ ‬هذه‬ ‫الضطربات‪ ‬العنيفة‪ ‬التي‪ ‬تهزالمنطقة‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬أيضا‪ ‬أن‪ ‬هذا‪ ‬المكان‪ ‬الذي‪ ‬يعتبرإمتداداا‪ ‬للسكندرية؛‪ ‬والذي‪ ‬خلل‬ ‫سنوات‪ ‬قليلة‪ ‬ستمتد‪ ‬إليه‪ ‬يد‪ ‬العمران‪ ‬يحتاج‪ ‬فورا ا‪ ‬إلى‪ ‬قسم‪ ‬شرطة‪ ‬كامل‬ ‫يستطيع‪ ‬السيطرة‪ ‬على‪ ‬الموقف‪ ‬؛‪ ‬ومواجهة‪ ‬التحديات‪ ‬بدلا‪ ‬من‪ ‬هذه‪ ‬النقطة‬ ‫الهزيلة‪ ‬؛‪ ‬التائهة‪ ‬؛‪ ‬التي‪ ‬ليعرف‪ ‬أحد‪ ‬مهامها‪ ‬بالضبط‪ ‬؛‪ ‬فهناك‪ ‬قضية‪ ‬قتل‬ ‫يكاد‪ ‬الجاني‪ ‬يفلت‪ ‬بجريمته‪ ‬فيها‪ ‬؛‪ ‬وهناك‪ ‬سرقات‪ ‬وجرائم‪ ‬إغتصاب؛‪ ‬ول‬ ‫نعرف‪ ‬غداا‪ ‬ماذا‪ ‬سيحدث‪ ‬أكثر‪ ‬من‪ ‬هذا‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬أيضا ا‪ ‬إنه‪ ‬ليس‪ ‬من‪ ‬طبعه‪ ‬ترديد‪ ‬الشاعات؛‪ ‬لنها‪ ‬في‪ ‬نهاية‪ ‬المرإشاعات‬ ‫؛‪ ‬لكنهاهنا‪ ‬وأمام‪ ‬الظواهرالمشهودة‪ ‬والتي‪ ‬تتحدث‪ ‬عنهاالصحف‪ ‬تأخذ‬ ‫نصيبا ا‪ ‬من‪ ‬الصحة‪ . ‬تلك‪ ‬الشاعات‪ ‬تقول‪ ‬أن‪ ‬الضابط‪ ‬المسئول‪ ‬عن‪ ‬النقطة‬ ‫رجل‪ ‬بليد‪ ‬لم‪ ‬يذاكردروسه‪ ‬جيداا‪ ‬؛‪ ‬ليعرف‪ ‬حدوده‪ ‬أوالدور‪ ‬المنوط‪ ‬به‪ ‬أن‬ ‫يفعله‪ ‬وهويشغلها‪ ‬؛‪ ‬فهويجالس‪ ‬المجرمين‪ ‬؛‪ ‬يتبادل‪ ‬معهم‪ ‬السجائر‬ ‫والمشروبات‪ ‬الساخنة‪ ‬؛‪ ‬ويسألهم‪ ‬لماذا‪ ‬هم‪ ‬مجرمون‪ ‬وكيف‪ ‬يمارسون‬ ‫إجرامهم‪! ‬‬ ‫وهو‪ ‬أيضا ا‪ ‬يسحب‪ ‬النساء‪ ‬المحجوزات‪ ‬إلى‪ ‬مكتبه‪ ‬؛‪ ‬ولن‪ ‬أكمل‪ ‬الباقي‪ ‬؛‬ ‫‪ ‬وسأترك‪ ‬لسيادتكم‪ ‬التعليق‪ ‬على‪ ‬هذا‪. ‬‬ ‫وأخيراا‪ ‬وليس‪ ‬أخراا‪ ‬هذه‪ ‬هي‪ ‬عناوين‪ ‬الجرائد‪ ‬التي‪ ‬إهتمت‪ ‬بالموضوع‬ ‫أضعها‪ ‬بين‪ ‬أيديكم‪ . ‬إقرأوا‪ ‬معي‪ ‬من‪ ‬صحيفة‪...... ‬‬ ‫­‪ ‬ماذايجري‪ ‬في‪ ‬أبي‪ ‬تلت؟‬ ‫‪121‬‬


‫ومن‪ ‬أخرى‬ ‫‪ ­ ‬أين‪ ‬المن‪ ‬في‪ ‬الساحل‪ ‬الشمالي؟‬ ‫ومن‪ ‬ثالثة‬ ‫‪ ­ ‬امن‪ ‬وراء‪ ‬مايجري‪ ‬في‪ ‬أبي‪ ‬تلت؟‬ ‫‪ ‬ومن‪ ‬رابعة‬ ‫‪ ­ ‬مطلوب‪ ‬تواجد‪ ‬أمني‪ ‬حقيقي‪ ‬في‪ ‬الساحل‪ ‬الشمالي‪­ ‬‬ ‫‪ ‬تلك‪ ‬هي‪ ‬العينات‪ ‬ومن‪ ‬عناوين‪ ‬الصحف‪ ‬وشكراا‪ ‬‬ ‫جلس‪ ‬فياض‪ ‬بعد‪ ‬أن‪ ‬قال‪ ‬مالديه‪ .‬وجاءالدورعلى‪ ‬الوزيرالمختص‪ ‬لكي‪ ‬يرد‪. ‬‬ ‫كان‪ ‬باديااعلى‪ ‬وجهه‪ ‬النفعال‪ ‬وهويتجه‪ ‬إلى‪ ‬المنصة‪ ‬ليواجه‪ ‬النواب‪ ‬قائلا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬في‪ ‬الحقيقة‪ ‬هناك‪ ‬عدة‪ ‬نقاط‪ ‬تحدث‪ ‬عنهاالنائب‪ ‬المحترم‪ ‬نردعليها‬ ‫واحدة‪ ‬تلو‪ ‬الخرى؛‪ ‬أولا‪ ‬بالنسبة‪ ‬للضابط‪ ‬الذي‪ ‬تدورحوله‪ ‬القاويل‪ ‬هورجل‬ ‫يحضرلدرجة‪ ‬المجاستير‪ ، ‬لذا‪ ‬فهو‪ ‬يناقش‪ ‬ويحاور‪ ‬دون‪ ‬الخلل‪ ‬بمهام‬ ‫وظيفته؛‪ ‬ونحن‪ ‬نتابع‪ ‬عمله‪ ‬ولدينا‪ ‬أجهزة‪ ‬رقابية‪ ،‬ولنخجل‪ ‬في‪ ‬حالة‪ ‬وجود‬ ‫تجاوزمن‪ ‬إعلن‪ ‬ذلك‪ ‬ومعاقبة‪ ‬المسىء‪ . ‬نجئ‪ ‬لجريمة‪ ‬القتل‪ . ‬نحن‪ ‬ياسيد‬ ‫فياض‪ ‬نحقق‪ ‬فيها؛‪ ‬ولن‪ ‬نترك‪ ‬القاتل‪ ‬بدون‪ ‬عقاب‪ ‬؛‪ ‬كائنا ا‪ ‬من‪ ‬كان‪ . ‬أماعن‬ ‫الضطرابات‪ ‬الخيرة‪ ‬فلن‪ ‬أتحدث‪ ‬عنها‪ ‬الن؛‪ ‬لن‪ ‬هذاسيضربالتحقيقات‬ ‫الجارية‪ ‬؛‪ ‬لكنني‪ ‬أعدكم‪ ‬أننا‪ ‬سنصل‪ ‬إلى‪ ‬الجناة؛‪ ‬وسوف‪ ‬أقف‪ ‬أمامكم‪ ‬عن‬ ‫قريب‪ ‬لعلن‪ ‬هذا‪ ‬بنفسي‪ . ‬شكراا‬ ‫‪...‬‬ ‫اتصل‪ ‬فياض‪ ‬بك‪ ‬سليمان‪ ‬ببعض‪ ‬أقاربه‪ ‬في‪ ‬الحارة‪ ،‬طلب‪ ‬منهم‪ ‬إرسال‪ ‬عدد‬ ‫من‪ ‬الشكاوى‪ ‬إلى‪ ‬الوزارة‪ ‬بالفاكس؛‪ ‬والبريد‪ ‬العاجل‪ ‬؛‪ ‬والبريداللكتروني‪ ‬؛‬ ‫وبأسماء‪ ‬وهمية‪..‬المهم‪ ‬أن‪ ‬يكون‪ ‬العدد‪ ‬كبيراا‪ ‬لتنتفض‪ ‬أجهزةالمن‪ ‬؛‬ ‫‪ ‬تتحرك‪ ‬وتعرف‪ ‬أن‪ ‬المر‪ ‬غاية‪ ‬في‪ ‬الخطورة‪ ‬وتتخذ‪ ‬الإجراءات‪ ‬المطلوبة‬ ‫لإنهاء‪ ‬الزمة‪ ‬فوراا‪ ‬‬ ‫سأله‪ ‬أنور‪­: ‬‬ ‫‪122‬‬


‫‪ ­ ‬وإذالم‪ ‬تتحرك‪ ‬الوزارة؟‬ ‫قال‪ ‬بقوة‪ : ‬سأصعدها‪ ‬لعلى‬ ‫عاد‪ ‬أنور‪ ‬يسأل‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬ومضمون‪ ‬الشكوى؟‬ ‫رد‪ ‬فياض‪ : ‬أي‪ ‬أسلوب‪ . ‬وطبعا ا‪ ‬ايختلف‪ ‬من‪ ‬واحدلخر‪ .‬مثلا‪ : ‬‬ ‫‪ ‬حضرة‪ ‬صاحب‪ ‬السعادةالوزير‪........‬‬ ‫مقدمةلسيادتكم‪ (......) ‬من‪ ‬أهالي‪ ‬أبي‪ ‬تلت‬ ‫أتشرف‪ ‬بعرض‪ ‬التي‪ ‬على‪ ‬سيادتك‬ ‫‪ ‬شكواى‪ ‬من‪ ‬الحق‪ ‬الذي‪ ‬ضاع‪ ‬؛‪ ‬والظلم‪ ‬الذي‪ ‬إنتشر؛‪ ‬وذلك‪ ‬بسبب‪ ‬ضابط‬ ‫نقطة‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬؛‪ ‬الذي‪ ‬يقوم‪ ‬بأعمال‪ ‬غريبة‪ ‬أدت‪ ‬إلى‪ ‬إنتشارالسرقات‬ ‫لحمايته‪ ‬للمجرمين‪ . ‬هذابالضافة‪ ‬لمخالفات‪ ‬آخرى‪ ‬أشاعت‪ ‬الرعب‪ ‬في‬ ‫قلوبنا‪ . ‬لذانرجومن‪ ‬سيادتكم‪ ‬التدخل‪ ‬وسرعة‪ ‬عمل‪ ‬اللزم‪ ‬لعادة‪ ‬المن‪ ‬إلى‬ ‫المنطقة‬ ‫والسلم‪ ‬عليكم‪ ‬ورحمة‪ ‬ا‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫تحت‪ ‬ضغط‪ ‬الشكاوى‪ ‬المقدمة‪ ‬تم‪ ‬تشكيل‪ ‬لجنة‪ ‬من‪ ‬الوزارة‪ ‬لمتابعة‪ ‬العمل‪ ‬في‬ ‫منطقة‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ، ‬صدرأمر‪ ‬وزاري‪ ‬بتحويل‪ ‬الضابط‪ ‬سامح‪ ‬إلى‪ ‬التحقيق‪ ‬‬ ‫على‪ ‬أن‪ ‬تشكل‪ ‬اللجنة‪ ‬التي‪ ‬ستحقق‪ ‬معه‪ ‬من‪ ‬ثلثة‪ ‬أعضاء‪ ،‬حددهم‬ ‫الوزيربالسم‪ ‬وطالب‪ ‬بسرعة‪ ‬تقديم‪ ‬تقرير‪ ‬بالنتيجة‪ ‬ورفعه‪ ‬إليه‪ ‬ليرى‪ ‬رأيه‬ ‫فيه‪ ‬بنفسه‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫علق‪ ‬الصول‪ ‬أنور‪ ‬وهو‪ ‬يجلس‪ ‬على‪ ‬مقعده‪ ‬في‪ ‬النقطة‪ ، ‬منديله‪ ‬في‪ ‬يده‬ ‫يمسح‪ ‬به‪ ‬رأسه‪ ‬من‪ ‬العرق‪ ‬الذي‪ ‬يتفجر‪ ‬كلما‪ ‬غضب‪ ‬أو‪ ‬ظهرت‪ ‬عليه‪ ‬غبطة‪ ‬‬ ‫‪ ،‬أو‪ ‬شعر‪ ‬بانفراجة‪ ‬كابوس‪ ‬كان‪ ‬يثقل‪ ‬على‪ ‬صدره‪ ، ‬قال‪ ‬إن‪ ‬هذاجزاء‪ ‬من‬ ‫يتجبر‪ ،‬أويظن‪ ‬أنه‪ ‬فوق‪ ‬الجميع‪. ‬‬ ‫‪123‬‬


‫ثم‪ ‬إنه‪ ‬بصراحة‪ ‬لم‪ ‬يستعن‪ ‬بخبرة‪ ‬الكبارفي‪ ‬المكان‪ ) ‬قاصداا‪ ‬نفسه‪( ‬‬ ‫أيضا‪ ‬تحدث‪ ‬عن‪ ‬صدقي‪ ‬قائ ا‬ ‫ل‪ ‬إنه‪ ‬يفهم‪ ‬جيدا ا‪ ‬كيف‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬تسير‪ ‬المور‬ ‫ويعرف‪ ‬أن‪ ‬التيار‪ ‬سيجرفك‪ ‬مهما‪ ‬كنت‪ ‬بارعا ا‪ ‬في‪ ‬السباحة‪ ‬إن‪ ‬لم‪ ‬تمض‪ ‬في‬ ‫اتجاهه‬ ‫بعدها‪ ‬عاد‪ ‬سيرته‪ ‬الولى‪ ‬ناسيا ا‪ ‬الموت‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬محلقا ا‪ ‬فوق‪ ‬رأسه‪ ‬منذ‪ ‬حين‬ ‫‪ ،‬ورأى‪ ‬الدنيا‪ ‬رائعة‪ ‬تستحق‪ ‬أن‪ ‬تنال‪ ‬شهدها‪ ، ‬وأن‪ ‬ترفع‪ ‬رأسك‪ ‬وصوتك‬ ‫لعلى‪ ‬قائل ا‪ ‬أنا‪ ‬الصول‪ ‬أنور‪ ‬عبد‪ ‬المقصود‪ ‬سليمان‪.. ‬من‪ ‬جديد‪.‬‬

‫‪124‬‬


‫)‪(15‬‬ ‫مذاق الفشل‬ ‫‪125‬‬


‫في‪ ‬قاعة‪ ‬مغلقة‪ ‬من‪ ‬قاعات‪ ‬الوزارة‪ ‬معلق‪ ‬على‪ ‬بابها‪ ‬لفتة)‪ ‬مكتب‬ ‫التحقيقات(‪ ‬جلس‪ ‬سامح‪ ‬على‪ ‬طرف‪ ‬مائدة‪ ‬مستطيلة‪ ‬أمام‪ ‬أعضاء‪ ‬اللجنة‬ ‫الثلثة‪ ‬هادئاا‪ ، ‬عيناه‪ ‬تخفيان‪ ‬مايعتمل‪ ‬بصدره‪ ‬من‪ ‬أحاسيس‪ ‬؛‪ ‬ومايدورفي‬ ‫رأسه‪ ‬من‪ ‬أفكار؛‪ ‬ينظر‪ ‬إلى‪ ‬أدني‪ ‬حيث‪ ‬الجرائد‪ ‬التي‪ ‬تناولت‪ ‬الموضوع‬ ‫مفتوحة‪ ‬أمامه‪ ‬بذات‪ ‬العناوين‪ ‬المثيرة‪ ‬؛‪ ‬كأن‪ ‬اللجنة‪ ‬رأت‪ ‬أن‪ ‬تضعها‪ ‬أمامه‬ ‫ليعرف‪ ‬القرارالنهائي‪ ‬قبل‪ ‬أن‪ ‬يبدأالتحقيق‪. ‬‬ ‫تذكر‪ ‬أباه‪ ‬اللواء‪ ‬عدلي‪ ‬عبد‪ ‬الستار‪ ‬الذي‪ ‬تقاعد‪ ‬منذ‪ ‬سنوات‪ ‬وكيف‪ ‬أصر‪ ‬أن‬ ‫يصحبه‪ ‬إلى‪ ‬الوزارة‪ ‬ورفضه‪ ‬التام‪ ‬لهذا‪ ‬المر‪ ‬قائلا‪ ‬أنه‪ ‬يعرف‪ ‬جيداا‪ ‬كيف‬ ‫يواجه‪ ‬مصيره‪ ‬؛‪ ‬وإذا‪ ‬كان‪ ‬هناك‪ ‬قرار‪ ‬مهما‪ ‬كان‪ ‬فعليه‪ ‬وحده‪ ‬أن‪ ‬يتصدى‪ ‬له‬ ‫محاو ال‪ ‬إقناع‪ ‬المسئولين‪ ‬برأيه‪ ‬فإن‪ ‬لم‪ ‬يستطع‪ ‬فعليه‪ ‬أن‪ ‬يتحمل‪ ‬النتيجة‬ ‫مهما‪ ‬كانت‪ ، ‬وايضا‪ ‬يتذكر‪ ‬بكاء‪ ‬الدكتوره‪ ‬عايدة‪ ‬والدته‪ ‬ومكوثها‪ ‬بالمنزل‬ ‫رافضة‪ ‬فتح‪ ‬الصيدلية‪ ‬طالما‪ ‬أنه‪ ‬فى‪ ‬مشكلة‪ ‬وطلبها‪ ‬مرافقته‪ ‬حتى‪ ‬باب‬ ‫الوزارة‪ ‬وانتظاره‪ ‬إلى‪ ‬أن‪ ‬يعود‪ ‬؛‪ ‬ورفضه‪ ‬أيضا‪ ‬لهذا‪ ‬المر‪ ‬مصراا‪ ‬على‬ ‫مجابهة‪ ‬المر‪ ‬وحده‪ ‬؛‪ ‬فإذا‪ ‬كانوا‪ ‬قد‪ ‬أشعلوها‪ ‬ناراا‪ ‬عليه‪ ‬بمجرد‪ ‬تلويحه‪ ‬بما‪ ‬‬ ‫لديه‪ ‬من‪ ‬إثباتات‪ ‬على‪ ‬جرائم‪ ‬بشعة‪ ‬يرتكبونها‪ ‬هناك‪ ‬فهو‪ ‬لن‪ ‬يصمت‪، ‬‬ ‫سيظهر‪ ‬مالديه‪ ‬ويقدم‪ ‬الحجج‪ ‬الكافية‪ ‬التي‪ ‬تدل‪ ‬على‪ ‬نقاء‪ ‬صفحته‪ ‬وتؤكد‬ ‫عمق‪ ‬رؤيته‪ ‬لما‪ ‬يدور‪ ‬حوله‪ ‬؛‪ ‬سيدافع‪ ‬عن‪ ‬نفسه‪ ‬جيداا‪ ‬؛‪ ‬وهوليس‪ ‬لديه‬ ‫مايخفيه‪ ، ‬وإذاكان‪ ‬هناك‪ ‬ثمة‪ ‬خطأ‪ ‬فبالتأكيد‪ ‬ليس‪ ‬عن‪ ‬عمد؛‪ ‬بل‪ ‬كانت‪ ‬لديه‬ ‫مبرارت‪ ‬وخطط‪ ‬يشرف‪ ‬عليها‪ ‬مسئولون‪ ‬كبار‪ ، ‬وكان‪ ‬يعرف‪ ‬ماذا‪ ‬يريد‬ ‫ومتى‪ ‬ينفذ‪ ‬ما‪ ‬يريد‪. ‬‬ ‫كانت‪ ‬نظرات‪ ‬أعضاءاللجنة‪ ‬الثلثة‪ ‬أمامه‪ ‬صارمة‪ ‬تدل‪ ‬على‪ ‬جدية‪ ‬موقف‬ ‫ليقبل‪ ‬التراخي‪ ‬أو‪ ‬الهزل‪ ، ‬عيونهم‪ ‬مشربة‪ ‬بتوتر‪ ‬يفرضه‪ ‬الموقف‪، ‬‬ ‫وصمتهم‪ ‬يؤكد‪ ‬صعوبة‪ ‬القرارات‪ ‬التي‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬تصدر‪ ‬عنهم‪ ، ‬كانت‬ ‫‪126‬‬


‫‪ ‬النسورعلى‪ ‬أكتافهم‪ ‬محلقة‪ ،‬عاتية‪ ،‬تحتهاالنجوم‪ ‬متللئة‪ ،‬وكلها‪ ‬تؤكد‬ ‫لسامح‪ ‬أن‪ ‬كل‪ ‬شيء‪ ‬جاهزمن‪ ‬أجلك‪ ، ‬سوف‪ ‬تقوم‪ ‬النسور‪ ‬برفعك‪ ‬إلى‬ ‫أعلى‪ ‬لتصل‪ ‬إلى‪ ‬النجوم‪ ‬بعدها‪ ‬تلقي‪ ‬بك‪ ‬من‪ ‬حالق‪ ‬وينتهي‪ ‬كل‪ ‬شيء‪. ‬‬ ‫الحجرة‪ ‬واسعة‪ ‬؛‪ ‬دهانها‪ ‬رمادى‪ ‬فاتح‪ ‬؛‪ ‬النوافذ‪ ‬مغلقة‪ ، ‬وضوء‪ ‬النيون‬ ‫ناصع‪ ‬يترصدك‪ ،‬يحصرك‪ ‬تحت‪ ‬أعينهم‪ ‬حتى‪ ‬لتستطيع‪ ‬إخفاء‪ ‬شيء‪. ‬‬ ‫ماذاينتظرون؟‬ ‫هيا‪ ‬ليبدأ‪ ‬كبيركم‪ ‬هذا‪ ‬الذي‪ ‬يجلس‪ ‬في‪ ‬الوسط‪ ‬في‪ ‬تلوة‪ ‬قائمة‪ ‬التهامات‪.‬‬ ‫مؤكد‪ ‬سأسمع‪ ‬كما ا‪ ‬هائلا‪ ‬من‪ ‬التوبيخ‪. ‬‬ ‫‪ ‬سوف‪ ‬ينظرون‪ ‬إلى‪ ‬تصرفاتي‪ ‬على‪ ‬أنها‪ ‬طائشة‪ .‬خائبة‪ .‬بعيدةعن‪ ‬أرض‬ ‫الواقع‪ .‬كان‪ ‬صدقي‪ ‬على‪ ‬حق‪ ‬حينما‪ ‬قال‪ ‬أن‪ ‬علينا‪ ‬أن‪ ‬نعامل‪ ‬الناس‪ ‬حسب‬ ‫طباعهم‪ . ‬‬ ‫ترى‪ ‬هل‪ ‬لهذا‪ ‬ا رتباط‪ ‬بحديث‪ ‬الرسول"‪ ‬عاملواالناس‪ ‬على‪ ‬قدرعقولهم‪ " ‬؟‬ ‫‪ ‬لكن‪ ‬الرسول‪ ‬لم‪ ‬يكن‪ ‬يقصد‪ ‬هذا‪ ‬ولم‪ ‬يكن‪ ‬عنيفا ا‪ ‬حتى‪ ‬وهو‪ ‬ينفذ‪ ‬حدود‪ ‬ا‪.‬‬ ‫‪ ‬حتى‪ ‬في‪ ‬الحرب‪ . ‬ثم‪ ‬أن‪ ‬العنف‪ ‬يولدالعنف‪. ‬كان‪ ‬شديداا‪ ‬نعم‪ ‬ولكن‪ ‬في‪ ‬رحمة‬ ‫‪ .‬في‪ ‬حب‪ . ‬في‪ ‬عطف‪ . ‬وإل‪ ‬ماقال‪ ‬سبحانه‪ ‬له‪" ... ‬وإنك‪ ‬لعلى‪ ‬خلق‬ ‫عظيم‪" ‬‬ ‫­‪ ‬نقيب‪ / ‬سامح‪ ‬عدلي‪ ‬عبد‪ ‬الستار‪ ‬‬ ‫‪ ­ ‬أفندم‬ ‫رفع‪ ‬رأسه‪ ‬ليواجه‪ ‬العين‪ ‬الستة‪ ‬المتربصة‪ ‬به‪ . ‬قال‪ ‬الوسط‪ ‬في‪ ‬هدوء‬ ‫­‪ ‬أولا‪ ‬ولكي‪ ‬تطمئن‪.‬‬ ‫‪ ‬أنت‪ ‬لست‪ ‬مدانا ا‪ ‬في‪ ‬شئ‪ ‬محدد‬ ‫‪ ‬ثانيا ا‪ ‬خطابات‪ ‬الشكاوى‪ ‬سواء‪ ‬القادمة‪ ‬بالفاكس‪ ‬أوبالبريد‪ ‬كلها‬ ‫بأسماء‪ ‬وهمية‪ ،‬والسماء‪ ‬الحقيقية‪ ‬تم‪ ‬تحديد‪ ‬هوية‪ ‬أصحابها‪ ‬و‪ ‬تحديد‬ ‫انتمائتهم‪ ‬المختلفة‪ . ‬تحرياتنا‪ ‬اثبتت‪ ‬هذا‪ . ‬‬

‫‪127‬‬


‫ثالثا ا‪ ‬وهوالهم‪ .. ‬إننا‪ ‬أتينا‪ ‬بك‪ ‬حماية‪ ‬لك‪ ، ‬ولنطلع‪ ‬على‪ ‬مالديك‪ ‬من‬ ‫معلومات‪ ‬نرفقها‪ ‬بالمعلومات‪ ‬التي‪ ‬جمعناها‪ ‬لنواجه‪ ‬بهاالمر؛‪ ‬فالتحريات‬ ‫التي‪ ‬لدينا‪ ‬تقول‪ ‬أن‪ ‬المقصود‪ ‬بكل‪ ‬ماجرى‪ ‬هوأنت‪.‬‬ ‫‪ ‬فماذالديك؟‬ ‫انفجرت‪ ‬نقاط‪ ‬دمع‪ ‬كانت‪ ‬عصية‪ ‬من‪ ‬قبل‪ ‬على‪ ‬عينيه‪ ، ‬هنا‪ ‬فقط‪ ‬وأمام‪ ‬تلك‬ ‫الكلمات‪ ‬وجدت‪ ‬القدرة‪ ‬على‪ ‬التغلب‪ ‬على‪ ‬عصيانه‪ ‬والنفراد‪ ‬بعينيه‪ ‬فانطلقت‬ ‫لتغطى‪ ‬حدقتيه‪ ، ‬إل‪ ‬أنه‪ ‬لم‪ ‬يسمح‪ ‬لها‪ ‬بأكثر‪ ‬من‪ ‬هذا‪ ، ‬اعتدل‪ ‬في‪ ‬جلسته‬ ‫شاكراا‪ ‬لهم‪ ‬وممتنا ا‪ ‬لثقتهم‪ ‬به‪ ، ‬وبعد‪ ‬التجهم‪ ‬ورياح‪ ‬الحيرة‪ ‬والقلق‪ ‬التي‬ ‫اجتاحت‪ ‬محياه‪ ‬انفرجت‪ ‬أساريره‪ .‬قال‪ : ‬أمرك‪ ‬يافندم‬ ‫قال‪ ‬الجالس‪ ‬على‪ ‬اليمين‪ : ‬نبدأبقضية‪ ‬القتل‬ ‫قال‪ ‬سامح‪ : ‬المريتعلق‪ ‬بعائلة‪ ‬السليمانية‪ . ‬من‪ ‬خلل‪ ‬التحريات‪ ‬عرفت‪ ‬أن‬ ‫هناك‪ ‬خلفات‪ ‬بينهم‪ ‬وبين‪ ‬القتيل‪ ‬حول‪ ‬الرض‪ ‬والمشروعات‪ ‬العمرانية‪ ‬في‬ ‫المنطقة‪ ‬وإنه‪ ‬كان‪ ‬يرفض‪ ‬التعامل‪ ‬معهم‪ . ‬فقتلوه‪ . ‬واحد‪ ‬من‪ ‬السليمانية‬ ‫قتله‪ ‬أمام‪ ‬زوجته‪. ‬‬ ‫قاطعه‪ ‬أحدهم‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬وأين‪ ‬الزوجة‪ ‬الن‪ ‬؟‬ ‫أجاب‪ ‬فوراا‪ ‬وبل‪ ‬تردد‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬الزوجة‪ ‬في‪ ‬الحارة‪ .‬وإذا‪ ‬فكرت‪ ‬في‪ ‬مهاجمة‪ ‬الحارة‪ ‬أولا‪ ‬سأحتاج‬ ‫إلى‪ ‬قوةأكبر‪ . ‬ثانيا ا‪ ‬قد‪ ‬يتم‪ ‬تهريبها‪ ‬ويبدأالبحث‪ ‬من‪ ‬جديد‪. ‬‬ ‫­‪ ‬وماهي‪ ‬خطتك‪ ‬؟‬ ‫قال‪ ‬بهدوء‪ ‬وهو‪ ‬يدير‪ ‬وجهه‪ ‬إلى‪ ‬عضو‪ ‬اليسار‪ : ‬لجأت‪ ‬إلى‪ ‬أسلوب‪ ‬الضغط‬ ‫على‪ ‬أقاربها‪ ‬خاصة‪ ‬أنور‪ ‬وأبوليلة‪ . ‬مؤكدا اأن‪ ‬الولى‪ ‬أن‪ ‬تخرج‪ ‬كشاهدة‬ ‫بدل‪ ‬القبض‪ ‬عليها‪ ‬كمتهمة‪. ‬‬ ‫أكمل‪ ‬عضو‪ ‬الوسط‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬وطبعا‪ ‬الضغط‪ ‬أتى‪ ‬بنتيجته‪.. ‬الجرائم‪ ‬التي‪ ‬ارتكبت‬ ‫‪128‬‬


‫‪ ­ ‬تمام‪. ‬‬ ‫قال‪ ‬الوسط‪ : ‬في‪ ‬رأيك‪ ‬هل‪ ‬هذا‪ ‬السبب‪ ‬الوحيد‪ ‬؟‬ ‫سامح‪ : ‬نعم‬ ‫اليمين‪ : ‬لماذا؟‬ ‫سامح‪ : ‬لنني‪ ‬صرحت‪ ‬ببعض‪ ‬مالدي‪ ‬من‪ ‬معلومات‪ ‬لحدهم‪ ‬وهوأبوليلة‪.‬‬ ‫اليسار‪ :‬وهل‪ ‬اتهمته‪ ‬بأى‪ ‬تهمة‪ ‬؟‬ ‫سامح‪ :‬الشغب‪ ‬والتسترعلى‪ ‬مجرم‪. ‬‬ ‫اليسار‪ :‬سيثبت‪ ‬ومعه‪ ‬عددمن‪ ‬المحامين‪ ‬براءته‪ ‬منها‬ ‫الوسط‪ : ‬وماذا‪ ‬فعلت‪ ‬أيضا‪ ‬؟‬ ‫سامح‪ : ‬أرسلت‪ ‬العيون‪ ‬للتقاط‪ ‬المعلومات‪ ‬ومحاولة‪ ‬إمساك‪ ‬دليل‪ ‬إدانة‪ ‬على‬ ‫أي‪ ‬منهم‬ ‫‪ ‬اليمين‪ : ‬وهل‪ ‬وصلت‪ ‬الى‪ ‬شئ؟‬ ‫سامح‪ ­: ‬نعم‪ ..‬يستأجرون‪ ‬رجال ا‪ ‬غرباء‪ ‬لتنفيذ‪ ‬ما‪ ‬يريدون‪ . ‬‬ ‫‪ ‬وليعرف‪ ‬هؤلءالرجال‪ ‬مع‪ ‬من‪ ‬يتعاملون‪. ‬‬ ‫‪ ‬كل‪ ‬المشتبه‪ ‬بهم‪ ‬والذين‪ ‬ثبت‪ ‬عليهم‪ ‬القيام‪ ‬بأعمال‪ ‬صغيرة‪ ‬قالوا‪ ‬أن‬ ‫الذي‪ ‬طلب‪ ‬منهم‪ ‬القيام‪ ‬بهذا‪ ‬رجل‪ ‬يقيم‪ ‬في‪ ‬منطقة‪ ‬الرمل‪ ‬وسط‪ ‬السكندرية‬ ‫إسمه‪ ‬رحيم‪ . ‬أبلغت‪ ‬إدارة‪ ‬الكمبيوتر‪. ‬اتضح‪ ‬أنه‪ ‬هناك‪ ‬حوالي‪ ‬عشرين‬ ‫شخصا ا‪ ‬بهذاالسم‪ ‬في‪ ‬المنطقة‪ . ‬كنت‪ ‬بصدد‪ ‬طلب‪ ‬صورهم‪ ‬لعرضهاعلى‬ ‫المشتبه‪ ‬بهم‪ ‬للتعرف‪ ‬على‪ ‬رحيم‪ ‬المطلوب‪ ‬والتعامل‪ ‬معه‪ . ‬لكن‪ ‬جاءهذا‬ ‫التحقيق‪ ‬وأوقف‪ ‬المر‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬الجالس‪ ‬على‪ ‬اليمين‪ ‬يتكلم‪ ‬باسما ا‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬التهام‪ ‬الثاني‪ . ‬التهاون‪ ‬مع‪ ‬المجرمين‪ ‬والمشبوهين‪ ‬إلى‪ ‬درجة‬ ‫مصاحبتهم‪ ‬والتودد‪ ‬إليهم‪ ‬؛‪ ‬كماتقوم‪ ‬بإستضافتهم‪ ‬في‪ ‬مكتبك‪.‬‬ ‫سامح‪ : ‬حدث‪ ‬أن‪ ‬حققت‪ ‬مع‪ ‬البعض‪ ‬في‪ ‬مكتبي‪ . ‬كنت‪ ‬عن‪ ‬طريق‪ ‬التحقيق‬ ‫مع‪ ‬المتهمين‪ ‬وحصارهم‪ ‬بالسئلة‪ ‬وتضييق‪ ‬الخناق‪ ‬عليهم‪ ‬في‪ ‬حدود‪ ‬إحترام‬ ‫‪129‬‬


‫أدمية‪ ‬كل‪ ‬واحد‪ ‬منهم‪ ‬وإحساسه‪ ‬أن‪ ‬كل‪ ‬مابيني‪ ‬وبينه‪ ‬هوالقانون‪ ، ‬وأنني‬ ‫سوف‪ ‬أعطيه‪ ‬حقه‪،‬وأنفذ‪ ‬في‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬القانون‪ ‬دون‪ ‬تجبر‪ ‬أوإفتراء‪ .‬كان‬ ‫هذايشجعهم‪ ‬فعلا‪ ‬ويتكلم‪ ‬كل‪ ‬منهم‪ ‬بل‪ ‬خوف‪ ‬؛‪ ‬وأصل‪ ‬معه‪ ‬إلى‪ ‬نتيجة‪ ‬أفضل‬ ‫من‪ ‬إستخدام‪ ‬العنف‪ ، ‬وسجلت‪ ‬التحقيق‪ ‬موجودة‪ ‬وتشهد‪ ‬بما‪ ‬أقول‪.‬‬ ‫قاطعه‪ ‬الجالس‪ ‬على‪ ‬اليسار‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬هذا‪ ‬يدخل‪ ‬ضمن‪ ‬رسالة‪ ‬الماجستيرالتي‪ ‬تحضرها؟‬ ‫سامح‪ ­: ‬نعم‬ ‫وجه‪ ‬اليسار‪ ‬اللوم‪ ‬إليه‪ ‬ضاحكا ا‪ : ‬أي‪ ‬أنك‪ ‬تستخدم‪ ‬الناس‪ ‬حقل‪ ‬تجارب‪. ‬‬ ‫لكما‪ ‬تقول‪ ‬عنف‪ ‬مرفوض‪ ‬أوعنف‪ ‬للعنف‪.‬‬ ‫سامح‪ ­: ‬لم‪ ‬أقل‪ ‬ذلك‪ . ‬أنابطبعي‪ ‬أجعل‪ ‬الشدة‪ ‬خياري‪ ‬الخير‪ . ‬وأكره‬ ‫التهاون‪ ‬أوالتسيب‪ ‬لنهما‪ ‬سبب‪ ‬ضياع‪ ‬الكثيرين‪.‬‬ ‫الوسط‪ ­: ‬بخصوص‪ ‬الجرائم‪ ‬الخرى‪ . ‬قلت‪ ‬إنها‪ ‬رد‪ ‬فعل‪ ‬للضغط‪ ‬على‬ ‫بعض‪ ‬الشخاص‪.‬‬ ‫سامح‪ ­: ‬نعم‬ ‫الوسط‪ ­: ‬فماذا‪ ‬فعلت‪ ‬حيالها؟‬ ‫سامح‪ ­: ‬قلت‪ ‬لسيادتك‪ ‬قبضت‪ ‬على‪ ‬بعض‪ ‬المشبوهين‪ ‬وقالوا‪ ‬أن‪ ‬شخصا ا‬ ‫يدعى‪ ‬رحيم‪ ‬جندهم‪.‬‬ ‫الوسط‪ ­: ‬هل‪ ‬تركت‪ ‬تقريراامفصلا‪ ‬بهذا‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬وهل‪ ‬تركت‪ ‬تقريرااعن‪ ‬جريمة‪ ‬القتل‪ ‬وما‪ ‬وصلت‪ ‬إليه‪ ‬فيها؟‬ ‫اليمن‪ ­: ‬سنقرأما‪ ‬كتبت‪ ‬وندرس‪ ‬المر‪ ‬ونرفع‪ ‬تقريرااكاملا‪ ‬بنتيجة‪ ‬التحقيق‪.‬‬ ‫قام‪ ‬الوسط‪ ‬واقفا ا‪ ، ‬تبعه‪ ‬الخران‪ ، ‬وبعدهما‪ ‬سامح‪ ، ‬ساروا‪ ‬إلى‪ ‬الباب‬ ‫‪،‬استدار‪ ‬الوسط‪ ‬إليه‪ ‬قائ ا‬ ‫ل‪ ‬فى‪ ‬ود‪ ­: ‬لتنس‪ ‬السلم‪ ‬لسيادة‪ ‬اللواء‪ ‬والدك‪، ‬‬ ‫قل‪ ‬له‪ ‬أنه‪ ‬أنجب‪ ‬رجل‪ ‬نفتخر‪ ‬به‬ ‫هز‪ ‬سامح‪ ‬رأسه‪ ‬قائل‪ ‬همس‪ : ‬إن‪ ‬شاء ا‪ ‬‬

‫‪130‬‬


‫وغادر‪ ‬المديرية‪ ‬إلى‪ ‬الطريق‪ ‬حيث‪ ‬انتبه‪ ‬لبيه‪ ‬جالسا ا‪ ‬في‪ ‬سيارته‪ ‬محاصراا‬ ‫الباب‪ ‬بناظريه‪ ‬وإلى‪ ‬جواره‪ ‬الدكتوره‪ ‬عايدة‪ ‬ممتقعة‪ ‬الوجه‪ ‬ودموعها‪ ‬جافة‬ ‫على‪ ‬حواف‪ ‬عينيها‬ ‫‪..‬‬ ‫رأى‪ ‬نفسه‪ ‬يسير‪ ‬وسط‪ ‬الطرقات‪.. ‬بين‪ ‬الناس‪ .. ‬في‪ ‬الشوارع‪ .. ‬في‬ ‫الميادين‪ .. ‬في‪ ‬الطرقات‪ ‬منكس‪ ‬الرأس‪ . ‬بطيء‪ ‬الخطو‪ . ‬والكل‪ ‬من‪ ‬حوله‬ ‫ينظرون‪ ‬إليه‪ .‬يمصمصون‪ ‬الشفاه‪ ‬شفقة‪ ‬به‪ . ‬يشيرون‪ ‬إليه‪ ‬بأيد‪ ‬قوية‪: ‬‬ ‫هذاهوالفاشل‪ .. ‬الفاشل‪ .. ‬الفاشل‪ ‬الذي‪ ‬لم‪ ‬يفلح‪ ‬في‪ ‬حب‪ ‬أوعمل‪ . ‬تركته‬ ‫سالي‪ ‬لنها‪ ‬أحست‪ ‬بأنه‪ ‬ليس‪ ‬هومن‪ ‬تريد‪ . ‬وأوقفوه‪ ‬عن‪ ‬العمل‪ ‬لنه‪ ‬لم‪ ‬ينجز‬ ‫مايجب‪ ‬إنجازه‪ . ‬فلماذا‪ ‬يعيش؟‬ ‫تكفيه‪ ‬نظرات‪ ‬الزدراء‪ ‬والرأس‪ ‬منكسة‪ ‬و‪ !... ‬‬ ‫‪ ­ ‬سامح‪...‬سامح‬ ‫انتبه‪ .. ‬أبوه‪ ‬أمامه‪ ... ‬عيناه‪ ‬متسعتان‪ .. ‬ملمحه‪ ‬منقبضة‬ ‫‪ ­ ‬هل‪ ‬وصل‪ ‬المر‪ ‬للبكاء؟‬ ‫رفع‪ ‬عينيه‪ ‬لعلى‪ .. ‬تلقت‪ ‬بعيني‪ ‬أبيه‪.. ‬مد‪ ‬يده‪ ‬ببطء‪ ‬يمسحهما‪ . ‬رفع‬ ‫الجريدة‪ ‬التي‪ ‬كانت‪ ‬بجواره‪ ‬إلى‪ ‬مستوى‪ ‬عيني‪ ‬أبيه‪ ‬ليقرأ‪ ‬الخبرالمكتوب‬ ‫عنه‪ ‬وعن‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪. ‬‬ ‫"‪ ‬التحقيق‪ ‬مع‪ ‬الضابط‪ ‬المسئول‪ ‬عن‪ ‬نقطة‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ ‬يكشف‪ ‬تهاونه‬ ‫‪ ‬وفشله‪ ‬في‪ ‬حل‪ ‬القضية"‬ ‫"‪ ‬المسئول‪ ‬الجديدعن‪ ‬النقطة‪ ‬ويدعى‪ ‬الضابط‪ ‬صدقي‪ ‬يلقي‪ ‬القبض‬ ‫على‪ ‬القاتل‪ ‬الحقيقي‪" ‬‬ ‫"‪ ‬إعترافات‪ ‬تفصيلية‪ ‬للقاتل‪ ‬عن‪ ‬أسباب‪ ‬جريمته‪ ‬ومن‪ ‬ساعده‪ ‬فيها‪" ‬‬ ‫نحى‪ ‬أبوه‪ ‬الجريدة‪ ‬جانبا ا‪ ‬وهويقول‪ ‬أنه‪ ‬قرأها‬ ‫اندفع‪ ‬سامح‪: ‬‬ ‫‪131‬‬


‫‪ ­ ‬وعرفت‪ ‬أنني‪ ‬أخطأت؟‬ ‫‪ ‬عرفت‪ ‬ياأبي‪ ‬أنني‪ ‬كنت‪ ‬متهاون‪ ‬؛‪ ‬لم‪ ‬أعالج‪ ‬الموربجدية؛‪ ‬كنت‪ ‬أعيش‬ ‫في‪ ‬الوهام‪ ‬والخيالت‪ ،‬أكتب‪ ‬وأقرأعن‪ ‬أشياء‪ ‬ل‪ ‬تصلح‪ ‬إل‪ ‬في‪ ‬السينما‪ ‬؛‬ ‫أماالواقع‪ ‬فهوالذي‪ ‬كان‪ ‬يعيش‪ ‬فيه‪ ‬صدقي‪ .‬كثيراا‪ ‬ما‪ ‬ناقشني‪ ، ‬طلب‪ ‬مني‬ ‫أن‪ ‬أفيق‪ ،‬أن‪ ‬أتبع‪ ‬السلوب‪ ‬الصحيح‪ . ‬أعلن‪ ‬الحكام‪ ‬العرفية‪ ‬في‪ ‬المنطقة‬ ‫‪ ،‬أقبض‪ ‬على‪ ‬المارة‪ ‬للشتباه‪ ، ‬أسال‪ ، ‬استفسر‪ ، ‬أرمي‪ ‬في‪ ‬الحجز‪ ،‬أضع‬ ‫العيون‪ ‬والجواسيس‪ ‬ومؤكد‪ ‬في‪ ‬خلل‪ ‬أيام‪ ‬سأصل‪ ‬إلى‪ ‬ماأريد‪.‬‬ ‫‪ ‬رفضت‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ‬وقلت‪ ‬لدي‪ ‬السلوب‪ ‬العلمي‪ ‬الصحيح‪.‬‬ ‫وهاهي‪ ‬النتيجة‪.‬‬ ‫‪ ‬الغريب‪ ‬أنهم‪ ‬فى‪ ‬التحقيق‪ ‬أيدونى‪ ‬وأشادوا‪ ‬بأدائي‪ ، ‬أتعرف‪ ‬لماذا‪ ‬ياأبى‪ ‬؟‬ ‫‪ ‬كان‪ ‬كل‪ ‬هذا‪ ‬من‪ ‬أجل‪ ‬خاطرك‪ ‬فقط‪ ، ‬وبعد‪ ‬خروجي‪ ‬كانت‪ ‬السكين‬ ‫جاهزة‪ ‬للذبح‪.‬‬ ‫بهدوء‪ ‬مشوب‪ ‬بحيادية‪ ‬تامة‪ ‬قال‪ ‬أبوه‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬الشدة‪ ‬والحسم‪ ‬ليس‪ ‬معناها‪ ‬العنف‪ ..‬العنف‪ ‬قسوة‪ ،‬ظلم‪ ، ‬إفتراء‪.‬‬ ‫‪ ‬أماالشدة‪ ‬والحسم‪ ‬فمعناها‪ ‬قوة‪ ‬في‪ ‬الحق‪ ‬وحسم‪ ‬في‪ ‬العدل‪ ، ‬وشتان‬ ‫بين‪ ‬الثنين‪ .‬أما‪ ‬التهاون‪ ‬الذي‪ ‬تتحدث‪ ‬عنه‪ ‬فمعناه‪ ‬ضعف‪ ‬وتراخي‪. ‬‬ ‫ولأظنك‪ ‬فعلت‪ ‬هذا‪.‬‬ ‫حدق‪ ‬في‪ ‬عينيه‪ ‬شارداا‪ . ‬كانت‪ ‬مناقشتهما‪ ‬بالمس‪ ‬عن‪ ‬مجتمع‪ ‬إسلمي‪ ‬يقف‬ ‫فيه‪ ‬المحكوم‪ ‬على‪ ‬قدم‪ ‬المساوة‪ ‬مع‪ ‬الحاكم‪ ‬كما‪ ‬فعل‪ ‬أحدهم‪ ‬مع‪ ‬عمربن‬ ‫الخطاب‪ ‬حينما‪ ‬قاطعه‪ ‬على‪ ‬المنبر‪ ‬وقال‪ ‬له‪ : ‬وا‪ ‬لن‪ ‬نطيعك‪. ‬‬ ‫فسأله‪ ‬عن‪ ‬السبب‪ ،‬اتهمه‪ ‬بأنه‪ ‬آثرنفسه‪ ‬على‪ ‬بقية‪ ‬الخلق‪ ،‬أخذ‪ ‬لنفسه‬ ‫وهوالطويل‪ ‬الجسم‪ ‬جلبابا ا‪ ‬أطول‪ ‬وقماشا ا‪ ‬أكثر‪ ‬من‪ ‬بيت‪ ‬مال‪ ‬المسلمين‪. ‬‬ ‫فنادى‪ ‬عمرولده‪ ‬عبدا‪ ‬وسأله‪ ‬أن‪ ‬يقول‪ ‬لهم‪ ‬من‪ ‬أين‪ ‬أتي‪ ‬عمرببقية‪ ‬القماش‬ ‫ليطيل‪ ‬ثوبه‪ . ‬قال‪ ‬عبدا‪ ‬إنه‪ ‬من‪ ‬نصيبي‪ ‬ياأبي‪ ‬فجلس‪ ‬الرجل‪ ‬وهويقول‬ ‫الن‪ ‬نسمع‪ ‬ونطيع‪.‬‬ ‫‪132‬‬


‫الإسلم‪ ‬ليس‪ ‬حكما‪ ‬جائار‪ ‬وحاكما ا‪ ‬ظالما ا‪ ‬وعلينا‪ ‬بالصبر‪ ‬عليه‪ ، ‬وليس‬ ‫الإسلم‪ ‬استسلما ا‪ ‬بحجة‪ ‬الصبر‪ ‬على‪ ‬المكروهات‪ ‬ولكنه‪ ‬شيء‪ ‬أرفع‪ ‬من‪ ‬هذا‬ ‫‪ ،‬المسلم‪ ‬كما‪ ‬قال‪ ‬الرسول‪ ‬قوى‪ ‬في‪ ‬غير‪ ‬تجبر‪ ،‬إن‪ ‬عفا‪ ‬فعن‪ ‬قوة‪ ، ‬وإن‬ ‫اقتص‪ ‬فبالعدل‪ ، ‬ومن‪ ‬حقه‪ ‬في‪ ‬كل‪ ‬حين‪ ‬أن‪ ‬يواجه‪ ‬حاكمه‪ ‬ويوجهه‪.‬‬ ‫‪ ‬عمربن‪ ‬الخطاب‪ ‬هذا‪ ‬كان‪ ‬في‪ ‬ذات‪ ‬الوقت‪ ‬شديداا‪ ‬في‪ ‬الحق‪ ،‬يطبق‪ ‬القانون‬ ‫كما‪ ‬ينبغي‪ ‬وليحيد‪ ‬عنه‪ ،‬لنه‪ ‬يعرف‪ ‬أنه‪ ‬والخلق‪ ‬سواء‪ ، ‬وأن‪ ‬كل‪ ‬منهم‬ ‫يقوم‪ ‬بعمله‪ ‬وأن‪ ‬الفضلية‪ ‬عند‪ ‬ا‪ ‬لمن‪ ‬أحسن‪ ‬العمل‪ ‬المنوط‪ ‬به‪ . ‬هكذاعلمه‬ ‫القانون‪ ‬الذي‪ ‬نزل‪ ‬على‪ ‬محمد‪ ‬صلى ا‪ ‬عليه‪ ‬وسلم‪ .‬المر‪ ‬إذن‪ ‬ليس‬ ‫استسلما‪ ‬لجماعة‪ ‬ول‪ ‬هو‪ ‬دكتاتورية‪ ‬فرد‪ ‬مهما‪ ‬عل‪ ، ‬و‪ ‬المركله‪ ‬ليس‪ ‬فيه‬ ‫تقليد‪ ‬للغرب‪ ، ‬بل‪ ‬أن‪ ‬مايفعلونه‪ ‬هناك‪ ‬هوتقليد‪ ‬لنا‪. ‬عندما‪ ‬يقف‪ ‬أحدهم‬ ‫هناك‪ ،‬ويقول‪ ‬لصاحب‪ ‬سلطة‪ ‬أنت‪ ‬أخطأت‪ ‬ويتقبل‪ ‬منه‪ ،‬وعندما‪ ‬يقف‪ ‬أحدهم‬ ‫ويقول‪ ‬لرجل‪ ‬بوليس‪ ‬ليس‪ ‬من‪ ‬حقك‪ ‬قانونا ا‪ ‬إهانتي‪ ‬أو‪ ....‬أو‪ .....‬فليس‬ ‫معنى‪ ‬هذا‪ ‬إل‪ ‬أنهم‪ ‬أخذوه‪ ‬منا‪ ‬وإبتعدنا‪ ‬نحن‪ ‬عن‪ ‬الذي‪ ‬ورثناه‪ . ‬فإذاعاد‬ ‫أحدنا‪ ‬محاوال‪ ‬العودة‪ ‬للموروث‪ ‬الصحيح‪ ‬صار‪ ‬فاشلا‪. ‬‬ ‫الكثرمن‪ ‬ذلك‪ ‬أن‪ ‬نصفق‪ ‬لرجل‪ ‬مثل‪ ‬صدقي‪ ‬ينظرإلى‪ ‬الجميع‪ ‬من‪ ‬أعلى‪،‬‬ ‫الكل‪ ‬أمامه‪ ‬مجرمين‪ ‬إلى‪ ‬أن‪ ‬يثبت‪ ‬العكس‪ ..‬وينجح‪ ‬صدقي‪ . ‬يحصل‪ ‬دائما ا‬ ‫على‪ ‬ما‪ ‬يريد‪ ،‬وينال‪ ‬الرضاء‪ ‬والترقية‪ ‬فقد‪ ‬حل‪ ‬في‪ ‬أيام‪ ‬قلئل‪ ‬مالم‬ ‫يقدرأحدعلى‪ ‬حله‪ ،‬وقبض‪ ‬على‪ ‬المجرم‪ ‬القاتل‪ ،‬وأنهى‪ ‬حالة‪ ‬إنعدام‪ ‬المن‬ ‫في‪ ‬المنطقة‪ ، ‬وسيطرعلى‪ ‬الموقف‪ ‬تماما ا‪ ‬وأصبح‪ ‬سامح‪ ‬هوالفاشل‪ ‬الذي‬ ‫يشارإليه‪ ، ‬المتهاون‪ ‬الذي‪ ‬ليصلح‪ ‬لشئ‪ . ‬حتى‪ ‬الحب‪ ‬فشل‪ ‬فيه‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬الوالد‪ ‬يتكلم‬ ‫‪ ­ ‬على‪ ‬فكرة‪ ‬يا‪ ‬سامح‪ ،‬الموضوع‪ ‬لم‪ ‬ينته‪ ‬بعد‬ ‫تبسم‪ ‬بغم‪.‬‬

‫‪133‬‬


‫‪ ‬أبوه‪ ‬يريد‪ ‬أن‪ ‬يهون‪ ‬عليه‪ ‬المر‪ ،‬يخفف‪ ‬عنه‪ ‬إحساسه‪ ‬المهين‪ ‬بالفشل‪. ‬‬ ‫غداا‪ ‬ترى‪ ‬يا‪ ‬أبي‪ . ‬عندما‪ ‬يتم‪ ‬نقلي‪ ‬إلى‪ ‬مكان‪ ‬أتعلم‪ ‬فيه‪ ‬الضبط‪ ‬والربط‪ ‬من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫ساعتها‪ ‬لن‪ ‬يشفع‪ ‬لي‪ ‬منصبك‪ ‬في‪ ‬شئ‪.‬‬ ‫ليسقط‪ ‬الماجستير‪ ‬والعدل‪ ‬والحكمة‪.‬‬ ‫المهم‪ ‬الغاية‪ . ‬هيا‪ ‬نحققها‪ ‬بأي‪ ‬وسيلة‪ . ‬ونفخربعدها‪ ‬أننا‪ ‬حققنا‪ ‬ما‪ ‬نريد‪.‬‬ ‫تلك‪ ‬هي‪ ‬شريعتكم‪ . ‬أعدكم‪ ‬سوف‪ ‬أسيرعليها‪ . ‬وسوف‪ ‬ترون‪.‬‬ ‫دق‪ ‬جرس‪ ‬الهاتف‪ . ‬إنتفض‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ .‬مندوب‪ ‬من‪ ‬إدارة‪ ‬التحقيقات‪.‬‬ ‫بعد‪ ‬السلم‪ ‬والتحية‪ ‬له‪ ‬ولوالده‪ ‬أبلغه‪ ‬بهدوء‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬نريدك‪ ‬في‪ ‬الدارةغداا‬ ‫غمغم‪ : ‬هل‪ !.... : ‬‬ ‫ولم‪ ‬يستطع‪ ‬أن‪ ‬يكمل‪ ‬المعنى‪ ‬الذي‪ ‬يقصده‬ ‫أكمل‪ ‬المندوب‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬في‪ ‬تمام‪ ‬الساعةالعاشرة‪.‬‬ ‫وتركه‪ ‬في‪ ‬دوامة‪ ‬قلق‪.‬‬

‫‪134‬‬


‫)‪(16‬‬ ‫المملكه‬ ‫‪135‬‬


‫وصل‪ ‬أنور‪ ‬إلى‪ ‬أوج‪ ‬سعادته‪ . ‬كابوس‪ ‬وإنزاح‪ ‬عن‪ ‬صدره‪ . ‬تمنى‪ ‬لويعبرعن‬ ‫فرحته‪ ، ‬يوزع‪ ‬الشربات‪ ‬على‪ ‬كل‪ ‬من‪ ‬يقابله‪ ، ‬فقد‪ ‬كان‪ ‬وجود‪ ‬هذا‪ ‬الرجل‬ ‫عبء‪ ‬كبيرعليه‪ ، ‬اضطره‪ ‬إلى‪ ‬التعامل‪ ‬مع‪ ‬الخلق‪ ‬برفق‪ . ‬يسمع‪ ‬هذه‬ ‫بعبارتها‪ ‬الجوفاء‪ ،‬وينظرإلى‪ ‬دمامة‪ ‬تلك‪ ‬رغم‪ ‬أن‪ ‬أكثرما‪ ‬يكرهه‪ ‬في‬ ‫هذاالكون‪ ‬هوالتطلع‪ ‬للوجوه‪ ‬الدميمة‪ ، ‬ثم‪ ‬أن‪ ‬ما‪ ‬يعكرمزاجه‪ ‬أكثر‪ ‬أولئك‬ ‫الرجال‪ ‬ومعظمهم‪ ‬من‪ ‬العمال‪ ‬والصناع‪ . ‬أماعلية‪ ‬القوم‪ ‬فهم‪ ‬نادراا‪ ‬ما‬ ‫يأتون‪ . ‬وإذا‪ ‬فكرأحدهم‪ ‬في‪ ‬دخول‪ ‬النقطة‪ ‬فإنه‪ ‬يحمل‪ ‬جاهه‪ ‬وثروته‪ ‬معه‪، ‬‬ ‫وهؤلء‪ ‬ليكاد‪ ‬ينال‪ ‬من‪ ‬أحدهم‪ ‬إل‪ ‬النظرات‪ ‬المتعالية‪ ‬والكلمات‪ ‬الجافة‪، ‬‬ ‫أما‪ ‬لقمة‪ ‬العيش‪ ‬الطرية‪ ‬الطازجة‪ ‬فلتأتي‪ ‬إلمن‪ ‬العمال‪ ‬والصناع‪ ‬والنساء‬ ‫محدودات‪ ‬الدخل‪ ‬والتعليم‪ ‬من‪ ‬المنطقة‪ ‬وماحولها‪ . ‬هؤلءالعراك‪ ‬بينهم‬ ‫لينتهي‪ ‬ولبد‪ ‬أن‪ ‬يصل‪ ‬للنقطة‪ ، ‬وأن‪ ‬يقوم‪ ‬هو‪ ‬بكتابة‪ ‬المحضر‪ ، ‬ويغمز‬ ‫لهذا‪ ‬بكلمة‪ ‬ولذلك‪ ‬بإشارة‪ ‬فيتبارى‪ ‬على‪ ‬إرضائه‪ ‬لكي‪ ‬يكتب‪ ‬كلمتين‪ ‬في‬ ‫صالحه‪ ‬وتحلو‪ ‬المور‪.‬‬ ‫إل هذا الرجل – منه ل –طير منه هذه النعمة‪ ،‬حرمه لذة إستطعامها ‪،‬‬ ‫وجزاه وحوله للتحقيق‪ ،‬ولم يراع أقاربه الواصلين وأصحاب الجاه‪.‬‬ ‫يجلس‪ ‬أنورعلى‪ ‬كرسيه‪ ،‬ساقاه‪ ‬منفرجتان‪ ‬وصدره‪ ‬عال‪ ‬ورأسه‪ ‬مرتفع‪.‬‬ ‫الساحة‪ ‬أمامه‪ ‬خالية‪ ،‬الباب‪ ‬مفتوح‪ .‬وهوينظرمن‪ ‬عل‪ .‬ينظر‪ ‬مايزال‪ ‬‬ ‫‪ ‬متعجبا ا‪ ‬من‪ ‬تصاريف‪ ‬القدر‪ ،‬لقد‪ ‬تمنى‪ ‬أن‪ ‬ينصحه‪ ،‬يقو‪ ‬ل‪ ‬له‪ ‬يابني‬ ‫إبتعدعن‪ ‬عم‪ ‬أنور‪ ،‬أنت‪ ‬بالنسبة‪ ‬إلّي‪ ‬تلميذ‪ ، ‬لن‪ ‬يقوى‪ ‬على‪ ‬صدالريح‪.‬‬ ‫لكنه‪ ‬كان‪ ‬كالفرس‪ ‬الجامح‪ ،‬لم‪ ‬يقدركبرسنه‪ ‬ومركزعائلته‪.‬‬ ‫هاهو‪ ‬قد‪ ‬ذهب‪ ‬وبقيت‪ ‬أنت‪ ‬الن‪.‬‬ ‫سبحانك‪ ‬يارب‪ ، ‬هاهو‪ ‬يذوق‪ ‬من‪ ‬نفس‪ ‬الكأس‪ ‬ويجد‪ ‬من‪ ‬يحوله‪ ‬للتحقيق‪. ‬‬ ‫صحيح‪ ‬عامل‪ ‬تعامل‪ .‬لولأنني‪ ‬راجل‪ ‬طيب‪ ، ‬قلبي‪ ‬نظيف‪ ‬ولأحمل‪ ‬لحد‬

‫‪136‬‬


‫مكروها ا‪ ‬ما‪ ‬أراني ا‪ ‬فيه‪ ‬مااشتهي‪ . ‬هذاالشاب‪ ‬التافه‪ ‬الذي‪ ‬لم‪ ‬يتحمل‬ ‫لطمة‪ ‬واحدةعلى‪ ‬وجهه‪ ،‬لم‪ ‬يتحمل‪ ‬أن‪ ‬يقرص‪ ‬أحد‪ ‬أذنه‪ ‬للعبرة‪ ‬والتذكرة‪.‬‬ ‫مسح‪ ‬رأسه‪ ‬بيده‪ ‬وهويفرد‪ ‬صدره‪ ‬وينظر‪ ‬إلى‪ ‬الباب‪ ‬المفتوح‪ ‬بسرور‪.‬‬ ‫هزرأسه‪ ‬مستدركا ا‪ ، ‬لكنه‪ ‬كان‪ ‬ولدااطيبا ا‪ ‬في‪ ‬جميع‪ ‬الحوال‪ ،‬لم‪ ‬استطع‬ ‫إجبارنفسي‪ ‬على‪ ‬كرهه‪ ،‬لم‪ ‬يتفوه‪ ‬بلفظ‪ ‬خارج‪ ‬مرة‪ ،‬لم‪ ‬يخرج‪ ‬عن‬ ‫شعوره‪ .‬بل‪ ‬بالعكس‪ ‬كان‪ ‬في‪ ‬أحرج‪ ‬اللحظات‪ ‬يتدخل‪ ‬ويحل‪ ‬الموربهدوء‬ ‫وروية‪ .‬الغريب‪ ‬أنني‪ ‬كنت‪ ‬أراه‪ ‬رجلا‪ ‬حقيقياا‪ ،‬وكنت‪ ‬أتمنى‪ ‬مثله‪ ‬لبنتي‬ ‫عائشة‪. ‬‬ ‫أدار‪ ‬عينيه‪ ‬في‪ ‬الوجوه‪ ‬من‪ ‬حوله‪ ، ‬عاد‪ ‬إلى‪ ‬نفسه‪ ‬بل‪ ‬طائل‪ ، ‬قالت‪ ‬له‪ ‬نفسه‬ ‫تلك‪ ‬هي‪ ‬الحقيقة‪ ‬ياأنور‪ ،‬الولد‪ ‬كان‪ ‬يعجبك‪ ..‬نعم‪ ‬يعجبني‪ ‬عندما‪ ‬يكون‪ ‬في‬ ‫صفي‪ ! ‬أماأن‪ ‬يجيء‪ ‬علّي‪ ‬ويهز‪ ‬هيبتي‪ ‬فهذا‪ ‬ما‪ ‬يجعلني‪ ‬أكره‪ ‬الساعة‪ ‬التي‬ ‫رأيته‪ ‬فيها‪.‬‬ ‫لقد‪ ‬قال‪ ‬فياض‪ ‬وكما‪ ‬قال‪ ‬نفذ‪ ‬بالحرف‪ .‬قال‪ ‬أنه‪ ‬سينقله‪ .‬وهاهو‪ ‬جاء‪ ‬الن‬ ‫يعلن‪ ‬أنه‪ ‬نقل‪ ‬إلى‪ ‬مكان‪ ‬قصي‪ ‬في‪ ‬الصعيد‪ .‬قال‪ ‬أنه‪ ‬بإتصالته‪ ‬في‪ ‬الوزارة‬ ‫علم‪ ‬أنهم‪ ‬أحالوه‪ ‬للتحقيق‪ ،‬وأنه‪ ‬نال‪ ‬جزااء‪ ‬رادعاا‪،‬ونقل‪ ‬إلى‪ ‬حيث‪ ‬يتعلم‬ ‫المهنة‪ ‬من‪ ‬جديد‪.‬‬ ‫هز‪ ‬أنور‪ ‬رأسه‪ ‬مشفقا ا‪ ‬وهويجلس‪ ‬على‪ ‬مقعده‪ ‬الثير‪ ‬بغرفة‪ ‬النوباتجية‪ .‬لم‬ ‫يكن‪ ‬سامح‪ ‬يستحق‪ ‬هذه‪ ‬المعاملة‪ .‬كانت‪ ‬قرصة‪ ‬أذن‪ ‬كافية‪ ،‬هوعلى‪ ‬القل‬ ‫كان‪ ‬واضحا ا‪ ‬بوجه‪ ‬واحد‪ ، ‬مهما‪ ‬كان‪ ‬هذاالوجه‪ .‬أماصدقي‪ ‬فهذا‪ ‬رجل‪ ‬آخر‪،‬‬ ‫لشيء‪ ‬يقف‪ ‬أمامه‪ ،‬ليهتم‪ ‬إل‪ ‬بتحقيق‪ ‬أهدافه‪ ..‬كيف؟‪ ..‬ليهم‪.‬‬ ‫وهذاهوالمطلوب‪ .‬طلب‪ ‬قاتلا‪ ‬ليضعه‪ ‬أمام‪ ‬المسئولين‪ ‬في‪ ‬قضية‪ ‬السيد‪ ‬محمد‬ ‫رضوان‪ ،‬قامت‪ ‬العائلة‪ ‬بتقديم‪ ‬قاتل‪ ‬إعترف‪ ‬على‪ ‬نفسه‪ ‬تفصيليا ا‪ ‬بالقتل‪ ‬كما‬ ‫لقنه‪ ‬محامي‪ ‬من‪ ‬أبناءالعائلة‪ ،‬وذهبت‪ ‬بهية‪ ‬إلى‪ ‬المحكمة‪ ، ‬شهدت‪ ‬بأنه‬ ‫القاتل‪ ، ‬وأقفلت‪ ‬القضية‪ ‬على‪ ‬هذا‪ .‬أيضا ا‪ ‬انتهت‪ ‬أعمال‪ ‬الشغب‪ ‬وقبض‪ ‬على‬

‫‪137‬‬


‫البعض‪ ‬وحوكموا‪ ‬وعاد‪ ‬الهدوء‪ ‬إلى‪ ‬أبي‪ ‬تلت‪ .‬فماالذي‪ ‬ناله‪ ‬سامح‪ ‬من‬ ‫صلبة‪ ‬رأسه‪ ‬إل‪ ‬الغتراب‪ ‬والذل‪ ‬؟‬ ‫عاد‪ ‬أنوريهزرأسه‪ ‬مشفقا ا‪ ‬متسائلا‪ ..‬ترى‪ ‬هل‪ ‬يقدرلي‪ ‬أن‪ ‬أراه‪ ‬ثانية؟‬ ‫ماكاد‪ ‬ينتهي‪ ‬من‪ ‬تساؤله‪ ‬هذا‪ ‬حتى‪ ‬رآه‪ ‬أمامه‪ ‬داخلا‪ ‬من‪ ‬الباب‪ ‬المفتوح‪! ‬‬ ‫‪ ‬إهتزكرشه‪ ‬بشدة‪ ‬و‪ ‬ازدادت‪ ‬عيناه‪ ‬ضيقا ا‪ .. ‬إنه‪ ‬هو‪ ، ‬وفي‪ ‬النقطة‪ ! ‬‬ ‫‪ ‬بملبسه‪ ‬الرسمية‪.‬‬ ‫‪ ‬بابتسامته‪ ‬الهادئةالتي‪ ‬يمقتها‪.‬‬ ‫‪ ‬إرتجفت‪ ‬جفونه‪ ‬بشدة‪ ،‬أخرج‪ ‬منديله‪ ‬يمسح‪ ‬به‪ ‬رأسه‪ ‬ورقبته‪.‬‬ ‫‪ ‬ل‪ .‬مؤكد‪ ‬ليس‪ ‬هو‪.‬‬ ‫إنه‪ ‬خيال‪ ، ‬لنك‪ ‬فكرت‪ ‬فيه‪ ‬ظننته‪ ‬أمامك‪.‬‬ ‫‪ ‬كثيرون‪ ‬يحدث‪ ‬لهم‪ ‬هذا‪.‬‬ ‫‪ ‬يحادثون‪ ‬أقرباء‪ ‬أوأحباب‪ ‬لهم‪ ‬ماتوا‪.‬‬ ‫‪ ‬يقولون‪ ‬أنهم‪ ‬يرونهم‪ ، ‬يسمعون‪ ‬منهم‪ ‬ثم‪ ‬ينتهي‪ ‬كل‪ ‬شئ‪.‬‬ ‫‪ ‬مؤكد‪ ‬لنه‪ ‬كان‪ ‬مشفقا ا‪ ‬عليه‪ ‬يرثي‪ ‬لحاله‪ ‬ظن‪ ‬أنه‪ ‬أمامه‪ ‬وأنه‪ ‬عاد‪ ‬من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫أقتحم‪ ‬مجال‪ ‬رؤيته‪ ‬أحد‪ ‬الجنود‪ ‬جاء‪ ‬يبشره‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬الضابط‪ ‬سامح‪ ‬عاد‪ .‬الجميع‪ ‬يسلمون‪ ‬عليه‪.‬‬ ‫انتفض‪ ‬من‪ ‬مكانه‪ ‬واقفا ا‪ ‬ليكاد‪ ‬يصدق‪ ‬ماقيل‪ ‬وهويردد‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬عا‪ ‬د‪ ‬حقا ا‪ ! ‬‬ ‫ثم‪ ‬مالبثت‪ ‬أن‪ ‬مرت‪ ‬برأسه‪ ‬فكرة‪.‬‬ ‫‪ ‬مؤكدعاد‪ ‬ليودع‪ ‬الجميع‪ ‬ويذهب‪ ‬ويتسلم‪ ‬عمله‪ ‬الجديد‪.‬‬ ‫‪ ‬انفرجت‪ ‬شفتاه‪ ‬الغليظتان‪ ‬عن‪ ‬إبتسامة‪ ، ‬وإندفع‪ ‬إلى‪ ‬المام‪ ‬يسبقه‪ ‬صوته‬ ‫مرحبا ا‪.‬‬

‫‪138‬‬


‫مد‪ ‬سامح‪ ‬يده‪ ‬مسلما ا‪ ‬في‪ ‬ود‪ ‬وهويشكرله‪ ‬مشاعره‪ .‬دارت‪ ‬الكلمات‪ ‬بين‬ ‫الجمع‪ ‬ومن‪ ‬حولهم‪ ‬عن‪ ‬الخلق‪ ‬الطيبة‪ ‬التي‪ ‬إفتقدوها‪ ‬بغياب‪ ‬سامح‪ ،‬وهم‬ ‫وقوف‪ ‬حوله‪ ‬على‪ ‬هيئة‪ ‬دائرة‪ ‬هو‪ ‬في‪ ‬طرف‪ ‬محيطها‪ ‬معطيا ا‪ ‬ظهره‪ ‬للحائط‪. ‬‬ ‫حدق‪ ‬أنورفي‪ ‬وجهه‪..‬مسكين‪ ،‬مؤكد‪ ‬قرارالنقل‪ ‬حطمه‪ ، ‬يبدوعليه‬ ‫الانكسار‪ .‬جاء‪ ‬يزورالمكان‪ ‬الذي‪ ‬طرد‪ ‬منه‪ .‬حنين‪ ‬إلى‪ ‬العز‪ ‬الذي‪ ‬كان‪ ‬فيه‪.‬‬ ‫العزالذي‪ ‬رفسه‪ ‬بقدمه‪.‬‬ ‫كل‪ ‬هذا‪ ‬لنه‪ ‬لم‪ ‬يعرف‪ ‬أقدارالناس‪ ، ‬ماله‪ ‬هو‪ ‬وعائلة‪ ‬السليمانية‪ ،‬هاهوقد‬ ‫أخذ‪ ‬عقابه‪ .‬مسكين‪ .‬فلعلها‪ ‬تكون‪ ‬تجربة‪ ‬مفيدة‪ ‬له‪.‬‬ ‫ارتفع‪ ‬في‪ ‬فضاء‪ ‬المكان‪ ‬صراخ‪ ‬قادم‪ ‬من‪ ‬الخارج‪ ‬وأرجل‪ ‬تجري‪ ‬نحوالنقطة‪.‬‬ ‫قابلهم‪ ‬الصول‪ ‬أنورصارخا ا‪ ‬بصوته‪ ‬العريض‪ : ‬‬ ‫‪ ­ ‬اخرس‪ ‬منك‪ ‬له‪ ،‬أل‪ ‬تعلمون‪ ‬أين‪ ‬أنتم؟‬ ‫جاء‪ ‬صوت‪ ‬من‪ ‬الخلف‪ ‬يعرفه‪ ‬جيداا‪ ‬يقول‪ ‬آمراا‪: ‬‬ ‫‪ ­ ‬اتركهم‪ ‬ياحضرة‪ ‬الصول‪.‬‬ ‫‪ ­ ‬تعالوا‪ ‬هنا‪ ...‬ماالمر؟‬ ‫طأطئ‪ ‬رأسه‪ ‬ولم‪ ‬ينبس‪ ‬بحرف‪.‬‬ ‫اكتفى‪ ‬بإرسال‪ ‬نظرة‪ ‬حملها‪ ‬مشاعره‪ ‬سائل ا‪ ‬نفسه‪ ‬بحنق‪ ‬عما‪ ‬يراه‪، ‬‬ ‫ومامعناه‪ ‬بالضبط‪ ‬؟‬ ‫هذه‪ ‬أول‪ ‬مرة‪ ‬ياأنور‪ ‬يخدعك‪ ‬فياض‪ ‬فيها‪ . ‬أكد‪ ‬لك‪ ‬أن‪ ‬أصدقاءه‪ ‬بالوزارة‬ ‫قدأخبروه‪ ‬بنقل‪ ‬سامح‪ .‬هاهو‪ ‬قد‪ ‬عاد‪ ،‬أم‪ ‬يكون‪ ‬فياض‪ ‬نفسه‪ ‬خدع ‪ .‬ل‪،‬‬ ‫مؤكد‪ ‬واسطة‪ ،‬توسط‪ ‬له‪ ‬أبوه‪ ‬اللواء‪ ، ‬تدخل‪ ‬بمركزه‪ ‬الكبير‪ ‬وأعاده‪ ‬الى‬ ‫مكانه‪.‬‬ ‫‪ ‬لكن‪ ‬هل‪ ‬هذامعقول؟‬ ‫الموضوع‪ ‬كان‪ ‬بعلم‪ ‬الوزيرنفسه؟‪ ‬هل‪ ‬تواطىء‪ ‬معهم‪ ‬؟‬ ‫إحمرت‪ ‬إذناه‪ ‬وهويلعن‪ ‬كل‪ ‬أنواع‪ ‬الخداع‪.‬‬ ‫وهرول‪ ‬إلى‪ ‬الهاتف‪ ‬يخاطب‪ ‬فياض‪ ‬سليمان‪ ‬بما‪ ‬حدث‪. ‬‬ ‫‪139‬‬


‫كان‪ ‬فياض‪ ‬في‪ ‬حديقة‪ ‬منزله‪ ‬بأبي‪ ‬تلت‪ ، ‬وسط‪ ‬الخضرة‪ ‬والثمار‪ ‬التي‬ ‫تحملها‪ ‬الشجارالمتنوعة‪ ‬اللوان‪ ‬والطعم‪ ‬المنتشرة‪ ‬حوله‪ ، ‬والتي‪ ‬يتفنن‬ ‫عم‪ ‬أمين‪ ‬البستاني‪ ‬في‪ ‬زراعتها‪ ‬داعيا‪ ‬له‪ ‬بطول‪ ‬العمر‪ ‬وأعلى‪ ‬المراكز‪ ‬لما‬ ‫يحبوه‪ ‬به‪ ‬من‪ ‬عطايا‪ ‬وهبات‪ ‬تقديراا‪ ‬له‪ ‬على‪ ‬رعايته‪ ‬للحديقة‪ ، ‬قائل ا‪ ‬له‪ ‬في‬ ‫كل‪ ‬حين‪ : ‬‬ ‫­‪ ‬تلك‪ ‬هى‪ ‬مملكتي‪ ،‬هذا‪ ‬هوالمكان‪ ‬الذي‪ ‬أشعر‪ ‬فيه‪ ‬أنني‪ ‬أنا‪، ‬هنا‬ ‫أعود‪ ‬إلى‪ ‬أصلي‪ ‬حقا ا‪ ، ‬فوالدي‪ ‬كان‪ ‬هنا‪ ‬قديما‪ ، ‬كان‪ ‬يزرع‪ ‬بيده‪ ،‬وعلمنى‬ ‫إحضار‪ ‬الثمار‪ ‬والخضروات‪ ‬الطازجة‪ ‬من‪ ‬الرض‪ ‬إلى‪ ‬المائدة‪ ‬فوراا‪ ‬بعيداا‬ ‫عن‪ ‬خضروات‪ ‬وثمار‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪ ‬المعجونة‪ ‬بالموادالكيماوية‪ ‬والضافات‬ ‫المسرطنه‪. ‬‬ ‫‪ ‬وكثيراا‪ ‬مادعا‪ ‬زملءه‪ ‬وأحباءه‪ ‬وأقاربه‪ ‬للجلوس‪ ‬في‪ ‬الحديقة‪ ‬والسمر‬ ‫فيها‪ ‬واتخاذ‪ ‬مايرونه‪ ‬من‪ ‬قرارات‪ ‬بين‪ ‬زهورها‪. ‬‬ ‫جاءه‪ ‬التليفون‪ ‬من‪ ‬أنور‪ ‬فتوجس‪ ‬خيفة‪ ‬من‪ ‬خبر‪ ‬يحيل‪ ‬يومه‪ ‬إلى‪ ‬سواد‪ ، ‬فقد‬ ‫أصبح‪ ‬أنور‪ ‬هذه‪ ‬اليام‪ ‬مصدراا‪ ‬دائما‪ ‬للعكننه‪ ‬وقلب‪ ‬المزاج‪. ‬‬ ‫رفع‪ ‬السماعة‪ ‬إلى‪ ‬أذنه‪ ‬متوجسا‪ :‬‬ ‫‪ ­ ‬نعم‪ ‬ياأنور‬ ‫­‪ ‬سامح‪ ‬عاد‪ ‬للنقطه‪ ، ‬هل‪ ‬سمعت‪ ‬بهذا‪ ‬؟‬ ‫أغلق‪ ‬فياض‪ ‬الخط‪ ‬شارداا‪ ، ‬مسحوباا‪ ‬من‪ ‬أهدابه‪ ‬على‪ ‬محيط‪ ‬دائرة‪ ‬من‬ ‫غضب‪ ‬جامح‪ ‬لحد‪ ‬له‪ ، ‬أصدقاؤه‪ ‬أمدوه‪ ‬بمعلومات‪ ‬خاطئة‪ ، ‬يتلعبون‪ ‬به‬ ‫أولد‪ ‬الجن‪ ‬والعفاريت‪ ، ‬يهدأون‪ ‬من‪ ‬روعه‪ ‬ويعدونه‪ ‬بالنصر‪ ‬وهم‪ ‬يعدون‬ ‫عدتهم‪ ‬لنصرة‪ ‬ولد‪ ‬صغير‪ ‬يحبو‪ ‬في‪ ‬مدارج‪ ‬الداخلية‪ ، ‬سوف‪ ‬يرون‪ ‬ماذا‬ ‫يفعل‪ ‬معهم‪ ، ‬ورب‪ ‬العزة‪ ‬الذي ل‪ ‬إله‪ ‬إل‪ ‬هو‪ ‬لن‪ ‬يتركهم‪ ، ‬إذا‪ ‬كانوا‪ ‬هم‬ ‫الحكومه‪ ‬فهو‪ ‬فياض‪ ‬سليمان‪ ، ‬وسوف‪ ‬نرى‪.‬‬

‫‪140‬‬


‫‪ ‬غادر‪ ‬الحديقة‪ ‬فوراا‪ ‬إلى‪ ‬داخل‪ ‬البيت‪ ،‬أمسك‪ ‬بالسماعة‪ ‬بكل‪ ‬قواه‪ ‬وبدأ‬ ‫يضغط‪ ‬جرس‪ ‬التصال‪ ‬راغباا‪ ‬أن‪ ‬يسب‪ ‬ويلعن‪ ‬من‪ ‬خدعوه‪، ‬عاد‪ ‬وألقى‬ ‫بالسماعة‪ ‬جانبا ا‪ ‬وبأقصى‪ ‬ماوسعته‪ ‬يده‪ ‬حانقا ا‪. ‬‬ ‫إذا‪ ‬هاجمهم‪ ‬سيردون‪ ‬عليه‪ ‬بأشد‪ ‬منه‪ ، ‬ليسوا‪ ‬هم‪ ‬بالذين‪ ‬يقبلون‪ ‬هذه‬ ‫المعاملة‪ ‬مهما‪ ‬كانت‪ ‬قوته‪ ‬وحتى‪ ‬لو‪ ‬كانت‪ ‬جماعته‪ ‬هي‪ ‬الحاكمة‪ ‬وهى‬ ‫المسيطرة‪ ‬فأيديهم‪ ‬دوما ا‪ ‬طويلة‪ ‬وقادرة‪. ‬‬ ‫راودته‪ ‬نفسه‪ ‬هامسة‪ ‬أن‪ ‬السؤال‪ ‬طالما‪ ‬في‪ ‬حدود‪ ‬الصداقة‪ ‬وبعيداا‪ ‬عن‬ ‫التشنج‪ ‬سيؤدى‪ ‬إلى‪ ‬نتائج‪ ‬جيدة‪ ‬وسيعرف‪ ‬دهاليز‪ ‬هذا‪ ‬القرار‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬إلى‪ ‬سماعة‪ ‬الهاتف‪ ، ‬عل‪ ‬الرنين‪ ‬صاخبا ا‪ ‬يخترق‪ ‬أذنيه‪ ‬وهو‪ ‬يلعن‬ ‫اضطراره‪ ‬لمحادثة‪ ‬من ل‪ ‬يستحق‪ ‬المحادثة‪ ‬أو‪ ‬حتى‪ ‬السلم‪.‬‬ ‫عاد‪ ‬الرنين‪ ‬خائبا ا‪ ‬بل‪ ‬مجيب‪.‬‬ ‫قال‪ ‬أنور‪ ­: ‬وماالعمل؟‬ ‫هزفياض‪ ‬رأسه‪ ‬برفق‪: ‬‬ ‫لشئ‪ ،‬عدة‪ ‬حوادث‪ ‬جديدة‪ ‬وسوف‪ ‬يصل‪ ‬المرللصحافة‪ ، ‬في‬ ‫­‬ ‫إستجواب‪ ‬قادم‪ ‬سأسأل‪ ‬من‪ ‬أعاد‪ ‬هذا‪ ‬الولد‪ ‬بعد‪ ‬إستبعاده‬

‫‪141‬‬


‫)‪(17‬‬ ‫الحصار‬

‫في هدوء حذر تحرك ثلثة شياطين من مكان ما على الطريق السريع‬ ‫إسكندرية ‪ /‬مطروحا حاملين صندوقا به قنبلتين وآخر به بنادق آليه سريعة‬ ‫الطلقاتا ‪ ،‬نقلوهما إلى سيارة حديثة الموديل انطلقت بهم في اتجاه أبى‬ ‫‪142‬‬


‫تلتا‪ ،‬فرب المدخل تقنعت الوجوه ‪ ،‬أشعلت العين نارها ‪ ،‬قبضت اليدي‬ ‫على السلحة استعداداً لبدء العمل ‪ ،‬انحرفت العربة يساراً داخلة إلى شارع‬ ‫أبي تلتا قاطعة المسافة إلى هدفها المنشود في ثوان ‪ ،‬قبل الهدف و في‬ ‫منطقة مظلمة توقفت وانطلق الشياطين منها ‪ ،‬بدأوا يقتربون من كنيسة‬ ‫السيدة العذراء ‪ ،‬الحراسة كانت نائمة في هذا الوقت ‪ ،‬عدا واحد يحتمى‬ ‫بالكشك من برد وظلمة الليل وقد أغفى مطمئنا ً للظلمة والهدوء الذي‬ ‫يشمل المكان ‪ ،‬بخطي خفيفة توجهوا إليه ‪ ،‬انطلقت رصاصة مكتومة‬ ‫الصوتا إلى قلبه ‪ ،‬انتفض الجسد ولم يجد الوقت للصراخ أو حتى الذعر‬ ‫وماتا ‪ ،‬تحركت القدام بهدوء وروية بطولا بوابة الكنيسة ‪ ،‬حملت اليدى‬ ‫الصندوق المعد به القنبلتين ‪ ،‬امتدتا السلك بطولا الباب موصلة القنبلتين‬ ‫الكافيتين تماماً لتنفيذ المطلوب ‪ ،‬تحركوا بعد انتهاء عملهم قاصدين العربة‬ ‫‪ ،‬تمخض الليل عن أشباحا انقضت فجأة على الثلثة فلم تعطهم فرصة‬ ‫لمقاومة أو حركة من أي نوع ‪،‬وضعت الغللا في سرعة على اليدي وتم‬ ‫إبطالا مفعولا القنبلتين وتحركت القوة متجهة إلى المديرية فوراً ‪ ،‬يتبعها‬ ‫أحد الفراد بالعربة التي كان يستقلها الجناه‬ ‫‪...‬‬ ‫قامت دراجة بخارية سريعة يعتليها وجهان ملثمان بمحاذاة سيارة شرطة‬ ‫قادمة إلى النقطة من ناحية الطريق السريع ‪ ،‬عند مدخل شارع أبى تلتا‬ ‫اطلقا عليها من بندقية آلية في يد أحدهما دفعة رصاص ولذا بالفرار ‪،‬‬ ‫توفى السائق فوراً وشاويش كان بجانبه ‪ ،‬مما عطل فرصة مطاردتهما ‪،‬‬ ‫ارتطمت السيارة بأحد المحالا فى أولا الشارع ‪ ،‬تحطمت مقدمتها وانهارتا‬ ‫واجهة االمحل تماما‬ ‫‪ ،‬بينما أصيب رجل كان يقف أمام الواجهة وبعض الجنود ‪ ،‬وتم نقلهم‬ ‫جميعاً إلى المستشفى الكائن بميدان الكيلو ‪. 21‬‬ ‫ولم تصل الحقيقاتا إلى شيء‬ ‫‪...‬‬ ‫أيضا كان للفرن الكائن في منتصف الشارع نصيبه من تلك الحداث ‪،‬‬ ‫فهو يبدأ في السابعة صباحاً بتجهيز الدقيق وعجنه ثم خبزه ‪ ،‬وفي حدود‬ ‫‪143‬‬


‫الثامنة والنصف يفتح شباكين صغيرين أحدهما لصف الرجالا ‪ ،‬والخر‬ ‫لصف النساء ‪ ،‬هم عادة ينتظرون من السابعة صباحا ً ‪ ،‬ينتظرون‬ ‫نصيبهم من الخبز قبل الزحام الذي يتزايد إلى أوج تكاثفه في حدود‬ ‫العاشرة والنصف تقريباً ‪ ،‬حيث تبدأ حصة الخبز في النقصان و يقل العدد‬ ‫تدريجيا مما يجعل الجساد تتزاحم أكثر ‪ ،‬والكل يقاتل ليصل إلى الشباك‬ ‫مناديا ً الخباز ‪ ،‬والخباز عادة ل يسمع لكل الصواتا فهو يتبع الصف قدر‬ ‫إمكانه ‪ ،‬ويفتح بابه لحبابه لخذ الخبز من الداخل بعيداً عن الشباك ‪ ،‬ومن‬ ‫هنا تأخذ الضوضاء مكانها وتحتل المكان ‪ ،‬إلى أن يعلن الفرن انتهاء‬ ‫الخبز تماما ويغلق الشباك ‪ ،‬لحظتها يسود هدوء كأنما لم يكن هناك طيلة‬ ‫ساعاتا البيع صراع وتزاحم وجدالا وربما عراك ينتهى عادة بالصلح بين‬ ‫المتعاركين بمجرد أن ينالا أحدهما أو كلهما مايريد ‪.‬‬ ‫فى هذا اليوم ووسط الزحام الصاخب وضعت حقيبة صغيرة أسفل الشباك‬ ‫الخاص بالنساء ‪ ،‬حقيبة جلدية سوداء شدتا انتباه إحداهن فسألت عن‬ ‫صاحبتها ‪ ،‬لم تتلق رداً ‪ ،‬مدتا يدها تفتحها ‪ ،‬صرخ فيها رجل يعلو فوديه‬ ‫المشيب ‪-:‬‬ ‫حاذرى ‪ ،‬قد تكون خطرة‬ ‫‬‫خطرة !!‬ ‫‬‫قنبلة مثلً‬ ‫‬‫سمع المتزاحمون كلمة قنبلة فانفرط عقدهم فوراً ‪ ،‬جاءتا القواتا‬ ‫وفحصت الحقيبة ‪ ،‬تم فك أسلك التحكم وتمشيط المكان والتحقيق مع من‬ ‫ثبت وجوده بالمكان ‪ ،‬لم يصل التحقيق إلى شىء‬ ‫‪....‬‬ ‫في هدوء كامل تم القبض على مرتكبي الحوادث الجديدة وفي أماكن‬ ‫جرائمهم‪ .‬تعمد القائمون على المن أن يتم المرفي سرية‪.‬‬ ‫من خللا التحقيقاتا التي تعمد المحققون أن تكون سرية تماما ً أيضا ً حاولا‬ ‫سامح ومعه فريق التحقيق الوصولا إلى شئ جديد دون جدوى‪ .‬أجمع‬ ‫المقبوض عليهم أن رحيم هوالذي جندهم ‪ ،‬تم معرفة مكانه بواسطة‬ ‫‪144‬‬


‫وصفهم له أمام رسام بالوزارة ‪ .‬تمت تغذية الكمبيوتر بصورته وبكل‬ ‫المعلوماتا التي تم الحصولا عليها وبدأ البحث عنه على المستوى العريض‬ ‫وبكل الماكن التي يحتمل تواجده فيها ‪ ..‬وصلوا إليه في إحدى حاراتا‬ ‫العصافرة القبلية‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫في أقواله أمام النيابة أكد رحيم وجود معرفة بينه وبين محمد أبوليلة‬ ‫والصولا أنور‪ ،‬قالا إن هناك مصالح مشتركة بينهم ‪ ،‬فهما من زبائنه الكبار‬ ‫الذين يدفعون بسخاء ويكلفونه بمهام دورية منذ قديم ‪ ،‬وهما اللذان كلفاه‬ ‫بجلب أفراد من قبل لحداث اضطراباتا وقلاقل في المنطقة ‪ ،‬فهو يعمل في‬ ‫نطاق شرق المدينة ‪ ،‬يقود المظاهراتا ويفتعل الشغب في الحدود المتاحة‬ ‫وحسب رغبة الراغبين مقابل مبالغ مالية محددة ‪ ،‬وأنه ليعرف أكثرمن‬ ‫ذلك ‪.‬‬ ‫جلس سامح إلى صدقي وصدره يغلي كمرجل‪.‬‬ ‫ المرأخطرمن ظاهره‬‫ ل أفهم‬‫ الوقت يجري وأخشى من طولا الانتظار‬‫ اوضح‬‫ أنور وأبوليلة أصبحا متهمين بشهادة رحيم‬‫ مضبوط‬‫ يجب القبض عليهما فوراً‬‫ وماذاتنتظر؟‬‫ سندخل الحارة‪ ،‬نقبض على هنية وأنور ‪ ،‬لكن هذا ليس مهما ً‬‫ وماهوالمهم؟‬‫ أن يعترفا بكل شئ‪ .‬المهم الن أن تصل القوة اللزمة من السكندرية‬‫لنتحرك‬ ‫قالا صدقي ‪ :‬الن فهمت لماذا رجعت‪.‬‬ ‫لم يجد سامح وقتا ً ليبتسم ‪ ،‬شرحا له في عجالة كيف قامت الدارة بعمل‬ ‫التحرياتا اللزمة ‪ ،‬كيف درست الموقف ‪ ،‬وأعدتا الخطةعلى أساس أن‬ ‫‪145‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫يتم القبض على رحيم ‪ ،‬وفي ذاتا الوقت عودة سامح في وقت يكون فيه‬ ‫الجميع قد اطمائنت قلوبهم أنه نقل‪ ،‬وبذلك تحدث المفاجأة ويفقد الجناة‬ ‫أعصابهم‪ ،‬ويقومون بعمل تحركاتا تكشفهم ‪ ،‬وقد تم تأمين المكان تمامًا‪.‬‬ ‫ففي مدخل الكليو ‪ 21‬يوجد كمين ‪ ،‬وقدتم تعزيزه بقواتا إضافية في‬ ‫سرية تامة ‪ ،‬وفي الكيلو ‪ 26‬تم زرع كمين آخر ‪ ،‬وتم تعزيزه ‪ ،‬وهما الن‬ ‫جاهزان وعند أولا إشارة سيتم تحركهم لتنفيذ المهمة المكلفين بها فوراً‬ ‫ودون إبطاء‪.‬‬ ‫قالا صدقى ‪:‬‬ ‫الغريب أن تتصرف الوزارة بهذه الدقة رغم الظروف التي تمر بها‬ ‫حدق سامح في عينيه طويل ً قبل أن يهمس ‪:‬‬ ‫الخطر أكبر بكثير هذه المرة‬ ‫كيف ؟‬ ‫الهدف الن انهيار أمه‬ ‫والشرطة ؟‬ ‫الشرطة ليست وحدها ‪ ،‬المواجهة هذه المرة بالروحا ‪ ،‬روحا المة‬ ‫كلها فى مواجهة الخطر ‪ ،‬هل تفهمنى ؟‬ ‫هب صدقي من مكانه ‪ :‬إذن هيا اعط الشارة‬ ‫قام سامح ليواجهه ‪ .‬قالا بجد ‪:‬‬ ‫ الشارةإعطيت فعلً‪ ،‬القواتا على وصولا‪ ،‬عليك أن تأخذعدداً من‬‫الفراد معك‪ ،‬تذهب إلى مكان عمل أبوليلة وتقبض عليه ‪ ،‬وأنا سأذهب‬ ‫إلى الحارة ببقية القواتا‪.‬‬ ‫ وإذن النيابة؟‬‫ سيكون معك‪.‬‬‫هيا ‪ ...‬هيا‬ ‫‪...‬‬

‫‪146‬‬


‫جاء خبر القبض على رحيم صاعقاً لنور‪ ،‬دهمته رياحا حنق وغضب وفي‬ ‫ذاتا الوقت أحاسيس خوف لم تمر به من قبل‪ ،‬حاولا أن يفلت منها دون‬ ‫جدوى‪ ،‬فهكذا يكون الفأر قد وقع مرغماً في المصيدة ولن يستطيع الفلتا‬ ‫إل إذا فتح له أحدهم الباب وهذا لن يتأتي إل إذا استطاع فياض وبقية‬ ‫العائلة من مستشارين ومحامين ورجالا أعمالا أن يتصرفوا كما تصرفوا‬ ‫من قبل ‪ ،‬وكل شىء بثمنه‪ ،‬وإن لم يكن الثمن نقوداً فهي مصالح متبادلة‬ ‫وعلى مستوى كبير‪ ،‬هو يعرف هذا ‪ ،‬لذا كانت مشاعره تتأرجح بين‬ ‫المل واليأس ‪ ،‬بين تأكده ويقينه من قدرة العائلة على التصرف وفي ذاتا‬ ‫الوقت رؤيته لما يجري وإحساسه أن المر هذه المرة شديد الخطورة ‪،‬‬ ‫وفي كل الحوالا فهو امتنع عن الذهاب إلى النقطة ‪ ،‬فمعنى اقترابه منها‬ ‫الن هو احتمالا القبض عليه ولن يشفع له أنه منهم ‪ ،‬وحتى إذا خرج‬ ‫بعدها بواسطة أقاربه فسوف تكون سبة لن تمحي من ثوب السليمانية‬ ‫الناصع ‪.‬‬ ‫تسائلت زوجته ‪ :‬هل ستسلم بالعجز؟‬ ‫لم يردعليها‪.‬‬ ‫اكتفى بنظراتا نارية تأمرها بالصمت‪ ،‬المر أخطر مما تظن ‪ ،‬الوصولا إلى‬ ‫رحيم معناه الوصولا إليه وإلى كل من تعاون معه ‪ ،‬معناه الوصولا إلى‬ ‫معلوماتا قد تؤدى بهم إلى شر مقيم لفكاك منه ‪ ،‬كانت المور منذ قديم‬ ‫تسير على مايرام ‪ ،‬ليعكر صفوها شيء والعمل كان بعيداً عن أعين‬ ‫المن ‪ ،‬أو ربما بمباركة أفراد منه ينالون حقهم كامل ً غير منقوص ‪،‬‬ ‫اليوم أمواج هادرة عتية تقلب الموازين كلها ‪ ،‬تطيح بسرية عملهم‬ ‫وتضرب الجميع ‪ ،‬لتفرق بين أحد والخر رغم أن المفروض أن يحدث‬ ‫العكس ‪ ،‬الضطرباتا الحادثة في البلد وانشغالا المن بها ‪ ،‬المظاهراتا‬ ‫اليومية بأعداد هائلة ‪ ،‬وكذلك الحوادث غير المألوفة من القتل والتنكيل بين‬ ‫الفراد قد أصبح بصورة شبة دائمة ‪ ،‬فالشارع تحولا إلى عدوانية لم‬ ‫تحدث من قبل ‪ ،‬الناس المسالمة القانعة بعيشها و التي كانت تعترض و في‬ ‫ذاتا الوقت تخشى من ارتفاع صوتها صارتا تصرخ الن وتعلن رأيها بكل‬ ‫وضوحا ‪ ،‬تشكو العوز والفقر ونقص الخدماتا ‪ ،‬وينعكس هذا على‬ ‫‪147‬‬


‫السلوك العام مما يحمل المن مسئولية أكبر ‪ ،‬ويشتت قواه ‪ ،‬ورغم هذا‬ ‫كله يجدون الوقت للبحث خلفه ‪ ،‬خلفه هو رجل المن الذي بذلا من جهده‬ ‫وعمره الكثير من أجلهم ‪.‬‬ ‫حلقت فوق رأسه طيور رعب سوداء ليهدأ لها قرار ‪ ،‬أمواج من حيرة‬ ‫تدهمه ‪ ،‬ليجد منها خلصًا‪ .‬سنواتا طوالا في عمله لم يحدث له فيها‬ ‫مايحدث هذه اليام‪ ،‬والذي زاد المرسوءاً أنهم وصلوا إلى رحيم !‬ ‫مؤكد تكلم ‪ ،‬قالا كل مالديه ؛ وبالتالي أصبح أنور رجل البوليس مطلوبا ً‬ ‫من البوليس !‬ ‫بدلً من أن يذهب إلى عمله ويكون كما كان دائما ً الصولا أنور وتد النقطة‬ ‫وعامودها يصبح اليوم مقيدا ليملك القدرة على مجرد القتراب منها ‪،‬‬ ‫الشد إيلما ً أنه صار حبيساً بالحارة ليجرؤ على مغادرتها حتى ل يتم‬ ‫القبض عليه ويدخل النقطة مهانا ً وتضيع كرامة السليمانية ‪ ،‬وهاهو يكتفي‬ ‫بسماع الخبار من آخرين بدلً من أن يكون كما كان دائما هو مصدر‬ ‫الخبار ‪.‬‬ ‫لم تبالا به‪ .‬أكملت ‪:‬‬ ‫ اتصل بفياض أو المستشار محمود سليمان ‪.‬‬‫حدق في عينيها ‪ ،‬عيناه نارهما مطفأة ورمادها دخانه كثيف يغطى حدقتيه‪.‬‬ ‫زفرالكلماتا بنفاذ صبر ‪ :‬إتصلت بهم؛ قالوا لتقلق‬ ‫دارتا حولا نفسها قلقًا‪ ،‬قالت‪ :‬أخشى أن يأتي البوليس إلى هنا‪.‬‬ ‫رغم ورود هذا الحتمالا بقوة إلى مخيلته واحتللا معظم تفكيره إل أنه نفخ‬ ‫أوداجه ‪ ،‬قالا بقوة‪ - :‬ستقع حينئذ مجزرة‬ ‫وهب من مكانه متجهاً إلى حيث ليدري ‪ ،‬باحثا ً في طياتا خبرته الطويلة‬ ‫عن منفذ يستطيع منه التصرف فوراً وبل إبطاء ‪.‬‬ ‫قطع أفكاره صوتا عالا صادرمن الخارج‬ ‫ ياصولا أنور‬‫وجد نفسه قريبا ً من النافذة ‪ ،‬فتحها سريعا ً وأطل على الطريق ‪ .‬عاد‬ ‫الصوتا كطلقاتا رصاص هائلة تدوي في رأأسه‪:‬‬ ‫ عساكر كثيرون يدورون حولا الحارة‬‫‪148‬‬


‫إنزرع الفزع في عينيه‪ .‬صرخ متسائلً‪:‬‬ ‫ تقولا عساكر؟‬‫عاد الصوتا للتأكيد‪ :‬الظاهرمن فرق مقاومة الشغب‪.‬‬ ‫جحظت عيناه ‪ ،‬ارتعدتا نبضاته ‪..‬وقعت الواقعة ياأنور‬ ‫قالا لنفسه وهو واقف مكانه ليدري ماذايفعل؛ دارحولا نفسه؛ عملها‬ ‫سامح؛ لم تكن عودته مرة ثانية تبشربالخير؛ هدم المعبد على من حوله‬ ‫ومن فيه؛ صرخ لزوجه التي ضرب الصفرار وجهها ‪:‬‬ ‫ أقسم سيدفع الثمن‬‫ ابحث المرأولً لتعرف ماذا ستفعل‬‫ إنها قواتا مكافحة الشغب‪ ،‬وا لن يفلت بعملته هذه ابداً‪.‬‬‫ومضى الى الحارة‬ ‫‪...‬‬ ‫وسط الحارة انقضت عليه الحداق الثائرة ‪ ،‬حاصرته العباراتا المتأججة‬ ‫وكلها تسأله عن خطته لمواجهة هذا الظلم وتلك العدوانية المفرطة ‪،‬‬ ‫وكلها يصر على رفض التسليم بما يريد هذا الضابط البله الذي ليدرك‬ ‫مايفعل ويصر على تحويل أمر شخصي بينه وبين محمد أبو ليلة إلى‬ ‫صراع ‪ ،‬ويؤكدون أنه لو كان يدرك جيداً حجم عائلة السليمانية وفتوة‬ ‫شبابها وقوة مراكز رجالها وتأثيرهم فى الدولة ككل وليس في الوزارة‬ ‫فقط لما قام بهذا العمل المجنون وحاصر حارة بأكملها من المدنيين ورروع‬ ‫الطفالا وأفزع النساء‪.‬‬ ‫مؤكد فياض سليمان ومحمود سليمان وغيرهما من رجالا العائلة وكبرائها‬ ‫لن يتركوا المرهكذا ‪ ،‬سيشعلونها ناراً فوق رأسه وسيحيلون حياته إلى‬ ‫جحيم ‪ ،‬ولن يتركوه إل بعد القصاص منه ‪.‬‬ ‫قالا أنور رداً عليهم أن كبارالعائلة لن يصمتوا‪ .‬لن يتركواالحارة يجري‬ ‫لها من الهوان مايجري ‪ ،‬مؤكد سيجدون طريقة ما ‪ ،‬المهم الن أن يلحق‬ ‫به قبل أن يقوم بعمل يشعل النيران أكثر بتصرف أرعن مثله يضطر الشباب‬ ‫لمواجهته ويسبب مشاكل لحصرلها‪.‬‬ ‫‪149‬‬


‫هو فى كل الحوالا أكثر خبرة منه والنصيحة الن واجبة عليه بصفته‬ ‫مايزالا من رجالا المن والنظام ‪ ،‬سيخرج له ‪ ،‬يطلب محادثته ‪ ،‬يؤكد له أن‬ ‫مايفعله لن يجدي شيئاً وأن عليه أن ينحاز للحوار أفضل ويسحب فوراً‬ ‫هؤلء الجنود ‪ ،‬اذا كان يريد هنيه فعليه أن يضمن سلمتها وعدم أيذائها‬ ‫بقولا أو فعل طالما لم ترتكب مايسيء إليها أو يسيء للعائلة كلها بسوء ‪.‬‬ ‫صرخ صوتا امرأته خلفه ‪:‬‬ ‫ إلى أين ؟‬‫لم يجد وقتاً للتحاور معها ‪ ،‬ثم إنه يعرف جيداً أنها سترفض الحوار من‬ ‫الصل وأنها ستصر على معاقبة هذا البله الصغير سامح ‪ -‬كما تسميه‬ ‫الذي سيقود نفسه إلى التهلكة ‪.‬‬‫تحرك قاصداً الباب البحري للحارة المطل على الشاطئ ‪ ،‬حيث إنه صغير‪،‬‬ ‫وليسمح بمرورأكثرمن فردين‪ .‬ثم إنه يمكن مراقبة خارجه جيدًا‪،‬والتأكد‬ ‫ممن يقف خلفه دون خوف من خداع ‪ ،‬تحرك نحوه آمراً أحد الشباب بغلقه‬ ‫خلفه ‪.‬‬ ‫واجه طوفانا ً من العين والتساؤلتا أمامه فوراً ‪ ،‬الكل يرميه بنيران‬ ‫الستنكار والرفض ‪ ،‬تتعالى أصواتهم حانقة ‪:‬‬ ‫ ماذاستفعل ؟‬‫يقولا بقوة ‪ :‬سأواجهه‬ ‫يندفع أحدهم ‪ :‬وإذا قبض عليك؟‬ ‫يفردصدره ‪ :‬يقبض علري كمايشاء‬ ‫ساعةأوساعتين بالكثيرويضطرللفراج عني ثانية‬ ‫ومضي نحو الباب يغالب فيضا ً من القلق يمل صدره ويجاهد حتى لتبدو‬ ‫آثاره على صفحة عينيه ‪.‬‬ ‫ وماذا لوقبض عليك فعلً واضطرك إلى قولا ما ل تريد ؟‬‫مؤكد سيتركك لرجالا المديرية ‪ ،‬وأنت تعرفهم جيداً‪.‬‬ ‫لكن ‪ ...‬ملعونة هذه الورطة ومن ورطني فيها‪.‬‬ ‫لقد صعد هذا البله الصغير المورإلى مدى ليعلم إل ا وحده كيف‬ ‫سينتهي ‪.‬‬ ‫‪150‬‬


‫رأى حميدة قادمة بجسدها العجف ويديها اليابستين ‪ ،‬تنظربعينين يكاد‬ ‫ينطفئ نورهما نحوه ‪ ،‬وبعض النسوة حولها‪ ،‬تحادثهن وهي تخب السير‬ ‫نحوه ‪:‬‬ ‫ لتقلقن ‪ ،‬عائلتكن قوية ‪ ،‬رجالها كبار ‪ ،‬لهم كلمة وقرار‪ ،‬ولن‬‫يستطيع أحد أن يهزنا ‪.‬‬ ‫يهرولا نحوها وقد بدأ العرق يغطي رأسه‪ ،‬وينغرز إبراً حادة في ثنايا وجهه‬ ‫وثنياتا ظهره ‪ ،‬وهويلهث ومع هذايواصل السير‪.‬‬ ‫كانت هناك أعين كثيرة تحدق فيه ‪ ،‬ترقب الخوف الكامن خلف كلماته‬ ‫الثائرة ‪ ،‬تتابع لفتاته القلقة وأجفانه المرتعشة وعرقه الغزير وهو يحاولا‬ ‫قدر طاقته مداراة مابه ‪ ،‬وهي لتكادتصدق أن هذا أنورالذي كانوا يعرفونه‬ ‫بصدره المفرود وكرشه المنفوخ ونظراته المتسلطة‪.‬‬ ‫يرون أنور آخر يسيرمهرولً إلى آخر نفس بلتوقف وهو ليدري إلى أين‬ ‫‪ .‬تتحرك قدماه بقوة الدفع وحدها‪ ،‬غيرأنه مرة واحدة يقف ‪ ،‬يحدق في‬ ‫وجه حميدة الساخط متسائلً ‪:‬‬ ‫ مالك ياحميدة ؟‬‫ الى أين؟‬‫يشيح بيده بقوة ‪:‬‬ ‫ هل هذا وقته؟‬‫ترمي بنظراتها الحانقة إلى بؤبؤ عينيه ‪:‬‬ ‫ ولوحبسوك؟‬‫يمسح عرقه هامسا ً ‪:‬‬ ‫ لن أظل طويلً في السجن‬‫ترفع أصبعها السبابة في وجهه محذرة ‪:‬‬ ‫ لتذهب‬‫يقترب بوجهه من وجهها صراخا ً ‪:‬‬ ‫ محالا‬‫تجابهه بذاتا الحدة ‪:‬‬ ‫ المحالا أن تتركنا لعار قادم لتمحوه السنواتا‬‫‪151‬‬


‫اتصل ثانية بفياض وغيره من رجالا العائلة؛ قل لهم حميدة تأمركم أن‬ ‫تنقذوا الحارة‬ ‫زفر الهواء بقوة ‪ ،‬حميدة وكل من بالحارة ليعرفون معنى مايجري ‪،‬‬ ‫يظنون المر سه ً‬ ‫ل ‪ ،‬انشر قواتا ‪ ،‬اسحب قواتا وينتهي المر ‪ ،‬من المؤكد‬ ‫أن المديرية بكل قوتها خلف مايجري ‪ ،‬تركوا مايجري فى البلد و تفرغوا‬ ‫للحارة كأن المشاكل كلها حلها هنا ‪ ،‬التصرف العاقل أن تحل الزمة وديا ً‪،‬‬ ‫هو أدرى بما يجري ويعرف جيداً جدية هذا المر وخطورته ‪ ،‬قالا محتداً ‪:‬‬ ‫ ليس في الوقت متسع‪ ،‬سأخرج‬‫عل صوتها الرفيع في فضاء الحارة ‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ قلت ل‬‫وإستدارتا إلى الوجوه المحلقة بهما‪ ،‬إرتفع صوتها بقوة الغضب‬ ‫ لتفتحوا الباب لي سبب كان‬‫لم يفهم أحد ) ممن حضرذلك الموقف ( ماجرى لحميدة بالضبط لحظتها ‪،‬‬ ‫كيف استقام الجسداليابس وإنفرد‪ ،‬ووقفت على قدميها وسط الجمع‬ ‫تتحدث عن مجد السليمانية الذي كان ‪ ،‬تتحدث عن سليمان الكبير صاحب‬ ‫هذه النحاء ورجلها القوي الذي كان يصرخ في السد فيفتت كبده من‬ ‫الرعب ‪ ،‬و ينظر في أقوى عين غاضبا ً فيبخ الدم من حدقتها رعبا ً منه ‪،‬‬ ‫تتحدث عمن جاء بعده من رجالا السليمانية القدمين وسيرتهم‪ ،‬وحفاظهم‬ ‫على تراث أبائهم في عزيمة لتلين‪ ،‬تروي حكاية هذا الباب الحشبى‬ ‫العتيق الذي كان رمزاً لقوة عائلة يعرف القاصي والداني لها المجد‬ ‫والعز ‪ ،‬ويهابها الجميع ويطلب ودها الكبراء ‪ ،‬هذا الباب رأى الوائل أنه‬ ‫ضرورة حتمية لجمع شمل العائلة ‪ ،‬وإظهار بأسها وشدتها ‪،‬وإرهاب كل‬ ‫من تسولا له نفسه العتداءعلى أحد ابنائها‪ .‬وهاهو اليوم أنورسليمان‬ ‫يهدده الصغار ‪ ،‬يحاولون النيل منه‪ ،‬وتقف السليمانية تتفرج !‬ ‫ماكانت السليمانية ولكان رجالها إن لم يقف الجميع بالتكاتف والتحاد ضد‬ ‫المعتدين ‪ ،‬وكسر وجه هذا الولدالطائش‪ ،‬ورده على أعقابه إلى حين‬ ‫يقوم كبارالعائلة في مصر والسكندرية بالتصرف لجباره على التراجع‬ ‫والعتذار والحضور إلى الحارة خاضعا ً طالبا ً الغفران‪.‬‬ ‫‪152‬‬


‫صرخت فيمن حولها ‪:‬‬ ‫ حذارأن يخرج أحد مهما كان‬‫وذهبت لتجلس خلفه ‪.‬‬ ‫تبعها في هذا نسوة الحارة فوراً ‪ ،‬افترشن الرض وقررن أليتحركن مهما‬ ‫تكن السباب ‪ ،‬حاولا أنور إثنائهن عماإنتوين لخطورة الوضع على الحارة‬ ‫كلها‪ ،‬فالمريتعلق هذه المرة بحكومة وجريمة قتل وتحقيقاتا‪ .‬أرتعش‬ ‫صوتا حميدة وهي تؤكد ‪:‬‬ ‫ الحكومة منا ونحن منها‪ ،‬رجالنا كبراء فيها ولهم كلمتهم‪ ،‬وإن لم‬‫ينفعونا الن فمتى ينفعونا؟‬ ‫عاد أنور إلى الهاتف من جديد ‪ ،‬أرسل صوته إلى أقاربه مستغيثا ً ‪ ،‬طالبا ً‬ ‫النجدة وصد العدوان الواقع على الحارة بنسائها وأطفالها ‪ ،‬هددهم أنه‬ ‫سيخرج مضحياً بنفسه من أجل سلمة الجميع ‪ ،‬انتقل بين السماء سريعا ً ‪،‬‬ ‫يختار الكبار الذين يمتلكون القدرة على الفعل فوراً ‪ ،‬وصوته يعلو‪،‬‬ ‫وعرقه يزداد انهماراً متسربا ً إلى صدره وقفاه غارزاً إبره في جلده في‬ ‫إصرار ‪ ،‬وكرشه يهتز انفعال وهو يؤكد إنه يعرف جيداً معنى نشر قواتا ‪،‬‬ ‫وإن لم يتم اتخاذ قرار فوري فسوف تكون العاقبة لمحالة سوداء ‪.‬‬ ‫لحظاتا وعاد مبتسما ً راضيا ً‪ ،‬قالا لحميده وهو يربت كتفها ملطفا ً بعد أن‬ ‫صرخ في وجهها لولا مرة منذ سنين ورد كلمها بقوة وتحداها أمام‬ ‫الجميع وهو يعرف نظرتهم إليها ‪:‬‬ ‫ فياض سيتصرف‪ ، .‬اتصلت به وبغيره من أهلنا‬‫تبسمت العينان الكليلتان ابتسامة ظفر ‪ ،‬برقت فيهما نظراتا اليقين الذي‬ ‫ليغيب وسألته ‪ - :‬ماذاقالوا لك؟‬ ‫أكد ‪ -:‬بعد عشردقائق بالضبط سينسحبون‬ ‫إنبسطت الخاديد المحفورةعلى الوجه اليابس وبرقت العينان الكليلتان‬ ‫بقوة من جديد وهي تؤكد لمن حولها من النسوة ‪:‬‬ ‫هكذايكون الرجالا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪153‬‬


154


‫)‪(18‬‬

‫دوى السقوط‬

‫أمام الباب العتيق كانت غربان كثيرة تحلق‪ ،‬تطوف بأجنحتها السوداء‬ ‫وأصواتها المميزة ووجوهها الدائمة العبوس حولا الدور ‪ ،‬بينما العساكر‬ ‫حولا السوار في أماكنهم حولا الحارة من منافذها المختلفة لمنع خروج أو‬ ‫دخولا أيا كان‪ ،‬ينتظرون اللحظة التي يتم فيها إصدار المر لهم بالاقتحام ‪.‬‬ ‫كان السكان القليلون المنتشرون في الرجاء قد تجمهروا على البعد‬ ‫يتابعون مايجري ‪ ،‬يتبادلون الراء حولا العائلة ومكانتها وقدرتها على الرد‬ ‫؛ وظروف البلد ومايجرى هناك في المدينة من أحداث تجعل من الصعب‬ ‫تشتيت القوى في أكثر من بؤرة ملتهبة ؛ ووجوب تركيز الجهد كله في‬ ‫جبهة واحدة لعبور هذه المرحلة بسلم ‪.‬‬ ‫‪155‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫أيضا جاءتا وجوه كثيرة من أعيان المنطقة الممتدة من الكيلو ‪ 21‬جنوبا ً‬ ‫إلى الحمام شماًل قاصدين التدخل لدى القواتا لمنع القتحام بأى وسيلة‬ ‫حفاظاً على كل قطرة دم أ قد تراق هنا وهناك ‪.‬‬ ‫اقترب رجل أشيب تعدى الثمانين على مايبدو‪ ،‬متعكزاً على عصاه‪ ،‬حاملً‬ ‫على تغضناتا وجهه ذعراً وفي نظراته الواهية فزع ‪ ،‬نادى الكبار من‬ ‫الشرطة ‪.‬‬ ‫تقدم سامح وآخرون منه‬ ‫ إلى أين؟‬‫إل الدماء ياولدى‬ ‫لن يكون هناك دماء مع تطبيق القانون‬ ‫ا قالا الرحمة‬ ‫وا قالا العدلا والقصاص‬ ‫الرسولا عفا‬ ‫وأقام الحد‬ ‫هناك نساءوأطفالا‬ ‫وهناك جرائم‬ ‫اعطونى الفرصة للتوسط‬ ‫لن يفيد‬ ‫ارجوكم ياولدى لعلها تتيسر على يدى‬ ‫قالا سامح ‪-:‬‬ ‫ سنحافظ قدرجهودنا على الجميع بما فيهم المطلوبون أنفسهم‪،‬‬‫مااسمك ياحاج؟‬ ‫ الصافي رضوان ‪ .‬هل تمنحونني الوقت لهذا؟‬‫رأى سامح فتاة قادمة من شارع أبي تلتا ‪ ،‬تقترب مهرولة منهم عرف‬ ‫فيهاعائشة ‪ .‬كانت قد رأتا القواتا المحاصرة للحارة والباب المغلق‬ ‫والعسكر خلفه بأيديهم أسلحتهم ؛ والوجوه المترقبة ؛ والجو المشحون ؛‬ ‫‪156‬‬


‫واللحظة التي تنذر بكارثة ‪ ،‬ورأتا الصافي رضوان شيخ قبيلة من القبائل‬ ‫المنتشرة على طولا الساحل الشمالى واقفا ً يحادث الضباط ؛ اقتربت منهم‬ ‫وفي داخلها طيور الحيرة والفزع تضرب بأجنحتها قلبها في عنف ‪ ،‬تحدق‬ ‫وهي لتكاد تصدق ماترى ‪ ،‬الحارة التي كانت المأمن وكانت الحمى تطأها‬ ‫أقدام قاسية ووجوه عابسة ويطالها الهوان والضعف وهي لتملك من‬ ‫أمرها إل إغلق أبوابها وانتظار اللحظة التي تنهار فيها صروحها حينما‬ ‫تجتاز عتبتها أقدام لتعرف التراجع ووجوه لتعرف البتسام ‪ ،‬مالذي جرى‬ ‫لكل مايحدث ؟‬ ‫أفسح لها البعض مكانا ؛ تلقت وسامح ‪ ،‬برقت عيناها‪ ،‬لقد قيل أنه نقل ‪،‬‬ ‫عادتا بها خواطرها إلى اللقاء التي لن تنساه أبداً ‪ ،‬رأته وهي تستدعيه‬ ‫لنقاذها يوم وقعت في براثن شريف وسقطت والحقيبة السوداء في يدها‬ ‫وواجهت العتقالا وتهمة الرهاب والسجن ‪ ،‬ولوله ماكانت اليوم طبيبة‬ ‫يراها الناس في أبهى صورة وحولها إطار من احترام وتقدير ‪ ،‬داخل‬ ‫السجن الحتياطى التي دخلته لمدة لتقاس بزمن ومازالت تذكر لحظاتها‬ ‫فيه وماأحست به حينها من أحاسيس لم تشعر بها من قبل وهي وسط‬ ‫سجيناتا في مثل عمرها أو أصغر ‪ ،‬هن كبيراتا بمشاعرهن وقدرتهن على‬ ‫التكيف مع وضعهن والتعامل العقلي بكل الثباتا والحكمة معه ‪ ،‬بينما هي‬ ‫صغيرة المقدار والتفكير والمقدرة على الستمرار و التحمل ‪ ،‬حتى جاء هو‬ ‫هادئاً باسم الثغر كعادته يفيض رقة وليفكر في لوم أو عتاب ول يفكر حتى‬ ‫في مجرد إشعارها بمدى ثقل المهمة التي ألقتها بين يديه راجية منه‬ ‫إنقاذها من اعتقالا محقق وتدمير لمستقبلها ‪ ،‬غالبت المفاجأة وتقدمت‬ ‫قليلً للمام ‪ ،‬جاورتا الصافي رضوان وسمعت مادار بينه وبين الضباط‬ ‫من حوار ‪ ،‬حينما رأتا وجوه الضباط تنطق بالموافقة على دخوله الحارة‬ ‫رجتهم الدخولا معه وهى تنظر في عيني سامح راجية ‪.‬‬ ‫سألا أحد الضباط ‪:‬‬ ‫ من تكون ؟‬‫ردتا فوراً ‪:‬‬ ‫ دكتوره عائشة ‪ ،‬إبنة الصولا أنور‬‫‪157‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫الدخولا الن بالنسبة لك محالا‬ ‫بل أرجو الذن لمساعدة الحاج صافي لنهاء المر بسلم ‪ ،‬ارجوك‬ ‫الحاج صافي وحده سيدخل ‪ ،‬انتهى‬ ‫واستدار عنها ‪ ،‬هرولت عيناها مستغيثتان بسامح ‪:‬‬ ‫استطيع اقناع الجميع ‪ ،‬صدقني‬ ‫حدق في عينيها هامساً أن المر ليس كما تتخيل ‪ ،‬أبوها أصبح مطلوبا ً‬ ‫للعدالة ‪ ،‬يواجه اتهاماً بالشتراك في جرائم محددة ‪ ،‬والتستر على جرائم‬ ‫أخرى ‪ ،‬وفوق هذا فهى إبنته ووجودها معهم يمثل وسيلة ضغط يمكنهم‬ ‫استخدامها ضده إذا لزم المر ‪.‬‬ ‫أحنت رأسها وقد طفرتا دموع القهر من عينيها وهي تهمس له ‪:‬‬ ‫ أقسم لك أننى إذا فشلت في اقناعهم سأعود إليكم راضية مختارة‬‫ ماتقولينه هو الجنون بعينه‬‫ أقسم لك‬‫اتجه إلى الضابط العلى الذي رفض المر سابقا ً وتشاور معه‪ ،‬أخذ زمنا ً‬ ‫قبل أن يعود ويبلغها الموافقة على دخولها مع الحاج صافي إلى الحارة‪،‬‬ ‫على أن تكون المهلة نصف ساعة لغير‪.‬‬ ‫لم يكن أمامها وصافي إل الموافقة‪.‬‬ ‫بدتا الحارة وهي محاصرة حصن يأبى الخضوع‪ ،‬بابها المامي مغلق؛‬ ‫أسوارها ممتدة ‪ ،‬وبيوتها مغلقة النوافذ المطلة على الطريق؛ ليصدرعنها‬ ‫إل صمت مترقب وأعين تتابع على البعد مايجري‪ ،‬بينما حميدة ما تزالا‬ ‫خلف الباب من الناحية القبلية للحارة‪ .‬تتحدث عن أيام عاشت نيرانها‬ ‫والعراب يهاجمون الحارة‪ ،‬والرجالا يتصدون لهم ويجبرونهم على‬ ‫الفرار‪ .‬تقولا حميدة أن الرض كانت فضاء ‪ ،‬لدرجة إنك ترى البحر والمياه‬ ‫الزرقاء من مسافة كيلومتر وأكثر؛ وترى ميدان الكيلو ‪ 21‬من مكانك في‬ ‫أبي تلتا على طريق إسكندرية ‪ /‬مطروحا‪.‬‬ ‫تكمل حميدة أن إسم أبوتلتا هذا قديم‪ .‬يدلا على قبيلة إستوطنت هذه‬ ‫النحاء ‪ ،‬مثل السليمانية وغيرها وأن الفوز في القديم كان للشجاعة‪ .‬رجل‬ ‫‪158‬‬


‫يواجه رجل ورجالا يقفون لرجالا‪ ،‬لهجوم على رجل مدبر‪ ،‬ل إيذاء‬ ‫لمرأة‪ ،‬لا إعتداءعلى أطفالا‪ ،‬أما اليوم فها هو رجل واحد يخاف أن‬ ‫يواجه عمكم أنور‪ ،‬يداري نفسه خلف مجموعة من العسكرلن ينفعوه‪.‬‬ ‫دقت اليدي على الباب الكبير ‪ ،‬ارتفع صوتا عائشة والحاج صافي‪ .‬حدث‬ ‫إضطراب في الحارة ‪ ،‬ابتعدتا حميدة مرتابة وقد تصلبت خلياها وجحظت‬ ‫عيناها وصرخت تستنفر الخلق ‪ .‬تعالى صوتا عاشة مطالبا ً بفتح الباب‬ ‫لدخولها والحاج صافى ‪ .‬صرخت حميدة منذرة ‪:‬‬ ‫ إنها خدعة ‪ ،‬احذروا‬‫تعالت أصواتا آخرى مؤكدة أن المرخدعة كما تقولا ‪ ,‬وأن العسكر هم‬ ‫الذين سيدخلون ‪ ،‬اقترحت عائشة الدخولا ورفيقها من الباب البحري المطل‬ ‫على الشاطئ حيث إنه صغير‪،‬وليسمح بمرورأكثرمن فردين‪ ،‬ثم إنه يمكن‬ ‫مراقبة خارجه جيداً والتأكد ممن يقف خلفه دون خوف من خداع ‪ ،‬أعلنت‬ ‫حميدة موافقتها على مضض وعادتا إلى جلستها وحديثها عن السليمانية‬ ‫خلف الباب العتيق ‪.‬‬ ‫دخلت عائشة و معها الحاج صافى ‪ ..‬قابلهم أنور وبعض رجالا العائلة‬ ‫المتواجدين بالحارة ‪ ،‬جلس الصافى طلباً للراحة بعد إرهاق الطريق‬ ‫ومشقة الحركة بالنسبة له ‪ ،‬قالا فوراً للصولا أنور ‪:‬‬ ‫ المر كله بيدك ‪ ،‬تصرف ‪ ،‬تحمل مسئولية الحارة بمن فيها‪ ،‬لوتم‬‫القتحام لن يسلم أحد‪.‬‬ ‫صرخ أنور‪:‬‬ ‫ لن يستطيعوا؛ الشباب يحمل السلحا ؛ ثم أن جريمة القتل قد أغلقت‪.‬‬‫تدخلت عائشة ‪:‬‬ ‫ الموضوع ليس تحدي‪ ،‬أنت رجل بوليس وتعرف معنى مايجري‪.‬‬‫رفع صدره وأشاحا بيده ‪:‬‬ ‫ خللا عشردقائق سينسحبون؛ رجالا العائلة الكبارأجروا إتصالتهم ؛‬‫اطمئنى‬ ‫قالا الحاج صافي ‪:‬‬ ‫ هذه المرة لن يحدث ‪ .‬صدقني ‪ ،‬الموضوع أخطرمما تتخيل‪.‬‬‫‪159‬‬


‫إندفعت عائشة قائلة ‪:‬‬ ‫ بهية أساسا ً بريئة‪ ،‬الكل واثق من هذا ‪ ،‬وحضرتك فوق الشبهاتا‪،‬‬‫سلم نفسك وسلمها لهم‪ ،‬تسلم أنت من تهمة مقاومة السلطاتا وتسلم‬ ‫الحارة معك‪.‬‬ ‫أقبلت حميدة تتوكأعلى ساعد إحدى النساء‪ ..‬جابهت عائشة بقوة ‪:‬‬ ‫ تريدين تسليم أبيك للبوليس ياإبنة المدارس؟‬‫وإستدارتا عنها تحادث الجمع حولها‪ ،‬تشهدهم على العلم والمتعلمين‬ ‫الذين ليعرفون مصلحة عائلتهم وإسمها وكرامتها‪ .‬تريد المتعلمة أن تمسح‬ ‫تاريخ العائلة‪ ..‬العائلة التي عاشت بكرامتها تريدعائشة أن يقالا غداً إنها‬ ‫تمرغت في الهوان وسلمت أبناءها مرغمة للحبس‪.‬‬ ‫صرخت عائشة وهي تحدق في عقارب ساعتها التي صارتا لها أجنحة‬ ‫تدور بها في قوة حولا محورها ‪:‬‬ ‫ الوقت يمر‪.‬‬‫وأشارتا إلى الساعة للحاج صافي ‪:‬‬ ‫ المهلة قاربت على النتهاء‪.‬‬‫ثم لبيها الذي يمسح عرقه المتساقط حولا أذنيه وأهدابه ‪:‬‬ ‫ أرجوك‪ ،‬الحل بيدك‪.‬‬‫قالا الصافي‪ :‬لتترك الغضب يعميك‪.‬‬ ‫قالت حميدة‪ :‬ضاعت هيبتك ياسليمان ياكبير ‪ ،‬أين أنتم ياكبارالحارة‬ ‫لتنقذوها من الصغار الذين ليعرفون كرامة ول أصل؟‬ ‫عادتا عائشة تصرخ ‪:‬‬ ‫ الوقت يمر‪ ،‬ارجوكم إفتحواالباب‬‫تحدتها حميدة ‪:‬‬ ‫ إياكم أن تفتحوه‬‫إقتربت منهاعائشة ‪ ،‬حدقت في عينيها‪:‬‬ ‫ ارجوك‪ ،‬لتدمري كل شيء‪.‬‬‫دفعتها بيدهاالعجفاء‪ :‬لتدمري أنت كل شيء ‪.‬‬ ‫أنتبه الجميع لصوتا أنوريهمس منكسراً‪:‬‬ ‫‪160‬‬


‫ افتحوا البواب ‪.‬‬‫صرخت حميدة ‪:‬‬ ‫ هل جننت ؟‬‫جابهها بعينين غائمتين تغطى ساحتهما حمرة ودموع وألم كاسح ‪:‬‬ ‫ قالا فياض سليمان ومحمود سليمان و غيرهما لفائدة ‪،‬‬‫افتحواالباب‪.‬‬ ‫وأحنى رأسه على صدره‬ ‫بصقت حميدة في إتجاهه‪ ،‬إستدارتا إلى حيث جلستها بجواربيت فياض‪،‬‬ ‫في ذاتا مكانها القديم‪ .‬ألقت بظهرها إلى الحائط غاضبة أشد الغضب مما‬ ‫جعل الجان الذي عليها يظهر ‪ ،‬أخذتا ‪ ‬ترغي وتزبد وتصولا وتجولا وتنطق‬ ‫بلغة ليفهمها أحد من أهل الحارة‪ ‬وإن كان البعض قد أشار أنها لغة‬ ‫فارسية لكون الجان الذي يتلبسها فارسى ‪.‬‬ ‫سارالعسكربأنور أمامها ثم بهية‪.‬‬ ‫لم تنتبه لهم ‪ ،‬وحين عادالهدوء إلى المكان إنسلت من عينيها دموع ملتا‬ ‫تجاعيد وجهها ‪ ،‬ولم تبالا بمن حاولا جاهداً التسرية عنها ‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫أحدث وقوع حارة السليمانية زلزال في المنطقة كلها ‪ ،‬بدتا الحكاياتا التي‬ ‫تناقلتها أجيالا عديدة عن الحارة وساكنيها مجرد أسطورة ل معنى عنها ‪،‬‬ ‫كذلك رأتا العيون الباب المغلق دوماً والذي كانت تدور حوله كثير من‬ ‫الحداث وهو يقف شامخا ً حافظاً لكل مايدور خلفه من حكاياتا ؛ رأته‬ ‫مفتوحا ً على مصراعيه ليمتلك من أمر نفسه شيئا ً ‪ ،‬وقد أصبح الدخولا‬ ‫والخروج مشاعاً للجميع ‪ ،‬خاصة أن بالحارة طرقا ً مختصرة تصل النحاء‬ ‫ببعضها ‪..‬في البداية كان المر صعباً ويحتاج لجرأة من البعض لعبور‬ ‫الباب والمرور وسط الحارة وهو ليس من السليمانية ول من أهل الحارة أو‬ ‫قاطنيها ولكن بعد حدوث العبور مرة بعد مرة صار المر أيسر و حكاية‬ ‫الباب المغلق رواية تروى على سبيل التسرية في لحظاتا الفراغ ‪.‬‬ ‫‪161‬‬


‫أما حميدة فقد تم نقلها إلى داخل بيت فياض بعد بناء حجرة في الحديقة‬ ‫ملحق بها دورة مياه صغيرة ‪ ،‬وفرشها لتكون مقراً لها بدل ً من الحارة‬ ‫التي كانت تصر على البقاء فيها من قبل‪ ،‬وقد لزمت منذ حدث ما حدث‬ ‫الصمت ‪ ،‬واستسلمت لنوباتا غضب يعقبها حضور عفريتها الفارسي‪،‬‬ ‫ولم تعد تقرأ الفنجان أو تقدم وصفاتا لهل الحي الذين كانوا يزورونها ‪.‬‬ ‫أيضا بدأ الصامتون من أهل الحى في كشف مالديهم من معلوماتا ‪،‬‬ ‫تطوع بعضهم بالتواصل مع النقطة ومن ثم النيابة للدلء بشهادتهم ‪،‬‬ ‫واثقين أن كلمهم سيسمع وشهاداتهم سيعتد بها الن ‪.‬‬ ‫إستمعت اليهم النيابة جميعا ً ‪ ،‬سجلت أقوالهم ‪ ،‬ومنهم أحمدحسن رضوان‬ ‫ابن عم القتيل وكان مماسجل في هذا الخصوص ‪:‬‬ ‫س‪ -‬لماذا تقدمت الن للشهادة ولم تتقدم من قبل؟‬ ‫جـ ‪ -‬قابلت الضابط سامح؛ قلت له ماأعرف‪.‬‬ ‫س‪ -‬بماذا تبررعدم مبادرته بالقبض على المتهمين؟‬ ‫جـ ‪ -‬كان يحتاج دليلً وقلت له أن المرأكبرمن مجرد حادثة قتل‪.‬‬ ‫س‪ -‬كيف؟‬ ‫جـ ‪ -‬هناك استيلءعلى أراضي مملوكة للدولة بأوراق‬ ‫مزورة‪،‬وإستيلءعلى أراضي افراد‪.‬‬ ‫س‪ -‬وأين أصحابها؟‬ ‫جـ ‪ -‬أراضي مفتوحة يسألا أصحابهاعنها كل عدةسنواتا وقديسألون هاتفيا ً‬ ‫على البعد‪.‬‬ ‫س‪ -‬وماذا يفعلون للاستيلءعليها؟‬ ‫جـ ‪ -‬بيع وشراء صوري‪،‬وعمل صحة توقيع بالمحكمة ثم إعادة بيعها‬ ‫لشخاص آخرين‪.‬‬ ‫س – ودورسليمان فياض؟‬ ‫جـ ‪ -‬تسهيل المورمع الكبار‪ ،‬وفرض الحماية‪ ،‬وتوجيه النظر إلى أراضي‬ ‫بعينها‪،‬وغيرهذا تجارة الممنوعاتا وآخرها البانجو؛ وأخيرًاحض‬ ‫المجرمين على نشرالرهاب في أبي تلتا‪.‬‬ ‫‪162‬‬


‫س – جاء في أقوالا المتهمين أن المحرض كان أنورسليمان‬ ‫ومحمدأبوليلة‪ .‬فما دخل فياض؟‬ ‫جـ ‪ -‬بتوجيهاتا منه‪.‬‬ ‫س – وحكاية السيد محمد رضوان القتيل؛ ماذاتعرف عنها؟‬ ‫جـ ‪ -‬تعودتا السليمانية الستيلءعلى الراضي‪ ،‬إما بوضع اليد على‬ ‫أراضي لها أصحابها‪ ،‬وإعادة بيعها بأوراق ملكية مزورة ‪ ،‬أوبتخويف‬ ‫أصحاب الرض في اليام الخيرة ‪ ،‬لعلمهم أن هذه المنطقة ينتظرها‬ ‫مستقبل جيد ‪ ،‬خاصة أن القرى السياحية امتدتا على طولا الساحل‬ ‫الشمالي‪ ،‬وقد بدأ الخوف يسري في قلوبهم ‪ ،‬خشية أن تبدأ الدولة في‬ ‫بيع الراضي المملوكة لها إلى مستثمرين يحولونها في هذه المنطقة إلى‬ ‫قرى سياحية مثل الراضي الخرى‪ ،‬لذلك قررتا السليمانية إقامة‬ ‫مشروعاتا أو أبنية سكنية بسرعة حتى ليستطيع أحد أن يأخذها منهم ‪،‬‬ ‫لكن أرض السيد محمد رضوان كانت عقبة لوجودها وسط الراضي؛ وهم‬ ‫ليستطيعون التنفيذ بدونها حيث يريدون أن تصبح الرض كلها أبنية؛‬ ‫لذلك ذهب إليه وإثنان؛ محمدأبوليلة ومعاطي سليمان‪.‬‬ ‫س – لماذا؟‬ ‫جـ ‪ -‬طلبا منه أن يبيعهما أرضه فرفض وحدث ماحدث‪.‬‬ ‫س – وبهية ماموقفها؟‬ ‫جـ ‪ -‬قتل زوجها أمامها بيد أقاربها‪.‬‬ ‫س – قلت أمامها‪ ،‬كيف عرفت أنت؟‬ ‫جـ ‪ -‬أولدهم زملء أولدي في المدرسة وأصحابهم؛ حكوا لهم الموضوع‬ ‫بكامله‪.‬‬ ‫س – ولماذا لم تبلغ بماعرفت؟‬ ‫جـ ‪ -‬قلت للضابط سامح و انتظرحتى يمتلك أدلة كافية خاصة في موضوع‬ ‫الراضي والتجارة الممنوعة‪ .‬قائلً أن موضوع القتل وراءه أشياءآخرى‬ ‫وأنه نسق المرمع رؤسائه‪.‬‬ ‫س – وأرض السيد رضوان ماذا تم فيها؟‬ ‫جـ ‪ -‬حاليا ً ضموها للسليمانية‪.‬‬ ‫‪163‬‬


‫س – هل لديك اقوالا آخرى؟‬ ‫جـ ‪ -‬ل‪.‬‬ ‫وقع الشاهد على أقواله وأغلق المحضر في ساعته وتاريخه ‪.‬‬

‫‪164‬‬


‫)‪(19‬‬ ‫مابعد الحكم‬

‫مرتديا ملبسه الرسمية غادر سامح منزله في سابا باشا قاصداً المديرية‬ ‫صباحا تنفيذا ً لستدعاء جديد يعرف هذه المرة سببه ويسعد به ؛ فقد‬ ‫انتهت القضية كما أراد لها وكما تمنى بالضبط وساعدته القياداتا في هذا‬ ‫وكانت هى السابقة له في التنفيذ وفي الصرار على انهاء المر بأقصى‬ ‫‪165‬‬


‫قدر ممكن من الحسم نظراً لما كانت عليه تلك الحارة ومن فيها من الوجوه‬ ‫التي ظنت طويلً أنها تملك الكون ‪.‬‬ ‫دخل المديرية واتجه فوراً إلى العميد سمير الذي تابع معه من البداية‬ ‫خطواته وتدابيره وشاركه في وضع السيناريو الختامي للقضية كلها ‪،‬‬ ‫أدى التحية للرجل الذي رافقه فوراً إلى مدير المن الذي إستقبله بنفسه‬ ‫ليشكره على إنجازه‪.‬‬ ‫قالا الرجل بوضوحا ‪-:‬‬ ‫ نحن نشجع أمثالك وندعو إلى معاملة حضارية لكل من يتعامل معنا؛‬‫شعورالنسان بكرامته هوالذي يصنع المم؛ لذلك حينما قرأتا‬ ‫محضرالتحقيق معك وما لدينا من معلوماتا عنك قررتا الوقوف معك؛‬ ‫أولً لنهاءهذه القضيةالتي طالت بلداعي ؛ وثانيا ً تشجيعا ً لك ولعلمك‬ ‫فالتعليماتا المرسلة لرجالنا في كل المواقع هي إعتبارالعنف هو‬ ‫الخيارالخير‪ .‬إل إذابدأهم أحد بالعنف ففي تلك الحالة عليهم بالرد وبأقصى‬ ‫مايستطيعون‪.‬‬ ‫قالا سامح ‪ :‬اشكرلسيادتك إستقبالي وأعدك ببذلا الجهد في عملي‪،‬‬ ‫والمتهمون يافندم ؟‬ ‫تبسم الرجل بثقة وهو يقولا ‪ :‬جميعهم اعترف خاصة فياض سليمان‬ ‫وقدموا للمحاكمة‪.‬‬ ‫ثم أردف إيذانا ً بالنصراف ‪ :‬إذا احتجت شيئا ً بابي مفتوحا لك‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫في طريقه إلى الطريق السريع قادما ً من شارع أبي تلتا رأي عائشة‬ ‫أمامه قادمة على مهل متجهه إلى حارةالسليمانية ‪ ،‬توقف بعربته أمامها‬ ‫وعيناه تحملن قدراً من الحزن لجلها‪.‬‬ ‫قالا ‪ :‬أستودعك ا يا دكتورة ‪.‬‬ ‫إتسعت عيناها وهي تراه يحادثها ؛ رجلها الذي أحياها مرة وقتلها الخرى‬ ‫‪ ..‬لم تدر هل تشكره أم تلومه ‪ ،‬تكرهه أم تحبه ‪ ،‬أم ماذا ؟‬ ‫ دكتورة عائشة‪ .‬أتمنى أن تفهمي موقفي كما ينبغي‬‫ظلت تنظرإليه دون رد‪ .‬أكمل‪:‬‬ ‫‪166‬‬


‫ أرجو ألتحملي لي كرها ً ؛ كنت أؤدي عملي‬‫لم ترد‪ .‬قالا ‪ -:‬أراك على خير‬ ‫كادتا تهمس‪ :‬إلى أين؟‬ ‫غيرأنها صمتت‪ ،‬شيء ما منعها؛ رأتا الصمت ملذاً فظلت بين أحضانه‬ ‫واكتفت بمتابعتة من خللا دموع لتدري لما نزلت بهذه السرعة ولماذا ؛‬ ‫وإن كانت تعرف جيداً أنها تفكر كثيراً فيه‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫عاد إلى البيت حاملً على صدره وسام الرضاء ‪ ،‬معتزاً بعمل بذلا فيه‬ ‫الجهد وجزاه ا سبحانه عنه خير الجزاء ‪ ،‬توجه لوالده راغبا ً فى التحدث‬ ‫معه ‪ ،‬رآه ممسكا ً بجريدة ينظرمتسع العينين في خبربذاته فيها ‪.‬‬ ‫قالا باسما ً ‪ -:‬ترى ماهوالخبرالذي فعل بك هذا؟‬ ‫قالا والده ‪ -:‬المتهمون في قضيةأبي تلتا !!‬ ‫اكتسى وجهه بالهتمام ‪ :‬مالهم؟‬ ‫ حكم لهم بالبراءة!‬‫ بماذا؟‪ ...‬كيف‪..‬من؟‬‫ تمالك أعصابك‬‫صرخ ‪ :‬لن أسكت‬ ‫و استدارخارجا ً‬ ‫لحقه صوتا والده ‪:‬‬ ‫إلى أين ؟‬ ‫‬‫قالا وهو يهرولا قاصداً أبي تلتا من جديد ‪:‬‬ ‫ المعركة لم تنته بعد ‪ ،‬لبد أن أكون هناك !‬‫تمت بحمد ا‬ ‫السكندرية ‪2/4/2018‬‬

‫‪167‬‬


‫فهرس‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫الهاربة‬ ‫حميدة وتاريخ الحارة‬ ‫عودة سالي‬ ‫الوعد‬ ‫المحنة‬ ‫‪168‬‬


‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬

‫زيارة ليلية‬ ‫دعوة والقبولا‬ ‫بيت الصائغ‬ ‫الرهابي الخطير‬ ‫انور والموتا‬ ‫أولا الخيط‬ ‫نقطة خلف‬ ‫المواجهة‬ ‫لفح النيران‬ ‫مذاق الفشل‬ ‫المملكة‬ ‫الحصار‬ ‫دوي السقوط‬ ‫مابعد الحكم‬

‫‪169‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.