بغداد القرن الحادي والعشرين - المدينة التاريخية 1/5 . Baghdad 21st Century - The Historical City 1/5

Page 1




‫تنقيح‬ ‫د‪ .‬وائل تقي عبد الهادي‬ ‫سامان اسعد كمال‬


‫‪1‬‬

‫‪2017, TURATH, Taghalub Abdul Hadi‬‬ ‫‪All Rights Reserved‬‬ ‫حقوق الطبع والتاليف محفوظة‬ ‫ال يجوز اعادة طبع الكتاب او اي جزء منه او استنساخه او تخزينه‬ ‫باية هيئة او وسيلة اال باذن من المؤلف‬ ‫التصميم واالخراج ‪ :‬تغلب الوائلي‬ ‫المملكة االردنية الهاشمية‬ ‫رقم االيداع لدى دائرة المكتبة الوطنية‬ ‫‪2017/3/1237‬‬ ‫) ردمك ( ‪ISBN‬‬ ‫‪978-9957-514-37-2‬‬ ‫الطبعة االولى‬ ‫‪2017‬‬

‫مطابع دار االديب‬ ‫عمان االردن‬ ‫هاتف‬ ‫‪+ 962 6 4888585‬‬ ‫فاكس‬ ‫‪+ 962 6 4888584‬‬ ‫‪E-mail‬‬ ‫‪Info@label-world.com‬‬ ‫‪Info@adibbooks.com‬‬ ‫‪www.adibbooks.com‬‬

‫راعي الكتاب‬ ‫مؤسسة تراث‬ ‫مونتريال ‪ -‬كندا‬ ‫‪Sponsore by‬‬ ‫‪TURATH CA‬‬

‫‪1102, 30 Rue Berlioz‬‬ ‫‪Verdun, QC‬‬ ‫‪H3E 1L3‬‬ ‫‪Canada‬‬ ‫‪+1 514 649 1577‬‬ ‫‪turathbaghdad@gmail.com‬‬


‫الإهداء‪:‬‬


‫بغداد عشت الحسن في الوانه‬ ‫لكن حسنك لم يكن بحسابي‬ ‫ماذا ساكتب عنك يا فيروزتي‬ ‫فهواك ال يكفيه ألف كتاب‬ ‫قبل اللقاء الحلو كنت حبيبتي‬ ‫وحبيبتي تبقين بعد ذهابي ‪...‬‬ ‫‪--‬‬

‫نزار قباني‬


‫يرجع الكثير مما في هذا الكتاب الى الدراسات والبحوث التي قام بها مكتبي االستشاري (المكتب‬ ‫المعماري) في بغداد في الفترة من عام ‪ 2008‬وحتى ‪ 2012‬من خالل عمله على "مشروع تطوير شارع الرشيد"‬ ‫والى المسوحات والدراسات والتقارير العديدة التي اعدت خاللها وعمل عليها العشرات من خيرة المخططين‬ ‫والمعماريين والمهندسين ‪ ،‬هذا العمل ‪ ،‬الذي لو لم يتم ايقافه من قبل امانة بغداد ‪ ،‬لكان من الممكن اليوم ان يكون‬ ‫حقيقة واقعة‪.‬‬ ‫لذا فاني اتقدم الشكر والتقدير الى كافة من عملوا معي في المكتب المعماري خالل تلك الفترة‪ ،‬واخص‬ ‫بالذكر منهم د‪ .‬نيران محمد عبد الوهاب الشيخلي ود‪ .‬مصطفى كامل والمهندس عدي طالل‪ .‬كما اود تقديم االمتنان‬ ‫الى بعض كوادر امانة بغداد ومجلس محافظتها ممن عملوا معنا طيلة تلك السنوات امال في ان يتحقق يوما ما ما‬ ‫نامله ونتمناه لمدينتنا العزيزة‪.‬‬ ‫كما اود ان اعبر عن حزني واسفي لفقدان االستاذ الكبير سالم اآللوسي رحمه هللا الذي لم يمهله القدر‬ ‫للعمل على تنقيح الكتاب حيث وافاه االجل والكتاب في مراحله االولى‪.‬‬ ‫كذلك اود ان اتقدم بالشكر الى الزميل المعماري صالح عبد الحميد كبة لمالحظاته القيمة التي اسهمت‬ ‫في تحسين الصورة النهائية لهذا الكتاب ‪ ،‬الذي اكمل تنقيحه د‪ .‬وائل تقي عبد الهادي و د‪ .‬اكرم الكسار الذين ادين‬ ‫لهم باالمتنان للجهد الكبير الذي بذلوه في هذا العمل‪.‬‬ ‫شكر خاص وتقدير للزميل المعماري سامان اسعد كمال لما قدمه من جهود كبيرة أسهمت في تحقيق‬ ‫طبع الكتاب‪.‬‬ ‫واخيرا ‪ ،‬تحية حب واجالل الى بغداد وتحية شكر وتقدير لكل من أحبها باسمها ورسمها وتراثها وعمل‬ ‫ويعمل على تالقها ورفعتها وسعى ويسعى الى احيائها وارتقائها‪.‬‬ ‫المؤلف‬ ‫تشرين اول ‪2016‬‬



‫سقوط المدينة‬ ‫انهيار الدولة العباسية‬ ‫المسار الزمني لتاريخ المدينة‬ ‫حصار وغزوات‬ ‫مشاهدات الرحالة‬ ‫رحلة تافرنييه‬ ‫رحلة كارستن نيبور‬ ‫رحالت فيلكس جونز‬ ‫القرن التاسع عشر‬ ‫الهيكل الحضري‬ ‫سور المدينة‬ ‫بغداد والنهر‬ ‫شبكة الطرق‬ ‫النسيج الحضري‬ ‫المدينة في القرن العشرين‬ ‫بغداد عام ‪2017‬‬ ‫مائة عام من التطور‬ ‫اندثار المدينة القديمة‬ ‫تغير البنية الحضرية في القرن العشرين‬ ‫الربع االول من القرن‬ ‫الربع الثاني من القرن‬ ‫الربع الثالث من القرن‬ ‫الربع االخير‬ ‫سياسات التطوير في القرن العشرين‬ ‫مسار التطور‬ ‫تحديث المدينة‬ ‫المعضلة االساسية‬ ‫الموروث العمراني‬ ‫شارع الرشيد مثال‬ ‫حروب ونزاعات‬ ‫التمزق المتنامي‬

‫‪50‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪106‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪126‬‬ ‫‪127‬‬

‫‪128‬‬

‫المدينة في مستهل القرن الحادي والعشرين‬ ‫احساس المكان‬ ‫موقع المدينة التاريخية‬ ‫قلب المدينة‬ ‫نظرة على المنطقة‬ ‫مجتمع المدينة‬

‫‪130‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪138‬‬

‫الحالة الحضرية‬ ‫استعماالت االرض‬ ‫الوضع العمراني‬ ‫النقل والمرور‬ ‫البنى التحتية‬ ‫الهيكل الحضري‬ ‫ضفة النهر‬ ‫السدة الترابية‬ ‫بانوراما الواجهة النهرية‬ ‫المشهد الحضري‬ ‫االنحسار المتصاعد‬ ‫شارع الرشيد‬ ‫اختالل الوظائف الحضرية‬ ‫الوضع العمراني‬ ‫الطرز المعمارية‬ ‫حالة الشارع‬ ‫بانوراما جدار الشارع‬ ‫العناصر المعمارية‬ ‫المشهد الحضري‬ ‫تعريق الحداثة‬ ‫الساحات والمناطق المفتوحة‬ ‫ميادين المنطقة‬ ‫ساحة الباب الشرقي‬ ‫ساحة السنك‬ ‫ساحة حافظ القاضي‬ ‫ساحة جامع مرجان‬ ‫ساحة الرصافي‬ ‫ساحة الميدان‬ ‫باحة وزارة الدفاع‬ ‫المشهد الحضري‬ ‫امكانات مهدورة‬ ‫االسواق التجارية‬ ‫المحرك االقتصادي للمدينة‬ ‫اسواق الجملة‬ ‫حال االسواق العمرانية‬ ‫مسح االسواق‬ ‫المشهد الحضري‬ ‫اكتظاظ وفوضى‬ ‫االحياء واالزقة‬ ‫مسارات تاريخية‬ ‫حالة المباني التراثية‬ ‫المناطق السكنية القديمة‬ ‫استعماالت المباني التراثية‬

‫‪142‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪148‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪158‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪178‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪184‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪192‬‬ ‫‪194‬‬ ‫‪206‬‬ ‫‪220‬‬ ‫‪221‬‬ ‫‪222‬‬ ‫‪224‬‬ ‫‪226‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪230‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪234‬‬ ‫‪236‬‬ ‫‪238‬‬ ‫‪239‬‬ ‫‪240‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪246‬‬ ‫‪258‬‬ ‫‪259‬‬ ‫‪262‬‬ ‫‪264‬‬ ‫‪266‬‬ ‫‪268‬‬


‫مقدمة بقلم د خالد السلطاني‬ ‫تقديم‬ ‫تقديم بقلم المؤلف‬

‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪2‬‬

‫ما قبل النشوء‬ ‫بغداد والعالم القديم‬ ‫حضارات متعاقبة‬ ‫الموقع واصل االسم‬ ‫اختيار موقع المدينة‬

‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬

‫النشوء‬ ‫تخطيط المدينة‬ ‫المدينة المدورة‬ ‫اسوار المدينة‬ ‫مسجد المنصور‬ ‫الطاقات‬

‫‪12‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪22‬‬

‫تطور المدينة‬ ‫صعود المدينة المدورة‬ ‫توسع المدينة‬ ‫وصف المدينة‬ ‫مدينة العلوم‬ ‫مدينة اآلداب‬ ‫مدينة الفنون‬ ‫عمارة المدينة‬

‫‪24‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪40‬‬

‫تدهور المدينة‬ ‫نكبات المدينة‬ ‫بزوغ الرصافة‬ ‫مشاهدات ابن جبير‬

‫‪44‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪48‬‬


‫االستراتيجية السادسة‬ ‫البنى التحتية‬ ‫الخدمات‬ ‫المرور والمواصالت‬ ‫خالصة االستراتيجية السادسة‬ ‫االستراتيجية السابعة‬ ‫اعادة الذاكرة المدينية‬ ‫منهجية اعادة الذاكرة‬ ‫التراث العمراني‬ ‫الذاكرة المرتبطة‬ ‫مخطط مواقع الذاكرة المرتبطة‬ ‫التراث غير المادي‬ ‫خالصة االستراتيجية السابعة‬ ‫اعتبارات تخطيطية وتصميمية‬ ‫بغداد ‪ 21‬االطار الشامل‬ ‫المخطط الشامل لالحياء‬ ‫حصيلة المخطط الشامل‬ ‫الصورة النهائية‬ ‫النتائج المتوقعة‬ ‫الخالصة‬ ‫من اجل المستقبل‬ ‫الماضي يعود الى المستقبل‬

‫‪442‬‬ ‫‪444‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪456‬‬ ‫‪458‬‬ ‫‪460‬‬ ‫‪462‬‬ ‫‪482‬‬ ‫‪498‬‬ ‫‪500‬‬ ‫‪506‬‬ ‫‪508‬‬ ‫‪510‬‬

‫‪516‬‬ ‫‪517‬‬

‫‪520‬‬ ‫عدم استكمال المشاريع‬ ‫اخفاق السياسات المتبعة‬ ‫عدم كفاية التخصيصات‬ ‫تفتت العائديات العقارية‬ ‫انواع االمالك في المنطقة‬

‫‪520‬‬ ‫‪522‬‬ ‫‪522‬‬ ‫‪524‬‬ ‫‪526‬‬

‫تذليل التحديات‬ ‫توفير السيولة الالزمة للتنفيذ‬ ‫التجارب العالمية‬ ‫توطين التجارب الحضرية‬

‫‪544‬‬ ‫‪546‬‬ ‫‪547‬‬

‫‪548‬‬

‫‪512‬‬ ‫‪514‬‬

‫‪518‬‬

‫مقدمة‬ ‫مراجعة التحديات‬

‫المستلزمات والخطوات التنفيذية‬ ‫االطار التشريعي‬ ‫الشراكة ما بين القطاع العام والخاص‬ ‫المؤسسة العقارية للتطوير‬ ‫االعتبارات االدارية‬ ‫استراتيجيات التنفيذ‬ ‫مراحل التنفيذ‬ ‫حصيلة التنفيذ‬ ‫سلبيات وايجابيات‬ ‫من اجل التحقيق‬ ‫المدينة التاريخية‬

‫‪531‬‬ ‫‪532‬‬ ‫‪534‬‬ ‫‪536‬‬ ‫‪537‬‬ ‫‪540‬‬ ‫‪542‬‬

‫‪528‬‬ ‫‪529‬‬ ‫‪530‬‬

‫بغداد اليوم‬ ‫كلمة اخيرة‬

‫‪550‬‬ ‫‪552‬‬


‫المباني الدينية‬ ‫المباني االخرى‬ ‫المشهد الحضري لالحياء‬ ‫المشهد الحضري للمباني‬ ‫الحالة الحضرية للمدينة التاريخية‬ ‫المشهد الحضري العام‬ ‫فشل المركز‬

‫‪270‬‬ ‫‪274‬‬ ‫‪276‬‬ ‫‪277‬‬ ‫‪278‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪281‬‬

‫رؤية الحفاظ‬ ‫اشكالية االحياء الحضري‬ ‫اهداف التنمية المستدامة‬ ‫التعامل مع المناطق الحضرية‬ ‫االطار الشامل للتطوير‬ ‫مركز عصري عريق‬

‫‪336‬‬

‫‪282‬‬

‫مقدمة‬ ‫المدينة والمركز‬ ‫استرداد المركزية المفقودة‬

‫‪284‬‬ ‫‪289‬‬

‫المنهجية‬ ‫خطوات تحديد الرؤية‬ ‫تحديد مواطن الضعف‬ ‫اسواق الجملة‬ ‫االصالح والتمهيد‬ ‫بناء المستقبل‬ ‫المقومات الحضرية‬ ‫القيم‬ ‫القاعدة الحضرية‬ ‫مبادئ الرؤية‬ ‫المبادئ التوجيهية‬ ‫اعادة تجسيد التاريخ‬

‫‪286‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪289‬‬ ‫‪294‬‬ ‫‪296‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪300‬‬ ‫‪306‬‬ ‫‪308‬‬ ‫‪309‬‬

‫بغداد ‪21‬‬ ‫االهداف‬ ‫هيكلية الرؤية‬ ‫الرؤية ثالثية االبعاد‬ ‫اعادة التشكيل المكاني‬ ‫اعادة التوازن الوظيفي‬ ‫اعادة الذاكرة المدينية‬ ‫رؤية البنى التحتية‬ ‫الرؤية المرورية‬

‫‪310‬‬ ‫‪312‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪316‬‬ ‫‪318‬‬ ‫‪320‬‬ ‫‪324‬‬ ‫‪326‬‬

‫‪328‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪331‬‬ ‫‪332‬‬ ‫‪334‬‬ ‫‪335‬‬

‫مقدمة‬ ‫استراتيجيات التحول واالحياء‬ ‫السياسات التخطيطية العامة‬ ‫االستراتيجية االولى‬ ‫عودة النهر الى المدينة‬ ‫مخطط هيكلية ممشى النهر‬ ‫مخطط هيكلية الشرفة‬ ‫خالصة االستراتيجية االولى‬ ‫االستراتيجية الثانية‬ ‫ميادين لقاء وفرح‬ ‫مخطط منظومة الميادين‬ ‫خالصة االستراتيجية الثانية‬ ‫االستراتيجية الثالثة‬ ‫السفر عبر سيمفونية حضرية‬ ‫مخطط هيكلية احياء الشارع‬ ‫خالصة االستراتيجية الثالثة‬ ‫االستراتيجية الرابعة‬ ‫تجربة تسوق مميزة‬ ‫مخطط هيكلية االسواق‬ ‫خالصة االستراتيجية الرابعة‬ ‫االستراتيجية الخامسة‬ ‫قرى خضراء وسط المدينة‬ ‫المسارات التاريخية‬ ‫احياء النسيج العمراني‬ ‫مخطط احياء المسارات واالحياء‬ ‫خالصة االستراتيجية الخامسة‬

‫‪338‬‬ ‫‪340‬‬ ‫‪341‬‬ ‫‪342‬‬ ‫‪356‬‬ ‫‪358‬‬ ‫‪360‬‬ ‫‪362‬‬ ‫‪372‬‬ ‫‪374‬‬ ‫‪376‬‬ ‫‪400‬‬ ‫‪402‬‬ ‫‪404‬‬ ‫‪418‬‬ ‫‪420‬‬ ‫‪422‬‬ ‫‪424‬‬ ‫‪434‬‬ ‫‪438‬‬ ‫‪440‬‬


‫عد شارع الرشيد بمثابة المفردة الحضرية الرئيسية‪ ،‬واهم حدث تخطيطي طال نسيج البيئة‬ ‫تخطيطيا‪ُ ،‬‬ ‫المبنية‪ ،‬وعلى غراره تم انشاء شوارع عديدة‪ ،‬سواء في الرصافة ام في الكرخ‪ ،‬مثل شارع الكفاح والشيخ عمر‬ ‫والجمهورية باإلضافة الى شارع ‪ 14‬تموز‪ .‬وفيما يخص القيمة المعمارية‪ ،‬فالرشيد ليس له مماثل في عموم‬ ‫مفردات التخطيط الحضري لمدينة بغداد‪ .‬وظل المكان االثير لتجارب معمارية طليعية‪ ،‬اسست لظاهرة الحداثة‬ ‫المعمارية بالعراق‪ .‬وعمارته المتنوعة ذات االساليب الفنية المتعددة‪ ،‬كانت دوما تقرأ بكونها "البوم" العمارة‬ ‫العراقية الحديثة‪ .‬ان معظم معماريي العراق الرواد ان لم يكن جميعهم عملوا في الرشيد‪ ،‬بدءا من نعمان منيب‬ ‫المتولي واحمد مختار ابراهيم‪ ،‬وحازم نامق ومحمد مكية وجعفر عالوي‪ ،‬وعبد هللا احسان كامل ومدحت علي‬ ‫مظلوم ورفعة الجادرجي وقحطان عوني وقحطان المدفعي وهشام منير وناصر االسدي وغيرهم‪ ،‬ما يجعل من‬ ‫المنتج المعماري "الرشيدي" أفضل "مجموعة" معمارية حداثية في عموم العراق‪ ،‬وهي التي اعطت الشارع‬ ‫اهميته المعمارية والثقافية‪ ،‬بحيث بات الشارع بمنزلة ذاكرة العراق وخزين ذكرياته‪ .‬هذا باإلضافة الى ما تتمتع‬ ‫به منطقة الرشيد من شواهد معمارية عديدة تعود الى ازمنة مختلفة كالمدرسة المستنصرية وجامع الخفافين‬ ‫ومبنى القشلة‪ ،‬فضال عن وجود امثلة مميزة لبيوت بغدادية بعمارة تقليدية‪ ،‬ما يضفي بعدا آخر على قيمة هذا‬ ‫الشارع وتخومه‪.‬‬ ‫تعرض الشارع في الفترات الزمنية االخيرة لكثير من االهمال والالمباالة والتخريب المتعمد‪ ،‬نتيجة‬ ‫عوامل عديدة‪ ،‬أهمها العمليات االرهابية الساعية وراء ايقاف الحياة في العاصمة (كجزء من اهدافها ألفشال‬ ‫اية مبادرة تتطلع نحو التغيير والتقدم)؛ وما نجم عن ذلك من سلبيات التبديل السريع الذي طرأ على وظائف‬ ‫الشارع‪ ،‬والذي ترافق مع نقص التخصيصات للبنى التحتية وعدم قدرة المسؤولين المعنيين‪ ،‬وربما عدم اكتراثهم‬ ‫في بعض االحيان لقلة خبرتهم ومهنيتهم المنقوصة‪ ،‬في التعاطي مع مشاكل ادامة الشارع بصورة مهنية‬ ‫واحترافية‪ .‬وقد اوصلت تلك العوامل الضاغطة على بنية الشارع ومجاوراته الى خراب تام نتيجة التغييرات‬ ‫الجذرية الحاصلة في وظائفه وعلى طبيعة رواده‪ .‬كما عجلت قرارات منع حركة السيارات في اجزاء حيوية‬ ‫منه‪ ،‬بدوافع سوغت بانها امنية‪ ،‬من تسريع ضمور بنية الشارع وانهيارها‪.‬‬ ‫لقد افزعت تلك الحالة المأساوية التي آلت اليها منطقة الرشيد معظم البغداديين وكثيرا" من العراقيين‬ ‫واصدقائهم‪ ،‬واثارت لديهم األسى والحزن لحالة الخراب المزري الذي اصاب شارعهم الجليل‪ .‬هم الذين اعتقدوا‬ ‫دوما ً بان "قيام" الشارع ونهوضه‪ ،‬هو نهوض مدينتهم وبلدهم؛ ما يجعل من الجميع‪ ،‬مسؤولين وغير مسؤولين‪،‬‬ ‫امام واجب التصدي لتلك الوضعية‪ ،‬وانتشال الشارع من محنته التي وجد فيها‪ .‬وهذا هو الذي حدا بالمعمار‬ ‫والمخطط "تغلب الوائلي" بأعداد كتابه الشيق والمفيد هذا‪ ،‬الذي يسعدني كثيرا التقديم له‪ .‬والكتاب الذي عنونه‬ ‫المؤلف "بغداد‪ :‬القرن ‪ " 21‬يهدف الى تطوير واعادة تخطيط المركز التاريخي للعاصمة‪ ،‬مع ايالء اهتمام‬ ‫مماثل لحماية الموروث العمراني في المنطقة والحفاظ عليه‪ .‬وهذا يعني تأمين معالجات متوازنة بين اجراءات‬ ‫التطوير والحفاظ‪ .‬ويعرف المخططون جيدا ً ان صياغة سياسات تخطيطية مستقبلية ألي مدينة كبيرة‪،‬‬ ‫بمواصفات مدينة بغداد‪ ،‬يتعين ان تكون ذات بعدين؛ أحدهما يشمل قرارات تخطيطية تسعى وراء انشاء وتطوير‬ ‫أحياء جديدة محددة في المدينة‪ ،‬واآلخر خاصا" بأقسام منتقاة في المدينة يراعى فيها ان يكون الجهد التخطيطي‬ ‫والتطوير ضمن "خيمة" مفاهيم وآليات الحفاظ ومبادئه‪ .‬صياغة القرارات التخطيطية الحضرية للمدينة‪ .‬لكن‬ ‫فهم هذا " الثابت" وادراكه تخطيطيا ينبغي ان يكون فهما ً خالقا ً ومبدعاً‪ ،‬وبالتأكيد غير "دوغماتي"!؛ بحيث‬ ‫يقبل التجديد والتطوير ضمن قواعد ومفردات صيغة النسيج التخطيطي وخصوصيته التي انبنت بتراكم عقود‬ ‫من السنيين‪ ،‬والتي يتعين "اكتشافهما" ورصدهما من قبل المخطط الفطن‪ ،‬توطئة لتوظيفهما في قراءة تخطيطية‬ ‫حضرية مجتهدة‪ .‬ومنطقة الرشيد وتخومها‪ ،‬هي المنطقة المحافظ عليها تخطيطيا‪ ،‬لكنها المنطقة القابلة للتطوير‬ ‫ضمن مفاهيم الحفاظ ايضا‪.‬‬


‫قليلة هي المدن التي يقترن "اميجها" المتصور بشارع ما محدد فيها‪ .‬فينوب‪ ،‬عند ذاك‪ ،‬شارع مميز‬ ‫في مخطط المدينة عن تمثيل كيانها الحضري في الخطاب‪ .‬وتعد بغداد ضمن تلك المدن النادرة في هذا المجال‪.‬‬ ‫اذ يستحضر شارعها الجليل‪ :‬شارع الرشيد‪ ،‬صورة تلك المدينة التاريخية الى الذاكرةً‪ .‬ثمة خصائص عديدة‬ ‫ومتنوعة فيما بينها جعلت من الشارع اياه ليكون "ايقونة" المدينة ورمزها الحضري‪ .‬وهذه الخصائص نابعة‬ ‫من طبيعة الشارع ذاته‪ ،‬وكذلك من خصوصية المدينة الواقع فيها‪ .‬فالشارع كان االطول في المدينة؛ و"نهره"‬ ‫المنساب من اول شمال بغداد‪ ،‬التى كانت‪ ،‬وقتذاك‪ ،‬مسورة؛ الى آخر جنوبها‪ ،‬يحاذي انسياب نهر دجلة الموازي‬ ‫له والقريب منه‪ ،‬ذلك النهر الذي اعتبر دوما "جادة" المدينة الرئيسية‪ ،‬وطريقها الرئيس منذ ان اُختطت في‬ ‫منتصف القرن الثامن الميالدي‪ ،‬كحاضرة للخالفة االسالمية ولتكون عاصمتها الشهيرة‪.‬‬ ‫لقد اكتسب شارع الرشيد اسمه عام ‪ ،1932‬واشتهر به الحقا‪ .‬لكن الشارع لم يكن معروفا من قبل بل‬ ‫لم يكن موجودا اصال‪ ،‬قبل ان يهتدي الى فكرته أحد القادة العسكريين االتراك اثناء الحرب العالمية االولى‪.‬‬ ‫سمي على عجل بـ " خليل‬ ‫وسرعان ما تم شقه ضمن النسيج المديني المتضام والمكتظ‪ ،‬وافتتح سنة ‪ ،1916‬و ٌ‬ ‫باشا جادة سي"‪ ،‬تيمنا ً باسم القائد العثماني صاحب الفكرة الجريئة‪ .‬بيد ان شقه لم يكتمل في حينه‪ ،‬وأكمله‬ ‫االنكليز الحقاً‪ ،‬مطلقين عليه اسم " هند نبرغ" و"شارع النصر" ومن ثم " الجادة الجديدة"‪ .‬وما لبث هذا االسم‬ ‫ان تبدل هو اآلخر الى "شارع الرشيد"‪ ،‬عندما اتخذت امانة العاصمة في حينها قرارا بإطالق تسميات جديدة‬ ‫على شوارعها الرئيسية‪ .‬على ان اهمية الشارع ال تنبع‪ ،‬كما انها ال تقتصر فقط‪ ،‬على طوله المديد‪ ،‬وال على‬ ‫تماثل "نهره" مع مجرى النهر المحاذي له‪ .‬ان اهميته بالتأكيد تعود ايضا الى كون الشارع (وتخومه‪ ...‬معاً)‬ ‫كانا يمثالن مركزا اداريا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وترفيهيا مهما ً ولفترات زمنية طويلة‪ .‬فمنطقة الرشيد هي‬ ‫مركز الحكومة ومكان لمقر معظم وزاراتها‪ ،‬بدءا من الخارجية مرورا الى الدفاع والصحة واالشغال والشؤون‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فضال على ان القشلة المجاورة للرشيد كانت مكانا لمقر رئاسة الوزارة ومقرا لوزارات عديدة منها‬ ‫المالية والداخلية والمعارف والعدلية وغيرها‪ .‬وتتجمع في منتصف الشارع العتيد اهم البيوتات المالية‬ ‫والمصارف االهلية والحكومية‪ ،‬بضمنها البنك المركزي العراقي‪ .‬وعلى امتداده‪ ،‬وخصوصا في منطقة‬ ‫الشورجة‪ ،‬كان الشارع يستحوذ على المقدرات االقتصادية بأسواقه المختلفة والمتعددة الحافلة بالبضائع‬ ‫عد ّ الشارع بحق عصب الحياة االقتصادية‪ ،‬ليس للمدينة فقط وانما لعموم البلد‪ .‬هذا فضال على‬ ‫المتنوعة‪ ،‬ولهذا ُ‬ ‫ما كان يتمتع به الرشيد بكونه مجاال لنشاط ترفيهي مكثف لما يحتويه من دور للسينما هي االشهر في العراق‬ ‫ولفترات طويلة‪ ،‬كما انه المكان االثير للنخبة المثقفة في عدد مكتباته الغنية بمطبوعاتها ومقاهيه المتنوعة‬ ‫باإلضافة الى وجود مقار لمختلف الصحف وامكنة طباعتها‪ .‬والرشيد هو الحلقة االهم في اتصاالت ومواصالت‬ ‫شمال المدينة بجنوبها‪ ،‬وهو الممر الرئيس الذي يصل الكرخ بالرصافة؛ وبه تصب معظم جسور المدينة‬ ‫االساسية سواء القديمة منها ام الجديدة‪.‬‬ ‫ذات االساليب الفنية المتعددة‪ ،‬كانت دوما تقرأ بكونها "البوم" العمارة العراقية الحديثة‪ .‬ان معظم‬ ‫معماري العراق الرواد ان لم يكن جميعهم عملوا في الرشيد‪ ،‬بدءا من نعمان منيب سة المستنصرية وجامع‬ ‫الخفافين وم بنى القشلة‪ ،‬فضال على وجود امثلة مميزة لبيوت بغدادية بعمارة تقليدية‪ ،‬ما يضفي بعدا آخرا على‬ ‫قيمة هذا الشارع وتخومه‪.‬‬ ‫تعرض الشارع في الفترات الزمنية االخيرة لكثير من االهمال والالمباالة والتخريب المتعمد‪ ،‬نتيجة‬ ‫عوامل عديدة‪ ،‬أهمها العمليات االرهابية الساعية وراء ايقاف الحياة في العاصمة (كجزء من اهدافها ألفشال‬ ‫اية مبادرة تتطلع نحو التغيير والتقدم)؛ وما نجم عن ذلك من سلبيات التبديل السريع الذي طرأ على وظائف‬


‫امرا جيدا وسديدا الى حد بعيد‪ ،‬تفرضه‪ ،‬عادة‪ ،‬متطلبات العمل البحثي الجاد‪ .‬لقد اهتم المؤلف بان تكون الصورة‬ ‫في كتابه‪ ،‬بمثابة وثائق صادقة‪ ،‬تعبر بوضوح عن طبيعة الفترة التي يتحدث عنها‪ .‬ولهذا فان صور الكتاب‪،‬‬ ‫هنا‪ ،‬تقوم بوظيفة مزدوجة‪ :‬مرة‪ ،‬الن وجودها مسوغ لناحية طبيعة النص وتوضيحه‪ ،‬واالمر اآلخر‪ ،‬لقيمتها‬ ‫الوثائقية‪ ،‬التي قلما نجد كتابا ً منشورا ً عن بغداد بهذا العدد الكبير من الصور الوثائقية وبهذه الشمولية‪.‬‬ ‫في الختام‪ ،‬ال يسعني اال ان أتمنى رواجا واسعا للكتاب‪ ،‬ولموضوعه الهام الذي تناولته صفحاته‬ ‫العديدة (التي بلغت أكثر من ‪ 500‬صفحة)‪ ،‬بمثل هذا العمق والمهنية‪ .‬كما اود ان اعبر عن سروري بتحقيق‬ ‫نشره وتوزيعه كإضافة جادة في "ادبيات" مدينتا الحبيبة بغداد‪ .‬وللمؤلف الذي بذل كل هذا الجهد المميز‬ ‫النجاحات والتوفيق في مسعاه النبيل في إعطاء تصورات واضحة‪ ،‬ودقيقة‪ ،‬واالهم قابلة للتنفيذ إلحياء اهم‬ ‫شارع "عراقي" كتب له ان يكون "ايقونة" المدينة التي نحب‪ .‬ونأمل‪ ،‬جميعاً‪ ،‬في استعادته من مخالب اإلهمال‪،‬‬ ‫والنسيان‪ ،‬والتجاهل التي يرزح به اليوم‪ ،‬مع األسف‪" ،‬شارعنا" الجليل‪.‬‬ ‫خالد السلطاني‬ ‫معمار وأكاديمي‬ ‫أيار ‪2016‬‬


‫بكلمات آخرى‪ ،‬ثمة جدلية ديناميكية تخطيطية تنطوي على "الثابت والمتحول" (إذا استعرنا مفردات القاموس‬ ‫"االدونيسي"!) يتعين حضورها بقوة ووضوح في صياغة القرارات التخطيطية الحضرية للمدينة‪ .‬لكن فهم هذا‬ ‫" الثابت" وادراكه تخطيطيا ينبغي ان يكون فهما ً خالقا ً ومبدعاً‪ ،‬وبالتأكيد غير "دوغماتي"!؛ بحيث يقبل التجديد‬ ‫والتطوير ضمن قواعد ومفردات صيغة النسيج التخطيطي وخصوصيته التي انبنت بتراكم عقود من السنين‪،‬‬ ‫والتي يتعين "اكتشافهما" ورصدهما من قبل المخطط الفطن‪ ،‬توطئة لتوظيفهما في قراءة تخطيطية حضرية‬ ‫مجتهدة‪ .‬ومنطقة الرشيد وتخومها‪ ،‬هي المنطقة المحافظ عليها تخطيطيا‪ ،‬لكنها المنطقة القابلة للتطوير ضمن‬ ‫مفاهيم الحفاظ ايضا‪.‬‬ ‫يتضمن الكتاب المعد من قبل المؤلف خمسة فصول‪ ،‬توزعت على موضوعات أساسية وجد المؤلف‬ ‫اهمية خاصة في ان يفرد لمواضيعها ولتفرعاتها التي تنسب اليها‪ ،‬فصال محددا‪ .‬اذ جاء الفصل األول مكرسا‬ ‫الى" الماضي‪ :‬النشوء والتطور"؛ في حين كان الفصل الثاني خاصا بـ "الحاضر‪ :‬المدينة اليوم"‪ .‬اما الفصل‬ ‫الثالث فكان موضوعه الرئيسي خاصا بـ " الرؤية‪ :‬تطلعات مستقبلية"‪ ،‬اما الفصل الرابع فقد كرس لموضوع‬ ‫"االحياء‪ :‬نهضة جديدة"‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬فان موضوع الفصل الخامس اقتصر على "التحقيق‪ :‬منهجية التنفيذ"‪ .‬كما‬ ‫تضمن الكتاب خاتمة وقائمة بالمالحق‪ .‬وبهذه المنهجية‪ ،‬التي نراها موضوعية‪ ،‬سعى المؤلف الى التعاطي مع‬ ‫مشاكل المدينة الحضرية بصورة علمية وجادة ومقنعة‪ ،‬وصوال الى إيجاد "خارطة طريق لتنمية حقيقية تحفظ‬ ‫ما تبقى من المركز التاريخي لمدينة بغداد‪ ،‬من بوادر التالشي في سنوات قليلة قادمة"‪ ،‬كما كتب هو في مقدمة‬ ‫كتابه‪ .‬وهذا الوجل من ذلك التالشي والغياب‪ ،‬هو الذي يسوغ ظهور هذا الكتاب ويدلل على قيمته وآنيته‪،‬‬ ‫ويكرس فائدته في الخطاب المهني‪.‬‬ ‫في مواضيع فصول الكتاب الخمسة‪ ،‬يتطرق المؤلف في كل فصل منها الى عدة مواضيع ذات صلة‬ ‫بالموضوع المحدد‪ .‬كما انه‪ ،‬وزيادة‪" ،‬بالحفر" في إشكاليات تلك المواضيع المثارة‪ ،‬فانه طمح الى تناول‬ ‫مواضيع أكثر تفصيال واوسع شمولية‪ ،‬حتى يتسنى له إعطاء الموضوع المثار حقه من الدرس والتأمل والتحليل‪.‬‬ ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬وليس الحصر‪ ،‬ال يكتفي المؤلف في الفصل الثالث‪ ،‬بتناول موضوع “الرؤية" (وهي عنوان‬ ‫هذا الفصل)‪ ،‬وانما يجد ضرورة في ذكر "الحاجة الى المركز"‪ ،‬متطرقا ً الى "الخطوة األولى" في مهام الرؤية‪،‬‬ ‫ثم التعرف على أسباب الفشل‪ ،‬ويتناول "االستراتيجيات والخيارات"؛ بعد ذلك "االطار الشامل للتطوير"‬ ‫ويتناول فيه ‪ :‬العناصر اإليجابية لخطة االحياء‪ ،‬ثم األهداف العامة‪ ،‬وصوال الى تأسيس مركز عصري عريق"‪.‬‬ ‫والحال ان بقية فصول الكتاب تعتمد على هذه المنهجية‪ ،‬أي تناول واسع عموديا وافقيا لإلشكالية المحددة من‬ ‫قبل المؤلف في عنوان كل فصل‪.‬‬ ‫ثمة ميزة هامة ينطوي عليها كتاب تغلب الوائلي‪ .‬وهذه الميزة اإليجابية تتمثل في حضور المخططات‬ ‫والرسوم البيانية الشارحة بعمق وبمهنية عالية طبيعة استراتيجيات األفكار التي تعاطى معها الكتاب‪ .‬ثمة وفرة‬ ‫غزيرة من تلك المخططات المتنوعة تثري صفحات كتاب "بغداد‪ :‬القرن ‪ - 21‬المدينة التاريخية" وتمنحه طابعا‬ ‫تخطيطا ومعماريا متقدما‪ .‬كما ان حضور "الصورة الفوتوغرافية" في الكتاب‪ ،‬وبمثل ذلك الحضور الالفت‬ ‫والمؤثر؛ لجهة زيادة توضيح النص المرافق‪ ،‬وإعطاء تصور كامل ودقيق عن خصوصية المكان‪ ،‬انما كان‬ ‫منمنمنممن الصور الوثائقية وبهذه الشمولية‪.‬‬


‫‪ ...‬ومغرين شعور ابلسعادة اذ وجدت نفيس اسري يف شارع السموأل يف عامل خيايل مزدمح ابملقايه الرتاثية واملطامع‬ ‫البغدادية املكتظة املنترشة ما بني النخيل ووسط انغام املقام واجلالغي ونظرت اىل الناس ومه يقضون يوهمم يف سعادة‬ ‫غامرة بعضهم يمتتع يف احضان هنر دجةل او ابلتزنه يف الكفف املنترشة عىل جانبيه او ابجللوس يف الرشف والش ناش يل‬ ‫املطةل عليه ومهنم من اجمتع مع عائلته يتناولون الاكيه والقمير ‪ ....‬ومتنيت ان ابقى انمئا لعيش هذا احلمل السعيد ابدأ‬ ‫‪...‬‬ ‫من حمل ملواطن بغدادي‬

‫هذا الكتاب هو تعبير عن حلم يراود كل مواطن يتمنى ان تكون مدينته من اجمل المدن وترتدي‬ ‫اجمل الحلل‪ .‬حلم من اجل وضع خارطة طريق لتنمية حقيقية تحفظ ما تبقى من المركز التاريخي‬ ‫لمدينة بغداد من بوادر التالشي في سنوات قليلة قادمة‪.‬‬ ‫يهدف هذا الكتاب الى تنبيه اذهان جماهير واسعة من الشعب واألطراف المعنية ‪ ،‬بالخطر‬ ‫المحدق بهوية بغداد وتاريخها من خالل التدهور العمراني المضطرد فيها وبأن االماني العادة إحياء‬ ‫منطقة وسط بغداد ممكنة اذا ما توفرت النوايا الصادقة لها كي تأخذ هذه المنطقة بعد إحيائها المدينة‬ ‫االم وتقودها الى مكانتها في السياق اإلقليمي والدولي‪.‬‬ ‫ان عملية استرداد مكانة المدينة وتاريخها وتنميتها ينبغي أن ال تستغرق وقتا طويال كي تبدا‬ ‫لتكون احد مشاريع التجديد الحضري األكثر أهمية وتحديا في القرن الحادي والعشرين وهي إعادة‬ ‫إحياء قلب بغداد ومركزها التاريخي‪.‬‬ ‫كانت عملية إعداد هذا الكتاب طويلة وشاقة استغرقت عدة سنوات في البحث واالعداد كما‬ ‫وساهمت خبرات العديد من المعنيين في بلورة فكرة اعداد هذا الكتاب ليكون مصدرا لتوثيق تاريخ‬ ‫وحاضر بغداد ومرشدا للحفاظ على تراثها الحضاري ‪ ،‬واملي وطيد في ان يلقى القبول الحسن من‬ ‫كل مواطن محب لبالده وعاشق لبغداد وتراثها وماثرها‪.‬‬ ‫تغلب الوائلي‬ ‫معمار‪/‬مخطط مدن‬ ‫ايلول ‪2016‬‬ ‫‪7‬‬


‫بغداد‪ ،‬أيتها النخلة الشامخة في أحضان الزمن‪ ،‬بغداد ‪ ،‬منذ والدتك كان اسمك صداحا ً ‪ ،‬نغما ً ‪،‬‬ ‫عذبا ً ‪ ،‬أصبح مصدر إلهام للشعراء وموضوع غزل األدباء والمحبين ‪ ...‬بغداد أيتها الدرة المتأللئة على‬ ‫خرائط التاريخ لما أنجبت وأحتضنت من علماء في عنفوان أمجادك المتألقة ‪ ...‬بغداد الرشيد والمأمون يا‬ ‫من رعيت العلم وأكرمت العلماء الذين أفاقوا في ظالم الكون أسراب الضياء‪ ،‬بغداد يا من حملت الشعلة‬ ‫المقدسة في شتى ميادين الطب والعلوم واآلداب ‪ ...‬بغداد يا عروسة دجلة المطرزة بالنخيل واألعناب ‪...‬‬ ‫يا من قال فيك الشاعر ابو سعد الهمداني‪:‬‬ ‫فدى لك يا بغداد كل قبيلة‬ ‫فقد طفت في شرق البالد وغربها‬ ‫فلم ار فيها مثل بغداد منزال‬ ‫وال مثل اهليها ارق شمائال‬

‫من االرض حتى خطتي ودياريا‬ ‫وسيرت رحلى بينها وركابيا‬ ‫ولم ار فيها مثل دجلة واديا‬ ‫واعذب الفاظا واحلى معانيا‬

‫ماذا سيقال عنك يا بغداد اليوم وقد تقطعت في عروقك شرايين الحياة التي أحالتك وأحالت أحياءك‬ ‫وازقتك إلى خراب فوق خراب ‪ ...‬تلك األحياء التي كانت مفعمة بالحيوية والحياة طوال ساعات الليل‬ ‫والنهار ‪ .‬بغداد ‪ ...‬يا من في جمال وجهك تغنى المتنبي والزهاوي والرصافي وعلى أغصان نخيلك طالما‬ ‫هدل الحمام‪ ...‬و تغنى بحسنك وجمالك عاشق الجمال نزار قباني حين قال‪:‬‬ ‫بغداد يا هزج االساور والحلي‬ ‫ماذا ساكتب عنك في كتب الهوى‬

‫يا موطن االحباب واالطياب‬ ‫وهواك ال يكفيه الف كتاب‬

‫ناديتنا يا بغداد وجئنا مسرعين لتلبية النداء ‪ ...‬جئناك لنسهم ولو بقسط زهيد في بعث أنفاس الحياة‬ ‫في جسدك العليل الراقد في أحضان دجلة وإمتدادات شارع الرشيد‪.‬‬ ‫جئناك أيتها الحبيبة الحزينة نمسح عن محياك غبار الزمن‪ ،‬ونزيل عن خديك المحترقين فيض‬ ‫الدموع وعن قسمات وجهك آثار الشجن‪ .‬جئنا لنسهم في إعادة النبض إلى قلبك الدامي الذي داهمته موجات‬ ‫التردي‪ ،‬وسرت في شريانه األبهر مالمح محو الهوية تحت شعار العصرية والتحديث‪.‬‬ ‫طالب الطالب‬ ‫معمار واكاديمي‬ ‫أيلول ‪2013‬‬


‫هذه الحالة تذكرنا بقول الشاعر أوس بن حجر (‪620- 530‬م) ‪:‬‬ ‫ورثنا المجد عن آباء صدق‬ ‫اذ الحسب الرفيع توارثته‬

‫أسأنا في جوارهم الصنيعا‬ ‫بناة السوء اوشك ان يضيعا‬

‫وحيث ان المجتمع هو العنصر االساس في صنع الحضارة والترقي ‪ ،‬فان توعية الجيل الحالي والنشئ‬ ‫القادم في فهم ماضي مدينتهم وحاضرها واشراكهم في صنع مستقبلها واحيائها يعد الحجر االساس فيها‪.‬‬ ‫وبناء على ذلك فان هذا الكتاب موجه الى أهل المدينة الذين عاشوا ماضيها ويعيشون حاضرها ‪ ،‬كما‬ ‫يشاطرهم قلقهم بما آلت اليه اوضاع المدينة ‪ ،‬ويجيب على اسئلتهم حول مستقبلها وهويتها الوطنية ومركزها‬ ‫بين نظيراتها من مدن المنطقة والعالم بعد ان كانت يوما ما ‪ ....‬حاضرة العالم‪.‬‬

‫يقدم هذا الكتاب في فصله االول عرضا موجزا لتاريخ المدينة وتراثها ومراحل تطورها منذ نشاتها عام‬ ‫‪ 145‬هجري والموافق لعام ‪ 762‬الميالدي وحتى عصرنا الحاضر ‪ ،‬وما ألم بها من تدمير على مر العصور‬ ‫مسلطا الضوء على السلبيات التي رافقت هذا التحول وعلى الخصوص خالل القرن العشرين ‪ ،‬تلك التطورات‬ ‫التي قضت على المدينة القديمة ومزقت نسيجها الحضري ‪.‬‬ ‫يستعرض الفصل الثاني بصورة تفصيلية الوضع الحالي لمركز بغداد التاريخي ‪ ،‬ويحدد االسباب التي‬ ‫ادت الى التدهور الذي اصابه وتاثيراتها‪ .‬كما يجد القارئ في الفصل الثالث منه رؤية مستقبلية شاملة المكانيات‬ ‫اعادة الحياة لمركز المدينة ‪ ،‬ويرسم الخطوط العامة لنقل المنطقة من حالتها الحاضرة الى منطقة مستدامة ‪،‬‬ ‫وتحديد مبادئ هذه الرؤية بعد تحليل موضوعي السباب التدهور الحضري لها ‪ ،‬وتحديد طرق العالج‬ ‫واالصالح‪.‬‬ ‫اما الفصل الرابع والذي يشكل الجزء االهم من هذا الكتاب فانه يرسم خارطة طريق العادة بعث مركز‬ ‫بغداد التاريخي والحفاظ على ما تبقى من تراثها الحضاري والمعماري ‪ ،‬من خالل مقترحات تخطيطية تكفل‬ ‫احياء واستدامة المركز عن طريق مفاهيم اعادة التشكيل والتوازن والذاكرة الحضرية ‪ ،‬والتي تشكل بمجموعها‬ ‫العمود الفقري العادة تنشيط مركز المدينة التاريخي‪ .‬ان اية رؤية او خطة ال تعد قابلة للتنفيذ من دون استكمال‬ ‫مستلزمات التنفيذ المختلفة ‪ ،‬وعلى االخص الموارد المالية وتامين الموازنات الالزمة لها ‪ ،‬وهذا ما يناقشه‬ ‫الفصل الخامس من هذا الكتاب‪.‬‬ ‫روعي في سرد ما احتوته فصول الكتاب الخمسة تبسيط النظريات التخطيطية الى اقصى حد ممكن‬ ‫لعرض وتوضيح االفكار بشكل سلس بعيدا عن المصطلحات الفنية والتخطيطية ‪.‬‬


‫بقلم المؤلف‬ ‫تحتل بغداد مكانة متميزة في ذاكرة العالم ‪ ،‬فهي الحاضرة التي نهلت منها االمم اسباب الرقي والعلم‬ ‫عندما كان الظالم مخيما على معظم انحاء المعمورة‪ .‬ومنذ تاسيسها الى يومنا هذا كتب عنها الكثير وتركت‬ ‫بغداد الكثير مما يستحق ان يقال عنه‪.‬‬ ‫يمثل مركز بغداد التاريخي مستودعا ً آثاريا ً ‪ ،‬وصورة لبعض موروثات معمارية تعود إلى أواخر عهود‬ ‫الخالفة العباسية ‪ ،‬وال تزال المنطقة تحمل عبق المدينة القديمة بعمارتها ومورفولوجيتها البنيوية واإلجتماعية‬ ‫والبيئية والمناخية‪.‬‬ ‫غير ان رصافة بغداد في اواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين شهدت تغيرا ً مضطردا"‬ ‫حين إبتدأت معاول الهدم تدق النسيج المتجانس للمدينة تحت شعار العصرية والتحديث فتهاوت أجزاء من نسيج‬ ‫بغداد الرصافة التاريخي وإندثرت أجزاء أخرى ‪ ،‬وسرعان ما شق ذلك النسيج الشارع الجديد الذي كان بمثابة‬ ‫جرح كبيرفي جسد الرصافة من بابها الشرقي (باب كلواذي) في الجنوب وحتى باب المعظم (باب السلطان)‬ ‫الى الشمال‪ ،‬وبما يشبه ضربة سيف مكتسحا ً األسواق والمسارات والعديد من المباني ذات القيمة التراثية‪.‬‬ ‫وكان ذلك مؤشرا ً وبداية لميالد فكر مستورد جديد تحت مسمى التحديث والتقليد األعمى لنمط عمراني‬ ‫وتخطيطي غربي فرضته حقائق شيوع إستعمال السيارة كواسطة للتنقل في المدن الغربية وقد كانت هذه العملية‬ ‫مقدمة لإلبادة الجماعية للموروث العمراني التاريخي لبغداد ‪.‬‬ ‫ومضت عقود من الزمن حتى إلتأم نزف الجرح وإكتسبت جنبات هذا الشريان حلة عمرانية جديدة ‪،‬‬ ‫بعض مفرداتها هجين والبعض اآلخر يحمل نكهة محلية في العمران‪ ،‬ليصبح شارع الرشيد فيما بعد معلما ً‬ ‫عمرانيا ً يحتضن في جنباته العديد من األنشطة التجارية والمراكز الثقافية والدينية ومواقع للقاءات األدباء‬ ‫والشعراء والمثقفين ‪ ،‬التـي بقيت آثارها صامدة أمام بربرية الهدم ودعوة التجديد ‪ ،‬حيث حظي ذلك البعض‬ ‫بالرعاية والصيانة فيما فعلت أصابع التقادم وآثار التعرية في العديد اآلخر من هذا اإلرث العمراني‪ ،‬كما إلتهمت‬ ‫البعض اآلخر شراهة األنشطة التجارية بأسوأ صورها ‪.‬‬ ‫وال يزال التغيير يشتد‪ ،‬ويظهر تأثيره يوما ً بعد يوم ‪ ،‬لترتفع رايات الحداثة تارة واالبتذال المعماري تارة‬ ‫اخرى فوق سطوح ما تبقى من إرث عمراني مهدد باالندثار والتغيير‪ ،‬فقد تناقص عدد المباني التراثية خالل‬ ‫ال عقود الثالثة االخيرة الى اقل من النصف ‪ .‬إن هذا الواقع المر يدفعنا إلى ضرورة لفت االنظار واإلنتباه إلى‬ ‫وقف حالة التردي واإلنهيار لهذا الصرح العمراني ‪ ،‬الذي كان النواة التـي نبتت وتطورت حولها وبفضلها‬ ‫بغداد المعاصرة ‪.‬‬



‫تراث ل ينضب‬ ‫مطرقة ابب لحد البيوت‬ ‫البغدادية يف بغداد القدمية‬

‫يعبر مضمون هذا الكتاب عن رؤية وافكار شخصية للمؤلف نابعة عن‬ ‫تجربة شخصية من ناحية ‪ ،‬كما انها مبنية على ارضية من الدراسات‬ ‫والمسوحات والمعلومات المتاحة التي تشكل االساس للنتاج الفكري‬ ‫والتخطيطي المسطر في هذا الكتاب ‪ ،‬من ناحية اخرى‪.‬‬ ‫وبالطبع فان هذه الرؤى واالفكار قد تختلف من شخص الى اخر ومن‬ ‫مخطط الى اخر‪ ،‬شأنها شأن االعمال الفكرية االخرى ‪ ،‬اال ان الهدف منها في‬ ‫خاتمة المطاف هو فتح باب النقاش والمشاركة في احياء وتطوير المدينة بما‬ ‫يمكن الجميع من الوصول الى النتيجة المرجوة‪ .‬وهذا هو الغرض الرئيسي‬ ‫من هذا الكتاب‪ ،‬الذي ارجو ان يكون فاتحة ودعوة لتعاون المعماريين‬ ‫والمخططين وذوي الشان في التفكير الجدي بالمشاركة في احياء ونهضة هذه‬ ‫المدينة العظيمة التي لم تاخذ حقها منذ قرون‪.‬‬ ‫ارجو ان يوفر الكتاب فرصة لمشاركة المجتمع العراقي عموما‪،‬‬ ‫والبغدادي خصوصا‪ ،‬في نهضة المدينة التاريخية من جديد وان يسهم في‬ ‫زيادة الوعي‪ ،‬سواء الجماهيري او الحكومي‪ ،‬بما تواجهه هذه المدينة من‬ ‫اخطار ينبغي العمل سوية على التصدي لها ‪ ،‬وتجنبها ‪ ،‬واالرتقاء باساليب‬ ‫عالجها في اقرب وقت‪.‬‬


‫نقوش اجرية جلدار املدرسة‬ ‫الرشابية يف بغداد (القرص‬ ‫العبايس ) اال ي كمام بناهها‬ ‫س نة ‪1230‬م‬

‫مسكوكة ذهبية‬ ‫تعود اىل عهد‬ ‫اخلليفة العبايس ابو‬ ‫جعفر املنصور‬

‫شهدت مدينة السالم‪ ،‬بغداد‪ ،‬منذ نشأتها على الجانب الغربي لنهر دجلة المعروف بالكرخ تغييرات‬ ‫كثيرة ومتعددة‪ ،‬بعضها كان نتيجة عوامل سياسية واالخر نتيجة لعوامل الطبيعة وتاثيراتها‪ ،‬ومن المهم‬ ‫التعرف على هذه التغييرات وفهم طبيعتها عبر تاريخ المدينة الطويل‪.‬‬ ‫ان الغرض من مراجعة تاريخ المدينة ونشاتها وتطورها ليس الغور في تفاصيل تاريخية بل من‬ ‫مسكوكة ذهبية تعود اىل‬ ‫عهد اخلليفة العبايس ابو‬ ‫اجل التعرف على اسس نشوئها واتجاهات تطورها وعلى االخص خالل القرن العشرين الميالدي‬ ‫جعفر املنصور‬ ‫الذي شهدت فيه بغداد نهضة عمرانية كبيرة اثرت على مشهدها ونسيجها الحضري التقليدي الذي‬ ‫استغرق تشكيله قرونا طويلة‪.‬‬

‫‪3‬‬


2


‫خارطة الادرييس‬ ‫اقلمي بالد‬ ‫الهند‬

‫اقلمي‬ ‫ابب‬

‫اقلمي بالد‬ ‫الرام االشام‬

‫خريطة العامل يف القرن الثاين عرش‪ ،‬ال ي رمسها الدرييس‬ ‫لراجر الثاين مكل صقلية عام ‪ 1154‬م‪ ،‬ااحدة من‬ ‫خرائط العامل القدمي الكرث تقدما‪( .‬لحظ أن الشامل هو‬ ‫يف السف ‪ ،‬اهكذا تظهر اخلارطة "مقلوبة" )‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫كتاب اترخي بغداد‬ ‫ألفه العالمة أمحد بن عيل بن اثبت‬ ‫املعراف ابخلطيب البغدادي‬ ‫(‪ 1069 – 1001‬م )‬ ‫تضمن الكتاب أكرث من ‪ 7831‬كرمجة‬ ‫حلياة العلامء ااملفكرين اأعيان البدل‬ ‫ارجال ادلاةل ااحداث بغداد يف تكل‬ ‫الفرتة‪.‬‬ ‫ألف اخلطيب كتابه هذا يف الفرتة ال ي‬ ‫تعرضت فهيا بغداد اىل تغيريات ش به‬ ‫شامةل ملعظم خططها بسبب اهنيار‬ ‫ادلاةل البوهيية اقيام ادلاةل السلجوقية‬ ‫س نة ‪1055‬م‬

‫‪4‬‬


‫عقرقوف‬ ‫"داركوريمالزا"‪:‬‬ ‫زقورة عقرقوف احد‬ ‫معامل عامصة داةل‬ ‫الكيشون‬

‫قطيسفون‪ :‬ايوان‬ ‫كرسى من أشهر معامل‬ ‫قطس يفون اذلي اكن‬ ‫مقرا للحمك الساساين‬

‫ت حرم "شادابوم"‪:‬‬ ‫عرث فهيا عىل رمق طينية‬ ‫حتتوي عىل جداال‬ ‫رايضية اقضااي‬ ‫هندس ية اجربية‬

‫ابب "ابب اي " موطن احد احلضارات الرئيس ية الشهرية يف اادي الرافدين‬

‫‪7‬‬


‫تحيط بموقع المدينة العديد من المواقع االثرية التي تشير الى ان‬ ‫المنطقة قامت عليها حضارات سابقة امتدت الالف السنين‪.‬‬ ‫بابل‪ :‬فعلى بعد حوالي تسعين كيلومترا الى الجنوب من موقع مدينة‬ ‫بغداد الحالي تقع عاصمة اكبر الحضارات القديمة وهي مدينة بابل (باب‬ ‫ايل)‪ ،‬والتي تعني باللغة االكدية "باب االله"‪ ،‬والتي ظهرت وازدهرت ما‬ ‫بين القرنين الثامن والسادس قبل الميالد‪ ،‬وعرفت بجنائنها المعلقة‬ ‫وجدرانها العالية الحصينة وفخامة معابدها وقصورها‪.‬‬ ‫تل حرمل‪ :‬على بعد اميال قليلة الى الغرب من نهر دجلة اطالل تل‬ ‫حـرمـل وهو مستوطن حضاري يرجع اقدم ادوار االستيطان فيه الى العهد‬ ‫االكدي ما بين القرنين الحادي والثالثين والحادي والعشرين قبل الميالد‬ ‫وكانت مركزا اداريا تابعا لمملكة اشنونا‪ ،‬وعرف اسمها (شادوبوم)‬ ‫والمعروفة اطاللها اليوم بتل حرمل‪.‬‬

‫حضارة ابب‬ ‫اكنت تعرف قدميا مبملكة سومر‬ ‫اتقع بني هنري دجةل االفرات‬ ‫جنوب غرب بغداد ابلعراق‬ ‫ااكنت تقوم عىل الزراعة‬

‫عقرقوف‪ :‬الى الشمال من موقع مدينة بغداد الحالي وعلى بعد‬ ‫حوالي خمسة عشر كيلومترا تقع اثار عقرقوف التي كانت عاصمة"دولة‬ ‫الكيشون"‪ ،‬وهي إحدى الممالك البابلية القديمة التي تعرف باسم‬ ‫"دوركوريكالزو"‪ ،‬والتي نشأت مابين القرنين التاسع عشر والحادي عشر‬ ‫قبل الميالد‪.‬‬

‫أعظم ملوكها محورايب اذلي اش هتر‬ ‫مبجموعة القوانني املعرافة ابمسه‬ ‫ااحلضارة البابلية من أعظم‬ ‫احلضارات القدمية اقد حققت‬ ‫اجنازات ذات شأن يف الفكل‬ ‫االرايضيات االطب ااملوس يقى‬ ‫اقسموا ادلائرة اىل ‪ 360‬درجة‬ ‫اس نوا اال قانون يف العامل نقش‬ ‫عىل مسةل تسمى مبسةل محورايب‬ ‫اعظم ملوك ابب ‪.‬‬

‫قطيسفون‪ :‬اما الى الجنوب وعلى بعد ما يقارب الثالثين كيلومترا‬ ‫تقع اطالل مدينة قطيسفون التي كانت عاصمة الساسانيين والفرثيين‪ .‬هذا‬ ‫الموقع يقع قرب موقع مدينة سلوقية األثرية التي بناها السلوقيون‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫بغداد‬ ‫قطيسفون‬

‫ابب‬ ‫عكركوف‬

‫شادابوم‬ ‫‪ 3000‬ق‪.‬م‬

‫‪ 2000‬ق‪.‬م‬

‫‪ 1000‬ق‪.‬م‬

‫عام امليالد‬

‫‪ 1000‬ب‪.‬م‬

‫‪6‬‬

‫‪ 2000‬ب‪.‬م‬

‫اجلدال الزمين لتعاقب حضارات اادي‬ ‫الرافدين حول موقع املدينة‬

‫ابب "ابب اي " موطن احد‬ ‫احلضارات الرئيس ية الشهرية يف اادي‬ ‫الرافدين‬


9


‫هذه الدالئل تدل على ان بغداد‬ ‫وموقعها المميز يرتقي الى عهود قديمة‪،‬‬ ‫بالنظر الهميتها الطبيعية واالستراتيجية‪،‬‬ ‫فهي تقع في قلب وادي الرافدين وفي اكثر‬ ‫نقطة يتقارب فيها نهرا دجلة والفرات من‬ ‫بعضهما البعض عالوة على وجودها على‬ ‫طريق الحرير التجاري ‪.‬‬

‫هنر دجةل‬ ‫خارطة مسار هنر دجةل كام‬ ‫اردت يف كتاب غرائب الفنون‬ ‫املح العيون ‪ ،‬احد الكتب‬ ‫الفريدة لماتب ل يزال امسه‬ ‫جمهول‬

‫اما في المصادر العربية فان اقدم‬ ‫اشارة الى بغداد جاءت عن سوق كبير‬ ‫يسمى (سوق بغداد) يجتمع فيه التجار في‬ ‫رأس كل سنة االمر الذي جعل الموقع‬ ‫مركزا تجاريا ذا شهرة عالمية يومذاك ‪،‬‬ ‫ويقع هذا السوق الى الجنوب من نهر‬ ‫الصراة وهو احد االنهار التي تجري في‬ ‫الضفة الغربية من نهر دجلة ‪.‬‬ ‫وقد جاء ذكر (سوق بغداد) واشتهر‬ ‫بالفوز الذي ناله العرب في سنة ‪ 13‬للهجرة‬ ‫(‪ 634‬م) عندما اغار عليه الجيش‬ ‫االسالمي خالل تقدمه في العراق بقيادة‬ ‫المثنى بن حارثة الشيباني ‪ .‬هذا السوق‬ ‫الذي دمر بعد ذلك الهجوم تشير بعض‬ ‫الدراسات الحديثة الى ان موقعه هو في‬ ‫منطقة عقرقوف‪.‬‬ ‫وتبين الخارطة على الصفحة المقابلة‬ ‫والتي وضعها د‪ .‬احمد سوسة تصورا‬ ‫واضحا لمنطقة بغداد وما كانت تضمه من‬ ‫قرى وبساتين واديرة في اواخر العهد‬ ‫الساساني‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫فهرس الاسامء القدمية‬ ‫الواردة يف اخلارطة‬ ‫نظم هذا الفهرس حسب احلراف الهجائية عىل شلك دلي يسه معه تعيني‬ ‫مواقعلك من الاسامء القدمية الواردة يف هذه اخلارطة ابلنس بة اىل املربعات‬ ‫ال ي تقع فهيا‪ .‬اقد قسمت اخلارطة اىل عدد من املربعات اارشت علهيا‬ ‫اخلطوط لطولية ابلحرف من(أ اىل ل ) ارمقت اخلطوط العرضية ابلعداد من‬ ‫(‪ ) 8-1‬اجيد القاريء ازاء لك امس مدرج يف هذا الفهرس املربع اذلي يقع فيه‬ ‫ذكل الامس ابلنسببة اىل خطوط الطول االعرض‪.‬‬ ‫خذ مثال قرت برااث‪ ،‬فتجد اماهما احلرف (ي ) االعدد (‪ ) 6‬اي (ي‪ ) 6‬اهذا‬ ‫معناه ان قرية برااث تقع يف املوقع اذلي يتقاطع فيه احلرف الطويل (ي ) مع‬ ‫العدد العريض (‪) 6‬‬ ‫االسم‬

‫املوقع‬

‫االسم‬

‫املوقع‬

‫بركة على النهراملتشعب من نهرالفرات‬

‫ط‪7‬‬

‫فروع نهردجيل‬

‫ك‪1‬‬

‫تل حرمل‬

‫ب‪6‬‬

‫فروع نهررفيل‬

‫ز‪5‬‬

‫تلمحمد‬

‫أ‪7‬‬

‫قرية براثا‬

‫ي‪6‬‬

‫تلول حاجي عبد كلواذي‬

‫هـ ‪7‬‬

‫قرية بناورا‬

‫ط‪5‬‬

‫تلول خشم الدورة‬

‫ح‪9‬‬

‫قرية الخطابية‬

‫ي‪4‬‬

‫جسرقصرسابور‬

‫و‪4‬‬

‫قرية سال‬

‫ط‪5‬‬

‫ديردرثا‬

‫ط‪1‬‬

‫نهرالصراة الصغرى‬

‫ك‪5‬‬

‫ديربستان الخس‬

‫ي‪3‬‬

‫قرية سوق بغداد‬

‫و‪5‬‬

‫ديردرمالس‬

‫ح‪1‬‬

‫قرية سونايا‬

‫ح‪4‬‬

‫ديرالزندورد‬

‫هـ ‪5‬‬

‫قرية شرقانية‬

‫ي‪3‬‬

‫ديركليلشوع‬

‫ح‪5‬‬

‫قرية الكرخ‬

‫ط‪5‬‬

‫ديراملديان‬

‫ح‪5‬‬

‫قرية ورثاال‬

‫ح‪5‬‬

‫رحا البطريق‬

‫ي‪5‬‬

‫قرية سابور‬

‫و‪4‬‬

‫رستاق االفروطر‬

‫هـ ‪4‬‬

‫قطفتا‬

‫ز‪5‬‬

‫رستاق الفروسيج‬

‫ط‪5‬‬

‫قطيعة املخرم‬

‫ز‪3‬‬

‫سوق الثالثاء‬

‫و‪4‬‬

‫قنطرة الصراة‬

‫ي‪5‬‬

‫طسوج قطربل‬

‫ي‪3‬‬

‫مزرعة املباركة‬

‫ط‪2‬‬

‫طسوج بادوريا‬

‫ي‪6‬‬

‫مقابراملجوس‬

‫ح‪2‬‬

‫طسوج كلواذي‬

‫ج‪6‬‬

‫منطقة الزندورد‬

‫هـ ‪5‬‬

‫طسوج نهربوق‬

‫هـ ‪3‬‬

‫النهراملتشعب من الفرات‬

‫ي‪7‬‬

‫نهرالرفيل‬

‫ط‪5‬‬

‫نهرالزندورد‬

‫د‪5‬‬

‫فرع نهربين‬

‫د‪4‬‬

‫نهرالصراة العظمى‬

‫ط‪5‬‬

‫فروع نهرالخالص‬

‫ك‪2‬‬

‫نهركرخايا‬

‫ح‪5‬‬


‫`‬

‫خمطط يبني ثراء الطبيعة‬ ‫يف املنطقة حيث الاهنار‬ ‫ااجلداال الغناء تشتبك‬ ‫لتشلك لوحة ابدية‬ ‫جتري من حولها الاهنار‬ ‫لتؤكد اهنا احبق جنة‬ ‫هللا يف الارض‬

‫كانت بغداد‪ ،‬او مدينة السالم‪ ،‬بجانبيها الغربي والشرقي تروى من عدة انهار وجداول‪ ،‬جعلت من المدينة جنة غناء‬ ‫عامرة ‪ .‬ففي الجانب الغربي نهر عيسى االعظم ‪ ،‬وهو نهر قديم يعرف بنهر الملك يتفرع من نهر الفرات ‪ ،‬ويتفرع من‬ ‫نهر عيسى نهر الصراة ‪.‬وكان قد انشئ سد على النهر الرئيسي عند صدري نهر الرفيل والصرآة وتتفرع منهما عدة انهار‬ ‫مثل نهر كرخايا ونهر طابق ونهر الدجاج‪.‬‬ ‫وهناك نهر يتفرع من الضفة اليمنى لنهر دجلة جوار منطقة بلد الحالية ‪ ،‬يعرف بنهر دجيل يسقي منطقة واسعة من‬ ‫الجزيرة بين دجلة والفرات ‪.‬‬ ‫اما الجانب الشرقي فكان عامرا في كثافة مزارعه وبساتينه ‪ ،‬وكان يستقي من نهر واسع هو النهروان وكان يتفرع‬ ‫من الجانب االيسر من نهر دجلة في جوار سامراء ويسير بمحاذاة دجلة حتى يلتقي بدجلة بالقرب من مدينة الكوت‬ ‫وللنهروان فرعان هما نهر الخالص في الشمال واالخر جنوبا ويسمى نهر بين وتتفرع منهما فروع تسقي جنوب بغداد‬ ‫الشرقية ‪ .‬ويصب نهر بين في دجلة عند قرية كلواذى – اي الكرادة الشرقية ‪ ،‬وعلى نهري الخالص وبين جسران يؤديان‬ ‫الى المدائن ‪ .‬وقسمت هذه المنطقة الزراعية الى طسوج نهر بوق في الشمال وطسوج كلواذى ونهر بين ‪.‬‬ ‫عن دليل خارطة بغداد‬

‫‪11‬‬


‫كان هذا الموقع يقع ما بين عدة قرى مسكونة ومزدهرة هي بغداد العتيقة البابلية وسونايا االرامية والخطابية‬ ‫وشرفانية وبناورا وورثاال وبراثا وقطفتا والوردانية‪ ،‬والتي اختارها الخليفة ابو جعفر المنصور لتكون موقعا لعاصمة‬ ‫دولته‪ ،‬ويقع على رقعة مرتفعة من األرض على الجانب الغربي من نهر دجلة عند مصب نهر الرفيل‪ ،‬في موضع‬ ‫مزرعة تعرف بالمباركة كانت لستين شخصا فعوضهم المنصور عنها‪ .‬كما كانت تحيط بهذا الموقع قرى مأهولة السكان‬ ‫مزدهرة أهمها‪ :‬قرية بغداد القديمة (البابلية)‪ ،‬وسونيا اآلرامية‪ ،‬والخطابية‪ ،‬وشرفانية‪ ،‬وبناورا‪ ،‬وورثاه‪ ،‬وبراثا‪ ،‬وقطغتا‪،‬‬ ‫والوردانية‪ .‬وكان هناك جسر على دجلة‪ ،‬ودير للنصارى‪ .‬وكانت األرض التي تحيطها سهلة زراعية تسقيها مياه ترع‬ ‫تتفرع من نهر الرفيل الواسع الذي يأخذ من نهر الفرات ويبعد عن بغداد نحو ‪ 30‬كيلومترا‪ ،‬ومن نهر الدجيل الذي يأخذ‬ ‫مياهه من دجلة في شماليا‪ .‬وهذه األراضي المزروعة الواسعة كانت تنتج محاصيل زراعية وافرة‪ ،‬وتقابلها في شرقي‬ ‫دجلة أراضي منبسطة أيضا تروي مزارعها أنهار وجداول عدة‪.‬‬

‫جواب دهقان‪ 1‬بغداد ردا على سؤال الخليفة ابي جعفر المنصور‬

‫‪2‬‬

‫ذكر سليمان بن مجالد ان المنصور استشار دهقان بغداد‪ ،‬وكانت قرية صغيرة فقال ‪:‬‬ ‫وانت يا امير المؤمنين (الخليفة ابو جعفر المنصور)‪،‬‬ ‫ان تنزل في بغداد فانك تصير بين اربعة طساسيج‪ ، 3‬طسوجان في الجانب الغربي وطسوجان في‬ ‫الجانب الشرقي‪ .‬فاللذان في الغربي "قطربل" و"بادوريا" واما اللذان في الشرقي فهما "نهر بوق"‬ ‫و "كلواذي" ‪ ،‬فانت تكون بين نخل وقرب ماء ‪ ،‬فان تاخرت عمارة طسوج منهما ‪ ،‬كان االخر‬ ‫عامرا ‪...‬‬ ‫وانت يا امير المؤمنين‪،‬‬ ‫على الصراة ودجلة تجيئك بالميرة وفي الفرات من الشام والجزيرة ومصر وتلك البلدان‪ ،‬وتحمل اليك‬ ‫طرائف الهند والسند والصين والبصرة وواسط في دجلة‪ ،‬وتجيئك ميرة ارمينية واذربيجان وما يتصل‬ ‫بها في تامرا‪ ،‬وتجيئك ميرة الموصل وديار بكر وربيعة ‪....‬‬ ‫انت ‪،‬‬ ‫بين انهار ال يصل اليك عدوك اال على جسر او قنطرة‪ ،‬فاذا قطعت الجسر او خربت القناطر لم يصل‬ ‫اليك عدوك‪ ،‬وانت بين دجلة والفرات ال يجيئك احد من المشرق والمغرب اال احتاج الى العبور ‪....‬‬ ‫وانت متوسط للبصرة وواسط والكوفة والموصل والسواد كله ‪ ...‬وانت قريب من البر والبحر والجبل‬ ‫‪....‬‬ ‫فاعجب المنصور بهذا القول وشرع في التخطيط لبناء مدينته الجديدة ‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪10‬‬

‫عن (خطط بغداد يف معجم البدلان لياقوت امحلوي ) لدلكتور موفق سامل نوري بغداد ‪2001‬‬ ‫دهقان ‪ :‬رئيس القرية‬ ‫من املقديس ‪ :‬احسن التقاس مي يف معرفة الاقالمي‪/‬ليدن ‪1877‬‬ ‫الطسوج ‪ :‬لكمة فارس ية مبعىن املنطقة الزراعية‬


‫‪.‬‬ ‫وانسجاما مع شكل المدينة‬ ‫الدائري فقد خططت المدينة على‬ ‫شكل حلقات متداخلة بعضها عن‬ ‫بعض‪ ،‬بدءا بالتحصينات الدفاعية‬ ‫والخندق الدفاعي الذي يحيط‬ ‫بالمدينة من الخارج وانتهاءا‬ ‫بمركز الدائرة "الرحبة العظمى "‬ ‫وهي الرحبة التى اختارها‬ ‫المنصور الدارة شؤون الخالفة‬ ‫ومقرا لسكنه‪.‬‬

‫ختطيط املدينة‬ ‫احلجاج بن أرطأة‬ ‫ا‬ ‫معاانني من اه الكوفة‬

‫ابواب املدينة‬ ‫ابب البرصة‬ ‫ارسلها احلجاج من‬ ‫مدينة الزندارد‬ ‫ابب خراسان‬ ‫يجء به من الشام من‬ ‫مع الفراعنة‬ ‫ابب الكوفة‬ ‫يجء به من الكوفة من‬ ‫مع خادل القرسي‬ ‫ابب الشام‬ ‫صنع حمليا‬

‫الارشاف العام‬ ‫ابو حنيفة اثبت‬ ‫النعامن‬ ‫املنجمني‬ ‫ابو سه بن نوخبت‬ ‫ابراهمي بن محمد الفرازي‬ ‫محمد بن جرير الطربي‬

‫اسوار املدينة‬ ‫السور الاعظم ادلاخيل‬ ‫ارتفاعه‬ ‫‪ 60‬ذراعا (‪ 30‬مرت ) ) عرضه‬ ‫يف الاسف‬ ‫‪ 50‬ذراعا (‪ 25‬مرت )‬ ‫عرضه يف اعاله‬ ‫‪ 25‬ذراعا (‪ 12‬مرت )‬ ‫عدد الابراج املدارة‬ ‫‪ 113‬برجا‬ ‫ارتفاع الربج‬ ‫‪ 65‬ذراع (‪ 33‬مرت )‬ ‫السور الصغري اخلاريج‬ ‫ارتفاعه‬ ‫‪ 35‬ذراعا (‪ 17‬مرت )‬ ‫مسكه‬ ‫‪ 20‬ذراعا (‪ 10‬مرت )‬

‫الارشاف عىل البناء‬ ‫من ابب الكوفة اىل ابب‬ ‫البرصة‬ ‫معران بن الوضاح‬ ‫املسيب بن زهري‬ ‫الربيع موله‬ ‫من ابب الكوفة اىل‬ ‫ابب الشام‬ ‫عبد هللا بن حمرز‬ ‫سلامين بن جمادل‬ ‫ااحضا موله‬ ‫من ابب الشام اىل‬ ‫اجلرس‬ ‫احلجاج بن يوسف‬ ‫حرب بن عبد هللا‬ ‫غزاان موله‬ ‫من ابب خراسان‬ ‫اىل اجلرس‬ ‫مدة الكثريبناءاملهندس‬ ‫شهاب بن‬ ‫التغليبين‬ ‫ات اشهر‬ ‫اربع‬ ‫هشام سبننومعر‬ ‫يوما‬ ‫‪1480‬محزة‬ ‫عامرة بن‬ ‫مع يف لك يوم‬ ‫‪ 50‬الف رج يف البناء‬

‫‪13‬‬


‫بعد سنوات من اقامة الخالفة العباسية‪ ،‬والتي اتخذت من العراق مركزا لها ‪،‬بعد ان انشأ‬ ‫الخليفة عبد هللا السفاح مدينة الهاشمية بالقرب من الكوفة لتكون مقرا للحكم والدولة وبالتحديد‬ ‫في العام ‪ 758‬ميالدي‪ .،‬بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ رغب المنصور في انشاء مدينة تليق‬ ‫بالخالفة العباسية وقد اولى مهمة تصميمها الى المهندس الحجاج بن ارطأة الذي بنى تصميمها‬ ‫على اسس دفاعية عسكرية واجتماعية طبقية راسخة‪.‬‬ ‫كانت رغبة المنصور ان تكون بغداد مدينة أستثنائية في كل شئ؛ في الموقع واالسم‬ ‫والصفة و التصميم ولم ينس الخليفة استشارة علماء الفلك والطالع الذين كان لهم دور كبير في‬ ‫تحقيق ذلك‪.‬اذ عمل مع الحجاج ابن ارطأة كبير المنجمين وكذلك ابو سهل نوبخت وابراهيم بن‬ ‫محمد الفرازي ومحمد بن جرير الطبري ‪ ،‬لذا فال غرابة في ان يتشابه مخطط المدينة مع دائرة‬ ‫البروج وتقسيماتها كما ذكر البيروني في كتابه "اآلثار الباقية"‪.‬‬

‫دائرة الرباج‬ ‫دائرة الرباج ايه منطقة يف السامء‬ ‫حول مسار الشمس ّ‬ ‫تغطهيا ‪ 12‬من‬ ‫البراج الساماية حيث لحظ‬ ‫املنجمون هذه الكوكبات اربطوها‬ ‫بأمهية خاصة ‪ .‬االابراج الثين عرش‬ ‫يه‪ :‬امحل ‪ ،‬االثور‪ ،‬االتوأمان‪،‬‬ ‫االرسطان‪ ،‬االسد‪ ،‬االعذراء‪،‬‬ ‫ااملزيان‪ ،‬االعقرب‪ ،‬االرايم‪،‬‬ ‫ااجلدي‪ ،‬اادللو‪ ،‬ااحلوت‬

‫وقد خضع إنشاء المدينة على الشكل المدور ايضا ألبعاد أمنية وادارية من جهة وجمالية‬ ‫حضرية من جهة اخرى‪ .‬ففي ذلك يذكر الخطيب البغدادي إن أبا جعفر بنى المدينة مدورة ألن‬ ‫المدورة لها معان ال يوفرها الشكل المربع "وذلك أن المدينة المربعة إذا كان الملك في وسطها‬ ‫كان بعضها أقرب إليه من بعض والمدورة من حيث كل قسم كان مستويا ال يزيد هذا على هذا‪،‬‬ ‫و ال هذا على هذا" ‪ ،‬كما يوفر الشكل المدور مالمح جمالية وحضارية تميزها عن غيرها من‬ ‫المدن‪.‬‬

‫ايه احد امه الوسائ ال ي‬ ‫يس تخدهما الفلكيون يف دراسة‬ ‫الكواكب‪.‬‬

‫بغداد ااملنجمني‬ ‫اضع املنصور اساس املدينة يف‬ ‫اقت اختاره هل نوخبت املنجم‪ .‬مث‬ ‫ذكر عن بعض املنجمني ان خيرباه مبا‬ ‫تدل عليه النجوم فاخرباه مبا تدل‬ ‫عليه النجوم من طول زماهنا اكرثة‬ ‫عامرهتا اانصباب ادلنيا الهيا افقر‬ ‫الناس ايل مافهيا‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫الخندق‬ ‫السور الخارجي‬ ‫الفصيل الخارجي‬ ‫السور الداخلي‬ ‫الفصيل الداخلي‬ ‫الطاقات‬ ‫السكك ودور االهالي‬ ‫شارع العامة‬ ‫دواوين الحكومة ومطبخ العامة‬ ‫بيوت اوالد املنصور ورجال الدولة‬ ‫سقيفة رئيس الشرطة‬ ‫شارع الخاصة‬ ‫مسجد املنصور‬ ‫قصر باب الذهب‬

‫مدينة السالم‬ ‫عام ‪ 762‬امليالدي‬ ‫الميني‪ :‬منظر من اجلو‬ ‫للمدينة املدارة‬ ‫اليسار‪ :‬خمطط املدينة‬ ‫اتقس اميهتا‬

‫‪15‬‬


‫"بسم هللا واالرض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين"‬ ‫أبنوا على بركة هللا ‪...‬‬ ‫بهذه الكلمات أمر ثاني خلفاء بني العباس الخليفة ابو جعفر المنصور بالمباشرة ببناء‬ ‫عاصمة جديدة لدولته المترامية االطراف وذلك في اليوم الرابع من جمادي االول الخامس‬ ‫والعشرين من ربيع االخر عام ‪ 145‬للهجرة في الساعة الثانية واربعين دقيقة ظهرا (الواحدة‬ ‫وسبعة وخمسون دقيقة ظهرا) المصادف اليوم الثالث والعشرين من تموز عام ‪ 762‬الميالدي‪،‬‬ ‫اسماها مدينة السالم وفقا للبيروني‪.‬‬

‫ابو جعفر املنصور‬ ‫اثين خلفاء بين العباس‬ ‫يعد أبو جعفر املؤسس احلقيقي‬ ‫لدلاةل العباس ية‪ ،‬اتعترب فرتة‬ ‫خالفته ال ي دامت ‪ 22‬س نة من‬ ‫أمه عصور اخلالفة‪ ،‬فقد حمك ما‬ ‫يقرب من ‪ 22‬عاما‪ ،‬حكام قواي‬ ‫كركزت فهيا مجيع سلطات ادلاةل‬ ‫يف يده‪.‬‬ ‫امر اخلليفة ببناء مدينة السالم‬ ‫بغداد لتكون عامصة للخالفة‬ ‫العباس ية هو من سن الس ياسة‬ ‫ادلينية اجعلها أساسا حلمك‬ ‫العباس يني اذهب يف ذكل اىل‬ ‫ابعد حد حىت قال امنا أان سلطان‬ ‫هللا يف ارضه‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫حدث ذلك بعد مرور ما يقارب االثني عشر عاما على بزوغ الخالفة العباسية بعد ان اختير‬ ‫موقع هذه المدينة على الضفة الغربية لدجلة واستغرق بناؤها اربع سنوات ‪ ،‬تم بناء المدينة خاللها‬ ‫على مرحلتين‪ :‬أُن ِجزت االولى عام ‪763‬م وكانت هي أهم المرحلتين ‪ ،‬وقد توقّف العمل بعدها‬ ‫ستة أشهر بسبب بعض الحركات المعارضة للحكم العباسي فيما استكمل العمل في المرحلة‬ ‫نجزت عام‬ ‫التكميلية التي استمرت ثالث سنوات ‪ ،‬ابتدأت من انتقال المنصور اليها عام ‪763‬م‪ ،‬وأ ُ ِ‬ ‫‪766‬م‪.‬‬


‫استعمل الطين بصورة واسعة في بناء المدينة وكان على نوعين المجفف والمفخور‪ ،‬المجفف هو الذي يصب في قوالب‬ ‫ويجفف تحت الشمس ويسمى الطوب االخضر وهو مزيج من الطين والتبن واستعمل بصورة رئيسية في بناء السور وملحقاته‪.‬‬ ‫اما المفخور اي الطابوق واآلجر فاستعمل في بناء العقود والطوق واالقبية والقباب‪ .‬كما استعمل بصورة محدودة نوع من‬ ‫الطوب المحروق الذي يستعمل عادة في تنفيذ االساسات لمقاومته لنفاذية الماء‪.‬‬ ‫الرحبة الوسطى‬ ‫وقد أحتلت مركز الدائرة القبة الخضراء التي تغطي قلب قصر الخليفة المدعو قصر باب‬ ‫الذهب ضمت الرحبة الوسطى من مدينة المنصور المدورة التي تقع في مركز الدائرة قصرا‬ ‫سمي بقصر الذهب مربع الشكل ويحاذي القصر من جهة القبلة المسجد الكبير‪ .‬ومن‬ ‫هذا المركز تفرعت اربعة شوارع رئيسية متجهة نحو ابواب المدينة‪.‬‬ ‫قصر باب الذهب‬ ‫كانت مساحة القصر اربعمائة ذراع في اربعمائة ومساحة‬ ‫المسجد مائتين في مائتين‪ ،‬وكان في صدر القصر ايوان طوله‬ ‫ثالثون ذراعا وعرضه عشرون وفي صدر االيوان مجلس‬ ‫مساحته عشرون ذراعا في عشرين وارتفاع االيوان‬ ‫عشرون ذراعا وعلى سطح االيوان مجلس منه وفوق‬ ‫المجلس القبة الخضراء التي بلغ ارتفاعها من االرض‬ ‫ثمانون ذراعا‪ .‬وكان على راس القبة تمثال فرس‬ ‫عليه فارس في يده رمح ‪ .‬كما قام المنصور بحفر‬ ‫نفق يمتد الى مساحة فرسخين (اي ما يعادل‬ ‫حوالي ‪ 11‬كيلومترا) تحت االرض خارج‬ ‫المدينة اعده لغرض الهرب في حالة‬ ‫حصار المدينة‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫كان البناء يشتمل على ثالثة أسوار متتابعة تختلف في سمكها وارتفاعها‪ ،‬وكان الوسطاني‬ ‫أضخمها واكثرها سمكا وارتفاعا وتعلوه القباب فوق الطاقات التالية للمداخل‪ ،‬ويحيط بالسور‬ ‫الخارجي ويطوق البناء من الخارج خندق مائي عرضه ‪ 6‬أمتار ينهل ماؤه من نهر كرخايا‪ .‬ويحيط‬ ‫بكل سور فيصل فارغ من البناء يدور حولها ويساعد في حركة الحرس الدائرية‪.‬‬

‫مدينة السالم‬ ‫مساحهتا‬ ‫‪21,916،3387‬‬ ‫ذراع‬ ‫‪ 5,314،262‬مرت‬ ‫مربع (تقريبا )‬

‫وكانت للمدينة اربعة ابواب باسماء البلدان المتجهة اليها ‪،‬وهي الشام والكوفة والبصرة‬ ‫وخراسان‪ ،‬والمداخل من النوع المنكسر لغرض الحماية‪ ،‬وتعلو كل مدخل قبة باسقة لغرض‬ ‫االستدالل على المدخل عن بعد‪.‬‬ ‫اما المرافق السكنية والخدمية للعامة فتقع بين السورين االوسط والداخلى وقد خطت على شكل‬ ‫ارضاب قطاعية الشكل تحوي ديارا من طابق واحد حتى ثالثة طوابق تحيط بحوش سمائي‪ .‬أما‬ ‫مايلي السور الداخلي وحتى أسوار قصر الخليفة والمسجد الجامع فتأتي تباعا أبتداءا من الخارج‬ ‫قصور االمراء ورجاالت الدولة ثم دواوين ومطبخ العامة الذي تليه قصور أوالد الخليفة وخاصته‪.‬‬

‫حميطها‬ ‫‪ 16,579‬ذراع‬ ‫‪ 8,132‬مرت (تقريبا )‬ ‫قطرها‬ ‫‪ 5,283‬ذراع‬ ‫‪ 2,615‬مرت (تقريبا )‬ ‫‪----------‬‬‫عدد السكك‬ ‫اادلراب‬ ‫حوايل ‪ 6000‬درب‬ ‫اسكة‬ ‫عدد امحلامات‬ ‫‪ 10,000‬حامم‬

‫ابب بغداد يف مدينة الرقة يف سوراي‬ ‫احد الامثةل القليةل الباقية ال ي تدلنا عىل تفاصي‬ ‫العامرة يف املدينة املدارة يف ذكل العرص‬

‫‪16‬‬


‫السور االعظم الخارجي‬

‫الفصيل الخارجي‬

‫السور الصغيرالخارجي‬

‫املسناة‬

‫الخندق‬ ‫السور الداخلي‬ ‫الفصيل الداخلي‬

‫ابراج السور االعظم‬

‫باب املدينة‬

‫الطاقات الكبرى‬

‫نهركرخايا‬

‫‪19‬‬


‫قصرباب‬ ‫الذهب‬ ‫مساحته ‪160,000‬‬ ‫ذراع مربع‬

‫قرص اذلهب‬ ‫يؤكد املؤرخون ‪ ،‬أن قرص اذلهب‬ ‫(قرص القبة اخلرضاء ) يف املدينة‬ ‫املدارة بغداد‪ ،‬اهو قرص اخلليفة‬ ‫املنصور نفسه‪ ،‬اكن احت قلب أا‬ ‫مركز املدينة ‪ .‬اهو مربع‬ ‫الشلك‪،‬اطول ضلعه ‪ 400‬ذراع اقد‬ ‫ش يد ابجلص االطابوق ‪ ،‬ابدت غرفة‬ ‫نوم اخلليفة تط عىل رااق كرفع‬ ‫سقفه أمعدة‪ ،‬ليرشف عىل حصن‬ ‫القرص‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫مسجد املنصور‬ ‫مساحته ‪4000‬‬ ‫ذراع مربع‬


‫حمراب من املرمر غين ابلزخارف احملفورة مثث عىل‬ ‫الاغلب الاثر التارخيي الوحيد من ااثر جامع‬ ‫املنصور الباقية ااذلي يدل عىل عظمة الفن‬ ‫الاساليم‬ ‫عرث عليه يف جامع اخلاصيك يف بغداد‬ ‫(من حمفوظات املتحف العرايق )‬

‫‪21‬‬


‫عهد الخليفة المنصور الى الحجاج بن ارطاة بتخطيط المسجد في موقع‬ ‫مالصق لقصر باب الذهب من جهته الشرقية داخل الرحبة الوسطى‪ ،‬وقد انشأه‬ ‫الحجاج بشكل مربع طول ضلعه ‪ 200‬ذراع حيث شغل بيت الصالة ثلث هذه‬ ‫المساحة واحتوى على خمسة اساكيت (صفوف) في كل منها ‪ 16‬عمودا من‬ ‫الخشب‪ ،‬واحتوى في جوانبه الثالثة على مجنبات لكل منها رواقان‪.‬‬

‫منرب القرياان‬ ‫ان املنرب ااحملراب اذلين حتتفظ هبام‬ ‫مدينة القرياان يف جامع القرياان يف‬ ‫تونس يعد من ابرز الااثر البغدادية‬ ‫الباقية حلد اليوم‪.‬‬ ‫الرااقات‬ ‫قرص ابب اذلهب‬

‫اذ يعترب منرب القرياان اذلي يرجع‬ ‫اىل عهد هاران الرش يد ااحدا من‬ ‫راائع امثةل احلفر عىل اخلشب‬ ‫اشاهدا عىل براعة الفنانني‬ ‫البغداديني يف احلفر االنقش‬ ‫االرايزة‪.‬‬

‫الصحن‬

‫بيت الصالة‬

‫املئذنة‬ ‫خمطط ملسجد املنصور‬ ‫امللحق بقرص اذلهب‬

‫احملراب‬ ‫املئذنة‬

‫‪20‬‬


‫الفصي الاال‬ ‫ارض خالية من البناء اعدت حلراكت ادلفاع‬ ‫بعرض ‪ 75‬ذراعا اي حوايل ‪ 37‬مرتا‬

‫ابراج السور الاعظم‬

‫السور الصغري اخلاريج‬

‫مجموع الابراج ‪ 113‬برجا‬ ‫بني لك ابب من ابواب املدينة ‪ 28‬برجا‬ ‫اما بني ابيب البرصة االكوفة ‪ 29‬برجا‬

‫ارتفاعه ‪ 35‬ذراعا‬ ‫حوايل ‪ 18‬مرتا‬ ‫عرضه من الاسف ‪ 20‬ذراعا‬ ‫اي حوايل ‪ 10‬امتار‬

‫السور الاعظم‬ ‫الفصي الثاين‬

‫سكة املناطق السكنية‬ ‫بعرض ‪ 25‬ذراعا اي حوايل ‪ 13‬مرتا‬

‫سور امداخ املناطق السكنية‬ ‫خندق معيق‬ ‫بعرض ‪ 10‬أذرع اي حوايل ‪6‬‬ ‫امتار‬ ‫ايخذ املاء من هنر كرخااي‬ ‫اذلي يس متد مائه من هنر‬ ‫الفرات‬

‫ابب املدينة‬

‫الرحبة‬

‫‪23‬‬


‫الطاقات الصغرى‬ ‫السور ادلاخيل‬ ‫حييط ابلرحبة الوسطى‬

‫الفصي الثالث‬ ‫سكة املناطق السكنية‬ ‫بعرض ‪ 25‬ذراعا اي حوايل ‪ 13‬مرتا‬

‫اصف حتصينات املدينة امداخلها‬ ‫جيتاز ادلاخ اىل املدينة قنطرة فوق‬ ‫اخلندق عرضها أربعة أمتار‪ ،‬توص اىل‬ ‫ابحة مس تطيةل مغطاة بقبو نصف‬ ‫اسطواين‪ ،‬مث ينعطف املدخ اىل اليسار‬ ‫اخيرج اىل رحبة مس تطيةل عبارة عن فناء‬ ‫مكشوف اهبا ابابن جانبيان يفتحان عىل‬ ‫الفصي الال اذلي يص اىل مداخ‬ ‫أخرى رئيس ية‪ ،‬اعىل حمور الرحبة املدخ‬ ‫الرئييس للمدينة ابب يفتح عىل دهلزي‬ ‫مغطى بعقد نصف دائري افيه يوجد‬ ‫درجان يوصالن اىل اجمللس اذلي يعلو‬ ‫ادلهلزي اذلي يفتح عىل رحبة مربعة‬ ‫مكشوفة يكتنفها ابابن جانبيان يفتحان عىل‬ ‫غرفتني جانبيتني‪ ،‬لك مهنام مغطاة بعقد‬ ‫نصف اسطواين ايوصالن اىل الفصي‬ ‫الثاين‪ ،‬اعىل احملور الرئييس لدلهلزي بعد‬ ‫الرحبة توجد الطاقات الكربى اتتكون من‬ ‫‪ 54‬غرفة يف اجلهة الميىن امثلها يف اجلهة‬ ‫اليرسى‪ .‬اينهتيي ادلهلزي بباب يفتح عىل‬ ‫رحبة مربعة أيضا ايكتنفها من هجتهيا‬ ‫غرفتان يعلو لك مهنام عقد نصف اسطواين‬ ‫ايفتحان عىل الفصي الثالث ا مث ندخ‬ ‫اىل الرحبة الوسطى ايه حماطة بسور‬ ‫دائري به جتويفات مس تطيةل تعلوها عقود‬ ‫محموةل عىل حماريب أا بالطات أفقية‪ ،‬لك‬ ‫مهنا عىل شلك طاقية اتعرف يف مجموعها‬ ‫ابلطاقات الصغرى‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫الطاقات الكربى‬ ‫سور امداخ املناطق السكنية‬

‫عددها ‪ 54‬طاق عىل لك جانب‬


‫بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية‬ ‫ابو اسحاق الزجاج‬ ‫‪-------------------------------‬‬‫لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جاللة قدرها وفخامة امرها وكثرة علمائها واعالمها وتميز خواصها‬ ‫وعوامها وعظم اقطارها وسعة وكثرة دورها ومنازلها ودروبها وشعوبها وجمالها واسواقها وسككها‬ ‫وازقتها ومساجدها وحماماتها وطرزها وخاناتها وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظاللها وافيائها‬ ‫واعتدال صيفها وشتائها وصحة ربيعها وخريفها‬ ‫الخطيب البغدادي‬ ‫‪-------------------------------‬‬‫بغداد جنة االرض ومدينة السالم وقبة االسالم ومجمع الرافدين وغرة البالد وعين العراق ودار‬ ‫الخالفة ومجمع المحاسن والطيبات ومعدن الظرائف واللطائف وبها ارباب الغايات في كل فن واحاد‬ ‫الدهر في كل نوع‬ ‫احد الفضالء‬ ‫‪-------------------------------‬‬‫رأيت المدن العظام بالشام والروم وغيرها فلم اجد مدينة ارفع سمكا وال اجود استدارة وال اوسع ابوابا‬ ‫صبت في قالب وكأنما افرغت افراغا‬ ‫وال اجود فصال من مدينة ابو جعفر المنصور‪ ،‬كما كأنما ُ‬ ‫الجاحظ‬ ‫‪-------------------------------‬‬‫هي مدينة السالم ‪ ..‬بل مدينة االسالم ‪ ،‬فان الدولة النبوية والخالفة االسالمية بها عششتا وفرختا‬ ‫وضربتا بعرقها وبسقتا بفروعهما ‪ ،‬وان هواءها اغذى من كل هواء وماءها اعذب من كل ماء ‪ ،‬وان‬ ‫نسيمها ارق من كل نسيم‬ ‫ابو الفرج الببغاء‬ ‫‪-------------------------------‬‬‫من االرض ‪ ،‬حتى خطتي ودياريا‬ ‫فدى لك يا بغداد كل مدينـــــــــــة‬ ‫فقد طفت في شرق البالد وغربها وسيرت خيلي بينها والركابيـــــــا‬ ‫ولم ار فيها مثل دجلة واديــــــــــا‬ ‫فلم أر فيها مثل بغداد منـــــــــزال‬ ‫واعذب الفاظا واحلى معانيــــــــا‬ ‫ولم ار مثل اهليها ارق شمائـــــال‬ ‫محمد بن خلف النيرماني‬

‫‪25‬‬


‫عاشت بغداد المدورة منذ تاسيسها عام ‪762‬م قرنا ونصف‪ ،‬كانت خالله عاصمة‬ ‫المبراطورية مترامية االطراف تمتد من بالد االفغان شرقا الى المغرب العربي غربا اال‬ ‫انها لم تخل من اضطرابات ونزاعات دموية مختلفة أدت في مجملها‪ ،‬اضافة الى عوامل‬ ‫اخرى‪ ،‬الى خراب المدينة المدورة وهجرها وانتقال عمران المدينة الرئيسية وقصور‬ ‫خلفائها الى الضفة الشرقية لنهر دجلة في النهاية‬

‫بغداد االعامل‬

‫‪.‬‬

‫اصبحت بغداد مركزا اعامصة للقوة‬ ‫العظمى يف ذكل العرص‪ ،‬اذاع‬ ‫صيهتا اكمج مدينة‪ ،‬اابتت حمط‬ ‫انظار العامل مكركز حضاري كبري‪،‬‬ ‫اعامصة لدلاةل الاسالمية الكربى‪،‬‬ ‫اهتافت علهيا الفالسفة االعلامء‬ ‫االادابء من لك حدب اصوب‪،‬‬ ‫اجتااز عدد سماهنا املليون نسمة‪.‬‬ ‫الرمس اعاله يبني ادلاةل العباس ية‬ ‫يف اقىص اتساعها عام ‪851‬م‪.‬‬

‫لوحة متث متث اس تقبال اخلليفة العبايس‬ ‫لرسول الرام اتقب هداايه‬ ‫بلغت بغداد في عهد هارون الرشيد قمة مجدها ومنتهى فخارها‪ ،‬وأمتدت األبنية‬ ‫امتدادا كبيرا على جانبي نهر دجلة خارج المدينة‪ ،‬نظرا لمحدوديتها‪ ،‬وانتشر العمران بشكل‬ ‫كثيف حول المدينة في الكرخ وعلى الضفة االخرى في جانب الرصافة‪ ،‬حتى غدت وكأنها‬ ‫مدن متالصقة‪.‬‬ ‫بغداد وملك الروم‬ ‫صورت بغداد لملك الروم‪ ،‬ارضها واسواقها وشوارعها وقصورها وانهارها في‬ ‫غربيها وشرقيها‪ ،‬فكان يعجب من وضع شوارع الجانب الشرقي خصوصا من شارع‬ ‫الميدان وشارع سويقة نصر بن مالك الخزاعي والقصور التي في االسواق والشوارع من‬ ‫سويقة نصر الى قنطرة البردان ‪ ،‬وكان اذا طابت نفسه دعا بصورة شارع نصر (احد‬ ‫شوارع بغداد في ذلك العصر) ويقول ‪ :‬لم ار صورة شيئ من االبنية احسن منه‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫املؤرخ اليعقويب يف كتابه البدلان عن‬ ‫اهايل بغداد‬ ‫حسنت اخالق اهلها ونظرت‬ ‫وجوههم وانفتقت اذهاهنم حىت فضلوا‬ ‫الناس يف العمل والفهم والادب والنظر‬ ‫والمتيزي والتجارات والصناعات‬ ‫واملاكسب واحلذق بلك مناظرة‬ ‫واحاكم لك همنة واتقان لك صنعة‬ ‫فليس عامل اعمل من عاملهم وال اروى‬ ‫من روايهتم وال اجدل من متلكمهم‬ ‫وال اعرب من حنويهتم وال احص من‬ ‫قرائهيم وال اهمر من متطبهبم وال‬ ‫احذق من مغنهيم وال الطف من‬ ‫صانعهم وال اكتب من اكتهبم وال ابني‬ ‫من منطقهيم وال اعبد من عابدمه وال‬ ‫اروع من زاهدمه وال افقه من حامكهم‬ ‫وال اخطب من خطيهبم وال اشعر‬ ‫من شاعرمه‪.‬‬

‫رمس السواق بغداد‬ ‫وطاقاهتا‬

‫‪27‬‬


‫في جانب الكرخ‬ ‫كان الشتداد الضغط السكاني والتجاري على المدينة المدورة المحدودة المساحة سببا‬ ‫لقيام المنصور باقتطاع قطائع من االرض خارج االسوار المحيطة بالمدينة ‪ ،‬رغبة منه في‬ ‫تخفيف الضغط على المدينة المدورة ‪ ،‬ووزعها على كبار القادة ورجال الدولة واالعيان‬ ‫وسميت هذه القطائع باالرباض والتي سرعان ماعمرت وازدحمت بالسكان وحولت اليها‬ ‫اسواق المدينة التي ضاقت بسبب اتساعها وافرد لكل حرفة سوقا خاصة به‪.‬‬ ‫في جانب الرصافة‬

‫ساكن بغداد‬ ‫اكن عدد ساكن بغداد يف أايم‬ ‫تأسيس مدينة املنصور املعروفة‬ ‫مبدينة دار السالم متوسطا مث‬ ‫توافد الناس الهيا من املدن‬ ‫والقرى واتسع العمران لكرثهتم‬ ‫وزايدهتم حيث بلغ ساكن بغداد‬ ‫يف عهد هارون الرش يد أكرث من‬ ‫نصف مليون نسمة‪.‬‬

‫بعد ان حقق بناء المدينة الغرض الذي كان يرمي اليه المنصور‪ ،‬من منع وصول العدو‬ ‫اليه باسوارها المنيعة حدث ما لم يكن في الحسبان ‪ ،‬اذ ثار الجند عليه وحاربوه على ابواب‬ ‫المدينة‪ .‬فلما اخمد ثورتهم امر ببناء معسكر في الرصافة اليواء الجيش حيث اتخذت الرصافة‬ ‫في االصل ثكنات للجيش وبنى لها المنصور سورا وحفر حولها خندقا‪ .‬وسرعان ما عمرت‬ ‫الرصافة وقاربت المدينة االصل في االتساع فظهرت فيها الحدائق والميادين الفسيحة والمباني‬ ‫الفخمة‪.‬‬ ‫وقد بلغ اتساع المدينة بشطريها اتساعا كبيرا وازداد عدد نفوسها ازديادا كبيرا‪،‬‬ ‫وازدهرت فيها الفنون المتنوعة والعلوم المختلفة ‪.‬‬

‫عدم وجود قابلية للتوسع‬ ‫املس تقبيل اكن احد‬ ‫اس باب عدم اس تدامة‬ ‫املدينة املدورة حيث‬ ‫اكتظت ابلساكن بعد فرتة‬ ‫وجزية وتوسعت خارج‬ ‫االاسوار‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫رمس يبني بغداد بشطرهيا‬ ‫الكرخ والرصافة يف العرص‬ ‫العبايس‬

‫و كان لدور الشط أبواب إلى شوارعها‪ ،‬و على كل‬ ‫باب مراكب مندرجة‪ ،‬مهيأة لركوب الظهر‪ ،‬كما بين‬ ‫أيدي رواشنها خيطية أو زبزب لركوب الشط‪ ،‬و الناس‬ ‫كأنهم في دعوة‪ ،‬ال تخلو من ختان صبي‪ ،‬أو زفاف‬ ‫امرأة‪ ،‬و في السبوت مجالس القراء على الكراسي‬ ‫باأللحان‪ ،‬و حلق العالج و الصراع‪ ،‬و مسابقة السفن‪ .‬و‬ ‫من أحسن القصور كانت دار الفخرية بالغربي‪ ،‬و دار‬ ‫المملكة بالشرقي‪ ،‬و لم يكن للدار العزية مثل دار بلدرك‬ ‫و الحريم الطاهري و دوره الشاطئية‪ ،‬و سوره الدائر‪ ،‬و‬ ‫بابه الحديد‪ ،‬و دار األمير حسن بن إسحاق بن المقتدر‪،‬‬ ‫الذي عرضت عليه الخالفة فأباها‪ ،‬و وراء الحريم شارع‬ ‫دار الرقيق و هي محلة كبيرة كثيرة المنازل العجيبة‪ ،‬ثم‬ ‫درب سليمان و المارستان‪ ،‬و سوقه العجيب‪ ،‬ثم دار‬ ‫النقابة الشاطئية‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫كتاب مناقب بغداد للخطيب‬ ‫البغدادي ابن اجلوزي‬ ‫وهو حمدث ومؤرخ ودل وتويف‬ ‫يف بغداد عام ‪ 1116‬امليالدي ‪.‬‬ ‫حظي بشهرة واسعة‪ ،‬وماكنة‬ ‫كبرية يف اخلطابة والوعظ‬ ‫والتصنيف‪ ،‬كام برز يف كثري من‬ ‫العلوم والفنون‬

‫‪28‬‬

‫قال أبو الوفاء بن عقيل – أحد قاطنيها‪ :‬سألني صدر من صدور‬ ‫طريق خراسان عن بغداد و ما أدركت بها فقلت‪ :‬ال أذكر لك أمرا‬ ‫تكاد تستبعده‪ ،‬فأذكر لك محلتي وهي واحدة من عشر محال‪ ،‬كل محلة‬ ‫كبلد من بالد الشام‪ ،‬وهي المعروفة بـ"باب الطاق"‪ ،‬أما شوارعها‬ ‫فشارع مما يلي دجلة‪ ،‬من أحد جانبيه قصور على دجلة‪ ،‬طراز ممتد‬ ‫من عند الجسر إلى أوائل "الزاهر" و هو بستان للملك‪ ،‬نحو مائتي‬ ‫جريب‪ ،‬و جانبه اآلخر مساجد أرباب القصور و مساكن غلمانهم‪ ،‬و‬ ‫في خالل ذلك اصطبالتهم‪ ،‬ثم يليه من يمنته عند الجسر سوق يحيى‬ ‫الجامعة بين دور الوزراء و األمراء مما يلي الشط‪ ،‬و في الجانب‬ ‫الغربي لسوق يحيى‪ ،‬الدكاكين العالية و الدروب العامرة‪ ،‬و من‬ ‫دقاقين وحالويين‪ ،‬ثم نهاية الدور الشاطئية‪ ،‬دار معز الدولة ذات‬ ‫المسناة‪ ،‬التي عرضها مائة آجرة‪ ،‬و كان لها الروشن البديع‪ ،‬فهذا‬ ‫طراز باب الطاق الشاطئ‪ ،‬فأما دواخلها‪ ،‬فأوائلها العرصة التي عند‬ ‫رحبة الجسر و التي تنقسم إلى فرعين عظيمين‪ ،‬أحدهما لألساكفة‪ ،‬ثم‬ ‫سوق الطير‪ ،‬و هو سوق يجمع الرياحين‪ ،‬و في حواشيها الصيارف‬ ‫الظراف‪ ،‬و أصحاب الطيالس‪ ،‬و فاخر المالبس‪ ،‬ثم سوق المأكول و‬ ‫الخبازين و القصابين‪ ،‬و سوق الصاغة لم يشاهد أحسن منه بناء‬ ‫شاهق‪ ،‬وأساطين ساج‪ ،‬عليها غرف مشرفة‪ ،‬ثم الوراقين سوق‬ ‫كبيرة‪ ،‬و هي مجالس العلماء و الشعراء‪ ،‬ثم سوق الرصافة‪ ،‬عظيمة‬ ‫جامعة‪ ،‬ثم شارع الترب و قصر المهدي و جامع الرصافة‪ ،‬و درب‬ ‫الروم‪ ،‬و شارع عبد الصمد‪ ،‬و السقايات العجيبة في طريق الجامع‬ ‫ذات األجراس الكثيرة‪ .‬كان هذا الوصف لبغداد الرصافة‪ ،‬أما الجانب‬ ‫الغربي من بغداد‪ ،‬فهو محلة الكرخ‪ ،‬ذلك القسم الهام‪ ،‬و الرئيسي و‬ ‫األكبر من بغداد‪ ،‬يقول عنه المتحدث أبو الوفاء‪ :‬من الجانب الغربي‬ ‫الكرخ و شاطئه قصور منتظمة ذات دواليب و بساتين و رواشن‬ ‫متقابلة‪ ،‬و بين يدي ذلك دار خيطية مشذبة لرب الدار‪ ،‬مسرجة‬ ‫بالحلية المليحة و الرجاشات العجيبة‪ ،‬و البط يتالعب في مشرعة‬ ‫الدار الشاطئية‪ ،‬و لربما اختلطت أصوات أغانيها برنيم دواليبها‪ ،‬و‬ ‫نقيق بطها‪ ،‬و ضجة غلمانها و خدمها‪ ،‬و دجلة تنسل بين شاطئ‬ ‫قصورها الشاطئية‪ ،‬و لقد نزلت كثيرا في سميرية منحدرا فما أزال‬ ‫أسمع هذه األنغام من شرعة الجسر بباب الطاق إلى باب المراتب‪.‬‬


‫رمس يعود للقرن‬ ‫السادس عرش‬ ‫يصور احد املقاىه‬ ‫العربية‬

‫و يستطرد المتحدث في اإلسهاب لوصف جانبي بغداد‬ ‫–الكرخ و الرصافة‪ -‬من خالل ما يحيط بدجلة من أبنية و‬ ‫شوارع و دور و غيرها‪ .‬يقول‪" :‬و كنت أسمع من المشايخ أن‬ ‫بدجلة خمسمائة مصفرة مزينة ال يركب فيها إال ظراف التجار و‬ ‫األجناد و أرباب المقاطعات‪ ،‬و الرجل و غالمه‪ ،‬و المالحون‬ ‫بالثياب الجميلة‪ ،‬ثم باب البصرة‪ ،‬ذات السكاك البعيدة‪ ،‬و من‬ ‫الجانب الشرقي (الزاهر) بستان عظيم جامع للنخل و األزهار‪ ،‬و‬ ‫وراءه ثالث محال‪ ،‬سوق السالح و المخرم و سوق الداية‪ ،‬و‬ ‫تمتد العمارة إلى نهر المعلى‪ ،‬و دار الخالفة و تاجها العجيب‪ ،‬و‬ ‫هي بنفسها بلد‪ ،‬و باب المراتب‪ ،‬محلة تختص بالكبراء و أرباب‬ ‫المناصب‪ ،‬و باب األزج و المأمونية‪ ،‬و في الجانب الغربي قصر‬ ‫عيسى و قصر المأمون و التوثة و غير ذلك"‪ .‬ثم يضيف‪" :‬و‬ ‫جمعت الكرخ منازل عجيبة‪ ،‬بديعة البناء و فيها درب الزعفران‬ ‫و فيه الدار العجيبة‪ ،‬و درب رياح و شارع ابن أبي عوف و باب‬ ‫محول‪ ،‬و كان بسور الحالويين خزانة كتب فيها اثنا عشر ألف‬ ‫مجلد‪ ،‬و كانت أسواق الكرخ‪ ،‬و باب الطاق‪ ،‬ال يختلط العطارون‬ ‫بأرباب الزهائم و الروائح المنكرة‪ ،‬و ال أرباب األنماط بأرباب‬ ‫اإلسقاط‪ ،‬و كان ألرباب المروءات دروب تخصهم‪ ،‬و‬ ‫درب الزعفران بالكرخ ال يسكنه أرباب‬ ‫المهن‪ ،‬بل أهل البز و العطر‪ ،‬و درب‬ ‫سليمان في الرصافة مقصور على‬ ‫القضاة و الشهود و كبار‬ ‫التجار‪".‬‬

‫دينار عبايس رضب يف عهد‬ ‫اخلليفة ابو جعفر املنصور عام‬ ‫‪758‬م‬

‫‪31‬‬


‫منسوجات بغدادية‬ ‫برع النساجون يف‬ ‫بغداد يف صناعة‬ ‫املنسوجات‬ ‫والامقشة‬

‫اسواق بغداد العامرة‬ ‫مبختلف انواع البضائع‬ ‫واجودها‪ ،‬اكنت لها‬ ‫شهرة واسعة‬

‫‪30‬‬


‫كان بيت الحكمة مجتمعا يضم العلماء واألكاديميين وضم قسما للتّرجمة ومكتبة‬ ‫حافظت على المعارف والعلوم التى اكتسبها العبّاسيون على مر القرون كما ضم مراصد‬ ‫مجرد‬ ‫فلكية وبعض األنشطة والمعامل التّجريبية‪ .‬لقد كان بيت الحكمة فى الواقع أكثر من‬ ‫ّ‬ ‫مكتبة اذ تم انتاج الكثير من األعمال العلمية والفلسفية بواسطة العلماء واألكاديميين فيه‪.‬‬ ‫منذ النّصف الثّانى من القرن التّاسع أصبح بيت الحكمة أكبر مستودع للكتب فى العالم‬ ‫ومن أهم مراكز النّشاط الفكرى والثّقافى اثر استقطابه أفضل العقول العربية والفارسيّة‬ ‫وغيرها ‪ .‬وكان للحرية التي توافرت لرجال العلم والفكر في بيت الحكمة وسياسة التسامح‬ ‫التي انتهجتها الدولة العباسية آنذاك تجاه اآلخرين وحضاراتهم وعقائدهم حيث اعطيت‬ ‫الحرية ألهل العلم على اختالف مللهم وطوائفهم وعقائدهم للمناظرة في أعقد المسائل ولم‬ ‫تحاول أي ثقافة احتواء األخرى بل لم تحاول أي قوة سياسية أن تفرض ثقافة بعينها على‬ ‫الثقافات األخرى مما جعل الحوار بين الحضارات في بيت الحكمة يتسم بالعقالنية‬ ‫والموضوعية واحترام اآلخر االمر الذي ساعد الحضارات المتتالية على االستفادة من علوم‬ ‫وآداب بيت الحكمة والتي شكلت رصيدا ثريا للحضارة اإلنسانية‪.‬‬ ‫ازدهر بيت الحكمة كذلك فى ظل خالفة المعتصم وابنه خالل الفترة ما بين عامي‬ ‫‪ 833‬و‪ 847‬الميالدية ولكنّها تدهورت فى عهد المتو ّكل اذ لم يكن المتو ّكل مهت ّما بالعلوم‬ ‫وابتعد عن العقالنيّة‪ .‬وعلى الرغم من استمرار بيت الحكمة بالعمل بصعوبة بالغة في االدوار‬ ‫العباسية االخيرة اال انه انتهى بانتهاء هذه الخالفة بعد حصار واحتالل المغول لبغداد عام‬ ‫‪ 1258‬الميالدية‪.‬‬ ‫العلوم‬ ‫في مجال العلوم برز عالم عربي في الكيمياء يدعى جابر بن حيان األزدي الذي نسبت‬ ‫إليه كتابات كثيرة في الكيمياء تضم ما وصل إليه هذا العلم من تقدم في ذلك الوقت‪ .‬كما أقيمت‬ ‫في بيت الحكمة المراصد‪ ،‬ورسمت فيه الرسوم (الخرائط) الجغرافية على أحدث ما توصل‬ ‫إليه العلم في األرصاد وأعمال المساحة ‪ ،‬وتخرج منه مشاهير العلماء أمثال الخوارزمي الذي‬ ‫عهد إليه المأمون بوضع كتاب في علم الجبر كما وضع كتاب " الزيج " أو الجدول الفلكي‬ ‫الذي صنعه وأطلق عليه اسم "السند هند الصغير" وقام بوضع خريطة للعالم المعمور على‬ ‫أيامه وكتابا جغرافيا بعنوان "صورة األرض " اعتمد فيه على كتاب المجسطي لبطليموس ‪.‬‬ ‫وتطور على أثر ذلك علم العدد حيث ابتدع نظام الصفرالذي خلص نظام الترقيم من‬ ‫التعقيد‪ ،‬ولقد أدى استعمال الصفر في العمليات الحسابية إلى اكتشاف الكسر العشري الذي‬ ‫ورد في كتاب مفتاح الحساب للعالم الرياضى جمشيد بن محمود غياث الدين الكاشي وكان‬ ‫هذا الكشف المقدمة الحقيقية للدراسات والعمليات الحسابية المتناهية في الصغر‪ .‬كما استخرج‬ ‫العالم إبراهيم الفزاري جدوال حسابيا فلكيا يبين مواقع النجوم ويحسب حركاتها‪ ،‬وهو اول من‬ ‫صنع اآللة الفلكية التي تستخدم لرصد الكواكب المسماة باالصطرالب‪.‬‬

‫اخلوارزيم‬ ‫يعد ابو عبد هللا محمد بن موىس‬ ‫اخلوارزيم من أوائل علامء الرايضيات‬ ‫املسلمني حيث أسهمت أعامهل بدور‬ ‫كبري يف تقدم الرايضيات يف عرصه‪.‬‬ ‫ومعل يف بيت احلمكة يف بغداد أسهم‬ ‫اخلوارزيم يف الرايضيات‪ ،‬واجلغرافيا ‪،‬و‬ ‫عمل الفكل‪ ،‬وعمل رمس اخلرائط‪ ،‬وأرىس‬ ‫الساس لالبتاكر يف اجلرب وعمل‬ ‫املثلثات‪ .‬هل أسلوب مهنجي يف حل‬ ‫املعادالت اخلطية والرتبيعية أدى اىل‬ ‫اجلرب‪ .‬ترك العديد من املؤلفات من أمهها‬ ‫كتاب اجلرب واملقابةل اذلي يعد أمه كتبه‬ ‫وقد ترمج الكتاب اىل اللغة الالتينية يف‬ ‫س نة ‪1135‬م وقد دخلت عىل اثر ذكل‬ ‫لكامت مثل اجلرب ‪ Algebra‬والصفر‬ ‫‪ Zero‬اىل اللغات الالتينية‪ .‬كام ان‬ ‫مفرديت ‪ Algorism‬و ‪Algorithm‬‬ ‫تنبعان من ‪ Algoritmi‬وهو الشلك‬ ‫الالتيين المسه‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫خالل فترة قصيرة اصبحت بغداد مركزا حضاريا للعلوم واالداب وتقاطر‬ ‫عليها العلماء واالدباء والكتاب بعد ان تم تاسيس مكتبة تدعى بـ"خزانة الحكمة" التي‬ ‫تمت فيها ترجمة كتب العلوم والفلسفة واالدب من كافة اللغات‪.‬‬

‫ذروة العطاء‬ ‫مل يبلغ (بيت احلمكة) ذروة نشاطه‬ ‫العلمي اال يف أايم اخلليفة العبايس‬ ‫عبد هللا املامون (‪ 833-813‬م)‬ ‫حيث متزي هذا اخلليفة بعقل‬ ‫مس تنري وفكر حر وثقافة واسعة‬ ‫ولهذا ما اكد يس تقر يف بغداد حىت‬ ‫أحدث تغيريا كبريا يف‬ ‫(الاسرتاتيجية) الثقافية لدلوةل‬ ‫العباس ية‪ ,‬فلقد أدرك‪ ,‬من خالل‬ ‫تنشئته ودراس ته من انحية‬ ‫وعالقته الوثيقة برجال العمل‬ ‫والدب‪ ,‬من عرب ومسلمني‬ ‫ونساطرة وفرس وهنود وصابئة‪,‬‬ ‫من انحية أخرى‪,‬‬ ‫فقد عرف اخلليفة املامون بأن بناء‬ ‫احلضارة العربية االسالمية‬ ‫وازدهارها مرهتن ابلتفاعل واحلوار‬ ‫بيهنا وبني احلضارات الخرى‪,‬‬ ‫واالفادة من كنوزها‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫وخزانة الحكمة هي عبارة عن مكتبة ومعهد للتّرجمة ومركز لالبحاث تم‬ ‫سسات التي‬ ‫إنشاؤه فى عصر الخالفة العبّاسيّة فى بغداد‪ ،‬وكانت من أبرز المؤ ّ‬ ‫وتطور الفكر خالل العصر اإلسالمى الذّهبى ‪.‬‬ ‫أسهمت في ريادة حركة التّرجمة‬ ‫ّ‬ ‫الرشيد وازدهرت فى عهد ابنه الخليفة‬ ‫اسست هذه المؤسسة بواسطة الخليفة هارون ّ‬ ‫عبد هللا المأمون الذي رأى أن خزانة الحكمة التي أسسها والده ال يمكن لها النهوض‬ ‫حولها إلى (مؤسسة) علمية‬ ‫بالمشروع الثقافي الكبير الذي يعتزم القيام به ولهذا ّ‬ ‫عرفت باسم (بيت الحكمة) مهمتها ليست في خزن الكتب والترجمة والتأليف والنسخ‬ ‫فحسب وإنما احتضان الحوار بين الحضارات وتبادل العلوم واآلداب والفنون فيما‬ ‫بينها ‪ .‬واسهم الدعم المالي لبيت الحكمة في زيادة البحوث العلمية بشكل كبير في‬ ‫وقت كان المجتمع فيه متف ّهما ومقدّرا للمعرفة والثّقافة وكانت الحياة األكاديمية ذات‬ ‫مكانة عالية فى المجتمع‪.‬‬

‫اسهم بيت احلمكة‬ ‫اسهاما كبريا يف‬ ‫ازدهار العلوم‬ ‫والاداب والفنون‬ ‫يف العرص العبايس‬


‫أما األدب‪ ،‬فقد تطور هو اآلخر في العصر العباسي تطورا كبيرا‪ ،‬ونهج الشعراء‬ ‫فيـه مناهج جديدة في المعاني والموضوعات واألساليب واألخيلة‪ ،‬وغير ذلك من فنون‬ ‫الشعر المختلفة التي تناسب ما انتشر في بغداد من حضارة وترف‪ ،‬وال سيما في رصافة‬ ‫بغداد أو ضفتها الشرقية‪ .‬ومن أشهر هؤالء الشعراء أبو نواس الذي ذاعت قصائده في‬ ‫الخمر والغزل‪ ،‬والصيد ابو تمام الطائي المشهور بنزعته العقلية والفلسفية في الشعر‪،‬‬ ‫وتلميذه أبو عبادة البحتري صاحب المدائح الخالدة‪ ،‬ابن الرومي المعروف بطول نفسه‬ ‫وغزارة شعره‪ ،‬وأبو العتاهية الذي اشتهر بالحكمة والغزل الرقيق‪ ،‬والمتنبي الذي اشتهر‬ ‫بالفخر‪ ،‬وأبو العالء المعري‪ ،‬شاعر الحكمة‪ ،‬وغيرهم كثيرون‪ .‬ويكفي أن نشير إلى ما‬ ‫قاله الخليفة الشاعر عبد هللا بن المعتز في كتابه "طبقات الشعراء" من أن عدد شعراء‬ ‫الدولة العباسية في أواخر القرن الثالث الهجري فقط بلغ أكثر من مائة وثالثين شاعرا‪.‬‬ ‫هذا الى جانب الشاعرات واألديبات من النساء الالئى لعبن دورا هاما في الحياة‬ ‫األدبية وفي األحداث المهمة في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬مثل رابعة بنت إسماعيل العدوية التي‬ ‫سلكت طريق الزهد والتصوف‪ ،‬واألميرة علية بنت المهدي التي وصفت بأنها تعدل الكثير‬ ‫من أفاضل الرجال في فضل العقل وحسن المقال ولها شعر رائق وغناء رائع‪ ،‬ومثل‬ ‫األميرة العباسة بنت المهدي التي لعب الخيال دورا كبيرا في القصص التي أحاطت بها‪،‬‬ ‫إذ تروى لها أشعار تدل على ذكاء وحسن تناول للموضوع الذي تقصد إليه‪ ،‬وعابدة‬ ‫الجهنية التي قيل عنها أنها أديبة شاعرة فصيحة فاضلة كاتبة‪.‬‬

‫مقامات احلريري‪،‬‬ ‫نظمها محمد احلريري (ت ‪1112‬م)‬ ‫رمس تصويري لسفينة نوح (ع)‬

‫احد‬ ‫اخملطوطات‬ ‫تفاصيل عن‬ ‫معلية الزراعة‬

‫‪35‬‬


‫الطب‬ ‫وفي مجال الطب والعناية بالمرضى‪ ،‬أنشأ العباسيون عددا كبيرا من البيمارستانات‬ ‫(المستشفيات) ومخازن األدوية‪ ،‬واستأثرت العاصمة بغداد بالعديد منها‪ ،‬فنسمع عن البيمارستان الذي‬ ‫أنشأه الرشيد في الجانب الغربي من بغداد‪ ،‬والبيمارستان الصاعدي والبيمارستان المقتدري‬ ‫وبيمارستان السيدة وبيمارستان ابن الفرات والبيمارستان العضدي وغيرها‪.‬‬ ‫ومن مشاهير األطباء الذين برزوا الطبيب "جبرائيل بن بختيشوع "‪ ،‬ويحي بن ماسويه‪ ،‬الذي‬ ‫تنسب إليه مؤلفات طبية عديدة من أهمها‪" :‬كتاب دغل العين" أي ما يضر العين ويؤذيها‪ ،‬والطبيب‬ ‫حنين بن إسحاق الذي الف كتبا كثيرة أهمها كتاب في الرمد باسم "العشر مقاالت في الـعين "‪ ،‬وكتاب‬ ‫" السموم والترياق "‪ ،‬وكتاب في أوجاع المعدة‪ ،‬وكتاب في الحميات‪ ،‬وكتاب في الفم واألسنان‪.‬‬ ‫العلوم التاريخية‬

‫كتاب املسائل يف العني‬ ‫خمطوطة من الكتاب تبني ترشحي‬ ‫العني لواضعه حلنني بن احسق‬ ‫(ت ‪ 873‬م)‬

‫ولقد كانت بغداد مركزا لتطور الدراسات التاريخية والحضارية على مستوى عالمي‪ ،‬فلم يعد‬ ‫إنتاجها في هذا الصدد قاصرا على العراق فحسب‪ ،‬بل شمل العالم اإلسالمي والحياة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ومثال ذلك تاريخ الرسل واألمم والملوك للطبري‪ ،‬وكتابا مروج الذهب والتنبيه واألشراف‬ ‫للمسعودى‪ ،‬وكتب المسالك والممالك واألغاني ألبي الفرج األصفهاني ‪ ،‬وترجمات الف ليلة وليلة‬ ‫وكليلة ودمنة وغيرها‪.‬‬ ‫الفقه‬ ‫احتلت بغداد مكان الصدارة في مجال الدراسات الفقهية‪ ،‬اذ عرفت بغداد من الفقهاء الذين‬ ‫أقاموا أو درسوا ودفنوا فيها عدة اتجاهات فقهية‪ ،‬فهناك المتمسك بالرأي وهناك المتمسك بالنصوص‬ ‫وهناك من الءم بينهما واتخذ مذهبا وسطا "كالشافعي" كما كان هناك من يعتبر االمامة ضرورية‬ ‫ومن اساس الدين‪ .‬وفي الواقع فأن كل المذاهب الفقهية اإلسالمية تتفق معا في العمل بكتاب هللا وسنة‬ ‫رسوله وأقوال الصحابة واهل البيت ‪ ،‬ولكنها تختلف في فهم واستنباط األحكام الشرعية وتطبيقها‪.‬‬ ‫علوم اللغة‬ ‫أما دراسات العلوم اللغوية والنحوية‪ ،‬فقد شهدت بغداد فيها ثورة واسعة ضخمة على أيدي‬ ‫العلماء الذين حققوا إنجازات وابتكارات علمية في هذا المجال‪ ،‬وللحفاظ على كالم العرب وتقويم‬ ‫اللسان العربي وضعوا قواعد نحوية للغة العربية‪ ،‬وابتكروا االشكال على الحروف لمعرفة نطق‬ ‫الكلمات نطقا سليما‪ ،‬إلى جانب تصنيف المعاجم اللغوية‪ ،‬ووضع علم العروض لمعرفة أوزان الشعر‬ ‫وأحكامه وبحوره‪ .‬ومن أشهر الرواد الذين حققوا هذه االبتكارات العلمية مع بداية العصر العباسي‬ ‫العالمان الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬وأبو بشر عمرو بن عثمان الملقب بسيبويه في البصرة‪ .‬ومن ثم‬ ‫لم تلبث العاصمة بغداد أن شاركت في هذه النهضة العلمية‪ ،‬حيث انتقل إليها عدد من علماء الكوفة‬ ‫والبصرة‪ ،‬أمثال أبي حنيفة والمفضل الضبي و الكسائي والفراء وابن السكيت‪ ،‬بحيث صارت بغداد‬ ‫مسرحا لمناظرات علمية حامية الوطيس بين أشهر علماء ذلك العصر‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫صناعة اخلزف والزجاج‬ ‫احد احلرف اليت اش هترت‬ ‫هبا مدينة السالم‬

‫فن التصوير‬ ‫أما فن التصوير‪ ،‬أي رسم اإلنسان والحيوان‪ ،‬فبالرغم من أن‬ ‫بعض علماء المسلمين األولين‪ ،‬اعتبروه مكروها‪ ،‬إال أنهم لم يفتوا‬ ‫بتحريمه‪ .‬والظاهر أن خلفاء بني أمية وبني العباس قد رخصوا ذلك إذ‬ ‫توجد صور آدمية متقنة على جدران قصورهم التي اكتشفت آثارها منذ‬ ‫عهد قريب في شرق األردن وسامراء‪ ،‬كذلك ورد في كالم المؤرخين أن‬ ‫الخليفة "األمين " كانت لديه قوارب لنزهته في دجلة على هيئة األسد‬ ‫والنسر والدلفين‪ ،‬وأن قصر "المقتدر باهلل " اشتمل على تماثيل متحركة‬ ‫لفرسان بخيلها تتقدم وتتأخر كما في الحرب‪ .‬هذا إلى جانب قبة القصر‬ ‫الخالفي في بغداد التي أقيم في أعالها على عهد "المنصور" تمثال لفارس بيده‬ ‫رمح يتحرك في اتجاه الريح‪ .‬كذلك وصلت إلينا كتب عربية موضحة بالصور‬ ‫الجميلة التي رسمها المصورون المسلمون مثل الواسطي وغيره في مقامات الحريري‬ ‫وكتاب كليلة ودمنة‪.‬‬ ‫فنون الموسيقى‬ ‫كذلك ازدهرت الموسيقى وتطورت آالتها وال سيما في مدينة بغداد التي صار لها مركز الصدارة‬ ‫والشهرة في هذا الفن‪ .‬ومن أشهر المغنين والمغنيات في العصر العباسي األول قمر البغدادية‪ ،‬وإبراهيم الموصلي‬ ‫وابنه إسحاق وتلميذه أبو الحسن علي بن نافع الملقب بزرياب‪ ،‬الذي هاجر الى االندلس وحمل معه إلى هناك الموسيقى‬ ‫الشرقية التي ما زال تأثيرها باقيا في الموسيقى التي تعرف إلى اليوم باسم الموسيقى األندلسية‬ ‫كذلك برع في دراسة الموسيقى من الناحيتين النظرية والعملية عدد من كبار العلماء وعلية القوم أمثال الكندي والفارابي‬ ‫والخليفة العباسي الواثق ‪ ،‬مما يدل على أن الحضارة المزدهرة التي اختصت بها بغداد قد غذت الروح اإلسالمية في مختلف‬ ‫األقطار ‪ ،‬كما كانت اسواق بغداد تضم اسواقا خاصة لكل حرفة من الحرف ‪ ،‬فهناك مثال سوق العطارين وسوق الحدادين‬ ‫وسوق النجارين وسوق البزازين وسوق الرياحين وسوق القصابين‪.‬‬ ‫الحرف والصناعات‬ ‫باالضافة الى ذلك أشتهرت بغداد في العصر العباسي األول بصناعة المراكب وصناعة الصابون والشمع والزجاج‬ ‫عالوة على شهرتها بصياغة الذهب والمجوهرات ‪ .‬وبلغت هذه البالد في نقش الزجاج بالذهب واألدوات األخرى درجة عالية‬ ‫من االتقان في صناعة الزجاج والبلور والخزف‪ ،‬حيث كان الزجاج الملون المطلي بالميناء يصدر الى كثير من جهات العالم‪.‬‬ ‫وقد قيل انه كان في بغداد أربعة االف معمل لصنع الزجاج وثالثة االف معمل لصنع الخزف‪ .‬كما واشتهرت بغداد بالصياغة‬ ‫التي نبغ فيها الفرس وبلغت صناعتهم شأوا بعيدا في الدقة والجمال‪ ،‬حتى انهم كانوا يرصعون الزجاج بالجواهر ويكتبون عليه‬ ‫بالذهب المجسم ويصنعون للملوك أقداحا تبهر األبصار‪.‬‬ ‫قدمت بغداد الكثير في المجاالت االخرى مثل الري والزراعة والمخترعات ونظم االدارة وغيرها مما ال يتسع المجال‬ ‫للتحدث عنه وابرازه في هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫من مقامات احلريري‬ ‫رمس للواسطي مرافق‬ ‫للمقامة ادلمشقية‬

‫‪36‬‬


‫ارتدى الخليفة المالبس السوداء في المواكب وكانت تشتمل‪ :‬القباء‬ ‫المفتوح عند الرقبة ويظهر القفطان بلون زاه وله أكمام ضيقة‪ .‬أو يرتدي‬ ‫القباء بلون بنفسجي ويصل إلى الركبة وكان يلبس حراما مرصعا ويرتدي‬ ‫عباءة سوداء ويلبس قلنسوة طويلة مزينة بجوهرة غالية‪ .‬وقد كان الخليفة‬ ‫المقتدر يخرج من داره في أكمل ملبس وفي موكب وعليه قفطان ديباج‬ ‫وعمامة سوداء وعلى كتفيه وصدره وظهره البردة النبوية‪.‬‬ ‫وفي ما يخص مالس النساء‪ ،‬فقد لبست المرأة في العصر العباسي‬ ‫المالءة وقد كانت فضفاضة وأيضا القميص وكان مشقوقا عند الرقبة ‪ ،‬كما‬ ‫كانت ترتدي فوق القميص رداءا قصيرا‪ .‬وعند الخروج من بيتها كانت‬ ‫ترتدي المالءة الطويلة التي تغطي جسمها وتربط رأسها بمنديل يربط حول‬ ‫الرقبة‪.‬‬ ‫وقد كان النساء يزين رؤوسهن بحلية مسطحة مذهبة ويلففن حولها‬ ‫عصبة منظمة باللؤلؤ والزمرد‪ .‬أما االغنياء منهن فقد اتخذن البرنس غطاء‬ ‫للرأس وكان مرصعا بالجواهر‪ ،‬ومحلى بسلسلة ذهبية مطعمة باألحجار‬ ‫الكريمة‪ .‬وكان من المعتاد عند النساء كتابة األشعار الرقيقة مطرزة على‬ ‫القماش واألكمام والعصائب والمناديل والوسائد وكذلك النعال‪ .‬وقد كان‬ ‫للسيدة زبيدة (زوجة الرشيد) أثر كبير في تطور الزي وتغيير مالبس‬ ‫السيدات‪.‬‬

‫الراببة‬ ‫أصل أةل الكامن اخرتعها‬ ‫العالمة ابو نرص الفارايب (ت‬ ‫‪950‬م)‬

‫اخلطوط العربية والاشعار‬ ‫اس تعملت كعنرص زخريف عىل الامقشة واملالبس‬

‫‪39‬‬


‫االزياء في بغداد‬ ‫ازداد بذخ المسلمين في العصر العباسي إلى حد التأنق‪ ،‬فاستخدموا أنواعا متعددة‬ ‫من المنسوجات منها الحرير والكتان والصوف‪.‬وغيرها‪ .‬وقد تأثرت المالبس في ذلك‬ ‫العصر إلى حد كبير بالمالبس الفارسية وذلك نظرا للنفوذ الفارسي في الدولة العباسية‪.‬‬ ‫وقد كان الخلفاء العباسيون في مصر يواظبون على إتباع تقاليد بغداد في لبس السواد‬ ‫وهو الذي ظل يميز مالبسهم ويتخذ شعارا ألتباعهم‪.‬‬ ‫وقد لبس الخلفاء العباسيون القالنس الطوال وهي أغطية رأس سوداء طويلة‬ ‫مخروطية الشكل‪ .‬وقد كانت المالبس محالة بالذهب وتخلع على الناس من قبل الخليفة‪.‬‬ ‫اشتملت مالبس الرجال في العصر العباسي على‪ :‬سروال فضفاض‪ ،‬قميص‪،‬‬ ‫دراعة‪ ،‬قفطان‪ ،‬قباء‪ ،‬قلنسوة‪ .‬وهذه كانت مالبس الطبقة الراقية‪ ،‬وكانت مالبس عامة‬ ‫الشعب تتكون من‪ :‬االزار والقميص والدراعة والحزام‪ .‬كما كانوا يلبسون األحذية‬ ‫والنعال‪ ،‬وكان اغنياؤهم من الجنسين يلبسون الجوارب المصنوعة من الحرير أو‬ ‫الصوف اوالجلد‪.‬‬

‫اعراس واحتفاالت بين العباس يف بغداد‬ ‫اس تعد اخلليفة املهدي يف حمرم من س نة‬ ‫‪ 165‬للهجرة املوافق لس نة ‪ 781‬امليالدي‬ ‫حلفةل عرس الامري هارون بن املهدي‬ ‫(هارون الرش يد) عند زواجه من زبيدة بنت‬ ‫جعفر قبل توليه اخلالفة كام مل يس تعد احد‬ ‫من العباس يني قبهل فاس تحرض الاالت‬ ‫والانية والفرش واملتاع والقامش والطيب‬ ‫واجلوهر واخلدم والوصائف واعد لزبيدة درعا‬ ‫من اللؤلؤ "ويه ش به القميص" يفوق حد‬ ‫الوصف وحرش الناس من الافاق وفرق من‬ ‫الاموال يف ذكل العرس ما مل يتصور ان‬ ‫بيوت الاموال خترجه‪.‬‬ ‫اكنت اواين اذلهب متال درامه واواين الفضة‬ ‫متال داننري ويدفع ذكل لوجوه الناس اىل غري‬ ‫ذكل من نواجف املسك وقطع العنرب وخلع‬ ‫الويش‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫من مقامات احلريري‬ ‫امراة تعمل عىل احلياكة‬ ‫يف بغداد‬


‫ومن القصور المشهورة ايضا قصر القرار‪ ،‬الذي شيده‬ ‫المنصور قرب قصر الخلد ونزله في اخر ايامه ومن ثم عمره‬ ‫االمين‪ ،‬حيث بنى فيه مجلسا لم تر العرب مثله قد صورت فيه كل‬ ‫التصاوير وذهب سقفه وحيطانه وابوابه وعلقت على ابوابه ستائر‬ ‫معصفرة مذهبة‪.‬‬ ‫جعفر بن يحي البرمكي وزير هارون الرشيد كان له قصر‬ ‫يسمى القصر الجعفري اقامه على النهر في الجانب الشرقي وانتقل‬ ‫هذا القصر الى الخليفة العباسي المأمون واقام فيه ميدانا لركض‬ ‫الخيل واللعب بالصوالجة وحيزا للوحوش (حديقة الحيوانات)‪ ،‬وجعل‬ ‫له بستانا غرس فيها انواع الشجر‪ .‬اشتمل هذا القصر على ثالثمائة‬ ‫وستين مرفقا واضيف له في عهدالمكتفي باهلل مسجد عرف باسم‬ ‫جامع القصر‪.‬‬ ‫قصر التاج هو احد القصور المشهورة في شرق بغداد بني بعد‬ ‫ان امر الخليفة المكتفي بازالة ونقض القصر الكامل في سامراء‪،‬‬ ‫والقصر االبيض الذي انشاه كسرى انوشروان في القرن السادس‬ ‫للميالد ونقل آجرهما الى بغداد من اجل بنائه وجعل له مسناة عظيمة‬ ‫ممتدة الى وسط نهر دجلة ‪ .‬اشتهر القصر بقبة على اعمدة من الرخام‬ ‫عرفت بقبة الحمار‪ .‬اال ان صاعقة وقعت عليه في عهد المقتفي المر‬ ‫هللا ادت الى احراق الدار والقبة‪.‬‬

‫اما الخليفة العباسي المعتضد فقد انشأ قصر الثريا الذي يبعد‬ ‫عن قصر التاج بحوالي الميلين وربطهما بنفق تحت االرض‪ .‬وجاء‬ ‫في تجارب االمم ان حركة شغب قامت ايام المقتدر العباسي فاحرق‬ ‫القصر ونهب وسلب ما كان فيه ‪ .‬ظل هذا القصر قائما حتى فاضت‬ ‫دجلة فيضانا شديدا احدث خرابا عظيما في بغداد وكان من جملة ذلك‬ ‫خراب قصر الثريا‪.‬‬ ‫الدار المعزية‬ ‫وهي دار اشتهرت في القرن الرابع الهجري والتي امر‬ ‫بانشائها معز الدولة البويهي الذي سيطر على بغداد سنة ‪945‬م‪ ،‬وهي‬ ‫دار هائلة عظيمة ببغداد إنشئت هذه الدار في منطقة الشماسية شمال‬ ‫بغداد وكانت في موقع نزه كثير البساتين واالشجار وبقربه اجمة‬ ‫قصب ‪ .‬وقد خرب معز الدولة بن بويه ألجلها دورا وقصورا وألزم‬ ‫الناس بيع امالكهم ليدخلها في البناء فبناها وعظمها وعزم عليها الف‬ ‫الف دينار اال انها درست عام ‪1027‬م ولم يبق لها اثر‪.‬‬

‫اعامل خشبية وزخارف عىل‬ ‫احد الابواب اليت تعود‬ ‫للعرص العبايس‬

‫‪41‬‬


‫قصور المدينة‬

‫الاديرة احمليطة ابملدينة‬ ‫ومن املهم الاشارة اىل انتشار‬ ‫بعض الاديرة القدمية يف بغداد وما‬ ‫حولها اليت اش هترت وجاء ذكرها‬ ‫من قبل املؤرخني مثل دار الروم‬ ‫ودير درمالس ودير ساملو ودير‬ ‫الثعالب ودير لكيلشوع ودير قوطا‬ ‫ودير الزندوردودير درات ودير مال‬ ‫فثيون وكنيسة قطيعة عيىس‬

‫كانت المدينة في ذلك العصر من اغنى مدن العالم‪ ،‬حيث كان الخراج ياتيها من‬ ‫مناطق شاسعة تمتد من المحيط االطلسي الى اقاصي بالد الصين والهند فقد اشتهرت‬ ‫بقصورها الفارهة وبذخها الشديد وشيدت فيها الكثير من القصور‪.‬‬ ‫ففيما عدا قصر الذهب وقصور اوالد المنصور في داخل المدينة المدورة فقد‬ ‫ذكر في كتب المؤرخين العديد من القصور التي بنيت في بغداد‪ .‬نذكر منها قصر‬ ‫الخلد الذي بناه المنصور على شاطئ دجلة في الجانب الغربي قرب مصب نهر‬ ‫الصراة واشتهر من اخباره حفلة عرس االمير هارون بن المهدي‪ ،‬وقصر عيسى‬ ‫وهو من القصور الفخمة ذات المرافق الكثيرة ويعود لالمير العباس عم المنصور وقد‬ ‫بني عند مصب نهر الرفيل في الجانب الغربي من دجلة‪.‬‬

‫النقوش الاسالمية‬ ‫والعربية‬ ‫(الارابيسك) احد‬ ‫ممزيات العامرة‬ ‫البغدادية‬

‫‪40‬‬


‫ااثر بين العباس يف العراق‬ ‫حدثنا التارخي حىت أسهب عن عظمة بين العباس و قصورمه‬ ‫و دورمه و جوامعهم و مساجدمه و مدارسهم و ربطهم و دور‬ ‫ضيافهتم و أسوارمه و أهنارمه‪ ،‬و لكن الزمان مل يبق اال عىل‬ ‫قليل من تكل الآاثر‪ ،‬فليس للرصافة أثر و ال لقرص املهدي و‬ ‫جامعه و قصور الربامكة من ابقية‪ ،‬فأين ذهبت حمةل الكرخ و‬ ‫مدينة املنصور املس تديرة و قرص اخلدل و قرص اذلهب و‬ ‫جامع املدينة و القبة الزرقاء؟ أمست يبا ًاب خرا ًاب‪ .‬و أين قرص‬ ‫الفردوس و دار الامتثيل و قرص التاج و قرص املأمون؟ لقد‬ ‫عفاها ادلهر فال تعرف اال أخبارها! ماذا حدث بهنر املهدي و‬ ‫هنر املعىل و هنر بني؟‬ ‫اهنا يف مضري التارخي‪ ،‬مثل هبا عىل مرسح الرض مث نسخها‬ ‫الزمان‪ .‬السؤال يطول و اجلواب حمزن‪ .‬فهل رأيت الحالم‬ ‫كيف تتالىش؟ و هل رأيت الشهب كيف تنكدر؟ بل هل‬ ‫رأيت النور كيف يزول عن ذكل؟‬ ‫د‪ .‬مصطفى جواد ‪- -‬مؤرخ عرايق‬

‫أطالل قرص اخلليفة يف سوراي‬ ‫احد بقااي قصور اخللفاء العباس يني‬

‫نقوش حملراب‬ ‫احد اجلوامع‬

‫‪43‬‬


‫دار الخالفة‬

‫عامرة املدينة‬

‫الآجر واعامل الطابوق‬ ‫برع البنائون البغداديون يف العرص‬ ‫العبايس النقش عىل الاجر‬ ‫واش هتروا ابلرايزة الاسالمية ذات‬ ‫الابعاد الثالثة‪.‬‬

‫احيطت قصور ودور الخلفاء العباسيين في الجانب الشرقي من بغداد والمطلة على‬ ‫نهر دجلة بسور على هيئة نصف دائرة يبدأ على االرجح من بداية شارع المستنصر‬ ‫وينتهي عند مقربة من الجسر في منطقة المربعة الحالية‪ .‬وصارت تعرف هذه القصور‬ ‫وملحقاتها من االبنية والحدائق بإسم دار الخالفة وكان فيها من القصور والدور القصر‬ ‫الحسني والذي هو اول قصور هذه المنطقة وقصر التاج وقصر الفردوس ودار الشجرة‬ ‫المثمنة والدار المربعة ودار الوزارة والدواوين وغيرها‪ .‬وكان للسور الذي يطوق هذه‬ ‫الدار ستة ابواب رئيسية اولها باب الغربة وكان قرب باب الغربة داخل الحريم قصران‬ ‫هما دار السيدة ودار خاتون‪ ،‬وكانتا إلبنة الخليفة المقتدر وقد شيد الخليفة العباسي‬ ‫المستنجد باهلل في مكانهما قصرا واسعا سمي بدار الريحانيين‪.‬‬ ‫سمي الباب الذي يلي باب الغربة باب سوق التمر‪ ،‬وكان الى جانب هذه الباب داخل‬ ‫الحريم قصر يعرف بالدار القطنية‪ ،‬ثم باب بدر نسبة الى بدر مملوك الخليفة المعتضد‪ ،‬ثم‬ ‫باب النوبي وباب العامة‪ ،‬ثم باب النصر وهو الباب الذي فتحه الخليفة المسترشد حينما‬ ‫كان يخرج للحرب تفاؤال بالظفر‪ ،‬وباب الخاصة‪ ،‬ثم باب البستان ويلي هذا الباب باب‬ ‫المراتب وفي دار الخالفة ايضا دار عرفت بدار الخيل وكانت دارا عظيمة االرجاء لها‬ ‫صحن واسع الف ذراع في الف ذراع‪ ،‬كما في دار الخالفة ودار الرياحين ودار‬ ‫الطواويس وهي من بناء الخليفة المطيع هلل العباسي‪.‬‬ ‫دار الشجرة‬ ‫بنيت هذه البناية على عهد الخليفة العباسي المقتدر وسميت بهذا االسم نسبة الى‬ ‫الشجرة المصنوعة من الفضة التي كانت فيها‪ ،‬وقد وضعت هذه الشجرة في وسط بركة‬ ‫كبيرة مدورة فيها ماء صاف وللشجرة ثمانية عشر غصنا اكثرها من الفضة‪ ،‬ومنها ما هو‬ ‫مذهب واوراقها مختلفة االلوان لكل غصن منها فروع كثيرة عليها طيور وعصافير من‬ ‫كل نوع مذهبة ومفضضة‪ ،‬وكانت هذه الطيور تهدر وتصفر واالغصان تتمايل ويتحرك‬ ‫ورقها بفعل الريح ‪ .‬وكانت في جانب الدار على يمين البركة تماثيل خمسة عشر فارسا‬ ‫يمتطون خمس عشرة فرسا وقد البسوا الديباج وفي ايديهم رماح قصار وهم يدورون على‬ ‫خط واحد خببا فيرون كأن كل واحد منهم قاصد الى صاحبه‪ ،‬وفي الجانب االيسر من‬ ‫البركة مثل ذلك ولم يبق لهذا القصر مايحتويه من اثر وانقطعت اخباره بعد سقوط بغداد‬ ‫سنة ‪1258‬م‪.‬‬ ‫اضافة الى ذلك تم بناء العديد من القصور التي ال يسع المجال لذكرها مثل قصر‬ ‫السالم وقصر الوضاح الذين شيدهما الخليفة المهدي وغيرها‪.‬‬ ‫كل هذه القصور التي بنيت في بغداد منذ بنائها في القرن الثامن وحتى القرن الثاني‬ ‫عشر الميالدي قد اندرست مع الزمن ولم تصلنا اال اخبارها الواردة في كتب االولين‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫على الرغم من التصميم البارع للمدينة المدورة من النواحي الجمالية والمعمارية‬ ‫اال انها كانت تفتقر الى عوامل االستدامة مما عجل باندثارها المبكر‪ ،‬من هذه العوامل‬ ‫اللجوء الى استعمال الطين المجفف في بناء التحصينات واالسوار وهي مادة ضعيفة‬ ‫المقاومة لعوامل التعرية وكان احد االسباب الرئيسية التي سرعت في اندثار المدينة‬ ‫وانهيارها امام الفيضانات المتكررة التي ادت الى تآكل السور وتدمير المدينة‪.‬‬ ‫يضاف الى ذلك ان تصميم‬ ‫المدينة جامدا ذا هيكل ثابت‬ ‫ومساحة محدودة غير قابلة‬ ‫للتوسع المستقبلي‪ ،‬وافتقارها‬ ‫الى وجود ساحات عامة‬ ‫ومناطق خضراء في داخلها‬ ‫وعدم تواصلها مع النهر‬ ‫والطبيعة‪ .‬عالوة على ذلك فان‬ ‫اختالط طرق المواصالت‬ ‫الرئيسية ما بين الخليفة والعامة‬ ‫والزوار من خارج المدينة كان‬ ‫احد نقاط الضعف من الناحية‬ ‫االمنية‪.‬‬

‫سامراء (رس من ر أأى)‬

‫مدينة بغداد‬ ‫وتطورها ما بني الكرخ‬ ‫والرصافة‬ ‫حىت اواخر القرن التاسع‬ ‫عرش‬

‫املدينة املدورة‬ ‫توسع بغداد الاويل يف الرصافة‬ ‫من عام‬ ‫بغداد الرصافة‬ ‫بغداد احلديثة‬ ‫من عام‬

‫بقيت مدينة سامراء عامصة للخالفة العباس ية فرتة‬ ‫تقرب من ‪ 58‬عاما‪ ،‬متتد من س نة (‪ 220‬هـ‪834/‬‬ ‫م) اىل س نة (‪ 279‬هـ‪ 892/‬م)‪.‬‬

‫‪945‬م غرق املدينة وسقوط طاقات باب الكوفة‬

‫‪836‬م انتقال مقر الخالفة الى سامراء‬ ‫‪830‬م ارتفاع نهر دجلة‬ ‫وتهديد‬ ‫بغداد بالغرق‬

‫اكنت سامراء عامصة ادلوةل العباس ية بعد بغداد وقد‬ ‫بناها املعتصم العبايس س نة (‪ 221‬هـ ‪ 835/‬م)‬ ‫لتكون عامصة دولته و أأخذ يف س نة (‪ 221‬هـ)‬ ‫بتخطيط مدينته اليت مسيت (رس من ر أأى)‪ ،‬وبعد‬ ‫أأن مت بناء املدينة انتقل مع قواته وعسكره الهيا‪ ،‬ومل‬ ‫ميض اال زمن قليل حىت قصدها الناس وش يدوا‬ ‫فهيا املباي والقصور‪.‬‬

‫‪892‬م عودة مقر‬ ‫الخالفة الى بغداد‬

‫‪941‬م غرق املدينة وسقوط القبة الخضراء‬ ‫‪932‬م تهدم جزء كبير من سور املدينة املدورة‬ ‫‪928‬م ارتفاع نهر دجلة وتهديد بغداد بالغرق‬

‫اندثار‬ ‫املدينة املدورة‬

‫‪45‬‬


‫اس تعامل املواد غري املس تدامة‬ ‫اس تعمل الطني بصورة واسعة يف‬ ‫بناء املدينة واكن عىل نوعني‬ ‫اجملفف كام اس تعمل الطني‬ ‫املفخور عىل نطاق ضيق‪ .‬الطني‬ ‫اجملفف ويسمى "الطوب‬ ‫الاخرض" اكن يصب يف قوالب‬ ‫وجيفف حتت الشمس وهو مزجي‬ ‫من الطني والتنب واس تعمل‬ ‫بصورة رئيس ية يف بناء السور‬ ‫وملحقاته‪ .‬اما املفخور اي‬ ‫الطابوق والآجر فاس تعمل يف‬ ‫بناء العقود والطوق والقبوات‬ ‫والقباب‪.‬‬

‫لم يدم السالم في مدينة السالم سوى‬ ‫عقودا قليلة اذ بدات النزاعات حول الحكم بعد‬ ‫سنتين من وفاة الخليفة هارون الرشيد ما بين‬ ‫ولديه االمين والمامون والتـي انتهت بتدمير‬ ‫جزء كبير من المدينة الزاهرة‪ .‬توالت بعدها‬ ‫االحداث فتركها الخليفة المعتصم الى مدينة‬ ‫سامراء التـي بناها الى الشمال من بغداد في‬ ‫العام ‪835‬م ثم عاد بعده الخليفة المقتدر الى‬ ‫بغداد في عام ‪892‬م ولكن الى بغداد الرصافة‬ ‫اذ كانت بغداد المدورة تعاني من االهمال‬ ‫والخراب‪ .‬وبعد سنوات غمرت مياه الفيضان‬ ‫بغداد المدورة ودمرت جزءا من سورها عام‬ ‫‪932‬م ثم سقطت القبة الخضراء التي كانت‬ ‫تزين قصر الذهب في فيضان عام ‪941‬م‬ ‫الذي دمر ما تبقى منها وبهذا بقيت المدينة‬ ‫المدورة اطالال حتى اندثرت عن آخرها‪.‬‬ ‫حصار بغداد‬ ‫رمس ختييل يبني احداث حصار بغداد والقتال بني‬ ‫ا ألمني واملأأمون عىل اخلالفة‬

‫‪776‬م انجاز بناء الرصافة في موضع جنوبي االعظمية الحالية‬ ‫‪768‬م تاسيس الرصافة ووضع اسس جامع وقصر الرصافة‬ ‫‪766‬م اكمال بناء مدينة املنصور املدورة‬ ‫‪758‬م تخطيط مدينة املنصور املدورة في غربي نهر دجلة‬ ‫‪762‬م تاسيس مدينة املنصور املدورة وبناء الجامع وقصر الذهب‬ ‫‪634‬م دخول جيش املسلمين‬ ‫الى قرية سوق بغداد‬

‫خالل ‪ 187‬عاما‬

‫‪44‬‬

‫‪ 128‬عام‬

‫اول حصار على بغداد في عهد الخليفة االمين‬ ‫‪802‬م ارتفاع مياه نهر دجلة وتهديدها لبغداد بالغرق‬


‫منظر لسور بغداد‬ ‫اذلي حييط ابلرصافة‬ ‫قبل هدمه‬

‫بغداد الرصافة‪ :‬بدا بناؤها‬ ‫منذ العام ‪786‬م‬ ‫قطر املدينة‪ :‬ميلني (‪3.2‬مك)‬ ‫مساحهتا‪ :‬اربعة الاف ذراعا‬ ‫مربعا‬ ‫طول سورها اخلاريج‪:‬‬ ‫حوايل ‪ 3‬اميال (‪4.8‬مك)‬ ‫عدد ابراج السور‪:‬‬ ‫‪163‬برجا‬ ‫ابواهبا‪ :‬مخسة ابواب‬

‫االسم‬

‫الرقم‬

‫باب ابرز‬ ‫باب الزج‬ ‫‪3‬‬ ‫باب بدر‬ ‫‪6‬‬ ‫باب البستان‬ ‫باب البصلية "الباب الشرقي"‬ ‫باب الحلبة "باب الطلسم"‬ ‫باب السلطان "باب المعظم"‬ ‫‪2‬‬ ‫باب سوق النمر "الباب القائمي"‬ ‫باب سوق الثالثاء‬ ‫باب الظفرية "الباب ال وسطاني"‬ ‫‪5‬‬ ‫باب العامة "باب عمورية"‬ ‫‪1‬‬ ‫باب الغربة‬ ‫‪7‬‬ ‫باب المراتب‬ ‫‪4‬‬ ‫باب النوبى "باب العتبة"‬ ‫البرج العجمي "تابية الزاوية"‬ ‫بساتين الرقة‬ ‫تربة زمرد خاتون "قبة السيدة زبيدة"‬ ‫‪8‬‬ ‫جامع الخليفة "جامع سوق الغزل"‬ ‫‪10‬‬ ‫جامع زمرد خاتون "الخفافين"‬ ‫جامع السلطان‬

‫الموقع‬ ‫ج‪2‬‬ ‫ب‪5‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫ج‪4‬‬ ‫ب‪5‬‬ ‫أ‪3‬‬ ‫هـ ‪2‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫د‪3‬‬ ‫ج‪2‬‬ ‫ج‪4‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫ج‪4‬‬ ‫د‪3‬‬ ‫أ‪4‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫و‪4‬‬ ‫د‪3‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫هـ ‪2‬‬

‫االسم‬ ‫جامع قمرية‬ ‫جسر باب القرية "بنفشة"‬ ‫جسر سوق الثالثاء‬ ‫دار الخالفة‬ ‫دار الرياحين‬ ‫دار الشجرة‬ ‫دار الشيخ جمال الين الجوزي‬ ‫الدار المثمنة‬ ‫الدار المربعة‬ ‫الدار القطنية‬ ‫دار المملكة السلجوقية‬ ‫الدرب المنيرة ودرب اآلجر‬ ‫رحبة جامع القصر‬ ‫الرقة‬ ‫سور دار الخالفة‬ ‫سوق الثالثاء‬ ‫سوق الريحانيين‬ ‫سوق السلطان‬ ‫سوق المارستان‬ ‫الشارع االعظم‬

‫الرقم‬

‫الموقع‬

‫االسم‬

‫هـ ‪ 3‬شارع سوق الثالثاء‬ ‫د ‪ 4‬الشيخ جنيد‬ ‫هـ ‪ 3‬الشيخ معروف الكرخي‬ ‫د ‪ 4‬قراح ابن رزين‬ ‫د ‪ 4‬قراح ابي الشرفى‬ ‫‪11‬‬ ‫ج ‪ 4‬قراح ظفر‬ ‫‪12‬‬ ‫ج ‪ 5‬قراح القاضي‬ ‫د ‪ 4‬قصر التاج‬ ‫ج ‪ 4‬القصر الحسيني‬ ‫‪14‬‬ ‫د ‪ 4‬قصر الفردوس‬ ‫و ‪ 2‬القصر العباسي‬ ‫د ‪ 3‬المارستان‬ ‫د ‪ 3‬محال عامة الناس‬ ‫‪8‬‬ ‫د ‪ 4‬محلة باب االزج‬ ‫ج ‪ 4‬محلة باب البصرة‬ ‫د ‪ 3‬محلة البصلية‬ ‫د ‪ 3‬محلة الريان‬ ‫هـ ‪ 2‬محلة سوق الثالثاء‬ ‫ز ‪ 1‬محلة الظفرية‬ ‫ج ‪/2‬ج ‪ 3‬محلة القبيبة‬

‫الرقم‬

‫الموقع‬

‫االسم‬

‫د ‪ 3‬محلة القرية‬ ‫ز ‪ 4‬محلة الكرخ‬ ‫و‪ 4‬محلة المارستان‬ ‫ج ‪/3‬د ‪ 2‬محلة المأمونية‬ ‫ج ‪ 2‬محلة المختارة‬ ‫د ‪ 2‬محلة المقتدية‬ ‫ج ‪ 2‬المدرسة التاجية‬ ‫د ‪ 4‬المدرسة المستنصرية‬ ‫د ‪ 4‬المدرسة النظامية‬ ‫د ‪ 4‬مسجد حبيب العجمي‬ ‫هـ ‪ 3‬مشرعة البريين‬ ‫ز ‪ 1‬مشرعة القطانين‬ ‫ج ‪ 3‬مشهد الشيخ عبد القادر‬ ‫‪16‬‬ ‫ج ‪ 4‬مقبرة باب ابرز‬ ‫ح ‪ 3‬مقبرة ال وردية‬ ‫ب‪/‬ج ‪ 5‬منظرة باب بدر‬ ‫ج ‪ 4‬نهر المعلى‬

‫الرقم‬

‫‪9‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪17‬‬

‫الموقع‬ ‫هـ ‪4‬‬ ‫ح‪4‬‬ ‫ز‪1‬‬ ‫ج‪4‬‬ ‫د‪2‬‬ ‫د‪3‬‬ ‫ج‪2‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫هـ ‪4‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫هـ ‪4‬‬ ‫ب‪4‬‬ ‫ج‪7‬‬ ‫ج‪2‬‬ ‫د‪4‬‬ ‫د‪2‬‬

‫ج‪2‬‬ ‫ب‪3‬‬

‫د‬

‫‪47‬‬


‫بعد الفراغ من بناء المدينة المدورة بفترة قصيرة على الضفة الغربية من دجلة‪ ،‬بدأت‬ ‫مستوطنات حضرية تتشكل على الجانب الشرقي في الرصافة‪ ،‬كانت في البداية موقعا ً لجيش‬ ‫المهدي ابن المنصور‪ .‬وخالل حكم الخليفة هارون الرشيد توسعت هذه المستوطنة الشرقية و‬ ‫ارتبطت بالجانب الغربي بواسطة ثالثة جسور يؤدي األوسط منها الى باب خراسان للمدينه‬ ‫المدورة‪.‬‬ ‫اال ان انتقال الخالفه من بغداد الى سامراء من قبل المعتصم والذي استمر من عام ‪-836‬‬ ‫‪ 892‬م ادى الى تدهور المدينة المدورة التـي دمرت الفيضانات التـي اجتاحت المنطقة في تلك‬ ‫الفترة جزءا منها‪ ،‬وعندما عاد الخليفة "المعتمد على هللا" للعيش في بغداد اختار الجانب الشرقي‬ ‫من النهر في حين ترك الجانب الغربي الذي تقع فيه المدينة المدورة تتقلص مساحته شيئا فشيئا‪.‬‬ ‫اما بغداد الرصافة فقد ازداد عمرانها في تلك الفترة واشتهرت بقصورها ومساجدها ودور العلم‬ ‫فيها‪.‬‬

‫مرقد الش يخ شهاب ادلين‬ ‫معر السهروردي‬ ‫(ت ‪1234‬م)‬ ‫يعترب احد املعامل املعامرية‬ ‫البارزة ملدينة بغداد‬

‫فيما عدا الفترة التي تولى فيها معز الدولة البويهي مقاليد الحكم في بغداد وسادها االمان‬ ‫والعمران‪ ،‬فقد تميز العصر البويهي من الخالفة العباسية (‪946‬حتى ‪1055‬م) باالضطرابات‬ ‫وضعف الحكم‪ ،‬وتحول الجانب الشرقي منها تدريجيا باتجاه الجنوب حيث تقلص حجمه كما‬ ‫تقلص الجانب الغربي الى مستوطنة او قرية تدعى الكرخ‪.‬‬ ‫ترك السالجقة االتراك (‪1055‬حتى ‪1152‬م) معالم آثارية مهمة على الجانب الشرقي اكثر‬ ‫من سابقيهم البويهيين عندما اقاموا في مستهل حكم الخليفة المستظهر عام ‪1095‬م سورا ً جديدا ً ‪،‬‬ ‫استكمل في عهد الخليفة المسترشد في عام ‪1123‬م ‪ .‬هذا السور حدد شكل البنية الحضرية ألكثر‬ ‫من سبعة قرون تالية‪ ،‬وكانت له ابواب هي باب الظفرية وباب الحلبة ناحية الشرق‪ ،‬وباب الطلسم‬ ‫الذي شيده الخليفة الناصر لدين هللا من ناحية الشرق‪ ،‬وباب السلطان من ناحية الشمال‪ ،‬وباب‬ ‫البصلية من ناحية الجنوب‪ ،‬اضافة الى باب الطاق الذي ذكر في العديد من المصادر من جهة‬ ‫النهر باتجاه الغرب‪.‬‬ ‫وشهد العصر العباسي االخير (‪1152‬حتى ‪ )1258‬انبعاث الحياة في جسد الخالفة وبدأت‬ ‫بغداد تزدهر خالل هذه الفترة القصيرة وتطورت خاللها منطقة ذات خصوصية مهمة وهي دار‬ ‫الخالفة‪ ،‬وهي عبارة عن تكوين هندسي شبه دائري قطره (‪2‬كم) ويقع بين سوق الشورجه الحالي‬ ‫وجامع السيد سلطان علي ونهر دجلة ويحوي عدة قصور وبنايات رسمية ولها سور خاص مع‬ ‫اربعة ابواب ‪ .‬ووفقا ً البن جبير فان دار الخالفه شملت حوالي ربع مساحة بغداد او اكثر‪.‬‬ ‫وقد بقيت بعض المباني المهمه التي بنيت في تلك الفترة قائمة حتى اليوم تشير الى االنجاز‬ ‫المعماري البارع للبنائين العباسيين في تلك الفترة والتي تشمل مسجد الحظائر وجامع الخفافين‬ ‫ودار المسناة والقصر العباسي ومسجد الجنائز وجامع الشيخ معروف الكرخي والمدرسة‬ ‫المستنصرية ومرقد وجامع الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫وبين الشارع ومحلة باب البصرة سوق المارستان ‪ ،‬وهي مدينة ضغيرة فيها االرستان الشهير ببغداد ‪،‬‬ ‫وهو على دجلة‪ ،.‬وتتفقده االطباء كل يوم اثنين وخميس ‪ ،‬ويطالعون احوال المرضى به ‪ ،‬ويرتبون لهم اخذ ما‬ ‫يحتاجون اليه ‪ ،‬وبين ايديهم قومة يتناولون طبخ االدوية واالغذية‪ .‬وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع‬ ‫مرافق المساكن الملوكية ‪ ،‬والماء يدخل اليه من دجلة‪ .... .‬وبالرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط‪.‬‬ ‫دار الخالفة‬ ‫اما الشرقية فهي اليوم دار الخالفة ‪ ،‬وكفاها بذلك شرفا واحتفاال ودور الخليفة مع اخرها ‪ ،‬وهي تقع في‬ ‫نحو الربع او ازيد ‪ ،‬الن جميع العباسيين معتقلون اعتقاال جميال ال يخرجون وال يظهرون ولهم المرتبات القائمة‬ ‫بهم‪ .‬وللخليفة من تلك الديار جزء كبير ‪ ،‬قد اتخذ فيه المناظر المشرفة والقصور الرائقة والبساتين االنيقة‪.‬‬ ‫والشرقية حفيلة االسواق عظيمة الترتيب ‪ ،‬تشتمل من الخلق على بشر ال يحصيهم اال هللا تعالى الذي‬ ‫احصى كل شيئ عددا‪ .‬وبها من الجوامع ثالثة كل يجمع فيها‪ :‬جامع الخليفة متصل بداره ‪ ،‬وهو جامع كبير ‪ ،‬وفيه‬ ‫سقايات عظيمة ومرافق كثيرة كاملة‪ .‬وجامع السلطان وهوخارج البلد ‪ ،‬ويتصل به قصور تنسب للسلطان ايضا‪.‬‬ ‫وجامع الرصافة ‪ ،‬وبينه وبين جامع السلطان مسافة نحو الميل ‪ ...‬فجميع جوامع البلد المجموع فيها احد عشر‪.‬‬ ‫الحمامات والمساجد والمدارس‬ ‫واما حماماتها فال تحصى عدة ‪.‬ذكر لنا احد اشياخ البلد انها بين الشرقية والغربية نحو االلفي حمام ‪،‬‬ ‫واكثرها مطلية بالقار مسطحة به ‪ ،‬فيخيل للناظر انه رخام اسود صقيل‪ .‬واما المساجد فبالشرقية والغربية فال‬ ‫ياخذها التقدير فضال عن االحصاء‪.‬‬ ‫والمدارس بها نحو الثالثين ‪ ،‬وهي كلها بالشرقية ‪ ،‬وما منها مدرسة اال وهي يقصر القصر البديع عنها ‪،‬‬ ‫واعظمها واشهرها النظامية ‪ ،‬وهي التي ابتناها نظام الملك ‪ ،‬وجددت سنة اربع وخمس مئة ‪.‬‬ ‫ابواب الشرقية‬ ‫وللشرقية اربعة ابواب‪ :‬فاولها ‪ ،‬وهو في اعلى الشط ‪ ،‬باب السلطان ‪ ،‬ثم باب الظفرية ‪ ،‬ثم يليه باب الحلبة‬ ‫‪ ،‬ثم باب البصلية‪ .‬هذه االبواب التي هي في السور المحيط بها من اعلى الشط الى اسفله ‪ ،‬هو ينعطف عليها‬ ‫كنصف دائرة مستطيلة وداخلها في االسواق ابواب كثيرة‪.‬‬ ‫وبالجملة ‪ ...‬فشأن هذه البلدة اعظم من ان يوصف ‪ ،‬واين هي مما كانت عليه ؟ ‪ ..‬هي اليوم داخلة تحت‬ ‫قول حبيب‪:‬‬

‫" ال أنت أنت ‪ ،‬وال الديار ديارا "‬

‫‪49‬‬


‫ذكر مدينة السالم حرسها هللا تعالى‬ ‫هذه المدينة العتيقة ‪ ،‬وان لم تزل حضرة الخالفة العباسية ‪ ،‬ومثابة‬ ‫الدعوة االمامية القرشية الهاشمية ‪ ،‬قد ذهب رسمها ‪ ،‬ولم يبق منها اال شهير‬ ‫اسمها ‪.‬‬

‫رحةل ابن جبري‬ ‫تذكرة اب ألخبار عن اتفاقات ا ألسفار‬ ‫اتليف أأبو احلسن محمد بن أأمحد بن‬ ‫جبري الكناي املعروف ابمس ابن‬ ‫جبري ا ألندليس‬ ‫‪1217 – 1145‬م‬ ‫زار ابن جبري العراق يف عام‬ ‫‪1184‬م وعندما وصل اىل بغداد‬ ‫وجدها قد "ذهب أأكرث رمسها ومل‬ ‫يبق اال شهري امسها"‪،‬‬

‫وهي باالضافة الى ما كانت عليه قبل انحاء الحوادث عليها والتفات‬ ‫اعين النوائب اليها كالطلل الدارس ‪ ،‬واالثر الطامس ‪ ،‬او تمثال الخيال‬ ‫الشاخص ‪ ،‬فال حسن فيها يستوقف البصر ويستدعي من المستوفز العقلة‬ ‫والنظر اال دجلتها التي هي بين شرقيها وغربيها منها كالمراة المجلوة بين‬ ‫صفحتين ‪ ،‬او العقد المنتظم بين لبتين ‪ ،‬فهي تردها وال تظما ‪ ،‬وتتطلع منها‬ ‫في مراة صقيلة ال تصدا ‪ ،‬والحسن الحريمي بين هوائها ومائها ينشا ‪ ،‬هو‬ ‫من ذلك على شهرة في البالد معروفة موصوفة ‪ ،‬ففتن الهوى ‪ ،‬اال انه‬ ‫يعصم هللا منها ‪ ،‬مخوفة ‪.‬‬ ‫ثم نرجع الى ذكر بغداد‪ :‬هي كما ذكرنا جانبان‪ :‬شرقي وغربي ‪،‬‬ ‫ودجلة بينهما‪ .‬فاما الجانب الغربي فقد عمه الخراب واستولى عليه وكان‬ ‫المعمور اوال‪ .‬وعمارة الجانب الشرقي محدثة لكنه مع استيالء الخراب عليه‬ ‫يحتوي على سبعة عشر محلة‪ ،‬كل محلة منها مدينة مستقلة‪ ،‬وفي كل واحدة‬ ‫منها الحمامات والثالثة والثمانية منها بجوامع يصلى فيها الجمعة‪ ،‬فاكبرها‬ ‫القرية ‪ ،‬وهي التي نزلنا فيها بربض منها يعرف بالمربعة على شط دجلة‬ ‫بمقربة من الجسر ‪ ،‬فحملته دجلة بمدها السيلي فعاد الناس يعبرون‬ ‫بالزوارق‪ ،‬والزوارق فيها ال تحصى كثرة ‪ ،‬فالناس ليال ونهارا من تمادي‬ ‫العبور فيها في نزهة متصلة رجاال ونساء‪ .‬والعادة ان يكون لها جسران‪:‬‬ ‫احدهما مما يقرب من دور الخليفة واالخر فوقه لكثرة الناس‪ .‬والعبور ال‬ ‫ينقطع منها‪.‬‬ ‫ثم الكرخ ‪ ،‬وهي مدينة مسورة‬ ‫ثم محلة باب البصرة ‪ ،‬وهي ايضا مدينة ‪ ،‬وبها جامع المنصور ‪،‬‬ ‫رحمه هللا ‪ ،‬وهو جامع كبير عتيق البنيان‪ .‬ثم الشارع ‪ ،‬وهي ايضا مدينة ‪،‬‬ ‫فهذه االربع اكبر المحالت‪.‬‬

‫‪48‬‬


51


‫‪.‬‬

‫في ‪ 10‬شباط عام ‪ 1258‬دخل المغول‬ ‫بقيادة هوالكو بغداد بعد حصار دام ‪ 12‬يوما‪ .‬ان‬ ‫عملية النهب والتدمير الجزئي الذي تعرضت له‬ ‫المدينة من قبل المغول انهت الخالفة العباسية‬ ‫وجعلت بغداد مدينة ضئيلة الشأن غير مميزة‪،‬‬ ‫حيث امتازت الفترة من (‪1338 -1258‬م)‬ ‫بالنزاعات المحلية والطائفية الدينية‪.‬‬

‫هوالكو خان‬ ‫‪ 1265 – 1217‬م‬ ‫حامك مغويل احتل معظم بالد‬ ‫جنوب غرب آس يا بعد آن قتل‬ ‫املاليني من آهلها‪ ،‬وتوسع جيشه‬ ‫كثريا ابجلزء اجلنويب الغريب‬ ‫ل إالمرباطورية املنغولية‪ ،‬مؤس ًسا‬ ‫سالةل اخلاانت بفارس‪ ،‬وتوالت‬ ‫السالالت بعد ذكل اإىل آن‬ ‫انهتت اإىل اإيران احلديثة‪ .‬وحتت‬ ‫قيادة هوالكو‪ ،‬اجتاح املنغوليون‬ ‫بغداد عامصة اخلالفة العباس ية‪،‬‬ ‫كام حتول املؤرخون من الكتابة‬ ‫العربية للفارسية يف عهده‪.‬‬

‫احلصار املغويل لبغداد‪ :‬رمس يبني‬ ‫احداث وجمرايت احلصار املغويل‬ ‫للمدينة ورضهبا ابملنجنيق ودفاع‬ ‫اهلها عهنا‬

‫‪50‬‬

‫وكان السلطان المغولي تكودار خان‬ ‫(‪1284-1282‬م) قد اعتنق الدين االسالمي‬ ‫واصبح يعرف بالسلطان احمد الذي قتل بعد‬ ‫عامين من قبل السلطان ارغون بن اباقان وتبعه‬ ‫السلطان غازان بن ارغون (‪1303-1295‬م)‬ ‫الذي سمى نفسه "محمود ارغون" من بعده في‬ ‫اعالن اسالمهم تباعا‪.‬‬ ‫قام المغول بعد اعتناقهم االسالم باصالح‬ ‫بعض االضرار التـي سببوها وبناء عدة جوامع‬ ‫جديدة وبنايات مهمة اخرى‪ ،‬وشمل ذالك اعادة‬ ‫بناء جامع القصر وجامع الخلفاء في سنة‬ ‫(‪1279‬م)‪ .‬وجامع القصر من منشآت الخليفة‬ ‫العباسي علي المكتفي باهلل خالل حكمه والتي ال‬ ‫تزال مئذنته قائمة الى يومنا هذا وتعرف بمنارة‬ ‫سوق الغزل‪.‬‬ ‫وقد استمر الحكم المغولي لبغداد منذ‬ ‫سقوطها حتى العام ‪1340‬م باحتالل الجالئريين‬ ‫لها ‪ ،‬اال ان تيمورلنك اعاد احتالل المغول اليها‬ ‫مرة ثانية حتى عام ‪1411‬م حيث انتهى حكم‬ ‫المغول لبغداد بعد ان استولت عليها قبيلة القرة‬ ‫قوينلو (الخروف االسود) عام ‪1411‬م‪.‬‬


‫‪1508‬م‬ ‫دخول الصفويين الى‬ ‫بغداد بقيادة الشاه‬ ‫إسماعيل األول‬

‫‪1340‬م‬ ‫استيالء‬ ‫الجالئيريين‬ ‫على املدينة‬

‫‪1469‬م‬ ‫استيالء قبيلة‬ ‫اق قوينلو‬ ‫التركمانية‬ ‫على بغداد‬ ‫‪1411‬م‬ ‫استيالء قبيلة‬ ‫قرة قوينلو‬ ‫التركمانية‬ ‫على بغداد‬

‫‪1523‬م‬ ‫استيالء قبيلة موصلو‬ ‫الكلهورية الكردية على‬ ‫بغداد‬

‫‪1529‬م‬ ‫استرجاع الشاه‬ ‫طهماسب األول‬ ‫ملدينة بغداد‬

‫‪1621‬م‬ ‫دخول‬ ‫الصفويين الى‬ ‫بغداد للمرة‬ ‫الثالثة‬

‫‪1633‬م‬ ‫‪1657‬م‬

‫‪1356‬م‬

‫‪2004‬م‬ ‫تسليم الحكم‬ ‫الى الحكومة‬ ‫العراقية‬

‫البريطاني‪ ،‬وقيام‬ ‫اململكة الهاشمية‬ ‫‪2003‬م‬ ‫دخول قوات‬ ‫التحالف الى‬ ‫بغداد بقيادة‬ ‫الواليات‬ ‫املتحدة‬

‫‪1917‬م‬ ‫دخول االنجليزالى‬ ‫بغداد بقيادة‬ ‫الجنرال ستانلي مود‬

‫‪1638‬م‬ ‫االحتالل العثماني‬ ‫بقيادة السلطان مراد‬ ‫الرابع‬

‫‪1534‬م‬ ‫االحتالل العثماني‬ ‫بقيادةالسلطان‬ ‫سليمان القانوني‬

‫‪1392‬م‬ ‫استيالء‬ ‫تيمورلنك‬ ‫على بغداد‬

‫‪1932‬م‬ ‫انتهاء االنتداب‬

‫‪1822‬م‬ ‫‪1831‬م‬

‫‪1894‬م‬ ‫‪1895‬م‬ ‫‪1832‬م‬ ‫ثورة املفتي عبد‬ ‫الغني ال جميل‬ ‫على الوالي التركي‬

‫الصراعات والغزوات االسيوية‬

‫الحكم العثماني‬

‫الحكم العثماني‬

‫استمرت ‪ 249‬عاما‬

‫استمر ‪ 87‬عاما‬

‫حكم املدينة ‪ 279‬عاما‬

‫‪1941‬م‬ ‫‪1946‬م‬

‫‪1907‬م‬ ‫‪1910‬م‬ ‫‪1914‬م‬

‫‪1950‬م‬ ‫‪1954‬م‬

‫الدولة الحديثة‬

‫‪53‬‬


‫‪1157‬م‬ ‫حصارالسلطان‬ ‫مسعود بن محمد‬ ‫بن ملكشاه لبغداد‬

‫‪1055‬م‬ ‫استيالء طغرل بك‬ ‫السلجوقي على املدينة‬

‫بغداد والغزوات التارخيية‬ ‫تعرضت بغداد منذ نشأهتا عام‬ ‫‪762‬م اىل العديد من‬ ‫الغزوات والزناعات ادلاخلية‬ ‫وحمكها العديد من السالالت‬ ‫احلامكة الاجنبية ‪ ,‬كام ادى‬ ‫تعرضها اىل الكوارث‬ ‫والفيضاانت اىل هتدم العديد‬ ‫من معاملها التارخيية عىل مر‬ ‫العصور‬

‫‪946‬م‬ ‫استيالء معز‬ ‫الدولة البويهي‬ ‫على بغداد‬

‫‪762‬م‬ ‫بناء‬ ‫مدينة‬ ‫بغداد‬

‫‪1136‬م‬ ‫حصارالسلطان‬ ‫محمد السلجوقي‬ ‫للمدينة‬

‫‪831‬م‬ ‫حصار بغداد في‬ ‫الصراع بين االمين‬ ‫واملامون‬ ‫‪836‬م‬ ‫انتقال الخالفة‬ ‫العئباسية إلى سامراء‬ ‫‪802‬م‬

‫‪830‬م‬

‫‪904‬م‬ ‫‪836‬م‬ ‫عودة مقر الخالفة‬ ‫الى بغداد‬

‫‪1258‬م‬

‫‪1258‬م‬ ‫احتالل هوالكو‬ ‫لبغداد‬ ‫وسقوطها‬

‫‪978‬م‬ ‫‪928‬م‬ ‫‪941‬م‬ ‫‪945‬م‬

‫‪1010‬م‬

‫‪1047‬م‬

‫‪1108‬م‬

‫‪1159‬م‬ ‫‪1168‬م‬ ‫‪1174‬م‬

‫غزوات وحروب‬ ‫‪802‬م‬ ‫فيضان نهردجلة‬ ‫‪836‬م‬

‫احداث وصراعات‬ ‫داخلية‬

‫الخالفة العباسية (بمراحلها املختلفة)‬ ‫حكمت املدينة ‪ 596‬عاما‬

‫‪52‬‬

‫‪1217‬م‬

‫‪1237‬م‬ ‫‪1243‬م‬ ‫‪1248‬م‬ ‫‪1255‬م‬ ‫‪1256‬م‬

‫‪1284‬م‬


‫خمطط رمسه نصوح الساليح‬ ‫ملدينة بغداد يف زمن السلطان‬ ‫سلامين القانوين وبني شلك‬ ‫سورها اخلاريج القريب من‬ ‫املس تطيل وتظهر القلعة يف‬ ‫اجلزء الشاميل من اجلانب‬ ‫الرشيق‬

‫‪55‬‬


‫تعرضت بغداد بعد سقوطها على يد المغول الى انواع الغزوات واصبحت لشدة ضعفها‬ ‫لقمة سائغة لكافة الدول والقبائل في المنطقة و لمن اراد المغامرة بغزوها من حين الى اخر‪.‬‬ ‫السلطنة الجالئرية‬ ‫بعد احتاللها من قبله الجالئريين ‪ ،‬تميزت بغداد خالل السلطنة الجالئرية (‪-1338‬‬ ‫‪1411‬م) بالجمود والتمزق االقتصادي واالجتماعي والسياسي‪ .‬يمثل تلك الفترة نموذجان‬ ‫معماريان مميزان مهمان وهما جامع مرجان (المدرسة المرجانية) التـي شيدت سنة ‪758‬هـ‬ ‫(‪1356‬م) وخان مرجان الذي شيد في سنة (‪1359‬م) اللذان بنيا ضمن منطقة سوق الثالثاء‬ ‫الى الشمال من دار الخالفة‪.‬‬ ‫بعدها حكمت المدينة ساللتان من التركمان االولى القرة قوينلو "الخروف االسود" من‬ ‫(‪1469-1411‬م) والثانية اآلق قوينلو "الخروف االبيض" من (‪1508 -1469‬م) ‪ ،‬حيث‬ ‫عانت المدينة خاللهما من االنحطاط والركود‪.‬‬ ‫نزاعات الفرس واالتراك على المدينة‬

‫جامع الامحدية‬ ‫احد معامل بغداد ‪ ،‬بين‬ ‫يف عهد املامليك‬

‫تناوب الفرس واالتراك نزاعهم على المدينة وتشاركوا بنسبة متساوية تقريبا في‬ ‫حصارها وتدميرها وقتل اهاليها وتشريدهم عدة مرات‪ ،‬في الفترة الممتدة من منتصف القرن‬ ‫السادس عشر حتى بعيد منتصف القرن السابع عشر‪.‬‬ ‫اذ حكمت بغداد الدولة الصفوية الفارسية من عام (‪1533 - 1508‬م) تخللت هذه الفترة‬ ‫القصيرة المضطربة تسع سنوات من حكم قبيلة موصلو الكلهورية الكردية ‪ ،‬شهدت بغداد بعد‬ ‫ذلك عدة نزاعات ما بين الفرس واالتراك تناوبوا فيها الحكم في بغداد حيث احتلها السلطان‬ ‫العثماني سليمان القانوني عام (‪1534‬م) مبتدئا الدور االول من الحكم العثماني‪.‬‬ ‫بغداد تحت الحكم العثماني‬ ‫يبدأ الدور الثاني للحكم العثماني بعد احتالل بغداد من قبل السلطان مراد الرابع بعد ان‬ ‫استعادها من يد الصفويين في عام (‪1638‬م) اذ حكمت الدولة العثمانية بعدها البالد بشكل‬ ‫مستمر لمدة قاربت الثالث قرون انتهت في ‪ 11‬مارس ‪ 1917‬باالحتالل البريطاني لبغداد‪.‬‬ ‫شهدت فترة الوالة المماليك التي انتهت من عام ‪ 1704‬حتى ‪ 1831‬نوعا من الحكم‬ ‫شبه الذاتي تم خالله بناء عدة ابنية رئيسية مثل بناية السراي وجامع االحمدية وجامع‬ ‫الحيدرخانه‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫رسومات للرحاةل الغربيني‬ ‫تصور رصافة بغداد يف القرن‬ ‫السابع عرش امليالدي‬

‫‪57‬‬


‫كان أول الرحالين الذين وصفوا بغداد في العصور األخيرة وصفا وافيا هو الرحالة‬ ‫مر بالعراق خالل القرن السابع عشر سنة ‪ 1632‬وكانت‬ ‫الفرنسي (جي‪.‬بي‪.‬تافرنييه) ‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ترزح تحت الحكم الصفوي ‪ ،‬ثم عاد ‪1652‬م سنة حيث كانت تحت الحكم العثماني حيث‬ ‫وصفها بانها مدينة ساذجة البناء ال جمال فيها‪.‬‬

‫اسوار بغداد‬ ‫سور بغداد يف القرن‬ ‫السابع عرش‬ ‫امليالدي كام يصوره‬ ‫الرحاةل اتفرنييه‬

‫يقول تافرانييه في وصف المدينة "طول المدينة حوالي ألف وخمسمائة قدم وعرضها‬ ‫سـبع أو ثمانمائة‪ ،‬وال يـمكن أن يكون محيطها أكثر من ثالثة آالف قـدم ‪ .‬أسوارها كلها من‬ ‫الطابوق عليها سطوح في بعض األماكن وفـيهـا أبـراج ضـخـمـة عـلى شكل حصون‪ ،‬وعلى‬ ‫كل أبراجها حوالي ستين مدفع‪ ،‬أكبرها ال يمكن أن يطلق قـذيـفـة أثـقـل من خمسة أرطال أو‬ ‫ستة ‪ ،‬وخنادقها عريضة عمقها خمس قامات أو ست وليس لها ّإال أربع بوابات‪ :‬ثالثة من جهة‬ ‫البر‪ ،‬وواحدة من جهة النهر‪ ،‬يعبر إليها على جسر ثبت على قوارب يبعد الواحد منها عن‬ ‫اآلخر بعرض قارب‪".‬‬

‫من كتاب الرحاةل‬ ‫اتفرنييه‬ ‫تصور شامل‬ ‫للمدينة‬

‫‪56‬‬


‫منظر للمنطقة الرشقية من بغداد يف‬ ‫عام ‪1783‬م ‪ ،‬اخذت عىل الاغلب‬ ‫من مئذنة جامع الش يخ معر‬ ‫السهروردي‬

‫ازايء ساكن بغداد‬ ‫يف القرن الثامن‬ ‫عرش‬

‫‪59‬‬


‫الرحالة االلماني كارستن نيبور‪ ،‬الذي زار المدينة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫يصف بغداد بأنها كثيرة البساتين وشوارعها ضيقة وأسواقها مسقوفة خالية من الساحات أو‬ ‫الفضاءات المكشوفة الواسعة‪ ،‬كما يتحدث عن اسوارها وأبوابها االربعة ‪ :‬الباب الشمالي سمي‬ ‫ي في‬ ‫بباب السلطان الذي عرف فيما بعد بباب المعظم والباب الثاني عرف بباب الظفرية وسم ّ‬ ‫العهود المتأخرة بالباب الوسطاني‪ .‬والباب الثالث هو باب الحلبة الذي عرف بباب الطلسم وبينه‬ ‫وبين الباب الوسطاني ‪ 26‬برجاً‪ .‬والباب الرابع‪ ،‬واألخير‪ ،‬باب البصلية‪ ،‬أو باب كلواذى المعروف‬ ‫بالباب الشرقي ‪.‬‬ ‫لقد حدّد نيبور عرض نهر دجلة في بغداد بحدود (‪ )620 – 600‬قدما ً ويوجد فوقه جسر‬ ‫على ‪ 34‬مركبا صغيرا ربط الواحد منها باآلخر بواسطة سالسل ضخمة‪ .‬يربط الجسر الرصافة‬ ‫بمنطقة الكرخ حيث يصفها قليلة المساحة والبناء نسبة إلى الرصافة الواسعة والمكتظة‪.‬‬

‫الرحاةل الاملاين اكرسنت نيبور‬ ‫شارك يف رحةل علمية واكن‬ ‫هدف الرحةل كتابة تقرير علمي‬ ‫واجامتعي شامل عن اجلزيرة‬ ‫العربية وسوراي ومرص وانطلقت‬ ‫امحلةل يف اكنون الثاين ‪ 1761‬م‬ ‫لتصل اىل السكندرية‪ ،‬مث‬ ‫القاهرة ‪ ،‬مث جبل سيناء‪ .‬ويف‬ ‫عام ‪ 1762‬م زار بغداد ورمس‬ ‫خرائط لها وحتدث عن الساكن‬ ‫والقبائل واملذاهب وا ألداين يف‬ ‫تكل احلقبة‪.‬‬

‫لوحة لحد املسترشقني جلانب الرصافة تبني‬ ‫جرس الكطعة وفنار بغداد ويظهر فهيا عىل ميني‬ ‫اللوحة جامع الآصفية مبئذنتيه قبل هتدهما‬ ‫والاس تعاضة عهنام مبئذنة واحدة‬

‫‪58‬‬


‫اشارت عدة رواايت معارصة لرحاةل عرب واوربيني اىل ان بغداد وخاصة اجلهة الرشقية (الرصافة) مهنا مل تتغري كثري ًا منذ‬ ‫العرص العبايس الاخري حيث جرى املسح التارخيي لبغداد يف الزمن العامثين من قبل فيلكس جونس عام( ‪،)1853‬‬ ‫وتعرض هذه اخلارطة البىن املهمة واخلاصية املعامرية لالك اجلانبني من الهنر‪،‬‬

‫‪61‬‬


‫رحلة فيلكس جونز‬ ‫القرن التاسع عشر‬ ‫قدم ضابط البحرية البريطاني (فليكس جونس) أول مسح شامل ودقيق لمدينة‬ ‫بغداد في عام ‪1853‬م ومرافقها ‪ ،‬إذ بين أن المدينة مكونة من جانبين يقسمها‬ ‫النهر وكالهما مسور‪ ،‬وفي كل سور باب‪ ،‬ويربط جهتي المدينة جسر واحد‬ ‫‪2‬‬

‫ان المساحة ضمن اسوار بغداد التـي تحيط بالمدينة بجانبيها بحدود ‪ 2,94‬كم‬ ‫مساحة الجانب الشرقي منها ‪ -‬الرصافة ‪ 2,36‬كم‪ 2‬ومساحة الجانب الغربي ‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الكرخ ‪ -‬منها ‪ 0,58‬كم‬

‫تشكل المناطق المشيدة والمعمورة حوالي نصف منطقة الرصافة المسورة‪ ،‬في‬ ‫حين تشكل ربع الجهة المسورة في الكرخ وتتشكل باقي المساحات من بساتين او‬ ‫خرائب او مناطق زراعية خالية ‪.‬‬ ‫عدد سكان المدينة بحدود ‪ 60‬الف شخص ‪ ،‬وقدر عدد العوائل ‪15‬الف عائلة‬ ‫تتوزع على ‪ 63‬محلة سكنية في الرصافة و ‪ 25‬محلة سكنية في الكرخ‬

‫يقول محمد رؤوف الش يخيل يف‬ ‫كتابه مراحل يف الفرتة املظلمة وما‬ ‫بعدها‪:‬‬ ‫بغداد مدينة عدد ساكهنا عام‬ ‫‪ 1895‬هو ‪ 149.941‬نسمة‬ ‫يقميون يف ‪ 18017‬دار ًا وفهيا‬ ‫‪ 3244‬داك ًان و‪ 11‬مغازة و‪124‬‬ ‫علوة و‪ 11‬صيدلية و‪ 68‬مصبغة‬ ‫و‪ 118‬خا ًان و‪ 18‬حامم ًا و‪20‬‬ ‫شكرخانه و‪ 34‬كتا ًاب لالطفال و‪4‬‬ ‫لوقنطات و‪ 14‬قولغ (مركز رشطة)‬ ‫و‪ 150‬جامع ًا و‪ 6‬تاكاي و‪ 7‬كنائس‬ ‫ومطبعتان‬

‫‪60‬‬

‫مجموع االزقة والعقود (أزقة ضيقة ومتعرجة ومغلقة النهايات) ‪ 313‬في‬ ‫الرصافة‬ ‫العدد االجمالي لالسواق في المدينة ‪ 47‬سوقا ً‪ ،‬وقد ضمت بعض المحالت أكثر‬ ‫من سوق في حين افتقرت محالت أخرى لألسواق كليا‬ ‫الجوامع بلغ عددها ‪ 40‬جامعا في الرصافة ثالثة منها في جانب الكرخ ‪ .‬اضافة‬ ‫الى ‪ 21‬مسجدا في الجانبين بمعدل جامع او مسجد واحد لكل محلة تقريبا‬ ‫بلغ عدد المقاهي ‪ 98‬مقهى في الرصافة وخلت منها ‪ 20‬محلة سكنية‬ ‫عدد الخانات ‪ 35‬خانا في مختلف المحالت البغدادية اضافة الى ‪ 20‬خانا أخرى‬ ‫انتشرت في مناطق أخرى من بغداد‬ ‫بلغ عدد الحمامات ‪ 14‬حماما في جانبي الرصافة والكرخ ثالثة منها فقط في‬ ‫الكرخ‬


‫جانب الرصافة‬ ‫جانب الكرخ‬ ‫سوق‬ ‫سور املدينة‬ ‫بساتني ومقابر‬ ‫طرق ومسارات‬ ‫رشايع‬ ‫حمالت سكنية مأأهوةل‬ ‫منطقة الاسواق‬ ‫منطقة ادارية حكومية‬ ‫جوامع‬ ‫مزارات‬ ‫مباين اترخيية‬ ‫جزء املدينة يف الكرخ‬

‫الهيكل الحضري للمدينة‬ ‫اواخر القرن التاسع عشر‬

‫خمطط يبني الهيلك احلرضي ملدينة‬ ‫بغداد يف بداية القرن العرشين‬ ‫مبنية عىل خمطط اعده الس يد رش يد‬ ‫اخلوجة عام ‪1908‬م‬

‫تشكلت البنية الحضرية التقليدية للمدينة القديمة‬ ‫في اواخر القرن التاسع عشر من العناصر‬ ‫الرئيسة التالية‪:‬‬ ‫‪ ‬سور المدينة‬ ‫‪ ‬نهر دجلة‬ ‫‪ ‬شبكة الطرق والمسارات‬ ‫‪ ‬النسيج العمراني الذي ينقسم بدوره‬ ‫بموجب وظائفه الى‪:‬‬ ‫‪ ‬اسواق‬ ‫‪ ‬مناطق سكنية‬ ‫‪ ‬المؤسسات الدينية واالدارية‬ ‫والثقافية‬ ‫‪ ‬مناطق صناعية‬ ‫منظر رمسه احد الرحاةل ‪‬الغربيني للضفة‬ ‫البساتين والمزارع‬ ‫الشاملية لهنر دجةل خارج‪‬اسوار بغداد‬ ‫المقابر والمناطق الخالية‬

‫‪63‬‬


‫كانت منطقة الرصافة الواقعة على الضفة الشرقية لنهردجلة على شكل مستطيل‬ ‫غيرمنتظم محاط باالسوار من اربع جهات‪ ،‬بضمنها جهة نهر دجلة الذي يعتبر العصب‬ ‫الرئيسي للمدينة والعمود الفقري لها‪ ،‬ومنه واليه كانت تصل المسارات الرئيسية في المدينة‪.‬‬ ‫وتشكل المناطق الخضراء والخالية ضمن سور بغداد ما يعادل نصف المساحة االجمالية‬ ‫للمدينة في جانب الرصافة‪.‬‬ ‫واذ يقع الجزء االكبر من المدينة في الرصافة فان الجزء االخر من المدينة يقع على‬ ‫ضفة النهر الغربية والتـي تسمى بالكرخ ويربط الكرخ بالرصافة جسر يسمى جسر الكطعة‪.‬‬

‫خارطة الس يد رش يد اخلوجة‬ ‫عام ‪1908‬‬ ‫تبني العنارص الاساس ية‬ ‫املؤثرة واملقررة للتشكيل‬ ‫اللكي للمدينة القدمية يف بداية‬ ‫القرن العرشين‬

‫‪62‬‬


‫ابب احللبة‬ ‫املعروف ابمس‬ ‫(ابب‬ ‫الطلسم)‬

‫سور‬

‫ابب الظفرية‬ ‫املعروف ابمس‬ ‫(ابب‬ ‫الوسطاين)‬

‫السور وابواب املدينة‬ ‫ابب السلطان‬ ‫املعروف ابمس‬ ‫(ابب املعظم)‬

‫بقيت ابواب املدينة شاخصة حىت ما‬ ‫بعد نقض السور نفسه س نة ‪1886‬م‬ ‫حىت نسف اجلنود العامثنيون املنسحبون‬ ‫من بغداد ابب احللبة (ابب الطلسم دلى‬ ‫انسحاهبم من املدينة عام ‪1917‬م‪.‬‬

‫ابب البصلية‬ ‫او ابب‬ ‫لكواذي‬ ‫املعروف ابمس‬ ‫(ابب‬ ‫الرشيق)‬

‫ويف عرشينات هذا القرن جرى هدم‬ ‫ابب السلطان (ابب املعظم)‪ ،‬دون‬ ‫مراعاة لقميته التارخيية ‪ ،‬ويف أأاير ‪1937‬م‬ ‫هدمت ابب لكواذى (الباب الرشيق)‬ ‫ايضا متاش ي ًا مع نزعة التحديث املتفش ية‬ ‫أآنذاك ‪.‬‬ ‫تفاصيل نقوش الطلسم عىل ابب‬ ‫احللبة‬

‫‪65‬‬


‫استنادا للمسح الذي قام به فيلكس جونز سنة ‪1853‬م فان المساحة ضمن اسوار‬ ‫بغداد التـي تحيط بالمدينة من النهر الى النهر هي بحدود ( ‪ )2,95‬كم‪ ، 2‬القسم الشرقي‬ ‫منها ‪ -‬اي الرصافة ‪ )2,36 ( -‬كم‪ . 2‬اما الجانب الغربي ‪ -‬اي الكرخ ‪ -‬فقد بلغت مساحته‬ ‫( ‪ ) 0,58‬كم‪. 2‬‬

‫هدم سور بغداد‬ ‫يف احلقيقة ان هدم سور بغداد يف‬ ‫عام ‪ 1869‬يف عهد وايل بغداد‬ ‫مدحت ابشا يؤرش نقطة الالعودة‬ ‫يف التطور املورفولويج‬ ‫(التشكييل) لبغداد‪ ،‬حيث‬ ‫خضعت بعدها املدينة اىل‬ ‫تغيريات اساس ية يف هيلكها‬ ‫احلرضي بعد هدم السور اذلي‬ ‫اكن حييط هبا‪.‬‬

‫وكان للسور خمسة ابواب تفضي الى خمسة طرق مهمه تواجه اتجاهات طرق‬ ‫القوافل‪ ،‬وهي باب السلطان الذي ويعرف باسم باب المعظم وهو باتجاه الشمال‪ ،‬وباب‬ ‫الظفرية الذي يعرف باسم باب الوسطاني وهو باتجاه الشرق‪ ،‬وباب الحلبة الذي يعرف‬ ‫باسم باب الطلسم وهو باتجاه الشرق ايضا‪ ،‬اضافة الى باب البصلية او باب كلواذي الذي‬ ‫يعرف ايضا باسم باب الشرقي وهو باتجاه الجنوب‪ ،‬عالوة على باب الجسر الذي يعرف‬ ‫باسم باب الطاق ويقع في بداية الجسر الذي يعبر نهر دجلة باتجاه الغرب‪.‬‬ ‫اال ان السور المحيط بالمدينة تم هدمه في عام ‪1886‬م ولم يتبق منه سوى بواباته‬ ‫االربعة ولم يتبقى من اشارة الى حدود المدينة غير الخندق المحيط بها‪ ،‬ومن ثم بوشر‬ ‫يانشاء السدة الشرقية على انقاض السور‪.‬‬

‫باب الظفرية‬ ‫(باب الوسطاني)‬ ‫باب الحلبة‬ ‫(باب الطلسم)‬

‫باب‬ ‫طرق ثانوية وازقة‬ ‫سور المدينة‬

‫باب البصلية‬ ‫او باب كلواذي‬ ‫(باب الشرقي)‬

‫باب السلطان‬ ‫(باب المعظم)‬

‫باب الجسر‬

‫خمطط يوحض مواقع سور بغداد‬ ‫الرصافة وبواابهتا‬

‫‪64‬‬


‫جسور بغداد‬

‫افتتاح اجلرس‬ ‫اذلي أنشأه‬ ‫الوايل انمق‬ ‫ابشا الصغري‬ ‫عام ‪1902‬‬

‫ربط جانيب مدينة بغداد القدمية جرس واحد‬ ‫يسمى جرس الكطعة ‪ ،‬ويقع طرفه يف جانب‬ ‫الرصافة عند جامع الآصفية قرب املدرسة‬ ‫املستنرصية الطرف الاخر يف جانب الكرخ‬ ‫ما بني قهوة البريويت وقهوة العاكمة اي يف‬ ‫نفس موقع اجلرس القامئ الآن واملسمى جرس‬ ‫الشهداء تقريبا ‪.‬‬ ‫واكن اجلرس قامئ ًا عىل ‪ 24‬زورق ًا يقال للواحد‬ ‫مهنا جسارية وطوهل يقارب الـ ‪ 220‬مرت ًا‬

‫السفن والقوارب‬ ‫جتوب يهنر دجةل‬ ‫رشاين احلياة الرئييس‬ ‫للمدينة‬

‫‪67‬‬


‫ان وقوع بغداد على نهر دجلة ليس مفهوما بصريا وحسب بل ان ذلك كان عنصرا بالغ‬ ‫االثر على تاريخ المدينة وتطورها ومناخها‪ .‬اذ يشكل النهر مصدر الحياة والزراعة فيها‪ ،‬عالوة‬ ‫على كونه شريان النقل الرئيسي وعنصرا من عناصر الترفيه والمتعة ‪ ،‬اال انه في احيان اخرى‬ ‫كثيرة كان مصدرا للخراب والموت ايضا‪.‬‬ ‫عندما توسعت الرصافة على شكلها المستطيل خالل الحقبة العباسية األخيرة (‪-1055‬‬ ‫‪1258‬م) كانت على النهر ثالثة جسور مركبة على قوارب عليها ممشى للسابلة ووسائل النقل‪،‬‬ ‫وأشهر هذه الجسور واكثرها أهمية خالل القرون الخمسة الماضية كان الجسر المؤدي الى (سوق‬ ‫الثالثاء) هو الجسر الوحيد الذي يمكن العبور عليه وكان موقعه تقريبا عند جسر الشهداء الحالي‬ ‫وكان يطلق عليه في القرن التاسع عشر (جسر الكطعة) ‪.‬‬ ‫الواجهة النهرية‬

‫التصاق أبدي‬ ‫اطلت املدينة جبانبهيا يف الرصافة‬ ‫والكرخ ببيوهتا ومبانهيا عىل هنر دجةل‬ ‫مبارشة منذ قرون من غري وس يط‬ ‫او فاصل‬

‫وبالرغم من أنه ال توجد مصادر مدونة معينة‬ ‫عن واجهة النهر خالل العهود العباسية‪ ،‬فأن هناك‬ ‫شواهد قوية بضمنها تنقيبات أثرية تبين أن واجهة‬ ‫النهر في جانب الرصافة كانت محاطة بجدار او سور‬ ‫شأنه بقية أجزاء المدينة‪ .‬وكان المنفذ االوحيد فيها‬ ‫طريق الباب المركزي المواجه للجسر ‪ ،‬وحتى الفترة‬ ‫القريبة في العقود األولى من القرن العشرين فأن‬ ‫سور القلعة في الشمال وجزء من السور بالقرب من‬ ‫الباب الشرقي كانت وال تزال موجودة مدعمة بابراج‬ ‫نصف اسطوانية ‪.‬‬ ‫وأستنادا إلى المصادر التاريخية فأن واجهة‬ ‫النهر‪ ،‬كانت ملكية عامة وبالتالي لم يكن يسمح بالبناء‬ ‫مباشرة على ضفة النهر مع بعض اإلستثناءات‬ ‫الخاصة بقصور رجال الحكم ودور الوجهاء‪ .‬وقد‬ ‫ظهرت البيوت على نهر دجلة مباشرة بعد عملية هدم‬ ‫الحائط المطل على النهر في القرن التاسع عشر ‪.‬‬ ‫وبذلك فان المسارات الرئيسية ومواقع‬ ‫االسواق والقلعة وبناية السراي الحكومي والمباني‬ ‫الحكومية كلها جرى تحديدها من خالل الحاجة الى‬ ‫ان تكون قريبة جدا من االنهر الذي يشكل المحتوى‬ ‫االكثر اهمية للمدينة‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫تعتبر الكلك والكفة والبلم والدوبة وسائل النقل‬ ‫النهرية الرئيسية في نهر دجلة فيما عدا البواخر التـي‬ ‫كانت تنقل البضائع‬ ‫الكلك‬ ‫هو عبارة عن رمث يرتكز على قرب منفوخة من جلد‬ ‫األغنام مشدودة احداها الى األخرى وتتالف قاعدة الكلك من‬ ‫قضبان من خشب الحور على نحو متعامد تغطيه اللبد او‬ ‫الحصران‪ ،‬وهو مخصص لنقل البضائع من الشمال الى الجنوب‬ ‫باتجاه مجرى النهر‪.‬‬

‫القفة‬

‫عدد الرشايع يف جانب الرصافة ‪ 14‬رشيعة ويه من الشامل‬ ‫اىل اجلنوب اكلآيت‪:‬‬ ‫‪ .1‬رشيعة البقجة ‪ -‬قرب مكتب الصنايع‬ ‫‪ .2‬رشيعة القشةل ‪ -‬جماور مبىن القشةل‬ ‫‪ .3‬رشيعة اجلرس ‪ -‬جبانب اجلرس القدمي‬ ‫‪ .4‬رشيعة املصبغة ‪ -‬بني املستنرصية وقهوة الشط‬ ‫‪ .5‬رشيعة خان المتر ‪ -‬جنوب خان ادلفرتدار‬ ‫‪ .6‬رشيعة احملمكة الرشعية ‪ -‬مقابل احملمكة الرشعية‬ ‫‪ .7‬رشيعة الغالبية ‪ -‬الوصول الهيا من شارع الهنر‬ ‫‪ .8‬رشيعة الباجه يج ‪ -‬موقع جرس الاحرار احلايل‬ ‫‪ .9‬رشيعة الس يد سلطان عيل ‪ -‬وتقع يف جنوبه‬ ‫‪ .10‬رشيعة املربعة أو املال حامدي‪ -‬مقابل الس نك‬ ‫‪ .11‬رشيعة كرد الش يخ ‪ -‬ابس تقامة شارع اجليالين‬ ‫‪ .12‬رشيعة الس نك ‪ -‬مقابل شارع الس نك‬ ‫‪ .13‬رشيعة الفناهرة ‪ -‬مقابل حمةل الفناهرة‬ ‫اضافة اىل رشيعة اجمليدية التـي تقع خارج السور‬ ‫اما الرشايع املقابةل يف جانب الكرخ فيبلغ عددها ‪ 10‬رشايع‬

‫الكفة ‪ ،‬التـي تشبه الصحن الدائري يمكن التنقل بواسطتها‬ ‫بكافة االتجاهات وتصنع الكفة من الحلفاء وخوص سعف النخيل‬ ‫و القير الذي يستخدم لتغليفها‪ .‬وتستطيع الكفة تحمل أوزان ثقيلة‬ ‫كما وتحتاج الى جهد عضلي لقيادتها وتوجيهها‪.‬‬

‫البلم‬ ‫البلم (الزورق) الذي كان يستخدم في بغداد فقد كان يصنع‬ ‫عادة من الخشب‪ ،‬وال يزيد طوله على ستة امتار وعرضه‬ ‫بحدود المتر ونصف المتر وكان البلم يستغل في العبور ما بين‬ ‫ضفتي النهر وكذلك في نزهات نهرية نهارية وليلية‪.‬‬

‫الدوبة‬ ‫وهي عبارة عن هيكل حديدي ضخم على شكل قارب‬ ‫تستعمل في نقل البضائع لمسافات طويلة شماال وجنوبا‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫‪0‬ذ‬

‫رشيعة المكرك ميناء‬ ‫رئييس للتبادل التجاري‬

‫الشريعة‬ ‫ك ْ‬ ‫انت بغداد محاطة باالسوار والخنادق من جهاتها الثالث‪.‬‬ ‫اما من جهتها الرابعة فكانت مفتوحة على نهر دجلة ‪ ،‬شريانها‬ ‫الرئيسي الذي يبعث في ارجائها الحركة عن طريق الشرائع التـي‬ ‫تطل منها المدينة على دجلة فتبعث فيها اكسير الحياة‪.‬‬ ‫شكلت الشرائع جزءا اساسيا من نظام النقل لمدينة بغداد‬ ‫القديمة‪ .‬والشريعة هي مكان يقع على ضفة النهر تؤدي اليه‬ ‫فرجات أي ( فتحات) تعتبر محطات للنقل النهري سواء للمشاة‬ ‫من اجل لالستسقاء وعبور النهر او للتجارة واستقبال البضائع‬ ‫وتحميلها وكل واحدة من هذه تسمى شريعة‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫الرشايع املمتدة‬ ‫عىل الساحل‬ ‫الرشيق دلجةل‬ ‫يف بغداد‬ ‫الرصافة‬

‫‪11‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬


‫مسارات رئيس ية‬ ‫احد املسارات اليت خترتق سوق الرساي يف‬ ‫طريقها اىل امليدان والباب املعظم‬

‫احد الازقة يف بغداد‬ ‫الرصافة‬

‫‪71‬‬


‫لم تكن توجد في المدينة شوارع بالمعنى أو العرض أو االستقامة في المدينة‬ ‫ما عدا شارع الميدان وشارع السراي وشارع سيد سلطان علي‪.‬‬ ‫يطلق على الشارع أسم العقد والدرب أيضا ً ‪ ،‬مثل عقد القشل وعقد الصخر‬ ‫وعقد الخناق وغيره وأكثرها ليس لها أسم أو لها أسماء مختلفة كل يسميها باسم‬ ‫ينسبها الى أحد ساكنيها وكافة هذه الطرق ضيقة ‪،‬غير منتظمة او مستقيمة‪.‬‬ ‫وتظهر شبكة الطرق في المدينة تسلسال واضحا يبدأ من الشريعة على نهر‬ ‫دجلة ويتفرع الى االزقة الثانوية المسماة بالدربونة التـي تخترق مناطق السكن‬ ‫وتؤدي الى وحدات السكن المتراصة والتـي تتفرع ايضا في بعض االحيان الى طرق‬ ‫ضيقة غير نافذة‪ .‬ويتراوح عرض هذه الدرابين ما بين ‪ 2‬و‪ 4‬امتار ضمن مناطق‬ ‫السكن وتمتاز بتوفيرها للظل والوقاية من اشعة الشمس‪.‬‬ ‫ان ترابط هذه الشبكة وتشعبها يجعل سكان المدينة ضمن مساحة سير على‬ ‫االقدام من نهر دجلة الذي كان فعال الشارع الرئيسي للمدينة‪.‬‬

‫ادلربونة‬

‫باب الحلبة‬ ‫(باب الطلسم)‬

‫ويه مصطلح بغدادي يطلق‬ ‫عىل الازقة القدمية والطرق‬ ‫الضيقة والتـي يكون بعضها‬ ‫غري انفذ ‪ .‬وادلربونة يه‬ ‫مصغر للكمة درب العربية‬ ‫التـي تعين الشارع ‪ ،‬حيث‬ ‫توفر ادلربونه امحلاية من اشعة‬ ‫الشمس سواء للبيئة السكنية‬ ‫او للسابةل اخلصوصية‬ ‫والامان للمناطق السكنية‬ ‫يف املدينة‬

‫ازقة داخلية‬

‫باب الجسر‬

‫خمطط يبني ش بكة الطرق‬ ‫واملسارات يف بغداد الرصافة‬

‫‪70‬‬

‫مسارات رئيس ية‬


‫‪ .1‬مسار الباب الوسطاني –الميدان‪ -‬شريعة البقجة‬ ‫يمتدهذا المسار من الباب الوسطاني إلى القلعة التـي كانت مركزا‬ ‫اداريا عسكريا رئيسا وبناية القصر العباسي في جانب النهر ويضم العديد‬ ‫من المباني القديمة المهمة مثل القصر العباسي ‪ ،‬المدرسة العلية ‪ ,‬القلعة‬ ‫‪ ،‬الثانوية المركزية ‪ ،‬جامع األحمدية ‪ .‬كما يعد هذا المسار رابطا اساسيا‬ ‫ما بين باب المعظم وباب الوسطاني ‪.‬‬ ‫‪ .2‬مسار الميدان – المستنصر – شريعة السيد سلطان علي‬ ‫وهو احد المسارات المهمة والرئيسة في الرصافة القديمة الذي‬ ‫تطور وازدهر العمران فيه في العصر العباسي‪ ،‬ويتكامل هذا المسار مع‬ ‫جبهة النهر ويشتمل على المباني القديمة الكبيرة البارزة مثل القصور‬ ‫والمدارس والمساجد واالسواق‪ ،‬والخانات والمساكن والمقاهي‪ ،‬وغيرها‬ ‫من المباني العامة التـي بقيت على مر القرون ‪.‬‬

‫مرقد الش يخ عبد القادر‬ ‫اجليالين‬ ‫احد املواقع اليت يلتقي فهيا‬ ‫عدد من املسارات‬

‫‪ .3‬مسار الباب الوسطاني – منطقة االسواق – شريعة المصبغة‬ ‫هذا المسار من االزقة القديمة المرتبطة باالسواق المؤدية من الباب‬ ‫الوسطاني إلى جانب النهر‪ ،‬وتعتبر شريعة المصبغة الواقعة في نهاية‬ ‫المسار‪ ،‬التـي كانت تستخدم لتحميل وتفريغ البضائع‪ ،‬هي االكثر شهرة‪.‬‬ ‫ويمر هذا المسار عبر المركز التجاري القديم عند خان مرجان‪ ،‬وخان‬ ‫بيت دلة‪ ،‬وخان الباشا الكبير‪ ،‬ومجمعات األسواق ‪.‬‬ ‫‪ .4‬مسار باب الطلسم – السنك – شريعة السيد سلطان علي‬ ‫يربط هذا المسار أساسا المنطقة الواقعة من الباب الوسطاني ومرقد‬ ‫الشيخ عبد القادر الكيالني وما بين جامع سراج الدين وجامع السيد سلطان‬ ‫علي المطل على الشريعة المسماة باسمه على نهر دجلة‪ ،‬ويعد مسار باب‬ ‫الطلسم ‪ -‬السنك مسارا قديما ألداء مراسيم الزيارة إلى مرقد الشيخ عبد‬ ‫القادر الجيالني‪.‬‬ ‫‪ .5‬مسار الكيالني – الميدان – باب المعظم‬ ‫هذا المسار هو اطول مسارات المدينة القديمة‪ ،‬ويعد نقطة ارتباط‬ ‫فيما بينها في اماكن استراتيجية عدة‪ ،‬ويمثل ايضا العمود الفقري‬ ‫للمسارات التاريخية االخرى‪ .‬يربط هذا المسار الذي يضم في احد اطرفه‬ ‫مرقد االكيالني واالسواق التقليدية بعدد من المساجد كمسجد المرادية‬ ‫واالحمدية وجامع االزبك وساحة الميدان والباب المعظم‪ ،‬الواقعة في‬ ‫الطرف االخر منه‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫ان للمسارات القديمة اهمية كبيرة في تكوين المدينة القديمة االساسي اذ تشكل‬ ‫هذه المسارات جزءا اساسيا من منظومة النقل والمشاة في هذه المدينة ‪ .‬ويمكن‬ ‫تمييز خمسة مسارات رئيسة من شبكة الطرق عالوة على مسارات اخرى اقل‬ ‫اهمية واستعماال وتربط هذه المسارات الخمسة والمرتبطة بابواب المدينة فعاليات‬ ‫االسواق و المراقد الدينية في طريقها متجهة الى ضفة نهر دجلة حيث تنتهي في‬ ‫مواقع على ضفة النهر تدعى الشرايع وهي مراكز للنقل النهري ‪.‬‬

‫املسارات التارخيية‬ ‫تصل هذه املسارات ما بني‬ ‫العنارص احلرضية الثالث‬ ‫الاكرث امهية يف املدينة ويه‬ ‫بواابت املدينة والهنر واملراقد‬ ‫ادلينية مرورا ابالسواق‬ ‫الرئييس ية فهيا‪.‬‬

‫باب الحلبة‬ ‫(باب الطلسم)‬ ‫باب‬ ‫الطلسم‬

‫باب‬ ‫الوسطاني‬ ‫مرقد الشيخ‬ ‫عمر السهروردي‬

‫مرقد الشيخ‬ ‫الجيالني‬

‫باب‬ ‫المعظم‬

‫باب‬ ‫الحلبة‬ ‫جامع سيد‬ ‫سلطان علي‬

‫منطقة االسواق‬ ‫شريعة سيد‬ ‫سلطان علي‬

‫موااقع املسارات التارخيية الرئيس ية‬ ‫امخلسة للمدينة القدمية‬

‫القلعة‬

‫باب الجسر‬

‫جسر الكطعة‬

‫شريعة‬ ‫البقجة‬

‫ابب املدينة‬ ‫مزار ديين‬ ‫رشيعة‬ ‫طرق رئيس ية‬ ‫مسارات رئيس ية‬

‫‪72‬‬


‫مبىن القشةل‬ ‫جامع احليدرخانة‬

‫شارع الامككخانة‬

‫املدرسة العسكرية‬

‫جامع الوزير‬

‫شارع‬ ‫الامني‬

‫يشكل النسيج الحضري للمدينة القديمة ‪،‬‬ ‫الذي يتكون من االسواق والمناطق السكنية‬ ‫والمعالم الدينية والثقافية للمدينة اضافة الى‬ ‫مباني السلطة االدارية‪ ،‬معظم مساحة المدينة‬ ‫القديمة ‪.‬‬ ‫وتتشكل البنية العمرانية من مبان‬ ‫متراصة منفردة ومشكلة بشكل عفوي‪ ،‬ويظهر‬ ‫ذلك بصورة واضحة عند النظر الى المدينة من‬ ‫الجو‪ ،‬اذ تكاد تخلو شوارع المدينة وازقتها من‬ ‫الخطوط المستقيمة والزوايا الهندسية‪ ،‬وتتمدد‬ ‫في انسيابية عفوية طبيعية خطتها احتياجات‬ ‫المدينة وسكانها عبر قرون من الزمن ‪.‬‬ ‫اما المناطق المفتوحة داخل السور‪،‬‬ ‫والتي تتوزع ما بين المزارع والبساتين‬ ‫والمقابر‪ ،‬فقد كانت تشكل حسب خارطة فيلكس‬ ‫جونز ما يقارب نصف المساحة االجمالية‬ ‫للمدينة القديمة في الرصافة والكائنة ضمن‬ ‫حدود السور‪ ،‬وتتركز في الجزأين الشرقي‬ ‫والجنوبي الذي يتميز خاصة بغزارة وجود‬ ‫البساتين والمناطق الخضراء في المنطقة ما بين‬ ‫السنك وباب كلواذى (الباب الشرقي) ‪ .‬اما في‬ ‫الجزء الواقع في الطرف الشمالي الغربي‬ ‫فتتكون المناطق المفتوحة على االغلب من‬ ‫المقابر وبعض الخرائب واالطالل‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫جامع الامحدية‬

‫حمةل جديد حسن ابشا‬

‫سوق الهرج‬

‫دار الوايل‬

‫حامم الباشا‬

‫عدد نفوس الرصافة مبوجب فيلكس‬ ‫جونز (س نة ‪1853‬م)‬ ‫قدر فيلكس جونز عدد ساكن املدينة‬ ‫املسورة حبدود ‪ 60,000‬خشص موزعني‬ ‫عىل ‪ 15،000‬عائةل‬

‫‪z‬‬

‫تعداد ساكن بغداد س نة ‪1890‬م‬ ‫اكن عدد النفوس التـي تضمها الحياء‬ ‫الواقعة داخل أسوار بغداد من اجلانبني‬ ‫هو ‪ 149,941‬نسمة (اي ان عدد‬ ‫الساكن تزايد اىل اكرث من الضعف‬ ‫خالل اربعة عقود) موزعني كام ييل ‪:‬‬ ‫‪ ‬املسلمني ‪ 134,459 :‬خشص‬ ‫‪ ‬الهيود ‪ 13,182 :‬خشص‬ ‫‪ ‬املس يحيني ‪ 2,300 :‬خشص‬

‫صورة جوية لبغداد الرصافة بداية القرن العرشين‬ ‫تبني النس يج احلرضي املتشابك للمدينة‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫جامع الرساي‬


‫امتازت محالت مدينة بغداد بخصوصية هذه المناطق التي صنفت‬ ‫على اسس اقتصادية او اجتماعية او طبيعية ‪ ،‬وتعود تسميات محالت بغداد‬ ‫إما الى اسم عشيرة أو جامع أو معبد أو مرقد أو سوق أو جماعة ينتمون‬ ‫الى منطقة أو صنف من أصحاب األعمال أو علم خاص أو الى طبيعة‬ ‫األرض نفسها‪.‬‬

‫لوحة يف احد حمالت مدينة بغداد القدمية‬

‫‪76‬‬


‫‪4‬‬

‫الرصافة‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬

‫امليدان‬ ‫مقر ادلين‬ ‫البارودية‬ ‫كسل‬ ‫خان الالوند‬ ‫العزة‬ ‫القرة تبة‬ ‫القرغول‬ ‫حامم املاحل‬ ‫الس يد البداي‬ ‫عطوفية‬ ‫جديد حسن ابشا‬ ‫احليدرخانة‬ ‫مقرب عيل‬ ‫الست هدية‬ ‫املهدية‬ ‫حرون الويالت‬ ‫قرة شعبسان‬ ‫عرصات قرة شعبان‬ ‫العاقولية‬ ‫مكنجو‬ ‫البو شعبان‬ ‫كهرين‬ ‫ابب الاغا‬ ‫حتت التكية‬ ‫فوز الصبخ‬ ‫الطاطران‬ ‫راس القرية‬ ‫ادلهانة‬ ‫سوق الغزل‬ ‫التوراة‬ ‫صهبان‬ ‫فرج هللا‬ ‫س بع اباكر‬ ‫القاطرخانة‬

‫‪.36‬‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬

‫صبابيغ الآل‬ ‫القشل‬ ‫بين سعيد‬ ‫هيتاويني‬ ‫كوالت‬ ‫املربعة‬ ‫احلاج فتحي‬ ‫ش يخ رساج ادلين‬ ‫راس الساقية‬ ‫الس نك‬ ‫ابب الش يخ ويح الاكراد‬ ‫قهوة شكر ويح الارمن‬ ‫والاشوريني‬

‫‪19‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪47‬‬

‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬ ‫‪.51‬‬ ‫‪.52‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪.66‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪26 32‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪9 15‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪7 8‬‬ ‫‪30 29 36‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪13 20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪5‬‬

‫‪44‬‬

‫‪45‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪41‬‬

‫خارطة احلدود الادارية‬ ‫حملالت بغداد كام اكنت‬ ‫عام ‪1919‬م‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪64 66‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪60 63‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪56‬‬

‫الكرخ‬

‫اجلعيفر‬ ‫التاكرتة‬ ‫الش يخ عيل‬ ‫سوق حامدة‬ ‫ست نفيسة‬ ‫خرض الياس‬ ‫املشاهدة‬ ‫جامع عطا‬ ‫سوق اجلديد‬ ‫الفحامة‬ ‫ش يخ صندل‬ ‫ش يخ بشار‬ ‫الفالحات‬ ‫سوق العجمي‬ ‫دنك‬ ‫ادلوريني‬ ‫الس يف‬ ‫عالوي احلةل‬ ‫الشواكة‬

‫‪33‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪46‬‬

‫‪6‬‬

‫‪53‬‬

‫المحالت البغدادية‬ ‫بلغ عدد المحالت ضمن حدود المدينة المسورة بجانبيها بموجب خارطة‬ ‫(فيلكس جونز ) التـي وضعت سنة ‪1854‬م ما مجموعه ‪ 88‬محلة ‪ ،‬يقع منها ( ‪63‬‬ ‫) محلة في الرصافة و ( ‪ ) 25‬محلة في الكرخ ‪.‬وكانت محلة الدنكجية من اكبر‬ ‫محالت بغداد من حيث المساحة وعدد الدور والمرافق العامة‪ .‬وقد ظهرت على‬ ‫الخرائط القديمة كأكبر محلة في بغداد‪ .‬اذ كانت تضم جزءا ً من كل من محالت‬ ‫الميدان وجديد حسن باشا وباب االغا والعاقولية وامام طه والدشتي والصفافير‬ ‫والموله خانة‪ .‬اما خارطة محالت بغداد التـي اعدت في العام ‪1919‬م فتشير الى ‪66‬‬ ‫محلة يقع ‪ 47‬منها في الرصافة‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫الخانات‬ ‫كانت الخانات البغدادية اشبه بمكان لقاء التجار‬ ‫وايوائهم فهي في بداية تكوينها أشبه باألسواق الكبيرة‬ ‫المكونة من طابقين وكان التجار يصفون بضاعتهم في‬ ‫أسفلها وينامون في أعالها ‪ .‬وبلغ عدد الخانات في بغداد‬ ‫بموجب خارطة فيلكس جونز (‪1854‬م) ‪ 35‬خانا في‬ ‫المحالت البغدادية اضافة الى ‪ 20‬خانا اخرى في مناطق‬ ‫اخرى من المدينة‪.‬‬

‫اعىل‪ :‬لوحة دلواندل‬ ‫ماكسويل تصور داخل‬ ‫احد اخلاانت يف املدينة‬ ‫القدمية‬ ‫اليسار‬ ‫لوحة تصورداخل احد‬ ‫اخلاانت البغدادية املسقفة‬

‫‪79‬‬


‫االسواق والخانات‬ ‫لعبت االسواق في بغداد دورا حيويا في تاريخ الدولة والمدينة ولم يقتصر دورها‬ ‫على الحياة االقتصادية‪ ،‬بل تعداه الى النواحي الفكرية واالجتماعية ‪.‬‬ ‫ينطبق تسلسل شبكة الطرق على االسواق التـي تنقسم الى نظام سوق مركزي‬ ‫يتفرع الى اسواق متخصصة متفرعة متخصصة متداخلة بعضها بالبعض االخر‪.‬‬ ‫ويظهر نظام السوق المركزي بتمركز كبير في منطقة باب االغا‪ ،‬على مقربة من جهة‬ ‫شارعي البنوك والنهر‪ ،‬وتمتد باتجاهات مختلفة على امتداد خطوط سير المشاة‪ .‬وتعد‬ ‫هذه الشبكة من االسواق المنطقة التجارية التقليدية المركزية بكل ما تحتويه من بضائع‬ ‫مختلفة كما تتسم بوجود الخانات المنشرة ضمن هذه الشبكة ‪.‬‬

‫سوق الثالاثء‬ ‫سوق الثالاثء اذلي يعود اىل ما قبل‬ ‫تأسيس بغداد ويقع يف منطقة الباب‬ ‫املعظم‪ ،‬وتعد هذه السوق من أمه‬ ‫السواق يف العرص العبايس واكنت‬ ‫تشمل حمةل ابب الاغا‪ ،‬وحمةل جديد‬ ‫حسن ابشا‪ ،‬وسوق الصفارين‪،‬‬ ‫وسوق الزبازين‪ ،‬وسوق الكباجبية‪،‬‬ ‫وسوق المكرك‪ ،‬وشارع املأمون‬ ‫احلايل‪ ،‬وتتجه السوق اىل سور دار‬ ‫اخلالفة مث خترتق سوق الرحيانيني‬ ‫ومهنا تنعطف حنو جامع اخللفاء‪،‬‬ ‫وتتصل ابالسواق الاخرى كسوق‬ ‫الشورجة اذلي ميتد من هنر دجةل‬ ‫وحىت ما بعد شارع الكفاح احلايل ‪،‬‬ ‫وسوق شارع الهنر (املستنرص) اذلي‬ ‫ميتد من رشيعة الس يد سلطان عيل‬ ‫مبوازاة ضفة الهنر متصال بسوق‬ ‫الرساي ‪ ،‬اضافة اىل سوق امليدان‬ ‫وسوق الهرج عىل مقربة من القلعة ‪.‬‬

‫انتشرت األسواق في المدينة في نهاية القرن التاسع عشر وتنوعت‪ ،‬فمنها‬ ‫المجتمعة ومنها المركزية‪ .‬اما االسواق االخرى فتتواجد في االحياء لتلبية احتياجات‬ ‫الحي نفسه‪ ،‬ويتخصص كل سوق ببيع وتصنيع بضائع معينة ضمن هذه المواقع التـي‬ ‫يزيد عددها على الخمسين سوقا‬ ‫تميزت اسواق بغداد بوجود وانتشار الخانات فيها حيث ذكر فيلكس جونز في‬ ‫مسحه للمدينة سنة ‪1853‬م بان عدد الخانات هو (‪ )35‬خانا في مختلف المحالت‬ ‫البغدادية اضافة الى (‪ )20‬خانا أخرى انتشرت في مناطق أخرى من بغداد‪.‬‬

‫اسواق‬

‫خمطط ملنطقة الاسواق يف بغداد‬ ‫الرصافة‬

‫‪78‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫سوق الكبابجيه وفيه يباع الشواء والمأكوالت الجاهزة وفيه خان الكبابجيه المعظماوي‬ ‫سوق الصياغ (الخفافين حالياً) وفيه خان الصياغ الباجه جي‬ ‫سوق السررجية لصنع األسرة من سعف النخل وفيه خان الدفتردار‬ ‫سوق القيصرية تباع فيه الكواني والبرنوطي ومجلدو الكتب والدفاتر وفيه خان الحاج ياسين‬ ‫وخان الباشا الكبير وخان البرزللي الكبير‬ ‫سوق الصحاحيف المجلدين ويقع عند باب جامع مرجان‬ ‫سوق رأس الجسر( السيان) لبيع الكاهي و السراجه‬ ‫سوق باب االغا وسوق االسكه جيه تباع فيه اليمنيات والقنادر العتيقة وفيه خان فتح هللا عبود‬ ‫سوق الحدادين وسوق التنكجية الذي يقع في بداية سوق باب اآلغا‬ ‫سوق الصفافير وفيه صانعي البرنج والدنكجيه وفيه خان الصفافير وخانات سوميخ وخان‬ ‫درويش علي وخان الريجي والمميز وخان الزئبق وخاني قبوجي وكهيه سي‬ ‫سوق الحيدر خانه وفيه تباع أشياء مختلفة‬ ‫سوق الشورجة وهو سوق لبضائع متنوعة فيه خان الوقف ويقع عند باب جامع مرجان‬ ‫سوق البقال خانه فيه تباع الفواكه وسوق المناخل وسوق التمارة وهو للتمر والخضراوات‬ ‫سوق الدهانة وفيه باعة الشموع والشكرجية‬ ‫سوق السراي الذي فيه بائعو الكتب‬ ‫سوق الجبوقجيه قديما ً ثم صار للقوندرجيه وفيه خان القوندرجيه‬ ‫سوق الموله خانه وفيه البقالون وفيه خان اللوقنطة‬ ‫سوق الدنكجيه وفيه يتم تقشير التمن وتجار التتن‬ ‫سوق دانيال (خان جغان) حيث تباع المالبس واالقمشة‬ ‫سوق الكمرك وفيه خان جغان و خان الكمرك‬ ‫سوق هرج و فيه تنظم مزادات األمتعة المستعملة‬ ‫سوق الخردة فروشية وفيه خان الرماح‬ ‫سوق باب خان المواصلة المالصق للمدرسة المستنصرية‬ ‫سوق الهرج القديم (العباجية) وتباع فيه العبي والعقل‬ ‫سوق القبالنية المالصق للجامع تباع فيه المفروشات بأنواعها وفيه خان القبالنية‬ ‫سوق الجوخه جيه الذي لألجواخ واالقمشة الحريرية‬ ‫سوق الصياغ‬ ‫سوق الزنجبيل (الزنجيلي)‬ ‫سوق الخفافين لصناعة اليمنيات وفيه خان المصبغة‬ ‫سوق البزازين وفيه خان دله الكبير‬ ‫سوق المرادية وفيه خان دلة الصغير‬ ‫سوق الزرور للخيوط واألزرار والقياطين الحريرية‬ ‫سوق الطمغة وفيه تباع الجلود والكواني‬ ‫سوق القيصيرية‬ ‫سوق الصرافين وفيه خان الباشا الصغير‬ ‫سوق الباشا وسوق الخياطين وسوق باب خان األورتمه وفيها خان الزرور‬ ‫سوق العريض وفيه خان كبه وخان النخلة وخان مخزوم وخان األورتمه‬ ‫سوق العطاطير‬

‫رمس الحد‬ ‫الاسواق يف‬ ‫بغداد‬

‫سوق الثالاثء‬

‫سوق ادلهانة‬ ‫سوق الغزل‬ ‫سوق الشورجة‬

‫سوق احليدرخانة‬ ‫سوق امليدان‬

‫شارع الهنر‬ ‫سوق الرساي‬

‫مواقع الاسواق‬ ‫اخملتلفة يف املدينة‬ ‫القدمية‬

‫سوق هرج‬

‫منطقة الاسواق الرئيس ية‬

‫‪81‬‬


‫منطقة االسواق الرئيسية‬ ‫تمتد منطقة االسواق من منطقة الميدان من شمال المدينة جنوبا‪ ،‬بدءا بسوق الميدان‬ ‫ومرورا بسوق هرج وسوق الحيدرخانة والسراي‪ ،‬متضمنة منطقة االسواق الرئيسية‬ ‫وحتى نهاية شارع المستنصر‪ .‬اما من الغرب قرب ضفة النهر فتمتد من االسواق قرب‬ ‫المدرسة المستنصرية حيث منطقة االسواق الرئيسية‪ ،‬ممتدة باتجاه الشرق نحو سوق‬ ‫الشورجة وسوق الغزل حيث تنتهي بمنطقة الدهانة‪.‬‬

‫خان جغان‬ ‫احد اشهر اخلاانت البغدادية‬ ‫القدمية هو (خان جغان) اذلي‬ ‫بين عام ‪ 1590‬يف زمن السلطان‬ ‫مراد وعىل نفقة جغاةل زادة‬ ‫س نان ابشا وايل بغداد اذلي اكن‬ ‫واليا عىل بغداد للفرتة من ‪1586‬‬ ‫اىل ‪1589‬م‪ ،‬وقد اكن هذا اخلان‬ ‫عىل حاهل حىت ‪ 1929‬م حيث‬ ‫هدم وأقرتن أمس اخلان وسهوةل‬ ‫الولوج اليه يف المثال الشعبية‬ ‫بأمس (خان جغان) واكن لهذا‬ ‫اخلان ابابن شاميل وجنويب‪،‬‬ ‫واكنت تعلو مدخهل الشاميل كتابة‬ ‫مطوةل ابلرتكية وحتهتا بضعة أسطر‬ ‫ابلعربية‪.‬‬

‫سوق الصفارين‬ ‫سوق اترخيي حريف اش هتر بصناعة‬ ‫الاواين واملصنوعات النحاس ية‬

‫‪80‬‬


‫الشناشيل‬

‫ال توجد عادة فتحات او شبابيك تطل على الخارج‪ ،‬اذ ان البيت‬ ‫البغدادي منغلق على الخارج ومفتوح على الحوش الداخلي‪ ،‬اال ان غرف‬ ‫الطابق االعلى المطلة على الشارع تتضمن شبابيك على شكل مشبكات‬ ‫خشبية تطل على الخارج تسمى الشناشيل‪ ،‬والتي توفر خصائص اجتماعية‬ ‫ومناخية فريدة عالوة على ما تضفيه على ازقة المدينة ودرابينها من طابع‬ ‫تراثي خالب‬ ‫االرسي هو عادة غرفة استقبال الضيوف التي تطل على الحوش‬ ‫والتي تمتاز بسقوفها الخشبية واعمال المرايا والشبابيك الخشبية الملونة‪.‬‬ ‫كما يطل الكفشكان وهو طابق وسطي على غرفة الضيوف‪.‬‬ ‫يمتاز البيت البغدادي بنظام التهوية والتبريد فيه بالنظر لحرارة الجو‬ ‫المرتفعة في بغداد في فصل الصيف‪ .‬البادكير وهو تكوين على شكل مثلث‬ ‫يستعمل لسحب الهواء الى الغرف داخل البيت‪ ،‬وغالبا ما يمرر على المياه‬ ‫الجوفية تحت السرداب ليعود مرة اخرى صعودا الى الحوش من خالل‬ ‫فتحات في ارضيتة تدعى الزنبور‪.‬‬

‫البادكري احد مكوانت خط السامء لالحياء السكنية يف بغداد القدمية‬

‫تمتزي الازقة يف احملالت السكنية بضيقها وتعرهجا الس باب‬ ‫مناخية وامنية واجامتعية‬

‫البيت البغدادي عامرة ممتزية‬

‫‪83‬‬


‫المناطق السكنية‬ ‫تنتشر المناطق السكنية ضمن النسيج العمراني المتبقي الذي يعد الحاضن‬ ‫الرئيسي للفعاليات الحضرية االخرى‪ .‬وتتميز المناطق السكنية بطابعها العمراني الفريد‬ ‫ضمن االزقة الضيقة ولتي تطل عليها الشناشيل‪ .‬فالبيوت التقليدية منغلقة الى الداخل‬ ‫وتنفتح على فناء مفتوح يسمى الحوش يضمن خصوصية حياة العائلة ويحفظ داخل‬ ‫البيت من حرارة الصيف المتصاعدة‪ ،‬ان حجم وشكل المساحة المحدودة ضمن اسوار‬ ‫المدينة القديمة قد حددت شكل وحجم هذه الوحدات مما جعل هذه المباني تندمج في‬ ‫مجموعة متماسكة متراصة ‪.‬‬ ‫البيت البغدادي‬

‫بنية اترخيية متجددة‬

‫يمثل البيت البغدادي في عمارته انعكاسا للعوامل المناخية والظروف البيئية‬ ‫والتقاليد السائدة للمجتمع البغدادي ‪ .‬فالبيت البغدادي المبني عادة من الطابوق والمسقف‬ ‫بالخشب والحصران يتكون من طابقين فوق االرض وفي اغلب االحيان يحتوي ايضا‬ ‫على سرداب تحت مستوى االرض‪ ،‬حيث يستعمل الطابق االول في الشتاء في الوقت‬ ‫الذي يستعمل السرداب في الصيف‬

‫فامي عدا اجلوامع واملدارس واملراقد‬ ‫ادلينية فان املدينة القدمية تاكد ختلو‬ ‫من املباين والبيوت التـي يرجع اترخيها‬ ‫اىل ما قبل القرن الثامن عرش الا ما‬ ‫يعد عىل الاصابع اكخلاانت والاسواق‪.‬‬

‫يتميز البيت البغدادي بفنائه الوسطي الذي يعرف بأسم الحوش الذي تحيط به‬ ‫غرف البيت وطارماته وأروقته ومرافقه‪ ،‬وتتوسط الحوش عادة نافورة (شذروان) او‬ ‫حوض زهور‪.‬كما يعتبر السرداب احد مكونات البيت البغدادي الذي يستعمل عادة في‬ ‫الصيف بينما يستعمل الطابق العلوي في الشتاء‪.‬‬

‫وتمكن اس باب دمار وانداثر املباين‬ ‫والبيوت التـي ترجع اىل القرون‬ ‫الوسطى يف بغداد يف الفيضاانت‬ ‫املتكررة واحلرائق واحلروب والكوارث‬ ‫الاخرى التـي املت ابملدينة ‪ ،‬الا ان‬ ‫هذه املناطق اس مترت يف جتديد نفسها‬ ‫وبنيهتا يف هذه املناطق عرب الزمن‪.‬‬ ‫املناطق السكنية‬

‫‪13‬‬

‫حدود مناطق الاحياء السكنية املأهوةل يف‬ ‫بغداد الرصافة‬

‫‪82‬‬

‫‪11 12‬‬

‫‪9 10‬‬

‫‪8‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4 5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬


‫جوامع‬ ‫منارة مسجد‬ ‫سوق الغزل‬

‫مراقد‬ ‫مرقد الش يخ‬ ‫عبد القادر‬ ‫اجليالين‬

‫كنائس‬ ‫كنيسة الالتني‬ ‫قرب الشورجة‬

‫‪1‬‬

‫معابد هيودية‬ ‫احد املعابد يف‬ ‫بغداد الرصافة‬

‫‪85‬‬


‫ترتبط المؤسسات الدينية والثقافية في جانب الرصافة على االغلب‪ ،‬وخاصة الرئيسة ‪1‬‬ ‫منها‪،‬‬ ‫بالشخصيات الدينية والحوادث التاريخية‪ ،‬وتتصل اما بضريح امام او قبر ولي من االولياء او‬ ‫شيخ من مشايخ الصوفية وغيرهم او بمدرسة من المدارس الدينية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فضمن المدينة القديمة داخل سور بغداد يوجد مرقدان رئيسان هما تربة الشيخ عمر‬ ‫السهروردي‪ ،‬ومرقد الشيخ عبد القادر الكيالني اضافة الى مراقد متعددة اخرى‪ .‬وقد بلغ عدد‬ ‫الجوامع حسب خارطة فيلكس جونز ( ‪ ) 37‬جامعا في الرصافة ‪ ،‬إضافة الى ثالثة فقط في‬ ‫جانب الكرخ ‪ .‬مع وجود ( ‪ )21‬مسجدا في الجانبين‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الكتاتيب‬ ‫استنادا اىل فيلكس جونز‪ ،‬اكنت‬ ‫هناك كتاتيب كثرية منترشة يف‬ ‫أكرث مساجد بغداد عددها ‪34‬‬ ‫كتااب وبواسطهتا اكن الناس‬ ‫يتعلمون القراءة والكتابة وقواعد‬ ‫احلساب البس يطة فهيا‬

‫اهم هذه المباني الدينية‪ :‬هي المدرسة المستنصرية التي شيدت في زمن المستنصر باهلل‬ ‫سنة ‪631‬هـ (‪1233‬م)‪ ،‬ودار المسناة "القصر العباسي" وهو من ابنية الناصر لدين هللا (القرن‬ ‫السادس الهجري)‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫اما المساجد فاهمها مسجد الحظائر المعروف بجامع الخفافين ومسجد الجنائز والجامع‬ ‫والمدرسة المرجانية وجامع السراي وجامع االحمدية وجامع الحيدرخانة وجامع السيد سلطان‬ ‫علي‪ .‬كما تتواجد في جانب الرصافة اربع كنائس للنصارى و‪ 20‬معبدا يهوديا‪.‬‬ ‫تواجدت في بغداد الرصافة في تلك الفترة ‪ 9‬مدارس حكومية اضافة الى مدرسة في‬ ‫الكرخ‪ ،‬كما توجد ‪ 8‬مدارس خاصة للنصارى ومدرسة لليهود‪ .‬اما المدارس الدينية فتوجد في‬ ‫المساجد وعددها ‪ 227‬مدرسة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫مباين دينية‬ ‫طرق رئيس ية‬

‫‪1‬‬

‫‪11 1‬‬

‫‪9 10‬‬

‫‪8‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4 5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫توزيع املؤسسات‬ ‫ادلينية والثقافية يف‬ ‫بغداد الرصافة‬

‫‪84‬‬


‫`‬

‫مبىن القشةل‬

‫خارطة مواقع املباين احلكومية والادارية‬

‫شارع الرساي‬ ‫يضم اغلب املباين احلكومية‬

‫دار الوايل‬

‫املدرسة العلية (مدرسة‬ ‫الصنايع)‬

‫املدرسة العسكرية‬

‫‪87‬‬


‫السلطة االدارية‬ ‫بقي مقر السلطة او االدارة العامة لعدة قرون في نفس الموقع‪ ،‬اي في الزاوية الشمالية‬ ‫من الرصافة قريبا ً من دجلة وتضم هذه المنطقة موقع القلعة ‪ ،‬وهو موقع يشغل حوالي‬ ‫(‪)10‬هكتار ويرجع تاريخ تشييد ها الى حكم قبيلة قرة قوينلو التركمانية في اواسط القرن الخامس‬ ‫عشر الميالدي وكان الغرض من انشائها ان تكون مقرا للحكم وثكنة للجند‪.‬‬ ‫اماكن الحكومة‬ ‫تقع القلعة التي تضم القشلة العسكرية في الشمال الغربي للمدينة بمحاذاة السور على‬ ‫ساحل دجلة وهي على شكل قريب الى المربع‪ ،‬المباني فيه على الجهات األربع ذات طابقين‬ ‫والدور العلوي له طارمه تطل على الساحة الوسطية التـي تطل على النهر‪.‬‬

‫قلعة بغداد‬ ‫يف منتصف القرن التاسع عرش اعد‬ ‫فيلكس جونز وكولنكوود خارطة‬ ‫لبغداد‪ ،‬وقد ظهرت فهيا قلعة بغداد‬ ‫اببراهجا الرئيس ية الاربعة وامه مايف‬ ‫داخلها من منشات ويه خمزن‬ ‫للمدفعية واسطبل احليواانت‬ ‫وخمازن الغذاء وغريها‪.‬‬

‫مبنى القشلة وتقع في جنوب السراي على النهر أيضا ً ويبلغ طولها حوالي المئة وثمانين‬ ‫مترا وهي ذات طابقين تطل على ساحة كبيرة تطل بدورها على النهر وفي وسط هذه الجهة‬ ‫برج على شكل منارة مربعة يحمل ساعة كبيرة‪.‬‬ ‫قصر الوالي المطل على نهر دجلة ويقع خلف شريعة الضبطية ويطل ايضا على الساحة‬ ‫الوسطية للسراي‪ .‬شريعة المكتب أو شريعة القشلة او قشلة الضبطية تقع في منعطف شارع‬ ‫السراي مع سوق الميدان أي في شرق حرم الوالي وله باب أخرى خلفيه تؤدي الى جامع‬ ‫النعمانية ‪ ،‬اما المدرسة اإلعدادية العسكرية فتقع بمحاذاة سوق السراي جنوب القشلة‪ .‬مبنى‬ ‫البلدية يقع الى شرق مبنى القشلة الذي يفصله عنها شارع السراي ويتصل هذا المبنى بالمطبخ‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫مباين دينية وادارية‬

‫‪13‬‬

‫‪11 12‬‬

‫‪9 10‬‬

‫‪8‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4 5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫موقع املباين‬ ‫الادارية واحلكومية‬ ‫يف بغداد الرصافة‬

‫‪86‬‬


‫تحيط باالماكن الم هولة بالسكان داخل سور بغداد فضاءات‬ ‫مفتوحة تتكون من المقابر والبساتين والمزارع والمناطق الخالية‬ ‫المقفرة‪.‬‬ ‫المقابر‬ ‫شكلت المقابر والمدافن جزءا كبيرا من المناطق المفتوحة‪،‬‬ ‫وعلى االخص في الجزء الشرقي من المدينة والمحيطة بمراقد الشيخ‬ ‫الكيالني كمقبرة الغزالي‪ ،‬وكذلك مقبرة الشيخ عمر‪.‬‬ ‫البساتين‬ ‫يتواجد عدد من البساتين في القسم الجنوبي من بغداد داخل‬ ‫السور في منطقة السنك ما بين جامع السيد سلطان علي والباب‬ ‫الشرقي وفيها تكثر اشجار النخيل والفواكه وبعض الخضراوات ‪.‬‬ ‫واهم هذه البساتين والمزارع هي الكمالية والجوبه جي واسطة عباس‬ ‫والنقيب والسرداحية والنقره واكريبوز والمندالوي والبكري‪.‬‬ ‫اما الحدائق العامة فيقتصر وجودها تقريبا على منطقة الميدان‬ ‫حيث تقع حديقة النجيبية‪.‬‬

‫مناطق‬ ‫غري مأهو ة‬

‫املنطقة غري‬ ‫املأهو ة يف قرق‬ ‫بغداد الرصافة‬ ‫ويظهر يف وسطها‬ ‫مرقد الش يخ معر‬ ‫السهروردي‬

‫‪13‬‬

‫‪11 12‬‬

‫‪9 10‬‬

‫‪8‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4 5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫الفضاءات املفتوحة يف‬ ‫بغداد الرصافة‬

‫‪89‬‬


‫اعلى‪:‬‬ ‫تصوير لاحد الحمامات‬ ‫وسط‪:‬‬ ‫مقهى يطل على دجلة كما رسمه احد السواح الغربيين‬ ‫اسفل‪:‬‬ ‫احد المطاعم في المدينة القديمة‬

‫‪88‬‬


‫مقايه منطقة امليدان‬ ‫انترشت مقايه بغداد وتوزعت يف اغلب‬ ‫املناطق الا ان اشهرها توزعت يف املنطقة‬ ‫ما بني الباب املعظم وامليدان‬

‫‪91‬‬


‫المقاهي‬ ‫كان مجموع المقاهي في المدينة ‪ 184‬مقهى‪ ،‬اهمها مقاهي األسواق التي‬ ‫يجلس فيها التجار وغيرهم لقضاء أشغالهم‪ ،‬اما الجزء االخر فقد توزع بعضها‬ ‫في أطراف المدينة والبعض االخر كان مطال على النهر ‪.‬‬

‫امحلامات‬ ‫شلكت امحلامات جزءا همام‬ ‫من الثقافة الاجامتعية يف‬ ‫بغداد الرصافة‬

‫واشتهرت من هذه المقاهي قهوة العنبار في سوق المصبغة‪ ،‬وقهوة‬ ‫الجبوقجية في سوق القوندرجية‪ ،‬وقهوة الخفافين أو الصياغ في باب جامع‬ ‫الخفافين‪ ،‬وقهوة الشط بجانب شريعة المصبغة‪ ،‬وقهوة المميز في رأس الجسر‪،‬‬ ‫وقهوة المحكمة قرب المحكمة الشرعية‪ ،‬وقهوة الدنكجية في طريق الدنكجية‪،‬‬ ‫و قهوة كل وزير في شارع الميدان ‪.‬‬ ‫السقايات و(السبيلخانات)‬ ‫كانت في بغداد سقايات لتوزيع المياه في مناطق عديدة من المدينة‪،‬‬ ‫اضافة الى السبيلخانات الخاصة لشرب الماره في أماكن كثيرة أوقفها أصحابها‬ ‫أمام الجامع أو المسجد أو منفردة ‪.‬‬ ‫وتتواجد السبيلخانات في اغلب جوامع بغداد‪ ،‬والمشهورة منها هي سقاية‬ ‫مسجد النقيب في محلة السنك‪ ،‬وسقايات جامع الشيخ عبد القادر الكيالني‬ ‫وجامع الخلفاء وجامع األزبك وجامع سراج الدين وجامع نازنده خاتون ‪.‬‬ ‫المطاعم‬ ‫كانت هناك ثالثة أو أربعة مطاعم في سوق الميدان تسمى لوقنطه‪ ،‬وفيما‬ ‫عدا ذلك تنتشر دكاكين الكباب في كافة المناطق وتتركز في سوق الكببجيه‬ ‫وفي محلة الصابونجية‪ ،‬واألخير هو األكثر شهرة عند أهالي بغداد ‪.‬وقد كانت‬ ‫األطعمة المشهورة في بغداد والمفضلة عند اهل بغداد ترتبط بمكانها فيقال‬ ‫خبز باب اآلغا وطرشي خان جغان وكباب الصابونجية ‪.‬‬ ‫الحمامات‬ ‫بلغ عدد الحمامات (‪ )14‬حماما في جانبي الرصافة والكرخ ‪ ،‬منها ثالثة‬ ‫فقط في جانب الكرخ ‪.‬‬ ‫واشهر الحمامات في جانب الرصافة هي ‪:‬حمام الباشا في سوق الميدان‪،‬‬ ‫‪.‬وحمام حيدر في محلة رأس القرية‪ ،‬وحمام القاضي بجانب المحكمة الشرعية‪،‬‬ ‫وحمام الشورجه في سوق الشورجة‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫يصف لنا ادموند كاندلر وضع مدينة بغداد عام ‪1917‬م عندما دخلها‬ ‫الجيش البريطاني بصورة دقيقة في كتابه (الطريق الطويل الى بغداد) حيث‬ ‫نقتبس منه ما يلي‪:‬‬ ‫(بالرغم من كل الدمار الذي حل ببغداد فان انطباعاتي عن هذه المدينة‬ ‫هي صورة لجمال حزين‪ .‬ان على هؤالء الذين ينكرون سحر هذه المدينة ان‬ ‫يقفوا على النهر من جهة الشمال وقت الغروب ليشاهدوا االمتداد الرشيق‬ ‫لجبهة النهر حيث تصطف المساجد والمنارات ذات االجر االزرق لتمسك‬ ‫بخيوط الشمس المائلة‪.‬‬ ‫ان انعكاسات الضوء االتي من جهة الشرق تجعل الوان االمواج من‬ ‫الجهة اليسرى من النهر تتبدد تدريجيا من البرتقالي الى لون قاتم متقد ‪ ،‬في‬ ‫حين ترسم النخيل في الجهة الغربية صورة ظلية بمواجهة سماء صافية ذات‬ ‫لون رمادي داكن‪).‬‬

‫من مذكرات ادموند اكندلر يف كتابه‪:‬‬ ‫‪Chandler (E) ; The Long Road to Baghdad‬‬ ‫‪London 1919‬‬

‫ضفاف دجةل يف الرصافة والكرخ‬ ‫منظر من احد رشايع الكرخ ابلقرب من‬ ‫جامع القمرية‬

‫‪93‬‬


‫‪1917‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫صورة جوية للمدينة‬

‫بغداد الرصافة مس هتل القرن‬ ‫العرشين‬ ‫لوحة بريشة ماكدواندل‬ ‫ماكسويل‬

‫‪92‬‬


‫حمةل التوراة‬ ‫ابب املعظم‬ ‫قايض احلاجات‬

‫القلعة‬

‫سوق الشورجة‬ ‫منارة سوق الغزل‬ ‫جامع احليدرخانة‬ ‫جامع الامحدية‬

‫جامع مرجان‬ ‫كنيسة الالتني‬ ‫مبىن القشةل‬

‫جامع الوزير‬ ‫خان مرجان‬ ‫جامع اخلفافني‬ ‫جامع الاصفية‬ ‫املدرسة املستنرصية‬

‫صورة من اجلو للجزء الشاميل الغريب من مركز بغداد الرصافة يف بداية‬ ‫القرن العرشين‬

‫‪95‬‬


‫اصبح الميل الى النماذج االوربية في نمط الحياة الحضرية واضحا في حياة المدينة في‬ ‫بدايات القرن العشرين‪ ،‬وأدى توسع استعمال العربات التـي تقودها الخيول والبغال وفيما بعد دخول‬ ‫السيارات الى تغيير شكل المدينة من خالل شق شوارع عريضة ومستقيمة تتسع لهذا النمط من‬ ‫وسائل النقل ‪.‬‬ ‫تعد عملية شق شارع الرشيد عبر منطقة سكنية ذات كثافة عالية ما بين االعوام (‪- 1915‬‬ ‫‪1917‬م) تحوال اساسيا باتجاه الميل الى الطرق واالنماط االوربية في تصميم شبكات الطرق داخل‬ ‫المدن‪ .‬كما كان تأسيس المملكة العراقية عام (‪ )1921‬نقطة تحول اخرى في تاريخ بغداد الحديث‪،‬‬ ‫اذ بدات المدينة تتوسع باتجاه الجنوب على امتداد ضفاف دجلة‪ ،‬وادى بناء جسر مود عام ‪1918‬م‬ ‫الى اندماج افضل مع جانب الكرخ الذي جرى اهماله من قبل العثمانيين لفترة طويلة ‪.‬‬

‫شارع الرش يد‬ ‫اول الطرق احلديثة يف‬ ‫املدينة القدمية‬

‫وخالل العشرين سنة التالية جرى تنفيذ مخططات طموحة العادة تطوير الرصافة وتحويلها‬ ‫الى منطقة حديثة‪ ،‬وهو ما كان له اكبر التاثير على التطور الحضري للمنطقة ‪ ،‬االمر الذي كانت‬ ‫من نتائجه السلبية تدهور النسيج الحضري للمدينة التاريخية اذ لم يكن مبدأ الحفاظ هدفا لهذه الخطط‬ ‫فمحيت مناطق بالكامل من خارطة المدينة‪ ،‬وقامت على انقاضها مباني حديثة ومباني شاهقة ال‬ ‫تنسجم والهوية المكانية والتاريخية للمدينة‪.‬‬ ‫ان اشكالية التطور الحضري في مركز المدينة التاريخية خالل القرن العشرين تكمن بشكل‬ ‫واضح في فقدان االندماج الحضري التقليدي من خالل اختالل التنظيم المكاني ما بين الحداثة‬ ‫والتراث ‪.‬‬

‫صورة من‬ ‫س تينات القرن‬ ‫العرشين توحض‬ ‫عدم الانسجام‬ ‫ما بني النس يج‬ ‫احلرضي واملباين‬ ‫احلديثة‬

‫‪94‬‬


‫كيفية تغير الهيكل الحضري للمدينة القديمة وتقطيع البنية الحضرية لها‬ ‫خالل سبعة عقود من خالل شق الطرق الحديثة عبر نسيجها الحضري‬ ‫المتشابك‬ ‫المدينة القديمة والطرق الحديثة‬ ‫لقد جرى انشاء المدينة في جانب‬ ‫الرصافة بصورة شبه عفوية حيث طورت‬ ‫المدينة نفسها خالل عصور مختلفة على‬ ‫اساس خاليا مكانية لتشكل النسيج‬ ‫الحضري للمدينة الذي كانت االسواق‬ ‫تشكل فيه العصب الرئيسي‪ ،‬كما كانت فيها‬ ‫للمزارات والمواقع الدينية اهمية خاصة ‪.‬‬ ‫وعلى مدى قرون توسعت المدينة حسب‬ ‫الحاجة وغالبا من دون خطط تنظم‬ ‫اتجاهات هذا التوسع ‪.‬واندمجت مناطق‬ ‫السكن والبنايات الخاصة والمنفردة مع‬ ‫الهيكل الحضري مهيئة مجموعة من‬ ‫االستعماالت المختلطة ضمن مقياس بيئي‬ ‫صغير ‪.‬‬

‫‪1910‬‬

‫ان القطع الشرياني العميق الذي‬ ‫سببه شق الطرق الحديثة ادى الى تقطيع‬ ‫اوصال النسيج العمراني للمدينة القديمة‬ ‫واختالل وظائفها الحضرية وفقدانها‬ ‫لهيبتها وطابعها التاريخي والتراثي ‪.‬‬ ‫وقد كان شق شارع الرشيد في‬ ‫مستهل القرن الماضي يمثل اول معاول‬ ‫الهدم للنظام الحضري للمدينة القديمة‪،‬‬ ‫والتـي استمرت طوال النصف االول من‬ ‫القرن العشرين بالشكل الذي انهى معالم‬ ‫البنية الحضرية للمدينة القديمة‪.‬‬

‫‪1980‬‬ ‫‪97‬‬


‫صورة جوية ملدينة بغداد‬ ‫يف عرشينات القرن‬ ‫املايض تبني جانبهيا‬ ‫الرصافة والكرخ‬

‫‪96‬‬


‫انشاء جسرباب املعظم‬

‫تجديد سوق الصفارين‬

‫فتح ساحة امليدان‬

‫انشاء السوق العربي‬

‫تجديد سوق السراي‬

‫شق شارع غازي‬

‫انشاء موقف الرصافي‬

‫انشاء السدة الترابية‬

‫انشاء جسرامللكة عالية‬

‫انشاء موقف السنك‬

‫فتح ساحة الغريري‬

‫‪1‬‬

‫فتح شارع البنوك‬

‫انشاء جسرالسنك‬

‫انشاء موقف التحرير‬

‫‪99‬‬


‫ايجابية االهداف وسلبية النتائج‬

‫اال انه ينبغي اليوم تحليل النتائج بعيدة‬ ‫المدى لهذه المشاريع ومعرفة مدى تاثيرها على‬ ‫المدينة القديمة من الناحيتين العمرانية‬ ‫والتاريخية ‪.‬‬

‫شهدت املدينة خالل القرن العرشين مخسة مراحل‬ ‫زمنية متتابعة تركزت فهيا معليات التطوير تبعا للوضع‬ ‫الاقتصادي والس يايس اذلي مرت به املدينة‪.‬‬ ‫هدم جامع مرجان‬

‫مشاريع التحديث‬

‫جاء تغري البنية احلرضية للمدينة خالل القرن‬ ‫العرشين نتيجة لسلسةل من مشاريع التحديث التـي ادت‬ ‫مبجملها اىل تغيري النس يج احلرضي لبغداد القدمية‪ ،‬واكنت لها‬ ‫نتاجئ وخمية عىل الطابع العمراين للمدينة‪.‬‬

‫هدم باب البصلية‬

‫ال يخفى ان المشاريع التـي انجزت خالل‬ ‫القرن الماضي قد قصد منها تطوير المدينة‬ ‫بصورة عامة وتفاوتت الجدوى االقتصادية‬ ‫واالجتماعية التـي قدمتها للمدينة ‪.‬‬

‫كان لهذه المشاريع دور ال ينكر في‬ ‫تطوير المدينة في عقود مضت وتشكيل‬ ‫صورتها الحالية‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫شق شارع الرشيد‬

‫اسئلة قد ال نجد الجواب الشافي لها الن‬ ‫اوانها قد مضى ‪...‬‬

‫هدم باب السلطان‬

‫الم يكن باالمكان تطوير وتوسيع المدينة‬ ‫في االراضي الخالية خارج السور واالبقاء على‬ ‫موروث االجداد الحضري والعمراني من دون‬ ‫مساس؟‬

‫انشاء جسراالحرار‬

‫ام كان باالمكان ان تتطور مدينة بغداد بوجود‬ ‫بدائل اخرى تحافظ على هوية المدينة وتراثها‬ ‫الحضري والعمراني ؟‬

‫انشاء جسر الشهداء‬

‫لم يكن في بال المخطط او من قبيل‬ ‫اولوياته الحفاظ على المدينة القديمة او موروثها‬ ‫الحضاري بل كانت االولوية المطلقة للتحديث‬ ‫وبذلك فقد تم شق الطرق عبر النسيج الحضري‬ ‫وتركت الخرائب من دون اكتراث‪.‬‬


‫‪1‬‬ ‫آاثر اخلراب اذلي‬ ‫سببه شق شارع‬ ‫الرش يد تظهر واحضة‬ ‫دلى دخول اجليش‬ ‫الانلكزيي بغداد عام‬ ‫‪1917‬م‬

‫الميني‪ :‬شارع الرش يد‬ ‫سار وسط النس يج‬ ‫احلرضي املكتظ‬

‫‪101‬‬


‫أدت التغييرات السياسية والعسكرية‬ ‫قبل وبعيد الحرب العالمية االولى الى‬ ‫تغييرات كثيرة على البنية الحضرية للمدينة‬ ‫القديمة كان في مقدمتها شق شارع الرشيد‬ ‫وهدم القلعة والباب المعظم‪.‬‬

‫مرشوع شق شارع‬ ‫الرش يد‬ ‫املسارات القدمية‬ ‫اعامل هدم وازاةل‬ ‫نقاط قطع مسارات‬

‫شارع الرشيد‬ ‫يعد شارع خليل باشا (خليل باشا جادة‬ ‫سي) الذي شق عام ‪ 1916‬الشارع الرئيسي‬ ‫الوحيد في المدينة القديمة والذي انشىء‬ ‫باالساس لكي يربط باب البصلية (باب‬ ‫الشرقي) بباب السلطان (باب المعظم( وفي‬ ‫موازاة نهر دجلة‪.‬‬

‫بغداد عام ‪:1917‬‬ ‫“تقدمنا يف شارع خليل ابشا وهو‬ ‫الشارع العريض الوحيد يف‬ ‫املدينة‪.‬لقد اطلق عليه امس شارع‬ ‫غوليج ابشا القائد الاملاين اذلي‬ ‫وضع خطة حصار الكوت مبناس بة‬ ‫سقوط الكوت‪ ،‬انه ليس بشارع‬ ‫مجيل او جذاب‪ .‬لقد اكنت معلية‬ ‫تطويره متقطعة واوقات اصالحه‬ ‫متباعدة‪ .‬الهتدمي موجود يف لك‬ ‫ماكن‪ .‬ان اجلدران والامعدة ذات‬ ‫الاجر املفتت ال تزال منتصبة يف‬ ‫الشارع”‬ ‫من مذكرات‬ ‫ادموند اكندلر‬

‫‪100‬‬

‫هذا الشارع الذي سمي فيما بعد في‬ ‫سنة ‪1932‬م بشارع الرشيد شق طريقه عبر‬ ‫بيئة حضرية متشابكة رسمتها حاجات‬ ‫المدينة منذ نشأتها االولى‪ ،‬االمر الذي ادى‬ ‫الى قطع مسارات االسواق وهدم الكثير من‬ ‫المباني التـي اعترضت طريقه‪.‬‬

‫مسار شارع الرش يد وتقاطعه مع‬ ‫طرق املشاة والاسواق فهيا‬

‫كان تاثير شق هذا الشارع مدمرا للبنية الحضرية للمدينة القديمة‪ ،‬وترك جراحا عميقة في‬ ‫نسيجها الحضري استغرق التئام بعضها عقودا‪ ،‬وال يزال البعض االخر ينزف حتى اليوم‪.‬‬ ‫تسبب الشارع في قطع تسعة مسارات من طرق المشاة الرئيسية الواصلة الى نهر دجلة اربعة‬ ‫منها ألسواق رئيسية كسوق الشورجة وسوق الثالثاء عالوة على ما سببه من تهميش لدور نهر دجلة‬ ‫والغاء عمل الشرايع والمسارات المنطلقة منها‪.‬‬


‫القلعة وسور القلعة‬ ‫شكل هدم سور القلعة ومنشآتها التـي كانت جزءا‬ ‫من هيكل المدينة الحضري وطابعها المعماري ايضا‬ ‫خسارة اخرى اسست لتغيير جذري في طابع المنطقة‬ ‫وتضييق الخناق على الشواخص االثرية الموجودة في‬ ‫المنطقة‪ ،‬واهمها القصر العباسي الذي حشر في زاوية‬ ‫ضيقة بعد ان اصبح موقع القلعة القديم ارثا لصالح وزارة‬ ‫الدفاع العراقية‪.‬‬ ‫توسعت وزارة الدفاع في الموقع على حساب‬ ‫النسيج المحيط بالقلعة نفسها‪ ،‬واقامت ضمن الموقع عددا‬ ‫من المباني الجديدة بعد ان ازيلت المباني القديمة من دون‬ ‫االلتفات الى القيمة االثرية للموقع الذي تغيرت معالمه‬ ‫التاريخية والعمرانية بالكامل‪.‬‬

‫المنطقة التـي شملها الهدم‬ ‫لتشكل ساحة الميدان‬ ‫الحالية‬

‫ساحة امليدان‬ ‫القديمة‬

‫ابب السلطان (ابب املعظم)‬ ‫شلكت ابب السلطان معلام همام ابرزا للمدينة القدمية حيث‬ ‫ان لالبواب التارخيية يف اي مدينة قمية اثرية ومعنوية خاصة‬ ‫ملا متثهل من ارث حضاري ورمز للمدينة‪.‬‬ ‫وقد اكن هدم ابواب املدينة خسارة فادحة ال تعوض بعد‬ ‫ان فقد السور نفسه يف وقت سابق ‪.‬‬

‫صورة من داخل القلعة بعد دخول الاجنلزي اىل‬ ‫بغداد عام ‪1917‬م‬ ‫‪103‬‬


‫هدم سور بغداد‬ ‫سور بغداد القدمي اكن من اول‬ ‫وامه اخلسائر اليت املت ابلبنية‬ ‫احلرضية وادت اىل تغيريها‪.‬‬

‫‪102‬‬


‫المدرسة المرجانية‬ ‫المدرسة المرجانية المعروفة بجامع‬ ‫مرجان والواقعة عند مدخل الشورجة بنيت في‬ ‫القرن الرابع عشر‪ ،‬تم هدم الجزء االكبر منها‬ ‫في نفس الفترة مع االبقاء على بوابة المدخل‬ ‫والمئذنة فقط‪ .‬شكلت عملية الهدم ضربة كبرى‬ ‫الى احد اهم معالم بغداد االثرية والدينية‪.‬‬ ‫من الجهة االخرى الى الجنوب قطع‬ ‫جسر االحرار استمرارية شارع المستنصر الى‬ ‫جامع السيد سلطان علي واتصاله بالمسارات‬ ‫االخرى‪ ،‬واعترض شارع الوثبة مسار الكيالني‬ ‫– الميدان مضيفا الى ما سببه جسر الشهداء من‬ ‫قطع لتلك المسارات التاريخية ‪.‬‬ ‫ساحة الميدان‬

‫صورة تبني معلية هدم املدرسة‬ ‫املرجانية عام ‪1937‬م‬ ‫املنطقة التـ مشلها الهدم‬ ‫لتشلك ساحة امليدان احلالية‬

‫اما ساحة الميدان فقد ادى توسيع المنطقة‬ ‫المحاذية لها والتـي كان يطلق عليها منطقة‬ ‫الكلجية او (المبغى العام) الى فقدان الكثير من‬ ‫النسيج العمراني للمدينة القديمة وما تضمه من‬ ‫تراث عمراني‪ ،‬حيث ادت عملية التوسيع الى‬ ‫تدمير للبنية الحضرية المتراصة للمنطقة‬ ‫وتغيير طابعها‪ ،‬والى قطع عدد من المسارات‬ ‫المهمة التـي تصل منطقة القلعة بباقي المدينة‬ ‫وقد تكرر هذا المشهد منذ بداية القرن‬ ‫العشرين حيث يقطع نسيج المدينة بالمقص‬ ‫ليترك جروحا غائرة تترك من دون عالج او‬ ‫تغطى بمبان تداري ما خلفها من نسيج متهرئ‬ ‫يخفي الخرائب التـي نجمت عن هذا القطع ‪.‬‬

‫ساحة امليدان القدمية‬

‫جامع‬ ‫االمحدية‬

‫منطقة امليدان قبل هدهما وتغيري‬ ‫طبيعة املنطقة التارخيية‬

‫الباب الرشيق يوم‬ ‫مت هدمه يف عام‬ ‫‪1946‬م‬ ‫‪105‬‬


‫اهم ما ميز هذه الحقبة من تطور المدينة القديمة‬ ‫اقامة الجسور الرابطة ما بين الكرخ والرصافة‪ ،‬وتوسيع‬ ‫ساحة الميدان وهدم الجزء االكبر من جامع مرجان‪،‬‬ ‫وازالة باب البصلية (الباب الشرقي)‬

‫مشاريع حتديث‬ ‫شارع الرش يد‬ ‫املسارات القدمية‬ ‫اعامل هدم وازاةل‬ ‫نقاط قطع مسارات‬

‫الباب الشرقي‬ ‫ففي عام ‪1937‬م تم هدم الباب الشرقي لمدينة بغداد‬ ‫القديمة وبذلك فقدت بغداد ايضا معلما من معالمها‬ ‫الرئيسية‪.‬‬

‫هدم الباب الرشيق وجامع مرجان‬ ‫عد ان مصدت هذه الشواخص‬ ‫متحدية الزمن عرب قرون من‬ ‫الكوارث والنكبات ‪ ،‬امتدت الهيا‬ ‫معاول الهدم لتهني حياهتا قرسا‪.‬‬

‫‪104‬‬

‫كما سبب انشاء جسري الشهداء واالحرار‬ ‫ومقترباتهما سنة ‪1940‬م قطع المسارات واالسواق في‬ ‫سبعة مواقع على امتداد هذه الجسور‪ .‬كان اهم المسارات‬ ‫التـي قطعها جسر الشهداء هي مسار الميدان – شارع‬ ‫المستنصر‪ ،‬في الموقع الذي يشكل العالقة ما بين سوق‬ ‫السراي والخفافين باالسواق التاريخية االخرى ‪ .‬كما تسبب‬ ‫ذلك ايضا في قطع سوق الثالثاء ومسار الكيالني – الميدان‬ ‫اضافة الى اعتراض شارع المأمون لمسارات االسواق‬ ‫االخرى ‪.‬‬

‫املشاريع اليت نفذت خالل الربع‬ ‫الثاين من القرن العرشين‬


‫منارة سوق‬ ‫الغزل‬ ‫كنيسة‬ ‫الالتني‬

‫شارع الخلفاء‬ ‫قطع االسواق والمسارات‬ ‫شكلت االسواق التاريخية مواقعها وتنوعها عبرعهود‪،‬‬ ‫عن طريق تحوالت ومتطلبات مورفولوجية ووظيفية استغرقت‬ ‫قرونا‪ ،‬لتلبي حاجات المدينة ولتكون جزءا اساسيا منها‪.‬‬ ‫ان قطع المسارات التاريخية للمشاة وخاصة مسارات‬ ‫االسواق بطرق السيارات ادى الى تقطيع االمتداد التاريخي‬ ‫لالسواق واختالل وظائفها‪ ،‬وبالتالي تعريض التوازن الحضري‬ ‫للخلل وخاصة اذا لم تتم معالجتها بصورة متتابعة وجدية‪.‬‬ ‫وتظهر تاثيرات هذا القطع واضحة في‬ ‫النهايات المقطوعة لسوق الشورجة والمطلة‬ ‫على شارع الخلفاء‪ ،‬حيث ال يزال طرفا‬ ‫السوق من جهة سوق الشورجة على الطرف‬ ‫الغربي من الشارع وسوق الغزل على الطرف‬ ‫الشرقي‪ ،‬تعاني من االختناقات المزمنة ‪.‬‬

‫‪1930‬‬

‫النس يج العمراين الكثيف ملنطقة الاسواق قبل‬ ‫شق شارع اخللفاء‬

‫كنيسة‬ ‫الالتني‬

‫منارة سوق‬ ‫الغزل‬

‫ساحة امليدان‬ ‫القديمة‬

‫جسر الملكة عالية‬ ‫هذا الجسر الذي اطلق عليه اسم جسر‬ ‫الجمهورية الحقا لم يشكل انشاءه تهديدا‬ ‫للمنطقة القديمة اذ انه يمر من الطرف‬ ‫الجنوبي للمدينة في منطقة حديثة نسبيا ولم‬ ‫تكن تضم نسيجا عمرانيا مكتظا ‪.‬‬ ‫شارع اخللفاء قطع امتداد الاسواق التارخيية‬ ‫للمدينة القدمية‬

‫‪2010‬‬

‫‪107‬‬


‫مشاريع حتديث‬ ‫شوارع حديثة منفذة‬ ‫املسارات القدمية‬ ‫اعامل هدم وازاةل‬ ‫نقاط قطع مسارات‬

‫فترة الخمسينات والستينات من القرن‬ ‫العشرين تميزت بانشاء شارع البنوك وشق‬ ‫شارع الجمهورية (شارع الخلفاء الحقا)‬ ‫وجسر الملكة عالية (جسر الجمهورية)‬ ‫شارع البنوك‬

‫شارع البنوك‬ ‫سامه انشاء شارع البنوك يف خلق‬ ‫البنية التحتية لالقتصاد العرايق‬ ‫ويف دمع احلركة الاقتصادية‪ .‬الا‬ ‫ان اتثريه عىل البنية احلرضية‬ ‫للمديينة القدمية اكن سيئا‪ .‬وقد‬ ‫اكن ابالماكن اقامة املرشوع يف‬ ‫اماكن اخرى من املدينة بدال من‬ ‫تدمري املركز القدمي‪.‬‬

‫اما شارع البنوك فقد مثل وال يزال‬ ‫جزيرة تضم مبان شاهقة وسط منطقة تراثية‬ ‫تضم اسواقا ومسارات تاريخية تعود الى‬ ‫قرون مضت ‪.‬‬ ‫املشاريع اليت نفذت خالل الربع‬ ‫الثالث من القرن العرشين‬

‫‪1930‬‬

‫جزيرة حديثة وسط نس يج املنطقة‬ ‫احلرضي القدمي‪:‬‬ ‫مباين شارع البنوك بعد معلية‬ ‫التحديث اليت متت يف مخس ينيات‬ ‫القرن املايض‬

‫‪106‬‬


‫السوق العربي‬ ‫تكرر مشهد موقف الرصافي قرب‬ ‫الشورجة من خالل تنفيذ السوق العربي‪ ،‬الذي‬ ‫عالوة على تقطيعه روابط سوق الشورجة‬ ‫باالسواق المجاورة‪ ،‬فان كتلة بهذا الحجم ال‬ ‫تتناسب وال تنسجم مع محيطها الحضري ‪.‬‬

‫موقع السوق العريب بعد‬ ‫هدم املباين مضن املوقع يف‬ ‫س بعينات القرن املايض‬

‫اما جسر باب المعظم فكونه يقع على‬ ‫الطرف الشمالي خارج سور المدينة القديم فلم‬ ‫يؤد الى اي تاثير سلبي على المدينة القديمة‪،‬‬ ‫خاصة وان المنطقة شهدت تغييرات واسعة‬ ‫قبل انشاء ذلك الجسر طالت المستشفى‬ ‫المجيدي والمكتبة العامة في منتصف القرن‬ ‫الماضي‪ ،‬والتي تم هدمها بعد ان كانت احد‬ ‫معالم بغداد المعمارية والثقافية البارزة ‪.‬‬

‫موقع السوق العريب (مظلل‬ ‫ابالبيض) قبيل انشائه يبني‬ ‫القطع اذلي احدثه يف امتدادات‬ ‫الاسواق التارخيية للمدينة القدمية‬

‫موقع السوق العريب يوحض عدم‬ ‫تالمئ جحمه مع النس يج احلرضي‬ ‫احمليط به وقطعه للمسارات القدمية‬ ‫لالسواق‬

‫‪109‬‬


‫مشاريع حتديث‬ ‫شوارع حديثة منفذة‬ ‫السدة الرتابية‬ ‫املسارات القدمية‬ ‫اعامل هدم وازاةل‬ ‫نقاط قطع مسارات‬

‫كان النصيب االكبر من عمليات التحديث من‬ ‫حصة هذه الفترة التي اقيمت فيها مشاريع عديدة بصورة‬ ‫منفردة‪ ،‬وقد تكون من دون مخطط شامل للتطوير‪،‬‬ ‫وانما معالجات آنية في اماكن محددة على االغلب‪ .‬وكان‬ ‫منها اقامة السدة الترابية على ضفة النهر وانشاء مبنى‬ ‫السوق العربي في منطقة الشورجة ‪.‬‬ ‫السدة الترابية‬

‫السدة الرتابية‬ ‫بعد ان اكنت الرشايع احد‬ ‫العنارص احلرضية الرئيس ية للمدينة‬ ‫القدمية اليت اكنت تعانق لهنر من‬ ‫دون وس يط ‪ ،‬اقميت هذه السدة‬ ‫بدعوى حامية ففة بغداد من‬ ‫التالك نتيجة لقوة جمرى الهنر من‬ ‫دون حبث النتاجئ الاجامتعية‬ ‫والاقتصادية والنفس ية النشاء‬ ‫مثل هذا املرشوع وارتباطه‬ ‫ابلفعاليات احلرضية الاخرى مما‬ ‫جعل من هذه السدة عائقا امام‬ ‫منو هذا اجلزء من املدينة وعرقل‬ ‫تعزيز ارتباطها ابلهنر‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫شكلت السدة الترابية المكسوة بالحجر فاصال‬ ‫فيزياويا ومانعا بصريا اضافة لكونها حاجزا نفسيا ما بين‬ ‫المدينة والنهر من ناحية وما بين االنسان والنهر من ناحية‬ ‫اخرى ‪ ،‬فقد ابعدت النهر عشرات االمتار عن مباني‬ ‫المدينة التي احتضنها النهر طوال قرون ولم تراع في‬ ‫تصميمها ايا من المعايير االنسانية او الحضرية وباتت‬ ‫منطقة مهجورة ومكبا للنفايات ‪.‬‬

‫املشاريع اليت نفذت خالل الربع الاخري من‬ ‫القرن العرشين‬


‫ﻣﻮﻗﻒ ﺳ�ﯿﺎرات اﻟﺮﺻﺎ‬

‫ﻣ�ﺎ ين‬ ‫جتارﯾﺔ‬

‫ارتفاع‬

‫التاثري السليب الكبري اذلي احدثه انشاء مبىن موقف س يارات الرصايف عىل منظر خط السامء يف املنطقة التارخيية والتناقض الكبري ما بني الطابع العمراين للمدينة القدمية وموقف س يارات الرصايف‬

‫‪2‬‬

‫‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫‪6‬‬

‫موقف س يارات الرصايف‬ ‫‪ .1‬املنطقة قبل انشاء املوقف‬ ‫‪ .2‬املنطقة بعد انشاء املوقف‬ ‫‪ .3‬موقع املوقف وجحمه ابلنس بة‬ ‫اىل النس يج احلرضي احمليط‬ ‫به وتقطيعه ملسارات‬ ‫الاسواق‬

‫جرس وموقف س يارات الس نك‬ ‫‪ .4‬املنطقة قبل التحديث‬ ‫‪ .5‬املنطقة بعد التحديث‬ ‫‪ .6‬موقع املوقف وعدم اس تقامته‬ ‫مع اي من املعطيات احلرضية‬ ‫احمليطة‬

‫‪111‬‬


‫مواقف السيارات متعددة الطوابق‬ ‫بلغت حصة شارع الرشيد من‬ ‫مشاريع التحديث ثالثة مباني خصصت‬ ‫كمواقف للسيارات‪ ،‬وكانت سمتها‬ ‫المشتركة هي سوء اختيار الموقع وعدم‬ ‫مالءمتها للمعطيات الحضرية للمنطقة‪.‬‬ ‫كما تمت في نفس الفترة اقامة جسرين‬ ‫احدهما في السنك واالخر في باب‬ ‫المعظم‪.‬‬

‫جامع‬ ‫الاصفية‬

‫ارتفاع‬ ‫طابقني‬

‫مواقف الس يارات متعددة الطوابق‬ ‫لقد اكن لسوء اختيار مواقع وتصاممي‬ ‫مواقف الس يارات التـي انشئت يف‬ ‫مثانينيات القرن العرشين اثر كبري عىل‬ ‫املشهد احلرضي ملدينة بغداد القدمية‪.‬‬ ‫فعىل الرمغ من اعتبار هذه املشاريع‬ ‫متثل تطويرا حقيقيا للمدينة من خالل‬ ‫توفري خدمات املواقف متععدة‬ ‫الطوابق من اجل حتواء الزمخ الكبري‬ ‫للس يارات يف شارع الرش يد يف حيهنا‬ ‫الا اهنا لالسف اصبحت عالمة‬ ‫سلبية يف املنطقة نتيجة سوء اختيار‬ ‫مواقعها وعدم تالمئها مع واقع املنطقة‬ ‫وطابعها احلرضي من هجة ومع قمية‬ ‫الارض املقامة علهيا من هجة اخرى‬

‫موقف سيارات الرصافي‬ ‫كان اختيار موقع موقف الرصافي بالقرب من المدرسة‬ ‫المستنصرية اختيارا بالغ السوء ‪ ،‬اذ اثر وجوده على المشهد‬ ‫الحضري التاريخي لمنطقة االسواق وافقد مآذن الجوامع‬ ‫التاريخية في المنطقة شموخها ‪ ،‬واضحت المدرسة‬ ‫المستنصرية منزوية في ظل هذا المبنى الضخم الذي ناهز‬ ‫طوله المئة وخمسون مترا وتجاوز ارتفاعه اكثر من ثالثة‬ ‫اضعاف ارتفاع مبنى المدرسة المستنصرية مما ادى الى‬ ‫تشويه خط سماء منطقة الرصافة التاريخية ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫جسر وموقف سيارات السنك‬ ‫كما مثل تنفيذ جسر السنك ضربة قاصمة الى المشهد‬ ‫الحضري لمنطقة السنك خصوصا وشارع الرشيد عموما‪،‬‬ ‫حيث قطع الجسر الشارع بطريقة تفتقر الى ابسط قواعد‬ ‫التصميم الحضري واجهز على اي قيم جمالية او حضرية‬ ‫فيها ‪ .‬واكتمل المشهد المؤلم باقامة مبنى موقف سيارات‬ ‫السنك الذي اضاف الى هذه التراجيديا الحضرية فصال اخر‬ ‫قضى على امكانات التطوير واالستثمار في هذه المنطقة‬ ‫المفصلية الهامة من المدينة ‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫املدرسة‬ ‫املستنرصية‬


‫النقل يف هنر دجةل‬ ‫اكنت البواخر متخر هنر دجةل اذلي‬ ‫اكن رشاين احلركة والتجارة بني شامل‬ ‫وجنوب البالد‬

‫اخلاانت‬ ‫احد عنارص الاسواق الرئيسة‬ ‫للمدينة والتـي اكنت تس تقبل التجار‬ ‫وبضائعهم وقد تناقص دورها وهدم‬ ‫الكثري مهنا‬

‫الرشايع والقفف‬ ‫الرشايع اكنت حماور احلركة الرئيس ية‬ ‫واكنت القفة والبمل احد وسائل النقل‬ ‫الهنري التـي متزيت هبا املدينة‬

‫ساعات بغداد‬ ‫ساعات ساحة الشورجة‬ ‫واملستنرصية وامليدان من معامل‬ ‫املدينة القدمية الهامة التـي مل تمت‬ ‫احملافظة علهيا‬

‫السقاايت‬ ‫احدى وسائل احلصول عىل املاء و‬ ‫توصيلها اىل داخل املدينة للالس تفادة‬ ‫منه يف اغراض الرشب والري‬

‫ساحة امليدان‬ ‫اكنت ساحة امليدان مشهورة‬ ‫ابحتضاهنا حديقة وانفورة و(طوب‬ ‫ابو خزامة)‬

‫القلعة‬ ‫اختفت قلعة بغداد التـي اكنت حماطة‬ ‫بسور داخيل و اكنت خالل قرون‬ ‫مركز القوة واحلمك يف املدينة‬

‫مباين ذات عامرة ممزية‬ ‫عديدة يه املباين ذات القمية املعامرية‬ ‫التـي فقدت مثل مبىن املكتبة العامة‬ ‫يف الباب املعظم‬

‫سور وبواابت املدينة القدمية‬ ‫سور املدينة القدمي و ابب السلطان‬ ‫وابب الطلسم وابب البصلية مجيعا‬ ‫مت هدهما يف اوقات خمتلفة‬

‫وسائل النقل العامة‬ ‫الاكري والرتام والربل من وسائل‬ ‫النقل التقليدية التـي متزيت هبا‬ ‫املدينة يف بداية القرن العرشين‬

‫‪113‬‬


‫في الوقت الذي كان فيه عدد سكان مدينة بغداد ال يتعدى ال ‪ 250‬الف نسمة في‬ ‫عام ‪1920‬م فقد ازداد تعدادهم ليصل في اوائل القرن الحادي والعشرين الى اكثر من ‪6‬‬ ‫ماليين نسمة ‪ .‬انعكست زيادة السكان المضطردة هذه على التطور السريع للمدينة‪.‬‬ ‫واستمر نمو المدينة منذ بدايات القرن العشرين خارج سور المدينة القديمة حتى وصل‬ ‫قطر المدينة الذي لم يتجاوز الكيلومترين الى ما يقارب االربعين كيلومترا اليوم‪.‬‬ ‫لقد كان شق شارع الرشيد ايذانا بالبدء في عملية التحديث التـي غيرت وجه بغداد‬ ‫القديمة‪ .‬اال ان مركز المدينة القديم بقي قائما حتى بداية الثمانينات يقوم بدوره الفعال‬ ‫وهيمن على الفعاليات الحضرية والتجارية والمالية‪ .‬وقد كانت حركة التطور والتحديث‬ ‫على اشدها خالل فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي‪ ،‬الذي يعد العصر‬ ‫الذهبي للمدينة من النواحي االقتصادية واالجتماعية على الرغم من النتائج الوخيمة‬ ‫للتطور على النسيج الحضري والعمراني للمدينة القديمة‪.‬‬

‫مراجعة اذلات‬ ‫قد يكون اس تعراض احداث‬ ‫املنطقة وتطوراهتا خالل القرن‬ ‫العرشين قاس يا بعض الشئ ‪ .‬الا‬ ‫ان مراجعهتا ونقدها رضورة يك‬ ‫نتعرف عىل القرارات التـي اختذت‬ ‫للمدينة يف العقود املافية ‪.‬‬ ‫ان جرد احلساب من اجل معرفة‬ ‫ما جنت املدينة القدمية وما فقدت‬ ‫خالل قرن من الزمان حري ابن‬ ‫يضع النقاط عىل احلروف لعالج‬ ‫اخللل ومن اجل مس تقبل افضل‬ ‫للمدينة ‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫اال ان عملية التطور تلك توقفت في ثمانينات القرن بعد ان دخل العراق في اتون‬ ‫الحروب المتتالية التـي اثرت بصورة بالغة على مركز المدينة التاريخي بالذات‪ ،‬بعد ان‬ ‫كان ينتظر عمليات اغاثة وتطوير ملحة االمر الذي كان له بالغ االثر في اندثار وتصدع‬ ‫الكثير من المباني التراثية في هذه المنطقة ‪.‬‬


‫اسواق المدينة القديمة‬ ‫في الوقت الذي توسعت فيه مدينة بغداد خالل هذه الفترة‪ ،‬كان مركز المدينة‬ ‫التاريخي ال يزال المركز المحوري لالسواق والنشاط التجاري لبغداد والمدن‬ ‫االخرى ‪ .‬اال ان هذه االسواق بقيت تحتل نفس المواقع التـي كانت تحتله قبل قرن‬ ‫من الزمان على الرغم من الزيادة المضطردة في عدد السكان والتـي تجاوزت‬ ‫العشرين ضعفا في نهاية القرن العشرين‪ .‬وبالتالي فقد تجاوزت المساحات التـي‬ ‫تحتاجها هذه االسواق وخدماتها الحدود المرسومة لها ضمن المدينة القديمة من‬ ‫حيث السعة واالستيعاب‪ ،‬وامتدت على حساب شارع الرشيد والمناطق السكنية‬ ‫واالدارية المحيطة بها وسخرتها لخدمتها مما ادى الى اختالل في التوازن‬ ‫الحضري والعمراني للمدينة القديمة‪.‬‬ ‫ان تضخم هذه االسواق غير المنضبط ناتج عن عدم وجود بدائل‪ ،‬بالنظر‬ ‫لقصور الجهات المسؤولة عن تنظيم المدينة وتخطيطها الى رؤية هذه الحاجة‪،‬‬ ‫وعجزها عن مواكبة متطلبات التطورات االقتصادية المرتبطة بالبيئة العمرانية‬ ‫وايجاد الحلول المناسبة لها ‪ .‬كل هذه العوامل ادت الى تسارع وتيرة انهيار النظام‬ ‫الحضري للمدينة القديمة‪.‬‬

‫اسواق امجلةل‬ ‫مل تتجر خالل القرن العرشين‬ ‫اي حماوالت لتطوير هذه‬ ‫الاسواق ودراسة احتياجاهتا‬ ‫الفعلية‪ ،‬وامنا متت معليات‬ ‫شلكية لتجديد الواهجات يف‬ ‫(سوق الصفارين وسوق‬ ‫الرساي) واليت ارضت هبذه‬ ‫الاسواق التارخيية من الناحية‬ ‫الاقتصادية والوظيفية عالوة‬ ‫عىل تشوهيها للطابع التارخيي‬ ‫لهذه الاسواق ‪.‬‬

‫‪115‬‬


‫بعد ان استعرضنا ما حصل للمدينة القديمة ضمن موجات‬ ‫التحديث العديدة في القرن العشرين ‪ ،‬يتبادر الى اذهاننا السؤال التالي‪:‬‬ ‫هل ينبغي التوقف عن التطور وتجميد الزمن من اجل الحفاظ‬ ‫على الموروث التاريخي والحضاري ؟‬ ‫والجواب بالتاكيد هو النفي القاطع اذ ان باالمكان‬ ‫تطوير المنطقة من خالل التوازن والتوفيق ما بين‬ ‫التحديث والحفاظ‪ .‬على ذلك الموروث‬

‫متزق النس يج احلضلري‬ ‫شق الشارع ادى اىل فصل‬ ‫سوق الشورجة عن سوق‬ ‫الغزل‪ ،‬وال تزال ااثر الفصل‬ ‫واحضة للعيان‪.‬‬ ‫وكثرية يه املشاريع التـي‬ ‫شهدهتا املدينة قد مزقت‬ ‫نس يجها التارخيي ومشهدها‬ ‫احلرضي وموقفي س يارات‬ ‫الرصايف والس نك افافة اىل‬ ‫السوق العريب يه خري شواهد‬ ‫عىل ذكل الارجتال التخطيطي‬ ‫ونقص الرؤية الشامةل ملس تقبل‬ ‫املدينة القدمية‬

‫‪.‬لقد توسعت المدينة خارج حدود السور الشرقي‬ ‫اوال‪ ،‬ومن ثم في كافة االتجاهات‪ .‬وكان باالمكان‬ ‫العمل على تحديث المدينة خارج السور والحفاظ‬ ‫على ما هو داخله في المدينة القديمة‪ .‬واالمثلة‬ ‫على ذلك كثيرة في المدن العالمية التـي لم تكن‬ ‫بشهرة بغداد وال بتاريخها والتـي تطورت‬ ‫واحتفظت بطابعها وتراثها الحضري ‪ .‬وقد‬ ‫كان التخاذ القرارات المتسرعة من قبل‬ ‫الجهات المسؤولة عن المدينة منذ بدايات‬ ‫القرن الماضي دور كبير في تشتيت‬ ‫المدينة القديمة وتشظيها ‪.‬‬ ‫فالمسارات‬ ‫التـي قطعت من‬ ‫اجل انشاء شوارع‬ ‫عريضة للسيارات‬ ‫الحديثة لم تتم‬ ‫معالجتها وتضميدها‬ ‫وبعضها ال يزال‬ ‫يحمل جرحا غائرا‬ ‫ومفتوحا لم يندمل‬ ‫حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫ما تبقى من سور بغداد‬ ‫وسور القلعة لفه الاهامل‬ ‫والالمباالة ابملوروث‬ ‫احلرضي للمدينة‬

‫‪114‬‬

‫اسواق امجلةل يف املنطقة‬ ‫توسعت وامتدت‬ ‫واس تعمرت طرق املشاة‬ ‫وخدماهتم‬


‫ة‬

‫قبل عام ‪1946‬م ‪ :‬املدرسة‬ ‫املرجانية قبل ان هتدم‬ ‫خمطط تقرييب للمدرسة وواهجة‬ ‫شارع الرش يد‬

‫‪1930‬‬ ‫س تينات القرن املايض ‪ :‬بعد هدهما‬ ‫واعادة بناهئا بتصاممي جديدة‬ ‫خمطط تقرييب للمدرسة وواهجة‬ ‫شارع الرش يد‬

‫‪1960‬‬

‫تسعينات القرن املايض ‪ :‬واهجة‬ ‫املدرسة عىل شارع الرش يد حيث‬ ‫مت تغيري شلك القبة الوسطية‬ ‫واعادة اكساء اجلامع والقبب‬ ‫ابلطابوق وتغيري شلك اجلدار‬ ‫اخلاريج‬

‫‪1980‬‬

‫‪117‬‬


‫تعرضت معظم المعالم التاريخية وعلى االخص منها الجوامع والمدارس الدينية الى عمليات اطلق‬ ‫عليها اسم "الترميم والصيانة" اال انها اضرت بالمعالم التاريخية لهذه الشواخص وافقدتها قيمتها التاريخية‬ ‫والعمرانية‪ .‬وتمثل المدرسة المرجانية احد االمثلة الواضحة لعمليات الترميم الخاطئة وما يمكن ان‬ ‫تتعرض له االثار والمباني التراثية من تخريب يفقدها قيمتها االثرية والتاريخية‪.‬‬ ‫ففي سنة ‪ 1946‬م تعرض هذا المبنى الذي كان جزءا من المدرسة المرجانية والمشيد من قبل أمين‬ ‫الدين مرجان سنة ‪758‬هـ (‪1356‬م) الى الهدم حيث اقتطع جزء كبير منها واضيف الى شارع الرشيد‬ ‫بدعوى الحفاظ على استقامة الشارع وتعريضه ولم يتبق من اصل المدرسة اال بابها االثري القديم‬ ‫ومئذنتها‪ .‬وشيد على ما تبقى من المساحة مسجد جامع جديد حيث بنيت ثالث قباب جديدة بدال من القبة‬ ‫التـي كانت تعلو المسجد القديم وكانت على طراز معماري نادر المثال في القباب االسالمية‪.‬اال انه ‪،‬‬ ‫مجددا ‪ ،‬تمت عملية تجديد اخرى بعد عقود من ذلك تعرضت فيها القباب‬ ‫والواجهات لتغيير معالمها مرة اخرى‪.‬‬

‫املدرسة املرجانية‬ ‫خمطط املدرسة الرجانية‬ ‫قبل هدمه اذلي شلك‬ ‫خسارة كبرية تلحق بتارخي‬ ‫املدينة‬

‫وبهذا فقدت بغداد احدى مدارسها وجوامعها الذي‬ ‫ظل شامخا قرابة الستة قرون ونصف‪ ،‬بعد ان افرغ‬ ‫من قيمته التاريخية والمعمارية والتـي لم يبق‬ ‫منها غير المئذنة وطاق المدخل ‪ .‬ويكاد يكون‬ ‫جامع مرجان مثاال لهذه العمليات التـي‬ ‫كانت وال تزال تنفذ تحت مسميات مختلفة‪،‬‬ ‫منها الصيانة او التجديد او التوسعة او‬ ‫حتى الترميم‪ ،‬والتـي طالت المباني‬ ‫التاريخية في مدينة بغداد القديمة‪.‬‬ ‫وطال التغيير مساجد تعود الى‬ ‫قرون مضت مثل جامع سيد سلطان‬ ‫علي وجامع االزبك وجامعي‬ ‫االصفية والوزير وغيرها من‬ ‫الشواخص التاريخية‪.‬‬

‫القبة الاصلية الفريدة‬ ‫للمدرسة املرجانية قبل هدهما‬

‫‪116‬‬


‫شهدت اسواق بغداد وجوامعها التاريخية خالل القرن الماضي عمليات تحديث من قبل الجهات المسؤولة عن هذه المباني ادت الى‬ ‫االضرار بالموروث التاريخي ‪.‬‬ ‫فقد شكل هدم جانب من جامع مرجان (المدرسة المرجانية) خسارة كبرى للموروث العمراني التاريخي‪ ،‬اال ان تلك الخسارة لم تكن‬ ‫الوحيدة‪ ،‬فقد سبقتها وتلتها سلسلة من عمليات التجديد لجوامع اخرى مثل جامع سيد سلطان علي وجامع االوزبك وجامع الوزير وغيرها‪.‬‬ ‫وبصورة عامة فان مفهوم ترميم المباني التراثية والحفاظ عليها مفهوم قاصر ال يرتقي الى اساليب الترميم والحفاظ الحقيقية ويؤدي على‬ ‫االغلب الى فقدان االثر او المبنى التراثي لقيمته االثرية والتراثية‪.‬‬ ‫ويرجع ذلك الى جملة اسباب منها تعدد المرجعيات االدارية والفنية المسؤولة عن تلك المباني من ناحية وعدم توفر الخبرات الفنية‬ ‫والكفاءات المتخصصة في اعمال الترميم اضافة الى عدم مراعاة مواصفات وطرق الترميم الخاصة بمثل تلك المباني ‪.‬‬

‫سوق الرساي والصفارين‬ ‫شهد سويق الصفارين والرساي تغطية‬ ‫حديثة لواهجاهتا ادلاخلية وفق تصاممي‬ ‫جديدة اس تعمل فهيا الطابوق والاجر الا‬ ‫اهنا لالسف افقدت هذه الاسواق طابعها‬ ‫املمزي وقلصت من عرض السوق كام ومت‬ ‫تسقيفها هبيلك حديدي مغطى بصفاحئ من‬ ‫البالستيك بشلك اساء كثريا اىل املشهد‬ ‫التارخيي لهذه الاسواق‪.‬‬

‫سوق الصفارين‬ ‫تغيري شامل لهيئة السوق التارخيي‬

‫ادت معلية التحديث هذه اىل تغيري يف‬ ‫طبيعة ووظيفة هذه الاسواق وعىل‬ ‫الاخص يف سوق الصفارين حيث تركه‬ ‫احصاب احلرف (الصفارين) لصاحل جتار‬ ‫القامش وادوات البالستيك التـي غزت‬ ‫السوق ‪.‬‬

‫‪119‬‬


‫قبل‬

‫جامع‬ ‫الاوزبك‬ ‫ابب املعظم‬ ‫تغيري شامل‬ ‫لهيئة اجلامع‬ ‫التارخيي‬

‫جامع س يد‬ ‫سلطان عيل‬ ‫الس نك‬ ‫تغيري شامل‬ ‫لهيئة اجلامع‬ ‫التارخيي‬

‫جامع الوزير‬ ‫ابب الاغا‬ ‫تغيري شامل‬ ‫لهيئة اجلامع‬ ‫التارخيي‬

‫‪118‬‬

‫بعد‬


‫عمليات ترميم مشهودة‬

‫قبل‬

‫بعد‬

‫ينبغي االشادة ببعض عمليات‬ ‫الترميم والصيانة االولى التـي نفذت‬ ‫في عشرينات وثالثينات القرن‬ ‫الماضي وانقذت جملة من اعرق‬ ‫االثار الموجودة في المدينة‪.‬‬ ‫اعمال الترميم هذه والتي جرت‬ ‫بمنتهى المهنية والحرفية‪ ،‬نذكر منها‬ ‫عمليات ترميم للباب الوسطاني‬ ‫والمدرسة المستنصرية وخان مرجان‬ ‫والقصر العباسي من قبل دائرة االثار‬ ‫العراقية ‪.‬‬ ‫كما قامت امانة بغداد بالحفاظ‬ ‫على بعض الدور التراثية في جانب‬ ‫الكرخ خالل حقبة الثمانينات‪.‬‬

‫يف العهد العامثين‬ ‫اختذت بناية املدرسة‬ ‫املستنرصية دائرة‬ ‫للكامرك وخمازن‬ ‫للبضائع‬

‫‪121‬‬


‫قبل‬

‫بعد‬

‫ابب الوسطاين‬

‫خان مرجان‬

‫القرص العبايس‬

‫‪120‬‬

‫صورة‬ ‫للمدرسة‬ ‫املستنرصية‬ ‫خالل اجراء‬ ‫معليات‬ ‫الرتممي اليت‬ ‫اس مترت عدة‬ ‫س نوات‬


‫ان التغيير الذي حدث لمركز المدينة القديمة من خالل عمليات التحديث المنفردة‬ ‫وغير المخططة والتـي ادت الى تغير بنية المدينة القديمة واختالل المشهد الحضري‬ ‫لها قد افقدها طابعها التقليدي‪ ،‬حيث انتشرت المباني المرتفعة بعشوائية مفرطة وانحسر‬ ‫دور نهر دجلة خاصة بعد انشاء السدة الترابية ‪ /‬الحجرية على طول ضفته المحاذية‬ ‫للمدينة القديمة لوقايتها من التاكل ‪.‬‬ ‫كان النفالت القيود على ارتفاع المباني وطابعها المعماري خالل العقود الثالثة‪،‬‬ ‫الخامس والسادس والسابع من القرن الماضي‪ ،‬تاثيرا كبيرا على المشهد الحضري‬ ‫للمدينة القديمة واختالل توازنها البصري وزوال تناغم مبانيها وشموخ مآذنها وقبابها‬ ‫في سماء المدينة ‪.‬‬ ‫اضحى مركز بغداد التاريخي ضائعا ما بين المشهدين الحضري التقليدي‬ ‫والحديث‪ .‬مما يهدد بضياع هوية المدينة القديمة وفقدانها لطابعها التراثي والتاريخي ‪.‬‬ ‫التحديث مقابل الحفاظ‬ ‫تتميز اتجاهات التطور الحالي للمنطقة بسرعة التغيرات غير المسيطر عليها‬ ‫الجزاء كبيرة من المدينة القديمة في ظل اعتبارات تجعل من عملية التطوير مجرد‬ ‫اضافة بنى مدمجة ومعزولة وبصورة عشوائية غير نابعة من رؤى تخطيطية شاملة ‪.‬‬

‫كان لتنفيذ عدد من المشاريع المنفردة في المنطقة تاثيرات سلبية على مجمل‬ ‫النسيج العمراني للمدينة القديمة مما ادى الى اضعاف تماسكه وتشظيه نتيجة لعدم‬ ‫تخطيط هذه المشاريع بالشكل الذي يتماشى مع النظام الحضري التقليدي للمدينة القديمة‬ ‫من ناحية وعدم تحديد مواقع ووظائف هذه المشاريع ضمن اطار تخطيطي شامل‬ ‫ورؤية مستقبلية من ناحية اخرى ‪.‬‬ ‫يالحظ االندثار السريع للمنطقة التاريخية من خالل النمو غير المنضبط لالسواق‬ ‫التجارية وعلى الخصوص اسواق الجملة التـي استمرت في احتالل مساحات إضافية‬ ‫لمرافقها على حساب النسيج التاريخي والعمراني ‪ ،‬مما تسبب في اضمحالل الهياكل‬ ‫التاريخية للمدينة و سوء استخدامها وانعدام صيانتها ‪.‬سرعة هذه التطورات وغياب‬ ‫التنظيم بين العمليات التطويرية المنفردة التـي لم يتم تحقيق الفائدة المرجوة منها‪.‬‬

‫الاضطراب اذلي تسببه اسواق‬ ‫امجلةل يشل احلركة الطبيعية ملركز‬ ‫املدينة ويرسع يف تفكك مكوانهتا‬ ‫احلرضية‬

‫شمل التدهور الحضري المناطق السكنية القديمة والتـي تشكل الجزء االكبر من‬ ‫النسيج الحضري للمدينة القديمة والتـي يجب العمل على تطويرها والحفاظ عليها قبل‬ ‫ان تذوب وتتاكل وتضمحل وتصبح عملية الحفاظ عليها مستحيلة من الناحية العملية ‪.‬‬

‫‪123‬‬


‫بغداد عام ‪:1917‬‬ ‫ا أللوان اليت ميكن مشاهدهتا يف‬ ‫بغداد وضواحهيا هو اللون‬ ‫الازرق واذلهيب القدمي والذلان‬ ‫يغطيان املساجد واملآذن‪.‬‬ ‫ان هذه الفس يفساء الرباقة تشلك‬ ‫مزجيا" مرحيا لالعصاب يف بدل‬ ‫اختفت الوانه بسبب الرتاب اذلي‬ ‫يغطي ارض وجدران وسقوف‬ ‫البيوت اضافة اىل ذرات الغبار‬ ‫املمزوجة ابلهواء احلار و التـي‬ ‫حتوم فوق لك ش ئي‪.‬‬ ‫من مذكرات ادموند اكندلر‬

‫اضطراب املشهد‬ ‫احلرضي للمدينة‬ ‫من جراء املباين‬ ‫املرتفعة اليت‬ ‫توزعت بصورة‬ ‫عشوائية يف مركز‬ ‫املدينة‬ ‫الواهجة الهنرية للمدينة القدمية كام يه يف بداية القرن احلادي والعرشين‬

‫تناسق وتنامغ‬ ‫املباين القدمية‬ ‫واملآذن والقباب يف‬ ‫تشكيل خط‬ ‫السامء يف حال‬ ‫عدم وجود املباين‬ ‫املرتفعة‬ ‫الواهجة الهنرية كام اكنت يف مس هتل القرن العرشين (رمس حمور) يبني تشابك احلداثة والرتاث يف املشهد احلرضي للمدينة القدمية‬

‫‪122‬‬


‫شارع الرشيد‬ ‫هذا الشارع الذي جرى شقه على النمط الغربي عبر‬ ‫خطوط مشاة رئيسية ومسارات تاريخية تمتد من ضفة‬ ‫النهر باتجاهات مختلفة‪ ،‬حيث تم فرضه على النسيج‬ ‫العمراني للمدينة من دون االخذ في االعتبار البنية‬ ‫الحضرية التقليدية واالختالفات ما بينها وما بين المدن‬ ‫الغربية وطبيعتها‪ ،‬االمر الذي ادى الى قطع امتدادات البنيه‬ ‫الحضريه التي تشكلت عبر التاريخ ‪ .‬كما اصبح دور نهر‬ ‫دجلة هامشيا بعد ان كان العصب الرئيس للمدينة وانعزلت‬ ‫الشواخص الهامة مثل القصر العباسي والمدرسة‬ ‫المستنصرية وغيرها من جهة كما تقطعت امتدادات‬ ‫االسواق والمسارات التاريخية من جهة اخرى ‪.‬‬ ‫بعد عدة عقود‪ ،‬غدا هذا الشارع المعلم الرئيس في‬ ‫المدينة التاريخية والعصب االساسي لها ومركزها التجاري‬ ‫والمالي‪.‬‬

‫‪1917‬‬

‫‪1927‬‬

‫‪1937‬‬

‫احليدرخانة خالل تسعني عاما‬ ‫توحض الصور اليت التقطت يف اوقات‬ ‫خمتلفة تطور الشارع خالل تسعني عاما‬ ‫من القرن العرشين حيث تبني التطور‬ ‫املتسارع خالل مدة مل تتجاوز العرشين‬ ‫عاما (‪ )1937-1917‬ومن مث تلته مرحةل‬ ‫من امجلود خالل الس بعني عاما الالحقة‬ ‫(‪)2007-1937‬‬

‫‪2007‬‬

‫ش‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ش‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ط‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ي ‪125‬‬ ‫ع‬ ‫ب‬


‫تبين اللقطات الموضحة ادناه التطور الذي شهده شارع الرشيد في مناطق مختلفة‬ ‫واوقات مختلفة خالل القرن العشرين‪.‬‬

‫شق الطرق عرب املدينة القدمية‬ ‫كام حدث يف معظم املدن التارخيية يف‬ ‫العامل فقد ادى بناء نظام الطرق الرسيعه‬ ‫عرب البنية التقليديه للرصافة اىل تعطيل‬ ‫ش بكة املشاة الرئيسة من خالل فرض‬ ‫اجتاهات جديدة وخلق نقاط جديدة‬ ‫للفعاليات التجارية والتـي ادت ابلتايل‬ ‫اىل تغيري تدرجيي ملنطقة وسط بغداد‬ ‫واىل تدهور يف وضع الاسواق‬ ‫التقليدية‪.‬‬

‫‪124‬‬


‫كان الحداث القرن العشرين وما خلفته من حروب ونزاعات اخطر االثار‬ ‫على مدينة بغداد القديمة وتطورها‪ .‬اال ان معول االنسان كان اشد وقعا وقسوة‬ ‫على نسيج المدينة المتناغم العريق‪ ،‬اذ قطع اوصال المدينة ومساراتها وعمل‬ ‫على تغيير طابعها وهيكلها مرة‪ ،‬كما وعمل على تجديد مبانيها القديمة بطرق‬ ‫خاطئة مرة اخرى‪ ،‬من دون االهتمام بنتائج تلك االعمال على هيكل المدينة‬ ‫القديم وطابعها العمراني ‪ ،‬وكانت النتيجة فقدان المدينة القديمة للكثير من‬ ‫مخزونها االثري والتراثي وباتت متارجحة ما بين الحديث والقديم‪.‬‬ ‫ان مشكلة التطور الحالي لمركز مدينة بغداد القديمة تكمن‪ ،‬بشكل‬ ‫واضح‪ ،‬في عدم تكامل النسيج الحضري التقليدي وتمزقه‪ ،‬وفقدان مركز‬ ‫المدينة التاريخي هويته المميزة وفعاليته الحضرية‪.‬‬ ‫ان هذا التمزق المتنامى للبنية الحضرية اآلخذ بالتصاعد بات يهدد جديا‬ ‫وجود مركز المدينة التاريخية الزاخرة باالحداث والشواخص العمرانية‬ ‫والتـي كانت مركزا للخالفة العباسية ومنبعا للعلم والعطاء‪ .‬هذا التمزق‪ ،‬سيقود‬ ‫المركز العريق في نهاية المطاف الى الزوال واالندثار‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫حروب وحصار ونزاعات‬ ‫كان للحروب واالضطرابات االمنية التـي ابتلي بها العراق‬ ‫منذ سنة ‪1980‬م والكثر من ثالثة عقود تاثيرا اضافيا مدمرا على‬ ‫المدينة القديمة ‪.‬‬ ‫اذ ادى تراجع اداء االقتصاد الى توقف عمليات التطوير‬ ‫والحفاظ التـي كان من المفترض المباشرة بها خالل ثمانينات القرن‬ ‫الماضي االمر الذي كان تاثيره مباشرا" على بنية االسواق التاريخية‬ ‫واستدامتها فضعف دور االسواق الفولكلورية التخصصية وتضاعف‬ ‫دور اسواق الجملة ‪ ،‬كما ادى ضعف القوة الشرائية والمردود المادي‬ ‫للعقارات الى اهمال صيانة المباني من قبل اصحابها واهملت المباني‬ ‫التراثية العائدة للقطاع العام لشحة التخصيصات المالية‪.‬‬ ‫من المهم االشارة الى صدور العديد من التشريعات الخاصة‬ ‫بالحفاظ على المباني التراثية والتاريخية في تلك الحقبة اال انها لم‬ ‫تكن قابلة للتنفيذ لعدم توفير االدوات الالزمة لتحقيقها على ارض‬ ‫الواقع وبقيت هذه التشريعات حبرا على ورق ‪.‬‬ ‫وبحلول سنة ‪2003‬م تفاقمت االوضاع بعد عمليات النهب‬ ‫والتدمير التـي رافقت احتالل القوات االمريكية للعراق مما ادى الى‬ ‫تخريب وتشويه الكثير من المباني التراثية وفقدانها للعديد من معالمها‬ ‫وخصائصها‪ ،‬كما نال المتبقي من تلك المباني نصيبه ايضا من‬ ‫عمليات االرهاب فتهدم جزء اليستهان به منها واحترق وتهدم‬ ‫البعض االخر واختفى من الوجود‪.‬‬ ‫من ناحية اخرى زاد سوء االوضاع االمنية وضعف الرقابة‬ ‫وانتشار الفساد من تفاقم نوع وعدد التجاوزات على النسيج العمراني‬ ‫والتراثي للمدينة مما تسبب في فقدان العديد من المباني التراثية في‬ ‫المنطقة عموما وشارع الرشيد خصوصا‪.‬‬

‫‪126‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.