ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥
اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﯾﻘﺬف ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﯿﺪﻣﻐﮫ ﻓﺈذا ھﻮ زاھﻖ }وَﻗُﻞْ ﺟَﺂءَ اﻟﺤَﻖﱡ وَزَھَﻖَ اﻟﺒَﺎﻃِﻞُ إِنﱠ اﻟﺒَﺎﻃِﻞَ ﻛَﺎنَ زَھُﻮﻗﺎً{) ،(١واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ ﻧﺒﯿﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺬي أﺧﺮج ﺍ ﺑﮫ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت إﻟﻰ اﻟﻨﻮر وﺗﺮك أﻣﺘﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻻ ﯾﺰﯾﻎ ﻋﻨﮭﺎ إﻻ ھﺎﻟﻚ. وﺑﻌﺪ: ﻓﻤﻦ ﺣﻜﻤﺔ ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﺒﺘﻠﻲ أھﻞ اﻟﺤﻖ ﺑﺄھﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻟﯿﺤﺼﻞ اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺍ ﺑﺎﻟﺴﻼح وﺑﺎﻟﻘﻠﻢ واﻟﻠﺴﺎن دﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ اﻟﺤﻖّ وردّاً ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ} :ذَﻟِﻚَ وَﻟَﻮْ ﯾَﺸَﺂءُ ﺍ ُﻻَﻧﺘَﺼَﺮَ ﻣِﻨْﮭُﻢْ وَﻟَﻜِﻦ ﻟِﯿَﺒْﻠُﻮَ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .٨١
٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺑَﻌْﻀَﻜُﻢْ ﺑِﺒَﻌْﺾٍ{) ..(١وإﻧﮫ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ھﺬا ﺧﻠﻮفٌ ﺗﮭﺮف ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﺮف وﺗﺮدد أﻗﻮال ﻗﻮم أرادوا ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺤﻖّ وﺣﺠﺐ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻠﻢ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮا وﻣﺎﺗﻮا وﻏﯿﻈﮭﻢ ﻓﻲ ﺻﺪورھﻢ ،ﻓﺄراد ھﺆﻻء اﻟﺨﻠﻮف أن ﯾﻌﯿﺪوا اﻟﻜﺮﱠة ﻟﯿﺜﺄروا ﻟﺴﻠﻔﮭﻢ وﯾﺸﻔﻮا ﻏﯿﻈﮭﻢ وﻟﻜﻦ أﻧﱠﻰ وھﯿﮭﺎت وﺟﻨﺪ اﻟﺤﻖّ ﻟَﮭﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎد وأدﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﺗﺪرأ ﻓﻲ ﻧﺤﻮرھﻢ، إﻧﱠﮫ ﻻ ﺑﺪﱠ ـ إن ﺷﺎء ﺍ ـ أن ﯾﻜﻮن ﻣﺼﯿﺮھﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺼﯿﺮ أﺳﻼﻓﮭﻢ: }أَﻟَﻢْ ﻧُﮭْﻠِﻚِ اﻷَوﱠﻟِﯿﻦَ ﺛُﻢﱠ ﻧُﺘْﺒِﻌُﮭُﻢُ اﻷَﺧِﺮِﯾﻦَ ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻧَﻔْﻌَﻞُ ﺑِﺎﻟْﻤُﺠْﺮِﻣِﯿﻦَ وَﯾْﻞٌ ﯾَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﻟِﻠْﻤُﻜَﺬﱢﺑِﯿﻦَ{).(٢ وإنﱠ ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻤﮭﺰوﻣﯿﻦ رﺟﻼً ﯾﻘﺎل ﻟﮫ :ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﻘﺎف ﺻﺎر ﯾﺴﻮﱢد اﻷوراق ﺑﺘﺮھﺎتٍ وأﺑﺎﻃﯿﻞَ ﯾﺮﯾﺪ ﺑﮭﺎ ﺳﺘﺮ اﻟﺤﻖﱢ وﻧﺸﺮَ اﻟﺒﺎﻃﻞ وإﺣﯿﺎء ﺳﻨﱠﺔ ﺧﺼﻮم اﻟﺤﻖّ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻟﻔﱠﻘَﮫ ﺿﺪﱠ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ أوراق ﺳﻤﺎھﺎ ) :اﻟﺘﻨﺪﯾﺪ ﺑﻤﻦ ﻋﺪﱠد اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ .إﺑﻄﺎل ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ( وھﻜﺬا ﺳﺠﻊ ﻛﺴﺠﻊ اﻟﻜﮭﱠﺎن ،وﻟﻢ ﯾﺄت ﻓﻲ أوراﻗﮫ ھﺬه إﻻ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻋﺎر ﻋﻠﯿﮫ ،ﻓﻠﻮ ﺳﻜﺖ ﻟﻜﺎن ﺧﯿﺮاً ﻟﮫ وأﺳﺘﺮ ﻟﺠﮭﻠﮫ ،وﻟﻜﻦ ﯾﺄﺑﻰ ﺍ إﻻ أن ﯾﻔﻀﺢ أھﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ وﯾﻨﺼﺮ أھﻞ اﻟﺤﻖّ }ﯾُﺮِﯾﺪُونَ أَن ﯾﱡﻄْﻔِﺌُﻮاْ ﻧُﻮرَ ﺍ ِﺑِﺄَﻓْﻮَاھِﮭِﻢْ وَﯾَﺄْﺑَﻲ ﺍ ُإِﻻﱠ أَن ﯾﱡﺘِﻢﱠ ﻧُﻮرَهُ{)(٣وﻟﯿﺘﮫ اﻋﺘﺒﺮ ﺑﻤﺼﺎرع أﺳﻼﻓﮫ ﻋﻠﻰ أﯾﺪي أھﻞ اﻟﺤﻖّ ﻓﻜﻒﱠ ﻋﻤﺎ ﺑﺎح ﺑﮫ وﺑﻘﻲ ﻟﮫ اﻋﺘﺒﺎر ﻛﻤﺎ ﻗﺎل زھﯿﺮ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺘﮫ: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﻣﺤﻤﺪ ،اﻵﯾﺔ .٤ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﻤﺮﺳﻼت ،اﻵﯾﺎت ١٦ـ.١٩ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ ،اﻵﯾﺔ .٣٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
وﻛﺎﺋﻦ ﻣﻦ ﺻﺎﻣﺖ ﻟﻚ ﻣﻌﺠﺐ
٧ زﯾﺎدﺗﮫ أو ﻧﻘﺼﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻠﻢ
وﻟﻘﺪ ﺗﺼﺪﱠى ﻟﮫ ﻣﻦ ﺟﻨﺪ اﻟﺤﻖّ ﻣﻦ ﻓﻀﺢ أﺑﺎﻃﯿﻠﮫ وﻧﻘﺾ أﺣﺎﺑﯿﻠﮫ أﻻ وھﻮ اﻟﺪﻛﺘﻮر :ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﻌﺒﺎد ﻓﺎﺳﺘﻌﺮض أھﻢﱠ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻦ اﻟﺸﺒﮭﺎت واﻟﺘﺮھﺎت وردﱠ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ واﻟﺒﺮھﺎن ﺣﺘﻰ ﺗﺪاﻋﺖ ﻟﻠﺴﻘﻮط وھﻲ ﺗﻨﺎدي ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﺑﺎﻟﺠﮭﻞ واﻟﻌﻨﺎد ،وھﻜﺬا ﻣﺎ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺟﻨﺪ اﻟﺤﻖّ ﻣﻊ ﺟﻨﺪ اﻟﺒﺎﻃﻞ إﻻ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﺠﻨﺪ اﻟﺤﻖّ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَإِنﱠ ﺟُﻨﺪَﻧَﺎ ﻟَﮭُﻢُ اﻟﻐَﺎﻟِﺒُﻮنَ{).(١ وﻟﻘﺪ ﻗﺮأت ردﱠ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺮزاق ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻮﺟﺪﺗﮫ ـ واﻟﺤﻤﺪ ﷲ ـ ردّاً ﻣﺴﺪدّاً واﻓﯿﺎً ﺑﺎﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﺪﻋﻮﻣﺎً ﺑﺎﻟﺤﺠﺞ اﻟﻤﻘﻨﻌﺔ ﻣﺘﺒﻌﺎً ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺼﯿﺮة ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﮫ :اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻓﻲ ﻛﻞﱢ زﻣﺎن ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﺒﺼﺮون أھﻞ اﻟﻌﻤﻰ، وﯾﺤﯿﻮن ﺑﻜﺘﺎب ﺍ اﻟﻤﻮﺗﻰ ،وﯾﻨﻔﻮن ﻋﻦ ﻛﺘﺎب ﺍ اﻧﺘﺤﺎل اﻟﻤﺒﻄﻠﯿﻦ وﺗﺄوﯾﻞ اﻟﺠﺎھﻠﯿﻦ..اﻟﺦ ﻣﺎ ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ .وھﺬا ﻣﻦ رﺣﻤﺔ ﺍ، وﺗﺼﺪﯾﻘﺎً ﻟﻘﻮل رﺳﻮل ﺍ )) : ﻻ ﺗﺰال ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أﻣﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ ﻇﺎھﺮﯾﻦ ،ﻻ ﯾﻀﺮھﻢ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﮭﻢ وﻻ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺄﺗﻲ أﻣﺮ ﺍ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ وھﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ((. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺼﺎﻓﺎت ،اﻵﯾﺔ .١٧٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٨
ﻓﺠﺰى ﺍ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﮫ ﻣﻦ ﻧﺼﺮة اﻟﺤﻖ وردّ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺧﯿﺮ اﻟﺠﺰاء ،وھﺪى ﺍ ﻛﻞﱠ ﻣﻦ ﺿﻞﱠ ﻋﻦ اﻟﺼﻮاب إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ اﻟﺤﻖﱢ ،وﺻﻠﻰ ﺍ وﺳﻠﱠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﯿﱢﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﮫ وﺻﺤﺒﮫ.
١٤١٤/٣/١٥ھـ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠
اﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،واﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﯿﻦ ،وﻻ ﻋﺪوان إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻟﻤﯿﻦ اﻟﻤﻌﺘﺪﯾﻦ ،وأﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﺍ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ، وأﺷﮭﺪ أنﱠ ﻣﺤﻤﺪاً ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ ،ﺻﻠﻰ ﺍ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﱠﻢ وﻋﻠﻰ آﻟﮫ وأﺻﺤﺎﺑﮫ أﺟﻤﻌﯿﻦ. أﻣﺎ ﺑﻌﺪ :ﻓﺈنﱠ اﻟﺮﱠد ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻟﺪﻋﺎة إﻟﻰ اﻷھﻮاء، واﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻠﮭﻢ ،وﻧﻘﺾ ﺷﺒﮭﺎﺗﮭﻢ وأﺿﺎﻟﯿﻠﮭﻢ ،وإﺷﮭﺎر ﻋﯿﻮﺑﮭﻢ وﻧﻘﺎﺋﺼﮭﻢ ،وﺑﯿﺎن أﻧﱠﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﺤﻖّ واﻟﺼﻮاب أﻣﺮٌ ﻣﺘﺤﺘﻢٌ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻃﻼﺑﮫ ،ﻟﯿُﺘﻘﻰ ﺷﺮﱡ ھﺆﻻء ،وﻟﯿَﻌﻠﻢ اﻟﻘﺎﺻﻲ واﻟﺪاﻧﻲ ﺿﻼﻟﮭﻢ واﻧﺤﺮاﻓﮭﻢ وﺑﻌﺪھﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﻖّ واﻟﺮﺷﺎد ،وھﺬا ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ اﻟﻤﺄﻣﻮر ﺑﮫ ﺷﺮﻋﺎً. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :واﻟﺪاﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﺒﺪﻋﺔ ﻣﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻋﻘﻮﺑﺘﮫ ﺗﻜﻮن ﺗﺎرة ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ وﺗﺎرة ﺑﻤﺎ دوﻧﮫ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺘﻞ اﻟﺴﻠﻒ ﺟﮭﻢَ ﺑﻦ ﺻﻔﻮان واﻟﺠﻌﺪ ﺑﻦ درھﻢ وﻏﯿﻼن اﻟﻘﺪري وﻏﯿﺮھﻢ ،وﻟﻮ ﻗﺪر أﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ أو ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﮫ ﻓﻼ ﺑﺪﱠ ﻣﻦ ﺑﯿﺎن ﺑﺪﻋﺘﮫ واﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓﺈن ھﺬا ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ اﻟﺬي أﻣﺮ ﺍ ﺑﮫ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١
ورﺳﻮﻟﮫ (().(١ وﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :وﻣﺜﻞ أﺋﻤﺔ اﻟﺒﺪع ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﱠﺔ ،أو اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺈنﱠ ﺑﯿﺎن ﺣﺎﻟﮭﻢ وﺗﺤﺬﯾﺮ اﻷﻣﺔ ﻣﻨﮭﻢ واﺟﺐ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﯿﻞ ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ :اﻟﺮﺟﻞ ﯾﺼﻮم وﯾﺼﻠﻲ وﯾﻌﺘﻜﻒ أﺣﺐّ إﻟﯿﻚ أو ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ أھﻞ اﻟﺒﺪع؟ ﻓﻘﺎل :إذا ﻗﺎم وﺻﻠﱠﻰ واﻋﺘﻜﻒ ﻓﺈﻧﱠﻤﺎ ھﻮ ﻟﻨﻔﺴﮫ ،وإذا ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻲ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻓﺈﻧﱠﻤﺎ ھﻮ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ھﺬا أﻓﻀﻞ .ﻓﺒﯿﱠﻦ أن ﻧﻔﻊ ھﺬا ﻋﺎم ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ دﯾﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺍ؛ إذ ﺗﻄﮭﯿﺮ ﺳﺒﯿﻞ ﺍ ودﯾﻨﮫ وﻣﻨﮭﺎﺟﮫ وﺷﺮﻋﺘﮫ ودﻓﻊ ﺑﻐﻲ ھﺆﻻء وﻋﺪواﻧﮭﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ واﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎﯾﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻟﻮﻻ ﻣﻦ ﯾﻘﯿﻤﮫ ﺍ ﻟﺪﻓﻊ ﺿﺮر ھﺆﻻء ﻟﻔﺴﺪ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻛﺎن ﻓﺴﺎده أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻓﺴﺎد اﺳﺘﯿﻼء اﻟﻌﺪو ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺤﺮب ،ﻓﺈنﱠ ھﺆﻻء إذا اﺳﺘﻮﻟﻮا ﻟﻢ ﯾﻔﺴﺪوا اﻟﻘﻠﻮب وﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ إﻻ ﺗﺒﻌﺎً ،وأﻣﺎ أوﻟﺌﻚ ﻓﮭﻢ ﯾﻔﺴﺪون اﻟﻘﻠﻮب اﺑﺘﺪاءً (().(٢ ورﻏﻢ وﺿﻮح ھﺬا اﻟﻤﻨﮭﺞ وﻇﮭﻮره وﻛﺜﺮة ﻋﻮاﺋﺪه وﻓﻮاﺋﺪه إﻻ أﻧﱠﮫ ﻗﺪ ﻇﮭﺮت ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ھﺬا ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﻮاﻗﻒ ﻣﺨﺬوﻟﺔ وآراء ﻣﺮذوﻟﺔ ﺗﺪﻋﻮ ﺑﻼ ﺣﯿﺎء إﻟﻰ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء وﻋﺪم اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻨﮭﻢ ،وزﻋﻤﻮا أن ھﺬا ھﻮ اﻟﻤﻨﮭﺞ اﻷﻗﻮم واﻟﻄﺮﯾﻖ اﻷﺣﻜﻢ ،وﻗﺎﻟﻮا :ﻓﻲ ھﺬا رأبٌ ﻟﻠﺼﺪع وﻟـﻢﱞ ﻟﻠﺸﻤﻞ وﺗﻮﺣﯿﺪٌ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٤١٤/٣٥ ) (٢اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٣٢ ،٣٢١/٢٨
١٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻟﻠﺼﻒّ وﺟﻤﻊٌ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ. وﻣﺎ ﻣﻦ رﯾﺐٍ أنﱠ ھﺬا ﻣﻨﮭﺞ ﺑﺎﻃﻞ ،أﺿﺮاره ﻛﺜﯿﺮة وأﺧﻄﺎره ﺟﺴﯿﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم واﻟﺴﻨﺔ ،وﻓﯿﮫ أﻋﻈﻢ ﺗﻤﻜﯿﻦ ﻷھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺿﻼﻟﮭﻢ وﺑﺎﻃﻠﮭﻢ ،وھﻮ ﻣﻨﮭﺞ ﻣﻨﺤﺮف ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ وﻗﺪ ذﻛﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﯾﻌﺘﻘﺪون اﻋﺘﻘﺎداً ھﻮ ﺿﻼل ﯾﺮوﻧﮫ ھﻮ اﻟﺤﻖّ ،وﯾﺮون ﻛﻔﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﻗﺎل )) :وﺑﺈزاء ھﺆﻻء اﻟﻤﻜﻔﺮﯾﻦ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ أﻗﻮام ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮن اﻋﺘﻘﺎد أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺐ أو ﯾﻌﺮﻓﻮن ﺑﻌﻀﮫ وﯾﺠﮭﻠﻮن ﺑﻌﻀﮫ ،وﻣﺎ ﻋﺮﻓﻮه ﻣﻨﮫ ﻗﺪ ﻻ ﯾﺒﯿﱢﻨﻮﻧﮫ ﻟﻠﻨﺎس ﺑﻞ ﯾﻜﺘﻤﻮﻧﮫ، وﻻ ﯾﻨﮭﻮن ﻋﻦ اﻟﺒﺪع اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وﻻ ﯾﺬﻣﻮن أھﻞ اﻟﺒﺪع وﯾﻌﺎﻗﺒﻮﻧﮭﻢ ،ﺑﻞ ﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺬﻣﻮن اﻟﻜﻼم ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ وأﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ذﻣّﺎً ﻣﻄﻠﻘﺎً ،ﻻ ﯾﻔﺮﻗﻮن ﻓﯿﮫ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ دلﱠ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع وﻣﺎ ﯾﻘﻮﻟﮫ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻟﻔﺮﻗﺔ ،أو ﯾﻘﺮون اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺬاھﺒﮭﻢ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻛﻤﺎ ﯾﻘﺮّ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ اﻻﺟﺘﮭﺎد اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻮغ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻨﺰاع ،وھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺟﺌﺔ وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﻔﻘﮭﺔ واﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ واﻟﻤﺘﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻐﻠﺐ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أھﻞ اﻷھﻮاء واﻟﻜﻼم ،وﻛﻼ ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺘﯿﻦ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وإﻧﻤﺎ اﻟﻮاﺟﺐ ﺑﯿﺎن ﻣﺎ ﺑﻌﺚ ﺍ ﺑﮫ رﺳﻠﮫ وأﻧﺰل ﺑﮫ ﻛﺘﺒﮫ ،وﺗﺒﻠﯿﻎ ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﮫ اﻟﺮﺳﻞ ﻋﻦ ﺍ واﻟﻮﻓﺎء ﺑﻤﯿﺜﺎق ﺍ اﻟﺬي أﺧﺬه ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﯿﺠﺐ أن ﯾﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﮫ اﻟﺮﺳﻞ وﯾﺆﻣﻦ ﺑﮫ وﯾﺒﻠﻐﮫ وﯾﺪﻋﻮ إﻟﯿﮫ وﯾﺠﺎھﺪ ﻋﻠﯿﮫ ،وﯾﺰن ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﺧﺎض اﻟﻨﺎس ﻓﯿﮫ ﻣﻦ أﻗﻮال وأﻋﻤﺎل ﻓﻲ اﻷﺻﻮل واﻟﻔﺮوع اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ واﻟﻈﺎھﺮة ﺑﻜﺘﺎب
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣
ﺍ وﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺒﻌﯿﻦ ﻟﮭﻮى ﻣﻦ ﻋﺎدة أو ﻣﺬھﺐ أو ﻃﺮﯾﻘﺔ أو رﺋﺎﺳﺔ أو ﺳﻠﻒ وﻻ ﻣﺘﺒﻌﯿﻦ ﻟﻈﻦﱟ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﺿﻌﯿﻒ أو ﻗﯿﺎس ﻓﺎﺳﺪ ـ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻗﯿﺎس ﺷﻤﻮل أو ﻗﯿﺎس ﺗﻤﺜﯿﻞ ـ أو ﺗﻘﻠﯿﺪ ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾﺠﺐ اﺗﺒﺎع ﻗﻮﻟﮫ وﻋﻤﻠﮫ ،ﻓﺈن ﺍ ذمﱠ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺘﺒﻌﻮن اﻟﻈﻦﱠ وﻣﺎ ﺗﮭﻮى اﻷﻧﻔﺲ وﯾﺘﺮﻛﻮن اﺗﺒﺎع ﻣﺎ ﺟﺎءھﻢ ﻣﻦ رﺑﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﮭﺪى (() (١ا.ھـ. وﻣﺎ أﺷﺒﮫ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺑﺎﻟﺒﺎرﺣﺔ ،ﻣﺎ أﺷﺒﮫ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺘﺤﺪث ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم آﻧﻔﺎً ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﺘﮭﻢ ﺑﮭﺆﻻء اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ اﻟﺪاﻋﯿﻦ ﻟﻠﺴﻜﻮت ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء واﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﻮاﺋﻒ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻣﺬاھﺒﮭﻢ وﺗﺒﺎﯾﻦ ﻃﺮاﺋﻘﮭﻢ ﻣﻊ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ. ﺷﺘــﺎن ﺑﯿﻦ اﻟـﺤﺎﻟﺘﯿــﻦ ﻓﺈن ﺗﺮد ﯾﺠﺘﻤﻌــﺎن
ﺟﻤﻌﺎً ﻓﻤﺎ اﻟﻀﺪان
ﺷﺘﺎن ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﻦ ﻓﻤﻦ ﯾﻜﻦ اﻟﻔﺌﺘـــﺎن
ﻣﺘﺤـﯿـﺮاً ﻓﻠﯿﻨﻈــﺮ
وإﻧﱠﻤﺎ اﻟﺤﻖ واﻟﻮاﺟﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ھﻮ ﻟﺰوم اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﮭﻤﺎ وﻧﺒﺬ ﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻞ وﺿﻼل واﻧﺤﺮاف ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ إﯾﻀﺎح ذﻟﻚ وﺗﻘﺮﯾﺮه ﻓﻲ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﻟﻤﺘﻘﺪم. وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈنﱠ ﻣﺆﻟﻔﺎت أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺮدّ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺒﺪع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٤٦٨ ،٤٦٧/١٢
١٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
واﻷھﻮاء اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ ﷲ وﻟﺮﺳﻮﻟﮫ وﻟﻜﺘﺎﺑﮫ وﻷﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻋﺎﻣﺘﮭﻢ ،وﻓﯿﮭﺎ دﻋﻮة ﻟﻠﻤﺮدود ﻋﻠﯿﮫ إﻟﻰ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻧﻔﺴﮫ ووزن أﻗﻮاﻟﮫ ﻟﻌﻠﮫ ﯾﻌﻮد إﻟﻰ رﺷﺪه وﯾﺘﺮك ﻏﯿﱠﮫ وﺑﺎﻃﻠﮫ ،وﻓﯿﮭﺎ ﺣﻤﺎﯾﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ اﻟﻤﺒﺜﻮث ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺒﺘﺪع اﻟﻤﺒﻄﻞ اﻟﻨﺎﺷﺮ ﻟﻠﻀﻼل. وﻟﻢ ﯾﺒﻌﺪ أﺣﺪ ﺷﯿﻮﺧﻨﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ إذ ﻗﺎل )) :وﻛﻤﺎ أﻧﱠﮫ ﯾﻮﺿﻊ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ أﻣﺎﻛﻦ ﻟﻠﺤﺠﺮ اﻟﺼﺤﻲّ ﻟﻤﻦ ﺑﮭﻢ أﻣﺮاض ﻣﻌﺪﯾﺔ ،ﻓﺈنﱠ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء اﻟﺪاﻋﯿﻦ إﻟﻰ ﺑﺎﻃﻠﮭﻢ أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ؛ ﻷنﱠ ھﺆﻻء ﯾﻤﺮﺿﻮن اﻟﻘﻠﻮب وﯾﻔﺴﺪون اﻷدﯾﺎن ،وأوﻟﺌﻚ ﯾﻔﺴﺪون اﻷﺟﺴﺎم وﯾﻤﺮﺿﻮن اﻷﺑﺪان ((. وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻟﻨﺎ ﺑﻤﻦ ﯾﻜﻤﱢﻢ أﻓﻮاھﮭﻢ وﯾﻘﻄﻊ أﻟﺴﻨﺘﮭﻢ وﯾﻜﺴﺮ أﻗﻼﻣﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ ﺑﺼﺒﯿﻎ وﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻘﺴﺮي ﺑﺎﻟﺠﻌﺪ ﻓﺈﻟﻰ ﺍ اﻟﻤﺸﺘﻜﻰ. ھﺬا وإنﱠ ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻠﻲ أﻟﻮﯾﺔ اﻟﺒﺪﻋﺔ وأزﻣﺔ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ﺷﺎﺑًﺎ ﺟﮭﻤﯿّﺎً ﻣﻌﺎﺻﺮاً أﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮫ ﻧﺸﺮ اﻟﻀﻼل واﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﮭﺠﻮم ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺤﻖّ واﻟﺴﻨﺔ وﺗﻤﺠﯿﺪ أھﻞ اﻟﻀﻼل واﻟﺒﺪﻋﺔ ،وھﻮ اﻟﻤﺪﻋﻮ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺴﻘﺎف ،وﻟﻢ أﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻛﺘﺒﮫ وﷲ اﻟﺤﻤﺪ، إﻻ ﻛﺘﺎﺑﺎً واﺣﺪاً ﺑُﻠﯿﺖ ﺑﻘﺮاءﺗﮫ وھﻮ ﻛﺘﺎب: )) اﻟﺘﻨﺪﯾﺪ ﺑﻤﻦ ﻋﺪﱠد اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ .إﺑﻄﺎل ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ (( .ﻓﮭﺎﻟﻨﻲ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ إذ ﻗﺪ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﻮﺣﺪﯾﻦ ﷲ ﻓﻲ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ وأﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ وأﻟﻮھﯿﺘﮫ ﺑﺄﻧﮭﻢ ﺛﻠﺜﻮا ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٥
ﻋﻘﯿﺪﺗﮭﻢ. وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻋﻘﯿﺪة ﻧﺼﺮاﻧﯿﺔ ﻓﺎﺳﺪة ﺣﻜﻢ ﺍ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ أھﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ،وﻟﻢ أﺣﺴﺐ أنﱠ أﺣﺪاً ﺗﺒﻠﻎ ﺑﮫ اﻟﺠﺮأة أن ﯾﺤﻜﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺤﻜﻢ أو ﯾﻘﺮر ھﺬا اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ اﻟﺒﺎﻃﻞ اﻟﺠﺎﺋﺮ ﺣﺘﻰ وﻗﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﻼم ھﺬا اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ اﻟﮭﺎﻟﻚ .وأﻗﻮل ﻣﺎ ﻗﯿﻞ: ﺍ أﺧﺮ ﻣﻮﺗﺘﻲ ﻓﺘﺄﺧﺮت
ﺣﺘﻰ رأﯾﺖ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﻋﺠﺎﺋﺒﺎً
ھﺬا ﻣﻦ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب ﻓﺤﺴﺐ ،أﻣﺎ ﻣﻀﻤﻮﻧﮫ ﻓﻘﺪ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺎﺋﺐ وﻏﺮاﺋﺐ وﻃﻮام ﻛﺜﯿﺮةٍ ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﮭﺎ ﻛﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ إﺧﺮاج اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻞ وﻣﻦ داﺋﺮة اﻟﻌﻘﻼء ﻓﺤﺴﯿﺒﮫ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪم ،وﻋﻨﺪ ﺍ ﺗﺠﺘﻤﻊ اﻟﺨﺼﻮم .وﻣﻦ ﻗﺮاءﺗﻲ ﻟﻜﺘﺎﺑﮫ ﻛﺎﻣﻼً ﻇﮭﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺣﺎل اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: أوﻻً :ﻛﻮﻧﮫ ﺟﮭﻤﯿﺎ ﺟﻠﺪًا ﯾﺮى أنﱠ رﺑﮫ ﻻ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ داﺧﻠﮫ وﯾﻨﺴﺐ ذﻟﻚ زوراً وﺑﺎﻃﻼً إﻟﻰ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ. ﺛﺎﻧﯿﺎً :وﺟﺪﺗﮫ ﻣﺤﺮﱢﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻷﻗﻮال أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻧﺼﻮﺻﮭﻢ. ﺛﺎﻟﺜﺎً :وﺟﺪﺗﮫ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﻜﺬب واﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﻠﺒﯿﺲ. راﺑﻌﺎً :ﺛﻢ ھﻮ ﺳﻠﯿﻂ اﻟﻠﺴﺎن ،ﺑﺬيء اﻟﻘﻮل ،ﯾﺮﻣﻲ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ،وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻨﮭﻢ :ص )) ٦ :اﻟﻤﺘﻤﺴﻠﻔﯿﻦ (( وص )) ١٢ :أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻮل ذات اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﺴﻄﺤﻲ اﻟﻀﺤﻞ (( وص )) ١٧ :ﻓﺨﺬ ﻣﺠﺪك ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺴﯿﻢ ﯾﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ (( وص)) ١٩ :
١٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
وھﻮ دﻟﯿﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻋﻨﺪ أيّ ﻗﺎرئ ﻟﺒﯿﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺪﻋﻮ إﻟﯿﮭﺎ ھﺆﻻء ﺑﺎﺳﻢ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت (( وص )) ٣٢ :اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮاﺻﻮن (( وص )) ٣٧ :اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ (( وص )) ٤٠:اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ اﻟﻤﺸﺒﮭﺔ (( وص )) ٦٠ :وأن اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﮫ ﻋﻨﺪ ھﺆﻻء اﻟﻤﺘﻤﺴﻠﻔﯿﻦ ﻣﺎ رأﯾﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺴﯿﻢ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎرﺑﮭﺎ اﻹﺳﻼم وﺟﺎء ﺑﮭﺪﻣﮭﺎ ((. ھﻜﺬا ﯾﻘﻮل ،وﻻ رﯾﺐ أنﱠ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﻋﻼﻣﺎت أھﻞ اﻟﺒﺪع اﻟﻮﻗﯿﻌﺔ ﻓﻲ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻷﺛﺮ ،ﻗﺎل إﺳﺤﺎق ﺑﻦ راھﻮﯾﮫ :ﻋﻼﻣﺔ ﺟﮭﻢ وأﺻﺤﺎﺑﮫ دﻋﻮاھﻢ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺎ أوﻟﻌﻮا ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب أﻧﱠﮭﻢ ﻣﺸﺒﮭﺔ ،ﺑﻞ ھﻢ اﻟﻤﻌﻄﻠﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﺧﻠﻖ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﺴﻠﻒ :ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﺗﺴﻤﯿﺘﮭﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﺸﺒﮭﺔ).(١ ﻓﻤﺎ ﺣﺎل إذاً ﻣﻦ ﯾﺠﻌﻠﮭﻢ أھﻞ ﻋﻘﺎﺋﺪ وﺛﻨﯿﺔ!؟ ﺧﺎﻣﺴﺎً :ﯾﻤﺠﺪ أھﻞ اﻟﺒﺪع وﯾﻌﻈﻤﮭﻢ وﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ ﺳﯿﻤﺎ إﻣﺎﻣﮫ وﺷﯿﺨﮫ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﺘﺠﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ زاھﺪ اﻟﻜﻮﺛﺮي ﺑﻞ ھﻮ ﻣﻦ راﺋﺸﻲ ﻧﺒﻠﮫ واﻟﺤﺎﻃﺒﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﺒﻠﮫ واﻟﺴﺎﻋﯿﻦ ﻓﻲ ﻧﺼﺮﺗﮫ؛ وﻟﮭﺬا ﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻨﮫ ﻓﺄﺣﯿﺎﻧﺎً ﯾﺼﺮح ﺑﺎﺳﻤﮫ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ )ص ،(٣٩ ،٣٨ :وأﺣﯿﺎﻧﺎً ﻻ ﯾﺼﺮح ﺑﺎﺳﻤﮫ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ )ص (١١ :ﻓﮭﻮ ﻣﻨﻘﻮل ﻣﻦ ھﺎﻣﺶ اﻟﺴﯿﻒ اﻟﺼﻘﯿﻞ ﻟﻠﻜﻮﺛﺮي )ص: ،(٢٧وﻛﻤﺎ ﻓﻲ )ص (١٤ :ﻓﮭﻮ ﻣﻨﻘﻮل ﻣﻦ ھﺎﻣﺶ اﻟﺴﯿﻒ اﻟﺼﻘﯿﻞ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﻻﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ).(٨٥/١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٧
ﻟﻠﻜﻮﺛﺮي )ص (١١٥:وﯾﺼﻔﮫ ﺑﺎﻹﻣﺎم اﻟﻤﺤﺪث. ﺳﺎدﺳﺎً :اﺳﺘﺨﻔﺎﻓﮫ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﺣﺎدﯾﺚ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ص ٥٥ :ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺠﺎرﯾﺔ اﻟﺬي ﯾﺘﺸﺪﻗﻮن ﺑﮫ (( !! ﻟﮭﺬا وﻏﯿﺮه رأﯾﺖ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻞ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺿﻼﻟﮫ ،واﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻨﮫ ،وﻛﺸﻒ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﺒﯿﺴﺎﺗﮫ وﺗﺪﻟﯿﺴﺎﺗﮫ ،وﻓﻀﺢ ﻛﺬﺑﮫ وﺗﺰوﯾﺮه ،وﻧﻘﺾ ﺷُﺒﮭﮫ وأﺑﺎﻃﯿﻠﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﺬﻛﻮر ،ﻧﺼﺮاً ﻟﻠﺤﻖ وذﺑّﺎً ﻋﻦ اﻟﺴﻨﱠﺔ ودﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﻣﺔ وردّاً ﻟﻠﺒﺎﻃﻞ وإزھﺎﻗﺎً ﻟﮫ. ھﺬا دون ﺗﻘﺺ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ،وﻟﻮ ﻧﺎﻗﺸﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ واﻟﺨﻄﺄ واﻟﺘﻌﺪي واﻟﺠﻮر واﻟﻜﺬب واﻟﺨﻠﻂ واﻟﺘﻠﺒﯿﺲ واﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﺸﻨﯿﻊ ﻟﻄﺎل اﻟﻜﻼم ،ﻟﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﺿﻼﻟﮫ وﺑﺎﻃﻠﮫ ﻣﺮﺷﺪٌ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﻤﻦ ﻟﮫ أدﻧﻰ ﻓﮭﻢ وأﻗﻞّ ﻋﻠﻢ ،واﻟﻠﺒﯿﺐ ﺗﻜﻔﯿﮫ اﻹﺷﺎرة ،وﻟﻮ أنﱠ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺳﻜﺖ وﻟﻢ ﯾﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ واﺷﺘﻐﻞ ﺑﺘﺤﺼﯿﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻟﻜﺎن ﺧﯿﺮاً ﻟﮫ وأﻗﻮم ،وﻷراح ﻏﯿﺮه ،ﻟﻜﻨﮫ ﺻﺎر ﻛﻤﻦ ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﺘﻔﮫ ﺑﻈﻠﻔﮫ. ﻓﻜﺎن ﻛﻌﻨﺰ اﻟﺴﻮء ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻈﻠﻔﮭﺎ ﺗﺜﯿﺮھﺎ
إﻟﻰ ﻣﺪﯾﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺮاث
ﻓﻨﺴﺄل ﺍ أن ﯾﮭﺪﯾﮫ وﯾﮭﺪي ﺿﺎل اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وأن ﯾﺮدھﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﻖّ ردّاً ﺟﻤﯿﻼً ،وأن ﯾﻌﯿﺬﻧﺎ ﻣﻦ اﻷھﻮاء اﻟﻤﻄﻐﯿﺔ واﻟﻔﺘﻦ اﻟﻤﺮدﯾﺔ ﺑﻤﻨﮫ وﻛﺮﻣﮫ.
١٨ وھﺬا أوان اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺼﻮد.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٩
١ـ ص )) :٣ﻓﮭﺬا ﺟﺰء ﻟﻄﯿﻒ وﻣﻨﺎر ﻣﻨﯿﻒ أﺛﺒﺖ ﻓﯿﮫ إﺑﻄﺎل اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ أﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ أﺳﻤﺎء وﺻﻔﺎت …((. :إنﱠ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻋﻘﯿﺪة ﻧﺼﺮاﻧﯿﺔ ﺧﺒﯿﺜﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺟﻌﻞ اﻵﻟﮭﺔ ﺛﻼﺛﺔ وھﻢ :اﻷب واﻻﺑﻦ وروح اﻟﻘﺪس ،وﻗﺪ ﻛﻔﱠﺮھﻢ ﺍ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻢ ﺗﻨﺰﯾﻠﮫ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﻔَﺮَ اﻟﺬِﯾﻦَ ﻗَﺎﻟُﻮا إَنﱠ ﺍ َﺛَﺎﻟِﺚُ ﺛَﻼَﺛَﺔٍ وَﻣَﺎ ﻣِﻦْ إِﻟَﮫٍ إِﻻﱠ إِﻟَـﮫٌ وَاﺣِﺪٌ وَإِن ﻟﱠﻢْ ﯾَﻨﺘَﮭُﻮا ﻋَﻤﱠﺎ ﯾَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﻟَﯿَﻤَﺴَﻦﱠ اﻟﺬِﯾﻦَ ﻛَﻔَﺮُوا ﻣِﻨْﮭُﻢْ ﻋَﺬَابٌ أَﻟِﯿﻢٌ أَﻓَﻼَ ﯾَﺘُﻮﺑُﻮنَ إِﻟَﻰ ﺍِ ﺴﺘَﻐْﻔِﺮُوﻧَﮫُ وَﺍ ُﻏَﻔُﻮرٌ رﱠﺣِﯿـﻢٌ{).(١ وَﯾَ ْ
أﻣﺎ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم :ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،أو إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ :ﺗﻮﺣﯿﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ وإﺛﺒﺎت وھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،وﺗﻮﺣﯿﺪ إرادة وﻃﻠﺐ وھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،ﻓﮭﺬه ﻋﻘﯿﺪة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻗﺎﻃﺒﺔ، اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﻜﺘﺎب ﺍ وﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ ﺳﻮى اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﻀﱡﻼﱠل. واﻟﻤﺮاد ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ :اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺠﺎزم ﺑﺄنﱠ ﺍ وﺣﺪه اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺤﯿﻲ اﻟﻤﻤﯿﺖ اﻟﻤﺪﺑﺮ ﻟﺸﺌﻮن ﺧﻠﻘﮫ ﻛﻠﮭﺎ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ.
واﻟﻤﺮاد ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ :إﻓﺮاد ﺍ وﺣﺪه ﺑﺎﻟﺨﻀﻮع واﻟﺬل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة اﻵﯾﺘﺎن ،٧٤ ،٧٣واﻧﻈﺮ ﻓﻲ إﺑﻄﺎل ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ھﺬه ﻛﺘﺎب اﻟﺠﻮاب اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻟﻤﻦ ﺑﺪﱠل دﯾﻦ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ) ٩٠/٢وﻣﺎ ﺑﻌﺪھﺎ( ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ: ﻓﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ﺑﻄﻼن اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ.
٢٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
واﻟﻤﺤﺒﺔ واﻟﺨﺸﻮع وﺳﺎﺋﺮ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ. واﻟﻤﺮاد ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت :اﻹﯾﻤﺎن اﻟﺠﺎزم ﺑﺄﺳﻤﺎء ﺍ وﺻﻔﺎﺗﮫ اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وإﺛﺒﺎﺗﮭﺎ دون ﺗﺤﺮﯾﻒ أو ﺗﻌﻄﯿﻞ أو ﺗﻜﯿﯿﻒ أو ﺗﻤﺜﯿﻞ. وﻟﻜﻞﱢ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺿﺪﱞ؛ )) ﻓﺈذا ﻋﺮﻓﺖ أن ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ھﻮ اﻹﻗﺮار ﺑﺄن ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ھﻮ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺤﻲ اﻟﻤﻤﯿﺖ اﻟﻤﺪﺑﺮ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺘﺼﺮف ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﮫ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﮫ ،ﻓﻀﺪ ذﻟﻚ ھﻮ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻌﺒﺪ وﺟﻮد ﻣﺘﺼﺮف ﻣﻊ ﺍ ﻏﯿﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﯿﮫ إﻻ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ .وإذا ﻋﺮﻓﺖ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ھﻮ أن ﯾﺪﻋﻰ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺎ ﺳﻤﻰ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ وﯾﻮﺻﻒ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ووﺻﻔﮫ ﺑﮫ رﺳﻮﻟﮫ ﻣﺤﻤﺪ وﯾﻨﻔﻰ ﻋﻨﮫ اﻟﺘﺸﺒﯿﮫ واﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ،ﻓﻀﺪ ذﻟﻚ ﺷﯿﺌﺎن وﯾﻌﻤﮭﻤﺎ اﺳﻢ اﻹﻟﺤﺎد: أﺣﺪھﻤﺎ :ﻧﻔﻲ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ وﺗﻌﻄﯿﻠﮫ ﻋﻦ ﺻﻔﺎت ﻛﻤﺎﻟﮫ وﻧﻌﻮت ﺟﻼﻟﮫ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ. ﺛﺎﻧﯿﮭﻤﺎ :ﺗﺸﺒﯿﮫ ﺻﻔﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺼﻔﺎت ﺧﻠﻘﮫ وﻗﺪ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ }ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ وَھُﻮَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟْﺒَﺼِﯿﺮُ{) ،(١وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﯾَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺑَﯿْﻦَ أَﯾْﺪِﯾﮭِﻢْ وَﻣَﺎ ﺧَﻠْﻔَﮭُﻢْ وَﻻَ ﯾُﺤِﯿﻄُﻮنَ ﺑِﮫِ ﻋِﻠْﻤﺎً{) ،(٢وإذا ﻋﺮﻓﺖ أن ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ ھﻮ إﻓﺮاد ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺠﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة وﻧﻔﻲ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١ ) (٢ﺳﻮرة ﻃــﮫ ،اﻵﯾﺔ .١١٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢١
اﻟﻌﺒﺎدة ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮى ﺍ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻀﺪ ذﻟﻚ ھﻮ ﺻﺮف ﺷﻲء ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة ﻟﻐﯿﺮ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وھﺬا ھﻮ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ وﻓﯿﮫ اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﺑﯿﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮﺳﻞ وأﻣﻤﮭﺎ (().(١ وھﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﻠﺘﻮﺣﯿﺪ ﻟﮭﺎ دﻻﺋﻞ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺍ وﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ . ١ـ ﻓﻤﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻗﻮل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟﺤَﻤْﺪُ ﻟﻠﱠﮫِ رَ ﱢ ب اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{ ،وﻗﻮﻟﮫ} :أَﻻَ ﻟَﮫُ اﻟﺨَﻠْﻖُ وَاﻷَﻣْﺮُ ﺗَﺒَﺎرَكَ ﺍ ُرَبﱡ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{) ،(٢وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ رﱠبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ ﻗُﻞِ ﺍ،(٣){ُ وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞ ﻟﱢﻤَﻦِ اﻷَرْضُ وَﻣَﻦْ ﻓِﯿﮭَﺎ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺬَﻛﱠﺮُونَ ﻗُﻞْ ﻣَﻦ رﱠبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ اﻟﺴﱠﺒْﻊِ وَرَبﱡ اﻟﻌَﺮْشِ اﻟﻌَﻈِﯿﻢِ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ ﻗُﻞْ ﻣَﻦْ ﺑِﯿَﺪِهِ ﻣَﻠَﻜُﻮتُ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ وَھُﻮَ ﯾُﺠِﯿﺮُ وَﻻَ ﯾُﺠَﺎرُ ﻋَﻠَﯿْﮫِ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﺗُﺴْﺤَﺮُونَ{) ،(٤وﻗﻮﻟﮫ} :ذَﻟِﻜُﻢُ ﺍ ُرَﺑﱡﻜُﻢْ ﻓَﺘَﺒَﺎرَكَ ﺍ ُرَبﱡ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{) ،(٥وﻗﻮﻟﮫ} :ﺍ ُﺧَﺎﻟِﻖُ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ وَھُﻮَ ﻋَﻠَﻲ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ وَﻛِﯿﻞٌ{) ،(٦وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﻌﺎرج اﻟﻘﺒﻮل ﻟﻠﺸﯿﺦ ﺣﺎﻓﻆ ﺣﻜﻤﻲ ).(٤١٨/١ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف ،اﻵﯾﺔ .٥٤ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺮﻋﺪ ،اﻵﯾﺔ .١٦ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺎت ٨٤ـ .٨٩ ) (٥ﺳﻮرة ﻏﺎﻓﺮ ،اﻵﯾﺔ .٦٤ ) (٦ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٦٢
٢٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢ـ وﻣﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟﺤَﻤْﺪُ ﷲِ{؛ ﻷنﱠ ﺍ
ﺴﺘَﻌِﯿﻦُ{ ،وﻗﻮﻟﮫ: ﻣﻌﻨﺎه اﻟﻤﺄﻟﻮه اﻟﻤﻌﺒﻮد ،وﻗﻮﻟﮫ} :إِﯾﱠﺎكَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ وَإِﯾﱠﺎكَ ﻧَ ْ }ﯾَﺄَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﻨﱠﺎسُ اﻋْﺒُﺪُوا رَﺑﱠﻜُﻢُ اﻟﺬِي ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ وَاﻟﺬِﯾﻦَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠﱠﻜُﻢْ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{) ،(١وﻗﻮﻟﮫ} :ﻓَﺎﻋْﺒُﺪِ ﺍ َﻣُﺨْﻠِﺼﺎً ﻟَﮫُ اﻟﺪﱢﯾﻦَ أَﻻَ ﷲِ اﻟﺪﱢﯾﻦُ اﻟْﺨَﺎﻟِﺺُ وَاﻟﺬِﯾﻦَ اﺗﱠﺨَﺬُوا ﻣِﻦْ دُوﻧِﮫِ أَوْﻟِﯿَﺂءَ ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{) ،(٢وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞِ ﺍ َأَﻋْﺒُﺪُ ﻣُﺨْﻠِﺼﺎً ﻟَﮫُ دِﯾﻨِﻲ ﻓَﺎﻋْﺒُﺪُوا ﻣَﺎ ﺷِﺌْﺘُﻢ ﻣِﻦ دُوﻧِﮫِ{) ،(٣وﻗﻮﻟﮫ} :وَﻣَﺎ أُﻣِﺮُوا إِﻻﱠ ﻟِﯿَﻌْﺒُﺪُوا ﺍَ ﻣُﺨْﻠِﺼِﯿـﻦَ ﻟَﮫُ اﻟﺪﱢﯾﻦَ ﺣُﻨَﻔَﺂءَ وَﯾُﻘِﯿﻤُﻮا اﻟﺼﱠﻼَةَ وَﯾُﺆْﺗُﻮا اﻟﺰﱠﻛَﺎةَ وَذَﻟِﻚَ دِﯾﻦُ اﻟﻘَﯿﱢﻤَﺔِ{) ،(٤وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت. ٣ـ وﻣﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟﺮﱠﺣْﻤَ ِ ﻦ اﻟﺮﱠﺣِﯿﻢِ ﻣَــﺎﻟِﻚِ ﯾَﻮْمِ اﻟﺪﱢﯾﻦِ{ ،وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞِ ادْﻋُﻮا ﺍ َأَوِ ادْﻋُﻮا ﺴﻨَﻰ{) ،(٥وﻗﻮﻟﮫ} :ھَﻞْ اﻟﺮﱠﺣْﻤَـﻦَ أَﯾّﺎً ﻣﱠﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮا ﻓَﻠَﮫُ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟـﺤُ ْ ﺗَﻌْﻠَﻢُ ﻟَﮫُ ﺳَﻤِﯿّﺎً{) ،(٦وﻗﻮﻟﮫ} :ﺍ ُﻻَ إِﻟَـﮫَ إِﻻﱠ ھُﻮَ ﻟَﮫُ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟـﺤُﺴْﻨَﻰ{) ،(٧وﻗﻮﻟﮫ} :ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ وَھُﻮَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟْﺒَﺼِﯿﺮُ{) ،(٨وآﺧﺮ ﺳﻮرة اﻟﺤﺸﺮ ،وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .٢١ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺘﺎن .٣ ،٢ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺘﺎن .١٥ ،١٤ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﺒﯿﻨﺔ ،اﻵﯾﺔ .٥ ) (٥ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .١١٠ ) (٦ﺳﻮرة ﻣﺮﯾﻢ ،اﻵﯾﺔ .٦٥ ) (٧ﺳﻮرة ﻃــﮫ ،اﻵﯾﺔ .٨ ) (٨ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢٣
وﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﺖ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﻮل ﺍ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮرة ﻣﺮﯾﻢ} :رَبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ وَﻣَﺎ ﺑَﯿْﻨَﮭُﻤَﺎ ﻓَﺎﻋْﺒُﺪْهُ وَاﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻟِﻌِﺒَﺎدَﺗِﮫِ ھَﻞْ ﺗَﻌْﻠَﻢُ ﻟَﮫُ ﺳَﻤِﯿّﺎً{).(١ ﯾﻘﻮل اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﻌﺪي رﺣﻤﮫ ﺍ ﻣﺒﯿﻨًﺎ دﻻﻟﺔ اﻵﯾﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ … )) :اﺷﺘﻤﻠﺖ ] أي اﻵﯾﺔ[ ﻋﻠﻰ أﺻﻮل ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وأﻧﱠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ربﱡ ﻛﻞﱢ ﺷﻲء وﺧﺎﻟﻘُﮫُ ورازﻗُﮫُ وﻣﺪﺑﱢﺮُه ،وﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ واﻟﻌﺒﺎدة وأﻧﱠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻹﻟـﮫ اﻟﻤﻌﺒﻮد وﻋﻠﻰ أنﱠ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ﻣﻮﺟﺒﺔ ﻟﻌﺒﺎدﺗﮫ وﺗﻮﺣﯿﺪه وﻟﮭﺬا أﺗﻰ ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﻔﺎء ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻓَﺎﻋْﺒُﺪْهُ{ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﺐ أي ﻓﻜﻤﺎ أﻧﱠﮫ ربﱡ ﻛﻞﱢ ﺷﻲء ﻓﻠﯿﻜﻦ ھﻮ اﻟﻤﻌﺒﻮد ﺣﻘّﺎً ﻓﺎﻋﺒﺪه وﻣﻨﮫ :اﻻﺻﻄﺒﺎر ﻟﻌﺒﺎدﺗﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ وھﻮ ﺟﮭﺎد اﻟﻨﻔﺲ وﺗﻤﺮﯾﻨﮭﺎ وﺣﻤﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎدة ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯿﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا أﻋﻠﻰ أﻧﻮاع اﻟﺼﺒﺮ وھﻮ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﺟﺒﺎت واﻟﻤﺴﺘﺤﺒﺎت واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺮﻣﺎت واﻟﻤﻜﺮوھﺎت ،ﺑﻞ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﯿﺎت ﻓﺈنﱠ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﻋﺪم ﺗﺴﺨﻄﮭﺎ واﻟﺮﺿﻰ ﻋﻦ ﺍ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :وَاﺻْﻄَﺒِﺮْ ﻟِﻌِﺒَﺎدَﺗِﮫِ{، واﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ أنﱠ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﺎﻣﻞ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻨﻌﻮت ﺟﻠﯿﻞ اﻟﻘﺪر وﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺒﯿﮫ وﻻ ﻧﻈﯿﺮ وﻻ ﺳﻤﻲ ،ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﻔﺮﱠد ﺑﺎﻟﻜﻤﺎل اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻮﺟﻮه واﻻﻋﺘﺒﺎرات (().(٢ وﻓﻲ ﺑﯿﺎن دﻻﻟﺔ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ أﻧﻮاع اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﯾﻘﻮل اﻟﻌﻼﱠﻣﺔ اﺑﻦ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﻣﺮﯾﻢ ،اﻵﯾﺔ .٦٥ ) (٢اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﺮﺑﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ )ص .( ٤٥ ،٤٤
٢٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻘﯿﻢ ﺑﻌﺪ أن ذﻛﺮ أنﱠ ﻛﻞﱠ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺗﺴﻤﻲ ﺑﺎﻃﻠﮭﻢ ﺗﻮﺣﯿﺪاً )) :وأﻣﱠﺎ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي دﻋﺖ إﻟﯿﮫ رﺳﻞ ﺍ وﻧﺰﻟﺖ ﺑﮫ ﻛﺘﺒﮫ ،ﻓﻮراء ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ، وھﻮ ﻧﻮﻋﺎن :ﺗﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻹﺛﺒﺎت وﺗﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﻠﺐ واﻟﻘﺼﺪ. ﻓﺎﻷول :ھﻮ ﺣﻘﯿﻘﺔ ذات اﻟﺮب ﺗﻌﺎﻟﻰ وأﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ وأﻓﻌﺎﻟﮫ وﻋﻠﻮّه ﻓﻮق ﺳﻤﻮاﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﮫ وﺗﻜﻠﻤﮫ ﺑﻜﺘﺒﮫ وﺗﻜﻠﯿﻤﮫ ﻟﻤﻦ ﺷﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎده وإﺛﺒﺎت ﻋﻤﻮم ﻗﻀﺎﺋﮫ وﻗﺪره وﺣﻜﻤﮫ .وﻗﺪ أﻓﺼﺢ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﺟﺪّ اﻹﻓﺼﺎح .ﻛﻤﺎ ﻓﻲ أول ﺳﻮرة اﻟﺤﺪﯾﺪ وﺳﻮرة ﻃــﮫ وآﺧﺮ ﺳﻮرة اﻟﺤﺸﺮ ،وأول ﺳﻮرة ﺗﻨﺰﯾﻞ اﻟﺴﺠﺪة ،وأول ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،وﺳﻮرة اﻹﺧﻼص ﺑﻜﺎﻣﻠﮭﺎ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ. اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﮫ ﺳﻮرة }ﻗُﻞْ ﯾَﺄَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﻜَﺎﻓِﺮُونَ{، )(١ وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ ﯾَـﺄَھْﻞَ اﻟﻜِﺘَـﺎبِ ﺗَﻌَﺎﻟَﻮْا إِﻟَﻰ ﻛَﻠِﻤَﺔٍ ﺳَﻮَآءٍ ﺑَﯿْﻨَﻨَﺎ وَﺑَﯿْﻨَﻜُﻢْ{ اﻵﯾﺔ ،وأول ﺳﻮرة ﺗﻨﺰﯾﻞ اﻟﻜﺘﺎب وآﺧﺮھﺎ ،وأول ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ ووﺳﻄﮭﺎ وآﺧﺮھﺎ ،وأول ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف وآﺧﺮھﺎ ،وﺟﻤﻠﺔ ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ،وﻏﺎﻟﺐ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن ،ﺑﻞ ﻛﻞ ﺳﻮرة ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻓﮭﻲ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﻨﻮﻋﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﺑﻞ ﻧﻘﻮل ﻗﻮﻻً ﻛﻠﯿّﺎً :إنﱠ ﻛﻞﱠ آﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻓﮭﻲ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﻠﺘﻮﺣﯿﺪ ﺷﺎھﺪة ﺑﮫ داﻋﯿﺔ إﻟﯿﮫ؛ ﻓﺈنﱠ اﻟﻘﺮآن إﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﺍ وأﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ وأﻓﻌﺎﻟﮫ ،ﻓﮭﻮ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺨﺒﺮي، وإﻣﱠﺎ دﻋﻮة إﻟﻰ ﻋﺒﺎدﺗﮫ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،وﺧﻠﻊ ﻛﻞﱢ ﻣﺎ ﯾﻌﺒﺪ ﻣﻦ دوﻧﮫ ،ﻓﮭﻮ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻹرادي اﻟﻄﻠﺒﻲ ،وإﻣﱠﺎ أﻣﺮٌ وﻧﮭﻲٌ وإﻟﺰامٌ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ .٦٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢٥
ﺑﻄﺎﻋﺘﮫ ﻓﻲ ﻧﮭﯿﮫ وأﻣﺮه ،ﻓﮭﻲ ﺣﻘﻮق اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﻣﻜﻤﻼﺗﮫ ،وإﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﻛﺮاﻣﺔ ﺍ ﻷھﻞ ﺗﻮﺣﯿﺪه وﻃﺎﻋﺘﮫ وﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻣﺎ ﯾﻜﺮﻣﮭﻢ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻵﺧﺮة ،ﻓﮭﻮ ﺟﺰاء ﺗﻮﺣﯿﺪه ،وإﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺸﺮك وﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺎل وﻣﺎ ﯾﺤﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﻓﮭﻮ ﺧﺒﺮ ﻋﻤﻦ ﺧﺮج ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ).(١ ﻓﺎﻟﻘﺮآن ﻛﻠﱡﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﺣﻘﻮﻗﮫ وﺟﺰاﺋﮫ ،وﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﺸﺮك وأھﻠﮫ وﺟﺰاﺋﮭﻢ ،ﻓـ }اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﷲِ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،رَبﱢ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ { ﺗﻮﺣﯿﺪ، }اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦِ اﻟﺮﱠﺣِﯿﻢِ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،ﻣَـﺎﻟِﻚِ ﯾَﻮْمِ اﻟﺪﱢﯾﻦِ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،إِﯾﱠﺎكَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،وَإِﯾﱠﺎكَ ﻧَﺴْﺘَﻌِﯿﻦُ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،اھْﺪِﻧَﺎ اﻟﺼﱢﺮَاطَ اﻟْﻤُﺴْﺘَﻘِﯿﻢَ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﻣﺘﻀﻤﻦ ﻟﺴﺆال اﻟﮭﺪاﯾﺔ إﻟﻰ ﻃﺮﯾﻖ أھﻞ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،اﻟﺬﯾﻦ أﻧﻌﻢ ﺍ ﻋﻠﯿﮭﻢ} ،ﻏَﯿْﺮِ اﻟْـﻤَﻐْﻀُﻮبِ ﻋَﻠَﯿْﮭِﻢْ وَﻻَ اﻟﻀﱠﺎﻟﱢﯿﻦ{ اﻟﺬﯾﻦ ﻓﺎرﻗﻮا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ .(٢)(( ... وﻗﺎل اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻷﻣﯿﻦ اﻟﺸﻨﻘﯿﻄﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :وﻗﺪ دلﱠ اﺳﺘﻘﺮاء اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻋﻠﻰ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم: اﻷول :ﺗﻮﺣﯿﺪه ﻓﻲ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ،وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺟﺒﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻗﺎل اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻘﯿّﻢ )) إرﺷﺎد اﻟﺜﻘﺎت إﻟﻰ اﺗﻔﺎق اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻤﻌﺎد واﻟﻨﺒﻮات (( )ص )) :(٤:واﻋﻠﻢ أنﱠ إﯾﺮاد اﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ﻛﻞﱢ ﻣﻘﺼﺪ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ،وإﺛﺒﺎت اﺗﻔﺎق اﻟﺸﺮاﺋﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﯾﻘﺮأ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ؛ ﻓﺈﻧﱠﮫ إذا أﺧﺬ اﻟﻤﺼﺤﻒ اﻟﻜﺮﯾﻢ وﻗﻒ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ أيّ ﻣﻮﺿﻊ ﺷﺎء ،وﻣﻦ أيﱢ ﻣﻜﺎن أﺣﺐﱠ ،وﻓﻲ أيّ ﻣﺤﻞ ﻣﻨﮫ أراد ،ووﺟﺪه ﻣﺸﺤﻮﻧﺎً ﺑﮫ ﻣﻦ ﻓﺎﺗﺤﺘﮫ إﻟﻰ ﺧﺎﺗﻤﺘﮫ ((. ) (٢ﻣﺪارج اﻟﺴﺎﻟﻜﯿﻦ ).(٤٥٠ ،٤٤٩/٣
٢٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻓِﻄَﺮُ اﻟﻌﻘﻼء ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻘَﮭُﻢْ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍُ
،(١){...وﻗﺎل} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ ﯾﱠﺮْزُﻗُﻜُﻢ ﻣﱢﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ وَاﻷَرْضِ أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﻤْﻠِ ُ ﻚ اﻟﺴﱠﻤْﻊَ وَاﻷَﺑْﺼَﺎرَ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺨْﺮِجُ اﻟْﺤَﻲﱠ ﻣِﻦَ اﻟْﻤَﯿﱢﺖِ وَﯾُﺨْﺮِجُ اﻟْﻤَﯿﱢﺖَ ﻣِﻦَ اﻟْﺤَﻲﱢ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺪَﺑﱢﺮُ اﻷَﻣْﺮَ ﻓَﺴَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﺍ ُﻓَﻘُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{) .(٢وإﻧﻜﺎر ﻓﺮﻋﻮن ﻟﮭﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻗَﺎلَ ﻓِﺮْﻋَﻮنُ وَﻣَﺎ رَبﱡ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ{) (٣ﺗﺠﺎھﻞٌ ﻣﻦ ﻋﺎرفٍ أﻧﱠﮫ ﻋﺒﺪٌ ﻣﺮﺑﻮبٌ؛ ﺑﺪﻟﯿﻞ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗَﺎلَ ﻟَﻘَﺪْ ﻋَﻠِﻤْﺖَ ﻣَﺎ أَﻧﺰَلَ ھَﺆُﻵءِ إِﻻﱠ رَبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ ﺴﮭُﻢْ ﺳﺘَﯿْﻘَﻨَﺘْﮭَﺎ أَﻧﻔُ ُ ﺑَﺼَﺎﺋِﺮَ (٤){...اﻵﯾﺔ ،وﻗﻮﻟﮫ} :وَﺟَﺤَﺪُوا ﺑِﮭَﺎ وَا ْ ﻇُﻠْﻤﺎً وَﻋُﻠُﻮّاً{) ،(٥وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻ ﯾﻨﻔﻊ إﻻ ﺑﺈﺧﻼص اﻟﻌﺒﺎدة ﷲ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣَﺎ ﯾُ ْﺆﻣِﻦُ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﺑِﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢْ ﻣُﺸْﺮِﻛُﻮنَ{) ،(٦واﻵﯾﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻛﺜﯿﺮة ﺟﺪاً. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺗﻮﺣﯿﺪه ﺟﻞﱠ وﻋﻼ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ .وﺿﺎﺑﻂ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻮ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﻌﻨﻰ )) ﻻ إﻟــﮫ إﻻ ﺍ (( وھﻲ ﻣﺘﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﻲ وإﺛﺒﺎت؛ ﻓﻤﻌﻨﻰ اﻟﻨﻔﻲ ﻣﻨﮭﺎ :ﺧﻠﻊ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻤﻌﺒﻮدات ﻏﯿﺮ ﺍ ﻛﺎﺋﻨﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدات ﻛﺎﺋﻨﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ .وﻣﻌﻨﻰ اﻹﺛﺒﺎت ﻣﻨﮭﺎ :إﻓﺮاد ﺍ ﺟﻞﱠ وﻋﻼ وﺣﺪه ﺑﺠﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٨٧ ) (٢ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ ،اﻵﯾﺔ .٣١ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺸﻌﺮاء ،اﻵﯾﺔ .٢٣ ) (٤ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .١٠٢ ) (٥ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ،اﻵﯾﺔ .١٤ ) (٦ﺳﻮرة ﯾﻮﺳﻒ ،اﻵﯾﺔ .١٠٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢٧
ﺑﺈﺧﻼص ،ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ اﻟﺬي ﺷﺮﻋﮫ ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺔ رﺳﻠﮫ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم .وأﻛﺜﺮ آﯾﺎت اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وھﻮ اﻟﺬي ﻓﯿﮫ اﻟﻤﻌﺎرك ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺳﻞ وأﻣﻤﮭﻢ }أَﺟَﻌَﻞَ اﻷَﻟِﮭَﺔَ إِﻟَـﮭﺎً وَاﺣِﺪاً إِنﱠ ھَﺬَا ﻟَﺸَﻲْءٌ ﻋُﺠَﺎبٌ{).(١ وﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ: }ﻓَﺎﻋْﻠَﻢْ أَﻧﱠﮫُ ﻻَ إِﻟَـﮫَ إِﻻﱠ ﺍ ُوَاﺳْﺘَﻐْﻔِﺮْ ﻟِﺬَﻧﺒِﻚَ (٢){ ...اﻵﯾﺔ ،وﻗﻮﻟﮫ: }وَﻟَﻘَﺪْ ﺑَﻌَﺜْﻨَﺎ ﻓِﻲ ﻛُﻞﱢ أُﻣﱠﺔٍ رَﺳُﻮﻻً أَنِ اﻋْﺒُﺪُوا ﺍ َوَاﺟْﺘَﻨِﺒُﻮا اﻟﻄﱠﺎﻏُﻮتَ{) (٣اﻵﯾﺔ ،وﻗﻮﻟﮫ} :وَﻣَﺎ أَرْﺳَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻚَ ﻣِﻦ رﱠﺳُﻮلٍ إِﻻﱠ ﻧُﻮﺣِﻲ إِﻟَﯿْﮫِ أَﻧﱠﮫ ﻻَ إِﻟَـﮫَ إِﻻﱠ أَﻧَﺎ ﻓَﺎﻋْﺒُﺪُونِ{) ،(٤وﻗﻮﻟﮫ} :وَاﺳْﺄَلْ ﻣَﻦْ أَرْﺳَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻚَ ﻣِﻦ رﱡﺳُﻠِﻨَﺎ أَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻣِﻦ دُونِ اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦِ ءَاﻟِﮭَﺔً ﯾُﻌْﺒَﺪُونَ{) ،(٥وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ إِﻧﱠﻤَﺎ ﯾُﻮﺣَﻰ إِﻟَﻲﱠ أَﻧﱠﻤَﺎ إِﻟَـﮭُﻜُﻢْ إِﻟَـﮫٌ وَاﺣِﺪٌ ﻓَﮭَﻞْ أَﻧﺘُﻢ ﻣﱡﺴْﻠِﻤُﻮنَ{) ،(٦ﻓﻘﺪ أﻣﺮ ﻓﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ أن ﯾﻘﻮل: إﻧﱠﻤﺎ أوﺣﻲ إﻟﯿﮫ ﻣﺤﺼﻮر ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ؛ ﻟﺸﻤﻮل ﻛﻠﻤﺔ )) ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﺍ (( ﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ؛ ﻷﻧﱠﮭﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﺍ ﺑﻌﺒﺎدﺗﮫ وﺣﺪه .ﻓﯿﺸﻤﻞ ذﻟﻚ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ واﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاھﻲ ،وﻣﺎ ﯾﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺛﻮاب وﻋﻘﺎب ،واﻵﯾﺎت ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ص ،اﻵﯾﺔ .٥ ) (٢ﺳﻮرة ﻣﺤﻤﺪ ،اﻵﯾﺔ .١٩ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ ،اﻵﯾﺔ .٣٦ ) (٤ﺳﻮرة اﻷﻧﺒﯿﺎء ،اﻵﯾﺔ .٢٥ ) (٥ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٤٥ ) (٦ﺳﻮرة اﻷﻧﺒﯿﺎء ،اﻵﯾﺔ .١٠٨
٢٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻛﺜﯿﺮة. اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺗﻮﺣﯿﺪه ﺟﻞﱠ وﻋﻼ ﻓﻲ أﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ .وھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﯾﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﯿﻦ: اﻷول :ﺗﻨﺰﯾﮫ ﺍ ﺟﻞﱠ وﻋﻼ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﺑﮭﺔ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮭﻢ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ{).(١ واﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻹﯾﻤﺎن ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺍ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ؛ أو وﺻﻔﮫ ﺑﮫ رﺳﻮﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ اﻟﻼﺋﻖ ﺑﻜﻤﺎﻟﮫ وﺟﻼﻟﮫ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻌﺪ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ{} :وَھُﻮَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟﺒَﺼِﯿﺮُ{) ،(٢ﻣﻊ ﻗﻄﻊ اﻟﻄﻤﻊ ﻋﻦ إدراك ﻛﯿﻔﯿﱠﺔ اﻻﺗﺼﺎف ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﯾَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﺑَﯿْﻦَ أَﯾْﺪِﯾﮭِﻢْ وَﻣَﺎ ﺧَﻠْﻔَﮭُﻢْ وَﻻَ ﯾُﺤِﯿﻄُﻮنَ ﺑِﮫِ ﻋِﻠْﻤﺎً{) ،(٣وﻗﺪ ﻗﺪﻣﻨﺎ ھﺬا اﻟﻤﺒﺤﺚ ﻣﺴﺘﻮﻓﻰ ﻣﻮﺿﺤﺎً ﺑﺎﻵﯾﺎت اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف. وﯾﻜﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎر ﺑﺎﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ﺟﻞﱠ وﻋﻼ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﺗﻮﺣﯿﺪه ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺨﺎﻃﺒﮭﻢ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﱠﺔ ﺑﺎﺳﺘﻔﮭﺎم اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ .ﻓﺈذا أﻗﺮﱡوا ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺘﮫ اﺣﺘﺞ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻷنْ ﯾﻌﺒﺪ وﺣﺪه .ووﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﮫ ﻏﯿﺮه ،ﻣﻊ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﺄﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﺮبّ وﺣﺪه؛ ﻷنﱠ ﻣﻦ اﻋﺘﺮف ﺑﺄﻧﱠﮫ اﻟﺮب وﺣﺪه ﻟﺰﻣﮫ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻷن ﯾُﻌﺒﺪ وﺣﺪه. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١ ) (٣ﺳﻮرة ﻃــﮫ ،اﻵﯾﺔ .١١٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٢٩
وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ ﯾﱠﺮْزُﻗُﻜُﻢ ﻣﱢﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂ ِء وَاﻷَرْضِ أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﻤْﻠِﻚُ اﻟﺴﱠﻤْﻊَ وَاﻷَﺑْﺼَﺎرَ{) (١إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻓَﺴَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﺍ :{ُﻓﻠﻤﺎ أﻗﺮوا ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺘﮫ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﮫ ﻏﯿﺮه ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻓَﻘُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{. وﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗُﻞ ﻟﱢﻤَﻦِ اﻷَرْضُ وَﻣَﻦْ ﻓِﯿﮭَﺎ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮ َ ن ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ{ ،ﻓﻠﻤﺎ اﻋﺘﺮﻓﻮا وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ: }ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺬَﻛﱠﺮُونَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ رﱠبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ اﻟﺴﱠﺒْﻊِ وَرَبﱡ اﻟﻌَﺮْشِ اﻟﻌَﻈِﯿﻢِ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ{ ،ﻓﻠﻤﺎ أﻗﺮﱡوا وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦْ ﺑِﯿَﺪِهِ ﻣَﻠَﻜُﻮتُ ﻛُﻞﱢ ﺷَﻲْءٍ وَھُﻮَ ﯾُﺠِﯿﺮُ وَﻻَ ﯾُﺠَﺎرُ ﻋَﻠَﯿْﮫِ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ{ﻓﻠﻤﺎ أﻗﺮﱡوا وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﺗُﺴْﺤَﺮُونَ{).(٢ وﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ رﱠبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ ﻗُﻞِ ﺍ،{ُ ﻓﻠﻤﺎ ﺻﺢ اﻻﻋﺘﺮاف وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ ﺨﺬْﺗُﻢ ﻣﱢﻦ دُوﻧِﮫِ أَوْﻟِﯿَﺂءَ ﻻَ ﯾَﻤْﻠِﻜُﻮنَ ﻷَﻧﻔُﺴِﮭِﻢْ ﻧَـﻔْﻌﺎً وَﻻَ ﺿَﺮّاً{).(٣ أَﻓَﺎﺗﱠ َ ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻘَﮭُﻢْ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،{ُﻓﻠﻤﺎ وﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ َ ﺻﺢﱠ إﻗﺮارھﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﯾُﺆْﻓَﻜُﻮنَ{).(٤ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ.٣١ ، ) (٢ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺎت ٨٤ـ.٨٩ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺮﻋﺪ ،اﻵﯾﺔ .١٦ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٨٧
٣٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْ َ ض وﻣﻨﮭﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ َ وَﺳَﺨﱠﺮَ اﻟﺸﱠﻤْﺲَ وَاﻟْﻘَﻤَﺮَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،{ُﻓﻠﻤﺎ ﺻﺢﱠ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﯾُﺆْﻓَﻜُﻮنَ{ ،وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦ ﻧﱠﺰﱠلَ َ ﻣِﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ ﻣَﺂءً ﻓَﺄَﺣْﯿَﺎ ﺑِﮫِ اﻷَرْضَ ﻣِﻦ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﻮْﺗِﮭَﺎ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،{ُﻓﻠﻤﺎ ﺻﺢﱠ إﻗﺮارھﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺷﺮﻛﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞِ اﻟﺤَﻤْﺪُ ﷲِ ﺑَﻞْ ﺴﻤَـﻮَاتِ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻘِﻠُﻮنَ{) ،(١وﻗﻮﻟﮫ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟ ﱠ وَاﻷَرْضَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،{ُﻓﻠﻤﺎ ﺻﺢ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﺍ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞِ اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﷲِ ﺑَﻞْ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻠَﻤُﻮنَ{) ،(٢وﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺴﻤَـﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ وَأَﻧﺰَلَ ﻟَﻜُﻢ }ﺀﺁ ُﺧَﯿْﺮٌ أَﻣﱠﺎ ﯾُﺸْﺮِﻛُﻮنَ أَﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟ ﱠ ﻣﱢﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ ﻣَﺂءً ﻓَﺄَﻧﺒَﺘْﻨَﺎ ﺑِﮫِ ﺣَﺪَآﺋِﻖَ ذَاتَ ﺑَﮭْﺠَﺔٍ ﻣَﺎ ﻛَﺎنَ ﻟَﻜُﻢْ أَن ﺗُﻨﺒِﺘُﻮا ﺷَﺠَﺮَھَﺎ{ ،وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب اﻟﺬي ﻻ ﺟﻮاب ﻟﮭﻢ اﻟﺒﺘﺔ ﻏﯿﺮه :ھﻮ أنﱠ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻣﺎ ذﻛﺮ ﻣﻌﮭﺎ ﺧﯿﺮ ﻣﻦ ﺟﻤﺎد ﻻ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺷﻲء .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﱠﻦ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :أَءِﻟَـﮫٌ ﻣﱠﻊَ ﺍ ِﺑَﻞْ ھُﻢْ ﻗَﻮْمٌ ﯾَﻌْﺪِﻟُﻮنَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :أَﻣﱠﻦ ﺟَﻌَﻞَ اﻷَرْضَ ﻗَﺮَاراً وَﺟَﻌَﻞَ ﺧِﻼَﻟَﮭَﺎ أَﻧْﮭَﺎراً وَﺟَﻌَﻞَ ﻟَﮭَﺎ رَوَاﺳِﻲَ وَﺟَﻌَﻞَ ﺑَﯿْﻦَ اﻟْﺒَﺤْﺮَﯾْﻦِ ﺣَﺎﺟِﺰاً{ ،وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب اﻟﺬي ﻻ ﺟﻮاب ﻏﯿﺮه ﻛﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﻦ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :أَءِﻟَـﮫٌ ﻣﱠﻊَ ﺍ ِﺑَﻞْ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﻻَ ﯾَﻌْﻠَﻤُﻮنَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل ﺟﻞﱠ وﻋﻼ} :أَﻣﱠﻦ ﯾﱡﺠِﯿﺐُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ،اﻵﯾﺎت ٦١ـ .٦٣ ) (٢ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ،اﻵﯾﺔ .٢٥
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣١
اﻟْﻤُﻀْﻄَﺮﱠ إِذَا دَﻋَﺎهُ وَﯾَﻜْﺸِﻒُ اﻟﺴﱡﻮءَ وَﯾَﺠْﻌَﻠُﻜُﻢْ ﺧُﻠَﻔَﺂءَ اﻷَرْضِ{ ،وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب ﻛﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﻦ إﻗﺮارھﻢ ﺑﺬﻟﻚ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :أَءِﻟَـﮫٌ ﻣﱠﻊَ ﺍ ِﻗَﻠِﯿﻼً ﻣﱠﺎ ﺗَﺬَﻛﱠﺮُونَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: }أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﮭْﺪِﯾﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﻇُﻠُﻤَﺎتِ اﻟْﺒَﺮﱢ وَاﻟْﺒَﺤْﺮِ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺮْﺳِﻞُ اﻟﺮﱢﯾَﺎحَ ﺑُﺸْﺮاً ﺑَﯿْﻦَ ﯾَﺪَيْ رَﺣْﻤَﺘِﮫِ{ ،وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب ﻛﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﻦ إﻗﺮارھﻢ ﺑﺬﻟﻚ وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :أَءِﻟَـﮫٌ ﻣﱠﻊَ ﺍ ِﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﺍُ ﻋَﻤﱠﺎ ﯾُﺸْﺮِﻛُﻮنَ{ ،ﺛﻢ ﻗﺎل ﺟﻞﱠ وﻋﻼ} :أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﺒْﺪَأُ اﻟْﺨَﻠْﻖَ ﺛُﻢﱠ ﯾُﻌِﯿﺪُهُ وَﻣَﻦ ﯾﱠﺮْزُﻗُﻜُﻢ ﻣﱢﻦﱠ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ وَاﻷَرْضِ{ ،وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب ﻛﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫ .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﻦ اﻻﻋﺘﺮاف وﺑﺨﮭﻢ ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :أَءِﻟَـﮫٌ ﻣﱠﻊَ ﺍ ِﻗُﻞْ ھَﺎﺗُﻮا ﺑُﺮْھَﺎﻧَﻜُﻢْ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺻَﺎدِﻗِﯿﻦَ{) ،(١وﻗﻮﻟﮫ} :ﺍ ُاﻟﺬِي ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﺛُﻢﱠ رَزَﻗَﻜُﻢْ ﺛُﻢﱠ ﯾُﻤِﯿﺘُﻜُﻢْ ﺛُﻢﱠ ﯾُﺤْﯿِﯿﻜُﻢْ ھَﻞْ ﻣِﻦ ﺷُﺮَﻛَﺂﺋِﻜُﻢ ﻣﱠﻦ ﯾﱠﻔْﻌَﻞُ ﻣِﻦ ذَاﻟِﻜُﻢ ﻣﱢﻦ ﺷَﻲْءٍ{) ،(٢وﻻ ﺷﻚ أنﱠ اﻟﺠﻮاب اﻟﺬي ﻻ ﺟﻮاب ﻟﮭﻢ ﻏﯿﺮه ھﻮ :ﻻ، أي ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺎﺋﻨﺎ ﻣﻦ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ أن ﯾﻔﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ واﻟﺮزق واﻹﻣﺎﺗﺔ واﻹﺣﯿﺎء .ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻌﯿﻦ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ وﺑﺨﮭﻢ ﺳﺒْﺤَﺎﻧَﮫُ وَﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﻋَﻤﱠﺎ ﯾُﺸْﺮِﻛُﻮنَ{. ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫُ } : واﻵﯾﺎت ﺑﻨﺤﻮ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮة ﺟﺪاً .وﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ذﻛﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ :أنﱠ ﻛﻞ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﺳﺘﻔﮭﺎﻣﺎتُ ﺗﻘﺮﯾﺮٍ ،ﯾﺮاد ﻣﻨﮭﺎ أﻧﱠﮭﻢ إذا أﻗﺮوا رﺗﺐ ﻟﮭﻢ اﻟﺘﻮﺑﯿﺦ واﻹﻧﻜﺎر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻹﻗﺮار؛ ﻷنﱠ اﻟﻤﻘﺮ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﯾﻠﺰﻣﮫ اﻹﻗﺮار ﺑﺎﻷﻟﻮھﯿﺔ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ،اﻵﯾﺎت ٦٠ـ .٦٤ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺮوم ،اﻵﯾﺔ .٤٠
٣٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺿﺮورة؛ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :أَﻓِﻲ ﺍ ِﺷَﻚﱞ{) ،(١وﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ أَﻏَﯿْ َﺮ ﺍ ِأَﺑْﻐِﻲ رَﺑّﺎً{) (٢وإن زﻋﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء أن ھﺬا اﺳﺘﻔﮭﺎم إﻧﻜﺎر؛ ﻷنﱠ اﺳﺘﻘﺮاء اﻟﻘﺮآن دلﱠ ﻋﻠﻰ أنﱠ اﻻﺳﺘﻔﮭﺎم اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﺳﺘﻔﮭﺎم ﺗﻘﺮﯾﺮ وﻟﯿﺲ اﺳﺘﻔﮭﺎم إﻧﻜﺎر؛ ﻷﻧﱠﮭﻢ ﻻ ﯾﻨﻜﺮون اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ، ﻛﻤﺎ رأﯾﺖ ﻛﺜﺮة اﻵﯾﺎت اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﯿﮫ. واﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺳﺘﺠﺪه إن ﺷﺎء ﺍ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻛﺜﯿﺮة ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺒﺎرك ،ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺎﻧﮭﺎ ﺑﺂﯾﺎت أﺧﺮ (() (٣اھـ ﻛﻼﻣﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ.
وﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻛﻼﻣﮫ ﺑﻄﻮﻟﮫ ﻷھﻤﯿﺘﮫ ،وﻗﺪ ﻧﺒﱠﮫ ﻓﯿﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ إﻟﻰ أ ﱠ ن أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺄﺧﻮذة ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮاء ﻟﻨﺼﻮص اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ، وﺑﮭﺬا ﯾﻌﻠﻢ أن ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻟﯿﺲ أﻣﺮاً اﺻﻄﻼﺣﯿﺎً أﻧﺸﺄه ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء).(٤ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة إﺑﺮاھﯿﻢ ،اﻵﯾﺔ .١٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ،اﻵﯾﺔ .١٦٤ ) (٣أﺿﻮاء اﻟﺒﯿﺎن )٤١٠/٣ـ.(٤١٤ ) (٤وﺑﮭﺬا ﯾﻌﻠﻢ ﻓﺴﺎد ﻣﺎ ﻗﺮره ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب )) اﻟﺜﻮاﺑﺖ واﻟﻤﺘﻐﯿﺮات ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ (( د .ﺻﻼح اﻟﺼﺎوي ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل )ص )) :(١٥٤:ﻓﺈنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﺻﻄﻼﺣﻲ ،اﻟﮭﺪف ﻣﻨﮫ ﺗﻘﺮﯾﺐ اﻟﻘﻀﯿﺔ وﺗﻨﻈﯿﻢ دراﺳﺘﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ اﺻﻄﻠﺢ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﻤﺎء اﺻﻄﻼﺣﯿﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم ...وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻼ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻻﺻﻄﻼح ،وﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎك ﺣﺪود ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ =
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣٣
ﻗﺎل اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﺑﻜﺮ أﺑﻮ زﯾﺪ ﺣﻔﻈﮫ ﺍ )) :ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻻﺳﺘﻘﺮاﺋﻲ ﻟﺪى ﻣﺘﻘﺪﻣﻲ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻠﻒ أﺷﺎر إﻟﯿﮫ اﺑﻦ ﻣﻨﺪة واﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي وﻏﯿﺮھﻤﺎ ،وﻗﺮره ﺷﯿﺨﺎ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ،وﻗﺮره اﻟﺰﺑﯿﺪي ﻓﻲ ﺗﺎج اﻟﻌﺮوس وﺷﯿﺨﻨﺎ اﻟﺸﻨﻘﯿﻄﻲ ﻓﻲ أﺿﻮاء اﻟﺒﯿﺎن ﻓﻲ آﺧﺮﯾﻦ رﺣﻢ ﺍ اﻟﺠﻤﯿﻊ ،وھﻮ اﺳﺘﻘﺮاء ﺗﺎمﱞ ﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮع ،وھﻮ ﻣﻄﺮد ﻟﺪى أھﻞ ﻛﻞﱢ ﻓﻦﱟ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺮاء ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،ﺑﻞ إنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﺑﺘﺪا ًء ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻟﻢ ﯾﺮد ﺑﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ آﯾﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ أو ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺘﺒﻌﺔ ،واﻟﻌﺒﺮة ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺻﺪ واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ،وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎظ واﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ،ھﺬا وإن ﻛﺎن ﺗﺘﺎﺑﻊ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ واﺳﺘﻘﺮاره ﻋﺒﺮ ﻗﺮون ﻃﻮﯾﻠﺔ ﯾﺠﻌﻠﮫ ﺟﺰءاً ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث اﻟﺴﻠﻔﻲ ،ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ ﻗﺒﻮﻟﮫ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻣﻌﻘﺪ وﻻء وﺑﺮاء ((. ﻓﺠﻌﻞ ـ أﺻﻠﺤﮫ ﺍ ـ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﺗﻘﺴﯿﻤﺎً اﺻﻄﻼﺣﯿﺎً ،وﻟﯿﺲ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺷﺮﻋﯿﺔ ﻣﺄﺧﻮذة ﺑﺎﻟﺘﺘﺒﻊ واﻻﺳﺘﻘﺮاء ﻟﻨﺼﻮص اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻤﺎدى ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻗﺎل)) : وﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎك ﺣﺪود ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ((. وإﻧﻲ ﻷﻋﺠﺐ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻌﺠﺐ ﻛﯿﻒ ﯾﻘﻮل ھﺬا ﻣﻦ ﯾﺘﺼﺪى ﻟﺘﻮﺟﯿﮫ ﻣﺴﯿﺮة اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ،ﻣﻊ أﻧﱠﮫ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﺼﺮح ھﻨﺎ ﻻ ﯾﻌﺮف ﺣﺪوداً ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ أﻧﻮاع اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ .وأيّ ﺟﻨﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﯿﺮة اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ أﺷﺪّ ﻣﻦ أن ﯾﻨﺸﺮ ﺑﯿﻦ أھﻞ اﻹﺳﻼم أنﱠ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﺜﻮاﺑﺖ ،وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﯾﻌﻘﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻮﻻء واﻟﺒﺮاء ،وأﻧﱠﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﺮد ﺑﮭﺎ آﯾﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ أو ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺘﺒﻌﺔ ،وأﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك ﺣﺪود ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم ،وأﻧﱠﮭﺎ أﻣﻮر اﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﻌﺾ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻻ ﻣﺸﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻻﺻﻄﻼح. أﻟﯿﺲ ﻓﻲ ھﺬا ﺧﻠﺨﻠﺔ ﻟﻠﺼﻒ وﺗﻮھﯿﻦ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎد وﺗﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﺎ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن وھﻮ ﺣﺴﺒﻨﺎ وﻧﻌﻢ اﻟﻮﻛﯿﻞ ،وﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺬﻛﻮر أﺧﻄﺎء ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺠﻨﺲ ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻮﻃﻦ ﺑﯿﺎﻧﮭﺎ.
٣٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻨﺤﺎة ﻛﻼم اﻟﻌﺮب إﻟﻰ اﺳﻢ وﻓﻌﻞ وﺣﺮف ،واﻟﻌﺮب ﻟﻢ ﺗﻔﮫ ﺑﮭﺬا، وﻟﻢ ﯾﻌﺘﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﺎة ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﺎﺗﺐ ،وھﻜﺬا ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻻﺳﺘﻘﺮاء (().(١ وﻣﺎ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﮭﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻧﺼﻮص اﻟﺸﺮع ،إذ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺷﺮﻋﺎً ھﻮ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﺍ ﻓﻲ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ وأﻟﻮھﯿﺘﮫ وأﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﮭﺬا ﺟﻤﯿﻌﮫ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻮﺣﺪاً. ﺑﻞ إنﱠ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ )) ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﺍ (( اﻟﺘﻲ ھﻲ أﺻﻞ اﻟﺪﯾﻦ وأﺳﺎﺳﮫ ﻗﺪ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ: )) وﺷﮭﺎدة أن ﻻ إﻟــﮫ إﻻ ﺍ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﻟـﮭﯿﺎت ،وھﻲ اﻷﺻﻮل اﻟﺜﻼﺛﺔ: ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،وھﺬه اﻷﺻﻮل اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺗﺪور ﻋﻠﯿﮭﺎ أدﯾﺎن اﻟﺮﺳﻞ وﻣﺎ أﻧﺰل إﻟﯿﮭﻢ ،وھﻲ اﻷﺻﻮل اﻟﻜﺒﺎر اﻟﺘﻲ دﻟﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ وﺷﮭﺪت ﺑﮭﺎ اﻟﻌﻘﻮل واﻟﻔﻄﺮ ((. وأﻣﺎ وﺟﮫ دﻻﻟﺔ ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻈﺎھﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻟﻤﻦ ﺗﺄﻣﻠﮭﺎ :ﻓﻘﺪ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت اﻟﻌﺒﺎدة ﷲ وﻧﻔﯿﮭﺎ ﻋﻤﻦ ﺳﻮاه ،ﻛﻤﺎ دﻟﺖ أﯾﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻓﺈنﱠ اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻻ ﯾﺼﻠﺢ أن ﯾﻜﻮن إﻟـﮭﺎً ،ودﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻓﺈنﱠ ﻣﺴﻠﻮب اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻟﯿﺲ ﺑﺸﻲء ﺑﻞ ھﻮ ﻋﺪم ﻣﺤﺾ ،ﻛﻤﺎ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﺼﺮات اﻟﺼﺎﺑﻮﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ )ص.(٣٠ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣٥
ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء :اﻟﻤﺸﺒﮫ ﯾﻌﺒﺪ ﺻﻨﻤﺎً ،واﻟﻤﻌﻄﻞ ﯾﻌﺒﺪ ﻋﺪﻣﺎً، واﻟﻤﻮﺣﺪ ﯾﻌﺒﺪ إﻟـﮫ اﻷرض واﻟﺴﻤﺎء).(١ إذا ﺗﺒﯿﻦ ھﺬا وﺗﻘﺮر ﻓﻠﯿﻌﻠﻢ أنﱠ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ اﻟﻤﺘﻘﺪم وﻓﻲ ﻃﺮﱠة ﻛﺘﺎﺑﮫ ھﺬا ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻗﻮلٌ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺨﺒﺚ واﻟﻀﻼل واﻻﻧﺤﺮاف ،ﺣﯿﺚ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﻨﺼﺎرى اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ اﻟﻀﺎﻟﺔ .وﻗﺎﺋﻞ ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﻟﺔ اﻟﺠﺎﺋﺮة ﺣﻘﯿﻖ ﺑﺄن ﯾﻘﻄﻊ ﻟﺴﺎﻧﮫ وﯾﻜﺴﺮ ﺑﻨﺎﻧﮫ وﯾﺴﺘﺘﺎب ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻟﺘﮫ ھﺬه اﻟﺸﻮھﺎء وﺿﻼﻟﺘﮫ اﻟﻌﻤﯿﺎء .ﺛﻢ ﻣﺎذا ﺳﯿﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع وﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع ﻋﻠﻰ ﺣﺪة .ھﻞ ﺳﯿﻘﻮل إﻧﱠﮭﺎ دﻟﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ .أو ﺳﯿﻀﯿﻒ إﻟﯿﮭﺎ ﻗﯿﻮدات واﺳﺘﺪراﻛﺎت ﻣﻦ ﻋﻨﺪه .ﺛﻢ ﻣﺎذا ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺳﺘﺪل ﺑﺎﻟﻘﺮآن ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ؟ ﻻ ﯾﻨﻜﺮ ھﺬا اﻷﺻﻞ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﺜﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ إﻻ ﺿﺎل ﻣﻨﺤﺮف. ٢ـ ص ... )) :٣وﺧﺼﻮﺻﺎً أنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻨﺪ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺒﺘﺔ وإﻧﻤﺎ اﺧﺘﺮع ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ واﻧﺘﺸﺮ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﮭﺠﺮي ((. وﻗﺎل ص )) :٦وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ وﻻ اﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺘﮫ) (٢أنﱠ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :اﻟﺘﻨﺒﯿﮭﺎت اﻟﺴﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻮاﺳﻄﯿﺔ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺮﺷﯿﺪ )ص (٩وﻧﺺ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻧﻘﻠﺘﮫ ﻋﻨﮫ. ) (٢وﻧﻈﯿﺮ ھﺬا ﻗﻮل اﻟﺼﺎوي ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم )) :ﺑﻞ إنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﺑﺘﺪاءً ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻟﻢ =
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣٦
أﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ أﺳﻤﺎء وﺻﻔﺎت ،ﺑﻞ ﻟﻢ ﯾﻨﻄﻖ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻞ وﻻ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ،ﺑﻞ وﻻ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ رﺿﻲ ﺍ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﻞ إنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﺑﺪﻋﺔ ﺧﻠﻔﯿﺔ ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮي ،أي ﺑﻌﺪ زﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﻨﺤﻮ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﺳﻨﺔ وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ أﺣﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ .(( ... وﻗﺎل ص :١٠ أﻟﻮھﯿﺔ ورﺑﻮﺑﯿﺔ .(( ..
))
اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ اﻟﺬي اﺧﺘﺮع ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ
:أﻣﺎ اﻷدﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻓﮭﻲ ﻛﺜﯿﺮة ﻻ ﺗﺤﺼﺮ ﯾﻌﺮﻓﮭﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﯾﮫ أدﻧﻰ إﻟﻤﺎم ﺑﻨﺼﻮص اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﺑﻞ إن ﻣﻦ ﯾﺤﻔﻆ ﻓﺎﺗﺤﺔ اﻟﻜﺘﺎب) (١وﺳﻮرة اﻟﻨﺎس ﯾﺠﺪ ﻓﯿﮭﻤﺎ ﻣﺎ ﯾﺸﻔﻲ وﯾﻜﻔﻲ ﻣﻦ وﺿﻮح دﻻﻟﺔ وﻧﺼﻮع ﺑﺮھﺎن ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ،ﺑﻞ ھﻮ أﻛﺒﺮ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻟﻤﻘﺮرة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻗﺮﯾﺒﺎً ﺷﻲء ﻣﻦ أدﻟﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ،وھﺬا ﻻ ﯾﻜﺎﺑﺮ ﻓﯿﮫ إﻻ ﺿﺎلﱞ ﻣﻨﺤﺮفٌ ﻟﻮﺿﻮﺣﮫ وﺟﻼﺋﮫ. وأﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ إنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﺧﺘﺮﻋﮫ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺑﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﻟﻢ ﯾﻮﺟﺪ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮي ﻓﮭﺬا دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻮر ﻋﻠﻤﮫ وﻗﻠﺔ ﺧﺒﺮﺗﮫ وﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ﺑﻜﺘﺐ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ إذ ھﻲ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺗﺎرة واﻹﺷﺎرة ﺗﺎرة إﻟﻰ ھﺬه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﯾﺮد ﺑﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ آﯾﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ أو ﺳﻨﱠﺔ ﻣﺘﺒﻌﺔ . (( ... ) (١اﻧﻈﺮ :ﻣﺪارج اﻟﺴﺎﻟﻜﯿﻦ ﻻﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ) (٢٤/١وﻣﺎ ﺑﻌﺪھﺎ ﻗﻮﻟﮫ :ﻓﺼﻞ ﻓﻲ اﺷﺘﻤﺎل ھﺬه اﻟﺴﻮرة ﻋﻠﻰ أﻧﻮاع اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣٧
اﻷﻗﺴﺎم ،وﻟﻮ ذھﺒﺖ أﻧﻘﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ أﻋﻠﻤﮫ ﻣﻦ أﻗﻮاﻟﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﻄﺎل اﻟﻤﻘﺎم ،ﻟﻜﻦ ﺣﺴﺒﻲ أن أورد ھﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﻮل وﻧﺰراً ﯾﺴﯿﺮاً ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺒﻞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻟﯿﻈﮭﺮ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻟﯿﺒﯿﻦ ﺟﮭﻠﮫ. اﻟﻨﺺ اﻷول :ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻋﺒﯿﺪ ﺍ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻄﺔ اﻟﻌﻜﺒﺮي اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٣٨٧ھـ. ﻓﻘﺪ ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻹﺑﺎﻧﺔ ﻋﻦ ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻨﺎﺟﯿﺔ وﻣﺠﺎﻧﺒﺔ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﺬﻣﻮﻣﺔ (( ﻣﺎ ﻧﺼﮫ ... )) :وذﻟﻚ أنﱠ أﺻﻞ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎ اﻟﺬي ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻖ اﻋﺘﻘﺎده ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻹﯾﻤﺎن ﺑﮫ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﯿﺎء: أﺣﺪھﺎ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻌﺒﺪ رﺑﺎﻧﯿﺘﮫ ﻟﯿﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺒﺎﯾﻨﺎً ﻟﻤﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺘﻌﻄﯿﻞ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﺻﺎﻧﻌﺎً. واﻟﺜﺎﻧﻲ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪ وﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ ﻟﯿﻜﻮن ﻣﺒﺎﯾﻨﺎً ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺬاھﺐ أھﻞ اﻟﺸﺮك اﻟﺬﯾﻦ أﻗﺮوا ﺑﺎﻟﺼﺎﻧﻊ وأﺷﺮﻛﻮا ﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة ﻏﯿﺮه. واﻟﺜﺎﻟﺚ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪه ﻣﻮﺻﻮﻓﺎً ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﻮز إﻻ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻮﺻﻮﻓﺎً ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪرة واﻟﺤﻜﻤﺔ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ. إذ ﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أنﱠ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻤﻦ ﯾﻘﺮ ﺑﮫ وﯾﻮﺣﺪه ﺑﺎﻟﻘﻮل اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻗﺪ ﯾﻠﺤﺪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻓﯿﻜﻮن إﻟﺤﺎده ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻗﺎدﺣﺎً ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪه. وﻷﻧﱠﺎ ﻧﺠﺪ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺧﺎﻃﺐ ﻋﺒﺎده ﺑﺪﻋﺎﺋﮭﻢ إﻟﻰ اﻋﺘﻘﺎد ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺜﻼث واﻹﯾﻤﺎن ﺑﮭﺎ.
٣٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻓﺄﻣﱠﺎ دﻋﺎؤه إﯾﺎھﻢ إﻟﻰ اﻹﻗﺮار ﺑﺮﺑﺎﻧﯿﺘﮫ ووﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ ﻓﻠﺴﻨﺎ ﻧﺬﻛﺮ ھﺬا ھﺎھﻨﺎ ﻟﻄﻮﻟﮫ وﺳﻌﺔ اﻟﻜﻼم ﻓﯿﮫ ،وﻷنﱠ اﻟﺠﮭﻤﻲ ﯾﺪﻋﻲ ﻟﻨﻔﺴﮫ اﻹﻗﺮار ﺑﮭﻤﺎ وإن ﻛﺎن ﺟﺤﺪه ﻟﻠﺼﻔﺎت ﻗﺪ أﺑﻄﻞ دﻋﻮاه ﻟﮭﻤﺎ .(١)(( ... ﺛﻢ أﺧﺬ ﯾﻮرد ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼن ﻗﻮل اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻲ اﻟﺼﻔﺎت .ﻓﮭﺬا ﻧﺺ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻮﺿﻮح ﻓﻲ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ. وﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮل اﺑﻦ ﺑﻄﺔ )) :ﻷنﱠ اﻟﺠﮭﻤﻲ ﯾﺪﻋﻲ ﻟﻨﻔﺴﮫ اﻹﻗﺮار ﺑﮭﻤﺎ (( ...أي اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﻟﻮھﯿﺔ وإﻧﻤﺎ ﺟﺤﺪ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﺧﻼف ھﺬا اﻟﻤﺒﻄﻞ اﻟﺬي ﺟﺤﺪ وأﻧﻜﺮ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم وﺟﻌﻠﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻜﺎن ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ دوﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻀﻼل. وﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮل اﺑﻦ ﺑﻄﺔ )) :وﻷﻧﱠﺎ ﻧﺠﺪ ﺍ ﻗﺪ ﺧﺎﻃﺐ ﻋﺒﺎده ﺑﺪﻋﺎﺋﮭﻢ إﻟﻰ اﻋﺘﻘﺎد ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺜﻼﺛﺔ واﻹﯾﻤﺎن ﺑﮭﺎ (( ﻓﻔﯿﮫ أﺑﻠﻎ رد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ: )) وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ وﻻ اﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺘﮫ أنﱠ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم .(( ... وﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻛﻼﻣﮫ )) :وذﻟﻚ أن أﺻﻞ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎ اﻟﺬي ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻖ اﻋﺘﻘﺎده ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻹﯾﻤﺎن ﺑﮫ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﯿﺎء (( ... ﻓﻨﺺ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻋﻠﻰ أنﱠ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ھﻲ أﺻﻞ اﻹﯾﻤﺎن اﻟﺬي ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻖ اﻋﺘﻘﺎده ﻣﻊ إﺛﺒﺎت اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎ ،وﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻹﺑﺎﻧﺔ ﻻﺑﻦ ﺑﻄﺔ )٦٩٣ـ (٦٩٤ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺨﻄﯿﺔ ،وﻓﻲ ﻣﺨﺘﺼﺮه )ق .(١٥٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٣٩
أﻧﱠﮫ ﻻ إﯾﻤﺎن ﻟﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﮭﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻻ ﺗﻮﺣﯿﺪ ،إذ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻮ إﻓﺮاد ﺍ وﺣﺪه ﺑﮭﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻓﮭﻮ ﻣﻌﻄﱢﻞ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ﻣﺸﺮك ﻓﻲ رﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻓﮭﻮ ﻣﺸﺮك ﻓﻲ أﻟﻮھﯿﺔ ﺍ وﻋﺒﺎدﺗﮫ ﻛﺎﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻋﺒﺪة اﻷﺻﻨﺎم ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻓﮭﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﻣﻠﺤﺪ ﻓﻲ أﺳﻤﺎء ﺍ وﺻﻔﺎﺗﮫ.
ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻘﻮل ﻣﺴﻠﻢ ﻋﺎﻗﻞ إنﱠ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﻻ أﺻﻞ ﻟﮭﺎ وﻻ أﺳﺎس، وﻻ وﺟﻮد ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺎﻟﻠﮭﻢ ﻏﻔﺮاً. اﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺤﺎﻓﻆ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ ﯾﺤﯿﻰ ﺑﻦ ﻣﻨﺪة اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٣٩٥ھـ. ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﻤﺎء ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ وﺻﻔﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎق واﻟﺘﻔﺮد (( ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﺳﺘﻌﺮض ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ أدﻟﺘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﺑﺸﺮح وﺑﺴﻂ ﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﮫ. ﻓﻤﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪھﺎ وھﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: ١ـ ذِﻛْﺮُ ﻣﺎ وﺻﻒ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ودلﱠ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ ﻋﺰ وﺟﻞ وأﻧﱠﮫ أﺣﺪٌ ﺻﻤﺪٌ ﻟﻢ ﯾﻠﺪ وﻟﻢ ﯾﻮﻟﺪ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﮫ ﻛﻔﻮاً أﺣﺪ. ٢ـ ذﻛﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺪء اﻟﺨﻠﻖ. ٣ـ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أنﱠ ﺧﻠﻖ اﻟﻌﺮش ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻷﺷﯿﺎء. ٤ـ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أنﱠ ﺍ ﻗﺪر ﻣﻘﺎدﯾﺮ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻗﺒﻞ ﺧﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ. ٥ـ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺪل ﺑﮫ أوﻟﻮ اﻷﻟﺒﺎب ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺘﻲ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٤٠
ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ دﻟﯿﻼً ﻟﻌﺒﺎده ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ووﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ ﻣﻦ اﻧﺘﻈﺎم ﺻﻨﻌﺘﮫ وﺑﺪاﺋﻊ ﺣﻜﻤﺘﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ... ٦ـ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺑﺪأ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ. ٧ـ ذﻛﺮ اﻵﯾﺎت اﻟﻤﺘﻔﻘﺔ اﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات اﻟﺘﻲ ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ وﺑﯿﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن رﺳﻮﻟﮫ ﺗﻨﺒﯿﮭﺎً ﻟﺨﻠﻘﮫ) .(١ﺛﻢ ذﻛﺮ أﺑﻮاﺑﺎً أﺧﺮى. وﻣﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪھﺎ وھﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: ١ـ ذﻛﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﻤﺎء ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺤﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﮭﺎ وأﻇﮭﺮھﺎ ﻟﻌﺒﺎده ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺪﻋﺎء واﻟﺬﻛﺮ. ٢ـ ذﻛﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﺳﻢ ﺍ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺬي ﺗﺴﻤﻰ ﺑﮫ وﺷﺮﻓﮫ ﻋﻠﻰ اﻷذﻛﺎر ﻛﻠﮭﺎ. وذﻛﺮ ﺗﺤﺖ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: أ ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ : إﻟـﮫ إﻻ ﺍ.((
))
أﻣﺮت أن أدﻋﻮ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﺷﮭﺎدة أن ﻻ
ب ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ )) :ﺑﻨﻲ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدة أن ﻻ إﻟـﮫ إﻻ ﺍ
((. ﺟـ ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ :
))
ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ ﻓﻠﯿﻘﻞ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ ھﺬه اﻷﺑﻮاب ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( )٦١/١ـ.(١١٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٤١
ﺧﯿﺮاً أو ﻟﯿﺴﻜﺖ ((. د ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻟﺮﺟﻞ )) :ﻗﻞ رﺑﻲ ﺍ ﺛﻢ اﺳﺘﻘﻢ ((. ھـ ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻟﺮﺟﻞ )) :ﺍ ﯾﻤﻨﻌﻨﻲ ﻣﻨﻚ ((.
و ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ )) ﻣﻦ ﻛﺎن ﺣﺎﻟﻔﺎً ﻓﻠﯿﺤﻠﻒ ﺑﺎ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻣﻦ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﯿﺮ ﺍ ﻓﻘﺪ أﺷﺮك ((.
ز ـ ﻗﻮل اﻟﻨﺒﻲ )) :اذﻛﺮوا ﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻣﻮر (( ،ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اذْﻛُﺮُوا ﺍ َذِﻛْﺮاً ﻛَﺜِﯿﺮاً{).(١ وذﻛﺮ أﻣﻮراً أﺧﺮى ﻛﺜﯿﺮة ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ.
وﻣﻦ اﻷﺑﻮاب اﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪھﺎ وھﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: ذﻛﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﻔﺎت ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺘﻲ وﺻﻒ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺴﮫ وأﻧﺰل ﺑﮭﺎ ﻛﺘﺎﺑﮫ وأﺧﺒﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻮﺻﻒ ﻟﺮﺑﮫ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﺒﯿﻨﺎً ذﻟﻚ ﻷﻣﺘﮫ. وذﻛﺮ أﺑﻮاﺑﺎً أﺧﺮى ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت)،(٢ وﻛﺎن ﻗﺒﻞ ھﺬا ذﻛﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ أﺳﻤﺎء ﺍ اﻟﺤﺴﻨﻰ).(٣ ﻗﺎل ﺷﯿﺨﻨﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﻓﻘﯿﮭﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫ ﻟﻜﺘﺎب اﺑﻦ ﻣﻨﺪة اﻟﻤﺘﻘﺪم )) :وﻣﺆﻟﻒ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻘﺮن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ ھﺬه اﻷﺑﻮاب ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( )١٤/٢ـ.(٤٦ ) (٢اﻧﻈﺮ ھﺬه اﻷﺑﻮاب ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( ) (٧/٣إﻟﻰ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻜﺘﺎب. ) (٣اﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( )٤٧/٢ـ.(٢٠٨
٤٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﮭﺠﺮي )٣٩٥-٣١٠ھـ( وﻗﺪ اﺷﺘﻤﻞ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺘﻲ ورد ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻓﺒﺪأ ﺑﻘﺴﻢ اﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻣﺴﺘﺪﻻً ﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ ﻓﻲ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،ﺛﻢ ذﻛﺮ ﻋﻨﻮاﻧﺎً ﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء وﻣﻨﮫ دﺧﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻷرﺑﻌﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﻤﺴﯿﻦ ،ﺛﻢ ﻋﺎد ﻟﺘﻜﻤﯿﻞ أﺳﻤﺎء ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺛﻢ اﺗﺒﻌﮫ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺼﻔﺎت ﺣﯿﺚ ﺑﺤﺜﮫ ﻣﺴﺘﻘﻼً ﻋﻦ أﺳﻤﺎء ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﺛﻢ ﻋﺎد إﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻜﺘﺎب وﻟﻢ ﯾﺨﺮج ﻓﻲ اﺳﺘﺪﻻﻟﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب ﺍ وﻻ ﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ وأﻗﻮال اﻟﺴﻠﻒ ﻛﻤﺎ ﯾﺠﺪ ذﻟﻚ اﻟﻘﺎرئ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب. وھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺬي ﺷﻤﻠﮫ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ردﱞ ﻋﻠﻰ أﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ ﺑﻦ ﻣﺮزوق اﻟﺬي ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﺴﻤﻰ )) اﻟﺘﻮﺳﻞ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ وﺟﮭﺎﻟﺔ اﻟﻮھﺎﺑﯿﯿﻦ (( :إنﱠ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ واﻟﻘﻮل ﺑﺄنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﺎﻷول دون اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻟﻢ ﯾﺪﺧﻠﮭﻢ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم أنﱠ ذﻟﻚ ﺑﺪﻋﺔ اﺑﺘﺪﻋﮭﺎ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻗﻠﺪه ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب .(١)(( ... :ﻓﻠﻌﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺗﻠﻘﻒ ﻓﺮﯾﺘﮫ ھﺬه ﻣﻦ أﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ ﺑﻦ ﻣﺮزوق، وﻧﻘﻠﮭﺎ ﻋﻨﮫ ،ﻓﺈنﱠ أھﻞ اﻷھﻮاء ﯾﺘﻮارﺛﻮن ﺑﺪﻋﮭﻢ ،ﻛﻤﺎ ﯾﺘﻮارث أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺤﻖﱠ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻨﺒﻮة ،وﻟﻜﻦ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻹرﺛﯿﻦ: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻﺑﻦ ﻣﻨﺪة )٢٧/١ـ ،(٢٨واﻧﻈﺮ أﯾﻀﺎً ﻣﺎ ذﻛﺮه ﺷﯿﺨﻨﺎ ﺣﻔﻈﮫ ﺍ ﻓﻲ وﺻﻒ اﻟﻜﺘﺎب وﻣﺒﺎﺣﺜﮫ )٣٣/١ـ.(٤٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺷﺘﺎن ﺑﯿﻦ اﻟﻮارﺛﯿﻦ وﺑﯿﻦ ﻣﻮ
٤٣ رﺛﯿﮭﻤﺎ وﺳﮭﺎم ذي ﺳﮭﻤﺎن
)(١
اﻟﻨﺺ اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻹﻣﺎم ﻗﺒﻞ ھﺬﯾﻦ اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ وھﻮ اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ﯾﻌﻘﻮب ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺑﻦ ﺣﺒﯿﺐ اﻟﻜﻮﻓﻲ ﺻﺎﺣﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ١٨٢ھـ. ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﻨﺪة ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ :أﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ اﻟﺒﻠﺨﻲ ﺛﻨﺎ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :ﻟﯿﺲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس أﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ إﻟﻰ ﻗﻮل ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻒ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺴﮫ أﻧﱠﮫ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺎدر ﻗﻮي ﻣﺎﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﻘﻞ :إﻧﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺎدر ﻟﻌﻠﺔِ ﻛﺬا أﻗﺪر ،ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺬا أﻋﻠﻢ ،وﺑﮭﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﻣﻠﻚ ،ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﻘﯿﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وﻻ ﯾﻌﺮف إﻻ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮫ ،وﻻ ﯾﻮﺻﻒ إﻻ ﺑﺼﻔﺎﺗﮫ ،وﻗﺪ ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ} :ﯾَﺎأَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﻨﱠﺎسُ اﻋْﺒُﺪُوا رَﺑﱠﻜُﻢُ اﻟﺬِي ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ وَاﻟﺬِﯾﻦَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠﱠﻜُﻢْ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{) (٢اﻵﯾﺔ ،وﻗﺎل} :أَوَﻟَﻢْ ﯾَﻨﻈُﺮُوا ﻓِﻲ ﻣَﻠَﻜُﻮتِ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ وَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ﺍ ُﻣِﻦ ﺷَﻲْءٍ{) ،(٣وﻗﺎل} :إِنﱠ ﻓِﻲ ﺧَﻠْﻖِ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ وَاﺧْﺘِﻼَفِ اﻟﱠﯿْﻞِ وَاﻟﻨﱠﮭَﺎرِ وَاﻟْﻔُﻠْﻚِ اﻟﺘﱢﻲ ﺗَﺠْﺮِي ﻓِﻲ اﻟﺒَﺤْﺮِ{) (٤اﻵﯾﺔ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻨﻮﻧﯿﺔ )ص.(١٧٥ : ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .٢١ ) (٣ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف ،اﻵﯾﺔ .١٨٥ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .١٦٤
٤٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻗﺎل أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ :ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺍ :اﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ أﻧﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻛﯿﻒ أﻧﺎ اﻟﻘﺎدر وﻛﯿﻒ أﻧﺎ اﻟﺨﺎﻟﻖ ،وﻟﻜﻦ ﻗﺎل :اﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ ﺧﻠﻘﺖ ﺛﻢ ﻗﺎل: }وَﺍ ُﺧَﻠَ َﻘﻜُﻢْ ﺛُﻢﱠ ﯾَﺘَﻮَﻓﱠﺎﻛُﻢْ{) ،(١وﻗﺎل} :وَﻓِﻲ أَﻧﻔُﺴِﻜُﻢْ أَﻓَﻼَ ﺗُﺒْﺼِﺮُونَ{) (٢أي :ﺗﻌﻠﻢ أن ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء ﻟﮭﺎ ربﱞ ﯾﻘﻠﺒﮭﺎ وﯾﺒﺪﯾﮭﺎ وﯾﻌﯿﺪھﺎ وأﻧﻚ ﻣﻜﻮن وﻟﻚ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻚ .وإﻧﻤﺎ دل ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺧﻠﻘﮫ ﺑﺨﻠﻘﮫ ﻟﯿﻌﺮﻓﻮا أنﱠ ﻟﮭﻢ رﺑﺎً ﯾﻌﺒﺪوه وﯾﻄﯿﻌﻮه وﯾﻮﺣﺪوه ،ﻟﯿﻌﻠﻤﻮا أﻧﮫ ﻣﻜﻮﻧﮭﻢ ،ﻻ ھﻢ ﻛﺎﻧﻮا ،ﺛﻢ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻘﺎل :أﻧﺎ اﻟﺮﺣﻤﻦ وأﻧﺎ اﻟﺮﺣﯿﻢ وأﻧﺎ اﻟﺨﺎﻟﻖ وأﻧﺎ اﻟﻘﺎدر وأﻧﺎ اﻟﻤﺎﻟﻚ ،أي :ھﺬا اﻟﺬي ﻛﻮﻧﻜﻢ ﯾﺴﻤﻰ اﻟﻤﺎﻟﻚ اﻟﻘﺎدر ﺍ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﺑﮭﺎ ﯾﻮﺻﻒ. ﺛﻢ ﻗﺎل أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ :ﯾُﻌﺮف ﺍ ﺑﺂﯾﺎﺗﮫ وﺑﺨﻠﻘﮫ وﯾﻮﺻﻒ ﺑﺼﻔﺎﺗﮫ وﯾﺴﻤﱠﻰ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮫ ﻛﻤﺎ وﺻﻒ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ،وﺑﻤﺎ أدﱠى إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻖ رﺳﻮﻟﮫ.
ﺛﻢ ﻗﺎل أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ :إن ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺧﻠﻘﻚ وﺟﻌﻞ ﻓﯿﻚ آﻻت وﺟﻮارح ﻋﺠﺰ ﺑﻌﺾ ﺟﻮارﺣﻚ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ وھﻮ ﯾﻨﻘﻠﻚ ﻣﻦ ﺣﺎل إﻟﻰ ﺣﺎل ﻟﺘﻌﺮف أنﱠ ﻟﻚ رﺑﺎً وﺟﻌﻞ ﻓﯿﻚ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﯿﻚ ﺣﺠﺔ ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﮫ ﺗﺘﻌﺮف ﺑﺨﻠﻘﮫ ،ﺛﻢ وﺻﻒ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻘﺎل :أﻧﺎ اﻟﺮب وأﻧﺎ اﻟﺮﺣﻤﻦ وأﻧﺎ ﺍ وأﻧﺎ اﻟﻘﺎدر وأﻧﺎ اﻟﻤﺎﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺼﻔﺎﺗﮫ وﯾﺴﻤﻰ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮫ ،ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗُﻞِ ادْﻋُﻮا ﺍ َأَوِ ادْﻋُﻮا اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦَ أَﯾّﺎً ﻣﱠﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮا ﻓَﻠَﮫُ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ ،اﻵﯾﺔ .٧٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺬارﯾﺎت ،اﻵﯾﺔ .٢١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٤٥
ﺴﻨَﻰ ﻓَﺎدْﻋُﻮهُ ﺑِﮭَﺎ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟﺤُﺴْﻨَﻰ{) ،(١وﻗﺎل} :وَﻟِﻠﱠﮫِ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟﺤُ ْ وَذَرُوا اﻟﺬِﯾﻦَ ﯾُﻠْﺤِﺪُونَ ﻓِﻲ أَﺳْﻤَﺎﺋِﮫِ{) ،(٢وﻗﺎل} :ﻟَﮫُ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟﺤُﺴْﻨَﻰ ﯾُﺴَﺒﱢﺢُ ﻟَﮫُ ﻣَﺎ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ وَھُﻮَ اﻟﻌَﺰِﯾﺰُ اﻟْﺤَﻜِﯿﻢُ{) ،(٣ﻓﻘﺪ أﻣﺮﻧﺎ ﺍ أن ﻧﻮﺣﺪه ،وﻟﯿﺲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس؛ ﻷنﱠ اﻟﻘﯿﺎس ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﺷﻲء ﻟﮫ ﺷﺒﮫ وﻣﺜﻞ ،ﻓﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻘﺪس ﻻ ﺷﺒﮫ ﻟﮫ وﻻ ﻣﺜﻞ ﻟﮫ ﺗﺒﺎرك ﺍ أﺣﺴﻦ اﻟﺨﺎﻟﻘﯿﻦ. ﺛﻢ ﻗﺎل :وﻛﯿﻒ ﯾﺪرك اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس وھﻮ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﺨﻼف اﻟﺨﻠﻖ ﻟﯿﺲ ﻛﻤﺜﻠﮫ ﺷﻲء ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ .وﻗﺪ أﻣﺮك ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻜﻞﱢ ﻣﺎ أﺗﻰ ﺑﮫ ﻧﺒﯿﮫ ﻓﻘﺎل} :ﻗُﻞْ ﯾَﺎأَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﻨﱠﺎسُ إِﻧﱢﻲ رَﺳُﻮلُ ﺍِ إِﻟَﯿْﻜُﻢْ ﺟَﻤِﯿﻌﺎً اﻟﺬِي ﻟَﮫُ ﻣُﻠْﻚُ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ ﻻَ إِﻟَﮫَ إِﻻﱠ ھُﻮَ ﯾُﺤْﯿِﻲ وَﯾُﻤِﯿﺖُ ﻓَﺂﻣِﻨُﻮا ﺑﺎ ِوَرَﺳُﻮﻟِﮫِ اﻟﻨﱠﺒِﻲﱢ اﻷُﻣﱢﻲﱢ اﻟﺬِي ﯾُﺆْﻣِﻦُ ﺑِﺎ ِوَﻛَﻠِﻤَﺎﺗِﮫِ وَاﺗﱠﺒِﻌُﻮهُ ﻟَﻌَﻠﱠﻜُﻢْ ﺗَﮭْﺘَﺪُونَ{) ،(٤ﻓﻘﺪ أﻣﺮك ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﺄن ﺗﻜﻮن ﺗﺎﺑﻌﺎً ﺳﺎﻣﻌﺎً ﻣﻄﯿﻌﺎً وﻟﻮ ﯾﻮﺳّﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ اﻟﺘﻤﺎس اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﺑﺘﻐﺎء اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺮأﯾﮫ وﻗﯿﺎﺳﮫ وھﻮاه إذاً ﻟﻀﻠﻮا ،أﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ إﻟﻰ ﻗﻮل ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞﱠ: }وَﻟَﻮِ اﺗﱠﺒَﻊَ اﻟْﺤَﻖﱡ أَھْﻮَآءَھُﻢْ ﻟَﻔَﺴَﺪَتِ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتُ وَاﻷَرْضُ وَﻣَﻦْ ﻓِﯿﮭِﻦﱠ{) ،(٥ﻓﺎﻓﮭﻢ ﻣﺎ ﻓﺴﺮ ﺑﮫ ذﻟﻚ (().(٦ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .١١٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف ،اﻵﯾﺔ .١٨٠ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺤﺸﺮ ،اﻵﯾﺔ .٢٤ ) (٤ﺳﻮرة اﻷﻋﺮاف ،اﻵﯾﺔ .١٥٨ ) (٥ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺔ .٧١ ) (٦اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻﺑﻦ ﻣﻨﺪة )٣٠٤/٣ـ.(٣٠٦
٤٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ورواه أﯾﻀﺎً اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻗﻮام اﻟﺴﻨﺔ أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﺘﯿﻤﻲ اﻷﺻﺒﮭﺎﻧﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٥٣٥ھـ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺤﺠﺔ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن اﻟﻤﺤﺠﺔ وﺷﺮح اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ (( وﻷھﻤﯿﺘﮫ ﻋﻨﺪه ﺧﺼﮫ ﺑﻔﺼﻞ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻘﺎل )) :ﻓﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺻﻔﺎت ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ (( وذﻛﺮه ﺑﺈﺳﻨﺎده ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺴﺮﺧﺴﻲ ﺑﮫ).(١ وأﺛﺮ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ھﺬا اﻟﺬي رواه ھﺬان اﻹﻣﺎﻣﺎن ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻘﺪر ﻣﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ :ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت.
ﻗﺎل ﺷﯿﺨﻨﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻠﻲ ﻓﻘﯿﮭﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻖ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻷﺛﺮ: ...وﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ ﻛﻼﻣﺎً ﻧﻔﯿﺴﺎً ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻮ ﻇﺎھﺮ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت .ﻓﺬﻛﺮ أنﱠ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺑﺎﻟﻘﯿﺎس ،ﻣﺒﯿﻨﺎً أنﱠ اﻟﻘﯿﺎس ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ إذا وﺟﺪت ﻋﻠﺔ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل :أﻟﻢ ﺗﺴﻤﻊ إﻟﻰ ﻗﻮل ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ اﻵﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻒ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﺴﮫ أﻧﱠﮫ ﻋﺎﻟﻢ ﻗﺎدر ﻗﻮي وﻟﻢ ﯾﻘﻞ إﻧﻲ ﻗﺎدر ﻋﺎﻟﻢ ﻟﻌﻠﺔ ﻛﺬا ،أو أﻗﺪر ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺬا ،ﻗﺎل :وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﻘﯿﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وﻻ ﯾﻌﺮف ﺍ إﻻ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮫ ،وﻻ ﯾﻮﺻﻒ إﻻ ﺑﺼﻔﺎﺗﮫ ،ﺛﻢ ذﻛﺮ أدﻟﺔ ذﻟﻚ ،ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺍ اﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ أﻧﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻛﯿﻒ أﻧﺎ اﻟﻘﺎدر ،وإﻧﻤﺎ ﻗﺎل :اﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ ﺧﻠﻘﺖ ...اﻟﺦ إﻧﻤﺎ ذﻛﺮه رﺣﻤﮫ ﺍ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﻟﺒﯿﺎن ﻓﺮاﺟﻌﮫ ﺗﺠﺪ ﻓﯿﮫ اﻟﺮدﱠ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻠﺤﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﻓﻲ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﻣﺴﺘﺪﻻً ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﻄﺎﻋﺔ ﷲ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :اﻟﺤﺠﺔ ﻟﻠﺘﯿﻤﻲ )١١١/١ـ.(١١٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٤٧
وﺣﺪه (().(١ :ﻓﮭﺬه ﺛﻼﺛﺔ ﻧﺼﻮص ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺋﻤﺔ ﻣﺎﺗﻮا ﻗﺒﻞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ،(٢)اﻷوﻻن ﻣﻨﮭﻢ ﻣﺎﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ اﻟﮭﺠﺮي واﻟﺜﺎﻟﺚ وھﻮ أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ ﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﮭﺠﺮي، وروى أﺛﺮه اﻟﺘﯿﻤﻲ وﻗﺪ ﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس وھﻲ ﻣﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﻐﺎﯾﺔ اﻟﺠﻼء واﻟﻮﺿﻮح ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺮﱢ اﻟﻘﺮون أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻮن ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻟﯿﺲ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺧﻼف ﻓﯿﮫ، وﻻ ﯾﻨﻜﺮ ذﻟﻚ إﻻ ﻣﺒﺘﺪع ﺿﺎل ﻣﻨﺤﺮف. وﻟﯿﺖ ﺷﻌﺮي ﻣﺎذا ﺳﯿﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ وأﺳﻼﻓﮫ أﻣﺎم ھﺬه اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻮاﺿﺤﺔ اﻟﺠﻠﯿﺔ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ؟ ھﻞ ﺳﯿﻘﻮل ﻋﻦ ھﺆﻻء اﻷﺋﻤﺔ )) إﻧﮭﻢ ﺗﺒﻌﻮا اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺬھﺒﮫ اﻟﺒﺎﻃﻞ ((؟! ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻗﺎل ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﮭﻠﺔ ﻣﺜﻠﮫ وﻗﺪ أورد ﻋﻠﯿﮫ ﻧﺺ ﻣﻦ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻘﺎل )) :اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وھﺎﺑﻲ ((!! وﻣﺎ وﻟﺪ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب إﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﺑﻘﺮون ،ﻓﺎ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن. ٣ـ ص )) :٣ﻓﺎﻋﻠﻢ أنﱠ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼث ﺗﻘﺴﯿﻢ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﮫ ﺑﻌﺾ ﻣﺘﺄﺧﺮي اﻟﻤﺼﻨﻔﯿﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰﱢ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ ھﺎﻣﺶ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻﺑﻦ ﻣﻨﺪة ).(٣١٠/٣ ) (٢وﺳﯿﺄﺗﻲ ﻗﺮﯾﺒﺎً ذﻛﺮ ﻧﺺ اﻹﻣﺎم اﻟﻄﺤﺎوي ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﻓﻲ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﻗﺪ ﺗﻮﻓﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ أول اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﺳﻨﺔ ٣٢١ھـ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻧﺺ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻧﺼﻮص أﺧﺮى.
٤٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻤﻨﺴﻮب ﻟﻠﺤﻨﻔﯿﺔ ﺧﻄﺄ اﻟﺬي ردﱠ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﺘﺎب اﻷﺻﻠﻲ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي اﻟﺤﻨﻔﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺛﻨﺎء ﺷﺮﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻣﺘﻦ اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﺰﯾﻒ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰﱢ ﺑﻌﺾ ﻛﻼم أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي رﺣﻤﮫ ﺍ ،وﻇﮭﺮ ﺑﺜﻮب اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻣﺬھﺐ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﺨﺎﻟﻒ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻹﺟﻤﺎع وﻋﻘﯿﺪة أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻛﻼم اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي .(( ... وﻛﺮر ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻜﻼم ص ،٦ :وص ،١٢ :وص ،٤٥ :وص:
،٦٠وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﻜﺮر ﻣﺎ ﯾﺬﻛﺮه ﻷﻏﺮاض ﻟﻌﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﺗﺴﻤﯿﻦ اﻟﻜﺘﺎب وﻧﻔﺨﮫ ﻛﯿﻔﻤﺎ اﺗﻔﻖ. : أوﻻً :أﻣﱠﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﺑﺄﻧﱠﮫ ﺗﻘﺴﯿﻢ ﻏﯿﺮ ﺻﺤﯿﺢ ،ﻓﮭﺬا ﻛﻼم ﻣﻦ ﯾﮭﺮف ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﺮف ،وﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﺍ ﺑﻼ ﻋﻠﻢ ﻓﻲ أﺻﻞِ اﻷﺻﻮل وأﻋﻈﻢ اﻷرﻛﺎن ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ ،وﺻﻐﺎر ﺗﻼﻣﯿﺬ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ﯾﻌﻠﻤﻮن ﺻﺤﺔ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ وأدﻟﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ، وﻗﺪ ﺳﺒﻖ أن أوردت ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻨﮭﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم ،واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﯿﻤﺎ ذﻛﺮ ﯾﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻗﻠﺔ ﻋﻠﻤﮫ وﻗﺼﻮر ﻓﮭﻤﮫ ﻓﻲ أﻇﮭﺮ اﻷﻣﻮر وأﺑﯿﻨﮭﺎ. ﺛﺎﻧﯿﺎً :أﻣﺎ ﻗﻮﻟﮫ )) :ﺗﻜﻠﻢ ﺑﮫ ﺑﻌﺾ ﻣﺘﺄﺧﺮي اﻟﻤﺼﻨﻔﯿﻦ (( ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﻧﻘﺾ ذﻟﻚ وﺑﯿﺎن ﻋﺪم ﺻﺤﺘﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم ،ﻟﻜﻦ أﺿﯿﻒ ھﻨﺎ ﻧﺼﯿﻦ آﺧﺮﯾﻦ ﻹﻣﺎﻣﯿﻦ ﻣﺸﮭﻮرﯾﻦ اﻷول ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي رﺣﻤﮭﻤﺎ ﺍ ،وﻓﯿﮭﻤﺎ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٤٩
اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻛﻘﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺳﻮاء. ١ـ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ )ت١٥٠ھـ( ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻔﻘﮫ اﻷﺑﺴﻂ )ص:(٥١ )) ﻭﺍ ﯾﺪﻋﻰ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﻻ ﻣﻦ أﺳﻔﻞ؛ ﻷنﱠ اﻷﺳﻔﻞ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻓﻲ ﺷﻲء ((. ﻓﻘﻮﻟﮫ )) :ﯾﺪﻋﻰ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ ﻻ ﻣﻦ أﺳﻔﻞ … (( ﻓﯿﮫ إﺛﺒﺎت اﻟﻌﻠﻮ ﷲ، وھﻮ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،وﻓﯿﮫ رد ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ واﻷﺷﺎﻋﺮة واﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺎة اﻟﻌﻠﻮ. وﻗﻮﻟﮫ )) :ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ (( ﻓﯿﮫ إﺛﺒﺎت ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ. وﻗﻮﻟﮫ )) :واﻷﻟﻮھﯿﺔ (( ﻓﯿﮫ إﺛﺒﺎت ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ. ٢ـ وﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي )ت٣٢١ھـ( ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺘﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻤﺸﮭﻮر ﺑﺎﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ )) :ﻧﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ ﻣﻌﺘﻘﺪﯾﻦ ﺑﺘﻮﻓﯿﻖ ﺍ :إن ﺍ واﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،وﻻ ﺷﻲء ﻣﺜﻠﮫ ،وﻻ ﺷﻲء ﯾﻌﺠﺰه ،وﻻ إﻟﮫ ﻏﯿﺮه … ((. ﻓﻘﻮﻟﮫ )) :إن ﺍ واﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ (( ﺷﺎﻣﻞ ﻷﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،ﻓﮭﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ واﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ،وواﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ أﻟﻮھﯿﺘﮫ ،وواﺣﺪ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ أﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ. وﻗﻮﻟﮫ )) :وﻻ ﺷﻲ ﻣﺜﻠﮫ (( ھﺬا ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت. وﻗﻮﻟﮫ )) :وﻻ ﺷﻲء ﯾﻌﺠﺰه (( ھﺬا ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ. وﻗﻮﻟﮫ )) :وﻻ إﻟﮫ ﻏﯿﺮه (( ھﺬا ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ. ﻓﮭﺬه أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺻﺮﯾﺤﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﻧﺼﻲ ھﺬﯾﻦ
٥٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ رﺣﻤﮭﻤﺎ ﺍ. وذﻛﺮ اﻟﻄﺤﺎوي ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺘﻨﮫ اﻟﻤﺬﻛﻮر أﻧﱠﮫ ﻣﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ: ﺑﯿﺎن ﻋﻘﯿﺪة أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺐ ﻓﻘﮭﺎء اﻟﻤﻠﺔ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ اﻟﻜﻮﻓﻲ ،وأﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ﯾﻌﻘﻮب ﺑﻦ إﺑﺮاھﯿﻢ اﻷﻧﺼﺎري ،وأﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺸﯿﺒﺎﻧﻲ ،رﺿﻮان ﺍ ﻋﻠﯿﮭﻢ أﺟﻤﻌﯿﻦ ،وﻣﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪون ﻣﻦ أﺻﻞ اﻟﺪﯾﻦ ،وﯾﺪﯾﻨﻮن ﺑﮫ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ((. ))
وﻗﺪ ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺗﺐ ص )) :١٢اﻋﻠﻢ أنﱠ ﻣﺘﻦ اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ وھﻮ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﺻﻨﻔﮫ أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي رﺣﻤﮫ ﺍ ﻛﺘﺎب ﺻﺤﯿﺢ ﻣﺴﺘﻘﯿﻢ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ اﻋﺘﻘﺎد اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﻷﻧﱠﮫ ـ أﻋﻨﻲ اﻟﻄﺤﺎوي ـ ذﻛﺮ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ذﻟﻚ اﻟﻜﺘﺎب أﻧﱠﮫ ﻋﻘﯿﺪة اﻹﻣﺎم اﻷﻋﻈﻢ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ وﺻﺎﺣﺒﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴﻦ واﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ رﺣﻤﮭﻤﺎ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ … ((.
ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮫ :إنﱠ ﺟﻤﯿﻊ ھﺆﻻء اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرﯾﻦ ﻗﺎﺋﻠﻮن ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ،ﻣﻮاﻓﻘﻮن ﻷھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺎﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ رﺣﻤﮫ ﺍ ﺗﺒﻊٌ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻟﻢ ﯾﺄت ﺑﺒﺪع ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ زﻋﻤﺖ وادﱠﻋﯿﺖ .ﻓﮭﺆﻻء ھﻢ ﺳﻠﻒ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰﱢ وأﺋﻤﺘﮫ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ،ﻓﻤﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻗﺎل ﺑﺈﻧﻜﺎره ،ﺳﻤﮭﻢ ﻟﻨﺎ ،وﻟﻦ ﺗﺠﺪ أﺣﺪاً ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﯾﻨﻜﺮ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ وﻟﻮ ﺑﺤﺜﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺣﯿﯿﺖ، ﺑﻞ ﺳﺘﺠﺪ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻋﻨﮭﻢ ﻓﻲ ذﻛﺮ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﺗﺒﺎﻋﺎً ﻟﻠﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وﻟﺰوﻣﺎً ﻟﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﯿﮭﻤﺎ ،ﻓﮭﻢ ﯾﺘﺒﻌﻮن وﻻ ﯾﺒﺘﺪﻋﻮن، وﯾﻘﺘﺪون وﻻ ﯾﺒﺘﺪون ،وﻣﺨﺎﻟﻔﻮھﻢ ھﻢ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء،
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥١
اﻟﻤﺸﺎﻗﻮن ﷲ وﻟﺮﺳﻮﻟﮫ ،اﻟﻤﺘﺒﻌﻮن ﻏﯿﺮ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ. وأﯾﻀﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﺟﺎء ﻋﻨﮭﻢ ذﻛﺮ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻹﻣﺎم اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي )ت٣١٠ھـ( ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻋﺪﯾﺪة)،(١ واﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻋﺪﯾﺪة) ،(٢واﺑﻦ ﺣﺒﺎن اﻟﺒﺴﺘﻲ )ت٣٥٤ھـ( ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) روﺿﺔ اﻟﻌﻘﻼء وﻧﺰھﺔ اﻟﻔﻀﻼء (( ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل )) :اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﻤﺘﻔﺮد ﺑﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،اﻟﻤﺘﻌﺰز ﺑﻌﻈﻤﺔ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻮس اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺂﺟﺎﻟﮭﺎ ،واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺘﻘﻠﺒﮭﺎ وأﺣﻮاﻟﮭﺎ ،اﻟﻤﺎنﱢ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺘﻮاﺗﺮ آﻻﺋﮫ ،اﻟﻤﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺴﻮاﺑﻎ ﻧﻌﻤﺎﺋﮫ ،اﻟﺬي أﻧﺸﺄ اﻟﺨﻠﻖ ﺣﯿﻦ أراد ﺑﻼ ﻣﻌﯿﻦ وﻻ ﻣﺸﯿﺮ ،وﺧﻠﻖ اﻟﺒﺸﺮ ﻛﻤﺎ أراد ﺑﻼ ﺷﺒﯿﮫ وﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﻓﻤﻀﺖ ﻓﯿﮭﻢ ﺑﻘﺪرﺗﮫ ﻣﺸﯿﺌﺘﮫ، وﻧﻔﺬت ﻓﯿﮭﻢ ﺑﻌﺰﺗﮫ إرادﺗﮫ .(( ... ﻓﺬﻛﺮ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﻟﻮھﯿﺔ واﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت. واﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺪ اﻟﻘﯿﺮواﻧﻲ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ )ت٣٨٦ھـ( ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﻘﯿﺪﺗﮫ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ واﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ﺑﺄن ﺍ إﻟﮫ واﺣﺪ ﻻ إﻟـﮫ ﻏﯿﺮه ،وﻻ ﺷﺒﯿﮫ ﻟﮫ وﻻ ﻧﻈﯿﺮ وﻻ وﻟﺪ ﻟﮫ وﻻ واﻟﺪ ﻟﮫ، وﻻ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻟﮫ وﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،ﻟﯿﺲ ﻷوﻟﯿﺘﮫ اﺑﺘﺪاء وﻻ ﻵﺧﺮﯾﺘﮫ اﻧﻘﻀﺎء ﻻ ﯾﺒﻠﻎ ﻛﻨﮫ ﺻﻔﺘﮫ اﻟﻮاﺻﻔﻮن وﻻ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﺄﻣﺮه اﻟﻤﺘﻔﻜﺮون … إﻟﻰ أن ﻗﺎل … :ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﻠﻜﮫ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺮﯾﺪ أو ﯾﻜﻮن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١واﻧﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻛﻼﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓﺎﻋﻠﻢ أﻧﱠﮫ ﻻ إﻟﮫ إﻻﱠ ﺍ{.. ]ﺳﻮرة ﻣﺤﻤﺪ ،اﻵﯾﺔ [١٩ﻣﻦ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺒﯿﺎن ).(٥٣/١٣ ) (٢واﻧﻈﺮ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻲ )ص (١٠٥:ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب.
٥٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻷﺣﺪ ﻋﻨﮫ ﻏﻨﺎً ،ﺧﺎﻟﻘﺎً ﻟﻜﻞ ﺷﻲء ،أﻻ ھﻮ رب اﻟﻌﺒﺎد ورب أﻋﻤﺎﻟﮭﻢ واﻟﻤﻘﺪر ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﮭﻢ وآﺟﺎﻟﮭﻢ …((. ﻓﺬﻛﺮ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ. وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﯿﺪ اﻟﻄﺮﻃﻮﺷﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) ﺳﺮاج اﻟﻤﻠﻮك (( ) (٧/١ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :وأﺷﮭﺪ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﯿﱠﺔ واﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ،وﺑﻤﺎ ﺷﮭﺪ ﺑﮫ ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺤﺴﻨﻰ واﻟﺼﻔﺎت اﻟﻌﻠﻰ واﻟﻨﻌﻮت اﻷوﻓﻰ ((. ﻓﺬﻛﺮ اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ،واﻟﻨﻘﻮل ﻓﻲ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮة. ﺛﺎﻟﺜﺎً :وأﻣﱠﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰﱢ إﻧﱠﮫ ﻣﻨﺴﻮب ﻟﻠﺤﻨﻔﯿﺔ ﺧﻄﺄ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﮫ ﺟﺰاﻓﺎً دون ﺑﺤﺚ أو ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻋﺎدﺗﮫ ،إذ ﻟﻮ ﻃﺎﻟﻊ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻟﻮﺟﺪھﺎ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﺒﯿﻦ ﻛﺬﺑﮫ وﺟﮭﻠﮫ ،وﻣﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاﺟﻢ وﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻨﻔﯿﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: ١ـ ﻛﻮﻧﮫ ﯾﻨﺘﻤﻲ ﻷﺳﺮة ﺗﺘﺰﻋﻢ اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ ﻓﺄﺑﻮه ھﻮ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻼء اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ اﻟﺤﻨﻔﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٧٤٦ھـ ﺧﻄﯿﺐ ﺟﺎﻣﻊ اﻷﻣﺰم وﻧﺎﺋﺐ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻤﺎد اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻄﺮﺳﻮﺳﻲ ،وﺟﺪه ھﻮ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷﻤﺲ اﻟﺪﯾﻦ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ أﺣﺪ ﻣﺸﺎﯾﺦ اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﺣﻜﻢ ﻧﯿﺎﺑﺔ ﻧﺤﻮاً ﻣﻦ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﺳﻨﺔ وھﻮ أول ﻣﻦ ﺧﻄﺐ ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻷﻣﺰم ودرﱠس ﺑﺎﻟﻤﻌﻈﻤﯿﺔ واﻟﯿﻐﻤﻮرﯾﺔ واﻟﻘﻠﯿﺠﯿﺔ ،وأﺑﻮ ﺟﺪه ھﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ اﻷوزﻋﻲ ،وﻛﺎن اﻟﻤﺪرس اﻟﺮاﺑﻊ ﺑﺎﻟﻤﺮﺷﺪﯾﺔ ،وﻣﻦ أوﻻد ﻋﻤﻮﻣﺘﮫ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥٣
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﺪر اﻟﺪﯾﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻧﺘﮭﺖ إﻟﯿﮫ رﯾﺎﺳﺔ اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﮫ ،واﻟﻤﻔﺘﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ،وﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﯾﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻛﺎن ﻓﻘﯿﮭﺎً ﺣﻨﻔﯿﺎً ،ﻓﮭﻮ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻛﻨﻒ أﺳﺮة ﺟﻤﯿﻊ أﻓﺮادھﺎ ﯾﻨﺘﺤﻠﻮن ﻣﺬھﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ. ٢ـ ﻛﻮﻧﮫ وﻟﻲ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﺑﺎﻟﻤﺪارس اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺤﻨﻔﯿﱠﺔ ،ﻓﻘﺪ درﱠس ﺑﺎﻟﻘﯿﻤﺎزﯾﺔ ﺳﻨﺔ )٧٤٨ھـ( ودرﱠس ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺮﻛﻨﯿﺔ ﺳﻨﺔ )٧٧٧ھـ( ودرﱠس ﺑﺎﻟﻌﺰﯾﺔ اﻟﺒﺮاﻧﯿﺔ ﺳﻨﺔ )٧٨٤ھـ( ودرﱠس ﺑﺎﻟﺠﻮھﺮﯾﺔ ،وﺟﻤﯿﻊ ھﺬه ﻣﻦ ﻣﺪارس اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ. ٣ـ ﻛﻮﻧﮫ وﻟﻲ ﻗﻀﺎء اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ،وذﻟﻚ آﺧﺮ ﺳﻨﺔ )٧٧٦ھـ( ﻧﯿﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﮫ ﻧﺠﻢ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺬي ﻧﻘﻞ إﻟﻰ ﻗﻀﺎء ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ ﻣﺤﺮم ﺳﻨﺔ )٧٧٧ھـ( ﺛﻢ إنﱠ ﻧﺠﻢ اﻟﺪﯾﻦ اﺳﺘﻌﻔﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﻌﺪ ﻣﺎﺋﺔ ﯾﻮم، ﻓﻨﻘﻞ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ ،ووﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﮫ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﺷﺎرح اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﻗﻀﺎء اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﺑﻤﺼﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺴﻨﺔ ﻓﺒﺎﺷﺮ اﻟﻘﻀﺎء ﻧﺤﻮ ﺷﮭﺮﯾﻦ ﺛﻢ اﺳﺘﻌﻔﻰ ﻓﺄﻋﻔﻲ وﻋﺎد إﻟﻰ دﻣﺸﻖ ﻋﻠﻰ وﻇﺎﺋﻔﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﻤﺎزﯾﺔ واﻟﺠﻮھﺮﯾﺔ واﻟﺨﻄﺎﺑﺔ. ٤ـ ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ )) اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﮭﺪاﯾﺔ (( ذﻛﺮه اﻟﺴﺨﺎوي وﻏﯿﺮه ،وﻛﺘﺎب اﻟﮭﺪاﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﺤﻨﻔﯿﱠﺔ ﻟﻤﺆﻟﻔﮫ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﻔﺮﻏﺎﻧﻲ اﻟﻤﺮﻏﯿﻨﺎﻧﻲ اﻟﺤﻨﻔﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٥٩٣ھـ).(١ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﻠﺨﺼﺎً ﻣﻦ ﺗﺮﺟﻤﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ =
٥٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
إﻻ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺘﻌﺼﺒﺎً ﻟﻠﻤﺬھﺐ ،وﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ اﻟﻘﯿﻤﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻻﺗﺒﺎع (( )) وھﻮ رد ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﱠﻔﮭﺎ ﻣﻌﺎﺻﺮه أﻛﻤﻞ اﻟﺪﯾﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺤﻨﻔﻲ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٧٨٦ھـ ،ورﺟﺢ ﻓﯿﮫ ﺗﻘﻠﯿﺪ ﻣﺬھﺐ أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ وﺣﺾ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻗﺪ وﺟﺪ ﻓﯿﮭﺎ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﺄﺣﺐ أن ﯾﻨﺒﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺮق اﻟﻤﻨﮭﻲ ﻋﻨﮫ واﺗﺒﺎع اﻟﮭﻮى اﻟﻤﺮدي ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﻣﻮﻓﻘﺎً ﻛﻞ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺮد ،ﻓﺈﻧﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻧﮭﺞ ﻧﮭﺠﺎً ﻋﻠﻤﯿﺎً ﯾﻨﺒﺊ ﻋﻦ أدب ﺟﻢ ،وﻗﻮة ﺣﺠﺔ ،واﺗﺴﺎع داﺋﺮة ،وﺑﺮاءة ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﻤﺬﻣﻮم، ورﻏﺒﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﻟﻘﻠﻮب ،وإزاﻟﺔ اﻟﻌﻮاﺋﻖ (().(١ واﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ دﻋﻮاه أن اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻣﻨﺴﻮب إﻟﻰ اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﺧﻄﺄً. راﺑﻌﺎً :وأﻣﺎ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ إﻧﮫ زﯾﱠﻒ ﻛﻼم اﻹﻣﺎم اﻟﻄﺤﺎوي وﻇﮭﺮ ﺑﺜﻮب اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ. ﻓﮭﺬا ﻣﻦ اﻟﺒﮭﺖ واﻟﻜﺬب ،ﯾُﻘﺼﺪ ﻣﻦ وراﺋﮫ ﺗﺰھﯿﺪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﻈﯿﻢ واﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻘﯿﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﻟﮫ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ ،واﻟﺬي ھﻮ ﺑﺤﻖ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻏﺰارة ﻋﻠﻢ ﻣﺼﻨﻔﮫ ،وﺳﻌﺔ اﻃﻼﻋﮫ وﺣﺴﻦ وﺻﻔﺎء ﻋﻘﯿﺪﺗﮫ ،وﺳﻼﻣﺔ ﺳﻠﻮﻛﮫ وﻣﻨﮭﺠﮫ ،وﻗﺪ ﻋﻢﱠ ﺑﺤﻤﺪ ﺍ ﻧﻔﻌﮫ ،وذاع ﺻﯿﺘﮫ ،وﻋﻈﻤﺖ ﻓﺎﺋﺪﺗﮫ ،واﻧﺘﻔﻊ ﺑﮫ ﺧﻠﻖ ﻻ ﯾﺤﺼﻮن ،وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﺼﺢ ﻣﺆﻟﻔﮫ وﺣﺴﻦ ﻗﺼﺪه و ﺍ أﻋﻠﻢ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( ﺑﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ ﺍ اﻟﺘﺮﻛﻲ وﺷﻌﯿﺐ اﻷرﻧﺆوط )٦٣/١ـ.(٨٢ ) (١ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ).(٨٢/١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥٥
وﻗﺪ ﺳﺎر ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﮭﺞ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻣﺸﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮاﻟﮭﻢ ،وأھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﯾﻌﻈﻤﻮن اﻟﺤﻖ وﯾﻘﺪﻣﻮﻧﮫ ﻋﻠﻰ أﻗﻮال اﻟﺮﺟﺎل ،وﻻ ﯾﻘﺒﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﻮل إﻻ ﻣﺎ واﻓﻖ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ردﱡوه أﯾّﺎً ﻛﺎن ﻗﺎﺋﻠﮫ ﻓﺎﻟﺤﻖ ھﻮ اﻟﻤﻌﻈﱠﻢ واﻟﻤﻘﺪﱠم ﻋﻨﺪھﻢ )) وﻛﻞ ﯾﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ وﯾﺘﺮك إﻻ رﺳﻮل ﺍ.(( وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺎﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻟﻢ ﯾﺨﻄﺊ اﻟﻄﺤﺎوي وﻟﻢ ﯾﺰﯾﻒ ﻛﻼﻣﮫ ﻛﻤﺎ زﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وإﻧﻤﺎ ذﻛﺮ اﻟﺤﻖ واﻟﺼﻮاب ﻓﻲ أﻣﻮر ﻗﻠﯿﻠﺔ ﯾﺮى أنﱠ اﻟﻄﺤﺎوي أﺧﻄﺄ ﻓﯿﮭﺎ ،وﻟﯿﺲ ھﻮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻮم ﻓﮭﻮ ﺑﺸﺮ ﯾﺨﻄﺊ وﯾﺼﯿﺐ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﻨﺒﯿﮭﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ واﻟﺼﻮاب ﻓﻲ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻹﯾﻤﺎن ،وﻛﺬﻟﻚ ﺗﻨﺒﯿﮭﮫ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﻄﺤﺎوي )) :وأھﻠﮫ ﻓﻲ أﺻﻠﮫ ﺳﻮاء (( وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﯾﺴﯿﺮة ،وھﺬا ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺼﻨﻔﯿﻦ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﻌﺪ ﻣﻨﻘﺒﺔ ﻻﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﺣﯿﺚ ﻟﻢ ﯾﺘﻌﺼﺐ ﻟﻘﻮل إﻣﺎﻣﮫ ﺑﻞ ﺗﺤﺮﱠى اﻟﺤﻖ وﻗﺮر اﻟﺼﻮاب وإن ﻛﺎن ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻘﻮل إﻣﺎﻣﮫ ،وھﺬا ﻋﯿﻦ اﻟﻌﺪل واﻹﻧﺼﺎف. ٤ـ ص ٦ :ﻋﻦ ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺷﺮح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ )ص (١٧٢أﻧﮫ ﻗﺎل ﻓﻲ ﺷﺎرح اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﺑﺄﻧﮫ )) :ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺬھﺐ ﺑﺎﻃﻞ ،ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ((. : أوﻻً :ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺷﺎرح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﺑﻞ إﻧﻨﻲ وﺟﺪﺗﮫ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﮫ ﻟﻠﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ ﯾﻨﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻨﮫ ،واﻧﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﺼﻔﺤﺎت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ
٥٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
)( ١٥٧ ،١٥٢ ،١٤٠ ،١٣٦ ،١٣٠ ،٦٩ ،٥٧ ،٣٩ ،٣٢ ،٣٠ ﻣﻦ ﺷﺮح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ. ﻟﻜﻦ ﻧﻈﺮاً ﻟﻜﻮن ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ﺳﺎر ﻓﻲ ﻋﻘﯿﺪﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﻲ اﻟﻌﻠﻮ ﻟﻌﻠﻮق ﺷﺒﮭﮭﻢ ﺑﮫ ،ﻓﺨﺎﻟﻒ ﺑﺬﻟﻚ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺜﺒﺘﯿﻦ ﻟﻌﻠﻮ ﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﮫ ،وﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺌﺎت اﻷدﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻈﺮ اﻟﺴﻠﯿﻢ) (١وﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻮﺿﻊ ﺑﺴﻄﮭﺎ ،أﻗﻮل :ﻟﻤﺎ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﻘﺎري أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺎل ﻣﻌﺘﺮﺿﺎً ﻋﻠﻰ ﺷﺎرح اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) واﻟﺤﺎﺻﻞ أنﱠ اﻟﺸﺎرح ﯾﻘﻮل ﺑﻌﻠﻮ اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻊ ﻧﻔﻲ اﻟﺘﺸﺒﯿﮫ وﺗﺒﻊ ﻓﯿﮫ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪﻋﺔ ((. :ﺑﻞ ﺗﺒﻊ ﻓﻲ ذﻟﻚ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ. ﺛﻢ ﻗﺎل اﻟﻘﺎري ﺑﻌﺪ ھﺬا ﺑﺄﺳﻄﺮ )) … وﻣﻦ اﻟﻐﺮﯾﺐ أﻧﱠﮫ اﺳﺘﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺒﮫ اﻟﺒﺎﻃﻞ ) أي :ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮ ( ﺑﺮﻓﻊ اﻷﯾﺪي ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء وھﻮ ﻣﺮدود ((. :ﺑﻞ ھﻮ ﻋﯿﻦ اﻟﺼﻮاب ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺳﻨﺔ ،واﻟﺒﺎﻃﻞُ ﻣﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ وھﻮ ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺒﺪع. وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﺎﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻔﻖﱠ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﯿﻦ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ ﻛﻼﻣﺎً ﻧﺴﺒﮫ ﻟﻠﻘﺎري وھﻮ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮھﺎ ﻣﺒﺴﻮﻃﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﻮﯾﺔ ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،واﻟﻌﻠﻮ ﻻﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ ،واﻟﻌﻠﻮ ﻟﻠﺬھﺒﻲ، واﺟﺘﻤﺎع اﻟﺠﯿﻮش اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥٧
أﻧﱠﮫ ﻗﺎل ﻋﻦ ﺷﺎرح اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﺑﺄﻧﱠﮫ )) ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺬھﺐ ﺑﺎﻃﻞ ،ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ (( وﺟﻌﻞ اﻟﻜﻼم ﺑﯿﻦ ﻗﻮﺳﯿﻦ ﻣﺆﻛﺪاً أنﱠ اﻟﻜﻼم ﻣﻨﻘﻮل ﻣﻦ ﻣﺼﺪره ﺑﺎﻟﻨﺺ .وﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﻨﺎ وﺑﯿﻦ ﻣﺎ ذﻛﺮ اﻟﻘﺎري ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺷﺮح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ ﯾﺘﺒﯿﻦ أنﱠ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻠﻔﱢﻖٌ ﻣﺰوﱢرٌ إذ ﻛﻼم اﻟﻘﺎري ﺧﺎص ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻠﻮ وھﻮ ﻣﺨﻄﺊ ﻓﻲ ذﻟﻚ، واﻟﻜﻼم اﻟﺬي أورده اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﺎم ﻣﻄﻠﻖ ،وﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﺨﻔﻰ. ﺛﺎﻧﯿﺎً :وﻣِﻤﱠﺎ ﯾﺪﻟﻚ أنﱠ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﺤﺮﱢف ﻣﺰوﱢر أﻧﱠﮫ ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﻛﻼم اﻟﻘﺎري ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻠﻮ ﻧﻘﻞ ﻛﻼم اﻟﻘﺎري اﻟﻤﺘﻘﺪم ﻧﺼﺎ دون ﺗﺤﺮﯾﻒ ،وذﻟﻚ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺔ ٦٠ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺤﺪث ﻣﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎري ﻓﻲ ﺷﺮح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﺸﻨﱢﻌﺎً ﻋﻠﻰ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ھﺬا ﺷﺎرح اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ وﻣﺸﻮﱢھﮭﺎ ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )ص )) :(١٧٢:واﻟﺤﺎﺻﻞ أنﱠ اﻟﺸﺎرح ﯾﻘﻮل ﺑﻌﻠﻮ اﻟﻤﻜﺎن ﻣﻊ ﻧﻔﻲ اﻟﺘﺸﺒﯿﮫ وﺗﺒﻊ ﻓﯿﮫ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع (( … اﻟﺦ اھـ .ﻓﺎﻧﻈﺮه. وﻗﺎل اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻘﺎري أﯾﻀﺎً ﺻﺤﯿﻔﺔ )) :١٧٢وﻣﻦ اﻟﻐﺮﯾﺐ أﻧﮫ اﺳﺘﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺒﮫ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺮﻓﻊ اﻷﯾﺪي ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء (( ا.ھـ ﻛﻼم اﻟﻜﺎﺗﺐ. ﻓﻘﺎرن ﺑﯿﻦ ﻧﻘﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﻨﺎ ،وﺑﯿﻦ ﻧﻘﻠﮫ اﻟﻤﺘﻘﺪم ،واﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻠﯿﻦ إﻟﻰ ﺻﻔﺤﺔ واﺣﺪة ﯾﻈﮭﺮ ﻟﻚ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺗﻠﻔﯿﻘﮫ وﻏﺸﮫ وﺗﺰوﯾﺮه ،وﻗﺪ ﻗﯿﻞ: )) إن ﻛﻨﺖ ﻛﺬوﺑﺎً ﻓﻜﻦ ذﻛﻮراً ((. ﺛﺎﻟﺜﺎً :ﻧﻘﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ إنﱠ ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري اﻟﺬي ﻧﻘﻠﺖ ﻗﺪﺣﮫ ﻓﻲ
٥٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ ﯾﻘﻮل ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺬي ﻧﻘﻠﺖ ﻣﻨﮫ ﻧﻔﺴﮫ ،ﻓﻔﻲ ﺷﺮح اﻟﻔﻘﮫ اﻷﻛﺒﺮ ص(١٠ ،٩) : ﯾﻘﻮل ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :أﻗﻮل :ﻓﺎﺑﺘﺪاء ﻛﻼﻣﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﺑﺎﻟﺤﻤﺪ ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﮫ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ اﻟﻤﻘﺘﻀﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻌﺒﻮدﯾﺔ ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺪ أوﻻً ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻟﺤﺎﺻﻞ أﻧﱠﮫ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﺒﻮدﯾﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ دون اﻟﻌﻜﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،(١){ُوﻗﻮﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻜﺎﯾﺔ ﻋﻨﮭﻢ }ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{) ،(٢ﺑﻞ ﻏﺎﻟﺐ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن وآﯾﺎﺗﮫ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﻟﻨﻮﻋﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﺑﻞ اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ أوﻟﮫ إﻟﻰ آﺧﺮه ﻓﻲ ﺑﯿﺎﻧﮭﻤﺎ وﺗﺤﻘﯿﻖ ﺷﺄﻧﮭﻤﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺮآن إﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﺍ وأﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ وأﻓﻌﺎﻟﮫ ﻓﮭﻮ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺨﺒﺮي ،وإﻣﱠﺎ دﻋﻮﺗﮫ إﻟﻰ ﻋﺒﺎدﺗﮫ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ وﺧﻠﻊ ﻣﺎ ﯾﻌﺒﺪ ﻣﻦ دوﻧﮫ ﻓﮭﻮ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻹرادي اﻟﻄﻠﺒﻲ ،وإﻣﱠﺎ أﻣﺮ وﻧﮭﻲ وإﻟﺰام ﺑﻄﺎﻋﺘﮫ ﻓﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻮق اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﻣﻜﻤﻼﺗﮫ ،وإﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ إﻛﺮاﻣﮫ ﻷھﻞ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻣﺎ ﯾﻜﺮﻣﮭﻢ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﻰ ،ﻓﮭﻮ ﺟﺰاء ﺗﻮﺣﯿﺪه، وإﻣﱠﺎ ﺧﺒﺮ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺸﺮك وﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺎل وﻣﺎ ﯾﺤﻞ ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب واﻟﺴﻼﺳﻞ واﻷﻏﻼل ﻓﮭﻮ ﺟﺰاء ﻣﻦ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ،اﻵﯾﺔ .٢٥ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٥٩
ﺧﺮج ﻋﻦ ﺣﻜﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﻓﺎﻟﻘﺮآن ﻛﻠّﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وﺣﻘﻮق أھﻠﮫ وﺛﻨﺎﺋﮭﻢ ،وﻓﻲ ﺷﺄن ذمﱢ اﻟﺸﺮك وﻋﻘﻮق أھﻠﮫ وﺟﺰاﺋﮭﻢ ،ﻓـ }اﻟﺤَﻤْﺪُ ﷲِ رَبﱢ اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ { ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦِ اﻟﺮﱠﺣِﯿﻢِ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،ﻣَﺎﻟِﻚِ ﯾَﻮْمِ ﺴﺘَﻌِﯿﻦُ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،اھْﺪِﻧَﺎ اﻟﺪﱢﯾﻦِ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ} ،إِﯾﱠﺎكَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ وَإِﯾﱠﺎكَ ﻧَ ْ اﻟﺼﱢﺮَاطَ اﻟْﻤُﺴْﺘَﻘِﯿﻢَ{ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﻣﺘﻀﻤﻦ ﻟﺴﺆال اﻟﮭﺪاﯾﺔ إﻟﻰ ﻃﺮﯾﻖ أھﻞ ﻏﯿْﺮِ اﻟْﻤَﻐْﻀُﻮبِ ﻋَﻠَﯿْﮭِﻢْ وَﻻَ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ} ،ﺻِﺮَاطَ اﻟﺬِﯾﻦَ أَﻧْﻌَﻤْﺖَ ﻋَﻠَﯿْﮭِﻢْ َ اﻟﻀﱠﺎﻟﱢﯿﻦ{ اﻟﺬﯾﻦ ﻓﺎرﻗﻮا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻋﻨﺎداً وﺟﮭﻼً وإﻓﺴﺎداً ،وﻛﺬا اﻟﺴﻨﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺒﯿﻨﺔ وﻣﻘﺮرة ﻟﻤﺎ دلﱠ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻘﺮآن ،ﻓﻠﻢ ﯾﺤﻮﺟﻨﺎ رﺑﻨﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ رأي ﻓﻼن وذوق ﻓﻼن ووﺟﺪ ﻓﻼن ﻓﻲ أﺻﻮل دﯾﻨﻨﺎ، وﻟﺬا ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻣﻀﻄﺮﺑﯿﻦ ﺑﻞ ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟْﯿَﻮْمَ أَﻛْﻤَﻠْﺖُ ﻟَﻜُﻢْ دِﯾﻨَﻜُﻢْ وَأَﺗْﻤَﻤْﺖُ ﻋَﻠَﯿْﻜُﻢْ ﻧِﻌْﻤَﺘِﻲ وَرَﺿِﯿﺖُ ﻟَﻜُﻢُ اﻹِﺳْﻼَمَ دِﯾﻨﺎً{) ،(١ﻓﻼ ﻧﺤﺘﺎج ﻓﻲ ﺗﻜﻤﻠﯿﮫ إﻟﻰ أﻣﺮ ﺧﺎرج ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ (( ...ا.ھـ. وﻗﻮل اﻟﻘﺎري )) :ﺑﻞ ﻏﺎﻟﺐ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن (( ...إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ... )) : اﻟﺬﯾﻦ ﻓﺎرﻗﻮا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( ﻣﻨﻘﻮل ﻧﺼّﺎً ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻣﺪارج اﻟﺴﺎﻟﻜﯿﻦ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ) (٤٥٠/٣وﺳﺒﻖ أن ﻧﻘﻠﺖ ﻧﺺ ﻛﻼم اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺪارج ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم. وﻋﻠﯿﮫ ﻓﻨﻘﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ھﻞ ﺗﺮى أﯾﻀﺎً أن ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺬھﺐ ﺑﺎﻃﻞ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ((؟! وھﻞ ﯾﺸﻤﻠﮫ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة ،اﻵﯾﺔ .٣
٦٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺗﻨﺪﯾﺪك ﻷﻧﱠﮫ ﺳﺎر ﻋﻠﻰ ﻧﮭﺞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﺗﻠﻤﯿﺬه اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ؟!. راﺑﻌﺎً :وﻟﺌﻦ ﻗﻠﺖ ﺟﺪﻻً إنﱠ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮوا ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ )وأﻧﻌﻢ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺔ( ﻓﻤﺎ أﻧﺖ ﻗﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ وﺻﺎﺣﺒﮫ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ واﻹﻣﺎم أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﺤﺎوي رﺣﻤﮭﻢ ﺍ .وﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻧﺼﻮﺻﮭﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم ،وﻓﯿﮭﺎ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ؟! وﺟﻤﯿﻊ ھﺆﻻء ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﺤﻨﻔﯿﱠﺔ وﻗﺪ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺎﻟﺤﻖ وﻧﻄﻘﻮا ﺑﺎﻟﺼﻮاب واﻋﺘﻤﺪوا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وﻟﻢ ﯾﻠﺘﻔﺘﻮا إﻟﻰ )) رأي ﻓﻼن وذوق ﻓﻼن ووﺟﺪ ﻓﻼن ﻓﻲ أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ (( .ﻓﻤﺎ أﻧﺖ ﻗﺎﺋﻞ؟ ﺧﺎﻣﺴﺎً :وﻧﻘﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ أﯾﻀﺎً إنﱠ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺗﻌﺘﺰي إﻟﯿﮭﻢ وﺗﻨﺎﻓﺢ ﻋﻨﮭﻢ ھﻢ أﻧﻔﺴﮭﻢ ﯾﻘﺴﻤﻮن اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم .ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :ﻓﺈن ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﺮرون اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻜﻼم واﻟﻨﻈﺮ ﻏﺎﯾﺘﮭﻢ أن ﯾﺠﻌﻠﻮا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﻧﻮاع ،ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن :ھﻮ واﺣﺪ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻻ ﻗﺴﯿﻢ ﻟﮫ ،وواﺣﺪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻻ ﺷﺒﯿﮫ ﻟﮫ ،وواﺣﺪ ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ (().(١ وھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮه ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻋﻨﮭﻢ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻛﺘﺒﮭﻢ ،ﯾﻘﻮل اﻟﺸﮭﺮﺳﺘﺎﻧﻲ )) :وأﻣﱠﺎ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ وﺟﻤﯿﻊ اﻟﺼﻔﺎﺗﯿﺔ: إن ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﺣﺪ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻻ ﻗﺴﯿﻢ ﻟﮫ ،وواﺣﺪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ اﻷزﻟﯿﺔ ﻻ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٩٨/٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٦١
ﻧﻈﯿﺮ ﻟﮫ ،وواﺣﺪ ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮫ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ (().(١ وﺗﺄﻣﻞ ﻛﯿﻒ ﺟﻌﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر ھﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وھﺬا ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ﻓﮭﻢ ﯾﻘﺮرون اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻔﺎﺳﺪة واﻵراء اﻟﻜﺎﺳﺪة ﺛﻢ ﯾﻨﺴﺒﻮن ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ واﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﻤﺮاده ﺑﺄھﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻷﺷﺎﻋﺮة ،إذ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺬﯾﻦ ھﻢ أھﻠﮭﺎ وأﺣﻖ ﺑﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﻔﮫ أﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﻤﺬﻛﻮر. وﻗﺎل اﻟﺒﯿﺠﻮري ـ وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ـ )) :وﯾﺠﺐ ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺬات وﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت وﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل؛ وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺬات أﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ أﺟﺰاء ﻣﺘﻌﺪدة ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت أﻧﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺻﻔﺘﺎن ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ واﺣﺪ ﻛﻘﺪرﺗﯿﻦ وھﻜﺬا ،وﻟﯿﺲ ﻟﻐﯿﺮه ﺻﻔﺔ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﺻﻔﺘﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ، وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎل أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﻐﯿﺮه ﻓﻌﻞ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل، وﺿﺪھﺎ اﻟﺘﻌﺪد (().(٢ ﺛﻢ إنﱠ ﺗﻘﺴﯿﻢ ھﺆﻻء اﻟﻤﺬﻛﻮر ﯾﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ أﻣﻮر ﺑﺎﻃﻠﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻮﺿﻊ ﺑﯿﺎﻧﮭﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل: ١ـ إدﺧﺎﻟﮭﻢ ﻧﻔﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﮭﻢ )) وﻻ ﺷﺒﯿﮫ ﻟﮫ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ (( ﻓﺼﺎر ﻋﻨﺪھﻢ ﻣَﻦ ﯾﻘﻮل :إنﱠ ﷲ ﻋﻠﻤﺎً وﻗﺪرة ،أو أﻧﱠﮫ ﯾُﺮى ﻓﻲ اﻵﺧﺮة ،أو أنﱠ اﻟﻘﺮآن ﻛﻼم ﺍ ﻣﻨﺰل ﻏﯿﺮ ﻣﺨﻠﻮق ،أو أنﱠ ﻟﮫ وﺟﮭﺎً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻤﻠﻞ واﻟﻨﺤﻞ ).(٤٢/١ ) (٢رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ )) ﺿﻤﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﮭﻤﺎت اﻟﻤﺘﻮن!! (( )ص.(٤٠
٦٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
وﺳﻤﻌﺎً وﺑﺼﺮاً وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت ،ﻣﺸﺒﱢﮭﺎً ﻟﯿﺲ ﺑِﻤﻮﺣﱢﺪ!!. ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﱠﺮ )) :وﯾﺰﻋﻤﻮن أنﱠ ﻣﻦ أﻗﺮﱠ ﺑﮭﺎ ﻣﺸﺒﮫ ،وھﻢ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ أﺛﺒﺘﮭﺎ ﻧﺎﻓﻮن ﻟﻠﻤﻌﺒﻮد (().(١ ٢ـ إدﺧﺎﻟﮭﻢ ﺗﺤﺖ ﻗﻮﻟﮭﻢ )) :ھﻮ واﺣﺪ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻻ ﻗﺴﯿﻢ ﻟﮫ (( ﻧﻔﻲ ﻋﻠﻮ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﮫ ،وﻣﺒﺎﯾﻨﺘﮫ ﻟﺨﻠﻘﮫ ،واﻣﺘﯿﺎزه ﻋﻨﮭﻢ ،وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺔ ﻟﻨﻔﯿﮫ وﺗﻌﻄﯿﻠﮫ ،وﯾﺠﻌﻠﻮن ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ، وﻏﺎﯾﺔ ھﺬا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻮق اﻟﻌﺮش إﻟﮫٌ ﯾُﻌﺒﺪ وﻻ ربٌ ﯾُﺼﻠﻰ ﻟﮫ وﯾﺴﺠﺪ!! ٣ـ إھﻤﺎﻟﮭﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻟﺬﻛﺮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﺧﻼص اﻟﺪﯾﻦ ﷲ وإﻓﺮاده وﺣﺪه ﺑﺠﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة ،اﻟﺬي ھﻮ زﺑﺪة دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻞ وروﺣﮭﺎ ،ﻓﮭﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻻ ذﻛﺮ ﻟﮫ ﻋﻨﺪھﻢ اﻟﺒﺘﺔ. ٤ـ أﺷﮭﺮ اﻷﻧﻮاع اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻨﺪھﻢ ھﻮ اﻟﺜﺎﻟﺚ وھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻓﻌﺎل ،وھﻮ أنﱠ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﺣﺪ ،وﯾﻈﻨﻮن أنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻤﻄﻠﻮب ،وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻮ أﻗﺮوا ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻟﻢ ﯾﺨﺮﺟﻮا ﻣﻦ اﻟﺸﺮك اﻟﺬي وﺻﻔﮭﻢ ﺍ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن وﻗﺎﺗﻠﮭﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺄﺗﻮا ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ھﺬا ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻤﮭﻢ ﻣﻦ أﻣﻮر ﺑﺎﻃﻠﺔ وﻋﻘﺎﺋﺪ ﻣﻨﺤﺮﻓﺔ ﻓﺎﺳﺪة ﺳﺒﻖ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﻀﮭﺎ).(٢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﺘﻤﮭﯿﺪ ).(١٤٥/٧ ) (٢واﻧﻈﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺎوى ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )٩٧/٣ـ.(١٠١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٦٣
ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )) :واﻟﻤﻘﺼﻮد ھﻨﺎ أنﱠ )) اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي أﻧﺰل ﺍ ﺑﮫ ﻛﺘﺒﮫ وأرﺳﻞ ﺑﮫ رﺳﻠﮫ وھﻮ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وھﻮ اﻟﻤﻌﻠﻮم ﺑﺎﻻﺿﻄﺮار ﻣﻦ دﯾﻦ اﻹﺳﻼم ﻟﯿﺲ ھﻮ ھﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮھﺎ ھﺆﻻء اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮن ،وإن ﻛﺎن ﻓﯿﮭﺎ ﻣﺎ ھﻮ داﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﮫ اﻟﺮﺳﻮل ،ﻓﮭﻢ ﻣﻊ زﻋﻤﮭﻢ أﻧﮭﻢ )) اﻟﻤﻮﺣﺪون (( ﻟﯿﺲ ﺗﻮﺣﯿﺪھﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ذﻛﺮ ﺍ ورﺳﻮﻟﮫ؛ ﺑﻞ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﯾﺪﻋﻮن اﻻﺧﺘﺼﺎص ﺑﮫ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺮع واﻟﻌﻘﻞ واﻟﻠﻐﺔ؛ وذﻟﻚ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺳﻞ واﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ھﻮ ﻋﺒﺎدة ﺍ وﺣﺪه ،ﻓﻤﻦ ﻋﺒﺪ ﺍ وﺣﺪه ﻟﻢ ﯾﺸﺮك ﺑﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻓﻘﺪ وﺣﺪه ،وﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻦ دوﻧﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء ﻓﮭﻮ ﻣﺸﺮك ﺑﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﻤﻮﺣﺪ ﻣﺨﻠﺺ ﻟﮫ اﻟﺪﯾﻦ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻗﺎﺋﻼً ﺑﮭﺬه اﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ زﻋﻤﻮا أﻧﮭﺎ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ … (().(١ ((
ﻓﻨﻘﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ :ھﺆﻻء ﻣﻦ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮭﻢ ﻗﺪ ﻗﺴﻤﻮا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﺑﻼ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺮع ﻣﻊ ﻣﺎ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﺗﻘﺴﯿﻤﮭﻢ ﻣﻦ أﻣﻮر ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺳﺒﻖ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﮭﺎ ،ﻓﮭﻞ ﺗﻌﺪ ﺗﻘﺴﯿﻤﮭﻢ ھﺬا ﺗﺜﻠﯿﺜﺎً ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻛﻤﺎ ﻋﺪدت ﺗﻘﺴﯿﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻟﻠﺘﻮﺣﯿﺪ ﺗﺜﻠﯿﺜﺎً ﻣﻊ أنﱠ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺴﺘﻨﺪھﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺸﺮع ،وھﺆﻻء ﻻ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﻟﮭﻢ ﺳﻮى اﻟﮭﻮى واﻟﻌﻘﻞ؟ وھﻞ ﯾﺸﻤﻠﮭﻢ ﺗﻨﺪﯾﺪك؟ أم أﻧﱠﻚ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻚ ﻣﻦ اﻟﮭﻮى اﻟﻤﺠﺮد واﻟﺸﻨﺂن واﻟﺠﻮر. ﺳﺎدﺳﺎً :ﻧﻘﻮل ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ إنﱠ أﺳﺎس ﺷﺒﮭﺔ ﻣﻨﻜﺮي ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻧﻘﺾ اﻟﺘﺄﺳﯿﺲ ).(٤٧٨/١
٦٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ـ وﻣﻨﮭﻢ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ـ ھﻲ ﻋﯿﻦ ﺷﺒﮭﺔ ﻣﻨﻜﺮي أﺳﻤﺎء ﺍ وﺻﻔﺎﺗﮫ ﻛﺎﻟﺠﮭﻤﯿﺔ وﻏﯿﺮھﻢ ،ﺣﯿﺚ ﯾﺪﱠﻋﻮن أﻧﱠﮫ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ إﺛﺒﺎت اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﺗﻌﺪد اﻟﻘﺪﻣﺎء) ،(١ﺣﺘﻰ إن ﺟﮭﻤﺎً ـ ﺷﯿﺦ اﻟﻘﻮم ـ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﮫ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :ﻟﻮ ﻗﻠﺖ إنﱠ ﷲ ﺗﺴﻌﺔ وﺗﺴﻌﯿﻦ اﺳﻤﺎً ﻟﻌﺒﺪت ﺗﺴﻌﺔ وﺗﺴﻌﯿﻦ إﻟـﮭﺎً (().(٢ ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ـ رﺣﻤﮫ اﷲ ـ ﻓﻲ اﻟﺠﻮاب ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺸﺒﮭﺔ: ﻓﺎﻧﻈﺮ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﻠﺒﯿﺲ اﻟﺬي ﯾُﻮھﻢ اﻟﺴﺎﻣﻊ أﻧﱠﮭﻢ أﺛﺒﺘﻮا ﻗﺪﻣﺎء ﻣﻊ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،إﻧﱠﻤﺎ أﺛﺒﺘﻮا ﻗﺪﯾﻤﺎً واﺣﺪاً ﺑﺼﻔﺎﺗﮫ ،وﺻﻔﺎﺗُﮫ داﺧﻠﺔٌ ﻓﻲ ﻣﺴﻤﻰ اﺳﻤﮫ ،ﻛﻤﺎ أﻧﱠﮭﻢ إﻧﱠﻤﺎ أﺛﺒﺘﻮا إﻟـﮭﺎً واﺣﺪاً وﻟَﻢ ﯾﺠﻌﻠﻮا ﻛﻞﱠ ﺻﻔﺔٍ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﮫ إﻟـﮭﺎً ،ﺑﻞ ھﻮ اﻹﻟﮫ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﺠﻤﯿﻊ أﺳﻤﺎﺋﮫ وﺻﻔﺎﺗﮫ ،وھﺬا ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻣﺘﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﻋُﺒﱠﺎد اﻷﺻﻨﺎم اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤُﻜﺬﱢﺑﯿﻦ ﻟﺮﺳﻮﻟﮫ ﺣﯿﺚ ﻗﺎﻟﻮا :ﯾﺪﻋﻮ ﻣﺤﻤﺪٌ إﻟﻰ إﻟـﮫ واﺣﺪ ،ﺛﻢ ﯾﻘﻮل: ﯾﺎ اﷲ ﯾﺎ ﺳﻤﯿﻊ ﯾﺎ ﺑﺼﯿﺮ ،ﻓﯿﺪﻋﻮ آﻟـﮭﺔً ﻣﺘﻌﺪﱢدة ،ﻓﺄﻧﺰل اﷲ} :ﻗُﻞِ ادْﻋُﻮا ﺍ َأَوِ ادْﻋُﻮا اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦَ أَﯾّﺎً ﻣﱠﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮا ﻓَﻠَﮫُ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟﺤُﺴْﻨَﻰ{) ،(٣ﻓﺄيﱡ اﺳﻢٍ دﻋﻮﺗﻤﻮه ﺑﮫ ﻓﺈﻧﱠﻤﺎ دَﻋَﻮْﺗُﻢ اﻟﻤُﺴﻤﱠﻰ ﺑﺬﻟﻚ اﻻﺳﻢ ،ﻓﺄﺧﺒﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﻧﱠﮫ إﻟـﮫ واﺣﺪٌ وإن ﺗﻌﺪﱠدت أﺳﻤﺎؤه اﻟﺤُﺴﻨﻰ اﻟﻤﺸﺘﻘﱠﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﮫ ،وﻟﮭﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺴﻨﻰ .(٤)(( ... ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ ﻓﻲ إﺑﻄﺎل ھﺬه اﻟﺸﺒﮭﺔ :اﻟﻔﺘﺎوى ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ) ٢٤ ،٢٣/٣و .(١٠٩/٦ ) (٢اﻧﻈﺮ :ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎري ﻻﺑﻦ ﺣﺠﺮ ).(٣٧٨/١٣ ) (٣ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .١١٠ ) (٤ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ )ص.(١١١:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٦٥
وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﻼ ﻧﻌﻠﻢ ﻓﺮﻗﺎً ﺑﯿﻦ ﻗﻮل ﺟﮭﻢ ھﺬا ،وﺑﯿﻦ ﻗﻮل ﺗﻼﻣﯿﺬه ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺰﻋﻤﻮن أﻧﱠﮫ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ إﺛﺒﺎت اﻷﻟﻮھﯿﺔ واﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻌﺪد ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﻓﺎﻟﺸﺒﮭﺔ واﺣﺪة ،واﻟﺘﺂﺧﻲ ﻇﺎھﺮ. ٥ـ ص :٦ ﻟﻠﺘﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة اﻟﻤﺘﻮاﺿﻌﺔ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺗﻠﺨﯿﺼﺎً ﻟﻠﺒﺤﺚ اﻟﺬي ﺗﺤﻮﯾﮫ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺴﻠﻚ ﻓﯿﮭﺎ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﺧﯿﺮ اﻟﻜﻼم ﻣﺎ ﻗﻞﱠ ودلﱠ ﻓﻨﻘﻮل وﺑﺎ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ((. :ﺑﻨﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻧﻜﺎره ﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم ﻋﻠﻰ أﻣﻮر أرﺑﻌﺔ ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ أواﺋﻞ رﺳﺎﻟﺘﮫ ﺗﻠﻮ ﻛﻼﻣﮫ اﻟﻤﺘﻘﺪم) ،(١وﻛﻞ أﻣﺮ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ذﻛﺮ ﯾﻨﻢ ﻋﻦ ﺟﮭﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻗﻠﺔ ﻋﻠﻤﮫ وﻗﺼﻮر ﻓﮭﻤﮫ ﻟﻨﺼﻮص اﻟﺸﺮع ﻓﻲ أﻋﻈﻢ اﻷﻣﻮر وأھﻤﮭﺎ وأﺟﻠﱢﮭﺎ ﻗﺪراً وھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ ))
وﻻ ﺑﺪ أن ﻧﺒﻄﻞ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ
ﺍ .وﻟﺌﻦ ﻛﺎن اﻟﺠﮭﻞ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﺎﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب اﻟﻌﻈﯿﻢ واﻟﺮﻛﻦ اﻟﻤﺘﯿﻦ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺠﮭﻠﮫ ﺻﺒﯿﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻜﯿﻒ اﻟﺤﺎل ﺑﮫ إذن ﻓﻲ أﻣﻮر اﻟﺪﯾﻦ
اﻷﺧﺮى وﻣﺴﺎﺋﻠﮫ اﻟﻌﺪﯾﺪة؟! وﻗﺪ ﻗﺎل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ )) :إﻧﱠﻤﺎ ﯾﺆﺗﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺳﻮء ﻓﮭﻤﮫ أو ﻣﻦ ﺳﻮء ﻗﺼﺪه أو ﻣﻦ ﻛﻠﯿﮭﻤﺎ ،ﻓﺈذا اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻛﻤﻞ ﻧﺼﯿﺒﮫ ﻣﻦ اﻟﻀﻼل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١وﺳﯿﺄﺗﻲ ذﻛﺮھﺎ واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﺎ.
٦٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
(().(١ وﺳﻮء ﻓﮭﻢ ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ ﻇﺎھﺮ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺑﻼ اﻣﺘﺮاء ،وأﻣﺎ ﺳﻮء ﻗﺼﺪه ﻓﺈن ﻣﺎ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﻐﺶ واﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﺰوﯾﺮ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ أﻛﺒﺮ ﻣﺆﺷﺮات إﻟﻰ ﺳﻮء اﻟﻘﺼﺪ وأوﺿﺢ دﻻﻻت ﻋﻠﯿﮫ ،واﷲ ﻣﻦ وراء ﻛﻞﱢ ﻗﺎﺋﻞٍ وﻗﺼﺪه. ٦ـ ص )) :٦أوﻻً :ﻻ ﯾﻌﺮف ﻓﻲ اﻟﺸﺮع إﻃﻼق اﺳﻢ ﻣﻮﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ وﻟﻮ ﺑﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ وذﻟﻚ ﺑﻨﺺ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﺑﻞ ﻻ ﯾﺠﻮز أن ﻧﻘﻮﱢل اﻟﺸﺮع ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ وﻟﻢ ﯾَﺮِد ،ﻓﻼ ﯾﺤﻞ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﻘﺮ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ وﯾﺪرك أﻧﱠﮫ ھﻮ اﻹﻟﮫ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻌﺒﺎدة دون أن ﯾﺬﻋﻦ وﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻣﻮﺣﺪ .ﺑﻞ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ أﻧﱠﮫ ﻛﺎﻓﺮ ،ﺑﺪﻟﯿﻞ ﻗﻮل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ إِنﱠ ﺍ َﯾَﺤْﻜُﻢُ ﺑَﯿْﻨَﮭُﻢْ ﻓِﻲ ﻣَﺎ ھُﻢْ ﻓِﯿﮫِ ﯾَﺨْﺘَﻠِﻔُﻮنَ إِنﱠ ﺍ َﻻَ ﯾَﮭْﺪِي ﻣَﻦْ ھُﻮَ ﻛَﺎذِبٌ ﻛَﻔﱠﺎرٌ{).(٢ ﻓﻘﺪ وﺻﻔﮭﻢ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﻜﺬب واﻟﻜﻔﺮ ،ﺑﻞ وﺻﻔﮭﻢ ﺑﺼﯿﻐﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ وھﻲ )ﻛﻔﱠﺎر( ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل :ﺿﺎرب وﺿﺮﱠاب. ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻘﺎل إﻧﱠﮭﻢ ﻣﻮﺣﺪون ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ ﻭﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺻﻔﮭﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﺻﺮاﺣﺔ؟!! ((. :ﻟﻢ ﯾﺼﻒ أﺣﺪ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻣﻮﺣﺪ ھﻜﺬا ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ،وإﻧﱠﻤﺎ ﯾُﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻤﻮﺣﺪ ﻋﻨﺪھﻢ ﻣﻦ ﺟﺎء ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ )ص.(٤١٥: ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٦٧
ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺑﺄﻗﺴﺎﻣﮫ اﻟﺜﻼﺛﺔ .وإﻧﱠﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻤﻦ أﺛﺒﺖ رﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ وأﻧﱠﮫ وﺣﺪه اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺪﺑﺮ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﺮده ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻣﻘﺮ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ أو ﻣﻌﺘﺮف ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،وﻻ ﯾﺮون أنﱠ ھﺬا ﯾﻨﺠﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﺬاب ﺍ أو ﯾﺨﺮﺟﮫ ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﻜﻔﺮ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :ﻓﺄﻣﱠﺎ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﻟﺬي أﻗﺮﱠ ﺑﮫ اﻟﺨﻠﻖ وﻗﺮﱠره أھﻞ اﻟﻜﻼم ﻓﻼ ﯾﻜﻔﻲ وﺣﺪه ،ﺑﻞ ھﻮ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ (().(١ وﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ )) :وأﻣﱠﺎ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﻟﺬي أﻗﺮﱠ ﺑﮫ اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻜﺎﻓﺮ وﻗﺮره أھﻞ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ ﻛﺘﺒﮭﻢ ﻓﻼ ﯾﻜﻔﻲ وﺣﺪه ،ﺑﻞ ھﻮ اﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﺑﯿﻦ ذﻟﻚ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﻮاﺿﻊ … (().(٢ وﻗﺎل اﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻻﻋﺘﻘﺎد )) :اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻘﺒﻞ ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎد ﺣﺘﻰ ﯾﻔﺮدوه ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﺒﺎدة ﻛﻞ اﻹﻓﺮاد ،ﻓﻼ ﯾﺘﺨﺬون ﻟﮫ ﻧﺪّاً وﻻ ﯾﺪﻋﻮن ﻣﻌﮫ أﺣﺪاً وﻻ ﯾﺘﻮﻛﻠﻮن إﻻ ﻋﻠﯿﮫ .(( ... وﻗﻮل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ھﺬا أﻋﻨﻲ وﺻﻔﮭﻢ ﻟﻤﻦ أﺛﺒﺖ رﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮزاق ...اﻟﺦ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻣﻘﺮ ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وإن ﻛﺎن ﻣﺸﺮﻛﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة ﻗﻮلٌ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٣/١ ) (٢إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﮭﻔﺎن ).(٤٧/١
٦٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻓَﻼَ ﺗَﺠْﻌَﻠُﻮا ﷲِ أَﻧﺪَاداً وَأَﻧﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ{).(١
ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس )) :أي ﻻ ﺗﺸﺮﻛﻮا ﺑﺎ ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﻧﺪاد اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ وﻻ ﺗﻀﺮ وأﻧﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن أﻧﱠﮫ ﻻ رب ﻟﻜﻢ ﯾﺮزﻗﻜﻢ ﻏﯿﺮه ،وﻗﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ أنﱠ اﻟﺬي ﯾﺪﻋﻮﻛﻢ إﻟﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪه ھﻮ اﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ (().(٢ وﻗﺎل ﻗﺘﺎدة )) :أي ﺗﻌﻠﻤﻮن أنﱠ ﺍ ﺧﻠﻘﻜﻢ وﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ﺛﻢ ﺗﺠﻌﻠﻮن ﻟﮫ أﻧﺪاداً).(( (٣ وﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ )) ...وﻟﻜﻦ ﺍ ﺟﻞ ﺛﻨﺎؤه ﻗﺪ أﺧﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻋﻨﮭﺎ) (٤أﻧﱠﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺮ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪاﻧﯿﺔ ﻏﯿﺮ أﻧﱠﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺮك ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺮك ﻓﯿﮭﺎ ﻓﻘﺎل ﺟﻞﱠ ﺛﻨﺎؤه} :وَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَ َﻘﮭُﻢْ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،(٥){ُوﻗﺎل} :ﻗُﻞْ ﻣَﻦ ﯾﱠﺮْزُﻗُﻜُﻢ ﻣﱢﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ وَاﻷَرْضِ أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﻤْﻠِﻚُ اﻟﺴﱠﻤْﻊَ وَاﻷَﺑْﺼَﺎرَ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺨْﺮِجُ اﻟْﺤَﻲﱠ ﻣِﻦَ اﻟْﻤَﯿﱢﺖِ وَﯾُﺨْﺮِجُ اﻟْﻤَﯿﱢﺖَ ﻣِﻦَ اﻟْﺤَﻲﱢ وَﻣَﻦ ﯾُﺪَﺑﱢﺮُ اﻷَﻣْﺮَ ﻓَﺴَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﺍ ُﻓَﻘُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{).(٧)(( (٦ وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣَﺎ ﯾُﺆْﻣِﻦُ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﺑِﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢ ﻣﱡﺸْﺮِﻛُﻮنَ{).(٨
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .٢٢ ) (٢رواه اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ).(١٦٤/١ ) (٣رواه اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ).(١٦٤/١ ) (٤أي :ﻋﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ. ) (٥ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٨٧ ) (٦ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ ،اﻵﯾﺔ .٣١ ) (٧ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ).(١٦٤/١ ) (٨ﺳﻮرة ﯾﻮﺳﻒ ،اﻵﯾﺔ .١٠٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٦٩
ﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ھﺬه اﻵﯾﺔ )) :ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ ذﻛﺮه :وﻣﺎ ﯾﻘﺮ أﻛﺜﺮ ھﺆﻻء اﻟﺬﯾﻦ وﺻﻒ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺻﻔﺘﮭﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :وَﻛَﺄَﯾﱢﻦ ﻣﱢﻦْ ءَآﯾَﺔٍ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضِ ﯾَﻤُﺮﱡونَ ﻋَﻠَﯿْﮭَﺎ وَھُﻢ ﻋَﻨْﮭَﺎ ﻣﱡﻌْﺮِﺿُﻮنَ{) (١ﺑﺎ أﻧﱠﮫ ﺧﺎﻟﻘﮫ ورازﻗﮫ وﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲء إﻻ وھﻢ ﺑﮫ ﻣﺸﺮﻛﻮن ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ اﻷوﺛﺎن واﻷﺻﻨﺎم واﺗﺨﺎذھﻢ ﻣﻦ دوﻧﮫ أرﺑﺎﺑﺎً وزﻋﻤﮭﻢ أنﱠ ﻟﮫ وﻟﺪاً ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍ ﻋﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن وﺑﻨﺤﻮ اﻟﺬي ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﺎل أھﻞ اﻟﺘﺄوﯾﻞ .(( ... ﻓﺮوى ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :ﻣﻦ إﯾﻤﺎﻧﮭﻢ إذا ﻗﯿﻞ ﻟﮭﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻷرض وﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺠﺒﺎل؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﺍ وھﻢ ﻣﺸﺮﻛﻮن ((. وﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :ﺗﺴﺄﻟﮭﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮭﻢ وﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن ﺍ ﻓﺬﻟﻚ إﯾﻤﺎﻧﮭﻢ ﺑﺎ ،وھﻢ ﯾﻌﺒﺪون ﻏﯿﺮه ((. وﻋﻦ ﻣﺠﺎھﺪ ﻗﺎل )) :إﯾﻤﺎﻧﮭﻢ ﻗﻮﻟﮭﻢ :ﺍ ﺧﺎﻟﻘﻨﺎ وﯾﺮزﻗﻨﺎ وﯾﻤﯿﺘﻨﺎ ﻓﮭﺬا إﯾﻤﺎن ﻣﻊ ﺷﺮك ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ ﻏﯿﺮه ((.
وﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ﻗﺎل )) :ﻟﯿﺲ أﺣﺪ ﯾﻌﺒﺪ ﻣﻊ ﺍ ﻏﯿﺮه إﻻ وھﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﺎ وﯾﻌﺮف أنﱠ ﺍ رﺑﮫ ،وأنﱠ ﺍ ﺧﺎﻟﻘﮫ
ورازﻗﮫ وھﻮ ﯾﺸﺮك ﺑﮫ ،أﻻ ﺗﺮى ﻛﯿﻒ ﻗﺎل إﺑﺮاھﯿﻢ} :أَﻓَﺮَءَﯾْﺘُﻢ ﻣﱠﺎ ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﺒُﺪُونَ أَﻧﺘُﻢْ وَءَاﺑَﺂ ُؤﻛُﻢْ اﻷَﻗْﺪَﻣُﻮنَ ﻓَﺈِﻧﱠﮭُﻢْ ﻋَﺪُوﱞ ﻟﱢﻲ إِﻻﱠ رَبﱠ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﯾﻮﺳﻒ ،اﻵﯾﺔ .١٠٥
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧٠
اﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﯿﻦَ {) ،(١ﻗﺪ ﻋﺮف أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻌﺒﺪون رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﻣﻊ ﻣﺎ ﯾﻌﺒﺪون ،ﻗﺎل :ﻓﻠﯿﺲ أﺣﺪ ﯾﺸﺮك إﻻ وھﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﺑﮫ ،أﻻ ﺗﺮى ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺮب ﺗﻠﺒﻲ ﺗﻘﻮل ﻟﺒﯿﻚ اﻟﻠﮭﻢ ﻟﺒﯿﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ ،إﻻ ﺷﺮﯾﻚ ھﻮ ﻟﻚ ،ﺗﻤﻠﻜﮫ وﻣﺎ ﻣﻠﻚ ،اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن ھﺬا (().(٢ وﻣِﻤﱠﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮه اﺑﻦ زﯾﺪ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻟﻔﻈﺔُ ) ﺷﺮﯾﻚ ( ﻓﻲ ﺗﻠﺒﯿﺘﮭﻢ ﻓﺎﻟﺸﺮﯾﻚ ھﻮ اﻟﻤﺴﺎوي ،واﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄنﱠ ﺍ ھﻮ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺎﻟﻚ وﯾﻌﺒﺪوﻧﮫ ،وﯾﻌﺒﺪون ﻣﻌﮫ ﻏﯿﺮه ﻓﮭﺬا ﺷﺮﻛﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﺒﯿﺘﮭﻢ اﻟﺘﻲ أورد ﻧﺼﮭﺎ اﺑﻦ زﯾﺪ رﺣﻤﮫ ﺍ. ﻗﺎل اﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ: ﺗﻌﺎﻟﻰ (().(٣
))
وﻟﻔﻆ اﻟﺸﺮﯾﻚ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺎﻹﻗﺮار ﺑﺎ
:ھﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣَﺎ ﯾُﺆْﻣِﻦُ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﺑﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢ ﻣﱡﺸْﺮِﻛُﻮنَ{) (٤ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ وأﺗﺒﺎﻋﮭﻢ ،أﻣﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻘﺪ ﺣﺮﱠف ھﺬه اﻵﯾﺔ ﺗﺤﺮﯾﻔﺎً ﻣﺸﯿﻨﺎً وﻏﯿﱠﺮ ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻤﺮاد ﺣﺴﺐ ھﻮاه وﺑﺪﻋﺘﮫ. ص )) :٣٥وأﻣﱠﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣَﺎ ﯾُﺆْﻣِﻦُ أَﻛْ َﺜﺮُھُ ْﻢ ﺑﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢ ﻣﱡﺸْﺮِﻛُﻮنَ{ ،ﻓﻤﻌﻨﺎه :وﻣﺎ ﯾﺆﻣﻦ أﻛﺜﺮھﻢ ﺑﺎ ﻓﻲ إﻗﺮارھﻢ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺔ واﻟﺒﺮھﺎن ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺗﻜﺬﺑﮫ ﻗﻠﻮﺑﮭﻢ وﯾﻜﺬﺑﮫ واﻗﻌﮭﻢ ،ﻓﺈﯾﻤﺎﻧﮭﻢ أﻣﺎﻣﻜﻢ ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺔ واﻟﺒﺮھﺎن ﻋﻠﻰ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺸﻌﺮاء ،اﻵﯾﺔ .٧٦ ) (٢اﻧﻈﺮ :ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي )٧٧/٨ـ.(٧٩ ) (٣ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻻﻋﺘﻘﺎد )ص.( ٣١ : ) (٤ﺳﻮرة ﯾﻮﺳﻒ ،اﻵﯾﺔ .١٠٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧١
وﺟﻮد ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﮭﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺘﺒﺮ وﻻ ﻣﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ... ((. :ﻓﮭﺬا ﺗﺤﺮﯾﻒ ﺳﻤﺞ وﺗﺄوﯾﻞ ﺑﺎﻃﻞ ﻟﮭﺬه اﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻤﺎ أﺟﻤﻊ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﻔﺴﺮون اﻟﺬﯾﻦ ﻧﻘﻠﻨﺎ ﻛﻼم ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻗﺮﯾﺒﺎً، ﺗﺮده ﻧﺼﻮص ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺍ ﻓﯿﮭﺎ اﻹﺧﺒﺎر ﻋﻦ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﺷﻲء ﻣﻨﮭﺎ ،وﯾﺮده ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﮭﺬه اﻵﯾﺔ وﻗﺪ ﺗﻘﺪم. واﻟﺬي ﺣﻤﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﺗﺄوﯾﻞ ھﺬه اﻵﯾﺔ ھﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ، ھﻮ اﻋﺘﻘﺎده أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﻮﺟﻮد ﺍ أﺻﻼً ،وﻗﺪ ﺻﺮح اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ص )) :٣٣ﻷﻧﮭﻢ ]أي اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن[ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻤﻦ زﻋﻢ أﻧﱠﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻮﺣﺪﯾﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ .(( ... وﺣﺴﺒﻚ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا اﻟﻜﻼم دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ إﻏﺮاق اﻟﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻰ واﻟﺠﮭﻞ ،إذ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ وإﯾﻤﺎﻧﮭﻢ ﺑﮭﺎ وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ، ﻓﻜﯿﻒ ﺑﻮﺟﻮده ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﯾﻘﺮر اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ اﻟﻔﺎﺳﺪ. وﻗﺪ أورد اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟﺤَﻤْﺪُ ﷲِ اﻟﺬِي ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ وَﺟَﻌَﻞَ اﻟﻈﱡﻠُﻤَﺎتِ وَاﻟﻨﱡﻮرَ ﺛُﻢﱠ اﻟﺬِﯾﻦَ ﻛَﻔَﺮُوا ﺑِﺮَﺑﱢﮭِﻢْ ﯾَﻌْﺪِﻟُﻮنَ{) ،(١أﻧﱠﮫ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ،اﻵﯾﺔ .١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧٢
ﻗﺎل )) :ﯾﺮﯾﺪ ﻋﺪﻟﻮا ﺑﻲ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻲ اﻟﺤﺠﺎرة واﻷﺻﻨﺎم ﺑﻌﺪ أن أﻗﺮّوا ﺑﻨﻌﻤﺘﻲ ورﺑﻮﺑﯿﺘﻲ (().(١ وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم: ﻗﻮل زھﯿﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﻰ ﻓﻲ ﻣﻌﻠﻘﺘﮫ اﻟﻤﺸﮭﻮرة: ﯾﻌﻠﻢ
ﻟﯿﺨﻔﻰ ﻓﻤﮭﻤﺎ ﯾﻜﺘﻢ ﺍ
ﻓﻼ ﺗﻜﺘﻤﻦﱠ ﺍ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ
ﯾﺆﺧﺮ ﻓﯿﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﯿﺪﺧﺮ ﯾﻌﺠﻞ ﻓﯿﻨﻘﻢ
ﻟﯿﻮم ﺣﺴﺎب أو
ﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ وﻗﺪ أورد ھﺬﯾﻦ اﻟﺒﯿﺘﯿﻦ: )) ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺮف ھﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﺠﺎھﻠﻲ ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺼﺎﻧﻊ وﻋﻠﻤﮫ ﺑﺎﻟﺠﺰﺋﯿﺎت وﺑﺎﻟﻤﻌﺎد وﺑﺎﻟﺠﺰاء وﺑﻜﺘﺎﺑﺔ اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ ﻟﯿﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ (().(٢ ﻗﺎل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ )) :وﻗﺪ أﻧﺸﺪ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ اﻟﺠﮭﻼء: أﻻ ﺿﺮﺑﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺎة ھﺠﯿﻨﮭﺎ ﯾﻤﯿﻨﮭﺎ
أﻻ ﻗﻀﺐ اﻟﺮﺣﻤﻦ رﺑﻲ
وﻗﺎل ﺳﻼﻣﺔ ﺑﻦ ﺟﻨﺪل اﻟﻄﮭﻮي: ﻋﺠﻠﺘﻢ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻋﺠﻠﺘﯿﻨﺎ ﻋﻠﯿﻜﻢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١إﻏﺎﺛﺔ اﻟﻠﮭﻔﺎن ﻻﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ).(٢٢٦/٢ ) (٢ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ).(٢٣٨/٤
وﻣﺎ ﯾﺸﺄ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﯾﻌﻘﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧٣ وﯾﻄﻠﻖ(().(١
واﻟﺸﻮاھﺪ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮة ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﮭﻢ ﻣﺸﺮﻛﻮن ﻷﻧﮭﻢ ﯾﻌﺒﺪون ﻣﻊ ﺍ ﻏﯿﺮه. ص ١٠ﻓﻲ إﻧﻜﺎر اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻮﺟﻮد
ﺍ: )) ﺑﻞ ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻛﻔﺮھﻢ ﻣﺎ أﺧﺒﺮ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﮭﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﺰﯾﺰ إذ ﺴﺠُﺪُ ﻟِﻤَﺎ ﻗﺎل} :وَإِذَا ﻗِﯿﻞَ ﻟَﮭُﻢُ اﺳْﺠُﺪُوا ﻟِﻠﺮﱠﺣْﻤَﻦِ ﻗَﺎﻟُﻮا وَﻣَﺎ اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦُ أَﻧَ ْ ﺗﺄْﻣُﺮُﻧَﺎ وَزَادَھُﻢْ ﻧُﻔُﻮراً{) ،(٢ﻓﮭﻞ ھﺆﻻء ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﻮﺟﻮد اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﯿﻢ؟!! ((. :وھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﯾﻜﺘﺐ ﺣﺴﺐ ھﻮاه دون رﺟﻮع إﻟﻰ ﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ أو اﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺗﻔﺴﯿﺮھﻢ وھﺬا ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ﺿﻼﻟﮫ واﻧﺤﺮاﻓﮫ. ﯾﻘﻮل اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه )) :وﻗﺪ زﻋﻢ ﺑﻌﺾ أھﻞ اﻟﻐﺒﺎ أ ﱠ ن اﻟﻌﺮب ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻟﻐﺘﮭﺎ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻟﻠﻨﺒﻲ وﻣﺎ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،أﻧﺴﺠﺪ ﻟﻤﺎ ﺗﺄﻣﺮﻧﺎ؟ إﻧﻜﺎراً ﻣﻨﮭﻢ ﻟﮭﺬا اﻻﺳﻢ ،ﻛﺄﻧﱠﮫ ﻛﺎن ﻣﺤﺎﻻً ﻋﻨﺪه أن ﯾﻨﻜﺮ أھﻞ اﻟﺸﺮك ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺎﻟﻤﯿﻦ ﺑﺼﺤﺘﮫ أو ﻛﺄﻧﱠﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻗﻮل }اﻟﺬِﯾﻦَ ءَاﺗَﯿْﻨَﺎھُﻢُ اﻟْﻜِﺘَﺎبَ ﯾَﻌْﺮِﻓُﻮﻧَﮫُ{ ﯾﻌﻨﻲ ﻣﺤﻤﺪاً} ،ﻛَﻤَﺎ ﯾَﻌْﺮِﻓُﻮنَ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ).(٥٨/١ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ،اﻵﯾﺔ .٦٠
٧٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
أَﺑْﻨَﺂءَھُﻢْ{) ،(١وھﻢ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺑﮫ ﻣﻜﺬﺑﻮن وﻟﻨﺒﻮﺗﮫ ﺟﺎﺣﺪون ﻓﯿﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ أﻧﱠﮭﻢ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺪاﻓﻌﻮن ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪھﻢ ﺻﺤﺘﮫ واﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻟﺪﯾﮭﻢ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫ ،(٢)(( ...ﺛﻢ أورد اﻟﺒﯿﺘﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ. وﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ )) :وﻗﺪ زﻋﻢ ﺑﻌﻀﮭﻢ أنﱠ اﻟﻌﺮب ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺣﺘﻰ ردﱠ ﺍ ﻋﻠﯿﮭﻢ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞِ ادْﻋُﻮا ﺍ َأَوِ ادْﻋُﻮا ﺴﻨَﻰ{) ،(٣وﻟﮭﺬا ﻗﺎل ﻛﻔﺎر اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦَ أَﯾّﺎً ﻣﱠﺎ ﺗَﺪْﻋُﻮا ﻓَﻠَﮫُ اﻷَﺳْﻤَﺂءُ اﻟﺤُ ْ ﻗﺮﯾﺶ ﯾﻮم اﻟﺤﺪﯾﺒﯿﺔ ﻟﻤﺎ ﻗﺎل رﺳﻮل ﺍ ﻟﻌﻠﻲﱟ :اﻛﺘﺐ} :ﺑِﺴْﻢِ ﺍِ اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦِ اﻟﺮﱠﺣِﯿﻢِ{ ،ﻓﻘﺎﻟﻮا )) :ﻻ ﻧﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﻦ وﻻ اﻟﺮﺣﯿﻢ (( ،رواه اﻟﺒﺨﺎري ،وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺮواﯾﺎت :ﻻ ﻧﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﻦ إﻻ رﺣﻤﻦ اﻟﯿﻤﺎﻣﺔ ،وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَإِذَا ﻗِﯿﻞَ ﻟَﮭُﻢُ اﺳْﺠُﺪُوا ﻟِﻠﺮﱠﺣْﻤَﻦِ ﻗَﺎﻟُﻮا وَﻣَﺎ اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦُ أَﻧَﺴْﺠُﺪُ ﻟِﻤَﺎ ﺗﺄْﻣُﺮُﻧَﺎ وَزَادَھُﻢْ ﻧُﻔُﻮراً{).(٤ واﻟﻈﺎھﺮ أنﱠ إﻧﻜﺎرھﻢ ھﺬا إﻧﻤﺎ ھﻮ ﺟﺤﻮد وﻋﻨﺎد وﺗﻌﻨﺖ ﻓﻲ ﻛﻔﺮھﻢ ،ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻗﺪ وﺟﺪ ﻓﻲ أﺷﻌﺎرھﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﺗﺴﻤﯿﺔ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﻦ…(().(٥ :واﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﯿﺲ ﯾﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑـ )) اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﯿﻜﻮن ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﯾﻦ وﺻﻔﮭﻢ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ﺑﺎﻟﻐﺒﺎء ،وإﻧﱠﻤﺎ ﯾﻨﻜﺮ ﻣﺎ ((
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .١٤٦ ) (٢ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ ).( ٥٨ ،٥٧/١ ) (٣ﺳﻮرة اﻹﺳﺮاء ،اﻵﯾﺔ .١١٠ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ،اﻵﯾﺔ .٦٠ ) (٥ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ).(٣٦/١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧٥
ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ وھﻮ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ أﺻﻼً ﻓﻜﺬب اﻟﻘﺮآن واﻟﻮاﻗﻊ ،وﻟﺴﺖ أدري إذاً ﺑﻤﺎ ﯾﻮﺻﻒ.
٧ـ ص )) :٧ﺛﺎﻧﯿﺎً :ھﺆﻻء اﻟﻜﻔﺎر اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻓﯿﻤﺎ وﺻﻔﮭﻢ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ (١){ُواﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن} :ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{) ،(٢ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﻮﺟﻮد ﺍ ،وﻟﺬﻟﻚ أدﻟﺔ ﺳﺄوردھﺎ اﻵن إن ﺷﺎء ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وإﻧﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺤﺎﺟﺠﺔ اﻟﻨﺒﻲ وﻣﺠﺎدﻟﺘﮫ إﯾﺎھﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ وﺟﻮد ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﺒﻄﻞ إﻟﮭﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﻌﺒﺪون ﻣﻦ دوﻧﮫ .(( ...
:ھﺬه ﻣﻜﺎﺑﺮة ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ودﻋﻮى ﻻ ﺧﻄﺎم ﻟﮭﺎ وﻻ زﻣﺎم، وﻗﺪ ذﻛﺮت ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ وأﻗﻮال أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ﻛﺬب دﻋﻮاه ،ﻟﻜﻦ أذﻛﺮ ھﻨﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻶﯾﺘﯿﻦ اﻟﻠﺘﯿﻦ ذﻛﺮھﻤﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ آﻧﻔﺎً، ﺛﻢ ﺗﻌﺴﻒ ﻓﻲ ﻓﮭﻤﮭﻤﺎ ﻓﻘﺎل )) :إﻧﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺤﺎﺟﺠﺔ اﻟﻨﺒﻲ وﻣﺠﺎدﻟﺘﮫ إﯾﺎھﻢ ،(( ...أي :أﻧﱠﮭﻢ ﻻ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﻮﺟﻮد ﺍ وإﻧﱠﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ذﻟﻚ ﻣﺤﺎﺟﺠﺔ وﻣﺠﺎدﻟﺔ!!. ﯾﻘﻮل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻋﻨﺪ ﺗﻔﺴﯿﺮه ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠ ْ ﻦ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ وَﺳَﺨﱠﺮَ اﻟﺸﱠﻤْﺲَ وَاﻟْﻘَﻤَﺮَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ُﻓَﺄَﻧﱠﻰ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ،اﻵﯾﺔ .٢٥ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣
٧٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾُﺆْﻓَﻜُﻮنَ{) (١اﻵﯾﺎت )) :ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻘﺮراً أﻧﱠﮫ ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ ،ﻷ ﱠ ن اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺒﺪون ﻣﻌﮫ ﻏﯿﺮه ﻣﻌﺘﺮﻓﻮن أﻧﱠﮫ اﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ﺑﺨﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض واﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ وﺗﺴﺨﯿﺮ اﻟﻠﯿﻞ واﻟﻨﮭﺎر ،وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ﻟﻌﺒﺎده ،وﻣﻘﺪر آﺟﺎﻟﮭﻢ واﺧﺘﻼﻓﮭﺎ واﺧﺘﻼف أرزاﻗﮭﻢ ﻓﻔﺎوت ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻤﻨﮭﻢ اﻟﻐﻨﻲ واﻟﻔﻘﯿﺮ ،وھﻮ اﻟﻌﻠﯿﻢ ﺑﻤﺎ ﯾﺼﻠﺢ ﻛﻼ ﻣﻨﮭﻢ، وﻣﻦ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﻐﻨﻰ ﻣﻤﻦ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﻔﻘﺮ .ﻓﺬﻛﺮ أﻧﱠﮫ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﺑﺨﻠﻖ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﺘﻔﺮد ﺑﺘﺪﺑﯿﺮھﺎ .ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺒﺪ ﻏﯿﺮه؟ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه؟ ﻓﻜﻤﺎ أﻧﱠﮫ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﮫ ﻓﻠﯿﻜﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ ،وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﻘﺮر ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻘﺎم اﻹﻟﮭﯿﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﺗﻠﺒﯿﺘﮭﻢ )) :ﻟﺒﯿﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ إﻻ ﺷﺮﯾﻜﺎً ھﻮ ﻟﻚ ،ﺗﻤﻠﻜﮫ وﻣﺎ ﻣﻠﻚ (().(٢ وﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )) :وأﻣﺎ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻣﻘﺮﯾﻦ ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ ﺑﮭﺎ ،ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ َ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،(٣){ُوﻗﺎل} :ﻗُﻞ ﻟﱢﻤَﻦِ اﻷَرْضُ وَﻣَﻦْ ﻓِﯿﮭَﺎ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺴﺤَﺮُونَ{) ،(٤وﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ{ إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﺗُ ْ أﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻗﻂ أنﱠ اﻷﺻﻨﺎم ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰل اﻟﻐﯿﺚ وﺗﺮزق اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺗﺪﺑﺮه ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﺮﻛﮭﻢ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ اﺗﺨﺬوا ﻣﻦ دون ﺍ أﻧﺪاداً ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ،اﻵﯾﺔ .٦١ ) (٢ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ) .(٣٠١/٦واﻧﻈﺮ أﯾﻀﺎً ﺗﻔﺴﯿﺮه ).(٩١/٧ ) (٣ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ،اﻵﯾﺔ .٢٥ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺎت ٨٤ـ .٨٩
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﺤﺒﻮﻧﮭﻢ ﻛﺤﺐ ﺍ.(١)((
٧٧
وﻗﺎل اﻟﻤﻘﺮﯾﺰي )) :وﻻ رﯾﺐ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻨﻜﺮه اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﺑﻞ أﻗﺮوا ﺑﺄﻧﱠﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺣﺪه ﺧﺎﻟﻘﮭﻢ وﺧﺎﻟﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ،واﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ ،وإﻧﱠﻤﺎ أﻧﻜﺮوا ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ (().(٢ وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ )) :اﻷﺻﻞ اﻟﺮاﺑﻊ :أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺑﻌﺚ ﺍ اﻟﺮﺳﻞ إﻟﯿﮭﻢ ﻣﻘﺮون أنﱠ ﺍ ﺧﺎﻟﻘﮭﻢ }وَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَ َﻘﮭُﻢْ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،(٣){ ُوأﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﺬي ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺧَﻠَﻘَﮭُﻦﱠ اﻟْﻌَﺰِﯾﺰُ }وَﻟَﺌِﻦ َ اﻟْﻌَﻠِﯿﻢُ{) ،(٤وأﻧﱠﮫ اﻟﺮزاق اﻟﺬي ﯾﺨﺮج اﻟﺤﻲﱠ ﻣﻦ اﻟﻤﯿﺖ ،وﯾﺨﺮج اﻟﻤﯿﺖ ﻣﻦ اﻟﺤﻲّ ،وأﻧﱠﮫ اﻟﺬي ﯾﺪﺑﺮ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ اﻷرض، وأﻧﱠﮫ اﻟﺬي ﯾﻤﻠﻚ اﻟﺴﻤﻊ واﻷﺑﺼﺎر واﻷﻓﺌﺪة }ﻗُﻞْ ﻣَﻦ ﯾﱠﺮْزُﻗُﻜُﻢ ﻣﱢﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂءِ وَاﻷَرْضِ أَﻣﱠﻦ ﯾﱠﻤْﻠِﻚُ اﻟﺴﱠﻤْﻊَ وَاﻷَﺑْﺼَﺎرَ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺨْﺮِجُ اﻟْﺤَﻲﱠ ﻣِﻦَ اﻟْﻤَﯿﱢﺖِ وَﯾُﺨْﺮِجُ اﻟْﻤَﯿﱢﺖَ ﻣِﻦَ اﻟْﺤَﻲﱢ وَﻣَﻦ ﯾﱡﺪَﺑﱢﺮُ اﻷَﻣْﺮَ ﻓَﺴَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﺍُ ﻓَﻘُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ{)} ،(٥ﻗُﻞ ﻟﱢﻤَﻦِ اﻷَرْضُ وَﻣَﻦْ ﻓِﯿﮭَﺎ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺬَﻛﱠﺮُونَ ﻗُﻞْ ﻣَﻦ رﱠبﱡ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ اﻟﺴﱠﺒْﻊِ وَرَبﱡ اﻟﻌَﺮْشِ اﻟﻌَﻈِﯿﻢِ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ أَﻓَﻼَ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ ﻗُﻞْ ﻣَﻦْ ﺑِﯿَﺪِهِ ﻣَﻠَﻜُﻮتُ ﻛُﻞﱢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى )٩١/١ـ.(٩٢ ) (٢ﺗﺠﺮﯾﺪ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻤﻔﯿﺪ )ص .(٨ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٨٧ ) (٤ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٩ ) (٥ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ ،اﻵﯾﺔ .٣١
٧٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺷَﻲْءٍ وَھُﻮَ ﯾُﺠِﯿﺮُ وَﻻَ ﯾُﺠَﺎرُ ﻋَﻠَﯿْﮫِ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ ﺳَﯿَﻘُﻮﻟُﻮنَ ﷲِ ﻗُﻞْ ﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﺗُﺴْﺤَﺮُونَ{).(٢)(( ... (١ ﻓﮭﺬا ﺑﻌﺾ ﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ{ وﻧﺤﻮھﺎ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت ،وﻓﯿﮫ َ أﺑﻠﻎ رد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ دﻋﻮاه أﻧﱠﮭﻢ إﻧﱠﻤﺎ ذﻛﺮوا ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ. وأﻣﺎ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَاﻟﺬِﯾﻦَ اﺗﱠﺨَﺬُوا ﻣِﻦْ دُوﻧِﮫِ أَوْﻟِﯿَﺂءَ ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُ ْﻢ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻲ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{) ،(٣ﻓﯿﻘﻮل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬه اﻵﯾﺔ: )) ﺛﻢ أﺧﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻋﺒﱠﺎد اﻷﺻﻨﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن }ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{ ،أي :إﻧﱠﻤﺎ ﯾﺤﻤﻠﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ ﻟﮭﻢ أﻧﱠﮭﻢ ﻋﻤﺪوا إﻟﻰ أﺻﻨﺎم اﺗﺨﺬوھﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮر اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﻓﻲ زﻋﻤﮭﻢ ،ﻓﻌﺒﺪوا ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮر ﺗﻨﺰﯾﻼً ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻟﯿﺸﻔﻌﻮا ﻟﮭﻢ ﻋﻨﺪ ﺍ ﻓﻲ ﻧﺼﺮھﻢ ورزﻗﮭﻢ ،وﻣﺎ ﯾﻨﻮﺑﮭﻢ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﻓﺄﻣﱠﺎ اﻟﻤﻌﺎد ﻓﻜﺎﻧﻮا ﺟﺎﺣﺪﯾﻦ ﻟﮫ ﻛﺎﻓﺮﯾﻦ ﺑﮫ ،ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة واﻟﺴﺪيّ وﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ زﯾﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ،واﺑﻦ زﯾﺪ} :إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍِ زُﻟْﻔَﻰ{ ،أي :ﻟﯿﺸﻔﻌﻮا ﻟﻨﺎ ،وﯾﻘﺮﺑﻮﻧﺎ ﻋﻨﺪه ﻣﻨﺰﻟﺔ. وﻟﮭﺬا ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﺗﻠﺒﯿﺘﮭﻢ إذا ﺣﺠﻮا ﻓﻲ ﺟﺎھﻠﯿﺘﮭﻢ: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺎت ٨٤ـ .٨٩ ) (٢ﺗﻄﮭﯿﺮ اﻻﻋﺘﻘﺎد )ص .(٣٢ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣
))
ﻟﺒﯿﻚ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٧٩
ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﻚ ،إﻻ ﺷﺮﯾﻜﺎً ھﻮ ﻟﻚ ﺗﻤﻠﻚ وﻣﺎ ﻣﻠﻚ (( ).(١ :ﻓﻔﻲ ھﺬا أﺑﻠﻎ ردﱟ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ دﻋﻮاه أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻣﻘﺮﯾﻦ ﺑﺄنﱠ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ھﻮ ﺍ .ﺛﻢ إﻧﱠﮫ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ دﻟﯿﻼً ﻋﻠﻰ دﻋﻮاه ھﺬه إﻻ ﻗﻮﻟﮫ ... )) :وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻘﺮﯾﻦ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ھﻮ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻣﺎ ﻓﯿﮭﻦﱠ ﻟﻤﺎ ذﻛﺮ ﻟﮭﻢ ﺗﻠﻚ اﻵﯾﺎت اﻵﻣﺮة ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻹﺑﻞ ﻛﯿﻒ ﺧﻠﻘﺖ وﻓﻲ اﻟﺠﺒﺎل ﻛﯿﻒ ﻧﺼﺒﺖ وﻓﻲ اﻷرض ﻛﯿﻒ ﺳﻄﺤﺖ وﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻛﯿﻒ رﻓﻌﺖ ((. :وﺟﻮاب ھﺬا أنﱠ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺬﻟﻚ ھﻮ اﻟﺘﻔﻜﺮ اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ إﻓﺮاده ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة ﻻ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻷنﱠ ھﺬا ﻣﻌﻠﻮم ﻟﮭﻢ وﻷﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻜﻔﻲ ،وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ ﻛﻼم اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻗﻮﻟﮫ )) :ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ]أي :أن ﺍ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ[ ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺒﺪ ﻏﯿﺮه؟ وﻟﻢ ﯾﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه؟ ﻓﻜﻤﺎ أﻧﱠﮫ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﮫ ﻓﻠﯿﻜﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدﺗﮫ ،وﻛﺜﯿﺮاً ﻣﺎ ﯾﻘﺮر ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻘﺎم اﻹﻟﮭﯿﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ (( وھﻮ ﻛﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ رﺣﻤﮫ ﺍ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :إِنﱠ ھَﺬِهِ أُﻣﱠﺘُﻜُﻢْ أُﻣﱠﺔً وَاﺣِﺪَةً وَأَﻧَﺎ رَﺑﱡﻜُﻢْ ﻓَﺎﻋْﺒُﺪُونِ{) ،(٢وﻗﻮﻟﮫ} :ﯾَﺄَﯾﱡﮭَﺎ اﻟﻨﱠﺎسُ اﻋْﺒُﺪُوا رَﺑﱠﻜُﻢُ اﻟﺬِي ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ وَاﻟﺬِﯾﻦَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠﱠﻜُﻢْ ﺗَﺘﱠﻘُﻮنَ اﻟﺬِي ﺟَﻌَﻞَ ﻟَﻜُﻢُ اﻷَرْضَ ﻓِﺮَاﺷﺎً وَاﻟﺴﱠﻤَﺂءَ ﺑِﻨَﺂءً وَأَﻧﺰَلَ ﻣِﻦَ اﻟﺴﱠﻤَﺂء ﻣَﺂءً ﻓَﺄَﺧْﺮَجَ ﺑِﮫِ ﻣِﻦَ اﻟﺜﱠﻤَﺮَاتِ رِزْﻗﺎً ﻟَﻜُﻢْ ﻓَﻼَ ﺗَﺠْﻌَﻠُﻮا ﷲِ أَﻧﺪَاداً وَأَﻧﺘُﻢْ ﺗَﻌْﻠَﻤُﻮنَ{) ،(٣أي :ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻠﻮا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ).(٧٥/٧ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻧﺒﯿﺎء ،اﻵﯾﺔ .٩٢ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺘﺎن .٢٢ ،٢١
٨٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺷﺮﻛﺎء ﻣﻊ ﺍ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة وأﻧﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن أﻧﱠﮫ ﻻ ﺧﺎﻟﻖ ﻟﻜﻢ ﻏﯿﺮ ﺍ، وﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻏﯿﺮه ﻟﻶﯾﺔ ﺑﮭﺬا. ﻓﺘﺬﻛﯿﺮ ﺍ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﺑﺂﯾﺎﺗﮫ وأﻣﺮه ﺑﺘﺪﺑﺮھﺎ ﻟﮫ دﻻﻟﺘﮫ ،إذ ھﺬا اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺘﺪﺑﺮ ﻣﺴﺘﻠﺰم إﻓﺮاده ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة وإﺧﻼص اﻟﺪﯾﻦ ﻟﮫ ﻟﻤﻦ ﻋﻘﻞ، ﻓﻜﻤﺎ أﻧﱠﮫ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻚ واﻟﺨﻠﻖ ـ وھﺬا ﻣﺘﻘﺮر ﻋﻨﺪ ﻛﻞ أﺣﺪ ـ إﻻ ﻣﻦ ﺷﺎء ﺍ ـ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﻌﺒﺎدة.
ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ... )) :وﻟﮭﺬا إﻧﻤﺎ ﺑُﻌﺚ اﻟﺮﺳﻞ ﯾﺪﻋﻮﻧﮭﻢ إﻟﻰ ﻋﺒﺎدة ﺍ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،اﻟﺬي ھﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد اﻟﻤﺴﺘﻠﺰم ﻟﻺﻗﺮار ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﻗﺪ أﺧﺒﺮ ﻋﻨﮭﻢ أﻧﱠﮭﻢ }ﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻘَﮭُﻢْ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ،(١){ُوأﻧﱠﮭﻢ إذا ﻣﺴﱠﮭﻢ اﻟﻀﺮ ﺿﻞﱠ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮن إﻻ إﯾﱠﺎه ،وﻗﺎل: ﻏﺸِﯿَﮭُﻢ ﻣﱠﻮْجٌ ﻛَﺎﻟﻈﱡﻠَﻞ دَﻋَﻮُا ﺍ َﻣُﺨْﻠِﺼِﯿﻦَ ﻟَﮫُ اﻟﺪﱢﯾﻦَ{)،(٢ }وَإِذَا َ ﻓﺄﺧﺒﺮ أﻧﱠﮭﻢ ﻣﻘﺮون ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺘﮫ وأﻧﱠﮭﻢ ﻣﺨﻠﺼﻮن ﻟﮫ اﻟﺪﯾﻦ إذا ﻣﺴﱠﮭﻢ اﻟﻀﺮ ،ﻓﻲ دﻋﺎﺋﮭﻢ واﺳﺘﻌﺎﻧﺘﮭﻢ ﺛﻢ ﯾﻌﺮﺿﻮن ﻋﻦ ﻋﺒﺎدﺗﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺣﺼﻮل أﻏﺮاﺿﮭﻢ .(٣)(( ... ﺛﻢ ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻌﺪ ﻛﻼﻣﮫ اﻟﻤﺘﻘﺪم )) :ﻓﻘﻮﻟﮭﻢ ﻋﻨﺪ ﺳﺆال اﻟﻨﺒﻲ ﻟﮭﻢ وﻗﺖ إﻟﺰاﻣﮭﻢ اﻟﺤﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة :ﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض؟! ﻓﯿﻘﻮﻟﻦ ﺍ ،وﻗﻮﻟﮭﻢ} :ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍِ زُﻟْﻔَﻰ{ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻛﺬبٌ وﻛﻔﺮٌ ﺑﻨﺺ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،ﺣﯿﺚ ﻗﺎل ﺍ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺰﺧﺮف ،اﻵﯾﺔ .٨٧ ) (٢ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ،اﻵﯾﺔ .٣٢ ) (٣اﻟﻔﺘﺎوى ).(١٥ ،١٤/١٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻵﯾﺔ }إِنﱠ ﺍ َﻻَ ﯾَﮭْﺪِي ﻣَﻦْ ھُﻮَ ﻛَﺎذِبٌ ﻛَﻔﱠﺎرٌ{ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ} :ﯾُﺮْﺿُﻮﻧَﻜُﻢْ ﺑِﺄَﻓْﻮَاھِﮭِﻢْ وَﺗَﺄْﺑَﻰ ﻗُﻠُﻮﺑُﮭُﻢْ{).(( ... (٢
٨١ )(١
ﻛﻤﺎ
:وھﺬا ﺧﻠﻂ ﻋﺠﯿﺐ وﺟﮭﻞ ﻣﺮﻛﱠﺐ؛ إذ ﻋﺪﱠ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻮاﺟﺐ، وﻗﺪ ﺳَﻤﱠﺎه ﺍ إﯾﻤﺎﻧﺎً ﻓﻘﺎل} :وَﻣَﺎ ﯾُﺆْﻣِﻦُ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﺑﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢْ ﻣُﺸْﺮِﻛُﻮنَ{) ،(٣ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﯾﻚ ﯾﻨﻔﻌﮭﻢ وﻟﻢ ﯾﺨﺮﺟﮭﻢ ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﻜﻔﺮ ﻟﻜﻮﻧﮭﻢ ﻋﺒﺪوا ﻣﻊ ﺍ ﻏﯿﺮه ﻟﮭﺬا ﯾﻘﻮل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ... )) :ﻓﻼ رﯾﺐ أﻧﱠﮫ ]أي :اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺄنﱠ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍ [ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻮاﺟﺐ، وھﻮ اﻹﻗﺮار ﺑﺄنﱠ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﺣﺪ ،ﻟﻜﻨﮫ ھﻮ ﺑﻌﺾ اﻟﻮاﺟﺐ، وﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺬي ﺑﮫ ﯾﺨﺮج اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻹﺷﺮاك إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،ﺑﻞ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن اﻟﺬﯾﻦ ﺳﻤﺎھﻢ ﺍ ورﺳﻮﻟﮫ ﻣﺸﺮﻛﯿﻦ، وأﺧﺒﺮت اﻟﺮﺳﻞ أنﱠ ﺍ ﻻ ﯾﻐﻔﺮ ﻟﮭﻢ ،ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻘﺮﯾﻦ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞﱢ ﺷﻲء ﻓﮭﺬا أﺻﻞ ﻋﻈﯿﻢ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﺣﺪ أن ﯾﻌﺮﻓﮫ ،ﻓﺈﻧﱠﮫ ﯾُﻌﺮف ﺑﮫ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ھﻮ رأس اﻟﺪﯾﻦ وأﺻﻠﮫ (().(٤ ﻓﺎﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺄنﱠ ﺍ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ ﻛﻞّ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن اﻟﻤﺄﻣﻮر ﺑﮫ ﺷﺮﻋﺎً إﻻ أﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻨﻔﻌﮭﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺄﺗﻮا ﻣﻌﮫ ﺑﻼزﻣﮫ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ ،وﻟﺬا وﺻﻔﻮا ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ ﺑﺄﻧﱠﮭﻢ ﻛﻔﱠﺎر ﻣﺸﺮﻛﻮن ﻓﻮﺻﻔﮭﻢ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻟﯿﺲ ﻹﻗﺮارھﻢ ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ ﻛﻤﺎ ﻓﮭﻢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ ،اﻵﯾﺔ .٨ ) (٣ﺳﻮرة ﯾﻮﺳﻒ ،اﻵﯾﺔ .١٠٦ ) (٤درء ﺗﻌﺎرض اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ ).(٣٧٨/٩
٨٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻜﺎﺗﺐ وإﻧﱠﻤﺎ ھﻮ ﻟﺸﺮﻛﮭﻢ ﻓﻲ ﻋﺒﺎدة ﺍ وﻋﺪم إﺧﻼﺻﮭﻢ اﻟﺪﯾﻦ ﻟﮫ، ﻣﻊ أنﱠ اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻻزم ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﺟﮭﺔ إﺷﺮاﻛﮭﻢ ﻓﻲ اﻹﻟﮭﯿﺔ وﻛﺬا ﻓﻲ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ،إذ أﻧﻮاع اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﺘﻼزﻣﺔ ﻻ ﯾﻨﻔﻚ ﻧﻮع ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮ ،وھﻜﺬا أﺿﺪادھﺎ ﻓﻤﻦ ﺿﺎد ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺸﺮك ﻓﻘﺪ أﺷﺮك ﻓﻲ اﻟﺒﺎﻗﻲ ،ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺰﻣﻦ ﻋﺒﱠﺎد اﻟﻘﺒﻮر إذا ﻗﺎل أﺣﺪھﻢ :ﯾﺎ ﺷﯿﺦ ﻓﻼن ـ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻤﻘﺒﻮر ـ أﻏﺜﻨﻲ أو اﻓﻌﻞ ﻟﻲ ﻛﺬا وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﯾﻨﺎدﯾﮫ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﻌﯿﺪة وھﻮ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺤﺖ اﻟﺘﺮاب وﻗﺪ ﺻﺎر ﺗﺮاﺑﺎً. ﻓﺪﻋﺎؤه إﯾﱠﺎه ﻋﺒﺎدة ﺻﺮﻓﮭﺎ ﻟﮫ ﻣﻦ دون ﺍ ﻷنﱠ اﻟﺪﻋﺎء ﻣﺦ اﻟﻌﺒﺎدة ،ﻓﮭﺬا ﺷﺮك ﻓﻲ اﻹﻟﮭﯿﺔ ،وﺳﺆاﻟﮫ إﯾﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﺟﻠﺐ ﺧﯿﺮ أو دﻓﻊ ﺿﺮ أو رد ﻏﺎﺋﺐ أو ﺷﻔﺎء ﻣﺮﯾﺾ أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﯿﮫ إﻻ ﺍ ﻣﻌﺘﻘﺪاً أﻧﱠﮫ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ھﺬا ﺷﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺣﯿﺚ اﻋﺘﻘﺪ أﻧﱠﮫ ﻣﺘﺼﺮف ﻣﻊ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮﺗﮫ .ﺛﻢ إﻧﱠﮫ ﻟﻢ ﯾﺪﻋﮫ ھﺬا اﻟﺪﻋﺎء إﻻ ﻣﻊ اﻋﺘﻘﺎده أﻧﱠﮫ ﯾﺴﻤﻌﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺪ واﻟﻘﺮب ﻓﻲ أيّ وﻗﺖ ﻛﺎن وﻓﻲ أيّ ﻣﻜﺎن وﯾﺼﺮﺣﻮن ﺑﺬﻟﻚ ،وھﺬا ﺷﺮك ﻓﻲ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ﺣﯿﺚ أﺛﺒﺖ ﻟﮫ ﺳﻤﻌﺎً ﻣﺤﯿﻄﺎً ﺑﺠﻤﯿﻊ اﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺎت ﻻ ﯾﺤﺠﺒﮫ ﻗﺮب وﻻ ﺑﻌﺪ ،ﻓﺎﺳﺘﻠﺰم ھﺬا اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻹﻟﮭﯿﺔ اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت (().(١ ﺛﻢﱠ إنﱠ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻞ واﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻻ ﯾﻮﻟﻮن ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ اﻟﺬي أﻧﻜﺮه اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن أيّ اھﺘﻤﺎم ،وإن ﺗﻜﻠﻤﻮا ﻓﯿﮫ ﺗﻜﻠﻤﻮا ﺑﺠﮭﻞ، وأدﺧﻠﻮا ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ھﻮ ﻧﻘﯿﻀﮫ وﺿﺪه. ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﻌﺎرج اﻟﻘﺒﻮل ﻟﻠﺸﯿﺢ ﺣﺎﻓﻆ ﺣﻜﻤﻲ ).(٤٣٥/١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٨٣
ص )) :٢٥وأﻣﱠﺎ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻠﯿﺲ ﺟﻤﯿﻌﮫ ﻋﺒﺎدة إﻻ إذا دﻋﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﻓﯿﮫ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ أو ﺻﻔﺔ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ((. ص )) :٢٦وإﻧﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺪﻋﺎء ﻋﺒﺎدة إذا ﻛﺎن ﷲ أو ﻟﻤﻦ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﺪاﻋﻲ أن ﻟﻠﻤﺪﻋﻮّ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ((. ص )) :٢٧ﻓﺎﺗﻀﺢ أنﱠ ﻣﺠﺮد اﻟﻨﺪاء أو اﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ أو اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ أو اﻟﺨﻮف أو اﻟﺮﺟﺎء أو اﻟﺘﻮﺳﻞ أو اﻟﺘﺬﻟﻞ ﻻ ﯾﺴﻤﻰ ﻋﺒﺎدة ((. ص )) :٢٨وﻣﻠﺨﺺ ﻣﺎ ﻣﺮﱠ أنﱠ اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ھﻲ ﻣﻄﻠﻖ اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﺨﻀﻮع ﻷيّ أﺣﺪ ﻛﺎن ﺑﺨﻼف اﻟﻌﺒﺎدة ﻓﻲ اﺻﻄﻼح اﻟﺸﺮع ﻓﮭﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺘﺬﻟﻞ واﻟﺨﻀﻮع ﻟﻤﻦ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﮫ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،ﻓﺈذا ﻓﮭﻤﺖ ذﻟﻚ ﻋﻠﻤﺖ ﯾﻘﯿﻨﺎً أنﱠ ﻣﻦ أﻃﺎع أﺣﺪاً وﺧﻀﻊ ﻟﮫ ﻻ ﻻﻋﺘﻘﺎده أنﱠ ﻟﮫ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻻ ﯾﺴﻤﻰ ﻋﺎﺑﺪاً ﻟﮫ ﺷﺮﻋﺎً .(( ... وﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﮭﺞ ذﻛﺮ أﻣﻮراً ﻛﺜﯿﺮة. وﻣﻦ ﯾﻮازن ﺑﯿﻦ أﻗﻮال اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬه وﺑﯿﻦ ﻗﻮل اﻟﺨﻤﯿﻨﻲ داﻋﯿﺔ اﻟﺮﻓﺾ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺮار (( )ص (٤٩:ﺣﯿﺚ ﻗﺎل)) : وﺑﻌﺪ أن ﺗﺒﯿﻦ أنﱠ اﻟﺸﺮك ھﻮ ﻃﻠﺐ اﻟﺸﻲء ﻣﻦ ﻏﯿﺮ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻛﻮﻧﮫ إﻟﮭﺎً ﻓﺈنﱠ ﻣﺎ دون ذﻟﻚ ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﺸﺮك ،وﻻ ﻓﺮق ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﯿﻦ ﺣﻲﱟ وﻣﯿﱢﺖ ،ﻓﻄﻠﺐ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ أو اﻟﺼﺨﺮ ﻟﯿﺲ ﺷﺮﻛﺎً (( ...ﯾﺠﺪ أنﱠ اﻟﻘﻮﻟﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ:
٨٤ رﺿﯿﻌﻲ ﻟﺒﺎن ﺛﺪي أمﱟ ﺗﻘﺎﺳﻤﺎ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ ﺑﺄﺳﺤﻢ داج ﻋﻮض ﻻ ﻧﺘﻔﺮق.
:ﯾﺎﷲ ﻟﻠﻌﺠﺐ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺻﺮف اﻟﻌﺒﺎدة ﻟﻐﯿﺮ ﺍ ﺷﺮﻛًﺎ ﺣﺘﻰ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻌﺎﺑﺪ ﻓﯿﻤﻦ ﻋﺒﺪه أنﱠ ﻟﮫ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وأﻣﱠﺎ ﻣﻦ دﻋﺎ ﻏﯿﺮ ﺍ أو اﺳﺘﻐﺎث ﺑﻐﯿﺮ ﺍ أو اﺳﺘﻌﺎن ﺑﻐﯿﺮ ﺍ أو رﺟﺎ ﻏﯿﺮ ﺍ أو ﺧﺎف ﻏﯿﺮ ﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﺮ أو ﺷﺠﺮ أو ﺣﺠﺮ ﻓﺈنﱠ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺷﺮﻛﺎً ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻌﺎﺑﺪ ﻓﯿﮭﺎ أنﱠ ﻟﮭﺎ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ )) :ﻣﻦ ﻣﺎت وھﻮ ﯾﺪﻋﻮ ﻣﻦ دون ﺍ ﻧﺪّاً دﺧﻞ اﻟﻨﱠﺎر (( ﯾﻨﻘﺼﮫ ھﺬا اﻟﻘﯿﺪ )) وھﻮ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻋﻮ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ((!!. وھﻞ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ وأﺗﺒﺎﻋﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﻄﻨﻮا ﻟﮭﺬا اﻟﻘﯿﺪ وﻻ ﻋﺮﻓﻮه ﺣﺘﻰ ﺟﺎء ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ وأﻣﺜﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﺸﺮ ﻓﻨﺒﮭﻮا ﻋﻠﯿﮫ )) ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺘﻢ ﺑﺒﺪﻋﺔ ﻇﻠﻤﺎً ،أو ﻓﻘﺘﻢ أﺻﺤﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻤﺎً ((! ﻓﺴﺒﺤﺎن ﺍ ھﺪى ﻣﻦ ﺷﺎء إﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﺑﻔﻀﻠﮫ وﺧﺬل ﻣﻦ ﺷﺎء ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﻌﺪﻟﮫ ،ﻟﮫ اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ. وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﮭﺬه اﻟﺪﻋﻮى اﻟﺘﻲ ادﱠﻋﺎھﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻧﺘﺼﺮ ﻟﮭﺎ ھﻲ دﻋﻮى ﻛﺎذﺑﺔ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﻷﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻷﺳﺴﮫ وﻗﻮاﻋﺪه، وﻣﻀﺎدة ﻷدﻟﺔ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﱠﺔ؛ ﻓﺈنﱠ ﻧﺼﻮص اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﺧﻼص اﻟﺪﯾﻦ ﷲ وإﻓﺮاده وﺣﺪه ﺑﺠﻤﯿﻊ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة وھﻲ ﻛﺜﯿﺮة ﺟﺪاً ﻓﯿﮭﺎ أﺑﻠﻎ رد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ دﻋﻮاه اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ. وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣِﻦَ اﻟﻨﱠﺎسِ ﻣَﻦ ﯾﱠﺘﱠﺨِﺬُ ﻣِﻦ دُونِ ﺍِ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٨٥
أَﻧﺪَاداً ﯾﱡﺤِﺒﱡﻮﻧَﮭُﻢْ ﻛَﺤُﺐﱢ ﺍ ِوَاﻟﺬِﯾﻦَ ءَاﻣَﻨُﻮا أَﺷَﺪﱡ ﺣُﺒّﺎً ﷲِ{).(١ ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻵﯾﺔ )) ﯾﺬﻛﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺎل اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻣﺎ ﻟﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪار اﻵﺧﺮة ،ﺣﯿﺚ ﺟﻌﻠﻮا أﻧﺪاداً ،أي :أﻣﺜﺎﻻً وﻧﻈﺮاء ﯾﻌﺒﺪوﻧﮭﻢ ﻣﻌﮫ وﯾﺤﺒﻮﻧﮭﻢ ﻛﺤﺒﮫ ،وھﻮ ﺍ ﻻ إﻟﮫ إﻻ ھﻮ ،وﻻ ﺿﺪﱠ ﻟﮫ وﻻ ﻧﺪﱠ ﻟﮫ ،وﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻣﻌﮫ ،وﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل :ﻗﻠﺖ :ﯾﺎ رﺳﻮل ﺍ أيّ اﻟﺬﻧﺐ أﻋﻈﻢ؟ ﻗﺎل )) :أن ﺗﺠﻌﻞ ﷲ ﻧﺪّاً وھﻮ ﺧﻠﻘﻚ (( .وﻗﻮﻟﮫ} :وَاﻟﺬِﯾﻦَ ءَاﻣَﻨُﻮا أَﺷَﺪﱡ ﺣُﺒّﺎً ﷲِ{ وﻟﺤﺒﮭﻢ ﷲ وﺗﻤﺎم ﻣﻌﺮﻓﺘﮭﻢ ﺑﮫ ،وﺗﻮﻗﯿﺮھﻢ وﺗﻮﺣﯿﺪھﻢ ﻟﮫ ،ﻻ ﯾﺸﺮﻛﻮن ﺑﮫ ﺷﯿﺌﺎً ،ﺑﻞ ﯾﻌﺒﺪوﻧﮫ وﺣﺪه وﯾﺘﻮﻛﻠﻮن ﻋﻠﯿﮫ ،وﯾﻠﺠﺄون ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻣﻮرھﻢ إﻟﯿﮫ (().(٢ ﻓﺎﻟﻌﺒﺎدة ﺑﺄﻧﻮاﻋﮭﺎ ﺣﻖﱞ ﺧﺎﻟﺺٌ ﷲ ﻻ ﯾﺠﻮز ﺻﺮﻓﮭﺎ ﻟﻐﯿﺮه ﺳﻮاء اﻋﺘﻘﺪ اﻟﻌﺎﺑﺪُ ﻓﻲ ﻣﻌﺒﻮده أﻧﱠﮫ ربﱞ أو ﻟﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ ،وھﺬا أﻣﺮٌ ﻣﻌﻠﻮمٌ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻀﺮورة. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :ﻓﺈنﱠ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﺘﻔﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮه ﺑﺎﻻﺿﻄﺮار ﻣﻦ دﯾﻦ اﻹﺳﻼم أنﱠ اﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﯾﺠﻮز أن ﯾﻌﺒﺪ وﻻ ﯾﺪﻋﻮ وﻻ ﯾﺴﺘﻐﯿﺚ وﻻ ﯾﺘﻮﻛﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ ﺍ ،وأنﱠ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻣﻠﻜﺎً ﻣﻘﺮﺑﺎً أو ﻧﺒﯿﺎً ﻣﺮﺳﻼً أو دﻋﺎه أو اﺳﺘﻐﺎث ﺑﮫ ﻓﮭﻮ ﻣﺸﺮك ،ﻓﻼ ﯾﺠﻮز ﻋﻨﺪ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ أن ﯾﻘﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ ﯾﺎ ﺟﺒﺮاﺋﯿﻞ أو ﯾﺎ ﻣﯿﻜﺎﺋﯿﻞ أو ﯾﺎ إﺑﺮاھﯿﻢ أو ﯾﺎ ﻣﻮﺳﻰ أو ﯾﺎ رﺳﻮل ﺍ اﻏﻔﺮ ﻟﻲ أو ارﺣﻤﻨﻲ أو ارزﻗﻨﻲ أو ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .١٦٥ ) (٢ﺗﻔﺴﯿﺮ اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ).(٢٩١/١
٨٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻧﺼﺮﻧﻲ أو أﻏﺜﻨﻲ أو أﺟﺮﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺪوي أو ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،ﺑﻞ ھﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻹﻟﮭﯿﺔ وھﺬه ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﺮﯾﻔﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻗﺪ ﺑﯿﻨﮭﺎ اﻟﻌﻠﻤﺎء .(١)(( ... وأﻣﱠﺎ اﻟﻘﯿﺪ اﻟﺬي وﺿﻌﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻼ أﺻﻞ ﻟﮫ وﻻ أﺳﺎس ،ﻓﺈ ﱠ ن اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ زﻣﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﻌﺘﻘﺪون ﻓﻲ آﻟﮭﺘﮭﻢ أﻧﱠﮭﺎ ﺗﺨﻠﻖ أو ﺗﺮزق أو ﺗﺤﯿﻲ أو ﺗﻤﯿﺖ أو ﺗﺪﺑﺮ اﻷﻣﺮ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﺘﻘﺪون أنﱠ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﺍ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ إﯾﺮاد اﻟﻨﺼﻮص ﺑﺬﻟﻚ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻛﺎن ﺷﺮﻛﮭﻢ ﻓﻲ دﻋﻮﺗﮭﺎ وﻋﺒﺎدﺗﮭﺎ ﻣﻦ دون ﺍ ﺑﺤﺠﺔ أﻧﱠﮭﺎ ﺗﻘﺮﺑﮭﻢ إﻟﻰ ﺍ زﻟﻔﻰ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :وﻛﺎﻧﻮا ] أي :اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن [ ﻣﻌﺘﺮﻓﯿﻦ ﺑﺄ ﱠ ن آﻟﮭﺘﮭﻢ ﻟﻢ ﺗﺸﺎرك ﺍ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ،وﻻ ﺧﻠﻖ ﺷﻲء، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺨﺬوﻧﮭﻢ ﺷﻔﻌﺎء ووﺳﺎﺋﻂ .ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﯾَﻌْﺒُﺪُونَ ﻣِﻦ دُونِ ﺍ ِﻣَﺎ ﻻَ ﯾَﻀُﺮﱡھُﻢْ وَﻻَ ﯾَﻨﻔَﻌُﮭُﻢْ وَﯾَﻘُﻮﻟُﻮنَ ھَﺆُﻵءِ ﺷُﻔَﻌَﺎ ُؤﻧَﺎ ﻋِﻨﺪَ ﺍ ،(٣)(( ... (٢){ِوذﻛﺮ ﻧﺼﻮﺻﺎً أﺧﺮى.
ﯾﻘﻮل اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﯿﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣﺴﻦ آل اﻟﺸﯿﺦ ـ رﺣﻤﮭﻢ ﺍ ـ ﻓﻲ إﺑﻄﺎل ھﺬه اﻟﺸﺒﮭﺔ )) :واﻟﺸﺮك ﺟﻌﻞ ﺷﺮﯾﻚٍ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺴﺘﺤﻘﮫ ،وﯾﺨﺘﺺ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ واﻟﻈﺎھﺮة، ﻛﺎﻟﺤﺐ ،واﻟﺨﻀﻮع ،واﻟﺘﻌﻈﯿﻢ ،واﻟﺨﻮف ،واﻟﺮﺟﺎء ،واﻹﻧﺎﺑﺔ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٧٢/٣ ) (٢ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ ،اﻵﯾﺔ .١٨ ) (٣اﻟﻔﺘﺎوى ).(٧٩/٧
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٨٧
واﻟﺘﻮﻛﻞ ،واﻟﻨﺴﻚ ،واﻟﻄﺎﻋﺔ ،وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات .ﻓﻤﺘﻰ أﺷﺮك ﻣﻊ ﺍ ﻏﯿﺮه ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﮭﻮ ﻣﺸﺮك ﺑﺮﺑﮫ ﻗﺪ ﻋﺪل ﺑﮫ ﺳﻮاه وﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻧﺪّاً ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮫ ،وﻻ ﯾﺸﺘﺮط ﻓﻲ ذﻟﻚ أن ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻟﮫ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،أو اﺳﺘﻘﻼﻻً ﺑﺸﻲء ﻣﻨﮭﺎ. واﻟﻌﺠﺐ ﻛﻞ اﻟﻌﺠﺐ أنﱠ ﻣﺜﻞ ھﺆﻻء ﯾﻘﺮؤون ﻛﺘﺎب ﺍ، وﯾﺘﻌﺒﺪون ﺑﺘﻼوﺗﮫ ،ورﺑﻤﺎ ﻋﺮﻓﻮا ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وھﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻣﻦ أﺿﻞﱢ ﺧﻠﻖ ﺍ وأﺑﻌﺪھﻢ ﻋﻦ ﻓﮭﻢ وﺣﯿﮫ وﺗﻨﺰﯾﻠﮫ (().(١ وﺑﮭﺬا ﯾﻌﻠﻢ ﻓﺴﺎد ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وأﻧﱠﮫ ﻓﺘﺢٌ ﻟﺒﺎب اﻟﺸﺮك ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﯿﮫ ﻋﯿﺎذاً ﺑﺎ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﮫ وأﻟﯿﻢ ﻋﻘﺎﺑﮫ. وﻟﺴﺖ ھﻨﺎ ﺑﺼﺪد ﺟﻤﻊ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻮاردة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ، اﻟﻤﺒﻄﻠﺔ ﻟﻠﺸﺮك ﺑﺠﻤﯿﻊ أﻧﻮاﻋﮫ ،ﺳﻮاءً ﻓﻲ اﻟﺪﻋﺎء أو ﻓﻲ ﻏﯿﺮه، وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻨﮭﺎ ذﻛﺮٌ ﻟﮭﺬا اﻟﻘﯿﺪ اﻟﺬي أورده اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺄس ﻣﻦ إﯾﺮاد دﻟﯿﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ وﺻﻔﮫ ﺑﻌﺾ ﻣﺤﻘﻘﻲ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄنﱠ ﻓﯿﮫ ﻗﻄﻌﺎً ﻟﺸﺠﺮة اﻟﺸﺮك ﻣﻦ ﻋﺮوﻗﮭﺎ ،أﻻ وھﻮ ﻗﻮل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻗُﻞِ ادْﻋُﻮا اﻟﺬِﯾﻦَ زَﻋَﻤْﺘُﻢ ﻣﱢﻦ دُونِ ﺍ ِﻻَ ﯾَﻤْﻠِﻜُﻮنَ ﻣِﺜْﻘَﺎلَ ذَرﱠةٍ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَﻻَ ﻓِﻲ اﻷَرْضِ وَﻣَﺎ ﻟَﮭُﻢْ ﻓِﯿﮭِﻤَﺎ ﻣِﻦ ﺷِﺮْكٍ وَﻣَﺎ ﻟَﮫُ ﻣِﻨْﮭُﻢ ﻣﱢﻦ ﻇَﮭِﯿﺮٍ وَﻻَ ﺗَﻨﻔَﻊُ اﻟﺸﱠﻔَﺎﻋَﺔُ ﻋِﻨﺪَهُ إِﻻﱠ ﻟِﻤَﻦْ أَذِنَ ﻟَﮫُ ﺣَﺘﱠﻰ إِذَا ﻓُﺰﱢعَ ﻋَﻦ ﻗُﻠُﻮﺑِﮭِﻢْ ﻗَﺎﻟُﻮا ﻣَﺎذَا ﻗَﺎلَ رَﺑﱡﻜُﻢْ ﻗَﺎﻟُﻮا اﻟْﺤَﻖﱠ وَھُﻮَ اﻟْﻌَﻠِﻲﱡ اﻟْﻜَﺒِﯿﺮُ{)،(٢ ﻓﻔﻲ ھﺬا اﻟﻨﺺ اﻟﻜﺮﯾﻢ اﺟﺘﺜﺎث ﻟﺸﺠﺮة اﻟﺸﺮك ،وﻗﻄﻊ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﺤﻔﺔ اﻟﻄﺎﻟﺐ واﻟﺠﻠﯿﺲ ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﺷﺒﮫ داود ﺑﻦ ﺟﺮﯾﺲ )ص.(٥٩: ) (٢ﺳﻮرة ﺳﺒﺄ ،اﻵﯾﺘﺎن .٢٢،٢٣
٨٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
أﺻﻮﻟﮭﺎ ،وإﺑﻄﺎل ﻟﻜﻞ أﺳﺎس ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﮫ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮن ﻏﯿﺮ ﺍ ،إذ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮ ﻏﯿﺮ ﺍ أﯾﺎً ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻐﯿﺮ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻠَﻜﺎً ﻣﻘﺮﺑﺎً ،أو ﻧﺒﯿﺎً ﻣﺮﺳﻼً ،أو وﻟﯿّﺎً ،أو ﺷﺠﺮاً ،أو ﺣﺠﺮاً ،أو ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻄﺎﻟَﺐٌ أن ﯾﺜﺒﺖ ﻓﯿﻤﻦ ﯾﺪﻋﻮه أﺣﺪ أﻣﻮر أرﺑﻌﺔ ﻓﺈن أﺛﺒﺘﮭﺎ أو ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻨﮭﺎ ـ وھﯿﮭﺎت ـ ﺣُﻖﱠ ﻟﮫ دﻋﺎؤه ،وإﻻ ﻓﺪﻋﺎؤه ﺑﺎﻃﻞ وﺿﻼل ،وھﻲ ﺷﺮوط ﻣﮭﻤﺔ ﻻ ﺑﺪﱠ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻋﻮ ﺣﺘﻰ ﯾﻘﺪر ﻋﻠﻰ إﺟﺎﺑﺔ ﻣﻦ دﻋﺎه: اﻷول :اﻟﻤﻠﻚ ،ﻓﻨﻔﺎه ﺍ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻻَ ﯾَﻤْﻠِﻜُﻮنَ ﻣِﺜْﻘَﺎلَ ذَرﱠةٍ ﻓِﻲ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَﻻَ ﻓِﻲ اﻷَرْضِ{. اﻟﺜﺎﻧﻲ :إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺎﻟﻜﺎً ﻓﯿﻜﻮن ﺷﺮﯾﻜﺎً ﻟﻠﻤﺎﻟﻚ ،ﻓﻨﻔﺎه ﺑﻘﻮﻟﮫ: }وَﻣَﺎ ﻟَﮭُﻢْ ﻓِﯿﮭِﻤَﺎ ﻣِﻦ ﺷِﺮْكٍ{. اﻟﺜﺎﻟﺚ :إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺎﻟﻜﺎً وﻻ ﺷﺮﯾﻜﺎً ﻟﻠﻤﺎﻟﻚ ،ﻓﯿﻜﻮن ﻋﻮﻧﺎً ووزﯾﺮاً ﻟﮫ ،ﻓﻨﻔﺎه ﺑﻘﻮﻟﮫ} :وَﻣَﺎ ﻟَﮫُ ﻣِﻨْﮭُﻢ ﻣﱢﻦ ﻇَﮭِﯿﺮٍ{. اﻟﺮاﺑﻊ :إذا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺎﻟﻜﺎً وﻻ ﺷﺮﯾﻜﺎً ﻟﻠﻤﺎﻟﻚ وﻻ ﻋﻮﻧﺎً ،ﻓﯿﻜﻮن ﺷﻔﯿﻌﺎً ،ﻓﻨﻔﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻋﻨﺪه إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ ،ﻓﮭﻮ اﻟﺬي ﯾﺄذن ﻟﻠﺸﺎﻓﻊ اﺑﺘﺪاء ﻓﯿﺸﻔﻊ).(١ ﻓﺒِﻨَﻔْﻲِ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﺑﻄﻠﺖ دﻋﻮة ﻏﯿﺮ ﺍ ،وﻗﺪ ﻧﻔﯿﺖ ﻧﻔﯿﺎً ﻣﺮﺗﺒﺎً ﻣﻦ اﻷﻋﻠﻰ إﻟﻰ ﻣﺎ دوﻧﮫ ،وھﻲ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞّ اﻟﻤﺪﻋﻮﯾﻦ ﻣﻦ دون ﺍ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻇﺎھﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎق اﻟﻜﺮﯾﻢ ،واﻵﯾﺎت ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﺜﯿﺮة، وﻟﻜﻦ ﯾﺄﺑﻰ دﻋﺎة اﻟﺒﺎﻃﻞ وأﻧﺼﺎر اﻟﻀﻼل إﻻ اﻟﺼﺪود ﻋﻦ اﻟﺤﻖ اﻟﻤﺒﯿﻦ إﻟﻰ ﺷﺒﮭﺎت ﻣﺎ أﻧﺰل ﺍ ﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎن ،ﻻ ﯾﻨﺸﺄ ﻋﻨﮭﺎ إﻻ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :ﺗﯿﺴﯿﺮ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺤﻤﯿﺪ )ص.(٢٩٠ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٨٩
اﻟﮭﻀﻢ ﻟﺤﻖ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،واﻟﺘﻨﻘﺺ ﻟﻌﻈﻤﺔ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﺳﻮء اﻟﻈﻦّ ﺑﺨﺎﻟﻖ ھﺬه اﻷﻛﻮان. ٨ـ ص )) :٩ﺛﺎﻟﺜﺎً :أنﱠ أوﻟﺌﻚ اﻟﻜﻔﺎر اﺷﺘﮭﺮ ﻋﻨﮭﻢ أﻧﱠﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻌﺒﺪون اﻷﺻﻨﺎم وﯾﺤﺠﻮن ﻟﮭﺎ وﯾﺘﻘﺮﺑﻮن إﻟﯿﮭﺎ }وَاﺗﱠﺨَﺬُوا ﻣِﻦ دُونِ ﺍ ِءَاﻟِﮭَﺔً ﻟَﻌَﻠﱠﮭُﻢْ ﯾُﻨﺼَﺮُونَ{)} ،(١أَﻓَﺮَءَﯾْﺘُﻢُ اﻟﻼﱠتَ وَاﻟْﻌُﺰﱠى وَﻣَﻨَﺎةَ اﻟﺜﱠﺎﻟِﺜَﺔَ اﻷُﺧْﺮَى{) ،(٢ﺑﻞ واﺷﺘﮭﺮ ﻋﻨﮭﻢ أﻧﱠﮭﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮﻟﻮن :ﻣﺎ ھﻲ إﻻ أرﺣﺎم ﺗﺪﻓﻊ وأرض ﺗﺒﻠﻊ وﻣﺎ ﯾﮭﻠﻜﻨﺎ إﻻ اﻟﺪھﺮ ،ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺨﺒﺮاً ﻟﻨﺎ ﻋﻨﮭﻢ }وَﻗَﺎﻟُﻮا ﻣَﺎ ھِﻲَ إِﻻﱠ ﺣَﯿَﺎﺗُﻨَﺎ اﻟﺪﱡﻧْﯿَﺎ ﻧَﻤُﻮتُ وَﻧَﺤْﯿﺎ وَﻣَﺎ ﯾُﮭْﻠِﻜُﻨَﺎ إِﻻﱠ اﻟﺪﱠھْﺮُ وَﻣَﺎ ﻟَﮭُﻢ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﻣِﻦْ ﻋِﻠْﻢٍ إِنْ ھُﻢْ إِﻻﱠ ﯾَﻈُﻨﱡﻮنَ{) .(٣ﺑﻞ ﻗﺎل ﻟﻠﻨﺒﻲ أﺣﺪھﻢ }ﻣَﻦ ﯾﱡﺤْﯿِﻲ اﻟْﻌِﻈَﺎمَ وَھِﻲَ رَﻣِﯿﻢٌ{) ،(٤ﻓﺮدﱠ ﺍ ﻋﻠﯿﮫ} :ﻗُﻞْ ﯾُﺤْﯿِﯿﮭَﺎ اﻟﺬِي أَﻧﺸَﺄَھَﺎ أَوﱠلَ ﻣَﺮﱠةٍ وَھُﻮَ ﺑِﻜُﻞﱢ ﺧَﻠْﻖٍ ﻋَﻠِﯿﻢٌ{) ،(٥ﻓﮭﻞ ﯾﺠﻮز ﻟﻨﺎ ﺑﻌﺪ ھﺬا أن ﻧﺼﻒ ﻣﻦ ﻻ ﯾﻘﺮ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺧﺎﻟﻖ وﻣﺤﯿﻲ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻣﻮﺣﺪ ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ ،ﻭﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل ﻋﻨﮫ} :إِنﱠ ﺍ َﻻَ ﯾَﮭْﺪِي ﻣَﻦْ ھُﻮَ ﻛَﺎذِبٌ ﻛَﻔﱠﺎرٌ{).(( ... !(٦ :واﺷﺘﮭﺮ ﻋﻨﮭﻢ أﯾﻀﺎً أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن }ﻣَﺎ ﻧَﻌْﺒُﺪُھُﻢْ إِﻻﱠ ﻟِﯿُ َﻘﺮﱢﺑُﻮﻧَﺎ إِﻟَﻰ ﺍ ِزُﻟْﻔَﻰ{ ،وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﯿﺎن ﺗﻔﺴﯿﺮ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﺑﻨﻘﻞ ﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ )) :ﻓﻌﺒﺪوا ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮر ﺗﻨﺰﯾﻼً ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻨﺰﻟﺔ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة ﯾـﺲ ،اﻵﯾﺔ .٧٤ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﻨﺠﻢ ،اﻵﯾﺘﺎن .٢٠ ،١٩ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺠﺎﺛﯿﺔ ،اﻵﯾﺔ .٢٤ ) (٤ﺳﻮرة ﯾــﺲ ،اﻵﯾﺔ .٧٨ ) (٥ﺳﻮرة ﯾﺲ ،اﻵﯾﺔ .٧٩ ) (٦ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٣
٩٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻋﺒﺎدﺗﮭﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،ﻟﯿﺸﻔﻌﻮا ﻟﮭﻢ ﻋﻨﺪ ﺍ ﻓﻲ ﻧﺼﺮھﻢ ورزﻗﮭﻢ ،وﻣﺎ ﯾﻨﻮﺑﮭﻢ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺪﻧﯿﺎ ،ﻓﺄﻣﱠﺎ اﻟﻤﻌﺎد ﻓﻜﺎﻧﻮا ﺟﺎﺣﺪﯾﻦ ﻟﮫ ﻛﺎﻓﺮﯾﻦ ﺑﮫ ((. وﺳﺒﻖ ذﻛﺮ ﻧﺼﻮص ﻛﺜﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻓﯿﮭﺎ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﺄنﱠ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ ھﻮ ﺍ ،وﺳﺒﻖ ذﻛﺮ ﺗﻠﺒﯿﺘﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ، وﺷﻲء ﻣﻦ أﺷﻌﺎرھﻢ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ.
وأﻣﱠﺎ اﻟﺒﻌﺚ واﻟﻤﻌﺎد ﻓﻜﺎن أﻛﺜﺮھﻢ ﻣﻨﻜﺮﯾﻦ ﻟﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﮫ، وذِﻛْﺮُ ھﺬا واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻓﯿﮫ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻛﺜﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،ﻟﻜﻦْ ﻓﺮقٌ ﺑﯿﻦ إﻧﻜﺎرھﻢ اﻟﺒﻌﺚ واﻟﻤﻌﺎد وﺑﯿﻦ إﻧﻜﺎر وﺟﻮد ﺍ وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ،ﻓﺎﻷول ﯾﻨﻜﺮه اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ،وﻻ ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺻﺮﯾﺢ ﻧﺺ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﮫ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن وﻻ ﯾﻨﻜﺮوﻧﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺻﺮﯾﺢ ﻧﺺ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ،واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻛﺜﯿﺮة وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﺷﻲء ﻣﻨﮭﺎ ،وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ ﻛﻼم اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ رﺣﻤﮫ ﺍ ﺟﻤﻌﮫ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﺮﯾﻦ :إﺛﺒﺎت أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﻮﺟﻮد ﺍ وأﻧﱠﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ﻣﻊ إﺛﺒﺎت إﻧﻜﺎرھﻢ اﻟﺒﻌﺚ واﻟﻤﻌﺎد. وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﺎﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺎﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺜﺒﺘﺔ ﻹﻧﻜﺎر اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻠﺒﻌﺚ واﻟﻤﻌﺎد ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻨﻜﺮون وﺟﻮد اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ﺧﻠﻂٌ ﺑﯿﱢﻦٌ، وﻏﻠﻂٌ ﻇﺎھﺮٌ ،إذ ﻻ ﺗﻼزم ﺑﯿﻦ إﻧﻜﺎر اﻟﺒﻌﺚ وإﻧﻜﺎر اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ. ﺛﻢ ھﻨﺎ أﻣﺮ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﯾﺮه وإﯾﻀﺎﺣﮫ وھﻮ أنﱠ ﻗﻮل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺄﻧﱠﮭﻢ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻟﯿﺲ اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ أﻧﱠﮭﻢ اﻋﺘﺮﻓﻮا ﺑﮭﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎم واﻟﻜﻤﺎل ،ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻣﺮادھﻢ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻣﻦ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﺎﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﻟﻤﺪﺑﺮ ﻟﺸﺌﻮن اﻟﺨﻠﻖ،
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩١
ﻓﮭﺬا ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺧﺼﺎﺋﺼﮭﺎ وﻗﺪ آﻣﻦ واﻋﺘﺮف ﺑﮫ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ،ﺛﻢ ھﺬا أﯾﻀﺎً ﻟﯿﺲ ﺣﻜﻤﺎً ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻄﺮداً ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ إذ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ وﺟﺪ ﻋﻨﺪه ﺣﺘﻰ اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﺒﻌﺾ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ دون ﺑﻌﺾ ،وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﯾﺆﻣﻦ ـ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﯾﻤﺎﻧﮫ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ـ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎد وﺑﻌﺚ اﻷﺑﺪان واﻟﺤﺴﺎب ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل زھﯿﺮ: ﯾﺆﺧﺮ ﻓﯿﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﯿﺪﺧﺮ
ﻟﯿﻮم ﺣﺴﺎب أو ﯾﻌﺠﻞ ﻓﯿﻨﻘﻢ
وﺑﻌﻀﮭﻢ ﯾﺆﻣﻦ ـ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﯾﻤﺎﻧﮫ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮازق ـ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﻨﺘﺮة: ﯾﺎ ﻋﺒﻞ أﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﯿﺔ ﻣﮭﺮب ﻗﻀﺎھﺎ
إن ﻛﺎن رﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء
وﻟﮭﺬا ﯾﻘﻮل اﻟﻤﻘﺮﯾﺰي ... )) :ﻓﺄﺑﺎن ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺑﺬﻟﻚ أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ إﻧﱠﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﻮﻗﻔﻮن ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ ﻻ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،ﻋﻠﻰ أنﱠ ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ أﺷﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إن ﺷﺎء ﺍ.(١)(( وﯾﻘﻮل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )) :واﻟﻤﻘﺼﻮد أنﱠ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺸﺮك واﻟﻀﻼل ﻗﺪ ﯾﻀﯿﻒ وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻤﻜﻨﺎت أو ﺣﺪوث ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻮادث إﻟﻰ ﻏﯿﺮ ﺍ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﻗﺎل ھﺬا ﻟﺰﻣﮫ ﺣﺪوث اﻟﺤﺎدث ﺑﻼ ﺳﺒﺐ ،وھﻢ ﻣﻊ ﺷﺮﻛﮭﻢ وﻣﺎ ﯾﻠﺰﻣﮭﻢ ﻣﻦ ﻧﻮع ﺗﻌﻄﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻻ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﻣﻊ ﺍ ﺷﺮﯾﻜﺎً ﻣﺴﺎوﯾﺎً ﻟﮫ ﻓﻲ أﻓﻌﺎﻟﮫ وﻻ ﻓﻲ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﺠﺮﯾﺪ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﻤﻔﯿﺪ )ص.(٩
٩٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺻﻔﺎﺗﮫ (().(١ ﺛﻢ أﯾﻀﺎً ﻓﺈنﱠ إﯾﻤﺎن اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻼً ﺗﺎﻣًّﺎ ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻨﻔﻌﮭﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻔﺮدوا ﺍ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة وﯾﺨﻠﺼﻮا اﻟﺪﯾﻦ ﻟﮫ وﯾﺬروا ﻣﺎ ھﻢ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،وﻟﮭﺬا ﻓﮭﻢ ﻻ ﯾﺨﺮﺟﻮن ﺑﮭﺬا اﻹﯾﻤﺎن ]أﻋﻨﻲ :اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ [ﻋﻦ وﺻﻒ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﺸﺮك ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﻮﺣﺪوا ﺍ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :وﻣﻌﻠﻮم أن اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب اﻟﺬﯾﻦ ﺑﻌﺚ إﻟﯿﮭﻢ ﻣﺤﻤﺪ أوﻻً ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﺨﺎﻟﻔﻮﻧﮫ ﻓﻲ ھﺬا ] أي :ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ [ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﺎﻟﻘﺪر أﯾﻀﺎً ،وھﻢ ﻣﻊ ھﺬا ﻣﺸﺮﻛﻮن (().(٢ وﻗﺎل أﯾﻀﺎً )) :وﻣﻌﻠﻮم أن ھﺬا) (٣ھﻮ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺎ أﻗﺮﱠ ﺑﮫ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وﻻ ﯾﺼﯿﺮ اﻟﺮﺟﻞ ﺑﻤﺠﺮد ھﺬا اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ]أي :ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ[ ﻣﺴﻠﻤﺎً ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أن ﯾﻜﻮن وﻟﯿّﺎً ﷲ ،أو ﻣﻦ ﺳﺎدات اﻷوﻟﯿﺎء (().(٤ ص )) :١٠وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون أن ﺍ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻤﺎ ﻗﺎل ﺍ ﻟﮭﻢ }وَﻣَﺎ ﻛَﺎنَ ﻣَﻌَﮫُ ﻣِﻦْ إِﻟَـﮫٍ إِذاً ﻟَﺬَھَﺐَ ﻛُﻞﱡ إِﻟَـﮫٍ ﺑِﻤَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١درء ﺗﻌﺎرض اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ ).(٣٤٧/٩ ) (٢اﻟﻔﺘﺎوى ).(٩٨/٣ ) (٣اﻹﺷﺎرة ھﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﻟﺬي ھﻮ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ. ) (٤اﻟﻔﺘﺎوى ).(١٠٢/٣
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩٣
وَﻟَﻌَﻼَ ﺑَﻌْﻀُﮭُﻢْ ﻋَﻠَﻲ ﺑَﻌْﺾٍ{) ،(١وﻋﺒﱠﺮ ﺑﺎﻹﻟﮫ أﯾﻀﺎً وﻟﻢ ﯾﻌﺒﱢﺮ ﺑﺎﻟﺮب إﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﱠﮭﻢ ﻻ ﯾﻮﺣﺪون ﻻ اﻟﺮب وﻻ اﻹﻟﮫ ،وﻷنﱠ اﻟﺮب ھﻮ اﻹﻟﮫ ،واﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﺮب ((. وﻛﺮر ھﺬا ص ٣١ﻓﻘﺎل )) :ﻓﺎﺗﻀﺢ أنﱠ اﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﺮب ،واﻟﺮب ھﻮ اﻹﻟﮫ ،وﻻ ﻓﺮق ((. وﻗﺪ ﻋﻤﺪ إﻟﻰ ھﺬا ﻟﯿﺜﺒﺖ أﻧﱠﮫ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ. وﻗﺒﻞ اﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ھﺬا ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﻗﺎﻋﺪة ﻹزاﻟﺔ ﻟﺒﺲ ﻗﺪ ﯾﻘﻊ وھﻲ :أنﱠ أﺳﻤﺎء ﺍ أﻋﻼمٌ وأوﺻﺎفٌ) ،(٢ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر دﻻﻟﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺬات أﻋﻼمٌ ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر دﻻﻟﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ أوﺻﺎفٌ ،وھﻲ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر اﻷول ﻣﺘﺮادﻓﺔٌ؛ ﻟﺪﻻﻟﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤّﻰ واﺣﺪ وھﻮ ﺍ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺘﺒﺎﯾﻨﺔٌ؛ ﻟﺪﻻﻟﺔ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﺎه اﻟﺨﺎص ،ﻓﺎﻟﺮب اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻌﻠﯿﻢ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ اﻷﺣﺪ اﻟﺼﻤﺪ ﻛﻠﮭﺎ أﺳﻤﺎءٌ ﻟﻤﺴﻤّﻰ واﺣﺪٍ وھﻮ ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻟﻜﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮب ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻤﯿﻊ ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻤﯿﻊ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﺼﯿﺮ ،وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺒﺼﯿﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻷﺣﺪ ،وھﺬا أﻣﺮٌ ﻇﺎھﺮٌ ﻻ ﺧﻔﺎء ﻓﯿﮫ ،وھﻮ ﺧﻼف ﻗﻮل اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺄنﱠ أﺳﻤﺎء ﺍ أﻋﻼمٌ ﻣﺤﻀﺔٌ ﻻ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎنٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ،اﻵﯾﺔ .٩١ ) (٢اﻧﻈﺮ :ﺑﺪاﺋﻊ اﻟﻔﻮاﺋﺪ ﻻﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ) ،(١٦٢/١واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻤﺜﻠﻰ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻌﺜﯿﻤﯿﻦ ﺣﻔﻈﮫ ﺍ )ص.(٩ ،٨:
٩٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
واﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :اﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﺮب ،واﻟﺮب ھﻮ اﻹﻟﮫ (( ﻟﻢ ﯾﻘﺼﺪ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﺮادف ﻣﻦ ﺣﯿﺚ دﻻﻟﺔُ اﻻﺳﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤّﻰ واﺣﺪٍ وھﻮ ﺍ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻗﺼﺪ ﺑﻘﻮﻟﮫ )) :اﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﺮب (( أي :ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺮبّ، )) واﻟﺮب ھﻮ اﻹﻟﮫ (( أي :ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻹﻟﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻇﺎھﺮ ﻣﻦ ﺳﯿﺎﻗﮫ. وﻻ رﯾﺐ أنﱠ ھﺬا ﺟﮭﻞٌ ﻣﺮﻛﺐٌ إذ ﻟﻢ ﯾﻤﯿﺰ ﺑﯿﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﻟﮫ وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮب ،وﻟﻢ ﯾﻌﻦﱢ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻐﺔ وﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﯿﻈﮭﺮ ﻟﮫ اﻟﻔﺮق ،وإﻧﱠﻤﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻣﻦ ﺑﻨﺎت رأﺳﮫ وﻧﺴﺞ ﺧﯿﺎﻟﮫ، وإﻻ ﻓﻜُﺘﺐ اﻟﻠﻐﺔ ﻣﻄﺒﻘﺔٌ ﻋﻠﻰ أنﱠ اﻟﺮب ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺎﻟﻚ اﻟﺬي ﻟﮫ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺨﻠﻖ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ ،وأﻣﱠﺎ اﻹﻟﮫ ﻓﮭﻮ اﻟﻤﻌﺒﻮد، ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻟﮫ وھﻮ اﻟﺘﻌﺒﺪ. ﻓﺎﻟﺮب ھﻮ اﻟﺬي ﯾﺮﺑﻲ ﻋﺒﺪه ﻓﯿﻌﻄﯿﮫ ﺧﻠﻘﮫ ﺛﻢ ﯾﮭﺪﯾﮫ إﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ أﺣﻮاﻟﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة وﻏﯿﺮھﺎ. واﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﺬي ﯾﺆﻟﮫ ﻓﯿﻌﺒﺪ ﻣﺤﺒﺔً وإﻧﺎﺑﺔً وإﺟﻼﻻً وإﻛﺮاﻣﺎً، واﻟﺮب إذا ذﻛﺮ وﺣﺪه دﺧﻞ ﻓﯿﮫ اﻹﻟﮫ ،واﻹﻟﮫ إذا أﻓﺮد دﺧﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﺮب ،وإذا اﺟﺘﻤﻌﺎ اﻓﺘﺮﻗﺎ ﻓﺼﺎر ﻟﻜﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﺧﺎصٌ ،وإذا اﻓﺘﺮﻗﺎ اﺟﺘﻤﻌﺎ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم )) :اﻟﻤﻘﺼﻮد ھﻨﺎ ﺑﯿﺎن ﺣﺎل اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻤﺤﺾ ﷲ اﻟﺬي ﯾﻌﺒﺪه وﯾﺴﺘﻌﯿﻨﮫ ﻓﯿﻌﻤﻞ ﻟﮫ وﯾﺴﺘﻌﯿﻨﮫ وﯾﺤﻘﻖ ﻗﻮﻟﮫ} :إِﯾﱠﺎكَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ وَإِﯾﱠﺎكَ ﻧَﺴْﺘَﻌِﯿﻦُ{ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻹﻟﮭﯿﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،واﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺗﺴﺘﻠﺰم اﻹﻟﮭﯿﺔ ،ﻓﺈنﱠ أﺣﺪھﻤﺎ إذا ﺗﻀﻤﻦ اﻵﺧﺮ ﻋﻨﺪ اﻻﻧﻔﺮاد ﻟﻢ ﯾﻤﻨﻊ أن ﯾﺨﺘﺺ ﺑﻤﻌﻨﺎه ﻋﻨﺪ اﻻﻗﺘﺮان ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ }ﻗُﻞْ أَﻋُﻮذُ ﺑِﺮَبﱢ اﻟﻨﱠﺎسِ ﻣَﻠِﻚِ اﻟﻨﱠﺎسِ إِﻟَـﮫِ اﻟﻨﱠﺎسِ{ ،وﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩٥
ﻗﻮﻟﮫ} :اﻟْﺤَﻤْﺪُ ﷲِ رَبﱢ اﻟْﻌَﺎﻟِﻤِﯿﻦَ{ ،ﻓﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻻﺳﻤﯿﻦ اﺳﻢ اﻹﻟﮫ واﺳﻢ اﻟﺮب ﻓﺈنﱠ اﻹﻟﮫ ھﻮ اﻟﻤﻌﺒﻮد اﻟﺬي ﯾﺴﺘﺤﻖ أن ﯾﻌﺒﺪ ،واﻟﺮب ھﻮ اﻟﺬي ﯾﺮﺑﻲ ﻋﺒﺪه ﻓﯿﺪﺑﺮه. وﻟﮭﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺒﺎدة ﻣﺘﻌﻠﻘﺔً ﺑﺎﺳﻤﮫ ﺍ ،واﻟﺴﺆال ﻣﺘﻌﻠﻘﺎً ﺑﺎﺳﻤﮫ اﻟﺮب ،ﻓﺈنﱠ اﻟﻌﺒﺎدة ھﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﮭﺎ ﺧﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ ،واﻹﻟﮭﯿﺔ ھﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ ،واﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ وإﻧﺸﺎءھﻢ ﻓﮭﻮ ﻣﺘﻀﻤﻦ ﺴﺘَﻌِﯿﻦُ{ﻓﺒﺪأ اﺑﺘﺪاء ﺣﺎﻟﮭﻢ ،واﻟﻤﺼﻠﻲ إذا ﻗﺎل} :إِﯾﱠﺎكَ ﻧَﻌْﺒُﺪُ وَإِﯾﱠﺎكَ ﻧَ ْ ﺑﺎﻟﻤﻘﺼﻮد اﻟﺬي ھﻮ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺳﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺒﺎدة ﻏﺎﯾﺔ ﻣﻘﺼﻮدة ،واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ وﺳﯿﻠﺔ إﻟﯿﮭﺎ ،ﺗﻠﻚ ﺣﻜﻤﺔ وھﺬا ﺳﺒﺐ (().(١ وﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ﻓﺎﻋﻠﻢ أ ﱠ ن اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﻟﻮھﯿﺔ ﯾﺠﺘﻤﻌﺎن وﯾﻔﺘﺮﻗﺎن؛ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :أَﻋُﻮذُ ﺑِﺮَبﱢ اﻟﻨﱠﺎسِ ﻣَﻠِﻚِ اﻟﻨﱠﺎسِ إِﻟَـﮫِ اﻟﻨﱠﺎسِ{ ،وﻛﻤﺎ ﯾﻘﺎل رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،وإﻟﮫ اﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ ،وﻋﻨﺪ اﻹﻓﺮاد ﯾﺠﺘﻤﻌﺎن ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ :ﻣﻦ رﺑﻚ. ﻣﺜﺎﻟﮫ اﻟﻔﻘﯿﺮ واﻟﻤﺴﻜﯿﻦ ﻧﻮﻋﺎن ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :إِﻧﱠﻤَﺎ اﻟﺼﱠﺪَﻗَﺎتُ ﻟِﻠْﻔُﻘَﺮَآءِ وَاﻟْﻤَﺴَﺎﻛِﯿﻦِ{) ،(٢وﻧﻮع واﺣﺪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ )) :اﻓﺘﺮض ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺻﺪﻗﺔ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻦ أﻏﻨﯿﺎﺋﮭﻢ وﺗﺮد إﻟﻰ ﻓﻘﺮاﺋﮭﻢ (( ،إذا ﺛﺒﺖ ھﺬا ﻓﻘﻮل اﻟﻤﻠﻜﯿﻦ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﺮ :ﻣﻦ رﺑﻚ؟ ﻣﻌﻨﺎه ﻣﻦ إﻟﮭﻚ؛ ﻷنﱠ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺮﱠ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٨٣،٢٨٤/١٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺘﻮﺑﺔ ،اﻵﯾﺔ .٦٠
٩٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻣﺎ ﯾﻤﺘﺤﻦ أﺣﺪ ﺑﮭﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ} :اﻟﺬِﯾﻦَ أُﺧْﺮِﺟُﻮا ﻏﯿْﺮَ ﻣِﻦ دِﯾَﺎرِھِﻢ ﺑِﻐَﯿْﺮِ ﺣَﻖﱟ إِﻻﱠ أَن ﯾﱠﻘُﻮﻟُﻮا رَﺑﱡﻨَﺎ ﺍ ،(١){ُوﻗﻮﻟﮫ} :ﻗُﻞْ أَ َ )(٣ ﺍ ِأَﺑْﻐِﻲ رَﺑّﺎً{) ،(٢وﻗﻮﻟﮫ} :إِنﱠ اﻟﺬِﯾﻦَ ﻗَﺎﻟُﻮا رَﺑﱡﻨَﺎ ﺍ ُﺛُﻢﱠ اﺳْﺘَﻘَﺎﻣُﻮا{ ﻓﺎﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬا ھﻲ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،ﻟﯿﺴﺖ ﻗﺴﯿﻤﺔً ﻟﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺴﯿﻤﺔً ﻟﮭﺎ ﻋﻨﺪ اﻻﻗﺘﺮان ،ﻓﯿﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻔﻄﻦ ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ (().(٤ ص )) : ٣١وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﻘﺪ أوﻣﺄ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﻀﺔ إﻟﻰ ﺗﻼزم ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وإنﱠ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻗﺮره رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ،واﻛﺘﻔﻰ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻣﻦ ﻋﺒﺎده ﺑﺄﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻟﻮﺟﻮد ھﺬا اﻟﺘﻼزم ،وﻛﺬﻟﻚ اﻛﺘﻔﻰ ﺑﮫ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﻮن ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺆال ،وﻓﮭﻢ اﻟﻨﺎس ھﺬا اﻟﺘﻼزم ﺣﺘﻰ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮون ﺑﺪاھﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻘﻞ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ وﻻ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﺮق وأنﱠ ھﻨﺎك ﺗﻮﺣﯿﺪ أﻟﻮھﯿﺔ ﯾﻐﺎﯾﺮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﻨﻘﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﻋﻦ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻧﻘﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب أواﻟﺴﻨﺔ ،ﺣﺘﻰ اﺑﺘﺪع وﺗﻜﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻌﺾ أھﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮي ،وﻻ ﻋﺒﺮة ﺑﺬﻟﻚ ﻗﻄﻌﺎً ﻓﻤﺎ ھﺬا اﻟﮭﺬﯾﺎن ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺤﺞ ،اﻵﯾﺔ .٤٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ،اﻵﯾﺔ .١٦٤ ) (٣ﺳﻮرة ﻓﺼﻠﺖ ،اﻵﯾﺔ ،٣٠واﻷﺣﻘﺎف ،اﻵﯾﺔ .١٣ ) (٤اﻟﺪرر اﻟﺴﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻷﺟﻮﺑﺔ اﻟﻨﺠﺪﯾﺔ ).(٧٣ ،٧٢/١ واﻧﻈﺮ ﻛﺘﺎب ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب اﻟﺴﻠﻔﯿﺔ وأﺛﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺒﻮد ،اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ اﻟﺒﺎب اﻷول )) ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺸﯿﺦ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ (( )ص ٢٩٥ :وﻣﺎ ﺑﻌﺪھﺎ(.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩٧
اﻟﺬي ﯾﻔﺘﺮﯾﮫ أوﻟﺌﻚ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮاﺻﻮن!! .(( ... :ﻗﻮﻟﮫ ﺑﺎﻟﺘﻼزم ﺑﯿﻦ اﻻﺳﻤﯿﻦ ﻣﻌﻨﺎه اﻋﺘﺮاﻓﮫ أﻧﱠﮭﻤﺎ ﻟﯿﺴﺎ ﺷﯿﺌًﺎ واﺣﺪاً ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ؛ ﻷﻧﱠﮫ ﯾﻘﺮر ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﯾﻘﺮر أﻧﱠﮭﻤﺎ ﻣﺘﻼزﻣﺎن ،واﻟﺘﻼزم ﻻ ﯾﻘﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻲء وﻧﻔﺴﮫ ،وإﻧﱠﻤﺎ ﯾﻘﺎل ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻲء وﻏﯿﺮه ،وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ أن رددت ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ ﻏﻠﻄﮫ وﺟﮭﻠﮫ ھﺬا ﺑﻤﺎ ﯾﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ وأﻗﻮال أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻟﻜﻦ أﺳﺄل اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﻨﺎ ﻣﻦ ھﻢ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮاﺻﻮن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﮭﺬون ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ؟ أھﻢ اﻹﻣﺎمُ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ ،واﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ ،واﻟﻄﺤﺎوي ،واﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ،واﺑﻦ ﺑﻄﺔ ،واﺑﻦ ﻣﻨﺪة ،وأﺑﻮ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ اﻟﺘﯿﻤﻲ، واﺑﻦ ﺣﺒﺎن ،واﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺪ اﻟﻘﯿﺮواﻧﻲ ،واﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ، واﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ،واﻟﺬھﺒﻲ ،واﻟﺼﻨﻌﺎﻧﻲ ،واﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ،واﻟﻤﻘﺮﯾﺰي ،واﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب ،وﺟﻤﯿﻊ ﺗﻼﻣﯿﺬھﻢ ،وﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري؟! ﻓﺠﻤﯿﻊ ھﺆﻻء وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺎﺋﻠﻮن ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ،وھﻮ ﺻﺮﯾﺢ ﻛﺘﺎب ﺍ ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﻨﺎ ،وھﻮ ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻗﺎﻃﺒﺔ، ﻓﻤﻦ أھﻞ اﻟﮭﺬﯾﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﮭﺮﻓﻮن ﺑﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮن اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮاﺻﻮن؟! ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ رﺑﻲ ھﺬا ﺑﮭﺘﺎن ﻋﻈﯿﻢ. ٩ـ ص )) :١٠راﺑﻌﺎً :اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ اﻟﺬي اﺧﺘﺮع ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ أﻟﻮھﯿﺔ ورﺑﻮﺑﯿﺔ ﯾﻘﻮل :إنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ دون ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ وأنﱠ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ
٩٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﺨﺎﻟﻔﻮﻧﮫ ﻓﻲ آراﺋﮫ ﻛﺬﻟﻚ وﺣﺪوا رﺑﻮﺑﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﻮﺣﺪوا أﻟﻮھﯿﺔ ،ﻓﮭﻮ ﯾﻜﻔﺮھﻢ ﺑﺬﻟﻚ ،وھﺬا ﻣﺮاده ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ((. ص )) :٦واﻟﮭﺪف ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﮫ ھﻮ ﺗﺸﺒﯿﮫ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺴﯿﺮون ﻋﻠﻰ ﻣﻨﮭﺞ اﻟﻤﺘﻤﺴﻠﻔﯿﻦ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر ،ﺑﻞ ﺗﻜﻔﯿﺮھﻢ ﺑﺪﻋﻮى أﻧﱠﮭﻢ وﺣﺪوا ﺗﻮﺣﯿﺪ رﺑﻮﺑﯿﺔ ﻛﺴﺎﺋﺮ اﻟﻜﻔﺎر ،وﻟﻢ ﯾﻮﺣّﺪوا ﺗﻮﺣﯿﺪ أﻟﻮھﯿﺔ ،وھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﻌﺒﺎدة ﺑﺰﻋﻤﮭﻢ، وﺑﺬﻟﻚ ﻛﻔﱠﺮوا اﻟﻤﺘﻮﺳﻠﯿﻦ ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم أو ﺑﺎﻷوﻟﯿﺎء وﻛﻔﱠﺮوا أﯾﻀﺎً ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻤﻦ ﯾﺨﺎﻟﻔﮭﻢ ﻓﻲ أﻣﻮر ﻛﺜﯿﺮة ﯾﺮون اﻟﺼﻮاب أو اﻟﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻓﮭﺎ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺳﺒﺒﮫ ذﻟﻚ اﻟﺤﺮاﻧﻲ ((. :ﻗﺪ ذﻛﺮت ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ دﻋﻮاه أنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﺮاع ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،وﻧﻘﻠﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﻮل ﻋﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ أنﱠ ھﺬا اﻟﻘﻮل ھﻮ ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻗﺒﻞ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﺑﻌﺪه وﻓﻲ زﻣﺎﻧﮫ ،وذﻛﺮت ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ وﷲ اﻟﺤﻤﺪ. وأﻣﱠﺎ رﻣﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﯾﻜﻔﱢﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﮭﺬا ﻧﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﺣﻘﺪه ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،وﻟﮭﺬا ﺗﺠﺪه ﯾﺘﺒﺎﻛﻰ ﻟﺘﺴﻤﯿﺘﮫ ﺑﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ،وﯾﻈﮭﺮ اﻟﻀﺠﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﺑﻞ وﯾﺪﻋﻮ اﻟﻨﺎﺋﻢ ﻟﯿﺴﺘﯿﻘﻆ وأوﻟﻲ اﻟﺒﺼﺮ أن ﯾﺘﺪﺑﺮ ﻓﻲ ھﺬه )) اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ((!!. ص )) :٢٠ﺣﯿﺜﻤﺎ ذﻛﺮ ] أي :اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺪوﯾﺶ[ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﺻﻔﮫ ﺑﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم دون ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﻓﻠﯿﺘﺪﺑﺮ أوﻟﻮ اﻷﺑﺼﺎر
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
٩٩
وﻟﯿﺴﺘﯿﻘﻆ اﻟﻨﺎﺋﻤﻮن ((!! ﻣﻊ أنﱠ ھﺬا ﻛﺬب ﻋﻠﻰ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺪوﯾﺶ رﺣﻤﮫ ﺍ ،ﻓﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﻮرد اﻟﺰﻻل اﻟﺬي ﯾﻌﻨﯿﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺪ ذﻛﺮ ﻏﯿﺮ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﻮﺻﻒ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم وﺑﻮﺻﻒ اﻹﻣﺎم ،وﺑﻮﺻﻒ إﻣﺎم اﻷﺋﻤﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻋﺪﯾﺪة ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺮأ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻛﺎﻣﻼً. وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﺎﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻛﺎن ﻣﻦ أورع اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ وأﻛﺜﺮھﻢ ﻧﮭﯿﺎً ﻋﻨﮫ ،وﻟﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﺿﻮاﺑﻂ وﻗﻮاﻋﺪ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻜﻔﱢﺮ أﺣﺪاً ﺑﮭﻮاه ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺷﺄن اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﻀﻼل ،ﺑﻞ ﯾﻜﻔﱢﺮ ﻣﻦ ﻛﻔﱠﺮه اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ. ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ھﺬا ﻣﻊ أﻧﱢﻲ داﺋﻤﺎً وﻣﻦ ﺟﺎﻟﺴﻨﻲ ﯾﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻣﻨﻲ أﻧﱢﻲ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس ﻧﮭﯿﺎً ﻋﻦ أن ﯾﻨﺴﺐ ﻣﻌﯿﱠﻦ إﻟﻰ ﺗﻜﻔﯿﺮ وﺗﻔﺴﯿﻖ وﻣﻌﺼﯿﺔ ،إﻻ إذا ﻋﻠﻢ أﻧﱠﮫ ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺠﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﮭﺎ ﻛﺎن ﻛﺎﻓﺮاً ﺗﺎرة وﻓﺎﺳﻘﺎً أﺧﺮى وﻋﺎﺻﯿﺎً أﺧﺮى ،وإﻧﱢﻲ أﻗﺮر أنﱠ ﺍ ﻗﺪ ﻏﻔﺮ ﻟﮭﺬه اﻷﻣﺔ ﺧﻄﺄھﺎ وذﻟﻚ ﯾﻌﻢ اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺨﺒﺮﯾﺔ اﻟﻘﻮﻟﯿﺔ واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ. وﻣﺎ زال اﻟﺴﻠﻒ ﯾﺘﻨﺎزﻋﻮن ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ وﻟﻢ ﯾﺸﮭﺪ أﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻻ ﺑﻜﻔﺮ وﻻ ﺑﻔﺴﻖ وﻻ ﻣﻌﺼﯿﺔ.. وﻛﻨﺖ أﺑﯿﻦ ﻟﮭﻢ أﻧﱠﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﻟﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ واﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ إﻃﻼق اﻟﻘﻮل ﺑﺘﻜﻔﯿﺮ ﻣﻦ ﯾﻘﻮل ﻛﺬا وﻛﺬا ﻓﮭﻮ أﯾﻀﺎً ﺣﻖﱞ ،ﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻦ اﻹﻃﻼق واﻟﺘﻌﯿﯿﻦ ،وھﺬه أول ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻨﺎزﻋﺖ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻷﺻﻮل اﻟﻜﺒﺎر وھﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻮﻋﯿﺪ ﻓﺈنﱠ ﻧﺼﻮص اﻟﻘﺮآن ﻓﻲ
١٠٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ )(١
اﻟﻮﻋﯿﺪ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻛﻘﻮﻟﮫ} :إِنﱠ اﻟﺬِﯾﻦَ ﯾَﺄْﻛُﻠُﻮنَ أَﻣْﻮَالَ اﻟْﯿَﺘَﺎﻣَﻰ ﻇُﻠْﻤﺎً{ اﻵﯾﺔ وﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ورد :ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻛﺬا ﻓﻠﮫ ﻛﺬا ﻓﺈنﱠ ھﺬه ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻋﺎﻣﺔ. وھﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻛﺬا ﻓﮭﻮ ﻛﺬا .ﺛﻢ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻌﯿﻦ ﯾﻠﺘﻐﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻮﻋﯿﺪ ﻓﯿﮫ ﺑﺘﻮﺑﺔ ،أو ﺣﺴﻨﺎت ﻣﺎﺣﯿﺔ، أو ﻣﺼﺎﺋﺐ ﻣﻜﻔﺮة ،أو ﺷﻔﺎﻋﺔ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ.
واﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ھﻮ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﯿﺪ .ﻓﺈﻧﱠﮫ وإن ﻛﺎن اﻟﻘﻮل ﺗﻜﺬﯾﺒﺎً ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﮭﺪ ﺑﺈﺳﻼم أو ﻧﺸﺄ ﺑﺒﺎدﯾﺔ ﺑﻌﯿﺪة ،وﻣﺜﻞ ھﺬا ﻻ ﯾﻜﻔﺮ ﺑﺠﺤﺪ ﻣﺎ ﯾﺠﺤﺪه ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺤﺠﺔ، وﻗﺪ ﯾﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﯾﺴﻤﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﻮص أو ﺳﻤﻌﮭﺎ وﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻨﺪه أو ﻋﺎرﺿﮭﺎ ﻋﻨﺪه ﻣﻌﺎرض آﺧﺮ أوﺟﺐ ﺗﺄوﯾﻠﮭﺎ وإن ﻛﺎن ﻣﺨﻄﺌﺎً. وﻛﻨﺖ داﺋﻤﺎً أذﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ﻗﺎل: )) إذا أﻧﺎ ﻣﺖ ﻓﺄﺣﺮﻗﻮﻧﻲ ﺛﻢ اﺳﺤﻘﻮﻧﻲ ﺛﻢ ذروﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﯿﻢ ،ﻓﻮ ﺍ ﻹن ﻗﺪر ﺍ ﻋﻠﻲﱠ ﻟﯿﻌﺬﺑﻨﻲ ﻋﺬاﺑﺎً ﻣﺎ ﻋﺬﺑﮫ أﺣﺪاً ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ.
ﻓﻔﻌﻠﻮا ﺑﮫ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل ﺍ ﻟﮫ :ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ؟ ﻗﺎل: ﺧﺸﯿﺘﻚ ،ﻓﻐﻔﺮ ﻟﮫ ((.
ﻓﮭﺬا رﺟﻞ ﺷﻚﱠ ﻓﻲ ﻗﺪرة ﺍ ،وﻓﻲ إﻋﺎدﺗﮫ إذا ذُري ،ﺑﻞ اﻋﺘﻘﺪ أﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻌﺎد ،وھﺬا ﻛﻔﺮ ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﺟﺎھﻼً ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ذﻟﻚ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ،اﻵﯾﺔ .١٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠١
وﻛﺎن ﻣﺆﻣﻨﺎً ﯾﺨﺎف ﺍ أن ﯾﻌﺎﻗﺒﮫ ﻓﻐﻔﺮ ﻟﮫ ﺑﺬﻟﻚ ،واﻟﻤﺘﺄول ﻣﻦ أھﻞ اﻻﺟﺘﮭﺎد اﻟﺤﺮﯾﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﺮﺳﻮل أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮة ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ھﺬا (().(١ ﻓﺎﻧﻈﺮ إﻟﻰ ﺷﺪة ﺗﺤﺮﯾﮫ ودﻗﺔ ﻛﻼﻣﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،وﺷﺪة ورﻋﮫ وﻋﺪﻟﮫ ﻓﯿﮭﺎ ،واﻟﻨﻘﻮل ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم ﻛﺜﯿﺮة ﺟﺪاً ﯾﻌﻠﻤﮭﺎ ﻣﻦ ﯾﻄﺎﻟﻊ ﻛﺘﺒﮫ وﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ ،وﻟﻮﻻ ﺧﺸﯿﺔ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﻟﻨﻘﻠﺖ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﺴﻠﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ وأﻣﺜﺎﻟﮫ ﻣﻤﻦ ﯾﻠﻤﺰوﻧﮫ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﯾﻜﻔﱢﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وأﺣﺴﺐ أنﱠ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ ﻣﺎ ﻗﯿﻞ )) :رﻣﺘﻨﻲ ﺑﺪاﺋﮭﺎ واﻧﺴﻠﺖ (( إذ أھﻞ اﻟﺒﺪع ھﻢ اﻟﻤﺘﺴﺮﻋﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ،وھﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻜﻔﺮون ﺑﺄھﻮاﺋﮭﻢ ،وﻣﺎ ﻛﻼم اﻟﻜﻮﺛﺮي ـ ﺷﯿﺦ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ـ ﻓﻲ ﺗﻜﻔﯿﺮ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻨﻚ ﺑﺒﻌﯿﺪ. ﻓﺎﻟﻜﻮﺛﺮي اﻟﺬي ﯾﻄﯿﺐ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ وﺻﻔﮫ ﺑـ )اﻹﻣﺎم اﻟﻤﺤﺪث ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺮﺿﻮان ( ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺒﺘﺪع اﻟﻀﺎل ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﺍ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻖ ،ﯾﻘﻮل ﻓﻲ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ﺻﺎر ﻛﻔﺮه ﻣﺠﻤﻌﺎً ﻋﻠﯿﮫ (( وﯾﻘﻮل )) :وﻗﻊ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺗﻀﻠﯿﻠﮫ وﺗﺒﺪﯾﻌﮫ وزﻧﺪﻗﺘﮫ (( وﯾﻘﻮل )) :ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻔﺮق اﻟﺜﻼث واﻟﺴﺒﻌﯿﻦ (().(٢ وﯾﻘﻮل ﻓﻲ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ: اﻟﻤﻠﺤﺪ (( )) اﻟﺨﺒﯿﺚ (( )) اﻟﻤﻠﻌﻮن ((
))
ﻛﺎﻓﺮ أو ﺣﻤﺎر (( )) ،ﺣﻤﺎر أو ﺗﯿﺲ ))
(( ))
ﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﻛﻔﺮه ﻣﺒﻠﻐﺎً ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺴﻜﻮت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى )٢٢٩/٣ـ.(٢٣١ ) (٢اﻧﻈﺮ :ﺗﺒﺪﯾﺪ اﻟﻈﻼم ﻟﻠﻜﻮﺛﺮي )ص.(١٦٧ ،٨١ ،١٥٦
١٠٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻋﻠﯿﮫ (().(١ وﻟﻮ أﺧﺬت أﻧﻘﻞ أﻗﻮال اﻟﻜﻮﺛﺮي وﻃﻌﻮﻧﮫ وﻟﻌﻨﮫ وﺗﻜﻔﯿﺮه ﻟﮭﺬﯾﻦ اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻﺳﺘﻐﺮق اﻟﻨﻘﻞ ﻋﺸﺮات اﻟﺼﻔﺤﺎت ،وﺣﺴﺒﻚ أﻧﱠﻚ ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﻘﺮأ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺗﺒﺪﯾﺪ اﻟﻈﻼم إﻻ وﺟﺪﺗَﮭﺎ ﻣﻨﺘﻨﺔً ﻣﻦ ﻛﺜﺮة ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﺐﱟ وﻟﻌﻦٍ وﺗﻜﻔﯿﺮٍ ﻷﺋﻤﺔ اﻟﮭﺪى وأﻋﻼم اﻟﺴﻠﻒ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ. ﻓﻤﻦ اﻟﺬي ﯾﻜﻔﱢﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻋﻠﻤﺎءھﻢ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﻔﺘﻮن }ﻧَﺒﱢﺌﻮﻧِﻲ ﺑِﻌِﻠْﻢٍ إِن ﻛُﻨﺘُﻢْ ﺻَﺎدِﻗِﯿﻦَ{) ،(٢وأﻣﱠﺎ ﺗﻜﻔﯿﺮ ﻣﻦ ﺟﺤﺪ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻹﻟﮭﯿﺔ ﻓﻠﯿﺲ ﻣﺤﻞ ﻧﺰاع ،ﻷﻧﱠﮫ دﯾﻦ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻛﻤﺎ ذﻛﺮه ﺍ ﻋﻨﮭﻢ ﺴﺘَﻜْﺒِﺮُونَ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن} :إِﻧﱠﮭُﻢْ ﻛَﺎﻧُﻮا إِذَا ﻗِﯿﻞَ ﻟَﮭُﻢْ ﻻَ إِﻟَـﮫَ إِﻻﱠ ﺍ ُﯾَ ْ وَﯾَﻘُﻮﻟُﻮنَ أَﺋِﻨﱠﺎ ﻟَﺘَﺎرِﻛُﻮا ءَاﻟِﮭَﺘِﻨَﺎ ﻟِﺸَﺎﻋِﺮٍ ﻣﱠﺠْﻨُﻮنٍ{) (٣وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻵﯾﺎت. واﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ )) واﻟﮭﺪف ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ … اﻟﺦ ﻛﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﻘﺼﻮده وﻣﺮاده ﺑﺈﻧﻜﺎر ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وھﻮ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺘﻌﻠﻘﻮن ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء واﻷوﻟﯿﺎء ﺑﺪﻋﺎﺋﮭﻢ وﻃﻠﺒﮭﻢ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺘﻮﺳﻞ، وﻗﺪ ﻣﺮﱠ ﻣﻌﻨﺎ ﻗﻮﻟﮫ )) :إنﱠ ﻣﺠﺮد اﻟﻨﺪاء أو اﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ أو اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ أو اﻟﺨﻮف أو اﻟﺮﺟﺎء أو اﻟﺘﻮﺳﻞ أو اﻟﺘﺬﻟﻞ ﻻ ﯾﺴﻤﱠﻰ ﻋﺒﺎدة (( وﻗﻮﻟﮫ)) : وإﻧﱠﻤﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺪﻋﺎء ﻋﺒﺎدة إذا ﻛﺎن ﷲ أو ﻟﻤﻦ ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﺪاﻋﻲ أنﱠ ((
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :ﺗﺒﺪﯾﺪ اﻟﻈﻼم ﻟﻠﻜﻮﺛﺮي )ص.( ١٨٢ ،٢٥ ،٢٤ ،٢٣ ،٢١ ،٢٠ ) (٢ﺳﻮرة اﻷﻧﻌﺎم ،اﻵﯾﺔ .١٤٣ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺼﺎﻓﺎت ،اﻵﯾﺘﺎن .٣٦ ،٣٥
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠٣
ﻟﻠﻤﺪﻋﻮ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ (( ،واﻧﻈﺮ ﺑﺴﻂ اﻷﺟﻮﺑﺔ ﻓﻲ ر ﱢد ﺷُﺒَﮫِ ھﺆﻻء وﻛﺸﻒ ﺿﻼﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب )) ﻗﺎﻋﺪة ﺟﻠﯿﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺳﻞ واﻟﻮﺳﯿﻠﺔ (( ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻛﺘﺎب )) ﻛﺸﻒ اﻟﺸﺒﮭﺎت (( ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮھﺎب وﻏﯿﺮھﻤﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ. ١٠ـ ص )) :١٤واﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﯾﻘﻮل ﻛﻤﺎ ھﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﮫ وﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﺸﮭﻮر )) :ﻻ ﻧﺼﻒ ﺍ إﻻ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ (( ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮫ :إذا ﻛﻨﺖ ﻻ ﺗﺼﻒ ﺍ إﻻ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻠﻤﺎ ذا ﺗﺜﺒﺖ اﺳﺘﻘﺮار ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﱠﺎ ﺗﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﺑﻌﻮﺿﺔ وﺗُﺠﻮﱢزه، ھﻞ ھﺬا ھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت أﯾﮭﺎ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺤﺮاﻧﻲ؟! وھﻞ ھﺬا ﻣﻤﺎ وﺻﻒ ﺍ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ؟!. ﻗﺎل اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ):(٥٦٨/١ )) وﻟﻮ ﻗﺪ ﺷﺎء ـ ﺍ ـ ﻻﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﺑﻌﻮﺿﺔٍ ﻓﺎﺳﺘﻘﻠﺖ ﺑﮫ ﺑﻘﺪرﺗﮫ وﻟﻄﻒ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ﻓﻜﯿﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش ﻋﻈﯿﻢ (( ا.ھـ. ))
اﻟﺘﺄﺳﯿﺲ ﻓﻲ رد أﺳﺎس اﻟﺘﻘﺪﯾﺲ
((
ﻓﮭﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ أﯾﮭﺎ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺤﺮاﻧﻲ وﯾﺎ ﻣﻦ ﺗﺘﻌﺼﺒﻮن ﻵراﺋﮫ اﻟﺸﺎذة أن ﺗﺠﻮزوا اﺳﺘﻘﺮار رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﺗﺼﻔﻮن ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ذﺑﺎﺑﺔ أو ﺑﻌﻮﺿﺔ؟! وﻟﻘﺪ اﺳﺘﺤﯿﻰ ﻋُﺒﺎد اﻷوﺛﺎن واﻟﻤﺸﺮﻛﻮن أن ﯾﺼﻔﻮا آﻟﮭﺘﮭﻢ ﺑﺬﻟﻚ!! ((. وأﻋﺎد ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻜﻼم ص.٤٣ : :ھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻧﺴﺒﮫ إﻟﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ
١٠٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﻗﺪ ﻧﺴﺒﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﺷﯿﺨُﮫ اﻷول اﻟﻜﻮﺛﺮي) (١ﻓﺄﺧﺬه ھﺬا اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﻋﻨﮫ وورﺛﮫ ﻣﻨﮫ ،وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺗﻮارث ﻟﻠﻜﺬب واﻹﻓﻚ ﻋﻠﻰ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻨﺔ إذ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ذﻟﻚ، وإﻧﱠﻤﺎ وردت ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺿﻤﻦ ﻛﻼم ﻃﻮﯾﻞ ﻧﻘﻠﮫ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺎﻓﻆ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺪارﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﮫ وردوده ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮ اﻟﻤﺮﯾﺴﻲّ اﻟﻌﻨﯿﺪ اﻟﺬي زﻋﻢ أنﱠ ﺍ ﻟﯿﺲ ﻓﻮق اﻟﻌﺮش ﺑﻘﯿﺎس ﻓﺎﺳﺪ ذﻛﺮه ﺣﯿﺚ ﻗﺎس ﺍ ﺑﺎﻟﻌﺮش وﻣﻘﺪاره ووزﻧﮫ. وأﻧﺎ أﻧﻘﻞ ھﻨﺎ ﻛﻼم اﻟﺪارﻣﻲ ﺑﻄﻮﻟﮫ ﻟﯿﻌﻠﻢ ﺗﻤﻮﯾﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺷﯿﺨﮫ وﻛﺬﺑﮭﻤﺎ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ﻗﺎل ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺪارﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻘﻀﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﯾﺴﻲّ وﺻﺎﺣﺒﮫ :وأﻋﺠﺐ ﻣﻦ ھﺬا ﻗﯿﺎﺳﻚ ﺍ ﺑﻘﯿﺎس اﻟﻌﺮش وﻣﻘﺪاره ووزﻧﮫ ﻣﻦ ﺻﻐﯿﺮ أو ﻛﺒﯿﺮ، وزﻋﻤﺖ ﻛﺎﻟﺼﺒﯿﺎن اﻟﻌﻤﯿﺎن إنﱠ ﺍ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮش أو أﺻﻐﺮ ﻣﻨﮫ أو ﻣﺜﻠﮫ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﺍ أﺻﻐﺮ ﻓﻘﺪ ﺻﯿﱠﺮﺗﻢ اﻟﻌﺮش أﻋﻈﻢ ﻣﻨﮫ ،وإن ﻛﺎن أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮش ﻓﻘﺪ ادﻋﯿﺘﻢ ﻓﯿﮫ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻟﻌﺮش ،وإن ﻛﺎن ﻣﺜﻠﮫ ﻓﺈﻧﱠﮫ إذا ﺿﻢﱠ إﻟﻰ اﻟﻌﺮش اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺒﺮ ،ﻣﻊ ﺧﺮاﻓﺎت ﺗﻜﻠﻢ ﺑﮭﺎ ،وﺗﺮھﺎت ﯾﻠﻌﺐ ﺑﮭﺎ ،وﺿﻼﻻت ﯾﻀﻞ ﺑﮭﺎ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻦ ﯾﻌﻠﻢ ﷲ ﻟﻘﻄﻊ ﻗﺸﺮة ﻟﺴﺎﻧﮫ ،واﻟﺨﯿﺒﺔ ﻟﻘﻮمٍ ھﺬا ﻓﻘﯿﮭﮭﻢ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ :اﻟﺴﯿﻒ اﻟﺼﻘﯿﻞ )ص.(١١٥
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠٥
واﻟﻤﻨﻈﻮر إﻟﯿﮫ ﻣﻊ اﻟﺘﻤﯿﺰ ﻛﻠﮫ وھﺬا اﻟﻨﻈﺮ ،وﻛﻞ ھﺬه اﻟﺠﮭﺎﻻت واﻟﻀﻼﻻت .ﻓﯿﻘﺎل ﻟﮭﺬا اﻟﺒﻘﺒﺎق اﻟﻨﻔﺎج :إنﱠ ﺍ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻛﻞﱢ ﺷﻲء وأﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻛﻞﱢ ﺧﻠﻖ ،وﻟﻢ ﯾﺤﻤﻠﮫ اﻟﻌﺮش ﻋﻈﻤﺎً وﻻ ﻗﻮة ،وﻻ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﺮش ﺣﻤﻠﻮه ﺑﻘﻮﺗﮭﻢ وﻻ اﺳﺘﻘﻠﻮا ﺑﻌﺮﺷﮫ وﻟﻜﻨﮭﻢ ﺣﻤﻠﻮه ﺑﻘﺪرﺗﮫ).(١ وﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﺎ أﻧﱠﮭﻢ ﺣﯿﻦ ﺣﻤﻠﻮا اﻟﻌﺮش وﻓﻮﻗﮫ اﻟﺠﺒﱠﺎر ﻓﻲ ﻋﺰﺗﮫ وﺑﮭﺎﺋﮫ ﺿﻌﻔﻮا ﻋﻦ ﺣﻤﻠﮫ واﺳﺘﻜﺎﻧﻮا وﺟﺜﻮا ﻋﻠﻰ رﻛﺒﮭﻢ ﺣﺘﻰ ﻟﻘﻨﻮا: )) ﻻ ﺣﻮل وﻻ ﻗﻮة إﻻ ﺑﺎ (( ﻓﺎﺳﺘﻘﻠﻮا ﺑﮫ ﺑﻘﺪرة ﺍ وإرادﺗﮫ وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻣﺎ اﺳﺘﻘﻞ ﺑﮫ اﻟﻌﺮش وﻻ اﻟﺤﻤﻠﺔ وﻻ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻻ ﻣﻦ ﻓﯿﮭﻦﱠ ،وﻟﻮ ﻗﺪ ﺷﺎء ﻻﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ﺑﻌﻮﺿﺔ ﻓﺎﺳﺘﻘﻠﺖ ﺑﮫ ﺑﻘﺪرﺗﮫ وﻟﻄﻒ رﺑﻮﺑﯿﺘﮫ ،ﻓﻜﯿﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش ﻋﻈﯿﻢ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ،وﻛﯿﻒ ﺗﻨﻜﺮ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﻔﺎج أنﱠ ﻋﺮﺷﮫ ﯾﻘﻠﮫ واﻟﻌﺮش أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻮات اﻟﺴﺒﻊ واﻷرﺿﯿﻦ اﻟﺴﺒﻊ ،وﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﻌﺮش ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرﺿﯿﻦ ﻣﺎ وﺳﻌﺘﮫ ،وﻟﻜﻨﮫ ﻓﻮق اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ. ﻓﻜﯿﻒ ﺗﻨﻜﺮ ھﺬا وأﻧﺖ ﺗﺰﻋﻢ أنﱠ ﺍ ﻓﻲ اﻷرض ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻣﻜﻨﺘﮭﺎ واﻷرض دون اﻟﻌﺮش ﻓﻲ اﻟﻌﻈﻤﺔ واﻟﺴﻌﺔ ،ﻓﻜﯿﻒ ﺗﻘﻠﮫ اﻷرض ﻓﻲ دﻋﻮاك وﻻ ﯾﻘﻠﮫ اﻟﻌﺮش اﻟﺬي ھﻮ أﻋﻈﻢ ﻣﻨﮭﺎ وأوﺳﻊ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻓﮭﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﯾﻤﺴﻚ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض أن ﺗﺰوﻻ ،وﯾﻤﺴﻚ اﻟﺴﻤﺎء أن ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻷرض إﻻ ﺑﺈذﻧﮫ ،وﻣﻦ آﯾﺎﺗﮫ أن ﺗﻘﻮم اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ﺑﺄﻣﺮه ،وھﻮ اﻟﻐﻨﻲ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاه ،وﻣﺎ ﺳﻮاه ﻣﻔﺘﻘﺮ إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻮﺟﻮه ،ﻓﮭﻮ ﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻌﺮش وﻣﺎ دوﻧﮫ، واﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﮭﻢ ﻣﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠٦
وأدﺧﻞ ھﺬا اﻟﻘﯿﺎس اﻟﺬي أدﺧﻠﺖ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻈﻢ اﻟﻌﺮش وﺻﻐﺮه وﻛﺒﺮه ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ وﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎﺑﻚ ﻓﻲ اﻷرض وﺻﻐﺮھﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﮭﻠﻚ وﺗﻔﻄﻦ ﻟﻤﺎ ﯾﻮرد ﻋﻠﯿﻚ ﺣﺼﺎﺋﺪ ﻟﺴﺎﻧﻚ ،ﻓﺈﻧﱠﻚ ﻻ ﺗﺤﺘﺞ ﺑﺸﻲء إﻻ ھﻮ راﺟﻊ ﻋﻠﯿﻚ وآﺧﺬ ﺑﺤﻠﻘﻚ ((. وھﺬا اﻟﻨﺺ ﻣﻮﺟﻮد ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻓﻲ ردّ اﻹﻣﺎم اﻟﺪارﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮ اﻟﻤﺮﯾﺴﻲ ﺻﻔﺤﺔ ) ،( ٨٦ ،٨٥وﻗﺪ أﺷﺎر ﻣﺤﻘﻖ ﻛﺘﺎب ﻧﻘﺾ اﻟﺘﺄﺳﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﮭﺎﻣﺶ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﺪارﻣﻲ .وﻣﻊ ھﺬا ﻟﻢ ﯾﺘﻮرع ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ﺷﯿﺨﮫ اﻟﻜﻮﺛﺮي ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ھﺬا اﻟﻜﻼم ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻣﺒﺘﻮر ﻣﺨﺘﺰل ﻣﻈﮭﺮﯾﻦ اﻟﺸﻨﺎﻋﺔ ﻋﻠﯿﮫ، ﻓﺠﻤﻌﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﺘﺰوﯾﺮ. وﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﻣﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﺎ ﯾﻠﻲ: ١ـ أن اﻟﻨﺺﱠ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻛﻤﺎ زﻋﻤﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ﺷﯿﺨﮫ اﻟﻜﻮﺛﺮي ،وﻇﮭﺮ ﻛﺬﺑﮭﻤﺎ ﻋﻠﯿﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ. ٢ـ أنﱠ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺷﯿﺨﮫ ذﻛﺮا اﻟﻨﺺ ﻣﺨﺘﺰﻻً ،وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮاه ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻟﯿﺘﺒﯿﻦ ﻣﺮاد اﻹﻣﺎم اﻟﺪارﻣﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻣﻨﮫ. ٣ـ ﺗﺒﯿﱠﻦ أنﱠ اﻟﻜﻼم ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻘﺎم ﻣﻨﺎﻇﺮة وإﻟﺰام ﻟﻠﺨﺼﻢ، وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎم ﺗﻘﺮﯾﺮ وﺗﺄﺻﯿﻞ ﻋﻘﯿﺪة ،وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم اﻟﻤﺘﻘﺮر أنﱠ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﺗﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻇﺮﺗﮫ ،إذ ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮﺗﮫ أﻣﻮراً ﻻ ﯾﻘﺼﺪ ﻣﻨﮭﺎ إﻻ ﻗﻄﻊ اﻟﻤﺨﺎﺻﻢ وإﻓﺴﺎد ﺣﺠﺘﮫ. وﺑﮭﺬا ﺗﻌﻠﻢ أنﱠ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ
))
ﻓﮭﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺨﺎﻟﺺ أﯾﮭﺎ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠٧
اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺤﺮاﻧﻲ وﯾﺎ ﻣﻦ ﺗﺘﻌﺼﺒﻮن ﻵراﺋﮫ اﻟﺸﺎذة أن ﺗﺠﻮزوا اﺳﺘﻘﺮار رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﺗﺼﻔﻮن ﻋﻠﻰ ﻇﮭﺮ ذﺑﺎﺑﺔ أو ﺑﻌﻮﺿﺔ (( ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﺗﮭﻮﯾﺶ ﻣﻦ ﻏﺸﻮم ﺟﮭﻮل ،ﻻ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﻟﮫ إﻻ اﻟﻜﺬب واﻟﺘﺰوﯾﺮ وﺳﻮء اﻟﻈﻦﱢ ،ﻓﺎ ﺣﺴﯿﺒﮫ وﺣﺴﯿﺐ ﺷﯿﺨﮫ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ،وﻟﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﺍ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺤﻘﺎن.
١١ـ ص )) :١٥وھﻞ ﻣﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت إﺛﺒﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل (( ) (٤/٢ﻋﻠﻰ ھﺎﻣﺶ ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ وﻗﺪ ﻧﺴﺐ ذﻟﻚ ﻷھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﺴﻠﻒ زوراً؟!! وأﯾﻦ وﺻﻒ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺑﻠﻔﻆ اﻟﺤﺮﻛﺔ؟! ((.
:ﻟﯿﺲ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮭﺎ ﺷﻲء ﻣﻤﺎ ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ، وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﮫ إﺛﺒﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ ﷲ ،وﻟﻢ ﯾﻨﺴﺐ ذﻟﻚ ﻷھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻟﺴﻠﻒ ﻛﻤﺎ ادﻋﻰ ذﻟﻚ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﺬﺑﺎً وزوراً ،ﻓﺤﺎر اﻟﻜﺬب ﻋﻠﯿﮫ ورﺟﻊ إﻟﯿﮫ. أﻣﱠﺎ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻘﻮﻟﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺮد ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب أو اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻌﻠﻮم ﻇﺎھﺮ ،وﻗﺪ أوﺿﺤﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻣﻮاﻃﻦ ﻋﺪﯾﺪة ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ. وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :واﻷﺣﺴﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﻣﺮاﻋﺎة أﻟﻔﺎظ اﻟﻨﺼﻮص ،ﻓﯿﺜﺒﺖ ﻣﺎ أﺛﺒﺖ ﺍ ورﺳﻮﻟﮫ ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ اﻟﺬي أﺛﺒﺘﮫ
١٠٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
وﯾﻨﻔﻰ ﻣﺎ ﻧﻔﺎه ﺍ ورﺳﻮﻟﮫ ﻛﻤﺎ ﻧﻔﺎه .(١)(( ...
١٢ـ ص )) :١٥واﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﺄﺳﯿﺲ ) )) :(١٠١/١وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺍ وﻻ ﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ وﻻ ﻗﻮل أﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ اﻷﻣﺔ وأﺋﻤﺘﮭﺎ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺠﺴﻢ وأنﱠ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻟﯿﺴﺖ أﺟﺴﺎﻣﺎً وأﻋﺮاﺿﺎً (( ا.ھـ ((.
:ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﻦ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ، وإﻧﱠﻤﺎ ھﻮ ﻗﻮل ﻣﺘﻜﻠﻤﺔ أھﻞ اﻹﺛﺒﺎت اﻟﻘﺎﺋﻠﯿﻦ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺟﺴﻢ ﻻ ﻛﺎﻷﺟﺴﺎم ﺣﻜﺎه ﻋﻨﮭﻢ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ذﻛﺮه اﻷﻗﻮال ﻓﻲ ﻟﻔﻆ اﻟﺠﺴﻢ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ اﻻﺻﻄﻼﺣﯿﺔ ،ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ﺛﻢ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮن ﻣﻦ أھﻞ اﻹﺛﺒﺎت ﻟﻤﺎ ﻧﺎﻇﺮوا اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺗﻨﺎزﻋﻮا ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻻﺻﻄﻼﺣﯿﺔ ﻓﻘﺎل ﻗﻮم ... :إﻟﻰ أن ﻗﺎل :ﻗﺎﻟﻮا :وھﺬا ﻣِﻤﱠﺎ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻨﺰاع ﻓﯿﮫ إذا ﻓﮭﻢ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺮاد ﺑﺬﻟﻚ ،ﻟﻜﻦ أي ﻣﺤﺬور ﻓﻲ ذﻟﻚ ،وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺍ وﻻ ﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﮫ وﻻ ﻗﻮل أﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻠﻒ اﻷﻣﺔ وأﺋﻤﺘﮭﺎ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺠﺴﻢ وأنﱠ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻟﯿﺴﺖ أﺟﺴﺎﻣﺎً وأﻋﺮاﺿﺎً؟! ﻓﻨﻔﻲ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﺸﺮع واﻟﻌﻘﻞ ﺑﻨﻔﻲ أﻟﻔﺎظ ﻟﻢ ﯾﻨﻒ ﻣﻌﻨﺎھﺎ ﺷﺮع وﻻ ﻋﻘﻞ ﺟﮭﻞٌ وﺿﻼلٌ ،ﻗﺎل :وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ .(( ... ﻓﮭﻮ ھﻨﺎ رﺣﻤﮫ ﺍ ﯾﺤﻜﻲ ﻗﻮل ھﺆﻻء ،ﻓﺠﺎء ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻗﺘﻄﻊ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﺺ ﺑﻌﻀﮫ وﻧﺴﺒﮫ ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻛﺬﺑﺎً وزوراً، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٤٢٤ ،٤٢٣/١٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٠٩
ﻓﻨﻌﻮذ ﺑﺎ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻔﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺬب واﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺶ واﻟﺘﺰوﯾﺮ ،وﻧﺴﺄﻟﮫ اﻟﻌﻔﻮ واﻟﻌﺎﻓﯿﺔ. أﻣﱠﺎ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻟﻔﻆ اﻟﺠﺴﻢ ﻓﻘﺪ أوﺿﺤﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ
ﻗﺒﻞ اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﻧﻘﻠﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻄﺮاً ﻓﻘﻂ!! ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ:(١٠٠/١)
))
وﺗﺤﺮﯾﺮ اﻷﻣﺮ أن ﯾﻘﺎل :اﻟﻮﺟﮫ
اﻟﺴﺎﺑﻊ واﻟﺴﺒﻌﻮن :أنﱠ ﻟﻔﻆ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﻌﺮض واﻟﻤﺘﺤﯿﺰ وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ أﻟﻔﺎظ اﺻﻄﻼﺣﯿﺔ ،وﻗﺪ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺮﱠة أنﱠ اﻟﺴﻠﻒ واﻷﺋﻤﺔ ﻟﻢ
ﯾﺘﻜﻠﻤﻮا ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍ ﻻ ﺑﻨﻔﻲ وﻻ ﺑﺈﺛﺒﺎت ،ﺑﻞ ﺑﺪﱠﻋﻮا أھﻞ اﻟﻜﻼم ﺑﺬﻟﻚ وذﻣﻮھﻢ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺬم .(( ...
ﻓﮭﺬا ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،وﻣﻊ ھﺬا أھﻤﻠﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺗﺮﻛﮫ ،وﺗﺠﺎوزه إﻟﻰ ﻛﻼم ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻧﻔﺴﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ وﻧﺴﺒﮫ إﻟﯿﮫ ،وﺣﻘّﺎً ﻻ ﯾﻨﻘﻀﻲ اﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺠﺮأة اﻟﺴﺎﻓﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺬب واﻟﺨﯿﺎﻧﺔ واﻟﻐﺶ واﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﺰوﯾﺮ ،ﺛﻢ ﻣﻊ اﺣﺘﺮاف اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﮭﺬه اﻷﻣﻮر ﯾﺮﻣﻲ ﺑﻜﻞ وﻗﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺴﻠﻔﯿﯿﻦ ﺑﺄﻧﱠﮭﻢ ﻣﺤﺮﻓﻮن ﻣﺤﺘﺮﻓﻮن).!!(١ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺤﺮف اﻟﻤﺤﺘﺮف إن ﻛﻨﺖ ذا ﻋﻘﻞ؟! ١٣ـ ص :١٦،١٧ﻋﻦ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ )) :وﯾﺜﺒﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ أنﱠ ﷲ ﺳﺎﻗﯿﻦ ،وأﻧﱠﮫ إذا ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﺍ ﻓﻲ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻧﻈﺮ )ص (٢٣ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﮫ.
١١٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻛﺘﺎﺑﮫ إﻻ ﺳﺎﻗﺎً واﺣﺪة ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾﻨﻔﻲ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺳﺎق أﺧﺮى ﻓﯿﻘﻮل ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :ھﺐ أﻧﱠﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ أﺧﺒﺮ أﻧﱠﮫ ﯾﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺳﺎق واﺣﺪة ھﻲ ﺻﻔﺔ ،ﻓﻤﻦ أﯾﻦ ﻓﻲ ﻇﺎھﺮ اﻟﻘﺮآن أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ إﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻮاﺣﺪة؟ وأﻧﺖ ﻟﻮ ﺳﻤﻌﺖ ﻗﺎﺋﻼً ﯾﻘﻮل :ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻋﯿﻨﻲ وأﺑﺪﯾﺖ ﻋﻦ رﻛﺒﺘﻲ وﻋﻦ ﺳﺎﻗﻲ ھﻞ ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻨﮫ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ إﻻ ذﻟﻚ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻘﻂ (( ا.ھـ. ﻓﺎﻧﻈﺮ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺘﺠﺴﯿﻢ اﻟﺼﺮﯾﺢ وإﻟﻰ ھﺬا اﻟﮭﺮاء واﻟﮭﺬﯾﺎن ... إﻟﻰ أن ﻗﺎل :ﻓﺨﺬ ﻣﺠﺪك ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺴﯿﻢ ﯾﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ!! وﻻ ﯾﮭﻤﻨﻚ اﻟﻤﻌﺎرﺿﻮن ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﺗﻠﻘﺒﮭﻢ ﺑﺎﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﻄﻠﺔ!! ((. : أوﻻً :ﻟﻜﻼم اﺑﻦ اﻟﻘﯿّﻢ ﺗﺘﻤﺔ ﻣﮭﻤﺔ أھﻤﻠﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﮫ، ﯾﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﺗﻠﻮ ﻣﺎ وﻗﻒ ﻋﻨﺪه اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻞ ﻋﻨﮫ )) … ﻓﻠﻮ ﻗﺎل ذﻟﻚ أﺣﺪ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﺬا ﻇﺎھﺮ ﻛﻼﻣﮫ ،ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻜﻮن ﻇﺎھﺮ أﻓﺼﺢ اﻟﻜﻼم وأﺑﯿﻨﮫ ذﻟﻚ (( وھﺬه اﻟﺘﺘﻤﺔ ﻣﻮﺿﺤﺔ ﻟﻤﺮاد اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ، وﻗﺪ ﺣﺬﻓﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﯿﻮھﻢ اﻟﻘﺎرئَ أنﱠ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻣﺠﺴﱢﻢ وﺣﺎﺷﺎه. وﻣﺮاد اﺑﻦ اﻟﻘﯿّﻢ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﮫ ﻇﺎھﺮ ،ﺣﯿﺚ ﯾﻘﺼﺪ أن ﺍ ﺧﺎﻃﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﺑﻜﻼم ﻋﺮﺑﻲﱟ ﺑﯿﱢﻦ ﯾﻔﮭﻢ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﯿﮫ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﺮب اﻟﺘﻲ ﺧﻮﻃﺒﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﺑﮭﺎ. ﺛﺎﻧﯿﺎً :ذﻛﺮ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ھﺬا اﻟﻜﻼم ﺿﻤﻦ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ وﺟﮭﺎً ردﱠ ﺑﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﻤﻲّ اﻟﻘﺎﺋﻞ )) :ورد ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ذﻛﺮ اﻟﻮﺟﮫ واﻷﻋﯿﻦ واﻟﻌﯿﻦ اﻟﻮاﺣﺪة وذﻛﺮ اﻟﺠﻨﺐ اﻟﻮاﺣﺪ وذﻛﺮ اﻟﺴﺎق اﻟﻮاﺣﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١١
وذﻛﺮ اﻷﯾﺪي وذﻛﺮ اﻟﯿﺪﯾﻦ واﻟﯿﺪ اﻟﻮاﺣﺪة ،ﻓﻠﻮ أﺧﺬﻧﺎ ﺑﺎﻟﻈﺎھﺮ ﻟﺰﻣﻨﺎ إﺛﺒﺎت ﺷﺨﺺ ﻟﮫ وﺟﮫ ،وﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻮﺟﮫ أﻋﯿﻦ وﻟﮫ ﺟﻨﺐ واﺣﺪ، وﻋﻠﯿﮫ أﯾﺪ ﻛﺜﯿﺮة ،وﻟﮫ ﺳﺎق واﺣﺪ وﻻ ﻧﺮى ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺷﺨﺼﺎً أﻗﺒﺢ ﺻﻮرة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﺘﺨﯿﻠﺔ. ﻗﺎل اﻟﺴﻨﻲّ اﻟﻤﻌﻈﻢ ﺣﺮﻣﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻗﺪ ادﻋﯿﺖ أﯾﮭﺎ اﻟﺠﮭﻤﻲ أنﱠ ﻇﺎھﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﺬي ھﻮ ﺣﺠﺔ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ،واﻟﺬي ھﻮ ﺧﯿﺮ اﻟﻜﻼم وأﺻﺪﻗﮫ وأﺣﺴﻨﮫ وأﻓﺼﺤﮫ ،وھﻮ اﻟﺬي ھﺪى ﺍ ﺑﮫ ﻋﺒﺎده وﺟﻌﻠﮫ ﺷﻔﺎء ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪور وھﺪىً ورﺣﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ،وﻟﻢ ﯾﻨﺰل ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء أھﺪى ﻣﻨﮫ وﻻ أﺣﺴﻦ وﻻ أﻛﻤﻞ ،ﻓﺎﻧﺘﮭﻜﺖ ﺣﺮﻣﺘﮫ وﻋﻈﻤﺘﮫ وﻧﺴﺒﺘﮫ إﻟﻰ أﻗﺒﺢ اﻟﻨﻘﺺ واﻟﻌﯿﺐ .(( ... ﺛﻢ ذﻛﺮ رﺣﻤﮫ ﺍ أﺣﺪ ﻋﺸﺮ وﺟﮭﺎً ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺠﮭﻤﻲّ اﻟﺨﺒﯿﺚ ،ﻓﺠﺎء ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ أﺣﺪ ھﺬه اﻷوﺟﮫ وأﺧﺬ ﺑﻌﻀﮫ وﺷﻨﻊ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﺑﮫ ﻣﻨﺤﺎزاً إﻟﻰ ﺻﻒ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻣﻨﺘﺼﺮاً ﻟﮭﻢ. وأﻗﻮل ﻟﮫ :ﻟﻮ أﻛﻤﻠﺖ ﻧﺼﺮﺗﻚ ﻟﮭﻢ ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ أوردھﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ وﻧﺎﻗﺸﺘﮭﺎ وﺟﮭﺎً وﺟﮭﺎً إن ﻛﻨﺖ ﺗﻘﺪر. ١٤ـ ص )) :١٧واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻣﺘﻌﺼﺐ ﻟﺬﻟﻚ وﺳﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﺷﯿﺨﮫ اﻟﺤﺮاﻧﻲ اﻟﺘﻲ أﺳﺴﮭﺎ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺘﺄﺳﯿﺲ ) (١٠٩/١ﺣﯿﺚ ﻗﺎل ھﻨﺎك )) :وإذا ﻛﺎن ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎﺳﻢ اﻟﻤﺸﺒﮭﺔ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ذﻛﺮ ﺑﺬم ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وﻻ ﻛﻼم أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ((.ا.ھـ ((. :ﻟﻢ ﯾﻨﺘﮫ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻛﻤﺎ زﻋﻤﺖ أﯾﱡﮭﺎ
١١٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻤﻠﺒﺲ ﺑﻞ ﻗﺎل ﺑﻌﺪه ﻣﺒﺎﺷﺮة )) ...وﻟﻜﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻣﺜﻞ ﻋﺒﺪاﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﮭﺪي وﯾﺰﯾﺪ ﺑﻦ ھﺎرون وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ وإﺳﺤﺎق ﺑﻦ راھﻮﯾﺔ وﻧﻌﯿﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎد وﻏﯿﺮھﻢ ﺑﺬم اﻟﻤﺸﺒﮭﺔ ،وﺑﯿﻨﻮا اﻟﻤﺸﺒﮭﺔ اﻟﺬﯾﻦ ذﻣﻮھﻢ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻤﺜﻠﻮن ﺻﻔﺎت ﺍ ﺑﺼﻔﺎت ﺧﻠﻘﮫ ((. وﻛﺘﺐ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻣﻤﻠﻮءة ﺑﺬم اﻟﻤﺸﺒﮭﺔ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﯾﺄﺑﻰ ھﺬا اﻟﻤﺒﻄﻞ إﻻ رﻣﯿﮫ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﯿﮫ واﻟﺘﻤﺜﯿﻞ.
ورﺣﻢ ﺍ اﻹﻣﺎم اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ إذ ﯾﻘﻮل )) :وﻧﻌﻠﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ أنﱠ ﻛ ﱠ ﻞ اﻟﺠﮭﻤﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻷرض ﻟﻮ اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻟﻤﺎ أﺟﺎﺑﻮا ﻋﻨﮫ ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻤﻜﺎﺑﺮة واﻟﺘﺸﻨﯿﻊ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻹﺛﺒﺎت ﺑﺎﻟﺘﺠﺴﯿﻢ واﻟﺴﺐﱢ ھﺬه وﻇﯿﻔﺔ ﻛﻞ ﻣﺒﻄﻞ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﺣﺠﺔ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ (().(١ :ﺻﺪﻗﺖ رﺣﻤﻚ ﺍ ﻓﻠﻢ ﻧﺠﺪھﻢ ﯾﻔﻌﻠﻮن ﻏﯿﺮ ھﺬا ،وﻣﺎ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻻ ﺷﺎھﺪ ﻣﻦ ﻣﺌﺎت اﻟﺸﻮاھﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل.
١٥ـ ص )) :١٧وﻗﺪ أﺛﺒﺖ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ أﯾﻀﺎً ﺟﻨﺒﺎً ﷲ ﺴﺮَﺗَﻰ ﻋَﻠَﻰ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﯾﻘﻮل!! واﺳﺘﻨﺒﻂ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ }ﯾَﺎ ﺣَ ْ ﻣَﺎ ﻓَﺮﱠﻃﺖُ ﻓِﻲ ﺟَﻨﺐِ ﺍ (٢){ِﻓﻔﻲ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻟﻤﺮﺳﻠﺔ )(٢٥٠/١ وﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ ﻟﻠﻤﻮﺻﻠﻲ ) (٣٣/١ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :ھﺐ أنﱠ اﻟﻘﺮآن دلﱠ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ﺟﻨﺐ ھﻮ ﺻﻔﺔ ،ﻓﻤﻦ أﯾﻦ ﻟﻚ ﻇﺎھﺮه أو ﺑﺎﻃﻨﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮫ ﺟﻨﺐ واﺣﺪ وﺷﻖﱞ واﺣﺪ؟ وﻣﻌﻠﻮم أنﱠ إﻃﻼق ﻣﺜﻞ ھﺬا ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮫ ﺷﻖ واﺣﺪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻌﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ )) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ )ص.(٣٢ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺰﻣﺮ ،اﻵﯾﺔ .٥٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١٣
ﺻﻞ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻘﺎﻋﺪاً ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻌﻠﻰ ﺟﻨﺐ (( وھﺬا ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﻠﻤﺮء إﻻ ﺟﻨﺐ واﺣﺪ (( ا.ھـ. ﻗﻠﺖ :وھﻞ ﯾﺼﺢ ﻗﯿﺎس ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﻤﺮان ﺑﻦ ﺣﺼﯿﻦ وﺗﺸﺒﯿﮭﮫ ﺑﮫ؟! وھﻞ ﯾﻘﻮل أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﺣﺪﯾﻦ أنﱠ ﷲ ﺟﻨﺒﺎً؟!. ﻭﺍ ﻣﺎ اﻹﺗﯿﺎن ﺑﻤﺜﻞ ھﺬا اﻟﻜﻼم إﻻ رﺟﻮع ﻟﻠﻮﺛﻨﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓـ}ﺳُﺒْﺤَﺎنَ رَﺑﱢﻚَ رَبﱢ اﻟْﻌِﺰﱠةِ ﻋَﻤﱠﺎ ﯾَﺼِﻔُﻮنَ{!!!! ((. :ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﺟﺮأﺗﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﻠﺒﯿﺲ واﻟﻜﺬب ،ﻓﺈنﱠ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ أﺟﻞ ﻗﺪراً وأرﻓﻊ ﻣﻜﺎﻧﺔ وأﻧﺒﻞ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺬي ﺑﮭﺘﮫ ﺑﮫ. ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :اﻟﺴﺎدس :أن ﯾﻘﺎل :ﻣﻦ أﯾﻦ ﻓﻲ ﻇﺎھﺮ اﻟﻘﺮآن إﺛﺒﺎت ﺟﻨﺐ واﺣﺪ ھﻮ ﺻﻔﺔ ﷲ؟ وﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮم أن ھﺬا ﻻ ﯾﺜﺒﺘﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ آدم ،وأﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎس إﺛﺒﺎﺗﺎً ﻟﻠﺼﻔﺎت ھﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻻ ﯾﺜﺒﺘﻮن أنﱠ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻨﺒﺎً واﺣﺪاً وﻻ ﺳﺎﻗﺎً واﺣﺪاً. ﻗﺎل ﻋﺜﻤﺎن ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ اﻟﺪارﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻘﻀﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﯾﺴﻲ :وادﻋﺎء اﻟﻤﻌﺎرض زوراً ﻋﻠﻰ ﻗﻮم أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﯾَﺎ ﺣَﺴْﺮَﺗَﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻓَﺮﱠﻃﺖُ ﻓِﻲ ﺟَﻨﺐِ ﺍ ،{ِأﻧﱠﮭﻢ ﯾﻌﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺠﻨﺐ ھﻮ
اﻟﻌﻀﻮ ،وﻟﯿﺲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺘﻮھﻤﻮﻧﮫ. ﻗﺎل اﻟﺪارﻣﻲ :ﻓﯿﻘﺎل ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻌﺎرض :ﻣﺎ أرﺧﺺ اﻟﻜﺬب ﻋﻨﺪك وأﺧﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻚ ،ﻓﺈن ﻛﻨﺖ ﺻﺎدﻗﺎً ﻓﻲ دﻋﻮاك ﻓﺄﺷﺮ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ آدم ﻗﺎﻟﮫ، وإﻻﱠ ﻓﻠﻢ ﺗﺸﻨﻊ ﺑﺎﻟﻜﺬب ﻋﻠﻰ ﻗﻮم ھﻢ أﻋﻠﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻣﻨﻚ وأﺑﺼﺮ ﺑﺘﺄوﯾﻞ ﻛﺘﺎب ﺍ ﻣﻨﻚ وﻣﻦ إﻣﺎﻣﻚ ،إﻧﱠﻤﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮھﺎ ﻋﻨﺪھﻢ :ﺗﺤﺴﺮ
١١٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﻮا ﻓﻲ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ذات ﺍ واﺧﺘﺎروا ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﺴﺨﺮﯾﺔ ،ﻓﻤﻦ أﻧﺒﺄك أﻧﱠﮭﻢ ﻗﺎﻟﻮا :ﺟﻨﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب؟ ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﺠﮭﻞ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻋﻮام اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﮭﻢ .وﻗﺪ ﻗﺎل أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﯾﻖ رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ: )) اﻟﻜﺬب ﻣﺠﺎﻧﺐ ﻟﻺﯾﻤﺎن (( ،وﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ )) :ﻻ ﯾﺠﻮز ﻣﻦ اﻟﻜﺬب ﺟﺪﱞ وﻻ ھﺰلٌ (( ،وﻗﺎل اﻟﺸﻌﺒﻲ )) :ﻣﻦ ﻛﺎن ﻛﺬﱠاﺑﺎً ﻓﮭﻮ ﻣﻨﺎﻓﻖ (( ،واﻟﺘﻔﺮﯾﻂ ﻓﻌﻞ أو ﺗﺮك ﻓﻌﻞ ،وھﺬا ﻻ ﯾﻜﻮن ﻗﺎﺋﻤﺎً ﺑﺬات ﺍ ﻻ ﺑﺠﻨﺐ وﻻ ﻏﯿﺮه ﺑﻞ ﯾﻜﻮن ﻣﻨﻔﺼﻼ) (١ﻋﻦ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ، وھﻮ ﻣﻌﻠﻮم ﺑﺎﻟﺤﺲ واﻟﻤﺸﺎھﺪة ((. ﺛﻢ ﻗﺎل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ )) اﻟﺴﺎﺑﻊ :أن ﯾﻘﺎل :ھﺐ أنﱠ اﻟﻘﺮآن دلﱠ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ﺟﻨﺐ ھﻮ ﺻﻔﺔ (( ...ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻤﺠﺎدﻟﺔ ﻟﻠﺨﺼﻢ واﻹﻟﺰام ﻓﻲ ﻣﻘﺎم اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة .واﻟﻜﺎﺗﺐ اﻛﺘﻔﻰ ﺑﻨﻘﻞ ﻛﻼم اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ھﺬا وﺗﺮك ﻣﺎ ﻗﺒﻠﮫ ﻣﻤﺎ ﯾﻮﺿﺢ ﻣﺮاده وﯾﺒﯿّﻦ ﻣﻘﺼﻮده. :ﻓﯿﺎﷲ ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﺗﺸﺎﺑﮫ ﻗﻠﻮب اﻟﻘﻮم وﺗﻌﺎﻧﻖ أھﻮاﺋﮭﻢ ﻓﺎﻟﺪارﻣﻲ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﯾﻘﻮل ﻟﻠﺠﮭﻤﻲ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﺬي ادﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﻮم أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻔﺴﺮون }ﻓِﻲ ﺟَﻨﺐِ ﺍ {ِﺑﺎﻟﺠﻨﺐ اﻟﺬي ھﻮ اﻟﻌﻀﻮ ،ﯾﻘﻮل ﻟﮫ :ﻣﺎ أرﺧﺺ اﻟﻜﺬب ﻋﻨﺪك وأﺧﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻓﺈن ﻛﻨﺖ ﺻﺎدﻗﺎً ﻓﻲ دﻋﻮاك ﻓﺄﺷﺮ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ آدم ،وإﻻ ﻓﻠﻢ ﺗﺸﻨﻊ ﺑﺎﻟﻜﺬب ﻋﻠﻰ ﻗﻮم ھﻢ أﻋﻠﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻣﻨﻚ ،ﺛﻢ ﯾﻨﻘﻞ ﻣﻌﻨﻰ اﻵﯾﺔ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄنﱠ اﻟﻤﺮاد :ﻣﺎ ﻓﺮﻃﻮا ﻓﻲ اﻹﯾﻤﺎن واﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ،وﯾﻘﻮل :ﻻﯾﺠﮭﻞ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﻨﺒﯿﮫ :وﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ )) ﺑﻞ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﻨﻔﺼﻼً (( وھﻮ ﺧﻄﺄ، واﻟﺼﻮاب اﻟﻤﺜﺒﺖ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﻷﺻﻞ واﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺨﻄﯿﺔ ﻟﻠﻤﺨﺘﺼﺮ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١٥
ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻋﻮام اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎﺋﮭﻢ ،ﺛﻢ ﯾﻮرد آﺛﺎراً ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب ،وأﻧﱠﮫ ﻣﺠﺎﻧﺐ ﻟﻺﯾﻤﺎن، وأﻧﱠﮫ ﺻﻔﺔ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ ،وﻻ ﯾﺠﻮز ﻣﻨﮫ ﺟﺪ وﻻ ھﺰل ،ﻛﻞ ذﻟﻚ ذﻛﺮه اﻟﺪارﻣﻲ وﻧﻘﻠﮫ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻣﻌﺘﻘﺪاً ﻟﮫ ﻣﺴﺘﺸﮭﺪاً ﺑﮫ وھﻮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻞ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻓﯿﺘﻌﺎﻣﻰ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ،وﯾﺪﻋﻲ أن اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﺠﻨﺐ ﺻﻔﺔ ﷲ وﯾﺮﺟﻊ ﺑﺎﻷﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﺛﻨﯿﺔ اﻷوﻟﻰ. ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮫ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻹﻣﺎم اﻟﺪارﻣﻲ ﻟﺴﻠﻔﮫ :ﻣﺎ أرﺧﺺ اﻟﻜﺬب ﻋﻨﺪك وأﺧﻔﮫ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻚ ﻓﺈنﱠ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﮫ} :ﻓِﻲ ﺟَﻨﺐِ ﺍ ،{ِأي :ﻓﻲ دﯾﻦ ﺍ أو ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍ ،وھﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻻ ﯾﺠﮭﻠﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻋﻮام اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻤﺤﻘﻖ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ. وﻧﻘﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ :أﻟﻢ ﯾﺮدﻋﻚ ﻋﻦ اﻟﻜﺬب ﻣﺎ ﻗﺮأﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ :ﻣﻦ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ )) :اﻟﻜﺬب ﻣﺠﺎﻧﺐ ﻟﻺﯾﻤﺎن (( ،وﻗﻮل اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ ﺍ ﻋﻨﮫ )) :ﻻ ﯾﺠﻮز ﻣﻦ اﻟﻜﺬب ﺟﺪﱞ وﻻ ھﺰلٌ (( ،وﻗﻮل اﻟﺸﻌﺒﻲ )) :ﻣﻦ ﻛﺎن ﻛﺬﱠاﺑﺎً ﻓﮭﻮ ﻣﻨﺎﻓﻖ (( ،أﻟﻢ ﯾﺮدﻋﻚ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﻜﺬب ﻓﺈنﱠ ﻓﯿﮫ أﻋﻈﻢ رادع ،أم أنﱠ اﻟﻄﺒﻊ ﻏﺎﻟﺐ. ١٦ـ ص )) :١٨وإﻣﺎم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻗﺪوﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻄﺎﻣﺎت ھﻮ أﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻘﻮل )):أﻟﺰﻣﻮﻧﻲ ﻣﺎ ﺷﺌﺘﻢ إﻻ اﻟﻠﺤﯿﺔ واﻟﻌﻮرة (( أي ﻓﻲ ﺻﻔﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ!! ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ذﻟﻚ اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﻮاﺻﻢ ) (٢٨٣/٢وھﺬا ھﻮ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت اﻟﺬي ﯾﺮﯾﺪوﻧﮫ واﻟﺬي ﯾﺤﺎوﻟﻮن إﺛﺒﺎﺗﮫ ((. :ﺣﺴﯿﺒﻚ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ،ﻓﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم رﺣﻤﮫ ﺍ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺬي ﺑﮭﺘﮫ ﺑﮫ ورﻣﯿﺘﮫ ﺑﮫ ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :وﻗﺪ ﺻﻨﻒ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ
١١٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﻌﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻓﻲ إﺑﻄﺎل اﻟﺘﺄوﯾﻞ ردّاً ﻟﻜﺘﺎب اﺑﻦ ﻓﻮرك ،وھﻮ وإن ﻛﺎن أﺳﻨﺪ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮھﺎ وذﻛﺮ ﻣﻦ رواھﺎ ﻓﻔﯿﮭﺎ ﻋﺪة أﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ﻛﺤﺪﯾﺚ اﻟﺮؤﯾﺔ ﻋﯿﺎﻧﺎً ﻟﯿﻠﺔ اﻟﻤﻌﺮاج وﻧﺤﻮه وﻓﯿﮭﺎ أﺷﯿﺎء ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ رواھﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ،ﻛﺤﺪﯾﺚ ﻗﻌﻮد اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش رواه ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻃﺮق ﻛﺜﯿﺮة ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ ،وإﻧﱠﻤﺎ اﻟﺜﺎﺑﺖ أﻧﱠﮫ ﻋﻦ ﻣﺠﺎھﺪ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ،وﻛﺎن اﻟﺴﻠﻒ واﻷﺋﻤﺔ ﯾﺮووﻧﮫ وﻻ ﯾﻨﻜﺮوﻧﮫ ،وﯾﺘﻠﻘﻮﻧﮫ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل. وﻗﺪ ﯾﻘﺎل :إنﱠ ﻣﺜﻞ ھﺬا ﻻ ﯾﻘﺎل إﻻ ﺗﻮﻗﯿﻔﺎً ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻣﻦ أﻟﻔﺎظ اﻟﺮﺳﻮل وﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﻛﻼم ﻏﯿﺮه ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺒﻮل أو اﻟﻤﺮدود. وﻟﮭﺬا وﻏﯿﺮه ﺗﻜﻠﻢ رزق ﺍ اﻟﺘﻤﯿﻤﻲ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أﺻﺤﺎب أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺗﺼﻨﯿﻒ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻲ ﯾﻌﻠﻰ ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻜﻼم ﻏﻠﯿﻆ وﺷﻨﻊ ﻋﻠﯿﮫ أﻋﺪاؤه ﺑﺄﺷﯿﺎء ھﻮ ﻣﻨﮭﺎ ﺑﺮيء ﻛﻤﺎ ذﻛﺮ ھﻮ ذﻟﻚ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻜﺘﺎب. وﻣﺎ ﻧﻘﻠﮫ ﻋﻨﮫ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﺻﻢ ﻛﺬب ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻦ ﻣﺠﮭﻮل ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮه أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ،وھﻮ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب ﻋﻠﯿﮫ ،ﻣﻊ أنﱠ ھﺆﻻء وإن ﻛﺎﻧﻮا ﻧﻘﻠﻮا ﻋﻨﮫ ﻣﺎ ھﻮ ﻛﺬب ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻔﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﺮدود ﻧﻘﻼً وﺗﻮﺟﯿﮭﺎً ،وﻓﻲ ﻛﻼﻣﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺎ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﻼم اﻷﺷﻌﺮي واﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺒﺎﻗﻼﻧﻲ وأﺑﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ وأﻣﺜﺎﻟﮭﻢ ﻣﻤﻦ ﯾﻮاﻓﻖ اﻟﻨﻔﺎة ﻋﻠﻰ ﻧﻔﯿﮭﻢ ،وﯾﺸﺎرك أھﻞ اﻹﺛﺒﺎت ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﯾﻘﻮل
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١٧
اﻟﺠﻤﮭﻮر :إﻧﱠﮫ ﺟﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻘﯿﻀﯿﻦ (().(١ :وﺑﮭﺬا اﻟﻨﻘﻞ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ وﺑﮭﺘﮫ واﻓﺘﺮاؤه ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم رﺣﻤﮫ ﺍ ،واﻷﻣﺮ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﯾﻀﺎح ﻓﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻮاﻓﻖ أﺑﺎ ﯾﻌﻠﻰ ﻓﻲ ﻛﻞﱢ ﻣﺎ ﻗﺎل وﺑﯿﱠﻦ ﻛﺬب ﻣﺎ ﻧﻘﻠﮫ اﺑﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ إﻣﺎﻣﺎً ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻜﺎﺗﺐ. وأﻣﱠﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺑﻮ ﯾﻌﻠﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻘﺪ ﻗﺎل ﻓﻲ آﺧﺮ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) إﺑﻄﺎل اﻟﺘﺄوﯾﻼت (( ﻓﻲ دﻓﺎﻋﮫ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﺎ رﻣﻲ ﺑﮫ ﻣﻦ ﺗﺠﺴﯿﻢ وﺗﺸﺒﯿﮫ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﺼﮫ ... )) :ﺛﻢ ﻟﻢ ﯾﻜﻔﮭﻢ ﻣﺎ أﺿﺎﻓﻮه إﻟﯿﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﺒﮭﺘﺎن ،ﺣﺘﻰ رﻣﻮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﺠﺴﯿﻢ واﻟﺘﺸﺒﯿﮫ واﻟﻜﻔﺮ ﻷﺟﻞ ﻣﺎ روﯾﻨﺎه ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ اﻟﻘﺮآن واﻷﺧﺒﺎر ،ﻭﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﻘﻮل: }وَﻛَﯿْﻒَ ﺗَﻜْﻔُﺮُونَ وَأَﻧﺘُﻢْ ﺗُﺘْﻠَﻰ ﻋَﻠَﯿْﻜُﻢْ آﯾَﺎتُ ﺍ ِوَﻓِﯿﻜُﻢْ رَﺳُﻮﻟُﮫُ وَﻣَﻦ ﯾﱠﻌْﺘَﺼِﻢ ﺑِﺎ ِﻓَﻘَﺪْ ھُﺪِيَ إِﻟَﻲ ﺻِﺮَاطٍ ﻣُﺴْﺘَﻘِﯿﻢٍ{) ،(٢ﻓﻜﯿﻒ ﯾﺠﻮز أن ﻧﻜﻔﺮ وﻧﺤﻦ ﻧﺤﺘﺞ ﺑﻜﺘﺎب ﺍ وﺳﻨﺔ رﺳﻮل ﺍ ،وﻟﻜﻦ ﻧﻌﺘﺼﻢ ﺑﺎ ﻛﻤﺎ أﻣﺮﻧﺎ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﮭﺘﺪي إﻟﻰ اﻟﺼﺮاط اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ،وﻣﻊ ھﺬا ﻓﻠﻢ ﯾﺨﻞ ﺍ ﺟﻞ ﺛﻨﺎؤه ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻋﺼﺮه ﻣﻦ ﺟﺎھﻞ ﯾﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺤﺴﺪه وﺷﺮه ﻟﯿﺒﻠﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻜﺮه وﺻﺒﺮه ،وﯾﻌﻈﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺛﻮاﺑﮫ وأﺟﺮه .وﻗﺪ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻛَﺬَﻟِﻚَ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻟِﻜُﻞﱢ ﻧَﺒِﻲﱟ ﻋَﺪُوّاً ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺠْﺮِﻣِﯿﻦَ{) ،(٣وﻗﺎل ﺴﻜُﻢْ وَﻟَﺘَﺴْﻤَﻌُﻦﱠ ﻣِﻦَ اﻟﺬِﯾﻦَ أُوﺗُﻮا ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﻟَﺘُﺒْﻠَﻮُنﱠ ﻓِﻲ أَﻣْﻮَاﻟِﻜُﻢْ وَأَﻧﻔُ ِ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١درء ﺗﻌﺎرض اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ ).(٢٣٨ ،٢٣٧/٥ ) (٢ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ .١٠١ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ،اﻵﯾﺔ .٣١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١٨
اﻟﻜِﺘَﺎبَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻜُﻢْ وَﻣِﻦَ اﻟﺬِﯾﻦَ أَﺷْﺮَﻛُﻮا أَذًي ﻛَﺜِﯿﺮاً وَإِن ﺗَﺼْﺒِﺮُوا وَﺗَﺘﱠﻘُﻮا ﻓَﺈِنﱠ ذَﻟِﻚَ ﻣِﻦْ ﻋَﺰْمِ اﻷُﻣُﻮرِ{) ،(١وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَإِن ﺗَﺼْﺒِﺮُوا وَﺗَﺘﱠﻘُﻮا ﻻَ ﯾَﻀُﺮﱡﻛُﻢْ ﻛَﯿْﺪُھُﻢْ ﺷَﯿْﺌﺎً{) ،(٢وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَدﱠ ﻛَﺜِﯿﺮٌ ﻣِﻦْ أَھْﻞِ ﺴﮭِﻢْ اﻟْﻜِﺘَﺎبِ ﻟَﻮْ ﯾَﺮُدﱡوﻧَﻜُﻢ ﻣﱢﻦ ﺑَﻌْﺪِ إِﯾﻤَﺎﻧِﻜُﻢْ ﻛُﻔﱠﺎراً ﺣَﺴَﺪاً ﻣِﻦْ ﻋِﻨﺪِ أَﻧﻔُ ِ ﻣِﻦ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﯿﱠﻦَ ﻟَﮭُﻢُ اﻟْﺤَﻖﱡ{) ،(٣وﻗﺎل اﻟﻨﺒﻲ )) :ﻟﻮ أنﱠ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻟﻘﯿﱠﺾ ﺍ ﻟﮫ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً ﯾﺆذﯾﮫ (( ،وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ: وإذا أﺗﺘﻚ ﻣﺬﻣﱠﺘﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﻗﺺ
ﻓﮭﻲ اﻟﺸﮭﺎدة ﻟﻲ ﺑﺄﻧﱢﻲ ﻓﺎﺿﻞ
وﻗﺎل رﺟﻞ ﻷﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﯾﺎ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﺍ :ﻗﺎﻟﻮا: إنﱠ ﻋﻨﺪك ﻛﺘﺎب زﻧﺪﻗﺔ ،ﻓﻘﺎل :ﻻ ﯾﺤﺮز اﻟﻤﺆﻣﻦَ إﻻ ﻗﺒﺮُه .(( ... وذﻛﺮ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﻼﻣﺎً ﻃﻮﯾﻼً ﺛﻢ ﻗﺎل ... )) :ﻓﻤﻦ روى ﻋﻨﱠﺎ ﺧﻼف ذﻟﻚ أو أﺿﺎف إﻟﯿﻨﺎ ﺳﻮاه أو ﻧﺤﻠﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻮﻻً ﻏﯿﺮه ﻓﮭﻮ ﻛﺎذب ﻣﻔﺘﺮي ﻣﺘﺨﺮص ﻣﻌﺘﺪي ﯾﺒﻮء ﺑﺴﺨﻂ ﺍ وﻋﻠﯿﮫ ﻏﻀﺐ ﺍ وﻟﻌﻨﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺪارﯾﻦ .(٤)(( ... ١٧ـ ص ) )) :١٩ﺗﻨﺒﯿﮫ ﻣﮭﻢ ﺟﺪاً( وﻣِﻤﱠﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أنﱠ ھﺆﻻء اﻟﻤﺘﺴﻠﻔﯿﻦ أﺗﺒﺎع اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻣﺠﺴﻤﺔ أﯾﻀﺎً ﯾﺴﯿﺮون ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﻧﮭﺞ ﺷﯿﺨﮭﻤﺎ ،ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮭﻢ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ ذﻟﻚ ،ﻣﻨﮭﺎ ﻛﺘﺎب ﻃﺒﻊ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻟﻤﺘﺴﻠﻒ وھﺎﺑﻲ ﯾﺪﻋﻰ ) ﻋﺒﺪ ﺍ ﺑﻦ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ .١٨٦ ) (٢ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ .١٢٠ ) (٣ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .١٠٩ ) (٤إﺑﻄﺎل اﻟﺘﺄوﯾﻼت ﻷﺧﺒﺎر اﻟﺼﻔﺎت )ق ٣٩٠ـﻖ.(٣٩٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١١٩
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪوﯾﺶ ( اﺳﻢ اﻟﻜﺘﺎب ) اﻟﻤﻮرد اﻟﺰﻻل ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ أﺧﻄﺎء اﻟﻈﻼل ( ﯾﺴﻔﮫ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﯿﺦ )ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ( وﯾﺼﻔﮫ ﺑﺎﻻﺑﺘﺪاع وأﻧﱠﮫ ﺟﮭﻤﻲ أﺷﻌﺮي ﻣﻌﺘﺰﻟﻲ وإﻟﯿﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﯾﻘﻮل ھﺬا اﻟﻤﺘﻤﺴﻠﻒ: ١ـ ﯾﻘﻮل ص ١٠ :ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :ﻓﻘﺪ ﻋﺎب ـ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،وھﺬا ھﻮ ﻣﺴﻠﻚ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ وﺳﯿﺠﻲء ﻣﻦ ﻛﻼﻣﮫ ﻣﺎ ﯾﺒﯿﻦ أﻧﱠﮫ ﺳﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﮭﻢ (( ا.ھـ ((. :ﻧﺺ ﻛﻼم اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍ اﻟﺪوﯾﺶ رﺣﻤﮫ ﺍ ھﻮ ﻗﻮﻟﮫ ﺑﻌﺪ أن ذﻛﺮ ﺗﻔﺴﯿﺮ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻼﺳﺘﻮاء ﺑﺎﻟﻌﻠﻮ واﻻرﺗﻔﺎع )) ... ﻓﻤﻦ ردﱠ ھﺬا أو ﻋﺎﺑﮫ ﻓﻘﺪ ﻋﺎب ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وھﺬا ھﻮ دأب أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ وﻏﯿﺮھﻢ .وﺳﯿﺠﻲء ﻣﻦ ﻛﻼﻣﮫ ﻣﺎ ﯾﺒﯿﻦ أﻧﱠﮫ ﺳﻠﻚ ﻣﺴﻠﻜﮭﻢ ((. ﻓﺤﺬف اﻟﻜﺎﺗﺐ أول ﻛﻼم اﻟﺸﯿﺦ وھﻮ ﻋﺎم ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﺛﻢ أﺿﺎف إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻛﯿﺴﮫ ﺑﯿﻦ ﺷﺮﻃﺘﯿﻦ ـ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ إﻣﻌﺎﻧﺎً ﻣﻨﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺮﯾﻒ، وھﺬا ﻛﺬب ﻓﺎﺿﺢ ،ﻓﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻧﺺ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺪوﯾﺶ رﺣﻤﮫ ﺍ ،وﺑﯿﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﺬي أورده ھﺬا اﻟﻤﺰور. وﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻈﻼل أﻣﻮر ﻋﺪﯾﺪة ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت وﻏﯿﺮھﺎ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻨﮭﺞ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﺳﻠﻚ ﻓﯿﮭﺎ ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺘﻜﻠﱢﻤﯿﻦ ،وﻗﺪ ﻧﺒﱠﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮ واﺣﺪ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ، ﻣﻨﮭﻢ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺪوﯾﺶ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﻤﻮرد (( ...اﻟﺬي ﺷﺮق ﻣﻨﮫ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻏﯿﺮه.
١٢٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺑﻞ إنﱠ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﻗﺪ أﻗﺮﱠ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﻗﺪ وﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻷﺧﻄﺎء ،وﺳﻠﻚ ﻣﺴﺎﻟﻚ اﻟﻤﺘﻜﻠﱢﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻈﻼل وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﻛﺘﺒﮫ ،ووﻋﺪ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﻨﱠﻈﺮ ﻓﯿﮭﺎ وﺗﺪارك ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻌﺎت اﻷﺧﺮى ،إﻻﱠ أﻧﱠﮫ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﻣﺎت وﻟَﻢ ﯾﺘﯿﺴﱠﺮ ﻟﮫ ذﻟﻚ. ﻓﻔﻲ ﻇﻼل اﻟﻘﺮآن ) (٣٧٣١/٦اﻧﺘﻘﺪ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻣَﻦ ﯾﺮﯾﺪون ﻓﮭﻢ اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ ﺿﻮء ﻣﻘﺮرات ﺗﺼﻮرﯾﺔ أو ﻋﻘﻠﯿﺔ أو ﺷﻌﻮرﯾﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ـ ﻛﻤﺎ ھﻮ اﻟﺸﺄن ﻋﻨﺪ أﺋﻤﺔ اﻟﻜﻼم اﻟﺒﺎﻃﻞ ـ ﺛﻢ )) ﯾﺆوﻟﻮن ﻧﺼﻮﺻﮫ ھﺬه ﻟﺘُﻮاﺋﻢ ﻣﻘﺮرات ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ ،وﺗﺼﻮرات ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ أذھﺎﻧﮭﻢ ﻟﻤﺎ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻮﺟﻮد (( ،ﺛﻢ ﻋﻠﱠﻖ ﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻲ اﻟﮭﺎﻣﺶ ﺑﻘﻮﻟﮫ: )) وﻣﺎ أﺑﺮئ ﻧﻔﺴﻲ أﻧﱠﻨﻲ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻲ وﻓﻲ اﻷﺟﺰاء اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻈﻼل ﻗﺪ اﻧﺴﻘﺖ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ ھﺬا ،وأرﺟﻮ أن أﺗﺪارﻛﮫ ﻓﻲ اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ إذا وﻓﱠﻖ ﺍ ،وﻣﺎ أﻗﺮره ھﻨﺎ ھﻮ ﻣﺎ أﻋﺘﻘﺪه اﻟﺤﻖﱠ ﺑﮭﺪاﯾﺔ ﻣﻦ ﺍ .(( اھـ.
ﻓﻨﺴﺄل ﺍ أن ﯾﻐﻔﺮ ﻟﺴﯿﺪ ﻗﻄﺐ أﺧﻄﺎءَه اﻟﺘﻲ أﻗﺮﱠ ﺑﮭﺎ ووﻋﺪ ﺑﺘﻼﻓﯿﮭﺎ ،وأن ﯾﮭﺪي أﺗﺒﺎﻋَﮫ ﻟﻠﺒُﻌﺪ ﻋﻨﮭﺎ واﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﯿﮭﺎ ،إﻧﱠﮫ ﺳﻤﯿﻊٌ ﻣﺠﯿﺐ. وﻋﻠﻰ ﻛﻞﱟ ﻓﺴﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ أﻗﺮﱠ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﮭﺬه اﻷﺧﻄﺎء ووﻋﺪ ﺧﯿﺮاً ،واﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻨﺎﺻﺤﻮن ﺣﺬﱠروا اﻟﻨﺎسَ ﻣﻦ ھﺬه اﻷﺧﻄﺎء وأرادوا ﺑﺬﻟﻚ ﺧﯿﺮاً ،وأﻣﱠﺎ ھﺬا اﻟﺪﱠﻋِﻲ وأﻣﺜﺎﻟﮫ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﺼﺤﻮا ﻻ ﻟﺴﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ وﻻ ﻟﻌﻤﻮم اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﻭﺍ وﺣﺪه اﻟﻤﺴﺘﻌﺎن ﻻ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٢١
ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ. ١٨ـ ص - ٢ )) :١٩،٢٠وﯾﻘﻮل ص(١٩) : ]أي اﻟﺪوﯾﺶ[ ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :وأﻗﻮل :ﻗﻮﻟﮫ ـ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ ـ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﺍ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺤﯿﺰ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ھﺬا ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻛﺎﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ واﻷﺷﺎﻋﺮة ،وأﻣﺎ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻼ ﯾﺼﻔﻮن ﺍ إﻻ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ .(( ...ﺛﻢ ﻗﺎل ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﺨﻤﺴﺔ أﺳﻄﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ ذاﻣّﺎً أھﻞ اﻟﺒﺪع ﺑﻨﻈﺮه ﻣﺎ ﻧﺼﮫ )) :وﻣﻘﺼﻮدھﻢ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﻛﺎﻟﺠﺴﻢ واﻟﺘﺤﯿﺰ (( ...ا.ھـ ﻓﮭﻮ ﯾﺮى ﺗﺒﻌﺎً ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ أنﱠ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺘﺤﯿﺰ ،وأنﱠ اﻟﺸﯿﺦ ﺳﯿﺪ ﻗﻄﺐ واﻷﺷﺎﻋﺮة اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺰھﻮن ﺍ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﯿﺰ واﻟﻤﻜﺎن وﯾﻘﻮﻟﻮن }ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ وَھُﻮَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟْﺒَﺼِﯿﺮُ{) ،(١ﻣﺒﺘﺪﻋﺔ ﺟﮭﻤﯿﻮن، ﻓﺎ ﺣﺴﯿﺒﮫ وﺣﺴﯿﺐ ھﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ((.
:ﻟﻘﺪ ﺑﺘﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﻼم اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺪوﯾﺶ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ وھﺬا ﻣﻦ ﻋﺎدة أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء ـ ﻟﯿﺘﻮﺻﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺗﻘﺮﯾﺮ أنﱠ اﻟﺸﯿﺦ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺤﯿﺰ ﷲ وﯾﻌﺪھﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﮫ ،واﻟﺸﯿﺦ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ ذﻟﻚ وﻻ ﯾﻘﺼﺪه ﺑﻞ وﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﻛﻼﻣﮫ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ.
وﻧﺺ ﻛﻼﻣﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ ھﻮ: اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺤﯿﺰ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ھﺬا ﻗﻮل أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻛﺎﻟﺠﮭﻤﯿﺔ واﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١
أﻗﻮل :ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺟﮫ إﻟﻰ ﺍ
١٢٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
وأﻣﺎ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻼ ﯾﺼﻔﻮن ﺍ إﻻ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ وﺑﻤﺎ وﺻﻔﮫ رﺳﻮﻟﮫ ﻻ ﯾﺘﺠﺎوزون اﻟﻘﺮآن واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﯿﺜﺒﻮن ﻋﻠﻮ اﻟﺮب ﻋﺰ وﺟﻞ واﺳﺘﻮاءه ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﮫ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَھُﻮَ اﻟْﻌَﻠِﻲﱡ اﻟْﻜَﺒِﯿﺮُ{ ،وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :اﻟﺮﱠﺣْﻤَﻦُ ﻋَﻠَﻰ اﻟْﻌَﺮْشِ اﺳْﺘَﻮَى{ ،وأﻣﺎ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻓﻼ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﻣﺎ ورد أو ﯾﺜﺒﺘﻮن ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻔﺎت دون ﺑﻌﺾ، وﯾﺒﺘﺪﻋﻮن أﻟﻔﺎﻇﺎً ﻣﻮھﻤﺔ ﯾﻈﻦ اﻟﻈﺎنّ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻨﺰھﻮن اﻟﺮب ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﮭﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ واﻟﻌﯿﻮب وﻣﻘﺼﻮدھﻢ ﺑﮭﺎ ﻧﻔﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﻛﺎﻟﺠﺴﻢ واﻟﺘﺤﯿﺰ واﻟﺠﻮھﺮ واﻟﻌﺮض ،ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﺗﻘﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻌﺪ ﻛﻼم ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺮدﱢ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﱠﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﺠﺴﻢ وﻻ ﺑﺠﻮھﺮ وﻻ ﻋﺮض ﻗﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ :ﻓﮭﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﻻ ﯾﻄﻠﻖ إﺛﺒﺎﺗﮭﺎ وﻻ ﻧﻔﯿﮭﺎ ﻛﻠﻔﻆ اﻟﺠﻮھﺮ واﻟﺠﺴﻢ واﻟﺤﯿﺰ وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ .(( ... ھﺬا ﻧﺺ ﻛﻼم اﻟﺸﯿﺦ رﺣﻤﮫ ﺍ ،وﻣﻦ ﯾﻘﺮأ ﻛﻼﻣﮫ ﯾﻌﻠﻢ أنﱠ ﻣﺮاده ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺤﯿﺰ واﻟﻌﺮض اﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ﻟﻸﻟﻔﺎظ اﻟﻤﻮھﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻈﻦ اﻟﻈﺎنّ أنﱠ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﯾﻘﺼﺪون ﺑﻨﻔﯿﮭﺎ ﺗﻨﺰﯾﮫ ﺍ ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ واﻟﻌﯿﻮب ،ﻓﺠﺎء ھﺬا اﻟﻤﺰور وﺑﺘﺮ ﻛﻼم اﻟﺸﯿﺦ وأﺧﺬ آﺧﺮه ﻟﯿﻮھﻢ اﻟﻘﺎرئ أنﱠ اﻟﺸﯿﺦ ﯾﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﺠﺴﻢ واﻟﺠﻮھﺮ ﻟﺼﻔﺎت ﺍ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﮫ، وﻟﮭﺬا ﻗﺎل اﻟﻤﺰور ﺑﻌﺪ ھﺬا اﻟﻨﻘﻞ اﻟﻤﺒﺘﻮر )) :ﻓﮭﻮ ﯾﺮى ﺗﺒﻌﺎً ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ واﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ أنﱠ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺤﯿﺰ ((.
ﻣﻊ أنﱠ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺪوﯾﺶ ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻧﻘﻞ ﺗﻠﻮ اﻟﻨﺺ اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ أنﱠ ھﺬه اﻷﻟﻔﺎظ ﻻ ﯾﻄﻠﻖ إﺛﺒﺎﺗﮭﺎ وﻻ ﻧﻔﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺍ ،وھﺬا ھﻮ ﻣﻌﺘﻘﺪ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أﺋﻤﺔ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻤﻮھﻤﺔ ،ﻻ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٢٣
ﯾﺮون إﻃﻼق إﺛﺒﺎﺗﮭﺎ وﻻ إﻃﻼق ﻧﻔﯿﮭﺎ ﻟﻜﻮﻧﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﺮد وﻟﻜﻮﻧﮭﺎ ﻣﺤﺘﻤﻠﺔ. ورﻏﻢ وﻗﻮف اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ إﻻ أﻧﱠﮫ ﻟﻢ ﯾﺮض ﻟﻨﻔﺴﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﻜﺬب
واﻟﺘﺰوﯾﺮ. ١٩ـ ص … )) :٣٣ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻟَﺌِﻦ ﺳﺄَﻟْﺘَﮭُﻢ ﻣﱠﻦْ ﺧَﻠَﻖَ اﻟﺴﱠﻤَﻮَاتِ وَاﻷَرْضَ وَﺳَﺨﱠﺮَ اﻟﺸﱠﻤْﺲَ وَاﻟْﻘَﻤَﺮَ َ ﻟَﯿَﻘُﻮﻟُﻦﱠ ﺍ ُﻓَﺄَﻧﱠﻰ ﯾُﺆْﻓَﻜُﻮنَ{) ،(١ﻣﻌﻨﺎه ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ) )) :(١٦١/١٣أي ﻛﯿﻒ ﯾﻜﻔﺮون ﺑﺘﻮﺣﯿﺪي وﯾﻨﻘﻠﺒﻮن ﻋﻦ ﻋﺒﺎدﺗﻲ، ﻣﻌﻨﺎه :أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ذﻟﻚ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﮭﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺞ ﻋﻠﯿﮭﻢ وھﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺬﻟﻚ (( .(( ... :ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ اﻟﻜﺎﺗﺐ أﺣﺪاً ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﻮاﻓﻘﮫ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ :إ ﱠ ن اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻻ ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﻮﺟﻮد ﺍ ،وأﻧﱠﮭﻢ إﻧﱠﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا ذﻟﻚ ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺞ ﻋﻠﯿﮭﻢ وھﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺬﻟﻚ ،ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﺠﺪ أﺣﺪاً ﯾﻮاﻓﻘﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﺿﻄﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺰوﯾﺮ. ﻓﻘﺎل :ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ) )) :(١٦١/١٣أي ﻛﯿﻒ ﯾﻜﻔﺮون ﺑﺘﻮﺣﯿﺪي وﯾﻨﻘﻠﺒﻮن ﻋﻦ ﻋﺒﺎدﺗﻲ ،ﻣﻌﻨﺎه :أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن ذﻟﻚ ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﮭﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺠﺞ ﻋﻠﯿﮭﻢ وھﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺬﻟﻚ ((. ﻓﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﮫ
))
أي ﻛﯿﻒ ﯾﻜﻔﺮون ،(( ...إﻟﻰ ﻗﻮﻟﮫ:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ،اﻵﯾﺔ .٦١
))
...ﻻ
١٢٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺑﺬﻟﻚ (( ﺑﯿﻦ ﻋﻼﻣﺘﻲ اﻟﺘﻨﺼﯿﺺ ﻟﯿﻮھﻢ أنﱠ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﻗﻮل اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﻼم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﯾﻨﺘﮭﻲ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻟﮫ... )) : ﻋﻦ ﻋﺒﺎدﺗﻲ (( ،واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﻛﻼم اﻟﻜﺎﺗﺐ ،وزور ﻣﻊ ھﺬا ﺗﺰوﯾﺮاً آﺧﺮ ﻓﺤﺬف ﻛﻼﻣﺎً ﻟﻠﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺒﻞ ھﺬا ﻓﯿﮫ اﻟﺘﻨﺼﯿﺺ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ )) ﺧﺎﻟﻖ ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء ((. ﺑﻞ إنﱠ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﯾﺼﺮح ﺑﺎﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ واﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻓﻘﺪ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﮫ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﯿﺴﯿﺮ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺤﻤﯿﺪ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :أﺻﻞ اﻟﺸﺮك اﻟﻤﺤﺮم اﻋﺘﻘﺎد ﺷﺮﯾﻚ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻹﻟﮭﯿﺔ وھﻮ اﻟﺸﺮك اﻷﻋﻈﻢ ،وھﻮ ﺷﺮك اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ،وﯾﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﺮﺗﺒﺔ اﻋﺘﻘﺎد ﺷﺮﯾﻚ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻔﻌﻞ ،وھﻮ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎل :إنﱠ ﻣﻮﺟﻮداً ﻣﺎ ﻏﯿﺮ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﯾﺴﺘﻘﻞ ﺑﺈﺣﺪاث ﻓﻌﻞ وإﯾﺠﺎده ،وإن ﻟﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻛﻮﻧﮫ إﻟﮭﺎً (().(١
٢٠ـ ص )) :٣٧اﻋﻠﻢ ﯾﺮﺣﻤﻚ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ أنﱠ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﻢ اﻷﺷﺎﻋﺮة واﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﷲ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت ﻣﺎ أﺛﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﮫ ،وﻣﺎ ﯾﺸﻮﺷﮫ اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻣﻦ أﻧﮭﻢ ﻣﻌﻄﻠﺔ وﺟﮭﻤﯿﺔ ﺗﺸﻮﯾﺶ ﻓﺎرغ ﻻ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﮫ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻤﺤﯿﺺ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ((. :ﻣﺮاده ﺑﺎﻟﻤﺠﺴﻤﺔ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﮭﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺮﻣﻮن اﻷﺷﺎﻋﺮة واﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻜﻼم ﺑﺄﻧﮭﻢ ﻣﻌﻄﻠﺔ ﻓﯿﻤﺎ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺗﯿﺴﯿﺮ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺤﻤﯿﺪ )ص ،(٤٤ :ﺛﻢ وﺟﺪﺗﮫ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ).(١١٨/٥ وﻗﺎل ـ رﺣﻤﮫ ﺍ ـ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه ) )) :(٧٢/١ﻓﺎ اﺳﻢٌ ﻟﻠﻤﻮﺟﻮد اﻟﺤﻖ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﺼﻔﺎت اﻹﻟـﮭﯿﱠﺔ ،اﻟﻤﻨﻌﻮت ﺑﻨﻌﻮت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ،اﻟﻤﺘﻔﺮﱢد ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻻ إﻟﮫ إﻻﱠ ھﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ (( ،وھﺬا ﺻﺮﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﺮق.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٢٥
ﯾﻨﻜﺮوﻧﮫ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﻓﺎﻷﺷﺎﻋﺮة وﻛﺬا اﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ ﯾﻨﻔﻮن ﻋﻦ ﺍ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﻛﻤﺎﻟﮫ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻣﺜﻞ اﻻﺳﺘﻮاء واﻟﻨﺰول واﻟﻤﺠﻲء واﻟﻐﻀﺐ واﻟﺮﺿﺎ ...وﻏﯿﺮھﺎ ﻓﮭﺬه ﺻﻔﺎت أﺛﺒﺘﮭﺎ ﺍ ﻟﻨﻔﺴﮫ وأﺛﺒﺘﮭﺎ ﻟﮫ رﺳﻮﻟﮫ ،وﻧﻔﺎھﺎ ھﺆﻻء ﻋﻨﮫ ،ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻤﺎ ادﻋﺎه اﻟﻜﺎﺗﺐ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﷲ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت ﻣﺎ أﺛﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﮫ. وﺟَﻌْﻞُ اﻟﻜﺎﺗﺐِ اﻷﺷﺎﻋﺮة واﻟﻤﺎﺗﺮﯾﺪﯾﺔ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻏﻠﻂ ﻇﺎھﺮ إذ ھﻢ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع واﻷھﻮاء ،وأﻣﱠﺎ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﮭﻢ اﻟﻤﺘﻤﺴﻜﻮن ﺑﮭﺎ واﻟﺪاﺋﺮون ﻣﻌﮭﺎ ﻧﻔﯿﺎً وإﺛﺒﺎﺗﺎً. ﻓﺈنﱠ اﻟﻤﺮاد ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﺎ رﺳﻮل ﺍ
وأﺻﺤﺎﺑﮫ اﻟﻜﺮام وﺗﺎﺑﻌﻮھﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن ﻗﺒﻞ ﻇﮭﻮر اﻟﺒﺪع وﻓﺸﻮھﺎ، ﻓﻤﻦ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻷھﻮاء واﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﮭﺎ ﻟﻢ ﯾﺼﺢ إﻃﻼق ھﺬا اﻟﻠﻘﺐ اﻟﺠﻠﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :وأﺋﻤﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﻟﯿﺴﻮا ﻣﺜﻞ أﺋﻤﺔ اﻟﺒﺪﻋﺔ ،ﻓﺈنﱠ أﺋﻤﺔ اﻟﺴﻨﺔ ﺗﻀﺎف اﻟﺴﻨﺔ إﻟﯿﮭﻢ ﻷﻧﱠﮭﻢ ﻣﻈﺎھﺮ ﺑﮭﻢ ﻇﮭﺮت ،وأﺋﻤﺔ اﻟﺒﺪﻋﺔ ﺗﻀﺎف إﻟﯿﮭﻢ ﻷﻧﱠﮭﻢ ﻣﺼﺎدر ﻋﻨﮭﻢ ﺻﺪرت .(١)(( ... وﺑﮭﺬا ﯾﻌﻠﻢ ﻣﻦ ھﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ وﻣﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪﻋﺔ. ٢١ـ ص :٣٨ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١درء ﺗﻌﺎرض اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ ).( ٦ ،٥/٥
))
واﻟﻀﺤﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﯾﻠﯿﻖ أن
١٢٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﻄﻠﻖ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍ ،وإﻧﻤﺎ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺠﺎز ،وﺗﺄوﯾﻠﮫ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺮﺿﺎ أو اﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻓﺈذا ورد ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ أنﱠ ﺍ ﯾﻀﺤﻚ إﻟﻰ ﻓﻼن ﻓﺎﻟﻤﺮاد ﺑﮫ أﻧﱠﮫ ﯾﺮﺿﻰ ﻋﻨﮫ وﯾﺮﺣﻤﮫ ،وھﻜﺬا ((. :ﺷﯿﺦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ھﻮ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ ﻏﯿﺎث اﻟﻤﺮﯾﺴﻲ ،وﻗﺪ ﻧﻘﺾ أﻗﻮاﻟﮫ اﻹﻣﺎمُ اﻟﺪارﻣﻲ ﻓﻲ رده اﻟﺸﮭﯿﺮ ﻋﻠﯿﮫ، وﻟﮭﺬا ﻓﺈﻧﻲ أﻗﺘﺼﺮ ھﻨﺎ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ ردﱢ اﻹﻣﺎم اﻟﺪارﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮ اﻟﻤﺮﯾﺴﻲ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﯿﻜﻮن اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺸﯿﺦ ردّاً ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ. ﻗﺎل اﻟﺪارﻣﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ )) :ﻓﺎدﻋﻰ اﻟﻤﻌﺎرض ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه أن ﺿﺤﻚ اﻟﺮب رﺿﺎه ورﺣﻤﺘﮫ … وذﻛﺮ أﻣﻮراً ﺛﻢ ﻗﺎل :وأﻣﱠﺎ ﻗﻮﻟﻚ إنﱠ ﺿﺤﻜﮫ رﺿﺎه ورﺣﻤﺘﮫ ﻓﻘﺪ ﺻﺪﻗﺖ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ،ﻷﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻀﺤﻚ ﻷﺣﺪ إﻻ ﻋﻦ رﺿﻰ ،ﻓﯿﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﮫ اﻟﻀﺤﻚ واﻟﺮﺿﺎ ،وﻻ ﯾﺼﺮﻓﮫ إﻻ ﻋﻦ ﻋﺪو ،وأﻧﺖ ﺗﻨﻔﻲ اﻟﻀﺤﻚ ﻋﻦ ﺍ وﺗﺜﺒﺖ ﻟﮫ اﻟﺮﺿﺎ وﺣﺪه ...إﻟﻰ أن ﻗﺎل :وﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ أﺧﺒﺮﻧﺎ ﯾﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء ﻋﻦ وﻛﯿﻊ ﺑﻦ ﺣﺪس ﻋﻦ أﺑﻲ رزﯾﻦ اﻟﻌﻘﯿﻠﻲ ﻋﻦ ﻏﯿَﺮه .ﻗﺎل رﺳﻮل ﺍ ﻗﺎل )) :ﺿﺤﻚ رﺑﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﻨﻮط ﻋﺒﺎده وﻗﺮب ِ أﺑﻮ رزﯾﻦ :أﯾﻀﺤﻚ اﻟﺮب ﯾﺎ رﺳﻮل ﺍ؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﺎل :ﻟﻦ ﻧﻌﺪم ﻣﻦ رب ﯾﻀﺤﻚ ﺧﯿﺮاً ((. ﻓﮭﺬا ﺣﺪﯾﺜﻚ أﯾﮭﺎ اﻟﻤﻌﺎرض اﻟﺬي روﯾﺘﮫ وﺛﺒﺘﱠﮫ وﻓﺴﺮﺗﮫ، وأﻗﺮرت أنﱠ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺪ ﻗﺎﻟﮫ ،ﻓﻔﻲ ﻧﻔﺲ ﺣﺪﯾﺜﻚ ھﺬا ﻣﺎ ﯾﻨﻘﺾ دﻋﻮاك وھﻮ ﻗﻮل أﺑﻲ رزﯾﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ )) أﯾﻀﺤﻚ اﻟﺮب؟ (( وﻟﻮ ﻛﺎن ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻀﺤﻚ اﻟﺮﺿﻰ واﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺼﻔﺢ ﻋﻦ اﻟﺬﻧﻮب ﻓﻘﻂ ﻛﺎن أﺑﻮ رزﯾﻦ ﻓﻲ دﻋﻮاك إذن ﺟﺎھﻼً أن ﻻ ﯾﻌﻠﻢ أنﱠ رﺑﮫ ﯾﺮﺣﻢ وﯾﺮﺿﻰ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٢٧
وﯾﻐﻔﺮ اﻟﺬﻧﻮب؟ ﺑﻞ ھﻮ ﻛﺎﻓﺮ ﻓﻲ دﻋﻮاك ،إذ ﻟﻢ ﯾﻌﺮف ﺍ ﺑﺎﻟﺮﺿﻰ واﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻤﻐﻔﺮة .وﻗﺪ ﻗﺮأ اﻟﻘﺮآن وﺳﻤﻊ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﺍ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ رﺣﻤﺘﮫ وﻣﻐﻔﺮﺗﮫ وﺻﻔﺤﮫ ﻋﻦ اﻟﺬﻧﻮب ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﮫ ﻓﯿﮫ ﻣﻨﺪوﺣﺔ ﻋﻦ ﺳﺆال اﻟﻨﺒﻲ :أﯾﻐﻔﺮ رﺑﻨﺎ وﯾﺮﺣﻢ؟ إﻧﱠﻤﺎ ﺳﺄﻟﮫ ﻋﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﻻ ﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻋﻠﻢ وآﻣﻦ ﺑﮫ ﻗﺒﻞ .وﻗﺮأ اﻟﻘﺮآن ﻓﻮﺟﺪ ﻓﯿﮫ ذﻛﺮه وﻟﻢ ﯾﺠﺪ ﻓﯿﮫ ذﻛﺮ اﻟﻀﺤﻚ .ﻓﻠﻤﺎ أﺧﺒﺮه اﻟﻨﺒﻲ أﻧﱠﮫ ﯾﻀﺤﻚ ﻗﺎل )) :ﻟﻦ ﻧﻌﺪم ﻣﻦ رب ﯾﻀﺤﻚ ﺧﯿﺮاً (( وﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺄوﯾﻠﻚ ﻻﺳﺘﺤﺎل أن ﯾﻘﻮل أﺑﻮ رزﯾﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ :ﻟﻦ ﻧﻌﺪم ﻣﻦ رب ﯾﺮﺣﻢ وﯾﺮﺿﻰ وﯾﻐﻔﺮ ﺧﯿﺮاً .ﻟﻤﺎ أﻧﱠﮫ ﻗﺪ آﻣﻦ وﻗﺮأ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ} :إِﻧﱠﮫُ ﻏَﻔُﻮرٌ رﱠﺣِﯿﻢٌ{ ﻓﺎﻋﻘﻠﮫ .وﻣﺎ أراك ﺗﻌﻘﻠﮫ (().(١ :وﻟﺴﺖ أدري أﯾﻀﺎً ھﻞ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ﯾﻌﻘﻠﮫ أوﻻ؟ وﻣﺎ أراه ﯾﻌﻘﻠﮫ. ٢٢ـ ص )) :٣٨روى اﻹﻣﺎم اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت )ص (٢٩٨ :أنﱠ اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺨﺎري رﺣﻤﮫ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ أوﱠل اﻟﻀﺤﻚ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ،وھﺬا ﻧﮭﺞ اﻟﺴﻠﻒ واﻟﻤﺤﺪﺛﯿﻦ، واﻟﺒﺨﺎري ﺑﻼ ﺷﻚ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺤﺪﺛﯿﻦ ،وﻣﻦ أھﻞ اﻟﻘﺮون اﻟﺜﻼث، ﻗﺮون اﻟﺴﻠﻒ اﻟﻤﺸﮭﻮد ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺨﯿﺮﯾﺔ ((. :ﺣﺎﺷﺎھﻢ ،ﻓﺘﺄوﯾﻞ اﻟﻨﺼﻮص وﺻﺮﻓﮭﺎ ﻋﻦ ﻇﻮاھﺮھﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻧﮭﺠﮭﻢ ،ﺑﻞ ھﻢ ﯾﻤﺮون اﻟﻨﺼﻮص ﻛﻤﺎ ﺟﺎءت وﻻ ﯾﺤﺮﻓﻮن وﻻ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١رد اﻹﻣﺎم اﻟﺪارﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮ )ص١٧٤ :ـ.(١٧٨
١٢٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﯾﻤﺜﻠﻮن وﻻ ﯾﻌﻄﻠﻮن وﻻ ﯾﻜﯿﻔﻮن. وھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ أنﱠ اﻟﺒﺨﺎري أوﱠل اﻟﻀﺤﻚ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻻ وﺟﻮد ﻟﮫ ﻓﻲ ﻧﺴﺦ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﯿﻦ أﯾﺪﯾﻨﺎ ،واﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي ذﻛﺮ اﻟﺒﯿﮭﻘﻲ أنﱠ اﻟﺒﺨﺎري أوﱠل ﻋﻨﺪه اﻟﻀﺤﻚ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻣُﺨﺮج ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻌﯿﻦ ﻣﻨﮫ ،وﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮ ﻋﻨﺪ ﺷﻲء ﻣﻨﮭﻤﺎ ھﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،وﻗﺪ ﻧﺺ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺢ ) (٦٣٢/٨ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟﻮد ھﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺦ اﻟﺘﻲ اﻃﻠﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺒﺨﺎري وھﻮ ﻣﻦ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﺼﺤﯿﺢ وﺳﻌﺔ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺨﮫ ،ﻓﻘﺎل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :وﻟﻢ أر ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺦ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺨﺎري ((. وﻋﻠﯿﮫ ﻓﻼ ﻋﺒﺮة ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆوﻟﺔ ھﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻨﺴﻮﺑﺎً ﻟﻠﺒﺨﺎري رﺣﻤﮫ ﺍ ،وﻻ ﻋﺒﺮة ﺑﺎﻟﺪﻋﺎوى إذا ﻟﻢ ﯾﻘﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﺑﯿﻨﺎت.
٢٣ـ ص )) :٤٠واﻟﺼﻮاب أنﱠ اﻟﺴﻠﻒ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﻢ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺆوﻟﻮن ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺮاد ﻣﻨﮭﺎ إﺛﺒﺎت ﺻﻔﺎت ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺗﻔﺴﯿﺮ اﻹﻣﺎم اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﺴﻠﻔﻲ )ﺗﻮﻓﻲ ٣١٠ھـ( أﻛﺒﺮ ﺑﺮھﺎن ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ أورد اﻟﺤﺎﻓﻆ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه وروى ﺑﺄﺳﺎﻧﯿﺪه ﻋﻦ ﺳﯿﺪﻧﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺗﺄوﯾﻞ )(١ )اﻟﺴﺎق( اﻟﻮاردة ﻓﻲ ﻗﻮل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﯾَﻮْمَ ﯾُﻜْﺸَﻒُ ﻋَﻦ ﺳَﺎقٍ{ ﺑﺎﻟﺸﺪة؛ ﻷنﱠ اﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل :ﻛﺸﻔﺖ اﻟﺤﺮب ﻋﻦ ﺳﺎﻗﮭﺎ أي اﺷﺘﺪت ((. :ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ واﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﺆوﻟﻮن ﻛﺬبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ ،اﻵﯾﺔ .٤٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٢٩
ﻋﻠﯿﮭﻢ ،وﺗﻘﻮﱡلٌ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﻼ ﻋﻠﻢ. ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )) :وأﻣﱠﺎ اﻟﺬي أﻗﻮﻟﮫ اﻵن وأﻛﺘﺒﮫ وإن ﻛﻨﺖ ﻟﻢ أﻛﺘﺒﮫ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ أﺟﻮﺑﺘﻲ وإﻧﻤﺎ أﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻟﺲ إنﱠ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ آﯾﺎت اﻟﺼﻔﺎت ﻓﻠﯿﺲ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﺗﺄوﯾﻠﮭﺎ. وﻗﺪ ﻃﺎﻟﻌﺖ اﻟﺘﻔﺎﺳﯿﺮ اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻣﺎ رووه ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ ،ووﻗﻔﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺎء ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﺒﺎر واﻟﺼﻐﺎر أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺗﻔﺴﯿﺮ ،ﻓﻠﻢ أﺟﺪ إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺘﻲ ھﺬه ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﻧﱠﮫ ﺗﺄول ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ آﯾﺎت اﻟﺼﻔﺎت أو أﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺨﻼف ﻣﻘﺘﻀﺎھﺎ اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﻤﻌﺮوف ،ﺑﻞ ﻋﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﯾﺮ ذﻟﻚ وﺗﺜﺒﯿﺘﮫ ،وﺑﯿﺎن أنﱠ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﺍ ﻣﺎ ﯾﺨﺎﻟﻒ ﻛﻼم اﻟﻤﺘﺄوﻟﯿﻦ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺤﺼﯿﮫ إﻻ ﺍ، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺬﻛﺮوﻧﮫ آﺛﺮﯾﻦ وذاﻛﺮﯾﻦ ﻋﻨﮭﻢ ﺷﻲء ﻛﺜﯿﺮ. وﺗﻤﺎم ھﺬا أﻧﱢﻲ ﻟﻢ أﺟﺪھﻢ ﺗﻨﺎزﻋﻮا إﻻﱠ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :ﯾَﻮْ َم ﯾُﻜْﺸَﻒُ ﻋَﻦ ﺳَﺎقٍ{ ،ﻓﺮوي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻃﺎﺋﻔﺔ أنﱠ اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ اﻟﺸﺪة ،إن ﺍ ﯾﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﺸﺪة ﻓﻲ اﻵﺧﺮة ،وﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﯿﺪ وﻃﺎﺋﻔﺔ أﻧﱠﮭﻢ ﻋﺪوھﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه أﺑﻮ ﺳﻌﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ. وﻻ رﯾﺐ أنﱠ ﻇﺎھﺮ اﻟﻘﺮآن ] ﻻ [ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أنﱠ ھﺬه ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻗﺎل} :ﯾَﻮْمَ ﯾُﻜْﺸَﻒُ ﻋَﻦ ﺳَﺎقٍ{ ﻧﻜﺮة ﻓﻲ اﻹﺛﺒﺎت ﻟﻢ ﯾﻀﻔﮭﺎ إﻟﻰ ﺍ ،وﻟﻢ ﯾﻘﻞ ﻋﻦ ﺳﺎﻗﮫ ،ﻓﻤﻊ ﻋﺪم اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻻ ﯾﻈﮭﺮ أﻧﱠﮫ
١٣٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت إﻻ ﺑﺪﻟﯿﻞ آﺧﺮ ،وﻣﺜﻞ ھﺬا ﻟﯿﺲ ﺑﺘﺄوﯾﻞ ،إﻧﱠﻤﺎ اﻟﺘﺄوﯾﻞ ﺻﺮف اﻵﯾﺔ ﻋﻦ ﻣﺪﻟﻮﻟﮭﺎ وﻣﻔﮭﻮﻣﮭﺎ وﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻤﻌﺮوف ،وﻟﻜﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ھﺆﻻء ﯾﺠﻌﻠﻮن اﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﺪﻟﻮﻻً ﻟﮫ ،ﺛﻢ ﯾﺮﯾﺪون ﺻﺮﻓﮫ ﻋﻨﮫ ،وﯾﺠﻌﻠﻮن ھﺬا ﺗﺄوﯾﻼً ،وھﺬا ﺧﻄﺄ ﻣﻦ وﺟﮭﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎه ﻏﯿﺮ ﻣﺮة (().(١ ٢٤ـ ص )) :٤١أوﱠل اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ: }وَﺟَﺂءَ رَﺑﱡﻚَ{ ،أﻧﮫ ﺟﺎء ﺛﻮاﺑﮫ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﮫ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﺻﺤﯿﺢ ،اﻧﻈﺮ اﻟﺒﺪاﯾﺔ واﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻻﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ ).(( (٣٢٧/١٠ :ھﺬا اﻟﺘﺄوﯾﻞ اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺛﺒﻮﺗﮫ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻣﺤﻞ ﺑﺤﺚ وﻧﻈﺮ )) ﺑﻞ اﻟﺬي ﯾﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺠﻤﻠﺔ أنﱠ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ واﻷﺋﻤﺔ اﻟﻜﺒﺎر اﻟﺬﯾﻦ ﻟﮭﻢ ﻓﻲ اﻷﻣﺔ ﻟﺴﺎن ﺻﺪق ﻋﺎم ﻟﻢ ﯾﺘﻨﺎزﻋﻮا ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺒﺎب (() ،(٢وھﻮ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﻨﺼﻮص اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻨﮫ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ اﻟﺘﺄوﯾﻞ ورده ،وﯾﻜﻔﯿﻚ ﻓﻲ ھﺬا ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻧﺎدﻗﺔ واﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺷﻜﺖ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﺘﺸﺎﺑﮫ اﻟﻘﺮآن وﺗﺄوﻟﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺗﺄوﯾﻠﮫ ((. وھﺬا اﻟﻘﻮل اﻟﻤﻨﻘﻮل ﻋﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ رواه ﻋﻨﮫ ﺣﻨﺒﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺤﻨﺔ ،وﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ھﺬا ﯾﻘﻮل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ )) :ھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻏﯿﺮه أنﱠ ﺣﻨﺒﻼً ﻧﻘﻠﮫ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻤﺤﻨﺔ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة ﻟﮭﻢ ﯾﻮم اﻟﻤﺤﻨﺔ ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﯿﮫ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى )٣٩٤/٦ـ.(٣٩٥ ) (٢اﻟﻔﺘﺎوى ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ).(٤١٧/١٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣١
ﺑﻘﻮﻟﮫ )) ﺗﺠﻲء اﻟﺒﻘﺮة وآل ﻋﻤﺮان (( ﻗﺎﻟﻮا :واﻟﻤﺠﻲء ﻻ ﯾﻜﻮن إﻻ ﻟﻤﺨﻠﻮق ،ﻓﻌﺎرﺿﮭﻢ أﺣﻤﺪ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :وَﺟَﺂءَ رَﺑﱡﻚَ{} ،أَوْ ﯾَﺄْﺗِﻲَ رَﺑﱡﻚَ{، وﻗﺎل :اﻟﻤﺮاد ﺑﻘﻮﻟﮫ )) ﺗﺠﻲء اﻟﺒﻘﺮة وآل ﻋﻤﺮان (( ﺛﻮاﺑﮭﻤﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ} :وَﺟَﺂءَ رَﺑﱡﻚَ{أﻣﺮه وﻗﺪرﺗﮫ. وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ أﺻﺤﺎب أﺣﻤﺪ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻘﻠﮫ ﺣﻨﺒﻞ ،ﻓﺈﻧﱠﮫ ﻻ رﯾﺐ ﺧﻼف اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻤﺘﻮاﺗﺮة ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻌﮫ ﻣﻦ ﺗﺄوﯾﻞ ھﺬا ،وﺗﺄوﯾﻞ اﻟﻨﺰول ،واﻻﺳﺘﻮاء وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎل. وﻟﮭﻢ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﻮال :ﻗﯿﻞ :إنﱠ ھﺬا ﻏﻠﻂ ﻣﻦ ﺣﻨﺒﻞ ،اﻧﻔﺮد ﺑﮫ دون اﻟﺬﯾﻦ ذﻛﺮوا ﻋﻨﮫ اﻟﻤﻨﺎﻇﺮة ﻣﺜﻞ ﺻﺎﻟﺢ وﻋﺒﺪ ﺍ واﻟﻤﺮوذي وﻏﯿﺮھﻢ ،ﻓﺈﻧﱠﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺬﻛﺮوا ھﺬا ،وﺣﻨﺒﻞ ﯾﻨﻔﺮد ﺑﺮواﯾﺎت ﯾﻐﻠﻄﮫ ﻓﯿﮭﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻛﺎﻟﺨﻼل وﺻﺎﺣﺒﮫ ،ﻗﺎل أﺑﻮ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ ﺷﺎﻗﻼ :ھﺬا ﻏﻠﻂ ﻣﻦ ﺣﻨﺒﻞ وﻻ ﺷﻚ ﻓﯿﮫ. وﻛﺬﻟﻚ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ رواﯾﺔ أﻧﱠﮫ ﺗﺄول )) ﯾﻨﺰل إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﯿﺎ (( أﻧﮫ ﯾﻨﺰل أﻣﺮه ،ﻟﻜﻦ ھﺬا ﻣﻦ رواﯾﺔ ﺣﺒﯿﺐ ﻛﺎﺗﺒﮫ وھﻮ ﻛﺬﱠاب ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﮭﻢ ،وﻗﺪ روﯾﺖ ﻣﻦ وﺟﮫ آﺧﺮ ﻟﻜﻦ اﻹﺳﻨﺎد ﻣﺠﮭﻮل. واﻟﻘﻮل اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻗﺎل ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب أﺣﻤﺪ :ھﺬا ﻗﺎﻟﮫ إﻟﺰاﻣﺎً ﻟﻠﺨﺼﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺬھﺒﮫ ﻷﻧﱠﮭﻢ ﻓﻲ ﯾﻮم اﻟﻤﺤﻨﺔ ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﯿﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ )) ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺒﻘﺮة وآل ﻋﻤﺮان (( أﺟﺎﺑﮭﻢ ﺑﺄن ﻣﻌﻨﺎه :ﯾﺄﺗﻲ ﺛﻮاب اﻟﺒﻘﺮة وآل ﻋﻤﺮان ﻛﻘﻮﻟﮫ} :أَن ﯾﱠﺄْﺗِﯿَﮭُﻢُ ﺍ ،(١){ُأي أﻣﺮه وﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﺗﺄوﯾﻠﮭﻢ، ﻻ أﻧﱠﮫ ﯾﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﺈنﱠ ﻣﺬھﺒﮫ ﺗﺮك اﻟﺘﺄوﯾﻞ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .٢١٠
١٣٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
واﻟﻘﻮل اﻟﺜﺎﻟﺚ :أﻧﱠﮭﻢ ﺟﻌﻠﻮا ھﺬا رواﯾﺔ ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ،وﻗﺪ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻛﻼم اﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻣﺜﻞ ھﺬه ،ﻟﻜﻦ اﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﻤﺸﮭﻮر ﻋﻨﮫ ردّ اﻟﺘﺄوﯾﻞ. وﻗﺪ ذﻛﺮ اﻟﺮواﯾﺘﯿﻦ اﺑﻦ اﻟﺰاﻏﻮﻧﻲ وﻏﯿﺮه ،وذﻛﺮ أن ﺗﺮك اﻟﺘﺄوﯾﻞ ھﻲ اﻟﺮواﯾﺔ اﻟﻤﺸﮭﻮرة اﻟﻤﻌﻤﻮل ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻤﺸﺎﯾﺦ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ (().(١ ٢٥ـ ص … )) :٤٢ﯾﺜﺒﺖ ]أي :اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ[ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺻﻔﺎت ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ أو إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﱠﮫ أﺛﺒﺖ أنﱠ ﺍ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮت ﯾﺸﺒﮫ ﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ (( ،وأﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﮭﺎﻣﺶ إﻟﻰ ﻛﺘﺎب ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل اﻟﻤﻄﺒﻮع ﻋﻠﻰ ھﺎﻣﺶ ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ ).(١٥١/٢ :ﺣﺎﺷﺎ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻏﯿﺮه ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ أن ﯾﺜﺒﺘﻮا ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ أو إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ،ﺑﻞ ھﺬا ﻣﻦ دأب أھﻞ اﻟﺒﺪع اﻟﻤﺨﻠﻄﯿﻦ اﻟﻤﻤﻮھﯿﻦ. ﯾﻘﻮل إﻣﺎم اﻷﺋﻤﺔ اﺑﻦ ﺧﺰﯾﻤﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ )) :وﻗﺪ أﻋﻠﻤﺖ ﻣﺎ ﻻ أﺣﺼﻲ ﻣﻦ ﻣﺮة أﻧﻲ ﻻ أﺳﺘﺤﻞ أن أﻣَﻮﱢه ﻋﻠﻰ ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ اﻟﻮاھﻲ ،وإﻧﻲ ﺧﺎﺋﻒ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻘﻲ ﺟﻞ وﻋﻼ إذا ﻣﻮھﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﻼب اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻷﺧﺒﺎر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى )٤٠٤/١٦ـ ،(٤٠٦واﻧﻈﺮ أﯾﻀﺎً :ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﺼﻮاﻋﻖ )ص.(٤٠٦:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣٣
اﻟﻮاھﯿﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﺒﺎر ﺣﺠﺔ ﻟﻤﺬھﺒﻲ (().(١ وﯾﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ﺑﻌﺪ أن ذﻛﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺬي رواه اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺳﻨﻨﮫ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ أنﱠ اﻟﻨﺒﻲ ﻗﺎل)) : اﻹﯾﻤﺎن ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ،وﻗﻮل ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﻋﻤﻞ ﺑﺎﻷرﻛﺎن (( ،وﻓﯿﮫ ﺣﺠﺔ ﻟﻘﻮل أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻹﯾﻤﺎن وردﱞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺟﺌﺔ ،ﯾﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ )) :ﻓﻲ اﻟﺤﻖ ﻣﺎ ﯾﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،وﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﯾﺤﺘﺞ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ وﯾﺴﺘﺤﻠﮫ ﻟﺮوﺟﻨﺎ ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ وذﻛﺮﻧﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ أﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ،وﻟﻜﻦ ﻧﻌﻮذ ﺑﺎ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻌﻮذ ﺑﮫ ﻣﻦ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﺗﻀﻌﯿﻒ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺜﺎﺑﺖ وﺗﻌﻠﯿﻠﮫ إذا ﺧﺎﻟﻒ ﻗﻮل إﻣﺎم ﻣﻌﯿﻦ ،وﺑﺎ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ (().(٢
وﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻻ ﯾﺮى ﺟﻮاز اﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﮭﺘﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﮭﺎ ،ﯾﻘﻮل رﺣﻤﮫ ﺍ )) :وﻻ ﯾﺠﻮز أن ﯾﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﺻﺤﯿﺤﺔ وﻻ ﺣﺴﻨﺔ (() ،(٣وﯾﻘﻮل )) :واﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﺘﻲ ﺗﺮوى ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ـ وھﻮ اﻟﺴﺆال ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﯿﻦ ـ ھﻲ ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ اﻟﻮاھﯿﺔ ﺑﻞ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ،وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ أﺋﻤﺔ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ اﺣﺘﺞ ﺑﮭﺎ وﻻ اﻋﺘﻤﺪ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ )ص.(٢١٥ : ) (٢ﺗﮭﺬﯾﺐ ﺳﻨﻦ أﺑﻲ داود ).(٥٩/٧ ) (٣اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٥٠/١
١٣٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻋﻠﯿﮭﺎ (() ،(١وﻓﻲ ﺷﺄن اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ﯾﻘﻮل ... )) :ﻓﺄﻣﱠﺎ أن ﯾﺜﺒﺖ ﺷﺮﻋﺎً ﻟﻨﺎ ﺑﻤﺠﺮد اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﻓﮭﺬا ﻻ ﯾﻘﻮﻟﮫ ﻋﺎﻟﻢ (().(٢ وأﻋﻮد ﻟﻜﻼم اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺴﺎﺑﻖ وھﻮ ﻗﻮﻟﮫ ﻓﻲ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ـ رﺣﻤﮫ ﺍ:- )) وﯾﺜﺒﺖ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﺻﻔﺎت ﺑﺄﺣﺎدﯾﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺔ أو إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻧﱠﮫ أﺛﺒﺖ أنﱠ ﺍ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮت ﯾﺸﺒﮫ ﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ ((. ﻓﺄﻗﻮل :ﻟﻘﺪ اﺷﺘﻤﻞ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬا اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز ﺳﻄﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﺪة ﻛﺬﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم وھﺬا ﺑﯿﺎﻧﮭﺎ: اﻷوﻟﻰ :ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم إﻧﱠﮫ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ،وھﺬا ﻛﺬب ﻇﺎھﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻻ ﯾﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻠﻢ ﻗﺮأ ﻛﺘﺒﮫ ،وﺗﺤﺬﯾﺮُه رﺣﻤﮫ ﺍ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎد واﻻﺣﺘﺠﺎج ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت أﺷﮭﺮ ﻣﻦ أن ﯾﺬﻛﺮ ،وﻗﺪ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ ذﻟﻚ .ﻓﮭﺎﺗﺎن ﻛﺬﺑﺘﺎن ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم: اﻷوﻟﻰ :زﻋﻤﮫ أنﱠ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﯾﺤﺘﺞ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ. اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ :زﻋﻤﮫ أﻧﱠﮫ ﯾﺤﺘﺞ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺎﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٥٢/١ ) (٢اﻟﻔﺘﺎوى ).(٢٥١/١
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣٥
اﻟﻜﺬﺑﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺗﻤﺜﯿﻠﮫ ﻹﺛﺒﺎت ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ ﺑﻤﺎ ذﻛﺮه ﻋﻨﮫ )) أنﱠ ﺍ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮت ﯾﺸﺒﮫ ﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ (( ﻓﮭﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﺮد ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ وإﻧﱠﻤﺎ وردت ﻓﻲ أﺛﺮ ،وﻗﺪ ﻧﺺﱠ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺤﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮫ أﺛﺮ ،ﻓﮭﺬه ﻛﺬﺑﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم. اﻟﺮاﺑﻌﺔ :أنﱠ اﻷﺛﺮ اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮫ ﺿﻌﯿﻒ وﻟﯿﺲ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎً ﻛﻤﺎ ﯾﻮھﻤﮫ ﺳﯿﺎق اﻟﻜﺎﺗﺐ. اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ :أنﱠ اﻟﻨﺺ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ اﻟﺬي ورد ﻓﯿﮫ ھﺬا اﻷﺛﺮ ﻟﯿﺲ ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ،ﺑﻞ ﺟﺎء ﻋﻨﺪه ﺿﻤﻦ ﻧﻘﻞ ﻃﻮﯾﻞ ﻋﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻟﻺﻣﺎم أﺣﻤﺪ ،وھﻮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺬﻛﻮر )ص ،(٤٥ :وھﺬا أﻣﺮ أﺧﻔﺎه اﻟﻜﺎﺗﺐ ،ﻷﻧﱠﮫ ﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺘﺸﻨﯿﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،ﻓﮭﺬه ﻛﺬﺑﺔ ﺧﺎﻣﺴﺔ. اﻟﺴﺎدﺳﺔ :ﻗﻮﻟﮫ ﻋﻦ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم أﻧﮫ أﺛﺒﺖ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﺺ أن ﺍ
ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺼﻮت ﯾﺸﺒﮫ ﺻﻮت اﻟﺮﻋﺪ ،ﻓﮭﺬا ﻛﺬب ﻋﻠﯿﮫ؛ ﻷﻧﮫ إﻧﻤﺎ أورد اﻟﻨﺺ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ﻟﻠﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﻨﻜﺮ أنﱠ ﺍ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﺷﺎء ،وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺪ دﻟﺖ ﻋﻠﯿﮫ ﻧﺼﻮص ﻛﺜﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وﻟﮭﺬا ﻗﺎل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻋﻘﺒﮫ )) :ﻓﻘﺪ ذﻛﺮ أﺣﻤﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﻼم أنﱠ ﺍ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﺷﺎء ،وذﻛﺮ ﻣﺎ اﺳﺘﺸﮭﺪ ﺑﮫ ﻣﻦ اﻷﺛﺮ أن ﺍ ﻛﻠﻢ ﻣﻮﺳﻰ … اﻟﺦ ((. :ﻓﮭﺬه ﺳﺖ ﻛﺬﺑﺎت وﻗﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز ﺳﻄﺮﯾﻦ ،وﻟﻮ ﻣﺤﺺ ھﺬا اﻟﻜﻼم أﻛﺜﺮ ﻗﺪ ﯾﺘﺒﯿﻦ ﻓﯿﮫ ﻛﺬﺑﺎت
١٣٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
أﺧﺮ؟! وإذا ﻛﺎن ﻓﻲ ھﺬﯾﻦ اﻟﺴﻄﺮﯾﻦ ﺑﻠﻎ ﺑﮫ اﻟﻜﺬب ھﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ إذاً ﺑﻜﺘﺎﺑﮫ ﻛﺎﻣﻼً اﻟﺬي ﯾﺤﻮي ﺳﺘﯿﻦ ﺻﻔﺤﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻔﺤﺔ ﻋﺸﺮون ﺳﻄﺮاً ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً؟!! وأﻗﻮل ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ :ﺣﺴﯿﺒﻚ ﺍ ﺗﺮﻣﻲ ﻏﯿﺮك ﺑﺎﻟﻜﺬب وأﻧﺖ ﻓﺎرس ﻣﯿﺪاﻧﮫ ،واﺑﻦ ﺑﺠﺪﺗﮫ؟!! ٢٦ـ ص )) :٤٤وﺗﺘﻤﯿﻤﺎً ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ أﺻﻞ أﻛﺒﺮ ﻓﺮﻗﺔ ﻗﺪﯾﻤﺔ ﻣﻦ ﻓﺮق اﻟﻤﺠﺴﻤﺔ ھﻲ اﻟﻜﺮاﻣﯿﺔ وﺑﯿﺎن ﺑﻌﺾ آراﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﻓﻖ ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮ إﻟﯿﮫ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وأﺗﺒﺎﻋﮫ ،وﺧﺼﻮﺻﺎً أنﱠ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﯾﺜﻨﻲ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ ) (١٨١/١وﯾﻌﺘﺒﺮھﺎ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ ﻧﻈﺎر اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ((. :ﻋﺒﺎرة ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﯿﺮ إﻟﯿﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ، ھﻲ ﻗﻮل اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ ) )) :(١٨١/١وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﻞ ﻻ ﯾﺰال ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻼﻧﻘﺴﺎم ] أي :اﻟﺠﻮھﺮ اﻟﻔﺮد[ إﻟﻰ أن ﯾﺼﻐﺮ ﻓﯿﺴﺘﺤﯿﻞ ﻣﻊ ﺗﻤﯿﯿﺰ ﺑﻌﻀﮫ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﯿﺔ وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ ﻧﻈﺎر اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وھﻮ ﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺎﻟﮫ ﻣﻦ أﺳﺎﻃﯿﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣﻊ ﻗﻮل ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻧﱠﮫ ﻣﺮﻛﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺎدة واﻟﺼﻮرة، وﺑﻌﺾ اﻟﻤﺼﻨﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﯾﺠﻌﻞ إﺛﺒﺎت اﻟﺠﻮھﺮ اﻟﻔﺮد ھﻮ ﻗﻮل اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وأنﱠ ﻧﻔﯿﮫ ھﻮ ﻗﻮل اﻟﻤﻠﺤﺪﯾﻦ ،وھﺬا ﻷنﱠ ھﺆﻻء ﻟﻢ ﯾﻌﺮﻓﻮا ﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﻟﻤﻨﺴﻮﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻻ ﻣﺎ وﺟﺪوه ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺷﯿﻮﺧﮭﻢ أھﻞ اﻟﻜﻼم اﻟﻤﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺬي ذﻣﱠﮫ اﻟﺴﻠﻒ واﻷﺋﻤﺔ ،ﻛﻘﻮل أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼم ﺗﺰﻧﺪق .وﻗﻮل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ :ﺣﻜﻤﻲ ﻓﻲ أھﻞ اﻟﻜﻼم أن ﯾﻀﺮﺑﻮا ﺑﺎﻟﺠﺮﯾﺪ واﻟﻨﻌﺎل وﯾﻄﺎف ﺑﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣٧
واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ وﯾﻘﺎل ھﺬا ﺟﺰاء ﻣﻦ ﺗﺮك اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وأﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻼم .وﻛﻘﻮل أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ :ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﻼم زﻧﺎدﻗﺔ .وﻗﻮﻟﮫ :ﻣﺎ ارﺗﺪى أﺣﺪ ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻓﺄﻓﻠﺢ .وأﻣﺜﺎل ذﻟﻚ. وإﻻ ﻓﺎﻟﻘﻮل ﺑﺄنﱠ اﻷﺟﺴﺎم ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻮاھﺮ اﻟﻤﻨﻔﺮدة ﻗﻮل ﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻻ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﮭﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن وﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪھﻢ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﯿﻦ ((. :ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﺘﻤﺎﻣﮫ ،ﺛﻢ اﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﻓﮭﻤﮫ ھﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻨﮫ ،ﺗﺠﺪ أﻧﱠﮫ اﺟﺘﻤﻊ ﻟﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺳﻮء اﻟﻔﮭﻢ ﻣﻊ ﺳﻮء اﻟﻘﺼﺪ ،ﻓﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﺜﻦ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮاﻣﯿﺔ ﺑﻞ ﻗﺮن ﻗﻮﻟﮭﻢ ﺑﻘﻮل اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،وﻧﻘﻞ آﺛﺎراً ﻓﻲ ذم اﻟﻜﻼم وأھﻠﮫ ،وﺑﯿﱠﻦ أنﱠ اﻟﻘﻮل اﻟﺬي ﻗﺎﻟﻮه ﻻ ﯾﻌﺮف ﻋﻨﺪ أﺣﺪ ﻣﻦ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻻ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﮭﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎن ،وﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪھﻢ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﯿﻦ. وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﻓﻤﻮﻗﻒ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﯿﺔ ﻣﻌﺮوف ﻗﺪ ﺑﯿﻨﮫ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﻛﺘﺒﮫ ،ﻓﯿﺬﻛﺮ ﻋﻨﮭﻢ أﻧﱠﮭﻢ واﻓﻘﻮا أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﻲ أﻣﻮر وﺧﺎﻟﻔﻮھﻢ ﻓﻲ أﻣﻮر أﺧﺮى ،ﻓﮭﻢ ﯾﺤﻤﺪون ﻓﯿﻤﺎ واﻓﻘﻮا ﻓﯿﮫ اﻟﺤﻖ وﯾﺬﻣﻮن ﻓﯿﻤﺎ ﻓﺎرﻗﻮا ﻓﯿﮫ اﻟﺤﻖ. ٢٧ـ ﻓﻲ ھﺎﻣﺶ ص )) :٥١ﺑﻞ ﺻﺮح ﺑﺬﻟﻚ ـ أي ﺑﺼﻔﺔ اﻟﺴﻜﻮت ـ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ إﻣﺎﻣﮫ (( اﻧﻈﺮ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ھﺎﻣﺶ ﻣﻨﮭﺎﺟﮫ ). (٣٨/٢ وﻛﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ذﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻦ أنﱠ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻦ
١٣٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻛﻼﻣﮫ ذﻟﻚ!! ﺣﯿﺚ ﻗﺎل )) :وھﻮ اﻟﻤﻔﮭﻮم ﻣﻦ ﻛﻼم ﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﺸﺎرح! وﻣﻦ اﻟﻼزم اﻟﻘﺮﯾﺐ ﻟﻜﻼﻣﮫ ((!!. :ﻟﻢ ﯾﺼﺮح ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ادﻋﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ،واﻟﻤﻮﺿﻊ اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮫ ﺟﺎء ﺿﻤﻦ ﻧﻘﻞ ﻣﻄﻮل أورده ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم وھﻮ ﻷﺑﻲ إﺳﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﺒﺪ ﺍ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻷﻧﺼﺎري اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻣﻨﺎﻗﺐ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ. ﻓﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ )) ﺑﻞ ﺻﺮح ﺑﺬﻟﻚ ...اﻟﺦ (( ﻛﺬب ﺻﺮاح ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم وﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﺑﻌﺪ ﺻﻔﺤﺎت ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻨﺼﺮ اﻟﺴﺠﺰي أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :وﻣﻨﻊ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ إﻃﻼق اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻠﯿﮫ ،وﻣﻦ أھﻞ اﻷﺛﺮ ﻣﻦ ﺟﻮز إﻃﻼق اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻮروده ﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ وﻗﺎل ﻣﻌﻨﺎه :ﺗﺮﻛﮫ اﻟﺘﻮﺑﯿﺦ واﻟﺘﻘﺮﯾﺮ واﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﯿﻮم ،وﺳﯿﺄﺗﻲ ﯾﻮم ﯾﻘﺮر ﻓﯿﮫ وﯾﺤﺎﺳﺐ وﯾﻮﺑﺦ ﻓﺬﻟﻚ اﻟﺘﺮك ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻜﻮت ،ﻗﺎل واﻷﺻﻞ اﻟﺬي ﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﻠﻢ أنﱠ اﺗﻔﺎق ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﺴﻤﯿﺎت ﻻ ﯾﻮﺟﺐ اﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻤﯿﻦ ﺑﮭﺎ (().(١ ٢٨ـ ﻓﻲ ھﺎﻣﺶ ص ... )) :٥٢ﻓﺸﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل ﻟﺼﺤﯿﺢ اﻟﻤﻨﻘﻮل ﺑﮭﺎﻣﺶ ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ ).(٤٤/٢ ﻗﻠﺖ :ﻗﻮل اﻟﺴﺠﺰي )) :واﻷﺻﻞ اﻟﺬي ﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﻠﻢ أن اﺗﻔﺎق ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺘﺴﻤﯿﺎت ﻻ ﯾﻮﺟﺐ اﺗﻔﺎق اﻟﻤﺴﻤﯿﻦ ﺑﮭﺎ (( ھﻮ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﺘﯿﻨﺔ وأﺻﻞ ﻋﻈﯿﻢ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺼﻔﺎت ﯾﺪﻓﻊ ﺑﮫ ﺷﺒﮭﺔ اﻟﻤﻌﻄﻠﺔ ﻧﻔﺎة اﻟﺼﻔﺎت )) :أنﱠ إﺛﺒﺎت اﻟﺼﻔﺎت ﯾﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘﺸﺒﯿﮫ (( وﻗﺪ أوﺿﺢ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة وﺿﺮب ﻟﮭﺎ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻓﻲ أول ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺘﺪﻣﺮﯾﺔ ﻓﻠﯿﺮاﺟﻊ. واﻧﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ وﺻﻒ ﺍ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮت اﻟﻮارد ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ وﺑﯿﺎن اﻟﻤﺮاد ﺑﮫ اﻟﻔﺘﺎوى ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ).(١٧٩ ،١٧٨/٦
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٣٩
اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ھﻲ ﺗﻠﺨﯿﺺ ﻟـ )) ﻣﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ (( وﻟـ )) ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل (( ﻟﻠﺸﯿﺦ اﻟﺤﺮاﻧﻲ!! وﻟﺬﻟﻚ ﯾﺮﻛﺰون ﻋﻠﯿﮭﺎ وﯾﺤﺮﺻﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮھﺎ ((. :ﯾﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ذﻟﻚ ﻻﻣﺘﻼﺋﮫ ﻏﻼ وﺣﻘﺪاً وﻏﯿﻈﺎً ﻋﻠﻰ ھﺬﯾﻦ اﻹﻣﺎﻣﯿﻦ اﻟﻠﺬﯾﻦ أﺣﯿﺎ ﺍ ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺪﯾﻦ وﻧﺼﺮ ﺑﮭﻤﺎ اﻟﺴﻨﺔ وﻗﻤﻊ ﺑﮭﻤﺎ داﺑﺮ اﻟﻤﻔﺴﺪﯾﻦ. وﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻦ ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﺗﻠﺨﯿﺺ ﻟﻤﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ وﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل ﺟﮭﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻛﺬب ﯾﻌﻠﻤﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﻘﺮأ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة. واﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰ ﯾﻨﻘﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻋﻦ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻦ اﻟﺼﺤﯿﺤﯿﻦ واﻟﺴﻨﻦ واﻟﻤﺴﺎﻧﯿﺪ وﻋﻦ ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﺮﺗﺒﺎً ﺷﺮﺣﮫ ﺣﺴﺐ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻤﺘﻦ اﻟﻤﺸﺮوح. ٢٩ـ ص ... )) :٥٨وﻟﺬﻟﻚ ﺻﺮح أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺄن ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﮫ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ داﺧﻠﮫ .(( ... :ﺣﺎﺷﺎ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﺣﺎﺷﺎھﻢ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻌﺘﻘﺪھﻢ واﻟﻀﻼل ﻗﻮﻟﮭﻢ. وھﺬه دﻋﻮى ﯾﺪﻋﯿﮭﺎ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪﯾﻢ واﻟﺤﺪﯾﺚ، ﯾﻘﺮرون اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻤﻨﺤﺮﻓﺔ واﻵراء اﻟﺰاﺋﻔﺔ واﻟﻨﺤﻞ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ ﺛﻢ ﯾﻨﺴﺒﻮن ذﻟﻚ ﻛﺬﺑﺎً وزوراً إﻟﻰ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ. ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻤﻈﻔﺮ اﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻘﻠﮫ ﻋﻨﮫ اﻟﺘﯿﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺔ
١٤٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ن ﻛﻞ ﻓﺮﯾﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ إﻧﱠﻤﺎ ﯾﺪﻋﻲ أنﱠ اﻟﺬي ) )) :(٢٢٥-٢٢٣/٢إ ﱠ ﯾﻌﺘﻘﺪه ھﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل ﺍ ؛ ﻷﻧﱠﮭﻢ ﻛﻠﮭﻢ ﻣﺪﻋﻮن ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼم ﻣﻠﺘﺰﻣﻮن ﻓﻲ اﻟﻈﺎھﺮ ﺷﻌﺎﺋﺮھﺎ ،ﯾﺮون أنﱠ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﮫ ﻣﺤﻤﺪ ] ھﻮ اﻟﺤﻖ[ ﻏﯿﺮ أنﱠ اﻟﻄﺮق ﺗﻔﺮﻗﺖ ﺑﮭﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ،وأﺣﺪﺛﻮا ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﯾﺄذن ﺑﮫ ﺍ ورﺳﻮﻟﮫ ،ﻓﺰﻋﻢ ﻛﻞ ﻓﺮﯾﻖ أﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﻤﺘﻤﺴﻚ ﺑﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼم ،وأنﱠ اﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﮫ رﺳﻮل ﺍ ھﻮ اﻟﺬي ﯾﻌﺘﻘﺪه وﯾﻨﺘﺤﻠﮫ ،ﻏﯿﺮ أنﱠ ﺍ أﺑﻰ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻖ واﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ إﻻ ﻣﻊ أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ واﻵﺛﺎر؛ ﻷﻧﱠﮭﻢ أﺧﺬوا دﯾﻨﮭﻢ ،وﻋﻘﺎﺋﺪھﻢ ﺧﻠﻔﺎً ﻋﻦ ﺳﻠﻒ وﻗﺮﻧﺎً ﻋﻦ ﻗﺮن ،إﻟﻰ أن اﻧﺘﮭﻮا إﻟﻰ اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ،وأﺧﺬه اﻟﺘﺎﺑﻌﻮن ﻣﻦ أﺻﺤﺎب رﺳﻮل ﺍ ، وأﺧﺬه أﺻﺤﺎب رﺳﻮل ﺍ ﻋﻦ رﺳﻮل ﺍ ، وﻻ ﻃﺮﯾﻖ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ دﻋﺎ إﻟﯿﮫ رﺳﻮل ﺍ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﯿﻢ ،واﻟﺼﺮاط اﻟﻘﻮﯾﻢ ،إﻻ ھﺬا اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﺳﻠﻜﮫ أﺻﺤﺎب اﻟﺤﺪﯾﺚ ،وأﻣﺎ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻔﺮق ﻓﻄﻠﺒﻮا اﻟﺪﯾﻦ ﻻ ﺑﻄﺮﯾﻘﮫ؛ ﻷﻧﱠﮭﻢ رﺟﻌﻮا إﻟﻰ ﻣﻌﻘﻮﻟﮭﻢ وﺧﻮاﻃﺮھﻢ وآراﺋﮭﻢ ،ﻓﻄﻠﺒﻮا اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ،ﻓﺈذا ﺳﻤﻌﻮا ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻋﺮﺿﻮه ﻋﻠﻰ ﻣﻌﯿﺎر ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ ﻓﺈن اﺳﺘﻘﺎم ﻗﺒﻠﻮه ،وإن ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻘﻢ ﻓﻲ ﻣﯿﺰان ﻋﻘﻮﻟﮭﻢ ردوه ،ﻓﺈن اﺿﻄﺮوا إﻟﻰ ﻗﺒﻮﻟﮫ ﺣﺮﱠﻓﻮه ﺑﺎﻟﺘﺄوﯾﻼت اﻟﺒﻌﯿﺪة واﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﺴﺘﻜﺮھﺔ ،ﻓﺤﺎدوا ﻋﻦ اﻟﺤﻖ وزاﻏﻮا ﻋﻨﮫ وﻧﺒﺬوا اﻟﺪﯾﻦ وراء ﻇﮭﻮرھﻢ وﺟﻌﻠﻮا اﻟﺴﻨﺔ ﺗﺤﺖ أﻗﺪاﻣﮭﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍ ﻋﻤﺎ ﯾﺼﻔﻮن. وأﻣﱠﺎ أھﻞ اﻟﺤﻖ ﻓﺠﻌﻠﻮا اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ إﻣﺎﻣﮭﻢ ،وﻃﻠﺒﻮا اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮭﻤﺎ ،وﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﻘﻮﻟﮭﻢ وﺧﻮاﻃﺮھﻢ ﻋﺮﺿﻮه ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٤١
اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻓﺈن وﺟﺪوه ﻣﻮاﻓﻘﺎً ﻟﮭﻤﺎ ﻗﺒﻠﻮه ،وﺷﻜﺮوا ﺍ ﺣﯿﺚ أراھﻢ ذﻟﻚ ووﻓﻘﮭﻢ إﻟﯿﮫ ،وإن وﺟﺪوه ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﮭﻤﺎ ﺗﺮﻛﻮا ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﮭﻢ وأﻗﺒﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ورﺟﻌﻮا ﺑﺎﻟﺘﮭﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﮭﻢ ،ﻓﺈنﱠ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻻ ﯾﮭﺪﯾﺎن إﻻ إﻟﻰ اﻟﺤﻖ ،ورأي اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺪ ﯾﺮى اﻟﺤﻖ وﻗﺪ ﯾﺮى اﻟﺒﺎﻃﻞ ،وھﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮل أﺑﻲ ﺳﻠﯿﻤﺎن اﻟﺪاراﻧﻲ وھﻮ واﺣﺪ زﻣﺎﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ :ﻣﺎ ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺸﻲء إﻻ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﮭﺎ ﺷﺎھﺪﯾﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﻓﺈن أﺗﻰ ﺑﮭﻤﺎ وإﻻ رددﺗﮫ ﻓﻲ ﻧﺤﺮه ،أو ﻛﻼم ھﺬا ﻣﻌﻨﺎه. وﻣﻤﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أنﱠ أھﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ أﻧﱠﻚ ﻟﻮ ﻃﺎﻟﻌﺖ ﺟﻤﯿﻊ ﻛﺘﺒﮭﻢ اﻟﻤﺼﻨﻔﺔ ﻣﻦ أوﻟﮭﻢ إﻟﻰ آﺧﺮھﻢ ﻗﺪﯾﻤﮭﻢ وﺣﺪﯾﺜﮭﻢ ﻣﻊ اﺧﺘﻼف ﺑﻠﺪاﻧﮭﻢ وزﻣﺎﻧﮭﻢ وﺗﺒﺎﻋﺪ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﺎر وﺳﻜﻮن ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻗﻄﺮاً ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎر ،وﺟﺪﺗﮭﻢ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻋﻠﻰ وﺗﯿﺮة واﺣﺪة ،وﻧﻤﻂ واﺣﺪ ﯾﺠﺮون ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻻ ﯾﺤﯿﺪون ﻋﻨﮭﺎ وﻻ ﯾﻤﯿﻠﻮن ﻓﯿﮭﺎ ،ﻗﻮﻟﮭﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ واﺣﺪ وﻧﻘﻠﮭﻢ واﺣﺪ ،ﻻ ﺗﺮى ﺑﯿﻨﮭﻢ اﺧﺘﻼﻓﺎً وﻻ ﺗﻔﺮﻗﺎً ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﺎ وإن ﻗﻞﱠ ،ﺑﻞ ﻟﻮ ﺟﻤﻌﺖ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺎ ﺟﺮى ﻋﻠﻰ أﻟﺴﻨﺘﮭﻢ وﻧﻘﻠﻮه ﻋﻦ ﺳﻠﻔﮭﻢ وﺟﺪﺗﮫ ﻛﺄﻧﱠﮫ ﺟﺎء ﻣﻦ ﻗﻠﺐ واﺣﺪ ،وﺟﺮى ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن واﺣﺪ ،وھﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ دﻟﯿﻞ أﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﻏﯿْﺮِ ھﺬا؟ ﻗﺎل ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :أَﻓَﻼَ ﯾَﺘَﺪَﺑﱠﺮُونَ اﻟْﻘُﺮْءَانَ وَﻟَﻮْ ﻛَﺎنَ ﻣِﻦْ ﻋِﻨﺪِ َ ﺍ ِﻟَﻮَﺟَﺪُوا ﻓِﯿﮫِ اﺧْﺘِﻼَﻓﺎً ﻛَﺜِﯿﺮاً{) ،(١وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَاﻋْﺘَﺼِﻤُﻮا ﺑِﺤَﺒْﻞِ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ،اﻵﯾﺔ .٨٢
١٤٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺍ ِﺟَﻤِﯿﻌﺎً وَﻻَ ﺗَﻔَﺮﱠﻗُﻮا{).(١
وأﻣﺎ إذا ﻧﻈﺮت إﻟﻰ أھﻞ اﻷھﻮاء واﻟﺒﺪع رأﯾﺘﮭﻢ ﻣﺘﻔﺮﻗﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ أو ﺷﯿﻌﺎً وأﺣﺰاﺑﺎً ﻻ ﺗﻜﺎد ﺗﺠﺪ اﺛﻨﯿﻦ ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،ﯾﺒﺪﱢع ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﻌﻀﺎً ،ﺑﻞ ﯾﺮﺗﻘﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ﯾﻜﻔﺮ اﻻﺑﻦ أﺑﺎه ،واﻟﺮﺟﻞ أﺧﺎه ،واﻟﺠﺎر ﺟﺎره ،ﺗﺮاھﻢ أﺑﺪاً ﻓﻲ ﺗﻨﺎزع وﺗﺒﺎﻏﺾ واﺧﺘﻼف ،ﺗﻨﻘﻀﻲ أﻋﻤﺎرھﻢ وﻟﻢ ﺗﺘﻔﻖ ﻛﻠﻤﺎﺗﮭﻢ }ﺗَﺤْﺴَﺒُﮭُﻢْ ﺟَﻤِﯿﻌﺎً وَﻗُﻠُﻮﺑُﮭُﻢْ ﺷَﺘﱠﻰ ذَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧﱠﮭُﻢْ ﻗَﻮْمٌ ﻻﱠ ﯾَﻌْﻘِﻠُﻮنَ{).(( ... (٢ :وﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ھﺬا اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻟﮫ ﻟﯿﻌﻠﻢ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﺤﻖ ﻣﻦ ھﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻣﺎ ھﻮ ﻧﻌﺘﮭﻢ وﻣﺎ ﺣﻠﯿﺘﮭﻢ ،وﻟﯿﻌﻠﻢ ﻣﻦ ھﻢ أھﻞ اﻟﺒﺪﻋﺔ وﻣﺎ ھﻮ ﻧﻌﺘﮭﻢ وﺻﻔﺘﮭﻢ ﻟﯿﻤﯿﺰ اﻟﺨﺒﯿﺚ ﻣﻦ اﻟﻄﯿﺐ ،واﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ،واﻟﻐﺚ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﯿﻦ ﻓﺈنﱠ اﻷدﻋﯿﺎء ﻛﺜﯿﺮون. وﻟﯿﺲ أﺣﺪ ﻣﻦ أھﻞ اﻷھﻮاء واﻟﺒﺪع ﯾﻘﻮل ﻗﻮﻻً أو ﯾﺮى رأﯾﺎً إﻻ وﯾﺪﻋﻲ أﻧﱠﮫ ھﻮ اﻟﺤﻖ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﮫ رﺳﻮل ﺍ وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﺘﻘﺪم: )) ...وﻟﺬﻟﻚ ﺻﺮح أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ﻻ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﮫ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ داﺧﻠﮫ .(٣) (( ... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ .١٠٣ ) (٢ﺳﻮرة اﻟﺤﺸﺮ ،اﻵﯾﺔ .١٤ ) (٣وﻗﺪ وﻗﻔﺖ ﻣﺆﺧﺮاً ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ أﺳﻤﺎھﺎ )) :ﺣﺴﻦ اﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن أنﱠ ﺍ ﻻ داﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ ﺧﺎرﺟﮫ (( ﻗﺮر ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب =
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٤٣
ﻓﻨﻘﻮل ﻟﮫ :ﺳﻢﱢ ﻟﻨﺎ ﻣَﻦ ﺻﺮح ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻜﺘﺒﮭﻢ ﻣﻮﺟﻮدة وأﻗﻮاﻟﮭﻢ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ وآﺛﺎرھﻢ ﻣﻨﺸﻮرة ،إذ ﻟﻢ ﯾﺼﺮح ﺑﻤﺎ ذﻛﺮت إﻻ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ اﻟﻤﻌﻄﻠﺔ أﺗﺒﺎع اﻟﺠﮭﻢ ﺑﻦ ﺻﻔﻮان اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺘﺎﺑﻌﺖ أﻗﻮال أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﺒﺪﯾﻌﮭﻢ وﺗﻀﻠﯿﻠﮭﻢ. أﻣﱠﺎ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻘﺪ ﺻﺮﺣﻮا ﺑﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﮫ ،وﻓﻮﻗﯿﺘﮫ ،واﺳﺘﻮاﺋﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺷﮫ، وأﻧﱠﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ. واﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ ﺟﮭﻢ وﻣﻦ ﺗﺒﻌﮫ أﻣﺮٌ ﻻ ﯾﺠﻮز وﺻﻒ ﺍ ﺑﮫ ،إذ ﻣﻦ ﻗﺎل إنﱠ رﺑﮫ ﻟﯿﺲ ﻓﻮق وﻻ ﺗﺤﺖ وﻻ ﻋﻦ ﯾﻤﯿﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ ﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﮫ وﻻ داﺧﻠﮫ وﻻ ﺧﺎرﺟﮫ وﻻ ﻣﺘﺼﻼً ﺑﮫ وﻻ ﻣﻨﻔﺼﻼً ﻋﻨﮫ ﻓﻘﺪ وﺻﻔﮫ ﺑﺎﻟﻌﺪم ﺑﻞ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك وﺻﻒ ﻟﻠﻌﺪم أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺬي وﺻﻒ ﺑﮫ ھﺆﻻء اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ رﺑﮭﻢ ،وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻗﺎل ﻣﻦ ﻗﺎل ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ )) واﻟﻤﻌﻄﻞ ﯾﻌﺒﺪ ﻋﺪﻣﺎً ((. ﻗﺎل اﻟﺬھﺒﻲ رﺣﻤﮫ ﺍ ... )) :إنﱠ ﻣﻦ ﺗﺄول ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺼﻔﺎت ،وﺣﻤﻞ ﻣﺎ ورد ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎز اﻟﻜﻼم ،أداه ذﻟﻚ اﻟﺴﻠﺐ إﻟﻰ ﺗﻌﻄﯿﻞ اﻟﺮب، وأن ﯾﺸﺎﺑﮫ اﻟﻤﻌﺪوم ،ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺣﻤﺎد ﺑﻦ زﯾﺪ أﻧﱠﮫ ﻗﺎل )) :ﻣﺜﻞ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻛﻘﻮم ﻗﺎﻟﻮا :ﻓﻲ دارﻧﺎ ﻧﺨﻠﺔ ،ﻗﯿﻞ :ﻟﮭﺎ ﺳﻌﻒ؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﻻ، ﻗﯿﻞ :ﻓﻠﮭﺎ ﻛﺮب؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﻻ ،ﻗﯿﻞ :ﻟﮭﺎ رﻃﺐ وﻗﻨﻮ؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﻻ ،ﻗﯿﻞ: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واﻧﺘﺼﺮ ﻟﮭﺎ وداﻓﻊ ﻋﻨﮭﺎ ،إﻻ أﻧﱠﮫ ﻟﻢ ﯾﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ اﺳﻤﮫ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﱠة اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻞ وﺿﻊ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﺳﻤﺎً ﻣﺴﺘﻌﺎراً ﻣﻮھﻤﺎً ﺑﺬﻟﻚ أﻧﱠﮫ ﻟﻐﯿﺮه ،وﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻨﺪ ذﻛﺮ آﺛﺎر ﻣﺆﻟﻒ ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ أوردوا ﻣﺆﻟﻔﺎت اﻟﻤﺮدود ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺬي ھﻮ ﺻﺎﺣﺐ ھﺬا اﻟﺘﻨﺪﯾﺪ.
١٤٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻓﻠﮭﺎ ﺳﺎق؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﻻ ،ﻗﯿﻞ :ﻓﻤﺎ ﻓﻲ دارﻛﻢ ﻧﺨﻠﺔ ((. ﻗﻠﺖ :ـ اﻟﻘﺎﺋﻞ اﻟﺬھﺒﻲ ـ ﻛﺬﻟﻚ ھﺆﻻء اﻟﻨﻔﺎة ﻗﺎﻟﻮا :إﻟﮭﻨﺎ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ھﻮ ﻻ ﻓﻲ زﻣﺎن وﻻ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ،وﻻ ﯾُﺮى وﻻ ﯾﺴﻤﻊ ،وﻻ ﯾﺒﺼﺮ، وﻻ ﯾﺘﻜﻠﻢ ،وﻻ ﯾﺮﺿﻰ ،وﻻ ﯾﻐﻀﺐ ،وﻻ ﯾﺮﯾﺪ ،وﻻ ،وﻻ ... وﻗﺎﻟﻮا :ﺳﺒﺤﺎن اﻟﻤﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﺼﻔﺎت! ﺑﻞ ﻧﻘﻮل :ﺳﺒﺤﺎن ﺍ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﺴﻤﯿﻊ اﻟﺒﺼﯿﺮ اﻟﻤﺮﯾﺪ ،اﻟﺬي ﻛﻠﱠﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﺗﻜﻠﯿﻤﺎً ،واﺗﺨﺬ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺧﻠﯿﻼً ،وﯾُﺮى ﻓﻲ اﻵﺧﺮة، اﻟﻤﺘﺼﻒ ﺑﻤﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ،ووﺻﻔﮫ ﺑﮫ رﺳﻠﮫ ،اﻟﻤﻨﺰﱠه ﻋﻦ ﺳﻤﺎت اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﯿﻦ ،وﻋﻦ ﺟﺤﺪ اﻟﺠﺎﺣﺪﯾﻦ }ﻟَﯿْﺲَ ﻛَﻤِﺜْﻠِﮫِ ﺷَﻲْءٌ وَھُﻮَ اﻟﺴﱠﻤِﯿﻊُ اﻟْﺒَﺼِﯿﺮُ{) (٢)(( (١ا.ھـ ٣٠ـ : ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﮫ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺔ واﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺔ ﻓﺒﻠﻎ ﻋﺪﱠة ﻣﺎ ذﻛﺮه )) ﺛﻼﺛﺔ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎً (( ﺛﻢ ﻗﺎل ﺑﻌﺪ ﺳﺮدھﺎ: )) وھﻨﺎك ﻣﺆﻟﻔﺎت ورﺳﺎﺋﻞ ﻟﻢ ﺗﻜﻤﻞ ﺑﻌﺪ ﻧﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎءھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺠﺪﯾﺪة إن ﺷﺎء ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ((.
:ﻟﺌﻦ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻮال ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﻐﺶ واﻟﺘﺪﻟﯿﺲ واﻟﺘﺰوﯾﺮ واﻟﻘﻮل ﺑﻼ ﻋﻠﻢ واﻟﻈﻠﻢ واﻟﺠﻮر وﻏﻤﻂ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺘﻌﺎﻟﻢ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﺸﻮرى ،اﻵﯾﺔ .١١ ) (٢ﻣﺨﺘﺼﺮ اﻟﻌﻠﻮ ﻟﻠﺬھﺒﻲ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﺣﻔﻈﮫ ﺍ) ص.(٢٦٩:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٤٥
وأﺣﺴﺒﮭﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓـ)) ﻛﻞ إﻧﺎء ﺑﺎﻟﺬي ﻓﯿﮫ ﯾﻨﻀﺢ ﻋﻨﺪه (( ﻓﯿﺎ ھﻮل ﻣﺼﯿﺒﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﯾﺎ ﻋﻈﻢ ﻣﺤﻨﺘﮫ.
(( ))
وﻛﻞ ﯾﻨﻔﻖ ﻣﻤﺎ
ﻭﺍ ﯾﻘﻮل} :ﻟِﯿَﺤْﻤِﻠُﻮا أَوْزَارَھُﻢْ ﻛَﺎﻣِﻠَﺔً ﯾَﻮْمَ اﻟْﻘِﯿَﺎﻣَﺔِ وَﻣِﻦْ أَوْزَارِ اﻟﺬِﯾﻦَ ﯾُﻀِﻠﱡﻮﻧَﮭُﻢْ ﺑِﻐَﯿْﺮِ ﻋِﻠْﻢٍ أَﻻَ ﺳَﺂءَ ﻣَﺎ ﯾَﺰِرُونَ{).(١ ھﺬا إن ﻛﺎن ھﻮ ﻣﺆﻟﻒ ھﺬه اﻟﻜﺘﺐ؛ إذ ﯾﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺜﻘﺎت أﻧﮫ ﻻ ﯾﺤﺴﻦ اﻟﺘﺄﻟﯿﻒ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﻻ ﯾﺼﻤﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺤﺚ واﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻟﻘﺼﻮر ﻋﻠﻤﮫ وﻗﻠﺔ ﻓﮭﻤﮫ ،ﻓﺈن ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈنﱠ اﻟﻤﺼﯿﺒﺔ ﻋﻠﯿﮫ أﻋﻈﻢ إذ ﻛﯿﻒ رﺿﻲ ﺑﺄن ﯾﺠﻌﻞ اﺳﻤﮫ ﻣﻄﯿﺔً ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﻔﺎﯾﺎت. ﻧﺴﺄل ﺍ اﻟﺴﻼﻣﺔ واﻟﻌﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺪﻧﯿﺎ ،وأن ﯾﻌﯿﺬﻧﺎ واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻏﻮاﺋﻞ اﻟﺒﺪع وﺷﺮور أھﻠﮭﺎ ﺑﻤﻨﮫ وﻛﺮﻣﮫ. وﻛﺎن اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ھﺬا اﻟﺮدّ ﺻﺒﯿﺤﺔ ﯾﻮم اﻟﺨﻤﯿﺲ اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟﻠﺮاﺑﻊ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻣﻦ ﺷﮭﺮ ﺻﻔﺮ ﺳﻨﺔ أرﺑﻊ ﻋﺸﺮة وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ وأﻟﻒ ﻟﻠﮭﺠﺮة. ﻭﺍﳊﻤﺪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ،ﻭﺻﻠﻰ ﺍ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﳏﻤﺪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (١ﺳﻮرة اﻟﻨﺤﻞ ،اﻵﯾﺔ .٢٥
١٤٦
*** *
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٤٧
ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻓﻀﯿﻠﺔ اﻟﺸﯿﺦ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻮزان ٥ .................................... ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ ٩ ........................................................... اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺒﺪع ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﮭﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ٩ .... أھﻤﯿﺔ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺒﺪع ٩ ............................................. اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻨﺎھﺞ اﻟﻤﺨﺬﻟﺔ ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻨﺎ ١٠ ...................... ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻟﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ﺣﺎل اﻟﻤﺨﺬﻟﯿﻦ ١١ ..... ﻣﺸﺎﺑﮭﺔ ﻣﺎ ذﻛﺮه ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻟﺤﺎل اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ اﻟﺪاﻋﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ أھﻞ اﻟﺒﺪع ١١ ...................................................................... أھﻞ اﻟﺒﺪع أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺤﺠْﺮ ﻣﻦ أھﻞ اﻷﻣﺮاض اﻟﻤﻌﺪﯾﺔ ١٢ ............... ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﻨﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ ١٣ ............................. اﻟﺘﺠﮭﻢ ،وﺗﺤﺮﯾﻒ اﻟﻨﺼﻮص ،وﻛﺜﺮة اﻟﻜﺬب ،وﺳﺐّ اﻟﺴﻠﻒ ،وﺗﻌﻈﯿﻢ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ ﻣﻦ أﺑﺮز ﺳﻤﺎت ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﻨﺪﯾﺪ ١٣ ....................................... ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ١٦ .......................................................... زﻋﻤﮫ أن ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ اﻟﺘﺜﻠﯿﺚ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ١٦ ....................................................................... ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻮ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻗﺎﻃﺒﺔ ١٦ ............................. ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻛﻞﱢ ﻗﺴﻢ ١٦ .......................................................... ﺑﯿﺎن أﺿﺪاد أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ١٧ ..................................... ﻣﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ١٧ ................................................
١٤٨
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﻣﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ١٨ ................................................ ﻣﻦ أدﻟﺔ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﺳﻤﺎء واﻟﺼﻔﺎت ١٩ .................................... ذﻛﺮ آﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻷﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ١٩ ................................ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻻﺑﻦ اﻟﻘﯿّﻢ ﻓﻲ اﺷﺘﻤﺎل اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وأنﱠ اﻟﻘﺮآن ﻛﻠﱠﮫ ﺗﻮﺣﯿﺪ ٢٠ ................................................................ ﻗﻮل اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﱠﻣﺔ اﻟﺸﻨﻘﯿﻄﻲ :وﻗﺪ دلﱠ اﺳﺘﻘﺮاء اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻋﻠﻰ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﺍ
ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم إﻟﺦ ﺛﻢ ﺑﺴﻄﮫ ﻟﻸدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺴﻄﺎً ﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﮫ ٢٢ ....................................................................... ﺗﻌﻠﯿﻖ ـ ﻓﻲ اﻟﮭﺎﻣﺶ ـ ﻋﻠﻰ ﻗﻮل اﻟﺼﺎوي إنﱠ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﺻﻄﻼﺣﻲ ﻟﻢ ﯾﺮد ﺑﮫ آﯾﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ أو ﺳﻨﺔ ﻣﺘﺒﻌﺔ ،وأﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺣﺪود ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ وأﻧﱠﮭﺎ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ذاﺗﮭﺎ ﻣﻌﻘﺪ وﻻءٍ وﺑﺮاءٍ ٢٨ ................................... ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﺑﻜﺮ أﺑﻲ زﯾﺪ ﻓﻲ أنﱠ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﺳﺘﻘﺮاﺋﻲ وذﻛﺮه ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ أﺷﺎر إﻟﻰ ھﺬه اﻷﻗﺴﺎم ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ٢٩ .............................. ﺑﯿﺎن أﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﮭﺬه اﻷﻗﺴﺎم٢٩ ................ دﻻﻟﺔ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ )) ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﺍ (( ﻋﻠﻰ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ٢٩ ........... ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ھﺬه اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻤﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﺗﺜﻠﯿﺚ اﻟﻨﺼﺎرى ﻗﻮل ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺨﺒﺚ ٣٠ .......................................................... زﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ أنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ وأﻧﱠﮫ ﻟﻢ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٤٩
ﯾﻘﻞ ﺑﮫ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ،وأﻧﱠﮫ ﻣﻦ اﺧﺘﺮاع اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ،واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ٣٠ .......... ﻧﺺ ﻣﻦ ﻛﻼم اﺑﻦ ﺑﻄﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٣٨٧ھـ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ٣٢ ........ ﻧﺺ ﻣﻦ ﻛﻼم اﺑﻦ ﻣﻨﺪة اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٣٩٥ھـ ﻓﻲ ذﻟﻚ ٣٣ ................... ﻧﺺ ﻣﻦ ﻛﻼم أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ١٨٢ھـ ٣٧ .......................... ﺗﻌﻠﯿﻖ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻋﻠﻲ ﻧﺎﺻﺮ ﻓﻘﯿﮭﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻼم أﺑﻲ ﯾﻮﺳﻒ ٤٠ ............. ﻧﺺ ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ ﺣﻨﯿﻔﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ١٥٠ھـ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ٤٢ ......... ﻧﺺ ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻄﺤﺎوي اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ٣٢١ھـ ﻓﻲ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ٤٢ ......... وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﺟﺎء ﻋﻨﮭﻢ ذﻛﺮ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي، واﻟﻘﺮﻃﺒﻲ، واﺑﻦ ﺣﺒﺎن اﻟﺒﺴﺘﻲ ،واﺑﻦ أﺑﻲ زﯾﺪ اﻟﻘﯿﺮواﻧﻲ ،وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﻄﺮﻃﻮﺷﻲ ٤٤ ............................................................................ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ :إنﱠ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰّ ﻣﻨﺴﻮب ﻟﻠﺤﻨﻔﯿﺔ ﺧﻄﺄ ٤٥ ............................................................................ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ :إنﱠ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰّ زﯾﱠﻒ ﻛﻼم اﻟﻄﺤﺎوي ٤٧ ............................................................................ ﻃﻌﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰّ واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ،وﺑﯿﺎن ﺗﺰوﯾﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﻧﻘﻠﮫ ﻋﻦ ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري ﻓﻲ ذﻟﻚ ٤٧ .......................................................... ﺑﯿﺎن أنﱠ ﻣﻼ ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎري اﻟﺬي ﻧﻘﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺪﺣﮫ ﻓﻲ اﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﻌﺰّ ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ ﻗﺎﺋﻞ ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ٤٩ ........................................................... ﺑﯿﺎن أنﱠ اﻟﻤﺘﻜﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺪاﻓﻊ ﻋﻨﮭﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺎﺋﻠﻮن ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ
١٥٠
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
أﻗﺴﺎم ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻣﺒﺘﺪع ﻻ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﮭﻞ ﯾﺸﻤﻠﮭﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺘﻨﺪﯾﺪه؟ ٥١ ﺑﯿﺎن أنﱠ ﺷﺒﮭﺔ ﻣﻨﻜﺮي أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻲ ﻋﯿﻦُ ﺷﺒﮭﺔ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ ﻣﻨﻜﺮي اﻟﺼﻔﺎت ٥٤ .......................................................................
ﺑﻨﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻧﻜﺎره ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻋﻠﻰ أﻣﻮر أرﺑﻌﺔ ٥٦ ................. اﻷﻣﺮ اﻷول ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ٥٦ ............................................... ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺣﺪه ﻻ ﯾﻨﺠﻲ ﻣﻦ ﻋﺬاب ﺍ٥٧ ........................ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﺮون ﺑﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﺍ ،واﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ٥٨ ............ ﺗﺤﺮﯾﻒ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :وَﻣَﺎ ﯾُﺆْﻣِﻦُ أَﻛْﺜَﺮُھُﻢْ ﺑﺎ ِإِﻻﱠ وَھُﻢْ ﻣُﺸْﺮِﻛُﻮنَ{ واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ٦٠ ............................................................... اﻋﺘﻘﺎد اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺄنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﯾﻨﻜﺮون وﺟﻮد ﺍ٦١ ..................... أﻣﺜﻠﺔ ﻻﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ ﻣﻦ أﺷﻌﺎرھﻢ ٦١ ................. رد اﺑﻦ ﺟﺮﯾﺮ اﻟﻄﺒﺮي ﻋﻠﻰ ﻣﻦ زﻋﻢ أنﱠ اﻟﻌﺮب ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺮﺣﻤﻦ ٦٢ ................................................................... رد اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ أﯾﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻦ زﻋﻢ ذﻟﻚ ٦٣ ................................ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻻ ﯾﻨﻜﺮ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﺤﺴﺐ وإﻧﻤﺎ ﯾﻨﻜﺮ اﻋﺘﺮاﻓﮭﻢ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ أﺻﻼً ٦٣ .................................................................. اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ٦٤ .............................................. زﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ أنﱠ اﻋﺘﺮاف اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﺎ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻋﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن إﻧﱠﻤﺎ ھﻮ ﻣﻦ ﻗﺒﯿﻞ اﻟﻤﺤﺎﺟﺠﺔ واﻟﻤﺠﺎدﻟﺔ ﻓﺤﺴﺐ واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ٦٤ ............................. ﻧﻘﻮلٌ ﻋﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ أنﱠ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻨﻜﺮه اﻟﻤﺸﺮﻛﻮن ٦٤ .. اﺣﺘﺠﺎج اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﮫ ﺑﺎﻵﯾﺎت اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﺮ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٥١
ﺑﺎﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت واﻟﺮ ّد ﻋﻠﯿﮫ ٦٧ ....................................................................... ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻗﺮار اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﺑﻮﺟﻮد ﺍ اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ وﺑﯿﺎن ﺟﮭﻠﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ٦٩ ....................................... ﺑﯿﺎن أنﱠ اﻟﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻻزم ﻟﻤﻦ أﺷﺮك ﻓﻲ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وﺑﯿﺎن أنﱠ أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﺘﻼزﻣﺔ ٧٠ .................................................................. اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮن ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻻ ﯾﮭﺘﻤﻮن ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ٧٠ ............ أﻣﺜﻠﺔ ﻹدﺧﺎل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ﻣﺎ ھﻮ ﺿﺪه وﻧﻘﯿﻀﮫ ٧١ .... ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ أنﱠ ﺻﺮف اﻟﻌﺒﺎدة ﻟﻐﯿﺮ ﺍ ﻻ ﯾﻜﻮن ﺷﺮﻛﺎً إﻻ إذا اﻋﺘﻘﺪ اﻟﻌﺎﺑﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺒﻮد أنﱠ ﻟﮫ ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ؟! ٧١ .......................... ﺑﯿﺎن أنﱠ اﻟﻌﺒﺎدة ﺑﺄﻧﻮاﻋﮭﺎ ﺣﻖ ﺧﺎﻟﺺ ﷲ ﻻ ﯾﺠﻮز ﺻﺮﻓﮭﺎ ﻟﻐﯿﺮه ﺳﻮاء اﻋﺘﻘﺪ اﻟﻌﺎﺑﺪ ﻓﻲ ﻣﻌﺒﻮده أﻧﱠﮫ ربﱞ أو ﻟﻢ ﯾﻌﺘﻘﺪ ٧٢ ........................................ ﻧﻘﻞٌ ﻣﮭﻢ ﻋﻦ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ٧٣ ........................ ﻧﻘﻞٌ ﻣﮭﻢ ﻋﻦ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﯿﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وﻓﯿﮫ إﺑﻄﺎل ﻟﺸﺒﮭﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ٧٤ .................................................................... اﻟﻘﯿﺪ اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻻ أﺻﻞ ﻟﮫ وﻻ أﺳﺎس وﺑﯿﺎن ذﻟﻚ ٧٤ ......... ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻤﺘﻘﺪم ﻓﯿﮫ ﻓﺘﺢ ﻟﺒﺎب اﻟﺸﺮك ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮاﻋﯿﮫ ٧٤ ......... اﻵﯾﺎت اﻟﻤﺒﻄﻠﺔ ﻟﻠﺸﺮك ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻛﺜﯿﺮة ،وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻨﮭﺎ ذﻛﺮ ﻟﻠﻘﯿﺪ اﻟﺬي ذﻛﺮه اﻟﻜﺎﺗﺐ ٧٥ .......................................................
١٥٢
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ٧٦ .............................................. إﻧﻜﺎر اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﻻ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﱠﮭﻢ ﻻ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﻮﺟﻮد ﺍ٧٧ .. ﻗﻮل أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ أنﱠ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﺘﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ ﻟﯿﺲ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﮫ أﻧﱠﮭﻢ ﯾﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﮭﺬا اﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎم واﻟﻜﻤﺎل ٧٧ ........................................ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺣﺪه ﻻ ﯾﺼﯿﺮ ﺑﮫ رﺟﻞ ﻣﺴﻠﻤﺎً ٧٩ ..................... ﻋﺪم ﺗﻔﺮﯾﻖ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﯿﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮبّ وﻣﻌﻨﻰ اﻹﻟﮫ وﺑﯿﺎن ﺟﮭﻠﮫ ٨٠ ..... ﻛﻼم أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺮبّ وﻣﻌﻨﻰ اﻹﻟﮫ واﻟﻔﺮق ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ٨١ . ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺎﻟﺘﻼزم ﺑﯿﻦ ﺗﻮﺣﯿﺪ اﻟﺮﺑﻮﺑﯿﺔ وﺗﻮﺣﯿﺪ اﻷﻟﻮھﯿﺔ ،وھﺬا ﺗﻨﺎﻗﺾ ﻣﻨﮫ ﻷﻧﱠﮫ ﻻ ﯾﻘﺮ أﺻﻼً ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ٨٣ ................................................... ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ إنﱠ ھﺬا اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻓﺘﺮاه اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﺔ اﻟﺨﺮاﺻﻮن؟!٨٣ ......... ذﻛﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﻌﻠﻢ ذﻛﺮوا أﻗﺴﺎم اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﻨﮭﻢ أﺑﻮ ﺣﻨﯿﻔﺔ وأﺑﻮ ﯾﻮﺳﻒ واﻟﻄﺤﺎوي واﺑﻦ ﺑﻄﺔ واﺑﻦ ﻣﻨﺪة وآﺧﺮون ،ﻓﮭﻞ ھﺆﻻء ﺟﻤﯿﻌﮭﻢ ﻣﺒﺘﺪﻋﺔ ﺧﺮاﺻﻮن؟! ٨٣ ................................................................................
اﻷﻣﺮ اﻟﺮاﺑﻊ ،واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ٨٣ .............................................. ﺗﻀﺠﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻦ وﺻﻒ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﺸﯿﺦ اﻹﺳﻼم! ٨٤ ............... رﻣﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻻﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﯾﻜﻔّﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ،وﺑﯿﺎن أنﱠ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻛﺎن ﻣﻦ أورع اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ وأﻛﺜﺮھﻢ ﻧﮭﯿﺎً ﻋﻨﮫ ،واﻟﻨﻘﻞ ﻋﻨﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ٨٤ ........................................................................ ﺑﯿﺎن أنﱠ اﻟﻤﻜﻔﱢﺮﯾﻦ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ھﻢ أھﻞ اﻟﺒﺪع وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﻢ ﺷﯿﺦ اﻟﻜﺎﺗﺐ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٥٣
اﻟﻜﻮﺛﺮي ٨٦ ......................................................................
أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﻜﻮﺛﺮي ﻟﺒﻌﺾ أﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ٨٦ ..................... ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم أﻧﱠﮫ ﯾﺠﻮﱢز اﺳﺘﻘﺮار ﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎح ﺑﻌﻮﺿﺔ وﺑﯿﺎن ﻛﺬﺑﮫ وﺗﻠﺒﯿﺴﮫ ٨٨ ............................................................. ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﺣﯿﺚ ﻧﺴﺐ إﻟﯿﮫ أﻧﱠﮫ ﯾﻘﻮل ﺑﺈﺛﺒﺎت اﻟﺤﺮﻛﺔ ﷲ واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ،وﺑﯿﺎن ﻣﻨﮭﺞ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻧﻔﯿﮭﺎ وﻻ إﺛﺒﺎﺗﮭﺎ ٩١ ......................................................................... ﺑﯿﺎن ﻛﺬب آﺧﺮ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺣﯿﺚ ﻧﺴﺐ إﻟﯿﮫ ﻛﻼﻣﺎً ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ،وﺑﯿﺎن ﺟﺮأة اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﺠﯿﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺬب ٩٢ ................... ذﻛﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﻼﻣﺎً ﻻﺑﻦ اﻟﻘﯿّﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻣﺨﺘﺰل ﻟﻐﺮض اﻟﺘﺸﻨﯿﻊ ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ٩٤ ....................................................................... ﺑﺘﺮ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﻛﻼم ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻟﯿﺜﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ أنﱠ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻣﺸﺒّﮫ! ٩٥ ..................................................................... ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ رﺣﻤﮫ ﺍ ﻓﻲ أﻧﱠﮫ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﺠﻨﺐ ﺻﻔﺔ ﷲ ٩٦ ............................................................................ ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ )) وإﻣﺎم اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وﻗﺪوﺗﮫ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻄﺎﻣﺎت ھﻮ أﺑﻮ ﯾﻌﻠﻰ اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ … إﻟﺦ (( وﺑﯿﺎن ﻛﺬﺑﮫ واﻓﺘﺮاﺋﮫ ٩٩ ............................................. ﺗﺤﺮﯾﻒ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻛﺬﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﯿﺦ اﻟﻌﻼﱠﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍ اﻟﺪوﯾﺶ ١٠١ ....... ﺗﺤﺮﯾﻒ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻨﺺ ﻧﻘﻠﮫ ﻋﻦ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وإدﺧﺎﻟﮫ ﻓﯿﮫ ﻣﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻨﮫ ﻟﯿﻜﻮن اﻟﻨﺺ
١٥٤
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺷﺎھﺪاً ﻟﮫ ١٠٥ .................................................................. اﻧﺘﺼﺎر اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻠﻤﻌﻄﻠﺔ ﻧﻔﺎة اﻟﺼﻔﺎت ودﻓﺎﻋﮫ ﻋﻨﮭﻢ ١٠٦ ................ ﺑﯿﺎن أنﱠ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ھﻢ اﻟﻤﺘﻤﺴﻜﻮن ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫ رﺳﻮل ﺍ اﻟﻤﺠﺎﻧﺒﻮن ﻟﻠﺒﺪع واﻷھﻮاء ١٠٧ .......................................................... ﺗﺄوﯾﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻠﻀﺤﻚ وﺑﯿﺎن أنﱠ إﻣﺎﻣﮫ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ ﻏﯿﺎث اﻟﻤﺮﯾﺴﻲ ،واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ١٠٧ ....................................................................... زﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ أنﱠ اﻟﺒﺨﺎري أوﱠل اﻟﻀﺤﻚ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ،واﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ١٠٧ ..... زﻋﻤﮫ أنﱠ اﻟﺴﻠﻒ ﯾﺆوﻟﻮن ،واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ١٠٩ ............................... ﻗﻮل ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻟﻘﺪ ﻃﺎﻟﻌﺖ اﻟﺘﻔﺎﺳﯿﺮ اﻟﻤﻨﻘﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ وﻟﻢ أﺟﺪ إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺘﻲ ھﺬه ﻋﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ أﻧﱠﮫ ﺗﺄوﱠل ﺷﯿﺌﺎً ﻣﻦ آﯾﺎت اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺨﻼف ﻣﻘﺘﻀﺎھﺎ اﻟﻤﻌﺮوف١١٠ ................................................................. ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ :أوﱠل اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ) وﺟﺎء رﺑﻚ ( أﻧﱠﮫ ﺟﺎء ﺛﻮاﺑﮫ، واﻟﺮدﻋﻠﯿﮫ ١١١ ................................................................ ﻛﺬب اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ وادﻋﺎؤه أﻧﱠﮫ ﯾﺜﺒﺖ اﻟﻌﻘﯿﺪة ﺑﺎﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺔ واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎت ١١٣ ........................................................... ﺳﺖ ﻛﺬﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﻼم ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز ﺳﻄﺮﯾﻦ ١١٥ ............................................................................ ﺑﯿﺎن ﻣﻮﻗﻒ ﺷﯿﺦ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ اﻟﻜﺮﱠاﻣﯿﺔ ،واﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻏﻠﻄﮫ ﻋﻠﻰ ﺷﯿﺦ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٥٥
اﻹﺳﻼم ١١٦ ................................................................... اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ زﻋﻤﮫ أنﱠ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ ﺻﺮﱠح ﺑﺼﻔﺔ اﻟﺴﻜﻮت وﺑﯿﺎن ﻛﺬﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﺗﯿﻤﯿﺔ رﺣﻤﮫ ﺍ١١٧ ..................................................... زﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ أنﱠ ﺷﺮح اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻄﺤﺎوﯾﺔ ﺗﻠﺨﯿﺺ ﻟﻤﻨﮭﺎج اﻟﺴﻨﺔ وﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻤﻌﻘﻮل ،وﺑﯿﺎن ﻛﺬﺑﮫ وﺟﮭﻠﮫ ١١٨ ........................................... ﻗﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ )) ﺻﺮح أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺑﺄنﱠ ﺍ ﻻ ﯾﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﱠﮫ ﺧﺎرج اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻻ داﺧﻠﮫ … (( واﻟﺮد ﻋﻠﯿﮫ ،وﺑﯿﺎن أنﱠ ھﺬا اﻟﺬي ذﻛﺮ إﻧﱠﻤﺎ ﺻﺮح ﺑﮫ اﻟﺠﮭﻤﯿﺔ اﻟﻀﻼﱠل............................................. ﻧﻘﻞ ﻋﻈﯿﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻤﻈﻔﺮ اﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﯿﺎن ﻣﻦ ھﻢ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ١١٩ ................................................................. ﺑﯿﺎن أنﱠ اﻟﻤﻌﻄﻞ ﻧﺎﻓﻲ اﻟﺼﻔﺎت ﻋﺎﺑﺪ اﻟﻌﺪم ١٢٢ ........................... ﺳﺮد اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺗﮫ وﺑﯿﺎن أﻧﱠﮭﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻛﺘﺎﺑﮫ ھﺬا ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﻐﺶ واﻟﺘﺰوﯾﺮ واﻟﻘﻮل ﺑﻼ ﻋﻠﻢ )) وﻛﻞ إﻧﺎء ﺑﺎﻟﺬي ﻓﯿﮫ ﯾﻨﻀﺢ (( ﻓﺈن ﻣﺼﯿﺒﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻈﯿﻤﺔ ١٢٣ .................................. ﻓﮭﺮس اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ١٢٥ ...................................................
١٥٦
***
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪ
١٥٧
ﻗﺎل اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﻋﺒﺪ ﺍ ﻋﺒﯿﺪ ﺍ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻄﺔ اﻟﻌﻜﺒﺮي اﻟﻤﺘﻮﻓﻰ ﺳﻨﺔ ٣٨٧ھـ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ )) اﻹﺑﺎﻧﺔ ﻋﻦ ﺷﺮﯾﻌﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻨﺎﺟﯿﺔ وﻣﺠﺎﻧﺒﺔ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﺬﻣﻮﻣﺔ (( ﻣﺎ ﻧﺼﮫ … )) :وذﻟﻚ أنﱠ أﺻﻞ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎ اﻟﺬي ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻖ اﻋﺘﻘﺎده ﻓﻲ إﺛﺒﺎت اﻹﯾﻤﺎن ﺑﮫ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﯿﺎء: ﺃﺤﺩﻫﺎ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪ اﻟﻌﺒﺪ رﺑﺎﻧﯿﺘﮫ ﻟﯿﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺒﺎﯾﻨﺎً ﻟﻤﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺘﻌﻄﯿﻞ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺜﺒﺘﻮن ﺻﺎﻧﻌﺎً. ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪ وﺣﺪاﻧﯿﺘﮫ ﻟﯿﻜﻮن ﻣﺒﺎﯾﻨﺎً ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺬاھﺐ أھﻞ اﻟﺸﺮك اﻟﺬﯾﻦ أﻗﺮوا ﺑﺎﻟﺼﺎﻧﻊ وأﺷﺮﻛﻮا ﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدة ﻏﯿﺮه. ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺙ :أن ﯾﻌﺘﻘﺪه ﻣﻮﺻﻮﻓﺎً ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺠﻮز إﻻ أن ﯾﻜﻮن ﻣﻮﺻﻮﻓﺎً ﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪرة واﻟﺤﻜﻤﺔ وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ وﺻﻒ ﺑﮫ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ. إذ ﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أنﱠ ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻤﻦ ﯾﻘﺮ ﺑﮫ وﯾﻮﺣﺪه ﺑﺎﻟﻘﻮل اﻟﻤﻄﻠﻖ ﻗﺪ ﯾﻠﺤﺪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻓﯿﻜﻮن إﻟﺤﺎده ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫ ﻗﺎدﺣﺎً ﻓﻲ ﺗﻮﺣﯿﺪه. وﻷﻧﱠﺎ ﻧﺠﺪ ﺍ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺧﺎﻃﺐ ﻋﺒﺎده ﺑﺪﻋﺎﺋﮭﻢ إﻟﻰ اﻋﺘﻘﺎد ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺜﻼث واﻹﯾﻤﺎن ﺑﮭﺎ .(( ...