العدد الثالث والثمانون بعد المــائة من مجلة فيلي

Page 1


‫كلمة العدد‬ ‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫ذكرى والدة الفيليني‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE ,MEDIA‬‬ ‫‪FOR FAILY KURD‬‬

‫علي حسين فيلي‬ ‫‪alifaily@shafaaq.com‬‬ ‫صاحب االمتياز‬

‫‪The concessionaire‬‬ ‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليني‬

‫دةزطاى رؤشنبريى و راطةياندنى كوردى فةيلى‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫هيئة التحرير‬

‫‪183‬‬ ‫‪FAILY‬‬

‫السنة الخامسة عشر‬ ‫شــــــــباط ‪2019‬‬

‫الغالف االول‬

‫رئيس التحرير‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬

‫رقم االعتماد يف‬ ‫نقابة الصحفيني العراقيني ‪1016‬‬ ‫رقم االيداع يف دار الكتب‬ ‫والوثائق ‪ 796‬يف ‪2004‬‬

‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬

‫إقرأ في هذا العدد ‪....‬‬ ‫مشكلة الكورد اشكالية للجوار‬

‫‪8‬‬

‫الفيليون والتنظيم المجتمعي‬

‫‪18‬‬

‫مايحتاجه العراقيون‬

‫‪40‬‬

‫من دينار ملتح الى دوالر حليق اللحية‬

‫‪58‬‬

‫كما جرت العادة‪ ،‬تقام في شهر نيسان‬ ‫من كل عام‪ ،‬مراسيم ذكرى شهداء الكورد‬ ‫الفيليين‪ .‬وهذا ما يعني ذكرى القرار‬ ‫المشؤوم باإلبادة الجماعية (الجينوسايد)‬ ‫وليس ذكرى الميالد‪ .‬وبعد عشرات السنين‬ ‫من تلك الكارثة‪ ،‬يتوجب علينا ان نولد من‬ ‫جديد‪ ،‬ومن المستحسن ان نفكر في ذلك‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫كل الذين يتعرضون للهجوم واالنقضاض‬ ‫عليهم – مثل الكورد الفيليين – يفكرون‬ ‫في مصدر التهديدات واسبابها‪ .‬ومن هذا‬ ‫المنظار‪ ،‬وفي تغطية اولية‪ ،‬في حينها ومن‬ ‫اجل تصنيف قضية الفيليين داخل الحكم‬ ‫والنسيج المجتمعي العراقي كنموذج تم‬ ‫االخذ بعين االعتبار عددا من القطاعات‬ ‫المختلفة‪ ،‬توصلنا الى هذه النتائج‪ :‬مشكلة‬ ‫الهوية الوطنية ‪ ، 100%‬المشكلة القومية‬ ‫والمذهبية ‪ ،70%‬مشكالت سياسية ‪،55%‬‬ ‫المشكلة االقتصادية ‪ ،50%‬مشكلة ثقافية‬ ‫واجتماعية ‪( .20%‬من المؤكد ان فروع‬ ‫واغصان هذه القطاعات متشابكة مع‬ ‫بعضها وقسم منها تشكل مشكلة مشتركة‬ ‫لباقي المواطنين)‪.‬‬ ‫في هذا البلد‪ ،‬بسبب وقوع الناس دوما تحت‬ ‫التأثيرات المباشرة والصراعات والمشكالت‬ ‫في الجوانب القومية والمذهبية‬ ‫والسياسية ‪ ،‬وعاد عليهم موقعهم‬ ‫الجغرافي الذي يعيشون فيه بالضرر‪ .‬وفي‬ ‫الحرب بين الكورد والحكومة‪ ،‬وبين الشيعة‬

‫والسنة ‪ ،‬وبين العلمانيين واليبراليين مع‬ ‫القوميين واالنقالبيين‪ ،‬كان الفيليون‬ ‫دوما حطب محرقة تلك الحروب‪.‬‬ ‫في هذا البلد‪ ،‬الحديث عن المشكالت التي‬ ‫اشرنا اليها متأخر لقرن من الزمان‪ ،‬حيث‬ ‫ان عدم ايمان القادة بحق الناس سار‬ ‫بالسياسة الى عمق الهاوية‪ .‬ولم تستطع‬ ‫القوانين التي تدافع عن الكورد الفيليين‬ ‫ان تكون مانعا من انهيار نفسية هؤالء‬ ‫الناس المسروق ماضييهم والذين ال يظنون‬ ‫ان لهم اي حظ في المستقبل ايضا‪.‬‬ ‫ومن هذا المنطلق يتوضح ان جدار الخوف‬ ‫من صدام قد سقط‪ ،‬ولكن جدار التفرقة‬ ‫مازال موجودا‪ .‬ومن وجهة نظر اي انسان‬ ‫مشرد ‪ ،‬في افاق هذا البلد‪ ،‬وما عدا تغيير‬ ‫وجوه المشكالت المعمرة‪ ،‬ليس من المقرر‬ ‫ان يتم انهاء المعاناة في وقت قريب‪ ،‬الن‬ ‫ما يشغل بال الناس بشكل رئيس في‬ ‫منطقة محاصرة بالحرب هو كيفية البقاء‬ ‫احياء فيها‪.‬‬ ‫الفيليون من جانبهم ومن اجل تحصيل‬ ‫احتياجاتهم البدائية في بالد ال سلم فيه‬ ‫من المؤكد ان يكون االمن واالمان‪ .‬ومن‬ ‫الحقيق على جميع العراقيين ومن اجل‬ ‫اال تنتهي الحلول بكوارث اكبر‪ ،‬ان يبادروا‬ ‫لنجدة هذا المكون ومثلما تم تحديد يوم‬ ‫ذكرى ابادتهم الجماعية الحزينة والمغلوبة‬ ‫على امرها‪ ،‬ان يحددوا يوما إلعادة والدة‬ ‫هذا المكون ليتصالح مع حياة اعتيادية‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫‪www.shafaaq.com‬‬


‫كورديات‬

‫الجديد في تشكيل حكومة اقليم كوردستان‬

‫‪4‬‬

‫د‪ .‬سوزان ئاميدي‬

‫بعد ان تم التصديق عىل نتائج‬ ‫االنتخابات فكل الجامعات‬ ‫السياسية املشاركة فيها عرفت مستوى‬ ‫شعبيتها ‪ ،‬رغم املحاوالت الحثيثة لبعض‬ ‫األطراف التي جاءت نتائج االنتخابات‬ ‫مخالفه لتمنياتهم بالطعن وتقديم‬ ‫الشكاوي ولكن دون جدوى ‪،‬فقد حصل‬ ‫كل حزب كوردي عدد معني من املقاعد‬ ‫داخل الربملان الكوردستاين وجاء الحزب‬ ‫الدميقراطي الكوردستاين يف مقدمة‬ ‫األحزاب بعدد املقاعد حيث حصل عىل‬ ‫‪ 45‬مقعد ومن بعده االتحاد الوطني ‪21‬‬ ‫مقعد وحركة التغيري ‪ 12‬مقعد والجيل‬ ‫الجديد ‪ 8‬مقاعد والجامعة اإلسالمية‬ ‫‪ 7‬مقاعد ونحو اإلصالح ‪ 5‬مقاعد وكل‬ ‫من (الحزب الشيوعي والكلدان ورسدم‬ ‫العرص والرافدين واملجلس الرسياين‬ ‫واتحاد املسيحيني )عىل مقعد واحد ‪.‬‬

‫‪ 31‬اوكتوبر من ‪ 2018‬كان اخر يوم‬ ‫ملدة الربملان الترشيعي والتي اتسمت‬ ‫بعجزها «ألسباب» املفروض يتم تفاديها‬ ‫يف املرحلة القادمة عند تشكيل الحكومة‬ ‫الجديدة‬ ‫اذ مرت الفرتة السابقة اَي أربعة أعوام‬ ‫بعدم االستقرار السيايس واالقتصادي ‪،‬‬ ‫وعليه نرى وجوب تغيري التوجه السائد‬ ‫وهو الرتايض واملجاملة عند تشكيل‬ ‫الحكومة بهدف الحفاظ عىل البيت‬ ‫السيايس الكوردي واالخرية مل يكن لها‬ ‫اَي اعتبار عند بعض القوى السياسية‬ ‫بل عملت عىل جلب الرضر لكوردستان‬ ‫‪ ،‬لذا ندعوا اىل تشكيل حكومة االغلبية‬ ‫وحسب االستحقاقات االنتخابية‬ ‫ومشاركة القوى السياسية املوافقة عىل‬ ‫الربنامج الحكومي فقط ‪.‬‬ ‫يف الواقع اثبتت بعض القوى السياسية‬

‫الكوردية ان وجودها أصال من اجل‬ ‫التنكيل بالحزب املقابل بعد ان كانت‬ ‫أصال جزءا منها فانفصلت لتشكل حزب‬ ‫او تيار او جامعة ‪،‬ومهام جاءت املحاوالت‬ ‫للتقارب مل تجدي نفعا وسوف لن يجدي‬ ‫نفعا خاصة بعدما حصل يف اختيار رئيس‬ ‫جمهورية العراق واملفروض ان يكون‬ ‫ممثال عن الكورد من خالل اتفاق القوى‬ ‫الكوردستانية عليه اال ان االمر جاء‬ ‫وحسب اتفاق «مؤامرة «نفس األطراف‬ ‫مع اخرى غري كوردستانية واملرصة عىل‬ ‫تشتيت البيت الكوردي والذي بدوره‬ ‫يؤثر سلبا عىل االستقرار الداخيل إلقليم‬ ‫كوردستان ‪ ،‬لذا نرى ابعادهم عن‬ ‫القرار السيايس الكوردستاين من خالل‬ ‫عدم مشاركتهم يف مناصب صنع القرار‬ ‫السيايس واالكتفاء مبناصب خدمية عامة‬ ‫‪ ،‬اال ان هذه الخطوة تحتاج اىل‬

‫اوال‪ :‬عدم التساهل مهام كانت‬ ‫الضغوطات ‪ ،‬الن هذه األطراف من‬ ‫ضعفها تلجأ اىل التهديد ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أهمية أخذ الحيطة والحذر لتوقع‬ ‫محاوالت منهم دون حصول ذلك وبكل‬ ‫الطرق املمكنة حتى وان كانت غري‬ ‫اخالقية فكركوك منوذجا ‪.‬‬ ‫ان احتواء اي نزاع داخيل وتخفيف‬ ‫املعاناة ونزع فتيل اي فتنة هو تحدي‬ ‫كبري ورئييس يقع عىل عاتق االحزاب‬ ‫السياسية الكوردستانية لحامية السالم‬ ‫الوطني ‪ ,‬فعندما تصبح املصالح‬ ‫متناقضة والتعبري عنها بصورة عدائية‬ ‫يعطي مؤرشا خطريا ومؤثرا عىل عموم‬ ‫الشعب الكوردستاين ‪.‬‬ ‫هذا املؤرش جاء بعد تنامي الشعور‬ ‫بتهديد املصالح من حزب او جامعة ‪,‬‬ ‫اليس بامكان االحزاب ان تحقق مصالحها‬

‫باستخدام آليات مقننة ومنضبطة ملنع‬ ‫تحولها اىل ازمة مؤثرة ؟ او اللجوء اىل‬ ‫وسائل تخفف من وطئتها ؟‪.‬‬ ‫الرصاع بني االحزاب غالبا اليربز بصورة‬ ‫مفاجئه وبالتايل ال ينتهي ايضا بصورة‬ ‫مفاجئه ‪ ,‬لذلك وللرضورة املرحلية نطلب‬ ‫من االحزاب والجامعات السياسية بدور‬ ‫وسطي ‪ .‬واالخرية يتطلب معرفة بعض‬ ‫االمور املهمة وهي ‪- :‬‬ ‫‪ 1‬عدد االحزاب املواجهة ‪.‬‬‫‪ 2‬مدى العالقات ‪.‬‬‫‪ 3‬ادراك االختالفات بني االطراف‬‫الرئيسية ‪.‬‬ ‫‪ 4‬مستوى التعبئة السياسية ‪.‬‬‫‪ 5‬حجم املطالب ‪.‬‬‫ولكن عندما يتحول الرصاع بني االحزاب‬ ‫اىل اشخاص يتفاقم االمر ويصبح‬ ‫التسقيط الشخيص هو االسلوب املتبع‬

‫‪ .‬ان غالبية الرصاعات السياسية التي تبدو‬ ‫انها ايديولوجية اال انها يف الحقيقة والواقع‬ ‫رصاعات شخصية تقع ضمن محور من يكون‬ ‫«صاحب القرار» يف «السلطة» ‪ ,‬فيتعىل‬ ‫بعض «املثقفني» املنابر مبا يدعوا معرفتهم‬ ‫ويغرقوا االوساط ( اسمحوا يل ان ادعوها‬ ‫باملهاترات ) دون ان ينظروا اىل ابعد من‬ ‫ارنبة انفهم ليزيدوا «الطني بلة « ‪.‬‬ ‫أال يتحتم علينا االبتعاد عن الخطاب‬ ‫االستفزازي ؟ وأن نتحرى الخطاب املتزن‬ ‫املسؤول الذي يعالج املشاكل وليس تأجيجها‬ ‫؟ ‪ .‬فلنا بيت اسمه البيت الكوردي له حق‬ ‫كبري علينا لتحقيق االصالح ‪ .‬والتغيري الجدي‬ ‫هو يف تطوير مؤسسات االقليم وال يعوض‬ ‫ذلك بتغيري شخص عىل اساس انها املهمة‬ ‫املركزية ‪ .‬نحن امام مهمة تاريخية لن تقوم‬ ‫بها اال الوحدة الكوردستانية‬ ‫‪5‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪6‬‬

‫البارزاني‬ ‫يف ذكرى‬ ‫رحيله‬ ‫األربعني‬ ‫عبداهلل جعفر كوفلي‬

‫مالمح البعد األمني يف سياسة‬ ‫البارزاين (الحلقة األوىل)‬ ‫أو ًال ‪ :‬موقف البارزاين مع الدكتور‬ ‫فؤاد معصوم‪.‬‬ ‫يقول الدكتور فؤاد معصوم ‪ ،‬يف كلمة‬ ‫له يف املؤمتر التسعني مليالد البارزاين‬ ‫يف عام (‪( : )1993‬إن كل شعب يفتخر‬ ‫بشخصياته البارزة‪ ،‬و مثقفيه‪ ،‬والشعب‬ ‫الكوري هو أحد تلك الشعوب‪ ،‬حيث‬ ‫كان الكورد منذ القدم يعتز بهؤالء‪ ،‬و‬ ‫كانوا حسب تصورهم‪ ،‬ومفاهيمهم آنذاك‬

‫يسمونهم أولياء الله‪ ،‬ورجاله الصالحني‪،‬‬ ‫يزورون قبورهم ملناجاتهم‪ ،‬طلباً للتربك‪،‬‬ ‫وتحقيق ما يف قلوبهم من أمان‪ ،‬وأمل‬ ‫لعلهم ينالون خرياً‪.‬‬ ‫ولكن اليوم تغريت تلك املفاهيم‪،‬‬ ‫والتصورات كثرياً‪ ،‬تجسمت تلك‬ ‫الشخصيات يف قادتنا‪ ،‬ومثقفينا البارزين‪،‬‬ ‫يجب أن الننساهم‪ ،‬وعندما تأيت اليوم‬ ‫لتقييم هؤالء‪ ،‬ونرى أن البارزاين هو‬ ‫أحدهم و يف القمة‪ ،‬لذا فأن ذكرى‬ ‫البارزاين هي افتخار بتاريخنا‪ ،‬وافتخار‬

‫مباضينا و بنضالنا‪.‬‬ ‫أنا كنت أحد الذين كان لهم رشف لقائه‬ ‫لعدة مرات‪ ،‬و قد تلقيت منه أبلغ‬ ‫الدروس‪ ،‬ففي إحدى املرات كتبت مذكرة‬ ‫إىل مؤمتر ملوك‪ ،‬و روؤساء العرب يف‬ ‫الخارج‪ ،‬جاءت فيها فقرة تقول‪(( :‬إذا مل‬ ‫تحل املشكلة الكوردية يف العراق‪ ،‬فسوف‬ ‫تصبح كوردستان قربص ثانية))‪ ،‬كنت أقرأ‬ ‫للبارزاين تلك املذكرة توقف‪ ،‬وقال يل‬ ‫(اقرأها ثانية) أعدت له القراءة‪ ،‬قال يل‬ ‫‪ :‬من كتب هذه املذكرة‪ ،‬قلت ‪ :‬الشخص‬

‫الفالين عند ذلك أقسمني اليمني أن ابلغه‬ ‫كلامته القاسية‪ ،‬ألن للتهديد حدوده‪،‬‬ ‫وقال‪( :‬إذا قلت لك أرميك بهذه الصخرة‬ ‫الضخمة‪ ،‬فأنت تضحك‪ ،‬و ال تحسب‬ ‫لتهديدي أي حساب‪ ،‬و لكن إذا قلت لك‬ ‫‪ :‬أنا أعرف ماذا أفعل بك‪ ،‬فانت تخاف‬ ‫من تهديدي‪ ،‬ثم قال يجب أن تنتبهوا‬ ‫إىل اقوالكم يف الخارج عندما تكتبون‬ ‫شيئاً‪ ،‬يجب أن تكتبوا بتواضع‪ ،‬تكتبون‬ ‫عىل هذه الشاكلة‪ ،‬و ال تحددون اإلجراء‬ ‫الذي تقومون به‪ ،‬فشتان بيننا و بني قربص‬

‫)‪ ،‬ويف الحقيقة ال تزال نصيحته ترن يف‬ ‫مسمعي‪.‬‬ ‫تبني ان البارزاين مل ينس الجانب‬ ‫السايكولوجي‪ ،‬والحالة النفسية للعدو لقد‬ ‫حلل مغزى التهديد‪ ،‬و تأثريه يف العدو‪ ،‬و‬ ‫إن هذا التحليل‪ ،‬و التفسري يتطلب مقدرة‬ ‫عقلية‪ ،‬و وعياً سلي ً‬ ‫ام‪ ،‬وليس إدراكه سه ًال‪،‬‬ ‫إذ البد أن يتوفر يف القائد االعىل منهم‪.‬‬ ‫ويف موقف آخر مع الدكتور فؤاد معصوم‬ ‫يقول‪( :‬فعندما كتبت الرسالة العربية‬ ‫أعطاين دفرتاً خاصاً بكتابة الرسائل أردت‬ ‫أن أقلب غالف الدفرت‪ ،‬و أبدأ بكتابة‬ ‫الرسالة يف أول صفحة منه قال يل البارزاين‬ ‫‪ :‬هذا غري صحيح‪ ،‬بل إقطع الورقة ثم‬ ‫اكتب عليها فوق جلد الدفرت‪ ،‬حتى ال‬ ‫ترتك الكتابة أثراً عىل الصفحة الثانية من‬ ‫الدفرت)‪ ،‬فأخذت بهذه النصيحة القيمة‬ ‫درساً آخر يف العمل الدبلومايس السيايس‪،‬‬ ‫ليحتفظ رسيته‪ ،‬لئال يستفيد من األثر‬ ‫املرتوك عىل الصفحة الثانية‪ ،‬ويستغلونه‪.‬‬ ‫هذا اإلحساس للبارزاين نوع من العمل‬ ‫الدبلومايس يتطلب اليقظة‪ ،‬واإلدراك‪،‬‬ ‫وهذا يعود إىل ذكائه‪ ،‬وقدراته االدراكية‪،‬‬ ‫كاإلدراك السيايس‪ ،‬واإلدراك االجتامعي‪.‬‬ ‫و يبدوا أن موقف البارزاين مع الدكتور‬ ‫فؤاد معصوم يحمل بني طياته بعداً أمنياً‬ ‫لكل من يعمل ضمن صفوف األجهزة‬ ‫األمنية يدركون ما ذهب إليه البارزاين‪.‬‬ ‫ثانياً ‪ :‬االهتامم باالمن العاملي‪ ،‬و أمن‬ ‫املواطنني‪.‬‬ ‫من املواقف الدالة عىل اهتامم البارزاين‬ ‫بصيانة‪ ،‬وحامية السلم‪ ،‬واألمن الدوليني‪،‬‬ ‫هو تقديره‪ ،‬وتثمينه ملوقف االتحاد‬ ‫السوفيايت يف (‪ )1962/11/18‬من أزمة‬ ‫البحر الكاريبي إذ يقول‪ :‬إن البرشية‬ ‫مدينة لهذا املوقف الشجاع الذي ساهم‬

‫بشكل جدي يف صيانة السلم‪ ،‬واألمن‬ ‫يف العامل‪ ،‬إىل جانب حامية كوبا هذا يف‬ ‫الوقت الذي كان يدور فيه لغط صاخب‬ ‫حتى لدى بعض األطراف التقدمية عن‬ ‫تخاذل االتحاد السوفيتي‪ ،‬وتراجعه أمام‬ ‫الواليات املتحدة االمريكية‬ ‫ومن جانب آخر كان البارزاين مهت ً‬ ‫ام‬ ‫بتوفري األمن للمواطنني‪ ،‬و يقف ضد‬ ‫الظلم‪ ،‬وتقاعس حقوقه‪ ،‬وقال يف مواضع‬ ‫كثرية بأن الهدف من قيامه بالحركة‬ ‫التحررية هي‪ :‬توفري حياة آمنة‪ ،‬ومستقرة‬ ‫ملواطني كوردستان‪ ،‬ويروى(عزت سليامن‬ ‫بك دةركةيل ‪/‬شخصية اجتامعية) ويقول‪:‬‬ ‫كان البارزاين ضد الظلم‪ ،‬فلو كان يصل‬ ‫إىل علمه ان الظلم يقرتف يف مكان ما‪،‬‬ ‫فأنه كان يغيثهم‪ ،‬فلو كان شخص ما يقتل‬ ‫رج ًال دون وجه حق‪ ،‬كان ينبغي ان يُقتل‬ ‫روي حادثة يف عام (‪ )1964‬يف بشدر‬ ‫كان أحد أرشاف بشده ر قد تعارك مع‬ ‫رجل من قريته‪ ،‬وأطلق عىل رجله النار‬ ‫من بندقيته‪ ...‬جاء أقاربه اىل البارزاين‬ ‫وإشتكوا‪ ،‬وبينوا كيف أن هذا الرجل قد‬ ‫جرح دون وجه حق‪ ،‬فأمر البارزاين أن‬ ‫يجلبوا املعتدي‪ ،‬وحني أتووا به قرروا‬ ‫أنه يجب ان يطلق النار عىل املعتدي يف‬ ‫نفس املكان املامثل لجسمه هو‪ ،‬ورغم أن‬ ‫العديد من رجاالت بشدهر جاء عنده‪،‬‬ ‫وطلبوا العفو له‪ ،‬مل يوافق البارزاين إىل‬ ‫أن جاء الرجل الجريح نفسه عنده‪ ،‬وقال‬ ‫سيدي‪ ...‬إنني قد صفحت عنه‪ ،‬وإننا قد‬ ‫أتفقنا‪ ،‬وأصبحنا أخوين‪ ،‬ومل يبق بيننا ما‬ ‫يكرر صداقتنا‪ ،‬حينئذ ريض وصفح عن‬ ‫الرجل ‪.‬‬ ‫إن أصل املقال مقتبس من مرشوع كتابنا‬ ‫(البعد األمني يف سياسة البارزاين‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪8‬‬

‫مشكلة الكورد اشكالية‬ ‫للجوار‬ ‫يبقى مفهوم االشكالية والمشكلة‬ ‫بين االوساط االكاديمية مسألة‬ ‫تداولية واراء تخدم المصطلحان‬ ‫نفسهما‪ ،‬وتؤكد في الوقت نفسه‬ ‫على مدى تداوله على االصعدة‬ ‫المختلفة ‪ ،‬السيما السياسية التي‬ ‫غالبا ما تطرح مفهوم االشكالية‬ ‫وفق تداعياتها المصلحوية القائمة‬ ‫على تحقيق غاياتها بشتى الوسائل‬ ‫المشروعة وغير المشروعة‪،‬‬ ‫جوتيار تمر‬

‫ونحن الكورد اذا نعيش فوق‬ ‫جغرافية تعد من احدى اهم‬ ‫املناطق التي تتداول عليها مصالح‬ ‫القوى العظمى‪ ،‬نتعرض اىل هزات‬ ‫متتالية بسبب تلك الدوامة املصلحوية‬ ‫‪ ،‬وبذلك اصبح وعي مفهوم املشكلة‬ ‫واالشكالية لدينا رضورة ملحة‪ ،‬يك نقف‬ ‫عىل الحدود الجغرافية لتلك الدوامة‬ ‫املصلحوية ‪ ،‬وليك النلقي دامئا باسباب‬ ‫تراجعنا اىل ساحة االخرين السيام واننا‬ ‫مازلنا النعي اذا ما كان وجودنا بهذا‬

‫الوضع الراهن «أ هو « مشكلة خاصة‬ ‫بنا ام اشكالية من حولنا واملنظومة‬ ‫الدولية املصلحوية‪..‬؟ ‪ ،‬لكوننا ننظر اىل‬ ‫االمور دامئا كام هي عادة الشعوب يف‬ ‫هذه املنطقة من منظور قومي جغرايف‬ ‫تاريخي بحت‪ ،‬ومل نستطع يوما تجاوز‬ ‫ذلك املنظور اىل افاق ابعد‪ ،‬وحتى ان‬ ‫بدا للكثريين بأن الشعاراتية املتمرسة‬ ‫التي تتبناها االنظمة يف هذه املنطقة‬ ‫هي دليل عىل تجاوزهم لذلك املنظور‪،‬‬ ‫ولكن الواقع الفعيل يثبت دوما بطالن‬

‫تلك الشعارات وعمق الحس القومي‬ ‫الجغرايف التاريخي لالقوام واالنظمة‬ ‫املستبدة يف هذه املنطقة « الرشق‬ ‫االوسط»‪.‬‬ ‫اذا ما نعني باملشكلة واالشكالية وفق‬ ‫تداولنا لهذه املفاهيم وكيف ميكن‬ ‫اسقاطها عىل واقعنا الكوردي بصورة‬ ‫تتناسب وصريورة االحداث من جميع‬ ‫النواحي واالصعدة ‪ ،‬تعد املشكلة‬ ‫ضمن الرؤية االكادميية قضية اقل‬ ‫شموال‪ ،‬وتخص صاحبها عىل االغلب‪،‬‬

‫والننا نتكلم بصيغة الجمع القومي‬ ‫فيمكننا ان نقول بان املشكلة هنا‬ ‫تخص الكورد وحدهم بحيث تجعلهم‬ ‫يبحثون عن حلول لقضيتهم‪ ،‬او حتى‬ ‫بان يكونوا قد وضعوا النفسهم اهداف‬ ‫محددة‪ ،‬ولكنهم يواجهون عوائق‬ ‫وعقبات لتحقيق ذلك وللوصول اىل‬ ‫تلك االهداف‪ ،‬وبذلك فاننا هنا نعيش‬ ‫تحت وطأة مفهوم املشكلة داخلياً‪،‬‬ ‫واقصد بداخلياً كوردستانياً قومياً ‪،‬‬ ‫والاعتقد بانه قد يحتلف اثنان واعيان‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪10‬‬

‫عىل هذا االمر‪ ،‬فمشكلتنا تخصنا عىل‬ ‫وجه الخصوص قبل ان تتحول اىل‬ ‫اشكالية لغرينا‪ ،‬لكوننا ووفق املنطق‬ ‫الجغرايف التاريخي وبحسب املصادر‬ ‫التاريخية نفسها متزامنيني يف الوجود‬ ‫مع اقدم االقوام التي سكنت املنطقة‪،‬‬ ‫وكام هم كانوا يبحثون للتوسع كنا‬ ‫نفعل املثل‪ ،‬ومن باب التوضيح فاذا‬ ‫كان السومريون قدماء‪ ،‬فقد ذكر هوالء‬ ‫يف كتاباتهم واثارهم اسم سوبارتو‬ ‫واسم امليتانيني وهوالء وبحسب‬ ‫النظريات االكادميية هم اسالف‬ ‫الكورد‪ ،‬اذا تواجدهم تزامني والنحتاج‬ ‫اىل البحث واالثبات لذلك الن االمر‬ ‫مفهوم ومدرك من قبل االكادمييني‬ ‫غري املتعصبني وغري املهرطقني الذين‬ ‫دامئا ما يبحثون عن طعن االخرين‬ ‫وتهميشهم كدليل عىل وجودهم وهم‬ ‫اليدركون بانهم امنا يحاولون اثبات‬ ‫وجودهم مام يعني ان وجودهم‬ ‫مشكوك فيه يف االصل يك يبحثوا‬ ‫عن ذلك‪ ،‬املهم بعيداً عن الحفريات‬ ‫التاريخية الجغرافية يف املنطقة‪ ،‬نحن‬ ‫الكورد توارثنا مناطقنا وحاولنا كغرينا‬ ‫ان نتوسع ونتحالف من اجل البقاء‪،‬‬ ‫وهذا االمر كان ومل يزل طبيعياً بعيداً‬ ‫عن غرضنا‪ ،‬اال اننا وكباقي شعوب‬ ‫املنطقة مل نفكر يوما قدميا وحديثا بان‬ ‫وجودنا يف االصل مشكلتنا‪ ،‬والحفاظ‬ ‫عىل وجودنا ليست مهمة او مشكلة‬ ‫االخرين‪ ،‬وبذلك تعدينا من خصوصية‬

‫مشكلتنا اىل اشكاليتنا لالخرين‪ ،‬وكنا‬ ‫ومل نزل نلقي باللوم عىل االخرين يف‬ ‫عدم متاسكنا وعدم حصولنا ووصولنا‬ ‫الهدافنا الخاصة بنا‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق يك نستطيع بناء‬ ‫وجودنا مرة اخرى كقوة تحاول‬ ‫التوسع واالمتداد او حتى كقوة‬ ‫تحاول استعادة ما سلب منها قرساً‪،‬‬ ‫علينا وهي املشكلة االساس التي‬ ‫نعاين منها‪ ،‬والتي بالشك اليختلف‬ ‫عليها اثنان‪ ،‬وهو اننا المنلك هدفاً‬ ‫موحداً واقعياً بعيداً عن الشعاراتية‬ ‫واثارة العاطفة الكوردية عىل ارض‬ ‫كوردستان‪ ،‬واظهار مظلوميتنا دامئا‬ ‫وعىل اننا امة وقوم تعرضوا للظلم‬ ‫والتهجري والتهديد والتشتيت‪ ،‬فكل‬ ‫ما تعرضنا له ليس اال هدف لالقوام‬ ‫التي تجاورنا اقصد بهدف انهم كانوا‬ ‫مثلنا لديهم مشكلتهم الخاصة بهم‪،‬‬ ‫وقضيتهم الخاصة بهم‪ ،‬وسعوا لتحقيق‬ ‫اهدافهم اليهم عىل حساب من‪ ،‬املهم‬ ‫عندهم ان يتوسعوا‪ ،‬ان يدعموا‬ ‫قضيتهم‪ ،‬لذا مصالحهم وسعيهم‬ ‫لتحقيق تلك املصالح مرت عىل ارضنا‪،‬‬ ‫وواجهونا نحن الكورد‪ ،‬اي نحن كنا‬ ‫الطريق الذي مروا عليه لتحقيق تلك‬ ‫االهداف التي تخدم قضيتهم‪ ،‬اذا هم‬ ‫حاولوا حل مشكلتهم غايتهم بتلك‬ ‫الوسائل سواء أكانت مرشوعة او غري‬ ‫مرشوعة‪ ،‬لكنهم استطاعوا من خلق‬ ‫عواملهم الخاصة‪ ،‬وكياناتها القومية‬ ‫الخاصة‪ ،‬ام نحن الكورد فبقينا غري‬ ‫واعني ملشكلتنا‪ ،‬وبقينا نعلق االمال‬

‫عىل املنظومة الدولية والقوى العظمى‬ ‫لتحقيق مقاصدنا واهدافنا مشتتني‬ ‫داخلياً المنلك قيادات واعية تستطيع‬ ‫ان توحدنا‪ ،‬او ان توجهنا نحن افاق‬ ‫مستقبلية تخدم قضيتنا وتحل‬ ‫مشكلتنا‪ ،‬وهذا ما يحدث لنا االن‬ ‫ايضا‪ ،‬فجل اهتامماتنا مل تزل منصبة‬ ‫عىل ما ميكن ان يقدمه االخرون لنا‪،‬‬ ‫وسعينا لتحقيق اهدافنا يواجهه تحدي‬ ‫داخيل ورفض من القوى السياسية‬ ‫الكوردية غري املتالحمة‪ ،‬بحيث مل نعد‬ ‫نعي بأن امكانية نجاح جزء كوردستاين‬ ‫قد يساهم يف نجاح االجزاء االخرى‬ ‫مستقب ًال‪ ،‬بل اصبحت بعض القوى‬ ‫السياسية الكوردية توجه جل غضبها‬ ‫نحو االنجح منها سياسياً واقتصادياً‬ ‫وعالقتياً‪ ،‬وعىل هذه الشاكلة تحولت‬ ‫مقاصدنا اىل لعبة بيد اصحاب القوى‬ ‫واملصالح يف املنطقة يتم توجيهنا‬ ‫للدخول يف نزاعات كوردية – كوردية‬ ‫‪ ،‬بدل ان نسخر تلك القوة وذلك‬ ‫الغضب تجاه اعداء الكورد انفسهم‬ ‫ممن بنوا حصونهم عىل رقابنا‪ ،‬وبذلك‬ ‫مل نعد نعي مشكلتنا االساس‪ ،‬ومل نعد‬ ‫نبحث عن العالجات والحلول‪ ،‬بل‬ ‫اصبحنا نتزاحم عىل االنتقاد والتقليل‬ ‫من بعضنا البعض‪ ،‬وحتى االعامل‬ ‫البطولية التي يقوم بها ممن يحملون‬ ‫السالح يف كل اجزاء كوردستان اصبحوا‬ ‫اداة بيد املنظومة الدولية التي ما ان‬ ‫تحقق اهدافها يف املنطقة حتى ما‬ ‫تلبث ان تتخىل عنهم‪.‬‬ ‫ان وعي املشكلة ومن ثم البحث عن‬

‫تداعيات املشكلة هي من اهم االمور‬ ‫التي يجب علينا نحن الكورد الوقوف‬ ‫عليها والعمل عليها‪ ،‬يك نستطيع من‬ ‫تحقيق اهدافنا وفق منطق القضية‬ ‫االسمى « كوردستان « ‪ ،‬وكنت‬ ‫ومازلت مؤمن بان نجاح جزء يعني‬ ‫دعم لالجزاء االخرى يف املستقبل‪،‬‬ ‫والميكن الحكم عىل نجاحهم بانه اىت‬ ‫عىل حساب االجزاء االخرى‪ ،‬او ببناء‬ ‫عالقات اقتصادية او سياسية مع‬ ‫ممن يتسلط عىل الكورد يف االجزاء‬ ‫االخرى ألن ذلك بعيد عن املنطق يف‬ ‫فهم املشكلة‪ ،‬وخلق مساحة مهيئة‬ ‫لالنطالق عليها لتحقيق الغاية االسمى‪.‬‬ ‫ووفقاً لهذه التداعيات فان مفهوم‬ ‫املشكلة الكوردية « الكوردستانية « قد‬ ‫اصبح بحق عائقاً كوردياً للوصول اىل‬ ‫الغاية االسمى‪ ،‬ولكنه يف الوقت نفسه‬ ‫تحول اىل اشكالية للجوار وللمنظومة‬ ‫الدولية‪ ،‬فباعتبار ان االشكالية كمفهوم‬ ‫تعني قضية عامة ومعقدة‪ ،‬وينضوي‬ ‫تحتها عدد من التساؤالت‪ ،‬وقد توجد‬ ‫اجوبة لبعضها ولكن غالبيتها تظل‬ ‫بدون اجوبة واضحة وملموسة‪ ،‬لذلك‬ ‫فهي تسبب جد ًال واسعاً يقابل بالرفض‬ ‫من قبل الكثريين ممن يسعون‬ ‫لفرض وجودهم الدكتاتوري القومي‪،‬‬ ‫وبحسب هذه الرؤية مشكلة الكورد‬ ‫هي بالفعل اشكالية للجوار القومي‪،‬‬ ‫الن وجود الكورد حقيقة وواقع‬ ‫ملموس ومؤثر عىل الرغم من شتاتهم‪،‬‬ ‫النهم متداخلون ضمن املكونات‬ ‫االساسية واملؤثرة داخل منظوماتهم‬

‫«‬ ‫باإلضافة إلى الدعاية التي‬ ‫تقوم بها هذه المسلسالت‬ ‫لألتراك‪ ،‬إال أنها تدر أموا ً‬ ‫ال‬ ‫طائلة أيضاً على الكيان‬ ‫التركي الذي يُصدر معها‬ ‫أيضاً سياسة تركيا‪..‬‬ ‫الممنهجة‪ ،‬التي تلمع‬ ‫وجهها الذميم عند العالم‪،‬‬ ‫وبشكل خاص عند العرب‪،‬‬

‫«‬

‫القومية السياسية والترشيعية‪ ،‬سواء يف‬ ‫تركيا التي تستخدم كل الوسائل لقمع‬ ‫الكورد‪ ،‬او ايران التي التقل رشاسة‬ ‫وارهاباً ضد الكورد‪ ،‬او العراق حيث‬ ‫الكورد اصبحوا ووفقاً للمنطق السيايس‬ ‫معادلة صعبة الميكن تجاوز وجودهم‬ ‫لفرض اية ايديولوجيات متطرفة‪ ،‬ويف‬ ‫سوريا حيث الشتات الكوردي اليعني‬ ‫زوالهم وغيابهم كواقع ومعادلة يف‬ ‫الرؤية املستقبلية لوجودها‪ ،‬وكام ان‬ ‫الكورد تحولوا شيئاً فشيئاً اىل اشكالية‬ ‫دولية السيام ان املنظومة استغلتهم يف‬ ‫فرض نظامها عىل املنطقة باالخص يف‬ ‫مواجهة االرهاب الذي هدد مصالحهم‬

‫بشكل واضح‪ ،‬وبذلك فان مفهوم‬ ‫الكورد وكوردستان مثلام هو مشكلة‬ ‫كوردية_كوردية ‪ ،‬اصبح اشكالية‬ ‫دولية واقليمية ‪ ،‬بحيث اصبحت‬ ‫قضيتهم تطرح عىل طاولة « مائدة‬ ‫« القوى العظمى واملنظومة الدولية‬ ‫واالمم املتحدة وضمن حوارات تلك‬ ‫القوى مع دول الجوار وكذلك بني‬ ‫القوى االقليمية نفسها حني تتشاور‬ ‫وتبني رؤيتها العالقاتية والسياسية‬ ‫واالقتصادية مع االخرين‪ ،‬وبذلك البد‬ ‫للكورد من ان يستغلوا هذه الفرصة‬ ‫يك يوحدوا جهودهم لتحقيق غايتهم‬ ‫االسمى‪ ،‬وهنا الادعوا اىل التنازل عن‬ ‫املبادئ الحزبية او خلق كيان حزيب‬ ‫كوردي عاملي‪ ،‬الن االمر مازال مبكراً‬ ‫للحديث عنه‪ ،‬فالكورد مل يستطيعوا‬ ‫السيام يف شامل وغرب كوردستان‬ ‫من فهم اهمية االستقاللية يف التحرك‬ ‫السيايس والعسكري لخلق امنوذج‬ ‫يالئم الجغرافية والتاريخية التي‬ ‫يعيشون فيها‪ ،‬ولكن اقول بان يفهم كل‬ ‫جزء اهمية مشكلته الجغرافية ومن‬ ‫ثم البدء بعمل يالئم تلك الجغرافية‬ ‫بتاريختها الحركية التحررية‪ ،‬ومحاولة‬ ‫دعم الحركات الكوردية االخرى دون‬ ‫انتقادها او التحرك ضدها‪ ،‬وبذلك‬ ‫نستطيع خلق مناذج منوعة كل واحدة‬ ‫منها تالئم جغرافيتها‪ ،‬وان استطاع‬ ‫امنوذج من تحقيق غايته االستقاللية‬ ‫يتم دعمه من قبل االخرين واحرتام‬ ‫قادته‪ ،‬ليك يتم وضع الحجر االساس‬ ‫ملرشوع اكرب قادم بالشك‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪12‬‬

‫فيلي ‪ /‬ياسر عماد‬

‫أطفال إيزيديون شاهدوا‬ ‫بأعينهم بيع امهاتهم‬ ‫واخواتهم ‪ ..‬كيف غسل‬ ‫داعش ادمغتهم؟‬ ‫‪13‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪14‬‬

‫هذا هو حال وسام إدريس‪،‬‬ ‫الطفل العراقي األيزيدي‬ ‫الذي قىض قرابة العامني يف مدينة‬ ‫الرقة السورية مع أمه وأخيه‬ ‫الطفل املجند أحمد‪ ،‬قبل أن يعودوا‬ ‫من األرس وهو محمل بأفكار القتل‬ ‫والذبح والتكفري‪ ،‬كام يتذكر والده‬ ‫ادريس‪.‬‬ ‫يتحدث الوالد أدريس‪ ،‬هنا عن‬ ‫لعبة املوت الشهرية التي ابتدعها‬ ‫داعش‪ ،‬يف محاكاة أللعاب الفيديو‬ ‫العنيفة‪ ،‬والتي أرشك فيها مجموعة‬ ‫من االطفال االيزيديني الذين‬ ‫يظهرون يف الفيلم وهم ينفذون‬ ‫عمليات قتل وذبح حقيقية‪ .‬رسالة‬ ‫إىل العامل كله عن قدراته يف زرع‬ ‫الفكر الذي يعتقده‪ ،‬وعن كيفية‬ ‫تحويله أطفال املستقبل إىل قتلة‪،‬‬ ‫نزع منهم طفولتهم‪ ،‬وحولهم قنابل‬ ‫موقوتة يف مجتمعاتهم‪.‬‬ ‫يعيش وسام وأخوه أحمد حاليا‬ ‫يف أملانيا حيث ترعاهم منظامت‬ ‫دولية تعنى مبساعدتهم عىل تخطي‬ ‫املحنة التي مروا بها‪ ،‬ونزع األفكار‬ ‫املتطرفة التي غرسها داعش يف‬ ‫عقولهم الصغرية‪ .‬فقصص ما رأوه‬ ‫من تعذيب خالل التدريب واآلثا ُر‬ ‫النفسية املرتتبة عىل تنفيذهام‬

‫لعمليات ذبح أو حتى رؤيتها فقط‪،‬‬ ‫تسكنهام يف كل لحظة‪.‬‬ ‫قدرت طريق النجاة لهذين الطفلني‬ ‫وأطفال آخرين‪ ،‬يف حني قتل مئات‬ ‫املجندين األطفال يف املعارك أو بيد‬ ‫تنظيم داعش‪ ،‬فيام يبقى مئات من‬ ‫األطفال يتدربون او يقاتلون حتى‬ ‫االن يف صفوف داعش يف مناطق‬ ‫متعددة من سوريا‪ .‬مستقبل هؤالء‬ ‫ال يبدو مرشقا أبدا‪.‬‬ ‫«قناة االن» تنقلت يف جبل سنجار‬ ‫والقرى املحيطة به يف أقىص الشامل‬ ‫الغريب للعراق‪ ،‬ووثقت شهادات‬ ‫مروعة رواها االطفال األيزيدون‬ ‫الذين كانوا مجندين يف معسكرات‬ ‫داعش‪ ،‬وجرى تحريرهم مؤخرا‬ ‫من قبضته‪ .‬خالل رحلة بحثه‬ ‫الطويلة عن ولده املفقود‪ ،‬التقى‬ ‫والد أمري عرشات من األطفال‬ ‫املجندين العائدين‪ .‬يف كل مرة كان‬ ‫يستمع لقصصهم‪ ،‬كان قلقه يزداد‪.‬‬ ‫فأفكار داعش كانت قد عششت يف‬ ‫عقولهم‪ ،‬ومنهم من تشبث بها‪.‬‬ ‫يغسل الفتى شاكر وجهه باملاء‬ ‫البارد ع ّله يغسل معه ذكريات‬ ‫ثالث سنوات من القسوة والعذاب‬ ‫عند داعش‪ .‬قصته كقصص مئات‬ ‫من األطفال العراقيني األيزيديني‬ ‫الذين اختطفهم التنظيم حني‬ ‫َ‬ ‫وعمل عىل‬ ‫احتل سنجار‬ ‫ومحيطها‪ِ ،‬‬ ‫تحويلهم لقنابل موقوتة تستهدف‬

‫أه َلهم وأبناء وطنهم العراق‪ .‬أما‬ ‫رفي ُقه كلهات‪ ،‬فال يزال ينوأ تحت‬ ‫مشاعر االنكسار والخوف مام‬ ‫عاشه‪ .‬تعرض كلهات مرارا وتكرارا‬ ‫للرضب العنيف والتعذيب مع‬ ‫والدته وأخواته‪ ،‬وشاهد بعينيه‬ ‫مسلحي داعش يبيعون والدته‬ ‫وأخواته سبايا فيام بينهم‪ ،‬قبل أن‬ ‫يخضعوه لعمليات غسيل دماغ‪،‬‬ ‫لزرع األفكار املتطرفة فيه‪ ،‬وزجه‬ ‫بعد ذلك يف معسكرات تدريب‬ ‫يتعلم فيها أساليب القتل والذبح‬ ‫وتفجري األحزمة الناسفة‪.‬يطمح‬ ‫شاكر وكلهات ان يستعيدا حياتهام‬ ‫مجددا‪ ،‬وأن يواصال دراستهام التي‬ ‫عادا اليها بعد انقطاع خالل سنوات‬ ‫االرس‪ .‬ويحلامن باملستقبل‪.‬‬ ‫منذ ثالث سنوات‪ ،‬يعمل محمود‬ ‫وفريقه املجهول عىل إنقاذ العرشات‬ ‫من األطفال األيزيديني والفتيات‬ ‫السبايا‪ .‬يقيم هذا املنقذ الشاب منذ‬ ‫وقت ليس بقصري بالقرب من جبل‬ ‫سنجار عىل بعد بضعة كيلومرتات‬ ‫من الحدود العراقية السورية‪.‬‬ ‫عمليات تجنيد األطفال يف الحروب‬ ‫ليست جديدة يف التاريخ‪ ،‬فلطاملا‬ ‫استخدمتها الجامعات املسلحة‪.‬‬ ‫لكن داعش تفنن يف تجنيد األطفال‬ ‫من األيزيديني والرتكامن واملوصليني‪،‬‬ ‫من سلخهم من مجتمعاتهم بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬إىل تعذيبهم وغسل أدمغتهم‬

‫وتدريبهم بدنيا وعسكريا عىل‬ ‫خوض معارك فيها عمليات إعدام‬ ‫وذبح وتفخيخ وتفجري‪ ،‬إىل تحويل‬ ‫عدد منهم النتحاريني يستهدفون‬ ‫مجتمعاتهم وأه َلهم حتى‪ .‬الطفالن‬ ‫االنتحاريان األيزيديان أمجد وأسد‬ ‫من هؤالء األطفال املدربني لتنفيذ‬ ‫عمليات انتحارية‪.‬‬ ‫أمجد وأسد نفذا تفجريات انتحارية‬ ‫يف مدينة املوصل‪ ،‬أفرد لها داعش‬ ‫اصدارا خاصا‪ ،‬وروج لها عىل نطاق‬ ‫واسع‪ ،‬ليدلل عىل سالحه غري‬ ‫التقليدي واملوقوت يف حربه ضد‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫هل تخيلت يوماً أن تشرتي طفلك؟‬ ‫أو أن تدفع ملن يختط ُفه ويعيدُ ه‬ ‫إليك؟ خياران عىل صعوبتهام‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأخف وطأة من أن تس ّلم‬ ‫أسهل‬ ‫ُ‬ ‫يرفض‬ ‫بخيار مجرب عليه‪ ،‬عندما‬ ‫َ‬ ‫ويفضل طريق‬ ‫طف ُلك العود َة إليك‬ ‫املوت عوضا عنك‪ ،‬العتقاده أنك‬ ‫وبكل بساطة‪ ..‬كافر‪ .‬يكشف املنقذ‬ ‫َ‬ ‫الطرق التي‬ ‫محمود‪ ،‬لقناة االن‪،‬‬ ‫يتبعها مع فريقه إلنجاز عمليات‬ ‫إنقاذ األطفال املجندين‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫االستعانة بوسطاء ومهربني عىل‬ ‫جانبي الحدود السورية والرتكية‬ ‫والعراقية‪.‬‬ ‫شاءت الصدفة أن تعرث الفصائل‬ ‫الكوردية بالقرب من أحد الحواجز‬ ‫الفاصلة بينها وبني داعش‪ ،‬عىل‬

‫«‬ ‫كان البعض يزور‬ ‫كوردستان ويرى االمن‬ ‫والتطور كان يقول‪ :‬هذا‬ ‫ال يشبه العراق! انتم‬ ‫تستحقون االستقالل‬ ‫ألنكم تملكون اقليما‬ ‫عامرا ولكم حكومة‬ ‫ناجحة‪.‬‬

‫«‬

‫الطفل األيزيدي أيهم‪ ...‬ال يتذكر‬ ‫أيهم الكثري عن عائلته‪ ،‬وال عن‬ ‫االمكنة الكثرية التي كان يتنقل فيها‬ ‫َ‬ ‫صيف‬ ‫منذ وقوعه يف أرس داعش‬ ‫عام ‪ ،2014‬وها هو يحاول خالل‬ ‫االستفهام منه استكشاف االشخاص‬ ‫الذين يحيطون به منذ دخوله‬ ‫الحدود العراقية قبل بضع ساعات‪.‬‬ ‫تشري التقارير التي وثقت أرقام‬ ‫الضحايا االيزيديني عىل يد داعش‪،‬‬ ‫اىل أن اكرث من ستة اآلف رجل‬ ‫وامرأة وطفل اختطفهم داعش حني‬ ‫احتل مدينة سنجار وقراها‪ .‬أعدم‬

‫منهم قرابة ألفي رجل يف مقابر‬ ‫جامعية‪ ،‬وسبى حواىل ‪ 3‬االف امرأة‪،‬‬ ‫معظمهن اآلن مجهوالت املصري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فيام جند حواىل ألف طفل ترتاوح‬ ‫أعام ُرهم بني السابعة والخامسة‬ ‫عرشة سنة‪ ،‬معظمهم قتلوا يف‬ ‫أنفسهم بسيارات‬ ‫املعارك أو فجروا َ‬ ‫مفخخة أو أحزمة ناسفة‪ ،‬واملئات‬ ‫منهم ُغسلت أدمغتهم لقبول أفكار‬ ‫التنظيم املتطرفة والقتال يف صفوفه‪.‬‬ ‫لكن العرشات نجحوا يف الهروب‬ ‫أو حررتهم عائال ُتهم عرب مهربني‬ ‫ووسطاء‪ ،‬وبعضهم‪ ،‬كالطفل أيهم‪،‬‬ ‫عرثت عليهم القوات التي تحارب‬ ‫داعش بالصدفة‪ ،‬تائهني يف األرايض‬ ‫السورية‪ .‬وبانتظار العثور عىل‬ ‫عائلته أو من بقي منها يف مكان ما‬ ‫من االرايض العراقية أو السورية‪،‬‬ ‫سيعيش أيهم يف رعاية عائلة عراقية‬ ‫أيزيدية‪ .‬وبينام يتطلع لنسيان‬ ‫السنوات التي كرس فيها داعش‬ ‫رأسه‪ ،‬وينساها كام نيس لغتَه‬ ‫َ‬ ‫ومعظم عائلته‪ ،‬يبقى ُ‬ ‫مئات األطفال‬ ‫َ‬ ‫العراقيني‪ ،‬إما مجندين لدى داعش‪،‬‬ ‫أو منسيني يف املخيامت املتناثرة يف‬ ‫مناطق شتى من العراق‪ .‬لكن يبقى‬ ‫األمل يف إنقاذهم‪ ،‬وإعادة أحالمهم‬ ‫إليهم‪ ،‬كام عادت لشاكر وكلهات‬ ‫وكام ستعود للطفل أيهم‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪16‬‬

‫كل الطرق تؤدي‬ ‫الى كركوك‬ ‫صبحي ساله يي‬

‫قبل أحداث إكتوبر‪ ،2017‬مل‬ ‫يخمن أو يتوقع الكثريون‪،‬‬ ‫ورمبا مل يتوقع أحد‪ ،‬أن الوضع يف‬ ‫كركوك سيصل إىل مرحلة تقوية دور‬ ‫الشوفينيني مبساعدة امليليشيات‬ ‫عىل حساب الكورد وبعض الرتكامن‬ ‫وتشتتهم‪ ،‬وتحول املناكفات والجداالت‬ ‫اىل تهديدات ومعارك كرس اإلرادات‬ ‫وتجديد الحرب املستمرة ضد الكورد‬

‫منذ عقود‪ ،‬وإلجهاض املكتسبات‬ ‫الكوردية‪ ،‬وإطالق يد مسؤول شوفيني‬ ‫حاقد ومتعطش لنرش الفوىض يف كل‬ ‫مكان ويكن العداء لآلخرين واليؤمن‬ ‫إال بلون واحد‪ ،‬وليامرس التهميش‬ ‫والرتهيب والتعريب والتهجري والتغيري‬ ‫الدميغرايف‪ .‬وأن تصل األمور اىل هذه‬ ‫الدرجة من التعقيد والتشابك يف‬ ‫املصالح والتغيري يف املواقف السياسية‬ ‫واملفاجئات يف النتائج‪ ،‬وفرض الحلول‬ ‫بأي طريقة كانت عىل حساب الكورد‬ ‫ملجرد كونهم كورداً‪.‬‬ ‫كرثة الترصيحات واملواقف املعلنة‬ ‫تجاه كركوك‪ ،‬فقد أدت اىل خلط‬ ‫الكثري من األمور‪ .‬وسامع بعضها كانت‬ ‫تأخذك اىل الريبة وإمتالك الفزع‪ ،‬ألنها‬ ‫كانت غري مسؤولة‪ ،‬وأصحابها أطلقوها‬ ‫إلثارة النعرات بني مكونات املدينة‪،‬‬ ‫خوفاً من خيالهم وإفتضاح نواياهم‬ ‫املشبوهة ومؤامرات ومكائد أسيادهم‬ ‫املدبرة يف الغرف املغلقة‪ .‬وبعضها‬ ‫كانت ردات فعل‪ ،‬أيضاً غري مسؤولة‪،‬‬ ‫وأصحابها زايدوا وأرادوا صب الزيت‬ ‫عىل النار ليقولوا لآلخرين أن كركوك‬ ‫(برميل بارود)‪ ،‬وأرادوا تضييع‬ ‫إنجازات البيشمركه ودفاعهم البطويل‬ ‫عن املدينة ومكوناتها وتضحياتها‬ ‫الكثرية يف سبيل دحر اإلرهاب وحامية‬ ‫الكركوكيني من بطش وإرهاب داعش‪.‬‬ ‫ويف هذه االيام‪ ،‬ويف ظل االجواء‬ ‫السياسية الحالية التي رمبا تساهم‬ ‫يف تطبيع األوضاع يف كركوك وفقاً‬ ‫للامدة ‪ ١٤٠‬من الدستور العراقي‪،‬‬ ‫عادت قضايا كركوك اىل واجهة االخبار‪،‬‬ ‫وعاد البعض من الكتاب واإلعالميني‬

‫والسياسيني‪ ،‬وبالذات‪ ،‬أصحاب األحقاد‬ ‫الدفينة واإلدعاءات واإليحاءات‬ ‫املزيفة‪ ،‬اىل التحدث عن املمكن وغري‬ ‫املمكن واملقبول والالمقبول‪ ،‬والظهور‬ ‫كأنهم متخندقون يف سواتر الدفاع عن‬ ‫الحق أينام كان‪ ،‬عرب أقوال وترصيحات‬ ‫وكتابات تدور يف فلك الشطحات‬ ‫والهرطقات الهزيلة املبتذلة والنفاق‬ ‫عىل الطريقة الشيطانية والعابرة‬ ‫لحدود ومعايري املنطق والعقل‪ ،‬وتؤكد‬ ‫عبثية الهروب نحو الوهم والرساب‬ ‫والركض من أزمة إىل أخرى باإلنتقاد‬ ‫والهجوم والرصاخ والوقوع يف املحظور‪،‬‬ ‫وإتهام اآلخرين وترديد النغامت‬ ‫املمجوجة عن الحقوق والقانون التي‬ ‫ظاهرها العدالة والقانون‪ ،‬وباطنها‬ ‫الالعدالة والالقانون‪ ،‬وبعضها تدخل يف‬ ‫باب األعاجيب واإلشاعات وتدل عىل‬ ‫الحامقة والتسقيط والصلف‪.‬‬ ‫السؤال هنا هو‪:‬‬ ‫ماذا نفعل مع أناس اليفقهون شيئا‬ ‫من علم السياسة وأركانها‪ ،‬واعامهم‬ ‫الله فال يرون االشياء عىل حقيقتها‬ ‫اال ضمن الذي يريحهم‪ ،‬وقد استبدلوا‬ ‫التعايش والتسامح وإحرتام اآلخرين‬ ‫بالرصاع واألنانية والحقد والتفكري‬ ‫باملصالح الشخصية والحزبية‪،‬‬ ‫ويسعون لبلوغها مع كل أزمة أو‬ ‫مشكلة‪ ،‬واليفرقون بني تطبيق الدستور‬ ‫ليك يكون منهاجاً للعمل املستقبيل يف‬ ‫التعامل بني املكونات القومية؟‬ ‫ماذا نفعل مع أناس يعانون‬ ‫من عقد عدة تحكمت سابقاً يف‬ ‫إرتباطاتهم وخلفياتهم الفكرية‬ ‫والعقائدية والتنظيمية‪ ،‬وتتحكم‬

‫حالياً يف توجهاتهم وأدائهم وأهوائهم‬ ‫وإنتامئهم ؟‬ ‫ماذا نفعل مع أناس من الظلم أن‬ ‫نسميهم كتاب وإعالميني وسياسيني‪،‬‬ ‫ألنهم خائبون منهزمون خائفون من‬ ‫املواجهة يف الظروف الصعبة والحاالت‬ ‫الشديدة‪ ،‬ويندبون حظهم العاثر يف‬ ‫حاالت االنفراج واالنفتاح‪ ،‬يرددون ما‬ ‫يقوله املسؤولون يف العواصم املجاورة‪،‬‬ ‫ويريدون عدم عودة الفرحة التي‬ ‫غابت عن كركوك جراء النيات السيئة‪،‬‬ ‫واليشعرون باملسوؤلية الوطنية‬ ‫والقومية‪ ،‬وبوجع وأمل أبناء كركوك‪،‬‬ ‫والنراهم يتحدثون بصدق عن الصورة‬ ‫الحقيقية الحالية والتي ميكن أن‬ ‫تتغري بني عشية وضحاها‪ ،‬واليعرفون‬ ‫أن الظروف تغريت يف مشارق االرض‬ ‫ومغاربها وألوانها وأشكالها واصبحت‬ ‫طليقة يف كل مكان بينام يريدونها‬ ‫أن تكون عندنا فقط‪ ،‬حبيسة ال تقدر‬ ‫ان تكشف مافيها‪ ،‬مراعا ًة لرغبة فالن‬ ‫وعدم زعل عالن أو خوفا من سطوة‬ ‫الجريان؟‬ ‫ماذا نفعل‪ ،‬والكل يعلم أن كل الطرق‬ ‫تؤدي اىل كركوك والواجب الوطني‬ ‫والقومي واإلنساين يحتم عىل أبناء‬ ‫املكونات واملذاهب واالديان التوحد‬ ‫لتفويت الفرصة عىل املرتبصني‬ ‫واملسخرين واملتاجرين الذين يريدون‬ ‫زعزعة األجواء السياسية االيجابية يف‬ ‫العراق‪ ،‬والذين يريدون لنا الرصاع‬ ‫والتصادم والتقاتل‪ ،‬ويحتم اللجوء‬ ‫للدستور والقوانني النافذة والحوار‬ ‫والتفاهم لحل املشكالت العالقة بشان‬ ‫كركوك ؟‬ ‫‪17‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫فيلي‬

‫‪18‬‬

‫الفيليون والتنظيم المجتمعي‬ ‫عبد الخالق الفالح‬

‫يستند التنظيم املجتمعي‬ ‫الواسع؛ الذي نجد أنفسنا‬ ‫أمام خيار واحد إزاءه‪ ،‬وهو سلوك‬ ‫طريقه‪ ،‬عىل توظيف وتدريب‬ ‫وتطوير القيادات املجتمعية‪ ،‬وخلق‬ ‫قيادات قادرة عىل العمل معاً لخدمة‬ ‫هدفها الكبري املشرتك يف التنظيم‬ ‫املجتمعي الفييل الذي نسعى اليه‪،‬‬ ‫يدور حول متكني القاعدة املجتمعية‬ ‫الفيلية‪ ،‬من القدرة عىل تحقيق‬ ‫األهداف‪ ،‬وهو يحمل آفاقا سياسية‪،‬‬ ‫لكنها آفاق تدور حول املشرتكات‬ ‫العامة للفيليني‪ ،‬دون الدخول يف‬ ‫تفاصيل األيدولوجيات وأألنتامءات‬ ‫السياسية‪ ،‬التي ميكن لألفراد‬ ‫األحتفاظ بها وحق لهم ال اقل يف‬ ‫مرحلة البناء ‪.‬‬ ‫ان التنظيم املجتمعي الفييل؛ الذي‬ ‫يجب أن يتشكل بشكل منظم ومعد‬ ‫له جيدا‪ ،‬يجب أن ال يكتفي بإيجاد‬ ‫الحلول لهذه املشكلة أو تلك‪ ،‬بل‬ ‫يتعني أن يتمحور حول التمكني‬ ‫الذين يعانون منه لحل املشاكل‬ ‫البينية يف اطار موحد ليقودوا‬

‫أنفسهم‪ ،‬ويوظفوا مواردهم املتوفرة‬ ‫بشكل ذايت ‪ ،‬وبذلك يصبح حل‬ ‫املشكلة الكربى يف متناول اليد‪.‬‬ ‫مع االحرتام لكل األفراد والجامعات‬ ‫الفيلية القامئني عىل الجهد‪ ،‬هم أهل‬ ‫القضية وأصحابها‪ ،‬وليس فئة سياسية‬ ‫ضاغطة أو مؤازرة للقضية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فان القيادة تنبع من قصص أهل‬ ‫القضية ذاتهم‪ ،‬وهو ما يحفز العمل‬ ‫واإللتزام ‪ ،‬وال نشجع إستقطاب‬ ‫قيادات من خارج أهل القضية إأل من‬ ‫اجل الدعم واالرشاد لالستفادة من‬ ‫الخربات لفك عقدة التشتت الذي‬ ‫يعيشه الفيليون اليوم ومع االسف‬ ‫‪.‬التنظيم املجتمعي الفييل؛ يتشكل‬ ‫من مجموع الفعاليات الفيلية ولكن‬ ‫يف اطار موحد (شيوخ عشائر‪ ،‬قادة‬ ‫سياسيني‪ ،‬طالب‪ ،‬شباب‪ ،‬نساء‪ ،‬تجار‬ ‫وكسبة‪ ،‬مهن وحرف‪ ،‬كفاءات إدارية‬ ‫وأكادميية‪ ،‬جهاديون وعسكر ورجال‬ ‫أمن )‪ ،‬وهو الذي يعرب عن رؤية‬ ‫جامعية فيلية‪ ،‬للحلول الواجب‬ ‫إنجازها واملحافظة عىل هويتها و‬ ‫لقضيتهم التي طال عليها الزمن‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪20‬‬

‫الجئ كوردي فيلي‬ ‫كتب رواية عبر واتس آب‬ ‫يفوز بأرفع جائزة أسترالية‬ ‫فاز الكوردي الفيلي بهروز بوجاني‬ ‫بأبرز جائزة أدبية في أستراليا عن روايته‬ ‫«ال صديق سوى الجبال» التي كتبها‬ ‫مستخدما تطبيق واتس آب من مركز‬ ‫اعتقال‪.‬‬ ‫فيلي ‪ /‬محمد جمال‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪22‬‬ ‫وتبلغ قيمة جائزة فيكتوريا‬ ‫األدبية ‪ 100‬ألف دوالر أسرتايل‪.‬‬ ‫ومازال بوجاين يف جزيرة مانوس التابعة‬ ‫لبابوا غينيا الجديدة وغري مسموح له‬ ‫بدخول أسرتاليا‪.‬‬ ‫وكان مركز االعتقال املثري للجدل قد‬ ‫أغلق يف أواخر عام ‪ 2017‬وتم نقله‬ ‫ومئات آخرين ملكان آخر‪.‬‬ ‫الحكاية‬ ‫مل يدرك بهروز بوجاين الذي هرب من‬ ‫خطر االعتقال والسجن يف مكان عيشه‬ ‫يف إيران‪ ،‬أنه سريسل إىل مركز احتجاز‬ ‫يف جزيرة منعزلة ويقيض خمس سنوات‬ ‫فيها بسبب عدم حيازته عىل األوراق‬ ‫الثبوتية الكافية لطلب اللجوء‪ ،‬رغم‬ ‫أن صيته ذاع يف معظم أنحاء العامل‬ ‫عن طريق الصحف العاملية واملنظامت‬ ‫الحقوقية‪.‬‬ ‫وكان بهروز متجها إىل أسرتاليا برفقة‬ ‫عرشات املهاجرين عىل القارب‪ ،‬عندما‬ ‫صادفتهم البحرية األسرتالية وقادتهم‬ ‫إىل جزيرة كريسامس ثم مانوس الواقعة‬ ‫يف بابوا غينيا الجديدة‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر أن البحرية األسرتالية‬ ‫تقود جميع قوارب املهاجرين التي‬ ‫تصادفها يف البحر إىل مراكز احتجاز‬ ‫تطلق عليها السلطات األسرتالية اسم «‬ ‫مخيم أو مركز دراسة طلبات اللجوء»‬ ‫يف جزيرة مانوس وكريسامس والذين‬

‫يتم ترحيل معظمهم منها إىل البالد‬ ‫التي أتوا منها‪.‬‬ ‫«سجن رهيب»‬ ‫يقول بهروز يف مقابلة أجرته معه‬ ‫صحفية من منظمة هيومن رايتس‬ ‫ووتش‪ »:‬إن مركز دراسة طلبات اللجوء‬ ‫الذي يحتوي عىل مئات املعتقلني‪ ،‬عبارة‬ ‫عن سجن رهيب كرثت فيه حاالت‬ ‫االنتحار‪ ،‬والتعذيب»‪ ،‬وصفحة بهروز‬ ‫عىل موقع التواصل االجتامعي‪ ،‬تويرت‪،‬‬ ‫مليئة بصور عن معاناة املعتقلني‪.‬‬ ‫وال يزال بهروز يوثق ويدون عىل‬ ‫صفحاته يف مواقع التواصل االجتامعي‬ ‫«تجاوزات السلطات بحق املعتقلني»‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع بالسلطات إىل عزله‬ ‫عن زمالئه ووضعه يف سجن انفرادي‬ ‫ألنه «يفضح» أفعالهم بحسب ما كتب‬ ‫بهروز عىل صفحته وكرر ذلك للصحفيني‬ ‫الذين قابلوه يف املعتقل عدة مرات‪.‬‬ ‫إبداع‬ ‫نث السجن عزمية بوجاين عن الكتابة‬ ‫مل ي ِ‬ ‫للحظة‪ ،‬بل نشط أكرث وكتب عن حاالت‬ ‫عديدة من داخل السجن‪ ،‬عن معاناتهم‪،‬‬ ‫وزود املنظامت الحقوقية واإلنسانية‬ ‫باملعلومات حول املركز‪ ،‬كام أنه مل‬ ‫يتوقف عن عمله الذي بدأه يف إيران‬ ‫والذي يحث فيه املجتمع الكوردي يف‬ ‫إيران عىل «االستمرار باملطالبة بحقوقه‬ ‫الثقافية والسياسية يف البالد»‪.‬‬ ‫وضعته السلطات عدة مرات يف سجن‬ ‫انفرادي بسبب كتاباته التي يقول فيها‬ ‫بوجاين أنها كانت « فاضحة ألعاملهم»‪.‬‬ ‫مل يتوقف بوجاين عن الكتابة‪ ،‬وتحسباً‬ ‫« لتمزيق السلطات ألوراقه» استخدم‬

‫تطبيق واتس أب عىل هاتفه النقال يف‬ ‫كتابة رواية « ال صديق سوى الجبال»‬ ‫عىل مدار خمس سنوات‪.‬‬ ‫يقول بوجاين‪ »:‬كنت أكتب يف كل مرة‬ ‫رسالة نصية وأرسلها إىل صديقي خارج‬ ‫السجن‪ ،‬ليجمعها يف ملف خاص بعيداً‬ ‫عن خطر متزيق السلطات ألوراقي»‪.‬‬ ‫استغرقت كتابة تلك الرسائل خمس‬ ‫سنوات دون كلل أو يأس‪ .‬وبحسب‬ ‫ما قال يف صفحته‪ ،‬فقد « كان يعمل‬ ‫لساعات طويلة كل يوم تصل أحياناً إىل‬ ‫‪ 16‬ساعة»‪.‬‬ ‫ذاع صيت كتابه يف األوساط العاملية‪،‬‬ ‫وبيعت نسخ عديدة منه يف حفل‬ ‫افتتاح لكتابه يف أسرتاليا وعىل مواقع‬ ‫االنرتنت‪ .‬ونال إعجاب العديد من‬ ‫الكتاب والروائيني يف العامل‪ ،‬ورشحه‬ ‫تطبيق ‪ « »I Book‬للقراء لجدارته‪.‬‬ ‫رحلة املخاطر‬ ‫بهروز‪ ،‬من مواليد ‪ ،1983‬الجئ كوردي‬ ‫من مدينة ايالم الفيلية غريب إيران‪،‬‬ ‫واملتاخمة للحدود العراقية‪ .‬درس‬ ‫العلوم السياسية يف جامعة «تربيا‬ ‫مدارس» يف طهران وعمل يف البداية‬ ‫صحفياً يف صحيفة محلية تهتم بشؤون‬ ‫الطالب‪ ،‬ثم عمل يف عدة مجالت‬ ‫وصحف إيرانية‪.‬‬ ‫وبعد أن أصبح محرراً ملجلة «واريا»‬ ‫الكوردية التي تهتم بالشؤون السياسية‬ ‫واالجتامعية الكوردية‪ ،‬لفت أنظار‬ ‫السلطات اإليرانية إليه‪ .‬وخاصة أن‬ ‫الصحيفة كانت تناقش «أهمية اللهجة‬ ‫واللغة الكوردية التي يتحدث بها سكان‬ ‫مدينة ايالم وخطر انقراض تلك الثقافة‬

‫واللغة بني أبناء الجيل الحديث»‪.‬‬ ‫غادر إيران يف عام ‪ 2013‬بسبب مواجهته‬ ‫لخطر االعتقال والسجن‪ ،‬بسبب كتاباته‬ ‫املناهضة للنظام والحكومة يف إيران‬ ‫من جهة‪ ،‬ودعوته للكورد إىل املطالبة‬ ‫بحقوقهم الثقافية واملدنية من جهة‬ ‫أخرى‪ .‬لكن‪ ،‬انتهى به املطاف يف ذلك‬ ‫«السجن املنعزل» يف أسرتاليا‪ ،‬املكان‬ ‫الذي «ظن أنه سيكون حراً ملامرسة‬ ‫الكتابة»‪.‬‬ ‫خوف‬ ‫ويقول بوجاين من خلف األسوار العالية‪،‬‬ ‫إن «صحته غالباً ما تكون رديئة ومزاجه‬ ‫متقلبا بشدة‪ ،‬تتأرجح بني الهذيان‬ ‫والضعف إىل السوداوية واالكتئاب»‪.‬‬ ‫ويضيف‪ »:‬أستطيع الشعور بحالتي‬ ‫النفسية عندما أدخل يف حالة االكتئاب‬ ‫الشديد التي تخرج متاماً عن سيطريت‪ ،‬و‬ ‫أقف عاجزاً أمام نفيس بال قوة»‪.‬‬ ‫ويشعر بوجاين بأفضل حاالته عندما‬

‫يكون مشغو ًال ويعمل عىل هدف معني‬ ‫للتحايل عىل الوقت والساعات التي‬ ‫تبدو له أنها بال نهاية يف ذلك السجن‪.‬‬ ‫مهنة املتاعب‬ ‫رغم وجوده يف السجن‪ ،‬إال أنه يتواصل‬ ‫مع العامل الخارجي عن طريق تطبيق‬ ‫واتس أب‪ ،‬وصفحات التواصل االجتامعي‬ ‫األخرى إذا توفر االنرتنت‪ .‬حيث يقوم‬ ‫بالتواصل مع الصحفيني األسرتاليني‪،‬‬ ‫واملتعاطفني معه واملنظامت املتعددة‬ ‫كمنظمة حقوق اإلنسان‪ ،‬والقلم الدولية‪.‬‬ ‫إىل جانب روايته التي ذاع صيتها يف‬ ‫ينس الكتابة لوسائل اإلعالم‬ ‫العامل‪ ،‬مل َ‬ ‫الكردية من شعر ونرث وقصص قصرية ‪.‬‬ ‫كام أنه كتب رسائل خطابات ورسائل‬ ‫رسمية إىل الوزراء ورؤساء الوزراء‪ ،‬لكنه‬ ‫نادراً ما كان يحصل عىل رد بحسب ما‬ ‫كتب عىل صفحته يف تويرت‪.‬‬ ‫ويف مقابلة أجرته معه صحيفة الغارديان‬ ‫يقول‪« :‬كنت وما زلت صحفياً‪ ،‬حتى وأنا‬

‫علينا أال نعتب على‬ ‫األمريكيين أو على أية جهة‬ ‫نتعامل معهم إلهمالهم‬ ‫لنا‪ ،‬فهم مثلنا يبحثون عن مصالحهم‪،‬‬ ‫وعلينا أن نكون على دراية في كيفية‬ ‫االستفادة من الظروف‬ ‫ومجريات األحداث‪ ،‬فالسياسة‬ ‫معروفة أنها ال تخدم بل‬ ‫تسخر لبلوغ الغاية‪...‬‬

‫يف هذا املكان‪ ،‬إنه عميل وواجبي»‪.‬‬ ‫اعتقال‬ ‫يف عام ‪ ،2011‬ألقي القبض عليه وتم‬ ‫استجوابه من قبل الحرس الثوري‬ ‫اإلسالمي اإليراين‪ ،‬وبعد أشهر‪ ،‬أطلق‬ ‫رساحه بعد أن كتب تعهداً بعدم العودة‬ ‫إىل كتابات « ثورية» تتعلق بحقوق‬ ‫الكورد‪ .‬لكنه عمل يف تحرير املواد التي‬ ‫كان يرسلها له زمالؤه الصحفييون عن‬ ‫طريق الربيد االلكرتوين بطريقة رسية‪،‬‬ ‫إال أن السلطات ألقت القبض عىل ‪11‬‬ ‫من زمالئه بعد عامني بسبب اتساع‬ ‫نشاط املجلة وتفاعل الناس معها‬ ‫بحسب ما قال يف إحدى مقابالته مع‬ ‫منظمة هيومن رايتس ووتش‪.‬‬ ‫ويف تلك األثناء‪ ،‬كان بوجاين يعمل رساً‬ ‫يف موقع أسسه هو من طهران‪ ،‬تحت‬ ‫اسم «مراسلون إيرانيون»‪ ،‬انترشت‬ ‫أخبار ذلك املوقع رسيعاً‪ ،‬وعلمت به‬ ‫السلطات‪ ،‬فلم يكن أمامه سوى االختباء‬ ‫والتفكري يف الهرب خارج الحدود قبل أن‬ ‫يُعتقل هو اآلخر‪.‬‬ ‫ويقول لـ « غارديان» بعد أن نرشت‬ ‫آخر األخبار عىل ذلك املوقع‪ »،‬قررت‬ ‫الذهاب لرؤية والديت يف عيالم‪ ،‬كنت‬ ‫أعلم بأنني الهدف التايل‪ ،‬مل يكن قلبي‬ ‫مطمئناً‪ ،‬لذا مل أبق هناك وعدت أدراجي‬ ‫إىل طهران لالختباء يف منزل صديق يل»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬لقد نصحني بعض أصدقايئ‬ ‫الذين أطلق رساحهم مبغادرة البالد فوراً‪،‬‬ ‫ألن السلطات كانت تبحث عني كوين‬ ‫«العقل املدبر للمجلة»‪.‬‬ ‫فكانت‪ ،‬وجهته أسرتاليا «ظناً منه أنه‬ ‫سينعم بالحرية هناك»‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪24‬‬ ‫ويف مايو‪/‬أيار ‪ ،2013‬غادر بوجاين إيران‬ ‫ليصل جزيرة كريسامس يف يوليو‪/‬متوز‬ ‫بعد رحلة محفوفة باملخاطر‪ ،‬ويف ‪27‬‬ ‫أغسطس‪/‬آب من نفس العام‪ُ ،‬نقل‬ ‫إىل جزيرة مانوس التي ما زال فيها‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬دون أي» بصيص أمل‬ ‫بقرب إطالق رساحه باستثناء التهديد‬ ‫املحتمل برتحيله إىل بلده»‪.‬‬ ‫وقد رفض بهروز بوجاين تقديم طلب‬ ‫اللجوء إىل سلطات بابوا غينيا الجديدة‬ ‫آت إىل هذا البلد بإراديت‪،‬‬ ‫قائ ًال‪« :‬مل ِ‬ ‫وأنا هنا رغ ً‬ ‫ام عني‪ ،‬وال أقبل بذلك»‪.‬‬ ‫ويعرف متاما أن حياته ستكون يف‬ ‫«خطر شديد» إذا ما ُر ِحل إىل إيران‪،‬‬ ‫و»االعتقال والتعذيب» سيكونان أقل‬ ‫ما ميكن أن يالقيه‪.‬‬ ‫وخرجت العديد من املظاهرات التي‬ ‫تطالب بإغالق مركز االحتجاز يف جزيرة‬ ‫مانوس‪ .‬وطالبت منظمة مراسلون بال‬ ‫حدود بحاميته ومنحه اإلقامة ألنها‬ ‫وبحسب تعبريها « مقتنعة بأن حياته‬ ‫وحريته ستكونان يف خطر كبري إذا‬ ‫ُأرغم عىل العودة إىل إيران»‪.‬‬ ‫ويقول بوجاين عن منح منظمة القلم‬ ‫الدولية العضوية الفخرية له ‪ ،‬أنها‬ ‫و َّلدَت لديه شعوراً كالطفل حني يتلقى‬ ‫هدية يف يوم ميالده‪.‬‬

‫اللغة االم‬ ‫ال تقتل‬ ‫الفيليين‬

‫فيلي ‪ /‬علي حسني فيلي‬

‫بالتزامن مع الوالدة متنح للطفل اعظم‬ ‫هدية اال وهي لغة االم‪ .‬يتوجب عىل‬ ‫اي انسان السعي لحامية هذه اللغة‬ ‫التي تعد ترنيمة يف املهد لك متهيدها‬ ‫واساسها وصوتها الشجي‪.‬‬ ‫وطبقا ملا يقوله الكاتب التشييك ميالن‬ ‫كوندرا ‪:‬ان الخطوة االوىل لتدمري اية‬ ‫قومية‪ ،‬هي مسح ذاكرتها‪ .‬يجب تدمري‬ ‫كتبها وثقافتها ولغتها!‬ ‫ان اللغة االم هي مثل لون العينني‬ ‫وشكل االنف وحالة الحاجبني‪ ...‬الخ‬ ‫مبعنى انها ليست باختيارنا‪ ،‬بل انها جزء‬ ‫من هويتنا وتعريفنا‪.‬‬ ‫ان مهمة اللغة ليست فقط اعطاء‬ ‫املعلومات ونقل املشاعر واالحاسيس‪،‬‬ ‫بل تصبح سببا الستثارة الفكر‬

‫وااليديولوجيات الجديدة‪ .‬معظمنا‬ ‫مر بتلك التجربة‪ ،‬حينام يتكلم شخص‬ ‫بلغتنا االم يثري انتباهنا واهتاممنا‪ .‬ففي‬ ‫الغربة عندما يتكلم شخص بلغتنا نشعر‬ ‫بفرح غامر حتى وان كنا النعرف ذلك‬ ‫الشخص بل بسبب هذه النقطة املشرتكة‬ ‫فقط؛ حتى كأننا عرثنا عىل صديق او‬ ‫حبيب قديم‪ .‬وهذا الشعور الجميل‬ ‫تجاه الشخص املقابل ال عالقة له مبن‬ ‫هو الشخص املقابل وماهي مكانته‬ ‫االجتامعية‪ .‬فال يتم التساؤل عن هذا‬ ‫الشعور يف هذه الجزئية والخصوصية‪.‬‬ ‫يقول الكاتب الفرنيس الفونس دوديه‪:‬‬ ‫ان اي شعب يضيع لغته االم‪ ،‬كانه‬ ‫السجني الذي فقد مفتاح باب سجنه‪.‬‬ ‫وبهذا الخصوص ومشكلة الفيليني من‬

‫ناحية اللغة‪ ،‬ليس هناك اي احصاء‬ ‫موثوق به يبني كم هم الفيليون الذين‬ ‫لهم مشكلة مع اللغة االم‪ .‬من الواضح‬ ‫انه فيام يخص الدراسة ومراكز الرتبية‬ ‫والحياة داخل املجتمع ‪-‬يف بغداد‬ ‫مثال‪ -‬لهم مشكلة ولكن فيام يخص‬ ‫الرتبية االرسية فان للفيليني نوعني من‬ ‫التفكري والتجربة‪ .‬االول هم اولئك‬ ‫الذي يتكلمون باللغة العربية فقط او‬ ‫يتكلمون مع اطفالهم اللغة الرسمية‬ ‫للدولة التي يعيشون فيها فقط بذريعة‬ ‫ان املستحسن ان يتكلم الطفل لغة‬ ‫واحدة فقط بشكل متقن حتى ال‬ ‫يتعرض الستهزاء االطفال االخرين بسبب‬ ‫مشكلة التلفظ‪ .‬الجانب االخر هم اولئك‬ ‫الذين يتكلمون مع اطفالهم باللغة االم‬

‫ويقولون ان املجتمع سيجربهم عىل‬ ‫تعلم اللغة االخرى (الرسمية)‪.‬‬ ‫ومن دون شك اذا مل يستطع الكوردي‬ ‫الفييل تعلم اللغة االم داخل بيته‪ ،‬فان‬ ‫اللغة االخرى خارج البيت لن متنحه‬ ‫الفرصة لتعلمها مرة اخرى‪ .‬وقد اثبتت‬ ‫التجارب ان الذين ال يتعلمون اللغة‬ ‫االم عند صغرهم ال مييلون اىل تعلمها‬ ‫يف كربهم‪ .‬ويف هذه الحالة سأرضب مثال‬ ‫بعائلة فيلية يف بغداد لها خمسة اطفال‪.‬‬ ‫فالطفالن االكربان وبسبب معايشتهم‬ ‫يف البيت مع الجد والجدة والتكلم‬ ‫معهم باللغة االم ال مشكلة لهم يف‬ ‫التكلم بالكوردية‪ ،‬ولكن الثالثة االخرين‬ ‫يعاتبون ابويهم النهم مل يتكلموا معهم‬ ‫باللغة الكوردية ويقولون‪ :‬يا ليتنا كنا‬ ‫نحن ايضا نستطيع التكلم مثل االخرين‬ ‫بلغتنا االم‪ ،‬ولكن من سوء حظنا نحن ان‬ ‫الجدين مل يبقيا عىل قيد الحياة ليعلامنا‬ ‫اللغة االم‪ .‬لذلك فنحن ال ثقة لنا بأنفسنا‬ ‫لنتمكن من التحدث باللغة الكوردية!‬ ‫وبحسب ما يعتقده نيلسون ماديال‪ ،‬فانه‬ ‫اذا تكلمت مع شخص ما بلغة يفهمها‬ ‫فان كلامتك تصل لدماغه‪ ،‬ولكن اذا‬ ‫تكلم الشخص بلغتك االم فان كلامته‬ ‫تصل اىل قلبك‪.‬‬ ‫انا عىل ثقة بان اللغة االم ال تقتل‬ ‫الفيليني! وهذا اقل عمل تقوم به‬ ‫العوائل يف التكلم مع اطفالهم باللغة‬ ‫االم وتعلمها اياها‪ ،‬فاذا فضلوا هم يف‬ ‫املستقبل عدم التكلم بها واستعاملها‬ ‫فهذا شأن اخر‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪26‬‬

‫شرطيات يدرن‬ ‫إذاعة شبابية في‬

‫دهوك كوردستان‬

‫فيلي ‪/‬ا ب ‪/‬‬

‫تجلس آواز مسعود واثقة من‬ ‫نفسها أمام ميكروفون اإلذاعة‬ ‫فيام تبث عرب موجات راديو دهوك‪.‬‬ ‫لكن آواز ال تقدم برنامجا للدردشة أو‬ ‫للموسيقى‪ ،‬فهذه هي إذاعة املرور‪،‬‬ ‫محطة دشنتها رشطة مرور دهوك‬ ‫وتدار بالكامل من قبل رشطيات‬ ‫املرور‪.‬‬ ‫بدأت املحطة يف العام ‪ .2013‬لكنها‬ ‫مؤخرا وبعد تشغيل طاقم نسايئ‬ ‫بالكامل‪ ،‬أصبحت مشهورة بني الشباب‬ ‫والسائقني يف دهوك‪.‬‬ ‫تعتقد آواز أن هناك العديد من‬ ‫الفوائد لوجود مقدمات إذاعيات‪،‬‬ ‫وأوضحت قائلة‪« :‬عندما تقدم املرأة‬ ‫تعليامت للسائقني‪ ،‬بأسلوب رقيق‪،‬‬ ‫فالسائقني سوف يستمعون إليها‬ ‫بشكل أفضل»‪.‬‬ ‫تدير سبع رشطيات من املرور‬ ‫املحطة اإلذاعية كمذيعات ومنتجات‬ ‫ومخرجات ومتحكامت‪ ،‬ومقر اإلذاعة‬ ‫أحد مباين رشطة مرور دهوك وهي‬ ‫محطة إذاعية عامة‪.‬‬ ‫سائقو األجرة وبعض السائقني‬ ‫املعتادين يقدمون املعلومات أيضا‬ ‫للمحطة اإلذاعية‪.‬‬

‫ويف هذا الصدد‪ ،‬قالت آواز‪« :‬إذا كان‬ ‫هناك جليد يف مكان ما أو مطر أو بركة‬ ‫مياه‪ ،‬أو إذا كان هناك حادث‪ ،‬يقوم‬ ‫السائقون بإبالغنا يف إذاعة املرور‪ .‬يف‬ ‫العديد من املرات‪ ،‬عندما يأتون هنا‪،‬‬ ‫فإنهم يعتربونه منزلهم»‪.‬‬ ‫تقدم إذاعة املرور إرشادات السفر‬ ‫وتعليامت للسائقني يف دهوك‪.‬‬ ‫وتبلغ السائقني أيضا مبواقع كامريات‬ ‫مراقبة الرسعة املحمولة التي وضعها‬ ‫رشطيو املرور‪.‬‬ ‫وأوضحت مذيعة أخرى تدعى نوجني‬ ‫خيوت صالح قائلة‪« :‬نحن نرتقي‬ ‫بالوعي أيضا بني سائقينا‪ ،‬حتى يكونوا‬ ‫مثل السائقني األجانب‪ ،‬كذلك لجعل‬ ‫طرقنا الرسيعة أكرث أمانا‪ ،‬مثل الطرق‬ ‫الرسيعة يف الدول األخرى‪ ،‬وهذا عن‬ ‫طريق االرتقاء بالوعي املروري»‪.‬‬ ‫وقال سائقو سيارات أجرة‪ ،‬مثل صديق‬ ‫أيوب‪ ،‬إنهم يجدون املعلومات التي‬ ‫تقدمها إذاعة املرور مفيدة للغاية‪.‬‬ ‫وتابع أيوب قائال‪« :‬التوجيهات التي‬ ‫قد ال نكون عىل وعي بها مثل‪ :‬إغالق‬ ‫طريق أو وقوع حادث أو مواقع‬ ‫كامريات الرسعة عىل الطرق‪ ،‬إنها‬ ‫تحذر السائقني من كل ذلك»‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪28‬‬

‫سيدة كفيفة من اقليم كوردستان تعيل‬ ‫اسرتها بمهنة اساسها البصر‬ ‫فيلي ‪ /‬سندس مريزا‬

‫تجلس ساوزا معروف أمام صديقتها‬ ‫العزيزة‪ :‬ماكينة الخياطة‪ .‬لدى هذه املرأة‬ ‫الكفيفة التي تعيش يف مدينة السليامنية يف اقليم‬ ‫كوردستان العراق مهارات كبرية يف الخياطة‪،‬‬ ‫وحقيقة أن برصها كف منذ أن كانت يف سن‬ ‫الرابعة مل تقف يف طريقها‪.‬‬ ‫فقدت ساوزا برصها عندما كانت طفلة بسبب‬ ‫مرض أمل بها‪ .‬لكنها تعلمت الخياطة التي تجلب لها‬ ‫دخ ًال وتعيل بها أرستها‪ ،‬وساعدتها أعامل الخياطة‬ ‫الصغرية يف أن تصبح املعيل الرئييس ألرستها‪.‬‬ ‫وتتخذ ساوزا من منزلها مكاناً لورشتها‪ ،‬حيث‬ ‫تستخدم ماكينة خياطة يدوية يف حياكة املالبس‪.‬‬ ‫تقول ساوزا «الحمد لله‪ ،‬ليس لدي أي مشاكل‬ ‫ناتجة عن فقدان البرص أو حتى عدم القدرة عىل‬ ‫القيام بعميل‪ .‬أقوم بكل أنواع العمل وقمنت‬ ‫برتبية أطفايل‪ .‬لدي ابنة ولديها طفالن‪ ،‬والحمد لله‬ ‫مرة أخرى أنني قادرة عىل مساعدتها يف تربيتهام»‪.‬‬ ‫زبونات ساوزا هن جريانها‪ ،‬ويأتني إليها كلام‬ ‫احتجن إىل مالبس ألنفسهن أو ألطفالهن‪ .‬إحداهن‬ ‫هي غولستان عيل‪ ،‬وهي أيضا صديقتها أيضا‪.‬‬ ‫ساوزا ال تجد صعوبة يف مساعدتها عىل اختيار‬ ‫طراز مالبسها‪.‬‬ ‫وتقول غولستان إن نظرة ساوزا إىل الحياة أصبحت‬ ‫مصدر إلهام للجميع «أنا فخورة بساوزا ألنها تصنع‬ ‫يل زياً‪ ،‬وسأكون فخورة بأي شخص مثلها‪ .‬إنها مثال‬ ‫يحتذى به وأرغب يف رؤية املزيد من أمثال ساوزا‪.‬‬ ‫نحن جارتان منذ فرتة‪ ،‬وهي تصنع املالبس يل‬ ‫وألوالدي‪ ،‬وهي تخيطها متاماً كام نطلبها»‪.‬‬ ‫ويعاين زوج ساوزا من سكتة دماغية وال يستطيع‬ ‫مغادرة فراشه‪ ،‬لذا فهي أيضا تقدم الرعاية له‪ ،‬كام‬ ‫أنها تتوىل رعاية ابنتها وحفيديها الذين يعيشون‬ ‫جميعا معها‪.‬‬ ‫وبعد االنتهاء من أعامل الخياطة واالعتناء باملنزل‬ ‫وبزوجها ال تجد ساوزا أفضل من اللعب مع‬ ‫حفيديها‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫فيلي‬

‫‪30‬‬ ‫محمد مندالوي‬

‫كيف ظهر‬ ‫الكيان العراقي إلى الوجود‬ ‫في العصر الحديث؟‬ ‫والية البرصة‬ ‫ما يسمى بالعراق اليوم‪ ،‬كان يف‬ ‫الهزيع األخري من عمر السلطة‬ ‫العثامنية (‪1923 1299-‬م)‬ ‫ثالث واليات مستقلة عن بعضها‬ ‫ال يربط بينها رابط‪ 1-.‬والية‬ ‫البرصة وتوابعها‪ ،‬حيث كانت‬ ‫الغالبية العظمى من مواطنيها‬ ‫من املذهب الشيعي‪ ،‬وعرقياً‬ ‫كانوا إما كورداً أو فرساً‪ ،‬إال أنهم‬ ‫هجروا لغتهم األم‪ ،‬وأصبحوا‬ ‫ناطقون بالعربية‪ ،‬ذلك بسبب‬ ‫فرض العقيدة اإلسالمية عليهم‬ ‫بحد السيف‪ ،‬ومعها نجح األعراب‬ ‫بفرض لغتهم العربية عليهم أيضاً‪،‬‬ ‫أن ما ساعد العرب عىل صهرهم‬ ‫يف بوتقتهم قرب أرضهم من‬ ‫أرض العرب‪ ،‬وتضاريس أرضهم‬ ‫منبسطة‪ ،‬شبيهة بأرض العرب‪،‬‬ ‫لذا تحرك الغزاة العرب فيها بكل‬

‫سهول ويرس‪ ،‬وهذا ما ساعدهم‬ ‫بفرض عقيدتهم ولغتهم وعاداتهم‬ ‫وتقاليدهم عليها بفرتة زمنية‬ ‫وجيزة ودون عناء‪ ،‬إال أنهم ‪-‬‬ ‫العرب‪ -‬استطاعوا فرض عقيدتهم‬ ‫عىل إيران وكوردستان وبلدان‬ ‫أخرى‪ ،‬لكنهم مل ينجحوا بفرض‬ ‫لغتهم العربية عليهم‪ .‬للعلم‪ ،‬أن‬ ‫بعضاً من مدن وقرى والية البرصة‬ ‫كانت يف فرتات متباينة تلحق‬ ‫بوالية بغداد‪ ،‬بحسب مزاج الوايل‬ ‫العثامين‪ ،‬أو حسب ما يطلبه‬ ‫حكام الباب العايل يف اسطنبول؟‪.‬‬ ‫والية بغداد‬ ‫‪ 2‬ما سميت بوالية بغداد‬‫وتوابعها‪ ،‬باستثناء بغداد‪ ،‬كانت‬ ‫املنطقة الغربية‪ ،‬التي تسمى‬ ‫اليوم باملنطقة السنية‪ ،‬وغالبية‬ ‫سكانها من أولئك األعراب‪ ،‬الذين‬ ‫جاءوا يف صدر اإلسالم من أجل‬ ‫نرش العقيدة اإلسالمية‪ ،‬ومعها‬ ‫نهب وسبي نساء وأموال مواطني‬ ‫بالد بني النهرين‪ ،‬وكوردستان‪ ،‬إال‬ ‫أنهم بعد أن أمتوا مهمتهم‪ ..‬رأوا‬ ‫أن هذه األرض تدر عس ًال ولبنا‬ ‫استوطنوها عنوة إىل يومنا هذا‪.‬‬ ‫لكن ال رابط بينهم وبني األشياع يف‬ ‫جنوب وادي الرافدين ال مذهبياً‬ ‫وال عرقياً‪ ،‬بدليل أن أبناء العشرية‬ ‫التي تحمل نفس االسم يف كلتا‬ ‫املنطقتني املتاخمتني لبعضهام‬ ‫يختلفوا يف كل يشء‪ ،‬ناهيك عن‬

‫املذهب‪ ،‬لهجة‪ ،‬وزياً‪ ،‬وعادة‬ ‫وتقليدا‪ ،‬وأسلوب حياة الخ الخ‬ ‫الخ‪ .‬رغم أن املسافة الجغرافية‬ ‫التي تفصل بينهام ال تتعدى‬ ‫عرشة إىل عرشين كيلومرت؟‪ .‬أليس‬ ‫هذا يدل عىل أنهام من عرقني‬ ‫مختلفني؟ عرق سامي (عريب)‪،‬‬ ‫وعرق آري ناطق بالعربية يعتنق‬ ‫املذهب الشيعي‪.‬‬ ‫والية كوردستان = والية موسێل‬ ‫‪ 3‬والية كوردستان‪ ،‬التي سميت‬‫فيام بعد بوالية موصل‪ ،‬كانت‬ ‫تشمل ‪ 1-‬أربيل‪ 2- .‬سليامنية‪.‬‬ ‫‪ 3‬كركوك‪ .‬وكانت دهوك يف‬‫حينها ضمن سنجق موصل‪.‬‬ ‫حسب التقارير التي صدرت من‬ ‫عصبة األمم‪ ،‬وما جاء يف مؤلفات‬ ‫املسترشقني‪ ،‬الذين زاروا املنطقة‪،‬‬ ‫أكدوا أن ‪ 75%‬من مواطني الوالية‬ ‫هم كورد‪ ،‬إما ‪ 25%‬اآلخرون هم‬ ‫من العرب‪ ،‬الذين جاءوا مع الغزو‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬أو فيام بعد بسبب‬ ‫النزاعات القبلية بني األعراب‬ ‫عىل الكأل واملاء‪ ،‬ومن الطوائف‬ ‫املسيحية الذين استوطنوا املدينة‬ ‫قبل العرب‪ ،‬وكذلك من بعض‬ ‫األتراك‪ ،‬من مخلفات االحتالل‬ ‫العثامين الخ‪.‬‬ ‫تأسيس الكيان العراقي بعصا‬ ‫الساحر الربيطاين‬ ‫يف خضم الحرب العاملية األوىل‪،‬‬ ‫تحديداً بني أعوام ‪1917-1914‬‬ ‫‪31‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫فيلي‬

‫‪32‬‬ ‫بعد أن دحر الجيش‬ ‫الربيطاين الجيش العثامين‬ ‫واحتل واليتي برصة وبغداد‪.‬‬ ‫ال شك أنه كأي محتل آخر جاء‬ ‫من وراء البحار قاطعاً آالف‬ ‫الكيلومرتات من أجل أن ينهب‬ ‫خريات اآلخرين تحت ذريعة نرش‬ ‫املدنية والحضارة وخالص سكان‬ ‫وادي الرافدين من الظلم الرتيك‬ ‫العثامين البغيض‪ ،‬ظهر هذا جلياً‬ ‫يف قول الجرنال مود‪ :‬جئناكم‬ ‫محررين ال فاتحني‪ .‬بعد أن استقر‬ ‫الوضع نسبياً للربيطانيني رسعان‬ ‫ما قفز إىل أذهان قياداتهم فكرة‬ ‫شيطانية‪ ،‬وهي دمج واليايت برصة‬ ‫وبغداد وإنشاء كيان سيايس‬ ‫منهام باسم العراق‪ ،‬ألن اسم‬ ‫العراق كان قدمياً يطلق عىل‬ ‫قسم من هذا الكيان‪ ،‬الذي كان‬ ‫ميتد من الكوفة إىل البرصة‪،‬إال أن‬ ‫الربيطانيني أذكياء‪ ،‬وعندهم خربة‬ ‫ال يستهان بها يف هذا املضامر‪،‬‬ ‫لذا عرفوا أن ال حياة لهذا الكيان‬ ‫املصطنع بدون إلحاق والية‬ ‫كوردستان (موصل) به‪ ،‬فعليه‬ ‫شنوا هجوماً كاسحاً عىل الوالية‬ ‫واحتلوها بفوهة البنادق‪ ،‬إال‬ ‫أنهم مل يستطيعوا إلحاقها بالكيان‬ ‫الجديد املسمى عراق إال بعد أن‬ ‫مضت عدة سنوات‪ ،‬وتحديداً عام‬

‫‪ 1926‬وذلك مبؤامرة دنيئة قادتها‬ ‫بريطانيا (الكافرة) والسائرون يف‬ ‫ركابها يف عصبة األمم‪ ،‬وتحقق‬ ‫لهم ما أرادوا‪ ،‬حيث ألحقت‬ ‫الوالية‪ ،‬أي جنوب كوردستان‬ ‫بالكيان العراقي‪ ،..‬الذي أستحدثه‬ ‫الربيطانيون قرساً وحرشوا فيه‬ ‫شعوباً ال يوجد بينهم يشء مشرتك‪،‬‬ ‫ومن ثم استوردوا له مليكاً وضيعاً‬ ‫محطوط القدر‪ ،‬كان قد خان‬ ‫والده الرشيف حسني وتحالف‬ ‫مع أعدائه اإلنجليز (الكفار)‪ .‬يك‬ ‫ال ننىس‪ ،‬أن بريطانيا حصلت عىل‬ ‫حق االنتداب‪ ،‬حق الوصاية عىل‬ ‫الكيان العراقي املستحدث عام‬ ‫‪ 1918‬من عصبة األمم‪ ،‬وانتهى‬ ‫هذا االنتداب عام ‪ 1932‬حني قبل‬ ‫الكيان العراقي رسمياً كعضو يف‬ ‫عصبة األمم‪ .‬للعلم‪ ،‬أن االنتداب‬ ‫يعني حرصياً أن هذا الشعب غري‬ ‫قادر عىل إدارة نفسه بنفسه‪،‬‬ ‫أي أنه شعب غري حضاري‪..‬؟‬ ‫سيجري ترويضه عىل أيدي بلد‬ ‫آخر ينتدبه املجتمع الدويل من‬ ‫خالل املنظمة الدولية حتى‬ ‫تشهد له الدولة املنتدبة فيام‬ ‫بعد أمام ممثيل املجتمع الدويل‬ ‫بأنه تروض وال خوف منه بعد‬ ‫اآلن‪ ،‬فعليه أن قبول العراق يف‬ ‫هذه املنظمة الدولية كان مرفوقاً‬ ‫بحزمة رشوط ملزمة تخص جزءاً‬ ‫من الشعب الكوردي وجزءاً من‬

‫وطنه وهو جنوب كوردستان‬ ‫الذي ألحق بالعراق قرساً كام بينا‬ ‫أعاله‪ ،‬واشرتطت عصبة األمم عىل‬ ‫الكيان املستحدث املسمى عراق‪،‬‬ ‫أن ال متس هذه الرشوط أبداً‪ ،‬ال‬ ‫بعد توقيعه عىل الرشوط قبوله‬ ‫عضواً يف املنظمة الدولية مبارشة‪،‬‬ ‫أو فيام بعد بتاريخ مفتوح غري‬ ‫محدد باألرقام‪ ،‬إال أن الكيان‬ ‫العراقي‪ ،‬والحاكم العريب القادم‬ ‫من ربع الخايل‪ ،‬الذي خان والده‬ ‫مل يعر أية أهمية لهذه الرشوط‪،‬‬ ‫التي فرضته املجتمع الدويل‪ ،‬ال هو‬ ‫وال وزراء‪ ..‬الذين غريوا والئهم بني‬ ‫ليلة وضحاها‪ ،‬باألمس كانوا مع‬ ‫العثامين الذي كان يطلق عليهم‬ ‫«پیس عەرەب = العريب القذر»‬ ‫ضد اإلنجليز‪ ،‬وبعدما انترص‬ ‫الربيطانيون (الكفار) يف الحرب‬ ‫العاملية األوىل عىل املسلمني‬ ‫األتراك رسعان ما غريوا والئهم‬ ‫وصاروا جندرمة لإلنجليز ضد‬ ‫آل عثامن!!‪ .‬بعد مرور ‪ 38‬عام‬ ‫عىل وجود النظام املليك‪ ،‬تحديداً‬ ‫عام ‪ 1958‬حدثت انعطافة كبرية‬ ‫يف هذا الكيان املصطنع إال وهو‬ ‫سقوط النظام املليك‪ ،‬ومجيء‬ ‫الحكم الجمهوري‪ ،‬لكن فيام‬ ‫يخص الشعب الكوردي مل يتغري‬ ‫يشء عىل أرض الواقع‪ ،‬سوى أنهم‬ ‫ذكروا يف الدستور الجديد يف مادته‬ ‫الثالثة‪ :‬الكورد والعرب رشكاء يف‬

‫هذا الوطن‪ .‬إال أنه كالعادة ظل‬ ‫حرباً عىل الورق‪ ،‬كام الدستور‬ ‫الحايل الذي خالفه األشياع بعد‬ ‫تصويت العراقيني والكوردستانيني‬ ‫عليه باإليجاب بنسبة ‪ .85%‬بل‬ ‫صار النظام الجمهوري عىل مدى‬ ‫عقود طويلة أكرث عدوانية من‬ ‫العهد املليك يف تعامله اإلجرامي‬ ‫مع الشعب الكوردي الجريح‪،‬‬ ‫حتى جاء الخالص من براثن حزب‬ ‫البعث املجرم عام ‪ 2003‬لقد‬ ‫استبرشنا خرياً باستالم األشياع‬ ‫دفة السلطة يف العراق‪ ،‬إال أن‬ ‫األعوام القليلة التي مضت عىل‬ ‫استالمهم السلطة أثبتت لنا أنهم‬ ‫أكرث قسوة من سابقيهم امللكيني‬ ‫والجمهوريني‪ ،‬ومل يجد الشعب‬ ‫الكوردي الجريح فرقاً بني أساليب‬ ‫سياسييهم الوحشية‪ ،‬وأفكار‬ ‫مراجعهم املذهبية فيام يخص‬ ‫حقوقه القومية املسلوبة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مدنه وقراه السليبة‪ ،‬التي تأن‬ ‫تحت االضطهاد وسياسة التعريب‬ ‫املقيتة‪ .‬من األمور العجيبة التي‬ ‫ال تصدق‪ ،‬ترى أن مراجعهم‬ ‫املذهبية تفتي يف أمور بسيطة‬ ‫جداً ليست لها أية تأثري كبري عىل‬ ‫حياة اإلنسان‪ ،‬لكنهم يغمضون‬ ‫عيونهم ويسدون آذانهم عن‬ ‫ما جرى ويجري اآلن عىل أيد‬ ‫أشياعهم ضد الشعب الكوردي‬ ‫املسامل!‪ .‬إن املراجع الشيعية‪،‬‬

‫تعلم علم اليقني‪ ،‬أن املجرم‬ ‫اللعني صدام حسني جاء بآالف‬ ‫مؤلفة من عوائل الشيعة‪ ..‬من‬ ‫جنوب العراق بعد أن سلحهم‪،‬‬ ‫ومنحهم مبالغ نقدية ضخمة‬ ‫وأستوطنهم يف أرض الكورد‪ ،‬يف‬ ‫مدن بدرة وزرباطية وجصان‬ ‫وكركوك ومنديل وخانقي الخ الخ‬ ‫الخ‪ ،‬من أجل تغيري دميوغرافية‬ ‫هذه املدن الكوردية‪ .‬وحني‬ ‫هجمت امليليشيات الشيعية مع‬ ‫الجيش العراقي عىل مدينتي‬ ‫خورماتو وكركوك واحتلتهام ومن‬ ‫ثم قامت بجرائم بشعة يندى‬ ‫لها جبني اإلنسان‪ ،‬مل تحرك هذه‬ ‫املراجع ساكناً ضد تلك القوات‬ ‫املعتدية‪ ،‬ال بل ساندتها بالفتاوى‬ ‫والترصيحات‪ .!!!..‬هنا نسأل‪ ،‬من‬ ‫الذين يتبجحون بأنهم يأمرون‬ ‫باملعروف وينهون عن املنكر‪ :‬أين‬ ‫صار‪ :‬الساكت عن الحق شيطان‬ ‫أخرس؟‪ .‬أين مفعول‪ :‬ال يجوز‬ ‫الصالة يف أرض مغتصبة؟‪ .‬أعني‬ ‫كركوك واملدن الكوردية األخرى‬ ‫السليبة؟‪ .‬أم هذه األحاديث‬ ‫خاصة ال تشمل الكورد ألنهم يف‬ ‫قواميسكم يعدون من دون جنس‬ ‫البرش‪ ،‬من نسل الجن كام تقول‬ ‫بعض كتبكم؟‪.‬‬ ‫هذا هو الكيان العراقي‪ ،‬الذي‬ ‫ألصقه الربيطانيون (الكفار) من‬ ‫قطعة سنية‪ ،‬مع قطعة شيعية‪،‬‬

‫ومن ثم جاءوا قرساً بقطعة كوردية‬ ‫ جنوب كوردستان‪ -‬وشكلوا من‬‫هذه القطع غري منسجمة األلوان‬ ‫واألشكال‪ ،‬كياناً هزي ًال ال توجد‬ ‫ثقة متبادلة بني أطيافه أبداً‪ ،‬ومل‬ ‫تستقر هذا الكيان الفخاري عىل‬ ‫مدى العقود العرشة بعد خروجه‬ ‫من قبعة الساحر الربيطاين‪ ،‬حيث‬ ‫أن نظام الحكم حني كان سنياً‬ ‫عىل مدى تسعة عقود اضطهَد‬ ‫الشيعة بقسوة وأعدم الكثري‬ ‫من عامتهم وخاصتهم‪ .‬وبعد‬ ‫عام ‪ 2003‬أصبح القرار شيعيا‬ ‫يف العراق‪ ،‬لكن صاروا اآلن هم‬ ‫يضطهدون السنة‪ ،‬وحني تسنح‬ ‫لهم الفرصة بني فينة وأخرى‬ ‫كلتاهام يضطهَدون الكورد بقسوة‬ ‫ودون رحمة‪ ،‬كأنهم ينالون ثواباً‬ ‫حني يضطهدون الكورد ويحتلون‬ ‫مدنهم وقراهم ويستعربونها دون‬ ‫أدىن شعور إنساين منهم‪ ،‬كأنهم‬ ‫ذئاب مفرتسة بجلود برشية تنطق‬ ‫باللغة العربية‪.‬‬ ‫نختم هذا املقال بقول حكيم‬ ‫لوزيرة الثقافة يف إحدى الدول‬ ‫األوروبية التي قالت‪ :‬أنتم‬ ‫العراقيون ال يشء يجمعكم‪،‬‬ ‫متفقون فقط عىل أكل البامية‬ ‫(‪ ،)Okra‬فلذا يستحسن بكم أن‬ ‫تضعوا صورة بامياياية يف علم‬ ‫العراق‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪34‬‬

‫نيوزويك هل ستصبح إيران عراق ترامب؟‬

‫نشرت مجلة «نيوزويك»‬ ‫تقريرا لمراسلها‬ ‫لشؤون األمن القومي‬ ‫جيف ستين‪ ،‬يقول فيه‬ ‫إن ترامب كان غاضبا‬ ‫عندما وجد أن مسؤوليه‬ ‫األمنيين يقوضون إحدى‬ ‫حمالته المفضلة ضد‬ ‫إيران‪ ،‬مشيرا إلى أن‬ ‫ترامب واثنين من كبار‬ ‫المسؤولين األمنيين‬ ‫زعموا لمدة عامين بأن‬ ‫إيران تسعى للحصول‬ ‫على أسلحة نووية‪،‬‬ ‫ولذلك فهي تشكل‬ ‫خطرا قاتال لجيرانها‬ ‫وللغرب‪.‬‬ ‫فيلي ‪ /‬نيوزويك‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪36‬‬ ‫ويستدرك التقرير‪ ،‬بأن مدير‬ ‫مخابراته القومية دان كوتس‬ ‫أكد أن إيران تطبق االتفاقية التي‬ ‫توصلت إليها مع أمريكا وخمس دول‬ ‫أوروبية أخرى حرفيا‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫قالت فيه مديرة وكالة االستخبارات‬ ‫املركزية جينا هاسبل‪ ،‬بأن إيران قد‬ ‫تقرر العودة لربنامجها النووي إن مل‬ ‫ترفع العقوبات عنها‪.‬‬ ‫ويشري ستني إىل أن ترامب غرد عىل‬ ‫تويرت يف ‪ 30‬كانون الثاين‪ /‬يناير‪ ،‬قائال‬ ‫إن كوتس وهاسبل «مخطئان»‪ ،‬وقال‬ ‫إنه «رمبا يتعني عىل املخابرات العودة‬ ‫إىل املدرسة»‪ ،‬باإلضافة إىل أنه قال يف‬ ‫تعليقات له مع «يس يب أس» و»نيويورك‬ ‫تاميز»‪ ،‬بأن إيران هي «البلد اإلرهايب‬ ‫رقم واحد يف العامل»‪ ،‬وزعم أن إيران‬ ‫تقف خلف كل مشكلة ورثها يف الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬ووصف مسؤويل املخابرات‬ ‫بأنهم «سلبيون جدا‪ ،‬وساذجون جدا‬ ‫عندما يتعلق األمر مبخاطر إيران»‪.‬‬ ‫وتذكر املجلة أن ترامب أملح إىل أنشطة‬ ‫رسية ضد إيران‪ ،‬وقال لـ»نيويورك‬ ‫تاميز»‪« :‬ميكنني أن أقص لك روايات‬ ‫عن أشياء كنا ننوي فعلها معهم حتى‬ ‫قبل أسبوع»‪.‬‬ ‫ويفيد التقرير بأنه بالنسبة للكثري من‬ ‫املراقبني الذين ميلكون ذاكرة طويلة‪،‬‬ ‫فإن تعليقات ترامب هذه تعد إعادة‬ ‫للحظة مفصلية قبل ‪ 17‬عاما‪ ،‬عندما‬ ‫قام رئيس جمهوري آخر‪ ،‬هو جورج‬

‫دبليو بوش‪ ،‬بتصنيف العراق عىل أنها‬ ‫جزء من «محور الرش» عىل وشك بناء‬ ‫سالح سينتهي بسحابة نووية فوق‬ ‫أمريكا‪ ،‬وقام بوش يف العام الذي يليه‬ ‫‪ ،2003‬بإرسال ‪ 200‬ألف جندي ليبحثوا‬ ‫عن أسلحة العراق النووية والكياموية‬ ‫والبيولوجية‪ ،‬التي أكتشفوا أنها غري‬ ‫موجودة‪ ،‬وما تبع ذلك من احتالل‬ ‫كاريث للعراق‪ ،‬ال يزال الرشق األوسط‬ ‫يعاين من تداعياته‪.‬‬ ‫ويلفت الكاتب إىل أن الخرباء‬ ‫املتخصصني يف الرشق األوسط يرون‬ ‫أن ترامب يوجه أمريكا نحو كارثة‬ ‫إقليمية أخرى‪ ،‬وهذه املرة مع إيران‪،‬‬ ‫وشبه ضابط عمليات سابق يف وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية تشويه الحقائق‬ ‫التي يقوم به ترامب حول إيران‬ ‫بكذب عدد من الرؤساء املتتابعني‬ ‫لتربير الحرب يف فيتنام‪ ،‬وقال الضابط‬ ‫السابق لـ»نيوزويك»‪ ،‬برشط عدم ذكر‬ ‫اسمه‪ ،‬إن «إيران لن تهاجمنا غدا‪ ،‬ولن‬ ‫تقتلنا غدا‪ ،‬وليست راغبة يف مواجهة‬ ‫مبارشة مع أمريكا‪ ،‬بالرغم من األلفاظ‬ ‫النارية»‪.‬‬ ‫وتنقل املجلة عن السفري األمرييك‬ ‫السابق للسعودية تشاس فرميان‪ ،‬قوله‪:‬‬ ‫«كلام دفعنا أكرث قاوموا أكرث‪ ..‬وكلام‬ ‫دفعنا وأخطأنا علنا كان بإمكانهم‬ ‫اإللقاء بالالمئة علينا ملشكالتهم كلها‪،‬‬ ‫فهناك نوع من التحالف غري املقدس»‬ ‫بني ترامب وصقور طهران‪ ،‬مشرية إىل‬ ‫أن املشكلة التي يخشاها هو والعديد‬ ‫من الخرباء هي أن أخطاء ترامب‬ ‫وردود فعل إيران املبالغ فيها قد تؤدي‬ ‫إىل حرب ال أحد يريدها‪.‬‬

‫الوجهة غري معلومة‬ ‫وينوه التقرير إىل أن ترصيحات‬ ‫ترامب حريت بعض كبار مسؤويل‬ ‫األمن القومي السابقني‪ ،‬وقال بعضهم‬ ‫إنهم متشككون من تلميحات ترامب‬ ‫بأن أفعاال دراماتيكية متت دراستها‪،‬‬ ‫لكن بعض املراقبني عن كثب قالوا‬ ‫لـ»نيوزويك» بأن الخطوط العريضة‬ ‫لسياسة ترامب كانت واضحة منذ أن‬ ‫تسلم الرئاسة وعندما انسحب من‬ ‫االتفاقية النووية‪ ،‬ويبدو أنه يريد أن‬ ‫يفتح بابا جديدا يف حرب التهديدات‬ ‫التي استمرت ‪ 40‬عاما‪ ،‬يدعمه الصقور‪،‬‬ ‫وبالذات املؤيدون إلرسائيل‪.‬‬ ‫ويبني ستني أن أسلحة ترامب تتضمن‬ ‫فرض العقوبات‪ ،‬ودعم املعارضة‬ ‫اإليرانية يف املنفى‪ ،‬ومنح الضوء‬ ‫األخرض إلرسائيل لرضب أهداف إيرانية‬ ‫يف سوريا‪ ،‬وبقية حملته العدائية‬ ‫تتضمن حرب ظل عىل إيران‪ ،‬وأعامل‬ ‫رسية تتضمن تالعبا عن طريق اإلعالم‬ ‫االجتامعي‪ ،‬كام فعلت موسكو ضد‬ ‫أمريكا خالل انتخابات ‪.2016‬‬ ‫وتذكر املجلة أن هذه األفعال أيدها‬ ‫ثالثة من املستشارين املفضلني لرتامب‪:‬‬ ‫وزير خارجيته مايك بومبيو‪ ،‬ومستشار‬ ‫األمن القومي جون بولتون‪ ،‬وصهره‬ ‫جاريد كوشنري‪ ،‬الفتة إىل أن ويل العهد‬ ‫السعودي محمد بن سلامن ورئيس‬ ‫الوزراء اإلرسائييل بنيامني نتنياهو‪،‬‬ ‫وكالهام عىل عالقة وثيقة مع كوشنري‪،‬‬ ‫لطاملا ضغطا نحو سياسة أمريكية‬ ‫أكرث عدوانية تجاه طهران‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫هجامت عسكرية مبارشة عىل مرافقها‬ ‫النووية والعسكرية واالستخباراتية‪.‬‬

‫ويشري التقرير إىل أن ترامب حري‬ ‫حلفاءه عندما أعلن يف بدايات شباط‪/‬‬ ‫فرباير بأن القوات األمريكية ستبقى يف‬ ‫العراق ملراقبة إيران‪ ،‬فسارع الرئيس‬ ‫العراقي بالطلب من حلفائه بأال يثقلوا‬ ‫عىل العراق بقضاياهم‪ ،‬وطلبت أمريكا‬ ‫من العراق عدم رشاء الطاقة من إيران‪،‬‬ ‫ما زاد من تدهور العالقة مع بغداد‪.‬‬ ‫ويجد الكاتب أن هذا كله يزيد‬ ‫من حالة الغموض والحرية حول ما‬ ‫تخطط له إدارة ترامب‪ ،‬ما قد يؤدي‬ ‫إىل تداعيات خطرية‪ ،‬ويقول محلل‬ ‫الشأن اإليراين يف معهد الخليج العريب‬ ‫يف واشنطن‪ ،‬عيل الفونة‪« :‬ليست لدى‬ ‫أمريكا أي فكرة لدى عام تريده‪ ،‬وليس‬ ‫هناك طريقة إليران لتقرأ ما تريده‬ ‫واشنطن مع الرسائل املختلطة التي‬ ‫ترسل بها إدارة ترامب كلها»‪.‬‬ ‫وتقول املجلة إن ايران أثارت خوفا‬ ‫واهتامما عندما عاد إليها رجل الدين‬ ‫الشيعي آية الله روح الله الخميني من‬ ‫املنفى‪ ،‬وقاد ثورة شعبية إسالمية عام‬ ‫‪ ،1979‬وكانت اإلطاحة بالشاه عكسا‬ ‫النقالب نظمته وكالة االستخبارات‬ ‫األمريكية قبل ذلك بربع قرن ضد‬ ‫رئيس الوزراء اليساري محمد مصدق‬ ‫لصالح املصالح النفطية األمريكية‬ ‫الربيطانية‪ ،‬وساءت العالقات اإليرانية‬ ‫األمريكية عندما احتل الطالب السفارة‬ ‫األمريكية‪ ،‬وأخذوا أكرث من ‪ 50‬أمريكيا‬ ‫رهائن واحتجزوهم ملدة ‪ 444‬يوما‪،‬‬ ‫وتم تصنيف إيران عىل أنها دولة مارقة‬ ‫منذ ذلك الحني‪.‬‬ ‫وبحسب التقرير‪ ،‬فإن الرئيس ريغان‬ ‫صنف النظام بأنه «دولة راعية‬

‫إن ايران أثارت‬ ‫خوفا واهتماما‬ ‫عندما عاد إليها‬ ‫رجل الدين الشيعي‬ ‫آية اهلل روح اهلل‬ ‫الخميني من المنفى‪،‬‬ ‫وقاد ثورة شعبية‬ ‫إسالمية عام ‪،1979‬‬ ‫وكانت اإلطاحة‬ ‫بالشاه عكسا‬ ‫النقالب نظمته‬ ‫وكالة االستخبارات‬ ‫األمريكية‬

‫لإلرهاب»‪ ،‬ودعم عام ‪ 1981‬الغزو‬ ‫العراقي إليران‪ ،‬يف حرب دامت عقدا‬ ‫من الزمان ودمرت البلد‪ ،‬مشريا إىل‬ ‫أن إيران دعمت املقاومة اللبنانية‬ ‫الشيعية للغزو اإلرسائييل عام ‪،1982‬‬ ‫وهو ما أدى إىل قيام حزب الله‪ ،‬الذي‬ ‫نفذ عمليات إرهابية ضد أهداف‬ ‫أمريكية‪ ،‬ثم غزت أمريكا العراق يف‬ ‫‪ ،2003‬ما أدى إىل تسلم وكالء إيران‬ ‫الحكم يف بغداد‪.‬‬ ‫ويفيد ستني بأنه يف ‪ ،2011‬عندما واجه‬ ‫األسد ثورة شعبية‪ ،‬فإن إيران وحزب‬ ‫الله قاما بتقديم الدعم الرضوري‬ ‫لبقائه‪ ،‬واستعرض روحاين القوة‬ ‫العسكرية إليران يف ‪ 11‬شباط‪ /‬فرباير‪،‬‬ ‫ويف خطاب له مبناسبة مرور ‪ 40‬عاما‬ ‫عىل الثورة‪ ،‬وقال‪« :‬مل نطلب إذنا‪ ،‬ولن‬

‫نطلب إذنا من أحد لتحسني قوتنا‬ ‫الدفاعية»‪.‬‬ ‫وتلفت املجلة إىل أن ترامب توعد‬ ‫باحتواء إيران‪ ،‬التي ينظر إليها عىل‬ ‫أنها تهديد لألمن اإلقليمي والعاملي‬ ‫أكرب من تهديد تنظيم الدولة‪ ،‬يعيدنا‬ ‫إىل ‪ ،1978‬لكن إيران أيضا تبدو أنها‬ ‫«تحاول إعادة عقارب الساعة إىل تلك‬ ‫األيام السيئة خالل الثامنينيات وأوائل‬ ‫التسعينيات»‪ ،‬بإرسال فرق إعدام‬ ‫لتصفية شخصيات معارضة‪ ،‬بحسب‬ ‫ما كتبه الفونة يف دورية «لونغ وار»‪،‬‬ ‫وهو موقع تديره موسسة الدفاع عن‬ ‫الدميقراطيات املؤيدة إلرسائيل‪.‬‬ ‫يد إيران الطويلة‬ ‫ويقول الكاتب إن مخابرات إيران مل‬ ‫تضع وقتا يف مثانينيات القرن املايض‬ ‫يف تصفية أعدائها يف الداخل والخارج‪،‬‬ ‫وكانت واحدة من عملياتها الخارجية‬ ‫اغتيال قيادي معارض يف واشنطن‪،‬‬ ‫الفتا إىل أن طهران استمرت يف مالحقة‬ ‫أعدائها يف الخارج يف تلك السنوات‬ ‫األوىل‪ ،‬وقتلت القيادات يف املنفى‪،‬‬ ‫التي كانت تخطط لإلطاحة بالنظام‪،‬‬ ‫وبعد سنوات من الهدوء يبدو أن‬ ‫وزارة املخابرات عادت وصعدت من‬ ‫هجامتها يف الخارج‪ ،‬ففي ‪ 2015‬ويف‬ ‫‪ 2017‬اشتبه يف انها تقف خلف مقتل‬ ‫معارضني يف هولندا‪.‬‬ ‫وتنوه املجلة إىل أن هذه املحاوالت‬ ‫زادت العام املايض بعد أن اكتشفت‬ ‫وكاالت االستخبارات يف أنحاء أوروبا‬ ‫خطط اغتيال ضد مجموعات مناهضة‬ ‫للنظام‪ ،‬وبالذات مجاهدي خلق‪ ،‬خاصة‬ ‫يف ‪ ،2017‬بعد احتضان بولتون‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪38‬‬ ‫ورادولف غوالين للحركة‪.‬‬ ‫ويورد التقرير أنه بحسب السلطات‬ ‫األوروبية‪ ،‬فإنه كان هناك تخطيط‬ ‫لزرع قنبلة قوية بني الحضور يف املؤمتر‪،‬‬ ‫واعتقلت السلطات األملانية أسد الله‬ ‫أسدي‪ ،‬وهو دبلومايس يف فيينا‪ ،‬قالت‬ ‫إنه حاول إيصال ‪ 500‬غرام من مادة‬ ‫شديدة التفجري لشخصني بلجيكيني من‬ ‫مواليد إيران‪ ،‬باإلضافة إىل أنه اعتقل‬ ‫ثالثة أشخاص إيرانيي املولد يف فرنسا‪،‬‬ ‫ونفى املتحدث باسم ايران يف األمم‬ ‫املتحدة أن تكون الحكومة وراء هذه‬ ‫العملية‪ ،‬وقال إن مجاهدي خلق هم‬ ‫من يقف وراءها ليتهموا إيران‪.‬‬ ‫ويشري ستني إىل أن إيران وصلت‬ ‫أيضا إىل أمريكا‪ ،‬ففي آب‪ /‬أغسطس‬ ‫اتهم القضاء األمرييك رجلني من‬ ‫كاليفورنيا‪ ،‬أحدهام لديه إقامة دامئة‬ ‫واآلخر ميلك جنسية مزدوجة‪ ،‬مبحاولة‬ ‫اخرتاق مجاهدي خلق والتجسس عىل‬ ‫أنشطتهم يف نيويورك وواشنطن‪.‬‬ ‫وتنقل املجلة عن مكتب التحقيقات‬ ‫الفيدرايل‪ ،‬قوله إن الرجلني رصدا‬ ‫أيضا أهدافا يهودية‪ ،‬مبا فيها روهر‬ ‫تشاباد هاوس‪ ،‬وهو مركز طاليب‬ ‫يهودي يف جامعة تشيكاغو‪ ،‬يدعم‬ ‫حكومة إرسائيل املتطرفة‪ ،‬مستدركة‬ ‫بأن العدو الرئييس إليران يبقى حركة‬ ‫مجاهدي خلق‪ ،‬ويقول بعض الخرباء‬ ‫إن إيران أوجدت خاليا نامئة يف أمريكا‬ ‫وأوروبا والخليج للهجوم عىل مثل تلك‬

‫األهداف إن اشتعلت الحرب‪.‬‬ ‫ويفيد التقرير بأن أمريكا أبطلت يف‬ ‫عام ‪ 2011‬مخططا الغتيال السفري‬ ‫السعودي عادل الجبري يف مقهى‬ ‫ميالنو الشهري‪ ،‬الذي يرتاده املسؤولون‬ ‫الكبار‪،‬‬ ‫واألجانب‬ ‫األمريكيون‬ ‫باإلضافة للعاملني يف الضغط السيايس‬ ‫والصحافيني‪ ،‬عن طريق تفجري كبري‪،‬‬ ‫وتحري البعض أن يكون مخطط مثل‬ ‫هذا يف وقت كانت فيه مفاوضات‬ ‫االتفاقية النووية يف أوجها‪ ،‬مستدركا‬ ‫بأن الحرس الثوري اإليراين كان جهة‬ ‫يهمها تعطيل تلك املفاوضات‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب إن اإليرانيني‪ ،‬كغريهم‬ ‫من خصوم أمريكا الكبار‪ ،‬يقومون‬ ‫بعمليات سايربية رسية أيضا‪ ،‬بحسب‬ ‫التقرير السنوي حول التهديدات‬ ‫العاملية من مكتب املخابرات الوطنية‪،‬‬ ‫وقالت وزارة العدل يف آذار‪ /‬مارس‬ ‫املايض إن الحرس الثوري اإليراين قام‬ ‫قبل ست سنوات بقرصنة كميات كبرية‬ ‫من املعلومات األكادميية واملمتلكات‬ ‫الفكرية من ‪ 144‬جامعة أمريكية‪ ،‬ومن‬ ‫‪ 176‬جامعة يف‪ 21‬بلد آخر‪ ،‬فيام أسمته‬ ‫أكرب عملية قرصنة برعاية حكومية‬ ‫تعرض يف املحاكم‪.‬‬ ‫وتلفت املجلة إىل أن القضاء األمرييك‬ ‫وجه تهمة لشخصني إيرانيني بسبب‬ ‫هجامت بربمجيات عىل أنظمة حاسوب‬ ‫يف أتالنتا ونيويورك ونيو جرييس و‪200‬‬ ‫هدف آخر‪ ،‬مبا فيها مستشفيات‬ ‫ومستوصفات‪ ،‬مشرية إىل أن إيران تنكر‬ ‫مسؤوليتها عن هذه الهجامت الحالية‬ ‫والسابقة‪ ،‬التي قد تكون انتقاما لهجوم‬ ‫فريوس ستاكسنيت األمرييك اإلرسائييل‪،‬‬

‫الذي تعرضت له الحواسيب التي تدير‬ ‫أجهزة الطرد املركزي يف موقع ناتانز‬ ‫النووي عام ‪.2009‬‬ ‫واحدة بواحدة‬ ‫ويبني التقرير أن إيران تلجأ إىل‬ ‫الحجة‪ :‬أنتم البادئون‪ ،‬مؤكدا أن وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية حاولت من أول‬ ‫يوم اخرتاق وزعزعة النظام من أول أيام‬ ‫الثورة‪ ،‬وخالل أزمة الرهائن بني عامي‬ ‫‪ 1979‬و‪ ،1980‬قام توين منديز من‬ ‫وكالة االستخبارات املركزية بالتسلل إىل‬ ‫إيران وإنقاذ ستة دبلوماسيني أمريكيني‬ ‫يف عملية متت رواية أحداثها يف فيلم‬ ‫أرغو‪.‬‬ ‫وينوه ستني إىل أنه مع حلول عام‬ ‫‪ ،1989‬فإنه «تم الكشف عن جهاز‬ ‫املخابرات األمرييك كامال تقريبا يف‬ ‫إيران وتم تعطيله»‪ ،‬بحسب رواية‬ ‫ملاهان عابدين من رشكة االستشارات‬ ‫دايسارت‪ ،‬مشريا إىل أنه ما بني عامي‬ ‫‪ 2009‬و‪ 2013‬تم القبض عىل عرشات‬ ‫املصادر التي كانت تغذي وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية وإعدامهم يف‬ ‫كل من إيران والصني؛ بسبب سقطات‬ ‫أمنية من الوكالة باالتصال بعمالئها‪،‬‬ ‫بحسب «ياهو نيوز»‪.‬‬ ‫وتذكر املجلة أنه تم تشكيل عملية‬ ‫مريلني خالل حكم كلينتون‪ ،‬حيث تم‬ ‫توفري تصميم لجزء من سالح نووي تم‬ ‫التالعب به‪ ،‬وذلك لعرقلة برنامج إيران‬ ‫النووي‪ ،‬لكن يبدو أن النتيجة كانت‬ ‫عكسية‪ ،‬وأنه ساعد إيران عىل ترسيع‬ ‫عملية التطوير النووي‪ ،‬بحسب كتاب‪:‬‬ ‫التاريخ الرسي لوكالة االستخبارات‬ ‫املركزية وإدارة بوش‪ ،2006 ،‬للمراسل‬

‫السابق لـ»نيويورك تاميز» جيمس‬ ‫ريسن‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب‪« :‬هكذا تستمر‪ ،‬طرف‬ ‫يرضب اآلخر‪ ،‬وليست هناك نهاية‬ ‫يف األفق املنظور‪ ،‬وصدرت عن إدارة‬ ‫ترامب أصوات داعية للحرب أكرث من‬ ‫أي وقت مىض‪ ،‬ما يزيد من الضغط‬ ‫عىل إيران‪ ،‬بحجة نرش الصواريخ وفيلق‬ ‫القدس يف سوريا‪ ،‬ودعمها الرسي‬ ‫للحوثيني يف اليمن‪ ،‬وتجارب الصواريخ‬ ‫البالستية»‪.‬‬ ‫ويورد التقرير نقال عن «وول سرتيت‬ ‫جورنال»‪ ،‬قولها إن بولتون طلب من‬ ‫البنتاغون رسم قامئة خيارات ملهاجمة‬ ‫إيران يف ‪ 13‬كانون الثاين‪ /‬يناير‪ ،‬وقال‬ ‫مسؤول سابق يف اإلدارة للصحيفة بأن‬ ‫هذا أقلق الناس‪ ،‬ويف اليوم ذاته ذكر‬ ‫موقع «أكسيوس» اإلخباري بأن ترامب‬ ‫«طلب مكررا من من فريق األمن‬ ‫القومي لديه خططا لرضب القوارب‬ ‫اإليرانية الرسيعة يف الخليج» يف ‪،2017‬‬ ‫لكن مؤسسة العالقات الخارحية‬ ‫شجبت ذاك الطلب‪« ،‬لكن رمبا كانت‬ ‫الترسيبات متعمدة لتخويف إيران»‪.‬‬ ‫وتنقل املجلة عن نورمان رول‪ ،‬الذي‬ ‫عمل ‪ 34‬عاما يف وكالة االستخبارات‬ ‫املركزية‪ ،‬وعمل يف قسم العمليات‬ ‫الخاصة والسياسات املتعلقة بإيران‬ ‫من ‪ 2008‬وحتى تقاعده يف ‪،2017‬‬ ‫قوله إن عىل ترامب أن يبقي الضغط‬ ‫عىل إيران‪ ،‬ويضيف أن رد فعل الغرب‬ ‫كان فاترا‪ ،‬وأن تشديد العقوبات عىل‬ ‫إيران أمر جيد‪ ،‬وأشاد بقرار أملانيا منع‬ ‫طريان ماهان اإليراين من الهبوط يف‬ ‫مطاراتها؛ بسبب االشتباه باستخدامه‬

‫اإلدارة ال تمارس‬ ‫حربا كالمية فقط‪،‬‬ ‫فلها منشآت‬ ‫تجسس في‬ ‫كردستان العراق‬ ‫وتدير عمالءها في‬ ‫إيران من كردستان‬ ‫وتركيا‪ ،‬بحسب‬ ‫ما قالته مصادر‬ ‫لـ»نيوزويك»‬

‫يف أنشطة إرهابية‪ ،‬مشريا إىل أن عىل‬ ‫أمريكا والغرب أن يذهبوا إىل أبعد من‬ ‫ذلك‪ ،‬يقول‪« :‬مع أن العمل العسكري‬ ‫يجب أن يكون آخر الخيارات‪ ،‬إال أنه‬ ‫يجب عىل إيران أن تفهم أن ألفعالها‬ ‫تداعيات»‪.‬‬ ‫ويرى ستني أنه «ال يبدو أن هناك‬ ‫رضبة عسكرية قادمة‪ ،‬إال إن كان‬ ‫ترامب يريد اختالفا آخر مع حلف‬ ‫الناتو‪ ،‬ففي الوقت الذي أعلن فيه‬ ‫الحلفاء عن انزعاجهم من املؤامرات‬ ‫اإليرانية‪ ،‬إال أنهم يحاولون جاهدين‬ ‫الحفاظ عىل االتفاقية النووية دون‬ ‫أمريكا‪ ،‬حيث ذهبوا إىل حد الرشوع‬ ‫يف إقامة نظام دفع مستقل لتجنب‬ ‫العقوبات األمريكية‪ ،‬واالستمرار يف‬

‫التبادل التجاري مع إيران‪ ،‬ويف وجه‬ ‫تهديدات إدارة ترامب فإن مستقبل‬ ‫ذلك يبقى غامضا»‪.‬‬ ‫ويشري التقرير إىل أن وزير الخارجية‬ ‫مايك بومبيو قام بجولة يف الرشق‬ ‫األوسط للحصول عىل دعم لطرد «آخر‬ ‫جندي إيراين» من سوريا‪ ،‬كام كان وراء‬ ‫عقد مؤمتر يف بولندا مؤخرا؛ «للتأكد‬ ‫من أن إيران ليس لها نفوذ مزعزع‬ ‫لالستقرار»‪.‬‬ ‫وتستدرك املجلة بأن اإلدارة ال متارس‬ ‫حربا كالمية فقط‪ ،‬فلها منشآت‬ ‫تجسس يف كردستان العراق وتدير‬ ‫عمالءها يف إيران من كردستان وتركيا‪،‬‬ ‫بحسب ما قالته مصادر لـ»نيوزويك»‪،‬‬ ‫ويرى املراقبون املخرضمون بأن عمالء‬ ‫أمريكيني قاموا بدور يف إفشال إطالقني‬ ‫لقمرين صناعيني إيرانيني بداية العام‪.‬‬ ‫وينقل الكاتب عن فرميان‪ ،‬الذي‬ ‫عمل أيضا مساعد وزير دفاع لشؤون‬ ‫األمن الدويل يف عهد كلينتون‪ ،‬قوله‬ ‫إن املسؤولني األمريكيني تبجحوا حول‬ ‫تخريب برنامج الصواريخ الكوري‬ ‫الشاميل‪ ،‬ويفعلون اليشء ذاته اآلن‬ ‫مع إيران‪ ،‬باإلضافة إىل أنه يشك يف‬ ‫أن أمريكا تقوم باستخدام املجموعات‬ ‫اإليرانية يف املنفى للقيام بعمليات يف‬ ‫إيران‪ ،‬كام فعلت أمريكا يف السنني‬ ‫األوىل من الثورة الصينية والكوبية‬ ‫دون نجاح‪.‬‬ ‫وتختم «نيوزويك» تقريرها باإلشارة‬ ‫إىل قول فرميان إن مثل هذه العمليات‪،‬‬ ‫عمليات غبية‪ ،‬باإلضافة إىل أن وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية ليست متحمسة‬ ‫ملثل هذه العمليات‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫كورديات‬

‫‪40‬‬

‫مايحتاجه العراقيون‬

‫هادي جلو مرعي‬

‫قبل مطلب التغيري السيايس يحتاج‬ ‫العراقيون اىل جملة تغريات أخالقية‬ ‫وثقافية تطبع سلوكهم‪.‬فقد جربوا تغيري‬ ‫األنظمة‪ ،‬لكنهم مل يتغريوا معها‪ ..‬سقط النظام‬ ‫املليك بأيدي بعض الضباط الذين إقتتلوا‬ ‫بينهم‪ ،‬وتناثرت جثثهم بني أفواه اسامك نهر‬ ‫دياىل‪ ،‬أو تناثرت من طائرة مروحية تحرتق‪.‬ثم‬ ‫تناوش البعثيون السلطة‪ ،‬وحكموا وفقا ملزاج‬ ‫خاص‪ ،‬وأدخلوا البالد يف متاهة‪.‬وحني سقطوا‬ ‫عىل يد جورج بوش اإلبن تسلمت السلطة‬ ‫مجموعات سياسية كردية وسنية وشيعية‬ ‫إنفصلت الحقا عن الشعب‪ ،‬وإحتوشت‬ ‫املؤسسات واألموال واملمتلكات‪ ،‬وظلت تنرث‬ ‫بقايا فضالتها عىل الشعب‪ ،‬ومؤكد إن هذا‬ ‫النظام زائل‪ ،‬أو متحول‪ ،‬أو متغري‪ ،‬أو مصريه‬ ‫السقوط كمن سبق من أنظمة‪.‬‬ ‫مل يتغري يشء‪ ..‬فالعراقيون هم هم‪ ،‬واألنظمة‬ ‫هي هي بإستثناء أن هناك من يبيك عىل‬ ‫اطالل النظام املليك أمثايل‪ ،‬وهناك من يتحرس‬ ‫عىل عبد الكريم قاسم أول من سن سنة‬ ‫حكم العسكر املدمرين اإلنقالبيني‪ ،‬وهناك‬ ‫من يحن اىل وينئ عىل حكم البعثيني‪ ،‬وكل‬ ‫صنف من هذه األصناف الثالثة له أسبابه‬ ‫التي يسوقها ليقنع بها عراقي اليقتنع‪ .‬أنا‬ ‫مثال أرى إن زوال امللكية يف عام ‪ 1958‬كان‬ ‫زواال للدولة العراقية املتامسكة الدستورية‬ ‫التي شهدت التحديث النسبي‪ ،‬وأحالنا ذلك‬ ‫اإلنقالب االسود اىل أنظمة اإلنقالبات والتآمر‬ ‫والعبثية‪ .‬فرصاع قاسم وعارف ومن معهم‬ ‫من قتلة أطفال قرص الرحاب كان يؤرش حال‬ ‫الفوىض الداخلية‪ ،‬وإن اإلنقالب مل يكن وفقا‬ ‫لرؤية ومحاولة حقيقية لبناء وطن والدليل‬ ‫إن قاسم إنقلب عىل نظام دستوري‪ ،‬وعارف‬ ‫أراد قتل قاسم‪ ،‬وقاسم عفى عن عارف‬ ‫وعارف قتل قاسم‪ ،‬وعارف قتل بحادث‬

‫مروحية‪ ،‬والبعثيون رحلوا عبد الرحمن‬ ‫عارف اىل املنفى‪ ،‬وقادوا العراق اىل ملحمة‬ ‫املوت والحروب والحصارات‪ ،‬اىل أن وصلنا‬ ‫اىل عام ‪ 2003‬الذي كان العراقيون يريدون‬ ‫تغيري النظام فيه اىل ماهو أحسن‪ ،‬وإذا بهم‬ ‫يواجهون عرص النهب والرسقات والطائفية‪،‬‬ ‫والتدخالت الخارجية واإلحتالالت‪.‬‬ ‫اليوجد تغيري‪ ،‬العراق هو هو‪ ،‬والعراقيون‬ ‫هم هم‪ ،‬يبحثون عن الخالص من اإلستبداد‬ ‫والطائفية والتعايل والفساد والتحزب والنفاق‬ ‫والخوف من املستقبل وإنعدام الخدمات‬ ‫وفقدان الثقة وإنهيار البنى التحتية وغياب‬ ‫الرؤية والتنافس بني القوى واألحزاب‬ ‫السياسية التي غيبت الوطن واملواطن‪،‬‬ ‫وجعلت املنافقني والكذابني والدجالني‬ ‫واملتزلفني واللقتلة والرساق يف املقدمة‪...‬ثبت‬ ‫أن أنظمة الحكم التي تعاقبت عىل العراق‪،‬‬ ‫وسببت له كل هذا الكم من املصائب هي‬ ‫نتاج أخالق شعبية محلية‪ ،‬ونشأتها عراقية‬ ‫خالصة‪ ..‬مايحتاجه العراقيون هو التواضع‪،‬‬ ‫وعدم التكرب وإستصغار وإحتقار اآلخر ورفضه‬ ‫كرشيك والتعامل معه كطارىء ومخالف‬ ‫وعديم الفائدة‪ .‬العراقيون يجب أن يفهموا‬ ‫أن إبن األنبار مل يخلق من طينة مخلوطة‬ ‫بالذهب‪ ،‬وإن إبن البرصة مل يختلط بطينته‬ ‫اللؤلؤ واملرجان‪ ،‬وإن إبن بغداد ليس عال‬ ‫ومتعال عن سواه من مواطنني‪ ،‬وإن العاصمة‬ ‫هي نتاج خريات املدن والقرى القصية‪.‬وان‬ ‫الطائفة أفضل من أخرى‪ ،‬والقومية هي ازىك‬ ‫من قومية‪ ،‬والعشرية أطهر نسبا من عشرية‪..‬‬ ‫عند ذاك لن يكون مهام تغيري األنظمة‪ ،‬فكل‬ ‫يشء كام أسلفنا وليد بيئته الحاضنة‪ ..‬فأي‬ ‫نظام تنتجه بيئة محتقنة ومتعالية ومتمردة‬ ‫ومشاكسة وتعاين خلال بنيويا ثبت إن إصالحه‬ ‫يحتاج معجزة‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪42‬‬

‫قالت وكالة االنباء التركية‬ ‫االناضول‪ -‬في تقرير‬‫لها ان الحكومات العراقية‬ ‫المتعاقبة‪ ،‬منذ الدخول‬ ‫األمريكي للعراق في العام‬ ‫‪ ،2003‬تستمر بالعمل‬ ‫الممنهج الجتثاث ما تبقى‬ ‫من أتباع وأنصار ومؤيدين‬ ‫لحزب البعث العراقي‪،‬‬ ‫الذي كان يتزعمه الرئيس‬ ‫السابق صدام حسين‪.‬‬ ‫فيلي ‪ /‬محمد جمال‬

‫تقرير تركي‬ ‫اجتثاث البعث‪..‬‬ ‫السيف المسلط‬ ‫على سنة العراق‬

‫وقنن السياسيون العراقيون‬ ‫الجدد واملوالون يف أغلبهم‬ ‫لطهران‪ ،‬العديد من النظم والنصوص‬ ‫والترشيعات ‪ ،‬التي استمرت حتى هذا‬ ‫اليوم‪ ،‬يف مالحقة كل ما يتعلق باإلرث‬ ‫السيايس والحزيب املرتبط بالبعث‪.‬‬ ‫ويف هذا الصدد ُسنّ القانون الخاص‬ ‫باجتثاث هيكل حزب البعث يف العراق‪،‬‬

‫«وإزالة قيادته يف مواقع السلطة»‪ ،‬والذي‬ ‫كان ضمن حزمة من قوانني املرحلة‬ ‫االنتقالية من نظام الرئيس الراحل صدام‬ ‫حسني إىل النظام الحايل‪ ،‬إال أنه ال يزال‬ ‫سار ًيا بعد مرور ‪ 16‬عا ًما‪.‬‬ ‫ولطاملا أثار القانون سخط رشيحة واسعة‬ ‫من السنة‪ ،‬الذين يعتربونه مبثابة وسيلة‬ ‫تستخدمها األغلبية الشيعية‪ ،‬إلقصائهم‬

‫من املناصب الرفيعة والسياسية يف‬ ‫الدولة‪ ،‬واللجوء إليه كنوع من أنواع‬ ‫االنتقام من نظام صدام حسني‪.‬‬ ‫السنية مرا ًرا‬ ‫وسعت القوى السياسية ُ‬ ‫إىل إلغاء القانون؛ إال إنها كانت تصطدم‬ ‫دا ًمئا برفض القوى السياسية الشيعية‪.‬‬ ‫وكانت آخر هذه املحاوالت أثناء فرتة‬ ‫الربملان السابق‪ ،‬حيث اقرتحت قوى‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪44‬‬ ‫سياسية ُسنية‪ ،‬وأخرى علامنية إلغاء‬ ‫قانون االجتثاث‪ ،‬وتحويل امللف إىل‬ ‫عهدة القضاء ملالحقة املتورطني يف‬ ‫الجرائم فقط‪ ،‬إال أن املقرتح قوبل‬ ‫برفض الشيعة‪.‬‬ ‫وكان عزت الدوري‪ ،‬نائب الرئيس‬ ‫العراقي الراحل صدام حسني‪ ،‬وزعيم‬ ‫حزب البعث املحظور‪ ،‬توعد يف نيسان‬ ‫‪/‬أبريل املايض ‪ ،‬باستهداف سياسيني‬ ‫عراقيني‪ ،‬ورضب مصالح عسكرية‬ ‫واقتصادية لدول أجنبية يف بالده‪.‬‬ ‫جاء ذلك يف تسجيل مصور‪ ،‬مل يتسن‬ ‫التأكد منه‪ ،‬مدته ساعة و‪ 17‬دقيقة‪،‬‬ ‫ألقى فيه الدوري كلمة مبناسبة الذكرى‬ ‫الـ‪ 71‬لتأسيس حزب البعث االشرتايك‪.‬‬ ‫وهدد الدوري حينها بإعالن الحرب‬ ‫عىل الحكومة العراقية‪ ،‬ورضب مصالح‬ ‫إيران والدول األجنبية التي تدعم‬ ‫حكومة بغداد‪« ،‬إذا مل يتم إطالق رساح‬ ‫كل املعتقلني العراقيني ورفع الحجز‬ ‫عىل أموال أركان النظام السابق‪..‬‬ ‫وإلغاء قوانني االجتثاث والحظر عىل‬ ‫البعث»‪.‬‬ ‫وكانت هيئة املساءلة والعدالة أوصت‬ ‫مطلع آذار‪ /‬مارس املايض مبصادرة‬ ‫األموال املنقولة وغري املنقولة ألكرث‬ ‫من ‪ 4‬آالف من قادة «حزب البعث»‬ ‫وضباط الجيش السابق وأقربائهم من‬ ‫الدرجة الثانية‪ ،‬وعىل رأسهم الرئيس‬ ‫الراحل صدام حسني‪.‬‬

‫من جانبه‪ ،‬قال قيس الشذر عضو‬ ‫«تحالف بغداد» (ميتلك ‪ 4‬مقاعد يف‬ ‫الربملان العراقي من أصل ‪ 329‬مقعدً ا)‪،‬‬ ‫ورئيس لجنة املساءلة والعدالة يف‬ ‫الربملان العراقي السابق‪ ،‬لألناضول‪ ،‬إن‬ ‫«معاقبة األشخاص عىل الفكر الذي‬ ‫يحملونه مخالف ويتعارض مع قوانني‬ ‫املصالحة الوطنية والدستور العراقي‬ ‫ً‬ ‫أيضا»‪.‬‬ ‫وأضاف الشذر‪ ،‬وهو ُسني‪ ،‬أن «القوى‬ ‫السنية كان موقفها هو تحويل امللف‬ ‫ُ‬ ‫إىل القضاء‪ ،‬ومن يثبت انتامؤه لحزب‬ ‫البعث وتورطه يف ارتكاب الجرائم‬ ‫بحق العراقيني‪ ،‬تتم محاسبته من قبل‬ ‫القضاء»‪.‬‬ ‫وأشار الشذر إىل أن قانون االجتثاث‬ ‫«مينع رشائح كثرية من املجتمع العراقي‬ ‫من الدخول يف العملية السياسية‪،‬‬ ‫وهناك قيادات يف الجيش وكفاءات يف‬ ‫املنظومة اإلدارية يف الدولة قد أقصوا‬ ‫من الوظائف»‪.‬‬ ‫وأنشئت «الهيئة الوطنية العليا‬ ‫الجتثاث البعث»‪ ،‬بقانون صادر عن‬ ‫سلطة االئتالف املؤقتة برئاسة الحاكم‬ ‫األمرييك بول برمير بتاريخ ‪ 16‬إبريل‪/‬‬ ‫نيسان ‪ 2003‬الجتثاث هيكل حزب‬ ‫«البعث» يف العراق‪« ،‬وإزالة قيادته يف‬ ‫مواقع السلطة»‪.‬‬ ‫وكانت وظيفتها تقوم عىل توفري‬ ‫معلومات تكشف عن هوية‬

‫«البعثيني» من ذوي درجات عضوية‬ ‫محددة (عضو فرقة فام فوق)‪ ،‬ليتم‬ ‫فصلهم من مرافق الدولة‪.‬‬ ‫فتم وف ًقا لذلك‪ ،‬حل الجيش وطرد‬ ‫آالف املدرسني واملوظفني من وظائفهم‬ ‫وحرمان املشمولني من تويل الوظائف‬ ‫الحكومية‪.‬‬ ‫وينص الدستور العراقي‪ ،‬الذي أقر يف‬ ‫‪ 2005‬عىل أن إلغاء هذا القانون وحل‬ ‫الهيئة الخاصة به‪ ،‬يكون بأغلبية عدد‬ ‫أعضاء الربملان‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ ،2008‬جرى تعديل القانون‬ ‫بضغوط الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫التي كانت تحتل العراق آنذاك‪ ،‬من‬ ‫خالل قانون يحمل اسم «املساءلة‬ ‫والعدالة»‪ ،‬لتخفيف القيود املفروضة‬ ‫عىل املشمولني‪.‬‬ ‫ومبوجب القانون املعدل‪ ،‬يُحظر عىل‬ ‫املشمولني (عضو فرقة فام فوق) تق ّلد‬ ‫منصب مدير عام‪ ،‬فام فوق وإحالة‬ ‫أصحاب الوظائف الرفيعة منهم إىل‬ ‫التقاعد‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬قال فراس البكوع‪ ،‬املتحدث‬ ‫باسم «هيئة املساءلة والعدالة»‪،‬‬ ‫لألناضول‪ ،‬إن «قانون هيئة املساءلة‬ ‫والعدالة من القوانني الخاصة باملرحلة‬ ‫االنتقالية‪ ،‬أي إن مدى الحاجة إىل هذا‬ ‫القانون تحددها الترشيعات النافذة»‪.‬‬ ‫وأوضح البكوع‪ ،‬أن «هناك منظومة‬ ‫ترشيعات قانونية ربطت جميعها‬

‫بقانون هيئة املساءلة والعدالة‪،‬‬ ‫وبالتايل أصبح عمل جميع مؤسسات‬ ‫الدولة سواء أكانت األمنية أو الخدمية‬ ‫ً‬ ‫مرتبطا بهيئة املساءلة‬ ‫أو املدنية‬ ‫والعدالة»‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن «الربملان قادر عىل تعديل‬ ‫الترشيعات وإلغاء أو إبقاء أو تحويل‬ ‫عمل الهيئة اىل القضاء»‪.‬‬ ‫ون ّوه البكوع إىل أنه «من الناحية‬ ‫العملية ترد يوم ًيا إىل هيئة املساءلة‬ ‫والعدالة مئات الكتب (الرسائل)‬ ‫الرسمية من املؤسسات تستفرس عن‬ ‫موظف أو شخص معني حدي ًثا أو ممن‬ ‫شملوا بالبعثات الدراسية الخارجية أو‬ ‫ألغراض الرتقيات‪ ،‬إذا كانوا مشمولني‬ ‫بإجراءات االجتثاث من عدمه»‪.‬‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬ال يزال القانون يثري الجدل‬ ‫يف العراق‪ ،‬يف ظل اتهامات حول سوء‬ ‫استخدام هذا القانون لصالح األحزاب‬ ‫الشيعية‪.‬‬ ‫يف هذا الصدد قال املحلل السيايس‬ ‫العراقي‪ ،‬زياد عرار لألناضول‪ ،‬إن‬ ‫«املساءلة والعدالة من النقاط‬ ‫الخالفية‪ ،‬وهناك اتهامات بأنها‬ ‫مسيسة‪ ،‬واتهامات بأنها تعمل لصالح‬ ‫الجهات السياسية املتنفذة يف السلطة‪،‬‬ ‫واملشكلة أن املساءلة والعدالة كان من‬ ‫املفرتض أن تهتم مبحاسبة أركان النظام‬ ‫السابق ومالحقتهم‪ ،‬لكن الغريب‬ ‫يف األمر حال ًيا (أنها) تدخل يف أبسط‬

‫القضايا اإلدارية»‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن «الهيئة اصبحت حلقة‬ ‫معقدة يف الروتني الحكومي‪ ،‬وهناك‬ ‫شخصيات عسكرية وسياسية كان من‬ ‫املفرتض أن ُتشمل بإجراءات اجتثاث‬ ‫البعث‪ ،‬تشغل حال ًيا مناصب عليا يف‬ ‫الدولة»‪.‬‬ ‫ولفت عرار إىل «رضورة إعادة النظر‬

‫أو يحرض أو ميهد أو ميجد أو ير ّوج‬ ‫أو يربر له‪ ،‬وبخاصة البعث الصدامي‬ ‫يف العراق ورموزه وتحت أي مسمى‬ ‫كان‪ ،‬وال يجوز أن يكون ذلك ضمن‬ ‫التعددية السياسية يف العراق‪ ،‬وينظم‬ ‫ذلك بقانون»‪.‬‬ ‫وتأسس حزب البعث يف العاصمة‬ ‫السورية دمشق عام ‪ ،1947‬ويعد‬

‫«هناك منظومة تشريعات قانونية ربطت‬ ‫جميعها بقانون هيئة المساءلة والعدالة‪،‬‬ ‫وبالتالي أصبح عمل جميع مؤسسات الدولة‬ ‫سواء أكانت األمنية أو الخدمية أو المدنية‬ ‫ً‬ ‫مرتبطا بهيئة المساءلة والعدالة»‪.‬‬

‫بعمل هذه املؤسسة املهمة‪ ،‬إذ يجب‬ ‫أن يتم تهذيب عملها مبا يخدم العملية‬ ‫السياسية»‪.‬‬ ‫وتنص املادة السابعة‪ /‬أو ًال من‬ ‫الدستور العراقي عىل أنه «يُحظر‬ ‫كل كيان أو نهج يتبنى العنرصية أو‬ ‫اإلرهاب أو التكفري أو التطهري الطائفي‬

‫الحزب الحاكم يف سوريا منذ ‪1963‬‬ ‫حتى اليوم‪ ،‬وحكم العراق منذ ‪1968‬‬ ‫حتى سقوط النظام السابق برئاسة‬ ‫صدام حسني يف ‪ ،2003‬من قبل قوات‬ ‫دولية قادتها الواليات املتحدة‪ ،‬كام‬ ‫أعدم صدام حسني بعد محاكمته يف‬ ‫‪.2006‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪46‬‬ ‫يعترب موضوع التواجد االمرييك يف العراق‬ ‫من اكرث املواضيع املثارة حاليا عىل الساحة‬ ‫السياسية يف العراق ‪ ,‬وتصاعدت حدة التوتر فيه‬ ‫بعد ترصيحات ترامب االخرية والتي اكد فيها رضورة‬ ‫بقاء قواته يف العراق ملراقبة ايران ‪ ,‬ما اثار حفيظة‬ ‫االطراف السياسية العراقية خاصة تلك املقربة من‬ ‫ايران والتي تويل اهمية كبرية لالمن الوطني االيراين‬ ‫نظرا للمشرتكات العقائدية والفكرية بينها وبني نظام‬ ‫الجمهورية االسالمية يف ايران ‪.‬‬ ‫ما يحدث اليوم يف العراق هو تكرار لسيناريو حصل‬ ‫قبل عدة سنوات عندما ارصت حكومة املاليك يف‬ ‫االلفني واحد عرش عىل خروج القوات االمريكية‬ ‫من العراق بدعوى جهوزية قوات االمن العراقية‬ ‫ملسك امللف االمني عىل االرض يف جميع املحافظات‬ ‫‪ ,‬رغم تحذيرات عقالء السياسة العراقية يف ان هذا‬ ‫االنسحاب قد تكون له تداعيات خطرية عىل الوضع‬ ‫العراقي ‪ ,‬فكان ان احتلت داعش ثلث مساحة العراق‬ ‫يف اقل من اسبوع ‪ .‬ورغم الدمار الذي حل بالعراق‬ ‫دولة وشعبا بسبب االحتالل الداعيش فلم تخرج‬ ‫كل االطراف العراقية خارسة من هذا االحتالل ‪ ,‬فقد‬ ‫استغلت الفصائل املسلحة واالطراف السياسية الداعمة‬ ‫لها خارج العراق وداخله وجود داعش وسيطروا عىل‬ ‫مجمل مفاصل الدولة العراقية سياسيا وعسكريا‬ ‫‪ ,‬وحيدوا املكونات االخرى عن العملية السياسية ‪,‬‬ ‫لذلك فال باس اليوم من تكرار ذات السيناريو ان كان‬ ‫سيعزز سيطرتهم اكرث عىل العراق ويبعد يف نفس‬ ‫الوقت التهديد االمرييك عن الجارة ايران ‪ ,‬دون االخذ‬ ‫بنظر االعتبار املخاطر االمنية التي ميكن ان تتعرض‬ ‫لها مناطق الوسط التي ال تزال داعش تشكل تهديدا‬ ‫امنيا عليها ‪.‬‬ ‫هناك مفارقتان يف العالقة الجدلية بني العراق وامريكا‬ ‫وهام ‪ ...‬االوىل هي ان امريكا التي يطالبون بانسحابها‬

‫اليوم ‪ ,‬هي صاحبة الفضل االول واالخري يف اصل وجود‬ ‫هؤالء عىل السلطة ‪ ,‬ولوالها ملا راينا اليوم شعيط‬ ‫ومعيط يتحكمون مبفاصل الدولة العراقية وجرار‬ ‫الخيط يهدد ويتوعد ‪ .‬اما الثانية ‪ ..‬فهي ان الحكومة‬ ‫العراقية التي ارصت عىل مغادرة القوات االمريكية يف‬ ‫االلفني واحد عرش هي نفسها التي عادت بعد ثالث‬ ‫سنوات لتتعلق باستار البيت االبيض طالبة املساعدة‬ ‫يف انقاذها من احتالل داعش لثلث ارايض العراق ‪.‬‬ ‫وهنا يجب ان نطرح االسئلة التالية ‪ - :‬من يتحمل‬ ‫مسؤولية الدماء التي سفكت بعد انسحاب القوات‬ ‫االمريكية من العراق عىل اثر قرار خاطيء يف االلفني‬ ‫واحد عرش ‪ ,‬ومن سيتحمل مسؤولية الدماء التي‬ ‫ستسفك اذا ما انسحبت تلك القوات هذه املرة ؟‬ ‫وملاذا االستهانة بارواح املواطن العراقي ‪ ,‬وملصلحة‬ ‫من يتم تعريض االمن الوطني العراقي للخطر حفاظا‬ ‫عىل االمن الوطني لالخرين ؟‬ ‫بقاء القوات االمريكية من عدمه له تاثري مبارش عىل‬ ‫الوضع االمني وهو من اولويات اهتاممات الشارع‬ ‫قبل ان يكون شانا برملانيا او حكوميا ‪ ,‬ورغم ان‬ ‫الربملان ميثل الشعب الذي انتخبه ‪ ,‬اال ان الضغوطات‬ ‫السياسية عىل اعضاءه ومصالح الكتل واالحزاب التي‬ ‫ينتمون اليها تذهب بقراراته بعيدا عن نبض الشارع‬ ‫الحقيقي خاصة يف هكذا ملف ‪ ,‬فان كنا ندعي اننا يف‬ ‫دولة دميقراطية وان كان الربملان والحكومة يحرتمان‬ ‫رغبة الشعب الذي انتخبهم ‪ ,‬فيجب احالة موضوع‬ ‫انسحاب او بقاء القوات االمريكية يف العراق عىل‬ ‫الشعب ملعرفة رايه فيه ‪ ,‬من خالل اجراء استفتاء‬ ‫شعبي يحسم فيه الشعب امره فيام اذا كان يرغب‬ ‫بانسحاب القوات االمريكية او يفضل بقاءها عىل‬ ‫اراضيه ‪ ,‬فان قرر الشعب خروج القوات االمريكية‬ ‫‪ ,‬فسيكون هو املسؤول عن تبعات هذا القرار ‪ ,‬وان‬ ‫اراد بقاءها فهذا خياره ويجب علينا احرتامه ‪.‬‬

‫االستفتاء الشعبي‬

‫انسمحمودالشيخمظهر‬

‫هو من يحسم بقاء القوات االمريكية او مغادرتها‬ ‫‪47‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪48‬‬

‫تقرير غربي يسرد قصصا البتزاز الفتيات العراقيات على اإلنترنت‬ ‫فيلي ‪ /‬علي حسني علي‬

‫نرشت صحيفة «صندي تاميز»‬ ‫تقريرا أعدته لويزا كاالهان من‬ ‫بغداد‪ ،‬عن استخدام عصابات الجرمية‬ ‫يف العراق منابر التواصل االجتامعي‬ ‫وسيلة البتزاز النساء‪.‬‬ ‫ويصف التقرير‪ ،‬مشهد بنات يرقصن‬ ‫وهن يرتدين التنانري القصرية‪ ،‬وسط‬ ‫مرسح تنعكس عليه األضواء الخرضاء‪،‬‬ ‫ويف إحدى الزوايا وقفت بنت شابة‬ ‫ترتدي تنورة قصرية مرقطة بخطوط‬ ‫النمر‪ ،‬ويف يدها ويسيك‪ ،‬وكانت ليلة‬ ‫الجمعة يف ناد لييل يف بغداد‪ ،‬وكان‬ ‫الجميع يقضون وقتا ممتعا‪ ،‬مشريا إىل‬ ‫قول غيث البالغ من العمر ‪ 20‬عاما‪:‬‬ ‫«هذه هي الحفلة الوحيدة يف بغداد‪..‬‬ ‫هناك ترصف مختلف يف هذا املكان‪،‬‬ ‫والناس هنا سعداء»‪.‬‬ ‫وتقول كاالهان إن غيث وأصدقاءه‬ ‫هم جزء من جيل نشأ بعد عام ‪،2003‬‬ ‫الذي شهد الغزو اإلنجلوأمرييك للعراق‪،‬‬ ‫الفتة إىل أنه بعد معاناة سنوات من‬ ‫الحرب فإن هذا الجيل يحاول البحث‬ ‫عن هوية جديدة له‪.‬‬ ‫وتشري الصحيفة إىل قولهم إن العراق‬ ‫ليس مجرد سالح ودين ومعركة‬ ‫مستميتة للتأثري بني أمريكا وإيران‪،‬‬ ‫الفتة إىل قول أرشد فخري (‪ 29‬عاما)‬ ‫إنه بدأ النادي مع أصدقائه قبل‬ ‫عام وروجوا له عرب وسائل التواصل‬ ‫االجتامعي من خالل أرشطة فيديو‬

‫معدة جيدا‪ ،‬ومل تكن لتبث يف أي بلد‬ ‫آخر‪ ،‬ولديهم متابعون مبئات األالف‬ ‫عىل «فيسبوك» و»يوتيوب»‪ ،‬وأضاف‬ ‫فخري‪« :‬نحن نقدم العراق للعامل‪..‬‬ ‫ونجلب العامل إىل العراق ونقول إن‬ ‫لديه الكثري»‪.‬‬ ‫ويفيد التقرير بأن هذه الفيديوهات مل‬ ‫تلق أي دعم من املتشددين‪ ،‬بل الشجب‬ ‫الذي دفع إىل زيادة املشاهدات‪ ،‬خاصة‬ ‫لرشيط «فتيات عاريات يف بغداد»‪.‬‬ ‫وتقول الكاتبة إن «العاصمة العراقية‬ ‫كانت هادئة نوعا ما منذ الحرب‬ ‫الطائفية الفظيعة‪ ،‬فيام خفت الهجامت‬ ‫اإلرهابية قبل عامني‪ ،‬وبدأت الحركة‬ ‫تدب يف العاصمة‪ ،‬والناس يخرجون من‬ ‫بيوتهم‪ ،‬ويذهبون إىل املقاهي‪ ،‬لكن‬ ‫الطريقة القدمية للحياة مستمرة‪ ،‬فيام‬ ‫تقود الحياة الجديدة إىل آثار مؤملة»‪.‬‬ ‫وتلفت الصحيفة إىل أنه يف الوقت الذي‬ ‫انضم فيه قطاع صغري من الشباب‬ ‫العراقي إىل الجيش واملليشيات الشيعية‬ ‫هناك‪ ،‬فإن الكثري من النساء ال يزلن يف‬ ‫البيوت يواصلن الحياة التقليدية‪ ،‬لكن‬ ‫بطريقة مختلفة‪.‬‬ ‫وينوه التقرير إىل أن الرجال والنساء‬ ‫يف معظم العراق يعيشون حياة‪،‬‬ ‫سواء كانت عرصية أم تقليدية‪ ،‬لكن‬ ‫معظمها عىل اإلنرتنت‪ ،‬فالنساء الاليت ال‬ ‫يستطعن مغادرة البيت يقمن باالتصال‬ ‫مع الرجال من خالل وسائل التواصل‬

‫االجتامعي‪ ،‬ويطورن عالقة معهم دون‬ ‫لقائهم أو معرفتهم سابقا‪.‬‬ ‫وتبني كاالهان أن هذا األمر أدى إىل‬ ‫شكل جديد من الجرمية املنظمة‪،‬‬ ‫فاألعراف االجتامعية املحافظة‪ ،‬ونسبة‬ ‫البطالةن التي تصل إىل ‪ 17%‬ورمبا‬ ‫أعىل‪ ،‬وانتشار شبكات اإلنرتنت‪ ،‬أدت‬ ‫مجموعة إىل ظهور حاالت الغش‬ ‫والخداع‪ ،‬مشرية إىل أنه يتم دفع‬ ‫الفتيات لوضع صور لهن عىل اإلنرتنت‬ ‫دون حجاب‪ ،‬وقد ال تكون يف أوضاع‬ ‫مغرية لكنها قد تتحول إىل سالح يف‬ ‫يد املبتزين‪ ،‬فيام تقول الحكومة‪ ،‬التي‬ ‫قامت بسلسلة من االعتقاالت‪ ،‬إن‬ ‫األمور تحت السيطرة‪ ،‬لكن عمليات‬ ‫الغش تبدو عامة وعادية‪.‬‬ ‫وتذكر الصحيفة أن راوة (‪ 25‬عاما)‬ ‫تعرضت لالبتزاز من خالل صورة جواز‬ ‫سفرها‪ ،‬ففي العام املايض وعندما‬ ‫كانت تبحث عن عمل بعد تخرجها‬ ‫من كلية القانون‪ ،‬عرثت عىل صفحة‬ ‫«فيسبوك» تعلن عن وظائف يف‬ ‫وزارة الصحة‪ ،‬وأرسلت صورة لها كام‬ ‫طلب‪ ،‬بحجم صور الجواز‪ ،‬وبعد أيام‬ ‫اتصل بها شخص يهدد بوضع صورتها‬ ‫عىل اإلنرتنت إن مل تعطه الرمز الرسي‬ ‫لصفحة «فيسبوك»‪ ،‬ورفضت وهدد‬ ‫بإرسال الصورة إىل زوجها وأصدقائه‪،‬‬ ‫والزعم بأن بينهام عالقة عاطفية‪،‬‬ ‫وألن راوة جاءت من عائلة متحررة‬

‫فإنها مل تهتم بالتهديدات‪ ،‬لكن غريها‬ ‫من الفتيات املحافظات الخائفات من‬ ‫إخبار عائالتهن وأقاربهن باألمر فإن‬ ‫النتائج تكون خطرية‪.‬‬ ‫وبحسب التقرير‪ ،‬فإن وزارة الداخلية‬ ‫أنشأت خطأ ساخنا ملواجهة حاالت‬ ‫كهذه‪ ،‬وقال مدير العملية عدي محمد‪،‬‬

‫إن النساء عادة هن الاليت يستهدفن‪،‬‬ ‫و»يقوم بعض األشخاص برسقة صورة‬ ‫ووضعها عىل اإلنرتنت من أجل‬ ‫االبتزاز»‪ ،‬مشريا إىل أن املرأة يف العراق‬ ‫تضع صورا لوجهها وبحجاب‪ ،‬إال أن‬ ‫هذه الصورة قد تستخدم من شخص‬ ‫يكشف لها عن إعجابه بها أو حبه‪.‬‬

‫وتختم «صندي تاميز» تقريرها باإلشارة‬ ‫إىل أن مثن االبتزاز قد ال يتجاوز يف بعض‬ ‫األحيان ‪ 5‬جنيهات إسرتلينية‪ ،‬لكن إن‬ ‫جاءت الفتاة من عائلة مؤثرة وتريد‬ ‫تجنب الفضيحة فقد يكلفها األمر ‪500‬‬ ‫ألف جنيه إسرتليني‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪50‬‬

‫يف مواجهة ثالوث التخلف‬

‫جاسمالحلفي‬

‫نظمت نقابة املعلمني يومي ‪ 17‬و ‪ ،2019/2/18‬اوسع ارضاب شهده العراق بعد ‪ ،2003‬حيث‬ ‫شمل اغلب محافظات العراق من املوصل شامال حتى البرصة جنوبا‪ ،‬واسهم فيه ما يقارب ‪750‬‬ ‫ألف تدرييس وتربوي‪ .‬كذلك شهد قطاع الصحة يف بعض املحافظات ارضابا تزامن مع ارضاب‬ ‫املعلمني‪ ،‬ويعد االول ايضا من حيث سعة املشاركة وحسن التنظيم‪.‬‬ ‫وامللفت ان مطالب املرضبني يف قطاعي التعليم والصحة مل تنحرص يف الجانب املهني الخاص‬ ‫بكل قطاع‪ ،‬مثل تحسني املستوى املعييش وتعديل سلم الرواتب وتحريك التسكني‪ ،‬وحسم تعيني‬ ‫موظفي العقود املؤقتة‪ ،‬كذلك رصف مخصصات بدل العدوى والخطورة بالنسبة للقطاع الصحي‪،‬‬ ‫رغم مرشوعية هذه املطالب وأحقيتها‪ .‬فقد ُرفعت اىل جانبها مطالب بتحسني البيئة التعليمية‬ ‫والصحية‪ ،‬مثل تحسني املناهج وتطوير طرق التدريس مبا يتالءم مع التقدم العلمي والتكنولوجي‪،‬‬ ‫وتأهيل االبنية املدرسية‪ .‬ويف املجال الصحي وضعت قضية توفري االدوية واملستلزمات الطبية يف‬ ‫ادراك للمسؤولية امللقاة عىل عاتقهم‪ ،‬وبرهن عىل وعي وطني‬ ‫عب هذا عن‬ ‫مقدمة املطالب‪ .‬وقد ّ‬ ‫ٍ‬ ‫دميقراطي وحرص عالٍ ‪ ،‬والتزام باملهنية‪.‬‬ ‫عب عنها العاملون يف قطاعي التعليم والصحة ضمن رشوط التنمية‬ ‫وتأيت املطالب العامة التي ّ‬ ‫التي يدخل العنرص البرشي يف أولويات حساباتها‪ ،‬حسبام يتفق علامء االدارة واالقتصاد واالجتامع‪.‬‬ ‫وقد صارت التنمية مبفهومها الشامل‪ ،‬وبأبعادها السياسية واالقتصادية ‪ -‬االجتامعية‪ ،‬مطلباً ال‬ ‫غنى عنه‪ .‬فهي الجرس الذي تعربه املجتمعات النامية نحو بلوغ التقدم والرفاهية‪ .‬وان التنمية‬ ‫البرشية هي أهم ركائز التنمية املستدامة‪ ،‬وقد تأكد منذ مطلع األلفية الجديدة أن الدول التي‬ ‫انطلقت من كونها نامية إىل مستوى دول متقدمة‪ ،‬ما كان بوسعها أن ترتقي لوال تركيزها عىل‬ ‫بناء القدرات البرشية‪.‬‬ ‫فأين العراق من بناء القدرات البرشية؟‬ ‫كلنا نعلم ان ثالوث التخلف يجمع الفقر واملرض واالمية‪ ،‬وكلنا نسمع العاملني يف قطاعي صحة‬ ‫والتعليم يدقون ناقوس الخطر‪ ،‬فام الذي ميكن ان نقول عن الفاقة والبؤس‪ ،‬وانتشار العشوائيات‬ ‫معدومة الخدمات‪ ،‬ومدن الصفيح واحياء املهمشني املحيطة باغلب املحافظات العراقية؟‬ ‫تكفي مراجعة رسيعة الحصائيات وزارة التخطيط املتعلقة بخط الفقر‪ ،‬لنعرف حجم الكارثة‬ ‫االنسانية التي دفعت طغمة الفساد العراقيني اليها‪ .‬فرغم الحديث املتكرر عن محنة الفئات‬ ‫الضعيفة يف املجتمع‪ ،‬وأهمية مراعاتها‪ ،‬ورضورة دعمها‪ ،‬نجد معطيات إحصائية عن حجم الفقر‬ ‫وآثاره‪ ،‬تثري اشد القلق‪ ،‬وهذا يستدعي التحرك العاجل لتأمني املعالجات الرضورية‪.‬‬ ‫بالتأكيد ال ميكن لنصف كيلو العدس الذي اضيف اخريا اىل الحصة التموينية‪ ،‬ان يسهم يف‬ ‫درء العوز والفاقة التي يعيشها ماليني العراقيني‪ .‬فمعالجة املشكلة غري ممكنة من دون تبني‬ ‫إسرتاتيجية اقتصادية‪ ،‬تضع يف الحساب القضاء عىل البطالة والفقر‪ ،‬وتعمل عىل رفع مستوى‬ ‫معيشة السكان عرب بناء اقتصاد متنوع‪ ،‬يعتمد عىل الزراعة والصناعة والسياحة‪ ،‬وفق دراسة‬ ‫واقعية ومسؤولة‪ ،‬تأخذ يف االعتبار موارد واقتصاديات العراق وإمكانياته‪ ،‬وهذا ما مل يتم الرتكيز‬ ‫عليه عند اعداد موازنة ‪.2019‬‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪52‬‬ ‫حقوق الطفل هي جزء من‬ ‫حقوق االنسان وهي عبارة عن‬ ‫مجموعة الحقوق التي خصصت‬ ‫لألطفال الذي ّ‬ ‫تقل أعمارهم عن‬ ‫الثامنة عشرة عام‪,‬ولقد كفلت‬ ‫هذه الحقوق جميع الدساتري‬ ‫السماوية والدولية واالنسانية‬ ‫ملا لها من أهمية يف نشئة‬ ‫الطفل بصورة سوية ليكون فرداً‬ ‫صالحاً يف املجتمع‬ ‫د‪.‬رائد الهاشمي‬

‫ولقد اهتمت جهات دولية كثرية يف‬ ‫موضوع حقوق األطفال ومن أهمها‬ ‫الجمع ّية العا ّمة ُ‬ ‫لأل َمم املتّحدة حيث‬ ‫أق ّرت يف عام ‪ 1959‬اتفاق ّية حقوق‬ ‫ّ‬ ‫ُص عىل حامية األطفال‬ ‫الطفل التي تن ّ‬ ‫قابل للتّفاوض‪،‬‬ ‫بشكل غري‬ ‫وحقوقهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وقد اعتمدت الجمع ّية هذه اال ّتفاق ّية‬ ‫باإلجامع يف العرشين من شهر ترشين‬ ‫الثاين لعام ‪ 1989‬وهي أول وثيقة‬ ‫خاصة‬ ‫تاريخ ّية تعرتف بوجود حقوق ّ‬

‫نداء النقاذ أطفال العراق‬ ‫ومنحهم حقوقهم‬ ‫الضائعة‬

‫باألطفال‪ ،‬ومسؤول ّية البالغني تجاههُم‪.‬‬ ‫يف أعقاب الحرب العاملية الثانية عاىن‬ ‫عات‬ ‫األطفال الذين خاضوا الحرب َت ِب ٍ‬ ‫مم دفع ُ‬ ‫س ّيئ ًة جدّ اً‪ّ ،‬‬ ‫األ َمم ا ُملتَّحدة إىل‬ ‫خاص بدعم األطفال‬ ‫إنشاء صندوق‬ ‫ّ‬ ‫واحتياجاتهم عام ‪ 1947‬وهو ما ُس ِّمي‬

‫َ‬ ‫االعرتاف‬ ‫الحقاً باليونيسف‪ ،‬ونال‬ ‫ّ‬ ‫الدو ّ‬ ‫منظمة‬ ‫يل عام ‪ 1953‬وبدأت‬ ‫اليونيسف بإدراج عدد من الربامج‬ ‫لحامية األطفال وحقوقهم‪ ،‬ويف عام‬ ‫‪ 1959‬أق ّرت اليونيسف اتفاق ّي ًة لحقوق‬ ‫ّ‬ ‫تضمنت عرشة مبادئ لحقوقهم‪،‬‬ ‫الطفل ّ‬ ‫وقد و ّقعت عليها باإلجامع جميع‬ ‫الدّ ول األعضاء للجمع ّية العا ّمة ُ‬ ‫لأل َمم‬ ‫مثان وسبعون‬ ‫املتّحدة‪ ،‬والبالغ عددها ٍ‬ ‫العاملي‬ ‫دول ًة ‪ .‬بعد إقرار اإلعالن‬ ‫ّ‬ ‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬أرادت ُ‬ ‫األ َمم املتّحدة‬ ‫أن تضع ميثاقاً لحقوق اإلنسان يكون‬ ‫قاب ًال للتّنفيذ‪ ،‬وأرادت أن تلزم جميع‬ ‫الدول باحرتامه وتطبيقه‪ّ ،‬‬ ‫مم دفعها إىل‬ ‫العاملي‬ ‫كم َلني لإلعالن‬ ‫اعتامد نص َّْي ُم ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالطفل‪،‬‬ ‫ختصني‬ ‫لحقوق اإلنسان ُم َّ‬ ‫بعدها اعت ُِمدت ا ّتفاق ّية حقوق ّ‬ ‫الطفل‪،‬‬ ‫وتضمنت ‪ 54‬ما ّد ًة ّ‬ ‫توضح بالتّفاصيل‬ ‫ّ‬ ‫الحقوق االقتصاد ّية‪ ،‬واالجتامع ّية‪،‬‬ ‫والثقاف ّية لألطفال‪ ،‬ويف الثاين من شهر‬ ‫النص ُمعاهد ًة‬ ‫أيلول لعام ‪ 1990‬أصبح ُّ‬ ‫دول ّي ًة دخلت ح ّيز التّنفيذ‪.‬‬ ‫أهم حقوق ّ‬ ‫الطفل ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تضمنت اتفاق ّية حقوق ّ‬ ‫الطفل أربعاً‬ ‫ّ‬ ‫وخمسني ما ّد ًة تضمن حقوق ّ‬ ‫الطفل‬ ‫أهم‬ ‫يف مختلف مجاالت الحياة ومن ّ‬ ‫الحقوق التي ح ِفظتها هذه االتفاق ّية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحق ُجزأَين‬ ‫حق الحياة‪ :‬ويشمل هذا‬ ‫ّ‬ ‫الحق يف حامية حياة‬ ‫أساس َّيني‪ ،‬هام‪:‬‬ ‫الطفل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحق يف البقاء‬ ‫منذ الوالدة‪،‬‬ ‫عىل قيد الحياة والنم ّو بشكل ُمناسب‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫كام يشمل تعريف ّ‬ ‫الحق‬ ‫حق الحياة‬ ‫بعدم القتل؛ ّ‬ ‫مم يعني ّ‬ ‫أن عىل الدُّ ول‬ ‫حامية األطفال من ُمس ِّببات الوفاة‬ ‫‪53‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪54‬‬ ‫جميعها التي تشمل عدم إخضا ِعهم‬ ‫ومحا َربة مامرسات‬ ‫إىل عقوبة اإلعدام‪ُ ،‬‬ ‫قتل األطفال جميعها‪ ،‬ويشمل ّ‬ ‫حق‬ ‫الس ُبل‬ ‫الحياة أيضاً رضورة توفري ُّ‬ ‫الئة لنم ّو ّ‬ ‫الطفل‪ ،‬والتمتُّع بال ّرعاية‬ ‫ا ُمل ِ‬ ‫الصح ّية‪ ،‬والتّغذية ا ُملتوا ِزنة‪ ،‬والتّعليم‬ ‫الج ّيد‪ ،‬والعيش يف بيئة صح ّية (الطفل‬ ‫العراقي اليتمتع بأبسط حق يف الحياة‬ ‫فهو يتعرض يومياً للقتل مبختلف‬ ‫الطرق النتشار السالح خارج يد الدولة‬ ‫ولضعف الحكومة يف محاسبة من‬ ‫يحمل السالح وينتهك القانون‪,‬وكذلك‬ ‫التتوفر للطفل العراقي أبسط أنواع‬ ‫الرعاية الصحية والجزء األكرب من‬ ‫أطفالنا التتوفر لهم التغذية املناسبة‬ ‫وال التعليم الجيد ومعظمهم يعيشون‬ ‫يف بيئة صحية غري سليمة)‪.‬‬ ‫حق التّعليم ‪ -:‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫حق التّعليم‬ ‫ّ‬ ‫للطفل الحصول عىل تعليم ج ّيد‬ ‫لألطفال جميعهم دون تفريق‪ ،‬ويجب‬ ‫حق ّ‬ ‫الطفل يف ّ‬ ‫حفظ ّ‬ ‫الذهاب إىل‬ ‫املدرسة‪ ،‬والحصول عىل ال ُف َرص ا ُملالمئة‬ ‫ملساعدته عىل النم ّو وبناء مستقبله‪،‬‬ ‫والوصول إىل ّ‬ ‫كل ُس ُبل التّعليم بال‬ ‫تفريق‪(.‬آالف األطفال يف العراق تركوا‬ ‫مقاعد الدراسة ألسباب عديدة أهمها‬ ‫العمل ملساعدة عوائلهم يف العيش‬ ‫أو عدم متكن عوائلهم من توفري‬ ‫مستلزمات الدراسة التي أصبحت تثقل‬ ‫كاهلهم ولعدم وجود قوانني صارمة‬ ‫متنع ترسب األطفال من الدراسة لذا‬ ‫انترشت األم ّية بشكل كبري يف السنوات‬ ‫األخرية وهذا يهدد مبستقبل مجهول‬

‫وغري آمن ألطفال العراق)‪.‬‬ ‫حق الغذاء ّ‬ ‫حق الغذاء ‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطفل‬ ‫وكاف بشكل‬ ‫صحي‬ ‫طعام‬ ‫الحصول عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ومستم ّر يف ّ‬ ‫الظروف ك ّلها‪ ،‬حتّى‬ ‫يومي ُ‬ ‫ّ‬ ‫تلك التي تشمل الحروب واملجاعات‬ ‫القاسية‪ ،‬ويجب أن يكون الغذاء‬ ‫متوازناً ونظيفاً‪ ،‬ويشمل جميع العنارص‬ ‫الغذائ ّية الرضور ّية لنم ّو ّ‬ ‫الطفل‪(.‬الطفل‬ ‫العراقي يعاين من نقص الغذاء األسايس‬ ‫النتشار الفقر وارتفاع معدالته بشكل‬ ‫كبري وارتفاع معدالت البطالة لعدم‬ ‫توفري فرص العمل من قبل الدولة‬ ‫للمواطنني وللركود االقتصادي املنترش‬ ‫يف البالد والذي أثر عىل القدرة الرشائية‬ ‫للمواطن بشكل عام ما انعكس عىل‬ ‫توفري الغذاء املناسب لألطفال حتى‬ ‫يف الظروف الطبيعية عالوة عىل شبه‬ ‫انعدام البطاقة التموينية التي كانت‬ ‫تعتمد عليها معظم العوائل الفقرية)‪.‬‬ ‫الصحة‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحة‬ ‫حق‬ ‫حق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطفل الحصول عىل جميع الخدمات‬ ‫الصح ّية والتّطعيامت الالزمة للحفاظ‬ ‫صحة ّ‬ ‫الطفل الجسد ّية‪ ،‬والعقل ّية‪،‬‬ ‫عىل ّ‬ ‫والنفس ّية‪ ،‬والحصول عىل عناية صح ّية‬ ‫ناسب طبيعة األطفال ّ‬ ‫الضعيفة‬ ‫ّ‬ ‫خاصة ُت ِ‬ ‫ّ‬ ‫والهشة ومناعتهم املحدودة‪ ،‬ووقايتهم‬ ‫السارية‪،‬‬ ‫السارية وغري ّ‬ ‫من األمراض ّ‬ ‫واألمراض الوراث ّية‪ ،‬وسوء التّغذية‪،‬‬ ‫وغريها من األمراض‪(.‬الطفل العراقي‬ ‫التتوفر له أبسط أنواع الخدمات‬ ‫الصحية بسبب سوء أداء القطاع‬ ‫الصحي يف البلد نتيجة سوء األداء‬ ‫الحكومي وانتشار الفساد وغياب‬

‫املشاريع الصحية ومشاريع التطوير‬ ‫للمنشئات الصحية يف البلد والذي جعل‬ ‫القطاع الصحي من أسوأ القطاعات يف‬ ‫البلد ماحرم املواطن بشكل عام والطفل‬ ‫بشكل خاص من الرعاية الصحية‬ ‫املناسبة فأدى ذلك اىل انتشار األمراض‬ ‫بشكل مخيف وتسبب بأعداد كبرية من‬ ‫الوفيات خاصة بالنسبة لألطفال)‪.‬‬ ‫حق ّ‬ ‫الحق يف املياه ‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفل يف‬ ‫َ‬ ‫الحصول عىل مياه نق ّية ونظيفة‬ ‫املياه‬ ‫خالية من التل ّوث والحرشات التي قد‬ ‫تنقل األمراض ّ‬ ‫للطفل‪ ،‬والحصول عىل‬ ‫ات كافي ٍة من املياه‪ُ ،‬يكن الوصول‬ ‫كم ّي ٍ‬ ‫ّ‬ ‫إليها يف أيّ وقت‪ .‬و ُيعدّ‬ ‫الحق يف املياه‬ ‫أهم حقوق ّ‬ ‫الطفل؛ وذلك ألهم ّية‬ ‫من ّ‬ ‫صحة اإلنسان‬ ‫املياه يف الحفاظ عىل ّ‬ ‫ومساعدة‬ ‫بشكل عا ٍّم‪ ،‬ومنع الجفاف‪ُ ،‬‬ ‫الجسم عىل أداء وظائفه الحيو ّية‬ ‫بشكل ُمتكامل‪ ،‬واملحافظة عىل نظافة‬ ‫ّ‬ ‫الطفل الشخص ّية‪ّ ،‬‬ ‫مم مينع اإلصابة‬ ‫باألمراض التي قد تنتُج عن ق ّلة النظافة‬ ‫الشخص ّية‪ (.‬العراق يعاين من أزمة كبرية‬ ‫يف توفري املياه وخاصة الصالحة للرشب‬ ‫منها حيث تعاين أغلب املحافظات‬ ‫العراقية من عدم حصولها عىل املياه‬ ‫الصالحة للرشب نتيجة غياب املشاريع‬ ‫الحديثة للتصفية والتعقيم والخزن‬ ‫والسدود وبالتايل فان أكرث من تأثر‬ ‫بهذه الحالة هم أطفال العراق ما أدى‬ ‫اىل اصابة اآلالف منهم مبختلف أنواع‬ ‫األمراض والتي تسببت بوفيات كثرية )‪.‬‬ ‫حق الهو ّية ّ‬ ‫حق الهو ّية‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطفل‬ ‫االعرتاف بوجوده بوصفه كياناً ُمست ِق ّ ًل‬

‫ّ‬ ‫الحق التمت َُّع‬ ‫وذا وجود‪ ،‬ومينحه هذا‬ ‫ٍّ‬ ‫ستقل يف‬ ‫بباقي حقوقه كاملة كفرد ُم‬ ‫املجتمع‪(.‬الطفل العراقي يف هذا املجال‬ ‫حاصل عىل الهوية الرسمية فقط دون‬ ‫الحصول عىل الحقوق املرتتبة عليها‬ ‫كفرد يف املجتمع حيث يعاين من نقص‬ ‫يف كل الحقوق التي منحتها له القوانني‬ ‫الدولية ويعاين من اهامل حكومي‬ ‫واضح)‪.‬‬ ‫حق الحر ّية ّ‬ ‫حق الحر ّية ‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطفل‬ ‫الحر ّيات ا ُملعطاة للبالغني‬ ‫التمتُّع بأنواع ُ‬ ‫حق ّ‬ ‫فمن ّ‬ ‫الطفل التمتُّع بحر ّية‬ ‫ك ّلها؛ ِ‬ ‫التّفكري‪ ،‬وحر ّية التّعبري عن أفكاره‬ ‫التجمعات‪ ،‬واالشرتاك‬ ‫وحر ّية تكوين‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫يف النّقاشات الجامع ّية‪ ،‬واملشا َركة‬ ‫يف ُمجتَمعات ذات أهداف ُمحدَّ دة‪،‬‬ ‫وحر ّية تبنّي األفكار وال َقناعات التي‬ ‫ُفضلها ّ‬ ‫ي ّ‬ ‫الطفل‪ ،‬وحر ّية الوعي واملبادئ‬ ‫ا ُملرتبطة بوجود ّ‬ ‫الطفل وفلسفته يف‬ ‫الحياة‪ ،‬وحر ّية الدّ ين واختيار الدّ يانة‬ ‫التي يُريدها ّ‬ ‫الطفل‪(.‬يعاين الطفل‬ ‫العراقي يف هذا الخصوص بغنب واضح‬ ‫وكبري حيث الميتلك الحرية الكافية‬ ‫للتعبري عن الرأي وتبني األفكار نتيجة‬ ‫الضغوطات والتقييدات الحكومية‬ ‫ونتيجة األعراف الدينية والعشائرية‬ ‫واملذهبية التي فرضت سطوتها عىل‬ ‫الساحة العراقية بشكل واضح ما‬ ‫جعلت الطفل العراق منغلقاً ومتخوفاً‬ ‫من االشهار بآرائه وأفكاره خوفاً من‬ ‫هذه القيود والضغوطات الكبرية) ‪.‬‬ ‫حق الحامية ‪ :‬يضمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫حق الحامية‬ ‫ّ‬ ‫للطفل حاميته جسد ّياً وصحياً ونفسياً‬

‫اخاطب الحكومة العراقية‬ ‫والربملان العراقي وأذكرهم ان‬ ‫يعملوا بأي وازع يختارونه‬ ‫سواء كان دينياً أو وطنياً أو‬ ‫انسانياً يف تقليل معاناة‬ ‫أطفالنا والعمل على توفري‬ ‫هذه الحقوق التي كفلتها كل‬ ‫الدساتري الكونية‪...‬‬

‫وعقلياً واجتامعياً ‪ ،‬وحامية حقوقه عن‬ ‫طريق ِحفظ ح ّقه يف االزدهار بوصفه‬ ‫جزءاً ّ ً‬ ‫مهم يف املجتمع‪ ،‬ويشمل هذا‬ ‫الحق جزئني رئيس ّيني‪ ،‬هام‪ :‬القرارات‬ ‫يتم ا ّتخاذها ويجب أن َت ُ‬ ‫أخذ‬ ‫التي ّ‬ ‫بعني االعتبار املصلحة العُ ليا ّ‬ ‫للطفل‬ ‫يتم‬ ‫ومستقبله‪ ،‬وكذلك القرارات التي ّ‬ ‫ا ّتخاذها نياب ًة عن ّ‬ ‫الطفل ويجب أن‬ ‫تضمن حصوله عىل حقوقه ولتطبيق‬ ‫حق حامية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفل‪ ،‬يجب ضامن وجوده‬ ‫يف بيئة عائل ّية صح ّية‪ ،‬ودولة آمنة‬ ‫تو ّفر له نظا َم حامي ٍة شامل‪ (.‬مايحدث‬ ‫للطفل العراق يف هذا الحق هو أمر‬ ‫مؤمل جداً حيث غياب الحامية الحقيقية‬ ‫من الحكومة للطفل العراقي يف معظم‬ ‫الجوانب حيث ال توجد قوانني صارمة‬ ‫تضمن للطفل العراقي الزامية التعليم‬ ‫وتوفري البيئة الصحية املناسبة والتغذية‬ ‫املناسبة واملاء الصالح للرشب والتوجد‬ ‫قوانني متنع استخدامه يف أعامل تفوق‬ ‫طاقته الجسدية حيث نالحظ آالف‬ ‫أطفالنا وهم بعمر الزهور قد غادروا‬

‫املدارس وانخرطوا بأعامل شاقة ترهق‬ ‫أجسادهم الطرية مجربين عىل مساعدة‬ ‫عوائلهم الفقرية يف الحصول عىل لقمة‬ ‫العيش والحديث يطول يف رسد معاناة‬ ‫الطفل العراقي)‪.‬‬ ‫ما أردت يف مقالتي هذه أن أسطر‬ ‫بنود اتفاقية دولية يستطيع أي شخص‬ ‫من البحث عنها بدقائق عرب الغوغل‬ ‫ويطلع عليها ولكن أردت أن أضع‬ ‫هذه املقالة عىل طاولة الحكومة‬ ‫العراقية والربملان العراقي وأذكرهم‬ ‫بها وببنودها وأذكرهم بوضع الطفل‬ ‫العراقي ومدى ماحصل عليه من غنب‬ ‫كبري يف كل حق من هذه الحقوق‬ ‫وأذكرهم بواجبهم الوطني والرشعي‬ ‫واالنساين تجاه أطفال العراق الذين هم‬ ‫عامد املستقبل وأطلب منهم أن يتناسوا‬ ‫خالفاتهم السياسية ومصالحهم الحزبية‬ ‫والدنيوية قلي ًال ويعملوا بأي وازع‬ ‫يختارونه سواء كان دينياً أو وطنياً أو‬ ‫انسانياً يف تقليل معاناة أطفالنا والعمل‬ ‫عىل توفري هذه الحقوق التي كفلتها كل‬ ‫الدساتري الكونية وهي حقهم املرشوع‬ ‫وليس منّة من أحد وندايئ هذا أطلقه‬ ‫بلسان كل طفل عراقي ُحرم من براءة‬ ‫طفولته وعاىن الجوع واملرض ونقص‬ ‫وحرم من التعليم‬ ‫املاء والخدمات ُ‬ ‫بسبب أداء الكتل السياسية املتصدرة‬ ‫للمشهد السيايس‪ ,‬فهل ستستجيب‬ ‫الحكومة والربملان؟ وهل سيضمدون‬ ‫جراحات فلذات أكبادنا ويقللون من‬ ‫آالمهم؟ أم سيستمر الوضع كام هو‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪56‬‬

‫ترامب‬ ‫ال ميزح‬ ‫إحذروا !‬ ‫اثري الشرع‬

‫أثناء حملته اإلنتخابية‪ ،‬كان‬ ‫الربنامج اإلنتخايب لرتامب‬ ‫حاف ًال بالتهديد والوعيد‪ ،‬وعيناه ترنو‬ ‫صوب الــرق األوســط‪ ،‬وال تخلوا‬ ‫مجمل ِخطاباته من ِذكــر العراق‬ ‫حل به‪ ،‬بعد عام ‪ 2003‬منتقداً‬ ‫وما َّ‬ ‫سياسة أسالفه‪ ،‬الذين أساءوا التقدير‬ ‫وفشلهم بتنفيذ الخطط اإلسرتاتيجية‬ ‫ملصلحة الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ما يحصل اآلن يف الــرق األوسط‬ ‫من تــطــورات‪ ،‬ينبغي عىل جميع‬ ‫دول املنطقة مدعومة بروسيا‪ ،‬الصني‬

‫وحتى بعض دول أوربــا وأمريكا‬ ‫الشاملية التعامل معها بجد ّية؛‬ ‫فالرئيس الحايل للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية جاداً جداً مبا يروم فعله‪،‬‬ ‫و»الحجارة التي ال تعجبك تؤذيك» !‬ ‫ِ‬ ‫أعلن وزير الخارجية األمرييك مايك‬ ‫بومبيو‪ ،‬قبل أيام بأن القمة العاملية‬ ‫حول الرشق األوسط‪ ،‬املقرر عقدها‬ ‫بالعاصمة البولندية وارسو‪ ،‬يف ‪13‬و‬ ‫‪ 14‬فرباير شباط املقبل‪ ،‬تسعى إىل‬ ‫والدة تحالف‪ ،‬من شأنه إجبار إيران‬ ‫وحلفائها للتعامل بصورة تنسجم مع‬

‫رؤى ومتبنيات وتطلعات الواليات‬ ‫املتحدة ومن واالها ! وسيناقش لقاء‬ ‫وارسو‪ ،‬جميع قضايا الرشق األوسط‪،‬‬ ‫وطرق اإلستقرار فيه وضامن عدم‬ ‫وجــود تأثري إيــراين‪ ،‬يعرقل تنفيذ‬ ‫أسرتاتيجية الدول الطامعة والطامحة‬ ‫بالهيمنة عــى الــبــرول ويزعزع‬ ‫اإلستقرار يف عموم املنطقة‪ ،‬حسب‬ ‫رؤية الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫رفض وزير الخارجية الرويس سريغي‬ ‫الفروف‪ ،‬الدعوة املوجهه له لحضور‬ ‫مؤمتر وارسو‪ ،‬الذي ستنظمه الواليات‬

‫املتحدة حول الرشق األوسط‪ ،‬ونعتقد‬ ‫بأنها مناورة من روسيا إليصال رسالة‬ ‫اىل دول املنطقة بأنها تعارض سياسة‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬ضاهراً؛ وإعتربت‬ ‫أيران هذا املؤمتر معادياً لها‪ ،‬داعي ًة‬ ‫الحكومة البولندية إىل تحمل عواقب‬ ‫إستضافة هكذا مؤمترات التي من‬ ‫شأنها التح ّول اىل مؤامرات تتمحور‬ ‫حول الرشق األوسط‪ ،‬وإيران تحديداً‬ ‫مبشاركة وإدارة ودعــم الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫املتحدث باسم الخارجية اإليرانية‪،‬‬

‫بهرام قاسمي قال من جانبه‪ ،‬بطريقة‬ ‫تنتقد توجه ومغازلة بعض دول‬ ‫أوربا للواليات املتحدة « يبدو أن‬ ‫بولندا تحت تأثري الضغوط والوعود‬ ‫األمريكية قــد وضعت يف مسار‬ ‫السلوك األمرييك يف البيت األبيض‬ ‫املعادي إليران مشددا ال نقبل بقرار‬ ‫بولندا للمشاركة واستضافة هذا‬ ‫املؤمتر‪ ،‬ونعتقد بأن هذه الخطوة يف‬ ‫اإلتجاه العكيس ملجموعة املواقف‬ ‫األوروبية يف السنوات املاضية حول‬ ‫إيران»‪.‬‬

‫نحن نرى بأن السيناريو األمرييك‬ ‫القادم‪ ،‬سيتضمن تغيريات جوهرية‬ ‫فبعض الالعبني السياسيني الذي‬ ‫كانوا فاعلني‪ ،‬خالل الدورات السابقة‬ ‫سيتم إقتالعهم مــن جــذورهــم؛‬ ‫والبعض اآلخر سيقودون املرحلة مع‬ ‫تطعيم املرحلة بشخصيات مدنية‬ ‫متيل أينام مالت الكفة‪ ،‬وسرنى قادم‬ ‫األيام «املارينز» يتجولون بكل حرية‬ ‫يف شــوارع بغداد‪ ،‬إلستفزاز بعض‬ ‫الفصائل التي تعارض تواجدهم‬ ‫لتنفيذ املخطط املرسوم‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪58‬‬

‫من دينار ملتح الى دوالر حليق اللحية‬ ‫فيلي ‪ /‬علي حسني فيلي‬

‫يف منطقة ما من هذا البلد‪ ،‬قصد مواطن احدى‬ ‫دوائر الدولة‪ ،‬فقال له موظف بعد ان استمع‬ ‫ملطلبه وفحص ملفه‪ :‬ان متشية معاملتك بحاجة اىل‬ ‫شاهدين من ذوي اللحى العريضة‪ .‬فذهب هذا‬ ‫املواطن البسيط اىل سوق املدينة واخذ بالتجوال يف‬ ‫املنطقة لعله يحظى بشاهدين بتلك املواصفات‪.‬‬ ‫وكان بحثه العبثي يبعث يف نفسه املزيد من الحرية‪.‬‬ ‫فجلس ليسرتيح يف احدى الزوايا‪ .‬فالحظه احد الكسبة‬ ‫وتقدم اليه‪ ،‬وسأله عن رس ذهابه وايابه وحريته وسحنته‬ ‫التي تعلوها الحرية‪ .‬فقام صاحبنا برشح املسألة من‬ ‫الفها ليائها ورشط املوظف بجلب شاهدين ذوي لحى‬ ‫عريضة‪ ،‬وهو الطلب الذي مل يستطع تلبيته لحد االن‪.‬‬ ‫فضحك الكاسب ورشح املسألة له وبني غرض ذلك‬ ‫املوظف من الطلب‪ .‬وفهمه ان معاملته ال تحتاج يف‬ ‫االساس اىل شهود ال من اصحاب اللحى وال من مطلقيها‪.‬‬ ‫وان هدفه ورقتني نقديتني من فئة عرشة دنانري التي‬ ‫تحمل صورة (الحسن بن الهيثم) بلحية عريضة‪.‬‬ ‫فعاد املواطن اىل املوظف ووضع الورقتني النقديتني‬ ‫املطلوبتني وانجز املعاملة‪.‬‬ ‫يف هذه االيام السؤال‪ :‬انه مل تبق للعملة ذات الرجل‬ ‫امللتحي قيمة‪ ،‬فام العمل؟ اليوم يقوم املواطن بتمشية‬ ‫معاملته بالورقة الخرضاء (مائة دوالر) التي تحمل صورة‬ ‫بينجامني فرانكلني حليق اللحية‪ ،‬او الورقة الحمراء من‬ ‫فئة ‪ 25‬الف دينار ذات صورة حامالت جرار املاء وليس‬ ‫بعدد من االوراق من فئة ‪ 10‬االف ذي اللحى العريضة‬ ‫التي مل تبق لها القيمة السابقة‪.‬‬ ‫لن تسري اعامل الحكومة مباليني الورقات الخرض (‪100‬‬ ‫دوالر) من دون لحية وعدة ماليني من املوظفني واالف‬ ‫الشهود من ذوي اللحى العريضة‪ .‬فها قد مرت عدة‬ ‫شهور وليس بإمكان اكرث من ‪ 300‬نائب منح الثقة‬ ‫لثالثة من الوزراء لوزارات تهتم مبسائل العدل وامن‬ ‫وامان املواطنني‪.‬‬ ‫‪59‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪60‬‬ ‫ذكرت صحيفة “الجارديان”‬ ‫الربيطانية يف تقرير لها‪ ،‬تفاصيل‬ ‫مثرية عن مصحف هو األول من نوعه‬ ‫قالت إنه كتب بدماء الرئيس العراقي‬ ‫الراحل صدام حسني‪.‬‬ ‫وداخل مبنى رخامي مسدس األضالع‬ ‫مبئذنته الخاصة به عىل شكل صاروخ‪،‬‬ ‫مبسجد أم املعارك يف بغداد‪ ،‬يوجد‬ ‫مصحف من نوع خاص أثار الكثري من‬ ‫الجدل‪ ،‬نظ ًرا لظروف وطريقة كتابته‬ ‫واملواد التي كتب بها‪.‬‬ ‫وبحسب الصحيفة فإن املصحف‬ ‫الذي كتب يف التسعينات ويبلغ عدد‬ ‫صفحاته ‪ 605‬صفحة متوسطة الحجم‬ ‫يشمل جميع سور القرآن الكريم‪،‬‬ ‫وكتبت حروفه مبا يزيد عىل ‪ 27‬ل ًرتا‬ ‫من دماء صدام حسني‪ ،‬وقام بكتابته‬ ‫الخطاط والفنان العراقي املقيم حال ًيا‬ ‫باألردن عباس شاكر جودي‪.‬‬ ‫وتعود حكاية املصحف الذي كتب‬ ‫بدماء صدام حسني حسبام روى كاتب‬ ‫املصحف إىل التسعينات بعدما تعرض‬ ‫عدي صدام حسني إىل محاولة اغتيال‬ ‫نذر إثرها صدام حسني أن يكتب‬ ‫ً‬ ‫كامل بدمائه إذا نجى ابنه‬ ‫املصحف‬ ‫من أثر عملية االغتيال‪.‬‬ ‫ويروي الخطاط عباس شاكر جودي‬ ‫قائال لقد استدعاين صدام حسني إىل‬ ‫مستشفى ابن سينا يف بغداد حيث‬

‫خطاط عراقي يحتفظ بقوارير دماء لصدام حسين ‪..‬‬ ‫وزوجته تتحدث عن غضب من الله‬ ‫فيلي ‪ /‬ماجد محمد صالحان‬

‫كان يزور ابنه عدي الذي تعرض‬ ‫ملحاولة اغتيال قبل أيام وطلب مني‬ ‫أن أخط القرآن بدمه‪ ،‬كان األمر عبارة‬ ‫عن نذر بالنسبة إليه‪.‬‬ ‫ويقول عباس يف ترصيحات صحفية‬ ‫إنه بدأ مبارشة العمل لكتابة السور‬ ‫ال‪ 114‬من القرآن يف مهمة استغرقت‬ ‫سنتني‪ .‬وقد عرض العمل بعد االنتهاء‬ ‫منه يف متحف أم املعارك ببغداد‪.‬‬ ‫يتابع الخطاط العراقي قائال‪ :‬مل‬ ‫يكن األمر سهال‪ ..‬إن الدم كان كثيفا‬ ‫جدا ومل أمتكن من العمل به‪ ..‬لقد‬ ‫نصحني صديق يعمل يف مخترب بخلطه‬ ‫بقطرات من مركب زودين به ويشبه‬ ‫الغلوكوز‪ ..‬وقد نجح ذلك وقال يف كل‬ ‫مرة كان ينتهي مخزوين من دم صدام‬ ‫كنت أطلب املزيد‪ ..‬وكان حراس‬ ‫يقومون آنذاك بجلب قمع عليه‬ ‫ملصق مستشفى ابن سينا مستشفى‬ ‫عائلة الرئيس‪ .‬وأضاف أنه كان يف‬ ‫بعض األحيان ينتظر عدة أيام أو حتى‬ ‫أسابيع ألن صدام حسني كان مشغوال‬ ‫وألنه كانت هناك‬

‫وذكر جودي‪ :‬لقد فقدت نظري تقريبا‬ ‫يف هذا العمل‪ ..‬كانوا عىل عجلة ولقد‬ ‫عملت ليل نهار إلكامله‪ .‬وأضاف‪ :‬مل‬ ‫يكن لدي حتى جواز سفر‪ ..‬لقد منعت‬ ‫من اقتنائه ألن السلطات كانت تريد‬ ‫التأكد من بقايئ يف العراق‪.‬‬ ‫وتقول زوجته نجاح إنها كانت تصاب‬ ‫بقشعريرة يف كل مرة تفتح فيها‬ ‫الثالجة يف املطبخ وتضيف‪ :‬كنت أرى‬ ‫قارورة دم الرئيس وارتعب وأضافت‪:‬‬ ‫لقد قلت لعباس أن أمل عينيه قد يكون‬ ‫إشارة من الله بأنه غاضب‪.‬‬ ‫وكانت نسخة املصحف الذي كتب‬ ‫بدماء صدام حسني قد أخفيت أثناء‬ ‫الحرب األمريكية عىل العراق يف‬ ‫بيوت متعددة لبعض الشيوخ واألمئة‬ ‫املسلمني‪ ،‬خو ًفا عن تبديده عىل يد‬ ‫قوات االحتالل األمرييك‪ ،‬ثم بعد ذلك‬ ‫تم إيداعه يف مسجد أم املعارك يف‬ ‫بغداد الذي يخضع لوزارة األوقاف‬ ‫السنية العراقية ويتم إغالق بوابات‬ ‫املسجد املؤدي إىل القاعة التي يوجد‬ ‫فيها املصحف‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬


‫قضايا‬

‫‪62‬‬ ‫عندما يناجي االنسان ربه‬ ‫يقولون ان هذه عبادة‪ ،‬ولكن‬ ‫عندما يحدث الله احد عبيده يقال إن‬ ‫هذا جنون‪.‬‬ ‫منذ قرن اسست دولة عىل ارض‬ ‫مبتالة دوما بالتعاسة‪ ،‬حتى انها مل‬ ‫تستطع عقب انتهاء الحرب املدمرة‬ ‫الثانية وما تالها من حروب‪ ،‬ان تغري‬ ‫مسار االخطاء واالحتجاجات التي‬ ‫تجاوزت الرغبة يف املساواة والعدالة‬ ‫واكرثها كانت من اجل الخبز وليس‬ ‫من اجل االفكار‪ ،‬كانت انقالبات‬ ‫من اجل السلطة وليست ثورات من‬ ‫اجل االعامر‪ .‬ان الذين مل يقدموا اية‬ ‫تسهيالت او تنازالت للتحدث عن‬ ‫متاع الحياة ال يرون ان من حق الناس‬ ‫ان يعيشوا مرتاحني قليال بذريعة‬ ‫املعروف واملنكر‪.‬‬ ‫ان اكرب حدث بالنسبة للعراق منذ‬ ‫بداية االلفية الحالية كان الهجوم‬ ‫االمرييك الذي حصل عام ‪2003‬‬ ‫والذي نجم عنه اسقاط حكومة‬ ‫البعث‪ .‬وكان سابع هجوم عسكري‬ ‫ألمريكا بدأ منذ عام ‪ 1990‬وانتهى يف‬ ‫‪ .2003‬وبدأ اول هجوم تحت شعار‬ ‫تحرير الكويت‪ ،‬فالصومال وهاييتي‬ ‫والبوسنة وكوسوفو وافغانستان‬ ‫وانتهت بالعراق‪.‬‬ ‫واثناء الهجوم عىل العراق مل تكن‬ ‫هناك اية دولة غربية لها تجربة يف‬ ‫بناء الدولة‪-‬الشعب بقدر ما كانت‬ ‫عليه امريكا‪.‬‬ ‫وتعود اول تجربة ناجحة لها يف هذا‬ ‫االطار اىل املانيا ما بعد الحرب العاملية‬

‫الثانية‪ .‬كبلد يضم قومية واحدة ومن‬ ‫املنظار االقتصادي كان متهيئا إلعادة‬ ‫الرتميم واالعامر‪ .‬كانت فرصة وتجربة‬ ‫ذهبية انتهت بتنفيذ خطة ناجحة‪.‬‬ ‫ومتت اعادة النجاح نفسه يف كل من‬ ‫اليابان وكوريا الجنوبية‪.‬‬ ‫وبعيدا عن الحديث عن مصري البلدان‬ ‫األخرى‪ ،‬وبعد سقوط صدام‪ ،‬تعرضت‬ ‫تجربة صناعة الشعب –الدولة‬ ‫االمريكية اىل الفشل بشكل واضح‬ ‫يف العراق‪ .‬واالسباب ليست قليلة‬ ‫ولكن اوضحها للعيان‪ ،‬هي انه ال‬ ‫الشعب العراقي يشبه الشعب االملاين‬ ‫وال املشكالت االجتامعية والقومية‬ ‫واملذهبية والتاريخية والداخلية لديه‬ ‫مشابهة ملا هو الوضع يف املانيا ايضا‪.‬‬ ‫ومل يصبح العراق املانيا الرشق ولكنه‬ ‫فقد ايضا االمان الذي كان موجودا يف‬ ‫العهد الدكتاتوري‪ .‬مبعنى ان امريكا‬ ‫انقذت الشعب من سيطرة نظام‬ ‫دكتاتوري ولكنها مل تستطع الحفاظ‬ ‫عىل االمن النسبي الذي فرضه النظام‬ ‫السابق بقوة النار والحديد‪ .‬واالن‬ ‫العراق ال يعيش حالة عدم االستقرار‬ ‫الداخيل فقط بل ان مصريه املجهول‬ ‫يشكل تهديدا عىل املنطقة ومستقبل‬ ‫الرشق االوسط بأكمله‪ .‬لقد رصفت‬ ‫امريكا مئات مليارات الدوالرات من‬ ‫دون ان تحقق حتى عالقة طيبة بني‬ ‫السنة والشيعة والكورد والعرب او‬ ‫حكومة ملتزمة بأسس الدميقراطية‬ ‫والفدرالية‪.‬‬ ‫العراق ليس جمهورية اسالمية بشكل‬ ‫رسمي كام حصل ذلك عام ‪ 1947‬يف‬ ‫الباكستان التي اطلقت عىل نفسها‬

‫التجربة االمريكية بين العراق والمانيا‬ ‫علي حسني فيلي‬ ‫االسالمية وبعدها يف عام ‪ 1960‬يف‬ ‫موريتانيا ويف نهاية السبعينيات يف‬ ‫ايران‪ .‬ولكن القوانني العراقية وضعت‬ ‫وفقا للرشيعة االسالمية والزالت كلمة‬ ‫الله اكرب مكتوبة عىل علمه‪ ،‬وواضح‬ ‫بشكل جيل ان البديل القوي لألجندة‬ ‫والفكر االمرييك لعراق ما بعد البعث‬

‫بعيدا عن املشكالت القومية‪ ،‬هو‬ ‫النفوذ االسالمي بجبهتيه الشيعية‬ ‫والسنية‪.‬‬ ‫لقد تعهد االسالميون ان يحولوا هذا‬ ‫البلد اىل جنة عىل االرض‪ ،‬ولكن‬ ‫الذي نشاهده هي جهنم‪ .‬فكان مثن‬ ‫املكتسبات واالوضاع هو فقط غفلة‬

‫املواطنني عام يخبأه لهم مستقبلهم‪.‬‬ ‫بواضح القول‪ ،‬ان مشكالت هذا البلد‬ ‫ليست وليدة املايض فقط‪ .‬فالذين‬ ‫يبحثون يف االحداث يرون ان كل‬ ‫االتفاقيات السياسية تربم خلف‬ ‫االبواب املغلقة ولكن جميع الجرائم‬ ‫تقرتف يف وضح النهار‪.‬‬

‫ان جيش امريكا والحلفاء وبعيدا عن‬ ‫تسميته بجيش االحتالل مل يرتكب‬ ‫معشار ما ارتكبه العراقيون انفسهم‬ ‫من االعتداءات والجرائم ضد عرض‬ ‫وحرمة هذا الشعب‪ .‬فقد تسبب‬ ‫املسلم بترشيد املسلم وفقدان مصريه‬ ‫وتدمري منزله وليس الجيش االجنبي‪.‬‬ ‫يف السنوات املاضية‪ ،‬واثناء املعارك‬ ‫والحروب‪ ،‬وقعت فتيات ونساء‬ ‫هذا البلد تحت تهديد الجار ونظراء‬ ‫الدين والقومية ومواطني البلد نفسه‬ ‫وليس االجنبي‪ ،‬والحكومة يف مقابل‬ ‫هكذا تجاوزات معروفة بسكوتها‬ ‫املؤمل‪ ،‬وقليال ما تتحدث عن مصري‬ ‫االطفال االبرياء املولودين نتيجة تلك‬ ‫التجاوزات‪ .‬يف البلدان االخرى‪ ،‬يعترب‬ ‫الكذب جرمية كبرية ولكن االعرتاف‬ ‫تحت واقع التعذيب باطل‪ .‬يف العراق‬ ‫الكذب خطيئة ولكنه ليس جرما‪.‬‬ ‫ومن املمكن ان يعرتف الربيء بجرم‬ ‫مل يقرتفه تحت طائلة التعذيب‪ .‬يف‬ ‫معظم دول العامل يعد التهديد جرما‪،‬‬ ‫اما يف العراق فيعد التهديد مبعثا‬ ‫للتفاخر‪.‬‬ ‫التنبؤ باملستقبل امر غري ممكن‪،‬‬ ‫ولكن الوضع الحايل هكذا؛ من اجل‬ ‫منع تدهور السمعة اصيب املجتمع‬ ‫العراقي بوهم تربير جرامئه! تجاه‬ ‫أي اصالح‪ ،‬فان واريث املايض اصبحوا‬ ‫معارضة ويف قبالة اخطائهم باألمس‬ ‫اصبحوا مشتيك اليوم‪ .‬وبأداة الضغط‬ ‫يف هذه الدنيا‪ ،‬ذريعة الشفاعة يف‬ ‫االخرة‪ ،‬ينتقمون لخيباتهم‪ .‬من‬ ‫الطبيعي‪ ،‬فان تهديد هذا الجيل‬ ‫وحتى مستقبل هذه البالد لن ينتهي‪.‬‬ ‫‪63‬‬

‫العدد ‪ 183‬السنة الخامسة عشر (شـــباط) ‪2019‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.