العـدد "مـئتـــان واحد عشر" من مجلة فيلي

Page 1

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪1‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬ ‫مناجاة لكل ايام هذا البلد‬

‫العراقيون بين فضاءات‬ ‫الشارع وتقنية الشبكات‬

‫‪34‬‬ ‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE ,MEDIA FOR FAILY KURD‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫‪6‬‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬

‫‪211‬‬ ‫السـنـة الســـابـعــة عـشـر‬ ‫تمــوز ‪ /‬يولـــــيو ‪2021‬‬

‫هيئة التحرير‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬ ‫صادق االزرقي‬ ‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬

‫رقم االعتماد في‬ ‫نقابة الصحفيين العراقيين ‪1016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب‬

‫خروج أمريكا أو التحالف الدولي‬ ‫مستقبل إقليم كوردستان سياسيا واقتصاديا‬

‫‪20‬‬

‫‪42‬‬

‫تأسيس االحزاب الجديدة في العراق‬ ‫غموض في التكاليف‬ ‫ومصادر اموال متعاظمة‬

‫نظرة امريكية من كربالء‪..‬‬ ‫متداع في العراق‬ ‫الى مشهد‬ ‫ٍ‬

‫المقال االفتتاحي‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫عــى صعيــد الحالــة املعنويــة والروحيــة‪،‬‬ ‫وليــس عــى مســاحة شــبكات التواصــل‬ ‫االجتامعــي وال عــى ســجادة مــا يســمى‬ ‫باإلميــان‪ ،‬نحتــاج اىل الدعــاء واملناجــاة‬ ‫الخاصــة باأليــام واملناســبات الخاصــة‪،‬‬ ‫والحقيقــة التــي ال ميكــن اخفاؤهــا هــي‬ ‫أن اللــه ال يغــر مصــر أي شــعب إ ّال إذا‬ ‫ســعى ذلــك الشــعب لتغيــره‪ ،‬ولكــن‪..‬‬ ‫عــن أيــة انتخابــات نتحــدث‪ ،‬عندمــا‬ ‫تكــون العمليــة السياســية والوعــود‬ ‫والقــرارات تفــ ّرخ التخلــف وبــدال مــن‬ ‫الســعي للخــاص مــن الوضــع يقــال‬ ‫«فلنعمــل عــى التعايــش مــع املعانــاة!‬ ‫يجــب أن نســتفيد مــن الكــوارث مثــل‬ ‫املقاولــن وكتجــار الحــروب‪ ،‬نســتلذ مــن‬ ‫الخــراب»‪.‬‬ ‫بلــد ال يحتــاج اىل التقييــس والســيطرة‬ ‫النوعيــة‪ ،‬وضــع ســيايس هــادئ واوضــاع‬ ‫غــر مســتقرة اجتامعيــا وأمنــه مفقــود؛‬ ‫مــن الطبيعــي أن يصــاب بــكل األم ـراض‬ ‫والعلــل وطبيعــي أَ ّل يســتغني املواطــن‬ ‫عــن خــط املولــدة والســحب و‪ ..‬النــه‬ ‫يــدرك ان الكهربــاء العامــة ليســت محــل‬ ‫ثقــة‪ .‬ال احــد يتعــب نفســه باالنتبــاه‬ ‫لنوعيــة الســلع التــي تدخــل أســواق‬ ‫البلــد ألنــه لــن يقــال كيــف اتــت‬ ‫ومــن أيــن وكيــف تــم حفظهــا؟ ســنويا‬ ‫تلحــق الســلع الســيئة خســائر بعــرات‬

‫‪2‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫االنظار تتجه الى حكم عسكري‬

‫والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪78‬‬

‫مشروع الكاظمي‬ ‫لتوزيع االراضي‬

‫قانون الجرائم المعلوماتية‬ ‫تداعيات موعد اإلقرار‬ ‫والخشية من ضياع الحربات‬

‫في هذا العدد‬ ‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫املليــارات وتصيــب مئــات االالف مــن‬ ‫االشــخاص مبختلــف األمــراض واالوبئــة‪،‬‬ ‫ومــا زال النــاس راضــن بهــذه األوضــاع‬ ‫وبتلــك األفــكار الســمجة التــي تقــول‬ ‫ان جســم االنســان العراقــي يتحمــل كل‬ ‫يشء!! ولكــن يف العــامل الحقيقــي فــإن‬ ‫حياتــه مصابــة مبختلــف األزمــات النفســية‬ ‫والروحيــة‪.‬‬ ‫عندمــا يقبــع هــذا الشــعب تحــت تأثــر‬ ‫الدعايــات الكاذبــة واآلمــال التــي ال‬ ‫معنــى لهــا ‪ ،‬ســيصاب بالحــرة وســيدفع‬ ‫مثــن الخســائر املتنوعــة؛ فــا هــو الحــدود‬ ‫بــن األمــل الحقيقــي والخيــال والوهــم؟‬ ‫االهــداف الكبــرة يف املجتمــع ليســت‬ ‫مرتبطــة باملســاعي والكفــاح الــذي يبذلــه‬ ‫األفــراد فالنظــام االجتامعــي لــه دوره‬ ‫للوصــول لتلــك اآلمــال‪ .‬اآلن يــرى الشــعب‬ ‫دنيــاه يف ظــام وهــو آيــس مــن تحســن‬ ‫امالــه يف االوضــاع‪ ،‬ومــع انــه حــي اال انــه‬ ‫يســلم قلبــه لآلمــال واألســاطري الخياليــة‪،‬‬ ‫ذنــب مــن هــذا الــذي يحصــل؟‬ ‫فمثــا لــو ان وســائل االعــام العراقيــة‬ ‫تســعى ملســح األمــل الــذي ال أســاس لــه‬ ‫والكــذب مــن ذهــن املواطــن‪ ،‬فــإن الفــرد‬ ‫ســيتمكن مــن الخــاص مــن الجمــود‪،‬‬ ‫حتــى أنــه ســيتمكن مــن االبتعــاد عــن‬ ‫اعــادة كتابــة الهزائــم املســتمرة؛ اعتــادا‬ ‫عــى النفــس وعــى ادىن قــدر مــن األمــل‪.‬‬

‫والــيء الــذي ابتــي بــه العــراق اليــوم‬ ‫و الكــدح والكارثــة والــذي يحتــاج إليــه‬ ‫التعاطــف القلبــي الــذي يســبق ارضيــة‬ ‫للتمســك بأمــل واقعــي‪ ،‬فحينهــا يكــون‬ ‫ألي انكســار او هزميــة يف هــذا البلــد‬ ‫عـرات الذرائــع التــي تفــوح منهــا رائحــة‬ ‫الكــذب‪ ،‬طبيعــي يف مامرســة السياســة ان‬ ‫يكــون هنــاك أشــخاص كــر يســتمرون يف‬ ‫الرتاجــع عــن كل الوعــود واملســؤوليات‪.‬‬ ‫االمــل ليــس مبعنــى الرتابــط القلبــي‬ ‫والوعــود والعهــود الفارغــة والعميــاء‬ ‫والســر نحــو الــراب‪ .‬رصفــت الباليــن‬ ‫مــن الــدوالرات عــى البنــى االقتصاديــة‪،‬‬ ‫والصحــة والرتبيــة وال يظهــر يف االفــق‬ ‫اي معلــم لتلــك البنــى‪ .‬بوجــود عــرات‬ ‫األح ـزاب والتيــارات السياســية بــدال مــن‬ ‫الحديــث عــن االنتخابــات والكــوارث‬ ‫السياســية واألمنيــة‪ ،‬يتوجــب أن يتــم‬ ‫اســتحضار تلــك الصيــغ مــن العمــل التــي‬ ‫تقربنــا مــن األهــداف (العمــل املشــرك‬ ‫الصميمــي والواعــي)‪.‬‬ ‫مــن الناحيــة املعنويــة والروحيــة نحتــاج‬ ‫اىل الدعــاء والرجــاء الــذي ليــس خاصــا‬ ‫بيــوم معــن او مناســبة خاصــة‪ .‬الحقيقــة‬ ‫غــر القابلــة لإلنــكار هــي أن اللــه ال يغــر‬ ‫مصــر أي شــعب إ ّال اذا ســعوا بانفســهم‬ ‫للتغيــر‪.‬‬

‫االسكان في العراق‬

‫‪58‬‬

‫مهمة التوطين‬ ‫المستحيلة‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪3‬‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫التاريخ‬ ‫لن ينسى ابادة البارزانيين‬ ‫يونس حمد‬

‫فـــي أواخـــر تمـــوز‪ /‬يوليـــو ‪ 1983‬أي قبل‬ ‫ثمانيـــة وثالثيـــن عامـــاً‪ ،‬نفـــذت قـــوات‬ ‫النظام الســـابق أكبر إبـــادة عملية جماعية‬ ‫عندما شـــنت هجوم ًا على مخيمـــات الكورد‬ ‫البارزانييـــن العـــزل في قصبتي قوشـــتبة‬ ‫وحريـــر وبعض المخيمات القســـرية األخرى‪.‬‬

‫تركــت هــذه األحــداث آثــا ًرا مؤملــة‬ ‫مل تســتطع تحملهــا‪ .‬حــارصت آليــات‬ ‫عســكرية بلــدة القــوش تبــه بالكامــل‬ ‫ومنعــوا أي شــخص مــن دخولهــا‪ ،‬وبــدأت‬ ‫البلــدة الصغــرة تــن بالســيارات واالرتــال‬ ‫العســكرية التابعــة للقــوات الخاصــة يف‬ ‫ذلــك الوقــت‪ ،‬وبعــد ذلــك‪ ،‬يف غضــون‬ ‫ســاعات‪ ،‬تــم إبــادة أكــر مــن مثانيــة آالف‬ ‫بــارزاين يف صحــراء جنــوب العــراق‪ ،‬ومل‬ ‫يتوقــف األمــر عنــد هــذا الحــد‪ ،‬بــل نقــل‬ ‫الجيــش الســكان إىل معســكرات االعتقــال‬ ‫وتهجريهــم‪ ،‬حيــث اعتــادت املدنيــن‬ ‫البارزانيــن هنــاك أقــى أشــكال التعذيــب‬ ‫دون توقــف‪ ،‬وكانــت صحــراء (عرعــر)‬ ‫مــن بــن معســكرات االعتقــال‪ ،‬حيــث كان‬ ‫اآلالف مــن الذيــن كانــوا هنــاك ماتــوا‪.‬‬ ‫نعــم كانــت تلــك األيــام الصعبــة يجــب‬ ‫أال ننــى تلــك اإلبــادة الجامعيــة بهــذه‬ ‫الســهولة قــد يــؤدي اســتخدام القــوات‬

‫‪4‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫العســكرية ضــد املدنيــن العــزل ويف‬ ‫املعســكرات إىل تصعيــد التوتــرات الجيــو‬ ‫ســيايس والعســكرية ويقلــل مــن قيمــة‬ ‫الذاكــرة التاريخيــة لإلبــادة الجامعيــة مثــل‬ ‫إبــادة البارزانيــن‪ ،‬مــا يعيــق القــدرة‬

‫عــى منــع اإلبــادة الجامعيــة يف املســتقبل‪.‬‬ ‫يجــب عــى األمــم املتحــدة أن متــارس‬ ‫حــس املســؤولية يف إطــاق تهمــة اإلبــادة‬ ‫الجامعيــة ضــد الفاعلــن‪.‬‬ ‫كانــت هــذه هــي الحملــة الكــرى ضــد‬

‫الكــورد الذيــن كانــوا يعيشــون يف جــو مــن‬ ‫الفقــر وكثــر منهــم كان يعمــل لكســب‬ ‫لقمــة العيــش اليوميــة‪ ،‬وكانــت قبلهــا‬ ‫هنــاك العديــد مــن العمليــات‪ ،‬مــن بينهــا‬ ‫مجــازر بحــق الكــرد الفيليــن قبــل ســنوات‬ ‫مــن ابــادة البارزانيــن‪ ،‬وعبــارة «حملــة‬ ‫األنفــال»‪ .‬ضــد املواطنــن العــزل يف مناطــق‬ ‫كرميــان و بهدينــان ومناطــق أخــرى‪ .‬تــم‬ ‫ايضــا إبادتهــم يف هــذه الحملــة باســتخدام‬ ‫األســلحة الكيامويــة وغــاز الخــردل ‪،‬وكذلــك‬ ‫اســتخدام أنــواع مــن غــازات األعصــاب‬ ‫والعديــد مــن املــواد املعــرف بهــا محظــورة‬ ‫دول ًيــا كــا حصــل يف بلــديت حلبجــة و‬ ‫باليســان‪ ،‬واســتخدم هــذه الغــازات‬ ‫بقيــادة عــي حســن املجيــد املعــروف‬ ‫باســم عــي الكيــاوي‪ ،‬القيــادي يف حــزب‬ ‫البعــث ووزيــر الدفــاع العراقــي يف تلــك‬ ‫الحملــة‪ .‬وبلــغ عــدد القتــى يف تلــك اإلبــادة‬ ‫الجامعيــة أكــر مــن ‪ 180‬ألــف شــخص‪.‬‬ ‫مــن وجهــة نظــر القانــون الــدويل‪ ،‬فــإن‬ ‫إبــادة البارزانيــن هــي إبــادة جامعيــة‬ ‫بحتــة والتاريــخ لــن ينــى تلــك الجرميــة‬ ‫البشــعة‪ ،‬ألنهــا يف مــواد القوانــن الدوليــة‬ ‫التــي تخفــي األشــخاص قــراً وتعتقــل‬ ‫أو تختطــف األشــخاص مــن قبــل دولــة‬ ‫أو جامعــة مســلحة‪ ،‬ثــم ترفــض االعــراف‬ ‫حرمــان هــؤالء مــن حريتهــم أو تقديــم‬ ‫معلومــات عــن مصريهــم أو أماكــن‬ ‫وجودهــم‪ ،‬ناهيــك عن أن مصــر اآلالف من‬ ‫هــؤالء األشــخاص اليــزال مجهــو ًال بســبب‬ ‫إبادتهــم يف الصحـراء واملناطــق النائيــة‪ .‬بعد‬ ‫كل هــذه اآلفــات والويــات التــي لحقــت‬ ‫بالشــعب الكــوردي مــن قبــل االنظمــة‬ ‫الواحــدة تلــو األخــرى ‪ ،‬لكــن الحكومــات‬ ‫بعــد ‪ 2003‬مل تســتفد مــن الــدروس وعــر‬ ‫املــايض‪ ،‬اتخــذت إج ـراءات مامثلــة بقطــع‬ ‫املعاشــات املوظفــن واملوازنــة بحجــج‬ ‫وذرائــع وهميــة وكاذبــة‪ ،‬وأحيا ًنــا بالهجــوم‬ ‫املســلح عــى الكــورد كــا حــدث يف ترشيــن‬ ‫األول اكتوبــر ‪.2017‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪5‬‬


‫فـــ‬

‫كورديــــــات‬

‫خروج أمريكا أو التحالف الدولي‬

‫مستقبل إقليم كوردستان سياسيا واقتصاديا‬

‫يســير اقليــم كوردســتان العــراق علــى خطى حثيثة لتأســيس‬ ‫حيــاة الئقــة تليــق بســكانه‪ ،‬ويالحــظ هنــا البــون الشاســع بيــن‬ ‫مجريــات البنــاء فــي المــدن الكورديــة فــي االقليــم والحالــة‬ ‫البائســة التــي تعانيهــا مــدن وســط وجنوبــي العــراق ‪...‬‬ ‫فيـــلي‬

‫‪6‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫ويــرى كثــر مــن املراقبــن ان مــن االســلم‬ ‫ان يبعــد االقليــم نفســه عــن الرصاعــات‬ ‫السياســية املتواصلــة يف العــراق‪ ،‬الســيام‬ ‫مــا يتعلــق منهــا بالن ـزاع االي ـراين االمريــي‬ ‫وتداعياتــه يف املنطقــة واالقليــم؛ واثــر‬ ‫الجــدل املحتــدم بشــأن بقــاء القــوات‬ ‫االمريكيــة والتحالــف الــدويل يف العــراق‬ ‫مــن عدمــه يظهــر االقليــم بديــا محتمــا‬ ‫لتواجــد قــوات امريكيــة بحســب آراء‬ ‫كثــرة‪ .‬ويــرى الدكتــور إيريــك بوردنكــررش‬

‫الباحــث االكادميــي يف «مركــز تنميــة الــرق‬ ‫األوســط» التابــع لجامعــة لــوس أنجلــوس‬ ‫كاليفورنيــا يف امريــكا‪ ،‬ان الحكومــة يف‬ ‫بغــداد اثبتــت عــدة مــرات أنهــا ليســت‬ ‫رشي ـ ًكا موثو ًقــا للواليــات املتحــدة بإهــال‬ ‫واجباتهــا األساســية‪ ،‬مبــا يف ذلــك عجزهــا عن‬ ‫حاميــة املوظفــن األمريكيــن املتواجديــن يف‬ ‫العــراق‪ ،‬ويتوصــل اىل مجموعــة توقعــات‬ ‫تتعلــق بالقـرارات األمريكيــة املرتقبــة بهــذا‬ ‫الصــدد‪ ،‬ومنهــا انهــاء التواجــد العســكري‬

‫األمريــي يف الع ـراق‪ ،‬ويقــول بهــذا الشــأن‬ ‫انــه ميكــن أن يتجــى هنــا وعــد الرئيــس‬ ‫االمريــي الســابق دونالــد ترامــب يف‬ ‫خفــض عديــد القــوات يف الخــارج وتج ّنــب‬ ‫الخــوض يف املزيــد مــن الرصاعــات يف‬ ‫الــرق األوســط يف حــال اســتمرار العنــف‬ ‫ضــد أهــداف أمريكيــة؛ حتــى ان الرئيــس‬ ‫ّ‬ ‫الجديــد جــو بايــدن واصــل السياســة ذاتهــا‬ ‫والدليــل انســحاب القــوات االمريكيــة‬ ‫مــن افغانســتان‪ ،‬ويســتدرك ان مــن شــأن‬ ‫انســحاب الواليــات املتحــدة مــن العــراق‬ ‫ـد إي ـران ووكالئهــا بالجــرأة ويشــكك‬ ‫أن «ميـ ّ‬ ‫بالعــزم األمريــي عــى الصعيديــن اإلقليمــي‬ ‫والــدويل ويســفر عــى األرجــح عــن عــودة‬ ‫داعــش»‪.‬‬ ‫ويتوقــع املحلــل خيــارا آخــر قــال عنــه انــه‬ ‫وســطي ال يــزال قامئًــا؛ إذ ميكــن للواليــات‬ ‫املتحــدة أن تخفــض بشــكل ملحــوظ‬ ‫تواجدهــا يف بغــداد مــن دون االنســحاب‬ ‫مــن املنطقــة عــن طريــق توطيــد عالقتهــا‬ ‫مــع حكومــة إقليــم كوردســتان العــراق‪،‬‬ ‫وبحســب قولــه‪ :‬مــن شــأن تعزيــز عالقتنــا‬ ‫العســكرية برشيــك موثــوق أن يعـ ّوض عــن‬ ‫وجــود أمريــي محــدود يف املنطقــة ّ‬ ‫وميكــن‬ ‫الواليــات املتحــدة مــن أجــل الســعي إىل‬ ‫تحقيــق أهدافهــا يف املنطقــة وأن يضعــف‬ ‫الحكومــة املواليــة إليــران يف بغــداد‪،‬‬ ‫بحســب قولــه‪.‬‬ ‫ويضيــف الباحــث االمريــي‪ ،‬ان توطيــد‬ ‫العالقــة األمريكيــة ‪ -‬الكورديــة وتعزيــز‬ ‫التواجــد العســكري يف كوردســتان العــراق‬ ‫يتيــح للواليــات املتحــدة الحفــاظ ظاهر ًيــا‬ ‫عــى التزامهــا بـــ «التحالــف العاملــي لهزميــة‬ ‫تنظيــم داعــش‪ ،‬كــا «يخــ ّول تواجــد‬ ‫عســكري متزايــد يف كوردســتان الواليــات‬ ‫املتحــدة مامرســة ضغــوط قصــوى عــى‬ ‫الحكومــة اإليرانيــة وميليشــياتها إىل حــن‬ ‫التوصــل إىل اتفــاق نــووي أكرث شــمولي ًة‪ ،‬ويف‬ ‫نهايــة املطــاف‪ ،‬ســرحب حلفــاء الواليــات‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪7‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫قـــد تدفع عالقـــة متينة‬ ‫مـــع حكومـــة إقليـــم‬ ‫كوردســـتان واإلبقاء على‬ ‫تواجد القوات األمريكية‬ ‫علـــى المـــدى الطويل‬ ‫بأمريكا إلـــى النظر في‬ ‫نهايـــة المطـــاف فـــي‬ ‫االعتراف رســـميًا بدولة‬ ‫كورديـــة‪ ،‬وهـــو هـــدف‬ ‫لطالما ســـعى الشـــعب‬ ‫الكوردي إلـــى تحقيقه‪..‬‬

‫املتحــدة‪ ،‬عــى غ ـرار الســعودية واإلمــارات‬ ‫العربيــة املتحــدة وإرسائيــل بهــذا التطـ ّور يف‬ ‫أعقــاب االنســحاب مــن بغــداد»‪ ،‬عــى حــد‬ ‫وصــف الباحــث‪.‬‬ ‫وبحســب املراقبــن وبالعــودة اىل التاريــخ‬ ‫القريــب‪ ،‬فــان املســؤولني األمريكيــن مل‬ ‫يؤيــدوا حكومــ َة إقليــم كوردســتان ســابقاً‬ ‫ابــان اجــراء االســتفتاء عــى االســتقالل‪،‬‬ ‫ومقابــل ذلــك عجــزوا عــن إقنــاع الكــورد‬ ‫التوصــل إىل حــلّ‬ ‫بأنهــم يســتطيعون‬ ‫ّ‬ ‫توافقــي بــن حكومــة إقليــم كوردســتان‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫وبغــداد بشــأن الخالفــات الراســخة‪ ،‬وزعمــوا‬ ‫أيضــاً‪ ،‬أن االســتفتاء يــؤ ّدي إىل مخاطــر ال‬ ‫تســتطيع الواليــات املتحــدة الســيطرة‬ ‫عليهــا؛ يف املقابــل‪ ،‬أعربــت القيــادة‬ ‫الكوردســتانية عــن خيبــة أملهــا إزاء مــا‬ ‫عدتــه ال مبــاالة وإهــال أمريك َّيــن‪ ،‬وعــد‬ ‫الــرأي العــام الكــوردي «إذعــان» واشــنطن‬ ‫خذالنــا لهــم‪ ،‬وبرغــم قـرار واشــنطن بدعــم‬ ‫بغــداد‪ ،‬ال ت ـزال الواليــات امل ّتحــدة بحاجــة‬ ‫إىل حكومــة إقليــم كوردســتان كحليــف لهــا‬ ‫يف العـراق واملنطقــة‪ ،‬فمــن دون مســاعدتها‪،‬‬

‫تخاطــر واشــنطن بخســارة مواقعهــا يف‬ ‫الع ـراق والســاح إلي ـران بإحــكام قبضتهــا‬ ‫عــى البــاد‪ ،‬بحســب الباحثــن و مصــادر‬ ‫قــرار امريكيــة‪.‬‬ ‫وبحســب توقعــات املراقبــن فــان‬ ‫االنســحاب االمريــي و التحالــف الــدويل‬ ‫لــو جــرى‪ ،‬وتعزيــز العالقــات مــع قيــادة‬ ‫االقليــم لــو صدقــت النيــة االمريكيــة ســيأيت‬ ‫بثــاره عــى صعيــد الوضــع االقتصــادي يف‬ ‫االقليــم وحتــى الســيايس‪ ،‬فيتعــزز بذلــك‬ ‫دور املؤسســات يف االقليــم وســيمتلك‬

‫خصوصيتــه وحريتــه املطلوبــة لتحقيــق‬ ‫مصالــح ســكانه بعيــدا عــن حســابات‬ ‫تــوازن القــوى املهلــك يف بغــداد بــن مصادر‬ ‫القــرار االمريكيــة وااليرانيــة‪ ،‬كــا يتعــزز‬ ‫بذلــك الــدور املســتقل القتصــاد محافظــات‬ ‫االقليــم‪ ،‬وتســارع اىل تطويــر وتحديــث‬ ‫بناهــا التحتيــة‪.‬‬ ‫املايض القريب ومسعى التصحيح‬ ‫كان مراقبــون ومحللــون قــد اشــاروا يف‬ ‫اوقــات ســابقة اىل ان العالقــات األمريكيــة‬ ‫مــع إقليــم كوردســتان العـراق تلقــت رضب ًة‬

‫موجعــة يف أعقــاب اســتفتاء االســتقالل‬ ‫الكــوردي عــام ‪ ،2017‬فشــ ّنت قــ ّوات‬ ‫الجيــش العراقــي‪ ،‬مبــؤازرة املجاميــع التابعة‬ ‫لقــوات الحشــد الشــعبي‪ ،‬هجومــاً عــى‬ ‫قـ ّوات البيشــمركة يف كركــوك املتنــازع عليهــا‬ ‫مــع اســتكانة الواليــات املتحــدة االمريكيــة؛‬ ‫وحاولــت الحكومــة العراقيــة‪ ،‬التــي تعتمــد‬ ‫بشــكل كبــر عــى النفــط لتأمــن االســتقرار‬ ‫االقتصــادي والســيايس‪ ،‬االســتيال َء عــى‬ ‫ّ‬ ‫تشــكل محافظــة حيويــة‬ ‫كركــوك التــي‬ ‫قــدر أنّهــا تحــوي نحــو ‪9‬‬ ‫اســراتيجياً ُي َّ‬ ‫مليــارات برميــل مــن االحتياطــات النفطيــة‪،‬‬ ‫فيــا قــال منتقــدو الصمــت االمريــي‬ ‫عــن افعــال الحكومــة العراقيــة‪ ،‬أنــه عــر‬ ‫اإلذعــان لهجــوم بغــداد عــى كركــوك‪،‬‬ ‫ع ـ ّززت الواليــات املتحــدة عــن غــر قصــد‬ ‫قـ ّوة امليليشــيات املدعومــة مــن إيـران التي‬ ‫هيمنــت عــى املجــال األمنــي يف العــراق‬ ‫منــذ انهيــار الق ـ ّوات املســلحة العراقيــة يف‬ ‫العــام ‪ ،2014‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫وهــم يــرون ان خيــارات الواليــات املتحــدة‬ ‫مــن حيــث الــركاء يف العــراق ليســت‬ ‫كثــرة‪ :‬فالفصائــل يف النخبــة السياســية‬ ‫الراغبــة يف العمــل مع واشــنطن إمــا ضعيفة‬ ‫مهمــة‪ ،‬ومتيــل أقــوى األحـزاب‬ ‫جــداً أو غــر ّ‬ ‫والفصائــل إىل التحالــف مــع إيــران؛ أمــا‬ ‫املجموعــة الوحيــدة القويــة التــي برأيهــم‬ ‫لهــا القــدرة عــى مناهضــة إيـران اذا ارادت‬ ‫فيقودهــا مقتــدى الصــدر‪ ،‬وهــو عــى رأس‬ ‫التيــار الــذي يتبنــى تقليدي ـاً خطاب ـاً قومي ـاً‬ ‫عراقيــاً قويــاً‪ ،‬إال أنّ التيــار مــيء جــداً‬ ‫لغايــات الواليــات املتحــدة‪ ،‬وهنــا يــأيت دور‬ ‫حكومــة إقليــم كوردســتان‪ ،‬بحســب قولهم‪،‬‬ ‫فــإذا كانــت واشــنطن جــا ّدة بشــأن تحقيــق‬ ‫االســتقرار يف العـراق‪ ،‬ينبغــي عليهــا إصــاح‬ ‫عالقاتهــا مــع الكــورد بحســب رأيهــم‪.‬‬ ‫ويــرى بعــض املســؤولني االمريكيــن ان‬ ‫حكومــة إقليــم كوردســتان تؤ ّمــن للواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬العمــقَ االســراتيجي يف بلــد تــزداد‬

‫فيــه هيمنــة الجهــات املعاديــة اللتزاماتهــا‬ ‫وقيمهــا‪ ،‬بحســب تعبريهــم‪ ،‬منوهــن اىل‬ ‫ان عمليــة التصويــت املثــرة للجــدل التــي‬ ‫أجراهــا الربملــان العراقــي إلنهــاء تواجــد‬ ‫القــوات األمريكيــة يف العــراق يبــن ان‬ ‫الحكومــة العراقيــة يف بغــداد خاضعــة‬ ‫لعنــارص مواليــة إليــران‪ ،‬بحســب قولهــم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫«قبــول‬ ‫قائلــن ان هــذا التصويــت يعنــي‬ ‫باســتمرار تواجــد امليليشــيات خارج ســيطرة‬ ‫الدولــة‪ ،‬عــى غ ـرار «كتائــب حــزب اللــه»‪،‬‬ ‫وبالتــايل رغبــة يف تجاهــل ســيادة القانــون»؛‬ ‫وينــوه املراقبــون اىل أن رجــال السياســة‬ ‫العراقيــن مــن العــرب الســ ّنة والكــورد مل‬ ‫يحــروا جلســة التصويــت الربملانيــة‪.‬‬ ‫ويف ظــل مثــل هــذا االنقســام‪ ،‬قــد‬ ‫تدفــع عالقــة متينــة مــع حكومــة إقليــم‬ ‫كوردســتان واإلبقــاء عــى تواجــد القــوات‬ ‫األمريكيــة عــى املــدى الطويــل بأمريــكا إىل‬ ‫النظــر يف نهايــة املطــاف يف االعــراف رســم ًيا‬ ‫بدولــة كورديــة‪ ،‬بحســب املحللــن ومراكــز‬ ‫الدراســات‪ ،‬وهــو هــدف لطاملــا ســعى‬ ‫الشــعب الكــوردي إىل تحقيقــه برأيهــم‪،‬‬ ‫مشــرين اىل ان حكومــة إقليــم كوردســتان‬ ‫نجحــت عــام ‪ 2017‬يف إجــراء االســتفتاء‬ ‫بشــأن االســتقالل بســهولة ولكنهــا عجــزت‬ ‫عــن حشــد دعــم دويل لنتائجــه‪.‬‬ ‫و يعــرب سياســيون امريكيــون عــن رأيهــم‬ ‫مــن انــه بســبب األحــداث التــي تشــهدها‬ ‫الســاحة العراقيــة فأنــه يجــدر بالواليــات‬ ‫املتحــدة أن تفكــر جد ًيــا بالخــروج مــن‬ ‫بغــداد والرتحيــب بخيــار االلت ـزام الشــديد‬ ‫بالتعــاون العســكري مــع حكومــة إقليــم‬ ‫كوردســتان‪ ،‬ومــن املرجــح أن تكــون‬ ‫إعــادة التموضــع االســراتيجي هــذه‪ ،‬التــي‬ ‫متثــل الحــل الوســط بــن البقــاء يف بغــداد‬ ‫والخــروج منهــا‪ ،‬أن يعــود بفائــدة أكــر‬ ‫عــى مصالــح الواليــات املتحــدة يف الــرق‬ ‫األوســط‪ ،‬ويســاعد عــى إرســاء االســتقرار‬ ‫يف املنطقــة أيضً ــا‪ ،‬بحســب ترصيحــات لهــم‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪9‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫بدأت أسهم إجراء االنتخابات‬ ‫العراقية‪ ،‬في موعدها المقترح‬ ‫العاشر من تشرين األول أكتوبر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شيئا فشيء‪ ،‬ككرة‬ ‫آخذة بالنزول‬ ‫الثلج المتدحرجة‪ ،‬حيث توالي‬ ‫االنسحابات والمقاطعات تزيد‬ ‫لهذه االنتخابات المبكرة عن‬ ‫ً‬ ‫أصال‪ ،‬في مشهد يرسم‬ ‫موعدها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجهوال‪ ،‬في بلد‬ ‫سياسيا‬ ‫مشهدا‬ ‫متخم بالمطبات‪.‬‬

‫كرة الثلج تبعثر أحجار الدومينو‬

‫لالنتخابات العراقية‬ ‫فيلي‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪11‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫ورأى خــراء يف املجــال االنتخــايب‪ ،‬ان‬ ‫انســحاب كتــل سياســية مــن املشــاركة‬ ‫باالنتخابــات العراقيــة املقبلــة‪ ،‬ســيؤثر ســلباً‬ ‫عــى إجرائهــا وتأجيلهــا عــن املوعــد املعلــن‪.‬‬ ‫وقــال مديــر املعهــد الكــردي لالنتخابــات‪،‬‬ ‫آرام جــال‪ ،‬يف حديــث ملجلــة «فيــي»‬ ‫«منــذ ســن قانــون االنتخابــات الجديــد‬ ‫كانــت هنــاك ردود أفعــال مــن كتــل‬ ‫سياســية حــول القانــون منهــا مــن رفضتــه‬ ‫ومنهــا مــن طالبــت بتعديلــه»‪.‬‬ ‫وأشــار إىل أن تخــوف الكتــل «ســببه‬ ‫مخــاوف مــن نتائــج االنتخابــات ومــا تكــون‬ ‫عليــه الخارطــة السياســية العراقيــة بعــد‬ ‫فشــل الحكومــات الســابقة‪ ,‬ولهــذا ســرى‬ ‫هنــاك انســحابات اخــرى مــن كتــل سياســية‬ ‫وحتــى كورديــة ولكنهــم ينتظــرون مــن‬ ‫يتقــدم اوال بهــذه الخطــوة»‪.‬‬ ‫واضــاف «كلــا قــرب موعــد االنتخابــات‬ ‫ســتكون هنــاك انســحابات اخــرى خوفــا‬ ‫مــن االفـرازات الجديــدة التــي قــد تكونــت‬ ‫يف ظــل حكومــة الكاظمــي»‪.‬‬ ‫وعــن توقعاتــه بشــأن املشــاركة االنتخابيــة‪،‬‬ ‫قــال جــال «قياســا باالنتخابــات املاضيــة‬ ‫عــام ‪ 2018‬التــي كانــت نســبة املشــاركة‬ ‫ضعيفــة‪ ،‬اعتقــد ان الصــورة غــر واضحــة‬ ‫اآلن وهــل ســتكون املشــاركة كبــرة ام‬ ‫ضعيفــة كســابقتها»‪.‬‬ ‫وبشــأن اجــراء االنتخابــات يف موعدهــا ام‬ ‫ال‪ ،‬اوضــح انــه «ال احــد يعــرف املجهــول‬ ‫فهنــاك قــوى كبــرة مثــل الحكومــة العراقيــة‬ ‫واالمريــكان واملرجعيــة الدينيــة يف النجــف‬ ‫يريــدون اجــراء االنتخابــات يف موعدهــا‬ ‫وهنــاك قــوى اخــرى يف الســاحة العراقيــة‬ ‫تريــد التأجيــل وســيكون هنــاك رصاعــا‬ ‫مســتقبال بــن تلــك القــوى»‪.‬‬ ‫وكان زعيــم التيــار الصــدري‪ ،‬مقتــدى‬ ‫الصــدر‪ ،‬قــد أعلــن يــوم الخميــس ‪15‬‬ ‫متــوز الجــاري‪ ،‬انســحابه مــن املشــاركة‬ ‫يف االنتخابــات النيابيــة املقبلــة‪ ،‬وقــال‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫يف ترصيــح متلفــز تابعتــه وكالــة ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪« ،‬أعلــن ســحب يــدي مــن كل‬ ‫املنتمــن لهــذه الحكومــة الحاليــة والالحقــة‬ ‫وإن كانــوا يدعــون االنتــاء إلينــا آل‬ ‫الصــدر»‪.‬‬ ‫امــا الخبــر يف مجــال االنتخابــات‪ ،‬هــاوري‬ ‫توفيــق‪ ،‬فــرى يف حديثــه للمجلــة «فيــي»‪،‬‬ ‫ان املعطيــات تشــر اىل احتــال تأجيــل‬ ‫االنتخابــات عــن موعدهــا املقــرر‪.‬‬ ‫وقــال «مطالــب املتظاهريــن الشــباب‬ ‫يف العاصمــة بغــداد واملناطــق الجنوبيــة‪،‬‬ ‫اضافــة اىل االف الضحايــا والشــهداء‬ ‫والجرحــى‪ ،‬وكذلــك الظــرف االمنــي‪ ،‬كل‬ ‫هــذه املعطيــات ادت اىل انســحاب الكثــر‬ ‫مــن الشــباب املدنيــن مــن املشــاركة‬

‫الفعليــة يف االنتخابــات خوفــا مــن‬ ‫تعرضهــم لالســتهداف وعــدم اســتطاعة‬ ‫الدولــة حاميتهــم‪ ،‬وكذلــك اختفــاء العدالــة‬ ‫االنتخابيــة والجــو الدميقراطــي»‪.‬‬ ‫وتابــع «انســحاب التيــار الصــدري الــذي‬ ‫ميثــل جــزءاً مــن الشــارع العراقــي تبعــه‬ ‫انســحاب كتــل اخــرى تدريجيــا‪ ,‬وهــو‬ ‫مــؤرش أويل عــى تأجيــل االنتخابــات»‪.‬‬ ‫واضــاف توفيــق «ال اعتقــد ان انســحاب‬ ‫الكتــل مــن املشــاركة يف االنتخابــات ميثــل‬ ‫رضبــة لحكومــة الكاظمــي الن االخــر اكــد‬ ‫عــدم ترشــحه يف االنتخابــات‪ ,‬واعتقــد ان‬ ‫ســبب االنســحابات هــو الخــوف مــن قلــة‬ ‫املشــاركة االنتخابيــة للناخبــن وبالتــايل عدم‬ ‫حــدوث تغيــر يف النظــام الســيايس العراقــي‬

‫وبلــورة وجــود كيــان ســيايس جديــد إلدارة‬ ‫البلــد والخــاص مــن االخفاقــات املتكــررة»‪.‬‬ ‫ويف يــوم الســبت املــايض ‪ 24‬متــوز الجــاري‪،‬‬ ‫أعلــن الحــزب الشــيوعي العراقــي انســحابه‬ ‫مــن االنتخابــات الربملانيــة املقــرر إجراؤهــا‬ ‫يف العــارش مــن ترشيــن االول املقبــل‪.‬‬ ‫وقــال الحــزب يف مؤمتــر صحفــي حرضتــه‬ ‫وكالــة ملجلــة «فيــي»‪ ،‬إن «االجــواء ليســت‬ ‫مناســبة إلجــراء االنتخابــات وهنالــك‬ ‫تخبطــات كثــرة بالعمليــة السياســية»‪،‬‬ ‫مضيفــاً أن «املــال الســيايس والســاح‬ ‫املنفلــت مــا يــزاال يؤثــران عــى اجــراء‬ ‫االنتخابــات»‪.‬‬ ‫بــدوره يــرى النائــب عــن االتحــاد الوطنــي‬ ‫الكوردســتاين‪ ،‬شــروان مــرزا‪ ،‬يف حديثــه‬

‫ملجلــة «فيــي»‪ ،‬ان «االنســحابات لهــا‬ ‫اســباب عــدة منهــا التخــوف مــن النتائــج‬ ‫وعــدم حصــول الكتلــة املنســحبة عــى مــا‬ ‫تطمــح اليــه مــن اصــوات»‪.‬‬ ‫واضــاف «كذلــك التخــوف مــن قلــة‬ ‫املشــاركة االنتخابيــة للمواطــن مثلــا حصــل‬ ‫يف ‪ ,2018‬وهنــاك حديــث عــن احتــال‬ ‫تأجيــل االنتخابات اىل شــهر نيســان ‪.»2022‬‬ ‫واشــار اىل ان «االنســحابات ليــس الهــدف‬ ‫منهــا احـراج حكومــة الكاظمــي ومــا يحــرج‬ ‫الحكومــة حقيقــة هــو إيفاءهــا بالوعــود‬ ‫التــي قطعهــا الكاظمــي قبــل تشــكيل‬ ‫حكومتــه»‪.‬‬ ‫وكذلــك أعلنــت جبهــة الحــوار الوطنــي‬ ‫التــي يتزعمهــا صالــح املطلــك‪ ،‬مقاطعتهــا‬

‫لالنتخابــات الربملانيــة املقــررة يف ترشيــن‬ ‫األول‪/‬أكتوبــر املقبــل‪.‬‬ ‫وقالــت الجبهــة يف بيــان ورد ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬إن «هنــاك حقيقــة بــات يدركهــا‬ ‫الشــعب العراقــي بــان الوضــع الــيء الــذي‬ ‫وصــل اليــه البلــد وعــدم توفــر بيئــة امنــة‬ ‫الجـراء االنتخابــات املبكرة وانتشــار الســاح‬ ‫املنفلــت‪ ،‬كلهــا عوامــل تؤكــد ان ال تغيــر‬ ‫واضــح ســيحصل‪ ،‬وعليــه ولوجــود هــذه‬ ‫القناعــة قــررت الجبهــة عــدم االشــراك يف‬ ‫هــذه االنتخابــات ومل نقــدم اي مرشــح يف‬ ‫اي دائــرة انتخابيــة»‪.‬‬ ‫وبعــد ســاعات مــن إعــان املطلــك‪ ،‬أعلــن‬ ‫املنــر العراقــي التابــع لزعيــم الجبهــة‬ ‫الوطنيــة (مــوج) ايــاد عــاوي‪ ،‬االنســحاب‬ ‫مــن االنتخابــات الربملانيــة‪.‬‬ ‫وقــال نائــب رئيــس املنــر العراقــي القــايض‬ ‫وائــل عبــد اللطيــف يف مؤمتــر صحفــي‬ ‫عقــده يف بغــداد وتــا فيــه بيانــا رســميا‬ ‫بحضــور مراســل وكالــة ملجلــة «فيــي»‪،‬‬ ‫«نعلــن نحــن املنــر العراقــي موقفنــا‬ ‫الصــادق والرصيــح باالنســحاب‪ ،‬ومقاطعــة‬ ‫االنتخابــات»‪.‬‬ ‫وتوقــع «تضــاؤل وتناقــص نشــب املشــاركة‬ ‫الجامهرييــة فيهــا‪ ،‬ولهــذا ســوف تنتــج‬ ‫العمليــة دورة برملانيــة غــر كفــوءة لتحمــل‬ ‫األعبــاء العظيمــة‪ ،‬وســتنتج منهــا حكومــة‬ ‫ضعيفــة‪ ،‬ومســتضعفة مقرونــة بالفســاد‬ ‫والتزويــر»‪.‬‬ ‫واملوعــد الفعــي إلجــراء االنتخابــات‬ ‫الترشيعيــة يف العــراق نيســان ‪،2022‬‬ ‫لكــن نتيجــة احتجاجــات شــعبية حاشــدة‬ ‫بــدأت يف ‪ 2019‬وأســقطت حكومــة عــادل‬ ‫عبداملهــدي‪ ،‬تعهــدت حكومــة مصطفــى‬ ‫الكاظمــي أو ًال بإجــراء االنتخابــات يف‬ ‫حزي ـران مــن العــام الحــايل ‪ ،2021‬قبــل أن‬ ‫يتــم االتفــاق عــى موعــد جديــد يف العــارش‬ ‫مــن ترشيــن األول مــن العــام نفســه إثــر‬ ‫«اقــراح مــن مفوضيــة االنتخابــات»‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪13‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫امريكا افغانستان‬ ‫ليست امريكا العراق‬ ‫انس محمود الشيخ مظهر‬

‫هنــاك حقيقــة ال يمكــن للمراقبيــن إنكارهــا وهــي ان إيــران‬ ‫قــد نجحــت فــي تحقيــق الكثيــر مــن االنجــازات السياســية‬ ‫والميدانيــة فــي المنطقــة مســتفيدة مــن ضعــف الموقفيــن‬ ‫االمريكــي والدولــي تجاههــا خاصــة فــي عهــد ادارة (الضعيــف)‬ ‫بايــدن‪ ،‬وتمكنــت مــن اخــذ زمــام الفعــل فــي الكثيــر مــن‬ ‫الملفــات المهمــة فــي المنطقــة‪ ،‬لتجعــل المجتمــع الدولــي‬ ‫وامريــكا يتحــركان ضمــن مســاحة ردود االفعــال فقــط‪.‬‬ ‫فهــي مــن تبــادر مثــا يف توجيــه مفاوضــات‬ ‫ملفهــا النــووي‪ ،‬بينــا تركــت المريــكا‬ ‫وللغــرب التحــرك وفــق مبادراتهــا وخطواتها‬ ‫يف تلــك املفاوضــات‪ .‬كذلــك نجحــت يف‬ ‫تســخري حركــة طالبــان ملــا يتــاءم مــع‬ ‫مصالحهــا التــي اجــرت امريــكا مؤخــرا‬ ‫لالنســحاب مــن أفغانســتان التــي خاضــت‬ ‫عليهــا حربــا اســتمرت عقديــن‪ .‬كــا ان‬ ‫وضــع امريــكا والغــرب يف الع ـراق وســوريا‬ ‫ولبنــان وموقفهــا الســيايس يف اليمــن‬ ‫ليــس بأفضــل مــن وضعهــا يف افغانســتان‪،‬‬ ‫فقــد اســتطاعت ايــران اخضــاع امريــكا‬ ‫والغــرب الرادة فصائــل بالــكاد نســتطيع‬ ‫اطــاق وصــف املليشــيا عليهــا‪ ،‬جعلــت مــن‬ ‫القواعــد العســكرية االمريكيــة وســفاراتها‬ ‫وقنصلياتهــا اهدافــا ســهلة تصبــح ومتــي‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫عــى قصفهــا يف اهانــة واضحــة لرمــوز‬ ‫الســيادة االمريكيــة‪ ،‬دون ردود عســكرية‬ ‫مــن ادارة (الضعيــف) بايــدن ســوى‬ ‫مامرســة سياســة ضبــط النفــس واالحتفــاظ‬ ‫بحــق الــرد يف هــذا الوضــع املعقــد الــذي‬ ‫وجــدت نفســها فيــه‪.‬‬ ‫لكــن مــا نالحظــه مؤخ ـرا ان اي ـران بــدات‬ ‫تنســاق لنفــس املطــب الــذي تقــع فيــه‬ ‫عــادة انظمــة الــرق االوســط والتــي بعــد‬ ‫ان تحقــق انجــازات سياســية معينــة ينتابهــا‬ ‫شــعور بانهــا تحولــت اىل دولــة عظمــى ال‬ ‫ميكــن مواجهتهــا‪ ،‬فتفقــد توازنهــا الســيايس‬ ‫وتبــدأ بارتــكاب اخطــاء اســراتيجية تــؤدي‬ ‫يف الكثــر مــن االحيــان لنتائــج كارثيــة‬ ‫عليهــا‪.‬‬ ‫فبعــد نجــاح طالبــان يف اخــراج امريــكا‬

‫مــن افغانســتان‪ ،‬تحــاول ايــران االيحــاء‬ ‫ملليشــياتها بانهــا تســتطيع استنســاخ تجربــة‬ ‫االنســحاب االمريــي مــن افغانســتان يف‬ ‫العــراق وســوريا ايضــا‪ ،‬مــع انهــا تعلــم‬ ‫جيــدا االختــاف الكبــر بــن الحالتــن‪ ،‬وبــان‬ ‫مــا انجزتــه طالبــان يف افغانســتان ال ميكــن‬ ‫للفصائــل املســلحة يف العــراق وســوريا‬ ‫انجــازه‪.‬‬ ‫وهكــذا بــدأت طهـران بدفــع تلــك الفصائــل‬ ‫لتجــاوز الخطــوط الحمــراء يف املواجهــة‬ ‫مــع القــوات األمريكيــة‪ ،‬وتكثيــف قصفهــا‬ ‫ملواقــع الجيــش االمريــي وســفارتها‬ ‫وقنصليتهــا يف العــراق ‪.‬‬ ‫وهنــا علينــا ان نتســاءل ‪...‬هــل ان (أمريــكا‬ ‫املؤسســات) تنظــر اىل العــراق وســوريا‬ ‫مثلــا تنظــر ألفغانســتان وهــل ميكــن‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪15‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫اجبارهــا عــى االنســحاب مــن هاتــن‬ ‫الدولتــن كــا فعلــت يف افغانســتان ؟‬ ‫بالنســبة المريــكا فــان افغانســتان هــي‬ ‫خنــدق دفاعهــا االول امــام متــدد الصــن‬ ‫وروســيا وســط وغــرب اســيا ‪ ,‬ومــا يهمهــا‬ ‫هــو تعزيــز ذلــك الخنــدق ســواء بتواجدهــا‬ ‫املبــارش فيــه (كــا كان عليــه الحــال منــذ‬ ‫عرشيــن عــام) او خلــق حالتــن يضمنــان‬ ‫لهــا نفــس الهــدف حتــى يف حــال انســحابها‬ ‫وهــا ‪- :‬‬ ‫الحالــة االوىل ‪ ..‬خلــق فــوىض خالقــة مــن‬ ‫خــال ترســيخ حالــة تــوازن عســكري بــن‬ ‫الحكومــة االفغانيــة الحاليــة وحركــة طالبــان‬ ‫تــؤدي اىل دميومــة الــراع بينهــا بعــد‬ ‫انســحابها ‪ ,‬وتخلــق بــؤرة تهديــد مســتمر‬ ‫ملصالــح دول الجــوار االفغــاين ( الصــن ‪,‬‬ ‫جمهوريــات االتحــاد الســوفيتي القدميــة‬ ‫املدعومــة روســيا‪ ,‬الهنــد ‪ ,‬ايــران)‬ ‫الحالــة الثانيــة‪ ..‬امــا اذا نجحــت طالبــان‬ ‫يف الســيطرة عــى كل افغانســتان ‪ ,‬فــان‬ ‫وجــود نظــام عقائــدي كحركــة طالبــان غــر‬ ‫متجانــس مــع محيطــه االقليمي‪,‬يتبنــى‬ ‫نظريــة الجهــاد املســلح اساســا لبنيتــه‬ ‫الفكرية‪,‬اضافــة اىل وجــود جامعــات متطرفة‬ ‫يف دول الجــوار االفغــاين ‪ ,‬ميكــن لها ان تخلق‬ ‫تهديــدات جديــة لتلــك الــدول وفــوىض‬ ‫خالقــة المريــكا يخــدم نفــس الهــدف ‪.‬‬ ‫لذلــك فاالنســحاب االمرييك من افغانســتان‬ ‫مل يــات اال بعــد ان ضمنــت ان انســحابها‬ ‫لــن يؤثــر عــى اهدافهــا االســراتيجية يف‬ ‫تلــك املنطقــة ‪ ,‬وان خندقهــا االول امــام‬ ‫الصــن وروســيا ســيبقى يــؤدي نفــس‬ ‫الغــرض ســواء بقــت هنــاك او انســحبت ‪..‬‬ ‫فــكان قــرار االنســحاب ‪.‬‬ ‫واذا كانــت افغانســتان تعتــر خنــدق‬ ‫الدفــاع االول المريــكا والغــرب فــان العـراق‬ ‫وســوريا يعتــران خنــدق الدفــاع الثــاين‬ ‫لهــا ‪ ,‬وان كان االنســحاب مــن افغانســتان‬ ‫ينتــج عنــه فــوىض خالقــة المريــكا ‪ ,‬فــان‬ ‫انســحابها مــن العــراق واملنطقــة ســيخلق‬

‫‪16‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫فــوىض هدامــة لهــا وخالقــة ملنافســيها نظـرا‬ ‫لالســباب التاليــة ‪- :‬‬ ‫‪ 1‬بشــكل عــام فــان اثــارة الفــوىض يف‬‫املنطقــة تتعــارض مــع املصلحــة االمريكيــة‬ ‫الغربيــة يف تهديــد امــدادات الطاقــة لهــا‬ ‫‪ ,‬وبالنســبة للعــراق وســوريا فــان الوضــع‬ ‫مهــيء فيهــا اليـران يف مــأ اي فـراغ امنــي‬ ‫او عســكري يخلفــه االنســحاب االمريــي‬ ‫منهــا ‪ ,‬وهــذا ال يصــب يف مصلحــة امريــكا‬ ‫وحلفائهــا يف املنطقــة ‪.‬‬ ‫‪ 2‬االنســحاب االمريــي مــن العــراق‬‫وســوريا يعنــي وصــول الصــن وروســيا اىل‬ ‫ميــاه الخليــج العــريب والبحــر املتوســط ‪,‬‬ ‫مــن خــال تنفيــذ املشــاريع االقتصاديــة‬

‫الســراتيجية املعلقــة بــن الصــن وروســيا‬ ‫وايــران ‪ ,‬خاصــة مــروع طريــق الحريــر‬ ‫الــذي ســربط اســيا مــع شــال اوروبــا‬ ‫عــر خــط ســكيك يبــدا مــن مــواينء جنــوب‬ ‫ايــران اىل روســيا ومنهــا اىل شــال رشق‬ ‫اوروبــا ‪ ,‬او مــن موانــئ جنــوب ايــران اىل‬ ‫العـراق ومنــه اىل ســوريا والبحــر املتوســط‪,‬‬ ‫مــا يعنــي تغيــر جميــع توازنــات االقتصــاد‬ ‫العاملــي اىل صالــح الصــن وروســيا ‪.‬‬ ‫‪ 3‬ســيطرة الصــن وروســيا اقتصاديــا عــى‬‫املنطقــة ســتؤدي اىل ســيطرتهام سياســيا‬ ‫وعســكريا ايضــا ‪ ,‬قــد ينتــج عنهــا اعــادة‬ ‫خارطــة التحالفــات التــي ستنســاق اليهــا‬ ‫معظــم دول املنطقــة‪ ،‬وبذلــك ســينحرس‬

‫النفــوذ االمريــي الســيايس واالقتصــادي‬ ‫والعســكري اىل مــا وراء البحــر املتوســط‬ ‫ليكــون مســاحته اوروبــا فقــط ‪.‬‬ ‫‪ 4‬لــن تســتطيع امريــكا يف حــال انســحابها‬‫مــن العـراق وســوريا االعتــاد عــى تركيــا يف‬ ‫تقديــم خدمــة مــيء الفـراغ ‪ ,‬مثلــا فعلــت‬ ‫يف مطــار كابــول ‪ ,‬فايــة خطــوة تركيــة بهــذا‬ ‫الصــدد ســتعيد للذاكــرة الــراع العثــاين‬ ‫الصفــوي القديــم ‪ ,‬مــا يخلــق لرتكيــا الكثــر‬ ‫مــن املشــاكل التــي هــي يف غنــى عنهــا ‪.‬‬ ‫اضافــة اىل ان الوجــود الــرويس يف ســوريا‬ ‫ســيعرقل قيــام تركيــا بهــذا الــدور نظــرا‬ ‫للمصالــح املشــركة بــن ايــران وروســيا‬ ‫هنــاك ‪.‬‬

‫‪ 5‬االنســحاب االمريــي مــن العــراق‬‫وســوريا يف هــذه الظــروف يهــدد الوجــود‬ ‫املصــري الرسائيــل وهــي الحليفــة‬ ‫االســراتيجية المريــكا يف املنطقــة ‪.‬‬ ‫كــا قلنــا اعــاه فــان ايــران تــدرك ان‬ ‫االنســحاب االمريــي مــن الع ـراق وســوريا‬ ‫هــو هــدف صعــب املنــال ‪ ,‬اال انهــا توحــي‬ ‫للفصائــل املواليــة لهــا امكانيــة تحقيــق ذلك‬ ‫الهــدف ‪ ,‬وتدفعهــا الثــارة الفــوىض التــي‬ ‫تصــب يف مصلحتهــا‪ .‬ان هــذه الفصائــل‬ ‫بعملياتهــا ضــد القواعــد االمريكيــة ال‬ ‫تخــدم فقــط املصالــح االيرانيــة بــل تخــدم‬ ‫املصالــح الصينيــة والروســية ‪ ,‬وهــي اذ‬ ‫تحــاول اخــراج (االحتــال) االمريــي (‬

‫حســب تصورهــا) فهــي تفتــح باملقابــل‬ ‫املجــال امــام احتــال ثــايث مركــب ( اي ـراين‬ ‫صينــي رويس) يف املنطقــة ‪ ,‬مــا يــدل عــى‬ ‫انهــا امــا متورطــة يف عاملــة مركبــة للــدول‬ ‫الثــاث ‪ ,‬او انهــا تعــاين مــن غبــاء ســيايس‬ ‫مركــب ال ينفــع معهــا رؤيــة الحقائــق ‪.‬‬ ‫اذا كيــف ميكــن ان تتعامــل امريــكا مــع‬ ‫تهديــدات هــذه الفصائــل املســلحة لهــا يف‬ ‫العــراق وســوريا ؟‬ ‫مثلــا هــو معــروف فــان ســاح الجــو‬ ‫ليــس مبقــدوره حســم اي رصاع عــى االرض‬ ‫‪ ,‬لذلــك فــان امريــكا تحتــاج اىل عاملــن‬ ‫للقضــاء عــى تهديــد تلــك الفصائــل ‪..‬‬ ‫وهــا ‪- :‬‬ ‫ تشــكيل تحالــف دويل شــبيه بالتحالــف‬‫الــدويل ضــد داعــش يتضمــن الــدول‬ ‫الحليفــة المريــكا ملحاربــة الفصائــل‬ ‫املســلحة يف املنطقــة ‪ ,‬وتشــر التطــورات‬ ‫اىل وجــود مثــل هكــذا توجــه ‪ ,‬مــن خــال‬ ‫االجتــاع الــذي ضــم رئيــس اركان الجيــش‬ ‫الربيطــاين مــع اقرانــه مــن بعــض الدولــة‬ ‫العربيــة قبــل فــرة ‪ ,‬وتاكيــده عــى ان‬ ‫بريطانيــا مســتعدة للدفــاع عــن حلفائهــا‬ ‫يف املنطقــة ضــد اي تهديــد موجــه اليهــم‪.‬‬ ‫اضافــة اىل الترسيبــات التــي تشــر اىل‬ ‫وجــود الجيــش االمريــي يف جنــوب اليمــن‬ ‫والــذي يفــر االنتصــارات االخــرة للجيــش‬ ‫اليمنــي ضــد مليشــيات الحــويث ‪.‬‬ ‫ مثلــا نســقت امريــكا مــع قــوات الجيــش‬‫العراقــي وقــوات البيشــمركة وقــوات‬ ‫قســد يف العــراق وســوريا ملحاربــة تنظيــم‬ ‫داعــش ‪ ,‬فهــي بحاجــة اليــوم اىل قــوة بريــة‬ ‫للقضــاء عــى تهديــد الفصائــل املســلحة يف‬ ‫الدولتــن ‪ ,‬ويف راي فــان االطــراف الثــاث‬ ‫التــي قاتلــت جنبــا اىل جنــب مــع قــوات‬ ‫التحالــف ســتقاتل ايضــا هــذه الفصائــل‬ ‫باعتبارهــا خطــرا يهددهــا مثلــا يهــدد‬ ‫الوجــود االمريــي ‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪17‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫منظمة فيلية في السليمانية‬

‫تبحث تعويضًا عن إبادة ‪1980‬‬

‫أكــدت منظمــة كرمــه‬ ‫ســير الفيليــة‪ ،‬أن مــا‬ ‫جــرى للكــورد الفيلييــن‬ ‫عــام ‪ ،1980‬انتكاســة‬ ‫كبيــرة لهــذه الشــريحة‪،‬‬ ‫فيمــا أشــارت إلــى‬ ‫تقديــم خدمــات لهــم‬ ‫تتضمــن إعطــاء التأييد‬ ‫بشــراء قطــع األراضــي‬ ‫الســكنية فــي محافظــة‬ ‫الســليمانية‪.‬‬

‫وقــال مديــر منظمــة كرمــه ســر‪ ،‬محســن‬ ‫يــادكار فيــي‪ ،‬لوكالــة شــفق نيــوز‪ ،‬إن‬ ‫«املنظمــة كرمــه ســر الفيليــة‪ ،‬تأسســت‬ ‫قبــل ثالثــة أعــوام وأعضاءهــا متكونــن مــن‬ ‫‪ 700‬عضــو وهنــاك يف محافظــة الســليامنية‪،‬‬ ‫قرابــة ‪ 1000-800‬عائلــة كورديــة فيليــة‬

‫وأغلبهــم مــن محافظــة بغــداد والقســم‬ ‫اآلخــر مــن محافظــات واســط وديــاىل‬ ‫والبــرة»‪.‬‬ ‫وأضــاف فيــي‪« ،‬نحــن هنــا نقــدم الخدمــة‬ ‫لــكل العائــات الكورديــة الفيليــة‪ ،‬بخصوص‬ ‫إعطــاء التأييــد بــراء قطــع األرايض‬ ‫الســكنية لهــم‪ ،‬حســب الق ـرارات املعمولــة‬ ‫يف الجهــة األمنيــة»‪ ،‬مؤكــداً يف الوقــت‬ ‫نفســه وجــود «ترحيــب لهــم باملحافظــة‬ ‫بصــورة جيــدة»‪.‬‬ ‫وأوضــح أن «مــا جــرى للكــورد الفيليــن‬ ‫مــن جيوناســيد يف ‪ ،1980 4--4‬يعتــر يــوم‬ ‫انتكاســة للفيليــن»‪ ،‬وخــال ‪ 10‬ســنوات من‬ ‫ذلــك التاريــخ‪ ،‬تــم ترحيــل أكــر مــن ‪600‬‬ ‫ألــف كــوردي فيــي إىل خــارج العـراق‪ ،‬وتــم‬ ‫إبــادة ‪ 22‬ألــف شــاب مــن عمــر يناهــز ‪-15‬‬ ‫‪ 28‬عامـاً يف ســجون ســميت بنقــرة الســلامن‬ ‫مــن قـرار حــزب البعــث املنحــل‪ ،‬آنــذاك ومل‬ ‫نعــرف مصريهــم لحــد االن»‪.‬‬ ‫وبشــأن آخــر املســتجدات يف الســاحة‬ ‫السياســية ووضــع الكــورد الفيليــن يف اقليــم‬ ‫كوردســتان‪ ،‬أشــار يــادكار‪ ،‬إىل «اجتــاع‬ ‫مــع املكتــب الســيايس يف حــزب االتحــاد‬ ‫الوطنــي ونوقــش خاللــه مطالــب الكــورد‬ ‫الفيليــن عــن إدراج حقــوق يف دســتور‬ ‫إقليــم كوردســتان»‪.‬‬ ‫ونــوه إىل «إدراج الكــورد الفيليــن يف وزارة‬ ‫الشــهداء واملؤلنفــن‪ ،‬وكان هنــاك تجــاوب‬ ‫إيجــايب مــع أعضــاء االتحــاد حــول هــذا‬ ‫الطــرح‪ ،‬وســيكون هنــاك اجتامعــات مــع‬ ‫القــوى السياســية األخــرى لبحــث املوضــوع‬ ‫حــول تلــك املطالــب»‪.‬‬

‫فــيلي‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪19‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫تأسيس االحزاب الجديدة في العراق‬

‫غموض في التكاليف‬ ‫ومصادر اموال متعاظمة‬ ‫فــي اواخــر عــام ‪ 2009‬وقبيــل الشــروع باالنتخابــات النيابيــة‬ ‫لمجلــس النــواب العراقــي التــي جــرت الحقــا فــي آذار ‪ 2010‬اتهــم‬ ‫برلمانيــون عراقيــون األحــزاب الكبيــرة المشــاركة فــي العمليــة‬ ‫السياســية بعرقلــة إصــدار القانــون الخــاص باألحــزاب‪ ،‬تهربــا‬ ‫مــن الكشــف عــن مصــادر تمويلهــا‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪20‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫يف اواخــر عــام ‪ 2009‬وقبيــل الــروع‬ ‫باالنتخابــات النيابيــة ملجلــس النــواب‬ ‫العراقــي التــي جــرت الحقــا يف آذار‬ ‫‪ 2010‬اتهــم برملانيــون عراقيــون‬ ‫األحــزاب الكبــرة املشــاركة يف العمليــة‬ ‫السياســية بعرقلــة إصــدار القانــون‬ ‫الخــاص باألح ـزاب‪ ،‬تهربــا مــن الكشــف‬ ‫عــن مصــادر متويلهــا‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫ويف الحقيقــة فانــه منــذ ذلــك الوقــت‬ ‫مل يتــم الســعي اىل اصــدار قانــون‬ ‫متكامــل متجــدد لألحـزاب إلنشــاء دولــة‬ ‫عرصيــة؛ ومعلــوم ان تلــك االنتخابــات‬ ‫تنافــس فيهــا ‪ 167‬حزبــا سياســياً و‪12‬‬ ‫ائتالفـاً كبــراً للفــوز بـــ ‪ 325‬مقعــداً التــي‬

‫بلــغ عــدد املرشــحني فيهــا نحــو‪6281‬‬ ‫مرشــحاً‪ ،‬وحينهــا قــال اعضــاء مــن‬ ‫الربملــان الــذي ســبقها ان «األحــزاب‬ ‫الكبــرة» املشــاركة يف الحكومــة غــر‬ ‫مهتمــة إطالقــا بقانــون األحــزاب «ألن‬ ‫هــذه األحــزاب يتعــارض تشــكيلها مــع‬ ‫الدســتور العراقــي الــذي ينــص عــى‬ ‫منــع األح ـزاب الطائفيــة والفاشــية مــن‬ ‫مزاولــة نشــاطها»‪ ،‬بحســب ترصيحــات‬ ‫لبعــض النــواب‪ ،‬فيــا علــل البعــض‬ ‫رفــض تلــك األحــزاب لقانــون ينظمهــا‬ ‫مبحاولتهــا االلتفــاف عــى مســألة مصادر‬ ‫التمويــل «فاألحــزاب العراقيــة الحاليــة‬ ‫التــي تســيطر عــى الحكومــة تأسســت‬

‫جميعهــا يف دول الجــوار وترتبــط بتلــك‬ ‫الــدول مادي ـاً وسياســياً»‪ ،‬بحســب قــول‬ ‫بعــض اعضــاء مجلــس النــواب االتحــادي‬ ‫االســبق‪ ،‬مزيديــن بالقــول أن الحكومــة‬ ‫هــي مــن يتحمــل املســؤولية عــن ذلــك‬ ‫«فهــي ال ترغــب يف إصــدار مثــل هــذا‬ ‫القانــون ألنهــا متثــل حزبــا مــن تلــك‬ ‫األحــزاب التــي نشــأت يف دول الجــوار‬ ‫وســتصطدم مــع موضــوع التمويــل وال‬ ‫ميكــن أن تصــدر قانونــا يكشــف عــن‬ ‫مصــادر متويلهــا»‪.‬‬ ‫وطاملــا نــوه مراقبــون اىل ان الشــارع‬ ‫العراقــي يجهــل مصــادر متويــل األحـزاب‬ ‫التــي تفتــح لهــا عــرات بــل مئــات‬ ‫املقــرات والفــروع يف املــدن واألحيــاء‬ ‫يف شــتى مناطــق الع ـراق‪ ،‬التــي تــرف‬ ‫مبالــغ طائلــة يف الحمــات االنتخابيــة‪،‬‬ ‫ولهــا عديــد الصحــف واملطبوعــات وكثري‬ ‫منهــا ميلــك فضائيــات وإذاعــات خاصــة‪،‬‬ ‫وبعضهــا ميلــك محطــات متعــددة ومل‬ ‫تكشــف أي مــن هــذه األحــزاب عــن‬ ‫مصــادر متويلهــا‪ ،‬فيــا اشــارت اللجنــة‬ ‫القانونيــة يف الربملــان يف ترصيحــات‬ ‫صحفيــة ســابقة اىل أن «األحــزاب‬ ‫املوجــودة يف الســلطة يتــم متويلهــا إمــا‬ ‫مــن أمــوال الدولــة أو مــن الخــارج»‪.‬‬ ‫ويقــارن محللــون ذلــك باإلشــارة اىل أن‬ ‫األحــزاب يف دول العــامل ومنهــا أمــركا‬ ‫لديهــا قنواتهــا وأموالهــا الخاصــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫هنــاك شــفافية يف اإلعــان عــن مصــادر‬ ‫التمويــل وحمالتهــا االنتخابيــة‪ ،‬وهنــاك‬ ‫معلومــات عنهــا مثــل رشكات الســيارات‬ ‫والســجائر التابعــة لهــا للتمويــل بشــكل‬ ‫معلــن وليــس رسي ـاً‪.‬‬ ‫ومل تعلــن أي جهــة يف العــراق عــن‬ ‫مصــادر متويلهــا وكلفــة تأســيس احزابهــا‬ ‫غــر ان املكشــوف لــدى اوســاط اعالميــة‬ ‫مهنيــة يفــي االرقــام الفلكيــة املتعلقــة‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪21‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫بنشــاط تلــك االحــزاب؛ وبهــذا الصــدد‬ ‫يوضــح املهنــدس هشــام شــكرى مديــر‬ ‫عــام االســتديوهات يف مدينــة اإلنتــاج‬ ‫اإلعالمــي وقمــر النايــل ســات‪ ،‬أن‬ ‫تكلفــة إنشــاء فضائيــة يتوقــف عــى‬ ‫«التارجــت» وكذلــك امليزانيــة‪ ،‬مبينــا‬ ‫أن االســتديو ذا املســاحة املتوســطة‬ ‫(‪ 150‬مــرا) مــن دون أجهــزة‪ ،‬مدعــم‬ ‫فقــط بشــبكة اإلضــاءة‪ ،‬تــراوح قيمتــه‬ ‫اإليجاريــة مــن ‪ 50‬إىل ‪ 70‬ألــف جنيــه‬ ‫شــهريا (أي ‪ 6‬ماليــن ونصــف املليــون‬ ‫دينــار عراقــي شــهريا باالســعار الحاليــة)‪،‬‬ ‫وكلــا زادت املســاحة زادت القيمــة‬ ‫اإليجاريــة وكذلــك بالنســبة للمعــدات‬ ‫كلــا زادت املعــدات زادت التكلفــة‬ ‫الخاصــة بهــا‪ ،‬أمــا بالنســبة للــردد فــان‬ ‫ايجــار الــردد يف العــام الواحــد ‪ 300‬ألف‬ ‫دوالر يف الســنة (‪ 25‬الف دوالر شــهريا)‪،‬‬ ‫وامليجــا بالــف دوالر يف الشــهر‪ ،‬موضحــا‬ ‫أنــه لحجــز االســتوديو والــردد ولتجهيــز‬ ‫االســتوديو باملعــدات الفنيــة املطلوبــة‬ ‫وذلــك بالنســبة لقنــاة عامــة عاديــة ال‬ ‫بــد مــن توفــر حــد أدىن مــن امليزانيــة‬ ‫مــن ‪ 3‬إىل ‪ 4‬ماليــن جنيــه (اكــر مــن‪371‬‬ ‫مليــون دينــار عراقــي) بــدون العاملــة‬ ‫والديكــورات‪ ،‬مــن جانبــه يحــدد اللــواء‬ ‫أحمــد أنيــس رئيــس الرشكــة املرصيــة‬ ‫للنايــل ســات‪ ،‬خطــوات الحصــول عــى‬ ‫تــردد و الخدمــات اإلضافيــة التــي يطلبها‬ ‫العميــل مثــل الكوابــل أو غريهــا مــن‬ ‫األمــور الفنيــة وحجــز االســتوديو؛ فيــا‬ ‫يؤكــد اإلعالمــي أســامة الشــيخ مديــر‬ ‫شــبكة قنــوات النهــار‪ ،‬أن تكلفــة إنشــاء‬ ‫القنــاة تبــدأ مــن ‪ 10‬ماليــن إىل ‪300‬‬ ‫مليــون جنيــه‪ ،‬وعندمــا نضــع مواصفــات‬ ‫القنــاة نعــرف بالضبــط مــا تحتاجــه‪،‬‬ ‫منهــا طبيعــه القنــاة (عامــة‪ ،‬أو أخبار‪ ،‬أو‬ ‫أفــام) هــل تنتــج الربامــج؟ أم تشــريها؟‬ ‫تبــث كام ســاعة؟ كذلــك قــوة الــردد‪،‬‬ ‫ومســاحة االســتديو‪ ،‬املذيعــون هــل هــم‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫نجــوم؟ أم مذيعــون مبتدئــون؟‪ ،‬وتعــادل‬ ‫االرقــام اعــاه اكــر مــن ‪ 28‬مليــار‬ ‫دينــار عراقــي إلنشــاء القنــاة فقــط‪،‬‬ ‫ولنــا ان نتأمــل املبالــغ الضخمــة مــع‬ ‫االنشــاء والتجهيــزات والرصفيــات‪ ،‬مــع‬ ‫العلــم ان بعضــا مــن احــزاب الســلطة‬ ‫يف العــراق وبخاصــة االســامية ميتلــك‬ ‫قنــوات فضائيــة متعــددة فضــا عــن‬ ‫االذاعــات‪ ،‬وهــذا يبــن الــروات الهائلــة‬ ‫التــي متتلكهــا االحـزاب العراقيــة الســيام‬ ‫الدينيــة يف الوقــت الــذي تضاعــف‬ ‫معــدل الفقــر يف العـراق يف العــام ‪،2020‬‬ ‫اذ بــات ‪ 40‬يف املئــة مــن الســكان البالــغ‬ ‫عددهــم ‪ 40‬مليونــا‪ ،‬يعــدون فقـراء عــى‬ ‫وفــق تقاريــر البنــك الــدويل‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق باالنتخابــات املزمــع‬ ‫اجراؤهــا يف ترشيــن االول ‪ 2021‬أكــد‬ ‫مستشــار رئيــس الــوزراء لشــؤون‬ ‫االنتخابــات عبــد الحســن الهنــداوي‪،‬‬ ‫أن رســوم تســجيل األحــزاب ‪25‬‬ ‫مليــون دينــار لــكل حــزب‪ ،‬ال تذهــب‬ ‫للمفوضيــة‪ ،‬بــل لجهــات أخــرى‪ ،‬مبينــا‬ ‫يف ترصيــح صحفــي أن “دائــرة األح ـزاب‬ ‫تســتويف مــن الحــزب الســيايس رســوماً‬ ‫تبلــغ ‪ 25‬مليــون دينــار عراقــي‪ ،‬ليســت‬ ‫للمفوضيــة‪ ،‬بــل تذهــب للمســاءلة‬ ‫والعدالــة واملعامــات االخــرى”‪.‬‬ ‫وكانــت املفوضيــة العليــا املســتقلة‬ ‫لالنتخابــات‪ ،‬كشــفت‪ ،‬عــن عــدد طلبــات‬ ‫تســجيل األحــزاب السياســية للمشــاركة‬ ‫يف االنتخابــات‪ ،‬وقالــت الناطــق باســم‬ ‫املفوضيــة جامنــة الغــاي‪ ،‬إن “إجــايل‬ ‫عــدد طلبــات تســجيل االحــزاب‬ ‫السياســية بلــغ (‪ )427‬طلبــاً‪ ،‬إذ تــم‬ ‫منــح اجــازات تأســيس لـــ ( ‪ )231‬حزب ـاً‬ ‫سياســياً‪ ،‬أمــا عــدد طلبــات التســجيل‬ ‫لالحــزاب ( قيــد التأســيس) بلــغ ( ‪)80‬‬ ‫طلبــاً”‪ ،‬مشــرة اىل أن “عــدد طلبــات‬ ‫تســجيل االحــزاب املرفوضــة بقــرارات‬ ‫مجلــس املفوضــن بلغــت (‪ )99‬طلبــاً‬

‫‪ ،‬ألســباب مختلفــة منهــا‪ ،‬عــدم اكــال‬ ‫األوليــات املطلوبــة أو متأخــر عــن املــدة‬ ‫املحــددة للتســجيل و ذلــك اســتناداً‬ ‫ألحــكام املــادة ( ‪/12‬أو ًال ) مــن قانــون‬ ‫األحــزاب السياســية رقــم (‪ )36‬لســنة‬ ‫‪ .”2015‬وأشــارت إىل أن “طلبــات‬ ‫تســجيل األحــزاب التــي تقدمــت‬ ‫بســحب طلبهــا بلــغ (‪ )17‬طلبــاً‪.‬‬ ‫ويقــول نــواب مطلعــون عــى قانــون‬ ‫االحـزاب السياســية ان هنــاك ‪ 170‬حزبــا‬ ‫فضائيــا مــن أصــل ‪ 231‬حزبــا مســجال يف‬

‫العـراق‪ ،‬كــا قالــوا ان العديــد مــن هــذه‬ ‫االحــزاب تخالــف القانــون يف مصــادر‬ ‫متويلهــا وبتشــكيلها «اجنحــة مســلحة»‪،‬‬ ‫وبالتأكيــد‪ ،‬فسـ ُيدفع عــن تلــك االحـزاب‬ ‫الفضائيــة ‪ 4‬مليــارات وربــع املليــار‬ ‫دينــار عراقــي بحســب كلفــة تشــكيل كل‬ ‫حــزب عــى وفــق ترصيحــات الهنــداوي‪.‬‬ ‫ويف آذار ‪ 2021‬كشــفت مفوضيــة‬ ‫االنتخابــات العراقيــة عــن ن ّيتهــا تطبيــق‬ ‫البنــد القانــوين املتعلــق مبراقبــة مصــادر‬ ‫متويــل األحـزاب العراقيــة‪ ،‬التــي تشــارك‬

‫يف االنتخابــات الترشيعيــة املقبلــة يف‬ ‫ترشيــن األول‪ ،‬وهــو أمــر يســتبعده‬ ‫نــواب وسياســيون‪ ،‬عاديــن أنــه غــر‬ ‫قابــل للتطبيــق يف ظــل قــدرة قــوى‬ ‫سياســية عــى إخفــاء حقائــق متعلقــة‬ ‫مبصــادر متويلهــا‪ ،‬فضــ ًا عــن امتــاك‬ ‫بعضهــا نفــوذاً داخليـاً وعالقــات خارجيــة‬ ‫تجعلهــا يف مأمــن مــن أي إجــراءات‬ ‫للمراقبــة‪.‬‬ ‫وتشــهد ظاهــرة اســتخدام املــال العــام‬ ‫ألغـراض سياســية تصاعــداً واضحـاً قبيــل‬

‫االنتخابــات املقبلــة‪ ،‬ويقــول مراقبــون ان‬ ‫االمــوال عبــارة عــن رسقــات تجــري يف‬ ‫الــوزارات‪ ،‬يتــرف بهــا املســؤول فيطلق‬ ‫مشــاريع ومبــادرات هــي مــن صلــب‬ ‫عمــل الدولــة‪ ،‬لكنــه يجريهــا ملصلحتــه‬ ‫االنتخابيــة‪ ،‬او رسقــة جهــود ومشــاريع‬ ‫صنــدوق االعــار واملنظــات الدوليــة‬ ‫والــدول املانحــة‪ ،‬أو أنهــا أمــوال تــأيت من‬ ‫الخــارج ل ـراء ذمــم السياســيني لتنفيــذ‬ ‫اجنــدات معينــة‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬

‫هناك ‪ 170‬حزبا‬ ‫فضائيا من أصل‬ ‫‪ 231‬حزبا مسجال‬ ‫في العراق‪ ،‬والعديد‬ ‫من هذه االحزاب‬ ‫تخالف القانون في‬ ‫مصادر تمويلها‬ ‫وبتشكيلها «اجنحة‬ ‫مسلحة»‪ ،‬وسيُدفع‬ ‫عن تلك االحزاب‬ ‫الفضائية ‪ 4‬مليارات‬ ‫وربع المليار دينار‬ ‫عراقي تشكيل كل‬ ‫حزب ‪..‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪23‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫بعد الخروج األميركي من العراق‬ ‫أي دور يتبقى للحشد الشعبي‬ ‫و بماذا ينفع‪..‬‬

‫‪24‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫فيلي‬

‫مــع بــدء انســحاب القــوات األميركيــة مــن دولــة أفغانســتان اوردت‬ ‫االخبــار ان امريــكا ستســحب قــوات أخــرى مــن العــراق أيضــا فــي‬ ‫جــدول زمنــي متقــارب‪ ،‬وهــو مــا يثيــر القلــق مــن محاولــة مجاميــع‬ ‫مســلحة الســيطرة علــى مرافــق الدولــة العراقيــة‪ ،‬بحســب المراقبيــن‪،‬‬ ‫الذيــن يلمحــون الــى انــه لــم يبــق للجيــش األميركــي ســوى قاعــدة‬ ‫عيــن األســد فــي األنبــار‪ ،‬وتواجــد قليــل فــي العاصمــة بغــداد‪ ،‬وآخــر‬ ‫فــي أربيــل‪ ،‬عاصمــة إقليــم كوردســتان‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪25‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫ويتخــوف املراقبــون مــن تكـرار الســيناريو‬ ‫االفغــاين يف الع ـراق‪ ،‬اذ تحــاول الجامعــات‬ ‫املســلحة التابعــة لطالبــان‪ ،‬مســتغلة‬ ‫االنســحاب االمريــي‪ ،‬الســيطرة عــى‬ ‫مســاحات أكــر يف البــاد‪ ،‬وتســتهدف مــن‬ ‫أجــل ذلــك الحكومــة والجيــش إلضعــاف‬

‫‪26‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الدولــة‪ ،‬وتثبيــت ســيطرة املتطرفــن؛‬ ‫وخوفــا مــن تكــرار األمنــوذج األفغــاين‬ ‫يف العــراق‪ ،‬يقــول محللــون وسياســيون‬ ‫عراقيــون إن ســيطرة جهــات عراقيــة‬ ‫مســلحة عــى الدولــة ورمبــا فــرض أمنــوذج‬ ‫ال يعــرف بالدســتور العراقــي والقوانــن‬

‫الحاليــة «أمــر وارد جــدا»‪ ،‬ملمحــن اىل ان‬ ‫هــذا هــو الســيناريو االقــرب للتحقــق فيــا‬ ‫لــو انســحبت امريــكا بصــورة شــاملة مــن‬ ‫العــراق‪ ،‬وهــو امــر يســتبعده معظمهــم‪.‬‬ ‫وال يخــى بعــض املحللــن مــن القــول أن‬ ‫«مــن الــوارد جــدا أن تحــاول الجامعــات‬

‫املســلحة العمــل عــى إســقاط شــكل‬ ‫النظــام القائــم يف البــاد وإعــان نظــام‬ ‫خــاص بهــا‪ ،‬ويف هــذه الحالــة قــد تنهــار‬ ‫القــوات املســلحة العراقيــة الضخمــة أمــام‬ ‫تلــك الجامعــات بســبب تضــارب الــوالءات‬ ‫والفســاد»‪ ،‬وبحســب بعــض املحللــن فــإن‬

‫«الجــزء األكــر مــن هــذا املخطــط تحقــق‬ ‫بالفعــل‪ ،‬إذ متتلــك الجامعــات املســلحة‬ ‫نفــوذا هائــا عــى الربملــان والقضــاء‬ ‫والقــوات املســلحة والحكومــة نفســها»‪.‬‬ ‫ويقــول املراقبــون ان نفــوذ الجامعــات‬ ‫املســلحة‪ ،‬التــي ترتبــط أجنحــة منهــا بهيئــة‬

‫الحشــد الشــعبي التابعــة نظريــا للحكومــة‬ ‫العراقيــة‪ ،‬إىل درجــة أنهــا متكنــت مــن‬ ‫إطــاق رساح القيــادي فيهــا‪ ،‬قاســم مصلــح‪،‬‬ ‫بعــد اعتقالــه من قبــل أجهزة االســتخبارات‬ ‫بتهــم تتعلــق باإلرهــاب‪ .‬ويقــول اكادمييون‬ ‫أن «أهــداف الحشــد هــي نفســها أهــداف‬ ‫جميــع األحــزاب السياســية يف العــراق‪،‬‬ ‫وهــي أن يصبــح القــوة السياســية األوىل‬ ‫يف نظــام يســمح‪ ،‬يف ظــلّ غيــاب ســيادة‬ ‫القانــون الحقيقيــة‪ ،‬بالوصــول إىل الســلطة‬ ‫مــن دون أن يكــون عرضــة للمحاســبة‬ ‫أمــام الشــعب أو املؤسســات»‪ ،‬ويقــرون‬ ‫بــان الحشــد برغــم تشــاركه يف الهــدف‬ ‫مــع بقيــة األح ـزاب السياســية‪ ،‬فهــو أيضــا‬ ‫يتميــز عليهــا بامتالكــه قــوة هائلــة وتأثــرا‬ ‫شــعبيا‪.‬‬ ‫ويقــول باحــث عراقــي يف شــؤون‬ ‫الجامعــات املســلحة‪ ،‬إن «الحشــد يشــبه‬ ‫طالبــان يف هــذه الخصيصــة‪ ،‬فهــو ميتلــك‬ ‫أمــواال هائلــة ناتجــة عــن نشــاطات غــر‬ ‫رشعيــة‪ ،‬وميتلــك قــوة كبــرة ومســلحني كرث‪،‬‬ ‫كــا إنــه متغلغــل يف النســيج االجتامعــي‬ ‫العراقــي بســبب مــا ينســجه عــن بطوالتــه‬ ‫ودوره إبــان مــدة محاربــة داعــش»‪ ،‬مردفــا‬ ‫إن «الحشــد اســتغل حتــى صــور قتــاه‬ ‫يف املعــارك لتعويــد النــاس عــى رؤيتــه‬ ‫كجســم مقــدس ال يجــوز املســاس بــه»‪.‬‬ ‫يف املقابــل‪ ،‬ال يــرى آخــرون‪ ،‬أن االتهامــات‬ ‫املوجهــة للحشــد واقعيــة‪ ،‬ويقولــون إن‬ ‫«الحشــد مؤسســة أمنيــة رســمية عراقيــة‪،‬‬ ‫ومقارنتهــا بجامعــة متمــردة تحمــل أفــكارا‬ ‫إرهابيــة غــر ممكــن»‪.‬‬ ‫ويعــد آخــرون ان مــن املبالغــة تعظيــم‬ ‫دور الحشــد يف دحــر تنظيــم داعــش‪،‬‬ ‫وبهــذا الصــدد يقــول ديفيــد دي روش‬ ‫الباحــث يف معهــد دول الخليــج العربيــة‬ ‫يف واشــنطن‪ ،‬وكبــر باحثــن يف الشــؤون‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪27‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫الدوليــة يف املجلــس الوطنــي للعالقــات‬ ‫العربية‪-‬األمريكيــة‪ ،‬انــه لطاملــا كانــت‬ ‫رغبــة العراقيــن مــا بعد ‪ 2011‬يف اســتضافة‬ ‫الواليــات املتحــدة مق ّيــدة‪ :‬حــن كان‬ ‫تنظيــم «داعــش» ُيحــرز تقد ًمــا‪ ،‬كانــت‬ ‫املســاعدة األمريكيــة مرح ًبــا بهــا‪ ،‬ومــا‬ ‫تــم احتــواء تهديــد التنظيــم‪ُ ،‬أعيــدت‬ ‫إن ّ‬ ‫صياغــة التاريــخ لتصويــر دحــر التنظيــم‬ ‫عــى أنــه انجــاز منفــرد حققتــه قــوات‬ ‫الحشــد الشــعبي‪ ،‬بحســب الباحــث الــذي‬ ‫يضيــف انــه بالنتيجــة‪ ،‬وأق ّلــه يف أوســاط‬ ‫السياســيني الشــيعة‪ ،‬مل يعــد مرح ًبــا‬ ‫باألمريكيــن مــن جديــد‪ .‬ومــا إن زال‬ ‫التهديــد املبــارش الــذي كان يطرحــه تنظيــم‬ ‫داعــش‪ ،‬بــدأت الجامعــات العراقيــة‬ ‫ـن حملــة مضايقــات‬ ‫الحليفــة لإليرانيــن بشـ ّ‬ ‫مطلقـ ًة الصواريــخ عــى منشــآت أمريكيــة؛‬ ‫وكانــت الهجــات التــي أطلقــت غالبيتهــا‬ ‫الجامعــات الوكيلــة املدعومــة مــن إي ـران‪،‬‬ ‫عــى حــد وصفــه‪ ،‬مدروســ ًة لتبقــى دون‬ ‫العتبــة التــي تســتوجب أي ر ّد أمريــي‬ ‫إىل أن تســببت رضبــات صاروخيــة يف ‪27‬‬ ‫كانــون األول ‪ 2019‬مبقتــل مقــاول أمريــي‬ ‫وضابطــي رشطــة عراقيــن وبجــرح عــدد‬ ‫مــن املوظفــن األمريكيــن والعراقيــن‪،‬‬ ‫فتبــع ذلــك رد امريــي تســبب يف مقتــل‬ ‫ابــو مهــدي املهنــدس وقاســم ســليامين يف ‪3‬‬ ‫كانــون الثــاين ‪.2020‬‬ ‫ويواصــل ديفيــد دي روش القــول انــه‬ ‫يف الواليــات املتحــدة‪ ،‬حــال الصخــب‬ ‫الســيايس املحــي مــن الحزبــن ر ًدا عــى‬ ‫إقــدام ترامــب عــى ســحب دعمــه عــن‬ ‫كــورد ســوريا‪ ،‬دون تخليــه عــن كــورد‬ ‫العـراق الذيــن ع ّولــوا عــى بعــض التواجــد‬ ‫العســكري األمريــي منــذ ‪ ،1991‬وعــى‬ ‫ـم املناطــق الســنية غــريب‬ ‫نحــو مامثــل‪ ،‬تضـ ّ‬ ‫الع ـراق قواعــد أمريكيــة‪ ،‬وال يثــق ســكان‬ ‫تلــك املناطــق بحكومــة بغــداد التــي كان‬

‫‪28‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫ً‬ ‫عامــا كبــ ًرا يف صعــود‬ ‫حكمهــا الســيئ‬ ‫داعــش‪ ،‬بحســب الباحــث االمريــي‪ ،‬مــن‬ ‫جهتهــا ـ يواصــل الباحــث ـ غال ًبــا مــا‬ ‫طالبــت املجتمعــات املســيحية واأليزيديــة‬ ‫القــوات األمريكيــة وقــوات التحالــف‬ ‫باالنتشــار بشــكل فعــال وبتســيري دوريــات‬ ‫يف مناطقهــا مــن أجــل الحــؤول دون‬ ‫هيمنــة «الشــيعة وامليليشــيات املدعومــة‬ ‫مــن اي ـران» بحســب تعبــره‪ ،‬وعليــه‪ ،‬قــد‬ ‫ال تتوافــر ســوى بعــض الخيــارات مــن أجــل‬ ‫إبقــاء قــوة أمريكيــة يف العـراق‪ ،‬وســيتمثل‬ ‫أحدهــا يف تقليــص دور الوجــود األمريــي‬ ‫وحــره ببعثــة دوليــة‪ ،‬عــى غــرار بعثــة‬ ‫التدريــب التابعــة لحلــف الناتــو‪.‬‬ ‫ومــع مجــيء الرئيــس االمريــي جــو بايــدن‬ ‫اىل الحكــم بــدال مــن دونالــد ترامــب‪ ،‬قــال‬ ‫مركــز اإلمــارات للسياســات يف تقريــر انــه‬ ‫مــن املتوقــع يف ظــل اإلدارة الدميقراطيــة‬ ‫الجديــدة يف واشــنطن أن نشــهد إعــادة‬ ‫هيكلــة للسياســة األمريكيــة يف العــراق‪،‬‬ ‫عــر تقديــم الحلــول السياســية عــى‬ ‫العســكرية‪ ،‬والتعامــل مــع الحالــة العراقيــة‬ ‫باســتقالل جــزيئ عــن الحالــة اإليرانيــة‪،‬‬ ‫مــع الســعي لتأســيس هدنــة مــع إي ـران‪،‬‬ ‫إلنجــاح التوجــه األمريــي يف العـراق‪ ،‬فــإذا‬ ‫نجحــت إدارة الرئيــس بايــدن يف ترويــض‬ ‫إي ـران يف الع ـراق‪ ،‬فإنهــا ســتنجح باملقابــل‬ ‫يف ترويــض الفصائــل الوالئيــة املرتبطــة‬ ‫بإيــران‪ ،‬واملطالبــة باســتمرار بخــروج‬ ‫القــوات األمريكيــة مــن العــراق‪ ،‬والبــدء‬ ‫مبرحلــة انتقاليــة جديــدة‪ ،‬عــى وفــق‬ ‫تقريــر املركــز‪.‬‬ ‫وينقــل تقريــر لوكالــة فرانــس بــرس‪ ،‬عــن‬ ‫مصــادر وصفهــا باملطلعــة توقعــات عــن‬ ‫انخفــاض شــعبية الحشــد بســبب االتهامات‬ ‫للفصائــل التابعــة لــه بقتــل املتظاهريــن يف‬ ‫تظاهـرات ترشيــن يف العـراق وقــدرت تلــك‬ ‫املصــادر أن نتيجــة الحشــد يف االنتخابــات‬

‫املقبلــة املقــررة يف ترشيــن االول عــام‬ ‫‪« 2021‬ســتكون أســوأ مــن املــرة الســابقة»‪.‬‬ ‫إذ يــأيت االســتحقاق بعــد «ثــورة ترشيــن»‬ ‫‪ 2019‬حينــا تظاهــر مئــات اآلالف مــن‬ ‫العراقيــن أشــهراً يف الشــوارع ضــد النظــام‪،‬‬ ‫ـم املتظاهــرون الفصائــل املنضوية‬ ‫فيــا يتهـ ّ‬ ‫يف الحشــد باملســؤولية عــن «اغتيــاالت»‬ ‫طالــت ناشــطني شــاركوا يف هــذه الحركــة‬ ‫االحتجاجيــة وعــن القمــع الدمــوي الــذي‬ ‫ووجهــت بــه وأودى بحيــاة وجــرح الــوف‬ ‫املحتجــن‪ ،‬بحســب الوكالــة‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬ومــع تراجــع تهديــد داعــش‬ ‫وبعــد أن أصبــح تحقيــقُ االســتقرار‬ ‫األولويــ َة األوىل يف العــراق‪ ،‬تتفاقــم‬ ‫الخالفــات السياســية حــول مســتقبل‬ ‫ق ـ ّوات الحشــد الشــعبي يف بغــداد ويطــال‬ ‫صداهــا جميــع أنحــاء البــاد‪ ،‬الســيام اذا‬ ‫اقــرن ذلــك بتحقــق االنســحاب االمريــي‬

‫مــن العــراق‪ ،‬حتــى ان بعــض النــواب‬ ‫والسياســيني تجــرأوا عــى املطالبــة بحــل‬ ‫الحشــد وتحويــل منتســبيه اىل مؤسســات‬ ‫خدميــة؛ إلعــادة اعــار البلــد‪ ،‬وآخــرون‬ ‫طالبــوا بدمجــه كليــا يف املؤسســات االمنيــة‬ ‫والغــاء هيئــة الحشــد‪.‬‬ ‫وتلخــص‪ ،‬ألكســندر برامــر‪ ،‬املرشّ ــحة لنيــل‬ ‫شــهادة الدكتــوراه مــن جامعــة كوينــز يف‬ ‫بلفاســت وهــي ضابطــة مشــاة يف الجيــش‬ ‫األمريــي‪ ،‬رأيهــا فيــا يتعلــق بالحشــد‬ ‫الشــعبي بالقــول «تكمــن أســباب الخــاف‬ ‫يف مخــاوف حــول الــوالءات الحقيقيــة لدى‬ ‫قيــادات قــ ّوات الحشــد الشــعبي‪ ،‬وترت ّكــز‬ ‫هــذه املخــاوف عــى الــوالءات الطائفيــة‬ ‫املســتم ّرة التــي قــد تطغــى عــى الجهــد‬ ‫الوطنــي الهــادف إىل إعــادة بنــاء البــاد‬ ‫لجميــع مواطنيهــا»‪.‬‬

‫ّ‬ ‫يتهم المتظاهرون الفصائل‬ ‫المنضوية في الحشد‬ ‫بالمسؤولية عن «اغتياالت»‬ ‫طالت ناشطين شاركوا في هذه‬ ‫الحركة االحتجاجية وعن القمع‬ ‫الدموي الذي ووجهت به وأودى‬ ‫بحياة وجرح الوف المحتجين ‪..‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪29‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫االنتخابات المقبلة‬ ‫قراءة لها ولنتائجها المحتملة‬ ‫وعن مستقبلها في العراق‬ ‫فــي الثالــث مــن تمــوز ‪ 2021‬اعلنــت مفوضيــة االنتخابــات فــي‬ ‫العــراق فــي بيــان لهــا الموافقــة علــى التصويــت بالبطاقــة‬ ‫االلكترونيــة القديمــة غيــر المحدثــة‪ ،‬التــي كثيــرا مــا اثيــر‬ ‫الجــدل بشــأن اهليتهــا وجدواهــا‪ ،‬و ذكــرت بعــض االجــراءات‬ ‫لتالفــي المشــكالت المتعلقــة بالتصويــت بتلــك البطاقــة‪.‬‬ ‫فيـــلي‬

‫مــن املهــم االشــارة هنــا اىل ان املراقبــن‬ ‫وحتــى نــواب وسياســيني مــن الطبقــة‬ ‫الحاكمــة لفتــوا اىل عــدم فعاليــة التدابــر‬ ‫املتعلقــة بتلــك البطاقــة‪ ،‬وتحدثــوا عــن‬ ‫رسقــات ماليــن البطاقــات بحســب‬ ‫ترصيــح ائتــاف فاعــل يف النظــام الســيايس‬ ‫وهــو ائتــاف دولــة القانــون الــذي ذكــر‬ ‫املتحــدث باســمه‪ ،‬إن القانــون الــذي جــرى‬ ‫التصويــت عليــه «بعجالــة» باســتخدام‬ ‫البطاقتــن (االلكرتونيــة) و(البايومرتيــة)‬ ‫للتصويــت‪ ،‬ســينتج عمليــة سياســية مزورة‬ ‫مقدمــاً‪ ،‬بحســب قولــه يف ظــل «فقــدان‬ ‫‪ 4‬ماليــن مــن البطاقــات االلكرتونيــة‬ ‫مــن مفوضيــة االنتخابــات»‪ ،‬مضيفــاً أن‬ ‫هــذه البطاقــات «مجهولــة املصــر وال‬

‫‪30‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫يعــرف إذا مــا تــم توزيعهــا بــن الكتــل‬ ‫السياســية أو مــن الجهــة التــي اســتولت‬ ‫عليهــا»‪ ،‬بحســب تعبــره‪ ،‬وهــو امــر نفتــه‬ ‫مفوضيــة االنتخابــات؛ اال ان املراقبــن‬ ‫ينوهــون اىل مفارقــة يف بيــان املفوضيــة‬ ‫املذكــور ويعدونــه مثلبــة حــن قالــت انهــا‬ ‫اتخــذت اج ـراء إيقــاف جميــع البطاقــات‬ ‫اإللكرتونيــة عــن العمــل بعــد االقــراع‬ ‫مبــارشة وملــدة ثالثــة أيــام‪ ،‬ملمحــن اىل ان‬ ‫جميــع عمليــات التزويــر التــي جــرت يف‬ ‫االنتخابــات املاضيــة كانــت تنفــذ يف املــدة‬ ‫التــي تعقــب غلــق الصناديــق‪ ،‬وذلــك‬ ‫يتناقــض مــع مــا اعلنــت عنــه املفوضيــة‬ ‫مــن ان نتائــج االنتخابــات ســيتم اإلعــان‬ ‫عنهــا يف غضــون ‪ 24‬ســاعة بعــد انتهــاء‬

‫عمليــة االقــراع‪.‬‬ ‫االنتخابات املبكرة املطلب وأمل التغيري‬ ‫ويرتقــب الجميــع حلــول شــهر ترشيــن‬ ‫األول عــام ‪ 2021‬للــروع باالنتخابــات‬ ‫املبكــرة واختيــار برملــان جديــد يعلــق‬ ‫كثــرون اآلمــال عليــه الحتــواء التوتــرات‬ ‫األمنيــة واالزمــة السياســية التــي أحدثتهــا‬ ‫االحتجاجــات الشــعبية الواســعة التــي‬ ‫أطاحــت بالحكومــة الســابقة‪.‬‬ ‫وفيــا كشــفت مفوضيــة االنتخابــات عــن‬ ‫ان ‪ 3523‬مرشــحاً يف األقــل يتنافســون‬

‫يف االقــراع‪ ،‬ذكــرت انهــا «انتهــت مــن‬ ‫تحديــث ســجل الناخبــن‪ ،‬كــا أنهــت‬ ‫اســتقبال قوائــم املرشــحني‪ ،‬وبــدأت‬ ‫العمــل عــى تجهيــز الورقــة الخاصــة‬ ‫باالقــراع بعــد صيانــة وتأهيــل جميــع‬ ‫األجهــزة اإللكرتونيــة الخاصــة باالقــراع»‪،‬‬ ‫فيــا أعلنــت وزارة الخارجيــة العراقيــة‪،‬‬ ‫موافقــة مجلــس األمــن الــدويل عــى‬ ‫طلــب العــراق مبشــاركة األمــم املتحــدة‬ ‫يف مراقبــة االنتخابــات؛ كــا وجهــت‬ ‫مفوضيــة االنتخابــات ‪ 71‬دعــوة دوليــة‬

‫للمشــاركة يف مراقبــة العمليــة االنتخابيــة؛‬ ‫منهــا ‪ 52‬دولــة عربيــة وأجنبيــة‪ ،‬و‪19‬‬ ‫منظمــة دوليــة‪.‬‬ ‫وعــى صعيــد التوقعــات بتغــر خارطــة‬ ‫مجلــس النــواب ابــدى مراقبــون ومحللــون‬ ‫سياســيون مخاوفهــم مــن أن االنتخابــات‬ ‫املقبلــة «لــن تختلــف عــن ســابقاتها»‪،‬‬ ‫ومــن ضمــن مــا ذكــروه يف ترصيحــات‬ ‫اعالميــة إن «االنتخابــات املقبلــة ســتكون‬ ‫مشــابهة بدرجــة كبــرة لالنتخابــات‬ ‫الســابقة ألســباب عديــدة أبرزهــا فقــدان‬

‫الثقــة مــن قبــل املواطنــن»‪ ،‬متوقعــن‬ ‫«عزوفــا كبــرا عــن املشــاركة»‪ ،‬عاديــن أن‬ ‫«عــدم إق ـرار قانــون األح ـزاب لغايــة اآلن‬ ‫يعــد بوابــة أمــل لألحـزاب السياســية مــن‬ ‫أجــل التالعــب بالناخبــن عــن طريــق املال‬ ‫الســيايس واملاكينــات اإلعالميــة التابعــة‬ ‫لهــا»‪ ،‬بحســب قــول بعضهــم‪ ،‬ويــأيت هــذا‬ ‫التوقــع برغــم ان األحــزاب السياســية‬ ‫املتنفــذة يف العـراق واجهــت وضعــا قاســيا‬ ‫ابــان االحتجاجــات التــي بــدأت يف ترشيــن‬ ‫األول ‪ 2019‬واســتمرت بزخــم كبــر لغايــة‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪31‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫اإلطاحــة بالحكومــة الســابقة برئاســة‬ ‫عــادل عبــد املهــدي؛ إذ طالــب املحتجــون‬ ‫يف حينــه‪ ،‬برحيــل األحـزاب النافــذة الســيام‬ ‫االســامية املتهمــة بالفســاد والتبعيــة‬ ‫للخــارج بحســب مــا اعلنــوه‪ ،‬وتفكيــك‬ ‫النظــام الســيايس القائــم عــى توزيــع‬ ‫املناصــب بطريقــة املحاصصــة‪ ،‬وكانــت‬ ‫االنتخابــات املبكــرة أحــدى املطالــب‬ ‫الرئيســة للحـراك الشــعبي يف البــاد الــذي‬ ‫ال يــزال متواصــ ًا عــى نحــو محــدود‪،‬‬ ‫لكــن التخلــص مــن تلــك األحــزاب ال‬

‫‪32‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫يظهــر يف متنــاول اليــد يف املــدى املنظــور‪،‬‬ ‫بحســب املراقبــن‪ ،‬الذيــن يتوقــع بعضهــم‬ ‫أن العــراق سيشــهد اضطرابــات أمنيــة‬ ‫وسياســية عــى جميــع األصعــدة نتيجــة‬ ‫لبــدء التنافــس بــن األحــزاب السياســية‬ ‫الحاكمــة‪ ،‬بحســب قولهــم‪ ،‬منوهــن اىل ان‪،‬‬ ‫تراجــع األوضــاع األمنيــة ســواء بالهجــات‬ ‫عــى البعثــات الدبلوماســية األجنبيــة يف‬ ‫العـراق أو عــن طريــق اســتهداف املواطنني‬ ‫واملرشــحني املحتملــن وترهيبهــم ســيكون‬ ‫عامــا مهــا يف إمكانيــة تأجيــل االنتخابات‬

‫إىل العــام املقبــل‪ ،‬بحســب قولهــم‪ ،‬وبرغــم‬ ‫ان التوقعــات لغايــة اآلن تتجــه صــوب‬ ‫إجــراء االنتخابــات يف موعدهــا املحــدد‪،‬‬ ‫لكنهــا قــد تشــهد تغيــرا يف املوعــد‪،‬‬ ‫بحســب قــول بعــض املحللــن‪.‬‬ ‫لقــد كان مــن املفــرض انتهــاء الــدورة‬ ‫الربملانيــة الحاليــة عــام ‪ ،2022‬إال أن‬ ‫األحــزاب السياســية قــررت إجــراء‬ ‫انتخابــات مبكــرة بعدمــا أطــاح الحــراك‬ ‫الشــعبي بالحكومــة الســابقة؛ كــا أجــر‬ ‫الحــراك الربملــان عــى ترشيــع قانــون‬

‫جديــد لالنتخابــات مــن شــأنه إتاحــة‬ ‫فرصــة أكــر لصعــود املســتقلني والكتــل‬ ‫الصغــرة إىل الربملــان عــر تقســيم البــاد‬ ‫إىل دوائــر صغــرة بعدمــا كانــت املحافظــة‬ ‫الواحــدة تعــد دائــرة انتخابيــة واحــدة‪،‬‬ ‫فيــا كانــت احـزاب لهــا قواعدهــا تفضــل‬ ‫جعــل العــراق دائــرة واحــدة مبــا يعــرف‬ ‫بالتمثيــل النســبي‪ ،‬ومــع ذلــك رصح‬ ‫مراقبــون أن قانــون االنتخابــات الجديــد‬ ‫«مــن شــأنه إحــداث تغيــر يف البــاد»‪ ،‬و‬ ‫إن قانــون االنتخابــات الجديــد «ســيلعب‬

‫دورا كبــرا يف تغيــر املعادلــة االنتخابيــة‬ ‫التــي اعتــاد عليهــا العراقيــون يف الســنوات‬ ‫الســابقة‪ ،‬حيــث ان االنتخابــات املبكــرة‬ ‫ستشــهد فــوز أحزاب سياســية وشــخصيات‬ ‫جديــدة»‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫ومــن املمكــن االشــارة اىل اســتطالعني‬ ‫اجرتهــا مؤسســة جالــوب االمريكيــة‬ ‫الدوليــة‪ ،‬بوســاطة عينــة عشــوائية‬ ‫احتامليــة وطنيــة شــملت ‪2000‬‬ ‫و‪ 3000‬مســتجيب عراقــي عــى التــوايل‬ ‫وباســتعامل الكومبيوتــر بــد ًال مــن‬

‫الورقــة والقلــم واســتطالع ثالــث أجــري‬ ‫باســتعامل الهاتــف ‪ CATI‬عــى عينــة‬ ‫عشــوائية بســيطة شــملت ‪ 1300‬مقابلــة؛‬ ‫اظهــرت االســتطالعات ان النســبة‬ ‫املتوقعــة للمشــاركة يف االنتخابــات املقبلــة‬ ‫غــر مشــجعة ومل تتجــاوز ‪ % 40-35‬ممــن‬ ‫لهــم حــق التصويــت‪ ،‬وقالــت املؤسســة‬ ‫«املؤســف أن الغالبيــة املطلقــة املقاطعــة‬ ‫لالنتخابــات (أكــر مــن ثلثــي املقاطعــن)‬ ‫هــم مــن الشــباب بــن ‪ 35-18‬ســنة‪ ،‬وان‬ ‫أقــل مــن ‪ 15%‬مــن العراقيــن يعتقــدون‬ ‫أن تصويتهــم يف االنتخابــات املقبلــة يــؤدي‬ ‫إىل تغيــر املشــهد الســيايس والخارطــة‬ ‫السياســية الحاليــة للقــوى املؤثــرة يف‬ ‫القــرار‪ ،‬وتقــول مؤسســة جالــوب انــه‬ ‫برغــم حصــول تحســن ملموس يف مســتوى‬ ‫رضــا العراقيــن عــن املؤسســات وعــن‬ ‫رئيــس الــوزراء الحــايل‪ ،‬باملقارنــة مــع أعــى‬ ‫درجــة تفضيــل بلغهــا رؤســاء الــوزراء‬ ‫الســابقني لــه وكــون درجــة التفضيــل‬ ‫الحاليــة للكاظمــي هــي األعــى‪ ،‬مــع ذلــك‬ ‫فــا زال أكــر مــن ‪ 55%‬مــن العراقيــن‬ ‫ال يثقــون بالحكومــة‪ ،‬كــا أن أكــر مــن‬ ‫النصــف أيضـاً ال يثقــون بالقضــاء‪ ،‬يف حــن‬ ‫ال يثــق بالربملــان العراقــي أكــر مــن ‪15%‬‬ ‫وال يثــق باألحــزاب السياســية أكــر مــن‬ ‫‪ 10%‬وال ينتمــي لتلــك األحــزاب أكــر‬ ‫مــن ‪ 2%‬مــن شــباب العــراق‪ ،‬بحســب‬ ‫اســتطالع املؤسســة التــي تزيــد بالقــول‪ ،‬أن‬ ‫الفهــم العراقــي للدولــة العميقــة هــو أن‬ ‫املجاميــع املســلحة « املتحالفــة مــع إيران»‬ ‫تســيطر عــى صنــاع القــرار الســيايس يف‬ ‫العـراق‪ ،‬وحتــى لــو كانــت هنــاك تغيــرات‬ ‫يف هيــكل ســلطة الحــزب الســيايس‪ ،‬فــإن‬ ‫الدولــة العميقــة ستســتمر‪ ،‬وبالنتيجــة لــن‬ ‫تتغــر طبيعــة املجــال الســيايس العراقــي‬ ‫وهــو مــا يهــم حقًــا‪ ،‬بحســب قولهــا‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪33‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫العراقيون بين فضاءات الشارع وتقنية الشبكات‬

‫فــــيلي‬

‫هم سياسي يومي لم يفلح في تأسيس حياة الئقة‬ ‫‪34‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫يف املــايض القريــب كان يقــال لوصــف‬ ‫وضــع الشــارع واملــدن يف الع ـراق‪ ،‬ان بــن‬ ‫كل مقهــى ومقهــى يوجــد مقهــى‪ ،‬كنايــة‬ ‫عــن اهتاممــات البغداديــن بــل عمــوم‬ ‫العراقيــن باللقــاءات وعقــد الحــوارات‬ ‫والنقاشــات‪ ،‬التــي اتفــق عــى ان اغلبها كان‬ ‫يــدور يف السياســة؛ ولطاملــا كانــت ترتفــع‬ ‫يف تلــك االماكــن االصــوات ويضــج الحضــور‬ ‫مبديــن آراءهــم يف كل يشء بأحاديــث‬ ‫تتعلــق بجميــع االشــياء‪ ،‬وال ينــدر ان تجــد‬ ‫مــن املحاوريــن مــن يدعــون انهــم ميتلكــون‬ ‫مفاتيــح السياســة وانهــم عــى درايــة‬ ‫بجميــع خباياهــا‪ ..‬ويحــق لنــا ان نتســاءل يف‬ ‫مطلــع موضوعنــا‪ ..‬هــل متكنــت الحــوارات‬ ‫السياســية املتناســلة يف العــراق ان تنشــأ‬ ‫مجتمعــا يليــق بهــا؛ ولنقــل مجتمعــا مدنيــا‬ ‫يف اقــل تقديــر‪ ،‬بعــد ان مل يفلــح صخبهــم‬ ‫وفتاواهــم واحاديثهــم السياســية يف التأثــر‬ ‫يف االحــداث التــي حاقــت بالبلــد؟!‬ ‫البــد لنــا هنــا مــن االشــارة اىل مــا قالــه‬ ‫املفكــر وعــامل االجتــاع العراقــي‪ ،‬عــي‬ ‫الــوردي‪ ،‬بشــأن انشــغال العراقيــن‬ ‫بالسياســة ورأيــه يف ذلــك‪ ..‬يقــول الــوردي‬ ‫يف احــد ابحاثــه منــذ منتصــف القــرن‬ ‫املــايض "لع َّلنــي ال أغــايل إن قلــت‪ ،‬الشــعب‬ ‫العراقــي يف مرحلتــه الراهنــة هــو مــن أكــر‬ ‫شــعوب العــامل‪ ،‬إن مل يكــن أكرثهــا‪ ،‬ولعــاً‬ ‫بالسياســة وانهــاكاً فيهــا‪ ،‬فــكلّ فــرد فيــه‬ ‫تقريبــاً هــو رجــل سياســة مــن الطــراز‬ ‫األول؛ فأنــت ال تــكاد تتحــدث إىل بقــال أو‬ ‫عطــار حتــى تجــده يــزن لــك البضاعــة وهــو‬ ‫يحــاورك بالسياســة أو يســألك عنهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫يحمــل الحــال لــك البضاعــة فيحــاول يف‬ ‫الطريــق أن يجــرك إىل الحديــث يف السياســة‬ ‫وهــو يزعــم أنــه لــو تســلم مقاليــد األمــور‬ ‫ألصلــح نظــام الحكــم برضبــة واحــدة"‪.‬‬ ‫يف الحقيقــة‪ ،‬ان الشــعب العراقــي وســجل‬ ‫ذلــك املؤرخــون ويالحــظ ذلــك املراقبــون‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪35‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫مل يتدخــل بصــورة فاعلــة وايجابيــة يف‬ ‫االحــداث السياســية اال قليــا‪ ،‬برغــم‬ ‫ســيطرة الهــم والجــدل الســيايس عليــه‬ ‫يف جلســاته الجامعيــة او احــكام ســكانه‬ ‫الفرديــة‪ ،‬فظــل العســكر واالنظمــة القمعيــة‬ ‫هــي التــي تتحكــم بأوضــاع البلــد التــي‬ ‫متيــزت بالحــروب املتواصلــة واضطهــاد‬ ‫النــاس وصــوال اىل التغيــر الــذي جــرى مــن‬ ‫قبــل قــوى اجنبيــة يف عــام ‪.2003‬‬ ‫ويلفــت املهتمــون بالشــأن العراقــي اىل ان‬ ‫مــن الــرورة مبــكان مقارنــة اوضــاع العراق‬ ‫الحاليــة بــدول اخــرى مجــاورة واقليميــة‬ ‫ومنهــا دول الخليــج العربيــة ملعرفــة مقــدار‬ ‫الهــوة بــن اوضاعهــم واوضــاع العــراق؛‬ ‫والتيقــن مــن مــدى اخفــاق الهــم الســيايس‬ ‫يف بنــاء حيــاة مالمئــة لألجيــال العراقيــة‪.‬‬ ‫اجيــال االنرتنــت واســتكامل دورة االنهــاك‬ ‫الســيايس‬ ‫ومــع انبثــاق البــث التلفزيــوين الفضــايئ‬ ‫وظهــور الشــبكة العنكبوتيــة "االنرتنــت"‪،‬‬ ‫وانحســار املقاهــي الشــعبية لصالــح‬ ‫مقاهــي االنرتنــت التــي مل تعــد مقتــرة‬ ‫عــى الكبــار‪ ،‬بــل ايضــا الصبيــة وحتــى‬ ‫االطفــال‪ ،‬الذيــن باتــوا يزاحمــون الكبــار‬ ‫مــن حيــث معرفتهــم وخربتهــم يف تصفــح‬ ‫الشــبكة الدوليــة بــل وتفوقهــم عــى الكبار‪،‬‬ ‫فانتــرت يف بغــداد عــرات بــل مئــات‬ ‫مــن مقاهــي االنرتنــت حتــى انــه يــكاد ال‬ ‫يخلــو أي شــارع او حــي ســكني مــن هــذه‬ ‫املقاهــي‪ ،‬بحســب االســتطالعات‪ ،‬التــي‬ ‫بينــت انهــا مهنــة مرخصــة للجميــع مــن‬ ‫غــر ذوي االختصــاص‪ ،‬وبإمــكان أي شــخص‬ ‫أن يفتتــح مقهــى مــن دون الرجــوع إىل‬ ‫الدولــة لغــرض منحــه إجــازة‪ ،‬فهــل اســتفاد‬ ‫النشــئ الجديــد وعمــوم املجتمــع العراقــي‬ ‫مــن ذلــك للتوجــه نحــو ايجابيــات التطــور‬ ‫التقنــي وتوجيــه خياراتــه نحــو االكتشــاف‬ ‫والبنــاء وعــدم التعويــل عــى الجــدل‬ ‫الســيايس يف تغيــر حياتــه؟‬ ‫لقــد لوحــظ منــذ تغــر اســاليب االلتقــاء‬

‫‪36‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫والخطــاب ان جلهــا بــات يأخــذ طابــع‬ ‫التشــهري بــدال مــن مقابلــة الــرأي بالــرأي‪،‬‬ ‫حتــى انــه يكــون يف احيــان كثــرة تشــهريا‬ ‫ممنهجــا مصحوبــا بالتهديــد‪ ،‬فظهــر‬ ‫مصطلــح مــا يســمى بالجيــوش االلكرتونيــة‪،‬‬ ‫وهــو يطلــق عــى مجموعــات مدربــة‬ ‫تعمــل وفــق ســياقات خاصــة تهــدف إىل‬ ‫التأثــر عــى الخصــوم‪ ،‬والرتويــج لوجهــة‬ ‫نظــر معينــة‪ ،‬وإســكات وتشــويه ســمعة‬ ‫املعارضــن‪ ،‬إىل جانــب ترويــج اإلشــاعات‬ ‫واألخبــار غــر الحقيقيــة وخلــق البلبلــة‪،‬‬ ‫عــر حســابات بأســاء وهميــة تــدار عــن‬ ‫طريــق "روبوتــات"‪ ،‬بحســب املراقبــن؛‬ ‫وبعــد ان كان النقــاش والجــدل الســيايس‬

‫يجــري وجهــا لوجــه ويذهــب كل اىل منزلــه‬ ‫كــا يقــال‪ ،‬اخــذ فضــاء الحــوار الســيايس‬ ‫والجــدل يســتغل مــن قبــل احـزاب سياســية‬ ‫ومجموعــات مســلحة يف العـراق باســتخدام‬ ‫تلــك "الجيــوش اإللكرتونيــة" أو كــا‬ ‫يســميه البعــض "الذبــاب اإللكــروين"‪ ،‬مــن‬ ‫أجــل الدعايــة والتســويق‪ ،‬وأيضــاً توجيــه‬ ‫ـن حمــات ترهيــب وتهديــد‬ ‫االنتقــادات وشـ ّ‬ ‫لكــم أفــواه املخالفــن يف الــرأي‪ ،‬بحســب‬ ‫املراقبــن‪ ،‬فيجــري التهديــد بحــرق املنــازل‬ ‫والقتــل وينفــذ ذلــك فعليــا يف كثــر مــن‬ ‫االحيــان وتزهــق بتأثــره االرواح وتخــرب‬ ‫املمتلــكات‪.‬‬ ‫ويقــول احــد ناشــطي املجتمــع املــدين‪ ،‬أ ّنــه‬

‫"تــم اتهامنــا بالعاملــة والتشــهري بأســائنا‬ ‫وذلــك إليجــاد حجــة قويــة لتصفيتنــا"‪ ،‬كــا‬ ‫يواجــه ناشــطون وصحفيــون يف العــراق‬ ‫حملــة مــن االتهامــات والتهديــدات عــر‬ ‫مواقــع التواصــل االجتامعــي "مــن حســابات‬ ‫وهميــة ومجهولــة الهويــة‪ ،‬تحمــل صــور‬ ‫شــخصيات معروفــة أو مجاميــع مســلحة"‪.‬‬ ‫وبحســب خبــر تقنــي عراقــي‪ ،‬فــإن كــرى‬ ‫الحســابات املؤثــرة للمجاميــع املســلحة‬ ‫يف البــاد تــدار عــر الجيــوش اإللكرتونيــة‪،‬‬ ‫مبينــا‪ ،‬أن مــا يحصــل هــو "توجيــه الهاشــتاغ‬ ‫(وســم) األســايس من القنــاة املؤثرة نفســها‪،‬‬ ‫بعــد ذلــك يــأيت عمــل مجموعــات تحتــوي‬ ‫عــى اآلالف مــن األعضــاء االفرتاضيــن‬

‫(حســابات وهميــة)‪ ،‬ويتــم التــداول بهــذا‬ ‫الهاشــتاغ عــر هــذه الحســابات بكــرة‪،‬‬ ‫حيــث لــكل شــخص فعــي ‪ 10‬حســابات‬ ‫وهميــة يف األقــل ويقوم بنــر ‪ 10‬تغريدات‬ ‫عــى االقــل بالســاعة‪ ،‬وهكــذا تكــون هنــاك‬ ‫‪ 100‬تغريــدة مــن قبــل شــخص واحــد فقــط‬ ‫خــال ســاعة"‪.‬‬ ‫ويتابــع أنّ "الجيــوش اإللكرتونيــة تركــز‬ ‫بعــد (ثــورة ترشيــن) عــى الطائفيــة مــن‬ ‫خــال دعــم هاشــتاغات فتنويــة تهــدف‬ ‫لتشــتيت الصفــوف العراقيــة التــي وحدتهــا‬ ‫ثــورة ترشيــن"‪ .‬ويلفــت إىل أ ّنــه "يف الفــرة‬ ‫األخــرة يتــم التحريــض عــى الناشــطني مــن‬ ‫خــال نــر قوائــم تحمــل أســاءهم مــع‬

‫رســالة تقــول إنــه يجــب تنظيــف العــراق‬ ‫مــن العمــاء والخونــة الذيــن يريــدون‬ ‫تخريــب العـراق‪ ،‬كــا ورد إســمي يف جميــع‬ ‫تلــك القوائــم"‪ ،‬بحســب قولــه‪.‬‬ ‫ويقــول مراقبــون ان اآلراء املتعارضــة‬ ‫والجــدل الســيايس يف العــراق‪ ،‬تحــول‬ ‫يف املــدة املاضيــة ومــع اقــراب موعــد‬ ‫االنتخابــات يف شــهر ترشيــن االول ‪ 2021‬اىل‬ ‫التهجــم عــى مكونــات كاملــة مــن الشــعب‬ ‫العراقــي‪ ،‬فأصبحــت النقطــة التــي دامئــاً‬ ‫مــا يركــز عليهــا الجيــش االلكــروين هــي‬ ‫افتعــال مشــكالت طائفيــة عــر التهجــم‬ ‫عــى اماكــن تــرى طائفــة انهــا مقدســات‬ ‫لهــا‪ ،‬بانتظــار أن يــرد شــخص مــن الطائفــة‬ ‫عــى هــذا التهجــم فيقابلــه آخــر مــن‬ ‫الطائفــة االخــرى؛ إلحــداث رشارة فتنــة‪،‬‬ ‫بحســب املتابعــن‪ ،‬الذيــن اشــاروا اىل ان‬ ‫الناخــب فقــد الثقــة بالعمليــة السياســية‬ ‫وان كثرييــن يتســاءلون‪ :‬مــاذا تغــر ومــاذا‬ ‫ســيتغري ســواء انتخبنــا ام مل ننتخــب‪ ،‬عــى‬ ‫حــد قــول املراقبــن‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪37‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫العراق بين شاعرين‪..‬‬ ‫مشاهد وتناقضات‬ ‫من شوارع بغداد‬ ‫كتب الشاعر الفلسطيني الراحل محمود‬ ‫درويش قصيدة لنظيره العراقي سعدي‬ ‫يوسف‪ ،‬قال فيها «ليل العراق طويل»‪.‬‬ ‫أما يوسف فكتب في قصيدته «رؤيا»‪ ،‬ان‬ ‫هذا العراق سيصل إلى نهايات المقبرة‪،‬‬ ‫سيدفن أبناءه في بالد مفتوحة‪ ،‬جيال بعد‬ ‫جيل‪ ،‬ويغفر لطاغيته‪.‬‬

‫الكهربــايئ منقطــع أيضــا‪ ،‬ومولــدات‬ ‫الديــزل الخاصــة تــزأر يف الليــل‪ ،‬يف حــن‬ ‫أن الهــدوء الــذي كانــت تتســم بــه أزقــة‬ ‫بغــداد‪ ،‬وكان يســمح لســكانها بالنــوم‬ ‫خــال ليــايل الصيــف الحــارة عىل أســطح‬ ‫املنــازل‪ ،‬انتهــى منــذ فــرة طويلــة‪ ،‬كــا‬ ‫انتهــى ايضــا األمــان الــذي مكنهــم مــن‬ ‫القيــام بذلــك منــذ زمــن بعيــد‪.‬‬ ‫وتابــع «يف االزقــة الكئيبــة‪ ،‬تبــي‬ ‫األمهــات املعذبــات عــى أبنائهــن‬ ‫الذيــن فقدوهــن‪ ،‬تصــل االنبــاء عــن‬ ‫املــوت»‪ .‬واوضــح انــه «خــال الليــل‪،‬‬ ‫تــأيت التقاريــر حــول الغــارات الجويــة‬ ‫وهجــات اإلرهابيــن والرضبــات‬ ‫الصاروخيــة للميليشــيات»‪ .‬واشــار اىل‬ ‫ان هــذا االنفــات والفشــل القاتــل هــو‬ ‫مــا يدفــع الشــبان اليائســن اىل االنتحــار‬

‫فيلي‬

‫هكــذا اســتهل موقــع «ميــدل إيســت‬ ‫آي» الربيطــاين تقري ـرا لــه تحــت عنــوان‬ ‫«شــوارع العــراق مليئــة بذكريــات‬ ‫موتانــا» وترجمتــه مجلــة «فيــي»؛‬ ‫مشــرا إىل انــه مــى أكــر مــن عقديــن‬ ‫عــى كتابــة الراحــل ســعدي يوســف‬ ‫لتلــك الســطور يف العــام ‪ ،1997‬ومــا زال‬ ‫الع ـراق يدفــن أبنــاءه جيــا بعــد جيــل‪.‬‬ ‫ويشــر التقريــر اىل ان العــراق‪ ،‬بــاد‬ ‫مــا بــن النهريــن‪ ،‬عطشــان‪ ،‬والتيــار‬

‫‪38‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫شــنقا او القفــز عــن الجســور يف البلــدات‬ ‫التــي نــادرا مــا تظهــر عــى شاشــات‬ ‫تلفزيــون الغــرب‪ ،‬عــى الرغــم مــن انهــا‬ ‫نفــس البلــدات التــي قصفتهــا جيــوش‬ ‫الغــرب‪.‬‬ ‫واعتــر التقريــر؛ أن فكــرة النشــأة يف‬ ‫العــراق أمــر يثــر الصدمــة‪ ،‬وحياتــك‬ ‫ســتكون مهــددة اذا كنــت كاتبــا عراقيــا‪.‬‬ ‫واضــاف انــه يف عــراق اليــوم‪ ،‬فــإن‬ ‫أولئــك الذيــن ال يرضــون حيــاة العيــش‬

‫عــى الفتــات وابتعــدوا عــن القطيــع‪،‬‬ ‫يتــم قتلهــم «يف وضــح النهــار واعدامهــم‬ ‫مــن قبــل مســلحني مجهولــن أمــام‬ ‫عدســات كامــرات املراقبــة عــى عتبــات‬ ‫منازلهــم»‪.‬‬ ‫وانتقــد التقريــر فكــرة ان «العــراق‬ ‫هــو وجهــة يحلــم بهــا العديــد مــن‬ ‫االنتهازيــن الغربيــن الذيــن يســيل‬ ‫لعابهــم إزاء آفــاق االنفتــاح يف جنــوب‬ ‫العــامل»‪ ،‬موضحــا «أننــا كبــر‪ ،‬لســنا‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪39‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫عقوبــات األمــم املتحــدة التــي شــكلت‬ ‫ابــادة جامعيــة»‪ ،‬مضيفــا ان هــؤالء‬ ‫«لديهــم ذكريــات طفولــة ورديــة» يف‬ ‫بغــداد‪ ،‬ومل يســمعوا اصــوات القصــف‬ ‫«التحريــري» الــذي شــوه وجــه بغــداد‪.‬‬ ‫واشــار اىل انــه بعــد ان اعلــن الرئيــس‬ ‫االمريــي الســابق جــورج بــوش «انجــاز‬ ‫املهمــة» يف العــام ‪« ،2003‬كانــت اخبــار‬ ‫مأســاوية يف العــراق‪ ،‬تــايت كل يــوم‪،‬‬ ‫واصبحــت صــور النســاء اللــوايت يرضبــن‬ ‫صدورهــن حــدادا عــى األبنــاء املمزقــن‬ ‫يف الشــوارع ظاهــرة باســتمرار عــى‬ ‫شاشــات التلفزيــون»‪.‬‬

‫وتابــع التقريــر ان املنــازل االنيقــة التــي‬ ‫لديهــا حدائــق فاتنــة باشــجار نخيــل‬ ‫والزيزفــون‪ ،‬اختفــت جنبــا اىل جنــب مــع‬ ‫وجــوه النــاس املألوفــة‪ ،‬وأنــه بــدال مــن‬ ‫كل منــزل‪ ،‬ظهــرت شــقق قبيحــة وهــو‬ ‫مــا ميحــو الهويــة املعامريــة للمدينــة‪،‬‬ ‫ويزيــد العــبء عــى شــبكات امليــاه‬ ‫والكهربــاء‪.‬‬ ‫وختــم بالقــول «مــن املــؤمل ان ان تكــون‬ ‫عراقيــا‪ .‬حتــى شــوارع الذكريــات‪ ،‬مليئــة‬ ‫بأجســاد موتانــا»‪ ،‬مضيفــا ان العـراق «ما‬ ‫زال يدفــن أبنــاءه جيــا بعــد جيــل»‪.‬‬

‫« اننـــا كنـــا غافلين عن حـــرب كانت‬ ‫ترفـــع منجـــا علـــى بوابـــات العراق‪،‬‬ ‫لجحافـــل مـــن كتـــاب األعمـــدة في‬ ‫نيويـــورك الذين كانـــوا يروجون للحرب‬ ‫والمشـــهد الوشـــيك لأللعاب النارية‬ ‫في ســـماء بغـــداد »‪.‬‬ ‫فقــط ادىن مرتبــة‪ ،‬وغــر قادريــن عــى‬ ‫الســفر والعمــل يف بلدانهــم بســهولة‪،‬‬ ‫ولكننــا أيضــا غــر قادريــن عــى إيجــاد‬ ‫فــرص متســاوية عــى أرضنــا»‪.‬‬ ‫غريب يف بغداد‬ ‫وتابــع التقريــر؛ أن شــوارع بغــداد مل‬ ‫تعــد مألوفــة» وتشــعر كعراقــي انــك‬ ‫كالغريــب فيهــا‪ ،‬حيــث يــزداد ثــراء‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫رجــال امليليشــيات واملحتالــون مــن‬ ‫أصحــاب البــدالت الراقيــة‪ ،‬فيــا الشــبان‬ ‫املقتولــون يحدقــون مــن اللوحــات‬ ‫االعالنيــة عــى النــاس األحيــاء الذيــن‬ ‫ســيتبعونهم قريبــا اىل مقــرة النجــف‪،‬‬ ‫امــا يف توابيــت او برفقــة اقاربهــم او‬ ‫اصدقائهــم‪ ،‬مضيفــا ان «كل ذلــك بفضــل‬ ‫مجرمــي الحــرب مــن أمثــال دونالــد‬

‫رامســفيلد»‪.‬‬ ‫وأضــاف «كــم كنــا ســعداء وســاذجة‬ ‫وجوعــى أمــام كنعــان مكيــة ورفاقــه‬ ‫وهــم يرقصــون عــى قصــف العــراق»‪،‬‬ ‫مشــرا اىل «اننــا كنــا غافلــن عــن حــرب‬ ‫كانــت ترفــع منجــا عــى بوابــات‬ ‫العـراق‪ ،‬لجحافــل مــن كتــاب األعمدة يف‬ ‫نيويــورك الذيــن كانــوا يروجــون للحــرب‬

‫واملشــهد الوشــيك لأللعــاب الناريــة يف‬ ‫ســاء بغــداد»‪.‬‬ ‫قنابل بال نهاية‬ ‫وانتقــد التقريــر مــن أســاهم «أبنــاء‬ ‫وبنــات فرســان الدميقراطيــة يف املنطقــة‬ ‫الخــراء الذيــن قامــوا بتزيــن أشــجار‬ ‫عيــد امليــاد الخاصــة بهــم يف الخــارج‬ ‫بينــا كنــا نتضــور جوعــا يف ظــل‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪41‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫نظرة امريكية من كربالء‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫متداع في العراق‬ ‫الى مشهد‬ ‫االنظار تتجه الى حكم عسكري‬

‫حــذر موقــع «وورلــد بوليتيكــس ريفيــو» االمريكــي مــن ان‬ ‫الديمقراطيــة العراقيــة الهشــة تتعــرض لتهديــد مباشــر‬ ‫مــن الميليشــيات‪ ،‬بعدمــا وصــل اقتصــاد العــراق وبنيتــه‬ ‫التحتيــة الــى نقطــة الســقوط‪ ،‬فــي حيــن يبــدو النظــام‬ ‫السياســي عاجــزا عــن إجــراء أدنــى تصحيــح للمســار القائــم‪،‬‬ ‫متســائال عمــا إذا كان النظــام علــى وشــك االنهيــار‪ ،‬ومــا‬ ‫شــكل الحكومــة التــي قــد تحــل محلــه؟‬ ‫فــــيلي‬

‫‪42‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪43‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫واســتهل املوقــع تقريــره الــذي ترجمتــه‬ ‫مجلــة «فيــي»؛ باالشــارة اىل كربــاء التــي‬ ‫يفــرض ان تكــون مــن الناحيــة النظريــة‬ ‫عــى األقــل تحــت ســيطرة ادارة حكوميــة‬ ‫فاعلــة بالرغــم مــن مــن مزيــج الفســاد‬ ‫وحكــم امليليشــيات يف انحــاء العـراق‪ ،‬لكــن‬ ‫ذلــك ليــس هــو الحــال القائــم عــى الرغــم‬ ‫مــن أن هنــاك العديــد مــن العوامــل التــي‬ ‫كان يفــرض ا تعمــل لصالــح كربــاء وعزلهــا‬ ‫عــن الصدمــات التــي عصفــت ببقيــة‬ ‫العــراق منــذ العــام ‪.2003‬‬ ‫واوضــح التقريــر؛ ان ســكان كربــاء مــن‬ ‫الشــيعة بشــكل كامــل تقريبــا‪ ،‬مــا يحميهــا‬ ‫مــن العنــف الطائفــي املحــي‪ ،‬ومــزارات‬ ‫العبــاس والحســن‪ ،‬تجلــب ماليــن الــزوار‬ ‫ســنويا‪ ،‬مــا يغــذي اقتصــاد الحــج‬ ‫والســياحة‪ ،‬كــا انهــا متتعــت باســتثامرات‬ ‫كبــرة يف البنيــة التحتيــة‪ ،‬جــرى متويــل‬ ‫الكثــر منهــا مــن قبــل إيــران‪.‬‬ ‫وتابــع ان النتائــج قــد تحســد عليهــا ســواء‬ ‫مــن خــال الطرقــات والجســور واملبــاين‬ ‫والــركات الجديــدة التــي تنشــأ‪ ،‬ومنــط‬ ‫بنــاء االرضحــة‪ ،‬واملطــار الجديــد قيــد‬ ‫االنشــاء‪.‬‬ ‫إال ان التقريــر اعتــر انــه برغــم كل‬ ‫امتيــازات كربــاء هــذه‪ ،‬إال أن املدينــة تتأثر‬ ‫ســلبا بنفــس العوامــل التــي تؤثــر عــى‬ ‫جميــع أنحــاء البلــد أنحــاء لجهــة الحكومــة‬ ‫ضعيفــة‪ ،‬وتركــز الســلطة الحقيقيــة يف‬ ‫أيــدي مختلــف امليليشــيات وامـراء الحــرب‬ ‫املحليــن‪.‬‬ ‫واوضــح ان ان املؤسســة األكــر شــبها‬ ‫بالدولــة التقليديــة يف كربــاء ليســت‬ ‫الحكومــة العراقيــة‪ ،‬وامنــا «الرضيــح»‪،‬‬ ‫مشــرا اىل الجامعــات التــي تتبــع ايــة‬ ‫اللــه العظمــى عــي السيســتاين‪ ،‬كرجــال‬ ‫الديــن واملعلمــن واملنظــات االنســانية‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫وامليليشــيات مثــل لــواء عــي االكــر‪.‬‬ ‫وشــكل عــي الحمــداين «لــواء عــي االكــر»‬ ‫يف العــام ‪ ،2014‬عندمــا احتــل تنظيــم‬ ‫داعــش ثلــث العــراق وانهــار الجيــش‬ ‫العراقــي بعدمــا فتــوى الســيد السيســتاين‬ ‫للدفــاع عــن الع ـراق‪ ،‬وتشــكلت يف إطارهــا‬ ‫ع ـرات االلويــة التــي تعمــل تحــت لــواء‬ ‫الحشــد الشــعبي‪ .‬واشــار التقريــر اىل‬ ‫ان بعــض ميليشــيات الحشــد الشــعبي‬ ‫املرتبطــة ارتباطــا وثيقــا بإيــران‪ ،‬تعتــر‬ ‫مســؤولة عــن التدفــق املســتمر للهجــات‬ ‫ضــد املعارضــن واملســؤولني الحكوميــن‬ ‫والقــوات االمريكيــة‪ .‬ويف املقابــل‪ ،‬تحــاول‬ ‫الويــة اخــرى‪ ،‬مثــل لــواء حمــداين‪ ،‬دعــم‬ ‫الدولــة‪.‬‬ ‫ونقــل التقريــر عــن الحمــداين قولــه مــن‬ ‫مقــر اللــواء يف كربــاء‪« ،‬ال نريــد أن نكــون‬ ‫فــوق ســلطة الدولــة نريــد بندقيــة واحــدة‬ ‫وســلطة واحــدة يف هــذا البلــد»‪.‬‬ ‫لكــن الحمــداين ليــس متفائــا‪ ،‬مشــرا إىل‬ ‫ان امليليشــيات املتمــردة تتلقــى أوامرهــا‬ ‫مــن الخــارج وتقــوض الدولــة العراقيــة‪ ،‬وان‬ ‫تكـرار اجـراء االنتخابــات ال تغــر األوضــاع‪.‬‬ ‫ويف الوقــت نفســه‪ ،‬اشــار التقريــر اىل‬ ‫اســتمرار اســتهداف النشــطاء بالقتــل‬ ‫والخطــف والتعذيــب بشــكل شــبه يومــي‪،‬‬ ‫لكــن قضيــة ايهــاب الــوزين الــذي اغتيــل‬ ‫يف كربــاء أصبحــت رمزيــة بشــكل خــاص‪،‬‬ ‫حيــث تســتمر والدتــه وشــقيقه بالتحــدث‬ ‫علنــا وبصــوت عــال ضــد انتهــاكات‬ ‫امليليشــيات‪ .‬وقالــت والدتــه ســمرية ان‬ ‫التهديــدات والعنــف الــذي تعــرض لــه‬ ‫«مل يوقفــه‪ ،‬وقــال يل ميكننــا ان منــوت‬ ‫مــرة واحــدة فقــط‪ .‬دعونــا نــرى هــذه‬ ‫الثــورة حتــى نهايتهــا»‪ .‬وتابعــت ســمرية‬ ‫«امليليشــيات تســيطر عــى الدولــة ال احــد‬ ‫يســتطيع ان يحمينــا‪ .‬ال أحــد لديــه الســلطة‬

‫''‬

‫قضيــة ايهــاب الوزنــي الــذي اغتيل فــي كربالء‬ ‫أصبحــت رمزيــة بشــكل خــاص‪ ،‬حيــث تســتمر‬ ‫والدتــه وشــقيقه بالتحــدث علنــا وبصــوت‬ ‫عــال ضــد انتهــاكات الميليشــيات‪ .‬وقالــت‬ ‫والدتــه ســميرة ان التهديــدات والعنــف الــذي‬ ‫تعــرض لــه «لــم يوقفــه»‪.‬‬

‫لتحقيــق العدالــة»‪.‬‬ ‫وقــال عــي‪ ،‬شــقيق إيهــاب الــوزين‪ ،‬ان‬ ‫«الدولــة مل تبنــي شــيئا‪ ،‬ال نظــام صحــي وال‬ ‫عدالــة‪ ،‬وال تعليــم»‪.‬‬ ‫ويتناقــش العراقيــون حــول العــرات‬ ‫والتحــوالت الخاطئــة التــي شــوهت تاريــخ‬ ‫العــراق منــذ الغــزو األمريــي يف العــام‬ ‫‪ ،2003‬بدعــوى توفــر حيــاة أفضــل لهــم‪.‬‬ ‫واشــار التقريــر اىل الفشــل القــوي القائــم يف‬ ‫ظــل التقلبــات السياســية‪ ،‬ســواء االنســحاب‬ ‫العســكري األمريــي‪ ،‬أو يف صعــود‬

‫امليليشــيات الطائفيــة وداعــش‪ ،‬او ترســيخ‬ ‫نظــام تقاســم الغنائــم الــذي يســبب الشــلل‬ ‫للحكومــة‪.‬‬ ‫وتابــع التقريــر انــه خــال الســنوات الـــ ‪18‬‬ ‫منــذ الغــزو األمريــي‪ ،‬عــاىن العــراق مــن‬ ‫مســتويات عاليــة مــن الفســاد‪ ،‬مشــرا إىل‬ ‫أنــه بينــا تدفقــت مئــات املليــارات مــن‬ ‫الــدوالرات‪ ،‬مل يحــدث أي تحســن ملحــوظ‬ ‫يف البنيــة التحتيــة االساســية للعـراق‪ ،‬حيــث‬ ‫ان نظــام املــدارس العامــة معتــل‪ ،‬وشــبكة‬ ‫الكهربــاء يف حالــة انهيــار‪ ،‬ويفتقــر ماليــن‬

‫العراقيــن اىل ميــاه الــرب‪ ،‬وحتــى القطــاع‬ ‫النفطــي‪ ،‬وهــو رشيــان الحيــاة االقتصــادي‪،‬‬ ‫يرتاجــع‪.‬‬ ‫وخلــص التقريــر اىل القــول ان االخفاقــات‬ ‫الســائدة هــي نتيجــة لنظــام طــور أســاليب‬ ‫معقــدة لنهــب األمــوال مــن القطــاع العــام‬ ‫لصالــح خزائــن امليليشــيات والسياســيني‬ ‫الفاســدين‪ ،‬يف ظــل شــبكات املحســوبية‬ ‫الكبــرة والتوظيفــات الحكوميــة يف أحــد‬ ‫أكــر القطاعــات العامــة األرسع منــوا‬ ‫وتضخــا يف العــامل‪.‬‬

‫وختــم بالقــول إن اللــواء الحمــداين‬ ‫كان ضابطــا يف جيــش صــدام حســن يف‬ ‫الثامنينيــات وقاتــل يف انتفاضــة ‪ 1991‬ضــد‬ ‫صــدام يف الجنــوب العـراق‪ ،‬وبعــد ان هــرب‬ ‫اىل املنفــى بعدمــا جــرى قمــع التمــرد‪،‬‬ ‫عــاد يف العــام ‪ 2003‬مقتنعــا بــأن العــراق‬ ‫ســيصبح دولــة دميقراطيــة‪ ،‬لكنــه يخــى‬ ‫االن مــن ان النظــام الســيايس الحــايل ال‬ ‫ميكنــه تحقيــق ذلــك‪ .‬وتســاءل الحمــداين‬ ‫«اي امــل بقــي؟‪ ..‬رمبــا حكــم عســكري»‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪45‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫تحذير مخابراتي‪..‬‬

‫داعش يجد موطئ قدم‬ ‫ويعيد تنظيم صفوفه‬ ‫في بقعة عراقية‬ ‫كشف ضباط مخابرات وشيوخ عشائر عراقيون‪ ،‬يوم األحد‪ ،‬أن‬ ‫تنظيم داعش يعيد تجميع صفوفه في مثلث من األراضي الوعرة‬ ‫ّ‬ ‫محافظتي كركوك وصالح الدين‪ ،‬محذرين‬ ‫والتضاريس المختلفة بين‬ ‫من أن عدم تدارك األمر سيؤدي إلى عودة ظهور التنظيم مجددا‪ً.‬‬ ‫فيـــــلي‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪47‬‬


‫فـــ‬

‫سـياســة‬

‫''‬

‫هذه المنطقة‪ ،‬مثلـــث من األرض‬ ‫بيـــن كركـــوك فـــي الشـــمال‪،‬‬ ‫وبيجي في الغرب‪ ،‬وســـامراء في‬ ‫الجنـــوب‪ ،‬مهمة جـــدا لداعش‪ ،‬أن‬ ‫«هذا المـــكان هو وســـط العراق‪،‬‬ ‫ويحـــوي التـــال والجبـــال‪ ،‬وهو‬

‫''‬

‫مكان مثالي لالختبـــاء‪ ،‬وفي الغرب‬ ‫تمتـــد الصحارى التـــي تقود إلى‬ ‫سو ر يا » ‪.‬‬

‫وذكــرت صحيفــة الغارديــان الربيطانيــة يف‬ ‫تحقيــق اســتقصايئ‪ ،‬اطلعــت عليــه مجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬أن عنــارص داعــش يهاجمــون‬ ‫مبجموعــات صغــرة مــن املســلحني نقــاط‬ ‫التفتيــش للجيــش والرشطــة وينفــذون‬ ‫عمليــات اغتيــاالت للقــادة املحليــن‪،‬‬ ‫اىل جانــب مهاجمــة أبــراج نقــل الطاقــة‬ ‫الكهربائيــة‪ ،‬واملنشــئات النفطيــة‪.‬‬ ‫ونقلــت الصحيفــة عــن زعــاء قبليــن‬ ‫محليــن وضبــاط مخابــرات‪ ،‬قولهــم إن‬ ‫قياســا‬ ‫أعــداد عنــارص داعــش مــا تـزال قليلة ً‬ ‫مبــا كانــت عليــه عنــد ســيطرة التنظيــم عىل‬ ‫مســاحات شاســعة مــن العــراق وســوريا‪،‬‬ ‫بســبب افتقارهــم إىل الدعــم املحــي‬ ‫بعــد الدمــار الــذي أحدثــوه خــال فــرة‬

‫‪48‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫ســيطرتهم‪.‬‬ ‫ورأت الصحيفــة أنــه «بســبب عــدم قدرتهم‬ ‫عــى الســيطرة عــى األرايض يف مواجهــة‬ ‫القــوات الحكوميــة العراقيــة األكــر تفو ًقــا‪،‬‬ ‫فقــد لجــأ مســلحو داعــش إىل مــا يشــبه‬ ‫حيــاة ال ُر ّحــل‪ ،‬وصــاروا يبحثــون عــن مــأوى‬ ‫يف الجبــال والوديــان‪ ،‬ويتحركــون باســتمرار‬ ‫حتــى يتــم حشــد املــوارد الكافيــة‪ ،‬والرجال‪،‬‬ ‫لــرص الصفــوف مجــد ًدا‪ ،‬بعــد اســتنزاف‬ ‫مواردهــم املاليــة»‪.‬‬ ‫ونقلــت الصحيفــة عــن ضابــط مخابــرات‬ ‫عراقــي بــارز يتمركــز يف املنطقــة قولــه إن‬ ‫هــذه املنطقــة‪ ،‬وهــي مثلــث مــن األرض‬ ‫بــن كركــوك يف الشــال‪ ،‬وبيجــي يف الغــرب‪،‬‬ ‫ـدا لداعــش‪،‬‬ ‫وســامراء يف الجنــوب‪ ،‬مهمــة جـ ً‬

‫مبي ًنــا أن «هــذا املــكان هــو وســط العـراق‪،‬‬ ‫ويحــوي التــال والجبــال‪ ،‬وهــو مــكان‬ ‫مثــايل لالختبــاء‪ ،‬ويف الغــرب متتــد الصحــارى‬ ‫التــي تقــود إىل ســوريا»‪.‬‬ ‫وشــدد الضابــط بالقــول «لــن يرتكــوا هــذه‬ ‫ـدا»‪.‬‬ ‫املنطقــة أبـ ً‬ ‫كــا أكــد للصحيفــة أحــد زعــاء القبائــل‬ ‫الــذي حــارب رجالــه ضــد داعــش يف هــذه‬ ‫املنطقــة‪ ،‬أنــه «عــى الرغــم مــن أن أعــداد‬ ‫املســلحني قليلــة يف الوقــت الحــايل‪ ،‬إال أنهــم‬ ‫يعملــون عــى إعــادة تهيئــة الظــروف التــي‬ ‫ســمحت لهــم بالســيطرة عــى املنطقــة‪،‬‬ ‫وإذا تــم تركهــم دون رادع‪ ،‬ســيتمكنون‬ ‫قري ًبــا مــن التنظيــم‪ ،‬وإعــادة التجميــع»‪.‬‬ ‫وبــن أن «أفــراد داعــش اآلن يف نفــس‬

‫موقــف القاعــدة بعــد هزميتهــا العــام‬ ‫‪ .2009‬لقــد اختفــوا إلعــادة تجميــع‬ ‫صفوفهــم‪ ،‬وقــد اســتغرق األمــر منهــم أقــل‬ ‫مــن ‪ 3‬ســنوات ليعــودوا أقــوى»‪.‬‬ ‫واشــار اىل ان نفــس الظــروف التــي ســمحت‬ ‫لداعــش باســتغالل الغضــب املحيل‪ ،‬وحشــد‬ ‫الدعــم ال ت ـزال قامئــة‪ ،‬الفتــا إىل أن «هنــاك‬ ‫ثقــة ضئيلــة أو معدومــة يف الحكومــة‬ ‫العراقيــة‪ ،‬وتتــم معاقبــة املجتمعــات‬ ‫املحليــة بشــكل جامعــي‪ ،‬ومعاملتهــا‬ ‫كأعضــاء يف داعــش حتــى تثبــت براءتهــا»‪.‬‬ ‫وأشــارت الصحيفــة إىل أن الشــكوك‬ ‫املتبادلــة بــن الســلطات العراقيــة واألهــايل‬ ‫ظهــرت بصــورة كبــرة يف عمليــة عســكرية‬ ‫يف كركــوك‪ ،‬إذ تحركــت خاللهــا قافلــة‬

‫للقــوات الخاصــة العراقيــة ببــطء‪ ،‬وســط‬ ‫التضاريــس التــي يصعــب عــى الســيارات‬ ‫الســر فيهــا برسعــة‪.‬‬ ‫ويف بعــض األحيــان‪ ،‬وف ًقــا للصحيفــة‪« ،‬كان‬ ‫الرتــل يســر خلــف جنــود إزالــة األلغــام‬ ‫الذيــن كانوا يســرون إىل األمــام‪ ،‬ويفحصون‬ ‫األنابيــب املكســورة‪ ،‬واألكيــاس املهملــة‪،‬‬ ‫ويبحثــون عــن عبــوات ناســفة محتملــة»‪،‬‬ ‫يف مــؤرش عــى انعــدام الثقــة‪.‬‬ ‫وعندمــا وصــل الرتــل إىل قريــة صغــرة‪،‬‬ ‫نزلــت فصائــل مــن الجنــود‪ ،‬يرتــدون الــزي‬ ‫األســود‪ ،‬ووجوههــم مغطــاة باألقنعــة‪،‬‬ ‫وانتــروا بــن البيــوت الطينيــة‪ ،‬وحظائــر‬ ‫الحيوانــات‪ ،‬مختبئــن خلــف الجــدران‪،‬‬ ‫وبنادقهــم موجهــة يف اتجاهــات متعــددة‪،‬‬

‫بحســب تقريــر الصحيفــة‪.‬‬ ‫لكــن القريــة مل تكــن مهجــورة‪ ،‬كــا تقــول‬ ‫الصحيفــة‪ ،‬إذ بــدأ الجنــود يف اعتقــال‬ ‫الرجــال‪ ،‬وأجربوهــم عــى االنحنــاء‪،‬‬ ‫ووجوههــم موجهــة للجــدران‪ ،‬فيــا وقفــت‬ ‫النســاء واألطفــال يف مداخــل قريبــة‪،‬‬ ‫يراقبــون بنظــرات خائفــة جنــو ًدا اعتــادوا‬ ‫عــى االســتجوابات واملداهــات ملــا يقــرب‬ ‫مــن عقديــن‪.‬‬ ‫وعندمــا بــدأ الضابــط يف اســتجواب الرجــال‬ ‫واحــدا تلــو اآلخــر حــول مــكان تواجــد‬ ‫ً‬ ‫أحــد املطلوبــن املنتمــي إىل داعــش‪،‬‬ ‫ً‬ ‫رجــا كشــف‬ ‫نفــوا معرفتهــم بــه‪ ،‬لكــن‬ ‫أن مقاتــي التنظيــم مــروا بالقريــة خــال‬ ‫األســابيع األخــرة‪ ،‬غــر أنــه عــاد وقــال «ال‬ ‫نعــرف متــى يأتــون ويغــادرون»‪.‬‬ ‫وســأله الضابــط «هــل تعطونهــم خب ـ ًزا؟»‪،‬‬ ‫وقبــل أن يســارع الرجــل بالنفــي ســأله‬ ‫الضابــط‪ ،‬مجــد ًدا‪ ،‬وهــو يبتســم «ملــاذا‬ ‫أنــت خائــف؟ لــن نؤذيــك‪ ..‬تحــدث‪ ..‬ملــاذا‬ ‫تخــاف؟» فأجــاب الرجــل «أقســم أننــي ال‬ ‫أعرفهــم»‪.‬‬ ‫وكان التحالــف الــدويل الــذي تقــوده‬ ‫الواليــات املتحــدة ضــد تنظيــم داعــش‬ ‫حـ ّ‬ ‫ـذر م ـرا ًرا مــن أن التنظيــم يعيــد مللمــة‬ ‫صفوفــه مبناطــق يف الع ـراق‪ ،‬ورشق ســوريا‪.‬‬ ‫وأوضــح قائــد مركــز التنســيق املشــرك يف‬ ‫التحالــف الــدويل الكولونيــل ديــف وليامــز‪،‬‬ ‫أمــس الســبت‪ ،‬أن داعــش يعمــل عــى‬ ‫تنظيــم صفوفــه يف ديــاىل‪ ،‬مشــ ًرا إىل أن‬ ‫امليليشــيات الخارجــة عــن القانــون تضايــق‬ ‫الســنة‪ ،‬وتدفعهــم إىل االنخـراط يف‬ ‫الســكان ُ‬ ‫صفــوف التنظيــم‪.‬‬ ‫وتابــع أن هجــات تلــك امليليشــيات‬ ‫املســتمرة ضــد القــوات األمريكيــة قــد أدت‬ ‫إىل تشــتيت األخــرة عــن مهمتهــا األساســية‬ ‫يف العــراق واملتمثلــة مبحاربــة داعــش‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫حزيران ‪ /‬يونيــو‬

‫‪49‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫اموال العراق الخارجية‬ ‫بين سندان الدائنين‬ ‫ومطرقة حماية البنك‬ ‫الفدرالي األمريكي‬ ‫بعد مغادرة العراق البند السابع‬ ‫المفروض عليه من قبل األمم‬ ‫المتحدة بعد غزوه للكويت تخوف‬ ‫الكثير من مالحقة هذه االموال‬ ‫من قبل بعض الدائنين مما يفتح‬ ‫باب آخر من شانه اإلضرار باألموال‬ ‫العراقية الخارجية والذي يعرف‬ ‫(بصندوق تنمية العراق)‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪50‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪51‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫وصنــدوق تنميــة العــراق الــذي يديــره‬ ‫ويــرف عليــه البنــك املركــزي قــد يتعرض‬ ‫ألرضار كبــرة مــع انتهــاء كافــة الديــون‬ ‫العراقيــة بذمتــه قبــل ‪ 2003‬بســبب‬ ‫مطالبــات وديــون بعــض الــدول والتجــار‬ ‫للنظــام الســابق الذيــن طاملــا هــددوا‬ ‫برفــع دعــاوى يف محاكــم دوليــة عــى‬ ‫صنــدوق الــواردات العراقيــة للحصــول‬ ‫عــى مســتحقاتهم‪.‬‬ ‫وكان مجلــس األمــن الــدويل قــد ألــزم‬ ‫الحكومــة العراقيــة يف نهايــة عــام ‪2010‬‬ ‫بوضــع خطــة الســتالمها مهــام اإلرشاف‬ ‫عــى صنــدوق تنميــة الع ـراق مــن األمــم‬ ‫املتحــدة نهايــة عــام ‪ ، 2010‬ليقــوم‬ ‫العــراق بعدهــا بوضعــه يف الخزانــة‬ ‫الفيدراليــة االمريكيــة لضــان الحصانــة‬ ‫مــن قبــل القانــون الرئــايس األمريــي‬ ‫عليــه والتــي مــن شــأنها حاميــة واردات‬ ‫العــراق النفطيــة مــن الحجــز مــن قبــل‬ ‫الكثــر مــن الدائنــن‪.‬‬ ‫خبري قانوين‪ :‬ال يوجد دائنني‬ ‫ويقــول الخبــر القانــوين طــارق حــرب يف‬ ‫حديــث ملجلــة «فيــي»؛ ان «الع ـراق قــام‬ ‫قبــل ســت ســنوات بتســوية مــع الواليــات‬ ‫املتحــدة االمريكيــة بدفــع ‪ 550‬مليــون‬ ‫دوالر عــن كافــة الديــون التــي تطالــب‬ ‫بهــا الــركات االمريكيــة للع ـراق وبذلــك‬ ‫انتهــت مطالبــة االمريــكان عــن كل يش»‪.‬‬ ‫ويضيــف حــرب ان «االتفــاق يقــي‬ ‫بالتــزام أمريــكا بعــد ذلــك بعــدم اقامــة‬ ‫اي دعــوى بهــذا الشــان ضــد العراق ســواء‬ ‫كانــت اداريــة او قانونيــة او قضائيــة»‪.‬‬ ‫ويشــر حــرب اىل انــه «تــم تصفيــة‬ ‫كافــة الديــون العــراق مــن قبــل اللجنــة‬ ‫التــي شــكلها مجلــس االن الــدويل وهــذه‬ ‫اللجنــة بقــى لديهــا ‪ 55‬مليــون دوالر‬ ‫وســلمها للحكومــة العراقيــة وأعلنــت‬ ‫إنهــاء أعاملهــا‪ ،‬وبالتــايل فــا يوجــد دائنــن‬ ‫ســواء كان للنظــام الســابق او الحايل ســواء‬ ‫كانــوا تجــار او رشكات أو دول بالشــكل‬

‫‪52‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الــذي تشــر اليــه ق ـرارات مجلــس األمــن‬ ‫الــدويل‪.‬‬ ‫الحكومة‪ :‬أموال العراق محمية‬ ‫مــن جانبهــا؛ أكــدت الحكومــة العراقية ان‬ ‫جميــع امــوال الع ـراق الخارجيــة محميــة‬ ‫مبوجــب الحاميــة التــي يوفرهــا البنــك‬ ‫الفــدرايل األمريــي‪.‬‬ ‫ويقــول مستشــار رئيــس الــوزراء للشــؤون‬ ‫املاليــة مظهــر محمــد صالــح يف حديــث‬ ‫ملجلــة «فيــي»؛ ان «امــوال العـراق كانــت‬ ‫محميــة بقراريــن؛ األول ق ـرار ‪ 1483‬مــن‬ ‫قبــل مجلــس األمــن الصــادر ‪ 2003‬الــذي‬ ‫أســس صنــدوق تنميــة العــراق األمــوال‬ ‫والتــي أزيلــت الرقابــة عــى هــذه األمــوال‬

‫بقـرار ‪ 1956‬يف عــام ‪ 2010‬ورقابــة اخــرى‬ ‫بقــرار رئــايس أمريــي يجــدد ســنويا‬ ‫والــذي ايضــا تــم ازالتــه بعــد عــام ‪.»2013‬‬ ‫واضــاف صالــح ان «كل حســابات امــوال‬ ‫العــراق الــذي يديرهــا حســابات البنــك‬ ‫املركــزي بالخــارج موجــودة حاليــا يف البنك‬ ‫الفــدرايل األمريــي والتــي توفــر حاميــة‬ ‫لهــذه األمــوال»‪ ،‬مبينــا ان «هــذه البنــوك‬ ‫توفــر حاميــة لبعضهــا البعــض وبنفــس‬ ‫الوقــت ال توجــد يف تاريــخ امريــكا ان‬ ‫امــوال البنــك املركــزي ألي دولــة موجــودة‬ ‫يف البنــك الفــدرايل االمريــي ان تــم‬ ‫االســتيالء عليهــا وبالتــايل فهــي محصنــة»‪.‬‬ ‫واكــد صالــح ان هــذه «االمــوال ال ميكــن‬

‫املســاس بهــا ألنهــا عكــس ذلــك ســتعطي‬ ‫اشــارة لــكل الــدول التــي توجــد اموالهــا‬ ‫يف الواليــات املتحــدة بانهــا تكــون تحــت‬ ‫الخطــر»‪ ،‬الفتــا اىل ان «الــدول ال تقيــم‬ ‫دعــوة عــى دولــة اخــرى ومل نشــهد‬ ‫تاريخيــا مثــل هــذا الــي وامنــا الــذي‬ ‫يقيــم مثــل هــذه الدعــاوي الــركات‬ ‫والتجــار»‪.‬‬ ‫واكــد صالــح إىل أن «مل يعــرف مقــدار‬ ‫االمــوال التــي تطالــب بهــا هــذه الــركات‬ ‫او التجــار التــي تعــود اىل النظــام الســابق‬ ‫والتــي متــوت مثــل هــذه الدعــاوى ملــرور‬ ‫اكــر مــن ‪ 15‬عامــا عليهــا»‪ ،‬مؤكــدا انــه «ال‬ ‫خــوف عــى الع ـراق مــن هــذه الدعــاوى‬

‫ولكــن بنفــس الوقــت يجــب أن نكــون‬ ‫حذريــن مــن ذلــك»‪.‬‬ ‫خبري مايل‪ :‬ال أهمية للدائنني‬ ‫مــن جانبــه؛ يقــول الخبــر املــايل هــال‬ ‫الطحــان يف حديــث ملجلــة «فيــي»؛ انــه‬ ‫«ال اهميــة تذكــر للدائنــن ان وجــدوا عــى‬ ‫أرض الواقــع مقابــل الحاميــة املوجــودة‬ ‫مــن قبــل البنــك الفــدرايل األمريــي التــي‬ ‫لهــا بــاع طويــل يف حاميــة أمــوال دول‬ ‫عــدة يف هــذا املجــال»‪.‬‬ ‫ويضيــف الطحــان؛ أن «انتهــاء العـراق من‬ ‫التزاماتــه و إيفــاء ديونــه تجــاه الكويت ال‬ ‫يعنــي ذلــك أن امــوال العراقيــة الخارجيــة‬ ‫ســتتعرض للخطــر»‪ ،‬مؤكــدا ان «بعــض‬

‫الــركات واالفــراد يدعــون زورا بوجــود‬ ‫مثــل هــذه الديــون»‪.‬‬ ‫يذكــر أن العــراق يســعى إللغــاء ديونــه‬ ‫املرتتبــة عليــه خــال فــرة حكــم النظــام‬ ‫الســابق صــدام حســن والبالغــة اكــر مــن‬ ‫‪ 120‬مليــار دوالر والتــي تعــود بعضهــا‬ ‫إىل تعويضــات بســبب الحــروب التــي‬ ‫شــنها عــى جريانــه والبعــض اآلخــر لــدول‬ ‫وتجــار‪ ،‬فيــا يطالــب الحكومــة بعــض‬ ‫الــدول والتجــار العراقيــة بــرورة دفــع‬ ‫مســتحقاتهم ويهــددون برفــع دعــاوى يف‬ ‫محاكــم دوليــة عــى صنــدوق الــواردات‬ ‫العراقيــة‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪53‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫جهنم كهرباء العراق‬

‫فساد وارهاب وسوء ادارة‬ ‫ومنافسة امريكية غير نزيهة‬

‫حــدد موقــع «دويتشــه فيلــه» األلمانــي الجوانــب‬ ‫المتعــددة الزمــة الكهربــاء فــي العــراق والتــي تهــدد‬ ‫اســتقراره السياســي واالجتماعــي واألمنــي‪ ،‬برغــم‬ ‫الوعــود المتكــررة بإصــاح المشــكلة التــي كبــدت‬ ‫الخزينــة أكثــر مــن ‪ 80‬مليــار دوالر منــذ العــام ‪.2005‬‬

‫‪54‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫فيلي‬

‫ونــر املوقــع األملــاين تقريـرا تحــت عنــوان‬ ‫"كيــف تحــل ازمــة العــراق الجهنميــة‬ ‫الســاخنة"‪ ،‬وترجمتــه مجلــة «فيــي»؛‬ ‫تســاءل فيــه عــن ســبب صعوبــة حــل‬ ‫هــذه املشــكلة برغــم أنــه يف كل موســم‬ ‫صيــف يحتــج العراقيــون عــى انقطــاع‬ ‫التيــار الكهربــايئ يف ظــل درجــات الح ـرارة‬ ‫املرتفعــة‪ ،‬وبرغــم وعــود الحكومــات‪،‬‬ ‫لكنــه اضــاف انــه يف الشــهور املاضيــة‪،‬‬ ‫وقعــت سلســلة مــن الهجــات عــى البنــى‬ ‫التحتيــة للخدمــة الكهربائيــة‪ ،‬مشــرا اىل أن‬ ‫التقاريــر املحليــة تشــر إىل تعــرض ‪ 70‬برجــا‬ ‫لعمليــات تفجــر تخريبيــة مــن جانــب‬ ‫تنظيــم داعــش‪.‬‬ ‫وتابــع التقريــر نقــا عــن متحــدث باســم‬ ‫وزارة الكهربــاء قولــه؛ إن "أحــدا مــا يحــاول‬ ‫زعزعــة اســتقرار البلــد وحياكــة اإلرهــاب"‪.‬‬ ‫اال ان التقريــر األملــاين قــال إن الواقــع هــو‬ ‫ان االرهابيــن يحاولــون اســتغالل هــذه‬ ‫املشــكلة القامئــة منــذ فــرة طويلــة فيــا‬ ‫يتعلــق بالعجــز يف الخدمــة الكهربائيــة‬ ‫حيــث أن العديــد مــن املــدن ال تتوفــر فيهــا‬ ‫خدمــة الكهربــاء ‪ 24‬ســاعة يوميــا‪ ،‬وهــي‬ ‫مشــكلة تتفاقــم خــال فصــل الصيــف‬ ‫حيــث ترتفــع درجــات الحــرارة إىل أكــر‬ ‫مــن ‪ 50‬درجــة مئويــة‪ ،‬والطلــب يفــوق‬ ‫اإلمــدادات وهــو مــا يســبب االنقطاعــات‪،‬‬ ‫ويف األيــام االخــرة حصــل توقــف لســاعات‬ ‫يف الكهربــاء يف مبــان حكوميــة ومطــارات‬ ‫ومستشــفيات‪.‬‬ ‫ويف الشــهر املــايض اســتقال وزيــر الكهربــاء‬ ‫ماجــد حنتــوش وهــو وزيــر الكهربــاء ال‪18‬‬ ‫الــذي يســتقيل‪.‬‬ ‫وذكــر "دويتشــه فيلــه" أنــه "مثلــا يحــدث‬ ‫يف كل صيــف يف العــراق‪ ،‬فــإن الحكومــة‬ ‫تعــد بــأداء عمــل أفضــل‪ ،‬ويف ديســمرب‪/‬‬ ‫كانــون األول ‪ ،2020‬توصلــت لجنــة برملانيــة‬ ‫تشــكلت للتحقيــق يف قطــاع الطاقــة‪ ،‬إىل ان‬ ‫‪ 81‬مليــار دوالر أنفقــت عــى القطــاع منــذ‬ ‫العــام ‪ ،2005‬وحتــى اآلن مل يحصــل تحســن‬

‫ملحــوظ"‪.‬‬ ‫واعتــر املوقــع أنــه ســيكون مــن الســهل‬ ‫تحميــل مشــكالت الكهربــاء يف العــراق‬ ‫اىل الفســاد مثلــا يفعــل العديــد مــن‬ ‫املتظاهريــن الغاضبــن‪ ،‬لكــن املحللــن‬ ‫يقولــون ان االجابــة اكــر تعقيــدا مــن ذلــك‬ ‫بكثــر‪.‬‬ ‫وقــال عــي الصفــار‪ ،‬املحلــل يف وكالــة‬ ‫الطاقــة الدوليــة‪ ،‬التــي تتخــذ مــن باريــس‬ ‫مقـرا لهــا‪ ،‬والتــي تقــدم املشــورة للحكومات‬ ‫بشــأن سياســات الطاقــة العامليــة‪" ،‬انهــا‬ ‫مثــل عاصفــة كاملــة‪ .‬واألمــر ال يتعلــق‬ ‫بالوضــع الفنــي فقــط‪ ،‬فهنــاك عوامــل غــر‬ ‫فنيــة وأســباب سياســية واقتصاديــة أيضــا"‪.‬‬ ‫واعتــر الصفــار أن بعــض هــذه العوامــل‬ ‫ال عالقــة لهــا بالسياســيني العراقيــن‪ ،‬مثــل‬ ‫حقيقــة أن عــدد الســكان يتزايــد وأن‬ ‫الصيــف يــزداد طــوال وجفافــا‪ ،‬مــا يرفــع‬ ‫الطلــب عــى الطاقــة ويقلــل العــرض‪،‬‬ ‫وبالتــايل تعمــل املولــدات الســاخنة بشــكل‬ ‫اقــل كفــاءة‪ ،‬مشــرا يف الوقــت نفســه اىل‬ ‫ان ادارة العوامــل االخــرى ميكــن ان تتــم‬ ‫بشــكل افضــل‪.‬‬ ‫وباعتقــاد الصفــار وخــراء آخريــن‪ ،‬فــان‬ ‫احــدى اكــر مشــاكل العــراق تتمثــل يف‬ ‫ارتفــاع مســتويات عــدم الكفــاءة يف ادارة‬ ‫كل مــن العــرض والطلــب‪.‬‬ ‫وبحســب املوقــع فــإن شــبكة الكهربــاء‬ ‫العراقيــة تخــر مــا بــن ‪ 40٪‬و ‪ 50٪‬خــال‬ ‫عمليــات نقــل الطاقــة عــر الشــبكة‪ ،‬مضيفــا‬ ‫أن هــذا مــا يشــكل الفــرق بــن مــا يتــم‬ ‫إنتاجــه وبــن مــا يتم تســليمه للمســتهلكني‪،‬‬ ‫مشــرا اىل ان هــذه الخســارة تحــدث‬ ‫ألســباب فنيــة مثــل معــدات نقــل الكهربــاء‬ ‫التالفــة أو ضعيفــة االداء او بســبب عوامــل‬ ‫الزمــن‪ .‬وهنــاك ايضــا اســباب غــر فنيــة‬ ‫مثــل الرسقــة او التخريــب‪.‬‬ ‫وبالنســبة اىل جانــب الخســارة هــذه‪ ،‬فــان‬ ‫العــراق يعتــر مــن بــن الــدول االعــى يف‬ ‫العــامل‪ ،‬فعــى ســبيل املثــال‪ ،‬فــان نقــل‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪55‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫«هذا وضع مروع بالنسبة للعراق‪ ،‬فالفشل‬ ‫في قطاع الطاقة لن يؤدي فقط الى‬ ‫زيادة الفساد السياسي‪ ،‬ولكنه يهدد ايضا‬ ‫يتجدد عنف المتطرفين‪ ،‬وأزمة كوفيد‪19-‬‬ ‫المتفاقمة‪ ،‬والخزينة المفلسة للدولة»‬

‫وتوزيــع الكهربــاء يف أملانيــا يســجل خســارة‬ ‫‪ 4%‬فقــط‪ ،‬بينــا املعــدل العاملــي حــواىل‬ ‫‪.8%‬‬ ‫حلقة مفرغة‬ ‫ونقــل املوقــع عــن الصفــار قولــه أن‬ ‫مشــكلة الكهربــاء يف العـراق تســلط الضــوء‬ ‫عــى مــدى صعوبــة إصــاح يشء مــن دون‬ ‫إصــاح الجانــب اآلخــر‪.‬‬ ‫واشــار املوقــع إىل ان الحكومــة العراقيــة‬ ‫وضعــت مخططــات لتطويــر وتحســن‬ ‫شــبكتها الكهربائيــة مــرات عديــدة‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا يتطلــب اســتثامرات ماليــة كبــرة‪،‬‬ ‫متســائال "لكــن مــن أيــن ســيأيت املــال؟"‪.‬‬ ‫واشــار اىل ان قلــة مــن العراقيــن يدفعــون‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫فواتــر الكهربــاء‪ ،‬بينــا عــدادات الكهربــاء‪،‬‬ ‫ال تعمــل بشــكل صحيــح‪ ،‬أو يتــم تجاهلهــا‬ ‫او عــدم تركيبهــا‪ ،‬وتشــيع ظاهــرة تعليــق‬ ‫املواطنــن عــى خطــوط الكهربــاء‬ ‫الســتخدامها مجانــا‪ ،‬بينــا يتســاءل‬ ‫مواطنــون عاديــون ملــاذا يتحتــم عليــه دفــع‬ ‫املــال مقابــل خدمــة كهربائيــة ســيئة لهــذه‬ ‫الدرجــة‪ ،‬ويفضلــون يف املقابــل‪ ،‬أن يدفعــوا‬ ‫املــال ملقــدم خدمــة املولــد الكهربــايئ يف‬ ‫الحــي الــذي يقطنــون فيــه‪.‬‬ ‫ويف اكتوبر‪/‬ترشيــن االول ‪ ،2020‬اظهــرت‬ ‫دراســة حــول القطــاع ان املواطنــن أنفقــوا‬ ‫‪ 4‬مليــارات دوالر للكهربــاء املتوفــرة لهــم‬ ‫مــن مولــدات الطاقــة الخاصــة خــال‬

‫العــام ‪ ،2018‬وهــو عمــل تجــاري مربــح‬ ‫مرتبــط بالسياســيني وقــادة امليليشــيات‪.‬‬ ‫وتوفــر املولــدات الخاصــة ‪ 20%‬مــن حاجــة‬ ‫العراقيــن اىل الكهربــاء‪.‬‬ ‫والبــراز املفارقــات الحاصلــة يف العــراق‪،‬‬ ‫ذكــر التقريــر االملــاين ان تراجــع اســعار‬ ‫النفــط العامليــة خــال العــام املــايض كان‬ ‫يعنــي أن أمــواال اقــل دخلــت يف ميزانيــة‬ ‫الدولــة للقيــام بهــذه االســتثامرات‪ ،‬وهــذا‬ ‫يــؤدي اىل اىل ان املواطنــن ال يريــدون أن‬ ‫يدفعــوا مقابــل عمليــة التطويــر املأمولــة‬ ‫ولكنهــم يف الوقــت نفســه يحتاجــون‬ ‫اىل اســتهالك املزيــد مــن الكهربــاء‪ ،‬كــا‬ ‫ان رجــال االعــال املحليــن ال يريــدون‬

‫حصــول التحســينات الن ذلــك ســيلحق‬ ‫رضرا بـــ "مافيــا املولــدات" املربحــة‪ ،‬وهنــاك‬ ‫حكومــة ليــس مبقدورهــا إجـراء تحســينات‪،‬‬ ‫حتــى إذا كانــت تريــد ذلــك‪.‬‬ ‫تدخل دويل‬ ‫ونقــل املوقــع عــن مريــم ســلامن‪،‬‬ ‫املستشــارة يف رشكــة قمــر للطاقــة‬ ‫االستشــارية يف ديب‪ ،‬قولهــا ان الع ـراق يجــد‬ ‫نفســه يف مــأزق إذ ال ميكنــه التخلــص مــن‬ ‫لوبيــات الضغــط الســيايس والتكتيــكات‬ ‫املخادعــة وســوء االدارة والهــدر املــايل يف‬ ‫القطــاع مــن دون تنفيــذ إطــار تنظيمــي‬ ‫قــوي لدفــع اإلصالحــات‪ .‬ومــن جهــة اخــرى‪،‬‬ ‫ال ميكنــه تنفيــذ ذلــك مــن دون التخلــص‬

‫مــن الفســاد"‪.‬‬ ‫لكــن املوقــع أشــار اىل عوامــل اخــرى‬ ‫معقــدة‪ ،‬مبــا يف ذلــك العالقــات الدوليــة‬ ‫الصعبــة‪ ،‬موضحــا أن العــراق وقــع عــى‬ ‫اتفاقيــات الســترياد الكهربــاء مــن دول‬ ‫مثــل األردن والكويــت والســعودية ومــر‪،‬‬ ‫لكــن العــراق يســتورد ايضــا كميــة كبــرة‬ ‫مــن الغــاز والكهربــاء مــن إي ـران لتشــغيل‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬وهــي مســألة تحــاول الواليــات‬ ‫املتحــدة احباطهــا‪.‬‬ ‫وتابــع انــه "يزعــم ان انقطــاع التيــار‬ ‫الكهربــايئ األخــر كان مرتبطــا بذلــك‪،‬‬ ‫حيــث ان ايــران طالبــت العــراق بتســديد‬ ‫مدفوعــات مقابــل امــدادات الطاقــة‪ ،‬فيــا‬

‫يواجــه العـراق عقبــات يف ســداد مدفوعــات‬ ‫بشــكل أرسع بســبب العقوبــات االمريكيــة‬ ‫عــى ايــران"‪.‬‬ ‫وتحــدث التقريــر عــن معلومــات خاصــة‬ ‫تفيــد بــأن االتفاقــات املربمــة عامــي ‪2018‬‬ ‫و‪ 2019‬مــع رشكــة "ســيمنز" األملانيــة‬ ‫الصــاح شــبكة الكهربــاء العراقيــة تعقــدت‬ ‫بســبب عوامــل خارجيــة‪ .‬وذكــرت بــان‬ ‫موقــع "بلومبــرغ" االمريــي اشــار اىل ان‬ ‫"ســيمنز" بعــد أن شــارفت عــى توقيــع‬ ‫اتفاقيــة قيمتهــا ‪ 15‬مليــار دوالر مــع‬ ‫الحكومــة العراقيــة‪ ،‬فــان ادارة الرئيــس‬ ‫االمريــي دونالــد ترامــب "اقنعــت" بغــداد‬ ‫بــان تختــار رشكــة امريكيــة بــدال مــن‬ ‫الرشكــة االملانيــة‪.‬‬ ‫وقــال املديــر الســابق يف "ســيمنز" جــو‬ ‫كيــر يف مقابلــة "الحظنــا وجــود قــوى غــر‬ ‫عاديــة" يف الســاحة‪ ،‬موضحــا أن املامرســات‬ ‫التــي حدثــت أثــرت بوضــوح‪.‬‬ ‫وأشــار "دويتشــه فيلــه" إىل أن لــدى‬ ‫الرشكتــن حاليــا مشــاريع يف العـراق‪ ،‬حيــث‬ ‫تدعــم الحكومــة االمريكيــة رشكــة "جــرال‬ ‫الكرتيــك" مــن اجــل مســاعدة العـراق عــى‬ ‫تقليــص االعتــاد عــى الغــاز االيــراين‪ ،‬يف‬ ‫حــن أن أملانيــا ركــزت بشــكل أســايس عــى‬ ‫تطويــر شــبكة الكهربــاء يف العــراق‪.‬‬ ‫عواقب وخيمة‬ ‫وختــم التقريــر االملــاين انــه برغــم كل ذلــك‪،‬‬ ‫ففــي كل صيــف تتعــرض حيــاة العراقيــن‬ ‫العاديــن للخطــر بســبب الحــرارة التــي ال‬ ‫تطــاق‪ ،‬ويتزايــد وضــوح مــدى اهميــة حــل‬ ‫هــذه املشــكلة‪.‬‬ ‫ونقــل عــن ســلامن قولــه إن "هــذا وضــع‬ ‫مــروع بالنســبة للعـراق‪ ،‬فالفشــل يف قطــاع‬ ‫الطاقــة لــن يــؤدي فقــط اىل زيــادة الفســاد‬ ‫الســيايس‪ ،‬ولكنــه يهــدد ايضــا يتجــدد عنــف‬ ‫املتطرفــن‪ ،‬وأزمــة كوفيــد‪ -19‬املتفاقمــة‪،‬‬ ‫والخزينــة املفلســة للدولــة"‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪57‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫مشروع الكاظمي لتوزيع االراضي‬ ‫االسكان في العراق‬ ‫مهمة التوطين المستحيلة‬ ‫بإعــان رئيــس مجلــس الــوزراء االتحــادي مصطفــى الكاظمــي عــن نيتــه‬ ‫توزيــع اراض ســكنية علــى المحتاجيــن يكــون قــد اضيــف لدينــا وعــد‬ ‫آخــر مــن عديــد الوعــود التــي ســبق ان جــرى االعــان عنهــا لمعالجــة‬ ‫ازمــة الســكن المســتفحلة بصــورة كارثيــة فــي العــراق‪ ،‬ومــن ذلــك‬ ‫مشــروع ‪ 10 × 10‬فــي مدينــة الثــورة ـ الصــدر‪ ،‬الــذي لــم يكتــب لــه النــور‬ ‫لدوافــع سياســية بحســب تحليــات معظــم المراقبيــن‪،‬‬ ‫فـــيـلـــي‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪59‬‬


‫فـــ‬

‫اقتصـــــــاد‬

‫وكذلــك جــرى توزيــع اســتامرات ســكن‬ ‫عــى بعــض مناطــق العشــوائيات وبخاصــة‬ ‫يفعــل‬ ‫يف العاصمــة بغــداد مــن دون ان ّ‬ ‫املوضــوع وكــذا الحــال مــع مــروع‬ ‫اســكان الصحفيــن الــذي تعــر بــدوره‪ ،‬ويف‬ ‫املحافظــات جــرى الحديــث عــن مشــاريع‬ ‫اســكان املوظفــن واملواطنــن مــن دون ان‬ ‫يحصــل املوعــودون عــى أي قطعــة ســكنية‪،‬‬ ‫فضــا عــن مشــاريع اخــرى كثــرة ادرجــت‬ ‫عــى الــورق وتتجــدد مــع كل حملــة‬ ‫انتخابيــة بحســب املراقبــن‪.‬‬ ‫اراض بال خدمات وبدائل زراعية!‬ ‫ميلــك كثــر مــن الســكان قطــع اراض‬ ‫اشــروها بأنفســهم يف مناطــق متفرقــة‬ ‫الســيام يف العاصمــة بغــداد‪ ،‬ولكنهــم مل‬ ‫يرشعــوا ببنائهــا وكأنهــم مل ميتلكــوا قطعــة‬ ‫ارض اصــا! وبعضهــم مــرت اكــر مــن‬ ‫عرشيــن ســنة او اكــر مــن ذلــك ومل يفلــح‬ ‫يف انشــاء منزلــه العائــي برغــم حاجتهــم‬ ‫القصــوى للســكن فيهــا النعــدام الخدمــات‬ ‫وبخاصــة املــاء والكهربــاء واملجــاري؛‬ ‫وتوزعــت كثــر مــن تلــك القطــع يف مناطــق‬ ‫النهــروان واملدائــن والثعالبــة والحميديــة‬ ‫وكثــر غريهــا يف بغــداد لوحدهــا‪ ،‬وكان ميكن‬ ‫ان تكــون عمليــة البنــاء يف تلــك املناطــق‬ ‫فرصــة للحكومــة لتحســن اوضــاع االســكان‪،‬‬ ‫ولكنهــا مل تفعــل واكتفــت مبراكمــة الوعــود‬ ‫بتوزيــع قطــع جديــدة مل تفعــل بدورهــا ومل‬ ‫تنقــذ الســكان بحســب املراقبــن واملتحقــق‬ ‫يف الواقــع‪.‬‬ ‫ومــع غيــاب مبــادرات الحكومــات املتعاقبة‬ ‫يف مجــال تأمــن الخدمــات لجــأ كثــر مــن‬ ‫الســكان اىل رشاء االرايض الزراعية يف اطراف‬ ‫املــدن لالســتفادة مــن خدمــات املناطــق‬ ‫املخدومــة اصــا مــا ادى اىل تضاعــف‬ ‫الضغــط عــى شــبكات الكهربــاء وامليــاه‬ ‫واملجــاري بصــورة اكــر ايالمــا‪ ،‬ألن الجهــات‬ ‫املعنيــة مل تقــدم الخدمــة لهــذه املناطــق‬ ‫الجديــدة ومل يجــري الســعي لتحويلهــا اىل‬ ‫ســكنية؛ ويف حــن يــرى مشــرو تلــك القطــع‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الزراعيــة انهــا مثلــت حــا عاجــا ألزمتهــم‬ ‫املتمثلــة يف ارتفــاع ايجــارات الــدور يف‬ ‫العــراق وانعــدام املعالجــات الحكوميــة‬ ‫عــى صعيــد ازمــة الســكن‪ ،‬يــرى آخــرون‬ ‫انهــا تؤثــر مســتقبال عــى املخطــط العمـراين‬ ‫ملدينــة بغــداد وغريهــا مــن املحافظــات‪،‬‬ ‫كــا قــد تكــون لهــا انعكاســات عــى الوضع‬ ‫الزراعــي يف البــاد‪ ،‬باملقابــل تعد املؤسســات‬ ‫البلديــة املعنيــة ان هــذه الظاهــرة غــر‬ ‫قانونيــة وتقــع يف خانــة التجــاوز‪ ،‬بحســب‬ ‫ترصيحــات ملســؤولني فيهــا‪.‬‬ ‫وعــادة مــا تشــرك مجموعــة كبــرة مــن‬ ‫االشــخاص يف رشاء أرض زراعيــة فتــدرج‬ ‫اســاؤهم يف ســند واحد ‪ ،‬الســيام إذا عرفنا‬ ‫إن مســاحة الدونــم الواحــد كبــرة‪ ،‬وعــى‬ ‫ســبيل املثــال يجتمــع ‪ 40‬شــخصا ليشــروا‬ ‫مســاحة خمســة دومنــات زراعيــة (الدونــم‬ ‫الواحــد ‪ 2500‬مــراً مربعــاً) فيقســمونها‬ ‫فيــا بينهــم‪ ،‬وتكــون اســعارها متهــاودة يف‬ ‫العــادة‪.‬‬ ‫وكالعــادة فــان محاولــة جعــل تلــك االرايض‬ ‫ســكنية فيهــا كثــر مــن الصعوبــات مــن‬ ‫ناحيــة عــدم توفــر الخدمــات و عــدم‬ ‫قــدرة املشــري عــى ســحب قــرض عقــاري‬ ‫للبنــاء كــون االرض زراعيــة‪ ،‬غــر ان ضيــق‬ ‫الحــال وبخــس اســعارها قياســا اىل االرايض‬ ‫االخــرى ميثــل حــا مؤقتــا‪ ،‬وبرغــم ان‬ ‫تغيــر جنــس االرض مــن صنــف العقــار‬ ‫الزراعــي اىل الســكني مــازال معمــوال بــه يف‬ ‫قوانــن التســجيل العقــاري إذا رأت لجــان‬ ‫الكشــف ان التحــول قــد حــدث فعــ ًا‬ ‫يف املســاحة املعنيــة‪ ،‬فلــم يجــري تنفيــذ‬ ‫ذلــك وظلــت املشــكالت تتناســل بحســب‬ ‫املختصــن‪ .‬ويشــر قانونيــون اىل انــه ســابقا‬ ‫كان القانــون ‪ 137‬مينــع تفتــت االرايض‬ ‫الزراعيــة وتوزيعهــا بــن عــدة اشــخاص ثــم‬ ‫الغــي ســنة‪ 1976‬بقانــون ‪ 53‬الــذي وحــد‬ ‫اصنــاف ارايض الدولــة والق ـرار‪ 286‬لســنة‬ ‫‪ 1987‬اعطــى حــدود الفــرز واالســتعامل‬ ‫لتلــك االرايض‪ ،‬وبالنســبة للجهــات البلديــة‬

‫''‬

‫ترافق اعالن حكومة‬ ‫الكاظمي توزيع نصف‬ ‫مليون قطعة أرض‬ ‫سكنية على السكان‪،‬‬ ‫والبدء بتفعيل بوابة‬ ‫تسجيل إلكترونية‬ ‫مع مخاوف كبيرة من‬ ‫سوء تطبيق االجراءات‬ ‫وتلكؤها وربما فشلها‬ ‫مثلما حدث مع تجارب‬ ‫سابقة‪.‬‬

‫املعنيــة فانهــا تقــول ان تقســيم االرض‬ ‫الزراعيــة اىل‪ 200‬مــراً مربعــاَ لــكل مشــر‬ ‫وبرغــم ان االصــول الرســمية تشــر اىل ان‬ ‫االرض زراعيــة لكــن مــن غــر املعقــول ان‬ ‫تحمــل مواصفــات االرض الزراعيــة وهــي‬ ‫بتلــك املســاحة وبالنتيجــة املدخــل واضــح‬ ‫يف تحويلهــا اىل ارض ســكنية‪.‬‬ ‫لقــد ترافــق اعــان حكومــة مصطفــى‬ ‫الكاظمــي اعتزامهــا توزيــع نصــف مليــون‬ ‫قطعــة أرض ســكنية عــى الســكان‪ ،‬والبــدء‬ ‫بتفعيــل بوابــة تســجيل إلكرتونيــة للتقديــم‬ ‫عــى قطــع األرايض مــع مخــاوف كبــرة مــن‬ ‫ســوء تطبيــق االجــراءات وتلكؤهــا ورمبــا‬ ‫فشــلها مثلــا حــدث مــع تجــارب ســابقة‬ ‫بحســب املراقبــن‪.‬‬ ‫ويبــدي اكادمييــون وخــراء ماليــون املهــم‬ ‫يف ان تســاعد حملــة الحكومــة يف تخفيــض‬ ‫أســعار العقــارات التــي تشــهد غــاء‬

‫جنونيــا‪ ،‬مبينــن أن مــن شــأن القــرار أن‬ ‫يعــن عــى تجنيــب الســكان اســتغالل‬ ‫املصــارف التــي تتعامــل مــع املواطــن‬ ‫بأســلوب ربــوي عــن طريــق معــدل الفوائــد‬ ‫املرتفعــة عــى القــروض املمنوحــة للســكن‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪ ،‬منوهــن اىل ان املشــاريع‬ ‫االســتثامرية للوحــدات الســكنية التــي‬ ‫تعاقــدت معهــا هيئــة االســتثامر الوطنيــة‬ ‫يف بغــداد ويف املحافظــات هــي كذلــك ذات‬ ‫أســعار ومعــدالت فائــدة ماليــة كبــرة تضــع‬ ‫عبئــا كبــر عــى الســكان‪.‬‬ ‫ويبــدي البعــض تخوفــه مــن صعوبــة‬ ‫التنفيــذ الحكومــي لحملــة الســكن الجديدة‬ ‫الســيام أن الحكومــة الحاليــة مل تحقــق‬ ‫قســا كبــرا مــن الوعــود التــي تعهــدت‬ ‫بهــا‪ ،‬كالكشــف عــن قتلــة املتظاهريــن‬ ‫والســيطرة عــى أســعار رصف الــدوالر‪،‬‬ ‫الــذي يتجــاوز احيانــا نحــو ‪ 1520‬دينــارا‬

‫لــكل دوالر‪ ،‬بحســب قولهــم‪ ،‬كــا اعــرب‬ ‫آخــرون عــن الخشــية مــن إخفــاق الحملــة‬ ‫لعــدم موافقــة أصحــاب األرايض أو إدارة‬ ‫املحافظــات املعنيــة‪.‬‬ ‫ويذ ّكــر اعالميــون بــأن جميــع رؤســاء‬ ‫الــوزراء الــذي حكمــوا الع ـراق منــذ ‪2003‬‬ ‫يطلقــون وعــودا لتوزيــع قطــع أراض وال‬ ‫يوجــد أي تنفيــذ حكومــي جــاد تجــاه‬ ‫هــذه األزمــة التــي تــؤرق الشــعب‪ ،‬عــى‬ ‫حــد وصفهــم‪ ،‬ويــرى البعــض أن إعــان‬ ‫الكاظمــي حملــة الســكن دعايــة انتخابيــة‬ ‫مبكــرة لــه كــا حــدث مــع أســافه مــن‬ ‫رؤســاء الــوزراء‪ ،‬محذريــن مــن عــدم‬ ‫الجديــة يف توزيــع قطــع الســكن ســواء‬ ‫ّ‬ ‫مجانــا أو مبقابــل نقــدي‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫جديــر بالذكــر ان تقاريــر األمــم املتحــدة‬ ‫تشــر إىل أن العــراق بحاجــة إىل نحــو ‪3.5‬‬ ‫ماليــن وحــدة ســكنية‪ ،‬وباحتســاب معــدل‬

‫أفـراد األرسة يف العـراق بـ ‪ 6‬أشــخاص تقريباً‬ ‫فــإن أكــر مــن نصــف الشــعب العراقــي‬ ‫يحتــاج إىل ســكن يف اقــل تقديــر؛ ولقــد‬ ‫شــخص خــراء ومتخصصــون أن االســتثامر‬ ‫يف مجــال البنــاء واإلنشــاءات يف العــراق‬ ‫يفتقــر إىل توافــر خطــة شــاملة تــدرس‬ ‫العالقــة بــن حاجــة الســكان وهيئــة تلــك‬ ‫املشــاريع وأســلوبها واتجاهاتهــا‪ ،‬مشــرين‬ ‫اىل أن القطــاع الخــاص العراقــي اســتطاع‬ ‫تقديــم الشــكل واألمنــوذج املتطــور واملحايك‬ ‫للمشــاريع الســكنية الفاخــرة يف بعــض‬ ‫الــدول العربيــة الرائــدة يف هــذا املجــال‪ ،‬إال‬ ‫أن انعــدام الضوابــط واألحــكام التــي تنظــم‬ ‫عمليــات البنــاء أدى إىل تحولها إىل مشــاريع‬ ‫للربــح الفاحــش‪ ،‬و أن تلــك املشــاريع مل‬ ‫تســتطع حــل مشــكالت الســكن املزمنــة يف‬ ‫العــراق‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪61‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫اكثر من ‪ %40‬تحت خط الفقر‬

‫متى ينتفع العراقيون‬ ‫من اموالهم ومتى‬ ‫تتحسن احوالهم؟‬

‫فــي شــهر آذار ‪ 2021‬كشــفت‬ ‫منظمــة االغذيــة والزراعــة «الفــاو»‪،‬‬ ‫عــن حاجــة خمســة وأربعيــن بلــدا‬ ‫مــن بينهــا العــراق الــى مســاعدة‬ ‫غذائيــة خارجيــة‪ ،‬واوضحــت ان مــن‬ ‫بيــن الــدول فضــا عــن العــراق‪،‬‬ ‫إثيوبيــا‪ ،‬وإريتريــا‪ ،‬وأفغانســتان‪،‬‬ ‫وبنغالديــش‪ ،‬والســودان‪ ،‬وجنــوب‬ ‫الســودان‪ ،‬والصومــال‪ ،‬ولبنــان‪،‬‬ ‫واليمــن‪ ،‬وســوريا‪ ...‬وهــو امــر غريب‬ ‫ان يوضــع العــراق ضمــن تلــك‬ ‫الــدول الفقيــرة‪ ،‬بــرأي المراقبيــن‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫وكان برنامــج األغذيــة العاملــي‪ ،‬التابــع‬ ‫لألمــم املتحــدة‪ ،‬قــد حــذر يف كانــون الثــاين‬ ‫‪ 2021‬مــن تعــ ّرض نحــو ‪ 3‬ماليــن عراقــي‬ ‫ألزمــة عــدم كفايــة اســتهالك الغــذاء‪،‬‬ ‫موضح ـاً أنّ تأثــرات ســلبية طالــت رشائــح‬ ‫كبــرة مــن العراقيــن جـ ّراء جائحــة كورونــا‪،‬‬ ‫محمـ ًا‬ ‫واألوضــاع واألزمــة املاليــة يف البــاد‪ّ ،‬‬ ‫الحكومــة مســؤولية تقديــم اإلعانــات‬ ‫الغذائيــة وضبــط األســعار يف الســوق‬ ‫املحليــة‪ ،‬وقــال الربنامــج يف ترصيــح أنــه‬ ‫«نظــراً ألنّ العــراق مــا يــزال اقتصاديــاً‬ ‫يعتمــد عــى النفــط‪ ،‬فقــد كان النخفــاض‬ ‫أســعار النفــط عامل ًيــا وتخفيضــات اإلنتــاج‬ ‫مــن منظمــة (أوبــك) تأثــر مبــارش عــى‬ ‫املــوارد املتاحــة‪ ،‬وجــاء تخفيــض قيمــة‬ ‫الدينــار العراقــي يف جــزء منــه لتغطيــة‬ ‫العجــز املــايل الــذي تراكــم خــال األشــهر‬ ‫التســعة املاضيــة‪ ،‬ألن معظــم املــواد‬ ‫الغذائيــة األساســية يتــم اســتريادها‪ ،‬وقــد‬ ‫أثــر القـرار يف أســعار بعــض املــواد الغذائيــة‬ ‫األساســية‪ ،‬مــا أثــر بــدوره يف األمــن الغــذايئ‬ ‫ـد إضــايف يف‬ ‫عــى مســتوى األرسة‪ ،‬وهــذا تحـ ٍ‬ ‫زمــن الوبــاء‪ ،‬حيــث فقــد الكثــر مــن النــاس‬ ‫وظائفهــم اليوميــة ودخلهــم»‪ ،‬ودعــا بــدوره‬ ‫«إىل املســاعدة يف معالجــة هــذه املشــكلة‪،‬‬ ‫عــى ســبيل املثــال تقديــم اإلعانــات للمــواد‬ ‫الغذائيــة األساســية‪ ،‬وضبــط األســعار‪ ،‬كــا‬ ‫يتعــن عــى الحكومــة العراقيــة اتخــاذ‬ ‫قــرارات صعبــة لتغطيــة عجزهــا املــايل»‪.‬‬ ‫وكانــت اللجنــة املاليــة يف الربملــان العراقــي‪،‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪63‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫قــد كشــفت يف ايلــول ‪ 2020‬عــن توجــه‬ ‫الحكومــة لالقــراض‪ ،‬مــن أجــل دفــع رواتب‬ ‫املوظفــن واملتقاعديــن؛ امــا وزيــر املاليــة‪،‬‬ ‫عــي عــاوي‪ ،‬الــذي اســتضافه الربملــان يف‬ ‫حينــه فشــدد عــى أن الحكومــة مضطــرة‬ ‫إىل االقــراض الداخــي والخارجــي‪ ،‬ولفــت‬ ‫إىل فتــح قنــوات اتصــال مــع صنــدوق‬ ‫النقــد الــدويل‪ ،‬وشــهد العـراق ســجاالت بني‬ ‫الســلطتني الترشيعيــة والتنفيذيــة بشــأن‬ ‫جــدوى االقــراض وهــل ُيســهم يف تعــايف‬ ‫االقتصــاد أم ال‪ ،‬وتســاءل كثــرون عــن‬ ‫جــدوى االقــراض مــع وصــول قيمــة ديــون‬ ‫العــراق إىل ‪ 124‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫ويف الحقيقــة‪ ،‬يظهــر ان املنظــات الدوليــة‬ ‫غــر معنيــة بالحديــث عــن ضيــاع االمــوال‬ ‫الهائلــة التــي جمعهــا العــراق منــذ عــام‬ ‫‪ 2003‬بعــد رفــع العقوبــات اثــر تغيــر‬ ‫النظــام املبــاد‪ ،‬تلــك االمــوال التــي كانــت‬ ‫ســتضع الع ـراق يف مصــاف الــدول املرفهــة‬ ‫فيــا لــو اســتعملت بصــورة صحيحــة‪،‬‬ ‫التــي تعرضــت للنهــب والفســاد‪ ،‬بحســب‬ ‫املراقبــن وبإقــرار الحكومــات املتعاقبــة‬ ‫نفســها!! وهــي ليســت مجــال حديثنــا اآلن‬ ‫اذ انهــا بحاجــة اىل دراســات وتحقيقــات‬ ‫خاصــة لعلهــا تنفــع يف االســتفادة مــن‬ ‫االمــوال الجديــدة التــي تتولــد اآلن بســبب‬ ‫معــاودة اســعار النفــط ارتفاعهــا وتجاوزهــا‬ ‫حاجــز الـــ ‪ 70‬دوالرا للربميــل‪.‬‬ ‫اموال جديدة‪ ..‬هل تستثمر مبا ينفع؟‬ ‫حقــق العــراق يف املــدة املاضيــة ارتفاعــا‬ ‫بإجــايل اإلي ـرادات النفطيــة مثــا يف شــهر‬ ‫حزيــران ‪ 2021‬بدعــم مــن اســتمرار‬ ‫ارتفــاع األســعار‪ ،‬بحســب احصائيــة أوليــة‬ ‫صــادرة عــن رشكــة تســويق النفــط العراقيــة‬ ‫«ســومو»‪ ،‬وأظهــرت اإلحصائيــة‪ ،‬وفقــا لبيان‬ ‫لــوزارة النفــط‪ ،‬ارتفــاع إيــرادات صــادرات‬ ‫النفــط الخــام العراقــي إىل ‪ 6.141‬مليــار‬

‫‪64‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫دوالر يف شــهر واحــد هــو حزيـران‪ ،‬وبلغــت‬ ‫كميــة الصــادرات مــن النفــط الخــام ‪86.77‬‬ ‫مليــون برميــل يف الشــهر‪ ،‬كان معظمهــا مــن‬ ‫الحقــول النفطيــة يف وســط وجنــويب العـراق‬ ‫بإجــايل ‪ 83.69‬مليــون برميــل؛ وبلغــت‬ ‫الكميــات املصــدرة مــن حقــول كركــوك عــر‬ ‫مينــاء جيهــان ‪ 3.08‬ماليــن برميــل‪ ،‬وبلــغ‬ ‫معــدل الصــادرات اليومــي ‪ 2.89‬مليــون‬ ‫برميــل‪ ،‬فيــا وصــل ســعر الربميــل إىل‬ ‫‪ 70.78‬دوالرا‪ .‬وكانــت إيــرادات صــادرات‬ ‫النفــط قــد حققــت ‪ 5.92‬مليــار دوالر‬ ‫يف شــهر أيــار ‪ ،2021‬مقارنــة مــع ‪5.55‬‬ ‫مليــار دوالر يف شــهر نيســان ‪ ،2021‬كــا‬ ‫أظهــرت بيانــات هنديــة ان العــراق كان‬ ‫اكــر مــورد نفــط للهنــد يف شــهر حزيــران‬ ‫‪ ،‬تليــه الســعودية‪ ،‬فيــا صعــدت اإلمــارات‬ ‫‪ 4‬مراكــز‪ .‬كــا ســجل العـراق‪ ،‬يف آذار ‪2021‬‬ ‫كثــاين أكــر منتــج للنفــط الخــام يف منظمــة‬ ‫البلــدان املصــدرة للبــرول «أوبــك» بعــد‬ ‫الســعودية‪ ،‬مبتوســط إنتــاج ‪ 4.6‬ماليــن‬ ‫برميــل يوميــا يف الظــروف االعتياديــة‪.‬‬ ‫وبــرأي الخــراء االقتصاديــن وهذا تشــخيص‬ ‫يبقــى مالزمــا للوضــع العراقــي‪ ،‬اال اذا جــرى‬ ‫تغيــر جــذري مــدروس فــإن «األخطــاء‬ ‫الجســيمة يف السياســة املاليــة‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫الفســاد‪ ،‬هــو مــا أدى إىل حــدوث العجــز يف‬ ‫املوازنــات العراقيــة‪ ،‬ويــؤدي اســتمرار هــذه‬ ‫السياســة إىل مزيــد مــن العجــز»‪ ،‬عــى حــد‬ ‫تعبريهــم‪ ،‬منوهــن اىل أن لــدى العــراق‬ ‫«فرصــة وحيــدة» إلنقــاذ نفســه مــن األزمــة‬ ‫املاليــة الحاليــة واملســتقبلية‪ ،‬عــر فتــح‬ ‫األبــواب أمــام املســتثمرين وتطويــر القطــاع‬ ‫الخــاص‪ ،‬وتخفيــف االعتــاد عــى إي ـرادات‬ ‫بيــع النفــط‪ ،‬وتطويــر الجانــب الزراعــي‪،‬‬ ‫وتقنــن اســترياد املنتجــات غــر الرضوريــة‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫ويلفــت املراقبــون واملتخصصــون اىل انــه يف‬

‫«األخطاء الجسيمة في السياسة‬ ‫المالية‪ ،‬إضافة إلى الفساد‪ ،‬هو ما‬ ‫أدى إلى حدوث العجز في الموازنات‬ ‫العراقية‪ ،‬ويؤدي استمرار هذه‬ ‫السياسة إلى مزيد من العجز»‬

‫الســنوات املاضيــة مل تتضــح أيــن ذهبــت‬ ‫األمــوال املــدورة مــن كل موازنــة‪ ،‬ومل تكــن‬ ‫هنــاك حســابات ختاميــة‪ ،‬فقــد تراكمــت‬ ‫الدرجــات الخاصــة‪ ،‬والرواتــب أصبحــت‬ ‫فــوق املعتــادة‪ ،‬وال تخضــع لســلم الرواتــب‪،‬‬ ‫بــل للمحاصصــة‪ ،‬وكل هــذه العوامــل‬ ‫وغريهــا جعلــت االقتصــاد العراقــي يتجــه‬ ‫مــن ســيئ إىل أســوأ‪ ،‬بحســب قولهــم‪،‬‬ ‫محذريــن مــن أن «تنامــي االقتصــاد الريعي‬

‫وتراجــع االقتصــاد الزراعــي والصناعــي‪،‬‬ ‫وإنفــاق كل مــا يــأيت‪ ،‬وضيــاع كثــر مــن‬ ‫األمــوال يف أروقــة الفســاد‪ ،‬جعلــت ‪ 40‬يف‬ ‫املئــة مــن العراقيــن تحــت خــط الفقــر‪،‬‬ ‫وســيجوع العراقيــون إذا مــا اســتمرت‬ ‫السياســية االقتصاديــة بهــذه الطريقــة»‪،‬‬ ‫واملالحــظ انــه كثــرا مــا تحــدث املســؤولون‬ ‫يف الع ـراق عــن ان البلــد يتجــه إىل تفعيــل‬ ‫اســتثامر الغــاز املصاحــب إلنتــاج النفــط‬

‫ولكنهــم مل يفعلــوا ذلــك وظلــت الكهربــاء‪،‬‬ ‫وغريهــا مــن الخدمــات الرضوريــة شــحيحة‬ ‫تحــت ظــل اهــواء دول اخــرى‪.‬‬ ‫ويالحــظ االقتصاديــون واملراقبــون‬ ‫واملحللــون السياســيون ويلمــس ذلــك‬ ‫الســكان‪ ،‬انــه ســواء ارتفعــت اســعار النفط‬ ‫ام مل ترتفــع‪ ،‬وســواء توفــرت للبلــد االمــوال‬ ‫ام مل تتوفــر‪ ،‬فــان الوضــع يبقــى عــى حالــه‬ ‫ومعــدالت الفقــر اىل تزايــد‪ ،‬ويرضبــون عــى‬

‫ذلــك مثــا يف ان الحكومــة قــد ادرجــت مــن‬ ‫ضمــن اســباب تخفيــض قيمــة الدينــار امــام‬ ‫الــدوالر ايقــاف تهريــب العملــة كأحــد‬ ‫نتائــج ذلــك‪ ،‬اال انــه لوحــظ عــودة «تهريــب‬ ‫وتبييــض» االمــوال عــر م ـزاد بيــع العملــة‬ ‫يف البنــك املركــزي «بقــوة اكــر»‪ ،‬بحســب‬ ‫مــا كشــفت عنــه اللجنــة املاليــة النيابيــة يف‬ ‫منتصــف متــوز ‪.2021‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪65‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫استقاللية الجامعات خطوة‬

‫النقاذ التعليم‬ ‫العالي من مأزقه‬

‫عانــى التعليــم العالــي منــذ تأســيس وزارة التعليــم‬ ‫العالــي والبحــث العلمــي قبــل خمســين عامــا مــن‬ ‫اشــكال مختلفــة مــن التدخــل السياســي‪ ،‬حيــث تــم‬ ‫قمــع أي شــكل مــن أشــكال المشــاركة النقديــة‬ ‫والحريــات االكاديميــة والنشــاط السياســي واالحتجــاج‬ ‫إن لــم يتــم ســحقها بعنــف‪.‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬محمد الربيعي‬

‫‪66‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫أصبــح التمييــز بــن التدريســيني قاعــدة‪،‬‬ ‫والتدريــس يعتمــد مبعظمــه عــى التلقــن‪،‬‬ ‫واملناهــج جامــدة كالصخــر والبحــوث‬ ‫مقتبســة وعدميــة الفائــدة والقيــادات‬ ‫الجامعيــة تخضــع إلرادة السياســيني ومل‬ ‫يعــد االلتحــاق بالجامعــة وال بالدراســات‬ ‫العليــا وال الشــهادات شــأن مــن شــؤون‬ ‫الجامعــات وامنــا تحددهــا رغبــات‬ ‫السياســيني وعــدد مــن اعضــاء مجلــس‬

‫النــواب‪ .‬وال يتــم تقديــر اإلبــداع إال مــن‬ ‫خــال تدابــر قصــرة النظــر مســتندة عــى‬ ‫القيــاس الكمــي او عــى معايــر غريبــة‬ ‫عــن التعليــم العــايل‪.‬‬ ‫عنــد تقييــم أداء الــوزارات املتعاقبــة يف‬ ‫التعليــم العــايل‪ ،‬يحتــاج املــرء إىل أن يكــون‬ ‫عــى درايــة بالوضــع الســيايس يف الدولــة‪.‬‬ ‫يف حــن أن منــوذج الجامعــة املســتقلة التي‬ ‫دعينــا اليهــا منــذ ‪ 2003‬مل يكــن اال حلــم‬

‫وحاليــا مجــرد خيــال يف عـراق اليــوم‪ ،‬فــإن‬ ‫إمكانيــة جعــل الجامعــات أكــر ارتباطــا‬ ‫باملجتمــع‪ ،‬وان يصبــح التعليــم اكــر جودة‬ ‫مــن خــال اإلصالحــات االســراتيجية تــم‬ ‫انهائهــا بالكامــل يف الســنوات االخــرة‪.‬‬ ‫لقــد تــم إضعــاف أي إمكانيــة لإلصــاح‬ ‫مــن خــال التدخــات السياســية (ومنهــا‬ ‫قانــون تعــادل الشــهادات)‪ ،‬والتخفيضــات‬ ‫غــر املعقولــة يف ميزانيــة التعليــم العــايل‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪67‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫''‬

‫الطالب هم من يتحملون‬ ‫وطأة انعدام االموال‬ ‫الكافية‪ ،‬وهزالة االمرافق‬ ‫االكاديمية‪ ،‬وضعف‬ ‫تدريب التدريسيين‪.‬‬ ‫اصبحت الشهادات‬ ‫العليا للوجاهة والمكانة‬ ‫االجتماعية‬

‫للبنــاء‪ ،‬واالبتعــاث ومبــا يتــاىش مــع‬ ‫انتشــار الفســاد والنهــب مــن ميزانيــة‬ ‫الدولــة‪ .‬التدخــات السياســية اصبحــت‬ ‫حالــة طبيعيــة‪ ،‬وهــو مــا يقلقنــي اكــر‬ ‫مــن اي امــر آخــر الن نظــام التعليــم الــذي‬ ‫يحكمــه سياســيني فاســدين ال ميكــن اال ان‬ ‫ينتــج «متعلمــن جهلــة»‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الطــاب هــم مــن يتحملــون وطــأة‬ ‫انعــدام االمــوال الكافيــة‪ ،‬وهزالــة‬ ‫ااملرافــق االكادمييــة‪ ،‬وضعــف تدريــب‬ ‫التدريســيني‪ .‬اصبحــت الشــهادات العليــا‬ ‫للوجاهــة واملكانــة االجتامعيــة‪ ،‬ومل يعــد‬ ‫حاملــو هــذه الشــهادات يفهمــون أنهــم‬ ‫تعلمــوا مــن أجــل أن يخلقــوا قيمــة أعــى‬

‫وأكــر جــودة يف القطاعــات الحكوميــة أو‬ ‫الخاصــة‪ .‬النقــاش األســايس حــول معنــى‬ ‫الجامعــات كمؤسســات حاســمة للتعليــم‬ ‫العــايل والتــي يجــب أن تشــكل نقطــة‬ ‫البدايــة ألي اســراتيجية للتعليــم العــايل‬ ‫غــر موجــود‪.‬‬ ‫إذن مــا هــي سياســة الحكومــات املتعاقبــة‬

‫بشــأن التعليــم العايل؟‬ ‫مل يتــم صياغــة إطــار سياســة شــاملة‬ ‫يتنــاول التعليــم العــايل عــى وجــه‬ ‫التحديــد فيــا عــدا التوســع يف القبــول‪.‬‬ ‫وال يبــدو ان الحكومــات تسرتشــد يف‬ ‫خططهــا برؤيــة وأهــداف محــددة‪ ،‬أو‬ ‫واضحــة‪ ،‬بــل ان معظــم قراراتهــا هــي‬

‫انعــكاس لالزمــات التــي متــر بهــا‪ .‬ويبــدو‬ ‫ان سياســة التوســع يف السياســات العليــا‬ ‫يف ظاهرهــا اســتجابة للضغــوط مــن‬ ‫خريجــي الجامعــات العاطلــن ومــن‬ ‫الذيــن يتطلعــون اىل تحســن منزلتهــم‬ ‫االجتامعيــة‪ ،‬وكذلــك ضغــوط اعضــاء‬ ‫مجلــس النــواب ســواء لتحقيــق رغباتهــم‬ ‫الشــخصية او للحصــول عــى مكاســب‬ ‫انتخابيــة‪ .‬وتكمــن خطــورة هــذه‬ ‫االجــراءات يف ضعــف وفســاد الدراســات‬ ‫العليــا وعــدم تحقيقهــا ألهدافهــا يف زيــادة‬ ‫الدقــة‪ ،‬والقــوة والعمــق يف التخصــص‬ ‫وتأهيــل الــدارس اىل البحــث العلمــي‬ ‫املتعمــق والتفكــر النقــدي‪ ،‬وحل املشــاكل‬ ‫االجتامعيــة والعلميــة والتكنولوجيــة‪،‬‬ ‫باالضافــة اىل وقوفهــا حجــر عــرة امــام‬ ‫االبتعــاث والــذي ميثــل الطريــق الرئيــي‬ ‫الكتســاب املعــارف والعلــوم الحديثــة‬ ‫والخــرة الدوليــة وتعلــم اللغــات وثقافــات‬ ‫الشــعوب واالحتــكاك بالعلــاء العامليــن‪.‬‬ ‫ان ثقــل ظاهــرة بطالــة الخريجــن املبــارشة‬ ‫وغــر املبــارشة وانخفــاض الكفــاءة‬ ‫التعليميــة والتدريبيــة و»الجــودة»‬ ‫وزيــادة الفاقــد الرتبــوي تتطلــب نهجــا‬ ‫اداريــا وتعليميــا مغايــرا ملــا هــو قائــم‬ ‫حاليــا‪ ،‬لــذا ادعــو الحكومــة وقيــادات‬ ‫التعليــم العــايل اىل التفكــر والتخطيــط‬ ‫لنظــام تعليمــي جامعــي مــن خــال ثالثــة‬ ‫ـدت عليهــا مـراراً‪1-:‬‬ ‫مفاهيــم ســبق وان اكـ ُ‬ ‫اســتقاللية الجامعــة واملرونــة التنظيميــة‬ ‫والهيكليــة ملختلــف مؤسســاتها‪ 2-.‬تنميــة‬ ‫مســتوى كفــاءات ومؤهــات املــوارد‬ ‫البرشيــة‪ 3-.‬تطويــر املناهــج وطرائــق‬ ‫التعليــم والتدريــس‪.‬ان نظــرة رسيعــة عــى‬ ‫التنظيــم االداري إلدارة التعليــم العــايل‬ ‫والبحــث العلمــي ســواء عــى مســتوى‬ ‫االدارة املركزيــة‪ ،‬أم عــى مســتوى االدارة‬ ‫الجامعيــة واملؤسســاتية يكشــف لنــا مــدى‬

‫هيمنــة االدارة املركزيــة‪ ،‬يف حــن يعــاين‬ ‫التنظيــم الجامعــي مــن الخلــل والضعــف‪.‬‬ ‫ـت هــذا املوضــوع يف عــدد مــن‬ ‫لقــد تناولـ ُ‬ ‫املقــاالت‪ ،‬ووضعــت فيهــا إطــار عــام‬ ‫الســتقاللية الجامعــات ميكــن للقــارئ‬ ‫مــن مراجعتهــا بفتــح الروابــط يف اســفل‬ ‫املقالــة‪.‬‬ ‫املشــكلة تكمــن يف توزيــع املســؤوليات‪،‬‬ ‫حيــث تبــدو صــورة التنظيــم الالمتــوازن‬ ‫يف طريقــة توزيــع املســؤوليات ومامرســة‬ ‫الســلطات لصالــح االدارة املركزيــة ويف‬ ‫التزايــد يف تدخــات مجلــس النــواب‬ ‫واعضائــه‪ .‬وجــود وزارة تديــر التعليــم‬ ‫العــايل والجامعــات حكوميــة وأهليــة‬ ‫ينتــج بالــرورة توزيــع مســؤولية‬ ‫وتقســيم عمــل يف دوائــر اداريــة تســند‬ ‫اىل اشــخاص يتولــون ادارتهــا وتســيريها‬ ‫لتحقيــق االهــداف العامــة للــوزارة‪ .‬فكلــا‬ ‫كان التنظيــم االداري يف الــوزارة محكــا‪،‬‬ ‫وكلــا تخلــت ادارات الجامعــات عــن‬ ‫املطالبــة بــادارة نفســها بنفســها‪ ،‬نتــج‬ ‫عنــه زيــادة يف هيمنــة االدارة املركزيــة‬ ‫عــى مســتوى مامرســة الســلطات املاليــة‬ ‫واالداريــة واالكادمييــة‪ ،‬خصوصــا عندمــا‬ ‫يكــون تنظيــم االدارة الجامعيــة اصــا‬ ‫ضعيفــا وناقصــا وهشــا لكــون معظــم‬ ‫التعيينــات مســتندة عــى املحاصصــة‬ ‫الحزبيــة او موافقــة االحــزاب‪ .‬وميكــن‬ ‫مالحظــة ان املســؤولية مرتبطــة بــاإلدارة‬ ‫املركزيــة وعالقاتهــا بــكل جامعــة عــى‬ ‫حــدة ممثلــة برئيــس الجامعــة والعمــداء‬ ‫والكليــات بينــا ينعــدم االرتبــاط بــن‬ ‫الجامعــات عــى مســتوى التنظيــم‬ ‫املؤسســايت وحتــى بــن الكليــات داخــل كل‬ ‫جامعــة وفيــا بــن الجامعــات مــا نتــج‬ ‫عــن ذلــك هيمنــة املركــز عــى الجامعــات‬ ‫عــى مســتوى مامرســة الســلطة االداريــة‪.‬‬ ‫ان هــذا الوضــع اثــر تأثــرا كبــرا يف عقليــة‬ ‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪69‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫االســتئثار بالق ـرارات‪ ،‬ســواء عــى مســتوى‬ ‫النــوع ام الكــم بــن مجلــس النــواب‬ ‫والــوزارة مــن جهــة والجامعــات مــن جهــة‬ ‫اخــرى مــع ان االخــرة تقــع اصــا تحــت‬ ‫رحمــة القــوى السياســية مــن خــال‬ ‫نظــام املحاصصــة الــذي يحكــم تعيــن‬ ‫قياداتهــا‪ .‬ومهــا كانــت أهميــة الق ـرارات‬ ‫املركزيــة لتســيري الجامعــات فأنهــا تتصــف‬ ‫بخاصيتــن ســلبيتني‪ ،‬هــا انهــا شــمولية ال‬ ‫تأخــذ بنظــر االعتبــار رأي التدريــي يف‬ ‫التســيري االداري والرتبــوي واالكادميــي‪ ،‬وال‬ ‫يف خصوصيــة وضــع الجامعــة كمؤسســة‬ ‫علميــة لهــا مســؤولية يف تحديــد رؤاهــا‬ ‫وأهدافهــا يف القبــول واملناهــج والتخطيــط‬ ‫االكادميــي واالرشاف والتدبــر املــايل‪.‬‬ ‫هنــاك شــيئان ق ّوضــا مــن امكانيــة منــح‬ ‫الجامعــات العراقيــة اســتقالليتها‪ .‬أو ًال‪،‬‬ ‫للــوزارة ســلطة قويــة للغايــة‪ ،‬وثانيــا‪،‬‬ ‫التدخــل الســيايس يف الجامعــات‪ .‬دعونــا‬ ‫نأخــذ هذيــن العاملــن واحــدا تلــو اآلخــر‪.‬‬ ‫الــوزارة مســؤولة عــن تعيــن االداريــن‬ ‫والتدريســيني ورواتبهــم وعــن الرتقيــة‬ ‫واملكافئــات ومــا إىل ذلــك‪ ،‬وهــي االمــور‬ ‫التــي جعلــت الســيطرة عــى األوســاط‬ ‫األكادمييــة أســهل‪ .‬ثــم تــأيت الربامــج‬ ‫واملناهــج وتحديــد مــا يتــم تدريســه ومــن‬ ‫يقــوم بتدريســه عــى اســاس االعــراف‬ ‫باالختصــاص‪ .‬تليهــا قواعــد القبــول‪ ،‬ومــن‬ ‫ميكــن لــه ان يتقــدم لدراســة املاجســتري‪،‬‬ ‫أو الدكتــوراه ومــا إىل ذلــك‪ .‬تــم متويــه‬ ‫كل واحــدة مــن هــذه التدخــات يف‬ ‫اســتقاللية الجامعــات يف اطــار املنفعــة‬ ‫املشــركة والتنظيــم املشــرك القائــم‬ ‫عــى اســاس ان الــوزارة تعــرف مصلحــة‬ ‫البلــد بافضــل مــا تعرفــه كل جامعــة‬ ‫عــى حــدة‪ .‬ولــي نكــون منصفــن‪ ،‬منــذ‬ ‫ان بــدأت إعــداد كبــرة مــن الكليــات‬

‫‪70‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫والجامعــات االهليــة‪ ،‬كان العديــد منهــا‬ ‫يقــدم برامــج دون املســتوى‪ .‬عــاوة عــى‬ ‫ذلــك‪ ،‬نظـراً لوجــود طلــب للحصــول عــى‬ ‫درجــات املاجســتري والدكتــوراه‪ ،‬والعتقــاد‬ ‫الجامعــات بــأن منحهــا لهــذه الدرجــات‬ ‫يكســبها منزلــة افضــل‪ ،‬فــإن العديــد‬ ‫مــن الجامعــات بــدأت متنــح املاجســتري‬ ‫والدكتــوراه‪ .‬لكــن ملــاذا حــدث هــذا؟ كان‬ ‫يحــدث ألن سياســات الحكومــات شــجعت‬ ‫الكميــة‪ .‬يف الســبعينات مــن القــرن‬ ‫املــايض عندمــا بــدأت الدراســات العليــا‪،‬‬ ‫كانــت جامعــة بغــداد تقــدم برنامــج‬ ‫دراســة ملاجســتري قويــة مدتهــا ســنتان‪.‬‬ ‫كانــت مثــل درجــة البكالوريــوس العاديــة‬ ‫مــن جامعــة بريطانيــة أو أمريكيــة‪ .‬كان‬

‫معظــم التدريســيني واملرشفــن عــى طلبــة‬ ‫املاجســتري مــن خريجــي الــدول الغربيــة‬ ‫او كانــوا انفســهم مــن الــدول االجنبيــة‪.‬‬ ‫تــم اآلن اســتبدال هــذه القواعــد‬ ‫الصلبــة بجــودة متغايــرة‪ .‬يتعلــم املــرء‬ ‫يف املاجســتري العراقــي أقــل بكثــر مــا‬ ‫يتعلمــه يف برنامــج املاجســتري الرصــن مــن‬ ‫ناحيــة التفكــر الــذايت والنقــدي وطــرق‬ ‫وأســاليب البحــث والنــر نظــراً ألن‬ ‫مكــون البحــث هــو يف الغالــب مفــرس‪ ،‬او‬ ‫ســطحي عديــم التأثــر أو الفائــدة‪ .‬ثانيــا‪،‬‬ ‫معظــم املرشفــن ال يقومــون بواجباتهــم يف‬ ‫االرشاف الصحيــح وال بتعريــف الباحــث‬ ‫عــى القواعــد واللوائــح الخاصــة بإجــراء‬ ‫وبكتابــة البحــث العلمــي يف الجامعــة‬

‫ومتابعتهــم إلجــراء الطالــب للخطــوات‬ ‫األكادمييــة‪.‬‬ ‫ليــس هــذا كل يشء‪ .‬تتحكــم الــوزارة‬ ‫يف املناهــج وتــر عــى توحيدهــا‪ .‬ال‬ ‫ميكــن للقســم او الكليــة او الجامعــة ان‬ ‫تحــدد منهجــا مغايــراً او مختلفــا عــن‬ ‫الجامعــات االخــرى‪ .‬انــه بصــورة بســيطة‬ ‫طريقــة مشــابهة لعمليــة وضــع املناهــج‬ ‫يف املــدارس االبتدائيــة‪ .‬باختصــار‪ ،‬ليــس‬ ‫هنــاك اســتقاللية أكادمييــة للجامعــات‪.‬‬ ‫ومــا زاد الطــن بلــة‪ ،‬أن الجامعــات‬ ‫نفســها تخضــع لرقابــة ُمحكمــة‪ ،‬وأحــد‬ ‫أكــر األجهــزة املهينــة التــي توصلــوا إليهــا‬ ‫هــو تحديــد وقــت الــدوام‪ .‬يبقــى أعضــاء‬ ‫هيئــة التدريــس يف الجامعــة لعــدد محــدد‬

‫مــن الســاعات وعليهــم املغــادرة يف أوقات‬ ‫معينــة‪ .‬هــذا يدمــر متامــا احــرام الــذات‪،‬‬ ‫واالســتقاللية الشــخصية للتدريســيني‪ .‬مل‬ ‫يحصــل ذلــك يف الســابق ومل يتــم القيــام‬ ‫بــه يف جامعــة بغــداد‪ ،‬حيــث عملــت‬ ‫معيــداً‪ .‬أتحــدى أي شــخص أن يطلعنــي‬ ‫عــى أي جامعــة محرتمــة تنتــج أبحاثــا‬ ‫عامليــة املســتوى ال يبقــي أعضــاء هيئــة‬ ‫التدريــس اال لعــدد محــدد مــن الســاعات‪.‬‬ ‫إن أعضــاء هيئــة التدريــس الذيــن يتــم‬ ‫التعامــل معهــم عــى هــذا النحــو لــن‬ ‫يكونــوا ببســاطة مبدعــن‪.‬‬ ‫وكأن كل هــذا ليــس كافيــا‪ ،‬بــدأ اعضــاء‬ ‫الربملــان بــاإلرشاف املبــارش عــى الــوزارة‬ ‫والجامعــات‪ .‬واألســوأ مــن ذلــك‪ ،‬بــدأ‬

‫السياســيون يف متريــر األوامــر لرؤســاء‬ ‫الجامعــات كــا لــو كانــوا يحكمونهــا‪.‬‬ ‫كيــف حــدث هــذا؟ ابتــدأت الحكومــة‬ ‫بالســيطرة عــى الجامعــات منــذ ان شــعر‬ ‫حــزب البعــث باهميتهــا يف ترســيخ الفكــر‬ ‫القومــي الشــوفيني‪ .‬ولألســف اســتمرت‬ ‫هــذه الســيطرة بعــد ‪ 2003‬عــن طريــق‬ ‫االحــزاب الحاكمــة‪ ،‬وطريقــة تقاســمها‬ ‫الســلطة‪ ،‬مــا أدى إىل تقويــض مــا تبقــى‬ ‫مــن اســتقالليتها‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬هل هناك حل لهذا الوضع؟‬ ‫نعــم‪ ،‬لحســن الحــظ هنــاك حــل‪ .‬إذا منحنا‬ ‫الجامعــات حكــا ذاتيــا‪ ،‬فيمكننــا البــدء يف‬ ‫إحــداث تغيــر‪ .‬يجــب أن يكــون تشــكيل‬ ‫مجلــس امنــاء الجامعــة والحصــول عــى‬ ‫اعتــاد مؤسســايت عــى رأس أولويــات‬ ‫الجامعــات‪ .‬يجــب أن يتــم تزويدهــم‬ ‫بالتمويــل الــذي يحتاجــون إليــه‪ ،‬مبــا يف‬ ‫ذلــك الرواتــب واالمتيــازات ألعضــاء هيئــة‬ ‫التدريــس ويجــب أن يكونــوا مســتقلني‪.‬‬ ‫يجــب أال يكــون للحكومــة أي ســيطرة‬ ‫عليهــا عــى اإلطــاق‪ .‬بالطبــع الربملــان‬ ‫ســيادي وميكنــه تعيــن لجنــة للتعامــل مــع‬ ‫شــؤونهم إذا لــزم األمــر‪ ،‬لكــن هــذا كل‬ ‫يشء‪ .‬ال ينبغــي أن يكــون للجــزء التنفيــذي‬ ‫مــن الحكومــة أي عالقــة بهــا بخــاف‬ ‫التمويــل‪ .‬يتــم تشــكيل املجلــس االعــى‬ ‫للجامعــات وال يكــون فيــه أي عضــو مــن‬ ‫الدولــة ويتــم انتخــاب رئيــس كل جامعــة‬ ‫مــن قبــل تدريــي الجامعــة‪.‬‬ ‫ســتضمن هــذه التغيــرات أن تظــل‬ ‫الجامعــات التــي لديهــا أفضــل أعضــاء‬ ‫هيئــة التدريــس مســتقلة بذاتهــا بــد ًال‬ ‫مــن كبــح االســتقاللية األكادمييــة بأســم‬ ‫«الرصانــة» والتــي يف الواقــع تــم االرضار‬ ‫بهــا كنتيجــة التدخــل الحكومــي يف شــؤون‬ ‫الجامعــات‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪71‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫بين العراق ولبنان‪..‬‬

‫ظاهرة سماسرة أرواح تنذر بكارثة صحية‬

‫فـــيلي‬

‫يشــكو ســكان محافظــة‬ ‫األنبــار غربــي العــراق‪ ،‬مــن‬ ‫االرتفــاع الحاصــل بأســعار‬ ‫األدويــة والعالجــات فــي‬ ‫باإلضافــة‬ ‫الصيدليــات‪،‬‬ ‫إلــى إختــاف األســعار بيــن‬ ‫صيدليــة وأخــرى‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫دفعهــم للمطالبــة بتدخــل‬ ‫اللجــان الرقابيــة لتوحيــد‬ ‫وتخفيضهــا‪،‬‬ ‫األســعار‬ ‫بهــدف تخفيــف العــبء عــن‬ ‫كاهــل المرضــى وعوائلهــم‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪73‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫إنــه «يذهــب إلــى الطبيــب‬ ‫ويخــرج بوصفــة عــاج ال يفهمهــا‬ ‫ســوى الصيدالنــي الــذي أرســله‬ ‫إليــه الطبيــب الــذي كان عنــده‪،‬‬ ‫وأجبــر علــى دفــع ثمــن العــاج‬ ‫بضعــف ســعره فــي مــكان آخــر»‪.‬‬

‫وصفة مشفرة‬ ‫عــدد مــن املراجعــن عــى الصيدليــات‬ ‫باملــدن الرئيســة يف األنبــار‪ ،‬أشــاروا إىل‬ ‫أن الكثــر مــن األطبــاء وباالتفــاق مــع‬ ‫الصيدليــات‪ ،‬يقومــون بكتابــة الوصفــة‬ ‫الطبيــة بطريقــة مشــفرة ال يفهمهــا ســوى‬ ‫الصيــدالين املتفــق معــه‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫يجــر املراجعــن عــى رشاء الوصفــة مــن‬ ‫الصيدليــة التــي يرســله إليهــا الطبيــب‪ ،‬بــأي‬ ‫ســعر كان عليــه‪.‬‬ ‫وخــارج أســوار مستشــفى الفلوجــة‬ ‫التعليمــي رشقــي األنبــار‪ ،‬حيــث املجمعــات‬ ‫الطبيــة والصيدليــات‪ ،‬التقــت مجلــة‬ ‫«فيــي» بعــدد مــن املواطنــن املراجعــن‬ ‫هنــاك‪ ،‬لالســتامع ملعاناتهــم ومطالبهــم‪.‬‬ ‫املواطــن عــار محمــد (‪ 31‬ســنة)‪ ،‬وصــف‬ ‫أطبــاء األنبــار بـ»ســارسة األرواح»‪ ،‬إذ‬ ‫أن همهــم الوحيــد هــو كســب املــال وال‬ ‫يبالــون للوضــع الصحــي للمراجــع ومقدرتــه‬ ‫عــى رشاء العــاج مــن عدمهــا‪.‬‬ ‫وقــال محمــد‪« ،‬يجــب عــى األطبــاء أن‬ ‫يكونــوا مالئكــة الرحمــة قــو ًال وفعــ ًا‪،‬‬ ‫وليــس ســارسة أرواح‪ ،‬يقذفــوا باملريــض‬ ‫خــارج عيادتهــم إن مل يكــن يحمــل املــال‬ ‫الــكايف»‪.‬‬ ‫مراجــع آخــر قاطــع عــار‪ ،‬بالقــول «مل يعــد‬ ‫ميكننــي الذهــاب إىل الطبيــب اال بعــد‬

‫‪74‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫اســتالم راتبــي التقاعــدي‪ ،‬الحملــه وأذهــب‬ ‫للعــاج‪ ،‬فكشــفية الطبيــب ‪ 25‬ألــف دينــار‪،‬‬ ‫وعندمــا ادخــل إليــه يقــوم بفحــي مقابــل‬ ‫‪ 25‬ألــف أخــرى‪ ،‬وأذهــب للصيدليــة‬ ‫ـي دواء او ثالثــة بـــ‪100‬‬ ‫واخــرج منهــا بعلبتـ َ‬ ‫ألــف او أكــر‪ ،‬أيــن الجهــات الرقابيــة‬ ‫والحكومــة املحليــة مــن هــؤالء التجــار ؟ أم‬ ‫أنهــم مســتفيدون منهــم باالتفــاق أيضـاً ؟»‪.‬‬ ‫ويف قضــاء الرمــادي مركــز محافظــة األنبــار‪،‬‬ ‫يقــول املواطــن زيــد جاســم (‪ 28‬ســنة)‪،‬‬ ‫إنــه «يذهــب إىل الطبيــب ويخــرج بوصفــة‬ ‫عــاج ال يفهمهــا ســوى الصيــدالين الــذي‬ ‫أرســله إليــه الطبيــب الــذي كان عنــده‪،‬‬ ‫وأجــر عــى دفــع مثــن العــاج بضعــف‬ ‫ســعره يف مــكان آخــر»‪.‬‬ ‫ويعمــل جاســم‪ ،‬بحســب حديثــه ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬يف البنــاء بأجــر يومــي قــدره ‪15‬‬ ‫ألــف دينــار فقــط‪ ،‬وال يــدري هــل يدفــع‬ ‫تكاليــف عــاج ابنــه الــذي لديــه فتحــة يف‬ ‫القلــب أم يدفــع تكاليــف إيجــار املنــزل‬ ‫الــذي يســكنه مــع عائلتــه البالــغ عــدد‬ ‫أفرادهــا أربعــة أشــخاص‪ ،‬وطعامهــم‬ ‫ورشابهــم وخــط الكهربــاء املولــد األهــي‬ ‫واشــراك االنرتنــت لدراســة أطفالــه يف زمــن‬ ‫التعليــم اإللكــروين ؟»‪.‬‬ ‫إنهيار الدينار‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬أوضــح نقيــب الصيادلــة يف‬

‫األنبــار‪ ،‬عبــد الــرزاق حميــد‪ ،‬أن «مــن‬ ‫كــرى أســباب ارتفــاع أســعار األدويــة يف‬ ‫الصيدليــات باألنبــار‪ ،‬هــو ارتفــاع أســعار‬ ‫رصف الــدوالر حــوايل ‪ ،20%‬وهــذا مــا أدى‬ ‫إىل ارتفــاع أســعار كافــة الســلع الغذائيــة‬ ‫واإلنشــائية واألدويــة وغريهــا‪ ،‬ســواء كانــت‬ ‫املســتوردة او الصنــع املحــي‪ ،‬كــون املنتــج‬ ‫املحــي يتــم اســترياد كافــة املــواد الداخلــة‬ ‫بصناعتــه»‪.‬‬ ‫وأضــاف حميــد‪ ،‬يف حديثــه ملجلــة «فيــي»‪،‬‬ ‫قائـ ًا «أمــا أســعار أدويــة الــركات الرصينة‬ ‫فهــي مرتفعــة يف كافــة دول العــامل»‪ ،‬مشــراً‬ ‫إىل أن «عــدم اســتقرار الوضــع الســيايس‬

‫يــؤدي اىل زيــادة أســعار املــواد مــن قبــل‬ ‫املســتورد‪ ،‬بســبب وجــود احتامليــة انهيــار‬ ‫األســواق‪ ،‬وهــذا املبــدأ يعرفــه خــراء‬ ‫اإلقتصــاد»‪.‬‬ ‫وبــن أن «الفســاد املــايل واإلداري يف‬ ‫الــوزارات والدوائــر ذات العالقــه واالبتــزاز‬ ‫املســتمر يــؤدي اىل تحميــل االدويــة أجــور‬ ‫اضافيــة»‪ ،‬مســتدركاً بالقــول «زيــادة‬ ‫أســعار إيجــار العقــار بالنســبة للمذاخــر‬ ‫والصيدليــات بشــكل جنــوين‪ ،‬يعــد ســبباً‬ ‫رئيســاً الرتفــاع أســعار األدويــة أيضــا»‪.‬‬ ‫وعي املواطن‬ ‫وحــول االتفاقيــات بــن الصيادلــة واألطبــاء‪،‬‬

‫قــال حميــد‪ ،‬إن «باالمــكان الحــد مــن هــذه‬ ‫االتفاقيــات‪ ،‬وذلــك يعتمــد بصــورة رئيســية‬ ‫عــى وعــي املواطــن‪ ،‬مــن خــال استشــارة‬ ‫الصيادلــة الثقــات واالبتعــاد عــن رصف‬ ‫الوصفــة مــن الصيدليــة القريبــة مــن عيــادة‬ ‫الطبيــب‪ ،‬واختيــار املختــر الــذي يثــق به»‪.‬‬ ‫وأكــد أن «نقابــة الصيادلــة جــادة يف محاربة‬ ‫ظاهــرة االتفاقيــات غــر أخالقيــة‪ ،‬مــن‬ ‫خــال التنســيق مــع نقابــة األطبــاء وقســم‬ ‫التفتيــش واألجهــزة األمنيــة املختصــة»‪.‬‬ ‫كارثة لبنان‬ ‫وحــذر نقيــب الصيادلــة يف األنبــار مــن‬ ‫ظاهــرة ارتفــاع أســعار األدويــة التــي‬

‫رافقــت هبــوط ســعر العملــة العراقيــة‬ ‫وارتفــاع رصف الــدوالر‪ ،‬واصفـاً أيهــا «تنــذر‬ ‫بكارثــة صحيــة»‪.‬‬ ‫وخلــص إىل القــول «بعــد انهيــار العملــة‬ ‫املحليــة يف لبنــان مقابــل الــدوالر‪ ،‬أدى‬ ‫ذلــك إىل ارتفــاع أســعار األدويــة بشــكل‬ ‫جنــوين‪ ،‬بــل وتــم غلــق أغلــب الصيدليــات‬ ‫لنفــاذ األدويــة فيهــاء مــا ينــذر بكارثــة‬ ‫صحيــة ومضاعفــات خطــرة ألغلــب املــرىض‬ ‫وخصوص ـاً اصحــاب األم ـراض املزمنــة‪ ،‬لــذا‬ ‫عــى الجهــات الصحيــة الحــذر واتخــاذ‬ ‫الــازم»‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪75‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫الغيرة العراقية تبطش بالنساء‬ ‫يفــرض المجتمــع‬ ‫الذكــوري في‬ ‫العــراق ســطوته‬ ‫بالنــار والحديــد‬ ‫علــى النســاء‪،‬‬ ‫وأحيانـ ًـا يذهــب‬ ‫البعــض فــي‬ ‫تســلطه بســلب‬ ‫حــق إنســاني‬ ‫طمعـ ًـا فــي حفنــة‬ ‫دنانيــر تحــت‬ ‫ذريعــة «ســلطة‬ ‫ا لر جل » ‪.‬‬ ‫فيلي‬

‫كثــرة هــي قصــص تعــرض املــرأة للظلــم‬ ‫واســتالب حقــوق مثبتــة‪ ،‬واملجتمــع العراقي‬ ‫ليــس بشــذوذ عــن هــذه القاعــدة‪ ،‬لكــن‬ ‫املفارقــة تتناقــض متامـاً مــع التصــور الســائد‬ ‫أال وهــو «الغــرة العراقيــة»‪.‬‬ ‫سلب الحق وحرمان من رؤية األم‬ ‫هاجــر عبــد األمــر‪ ،‬ســيدة مــن محافظــة‬ ‫بابــل متزوجــة وصاحبــة عائلــة‪ ،‬كانــت‬ ‫مــن قبــل امــرأة ضمــن عائلــة تتكــون مــن‬

‫‪76‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫أب وأم وأربعــة أشــقاء وشــقيقة‪ ،‬قبــل‬ ‫أن تتــزوج وتك ـ ّون عائلتهــا الخاصــة‪ ،‬ليــس‬ ‫لديهــا وزوجهــا عامــل البنــاء مــا ميلكانه‪ ،‬ومل‬ ‫تكــن تنتظــر وفــاة أبيهــا لرتثــه‪ ،‬لكــن الفقــر‬ ‫والحاجــة دفعاهــا لتعلــق أم ـ ًا عــى حصــة‬ ‫مــن اإلرث لعلهــا تعينهــا يف توفــر معيشــة‬ ‫كرميــة ألطفالهــا‪.‬‬ ‫تقــول عبــد األمــر ملجلــة «فيــي»‪« ،‬أنــا‬ ‫وشــقيقتي تزوجنــا قبــل خمــس ســنوات‪،‬‬

‫وكل واحــدة لديهــا عائلــة ومســتقرة‪ ،‬ليــس‬ ‫لزوجــي مهنــة فهــو عامــل بنــاء‪ ،‬وتحــت‬ ‫وطــأة وبــاء كورونــا وحظــر التجــوال‬ ‫وتضــاؤل فــرص العمــل‪ ،‬فكــرت أن أطلــب‬ ‫مــن أشــقايئ مســاعديت مــن خــال منحــي‬ ‫حقــي يف ورث أيب‪ ،‬وهنــا كانــت الصدمــة»‪.‬‬ ‫وتضيــف «أشــقايئ ســلبوين حصتــي يف‬ ‫اإلرث‪ ،‬وهــو ليــس بــاإلرث الباهــظ‪ ،‬مجــرد‬ ‫منــزل‪ ،‬لكنهــم حرمــوين حتــى مــن هــذا‬

‫األمــل‪ ،‬قالــوا‪ :‬ال حصــة لكــا يف اإلرث وإذا‬ ‫طالبتــا بــه فعليكــا التوجــه إىل املحكمــة‪،‬‬ ‫وعندهــا لــن نســمح لكــا بزيــارة املنــزل‬ ‫لرؤيــة أمنــا»‪.‬‬ ‫وتختــم عبــد األمــر كالمــه بوجــع «مل يكــن‬ ‫مــن خيــار ّ‬ ‫يل ســوى التـزام الصمــت وتجــرع‬ ‫هــذه املـرارة فأنــا أمــام خيــارات كل واحــد‬ ‫منهــا أ ّمــر مــن اآلخــر‪ ،‬رفــع دعــوى قضائيــة‬ ‫عــى أشــقايئ‪ ،‬الحرمــان مــن رؤيــة أمــي‪،‬‬

‫تحمــل فقــر وحاجــة أطفــايل وزوجــي‪ ،‬أي‬ ‫قــرار أختــار؟‪ ،‬لذلــك كان الحيــاء خيــاري‬ ‫الوحيــد فــا أريــد أن أكــون املــرأة التــي‬ ‫تقــايض أشــقائها»‪.‬‬ ‫استغالل عاطفة األم‬ ‫املواطنــة شــهد مــن أهــايل النجــف‪ ،‬حصتهــا‬ ‫وشــقيقتها يف اإلرث أكــر بكثــر مــن‬ ‫الضحيــة البابليــة هاجــر عبــد األمــر‪ ،‬لكــن‬ ‫الواقــع املأســاوي نفســه‪.‬‬ ‫تقــول شــهد ملجلــة «فيــي»‪« ،‬أيب أورثنــا‬ ‫منــز ًال وعــارة ســكينة وقطــع أراض لكنــه‬ ‫ســجلها باســم والــديت‪ ،‬ولــه أيضــاً أمــاك‬ ‫أخــرى باســمه‪ ،‬وبعــد وفاتــه شــقيقتي‬ ‫الكــرى أبلغــت أشــقايئ بــأن مينحونــا‬ ‫حقنــا الرشعــي والقانــوين مــن اإلرث‪ ،‬لكــن‬ ‫املفاجــأة كانــت كبــرة جــداً»‪.‬‬ ‫وتوضــح «أخربنــا شــقيقنا األكــر أن والــديت‬ ‫تنازلــت عــن جميــع اإلرث لــه وال حقــوق‬ ‫لنــا فيــه وقــدم لهــا أوراق ـاً رســمية بذلــك‪،‬‬ ‫أمــا حقوقنــا يف أمــاك أيب فقــد طالبهــا بــأن‬ ‫نتنــازل عنهــا ألشــقايئ»‪.‬‬ ‫وتضيــف شــهد «الحيــاء أجربنــا عــى‬ ‫التنــازل عــن حقوقنــا ألشــقائنا‪ ،‬مجتمعنــا‬ ‫ال يرحــم امــرأة تطالــب بحقهــا مــن خــال‬ ‫رفــع دعــوى قضائيــة ضــد شــقيقها‪ ،‬هــذا‬ ‫هــو واقــع الحــال‪ ،‬ســلب حقــوق املــرأة‬ ‫رمبــا يتقبلــه البعــض لكــن أن تطالــب‬ ‫بحقوقهــا بطــرق قانونيــة فهــذا وصمــة عــار‬ ‫تالحقهــا هــي وعائلتهــا وأطفالهــا حتــى‬ ‫بعــد املــوت»‪.‬‬ ‫القانون مع من؟‬ ‫يقــول املحامــي عــي جاســم‪ ،‬ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬إن «هنــاك حالتــن إلرث البنــت‪،‬‬ ‫األوىل عندمــا يكــون لهــا أشــقاء ذكــور‬ ‫تأخــذ نصــف حصــة الذكــر وهــو املتفــق‬ ‫عليــه عنــد كل املذاهــب اإلســامية وقانــون‬ ‫األحــوال الشــخصية العراقــي رقــم ‪188‬‬ ‫لســنة ‪ 1959‬وبحســب القســام الرشعــي إذا‬ ‫كانــت الرتكــة طابــو رصف»‪.‬‬ ‫ويوضــح أن هــذا األمــر يســتند إىل النــص‬

‫ْــل َح ِّ‬ ‫القــرآين « ِل َّ‬ ‫لذ َكــ ِر ِمث ُ‬ ‫ــن َفــإِن‬ ‫ــظ ا ُألن َث َي ْ ِ‬ ‫ـن ُ�ث ُل َثــا َمــا َتـ َر َك‬ ‫ـن َف َل ُهـ َّ‬ ‫ُكـ َّ‬ ‫ـن ِن َســاء َفـ ْوقَ ا ْث َن َتـ ْ ِ‬ ‫ـد ًة َف َل َهــا ال ِّن ْصـ ُ‬ ‫ـف»‪.‬‬ ‫َوإِن َكا َنـ ْ‬ ‫احـ َ‬ ‫ـت َو ِ‬ ‫ويضيــف جاســم «أمــا الحالــة الثانيــة‬ ‫فــإذا كانــت الوريثــات أكــر مــن واحــدة‬ ‫فيختلــف األمــر عنــد املذاهــب اإلســامية‬ ‫بــن أن يرثــن كل الرتكــة وبــن بعضهــا‪ ،‬لكــن‬ ‫املــرع العراقــي حســم األمــر بــأن جعــل‬ ‫الرتكــة تــوزع بينهــن بالتســاوي وفــق نــص‬ ‫الفقــرة (‪ )2‬مــن املــادة (‪ )91‬مــن قانــون‬ ‫األحــوال الشــخصية»‪.‬‬ ‫«اغتصاب حق» وفق الرشيعة اإلسالمية‬ ‫الشــيخ مــن دار اإلفتــاء اإلســامي عامــر‬ ‫البيــايت –وفــق الفقــه الســني‪ ،-‬يــرى أن نص‬ ‫اآليــة القرآنيــة «للذكــر مثــل حــظ األنثيــن»‬ ‫أن هــذا األمــر اإللهــي «علــم بالفــروض» أي‬ ‫مبعنــى أنــه فــرض واجــب تطبيقــه كــا هــو‬ ‫دون تحريــف واجتهــاد‪.‬‬ ‫ويوضــح أكــر «أمــا إذا كان التنــازل عــن‬ ‫حــق اإلرث بســبب الحيــاء فهــذا ال يجــوز‬ ‫رشعـاً‪ ،‬والــذي يؤخــذ مــن نصيــب الشــقيقة‬ ‫فهــو مــال حــرام إال إذا تنازلــت عــن‬ ‫حقهــا عــن طيــب نفــس ألحــد أشــقائها أو‬ ‫للجميــع»‪.‬‬ ‫أمــا الشــيخ مهــدي رزاق‪ ،‬عــن املذهــب‬ ‫االثنــي عــري‪ ،‬فيوضــح أن القــرآن أشــار‬ ‫للمســألة مــن بــاب أن التكاليــف املعيشــية‬ ‫عــى العائلــة كلهــا عــى الرجــل بينــا تنفــق‬ ‫املــرأة مــن طــوع إرادتهــا عــى العائلــة‬ ‫وليــس بالجــر أو اإلكــراه بــل فقــط مــن‬ ‫بــاب اإلعانــة ال غــر»‪.‬‬ ‫ويشــدد عــى أن «املــرأة إذا ورثــت تركة من‬ ‫أبيهــا وأمهــا فــا يجــوز ألحــد مــن أشــقائها‬ ‫الهيمنــة عليهــا يف العــرف االجتامعــي‬ ‫وإجبارهــا عــى التنــازل عــن إرثهــا‪ ،‬هــذا‬ ‫محــرم عــى الغاصــب‪ ،‬وعــى املــرأة أن‬ ‫تأخــذ حصتهــا كاملــة‪ ،‬وكل مــن أخــذ حــق‬ ‫املــرأة جــراً فمحاســب أمــام اللــه والقانــون‬ ‫والــرع»‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪77‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫قانون الجرائم المعلوماتية‬

‫تداعيات موعد اإلقرار‬ ‫والخشية من ضياع الحريات‬ ‫وحتــى يف قضيــة التصويــت عــى القانــون‬ ‫واق ـراره مــن عدمــه اثــر لغــط كبــر‪ ،‬ففــي‬ ‫حــن أكــدت لجنــة األمــن والدفــاع النيابيــة‬ ‫يف العــارش مــن متــوز ‪ ،2021‬أن مجلــس‬ ‫النــواب ســيصوت عــى القانــون قبــل انتهــاء‬ ‫دورتــه الربملانيــة‪ ،‬وأن الوقــت املتبقــي‬ ‫مــن عمــر الربملــان ســيكون كافيــا الق ـراره‪،‬‬ ‫بحســب ترصيحــات اعالميــة‪ ،‬فــان اللجنــة‬ ‫ذاتهــا كانــت قــد اســتبعدت يف ‪ 22‬حزيـران‬ ‫التصويــت عــى القانــون يف الجلســات‬ ‫املقبلــة ملجلــس النــواب‪ ،‬فيــا أشــارت إىل‬ ‫إن القانــون ســرحل إىل الــدورة الربملانيــة‬ ‫املقبلــة‪ ،‬وقالــت إن «قانــون الجرائــم‬ ‫املعلوماتيــة يعــد مــن أهــم القوانــن يف‬ ‫مجلــس النــواب‪ ،‬يحتــاج إىل دراســة ومتابعة‬ ‫دقيقــة وتوافــق ســيايس قبــل ادراج القانــون‬ ‫للتصويــت عــى جــدول أعــال مجلــس‬ ‫النــواب»‪ ،‬مبينــة إن «هنــاك تخوفــا لــدى‬ ‫بعــض القــوى السياســية مــن ترشيــع‬ ‫واســتغالل القانــون ألغــراض سياســية‪ ،‬وأال‬ ‫يصبــح وســيلة وأداة للسياســيني الســتهداف‬ ‫خصومهــم»‪ .‬واوضحــت لوســائل االعــام‪،‬‬ ‫أن «الفــرة املتبقيــة مــن عمــر الربملــان ال‬ ‫تكفــي البــرام اتفــاق عــى ترشيــع قانــون‬ ‫الجرائــم املعلوماتيــة»‪ ،‬مرجحــة ترحيــل‬ ‫القانــون إىل الــدورة الربملانيــة املقبلــة‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫اثــارت مــداوالت مجلــس النــواب االتحــادي فيمــا يتعلــق بمــا‬ ‫ســمي بـــ «قانــون الجرائــم المعلوماتيــة» خالفــات كبيــرة لــم‬ ‫تقتصــر علــى مفاصــل المجتمــع المدنــي الــذي يــرى ان القانــون‬ ‫يســتهدفه بالتدخــل فــي حريــة الرأي بحســب تصريحات معلنة‪،‬‬ ‫بــل تعــدت الشــكوى الــى اعضــاء فــي مجلــس النــواب ذاتــه‪.‬‬ ‫فــــيلـي‬

‫ويقــول املراقبــون ان كتــا برملانيــة عراقيــة‬ ‫تــر عــى متريــر مــروع قانــون جرائــم‬ ‫املعلوماتيــة‪ ،‬برغــم االعرتاضــات الكثــرة‬ ‫مــن قبــل أوســاط صحفيــة ومنظــات‬ ‫محليــة ودوليــة تــرى يف بعــض بنــوده‬ ‫انتهــاكا واضحــا للحريــات وتكميــا لألفــواه‪،‬‬ ‫بحســب قولهــا‪.‬‬ ‫واطلــق الناشــطون حملــة عــى‬ ‫مواقــع التواصــل االجتامعــي بعنــوان‬ ‫«قانونكامتالتعبــر» تنــدد بالقانــون‪،‬‬ ‫عــادة أنــه مــروع يســ ّهل وضــع نصــف‬ ‫الشــعب يف الســجن‪ ،‬بحســب تعبريهــم؛‬ ‫وأبــرز االنتقــادات التــي وجههــا الناشــطون‬ ‫للقانــون أنــه يجمــع بــن الجرائــم‬ ‫االلكرتونيــة وبــن الحريــات والقوانــن‬ ‫املتعلقــة بهــا يف ميــدان الصحافــة واإلعــام‬ ‫والنقــد الســيايس ومــا ينــر عــن قضايــا‬ ‫الفســاد‪ ،‬ومــن شــأن ترشيعــه أن يهــدد‬ ‫أعــدادا كبــرة مــن العراقيــن يف الداخــل‬ ‫والخــارج باملالحقــة القانونيــة‪ ،‬كــا أن‬ ‫بعــض مــواد القانــون فضفاضــة‪ ،‬ويفــرض‬ ‫عقوبــات مغلظــة وغرامــات باهظــة عــى‬ ‫املخالفــن ويقيــد حريــة الصحافيــن يف‬ ‫متابعــة انتشــار الفســاد يف جهــات معينــة‪،‬‬ ‫بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫ويدافــع بعــض النــواب عــن القانــون‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪79‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫«القانـــون يمنح الســـلطات العراقية أداة‬ ‫أخـــرى لقمـــع المعارضـــة في الوســـيلة‬ ‫الرئيســـة التي يعتمد عليهـــا الصحفيون‬ ‫والنشـــطاء وعامة النـــاس للحصول على‬ ‫المعلومـــات وللنقـــاش المفتـــوح‪ ،‬إذا أقر‬ ‫البرلمـــان القانون فإنه ســـيقوض المجال‬ ‫الضيـــق أصـــا لحريـــة التعبيـــر‪ ،‬ويخنق‬ ‫النقاش والحـــوار العام علـــى اإلنترنت»‪.‬‬

‫عاديــن‪ ،‬أن البــاد «بحاجــة إليــه» لضبــط‬ ‫«االنفــات» اإللكــروين‪ ،‬قائلــن أن “القانــون‬ ‫نســعى لترشيعــه باألســاس لحاميــة العائلــة‬ ‫واألرسة العراقيــة مــن الحــاالت الســلبية‬ ‫وتفكيــك تلــك العائــات‪ ،‬ويحميهــا مــن‬ ‫نتائــج الجهــل باســتعامل هــذه األجهــزة”‬ ‫عــى حــد قولهــم‪.‬‬ ‫و يقــول اكادمييــون‪ ،‬إن املخــاوف ليســت‬ ‫مــن صــدور قانــون الجرائــم املعلوماتيــة‬ ‫بقــدر مــا هــي مــن آليــة التعامــل املهنــي‬ ‫الرســمي مــع القانــون‪ ،‬ويتســاءلون‪ :‬هــل‬ ‫يتــم التعامــل معــه بحياديــة وإنصــاف‬

‫‪80‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫ومهنيــة أم يتــم األمــر بانتقائيــة وبحســب‬ ‫مزاجيــة الجهــة القامئــة عــى التنفيــذ؟‪،‬‬ ‫بحســب تعبريهــم‪ ،‬وتخوفــوا يف ترصيحــات‬ ‫صحفيــة بالقــول “نظــرا إىل أن القضــاء‬ ‫يف العــراق غــر منضبــط والجانــب‬ ‫الســيايس هــو املســيطر عليــه‪ ،‬وإن تــم‬ ‫اإلدعــاء بعمليــة الفصــل بــن الســلطات‪،‬‬ ‫فــإن التطبيــق االنتقــايئ دامئــا هــو ســيد‬ ‫املوقــف»‪ ،‬عــى حــد وصفهــم‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬عــدت منظمة «هيومــن رايتس‬ ‫ووتــش» املعنيــة مبراقبــة حقــوق االنســان‪،‬‬ ‫أن مــروع قانــون «جرائــم املعلوماتيــة»‬

‫الــذي يدرســه الربملــان العراقــي مبنزلــة أداة‬ ‫الســلطة لقمــع املعارضــن‪ ،‬بحســب بيــان‬ ‫نرشتــه املنظمــة الحقوقيــة الدوليــة‪ ،‬وقالــت‬ ‫املنظمــة إن «مــروع قانــون جرائــم تقنيــة‬ ‫املعلومــات يتعــارض مــع القانــون الــدويل‪،‬‬ ‫وميكــن اســتعامله لخنــق حريــة التعبــر‪،‬‬ ‫التــي تتعــرض بالفعــل للهجــوم يف العـراق»‪،‬‬ ‫وأضافــت أن «مــروع القانــون يتضمــن‬ ‫أحكامــا غامضــة تســمح للســلطات العراقية‬ ‫بــأن تعاقــب بشــدة التعبــر الــذي تــرى أنــه‬ ‫يشــكل تهديــدا للمصالــح الحكوميــة أو‬ ‫االجتامعيــة أو الدينيــة»‪.‬‬

‫وتابعــت أن «العديــد مــن مــواده تجــ ّرم‬ ‫اســتعامل أجهــزة الحاســب فيــا يتعلــق‬ ‫مبجموعــة واســعة مــن األنشــطة املحــددة‬ ‫بشــكل فضفــاض‪ ،‬وكثــر منهــا غــر منظــم‪،‬‬ ‫مــن دون أي معايــر محــددة ملــا ميكــن أن‬ ‫يشــكل جرميــة»؛ ولفتــت إىل أن «هــذه‬ ‫املــواد تبــدو متعارضــة مــع القانــون الــدويل‬ ‫والدســتور العراقــي‪ ،‬وســتحد بشــكل خطــر‬ ‫مــن الحــق يف حريــة التعبــر وتكويــن‬ ‫الجمعيــات»‪ ،‬بحســب بيــان املنظمــة‪.‬‬ ‫وينقــل البيــان عــن قســم األزمــات‬ ‫والنزاعــات باملنظمــة ‪ ،‬قولــه إن «القانــون‬

‫مينــح الســلطات العراقيــة أداة أخــرى لقمــع‬ ‫املعارضــة يف الوســيلة الرئيســة التــي يعتمــد‬ ‫عليهــا الصحفيــون والنشــطاء وعامــة‬ ‫النــاس للحصــول عــى املعلومــات وللنقــاش‬ ‫املفتــوح»‪ ،‬مردفــا «إذا أقــر الربملــان القانــون‬ ‫فإنــه ســيقوض املجــال الضيــق أصــا لحريــة‬ ‫التعبــر‪ ،‬ويخنــق النقــاش والحــوار العــام‬ ‫عــى اإلنرتنــت»‪ ،‬بحســب البيــان‪.‬‬ ‫وكان خــراء قانونيــون قــد وصفــوا مــروع‬ ‫قانــون جرائــم املعلوماتيــة املطــروح‬ ‫للقــراءة الثانيــة «بأنــه قانــون عســكري‬ ‫وعقــايب وقامــع للحريــات املدنيــة» بحســب‬ ‫تعبريهــم‪ ،‬مبينــن أن مســودة القانــون‬ ‫تتضمــن العديــد مــن العقوبات التــي تجعل‬ ‫مــن املواطــن يشــعر بالرعب حينــا يتعامل‬

‫مــع شــبكة املعلومــات»‪ ،‬بحســب قولهــم‪،‬‬ ‫مؤرشيــن مالحظــات عــى مســودة مــروع‬ ‫القانــون املؤلفــة مــن (‪ )31‬مــادة‪ ،‬بالقــول‬ ‫إنهــا «تشــمل (‪ )21‬مــادة تتضمــن عقوبــات‬ ‫ســالبة للحريــة التــي تتفــرع إىل (‪ )63‬حالــة‬ ‫يخضــع فيهــا املواطــن إىل عقوبــات بحســب‬ ‫التوصيــف الــوارد للقانــون مــن بينهــا (‪)10‬‬ ‫حــاالت تقــي بالســجن املؤبــد مــع غرامــة‬ ‫ماليــة تــراوح بــن (‪ )25‬إىل (‪ )50‬مليــون‬ ‫دينــار»‪.‬‬ ‫ويوضــح خــراء قانونيــون أن «مــن ضمــن‬ ‫العقوبــات أيضــا هنــاك (‪ )25‬حالــة تقــي‬ ‫بالســجن املؤقــت مــع غرامــة ماليــة تــراوح‬ ‫مــن عــرة إىل ثالثــن مليــون دينــار‪ ،‬فضــا‬ ‫عــن (‪ )28‬حالــة أخــرى تقــي بالحبــس اقل‬ ‫مــن (‪ )5‬ســنوات مــع غرامــة تــراوح بــن‬ ‫(‪ )2‬إىل (‪ )30‬مليــون دينــار»‪ ،‬محذريــن مــن‬ ‫أن «مــروع القانــون املطــروح بصيغتــه‬ ‫الحاليــة يف الربملــان يتعــارض مــع عديــد‬ ‫النصــوص الدســتورية‪ ،‬ومنهــا املــادة (‪)38‬‬ ‫التــي تلــزم بكفالــة الدولــة لحريــة التعبــر‬ ‫عــن الــرأي بشــتى الوســائل‪ ،‬كــا يتعــارض‬ ‫أيضــا مــع املــادة (‪ )40‬التــي تــويص بحريــة‬ ‫االتصــاالت واملراســات الربيديــة والهاتفيــة‬ ‫وااللكرتونيــة»‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪ ،‬ويتابعون‬ ‫أن «املــروع يتعــارض كذلــك مــع املــادة‬ ‫(‪ )46‬التــي تنــص عــى عــدم وجــود تقييــد‬ ‫ألي مــن الحريــات الــواردة يف الدســتور»‪،‬‬ ‫منوهــن إىل أن «منظــات املجتمــع املــدين‬ ‫تصــدت وبقــوة إىل محــاوالت مجلــس‬ ‫النــواب لترشيــع هــذا القانــون»‪ ،‬هــذا‬ ‫فيــا تُرجــع لجنــة حقــوق اإلنســان النيابيــة‬ ‫االرصار عــى ترشيــع قانــون مكافحــة‬ ‫الجرائــم االلكرتونيــة يف هــذا التوقيــت‬ ‫إىل «كــرة املشــكالت والتجــاوزات مــن‬ ‫قبــل جهــات وشــخصيات مجهولــة عــى‬ ‫بعــض املواطنــن» بحســب رأيهــا‪ ،‬متوقعــة‬ ‫«متريــره قبــل نهايــة العــام الحــايل»‪ ،‬اال اذا‬ ‫تــم التغــايض عــن التصويــت وجــرى ترحيــل‬ ‫القانــون اىل الربملــان الجديــد‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪81‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫الطب في مطب‬ ‫حسن شنكالي‬

‫مــن املتعــارف عليــه بــأن مهنــة الطــب‬ ‫مهنــة إنســانية ال تقبــل الخضــوع والخنــوع‬ ‫للمســاومة للنفــس االمــارة بالســوء‬ ‫ألنهــم مالئكــة الرحمــة كــا وصفهــم‬ ‫املجتمــع وبالجيــش األبيــض مؤخــرا بعــد‬ ‫تفــي جائحــة كورونــا حيــث قدمــوا‬ ‫تضحيــات كبــرة وخدمــات جليلــة لعــاج‬ ‫املــرىض‪ ،‬ومــن األطبــاء مــا يــرب فيــه‬ ‫املثــل باإلخــاص للعمــل املهنــي والوفــاء‬ ‫تجــاه املريــض النــه مؤمتــن عــى حياتــه‬ ‫وهنــاك مــن االســاء الالمعــة يف مجــال‬ ‫الطــب حتــى يومنــا هــذا يشــار لهــم‬ ‫بالبنــان ‪ ,‬ولكــن مــا آلــت اليــه االوضــاع‬ ‫يف العـراق بعــد عــام ‪ 2003‬ومــا قبلهــا مــن‬ ‫عــدم االهتــام بالتعليــم وعــدم احــرام‬ ‫الكفــاءات العلميــة وعــدم مواكبــة التقــدم‬ ‫التكنولوجــي الــذي شــهده العــامل املتقــدم‬ ‫يف عــر الحداثــة والرسعــة والتكنولوجيــا‬ ‫والفضائيــات كان لــه االثــر الســلبي‬ ‫عــى املســتوى العلمــي لطلبــة املــدارس‬ ‫واملعاهــد والكليــات وحتــى الدراســات‬ ‫العليــا يف العــراق عمومــا دون اســتثناء‬ ‫وتفــي الرشــاوى يف املؤسســات الرتبويــة‬ ‫والتعليميــة ومســاعدة الطلبــة عــى الغــش‬ ‫يف االمتحانــات والقــرارات الفاشــلة مــن‬

‫‪82‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الهــرم األعــى كســنوات العبــور وعــدم‬ ‫احتســاب ســنة رســوب ومــا شــاكل ذلــك‬ ‫‪ ,‬نتــج عــن كل ذلــك تخــرج جيــل جاهــل‬ ‫يف جميــع االختصاصــات العلميــة‪ ،‬بعيــدا‬ ‫عــن العلــم يف أبســط مبادئــه حتى تســاوى‬ ‫املتميــز مــع املتخلــف دراســيا بغــض النظر‬ ‫عــن املرحلــة الدراســية والشــهادة التــي‬ ‫حصــل عليهــا مــن هنــا وهنــاك ناهيــك‬ ‫عــن بيــع ورشاء الشــهادات العلميــة مببالــغ‬ ‫خياليــة مــا انــزل اللــه بهــا مــن ســلطان‬ ‫ليتبــؤا منصبــا قياديــا يف الدولــة أو عضوا يف‬ ‫الســلطة الترشيعيــة التــي تــرع القوانــن‬ ‫ملســتقبل الدولــة‪.‬‬ ‫بــرزت يف االونــة االخــرة حوادث ينــدى لها‬ ‫الجبــن وتشــكل وصمــة عــار عــى مهنــة‬ ‫الطــب ال أخــص بالذكــر جميــع االطبــاء‬ ‫لكــن البعــض مــن الذيــن شــوهوا ســمعة‬ ‫الطبيــب العراقــي الــذي كانــت تنحنــي‬ ‫لهــم القامــات يف الــدول الغربيــة نتيجــة‬ ‫دهائهــم وخربتهــم يف مجــال اختصاصهــم‬ ‫الدقيــق وهنــا أشــر إىل خطــأ طبــي فــادح‬ ‫واىل حادثــة وفــاة اثنــن مــن املواطنــن مــن‬ ‫أهــل شــنكال أب وابنــه بعــد اجـراء عمليــة‬ ‫قــص الكبــد وتــرع احــد أبنائــه بعــد‬ ‫دفــع مبلــغ كبــر وفشــل العمليــة وســفر‬

‫الطبيــب اىل امريــكا فجــأة للتخلــص مــن‬ ‫املســاءلة القانونيــة‪ ،‬هنــا اتســاءل ايــن‬ ‫تهــرب مــن يــوم ال مفــر منــه ويــوم يقــول‬ ‫اللــه ســبحانه وتعــاىل ( وقفوهــم انهــم‬ ‫مســؤولون)‪ ،‬وهنــاك الكثــر مــن االخطــاء‬ ‫الطبيــة التــي نســمعها هنــا وهنــاك اودت‬ ‫بحيــاة العديــد مــن املــرىض ‪ ,‬حتــى بــات‬ ‫النــاس يهابــون مــن مراجعــة املستشــفيات‬ ‫واالطبــاء ويحســبون لهــم الــف حســاب‪،‬‬ ‫وختامــا اقــول عــى الدولــة والجهــات‬ ‫املعنيــة بالقيــام بتقييــم االطبــاء ذوات‬ ‫االختصــاص الدقيــق مــن خــال اختبارهــم‬ ‫بــن فــرة وأخــرى ومنعهــم مــن مزاولــة‬ ‫العمــل يف املجــال الطبــي اال بعــد اثبــات‬ ‫كفاءتــه امــام لجنــة خــراء مشــكلة لهــذا‬ ‫الغــرض باإلضافــة اىل مراقبــة الصيدليــات‬ ‫واســعار األدويــة التــي اصبحــت عبــأ ثقيــا‬ ‫عــى كاهــل املواطنــن يف الوقــت الــذي‬ ‫ميــر البلــد يف ضائقــة اقتصاديــة وماليــة‬ ‫خانقــة وتــردي مســتوى الدخــل الشــهري‬ ‫للمواطنــن نتيجــة جشــع البعــض مــن‬ ‫أطبــاء الصيدلــة وهنــا اقــول حســبي اللــه‬ ‫ونعــم الوكيــل عــى كل مــن ال يعمــل‬ ‫بنيــة خالصــة لوجــه اللــه وخدمــة الوطــن‬ ‫واملواطــن‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪83‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫جرائم‬ ‫قتل االطفال‬ ‫في العراق‪...‬‬

‫بوابة العنف‬ ‫االسري‬ ‫المنفلت‬ ‫تعيــش الطفولــة فــي العــراق فــي اســوأ‬ ‫مراحلهــا حتــى مقارنــة بــدول اخــرى‬ ‫متخلفــة‪ ،‬ويعانــي االطفــال العراقيــون‬ ‫فــي كثيــر مــن االحيــان مــن مظاهــر‬ ‫القســوة المتعاظمــة؛ ويأتــي لنــا كل يــوم‬ ‫بأخبــار قتــل االطفــال الســيما البنــات‪،‬‬ ‫فغــدا النــاس غيــر مباليــن بإقــدام أب على‬ ‫قتــل ابنتــه فــي بغــداد بعــد تعذيبهــا‪ ،‬أو‬ ‫مقتــل طفلــة وإصابــة شــقيقتها بجــروح‬ ‫اثــر «دگــة عشــائرية» فــي العاصمــة ايضا‪،‬‬ ‫بحســب مصــدر امنــي‪،‬‬ ‫فيـــلي‬

‫‪84‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪85‬‬


‫فـــ‬

‫مجـتـــمـع‬

‫‪ 15‬مليون طفل‬ ‫عراقي تأثروا بشكل‬ ‫مباشر بأعمال العنف‬ ‫أو يعانون الحرمان‬ ‫من أبسط الحقوق‬ ‫التي يتمتع بها‬ ‫أقرانهم في الدول‬ ‫األخرى‬

‫كــا مــرت مــرور الكــرام جرميــة رمــي أم‬ ‫عراقيــة لطفليهــا التوأمــن البالغــن خمســة‬ ‫أشــهر يف خــزان املــاء‪ ،‬ورمــت اخــرى‬ ‫طفليهــا مــن الجــر فــوق نهــر دجلــة‬ ‫ببغــداد؛ واقــدام أب عــى حــرق أطفالــه‬ ‫األربعــة يف كربــاء‪ ،‬وذلــك بــإرضام النــار‬ ‫داخــل غرفــة نومهــم بســبب خــاف مــع‬ ‫زوجتــه‪ ،‬بحســب اعرتافــه‪ ،‬وقــام شــخص يف‬ ‫منطقــة الحميديــة ببغــداد‪ ،‬بنحــر طفلــه‬ ‫بســكني‪ ،‬وكثــر مــن االحــداث‬ ‫(‪ 6‬أشــهر)‬ ‫ٍ‬ ‫املامثلــة االخــرى التــي تتابــع بصــورة شــبه‬ ‫يوميــة يف احيــان كثــرة‪ ،‬يف احــداث ينــدر‬ ‫حدوثهــا حتــى يف ســيناريوهات االفــام‪،‬‬ ‫يف ظواهــر لــو وقعــت يف بلــدان اخــرى‬ ‫ألســقطت حكومــات بأكملهــا و ألثــارت‬

‫‪86‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬

‫الــرأي العــام‪.‬‬ ‫ويف خضــم هــذا واثــر مقتــل عديــد االطفال‬ ‫يف التفجــر الدمــوي الــذي وقــع يف مدينــة‬ ‫الصــدر منتصــف متــوز ‪ 2021‬وجهــت‬ ‫منظمــة األمــم املتحــدة لرعايــة الطفولــة‬ ‫(يونيســيف) رســالة قالــت فيهــا «كان هؤالء‬ ‫يســتعدون لقضــاء أيــام خاصــة‬ ‫األطفــال‬ ‫ّ‬ ‫يف العيــد مــع أرسهــم»‪ ،‬مشــددة عــى‬ ‫وجــوب أن «يحظــى األطفــال بالحاميــة يف‬ ‫جميــع األوقــات‪ ،‬وأن ينشــأوا يف بيئــة آمنــة‬ ‫خاليــة مــن كل أشــكال العنــف»‪ ،‬ودعــت‬ ‫اليونيســف يف ليلــة عيــد األضحــى «كافــة‬ ‫الفاعلــن يف العـراق إىل العمــل ســوية نحــو‬ ‫ع ـراق آمــن حيــث ال يتعــن عــى األطفــال‬ ‫أن يعيشــوا بخــوف‪ ،‬وحيــث يتمتعــون‬

‫بحقوقهــم وأنشــطتهم األساســية»‪.‬‬ ‫القسوة عموما‬ ‫يلفــت املراقبــون اىل ان العنــف اصبــح‬ ‫مشــهدا يوميــا يعيشــه النــاس يف العــراق‪،‬‬ ‫فــاألرسة تعيــش مــع القســوة داخــل‬ ‫البيــت ويف الشــارع ويف مــكان العمــل‬ ‫والــدرس‪ ،‬والنــاس باتــوا نتاجــا لثقافــة‬ ‫العنــف ومظاهــر القســوة‪ ،‬بحســب قولهــم‪،‬‬ ‫محذريــن مــن ان مــن يشــاهد أعــال‬ ‫العنــف التــي تحــدث بهــذه الكــرة يف‬ ‫العـراق منــذ عــام ‪ 2003‬يــكاد يقــول إن كل‬ ‫العراقيــن لديهــم اســتعداد للعنــف والقتل‪،‬‬ ‫بحســب تعبريهــم‪ ،‬منوهــن اىل ان اخبــار‬ ‫العـراق ليســت اكــر مــن تفجــرات وأعــال‬ ‫خطــف واغتيــاالت والنزيــف مســتمر‬

‫والقســوة مســتمرة‪ ،‬عــى حــد وصفهــم‪.‬‬ ‫ويشــر املتخصصــون اىل أن اإلنســان وليــد‬ ‫بيئتــه وال ميكــن وصــف مظاهــر العنــف‬ ‫بأنهــا حالــة جينيــة‪ ،‬فالظــروف والثقافــة‬ ‫هــي التــي تصنــع ســلوك النــاس يف‬ ‫التجمعــات اإلنســانية‪ ،‬وبحســب قولهــم‬ ‫فــان ك ّتابــا عراقيــن تناولــوا موضــوع ثقافــة‬ ‫العنــف‪ ،‬وكشــفوا عــن حقيقــة قيــام النخبــة‬ ‫مــن املثقفــن يف عهــد النظــام الســابق‬ ‫بتســويق العنــف والرتويــج لثقافتــه‬ ‫وإضفــاء الرشعيــة عليــه‪ ،‬بحســب قولهــم‪.‬‬ ‫وكانــت مفوضيــة حقــوق االنســان يف‬ ‫الع ـراق قــد لفتــت يف وقــت ســابق اىل انــه‬ ‫«تــم تســجيل ‪ 15000‬قضيــة عنــف أرسي يف‬ ‫العــراق خــال عــام ‪ ،2020‬بشــكل عــام»‪،‬‬

‫مشــرة إىل «إصــدار ‪ 4000‬مذكــرة القــاء‬ ‫قبــض‪ ،‬بســبب هــذه القضايــا»‪ ،‬وفيــا عزت‬ ‫ارتفــاع ظاهــرة العنــف األرسي إىل أســباب‬ ‫رئيســة منهــا «فقــدان الثقــة بــن أفــراد‬ ‫العائلــة‪ ،‬واملشــكالت االقتصاديــة املتزايــدة‬ ‫يف البــاد»‪ ،‬طالبــت بترشيــع قانــون يجــرم‬ ‫العنــف االرسي «لــي يكــون هنالــك‬ ‫تعريــف واضــح ألفــراد األرسة‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل تعريــف العنــف األرسي بشــكل عــام‬ ‫بوضــوح‪ ،‬ومعاقبــة أي عنــف أو اعتــداء‬ ‫ـكل رادع‪ ،‬فض ـ ًا عــن‬ ‫عــى أف ـراد األرسة بشـ ٍ‬ ‫رضورة الرتكيــز عــى توفــر دور ايــواء كرميــة‬ ‫لضحايــا العنــف األرسي يف حــال فقدانهــم‬ ‫للســكن أو تعرضهــم إىل العنــف»‪.‬‬ ‫ويف الع ـراق بالــذات يشــر متخصصــون اىل‬ ‫ان شــيوع مفاهيــم العنــف يــأيت بســبب‬ ‫الظلــم واالســتبداد وتضــارب الثقافــات‬ ‫واملوروثــات‪ ،‬إذ مل تتــح لهــذا البلــد فرصــة‬ ‫هــدوء واســتقرار‪ ،‬وهــو يفتقــر إىل مفهــوم‬ ‫دولــة املؤسســات‪ ،‬بــل تحكــم البلــد ســلطة‬ ‫تصــادر مفهــوم الدولــة‪ ،‬بحســب قولهــم‪،‬‬ ‫منوهــن اىل أن هنــاك إرثــا ثقافيــا وسياســيا‬ ‫وســلطويا واجتامعيــا ملامرســة العنــف يف‬ ‫العـراق‪ ،‬ويفــرون االمــر بالقــول ان «هــذا‬ ‫اإلرث ليــس موروثــا جينيــا‪ ،‬فالعراقــي لــو‬ ‫عــاش يف أوروبــا مثــا ســينىس العنــف‬ ‫ويتحــول إىل إنســان مســامل»‪ ،‬بحســب‬ ‫تعبريهــم‪ ،‬مضيفــن ان العنــف متواجــد يف‬ ‫املجتمعــات املســتقرة واملرفهــة‪ ،‬لكنــه ميثــل‬ ‫حــاالت شــاذة ال يصــح القيــاس عليهــا‪،‬‬ ‫وهنــاك مــن يتابــع ويالحــق هــذه الحــاالت‬ ‫للحــد منهــا‪ ،‬أمــا يف العـراق فــا يوجــد مــن‬ ‫يتابــع هــذه الحــاالت‪ ،‬عــى حــد قولهــم‪،‬‬ ‫مردفــن‪ ،‬أن التطــرف والتعصــب وســم‬ ‫املجتمــع العراقــي ‪ ،‬و الفــرد العراقــي‪ ،‬وهــو‬ ‫نتــاج إســقاط تأريخــي ‪ ،‬فهــو ال يتــدرج يف‬ ‫حــل مشــكالته بــل يلجــأ إىل أقــوى األســلحة‬ ‫منــذ البدايــة‪ ،‬بحســب تعبريهــم‪.‬‬ ‫لقــد شــخصت املنظــات الدوليــة املعنيــة‬ ‫محنــة الطفولــة يف العــراق بوقــت مبكــر‬

‫ويف مناســبات عــدة‪ ،‬اال ان الحكومــات‬ ‫العراقيــة املتعاقبــة مل تعطــي للموضــوع‬ ‫اهميــة ومل تلتفــت اىل املعالجــات التــي‬ ‫كان مــن املمكــن ان تحمــي الطفولــة؛‬ ‫ففــي عــام ‪ 2012‬حــذرت منظمــة األمــم‬ ‫املتحــدة لرعايــة الطفولــة (يونيســيف) مــن‬ ‫خطــورة األوضــاع التــي يعيشــها أطفــال‬ ‫العــراق‪ ،‬وقالــت يف حينــه إن ‪ 15‬مليــون‬ ‫طفــل عراقــي تأثــروا بشــكل مبــارش بأعــال‬ ‫العنــف أو يعانــون الحرمــان مــن أبســط‬ ‫الحقــوق التــي يتمتــع بهــا أقرانهــم يف‬ ‫الــدول األخــرى‪ ،‬وذكــرت املنظمــة يف تقريــر‬ ‫لهــا أن أكــر مــن ‪ 360‬ألــف طفــل يعانــون‬ ‫مــن أم ـراض نفســية‪ ،‬وأن ‪ 50%‬مــن طلبــة‬ ‫املــدارس االبتدائيــة ال يرتــادون مدارســهم‪،‬‬ ‫و‪ 40%‬منهــم فقــط يحصلــون عــى ميــاه‬ ‫رشب نظيفــة‪ ،‬واردفــت إنــه يتــم اســتخدام‬ ‫األطفــال يف العمــل مــن أجــل الحصــول عــى‬ ‫مــورد رزق إلعالــة أرسهــم‪ ،‬كــا يتــم بيعهم‬ ‫يف دول الجــوار ودول أخــرى‪ ،‬مــن جهتهــا‬ ‫مل تنــف الحكومــة العراقيــة ذلــك‪ ،‬وأقــر‬ ‫مستشــار الصحــة النفســية يف وزارة الصحــة‬ ‫العراقيــة بــأن هنــاك جوانــب عديــدة‬ ‫لحرمــان أطفــال العــراق‪ ،‬فهنــاك حرمــان‬ ‫مــن الجانــب االقتصــادي وقصــور يف الجانب‬ ‫الرتبــوي وكذلــك يف الجانــب االجتامعــي‪،‬‬ ‫وحرمــان مــن الجانــب التعليمــي بســبب‬ ‫انعــدام الدراســة لكثــر مــن األطفــال‪،‬‬ ‫بحســب قولــه؛ واملالحــظ بحســب املراقبــن‬ ‫ان تلــك املســاوئ واالخطــار التــي تحيــق‬ ‫بالطفولــة العراقيــة تتفاقــم مبــرور الوقــت‬ ‫وقــد تزايــدت يف صيــف عــام ‪ 2021‬بســبب‬ ‫الحرمــان مــن املــاء والكهربــاء وعمــوم‬ ‫الخدمــات لقطاعــات واســعة مــن الســكان‬ ‫حتــى يف مركــز العاصمــة بغــداد‪ ،‬فضــا‬ ‫عــن انعــدام وســائل التســلية والرتفيــه‬ ‫التــي يحتاجهــا االطفــال بصــورة ملحــة‪،‬‬ ‫ويحــذرون مــن تبعــات ذلــك عــى زيــادة‬ ‫معــدالت مشــكالت االطفــال والعنــف‬ ‫الالحــق اىل مديــات غــر مســبوقة‪.‬‬

‫‪2021‬‬

‫تمــــوز ‪ /‬يوليــو‬

‫‪87‬‬


‫فـــ‬

‫الملف الفيلي‬

‫‪88‬‬

‫العدد ‪211‬‬ ‫الســنة السابعـة عشر‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.