العـدد "مـئتـــان وثمانية عشر" من مجلة فيلي

Page 1


‫الحرب الروسية ‪ -‬األوكرانية‪ ..‬العراقية‬

‫الفرهود‬ ‫والفرهدة !‬

‫‪30‬‬ ‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE ,MEDIA FOR FAILY KURD‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬

‫‪48‬‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫هيئة التحرير‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬ ‫صادق االزرقي‬ ‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬

‫‪218‬‬ ‫السـنـة الثــــــامنــة عـشـر‬ ‫شـــــباط‪ /‬فـبرايـر ‪2022‬‬ ‫رقم االعتماد في‬ ‫نقابة الصحفيين العراقيين ‪1016‬‬

‫متاحف بغداد‬ ‫مرافق حضارية يتوجب ادامتها والتعريف بها‬

‫‪22‬‬

‫‪60‬‬

‫رقم االيداع في دار الكتب‬ ‫والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪72‬‬

‫دولة المواطنة‬ ‫ام دولة للمكونات‬ ‫«طريق الحرير»‬ ‫كالم معسول ووعود و اخفاء‬ ‫الدوافع الحقيقية‬

‫المقال االفتتاحي‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫عندمــا هاجمــت روســيا جارتهــا‬ ‫اوكرانيــا يف وســط اوروبــا‪ ،‬قــال الجميــع‬ ‫إن العــامل يتعــرض لتهديــد كبــر! فضــا‬ ‫عــن إدانــة الهجــوم‪ ،‬يتوجــب القــول إن‬ ‫الحكومــة االوكرانيــة هــي مــن قــررت‬ ‫ان تعــرض مكانتهــا القوميــة وحقوقهــا‬ ‫ومصالحهــا للخطــر لدرجــة أن تجعــل‬ ‫بلدهــا تدخــل حربــا غــر متكافئــة‪.‬‬ ‫ورئيــس هــذا البلــد وبــدال مــن أن‬ ‫ّ‬ ‫بحــث جنــوده عــى القتــال‪،‬‬ ‫يقــوم‬ ‫كان عليــه االلت ـزام بسياســة ال تعــرض‬ ‫بــاده ملوجــة هجــات مدمــرة كالتــي‬ ‫حصلــت‪.‬‬ ‫يف السياســة والتعامــل هنــاك دومــاً‬ ‫معالجــات أخــرى يجــب ّأل يتــم‬ ‫التغــايض عنهــا‪ ،‬وان حاميــة اســتقالل‬ ‫أوكرانيــا مل يكــن مبعنــى أن تأخــذ‪ ،‬عــى‬ ‫ســبيل املثــال‪ ،‬كل موقــف وكل حــدث‬ ‫بســلبية‪.‬‬ ‫فيــا يخــص العـراق‪ ،‬وبجملــة واحــدة‪،‬‬ ‫فــإن جميــع تلــك العراقيــل التــي نراهــا‬ ‫لحــد االن امــام تشــكيل الحكومــة‬ ‫العراقيــة الجديــدة‪ ،‬ليســت مــررة وان‬ ‫اســتمرار السياســات الخاطئــة لالطـراف‬ ‫تشــوه أدوات ادارة الحكومــة ملســتقبل‬

‫غــر منظــور ولهــا رضيبــة أثقــل‪ .‬وصلنا‬ ‫اليــوم اىل املســتوى الــذي مــن أجــل‬ ‫حســم الرصاعــات السياســية واملشــاركة‬ ‫يف عمليــة إدارة الحكــم يتــم تعريــض‬ ‫جميــع األبعــاد الوطنيــة واملحليــة‬ ‫لتأثــر النفــوذ الخارجــي وتتضــاءل‬ ‫القيــم يومــا بعــد يــوم‪.‬‬ ‫معــاين العمــل املشــرك واالبقــاء‬ ‫عــى التــوازن وصلــت اىل حــد مــن‬ ‫الخـراب‪ ،‬بحيــث أنــه يف حالــة تشــكيل‬ ‫الحكومــة‪ ،‬االمــل ايضــاً بعيــداً عــن‬ ‫حقيقــة معالجــة األزمــات‪ ،‬األحاديــث‬ ‫والترصيحــات واالتفاقيــات التــي تــرم‬ ‫خلــف األبــواب املغلقــة‪ ،‬هــي ليســت‬ ‫موصــدة جــداً‪ ،‬والواقــع أن أي طــرف‬ ‫ســيايس لــه مصالــح ولــه ســلة الراحــة‬ ‫خــارج العــراق لــن يجلــس مــن دون‬ ‫إثــارة املشــكالت! ان الــذي يعــرض‬ ‫ســيادة هــذا البلــد للخطــر هــي ليســت‬ ‫العالقــات الخفيــة لألط ـراف السياســية‬ ‫فقــط‪ ،‬فكفتــا امليــزان ال تــوازن لهــا‬ ‫عنــد ربــط الحــل الســيايس بقــوت‬ ‫النــاس‪ ،‬واألرض بالقوميــة‪ ،‬والســلطة‬ ‫بالديــن واملذهــب‪ .‬القســم األعظــم‬ ‫مــن حالــة اليــأس هــو نتــاج عــدم‬

‫وجــود االســتقرار يف التفكــر واتخــاذ‬ ‫القــرارات وعــدم مراعــاة املصالــح‬ ‫والحقــوق العامــة‪.‬‬ ‫هــذا البلــد لــن يحصــل عــى يشء‬ ‫حاســم مــن تجريــم أو مجابهــة الحــرب‬ ‫يف أوكرانيــا‪ .‬منــذ األزل تراعــي الــدول‬ ‫املنافــع واألرضار التــي تحصــل عليهــا‬ ‫عندمــا تتخــذ القــرارات واملواقــف‬ ‫التــي تتبناهــا تجــاه أي حــدث او‬ ‫تطــور ســيايس أو حتــى الحــرب‪.‬‬ ‫يف الحقيقــة ان الحكومــة يف بغــداد‬ ‫ســواء تشــكلت ام مل تتشــكل‪ ،‬فــان‬ ‫الحــرب االقليميــة الكــرى وحتــى‬ ‫الحــرب العامليــة اذا حصلــت أم مل‬ ‫تحصــل‪ ،‬فــان العــراق اذا بقيــت‬ ‫أوضاعــه يف جمودهــا فإنــه ســيهلك‪.‬‬ ‫فالــدول تبحــث عــن مصالحهــا ويف ظــل‬ ‫هــذا االنســداد فــإن خرقــاً لألخــاق‬ ‫واملعاهــدات والعهــود ال ُيعــرف لــه‬ ‫حــدود‪ .‬وهــذا هــو الــدرس الــذي‬ ‫يجــب ان يتعلــم منــه العراقيــون وهــو‬ ‫ان العــامل كلــه يــوايس أوكرانيــا‪ ،‬ولكــن‬ ‫االســتقالل مصــدر القــوة والســلطة‪ ،‬وال‬ ‫يجــب أن نبحــث عنــه خــارج الحــدود‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫الربط السككي‬ ‫ينعش اقتصاد العراق ويحيي‬ ‫آمال «طريق الحرير»‬

‫العدد‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫‪14‬‬

‫كــوچه مــروي‪..‬‬ ‫عندما وجد الفيليون‬ ‫ضالتهم في أعرق‬ ‫أزقة طهران‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫حصيلة ماراثونية لرئيس إقليم كوردستان‬

‫نيجيرفان بارزاني‬

‫في أهم منصة للقاءات العالمية‬

‫ليـــس شـــيئا عاديـــا خالل‬ ‫لقـــاء للنخـــب القياديـــة‬ ‫سياســـيا وامنيا على مستوى‬ ‫العالـــم‪ ،‬أن ينخـــرط رئيس‬ ‫اقليـــم كوردســـتان نيجريفان‬ ‫بارزانـــي يف مثل هـــذا الكم‬ ‫مـــن االجتماعات مـــع قادة‬ ‫ومســـؤولني مـــن مختلـــف‬ ‫الـــدول‪ ،‬وان يجـــري البحـــث‬ ‫بمثـــل هذه الالئحـــة الطويلة‬ ‫مـــن القضايـــا واألزمات‪.‬‬

‫فيــــلي‬

‫‪4‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪5‬‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫وكان الرئيــس نيجريفــان بــارزاين وصــل‬ ‫يــوم الخميــس إىل املانيــا للمشــاركة يف‬ ‫«مؤمتــر ميونيــخ لالمــن» الــذي تســتمر‬ ‫أعاملــه مــن ‪ 18‬لغايــة ‪ 20‬شــباط‪/‬فرباير‬ ‫الحــايل‪ ،‬لكنــه ســجل مــا ميكــن وصفــه‬ ‫بالظاهــرة االســتثنائية فيــا يتعلــق بحضــور‬ ‫اي مســؤول وتحديــدا مــن العــراق خــال‬ ‫العقديــن املاضيــن‪ ،‬مــن خــال عقــده‬ ‫لقــاءات مكثفــة وصلــت اىل ‪ 13‬اجتامعــاً‬ ‫مــع كبــار املســؤولني خــال يــوم الســبت‬ ‫وحــده‪ ،‬بحســب مكتــب رئيــس االقليــم‬ ‫لوكالــة شــفق نيــوز‪.‬‬ ‫ويوصــف مؤمتــر ميونيــخ لألمــن الــذي‬ ‫انطلقــت فكرتــه منــذ العــام ‪ ،1963‬بأنــه‬ ‫منصــة ال مثيــل لهــا يف العــامل للقــاءات‬ ‫النخــب الدوليــة حــول القضايــا السياســية‬ ‫واالمنيــة‪ ،‬اذ ال يوجــد مــكان آخــر يف العــامل‪،‬‬ ‫يجمــع هــذا العــدد الكبــر مــن قيــادات‬ ‫وممثــي الحكومــات ورجــاالت وخــراء‬ ‫األمــن والشــؤون العســكرية‪.‬‬ ‫ولهــذا‪ ،‬فــإن يعقــد نيجريفــان بــارزاين خــال‬ ‫يومــن‪ ،‬سلســلة مــن االجتامعــات تخطــت‬ ‫العرشيــن لقــا ًء حتــى منتصــف اليــوم‬ ‫الثــاين مــن أعــال املؤمتــر يشــكل بحــد‬ ‫ذاتــه حدثــا اســتثنائيا يعكــس بحســب مــا‬ ‫يقــول مراقبــون‪ ،‬أوال حيويــة رئيــس االقليــم‬ ‫ونشــاطه‪ ،‬وثانيــا‪ ،‬مهــارات فريــق مســاعديه‬ ‫يف تنظيــم وجدولــة هــذه االجتامعــات‬ ‫املكثفــة واملتتابعــة‪ ،‬وثالثــا‪ ،‬الثقــل واالهمية‬ ‫التــي يتمتــع بهــا اقليــم كوردســتان ورئيســه‬

‫‪6‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫عــى صعيــد اجتــاع دويل الطابــع بهــذا‬ ‫املســتوى‪.‬‬ ‫وشــملت لقــاءات بــارزاين شــخصيات مــن‬ ‫مختلــف الــدول‪ ،‬مــن بينهــم حتــى االن‪،‬‬ ‫رئيــس وزراء لبنــان نجيــب ميقــايت‪ ،‬وزيــر‬ ‫الخارجيــة الســعودي فيصــل بــن فرحــان‬ ‫آل ســعود‪ ،‬وزيــر الخارجيــة اإليـراين حســن‬ ‫امريعبداللهيــان‪ ،‬نائــب رئيــس الــوزراء وزيــر‬ ‫خارجيــة قطــر محمــد بــن عبدالرحمــن‬ ‫آل ثــاين‪ ،‬املتحــدث باســم لجنــة الشــؤون‬ ‫الخارجيــة بالربملــان األملــاين نيلــس شــميد‪،‬‬ ‫وزيــر الدفــاع اإليطــايل لورينــزو غويرينــي‪،‬‬ ‫ووفــد مــن الكونغــرس االمريــي برئاســة‬ ‫لينــديس غراهــام‪ ،‬واألمــن العــام لألمــم‬ ‫املتحــدة أنطونيــو غوترييــش‪.‬‬ ‫واســتهل بــارزاين لقاءاتــه باجتــاع مــع‬ ‫وزيــر الخارجيــة يف دولــة الفاتيــكان بــول‬ ‫ريتشــارد غاالغــر‪ ،‬ونائــب رئيــس املفوضيــة‬ ‫األوروبيــة مارغريتيــس شــيناس‪ ،‬ووزيــر‬ ‫الدولــة األملــاين للشــؤون الخارجيــة توبيــاس‬

‫ليندنــر‪ ،‬باالضافــة اىل ســلطان بــن أحمــد‬ ‫الجابــر وهــو وزيــر الصناعــة والتكنولوجيــا‬ ‫املتقدمــة وعضــو مجلــس الــوزراء يف‬ ‫الحكومــة االتحاديــة لدولــة اإلمــارات‬ ‫ورئيــس وفــد بــاده اىل مؤمتــر ميونيــخ‪.‬‬ ‫وبحســب مكتــب رئيــس اإلقليــم لوكالــة‬ ‫شــفق نيــوز‪ ،‬فــإن أول لقــاء لبــارزاين يــوم‬ ‫الجمعــة بــدأ يف الســاعة التاســعة صباحــا‪،‬‬ ‫ثــم تواصلــت اجتامعاتــه بشــكل ماراثــوين‬ ‫مــع مختلــف املســؤولني بشــكل متتابــع‬ ‫حتــى الســاعة الســابعة مســاء‪ ،‬مضيف ـاً أن‬ ‫‪ 13‬لقــا ًء عقدهــم رئيــس االقليــم يف يــوم‬ ‫واحــد فقــط‪ ،‬مــن دون حســبان اللقــاءات‬ ‫التــي جــرت اليــوم الســبت حتــى االن‪،‬‬ ‫علــا بــان املؤمتــر مســتمر حتــى يــوم غــد‬ ‫األحــد‪.‬‬ ‫اال ان اللقــاءات وعددهــا ليســت القضيــة‬ ‫األهــم وحدهــا هنــا‪ ،‬وكــا هــو معلــوم‬ ‫فــإن مؤمتــر ميونيــخ الــذي هيمنــت عليــه‬ ‫بالطبــع قضيــة التوتــر العســكري بني روســيا‬ ‫واوكرانيــا واحتــاالت الحــرب‪ ،‬تشــهد‬ ‫نقاشــات وقضايــا عديــدة للبحــث والتــداول‬ ‫بــن املشــاركني وهــم باملئــات‪ ،‬مــن بينهــا‬ ‫القيــادة العامليــة‪ ،‬والســاح النــووي‪،‬‬ ‫والتوتـرات العســكرية حــول العــامل‪ ،‬واالمــن‬ ‫االلكــروين‪ ،‬واالرهــاب‪ ،‬وازمــة املنــاخ‬ ‫واثرهــا عــى الرصاعــات‪ ،‬باالضافــة اىل‬ ‫قضايــا الــرق االوســط املختلفــة‪.‬‬ ‫ومبثــل هــذا الــدور النشــط الــذي قــام بهــا‬

‫بــارزاين يف املؤمتــر‪ ،‬فانــه يكــون قــد عــزز‬ ‫حضــوره وصــورة االقليــم يف أهــم منصــة‬ ‫عامليــة لالجتامعــات الدوليــة التــي ال تتمثل‬ ‫فقــط يف اللقــاءات الثنائيــة املبــارشة‪ ،‬وامنــا‬ ‫تجــري ايضــا يف مشــاورات غــر رســمية‬ ‫تتــم يف قاعــات املؤمتــر وردهــات القاعــة‬ ‫والغــرف املغلقــة‪ ،‬مــا يتيــح الطــراف‬ ‫اللقــاءات التعــرف عــى بعضهــم البعــض‬ ‫اكــر‪ ،‬وطــرح قضاياهــم بوديــة ورصاحــة‬ ‫كبــرة‪ ،‬تســاعد بشــكل مبــارش يف حلحلــة‬ ‫العقــد وتســوية االمــور وتبديــد الخالفــات‬ ‫ان وجــدت‪.‬‬ ‫وباالضافــة اىل اللقاءت نفســها‪ ،‬فــان القضايا‬ ‫التــي طرحهــا وطرحــت خــال اجتامعــات‬ ‫بــارزاين الواســعة‪ ،‬شــملت مروحــة كبــرة‬ ‫مــن املســائل‪ ،‬فمــع غوترييــش جــرى‬ ‫عــرض نبــذة عــن آخــر مســتجدات الوضــع‬ ‫الســيايس والوضــع العراقــي بشــكل عــام‪،‬‬ ‫وقــدم رئيــس االقليــم ورئيــس الحكومــة‬ ‫مــرور بــارزاين‪ ،‬شــكرهام لألمــم املتحــدة‬ ‫عــى دعمهــا املقــدم إىل الع ـراق‪ ،‬وال ســيام‬ ‫دور (يونامــي) يف االنتخابــات‪ ،‬وأعربــا عــن‬ ‫أملهــا بــأن تواصــل األمــم املتحــدة دعمهــا‬ ‫ومســاندتها ملعالجــة املشــاكل يف العــراق‪.‬‬ ‫كــا تنــاول االجتــاع مكافحــة اإلرهــاب‬ ‫وتهديــدات داعــش ومخاطــره‪ ،‬وأشــار‬ ‫الجانبــان إىل أن داعــش ال يــزال ميثــل‬ ‫تهديــداً خطــراً وحقيقي ـاً‪ ،‬مبــا يهــدد األمــن‬ ‫واالســتقرار يف العــراق وســوريا‪.‬‬ ‫كــا تنــاول أهميــة التنســيق بــن أربيــل‬ ‫وبغــداد يف التصــدي لإلرهــاب‪ ،‬وتــم‬ ‫التأكيــد عــى رضورة أن يعمــل الجميــع‬ ‫عــى إحــال األمــن واالســتقرار يف الع ـراق‪،‬‬ ‫ألن انعــدام األمــن واالســتقرار مــن شــأنه أن‬ ‫ينخــر العمليــة السياســية‪ ،‬وبوســع األمــم‬ ‫املتحــدة تقديــم املســاعدة بهــذا الصــدد‪.‬‬ ‫وبحــث ايضــا امكانيــة زيــارة غوترييــش إىل‬ ‫الع ـراق بعــد تشــكيل الحكومــة االتحاديــة‬ ‫الجديــدة‪.‬‬

‫ويف اللقــاء مــع وزيــر الخارجيــة الســعودي‪،‬‬ ‫اعــرب بــارزاين عــن رغبــة االقليــم يف زيــادة‬ ‫تقويــة العالقــات مــع اململكــة الســعودية‪،‬‬ ‫وجــرى بحــث اوضــاع العــراق واهتــام‬ ‫اململكــة باســتقراره ليلعــب دور احــد‬ ‫اعمــدة اســتقرار املنطقــة‪ ،‬بينــا اعــرب‬ ‫بــارزاين عــن رغبــة االقليــم يف تعزيــز‬ ‫العالقــة مــع الريــاض‬

‫امــا مــع نائب رئيــس الــوزراء وزيــر خارجية‬ ‫قطــر‪ ،‬فقــد جــرت مناقشــة ســبل التقــدم‬ ‫بالعالقــات بــن اإلقليــم وقطــر يف املجــاالت‬ ‫املتنوعــة وتوســيع آفــاق التعــاون املشــرك‪،‬‬ ‫ومســتجدات العمليــة السياســية يف العـراق‬ ‫ومســاعي تشــكيل الحكومــة االتحاديــة‬ ‫الجديــدة‪ ،‬واألوضــاع األمنيــة وتهديــدات‬ ‫داعــش‪ .‬كــا تناولــت املحادثــات رغبــة‬

‫يوصــف مؤتمــر ميونيــخ لألمــن الــذي انطلقــت فكرتــه‬ ‫منــذ العــام ‪ ،1963‬بأنــه منصــة ال مثيــل لهــا في العالم‬ ‫للقــاءات النخــب الدوليــة حــول القضايــا السياســية‬ ‫واالمنيــة‪ ،‬اذ ال يوجــد مــكان آخــر فــي العالــم‪ ،‬يجمــع‬ ‫هــذا العــدد الكبيــر مــن قيــادات وممثلــي الحكومــات‬ ‫ورجــاالت وخبــراء األمــن والشــؤون العســكرية‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪7‬‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫الطرفــن يف تعزيــز العالقــات بــن اإلقليــم‬ ‫وقطــر‪ ،‬وفــرص العمــل وتشــغيل رؤوس‬ ‫األمــوال واالســتثامرات القطريــة يف الع ـراق‬ ‫واإلقليــم‪.‬‬ ‫وتناولــت محادثــات بــارزاين مــع املســؤول‬ ‫القطــري عالقــات إقليــم كوردســتان مــع‬ ‫الــدول املجــاورة ودول املنطقــة‪ ،‬وآخــر‬ ‫تطــورات الوضــع الســوري‪ ،‬ودور قطــر يف‬ ‫املنطقــة والتطــورات وأوضــاع أفغانســتان‪.‬‬ ‫ومــع ميقــايت‪ ،‬رئيــس وزراء لبنــان‪ ،‬فــان‬ ‫القضايــا التــي نوقشــت شــملت الوضــع‬ ‫يف العــراق والعمليــة السياســية‪ ،‬وآخــر‬ ‫تطــورات األوضــاع السياســية واألمنيــة‬ ‫واالقتصاديــة اللبنانيــة وعالقــات لبنــان مــع‬ ‫العــراق واإلقليــم‪ ،‬حيــث اعــرب بــارزاين‬ ‫عــن رغبــة اإلقليــم يف تعزيــز العالقــات مــع‬ ‫لبنــان مشــراً إىل حضــور وأعامل ونشــاطات‬ ‫الجاليــة اللبنانيــة يف إقليــم كوردســتان‪،‬‬ ‫الناشــطة والفاعلــة يف مجــاالت عديــدة‪.‬‬ ‫ووجــه ميقــايت لبــارزاين دعــوة لزيــارة لبنــان‬ ‫رســمياً‪.‬‬ ‫ويف اللقــاء مــع املتحــدث باســم لجنــة‬ ‫الشــؤون الخارجيــة بالربملــان األملــاين‪،‬‬ ‫فقــد تناولــت محادثــات بــارزاين األوضــاع‬ ‫السياســية يف العــراق‪ ،‬ومســألة الهجــرة‬ ‫وأوضــاع املهاجريــن عــى الحــدود‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫البيالروســية‪ ،‬وتهديــدات داعــش ومتديــد‬ ‫تفويــض القــوات األملانيــة يف العــراق‪،‬‬ ‫والنازحــن اإليزيديــن وتعزيــز الدميقراطيــة‬ ‫وبنــاء املؤسســات وتنميتهــا يف العــراق‬ ‫وإقليــم كوردســتان‪.‬‬ ‫امــا يف اللقــاء مــع وزيــر الدولــة األملــاين‬ ‫للشــؤون الخارجيــة توبيــاس ليندنــر‪،‬‬ ‫فقــد ابــدى املســؤول االملــاين لبــارزاين‬ ‫اســتعداد بــاده ملواصلــة الدعــم واملســاعدة‬ ‫والتدريــب العســكري إلقليــم كوردســتان‬ ‫والع ـراق‪ ،‬فيــا قــال رئيــس االقليــم معلقــا‬ ‫عــى القــرار األخــر للمحكمــة العليــا‬ ‫االتحاديــة العراقيــة بشــأن قانــون النفــط‬ ‫والغــاز يف إقليــم كوردســتان‪ ،‬أن اإلقليــم‬ ‫ســيعمل كــا هــو دامئـاً عــى حــل املشــاكل‬ ‫عــى أســاس الدســتور‪.‬‬ ‫ومــن جهتــه‪ ،‬قــال وزيــر الدفــاع اإليطــايل‬ ‫لورينــزو غويرينــي لبــارزاين أن تجربــة‬ ‫بــاده مــع البيشــمركة كانــت جيــدة‬ ‫وناجحــة‪ ،‬فيــا شــكره رئيــس االقليــم عــى‬ ‫املســاعدات العســكرية اإليطاليــة يف فــرة‬ ‫حــرب داعــش‪ .‬وحــرص بــارزاين عــى اثــارة‬ ‫قضيــة مناطــق الفـراغ االمنــي مشــرا اىل ان‬ ‫التعــاون بــن البيشــمركة والقــوات العراقيــة‬ ‫يف هــذه املناطــق «جيــد وأن تهديــدات‬ ‫داعــش تجعــل مــن الــروري أن يســتمر‬

‫التعــاون بــن أربيــل وبغــداد»‪.‬‬ ‫وخــال لقــاء بــارزاين مــع بــول ريتشــارد‬ ‫غاالغــر وزيــر خارجيــة الفاتيــكان‪ ،‬فقــد‬ ‫جــرت التطــورات السياســية واألمنيــة يف‬ ‫العــراق‪ ،‬وأحــوال املكونــات‪ ،‬والعالقــات‬ ‫الثنائيــة‪ ،‬والزيــارة األخــرة لقداســة البابــا‬ ‫إىل العــراق وإقليــم كوردســتان‪ ،‬واوضــاع‬ ‫النازحــن والالجئــن يف اإلقليــم واألوضــاع يف‬ ‫ســهل نينــوى وســنجار‪ .‬كــا اكــد الطرفــان‬ ‫عــى اهميــة تقويــة العالقــات وحاميــة‬ ‫وتعميــق ثقافــة التعايــش والتســامح وقبول‬ ‫اآلخــر بــن املكونــات الدينيــة والقوميــة‬ ‫والحريــة الدينيــة‪ ،‬وأثنيــا عــى الــدول التــي‬

‫ســاعدت اإليزيديــن واملســيحيني بعــد‬ ‫هجــات داعــش‪.‬‬ ‫وحــرص بــارزاين عــى القــول للمســؤول‬ ‫الفاتيــكاين ان االقليــم ســيواصل كــا‬ ‫هــو دامئــاً مســاندة املكونــات وخاصــة‬ ‫املســيحيني واإليزيديــن ويحافــظ عــى‬ ‫ثقافــة التعايــش‪.‬‬ ‫ومــع نائــب رئيــس املفوضيــة األوروبيــة‬ ‫مارغريتيــس شــيناس‪ ،‬جــرى التباحــث‬ ‫يف اوضــاع العــراق‪ ،‬وعمليــة االنتخابــات‬ ‫وخطــوات العمليــة السياســية‪ ،‬وأكــدا عــى‬ ‫أهميــة الحــوار مــن أجــل حــل مشــاكل‬ ‫العــراق‪ ،‬وقــال املســؤول االورويب انهــم‬

‫يراقبــون باهتــام األوضــاع يف العــراق‬ ‫وإقليــم كوردســتان ويــرون أن هنــاك فرصة‬ ‫ليقــف العـراق عــى قدميــه بصــورة أفضــل‬ ‫ويحــارب اإلرهــاب ويتمكــن عــن طريــق‬ ‫الدميقراطيــة واملؤسســات مــن تحقيــق‬ ‫الســلم واالســتقرار‪ .‬كــا تــم الحديــث‬ ‫عــن ان األوروبيــن مســتعدون للتعــاون‬ ‫وينظــرون إىل العــراق وإقليــم كوردســتان‬ ‫كرشيكــن‪ ،‬شــاكراً تعــاون إقليــم كوردســتان‬ ‫مــع االتحــاد األورويب‪ ،‬فيــا أكــد بــارزاين‬ ‫عــى أهميــة مســاعدة وتعــاون أوروبــا‬ ‫مــع العــراق ليتمكــن مــن حــل مشــاكله‪،‬‬ ‫الن هــذا ســيؤدي إىل اســتتباب االســتقرار‬

‫الســيايس‪ ،‬مشــرا إىل أن مــن املهــم أن‬ ‫ينتهــج االتحــاد األورويب سياســة شــاملة‬ ‫تجــاه العــراق وإقليــم كوردســتان‪.‬‬ ‫ومعلــوم ان مؤمتــر ميونيــخ يحــره‬ ‫عــرات املســؤولني والــوزراء والنــواب‬ ‫ومئــات الخــراء وقيــادات االجهــزة االمنيــة‪،‬‬ ‫وهــي فكــرة بــدأت العــام ‪ 1963‬تحــت‬ ‫اســم مختلــف «اجتــاع العلــوم العســكرية‬ ‫الــدويل» بحســب موقــع «دويتشــيه فيلــه»‬ ‫االملــاين‪ .‬ثــم تغــر االســم اىل «مؤمتــر العلــوم‬ ‫العســكرية الــدويل»‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪9‬‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫بمساحة وأيديولوجية مختلفة‪..‬‬

‫مقارنة بين غزو أمريكا للعراق وروسيا ألوكرانيا‬ ‫بعـــد أن أصبحـــت الحـــرب‬ ‫الروســـية األوكرانية‪ ،‬أشـــبه‬ ‫بواقـــع حـــال علـــى العالم‬ ‫أجمع‪ ،‬تطـــرح املقارنات مع‬ ‫حروب أخرى شـــهدها العالم‪،‬‬ ‫تحمل أوجـــه وذرائع متعددة‪،‬‬ ‫لكن ثمـــة مقارنـــة ومقاربة‬ ‫عســـكرية بني الغزو األمريكي‬ ‫لبغداد‪ ،‬يف عهـــد جورج بوش‬ ‫عام ‪ ،2003‬والغزو الروســـي‬ ‫لكييف عام ‪ ،2022‬برئاســـة‬ ‫فالديمـــر بوتني‪.‬‬ ‫فيـــــلي‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫قائــد القيــادة املركزيــة األمريكيــة الســابق‬ ‫الجــرال ديفيــد برتيــوس الــذي قــاد‬ ‫مرحلــة أساســية مــن الحــرب األمريكيــة يف‬ ‫الع ـراق‪ ،‬اعتــر خــال مقابلــة مــع مجلــة‬ ‫«ذي أتالنتيــك» األمريكيــة‪ ،‬أن «بوتــن‪،‬‬ ‫يفتقــر للمطاولــة والقــدرة عــى الســيطرة‬ ‫عــى أوكرانيــا‪ ،‬وأن رغــم صعوبــة الحــرب‬ ‫عــى بغــداد بالنســبة لألمريكيــن‪ ،‬إال أن‬ ‫حــرب كييــف‪ ،‬قــد تكــون أشــد وطــأة عــى‬ ‫موســكو‪.‬‬ ‫وأجــرت املجلــة األمريكيــة‪ ،‬املقابلــة مــع‬ ‫برتيــوس‪ ،‬اســتناداً إىل تجربتــه العراقيــة‪،‬‬ ‫للحديــث عــن حــرب أوكرانيــا‪ ،‬وعنــد‬ ‫ســؤاله عـ ّ‬ ‫ـا كان ســيفعله لــو انــه كان قائداً‬ ‫للجيــش األوكـراين اآلن‪ ،‬فأجــاب‪« :‬ســأعمل‬ ‫عــى الجانــب االســتخبارايت لتحديــد مواقع‬ ‫وجــود عنــارص القــوات الروســية وخياراتهــا‬ ‫واألكــر ترجيح ـاً وخطــورة بينهــا‪.‬‬ ‫وتــوىل برتيــوس يف الســابق أيضــا إدارة‬ ‫وكالــة االســتخبارات املركزيــة األمريكيــة‬ ‫(يس آي ايــه)‪ ،‬وأعــد أطروحــة الدكتــوراه‬ ‫حــول حــرب فيتنــام‪ ،‬وســاهم يف إعــداد‬ ‫دليــل اإلرشــاد امليــداين للقــوات األمريكيــة‬ ‫حــول أســاليب مواجهــة التمــرد‪ ،‬كــا أنــه‬ ‫كان قائــداً للقــوات األمريكيــة يف العــراق‬ ‫خــال خطــة زيــادة عديــد القــوات التــي‬ ‫صعــدت الوجــود العســكري يف العــراق‪،‬‬ ‫متهيــدا للخــروج منــه قبــل أكــر مــن ‪10‬‬ ‫ســنوات‪ ،‬وتــوىل أيضــاً قيــادة القــوات‬ ‫األمريكيــة يف أفغانســتان‪.‬‬ ‫وقــال برتيــوس‪ ،‬وفق ـاً للمجلــة األمريكيــة‪،‬‬ ‫إن «عــدداً قلي ـ ًا مــن األمريكيــن يعرفــون‬ ‫أكــر منــه عــن احتــال بلــد ثــم مواجهــة‬ ‫مقاومــة مســلحة»‪ ،‬يف إشــارة إىل تجربتــه‬ ‫العســكرية يف مكافحــة (التمــرد) املســلح‬ ‫يف العــراق‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪11‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫ومهــا كان عــزم بوتــن‪ ،‬عــى غــزو‬ ‫أوكرانيــا‪ ،‬إال أنــه وبحســب برتيــوس‬ ‫«ال يتمتــع بالقــوات والدعــم الشــعبي‬ ‫الكافيــن للنجــاح يف الســيطرة عــى هــذا‬ ‫البلــد‪ ،‬ألي فــرة زمنيــة طويلــة»‪.‬‬ ‫وأضــاف برتيــوس‪ ،‬أن «التحــدي اآلن أمــام‬ ‫كبــار صانعــي السياســة يف أوكرانيــا‪ ،‬يتمثــل‬ ‫يف أنهــم يحاولــون تحقيــق هدفــن برغــم‬ ‫أن أحدهــا يلغــي اآلخــر بدرجــة مــا‪،‬‬ ‫وهــا محاولــة تجنــب إثــارة الذعــر بشــكل‬ ‫كبــر ملواطنيهــم األوكرانيــن‪ ،‬وتجنــب‬ ‫اســتفزاز الــروس بــا رضورة‪ ،‬واألمــر اآلخــر‬ ‫هــو إعــداد القــوات األوكرانيــة للدفــاع‬ ‫عــن البــاد»‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن حجــم القــوات الروســية‬ ‫املحتشــدة واملقــدرة بـــ‪ 190‬ألف عســكري‪،‬‬ ‫تقــارب حجــم القــوات األمريكيــة التــي‬ ‫جــرى حشــدها خــال خطــة زيــادة‬ ‫القــوات يف العـراق (‪ ،)the surge‬برغــم أن‬ ‫أوكرانيــا أكــر مســاحة وســكانا بكثــر مــن‬ ‫العــراق‪.‬‬ ‫ولفــت برتيــوس‪ ،‬ردا عــى ســؤال عــا اذا‬ ‫كان مبقــدور روســيا بالفعــل الســيطرة‬ ‫عــى كامــل مســاحة أوكرانيــا‪ ،‬إىل أن‬ ‫«أوكرانيــا ليســت فقــط أكــر مــن العـراق‪،‬‬ ‫وإمنــا هــي أيض ـاً أكــر تعــداداً يف الســكان‬ ‫بنســبة ‪ 50%‬مــن البــاد‪ ،‬باإلضافــة إىل أن‬ ‫ماليــن مــن الســكان العراقيــن هــم مــن‬ ‫الكــورد واملســيحيني وااليزيديــن والشــبك‬ ‫والشــيعة‪ ،‬كانــوا ممــن دعمــوا قــوات‬ ‫التحالــف بشــكل كبــر طــوال فــرة الوجــود‬ ‫العســكري األمريــي يف العــراق‪.‬‬ ‫واعتــر أن «أقليــة صغــرة مــن العراقيــن‬ ‫كانــت تدعــم املتطرفــن الســنة واملتمردين‬ ‫وامليليشــيات الشــيعية املدعومــة مــن‬ ‫إي ـران‪ ،‬لكنهــم برغــم ذلــك‪ ،‬برهنــوا عــى‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫أنهــم أعــداء يصعــب التعامــل معهــم»‪.‬‬ ‫وتابــع الجــرال األمريــي‪ ،‬متســائ ًال «هــل‬ ‫بإمــكان روســيا الســيطرة عــى كامــل‬ ‫مســاحة أوكرانيــا؟»‪ ،‬مضيفــا أن «هــذا‬ ‫الســؤال يجــب أن يكــون مــن أكــر األســئلة‬ ‫إثــارة للقلــق يف ذهــن الرئيــس بوتــن ويف‬ ‫رؤوس كبــار قادتــه»‪.‬‬ ‫وتحــدث برتيــوس عــن تجربتــه يف قيــادة‬ ‫الفرقــة ‪ 101‬املحمولــة جــوا خــال األشــهر‬ ‫األوىل مــن غــزو العـراق عام ‪ ،2003‬مشــراً‬ ‫إىل أن «القتــال كان صعب ـاً»‪.‬‬ ‫وأردف‪« :‬مبجــرد إنهيــار النظــام‪ ،‬مل يكــن‬ ‫لدينــا مــا يكفي مــن الجنــود ملنــع عمليات‬ ‫النهــب الكبــرة يف وقــت مبكــر‪ ،‬ويف الفــرة‬ ‫الالحقــة‪ ،‬مل يكــن للواليــات املتحــدة مــا‬ ‫يكفــي للتعامــل مــع املتمرديــن والعنــارص‬ ‫املتطرفــة عندمــا صعــدوا العنــف بشــكل‬ ‫كبــر يف العــام ‪ ،2006‬حتــى جــرى إرســال‬ ‫قــوات إضافيــة أثنــاء (خطــة) الزيــادة‬ ‫التــي اســتمرت ‪ 18‬شــهراً‪ ،‬إىل جانــب إجـراء‬ ‫تغيــرات يف االســراتيجية وتطويــر أعــداد‬ ‫متزايــدة مــن القــوات العراقيــة املتمتعــة‬ ‫بكفــاءة بدرجــة معقولــة»‪.‬‬ ‫ونــوه الجــرال األمريــي إىل أهميــة عــدم‬ ‫نســيان أن «غالبيــة العراقيــن رحبــوا يف‬ ‫البدايــة بـ(تحريــر البلــد مــن نظــام صــدام‬ ‫حســن الوحــي الفاســد)‪ ،‬لكــن ال ميكــن‬ ‫أن يتوقــع الــروس أن يتــم الرتحيــب بهــم‬ ‫وهــم يغــزون أوكرانيــا»‪.‬‬ ‫ورداً عــى ســؤال حول تجربتــه يف «مكافحة‬ ‫التمــرد» ومــا اذا كانــت روســيا ســتواجه‬ ‫شــيئا مشــابها يف أوكرانيــا‪ ،‬توقــع برتيــوس‪،‬‬ ‫أن تقديــر حجــم ذلــك وثباتــه أمـراً صعباً»‪،‬‬ ‫مبينــا أن «مــن العوامــل املهمــة تتعلــق مبــا‬ ‫اذا كانــت الحكومــة والقــوات األوكرانيــة‬ ‫ســتتمكن مــن االحتفــاظ بجــزء كبــر مــن‬

‫بلدهــم أمــام أي غــزو كبــر‪ ،‬فاألوكرانيــون‬ ‫يقولــون إنهــم ســيجعلون الحيــاة صعبــة‬ ‫للغايــة عــى قــوات االحتــال الروســية»‪.‬‬ ‫وبحســب برتيــوس‪ ،‬يتحتــم عــى الــروس‬ ‫أن يتخوفــوا مــن هــذا االحتــال بدرجــة‬ ‫كبــرة‪ ،‬خاصــة اذا لجــأ األوكرانيــون إىل‬ ‫أســلوب القتــال كمتمرديــن‪ ،‬وتــم توفــر‬ ‫الدعــم الــازم لهــم مــن الخــارج‪.‬‬ ‫وأوضــح أن «بوتــن وكبــار قادتــه هــم مــن‬ ‫كبــار الســن مبــا يكفــي ليتذكــروا حجــم‬ ‫األمل الــذي شــهده وجــود الســوفييت يف‬ ‫أفغانســتان‪ ،‬ولهــذا عليهــم أن يشــعروا‬ ‫عــى األقــل أن احتــال اوكرانيــا قــد يكــون‬ ‫صعبـاً جــداً‪ ،‬حتــى لــو انهــم اعتمــدوا عــى‬ ‫‪ 190‬ألــف عســكري رويس يف مواجهــة‬ ‫مجموعــات التمــرد الصغــرة»‪.‬‬ ‫وحــول رد فعــل دول الغــرب‪ ،‬عــى التمــرد‬ ‫األوكــراين ومــا إذا كانــوا ســيدعمونه أم‬ ‫ســيتخلون عنــه‪ ،‬أكــد برتيــوس أن «اإلجابــة‬ ‫عــى هــذا األمــر صعبـاً‪ ،‬ألن هنــاك العديــد‬ ‫مــن العوامــل املؤثــرة بذلــك‪ ،‬مبــا فيهــا مــا‬ ‫اذا كان التمــرد يتــم مــن داخــل جــزء كبــر‬ ‫مــن أرايض أوكرانيــا التــي مــا ت ـزال تحــت‬ ‫ســيطرة الحكومــة‪ ،‬أم أنهــا تتــم مــن خــارج‬ ‫هــذه األرايض»‪.‬‬ ‫وخلــص إىل القــول إن «املتمرديــن‬ ‫بشــكل عــام‪ ،‬مثلــا شــوهدوا يف العــراق‬ ‫وأفغانســتان‪ ،‬يحتاجــون اىل مقاتلني واموال‬ ‫وقــادة واتصــاالت وأنظمة وأســلحة وذخرية‬ ‫ومتفجــرات ومــاذات آمنــة وخــراء يف‬ ‫املتفجــرات‪ ،‬باالضافــة إىل االيديولوجيــات‬ ‫أو قضيــة يقاتلــون مــن أجلهــا»‪ ،‬مرجحــاً‬ ‫أن يطلــب املتمــردون األوكرانيــون «كل مــا‬ ‫احتاجــه املتمــردون واملتطرفــون العراقيــون‬ ‫واألفغــان‪ ،‬باســتثناء االنتحاريــن»‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪13‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫كوچــــه مــــروي‪..‬‬

‫عندما وجد الفيليون ضالتهم في أعرق أزقة طهران‬

‫إلــى الجنــوب مــن العاصمــة اإليرانيــة طهــران‪،‬‬ ‫وبالقــرب مــن ميــدان اإلمــام الخمينــي‪ ،‬حيــث‬ ‫زقــاق متفــرع مــن شــارع ناصــر خســرو‪ ،‬تجــد‬ ‫متاجــر واحاديــث عراقيــة‪ ،‬واخــرى بلهجــة الكورد‬ ‫الفيلييــن العريقــة‪ ،‬حتــى باتــت هــذه البقعــة‬ ‫ـدا للمرحليــن مــن الفيلييــن بشــكل خــاص‬ ‫مقصـ ً‬ ‫وبقيــة العراقييــن عامــة‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪15‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫الحديــث هنــا يــدور عــى زقــاق مــروي‬ ‫کوچــه مــروي‪ -‬الــذي تجــد فيــه ذكريــات‬‫ترتبــط باملعانــاة والحنــن أليــام الكفــاح‬ ‫وشــارع الصدريــة وبــاب الشــيخ‪ ،‬وأزقــة‬ ‫النجــف وكربــاء القدميــة‪.‬‬ ‫يعــود تواجــد الكــورد الفيليــن يف هــذا‬ ‫الزقــاق إىل خمســينيات القــرن املــايض‪،‬‬ ‫وبــدأوا يتوافــدون تباعــاً إىل إيــران بعــد‬ ‫حمــات الرتحيــل والتهجــر القرسيــة التــي‬ ‫نفذهــا نظــام البعــث‪.‬‬ ‫يعــد زقــاق مــروي والــذي يحتــوي ايضــاً‬ ‫عــى ســوق عريــق‪ ،‬أحــد أقــدم األماكــن‬ ‫الحيويــة يف طهــران‪ ،‬ويقــدر مؤرخــون‬ ‫عمــره ‪ 200‬عــام‪.‬‬ ‫تص‪ :‬نادي الصحفيني‬

‫‪16‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪17‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫(قسمت)‬ ‫الفيلية في رواية حـــوراء النـــداوي‬ ‫ونصيب الكورد‬ ‫ّ‬ ‫رواد المقهـــى الّذي يقع‬ ‫حكى ّ‬ ‫علـــى ناصيـــة الشـــارع الكبير‪،‬‬ ‫المحـــاذي للنهـــر‪ ،‬أنّهـــم رأوا‬ ‫قســـمت حيـــن قدمـــت فـــي‬ ‫تلـــك الليلـــة‪ ،‬ماشـــية علـــى‬ ‫عجالـــة‪ ،‬و بصحبتها طفلة في‬ ‫ثم خلعت‬ ‫الثانية من عمرهـــا‪ّ ،‬‬ ‫نعليهـــا‪ ،‬ومـــن‬ ‫ثـــم عباءتهـــا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لتكشـــف عن بطنهـــا الحامل‬ ‫خلف (دشداشـــتها البـــازة)‪ ،‬ما‬ ‫جعـــل بعـــض زبائـــن المقهى‬ ‫ينفضـــون عنهـــم آثار الســـهر‬ ‫لينتبهـــوا إليهـــا‪ ،‬غيـــر أنّها لم‬ ‫كثيرا ليســـتفهموا‪،‬‬ ‫تمهلهـــم‬ ‫ً‬ ‫فبادرت ببســـاطة و سرعة إلى‬ ‫ثم‬ ‫إلقـــاء الرضيـــع في النهـــر‪ّ ،‬‬ ‫قبـــل أن يفيـــق الســـهارى من‬ ‫ّ‬ ‫يفكر أحد منهم‬ ‫المفاجـــأة‪ ،‬أو‬ ‫في أن يهـــرع نحوها‪ ،‬كانت قد‬ ‫ثم بنفســـها‪.‬‬ ‫ألقـــت بالطفلة‪ّ ،‬‬ ‫فيلي‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫بعــد يومــن مــن الحادثــة‪ُ ،‬أعلــن يف بغــداد‬ ‫ـدا مــن‬ ‫خــر وفــاة امللكــة عاليــة‪ ،‬لكـ ّ‬ ‫ـن أحـ ً‬ ‫أهــل الــدار أو (الن ـ ِزل) املســتأجرين فيهــا‪،‬‬ ‫يهتــم‪ ،‬و هــم‬ ‫مل يكــن ليســمع بــه أو‬ ‫ّ‬ ‫مشــغولون جمي ًعــا يف الع ـزاء ا ّلــذي اســتم ّر‬ ‫ثالثــة أ ّيــام طويلــة‪ ،‬حيــث مل يخـ ُ‬ ‫ـل البيــت‬

‫مــن املع ّزيــأت اللــوايت توافــدن مــن جميــع‬ ‫الدهانــة و بــاب الشــيخ و شــارع‬ ‫أنحــاء ّ‬ ‫امللــك غــازي‪ ،‬كلّ مــن ســمع بالفاجعــة‪،‬‬ ‫جــاء إ ّمــا مواس ـ ًيا أو لــروي فضولــه برؤيــة‬ ‫األم املثكو َلــن بابنتهــا واألحفــاد‪.‬‬ ‫األب و ّ‬ ‫الجميــع لديهــم أســئلة فضول ّيــة يطرحونهــا‬

‫بطريقــة مطمئنــة‪ ،‬وكانــت األجوبــة‬ ‫والتعقيبــات دا ًمئــا مــا تــأيت مــن ( َق َيــم) أو‬ ‫متكــرة‪ ،‬أ ّمــا‬ ‫(شــازي) بكلــات قليلــة و‬ ‫ّ‬ ‫(فرســت) أخــت قســمت الصغــرى‪ ،‬وا ّلتــي‬ ‫ُأ ّجــل زفافهــا للم ـ ّرة الثانيــة‪ ،‬بســبب وفــاة‬ ‫ـم تلقائ ًّيــا مــع‬ ‫عمهــا قبــل شــهور عـ ّ‬ ‫ـدة‪ ،‬ثـ ّ‬ ‫ّ‬

‫انتحــار اختهــا‪ ،‬فكانــت تنظــر إىل املع ّزيــأت‬ ‫الفضول ّيــات بنظـرات فارغــة‪ ،‬وقــد التزمــت‬ ‫الصمــت‪.‬‬ ‫بهــذا املشــهد‪ ،‬تبــدأ الكاتبــة حــوراء النداوي‬ ‫روايتهــا ا ّلتــي اختــارت (قســمت) عنوانًــا‬ ‫لهــا‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪19‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫ال ينفـ ّ‬ ‫ـك شــبح قســمت يــزور تلــك العائلــة‪،‬‬ ‫ربــا اختــارت الكاتبــة هــذا االســم عنوا ًنــا‬ ‫و ّ‬ ‫لروايتهــا‪ ،‬ألنّهــا تريــد أن تلــ ّوح بتلــك ال‬ ‫(قســمة) ا ّلتــي تالحــق الكــورد الفيل ّيــة‪،‬‬ ‫ا ّلذيــن مل يــروا اســتقرا ًرا أو ســكينة‪.‬‬ ‫ـدة أرس مــن الفيل ّيــة‬ ‫تحدثنــا الروايــة عــن عـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف مناطــق بــاب الشــيخ يف بغــداد‪ ،‬و‬ ‫عالقاتهــا بــأرس أخــرى مــن معارفهــم‪ ،‬حيــث‬ ‫يظهــرون يف تلــك املناطــق و األز ّقــة كعائلــة‬ ‫واحــدة‪ ،‬و يبــدو جل ًّيــا أنّهــم يعاضــدون‬ ‫بعضً ــا‪ ،‬و يزورهــم شــبح قســمت‪ ،‬ليخــاف‬ ‫البعــض مــن الشــبح‪ ،‬و يســتبرش البعــض‬ ‫اآلخــر بهــذا الشــبخ ا ّلــذي أصبــح رمز ّيــة‬ ‫لتلــك األحــداث املباغتــة ا ّلتــي يعيشــها‬ ‫ربــا تكــون مخيفــة‪ ،‬أو‬ ‫الفيل ّيــون‪ ،‬وا ّلتــي ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبــرة‪.‬‬ ‫تتوغّ ــل الروايــة إىل تاريــخ تلــك األرس‪ ،‬ا ّلــذي‬ ‫جــاءوا مــن پشــت كــوه (خلــف الجبــل) و‬ ‫كيــف أنّهــم هنــاك يف قراهــم قــرب املناطق‬ ‫يجــدون يف العمــل خــال فصــل‬ ‫الجبل ّيــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الصيــف يف التجــارة و الزراعــة و الرعــي‪.‬‬ ‫مــع أحــداث الروايــة‪ ،‬نالحــظ عــودة إىل‬ ‫تاريــخ تلــك العوائــل‪ ،‬ا ّلتــي جــاءت مــن‬ ‫پشــت کــوە (خلــف الجبــل)‪ ،‬و تخربنــا أنّهــم‬ ‫مــع فصــل الصيــف كانــوا يبذلــون جهدهــم‬ ‫يف أعــال التجــارة و الزراعــة و الرعــي‪ ،‬و‬ ‫عنــد اقــراب الشــتاء‪ ،‬يعــودون إىل قراهــم‬ ‫تحدثنــا أيضً ــا‬ ‫يف الجبــال‪ ،‬كــا أنّ الروايــة ّ‬ ‫عــن ق ّوتهــم يف إنجــاز األعــال ا ّلتــي‬ ‫ـدا جســد ًّيا‪ ،‬و كيــف أنّ قسـ ً‬ ‫ـا‬ ‫تتط ّلــب جهـ ً‬ ‫منهــم كانــوا يعملــون يف جميــع الفصــول يف‬ ‫األماكــن الدافئــة ك بغــداد‪.‬‬ ‫و تخربنــا عــن والــد قســمت‪ ،‬ا ّلــذي انغمــس‬ ‫يف حزنــه العميــق‪ ،‬مــن أجــل ابنتــه و‬ ‫أحفــاده ا ّلذيــن غ ّيبهــم النهــر‪ ،‬وا ّلــذي كان‬ ‫يدعــى ب ّ‬ ‫جــده‬ ‫مــا غــام عــي‪ ،‬و كان ّ‬ ‫ً‬ ‫مســؤول مال ًّيــا لــدى وايل پشــت‬ ‫جهانگیــر‬ ‫کــوە يف لورســتان‪ ،‬و كان الــوايل حســن قــي‬ ‫خــان يجمــع قبائــل القرلــوس و بختيــاري و‬ ‫كلهــر يك يحــارب قبائــل خ ـ ّرم آبــاد‪ ،‬ا ّلذيــن‬

‫‪20‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫كانــوا ينضــوون تحــت لــواء األمــر محمــود‪.‬‬ ‫وقــد ُقتــل األخ الصغــر لجهانگیــر يف تلــك‬ ‫الحــرب‪ ،‬و مــع فــوىض مــا بعــد الحــرب‪،‬‬ ‫رحــل والــد ّ‬ ‫مــا غــام إىل بغــداد‪ ،‬و قــد‬ ‫ُولــد ّ‬ ‫مــا غــام يف بغــداد‪ ،‬و اســتق ّر أحــد‬ ‫ثــم رحــل إىل‬ ‫عمومتــه يف مدينــة الح ّلــة‪ّ ،‬‬ ‫البــرة‪ ،‬و أنشــأ مطحنــة‪ ،‬و مــع األ ّيــام‪،‬‬ ‫العــم بــن العــرب هنــاك‪.‬‬ ‫ذاب ذلــك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املــا غــام قــد زار پشــت کــوە‬ ‫مل يكــن‬ ‫ســوى مــ ّرة واحــدة‪ ،‬وذلــك بعــد ســقوط‬ ‫ســلطة الــوالة عــى يــد الشــاه البهلــوي‪ ،‬و‬ ‫قــد وقعــت لوڕســتان تحــت ســلطة الفــرس‪،‬‬ ‫وقــد أصبــح لتلــك الدولــة اســمها الجديــد‬ ‫(إيــران)‪.‬‬ ‫املــا غــام يشــعر بغبطــة يف زيارتــه‬ ‫كان ّ‬ ‫تلــك‪ ،‬ألنّــه يســكن بغــداد‪ ،‬وليــس تحــت‬ ‫ســلطة البهلــوي‪ ،‬ا ّلــذي كان يج ّنــد الكــورد‬ ‫إجبــا ًرا‪ ،‬و يالحــق وجهاءهــم ويســجنهم‪،‬‬ ‫لك ّنــه يف ذلــك الوقــت قــد انقســم إىل‬ ‫نصفــن‪ ،‬نصــف إيــراين‪ ،‬و آخــر عراقــي‪.‬‬ ‫يف تفاصيــل هــذه القض ّيــة‪ ،‬يظهــر جل ًّيــا‬ ‫فيــا يصيــب الكــورد الفيل ّيــة‪ ،‬كــا تــرده‬ ‫حــوراء النــداوي يف روايتهــا‪ ،‬أنّ الكــورد‬ ‫الفيل ّيــة منــذ ذلــك العــر‪ ،‬إىل يومنــا‬ ‫ّ‬ ‫التشــظي‪ ،‬فبعــد أن كانــوا‬ ‫هــذا‪ ،‬أصابهــم‬ ‫واحــدا‪ ،‬و لهجــة كورد ّيــة واحــدة‪ ،‬و‬ ‫كيانًــا‬ ‫ً‬ ‫ثقافــة واحــدة‪ ،‬أصبحــوا مــع كلّ معضلــة‬ ‫و معانــاة‪ ،‬تتمــ ّزق أطرافهــم‪ ،‬و يصبحــون‬ ‫أبعــد عــن الرتــق‪.‬‬ ‫ـخصا يظهــر كمجنــون‪،‬‬ ‫ونجــد يف الروايــة شـ ً‬ ‫ً‬ ‫حكيــا‪ ،‬وهــو شــخص ّية‬ ‫و أحيانًــا يبــدو‬ ‫پرگــة‪ ،‬يظهــر برفقــة ّ‬ ‫قطتــن‪ ،‬تلجــأ إليــه‬ ‫النســوة‪ ،‬عندمــا يرتعــن مــن شــبح قســمت‪،‬‬ ‫و يطرقــون بابــه‪ ،‬هــو يستشــر ّ‬ ‫قطتيــه‪،‬‬ ‫ثــم يضــع‬ ‫و كأنّــه يفهــم مــن موائهــا‪ّ ،‬‬ ‫الحلــول‪.‬‬ ‫قبــل تســفري الكــورد الفيل ّيــة مــن بغــداد‬ ‫والعــراق بــأرسه‪ ،‬بأ ّيــام قليلــة‪ ،‬كان پرگــة‬ ‫يقتحــم بيــوت معارفــه الكــورد الفيل ّيــة‪ ،‬و‬ ‫يتفـ ّوه بكلــات مخيفــة‪ ،‬تبـ ّ‬ ‫ـث فيهــم القلــق‬

‫حوراء النداوي في روايتها‪ :‬الكورد الفيلية منذ‬ ‫التشظي‪،‬‬ ‫ذلك العصر‪ ،‬إلى يومنا هذا‪ ،‬أصابهم‬ ‫ّ‬ ‫فبعد أن كانوا كيانًا واحدًا‪ ،‬و لهجة كوردية‬ ‫كل معضلة و‬ ‫واحدة‪ ،‬و ثقافة واحدة‪ ،‬أصبحوا مع ّ‬ ‫معاناة‪ ،‬تتمزّق أطرافهم‪ ،‬و يصبحون أبعد عن‬ ‫الرتق‪.‬‬ ‫حــول مصريهــم‪.‬‬ ‫الهيئــة املضطربــة ل پرگــة‪ ،‬تظهــر كعالمــة‬ ‫مم ّيــزة يف الروايــة‪ ،‬حيــث تلجأ إليــه العوائل‬ ‫الفيل ّيــة‪ ،‬إىل هــذا الشــخص‪ ،‬ا ّلــذي ال يبــدو‬ ‫مجنو ًنــا‪ ،‬و ال عاقـ ً‬ ‫ـا‪ ،‬ألنّهــم دو ًمــا يعيشــون‬ ‫يف د ّوامــة الالمصــر‪.‬‬ ‫أحــد شــخص ّيآت الروايــة‪ ،‬وصــل إىل مراتــب‬ ‫متقدمــة بعــد أن عمــل ع ّت ً‬ ‫ــال يف ســوق‬ ‫ّ‬ ‫يلــم بالتجــارة‪،‬‬ ‫الشــورجة‪ ،‬ح ّتــى أصبــح‬ ‫ّ‬ ‫ولكونــه رجـ ً‬ ‫ـا أمي ًنــا و ذك ًّيــا‪ ،‬تــد ّرج إىل أن‬ ‫أصبــح تاجـ ًرا غن ًّيــا‪ ،‬و اشــرى لنفســه منـ ً‬ ‫ـزل‬ ‫حــي جميلــة‪.‬‬ ‫كبــ ًرا يف ّ‬ ‫وعندمــا بــدأت التســفريات‪ ،‬كان مــن أوائــل‬ ‫الكــورد الفيل ّيــة ا ّلــذي اســتوىل النظــام عــى‬ ‫أموالــه يف املصــارف‪ ،‬و كذلــك صــودر بيتــه‪،‬‬ ‫و ُرمــي بــه و أرستــه‪ ،‬يف تلــك الرب ّيــة و‬ ‫املرتفعــات بــن العــراق و إيــران‪ ،‬رشيطــة‬ ‫أن ال يعــودوا إىل العــراق‪.‬‬ ‫واســتطاعت زوجــة ذلــك التاجــر املســلوب‪،‬‬ ‫رسا‪،‬‬ ‫أن تربــط حزمــة مــن املــال عــى بطنهــا ًّ‬ ‫و عندمــا وصلــوا إىل إيـران‪ ،‬أســعفت أرستهــا‬ ‫بذلــك املــال‪ ،‬و أصبــح زوجهــا مــن أصحــاب‬ ‫األعــال م ـ ّرة أخــرى‪ ،‬لكــن هــذه امل ـ ّرة يف‬ ‫مدينــة إيــام الفيل ّيــة‪.‬‬ ‫أحــد أبنــاء رجــل األعــال ذاك‪ ،‬يحــي‬ ‫معاناتــه ا ّلتــي يعيشــها يف مدينــة إيــام‬

‫الفيل ّيــة‪ ،‬حيــث يســخر البعــض مــن لهجتــه‬ ‫و لكنتــه واملفــردات العرب ّيــة ا ّلتــي تتخ ّلــل‬ ‫لغتــه‪ ،‬وهــم يف ذات الوقــت‪ ،‬يتناســون أن‬ ‫تلــك املفــردات الفارســ ّية يف حديثهــم‪.‬‬ ‫ربــا أرادت الكاتبة أن‬ ‫حــول هــذه القض ّيــة‪ّ ،‬‬ ‫تشــر إىل تلــك النقطــة الها ّمــة‪ ،‬إذ تتع ـ ّرض‬ ‫اللهجــة الفيل ّيــة إىل الذوبــان يف تلــك‬ ‫القوم ّيــات‪ ،‬ا ّلتــي تش ـ ّتت بينهــا مجتمعــات‬ ‫و لهجــة و تــراث الكــورد الفيل ّيــة‪.‬‬ ‫حــوراء النــداوي‪ ،‬مؤ ّلفــة روايــة قســمت‪،‬‬ ‫مــن مواليــد يغــداد عــام ‪ 1984‬مــن أب‬ ‫يب و ّأم فيل ّيــة‪ ،‬هاجــرت أرستهــا بعــد‬ ‫عــر ّ‬ ‫انتفاضــة عــام ‪ 1991‬إىل الدمنــارك‪ ،‬وهــي‬ ‫ابنــة أيــاد بن ّيــان املســؤول عــن نــادي‬ ‫الرشطــة الريــايض‪ ،‬و زوجــة العــب املنتخب‬ ‫اقــي لكــرة القــدم نشــأت أكــرم‪ ،‬و‬ ‫العر ّ‬ ‫تعيــش حال ًّيــا يف لنــدن‪.‬‬ ‫يف حديــث مقتضــب أجرتــه وكالــة شــفق‬ ‫نيــوز مــع الكاتبــة حــوراء النــداوي‪ ،‬أخربتنــا‬ ‫أنّ أهــل والدتهــا قــد تع ّرضــوا للتســفري إىل‬ ‫ـدا عــن الع ـراق‪،‬‬ ‫إي ـران‪ ،‬وقــد ترعرعــت بعيـ ً‬ ‫و كلّ مــا اســتق ّر يف ذاكرتهــا ووجدانهــا عــن‬ ‫الكــورد الفيل ّيــة‪ّ ،‬إنــا اســتقته مــن أ ّمهــا‪ ،‬و‬ ‫قــد زارت مدينــة إيــام‪ ،‬و حــاورت الكــورد‬ ‫الفيل ّيــة هنــاك‪ ،‬واملســفّرين أ ّبــان الحملــة‬ ‫مــن الع ـراق‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪21‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫دولة المواطنة ام دولة للمكونات‬ ‫صادق االزرقي‬

‫بغض النظر عن موقفي‬ ‫الشخصي من االنتخابات‬ ‫العراقية األخيرة التي‬ ‫اجريت في تشرين االول‬ ‫‪ ،2021‬بل من مجمل‬ ‫العملية السياسية‪ ،‬التي‬ ‫اعتقد انها لم تنشأ على‬ ‫أسس سليمة‪ ،‬اقول؛ لم‬ ‫ال نعمل منذ اآلن على‬ ‫تأسيس وضع جديد‬ ‫مادام الواقع اظهر أن‬ ‫التصويت في االقتراع‬ ‫المذكور لم يزل يتأثر في‬ ‫األعم بالتوجه المذهبي‬ ‫والقومي والمناطقية؛ لماذا‬ ‫النعد نتائج االنتخابات‬ ‫فرصة لعبور قسم كبير‬ ‫من االخطاء التي شابت‬ ‫التجربة السابقة‪... ،‬‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫فنشــكل حكومــة أغلبيــة سياســية بوســاطة‬ ‫الحــزب الــذي نــال اعــى اصــوات املشــاركني‬ ‫يف االقــراع وتســهم فيهــا االحــزاب التــي‬ ‫اعلنــت اســتعدادها للمشــاركة يف حكومــة‬ ‫االغلبيــة‪ ،‬فيــا يســعى اآلخــرون لتشــكيل‬ ‫معارضــة برملانيــة قويــة؛ فــإذا نجحــت‬ ‫الحكومــة الجديــدة يف تأمــن متطلبــات‬ ‫الشــعب ـ واتوقــع ذلــك بتواجــد ضغــط‬ ‫املعارضــة ـ يكــون االمــر خــرا عــى خــر‪،‬‬ ‫وإذا أخفقــت الحكومــة يف تلبيــة مطالــب‬ ‫النــاس ـ وذلــك هــو الغــرض مــن العمــل‬ ‫الســيايس ـ فلتثقــف ولتحشــد املعارضــة‬ ‫ضدهــا ولتســقطها إذا تطلــب‪ ،‬أليــس ذلــك‬ ‫هــو العــرف الســيايس الســديد املعمــول بــه‬ ‫يف جميــع األنظمــة الدميقراطيــة املتحــرة‪.‬‬ ‫أمــا حديــث القــوى التــي مل تصــوت لهــا‬ ‫الجامهــر مثــل الــدورات الســابقة عــن عــدم‬ ‫متثيــل الوضــع الجديــد لجميــع ‹املكــون»‬ ‫وهــم يعنــون هنــا املكــون الطائفــي‪ ،‬ففيــه‬

‫مثلبتــن؛ اوال‪ ،‬مــن قــال إن األحــزاب متثــل‬ ‫جميــع األفــراد املحســوبني عــى ديــن أو‬ ‫مذهــب‪ ،‬فالديــن للــه والوطــن للجميــع كــا‬ ‫يقــال‪ ،‬وهــو العــرف الســائد فعــا يف االنظمة‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬ثــم إن ممثــي تلــك القــوى‬ ‫ســيبقون فاعلــن يف الجهــاز الترشيعــي‬ ‫وحتــى القضــايئ‪ ،‬والبعــض منهــم سيشــارك يف‬ ‫الحكومــة‪ ،‬ومــن قــال إن تلــك القوى ســتفقد‬ ‫هيكليتهــا‪ ،‬وحتــى إذا انســقنا إىل تفكريهــم‬ ‫فــإن النســبة األكــر مــن جامهــر املناطــق‬ ‫التــي يقولــون انهــم ميثلــون «مكونهــا» قــد‬ ‫قاطعــت االنتخابــات‪ ،‬وكانــت قبــل ذلــك قــد‬ ‫انتفضــت يف ترشيــن االول مــن عــام ‪ ٢٠١٩‬يف‬ ‫حركــة احتجــاج كــرى بــل ثــورة عــى االدارة‬ ‫الســيئة للحكــم الــذي كانــوا هــم املتحكمــن‬ ‫والفاعلــن فيــه‪ ،‬فــا معنــى الدعــاء تلــك‬ ‫األح ـزاب بأنهــا متثــل مكونــا‪.‬‬ ‫ولنتذكــر مــا حصــل يف االنتخابــات الرئاســية‬ ‫االمريكيــة لعــام ‪ 2020‬التــي حصــل فيهــا‬

‫الرئيــس الســابق دونالــد ترامــب عــى‬ ‫عــرات ماليــن االصــوات‪ ،‬لكنــه خــر ومل‬ ‫يــر عــى التشــبث بكــريس الرئاســة برغــم‬ ‫مــا اثــاره بعــض املؤيديــن لــه‪ ،‬ومل يقــل‬ ‫أنــه او الحــزب الجمهــوري الــذي يقــوده‬ ‫يريــد البقــاء او املشــاركة يف الحكــم؛ فتلــك‬ ‫هــي الدميقراطيــة‪ ،‬التــي ضمنــت اســتقرار‬ ‫املجتمــع االمريــي وحولــت تلــك البــاد اىل‬ ‫طليعــة الــدول الكــرى‪ ،‬فلــاذا ال نؤســس‬ ‫نحــن لهــا مــن البدايــة الجديــدة التــي‬ ‫أفرزتهــا نتائــج االنتخابــات األخــرة‪ ،‬وصحيــح‬ ‫اننــا لســنا مثــل امــركا ولكــن‪ ،‬فلنؤســس‬ ‫لدميقراطيــة حقيقيــة‪.‬‬ ‫ان تهديــد البعــض يف العــراق باســتعامل‬ ‫الســاح وتنفيــذ ذلــك بالفعــل يف قصــف‬ ‫مطــارات ومؤسســات دولــة‪ ،‬واســتهداف‬ ‫مقــار حكوميــة‪ ،‬وتصعيــد اســلوب االغتياالت‬ ‫والتوتــر‪ ،‬لــن ينفــع يف يشء‪ ،‬واملتــرر‬ ‫الرئيــس مــن تلــك األعــال هــو الشــعب‬

‫وبقــاء الع ـراق متخلفــا يف جميــع املجــاالت‪،‬‬ ‫وانعــدام مظاهــر البنــاء والتقــدم‪ ،‬وإذا كان‬ ‫تفكــر بعــض ممثــي األح ـزاب منصبــا عــى‬ ‫خســارة امتيازاتهــم فيــا لــو مل يشــاركوا يف‬ ‫الحكومــة‪ ،‬فــإن بإمكانهــم كمعارضــة أن‬ ‫يفعلــوا دورهــم يف الرقابــة والســيطرة عــى‬ ‫ّ‬ ‫أمــوال البلــد‪ ،‬ويف صياغــة سياســة ماليــة‬ ‫ســليمة؛ أمــا امتيازاتهــم ومنهــا رواتبهــم‬ ‫فنعتقــد أنهــا لــن تتأثــر وقــد نظموهــا‬ ‫بقوانــن‪ ،‬فلــم التخــوف مــن ســلوك طريــق‬ ‫املعارضــة‪.‬‬ ‫وبالعكــس ســيكون دور املعارضــة فاعــا‬ ‫ويكتســب التأييــد عــى الصعيــد الشــعبي يف‬ ‫حالــة اخفــاق الحكومــة يف البنــاء واالعــار‬ ‫والقضــاء عــى الفقــر والبطالــة والفســاد‬ ‫االداري واملــايل واســكان النــاس وغريهــا مــن‬ ‫رضورات الحيــاة‪ ،‬التــي يســتدعيها العمــل‬ ‫الســيايس‪ ،‬كــا ان التواجــد يف املعارضــة‬ ‫ميثــل فرصــة كبــرة لتحريــك مشــاريع‬

‫القوانــن التــي عطلــت يف الــدورات الســابقة‬ ‫والتصويــت عليهــا‪ ،‬ومتابعــة وتفعيــل‬ ‫القضايــا التــي ارقــت النــاس طيلــة الــدورات‬ ‫الســابقة‪ ،‬واختيارهــا بصــورة فاعلــة وليســت‬ ‫انتقائيــة‪.‬‬ ‫وبرصاحــة ميكــن القــول اننــا نعيــش يف مــدة‬ ‫مصرييــة مــن تاريــخ البلــد يتوقــف عليهــا‬ ‫مســتقبل ابنائــه‪ ،‬فامــا تواصــل الخـراب الــذي‬ ‫عشــنا يف ظلــه لعقــود طويلــة‪ ،‬الســيام منــذ‬ ‫عــام ‪ 2003‬وامــا التقــدم بخطــوات جريئــة‬ ‫مخلصــة إلنقــاذ النــاس مــن الضيــاع الــذي‬ ‫يعيشــونه‪ ،‬وهــو االمــر الــذي بــات يتفاقــم‬ ‫اكــر فاكــر مــع كل يــوم ميــر‪.‬‬ ‫مــن الــروري ان يتــرف الجميــع بحــس‬ ‫الشــعور باملســؤولية‪ ،‬وان يرأفــوا بالنــاس‬ ‫وان يــرك البعــض طريــق العنــف والقتــل‪،‬‬ ‫ومغــادرة لغــة التخويــن ومنطــق الكراهيــة‬ ‫والشــتائم‪ ،‬وان نــرع يف االلتفــات اىل‬ ‫حاجــات الســكان بغــض النظــر عــن تنوعهــم‬ ‫يف الديــن واملذهــب والقوميــة؛ وهنــا ليســت‬ ‫بنــا حاجــة إلعــادة التذكــر بــأن السياســة فن‬ ‫املمكــن‪ ،‬وان متطلبــات واحتياجــات الســكان‬ ‫هــي التــي يجــب ان تتصــدر نقاشــات القــوى‬ ‫السياســية بشــقيها الحاكــم واملعــارض‪ ،‬وذلــك‬ ‫هــو الطريــق الوحيــد لالرتقــاء بأوضــاع البلــد‬ ‫وســكانه؛ دعــوا الحكومــة تتشــكل مــن‬ ‫القــوى الفائــزة التــي اعلنــت اســتعدادها‬ ‫لتأليفهــا‪ ،‬ولرتاقــب املعارضــة اداءهــا‬ ‫وتقومــه‪ ،‬فتدعمهــا اذا نجحــت‪ ،‬وتحاســبها‬ ‫اذا اخفقــت‪ ،‬حتــى اذا تطلــب اقالتهــا؛ فتلــك‬ ‫مــن اســس البنــاء الدميقراطــي الصائبــة‪،‬‬ ‫ولنمنــح النــاس الفرصــة يك يتنفســوا هــواء‬ ‫نقيــا‪ ،‬ولننتشــلهم مــن حالــة البــؤس واليــأس‬ ‫التــي تعيــش يف ظلهــا االغلبيــة؛ وهــذا االمــر‬ ‫لــن يكتــب لــه التحقــق اال يف ظــل دولــة‬ ‫املواطنــة وليســت دولــة املكونــات والتناحــر‪،‬‬ ‫التــي اثبتــت فشــلها طــوال اكــر مــن مثــاين‬ ‫عــرة ســنة منــذ اســقاط النظــام املبــاد‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪23‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫الشهادات العليا في الغرب تنحسر‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫تتضخم‬ ‫وفي العراق‬ ‫عدنان ابو زيد‬

‫معضلــة التضخّ ــم يف أعــداد خريجــي‬ ‫املعاهــد والجامعــات‪ ،‬الناجــم عــن االنتفــاخ‬ ‫الدميوغــرايف ليســت عراقيــة فقــط‪ ،‬بــل‬ ‫عامليــة‪ ،‬لكــن الفــرق‪ ،‬انّ دوال نجحــت يف‬ ‫معالجاتهــا وتحويلهــا اىل فرصــة للتطــور‬ ‫واالزدهــار‪ ،‬بعدمــا كانــت أزمــة مســتفحلة‪.‬‬ ‫بحســب (يب يب يس بيزينــس)‪ ،‬يتخ ـ ّرج مــن‬

‫‪24‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫الجامعــات يف الهنــد‪ ،‬أكــر مــن خمســة‬ ‫ماليــن طالــب ســنويا‪.‬‬ ‫ويف الصــن يتخــ ّرج ســنويا نحــو مثانيــة‬ ‫مليــون طالــب مــن جامعــات البــاد‪ ،‬بأكــر‬ ‫مــن ســبعة أضعــاف العــدد قبــل ‪ 15‬عا ًمــا‪،‬‬ ‫وقــد أدى ذلــك اىل مصادمــات دمويــة يف‬ ‫العــام ‪ 1989‬يف ســاحة تيانامنــن‪ ،‬اشــعلها‬

‫الشــباب العاطــل الســيام الخريجــون‪ ،‬وقــد‬ ‫تكــ ّررت نســخ منهــا الحقــا يف دول كثــرة‬ ‫ومنهــا العــراق‪ ،‬حــن أشــعل الشــباب‬ ‫العاطــل فتيــل تظاهراتــه الترشينيــة العــام‬ ‫‪ 2019‬وقبلهــا انتفاضــة شــباب الربيــع‬ ‫العــريب‪.‬‬ ‫تجربــة الصــن رائــدة يف امتصــاص عاصفــة‬

‫تناســل الشــهادات‪ ،‬بعــد ان خفضّ ــت نســب‬ ‫البطالــة اىل ‪ 4٪‬باقتصــاد متســارع النمــو‪،‬‬ ‫وقطــاع خــاص ميــد أذرعــه اىل كل انحــاء‬ ‫العــامل‪.‬‬ ‫يف أوربــا‪ ،‬التــي متنــح جامعاتهــا ســنويا‬ ‫اعــدادا هائلــة مــن الشــهادات‪ ،‬مبســتويات‬ ‫علميــة رصينــة‪ ،‬لجــأت الخطــط اىل ابتــكار‬

‫فــرص عمــل للكــوادر الوســطية يف مختلــف‬ ‫القطاعــات‪ ،‬االمــر الــذي ق ّلــل مــن اعــداد‬ ‫الطــاب الشــهادات الجامعيــة العليــا‪،‬‬ ‫وأصبحــت الــدورات الفنيــة املتعلقــة‬ ‫بالتوظيــف‪ ،‬األكــر اقبــاال مــن املــواد‬ ‫األكادمييــة والنظريــة يف الجامعــات التــي‬ ‫تتطلــب زمنــا أطــول‪ ،‬اىل الحــد الــذي يؤكــد‬

‫فيــه معهــد تشــارترد لألفــراد والتنميــة ان‬ ‫إرشاك املزيــد مــن الشــباب يف التعليــم‬ ‫العــايل مل يعــد مــر ًرا‪ ،‬بســبب تضخــم‬ ‫االعــداد‪ ،‬فضــا عــن كلفــه الهائلــة‪.‬‬ ‫بــل ان نجــاح تجربــة أوربــا يف اســتيعاب‬ ‫الشــباب املتعلــم‪ ،‬رائــدة وفريــدة‪ ،‬فلــم‬ ‫تشــهد هــذه القــارة املبدعــة هجــرة‬ ‫لشــبابها عــر الحــدود‪ ،‬ومل يكــن ذلــك ليتــم‬ ‫لــوال االقتصــاد القــوي واإلدارة الناجحــة‬ ‫للمــوارد البرشيــة‪.‬‬ ‫اىل وقــت قريــب‪ ،‬كان ُينظــر اىل شــهادات‬ ‫البكالوريــوس واملاجســتري والدكتــوراه‪،‬‬ ‫عــى انهــا النافــذة االوســع للحصــول عــى‬ ‫وظيفــة‪ ،‬لكــن التخطيــط االقتصــادي البعيــد‬ ‫وســع مــن دائــرة الفــرص‪ ،‬وأصبــح‬ ‫األفــق‪ّ ،‬‬ ‫الطلــب يتزايــد عــى الحــرف ومجــاالت‬ ‫الــكادر الوســطي‪ ،‬والتلمــذة الصناعيــة‪،‬‬ ‫حتــى ان خريجــن جامعيــن‪ ،‬لجــأوا اليهــا‬ ‫بعــد عجزهــم عــن العثــور عــى وظائــف‬ ‫الشــهادات العليــا ونجحــوا يف اخــراق‬ ‫القطاعــات التــي احتكرتهــا املجموعــات‬ ‫االجتامعيــة املتدنيــة التعليــم‪ ،‬مثــل‬ ‫الفالحــن والعــال املهاجريــن والعاطلــن‪.‬‬ ‫وعــى عكــس مــا يحــدث يف الع ـراق‪ ،‬فــانّ‬ ‫الوظائــف يف قطــاع الدولــة يف الــدول‬ ‫الصناعيــة‪ ،‬مل تعــد هدفــا للخريــج الجامعــي‬ ‫الباحــث عــن العمــل‪ ،‬ألنــه يــدرك ان‬ ‫هنــاك مئــات الفــرص التــي يو ّفرهــا القطــاع‬ ‫الخــاص‪ ،‬مــع امتيــازات أفضــل‪.‬‬ ‫املتعلمــون العاطلــون‪ ،‬يف دول أوربــا‪ ،‬ال‬ ‫ُيرتكــون وشــأنهم‪ ،‬فهــم ُينحــون رواتــب‬ ‫اعانــة شــهرية‪ ،‬ويدخلــون دورات تحويليــة‬ ‫تأهلهــم بشــكل عمــي اىل ســوق العمــل‪،‬‬ ‫بغــض النظــر عــن الشــهادة التــي يحملونها‪،‬‬ ‫االمــر الــذي يحــول دون انفصالهــم عــن‬ ‫الواقــع‪ ،‬الســيام حــن يــرون ان دولتهــم‬ ‫عادلــة‪ ،‬وصاحبــة اقتصــاد ابتــكاري‪ ،‬وان‬ ‫التوظيــف عــى وفــق املهــارة‪ ،‬وليــس‬ ‫الشــهادة فقــط‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪25‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫«تكبر في الظل»‪..‬‬ ‫تحذير من «انفجار» ‪ 300‬ألف قنبلة‬ ‫موقوتة في العراق‬ ‫«أريــد أن يكبــر أطفالــي ويحلمــوا أن يكونــوا مــا يريــدون‪ ،‬ال أريــد أن ينظــر‬ ‫إليهــم فقــط علــى أنهــم أبنــاء لعناصــر داعــش»‪ ..‬بهــذه الكلمــات استرســلت‬ ‫ســارة (اســم مســتعار لنازحــة عراقيــة) أجبــرت علــى (عقــاب جماعــي) لهــا‬ ‫وألطفالهــا لمجــرد أنهــا كانــت زوجــة ألحــد عناصــر تنظيــم داعــش فــي‬ ‫العــراق‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ســارة‪ ،‬مثــال لفئــة تشــمل نحــو ‪300‬‬ ‫ألــف نــازح عراقــي داخــل البــاد‪ ،‬يعتقــد‬ ‫بــأن لديهــم درجــة معينــة مــن االرتبــاط‬ ‫بداعــش‪ ،‬كأن يكــون أحــد األقــارب قــد‬ ‫التحقــوا بالتنظيــم‪ ،‬وهــم ليــس لديهــم‬ ‫حاليــا منــازل ليعــودوا إليهــا‪ ،‬أو يفتقــرون‬ ‫إىل وثائــق هويتهــم املدنيــة‪ ،‬او ال ميكنهــم‬ ‫مامرســة حقوقهــم األساســية‪.‬‬ ‫اســتمرار ظاهــرة نــزوح ومعانــاة آالف‬ ‫العائــات العراقيــة املرتبطــة أو املشــتبه‬ ‫ارتباطهــا بتنظيــم داعــش‪ ،‬واســتمرار‬ ‫حياتهــم يف الظــال يف إطــار "عقــاب‬ ‫جامعــي" بحقهــم‪ ،‬مــن دون إعــادة دمجهــم‬ ‫يف مجتمعاتهــم العراقيــة‪ ،‬وتعليــم أطفالهــم‬ ‫ومســاعدتهم اجتامعيــا‪ ،‬يهــدد اســتقرار‬

‫الع ـراق عــى املســتويني القريــب والبعيــد‪،‬‬ ‫وفقــا ملوقــع "وور أون روكــس" األمريــي‪.‬‬ ‫هــذه العائــات‪ ،‬وبحســب تقريــر للموقــع‬ ‫األمريــي‪ ،‬ترجمتــه مجلــة «فيــي»‪ ،‬منتــرة‬ ‫يف جميــع أنحــاء العـراق‪ ،‬وتواجــه مســتقب ًال‬ ‫مجهــو ًال‪ ،‬وإىل جانــب املامرســات التمييزيــة‬ ‫للحكومــة والتــي تطالهــم‪ ،‬فــإن "وصمــة‬ ‫العــار االجتامعيــة متنــع أيضــا هــذه الفئــة‬ ‫الســكانية مــن االندمــاج يف املجتمــع‬ ‫العراقــي‪ ،‬كــا أن األطفــال أيضـاً مل يســلموا‬ ‫مــن هــذه العقوبــة وجــرى نبذهــم مــن‬ ‫مجتمعاتهــم بســبب جرائــم آبائهــم"‪.‬‬ ‫وأشــار التقريــر إىل أن "بعــض العائــات‬ ‫التــي لهــا انتــاءات مفرتضــة بداعــش‪،‬‬ ‫واجهــت العنــف مــا اضطرهــا إىل الفــرار‬

‫مــرة أخــرى عندمــا حاولــت العــودة إىل‬ ‫ديارهــم بدايــة مــن العــام ‪."2019‬‬ ‫عقاب جامعي‬ ‫ولفــت التقريــر‪ ،‬إىل أن "العــراق يــؤدي‬ ‫دوراً يف العقــاب الجامعــي الــذي يتعــرض‬ ‫لــه هــؤالء‪ ،‬حيــث يجــري إدراج األشــخاص‬ ‫املتهمــن أو املشــتبه بهــم مبســاعدة داعــش‪،‬‬ ‫عــى الئحــة أمنيــة تســيطر عليهــا الحكومة‪،‬‬ ‫إذ أن مــن غــر الواضــح كيــف وملــاذا يتــم‬ ‫إضافــة أســاء األشــخاص إىل مثــل هــذه‬ ‫القامئــة"‪.‬‬ ‫وأضــاف أن "االســتحصال عــى وثائــق‬ ‫الهويــة التــي تفرضهــا الدولــة سيســهل‬ ‫حــل املعضلــة التــي يواجههــا العديــد مــن‬ ‫العراقيــن النازحــن داخليــا"‪ ،‬مشــراً إىل‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪27‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫أن "األطفــال والعائــات غــر املســجلني‬ ‫يعتمــدون عــى املســاعدات اإلنســانية‬ ‫للبقــاء عــى قيــد الحيــاة"‪.‬‬ ‫وتابــع التقريــر األمريــي‪ ،‬أن "مــن دون‬ ‫الوثائــق املدنيــة‪ ،‬ال يكــون مبقــدور األطفــال‬ ‫االلتحــاق باملــدارس العامــة وتكــون‬ ‫العائــات غــر قــادرة عــى الحصــول عــى‬ ‫وظيفــة رســمية أو الحصــول عــى إعانــات‬ ‫حكوميــة‪ ،‬كــا أن "هــذه العائــات تــدرك‬ ‫أن حياتهــم معلقــة مــن دون هــذه الوثائق‪،‬‬ ‫مــا يجــر كثرييــن عــى خــوض مســرة شــاقة‬ ‫يف محاولــة للحصــول عليهــا"‪.‬‬ ‫وطــرح التقريــر تجربــة ســارة‪ ،‬وهــي أم‬ ‫لطفلــن‪ ،‬كانــت قــد تزوجــت مــن أحــد‬ ‫أعضــاء داعــش الــذي اختفــى أثنــاء النـزاع‪،‬‬ ‫ومــن املفــرض أنــه قتــل‪ ،‬لكنهــا ال تعــرف‬ ‫مــكان جثامنــه وليــس مبقدورهــا الحصــول‬ ‫عــى شــهادة وفــاة‪ ،‬كــا مل يكــن لــدى‬ ‫أطفالهــا شــهادات ميــاد‪ ،‬وهــم مل يكــن‬ ‫لهــم وجــود بنظــر الدولــة العراقيــة‪.‬‬ ‫وذكــرت ســارة‪ ،‬بحســب التقريــر‪" :‬جثــة‬ ‫زوجــي مفقــودة لــذا اضطــررت لدفــع‬ ‫‪ 1500‬دوالر للطبيــب الرشعــي مــن اجــل‬ ‫الحصــول عــى تقريــر ترشيــح مــزور (‪)...‬‬ ‫كان يتحتــم عــى أهــل زوجــي املجــيء اىل‬ ‫املحكمــة للشــهادة بــأن أطفــايل مــن ابنهــم‪،‬‬ ‫لكــن حــايت مل تــأت ألنهــا تخــى املحاكــم‪،‬‬ ‫وأحــاول الحصــول عــى جــوازات ســفر‬ ‫ألطفــايل‪ ،‬لكــن أســاءهم مــا تـزال موجودة‬ ‫يف قاعــدة البيانــات األمنيــة‪ ،‬وليــس بحــوزيت‬ ‫مــال متبقــي لدفــع املزيــد مــن الرشــاوى"‪.‬‬ ‫واضطــرت ســارة‪ ،‬يف وقــت الحــق إىل دفــع‬ ‫أكــر مــن ‪ 4‬آالف دوالر كرشــاوى واســتغرق‬ ‫األمــر أكــر مــن عامــن‪ ،‬فقــط مــن أجــل‬ ‫أن تتمكــن مــن الحصــول عــى بطاقــات‬ ‫هويــة لنفســها وألطفالهــا‪ ،‬وفقــاً للتقريــر‬ ‫األمريــي‪.‬‬ ‫تهميش يزيد خطر‬ ‫وحــذر التقريــر مــن أن العديــد مــن هــؤالء‬ ‫األطفــال املوصومــن‪ ،‬يكــرون يف الظــل‪،‬‬ ‫وهــم بعيديــن عــن املــدارس وأمامهــم‬

‫‪28‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫إمكانيــة محــدودة للحصــول عــى التعليــم‪،‬‬ ‫وهــو مــا قــد يكــون مبثابــة مشــكلة كبــرة‬ ‫للعـراق يف املســتقبل القريــب‪ ،‬حيــث يخىش‬ ‫العاملــون يف مجــال الصحــة النفســية من أن‬ ‫التهميــش االجتامعــي لهــؤالء األطفــال‪ ،‬إىل‬ ‫جانــب حرمانهــم ماديـاً وعيشــهم يف الفقــر‬ ‫ومالجــئ مؤقتــة‪ ،‬ميكــن أن ميهــد الظــروف‬ ‫لظهــور جامعــات متطرفــة جديــدة"‪.‬‬ ‫وكــا أن تــرك هــذه املظــامل مــن دون أن‬ ‫تتــم معالجتهــا‪ ،‬قــد تــؤدي اىل اعادة اشــعال‬ ‫الــراع واملســاعدة يف إثــارة التوتــرات‬ ‫املزعزعــة لالســتقرار‪ ،‬حيــث يبــدو املجتمــع‬ ‫العراقــي ممزقــا بعــد األهــوال التــي تســبب‬ ‫بهــا داعــش‪ ،‬وفق ـاً للتقريــر‪.‬‬

‫وأشــار إىل أن "بعــض املجتمعــات أظهــرت‬ ‫تقبــ ًا لهــذه العائــات‪ ،‬فيــا تحــاول‬ ‫مجتمعــات أخــرى إبعادهــا‪ ،‬يف حــن أن‬ ‫الحكومــة العراقيــة ليــس لديهــا خطــة‬ ‫شــاملة للتعامــل مــع إعــادة دمــج هــذه‬ ‫العائــات"‪.‬‬ ‫ولفــت التقريــر األمريــي‪ ،‬إىل أن "كلــا‬ ‫طــال امــد هــذا الوضــع‪ ،‬كلــا ازداد عــدد‬ ‫األطفــال الذيــن يكــرون يف ظــل االنع ـزال‪،‬‬ ‫ومــن دون أن تتوفــر لهــم املــوارد الالزمــة‬ ‫ليصبحــوا مواطنــن عراقيــن"‪.‬‬ ‫أحالم دموية‬ ‫واســتعرض التقريــر تجربــة الطفــل أحمــد‬ ‫(اســم مســتعار) والبالــغ مــن العمــر مثــاين‬

‫ســنوات‪ ،‬الــذي قــال "حلمــي هــو أن أعمــل‬ ‫وأشــري ســاحاً لقتــل كل الجنــود العراقيني‪،‬‬ ‫النهــم لــن يســمحوا يل أن أدرس ويكــررون‬ ‫القــول إن والــدي داعــي"‪.‬‬ ‫ووفقــاً للتقريــر‪ ،‬ال يوجــد يف أي مجتمــع‬ ‫أن تقــع املســؤولية عــى األطفــال عــن‬ ‫جرائــم ارتكبهــا آباؤهــم‪ ..‬ويبــدو أن العـراق‬ ‫اســتثناء‪ ،‬ومــن دون تعليــم‪ ،‬فــإن خيــال‬ ‫االطفــال ســيكون مقتــرا عــى العنــف‬ ‫والقمــع الــذي تعرضــوا لــه‪.‬‬ ‫االسرتاتيجية الحكومية‬ ‫وتعيــش العديــد مــن العائــات‪ ،‬يف مناطــق‬ ‫فقــرة ألن منازلهــم دمــرت‪ ،‬كــا ال ميكنهــم‬ ‫الحصــول عــى تعويــض إلعــادة البنــاء‪،‬‬

‫ولهــذا فــإن مــن دون توفــر مــأوى لهــم‪،‬‬ ‫مــا مــن نهايــة مســتدامة لنــزوح هــذه‬ ‫العائــات‪.‬‬ ‫كــا أن مــن دون وجــود اســراتيجية‬ ‫دمــج رســمية ترعاهــا الحكومــة‪ ،‬ومــن‬ ‫دون التعويضــات‪ ،‬وهــي عنــارص أساســية‬ ‫إلنهــاء نــزوح هــذه العائــات‪ ،‬فــإن ذلــك‬ ‫لــن يســاعد يف وضــع العــراق عــى مســار‬ ‫التعــايف‪.‬‬ ‫ويف ظــل عــدم قــدرة املنظــات العراقيــة‬ ‫غــر الحكوميــة عــى تلبيــة احتياجــات‬ ‫هــؤالء الســكان‪ ،‬ومــن دون دعــم الــوكاالت‬ ‫الدوليــة‪ ،‬فمــن املرجــح ّأل يتمكــن هــؤالء‬ ‫العراقيــون املهجــرون داخليــا مــن الوصــول‬

‫إىل الخدمــات األساســية الرضوريــة لبقائهــم‬ ‫عــى قيــد الحيــاة‪.‬‬ ‫وخلــص التقريــر األمريــي‪ ،‬إىل القــول إن‬ ‫"هــؤالء املواطنــن يحتاجــون إىل نهايــة‬ ‫مســتدامة لنزوحهــم مــن خــال منــزل‬ ‫دائــم‪ ،‬ووظائــف تحقــق لهــم الدخــل‪،‬‬ ‫وبطاقــات هويــة مدنيــة‪ ،‬وإمكانيــة وصــول‬ ‫أطفالهــم إىل التعليــم‪ ،‬ويجــب منحهــم‬ ‫حقوقهــم األساســية كعراقيــن"‪.‬‬ ‫وختــم التقريــر‪ ،‬بتجديــد تحذيــره للحكومــة‬ ‫العراقيــة واملجتمــع الــدويل‪ ،‬مــن أن تجاهــل‬ ‫العراقيــن مــن ذوي االنتــاءات املفرتضــة‬ ‫بتنظيــم داعــش‪ ،‬ســيدخل الع ـراق حتــا يف‬ ‫دائــرة أخــرى مــن العنــف"‪.‬‬ ‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪29‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫الفرهـود والفرهدة!‬ ‫الفرهــود مصطلــح ظهــر يف منتصــف اربعينيــات القــرن‬ ‫املاضــي يف العــراق‪ ،‬وال عالقــة لــه باملعانــي املعجميــة‬ ‫يف اللغــة العربيــة‪ ،‬بــل هــو مصطلــح تــم تكييفــه مــن‬ ‫مفردتــن همــا؛ فــرَّ و اليهــود؛‬ ‫كفاح محمود كريم‬

‫ليصبــح بالتــداول فرهــود إشــارة‬ ‫لعمليــات الســلب والنهــب التــي‬ ‫تعرضــت لهــا بيــوت ودكاكــن املواطنــن‬ ‫اليهــود الذيــن انتابهــم الرعــب فهربــوا‬ ‫مــن بيــت اىل بيــت بهلــع تاركــن بيوتهــم‬ ‫واماكــن عملهــم يف الثــاين والثالــث مــن‬ ‫حزي ـران ‪ 1939‬ومــا تالهــا مــن ســنوات‬ ‫حيــث وقعــت مجــازر شــنيعة بحقهــم‪،‬‬ ‫فقــد قتــل يف اليــوم االول ‪ 179‬يهوديــآ‬ ‫مــن العــال والکســبة والتجــار وأصحاب‬ ‫املحــات التــي احرقــت بعــد نهبهــا‬ ‫وســلب مــا فيهــا مــن بضائــع وامــوال‪،‬‬ ‫وهكــذا غــدت كلمــة الفرهــود تعنــي‬ ‫عمليــات النهــب والســلب الجامعيــة‬ ‫املرشعنــة واملــررة عــى خلفيــة دينيــة او‬ ‫سياســية او اجتامعيــة‪.‬‬ ‫ولســنا هنــا بصــدد تلــك العمليــات‬ ‫البشــعة التــي طالــت مواطنــن عراقيــن‬ ‫ذنبهــم الوحيــد هــو ديانتهــم بقــدر‬ ‫مــا هــو تســليط الضــوء عــى ثقافــة‬ ‫الفرهــدة التــي رافقــت حيــاة هــذه‬ ‫الشــعوب بــدءا بالغــزوات التــي كانــت‬

‫‪30‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫قاعــدة النطــاق هــذه الثقافــة والســلوك‬ ‫البــدايئ الــذي مــا يــزال ُيــارس حتــى‬ ‫يومنــا هــذا وبأشــكال مختلفــة‪ ،‬رمبــا‬ ‫اكــر شــيطنة وتطــورا مــن تلــك التــي‬ ‫حصلــت مــع اليهــود‪ ،‬ففــي معــارك‬ ‫األنفــال ســيئة الصيــت نهايــة مثانينيــات‬ ‫القــرن املــايض‪ ،‬والتــي راح ضحيتهــا مــا‬ ‫يقــرب مــن ربــع مليــون انســان كــردي‬ ‫تــم تهجريهــم بالقــوة مــن كوردســتان‬ ‫العــراق اىل صحراواتــه الجنوبيــة‪،‬‬ ‫ليدفنــوا هنــاك وهــم احيــاء‪ ،‬حيــث‬ ‫متــت فرهــدة اموالهــم ومقتنياتهــم يف‬ ‫القــرى والبلــدات التــي ُه ِجــروا منهــا‪،‬‬ ‫ومل متــض اال ســنوات قليلــة حتــى عــادت‬ ‫ذات الفرهــدة اىل الكويــت ابــان الغــزو‬ ‫العراقــي لهــا‪ ،‬وبعدهــا باشــهر بــدأت‬ ‫عمليــات النهــب والســلب يف مــدن‬ ‫كوردســتان إبــان الهجــرة املليونيــة التــي‬ ‫وقعــت عــام ‪1991‬م بعــد هزميــة العراق‬ ‫وانســحابه مــن الكويــت‪ ،‬وهجومــه عــى‬ ‫كوردســتان وتهديــده لألهــايل باســتخدام‬ ‫األســلحة الكيامويــة‪ ،‬مــا أشــاع الهلــع‬

‫والرعــب بــن املواطنــن الذيــن التجــأوا‬ ‫اىل الجبــال ومنهــا اىل تركيــا وايــران‪،‬‬ ‫وقــد تجــاوزت اعدادهــم املليــوين نســمة‬ ‫مــن االطفــال والنســاء والشــيوخ الذيــن‬ ‫تركــوا كل يشء لينجــوا بانفســهم‪ ،‬مــا‬ ‫اتــاح للرعــاع القادمــن مــن كل حــدب‬ ‫وصــوب وبتســهيل مــن الدولــة يف نهــب‬ ‫وســلب كل محتويــات تلــك البيــوت‬ ‫واملحــات واألســواق‪.‬‬ ‫مل متــض إال ســنوات اخــرى حتــى بــدأت‬ ‫عمليــات الفرهــدة بعنــوان الحواســم يف‬ ‫اواســط ‪ 2003‬والتــي طالــت كل دوائــر‬ ‫الدولــة ومخازنهــا ومقراتهــا يف معظــم‬ ‫املحافظــات والبلــدات العراقيــة‪ ،‬وهــذه‬ ‫املــرة كانــت باوامــر وتعليــات القيــادة‬ ‫التــي اســقطها االمريــكان لكنهــم مل‬ ‫يســقطو ثقافــة الفرهــود‪ ،‬حيــث عــادت‬ ‫هــذه املــرة مرشعنــة بأنظمــة وقوانــن‪،‬‬ ‫وتحــت شــعار حصانــة الربملــاين والوزيــر‬ ‫وملحقاتهــم منــذ ‪ 2003‬وحتــى يومنــا‬ ‫هــذا حيــث ع ـرات املليــارات تذهــب‬ ‫إىل جيــوب هــذه الرشائــح مــن املوظفــن‬

‫ذوي الدرجــات الخاصــة يف ســابقة مل‬ ‫تحصــل يف معظــم انظمــة العــامل التــي‬ ‫تشــابه الوضــع العراقــي‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫الفرهــدة يف املــال العــام تحــت غطــاء‬ ‫املشــاريع الوهميــة واملكاتــب االقتصادية‬ ‫لالح ـزاب الحاكمــة وللميليشــيات التــي‬ ‫تســيطر عــى معظــم معابــر الحــدود‬ ‫العراقيــة وموانئــه‪.‬‬ ‫يف معظــم عمليــات الســلب والنهــب‬ ‫كان الرعــاع هــم الذيــن يقومــون‬ ‫بالعمليــة حينــا تفقــد الدولــة قوتهــا او‬ ‫تنهــار‪ ،‬أو أن توجــه وتُسـ ِهل الدولــة تلــك‬ ‫املجاميــع لتنفيــذ العمليــة كــا حصــل يف‬ ‫االنفــال والهجــوم عــى االقليــم لقمــع‬ ‫انتفاضتــه يف ‪1991‬م حيــث ســهلت‬ ‫الدولــة عمليــات الفرهــدة للرعــاع‪ ،‬ومــا‬ ‫يجــري اليــوم ومنــذ ‪ 2003‬هــو شــكل‬ ‫آخــر للفرهــدة حيــث انقلبــت املعادلــة‬ ‫ومتــت عمليــة تبــادل للمواقــع!‬ ‫امللــح‬ ‫امللــح إذا‬ ‫ــح‬ ‫ُ‬ ‫فمــن يــا تــرى ُيص ِل ُ‬ ‫َ‬ ‫فســد؟!‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪31‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫مهن اختفت‬ ‫واخرى في طريقها لالندثار‬ ‫فيـــلي‬

‫مهن قديمة عرفت في‬ ‫العراق من القدم ارتبطت‬ ‫بأذهان الناس منذ حقب‬ ‫طويلة‪ ،‬كانت تنتشر في‬ ‫البلد بفعل غياب اإلنتاج‬ ‫المحلي الواسع‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬فإن االواني‬ ‫التي تستعمل في تناول‬ ‫الطعام او ابريق «قوري»‬ ‫الشاي وهي من «الصيني»‬ ‫كانت في العادة عزيزة‬ ‫على ربات البيوت واصحاب‬ ‫المقاهي‪ ،‬السيما في المناطق‬ ‫الشعبية؛ وعندما يكسر‬ ‫صحن «ماعون» او «القوري»‬ ‫فذلك يعد امرا مقلقا‪ ،‬إذ أنه‬ ‫ال يمكن تعويض بديل عنه‬ ‫بشراء غيره لعدم مقدرة‬ ‫رب األسرة على ذلك‪ ،‬فيكون‬ ‫عندئذ أحد أصحاب المهن‬ ‫المتجولين جاهزا للمهمة‬ ‫لغرض «رتق» الكسر ‪...‬‬

‫‪32‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫باســتعامل مــواد خاصــة فيعــاد اســتعامله مــن‬ ‫جديــد ويســمى القائــم بالعمــل «خيــاط فرفــوري»‪،‬‬ ‫و الـــ «فرفــوري» اســمه املشــهور بــه يف العــراق‪.‬‬ ‫أمــا عــن خيــاط الفرفــوري فهــذه املهنــة كانــت‬ ‫متواجــدة حتــى ســبعينات القــرن املــايض قبــل ان‬ ‫تندثــر‪ ،‬والفرفــوري هــو الفخــار الــذي تصنــع منــه‬ ‫الصحــون واالباريــق‪ ،‬واالنــواع الجيــدة تكــون غاليــة‬ ‫الثمــن «الروســية والصينيــة»‪ ،‬بحســب املتابعــن‪ ،‬ومل‬ ‫يكــن مــن الســهولة رشائهــا بعــد كرسهــا أو أج ـزاء‬ ‫منهــا‪ ،‬فمثــا عنــد كــر ابريــق الشــاي يضطــرون‬ ‫لخياطــة االبريــق أو جــزء منــه ومل يكــن شــائعا يف‬ ‫وقتهــا إســتعامل اباريــق الشــاي املصنوعــة مــن‬ ‫معــادن‪.‬‬ ‫و «خيــاط الفرفــوري» متجــول وليــس لــه مــكان‬ ‫ثابــت وقليــل منهــم مــن يســتقر‪ ،‬وهــو عــادة مــا‬ ‫يتنقــل يف املناطــق مناديــا عــى مهنتــه «خيــاط‬ ‫فرفــوري» وبعــض النــاس يعطونهــم املالبــس‬ ‫والطعــام بــدال مــن النقــود لقــاء عملهــم‪ ،‬الــذي‬ ‫تســتعمل فيــه مــادة ل ّزجــة للصــق أجــزاء الفخــار‬ ‫وهــي بيضــاء اللــون‪ ،‬ويســتعمل ايضــا رشائــط مــن‬ ‫«القيــد» وتكــون عــادة مــن «التنــك» تحيــط بإبريــق‬ ‫الشــاي للحفــاظ عليــه مــن الكــر‪ ،‬ويضعهــا بشــكل‬ ‫رشائــط طوليــة متوازيــة مربوطــة برشائــط أخــرى‬ ‫عرضيــة‪ ،‬وقــد اندثــرت هــذه املهنــة بســبب تكاثــر‬ ‫الفخــار وهبــوط مثنــه مــا ال يســتدعي خياطــة‬ ‫االباريــق واالواين «املكــرة» بحســب املؤرخــن‬ ‫الذيــن يعــدون انهــا متثــل جــزءا مــن الــراث‬ ‫الشــعبي‪.‬‬ ‫ومــن الحــرف هنــاك بائــع امللــح كان يتجــول يف‬ ‫الشــوارع مــع بعــره الــذي يحمــل بضاعتــه مــن‬ ‫امللــح الخشــن ويصيــح « ملــح ‪ ...‬ملــح» ومــا ان‬ ‫يــراه األطفــال مــاراً حتــى يبــدؤون بالصيــاح وراء‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪33‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫الجمــل بعدهــا يفــردون أصابعهــم بحيــث‬ ‫يكــون الخنــر عــى مــكان طبــع خُ ــف‬ ‫الجمــل ومــص اإلبهــام موهمــن انفســهم‬ ‫بأنهــم يحصلــون عــى حليــب الجمــل ‪.‬‬ ‫والتاريــخ شــاهد عــى مهــن اخــرى منهــا‪،‬‬ ‫ـداد الســكاكني واملناجــل املتجــول بعجلته‬ ‫حـ ّ‬ ‫وعتلتــه الــد ّوارة‪ ،‬ومركبــو أســنان الذهــب‪،‬‬ ‫وهــم عــادة مــن الغجــر «الكاوليــة»‪ ،‬و‬ ‫املطهرچــي» الــذي يتجــول هــو وحقيبتــه‬ ‫الخاصــة مبعــدات الختــان‪ ،‬فيــؤدي ظهــوره‬ ‫اىل ارعــاب االطفــال وهربهــم؛ وهنــاك مــن‬ ‫الحــرف بائــع «العالوچــة» ويحمــل الصينيــة‬ ‫املعدنيــة الخاصــة‪ ،‬وعــادة مــا تكــون‬ ‫مقســمة عــى شــكل مثلثــات بألــوان زاهية‪،‬‬ ‫اشــهرها االحمــر واالخــر واالصفــر‪ ،‬التــي‬ ‫تجــذب الصغــار‪ ،‬ولديــه عيــدان خاصــة‬ ‫يلــف بهــا هــذه املــواد وبائــع اللوزينــة‪،‬‬ ‫وهنــاك «الــرواف» وهــي نــوع خــاص‬ ‫مــن الخياطــة يف حالــة تعــرض الــروال‬ ‫مثــا اىل شــق يقــوم الخيــاط بريافتــه‬ ‫بابــرة ناعــة وبطريقــة خاصــة يك ينســجم‬ ‫مــع مــا حولــه؛ ومــن الحــرف ايضــا بائــع‬ ‫الچــرك والبــادم واملكاويــة‪ ،‬وهــي معجنــات‬ ‫خاصــة‪ ،‬وبائــع «شــعر بنــات»‪ ،‬ومثــت مهــن‬ ‫ترتبــط بالنخلــة و ســعفها واالشــجار ومــن‬ ‫ذلــك اغطيــة القلــل‪ ،‬و املــراوح اليدويــة‬ ‫«املهفــة»‪ ،‬والزنابيــل «عالﮔـــة الخــوص»‬ ‫والســال ‪ ،‬والبــواري جمــع «باريــة»‬ ‫وتســتعمل كف ـراش للجلــوس الســيام امــام‬ ‫املنــازل الريفيــة ويف «املضايــف»‪ ،‬و وســائط‬ ‫واألرسة و‬ ‫النقــل املائيــة مثل «املشــاحيف» ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكـرايس وصناعــات يدوية أخــرى‪ ،‬ويتواجد‬ ‫ايضــا «النــداف» الــذي يقــوم باســتخراج‬ ‫القطــن مــن اغطيــة النــوم القدميــة و‬ ‫«ندفــه» أي تفريقــه بالــرب عليــه بعصــا‬

‫‪34‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫''‬

‫حداد‬ ‫التاريخ شاهد على مهن اخرى منها‪ّ ،‬‬ ‫السكاكين والمناجل المتجول بعجلته وعتلته‬ ‫ّ‬ ‫الدوارة‪ ،‬ومركبو أسنان الذهب‪ ،‬وهم عادة من‬ ‫الغجر «الكاولية»‪ ،‬و المطهرچي» الذي يتجول‬ ‫هو وحقيبته الخاصة بمعدات الختان‪ ،‬فيؤدي‬ ‫ظهوره الى ارعاب االطفال وهربهم ‪...‬‬

‫خاصــة ثــم اعــادة اســتعامله مــرة اخــرى‬ ‫مبنزلــة الجديــد بحشــو «اللحاف» والوســادة‬ ‫وغريهــا مــن متطلبــات ارسة النــوم‪.‬‬ ‫ويقــول متابعــون للحــرف الشــعبية‪ ،‬ان‬ ‫دخــول اآلالت الحديثــة وانتاجهــا كل مــا‬ ‫هــو جيــد وجديــد ادت بتلــك الصناعــات‬ ‫التقليديــة اىل االنحســار واالنكــاش‬ ‫واالندثــار شــيئا فشــيئا؛ اذ ابدلــت املقاييــس‬ ‫التــي كانــت ســائدة يف اســلوب جديــد بعيد‬ ‫كل البعــد عــن الــروح الشــعبية واملحليــة‬ ‫املتمثلــة بتلــك الصناعــات املرتبطــة بــروح‬ ‫االجيــال الســابقة‪ ،‬عــى حــد وصفهــم‪،‬‬ ‫فتوقــف بعضهــا عــن االنتــاج وبقيــت‬ ‫االخــرى تســر بانتاجهــا بصــورة عســرة‪.‬‬ ‫وفضــا عــن الحــرف واملهــن التــي اندثــرت‬ ‫توجــد مهــن قدميــة مل تــزل متــارس‪ ،‬ولقــد‬ ‫تحــدث الرحالــة الهولنــدي «نيجهولــت»‬ ‫الــذي زار مدينــة بغــداد قبــل اكــر مــن‬ ‫قــرن عــن محــال ميــارس اصحابهــا صناعــة‬

‫االحذيــة واالحزمــة واغــاد الســيوف‬ ‫والخناجــر ومعــدات الخيــول وغــر ذلــك‪،‬‬ ‫وبرغــم ان هــذه االنــواع مــن الصناعــة‬ ‫تقلصــت بســبب ظهــور اآلالت الحديثــة؛‬ ‫فــان البعــض مل يــزل ميارســها وميكــن‬ ‫رؤيتهــم يف تفرعــات ســوق الرساي يف وســط‬ ‫بغــداد‪ ،‬اضيــف لهــا حاملــة املســدس وتصنع‬ ‫مــن الجلــد ايضــا‪ ،‬فيــا اختفــت معــدات‬ ‫الخيــول‪.‬‬ ‫وميكــن االشــارة هنــا اىل ان مــن ابــرز الحرف‬ ‫الجميلــة واملهمــة التــي اصبحــت ضحيــة‬ ‫للزمــن و تــكاد تندثــر مهنــة «الصفاريــن»‪،‬‬ ‫التــي كانــت انتــرت يف املــدن الكبــرة‪،‬‬ ‫وتوارثهــا صنــاع املهنــة لعــدة أجيال‪ ،‬الســيام‬ ‫يف ســوق «الصفافــر» يف وســط بغــداد‪،‬‬ ‫التــي يقــول املختصــون انهــا تــكاد تصبــح‬ ‫مــن املــايض‪ ،‬وال أحــد ميارســها اآلن برغــم‬ ‫جاملهــا‪ ،‬واقتــر إنتاجهــا عــى صناعــة‬ ‫املنتجــات الرتاثيــة‪ ،‬وكــذا الحــال مــع صناعــة‬

‫الجلــود‪ ،‬اذ كانــت إحــدى أشــهر الحــرف يف‬ ‫العـراق‪ ،‬حيــث صناعــة الحقائــب واألحذيــة‬ ‫الجلديــة‪ ،‬واملصنعــة مــن جلــود الحيوانــات‬ ‫كالغــزالن واملاعــز واألبقــار؛ و تلــك الصناعــة‬

‫شــهدت يف الســنوات املاضيــة انحســارا كبــراً‬ ‫بســبب تكلفــة إنتاجهــا الكبــرة‪ ،‬وانتشــار‬ ‫البضائــع الجلديــة الصناعيــة املســتوردة‬ ‫منخفضــة األســعار‪.‬‬

‫جديــر بالذكــر ان لجنــة الســياحة واآلثــار‬ ‫يف الربملــان العراقــي كانــت قــد أرجعــت‬ ‫ســبب انقــراض األســواق املقدمــة للحــرف‬ ‫واملهــن اليدويــة‪ ،‬إىل تهــاون وزاريت الصناعــة‬ ‫والتجــارة‪ ،‬ورأت أنــه عــى وزارة الصناعــة‬ ‫تقديــم قــروض مجزيــة وميــرة ألصحــاب‬ ‫املهــن اليدويــة الرتاثيــة؛ مــن أجــل‬ ‫اســتمرارهم يف عملهــم؛ وناشــدت وزارة‬ ‫التجــارة‪ ،‬بوقــف مــا اســمته نزيــف اســترياد‬ ‫البضائــع املنتجــة الشــبيهة بالصناعــات‬ ‫اليدويــة‪ ،‬أو عــر إخضاعهــا ملعايــر جهــاز‬ ‫الســيطرة النوعيــة؛ مــن أجــل أن تكــون‬ ‫منافســتها للمنتــج املحــي عادلــة‪ ،‬وتنصفــه‬ ‫مــن املقارنــة غــر العادلــة يف األســعار نتيجة‬ ‫ســوء تصنيــع املنتــج املســتورد‪ ،‬بحســب‬ ‫قولهــا‪ ،‬كــا طالبــت بــأن تقــوم مؤسســات‬ ‫الدولــة بــراء بعــض تلــك املنتجــات‪،‬‬ ‫وإقامــة املعــارض الخاصــة بهــا يف داخــل‬ ‫العــراق وخارجــه مــن أجــل الرتويــج لهــا‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪35‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫إذا ضاقت بك الدنيا فتذكر يوم‬ ‫عرسك‪ ،‬هكذا يردد العراقيون‬ ‫يف محافلهم الخاصة‪ ،‬اذ كان‬ ‫يسود ذلك املثل كناية عن االيام‬ ‫السعيدة التي يعيشها االنسان‬ ‫يف مرحلة من شبابه ويفقدها من‬ ‫ثم بحسب وجهة نظرهم‪ ،‬وبني‬ ‫املاضي والحاضر ربما تغري املغزى‬ ‫من املثل بتغري زاوية النظر اىل‬ ‫املوضوع عموما؛ وربما يرتبط‬ ‫هذا بمظاهر الزواج الجديدة‬ ‫ومنها الزيجات املتسرعة وتزويج‬ ‫القاصرات واالرتباط بأكثر من‬ ‫واحدة يف العراق املعاصر؛ بعكس‬ ‫املتعارف عليه يف مجتمعات‬ ‫اخرى التي تقل فيها تلك املظاهر‬ ‫مع التقدم الحاصل يف املجتمع‪،‬‬ ‫وكذلك بتنا نرى تنامي املعضالت‬ ‫الناجمة كارتفاع نسب الطالق‬ ‫واملشكالت االجتماعية‪.‬‬

‫تغير مظاهر‬ ‫االحتفاء باألعراس‬ ‫في العراق‬

‫فيـــــــلي‬

‫‪36‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪37‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫األجيال السابقة مظاهر احتفالية‬ ‫يتذكــر ابــو رمــزي الــذي تــزوج يف اوائــل‬ ‫ســبعينات القــرن املــايض‪ ،‬واوالده اآلن‬ ‫كبــار وذهــب كل يف طريقــه‪ ،‬بحســب‬ ‫تعبــره‪ ،‬يتذكــر تاريــخ زواجــه واملراســيم‬ ‫املرتبطــة بــه بالقــول‪ ،‬لقــد كنــا نعيــش‬ ‫افراحــا حقيقيــة انطالقــا من نفســية الناس‬ ‫املســرخية يف تلــك املــدة برغــم بعــض‬ ‫مظاهــر الفقــر يف تلــك الســنني؛ ويقطــع‬ ‫كالمــه بالقــول؛ تصــور اننــي يف يــوم‬ ‫عــريس حجــز يل االهــل يف قطــار البــرة‬ ‫الــذي كان يتحــرك مــن بغــداد يف املســاء‬ ‫ليصــل اىل البــرة يف الصبــاح الباكــر‬ ‫لليــوم التــايل‪ ،‬وبالتوقيتــات ذاتهــا عنــد‬ ‫العــودة‪ ،‬مشــرا اىل انــه وعروســه حجــزوا‬

‫‪38‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫غرفــة خاصــة يف القطــار‪ ،‬وكذلــك غرفــا‬ ‫اخــرى لألهــل واالقربــاء وحتــى االصدقــاء‪،‬‬ ‫بحســب وصفــه‪ ،‬مضيفــا ان اســعار النقــل‬ ‫بالقطــارات كانــت رخيصــة جــدا قياســا‬ ‫بقرينتهــا مــن أجــور الســيارات فضــا‬ ‫عــن االمــان والراحــة ودقــة املواعيــد‪،‬‬ ‫وكانــت هنــاك مطاعــم خاصــة يف القطــار‬ ‫تقــدم شــتى انــواع الوجبــات‪ ،‬وينــوه اىل‬ ‫انــه قــى ايــام عرســه يف مدينــة االعـراس‬ ‫يف جزيــرة الســندباد يف محافظــة البــرة‬ ‫التــي تقــع يف وســط شــط العرب‪ ،‬مشــددا‬ ‫القــول‪ :‬كانــت ايــام فــرح وســعادة‪..‬‬ ‫انهــا ايــام ال تنــى‪ ،‬وميكــن االســتدراك‬ ‫هنــا انــه مل يتبــق مــن جزيــرة الســندباد‬ ‫ومدينــة االعــراس اليــوم ســوى نخــات‬

‫وشــجريات تحيطهــا منــازل العشــوائيات‪،‬‬ ‫وكانــت فيهــا شــقق ســكنية عــى طــراز‬ ‫معــاري حديــث يف الركــن الشــايل‬ ‫مــن الجزيــرة ترتبــط بهــا حدائــق غنــاء‬ ‫وكازينــو حديــث ومدينــة العــاب‪ ،‬كانــت‬ ‫اشــبه بفنــدق خمــس نجــوم مخصصــا‬ ‫لقضــاء شــهر العســل واالجــازات القصــرة‬ ‫والتمتــع بطبيعــة الجزيــرة الخــراء‬ ‫بخاصــة يف فصــي الربيــع والشــتاء‪ ،‬عــى‬ ‫وفــق املؤرخــن واملتابعــن‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق بالراغبــن بإقامــة اعراســهم‬ ‫يف البيــوت يشــر متحدثــون آخــرون اىل‬ ‫انــه يف املــايض ال تعــدم ان تــرى الزفــة‬ ‫تجــري ســرا عــى األقــدام فتــزف الفتــاة‬ ‫مــن بيــت أبيهــا اىل بيــت زوجهــا لتبــدأ‬

‫العائـــات الفقيرة باتت تختزل كل شـــيء مفـــرح ومكلف‪،‬‬ ‫بســـبب غالء األســـعار والبطالة‪ ،‬وعدم اســـتطاعة العريس‬ ‫توفير الســـكن و«الجهـــاز» ومصاريف الخطوبـــة والزواج‪،‬‬ ‫واألمـــر األهـــم هـــو أن الزوجة كانـــت تتحمـــل العيش في‬ ‫بيـــت زوجهـــا مع أهله‪ ،‬أمـــا اآلن أغلب العائـــات تطلب من‬ ‫العريس ســـكن منفرد ‪...‬‬ ‫حيــاة جديــدة‪ ،‬عوضً ــا عــن إقامــة حفــات‬ ‫الزفــاف يف الفنــادق واملطاعــم الفاخــرة‬ ‫والصــاالت الفخمــة وباهظــة الثمــن التــي‬ ‫تقــام حاليــا يف العــراق‪ ،‬ومل يــزل بعــض‬ ‫النــاس يشــرون اىل ايــام االع ـراس قدميــا‬ ‫عنــد الحديــث بالقــول ملحدثيهــم «هــل‬ ‫تتذكــر عندمــا كانــت الزفــة ركــض!»‪.‬‬ ‫واملفارقــة هنــا ان الزيجــات القدميــة‬ ‫وتأســيس البيــوت يف العـراق تقتــر عــى‬ ‫زوجــة واحــدة يف الغالبيــة الســاحقة منها‪،‬‬ ‫ويف هــذا يقــول ابــو محمــد املتــزوج يف‬ ‫الســبعينات ايضــا نحــن نكتفــي بزوجــة‬ ‫واحــدة ومل نفكــر مطلقــا يف التــزوج‬ ‫مــن اخــرى‪ ،‬مســتدركا مل يكــن الطــاق‬ ‫شــائعا واملشــكالت التــي تحــدث يف‬ ‫االرسة يجــري حلهــا بســهولة بوســاطة‬ ‫املعــارف واالقربــاء ويشــدد بالقــول‬ ‫«كانــت نيــات النــاس صافيــة»‪ ،‬بحســب‬ ‫تعبــره؛ املظهــر االخــر الــذي اشــار اليــه‬ ‫متحدثــون التقينــا بهــم ان مراســم الــزواج‬ ‫يف العــراق الســيام يف العاصمــة بغــداد‬ ‫كانــت منفتحــة بدرجــة كبــرة؛ وعــن‬ ‫هــذا يقــول ابــو محمــد‪ ،‬تصــور حتــى يف‬ ‫اشــد العائــات محافظــة عــادة مــا تقــام‬ ‫حفلــة خاصــة ألصدقــاء العريــس يف ليلــة‬ ‫الحنــة الســابقة لليلــة العــرس يف بيــت‬

‫العريــس‪ ،‬تــوزع فيهــا حتــى املرشوبــات‬ ‫الكحوليــة للراغبــن يف ذلــك مــن اصدقــاء‬ ‫العريــس بصــورة علنيــة‪ ،‬مشــددا القــول‬ ‫عــى انــه مــن النــادر ان تحــدث اي‬ ‫مشــكلة بفعــل ذلــك‪ ،‬ومضيفــا‪ ،‬امــا يف‬ ‫يــوم العــرس فيقــام احتفــال صاخــب‬ ‫يســتدعى فيــه مطربــون معروفــون‬ ‫ومنهــم عبــادي العــاري وســعدي الحــي‪،‬‬ ‫وحســن ســعيدة‪ ،‬وغريهــم‪ ،‬وترقــص‬ ‫فيــه «الكاوليــات» او «الزبرييــة» وهــم‬ ‫راقصــون مــن الرجــال‪ ،‬كــا تقــام وليمــة‬ ‫كبــرة يتنــاول فيهــا املدعــوون وحتــى‬ ‫غــر املدعويــن الطعــام بالتنــاوب قبــل‬ ‫صعــود املغنــن والراقصــات‪ ،‬وتقــام تلــك‬ ‫االحتفــاالت امــام النــاس يف املحلــة‪.‬‬ ‫ويلفــت متحــدث آخــر‪ ،‬اىل انــه يف يــوم‬ ‫جلــب العــروس اىل بيــت زوجهــا ويف‬ ‫العــادة يكــون ذلــك يــوم الخميــس‬ ‫تؤجــر اعــداد مــن ســيارات التكــي‬ ‫قــد يصــل عددهــا اىل ‪ 10‬ـ ‪ 15‬ســيارة‬ ‫يف كثــر مــن االحيــان يركــب يف احداهــا‬ ‫العريــس وعروســته وتحجــز االخريــات‬ ‫لألقــارب واالصدقــاء‪ ،‬فريتفــع فيهــا‬ ‫الغنــاء والتصفيــق والزغاريــد؛ واذا كانــت‬ ‫املســافة بــن بيــت العــروس وبيــت‬ ‫عريســها بعيــدة ُيذهــب بهــا مبــارشة اىل‬

‫بيتهــا الجديــد‪ ،‬امــا اذا كانــت املســافة‬ ‫بــن البيتــن قصــرة فيأخــذون العــروس‬ ‫يف جولــة يف شــوارع املدينــة عــى وقــع‬ ‫أصــوات أبــواق الســيارات واألغنيــات و ال‬ ‫تخلــو الزفــة طبعــا مــن األعــرة الناريــة‪.‬‬ ‫ويقــر املراقبــون ان عــادات وتقاليــد‬ ‫الــزواج يف العــراق اصبحــت مختلفــة‬ ‫متا ًمــا اآلن‪ ،‬اذ تحولــت الزفــة إىل اقتنــاء‬ ‫الســيارات الحديثــة‪ ،‬وانحــرت الز ّفــة‬ ‫لجلــب العــروس يف األعــم بســيارة واحــدة‬ ‫فقــط والذهــاب بهــا إىل بيــت العريــس‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم أو إىل قاعــة الزفــاف‬ ‫التــي يجتمــع فيهــا املدعــوون مــن أقــارب‬ ‫العروســن واألصدقــاء‪ ،‬والفــارق الكبــر‬ ‫يف أع ـراس األجيــال القدميــة واآلن‪ ،‬وصــل‬ ‫للمجــاالت املتعلقــة بالتكاليــف‪ ،‬عــى‬ ‫حــد وصفهــم‪ ،‬فاليــوم ُيحســب للخطوبــة‬ ‫والعــرس والحفــات‪ ،‬واألمــور التــي‬ ‫تطلبهــا العــروس ألـ َ‬ ‫ـف حســاب‪ ،‬فأصبحت‬ ‫األعــراس اآلن مجــرد تفاخــرا باألمــور‬ ‫الشــكلية وأكــر كلفـ ًة عــن املــايض بكثــر‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪ ،‬مشــرين اىل ان العائــات‬ ‫الفقــرة باتــت تختــزل كل يشء مفــرح‬ ‫ومكلــف‪ ،‬بســبب غــاء األســعار والبطالة‪،‬‬ ‫ومنوهــن اىل عــدم اســتطاعة العريــس‬ ‫توفــر الســكن و «الجهــاز» ومصاريــف‬ ‫الخطوبــة والــزواج‪ ،‬واألمــر األهــم هــو‬ ‫أن الزوجــة كانــت تتحمــل العيــش يف‬ ‫بيــت زوجهــا مــع أهلــه‪ ،‬أمــا اآلن أغلــب‬ ‫العائــات تطلــب مــن العريــس ســكن‬ ‫منفــرد‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪ ،‬مردديــن القــول‬ ‫انــه كان مــن الجميــل أن تــزف الفتــاة‬ ‫مــن بيــت أبيهــا الــذي قضــت ســنوات‬ ‫فيــه‪ ،‬ثــم يصحبهــا زوجهــا إىل بيتــه لتبــدأ‬ ‫حيــاة جديــدة‪ ،‬عوضً ــا عــن إقامــة حفــات‬ ‫الزفــاف يف الفنــادق واملطاعــم الفاخــرة‬ ‫والصــاالت الفخمــة باهظــة الثمــن‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪39‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫العملية التعليمية‬ ‫يلفت اكاديميون ومراقبون‬ ‫ومتخصصون اىل ان ابتعاد‬ ‫العملية التعليمية يف العراق‬ ‫يف كثري من االحيان عن‬ ‫اهدافها االساسية يف تلقي‬ ‫العلم والتعليم الضروريني‬ ‫إلدامة حياة املجتمع‪ ،‬يؤدي‬ ‫اىل مخاطر كبرية تلحق الضرر‬ ‫بعموم املجتمع‪ ،‬منوهني اىل‬ ‫محاوالت سابقة يف فرض‬ ‫نمط معني من اللباس على‬ ‫الفتيات وبخاصة الشال او‬ ‫الحجاب وحتى توزيعه يف‬ ‫املدارس؛‬

‫فيــــلي‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ضحية االمزجة واالجتهادات الشخصية‬

‫وبرغــم ان جهــات رســمية نفــت اصدارهــا‬ ‫اوامــر بشــأن لبــس الحجــاب وان االمــر‬ ‫اجتهــادات شــخصية مــن البعــض‪ ،‬فــان‬ ‫االمــر قــد ادى اىل فقــدان تلميــذة لحياتهــا‬ ‫بســبب ذلــك االمــر مثلــا اشــارت الوقائــع‬ ‫يف اوائــل شــهر شــباط ‪ 2022‬حــن أفــاد‬ ‫مصــدر أمنــي‪ ،‬بوفــاة طفلــة بعــد طردهــا‬ ‫مــن مدرســة ابتدائيــة‪ ،‬يف منطقــة «املوصــل‬ ‫الجديــدة» غــريب املدينــة‪ ،‬لعــدم ارتدائهــا‬ ‫الحجــاب‪ ،‬بحســب املصــدر الــذي اوضــح‬ ‫أن «رشطــة نينــوى فتحــت تحقيقـاً بحادثــة‬ ‫وفــاة طالبــة يف الســادس االبتــدايئ توفيــت‬ ‫إثــر طردهــا مــن قبــل مديــرة مدرســة‬ ‫مــن االمتحــان يف املوصــل‪ ،‬لعــدم ارتدائهــا‬ ‫الحجــاب»‪ ،‬مبينــا أن «الطفلــة عــادت‬ ‫اىل املنــزل بعــد طردهــا لعــدم ارتدائهــا‬ ‫الحجــاب وقــام عمهــا بأخذهــا اىل املدرســة‬ ‫إلعادتهــا وأداء االمتحــان لكنهــا قبــل‬ ‫أن تصــل اىل املدرســة بــدأ أنفهــا ينــزف‬ ‫وســقطت أرضـاً ومــن ثــم فارقــت الحيــاة»‪،‬‬ ‫وترافــق ذلــك مــع اصابــة تلميــذة اخــرى‬ ‫بالشــلل بفعــل رضبهــا مــن قبــل معلمــة يف‬ ‫املوصــل ايضــا‪ ،‬بحســب مــا افــادت االخبــار‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬جهــات يف وزارة الرتبيــة‬ ‫كانــت قــد نفــت يف اكــر مــن مناســبة‬ ‫ســعيها لفــرض الحجــاب وتوزيعــه يف‬ ‫بعــض املــدارس‪ ،‬وقالــت ان ذلــك مخالفــة‬ ‫لألســاليب الرتبويــة فيــا يقــول مراقبــون‬ ‫ان غيــاب التأهيــل الوظيفــي للمعلــات‬ ‫واملعلمــن والشــهادات املــزورة أســهم يف‬ ‫أحــداث التوتــر املتعلــق بذلــك‪ ،‬بحســب‬ ‫قولهــم‪.‬‬ ‫ويقــول مراقبــون‪ ،‬صحيــح ان وزارة الرتبيــة‪,‬‬ ‫عــى ســبيل املثــال ‪ ,‬مل توجــه أي إعــام أو‬ ‫كتــاب رســمي إىل اإلدارات املدرســية يتعلــق‬ ‫بإجبــار الطالبــات عــى ارتــداء الحجــاب‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪41‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫''‬

‫محاولة فـــرض نمط معني مـــن اللباس‬ ‫يف املـــدارس ويف عمـــوم املجتمع يؤدي‬ ‫بالضرورة اىل نتائج عكســـية تتسبب يف‬ ‫معضالت كبرية تلحـــق باملجتمع ال يمكن‬ ‫تعويضهـــا‪ ،‬تلـــك االجراءات القســـرية‬ ‫وغريها مـــن االفعال املشـــابهة ادت اىل‬ ‫خســـائر كبرية لحقت بالعائـــات وعموم‬ ‫املجتمع ‪...‬‬ ‫‪ ,‬وان هــذا األمــر ينــدرج ضمــن الحريــة‬ ‫الشــخصية للطالبــات وأهاليهــن بحســب‬ ‫املتحــدث باســم الــوزارة‪ ،‬ولكــن الــوزارة‬ ‫تغــض النظر عــن فعاليــات إلدارات املدارس‬ ‫تــؤدي الغــرض ذاتــه‪ ،‬وينقلــون تأكيــد‬ ‫املتحــدث أن «فــرض ارتــداء الحجــاب ليــس‬ ‫مــن اختصــاص وزارة الرتبيــة‪ ،‬وال متلــك‬ ‫الحــق بإجبــار الطالبــات عــى ارتدائــه أو‬ ‫خلعــه‪ ،‬ويف حــال وجهــت إحــدى املــدارس‬ ‫بذلــك فــا يعــدو كونــه توجيهــا»‪ ,‬غــر ان‬ ‫كثــرا مــن االدارات تفــرض ازيــاء محــددة‬ ‫وتبالــغ فيهــا وتــوزع حجابــات مجانــا‬ ‫بهــدف الرتويــج ال ســلمة الحيــاة املدرســية‪،‬‬ ‫بحســب املراقبــن‪.‬‬ ‫ويلفتــون اىل ان محــاوالت كانــت تجــري يف‬ ‫اوقــات ســابقة بفــرض الحجــاب بتوزيعــه يف‬ ‫املــدارس وعــى الفتيــات ويشــرون اىل ان‬ ‫احــدى الربملانيــات قالــت يف شــهر كانــون‬ ‫االول مــن عــام ‪ 2011‬وهــي تعطــي لــكل‬ ‫صبيــة كيســا يحتــوي عــى حجــاب «الــي‬ ‫تطلــع شــعرة مــن رأســها كمــن ســاهمت‬ ‫وشــاركت يف قتــل اإلمــام الحســن « ع»‪ ،‬كام‬ ‫يلفــت املراقبــون اىل مامرســات متطرفــة‬ ‫جــرت منــذ اعــوام يف حــي العامريــة غــريب‬

‫‪42‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫بغــداد بفــرض الحجــاب وكانــوا مينعــون‬ ‫حتــى الرجــال مــن ارتــداء الــروال القصــر‬ ‫او رسوال الجينــز الضيــق ويهــددون الذيــن‬ ‫«قــد يتجــرأون» عــى حلــق ذقونهــم‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم مشــرين اىل عمليــات قتــل‬ ‫جــرت ضد حالقــن ارتباطــا بذلــك‪ ،‬ومنوهني‬ ‫اىل انــه يف واقعــة اخــرى «جــرى قتــل بائــع‬ ‫ثلــج بدعــوى ان املســلمني يف عهــد الرســول‬ ‫مل يســتخدموا الثلــج»‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬

‫وبشــأن الحجــاب يقــول املتابعــون لهــذا‬ ‫الشــأن أن هنــاك عائــات «منفتحــة» يف‬ ‫مســألة لبــس الحجــاب مــن عدمــه‪ ،‬وتخــر‬ ‫بناتهــا يف ذلــك‪ ،‬كذلــك هنــاك عائــات تدفع‬ ‫بناتهــا اىل ارتــداء الحجــاب؛ لذلــك عــى‬ ‫الــوزارة واالدارات املدرســية تشــديد الرقابــة‬ ‫عــى بعــض املعلمــن واملعلــات املنتمــن‬ ‫واملؤسســات الدينيــة الذيــن‬ ‫لألحــزاب‬ ‫ّ‬ ‫ـددة‪ ،‬ال‬ ‫يحاولــون فــرض ثقافــة دين ّيــة «متشـ ّ‬

‫تتناســب والطبيعــة املدن ّيــة للمجتمــع‪ ،‬عــى‬ ‫حــد قولهــم‪.‬‬ ‫واطلــق ناشــطون وناشــطات يف مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي العراقــي‪ ،‬هاشــتاغ‬ ‫«اكــره الحجــاب»‪ ،‬وانقســم املدونــون بــن‬ ‫مؤيــد ورافــض للموضــوع‪ .‬ويقــول باحــث‬ ‫اجتامعــي عراقــي ان «البــاد اصبحــت‬ ‫تحــت ضغــط دينــي متطــرف بســبب كــرة‬ ‫الجامعــات االســامية املتشــددة»‪.‬‬

‫ويلفــت اىل «تراجــع دور منظــات املجتمــع‬ ‫املــدين يف توعيــة الجمهــور خــال الفــرة‬ ‫االخــرة بشــكل كبــر»‪ ،‬داعيــا اىل «تكثيــف‬ ‫الربامــج التوعويــة بخصــوص الحريــات‬ ‫الشــخصية واحرتامهــا»‪ ،‬محــذرا مــن ان‬ ‫«فــرض الحجــاب عــى الفتيــات القــارصات‬ ‫داخــل املــدارس يعــد انتهــاكا صارخــا‬ ‫لحقــوق الطفــل ومنافيــا لــكل قواعــد‬ ‫االنســان»‪ ،‬مشــددا عــى رضورة «احــرام‬

‫مبــادئ الدســتور العراقــي»‪.‬‬ ‫ويقــول باحثــون ومتخصصــون‪ ،‬ان محاولــة‬ ‫فــرض منــط معــن مــن اللبــاس يف املــدارس‬ ‫ويف عمــوم املجتمــع يــؤدي بالــرورة‬ ‫اىل نتائــج عكســية تتســبب يف معضــات‬ ‫كبــرة تلحــق باملجتمــع ال ميكــن تعويضهــا‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪ ،‬مشــرين اىل ان تلــك‬ ‫االج ـراءات القرسيــة وغريهــا مــن االفعــال‬ ‫املشــابهة ادت اىل خســائر كبــرة لحقــت‬ ‫بالعائــات وعمــوم املجتمــع‪ ،‬الفتــن اىل‬ ‫تزايــد معــدالت قتــل النفــس باالنتحــار يف‬ ‫كثــر مــن الحــوادث لــدى الفتيــات‪ ،‬بعضهــا‬ ‫ينفــذ باســتعامل قطعــة الحجــاب نفســها‬ ‫مثلــا تتــوارد االخبــار يف وســائل االعــام‪.‬‬ ‫ويشــدد الباحثــون عــى رضورة االنتبــاه اىل‬ ‫املشــكالت التــي تــرز يف العمليــة التعليميــة‬ ‫التــي متثــل اســاس العمليــة الرتبويــة‬ ‫ورضورة معالجتهــا بــدال مــن اللجــوء اىل‬ ‫اشــراطات شــكلية قرسيــة؛ ومــن ذلــك‬ ‫مشــكلة الغيــاب املتكــرر مــن دون عــذر‪،‬‬ ‫والهــرب مــن املدرســة‪ ،‬ومشــكلة التأخــر‬ ‫عــن موعــد بــدء الدراســة‪ ،‬ومشــكالت‬ ‫رسقــة الكتــب واألدوات املدرســية‪ ،‬والعنــف‬ ‫ضــد اآلخريــن‪ ،‬واالنحرافــات الجنســية‬ ‫و االكتئــاب والتوتــر والقلــق النفــي‬ ‫والتــرب مــن الحصــص و الــرود الذهنــي‬ ‫وعــدم انتظــام الدراســة باملدرســة‪ ,‬وكذلــك‬ ‫ســوء اإلدارة املدرســية‪ ,‬وعــدم االهتــام‬ ‫باألنشــطة املدرســية الســيام الرياضيــة‬ ‫والفنيــة‪ ,‬والنشــاطات الالصفيــة االخــرى‪،‬‬ ‫مــن قبيــل مامرســة األلعــاب أو زيــارة‬ ‫املكتبــة واملكتبــات الخارجيــة‪ ،‬والحــث‬ ‫عــى املطالعــة الخارجيــة وعمــل البحــوث‬ ‫والتلخيــص أو التواجــد يف املختــر إلجــراء‬ ‫التجــارب العلميــة واالهتــام باالســتجامم‬ ‫كالرحــات الرتفيهيــة أو زيــارة املصانــع‬ ‫والجامعــات والرحــات العلميــة أو زيــارة‬ ‫أحيــاء املدينــة أو القــرى وخدمــة املجتمــع‬ ‫املحــي ومســاعدة الســكان يف أعاملهــم‬ ‫الزراعيــة‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪43‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫يشــكل تدنــي نســب تواجــد‬ ‫المــرأة العاملــة فــي العــراق‬ ‫برغــم الفقــر المنتشــر‪ ،‬مظهــرا‬ ‫محزنــا‪ ،‬بحســب المتابعيــن؛‬ ‫وبرغــم ان نســب البطالــة‬ ‫المرتفعــة فــي العــراق تشــمل‬ ‫الجميــع رجــاال ونســاء‪ ،‬اال ان‬ ‫تزايــد اعــداد المتخرجــات مــن‬ ‫الكليــات والمعاهــد العراقيــة‬ ‫وهــو مــا تبينــه االرقــام ســنويا‪،‬‬ ‫يشــكل همــا مضاعفــا‪ ،‬اذ ان‬ ‫عائــات كثيــرة كانــت تضــع‬ ‫االمــل فــي بناتهــا للتعييــن‬ ‫بعــد التخــرج وادامــة معيشــة‬ ‫اســرهن ‪...‬‬ ‫فــــيلي‬

‫المــرأة‬ ‫بين الحاجة إلعالة االسرة‬ ‫ومحاوالت انتهاك خصوصيتها‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫يضــاف اىل هــذا ان توقــف االنتــاج‬ ‫الصناعــي والزراعــي مل يعــط الفرصــة‬ ‫للنســاء يف تحقيــق آمــال عائالتهــن‪..‬‬ ‫ويشــدد متخصصــون واكادمييــون عــى‬ ‫ان تواجــد النســاء يف العمــل و الوظائــف‬ ‫االداريــة يف املناصــب القياديــة الوســطى‬ ‫واملتقدمــة يف الجامعــات والكليــات مثــل‬ ‫رئاســة االقســام والشــعب االداريــة واملاليــة‪،‬‬

‫و التســجيل وشــؤون الطلبــة‪ ،‬وغريهــا‪ ،‬مهــم‬ ‫بصفتهــن النمــوذج القــدوة الــذي ســتحتذي‬ ‫بــه الفتيــات نحــو التوجــه االيجــايب الــذي‬ ‫يســهم يف بنــاء الوطــن واملجتمــع‪ ،‬مشــرين‬ ‫اىل ان هــذا االمــر مل يتحقــق يف العــراق‬ ‫برغــم الشــاهدات العليــا التــي تحملهــا‬ ‫كثــر مــن النســاء‪.‬‬ ‫تبــن احصــاءات رســمية‪ ،‬ان نســبة النســاء‬

‫املســتعدات للعمــل يف مجمــل مرافــق‬ ‫البلــد ال تتجــاوز ‪ 13%‬مــن العاملــن ترتكــز‬ ‫يف الدوائــر الحكوميــة‪ ،‬وتزعــم بيانــات‬ ‫حكوميــة ان ‪ 87%‬مــن النســاء العراقيــات‬ ‫غــر مســتعدات او ال يرغــن يف دخول ســوق‬ ‫العمــل‪ ،‬بحســب تلــك البيانــات‪ ،‬ويقــول‬ ‫مراقبــون انــه مــع محدوديــة نســبة ‪13%‬‬ ‫مــن النســاء املســتعدات للعمــل‪ ،‬فــان مــن‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪45‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫املنطقــي ان يحصلــن جميعــا عــى عمــل‪،‬‬ ‫لكــن هــذا ال يحــدث اذ ينتظــر بعضهــن‬ ‫ملــدد طويلــة قبــل ان يحظــن بفــرص عمــل‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫ووفــق بيانــات وزارة التخطيــط العراقيــة‬ ‫فــان أقــل مــن ‪ 8%‬مــن النســاء املســتعدات‬ ‫للعمــل ينجحــن يف الحصــول عــى عمــل‬ ‫فعــا‪ ،‬اذ يســجل العــراق رقــا قياســيا يف‬ ‫غيــاب املســاواة‪ ،‬فهــو يــأيت يف ثــاين ادىن‬ ‫مرتبــة بنســبة العاملــة النســائية مــن بــن‬ ‫‪ 130‬دولــة‪ ،‬مبــا يف ذلــك دول الجــوار‪،‬‬ ‫بحســب تقاريــر دوليــة‪.‬‬ ‫وتظهــر بيانــات البنــك الــدويل‪ ،‬ان النســبة‬ ‫العامــة للعاملــة النســائية يف الــرق‬ ‫االوســط ارتفعــت مــن ‪ 15%‬اىل ‪ 16%‬بــن‬ ‫عامــي ‪ 2014‬و‪ ،2017‬اال ان العــراق شــهد‬ ‫هبوطــا يف نســبة تلــك العاملــة مــن ‪11%‬‬ ‫اىل ‪ 8%‬يف املــدة نفســها‪.‬‬ ‫ويعلــق اكادمييــون عــى تلــك األرقــام‬ ‫بالقــول «هــذا يعنــي انــه مقابــل كل امــرأة‬ ‫تعمــل يف العــراق هنــاك امرأتــان تعمــان‬ ‫يف دول الــرق االوســط‪ ،‬وخمســة نســاء‬ ‫يعملــن يف الــدول ذات الدخــل املرتفــع»‪.‬‬ ‫وكان متخصصــون قــد اشــاروا منــذ ســنوات‬ ‫اىل إن رضورات العمــل خــارج البيــت‬ ‫أخــذت تــزداد يف العــراق‪ ،‬وذلــك لحاجــة‬ ‫املجتمــع إىل عمــل املــرأة مــن جانــب‬ ‫الجهــات التــي كانــت تســتفيد مــن هــذا‬ ‫العمــل للحصــول عــى الربــح أو االســتفادة‬ ‫اآلنيــة كإعالــة أرسة‪ ،‬كــا أن تفاقــم أزمــة‬ ‫العاطلــن عــن العمــل زاد مــن عــبء األرس‬ ‫التــي لديهــا خريجــات‪ ،‬وبالنتيجــة بــات‬ ‫أمــر الحصــول عــى أعــال حــرة يف ظــل‬ ‫غيــاب منهــج التعيــن املركــزي واالنتظــار‬ ‫الطويــل للحصــول عــى وظيفــة‪ ،‬أمـرا ملحــا‬ ‫أمــام غــاء املعيشــة واألرس التــي تعــاين مــن‬ ‫الفقــر والعــوز‪ ،‬عــى حــد وصفهــم‪.‬‬ ‫وتشــر إحصــاءات إىل أن هنــاك ســتة‬ ‫ماليــن عاطــل مــن أصــل ‪ 30‬مليــون نســمة‪،‬‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫هناك ســـتة ماليين عاطـــل من أصل‬ ‫‪ 30‬مليـــون نســـمة‪ ،‬على وفـــق ارقام‬ ‫عام ‪ ،2015‬وبحســـب األمـــم المتحدة‪،‬‬ ‫يشـــكل الشباب ما نســـبته ‪ %75‬منهم‬ ‫رجاال ونســـاء ‪...‬‬ ‫عــى وفــق ارقــام عــام ‪ ،2015‬وبحســب‬ ‫األمــم املتحــدة‪ ،‬يشــكل الشــباب مــا نســبته‬ ‫‪ 75%‬منهــم رجــاال ونســاء‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫يتطلــب توفــر وظائــف ملعادلــة التنميــة‬ ‫االقتصاديــة واالجتامعيــة‪ ،‬وكل مقتضيــات‬ ‫التطــور الالحــق والتحــوالت الجذريــة يف‬ ‫نواحــي الحيــاة وبــذل أقــى الجهــود مــن‬ ‫أجــل تحقيــق ذلــك‪ ،‬بحســب تقاريــر االمــم‬ ‫املتحــدة‪.‬‬ ‫ويقــول قانونيــون إن نســبة ‪ % 70‬مــن‬ ‫النســاء العراقيــات معيــات ولســن عامالت‪،‬‬

‫وباألخــص مــن تعمــل يف القطــاع غــر‬ ‫النظامــي؛ وتقــول مديــرة منظمــة تعمــل‬ ‫عــى تشــغيل النســاء‪ ،‬إننــا نفضــل توظيــف‬ ‫النســاء عــى توظيــف الرجــال‪ ،‬وذلــك‬ ‫بســبب الوضــع األمنــي وخــوف الشــباب‬ ‫مــن االلتحــاق بــأي عمــل قــد يتســبب يف‬ ‫نهايــة حياتهــم‪ ،‬بحســب تعبريهــا‪ ،‬كــا أن‬ ‫بعــض الشــباب‪ ،‬وبعــد إجادتــه ومتكنــه مــن‬ ‫تخصصــه‪ ،‬قــد يضطــر إىل تــرك العمــل يف أي‬ ‫لحظــة‪ ،‬مــا يؤثــر ســلبا عــى ســر عمــل‬ ‫املنظمــة‪ ،‬عــى حــد قولهــا‪.‬‬

‫وتســتدرك‪ ،‬أن الوضــع املــردي جعــل بعــض‬ ‫العائــات تخــى مــن توظيــف بناتهــا‪ ،‬مــا‬ ‫تســبب يف حرمــان كثــر مــن الخريجــات‬ ‫أمــس الحاجــة‬ ‫هــن يف‬ ‫مــن العمــل الــذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫إليــه‪ ،‬الســيام بعــد أن فقــدن األمــل يف‬ ‫الحصــول عــى وظيفــة‪.‬‬ ‫ويشــر املراقبــون اىل ان هنــاك مشــكالت‬ ‫اخــرى تواجــه النســاء العراقيــات العامــات‬ ‫يف خروجهــن للعمــل‪ ،‬وتلفــت إحصــاءات‬

‫ســابقة نــرت يف نيســان ‪ ،٢٠١٩‬اىل ان‬ ‫نســبة ‪ % 76‬مــن النســاء العامــات تعرضــن‬ ‫للعنــف اللفظــي وللســخرية مــن إداءهــن‬ ‫مــن قبــل الرجــال‪ ،‬وتعرضــت ‪ 64%‬مــن‬ ‫النســاء العامــات اىل التحــرش الجنــي‬ ‫بهــن باســتعامل األلفــاظ النابيــة أو‬ ‫اإليحــاءات الجنســية و ‪ % 40‬مــن النســاء‬ ‫الذاهبــات اىل عملهــن تعرضــن للمضايقــة‬ ‫مــن قبــل ســواق التكــي مرتــن يف األقــل‬

‫يف غضــون أســبوع واحــد‪ ،‬بحســب قولهــن؛‬ ‫فيــا ‪ 45%‬مــن النســاء جــرى ابتزازهــن‬ ‫حتــى يف أثنــاء تأديــة العمــل ومســاومتهن‬ ‫مــن أجــل تقديــم تنــازالت غــر أخالقيــة أو‬ ‫للدخــول يف عالقــات غــر رشعيــة مــع ُمدراء‬ ‫أو جهــات ذات صلــة لضــان اســتمرارهن‬ ‫يف العمــل أو حصولهــن عــى ترقيــة‪ ،‬عــى‬ ‫وفــق مــا رصحــت بــه بعضهــن‪.‬‬ ‫وبحســب القانونيــن ال يتواجــد يف القانــون‬ ‫العراقــي مــا يحاســب عــى هــذه االفعــال‪،‬‬ ‫وكمقارنــة فــان القانــون املــري أكــر‬ ‫وضوحــا وتحديــدا وتركيــزا‪ ،‬بحســب قــول‬ ‫القانونيــن‪ ،‬الذيــن يشــرون اىل ان الجــاين‬ ‫ال يســتطيع اإلفــات فيــه مــن العقوبــة‬ ‫ويــرون انهــا رادع قــوي يســهم يف الحــد‬ ‫مــن ظاهــرة التحــرش اذ تضمــن قانــون‬ ‫العقوبــات املــري؛ عقوبــة املتحــرش التــي‬ ‫نــص عليهــا قانــون العقوبــات‪ ،‬اذ تنــص‬ ‫املــادة ‪ 306‬مكــرر (أ) عــى «يعاقــب املتهــم‬ ‫فيهــا بالحبــس مــدة ال تقــل عن ســتة أشــهر‬ ‫وبغرامــة ال تقــل عــن ثالثــة آالف جنيــه‪ ،‬وال‬ ‫تزيــد عــى خمســة آالف جنيــه أو بإحــدى‬ ‫هاتــن العقوبتــن كل مــن تعــرض للغــر يف‬ ‫مــكان عــام أو خــاص أو مطــروق بإتيــان‬ ‫أمــور أو إيحــاءات أو تلميحــات جنســية‬ ‫أو إباحيــة ســواء باإلشــارة أو بالقــول أو‬ ‫بالفعــل ‪.»..‬‬ ‫وبالعــودة اىل العـراق تقــول منظمــة العمــل‬ ‫الدوليــة‪ ،‬ان العـراق اذا نجــح يف دفــع ‪% 25‬‬ ‫مــن النســاء اىل العمــل‪ ،‬فــإن اجــايل الناتــج‬ ‫املحــي الســنوي ميكــن ان يرتفــع ويصــل اىل‬ ‫تحقيــق زيــادة اجامليــة يف الدخــل القومــي‬ ‫تصــل اىل ‪ 73‬مليــار دوالر؛ ويكشــف تقريــر‬ ‫لألمــم املتحــدة «لعــام ‪ ،»2020‬أن الع ـراق‬ ‫يحتــل املركــز ‪ 108‬يف ترتيــب الــدول عاملي ـاً‬ ‫عــى مســتوى دخــل الفــرد مــن الناتــج‬ ‫املحــي االجــايل بالــدوالر ســنوياً‪ ،‬فيــا‬ ‫جــاءت قطــر باملرتبــة االوىل عامليـاً وتذيلــت‬ ‫ســوريا التصنيــف العاملــي باملركــز ‪.188‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪47‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫متاحف بغداد‬ ‫ مرافق حضارية‬ ‫ يتوجب ادامتها‬ ‫ والتعريف بها‬ ‫فــي صيــف عــام ‪ ٢٠١٩‬اكتشــفت‬ ‫جامعــة توبنغــن األلمانيــة بوســاطة‬ ‫فريــق مــن علمــاء األثــار األلمــان‬ ‫والعراقييــن قصــرا لــه مــن العمــر‬ ‫‪ 3400‬عامــا يعــود إلــى مــدة مــا‬ ‫اســموه اإلمبراطوريــة «الميتانيــة»‬ ‫التــي نشــأت فــي منطقــة مــا بيــن‬ ‫النهريــن «دجلــة والفــرات وفي أجزاء‬ ‫مــن ســوريا»‪ ،‬مشــيرين الــى ان مــا‬ ‫جعــل هــذا الكشــف األثــري الضخــم‬ ‫ممكنــا‪ ،‬الجفــاف الــذي أصــاب خــزان‬ ‫ســد الموصــل وأدى إلــى انخفــاض‬ ‫معــدالت الميــاه بالســد بشــكل‬ ‫ملحــوظ؛ مــا تســبب فــي انحســار‬ ‫الميــاه وظهــور األثــار علــى الضفــاف‬ ‫القديمــة لنهــر دجلــة‪..‬‬

‫وقــال العلــاء حينهــا ان املكتشــفات‬ ‫جــزء بســيط مــن مســتوطنات كاملــة‬ ‫كانــوا بصــدد الكشــف عنهــا و مل ميتلــك‬ ‫فريــق العلــاء الكثــر مــن الوقــت لنقــل‬ ‫املكتشــفات األثريــة‪ ،‬اذ عــادت مســتويات‬ ‫املــاء لالرتفــاع رسيعــا‪ ،‬مــا أدى يف النهايــة‬ ‫إىل غمــر األثــار بامليــاه مجــددا‪ ،‬بحســب‬ ‫مــا اعلنــوا يف حينــه‪.‬‬ ‫اردنــا بإلقــاء الضــوء عــى هــذا االكتشــاف‬ ‫القــول ان املجتمعــات البرشيــة التــي‬ ‫عاشــت يف تلــك االرض تركــت آثــارا كبــرة‬ ‫وكان يجــري اكتشــافها يف املــايض القريــب‪،‬‬

‫واحتــوت بعضهــا بنايــة املتحــف العراقــي‬ ‫يف منطقــة العــاوي ببغــداد‪ ،‬كــا تتواجــد‬ ‫يف متاحــف محافظــات عراقيــة اخــرى‪.‬‬ ‫واملتحــف الوطنــي العراقــي هــو الــذي‬ ‫تذهــب اليــه يف العــادة االثــار املكتشــفة‬ ‫مــن بقايــا الحضــارات االنســانية عــى‬ ‫ضفــاف النهريــن‪ ،‬و كذلــك مــا يــزال‬ ‫الع ـراق يعــاين مــن نبــش اآلثــار مــن قبــل‬ ‫عصابــات منظمــة تقــوم بتهريبهــا اىل‬ ‫خــارج البــاد‪ ،‬بحســب املتابعــن‪ .‬وبحســب‬ ‫الوقائــع التاريخيــة يعــود تاريــخ انشــاء‬ ‫املتحــف العراقــي إىل عامــي ‪1924-1923‬‬

‫بوســاطة عاملــة اآلثــار الربيطانيــة غــر‬ ‫تــرود بيــل التــي جمعــت آثــار العــراق‬ ‫ووضعتهــا يف حيــز صغــر يف مبنــى الـراي‬ ‫أو القشــلة‪ ،‬ويف عــام ‪ 1926‬افتتــح َمبنــى‬ ‫آخــر يف شــارع املأمــون لضيــق املســاحة‬ ‫نقلــت اليــه جميــع اآلثــار‪ ،‬ويف عــام ‪1966‬‬ ‫قــررت الحكومــة العراقيــة انشــاء املبنــى‬ ‫الجديــد يف منطقــة العــاوي وبســبب‬ ‫هــذه ا ُملناســبة ســمي باملتحــف الوطنــي‬ ‫العراقــي بعدمــا كان يعــرف بــــمتحف‬ ‫بغــداد لآلثــار‪.‬‬ ‫ومــن املتاحــف االخــرى متحــف التاريــخ‬ ‫الطبيعــي يف منطقــة البــاب املعظــم اســس‬ ‫عام ‪ 1946‬وكان يضم مجســات لحيوانات‬ ‫محنطــة ومجموعــات للحـرات والنباتــات‬ ‫التــي متثــل تاريــخ الحيــاة الفطريــة يف‬ ‫العــراق بشــكل خــاص‪ ،‬وتتبــع املتحــف‬ ‫مكتبــة متخصصــة بالتاريــخ الطبيعــي‪،‬‬ ‫وهنــاك املتحــف الوطنــي للفــن الحديــث‬ ‫يف ســاحة الطــران ببغــداد واســس عــام‬ ‫‪1962‬هــو أحــد املتاحــف الوطنيــة املعنيــة‬ ‫بالفــن‪ ،‬و كان يحــوي عــى ‪ 7‬آالف لوحــة‬ ‫لعديــد الفنانــن العراقيــن مــن أمثــال‪،‬‬ ‫أكــرم شــكري‪ ،‬وحافــظ الــدرويب‪ ،‬وعطــا‬ ‫صــري‪ ،‬وعيــى حنــا‪ ،‬وجــواد ســليم‪،‬‬ ‫وفائــق حســن‪ ،‬وإســاعيل الشــيخيل‪،‬‬ ‫وخالــد القصــاب‪ ،‬والبــد مــن االشــارة اىل‬ ‫انــه رسق و َدمــر وأتلــف اللصــوص كثــرا‬ ‫مــن محتوياتــه يف أحــداث عــام ‪،2003‬‬ ‫كــا شــمل التدمــر مكتبــة مركــز الفنــون‪،‬‬ ‫وأرشــيفه التاريخــي‪ ،‬وجميــع ممتلكاتــه‬ ‫اإلداريــة األخــرى‪ ،‬ولقــد ُأســرجع الفــا‬ ‫عمــل فنــي؛ ويلفــت ســكان ومتخصصــون‬ ‫ومراقبــون اســتطلعنا آراءهــم اىل ان موقعه‬ ‫الحــايل يف البــاب الرشقــي اصبــح غــر مالئم‬

‫فيـــــلي‬

‫‪48‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪49‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫ومــن الواجــب تغيــره فاملنطقــة اصبحــت‬ ‫مكتظــة بالباعــة الجوالــن والحركــة‬ ‫التجاريــة وســط عمليــات البيــع وال ـراء‪،‬‬ ‫وان موقــع املتحــف مــا عــاد يصلــح مثــل‬ ‫االول إلقامــة النشــاطات والفعاليــات‬ ‫الفنيــة والثقافيــة فيــه‪.‬‬ ‫امــا املتحــف البغــدادي فانشــأ ببغــداد‬ ‫عــى ضفــاف دجلــة بالقــرب مــن املدرســة‬ ‫املســتنرصية عــام‪ 1970‬يف بنايــة قدميــة‬ ‫يعــود تاريــخ إنشــائها إىل عــام ‪1869‬م‬ ‫يف عهــد الدولــة العثامنيــة‪ ،‬يعــرض فيــه‬ ‫بخاصــة الفولكلــور الشــعبي البغــدادي‪،‬‬ ‫لســكان بغــداد األوائــل‪ ،‬فربغــم عودتــه‬ ‫لبعــض النشــاطات املقرونــة بالغنــاء‬ ‫واملوســيقى «الجالغــي البغــدادي»‬

‫وتواصــل تزايــد حضــور العائــات بحســب‬ ‫مديــر قســم الشــؤون الســياحية يف املتحف‬ ‫ومنهــا يف يــوم الجمعــة ‪ 4‬شــباط ‪2022‬‬ ‫حــروا مــن شــتى املحافظــات العراقيــة‬ ‫بحســب قولــه‪ ،‬فــان املراقبــن يــرون ان‬ ‫التعريــف بــه اعالميــا مل يــزل محــدودا كــا‬ ‫مل تــزل االجيــال الجديــدة مــن البغداديــن‬ ‫ال تواظــب عــى زيارتــه‪ ،‬بــل ان كثرييــن ال‬ ‫يعرفونــه اصــا ويجهــل كثــر منهــم مكانــه‬ ‫عــى حــد قولهــم؛ وهنــاك مثــة متحــف‬ ‫الطفــل اســس عــام ‪ 1984‬ضمــن املتحــف‬ ‫العراقــي‪ ،‬ومتحــف الربيــد العراقــي وهــو‬ ‫متحــف يقــع يف شــارع حيفــا‪ ،‬ويحتــوي‬ ‫عــى معظــم اصــدارات دائــرة الربيــد‬ ‫العراقيــة مــن املطبوعــات والطوابــع‬

‫وبطاقــات الربيــد املتنوعــة‪ ،‬وكذلــك‬ ‫يحتــوي عــى املعــدات التــي اســتعملت‬ ‫يف نقــل الربيــد وحفظــه منــذ عهــد الدولــة‬ ‫العثامنيــة عــام ‪1912‬م‪ ،‬وبرغــم اهميــة مــا‬ ‫يحتويــه‪ ،‬فلــم يجــر االهتــام بــه وتعريــف‬ ‫الســكان بــه بحســب املتابعــن‪.‬‬ ‫ومــن املتاحــف التــي انشــئت بعــد عــام‬ ‫‪ 2003‬متحــف جامعــة بغــداد يف مجمــع‬ ‫الجادريــة أســس عــام ‪ 2007‬ثــم توقــف‬ ‫وأعيــد أفتتاحــه ســنة ‪ ،2013‬ويضــم أكــر‬ ‫مــن ‪ 300‬صــور متثــل مراحــل الجامعــة‬ ‫منــذ تأسيســها عــام ‪1957‬؛ كــا انشــأ‬ ‫متحــف عبــد الكريــم قاســم أو «متحــف‬ ‫ثــورة ‪ 14‬متــوز» يف شــارع الرشــيد اســس‬ ‫عــام ‪ 2015‬تعــرض فيــه مقتنيــات‬

‫''‬

‫« برغــم وفــرة المواقــع التاريخيــة‬ ‫واآلثــار التــي يزخــر بهــا العــراق فــي‬ ‫شــتى محافظات البالد‪ ،‬إال أن الســياحة‬ ‫فــي هــذا المجــال تــكاد تختفــي مــن‬ ‫البــاد ‪« ..‬‬

‫شــخصية لرئيــس الــوزراء العراقــي االســبق‪،‬‬ ‫عبــد الكريــم قاســم‪ ،‬الــذي قتــل يف انقــاب‬ ‫شــباط ‪.1963‬‬ ‫ويقــول املراقبــون ان املتاحــف القدميــة‬ ‫والعريقــة مل يعــ ّرف بهــا اصــا فكيــف‬ ‫باملتاحــف الحديثــة‪.‬‬ ‫وبرغــم وفــرة املواقــع التاريخيــة واآلثــار‬ ‫التــي يزخــر بهــا العــراق يف شــتى‬ ‫محافظــات البــاد‪ ،‬إال أن الســياحة يف هــذا‬ ‫املجــال تــكاد تختفــي مــن البــاد‪ ،‬ويف‬ ‫تقريــر ســابق يقــول احــد املتخصصــن إن‬ ‫هنــاك إهــاال واضحــا يف هــذا الجانــب‪،‬‬

‫‪50‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ودعــا الحكومــة االتحاديــة اىل االســتفادة‬ ‫مــن تجربــة إقليــم كوردســتان يف املجــال‬ ‫الســياحي‪ ،‬اذ تحولــت مدنــه إىل وجهــة‬ ‫يقصدهــا مئــات األلــوف بســبب جــودة‬ ‫البنــى التحتيــة للمنتجعــات الســياحية‬ ‫والتاريخيــة هنــاك‪ ،‬بحســب قولــه‪.‬‬ ‫وليســت بنــا حاجــة الســتعراض الوقائــع‬ ‫املؤملــة التــي ارتبطــت ببعــض متاحــف‬ ‫بغــداد‪ ،‬ومنهــا تعــرض املتحــف الوطنــي‬ ‫يف نيســان ‪ 2003‬للنهــب‪ ،‬ورسقــة أكــر مــن‬ ‫‪ 15‬ألــف قطعــة‪ ،‬وبرغــم اســتعادة ‪ 7‬آالف‬ ‫قطعــة‪ ،‬ال يــزال هنــاك مــا يزيــد عــى ‪8‬‬

‫آالف قطعــة مفقــودة‪ ،‬مــن بينهــا قطــع‬ ‫أثريــة تعــود آلالف الســنني مــن بعــض‬ ‫أقــدم املواقــع يف الــرق األوســط‪.‬‬ ‫ويف متــوز ‪ ٢٠٢١‬وجــه رئيــس الــوزراء‬ ‫مصطفــى الكاظمــي‪ ،‬بإعــادة افتتــاح‬ ‫املتحــف العراقــي امــام النــاس‪ ،‬عقــب‬ ‫اســتعادة ‪ 17‬ألــف قطعــة أثريــة مــن‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬بعــد ان اغلق يف شــباط‬ ‫‪ 2020‬بســبب جائحــة كورونــا‪ ،‬وذلــك قبــل‬ ‫أن تجــري لــه أعــال ترميــم‪ ،‬ويجــرى‬ ‫افتتاحــه للوفــود والزيــارات الرســمية منــذ‬ ‫نيســان ‪.2021‬‬ ‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪51‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫بين وضع ساخن وأمل بتكرار تجربة كوردستان‪..‬‬ ‫للسياح؟‬ ‫هل تصبح األنبار قبلة‬ ‫ّ‬ ‫ناحيــة البغدادي التابعة‬ ‫لقضاء هيــت غربي محافظة‬ ‫األنبــار العراقية‪ ،‬واحدة من‬ ‫أشــد المناطق الساخنة في‬ ‫المحافظة‪ ،‬وذلــك لما تتمتع‬ ‫به مــن مناطق صحراوية‬ ‫شاســعة‪ ،‬األمر الذي يساعد‬ ‫عناصــر تنظيم داعش على‬ ‫االختبــاء والتنقل من خاللها‪.‬‬

‫فيـــــلي‬ ‫هــذه الناحيــة تضــم واحــدة مــن أهــم‬ ‫وأكــر القواعــد العســكرية يف العــراق‪،‬‬ ‫وهــي قاعــدة عــن األســد الجويــة‪ ،‬التــي‬ ‫تتمركــز داخلهــا قــوات التحالــف الــدويل‬ ‫بقيــادة واشــنطن‪ ،‬والتــي كثــراً مــا‬ ‫تتعــرض لعمليــات اســتهداف مــن قبــل‬ ‫امليليشــيات املواليــة إليــران‪.‬‬ ‫وعــى الرغــم مــا تقــدم‪ ،‬تعكــف حكومة‬ ‫األنبــار املحليــة‪ ،‬عــى تنفيــذ مشــاريع‬ ‫ســياحية يف ناحيــة البغــدادي‪ ،‬وبــدأت‬ ‫بإنشــاء شــاالت صناعيــة‪ ،‬ســاهمت‬ ‫بجــذب مئــات الســياح مــن مختلــف‬

‫‪52‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪53‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫مــدن العــراق‪ ،‬بحســب مديــر الناحيــة‬ ‫رشحبيــل العبيــدي‪.‬‬ ‫العبيــدي‪ ،‬وخــال حديثــه ملجلــة «فيــي»‪،‬‬ ‫أشــار إىل أن «بعــد تحريــر األنبــار مــن‬ ‫تنظيــم داعــش‪ ،‬الــذي تســبب بدمــار‬ ‫شــبه شــامل للبنــى التحتيــة واألماكــن‬ ‫الرتفيهيــة يف املحافظــة‪ ،‬وعــى الرغــم مــن‬ ‫حمــات اإلعــار التــي تشــهدها مدنهــا‬ ‫منــذ ســنوات‪ ،‬إال أنهــا تفتقــد ملشــاريع‬ ‫تأهيــل وتطويــر األماكــن الســياحية‪ ،‬ومل‬ ‫يكــن هنــاك متنفســاً للعائــات ســوى‬ ‫بحــرة الحبانيــة (رشقــي األنبــار)»‪.‬‬ ‫وبهــدف توفــر متنفــس لعائــات منطقــة‬ ‫البغــدادي‪ ،‬أطلقــت حكومــة األنبــار‬ ‫املحليــة مرشوعــاً بســيطاً متثــل بانشــاء‬ ‫شــال صناعــي‪ ،‬لكــن ومــع مــرور الوقــت‬ ‫أصبــح مقصــداً ملئــات العائــات األنباريــة‪،‬‬ ‫األمــر الــذي دفــع ملتابعــة العمــل بتطويــر‬ ‫املــكان وجعلــه منتجعــاً ســياحياً كبــراً‪،‬‬ ‫بحســب مديــر ناحيــة البغــدادي‪.‬‬ ‫ونــوه العبيــدي‪ ،‬إىل أن «املنطقــة تطــورت‬ ‫وأصبحــت متنفس ـاً ملئــات العائــات مــن‬ ‫داخــل وخــارج املحافظــة‪ ،‬لكــن املنطقــة‬ ‫مــا ت ـزال تفتقــر ألعــال اإلدامــة»‪ ،‬الفت ـاً‬ ‫إىل أن «حكومــة األنبــار‪ ،‬وجهــت بعمــل‬ ‫كشــف أويل للمنطقــة‪ ،‬إلنشــاء شــاالت‬ ‫صناعيــة أخــرى‪ ،‬فضــا عــى إنشــاء‬ ‫كورنيــش ومحــال تجاريــة ومطاعــم‬ ‫شــعبية يف املنطقــة»‪.‬‬ ‫وأكــد أن «اللجنــة املعنيــة بــارشت‬ ‫بالكشــف‪ ،‬وخــال األشــهر القادمــة‪،‬‬ ‫ستشــهد املنطقــة تغيــراً‪ ،‬رغــم قلــة املبلــغ‬ ‫املخصــص للمــروع‪ ،‬الــذي لــن يكــون‬ ‫باملســتوى املطلــوب إذا مــا تــم زيــادة‬ ‫املبلــغ املخصــص»‪ ،‬مردفــاً بالقــول‪« :‬اذا‬

‫‪54‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫''‬

‫بحيــرة الثرثــار تخضــع لســيطرة فصائــل‬ ‫مســلحة مواليــة إليــران‪ ،‬منــذ تحريــر‬ ‫األنبــار مــن قبضــة داعــش‪ ،‬وال تســمح‬ ‫ألي مــن الســائحين أو صيــادي األســماك‪،‬‬ ‫بالوصــول إليهــا‪.‬‬

‫أردنــا تطويــر واقــع املناطــق الســياحية‪،‬‬ ‫فعلينــا العمــل عــى ذات الخطــى التــي‬ ‫تســر عليهــا حكومــة كوردســتان‪ ،‬والتــي‬ ‫جعلــت منهــا مقصــداً للســياح مــن جميع‬ ‫دول العــامل»‪.‬‬ ‫بــدوره قــال مديــر منتجــع الحبانيــة‬ ‫الســياحي‪ ،‬مؤيــد املشــوح‪ ،‬أن «بعــد‬ ‫تحريــر املحافظــة مــن داعــش‪ ،‬جــرى‬ ‫العمــل عــى تطويــر القطــاع الســياحي‬ ‫يف املحافظــة‪ ،‬كونــه مــن أهــم القطاعــات‬ ‫التــي تســاهم باالرتقــاء بالواقــع‬ ‫االقتصــادي يف دول العــامل كافــة»‪.‬‬

‫وذكــر املشــوح‪ ،‬ملجلــة «فيــي»‪ ،‬أن «بعــد‬ ‫إكــال عمليــة غلــق مخيــم الحبانيــة‬ ‫للنازحــن‪ ،‬وإعادتهــم إىل مناطقهــم‬ ‫عــام ‪ ،2019‬جــرى إطــاق حملــة إعــار‬ ‫كبــرة للمدينــة ومرافقهــا‪ ،‬والتــي شــملت‬ ‫الشــاليهات واملســطحات الخــراء‪،‬‬ ‫واملالعــب الرياضيــة واملنتديــات وقاعــات‬ ‫الحفــات واملناســبات‪ ،‬مــا جعلهــا‬ ‫مقصــداً آلالف الســائحني مــن عمــوم‬ ‫محافظــات البــاد‪ ،‬خاصــة يف فصــل‬ ‫الصيــف»‪.‬‬ ‫وتابــع‪ ،‬أن «حكومــة االنبــار عملــت عــى‬

‫تنفيــذ مشــاريع عــدة‪ ،‬لتطويــر األماكــن‬ ‫الســياحية‪ ،‬وذلــك بالتعــاون مــع مديريات‬ ‫بلديــات أقضيــة املحافظــة‪ ،‬واســتغالل‬ ‫مــرور نهــر الفــرات بهــا‪ ،‬خاصــة الضفــة‬ ‫املطلــة عــى املــدن الرئيســة‪ ،‬لتنفيــذ‬ ‫مشــاريع عــدة منهــا مناطــق كورنيــش‬ ‫الفلوجــة والرمــادي وهيــت وحديثــة‪،‬‬ ‫مــا ســاهم بتنشــيط واقــع هــذه املــدن»‪.‬‬ ‫وأشــار املشــوح‪ ،‬إىل وجــود تفاهــات‬ ‫مــع وزارة الثقافــة‪ ،‬لـ»العمــل عــى إعــادة‬ ‫(بحــرة الرثثــار) إىل األنبــار‪ ،‬والتــي‬ ‫كانــت مــن أهــم املناطــق الســياحية يف‬

‫املحافظــة»‪ ،‬مبيناً أن «االســتقرار الســيايس‬ ‫واألمنــي الــذي تشــهده االنبــار‪ ،‬ســاهم‬ ‫بجــذب آالف الســائحني مــن املحافظــات‬ ‫كافــة»‪.‬‬ ‫وبحــرة الرثثــار تخضــع لســيطرة فصائــل‬ ‫مســلحة مواليــة إليــران‪ ،‬منــذ تحريــر‬ ‫األنبــار مــن قبضــة داعــش‪ ،‬وال تســمح‬ ‫ألي مــن الســائحني أو صيــادي األســاك‪،‬‬ ‫بالوصــول إليهــا‪.‬‬ ‫وفيــا يخــص واردات املدينــة الســياحية‪،‬‬ ‫أوضــح املشــوح‪ ،‬أن «الــواردات ال تكفــي‬ ‫لســد رواتــب املوظفــن‪ ،‬لــذا يتــم إنفاقهــا‬

‫عــى تطويــر املدينــة ومرافقهــا‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي يــؤدي إىل ســحب املنــح مــن وزارة‬ ‫املاليــة لتمويــل رواتــب املوظفــن»‪.‬‬ ‫وخلــص مديــر منتجــع الحبانيــة‬ ‫الســياحي‪ ،‬إىل القــول‪« :‬بعــد نحــو ســنة‬ ‫ونصــف مــن اآلن‪ ،‬ســتنتهي فــرة اســتثامر‬ ‫إحــدى الــركات التــي متلــك ‪60%-50‬‬ ‫مــن املدينــة‪ ،‬وســتقوم بدفــع مبالــغ بــدل‬ ‫إيجــار بنحــو مليــار ونصــف املليــار دينــار‬ ‫عراقــي يف الســنة‪ ،‬مــا يســهل متويــل‬ ‫رواتــب املوظفــن‪ ،‬وتحويــل املدينــة مــن‬ ‫رشكــة خــارسة اىل رابحــة»‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪55‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫اعتبــرت مجلــة «فوريــن بوليســي» االمريكيــة‪ ،‬ان آالف االلغــام‬ ‫والقذائــف غيــر المنفجــرة فــي مختلــف مناطــق العــراق‪ ،‬تعيق قدرته‬ ‫علــى اســتعادة عافيتــه االقتصاديــة واعــادة اعمــار بنيتــه التحتيــة‬ ‫التــي دمرتهــا سلســلة مــن الحــروب واالحتــاالت والنزاعــات المســلحة‬ ‫خــال العقــود الماضيــة‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫األلغـــام‪..‬‬ ‫إرث مرير في باطن‬ ‫أرض العراق يعيق الحياة واالقتصاد‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫وتحدثــت املجلــة يف تقريــر ترجمتــه مجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬تحــت عنــوان «ال يــزال االرث‬ ‫املريــر للحــرب مختبئــا تحــت االرض يف‬ ‫العـراق»‪ ،‬عــن جهــود نــزع االلغــام والقنابل‬ ‫يف احــد مناطــق بيجــي حيــث جــرى نــزع‬ ‫نحــو ‪ 700‬عبــوة ناســفة مــن حقــل قاحــل‬ ‫مــن جانــب عــال منظمــة «هالو تراســت»‪،‬‬ ‫مشــرة اىل ان «ذلــك ال يشــكل ســوى جــزءا‬ ‫بســيطا مــن عــرات ان مل يكــن مئــات‬ ‫االالف مــن العبــوات الناســفة التــي زرعهــا‬ ‫تنظيــم داعــش يف مختلــف انحــاء العـراق»‪.‬‬ ‫ويف اشــارة اىل حقــل عبــوات ناســفة‬ ‫اســتغرق تنظيفــه عــرة اشــهر بالقــرب‬ ‫مــن مصفــاة نفطيــة كبــرة يف بيجــي‪ ،‬قــال‬ ‫رئيــس فريــق «هالــو ترســت» عمــر حســام‬ ‫«زرعــوا العبــوات الناســفة كل ثالثــة اىل‬ ‫خمســة امتــار بعيــدة مــن بعضهــا البعــض‪..‬‬ ‫هنــاك العديــد والكثــر مــن املناطــق بنفــس‬ ‫الكثافــة املوجــودة هنــا»‪.‬‬ ‫ولفتــت املجلــة االمريكيــة اىل ان هــذه‬ ‫االســلحة العشــوائية باالضافــة اىل القذائــف‬ ‫غــر املنفجــرة وحقــول االلغــام مــن‬ ‫الحــروب املاضيــة‪ ،‬جعلــت العــراق احــد‬ ‫اكــر دول العــامل انتشــارا يف العــامل‪.‬‬ ‫كــا اشــارت املجلــة اىل ان الحــرب االيرانيــة‬ ‫العراقيــة‪ ،‬وحــرب الخليــج العــام ‪،1991‬‬ ‫والغــزو الــذي قادتــه الواليــات املتحــدة يف‬ ‫العــام ‪ ،2003‬خلفــت العديــد مــن حقــول‬ ‫االلغــام القدميــة والذخائــر العنقوديــة غــر‬ ‫املنفجــرة منــذ الثامنينيــات‪ ،‬مضيفــة ان‬ ‫هــذه املشــكلة تفاقمــت بســبب االســتخدام‬ ‫غــر املســبوق للعبــوات املتفجــرة اليدويــة‬ ‫الصنــع مــن قبــل تنظيــم داعــش يف مناطــق‬ ‫الشــال‪ ،‬اىل جانــب عــدد كبــر مــن قذائــف‬ ‫الهــاون واملدفعيــة التــي اطلقتهــا كل مــن‬ ‫القــوات العســكرية ســواء «الجهاديــة» او‬ ‫الحكوميــة‪.‬‬ ‫وبعدمــا اشــارت املجلــة اىل ان التهديــد‬ ‫الكبــر الــذي متثلــه هــذه االلغــام والعبــوات‬ ‫عــى حيــاة الســكان املدنيــن وعــى‬

‫اســتقرارهم‪ ،‬تابعــت ان اســتمرار وجودهــا‬ ‫يعيــق التنميــة االقتصاديــة وعــودة‬ ‫الالجئــن‪ ،‬ويتســبب يف عرقلــة الوصــول‬ ‫اىل خدمــات الصحــة والتعليــم والخدمــات‬ ‫االساســية االخــرى‪.‬‬ ‫واوضحــت ان اكــر مــن ربــع هــذا التلــوث‬ ‫بالقنابــل املتفجــرة تــم تســجيله يف املناطــق‬ ‫الزراعيــة يف مختلــف انحــاء الع ـراق‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا مينــع املزارعــن مــن االســتفادة مــن‬ ‫اراضيهــم او كســب لقمــة عيشــهم‪ .‬كــا‬ ‫ان خمــس هــذه املــواد غــر املنفجــرة‪ ،‬تــم‬ ‫العثــور عليهــا مزروعــة يف منشــآت للبنــى‬ ‫التحتيــة‪ ،‬وهــو مــا يعيــق جهــود اعــادة‬ ‫االعــار ومحــاوالت اعــادة اطــاق عجلــة‬ ‫االقتصــاد‪.‬‬ ‫وباالجــال‪ ،‬اشــارت املجلــة اىل انــه تــم‬ ‫تســجيل مــا مســاحته حــواىل ‪ 1700‬كيلومــر‬ ‫مربــع مــن االرايض امللوثــة باملتفجــرات‬ ‫حتــى االن‪ ،‬وفقــا لخدمــة االمــم املتحــدة‬ ‫ملهمــة نــزع االلغــام‪ ،‬مضيفــة ان جــزءا‬ ‫صغــرا مــن تلــك االرايض جــرى مســحها‬ ‫حتــى االن‪ ،‬لكــن الحجــم الحقيقــي لذلــك‬ ‫ليــس معروفــا ومــن املرجــح ان يكــون اكــر‬ ‫مــن ذلــك بكثــر‪.‬‬ ‫وتابعــت املجلــة ان العــدد االجــايل‬ ‫للضحايــا ليــس معروفــا بشــكل واضــح‪،‬‬ ‫بالرغــم مــن مــن ان تقديــرات الباحثــن‬ ‫تشــر اىل ان عــدد القتــى يتخطــى ال ‪10‬‬ ‫االف حالــة وفــاة ونحــو ‪ 24‬الــف جريــح‬ ‫خــال العقديــن املاضيــن‪.‬‬ ‫واعتــرت ان الحجــم الضخــم لهــذه االزمــة‬ ‫يتخطــى بكثــر مــوارد املختصــن بازالــة‬ ‫االلغــام حاليــا‪.‬‬ ‫ونقلــت املجلــة عــن مديــر برنامــج «هالــو‬ ‫تراســت» جيــف موينــان‪ ،‬قولــه ان «العـراق‬ ‫يعتــر حالــة فريــدة مــن حيــث انــه يتضمن‬ ‫عــى مجموعــة كاملــة مــن هــذا التلــوث»‪.‬‬ ‫دمــر داعــش حيــاة عتــاب جلــوي (‪33‬‬ ‫ســنة) وهــي تعــرف متامــا معنــى الرعــب‬ ‫الــذي متثلــه هــذه االســلحة‪ ،‬ففــي ينايــر‪/‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪57‬‬


‫فـــ‬

‫عـراقـــــــيــات‬

‫كانــون الثــاين العــام ‪ ،2015‬قــررت هــي‬ ‫وعائلتهــا الهــروب مــن احتــال داعــش‬ ‫لبيجــي‪ ،‬وخــال توجههــم اىل طريــق وعــرة‬ ‫وصحراويــة لتجنــب املســلحني‪ ،‬فاصطدمــت‬ ‫ســيارتهم بعبــوة ناســفة ‪ ،‬مــا اســفر عــن‬ ‫مقتــل اثنــن مــن اطفالهــا الصغــار‪.‬‬ ‫ويف املستشــفى‪ ،‬ابلغهــا االطبــاء ان شــظية‬ ‫مزقــت عينيهــا‪ ،‬مــا الحــق ارضارا خطــرة‬ ‫بــكل بشــبكية العــن والعصــب البــري‪،‬‬ ‫واصبــح برصهــا ضبابيــا بشــكل متزايــد‬ ‫حتــى اختفــى متامــا‪ .‬ومل تكــن االرسة الفقرية‬ ‫قــادرة عــى تحمــل تكلفــة العمليــة التــي‬ ‫ســتغري حياتهــا برغــم ان االطبــاء قالــوا انــه‬ ‫ميكــن لهــا الحفــاظ عــى برصهــا‪.‬‬ ‫ونقلــت املجلــة عــن جلــوي قولهــا «كان‬ ‫اطفــايل يبكــون كلــا راوين‪ .‬مل يقرتبــوا‪ ،‬ومل‬ ‫يتمكنــوا مــن النظــر اىل وجهــي‪ .‬ال احــد‬ ‫يســتطيع ذلــك»‪.‬‬ ‫واشــارت املجلــة اىل انــه بعــد طــرد داعــش‬ ‫مــن بيجــي‪ ،‬عــادت االرسة اىل مجتمعهــا‬ ‫املدمــر‪ ،‬لكــن بالنســبة لجلــوي فانهــا تقــول‬ ‫ـدي‬ ‫«لقــد حرمــت مــن رؤيــة اطفــايل ووالـ ّ‬ ‫وبيتــي‪ .‬اريــد فقــط اســتعادة حيــايت»‪.‬‬ ‫وتابعــت «دمــر داعــش حيــايت‪ ،‬لقــد دمــروا‬ ‫مســتقبيل»‪.‬‬ ‫واوضحــت املجلــة ان االمــر مل يقتــر عــى‬ ‫قيــام داعــش بــزرع االلغــام يف االرايض‪ ،‬فان‬ ‫االرهابيــن قامــوا بفعــل مــن اعــال العبثية‬ ‫الطلقــة النهــم حــروا االرض‪ ،‬حيــث قامــوا‬ ‫بتفخيــخ البنيــة التحتيــة املدنيــة‪ ،‬كاملــدارس‬ ‫واملنــازل واملستشــفيات‪ ،‬وحتــى برطامنــات‬ ‫الكبيــس املخلــل والهواتــف املحمولــة‬ ‫والعــاب‪ ،‬والتــي مــا زال العديــد منهــا مل‬ ‫ينفجــر حتــى يومنــا هــذا‪.‬‬ ‫واشــارت اىل ان االطفــال الذيــن مييلــون‬ ‫عــادة اىل حمــل مخلفــات املتفجــرات‬ ‫واللعــب بهــا‪ ،‬يشــكلون نحــو نصــف عــدد‬ ‫الضحايــا املدنيــن لهــذه املتفج ـرات خــال‬ ‫العــام املــايض‪ ،‬مضيفــة ان بيجــي متثــل‬ ‫اليــوم املاســاة الرشســة لحــرب املــدن‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫«إغالق ملف تعويضات الكويت يعيد الثقة‬ ‫بالعراق واستثماراته‪ ،‬إضافة إلى تحسين صورته‬ ‫وسمعته بين دول عدة وشركات لخدمة أبناء البلد‪،‬‬ ‫ال عن ثقة المواطنين األجانب في العراق»‬ ‫فض ً‬

‫ونقلــت املجلــة عــن «مرصــد االلغــام‬ ‫االرضيــة والذخائــر العنقوديــة» قولــه انــه‬ ‫«عندمــا يجــري اســتنزاف االنظمــة الطبيــة‬ ‫بســبب تكلفــة رعايــة ضحايــا االلغــام‬ ‫واملتفجـرات مــن مخلفــات الحــرب‪ ،‬وعندما‬ ‫يتحتــم عــى الــدول ان تنفــق االمــوال عــى‬ ‫ازالــة االلغــام بدال مــن دفــع اكالف التعليم‪،‬‬ ‫فانــه مــن الواضــح ان هــذه االســلحة ال‬ ‫تســبب معانــاة برشيــة مروعــة فقــط‪،‬‬ ‫بــل انهــا تشــكل ايضــا عائقــا مميتــا امــام‬ ‫التنميــة واعــادة االعــار بعــد الــراع»‪.‬‬

‫وذكــرت انــه برغــم تزايــد عــدد الضحايــا‪،‬‬ ‫فــان تقليــص املســاعدات يســتنزف خزائــن‬ ‫االمــوال املخصصــة الزالــة االلغــام يف‬ ‫العــراق‪ ،‬موضحــة انــه عامــي ‪ 2014‬و‬ ‫‪ ،2015‬ازداد التمويــل الغــريب لنــزع االلغــام‬ ‫والتوعيــة باملخاطــر ومســاعدة الضحايــا‪،‬‬ ‫باكــر مــن ‪ % 40‬بعــد صعــود داعــش‪،‬‬ ‫حيــث ارتفــع امللبــغ مــن ‪ 36‬مليــون دوالر‬ ‫اىل مــا يقــرب مــن ‪ 52‬مليــون دوالر‪.‬‬ ‫ثــم بلغــت هــذه املســاعدات ذروتهــا‬ ‫يف العــام ‪ 2017‬ووصلــت اىل ‪ 203‬ماليــن‬

‫دوالر‪ ،‬لكنهــا بــدأت يف االنكــاش منــذ ذلك‬ ‫الوقــت‪ ،‬حيــث انــه وفــق اخــر التقدي ـرات‪،‬‬ ‫فــان املبلــغ وصــل اىل مــا يقــرب مــن نصــف‬ ‫هــذا املبلــغ‪.‬‬ ‫ونقلــت املجلــة عــن الســفري الهولنــدي يف‬ ‫العــراق ميشــيل رنتنــار الــذي تعــد بــاده‬ ‫مــن بــن الجهــات الرئيســية املانحــة للعمــل‬ ‫ضــد االلغــام ‪ ،‬قولــه «املســاعدات للع ـراق‬ ‫اخــذة يف التناقــص بشــكل عــام‪ ،‬وليــس‬ ‫فقــط مــن حيــث ازالــة االلغــام‪ .‬هنــاك‬ ‫امتنــاع عــام عــن االســتمرار يف القيــام بذلــك‬

‫لفــرة طويلــة»‪.‬‬ ‫وبحســب املجلــة‪ ،‬فــان خــراء ازالــة االلغــام‬ ‫يشــعرون بالقلــق مــن ان بغــداد لــن تغطي‬ ‫الفجــوة املتزايــدة‪ ،‬مضيفــة ان مــن بــن‬ ‫مجموعــات املســاعدة التــي تقــوم بعمــل‬ ‫مامثــل يف العــراق‪ ،‬املجلــس الدمنــاريك‬ ‫لالجئــن‪ ،‬اللجنــة الدوليــة للصليــب االحمــر‪،‬‬ ‫املجموعــة االستشــارية لاللغــام‪ ،‬وهــي‬ ‫جميعهــا تشــر اىل تراجــع التمويــل‪.‬‬ ‫ولفتــت اىل ان الحكومــات االجنبيــة تعتــر‬ ‫ازالــة املتفجــرات عمــا مكلفــا‪ ،‬ولهــذا‬ ‫فــان السياســيني الحريصــن عــى ارضــاء‬ ‫جمهورهــم املحــي يف الــدول الغربيــة‬ ‫املانحــة‪ ،‬قــد يلجــأون بــدال مــن ذلــك اىل‬ ‫اختيــار متويــل مدرســة او مركــز صحــي او‬ ‫مــروع رصف صحــي يف الخــارج‪ ،‬والــذي‬ ‫يبــدو كأنــه مفيــد بشــكل مبــارش وارسع‬ ‫اكــر مــن مــروع ازالــة االلغــام‪.‬‬ ‫وقــال الســفري الهولنــدي ان مــن النقــاط‬ ‫الرئيســية التــي تجــري املناقشــة حولهــا مــع‬ ‫الســلطات العراقيــة مســألة تعزيــز دورهــا‬ ‫يف متويــل نــزع االلغــام‪ ،‬موضحــا «املجتمــع‬ ‫الــدويل لــن ميــول اىل مــا ال نهايــة‪ ،‬دولــة‬ ‫تضــخ مليــار دوالر مــن النفــط مــن باطــن‬ ‫أرضهــا كل اســبوع»‪.‬‬ ‫كــا نقلــت عــن الســفري االمريــي يف‬

‫بغــداد ماثيــو تولــر قولــه «هنــاك انفــاق‬ ‫اقــل مــن جانــب املانحــن االخريــن ورمبــا‬ ‫مــن الحكومــة العراقيــة ايضــا‪ ،‬وبالنســبة‬ ‫للواليــات املتحــدة‪ ،‬فاننــا مــا زلنــا نعطــي‬ ‫االولويــة بدرجــة كبــرة للتعامــل مــع هــذا‬ ‫التلــوث يف املناطــق املحــررة مــن داعــش»‪.‬‬ ‫وتحدثــت املجلــة عــن جــدل يــدور يعترب ان‬ ‫عــى واشــنطن وحلفاءهــا تحمــل مســؤولية‬ ‫تاريخيــة مــن اجــل ازالــة املتفجـرات‪ ،‬اذ ان‬ ‫طائراتهــا الحربيــة القــت هــذه االســلحة‬ ‫بكميــات كبــرة عــى املوصــل‪ ،‬عندمــا‬ ‫قصفــت املدينــة مبتوســط ‪ 500‬قنبلــة يف‬ ‫االســبوع يف اذار ‪ /‬مــارس العــام ‪. 2017‬‬ ‫كــا ان الواليــات املتحــدة‪ ،‬بــدأت حربــا يف‬ ‫العــام ‪ 2003‬ســاعدت يف ظهــور التنظيــات‬ ‫املتطرفــة‪ ،‬مــا مهــد الطريــق للفــوىض‬ ‫الحاليــة‪.‬‬ ‫لكــن الســفري االمريــي ينفــي ان يكــون‬ ‫الشــعور بالذنــب هــو الدافــع وراء عمليــة‬ ‫التطهــر مــن االلغــام واملتفجــرات‪ ،‬قائــا‬ ‫«نحــن ال نجلــس ونجــري مناقشــات حــول‬ ‫الــركام الــذي خلفتــه الذخائــر االمريكيــة‬ ‫التــي شــاركت يف هزميــة داعــش‪ .‬نحــن‬ ‫نقــوم بذلــك الن الجــواب هــو مســاعدة‬ ‫العــراق عــى الوقــوف كدولــة قويــة ذات‬ ‫ســيادة»‪.‬‬ ‫وختمــت املجلــة باالشــارة اىل ان عــدم‬ ‫االســتقرار الســيايس والروتــن وانــدالع‬ ‫العنــف املتقطــع تتســبب يف تعقيــد‬ ‫االوضــاع اكــر‪ ،‬باالضاقــة اىل التحديــات‬ ‫التقنيــة املتمثلــة يف التعامــل مــع عبــوات‬ ‫ناســفة وافخــاخ متفجــرة يف املناطــق‬ ‫الحرضيــة‪.‬‬ ‫ولفتــت ايضــا اىل قضيــة اخــرى هــي ان‬ ‫الســلطة الوطنيــة ملكافحــة االلغــام يف‬ ‫العــراق‪ ،‬تتعــرض للتهميــش النهــا تقــع‬ ‫ضمــن صالحيــات وزارة الصحــة التــي‬ ‫تفتقــر اىل نفــوذ االدارات االخــرى‪ ،‬مثــل‬ ‫وزارة الداخليــة او الدفــاع‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪59‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫«طريق الحرير»‬

‫كالم معسول ووعود و اخفاء الدوافع الحقيقية‬

‫يشــغل كثير من العراقيين انفســهم‬ ‫فــي الجــدل بشــأن مــا يســمى طريــق‬ ‫الحريــر‪ ،‬ويصــل النقــاش فيمــا بينهــم‬ ‫فــي كثيــر مــن االحيــان الــى الشــتائم‬ ‫والتخويــن واالتهــام بالعمالــة علــى‬ ‫وفــق مــا يطــرح فــي وســائل االعــام‬ ‫ووســائل التواصــل االجتماعــي‪.‬‬ ‫فيــــلي‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪61‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫وبحســب املؤرخــن فــان طريــق الحريــر‬ ‫هــي مجموعــة مــن الطــرق املرتابطــة‬ ‫كانــت تســلكها القوافــل والســفن ومتـ ّر عــر‬ ‫جنــوب آســيا مــع أنطاكيــة يف تركيــا فضــا‬ ‫عــن مواقــع أخــرى‪ ،‬كان تأثريهــا قدميــا‬ ‫ميتــد حتــى كوريــا واليابــان‪ ،‬منوهــن اىل‬ ‫انــه كان للطريــق تأثــر عــى ازدهــار كثــر‬ ‫مــن الحضــارات القدميــة مثــل الصينيــة‬ ‫و املرصيــة والهنديــة والرومانيــة؛ وكان‬ ‫طريــق الحريــر ميتــد مــن املراكــز التجاريــة‬ ‫يف شــال الصــن عــر رشق أوروبــا وشــبه‬ ‫جزيــرة القــرم وحتــى البحــر األســود وبحــر‬ ‫مرمــرة والبلقــان ووصــو ًال للبندقيــة‪ ،‬أ ّمــا‬ ‫الفــرع الجنــويب فيمــ ّر مــن تركســتان‬ ‫وخراســان وعــر بــاد مــا بــن النهريــن‬ ‫والعــراق واألناضــول وســوريا عــر تدمــر‬ ‫وأنطاكيــة إىل البحــر األبيــض املتوســط أو‬ ‫عــر دمشــق وبــاد الشــام إىل مــر وشــال‬ ‫أفريقيــا‪ .‬وهــو نوعــن بــري وبحــري‪ ،‬ويف‬ ‫توقعــات متفائلــة يقــول بعــض املتابعــن‬ ‫انــه ميكــن أن متثــل التجــارة عــى طــول‬ ‫طريــق الحريــر قري ًبــا مــا يقــرب مــن ‪40٪‬‬ ‫مــن إجــايل التجــارة العامليــة‪ ،‬وجــزء كبــر‬ ‫منهــا عــن طريــق البحــر؛ وبــرأي مراقبــن‬ ‫يظهــر أن الجانــب الــري لطريــق الحريــر‬ ‫ســيظل مرشو ًعــا مناس ـ ًبا مــن حيــث حجــم‬ ‫النقــل يف املســتقبل‪ ،‬نتيجــة ملبــادرة طريــق‬ ‫الحريــر الصينيــة واالســتثامرات كــا يجــري‬ ‫الحديــث عــن «طريــق الحريــر الجديــد»‪.‬‬ ‫وقــد جــرت بالفعــل اعــال متعلقــة بذلــك‬ ‫ففــي عــام ‪ 1990‬جــرى توصيــل أنظمــة‬ ‫الســكك الحديــد يف الصــن وكازاخســتان يف‬ ‫ممــر أالتــاو (أالشــان كــو)‪ ،‬ويف عــام ‪2008‬‬ ‫‪ ،‬جــرى اســتعامل الخــط لربــط مدينتــي‬ ‫أورومتــي يف الصــن مقاطعــة شــينجيانغ‬ ‫بـــ أملــايت ونــور ســلطان يف كازاخســتان‪ ،‬ويف‬ ‫ذك العــام وصــل أول قطــار عــر أوراســيا‬ ‫اللوجســتية إىل هامبــورغ باملانيــا مــن‬ ‫شــيانغ؛ ومــن املعلــوم وبحســب املراقبــن‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫''‬

‫قائممقام قضاء الرمادي‬ ‫ابراهيم العوسج‪:‬‬ ‫«الرمادي تمر بأسوأ‬ ‫فترة زمنية بتجهيز‬ ‫الطاقة الكهربائية منذ‬ ‫عشر سنوات‪ ،‬حيث‬ ‫جدا‬ ‫ان التجهيز سيء ً‬ ‫وال يتالءم مع حاجة‬ ‫المدينة وسكانها‬ ‫اطالقا»‪.‬‬ ‫ً‬

‫فــان الــدول تعمــل بصمــت وتنفــذ‬ ‫اعــاال كثــرة لتفعيــل النشــاط التجــاري‬ ‫واالقتصــادي فيــا بينهــا مــن دون التعكــز‬ ‫عــى اســاء محــددة بحســب قولهــم‪ ،‬امــا‬ ‫فيــا يتعلــق بــدول الــرق االوســط فانهــا‬ ‫تكتفــي بالــكالم والـراع اللفظــي‪ ،‬وتبحــث‬ ‫عــن مصالــح محــدودة مــن دون اعــال‬ ‫حقيقيــة‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪.‬‬ ‫وعــى ســبيل املثــال يف حزيــران ‪٢٠٢١‬‬ ‫كشــف عــن اســتعداد العــراق وإيــران‬ ‫للــروع يف مــد خطــط ســكك حديديــة‬ ‫بينهــا‪ ،‬عــن طريــق معــر الشــامجة‬ ‫العراقــي الــري‪ ،‬بعــد مباحثــات مطولــة بــن‬ ‫الجانبــن‪ ،‬متوجــا أوىل الخطــوات بعيــدة‬ ‫املــدى إلرســاء «طريــق حريــر» جديــد‪،‬‬ ‫بحســب مــا رصحــوا بــه‪ ،‬وعــن ذلــك يقــول‬ ‫مديــر عــام الســكك العراقيــة إن «ربــط‬

‫الخــط بــن العــراق وإيــران‪ ،‬هــو جــزء‬ ‫مــن منظومــة طريــق الحريــر‪ ،‬حيــث مــن‬ ‫املتوقــع أن متــر ‪ 16‬باملئــة مــن تجــارة العــامل‬ ‫بحلــول عــام ‪ 2035‬عــن طريــق العــراق»‪،‬‬ ‫عــى حــد وصفــه‪ ،‬ولكــن املراقبــن تســاءلوا‬ ‫اذا كان االمــر كذلــك فلــاذا تربــط البــرة‬ ‫فقــط بســكة حديــد مــن دون العاصمــة‬ ‫بغــداد وكذلــك مــدن عراقيــة اخــرى او يف‬ ‫االقــل مــد تشــعبات خــط الســكك مــع‬ ‫ايـران ليشــمل املحافظــات العراقيــة االخرى‬ ‫وبخاصــة الحدوديــة مــع ايــران كميســان‬ ‫وديــاىل وواســط وغريهــا مــع رضورة ربــط‬ ‫العاصمــة بغــداد بهــا‪ ،‬اذا كان االمــر يجــري‬ ‫بنيــة خالصــة بحســب تعبريهــم؛ مــع العلــم‬ ‫ان العــراق ال ميتلــك حاليــا أي خطــوط‬ ‫ســكك حديديــة مــع دول الجــوار‪ ،‬ويعتمــد‬ ‫يف عمليــات التبــادل التجــاري عــى املنافــذ‬

‫الربيــة والبحريــة والجويــة‪.‬‬ ‫ويقــع منفــذ الشــامجة الــري بــن البلدين‪،‬‬ ‫رشقــي البــرة أقــى جنــويب العــراق‪،‬‬ ‫وتدخــل عــره مئــات شــاحنات البضائــع‬ ‫اإليرانيــة يوميــا‪ ،‬فضــا عــن القادمــن لزيارة‬ ‫مراقــد دينيــة يف العــراق‪.‬‬ ‫ورسعــان مــا اثــر صخــب واســع أبعــد‬ ‫إعــان مســؤول إيـراين كبــر توقيــع االتفــاق‬ ‫مــع العــراق لبــدء تنفيــذ أعــال الربــط‬ ‫الســكيك بــن البلديــن‪ ،‬اذ يقــول البعــض ان‬ ‫طه ـران تســعى مــن ذلــك إىل جنــي فوائــد‬ ‫اقتصاديــة واجتامعيــة وسياســية ضمــن‬ ‫خطــط لتوســيع النفــوذ‪ ،‬وليــس مــن اجــل‬ ‫تفعيــل طريــق الحريــر ذاتــه‪ ،‬بحســب‬ ‫قولهــم‪.‬‬ ‫وبرغــم تأكيــد مســاعد وزيــر الطــرق‬ ‫وإعــار املــدن اإليــراين توقيــع االتفــاق‬

‫يف بغــداد‪ ،‬نهايــة كانــون األول ‪،2021‬‬ ‫فــان وزيــر النقــل العراقــي نفــى األمــر‪،‬‬ ‫موضحــا أن مــا جــرى هــو «توقيــع محــر‬ ‫اجتــاع مــع الجانــب اإليـراين بشــأن الربــط‬ ‫الســكيك‪ ،‬وهــو ليــس اتفاقيــة»‪ ،‬مردفــا‬ ‫«نحــن أعطينــا عهــداً للعراقيــن بــأن أي‬ ‫ربــط ســكيك لــن يكــون باإلمــكان إمتامــه‬ ‫إال بعــد إكــال مينــاء الفــاو‪ ،‬وأيضــا إكــال‬ ‫الســكك وبنيتهــا التحتيــة لتكــون جاهــزة‬ ‫الســتقبال الربــط مــع أي دولــة»‪.‬‬ ‫وبــرأي بعــض املراقبــن فــان إيـران تضغــط‬ ‫باتجــاه اإلرساع يف مرشوعــات الربــط‬ ‫الســكيك مــع العــراق‪ ،‬بعــد إمتــام الربــط‬ ‫مــع باكســتان وتســيري قطــارات شــحن‬ ‫مــن إســام آبــاد مــروراً بزاهــدان يف إي ـران‬ ‫وصــوال إىل إســطنبول يف تركيــا‪ ،‬بحســب‬ ‫قولهــم‪.‬‬

‫وبرغــم نفــي وزيــر النقــل العراقــي‪،‬‬ ‫توقيــع اتفــاق بشــأن الربــط الســكيك‪ ،‬فــان‬ ‫وزيــر الطــرق وإعــار املــدن اإلي ـراين عــاد‬ ‫ليؤكــد‪ ،‬يف ترصيحــات للتلفزيــون اإليــراين‬ ‫أهميــة مــروع مــد ســكك الحديــد بــن‬ ‫الشــلمجة اإليرانيــة والبــرة العراقيــة‪،‬‬ ‫ســواء مــن ناحيــة ترانزيــت الســلع أو نقــل‬ ‫املســافرين‪ ،‬خاصــة يف أيــام أربعينيــة اإلمــام‬ ‫الحســن‪ ،‬بحســب قولــه‪ ،‬وبــرأي املراقبــن‬ ‫واملتخصصــن فــان ايـران يف هــذه الحالة لن‬ ‫تحفــل بربــط املــدن واملحافظــات العراقيــة‬ ‫االخــرى ومنهــا العاصمــة بغــداد باملــروع؛‬ ‫ويقولــون ان ذلــك يبــن خطورتــه وعــدم‬ ‫جــدواه للع ـراق بحســب قولهــم‪ ،‬ويــرزون‬ ‫الدليــل عــل ذلــك بالقــول‪ ،‬أن طــول الخــط‬ ‫يبلــغ ‪ 32‬كيلومــرا فقــط‪ ،‬ويتضمــن إنشــاء‬ ‫جــر بــن إي ـران والع ـراق‪ ،‬محذريــن مــن‬ ‫ان ذلــك يخــدم ايــران وليــس العــراق‪،‬‬ ‫بتســهيل متريــر بضائعهــا اىل الع ـراق‪ ،‬عــى‬ ‫حــد قولهــم‪ ،‬ويقــر املســؤول االيـراين بذلــك‬ ‫ويقــول أنــه «مــع تنفيــذ املــروع ســتصبح‬ ‫صادراتنــا إىل العــراق أقــل كلفــة وأكــر‬ ‫أمانــا»؛ لكــن املتحــدث باســم وزارة النقــل‬ ‫العراقيــة يبــدى اســتغرابه مــن ترصيحــات‬ ‫الجانــب اإليــراين‪ ،‬بالقــول‪ ،‬إن «الســلطات‬ ‫اإليرانيــة تعلــن عــن بــدء املــروع‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا ال يعلــم الع ـراق أيــا مــن أســبابه‪ ،‬كــا‬ ‫أننــا ال نعــرف ملــاذا تتجــه إي ـران إىل هــذا‬ ‫الحديــث‪ ،‬برغــم عــدم وجــود اتفاقيــة‪،‬‬ ‫لكــن إيـران تنتظــر هــذا املــروع منــذ ‪20‬‬ ‫عامــاً»‪.‬‬ ‫وتعتمــد إيــران بشــكل كبــر عــى دول‬ ‫الجــوار يف تســويق بضائعهــا‪ ،‬يف محاولــة‬ ‫للتقليــل مــن تداعيــات العقوبــات التــي‬ ‫أعــادت الواليــات املتحــدة فرضهــا يف أعقاب‬ ‫انســحاب الرئيــس األمــريك الســابق دونالــد‬ ‫ترامــب مــن االتفــاق النــووي املوقــع مــع‬ ‫طهــران‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪63‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫في مواجهة مخاطر التلوث‬

‫الخيارات بين سيارات‬ ‫الغاز والمركبات الكهربائية‬ ‫التوجــه العالمــي نحــو اســتعمال الغــاز مصــدرًا‬ ‫مــع‬ ‫ّ‬ ‫للطاقــة بــد ً‬ ‫ال مــن النفــط ومشــتقاته فــي عــدد‬ ‫مــن مرافــق الحيــاة‪ ،‬عــدا االســتعمال فــي المنــازل‬ ‫والمصانــع والمؤسســات التجاريــة‪ ،‬عمدت الشــركة‬ ‫العامــة لتعبئــة وخدمــات الغــاز فــي وزارة النفــط‬ ‫العراقيــة الــى التوجيــه باســتعمال الغــاز المســال‬ ‫وقــودًا للســيارات بديــ ً‬ ‫ا عــن البنزيــن‪ ،‬واصــدرت‬ ‫األمانــة العامــة لمجلــس الــوزراء قرارهــا المرقــم‬ ‫‪ 360‬لســنة ‪ 2017‬الــذي يلــزم ســيارات األجــرة بإضافة‬ ‫منظومــة الغــاز؛ ولــم يحــظ هــذا المشــروع منــذ‬ ‫انطالقتــه عــام ‪ 2017‬بقبــول النــاس وتجاوبهــم‪،‬‬ ‫بخاصــة ســائقي ســيارات األجــرة‪ ،‬وانبثقــت مخــاوف‬ ‫لــدى بعــض الســكان‪ ،‬كمــا تبيــن قلــة عــدد ورش‬ ‫منظومــات الغــاز‪ ،‬وقلــة عــدد المنافــذ لتعبئــة‬ ‫خزانــات الســيارات بالغــاز‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪64‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪65‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫ويقــول بعــض ســواق االجــرة إن هــذه‬ ‫املنظومــات كلفتهــا غاليــة‪ ،‬فقيمتهــا (‪500‬‬ ‫ألــف دينــار)‪ ،‬بحســب قولهــم‪ ،‬كــا شــكوا‬ ‫مــن عــدم تواجــد معامــل لتصليــح املنظومة‬ ‫عنــد عطلهــا‪ ،‬وقــال آخــرون أن املنظومــة مل‬ ‫ُيعـ ّرف بهــا عــى نحــو صحيــح‪ ،‬فيــا يقــول‬ ‫ســائق انــه تــردد كثــراً قبــل تركيبهــا يف‬ ‫ســيارته‪ ،‬ويخالــف اآلراء املتشــامئة ويقــول‪،‬‬ ‫إنهــا اقتصاديــة يف اســتهالك الوقــود‪،‬‬ ‫وتحســن عمــل املحــرك عنــدي‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا وزارة النفــط‪ ،‬تقــول إن هنــاك‬ ‫ً‬ ‫إقبــال كبــ ًرا عــى تحويــل الســيارات‬ ‫ملنظومــة الغــاز بـ ً‬ ‫ـدل مــن منظومــة البنزين‪،‬‬ ‫فيــا مل مينــع هــذا مــن انبثــاق مخــاوف‬ ‫بعــض النــاس مــن مخاطرهــا‪ ،‬يف حــن‬ ‫يــدأب املســؤولون عــى القــول انهــا مجــرد‬ ‫شــائعات‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق بالجانــب االقتصــادي‪ ،‬يقــول‬ ‫املتخصصــون ان نجــاح التجربــة يزيــد‬ ‫إي ـرادات البــاد املاليــة ويقلــل مــن عمليــة‬ ‫اســترياد البنزيــن مــن الخــارج‪ ،‬وبذلــك‬ ‫توفــر األمــوال لخزينــة الدولــة‪ ،‬مشــرين‬ ‫اىل ان منظومــة الغــاز الســائل آمنــة ‪،100%‬‬ ‫بحســب قولهــم‪ ،‬منوهــن اىل ان عــى‬ ‫املواطــن أن يكــون عــى وعــي عــال‪ ،‬ويحذر‬ ‫املســؤولون مــن بعــض الجهــات التــي‬ ‫تحــاول إفشــال هــذا املــروع عــر إطــاق‬ ‫الشــائعات وخلــط األوراق مــن دون أي‬ ‫دليــل علمــي أو عمــي‪ ،‬عــى حــد وصفهــم‪.‬‬ ‫ومــا يذكــر ان فكــرة التحــول اىل اســتعامل‬ ‫الغــاز هــو اتجــاه عاملــي للحفــاظ عــى‬ ‫البيئــة او تقليــل األرضار التــي تتعــرض لهــا‪،‬‬ ‫و يف العــادة فــان التحــول اىل اســتعامل‬ ‫الغــاز يعنــي ان جميـــع السيـــارات التـــي‬ ‫تعمــل بوقــود البنـــزين ميكــــن تحويلهـــا‬ ‫للعمـــل بالغــــاز الطبيعــــي‪ ،‬ولــن يجــري‬ ‫إلغـــاء وقـــود البنزيـــن فـــي حالــة تحويــل‬ ‫الســيارة للعمــل بالغــاز الطبيعــي‪ ،‬بــل‬

‫‪66‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫''‬

‫ستطلق في عام‬ ‫‪ 2022‬المركبة‬ ‫(تايكان ‪،)GTS‬‬ ‫وهي أول سيارة‬ ‫يمكنها السير‬ ‫مسافة تبلغ‬ ‫‪ 504‬كيلومترات‬ ‫من دون الحاجة‬ ‫إلى إعادة شحن‬ ‫بطاريتها‬

‫تجــري فقــط إضافــة مكونــات مجموعــة‬ ‫التحويــل مــن دون إجــراء أي تعديــل‬ ‫باملحــرك مــع إتاحــة تشــغيل الســيارة‬ ‫باســتعامل الغــاز الطبيعــي أو البنزيــن؛‬ ‫ويحســب املتخصصــن فانــه باإلمــكان‬ ‫تحويــل جميــع أنــواع الســيارات اىل العمــل‬ ‫بالغــاز الطبيعــي‪ ،‬القديــم منهــا والحديــث‪،‬‬ ‫ولكــن يشــرط عمــل فحــص للســيارات قبــل‬ ‫عمليــة التحويــل بحيــث ال يجــري تحويــل‬ ‫الســيارات التــي تقــل كفاءتهــا الفنيــة عــن‬ ‫‪ ،70%‬ويشــدد ذوو الشــأن عــى ان‬ ‫اســطوانة الغــاز مصنوعــة مــن الصلــب وال‬ ‫يتواجــد بهــا أي لحــام ومصممــة لتتحمــل‬ ‫الضغــط العــايل والتصــادم العنيــف‪ ،‬وتجتــاز‬ ‫األســطوانة اختبــارات صارمــة يف مرحلــة‬ ‫تصنيعهــا لضــان أعــى درجــات الســامة‬

‫واألمــان عنــد التشــغيل‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪.‬‬ ‫وعــى صعيــد متصــل وفيــا يتعلــق‬ ‫باملركبــات ايضــا أعلــن مســؤولو رشكات‬ ‫ووكاالت ســيارات عــن طــرح مركبــات‬ ‫كهربائيــة جديــدة يف أســواق دولــة‬ ‫االمــارات العربيــة املتحــدة يف عــام ‪،2022‬‬ ‫ويقولــون أن األســواق املحليــة يف الدولــة‬ ‫تشــهد تنافســا مرتفعــا يف قطــاع الســيارات‬ ‫الكهربائيــة مــع بدايــة عــام ‪ ،2022‬وتوقعــوا‬ ‫اســتمرارها يف األعــوام املقبلــة‪ ،‬يف ظــل‬ ‫تنامــي الطلــب عــى قطــاع املركبــات‬ ‫الكهربائيــة والهجينــة‪ ،‬الــذي يواكبــه توســع‬ ‫يف طــرح طــرز جديــدة‪ ،‬وتعضيــدا لذلــك‬ ‫يقــول الرئيــس التنفيــذي لرشكــة «بورشــه»‬ ‫لصناعــة الســيارات للــرق األوســط‬ ‫وإفريقيــا‪ ،‬إن «الرشكــة تواكــب منــو الطلــب‬

‫عــى الســيارات الكهربائيــة‪ ،‬إذ ســتطلق‬ ‫يف عــام ‪ 2022‬املركبــة (تايــكان ‪،)GTS‬‬ ‫وهــي أول ســيارة ميكنهــا الســر مســافة‬ ‫تبلــغ ‪ 504‬كيلومــرات مــن دون الحاجــة‬ ‫إىل إعــادة شــحن بطاريتهــا»‪ ،‬كاشــفا عــن‬ ‫ان رشكتــه تســتعد أيضــاً يف عــام ‪،2023‬‬ ‫إلطــاق الطــراز الجديــد مــن «مــاكان»‪،‬‬ ‫الــذي ســيكون كهربائي ـاً بالكامــل؛ متوقع ـاً‬ ‫أن تصــل نســبة مبيعــات ســيارات «بورشــه»‬ ‫املجهــزة مبحــرك كهربــايئ أو هجــن إىل ‪50%‬‬ ‫مــن مبيعــات الرشكــة بحلــول عــام ‪،2025‬‬ ‫وترتفــع إىل ‪ 80%‬يف األقــل يف عــام ‪،2030‬‬ ‫عــى حــد قولــه‪.‬‬ ‫وتوقــع رئيــس الرشكــة اســتثامر نحــو ‪15‬‬ ‫مليــار يــورو يف غصــون اعــوام للتنقــل‬ ‫الكهربــايئ واإلنتــاج املســتدام والتحــ ّول‬

‫الرقمــي‪ ،‬بهــدف تحقيــق حيــاد كربــوين‬ ‫كامــل يف املنتجــات والعمليــات بحلــول‬ ‫عــام ‪ ،2030‬بحســب قولــه‪ .‬وملثــل ذلــك‬ ‫تســعى رشكــة «يب إم دبليــو»‪ ،‬التــي يقــول‬ ‫مستشــارها ووكيلهــا يف الخليــج‪ ،‬انــه‬ ‫«مــن املنتظــر طــرح ط ـراز مبتكــر لســيارة‬ ‫كهربائيــة مــن (يب إم دبليــو) يف أســواق‬ ‫االمــارات‪ ،‬يحمــل اســم (آي إكــس) يف‬ ‫نيســان ‪ ،»2022‬يف الســياق نفســه‪ ،‬أعلنــت‬ ‫رشكــة «جــرال موتــورز»‪ ،‬أخــراً‪ ،‬عــن طــرح‬ ‫طرازيــن ملركبــات كهربائية يف عــام ‪ 2022‬يف‬ ‫أســواق الدولــة‪ ،‬هام‪«،‬شــيفروليه بولــت إي‬ ‫يف»‪ ،‬و«جــي إم يس هامــر إي يف»‪ ،‬وكذلــك‬ ‫تفعــل رشكــة «فولفــو»‪ ،‬امــا «هونــدا»‬ ‫اليابانيــة فاعلنــت اطــاق منتجاتهــا بالفعــل‬ ‫منــذ ترشيــن االول ‪ ،2021‬كــا اعلنــت‬

‫رشكــة «فولكــس واغــن» أن مــن املنتظــر‬ ‫إطــاق طــراز «‪ »ID.4‬يف الــرق األوســط‬ ‫أو ًال عــام ‪ ،2023‬ومــن املنتظــر ان تطــرح‬ ‫«مرســيدس» أربعــة طــرز لســيارات‬ ‫كهربائيــة جديــدة يف ‪ ،2022‬مبــا يدعــم‬ ‫التوســع يف الســيارات الكهربائيــة التابعــة‬ ‫للعالمــة لتصــل إىل خمســة طــرز‪ ،‬بحســب‬ ‫ترصيــح مســؤوليها‪.‬‬ ‫وبالعــودة اىل قـرار العـراق باســتعامل الغاز‬ ‫املســال وحرقــة لتشــغيل الســيارات‪ ،‬يلفــت‬ ‫املراقبــون اىل ان العـراق يحــرق اصــا ذلــك‬ ‫الغــاز «الغــاز املصاحــب»‪ ،‬مــا يســبب تلوثــا‬ ‫خطــرا‪ ،‬اذ تفيــد بيانــات البنــك الــدويل بــأن‬ ‫العـراق يحــرق مــا يزيــد عــى ‪ 17‬مليــار مرت‬ ‫مكعــب مــن الغــاز ســنويا‪ ،‬ليحتــل املرتبــة‬ ‫الثانيــة بعــد روســيا‪ ،‬بحســب االحصائيــات‬ ‫املنشــورة وتعــادل انبعاثــات ثــاين أكســيد‬ ‫الكربــون الســامة الناجمــة نحــو ‪ 10%‬مــن‬ ‫إجــايل االنبعاثــات العامليــة؛ حتــى أن‬ ‫دراســة العــبء العاملــي لألمــراض‪ ،‬وهــي‬ ‫أكــر دراســة للصحــة العامــة يف العــامل‪،‬‬ ‫وجــدت أن عــدد األشــخاص الذيــن لقــوا‬ ‫حتفهــم بســبب تلــوث الهــواء يف العــراق‬ ‫يفــوق عــدد الوفيــات ألســباب اخــرى‬ ‫املســجلة منــذ عــام ‪ ،2003‬كــا تحــذر‬ ‫دراســات أكادمييــة مــن أن متوســط درجــة‬ ‫حــرارة العــراق يرتفــع مبقــدار ضعفــن إىل‬ ‫‪ 7‬أضعــاف مقارنــة باملتوســط العاملــي‪،‬‬ ‫وهــو مــا يهــدد البــاد بتفاقــم مشــكلة‬ ‫الجفــاف ونــدرة امليــاه‪ ،‬ويقــول املراقبــون‬ ‫انــه بــدال مــن أن يلعــب هــذا الغــاز دورا‬ ‫يف تلبيــة احتياجــات البــاد مــن الكهربــاء‬ ‫فــإن العـراق مــن بــن الــدول القليلــة التــي‬ ‫تحــرق الغــاز وتســتورده يف الوقــت نفســه‪،‬‬ ‫داعــن الســلطات العراقيــة اىل اختيــار‬ ‫االفضــل مــن بــن خيــارات تشــغيل املركبات‬ ‫التــي تضاعفــت اعدادهــا بصــورة كبــرة‬ ‫حاليــا‪ ،‬واالرقــام مرشــحة للتصاعــد‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪67‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫مفارقة‬ ‫الحرمان‬ ‫المتواصل‬

‫تعاظــم الموارد و اشــتداد ازمة الكهرباء‬

‫تفاقمــت مشــكلة الكهربــاء فــي العــراق مــع انخفــاض درجات الحرارة في شــتاء عام‬ ‫‪ 2022‬بشــكل غيــر معهــود؛ اذ كان المتعــارف عليــه طيلــة المــدة الماضيــة ان اشــهر‬ ‫الصيــف العراقــي الالهــب هــي التي تشــهد ازمــة الكهرباء وليــس العكس‪.‬‬ ‫فيــــلي‬

‫وبــدوره لجــأ مجلــس الــوزراء العراقــي‬ ‫اىل إجــراءات ترقيعيــة لــن تحــل املشــكلة‪،‬‬ ‫عــى حــد وصــف املراقبــن‪ ،‬ومــن تلــك‬ ‫االج ـراءات زيــادة حصــة املولــدات االهليــة‬ ‫مــن وقــود زيــت الغــاز يف املناطــق التــي‬ ‫تشــهد انقطاعــات متعــددة للتيــار الكهربايئ‪،‬‬ ‫ومتابعــة ضــان توزيــع الحصــص املقــررة‬ ‫للمواطنــن مــن النفــط االبيــض وتوفــر‬ ‫كميــات اضافيــة يف منافــذ البيــع‪ ،‬بحســب‬ ‫ق ـرارات املجلــس املتعلقــة باألزمــة؛ ويلفــت‬ ‫املراقبــون اىل املفارقــات املتعلقــة باالنهيــار‬ ‫شــبه التــام ملنظومــة الكهربــاء العراقيــة‬ ‫واالعتــاد عــى املولــدات االهليــة‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫حديــث املســؤولني عــا اســموه اســتعامل‬ ‫الطاقــة املتجــددة إلنتــاج الكهربــاء‪ ،‬ويقــول‬ ‫املتخصصــون واملراقبــون بهــذا الشــأن ان‬ ‫البلــد يعجــز عــن اســتعامل الغــاز املصاحــب‬ ‫فيحرقونــه يف العــراق ويســتوردونه مــن‬

‫‪68‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪69‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫إيــران‪ ،‬فكيــف ســيفع ّلون الطاقــة‬ ‫املتجــددة‪ ،‬عــى وفــق تســاؤلهم‪.‬‬ ‫املفارقــة االخــرى متثلــت بترصيــح لوزيــر‬ ‫الكهربــاء يف نهايــة عــام ‪ 2021‬يف مؤمتــر‬ ‫صحفــي مــن مدينــة النجــف‪ ،‬وفحــواه‬ ‫إن البــاد ســتصل إىل االكتفــاء الــذايت‬ ‫مــن الطاقــة الكهربائية يف ‪ 3‬ســنوات‪ ،‬ومل‬ ‫ينــس املراقبــون ان يذ ّكــروا بترصيحــات‬ ‫مشــابهة لوزيــر الكهربــاء االســبق‬ ‫حســن الشهرســتاين عــن االكتفــاء الــذايت‬ ‫وتصديــر الكهربــاء عــام ‪.2013‬‬ ‫امــا املفارقــة االخــرى فهــي ترصيــح‬ ‫للمتحــدث باســم وزارة الكهربــاء الــذي‬ ‫قــال‪ ،‬انــه مل تحــدث أزمــة يف كهربــاء‬ ‫العـراق خــال الصيــف الســابق‪ ،‬يف حــن‬ ‫ّ‬ ‫يذكــر املراقبــون مبــا حــدث يف متــوز مــن‬ ‫عــام ‪ ،2021‬ومتثــل يف انقطــاع الكهربــاء‬ ‫بشــكل كامــل يف معظــم املحافظــات‬ ‫العراقيــة‪ ،‬باســتثناء إقليــم كوردســتان‪،‬‬

‫‪70‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫يف واحــدة مــن أســوأ حــاالت االنقطــاع‬ ‫يف ذلــك العــام؛ بإقـرار املكتــب اإلعالمــي‬ ‫لرئيــس الــوزراء‪ ،‬الــذي ذكــر يف بيــان إن‬ ‫مصطفــى الكاظمــي أقــال مديــر عــام‬ ‫الرشكــة العامــة لنقــل الطاقــة الكهربائيــة‬ ‫«إلهاملــه يف أداء أعاملــه وواجباتــه‪ ،‬مــا‬ ‫تســبب بســقوط خطــوط نقــل الطاقــة‪،‬‬ ‫وحــدوث اطفــاء التيــار الكهربــايئ يف‬ ‫عمــوم املحافظــات»‪ ،‬بحســب بيــان‬ ‫املكتــب االعالمــي‪.‬‬ ‫ومبتابعــة موضــوع االنقطــاع يف شــتاء‬ ‫‪ 2022‬ينقــل املراقبــون ترصيحــات‬ ‫املتحــدث باســم وزارة الكهربــاء‬ ‫ومفادهــا‪ ،‬ان إي ـران قطعــت ‪ 4‬خطــوط‬ ‫ـد العـراق بـــ ‪ 1100‬ميغــاوات من‬ ‫غــاز متـ ّ‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬بحجــة عــدم تســديد الديــون‬ ‫املســتحقة عليــه‪ ،‬وأيض ـاً جــرى تقليــص‬ ‫إمــدادات الغــاز الوطنــي بنســبة ‪50%‬‬ ‫بســبب ســوء األحــوال الجويــة؛ وأضــاف‬

‫أن الغــاز اإليــراين تق ّلصــت إمداداتــه‬ ‫للعــراق مــن ‪ 50‬مليــون مــر مكعــب‬ ‫يوميــاً إىل نحــو ‪ 8‬ماليــن فقــط‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا أدى إىل تحديــد األحــال وتوقــف‬ ‫عديــد الوحــدات التوليديــة يف محطــات‬ ‫اإلنتــاج‪ ،‬مــا انعكــس ســلباً عــى ســاعات‬ ‫التجهيــز وتزويــد املواطنــن بالكهربــاء‪،‬‬ ‫بحســب قولــه‪ ،‬مطالبــا وزارة املاليــة‬ ‫بســداد الديــون املرتتِّبــة عــى العــراق‬ ‫بســبب اســترياد الغــاز اإليــراين‪ ،‬ألن‬ ‫األمــر أثــر كثــراً وق ّلــل ســاعات التجهيــز‬ ‫عــى املواطنــن‪ ،‬بحســب تعبــره‪.‬‬ ‫امــا إي ـران فســوغت مــن جهتهــا ســبب‬ ‫توقــف خطــوط إمدادهــا للعـراق بتأخــر‬ ‫ســداد مســتحقات ماليــة واجبــة الدفــع‪،‬‬ ‫إىل جانــب أن إيــران متــر بفصــل ذروة‬ ‫وتحتــاج ملزيــد مــن الطاقــة‪.‬‬ ‫والغرابــة يف املوضــوع ان تلــك الذرائــع‬ ‫وعــدم تســديد الديــون‪ ،‬تــأيت يف الوقــت‬

‫الــذي يواصــل ســعر برميــل النفــط‬ ‫ارتفاعــه ويالمــس ذروة الـــ ‪ 90‬دوالرا‬ ‫للربميــل الواحــد‪.‬‬ ‫وكان وزيــر الكهربــاء العراقــي‪ ،‬قــد قــال‬ ‫يف ايلــول ‪ ،2021‬أنّ البــاد تتجــه إىل‬ ‫اســترياد الكهربــاء مــن اململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية‪ ،‬عــر معــر عرعــر وربطــه‬ ‫مبحطــة اليوســفية‪ ،‬كــا جــرى الحديــث‬ ‫عــن ربــط ثنــايئ مــع االردن ومــع تركيــا‬ ‫وثــايث بــن العــراق واالردن ومــر‪،‬‬ ‫كــا تحــدث وزراء ســابقون للكهربــاء‬ ‫اســتقال احدهــم عــن أبــرام اتفاقيــات‬ ‫إلنتــاج الكهربــاء مــع رشكات توتــال‬ ‫وســمنس؛ وهنــا يتســاءل املراقبــون هــل‬ ‫تحتــم عــى العراقيــن ان ينتظــروا مزيــدا‬ ‫مــن املعانــاة لتتحقــق لهــم الكهربــاء‪.‬‬ ‫وقــد كشــف وزيــر الكهربــاء عــا اســاه‬ ‫«ســوء تفاهــم» مــع إيــران يف قضايــا‬ ‫ـدة مرتبطــة بالغــاز والكهربــاء‪ ،‬وبرغــم‬ ‫عـ ّ‬ ‫ذلــك يشــدد عــى أن العــراق «بحاجــة‬ ‫للغــاز اإليــراين لعــرات الســنوات‬ ‫املقبلــة»‪ ،‬بحســب تعبــره‪ ،‬وتحــدث‬ ‫عــن رصف ‪ 81‬مليــار دوالر يف مجــال‬ ‫الكهربــاء إال أنهــا مل تســتغل جيــداً‪ ،‬عــى‬ ‫وفــق ترصيحــه‪.‬‬ ‫ويف محاولــة لتعويــض حاجــة العــراق‬ ‫الكهربائيــة‪ ،‬و ّقعــت الحكومــة‬ ‫الســعودية‪ ،‬يف ‪ 25‬كانــون الثــاين ‪،2022‬‬ ‫مذكــرة تفاهــم مــع نظريتهــا العراقيــة يف‬ ‫مجــال الربــط الكهربــايئ بــن البلديــن‪،‬‬ ‫وهــو مــا يســهم يف حــل أزمــة الكهربــاء‬ ‫يف العــراق‪ ،‬بحســب املراقبــن؛ ويقــول‬ ‫وزيــر الطاقــة الســعودي إن توقيــع‬ ‫مذكــرة التفاهــم يــأيت تنفيــذاً لتوجيهــات‬ ‫قيــادة البلديــن مــن أجــل توطــن أســس‬ ‫الرشاكــة االســراتيجية يف مختلــف‬ ‫املجــاالت‪ ،‬ومــن ضمــن ذلــك مجــال‬ ‫الطاقــة‪ ،‬مؤكــداً أن الربــط الكهربــايئ مــع‬

‫العــراق «يعــزز إنشــاء ســوق إقليميــة‬ ‫لتجــارة الكهربــاء»‪.‬‬ ‫ويف مطلــع ايلــول ‪ ،2021‬أعلنــت وزارة‬ ‫الكهربــاء العراقيــة إكــال جميــع‬ ‫اإلجــراءات املتعلقــة مبــروع الربــط‬ ‫الكهربــايئ مــع دول الخليــج‪ ،‬وقــال‬ ‫املتحــدث باســم الــوزارة‪ ،‬يف حينهــا يف‬ ‫ترصيــح صحفــي إنــه «تــم إنجــاز ‪87%‬‬ ‫مــن التفاهــات التــي طرحــت بــن‬ ‫العــراق ودول الخليــج حــول الربــط‬ ‫يتبــق مــن‬ ‫الكهربــايئ»‪ ،‬مؤكــداً أنــه «مل‬ ‫َّ‬ ‫املــروع إال توقيــع مذكــرة تنفيــذ الخــط‬ ‫الناقــل الــذي يربــط محطــة (الفــاو)‬ ‫مبحطــة (الــزور) الكويتيــة»‪ ،‬ويقــول‬ ‫باحثــون سياســيون ان ذلــك املــروع‬ ‫حقيقــي وطــرح منــذ وقــت مبكــر‪،‬‬ ‫مســتدركني أنــه «كانــت هنالــك إرادات‬ ‫أحبطــت املــروع»‪ ،‬مشــرين إىل تواجــد‬ ‫لجــان فنيــة شــكلت مؤخ ـراً بــن بغــداد‬ ‫والريــاض‪ ،‬وصلــت إىل مراحــل متقدمــة‬

‫بشــأن الربــط مــع منظومــة الطاقــة‬ ‫الكهربائيــة لــدول مجلــس التعــاون‬ ‫الخليجــي‪ ،‬ومــن ثــم األمــر ميــي عــى‬ ‫قــدم وســاق‪ ،‬بحســب تعبريهــم‪.‬‬ ‫وبحســب املتابعــن‪ ،‬يظهــر أن وتــرة‬ ‫املفاوضــات بــن بغــداد والريــاض‬ ‫تســر بخطــى متســارعة تدفعهــا حاجــة‬ ‫امللحــة‪ ،‬اذ أعلنــت وزارة‬ ‫العــراق‬ ‫ّ‬ ‫الكهربــاء العراقيــة‪ ،‬يف ‪ 19‬آب ‪،2021‬‬ ‫أن املفاوضــات مــع الجانــب الســعودي‬ ‫بشــأن خطــوط الربــط املشــرك مــن‬ ‫خــال منافــذ عرعــر ومحطــة اليوســفية‬ ‫وإمكانيــة ربــط خــط آخــر مــع محطــة‬ ‫الســاوة‪ ،‬قطعــت شــوطاً كبــراً‪.‬‬ ‫ويقــول خــراء‪ ،‬أن طبيعــة األســعار‬ ‫التفصيليــة التــي طرحتهــا الســعودية‬ ‫كانــت مهمــة جــداً بالنســبة للعــراق‪،‬‬ ‫ألنهــا تقلــل مــن النفقــات التشــغيلية‬ ‫للطاقــة الكهربائيــة التــي كان يســتوردها‬ ‫العــراق مــن إيــران‪.‬‬

‫«ســـوء تفاهم» مـــع إيران فـــي قضايا‬ ‫عـــدّة مرتبطة بالغـــاز والكهرباء‪ ،‬وبرغم‬ ‫ذلـــك العـــراق بحاجـــة للغـــاز اإليراني‬ ‫لعشـــرات الســـنوات المقبلـــة‪ ،‬حيث تم‬ ‫صرف ‪ 81‬مليـــار دوالر في مجال الكهرباء‬ ‫إال أنهـــا لم تســـتغل جيدا ‪...‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪71‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫الربط السككي‬

‫ينعش اقتصاد العراق ويحيي‬ ‫آمال «طريق الحرير»‬

‫يأمــل العــراق ان يكــون لــه دورا محوريــا فــي تجــارة طريــق‬ ‫الحريــر بالنظــر إلــى موقعــه الجغرافــي الرابــط بيــن آســيا‬ ‫وأوروبــا ممــا ســيفتح نافــذة جديــدة لــه لتوســيع قاعدتــه‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬وتحقيــق التنــوع االقتصــادي فيــه‪ ،‬وهنــا يبــرز‬ ‫اهميــة مشــروع مينــاء الفــاو الكبيــر والربــط الســككي‪.‬‬ ‫فيــلي‬

‫‪72‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫وكان وزيــر الخارجيــة الصينــي وانــغ‬ ‫يــي قــد اكــد يف عــام ‪ 2015‬أن املبــادرة‬ ‫التــي أطلقتهــا الصــن مبــا تعــرف باســم‬ ‫«اســراتيجية الحــزام والطريــق تتضمــن‬ ‫نحــو ألــف مــروع‪ ،‬منهــا ربــط الــدول‬ ‫األوروآســيوية بنحــو ســبعني دولــة مطلــة‬ ‫عــى هــذا الخــط‪ ،‬ويف مقدمتهــا دول الرشق‬ ‫األوســط التــي ميــر بهــا الطريــق بشــبكة‬ ‫مــن الطــرق الربيــة والحديديــة وخطــوط‬ ‫الطــران‪ ،‬فضــا عــن األنابيــب وشــبكات‬ ‫اإلنرتنــت‪ ،‬وهــو مــا يهيــئ الظــروف الالزمــة‬ ‫للتنميــة االقتصاديــة‪.‬‬ ‫ومــع بــدء العــراق بأنشــاء مينــاء الفــاو‬ ‫الــذي ســيكون نقطــة الربــط بــن رشق آســيا‬

‫وأوروبــا بــدأت الــدول تتحــرك نحــو إنشــاء‬ ‫ربــط ســكيك مــع العـراق‪ ،‬ليتحــول العـراق‬ ‫إىل ممــر للبضائــع‪ ،‬وهــو مــا يختــر الفــرة‬ ‫الزمنيــة لنقــل البضائــع‪ ،‬مــا أثــار تخــوف‬ ‫بعــض املختصــن باالقتصــاد مــن هــذه‬ ‫املطالبــات لتأثــر ذلــك عــى مينــاء الفــاو ‪.‬‬ ‫ارضار الربط‬ ‫ويقــول الخبــر االقتصــادي وأســتاذ‬ ‫االقتصــاد يف الجامعــة العراقيــة عبــد‬ ‫الرحمــن املشــهداين يف حديــث ملجلــة‬ ‫«فيــي»؛ ان «الربــط الســكيك مــع دول‬ ‫الجــوار لــه خاصتــن ســلبيتني‪ ،‬اولهــا انهــا‬ ‫ســتقيض عــى مــا تبقــى مــن الصناعــة‬ ‫الوطنيــة والزراعــة ألن دول الجــوار تنتــج‬

‫بتكاليــف منخفضــة جــدا ال يســتطيع‬ ‫الصناعــي والزراعــي العراقــي ان ينتــج‬ ‫بهــذه التكاليــف‪ ،‬كــا أنــه ســيقيض عــى‬ ‫مــروع مينــاء الفــاو الكبــر ألنــه ســيصبح‬ ‫عديــم الفائــدة» ‪.‬‬ ‫ويوضــح املشــهداين؛ ان «وجــود موانــئ‬ ‫تجاريــة كبــرة لبعــض الــدول عــى الخليــج‬ ‫العــريب كمينــاء جبــل عــي وبنــدر تقلــل من‬ ‫أهميــة مينــاء الفــاو»‪ ،‬مؤكــدا ان «العائدات‬ ‫التــي ســنحصل عليهــا مــن مينــاء الفــاو يف‬ ‫حــال االنتهــاء منهــا بشــكل مبــارش أو غــر‬ ‫مبــارش ليســت بالكبــرة جــدا عــى الرغــم‬ ‫مــن حاجتنــا املاســة إليــه»‪.‬‬ ‫طموح دول الجوار‬ ‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪73‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫وظهــرت طمــوح لــدول الجــوار بالربــط‬ ‫الســكيك مــع العـراق ســواء كانــت للكويــت‬ ‫او إليـران وآخرهــا كانــت الســعودية‪ ،‬إال أن‬ ‫بعــض هــذه الطموحــات تصطــدم مبخــاوف‬ ‫عراقيــة وخاصــة الكويتيــة منهــا ال ســيام مع‬ ‫قيــام األخــرة بإنشــاء مينــاء مبــارك‪ ،‬والــذي‬ ‫مــن املمكــن أن يكــون بديــ ًا عــن مينــاء‬ ‫الفــاو العراقــي‪ ،‬فيــا أثــارت الطموحــات‬ ‫االيرانيــة مخــاوف بعــض املختصــن أيضــا‬ ‫وظهــرت مؤخـ ًرا نوايــا جــادة مــن الحكومــة‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬للمبــارشة مبــروع الربــط‬ ‫الســكيك مــع ســوريا عــر األرايض العراقيــة‪،‬‬ ‫ومــا اســمته وزارة النقــل اإليرانيــة بـ»ربــط‬ ‫الرتانزيــت»‪.‬‬ ‫وبهــذا الصــدد أشــار وزيــر النقــل األســبق‬ ‫عامــر عبــد الجبــار إىل أن «الربــط الســكيك‬ ‫بــن العــراق وإيــران يشــكل رضراً كبــراً‬ ‫عــى املوانــئ العراقيــة‪ ،‬مبينــا ان الربــط‬ ‫الســكيك ســيفيد بشــكل كبــر الجانبــن‬ ‫اإليـراين والســوري‪ ،‬وســيترضر العـراق بــه»‪.‬‬

‫واضــاف ان «الســكك داخــل ايـران موجودة‬ ‫مــا تحتاجــه إي ـران فقــط ‪ 32‬كــم مــا بــن‬ ‫خطــوط الســكك الحديــد داخــل أراضيهــا‬ ‫وصــو ًال إىل الســكك الحديــد العراقيــة‬ ‫(الشــامجة – بــرة)»‪.‬‬ ‫باملقابــل‪ ،‬هنــاك دراســة للربــط الســكيك‬ ‫بــن العــراق وتركيــا‪ ،‬حيــث لتكــون بذلــك‬ ‫الدولــة األوىل التــي ترتبــط بالعــراق مــن‬ ‫ناحيــة ربيعــة التابعــة ملحافظــة نينــوى إىل‬ ‫بلــدة فيشــخابور التابعــة ملحافظــة دهــوك‪،‬‬ ‫وبطــول ‪ 45‬كيلومــ ًرا‪.‬‬ ‫ربط سكيك لـ ‪ 10‬مدن سعودية‬ ‫وكشــفت وزارة النقــل الســعودية قبــل أيــام‬ ‫عــن مــروع يربــط ‪ 10‬مــدن ســعودية مــع‬ ‫العــراق‪ ،‬تربــط الريــاض والقصيــم داخــل‬ ‫اململكــة‪ ،‬وتربــط الــرق بالغــرب‪ ،‬ومتــر‬ ‫بينبــع ومينــاء امللــك عبــد اللــه ومدينــة‬

‫وزير النقل األسبق عامر عبد الجبار ‪:‬‬ ‫«الربط السككي بين العراق وإيران‬ ‫يشكل ضرراً كبيراً على الموانئ‬ ‫العراقية‪ ،‬مبينا ان الربط السككي‬ ‫سيفيد بشكل كبير الجانبين‬ ‫اإليراني والسوري‪ ،‬وسيتضرر العراق‬ ‫به» و «السكك داخل ايران موجودة‬ ‫ما تحتاجه إيران فقط ‪ 32‬كم ما بين‬ ‫خطوط السكك الحديد داخل أراضيها‬ ‫وصو ًال إلى السكك الحديد العراقية‬ ‫(الشالمجة – بصرة)»‬

‫‪74‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫جــدة والريــاض والدمــام والجبيــل ورأس‬ ‫الخــر‪.‬‬ ‫ويقــول الخبــر االقتصــادي عبــد الرحمــن‬ ‫املشــهداين يف حديــث ملجلــة «فيــي» ان‬ ‫«الربــط الســكيك مــع الســعودية ال يثــر‬ ‫املخــاوف ويكــون خطرهــا أقــل مــن باقــي‬ ‫دول الجــوار خاصــة أنــه ســربط املناطــق‬ ‫الغربيــة (مكــة واملدينــة) بالعـراق وبالتــايل‬ ‫فإنــه مــن املمكــن يكــون تجــاري وايضــا‬ ‫للســياحة الدينيــة»‪ ،‬مســتدركا بالوقــت‬ ‫نفســه انهــا «بــكل األحــوال هــو املشــكلة‬ ‫ســيكون هنــاك تهديــد للصناعــة والزراعــة‬ ‫العراقيــة»‪.‬‬ ‫العابر واملستورد‬ ‫ويقــول الخبــر االقتصــادي رضغــام محمــد‬ ‫عــي يف حديــث ملجلــة «فيــي» ان «نــوع‬ ‫الربــط ســلعي أو لنقــل املشــتقات النفطيــة‬

‫او للمســافرين ومــن أيــن يبــدأ وايــن‬ ‫ينتهــي وهــل العــراق محطتــه النهائيــة‬ ‫ام ان العــراق محطــة ترانزيــت كل هــذه‬ ‫التفاصيــل ونــوع التســهيالت التــي يقدمهــا‬ ‫للحمــوالت الســككية هــي التــي تحــدد اذا‬ ‫كان الربــط ســيؤثر عــى املوانــئ العراقيــة‬ ‫وقناتــه الجافــة املزمــع إنشــاؤها»‪.‬‬ ‫ويضيــف ان «معاملــة الســلع الــواردة‬ ‫معاملــة املســتورد وليــس العابــر ســيكون‬ ‫محــددا ومقلــا لتأثــره عــى املوانــئ‬ ‫العراقيــة امــا اذا تــم معاملتهــا عــى أنهــا‬ ‫ســلع عابــره يؤخــذ عليهــا ترانزيــت فقــط‬ ‫فهــي قطعــا ســتؤثر عــى موانــئ الع ـراق»‪.‬‬ ‫ويوضــح أن املــروع الربــط الســكيك التــي‬ ‫أعلنــت عنهــا الســعودية والعــراق بشــكل‬ ‫عــام ال يؤثــر عــى القنــاة الجافــة حيــث‬ ‫انــه ســيكون التبــادل التجــاري بــن البلديــن‬

‫وبالتــايل ســيقلل كلــف النقــل للبضائــع بــن‬ ‫البلديــن ويشــجع زيــادة حجــم التبــادل‬ ‫التجــاري ويزيــد فــرص إنشــاء قطــار‬ ‫مســافرين يعــزز الفــرص االقتصاديــة ومــن‬ ‫املمكــن أن يكــون هنــاك مســتقبال خــط‬ ‫ســكيك رسيــع ألداء مناســك الحــج والعمــرة‬ ‫يقلــل الكلفــة ويختــر الطريــق الــري»‪،‬‬ ‫مســتدركا يف الوقــت نفســه «عــدم توســيعه‬ ‫ليشــمل بلدانــا اخــرى حتــى ال يصبــح بديــا‬ ‫أو منافســا للقنــاة الجافــة املقرتحــة»‪.‬‬ ‫ويؤكــد الخــراء حاجــة العــراق إىل عمليــة‬ ‫تطويــر شــاملة لشــبكات النقــل الــري‬ ‫والســكك الحديــد لــي يســتطيع املنافســة‬ ‫والتحــول إىل ممــر للبضائــع‪ ،‬تبــدأ مــن ميناء‬ ‫الفــاو ومتــر بري ـاً عــر خطــوط حديثــة إىل‬ ‫تركيــا ومنهــا إىل أوروبــا‪.‬‬ ‫النقل‪ :‬تطوير السكك‬

‫مــن جهتهــا أكــدت وزارة النقــل أنهــا‬ ‫بــارشت بتطويــر الســكك الحديــد بالتزامــن‬ ‫مــع إنشــاء مينــاء الفــاو‪ ،‬نظــرا ألهميــة‬ ‫الربــط الســكيك مــع دول الجــوار مــن‬ ‫الناحيــة االقتصاديــة‪.‬‬ ‫ويقــول مديــر عــام الرشكــة العامــة للســكك‬ ‫الحديــد العراقيــة طالــب جــواد الحســيني‬ ‫يف حديــث ملجلــة «فيــي»؛ ان «الربــط‬ ‫الســكيك الــدويل يعتــر مــن االهميــة‬ ‫االقتصاديــة حيــث أن أي ربــط ســكيك مــع‬ ‫أي دولــة مــع دول الجــوار ســوف يحقــق‬ ‫تنميــة اقتصاديــة ويحقــق إي ـرادات كثــرة‬ ‫للبلــد ســواء كان العــراق أو الدولــة التــي‬ ‫تريــد الربــط الســكيك»‪.‬‬ ‫واضــاف الحســيني؛ ان «الربــط الســكيك‬ ‫وميثــل ركيــزة اساســية مــن ركائــز لتطــور‬ ‫البلــدان وانتعــاش االقتصــادي ملــا ميتــاز‬ ‫مبزايــا عديــدة أول املزايــا هــو الرسعــة‬ ‫واألمــان وثانيــا ان الكميــات التــي تنقــل عرب‬ ‫القطــارات تكــون كبــرة مقارنــة بوســائط‬ ‫النقــل االخــرى‪ ،‬اضافــة اىل ان االســعار‬ ‫تكــون تنافســية وبذلــك تحقــق الهــدف‬ ‫املنشــود ســواء كان للجهــة املســتفيدة‬ ‫مــن البضائــع أو الجهــات الناقلــة فضــا‬ ‫عــن تشــغيل أيــدي عاملــة كبــرة وإنشــاء‬ ‫ســاحات لتبــادل البضائــع عــى الحــدود»‪.‬‬ ‫وأكــد الحســيني؛ أن «الرشكــة بــدأت‬ ‫بتطويــر شــبكة الســكك الحديديــة بالعـراق‬ ‫مــع انشــاء مينــاء الفــاو الكبــر مــن خــال‬ ‫التعاقــد مــع إحــدى الــركات العامليــة‬ ‫لتطويــر شــبكة ســكك الحديــد بالكامــل‬ ‫اليصالهــا الوربــا عــن طريــق تركيــا»‪ ،‬الفتــا‬ ‫اىل ان «الدراســات تشــر اىل نجــاح مينــاء‬ ‫الفــاو يتوقــف بنســبة ‪ 33‬باملئــة عــى‬ ‫تطويــر شــبكة الســكك الحديديــة»‪.‬‬ ‫وأوضــح ان «الدراســات والتصاميــم‬ ‫والتنفيــذ لتطويــر شــبكة الســكك الحديديــة‬ ‫تحتــاج إىل أمــوال كبــرة لكــون ســكك‬ ‫الحديــد هــي بنــى تحتيــة وتحتــاج إىل فــرة‬ ‫زمنيــة طويلــة لتطويرهــا»‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪75‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫السوشــــيال ميــــديا‬ ‫المواقــع االلكترونية‬ ‫وتتبــع االحداث اوال بأول‬ ‫قبــل نحــو ‪ 31‬عامــا احتضنــت شــبكة‬ ‫اإلنترنــت موقعــا إلكترونيــا واحــدا فقــط‬ ‫هــو (‪ )World wide Web‬أطلقــه عالــم‬ ‫الحاســوب البريطانــي تيــم بيرنــرز لــي فــي‬ ‫الثامــن مــن آب عــام ‪.1991‬‬ ‫فيلي‬

‫ومــع نهايــة عــام ‪ 1992‬كانــت شــبكة‬ ‫اإلنرتنــت بهــا قرابــة ‪ 10‬مواقــع فقــط‪،‬‬ ‫ثــم أصبحــت بضعــة أالف بعــد عــام‬ ‫‪ 1994‬حينــا بــرز أســم موقــع «ياهــو»‬ ‫كمحــرك للبحــث ويقــدم خدمــات الربيــد‬ ‫اإللكــروين؛ ومــن ذلــك الحــن ارتفعــت‬ ‫األعــداد لتصــل إىل أكــر مــن ‪ 1.71‬مليــار‬ ‫موقــع إلكــروين بنهايــة آب ‪ 2019‬وفــق‬ ‫أرقــام «إنرتنــت اليــف ســتاتس»‪ ،‬التــي‬ ‫تعتمــد عــى أســاء النطاقــات املرتبطــة‬ ‫بخــوادم التخزيــن ومتاحــة بوســاطة عنــوان‬ ‫إلكــروين (‪.)IP‬‬

‫‪76‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫والتتجــاوز املواقــع الفاعلــة ‪ 12%‬مــن‬ ‫إجــايل العــدد املوجــود فعليــا‪ ،‬إذ يوجــد‬ ‫أقــل مــن ‪ 200‬مليــون موقــع إلكــروين‬ ‫فاعــل فقــط مــن بــن الـــ ‪ 1.71‬مليــار‬ ‫موقــع‪ .‬وتشــر األرقــام إىل وجــود نحــو‬ ‫‪ 1.73‬مليــار موقــع إلكــروين‪ ،‬وفــق آخــر‬ ‫البيانــات حتــى اليــوم‪.‬‬ ‫ويف العــراق وابتــداء مــن ‪,2003/4/23‬‬ ‫جــرى الغــاء كثــر مــن مؤسســات النظــام‬ ‫املبــاد مــن بينهــا وزارة االعــام واملؤسســات‬ ‫التابعــة لهــا مثــل املؤسســة العامــة إلذاعــة‬ ‫والتلفزيــون ووكالــة االنبــاء العراقيــة‪,‬‬

‫وجرائــد الثــورة والجهوريــة والقادســية‬ ‫والعـراق‪ ،‬وبابــل ‪ ,‬ومجلــة ألــف بــاء ‪ ,‬فض ًال‬ ‫عــن العـرات مــن املطبوعــات والدوريات‬ ‫االعالميــة والثقافيــة إىل جانــب الصحــف‬ ‫االســبوعية‪ ،‬امــا االعــام االلكــروين فلــم‬ ‫يــك متاحــا للجمهــور عــى نطــاق واســع‬ ‫قبــل عــام ‪ 2003‬بفعــل سياســات النظــام‬ ‫الســابق الشــمولية بحســب املراقبــن‪.‬‬ ‫وكان يف مقدمــة تطبيقــات االعــام‬ ‫االلكــروين الجديــدة يف العــراق الصحــف‬ ‫االلكرتونيــة واملواقــع االعالميــة االخباريــة‬ ‫فضــ ًا عــن املدونــات وغريهــا مــن‬

‫التطبيقــات التــي مل تعــد تنتظــر للحصــول‬ ‫عــى التأشــرة الحكوميــة ومل تعــد‬ ‫الضغوطــات والقيــود الحكوميــة عائقـاً امــا‬ ‫تحركاتهــا؛ بــل اصبحــت تشــكل اهــم مجال‬ ‫لتجــاوز الخطــوط الحمــر التــي تفرضهــا‬ ‫الســلطة‪ ,‬بحســب املتابعــن‪ ،‬والــيء‬ ‫نفســه فيــا يتعلــق باملواقــع االلكرتونيــة‬ ‫واملدونــات التــي ميكــن توظيفهــا يف كتابــة‬ ‫املنشــورات والصــور التــي يجــري تســجيلها‬ ‫وحفظهــا ووضعهــا يف املدونــة وتوظيفهــا‬ ‫يف نــر االحــداث املهمــة التــي يرصدهــا‬ ‫صاحــب املدونــة‪ ,‬ويقــول املراقبــون انــه‬

‫نظــراً لنجاحهــا وقدرتهــا عــى التعبــر‬ ‫عــن مطالــب وتطلعــات فئــات الســكان‬ ‫ونقــل احــداث ال تســتطيع وســائل االعــام‬ ‫التقليديــة الوصــول اليهــا او بثهــا ألســباب‬ ‫عــدة‪ ,‬تشــهد املدونــات تزايــداً يف عددهــا‬ ‫وعــدد مســتعمليها ‪ ,‬واســهم هــذا االعــام‬ ‫يف اآلونــة االخــرة يف جــذب االنظــار لعــدد‬ ‫مــن القضايــا التــي اثــارت الــرأي العــام‬ ‫وارغمــت حكومــات كثــرة يف اتخــاذ‬ ‫قــرارات ضــد رغبتهــا‪ ،‬عــى حــد وصــف‬ ‫املراقبــن‪.‬‬ ‫وان اهــم انجــاز يف االعــام االلكــروين‬

‫بحســب رأيهــم هــو االهتــام بحــق‬ ‫التعبــر‪ ,‬مبعنــى ان الســيطرة التــي كانــت‬ ‫مفروضــة مــن الرقابــة يف االعــام الســابق‬ ‫مل يكــن لهــا حجــم كــا كانــت ان مل‬ ‫تكــن قــد الغيــت بالتــام ‪ ,‬وانــه بحكــم‬ ‫التقنيــات الرقميــة‪ ,‬اصبــح املتلقــي عــى‬ ‫متــاس مبــارش مــع االعــام بوســاطة طريقــة‬ ‫تفاعليــة مــا بــن املســتقبل واملتلقــي ومــا‬ ‫بــن مؤسســة االعــام‪ ,‬اذ تــؤدي التفاعليــة‬ ‫بوســائل االعــام دوراً مهــ ً‬ ‫ا جذابــاً جــداً‬ ‫يف اشــكال تكنلوجيــا االتصــال كلهــا التــي‬ ‫تتســم بدرجــات متنوعــة مــن التفاعليــة‪,‬‬ ‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪77‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫فيمــا يتعلــق بالعراق «وجــود ‪ 20‬مليون مســتخدم‬ ‫علــى منصــة فيســبوك‪ ،‬و‪ 13‬مليــون مســتخدم‬ ‫نشــط علــى انســتجرام‪ ،‬و‪ 11.25‬مليون مســتخدم‬ ‫علــى ســناب شــات‪ ،‬و‪ 1‪.‬30‬مليــون مســتخدم‬ ‫لتويــر‪ ،‬و‪ 1.20‬مســتخدم لشــبكة لينكــدان فضال‬ ‫عــن ‪ 17‬مليــون مســتخدم لفيســبوك ماســنجر»‪‬.‬‬

‫التــي عــن طريقهــا اصبــح االتصــال‬ ‫الجامهــري قريبـاً مــن االتصــال الشــخيص‪,‬‬ ‫بحســب تعبريهــم‪ ،‬فقــد لوحــظ ان كثــرا‬ ‫مــن املطالــب تحققهــا بعــض الحكومــات‬ ‫ملواطنيهــا عــر التفاعليــة االعالميــة عــن‬ ‫طريــق املواقــع االلكرتونيــة والــوكاالت‬ ‫االخباريــة االلكرتونيــة او حتــى القنــوات‬ ‫الفضائيــة‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪.‬‬ ‫ويلفــت مركــز اإلعــام الرقمــي وهــو‬ ‫مؤسســة غــر حكوميــة اىل أن عــدد‬ ‫مســتعميل شــبكة اإلنرتنــت يف العــراق‬ ‫وصــل اىل ‪ 30.52‬مليــون مســتخدم بحلــول‬

‫‪78‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫عــام ‪ 2021‬بزيــادة ‪ 700‬ألــف مســتخدم‬ ‫عــن العــام الــذي ســبقه‪ ،‬قياســا اىل‬ ‫نفــوس الع ـراق املفــرض وهــو ‪ 40‬مليــون‬ ‫نســمة وفقــا إلحصائيــات وزارة التخطيــط‬ ‫العراقيــة؛ وبحســب املركــز واملراقبــن فــان‬ ‫املتصفحــن يف العـراق يتوجهون يف االســاس‬ ‫اىل منصــات التواصــل االجتامعــي املتنوعــة‬ ‫ومــن ثــم يتابعــون املواقــع االخباريــة مــن‬ ‫ضمــن تلــك املنصــات او مبعــزل عنهــا‪.‬‬ ‫وعــزا املركــز «الزيــادة الحاصلــة يف‬ ‫أعــداد مســتخدمي كل املنصــات يعــود‬ ‫إىل تداعيــات جائحــة كورونــا واإلغــاق‬

‫والحظــر الــذي شــهده العــراق ملواجهــة‬ ‫هــذه األزمــة وتحــول عمليــات البيــع‬ ‫والــراء والدراســة والعمــل وغريهــا إىل‬ ‫وســائل االتصــال االجتامعــي»‪.‬‬ ‫ويشــر املركــز فيــا يتعلــق بالعــراق‬ ‫إىل «وجــود ‪ 20‬مليــون مســتخدم عــى‬ ‫منصــة فيســبوك‪ ،‬و‪ 13‬مليــون مســتخدم‬ ‫نشــط عــى انســتجرام‪ ،‬و‪ 11.25‬مليــون‬ ‫مســتخدم عــى ســناب شــات‪ ،‬و‪1‪.‬30‬‬ ‫مليــون مســتخدم لتويــر‪ ،‬و‪ 1.20‬مســتخدم‬ ‫لشــبكة لينكــدان فضــا عــن ‪ 17‬مليــون‬ ‫مســتخدم لفيســبوك ماســنجر»‪‬.‬‬

‫ويلفــت املراقبــون اىل ان العراقيــن بحســب‬ ‫االحصائيــات يتابعــون ايضــا مــا تنــره‬ ‫املواقــع االخباريــة االلكرتونيــة املقرونــة‬ ‫باســتعامل وســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫ويلمــح اكادمييــون بالقــول ان قــوة‬ ‫وســائل اإلعــام ويف طليعتهــا مــا تنــره‬ ‫املواقــع االخباريــة العراقيــة التــي تكاثــرت‬ ‫بعــد عــام ‪ 2003‬يتمثــل يف قدرتهــا عــى‬ ‫تشــكيل الــرأي العــام والتأثــر عليــه لتبنــي‬ ‫مواقــف معينــة إزاء شــتى القضايــا‪ ،‬وميكــن‬ ‫مالحظــة ذلــك يف نــوع الســلوك الســيايس‬ ‫الــذي يســلكه أفــراد املجتمــع اســتجابة‬

‫ملــا تطرحــه هــذه الوســيلة اإلعالميــة أو‬ ‫تلــك‪ ،‬بحســب قولهــم‪ ،‬مضيفــن القــول ان‬ ‫وســائل اإلعــام يف الع ـراق لهــا خصوصيــة‬ ‫يف العمــل‪ ،‬فهــي ترتبــط ارتباطــا وثيقــا‬ ‫بالسياســة واألحــزاب املتنفــذة؛ ومنوهــن‬ ‫اىل ان «وســائل اإلعــام هنــا متثــل أجنحــة‬ ‫سياســية أكــر مــن كونهــا وســائل لنــر‬ ‫املعلومــات وكشــف القضايــا الغامضــة‬ ‫للجمهــور»‪ ،‬بحســب تعبريهــم‪.‬‬ ‫ويرضبــون مثــا بتوجــه النــاس اىل مــا‬ ‫يســمى السوشــيال ميديــا ‪Social Media‬‬ ‫وهــي مواقــع ويــب أو تطبيقــات تتيــح‬ ‫ملســتخدميها التواصــل فيــا بينهــم عــن‬ ‫طريــق التواجــد تحــت ســقف شــبيك واحــد‬ ‫متصــل ومتشــعب‪ ،‬بالتنويــه اىل انــه كانــت‬ ‫يف العــراق ‪ 171‬صحيفــة ومجلــة عــام‬ ‫‪ 2003‬وأصبحــت اآلن ‪ 21‬صحيفــة ومجلــة‪،‬‬ ‫تطبــع جميعهــا ثالثــن ألــف نســخة يف‬ ‫اليــوم تــوزع عــى املؤسســات الحكوميــة‬ ‫والخاصــة‪ ،‬وقــد هجرهــا الســكان لعــدم‬ ‫قدرتهــا عــى مواكبــة التطــورات‪ ،‬بحســب‬ ‫املتابعــن‪.‬‬

‫ويبينــون أنــه مــع أزمــة كورونــا‪ ،‬تحولــت‬ ‫غالبيــة الصحــف إىل إصــدار أعدادهــا‬ ‫إلكرتونيــا فقــط‪ ،‬وبعــدد صفحــات أقــل‬ ‫مــن الســابق‪ ،‬يف وقــت توقفــت صحــف‬ ‫أخــرى عــن اإلصــدار وقامــت بتقليــص‬ ‫رواتــب موظفيهــا لتجنــب إعــان إفالســها‬ ‫و»موتهــا»‪ ،‬مشــرين اىل ان اإلصــدار‬ ‫اإللكــروين يقــدم مجانــا إىل القــارئ‪ ،‬لذلــك‬ ‫توقفــت اإليــرادات الصحفيــة مــن البيــع‬ ‫واإلعالنــات‪ ،‬مشــرين إىل أن الظــرف الحايل‬ ‫ســيجرب معظــم الصحــف عــى التحــول إىل‬ ‫العمــل اإللكــروين فقــط‪ ،‬ومنوهــن اىل إن‬ ‫أغلــب الســكان باتــوا يعزفــون عــن رشاء‬ ‫الصحــف‪ ،‬وان تراجــع الصحافــة الورقيــة ال‬ ‫يقتــر عــى العـراق بــل العــامل ككل‪ ،‬وعــد‬ ‫املراقبــون ان فــرض حظــر التجــوال أســهم‬ ‫بشــكل كبــر فيــا اعتــر «نقلــة نوعيــة»‬ ‫للصحافــة الورقيــة نحــو اإللكرتونيــة‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم؛ ولقــد كانــت تتواجــد يف‬ ‫العــراق منــذ نيســان ‪ 2003‬عــرات بــل‬ ‫مئــات املواقــع اختفــى كثــر منهــا يف اوقات‬ ‫الحقــة‪ ،‬بحســب املراقبــن‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪79‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫مشاهير «يوتيوب» الغربيون‬ ‫حبل انقاذ لسياحة العراق‬ ‫خلــص تقريــر بريطانــي‪ ،‬إلــى أن المدونيــن الغربييــن الناشــطين علــى موقــع‬ ‫«يوتيــوب» يقدمــون صــورة مغايــرة عــن العــراق‪ ،‬بعــد عقــود مــن االزمــات‬ ‫والحــروب‪ ،‬ويســاهمون فــي تعزيــز النشــاط الســياحي الناشــئ فــي البلــد‪ ،‬واصبــح‬ ‫تأثيرهــم االيجابــي أهــم مــن تأثيــر وســائل االعــام الغربيــة التقليديــة‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫ورصــد تقريــر ملوقــع «ميــدل ايســت آي»‬ ‫الربيطــاين تحــوال يف زيــارة الســياح الغربيــن‬ ‫اىل العــراق متأثريــن بالناشــطني املؤثريــن‬ ‫واملدونــن الفاعلــن عــى «يوتيــوب»‬ ‫الذيــن ينقلــون مشــاهد وانطباعــات غــر‬ ‫مألوفــة بالنســبة اىل الغربيــن‪ ،‬عــن العـراق‬ ‫ومناطقــه وناســه‪.‬‬ ‫واشــار التقريــر الــذي ترجمتــه مجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬اىل ان «املرشــد الســياحي حســن‬ ‫هــارون كمرشــد الــذي يقــول ان غالبيــة‬ ‫الزبائــن كانــوا مــن العراقيــن قبــل عامــن‪،‬‬ ‫مســتغلني اســتعادة االمــن بعــد هزميــة‬ ‫تنظيــم داعــش‪ ،‬مــن اجــل استشــكاف‬ ‫وطنهــم‪ ،‬لكــن يف العــام املــايض بــدأ يحــدث‬ ‫تغيــر يف ذلــك»‪.‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن هــارون املتحــدر مــن‬ ‫مدينــة بابــل التاريخيــة‪ ،‬قولــه إن «العديــد‬ ‫مــن مــن مســتخدمي يوتيــوب واملؤثريــن‬ ‫(االنلفونــرز) مــن الغــرب‪ ،‬بــدأوا يف‬ ‫املجــيء» اىل العــراق»‪ .‬ولفــت التقريــر اىل‬ ‫ان «العــراق اجتــذب منــذ فــرة طويلــة‬

‫‪80‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫تدفقــا دامئــا للســياح الدينيــن مــن ايــران‬ ‫اىل مدينتــي كربــاء والنجــف‪ ،‬اال ان هــذا‬ ‫البلــد مل يكــن معروفــا بالنســبة اىل الــزوار‬ ‫مــن الغــرب»‪.‬‬ ‫وعــدد التقريــر االحــداث الكــرى التــي‬ ‫عصفــت بالع ـراق‪ ،‬مــن الغــزو االمريــي يف‬ ‫العــام ‪ ،2003‬ثــم التمــرد الــذي تبــع ذلــك‪،‬‬ ‫ثــم حــرب داعــش‪ ،‬مشــرا اىل انــه يف ظــل‬ ‫تدفــق الجنــود واالســلحة‪ ،‬فــان احــدا مل‬ ‫يســمع بوجــود الســياح الغربيــن‪.‬‬ ‫وقــال هــارون للموقــع الربيطــاين ان العـراق‬ ‫«كان مغلقــا عــى العــامل طــوال عقديــن‬ ‫مــن الزمــن»‪.‬‬ ‫مجموعات «الواتساب» تطن‬ ‫وذكــر التقريــر ان «مــدوين رحــات الســفر‬ ‫الغربيــن‪ ،‬بــدأوا يف صيــف العــام ‪،2021‬‬ ‫بالظهــور يف شــوارع بغــداد واملوصــل‬ ‫والبــرة‪ ،‬ويســتقلون ســيارات االجــرة‬ ‫ويرشبــون الشــاي مــع الســكان املحليــن‬ ‫ويدخنــون الرنجيلــة (الشيشــة)»‪.‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن الخريــج الجامعــي عبــد‬

‫اللــه القــزاز الــذي أنشــأ رشكــة «فيزيــت‬ ‫املوصــل» الســياحية‪« ،‬انهــا ظاهــرة جديــدة‬ ‫بالتأكيــد‪ ..‬النــاس يرحبــون‪ ،‬لكنهــم مــا زالــوا‬ ‫يعتــادون عــى رؤيــة ســياح غربيــن»‪.‬‬ ‫وطــرح الق ـزاز ســببني للتغــر الحاصــل اوال‬ ‫تحســن الوضــع االمنــي خــال الســنوات‬ ‫املاضيــة‪ ،‬ثــم زيــارة البابــا فرنســيس اىل‬ ‫العــراق يف مــارس‪/‬آذار العــام ‪،2021‬‬ ‫موضحــا ان «زيــارة البابــا وحقيقــة ان‬ ‫العــراق كان مفتوحــا عندمــا تــم اغــاق‬ ‫بقيــة العــامل بســبب وبــاء كورونــا» ســاهام‬ ‫يف زيــادة زيــارات الســياح‪.‬‬ ‫اال ان التقريــر لفــت اىل «عامــل آخــر يتمثل‬ ‫يف ان الحكومــة العراقيــة اتخــذت خطــوة‬ ‫كبــرة يف مــارس‪/‬اذار املــايض‪ ،‬بعدمــا قــررت‬ ‫الســاح للــزوار مــن دول مثــل الواليــات‬ ‫املتحــدة وبريطانيــا ومــن االتحــاد االورويب‪،‬‬ ‫الحصــول عــى تأشــرات دخــول مبجــرد‬ ‫وصولهــم اىل املطــارات او الحــدود الربيــة‬ ‫والبحريــة للعــراق»‪.‬‬ ‫وبحســب التقريــر‪ ،‬فــان «خطــوة الحصــول‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪81‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫عــى تأشــرة ســياحية كانــت عمليــة‬ ‫مرهقــة اذا تســتغرق شــهورا وكلفتهــا االف‬ ‫الــدوالرات‪ ،‬مضيفــا ان املشــجع اكــر ان‬ ‫العــراق قــام بالغــاء رشط ان يكــون لــدى‬ ‫الســائحني دليــل يرافقهــم معتمــد مــن‬ ‫جانــب الحكومــة»‪.‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن االمريــي مــاك كانــدي‪،‬‬ ‫هــو مــدون فيديــو حــول رحــات الســفر‪،‬‬ ‫قولــه إنــه «ألغــى لعــدة ســنوات العــراق‬ ‫كوجهــة للســفر بســبب القيــود التــي كانــت‬ ‫قامئــة‪ ،‬لكــن االمــور تغــرت االن‪ ،‬وانــه‬ ‫بعــد وقــت قصــر مــن اعــان الع ـراق عــن‬ ‫القواعــد الجديــدة للزيــارة‪ ،‬فــان هاتفــه‬ ‫بــدأ يــرن‪ ،‬مضيفــا ان «كل مجموعــات‬ ‫الواتســاب‪ ،‬كانــت تطنطــن»‪.‬‬ ‫واوضــح كانــدي ان «مجتمــع مســتخدمي‬ ‫يوتيــوب‪ ،‬خاصــة الذيــن يســافرون اىل‬ ‫مناطــق متشــابهة ‪ ،‬يشــبه بدرجــة كبــرة‬ ‫موقــع عمــل مشــرك‪ ،‬فكلنــا يعــرف االخــر‪،‬‬

‫‪82‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ولهــذا فانــه عندمــا يســمع شــخص مــا‬ ‫عــن تغيــر قواعــد الســفر‪ ،‬فاننــا جميعــا‬ ‫نكتشــف ذلــك»‪.‬‬ ‫واشــار التقريــر اىل ان «الربيطــاين جــاي‬ ‫بالفــراي كان مــن اوائــل مــدوين رحــات‬ ‫الســفر الذيــن ذهبــوا اىل العــراق‪ ،‬وهــو‬ ‫لديــه ‪ 12‬مليــون مشــرك عــى «يوتيــوب»‬ ‫يتابعــون رحالتــه يف مختلــف انحــاء الــرق‬ ‫االوســط‪ ،‬وقــام حتــى االن بثــاث زيــارات‬ ‫اىل العــراق منــذ اب‪/‬اغســطس مــن العــام‬ ‫‪.»2021‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن بالفــراي قولــه إن‬ ‫«العــراق هــو «بلــدي العــريب املفضــل‬ ‫باملطلــق»‪ ،‬مضيفــا بالقــول «ال أظــن‬ ‫اننــي صــورت مشــهدا مــن دون ان يــايت‬ ‫العراقيــون للرتحيــب يب»‪.‬‬ ‫يســتهل العديــد مــن املدونــن مقاطــع‬ ‫الفيديــو الخاصــة بهــم بالقــول انهــم ال‬ ‫يعتزمــون التعبــر عــن آراء سياســية الن‬

‫ذلــك يثــر انتقــادات احيانــا مــن املتابعــن‬ ‫اذا كان البلــد ســاحة لرصاعــات‪.‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن الناشــط االمريــي عــى‬ ‫«يوتيــوب» دوج بارنــارد الــذي زار الع ـراق‬ ‫برفقــة بالفــراي‪ ،‬قولــه انــه «ال يوجــد يف‬ ‫العــراق «شــخصية مثــرة للجــدل تزعــج‬ ‫النــاس‪ ،‬ويف العـراق خاصــة‪ ،‬هنــاك احســاس‬ ‫بــان الــكل يريــد فقــط لهــذا البلــد النجاح»‪.‬‬ ‫واوضــح التقريــر ان «العديــد مــن مــدوين‬ ‫رحــات الســفر الذيــن يأتــون اىل العــراق‬ ‫يقدمــون محتواهــم بطريقــة معينــة‪:‬‬ ‫لقطــة ذاتيــة‪ ،‬وتحريــر بســيط‪ ،‬والكثــر مــن‬ ‫التفاعــل مــع الســكان املحليــن»‪ ،‬مشــرا اىل‬ ‫انهــم يســتخدمون لغتهــم العربيــة الركيكــة‬ ‫وينــأون بأنفســهم عمومــا عــن القضايــا‬ ‫السياســية»‪.‬‬ ‫ولفــت التقريــر اىل ان احــد اشــهر مقاطــع‬ ‫الفيديــو التــي نرشهــا بارنــارد كانــت تتعلــق‬ ‫بتمضيــة ليلــة ســهر يف الخــارج مــع عراقيــة‬

‫يف مدينــة بغــداد‪ .‬ويف فيديــو آخــر‪ ،‬يصــور‬ ‫بارنــارد ايضــا كيــف شــاهد هــو واصدقــاؤه‬ ‫بالصدفــة عــرض مواهــب يف الهــواء الطلــق‬ ‫يف بغــداد‪.‬‬ ‫امــا كانــدي فقــد نــر رشيــط فيديــو مدتــه‬ ‫‪ 25‬دقيقــة‪ ،‬صــوره داخــل صالــون حالقــة‬ ‫ـداع يف املدينــة‪.‬‬ ‫متـ ٍ‬ ‫تعلم كيف تقول «حبيبي»‬ ‫وبعدمــا اشــار اىل ان «متوســط عمــر ســكان‬ ‫العـراق البالــغ عددهــم ‪ 40‬مليــون نســمة‪،‬‬ ‫‪ 21‬عامــا‪ ،‬ذكــر التقريــر ان مســتخدمي‬ ‫«يوتيــوب» يقولــون ان مشــاهد الفيديــو‬ ‫الخاصــة بهــم‪ ،‬تنــال شــعبية اكــر يف العـراق‬ ‫مــا تنالــه يف الغــرب»‪.‬‬ ‫وعــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــان «العراقيني شــكلوا‬ ‫‪ 70%‬مــن الجمهــور املتابــع لكانــدي بعــد‬ ‫زيارتــه اىل الع ـراق‪ ،‬بينــا شــكل املتابعــون‬ ‫مــن داخــل امريــكا‪ ،‬اقــل مــن ‪.5%‬‬ ‫وبحســب بارنــارد فــأن «حــوايل ‪ 70%‬مــن‬ ‫املشــاهدات عــى مقاطــع الفيديــو العراقيــة‬ ‫التــي ينرشهــا كانــت مــن العراقيــن‪ ،‬بينــا‬ ‫بالنســبة اىل بالفـراي فــان الرقــم هــو حــوايل‬ ‫‪.»60%‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن العراقــي ديــار طــال‬

‫قولــه ان «غالبيــة العراقيــن ميضــون‬ ‫حياتهــم مــن دون رؤيــة اي غــريب نهائيــا‪،‬‬ ‫وهــو يشــعرون بالفضــول ملعرفــة كيــف‬ ‫يختــر مدونــو اليوتيــوب مــن الغــرب‪ ،‬بلدنــا‬ ‫وثقافتنــا»‪.‬‬ ‫ولفــت التقريــر اىل ان «طــال هــو مــن بــن‬ ‫مؤســي «مقهــى املســافرون العراقيــون»‬ ‫(ترافيلــرز كافيــه)‪ ،‬التــي هــي عبــارة عــن‬ ‫منصــة عــى االنرتنــت تــروج ل «املواطنــة‬ ‫العامليــة» بــن العراقيــن‪ ،‬والتــي رسعــان مــا‬ ‫تحولــت اىل شــبكة تضــم ‪ 38‬الــف عضــو‬ ‫عــى فيســبوك وهدفهــا مســاعدة الســياح‬ ‫عــى التجــول يف الع ـراق»‪.‬‬ ‫وتابــع طــال قائــا ان «العراقيــن يريــدون‬ ‫«ان يدعــوا النــاس اىل بلدهــم‪ .‬ويعتقــد‬ ‫البعــض انــه رمبــا النهــم مــن الواليــات‬ ‫املتحــدة التــي لديهــا هــذا التاريــخ مــع‬ ‫العــراق‪ ،‬فانهــم غــر مرحــب بهــم‪ .‬هــذا‬ ‫ليــس صحيحــا»‪.‬‬ ‫واوضــح املوقــع ان «الســياح يتواصلــون‬ ‫مــع املجموعــة عــى االنرتنــت مــن اجــل‬ ‫الحصــول عــى املســاعدة يف كافــة االمــور‪،‬‬ ‫بــدءا مــن الحصــول عــى نصائــح حــول‬ ‫املواقــع التــي بامكانهــم زيارتهــا‪ ،‬وصــوال‬

‫اىل كيفيــة اســتئجار ســيارة‪ .‬وباالضافــة اىل‬ ‫ذلــك‪ ،‬يتشــارك العراقيــون ارقــام هواتفهــم‬ ‫مــع الــزوار طالبــن منهــم االتصــال بهــم اذا‬ ‫كانــت لديهــم اي مشــاكل»‪.‬‬ ‫وقــال طــال «نحــن نســاعدهم عــى معرفة‬ ‫بعــض الكلــات العربيــة‪ .‬اذا تعلمــوا ان‬ ‫يقولــوا حبيبــي‪ ،‬فمــن االســهل التحــدث»‪.‬‬ ‫ومــن جهتــه‪ ،‬يرحــب اســامة مــوىس ‪ ،‬الــذي‬ ‫شــارك مــع طــال يف تاســيس «ترافيلــرز‬ ‫كافيــه»‪ ،‬بالناشــطني املؤثريــن واملدونــن‬ ‫مــن الواليــات املتحــدة واوروبــا‪ ،‬قائــا‬ ‫«انهــم يظهــرون جانبــا مــن العـراق ال ميكن‬ ‫لوســائل االعــام الغربيــة اظهــاره ابــدا»‪.‬‬ ‫وتابــع «انهــم يلهمــون النــاس لجعلهــم‬ ‫يأتــون»‪ .‬امــا القـزاز ‪ ،‬املتحــدر مــن املوصــل‪،‬‬ ‫فقــد عــر عــن نفــس املشــاعر قائــا‬ ‫«املدونــون مســتقلون‪ .‬ميكنهــم روايــة‬ ‫القصــة الحقيقيــة عــا ميــرون بــه هنــا»‪.‬‬ ‫ومــن جهتــه‪ ،‬قــال هارون‪ ،‬املرشــد الســياحي‬ ‫مــن بابــل‪« ،‬نحــن بحاجــة اىل القيــام بالكثــر‬ ‫مــن العمــل‪ .‬يف الوقــت الحــايل‪ ،‬الســياح‬ ‫متفاجئــون‪ ،‬فلقــد ادركــوا االن‪ ،‬ان بامكانهــم‬ ‫املــي يف شــوارع بغــداد وان الوضــع امــن»‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪83‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫عيادات طب االعشاب‬ ‫مراجعوها ينشدون القدرة‬ ‫الجنسية وعالج االمراض المزمنة‬

‫انتشـــرت في العـــراق ظاهـــرة الطب البديـــل او «طب االعشـــاب»‬ ‫وتكاثـــرت العيادات المتعلقة بهذا االمر فـــي بغداد والمحافظات‪،‬‬ ‫واصبحـــت لها برامج خاصـــة في الفضائيـــات؛ يقترن ذلـــك بتأكيد‬ ‫الخبـــراء المتواصل علـــى ان الحاجـــة انتفت لوجود الطـــب البديل‬ ‫وان الجهـــل والفقـــر وتـــردي المؤسســـات الصحية جعلتهـــا بيئة‬ ‫المتـــزاج اعمال الســـحر والشـــعوذة ومزجها بحجة الطـــب البديل‪،‬‬ ‫بحســـب قولهم ‪...‬‬

‫‪84‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫فيـــلي‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪85‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫مشــرين اىل ان تــردي واقــع املؤسســات‬ ‫الصحيــة وشــح األدوية وانتشــار املغشــوش‬ ‫دفــع كثــرا مــن العراقيــن اىل التهافــت‬ ‫عــى «املعاشــب الطبيــة»‪ ،‬ومنوهــن اىل‬ ‫انهــا كانــت قــد بــدأت يف مــدة العقوبــات‬ ‫التــي فرضــت عــى البلــد يف تســعينات‬ ‫القــرن املــايض‪ ،‬اثــر غــزو دولــة الكويــت‪.‬‬ ‫ومــن املعلــوم انــه يتواجــد يف الســياقات‬ ‫ـي وهــو‬ ‫الطبيــة مــا يعــرف بالعــاج ال َوهمـ ّ‬ ‫مــادة تُعطــى للمريــض بهــدف عالجــه‪ ،‬وال‬ ‫يكــون لهــا تأثــر حقيقــي يف عــاج املــرض‬ ‫بعينــه‪ ،‬بوســاطتها يجــري إيهــام املريــض‬ ‫نفســ ًيا بــأن هــذا العــاج الــذي يتناولــه‬ ‫يحمــل شــفا ًء ملرضــه وأنــه عــاج فعــال‬ ‫يف التخلــص منــه‪ ،‬كــا يســتعمل هــذا‬ ‫العــاج يف اختبــارات األدويــة الجديــدة‬ ‫ويف األبحــاث الطبيــة‪ ،‬مــن دون ان يعــرف‬ ‫فعـ ً‬ ‫ـال أم‬ ‫ا ُملتــداوي مــا إذا كان هــذا الــدواء ّ‬ ‫ال‪ ،‬ويطلــق عــى الحالــة التــي يــرى فيهــا‬ ‫املتلقــي للــدواء أنــه قــد شــعر بتحســن‬ ‫ً‬ ‫فعــا بســبب توقعاتــه الشــخصية «تأثــر‬ ‫الــدواء الوهمــي» أو «اســتجابة الوهــم»‪،‬‬ ‫ويســتعمل هــذا املــر يف االبحــاث الطبيــة‬ ‫بصيغــة تجــارب تجــري عــى مــرىض او‬ ‫متطوعــن بحســب املصــادر الطبيــة؛ ولكن‬ ‫هــذا موضــوع آخــر ال يشــمل التــداوي‬ ‫باالعشــاب عــى حــد قــول املتخصصــن‪.‬‬ ‫صاحــب إحــدى املعاشــب الطبيــة يف‬ ‫العاصمــة بغــداد‪ ،‬يــرى أن «طب األعشــاب‬ ‫أوســع بكثــر مــن الطــب الحديــث وذلــك‬ ‫لوجــود الــدواء لــكل داء»‪ ،‬عــى حــد‬ ‫وصفــه‪ ،‬مردفــا أن مســتحرضاته الطبيــة‬ ‫«أتــت بنتائــج إيجابيــة لألمــراض التــي‬ ‫متــت معالجتهــا»‪ ،‬بحســب قولــه‪.‬‬ ‫ويلفــت املراقبــون اىل ان «عيــادات‬ ‫االعشــاب» يف بغــداد شــهدت إقبــا ًال‬ ‫متزايــداً عــى مســتحرضاتها لألغــراض‬ ‫العالجيــة‪ ،‬يفــوق يف بعــض األحيــان‬ ‫نظريتهــا الكيميائيــة‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ان «اقصــى مــا تتقاضــاه االســرة التــي تتكــون مــن ‪4‬‬ ‫اشــخاص أو اكثــر لــرب االســرة (رجــل) هــو ‪ 175‬ألــف دينــار‬ ‫عراقــي اآلن‪ ،‬وبعــد الزيــادة ســتكون ‪ 275‬الفــا‪ ،‬يف حــن‬ ‫االســرة التــي ربــة املنــزل فيهــا امــرأة فإنهــا تتقاضــى اآلن‬ ‫‪ 225‬الفــا‪ ،‬وبعــد الزيــادة ســتكون ‪ 325‬الفــا‪ ،‬أي هنــاك ‪100‬‬ ‫ألــف زيــادة» ‪..‬‬

‫ويقــول صاحــب احــدى العيــادة الخاصــة‬ ‫مبســتحرضات االعشــاب انــه يعمــل يف‬ ‫ضــوء نتائــج التقريــر الطبــي الصــادر‬ ‫عــن الطبيــب املختــص‪ ،‬مــع مراعــاة‬ ‫حالــة املريــض مــن الناحيتــن النفســية‬ ‫والجســدية‪ ،‬منوهــا اىل أن أبــرز الحــاالت‬ ‫املرضيــة التــي تجــري معالجتهــا يف عيادتــه‬ ‫هــي يف العــادة «ضعــف القــدرة الجنســية‬ ‫لــدى الرجــال وعــاج العقــم وأمــراض‬ ‫الســكر وضغــط الــدم والرتشــيق وغريهــا‬ ‫مــن الحــاالت األخــرى»‪ ،‬مفــرا اإلقبــال‬ ‫عــى هــذا النــوع مــن العــاج برخــص‬ ‫هــذه املســتحرضات وقلــة أعراضهــا‬ ‫الجانيــة مقارنــة بنظرياتهــا الكيميائيــة‪،‬‬ ‫وعــن مصــادر األعشــاب املســتعملة يف‬ ‫عيادتــه يضيــف قائــ ًا «أغلــب األعشــاب‬

‫يف املســتحرضات نســتوردها مــن ســوريا‬ ‫والهنــد والصــن وإيـران‪ ،‬فضـ ًا عــن تواجد‬ ‫األعشــاب املحليــة»‪.‬‬ ‫ويلفــت املراقبــون اىل ان التقــدم يف‬ ‫املجــاالت الطبيــة يف الع ـراق يف ســبعينات‬ ‫القــرن املــايض واوائــل الثامنينــات وزيــادة‬ ‫اعــداد املتخرجــن املتفوقــن يف الكليــات‬ ‫الطبيــة العراقيــة يف تلــك املــدة كاد ان‬ ‫يعصــف بـ»املعاشــب الطبيــة» يف البلــد‪،‬‬ ‫لكــن الســنوات الالحقــة شــهدت تراجــع‬ ‫الطــب يف العــراق الســيام يف عقــد‬ ‫التســعينات وازدهــر الطــب البديــل لشــح‬ ‫الــدواء الكيميــايئ‪ ،‬واملفارقــة هنــا ان هــذا‬ ‫االنتشــار زاد يف الســنوات التــي تلــت عــام‬ ‫‪ 2003‬برغــم انتهــاء العقوبــات عــى البلــد‬ ‫ويعــزو املراقبــون واملتخصصــون ذلــك‬

‫اىل تــردي واقــع املؤسســات الصحيــة‬ ‫وهجــر كثــر مــن األطبــاء االختصاصيــن‬ ‫ملستشــفياتهم‪ ،‬فض ـ ًا عــن ارتفــاع أســعار‬ ‫األدويــة وكــرة املغشــوش منهــا أو عــدم‬ ‫فاعليتهــا‪ ،‬مــا دعــا الكثــر مــن املــرىض إىل‬ ‫االتجــاه نحــو أخصائيــي الطــب الطبيعــي‬ ‫والتــداوي باألعشــاب‪ ،‬بحســب تعبريهــم‪.‬‬ ‫ويف ترصيحــات لبعــض مرتــادي عيــادات‬ ‫طــب االعشــاب اىل وســائل االعــام يقــول‬ ‫احــد املتداويــن بهــا «التــداوي باألعشــاب‬ ‫الطبيــة الطبيعيــة كان مــاذي األخــر‬ ‫لعــاج مشــكلة تســاقط الشــعر التــي‬ ‫تفاقمــت لــدي بعــد بلوغــي ســن الـــ‪،21‬‬ ‫إذ جربــت أنواعــاً عديــدة مــن العــاج‬ ‫الكيميــايئ‪ .‬لكــن جميــع محــاواليت بــاءت‬ ‫بالفشــل»‪ ،‬مبينــا انــه اتجــه إىل فكــرة‬

‫العــاج باألعشــاب بفضــل نصيحــة قدمهــا‬ ‫لــه أحــد أصدقائــه «أنفقــت أمــوا ًال كثــرة‬ ‫تصــل إىل مئــات الــدوالرات عــى هــذه‬ ‫املنتجــات ولكنهــا مل تــأت بــأي نتيجــة‪،‬‬ ‫فيــا يصــل ســعر العبــوة الواحــدة مــن‬ ‫العــاج الطبيعــي نحــو ‪ 20‬دوالراً وتكفــي‬ ‫ملــدة شــهر كامــل»‪ ،‬مضيفــا ان اســتعامله‬ ‫لالعشــاب حــال دون تســاقط شــعره‪،‬‬ ‫وأصبــح ينمــو مــن جديــد‪ ،‬بحســب قولــه‬ ‫«بعــد أن بــدأت بالتــداوي بواســطة العالج‬ ‫الطبيعــي الطبــي قبــل شــهور قليلــة‬ ‫باســتخدام زيــت خــاص متكــون مــن‬ ‫خليــط مــن الزيــوت النباتيــة واألعشــاب‬ ‫وأنــا اآلن يف نهايــة مشــوار عالجــي»‪.‬‬ ‫ويرجــع آخــرون تفضيلهــم التــداوي‬ ‫باألعشــاب عــى األدويــة الكيميائيــة‬ ‫إىل أســباب مــن ابرزهــا «تــردي واقــع‬ ‫املؤسســات الصحيــة يف العــراق فضــا‬ ‫عــن دخــول أنــواع متنوعــة ومختلفــة‬ ‫مــن األدويــة املنتهيــة الصالحيــة فضــ ًا‬ ‫عــن ارتفــاع أســعارها وكل هــذه العوامــل‬ ‫ســاعدت عــى افتتــاح املعاشــب الطبيــة يف‬ ‫العــراق»‪ ،‬عــى حــد قــول بعضهــم‪.‬‬ ‫ويقــول مســتعمل آخــر للطــب البديــل‬ ‫«كنــت يف الســابق اســتخدم األدويــة‬ ‫الكيامئيــة بكــرة نظــراً الرتفــاع نســبتي‬

‫الســكر وضغــط الــدم لــدي‪ ،‬مــا ســبب‬ ‫يل أعراضــاً جانبيــة أبرزهــا فقــدان شــهية‬ ‫الطعــام وكذلــك شــعوري بــدوار مســتمر‪،‬‬ ‫إىل أن قــررت اســتبدال األدويــة الكيميائية‬ ‫بالتــداوي باألعشــاب»‪.‬‬ ‫واملفارقــة هنــا ان وزارة الصحــة متنــح‬ ‫اجــازات لكثــر مــن عيــادات طــب‬ ‫االعشــاب‪ ،‬وعــن هــذا يقــول مديــر مركــز‬ ‫طــب األعشــاب التابــع لــوزارة الصحــة‬ ‫العراقيــة‪ ،‬إن «عــدد املعاشــب الطبيــة يف‬ ‫عمــوم املحافظــات العراقيــة بلــغ نحــو‬ ‫‪ 355‬معشــباً مجــازاً مــن قبــل وزارة‬ ‫الصحــة العراقيــة»‪ ،‬منوهــا اىل أن وزارة‬ ‫الصحــة أولــت اهتاممـاً كبــراً بهــذا الطــب‪،‬‬ ‫الــذي وصفــه بــ»األصيــل» وأخصائييــه‬ ‫مــن العشــابني؛ وبحســب املتحــدث فــإن‬ ‫املركــز أغلــق كثــرا مــن املعاشــب الطبيــة‬ ‫غــر املجــازة مــن قبــل وزارة الصحــة‪،‬‬ ‫واســتدرك ان مركــزه عمــل وبالتنســيق‬ ‫مــع الــوزارة عــى وضــع ضوابــط ورشوط‬ ‫معينــة ملنــح إجــازة فتــح «املعاشــب‬ ‫الطبيــة» يف العــراق‪ ،‬التــي تشــمل بــأن‬ ‫يكــون العشــاب مــن حملــة الشــهادات‬ ‫األكادمييــة املتخصصــة يف هــذا املجــال وأن‬ ‫يجتــاز دورات عــدة‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪87‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫التغذية المدرسية‬

‫بين الضرورة وسوء االدارة‬ ‫يشدد تقرير لألمم المتحدة‬ ‫على أهمية توفير الوجبات‬ ‫ألطفال المدارس‪ ،‬ال سيما‬ ‫في أوقات األزمات‪ ،‬ويلفت‬ ‫إلى أن كثيرا من البلدان‬ ‫النامية تعاني نقصا في هذه‬ ‫البرامج‪ ،‬وقدم التقرير في‬ ‫اجتماع سنوي لخبراء التغذية‬ ‫المدرسية‪ ،‬شاركت في‬ ‫استضافته مؤسسة تغذية‬ ‫الطفل العالمية‪ ،‬وبرنامج‬ ‫األغذية العالمي‪ ،‬ومركز التميز‬ ‫لمكافحة الجوع في البرازيل؛‬ ‫وبحسب المديرة التنفيذية‬ ‫لبرنامج األغذية العالمي‬ ‫اريثارين كزن‪ ،‬فان فرصة‬ ‫التعليم الجيد تكون متاحة‪،‬‬ ‫اذ تعزز التغذية المدرسية‬ ‫قدرة األطفال على االستفادة‬ ‫من هذه الفرصة‪ ،‬بحسب‬ ‫قولها‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪88‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫ويف العــراق طبقــت التغذيــة املدرســية‬ ‫منــذ وقــت مبكــر‪ ،‬وبحســب لقــاءات‬ ‫مــع اشــخاص عــارصوا مــدة الحكــم‬ ‫امللــي فــان التغذيــة كانــت تــوزع يف‬ ‫املــدارس االبتدائيــة يف حــدود الســاعة‬ ‫العــارشة صباحــا‪ ،‬بــأن يخــرج التالميــذ‬ ‫مــن الصــف اىل ســاحة املدرســة وكل‬ ‫واحــد يحمــل كوبــه الــذي جلبــه مــن‬ ‫البيــت ويــأيت الف ـراش وبيــده «الكتــي»‬ ‫الكبــر اململــوء بالشــاي مــع الحليــب‬ ‫املحــى بالســكر وميــأ اكــواب التالميــذ‪،‬‬ ‫ويــأيت بعــده الفــراش الثــاين ومعــه‬ ‫حبــوب زيــت «دهــن الســمك» ويعطــي‬ ‫كل طالــب حبــة واحــدة‪.‬‬ ‫ويف مــدة الحكــم الجمهــوري ويف ضــوء‬ ‫ذكريــات احــد الذيــن درســوا يف العــام‬ ‫الــدرايس ‪1959-1958‬وكان حينهــا يف‬ ‫الصــف الخامــس االبتــدايئ‪ ،‬بحســب‬ ‫يقولــه‪ ،‬كانــت وجبــات التغذيــة‬ ‫املدرســية تشــمل املــوز والربتقــال‬ ‫والتفــاح‪ ،‬والحليــب الجيــد املســتورد‬ ‫خصيصــا مــن هولنــدا‪ ،‬عــى حــد وصفــه‪،‬‬ ‫كــا شــملت الوجبــات البيــض املســلوق‪،‬‬ ‫وحبــوب دهــن الســمك التــي كانــت‬ ‫تقــدم بعــد تلــك الوجبــات عــى وفــق‬ ‫برنامــج خــاص بــإرشاف الدولــة‪ ،‬مشــرا‬ ‫اىل ان هــذا النظــام الغــذايئ بقــي‬ ‫معمــوال بــه يف جميــع ارجــاء العـراق ومل‬ ‫يتوقــف اال بعــد عــام ‪ ،1963‬بحســب‬ ‫قولــه‪.‬‬ ‫ويتذكــر أن الحكومــة عينــت يف كل‬ ‫مدرســة موظــف خدمــة أو أكــر للقيــام‬ ‫بإعــداد الوجبــة اليوميــة مــن تلــك‬ ‫األغذيــة‪ ،‬منوهــا اىل انهــم يبــارشون‬ ‫عملهــم بتنظيــم مواعــن «الفافــون»‬ ‫عــى شــكل «ســفرة» ممتــدة بصفــن‬ ‫متقابلــن لــكل مرحلــة دراســية ويف‬ ‫كل ماعــون «يضعــون لنــا رغيــف خبــز‬ ‫وبيضــة»‪ ،‬ومــن الفواكــه إمــا تفاحــة أو‬ ‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪89‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫برتقالــة أو مــوزة مــع كــوب للحليــب‬ ‫مــن الفافــون ثــم نتنــاول حبــة دهــن‬ ‫الســمك‪ ،‬ويجــري ذلــك يف «الفرصــة» مــا‬ ‫بــن الدرســن الثــاين والثالــث أي بحــدود‬ ‫الســاعة العــارشة صباحــا‪.‬‬ ‫ويقــول آخــرون؛ لقــد كان كل مــا يقــدم‬ ‫طازجــا ومــن أفضــل األنــواع واجودهــا‪،‬‬ ‫فلــم تــك قدميــة أو فاســدة «لقد شــبعنا‬ ‫فاكهــة وكثـ ٌر منــا عندمــا كان يشــبع مــن‬ ‫بعــض مــواد التغذيــة املدرســية وحــن‬ ‫تفيــض الكميــات املقدمــة لنــا عــن‬ ‫حاجتنــا كان الواحــد منــا يحمــل الفائــض‬ ‫إىل البيــت‪ ،‬اىل أخيــه األصغــر أو أختــه‬ ‫الصغــرى»‪.‬‬ ‫ويف ايامنــا املعــارصة كانــت الحكومــة‬ ‫العراقيــة قــد اعلنــت يف عــام‪ ٢٠١٠‬ان‬ ‫وزارة الرتبيــة العراقيــة تــدرس آليــة‬ ‫تعميــم برنامــج التغذيــة املدرســية‬ ‫عــى جميــع املــدارس لتوفــر الوجبــات‬ ‫الغذائيــة مجانــا للطــاب يف ســاعات‬ ‫الــدوام املــدريس‪ ،‬وكشــفت الــوزارة انهــا‬ ‫كانــت قــد بــدأت يف تنفيــذ الربنامــج‬ ‫قبــل عامــن مــن ذلــك العــام بشــكل‬ ‫تجريبــي يف عــدد مــن املــدارس‪ ،‬يف بعــض‬ ‫املحافظــات العراقيــة والقــى ترحيبــا مــن‬ ‫الطــاب وذويهــم‪ ،‬بحســب ترصيــح لهــا‪.‬‬ ‫وقــال وكيــل الــوزارة «نســعى لتوســيع‬ ‫هــذه التجربــة لتشــمل عــددا مــن‬ ‫املــدارس يف عــر محافظــات‪ ،‬وصــو ًال‬ ‫إىل التطبيــق الفعــي لربنامــج التغذيــة‬ ‫املدرســية يف جميــع أنحــاء الع ـراق مــع‬ ‫انطــاق العــام الــدرايس ‪،»2012 2011-‬‬ ‫منوهــا اىل أن الــوزارة تناقــش املــروع‬ ‫مــع ممثلــن مــن مؤسســات عراقيــة‪،‬‬ ‫كــوزارات التخطيــط والزراعــة واملاليــة‬ ‫وهيئــة املستشــارين يف مجلــس الــوزراء‬ ‫العراقــي؛ فيــا قــال وكيــل وزيــر الرتبيــة‬ ‫للشــؤون اإلداريــة «إن بعــض العائــات‬ ‫تضطــر‪ ،‬نتيجــة عــدم مقدرتهــا عــى‬

‫‪90‬‬

‫العدد ‪218‬‬ ‫الســنة الثامنـة عشر‬

‫« بعــض العائــات تضطــر‪ ،‬نتيجــة عــدم‬ ‫مقدرتهــا علــى تحمــل مصاريــف أبنائهــا‬ ‫الدراســية مــن مــأكل وملبــس ولــوازم‬ ‫مدرســية‪ ،‬إىل إجبارهــم علــى التســرب‬ ‫مــن املدرســة أو تــرك مقاعــد الدراســة‬ ‫واللجــوء إىل العمــل مــن أجــل تغطيــة‬ ‫نفقــات املعيشــة»‬

‫تحمــل مصاريــف أبنائهــا الدراســية مــن‬ ‫مــأكل وملبــس ولــوازم مدرســية‪ ،‬إىل‬ ‫إجبارهــم عــى التــرب مــن املدرســة‬ ‫أو تــرك مقاعــد الدراســة واللجــوء‬ ‫إىل العمــل مــن أجــل تغطيــة نفقــات‬ ‫املعيشــة»‪.‬‬ ‫واطلقــت وزارة الرتبيــة يف حينــه وعــودا‬ ‫فيــا يتعلــق بالتغذيــة املدرســية منهــا‬ ‫انهــا تقــوم بالتعــاون مــع منظــات‬ ‫دوليــة‪ ،‬مثــل منظمتــي اليونيســيف‬

‫وبرنامــج االغذيــة العاملــي (‪،)wfp‬‬ ‫لتوفــر الدعــم املــادي للربنامــج‬ ‫واملســاعدة يف توفــر املــواد الغذائيــة‬ ‫الداخلــة يف صناعــة األطعمــة واإلرشاف‬ ‫عــى نوعيتهــا؛ وانهــا تخطــط إلنشــاء‬ ‫مطاعــم يف داخــل املــدارس بــدال مــن‬ ‫الحوانيــت‪ ،‬وســتتألف ســلة الطعــام‬ ‫املــدريس مــن عنــارص غذائيــة متكاملــة‬ ‫تــوزع عــى الطلبــة والتالميــذ باملجــان‬ ‫بوجبتــن‪ ،‬إحداهــا يف الصبــاح والثانيــة‬

‫عنــد الظهــرة‪ ،‬كــا قالــت الــوزارة انهــا‬ ‫تخطــط أيضــا لتوفــر مالبــس الــزي‬ ‫املوحــد للطــاب‪.‬‬ ‫وفيــا قــال بعــض الطلبــة «إن مــروع‬ ‫التغذيــة ســيجعلنا يف مأمــن مــن األكالت‬ ‫امللوثــة وغــر الصحيــة‪ ،‬ويوفــر لنــا‬ ‫طاقــة غذائيــة كافيــة ملواصلــة الحصــص‬ ‫الدراســية بانتبــاه وتركيز عــال»‪ ،‬فان آراء‬ ‫اخــرى طرحــت قبــل البــدء باملــروع‪،‬‬ ‫ومفادهــا‪ ،‬ان الوقــت غــر مناســب‬

‫لتطبيــق هكــذا قــرار‪ ،‬وطالبــوا بــدال‬ ‫مــن ذلــك بتصليــح املرافــق الصحيــة و‬ ‫«الجــام املكــر» و «الرحــات» و توفــر‬ ‫ظــرف مناخــي و تعليمــي مناســب‬ ‫داخــل الصــف‪ ،‬وحــذروا مــن الفســاد‬ ‫املتوقــع يف اســترياد االغذيــة بحســب مــا‬ ‫رصح بــه بعضهــم‪.‬‬ ‫وأشــادت أم لثالثــة تالميــذ‪ ،‬باملــروع‪،‬‬ ‫وقالــت «يعــد هــذا املــروع خطــوة‬ ‫جيــدة‪ ،‬فهــو يرفــع عــن العائــات‬

‫الفقــرة عــبء تهيئــة الطعــام املــدريس‬ ‫ألطفالهــم أو املصاريــف املاليــة لهــذا‬ ‫الغــرض»‪ ،‬وقــال طالــب ثانويــة «إن‬ ‫كثــرا مــن الطــاب ينتابهــم الجــوع‬ ‫الســيام يف آخــر حصــة دراســية؛ ولتــايف‬ ‫ذلــك يلجــأ قســم منهــم أمــا إىل جلــب‬ ‫بعــض املأكــوالت معــه مــن البيــت‪ ،‬أو‬ ‫رشائهــا مــن محــال غــر نظاميــة وهــو‬ ‫مــا قــد يعرضهــم لخطــر التســمم»‪.‬‬ ‫ويف عــام ‪ 2014‬كشــف عــا ســمي بـــ‬ ‫«فضيحــة البســكويت»؛ وشــكل مجلــس‬ ‫النــواب العراقــي لجنــة تحقيــق تولــت‬ ‫التدقيــق باملعلومــات التــي اشــارت اىل‬ ‫اســترياد وزارة الرتبيــة مــادة البســكويت‬ ‫منتهيــة الصالحيــة املخصصــة كوجبــات‬ ‫غذائيــة لطلبــة املــدارس االبتدائيــة؛‬ ‫وهــو مــا عــده البعــض فضيحــة فســاد‬ ‫جديــدة يف البــاد‪ ،‬ملمحــن اىل تغيــر‬ ‫مــدة صالحيــة البســكويت بــن الطلــب‬ ‫االصــي والــوارد فعــا‪ ،‬بحســب قــول‬ ‫جهــات اعالميــة اردنيــة تحــرت يف‬ ‫املوضــوع‪ ،‬واكــدت وجــود مــا اســمته‬ ‫تواطــؤا رســميا يف األردن والع ـراق عــى‬ ‫حــد ســواء شــمل مئــات االطنــان مــن‬ ‫البســكويت املــورد‪.‬‬

‫‪2022‬‬

‫شـــــباط | فــبرايــر‬

‫‪91‬‬


‫المدنيون ‪ ..‬ضحايا غرور السالطين ‪..‬‬ ‫في كل الحروب يتصدر المدنيون االبرياء قوائم الضحايا ‪ ،‬الدخل لهم بالسياسة‬ ‫وال فائدة يجنونها من رائحة البارود سوى الموت والدمار ‪ .‬هم حطب الحروب‬ ‫والصراعات في كل االزمان ‪ ،‬وها هو العالم يشهد مجددا منظر النازحين‬ ‫والهاربين من الموت في شتى االتجاهات‪ ،‬رجال ونساء واطفال اصبحوا بال وطن‬ ‫في ليلة وضحاها ال لشيء سوى الرضاء رغبات السلطان وتجار الموت !!‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.