Alharmal 01 11 2014 (3) - العدد الثالث من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪ %90‬من السوريني تحت‬ ‫خط الفقر إذا استمرت‬ ‫‪ Her Daim Özgürlük‬األزمة حتى ‪( 2015‬اسكوا)‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪6‬‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫الموت في مخيم عابدين‪..‬‬

‫مفتتح الكالم‬

‫وصدمة في واشنطن‪!..‬‬

‫الكح��ل والعم��ى يف‬ ‫املعارضة الس��ورية‬ ‫د‪.‬كمال اللبواني‬

‫‪7‬‬

‫وتبقى الكلمة‬ ‫قلوب ثائرة‬

‫‪8‬‬

‫انتصار عبدالمنعم‬

‫قصــف الطــران املروحــي بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة مخيــم عابديــن يف ريــف‬ ‫محافظــة إدلــب‪ ،‬مــا أدى ملــرع ‪/75/‬‬ ‫مدنيــاً مــن ســكان املخيــم‪ ،‬وعــرات‬ ‫الجرحــى الذيــن تــم نقلهــم إىل املشــايف‬ ‫امليدانيــة‪.‬‬ ‫وأعربــت الواليــات املتحــدة عــن صدمتهــا‬ ‫إزاء التقاريــر الــواردة تباعــاً عــن قصــف‬ ‫مخيــم الالجئــن شــال إدلــب‪ ،‬واصفــة‬ ‫القصــف بالـ»الهجــوم الهمجــي»‪ .‬وجــاء‬ ‫عــى لســان املتحدثــة باســم الخارجيــة‬

‫األمريكيــة جنيفــر ســايك أ ّن الواليــات‬ ‫«تعــر عــن صدمتهــا إزاء قيــام‬ ‫املتحــدة‬ ‫ّ‬ ‫نظــام األســد بقصــف مخيــم عابديــن‬ ‫للنازحــن يف محافظــة إدلــب بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة‪ ،‬وإزاء الصــور التــي تردنــا‬ ‫مــن هنــاك والتــي تشــر إىل وقــوع‬ ‫مجــزرة بحــق مدنيــن أبريــاء»‪ .‬وقالــت‬ ‫ســايك‪« :‬ال خيــار لنــا إال بتأكيــد تفاصيــل‬ ‫املجــزرة التــي ال ميكــن وصفهــا بأقــل مــن‬ ‫همجيــة‪ ،‬وأن الجيــش الســوري مســؤول‬ ‫عنهــا وهــذا عمــل وحــي جديــد يرتكبــه‬

‫النظــام الســوري ضــد شــعبه»‪.‬‬ ‫وتشــر تقاريــر املرصــد الســوري لحقــوق‬ ‫اإلنســان أن أكــر مــن ‪ /221/‬شــهيدا ً‬ ‫مدني ـاً‪ ،‬وأكــر مــن ‪ /500/‬جريــح ســقطوا‬ ‫يف نحــو ‪ /800/‬غــارة نفذتهــا طائــرات‬ ‫النظــام الحربيــة واملروحيــة خــال عــرة‬ ‫أيــام خلــت يف عــدة مناطــق يف محافظــات‬ ‫حمــص وحــاة وإدلــب ودرعــا وحلــب‬ ‫والالذقيــة وريــف دمشــق والقنيطــرة‪،‬‬ ‫إضافــة إىل مقتــل ‪ /26/‬شــهيدا ً قضــوا يف‬ ‫ســجون النظــام األســدي‪.‬‬

‫«دي مستورا» ليس لديه خطة سالم‪..‬‬

‫وإنما مناطق مجمدة؟!‬ ‫ق��ول يف حري��ة املرأة‬

‫‪9‬‬

‫غسان مفلح‬

‫«املناطــق املجمــدة» مصطلــح جديــد‬ ‫يف األزمــة الســورية‪ ،‬حقــوق ملكيتــه‬ ‫للمبعــوث الــدويل ســتفان دي مســتورا‪،‬‬ ‫وحقــوق اســتثامره لصالــح الغــرب‪،‬‬ ‫ودافــع رضيبتــه الشــعب الســوري‪ ،‬فيــا‬ ‫النظــام يلعــب عــى هامــش الوقــت يف‬ ‫ظــل رىض رويس‪.‬‬ ‫فبعــد مناطــق الحظــر الجــوي‪ ،‬واملمرات‬ ‫اآلمنــة‪ ،‬واملناطــق العازلــة‪ ،‬اقــرح دي‬

‫مســتورا إقامــة مــا ســاه «مناطــق‬ ‫متجمــدة» يف ســورية‪ ،‬يتــم فيهــا تعليــق‬ ‫النــزاع والســاح بإيصــال املســاعدات‬ ‫اإلنســانية‪.‬‬ ‫وأضــاف أنهــا ليســت خطــة ســام‪ ،‬وإمنــا‬ ‫خطــة تحــرك لتخفيــف معانــاة الســكان‬ ‫بعــد أكــر مــن ثــاث ســنوات مــن‬ ‫الحــرب‪.‬‬ ‫واعتــر املبعــوث األممــي أن مدينــة‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫حلــب املقســمة قــد تكــون «مرشــحة‬ ‫جيــدة» لتجميــد النـزاع فيهــا‪ ،‬مــن دون‬ ‫مزيــد مــن التفاصيــل‪.‬‬ ‫فــاذا يخبــئ املجتمــع الــدويل للشــعب‬ ‫الســوري مــن مفاجــآت؟!‬ ‫وأيــن االئتــاف والحكومــة املؤقتــة عـ ّـا‬ ‫يــدور يف كواليــس السياســة الدوليــة؟‬ ‫أم أنهــم خيــاالت مآتــة يف مرتــع املــوت‬ ‫الســوري؟!‬

‫ه��ل م��ا ت��زال الث��ورة قائمة؟!‬

‫ماجد رشيد العويد‬

‫هــل مــا يجــري يف ســوريا ثــورة؟ وبصياغــة أخــرى للســؤال هــل‬ ‫الثــورة مــا تــزال قامئــة يف ســوريا؟‬ ‫ســؤال مــروع ومنطقــي يــدور عــى ألســنة كثرييــن‪ ،‬وخصوصـاً بعــد‬ ‫الدمــاء الغزيــرة التــي بُذلــت باســمها‪.‬‬ ‫االنتقــال مــن الســلمية إىل العســكرة ال يعنــي إطالقــاً أن الثــورة‬ ‫ماتــت بــل هــي انتقلــت مــن حــال إىل آخــر‪.‬‬ ‫مل تكــن عســكرة الثــورة خيــارا ً ثوري ـاً يف األشــهر الســتة األوىل‪ .‬صــار‬ ‫هــذا واقع ـاً معروف ـاً‪ ،‬وبالتــايل ال ميكــن نــزع الصفــة الثوريــة عــن‬ ‫الثــورة عندمــا حمــل الثائــرون الســاح ألن العنــف يولّــد العنــف‪.‬‬ ‫ســلمية غانــدي عــى ســبيل املثــال كانــت بوجــه قــوة مســتعمرة‬ ‫متحــرة‪ ،‬بينــا وقــف الســوريون بوجــه نظــام مجــرم دمــر البلــد‪،‬‬ ‫وقتــل البــر‪ .‬مل يكــن مــن املمكــن البقــاء عــى قيــد املظاه ـرات‪،‬‬ ‫وســقوط ع ـرات القتــى والجرحــى يومي ـاً ألن النظــام‪ ،‬مــن حيــث‬ ‫املبــدأ ال يهتــم بســقوط هــذا العــدد وكان مســتعدا ً لتقبلــه‪ ،‬وإن‬ ‫اســتمر األمــر ســنوات طويلــة‪.‬‬ ‫يف الجانــب اآلخــر‪ ،‬هــل صــار مــن املســلم بــه أن بعض ـاً مــن روح‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية خــرج مــن رحــم التاريــخ األســود‪ ،‬أعنــي‬ ‫جانبــه املظلــم‪ ،‬وراح هــذا البعــض ميــرح يف جســد واســع ويريــد‬ ‫تغذيتــه بتعاليــم فــات أوانهــا؟ وهــل بإحيــاء هــذه البــؤرة املظلمــة‬ ‫يقــوم مبــا قــام بــه البعثيــون األوائــل مــن تخويــف النــاس وإرهابهــم‬ ‫ليكونــوا حاضنــة باإلرغــام‪ ،‬وتتلقــى عنهــم الرضبــات؟‪ .‬لكــن حــارض‬ ‫هــذا التنظيــم‪ ،‬الــذي نشــأ يف بعــض روحــه عــى املــايض‪ ،‬يقــوم يف‬ ‫حــارضه العســكري عــى أحــدث الخطــط مــا يعنــي أنــه يعمــل‬ ‫عــى اســتغالل الجــذر الدينــي لــدى العامــة يف تكريــس هيمنتــه عــى‬ ‫األرض ويط ـ ّور مــن خططــه العســكرية لينفــذ السياســة التــي يريــد‬ ‫بهــا أن يحكــم يف هــذا العــامل‪.‬‬ ‫بــن هاتــن القوتــن يقــع الســوريون فريســة‪ ،‬ويتصيدهــم مــوت‬ ‫داهــم‪ ،‬ويدفــع ببلدهــم باتجــاه الصوملــة‪ ،‬وإذا مــا أضفنــا حســابات‬ ‫القــوى اإلقليميــة والدوليــة فإننــا نســتطيع القــول‪ :‬إن املجهــول الــذي‬ ‫دخلــت فيــه ســوريا لــن ينتهــي باتجــاه غــد مــرق يلــ ّم شــمل‬ ‫الســوريني ثانيــة قبــل عقديــن ورمبــا أكــر مــن الســنني‪.‬‬ ‫واملحبــط يف األمــر أن املعارضــة الســورية التــي «متثّــل» الشــعب‬ ‫الســوري غــر ناضجــة إلخراجــه مــن هــذا املجهــول وقتامتــه‪ .‬بقــي‬ ‫القــول تعويـاً شــبه يائــس عــى بقايــا الجيــش الحــر‪ ،‬وهــذا بــدوره‬ ‫مل يســتطع إىل اآلن تنظيــف كتائبــه مــن االخـراق‪ ،‬ومــن الفاســدين‪،‬‬ ‫ورمبــا يكــون التعويــل غــر اليائــس يعتمــد عــى النشــاط املــدين‬ ‫الســيايس املطلــوب صناعتــه مــع بقايــا الجيــش الحــر عــى يكــون‬ ‫األمــل يف متنــاول الســوريني‪ ،‬وتعــود الثــورة التــي تريــد كنــس بقايــا‬ ‫نظــام مجــرم عــرف كيــف يصنــع مــن نفســه جيفــة يهــرب منهــا‬ ‫زكاء العــامل‪.‬‬

‫حكومــة طعمــة وإســتراتيجية العمــل المفقــودة‬ ‫م��اذا وراء احلدي��ث ع��ن‬ ‫إرس��ال اجلي��ش احل��ر‬ ‫تعزي��زات إىل كوبان��ي ؟‬ ‫بكر صدقي‬

‫‪13‬‬

‫ما هو برنامج عمل احلكومة السورية املؤقتة‪ ،‬وهل يتضمن‪:‬‬

‫• البحث عن حل تفاويض وسيايس يحقن الدم السوري؟‬ ‫• تفعيل وزارة الدفاع‪ ،‬وإعادة هيكلة الجيش‪ ،‬وتفعيل مؤسساته العسكرية واألمنية؟‬ ‫• اعتامد مبدأ الكفاءة‪ ،‬واالبتعاد عن املحاصصة‪ ،‬وترسيخ دولة املؤسسات؟‬ ‫• إنشاء نظام محاسبي ملكافحة الفساد‪ ،‬ويطال الجميع مبن فيهم أعضاء الحكومة واالئتالف؟‬ ‫• متابعــة قضايــا املعتقلــن وأرس الشــهداء وتطويــر املؤسســات التعليميــة والطبيــة ومكافحــة‬ ‫الفقــر‪..‬؟‬

‫محاولة فاشلة‪ ..‬الغتيال قائد لواء ثوار الرقة‬

‫صفح��ة واح��دة‪..‬‬

‫نيروز مالك‬

‫تعــرض قائــد لــواء ثــوار الرقــة «أبــو عيــى»‬ ‫ملحاولــة اغتيــال نقــل عــى إثرهــا إىل أحــد مشــايف‬ ‫شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬حيــث تلقــى هنــاك العــاج‬ ‫ج ـراء إصابتــه بعياريــن ناريــن يف البطــن‪ ،‬وفيــا‬ ‫متاثــل للشــفاء بــث عــدد مــن الناشــطني عــى‬ ‫صفحــات التواصــل االجتامعــي تســجيالً صوتيــاً‬

‫أليب عيــى يوضــح فيــه مالبســات الحادثــة‪.‬‬ ‫وتشــر الحادثــة إىل خطــورة متزايــدة‬ ‫للوضــع عــى الحــدود يف الجانــب الــريك‬ ‫فيــا يخــص الناشــطني ومقاتــي املعارضــة‪،‬‬ ‫وتفتــح البــاب أمــام أســئلة متالحقــة حــول‬ ‫ظــروف الواقعــة‪ ،‬ومــن يقــف وراء الحــادث‪.‬‬ ‫وماتــزال التحقيقــات جاريــة ملعرفــة الفاعلــن‪.‬‬

‫هــذه بعــض األســئلة املرشوعــة التــي‬ ‫ينتظــر املواطــن الســوري يف الداخــل ويف‬ ‫املنــايف واملغرتبــات وأماكــن اللجــوء اإلجابــة‬ ‫عليهــا‪ ،‬يف غيــاب برنامــج عمــل واضــح‬ ‫للحكومــة الســورية املؤقتــة‪.‬‬

‫الرقة تتعرض لقصف طيران التحالف مجددا‪..‬‬

‫اســتهدفت قــوات التحالــف منــذ عــر يــوم‬ ‫الخميــس ‪ 2014-10-30‬محافظــة الرقــة‬ ‫بعــدة غــارات جويــة توزعــت عــى مدينــة الرقــة‬ ‫وريفيهــا الشــايل والرشقــي‪.‬‬ ‫حيــث تعرضــت مدينــة الرقــة لتســع غــارات جويــة‬ ‫إســتهدفت األمــن الســيايس ســابقاً‪ ،‬واملنطقــة‬ ‫الواقعــة بالقــرب مــن الرقابــة والتفتيــش ومركــز‬ ‫معالجــة الســل بالقــرب مــن كــراج البوملــان‪،‬‬

‫واملنطقــة الواقعــة بالقــرب مــن البنــك املركــزي‬ ‫ومبنــى الحســبة‪.‬‬ ‫كــا تعرضــت بلــدة ســلوك لغــارة جويــة نجــم‬ ‫عنهــا ‪ 13‬قتيــاً مــن تنظيــم الدولــة اإلســامية‪،‬‬ ‫وإعطــاب دبابــة‪ ،‬وبيــك آب‪.‬‬ ‫أمــا الريــف الرشقــي «معــدان» فقــد تعــرض املركــز‬ ‫الثقــايف فيــه‪ ،‬وهــو حالي ـاً مقــر املحكمــة الرشعيــة‬ ‫لتنظيــم الدولــة لقصــف طـران التحالــف‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪2‬‬

‫ميثاق الشرف اإلعالمي للفيدرالية الدولية مازال هو األفضل‪!..‬‬

‫يوسف دعيس‬ ‫ينتظر الس��وريون الكثري من احلكومة املؤقتة س��يما وأنهم يعانون من الظلم والقهر واجلوع يف ظل مواصلة النظام‬ ‫األسدي قتل املدنيني‪ ،‬وتدمري البنى التحتية‪ ،‬واملباني العامة واخلاصة‪ ،‬وإخراج املشايف واألفران واملطاحن ومؤسسات‬ ‫الص��رف الصح��ي ومي��اه الش��رب والكهرب��اء والط��رق عن اخلدمة الفعلي��ة‪ ،‬وتراجع أداء القط��اع الزراعي والصناعي إىل‬ ‫أدن��ى املس��تويات‪ ،‬والس��ؤال األه��م أي��ن دور احلكوم��ة املؤقت��ة يف اس��تهداف الالجئ�ين والنازح�ين يف دول اجل��وار والداخ��ل‬ ‫الس��وري‪ ،‬وال��ذي جت��اوز عددهم العش��رة ماليني؟!‪.‬‬ ‫ماذا يريد الس��وريون من هذه احلكومة اجلديدة‪ ،‬وماذا ينتظرون منها؟ وهل اس��تطاعت احلكومة الس��ابقة تلبية احلد‬ ‫األدنى من احتياجاتهم؟ أسئلة طرحناها على ناشطني ومهتمني بالشأن العام يف داخل الوطن وخارجه‪.‬‬

‫الدكتور‪ :‬ن‪ .‬ا‬ ‫تفتقــر محافظــة ديــر الــزور للــكادر الطبــي‬ ‫والتمريــي يف املناطــق الخاضعــة لســيطرة‬ ‫قــوى املعارضــة‪ ،‬كــا أن أوضــاع املعيشــة‬ ‫داخــل املشــايف ســيئة جــدا ً حيــث الحالــة‬ ‫أشــبه مبعســكر داخــل قبــو ومعظــم‬ ‫املمرضــن هــم مســعفون دون دراســة‪،‬‬ ‫تعلمــوا اإلســعاف األويل خــال الثــورة‪ ،‬ويتــم‬ ‫الحصــول عــى معظــم املســتلزمات الطبيــة‬ ‫مــن أنقــاض املشــايف املدمــرة‪ ،‬والباقــي مــن‬ ‫الحكومــة بصعوبــة‪ ،‬ولفــرة قريبــة كنــا نحصل‬ ‫عــى األدويــة مــن املســتودعات القدميــة‪،‬‬

‫ومؤخـرا ً مــن الحكومــة‪ ،‬لكنهــا شــحيحة جــدا ً‬ ‫قياســاً بعــدد الســكان‪ ،‬ومقارنــة مــع عــدد‬ ‫الحــاالت املرضيــة‪ ،‬ومعظــم األدويــة النوعيــة‬ ‫قليلــة أو غــر متوفــرة إطالقــاً‪.‬‬ ‫دور الحكومــة الســابقة عبــارة عــن تواصــل‬ ‫دون نتائــج فعليــة يف ظــل صعوبــة التواصــل‬ ‫مــع الداخــل‪ ،‬وكمثــال ع ّينــت الحكومــة‬ ‫مديــرا ً للصحــة يقيــم يف مدينــة الحســكة‪،‬‬ ‫حاليــاً نأمــل مــن الحكومــة الجديــدة أن‬ ‫تبحــث إمكانيــة زيــادة ترغيــب األطبــاء‬ ‫والــكادر الفنــي مبتابعــة الشــأن العلمــي مــن‬ ‫خــال التواصــل والتعليــم املســتمر‪ ،‬حيــث‬

‫الطبيــب هنــا ينقطــع عــن العــامل فالطــب‬ ‫علــم مســتمر‪ ،‬وتحســن نوعيــة الحيــاة‬ ‫بتهيئــة ســكن أفضــل‪ ،‬ومــورد مــايل أفضــل‪،‬‬ ‫وزيــادة الدعــم يف مجــال املعــدات الطبيــة‪.‬‬ ‫برصاحــة ال يوجــد إحصائيــة جديــة حــول‬ ‫أمــراض املنطقــة واألمــراض الســارية‬ ‫واملعديــة‪ ،‬يعنــي أنــا طبيــب األطفــال الوحيــد‬ ‫يف املدينــة‪ ،‬والــيء الــذي أعرفــه أنــه‬ ‫اللقاحــات غــر متوفــرة بشــكل متواصــل‪ ،‬ومل‬ ‫أســترش وال مــرة‪ ،‬ومــن النــادر أن يطلــب منــي‬ ‫إحصائيــة جديــة حــول األمــراض الســارية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫هل حق ًا يتناقض ميثاق الشـرف اإلعالمي مع فكرة االنتماء؟!‬

‫آراء حول الحكومة السورية المؤقتة‬ ‫* عبدالقادر العلي‬ ‫إن املرحلــة التــي ميــر بهــا بلدنــا‪ ،‬ال ميكــن وصفها‬ ‫االّ بالكارثيــة عــى جميــع الصعــد‪ ،‬االجتامعيــة‬ ‫واالقتصاديــة والسياســية‪ ،‬وهــذه الجوانــب‬ ‫الثالثــة هــي مــا تحــدد متامـاً نجــاح أو فشــل أي‬ ‫حكومــة إن كان يف وقــت الحــرب أو الســلم‪.‬‬ ‫يف واقــع الحــال‪ ،‬أن ماليــن الســوريني ممــن‬ ‫رشدوا‪ ،‬يعيشــون حالــة يــرىث لهــا‪ ،‬مــا يتطلــب‬ ‫مــن أي حكومــة تــرف وتديــر شــؤون املناطــق‬ ‫املحــررة أن تكــون حكومــة متتلــك مــن مقومــات‬ ‫اإلدارة مــا يكفــي للتخفيــف مــن حــدة األزمــة‬ ‫ووقعهــا‪.‬‬ ‫ممــن اطلعــوا عــى تاريــخ الحــروب‪ ،‬يعلمــون‬ ‫متامـاً‪ ،‬أن الحــروب تســتهلك االقتصــاد برسعــة إذا‬ ‫مل تتخــذ الحكومــة إجــراءات محــددة للتحكــم‬ ‫بــإدارة املؤسســات االقتصاديــة بقــوة منعــاً‬ ‫للفســاد‪ ،‬والــذي يســمى اقتصــاد الحــرب‪ .‬وهــذا‬ ‫مــا كانــت تفتقــده حكومــة االئتــاف مــن بدايــة‬ ‫تشــكيلها إىل فــرة انتهائهــا واتهامهــا بالفســاد‬ ‫ذاتــه‪ .‬مل تكــن هــذه الحكومــة قــادرة عــى‬ ‫خلــق االنســجام بــن وزاراتهــا‪ ،‬وعاجــزة عــن‬ ‫إدارة ذاتهــا‪ ،‬فكيــف ســتتمكن مــن إدارة اقتصــاد‬ ‫حــرب يتطلــب تنظيــم محكــم ومراقــب ونزيــه‬ ‫وشــفاف‪.‬‬ ‫إن الــراع بــن مكونــات االئتــاف املتناقضــة‬ ‫سياســياً جعلتــه مشــلوالً متامــاً عــن القيــام‬ ‫بــأي مهمــة‪ .‬وخاصــة أن الطــرف املســيطر‬ ‫عــى سياســته هــم اإلخــوان املســلمون‪ ،‬الذيــن‬ ‫اســتطاعوا وبدعــم مــن دولــة قطــر عــى تحويــل‬ ‫حكومــة االئتــاف‪ ،‬مــن حكومــة إداريــة للوضــع‬ ‫الــكاريث‪ ،‬إىل إدارة حكومــة لذاتهــا‪ ،‬وإدارة الـراع‬ ‫بــن أعضائهــا لصالــح أطــراف ضــد أطــراف‪،‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫وبالتــايل مل يكــن لهــذه الحكومــة إال أن تكــون‬ ‫فاشــلة‪ ،‬بــل أصبحــت عائقــاً أمــام أي تحــول‬ ‫نحــو األفضــل‪ ،‬ليــس عــى صعيــد دعــم املناطــق‬ ‫املحــررة وإدارة اقتصادهــا املنهــك أصـاً‪ ،‬ناهيــك‬ ‫عــن دعــم مخيــات اللجــوء‪.‬‬ ‫ال أمتلــك أرقام ـاً محــددة‪ ،‬كــا ال ميتلــك غــري‬ ‫عــى مــا أعتقــد عــن إجــازات الحكومــة الســابقة‬ ‫أو الحاليــة والتــي برأيــي ال تختلــف عــن‬ ‫ســابقتها‪ ،‬كونهــا مــا زالــت متثــل طرف ـاً سياســياً‬ ‫واحــدا ً‪ ،‬وهــو الطــرف الــذي ميتلــك القــدرات‬ ‫املاديــة‪ ،‬والذيــن همهــم الوحيــد التحكــم بزمــام‬ ‫األزمــة‪ ،‬وليــس البحــث عــن حلــول وتقديــم‬ ‫الخدمــات األساســية للمناطــق املحــررة‪.‬‬ ‫رمبــا أســوأ نتائــج هــذه السياســة‪ ،‬هــي‬ ‫أن الحكومــة أصبحــت عالــة عــى مســار‬ ‫الثــوة‪ ،‬وبــؤرة فســاد وتركيــز مقيــت ملامرســة‬ ‫البريوقراطيــة‪ ،‬وبقــاء رئيــس الحكومــة عــى رأس‬ ‫الحكومــة‪ ،‬يعنــي بقــاء السياســة والنهــج نفســه‪،‬‬ ‫وبالتــايل بقــاء الوضــع عــى األرض نفســه‪ ،‬إن كان‬ ‫بخصــوص إدارة املناطــق املحــررة أو يف عالقــة‬ ‫الحكومــة مــع املؤسســات‪.‬‬ ‫ويف النهايــة‪ ،‬إذا مل تنتقــل هــذه الحكومــة مــن‬ ‫فنــادق الخمــس نجــوم إىل األرض املحــررة‬ ‫ومامرســة نشــاطاتها عــى أرض الواقــع‪ ،‬ســتبقى‬ ‫حكومــة النجــوم الخمــس‪ ،‬وليــس حكومــة‬ ‫قــل نظريهــا‪ ،‬ولهــذا‬ ‫لشــعب يعيــش مأســاة َّ‬ ‫فــإ َّن مــايض هــذه الحكومــة يشــر بوضــوح‬ ‫إىل مســتقبلها‪ ،‬وفشــلها يف الفــرة املاضيــة‪ ،‬لــن‬ ‫يجعــل منهــا حكومــة ناجحــة دون تغيــر منــط‬ ‫عملهــا وسياســتها تجــاه أهلنــا يف الداخــل‪.‬‬

‫ميثــاق الشــرف اإلعالمــي واالنتمــاء‬ ‫يف الي��وم األول للورش��ة الوطني��ة لإلع�لام ال�تي‬ ‫عق��دت مؤخ��راً يف اس��طنبول بتنس��يق م��ن املكت��ب‬ ‫اإلعالمي لالئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة‪،‬‬ ‫بتاري��خ ‪ 2014/10/17‬واس��تمرت لثالث��ة أي��ام‪ ،‬ق��دم‬ ‫الزمي��ل واإلعالم��ي الس��وري عل��ي س��فر ورق��ة مهم��ة‬ ‫ح��ول ميث��اق الش��رف اإلعالم��ي‪ ،‬وه��و مش��كور عل��ى‬ ‫إث��ارة ه��ذا املوض��وع ألهميت��ه يف ع��دة مس��تويات‪.‬‬ ‫البعث احتكر اإلعالم‪!..‬‬ ‫بدايــة ألن نظــام البعــث الــذي احتكــر اإلعــام يف ســوريا‬ ‫منــذ ســيطرته عــى الســلطة السياســية يف آذار ‪ ،1963‬ألغــى‬ ‫النقابــات املهنيــة ومنهــا نقابــة الصحفيــن‪ ،‬وحولهــا إىل‬ ‫مجــرد اتحــادات تتبــع لقيــادة الحــزب املســيطر‪ ،‬وبالتــايل مل‬ ‫يكــن معنيـاً بوضــع أي ميثــاق رشف إعالمــي يضبــط العمــل‬ ‫املهنــي ويوجهــه‪ ،‬حتــى أن قانــون اإلعــام الــذي أقــر بعــد‬ ‫انطــاق الثــورة الســورية‪ ،‬وضمــن دمياغوجيــا اإلصــاح التــي‬ ‫تشــدق بهــا النظــام الســوري‪ُ ،‬حذفــت منــه إشــارة خجولــة‬ ‫إىل وثيقــة الــرف اإلعالمــي العــريب‪ ،‬التــي أقرهــا مجلــس‬ ‫جامعــة الــدول العربيــة تنفيــذا ً مليثــاق التضامــن العــريب‬ ‫الصــادر عــن مؤمتــر القمــة العربيــة بالــدار البيضــاء يف ‪15‬‬ ‫ســبتمرب عــام ‪« ،1965‬وثيقــة ‪ »1‬لكنهــا وئــدت حــن رفضــت‬ ‫أغلــب األنظمــة العربيــة تنفيذهــا‪..‬‬ ‫الفهم الملتبس لمواثيق‬ ‫الشرف اإلعالمي‪!..‬‬ ‫املســألة الثانيــة أن بعــض األنظمــة العربيــة تخلــط بــن‬ ‫ميثــاق الــرف وبــن القانــون الجـزايئ‪ ،‬حيــث تطالــب بســن‬ ‫قوانــن وعقوبــات ناظمــة للعمــل اإلعالمــي‪ ،‬وفيــا نعتقــد‬ ‫أن القانــون الجــزايئ لــكل دولــة يكفــل وجــود عقوبــات‬ ‫ناظمــة فيــا يتعلــق مبخالفــة القوانــن واملواثيــق العامــة‪،‬‬ ‫إال أن بعــض األكادمييــن العــرب ســبق واقــرح رضورة وجــود‬ ‫أو اســتحداث «محكمــة اإلعــام» عــى غـرار محكمــة األرسة‬ ‫والطفــل واملحاكــم املتخصصــة األخــرى؛ لتكــون وظيفتهــا‬ ‫تحقيــق التــوازن بــن حريــة الصحافــة واإلعــام وحريــة‬ ‫املجتمــع‪ .‬فيــا يــرى أغلــب اإلعالميــن أن ميثــاق الــرف‬

‫يعــر عــن الضمــر املهنــي إن صــح التعبــر‪ ،‬ويشــبه املبــادئ‬ ‫فــوق الدســتورية‪ ،‬والتــي يجــري التعاقــد عليهــا لوضــع‬ ‫أخالقيــات العمــل اإلعالمــي وضبــط الســلوكيات املهنيــة‪.‬‬ ‫وهــو جــزء مــن املســؤولية النقابيــة املغيبــة يف ســلطة‬ ‫البعــث‪ ،‬وليــس مســؤولية الحكومــة أو وزارة اإلعــام‪.‬‬ ‫ونالحــظ يف هــذا الســياق أنــه منــذ عــام ‪ 1910‬تاريــخ‬ ‫صــدور أول ميثــاق رشف إعالمــي لرابطــة الصحفيــن يف‬ ‫واليــة كنســاس األمريكيــة وحتــى اآلن صــدر أكــر مــن‬ ‫‪ 220‬ميثــاق رشف إعالمــي‪ ،‬تهتــم باملســؤولية األخالقيــة‬ ‫واالجتامعيــة التــي يتعاقــد عليهــا املوقعــون عــى تلــك‬ ‫املواثيــق لضبــط الســلوك املهنــي‪ ،‬وتحديــد أطــر العالقــات‬ ‫الناظمــة بــن اإلعالميــن ومؤسســاتهم مــن جهــة‪ ،‬وبــن‬ ‫اإلعالميــن واملؤسســات اإلعالميــة تجــاه املجتمــع واألف ـراد‬ ‫أيضــاً‪.‬‬ ‫مالحظات على مواثيق الشرف‬ ‫اإلعالمي‪!..‬‬ ‫لكــن قــراءة املشــهد اإلعالمــي العــريب تحيلنــا غالبــاً إىل‬ ‫جهــود رســمية لبعــض الــدول أو املنظــات الرســمية‬ ‫كاتحــاد الصحفيــن العــرب‪ ،‬أو جامعــة الــدول العربيــة‪،‬‬ ‫أو حتــى مجلــس التعــاون الخليجــي‪ ،‬لوضــع صيــغ ملزمــة‬ ‫مليثــاق الــرف اإلعالمــي‪ ،‬تكــون مهمتهــا األوىل ضبــط‬ ‫حريــة اإلعــام واإلعالميــن مبســميات الخصوصيــة الثقافيــة‬ ‫واالنتــاء الحضــاري والهويــة الوطنيــة‪ ،‬بحيــث ينــزاح‬ ‫مبــدأ الوفــاء للوطــن ليتحــول إىل الت ـزام أو وفــاء للســلطة‬ ‫السياســية‪ ،‬ويكــون هــو املعيــار األول لهــذه العمليــة‪ ،‬فيــا‬ ‫نكتشــف أن األســس واملبــادئ الســابقة ليســت إال شــعارات‬ ‫حــق ي ـراد بهــا باطــل‪.‬‬ ‫ويف وثيقــة «البــث واالســتقبال الفضــايئ يف املنطقــة‬ ‫العربيــة» التــي اعتمدهــا وزراء اإلعــام العــرب يف الثــاين‬ ‫عــر مــن شــباط‪ /‬فريايــر ‪ 2011‬واعرتضــت كل مــن قطــر‬ ‫ولبنــان عــى توقيعهــا‪ ،‬فشــل هــؤالء الــوزراء أنفســهم يف‬ ‫اجتامعهــم األخــر ‪ 2011‬ببحــث اآلليــات التــي وعــدوا‬ ‫بالتزامهــا لتطبيــق هــذه الوثيقــة التــي اعتربوهــا ميثــاق‬

‫أنـور بـدر‬

‫رشف إعالمــي عــريب‪ ..‬لقــد وقفــت دول أخــرى مثــل ســوريا‬ ‫واإلمــارات العربيــة املتحــدة وليبيــا والجزائــر إىل جانــب قطر‬ ‫ولبنــان ملعارضتهــا‪ ،‬ولــكل دولــة أســبابها الخاصــة‪ .‬واضطــر‬ ‫وزراء اإلعــام العــرب أمــام هــذه التحديــات أن يتبنــوا قـرارا ً‬ ‫اعتــروا فيــه هــذه الوثيقــة «ملحــق ‪ »2‬اسرتشــادية فقــط‬ ‫بعــد أن كانــت ملزمــة‪ ،‬كــا أقــروا تشــكيل مفوضيــة عليــا‬ ‫للبــث واالســتقبال الفضــايئ العــريب‪..‬‬ ‫إزاء هــذه الوثيقــة ومــا أثارتــه مــن جــدل ونقــد كبرييــن‪،‬‬ ‫ميكننــا أن نســجل أهــم مــا ورد فيهــا‪ ،‬وذلــك بعــرض بنودهــا‬ ‫محــل الجــدل‪ ،‬كــا ميكننــا أن نشــر إىل بعــض اإليجابيــات‬ ‫التــي وردت فيهــا وكثــر مــن الســلبيات التــي احتوتهــا‪.‬‬ ‫رغــم وجــود بعــض اإليجابيــات خاصــة يف هــذه الصيغــة‬ ‫املتقدمــة‪ ،‬إال أن املــادة األوىل منــه نصــت بأنــه «يقــوم‬ ‫اإلعــام عــى حقــن‪ ،‬حــق التعبــر وحــق االطــاع‪ ،‬وهــو‬ ‫يكمــن بالتــايل يف صلــب كل نشــاط إمنــايئ عــى صعيــد‬ ‫املعرفــة والثقافــة والرتبيــة‪ ،‬ولذلــك تعــن عليــه أن يعمــل‬ ‫عــى تأكيــد القيــم الدينيــة واألخالقيــة الثابتــة‪ ،‬واملثــل‬ ‫العليــا املرتاكمــة يف الــراث البــرى‪ ،‬وأن ينشــد الحقيقــة‬ ‫املجــردة يف خدمــة الحــق والخــر‪ ،‬ويســعى إىل شــد األوارص‪،‬‬ ‫وتعميــق التفاهــم والتفاعــل والتبــادل ماديــاً ومعنويــاً يف‬ ‫املجتمــع العــريب والــدويل»‪.‬‬ ‫ففــي النصــف الثــاين مــن هــذه العبــارة اســتنتاج دراماتيــي‬ ‫ال عالقــة لــه باملقدمــات‪ ،‬يقــول «ولذلــك تعــن عليــه أن‬ ‫يعمــل عــى تأكيــد القيــم الدينيــة واألخالقيــة الثابتــة»!‬ ‫ويف مســودة هــذه الوثيقــة التــي ألغيــت‪ ،‬كان يوجــد نــص‬ ‫رصيــح عــى حــاالت الطــوارئ واالســتثناءات التــي تهــدد‬ ‫حيــاة األمــة واملعلــن قيامهــا رســمياً‪ ،‬بحيــث «يجــوز للــدول‬ ‫األطـراف يف هــذا امليثــاق أن تتخــذ يف أضيــق الحــدود التــي‬ ‫يتطلبهــا الوضــع تدابــر ال تتقيــد فيهــا بااللتزامــات املرتتبــة‬ ‫عليهــا مبقتــى هــذا امليثــاق»‪.‬‬ ‫أي ألغــت كل ميثــاق الــرف‪ ،‬وكل حقــوق التعبــر‪،‬‬ ‫والحريــات‪ ،‬باســم حالــة الطــوارئ‪ ،‬تلــك الحالــة التــي‬ ‫ســادت يف ســوريا قرابــة نصــف قــرن مــن الزمــن‪.‬‬

‫ومنــه نجــد أن املؤسســات العربيــة الرســمية مــا زالــت‬ ‫تســعى إلخضــاع اإلعــام لســيطرتها‪ ،‬وتتجاهــل الكثــر مــن‬ ‫مبــادئ الــرف اإلعالمــي‪ ،‬ورشوط املهنيــة واســتقالل اإلعــام‬ ‫باســم املشــركات العامــة لألمــة والوطــن‪ ،‬اللتــن تنحطــان‬ ‫وفــق تلــك املعايــر إىل حجــم أحذيــة الســلطة األمنيــة‬ ‫والسياســية املســيطرة‪ .‬متجاهلــة مصالــح وطموحــات األرسة‬ ‫اإلعالميــة واإلعالميــن األفـراد‪ ،‬خاصــة يف ظــل انتشــار اإلعالم‬ ‫الرقمــي‪ ،‬وبــؤس الرقابــات الرســمية‪.‬‬ ‫لكــن املدهــش أكــر هــو إرصار أغلــب املواثيــق العربيــة‬ ‫الرســمية وشــبه الرســمية عــى «ترســيخ املبــدأ القــايض‬ ‫بــأن جميــع حقــوق اإلنســان عامليــة‪ ،‬وغــر قابلــة للتجزئــة‪،‬‬ ‫ومرتابطــة ومتشــابكة»! لكنهــم دومـاً يعــودون للتغــول عــى‬ ‫هــذه الحقــوق والحريــات‪ ،‬باســم الخصوصيــة والثقافــة‬ ‫والهويــة الوطنيــة‪ ،‬خاصــة وأن الفيدراليــة الدوليــة لحقــوق‬ ‫االنســان وضعــت صيغــة عامــة مليثــاق الــرف اإلعالمــي‪،‬‬ ‫مــا زال هــو األفضــل رغــم عموميتــه‪ ،‬وثيقــة ‪.3‬‬ ‫ميثاق الشرف اإلعالمي وفكرة‬ ‫االنتماء‪..‬‬ ‫املســألة األخــرة التــي دفعتنــي لكتابــة هــذه الزاويــة‬ ‫الصغــرة‪ :‬هــل حقـاً يتناقــض ميثــاق الــرف اإلعالمــي مــع‬ ‫فكــرة االنتــاء؟‬ ‫أعتقــد جازمـاً أننــا كســوريني يجــب علينــا مــن بــاب الــرف‬ ‫والوطنيــة أن ننتمــي لســوريا ولثــورة الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫دون أن يتناقــض ذلــك مــع كل معايــر الــرف اإلعالمــي‬ ‫واملواثيــق الدوليــة‪ ،‬علينــا أن نكــون ضــد العنــف والقتــل‬ ‫والتدمــر التــي ميارســها النظــام يف مســاحة ســوريا الوطــن‪،‬‬ ‫وأعتقــد أنــه علينــا كإعالميــن االلتــزام مبواثيــق الــرف‬ ‫اإلعالمــي‪ ,‬فنظــام الفســاد والطغيــان يرتكــب يوميــا عـرات‬ ‫املجــازر ويقــع ضحيتــه مئــات القتــى والجرحــى واملصابــن‪,‬‬ ‫ولــن نحتــاج إىل تزويــر الحقائــق لنثبــت للعــامل أجمــع‪،‬‬ ‫ولشــعبنا الســوري أوالً وآخــرا ً بــأن الثــورة عــى حــق وأن‬ ‫هــذا النظــام زائــل مهــا غــا الثمــن‪.‬‬

‫ملحــق الوثائــق‬

‫الناشط مأمون المعيدي‪:‬‬ ‫عــى الرغــم مــن جميــع املســاوئ وتبعيــات‬ ‫بعــض املســؤولني فيهــا ألجنــدة خارجيــة كان‬ ‫لهــا عمــل جيــد يف بعــض املــدن املحــررة‪،‬‬ ‫ونتأمــل مــن الحكومــة الحاليــة أن تكــون‬ ‫مســتقلة بالق ـرار والتنفيــذ‪ ،‬وإعــادة النظــر يف‬ ‫جميــع األســاء التــي تنضــوي تحــت ســقف‬ ‫الحكومــة املؤقتــة‪ ،‬والعمــل بشــكل مكثــف‬ ‫وطــرح برنامــج فــوري لتشــغيل الشــباب‬ ‫الثــوري‪.‬‬ ‫األديب علوان زعيتر‪:‬‬ ‫ال أتأمــل شــيئاً مــن الحكومــة الحاليــة مــادام‬ ‫نفــس االشــخاص الذين كانوا ســابقاً يف الحكومة‬ ‫الســابقة هــم اآلن يف الحكومــة الجديــدة‪،‬‬ ‫وعــى رأســهم أحمــد طعمــة‪ ،‬مل نــ َر أيــة‬ ‫أعــال للحكومــة الســابقة عــى أرض الواقــع‪،‬‬ ‫ثــم أن تشــكيل الحكومــة مل يكــن عــى أســس‬ ‫وطنيــة‪ ،‬بــل جــاء التشــكيل وفــق إمــاءات‬ ‫دول إقليميــة وضعــت مــن ميثلهــا بهــذه‬ ‫الحكومــة‪ ،‬التــي ال متثــل الشــعب الســوري‪ ،‬بــل‬ ‫متثــل مصالــح تلــك الــدول‪ ،‬وتعمــل ملصالــح‬ ‫تلــك الــدول‪ ،‬ولــو كانــت حكومــة تحــرم‬ ‫نفســها الســتقالت بالكامــل أمــام قضيــة مــوت‬ ‫األطفــال باللقاحــات الفاســدة يف منطقــة ريــف‬ ‫معــرة النعــان‪ ،‬وأنــا شــخصياً ال أثــق بحكومــة‬ ‫مل يشــكلها الشــعب أبــدا ً ال ســابقاً وال الحق ـاً‪.‬‬

‫الناشــط السياســي محمــد‬ ‫صبحــي ‪:‬‬ ‫الحكومــة كمؤسســة تنفيذيــة تتحمــل‬ ‫التقصــر الســيايس لالئتــاف الوطنــي لقــوى‬ ‫الثــورة واملعارضــة وقصــور متثيلــه الداخــي‬ ‫والخارجــي‪ ،‬وبالتــايل هــي انعــكاس طبيعــي‬ ‫لســيطرة الكتلــة الرئيســية يف ائتــاف (إخــوان‬ ‫املســلمني)‪ ،‬وهــم يحاولــون جاهديــن أخونــة‬ ‫الحكومــة دون االلتفــات إىل املصالــح العليــا‬ ‫للســوريني‪ ،‬ويدلــل عــى ذلــك إرصار االئتــاف‬ ‫عــى إعــادة انتخــاب نفــس الرئيــس مــا يشــر‬ ‫إىل الرتكيــز عــى شــكليات ســلطوية‪ ،‬وعــدم‬ ‫تعميــم الثقافــة الدميقراطيــة‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫وقوعهــا يف أمـراض مزمنــة لــدى الســوريني مــن‬ ‫محســوبية وفســاد وانتهازيــة وصوليــة‪.‬‬ ‫مــا أمتنــاه ان تتجــاوز حكومــة طعمــة‬ ‫الجديدة‪/‬القدميــة كل هــذه األمــراض‪ ،‬وأن‬ ‫تبنــي مؤسســتها العســكرية البديلــة مبــا‬ ‫يضمــن إســقاط النظــام‪ ،‬وتحقيــق املصالــح‬ ‫العليــا للســوريني يف العدالــة االجتامعيــة‬ ‫واملســاواة‪.‬‬ ‫عبــد الباســط الحســين ـ نائــب‬ ‫نقيــب المعلميــن األحــرار‪:‬‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة منــذ تشــكيلها‬ ‫كان أداؤهــا وعملهــا ضعيفــاً‪ ،‬وخصوصــاً‬ ‫تجــاه محافظــة الرقــة‪ ،‬التــي كانــت محــررة‪،‬‬ ‫وهــذا التهميــش مل يكــن فقــط مــن الحكومــة‬

‫بــل حتــى مــن االئتــاف‪ ،‬حيــث مل تتــم أي‬ ‫تســهيالت أو نقــل ملراكــز االئتــاف ومــن بعــده‬ ‫الحكومــة إىل داخــل املحافظــة حتــى متــت‬ ‫الســيطرة عليهــا مــن قبــل تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪.‬‬ ‫بالنســبة للحكومــة الجديــدة‪ ،‬إذا كانــت‬ ‫األجنــدات نفســها‪ ،‬والتحويــات ضعيفــة‬ ‫للداخــل‪ ،‬والرواتــب الخياليــة لقياداتهــا نفســها‪،‬‬ ‫أعتقــد أن الداخــل املحــرر ســتكون خســائره‬ ‫أكــر يف ظــل التهميــش املســتمر واملتواصــل‪.‬‬ ‫المحامي عبد الكريم‬ ‫الجوهر‪:‬‬ ‫بالنســبة للحكومــة الســورية الســابقة فهــي‬ ‫منبثقــة مــن الشــعب الســوري الحــر‪ ،‬ومتثلــه‬ ‫عــى الــورق فأشــبهها بالــرأس‪ ،‬وأشــبه الشــعب‬ ‫بالجســد‪ ،‬لكنهــا منفصــان فكيــف يعيــش‬ ‫جســد بــا رأس‪.‬‬ ‫أمــا فيــا يتعلــق بالحكومــة الجديــدة‬ ‫فســتكون شــبيهة بســابقتها طاملــا هــي‬ ‫بالخــارج‪ ،‬والشــعب الســوري بالداخــل والنــازح‬ ‫والالجــئ يف دول الجــوار‪ ،‬ويف الدولــة التــي‬ ‫تتواجــد فيهــا مقــرات الحكومــة وممثليهــا‬ ‫عاجــزة عــن مســاعدتهم‪ ،‬وعــن إيجــاد الحلــول‬ ‫لجــزء بســيط مــن مشــكالتهم‪.‬‬ ‫أرى أن الحكومــة يف واد والشــعب الســوري يف‬ ‫واد‪ ،‬وال يوجــد عــدل أو مســاواة بني الســوريني‪،‬‬ ‫مــع اعتــاد مبــدأ الكيــل مبكيالــن‪ ،‬الــذي‬ ‫يعنــي بوضــوح أ َّن مــن لــه مــن ميثلــه مــن‬

‫أبنــاء املحافظــات يف الحكومــة املؤقتــة أو يف يف تقســيم محافظــة الحســكة‪.‬‬ ‫االئتــاف ســيكون لــه الحظــوة واالهتــام‪.‬‬ ‫ويف النهايــة أرى أن الحكومــة التــي كانــت الناشط خليل البري‪:‬‬ ‫والتــي ســتكون‪ ،‬لــن متثــل إال نفســها‪ ،‬ولــو الحكومــة املؤقتــة الســابقة مل تقــم بــأي أداء‬ ‫أننــي أمتنــى العكــس ولكــن املطالــب ال ملمــوس‪ ،‬وكشــخص أعمــل بشــكل فعــي يف‬ ‫مجــال الخدمــات العامــة واملجــال اإلنســاين‬ ‫تتحقــق بالتمنــي‪.‬‬ ‫أســتطيع أن أقــول إن الحكومــة مل تقــم بــأي‬ ‫سليمان حمدي ـ اتحاد‬ ‫منظمات المجتمع المدني ـ أعــال ملموســة عــى األرض‪ ،‬ومل تعمــل‬ ‫بشــكل تقنــي كــا أنهــا ال متلــك أيــة أرضيــة أو‬ ‫فرع الحسكة‪:‬‬ ‫برصاحــة مل تقــدم الحكومــة الســابقة أي مرشوعيــة‪ ،‬تغلــب عــى عملهــا املحســوبيات‬ ‫يشء للمواطــن الســوري‪ ،‬وأخــص بالذكــر هنــا والتخبــط‪ ,‬جمعنــي لقــاء عمــل مــع أحــد‬ ‫محافظــة الحســكة تحديــدا ً‪ ،‬التــي ظُلمــت وزرائهــا‪ ،‬وكان االســتجداء أحــد أهــم مطالبــه‬ ‫كثــرا ً‪ ،‬وكان لنــا أمــل بــأن يكــون هنــاك دون تقديــم أي خطــط حقيقيــة‪ ،‬ثــم أنــه مل‬ ‫محــاوالت مــن الحكومــة ملســاعدة أهــايل يـ ِ‬ ‫ـف حتــى بوعــده بإرســال دراســات ميكــن أن‬ ‫الحســكة لكــن هــذا األمــل فقدنــاه منــذ زمــن‪ ،‬تقــوم املنظمــة التــي أعمــل معهــا بالنظــر فيهــا‬ ‫بالنســبة للحكومــة الجديــدة نأمــل منهــا أن لدراســة إمكانيــة تبنــي هــذه املشــاريع‪.‬‬ ‫تقــوم بواجبهــا تجــاه الشــعب الســوري يف ال أعتقــد أن الحكومــة لبــت مــا يصــل نســبته‬ ‫إىل ‪ %5‬مــن متطلبــات املناطــق املحــررة التــي‬ ‫الداخــل أوالً ويف دول الشــتات‪.‬‬ ‫متكنــت الحكومــة مــن الوصــول إليهــا‪ ،‬وال‬ ‫حسن الظاهر ـ اتحاد‬ ‫أتأمــل الكثــر مــن الحكومــة التــي أعتقــد أنهــا‬ ‫منظمات المجتمع المدني ـ‬ ‫ستســتمر بنفــس النهــج الفوضــوي البعيــد‬ ‫فرع الحسكة‪:‬‬ ‫كل البعــد عــن العمــل املؤسســايت الحقيقــي‬ ‫عــى العكــس مل تقــدم لنــا الحكومــة أي‬ ‫املرتكــز عــى الواقــع‪.‬‬ ‫نــوع مــن املســاعدة‪ ،‬لنــا عتــب نحــن أهــايل‬ ‫عبد الحافظ كلش‪ ،‬مدرس‪:‬‬ ‫الحســكة عــى الحكومــة الســابقة‪ ،‬وعــى‬ ‫نحــن متفائلــون بعمــل الحكومــة القــادم رغــم‬ ‫دورهــا يف تقســيم محافظــة الحســكة عــى ســيطرة بعــض الشــللية عــى املراكــز الفاعلــة‬ ‫مبــدأ املحاصصــة‪ ،‬كــا فعــل بنــا النظام ســابقاً‪ ،‬يف الحكومــة‪ ،‬فنحــن هنــا لســنا أمــام حالــة‬ ‫حكومــة أحمــد طعمــة كان لهــا الــدور األكــر مثاليــة جــدا ً‪.‬‬

‫وثيقــة‪ :1‬ميثــاق الــرف اإلعالمــي العــريب‪ :‬تنفيــذا ً‬ ‫مليثــاق التضامــن العــريب الصــادر عــن مؤمتــر القمــة‬ ‫العربيــة بالــدار البيضــاء يف ‪ 15‬ســبتمرب عــام ‪ ،1965‬أقــر‬ ‫مجلــس جامعــة الــدول العربيــة إعــان ميثــاق الــرف‬ ‫اإلعالمــي العــريب‪ .‬وأوجــب امليثــاق عــى اإلعــام العــريب‪:‬‬ ‫«أن يعمــل عــى تأكيــد القيــم الدينيــة واألخالقيــة‬ ‫الثابتــة‪ ،‬واملثــل العليــا املرتاكمــة يف الــراث البــرى‪،‬‬ ‫وأن ينشــد الحقيقــة املجــردة يف خدمــة الحــق والخــر‪،‬‬ ‫ويســعى إىل شــد األوارص‪ ،‬وتعميــق التفاهــم والتفاعــل‬ ‫والتبــادل‪ ،‬ماديـاً ومعنويـاً‪ ،‬يف املجتمــع العــريب والــدويل»‪.‬‬ ‫وأضــاف امليثــاق‪« :‬تحــرص وســائل اإلعــام العربيــة عــى‬ ‫مبــدأ التضامــن العــريب يف كل مــا تقدمــه للــرأي العــام يف‬ ‫الداخــل والخــارج‪ ،‬وتســهم بإمكاناتهــا جميعـاً يف تدعيــم‬ ‫التفاهــم والتعــاون بــن الــدول العربيــة‪ ،‬وتتجنــب نــر‬ ‫كل مــا مــن شــأنه اإلســاءة إىل التضامــن العــريب‪ ،‬ومتتنــع‬ ‫عــن توجيــه الحمــات ذات الطابــع الشــخيص»‪.‬‬ ‫كــا تحــرص وســائل اإلعــام العربيــة ‪-‬طبقــا للميثــاق‪-‬‬ ‫عــى رفــض مبــادئ التمييــز العنــري‪ ،‬والعصبيــة‬ ‫الدينيــة‪ ،‬والتعصــب بجميــع أشــكاله‪ ،‬وهــي تناضــل‬ ‫يف ســبيل املبــادئ العادلــة‪ ،‬وحــق الشــعوب يف تقريــر‬ ‫مصريهــا‪ ،‬وحــق األفــراد يف الحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫ويلتــزم اإلعالميــون العــرب بالصــدق واألمانــة يف تأديتهــم‬ ‫لرســالتهم‪ ،‬وميتنعــون عــن إتبــاع األســاليب التــي تتعــرض‬ ‫بطريقــة مبــارشة أو غــر مبــارشة للطعــن يف كرامــة‬ ‫الشــعوب‪ ،‬مــع احــرام ســيادتها الوطنيــة واختياراتهــا‬ ‫األساســية‪ ،‬وعــدم التدخــل يف شــئونها الداخليــة‪ ،‬وعــدم‬ ‫تحويــل اإلعــام إىل أداة للتحريــض عــى اســتعامل‬ ‫العنــف‪ ،‬وعــدم التجريــح بالنســبة لرؤســاء الــدول‪،‬‬ ‫وعــدم االنحــراف بالجــدل عــن جــادة االعتــدال»‪.‬‬ ‫وطبقــا للميثــاق أيضــا يلتــزم «اإلعالميــون العــرب‬ ‫بالصــدق واملوضوعيــة يف نــر األنبــاء والتعليقــات‪،‬‬ ‫وميتنعــون عــن اعتــاد الوســائل غــر املرشوعــة يف‬ ‫الحصــول عــى األخبــار والصــور والوثائــق وغريهــا مــن‬ ‫مــواد اإلعــام‪ ،‬ويحافظــون عــى رسيــة مصــادر األخبــار‬ ‫إال فيــا ميــس األمــن الوطنــي والقومــي‪ ،‬ويُعتــر‬ ‫االفــراء أو االتهــام دون دليــل مــن األخطــاء الجســيمة‬ ‫التــي تتعــارض مــع أخالقيــات مهنــة اإلعــام‪ ،‬ويلتــزم‬ ‫اإلعالميــون بتكذيــب أو تصويــب األنبــاء التــي يثبــت‬ ‫عــدم صحتهــا»‪.‬‬

‫وثيقة ‪ :2‬ميثاق الرشف اإلعالمي العريب رقم ‪:2‬‬ ‫تنفيــذا ً مليثــاق التضامــن العــريب الصــادر عــن مؤمتــر‬ ‫القمــة بالــدار البيضــاء ‪65/9/15‬م‪ ،‬وانطالق ـاً مــن ســائر‬ ‫التوصيــات والقــرارات الصــادرة عــن مؤمتــرات القمــة‬ ‫ومجلــس جامعــه الــدول العربيــة ومجلــس وزراء اإلعــام‬ ‫العــرب التــي اســتهدفت إيجــاد سياســة إعالميــة بٌنــاءة‬ ‫عــى الصعيديــن القومــي واإلنســاين‪.‬‬ ‫والتزامــاً بتوصيــات اللجنــة الدامئــة لإلعــام العــريب‬ ‫يف دور انعقادهــا الثالثــن‪ ,‬والحــادي والثالثــن والتــي‬ ‫نصــت عــى رضورة وضــع ميثــاق رشف إعالمــي عــريب‬ ‫قومــي‪ ،‬وعمـاً باملواثيــق واالتفاقــات الدوليــة‪ ،‬واســتلهاماً‬ ‫لنصــوص املواثيــق واالتفاقــات العربيــة‪ ،‬وإميان ـاً بالــدور‬ ‫الكبــر لإلعــام يف تعبئــة الــرأي العــام يف الوطــن العــريب‬ ‫لتقريــر املصائــر القوميــة يف هــذه املرحلــة الدقيقــة‬ ‫الحاســمة مــن التاريــخ العــريب املعــارص وصــوالً إىل‬ ‫تحقيــق الوحــدة العربيــة‪ ،‬وحفاظــاً عــى الرســالة‬ ‫اإلعالميــة وســمو أهدافهــا الوطنيــة والقوميــة واإلنســانية‬ ‫وىف ضــوء التطــور الرسيــع الــذي طــرأ عــى وســائل‬ ‫يــر‬ ‫االتصــال بــن الــدول والشــعوب‪ ،‬األمــر الــذي ٌ‬ ‫املزيــد مــن تقــي املعلومــات وتبادلهــا وتصميمهــا‪،‬‬ ‫وفـ َرض نظــرة جديــدة عــى اإلعــام بصفتــه عمـاً رائــدا ً‬ ‫ذا رســالة حضاريــة أساســية بعيــدة األثــر يف حيــاة األفـراد‬ ‫والجامعــات‬ ‫فقــد تــم االتفــاق عــى إعــان ميثــاق الــرف اإلعالمــي‬ ‫العــريب اآليت نصــه‪:‬‬ ‫أوالً‪ -:‬يف املبادئ العامة‬ ‫* املــادة األوىل‪ :‬يقــوم اإلعــام عــى حقــن‪ ،‬حــق التعبــر‬ ‫وحــق االطــاع‪ ،‬وهــو يكمــن بالتــايل يف صلــب كل نشــاط‬ ‫إمنــايئ عــى صعيــد املعرفــة والثقافــة والرتبيــة‪ ،‬ولذلــك‬ ‫تعــن عليــه أن يعمــل عــى تأكيــد القيــم الدينيــة‬ ‫واألخالقيــة الثابتــة‪ ،‬واملثــل العليــا املرتاكمــة يف الــراث‬ ‫البــرى‪ ،‬وأن ينشــد الحقيقــة املجــردة يف خدمــة الحــق‬ ‫والخــر‪ ،‬ويســعى إىل شــد األوارص وتعميــق التفاهــم‬ ‫والتفاعــل والتبــادل مادي ـاً ومعنوي ـاً يف املجتمــع العــريب‬ ‫والــدويل‬ ‫* املــادة الثانيــة‪ :‬إن حريــة التعبــر رشط أســايس لإلعــام‬ ‫الناجــح وهــي مكســب حضــاري تحقــق عــر الكفــاح‬ ‫اإلنســاين الطويــل وجــزء ال يتجــزأ مــن الحريات األساســية‬ ‫املنصــوص عليهــا يف اإلعــان العاملــي لحقــوق اإلنســان‪.‬‬

‫ولكــن املســئولية رشط أســايس ملامرســة هــذه الحريــة‬ ‫بحيــث ال تتجــاوز حــدود حريــات اآلخريــن‪.‬‬ ‫ثانياً‪ -:‬يف املسئوليات‬ ‫* املــادة الثالثــة‪ :‬تتحمــل وســائل اإلعــام العربيــة‬ ‫مســئولية خاصــة تجــاه اإلنســان العــريب‪ ،‬وهــى تلتــزم‬ ‫بــأن تقــدم لــه الحقيقــة الخالصــة الهادفــة إىل خدمــة‬ ‫قضايــاه وأن تعمــل عــى تكامــل شــخصيته القوميــة‬ ‫وإمنائهــا فكريــاً وثقافيــاً واجتامعيــاً وسياســياً‪ ،‬وإظهــار‬ ‫حقوقــه وحرياتــه األساســية‪ ،‬وترســيخ إميانــه بالقيــم‬ ‫الروحيــة واملبــادئ الخلقيــة األصيلــة وعــى تربيــة‬ ‫الشــباب عــى احــرام حقــوق اإلنســان واالعتــداد‬ ‫بشــخصيته القوميــة وتنميــة حــس اإلنســان بواجباتــه‬ ‫تجــاه مجتمعــه ووطنــه وأمتــه العربيــة‪.‬‬ ‫* املــادة الرابعــة‪ :‬عــى وســائل اإلعــام العــريب أن ت ُعــرف‬ ‫بالوطــن العــريب وتراثــه وتاريخــه وإمكانياتــه البرشيــة‬ ‫واملاديــة واملعنويــة وعدالــة قضايــاه األساســية‪.‬‬ ‫* املــادة الخامســة‪ :‬تحــرص وســائل اإلعــام العربيــة عــى‬ ‫مبــدأ التضامــن العــريب يف كل مــا تقدمــه للــرأي العــام يف‬ ‫الداخــل والخــارج‪ ،‬وتســهم بإمكاناتهــا جميعـاً يف تدعيــم‬ ‫التفاهــم والتعــاون بــن الــدول العربيــة‪ ،‬وتتجنــب نــر‬ ‫كل مــا مــن شــأنه اإلســاءة إىل التضامــن العــريب‪ ،‬ومتتنــع‬ ‫عــن توجيــه الحمــات ذات الطابــع الشــخيص‪.‬‬ ‫* املــادة السادســة‪ :‬تحــرص وســائل اإلعــام العربيــة عــى‬ ‫رفــض مبــادئ التمييــز العنــري‪ ،‬والعصبيــة الدينيــة‪،‬‬ ‫والتعصــب بجميــع أشــكاله‪ ،‬وهــي تناضــل يف ســبيل‬ ‫املبــادئ العادلــة وحــق الشــعوب يف تقريــر مصريهــا‬ ‫وحــق األفــراد يف الحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫وكذلــك تلتــزم وســائل اإلعــام العربيــة بالنضــال ضــد‬ ‫االســتعامر بجميــع أشــكاله‪ ،‬والعــدوان مبختلــف أســاليبه‪،‬‬ ‫ومبســاندة الشــعوب الناميــة ودول عــدم االنحيــاز‪،‬‬ ‫وبالتنســيق مــع أصدقــاء العــرب مــن رجــال اإلعــام‬ ‫للتأثــر عــى مراكــز القــوة يف الــرأي العــام العاملــي ملــا‬ ‫فيــه خــر العــرب وخــر أصدقائهــم‪.‬‬ ‫* املــادة الســابعة‪ :‬يلتــزم اإلعالميــون العــرب بالصــدق‬ ‫واألمانــة يف تأديتهــم لرســالتهم‪ ،‬وميتنعــون عــن إتبــاع‬ ‫األســاليب التــي تتعــرض بطريقــة مبــارشة أو غــر‬ ‫مبــارشة للطعــن يف كرامــة الشــعوب‪ ،‬مــع احــرام‬ ‫ســيادتها الوطنيــة واختياراتهــا األساســية‪ ،‬وعــدم التدخــل‬ ‫يف شــئونها الداخليــة‪ ،‬وعــدم تحويــل اإلعــام إىل أداة‬

‫للتحريــض عــى اســتعامل العنــف‪ ،‬وعــدم التجريــح‬ ‫بالنســبة لرؤســاء الــدول‪ ،‬واالنحــراف بالجــدل عــن‬ ‫جــادة االعتــدال‪ ،‬حرصـاً عــى قدســية الرســالة اإلعالميــة‬ ‫ورشفهــا‪.‬‬ ‫* املــادة الثامنــة‪ :‬يلتــزم اإلعالميــون العــرب بالصــدق‬ ‫واملوضوعيــة يف نــر األنبــاء والتعليقــات‪ ،‬وميتنعــون‬ ‫عــن اعتــاد الوســائل غــر املرشوعــة يف الحصــول عــى‬ ‫األخبــار والصــور والوثائــق وغريهــا مــن مــواد اإلعــام‪،‬‬ ‫ويحافظــون عــى رسيــة مصــادر األخبــار إال فيــا ميــس‬ ‫األمــن الوطنــي والقومــي‪ ،‬ويعتــر االفــراء أو االتهــام‬ ‫دون دليــل مــن األخطــاء الجســيمة التــي تتعــارض مــع‬ ‫أخالقيــات مهنــة اإلعــام‪ ،‬ويلتــزم اإلعالميــون بتكذيــب أو‬ ‫تصويــب األنبــاء التــي يثبــت عــدم صحتهــا‪.‬‬ ‫* املــادة التاســعة‪ :‬يحافــظ اإلعالميــون العــرب عــى‬ ‫ســامة اللغــة العربيــة وبالغتهــا‪ ،‬ويصونونهــا مــن مزالــق‬ ‫العاميــة والعجمــي‪ ،‬ويعملــون عــى نرشهــا بــن أبنــاء‬ ‫األمــة العربيــة لتحــل تدريجي ـاً محــل اللهجــات العامــة‬ ‫وذلــك دع ـاً للتفاهــم بينهــم‪.‬‬ ‫* املــادة العــارشة‪ :‬يتعــن عــى وســائل اإلعــام العــريب‬ ‫أن تعطــي أهميــة خاصــة لألخبــار واملــواد اإلعالميــة‬ ‫العربيــة عامــة ولألخبــار واملــواد اإلعالميــة التــي تقدمهــا‬ ‫وكاالت األنبــاء العربيــة والصديقــة خاصــة‪.‬‬ ‫* املــادة الحاديــة عــر‪ :‬يعمــل اإلعالميــون العــرب عــى‬ ‫إبــراز الكفــاءات واملواهــب الفرديــة والتجــارب ألبنــاء‬ ‫االمــة العربيــة واكتشــافها يف صفــوف األجيــال الصاعــدة‬ ‫وإبرازهــا‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ -:‬يف واجبات الحكومات واملؤسسات‬ ‫* املــادة الثانيــة عــر‪ :‬تكفــل الحكومــات العربيــة‬ ‫حريــة الضمــر املهنــي للعاملــن يف حقــل اإلعــام العــريب‪،‬‬ ‫وتســهل لهــم أمــر القيــام بواجبهــم يف نطــاق روح هــذا‬ ‫امليثــاق‪ ،‬وعــى ضــوء األهــداف العربيــة الكــرى املتفــق‬ ‫عليهــا‪.‬‬ ‫* املــادة الثالثــة عــر‪ :‬تكفــل الحكومــات العربيــة حريــة‬ ‫تنقــل اإلعالميــن العــرب يف مختلــف أرجــاء الوطــن‬ ‫العــريب‪ ،‬كــا تكفــل لهــم حريــة العمــل والتنظيــم‬ ‫املهنــي‪.‬‬ ‫وثيقــة ‪ :3‬ميثــاق رشف الفيدراليــة الدوليــة للصحافيــن‪:‬‬ ‫يتــم اعتــاد هــذا اإلعــان العاملــي مبثابــة معيــار لــأداء‬ ‫املهنــي للصحافيــن الذيــن يقومــون بجمــع ونقــل‬

‫وتوزيــع املعلومــات باإلضافــة إىل أولئــك الذيــن يقومــون‬ ‫بالتعليــق عــى األنبــاء أثنــاء تناولهــم لألحــداث‪:‬‬ ‫ احـرام الحقيقــة وحــق الجمهــور يف الوصــول إليهــا هــو‬‫أوىل واجبــات الصحفي‪.‬‬ ‫ خــال أدائهــم لعملهــم ســيقوم الصحافيــون ويف جميــع‬‫األوقــات بالدفــاع عــن الحريــة مــن خــال النقــل األمــن‬ ‫والصــادق لألنبــاء ونرشهــا‪ ،‬وكذلــك الحــق يف إبــداء‬ ‫تعليقــات وآراء نقديــة بشــكل عــادل‪.‬‬ ‫ســيقوم الصحفــي بنــر تلــك األنبــاء وفقــاً للحقائــق‬ ‫التــي يعلــم مصدرهــا فقــط ولــن يقــوم بإخفــاء‬ ‫معلومــات هامــة أو تزييــف وثائــق‪.‬‬ ‫سيســتخدم الصحفــي وســائل مرشوعــة للحصــول عــى‬ ‫األنبــاء أو الصــور أو الوثائــق‪.‬‬ ‫ســيقوم الصحــايف ببــذل أقــى طاقتــه لتصحيــح‬ ‫وتعديــل معلومــات نــرت ووجــد بأنهــا غــر دقيقــة‬ ‫عــى نحــو يسء‪.‬‬ ‫ســيلتزم الصحفــي باتبــاع الرسيــة املهنيــة فيــا يتعلــق‬ ‫مبصــدر املعلومــات الــذي يطلــب عــدم إفشــائه‪.‬‬ ‫عــى الصحفــي التنبــه للمخاطــر التــي قــد تنجــم عــن‬ ‫التمييــز والتفرقــة اللذيــن قــد يدعــو إليهــا اإلعــام‪،‬‬ ‫وســيبذل كل مــا بوســعه لتجنــب القيــام بتســهيل مثــل‬ ‫هــذه الدعــوات التــي قــد تكــون مبنيــة عــى أســاس‬ ‫عنــري أو الجنــس أو اللغــة أو الديــن أو املعتقــدات‬ ‫السياســية وغريهــا مــن املعتقــدات أو الجنســية أو‬ ‫األصــل االجتامعــي‪.‬‬ ‫ســيقوم الصحفــي باعتبــار مــا ســيأيت عــى ذكــره عــى‬ ‫أنــه تجــاوز مهنــي خطــر‪ :‬االنتحــال‪ ،‬التفســر بنيــة‬ ‫الســوء‪ ،‬االفــراء‪ ،‬الطعــن‪ ،‬القــذف‪ ،‬االتهــام عــى غــر‬ ‫أســاس‪ ،‬قبــول الرشــوة ســواء مــن أجــل النــر أو إلخفــاء‬ ‫املعلومــات‪.‬‬ ‫عــى الصحافيــن الجديريــن بصفتهــم هــذه أن يؤمنــوا‬ ‫أن مــن واجبهــم املراعــاة األمينــة للمبــادئ التــي تــم‬ ‫ذكرهــا‪ .‬ومــن خــال اإلطــار العــام للقانــون يف كل دولــة‪،‬‬ ‫وفيــا يخــص القضايــا املهنيــة عــى الصحفــي أن يراعــي‬ ‫اســتقاللية زمالئــه باســتثناء أي شــكل مــن أشــكال‬ ‫التدخــل الحكومــي أو غــره‪.‬‬ ‫تــم تبنــي هــذا إلعــان مــن قبــل املجلــس العاملــي‬ ‫للفيدراليــة الدوليــة للصحفيــن عــام ‪ 1954‬وتــم تعديلــه‬ ‫مــن قبــل املجلــس عــام ‪.1986‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪5‬‬

‫مــن الواقــع التعليمي في مــدارس الســوريين بأورفا‬

‫أنتظــر النهاية الســعيدة‬

‫عروة المهاوش‬

‫عزت القمحاوي‬

‫بلغنــي أيهــا القــارئ الرشــيد ذو الــرأي الســديد أن أخــي‬ ‫وأوالدي اآلن يف عــرض البحــر‪ .‬ال أعــرف هــل يصلــون إىل‬ ‫بــر األمــان أم‪....‬؟ ال أريــد أن أقــول الكلمــة الفظيعــة حتــى‬ ‫ال تتحقــق‪ .‬حلقــي ناشــف‪ ،‬وال أنــام إال بعــد إرهــاق يشــبه‬ ‫اإلغــاء‪ ،‬أغمــض عينــي للحظــات وأقــوم مفزوع ـاً‪.‬‬ ‫مل أفكــر أن أكتــب مــن قبــل‪ ،‬لكننــي قــارئ نهــم للقصــص‪،‬‬ ‫وخصوصــاً ألــف ليلــة وليلــة‪ ،‬التــي قرأتهــا مــرارا ً‪ ،‬وكان‬ ‫أجمــل مــا يعجبنــي فيهــا أن شــهرزاد اســتطاعت أن تؤجــل‬ ‫موتهــا ليلــة بعــد ليلــة بســبب قدرتهــا عــى تشــويق امللــك‬ ‫املتعطــش للــدم‪ .‬اســتطاعت برباعتهــا أن تجعــل شــهريار‬ ‫أكــر تعطشـاً للحكايــة‪ .‬تذكــرت ألــف ليلــة يف قلــب الرعــب‬ ‫الــذي أعيشــه‪ ،‬فقــررت أن أحــي لكــم‪.‬‬ ‫ال أضمــن قــدريت عــى صناعــة تشــويق يؤجــل مــويت رعب ـاً‬ ‫أو مــوت أرسيت غرق ـاً‪ ،‬لكننــي ســأحيك لــي يشــاركني أوالد‬ ‫الحــال يف الدعــاء لراكبــي الخطــر‪ ،‬يك تُكتــب لهــم النجــاة‬ ‫مــن هــذه املحنــة‪.‬‬ ‫ســأحيك‪ ،‬وإن مل تقــرأوا قصتــي‪ ،‬ســأحيك للبحــر املالــح الــذي‬ ‫ال يرتــوي مــن دم الضحايــا‪ ،‬لعلــه يعفــو عــن أرسيت كــا عفــا‬ ‫شــهريار عن شــهرزاد‪.‬‬ ‫أقدم لكم نفيس أوالً‪.‬‬ ‫أنــا‪ ،‬يــا أيهــا القــارئ اللبيــب‪ ،‬محاســب ســوري‪ ،‬يف الرابعــة‬ ‫والســبعني مــن عمــري‪ ،‬فــررت مــع أرسيت مــن املــوت‬ ‫األعمــى مثــل املاليــن مــن الســوريني‪ .‬أعتــر أننــا مــن األرس‬ ‫املحظوظــة التــي مل تفقــد أحــدا ً مــن أبنائهــا يف القتــال‬ ‫املجنــون الــذي يــدور هنــاك‪.‬‬ ‫جئنــا إىل مــر أنــا وأخــي وأختــي مــع أوالدنــا وأحفادنــا‬ ‫يف نهايــة ‪ .2011‬ألخــي ثالثــة أبنــاء وخمســة أحفــاد‪ ،‬ويل‬ ‫ابــن مــع زوجتــه وثــاث بنــات‪ ،‬وابنــة مــع زوجهــا وولــد‬ ‫وبنــت‪ ،‬ومعنــا أختــي األرملــة بأوالدهــا الثالثــة‪ .‬حملنــا‬ ‫معنــا مدخراتنــا ومــا اســتطعنا بيعــه بالبخــس يف أيــام‬ ‫قليلــة‪ ،‬كنــت الوحيــد بينهــم الــذي أهتــم بحمــل يشء مــن‬ ‫ذكرياتــه‪ .‬صــورت كل ركــن مــن شــقتي‪ ،‬كل النباتــات الظــل‬ ‫داخلهــا والزريعــة والــورود يف الرشفــة التــي تركتهــا للمــوت‪،‬‬ ‫وحملــت معــي الببغــاء الــذي ال أقــوى عــى فراقــه‪.‬‬ ‫خرجنــا بــرا ً إىل بــروت ومنهــا بالطائــرة إىل القاهــرة‪ .‬مل‬ ‫تســبق لنــا زيــارة مــر‪ ،‬لكننــا مثــل الكثــر مــن الســوريني‬ ‫نعيــش عــى الحنــن ملــر‪ .‬ال أعــرف إن كانــت كلمــة‬

‫فراس النايف‬

‫الحنــن مناســبة أو غــر مناســبة لوصــف مشــاعر الشــوق‬ ‫ملــكان مل نعرفــه‪ ،‬لكــن هــذا هــو الواقــع‪ ،‬فنحــن نشــعر‬ ‫أن البلديــن توأمــان باعــدت بينهــا مصادفــات الجغرافيــا‬ ‫ومؤامــرات التاريــخ رغــاً عنهــا‪.‬‬ ‫وللحــق؛ فقــد وجدنــا مــن املرصيــن الرتحيــب الــذي‬ ‫توقعنــاه‪ ،‬وكانــت مــر ومازالــت البلــد العــريب الوحيــد‬ ‫الــذي مل ينصــب لنــا خيمــة‪ ،‬بــل اســتقبلتنا يف بيــوت‪.‬‬ ‫الكثــر منــا يســتأجر مبالــه‪ ،‬لكــن الكثــر أيضـاً مــن املرصيــن‬ ‫أصحــاب العقــارات يتســاهل مــع املتعــر أو يتنــازل كليــة‬ ‫عــن اإليجــار عندمــا تضيــق األحــوال باملســتأجر الضيــف‪.‬‬ ‫ســكنت يف شــقة مبدينــة نــر مــع ابنــي وزوجتــه وبناتــه‬ ‫الثــاث‪ ،‬وســكنت ابنتــي مــع زوجهــا وولديهــا بالقــرب‬ ‫منــي‪ ،‬كــا ســكن أخــي مــع زوجتــه وابنــه األعــزب يف شــقة‪،‬‬ ‫وســكن ابنــاه املتزوجــان يف شــقتني‪ .‬وســكنت أختــي شــقة‬ ‫مــع أوالدهــا‪ .‬ســكنا جميعنــا يف مدينــة نــر‪ ،‬وحاولنــا أن‬ ‫نجعــل حياتنــا كالحيــاة الطبيعيــة التــي ســبق أن عرفناهــا‪،‬‬ ‫أثثنــا شــققنا وزيناهــا بقــدر مــا نســتطيع‪.‬‬ ‫ومــع الوقــت كانــت مدخراتنــا تنقــص‪ ،‬وفــرص العمــل‬ ‫قليلــة عــى أبنــاء البلــد فــاذا عنــا؟‬ ‫قررنــا االســتغناء عــن نصــف عــدد الشــقق ودمــج كل‬ ‫أرستــن مع ـاً‪ ،‬ومل يكــن األمــر مريح ـاً أو ســهالً‪ ،‬لكــن هــذه‬ ‫هــي الظــروف‪ .‬بــدأت مشــاحنات صغــرة بيننــا ســببها‬ ‫الضيــق والبطالــة‪ ،‬وأخــذ الجــران يتذمــرون مــن أعــداد‬ ‫الســاكنني يف كل شــقة الذيــن يســتخدمون املصاعــد ومرافــق‬ ‫العــارة‪ ،‬بعضهــم يتعاطــف معنــا‪.‬‬ ‫وأصبــح لنــا أصدقــاء نزورهــم ويزوروننــا‪ ،‬أخــرج لهــم‬ ‫املوبايــل وأعــرض عليهــم صــور شــقتي‪ ،‬أكــرر ذلــك عــى‬ ‫الشــخص الواحــد أكــر مــن مــرة‪ ،‬وأخــذ ابنــي ينبهنــي إىل‬ ‫ذلــك‪ ،‬لكننــي أنــى دامئــاً‪ .‬أريــد أن أقــول لهــم «إننــا مل‬ ‫نكــن يف مثــل هــذا الضيــق» كانــت عندنــا أشــغالنا وبيوتنــا‬ ‫الحلــوة‪.‬‬ ‫وجــاءت مشــكلة اعتصــام رابعــة التــي جعلــت حياتنــا‬ ‫يف مــر أكــر صعوبــة‪ .‬قرأنــا وســمعنا مــا مل يرضنــا عــن‬ ‫اعتصــام الســوريني يف رابعــة وتدخلنــا يف الشــأن املــري‪.‬‬ ‫رمبــا كان هنــاك بعــض املعتصمــن فعــاً النتامئهــم‬ ‫لإلخــوان‪ ،‬ورمبــا ذهــب البعــض بدافــع الفقــر‪ ،‬مثلهــم مثــل‬ ‫فق ـراء املرصيــن الذيــن تجمعــوا يف االعتصــام نظــر أجــر‬

‫يومــي أو نظــر اللقمــة‪ .‬لكــن هــذا مل يكــن يــرر توجيــه‬ ‫بعــض اإلعالميــن اإلهانــة إىل كل النازحــن الســوريني الذيــن‬ ‫اختــاروا القــدوم إىل مــر‪ ،‬وال يــرر الحــض عــى كراهيــة‬ ‫الشــعب الســوري الــذي يتعــرض لإلبــادة مــن نظــام مجــرم‬ ‫وعصابــات متطرفــن مجرمــة‪.‬‬ ‫أكاد أجــزم بأننــا الشــعب الوحيــد يف الدنيــا الــذي يحــب‬ ‫مــر بقــدر مــا يحبهــا املرصيــون‪ ،‬ولهــذا كان مــن املــؤمل‬ ‫أن نشــعر بأننــا غــر مرحــب بنــا‪ .‬ولهــذا أيض ـاً بــدأ شــباب‬ ‫العائلــة يفكــرون يف الرحيــل إىل أوروبــا‪ .‬ومل يكــن أمامهــم‬ ‫إال ركــوب قــوارب التهريــب الخطــرة مثلهــم مثــل الكثــر‬ ‫مــن الســوريني هــذه األيــام‪ .‬وهــذه إحــدى املفارقــات‬ ‫العجيبــة التــي منينــا بهــا!‬ ‫مل نجــرب خطــر الفــرار بالــزوارق يف وجــود األســد األب‬ ‫أو االبــن‪ .‬وهــذا ال يعنــي أننــا كنــا بخــر‪ .‬كانــت ســورية‬ ‫ســجناً كب ـرا ً‪ ،‬يحكمــه نظــام مجــرم‪ ،‬كنــا نعيــش كاألرسى‪..‬‬ ‫اعتقــاالت دون محاكمــة واختفــاء يف غياهــب الســجون‬ ‫بتهــم حقيقيــة أو بشــكاوى كيديــة مــن عنــر أمــن أو مــن‬ ‫جــار يتعامــل مــع أحــد أجهــزة األمــن املتعــددة‪ ،‬كنــا نخــاف‬ ‫عــى أبنائنــا‪ ،‬أمــا الرعــب فــكان عــى البنــات الجميــات‬ ‫مــن مالحقــة عنــر أمــن يجربهــا عــى إقامــة عالقــة معــه‬ ‫أو يلفــق لهــا أو لزوجهــا تهمــة سياســية‪.‬‬ ‫كان ال بــد أن نثــور طلب ـاً للحريــة‪ .‬وكانــت ثورتنــا ســلمية‬ ‫ومتحــرة‪ ،‬كانــت ثــورة تغنــي‪ ،‬وكنــا نهتــف‪« :‬مــا منحبــك‬ ‫يــا بشــار» يــا أخــي فيــه احتجــاج أرق مــن هيــك؟!‬ ‫مــن حقنــا أن نكرهــه وأن نعــر عــن هــذا بطريقــة ســلمية‪،‬‬ ‫لكنــه فتــح بــاب الســجون وأخــرج الشــبيحة‪ ،‬وفتــح‬ ‫الحــدود وأدخــل اإلرهابيــن‪ ،‬ونجحــت خطتــه لتحويــل‬ ‫الثــورة الشــعبية إىل حــرب مجنونــة‪ ،‬واضطررنــا للفـرار مــن‬ ‫املــوت املجــاين‪ ،‬ثــم االضط ـرار لركــوب الخطــر الــذي قــد‬ ‫يقــود أوالدي ملــوت عبثــي آخــر‪.‬‬ ‫مل أحلــم بــأن أكــون يومـاً يف هــذا املوقــف‪ ،‬يأكلنــي الرعــب‬ ‫عــى أبنــايئ‪ ،‬ورمبــا النــدم‪ .‬لكــن مــاذا أفعــل وقــد فشــلت‬ ‫يف إثنــاء الشــباب عــن املغامــرة‪ ،‬ســبقهم أصدقاؤهــم يف‬ ‫ســلوك الطريــق ذاتــه‪ ،‬وصلــوا إىل إيطاليــا ومنهــا إىل أملانيــا‬ ‫التــي تســتقبلهم وتســجلهم الجئــن خــال شــهر‪ ،‬ومتنحهــم‬ ‫بنــاء عــى ذلــك بيت ـاً وراتب ـاً‪ ،‬ثــم تســمح لهــم باســتدعاء‬ ‫زوجاتهــم وأطفالهــم تحــت مبــدأ «مل الشــمل العائــي»‪.‬‬ ‫أمــام إرصار الشــباب‪ ،‬قــرر أخــي أن يســافر معهــم‪ ،‬دبرنــا‬ ‫لــكل منهــم ألفــي دوالر لرحلــة البحــر‪ ،‬وســتامئة يــورو‬ ‫لرحلــة القطــار مــن إيطاليــا إىل أملانيــا عندمــا يصلــون‬

‫بالســامة‪ .‬ابنــي أخــذ معــه ابنتيــه الكربتــن وتــرك زوجتــه‬ ‫وحفيــديت الطفلــة‪ ،‬وأخــي ذهــب مــع أوالده الثالثــة‬ ‫وحفيديــن‪ ،‬ومعهــم أحــد أبنــاء أختــي‪ .‬وبقيــت أنــا الكبــر‬ ‫مــع مــا تبقــى مــن النســاء واألطفــال‪ ،‬ومــع الببغــاء‪ .‬أخــى‬ ‫أن تكــون أرسيت خــرا ً شــهياً لإلعــام عــن مــرع ســبعني‬ ‫أو مثانــن ســورياً يف غــرق مركــب بينهــم تســعة مــن أرسة‬ ‫واحــدة»‪.‬‬ ‫أسألكم الدعاء يك يحفظهم الله‪.‬‬ ‫ســافروا إىل اإلســكندرية منــذ مثانيــة أيــام واحتجزهــم‬ ‫املهــرب انتظــارا ً للحظــة املناســبة للســفر‪ ،‬كنــت عــى‬ ‫اتصــال بهــم طــوال األســبوع املــايض‪ .‬حملوهــم أكــر‬ ‫مــن مــرة يف قلــب الليــل ودار بهــم امليكروبــاص ســاعات‬ ‫للتمويــه عــى الرشطــة‪ ،‬ويف كل مــرة كانــوا يخافــون مــن‬ ‫املراقبــة ويعــودون بهــم إىل مــكان اإلقامــة الخانــق بطريقــة‬ ‫ال توصــف‪.‬‬ ‫خفــت عندمــا علمــت بــأن عصابــة قطعــت الطريــق عــى‬ ‫ميكروبــاص مهاجريــن يف ظــام الشــاطئ‪ ،‬أخــذت أموالهــم‬ ‫واغتصبــت النســاء‪ .‬مل يكــن أبنــايئ بينهــم لحســن الحــظ‪،‬‬ ‫وصلــوا بســام إىل الشــاطئ‪ ،‬ســمحوا لــكل منهــم بكيلــو‬ ‫ونصــف الكيلــو متــر مــع بعــض العصائــر فحســب‪ .‬ال طعــام‬ ‫وال رشاب غــر هــذا‪ .‬كنــت عــى اتصــال بهــم حتــى جمعــوا‬ ‫منهــم الهواتــف‪.‬‬ ‫قالــوا يل يف آخــر اتصــال بيننــا إن الرحلــة ستســتغرق‬ ‫بــن خمســة وســبعة أيــام‪ ،‬لكننــي علمــت أنهــم مازالــوا‬ ‫يســرون ببــطء يف امليــاه اإلقليميــة انتظــارا ً ملســافرين‬ ‫آخريــن ينضمــون إىل الرحلــة بــدالً مــن الفــوج الــذي تعطــل‬ ‫صعــوده إىل املركــب بســبب حــادث الرسقــة باإلكــراه‪.‬‬ ‫ســتطول الرحلــة أكــر‪ ،‬فهــل ســيكفي كيلــو ونصــف مــن‬ ‫التمــر كالً منهــم خــال تســعة أو عــرة أيــام؟!‬ ‫هــذا الخــر عــن وجودهــم بامليــاه اإلقليميــة غــر مؤكــد‪،‬‬ ‫فهــو نقــاً عــن شــخص نقلــه بــدوره عــن شــخص آخــر‪.‬‬ ‫واملوبايــل يف يــدي أنتظــر اللحظــة التــي ســيهاتفونني فيهــا‬ ‫يطمئنــوين عــى وصولهــم‪ .‬وأمتنــى أن أكتــب إليكــم يف‬ ‫األســبوع القــادم أطمئنكــم عــى وصولهــم‪.‬‬ ‫الوقــت ثقيــل كالصخــر عــى قلبــي الضعيــف‪ .‬أعبــث‬ ‫باملوبايــل طــوال الوقــت‪ ،‬أســتعرض الصــور‪ ،‬ال صــور البيــت‪،‬‬ ‫بــل صــور األحبــة املبحريــن يف قلــب الخطــر اآلن‪ ،‬يرقبنــي‬ ‫الببغــاء بحــزن وأنــا أكتــب إليكــم‪ .‬ينظــر مــن خلــف كتفــي‬ ‫إىل شاشــة الهاتــف وينــادي الصــور‪.‬‬

‫قــد تــزور مكان ـاً مــا عــى وجــه املعمــورة لبضــع ســاعات معــدودات فيــرك‬ ‫يف مخيلتــك ذكــرى ترافــق أيــام عمــرك ترتبــط بتفاصيلــه‪ ،‬ومــا يرتكــه مــن أثــر‬ ‫عليــك‪ ،‬فكيــف لــو كنــت تتحــدث عــن بقعــة جغرافيــة بــل أكــر عشــت وكــرت‬ ‫فيهــا‪ ،‬عايشــت أصالــة أهلهــا وبســاطتهم وحبهــم لآلخــر مهــا كان‪ ،‬فكانــت قبلــة‬ ‫لكثــر مــن الســوريني الوافديــن إليهــا الذيــن صــاروا فيــا بعــد جــزءا ً مندمج ـاً‬ ‫فيهــا‪ .‬هــي الرقــة املدينــة التــي قيــل فيهــا املثــل الشــعبي (الــي يجيهــا يبــي‬ ‫والــي يرتكهــا يبــي)‪ ،‬وهــذا املثــل يعــر عــن حالــة وجدانيــة يعيشــها أي شــخص‬ ‫أقــام فيهــا ســواء إقامــة مؤقتــة أو دامئــة حيــث يعــر الجــزء األول فيــه عــن جهــل‬ ‫غــذاه النظــام األســدي فيهــا‪ ،‬أمــا يف الثــاين فيتــاىش هــذا الجهــل تلقائيـاً مبجــرد‬ ‫معــارشة أهلهــا ورشب عــذب فراتهــا‪ .‬مــن هنــا نســتطيع القــول إن ارتباطنــا بتلــك‬

‫لقاء حواري عربي كوردي في أورفا‬

‫م‪ .‬الحلبي‬

‫ذكريــات لــن يســرقها الظالم‬ ‫املدينــة املتكئــة بأوجاعهــا عــى كتــف الفـرات ليــس ارتباطـاً ماديـاً أو باألحــرى‬ ‫جســدياً‪ ،‬وإمنــا ارتباطــا روحانيــا أي ارتبــاط الــروح بأبعــاد املــكان‪.‬‬ ‫لنــا يف كل شــارع فيهــا ذكــرى وعــى ضفــاف فراتهــا تغفــو ألــف ذكــرى وكل هــذا‬ ‫الجمــع مــن ذكرياتنــا لــن يرسقــه الظــام الــذي احتــل أرضنــا وعــرف أهلنــا عــى‬ ‫أنــواع جديــدة مــن القهــر وأســاليب حديثــة يف كيفيــة كتمــه‪.‬‬ ‫إن مــن طبيعــة الظالميــن أنهــم إذا احتلــوا مكانــاً يســعون إىل القضــاء عــى‬ ‫الحيــاة االجتامعيــة فيــه وطمــس جميــع معــامل الحيــاة فيصبــح النــاس ألواح ـاً‬ ‫مــن الفلــن ال تعــرف ســوى تقديــس لحيــة األمــر وطــول عــود اآلراك يف فمــه‪.‬‬ ‫لكنهــم مل يســتطيعوا ذلــك رغــم محاوالتهــم ورغــم إرهابهــم بنيّــة تركيــع النــاس‬ ‫الذيــن ال حــول لهــم وال قــوة ســوى تأمــن لقمــة العيــش التــي صــارت مهمــة‬

‫األمــل بغــد أفضــل‪ ،‬والتصميــم عــى الحصــول‬ ‫عــى أســس املعرفــة والعلــم‪ ،‬وفرحــة الطــاب‬ ‫كانــت متــأ املــكان متحديــة الهــدوء املفــروض‬ ‫عليهــم‪ ،‬والتــي أعطتنــا أمــاً أكــر بــأن يكــون‬ ‫صوتنــا أعــى‪ ،‬ومــؤازرا ً للــكادر التعليمــي املتميــز‬ ‫ٍ‬ ‫وتحــد عــى اســتمرار التدريــس‪،‬‬ ‫بــإرادة قويــة‬ ‫ومتابعــة العمليــة الرتبويــة‪ ،‬يف ضــل املصاعــب‬ ‫املاديــة التــي تواجههــم‪.‬‬ ‫رغــم كل وعــود الحكومــة‪ ،‬واملنظــات التــي‬ ‫أطلعــت عــى واقــع مدرســتنا بتقديــم الدعــم‪،‬‬ ‫إال أننــا مل نحصــل عــى أي نــوع مــن الدعــم‪،‬‬ ‫ويف حــال اســتمرارنا عــى هــذا الوضــع‪ ،‬فــإن‬ ‫مدرســتنا مهــددة باإلغــاق‪ ،‬ليصبــح مصرينــا‬ ‫ومصــر مائتــن وخمســن طالبــاً وطالبــة يف‬ ‫الشــارع‪.‬‬ ‫تلــك هــي رصخــة إدارة مدرســة اإلخــاء التــي‬ ‫نأمــل أن يســمعها مــن كان يف موقــع املســؤولية‬ ‫يف وزارة الرتبيــة والتعليــم‪ ،‬والجهــات املختصــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة‪.‬‬ ‫يقــول الرتبــوي ســهيل جابــر‪ :‬نتيجــة تراكــم‬ ‫الديــون عــى املدرســة التــي وصلــت ملبلــغ ‪24‬‬ ‫ألــف لــرة تركيــة‪ ،‬وعجــز إدارة املدرســة الســابقة‬ ‫عــن تســديده‪ ،‬والــذي دعاهــم لرتكهــا‪ ،‬وعــى‬ ‫الرغــم مــن مطالبتنــا املتكــررة لــوزارة الرتبيــة‬ ‫والتعليــم‪ ،‬إال أننــا مل نجــد ســوى الوعــود‪ ،‬لكننــا‬ ‫اســتطعنا الحصــول عــى داعــم تــريك قــدم لنــا ما‬ ‫نحتاجــه إليفــاء الديــون املرتتبــة عــى املدرســة‪.‬‬

‫هنــاك الكثــر مــن املطالــب األساســية برســم‬ ‫الحكومــة والــوزارة‪ ،‬تتعلــق بتوفــر الرواتــب‬ ‫ومســتلزمات العمليــة الرتبويــة كاملــة‪ ،‬لــي‬ ‫نســتطيع القيــام بواجبنــا التعليمــي عــى أكمــل‬ ‫وجــه‪ ،‬مــن أجــل بنــاء وطــن ينافــس الــدول‬ ‫املتقدمــة يف العلــوم والتكنولوجيــا‪ ،‬وبالتــايل فإنــه‬ ‫مــن واجــب الــوزارة القيــام بدورهــا كامـاً لبنــاء‬ ‫جيــل وا ٍع ومتعلــم‪ ،‬وبالتــايل بنــاء وطــن متحــر‪.‬‬ ‫ويختتــم الجابــر حديثــه‪ ،‬قائـاً‪ :‬مئتان وخمســون‬ ‫طالب ـاً وطالبــة‪ ،‬وكادرا ً تعليمي ـاً يعملــون بشــكل‬ ‫تطوعــي رغــم مصاعــب العيــش يف تركيــا البلــد‬ ‫املضيــاف‪ ،‬همنــا األســايس أن يفــي الســيد الوزيــر‬ ‫بوعــوده يف تقديــم رواتــب للــكادر التعليمــي‬ ‫كــا أفــاد لنــا بعــد تشــكيل الحكومــة الجديــدة‪.‬‬ ‫ويف الختــام رغــم كل هــذه الصعوبــات إال أن‬ ‫وجــود الطــاب والطالبــات املتفوقــن كان دافعـاً‬ ‫كبـرا ً ألرسة مدرســتنا ملواصلــة الـراع مــن أجــل‬ ‫االســتمرار والبقــاء‪ ،‬فالطالبــة املتفوقــة شــهد‬ ‫الغــريس مــن مدينــة الرقــة حصلــت عــى منحــة‬ ‫لدراســة الطــب‪ ،‬وأيضــاً الطالبــة رامــا الهنــدي‬ ‫مــن مدينــة ديــر الــزور حصلــت عــى منحــة‬ ‫لدراســة املعلوماتيــة‪ ،‬التنافــس العلمــي هدفنــا‬ ‫الــذي نســعى عــى زرعــه بــن الطلبــة‪ ،‬وأن‬ ‫يكــون تنافس ـاً معرفي ـاً علمي ـاً‪ ،‬ونبــذل قصــارى‬ ‫جهدنــا لرفــع املســتوى التعليمــي بالنســبة‬ ‫للمســتوى املتوســط‪ ،‬فهــذا الجيــل املتعلــم هــو‬ ‫عــاد الوطــن‪.‬‬

‫ال تختلــف الصــورة يف مدرســة الشــهيد عبيــدة‬ ‫عــاء الديــن الحمــود عــن مثيالتهــا يف أورفــا‪،‬‬ ‫فاملعانــاة واحــدة وإن اختلفــت املفــردات‪ ،‬يقــول‬ ‫املــدرس عــاء الديــن جابــر الحمــود‪ :‬جئــت إىل‬ ‫أورفــا منــذ أكــر مــن ثالثــة أشــهر‪ ،‬والتقيــت‬ ‫بأخــويت مــن أهــل بلــدي‪ ،‬واطلعــت عــى معانــاة‬ ‫الكثــر منهــم ولألســف فهــم يفتقــرون إىل أبســط‬ ‫مقومــات الحيــاة‪ ،‬وكــوين أعمــل مدرسـاً تلمســت‬ ‫معانــاة األهــل يف تعليــم أطفالهــم‪ ،‬حيــث أخــذ‬ ‫هــذا الجانــب حي ـزا ً كب ـرا ً مــن اهتاممــي‪ ،‬ألنــه‬ ‫أهــم مــن املــأكل وامللبــس‪ ،‬فهــم األمــل يف بنــاء‬ ‫مســتقبل الوطــن‪ ،‬وحرمانهــم مــن التعليــم‬ ‫جرميــة بحقهــم‪ ،‬وحــق البلــد‪ ،‬لذلــك هيــأت‬ ‫الظــروف املناســبة الفتتــاح هــذه املدرســة‬ ‫رغــم ظــرويف القاســية التــي اضطــرين لبيــع كل‬ ‫مــا أملــك لتأمــن مســتلزمات املدرســة ودفــع‬ ‫آجــار مقرهــا‪ ،‬بانتظــار مــن يقــف إىل جانبنــا يف‬ ‫هــذا املــروع الهــام‪ .‬رغــم أننــا توجهنــا ملعظــم‬ ‫الجمعيــات واملنظــات لكــن دون جــدوى‪.‬‬ ‫يبلــغ عــدد طــاب املدرســة أكــر مــن ‪300‬‬ ‫طالــب‪ ،‬يتوزعــون عــى ‪ 13‬قاعــة صفيــة‪،‬‬ ‫وبدوامــن صباحــي ومســايئ‪ ،‬ويتألــف كادر‬ ‫التدريــس واإلداريــن ‪ 31‬مدرســاً ومعلــاً‪،‬‬ ‫جميعهــم مــن ذوي الخــرة واالختصــاص‪ ،‬وهــم‬ ‫مــن املتطوعــن‪.‬‬ ‫أوجــه نــداء إىل كل مــن يهتــم باألطفــال‬ ‫وتعليمهــم‪ ،‬وأخــص بالذكــر منظمــة اليونســيف‪،‬‬ ‫أن يلتفتــوا إىل مدرســتنا‪ ،‬التــي مصريهــا اإلغــاق‬ ‫هــي وغريهــا مــن مــدارس الســوريني يف أورفــا‬ ‫لعــدم قدرتنــا عــى دفــع مســتلزمات العمليــة‬ ‫التعليميــة‪.‬‬

‫مســتحيلة‪ ،‬ومل يســتطيعوا أيض ـاً جــر النــاس إىل بــؤرة ظالمهــم فهــم منبــوذون‬ ‫مــن مجتمــع الرقــة الــذي تختلــف طبيعتــه جذريــاً عــن طبيعــة الظالميــن‬ ‫والتكفرييــن‪ ،‬ووكالء اللــه يف األرض‪ ،‬كــا يعتــرون أنفســهم‪.‬‬ ‫ســيحاولون رسقــة ذكرياتنــا واغتصــاب شــوارعنا وتعكــر نهرنــا‪ ،‬ســيحاولون‬ ‫طمــس أحالمنــا وكتــم أصواتنــا التــي كانــت وال تـزال تنــادي بالحريــة‪ ،‬ســيحاولون‬ ‫تشــويه ثورتنــا ومطلبنــا الحــق وســرفعون رايــات ســوداء ال تشــبهنا‪ ،‬ســيحاولون‬ ‫ويحاولــون لكنهــم لــن يغــروا فينــا شــيئاً ســوى رفضنــا لهــم‪ ،‬الــذي يــزداد يومـاً‬ ‫بعــد يــوم حتــى يغادروننــا ويرتكــون مدينتنــا‪ ،‬وهــو يــوم قــادم ال محالــة وإن‬ ‫طــال‪ ..‬وســتعود الرقــة أجمــل مــا كانــت ومثلــا كنــا نريــد أن تكون‪ .‬ال أســد وال‬ ‫بغــدادي ال ديكتاتــور وال ظالمــي‪ ..‬نحــن فقــط‪.‬‬

‫أقــام منتــدى الخابــور املــدين نــدوة حواريــة حــول مــآالت‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬ودور املكــون الكــوردي فيهــا‪ ،‬وذلــك يــوم‬ ‫الجمعــة ‪ 2014/10/24‬يف مقــره مبدينــة أورفــا‪ ،‬حرضهــا‬ ‫لفيــف مــن املثقفــن والكتــاب والناشــطني الثوريــن‪،‬‬ ‫واملهتمــن بالشــأن العــام‪.‬‬ ‫واســتهل الســيد دحــام الســطام مديــر املنتــدى حديثــه يف‬ ‫بدايــة النــدوة قائ ـاً‪ :‬مــا دعانــا اليــوم إىل هــذا الحــوار‪ ،‬هــو‬ ‫مــا تشــهده الســاحة الســورية مــن رصاعــات‪ ،‬وتناقضــات يف‬ ‫املواقــف الدوليــة يف هــذه الفــرة‪ ،‬والتــي أدت بنــا إىل الكثــر‬ ‫مــن التشــظي والتشــتت‪ .‬ودعــا إىل أن يكــون هــذا الحــوار‬ ‫وديـاً‪ ،‬وعــى قــدر كبــر مــن الوعــي والثقافــة‪ ،‬مؤكــداً رضورة‬ ‫التطلــع إىل بنــاء ســورية آمنــة دون عنــف‪ ،‬ســورية حــرة‬ ‫ودميقراطيــة‪ ،‬مرحب ـاً باالتفــاق الكــوردي – الكــوردي ملــا لــه‬ ‫مــن انعكاســات إيجابيــة عــى الوضــع الســوري بشــكل عــام‪.‬‬ ‫وتحــدث املحــارض فــؤاد عليكــو القيــادي الســيايس يف حــزب‬ ‫الوحــدة الكــوردي (يكيتــي)‪ ،‬والســكرتري الســابق للحــزب‪،‬‬ ‫قائــاً‪ :‬بقــدر مــا أنــا ســعيد بهــذا اللقــاء الــذي جمعنــا‬

‫كأرسة واحــدة‪ ،‬لكنــي لســت ســعيداً أن يعقــد خــارج حــدود‬ ‫الوطــن‪ ،‬وكنــت أمتنــى أن يكــون هــذا اللقــاء يف الحســكة أو‬ ‫الرقــة أو ديــر الــزور‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬ســأتناول محوريــن يف هــذا اللقــاء‪ ،‬املحــور األول‬ ‫يتعلــق بالثــورة الســورية ومآالتهــا‪ ،‬واملحــور الثــاين ســيكون‬ ‫حــول السياســة الكورديــة وموقفهــا مــن الثــورة الســورية‬ ‫وتفاعلهــا ايجاب ـاً وســلباً‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬الثــورة الســورية هــي ثــورة الحريــة والكرامــة‪،‬‬ ‫الثــورة التــي قامــت ضــد نظــام االســتبداد والظلــم‪،‬‬ ‫والدولــة األمنيــة‪ .‬الثــورة التــي مل تجــد إىل اآلن أصدقــا ًء‬ ‫حقيقيــن‪ ،‬وإن كان هنــاك بعــض الــدول التــي كان لهــا‬ ‫أجنداتهــا الخاصــة‪ ،‬وتعاملــت معنــا بقليــل مــن اإليجابيــة‪،‬‬ ‫وأثــرت ســلباً عــى الثــورة الســورية‪ ،‬وأجربتهــا عــى تبنــي‬ ‫الكفــاح العســكري املســلح‪ ،‬وأيضــاً هنــاك بعــض الــدول‬ ‫العربيــة والصديقــة كقطــر والســعودية وتركيــا التــي وقفــت‬ ‫مــع الشــعب الســوري يف اإلغاثــة واللجــوء وتقديــم بعــض‬ ‫الدعــم املــادي واملعنــوي‪ ،‬فيــا تــم تحويــل مســار الثــورة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫الحرملي‬ ‫التغريبــة الســورية الكبرى‬ ‫قبــل ميــاد الحريــة‬ ‫يوميات استنبولية‬ ‫نجم الدين سمان‬ ‫ســتجد ســورياً واحــدا ً عــى األقــل يف بــاص النقــل الداخــي؛ وأكــر مــن ســوري ٍة وســوري‬ ‫يف امليــرو؛ وعــى أرصفــة اســتنبول‪ ..‬وبخاص ـ ٍة يف الشــوارع امل ُتف ّرعــة عــن ســاحة تقســيم؛‬ ‫ـر َك لهجـ ٌة ســوري ٌة أو لهجتــان عــى أقـ ّـل تقديــر؛ ويف منطقــة الفاتــح‪..‬‬ ‫ســتتن ّحى قليـاً‪ ..‬لتعـ ُ َ‬ ‫ســتجد أكــر مــن مدرس ـ ٍة ســورية ومــن مطعــمٍ ســوري وأك ـ َر مــن مافيــا ســورية‪ ،‬بينهــا‬ ‫مافيــات ُم َعارضَ اتيــة أيضــاً‪ ..‬يكرهــون بعضهــم بعضــاً إىل درجــة التخويــن واإلقصــاء‬ ‫الشــديد؛ ويف حديقــة أكــراي‪ ..‬ســتجد أطفــاالً ســوري َني ُمن ّعمــن و‪ ..‬يلعبــون؛ وأطفــاالً‬ ‫ســوري َني بوجــو ٍه شــاحب ٍة‪ ..‬يتس ـ ّولون؛ وأيض ـاُ‪ ..‬ســوريني ينصبــون عــى ســوريني؛ وســوريني‬ ‫ِ‬ ‫ســمسون‪ ..‬بســوريني؛ وســوريني يقبضــون مثــ َن أحــام ســوريني بالهجــرة إىل الســويد؛‬ ‫يُ‬ ‫ِ‬ ‫ظــل األشــجار يف الحديقــة‪ ..‬ظ َ‬ ‫ــال الذيــن ماتــوا غرقــاً مــن الســوريني؛‬ ‫تحــت ّ‬ ‫وســتجد‬ ‫َ‬ ‫وســوريني كأوراق هــذا الخريــف‪ ..‬ســقطوا عــن شــجرة أحالمهــم؛ وســوريني يتفاخــرون‬ ‫بأنهــم قــد خرجــوا مــن الســجن األردوغــاين بســهولة‪ ..‬ألنهــم ز ّوروا جــوا َز ســف ٍر يونــا ّين أو‪...‬‬ ‫ـوري‪ ..‬كــا‬ ‫ـوري لسـ ِّ‬ ‫بلغــاري؛ أو‪ ..‬فيـزا االتحــاد األورو ّيب ال َع ِص ّيـ ِة عــى التزويــر؛ سيبتســم سـ ٌ‬ ‫ـب للدجــاج يف قُـ ِّن الغُربــة‪ - :‬أهـاً وســهالً بابــن بلدنــا؛ بـ ّدك بيــت لألجــرة؛‬ ‫يبتســم الثعلـ ُ‬ ‫ـوري قــد أســتأجر عـ َّدة شُ ــققٍ ويُ ِعيـ ُد تأج َريهــا‬ ‫ـوري بــأ ّن ابــن بلــده السـ َّ‬ ‫ثــم يكتشـ ُـف السـ ُّ‬ ‫الســوري‪ ..‬إذاعــات اف إم‬ ‫الســوري‪ ..‬بضعــف الثمــن؛ ويف اســتنبول ســيجد‬ ‫البــن بلــد ِه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـي؛ أو‬ ‫ـي؛ ليــس فيهــا إعالمـ ّ‬ ‫ســورية «ثورج ّيــة» عــى طريقــة املتعهديــن؛ وال يُديرهــا إعالمـ ّ‬ ‫ـوري واح ـ ٌد‪ ..‬اللهــم ســوى العاملــن‬ ‫ـوري ُمح ـر ٌِف‪ ..‬إال مــا نــدر؛ وال يســمعها سـ ٌّ‬ ‫ـي سـ ّ‬ ‫تقنـ ٌّ‬ ‫ـي؛ وجرائــد ومجــات‬ ‫فيهــا؛ و ُهــم يف الغالــب‪ ..‬مــن أرسة وأقــارب املتعهــد اإلعالمــي الثورجـ ّ‬ ‫ســورية «ثورجيّــة» تفتقــد ألول أبجديــات الصحافــة كــا‪ ..‬آلخرهــا؛ ويجتاحهــا االرتجــال‬ ‫واألخطــاء املهنيــة الفاضحــة؛ ســتجد منظــات إغاثــة ســورية ليــس لهــا وجــود ســوى يف‬ ‫اللوغــو الــذي اختارتــه رمـزا ً لهــا بألــوان علــم ثــورة الحريــة والكرامــة؛ وتجــد ألــوا َن العلــم‬ ‫ذاتــه‪ ..‬عــى ســاعة مديرهــا العــام واملوظــف الوحيــد فيهــا ويف كرافتتــه أحيان ـاً؛ ســرى‬ ‫ـت تــرى يف ســوريا األســد طيل ـ َة أربع ـ َن عام ـاً‪ ..‬التشــكيل َة الســوري َة‬ ‫يف اســتنبول‪ ..‬كــا كنـ َ‬ ‫ذاتهــا؛ ســرى الحاملــن والرشفــاء وال ِع َصام ّيــن وامل ُح َب ِطــن مــن النظــام ومــن الثــورة‪ ..‬يف آنٍ‬ ‫ـس وائتـ ٍ‬ ‫ـزب وجبهـ ٍة ومجلـ ٍ‬ ‫ـاف وهيئــة؛ وتــرى‬ ‫معـاً؛ كــا ســرى ال َن ّصا ِبــن مــن ّ‬ ‫كل نــو ٍع وحـ ٍ‬ ‫امل ُقامريــن بأبنــاء بلدهــم يف الوطــن كــا يف الغربــة وســارسة الثــورة والوظائــف للســوريني‬ ‫والبيــوت ورحــات التهريــب امل ُ ِميتــة؛ وتتم ّنــى لــو أنــك مل تَـ َر امــرأ ًة ســوري ًة تُش ـ ِب ُه أُ َّمـ َـك‬ ‫إال قليـاً‪ ..‬تنــا ُم يف حديقـ ٍة ُمنزويــة؛ وتحـ ُ‬ ‫ـاول أن تُق ِن َعهــا بــأن امل ُخيَّـ َم الــذي هربــت منــه‪...‬‬ ‫رش َمــن يخطفــو َن الثــور َة ضـ َّد ُه؛ ويلعبــون بأقــدا ِر َمــن‬ ‫رش الطاغيــة؛ و ُّ‬ ‫رشيــن‪ُّ :‬‬ ‫هــو أهــو ُن ال ّ‬ ‫ثــاروا عليــه‪!!..‬‬ ‫كــم عــى الســوري أن يكتشـ َـف نفســه يف تغريبتــه الســورية الكــرى؛ ويكتشــف الســوريني‬ ‫ـب‬ ‫ـب ال َيـ ِـد وال َوجـ ِه والقلـ ِ‬ ‫مــن جديــد؛ وكأنّــه مل يكــن منــذ والدتــه وحتــى غربتــه‪ّ ..‬إل غريـ َ‬ ‫واللســان‪.‬‬

‫مــن ثــورة دميقراطيــة مدنيــة تعدديــة إىل مــا يشــبه الثــورة‬ ‫الدينيــة‪ ،‬وقــد خــدم اإلعــام هــذا األمــر كث ـراً‪ ،‬حيــث كان‬ ‫النظــام مرتاحــاً جــداً لهــذا الخطــاب يك يثبــت نظريتــه‬ ‫ظهــور تيــار آخــر هــو‬ ‫مبحاربة اإلرهاب يف ظل ‬ ‫التيــار الدينــي املتطــرف‪ ،‬مــا أدى إىل إضعــاف الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫والــذي تحــول إىل الحلقــة األضعــف يف الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫حيــث تــأيت داعــش يف املقدمــة مــن حيــث القــوة‪ ،‬ثــم النظام‪،‬‬ ‫ليــأيت الجيــش الحــر يف الصــف الثالــث‪ ،‬وهــذا مــا دعــا النظــام‬ ‫لــي يطالــب املجتمــع الــدويل إلصــدار ق ـرار دويل ملواجهــة‬ ‫اإلرهــاب ومحاربتــه‪ ،‬وهــو مــا حــدث يف تشــكيل حلــف دويل‬ ‫ملحاربــة داعــش‪ ،‬دون أن توجــه دعــوة إىل النظــام الســوري‬ ‫لالنضــام إىل هــذا الحلــف‪.‬‬ ‫يف املحــور الثــاين «الكــورد والثــورة الســورية‪ ،‬قــال‪ :‬نســمع‬ ‫مــن هنــا وهنــاك أن الحركــة الكورديــة أدارت ظهرهــا للثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬وأن بعــض األطــراف تتعــاون مــع النظــام‪ ،‬وقــد‬ ‫يكــون يف بعــض هــذا الــكالم يشء مــن الصحــة‪ ،‬حيــث هنــاك‬ ‫تياران للحركة الكوردية بالنسبة للثورة السورية‪ ،‬األول‪ :‬‬ ‫تيــار مــع الثــورة الســورية‪ ،‬حيــث أســس املجلــس الوطنــي‬ ‫الكــوردي بتاريــخ ‪ 2011/10/26‬وأعلــن رصاحــة بأنــه جــزء‬ ‫مــن الثــورة الســورية‪ ،‬هدفــه إســقاط النظــام والوصــول إىل‬ ‫نظــام دميقراطــي تعــددي برملــاين‪ ،‬والثــاين تيــار يتعــاون مــع‬ ‫النظــام بشــكل واضــح ممثـاً بـــ(‪.)pkk-pyd‬‬ ‫وتحــدث املحــارض مطــوالً عــن الثــورة الســورية‪ ،‬وقيــام‬ ‫املناطــق الكورديــة بالتظاهــر بالتــوازي مــع املظاهــرات‬ ‫يف املــدن الســورية والعربيــة‪ ،‬مؤكــداً عــى تبنــي شــعارات‬ ‫الثــورة الســورية يف الحريــة والكرامــة والعيــش املشــرك‬ ‫لــكل مكونــات الشــعب الســوري‪ ،‬مشـراً إىل مراحــل تأســيس‬ ‫املجلــس الوطنــي الكــوردي‪.‬‬

‫وتســاءل الناشــط الســيايس خلــف الجربــوع عــن معركــة‬ ‫كوبــاين‪ ،‬ورؤيــة األخــوة الكــورد حــول الفيدراليــة‬ ‫واملســتعمرات العربيــة يف الجزيــرة الســورية‪.‬‬ ‫وأجــاب املحــارض عليكــو معرتضــاً عــى توصيــف الحالــة‬ ‫باملســتعمرات‪ ،‬وأســاها باملســتوطنات‪ ،‬مؤكــداً رضورة عــودة‬ ‫أهــايل كوبــاين املهجريــن إىل ديارهــم‪ ،‬الذيــن رفضــوا رفض ـاً‬ ‫قاطع ـاً الذهــاب إىل مناطــق أخــرى ســواء كانــت عربيــة أم‬ ‫كورديــة‪.‬‬ ‫ورداً عــى ســؤال للناشــط محمــد البليبــل حــول انســحاب‬ ‫املجلــس الوطنــي الكــوردي مــن كافــة التكتــات األخــرى‬ ‫أجــاب‪ :‬كان هــدف قــرار االنســحاب هــو التأكيــد عــى‬ ‫املوقــف الســيايس املوحــد‪ ،‬الــذي مهــد الطريــق لنــا أن‬ ‫نكــون أعضــاء يف االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬والــذي نجتمــع فيــه عــى هــدف واحــد هــو‬ ‫إســقاط النظــام املجــرم‪.‬‬ ‫وجوابــاً عــى ســؤال الســيد يعــرب الســوادي املتعلــق‬ ‫باســتجداء املعارضــة للتفــاوض مــع الغــرب حــول مــآالت‬ ‫الثــورة‪ ،‬وموقــف الشــعب الكــوردي مــن ‪ pkk-pyd‬قــال‪:‬‬ ‫أمــركا هــي املســيطرة عــى العــامل‪ ،‬مــن يعاديهــا ال يــأكل‬ ‫خبــزاً‪ ،‬ونحــن نســتجدي كل دول العــامل ملســاعدة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬أمــا فيــا يتعلــق بالشــق الثــاين مــن الســؤال أقــول‪:‬‬ ‫ال يوجــد يشء اســمه الخــط الثالــث (‪ )pyd‬ألنــه يخــدم‬ ‫النظــام بسياســته‪ ،‬وأتجنــب هنــا أي مصطلحــات إشــكالية‪.‬‬ ‫كانــت النــدوة الحواريــة ثريــة وغنيــة بالحــوار حيــث اعــرض‬ ‫الســيد مقــداد الســوادي عــى العنــوان موضحـاً بأنــه ال يوجــد‬ ‫خــاف عــريب كــوردي‪ ،‬وأن الخــاف بــن الشــعب الســوري‬ ‫والنظــام‪ ،‬وقــد قــدم الشــعب الســوري تضحيــات كبــرة جــداً‬ ‫يف ســبيل نيــل حريتــه‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪6‬‬

‫د‪ .‬كمال اللبواني‬ ‫تقــاس الحضــارة بالنظــام‪ ،‬ألنــه الــذي‬ ‫يحقــق التكامــل األفضــل ألبنــاء املجتمــع‬ ‫بخرباتهــم وتخصصاتهــم املختلفــة‪ ،‬وأدواتهــا‬ ‫هــي املؤسســات التــي تشــكل ورشــات إنتــاج‬ ‫ملختلــف متطلبــات املجتمــع‪ ،‬مميــزة وفعالــة‬ ‫ذات قــدرات هائلــة باملقارنــة مــع قــدرة أي‬ ‫شــخص أو أشــخاص متفرقــن‪ .‬فالحضــارة مــن‬ ‫الحــر‪ ،‬وهــي التجمــع وســكن الحــارضات‪،‬‬ ‫وتشــكيل املجتمعــات واملــدن‪ ،‬التــي لهــا‬ ‫نظــام أعقــد وأعــى مــن نظــام أي قبيلــة أو‬ ‫مجموعــة مــا تــزال تعيــش عــى الروابــط‬ ‫الغريزيــة‪ ..‬والحضــارة الحديثــة تتميــز بالدولــة‬ ‫الحديثــة املســؤولة التــي تربــط املواطــن بهــا‪،‬‬ ‫وهــي بنظامهــا املــدين هــذا تســتغني عــن‬ ‫جــل الروابــط الســابقة وتعيــد توظيفهــا يف‬ ‫نظــام حديــث وفعــال للمواطنــة‪ ،‬ومؤسســات‬ ‫متطــورة متخصصــة لإلنتــاج والخدمــات‬ ‫واألمــن واإلدارة‪ ..‬وهكــذا قامــت الثــورة يف‬ ‫ســوريا لتحطــم النظــام الســيايس القمعــي‬ ‫فحطمــت الدولــة وكل نظــام‪ ،‬ومل تنظــم نفســها‬ ‫ومل تــ ِن مؤسســاتها‪ ،‬ومل تقــدم منوذجهــا ال‬ ‫أثنــاء تصديهــا للنظــام‪ ،‬وال يف املناطــق التــي‬ ‫خرجــت عــن ســيطرته‪ ،‬وهكــذا كانــت ثــورة‬ ‫فــوىض عرفــت كيــف تحطــم‪ ،‬لكنهــا مل تبــذل‬ ‫أي جهــد للبنــاء‪ ،‬والنتيجــة املبــارشة لذلــك أن‬ ‫تــردد املحايــدون يف اللحــاق بركــب الثــورة‪،‬‬ ‫وتوقفــت االنشــقاقات عنــه‪ ،‬واســرد النظــام‬

‫أنفاســه فهــو يف النهايــة نظــام قمعــي لكنــه‬ ‫نظــام وليــس فــوىض عارمــة‪ ،‬فالحريــة كانــت‬ ‫تعنــي للكثرييــن التحــرر مــن النظــام والقانــون‬ ‫والعــرف ومــن كل التــزام‪ ..‬ترجمتهــا قيــادة‬ ‫املعارضــة عــى شــكل تحــرر مــن املســؤوليات‬ ‫والواجبــات وقيــم األمانــة والــرف‪ ،‬ومارســتها‬ ‫ســياحة سياســية وتســكعاً يف الفنادق وســفرا ً يف‬ ‫الطائ ـرات وتكديــس األمــوال‪ ،‬وبــدل أن تســهر‬ ‫عــى نظــام بديــل أرقــى عملــت عــى نــر‬ ‫الفشــل اإلداري والســيايس عــى نطــاق واســع‬ ‫يف كل املؤسســات التــي حاولــت التشــكل‪..‬‬ ‫والنتيجــة كانــت اســتمرار األزمــة وحالــة‬ ‫الفــوىض وفشــل الثــورة يف إســقاط النظــام‪،‬‬ ‫وخ ـراب حيــاة ماليــن البــر‪ ..‬وكل مــا نعــاين‬ ‫منــه جميع ـاً‪ ..‬فلدينــا عــرة ماليــن قصــة كل‬ ‫قصــة هــي مصيبــة وكارثــة‪ ،‬فســوريا ليســت‬ ‫دولــة منكوبــة‪ ،‬بــل كل مواطــن ســوري هــو‬ ‫إنســان منكــوب ومصــاب‪ ،‬وبالدنــا صارت أســوأ‬ ‫مــن أدغــال أفريقيــا ومغــاور تــورا بــورا‪ .‬ونكبــة‬ ‫املعارضــة السياســية ليســت يف شــخص معــاذ‬ ‫الخطيــب أو أحمــد الجربــا أو هــادي البحــرة‬ ‫الذيــن ال عالقــة لهــم بالسياســة واإلدارة‪ .‬بــل‬ ‫يف الثــورة ذاتهــا التــي كانــت ثــورة حريــة مــن‬ ‫كل التــزام وانضبــاط وتنــازع عــى كل يشء‪،‬‬ ‫فالنظــام الــذي بــدأ ينهــار مل يســتبدل بنظــام‬ ‫غــره يحرتمــه الثــوار ويســهرون عــى تطبيقــه‪،‬‬ ‫بــل تحــول مليــت يجــب تقاســم ثروتــه‪ ،‬ولكونه‬ ‫نظــام شــمويل ميلــك كل يشء جــرى تقاســم كل‬

‫يشء بــن الورثــة الجــدد الذيــن دخلــوا يف حالــة‬ ‫فــوىض وتنــازع ال تنتهــي‪ .‬يف البدايــة حــاول‬ ‫الناشــطون تشــكيل تنســيقيات ومجالــس‪،‬‬ ‫وإدارة شــؤون املجتمــع والثــورة‪ ،‬وتحملــوا‬ ‫مســؤوليات محليــة هامــة‪ ،‬لكــن الدعــم املــايل‬ ‫الهائــل الــذي جــاء فقــط لإلخــوان املســلمني‬ ‫ومــن لــف لفهــم‪ ،‬والذيــن رفضــوا العمــل‬ ‫مــع الشــعب (العلــاين غــر امللتــزم دينيــاً)‪،‬‬ ‫بــل أرصوا عــى بنــاء مؤسســاتهم الحزبيــة‬ ‫الخاصــة‪ ،‬أدى إىل تعــدد اإلدارات والقيــادات‬ ‫يف كل صعيــد مــدين إداري ثــوري ثــم عســكري‬ ‫وبعدهــا رشعــي‪ ،‬وهكــذا كان هــذا الدعــم‬ ‫وهــذه الحزبيــة الضيقــة رصاصــة الرحمــة التــي‬ ‫أطلقــت عــى الجنــن اإلداري الوليــد مــن رحــم‬ ‫الثــورة‪ ..‬ويف النهايــة مل يبـ َـق يف الواجهــة ســوى‬ ‫مــن حصــل عــى املــال والدعــم وتــرف بــه‬ ‫بطريقــة ال تنــم وال تعــر عــن وطنيــة‪ ..‬مــن‬ ‫ســيدات ورجــال خلــت األمــة مــن أمثالهــم‬ ‫يحتلــون الواجهــات وال يفعلــون إال خدمــة‬ ‫مصالحهــم الخاصــة‪ ..‬وال داعــي للتجريــح‬ ‫أكــر‪ ،‬فعيوبهــم وإمكاناتهــم ليســت عــارا ً بحــد‬ ‫ذاتهــا لكــن الوســيلة والطريقــة التــي أديــروا‬ ‫بهــا وأداروهــا هــي العــار علينــا وعليهــم‪ ،‬ولــو‬ ‫كان األشــخاص ذاتهــم يف مؤسســات مختلفــة‬ ‫البنــاء والنظــام‪ ،‬رمبــا كان الــذي ســيحدث‬ ‫مختلفـاً‪ ..‬لكــن الحــال الــذي تعــاين منــه هــذه‬ ‫املؤسســات جعــل الكثرييــن ييأســون مــن‬ ‫صالحهــا ويغادروهــا بعــد أن اســتهلكوا فيهــا‬

‫‪7‬‬

‫وتبقى الكلمة‬

‫الكحــل والعمى في المعارضة الســورية‬ ‫كل رصيدهــم الســيايس دون جــدوى‪ .‬وعندمــا‬ ‫الحــظ بعــض املشــايخ املتخمــن بالدعــم‬ ‫واملــال هــذا املــرض يف املعارضــة جــاؤوا لهــا‬ ‫بالكحــل‪ ،‬فــأرادوا أن يســتبدلوا هــذه الفــوىض‬ ‫والفشــل بالنظــام اإلســامي‪ ،‬واســتعادة التاريــخ‬ ‫الحضــاري التليــد بشــكله التاريخــي‪ ،‬وليــس‬ ‫مضمونــه املتجــدد األشــكال‪ ،‬وتجاهلــوا الفــارق‬ ‫الزمنــي والحضــاري بــن أشــكال ونظــم تخــص‬ ‫مرحلــة حضاريــة تتنقــل عــى الجــال وتســكن‬ ‫الخيــم‪ ،‬وبــن مرحلــة حضاريــة تتطلــب‬ ‫مؤسســات ونظــم مختلفــة يف درجــة التعقيــد‬ ‫ويف نظــم التكويــن واإلدارة‪ ،‬فصــار بهــم كمــن‬ ‫جــاء ليكحلهــا فتســبب لهــا بالعمــى‪ ،‬فتحولــت‬ ‫الثــورة لتعصــب طائفــي وتخلــف وتزمــت‬ ‫وإرهــاب‪ ..‬وصــار النظــام ضحية لهــذا اإلرهاب‪،‬‬ ‫وجــاء العــامل كلــه ليــس ليــرب النظــام املجــرم‬ ‫بــل ليــرب الثــورة ذاتهــا مبســمياتها الجديــدة‬ ‫القدميــة‪ ..‬الدولــة اإلســامية والخليفــة‪ .‬املصيبــة‬ ‫ليســت يف الغــرب وال العــرب‪ ،‬وأمــوال الخليــج‪،‬‬ ‫أو يف حــزب اإلخــوان‪ ،‬وال يف شــخوص املعارضــة‬ ‫الخارجيــة وال يف الجربــا فقــط‪ ،‬فهــو قــد وجــد‬ ‫البــاب مفتوحــاً ألمثالــه فدخــل منــه‪ ،‬وكــا‬ ‫يقــال الرجــل املناســب يف املــكان املناســب‪،‬‬ ‫أو كــا تكونــوا يــوىل عليكــم‪ .‬املشــكلة يف‬ ‫الثــورة ذاتهــا التــي قامــت مــن دون مفاهيــم‬ ‫وال أهــداف‪ ،‬والتــي شــحطها وراءه كل معتــوه‬ ‫ومــد ٍع لديــن ومشــيخة وثقافــة وفكــر‪ ..‬واألهــم‬ ‫مــن كل ذلــك مــن دون مؤسســات‪ ..‬فهــي‬

‫ثــورة فــوىض‪ ،‬وجيشــها الحــر (فلتــان) وجبهاتها‬ ‫(اإلســامية) تخلــف وتعصــب وإرهــاب‪ ..‬مــاذا‬ ‫كان ســيحدث لــو أرص الثــوار عــى رفــض أي‬ ‫ســلطة غــر منتخبــة محليـاً؟ وأي متويــل ال يــأيت‬ ‫لصنــدوق مراقــب‪ ،‬وأي ســاح ال يأمتــر بأمــر‬ ‫املجالــس‪ ،‬ولــو أقامــوا ســلطة قانونيــة تحاســب‬ ‫عــى هــذه املخالفــات وتقومهــا‪ ..‬كانــت الثــورة‬ ‫ستســر وكل محــاوالت التخريــب ستفشــل‪.‬‬ ‫وملــا كان شــعبنا اليــوم مضطـرا ً للســب والشــتم‬ ‫واللعــن عــى الطالــع والنــازل‪ ،‬مــع أن مــا‬ ‫أصابــه هــو مــن صنــع يديــه‪ ..‬فلــو كان ســلوكه‬ ‫يف الثــورة مقنعــاً ملــا كان يقــف وراء األســد‬ ‫غــر القلــة املقربــن‪ ،‬ولســقط النظــام وانشــق‬ ‫الجميــع عنــه نحــو النظــام األرقــى والحضــارة‪.‬‬ ‫أمــا والحــال عــى مــا هــو عليــه‪ ..‬فيبــدو أن‬ ‫األزمــة ســتطول ولــن يجــد العــامل عالجـاً ملــرض‬ ‫الفــوىض والفلتــان إال النظــام واالنضبــاط التــي‬ ‫تبنــى عليــه الحضــارة‪ ..‬فاملصيبــة التــي صنعهــا‬ ‫األســد املرجــوم أنــه خــ َّرب كل يشء مبــا فيــه‬ ‫اإلنســان وعقلــه ومفاهيمــه‪ ..‬حتــى إذا مــا ثــار‬ ‫عليــه انتقــم هــو مــن نفســه ودمــر حياتــه‬ ‫وثورتــه بيديــه وال يهــم لــون الرايــات املرفوعــة‬ ‫فكلهــا أقنعــة تغطــي وجهــاً واحــدا ً هــو‬ ‫التخلــف والفــوىض والهمجيــة‪..‬‬

‫(أو مــن كان ميتـاً فأحيينــاه وجعلنــا لــه‬ ‫نــوراً ميــي بــه يف النــاس كمــن مثلــه‬ ‫يف الظلــات ليــس بخــارج منهــا كذلــك‬ ‫زيــن للكافريــن مــا كانــوا يعملــون)‪.‬‬

‫انتصار عبد المنعم‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫عندمــا كانــت جيــوش العثامنيــن تــدق‬ ‫أبــواب القســطنطينية‪ ،‬كان املجمــع املســكوين‬ ‫فيهــا ملتئـاً ملناقشــة موضــوع جنــس املالئكــة‪.‬‬ ‫ويقــول بعــض الســاخرين إن املوضــوع مل يكــن‬ ‫ذاك‪ ،‬بــل كان النقــاش منصبــاً عــى معرفــة‬ ‫عــدد املالئكــة الذيــن يتســع لهــم رأس الدبــوس‬ ‫جلوســاً أو وقوفــاً!!‪.‬‬ ‫املفارقــة الصاعقــة هنــا ليســت يف املوضــوع‬ ‫املطــروح عــى بســاط البحــث أمــام املجمــع‬ ‫املســكوين‪ ،‬بــل يف أن التاريــخ يعيــد نفســه بدقة‬ ‫تبعــث عــى العجــب والدهشــة‪ ،‬املــكان نفســه‪،‬‬ ‫وهــو القســطنطينية التــي صــارت اســطنبول‪،‬‬ ‫والظــروف التاريخيــة نفســها وهــي الحــرب‬ ‫املتفجــرة يف املنطقــة‪ ،‬ولــي ال أقــول يف ســورية‬ ‫أو يف كوبــاين عــن العــرب‪ ،‬واملجمــع املســكوين‬ ‫نفســه بعــد أن صــار اســمه «االئتــاف الوطنــي‬ ‫لقــوى الثــورة واملعارضــة» الــذي يلتئــم‬ ‫ملناقشــة موضــوع تشــكيل حكومــة ال تختلــف‬ ‫بوصفهــا عــن جنــس املالئكــة‪ ،‬إذ ال أحــد يعــرف‬ ‫ماهيتهــا‪ ،‬أو مــاذا تفعــل‪ ،‬والعــدد أيضـاً يعيــده‬ ‫التاريــخ‪ ،‬هنــاك عــدد الجالســن عــى رأس‬ ‫الدبــوس‪ ،‬وهنــا عــدد املرشــحني للجلــوس عــى‬ ‫كــريس رئيــس الحكومــة‪ ،‬مــع الفــارق البســيط‬ ‫يف أنــه هنــاك مل يكــن معلومــاً‪ ،‬أو رمبــا كان‪،‬‬ ‫لكــن التاريــخ أغفلــه‪ ،‬وأنــه هنــا عــرف وأذيــع‬ ‫ومل يبــق رسا ً‪ .‬ويجــب أن نعــرف هنــا بــأن‬ ‫وســائل التواصــل االجتامعــي واالتصــاالت التــي‬

‫تطــورت يف الفــرة بــن انعقــاد ذلــك املجمــع‬ ‫وهــذا‪ ،‬والتــي جعلــت مــن املؤمتـرات الصحفيــة‬ ‫وســيلة لنقــل املعلومــة اىل الــرأي العــام‪ ،‬الــذي‬ ‫رمبــا كان يف فــرة املجمــع األول مهتــاً مبــا‬ ‫يجــري‪ ،‬لكنــه لســوء حظــه ال ميلــك وســيلة‬ ‫املعرفــة التــي ميلكهــا اآلن يف فــرة املجمــع‬ ‫الثــاين التــي جعــل التطــور التكنولوجــي فيهــا‬ ‫عقــد املؤمتـرات الصحفيــة عــر الفضــاء ممكنـاً‪،‬‬ ‫فيعــرف املتلقــي أن االئتــاف يتعــرض ملؤامــرة‬ ‫يحيكهــا مــن يريــد الســيطرة عليــه‪ ،‬ويدفعهــا‬ ‫مــن ال يريــد أن يفقــد تلــك الســيطرة‪ ،‬وأن هذه‬ ‫املؤامــرة هــي التــي حالــت دون أن يتمكــن‬ ‫املجتمعــون‪ ،‬مــن تعيــن رئيــس للحكومــة‬ ‫العتيــدة‪ ،‬ويعــرف أيضــاً مــن هــو صاحــب‬ ‫«الحــظ االوفــر» يف الفــوز باملنصــب وكأن‬ ‫األمــر يتعلــق بتشــكيل حكومــة يف ســويرسا‬ ‫أو الســويد‪ .‬ويقولــون بعــد ذلــك إن التاريــخ‬ ‫يعلــم‪ ،‬وأنــك عندمــا تــدرس ماضيــك يســهل‬ ‫عليــك التخطيــط ملســتقبلك‪ ،‬وهــي مقولــة‬ ‫جعلنــا هــذا «املجمــع» املســكوين املنعقــد اآلن‬ ‫يف «القســطنطينية» النتخــاب «صاحــب الحــظ‬ ‫األوفــر» غــر مدركــن ملــا يجــري يف وطنهــم‪،‬‬ ‫مــن تقتيــل وتخريــب‪ ،‬وتدمــر بدليــل أنهــم‬ ‫«يأخــذون راحتهــم» يف مدافعــة املؤامــرة التــي‬ ‫تعيــق تســمية صاحــب «الحــظ األوفــر» الــذي‬ ‫سيشــكل حكومــة ال متلــك أرض ـاً‪ ،‬وأجــرؤ عــى‬ ‫القــول بأنهــا ال متلــك شــعباً‪ ،‬ال يف وطنهــا وال‬ ‫يف مهاجــره التــي ال ترحــب بــه‪ ،‬فرييــح ذلــك‬ ‫صاحــب الحــظ األوفــر‪ ،‬ويزيــح عــن كاهلــه‬

‫قلــوب ثائــرة‬

‫الحــب والنضــال وجهــان لثــورة واحــدة‪ ،‬فالحــب‬ ‫والنضــال وجهــان لعملــة واحــدة اســمها «اإلنســان» فهــو‬ ‫العاشــق وهــو املناضــل كذلــك‪ ،‬فهــل يكــون اإلنســان عــدوا ً‬ ‫لنفســه؟‬ ‫القلــب العاشــق الــذي يخفــق ثائــرا ً متمــردا ً عــى حالــة‬ ‫صقيــع التواجــد فــردا ً؛ بــل نصفــاً‪ ،‬لتنطلــق فيــه حــرارة‬ ‫وهــج الحــب إن وجــد نصفــه اآلخــر املتمــم لــه‪ ،‬والــذي‬ ‫يســتقبل خفقاتــه ورعشــاته فيرتجامنهــا معــاً إىل حالــة‬ ‫مــن العشــق يثــوران بهــا عــى كل مــا يفــرق بينهــا‪،‬‬ ‫هــذا القلــب نفســه هــو الــذي يخفــق متمــردا ً ثائ ـرا ً عــى‬ ‫االحتــال والظلــم والعبوديــة وتكميــم األفــواه‪.‬‬ ‫تراثنــا العــريب نفســه جمــع بــن جنباتــه قصص ـاً عاطفيــة‬ ‫وحــاالت وجدانيــة تولــدت عنهــا نضــاالت تحرريــة؛ فرغبــة‬ ‫«عنــرة» يف التحــرر أججتهــا رغبتــه يف التقــرب مــن «عبلــة»‬ ‫الحــرة التــي متنعهــا التقاليــد مــن االقــران بعبــد يبــاع‬ ‫ويشــرى مثــل املتــاع‪ .‬ورغبــة اململــوك «قطــز» محمــود يف‬ ‫العثــور عــى «جلنــار» جعلتــه يخــوض الحــرب الواحــدة‬ ‫تلــو األخــرى حتــى وجدهــا يف النهايــة‪.‬‬ ‫والثــورة وإن كانــت مبعناهــا الســيايس تعنــي الخــروج‬ ‫عــى الوضــع الراهــن‪ ،‬كذلــك الحــب هــو حالــة خــروج‬ ‫عــى وضــع راهــن‪ .‬وقــد حــدث كثــرا ً أن كان النضــال‬

‫والثــورات مفجــرة أو مصاحبــة للحــب‪ ،‬أو العكــس‪ .‬مثلــا‬ ‫حــدث مــع جيفــارا؛ رمــز الثــورة والنضــال يف العــامل كلــه؛‬ ‫عندمــا قابــل يف عــام ‪ 1955‬املناضلــة البريوفيــة «هيلــدا‬ ‫أكوســتا» يف منفاهــا يف جواتيــاال‪ ،‬فتزوجهــا وأنجــب‬ ‫منهــا طفلتــه األوىل‪ .‬هيلــدا مل تكــن عائق ـاً بــل دفعتــه إىل‬ ‫الق ـراءة ألول مــرة يف الكالســيكيات املاركســية‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫لينــن وتروتســي ومــاو تــي تونــغ‪ ،‬أي أنهــا مهــدت لــه‬ ‫طريــق النضــال يف داخلــه لينطلــق بعدهــا إىل كل منطقــة‬ ‫يعلــم أن بهــا ثــورة‪ ،‬ال تفــرق عنــده الحــدود وال القوميــات‬ ‫حتــى كانــت جملــة «الثــورة العظيمــة ال ميكــن أن تكــون‬ ‫إال مثــرة حــب عظيــم» لديــه واقع ـاً ملموس ـاً‪ .‬لقــد ربــط‬ ‫جيفــارا قــوة الثــورة بقــوة الحــب حــن قــال‪« :‬الثــورة قويــة‬ ‫كالفــوالذ‪ ،‬حمــراء كالجمــر‪ ،‬باقيــة كالســنديان‪ ،‬عميقــة‬ ‫كحبنــا الوحــي للوطــن»‪ .‬وهــذا الحــب الــذي تل ّبــس‬ ‫جيفــارا وجعلــه ال يعــرف بحــدود العــامل‪ ،‬كان نتيجــة‬ ‫عشــقه لفكــرة النضــال نفســها‪ ،‬فلــم يعــد يهتــم مبتــى وال‬ ‫أيــن ســيموت بعــد أن أصبــح العــامل كلــه وطن ـاً لــه‪ .‬بــل‬ ‫رمبــا رهافــة الشــعور التــي تولــدت يف قلبــه العاشــق هــي‬ ‫مــا جعلتــه يحــس بــكل مظلــوم ومضطهــد‪:‬‬ ‫«أحــس عــى وجهــي بــأمل كل صفعــة تو ّجــه إىل مظلــوم‬ ‫يف هــذه الدنيــا‪ ،‬فأينــا وجــد الظلــم فــذاك هــو وطنــي»‪.‬‬ ‫ولعـ ّـل أبــرز النــاذج التــي اجتمــع فيهــا النضــال والحــب يف‬

‫عاملنــا العــريب‪ ،‬هــي قصــة األديبــة غــادة الســان واملناضــل‬ ‫الفلســطيني الشــهيد غســان كنفــاين‪ ،‬والتــي عرفنــا تفاصيلها‬ ‫مــن خــال رســائله التــي نرشتهــا الســان بعــد ســنوات‬ ‫مــن استشــهاده‪ ،‬وأعتقــد أن مــن هاجــم غــادة يف أمــر‬ ‫نرشهــا للرســائل‪ ،‬أو مــن يجــادل بــأن الحــب كان عقبــة‬ ‫يف وجــه املناضــل‪ ،‬يرجــع يف حقيقــة األمــر إىل الرغبــة يف‬ ‫عــدم نــر خــر هــذه العالقــة مفضلــن بقاءهــا يف الخفــاء‪.‬‬ ‫فقــد توارثنــا الخــوف مــن الفضيحــة بإعــان أمــر مــا‪ ،‬عــى‬ ‫الرغــم مــن أن الفضيحــة الحقيقيــة أو الخطــأ الوحيــد هــو‬ ‫الــذي نجــد يف إخفائــه وإنــكاره‪ .‬أي هــم ينكــرون اإلعــان‬ ‫عــن العالقــة ال العالقــة نفســها‪.‬‬ ‫غســان كنفــاين كان كأي مناضــل صاحــب قضيــة‪ ،‬ويف أثنــاء‬ ‫الثــورات والحــروب تشــتد الرغبــة يف الحيــاة واســتنفاذ‬ ‫مباهجهــا لتعويــض أعــار قــد تنتهــي يف أي لحظــة‪ .‬فهــل‬ ‫كان البــد أن يســتعد املناضــل أو الثائــر‪ ،‬أو «كنفــاين» ملوتــه‬ ‫املنتظــر يف كل لحظــة قبــل أن ميــوت؟ هــل كان عليــه إنكار‬ ‫إنســانيته التــي تجعلــه وهــو يف قلــب الخطــر‪ ،‬وتحــت‬ ‫القصــف يتــوق إىل قلــب دافــئ يشــاركه ولــو خطابـاً حــن‬ ‫بــات اللقــاء نعمــة وترف ـاً ال يقــدر عليهــا‪ ،‬وهــو املطــارد‬ ‫والشــهيد املحتمــل يف أي لحظــة؟‬ ‫ملــاذا يُــر الداعشــيون عــى بــث صــور الفظاظــة والقســوة‬ ‫عــى أنهــا املمثــل الرشعــي لثــورات العــرب املقبــورة؟؟‬

‫العولمــة وإدارة الفوضــى‪!..‬‬

‫الحكومــة وجنــس المالئكة!‬ ‫عــبء النظــر يف مســؤولياته تجاهــه‪ ،‬وينــرف‬ ‫إىل النظــر يف مســؤوليات أخــرى‪ .‬نحــن‬ ‫الشــعب املهاجــر‪ ،‬نســأل أولئــك املجتمعــن‪:‬‬ ‫أمــا تدركــون حجــم املســؤولية امللقــاة عــى‬ ‫عاتقكــم؟ أمــا تدركــون مــا يفعــل بنــا نحــن‬ ‫املفــرض أن نكــون «شــعبكم» ومــا يفعــل‬ ‫بكــم أنتــم املفــرض أنكــم «املســؤولون عنــا»؟‬ ‫أمــا تدركــون أن القــوى العامليــة واإلقليميــة‬ ‫والعربيــة أيضــاً تبيعكــم مــا ال ينبغــي أن‬ ‫تشــروه؟ أمــا تدركــون حجــم املؤامــرة؟ إن‬ ‫كنتــم ال تدركــون فــا فائدتكــم؟ إن كنتــم‬ ‫تدركــون فــاذا تلعبــون؟ هــل يحتــاج األمــر إىل‬ ‫أكــر مــن أســبوع لتختــاروا مــن يجلــس عــى‬ ‫رأس الدبــوس املخصــص لرئيــس الحكومــة؟‬ ‫ومــاذا يفعــل رئيــس الحكومــة وحكومتــه؟‬ ‫ومــاذا تفعلــون أنتــم اآلن؟ وأي رأي لكــم يف مــا‬ ‫يجــري اآلن‪ ..‬يف مــا هــو مفــرض أن يكــون؟‬ ‫وملــاذا ترضــون أن يصفعكــم مــن هــم مفــرض‬ ‫أن يكونــوا أصدقاءكــم وأشــقاءكم؟ ملــاذا تقبلون‬ ‫مــا تدعــون أنكــم ثرتــم ضــده؟ ثرتــم ضــد‬ ‫تهميــش النظــام وإهاملــه لكــم‪ ،‬وتقبلــون‬ ‫تهميــش وإهــال داعميكــم لكــم!! فلــاذا؟‬ ‫غريــب أمركــم هــذا!! إنكــم تســهمون مــن‬ ‫حيــث تــدرون أو ال تــدرون يف مــا تفعلونــه‬ ‫بإطالــة أمــد معانــاة ســورية بلــدا ً وشــعباً‪.‬‬ ‫فاســتفيقوا أيهــا املؤتلفــون واخلقــوا أفــكارا ً‬ ‫جديــدة‪ ،‬وانتهجــوا طريقــاً جديــدة تخرجــون‬ ‫بهــا بلدكــم‪ ،‬وشــعبكم مــن هــذه املأســاة‪ ،‬وإال‬ ‫فاذهبــوا إىل حيــث تســتحقون‪..‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫العوملــة مفهــوم غامــض‪ ،‬ملتبــس‪ ،‬يريــد مــن يــروج‬ ‫لهــا‪ ،‬أن يعطــي انطباع ـاً أنهــا ذات بعــد عاملــي قائــم عــى‬ ‫التواصــل االجتامعــي واإلنســاين بــن البــر‪ ،‬عــر تكنولوجيــا‬ ‫االتصــاالت الحديثــة‪ ،‬شــبكة النــت‪ ،‬التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫كالفيــس بــوك وتويــر واليوتــوب واملوبايــل‪ ،‬والــدش‪ ،‬بيــد‬ ‫أن الواقــع يقــول عكــس ذلــك‪ .‬فهــي مرحلــة متطــورة مــن‬ ‫مراحــل الرأســالية‪ .‬قفــزة نوعيــة إىل األمــام‪ ،‬تتخللهــا‪،‬‬ ‫تحــوالت عميقــة‪ ،‬تطــال بنيتهــا يف العمــق‪ .‬واســتمرار مكمــل‬ ‫لهــا منــذ أن بــدأت يف املرحلــة الصناعيــة التــي تكللــت‬ ‫بالنجــاح‪ ،‬يف الفــرة املمتــدة بــن ‪ 1750‬إىل ‪ .1850‬أي أن‬ ‫العوملــة‪ ،‬هــي شــكل مــن أشــكال توســع الرأســالية عــى‬ ‫كل املســتويات‪ ،‬لتجتــاح العــامل كلــه‪ ،‬بطريقــة أرسع‪ ،‬وتــريس‬ ‫وجودهــا يف كل مــكان‪ ،‬وفــق رشوطهــا‪ ،‬قوتهــا ومكانتهــا‪،‬‬ ‫ويف قدراتهــا النقديــة والتجاريــة‪ ،‬ونقــل رؤوس األمــوال‬ ‫والســلعة‪ ،‬ويف قســوتها ووحشــيتها‪.‬‬ ‫العوملــة‪ ،‬مرحلــة‪ ،‬قفــزة أكــر يف شــبكة توســعها عــى‬ ‫الصعيــد الداخــي والخارجــي‪ .‬ويف جوهرهــا هــو تحــول يف‬ ‫الزمــان واملــكان‪ .‬والتأثــر عــن بعــد عــى مجريــات األنشــطة‬ ‫االقتصاديــة واالجتامعيــة‪ .‬وتأكيــد ســيطرتها عــى مجريــات‬ ‫األمــور‪ ،‬عــر االســتخدام األمثــل لشــبكة االتصــاالت الرسيعة‪،‬‬ ‫ونقــل هــذه األنشــطة مــن مــكان إىل مــكان برسعــة كبــرة‪.‬‬ ‫كــا أنهــا تعمــل عــى وضــع كل تطــور علمــي يف خدمتهــا‪،‬‬ ‫وتلبيــة مصالحهــا‪ .‬ويف عمليــة تعميــق التقــارب والتباعــد‬

‫بــن هــذه األنشــطة‪ ،‬وتكريــس االنقســام والتداخــل فيــا‬ ‫بينهــم‪ .‬ومــا يربــط بينهــم جميعــاً‪ ،‬هــو عامليــة الســلعة‪،‬‬ ‫وانتقالهــا الرسيــع مــن مــكان إىل آخــر‪ ،‬محملــة معهــا شــبكة‬ ‫واســعة مــن العالقــات التجاريــة والنقديــة‪.‬‬ ‫هــذا مــا نـراه عــى الســطح‪ ،‬بيــد أ َّن مــا يجــري يف األعــاق‬ ‫عــى املســتوى الســيايس‪ ،‬هنــاك تحــول كبــر يف بنيــة‬ ‫العالقــات الدوليــة‪ ،‬تســر بشــكل متناســق‪ ،‬أقــرب إىل‬ ‫التحالــف املوضوعــي‪ ،‬مربوطــة عــر شــبكة أمنيــة كبــرة‪،‬‬ ‫وواســعة‪ ،‬مــن التداخــل بــن مصالــح الســلطات والــركات‬ ‫االحتكاريــة الكــرى‪ ،‬وأصحــاب رؤوس األمــوال‪ ،‬عــر العــامل‬ ‫كلــه‪ .‬ويتــم هــذا التنســيق بينهــم‪ ،‬بقــوة وصالبــة‪ ،‬لربــط‬ ‫كل تحــول أو تغــر‪ ،‬مبــا يجــري يف أي مجتمــع يف العــامل‬ ‫بهــم‪ ،‬حتــى يكونــوا عــى بينــة‪ ،‬ويضبطــوا كل ثــورة أو‬ ‫متــرد يشــكل خط ـرا ً عــى مصالــح النظــام‪ ،‬قبــل أن يفلــت‬ ‫مــن أيديهــم‪ ،‬ليبقــوا قابضــن عــى املفاعيــل السياســية‬ ‫واالقتصاديــة واالجتامعيــة عــى الصعيــد العاملــي‪ .‬والتدخــل‬ ‫ملصلحــة النظــام الرأســايل‪ ،‬إذا احتــاج األمــر‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫الســيطرة يف حــال حدثــت فــوىض سياســية أو اقتصاديــة‬ ‫أو أدت التطــورات إىل انهيــار النظــام االقتصــادي العاملــي‬ ‫برمتــه‪.‬‬ ‫مــا زال املحــي والعاملــي يف ظــل العوملــة‪ ،‬يعمــان عــى شــد‬ ‫وجــذب‪ ،‬شــد ورخــي‪ ،‬مزيــج مركــب مــن عمليــات واســعة‪،‬‬ ‫تعمــل بأســاليب متناقضــة‪ ،‬تنتــج عنهــا حــروب ونزاعــات‬ ‫وتخنــدق وانقســام‪ ،‬وتفــرز أشــكاالً جديــدة مــن العالقــات‬ ‫مل تكــن قامئــة يف الســابق‪.‬‬ ‫إن هــذا العــامل يتموضــع عــى تغـرات ليــس لهــا قـرار‪ ،‬عائم‬ ‫عــى تطــورات دراماتيكيــة ال ميكــن القبــض عليهــا‪ ،‬يكتســح‬ ‫يف طريقــه البنــى التقليديــة‪ ،‬ويهــز أركان املجتمعــات عــى‬ ‫الصعيــد العاملــي‪ ،‬ويفــكك ويدعــم النزعــات القوميــة‬ ‫والدينيــة‪ ،‬ويــذري ويدعــو للتامســك‪ ،‬كل مــن يقــف يف‬ ‫طريقهــا إلنتــاج مجتمعــات متحــررة مــن القيــم والحيــاة‬ ‫التقليديــة التــي كانــت ســائدة يف العقــود والقــرون القدميــة‪.‬‬ ‫كــا أن العوملــة‪ ،‬موضوعي ـاً‪ ،‬تدخــل يف كل مــا ميــس حيــاة‬ ‫البــر‪ ،‬يف بنيــة األرسة‪ ،‬العائلــة‪ ،‬املجتمع الواحــد‪ .‬وموضوعياً‪،‬‬ ‫يجــري يف ظلهــا‪ ،‬تفكيــك البنــى القدميــة‪ ،‬وتحريــر العقــول‬ ‫مــن تبعــات املــايض‪ ،‬كالجنــس وعالقــات الــزواج التقليديــة‪.‬‬

‫آرام كرابيت‬ ‫وتدفــع املــرأة للخــروج مــن دائــرة العزلــة ورميهــا يف أتــون‬ ‫الحيــاة املبــارشة‪.‬‬ ‫العوملــة هــي ســلطة غــر مرئيــة‪ ،‬تدخــل يف كل مــكان‪ ،‬يف‬ ‫الثقافة‪ ،‬يف األرسة‪ ،‬يف الشــارع واملدرســة‪ ،‬يف األكل والرشب‪ ،‬يف‬ ‫بنــاء وخـراب هــذا العــامل‪ ،‬يف انزيــاح العــامل وتقاربــه‪ .‬وتجــر‬ ‫املجتمعــات عــى مســتوى الكــرة األرضيــة عــى الخضــوع‬ ‫لرشوطهــا‪ ،‬كــا تدفعهــم إىل التحــرر‪ ،‬وتحــول النــاس إىل‬ ‫مجــرد أرقــام تلبــي رشوط الســوق‪ ،‬وقانــون رأس املــال‪.‬‬ ‫كأن العوملــة تريــد بشــكل مقصــود أو غــر مقصــود‪ ،‬أن‬ ‫تلغــي التاريــخ اإلنســاين‪ ،‬برمتــه وترميــه جانب ـاً‪ ،‬دون بديــل‬ ‫عاطفــي أو نفــي يحمــي اإلنســان‪ ،‬لصالــح قيــم املــال‬ ‫والســوق‪ ،‬وقانــون الســوق وآليــات رأس املــال‪ ،‬لعــامل العمــل‬ ‫الجــاف‪ ،‬مقتــرا ً عــى األذكيــاء والخــدم‪ ،‬أصحــاب الــروة‬ ‫والعدميــي القيمــة‪ .‬عــامل الفـرادة‪ ،‬األمتتــة والجنتلــان‪ ،‬عــامل‬ ‫االســتجابة الذاتيــة لــروط الواقــع‪.‬‬ ‫يف ظــل هــذا الوضــع‪ ،‬يغيــب البعــد االجتامعــي والدميقراطي‬ ‫عــن نهــج العوملــة‪ ،‬ويحــول العــامل إىل ســاحة حيتــان‪ ،‬يــرزح‬ ‫تحــت قانــون الســوق‪ ،‬وميدانــاً للتنافــس االقتصــادي‬ ‫وتعميقــاً للتقســيم الــدويل للعمــل‪ ،‬مــن خــال تشــابك‬ ‫عالقــات الســوق والنقــد والتجــارة‪.‬‬ ‫وتنطلــق مــن انحيــاز مطلــق لألغنيــاء‪ .‬وبدعــم قــوي وثابــت‬ ‫مــن دول ومؤسســات وحكومــات وبرملانــات‪ ،‬ســاهموا‬ ‫ويســاهموا‪ ،‬بســن القوانــن‪ ،‬ومهــدوا وميهــدوا الطريــق‪،‬‬ ‫لفتــح األســواق العامليــة عــى بعضــه البعــض‪ ،‬إىل درجــة‬ ‫التكامــل‪ ،‬عــر منظمــة التجــارة العامليــة‪ ،‬وإلغــاء الحــدود‬ ‫والحواجــز أمــام تدفــق الســلع‪ ،‬وحركــة رؤوس األمــوال‪،‬‬ ‫وبيــع القطــاع العــام وتعويــم الدولــة لتتحــول إىل مجــرد‬ ‫خــادم ووســيط بــن املحــي والــدويل‪.‬‬ ‫وتعمــل العوملــة عــى تهميــش دور الدولــة‪ ،‬ازاحتهــا مــن‬ ‫الســيطرة عــى الرتاكــم الداخــي‪ ،‬وســحب املكتســبات‬ ‫الداخليــة للمجتمعــات يف دول العــامل‪.‬‬ ‫هــذا التناقــض بــن آليــة الدولــة‪ ،‬وآليــات عملهــا‪ ،‬تتناقــض‬ ‫كليـاً مــع آليــة رشوط رأس املــال‪ ،‬الــذي ينــزع لفتــح البــاب‬ ‫عــى مرصاعيــه لقانــون الســوق دون أيــة ضامنــات للنــاس‬ ‫يف أي مــكان‪ .‬فآليــة الدولــة تعمــل عــى إبقــاء املجتمعــات‬ ‫يف البلــدان الغربيــة بعيــدة عــن التالقــح الســيايس مــع‬

‫املجتمعــات يف البلــدان الفقــرة‪ ،‬حتــى ال تهــب ريــاح التمــرد‬ ‫عليهــا وتجــرف كل مــن يقــف يف طريقهــا‪ .‬فــا زال هــذا‬ ‫التناقــض يعمــل بقــوة‪ ،‬بــن النوعيــة املحافظــة‪ ،‬الحاميــة‪.‬‬ ‫حتــى الضــان االجتامعــي يف البلــدان الغربيــة‪ ،‬الــذي أعطى‬ ‫هــذه املجتمعــات توازن ـاً‪ ،‬اســتقرارا ً سياســياً واجتامعي ـاً إىل‬ ‫حــد بعيــد‪ .‬وأبعــد هــذه البلــدان عــن الخضــات االجتامعيــة‬ ‫أو الثــورات السياســية عــى الســلطات السياســية‪ ،‬وعمــق‬ ‫االنقســام االجتامعــي عــى الصعيــد العاملــي‪ .‬مبعنــى أن‬ ‫مصالــح هــذه املجتمعــات موضوعي ـاً‪ ،‬ليســت مــع مصالــح‬ ‫الشــعوب املســحوقة يف البلــدان الصغــرة والضعيفــة‬ ‫كبلداننــا‪ .‬أعتقــد أنهــا مرحلــة مؤقتــة‪ ،‬رمبــا ســيجري ســحب‬ ‫هــذه املكتســبات االجتامعيــة مــن املجتمــع وتدمــر أي‬ ‫مرتكــز يســتند عليــه الفــرد يف حياتــه‪ .‬كــا حولــت الحــركات‬ ‫االجتامعيــة كحقــوق اإلنســان‪ ،‬حركــة الخــر‪ ،‬أطبــاء بــا‬ ‫حــدود‪ ،‬صحفيــن بــا حــدود‪ ،‬حــركات الســام‪ .‬واملنظــات‬ ‫التــي تفرزهــا األمــم املتحــدة كالفــاو‪ ،‬الصناعــة‪ ،‬العمــل‪،‬‬ ‫التنميــة‪ ،‬اليونســكو‪ ،‬إىل مجــرد أدوات‪ ،‬منخرطــون جميعــاً‬ ‫يف افــرازات العوملــة العامليــة‪ ،‬كخــراب البيئــة والتــرد‬ ‫والجــوع واملــرض والجهــل واالســتبداد والفــوىض‪ .‬مبعنــى‪،‬‬ ‫أنهــم مل ينفصلــوا عــن النظــام برمتــه‪ .‬إنهــم جــزء مكمــل‬ ‫لــه‪ ،‬يعملــون مــن داخلــه‪.‬‬ ‫برصاحــة أكــر‪ ،‬إن العوملــة ص ّحــرت الحيــاة‪ ،‬الثقافــة والفــن‬ ‫واملعرفــة عــى الصعيــد العاملــي‪ .‬وأنهــت الســيادة الوطنيــة‬ ‫للبلــدان الصغــرة‪ ،‬االســتقالل الشــكيل الــذي ســاد بعــد‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة بســقوط جــدار برلــن‪ .‬وبــدأ تاريــخ‬ ‫جديــد يف العالقــات الدوليــة منــذ انتهــاء الحــرب البــاردة‪ .‬مل‬ ‫يعــد هنــاك حاميــة سياســية أو اجتامعيــة للبلــدان الهشــة‬ ‫سياســياً واجتامعيــاً‪ ،‬وزعــت فيهــم‪ ،‬الحــروب والنزاعــات‬ ‫املجانيــة التــي تعمــل عــى تدمــر الهويــات الوطنيــة‬ ‫والقوميــة‪ ،‬واكتســاح البنيــات االجتامعيــة‪ ،‬القامئــة منــذ‬ ‫آالف الســنني‪ ،‬لصالــح هويــة هالميــة‪ ،‬غــر معروفــة‪ ،‬وال‬ ‫مواصفــات لهــا‪ .‬وتدمــر بنــى اجتامعيــة تقليديــة لصالــح‬ ‫بنــى مجهولــة‪.‬‬ ‫تبــدو األشــياء عــى الســطح كأن العوملــة بنيــة واحــدة‪ ،‬بيــد‬ ‫أن مــا يجــري فيهــا‪ ،‬يف العمــق‪ ،‬انقســام وربــط‪ .‬وتــرزح عــى‬ ‫تناقضــات عميقــة‪ ،‬ومنافســة لالســتحواذ والســيطرة‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫غسان المفلح‬ ‫جســد املــرأة بــن الســر والعــري «مســاحة» ال تغطيهــا‬ ‫األديــان‪ ،‬لكنهــا تنــدرج يف السياســة واالقتصــاد‪ ،‬ثــم‬ ‫تســتلهمها الحقــوق‪ ،‬وينــص عليهــا القانــون‪ ،‬أهــم مــا يف‬ ‫األمــر هنــا‪ ،‬أن القانــون املعــارص وضــع عــى حريــة العــري‬ ‫الحريــة الشــخصية يف مجتمــع الفرجــة‪ -‬فيصبــح أي تقليــد‬‫اجتامعــي آخــر مثــار اســتهجان واســتنكار ورفــض‪ ،‬فيصبــح‬ ‫مــن حــق املــرأة‪ ،‬أن يســتخدمها الرجــل يف فيلــم بورنــو!‬ ‫باعتبــار أن حضارتنــا ال تــزال حضــارة ذكوريــة بامتيــاز‪ ،‬أو‬ ‫يســرها مــن رأســها حتــى أخمــص قدميهــا كالنقــاب عنــد‬ ‫اإلســاميني املتشــددين‪ ،‬البيكينــي رمــز دنيــوي بامتيــاز‪،‬‬ ‫بينــا الحجــاب اإلســامي‪ ،‬والشــعر املســتعار عنــد املــرأة‬ ‫اليهوديــة‪ ،‬عبــارة عــن رمــوز دينيــة‪ ،‬وتحــول الثــاين إىل رمــز‬ ‫للمــوت املحقــق إبــان صعــود النازيــة‪ ،‬ويتحــول األول اآلن‪:‬‬ ‫إىل تســفيل شــعوب بكاملهــا‪ ،‬ومحــارصة لتفاعلهــا الحــر مــع‬ ‫العــامل الراهــن‪ ،‬تفاعلهــا بــكل تياراتهــا ‪-‬وهــذا الطبيعــي‪ -‬مع‬ ‫تاريخهــا اليومــي‪ .‬عندمــا ارتــأت السياســة حــرق اليهــود يف‬ ‫أملانيــا وقســم مــن أوروبــا عموم ـاً‪ ،‬مل تعــد املــرأة اليهوديــة‬ ‫املتدينــة قــادرة عــى لبــس شــعرها املســتعار وال جواربهــا‬ ‫الســوداء‪ ،‬وال حضــور مناســبات دينيــة‪ ،‬نتيجــة للخــوف‪ ،‬ومل‬ ‫يعــد الرجــل قــادرا ً عــى حمــل نجمتــه السداســية‪ .‬الســؤال‬ ‫املقلــق للبعــض‪ ،‬هــل تعيــش أوروبــا اآلن نفــس الفضــاء‬ ‫ولكــن مــع تغــر ديــن الضحيــة‪ ،‬مــن اليهــودي إىل املســلم؟‬ ‫حتــى نهايــة الحــرب العامليــة الثانيــة كان يظهــر اليهــودي‬ ‫يف الدرامــا األوروبيــة منســوخاً مــن الصــورة املكرســة عنــد‬ ‫ويليــام شكســبري يف «تاجــر البندقية»؛ حيث صار «شــايلوك»‬ ‫اليهــودي َعلَ ـاً عــى الكراهيــة لآلخــر‪ ،‬وعــى اليهــودي أن‬ ‫يتنــر حتــى يتخلــص مــن يهوديتــه‪ ،‬ألن يهوديتــه تفقــده‬ ‫حــق الحيــاة يف بعــض دول أوروبــا‪ .‬اآلن‪ :‬املســلم اإلرهــايب!!‬ ‫املتخلــف‪ ،‬الهاضــم لحقــوق املــرأة‪ ،‬املهــدد لقيــم وحضــارة‬ ‫وثقافــة أوروبــا ‪-‬بشــقيها الدينــي والوضعــي‪ -‬والــذي ال‬ ‫يســتطيع االندمــاج يف مجتمــع أوروبــا‪ ،‬نتيجــة لثقافتــه‬ ‫و»كركــره املرســوم» مــن رســم هــذا الكركــر؟ وملــاذا؟ فهــل‬ ‫بــات عــى املســلم اليــوم أن يتنــر أو يتهــود حتــى يتخلــص‬ ‫مــن صورتــه هــذه التــي تالحقــه أينــا ذهــب‪ ،‬ومهــا فعل؟‬ ‫وغــر خــاف عــى أحــد قــوة اإلعــام والصــورة يف زمننــا‪ ،‬إنــه‬ ‫جوهــرة السياســة املعــارصة‪ .‬هــل نحــن أمــام هولوكســت‬ ‫رمــزي جديــد؟ الشــعوب األوروبيــة‪ ،‬وثقافتهــا رغــم كل هــذا‬ ‫الضجيــج اإلعالمــي املســتبطن للسياســة‪ ،‬أكــر إنســانية‪،‬‬ ‫ورقي ـاً مــن أن تقــوم مبثــل مــا قامــت بــه مــع اليهــود منــذ‬ ‫ســبعة عقــود تقريب ـاً‪ ،‬حتــى النازيــة الجديــدة‪ ،‬عدوانيتهــا‬ ‫ســلمية!! رغــم تقــدم فضائهــا الثقــايف‪ ،‬وترسبــه إىل أح ـزاب‬ ‫اليمــن التقليديــة‪ ،‬مــا هــي املســافة اآلن بــن ميــن حــزب‬ ‫جــان مــاري لوبــن‪ ،‬وميــن «حــزب مــن أجــل الجمهوريــة»‬

‫إسماعيل خليل الحسن‬ ‫تقهقــرت الدولــة لتخــي مكانهــا لفكــرة الســلطة يف‬ ‫ســوريا وصــارت يف عهــد حافــظ األســد أكــر تغ ـ ّوال‪ ،‬ففــي‬ ‫ســورية ســلطة تحــاول تقليــد الدولــة يف محــاكاة هزليــة‪,‬‬ ‫وكان كثــر منــا يف أوســاط املعارضــة يغــازل أيــة إشــارة‬ ‫تصــدر ميكــن حملهــا عــى محمــل الدولــة‪ ,‬مــع علمنــا أنهــا‬ ‫طارئــة ومخاتلــة وال تبنــي تراكـاً‪ ,‬ممنـ ّـن النفــس بــأن مــا‬ ‫هــو ســلطوي قــد ينقطــع وينــزوي إىل خلــف عقــل النظــام‪.‬‬ ‫كنــا نحــاول إقنــاع أنفســنا بــأن هنــاك جيشــاً نتغنــى‬ ‫ببطوالتــه ونعتــره خطــاً أحمــر‪ ,‬وكان مــن املبــاح لــه‬ ‫خــرق القوانــن املدنيــة‪ ،‬فاألولويــة للعســكري يف طابــور‬ ‫الحيــاة‪ ,‬أمــا إذا كان هــذا العســكري مــن املخابــرات‬ ‫فعليــك أن تخــي كل املســاحات ليحتلهــا وأنــت تصطنــع‬ ‫ابتســامة بلهــاء لتنــال الرضــا بــل لتتوقّــى عواقــب مل تكــن‬ ‫يف حســبانك‪ ،‬وتجلّــت الحقيقــة فــإذ بحــاة الديــار ســوى‬ ‫عصابــة همهــا حاميــة رأســها حتــى تدمــر البلــد عــن‬ ‫آخــره‪.‬‬ ‫كان الكثــر م ّنــا يعلــم أن القضــاء مرسحيــة هزليــة‪ ,‬لك َّنــه‬ ‫يســر يف اللعبــة إىل نهايتهــا‪ ،‬وغالبـاً مــا كان يخرسهــا أمــام‬ ‫قــوة الخصــم وضعــف ذمــة القضــاة‪ ,‬بــل إن رهط ـاً مــن‬ ‫املعارضــن قــد وقــر يف وهمهــم أن شــيئاً مــا لــدى النظــام‬ ‫ينبغــي الحفــاظ عليــه‪ ,‬وقــد هللنــا غــر مقتنعــن بخطــاب‬ ‫القســم الــذي ألقــاه الرئيــس الوريــث‪ ,‬وأســميناه مرشوعـاً‬ ‫ثــم مــا لبــث أن لحســه ليعيــد إنتــاج النظــام القديــم‪.‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪8‬‬

‫الــذي أصــدر قانــون منــع الحجــاب‪ ،‬يف القضايــا الداخليــة‬ ‫الفرنســية؟ رغــم كل هــذه املــؤرشات إال أن األمــر يجــب‬ ‫أن يكــون مشــجعاً لقيــام إســام أورويب معــرن‪ ،‬يســتلهم‬ ‫أنســية األندلــس‪ ،‬وليــس أخرويــة أســامة بــن الدن‪ .‬وهــذه‬ ‫املهمــة ال تقــع عــى عاتــق‪ ،‬أنظمــة القمــع واالســتبداد يف‬ ‫العــامل اإلســامي‪ ،‬بــل تقــع عــى عاتــق سياســيي أوروبــا‬ ‫ومثقفيهــا‪ ،‬وخاصــة املســلمون منهــم‪.‬‬ ‫الرمــوز اليهوديــة مل تعــد مســتهجنة يف أوروبــا اآلن‪ ،‬أمــا‬ ‫الرمــوز التــي تشــر إىل اإلســام‪ ،‬فهــي موضــع اســتنكار‪،‬‬ ‫وشــجب‪ ،‬وليــس أكــر مــن‬ ‫الحجــاب‪ ،‬مصــدرا ً للشــجب‬ ‫واإلرهــاب‪ .‬هــذا اضطهــاد‬ ‫جديــد للمــرأة املســلمة‪.‬‬ ‫النخــب العربيــة منهــا مــا‬ ‫زال يــرى أن لثقافتهــم الدور‬ ‫الطليعــي يف حــل إشــكاليات‬ ‫املجتمــع العــريب‪ ،‬وهــذا دور‬ ‫ال يريــدون التصديــق‪ ،‬أن‬ ‫الراهــن «ســيايس بامتيــاز‪،‬‬ ‫والباقــي يتحــرك يف حقلــه‪،‬‬ ‫ســواء كان ثقافــة أو إعالم أو‬ ‫أديــان أو برقــع أو بكينــي أو‬ ‫شــعر مســتعار» هنــا تكمــن‬ ‫املشــكلة‪ ،‬وهنــا حلهــا مع ـاً‪.‬‬ ‫وهــذا ال يعنــي أن الثقافــة‬ ‫باتــت ميتــة الــدور‪ ،‬ولكــن‬ ‫ثقافــة تعــزل نفســها عــن‬ ‫الســيايس‪ ،‬وترتفــع عنــه‪،‬‬ ‫وترذلــه معتــرة أن الحــل‬ ‫لديهــا‪ ،‬هــي التــي متــوت‬ ‫ويعزلهــا الســيايس‪ ،‬يف‬ ‫أيقونــات يحتفــي بهــا لــزوم‬ ‫احتياجــه للشــكليات‪.‬‬ ‫العلامنيــون يف العــامل اإلســامي يعانــون مــن مشــكلة‬ ‫عميقــة وجديــة‪ ،‬وهــي أنهــم بنمذجتهــم التاريخيــة‪ ،‬للمــرأة‬ ‫األوروبيــة‪ ،‬إمنــا يحيلــون األمــر لواقــع انكشــاف الجســد‬ ‫حجــب‪ /‬كشــف‪ ،‬أكــر مــا يحيلــه إىل قضيــة حريــة املــرأة‪،‬‬ ‫حيــث النمــوذج الغــريب أحــد تجســيداتها‪ ،‬ودون رفــع قضيــة‬ ‫حريــة املــرأة إىل مســتوى وجــودي‪ ،‬وبذلــك يصبــح الحديث‪،‬‬ ‫أننــا نقلــد الغــرب‪ ،‬ألنــه األقــوى‪ ،‬واألكــر حضاريــة وحريــة‪،‬‬ ‫وإن كان هــذا صحيحــاً إال أنــه مينــع رؤيــة األمــر مــن‬ ‫الزاويــة الوجوديــة لحريــة الكائــن اإلنســاين‪ ،‬كفعــل محايــث‬ ‫لوجــوده أص ـاً‪ ..‬وهنــا يعــود بنــا الحديــث إىل مــا بدأنــاه‬

‫تبــق‬ ‫مليــون ســوري عــى مــدار أربعــة عقــود ونيــف‪ .‬مل َ‬ ‫عائلــة بــا معتقــل أو قتيــل ألســباب سياســية‪ .‬بشــار األســد‬ ‫لوحــده ضحايــاه منــذ انطــاق الثــورة الســورية ‪2011‬‬ ‫وحتــى اآلن نصــف مليــون ضحيــة‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 10‬ماليــن‬ ‫الجــئ ومهجــر ونــازح‪ .‬ومئــات ألــوف املعتقلــن وع ـرات‬ ‫األلــوف تــم تصفيتهــم تحــت التعذيــب‪ .‬أكــر مــن ‪ 11‬ألــف‬ ‫طفــل قتلــوا عــى يــد نظــام األســد‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 150‬ألــف‬ ‫امــرأة تعيــل أرسهــا نتيجــة لقتــل رجــال هــذه األرس مــن‬ ‫قبــل نظــام األســد‪ .‬حــق الحيــاة هنــا هــو املطــروح‪ ،‬أم حــق‬ ‫الحجــاب أو الســفور؟ إضافــة إىل أكــر مــن ‪ 13‬ألــف منهــن‬ ‫قضــن يف القتــل تحــت التعذيــب والقصــف واالغتصــاب‬ ‫واالعتقــال‪ .‬كلهــا موثقــة يف مؤسســات األمــم املتحــدة‪ .‬إذا‬ ‫كان حــق الحيــاة معــدوم يف ســورية منــذ أكــر مــن ثــاث‬ ‫ســنوات‪ ،‬فهــل تصبــح قضيــة الحجــاب ومناقشــتها قضيــة‬ ‫ملحــة؟ ثنــايئ حكــم املــرأة بالعــامل اإلســامي ســلطات‬ ‫مجرمــة فاســدة كســلطة األســد‪ ،‬وتيــارات إســامية مواليــة‬ ‫لــه بهــذا الشــكل أو ذاك‪ .‬مشــكلة املــرأة يف العــامل العــريب‬ ‫كمشــكلة الرجــل يف حكــم مافيــات األنظمــة القاتلــة‬ ‫والفاســدة كنظــام األســد‪ ،‬وال حــل لهــذا إال بقيــام دولــة‬ ‫الحريــة واملؤسســات وحقــوق اإلنســان‪ .‬الحريــة مطلقــة‬ ‫مــن الزاويــة الرشعيــة للميثــاق العاملــي لحقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫ولكنهــا تاريخيــة يف التعاطــي اليومــي معهــا ضمــن الحقــول‬ ‫السياســية واالجتامعيــة‪ .‬بالتــايل ال ميكننــا معالجــة قضيــة‬ ‫املــرأة دون التأســيس عــى الجانــب املطلــق يف حريتهــا عــر‬ ‫تهيئــة القاعــدة الدســتورية لضــان حريــة املــرأة ومســاواتها‬ ‫بالرجــل مــن حيــث القيمــة اإلنســانية‪ ،‬وهــذا يحتــاج إىل‬ ‫دولــة حريــات عامــة وفرديــة أوالً وأخ ـرا ً‪.‬‬

‫داعش واملرأة‪:‬‬

‫هــذا التنظيــم الــذي يشــبه يف كل فصــول ظهــوره‬ ‫ومامرســاته تنظيــم القاعــدة وطالبــان يف افغانســتان‪ ،‬والــذي‬ ‫ال يوجــد فيــه قيــادي واحــد مــن أصــل ســوري‪ ،‬بــل جلّهــم‬ ‫مــن العراقيــن والشيشــان ومــن دول أخــرى‪ .‬مل يـ ِ‬ ‫ـأت هــذا‬ ‫التنظيــم ومــن يدعمــه إال لــي يجهــض أحــام الســوريني‬ ‫بالتحــرر‪ ،‬كبقيــة شــعوب األرض‪ .‬فــكان أمنوذجــاً دعمتــه‬ ‫إي ـران واألســد لــي ميــارس أبشــع املامرســات وكان آخرهــا‬ ‫رجــم امــرأة بتهمــة الزنــا‪ ،‬إضافــة لقطــع الــرؤوس‪ ،‬وتهجــر‬ ‫املســيحيني مــن املوصــل يف العــراق‪ ،‬كلهــا مامرســات مل‬ ‫تعرفهــا ســورية وشــعبها يف تاريخهــم‪ ،‬مامرســات فقــط‬ ‫تشــبه مــا مارســه األســد األب وابنــه كــا ذكــرت‪ .‬مشــكلتنا‬ ‫ليســت فقــط يف قضيــة حقــوق املــرأة‪ ،‬بــل مشــكلتنا مــع‬ ‫األنظمــة الفاســدة واملجرمــة كالنظــام األســدي‪ ،‬هــي يف حــق‬ ‫الحيــاة‪ .‬لهــذا نطالــب العــامل أن يقــف مــع شــعبنا‪.‬‬

‫الثورة طريق إجباري‬ ‫بــذل حافــظ األســد أقــى جهــوده لحبــك ســلطة ال تنهــار‬ ‫إال إذا انهــار الوطــن بــأرسه‪ ,‬وكان يســد ثغراتهــا ويرتّــق‬ ‫خروقهــا‪ ,‬بالعنــف الوحــي تــارة‪ ،‬وببعــرة قــوى الخصــوم‬ ‫تــارة أخــرى‪ ,‬مســتفيدا ً ـ دوليـاً ـ مــن لعبــة الحــرب البــاردة‬ ‫وتأثرياتهــا عــى املنطقــة العربيــة‪ ,‬ليــس ذلــك فحســب بــل‬ ‫إنــه ربــط مصــر ســلطته بوضــع إقليمــي اتســم بالهشاشــة‬ ‫والتعقيــد‪ ،‬يف آن معـاً‪ ،‬لتداخــل املصالــح الدوليــة والقطرية‬ ‫والقبليــة‪ ,‬كــا إنــه جعــل مــن مقولــة الــراع العــريب‬ ‫الصهيــوين‪ ،‬والقضيــة الفلســطينية مجــرد أوراق للعــب فيهــا‬ ‫لجعــل وضعــه مريح ـاً‪ ,‬ومل يكــن ينافســه أحــد يف املقــدرة‬ ‫عــى مامرســة اللعبــة إىل منتهاهــا‪.‬‬ ‫وألن املــال يجلــب ثقافتــه فــإن البــرودوالر انثــال حام ـاً‬ ‫ثقافــة االســتهالك املــادي والعهــر األخالقــي‪ ،‬ورشاء الذمــم‬ ‫والفنــون الهابطــة والتشــدد العقيــدي‪ ,‬كــا دخــل املجتمــع‬ ‫يف دوامــة االحــراب الداخــي الــذي انتهــى بســيطرة‬ ‫للســلطة العصبويــة‪ ،‬وهزميــة نك ـراء للمجتمــع الــذي مــا‬ ‫انفــك يتك ّيــف عــر تقديــم التنــازالت تلــو التنــازالت حتــى‬ ‫بــات املواطــن عاري ـاً مــن الحقــوق مثق ـاً بالواجبــات‪.‬‬ ‫ال أريــد أن أخــوض مــع الخائضــن بذكــر مثالــب‪ ،‬وأخطــاء‬ ‫الثــورة عــى فداحتهــا‪ ,‬فالثــورة الســورية لــن تكــون أم ـاً‬ ‫للجميــع إن مل تــ ِن توازنــاً بــن الحقــوق والواجبــات‪،‬‬ ‫لك ـ ّن وقفــة مــع النفــس مطلوبــة اليــوم للنظــر يف مــآالت‬ ‫الثــورة وإحباطاتهــا وفشــل املعارضــات املتنوعــة ألن تكــون‬

‫مبســتوى الثــورة التــي تعــ ّد مــن أصعــب ثــورات العــامل‬ ‫وأخطرهــا‪.‬‬ ‫تبـ ّـن للقــايص والــداين أن الفســاد الــذي أرســاه نظــام حافظ‬ ‫األســد‪ ،‬مل ينهــش املجتمــع فحســب‪ ،‬بــل نهــش املعارضــات‬ ‫التــي ا ّدعــت أنهــا منــذورة للتغيــر‪ ،‬ومــا االئتــاف املرتبّــع‬ ‫عــى شــواطئ البوســفور ســوى النمــوذج الهــش لــأداء‬ ‫البائــس الــذي قــ ّدم (مســاطر) بائســة مل تعــد تحرتمهــا‬ ‫حتــى الدوائــر املخابراتيــة التــي ســاهمت يف ظهورهــا عــى‬ ‫الســطح فضـاً عــن الشــعب املســكني يف الوطــن والشــتات‪.‬‬ ‫مــن أمـراض املعارضــة لهاثهــا املزمــن وراء األيديولوجيــات‪،‬‬ ‫إىل أن جعلــت منهــا طواطــم للعبــادة لهــا معابدهــا‬ ‫وســدنتها ومريدوهــا الســاجدون حارقــو املباخــر عــى‬ ‫مذابحهــا‪ ،‬عــى حــن يتخـ ّـى صانعــو هــذه األيديولوجيــات‬ ‫يف مواطنهــا األصليــة عنهــا عندمــا تصبــح معطوبــة وغــر‬ ‫قابلــة للحيــاة‪.‬‬ ‫فالفكــر القومــي يف أوروبــا أنجــز وحــدة الدولــة القوميــة‬ ‫لك ّنــه انــزوى متقهقـرا ً لصالــح توحيــد أوروبــا عــى حامــل‬ ‫املصلحــة‪ ,‬فتخلّــت تلــك الــدول عــن عمالتهــا القوميــة‬ ‫وعــن حدودهــا االقتصاديــة وســتصل يوم ـاً مــا إىل جــواز‬ ‫الســفر املوحــد لتصبــح الحــدود القوميــة شــأنها شــأن‬ ‫الحــدود بــن املحافظــات يف دولنــا شــديدة املركزيــة‪.‬‬ ‫ودول أوروبــا الرشقيــة تخلــت عــن الفكــر الشــيوعي‬ ‫عندمــا أصبــح معط ـاً للحيــاة ولقــدرات اإلنســان وتوقــه‬

‫‪9‬‬

‫مــاذا وراء الحديــث عــن إرســال الجيــش الحــر‬ ‫تعزيــزات إلــى كوبانــي ؟‬

‫قــول فــي حريــة المــرأة‬ ‫يف بحثنــا لهــذه الظاهــرة‪ ،‬الحقــل الســيايس العــريب‪ ،‬حقــل‬ ‫يبخــس ويســفل حريــة اإلنســان العامــة والفرديــة‪ ،‬وبــذا‬ ‫تكــون املــرأة جــزءا ً مــن هــذا التســفيل‪ ،‬وليســت قضيــة‬ ‫معزولــة عــن حقــل التســلط التاريخــي عــى الكائــن عامــة‬ ‫يف العــامل العــريب‪ .‬هــذا العــزل ترحــب بــه ســلطات املنطقــة‪،‬‬ ‫وتجعــل مــن قضيــة املــرأة معركــة تفصيليــة‪ ،‬تحيــل إىل‬ ‫نقيضهــا األســاس‪ ،‬وهــو «الســر واالنكشــاف‪ ،‬وليــس الحريــة‬ ‫والقمــع» لهــذا مــن الطبيعــي جــدا ً‪ ،‬أن أحــرم خيــار امــرأة‬ ‫مســتقلة متامـاً‪( ،‬أن تكــون محجبــة‪ ،‬أو تضــع شــعرا ً مســتعارا ً‬ ‫أو ترتــدي البيكينــي يف‬ ‫مــكان عــام‪ ،‬وهــذه حريتهــا‬ ‫الشــخصية) إنــه تســا ٍو عــى‬ ‫مســتوى الوعــي بحريــة‬ ‫الكائــن‪ .‬هــل مشــكلتنا يف‬ ‫العــامل العــريب‪ ،‬مــع الحجــاب‬ ‫أم مــع ســلطة الحجــاب‪،‬‬ ‫ومــن هــي ســلطة الحجــاب؟‬ ‫يف صفقــة فريــدة حدثــت‬ ‫منــذ عقــود‪ ،‬بــن الســلطات‬ ‫الفاســدة والقمعيــة يف العــامل‬ ‫العــريب‪ ،‬وبــن اإلســام املــوايل‬ ‫لهــا‪ ،‬بحيــث تــرك الشــارع‬ ‫لهــؤالء اإلســاميني يف بعــض‬ ‫الــدول العربيــة‪ ،‬كــا تــرك‬ ‫لهــم أيضـاً الشــارع عند بعض‬ ‫الجاليــات اإلســامية يف الدول‬ ‫الغربيــة‪ ،‬مــن الــذي تــرك‬ ‫هــذا الشــارع لإلســاميني؟‬ ‫وملــاذا؟ ورغــم ذلــك‪ ،‬هــل‬ ‫ميكــن القبــول بالتعامــل مــع‬ ‫الجاليــات املســلمة‪ ،‬وكأنهــا‬ ‫كلهــا «تنظيــم القاعــدة»؟‬ ‫وبالتــايل هــل ميكــن التعاطــي‬ ‫مــع النســاء املســلامت كمنقبــات أو محجبــات؟ والســؤال‬ ‫اآلخــر‪ ،‬كــم امــرأة مســلمة يف أوروبــا‪ ،‬يســتطيع أبوهــا أو‬ ‫أخوهــا أن يفــرض عليهــا الحجــاب والنقــاب؟‬ ‫املثــال الســوري‪ :‬ســورية ســابع دولــة يف العــامل تعطــي‬ ‫املــرأة حــق االنتخــاب والتصويــت والرتشــح ألي موقــع‬ ‫ســيايس ‪ .1949‬قبــل دول كاليونــان ‪ ،1958‬وســويرسا ‪.1971‬‬ ‫منــذ ذلــك التاريــخ ال مشــكلة يف حقــوق املــرأة الدســتورية‪.‬‬ ‫املشــكلة بــدأت يف ســورية مــع ســلطة األســد األب الــذي‬ ‫أىت بانقــاب ‪ .1970‬والــذي حكــم ســورية بالحديــد والنــار‪،‬‬ ‫وقتــل مــن الشــعب مــع وريثــه الحــايل بشــار األســد‪ ،‬قرابــة‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫لالنعتــاق مــن قيــود الدوغــا األيديولوجيــة املحبطــة رغــم‬ ‫أن البديــل ليــس دامئــاً وصفــة جاهــزة وطريــق التغيــر‬ ‫مــيء بالعــرات‪ ،‬لكنهــا مدرســة الخطــأ والصــواب‪.‬‬ ‫والرأســالية متــر بعواصــف تــكاد تكــون كارثيــة وتنهــار‬ ‫منظومــات اقتصاديــة كــرى‪ ,‬ويوضــع النظــام االقتصــادي‬ ‫برمتــه يف غرفــة اإلنعــاش‪ ,‬ليخــرج حام ـاً متديــدا ً جديــدا ً‬ ‫وأج ـاً جديــدا ً وفــرة هــدوء نســبية‪.‬‬ ‫ال يوجــد يف عــامل اليــوم إنســان يحــرم نفســه يلهــث وراء‬ ‫األيديولوجيــة الشــعاراتية املغلقــة ســوى يف عاملنــا املتخلف‬ ‫حيــث كل يشء يسـخّر لخدمتهــا بــدالً مــن تســخريه لخدمة‬ ‫األوطــان واإلنســان‪ ،‬خاصــة عندمــا تكــون مــن التفاهــة‬ ‫مبســتوى فكــر القائــد الرمــز والــرورة ومقــوالت الجامعــة‬ ‫أو الحــزب العظيــم الــذي تحفــل بهــا مجتمعاتنــا‪.‬‬ ‫هــذه ليســت مرافعــة ضــد األيديولوجيــة‪ ,‬فليــس مــن أحــد‬ ‫ال يحمــل فكـرا ً لكــن البــد مــن مراجعــات فكريّــة وذهن ّيــة‬ ‫يف كل مرحلــة مفصليــة ملواكبــة الثــورة التــي هــي الســبيل‬ ‫للخــاص مــن البــؤس حتــى لــو تعــرت وبــدا املســتقبل‬ ‫ســوداوياً ألن العــودة والنكــوص هــا حالــة انتحــار عــدا‬ ‫عــن اســتحالة العــودة ألننــا لســنا أمــام رشيــط فيديــو‬ ‫ـؤش‪,‬‬ ‫حيــث ميكــن اســتعادة املناظــر الســابقة بواســطة املـ ّ‬ ‫فقطــار الحيــاة يســر برسعــة وهنــاك مــن يقفــزون برباعــة‬ ‫إىل العربــة‪ ،‬وهنــاك مــن يتكاســلون ويبطئــون ويتهــاوون‬ ‫فتســحقهم العجــات وال حــول وال قــوة إال باللــه‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫* بكر صدقي‬

‫أثــارت ترصيحــات العقيــد املنشــق‬ ‫عبــد الجبــار العكيــدي حــول قــرار املجلــس‬ ‫العســكري ملحافظــة حلــب إرســال ‪1300‬‬ ‫مقاتــل مــن مختلــف فصائــل الجيــش الحــر‬ ‫إىل كوبــاين‪ ،‬الكثــر مــن اللغــط والتســاؤالت‬ ‫املرشوعــة‪ .‬فاملناطــق املحــررة مــن مدينــة‬ ‫حلــب‪ ،‬يــكاد الحصــار عليهــا مــن قبــل قــوات‬ ‫النظــام الكيــاوي يكتمــل‪ ،‬بعــد معركــة‬ ‫حنــدرات‪ .‬وهــذا مــا يثــر اعرتاضــن معـاً عــى‬ ‫القـرار املثــر للجــدل‪ :‬فمــن جهــة أوىل‪ ،‬كيــف‬ ‫سيشــق املقاتلــون طريقهــم عــر الحصــار‬ ‫الخانــق للوصــول إىل كوبــاين املحــارصة مــن‬ ‫جهاتهــا الثــاث مــن قبــل قــوات داعــش‪،‬‬ ‫فيــا الجهــة الرابعــة هــي الحــدود الرتكيــة‬ ‫– الســورية؟ ومــن جهــة ثانيــة‪ ،‬أي حســابات‬ ‫خرقــاء ميكنهــا أن تدفــع الفصائــل العســكرية‬ ‫يف حلــب إىل التخــي عــن ‪ 1300‬مقاتــل يف‬ ‫الوقــت الــذي تواجــه فيــه معركــة مصرييــة‬ ‫مــع قــوات الكيــاوي؟‬ ‫يبقــى الســؤال األهم‪ :‬هــل كوبــاين بحاجة أصالً‬ ‫إىل تعزيـزات مــن خارجهــا‪ ،‬يف الوقــت الــذي ال‬ ‫ينقصهــا املقاتلــون وأصبحــت تتلقــى أســلحة‬ ‫وذخائــر‪ ،‬مبــا فيهــا أســلحة متوســطة وثقيلــة‪،‬‬ ‫هدايــا مثينــة مــن الطائ ـرات األمريكيــة؟ أكــر‬ ‫مــن ذلــك‪ :‬االهتــام القــوي مــن التحالــف‬ ‫الــدويل الــذي تقــوده الواليــات املتحــدة مبصــر‬ ‫كوبــاين‪ ،‬وصــوالً إىل بــدء اتصــاالت سياســية بــن‬ ‫اإلدارة األمريكيــة وحــزب االتحــاد الدميوقراطــي‬ ‫بقيــادة صالــح مســلم‪ ،‬عــى رغــم االســتياء‬ ‫الــريك‪ ،‬يشــر إىل أن مصــر كوبــاين دخــل‬ ‫يف ســكة الضامنــة األمريكيــة‪ ،‬كحــال إقليــم‬ ‫كردســتان الع ـراق رمبــا‪.‬‬ ‫ال يبقــى أمامنــا مــن تفســر غــر األهــداف‬ ‫السياســية مــن وراء اإلعــان املذكــور عــن‬ ‫اســتعداد الجيــش الحــر إلرســال مقاتلــن إىل‬ ‫كوبــاين‪.‬‬ ‫ال ميكــن الحديــث عــن عالقــة وديــة بــن‬ ‫مختلــف الفصــال العســكرية املوصوفــة‬ ‫باملعارضــة لنظــام الكيــاوي مــن جهــة‪،‬‬ ‫وقــوات الحاميــة الشــعبية التابعــة لحــزب‬ ‫االتحــاد الدميوقراطــي املتهــم مــن قبلهــا‬ ‫بالعاملــة للنظــام أو التحالــف معــه يف أحســن‬ ‫األحــوال‪ ،‬مــن جهــة أخــرى‪ .‬صحيــح أنــه جــرت‬ ‫بعــض االتفاقــات املوضعيــة يف بعــض املعــارك‬

‫بــن الطرفــن‪ ،‬لكنهــا كانــت محكومــة بظــروف‬ ‫طارئــة‪ ،‬ومل يتولــد عنهــا تــوادد‪ ،‬لــي ال نتحدث‬ ‫عــن تحالــف مســتحيل‪.‬‬ ‫والحــال هــذه‪ ،‬ال ميكننــا الحديــث عــن تضامــن‬ ‫مبناســبة محنــة كوبــاين‪ ،‬خاص ـ ًة وأنــه مل يبــق‬ ‫يف البلــدة املنكوبــة مدنيــون‪ ،‬بــل فقــط قــوات‬ ‫مدافعــة عنهــا يف مواجهــة تنظيــم الدولــة‪،‬‬ ‫وهــي تضــم إىل القــوات الكرديــة كتائــب‬ ‫عربيــة كلــواء ثــوار الرقــة وشــمس الشــال‬ ‫وفجــر الحريــة التــي‪ ،‬باملناســبة‪ ،‬ال نســمع لهــا‬ ‫صوتـاً يف اإلعــام‪ ،‬وال نعــرف ظــروف التحاقهــا‬ ‫بقــوات حاميــة الشــعب املدافعــة عــن كوبــاين‪.‬‬ ‫فمــن أيــن اســتجدت هــذه الغــرة املفاجئــة‬ ‫عــى حــزب صالــح مســلم؟‬ ‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬ال يبــدو حــزب االتحــاد‬ ‫الدميوقراطــي بــدوره ســعيدا ً بخــر التعزيـزات‬ ‫املفرتضــة مــن الجيــش الحــر يف حلــب‪ ،‬ال‬ ‫باملعنــى العســكري‪ ،‬وال خصوصــاً باملعنــى‬ ‫الســيايس‪ .‬فهــو يريــد االحتفــاظ لنفســه‬ ‫بـ»إنجــاز» املقاومــة والصمــود يف وجــه هجــوم‬ ‫داعــش‪ ،‬ليحقــق النــر العســكري يف معركــة‬ ‫كوبــاين وحــده‪ ،‬بعدمــا ضمــن مســاعدة طـران‬ ‫التحالــف الــذي يقصــف قــوات داعــش وميــد‬ ‫مقاتــي «حاميــة الشــعب» بالســاح والذخرية‪.‬‬ ‫بــل أكــر مــن ذلــك‪ :‬هــو غــر مــرور حتــى‬ ‫مــن اســتقدام ‪ 200‬مقاتــل مــن البيشــمركة‬ ‫مــن إقليــم كردســتان‪ ،‬ألنــه ال يريــد تقاســم‬ ‫النــر املوعــود مــع بــارزاين والتيــارات املقربــة‬ ‫منــه يف الحركــة السياســية الكرديــة التقليديــة‬ ‫يف ســوريا‪ .‬بــل فــرض عليــه األمــر فرضــاً‪ ،‬يف‬ ‫اجتامعــات دهــوك‪ ،‬مــن قبــل األمريكيــن رشطـاً‬ ‫لدعمــه بالســاح وفتــح قنــوات سياســية معــه‪.‬‬ ‫مــن هــذا املنظــور ميكــن تربيــر القـرار املفرتض‬ ‫للجيــش الحــر بإرســال مقاتلــن إىل كوبــاين‪،‬‬ ‫سياســياً‪ ،‬بصــورة معكوســة ملوقــف «االتحــاد‬ ‫الدميوقراطــي» املذكــور أعــاه‪ .‬وهــو مــا ورد‬ ‫يف ترصيحــات العكيــدي بالقــول إن كوبــاين‬ ‫هــي بلــدة ســورية ومــن واجــب الجيــش‬ ‫الحــر الدفــاع عنهــا‪ .‬أي إلطــاق خطــاب‬ ‫وطنــي وحــدوي يف مواجهــة الخطــاب الكــردي‬ ‫االنعـزايل‪ .‬وميكــن قـراءة رســالة ضمنيــة أخــرى‬ ‫موجهــة للتحالــف الــدويل بقيــادة الواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬فحواهــا القــول إن الجيــش الحــر‬ ‫أيضــاً يحــارب داعــش ويســتحق عطــف‬

‫التحالــف وحســبان حســابه ضمــن «القــوى‬ ‫املعتدلــة» التــي أعلنــت اإلدارة األمريكيــة عــن‬ ‫نيتهــا لتدريبهــا وتســليحها ملواجهــة داعــش‬ ‫والنظــام الكيــاوي معــاً‪.‬‬ ‫لكــن هــذه الرســائل الضمنيــة‪ ،‬ســواء املوجهــة‬ ‫إىل الكــرد أو التحالــف الــدويل‪ ،‬رسعــان مــا‬ ‫تفقــد قيمتهــا إذا نظرنــا إىل العــب آخــر‬ ‫شــديد األهميــة يف املشــكلة الســورية‪ :‬تركيــا‪،‬‬ ‫وبالــذات الرئيــس رجــب طيــب أردوغــان‪.‬‬ ‫فخالفــات الرجــل مــع أوبامــا بشــأن سياســتهام‬ ‫الســورية مكشــوفة أمــام الــرأي العــام‪،‬‬ ‫وخاصــة مبناســبة معركــة كوبــاين وتداعياتهــا‬ ‫عــى الداخــل الــريك‪.‬‬ ‫صمــدت الحكومــة الرتكيــة أمــام ضغــوط‬ ‫الداخــل املضافــة إىل الضغــوط الخارجيــة‬ ‫يف موقفهــا مــن مأســاة كوبــاين الــذي ميكــن‬ ‫تلخيصــه يف رغبــة أردوغــان وحكومتــه‬ ‫بســقوط كوبــاين وهزميــة القــوات الكرديــة‬ ‫املحســوبة عــى حــزب العــال الكردســتاين‪،‬‬ ‫لتفــرض عــى هــذا األخــر «حـاً سياســياً» مــن‬ ‫طــرف واحــد دون تقديــم تنــازالت‪ .‬يف حــن أن‬ ‫انتصــار قــوات االتحــاد الدميوقراطــي يف كوبــاين‬ ‫مــن شــأنه أن مينــح كــرد تركيـاً موقفـاً تفاوضيـاً‬ ‫قويـاً أمــام تعنــت الحكومــة‪ .‬صمــود أردوغــان‬ ‫وحكومتــه أمــام موجــة االحتجاجــات الكرديــة‬ ‫العنيفــة (‪ 7-6‬ترشيــن األول) التــي ســقط فيها‬ ‫نحــو أربعــن قتيـاً‪ ،‬انهــار أمــام اتصــال هاتفي‬ ‫مــن بــاراك أوبامــا‪ ،‬دفعــه للقبــول بفتــح‬ ‫كوريــدور لوصــول مقاتــي البيشــمركة مــن‬ ‫إقليــم كردســتان إىل كوبــاين‪.‬‬ ‫لكــن إســقاط الطائــرات األمريكيــة ألســلحة‬ ‫وذخائــر إىل مقاتــي ‪ ،PYD‬جعــل كيــل‬ ‫أردوغــان يطفــح‪ ،‬فقــال إنــه أخــر أوبامــا‬ ‫بتفضيــل تركيــا إدخــال مقاتلــن مــن الجيــش‬ ‫الحــر إىل كوبــاين‪ ،‬وإن مل يكــن هــذا ممكنــاً‬ ‫فإدخــال بيشــمركة مــن اإلقليــم‪ .‬تزامــن هــذا‬ ‫الترصيــح متام ـاً مــع خــر ق ـرار الجيــش الحــر‬ ‫بإرســال قــوات إىل كوبــاين‪ ،‬فــكان ال مفــر‬ ‫مــن بــروز االنطبــاع القائــل إن ترصيحــات‬ ‫العكيــدي إمنــا جــاءت بإيعــاز مــن أنقــرة‪ ،‬بنــاء‬ ‫عــى ســوابق فصائــل الجيــش الحــر التــي ال‬ ‫تتحــرك إال بإيعــازات مــن دول إقليميــة‪.‬‬ ‫* كاتب ومترجم سوري‬

‫تنازع مصالح ‪!..‬‬ ‫الشاوي الضليل‬ ‫إن أحــد الحلــول املطروحــة لشــكل الدولــة الســورية القادمــة‪ ،‬هــو حــل الفيدراليــة‬ ‫كبديــل عــن مــروع التقســيم‪ ،‬ألن التقســيم ســيؤجج الـراع‪ ،‬ويُدخــل كامــل املنطقــة يف‬ ‫فــوىض النزاعــات البينيــة‪ ،‬فــوىض ال ميكــن الســيطرة عليهــا أو توجيههــا‪ ،‬وهــذا ال يتناســب‬ ‫ومــروع الــرق األوســط الجديــد‪ ،‬الــذي يعتمــد تنفيــذه عــى اســتقرار املنطقــة‪ ،‬وبنــاء‬ ‫منظومــة اقتصاديــة وماليــة واحــدة‪ ،‬تديرهــا رشكات عابــرة لألمــم والقوميــات‪.‬‬ ‫ال اعتقــد أن هــذا الخيــار ســيُنفذ بيــر‪ ،‬وسالســة عــى األرض‪ ،‬ألن هنــاك معوقــات‬ ‫موضوعيــة صــادة‪ ،‬وبعضهــا عنيــف ومتطــرف (إرهــايب)‪ ،‬ومــا يحــدث يف عــن العــرب‬ ‫(كوبــاين)‪ ،‬هــو التجربــة العمليــة لهــذا التوجــه‪ ،‬والــذي يصطــدم بــإرادات متنازعــة‬ ‫املصالــح‪ ،‬وتعبــرات هــذا التنــازع نجدهــا يف(كوبــاين)‪.‬‬ ‫إن األمريــكان وكثـرا ً مــن دول التحالــف‪ ،‬ترى بأن تســليح الكورد يف (كوباين)‪ ،‬ومســاندتهم‬ ‫يف هــذه املعركــة ضــد داعــش‪ ،‬وإل ـزام الــرزاين بإرســال قــوات مــن «البشــمركة» إليهــا‪،‬‬ ‫للقتــال مــع قــوات ‪ ،pyd‬وإجبــار تركيــا عــى فتــح ممــر لدخولهــم عــر أراضيهــا‪ ،‬يعتــر‬ ‫تكتيــكاً أمريكي ـاً ناجح ـاً لتنفيــذ اس ـراتيجيتها‪ ،‬وبدايــة مناســبة تجعــل مــن قــوات ‪pyd‬‬ ‫ومــن معهــا حلفــا ًء أقويــا ًء‪ ،‬ميكــن تطويــر تســليحهم‪ ،‬لتنفيــذ أج ـزاء مهمــة مــن هــذه‬ ‫االسـراتيجية يف ســورية‪ ،‬وحراسـاً موثوقـاً بهــم لحاميــة مصالــح أمريــكا وبعــض الحلفــاء‪،‬‬ ‫وكذلــك يعتــر أحــد املخــارج لنــزع صفــة اإلرهــاب عــن هــذا الفصيــل‪ ،‬الــذي يعتــر‬ ‫إرهابي ـاً يف التصنيــف الــريك وأنــه أحــد أذرع ‪ pkk‬الــذي تخــوض الدولــة الرتكيــة (عــر‬ ‫تاريخهــا املعــارص) رصاع ـاً دامي ـاً معــه‪ ،‬ومــا رضــوخ أردوغــان للضغــط األمريــي بهــذا‬ ‫الخصــوص إال قبــوالً تكتيكيـاً‪ ،‬ألن تركيــا لديهــا أوراق كثــرة ومؤثــرة يف الســاحة الســورية‬ ‫(العكيــدي مثــاالً)‪ ،‬تجعــل مــن ثوابتهــا خطوطـاً ال ميكــن ألي العــب يف ســورية تجاوزهــا‬ ‫حتــى مــن الحلفــاء األقويــاء (أمريــكا)‪ ،‬ومــن هــذه الثوابــت‪ ،‬عــدم الســاح وال تحــت أي‬ ‫ظــرف دويل ناشــئ‪ ،‬بإنشــاء كيانــات كورديــة تحدهــا جنوبـاً (كوبــاين‪ ،‬عفريــن‪ ،‬قامشــي)‪،‬‬ ‫ألن هــذه الكيانــات ســتكون بــؤر حاضنــة لفكــرة تقســيم تركيــا مســتقبالً‪ ،‬لذلــك نجــد‬ ‫تركيــا تعمــل عــى مســتويات متعــددة‪ ،‬وعــى خلخلــة االسـراتيجية األمريكيــة‪ ،‬وتعديلهــا‬ ‫لصالــح ثابتهــا القومــي‪ ،‬وأحــد تكتيــكات هــذا التعديــل يتــم اختبــاره يف (كوبــاين)‪.‬‬ ‫إن نجــاح االختبــار (التكتيــي) يف معركــة (كوبــاين)‪ ،‬وســقوطها بيــد داعــش‪ ،‬هــذا يعنــي‬ ‫أن تركيــا ســتتدخل عســكرياً بدعــوى تأمــن حدودهــا‪ ،‬وإنشــاء منطقــة عازلــة‪ ،‬أو‬ ‫يعيــد األمريــكان النظــر يف اس ـراتيجيتهم‪ ،‬وتعديلهــا لصالــح االس ـراتيجية الرتكيــة حــول‬ ‫مســتقبل الدولــة الســورية‪ ،‬ألن تركيــا تــرى أن مفهــوم األقاليــم الخمســة التــي تقودهــا‬ ‫حكومــة مركزيــة (قويــة نســبياً) تجعــل مــن ســورية القادمــة رشيــكاً وحليف ـاً يخــدم‬ ‫ثوابتهــا القوميــة‪ ،‬بــدالً مــن كيانــات هشــة صافيــة عرقيــا أو طائفيــا يف فيدراليــة تقودهــا‬ ‫حكومــة ضعيفــة‪.‬‬

‫الســوريون بيــن العقــل والجنــون‪!..‬‬ ‫* أحمد محمد نور العجيلي‬ ‫لعلّــه مل يكــن بحســبان الراحــل «توفيــق الحكيــم» أنّــه‬ ‫ســيكتب توصيفـاً دقيقـاً ملســتقبل البــاد العربيــة‪ ،‬ورمبــا مل‬ ‫سيجســد مرسحيتــه‬ ‫يخطــر ببالــه أبــدا ً أ ّن «الربيــع العــريب»‬ ‫ّ‬ ‫«نهــر الجنــون» عــى أرض الواقــع‪ ،‬وعــى امتــداد جغرافيــة‬ ‫الوطــن العــريب‪ ،‬فتصبــح رقعــة «بــاد العــرب أوطــاين»‬ ‫مرسحـاً تــدور بــن جنباتــه أحــداثٌ عبثيــة‪ ،‬تعـ ّـر عــن رؤيــة‬ ‫الحكيــم‪ ،‬وتؤكــد قدرتــه عــى اســترشاف هــذا املســتقبل‪.‬‬ ‫فمرسحيــة «نهــر الجنــون» التــي كتبهــا الحكيــم‪ ،‬والتــي‬ ‫تــدور أحداثهــا يف قريــة يُصــاب أهلهــا بالجنــون‪ ،‬ويعتقــد‬ ‫أهلهــا أ ّن الشــفاء مــن هــذا الــداء هــو الــرب مــن مــاء‬ ‫النهــر‪ ،‬فيبقــى امللــك ووزيــره عــى رؤيتهــا القائلــة بــأ ّن‬ ‫أهــل القريــة قــد ج ّنــوا بســبب رشبهــم مــن مــاء النهــر‬ ‫الــذي تســمم بــداء الجنــون؛ ويحجــم هــو ووزيــره عــن‬ ‫رشب مــاء النهــر‪ ،‬ويســتبدله بنبيــذ الكــروم خوفــاً مــن‬ ‫اإلصابــة بذلــك الــداء‪ .‬وتــدور أحــداث املرسحيــة عــى هــذا‬ ‫النحــو مــن تع ّنــت كل مــن الطرفــن برأيــه‪ ،‬امللــك ووزيــره‬ ‫يف طــرف‪ ،‬وســكان القريــة مبــن فيهــم (زوجــة امللــك‪ ،‬ورأس‬

‫األطبــاء‪ ،‬وكبــر الكهــان) يف الطــرف املقابــل‪ .‬إىل أن تنتهــي‬ ‫مجريــات األحــداث باستســام امللــك ووزيــره‪ ،‬واقتناعهــا‬ ‫بالتنــازل عــن عقلهــا _حســب اعتقادهــا_ والنــزول‬ ‫عنــد رغبــة أهــل القريــة‪ .‬وهنــا جوهــر القصــة حيــث‬ ‫يشــر الكاتــب إىل رضورة االنســياق وراء رأي األكرثيــة؛ إذ‬ ‫يعطــي الوزيــر رأيــه ملخّصـاً هــدف املرسحيــة قائـاً‪( :‬إنّهــم‬ ‫يرموننــا بالجنــون‪ .‬ويتهامســون ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻳﺘﺂﻣﺮون ﺑﻨﺎ‪ ،‬وﻣﻬﺎﻤ‬ ‫يكــن ﻣﻦ أمرهــم وأﻣﺮ عقلهــم ﻓﺈ ّن اﻟﻐﻠﺒﺔ لهــم‪ ،‬ﺑﻞ إنهــم‬ ‫هــم وحدهــم الذيــن ميلكــون اﻟﻔﺼﻞ ﺑﻦﻴ اﻟﻌﻘﻞ والجنــون‪.‬‬ ‫ألنهــم هــم اﻟﺒﺤﺮ وﻣﺎ ﻧﺤﻦ إﻻ ﺣﺒﺘﺎن ﻣﻦ رﻣﻞ)‪.‬‬ ‫بعيــدا ً عــن تحليــات وقـراءة املرسحيــة ذاتهــا‪ ،‬ومــا ترمي‬ ‫إليــه أحداثهــا‪ ،‬نجــد أ ّن فكــرة الحكيــم تعب ـ ٌر صـ ٌ‬ ‫ـادق عــن‬ ‫واقعنــا املعيــش‪ ،‬وتجســي ٌد لالنقســام الحــاد داخــل املجتمــع‬ ‫العــريب اليــوم‪ .‬فقــد حصــل رش ٌخ حــاد داخــل املجتمــع‬ ‫وكل فريــقٍ يســعى‬ ‫العــريب يف مختلــف البلــدان العربيــة‪ّ ،‬‬ ‫إىل تغليــب رأيــه عــى رأي الفريــق املقابــل‪ ،‬وبالطبــع كل‬ ‫فريــقٍ يــرى يف موقفــه الصــواب‪ ،‬وينعــت األخــر بالجنــون‬ ‫تــارةً‪ ،‬وبالعاملــة والخيانــة تــار ًة أخــرى‪.‬‬ ‫ولكــن األمــر مختلــف حــن نتحــدث عــن ســورية‬

‫تحديــدا ً؛ فــا شــهدته البلــدان العربيــة ال يــكاد يكــون غيضاً‬ ‫مــن فيــض مــا تشــهده ســورية اليــوم مــن قتــلٍ وتدمــر‬ ‫عــى مــدار أكــر مــن ثــاث ســنوات مــن العــذاب ترســخت‬ ‫جذورهــا يف ذاكــرة ووجــدان الســوريني‪ .‬يف ســورية ال ميكــن‬ ‫أن ينطبــق املشــهد الــذي نســجه الحكيــم يف مرسحيتــه مــن‬ ‫اصطفــاف جامعــة عــى رأي واحــد‪ ،‬وإجبــار األقليــة عــى‬ ‫القبــول بــرأي األكرثيــة حتــى ولــو كانــوا عــى خطــأ‪ .‬فلرمبــا‬ ‫يجــد بعــض أنصــار هــذا الفريــق أو ذاك مسـ ٍ‬ ‫ـوغات تدفعــه‬ ‫للتمــرس وراء حليفــه‪.‬‬ ‫أمــا يف ســورية فاألمــر مختلـ ٌـف متامـاً‪ ،‬وال يحـ ّـق ألحــد أن‬ ‫كل منهــا علـاً مختلفـاً‬ ‫يقســم املجتمــع إىل حزبــن يرفــع ٌ‬ ‫عــن اآلخــر‪ ،‬وي ّدعــي العقالنيــة لينعــت خصمــه بالجنــون‬ ‫والخيانــة والتآمــر‪ .‬فالحــق أبلــج والباطــل لجلــج؛ وال ميكــن‬ ‫القــول إ ّن املجتمــع انقســم بــن «وطنــي» يدافــع عــن‬ ‫النظــام والبلــد‪ ،‬وبــن «منــدس» متآمــر وعميــل وخائــن كــا‬ ‫وصفــه رأس النظــام‪ .‬يف ســورية فقــط تســقط الرباميــل فوق‬ ‫رؤوس املدنيــن دون متييــز‪ ،‬ويف ســورية فقــط يصفــق العــامل‬ ‫للســفاح وهــو يح ـ ّز رقبــة ضحيتــه‪ ،‬ووحدهــم الســوريون‬ ‫ّ‬ ‫يصارعــون جــروت طاغيــة مســتبد اســتعان مبرتزقــة العــامل‬

‫كل حــدب وصــوب يك يحقــق شــعار «األســد أو نحــرق‬ ‫مــن ّ‬ ‫البلــد»‪.‬‬ ‫إذا ً فليــس مثــة مــن ميكنــه أن ي ّدعــي اإلنصــاف بوقوفــه‬ ‫إىل جانــب النظــام‪ ،‬وال ميكــن لعاقــلٍ أن يصــدق مقولتهــم‪،‬‬ ‫ليــس أل ّن الغلبــة للجمهــور كــا ورد يف مرسحيــة الحكيــم‪،‬‬ ‫بــل ألن الحــق واضــح وضــوح الشــمس وال ميكــن تغييبــه‪،‬‬ ‫ومــن أراد االنحيــاز إىل جانــب القاتــل فهــو ال يعــدو كونــه‬ ‫رشيــكاً يف القتــل‪ ،‬رشيــكاً يف ســفك دمــاء األبريــاء‪ .‬لــذا ال‬ ‫يحــق ألحــد أن ي ّدعــي وقوفــه إىل جانــب النظــام واتخــاذه‬ ‫موقف ـاً صــادرا ً عــن رأي‪ ،‬وأ ّن الفريــق اآلخــر عليــه اح ـرام‬ ‫ح ّريــة هــذا الــرأي‪.‬‬ ‫مل تعــد املســألة حريــة رأي‪ ،‬فمــن أراد أن يكــون إىل‬ ‫جانــب القاتــل فهــو قاتــل‪ .‬ومــن يتغ ّنــى بانتصــارات جيشــه‬ ‫الباســل املؤيــد مبرتزقــة حــزب اللــه وعصائــب أهــل الحــق‬ ‫وأبــو الفضــل العبــاس املالــي لتحريــر يــرود واملليحــة‬ ‫ودومــا وغريهــا هــو مــن يخــون وطنــه‪ ،‬وهــو مــن يخــون‬ ‫مــا تبقــى مــن إنســانيته _إن وجــدت_ ‪ .‬ســواء أكان ســنياّ‬ ‫أم علوي ـاً أم مســيحياً أم كردي ـاً‪.‬‬

‫* كاتب سوري‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪11‬‬

‫محمود‪...‬‬

‫وزارة الثقافة وشــؤون األسرة‬ ‫في الحكومة المؤقتة‬

‫حمل خارج الرحم‪..‬؟!‬ ‫د‪ .‬تغريد احلجلي ‪ -‬وزيرة الثقافة وش��ؤون األس��رة‬

‫أسعد فخري‬ ‫كان حري��اً ب��وزارة الثقاف��ة وش��ؤون األس��رة يف‬ ‫احلكوم��ة الس��ورية املؤقت��ة أن تك��ون منرباً يكرس‬ ‫مفاهي��م ختتل��ف عم��ا عهدن��اه يف دول��ة البع��ث‬ ‫عل��ى م��دى أربع��ة عق��ود مظلم��ة‪ ،‬وأن جي��د فيه��ا‬ ‫املثقف��ون والكت��اب والفنان��ون الس��وريون مس��احة‬ ‫نظيف��ة وخيم��ة يس��تظلون فيئه��ا ليبن��وا مع��اً‬ ‫مفاهي��م جدي��دة لثقاف��ة مدني��ة ودميقراطي��ة‬ ‫تك��ون الراف��د األه��م يف دف��ع ثورتن��ا حن��و حتقي��ق‬ ‫قيمها اإلنس��انية‪ ،‬وأبعادها التحررية‪ ،‬وأن تصبح‬ ‫ال��وزارة أيض��اً الي��د اليت تلم ما تبعث��ر من املثقفني‬ ‫والكت��اب يف الداخ��ل الس��وري‪ ،‬ودول الش��تات‬ ‫املختلف��ة‪.‬‬ ‫* إنحياز صادم لشؤون األسرة على‬ ‫حساب الثقافة ودورها‪..‬‬

‫حالــة اإلبــداع عنــد الطفــل مثــل املســابقات‪ ،‬هــذا باإلضافــة‬ ‫إىل االهتــام بأعــال املــرأة وشــؤون األرسة‪ ،‬وكــا تعلــم‪،‬‬ ‫فــإن الــوزارة هــي وزارة ثقافــة وشــؤون أرسة‪ ،‬لذلــك نحــن‬ ‫معنيــون بتقديــم الرعايــة النفســية ومحــو األميــة‪ ،‬وال ســيام‬ ‫يف مخيــات اللجــوء‪ ،‬وهنــاك الكثــر مــن الالجئــات اســتفدن‬ ‫مــن الربامــج التــي تقدمهــا الــوزارة‪ ،‬ولكــن لألســف تبقــى‬ ‫هــذه األمــور ضمــن نطــاق ضيــق ألننــا ال منلــك اإلمكانيــات‬ ‫الكافيــة)‪.‬‬

‫مريــع طــال جحيمــه كل الشــباب الســوري الثائــر‪ ،‬وكل‬ ‫الناشــطني الذيــن يحلمــون بدولــة مدنيــة دميقراطيــة لينتهي‬ ‫األمــر بالكثــر منهــم منكبــن عــى إعــداد دراســات جــدوى‬ ‫لهــذه املنظمــة األجنبيــة أو تلــك ودون أن يتقــروا أجنداتهــا‬ ‫وال أهدافهــا وال مصــادر متويلهــا رغبــة منهــم يف إيجــاد‬ ‫حضــور لهــم داخــل ســياق الثــورة وتقديــم العــون ألبنــاء‬ ‫شــعبهم‪ .‬أمــا حكايــة اإلعــام املجتمعــي‪ ،‬ومــع احرتامــي‬ ‫الشــديد للســيدة الوزيــرة أقــول إنــه (كذبــة أول نيســان)‬ ‫ليــس إال!‪.‬‬

‫* ثماني مديريات قائمة مع وقف‬ ‫* تســويق جوالت تفقديــة إلنعاش‬ ‫التنفيذ؟!‬ ‫مثــاين مديريــات شــاملة‪ ،‬كافيــة‪ ،‬ووافيــة‪ ،‬لــو تــم تفعيلهــا الــوزارة الميتة‬

‫بصــورة حقيقيــة لــكان األمــر مختلف ـاً‪ ،‬ولرأينــا بــأم أعيننــا‬ ‫فعـاً ثقافيـاً مؤسســاتياً عــى الرغــم مــن جملــة االختالطــات‬ ‫البائنــة يف املكونــات الهيكليــة لبنيــة الــوزارة وإلحــاق جملــة‬ ‫مــن املهــام التــي ال تأتلــف مــع خصوصيــة الثقافــة‪ ،‬مثــل‬ ‫مديريــة الرياضــة والشــباب‪ ،‬واملــرأة والطفــل‪ ،‬اللتــن لهــا‬ ‫خصوصيتهــا املختلفــة‪ ،‬عــن األصــول الحقيقيــة لــوزارة‬ ‫الشــك أن مــا يجــري عــى الســاحة الســورية مــن تطــورات الثقافــة‪ ،‬والتــي نــرى مــن خــال تبعيتهــا أنهــا كانــت‬ ‫ومســتجدات‪ ،‬وتبــادل الفــت ملهــام األجنــدات الخارجيــة الســبب املبــارش يف تعطيــل مفاعيــل الــوزارة األم (الثقافــة)‬ ‫أصبــح ميــي علينــا بالــرورة النظــر بعــن متقريــة وفاحصــة مــا جعــل األمــور ملتبســة كثـرا ً‪ ،‬وقد تــم تحويلهــا إىل حالة‬ ‫إىل الهيكليــة التــي تقــوم عليهــا وزارة الثقافــة‪ ،‬وأبعــاد‬ ‫ومرامــي وجودهــا ضمــن لعبــة الحكومــة الســورية املؤقتــة‬ ‫التــي رســمت هــي األخــرى لهــا دورا ً هــو أبعــد مــا يكــون‬ ‫عــن حقيقــة الفعــل والتفاعــل مــع جمهورهــا مــن املثقفــن‬ ‫والكتــاب حيــث ألحقــت بهــا مهمــة أخــرى تختلــف عــن‬ ‫صلــب عملهــا يف ظــروف غايــة يف االســتثنائية والخطــورة من‬ ‫خــال إســنادها مهمــة شــؤون األرسة لتكــون‪( :‬وزارة الثقافــة‬ ‫وشــؤون األرسة)‪ ،‬ولنشــهد مــن بعــد ذلــك‪ ،‬وتحــت وطــأة‬ ‫املهمــة الالحقــة انحيــازا ً صادمـاً لصالــح شــؤون األرسة عــى‬ ‫حســاب الثقافــة ودورهــا الــذي كان مــن املفــرض أن يكــون‬ ‫الشــغل الشــاغل للــوزارة العتيــدة وتطلعاتهــا بحيــث تكــون‬ ‫املولــود األول الــذي يعــر عــن ثقافــة دميقراطيــة‪ ،‬ووطنيــة‬ ‫تســتند يف حراكهــا ومفاعيلهــا عــى مفهــوم مؤسســايت يعــر‬ ‫عــن الحالــة املدنيــة لــكل األطيــاف الثقافيــة الســورية‪،‬‬ ‫ويخــدم أهــداف الثــورة ويشــكل رافــدا ً حقيقي ـاً ملســرتها‪.‬‬ ‫ولــي نحــدد األبعــاد األساســية واملفصليــة لــوزارة الثقافــة‬ ‫وشــؤون األرسة‪ ،‬البــد أن نتعــرض إىل مكوناتهــا واشــتغاالتها‬ ‫العمليــة وامليدانيــة مســتندين يف ذلــك إىل حديــث مطــول‬ ‫أجرتــه الســيدة تغريــد الحجــي وزيــرة الثقافــة وشــؤون‬ ‫األرسة مــع (صــدى الشــام)‪ ،‬وردا ً عــى محاورهــا قالــت‪( :‬إن‬ ‫الــوزارة لديهــا مديريــات تهتــم مبفاصــل العمــل الثقــايف‪،‬‬ ‫مثــل مديريــة املراكــز الثقافيــة‪ ،‬ومديريــة الدعــم واإلرشــاد مــن تســويق مهــات ميتــة‪ ،‬ولــدت معطلــة وغــر فاعلــة‪،‬‬ ‫النفــي‪ ،‬ومديريــة املــرأة والطفــل‪ ،‬ومديريــة منظــات لــذا فــإن عمليــة الفصــل بــن املهمتــن‪( :‬الثقافــة) و(شــؤون‬ ‫املجتمــع املــدين‪ ،‬ومديريــة الرياضــة والشــباب‪ ،‬ومديريــة األرسة) باتــت مــن الــرورة مبــكان‪ ،‬يف الوقــت الــذي ليــس‬ ‫الكتــاب‪ ،‬ومديريــة اإلعــام املجتمعــي‪ ،‬وتعتــر هــذه عسـرا ً أن ينفــرد وزيــر مــن بــن أعضــاء االئتــاف املتقاتلــن‬ ‫املديريــات الدينامــو الحقيقــي لعمــل الــوزارة‪ ،‬فلدينــا عــى حقيبــة وزاريــة يكــون مختصــاً بشــؤون األرسة‬ ‫ســبعة مراكــز ثقافيــة قامئــة‪ ،‬وتعمــل ضمــن خطــة ثقافيــة والالجئــن والدعــم النفــي‪ ،‬وإىل مــا هنالــك مــن أمــور‬ ‫أهــم بنودهــا؛ نــر القيــم املجتمعيــة املهمــة يف هــذه الفرتة أخــرى لهــا طابعهــا التخصــي يف الحــاالت الكارثيــة‪.‬‬ ‫العصيبــة مــن التعــاون والتشــاركية‪ ،‬وقبــول اآلخــر‪ ،‬وتبــادل والحقيقــة التــي يجــب أن نتوقــف عندهــا وفــق ترصيحــات‬ ‫الــرأي‪ ،‬وتنظيــم الحيــاة مــن خــال العمــل الجامعــي الســيدة الوزيــرة ومــا أفــادت بــه عــن وجــود ملمــوس‬ ‫واملواطنــة ضمــن الحقــوق والواجبــات‪ ،‬ويف مجــال الطفــل وفاعليــة ميدانيــة ملديريتــي‪ :‬منظــات املجتمــع املــدين‪،‬‬ ‫هنــاك مراكــز إيــواء األيتــام التــي تعمــل عــى الرتفيــه واإلعــام املجتمعــي‪ ،‬لنتســاءل واألمل يعترصنــا‪ ،‬أيــن هــي‬ ‫والدعــم النفــي والســلويك للطفــل‪ ،‬وحالي ـاً لدينــا خمســة منظــات املجتمــع املــدين التــي تــرف عليهــا أو ترعاهــا‬ ‫مراكــز أساســية للدعــم النفــي تقــدم العالجــات الســلوكية ســعادة الوزيــرة الحجــي‪ ،‬ومــا هــو األثــر املــادي امللمــوس‬ ‫والعصبيــة النفســية‪ ،‬فضــاً عــن النشــاطات التــي تحفــز لحراكهــا عــى أرض الواقــع؟‪ .‬ال يشء ســوى الهبــاء وتبعــر‬

‫‪1‬ـ تهــدف إىل تنشــيط الحركــة الثقافيــة ‪2‬ـ حشــد الطاقــات‬ ‫ملســاندة الثــورة ‪3‬ـ توفــر الظــروف املالمئــة لنمــو طاقــات‬ ‫الكتــاب الســورين ‪4‬ـ تقديــم العــون للكتــاب الذيــن‬ ‫يقومــون بأبحــاث ودراســات فكريــة أدبيــة علميــة ‪5‬ـ‬ ‫استكشــاف املواهــب اإلبداعيــة ورعايتهــا ‪6‬ـ إصــدار‬ ‫املطبوعــات الدوريــة وغــر الدوريــة والنــرات األدبيــة‬ ‫والفكريــة ‪7‬ـ توثيــق وأرشــفة األعــال األدبيــة ‪8‬ـ توثيــق‬ ‫أســاء الشــهداء يف كل محافظــة ‪9‬ـ طباعــة الكتــب املرتجمــة‬ ‫واملؤلفــة واملحققــة يف كل املجــاالت ‪10‬ـ إقامــة املعــارض‬ ‫والنــدوات املحليــة والعربيــة والعامليــة ‪11‬ـ إصــدار صحيفــة‬ ‫شــاملة أســبوعية أو نصــف شــهرية‪ ،‬ومجلــة أدبيــة فنيــة‬ ‫شــاملة شــهرية أو فصليــة ‪12‬ـ إطــاق صفحــة الكرتونيــة‬ ‫للمديريــة عــى مواقــع التواصــل االجتامعــي‪.‬‬ ‫ذلــك مــا تحصلــت عليــه مديريــة الكتــاب والفنانــن بعــد‬ ‫لقــاءات تشــاوريه محــدودة يف مدينتــي اســطنبول وعينتــاب‬ ‫ومخيــم «جيــان بينــار» لالجئــن الــذي ال يوجــد فيــه أصـاً‬ ‫عــدد كبــر مــن األدبــاء واملثقفــن يســتدعي عقــد اجتــاع‬ ‫تشــاوري فيــه‪ ،‬وتــرك باقــي املــدن الرتكيــة التــي تعــج‬ ‫باألدبــاء واملثقفــن‪.‬‬

‫مثــة مســألة أخــرى شــديدة األهميــة أرادت منهــا الســيدة‬ ‫الوزيــرة يف معــرض حديثهــا مــع (صــدى الشــام) أن تكــون‬ ‫انجــازا ً ملموســاً لوزارتهــا حــن ذهبــت لتأكيــد فاعليــة‬ ‫مديريــة املــرأة والطفــل‪ ،‬ولتجــد مخرج ـاً تســويقياً راحــت‬ ‫تقــص علينــا حكايــة اســتفادة الكثــر مــن النســاء مــن‬ ‫دورات محــو األميــة يف املخيــات‪ ،‬وكأن املســألة مــا هــي‬ ‫إال زيــارات لتوزيــع االبتســامات يف مخيــات القهــر والــذل‬ ‫وأخــذ الصــور مــع مجموعــة مــن األطفــال الذيــن يعترصهــم‬ ‫الجــوع واألمل‪ ،‬أو حضــور معــرض لرســوم األطفــال وأخــذ * تواصل وهمي مع كتاب وأدباء‬

‫افتراضيين‬

‫مــن املالحــظ أن املهــام كثــرة ومتعــددة‪ ،‬وعــى الرغــم مــن‬ ‫ســعة مفاعيــل التواصــل التــي أبدتهــا املديريــة يف تشــاركيتها‬ ‫مــع الكتــاب واملثقفــن والفنانــن إال أنهــا ولألســف الشــديد‬ ‫مل تنجــز مــن أطروحتهــا ســوى مهمتــن خجولتــن هــا‬ ‫أســهل املهــام التــي تعرضــت لهــا املديريــة املذكــورة يف‬ ‫ســياق انطالقتهــا امليمونــة‪ ،‬وهــا‪:‬‬ ‫‪1‬ـ إنشــاء صفحــة عــى موقــع التواصــل االجتامعي باســم‬ ‫مديريــة الكتــاب والفنانــن دون مشــاركات هامــة والفتــة‪،‬‬ ‫وغيــاب واضــح وملمــوس ألســاء كان مــن املفــرض أن‬ ‫تكــون مــن أوائــل املشــاركني واملســاهمني يف دعــم الصفحــة‬ ‫وتطلعــات أهدافهــا‪.‬‬ ‫‪2‬ـ القيــام بتنظيــم أمســيات أدبيــة وموســيقية يف أكــر‬ ‫مــن مدينــة تركيــا مــع املحافظــة عــى األســاء ذاتهــا‪ ،‬وكأن‬ ‫املســألة أخــذت شــكل (كــروب عائــي) للمديريــة دون‬ ‫األخــذ يف االعتبــار ســوية مــا يقــدم أدبيــاً وثقافيــاً إال مــا‬ ‫نــدر‪.‬‬

‫يعــرف محمــود أنــه مــن فلســطني‪ .‬وأنــه‬ ‫ـازح إىل املجهــول مــن مخيــم الريمــوك ال‬ ‫اآلن نـ ٌ‬ ‫مــن فلســطني‪.‬‬ ‫عمــره عــر ســنني‪ ،‬والشــحاذة رذيلتــه املؤقتة‪.‬‬ ‫يلــوذ إليهــا حــن ال يعــر عــى در ٍج يشــطفه‪.‬‬ ‫يتنــاوب بــن املهنتــن حســب تيســر األرزاق‪.‬‬

‫صــورة بدقــة عاليــة تبتســم فيهــا الســيدة الوزيــرة‪ ،‬فيبتســم‬ ‫جمــع األطفــال مــن حولهــا‪ ،‬أو أنهــا مجــرد زيــارة مفاجئــة‬ ‫لــدورة يف مجــال الدعــم النفــي تؤكــد فيهــا الســيدة‬ ‫الحجــي توجيهاتهــا للقامئــن عــى الــدورة مــع التقــاط‬ ‫العديــد مــن الصــور‪...‬؟!!!‬ ‫لنعــد إىل مديريــة املديريــات يف وزارة الثقافــة‪ ،‬وهــي‬ ‫مديريــة الكتــاب والفنانــن والتــي ســنناقش ونتحــرى‬ ‫مفاعيلهــا امليدانيــة والعمالتيــة بكثــر مــن الــروي‬ ‫والشــفافية أخذيــن باالعتبــار مهامتهــا التــي وردت عــى‬ ‫صفحتهــا االلكرتونيــة‪ ،‬وعــى املوقــع االلكــروين لــوزارة‬ ‫الثقافــة وشــؤون األرسة أيضــا‪ ،‬ونظــرا ً لحجــم الخطــاب‬ ‫االفــرايض ملهامهــا وطموحاتهــا وجدنــا مــن املفيــد أخــذ‬ ‫النقــاط األساســية ملــروع املديريــة آنفــة الذكــر‪ ،‬وهــي‬ ‫عــى النحــو التــايل‪:‬‬

‫محمــود ال يفـ ّـك الحــرف‪ .‬وال يعــرف‬ ‫عــن املــدارس ســوى علــ ِّو أســوارها‬ ‫والخطــوط الزرقــاء عــى مبانيهــا‪.‬‬ ‫مل يلمــس يومــاً نعومــة الســبورة‬ ‫الخـراء‪ ،‬وال نثــار الطباشــر‪ ،‬مثلــا مل‬ ‫ـليل‬ ‫ـس أنــه سـ ُ‬ ‫يلمــس فلســطني‪ ،‬ومل ينـ َ‬ ‫طيبِهــا‪.‬‬ ‫خذلــت األدراج محمــو َد هذا اليوم‪،‬‬ ‫فيــا الشــحاذة ال تخــذل‪ .‬تعــرف‬ ‫كيــف تــراوده حــن يحتــاج أكالً؛ أي‬ ‫أكل‪ ،‬ومره ـاً يدهــن بــه ظهــر أبيــه‬ ‫الختيــار‪ ،‬و(كزلــك) ألمه‪(...‬منــذ نزحنــا‬ ‫صــارت أمــي شــحيحة النظــر) يقــول‪،‬‬ ‫وتعينــه عــى القــول عينــاه اللتــان‬ ‫تعــودان طفلتــن حــن يشــكر صاحبــة‬ ‫البيــت‪ ،‬ويحضــن أعطيتــه‪ ،‬وينحــدر‬ ‫راكض ـاً ملالقــاة أخويــه‪.‬‬ ‫أخــواه أطــول منــه بقليــل‪ ،‬وأقــل‬ ‫فصاح ـ ًة منــه يف اســرحام املحســنني‪ .‬يكتفيــان‬ ‫باللطــي تحــت درج البنايــة لحراســته مــن‬ ‫االعتــداءات املباغتــة عــى أفــواج األطفــال‬ ‫الشــحاذين‪.‬‬ ‫يســتلم كبريهــم كيــس (الغنائــم) مــن محمــود‬ ‫الصغــر‪ ،‬ويجلــس األخــوة الثالثــة تحــت ظــل‬ ‫الشــجرة يتأملــون العطايــا الباذخــة قبــل أن‬ ‫يبــدؤوا باقتســامها‪ .‬يتل ُّمســون واحــدا ً واحــدا ً‬

‫البعــض الحقــاً‪ ،‬فتعمــق‬ ‫مــا أغــرى بهــا‬ ‫ُ‬ ‫املتعمقــو َن برفوشــه ْم واســتخرجوا كل مــا يـ ُّ‬ ‫ـدل‬ ‫عــى هويتهــا‪ ،‬وبيعــت مكنونــات رحمهــا كــا‬ ‫تُبــاع األعضــا ُء البرشيــة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫منــازل الدنيــا كــا وصفهــا‬ ‫كانــت أجمــل‬ ‫الرشــي ْد فأغرتــ ُه لقيــادة إمرباطوريتــ ِه منهــا‬ ‫فحكــم الدنيــا مــن قصورهــا لبضــ ُع ســنوات‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫مــرف بتــاج الخالفــة‪ ..‬ويــا‬ ‫ووصفهــا مــؤر ُخ‬ ‫ْ‬ ‫بذلــك‪.‬‬ ‫يتطــر‬ ‫ليتــه مل‬ ‫ّْ‬ ‫غضــب هوالكــو‪ ،‬عــى‬ ‫نصيــب مــ ْن‬ ‫لهــا‬ ‫كا َن‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫فبقيــت مرتعــاً للبــومِ ‪،‬‬ ‫الحضــار ِة‪ ،‬فدمرهــا‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫والغربــا ْن والباحث ـ َن عــن ملج ـأٍ يف ركــنٍ َخ ـر ٍِب‬ ‫قــي بعـ َد أ ْن ت َخلّــت عنهــم مدنهــم ولفظتهــم‬ ‫يف جريــرة ارتكبوهــا‪...‬‬ ‫انفصلــت عــنِ الزمــنِ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مئــات مــن الســن ْني‪ ،‬حتــى تــ َّم اســتيطانُها‬ ‫مجــددا ً منــذ أكــرَ مــن قرنــن أو ثالثــةْ‪....‬‬ ‫مكتــوب عليهــا لعنــات الغــزاة‬ ‫ملْ تكـ ْن خرائ ُبهــا تُ ْغــري بالســكنِ ‪ ،‬لوجــو ِد قناعـ ٍة‬ ‫ـر‬ ‫عن ـ َد أهلِهــا أ ّن الج ـ َّن يســك ُن فيهــا حتــى فـ َّ َ‬ ‫أحـ ُد شــعرائها كــر َة الشــعرا ِء يف املدينــة لوجــو ِد‬

‫الكلب األبلق‬

‫بــرودة الكيــس يف ح ـ ّر متــوز‪ ،‬وظــال النــدى‬ ‫عــى حبّــات الــدراق والكــرز والخــوخ والخيــار‪.‬‬ ‫محمــود رفيــع الــذوق‪ .‬وألنــه ال يحــب الخيــار‪،‬‬ ‫فقــد اســتبدل حصتــه منــه بثــاث حبــات مــن‬ ‫الكــرز‪ .‬كأنــه نــي أن أخــاه الكبــر أيضــاً ال‬ ‫ـس األخــر أ ّن عــى‬ ‫يحــب الخيــار‪ ،‬فيــا مل ينـ َ‬ ‫الكبــر إنصــاف أخيــه األصغــر‪.‬‬ ‫التهمــوا كل مــا يف الكيــس‪ .‬أكلــوا برشاهــة‪،‬‬ ‫مصــوا كل النســغ‬ ‫بهمجيــة البطــن الجوعــان‪ّ .‬‬ ‫املحيــط بالبــذور قبــل أن يجمعهــا محمــود‪،‬‬ ‫ويصفّهــا عــى األرض ويبــدأ ببــذرة الــدراق‬ ‫يطيهــا عاليـاً‪ ،‬ويشــوطها برأســه كرضبــة كــرة‬ ‫ّ‬ ‫القــدم الرأســية‪ ،‬ويص ّدهــا أخــوه‪.‬‬ ‫محمــود يشــوط بــذرة الــدراق كمهاجــمٍ عتيــد‪،‬‬ ‫وأخــوه يص ّدهــا كحــارس املرمــى البطــل‪ .‬كانــا‬ ‫يشــبهان فقــراء الربازيــل‪ ،‬يشــبهان رونالــدو‪،‬‬ ‫ورونالدينــو اللــذان كانــا طفلــن فقرييــن‬ ‫يلعبــان مباريــات كــرة القــدم التدريبيــة يف‬ ‫نــادي املحرتفــن يف الربازيــل لقــاء سندويشــة‬ ‫فاهيتــا‪ .‬رونالــدو كان فقــرا ً وصــار نجــاً؛‬ ‫ومثلــه صــار رونالدينــو جــار النجــوم‪.‬‬ ‫محمــود وأخوتــه يحلمــون أيضـاً بفلســطني‪ ،‬أو‬ ‫ـدرب إليهــا مي ّر عــر مدرسـ ٍة خفيضة األســوار‪،‬‬ ‫بـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أي نــاد تبــدأ مكاســبه مــن سندويشــة‬ ‫أو عــر ّ‬ ‫ّ‬ ‫فالفــل‪ ،‬وتعلــو وتعلــو إىل حيــث ت ُحلــق اليــوم‬ ‫نجــوم الربازيــل‪...‬‬

‫أيمن أبو شعر‬

‫أحمد الظاهر‬ ‫مــا يكفــي الجميــع مـ ْن شــياط ِني الشــع ْر‪ ....‬بــل‬ ‫أن شــياطينها تكاثــروا وزادوا عــن عــد ِد الشُ ــعراء‬ ‫ـاب‪ ،‬فاضطـ ِ‬ ‫ـس مــن‬ ‫والكتّـ ِ‬ ‫ـرت الشــياط َني أن تتل َّبـ َ‬ ‫ـر ُعشــاقُها املجانـ ْن‪.‬‬ ‫غريهــم‪ ،‬ف َكـ ُ َ‬ ‫مدينتــي ال يغريهــا تزيــ َن وطــا َء املــدنِ‬ ‫املســتحدث ِة رمبــا ألنهــا كبــر ٌة يف السـ ِّن وتخجـ ُـل‬ ‫أن تضـ َع عــى وجههــا مــا يغــري بهــا ورغـ َم ذلك‬ ‫فقــد يــؤىت الحـ ِـذ ُر مــن مكمن ـ ِه‪ ...‬وقــد يُهتــك‬ ‫والــكالب‪.‬‬ ‫ســرَ حســنا ٍء رغــم كــرة ال ُحــ ّر ِاس‬ ‫ْ‬ ‫دمشــق وداللهــا‪ ،‬ومل تكــ ْن‬ ‫غنــج‬ ‫متــارس‬ ‫مل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حمــص‪ ،‬وال شــقاوة‬ ‫حلــب‪ ،‬وال جــا ِل‬ ‫بغــرور‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُســتباح‬ ‫ديــر الــزو ْر‪ ،‬وال ثــراء حــاه قبــل أ ْن ت‬ ‫َ‬ ‫ـرش املجــازرِ‪ ،‬لذلـ ْـك قـ َّـل مــن تغ َّزلــوا‬ ‫وتتســي ًد عـ َ‬ ‫بــي ٍء فيهــا‬ ‫ـب األرض‬ ‫ـت صامتـ ًة مهمشـ ًة تــد ُر مــن حليـ ِ‬ ‫بقيـ ْ‬ ‫ـب وال تبيــع‬ ‫وتهـ ُ‬ ‫تحلــ ُم مدينتــي أ ْن ت ُولــ َد مــرة أخــرى‪ ،‬لكــ ْن‬ ‫كانــت قيرصيــة فهــي ال‬ ‫تري ُدهــا والدةً‪ ..‬ولــو‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫تســأل ع ـ ْن جــال خرصهــا ألنــه تش ـ َّو َه من ـ ُذ‬ ‫قصــف‪.‬‬ ‫آخــ ِر‬ ‫ْ‬

‫جميــع مــا كتبــه أيتامتــوف رائــع وموغــل يف النفــس اإلنســانية! ولكــن‬ ‫ال أدري ملــاذا تلــح عــي يف اآلونــة األخــرة قصــة الكلــب األبلــق حتــى أكاد‬ ‫أدخــل يف ضبابهــا املصــري‪ ،‬وأســمع صــوت مجــداف الــزورق الــذي ضــل يف‬ ‫البحــر‪.‬‬ ‫‪ ...‬ثالثــة يف زورق لصيــد الفقــات يوغلــون يف البحــر‪ .‬صيــاد كهــل مــع‬ ‫صديقــه الــذي يصطحــب ابنــه ليتعلــم كيــف يغــدو رج ـاً صيــادا ً شــجاعاً‪...‬‬ ‫بنــاء القصــة بســيط يرصــد حيــاة قبيلــة شــبه بدائيــة‪ ،‬ويســتنهض املــوروث‬ ‫الفولكلــوري برباعــة مذهلــة مبــا يف ذلــك عــامل الســحرة واألرواح الرشيــرة‬ ‫والعــادات الشــعبية‪ .‬املهــم والرائــع واملأســاوي يف هــذه القصــة أن أيتامتــوف‬ ‫يكشــف الوجــه اآلخــر ل ـراع املــوت والحيــاة (ففــي حــن تتجــه شــخوص‬ ‫العــامل املتمــدن يف مثــل هــذه الحالــة للتضحيــة باآلخريــن للحفــاظ عــى‬ ‫الحيــاة الخاصــة) يكشــف لنــا أيتامتــوف الجوهــر الروحــي لهــؤالء الناس شــبه‬ ‫البدائيــن حــن تبعــد العاصفــة زورقهــم يف عمــق البحــر ويلفهــم الضبــاب‪ ،‬وال‬ ‫يعــودون يــرون ذاك الجبــل الــذي يشــبه الكلــب األبلــق عــى الشــاطئ والــذي‬ ‫كان دامئــا مرشــدا ً للصياديــن‪...‬‬ ‫يظهــر الكاتــب براعتــه املشــهودة يف وصــف الحالــة النفســية ألبطــال القصــة‬ ‫وترصفاتهــم النزقــة بتفصيــل مثــر إبان الـراع مــع الطبيعة التــي ال ترحم‪ ،‬ومل‬ ‫يبــق لديهــم ســوى قليــل مــن املــاء‪ ...‬يــدرك الكهــل أن املــاء ال ميكــن أن يكفي‬ ‫لثالثتهــم‪ ...‬ينظــر إىل الرجــل وابنــه وهــا نامئــان مــن شــدة التعــب‪ ،‬ودون أي‬ ‫ضجيــج ينــزل إىل البحــر مبتعــدا ً وهــو يعــرف مصــره جيــدا ً‪ ...‬يســتيقظ األب‬ ‫فــا يجــد صديقــه ويتأكــد أن املــاء املتبقــي ال يكفــي الثنــن ملــدة طويلــة‪،‬‬ ‫فيفهــم تلــك الرســالة املأثــرة التــي نقلهــا صديقــه بف ـراق صامــت‪ ،‬ويلقــي‬ ‫عــى ابنــه نظــرة وداع حزينــة مشــفوعة بأمــل غامــض وينســل إىل البحــر‬ ‫ليالقــي املصــر ذاتــه‪ ...‬يســتيقظ الطفــل ويتابــع التجديــف وحيــدا ً وهــو يبلــل‬ ‫شــفاهه فقــط كل بضــع ســاعات‪ ...‬وحــن تخــور قــواه وقــد باتــت القربــة‬ ‫فارغــة متام ـاً ينقشــع الضبــاب بالتدريــج ويلمــح الكلــب األبلــق مــن بعيــد‬ ‫فيجــدف بــكل مــا تبقــى لديــه مــن قــوى ويصــل إىل الشــاطئ‪ ...‬ال أدري ملــاذا‬ ‫تلــح عــي أجــواء هــذه القصــة؟‬

‫«الحرمل»‪ ..‬وثائق الزمن المر‬

‫* وزارة للمحاصصة‬ ‫ال شــك أن املســألة تحتــاج إىل وقفــة صارمــة وشــفافة‬ ‫تجــاه مــا يجــري مــن تخبــط وإقصــاء لآلخريــن وانفــراد‬ ‫واضــح مــن قبــل البعــض ممــن كانــوا عــى رسوج خيلهــم‬ ‫أيــام حكــم البعــث واألجهــزة األمنيــة‪ ،‬وتحصلــوا عــى‬ ‫الكثــر مــن امليــزات التــي كان النظــام يغــدق عليهــم‬ ‫بهــا مكافــأة منــه ل ـراء ضامئرهــم وأخالقهــم عــر اتحــاد‬ ‫الكتــاب وهيئــات ومنظــات ثقافيــة وصحفيــة ومؤسســات‬ ‫مســموعة ومرئيــة‪ ،‬وال أدري كيــف تكــون هنــاك وزارة‬ ‫ثقافــة دون صحيفــة أو مجلــة ورقيــة تكــون لســان حالهــا‬ ‫ومع ـرا ً عــن اس ـراتيجيتها املعرفيــة يف بنــاء رصحهــا الــذي‬ ‫أعلنــت عنــه عــر خطاباتهــا وأجنــدة تصوراتهــا لســورية‬ ‫املدنيــة بــكل أطيــاف شــعبها وتطلعاتــه للحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫بقــي أن نشــر إىل مســألة غايــة يف األهميــة وهــي أن‬ ‫الســيدة الوزيــرة الحجــي خرجــت مــن ســورية يف عمــر‬ ‫مبكــر‪ ،‬ومل تؤلــف كتابـاً أو تكتــب مقــاالً يف السياســة وال يف‬ ‫الفكــر وال يف األدب وال يف الصحافــة‪.‬‬

‫قوس قزح‬

‫نجاة عبد الصمد‬

‫برسم الوالدة‬ ‫مدينة‬ ‫ِ‬ ‫ولــدتْ مدينتــي والدة مبكــر ًة يف تاريــخ املــدن‬ ‫(وأعتقـ ُد أنهــا والد ٌة طبيعية)‬ ‫تعــددتْ أســاؤها عــ َر مراحلِهــا العمريــة‪،‬‬ ‫فكانــت مــردد ًة يف الثبـ ِ‬ ‫ـات عــى اســمٍ واح ـ ْد‪..‬‬ ‫كلــا اســتوىل عليهــا ملـ ُـك أو إمرباطــو ٌر أو خليف ٌة‬ ‫نســبها الســم ِه‪ ..‬بيــت آديــن‪ ،‬نيكفوريــوم‪،‬‬ ‫كالينيكــوس‪ ،‬كالينيكيــوم‪ ،‬ليونتوبوليــس‪ ،‬الرقــة‪،‬‬ ‫الرشــيد‪.‬‬ ‫(مل يكــن ذلــك لداللهــا‪ ،‬أظــن أنــ ُه اســتباح َة‬ ‫يطلــق عليهــا أي‬ ‫ر لغنيمــ ٍة‪ ،‬فهــو حــ ٌر‬ ‫املنتــ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـب يف تغيــر وصفهــا م ـ ْن‬ ‫اســمٍ شــا ْء وقــد يرغـ ُ‬ ‫مدين ـ ٍة اىل والي ـ ٍة‪ ..‬أو قــل يســتطيع أن يحولهــا‬ ‫ر فعـ َـل مــا يشــا ُء بســباياه)‪.‬‬ ‫اىل دولــة وللمنتـ ِ‬ ‫مـ َّر عليهــا كثــرونْ‪ ،‬منهــم مــن بنــى‪ ،‬ومنهــم من‬ ‫ـتباح‪،‬‬ ‫جــد َد‪ ،‬ومنهـ ْم مــن د َّم ـ َر‪ ،‬ومنهــم مــن اسـ ْ‬ ‫حتــى الطبيعــة اســتباحتها بعــدة زالزل‪ ،‬فبنيــت‬ ‫عــى أنقــاض بعضهــا‪ ،‬واتــكأت عــى أرائـ َـك مــن‬ ‫دمارهــا‪ ،‬واســتقرت عــى ركامهــا وولــدتْ مــن‬ ‫جديــد‪ ،‬فهــي مغرقــ ُة العمــق‪ ،‬ال تــكاد تحفــ ُر‬ ‫م ـرا ً حتــى تجــد م ـ ْن يخـ َ‬ ‫ـرك أنَّـ َـك تقـ ُـف عــى‬ ‫ســاكنٍ تحتــك‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫عــى الرغــم مــن أن نبــات الحرمل موجود‬ ‫ومعــروف عــى امتــداد الوطــن العــريب‬ ‫لصفاتــه العالجيــة إال أن مفــردة «الحرمــل»‬ ‫لهــا وقــع خــاص عند أهــل الرقــة يف ســورية‪،‬‬ ‫ولذلــك اختــار املخــرج الســيناميئ الســوري‬ ‫الرقــي مصطفــى الراشــد أن يكــون «الحرمــل‬ ‫الــري» عنــوان فيلمــه الــروايئ القصــر األول‪،‬‬ ‫الــذي يرتكــز عــى بيئــة الفـرات وإنســانه يف‬ ‫موضوعــه الرئيــس‪ ،‬وكذلــك اختــار عــدد مــن‬ ‫مثقفــي ومبدعــي الرقــة مؤخ ـرا «الحرمــل»‬ ‫عنوانــا ملجلــة نصــف شــهرية أصدروهــا‬ ‫يف مغرتبهــم القــري‪ ،‬حيــث اســتقروا يف‬ ‫مدينــة «أورفــة» الرتكيــة ريثــا تهــدأ األمــور‬ ‫يف وطنهــم ويخــرج «الدواعــش» ويرحــل‬ ‫الطاغيــة وينتهــي القصــف‪ ..‬ويبــدأ اإلعــار‬ ‫مــن جديــد‪ ،‬ولكــن ســؤالهم وســؤال كل‬

‫ســوري ته ّجــر مرغــا هــو‪ :‬متــى تكــون‬ ‫العــودة؟‬ ‫مجلــة «الحرمــل» نصــف شــهرية‪ ،‬وهــي‬ ‫ليســت خربيــة بقــدر مــا يبــدو مــن موادهــا‬ ‫أنهــا تحليليــة لواقــع ومســتقبل الثــورة‬ ‫الســورية مــع إلقــاء الضــوء عــى معانــاة‬ ‫املهجريــن واملغرتبــن‪ ،‬كــا أنهــا تهتــم‬ ‫باملــواد اإلبداعيــة مــن شــعر وقصــة‪ ،‬وتصــدر‬ ‫بجهــود ذاتيــة مــن قبــل املوجوديــن يف‬ ‫فريــق التحريــر املســؤول‪ ،‬الذيــن يعملــون‬ ‫عــى توثيــق مرحلــة مهمــة لكنهــا ‪ -‬وإن‬ ‫كانــت مؤملــة ‪ -‬جــزء مــن تاريــخ ســورية‬ ‫الحديــث خــال فــرة الثــورة بــكل مآســيها‬ ‫وتداعياتهــا ومرارتهــا‪ ..‬ولعــل املــرارة هــي‬ ‫القاســم املشــرك بــن الزمــن الحــايل لــدى‬ ‫الســوريني وبــن نبــات «الحرمــل»‪ ..‬ولذلــك‬

‫جــاء اســم «الحرمــل»‪.‬‬ ‫يجمــع األصدقــاء يف هيئــة التحريــر املــواد‬ ‫الكتابيــة واإلبداعيــة عــن طريــق العالقــات‬ ‫الشــخصية مــع أصدقائهــم ومــا أكرثهــم‬ ‫مــن أبنــاء الرقــة ومــن املثقفــن الســوريني‬ ‫والكتــاب العــرب‪ .‬ويتصــدر الهــ ّم الثقــايف‬ ‫ثــم الشــأن الســيايس صفحــات «الحرمــل»‬ ‫التــي تصــدر بالتعــاون مــع «بيــت الرقــة‬ ‫لــكل الســوريني»‪ ،‬وأذكــر تواصــل الصديــق‬ ‫املحامــي الشــاعر بســام البليبــل معــي‬ ‫ليطلــب منــي مقــاال للعــدد األول‪ ،‬ففعلــت‪،‬‬ ‫ورمبــا مل أشــعر بالحــاس للكتابــة كــا كان‬ ‫حينهــا‪ ،‬وصــدر العــدد األول‪ ،‬ثــم الثــاين‪..‬‬ ‫والثالــث عــى الطريــق‪.‬‬ ‫يف «الحرمــل» تتالقــى كل التيــارات واألفــكار‬ ‫فتجــد الرقــة بنقائهــا وســورية القدميــة‬

‫بتعدديتهــا وإثنياتهــا‪ ،‬ويف «الحرمــل تغيــب‬ ‫«األيديولوجيــا» واملذهبيــة والقبليــة‬ ‫واملناطقيــة ليحــر الوطــن واالنتــاء األكــر‬ ‫ضمــن حالــة فريــدة تشــكلت ‪ -‬ســواء بوعي‬ ‫أو بالوعــي – لتمثــل الوطــن الحلــم الــذي‬ ‫يجــب أن يكــون ذات يــوم‪ ،‬وترســم لوحــة‬ ‫بجميــع ألــوان الطيــف‪ ..‬لوحــة يرســمها‬ ‫أدبــاء مــن الداخــل والخــارج وأماكــن‬ ‫اللجــوء واالغــراب القــري أو االختيــاري‪.‬‬ ‫قــد تكــون املجلــة فكــرة طبقــت ونجحــت‪،‬‬ ‫غــر أن األمــل أن تتوهــج أكــر‪ ،‬ثــم تســتمر‬ ‫إىل وقــت الخــاص ومــا بعــد الخــاص‪ ،‬يــوم‬ ‫تــزول مــرارة الزمــن ويصبــح «الحرمــل»‬ ‫حلــو املــذاق ال يرتبــط بالغثيــان بــل‬ ‫بالبهجــة وحــاوة العيــش وجــال املــكان‪.‬‬

‫مازن العليوي‬

‫أهمية الصحافة ودورها‬ ‫نعــرف جميعــاً أهميــة الصحافــة‬ ‫كجــزء مــن اإلعــام يف عاملنــا املعارص‬ ‫حيــث طــورت فيــه كافــة وســائل‬ ‫االتصــاالت وأســموا الثــورة العلميــة‬ ‫الجديــدة بثــورة االتصــاالت‪ .‬ويف‬ ‫ســورية تكتســب الصحافــة الثوريــة‬ ‫أهميــة خاصــة‪ ،‬وعلينــا أن نعــرف‬ ‫أن الصحافــة الثوريــة مقــرة جــدا ً‬ ‫يف تكويــن وإعــادة تكويــن الــرأي‬ ‫العــام مبــا ينســجم وأهــداف الثــورة‬ ‫أوالً ويكــون قــادرا ً يف الــرد عــى‬ ‫إعــام النظــام الدمياغوجــي الــذي‬ ‫يريــد أن يصــور الثــورة عــى أنهــا‬ ‫ثــورة إرهابيــن ثانيــاً‪...‬‬ ‫ونعتقــد أن تقصــر إعــام الثــورة‬ ‫ســاهم يف تحقيــق بعــض النجاحــات‬ ‫إلعــام النظــام يف هــذا املجــال‪..‬‬ ‫وأيضــاً فــإن تحقيــق حــد أدىن‬ ‫مــن الوحــدة الوطنيــة يف هــذه‬ ‫الظــروف يتطلــب خطابــاً إعالميــاً‬

‫منصور أتاسي‬

‫جامعـاً‪ ،‬وقــدرة عــى دعــم وتشــجيع‬ ‫التعدديــة واالع ـراف باآلخــر‪ ،‬وهــي‬ ‫حالــة غــر موجــودة‪ ،‬ونتابــع الـراع‬ ‫والتفســخ التــي تســود يف مؤسســات‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وداخــل كل فصيــل مــن‬ ‫فصائلهــا‪ ..‬وأيضــاً تطويــر العامــل‬ ‫الوطنــي يف الثــورة الســورية عــى‬ ‫حســاب ســيطرة القــوى اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة عــى مقــدرات الثــورة‬ ‫والــرد عــى التطــرف القاتــل‬ ‫واملتعــدد األشــكال يف بالدنــا‪ .‬كل‬ ‫هــذه املهــات تتطلــب صحافــة‬ ‫جــادة وقــدره عــى تنفيــذ جــزء مــن‬ ‫هــذه املهــام‪.‬‬ ‫وأعتقــد أن الــكادر املــرف عــى‬ ‫صحيفتنــا الجديــدة الحرمــل ميتلــك‬ ‫الخــرة الكافيــة يك يســاهم يف تنفيــذ‬ ‫املهــام املطلوبــة تجــاه ثورة الشــعب‬ ‫الســوري يف الحريــة والكرامــة‪..‬‬ ‫امتنى لكم كل النجاح‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫أنــا إنسـ ْ‬ ‫ـان‪..‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪12‬‬

‫أنا والشارع الخلفيّ‬

‫سناء مصطفى‬

‫ياسر األطرش‬ ‫أنا إنسانْ ‪..‬‬ ‫بيت ويل عنوانْ‪..‬‬ ‫ويل ٌ‬ ‫باب يح ُّن إىل ضحى كفّي لنمسح عربة النسيانْ‪..‬‬ ‫ويل ٌ‬ ‫ويل أحجــا ُر ضيعتنــا‪ ..‬شــوارعها‪ ..‬تفاصيـ ُـل الخطــى األوىل‪..‬‬ ‫عمــري الصغــرى‪..‬‬ ‫مثــا ُر الليــل‪ ..‬شــاي الفحــمِ ‪ ..‬ســل ُة‬ ‫َ‬ ‫وذاكــريت‪..‬‬ ‫وكف أيب‪َ ..‬يل الحب الذي زرعوه يف رئتي‪..‬‬ ‫ويل أمي‪ُّ ..‬‬ ‫فأنبت زهرة العصيانْ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫أنا إنسانْ‪ ..‬ويل وطني‪ ..‬وأهيل كلهم مثيل‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫الحقد مل يلغِ الصدى املمتد يف رشيان تاريخي‬ ‫هباب‬ ‫ِ‬ ‫السوري يجري يف عروق األرض‪،‬‬ ‫وما زال الد ُم‬ ‫ُّ‬ ‫يسقي ورد َة األحزانْ‪..‬‬ ‫أمري ُة صو َر ُ‬ ‫تغزل ُحلْ َم قرطا ٍج‬ ‫ُ‬ ‫تعــدل كفّــ َة‬ ‫الكيــل‪..‬‬ ‫َ‬ ‫وتونــس بعــد طــول الهجــر تــويف‬ ‫ُ‬ ‫امليــزانْ‪..‬‬ ‫أرى البحرينِ يلتقيانِ‬ ‫ال بغياً‪ ..‬ولك ْن أُ َ‬ ‫غرق الس ّجانْ‪..‬‬ ‫سقف سوى ُحلُ ُمي‬ ‫أنا ح ٌّر‪ ..‬وال ٌ‬ ‫الريح وال ُّربانْ‪..‬‬ ‫وال ُس ُف ٌن بعكس الري ِح‪ ..‬نح ُن ُ‬ ‫ونحـ ُن املـ ُّد نحــن الحـ ُّد‪ ،‬نحــن نحــرر األمــواج مــن ســنارة‬ ‫الشــيطانْ‪..‬‬ ‫ويرف ُع ك َّف ُه العايص بأن يا نا ُر كوين الرب َد يف بردى‬ ‫َ‬ ‫لنذرف دمع ًة ح ّرى عىل الشهدا ِء‪ ،‬نغسله ْم مبعنى املا ِء‬ ‫ِ‬ ‫رس ِ‬ ‫األنفاس‬ ‫الناس‪ ..‬بني تر ُّد ِد‬ ‫نود ُعه ْم ب ِّ‬ ‫نحملهــ ْم بنــا شــجرا ً‪ ..‬لنكــ َر كلــا كــروا‪ ..‬وننــى آفــ َة‬ ‫النســيا ْن‪..‬‬ ‫أنا إنسانْ ‪..‬‬ ‫عربتُ الكا َن يك أفيض إىل ما كانْ‪..‬‬ ‫قتلت جميع أوثاين‬ ‫ويا تاري ُخ فتّشني‪ ..‬أنا ٌ‬ ‫رجل ُ‬ ‫رجل بال أوثانْ‪..‬‬ ‫أنا ٌ‬ ‫أنــا الســاحاتُ يف قلبــي‪ ،‬ويف قلبــي الــذي فيهــا‪ُ ..‬م َغ ِّنيهــا‪،‬‬ ‫وثائرهــا‪ ،‬ممشّ ـ ُط شــعر أرصف ـ ٍة ت ُداريهــا‪..‬‬ ‫ثقبت دجى التابوت وانسل َّْت مع الفج ِر‬ ‫حناج ُر أم ٍة ْ‬ ‫لتُطل َع صوتَ من غابوا‪ ،‬وت ُغر َِق ضج َة الطغيانْ‪..‬‬ ‫هنا واآلن‪..‬‬ ‫واألموي مث َة ساع ٌد يشت ّْد‪..‬‬ ‫مري‬ ‫ِّ‬ ‫بني الجامع ال ُع ِّ‬ ‫الكف يف درعا ل ُه يف باب عمر ٍو ي ّد‪ْ..‬‬ ‫فهذا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــل مــن‬ ‫بيــت وإال فيــه ص ٌّ‬ ‫ويقتســمو َن خبــ َز الفقــد‪ ،‬إ ْن ٌ‬ ‫رغيــف الفقــ ْد‪..‬‬ ‫طفل‪ ..‬فيغرق بالدماء الج ّْد‪!!..‬‬ ‫صاب بطلق ٍة ٌ‬ ‫يُ ُ‬ ‫هنا واآلن نعلن عن وفاة الع ّْد‪..‬‬ ‫وكل عذاب سوريّا‬ ‫فكل تراب سوريّا‪ُّ ..‬‬ ‫ُّ‬ ‫تج َّم َع يف ٍ‬ ‫هتاف فر ْد‪:‬‬ ‫ أنا إنسانْ ‪..‬‬‫َيل الذكرى‪َ ،‬يل األخرى‪..‬‬ ‫أفق بال قضبانْ‪..‬‬ ‫ويل ٌ‬

‫ملاذا كلام أخطو‬ ‫بهذا الشارع الخلفي‬ ‫يرمقني؟‬ ‫الخلفي‬ ‫ع‬ ‫الشار‬ ‫وهذا‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫مل أعه ْد له ولدا ً‬ ‫يفتش يف إشار ٍ‬ ‫ات‬ ‫عن الحلوى‬ ‫وموسيقي يبعرثها عىل العشاقِ‬ ‫إن سئموا‬ ‫حديث الصرب يف سيارة املوىت‬ ‫ومل أعه ْد له زوجاً‬ ‫الفيض‬ ‫تُبَل ُِّل شع َره‬ ‫َّ‬ ‫ما َء حنينها األعمى‬

‫ومل أعهد له ِخ ّلً‬ ‫ينفِّض قلبَه املوشو َم باألحزانِ‬ ‫يف كفي ِه‬ ‫ٍ‬ ‫لصفصاف‬ ‫ظل‬ ‫أو يرنو إىل ٍّ‬ ‫له أ ْرخَى‬ ‫الخلفي‬ ‫وهذا الشارع‬ ‫ُّ‬ ‫مينح‬ ‫مل ْ‬ ‫دقت‬ ‫لـ»مري َم» حينام ْ‬ ‫عىل أبوابه مترا ً وال عنبا‬ ‫ومل يُ ْخ ْرب‬ ‫مريض القلب و»الرسطان»‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫رس خيانة امل َشْ فَى‬ ‫َّ‬ ‫يحمل‬ ‫ومل ْ‬

‫على شرفات الغروب‪..‬‬ ‫عــى رشفــات الغــروب‪ ..‬قــرأتُ ِسـ ْف َرا ً مــن‬ ‫أســفار املــاء‪..‬؟!‬ ‫ولبثــت ردحــاً عــى رسيــر عشــقك يــا‬ ‫ُ‬ ‫زمــان‪!...‬‬ ‫َ‬ ‫أهزك سهوا ً‪ ..‬وتهزين عمدا ً‪..‬‬ ‫ذات ٍ‬ ‫وجد‪ ..‬قفزتُ َ‬ ‫عنك‪ ..‬وع ّني‪..‬‬ ‫السى حافي َة الروح‪..‬‬ ‫قادتني ُ‬ ‫فامتثلت عن َد ناصية الرمل‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ناسك ًة تتوضأ من عطش القُـبلة‪..‬‬ ‫جم ٌر يستغيثُ بجمرٍ‪..‬‬ ‫نهر الفحيح يدفق من حنايا الضلوع‪...‬‬ ‫ـداي تضفـران جدائــل َمــن بقايــا عــذوق‬ ‫يـ ّ‬ ‫الضوء‪..‬‬ ‫ألقيت بها عىل كتف الشاطئ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أنامـ ُـل الغيــم تهمــي عليهــا قبضـ ٍ‬ ‫ـات مــن‬ ‫تبـــر الغروب‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫انفلت ُ‬ ‫الصمت‪..‬‬ ‫عقال‬ ‫َ‬ ‫فرتنّ َم وت ٌر انبجس عن قيثارة الذاكرة‬ ‫‪« :‬الشمس فوق لجني املاء عقيان»‪!...‬‬ ‫أللئ‪..‬‬ ‫وانفرطت عن مآق العني ٌ‬ ‫حت الطيو ُر من وكناتها ولهاً‪..‬‬ ‫سبّ ْ‬ ‫ســبحا َن مــن أودع َ بضعــاً مــن خبايــاه‬ ‫بــروح املــاء‪!...‬‬ ‫غاصت قدماي‪ ..‬واحدة يف الرمل‪..‬‬ ‫وأخرى يف املاء‪..‬‬ ‫نــاي يــ ُّن يف أرجوحــة متيــ ُد بــن‬ ‫العقــل ٌ‬ ‫الغــرق واالنهيــار‪!...‬‬ ‫قلــت‪ ُ:‬آن للمغامــرة أن تلقــي بأرســان‬ ‫خيولهــا الجامحــة‪..‬‬ ‫فرتكــت ُيــداي تخفقــان عــى أغصــان‬ ‫املــاء‪..‬‬ ‫ــل أكــام‬ ‫َــت شــفا ُه العطــش لتُقبّ َ‬ ‫َدن ْ‬ ‫الــرواء‪..‬‬

‫فتشــظّت الرغبــ ُة جافلــة ًفــوق مرايــا‬ ‫املــوج‪!...‬‬ ‫قدمي الذهول‪..‬‬ ‫جثوتُ عىل‬ ‫ّ‬ ‫كثب يف إرث الوصايا‪..‬‬ ‫أقرأ عن ٍ‬ ‫وأرنو بإمعانٍ لصفحات النهر‪..‬‬ ‫فانبلج عن جدار الصمت صوتٌ ‪:‬‬ ‫ـ وي َحـ ِ‬ ‫ـك‪..‬؟ ال اإلنــس ينبغــي لــه أن يبنــي‬ ‫قصــورا ً‪..‬‬ ‫وال الج ّن يتهيكل يف مملكة املاء‪!...‬‬ ‫َوثَبَ ْت موج ٌة من ثنايا العقل‪..‬‬ ‫ـت صهوتهــا وأبحــرتُ أرمـ ُـق احتضــار‬ ‫اعتليـ ُ‬ ‫الشمس‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فتشــت عــن خيــط وإبــرة ألرفــو جــراح‬ ‫ُ‬ ‫الغــروب‪..‬‬ ‫ولكــن‪ ...‬هيهــات أن توصلنــي إليهــا ســامل‬ ‫الضياء‪.....‬؟!‬ ‫للصمـ ِ‬ ‫ـت نائح ـاً‪ :‬ياشــج َر‬ ‫همــس َالصمـ ُ‬ ‫ـت ّ‬ ‫الســؤال‪..‬‬ ‫كُـــ ْن غابــة يف املفــازات‪ ..‬يك ال ينكــر‬ ‫الظــل‬ ‫ِّ‬ ‫الظــل عــن‬ ‫ُّ‬ ‫الوهج بني النور وبني النار‪!..‬‬ ‫ويتي ُه‬ ‫ُ‬ ‫َصهيل ٍ‬ ‫فارس‪..‬‬ ‫من وشيعة الحرية انبثق ُ‬ ‫ـض الغي ـ ُم‬ ‫ـاءلت نفــي الهامئــة‪ :‬أمت ّخـ َ‬ ‫فسـ ُ‬ ‫عــن أمــلٍ منشــود‪..‬؟!‪..‬‬ ‫َخف ُْق جناحيه أجفل حراشف املاء‪..‬‬ ‫ـوج أســاو َر تــدو ُر‬ ‫وبعــد هنيهـ ٍة‪ ..‬انــرى املـ ُ‬ ‫حـ َ‬ ‫ـول خــارصة ِالدهشــة‪..‬‬ ‫الشــاطئ نهــض وارتقــى ليكــون بســاطاً‬ ‫منســوجاً باخــرار اللحظــة‪..‬‬ ‫النــوارس تغــر ُد وتلتحــم ببعضهــا مشــكل ًة‬ ‫اس ـاً عــى صفحــات الغــروب‪..‬‬ ‫الشــيح ُوالقيصــو ُم والطرفــا ُء والنيتــول‬ ‫ُ‬ ‫ُوالصفصــاف وشــج ُر الــروح‪..‬‬

‫صباحات بيروت‬ ‫ِ‬ ‫عينيك إىل لُ َّج ٍة‬ ‫من رشفة‬ ‫اليَ ِّم‬ ‫ُ‬ ‫االزرقاق امل ُد َّمى‬ ‫هذا‬ ‫يع ُرب بال ُّرو ِح من الضِّ َّف ِة امل ُطفأة‬ ‫تنوس كأحجية‬ ‫لشمع ٍة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫مافتئت ُ‬ ‫رب‬ ‫إىل القاعِ‪ ،‬حيثُ ال ُح ُّب وال َح ُ‬ ‫وياسمين ٌة هاربة‬ ‫وبريوتُ ب َني ُعه ِر الثَّواين وع ِّف ِة‬ ‫إغوائِ ِك‬ ‫كيف لبد ِّو ٍي مثيل أ ْن يُف ِّر َق ب َني‬ ‫َ‬ ‫صد ِر بريوتَ وصدرِك؟!‬

‫عن األطفا ِل يف ُصبْ ٍح‬ ‫حقائب ُ‬ ‫ترسق «األوركيد»‬ ‫َ‬ ‫من أعامرهم قرسا‬ ‫الخلفي‬ ‫ملاذا أيها‬ ‫ّ‬ ‫ترمقني؟‬ ‫أنا ْ‬ ‫مثلك‬ ‫أُ ِع ُّد الشاي والبسكوت‬ ‫أُ ْخر ُِج صوتَ «فريوز»‬ ‫املخبأَ يف صباحايت‬ ‫مت ُّر بشاشة التلفا ِز‬ ‫أرقا ٌم عن الشهدا ِء والقتىل‬ ‫فأرشف رشف ًة أوىل‬ ‫وثانية‬

‫ِ‬ ‫العيس الذي فجأ ًة‬ ‫وكيف لحادي‬ ‫َ‬ ‫يُول ُد من َر ِحمِ ال َّرملِ يف بادي ِة الشَّ امِ‬ ‫الصا َط إىل البحرِ؟!‬ ‫أن يجو َز ِّ‬ ‫ِ‬ ‫لصوت ال َّن ِ‬ ‫وارس‬ ‫يطرب‬ ‫وكيف ل ُه أ ْن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التي مافتئت تُح ِّو ُم من ال ِّرب للبحرِ‪ ،‬ومن البح ِر‬ ‫الحب َ‬ ‫تلك؟!‬ ‫لل ِّرب يف رحل ِة ِّ‬ ‫أما آ َن ل ُه أن ُيي َط لثا َم الهوى عن خافقٍ‬ ‫مل ْ‬ ‫يزل ُمتعبا؟‬ ‫الص َة التي َ‬ ‫جازف‬ ‫وأ ْن يَ ْن ُثَ ُّ‬ ‫والقتل‬ ‫َ‬ ‫والقصف‬ ‫م ْن أجلِها‪ ،‬ف َجا َز الحواج َز‬ ‫َ‬ ‫باب الحدي َد إىل قاسيونَ‪ ،‬وعان َد ُه‬ ‫من َ‬

‫ورابعة‬ ‫وأطفئ شاشة التلفا ِز‬ ‫ُ‬ ‫أميض نحو مكتبتي‬ ‫يطالعني‬ ‫كتاب الفقه والتفسري‪/‬‬ ‫ديوا ٌن عن الفوىض‪/‬‬ ‫جذو ُر منصة السادات‬ ‫أرشف رشف ًة أخرى‬ ‫ُ‬ ‫الباب‬ ‫أر ُّد َ‬ ‫ٍ‬ ‫مكرتث‬ ‫أخرج غري‬ ‫ُ‬ ‫ليمألَ‬ ‫صدري الفار ْغ‬ ‫َ‬ ‫الخلفي‬ ‫زف ُري الشار ِع‬ ‫ّ‬

‫فوزية المرعي‬ ‫ارشأبت عيونها لتقرأ أبجدية النوارس‪..‬‬ ‫تنفس الحىص ُمسبّحاً بآالء الله‪!..‬‬ ‫والفارس يهبط عىل براق ُمج ّنح‪..‬‬ ‫جنح بلون األرض‪ ..‬وآخر بلون السامء‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫مبفردات‪:‬‬ ‫ابتد َر ذهويل‬ ‫«ســبحان مــن أرسى بــك َمــن ســا ٍء إىل‬ ‫ســاء‪!.‬‬ ‫اتقدت الجرأة ُإليه بالسؤال‪:...‬‬ ‫هــل يلــ ُد التاريــخ أبطالــه مرتــن أيهــا‬ ‫الصقــر األندلــي‪..‬؟‬ ‫فافرتّ ثغره ُبالجواب‪:..‬‬ ‫أنــا الصقـ ُر القــريش وتلــك صفــة أضافتهــا‬ ‫إرادة ُالـ ِ‬ ‫ـذات للــذات‪....‬‬ ‫ّسل عن جويف أن ٌني‪:‬‬ ‫فان َّ‬ ‫ت َــ ّب ْت ُعيونـ ِ‬ ‫ـك بــارصيت إن مل أفُــ ِّرق بـ َن ذا‬ ‫وذاك‪!..‬‬ ‫ولكــن يل َمــأ َر ٌب‪ ...‬أن أُبســمل‪ .َ.‬ب‬ ‫(أندلــس) فاتحــة الوجــع التاريخــي‪!..‬‬ ‫فأخربين أيها الفاتح‪..‬‬ ‫كيف َع َبتَ الفرات إىل الفرات؟!‬ ‫ُ‬ ‫الخوف يل ُد الجرأةَ‪..‬‬ ‫أهو‬ ‫والجرأة تل ُد املجازفة‪..‬‬ ‫أم القــد ُر أوحــى لــك لتعتــي صبــوات‬ ‫املجــد؟‬ ‫قــال‪ :‬مللمــي حــروف املــاء واقرئيهــا عــى‬ ‫عطـ ٍ‬ ‫ـش‪..‬‬ ‫وتأمــي كيــف يفــور النســغ بجــذع‬ ‫الصخــر‪..‬‬ ‫بعذب الدمع‪..‬‬ ‫وكيــف تهمــي عيــون الغيــم بشــذر املــاس‬ ‫عــى األوراق‪...‬‬ ‫قلت‪ :‬دعاين الفراتُ كعاشقة له‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأنــا مدركــة أن للــاء ذاكــرة تَلــ ُد‬

‫موسى رحوم عباس‬ ‫املوتُ والق ْن ُص‪ ،‬من أجلِ‬ ‫َح ْف َن ِة رملٍ ‪ ،‬وطوقٍ من الياسمني!‬ ‫قالت‪ :‬تر َّجل فإنَّك يف مأمنٍ ‪ ،‬وهذا هو‬ ‫البح ُر يُج ُري َك عىل عاد ِة البد ِّو‬ ‫كصندوقٍ ُمه َّر ٍب‬ ‫ُ‬ ‫قلت‪ :‬احمليني ُ‬ ‫عىل مو َج ٍة‪ ،‬تعلو كغيمٍ ٍ‬ ‫بعيد‬ ‫مركب‬ ‫عىل ْ ِ‬ ‫مت ْ‬ ‫بتلك التَّ ِ‬ ‫وارصديني َ‬ ‫عاويذ العتيقةْ!‬ ‫عاشق‬ ‫رسي‪ِّ ،‬‬ ‫فإن ٌ‬ ‫كيال َ‬ ‫يبوح ب ِّ‬ ‫ُم ْدن ٌَف لحفن ِة رملٍ وطوقٍ من الياسمني!‬ ‫بيروت ‪2012‬‬

‫العشــاق‪..‬‬ ‫ومل يخالجنــي يومــاً أ ّن لهــا ذاكــرة تلــ ُد‬ ‫األبطــال‪!..‬؟‬ ‫ـ فهل يل أن َ‬ ‫أكونك‪ ..‬وتكونني‪...‬‬ ‫لنطفئ أسطورة عطش املاء للامء‪..‬؟‬ ‫ونبتكــر عشــقاً يولــد ُمــن رحــم املــوت‬ ‫ويتامهــى بنســغ الحيــاة‪..‬؟‬ ‫ـ قال‪ :‬كنتها يوماً‪ ....‬وكانتني‪!....‬‬ ‫ـهقت برصخـ ٍة تشــبه رصخــة الوليــد آ َن‬ ‫شـ ُ‬ ‫انفصالــه ِعــن مشــيمته‪..‬‬ ‫ـمت الرصخــة ُحــويل دائــر ًة باتســاع‬ ‫ارتسـ ْ‬ ‫الكــون‪..‬‬ ‫اســتكانت بغــر‬ ‫وأنــا بوســطها‪ ..‬كنقطــة‬ ‫ْ‬ ‫حــرف‪..‬‬ ‫للحــزن قدســية‪ ..‬تتوضــأ الــروح مــن‬ ‫كل شــهقة‪..‬‬ ‫نهرهــا يف ّ‬ ‫فانــرت مــآق العشــق تــذرف ملحـاً أجفــل‬ ‫صدر املــاء‪...‬‬ ‫فعزف نبيض عىل أوتار قلبي بلحنٍ ‪:‬‬ ‫كل دموع الحزن‪..‬‬ ‫مقدسة ٌ ُّ‬ ‫ولكن‪............‬؟‬ ‫الســيف مــن غمــده‪ ...‬عربونــاً‬ ‫انســل‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫للدهشــة‪.‬‬ ‫فتأبطته وشاحاً لوجدي‪..‬‬ ‫وستْ يف عروقي األماين‪..‬‬ ‫َ​َ‬ ‫وباحت بالتبتل أوتار نبيض‪:‬‬ ‫أيها املنبجس عن مهجة اإلله أخربين‪:‬‬ ‫أآمثـ ٌة أنــا إذ كابــدتُ بالخطــى مــن رسيــر‬ ‫العشــق‪ ..‬إىل رسيــر املــاء؟‬ ‫ـ قــال‪ :‬للــه د ّر ِك‪ .....‬فللعشــق أبجديــة ال‬ ‫يتقــن اللثــغ بهــا‬ ‫إالّ مــن أتقــن فــن العشــق والتبتــل‬ ‫إللـــــــــه املـــــــــــــاء‪!...‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪13‬‬

‫غريب الـــدار‬

‫صفحة واحدة‪..‬‬ ‫«‪ ..‬أمــا يف قـرارة نفســه فــكان عــى غــر هــذا الــرأي‪ .‬كان يقــول‪ :‬التجربــة‬ ‫وحدهــا ســتقنعني مبــا أؤمــن بــه‪ .‬أمــا االق ـراب أو االبتعــاد فأمــر ذلــك‬ ‫مــن شــأننا فقــط‪ ،‬نحــن االثنــن‪ ..‬إمــا أن منارســه بحريــة أو ال! ولكــن‪..‬‬ ‫يعلــق‪ :‬يف الحالــن ال بــد مــن تجربــة االلتحــام»‪ .‬ثــم قــال لنفســه‪« :‬يجــب‬ ‫أن نكــون عاريــن‪ ،‬اللحــم عــى اللحــم كــا يقــال»‪ .‬مل يعــرف أن االلتحــام‬ ‫ســيكون غريبـاً يف أول األمــر‪ ،‬حزينـاً يف الثــاين‪ ،‬وغــر متكافــئ يف الثالــث‪.‬‬ ‫يقــول‪« :‬كل واحــد م َّنــا يريــد امتــاك اآلخــر»‪.‬‬ ‫أمــا عندمــا فشــا يف تحقيقــه‪ ،‬قامــا عــن الرسيــر‪ ،‬وراح كل واحــد منهــا‬ ‫يرتــدي ثيابــه بــيء مــن الخيبــة‪ ..‬ورغــم هــذا‪ ،‬فكانــا يفكـران يف تكـرار‬ ‫تجربــة التواصــل‪ ،‬لعــل تنجــح األمــور بينهــا يف األخــر‪ .‬قــال يف نفســه‬ ‫مشــجعاً‪ :‬كل التجــارب الناجحــة ســبقتها أخــرى فاشــلة»‪.‬‬ ‫أمــا هــي فتذكــرت مســتنهضة تجربــة مريــرة مــن قــاع نفســها‪ ،‬يــوم كانت‬ ‫يف الرابعــة عــرة مــن العمــر‪ ،‬عندمــا أمســك بهــا ذاك الصبــي األســمر‪،‬‬ ‫الغامــق البــرة‪ ،‬صاحــب الشــفتني الغليظتــن‪ ،‬وثبتهــا عــى الحائــط لتجــد‬ ‫نفســها بــا حــول وال قــوة‪ ،‬بــا إرادة أيض ـاً‪ ..‬فاستســلمت لــه مــن دون‬ ‫مقاومــة‪ ،‬يف أول األمــر‪ ،‬تركتــه يعــارك جســدها بصــورة عنيفــة‪.‬‬ ‫‪ ..‬واليــوم‪ ،‬بعــد تعــدد تجاربهــا‪ ،‬قالــت‪« :‬كــم كانــت معاركــه طفوليــة‪،‬‬ ‫تعوزهــا الخــرة والتجربــة»‪ .‬تضحــك وتتابــع‪« :‬حتــى أنــه‪ ،‬عندمــا حــاول‬ ‫ـذي عــى‬ ‫‪ ......‬مل يعــرف‪ ،‬أو مل يســتطع»‪ .‬تضحــك‪« :‬كنــت قــد أطبقــت فخـ ّ‬ ‫بعضهــا بقــوة»‪.‬‬ ‫يف الطريــق إليهــا‪ ،‬كان الشــارع ميــور بالحيــاة‪ ،‬وتدفــق كنهــر صاخــب‪،‬‬ ‫بينــا هــي كانــت تفكــر وتســأل‪« :‬هــل ســتنجح التجربــة اليــوم؟»‪.‬‬ ‫انتهــى مــن قـراءة الصفحــة التــي وجدهــا بــن الحجــارة واألتربــة‪ ،‬وبــن‬ ‫مــا تبقــى مــن املبنــى الــذي دمرتــه طائــرة مل يرهــا أحــد‪ ،‬ولكــن الجميــع‬ ‫ســمع صوتهــا املــدوي‪ ،‬وهــي تقصفــه بصــاروخ‪.‬‬ ‫ظـ ّـل يقلــب الصفحــة املجعــدة بــن أصابعــه‪ ،‬قائ ـاً لنفســه‪« :‬قــد تكــون‬ ‫صفحــة مــن صفحــات الكاتــب الــذي مــات هاهنــا‪ ،‬تحــت أنقــاض بيتــه‬ ‫منــذ ثالثــة أيــام؟»‪ .‬تســاءل‪ ،‬وهــو يلتفــت فيــا حولــه‪ ،‬كأنــه يبحــث عــن‬ ‫يشء مــا‪« :‬أيــن ميكنــه أن يجــد بقيــة صفحــات الكتــاب يــا تــرى؟»‪.‬‬

‫نيروز مالك‬

‫ ال أدري ملــاذا تظنــون دامئــاً أن كتابــة قصــة‬‫قصــرة أمــر ســهل؟!‬ ‫ســألته بانزعــاج ضاعــف ارتباكــه‪ .‬أحسســت‬ ‫ببعــض الخجــل‪ .‬كان قــد عــاد إىل العــراق منــذ‬ ‫وقــت قريــب‪ ،‬وتصــادف أن التقيتــه مــرة أو‬ ‫اثنتــن‪ .‬وقبــل قليــل دخــل املقهــى مرتبــكاً متلفتــا‬ ‫حولــه وهــو يبتســم ابتســامة بلهــاء وعينــاه‬ ‫ترمشــان برسعــة‪ .‬ومــا أن رآين حتــى ســارع‬ ‫للجلــوس بجــواري قائــاً‪:‬‬ ‫ فرصــة طيبــة أن التقيتــك اليــوم‪ ..‬كنــت أبحــث‬‫عــن‪ ..‬أريــدك أن‪ ..‬أريــد منــك أن تكتــب يل قصــة‪.‬‬ ‫كان يتحــدث هامسـاً‪ ،‬وهــو يتلفــت ناظـرا ً حولــه‬ ‫متفحصـاً املــكان واألشــخاص بوجــل‪.‬‬ ‫ أتظننــي كاتــب عرائــض؟ الكاتــب الحقيقــي‬‫يســتلهم موضوعاتــه مــن أحاسيســه الخاصــة‪.‬‬ ‫مــن ذاتــه‪ .‬وال يكتــب شــيئاً عنــد الطلــب‪.‬‬ ‫ ال تنزعــج هكــذا‪ ..‬أنــا آســف‪ .‬أنــا يف الحقيقــة‬‫مل أكــن‪..‬‬ ‫أحسســت ثانيــة بالخجــل‪ .‬يبــدو أننــي قــد‬ ‫أصبحــت ضيــق الصــدر‪ ،‬ومل أعــد أتحــى بــأي قدر‬ ‫مــن الكياســة‪ .‬ابتســمت قائـاً ‪ -‬رمبــا كانــت لديك‬ ‫حكايــة مــا‪ .‬لعلــك تريــدين أن اكتــب عــن تجاربك‬ ‫ونجاحاتــك يف الخــارج‪ .‬أرجــو أن تعلــم أن القصــة‬ ‫القصــرة كــا أفهمهــا أنــا يشء مختلــف‪ .‬إنهــا‬ ‫لحظــة‪ .‬لحظــة واحــدة أو موقــف واحــد يعــر‬ ‫عــن أشــياء كثــرة أكــر‪.‬‬ ‫ نجاحــي يف ال‪ !..‬ال يــا أســتاذي‪ .‬إنــه موقــف‬‫واحــد‪ .‬موقــف شــاهدته قبــل قليــل ومل أعــرف‬

‫كيــف أتــرف حيالــه‪ .‬ومــا أن رأيتــك هنــا حتــى‬ ‫هرعــت إليــك لعلــك تقــوم بــيء مــا‪.‬‬ ‫ بــدأت تشــوقني‪ .‬تكلــم‪ ..‬فقــد أغــر رأيــي‬‫وأكتــب لــك‪.‬‬ ‫ لقد شاهدت رجال مقتوالً‪« .‬قال يل بهمس»‬‫ قتيل يف الشارع؟‬‫ نعم‪.‬‬‫ لعلــه اقــرب مــن رتــل أمريــي فأمطــروه‬‫بالرصــاص؟‬ ‫ ال أظن‪.‬‬‫ ميليشيات؟ رشطة؟ ملثمني؟‬‫ ال‪.‬ال‪ .‬وللــه ال أدري‪ .‬يبــدو أن لديــك أيضــا‬‫الكثــر مــن الحكايــات‪.‬‬ ‫ أنــا؟ رمبــا‪ ..‬ففــي كل مــكان هنــا طائــرات‬‫تقصــف‪ ،‬وســيارات تتفجــر‪ ،‬وأســلحة تقــذف‬ ‫نريانهــا صوبنــا‪ .‬لدينــا هنــا كل وســائل القتــل‪ .‬مــا‬ ‫الــذي شــاهدته أنــت بالضبــط؟‬ ‫ كان معصــوب العينــن‪ .‬وقــد ربطــت يــداه إىل‬‫الخلــف‪ .‬كنــت أســر يف طريــق عــام‪ .‬عــى رصيف‬ ‫مزدحــم‪ .‬شــاهدته برسعــة‪ ،‬بطــرف عينــي‪ ،‬ومل‬ ‫أجــرؤ عــى االلتفــات إليــه ثانيــة‪ .‬وكان جميــع‬ ‫املــارة يفعلــون مثــي‪ .‬رمبــا كان شــاباً صغ ـرا ً أو‬ ‫رجــاً ضئيــل القامــة‪ .‬مل أحقــق النظــر‪ .‬لكننــي‬ ‫أذكــر جيــدا ً أنــه كان يرتــدي قميصــاً قطنيــاً‬ ‫وبنطــاالً أزرق ممــزق عنــد الركبــة‪ .‬وقــد بــرزت‬ ‫منــه عظمــة ســاقه‪ .‬مــررت برسعــة‪ .‬حبســت‬ ‫أنفــايس يك ال أشــم رائحــة ال‪ ...‬ومــررت برسعــة‬ ‫كالجميــع‪ .‬مل أتوقــف‪ .‬مل أتصــل بســيارة اإلســعاف‪.‬‬

‫نداء صباحي من أجل سورية!!‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫حلب ‪ 2‬آب ‪2014‬‬

‫قصة حقيرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫* ناهض الرمضاني‬ ‫مل أتصــل بالرشطــة‪ .‬هرولــت مبتعــدا ً‪ .‬هرولــت‬ ‫مبتعــدا ً كالجميــع‪ ..‬قــال وبــدأ ينشــج بصــوت‬ ‫خافــت‪ .‬مســح عينيــه مبنديلــه وتلفــت حولــه ثــم‬ ‫همــس يل‬ ‫ مــا هــذا الــذي يجــري! هنــاك جســد إنســان‬‫ملقــى عــى األرض والــكل يتجــاوزه وكأنــه غــر‬ ‫موجــود وأنــا‪ ..‬أنــا أيضـاً فعلــت مثلهــم‪ .‬تجاوزتــه‬ ‫راكضـاً‪ ..‬ال بــل إننــي مل اجــرؤ عــى االلتفــات إليــه‬ ‫ثانيــة‪ .‬رسنــا جميعــاً وكأن كل يشء حولنــا عــى‬ ‫مــا ي ـرام‪ .‬أمامنــا‪ ..‬عــى الرصيــف‪ ،‬جثــة إنســان‪..‬‬ ‫إنســان‪ .‬ونحــن نهــرب‪ ..‬نهــرب وال نجــرؤ حتــى‬ ‫عــى االلتفــات والنظــر إليــه‪.‬‬ ‫عــاوده النشــيج ثانيــة‪ .‬حــاول أن يتامســك‪ .‬ال شــك‬ ‫أننــي كنــت مثلــه قبــل ثــاث ســنوات حينــا‬ ‫رأيــت أول جثــة عــى الرصيــف‪.‬‬ ‫ هل ستكتب؟ سألني بحزم مفاجئ‪.‬‬‫ عن ماذا؟!‬‫ أليــس يف هــذا املوقــف معنــى مــا؟ أليــس هــذا‬‫املوضــوع صالــح للكتابــة عنــه؟‬ ‫ ال طبعــاً‪ ..‬عــن أي موقــف حقــر تريــدين أن‬‫أكتــب؟ ومــاذا تطلــب منــي أن أوثــق؟ أوثــق‬ ‫لوحشــيتنا أم جبننــا؟! أم رغبتنــا املخزيــة يف أن‬ ‫يكــون ذلــك امللقــى عــى الرصيــف آمثــاً بأيــة‬ ‫جرميــة‪ .‬أيــة جرميــة مهــا كانــت يك نــرئ أنفســنا‬ ‫مــن مصــر كمصــره‪ .‬ونعفــي أنفســنا مــن واجــب‬ ‫تغطيتــه بــورق الصحــف أو االتصــال بالرشطــة‬ ‫أو اإلســعاف إلخالئــه‪ .‬تكــون كاذب ـاً لــو أخربتنــي‬ ‫بأنــك مل تحــس بهــذا اإلحســاس وأنــك ظننــت‬

‫يف هــذا الصبــاح القــادم إلينــا‪ ،‬بعــد قليــل‪ ..‬وجهــوا أقالمكــم ودفاتركــم باتجــاه ســورية‪،‬‬ ‫أينــا كنتــم‪ ،‬أديــروا كمبيوتراتكــم باتجــاه ســورية‪ ،‬أينــا كنتــم يف ديــار اللــه التــي كانــت‬ ‫واســعة وضاقت بالســوريني!!‬ ‫أديــروا وجوهكــم إىل ســورية‪ ،‬أديــروا أنظاركــم باتجــاه الجبــال‪ ،‬والســهول والصحــارى‪،‬‬ ‫تفكــروا بالقــرى والبلــدات النائيــة هنــا وهنــاك‪ ،‬عنــد هــذا املفــرق وعنــد ذلــك املنحــدر‬ ‫الشــديد!‬ ‫تذكــروا آثــار مشــيكم عــى الــدروب املتقاطعــة والضائعــة‪ ،‬تذكــروا أســاء العصافــر‬ ‫وأســاء األزهــار والنباتــات ومختلــف أعشــاب األرض التــي كنتــم تعرفونهــا!!‬ ‫تذكــروا ابنــة الجـران التــي اغتصبوهــا عــى الحاجــز املقابــل ملدرســتها‪ ،‬تذكــروا الشــبان‬ ‫الذيــن راحــوا اىل الجامعــة واختفــوا يف أحــد الفــروع األمنيــة املظلمــة!!‬ ‫تذكــروا مئذنــة الجامــع التــي ُد ّمــرت بقصــف الطــران األخــر‪ ..‬اكتبــوا ذلــك عــى‬ ‫كمبيوتراتكــم‪ ،‬وصــوروا بكامرياتكــم‪ ،‬الســفن املزدحمــة بأبنــاء ســورية الذيــن يعانــدون‬ ‫البحــر األســود املتوســط باتجــاه املجهــول‪..‬‬ ‫اكتبــوا عــى صفحاتكــم البيضــاء الورقيــة وااللكرتونيــة‪ ،‬تاريــخ ســورية املنفجــرة مثــل‬ ‫لوحــة بيكاســو الغرنيــكا!!‬ ‫التقطــوا هــذا الزمــن‪ ،‬التقطــوا روح املأســاة‪ ،‬التقطــوا تفاصيــل التفاصيــل التــي تــودي‬ ‫بأرواحنــا‪ ،‬التقطــوا مــادة التاريــخ الحقيقــي ملعانــاة الســوريني‪ ،‬التقطــوا ركيــزة انبعاثنــا‬ ‫مــن هــذا الرمــاد االســتبدادي ومــن هــذا الســعري الــدويل‪ ..‬ومــن هــذا الجحيــم املهــووس‬ ‫بقطــع الرقــاب!‬ ‫أديــروا كامرياتكــم الدقيقــة وغــر الدقيقــة‪ ،‬اكتبــوا عــى كمبيوتراتكــم الصينيــة‪ ،‬وغــر‬ ‫الصينيــة‪ ،‬املــؤوا الــورق األبيــض وامللــون‪ ،‬اكتبــوا التاريــخ مــن جديــد‪ ،‬اكتبــوا التاريــخ‬ ‫الحقيقــي لهــذه املأســاة املروعــة التــي تحــل بنــا جميعــاً‪ ،‬اكتبــوا عــن الســوريني‬ ‫املتســكعني يف الشــوارع‪ ،‬وهــم جوعــى ومحتاجــن‪ ،‬اكتبــوا عــن املخيــات‪ ،‬وعــن التذلــل‬ ‫الــذي يجتــث مــا تبقــى لنــا مــن كرامــة‪ ،‬اكتبــوا عــن الطائ ـرات وال تجعلوهــا ســعيدة‬ ‫مبــا تقصــف مــن بيوتنــا‪ ،‬اكتبــوا عــن الصواريــخ وعــن جزيئــات الكيــاوي املتطايــر عــى‬ ‫غوطتنــا…‬ ‫اكتبــوا عــن الرقــة التــي يتنــاوب عليهــا الطـران لتدمريهــا واقتالعهــا‪ ..‬ولكــن هيهــات ثــم‬ ‫هيهــات‪ ،‬فهــذه املدينــة الســورية تتجســد فيهــا الــروح الســورية الهادئــة‪ ،‬واملتبســمة‬ ‫والعصيــة عــى الفنــاء‪ ،‬هــذه املدينــة املدربــة عــى إعــادة نســج الفنــاء‪ ،‬لتنهــض مــن‬ ‫جديــد‪ ،‬ولتســمو مــن جديــد‪ ،‬هــذه الســورية التــي تقــف عــى طــرف الفـرات مثــل فتــاة‬ ‫يف مقتبــل العمــر‪ ،‬وال تجــد غــر مــاء النهــر لتناجيــه‪ ...‬إنهــا عصيــة عــى املــوت‪ ،‬بــل إن‬ ‫املــوت مل يخطــر عــى بالهــا طــوال القــرون الســالفة!!‬ ‫اكتبــوا مــن أجــل مدنكــم‪ ،‬ومــن أجــل قراكــم‪ ،‬مــن أجــل شــهدائكم‪ ،‬اكتبــوا مــن أجــل‬ ‫ذكرياتكــم الهامئــة بــا ذاكــرة تعيــد مللمتهــا‪ ،‬ومؤانســتها وهــي توشــك عــى الضيــاع!!‬ ‫أديــروا وجوهكــم وركــزوا أفكاركــم وأســاعكم لســورية التــي تصــارع الفنــاء‪ ،‬ال تبخلــوا‬ ‫عــى ســورية بــيء‪ ،‬ال تبخلــوا عليهــا بالكلــات‪ ،‬ال تبخلــوا عليهــا باللقطــات الجميلــة‪،‬‬ ‫ســتكون ســعيدة بكــم‪ ،‬بآمالكــم‪ ،‬بصوركــم‪ ،‬بكلامتكــم الجميلــة‪ ،‬مبواســاتكم للمعتقلــن‬ ‫املنســيني يف الطوابــق الســفىل يف فــروع املخابـرات املتوحشــة!!‬ ‫خففــوا قليــاً مــن دمعــات اليتيــم‪ ،‬خففــوا قليــاً مــن حــزن صاحــب البيــت الــذي‬ ‫تهــدم فــوق عائلتــه‪ ،‬خففــوا قليـاً مــن الفـراغ الــذي يكتســحكم ويدفعكــم إىل الضيــاع‪،‬‬ ‫خففــوا قلي ـاً مــن نــزف الجريــح‪ ،‬خففــوا قلي ـاً مــن اســتفقاد جارنــا‪ ،‬ألطرافــه التــي‬ ‫رحلــت بهــا القنابــل‪ ...‬خففــوا قليـاً مــن غربتنــا‪ ،‬مــن ضياعنــا‪ ،‬مــن حزننــا‪ ،‬مــن وطــأة‬ ‫اليــأس عــى نفوســنا‪ ،‬اكتبــوا كثـرا ً‪ ...‬اكتبــوا التاريــخ الســوري القــادم مــن جديــد‪ ..‬أجــل‬ ‫التاريــخ الســوري القــادم مــن قلــب املســتحيل!!‬ ‫أنــه مــن املســتحيل أن يكــون جســدك‬ ‫أنــت ملقــى يف نفــس املــكان‪ .‬تظــن أنــك مل‬ ‫ترتكــب خطــأ مــا‪ .‬والبــد أنــه فعــل‪ .‬وهــو‬ ‫يســتحق مــا جــرى لــه‪ ..‬أمل تفكــر هكــذا؟‬ ‫أمل تتمنــى ذلــك؟‬ ‫ ال أدري‪.‬‬‫ بــل تــدري‪ ..‬أتريــدين أن أكتــب؟؟ مــاذا‬‫أكتــب؟ وملــن؟ مــن ســريد القــراءة عــن‬ ‫جثــة ملقــاة وســط الشــارع؟ مــن يعيشــون‬ ‫هنــا قــد ألفــوا املنظــر وليــس فيــه مــا‬ ‫يثريهــم‪ .‬ال بــل أنهــم يتمنــون مســحه مــن‬ ‫ذاكرتهــم بأيــة وســيلة‪ .‬ومــن ال يعيــش هنــا‬ ‫ســيظن إننــي أفتعــل موقفــاً ميلودراميــاً‬ ‫رخيصــاً الســتدرار الدمــوع‪ .‬وحتــى لــو‬ ‫حاولــت الكتابــة فبــأي أســلوب ســأتناول‬ ‫موضوعــاً كهــذا؟‬ ‫‪ -‬تفتعــل موقف ـاً؟ وتبحــث عــن أســلوب؟‬

‫هنــاك رجــل ميــت‪ .‬ميــت وقــد ألقيــت‬ ‫جثتــه عــى قارعــة الطريــق وحشــد‬ ‫النــاس يتفــرق عنــد املــرور بــه ثــم يعــود‬ ‫ليجتمــع‪ ،‬والــكل يواصــل طريقــه‪ .‬أتجــد‬ ‫هــذا طبيعي ـاً! أليــس يف هــذا مــا يســتحق‬ ‫الكتابــة؟‬ ‫ أتظــن الكتابــة أمــرا ً ســهالً؟ إن قتــل‬‫إنســان أســهل بكثــر مــن الكتابــة عنــه‪ .‬أمل‬ ‫تــدرك ذلــك بعــد؟‬ ‫ لقــد فهمــت‪ ..‬فهمــت متام ـاً‪ ..‬وســأحاول‬‫أن أنــى‪ .‬سأنســاه كــا نســينا مئــات‬ ‫اآلالف الذيــن ســبقوه‪ … .‬ولكــن ‪ ..‬أال‬ ‫تظــن أن هنــاك طريقــة مــا ل‪..‬‬ ‫ مــن املؤكــد أنــه‪ ...‬ال أدري‪ ..‬وللــه ال‬‫أدري‪...‬‬

‫* كاتب عراقي‬


‫منوعات‬

2014 ‫ تشرين الثاني‬1 / ‫ العدد الثالث‬/ ‫السنة األولى‬

15

İNSANİ YARDIM MI İSTİHBARATİ YARDIM MI? !‫هل هي مساعدات إنسانية أم استخبارية؟‬ Şükrü Kırboğa Krizler, Çatışmalar ve İnsani Yardım Kuruluşları: Suriye’de IŞİD ve İnsani! Konseptler IŞİD’in son dönemde Suriye ve Irak’ta İslam adına yaptıkları, büyük bir anti propagandanın temel aracı haline gelmiş bulunmaktadır. İslami değerlerle hareket ettiğini ileri süren bir örgüt olan IŞİD’in sonuçları itibariyle İslam’a zarar verdiği günümüzde daha açık bir şekilde anlaşılmaktadır. Bir dönemler El Kaide üzerinden İslamın taşıdığı evrensel değerlerin yok edilmesi için büyük bir mücadele verilmişti. Günümüzde El Kaide’nin yerine ise IŞİD üzerinden İslam karşıtı bir propagandanın Batı dünyasında önemli bir yer bulduğu dikkat çekmektedir. Tarih boyunca ve İslam İmparatorlukları döneminde bölgede varlıklarını sürdüren bir çok azınlık bugün IŞİD saldırıları ve katliamları sonucu yok edilmeye çalışılırken, Batılı güçlerin yaşanan trajedi karşısında mağdurlara kendi yardım kuruluşları üzerinden destek verdiğini belirtmesi herkesin üzerinde durup düşünmesi gerekilen bir durum ortaya çıkartmış bulunmaktadır. Öte yandan bir bölgede çatışma başladığında çatışma bölgesine ilk ulaşan kesimlerin başında istihbarat örgütleri ve silah tüccarlarının ulaştığı bilinmektedir. İstihbarat örgütleri günümüzde farklı yöntemlerle krizin içerisinde kendilerine rol bulmaktadırlar. Diğer bir deyişle istihbarat örgütleri günümüzde ya doğrudan ya da kendilerine bağlı bazı kuruluşlar üzerinden çatışma

bölgelerinde rahat hareket etme imkanı elde etmektedirler. Bu kapsamda istihbarat örgütlerinin insani yardım dernekleri veya İnsani kuruluşlar sayesinde hem sanıklar hem de kurbanlarla doğrudan ilk teması kurduklarını tanık olmaktayız. İnsani yardım kuruluşlarının bir kısmı hızlı bir şekilde birincil elden veriler toplayabilmektedirler. Bu durum istihbarat örgütlerinin farklı yöntemlerle kriz bölgelerine etki etmesi metodolojisinin bir parçası olarak algılanmalıdır. İnsani yardım kuruluşlarının çatısı altında görev alan istihbarat elemanları çatışmanın tarafları, çatışmanın içindeki grupların ideolojileri, bağlantıları ve güçleri hakkında da bilgi toplamaktadırlar. Ayrıca, çatışan taraflar ile kendi devletleri arasında da bir köprü olmaktadırlar. Çatışan kesimlere doğrudan ulaşan insani yardım kuruluşları düzenli olarak ülkelerinin istihbarat örgütleriyle ya doğrudan görüşmekte ya da istihbarat elemanları söz konusu insani yardım kuruluşları içinde yer almaktadırlar. Ayrıca, insani yardım kuruluşları yerinden edinmiş gruplar veya mültecilerle çalışken, bunların yerel toplumla ilişkilerini, yerel toplum içindeki karar vericilerin ve kanaat önderlerinin profilini de düzenli olarak çıkartmaktadırlar. Böylelikle oryantalist çalışmanın modern dönemdeki temsilcileri haline gelmektedirler. Bu bağlamda Suriye’deki çatışmalar üzerinden devam edecek olursak, çatışmanın başlamasıyla birlikte onlarca Batılı insani yardım kuruluşunun Türkiye’de yöneldiği dikkat çekmektedir. Özellikle

Facebook.com/AlharmalJournal Twitter.com/AlharmalJournal Alharmal.journal@gmail.com

ilk başlarda Hatay’a yerleşen söz konusu insani yardım kuruluşları zaman içerisinde ülkenin her tarafına yayılmaya çalışmışlardır. Bunların bir kısmı ise doğrudan Suriye’deki insani krize dikkat çekerek, çatışmanın yoğun olduğu bölgelerde faaliyet göstermeye başlamışlardır. Yabancı çeşitli sivil toplum kuruluşları, dışarıdan getirdikleri yardım malzemelerinin Suriye›de belirli gruplara bizzat teslimini sağlıyor. Gönderilen yardımları ise Suriye içinde dağıtımında teslim alan grup sorumludur. Bu kapsamda IŞİD’in etkili olduğu alanda yardımda bulunan sivil toplum kuruluşlarının doğrudan ISID ile işbirliği içinde hareket ettiği görülmektedir. Bu durum insani yardımların organize edilmesi için anlaşılabilir olmakla birlikte, esas olarak olay bu aşamadan sonra başlıyor. İnsani yardım kuruluşu ve ISİD arasında kurulan işbirliği sayesinde istihbarat örgütleri elemanları doğrudan örgütün lider kadrosuyla görüşmelere başlamaktadır. İnsani yardım kuruluşları ayrıca yardım verdikleri örgütlerden yardımı alanların isim listesini veya video görüntülerini almaktadırlar. Böylelikle sahadan elde ettikleri isim veya görüntüleri doğrudan kendi ülkelerinin istihbarat birimlerine servis etmektedirler. Böylelikle doğrudan bir işbirliği kurulmasında insani yardım örgütlerinin rolü önem kazanmaktadır. Hatırlanacağı üzere, Türkiye’de bazı insani yardım kuruluşlarında görev alanların sınır dışı edilmesinde bunların istihbarat elemanı olması şüphesi hakim olmuştu.

‫والطريقــة األســهل للتحــرك يف املنطقــة والتواصــل مــع‬ .‫املجرمــن واملظلومــن يف آن واحــد‬ ‫الفــرق املوجــودة يف املنظــات اإلنســانية عندمــا‬ ‫تعمــل مــع الالجئــن تحــاول الحصــول عــى املعلومــات‬ ،‫املتعلقــة بعالقتهــم مــع الوســط الــذي يعيشــون فيــه‬ ‫ورمبــا تشــكل هــذه العالقــة ظاهــرة االســترشاق يف‬ .‫الوقــت الحــايل‬ ،‫وبهــذا الســياق واعتبــارا ً مــن بدايــة األزمــة الســورية‬ ‫ ومتركزوا‬،‫املنظــات اإلغاثية دخلــت إىل األرايض الرتكيــة‬ ‫ ومــع مــرور الزمــن انتــروا‬،‫بدايــة يف منطقــة أنطاكيــا‬ ‫ وقســم مــن هــذه املنظــات‬،‫عــى كل األرايض الرتكيــة‬ ‫ وســعت بهــذا‬،‫دخلــت مبــارشة إىل األرايض الســورية‬ ‫ وربطــت عالقــات مبــارشة مــع التنظيــات‬،‫املوضــوع‬ ‫ وبذلــك‬،»‫ وإحــدى هــذه التنظيــات «داعــش‬،‫املقاتلــة‬ ‫ ومقاطــع‬،‫اســتطاعت أن تحصــل عــى أســاء املقاتلــن‬ ‫ وقامــت بإيصــال هــذه املعلومــات والصــور إىل‬،‫مصــورة‬ .‫دولهــم‬ ‫وبنــاء عــى ذلــك تــم طــرد بعــض املنظــات اإلغاثيــة‬ ‫ وهــذا‬،‫مــن األرايض الرتكيــة مــن قبــل الحكومــة الرتكيــة‬ .‫يثبــت أن هــذه املنظــات اســتخبارية وليســت إغاثيــة‬

‫حــوار مــع الكاتــب التركي جمعــة أغاج‬

‫شكري قيربوغا‬ ‫األفعــال املرتكبــة مــن قبــل داعــش يف ســوريا‬ ‫ الديــن‬.‫ دعايــة مضــادة للديــن اإلســامي‬،‫والعــراق‬ ‫ وأفعــال داعــش‬،‫اإلســامي يحمــل قيـاً إنســانية عامليــة‬ .‫مخالفــة لهــذه القيــم‬ ‫ ومنــذ‬،‫يف أيامنــا هــذه داعــش متــارس أعــال القاعــدة‬ ،‫ تعيــش األقليــات يف ســوريا بســام‬،‫بدايــة التاريــخ‬ .‫ولكــن هــذا التعايــش ســينتهي عــى يــد داعــش‬ ‫القــوات الغربيــة تتدعــي أنهــا تدعــم األقليــات‬ ‫ لكــن الحقيقــة ليســت‬،ً‫وشــعوب املنطقــة إنســانيا‬ ‫ فالدوائــر االســتخبارية وتجــار الســاح تغلغلــت‬،‫كذلــك‬ ‫ ألنهــا‬،‫يف املنطقــة عــن طريــق املنظــات اإلغاثيــة‬ ،‫الطريــق األرسع للوصــول إىل املعلومــات االســتخبارية‬

‫إياس المحمد‬ ‫قامــت اللجنــة التحضرييــة التــي دعــا إىل تشــكيلها بيت‬ ‫الرقــة لــكل الســوريني بتســمية مجلس مؤقــت ملحافظة‬ ‫ وذلــك يف مدينة‬،ً‫ مؤلــف مــن أحــد عــر شــخصا‬،‫الرقــة‬ ‫ وعــى أن يكــون املقــر الدائــم‬،‫غــازي عنتــاب الرتكيــة‬ .‫للمجلــس الجديــد يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‬ ‫ إبراهيــم‬،‫ويتألــف املجلــس مــن الســادة والســيدات‬ ً‫ عــار الحمــد نائب ـاً للرئيــس ورئيس ـا‬،ً‫الحســن رئيس ـا‬ ‫ حســن الحمــود رئيسـاً ملكتــب الرتبيــة‬،‫ملكتــب الزراعــة‬ ،‫ إبراهيــم حجــازي رئيسـاً للمكتــب القانــوين‬،‫والتعليــم‬ ،‫والدكتــور حســن حمــو رئيســاً ملكتــب الصحــة‬ ‫واملهنــدس محمــد شــيخو رئيســاً ملكتــب املشــاريع‬ ،‫ حمــود املــوىس رئيسـاً للمكتــب اإلعالمــي‬،‫والخدمــات‬ ‫ عبــد الســام‬،‫رئيفــة مســلم رئيســة للمكتــب املــايل‬ ،‫حمســورك رئيســاً ملكتــب اإلغاثــة وشــؤون الالجئــن‬ ‫ وفلــك‬،‫محمــد صبحــي رئيسـاً ملكتــب العالقــات العامــة‬ .‫الحســن رئيســة ملكتــب شــؤون املــرأة والطفــل‬ ‫وكان بيــت الرقــة لــكل الســوريني قــد أطلــق مبــادرة‬ ‫لتشــكيل مجلــس محافظــة الرقــة يف الخــارج بتاريــخ‬ ‫ وجــاءت عــى خلفيــة الظــروف الراهنــة‬.2014/9/11 ‫التــي تعصــف بســوريا ومحافظــة الرقــة بشــكل‬ ً‫ داعيـا‬،‫ ومــا تواجهــه مــن قتــل وتدمــر ممنهــج‬،‫خــاص‬ ‫إىل رضورة اإلرساع بتشــكيل مجلــس وفقــاً لقوانــن‬ .‫وقــرارات مؤسســات الثــورة‬ ‫وجــاء فيهــا إننــا يف منظمــة بيــت الرقــة لــكل الســوريني‬ ‫نقــرح تشــكيل لجنــة ثالثيــة مــن الســادة محمــود‬ ‫ وعبــد الحميــد الخطيــب‬،‫ معــاذ الهويــدي‬،‫الهــادي‬

‫ثقافية ـــ سياسية ـــ نصف شهرية ـــ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريين‬ ‫اء ُنشرت أم لم تنشر‬ ّ ُ‫المقاالت التي ترد إلى المجلة ال ت‬ ً ‫رد إلى أصحابها سو‬ ‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫ وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬،‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‬ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete

Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB: 00905459679973 SAYI:3 YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ : ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33

2014 ‫ تشرين الثاني‬1 / ‫ العدد الثالث‬/ ‫السنة األولى‬

!..‫وال بد من التالزم بين الديمقراطية والحالة اإلســامية‬

‫للتواصل عرب فيس بوك‬

‫للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫حرمل الثقافة‬

..‫الثورة السورية كانت ضرورة‬

‫تشــكيل مجلــس محلــي لمحافظــة الرقــة مقــره أورفــا التركيــة‬

‫مهمتهــا مراجعــة وزارة اإلدارة املحليــة يف الحكومــة‬ ‫الســورية املؤقتــة للحصــول عــى موافقــة الحكومــة‬ ‫وإصــدار قـرار بتشــكيل مجلــس محــي ملحافظــة الرقــة‬ ‫ عــز‬،‫ وتســمية الســادة خلــف الجربــوع‬،‫يف الخــارج‬ ‫ عبدالــرزاق‬،‫ عبــد الحميــد الخطيــب‬،‫الديــن مســحاوي‬ ‫ وأكــرم دادا لجنــة تحضرييــة مهمتهــا الدعــوة‬،‫شــاش‬ ً‫واإلعــداد ملؤمتــر عــام خــال مــدة خمســة عــر يوم ـا‬ ‫مــن إصــدار موافقــة الحكومــة بتشــكيل هــذا املجلــس‬ ‫ واعتبــار املجلــس‬.‫وإجــراء انتخابــات بهــذا الشــأن‬ ‫ وتنتهــي أعاملــه حــال إجــراء‬،‫ ويف الخــارج‬،ً‫مؤقتــا‬ .‫انتخابــات داخــل محافظــة الرقــة‬ ‫ أصــدرت اللجنــة‬،‫وبعــد أن تــم إعــان تشــكيل املجلــس‬ ‫التحضرييــة بيانــاً حــول تشــكيل وتســمية مجلــس‬ ‫ جــاء فيــه أن اللجنــة قــد أنجــزت‬،‫محافظــة الرقــة‬ ‫ وأعلنــت عــن تشــكيلة‬,‫عملهــا الــذي كلفــت بــه‬ ‫توافقيــة للمجلــس مــن خــال اعتــاد معايــر النزاهــة‬ ‫ وأنــه مل يكــن مــن مهــام‬.‫والكفــاءة واالنحيــاز للثــورة‬ .‫اللجنــة اعتبــار املحاصصــة املناطقيــة معيــارا ً لعملهــا‬ ‫وقــد شــارك معظــم أعضــاء اللجنــة يف االجتــاع الــذي‬ ‫ضــم أعضــاء املجلــس باإلضافــة ألعضــاء يف املجلــس‬ ‫ وتــم‬,‫الســابق ومنــدوب وحــدة املجالــس املحليــة‬ ‫االتفــاق عــى تســليم عهــدة املجلــس الســابق إىل‬ ‫املجلــس الجديــد يك ميــارس مهامــه بــدءا ً مــن تاريــخ‬ ‫ وبذلــك تكــون أعــال اللجنــة قــد‬.‫إعــان املجلــس‬ ‫ وقــد حلــت اللجنــة نفســها ومل يعــد لهــا مــا‬,‫انتهــت‬ .‫متارســه بهــذا الشــأن‬

14

،‫ وم��ا يتأمل��ه املواط��ن الس��وري يف تركي��ا م��ن احلكوم��ة الرتكي��ة‬،‫ والعالق��ات الس��ورية الرتكي��ة‬،‫ واألح��زاب اإلس�لامية‬،‫ح��ول الث��ورة الس��ورية‬ ‫ ورئي��س مجعي��ة الكت��اب الرتكي��ة ـ ف��رع أورف��ا‬،‫ والكات��ب واملرتج��م‬،‫كان ه��ذا احل��وار م��ع األس��تاذ مجع��ة آغ��اج خري��ج كلي��ة العل��وم السياس��ية‬ Cuma Ağaç: Hukukçu Mali Müşavir Türkiye Yazarlar Birliği Şanlıurfa Şubesi Başkanı İstanbul, Hukuk ve Siyasal Bilimler Fakültesi Mezunu Arapçadan Türkçeye kitaplar ve gazete yazıları çevirmiştir. Çeşitli gazetelerde fikri yazılar yazıyor. Al Harmal: Devrimin hareketinin dördüncü yılında Suriye’yi nasıl görüyorsunuz? Cuma Ağaç: Suriye’de bir devrim hareketi gerekli idi. Çünkü 1970’lerden beri Suriye’de sosyalist ve demokratik olduğunu iddia eden fakat hakka ve halka dayanmayan baskıcı bir rejim hüküm sürmektedir. Devrim hareketine gelince bu hareket bir gün başarı ile sonuçlanacaktır. Ancak uzun zaman alacaktır. Çünkü Suriyeli devrimciler adeta sermayesiz tüccara benziyorlar. Yeterli imkan olmadan ayaklandıkları için kazanmaları uzun sürecektir. Bu sebeple Arap baharı Suriye’de sert bir kışa dönmüştür, diyebiliriz. Suriye devrimi diktatörlük rejimini yıkıp boşluğa ve anarşiye de fırsat vermeden demokratik bir yönetim tesis etmek için dağınık güçleri bir araya toplayıp bu hedefe yöneltmelidir. Al - Harmal: Suriye’deki İslami hareketlerin gelişimi hakkında ne düşünüyorsunuz ? Cuma Ağaç: Kırk yıl öncesinde kitaplardan İhvanül Müslimin hareketini tanıdım. Daha sonra haberlerden Hama faciasına şahit oldum. Sureye’de İhvan’dan başka İslami hareketler hakkında bilgim yok. Erken dönemlerde İhvanın edebi ve fikri eserlerini okumuştum. Hasan El Benna, Fethi Yeken ve Seyyid Kutub gibi. Binaen aleyh Suriyede durumun çok zor ve karışık olduğunu görüyorum. Bu zorlu denklemle karşı karşıya iken bir de ortaya İŞİD çıktı. Bu arada Al - Kaide’den hiç haber yok. Nereye kayboldu ? Yoksa yerini İŞİD’e bi bıraktı ? Bilemiyoruz. Öyle ki İŞİD’in kaynağına inemedik, künhüne varamadık; deve midir kuş mudur henüz anlayamadık. Suriye’de demokratların, İslamcıların ve Milliyetçilerin bir vücut olarak kışı bahara çevirip devrimi başarıya ulaştıracak ülke çapında ve uluslararası büyük bir hamle yapmaları gerekiyor. Özellikle demokratların ve İslamcıların her birinin bir diğerini gerekli görmesi ve önemsemesi şarttır. ALHarmal: Medeni devletin gelişiminde demokrasiyi temel bir şart olarak mı görüyorsunuz? Cuma Ağaç: Evet, sivil yani medeni bir devletin oluşumunda çoğulculuğu ve katılımcılığıyla demokrasi şarttır. Demokrasi dini bir mesele değildir bekli devlet için bir iş ve idare biçimidir. Müslüman düşünürlerin de politikacıların da dikkatli okuması ve dikkatli ifade etmesi gereken bir konudur demokrasi. Devlet yönetimindeki politikalar ihtiyaçlara dayanır dine dayanmaz. Dini konular demokratik yollarla belirlenemediği gibi demokratik konular da dini düşünceyle belirlenmez. Bununla beraber Suriyeli ve Türkiyeli, İslamcı ve demokrat düşünürlerin de birbirlerinden faydalanmaları lazım. Al - Harmal: Türkiye ve Suriye halklarının hali hazır ilişkileri ve ilişkilerinin geleceği konusunda öngördüğünüz önemli noktalar nelerdir ? Cuma Ağaç: İki komşu halk olarak aramızda doğal insani bağların yanında istifade edilebilir iki önemli bağ var: İslam ve tarih. Bizi Suriye halkını desteklemeye yönelten de insani değerlerin yanında Müslümanlığımız ve ortak tarihimizdir. Al - Harmal: Röportaj için teşekkürler. Son olarak neler söylemek istersiniz ? Cuma Ağaç: Suriye sorununun geçici bir sorun olmadığı görülüyor. Bu itibarla Türkiye hükümetinin sadece yardımla yetinmek yerine Suriyeli kardeşlerimize büyük sanayi şehirlerinde geçerli olmak üzere yasal çalışma izni vermesi gerekir diye düşünüyorum. Suriye’den gelen

‫* ماهــي أهــم النقــاط التــي يجــب‬ ً ‫أن تتوفــر والتــي تراهــا مســتقب‬ ‫ال‬ ‫فــي عالقــة المجتمعيــن الســوري‬ ‫والتركــي؟‬ ‫** منتلــك كشــعبني متجاوريــن رابطتــن وهــا «اإلســام‬ ،‫والتاريــخ» وميكــن االســتفادة مــن هاتــن الرابطتــن‬ .‫باإلضافــة إىل الروابــط اإلنســانية الطبيعيــة‬ ‫* كلمة أخيرة فماذا تقول؟‬ ‫** يف موضــوع األزمــة الســورية أنتظــر مــن الدولــة‬ ‫الرتكيــة أن تعطــي إجــازة العمــل لإلخــوة الســوريني يف‬ ‫ ألنهــا تســتوعب كل الســوريني‬،‫املــدن الصناعيــة الكبــرة‬ ‫ فبــدالً مــن‬،‫للعمــل وباعتبــار أن املشــكلة طويلــة‬ ‫ يجــب أن ميتلكــوا مســتقبلهم املهنــي‬،‫التعــاون فقــط‬ ‫ خصوصــاً إذا مل تكــن املســألة‬،‫واإلنســاين والحقوقــي‬ ‫ وأمتنــى مــن اللــه أن يخلــص إخواننــا الســوريني‬،‫مؤقتــة‬ ‫ بإنجــاح مســاعيهم لتشــكيل‬،‫مــن هــذه املشــكلة‬ ‫ وأخــى بعــد ســقوط األســد‬،‫مجتمــع دميقراطــي جديــد‬ ،‫ كــا خــرج يف العــراق‬،‫أن يخــرج علينــا أربعــة أســود‬ ‫ وال بــد‬،‫ بدائــل ســيئة للنظــام الديكتاتــوري‬،‫ويف ليبيــا‬ ،‫مــن أخــذ النصــح مــن العلــاء واألدبــاء واملفكريــن‬ ‫ وال يليــق باملجتمــع الســوري املظاهــر‬،‫وجميــع العقــاء‬ ‫ واألفعــال الناتجــة عــن الثــورة مــن دون‬،‫الفوضويــة‬ ‫ ونحــن نأســف ونتأثــر‬،‫برنامــج وتفكــر وتحضــر عمومــي‬ ‫ خصوصــاً لوقــوع القتــى‬،‫كثــرا ً ملــا يجــري يف ســوريا‬ .‫الســوريني يف كل يــوم‬

‫* كيف ترى سوريا بعد أربع سنوات‬ ‫من الثورة؟‬ ‫** أرى أن الثــورة الســورية كانــت رضورة ألن النظــام‬ ‫ وال يســتمد‬،‫تشــكل يف الســبعينيات بطريقــة مســتبدة‬ ‫ ولــدى النظــام ادعــاء‬،‫وجــوده مــن رشعيــة شــعبية‬ ‫اش ـرايك وادعــاء للدميقراطيــة وأرى أن الثــورة الســورية‬ ‫ وأشــبه الثائــر الســوري بالتاجــر‬،‫ســتنتهي بالنجــاح‬ ‫ وبذلــك تحتــاج الثــورة إىل‬،‫الــذي ال ميلــك رأســا للــال‬ ‫ وهــي بحاجــة إىل‬،‫زمــن طويــل حتــى تنجــز أهدافهــا‬ ‫تجميــع القــوى املشــتتة وتوجيههــا باتجــاه هــدف واحــد‬ ‫ وإحــال الحكــم الدميقراطــي‬،‫يف إســقاط الديكتاتوريــة‬ ‫ إن الربيــع‬:‫ومنعــاً للفــوىض والفــراغ أســتطيع القــول‬ .‫العــريب انقلــب يف ســوريا إىل شــتاء قــارس‬

‫* ماهــي رؤيتــك لتطــور األحــزاب‬ ‫اإلســامية فــي ســوريا؟‬ ،‫** عرفــت اإلخــوان املســلمني منــذ أربعــن ســنة‬ ‫ ثــم شــاهدت مأســاة حــاة مــن‬،‫وســمعت عنهــم‬ ‫ وليــس لــدي خــرة يف الحــركات الدينيــة‬،‫خــال اإلعــام‬ ‫ وقــرأت مبك ـرا ً أدبيــات‬،‫يف ســوريا فيــا عــدا اإلخــوان‬ ‫ فتحــي يكــن‬- ‫وأفــكار اإلخــوان أمثــال (حســن البنــا‬ ً ‫ ســيد قطــب) وأرى أن الواقــع الســوري معقــد جــدا‬‫ ووجدناهــا قــد‬،)‫ وقــد فاجأنــا وجــود (داعــش‬،‫ومختلــط‬ ‫ ومل نعــد نســمع بالقاعــدة يف‬،‫تشــكلت يف غمضــة عــن‬ ‫اإلعــام فهــل يــا تــرى هــي البديــل؟ فأنــا لســت مطمئنــا‬ ‫ وال نــدري إن‬،‫لحقيقــة داعــش وماهيــة هــذا التنظيــم‬ ‫كان جمــاً أم طــرا ً؟ وأمتنــى أن توجــد حركــة إســامية‬ ‫حاوره محمد صبحي‬ kardeşlerimizin hepsini alabilecek ‫ والبــد مــن وجــود تــازم‬،‫دميقراطيــة وطنيــة يف ســوريا‬ .‫بــن الدميقراطيــة والحالــة اإلســامية‬ gelişmiş sanayi şehirlerimiz var. Buralarda onlar da çalışarak kendi emekleriyle kendi geleceklerini ‫* هــل تــرى أن الديمقراطيــة شــرط‬ sağlayabilirler. Mesleklerini ‫جــذري فــي تطــور الدولــة المدنيــة؟‬ sürdürerek insanca yaşayabilirler. ‫ فالدميقراطيــة رشط أكيــد يف تأســيس الدولــة‬،‫** نعــم‬ Nerede olursa olsun insanca ‫ وال مانــع‬،‫ وكــا أنهــا ليســت عقيــده‬،‫املدنيــة والتعدديــة‬ yaşamak Suriyelilerin de hakkıdır. ‫ وعــى املفكــر‬،‫أن تكــون شــكالً للعمــل يف إدارة الدولــة‬ Son olarak Allah’tan Suriyeli kardeşlerimizi bu zor durumdan ‫ ألن‬،‫اإلســامي أن يغنــي الفكــرة ويعتنــي بالتدقيــق فيهــا‬ zafer ile kurtarmasını ve anarşiden ،‫السياســات ناجمــة عــن الفكــر والحاجــات واألهــداف‬ .‫وليســت ناجمــة عــن الديــن‬ uzak demokratik bir toplum ve yönetim kurma başarısını müyesser kılmasını diliyorum. Irak ve Libya gibi kötü örneklerde istifade etmeleri lazım. Suriye olduğu gibi Suriye halkı için de halkının düşüncesiz, programsız Sadece Esat rejiminin yıkılmasını ve hazırlıksız ani ve anarşik yeterli görmüyorum. Esat eylemlere kapılması kendileri için düştükten sonra karşımıza kırk uygun olamaz. Suriye’de olanlara, Esat çıkmasından korkuyorum. her gün her gün çok sayıda Savaşçısı ve sivil halkı ile Suriyeli kardeşimizin ölmesine Suriye devriminin alimlerden, çok üzülüyoruz. Bu durumun bir ediplerden, fikir adamlarından an önce hayırlı bir şekilde sona ve akil insanlardan öğüt alıp ermesini istiyoruz.


‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الفاصلة‬ ‫بسام البليبل‬

‫ّ‬ ‫الرقي محمود الذخيرة‬ ‫الشاعر‬ ‫في ذمة اهلل‬ ‫بتالي زماني صرت طير بليا جنـاح‬ ‫وبالحيف مر العمر سلم علي وراح‬ ‫بهــذه الكلــات و َّدع شــاعرنا الكبــر محمود الذخــرة محبيه‪،‬‬ ‫قبــل أن يوافيــه األجــل يف يــوم الســبت ‪ 2014/10/25‬عــن‬ ‫عمــر ناهــز الســابعة والســتني بعــد رصاع طويــل مــع املــرض‬ ‫الــذي مل يُقعــده ومل يثنــه عــن كتابــة الشــعر‪ ،‬والبحــث يف‬ ‫تاريــخ الرقــة والفـرات‪.‬‬ ‫يعتــر الشــاعر الذخــرة عميــدا ً لشــعراء منطقــة الفــرات‬ ‫عــى اإلطــاق‪ ،‬ومل نجــد مــن يدانيــه يف تاريــخ القصيــدة‬ ‫الشــعبية يف هــذه املنطقــة‪ ،‬ومل نعــرف شــاعرا ً اســتطاع أن‬ ‫يتجــاوزه بشــاعريته العذبــة‪ ،‬فلقــد كتــب يف األغنيــة أكــر‬ ‫مــن مجمــوع مــا كتبــه أســافه‪ ،‬مــن حيــث الكــم‪ ،‬كــا مل‬ ‫يســتطع أن يقاربــه شــاعر بعذوبــة األلفــاظ‪ ،‬ورقتهــا‪ ،‬وصدق‬ ‫العاطفــة‪ ،‬وبالغــة املعــاين والصــور الشــعرية‪ ،‬ويقــول عنــه‬

‫حيــدر نعيســة يف كتابــه «ابــن البلــد»‪« :‬الذخــرة علــم‬ ‫مــن أعــام األدب الف ـرايت‪ ،‬لــه بصــات خالــدة‪ ،‬وخاصــة يف‬ ‫الشــعر الشــعبي»‪.‬‬ ‫ومن قصيدته «ديرة هيل»‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫تضحك عيون القمر بجدايلك موجــاتْ‬ ‫وتنبت بخرتي وزهر بخدودك الحلــواتْ‬ ‫والطــل‬ ‫ْ‬ ‫من قالك يــا حلــو ادوس الربـــا‬ ‫هل‬ ‫متيش وتهادى مبهل مثل البدر لو ْ‬ ‫يذكــر أن الشــاعر الذخــرة ولــد يف مدينــة الرقــة‪ ،‬قريــة‬ ‫املشــلب ‪ 1947‬وعمــل يف مجــال التعليــم‪ ،‬ولــه مؤلــف‬ ‫«أهــل الرقــة»‪ ،‬وعــدد مــن املخطوطــات الشــعرية والنرثيــة‪.‬‬

‫فيــا كنــا نتــداول األســاء املقرتحــة ملجلــة الحرمــل‬ ‫عنــد تأسيســها‪ ,‬عــرض أحــد أعضــاء مجلــس التحريــر اســم‬ ‫(الفاصلــة)‪.‬‬ ‫تداولنــا هــذا االســم ابتــدا ًء مــن مجلــة فواصــل الســعودية‬ ‫التــي تســيدت املشــهد الشــعري الشــعبي الســعودي منــذ‬ ‫إطالقهــا عــام ‪ ,1974‬ومــرورا ً بالفاصلــة العامئــة املصممــة‬ ‫لتنفيــذ العمليــات الرياضيــة يف الحاســوب‪ ,‬وانتهــا ًء‬ ‫مبرادفــات الفاصلــة‪ ,‬الشــولة والفــارزة‪ ,‬حيــث توقــف‬ ‫البعــض عنــد الفــارزة وفيــا إذا كانــت معربــة أم ال‬ ‫اعتــادا ً عــى أ ّن اإلفريــز معــرب‪ ,‬بينــا كان البعــض يشـ ُر‬ ‫إىل الشــبه بــن الشــولة وح ّمــة العقــرب‪ ,‬معلقـاً عــى كــرة‬ ‫الحـ ّـات حــول الثــورة الســورية وفيهــا‪.‬‬ ‫وعندمــا توقفنــا عنــد معنــى الفاصلــة التــي تدخــل يف‬ ‫شــمول عالمــات الوقــف‪ ,‬وأنّهــا عالمــة خطيــة تســتعمل‬ ‫يف الكتابــة للفصــل بــن أجـزاء الجملــة‪ ,‬قــال البعــض إمنــا‬ ‫نريــد مســمى ال يشــبه دور النقطــة التــي تــأيت يف آخــر‬ ‫الســطر‪ ,‬وال الفاصلــة التــي تــأيت يف معــرض الجمــل‪ ,‬فنحــن‬ ‫ال نريــد أن نكــون يف غــار النـرات الصحفيــة‪ ,‬وال نريــد‬ ‫أن منــارس دور الراعــي الــذي يكــون يف املؤخــرة وإمنــا‬ ‫نريــد أن نلعــب دور الرائــد الــذي يــأيت يف املقدمــة‪.‬‬ ‫وفيــا ك ّنــا نقلــب هــذه املعــاين بــن الجــ ّد والدعابــة‪,‬‬ ‫تذكــرت يومـاً مــن أيــام العــام ‪ ,1991‬وقــد كنــت انتهيــت‬ ‫يف حينهــا مــن محــاور ٍة شــعرية مــع األديــب الكبــر‬ ‫املرحــوم عبــد الســام العجيــي التــي نــرت يف مجلــة‬ ‫الناقــد فيــا بعــد‪.‬‬ ‫وفيــا أنــا عائـ ٌد مــن عمــي يف القــر العــديل‪ ,‬اســتوقفني‬ ‫بعــض أهــايل الحــي _الــذي يجمعنــي فيــه مــع العجيــي‬

‫ريحانــة جبــاري وعقوبــة اإلعدام‬

‫ســك ٌن متقــارب_ ليقولــوا يل‪ :‬إ ّن الدكتــور العجيــي يســأل‬ ‫عنــك!‬ ‫أدركــت عــى الفــور أ ّن هــذا الســؤال لــه عالقــة باملحــاورة‬ ‫التــي بيننــا‪ ,‬والتــي اســتلمت إجاباتهــا قبــل يــومٍ واحــد‪.‬‬ ‫حملتهــا للتــو‪ ,‬وقصــدت منــزل العجيــي‪ ,‬ومــا إن فتــح‬ ‫يل البــاب حتــى ســألني بلهفــة‪ :‬هــل أرســلت املحــاورة؟‬ ‫ـت‪ :‬ال‪ ..‬مل أرســلها بعــد‪ ,‬قــال وقــد تنــاول األوراق مــن‬ ‫قلـ ُ‬ ‫يــدي وبــدأ بتصفحهــا‪ :‬عظيــم‪ ..‬عظيــم‪ ..‬وأشــار إىل إحــدى‬ ‫إجاباتــه قائ ـاً‪ :‬فــركل‪ ..‬فــركل!!!‬ ‫وحيــث أننــي ال أعــرف الفرنســية‪ ,‬أمعنــت النظــر حيــث‬ ‫كان يضــع إصبعــه فأدركــت أنّــه يريــدين أن أضــع فاصلــة‪.‬‬ ‫رســمتها عــى الفــور يف املــكان الــذي أشــار إليــه‪ ,‬فانفرجت‬ ‫أســاريره‪ ,‬كــا لــو أ ّن عبئـاً ثقيـاً أزيــح عــن كاهلــه‪ ,‬وقــال‪:‬‬ ‫اآلن تســتطيع إرسالها‪.‬‬ ‫ولــو مل أكــن أعــرف قيمــة عالمــات التنقيــط‪ ,‬ومــا يجــب‬ ‫أن يكــون عليــه األديــب مــن عنايــة وتدقيــق لقلــت يف‬ ‫نفــي‪ :‬هــل يحتــاج ال»فــركل» كل هــذا العنــاء؟!‬ ‫نعــم يحتــاج‪ ,‬فــإ ّن أقــر رســالة يف التاريــخ إمنــا كانــت‬ ‫عالمــة تنقيــط‪.‬‬ ‫فقــد كتــب فيكتــور هوجــو عــام ‪ 1962‬ملديــر رشكــة النــر‬ ‫الــذي يتــوىل طبــع وتوزيــع «كتــاب البؤســاء» رســالة مــن‬ ‫ورقــة واحــدة‪ ,‬يف منتصفهــا عالمــة اســتفهام «؟» أي كيــف‬ ‫هــو توزيــع الكتــاب؟؟‬ ‫فجــاء الــرد عــى نفــس الورقــة‪ :‬إشــارة تعجــب»!» أي أنــه‬ ‫رائــع!‬ ‫مل نعتمــد الفاصلــة اســاً ملجلتنــا‪ ,‬ولكننــا يف عددنــا‬ ‫الثالــث مــن مجلــة الحرمــل نرســل إىل قرائنــا األعــزاء‬ ‫اشــارة اســتفهام كبــرة؟‬

‫المؤتمر الثاني لملتقى الداخل السوري‬

‫الصيــن وإيــران تتصــدران فــي تنفيــذ اإلعــدام‬

‫ال��دول ال�تي الزال��ت تتش��بث بعقوب��ة اإلع��دام عل��ى‬ ‫اجلان��ب اخلط��أ م��ن التاري��خ!‬ ‫(سليل شييت أمني عام منظمة العفو الدولية)‬ ‫لقــد أعــاد إعــدام اإليرانيــة‬ ‫الســنية ريحانــة جبــاري إىل‬ ‫األذهــان اضطــراد تنفيــذ أحــكام‬ ‫اإلعــدام يف الســنوات األخــرة‪،‬‬ ‫فيــا العــامل الــذي نعيــش فيــه‬ ‫يكافــح للتخلــص مــن ظاهــرة‬ ‫أحــكام اإلعــدام‪.‬‬ ‫وكانــت الســلطات اإليرانيــة قــد‬ ‫نفــذت حكــم اإلعــدام شــنقاً‬ ‫بحــق ريحانــة جبــاري ذات الســتة‬ ‫والعرشيــن ربيعـاً‪ ،‬يف يــوم الســبت‬ ‫‪ 2014/10/25‬بعــد أن أدانتهــا‬ ‫محكمــة إيرانيــة عــام ‪2007‬‬ ‫باملســؤولية عــن قتــل موظــف‬ ‫ســابق يف وزارة االســتخبارات‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬ودون أن تلتفــت كثــرا ً‬ ‫إىل أنهــا كانــت يف حالــة دفــاع‬ ‫مــروع عــن النفــس والــرف‪ ،‬يف‬ ‫معــرض محاولــة اغتصابهــا‪.‬‬ ‫وكثــرا ً مــا شــككت مفوضيــة‬ ‫حقــوق اإلنســان‪ ،‬والجمعيــات‬

‫الحقوقيــة واإلنســانية‪ ،‬برشعيــة‬ ‫املحاكــات اإليرانيــة وعدالتهــا‪،‬‬ ‫فقــد ذكــر املقــرر الخــاص لألمــم‬ ‫املتحــدة أحمــد شــهيد‪ ،‬أن إي ـران‬ ‫نفــذت حكــم اإلعــدام بأكــر مــن‬ ‫‪ 170‬شــخصاً مــن بينهــم امرأتــن‬ ‫عــى األقــل منــذ بدايــة عــام‬ ‫‪ ،2014‬وعــدد كبــر مــن الســجناء‬ ‫املحكــوم عليهــم باإلعــدام عــى‬ ‫وشــك تنفيــذ حكــم اإلعــدام‬ ‫بحقهــم‪.‬‬ ‫وبذلــك تحتــل إيــران املرتبــة‬ ‫الثانيــة يف قامئــة الــدول املنفــذة‬ ‫لعقوبــة اإلعــدام بعــد الصــن عــى‬ ‫مســتوى العــامل‪.‬‬ ‫ولكــن مــا يؤســف لــه‪ ،‬أنــه فيــا‬ ‫‪ 98‬دولــة يف العــامل قــد ألغــت‬ ‫عقوبــة اإلعــدام بالنســبة لجميــع‬ ‫الجرائــم‪ ،‬فقــد جــاءت دولتــان‬ ‫عربيتــان (العــراق واململكــة‬ ‫العربيــة الســعودية) يف الرتتيــب‬

‫الثالــث والرابــع يف هــذا الســياق‬ ‫الالإنســاين‪ ،‬يف الوقــت الــذي‬ ‫يتوجــب فيــه علينــا نحــن العــرب‬ ‫أن نتوقــف عــن هــذه األحــكام‬ ‫قبــل الجميــع‪ ،‬خصوصــاً وأننــا‬ ‫نســبح يف حاممــات الــدم‪ ،‬مــا بــن‬ ‫إرساف النظــم الحاكمــة يف القتــل‪،‬‬ ‫وإرساف الجامعــات التكفرييــة‬ ‫واملليشــيات العســكرية‪.‬‬ ‫وإ ّن ظاهــرة صــدور أحــكام‬ ‫اإلعــدام بالجملــة يف مــر‪ ،‬كتلــك‬ ‫التــي أصدرتهــا محكمــة جنايــات‬ ‫املنيــا يف ‪ 2014/6/21‬بإعــدام‬ ‫‪ 183‬شــخصاً مــن أنصــار الرئيــس‬ ‫املعــزول محمــد مــريس‪ ،‬جديــر ٌة‬ ‫بــأن نتوقــف عندهــا مرتــن‪:‬‬ ‫األوىل‪ :‬لــي نعــر عــن اســتغرابنا‬ ‫مــن موقــف بعــض املثقفــن‬ ‫املرصيــن الذيــن يــرون أن هــذه‬ ‫األحــكام تســاهم يف املحافظــة‬ ‫عــى كيــان وهيبــة الدولــة‪ ،‬فيــا‬

‫روح الدولــة ومبادئهــا الدســتورية‬ ‫تتعــرض للخطــر‪.‬‬ ‫والثانيــة‪ :‬لــي نطلــق رصخــة‬ ‫تحذيــر مــن انســياق الســلطة‬ ‫القضائيــة وراء الســلطة التنفيذيــة‪،‬‬ ‫وتجــاوز التاريــخ املــرف للعدالــة‬ ‫املرصيــة‪ ،‬ألننــا نربــأ بالعدالــة‬ ‫املرصيــة أن يقــال فيهــا أن‬ ‫أحكامهــا أألخــرة كانــت اســتهزا ًء‬ ‫بالعدالــة‪ ،‬كــا جــاء عــى لســان‬ ‫جــو ســتورك (منظمــة هيومــن‬ ‫رايتــس وتــش)‪ ،‬وأ ّن العقوبــات‬ ‫التــي صــدرت عــن محكمــة‬ ‫الجنايــات املرصيــة جديّــ ٌة حتــى‬ ‫املــوت‪ ،‬ولكـ ّن املحاكــات ليســت‬ ‫بنفــس الدرجــة مــن الجديــة؟!‬ ‫فهــل عــى املثقــف العــريب أن‬ ‫يعبــأ يف زحمــة املــوت الــذي‬ ‫يعيشــه كل يــوم بالتوجــه العــام‬ ‫العاملــي الســائر نحــو إلغــاء‬ ‫عقوبــة اإلعــدام؟!‬

‫تحــت شــعار «صناعــة قـرار ســيايس تشــاريك»‪،‬‬ ‫انعقــد املؤمتــر الثــاين لـ»ملتقــى الداخــل‬ ‫الســوري» يف مدينــة غــازي عنتــاب الرتكيــة يــوم‬ ‫األربعــاء ‪ ،2014/10/29‬بحضــور مــا يزيــد عــن‬ ‫‪ /150/‬ناشــطاً ســورياً‪ ،‬وهــادي البحــرة رئيــس‬ ‫االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‪،‬‬ ‫واألمــن العــام لالئتــاف نــر الحريــري‪،‬‬ ‫ورئيــس الحكومــة الســورية املؤقتــة أحمــد‬ ‫طعمــة وعــدد مــن أعضــاء االئتــاف الوطنــي‪.‬‬ ‫ويف كلمــة البحــرة التــي ألقاهــا يف هــذا املؤمتــر‬ ‫أكــد عــى أن هزميــة نظــام األســد‪ ،‬وانتصــار‬ ‫مرشوعنــا الثــوري الهــادف لبنــاء الدولــة‬ ‫الوطنيــة الحديثــة‪ ،‬يبــدأ مــن خــال التمســك‬ ‫بوحــدة هــذا الشــعب‪ ،‬ومــن خــال اإلرصار‬ ‫عــى شــعار الثــورة الرئيــس‪« :‬الشــعب الســوري‬ ‫واحــد»‪.‬‬ ‫وجــاء يف كلمتــه أيضـاً‪ :‬يجــب علينــا أال نكتفــي‬ ‫بنقــد األخطــاء بــل يجــب أن نعمــل معــاً‬

‫لتصحيحهــا‪ ،‬وســتجدون االئتــاف الوطنــي‬ ‫فاتح ـاً أبوابــه للجميــع‪ ،‬حتــى يشــارك الجميــع‬ ‫بحمــل املســؤولية‪ ،‬والعمــل الجــاد لحاميــة‬ ‫الوطــن‪ ،‬وحاميــة ثــورة هــذا الشــعب العظيــم‪.‬‬ ‫وكان االئتــاف قــد نظــم املؤمتــر األول مللتقــى‬ ‫الداخــل يف عنتــاب أيضــاً يف ‪28‬ـ ‪ 29‬نيســان‬ ‫‪ 2014‬بحضــور مــا يزيــد عــن ‪ /80/‬ناشــطاً‬ ‫ســورياً‪ ،‬وعــدد مــن أعضــاء الهيئــة السياســية‬ ‫والهيئــة العامــة لالئتــاف ورئيــس الحكومــة‬ ‫ونائبــه‪.‬‬ ‫ووفــق بيــان نــره االئتــاف عــى موقعــه‬ ‫اإللكــروين بعــد املؤمتــر األول أفــاد بــأن «هــذا‬ ‫املــروع‪ ،‬يتألــف مــن عــدة مراحــل‪ ،‬حيــث‬ ‫تضمــن مؤمتــرات وورشــات عمــل‪ ،‬ودورات‬ ‫تدريبيــة‪ ،‬ومشــاريع مشــركة يف مجــاالت عــدة‪،‬‬ ‫سياســية وإعالميــة وإغاثيــة وطبيــة‪.‬‬ ‫ونحــن نتســاءل عــا تحقــق مــن فعاليــات‬ ‫املؤمتــر األول هــذه‪ ،‬وفيــا إذا كانــت املشــاركة‬ ‫والتمثيــل حقيقيــاً وفاعــاً‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا الكائ��ن خل��ف بلدي��ة أورف��ا‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث ‪ 1 /‬تشرين الثاني ‪2014‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.