Alharmal (42) 15 06 2016 العدد 42 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حممد احلاج صاحل‪..‬‬ ‫يستش��رف املس��تقبل يف قص��ة «الس��جادة املذخ��ورة» مؤك��داً أن��ه وإن‬ ‫كان ق��در الس��وريني التهج�ير املس��تمر‪ّ ،‬إل أن جذورهم عميق��ة يف األرض‪.‬‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫‪sayı 42‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫رمضان‪ ..‬صوموا عن قتل السوريني‬ ‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ب��راءة اخ�تراع لل��روس والنظ��ام‪ :‬اخلراطي��م املتفج��رة بع��د الربامي��ل املتفج��رة‬ ‫الطريان الروسي يرتكب جمازر جديدة يف حلب وإدلب‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫اهل�لال الش��يعي إىل أي��ن‪...‬؟!‬ ‫بسام البليبل‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫مــا زالــت معركــة حلــب الشــغل الشــاغل لقــوات‬ ‫النظــام‪ ،‬املدعومــة بإســناد جــوي رويس‪ ،‬ومبشــاركة‬ ‫فعليــة مــن قــوات الحــرس الثــوري اإليراين‪ ،‬وامليلشــيات‬ ‫اللبنانيــة والعراقيــة واألفغانيــة‪ ،‬وســط ترديــد شــعارات‬ ‫إيرانيــة بقــرب االنتهــاء مــن معركــة حلــب‪ ،‬ولــو كلفهــا‬ ‫حيــاة مئــة ألــف جنــدي إيــراين‪ ،‬ومواصلــة الطــران‬ ‫الــرويس باســتهداف املناطــق الخارجــة عــن ســيطرة‬ ‫النظــام‪ ،‬واعتبــار كل الفصائــل املقاتلــة هنــاك منتميــة‬ ‫للفصائــل اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق تابــع الطــران الســوري والطــران‬ ‫الــرويس قصفــه ألحيــاء حلــب بالصواريــخ الفراغيــة‪،‬‬ ‫والرباميــل والخراطيــم املتفجــرة‪ ،‬وارتكابــه العديــد مــن‬

‫املجــازر املروعــة‪ ،‬آخرهــا مجــزرة جديــدة يف مدينــة‬ ‫حلــب راح ضحيتهــا يف حصيلــة أوليــة مثانيــة شــهداء‬ ‫بينهــم أطفــال ونســاء‪ ،‬وعـرات الجرحــى‪ ،‬مــن بينهــم‬ ‫الناشــط اإلعالمــي «هــادي العبــد اللــه»‪ ،‬وذلــك إثــر‬ ‫اســتهداف طائ ـرات النظــام الحربيــة األبنيــة الســكنية‬ ‫يف منطقــة «جــر الحــج»‪.‬‬ ‫كــا استشــهد ســتة مدنيــن جـراء قصــف جــوي مامثل‬ ‫طــال أحيــاء «الفــردوس وصــاح الديــن والصالحــن‬ ‫والســكري»‪ ،‬فيــا واصــل الطــران الــرويس بالتعــاون‬ ‫مــع طائــرات النظــام الحربيــة يف اســتهداف عــدد‬ ‫كبــر مــن أحيــاء مدينــة حلــب‪ ،‬ارتقــى عــى إثرهــا‬ ‫العديــد مــن الشــهداء‪ ،‬إضافــة لعــرات الجرحــى‬ ‫مــن املدنيــن‪ ،‬وتهديــم األبنيــة الســكنية واملســاجد‬

‫تنــج مــن قصفهــم األســواق‬ ‫واملــدارس واملشــايف‪ ،‬ومل ُ‬ ‫الشــعبية واألفــران املزدحمــة باملدنيــن العــزل‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تشــهد مدينــة حلــب تصعيــدا ً يف‬ ‫عمليــات القصــف املتواصــل‪ ،‬مــا زالــت االشــتباكات‬ ‫بــن قــوات جيــش الفتــح وفصائــل الثــوار مــن جهــة‪،‬‬ ‫والنظــام وامليلشــيات املتحالفــة معــه مــن جهــة أخــرى‬ ‫يف معظــم قطاعــات ريــف حلــب الجنــويب‪ ،‬فيام تشــهد‬ ‫معــارك تحريــر منبــج هــدوءا ً نســبياً‪ ،‬كــا تشــهد مدينة‬ ‫إدلــب وريفهــا العديــد مــن املجــازر الوحشــية التــي‬ ‫يرتكبهــا طـران النظــام والطـران الــرويس‪ ،‬يف أول أيــام‬ ‫شــهر رمضــان املبــارك‪ ،‬وراح ضحيتهــا أكــر مــن مئــة‬ ‫شــهيد وع ـرات الجرحــى‪ ،‬وطالــت معظــم الغــارات‬ ‫األحيــاء الشــعبية واألســواق املزدحمــة باملدنيــن‪.‬‬

‫حماولة اغتيال مدير مؤسس��ة عني على الوطن اإلعالمية يف أورفا الرتكية‬ ‫نجــا بأعجوبــة الناشــط اإلعالمــي أحمــد عبــد‬ ‫القــادر (أبــو محمــد)‪ ،‬مديــر مؤسســة عــن عــى‬ ‫الوطــن اإلعالميــة مــن محاولــة اغتيــال يــوم األحــد‬ ‫‪ 2016/6/12‬وقــد أصيــب عــى إثرهــا بطلــق نــاري مــن‬ ‫مســدس كاتــم للصــوت‪ ،‬وذلــك يف منطقــة الهاشــمية‬ ‫وســط مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬والذ الفاعلــون‬ ‫بالفــرار تاركــن خلفهــم دراجتهــم الناريــة‪.‬‬ ‫ويرقــد عبــد القــادر حاليــاً يف أحــد مشــايف مدينــة‬ ‫أضنــه الرتكيــة‪ ،‬وهــو يتعــاىف مــن اإلصابــة التــي تعــرض‬ ‫لهــا وأصابــت الفــك الســفيل مــن وجهــه‪ ،‬ومــا زالــت‬ ‫التحقيقــات جاريــة يف تقــي الفاعلــن‪ ،‬فيــا أوردت‬

‫بعــض الصفحــات عــن تبنــي تنظيــم «داعــش» ملحاولــة‬ ‫االغتيــال‪.‬‬ ‫يذكــر أن الناشــط أحمــد عبــد القــادر هــو شــقيق‬ ‫الشــهيد إبراهيــم عبــد القــادر أحــد مؤســي حملــة‬ ‫الرقــة تذبــح بصمــت‪ ،‬الــذي أغتيــل عــى أيــدي‬ ‫«داعــش» يف مدينــة أورفــا بتاريــخ ‪ 2015/10/30‬ذبحـاً‬ ‫مــع زميلــه الشــهيد فــارس حــادي‪.‬‬ ‫وتشــكل أحــداث االغتيــاالت املتواصلــة بحق الناشــطني‬ ‫الثوريــن واإلعالميــن ضغط ـاً متواص ـاً عــى أعاملهــم‬ ‫التــي تناهــض إجــرام النظــام وتغــول التنظيــات‬ ‫اإلرهابيــة بقتــل الســوريني األبريــاء‪.‬‬

‫اســتعادة نفــوذ وهيمنــة اإلمرباطوريــة الكرسويــة عــى املنطقــة العربيــة‪،‬‬ ‫ليــس محــض حلــم إيـراين‪ ،‬أو ســوء ظــن عــريب بالنوايــا اإليرانيــة‪ ،‬فقــد بــدأت‬ ‫نزعــة االســتحواذ اإليرانيــة تأخــذ طريقهــا إىل التنفيــذ ابتــدا ًء مــن عــام‬ ‫‪1925‬م عندمــا ضمــت إليهــا (األحــواز) التابعــة للعــراق‪ ،‬والغنيــة بالنفــط‬ ‫والغــاز‪ ،‬والتــي لوالهــا لكانــت إي ـران أقــل ث ـرا ًء مــا هــي عليــه اآلن‪.‬‬ ‫ثــم تكرســت هــذه النزعــة بضــم الجــزر اإلماراتيــة الثــاث (طنــب الكــرى‪،‬‬ ‫وطنــب الصغــرى‪ ،‬وأبــو مــوىس) عــام ‪1971‬م والتــي تزخــر ببعــض الــروات‬ ‫الطبيعيــة‪ ،‬إضافــة لصالحيتهــا لالســتخدامات العســكرية‪ ،‬وإرشافهــا املهــم‬ ‫عــى مضيــق هرمــز‪.‬‬ ‫ومــن خــال ق ـراءة إي ـران الجيــدة للسياســة األمريكيــة‪ ،‬ومصالحهــا التــي ال‬ ‫تتعــارض مــع تحقيــق رغباتهــا التوســعية الجامحــة يف املنطقــة‪ ،‬إضافــة ملــا‬ ‫استشــعرته إيـران الحقـاً مــن دور مهــم لهــا يف تنفيذ مــروع الرشق األوســط‬ ‫الجديــد‪ ،‬وتفكيــك املنطقــة العربيــة‪ ،‬فقــد متــادت بنزعــة التوســع والســيطرة‪،‬‬ ‫وتوســلت إىل تحقيــق أهدافهــا‪ ،‬عــن طريــق اسـراتيجيتها املذهبيــة‪ ،‬لتشــكيل‬ ‫منظومــة الهــال الشــيعي يف املنطقــة‪ ،‬والتــي متــددت لتشــمل (إيــران‬ ‫وســورية واليمــن والعـراق ولبنــان)‪ ،‬فيــا عيونهــا عــى الخليــج ومــر‪ ،‬وقــد‬ ‫اعتمــدت أســلوباً خبيثـاً يقــوم عــى فكــرة إفـراغ هــذه الــدول مــن مقوماتهــا‬ ‫املؤسســاتية‪ ،‬وعــى رأســها مؤسســة الجيــش‪ ،‬وخلــق بدائــل ميلشــياوية‬ ‫جيــدة التســليح‪ ،‬تســيطر عــى الدولــة‪ ،‬وتحولهــا إىل إقليــم يفتقــر إىل مكــون‬ ‫الدولــة األســايس (امتــاك القــوة) التــي تســيطر بــه الدولــة‪ ،‬لتحقيــق أهدافهــا‬ ‫السياســية والقانونيــة وحاميــة نظامهــا الدســتوري‪ ،‬ومامرســة حقهــا عــى‬ ‫إقليمهــا‪.‬‬ ‫وهــذا مــا نــراه بصــورة واضحــة يف لبنــان‪ ،‬حيــث يتحكــم حــزب اللــه‬ ‫بالدولــة‪ ،‬ويعطــل مؤسســتي الرئاســة والربملــان فيهــا‪ ،‬ويســيطر عــى القضــاء‪،‬‬ ‫ويتحكــم بقـرار الســلم والحــرب‪ ،‬بحيــث تحــول لبنــان مــن دولــة إىل إقليــم‬ ‫اســمه لبنــان‪ ،‬يــدل عــى منطقــة جغرافيــة وليــس عــى دولــة‪.‬‬ ‫وهــذا مــا أرادتــه إي ـران أيض ـاً يف اليمــن‪ ،‬مــن خــال امليليشــيات الحوثيــة‪،‬‬ ‫ومــا يســود اآلن يف الع ـراق مــن خــال الكتائــب الشــيعية‪ ،‬غــر الخاضعــة‬ ‫لســلطة الدولــة‪ ،‬وإمنــا ملرجعياتهــا اإليرانيــة‪.‬‬ ‫ومــا يحــدث يف ســورية ال يخــرج عــن ســياق هــذا املخطــط‪ ،‬الــذي ال يبــدو‬ ‫أ ّن أمريــكا تعارضــه‪ ،‬بــل يتــم بــرىض أمريــي ومســاعدة روســية تعيــد إىل‬ ‫األذهــان دور روســيا يف اتفاقيــة ســايكس بيكــو‪ ،‬التــي أســفرت عــن تحديــد‬ ‫مناطــق نفــوذ كل مــن بريطانيــا وفرنســا وروســيا يف منطقــة الــرق األوســط‪،‬‬ ‫واقتســام منطقــة الهــال الخصيــب‪.‬‬ ‫وتعمــل اآلن روســيا مــن جديــد‪ ،‬عــى دعــم سياســة تقســيم املقســم وتجزئــة‬ ‫املجــزأ األمريكيــة‪ ،‬بــأدوات إيرانيــة وقــوة روســية‪.‬‬ ‫لذلــك عندمــا تقــول أمريــكا أنهــا تشــعر بخيبــة أمــل لعــدم اســتطاعتها‬ ‫تشــكيل جيــش وطنــي يف العــراق‪ ،‬وعندمــا تقبــل أن تشــارك يف عمليــات‬ ‫عســكرية ضــد داعــش‪ ،‬تحــت قيــادة قاســم ســليامين‪ ،‬نعــرف أنهــا كاذبــة‪،‬‬ ‫ألنهــا تريــد أن تــرئ نفســها مــن جرميــة العــر‪ ،‬يف مســاهمتها بإيجــاد أول‬ ‫كيــان شــيعي يف دولــة عربيــة‪.‬‬ ‫ولــن نلبــث أن نســمع غــدا ً أمريــكا وهــي تقــول أنهــا تشــعر بخيبــة أمــل‬ ‫عــى مــا آل إليــه حــال ســورية‪ ،‬التــي تســاهم اآلن يف تشــكيله‪ ،‬عــر تعزيــز‬ ‫الوجــود الشــيعي‪ ،‬ورعايــة الكيــان الكــردي املصطنــع يف الشــال الســوري‪،‬‬ ‫مــن خــال سياســة القيــادة مــن الخلــف‪.‬‬ ‫إن خطــر الطموحــات واملشــاريع اإليرانيــة‪ ،‬املدعومــة أمريكيــاً وروســياً يف‬ ‫املنطقــة العربيــة‪ ،‬ال يقــل عــن خطــر الكيــان الصهيــوين‪.‬‬ ‫وإننــا نحتــاج إىل رصخــة مامثلــة لرصخــة لقيــط بــن يعمــر اإليــادي يحــذر‬ ‫قومــه مــن الخطــر الفــاريس‪:‬‬ ‫ما يل أراكم نيــــاماً يف بلهني ٍة ‪ .....‬وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا‬ ‫قوموا قياماً عىل أمشاط أرجلكم ‪ ....‬ثم افزعوا قد ينال األمن من فزعا‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«الرقة الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود»‬ ‫تده��ور الزراع��ة يف الرق��ة وغي��اب لف��رص العم��ل وارتف��اع غ�ير مس��بوق للم��واد األساس��ية‬

‫الرقة ـ خاص‬

‫بــات معظــم أهــايل محافظــة الرقــة‬ ‫يعتمــدون عــى إخوانهــم وأصدقائهــم وأقاربهم‬ ‫أو معارفهــم يف تأمــن أســس العيــش األساســية‪،‬‬ ‫مــن خــال الحــواالت املاليــة التــي يتــم‬ ‫تحويلهــا مــن دول الخليــج أو الــدول األوربيــة‪،‬‬ ‫خصوصـاً للمواطنــن الذيــن انقطعــت رواتبهــم‬ ‫ومســتحقاتهم الوظيفيــة‪ ،‬أو ممــن انعدمــت‬ ‫فــرص عملهــم يف ظــل توقــف معظــم املعامــل‬ ‫الصغــرة والورشــات الصناعيــة عــن العمــل‪،‬‬ ‫وتدهــور قطــاع الزراعــة‪ ،‬الــذي تعتمــد عليــه‬ ‫املحافظــة بشــكل أســايس‪.‬‬ ‫الرقــة املحافظــة الغنيــة باملنتجــات الزراعيــة‪،‬‬ ‫والــروات الباطنيــة واملائيــة‪ ،‬تتحــول إىل بلــد‬ ‫يعيــش خــارج التاريــخ‪ ،‬الرقــة مــن بلــد منتــج‬ ‫للقمــح إىل بلــد يســتجدي رغيــف الخبــز‪ ،‬هــذا‬ ‫هــو حــال الرقــة اليــوم‪ ،‬حصــار مطبــق مــن‬ ‫أربــع جهــات إضافــة إىل الســاء التــي تحــوم‬ ‫بهــا كل طائــرات الدنيــا‪ ،‬الرقــة البلــد التــي‬ ‫يشــهد لهــا العــامل بحســن الضيافــة والكــرم‪،‬‬ ‫إىل بلــد يســتجدي العــامل‪ ،‬بعــد أن حــاق بهــا‬ ‫الظلــم مــن كل جانــب‪.‬‬ ‫الرقــة بلــد زراعــي بامتيــاز‪ ،‬نتيجــة وقوعهــا‬ ‫عــى نهــر الفــرات‪ ،‬ووجــود مشــاريع الــري‬ ‫العمالقــة فيهــا‪ ،‬فســد الفــرات‪ ،‬ومــن خــال‬ ‫األقنيــة املتفرعــة عنــه‪ ،‬تــروي مشــاريعه‬ ‫البالغــة مســاحتها نحــو ‪ 110‬آالف هكتــار‪،‬‬ ‫إضافــة إىل األرايض الواقعــة عــى ســقي‬ ‫الف ـرات‪ ،‬والبليــخ‪ ،‬ومشــاريع اآلبــار االرتوازيــة‬ ‫التــي تتجــاوز مســاحتها أكــر مــن ‪ 50‬ألــف‬ ‫هكتــار‪ ،‬ويقــدر إنتاجهــا الســنوي مــن القمــح‬ ‫أكــر مــن ‪ 650‬ألــف طــن‪ ،‬وأكــر مــن ‪200‬‬ ‫ألــف طــن مــن القطــن‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 250‬ألــف‬ ‫طــن مــن الشــوندر‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 150‬ألــف‬ ‫طــن مــن الــذرة الصفــراء‪ ،‬عــدا عــن أنــواع‬

‫كل هــذا وبســبب الحصــار املفــروض عليهــا‬ ‫مــن الســاء واألرض‪ ،‬أدى الرتفــاع أســعار‬ ‫الخضــار والفاكهــة بشــكل غــر مســبوق نهائيـاً‪،‬‬ ‫فقــد وصــل ســعر كيلــو غ ـرام الخبــز إىل ‪200‬‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬و‪ 750‬لــرة ســورية للكيلــو غـرام‬ ‫مــن الســكر‪ ،‬والــرز أيضــاً ‪ 750‬لــرة‪ ،‬وليــر‬ ‫الزيــت النبــايت ‪ 900‬لــرة‪ ،‬فيــا انخفضــت‬ ‫أســعار الخضــار نتيجــة تدفــق الخضــار البلديــة‬ ‫إىل األســواق‪ ،‬خصوصـاً مــع قــدوم شــهر زمضــان‬ ‫املبــارك‪ ،‬لكــن مــع ذلــك ظلّــت مرتفعــة قياسـاً‬ ‫ألســعارها يف األعــوام الســابقة‪ ،‬فوصــل ســعر‬ ‫كيلــو البنــدورة إىل نحــو ‪ 850‬لــرة‪ ،‬والبطاطــا‬ ‫‪ 500‬لــرة‪ ،‬والباذنجــان ‪ 800‬لــرة‪ ،‬والفليفلــة‬ ‫الخــراء ‪ 2000‬لــرة‪ ،‬ووصــل ســعر ليــر‬ ‫البنزيــن النظامــي إىل ‪ 600‬لــرة‪ ،‬وليــر املــازوت‬ ‫نحــو ‪ 200‬لــرة‪.‬‬

‫أخــرى كالشــعري والكمــون والخضــار والفاكهــة‪،‬‬ ‫وأشــجار الزيتــون التــي تجــاوز عــدد أشــجارها‬ ‫املليــوين شــجرة‪ ،‬كل ذلــك جعلهــا ســلة غذائيــة‬ ‫لســوريا‪ ،‬نتيجــة تنــوع منتجاتهــا الزراعيــة‪،‬‬ ‫إضافــة ملخزونهــا املــايئ الكبــر‪ ،‬هنــاك مخزونهــا‬ ‫النفطــي الــذي يقــارب ‪ 50‬ألــف برميــل يوميـاً‪.‬‬ ‫الوضــع االقتصــادي يف الرقــة بعــد ســيطرة‬ ‫داعــش‪:‬‬ ‫تراجــع اإلنتــاج الزراعــي بشــكل كبــر‪ ،‬نتيجــة‬ ‫توقــف ضــخ امليــاه ملشــاريع الــري الحكوميــة‪،‬‬ ‫أو بشــكل متكــرر‪ ،‬ونــدرة األمطــار أو شــحها‬ ‫مــا أضعــف زراعــات البعــل‪ ،‬وهجــرة اليــد‬ ‫العاملــة‪ ،‬وتحــول معظــم األرايض إىل ٍ‬ ‫أرض بــور‪،‬‬ ‫نتيجــة فــرض أتــاوات جديــدة ليــس للســكان‬ ‫قبــل عــى دفعهــا‪ ،‬مــا أدى لتدهــور الحيــاة‬ ‫الزراعيــة للبلــد إجــاالً‪ .‬مــع وجــود صعوبــة يف‬ ‫تســويق املنتجــات الزراعيــة‪ ،‬بســبب األعــال‬ ‫داعش ما زالت متارس ضغطها‬ ‫الحربيــة‪ ،‬وحواجــز تنظيــم الدولــة‪ ،‬وحواجــز‬ ‫وتضييقها على الناس‬ ‫النظــام‪ ،‬التــي تقــوم مبصــادرة املنتجــات املعــدة‬ ‫للتســويق‪ ،‬إضافــة الرتفــاع أســعار املحروقــات‪،‬‬ ‫التــي تســتخدم وقــودا ً للمحــركات‪ ،‬وانخفــاض يف ظــل هــذه الحيــاة الصعبــة مــا زال عنــارص‬ ‫ســعر اللــرة الســورية أمــام ارتفــاع الــدوالر داعــش ميارســون أســلوب الضغــط عــى النــاس‪،‬‬ ‫والتضييــق عليهــم يف كل مفــردات حياتهــم‬ ‫بشــكل جنــوين‪.‬‬

‫اليوميــة‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي تتقــدم فيــه‬ ‫قــوات ســوريا الدميقراطيــة إلخــراج داعــش‬ ‫مــن مدينــة منبــج ومحيطهــا‪ ،‬واقرتابهــا مــن‬ ‫محيــط مدينــة الرقــة مــن ناحيــة الشــال‪،‬‬ ‫وتقــدم قــوات النظــام باتجــاه مدينــة الطبقــة‪،‬‬ ‫ووصولهــا إىل مشــارف مطــار الطبقــة‪ ،‬مــا زال‬ ‫التنظيــم يصــدر قوانينــه الجائــرة بحــق أهــايل‬ ‫الرقــة‪ ،‬وآخرهــا مصــادرة التلفزيونــات‪ ،‬وأجهــزة‬ ‫االســتقبال الفضــايئ‪ ،‬وتغريــم مــن بحوزتــه‬ ‫هــذه األجهــزة‪ ،‬إن مل يحصــل صاحــب البيــت‬ ‫عــى وثيقــة تطهــر مــن هــذه األجهــزة‪ ،‬فيــا‬ ‫قــام عنــارص التنظيــم مؤخ ـرا ً بجلــد شــخصني‬ ‫(‪ 300‬جلــدة) بجــوار دوار الدلــة بتهمــة‬ ‫قيامهــا بتهريــب املواطنــن إىل تركيــا (بــاد‬ ‫الكفــر)‪ ،‬ومصــادرة ســيارتهام‪.‬‬ ‫الخطــوات التــي يقــوم بهــا عنــارص التنظيــم‪،‬‬ ‫تــأيت يف إطــار تعويــم فكــرة متاســك التنظيــم‬ ‫أمــام تقــدم القــوات باتجــاه الرقــة‪ ،‬وحصارهــا‬ ‫مــن كل الجهــات‪ ،‬ويف محاولــة يائســة‬ ‫الســتقطاب مزيــد مــن املؤيديــن لدولــة‬ ‫الخالفــة املزعومــة‪.‬‬ ‫تكاليف باهظة ملغادرة الرقة‬ ‫يــدرك معظــم أهــايل الرقــة أن تنظيــم الدولــة‬ ‫يســتخدمهم دروعــاً برشيــة‪ ،‬لذلــك يقــوم‬ ‫التنظيــم بخنــق كل محاولــة هــروب باتجــاه‬ ‫تركيــا أو باتجــاه مناطــق حلــب أو حمــص أو‬ ‫حــاة‪ ،‬ويــدرك معظمهــم أن الداخــل إىل الرقــة‬ ‫مفقــود‪ ،‬والخــارج منهــا مولــود‪ ،‬يف ظــل هــذه‬ ‫املعانــاة الصعبــة‪ ،‬ويف ظــل قصــف متواصــل‬ ‫لطــران النظــام والطــران الــرويس‪ ،‬وطــران‬ ‫التحالــف الــدويل‪ ،‬تتواصــل محــاوالت األهــايل‬ ‫يف النــزوح باتجــاه األرايض الواقعــة يف املناطــق‬ ‫األكــر أمنــاً واســتقرارا ً‪ ،‬خصوصــاً باتجــاه‬

‫تركيــا‪ ،‬مــع يقــن معظمهــم وإدراكهــم لحجــم‬ ‫املخاطــرة التــي يقومــون بهــا‪ ،‬والتكاليــف‬ ‫الباهظــة التــي يدفعونهــا مثنــاً لخروجهــم‬ ‫وخالصهــم‪ ،‬وحفاظهــم عــى آخــر مــا تبقــى‬ ‫لهــم مــن فــرص الحيــاة اآلمنــة‪ ،‬هــذا إن قــدر‬ ‫لهــم النجــاة مــن رصــاص الجندرمــا الرتكيــة‪ ،‬أو‬ ‫عنــارص الحاميــة الكرديــة (البيــدا)‪ ،‬أو تجــاوز‬ ‫مناطــق االشــتباكات بــن تنظيــم الدولــة‬ ‫وعنــارص الجيــش الحــر‪ ،‬أو مناطــق االشــتباكات‬ ‫مــع جيــش ســوريا الدميقراطيــة‪ ،‬أو قــوات‬ ‫النظــام يف حــال كانــت الجهــة مدينتــي حمــص‬ ‫أو حــاة‪.‬‬ ‫آخــر األخبــار تؤكــد أن تكلفــة مــرور الشــخص‬ ‫الواحــد وتجــاوزه ملناطــق داعــش تصــل إىل‬ ‫مئتــي ألــف لــرة ســورية‪ ،‬فيــا تجــاوز الحــدود‬ ‫الرتكيــة عــر بوابــة جهوريــة بــاب الســامة التي‬ ‫يقودهــا الرئيــس أبــو عــي ســجو يصــل إىل‬ ‫نحــو ‪ 1500‬دوالر‪ ،‬فيــا ت ـراوح تكلفــة مــرور‬ ‫الشــخص الواحــد عــر املنافــذ غــر النظاميــة مــا‬ ‫بــن ‪ 500‬إىل ‪ 800‬دوالر‪ ،‬مــع مخاطــرة الصنــف‬ ‫الثــاين يف تجــاوز محنــة قناصــات الجندرمــا‪،‬‬ ‫إضافــة للقناصــات اإللكرتونيــة املنصوبــة يف‬ ‫أماكــن عــ ّدة مــن الحــدود الســورية الرتكيــة‪،‬‬ ‫أو يف حــال اإلمســاك بهــم‪ ،‬يتــم إعادتهــم إىل‬ ‫ســوريا عــر املنافــذ النظاميــة‪.‬‬

‫إص��دارات جدي��دة ملنظم��ات اجملتم��ع املدني‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫بدعــم مــن شــبكة أمــان ومرصــد العدالــة‬ ‫مــن أجــل الحيــاة يف ديــر الــزور أصــدر الباحــث‬ ‫منــاف الحمــد‪ ،‬كتــاب املجالــس املحليــة يف‬ ‫ديــر الــزور بالتعــاون يف القســم العمــي مــع‬ ‫الباحــث فيصــل دهمــوش املشــهور‪.‬‬ ‫يتطــرق الكتــاب إىل مفاهيــم اإلدارة املحليــة‬ ‫وأهميتهــا يف تعميــق الحكــم الرشــيد‬ ‫والدميقراطــي والتخلــص مــن االســتبداد‬ ‫واحتــكار الســلطة‪ ،‬باإلضافــة إىل ربــط الحكومة‬ ‫بقاعدتهــا الشــعبية بشــكل صحيــح ومنتخــب‬ ‫وليــس عــر منظــات وهميــة أو تكوينــات‬

‫قبليــة أو شــخصية غــر مأمونــة الصدقيــة كت��اب واق��ع الش��فافية يف املؤسس��ات‬ ‫يف نقــل الواقــع ورســم املســتقبل للوحــدات الس��ورية‬ ‫اإلداريــة‪.‬‬ ‫يرصــد الكتــاب تاريــخ قوانــن اإلدارة املحليــة يف‬ ‫ســورية‪ ،‬وتقلبــات الســلطة وتالعبهــا يف ترســيخ‬ ‫اســتقاللية اإلدارة املحليــة‪ ،‬لإلبقــاء عــى ســلطة‬ ‫القمــع ومتــدد نفــوذه يف املجتمعــات املحليــة‬ ‫وشــل تطورهــا‪.‬‬ ‫يتحــدث الكتــاب عــن تاريــخ املجالــس املحليــة‬ ‫يف ديــر الــزور بعــد قيــام الثــورة‪ ،‬وتداخــات‬ ‫الكثــر مــن الجهــات للتدخــل يف إنشــاء‬ ‫املجالــس املحليــة ســواء بعــض الديريــن مــن‬ ‫املقيمــن يف الســعودية أو الســفري الفرنــي‬ ‫شــوفاليه أو عدنــان العرعــور أو مصطفــى‬ ‫الصبــاغ أو غريهــم مــن املتدخلــن‪.‬‬ ‫ويشــيد الكتــاب بتجربــة البوكــال يف اإلدارة‬ ‫املحليــة عــى مســتوى مدينــة ديــر الــزور‪،‬‬ ‫ويــويص الكتــاب بــرورة تعزيــز فكــرة اإلدارة عــن مركــز املجتمــع املــدين والدميقراطيــة يف‬ ‫املحليــة واســتقالل املجالــس إداريــاً وليــس ســورية ومعهــد ‪ ،Hivos‬صــدر كتــاب واقــع‬ ‫سياســياً‪ ،‬ورضورة ســيطرة املواطنــن عــى الشــفافية يف املؤسســات الســورية وهــو عبــارة‬ ‫املــوارد املحليــة‪ ،‬وتعزيــز فكــرة الحكــم الرشــيد‪ ،‬عــن بحــث اســتطالعي يرصــد واقــع الشــفافية‬ ‫وتأمــن األمــان هــو الــرورة األوىل لقيــام يف ‪ 280‬مؤسســة ســورية‪.‬‬ ‫الباحــث الرئيــي هــو محمــد الجســيم‪،‬‬ ‫مجالــس محليــة ناجحــة‪.‬‬ ‫والبحــث امليــداين لفريــق مركــز املجتمــع‬ ‫ويتطــرق الكتــاب إىل اســتيالء داعــش عــى املــدين والدميقراطيــة‪ ،‬قــ ّدم للكتــاب مديــر‬ ‫املجالــس املحليــة وخرباتهــا وإجبــار أعضــاء يف برنامــج الشــفافية يف املركــز عمــر الــراوي‪،‬‬ ‫اإلدارة املحليــة عــى دورات االســتتابة باعتبــار وأشــاد الباحــث دانيــال ســارور مــن معهــد‬ ‫جونــز هوبكنــز األمريــي بالتجربــة الدميقراطية‬ ‫كل النــاس كفــار قبــل مجيئهــم‪.‬‬

‫الناميــة للمجتمــع املــدين الســوري وأهميــة‬ ‫تطويــره ليكــون بدي ـاً عــن االســتبداد‪ ،‬وأشــاد‬ ‫بشــجاعة الســوريني ومؤسســاتهم لالنتقــال إىل‬ ‫الحيــاة الحــرة رغــم الصعوبــات الكبــرة التــي‬ ‫تعيقهــم‪.‬‬ ‫يتحــدث التقريــر عــن احتــكار الحاكــم العــريف‬ ‫الســوري لســلطات مطلقــة دمــرت الحيــاة‬ ‫املدنيــة الســورية‪ ،‬وأعاقــت الحريــة ومنــو‬ ‫املجتمــع‪ ،‬واحتــكار الحيــاة السياســية‪ ،‬والهيمنة‬ ‫عــى االقتصــاد بطــرق غــر مرشوعــة أشــبه مــا‬ ‫تكــون باالغتصــاب والرسقــة العلنيــة‪.‬‬ ‫يتحــدث التقريــر عــن أهميــة أن يقــوم النــاس‬ ‫املســتفيدون مــن األمــان واالســتقرار واالقتصــاد‪،‬‬ ‫بحاميــة مصالحهــم ومراقبــة املؤسســات القامئة‪،‬‬ ‫وعــدم االكتفــاء باإلج ـراءات البريوقراطيــة غــر‬ ‫النزيهــة التــي رسقــت بالدهــم‪.‬‬ ‫يتحــدث الكتــاب عــن أهميــة ربــط القاعــدة‬ ‫الشــعبية بالســلطة عــن طريــق منظــات‬ ‫املجتمــع املــدين‪ ،‬ومراقبتهــا لترصفــات‬ ‫املســؤولني ومحاســبتهم ومقاضاتهــم‪ ،‬والحــد‬ ‫مــن احتكارهــم للقــرارات املاليــة واإلداريــة‬ ‫والسياســية‪.‬‬ ‫ومــن التوصيــات املهمــة للتقريــر رضورة تبنــي‬ ‫الشــفافية واملســاءلة فكـرا ً وعمـاً‪ ،‬ورضورة بناء‬ ‫املؤسســات بشــكل هيــكيل وإداري صحيــح‪،‬‬

‫وليــس بنــا ًء ارتجاليــاً ومصلحيــاً للمنظــات‬ ‫املدنيــة الســورية‪ ،‬ورضورة العلنيــة املاليــة‬ ‫واإلداريــة ومشــاركة كل مــن املســتفيدين‬ ‫والداعمــن لــكل املعلومــات املتوفــرة بــكل‬ ‫شــفافية‪.‬‬ ‫وقــد صــدر كتــاب داعــم لنفــس املؤسســات‬ ‫ونفــس الباحثــن وهــو كتــاب (املســاءلة‬ ‫املجتمعيــة يف ســورية)‪ .‬وهــو أيضــاً بحــث‬ ‫اســتطالعي يرصــد واقــع مســاءلة األفــراد‬ ‫للمؤسســات يف عــر مجتمعــات محليــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جت��ارة األعض��اء البش��رية ج ّراحه��ا ترك��ي ومسس��ارها إس��رائيلي‬ ‫والسعودية تتصدر الدول املستوردة‬

‫‪3‬‬

‫الحرملي‬ ‫بني الفلوجة والرقة‪..‬؟!‬

‫عروة المهاوش‬

‫ويف ارسائيــل بالتهمــة ذاتهــا‪ ،‬وهــي «اإلتجــار بالبــر»‪،‬‬ ‫لكنــه اســتطاع الهــروب مــن إرسائيــل قبيــل القبــض‬ ‫عليــه يف تركيــا‪ ،‬فيــا مــددت الســلطات الرتكيــة فــرة‬ ‫اعتقالــه إىل ‪ 40‬يومـاً الســتكامل عمليــة التحقيــق معــه‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق ذكــرت صحيفــة وطــن الرتكيــة أن‬ ‫املدعــو وولفــان وصــل إىل تركيــا بهــدف توســيع‬ ‫نشــاطه غــر القانــوين املتمثــل بتجــارة األعضــاء‬ ‫البرشيــة‪ ،‬عــن طريــق اســتغالل الالجئــن الســوريني‪،‬‬ ‫وأنــه رتــب مــع مستشــفيات تركيــة خاصــة إجــراء‬ ‫عمليــات الحصــول عــى تلــك األعضــاء‪.‬‬ ‫مبالــغ خياليــة تصــل إىل ‪ 100‬ألــف يــورو يدفعهــا‬ ‫املتلقــي بينــا ال يحصــل املتــرع إال عــى مبالــغ زهيــدة‬ ‫ال تتعــدى عــرات اآلالف مــن الــدوالرات ال تكفيــه‬ ‫مثــن العــاج بعــد إجــراء العمليــة معرضــاً حياتــه‬ ‫للمــوت‪.‬‬

‫نشــطت مافيــات االتجــار باألعضــاء البرشيــة بعــد‬ ‫الربيــع العــريب بشــكل مقلــق جــدا ً‪ ،‬حيــث يتعــرض‬ ‫الكثــر مــن الالجئــن لعمليــات النصــب واالحتيــال‬ ‫نتيجــة الفاقــة املاديــة‪ ،‬والعــوز للــال مــن أجــل‬ ‫الحيــاة‪.‬‬ ‫عامــل ســوري يبيــع كليتــه مببلــغ ال‬ ‫ٌ‬ ‫ففــي لبنــان‬ ‫يتعــدى ‪ 9‬أالف دوالر فقــط ألنــه مضطــر لـراء أدويــة‬ ‫البنتــه املصابــة بالربــو‪ ،‬واالســتمرار بتأمــن مســتلزمات‬ ‫حياتــه الصعبــة‪.‬‬ ‫آخــر بــاع كليتــه مقابــل ‪ 10‬آالف دوالر يك يكتشــف‬ ‫بعدهــا أنــه تعــرض للنصــب واالحتيــال‪ ،‬فبعــد صحوتــه‬ ‫مــن التخديــر ِقيــل لــه أن املشــري لــن يدفــع لــك مــاالً‬ ‫بــل قطعــة أرض صغــرة تســتطيع بنــاء بيــت عليهــا‪،‬‬ ‫وال يختلــف األمــر كثــرا ً يف الداخــل الســوري عــن‬ ‫خــارج الحــدود‪ ،‬فقــد أقدمــت مواطنــة ســورية عــى هجرة غري شرعية وموت مرتقب‬ ‫بيــع كليتهــا لتدفــع مثنهــا رشــوة ملســؤولني يف النظــام تعــد تركيــا محطــة جــذب للمهاجريــن مــن ثــاث‬ ‫مقابــل اإلف ـراج عــن زوجهــا املعتقــل‪.‬‬ ‫قــارات‪ ،‬ويف ظــل الحــرب الســورية نشــطت تلــك‬ ‫الهجــرة بشــكل كبــر نتيجــة الــراع الدائــر فيهــا‪،‬‬ ‫وذلــك مــن مناطــق العبــور غــر النظاميــة‪ ،‬والتــي‬ ‫السمسار اإلسرائيلي‬ ‫قادم ـاً مــن بانكــوك إىل مطــار اســتنبول الــدويل‪ ،‬وتــم يقــدر عددهــا بـــ‪ 200‬منطقــة للتهريــب البــري‪ ،‬فيــا‬ ‫اعتقالــه فــورا ً مــن قبــل أمــن املطــار ويدعــى «بوريــس ذكــر ضابــط يف دائــرة الهجــرة الرتكيــة ويدعــى «محمــد‬ ‫وولفــان»‪ ،‬وهــو مطلــوب لــدى األنرتبــول الــدويل‪ ،‬تريزفلــو» أن تجــارة تهريــب الالجئــن أصبحــت نشــطة‬

‫جــدا ً كــون العقوبــات عــى تهريــب البــر أقــل رصامة‬ ‫مــن غريهــا‪.‬‬ ‫عمليــات التهريــب البــري هــذه دون ضوابــط جعلت‬ ‫الكثرييــن مــن تجــار األعضــاء البرشيــة يزيــدون مــن‬ ‫نشــاطهم املشــبوه‪ ،‬ومــن عمليــات البيــع والــراء‬ ‫واإلتفــاق مــع بعــض املشــايف إلج ـراء تلــك العمليــات‬ ‫وبيعهــا يف وقــت الحــق ملتلقــن يف دول الجــوار‪.‬‬ ‫تصــدرت الســعودية قامئــة الــدول املســتوردة لألعضــاء‬ ‫البرشيــة‪ ،‬فيــا اعتلــت مــر قامئــة الــدول املصــدرة‪،‬‬ ‫كــا تعــد مدينــة بريشــيتينا «عاصمــة كوســفو» مركـزا ً‬ ‫رئيس ـاً لتلــك التجــارة املحرمــة دولي ـاً‪ ،‬حيــث يتوافــد‬ ‫إليهــا املــرىض الراغبــن يف الحصــول عــى تلــك األعضــاء‬ ‫مــن مختلــف أنحــاء العــامل‪ ،‬وتشــر تقاريــر األمــم‬ ‫املتحــدة إىل إجــراء مــا يزيــد عــى ‪ 10‬آالف جراحــة‬ ‫ســنوياً لعمليــات زرع كىل‪ ،‬ففــي أوربــا وحدهــا يقــف‬ ‫نحــو ‪ 40‬ألــف مريــض عــى قامئــة االنتظــار للحصــول‬ ‫عــى كليــة مــن متــرع‪.‬‬ ‫يتعــرض الالجئــون يف دول العــامل لشــتى أنــواع‬ ‫االســتغالل البــري بــكل أنواعــه‪ ،‬ويبقــى الالجــئ‬ ‫الســوري أكرثهــم تعرضـاً لهــذا االســتغالل يف ظــل غياب‬ ‫أي دور للرقابــة واملحاســبة يف تلــك الــدول‪ ،‬وخاصــة‬ ‫أن بعــض الــدول كرتكيــا مثـاً مل تعـ ِ‬ ‫ـط للســوريني حــق‬ ‫اللجــوء يك يتمكنــوا مــن مقاضــاة مــن يســتغلهم‪.‬‬

‫مجعي��ات خريية توث��ق أعماهلا بالصورة يف ريف محص الش��مالي‬ ‫اس��تغالل الحتياج��ات املواطن�ين‪ ،‬وتوزي��ع وجبة إفط��ار صائم لذوي القرب��ى واألصدقاء‬

‫حمص ‪ -‬عبد الكريم خشفة‬

‫ســجلت أســعار الفــروج يف ريــف حمــص الشــايل‬ ‫أرقامـاً غــر مســبوقة مــع دخــول شــهر رمضــان املبــارك‪،‬‬ ‫وقيــام عــدد مــن الجمعيــات الخرييــة بســحب كميــات‬ ‫كبــرة مــن هــذه املــادة بحجــة قيامهــا بتوزيــع وجبــات‬ ‫إفطــار الصائــم عــى املواطنــن‪ ،‬ووصــل ســعر الكيلــو‬ ‫غ ـرام الواحــد إثــر هــذه املكرمــة إىل مــا يقــارب ‪1400‬‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬فيــا وصــل ســعر الكيلــو الواحــد مــن‬ ‫مــادة الــرز ‪ 200‬لــرة‪ ،‬وهــو مــا يعــرف بــرز املســاعدات‪،‬‬ ‫ومــادة الزيــت ‪ 700‬للــر الواحــد‪ ،‬ومــادة الســمن‬ ‫‪ 4900‬للعبــوة الواحــدة زنــة أربعــة كيلــو‪ ،‬أمــا أســعار‬ ‫املحروقــات فقــد وصــل ســعر أســطوانة الغــاز إىل نحــو‬ ‫‪ 9000‬لــرة‪ ،‬وليــر البنزيــن ‪ 700‬لــرة‪ ،‬وليــر املــازوت ‪600‬‬ ‫لــرة‪ ،‬وكيلــو الغــاز الواحــد بـــ‪ 1000‬لــرة‪ ،‬أمــا بالنســبة‬ ‫ملــادة الخبــز فقــد وصــل ســعر الربطــة وزن ‪ 700‬غ ـرام‬ ‫إىل نحــو ‪ 100‬لــرة‪.‬‬ ‫وكانــت بعــض الجمعيــات الخرييــة يف خطــوة دعائيــة‪،‬‬ ‫وحســب طلــب الداعمــن‪ ،‬كــا تدعــي‪ ،‬قامــت بتوزيــع‬ ‫وجبــة غذائيــة شــحيحة عــى عــدد مــن األرس تحــت‬ ‫شــعار «إفطــار صائــم» يف ظــل ارتفــاع أســعار املــواد‬ ‫ونــدرة معظمهــا‪ ،‬نتيجــة الحصــار املتواصل عــى املنطقة‪،‬‬ ‫واالشــتباكات املتواصلــة بــن عنــارص النظام وقــوى الثورة‪،‬‬

‫وتهــدف مــن ورائهــا تصويــر معانــاة الســوريني بشــكل‬ ‫دعــايئ مــن أجــل اســتقطاب مزيــد مــن الداعمــن‪ ،‬بــدالً‬ ‫مــن تخصيــص ســال غذائيــة وتوزيعهــا بشــكل عــادل‬ ‫عــى جميــع أرس الريــف الشــايل ملحافظــة حمــص‪.‬‬ ‫عل ـاً أن هــذه الجمعيــات تقــوم بتوزيــع وجبــة إفطــار‬ ‫صائــم عــى األهــايل (ضمــن املحســوبيات الخاصــة)‬ ‫فقــط‪ ،‬كــا أنهــا تــوزع ملــرة واحــدة فقــط‪ ،‬وهنــا نقــف‬ ‫قليـاً ونتســاءل لــو أن الجمعيــات بســعر هــذه الوجبــة‬ ‫التــي تدعــي توزيعهــا قامــت بــراء ســال ومــواد‬

‫غذائيــة‪ ،‬ووزعتهــا عــى جميــع األهــايل وبشــكل عــادل‪،‬‬ ‫أليســت هــذه الطريقــة مجديــة وأكــر إحســاناً مــن‬ ‫هــذه الوجبــة‪ ،‬التــي ال تحتــوي ســوى النــزر اليســر مــن‬ ‫اللحــم والــرز؟ ولــو أنهــا فكــرت بطريقــة صحيحــة ملــا‬ ‫وصــل ســعر الفــروج إىل هــذه األســعار‪ ،‬علـاً أن ســعره‬ ‫قبــل رمضــان مل يكــن يتجــاوز ‪ 850‬لــرة‪ ،‬وملــا فكــرت‬ ‫جمعياتنــا بتأمــن الدعــم ملصالحهــا الشــخصية‪ ،‬ومل تسـ َع‬ ‫لتوثيــق أعاملهــا بالصــورة‪ ،‬وتشــوه إحســانها بالتباهــي‬ ‫والتبــايك عــى معانــاة الســوريني‪.‬‬

‫يوسف دعيس‬ ‫هــل هنــاك قــرار أمريــي بدخــول الحشــد الشــعبي إىل‬ ‫الفلوجــة العراقيــة؟ وهــل هنــاك قـرار باســتباحة دمــاء األبريــاء‬ ‫فيهــا؟ وهــل مقــدر أن تُنصــب الفخــاخ ألهــل الفلوجــة‪ ،‬وأن‬ ‫ترتكــب بحقهــم املجــازر عــى مــرأى ومســمع العــامل؟ وهــل‬ ‫هنــاك ق ـرار أمريــي بدخــول الرقــة وتحريرهــا مــن داعــش؟‬ ‫ومــا هــي حظــوظ النظــام الســوري املجــرم يف داخــل نــادي‬ ‫محاربــة اإلرهــاب؟ وهــل مقــدر للرقــة أن يكــون مصريهــا‬ ‫القــادم شــبيهاً مبــا يجــري يف الفلوجــة؟‬ ‫هنــاك تقاطعــات ع ـ ّدة بــن الفلوجــة والرقــة‪ ،‬ولعـ ّـل الفــارق‬ ‫الوحيــد بينهــا أن الفلوجــة أكــر تجــذرا ً بالديــن‪ ،‬مــع وجــود‬ ‫رمزيــة تنفــرد بهــا الرقــة عــن الفلوجــة‪ ،‬الرمزيــة الفارقــة التــي‬ ‫جعلــت مــن قــدر الرقــة أن تكــون عاصمــة دولــة الخالفــة‪ ،‬ومــا‬ ‫عــدا ذلــك فســات مشــركة تجمــع البلدتــن‪ ،‬واملقــدر لهــا أن‬ ‫تغرقــا يف الدمــاء عــى أيــدي ميلشــيات الحقــد الطائفــي‪.‬‬ ‫يُــدرك أهــل الرقــة حجــم الكارثــة التــي تنتظــر بلدهــم يف‬ ‫قــادم األيــام‪ ،‬ولعــل املشــهد الــذي تجــري أحداثــه يف الفلوجــة‪،‬‬ ‫سـيُعطي شــكالً محتمـاً ملــا ينتظــر الرقــة مــن أحــداث جســام‪،‬‬ ‫مل تشــهد الرقــة مثلهــا يف الســابق‪ ،‬ولعــل الفيتــو األمريــي الــذي‬ ‫تــم وضعــه مــن قبــل راعــي اإلرهــاب األول‪ ،‬ومديــر اللعبــة‪،‬‬ ‫ومحــرك الدمــى والبيــادق‪ ،‬وأقصــد تحديــدا ً أمريــكا‪ ،‬ملســتقبل‬ ‫الرقــة مــن منظــار يســتثني قــوى املعارضــة‪ ،‬وتطلعــات الشــعب‬ ‫يف الحريــة والكرامــة‪ ،‬فهــو يحــاول رســم مشــهد لألحــداث‬ ‫املرتقبــة للرقــة بعنجهيــة ســافرة‪ ،‬وغــر مكرتثــة بقوانــن حقــوق‬ ‫اإلنســان وغريهــا يف ظــل تعامــي هــذه املؤسســات عـ ّـا يجــري‬ ‫مــن أحــداث‪ ،‬إن كان ق ـرا ً أو ترهيب ـاً أو ترغيب ـاً‪.‬‬ ‫قــوات ســوريا الدميقراطيــة تحــارص منبــج‪ ،‬املعقــل الثــاين‬ ‫لداعــش يف ســوريا‪ ،‬وقــوات النظــام وصلــت إىل مشــارف‬ ‫الطبقــة‪ ،‬وهــي تنظــر بالعــن املجــردة إىل مطارهــا‪ ،‬وتتطلــع‬ ‫للســيطرة عــى الطبقــة ومطارهــا‪ ،‬وشــال الرقــة مــا زال‬ ‫ملتهبـاً‪ ،‬وجبهــة ثــوار الرقــة مــا زالــت تعانــد وبــإرصار ملقاتلــة‬ ‫داعــش دون أي إســناد جــوي‪ ،‬أو دعــم مــن التحالــف أو غــره‪،‬‬ ‫ومــا زال التنظيــم وعنــارصه يعيشــون خــارج الزمــن‪ ،‬وخــارج‬ ‫التاريــخ‪ ،‬ومــا زالــت قراراتهــم تض ّيــق عــى أهــل الرقــة‪ ،‬وتخنــق‬ ‫آخــر أشــكال الحيــاة يف مدينتهــم املنــذورة للمــوت‪.‬‬ ‫الراعــي األمريــي للعبــة املــوت يف ســوريا‪ ،‬ومــن خلفــه بيــادق‬ ‫القتلــة املتمثلــة يف روســيا وإي ـران وكل دعــاة املــوت ورعاتــه‪،‬‬ ‫ميارســون سياســة التقتيــل والتجويــع واإلخضــاع بحــق ال ُعــزل‬ ‫مــن أهلنــا‪ ،‬ومــا زالــت املنــايف حلـاً ملــن ظـ ّـل تحــت الحصــار‬ ‫املطبــق مــن كل جهــات األرض‪.‬‬ ‫مــا تنتظــره الرقــة مؤجــل إىل حــن‪ ،‬وبظنــي أن القــوات التــي‬ ‫متتلــك تأثــرا ً عــى األرض لــن تتعــدى الحــدود املرســومة‬ ‫لهــا مــن قبــل الالعــب األكــر‪ ،‬الــذي يديــر اللعبــة باســتهتار‬ ‫بعقــول البــر وحيــوات أبريــاء ينتظــرون بلهفــة بصيــص أمــل‬ ‫يف مســتقبل مجهــول‪ ،‬وســتعيش الرقــة حصــارا ً خانقــاً رمبــا‬ ‫ســيكون األكــر واألعنــف يف تاريخهــا الحديــث‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل االقتصاد‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫بعض السوريني يرممون بيوتهم رغم استمرار احلرب‪...‬‬

‫إع��ادة إعم��ار س��ورية سيس��اهم يف خل��ق ف��رص عم��ل وستس��اهم برتمي��م بني��ة اجملتم��ع الس��وري!‬ ‫البن��ك الدول��ي يق ّي��م الدم��ار يف س��ت م��دن س��ورية لي��س بينه��ا أي مدين��ة يف اجلزي��رة الس��ورية!‬

‫أهمية التخطيط إلعادة إعمار سوريا بعد انتهاء احلرب‬

‫البنك الدولي‪ -‬وكاالت‬ ‫رغــم اســتمرار الـراع عــى أرض الواقــع‪ ،‬هــل ميكــن‬ ‫لصــور األقــار الصناعيــة وتحليــات وســائل التواصــل‬ ‫االجتامعــي أن تســاعد يف التخطيــط إلعــادة إعــار ســوريا‬ ‫بعــد انتهــاء الحــرب؟ الجــواب‪ ،‬نعــم ممكــن‪ .‬فقــد أعــدت‬ ‫مبــادرة للبنــك الــدويل وهــي “مبــادرة املعلومــات والبحــوث‬ ‫املتعلقــة بســوريا (‪ ،)SIRI‬رســاً تخطيطيــاً للدمــار الــذي‬ ‫حــل بســت مــدن رئيســية يف ســوريا‪ -‬ومواقع هــذه األرضار‪-‬‬ ‫واملنشــآت والخدمــات التــي مازالــت تعمــل وتلــك التــي‬ ‫توقفــت عــن العمــل‪ .‬وكــا يســاعدنا تطبيــق ســري أبــل‬ ‫(‪ )Apple’s Siri‬عــى العثــور عــى املعلومــات‪ ،‬فــإن مبــادرة‬ ‫املعلومــات والبحــوث املتعلقــة بســوريا ميكنهــا املســاعدة‬ ‫عــى تقديــر تكلفــة إصــاح األرضار‪.‬‬ ‫ويســعى البنــك الــدويل لالســتفادة مــن التكنولوجيــا املتاحة‪،‬‬ ‫حيــث يقــول فريــد بلحــاج‪ ،‬املديــر اإلقليمــي لدائــرة الــرق‬ ‫األوســط بالبنــك الــدويل‪“ ،‬إن البنــك يســتخدم أحــدث‬ ‫وســائل التكنولوجيــا واألســاليب التــي تــم تجريبهــا مســبقاً‬ ‫ليكــون عــى أهبــة االســتعداد لبــدء العمــل يف ســوريا يف‬ ‫الوقــت املناســب عندمــا تخــف حــدة الـراع‪ .‬فالتكنولوجيــا‬ ‫ميكــن أن تتيــح لنــا أيضــا وضــع خطــط واقعيــة وقابلــة‬ ‫للتطبيــق يف ســوريا قبــل أن تنتهــي الحــرب وبطريقــة مل‬ ‫تكــن يف وســعنا مــن قبــل”‪.‬‬ ‫ويجــري حالي ـاً تكييــف تقنيــات جمــع البيانــات عــن بُعــد‬ ‫الخاصــة بالكــوارث الطبيعيــة‪ ،‬والتــي خضعــت لالختبــار‬ ‫لعقــود‪ ،‬لــي تقــوم بجمــع البيانــات عنــد وقــوع الكــوارث‬ ‫التــي يتســبب فيهــا البــر‪ .‬وعــن ذلــك‪ ،‬يقــول راجــا ريهــان‬ ‫أرشــاد‪ ،‬كبــر أخصائيــي إدارة مخاطــر الكــوارث مبجموعــة‬ ‫البنــك الــدويل “مثــة طلــب متزايــد عــى البــدء يف النظــر‬ ‫فيــا ســتؤول إليــه الحــال غــدا‪ ،‬ولكــن مــن منظــور اليــوم‬ ‫الســابق‪ ”.‬ومــن املفــرض أن يكــون هــذا مكمــا‪ ،‬وليــس‬ ‫بديــا‪ ،‬للتقدي ـرات التــي تتــم عــى أرض الواقــع مبجــرد أن‬ ‫يتســنى إجراؤهــا‪.‬‬ ‫وتركــز النتائــج التــي توصــل إليهــا فريــق البحــث حتــى‬ ‫اآلن‪ ،‬عــى ســت مــدن ســورية رئيســية‪ -‬هــي حلــب ودرعــا‬ ‫وحــاة وحمــص وإدلــب والالذقيــة‪ .‬وعــى صعيــد تقديــر‬ ‫األرضار‪ ،‬متثــل هــذه نقطــة انطــاق مهمــة‪ :‬ولنأخــذ حلــب‪،‬‬ ‫مبجدهــا العريــق وذيــوع صيتهــا كمركــز اقتصــادي عاملــي‬ ‫قديــم‪ .‬حيــث تظهــر صــور األقــار الصناعيــة أن حلــب هــي‬ ‫أكــر املــدن الســورية تــررا مــن الحــرب مقارنــة باملــدن‬ ‫األخــرى التــي شــملها التقييــم‪ .‬وتــأيت حمــص يف املرتبــة‬ ‫الثانيــة مــن حيــث املــدن األكــر تــررا ً مــن الحــرب‪ ،‬تليهــا‬ ‫حــاة‪.‬‬

‫ســبيل املثــال‪ ،‬تضاعفــت األرضار التــي حلــت بحلــب خــال‬ ‫العامــن املاضيــن؛ ويف حمــص زاد مبقــدار الثلــث‪ .‬وهنــاك‬ ‫أيضــا مفاجــآت‪ :‬إذ يبــدو مــن صــور األقــار الصناعيــة قبــل‬ ‫تصاعــد القتــال مؤخـرا ً يف حلــب‪ ،‬أن النــاس يف بعــض مناطق‬ ‫املدينــة كانــوا يقومــون ببعــض اإلصالحــات ملنازلهــم‪ ،‬حتــى‬ ‫مــع اســتمرار القتــال يف مناطــق أخــرى منهــا‪ .‬وأضــاف‬ ‫أرشــاد “حتــى يف مدينــة تعيــش يف خضــم ال ـراع‪ ،‬تتجــى‬ ‫أمنــاط مــن إعــادة اإلعــار‪”.‬‬ ‫ص��ور األقم��ار الصناعي��ة تظه��ر املواق��ع ال�تي حتت��اج‬ ‫إىل املس��اعدة‬ ‫تــويل مجموعــة البنــك الــدويل لبيانــات تقديــر األرضار‬ ‫أهميــة كــرى ألنهــا تعطــي فكــرة عــن اآلثــار املرتتبــة عــى‬ ‫الــراع‪ .‬وقطــاع اإلســكان يف ســوريا هــو أكــر القطاعــات‬ ‫تــررا؛ فإعــادة بنــاء مــا تــم تدمــره يف ســت مــدن ســورية‬ ‫حتــى اليــوم يف قطاعــات اإلســكان والصحــة والتعليــم‬ ‫وامليــاه والــرف الصحــي والنقــل والطاقــة يقــدر بنحــو ‪6‬‬ ‫مليــارات دوالر‪ .‬كــا أن البيانــات الخاصــة بتلــك القطاعــات‬ ‫تســاعد يف وضــع تقديــرات مرجعيــة‪ .‬والطاقــة هــي ثــاين‬ ‫أشــد القطاعــات تــررا‪ ،‬مــع اعتــاد الكثــر مــن النــاس‬ ‫عــى املولــدات للحصــول عــى الكهربــاء‪.‬‬ ‫احلد األدنى‬ ‫احلد األعلى‬ ‫لألضرار‬ ‫لألضرار‬ ‫(باملليون دوالر) (باملليون دوالر)‬

‫‪215‬‬ ‫‪1445‬‬ ‫‪469‬‬ ‫‪4958‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪176‬‬ ‫‪1182‬‬ ‫‪383‬‬ ‫‪4056‬‬ ‫‪128‬‬ ‫‪99‬‬

‫ويف هــذا الســياق‪ ،‬يقــول فريــد بلحــاج “كان مــن املمكــن‬ ‫أن تكــون ســوريا مكانــا أفضــل إذا مل تحــدث هــذه الخســائر‬ ‫البرشيــة واملاديــة املرعبــة التــي ســببتها هــذه الحــرب‬ ‫الوحشــية واملأســاوية‪ .‬لكــن اليــوم‪ ،‬وقبــل أن ينجــي غبــار‬ ‫الحــرب‪ ،‬يتعــن أن تتضافــر الجهــود يف املنطقــة ســواء مــن‬ ‫خــال املواطنــن أو رواد االعــال وغريهــم لإلعــداد ملــا‬ ‫بعــد الحــرب‪ ،‬حتــى يتــم خلــق فــرص عمــل أكــر ويتحقــق‬ ‫النمــو االقتصــادي املطلــوب‪ ،‬وإن كان لألســف بشــكل جــزيئ‪،‬‬ ‫للمســاعدة عــى اســتعادة األمــل والبــدء يف الســر عــى درب‬ ‫طويــل وصعــب نحــو املصالحــة والســام‪”.‬‬

‫أماكــن أخــرى‪ .‬ومل يحــدث إال يف الحــرب العامليــة الثانيــة‬ ‫أن تجنبــت طائــرات الحلفــاء قصــف مصانــع األســمنت‬ ‫والطــوب األملانيــة حتــى تســتفيد البــاد مــن عمليــة إعــادة‬ ‫إعامرهــا بعــد الحــرب‪.‬‬ ‫ويتمثــل أحــد املقرتحــات يف إنشــاء صنــدوق اللتزامــات‬ ‫الــراء املســبقة ملــواد البنــاء التــي ميكــن إنتاجهــا –‬

‫القطاع‬ ‫التعليم‬ ‫الطاقة‬ ‫الصحة‬ ‫اإلسكان‬ ‫الطرق‬

‫املياه والصرف الصحي‬ ‫والصحة العامة‬

‫اإلمجالي‬

‫‪6025‬‬ ‫‪7364‬‬ ‫ويعتقــد فريــق مبــادرة املعلومــات والبحــوث أنــه ميكــن‬ ‫االسرتشــاد مبثــل هــذه البيانــات يف حــل النزاعــات حتــى‬ ‫عنــد جمعهــا عــن بُعــد‪ ،‬وذلــك مــن خــال تحديــد “الفــرص‬ ‫الســانحة”‪ .‬فهــذه فــرص موجــودة‪ ،‬وكثــرا مــا تلعــب‬ ‫املجتمعــات املحليــة دورا رئيســيا يف االســتفادة منهــا‪ ،‬وميكن‬ ‫دعمهــا ملســاعدة التعــايف عــى املســتوى املحــي والحــد مــن‬ ‫مخاطــر االنــزالق ثانيــة إىل الــراع‪.‬‬ ‫كــا ميكــن اســتخدام البيانــات ملســاعدتنا يف توضيــح مــا‬ ‫ينبغــي البحــث عنــه؛ فالالذقيــة الواقعــة عــى الســاحل‬ ‫الســوري للبحــر املتوســط مل تتعــرض مبانيهــا لكثــر مــن‬ ‫األرضار‪ ،‬إال أن أعــدادا كبــرة مــن النازحــن ممــن يعيشــون‬ ‫حولهــا قــد يشــكلون ضغوطــا عــى الخدمــات العامــة بهــا‬ ‫ويجعلــون مــن الصعــب إتاحتهــا للجميــع بشــكل عــادل‪.‬‬

‫منصة إلعادة إعمار سوريا‬ ‫مــع وجــود الكثــر مــن الدمــار الــذي يتعــن إصالحــه‪،‬‬ ‫ســتكون إعــادة اإلعــار هــي القــوة املنشــطة لالقتصــاد‬ ‫الســوري فيــا بعــد انتهــاء الحــرب‪ .‬لكــن مــن الــذي‬ ‫وتتيــح هــذه الصــور وصفــا تاريخيــا لألحــداث‪ :‬فبالنظــر ســيكون أكــر اســتفادة مــن طفــرة البنــاء بعــد الحــرب؟‬ ‫إىل املشــاهد مــن عــام ‪ 2014‬إىل عــام ‪ ،2016‬ميكــن تحديــد كانــت أغلــب مــواد البنــاء التــي اســتخدمت يف إقليم أتشــيه‬ ‫متــى حــدث أغلــب الدمــار يف املــدن الســورية‪ .‬فعــى اإلندونيــي‪ ،‬وكذلــك يف أفغانســتان والعـراق‪ ،‬مســتوردة مــن‬ ‫الخــارج‪ ،‬مــا أدى إىل تدفــق األمــوال وخلــق الوظائــف يف‬

‫وتخزينهــا‪ -‬يف منطقــة الــرق األوســط يف الوقــت الراهــن‪.‬‬ ‫قــال ناجــي بــن حســن‪ ،‬املديــر بقطــاع املامرســات العامليــة‬ ‫للتجــارة والقــدرة التنافســية مبجموعــة البنــك الــدويل‪،‬‬ ‫“لــن يكــون هــذا لليــوم التــايل‪ .‬بــل لليــوم الــذي يســبقه‪.‬‬ ‫ويهــدف ذلــك إىل خلــق فــرص عمــل اليــوم ألنــه خــال‬ ‫العــر ســنوات القادمــة ســتكون هنــاك حاجــة إىل مليــارات‬ ‫الــدوالرات إلصــاح قطــاع املســاكن الســوري”‪ .‬وميكــن‬ ‫للبيانــات التــي تجمعهــا مبــادرة املعلومــات والبحــوث أن‬ ‫تســاعد يف التنبــؤ “بعــدد النوافــذ التــي ســيتعني بناؤهــا”‬ ‫واالحتياجــات األخــرى‪ .‬وقــد تكــون هنــاك فجــوات يف‬ ‫الســوق لتصنيــع املواســر‪ ،‬لكــن ليــس لتصنيــع األســمنت‬ ‫املوجــود بوفــرة‪.‬‬ ‫ولــي ينجــح هــذا الصنــدوق يف عملــه‪ ،‬فإنــه يحتــاج إىل‬ ‫دعــم املانحــن باإلضافــة إىل الدعــم التجــاري‪ ،‬وإىل التوصــل‬ ‫إىل اتفــاق عاملــي ملنــح األفضليــة لـراء مــواد البنــاء املنتجــة‬ ‫يف املنطقــة‪ .‬إن ســوريا لــن تكــون عندمــا تنتهــي الحــرب‬ ‫كــا كانــت عليــه – بــل ســتكون قــد تغــرت بدرجــة هائلــة‪.‬‬ ‫إذا تــم التوصــل إىل اتفــاق ســيايس‪ ،‬فــإن إعــادة إعــار‬ ‫ســوريا ســيتيح فرصــا ســتخدم الســوريني والبلــدان املضيفــة‬ ‫واملجــاورة لهــم‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪5‬‬

‫انهيار اللرية السورية وحماوالت بائسة إلحيائها؟!‬ ‫د‪ .‬عبدالقادر العلي‬ ‫بالعــودة إىل مثانينــات القــرن املــايض‪ ،‬حــن‬ ‫اختلــف حافــظ األســد مــع شــقيقه رفعــت‪،‬‬ ‫وأتبــاع كل منهــا عــى الســلطة يف ســوريا‪،‬‬ ‫أظهــر هــذا الخــاف أن الدولــة واقتصادهــا‬ ‫ومجتمعهــا مــا هــي إال رهينــة بيــد عائلــة ال‬ ‫تــرى يف الدولــة الســورية إال كغنيمــة ارتُهِنــت‬ ‫لحــل خــاف بــن أخوين‪ ،‬وحــل املشــكلة بينهام‬ ‫عــى حســاب الشــعب الســوري‪ ،‬الخــاف الــذي‬ ‫حصــل مبوجبــه األخ رفعــت األســد عــى خزينــة‬ ‫الدولــة إرضــا ًء لــه مقابــل أن يــرك البلــد هــو‬ ‫وأتباعــه املخلصــن‪ ،‬حينهــا بــدأ يشــعر الشــعب‬ ‫الســوري بقــرب الكارثــة التــي بــدأ يعيــش‬ ‫فصولهــا يف تدهــور قيمــة اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫وبالتــايل االقتصــاد‪ ،‬دون أن يســتطيع االقتصــاد‬ ‫مــن يومهــا أن ينهــض إىل املســتوى الــذي‬ ‫كانــت عليــه قبــل الخــاف بينهــا‪.‬‬ ‫مل يــدرك الشــعب الســوري حينهــا حجــم‬ ‫الرشــوة التــي دفعهــا األخ االكــر لــأخ األصغــر‬ ‫إلرضائــه‪ ،‬ولكــن هيهــات للنظــام أن يغطــي‬ ‫عــى فضيحتــه التــي ظهــرت فجــأة عــى قيمــة‬ ‫اللــرة الســورية خــال الســنوات التــي تلــت‬ ‫الخــاف وطــرد األخ مــن ســورية‪ ،‬حــن انهــار‬ ‫االقتصــاد كليــاً تحــت وطــأة خزينــة فارغــة‪،‬‬ ‫وعملــة منهــارة‪ ،‬ورواتــب بالــكاد تســد رمــق‬ ‫املوظــف حتــى طالــت أصحــاب الدخــل العــايل‬ ‫مــن أســاتذة الجامعــات‪ ،‬حــن بــدأوا يزاولــون‬ ‫مهنــة ســائق تكــي لريممــوا مــا تركــه خــاف‬ ‫األخويــن حافــظ ورفعــت مــن أثــر مدمــر عــى‬ ‫لقمــة العيــش يف حياتهــم‪.‬‬ ‫يف عــام ‪ ١٩٨٤‬ميالديــة‪ ،‬كان الــدوالر حينهــا‬ ‫يعــادل أربــع لـرات ســورية‪ ،‬وكان االقتصــاد مــا‬ ‫يــزال ينمــو بشــكل معقــول واألســعار كانــت‬ ‫أيض ـاً مقبولــة‪ .‬حينهــا مل تتشــكل بعــد القــوى‬ ‫التــي تحالفــت فيــا بعــد لتشــكل القــوى‬ ‫الثــاث التــي بــدأت تخنــق االقتصــاد والسياســة‬ ‫االقتصاديــة فــوق الكارثــة األوىل بــن األخويــن‪.‬‬ ‫هــذه القــوى تأسســت عــى خلفيــة انهيــار‬

‫العملــة الوطنيــة‪ ،‬وهــم الدائــرة الضيقــة حــول‬ ‫عائلــة األســد‪ ،‬التجــار املتنفــذون لــدى الســلطة‪،‬‬ ‫وأجهــزة األمــن التــي بــدأت تؤســس للفســاد‬ ‫للجهتــن األوليتــن‪.‬‬ ‫يف عــام ‪١٩٨٧‬ميالديــة‪ ،‬أصبــح الــدوالر يعــادل‬ ‫أكــر مــن خمســن لــرة ســورية‪ ،‬وخــال أربــع‬ ‫ســنوات خــر املواطــن الســوري‪ ،‬أو الدولــة‬ ‫الســورية مــا يعــادل أكــر مــن عــرة أضعــاف‬ ‫ميزانيــة الدولــة‪ ،‬أو مــا يعــادل مــا يســتهلكه‬ ‫الشــعب الســوري خــال عــر ســنوات‪،‬‬ ‫معجــزة ‪ ،‬كيــف أن االقتصــاد مل يتعــرض‬ ‫لالنهيــار!؟ وذلــك فقــط ألن الشــعب آنــذاك‬ ‫ُحــرم مــن عيــش كريــم لســنوات‪ ،‬وكلنــا يذكــر‬ ‫كيــف أصبــح الحصــول عــى علبــة الزيــت أو‬ ‫علبــة املحــارم مــن الرفاهيــة‪ ،‬ونزلــت الواســطة‬ ‫إىل مســتوى املــواد األوليــة‪ ،‬وبــدأ الفســاد‬ ‫يســترشي بجميــع مفاصــل الدولــة مــن أعــى‬ ‫الهــرم اإلداري الســلطوي إىل حــدود لقمــة‬ ‫العيــش لــدى الفــاح ومــريب املاشــية والعامــل‬

‫يف القطاعــن العــام والخــاص‪.‬‬ ‫بــدأ الــراع يأخــذ شــكالً تنافســياً لكســب‬ ‫رىض الســلطة ورموزهــا عــى أعــى املســتويات‪،‬‬ ‫ونتيجــة لذلــك بــدأت الربجوازيــة الســورية‬ ‫الكالســيكية تتعــرض للضغــط مــن أجــل تقديــم‬ ‫تنــازالت ملتســويل الســلطة الجــدد أكــر فأكــر‪،‬‬ ‫ومنــذ ذلــك الحــن بــدأت اللــرة تهــرب مــن‬ ‫ســورية مرتديــة عبــاءة الــدوالر إىل الــدول‬ ‫املجــاورة‪ ،‬مــا فاقــم يف إضعافهــا داخــل البلــد‬ ‫بشــكل كبــر‪ ،‬ألن رصيــد الــركات الخاصــة‬ ‫مــن العمــات الصعبــة داخــل البــاد أصبــح‬ ‫أقــل‪ ،‬وزاد الطلــب عــى الــدوالر أكــر لتلبيــة‬ ‫متطلبــات االســترياد مــا دفــع قيمتهــا الرشائيــة‬ ‫نحــو الهاويــة‪.‬‬ ‫حافظــت اللــرة عــى قيمتهــا مــع الــدوالر عــى‬ ‫مســتوى ‪ ٥٠ /١‬تحــت ضغــط النظــام عــى‬ ‫أســواق الرصافــة الســوداء كــا اصطلــح عــى‬ ‫تســميتها‪ ،‬وســاهم منــع االســترياد للكامليــات‬ ‫بوقــف تدهورهــا نهائيـاً لعــدة ســنوات‪ ،‬ولكــن‬

‫موانــئ خاصــة مل تتوقــف إال بعــد أن بــدأت‬ ‫تشــكل خطــرا ً عــى النظــام نفســه‪ ،‬حيــث‬ ‫كلــف حافــظ ابنــه بالهجــوم باألســلحة‬ ‫الثقيلــة عليهــا الســتعادة هيبــة الدولــة ممــن‬ ‫بــدأوا ينخــرون جســدها االقتصــادي‪ .‬مل يكــن‬ ‫االستســام مــن قبــل رمــوز النظــام إلرادة رأس‬ ‫النظــام بســهولة‪ ،‬وكاد التاريــخ يعيــد نفــس‬ ‫الســيناريو الــذي حصــل مــع األخ قبــل ســنوات‪.‬‬ ‫لكــن هيكليــة الفســاد التــي أسســوا لهــا أقــارب‬ ‫الرئيــس مــن الدرجــة األوىل‪ ،‬بــدأت تبحــث عــن‬ ‫رأس جديــد ومأمــون الجانــب ليســتمر الفســاد‪،‬‬ ‫ومــا كان مــن النظــام إال أن قــدم الرجــل‬ ‫املثــايل إلدارة هيــكل الفســاد (رامــي مخلــوف‬ ‫وإخوانــه)‪ ،‬أو رمبــا األصــح القــول‪ ،‬إدارة دولــة‬ ‫الفســاد تحــت يافطــة إدارة األعــال املعلنــة‬ ‫كجــزء مــن منظومــة تربعــت عــى رأس نظــام‬ ‫االســترياد والتصديــر بشــكل علنــي ودون متويــه‬ ‫كــا كان يف الســابق‪ .‬وهكــذا تحولــت العائلــة‬ ‫مــن إدارة الدولــة‪ ،‬إىل إدارة أمــوال الدولــة عــر‬ ‫بقيــت أســعار املــواد االســتهالكية يف االرتفــاع‪ .‬رشكــة مخلــوف وبقيــة الفاســدين عــى جميــع‬ ‫مــن أســوأ مــا فعلــه النظــام خــال تلــك املســتويات‪.‬‬ ‫الســنوات لرتميــم قيمــة اللــرة الســورية‪ ،‬هــو‬ ‫احتــكار املنتجــات الزراعيــة‪ ،‬القمــح والقطــن مــا يقــوم بــه النظــام يف الفــرات األخــرة‬ ‫تحديــدا ً الرتفــاع قيمتهــا يف الســوق العامليــة‪ ،‬مــن التالعــب بســعر اللــرة ينــدرج يف إطــار‬ ‫وبهــذه الطريقــة اســتطاع النظــام تعويــض اســتكامل اللعبــة التــي مارســها النظــام طــوال‬ ‫الكثــر مــن خــال الفــارق الســعري بــن قيمتي فــرة حكمــه‪ ،‬وأن يســتنزف اقتصــاد البــاد بــأي‬ ‫الـراء مــن الفالحــن‪ ،‬وقيمــة بيعــه يف الســوق طريقــة كانــت‪ ،‬ومــا التذبــذب الــذي تعيشــه‬ ‫الدوليــة‪ ،‬فيكــون بذلــك قــد غطــى عــى جــزء اللــرة مــا هــو إال عمليــة نهــب واختــاس‬ ‫كبــر مــن قيمــة اللــرة الســورية الهاربــة خــارج علنيــة ملــا تبقــى مــن اقتصــاد مهــزوز بحــرب‬ ‫البــاد وتعويضهــا بطباعــة بنكنوتــات جديــدة أنهكتــه عــى مــدى أكــر مــن خمــس ســنوات‪.‬‬ ‫كل عمليــة رفــع قيمــة اللــرة‪ ،‬ثــم تخفيضهــا‪،‬‬ ‫وبقيــم جديــدة‪.‬‬ ‫بــدأ االخطبــوط الثــايث الــرؤوس بتشــديد يعنــي ذهــاب املاليــن منهــا إىل جيــوب أولئــك‬ ‫الخنــاق عــى أهــم املفاصــل االقتصاديــة املاســكني بخنــاق الخزينــة واملصــارف والتجــارة‪.‬‬ ‫للدولــة‪ ،‬فأصبــح بعــض ممــن هــم ضمــن إن اســتيالء آل مخلــوف عــى منافــذ التنفــس‬ ‫الدائــرة الضيقــة يف تكويــن مســتعمرات االقتصــادي للدولــة (اســترياد‪ ،‬تصديــر) أزال‬ ‫اقتصاديــة داخــل البــاد ال تخضــع ألي شــكل الحاجــز بــن امللكيــة الخاصــة للنظــام وبــن‬ ‫مــن أشــكال املراقبــة الحكوميــة عــى املــواد أمــوال الدولــة‪ ،‬وهكــذا تحــول االقتصــاد مــن‬ ‫الداخلــة إىل البــاد أو الخارجــة منهــا عــر اقتصــاد دولــة إىل اقتصــاد عائلــة‪.‬‬

‫ودائع السوريني يف تركيا‬

‫الس��وريون يس��تثمرون أمواهل��م يف قطاعات األم��وال املنقولة والصناع��ات الغذائية واالس��تثمارات العقارية‬

‫وكالة األناضول‬ ‫بلغــت ودائــع الســوريني يف املصــارف‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬اعتبــارا ً مــن الربــع األول مــن العــام‬ ‫الحــايل‪ ،‬مــن مختلــف العمــات مــا يعــادل‬ ‫مليــارا ً و‪ 199‬مليون ـاً و‪ 632‬ألــف لــرة تركيــة‬ ‫(نحــو ‪ 350‬مليــون دوالر)‪.‬‬ ‫وبحســب إحصــاءات حصــل عليهــا مراســل‬ ‫األناضــول مــن معطيــات هيئــة تنظيــم‬ ‫ورقابــة العمــل املــريف الرتكيــة‪ ،‬فــإن ودائــع‬ ‫املواطنــن الســوريني يف املصــارف الرتكيــة‬ ‫بلغــت ‪ 311‬مليونــاً و‪ 258‬ألــف لــرة تركيــة‬ ‫يف ‪ ،2012‬يف حــن ارتفعــت هــذه الودائــع يف‬ ‫‪ 2013‬لتصــل إىل ‪ 694‬مليونــاً و‪ 369‬لــرة‪.‬‬ ‫وواصلــت ودائــع الســوريني يف املصــارف‬ ‫الرتكيــة يف االرتفــاع لتصــل إىل ‪ 733‬مليونــاً‬ ‫و‪ 875‬ألــف لــرة‪ ،‬يف عــام ‪ ،2014‬يف حــن‬ ‫شــهدت منــوا ً بنســبة ‪ 63.8%‬لتصــل إىل مليــار‬ ‫و‪ 201‬مليونـاً و‪ 987‬ألــف لــرة تركيــة يف العــام‬ ‫املــايض‪.‬‬ ‫ومــع دخــول الربــع األول مــن العــام الحــايل‬ ‫‪ ،2016‬وصلــت ودائــع الســوريني يف املصــارف‬ ‫الرتكيــة إىل مليــار و‪ 199‬مليونــاً و‪ 632‬ألــف‬ ‫لــرة تركيــة‪.‬‬

‫ولفــت خالــد خوجــة‪ ،‬الرئيــس الســابق‬ ‫لالئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‬ ‫الســورية (املعارضــة)‪ ،‬يف حديــث لألناضــول‪،‬‬ ‫إىل اهتــام الســوريني بقطــاع األمــوال غــر‬ ‫املنقولــة يف تركيــا‪ ،‬إىل جانــب ودائعهــم يف‬ ‫املصــارف‪ ،‬موضحــاً أن الســوريني يســتثمرون‬ ‫يف هــذا القطــاع باســم مواطنــن أتــراك‪.‬‬ ‫وأشــار أن رجــل أعــال ســوري (مل يذكــر‬ ‫اســمه)‪ ،‬ق ِ‬ ‫َــد َم إىل تركيــا ويف جعبتــه ‪300‬‬ ‫مليــون دوالر‪ ،‬خــال فــرة الربيــع العــريب‪،‬‬

‫وخــاض يف مشــاريع بنــاء كبــرة مــع رجــال‬ ‫أعــال أتـراك‪ ،‬مضيفــا أن هنــاك رجــال أعــال‬ ‫ســوريني آخريــن عــى غــراره‪.‬‬ ‫بــدوره أفــاد إســام ماميــش‪ ،‬املحلــل املــايل‬ ‫يف «األناضــول»‪ ،‬أنــه يوجــد أثريــاء مــن بــن‬ ‫الســوريني الذيــن أتــوا إىل تركيــا يف بدايــة‬ ‫األزمــة ببالدهــم (‪ ،)2011‬مؤكــدا ً أنــه بســبب‬ ‫الهبــوط الشــديد يف اللــرة الســورية‪ ،‬لجــأ‬ ‫هــؤالء األثريــاء إىل تحويــل ممتلكاتهــم‬ ‫النقديــة إىل الــدوالر‪.‬‬

‫وأشــار ماميــش إىل انتشــار تجــارة رصف‬ ‫العمــات بشــكل كبــر يف العــام األول مــن‬ ‫األزمــة الســورية‪ ،‬مضيفــاً «عندمــا بــدأت‬ ‫العملــة الســورية باالنهيــار تدريجيــاً‪ ،‬لجــأ‬ ‫الســوريون إىل رصف اللــرة الســورية يف‬ ‫الســوق الســوداء‪ ،‬حيــث ضخــوا أموالهــم‬ ‫وقطعهــم الذهبيــة يف األســواق الرتكيــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫أدى إىل إنعــاش الســوق يف البــاد»‪.‬‬ ‫وذكــر املحلــل املــايل‪ ،‬أن توجــه األثريــاء‬ ‫الســوريني لالســتثامر يف قطــاع األمــوال غــر‬

‫املنقولــة يف تركيــا‪ ،‬عقــب تحويــل عملتهــم‬ ‫للــدوالر‪ ،‬إضافــة إىل توجــه قســم منهــم‬ ‫لالســتثامر يف مجــال العقــارات مبشــاركة‬ ‫مواطنــن أتــراك‪ ،‬وآخريــن توجهــوا لقطــاع‬ ‫األغذيــة‪.‬‬ ‫وأضــاف «ميكننــا رؤيــة الفتــات باللغــة‬ ‫العربيــة يف أغــى مطاعــم وبقاليــات ومحــات‬ ‫تجاريــة منتــرة يف ســائر أرجــاء تركيــا‬ ‫وغالبيــة تلــك املحــات تعــود لســوريني‪،‬‬ ‫حيــث دخلــوا يف رشاكات تجاريــة مــع أت ـراك‬ ‫يف هــذا املجــال»‪ ،‬وقــال «مدخـرات الســوريني‬ ‫يف تركيــا عبــارة عــن أمــوال مــن فئــة الــدوالر‬ ‫أو الذهــب»‪.‬‬ ‫ونــ ّوه ماميــش أن الســوريني يتميــزون‬ ‫بالتجــارة الناجحــة‪ ،‬فهــم يولــون اهتاممــاً‬ ‫كبـرا ً باالســتثامرات الكبــرة‪ ،‬مشـرا ً إىل ازديــاد‬ ‫الحــواالت املاليــة التــي يقــوم بهــا الســوريون‬ ‫عــر وســائط مثــل «وســرن يونيــون» يف إطــار‬ ‫مســاعدتهم ألقربائهــم يف مناطــق مختلفــة‪.‬‬ ‫ومــع ازديــاد عــدد الســوريني يف تركيــا‬ ‫جــراء الوضــع الراهــن يف بالدهــم‪ ،‬يــزداد‬ ‫حجــم اســتثامراتهم يف البــاد‪ ،‬حيــث يتوجــه‬ ‫غالبيتهــم إىل إيــداع أموالهــم يف املصــارف‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يف مسار الثورة (‪)1‬‬ ‫ثورة وثورات مضادة‪...‬‬ ‫أي ثــورة‪ ،‬كان عليهــا أن‬ ‫ثــورة ســوريا مثــل ّ‬ ‫تواجــه قــوى مضــادة ملنــع انتصارهــا؛ لذلــك‬ ‫رافقتهــا منــذ البدايــة حــروب رشســة مختلفــة‪،‬‬ ‫شــ ّنها النظــام‪ ،‬ضــد الثــورة وحواضنهــا‪،‬‬ ‫بالتعــاون مــع حلفائــه ومواليــه‪ ،‬فســ ّببت‬ ‫خســائر فادحــة إنســانياً ومدن ّيــاً‪ ،‬وكان لهــا‬ ‫تداعياتهــا وآثارهــا االجتامعيــة والثقافيّــة‪ ،‬التي‬ ‫مــن شــأنها أن تفــرض عــى الســوري عاجــاً‬ ‫وآج ـاً تغي ـرا ً كب ـرا ً يف الوعــي والعمــل‪ .‬ففــي‬ ‫النكبــات والكــوارث والحــروب تتغـ ّـر طبيعــة‬ ‫األشــياء واألفــكار والعقائــد واملســالك‪ ،‬ويصبــح‬ ‫الزم ـاً عــى الشــعب الــذي يقــاوم االســتبداد‬ ‫والقمــع والحــرب‪ ،‬أن يتخطّــى الخــراب‬ ‫والدمــار‪ ،‬لتطويــر نســق فلســفي أخالقــي‬ ‫وإنســاين صالــح لالت ّــكاء عليــه كمرجعيــة‬ ‫وطن ّيــة حضاريّــة وأخالق ّيــة تنهــض بــه‬ ‫وبعزميتــه يف مــروع تحـ ّرره‪ .‬الثــورة كشــفت‬ ‫عيوبـاً فكريّــة واجتامعيّــة وأخالقيّــة وأظهــرت‬ ‫حالــة الفســاد التــي نشــأ عليهــا املجتمــع‪،‬‬ ‫ومنظومتــه الفكريّــة املتكــ ّورة يف كهنــوت‬ ‫ســلطوي متح ّجــر‪ ،‬يقاتــل الثــورة يف صــف‬ ‫النظــام أو يف صفــوف جامعــات محســوبة عىل‬ ‫حــراك الثــورة بغيــة الحفــاظ عــى موروثــه‬ ‫وأصنامــه يف دائــرة النفــوذ والهيمنــة والق ـرار‪.‬‬ ‫وهكــذا تحولــت الثــورة إىل حــرب بــن ثــورة‬ ‫وثــورات مضــادة‪.‬‬

‫كيف تنجح قوى الثورة‬ ‫واملعارضة يف خوض حربها‬ ‫إلجناح ثورة احلرية والكرامة؟‬ ‫عنــارص الحــرب الناجحــة إىل جانــب‬ ‫العســكرة هــي مــال وعقل وسياســية‪ ،‬وإنســان‬ ‫مؤمــن شــجاع صاحــب وعــي وحكمــة‪ .‬الواقــع‬ ‫يفــرض عــى قــوى املعارضــة والثــورة تطويــر‬ ‫تفكريهــا وتغيــر الذّهن ّيــة التــي تعالــج فيهــا‬ ‫األمــور ملواجهــة الحــرب الرشســة ضد الشــعب‬ ‫الســوري وضــد الثــورة واملعارضــة‪ ،‬وتضــع‬ ‫اســراتيجية عمــل واســعة وطويلــة مدروســة‬ ‫معروضــة عــى قــوى الشــعب باختــاف‬ ‫مشــاربها‪ ،‬وتبنــي عــى أساســها التفاهــات‬ ‫وال ـراكات والصداقــات والتحالفــات بذهنيــة‬ ‫وطنيــة مســتقلة‪ ،‬وتســتخدم اإلجــراءات‬ ‫القصــرة املــدى املرنــة املناســبة للتغيــرات‬ ‫الحــارضة يف خطــة بعيــدة املــدى‪ ،‬ليســت‬ ‫فقــط سياســية‪ ،‬بــل تشــمل جميــع املجــاالت‬ ‫املدن ّيــة وال تســامح‪ ،‬ملعالجــة مــا ظهــر مــن‬ ‫هــذه الحــرب التــي التبســت باملذهبيــة‬ ‫والعنرصيّــة القوم ّيــة‪ ،‬مــن أحقــاد وضغائــن‬ ‫تعصــب ومفاهيــم خاطئــة ورغبــات انتقــام‬ ‫ّ‬ ‫وال تســامح‪ ،‬مــع انهيــار إنســاين واجتامعــي‬ ‫واقتصــادي ومجتمعــي ومواطنــي‪ ،‬وذلــك‬ ‫الســتيعاب مــا ينجــم عــن تداعيــات الحــرب‪،‬‬ ‫إقليميــاً ودوليــاً‪ ،‬خصوصــاً موضوعــة الحــرب‬ ‫عــى اإلرهــاب يف ســوريا‪ ،‬ومــا تخلّفــه‬ ‫مــن نزاعــات عامليــة وانقســامات سياســية‬ ‫وجغرافيــة‪ ،‬ومــا يلحــق بهــا مــن مؤامــرات‬ ‫وصفقــات‪ ،‬باإلضافــة إىل مشــاريع التقســيم‬ ‫وقض ّيــة املفاوضــات والحــل الســيايس‪ ،‬ومــا‬ ‫يطالهــا مــن تضليــل ومراوغــة ومامطلــة‬ ‫ومطاوعــة لنظــام االســد‪.‬‬

‫مل��اذا تأخ��رت الث��ورة يف حس��م‬ ‫ا لنص��ر ؟‬

‫ثــورة التغيــر التــي قامــت ضــد نظــام‬ ‫االســتبداد ومنظومــات الفســاد والجهــل‪ ،‬مل‬ ‫تحقــق حتــى اآلن ســياقاً سياســياً بديــاً‪ ،‬ومل‬

‫ثورة احلرية هي ثورة تغيري وبناء عقل ووعي‪....‬‬

‫تســتطع قــوى املعارضــة والثــورة أن تحقــق‬ ‫داخليــاً وخارجيــاً رشعيّــة سياســيّة متفــق‬ ‫عليهــا؛ فهــي مــا زالــت تــدور يف رصاعــات‪،‬‬ ‫ومنظومــة أفــكار راســخة وثابتــة‪ ،‬يفتقــر‬ ‫عقلهــا الســيايس إىل الحيويــة‪ ،‬ومل تؤســس‬ ‫مرجع ّيــة أخالق ّيــة فكريّــة يســتطيع الشــعب‬ ‫أن يســتظل بهــا‪ ،‬ويقتــدي بأفكارهــا‪ ،‬ويحتمــي‬ ‫بهــا‪ .‬أل ّن قــوى املعارضــة والثــورة ال متلــك هــذا‬ ‫االتفــاق املبــديئ الراســخ يف يقينهــا ويف رؤيتهــا‪.‬‬ ‫صحيــح أ ّن وحشـ ّية الحــرب التــي يشـ ّنها نظام‬ ‫االســتبداد الحاكــم بدعــم دويل‪ ،‬عــى الثــورة‬ ‫وحاضنهــا‪ ،‬هــي الســبب الرئيــي يف تأخــر‬ ‫انتصــار الثــورة وعرقلــة نجــاح مــروع التحرر‪،‬‬ ‫ـن‪ ،‬هنــاك أســباب الحقــة أخــرى متعلقــة‬ ‫لكـ ْ‬ ‫بالواقــع االجتامعــي والســيايس للمجتمــع‬ ‫الســوري‪ ،‬وللمعارضــة التــي تحــاول أن تكــون‬ ‫بديـاً؛ فاالنقســام يف العقــول حــارض‪ ،‬والـراع‬ ‫عــى النفــوذ واملكاســب بــن أطيــاف املعارضــة‬ ‫الســوريّة يأخــذ ح ّي ـزا ً مــن األولويــات‪ ،‬يتفــق‬ ‫مــع ذلــك اســتمرار وجــود أمــراض الفســاد‬ ‫واالنتهازيــة واالســتغالل والشــللية والــوالءات‬ ‫الفرعيّــة يف مســار العمــل الســوري‪ ،‬وفقــدان‬ ‫اســراتيجية عمــل مســتدامة منهجيــة متفــق‬ ‫عليهــا مــن قــوى املعارضــة والثــورة‪ ،‬تلقــى‬ ‫قبــول أطيــاف الشــعب‪ ،‬وغيــاب مرجعيّــة‬ ‫القيــادة الجامعــة‪ ،‬وضعــف عــام يف مهن ّيــة‬ ‫عمــل املؤسســات التابعــة للمعارضــة‪ .‬فهــذه‬ ‫الحــرب الرشســة املضــادة للثــورة والناميــة‬ ‫عــى هوامشــها‪ ،‬مل تـ ِ‬ ‫ـأت بالقســوة مــن جيبهــا‬ ‫الخــاص‪ ،‬بــل اســتمدت رشاســتها القبيحــة مــن‬ ‫قبــح الواقــع الــذي اندلعــت فيــه‪ ،‬ومــن تشـ ّوه‬ ‫وعــي اإلنســان الســوري بالقهــر والقمــع‬ ‫والــذل‪ ،‬ومــن لــؤم املنظومــة الدوليّــة الجشــعة‬ ‫التــي تبســط نفوذهــا عــى العــامل‪ ...‬وتهمــن‬ ‫عــى قراراتــه‪.‬‬ ‫ثــورة ســوريا اندلعــت يف أجــواء عــامل يتغـ ّـر‪،‬‬ ‫ليــس فقــط محل ّيــاً وإقليم ّيــاً‪ ،‬بــل دول ّيــاً؛‬ ‫فــا تــم إنجــازه‪ ،‬عامليــاً‪ ،‬يف القــرن املــايض‬ ‫والعقــود األخــرة‪ ،‬مهــ ّدد بالــزوال بحكــم‬ ‫منطــق التغيــر التاريخــي الحاصــل‪ ،‬وبســبب‬ ‫املشــاكل االقتصاديــة الخطــرة ونزاعــات‬ ‫الهيمنــة والســيادة القطبيّــة‪ ،‬وصعــود قــوى‬ ‫شــعبيّة جديــدة‪ .‬لذلــك؛ فالحــرب يف ســوريا‬ ‫ليســت مجــرد حــدث عابــر مــن دون تأثــر‬ ‫وتأث ّــر‪ ،‬ومل تعــد محصــورة بســوريا ومــا‬ ‫حولهــا‪ ،‬بــل أصبحــت رصاع ـاً إقليمي ـاً ودولي ـاً‪.‬‬ ‫هــي جــزء مــن معركــة روســيا مــع الغــرب‪،‬‬ ‫ومعركــة الغــرب وروســيا مــع املــرق العــريب‬ ‫واإلســامي‪ ،‬وأخـرا معركــة الشــعوبية متمثلــة‬ ‫بإيــران وحلفائهــا مــع العــرب والعروبــة‪.‬‬ ‫العــدوان الــرويس واملؤامــرات الدوليــة‬ ‫والتحالــف الــدويل ونظــام الطاغيــة‪ ،‬وعــدم‬ ‫كل لــه‬ ‫وجــود حاضــن عــريب وإســامي قــوي‪ّ ،‬‬

‫دوره الكبــر يف تعميــق املأســاة‪ ،‬لكــن يتح ّمــل‬ ‫الســوريون أيض ـاً جــزءا ً مــن املســؤولية‪ ،‬مــن‬ ‫املتفرجــن املتقاعســن عــن النضــال والعمــل‪،‬‬ ‫أو مــن العاملــن يف إطــار الثــورة واملعارضــة‬ ‫واملنظومــة الجديــدة البديلــة يف املجــاالت‬ ‫العســكرية والسياســية واملدنيــة واملنظــات‬ ‫والجمعيــات‪ .‬فــرض الحلــول السياســية‬ ‫والثقافيــة والعســكرية مــن األط ـراف الدوليــة‬ ‫عــى الســوريني‪ ،‬أخــذ طريقــه يف الثــورة نتيجــة‬ ‫ضعــف العقليــة السياســية والثقافيــة الســائدة‬ ‫يف املعارضــة والثــورة‪ ،‬ويف عمــوم النشــاط‬ ‫الســيايس الســوري املشــحون برصاعــات‬ ‫االنتــاءات الفرعيّــة ومصالــح انعزاليّــة‬ ‫وأفعــال انفعاليــة‪.‬‬ ‫املوضــوع أوســع مــن مجــرد مؤامــرة‬ ‫دوليــة تســهم فيهــا بيــوت السياســة الدوليــة‬ ‫بخارجيتهــا وأذرعــة مخابراتهــا وقواهــا‬ ‫العســكريّة ومشــاريع الهيمنــة واالمربياليــة‬ ‫والصهيون ّيــة‪ ...‬هــو الوهــن التاريخــي الــذي‬ ‫يقــ ّدم للعــدو نــره عــى الضح ّيــة؛ فلــم‬ ‫تتمكــن املعارضــة‪ ،‬حتــى اآلن‪ ،‬مــن النهــوض‬ ‫ســليمة معافــاة يف مواجهــة مخاطــر املــروع‬ ‫العــدواين العاملــي عــى ســوريا‪ ،‬ويف التخلّــص‬ ‫مــن مشــاكلها وإشــكاليات خطابهــا وعملهــا‪.‬‬

‫الفوضى وتأثرياتها‬ ‫مــن يبحــث يف املشــهد الســوري كلّــه؛‬ ‫ســيصطدم بغــول الفــوىض‪ .‬فهنــاك فــوىض‬ ‫وغوغائيــة يف األحــكام والقــرارات واملواقــف‪،‬‬ ‫وهنــاك اضطــراب كبــر يف مســارات العمــل‪،‬‬ ‫يتجــى يف ضعــف العمــل املؤسســايت‪ ،‬وهــو‬ ‫ظاهــرة عامــة يف أداء املعارضــة والعاملــن يف‬ ‫الشــأن الســوري يف مختلــف املجــاالت‪ ،‬ليــس‬ ‫فقــط يف املعارضــة الرســمية‪ ،‬بــل يف مؤسســات‬ ‫مختلفــة جديــدة تتبــع لعمــل املعارضة‪ ،‬ســواء‬ ‫كانــت بتمويــل غــريب علــاين أو ليــرايل‪ ،‬أو‬ ‫بتمويــل إســامي إقليمــي أو خليجــي‪ ،‬فعملهــا‬ ‫ارتجــايل مجــزوء عــن ســياق منهجــي عــام‪،‬‬ ‫تــأيت مخرجاتــه هزيلــة‪ ،‬وخاضعــة لــروط‬ ‫التمويــل والدعــم الســيايس والفئــوي‪ ،‬ينتــج‬ ‫مزيــدا ً مــن النزاعــات الداخليّــة التــي تــؤدي‬ ‫إىل انتهــاكات للحقــوق اإلنســانية وإىل جرائــم‬ ‫اقتتــال أهــي‪ .‬كذلــك املســار الســيايس يغــوص‬ ‫يف مســتنقع الرصاعــات الضحلــة الجانب ّيــة‬ ‫مســر بــإرادات املمولــن والداعمــن‪ ،‬حتــى‬ ‫ّ‬ ‫انتهــى إىل الســر بــا هــدى ومــن دون‬ ‫بوصلــة يف متاهــة الحلــول السياســية‪ ،‬التــي‬ ‫ال أفــق لهــا‪ ،‬وال تســتند إىل دعائــم قــ ّوة؛‬ ‫انجــ ّرت إىل هــدر للطاقــة والوقــت وســط‬ ‫أجــواء خــداع النظــام باألكاذيــب والحيــل‪،‬‬ ‫واملراوغــة الدوليّــة بإج ـراءات صغــرة ووعــود‬

‫وهدايــا ترضيــة‪ ،‬مقابــل إبقــاء النظــام القاتــل‬ ‫ومنظومتــه‪ .‬العمليــة السياس ـ ّية الدائــرة لعبــة‬ ‫تكســر لعظــام الثــورة الســوريّة ولشــعبها‪،‬‬ ‫واحتيــال إلبقــاء النظــام ومتعلقاتــه‪ ،‬ومســاومة‬ ‫عــى رأســه بصفقــات لتحقيــق مكســب‪.‬‬ ‫أصحــاب القــرار الــدويل يدركــون أن مأســاة‬ ‫ســوريا ســببها نظــام كامــل برأســه وجيشــه‬ ‫وأمنــه‪ ...‬وال يقتــر األمــر عــى املجــرم‪ .‬وأ ّن‬ ‫املأســاة الســورية حصلــت نتيجــة مافيــا األســد‬ ‫الطائفيــة وطغمتــه السياســية التــي أوجــدت‬ ‫العســكر واألمــن لحاميتهــا ومحاربــة الشــعب‬ ‫وقمــع منــو أي عمــل خــارج هيمنتهــم ونهبهم‪،‬‬ ‫فــكل األعــال التــي انتعشــت جــاء انتعاشــها‬ ‫لغايــة ترســيخ نهــب طغمــة األســد‪ ،‬ال ملصلحــة‬ ‫ســوريا شــعباً وحضــارة ودولــة مؤسســات‪.‬‬ ‫العمليــة السياســية والحــل الســيايس بــاألداء‬ ‫الحــايل‪ ،‬وباملنظــور الفوضــوي االرتجــايل رضب‬ ‫مــن العبــث‪ .‬الخســائر الجســيمة التــي قدمهــا‬ ‫الشــعب ليســت مــن أجــل الفـراغ‪ ،‬أو لتسـ ّول‬ ‫صدقــة مــن مكتســبات‪ ،‬أو إلعــادة النظــر‬ ‫يف بقــاء الطاغيــة ونظامــه‪ ،‬أو لــي تســتبدل‬ ‫طاغيــة ونظــام فســاد بشــبيه لهــا‪.‬‬ ‫نجــاح التفــاوض الســيايس مــع النظــام‬ ‫والعــامل‪ ،‬يبــدأ مــن حســن التفــاوض الســوري‬ ‫الســوري يف كل املجــاالت‪ ،‬لحــل ِالشــكاليات‬ ‫وتقريــب الــرؤى‪ ،‬وليصبــح التفــاوض قــوة‬ ‫مدعومــة بثقــل كبــر داخــي ميكنهــا الثبــات‬ ‫يف وجــه التحديــات والتآمــرات الدوليّــة‪.‬‬ ‫تتجــى الفــوىض‪ ،‬أيضــاً‪ ،‬يف األخطــاء التــي‬ ‫ّ‬ ‫يرتكبهــا السياســيون والتــي عرقلــت وتعرقــل‬ ‫تقــ ّدم مــروع الثــورة النهضــوي؛ فهنــاك‬ ‫صيــاح وجــدل أكــر مــن العمــل‪ ،‬وعقلهــم‬ ‫الســيايس محكــوم بتجــارب ســابقة‪ ،‬كأنّــه‬ ‫ختــم العلــم‪ ،‬وال جديــد يف التصــ ّور الفكــري‬ ‫والفلســفي‪ ،‬ضعيــف االستشــفاف والتحليــل‪،‬‬ ‫يكتفــي بالتوصيــف وترديــد الرسديــات ذاتهــا‬ ‫يشــوبه‪ ،‬عمومـاً‪ ،‬حالــة مــن الســلبيّة‪ ،‬وتســويغ‬ ‫التبعيــة بحجــة العجــز‪ ،‬اتــكايل‪ ،‬ال يقــوم‪ ،‬جديّاً‬ ‫وبشــكل منظّــم وشــفاف‪ ،‬بتقويــم التجربــة‬ ‫وتقييمهــا ومراجعتهــا بوعــي ومهنيّــة‪ ،‬وتنظيــم‬ ‫العمــل وفــق مهــات ومعايــر ضمــن لجــان‬ ‫مهمتهــا التقويــم وتطويــر التفكــر‪ .‬كــا‬ ‫ال يراجعــون املقــوالت وإجــراءات العمــل‬ ‫املتغــرات والتطــ ّورات‪ .‬كذلــك هنــاك‬ ‫وفــق‬ ‫ّ‬ ‫املعارضــون «املدللــون» الذيــن تســ ّوقهم‬ ‫بيوتــات السياســة الدول ّيــة‪ ،‬والذيــن يســهمون‬ ‫بشــكل كبــر يف تهديــم صــورة املعارضــة‬ ‫السياســية الرســمية‪ ،‬يشــبههم يف ذلــك‪ ،‬بعــض‬ ‫الفصائــل العســكرية التــي ترتبــط مصالحهــا‬ ‫مبخططــات ال تلتقــي مــع رشعيــة املعارضــة‬ ‫السياســية؛ هــم كلهــم مــن مخرجــات نهــج‬ ‫اســتعمله العــامل لتقويــة التــرذم الســيايس‬ ‫الســوري وتصنيــع التبع ّيــة‪ .‬وهــم جــزء مــن‬ ‫هــذه الغوغائيــة والفســاد وتأجيــج الفتنــة‬ ‫والتخويــن‪ .‬وأل ّن املعارضــة السياســية الرســمية‬ ‫تعــاين مــرض املجتمــع الســوري مــن االنقســام‬ ‫والرصاعــات األيدولوجيّــة وفســاد العمــل‬ ‫املؤسســايت‪ ،‬فــإن الصخــب والضجيــج يشــت ّد‬ ‫ويــزداد والســلبيات تعــوم مــع تزايــد الفــرز‬ ‫واالصطفــاف‪ ،‬وتأخــذ اتجاهـاً غوغائيـاً شــعبوياً‬ ‫نتيجــة العصبويــات والــوالءات واملصالــح‬ ‫وضعــف الضمــر واتســاع الفجــوة بــن‬ ‫التنظــر والواقــع‪ ،‬وبــن األنــا واآلخــر‪ ،‬وبــن‬ ‫الســيايس واملفكــر واملثقــف وبــن عمــوم‬ ‫النــاس‪ .‬مســافة يبــدو تجاوزهــا ليــس باألمــر‬ ‫الســهل؛ فهــي أشــبه بحالــة انفصــام‪..‬‬ ‫العمــل عــى بنــاء منظومــة سياسـيّة فكريــة‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫أخالقيــة‪ ،‬رضورة‪ ،‬خصوصــاً بعــد أن ع ّمــت‬ ‫الفــوىض يف هامــش الثــورة بســبب نظــام‬ ‫االســتبداد‪ ،‬الــذي اســتطاع أن يعمل عــر عقود‬ ‫عــى إلغــاء املنطــق والتفكــر والعقــل الناقــد‪،‬‬ ‫وامتــدت الفــوىض والشــعبوية إىل كل مــكان‪،‬‬ ‫فــا تنحــر مبواقــع التواصــل االجتامعــي‬ ‫التــي تغــص بنجــوم المعــة وصفحــات جذابــة‬ ‫للتهويــش‪ ،‬بــل تتجاوزهــا إىل عمــوم الخطــاب‬ ‫حتــى الرســمي الســيايس أحيانــاً‪ ،‬وإىل كثــر‬ ‫خطــاب مقاهــي الثقافــة وفضــاء اإلعــام‬ ‫البديــل املدعــوم؛ إذ يجــري إنفــاق املاليــن‬ ‫عــى مؤسســات إعالميــة وتنمويــة وثقافيــة‬ ‫وحقوقيــة لتقــوم بــدور الرشطــي واملشــاغب‬ ‫واملشــاكس واملشــوش عــى الثــورة أو املعارضة‬ ‫أو عــى جهــة مــا‪ ،‬وذلــك بتص ّيــد األخطــاء‬ ‫للتشــكيك بالجــدوى والفائــدة مــن عمــل‬ ‫املعارضــة‪ ،‬ولتهديــم املغــزى النبيــل ملفاهيــم‬ ‫وطنيّــة تتبناهــا الثــورة‪ ،‬وربطهــا بالفســاد‬ ‫والجهــل؛ ال للتقويــم والبنــاء‪ ،‬وصقــل األداء‪،‬‬ ‫وتوصيــف األخطــاء بغيــة نقدهــا وتطويــر‬ ‫العمــل؛ فصــار كل شــخص يف موقــع خطــاب‬ ‫ورأي‪ ،‬قائــد املســرة أو الجـرال الثــوري‪ ،‬ينــزل‬ ‫رضبـاً يف اآلخريــن‪ ،‬وتشــويهاً وتزييفـاً‪ ..‬وغــدت‬ ‫املفاهيــم مغلوطــة والحقيقــة ضائعــة‪ ،‬وصــب‬ ‫هــذا يف مســار نظــام االســتبداد وملصلحتــه‪،‬‬ ‫وبــرز ظالميــو العــر الجديــد مــن منتفعــن‬ ‫وانتهازيــن‪ ،‬يتكلمــون عــن الحريــة والتنويــر‬ ‫والنزاهــة والثــورة‪ ،‬وهــم محمومــون‬ ‫باملكســب واملصلحــة وفقــه الــوالء‪ ،‬وقــد ال‬ ‫يخلــو تاريخهــم مــن موقــع حــزيب أو ثقــايف‬ ‫أو إعالمــي أو ســيايس يف منظومــة النظــام‬ ‫األســدي‪ ،‬ورمبــا كانــوا جــزءا ً مــن التحاصــص‬ ‫أو الرشــوى أو الفســاد‪ .‬صحيــح أن الواقــع‬ ‫الســوري كان قه ـرا ً للجميــع‪ ،‬وقلــة مــن نــأى‬ ‫بنفســه عنــه؛ لكــن هــذا الواقــع تــرك أثــره‬ ‫األخالقــي والنفــي يف البــر‪.‬‬ ‫ال خيــار أمــام قــوى املعارضــة والثــورة لتحقيق‬ ‫تقــدم‪ ،‬ســوى االنتقــال بالعمــل مــن العقــل‬ ‫الشــليل واالرتجــايل والنخبــوي واملرتبــط‬ ‫بــوالء فرعــي إىل العقــل املنظّــم واملوضوعــي‬ ‫والجمعــي‪ ،‬بتشــاركية ومصداقيــة ووطنيــة‪،‬‬ ‫اســتنادا ً إىل املنهجيــة العلميــة‪ .‬إ ّن تغيــر‬ ‫العقليــة نحــو النقــد وتق ّبــل اآلخــر والتعــاون‬ ‫املشــرك معــه خطــوة أساســية للحفــاظ عــى‬ ‫الثــورة الســورية ومســك قرارهــا‪ ،‬والخــروج‬ ‫إىل واقــع جديــد يكــون فيــه التعايــش حقيقيـاً‬ ‫واملواطنــة حقيقــة ال افــراض وسفســطة؛‬ ‫فــا ميكــن للقــوى السياســية الحاليــة بهــذه‬ ‫العقليــة تحقيــق مكســب وطنــي والنهــوض‬ ‫مبــروع الحريــة واالســتقالل والوحــدة‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪7‬‬

‫الوعي اجملتمعي وترميم الذات‬ ‫يف محاولــة للوقــوف مــا بــن الســمو‬ ‫والتشــظي الكامــل للمواطــن الســوري‪ ،‬ترقــد‬ ‫البقيــة الباقيــة مــن ذاك اإلنســان‪ ،‬متكــورا ً‬ ‫عــى ذاتــه املنهكــة‪ ،‬يــرخ متأملـاً عــر إمياءاتــه‬ ‫املفرطــة‪ ،‬وايحـ ٍ‬ ‫ـاءات لــه بالتوعــك املميــت‪ ،‬يف‬ ‫زحــام مــن الضجيــج واألمل‪ ،‬فتصقلــه التحــوالت‬ ‫الكــرى‪ ،‬لتحيلــه هــذه االنكســارات كحبــة مــن‬ ‫املحــار داخــل القوقعــة الســورية‪ ،‬لكــن هــذا‬ ‫الجوهــر بــات يكتنــز الكثــر مــن الــدالالت‬ ‫الهامــة‪ ،‬واهتــام بالــغ اجتــذب كل محــريف‬ ‫الغــوص واالصطيــاد الثمــن يف مياديــن االجتامع‬ ‫والسياســة واالقتصــاد‪.‬‬ ‫يف هــذه العجالــة لــن نقــوى عــى التفنيــد‬ ‫والبحــث كثــرا ً لكننــي يف محــض اإلشــارة إىل‬ ‫محطــات رسيعــة عــى ســكة الحــدث الســوري‬ ‫الهــادر‪.‬‬ ‫ـدى شـكّل امتصــاص الــذات الســورية‬ ‫إىل أي مـ ً‬ ‫للنســغ املســتبد‪ ،‬وحتــى اإلشــباع‪ ،‬ارتياب ـاً مــن‬ ‫«التغيــر» ‪-‬أي تغيــر‪ -‬ســواء مــا طــال منــه‬ ‫التجمعــات واألفــراد أو مــا طــال منــه بنيــة‬ ‫الدولــة ومؤسســاتها القامئــة مــن خــال‬ ‫التعميــم لفــوىض الســاح التــي حدثــت يف‬ ‫ســوريا؟‬ ‫مــا يفــر ذلــك حالــة تطبيقيــة مبــارشة للعنف‬ ‫روجــت قــرا ً‪ ،‬كوســيلة ينتــج عنهــا مــردود‬ ‫لحظــي ورسيــع لتكريــس حالــة االنفــات مــن‬

‫كل عقــال لــدى مســتخدمي الســاح‪ ،‬والدحــض‬ ‫الرسيــع لســلطة قامئــة جثمــت وأطبقــت‬ ‫الخنــاق طوي ـاً عــى الســوريني‪.‬‬ ‫إذ ال ميكننــي يف هــذا املوضــع إالّ أن أجــزم‪،‬‬ ‫أن ذاك الســوري الــذي يعمــل ضمــن منظومــة‬ ‫ـر‬ ‫تسـلّط النظــام‪ ،‬هــو ذات الســوري الــذي حـ َّ‬ ‫مــن نفسـ ِه ألن يكــون متســلطاً بديـاً‪ ،‬أوحــت‬ ‫بذلــك جليــاً املخاضــات العنيفــة إىل حــد‬ ‫التوحــش‪ ،‬وتجلياتهــا يف السياســات البديلــة‬ ‫للمعارضــات التــي جانبــت جوهــر وأســاليب‬ ‫وقيــم اإلدارة الحديثــة‪ ،‬كالشــفافية واملشــاركة‬ ‫الفاعلــة ومتطلبــات العمــل املؤســي‬ ‫والحوكمــة وإرســاء التعدديــة واحـرام القانــون‪،‬‬ ‫لتكتفــي بشــكليات أوهنــت مطمــح الســوريني‬ ‫يف التغيــر‪ ،‬وبثــت يف إرادتهــم اليــأس مام حصل‬ ‫واحتجاجــاً اكتــى بالتذمــر عــر مــا اعــرى‬ ‫مؤسســات املعارضــة مــن محســوبيات إداريــة‬ ‫وفســاد فيهــا وإقصــاء لقــدرات وكفــاءات كادت‬ ‫أن تكــون مشــاركة مبعايــر حديثــة وفاعلــة‪.‬‬ ‫إن وجــود حالــة مــن (فقــدان الثقــة) الطويــل‬ ‫والرتاكمــي مبؤسســات أنشــأها «النظــام‬ ‫الســوري» وإدارتــه غــر املشــاركة واألحاديــة‪،‬‬ ‫زاد مــن قــدرة التهويــم لــدى املواطــن الســوري‬ ‫مــن خــال التشــكيك بــكل البدائــل التــي‬ ‫طــرأت يف حــاالت الفــوىض‪ ،‬وهــي الحالــة التــي‬ ‫يجــب الوقــوف عندهــا طويــاً مــن االعتنــاء‬ ‫والدراســة والبحــث املعمــق‪.‬‬

‫فــا هــي اإلج ـراءات يف كل أم ـ ٍر لتعــود الثقــة‬ ‫مــن جديــد بــن الفــرد الســوري ومجتمعــه؟‬ ‫وبــن املجتمــع واملؤسســات التــي متثلــه؟ أو‬ ‫عــى األقــل أنهــا تنبثــق عنــه وتعمــل عــى‬ ‫تنميتــه وخدمتــه‪ ،‬تلبيــ ًة الحتياجاتــه العامــة‬ ‫والخاصــة واســتكامالً ملــروع الدولــة العرصية‪.‬‬ ‫فيعمــل القانــون عــى تدعيمهــا والتمســك بهــا‬ ‫والدفــاع عنهــا‪ ،‬ويحقــق لهــا صفــة املرشوعيــة‬ ‫واالســتدامة‪ ،‬ولــن يكــون ذلــك إال بعــودة‬ ‫واســرداد الصــوت املجتمعــي الفاعــل الــذي مــا‬ ‫زال غائبــاً ومشــوها حتــى اآلن‪.‬‬ ‫مــن أيــن نبــدأ؟ ســؤال أرقنــا كثـرا ً وجعــل مــن‬ ‫هشاشــتنا النفســية واالجتامعيــة مدخ ـاً لــكل‬ ‫عوامــل الرشذمــة والتناحــر‪.‬‬ ‫توصــف عمليــات التنظيــم يف املجتمعــات‬ ‫التــي تتعــرض لرصاعــات عنيفــة‪ ،‬بثالثــة‬ ‫مســتويات رئيســية يف الهــرم عــى رأســها أوالً‪:‬‬ ‫الســيطرة الكليــة واالســتحكام يف القـرار‪ ،‬وثانيـاً‪:‬‬ ‫مســتويات الدراســة والبحــث لصناعــة الق ـرار‪،‬‬ ‫وثالث ـاً‪ :‬مياديــن التطبيــق والتنفيــذ والتفاعــل‪،‬‬ ‫ليصــل الحديــث بعدهــا عــن املؤسســات‬ ‫املســؤولة أو الراعيــة لهــذه الشــؤون املجتمعيــة‬ ‫مــن منظــات دوليــة يف حقــوق اإلنســان إىل‬ ‫منظــات العدالــة والتنميــة العامليــة إىل‬ ‫منظــات الغــوث والطــوارئ إىل مؤسســات‬ ‫تــرف عــى رصــد آليــات التغذيــة الراجعــة‬ ‫واألثــر التبــاديل‪ ،‬بــن مجتمعــات محليــة‬

‫وبنيــات الفوقيــة يف تعمــل عــى صناعــة‬ ‫القـرار‪ ،‬كإحــدى التوجهــات للتنظيــم املجتمعي‬ ‫والعــودة إىل تكريــس مفهــوم الدولــة‪ ،‬والتأثــر‬ ‫املتبــادل فيــا بينهــا وبــن املســتويات األخــرى‪،‬‬ ‫وشــكل التدخــل املمكــن نحــو التغيــر‬ ‫الدميقراطــي‪.‬‬ ‫يحتــاج املجتمــع الســوري إىل فهــم هــذه‬ ‫املنظومــة اإلنســانية‪ ،‬ليخــرج مــن الثنائيــة‬ ‫القاتلــة (نظــام مســتبد‪ /‬معارضــة مســتبدة)‬ ‫ومغــادرة الوقــوع يف انحطاطهــا االجتامعــي‬ ‫والســيايس واإلداري وإفـرازات التطــرف الدينــي‬ ‫والقومــي نحــو رصاع الهويــات الفرعيــة عــى‬ ‫حســاب الهويــة الجامعــة‪.‬‬ ‫وأحــوج مــا يكــون إليــه يف هــذه الحالــة هــو‬ ‫انحيــازه الــكيل إىل املظلــة والفضــاء األعــم‬ ‫كمجتمــع مــدين ســوري ينتمــي إىل منظومــة‬ ‫عامليــة تســاعده يف انتشــال ذاتــه املحطمــة‬ ‫والضائعــة‪ ،‬وهــو مبثابــة التغيــر الجــذري‬ ‫والحاســم ملصالحــة املجتمــع مــع نفســه‪،‬‬ ‫والعــودة لتحديــد عضويتــه الفاعلــة يف محيــط‬ ‫اإلقليمــي والــدويل‪ ،‬ف ـراه العــامل جــزءا ً ســليامً‬ ‫الصحــي‬ ‫ومعــا ًىف‪ ،‬فــا يحتــاج إىل أفعــال الحجــر ِّ‬ ‫وحســابات االرتيــاب والخشــية مــن انتشــار‬ ‫عــدواه القاتلــة إىل مجتمعــات أخــرى والتدخــل‬ ‫الحاســم تاليــاً لعالجهــا‪.‬‬ ‫إن فهــم املنظومــات اإلقليميــة والدوليــة‬ ‫واالبتعــاد عــا يشــكّل مخالفــة يف القيــم‬

‫محمد صبحي‬ ‫اإلنســانية لهــ َو املدخــل الحقيقــي والف ّعــال‬ ‫لحالــة مــن االندمــاج الحضــاري جديــدةً‪،‬‬ ‫نختــر فيهــا بشــكل نهــايئ رغبتنــا باألمــن‬ ‫والســام الدوليــن‪ .‬يف مجتمــع ال زال يكتنــز‬ ‫الكثــر مــن املكنونــات اإلنســانية والــراث‬ ‫الهائــل‪ ،‬فالحضــارات والقوميــات واألديــان لــن‬ ‫يجــري تصالحهــا العميــق إال عــر مشــاركة‬ ‫فاعلــة للمجتمــع الســوري‪ ،‬انطالقـاً مــن تعمــر‬ ‫وبنــاء الــذات الســورية املتصالحــة‪ ،‬يفــر ذلــك‬ ‫االهتــام الزائــد لــكل دول العــامل بالحالــة‬ ‫الســورية ومجرياتــه الســلمية والعنيفــة منهــا‪.‬‬

‫أسوار الرقة لن تهدم‪!..‬‬ ‫علي الحسين‬ ‫رمبــا تفهمــن البعــض وانتقــد تأخــر بعــض‬ ‫املــدن عــن ركــب الثــورة‪ ،‬وهنــا نحــن لســنا يف‬ ‫موقــع اللــوم فنحــن وإياهــم بــر ومــا كنــا‬ ‫لنكــون غــر ذلــك‪ ،‬فتلــك مشــيئة اللــه يف خلقــه‬ ‫وهــو األعلــم مبــا خلــق‪.‬‬ ‫كانــت املحافظــات واملــدن الســورية كالجســد‬ ‫حــل مكــروه بإحداهــا تداعــت‬ ‫الواحــد‪ ،‬وإذا ّ‬ ‫لــه باقــي املحافظــات بالســهر والحمــى‪،‬‬ ‫وهــذا مــا أثبتتــه مجريــات الثــورة ومراحلهــا‬ ‫املتباينــة‪ ،‬فعندمــا حــل مــا حــل بالســوريني‬ ‫مــن ســكان درعــا مل يكــرث باقــي الســكان‬ ‫باملناطــق األخــرى مبــا ينتظرهــم مــن اعتقــال‬ ‫وقتــل وتهجــر عندمــا قــرروا نــرة إخوانهــم‬ ‫والتخفيــف عنهــم مهــا بلغــت التضحيــات‪.‬‬ ‫انتقلــت الحمــى إىل املــدن األخــرى وهجــر‬ ‫النســاء واألطفــال فــا كان إلخوانهــم إال أن‬ ‫تقاســموا معهــم الهــم واالهتــام‪ .‬أثخــن‬ ‫املحتلــون يف القتــل‪ ،‬ومل يرحمــوا صغــرا ً كان‬ ‫أم كبــرا ً‪ ،‬فهجــر الســكان يف مناطــق حمــص‬ ‫وقراهــا بيوتهــم‪ ،‬وتركــوا ممتلكاتهــم‪ ،‬واتجهــوا‬ ‫إىل إخوانهــم يف حلــب والرقــة وديــر الــزور‪،‬‬ ‫وكان يف اســتقبالهم الفقــر قبــل الغنــي‪ ،‬وكان‬ ‫التآخــي واملصاهــرة وجــر الخواطــر‪.‬‬ ‫ثــار الســوريون يف ديــر الــزور‪ ،‬فقــرر الطغــاة‬ ‫إرســال خنازيــر الــذرة لــوأد الثــورة‪ ،‬والحيلولــة‬ ‫دون انتشــارها عــر مــا ســمي حملــة الحــرس‬ ‫الجمهــوري املمتــزج بالشــيعة والفــرس وحللــوا‬ ‫لهــم مــا حــرم اللــه‪ ،‬ففاقــوا يف جربوتهــم التتــار‬ ‫واملغــول‪ ،‬فــا كان للمســتضعفني بــاألرض‬ ‫إال االتجــاه إىل مدينــة الرشــيد ودرة الفــرات‪،‬‬ ‫مخلفــن أفراحهــم وأتراحهــم ومــا شــاء اللــه‬

‫لهــم أمانــة بأيــدي (حــاة الديــار)‪ ،‬الذيــن‬ ‫أعملــوا فيهــا نهبــاً وتدمــرا ً‪ .‬كانــت وجهتهــم‬ ‫الرقــة حتميــة رغــم مــا قيــل ويقــال مــن القلّــة‬ ‫القليلــة‪ ،‬فــا يوجــد أرسة يف ديــر الــزور إال‬ ‫ولهــا أخ أو أخــت أو صهــر أو قريــب هنــاك‪.‬‬ ‫نعــم كانــت الهمــوم واألحـزان أكــر مــن طاقــة‬ ‫البــر‪ ،‬وكان ال بــد مــن بعــض مــا بــدر‪ ،‬فلقــي‬ ‫الضيــوف مــا لقــوا مــن حفــاوة االســتقبال‪،‬‬ ‫وتقاســم األرزاق‪ ،‬وزادت األلفــة‪ ،‬وتعمقــت‬ ‫القرابــة واملصاهــرة‪ ،‬وكان الجميــع يأمــل بــأن‬

‫تبقــى الرقــة مــاذا ً آمنــا للمالحقــن واملبعديــن‪،‬‬ ‫ومــن ضــاق رزقــه‪ ،‬إال أن إرادة اللــه فــوق كل‬ ‫إرادة وحــررت الرقــة مــن مرتزقــة األســد‪.‬‬ ‫تفــاءل الفق ـراء والعــوام خ ـرا ً بالفاتحــن مــن‬ ‫أحــرار ونــرة وأن أموالهــم وممتلكاتهــم‬ ‫أصبحــت يف أيــدي أمينة‪ ،‬وانتســب للكتائب كل‬ ‫مــن هــو تائــب‪ ،‬وأصبــح الزنديــق شــيخاً وصــار‬ ‫املجــرم رشعيــاً‪ .‬ســاءت األحــوال‪ ،‬وضاقــت‬ ‫األرض عــى اتســاعها‪ ،‬وانقلــب الســحر عــى‬ ‫الســاحر إىل أن نجحــوا يف إقنــاع العــوام بــأن‬

‫قــوات االحتــال أرحــم مــن األحــرار والثــوار‪،‬‬ ‫فتمنــوا عــودة االحتــال‪ ،‬ألن ظلــم ذوو القــرىب‬ ‫أشــد وأقــى‪.‬‬ ‫زاد ال ـراع بــن أم ـراء الحــرب عــى الســيطرة‬ ‫والنفــوذ‪ ،‬ففــر القــادة محملــن باملاليــن إىل‬ ‫دول الجــوار ناســن ســنني القهــر‪ ،‬ودمــاء‬ ‫الشــهداء‪ ،‬وأنــن املعتقلــن‪ ،‬ليرتكــوا إخوتنــا‬ ‫يف الديــن والعقيــدة يســيطرون عــى البــاد‬ ‫والعبــاد‪ ،‬ليصــل الفقــراء إىل القــول ليــت‬ ‫املفســدين واللصــوص مل يرتكــوا البــاد‪ ،‬ومــا‬

‫أحــى الفســاد‪.‬‬ ‫أفاقــت أمريــكا والعــامل الحــر مــن ســباتهم‬ ‫وســروا قطعــان القــوات الدميوقراطيــة أمامهــم‬ ‫ليحــرروا الرقــة مــن تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫وليقضــوا عــى مــا بقــي مــن أثــر الحيــاة‬ ‫هنــاك‪ ،‬موســعني بذلــك حــدود الكردســتانية‪،‬‬ ‫وهــم يعلمــون أن بالدنــا ومدننــا لهــا تاريــخ‬ ‫وحضــارة عجــز عــن تدمريهــا كل الطغــاة‬ ‫الذيــن تعاقبــوا عــى تدمــر اإلنســانية‪ .‬الرقــة‬ ‫أو مدينــة الرشــيد أو درة الفـرات تلــك املدينــة‬ ‫اليافعــة عــى ضفــاف الفـرات عربيــة مســلمة‪،‬‬ ‫ولــن تكــون غــر ذلــك إن شــاء اللــه وإن أريــد‬ ‫لهــا التحريــر فالرقاويــون أدرى بشــعابهم‬ ‫وديارهــم‪ .‬أيهــا املحتلــون الجــدد‪ ،‬التحريــر‬ ‫ال يكــون بقتــل األبريــاء وترشيــد الفقــراء‪،‬‬ ‫والحضــارة ال تقــوم عــى هــدم التاريــخ‪ ،‬وتغيــر‬ ‫رص الصفــوف‪ ،‬ودعــم أبنــاء‬ ‫الواقــع‪ ،‬وكان األوىل ّ‬ ‫الرقــة الغيــارة‪ ،‬ومســاعدتهم يف إعــادة إعــار‬ ‫مدينتهــم‪ ،‬وإعــادة النازحــن واملرشديــن إليهــا‪،‬‬ ‫وليــس القضــاء عــى البقيــة الباقيــة‪.‬‬ ‫مــا أشــبه اليــوم باألمــس فمنظــر الطغــاة‬ ‫والعــامل الحــر‪ ،‬وهــو يحشــد الحشــود‪ ،‬ويجيــش‬ ‫الجيــوش‪ ،‬ويف مقدمتهــم األقليــات الحاقــدة‬ ‫عــى العــرب والعروبــة‪ ،‬وكذلــك ال يخفــون‬ ‫كرههــم لإلســام واملســلمني‪ .‬إن منظرهــم اليــوم‬ ‫هــو ذات املنظــر باألمــس القريــب حينــا‬ ‫احتلــوا بغــداد‪ ،‬ومكنــوا األقليــات مــن قهــر‬ ‫العــرب الســنة‪ .‬باألمــس هدمــوا أســوار بغــداد‬ ‫ليقضــوا عــى الحضــارة التــي أقامهــا املســلمون‬ ‫األوائــل‪ ،‬واليــوم يتجهــون لهــدم أســوار الرقــة‬ ‫لنفــس الغايــة والهــدف‪ ،‬أســوار الرقــة املنيعــة‬ ‫ســتكون نهايــة أحالمهــم‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫هل الظلم وحده يصنع ثورة‪..‬؟!‬ ‫هــل الفقــر وحــده يصنــع ثــورة؟ وهــل‬ ‫الظلــم وحــده يصنــع ثــورة؟ أم أن األزمــة‬ ‫الوطنيــة العميقــة هــي وحدهــا التــي تصنــع‬ ‫ثــورة؟ كيــف يســتطيع مجتمــع مثقــل بثقافــة‬ ‫دينيــة متمحــورة حــول ذاتهــا وتعيــد إنتــاج‬ ‫ذاتهــا يف املــكان ذاتــه إلبقــاء رشطــي الزمــن‬ ‫واملــكان خالديــن‪ ،‬أي كيــف ميكــن يف بلــد‬ ‫مثقــل بثقافــة االســتبداد أن يصنــع ثــورة؟‬ ‫هــل الفقــر ســببه ســيايس أم اجتامعــي‬ ‫أم تاريخــي؟ هــي أســئلة مرشوعــة جــدا ً‬ ‫ومربكــة ومحــرة؟ هــل الثــورة هــي حــدث‬ ‫يخــص بقعــة جغرافيــة محــددة يحددهــا‬ ‫التمــرد عــى النظــام الســيايس أي عــى الواقــع‬ ‫االجتامعــي الســيايس الســائد أم عــى الرشوط‬ ‫املوجــودة كلهــا‪ ،‬محليــة وإقليميــة ودوليــة؟‬ ‫هنــاك مــن ينــر كلامتــه يف الهــواء ويرميهــا‬ ‫جزافــاً عــن أن الخــارج هــو الســبب‪ ،‬هــو‬ ‫الــذي حــرك مشــاعر النــاس وهيجهــم‪ .‬بيــد أن‬ ‫الســؤال يقــول‪:‬‬ ‫ـ هــل هــذا الخــارج وحــده يســتطيع أن‬ ‫يحــرك كتــل اجتامعيــة تقــدر مبئــات اآلالف‬ ‫مــن النــاس ويرميهــا يف الشــارع ويبنــي عليهــا‬ ‫مصالحــه وإرادتــه‪ ،‬معقــول هــذا الــكالم؟‬ ‫هــل نقــول عــن ذلــك مؤامــرة؟ هــل الثــورة‬ ‫االجتامعيــة والسياســية ونبــل الطــرح الوطنــي‬ ‫واإلنســاين هــو مؤامــرة خارجيــة؟ مــا هــي‬ ‫قــدرة هــذا الخــارج عــى صناعــة ثــورة؟‬ ‫الثــورة تلــد قلقــة‪ ،‬والدة يف باطنهــا‪ ،‬جوهرهــا‬ ‫أســئلة كثــرة وعميقــة جــدا ً‪ ،‬وتــرك واإلجابات‬ ‫الكثــرة مفتوحــة األمــال واألهــداف واملرامــي‪.‬‬ ‫يف الحقيقــة‪ ،‬عندمــا تبــدأ الثــورة ال تتوقــف‪،‬‬ ‫تبقــى كاملغــا يف جــذر األرض مهــا حــاول‬ ‫األعــداء متييعهــا‪ .‬تعيــش حالــة ســبات ثــم‬ ‫تخــرج كالــركان‪ .‬أســئلتها‪ ،‬جوهريــة‪ ،‬يف‬ ‫العمــق‪ ،‬بحــث وجــودي وســيايس وإنســاين‪،‬‬

‫ورغبــة اإلنســان يف االنعتــاق مــن الجــور‬ ‫والظلــم واالســتالب والرغبــة يف العيــش عــى‬ ‫أرض طبيعيــة معطــاءة‪ ،‬يف وطــن يريــد البقــاء‬ ‫عــى قيــد الحيــاة‪.‬‬ ‫إن هــذه املفاهيــم التــي أوردتهــا يف أعــى‬ ‫الصفحــة نتداولهــا يوميـاً دون أن نعــرج عــى‬ ‫فكفكــة هــذه املفاهيــم ومعرفــة حــدود هــذه‬ ‫الحــدود‪ .‬أغلبنــا‪ ،‬ســواء يف بالدنــا أو غريهــا‬ ‫يتلقــى هــذه املفاهيــم كأنهــا مســلامت‬ ‫صحيحــة وعلينــا القبــول بهــا‪.‬‬ ‫إن إلغــاء الفقــر والظلــم وحدهــا ال ميكــن‬ ‫أن يصنــع ثــورة‪ ،‬وإن التمــرد عــى الــروط‬ ‫االجتامعيــة والسياســية ليــس وحدهــا ميكــن‬ ‫أن يبنيــا مجتمعــاً مغايــرا ً يســوده الخــر‬ ‫والجــال والعدالــة‪.‬‬ ‫الــراع بــن الحريــة واالســتالب كان غايــة‬ ‫التاريــخ وجوهــره‪ .‬كان االســتالب غايــة‬ ‫النخبــة وكان عــى القــوى املهيمنــة عــى‬ ‫الدولــة واملجتمــع أن متســك مبفاصــل الـراع‬ ‫بيدهــا وتوجهــه‪ ،‬وتعمــل عــى إبقــاء مفاصــل‬ ‫الدولــة يف يدهــا‪ ،‬مراكــز القــوة فيهــا كاملــال‬ ‫والقــوة والنفــوذ يف عــزل لآلخــر‪ ،‬للمهمشــن‬ ‫والفقـراء‪ ،‬ومل تســمح لهــم‪ ،‬لكائــن مــن يكــون‬

‫أن يقــرب منهــا‪ .‬عملــت مــن خــال الدولــة‬ ‫عــى اإلبقــاء عــى الهيمنــة‪ ،‬عــى الواقــع‬ ‫االجتامعــي والســيايس واالقتصــادي القائــم‬ ‫وتأبيــده‪ ،‬والســيطرة عــى أغلــب املفاتيــح‬ ‫املوجــودة إلبقــاء أغلــب املجــاالت يف يدهــا‪،‬‬ ‫تــدرس بتــأنٍ ‪ ،‬وتســتخدم كل الوســائل املمكنــة‬ ‫حــول كيفيــة الســيطرة عــى املمجتمــع ســواء‬ ‫بالرتغيــب أو الرتهيــب‪ ،‬أو عــر القوانــن‪،‬‬ ‫تلجــأ إىل مؤسســاتها يف محاولــة دمــج‬ ‫قطاعــات واســعة فيهــا مــن أجــل حيــازة‬ ‫الصمــت واإلبقــاء عــى الكتــل االجتامعيــة‬ ‫الكبــرة خاضعــة لهــا‪ .‬أي أال تعلــن هــذه‬ ‫الكتــل االجتامعيــة تربمهــا أو متردهــا مســتغلة‬ ‫الــرورات والحاجــات اإلنســانية كالطعــام‬ ‫والكســاء والســكن‪ ،‬وتضعهــا يف حســاباتها‬ ‫ومســاومة هــذه القطاعــات بــن الحصــول‬ ‫عليهــا أو الحرمــان‪ ،‬كل ذلــك تضعــه يف‬ ‫حســاباتها السياســية وإبقــاء رشوطهــا‪ ،‬إلبقــاء‬ ‫املجتمــع تحــت وصايتهــا‪.‬‬ ‫أثبتــت األيــام أن تأمــن الحاجــات البيولوجيــة‬ ‫وحدهــا ال يفــي الحيــاة االجتامعيــة غرضهــا‪،‬‬ ‫ولهــذا عملــت الدولــة املعــارصة عــى فتــح‬ ‫منافــذ أخــرى كأن تــرك للمجتمــع هامــش‬

‫للحركــة أو الحريــة املزعومــة‪ ،‬بيــد أن تبقيــه‬ ‫مســتلباً يف يدهــا الرســن تحركــه وقــت‬ ‫الــرورة‪.‬‬ ‫إذا ً‪ ،‬إن املســألة االجتامعيــة وحدها أو تهميش‬ ‫املجتمــع ومتــرده ال يكفــي أن يكونــان قــوة‬ ‫سياســية دافعــة للثــورة‪ ،‬وإمنــا هنــاك قضايــا‬ ‫غــر مرئيــة تتفاعــل يف البنــى كلهــا‪ ،‬وعــى‬ ‫جميــع مســتوياتها السياســية واالقتصاديــة‬ ‫واأليدلوجيــة تكــون دوافــع للخــروج عــى‬ ‫الحالــة النمطيــة الســائدة‪ ،‬ميكننــا القــول إنهــا‬ ‫الــرورة التاريخيــة والوجوديــة لإلنســان‪.‬‬ ‫إذا ً‪ ،‬ليــس االســتغالل وحــده دافــع‪ ،‬وال الفقــر‬ ‫وحــده‪ ،‬وال البحــث عــن الحريــة والخــاص‬ ‫الفــردي أو الجامعــي‪ .‬إنــه نــزوع اإلنســان‬ ‫نحــو آفــاق أخــرى‪ ،‬آفــاق غــر مرئيــة تكمــن‬ ‫يف ال وعيــه‪ .‬نــزوع نحــو الخــر والجــال وبنــاء‬ ‫الحيــاة واإلنســان مــن الداخــل‪ .‬أن يتحــول‬ ‫مفهــوم اإلنســان إىل شــكل نبيــل متوحــد مــع‬ ‫ذاتــه ومــع الطبيعــة وجاملهــا‪.‬‬ ‫الثــورة بحــد ذاتهــا مربكــة‪ ،‬زل ـزال اجتامعــي‬ ‫يحــرك امليــاه الراكــدة والنفــوس الراكنــة‬ ‫للكســل والجمــود‪ ،‬تحمــل جميــع النــاس‬ ‫مــن مرقدهــم وتضعهــم يف عــن التاريــخ‪،‬‬ ‫والواقــع القــايس وجهــا لوجــه‪ ،‬تكــر جميــع‬ ‫األيقونــات والتامثيــل القدميــة والجديــدة‪،‬‬ ‫وتجفــف الكثــر مــن املســتنقعات‪ ،‬وتفتــح‬ ‫مجــرى للــاء والهــواء النظيــف ليســرا يف‬ ‫األرض والســاء‪.‬‬ ‫إن الثــورة يف العمــق‪ ،‬يف بنيتهــا هــو تكســر‬ ‫للثقافــة الشــمولية‪ ،‬للثقافــة املثقلــة باملــايض‪،‬‬ ‫للذهــاب إىل العقالنيــة وبناء الحيــاة املعارصة‪،‬‬ ‫املجتمــع املــدين وقيمــه‪ ،‬وبنــاء إنســان مرتبــط‬ ‫بعــره‪ ،‬بــروط زمانــه ومكانــه‪ ،‬بنــاء وطــن‬ ‫مرتبــط بالجغرافيــة السياســية للقبــض عــى‬

‫آرام كرابيت‬ ‫التاريــخ واملــكان‪.‬‬ ‫إن الثــورة هــي كل يشء‪ ،‬هــي فكفكــة واقــع‬ ‫وفكــر‪ ،‬متزيقــه إلعــادة تركيبــه وفــق مقاســات‬ ‫جديــدة‪ ،‬وبنــاء منظومــة ثقافيــة مغايــرة‪،‬‬ ‫منظومــة إنســانية تؤمــن بحــق اآلخــر‬ ‫املختلــف يف الحيــاة والحريــة والوجــود‪.‬‬ ‫وهــي يف العمــق‪ ،‬مفتــاح لعــر جديــد‪،‬‬ ‫شــكله ال يتحــدد يف واقعــه‪ ،‬إنــه مولــود‬ ‫يحتــاج إىل املــاء والغــذاء لينمــو ويكــر‬ ‫ويشــق طريقــه إىل الحيــاة‪ .‬إنهــا إســقاط لــكل‬ ‫الرمــوز يف الزمــان واملــكان‪ ،‬وقــوف تحــت‬ ‫الشــمس العاريــة وجهــا لوجــه دون خــوف‬ ‫أو وصايــة‪ .‬هــو النــزول إىل عمــق الحيــاة‬ ‫والــراع عــى مســك خيــوط املســتقبل‬ ‫والبنــاء عليــه يف منطقــة العمليــات السياســية‬ ‫املغايــرة عــا هــو ســائد‪ ،‬والغــوص يف أعــاق‬ ‫الواقــع االجتامعــي والنفــس اإلنســانية‪ ،‬إىل‬ ‫األماكــن األكــر رسيــة للوصــول إىل صــوت‬ ‫اإلنســان النقــي الصــايف‪ ،‬إىل أزمنتــه القادمــة‪،‬‬ ‫إىل عقلنتــه يف الحيــاة‪.‬‬ ‫الثــورة قيــم جامليــة‪ ،‬هــذا هــو جوهرهــا‬ ‫بالرغــم مــن أنهــا تبــدو دمويــة عــى الســطح‪.‬‬

‫التوأمــة الســياميّة بــن الكهنــوت وســلطة االســتبداد‬ ‫يف دراســة البُنــى االجتامعيــة الســائدة‬ ‫يف عهــود االســتبداد‪ ،‬تقــوم كلهــا بتأســيس‬ ‫مــدروس وبســياق تاريخــي ممنهــج ومســت ّمر‪،‬‬ ‫األس فيهــا متــوا ٍز ومرتافــق وبارتبــاط مصــري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قوامـ ُه ت ّوأمــة ســيام ّية بــن قمــة هــرم الســلطة‬ ‫السياســية‪ ،‬الدنيويــة‪ ،‬وكتلــة ســلطة الكهنــوت‬ ‫الدينــي التــي تتناغــم لتأمــن الغطــاء اإللهــي‬ ‫لهــذه الســلطة وإرغــام العــوام للخضــوع عــر‬ ‫االســتحكام الناعــم املطّــاط بقدسـيّة النصــوص‬ ‫الســاوية مبــا يخدم دميومــة الســلطتني‪ ،‬ودوام‬ ‫حــال املكتســبات الدنيويــة عــى حســاب حيــاة‬ ‫الشــعوب وحريتهــا وكرامــة اإلنســان بالعمــوم‪.‬‬ ‫لهــذا ويف وضعنــا الســوري كــا يف كل املحيــط‬ ‫اإلقليمــي أســتطيع أن أجــزم وفــق معطيــات‬ ‫واقع ّيــة واضحــة منــذ انفجــار الثــورة بوجــوه‬ ‫الجميــع بــأن الخــ ّط الدينــي ‪ -‬الكهنــويت ‪-‬‬ ‫املشــيخي – الســلطوي ‪ -‬الرابــض عنــد أحذيــة‬ ‫الطاغيــة هــم مــن ألـ ّد أعــداء ثــورة الســوريني‬ ‫لســبب بســيط ألنهــا ستســقط الحقــاً كل‬ ‫مكتســباتهم الدنيويــة‪ ،‬وتفقدهــم املكانــة‬ ‫االجتامعيّــة املرعبــة لنــا‪ ،‬وتخبــو الهالــة اإللهيــة‬ ‫التــي صنعهــا منافقــو وماملئــو الســلطة‬ ‫ألنفســهم مــن خــال متريــر مــا يناســب‬ ‫تكريــس حكمهــم عــر النصــوص التــي يتــم‬ ‫حملــة أوجــه! وهــم كُشــف‬ ‫تدويرهــا ‪/‬كونهــا ّ‬ ‫عنهــم الغطــاء‪ ،‬وبوابــة الحكمــة ومنبعهــا‪./‬‬ ‫تلــك املكتســبات لــن يبقــى منهــا فتــات يف‬

‫الدولــة املدنيّــة املنشــودة‪ ،‬وقيــم العدالــة‬ ‫واملســاواة والرقابــة‪ ،‬واحــرام حريّــة العقــل‬ ‫والتفكــر‪ ،‬وكرامــة اإلنســان‪ ،‬وعــزل فتاواهــم‬ ‫عـ ّـا ُيكــن أن يت ـ ّم اســتثامره لقهــر اإلنســان‬ ‫واســتغالله‪.‬‬ ‫الســلطة الدينيــة املدعومــة مــن الســلطة‬ ‫السياســية ســقطت فعليــاً‪ ،‬وتســقط بانتصــار‬ ‫الثــورة لهــذا تــرى املجلــس اإلســامي الســوري‬ ‫رف بخبــث ودهــاء ونعومــة‬ ‫صامتــاً‪ ،‬ويتــ ّ‬ ‫لضــان إعــادة تدويــر االســتبداد بالتامهــي‬ ‫مــع الرغبــات اإلقليميــة والدوليــة املافيويــة‪.‬‬ ‫لــن اســتغرب إن وجدتهــم يوزعــون أقدامهــم‬ ‫بــن كل املســتنقعات املوحلــة كــا فتاواهــم‬ ‫املواربــة املشــبوهة‪ ،‬نجدهــم يف التحكّــم‬ ‫بأعــال اإلغاثــة‪ ،‬واإلمســاك بتدفقهــا للتحكــم‬ ‫بـراء الــوالءات وتوزيعهــا يف ســياقات مذهب ّية‬ ‫ مناطقيّــة ‪ -‬عشــائرية مثــرة ومشــبوهة‪.‬‬‫نجدهــم يتدخلــون يف قيــادات فصائــل‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬وإمســاكها مــن أوبــاش ورعــاع‬ ‫وبائعــي خضــار وباطونجيّــة وزع ـران حــارات‬ ‫بِلحــى جديــدة‪ ،‬وثــوب أفغــاين يتبعــون لهــم‬ ‫بوالءاتهــم‪ ،‬وعــر عــزل الضبــاط امل ُحرتفــن‬ ‫ املنشــقني وباالتفــاق مــع قــوى كــرى‬‫بعزلهــم يف مخ ّيــات‪ ،‬ووضعهــم تحــت‬ ‫الرقابــة االســتخباريّة يف املحيــط ومنعهــم مــن‬ ‫االلتحــاق بالثــورة‪ ،‬يك يضمنــوا اإلمســاك التــا ّم‬ ‫مبقاليــد كتائــب الجيــش الحــر‪ ،‬كذلــك عملهــم‬

‫دس املــال الســيايس يف‬ ‫الــدؤوب مــن خــال ّ‬ ‫لعبــة الــوالءات واملؤام ـرات كــا ت ـ ّم عــى يــد‬ ‫رئيــس الحكومــة ‪ -‬الســاقط واملخلــوع طبيــب‬ ‫االســنان أحمــد الطعمــة‪ ،‬والــذي تبنتــه قطــر‬ ‫يف ســياق دعمهــا لإلخــوان املســلمني‪ ،‬وتبن ّيهــم‬ ‫للحكومــة املؤقتــة بعــد صنعهــا إثــر تشــكيل‬ ‫ائتــاف قيــادة الثــورة الــذي ُصنــع عــى عجالة‪،‬‬ ‫وترئيــس معــاذ الخطيــب عليــه‪ ،‬وللعلــم فقــط‬ ‫بــأن قطــر نبّهــت أحمــد الطعمــة بأنــه رئيــس‬ ‫حكومــة مدنيّــة‪ ،‬تعنــى مبؤسســات العمــل‬ ‫املــدين‪ ،‬وتقديــم خدمــات مدنيــة للســوريني‬ ‫النازحــن واملهجريــن يف الداخــل والخــارج‪،‬‬ ‫وحظــرت عليــه اســتعامل أمــوال الثــورة‬ ‫ومتويالتهــا يف العمــل العســكري نهائي ـاً ولكــن‬ ‫هــل التــزم بهــذا التوجيــه!؟‬ ‫لــن يســتطيع إنــكار أنــه ســاهم بتمويــات‬ ‫تأســيس جيــش الفتــح‪ ،‬دون صكــوك قانونيــة‬ ‫ودون متريرهــا عــى ميزانيــات الحكومــة‪،‬‬ ‫وبشــكل شــخيص‪ ،‬ومــن تحــت الطاولــة‪،‬‬ ‫وامل ُســتغرب أكــر أنــه بنفــس الفــرة متامــاً‬ ‫قــ ّدم متويــل مرعــب مببلــغ ‪ 500‬ألــف دوالر‬ ‫لجبهــة النــرة‪ ،‬وأيضــاً دون ضوابــط ومــن‬ ‫تحــت الطاولــة!؟‬ ‫وكذلــك قدمــت الحكومــة متويــات لتج ّمــع‬ ‫كتائــب الســاحل‪ ،‬وضمنــت بهــذا والءهــا‬ ‫املريــب‪ ،‬وبالتــايل لجمهــا لفتــح هــذه الجبهــة‬

‫بوجــه النظــام‪ّ ،‬‬ ‫ودك معاقلــه وحصونــه‪ ،‬ومنبــع‬ ‫شــبيحته‪ ،‬وكــر اإلرادات الغرب ّيــة مبنــع فتــح‬ ‫هــذه الجبهــة نهائيــاً!؟‬ ‫الثــورة تعنــي تفتيــت كل هــذ ِه ال ُبنــى وهدمها‪،‬‬ ‫ومتزيــق أي نُظــم باليــة قامــت عــى أســس‬ ‫الخــراب االجتامعــي وعــى اســتغالل هــذا‬ ‫التنســيق املافيــوي للســيطرة عــى تفاصيــل‬ ‫الحيــاة البرشيــة دون تــرك ثغــرة للظــروف‬ ‫أو لالنحــراف املعيــاري أو مبــدأ االحتــاالت‪،‬‬ ‫بالتــايل تعنــي إعــادة صياغــة العقــد‬ ‫االجتامعــي عــى أســس العدالــة واملســاواة‪،‬‬ ‫وحريــة الفكــر والــرأي‪ ،‬واالعتقــاد واالحــرام‬ ‫الــازم لــكل مكونــات املجتمــع وخصوصياتــه‬ ‫الثقافيــة ‪ -‬الدين ّيــة أو العرق ّيــة‪ ،‬أو املذهبيــة‬ ‫مــا يعنــي متامــاً وضــع نصــاب وضوابــط‬ ‫ُمحكمــة للعالقــة بــن الحاكــم واملحكــوم‪،‬‬ ‫ومعايــر يتــم مــن خاللهــا مدنيّ ـاً عــزل ســلطة‬ ‫الكهنــوت يف إطــار محــدد‪ ،‬ووضــع معايــر‬ ‫رقابــة ومحاســبة أخالقيّــة وقانونيّــة ورشعيّــة يك‬ ‫ال يتــم التجــاوز عــى قيــم الثــورة‪ ،‬واملجتمــع‬ ‫املــدين‪ ،‬ونظــام املؤسســات‪ ،‬وهــذا ينطبــق‬ ‫عــى تحويــل العاملــن يف كل املؤسســات‬ ‫الحكوم ّيــة مبــا فيهــا الجيــش واألمــن‪ ،‬وصــوالً‬ ‫لرئيــس الدولــة بكونهــم موظفــن عموميــن‬ ‫تتــم رقابتهــم ومحاســبتهم‪ ،‬كــا كل العاملــن‬ ‫يف الشــأن العــام‪ ،‬وهنــا تدخــل حريــة اإلعــام‬ ‫لتكــون عــن ســاهرة تدقــق يف التفاصيــل‪،‬‬

‫محمد صالح العويد‬ ‫وإشــهار أي فســاد أو انحـراف‪ ،‬وتقدمــه للــرأي‬ ‫املختصــة بإجــراء مــا‬ ‫العــام لتقــوم الجهــات‬ ‫ّ‬ ‫يلــزم لحاميــة اإلنســان العــادي مــن اســتغالل‬ ‫القوانــن واملناصــب والخــداع واالنتهــاك‪،‬‬ ‫وتكريــس حكــم القانــون‪ ،‬وبالتــايل حاميــة‬ ‫الوطــن‪.‬‬ ‫الثــورة تعنــي مراجعــة تفصيليــة‪ ،‬دقيقــة‬ ‫للدفــع بحيــاة اإلنســان واملجتمــع‪ ،‬والنهــوض‬ ‫بهــا إىل مســتويات مغايــرة متامــاً للســائد‬ ‫الســابق‪ ،‬وطــرح منظومــة أخالق ّيــة ‪ -‬دســتورية‬ ‫ قانونيــة ‪ -‬ثقاف ّيــة ‪ -‬اجتامع ّيــة ‪ -‬فكريــة‬‫تعــ ّوض كل مــا خرستــه خــال الثــورة عــى‬ ‫الطغيــان وســلطاته األخطبوط ّيــة التــي خنقــت‬ ‫املجتمــع والبــر وكلّســته عــى التخلــف‬ ‫والقهــر والتهميــش‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة ‪9‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جورج كتن‬

‫حزب النهضة واالستثناء التونسي‬

‫يتفــق كثــرون يف أن انتفاضــة تونــس اســتثناء‬ ‫ناجــح ضمــن الربيــع العــريب الــذي شــمل عــدة‬ ‫بلــدان‪ ،‬ولكــن عديــد مــن األطــراف ال تنتبــه‬ ‫لألســباب الحقيقيــة لهــذا النجــاح‪ ،‬وال تريــد أن‬ ‫تتعلــم منهــا دروســاً مفيــدة‪ .‬أوجــه االســتثناء يف‬ ‫متتــع تونــس مبجتمــع مــدين متقــدم وحضــاري متأثــر‬ ‫بالجــوار األورويب‪ ،‬وبنهــج علــاين اختطــه العهــد‬ ‫البورقيبــي‪ ،‬وبقطاعــات شــعبية مثقفــة شــبابية‬ ‫ونســائية ونقابيــة فعالــة ترفــض أســلمة املجتمــع‪،‬‬ ‫وقوانــن متقدمــة أهمهــا قانــون لألحــوال الشــخصية‬ ‫ينصــف املــرأة ويعطيهــا حقوقهــا الكاملــة املســاوية‬ ‫للرجــل‪ ،‬ومجتمــع اعتــاد الحــوار لحــل مشــكالته‬ ‫ورفــض العنــف يف مراحلــه املختلفــة‪ ،‬وجيــش حيــادي‬ ‫سياســياً‪ ،‬وهامــش ال بــأس بــه مــن الحريــات حتــى‬ ‫قبــل ســقوط بــن عــي‪.‬‬ ‫أحــد أوجــه االســتثناء التونــي باإلضافــة ملــا ذكــر‪،‬‬ ‫حــزب النهضــة اإلســامي‪ ،‬الــذي نجــح بحصــد غالبيــة‬ ‫األصــوات يف االنتخابــات للمرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬وتراجــع‬ ‫نســبياً يف االنتخابــات التاليــة‪ ،‬فقــد قبــل الحــزب‬ ‫التخــي عــن الســلطة لحكومــة حياديــة تــرف عــى‬ ‫انتخابــات رئاســية وترشيعيــة‪ ،‬أمــام ه ّبــة شــعبية‬ ‫ونقابيــة حاشــدة ضــد شــبه انف ـراده بالحكــم‪ ،‬وقبــل‬ ‫نتائــج انتخابــات ‪ 2014‬التــي أعطــت الغالبيــة لحــزب‬ ‫نــداء تونــس البورقيبــي التوجــه‪ ،‬ورفــض التعــاون مــع‬ ‫أي حركــة ســلفية إســامية حتــى لــو كانــت ســلمية‪،‬‬ ‫وقبــل بالدســتور الجديــد الــذي ال ينــص عــى أن‬ ‫الرشيعــة اإلســامية املصــدر الرئيــي للترشيــع‪،‬‬ ‫واكتفــى بالنــص عــى أن تونــس دولــة ديانتها اإلســام‪.‬‬ ‫قبــل باملســار العلــاين لتونــس الــذي اختطــه بورقيبة‪،‬‬ ‫وتخــى عــن تطبيــق الرشيعــة‪ ،‬واعتــر العلامنيــة‬ ‫ليســت دعــوة لإللحــاد‪ ،‬وهــي ال تتعــارض مــع الديــن‪.‬‬ ‫قبــل بتشــكيل ائتالفــات وطنيــة يف الســلطة‪ ،‬وتصالــح‬ ‫مــع التيــارات السياســية األساســية مــن أجــل مصلحــة‬ ‫تونــس‪ ،‬ولــو عــى حســاب مصلحــة الحــزب أحيان ـاً‪،‬‬ ‫وقبــل مبامرســة رجــاالت العهــد الســابق لحقهــم يف‬

‫العمــل الســيايس‪ ،‬إذ أن عزلهــم يتناقــض مــع النهــج‬ ‫الدميقراطــي‪.‬‬ ‫كل ذلــك بعكــس مــا اتبعــه إخــوان مــر فانتهــوا‬ ‫للفشــل الذريــع‪.‬‬ ‫مل يتوقــف حــزب النهضــة عنــد مواقفــه هــذه فهــو‬ ‫يف مؤمتــره العــارش األخــر يف أيــار املــايض‪ ،‬قــام بنقــد‬ ‫شــامل ملســرته‪ ،‬واتخــذ قــرارات هامــة لتطويــر‬ ‫مواقفــه السياســية واأليديولوجيــة‪ ،‬فقــد أقــر فصــل‬ ‫املجــال الســيايس يف الحــزب عــن املجــال الدعــوي‬ ‫الدينــي واملجتمعــي‪ ،‬مــا يفهــم منــه نوع مــن الفصل‬ ‫بــن الســيايس والدينــي الــذي تنــادي بــه العلامنيــة‪،‬‬ ‫وإن مل يكــن بوضــوح كاف‪ .‬ورأى أن الثــورات يف تاريــخ‬ ‫البلــدان املســيحية كان لتحريــر الدولــة مــن ســلطة‬ ‫الديــن‪ ،‬فيــا التغيــر يف بلــدان إســامية لتحريــر‬ ‫الديــن مــن ســلطة الدولــة ومــن اســتغالله سياســياً‪.‬‬ ‫ورأى أنــه ليــس مــن مهمــة الدولــة فــرض عقيــدة مــا‬ ‫عــى املجتمــع فـــ»ال إك ـراه يف الديــن»‪ ،‬بــل مهمتهــا‬ ‫تقديــم خدمــات للنــاس وصيانــة األمــن‪.‬‬ ‫كــا أقــر املؤمتــر التخــي عــن ال ـراع عــى الهويــة‬ ‫بإقــرار أولويــة الوطنــي عــى األممــي واعتبــار والء‬ ‫حــزب التهضــة لتونــس‪ ،‬فـ»تونــس أوالً»‪ ،‬واالنتــاء لها‬ ‫يتقــدم عــى أي انتــاء آخــر خــارج حدودهــا‪ .‬ففــي‬ ‫األيديولوجيــات الشــمولية الشــيوعية واإلســامية‬ ‫والقوميــة كانــت منظامتهــا عــى األغلــب تتبــع‬ ‫أولوياتهــا بشــكل أو بآخــر مركــزا ً أمميــاً لتعتــر‬ ‫فروعـاً لــه‪ ،‬مثــل املركــز األممــي الشــيوعي يف موســكو‬ ‫ســابقاً‪ ،‬والتنظيــم الــدويل لإلخــوان املســلمني الراهــن‪،‬‬ ‫والقاهــرة التــي اعتــرت أيــام عبــد النــارص مركــزا ً‬ ‫للحــركات القوميــة العربيــة‪.‬‬ ‫تجربــة حــزب النهضــة التونــي تضــاف لتجربــة‬ ‫حــزب العدالــة والتنميــة الــريك الــذي متيــز بأنــه قبــل‬ ‫بالنظــام العلــاين بشــكل واضــح وبــا لبــس وحكــم‬ ‫حســبه بــا ســعي لتطبيــق أيــة رشيعــة مــا‪ .‬لكــن رغم‬ ‫مــا يف مواقــف ومفاهيــم حــزب النهضــة مــن تطويــر‬ ‫يــكاد يخــرج الحــزب مــا يســمى «اإلســام الســيايس»‬ ‫الــذي يتمثــل يف منــاذج تنظيــات اإلخــوان املســلمني‬

‫يف أكــر مــن بلــد‪ ،‬فــإن النهضــة يحتــاج برأينــا ألكــر‬ ‫مــا قــام بــه ليلحــق مبســرة الحــزب الــريك‪.‬‬ ‫فهــل تــم التخــي بشــكل قاطــع عــن «تطبيــق‬ ‫الرشيعــة» ومفهــوم «حاكميــة اللــه» أم أن الفصــل‬ ‫بــن الدعــوي والســيايس بشــكله املعــروف الــذي‬ ‫يعتــر أن «اإلســام هــو الحــل»‪ ،‬هــو تخصيــص‬ ‫وتوزيــع لقيــادات الحــزب بــن املجــاالت املتعــددة‬ ‫للعمــل ضمــن املجتمــع؟‬ ‫وهــل خــرج النهضــة كليــاً مــن اإلســام الســيايس‬ ‫ليتحــول إىل حــزب مــدين ذو مرجعيــة حضاريــة‬ ‫وحداثيــة مســلمة؟‬ ‫وهــل حــدث انقــاب مؤقــت يف املفاهيــم‬ ‫األيديولوجيــة أم تغيــرات نهائيــة يف املواقــف‬ ‫ا لسيا ســية ؟‬ ‫وهــل القبــول بإبقــاء مــادة يف الدســتور حــول أن‬ ‫تونــس بلــد ديانتــه اإلســام‪ ،‬رغــم تناقــض ذلــك مــع‬ ‫منطــق أن الديــن خــاص باألفـراد وليــس بالــدول التــي‬ ‫ال ديانــة لهــا‪ ،‬هــو حجــة مســتقبالً لعرقلــة الترشيعات‬ ‫املدنيــة التــي ال تتقيــد بنصــوص الديــن يف مســائل‬ ‫املعامــات وليــس العبــادات؟ أم أنهــا مجــرد وصــف‬ ‫لتونــس ال يســتتبع أي تدخــل يف حريــة غالبيــات‬ ‫املرشعــن يف إصــدار القوانــن حســب املصالــح وليــس‬ ‫حســب األيديولوجيــات؟‬ ‫صحيــح مــا يقولــه راشــد الغنــويش أن ال تناقــض‬ ‫بــن اإلســام والدميقراطيــة‪ ،‬ولكــن ال ميكــن اعتبــار‬ ‫ذلــك دقيق ـاً وبعيــدا ً عــن العموميــات إن مل يتضمــن‬ ‫بشــكل واضــح التخــي عــن «تطبيــق الرشيعــة» وتــرك‬ ‫الشــعب ليقــرر مــا يناســب مصالحــه مــن ترشيعــات‬ ‫ومســارات‪.‬‬ ‫وكنتيجــة مختــرة منــذ عقــود‪ ،‬ومــن خــال كل‬ ‫تجــارب اإلســام الســيايس‪ ،‬فــإن التوافــق برأينــا بــن‬ ‫الدميقراطيــة واملســلمني أمــر ممكــن ومحبــذ‪ ،‬فيــا‬ ‫أن التوافــق بــن الدميقراطيــة و»تطبيــق الرشيعــة»‬ ‫بأوجههــا املختلفــة مســتحيل‪ ،‬إال بالفــرض واإلكــراه‬ ‫كــا فعلــت داعــش يف العــراق وســوريا‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫ليــس مــن الديــن الــذي ال إكــراه فيــه‪.‬‬

‫زمن الفتن لم يحِن!!‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫جــاء يف األثــر أنّــه ســتأيت فـ ٌن عــى أمتــي كقطــع‬ ‫الليــل املظلــم‪ ،‬يصبــح الحليــم فيهــا حـران‪ ،‬ويبــدو أن‬ ‫زمــن هــذه الفــن مل يحــن بعــد‪ ،‬فعــى الرغــم مــن أن‬ ‫الناظــر إىل املشــهد الســوري‪ ،‬ومــا يجــري فيــه يجــد ما‬ ‫ال ع ـ ٌن رأت مــن دمــار أحدثتــه الصواريــخ‪ ،‬والقنابــل‬ ‫والرباميــل والخراطيــم التــي هــي آخــر إبداعــات‬ ‫النظــام وقواتــه الرديفــة‪ ،‬ويجــد مــا ال أذ ٌن ســمعت‬ ‫مــن النــكات الســمجة التــي يطلقهــا املســؤولون يف‬ ‫الداخــل– نظامـاً ومعارضـةً– ويف اإلقليــم وعىل ســاحة‬ ‫املجتمــع الــدويل الواســعة‪ ،‬تتمحــور كلهــا حــول‬ ‫الحــرص عــى إنهــاء «الكارثــة» الســورية بحــلٍ ســيايس‬ ‫رون جميعـاً– هــل لتــايف تدمــر مــا مل يُ ّدمــر بعــد‬ ‫يـ ّ‬ ‫يف ســورية؟ عــى اعتبــاره أفضــل الحلــول!!!‬ ‫وزمــن الفــن مل يحــن بعــد‪ ،‬ألنّــه وعــى الرغــم‬ ‫مــن أ ّن كل املشــتغلني بالتحليــل الســيايس والكتــاب‬ ‫الصحفيــن أو جلّهــم‪ ،‬قــد توافقــوا عــى أن دور اإلدارة‬ ‫األمريكيــة يف إيصــال الثــورة الســورية والشــعب‬ ‫الســوري إىل قعــر الجحيــم قــد بــات مكشــوفاً‪ ،‬فــا‬ ‫زال البعــض مــن املؤتلفــن يعتــب عــى «الصديــق‬ ‫األمريــي»‪ ،‬ويأخــذ عليــه هشاشــة موقفــه ومــا زال‬ ‫يرجــو منــه أن يكــون أكــر حزم ـاً‪.‬‬ ‫وزمــن الفــن مل يحــن بعــد‪ ،‬فــا زال بعــض‬ ‫املؤتلفــن مرتاحــن وينفــون تع ّرضهــم لضغــوط تُ ــارس‬ ‫عليهــم لدفعهــم للوصــول إىل نــوع مــن «االئتــاف»‬ ‫مــع النظــام‪ ،‬وبلغــت خفــة دم أحدهــم ح ـ ّد القــول‪:‬‬ ‫«إن الضغــوط الوحيــدة التــي تُ ــارس علينــا تجــيء‬ ‫مــن شــعبنا»‪ ،‬وقــد يكــون ذلــك بتأثــر جرعــات‬ ‫التفــاؤل التــي ضخّتهــا فيهــم تطمينــات الســيد عــادل‬

‫الجبــر أن أهــداف الشــعب الســوري ســتتحقق يف‬ ‫النهايــة‪ ،‬مــع أنــه مل يعــد ظهــوره مكثفــاً يف الفــرة‬ ‫األخــرة‪ ،‬ومل يعــد يــرب عــى نغمــة أن األســد‬ ‫ســيزول‪ ،‬إن سياســياً أو عســكرياً‪ ،‬التــي مل تط ـ َرب لهــا‬ ‫اإلدارة األمريكيــة كــا يبــدو‪ ،‬وحلّــت محلهــا نغمــة أن‬ ‫الحوثيــن إخواننــا وجرياننــا وســنتعايش معــاً‪:‬‬ ‫– هــل ميكــن يــا ســيادة الوزيــر أن ينطبــق ذلــك عــى‬ ‫األســد ونظامــه؟‬ ‫وهــذا الزمــن مل يحــن بعــد ألن املعارضــن –‬ ‫ائتالف ـاً وتنســيقاً – مــا زالــوا يجــدون الوقــت إلج ـراء‬ ‫مباحثــات‪ ،‬أو مشــاورات‪ ،‬أو مفاوضــات يف رابــع‬ ‫اجتــاع لهــم للوصــول إىل قواســم مشــركة تجمعهــم‪،‬‬ ‫وتلــك لعمــري أكــر النــكات ســاجة‪ ،‬إذ كيــف يكــون‬ ‫هــؤالء وأولئــك ممثلــن يف هيئــة املفاوضــات العليــا‬ ‫التــي خاضــت باســمهم جولتــن مــن املفاوضــات مــع‬ ‫النظــام يف جنيــف‪ ،‬وتســتعد للثالثــة بينــا قواســمهم‬ ‫املشــركة مــا زال البحــث عنهــا جاريــاً‪ ،‬والشــكر‬ ‫موصــول هنــا لالتحــاد األورويب عــى اتاحتــه الفرصــة‬ ‫لهــم للبحــث عنهــا يف بروكســل‪.‬‬ ‫وعــى األرض أيضـاً‪ ..‬فــإن الوقــت مل يحــن بعــد‪،‬‬ ‫فــا زال جيــش النظــام وقواتــه الرديفــة مــن املرتزقــة‬ ‫الذيــن تحركهــم النعـرات الطائفيــة‪ ،‬والهجــات التــي‬ ‫يشــنها لتغيــر الواقــع العســكري يف حلــب وريفهــا‬ ‫خاص ـةً‪ ،‬ال يُشــكل دافع ـاً لتوحيــد صفــوف املعارضــة‬ ‫املســلحة ض ـ ّده‪.‬‬ ‫أم ترانــا بعــد املعــارك بــن فيالــق الرحمــن وجيــوش‬ ‫اإلســام يجــب أن نقنــع مبــا دون النجــوم – نكايــ ًة‬ ‫باملتنبــي‪ -‬وأن نقــرأ األوراد حمــدا ً‪ ،‬ألن هــذه املعــارك‬ ‫مل تذهــب بأكــر مــن ‪ 300‬إىل ‪ 500‬مقاتــاً مــن‬

‫املقاتلــن الذيــن كان يجــب أن يُستشــهدوا عــى أيــدي‬ ‫النظــام وقواتــه الرديفــة؟‬ ‫نتحــدث هنــا عــن املعــارك عــى األرض‪ ،‬وال‬ ‫نتحــدث عــن الدمــار الــذي مل نقــرأ عــن مثلــه يف‬ ‫مــا بعــد الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬وال نتحــدث عــن‬ ‫مشــاهد جثــث األطفــال وهــي تُنتشــل مــن تحــت‬ ‫األنقــاض‪ ،‬وال عــن مشــاهد األطفــال الذيــن ال يعــون‬ ‫مــا يحــدث حولهــم‪ ،‬ويركضــون هلعـاً باحثــن عــن أي‬ ‫حضــن يض ّمهــم ويحميهــم‪ ،‬وال عــن النســاء والشــيوخ‬ ‫الذيــن يعجــز املــرء تفســر نظراتهــم وقــراءة‬ ‫مالمحهــم‪.‬‬ ‫ومــا زالــت الفصائــل تقاتــل تحــت راياتهــا الخاصــة‪،‬‬ ‫ويف ســبيل أجنداتهــا الخاصــة أو أجنــدات داعميهــا‪،‬‬ ‫وال تريــد أن تفهــم أن كل يــوم ميُـ ّر وهــم عــى حالهــم‬ ‫هــذا‪ ،‬إمنــا يزيــد الجحيــم رضام ـاً‪ ،‬وال تريــد أن تفهــم‬ ‫حقائــق الجغرافيــا‪ ،‬ووقائــع التاريــخ التــي جعلــت‬ ‫ســورية بلــدا ً متعــدد اإلثنيــات‪ ،‬وأن هــذا التعــدد ال‬ ‫متســكها بشــعاراتها الخاصــة يدفع‬ ‫ينفــي الوحــدة‪ ،‬وأن ّ‬ ‫اآلخريــن إىل رفــع شــعاراتهم الخاصــة‪ ،‬وأن هــذا عامــل‬ ‫تفتيــت أو تقســيم ال يريــده الســوريون لبلدهــم‪ ،‬ألنّــه‬ ‫إذا حــدث فســيكون جــره صعبـاً وسيســتغرق أجيــاالً‪،‬‬ ‫أم أ ّن هــذه الفصائــل تجــد أن يف الوقــت متســعاً‬ ‫لتفهــم؟‬ ‫ويتحدثــون عــن صحــوة للمعارضــة‪ ،‬وعــن‬ ‫اس ـراتيجيات جديــدة لهــا‪ ،‬وعــن انفتــاح املعارضــن‬ ‫عــى معارضــن غريهــم‪ ،‬ونقــول‪ :‬هــل ميكــن أن تــأيت‬ ‫هــذه الصحــوة عــى أيــدي هــؤالء املعارضــن؟ وكان‬ ‫اللــه عــى كل يشء مقتــدرا ً‪.‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫ُحاة القانون!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫أعلــن مســاعد وزيــر الخارجيــة الروســية أن بــاده أصــدرت مســودة‬ ‫دســتور جديــد لســورية‪ .‬ويف نفــس اليــوم‪ ،‬شــ ّبه نقيــب املحاميــن‬ ‫الســوريني نــزار الســكيف لقــاءه ببشــار األســد وكأنــه لقــاء مــع رب‬ ‫العاملــن‪ .‬يف حــن أعلنــت صحيفــة ديــر شــبيغل األملانيــة أن محاميــاً‬ ‫أمريكي ـاً متقاعــدا ً هــو ديفيــد كريــن قــد جمــع أكــر مــن ســبعة عــر‬ ‫ألــف دليــل قانــوين‪ ،‬ضــد بشــار األســد وأتباعــه إلثبــات قيامهــم بجرائــم‬ ‫حــرب ضــد اإلنســانية!‬ ‫ثالثــة أحــداث قانونيــة تداولتهــا الصحــف واملواقــع اإللكرتونيــة خــال‬ ‫األيــام الســابقة‪ ،‬تلــك األحــداث لهــا داللتهــا العميقــة لرصــد عقــم الحيــاة‬ ‫القانونيــة الســورية‪ ،‬والســتذكار بعــض مصائبهــا املســتعصية!‬ ‫يف نهايــات الســبعينات مــن القــرن املــايض‪ ،‬بلــغ عــدد طالب الســنة األوىل‬ ‫يف كليــة الحقــوق بجامعــة دمشــق حــوايل خمســة عــر ألــف طالــب‬ ‫وطالبــة‪ ،‬وكان الشــباب مــن كل املــدن واألريــاف الســورية يتهافتــون عــى‬ ‫دراســة القانــون بشــغف وبإقبــال كبــر‪ ،‬وذلــك تيمنـاً بالقاعــدة الشــعبية‬ ‫التــي ال ت ـزال عاملــة يف حياتنــا وهــي‪ :‬مســتقبل الشــباب والبنــات هــو‬ ‫الطــب والهندســة والحقــوق‪ ...‬والباقــي كلــه جوائــز ترضيــة!‬ ‫فخــال العقــود املاضيــة درس مئــات ألــوف الســوريني الحقــوق‪ ،‬وتــكاد‬ ‫ســورية أن تكــون مــن أكــر دول العــامل إقبــاالً عــى دراســة القانــون‪،‬‬ ‫وتعــج دوائــر الدولــة بخريجــي الحقــوق‪ ،‬وباملحامــن وبالقضــاة ناهيــك‬ ‫عــن طــاب الحقــوق الذيــن مــا يزالــون يحلمــون أن يكونــوا رجــال قانــون‬ ‫يف املســتقبل القريــب أو البعيــد!‬ ‫وســط هــذا املشــهد القانــوين الواســع نجــد أنفســنا اليــوم حائريــن أمــام‬ ‫األحــداث الثالثــة التــي ذكرناهــا يف مطلــع املقــال‪ ،‬والتــي تعتــر أحداث ـاً‬ ‫قاســية يف ســرتنا القانونيــة‪ ،‬فرغــم ضخامــة األعــداد الســورية مــن حملــة‬ ‫شــهادات الحقــوق والقانــون‪ ،‬فالصحــف واملجــات الســورية‪ ،‬ومواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬ومواقــع االنرتنــت تعــج بالتحليــات والدراســات‬ ‫واآلراء‪ ،‬ال نجــد فيهــا اليــوم مراجــع قانونيــة ســورية مكونــة مــن هيئــات‬ ‫أو مــن مجموعــات مــن الحقوقيــن والقانونيــن يقدمــون الدراســات‬ ‫الرزينــة والالزمــة للســوريني يف الوطــن أو يف املهاجــر‪.‬‬ ‫ورغــم وجــود مئــات آالف القانونيــن الســوريني فلــم يجتمــع عــرة رجال‬ ‫قانــون يقدمــون رشحـاً للقوانــن واألنظمــة يف البلــد الــذي يعيشــون فيــه‪،‬‬ ‫ويعيــش فيــه املهاجــرون الســوريون‪ ،‬ومل تقــم أيــة هيئــة قانونيــة ســورية‬ ‫بتقديــم دراســات دســتورية تتابــع الواقــع والطمــوح الســوري‪ ،‬وتفنــد‬ ‫املقرتحــات الروســية‪ ،‬أو الدوليــة حــول املســتقبل القانــوين للســوريني‪ .‬كام‬ ‫مل تقــم أيــة هيئــة ســورية قانونيــة بجمــع األدلــة القانونيــة‪ ،‬واملتابعــات‬ ‫القانونيــة‪ ،‬للوضــع القائــم يف ســورية‪ ،‬أو تقديــم الدراســات والتوعيــة‬ ‫القانونيــة للســوريني‪ ،‬وتنبيههــم إىل حقوقهــم وإىل واجباتهــم يف التعــاون‬ ‫القانــوين‪ ،‬ملحاربــة الظلــم واالبتـزاز الــذي يقــوم بــه النظــام وشــبيحته‪ ،‬أو‬ ‫داعــش ومجرموهــا‪ ،‬أو أيــة جهــة تنهتــك حقــوق البــر‪ ،‬وتبتــز العابريــن‬ ‫عــى الحواجــز مبــن فيهــم رجــال القانــون الــذي مـ ّروا عليهــا‪ ،‬وقــد ميــرون‬ ‫عليهــا كل يــوم!‬ ‫رجــل قانــون أمــريك واحــد هــو ديفيــد كريــن قــام مبــا مل يقــم بــه ألــوف‬ ‫رجــال القانــون الســوريني‪ ،‬وجمــع أكــر مــن ســبعة عــر ألــف دليــل‬ ‫قانــوين ضــد جرائــم بشــار األســد‪ ،‬ودولــة أجنبيــة مثــل روســيا قامــت‬ ‫بصياغــة دســتور للســوريني‪ ،‬وغريهــا دول كثــرة تقــوم بحياكــة دســاتري‬ ‫لســورية‪ ،‬بينــا نجــد نقيــب املحامــن الســوريني ن ـزار الســكيف‪ ،‬الــذي‬ ‫يــرأس عـرات ألــوف املحامــن الســوريني مــن ُحــاة القانــون‪ ،‬ويــرف‬ ‫عــى عملهــم‪ ،‬يقــوم بتشــبيه القاتــل بشــار األســد بــرب العامليــن أمــام‬ ‫الكام ـرات واألقنيــة التلفزيونيــة ووكاالت األنبــاء!‬ ‫هــل قوانــن املحامــاة التــي صاغهــا النظــام حولــت ألــوف املحامــن‬ ‫الســوريني إىل مجــرد متالعبــن بالقانــون‪ ،‬وإىل ســارسة متأنقــن ينصبــون‬ ‫الفخــاخ للبســطاء مــن النــاس‪ ،‬مــن أجــل االســتيالء عــى أموالهــم والتنعــم‬ ‫بهــا‪ ،‬ضاربــن بحــس العدالــة‪ ،‬وبواجــب إحقــاق الحــق‪ ،‬عــرض مصالحهــم‬ ‫التــي ال تشــبع؟‬ ‫هــل طريقــة قبــول القضــاة امل ُذلــة أماتــت حــس العدالــة لــدى حــاة‬ ‫القانــون ولــدى رجــال القانــون الســوريني؟‬ ‫هــل تحويــل ع ـرات األلــوف مــن حملــة شــهادة القانــون يف الدوائــر‬ ‫الرســمية إىل مجــرد آالت بريوقراطيــة أماتــت لديهــم اإلحســاس بواجبهــم‬ ‫القانــوين تجــاه النــاس؟‬ ‫ال شــك بــأن مثــة رجــال قانــون مخلصــون لحــس العدالــة‪ ،‬وليســوا مجــرد‬ ‫حفظــة للقانــون‪ ،‬ويعملــون عــى تنميــة هــذا الحــس‪ ،‬وتحويلــه إىل‬ ‫منج ـزات قانونيــة مهمــة للســوريني‪ ،‬و ُحــاة روح القانــون هــؤالء‪ ،‬هــم‬ ‫مــن ينتظرهــم الســوريون مــن بــن مئــات اآلالف مــن داريس و َح َفظَــة‬ ‫القانــون الســوريني!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫السجادة املذخورة‬ ‫محمد الحاج صالح‬ ‫مــن أرض القبائــل النامئــة عــى كتــف النهــر‬ ‫العتيــق‪ُ ،‬ر ّحــل الشــيخ «شــواخ» وقَبيلتــه مــن‬ ‫صــارت ثغــوراً إال بعــد أن جاســها‬ ‫ْ‬ ‫ثغــور مــا‬ ‫«فلــج األســنان زرق العيــون» وأصــدروا‬ ‫بســهولها املمتــدة كبســاط صكــوكَ ملكيــة‪ .‬ثــم‬ ‫ـت قصقصــة جنــح الطــر‬ ‫وبعــد زمــن جــاء وقـ ُ‬ ‫الجــارح‪ ،‬وصيــد صهيــل النهــر الجامــح خلــف‬ ‫ســدّ مبـ ّ‬ ‫ـر بالخــر والزراعــة‪.‬‬ ‫ه ّد الحز ُن الشيخَ‪.‬‬ ‫أبعــد شــمط أدغــال «ال ّغــرب» وغــرس القطــن‪،‬‬ ‫أُ َر ّحـ ُـل؟‬ ‫أبعد األُلفة وقرابة النهر أُ َر ّحل؟‬ ‫ٌ‬ ‫ســؤال يأخــذ ســؤاالً‪ .‬والشــيخ يتمــزق بــن‬ ‫رصح يُبنــى وبيــوت تخــرب‪ ،‬ويتســاءل مرهق ـاً‬ ‫ــل والعشــر ُة‬ ‫املمــض‪ :‬أأر ّح ُ‬ ‫نفســه بالســؤال‬ ‫ّ‬ ‫كجيــش مامليــك؟ ويســتثريون ّيف نخــو ًة هــم‬ ‫مخمدوهــا؟ ويلهمــوين كالم ـاً عــن ثغــور يــكاد‬ ‫أهلُهــا يقتلعــون حاملــن ذكــرى الـراب املـ ّوار‬ ‫مثلــا حمــل أهــل األندلــس املفاتيــح الكبــرة‬ ‫ألبــواب بيوتهــم! أأكــون شــاهد زور يف أواخــر‬ ‫خســارا ً ضــد بحــر‬ ‫أيامــي؟ أ ْم يريــدون يل دفاعـاً ّ‬ ‫مــن األعــداء كانــوا باألمــس إخــوة؟‬ ‫ويُر ّحــل الشــيخ‪ ،‬ويســكن يف ســهل خصــب مــا‬ ‫أزاح خصبــه تـ َ‬ ‫ـوق الشــيخ إىل الديــار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ـت أغلــق السـ ّد وفاضــت‬ ‫كل الرجــال عــادوا وقـ َ‬ ‫امليــاه تــأكل القــرى وتدفــن البيــوتَ ‪ ،‬إال الشــيخ‬ ‫فــا أراد لقلبــه أن يعتــر وهــو يــرى املضافــة‬ ‫الكــرى تبتلعهــا بحــر امليــاه‪ .‬وعــاد الرجــال‬ ‫يقصــون قصــة غمــر امليــاه‬ ‫يغصــون وهــم ّ‬ ‫ّ‬ ‫للــوادي‪.‬‬ ‫ويف ص ْبــح مــن صباحــات الغربــة أُوقــظ الشــيخ‬ ‫ليُخــ َر أن الــكالب األربعــة فقــدتْ ‪ ،‬فظــن أن‬ ‫كُــردا ً أو تــركاً قتلــوا الــكالب‪ ،‬وتو ّجــس مــن‬ ‫صــدام باكـرٍ‪ .‬وقــال يف نفســه يــا لهــا مــن ثغــور‬ ‫تبــدأ حربهــا بقتــل الــكالب!‬ ‫وتصب منتظرا ً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أمــا الــكالب التــي أوحشــتْها الغربــةُ‪ ،‬فقــد‬ ‫رستْ يف الليــل قاطع ـ ًة ليلتــن ونهــارا ً‪ ،‬ممعن ـ ًة‬ ‫يف الربيــة‪ .‬متـ ّر بالتــال فرتتقيهــا وترفــع رؤوســها‬ ‫إىل الســاء شــاكية عاويــة عــواء مديــدا ً‪ .‬ثــم‬ ‫تهبــط الوديــان‪ ...‬إىل أن أرشفــت عــى الغمــر‪،‬‬ ‫ـت‬ ‫فأقعــت هنــاك عــى رأس تــل متحـ ّـرة تتلفـ ً‬ ‫وتنظــر إىل الغمــر وإىل الســاء وتجــأر بالعــواء‬ ‫الحزيــن الضّ ــال‪.‬‬

‫وبالقــرب كانــت بضعــة بيــوت ناهضــة عــى‬ ‫ســفح هضبــة نجــت مــن الغمــر‪ ،‬يســكنها‬ ‫ضاعــت أراضيهــم تحــت امليــاه‪،‬‬ ‫فالحــون‬ ‫ْ‬ ‫وينتظــرون دورهــم يف الرتحيــل‪ .‬شــغل العــواء‬ ‫البــايك الفالحــن ونســاءهم وأوالدهــم‪ ،‬فخرجــوا‬ ‫يشــهدون الــكالب عــى رأس التـ ّـل ترسـ ُـل ذاك‬ ‫العــواء املوحــش الرهيــب‪ .‬ومــن بــن الفالحــن‬ ‫امللت ّمــن مثــل قطيــع غنــم يف يــوم ماطــر راعــد‪،‬‬ ‫فــاح‪:‬‬ ‫رصخ‬ ‫ٌ‬ ‫ هذه كالب الشيخ شواخ‪ ...‬إنها ضيويف‪.‬‬‫اســتغرب الفالحــون‪ ،‬وتلفتــوا متبادلــن نظـرات‬ ‫االندهــاش‪ .‬أمــا هــو فاندفــع إىل بيتــه‪ .‬ورصخ‬ ‫بامرأتــه‪:‬‬ ‫‪ -‬هيّئي القدر الكبرية‪.‬‬

‫وعــى الصخــرة الكبــرة أمــام البيــت‪ ،‬ســ ّن‬ ‫الفــاح ســكني الذبــح متم ّهــاً كــا لــو أنــه‬ ‫ُ‬ ‫يصــي صــاة تفيــض بالتقــوى‪ .‬ثــم جــر أربــع‬ ‫نعــاج واحــدة تلــو األخــرى‪ ،‬وذبحهــا عــى‬ ‫مبعــدة خطــوة واحــدة مــن ميــاه الغمــر‪ ،‬ثــم‬ ‫ســلخها‪ ،‬وقطّعهــا وألقاهــا يف القــدر الكبــرة‪،‬‬ ‫وأوقــد النــار‪ ،‬وركّــب القــدر‪ .‬وأهــل القريــة‬ ‫تجــوس حولــه‬ ‫يشــهدون جنونــه‪ .‬وامرأتــه‬ ‫ُ‬ ‫كاملمسوســة‪:‬‬ ‫ مــاذا تفعــل يــا رجــل أتذبــح لــكالب؟ أتُــومل‬‫لــكالب؟‬ ‫رصخ الرجــل فجــأة يف لحظــة كان يبــدو فيهــا‬ ‫غارق ـاً يف الصمــت‪:‬‬ ‫‪ -‬اشــهدوا يــا أهــل القريــة‪ .‬اشــهدوا أننــي‬

‫أوملــت لــكالب شــواخ‪ .‬ويحــرم عــى أهــل‬ ‫ُ‬ ‫بيتــي‪ ...‬امــرأيت‪ ...‬وأوالدي‪..‬‬ ‫وسكت لحظات ثم تابع صارماً‪:‬‬ ‫ بــل ويحــرم عليكــم أنتــم جميعـاً أن تُطعمــوا‬‫مــن هــذه الوليمــة‪.‬‬ ‫عندمــا نضــج اللحـ ُم صبّــه يف الصينيــة الكبــرة‪.‬‬ ‫صينيــة الوالئــم‪ .‬وأمــر أوالده أن يحملــوا طيــات‬ ‫مــن خبــز الصــاج والســجادة املذخــورة‪ .‬حمــل‬ ‫هــو وامرأتــه القلقــة «الصينيــة» مــن ُعراهــا‪،‬‬ ‫النــاس ضائعــن‬ ‫وصعــدوا التــل‪ ،‬يتبعهــم‬ ‫ُ‬ ‫مفكريــن بالــذي يحــدث أمامهــم‪ .‬وعــى‬ ‫رأس التــل مــا زالــت الــكالب تعــوي عواءهــا‬ ‫املمطــوط الحزيــن مقلّبــة نظرهــا بــن أفــق‬ ‫الغمــر وقبــة الســاء‪.‬‬

‫قصة قصرية‬

‫أمــر الفــاح بوضــع الصينيــة عــى األرض‪ ،‬ثــم‬ ‫وبيديــه هــو فــرش الســجادة أمــام الــكالب‬ ‫املشــغولة بالشــكوى‪ .‬ووضــع الصينيــة عــى‬ ‫منتصــف الســجادة‪ .‬تنــاول طيــات الخبــز‬ ‫وصفهــا طيــ ًة طيــة حــول الصينيــة‪ .‬تراجــع‬ ‫خطــوات من ّق ـاً نظــره بــن الصينيــة والــكالب‪.‬‬ ‫ثــم أمــر الجميــع بالنــزول إىل عــرق التــل أو‬ ‫الذهــاب إىل بيوتهــم‪ .‬أرسع إىل منزلــه‪ ،‬وأحــر‬ ‫معــوالً ورفش ـاً وجلــود النعــاج‪ ،‬وعــاد ليجلــس‬ ‫عنــد عــرق التــل صافنــاً غارقــاً يف التفكــر‪،‬‬ ‫منحنيــاً ومســندا ً رأســه بكفيــه‪.‬‬ ‫قطعــت الــكالب شــكواها‪ ،‬وشمشــمت اللحــم‬ ‫وأكلــت نــزرا ً يس ـرا ً‪ ،‬ثــم راحــت تهبــط التــل‬ ‫بتجــاه الغمــر‪.‬‬ ‫صاح الناس‪:‬‬ ‫ نزلت الكالب‪...‬‬‫حمــل الفــاح رفشــه ومعولــه والجلــود‪ ،‬وصعــد‬ ‫التــل والنــاس يتبعونــه‪ .‬عــى رأس التــل وقــف‬ ‫الــكالب تقــف عنــد حافّــة‬ ‫النــاس يشــهدون‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الغمــر وتعــوي عــواء حزينــاً يــكاد ينــزع‬ ‫القلــوب‪ ،‬وتدخــل الغمــر‪ ...‬تســبح متجهــة نحــو‬ ‫العمــق‪ ،‬رافعــة رؤوســها وأنوفهــا‪ ،‬وهــي تبتعــد‬ ‫وتبتعــد إىل أن غابــت يف لجــة الغمــر‪.‬‬ ‫ومــا درى النــاس وهــم يرقبــون الــكالب أن‬ ‫الفــاح امل ُــومل كان يحفــر قــرا ً بــن القبــور‬ ‫املنتــرة عــى قمــة التــل وســفوحه‪ ،‬وعندمــا‬ ‫شــاهدوه يُغ ّيــب القــر نصــف قامتــه جــاؤوا‬ ‫ينظــرون مــاذا يفعــل‪ .‬حــاول بعضهم اســتفهامه‬ ‫أو مســاعدته‪ .‬لكنــه بقــي صامتـاً صمتـاً مريبـاً‪،‬‬ ‫إىل أن أنهــى الحفــر‪ .‬وقــف يحــدق بصنعــه‬ ‫جامــد النظــرة والحركــة‪ .‬فجــأة قــال‪:‬‬ ‫ اآلن ســاعدوين‪ ...‬الســجادة أوالً‪ .‬ثــم الجلــود‪.‬‬‫ثــم الخبــز‪ .‬ثــم اللحــم‪.‬‬ ‫بــادر جم ـ ُع النــاس يســاعدون‪ .‬لفــوا الســجادة‬ ‫وأرادوا حشــوها يف اللحــد‪ ،‬لكنــه متنــى أن‬ ‫يفرشــوها فرشــاً‪ ...‬مــ ّددوا الجلــود فوقهــا‪.‬‬ ‫وصفــوا طيــات الخبــز صفوفــاً صفوفــاً‪ .‬ثــم‬ ‫كفــأوا الصينيــة ومــا فيهــا مــن اللحــم‪ .‬وحمــل‬ ‫الفــاح املــومل الرفــش وراح يدفــن‪.‬‬ ‫ـض وراحــوا‬ ‫ـاس وقتـاً‪ ،‬ثـ ّم فطــن البعـ ُ‬ ‫تج ّمــد النـ ُ‬ ‫يســاعدونه يف إهالــة الــراب‪ .‬وعاضــت ل ّجــ ُة‬ ‫رص‬ ‫غبــار‪ .‬وعندمــا اســتوى القــر‪ ،‬ثــم تح ـ ّدب ّ‬ ‫ج ْم ـ ُع النــاس الحجــارة‪.‬‬ ‫حــل عندمــا نزلــوا التــل‬ ‫وكان الغســق قــد ّ‬ ‫منبهتــن متباعديــن غارقــن يف صمــت ثقيــل‪.‬‬

‫الكرد املستقلون يعقدون مؤمترهم السنوي‬

‫ويتضامن��ون م��ع صم��ود الش��عب الس��وري ويؤك��دون وقوفه��م م��ع ثواب��ت الث��ورة الس��ورية‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫عقــدت رابطــة املســتقلني الكــرد‬ ‫الســوريني مؤمترهــا التأســييس األول يف مدينــة‬ ‫أورفــا الرتكيــة‪ ،‬وذلــك بحضــور العديــد مــن‬ ‫الشــخصيات الوطنيــة البــارزة‪ ،‬وناقــش‬ ‫املؤمتــر جــدول األعــال املقــررة بــروح مــن‬ ‫املســؤولية العاليــة‪ ،‬وتقديــم اآلراء واملقرتحات‬ ‫الالزمــة لخطــة عمــل الرابطــة‪ ،‬ومناقشــة‬ ‫كافــة التحديــات التــي تواجــه عملهــا‪.‬‬ ‫واســتعرض املؤمتــرون الوضــع الســوري‬ ‫عمومــاً والكــردي بشــكل خــاص واملــآالت وخــذالن املجتمــع الــدويل لطموحــات الســوري يكمــن يف وحــدة القــوى الســورية‬ ‫التــي وصلــت إليهــا الحالــة الســورية عموم ـاً الشــعب الســوري يف الحريــة والكرامــة‪ .‬التــي تؤمن مببــادئ وأهــداف الثورة الســورية‬ ‫مــن تكالــب القــوى اإلرهابيــة والظالميــة‪ ،‬وأكــد املؤمتــرون بــأن وقــف نزيــف الــدم ملواجهــة الطغيــان‪ ،‬ونظــام االســتبداد املجــرم‬

‫وأعوانــه وميليشــياته‪ ،‬وإســقاط كافــة رمــوزه‬ ‫وأركانــه‪ ،‬وتقديــم كل مــن تلطخــت أياديهــم‬ ‫بدمــاء الســوريني ملحكمــة عادلــة‪ ،‬تعاقبهــم‬ ‫عــى جرامئهــم التــي ارتكبوهــا بحــق الشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫كــا أكــد املؤمتر عــى الثوابــت األساســية‪ ،‬من‬ ‫أن الرابطــة هــي جــزء مــن الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وأن القضيــة الكرديــة يف ســوريا هــي قضيــة‬ ‫وطنيــة دميقراطيــة بامتيــاز‪ .‬ويتــم حلهــا مــن‬ ‫خــال اإلق ـرار الدســتوري بالحقــوق القوميــة‬ ‫للشــعب الكــردي يف البــاد إىل جانــب حقــوق‬ ‫كافــة املكونــات القوميــة والدينيــة األخــرى‪،‬‬

‫وأكــد املؤمتــر أن املجلــس الوطنــي الكــردي‬ ‫يف ســوريا هــو املمثــل الرشعــي للشــعب‬ ‫الكــردي يف ســوريا وهــو الحليف االســراتيجي‬ ‫لرابطــة املســتقلني الكــرد الســوريني‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل أن الهويــة الوطنيــة لرابطــة املســتقلني‬ ‫الكــرد الســوريني ال تتعــارض مــع عمــق‬ ‫هويتهــا الكردســتانية‪ ،‬ومشــددا ً عــى نبــذ‬ ‫كافــة أشــكال التطــرف وإخ ـراج امليليشــيات‬ ‫األجنبيــة مــن ســوريا‪ .‬والعمــل مــع باقــي‬ ‫املكونــات الســتمرار العيــش املشــرك والســلم‬ ‫األهــي‪ ،‬وتضامــن الكــرد املســتقلني مــع‬ ‫صمــود أهلنــا يف الداخــل الســوري ومقاومتهم‬ ‫األســطورية للنظــام املجــرم وميليشــياته‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عذر ًا نزار‬

‫شعر‪ :‬عبد العزيز الفريج‬ ‫هذي دمشق فأين الكأس والراح‬ ‫وكيف شعرك مل يقرأه سفاح‬ ‫وأين زينب تبيك من مجازرهم‬ ‫وأين قطتنا الشقراء ترتاح‬ ‫مل يبق بعدك يا مقدام معتصم‬ ‫ولن يزهر بالفيحاء تفاح‬ ‫وال لبلقيس إرشاق برشفتها‬ ‫ال قهوة الصبح فيها الهيل فواح‬ ‫يف كل وجه أری بغداد شاحبة‬ ‫وبالعيون أری صنعاء تجتاح‬ ‫والنيل يبيك من آالمه انتفضت‬ ‫أطراف دجلة واألردن نواح‬ ‫سال الفرات علی جفنيك يا وطني‬ ‫وما رثاك علی األطالل قداح‬ ‫ومن صفاقس نادتني جراح هوی‬ ‫فمن يكون لقلبي اليوم مالح‬ ‫وهزين الشوق يف لبنان أن أخاً‬ ‫يل مثل روحه أرض تبيك أرواح‬ ‫وأغلق الشوق يا قلبي علی زمن‬ ‫كل القلوب فام أغراك مفتاح‬ ‫والياسمني ينئ اليوم مكتئباً‬ ‫واألقحوان لحزن بات نضاح‬

‫‪11‬‬

‫فتــى املعتقــل (‪)9‬‬

‫يامو‪ ..‬اليت مل تكتمل ليله العيد‬ ‫اللمعتني‬ ‫فتاي الذي أرى يف عينيه ّ‬ ‫َ‬ ‫إرصا ًرا وجرأة‬ ‫ح ّدثهم عن الكابوس الذي أنشب أظافره‬ ‫يف أركان وأنسجة خاليا ذاكرتك‬ ‫الصوت‬ ‫ندي ّ‬ ‫ح ّدثهم عن مصطفى ّ‬ ‫ِ‬ ‫عندما غ ّناكم أمهاتِكم ليل َة عيد شوال‬ ‫وأنت ما تزال غضّ اً طفالً‬ ‫حديثَ ٍ‬ ‫عهد وسط هذا ال ّركام‬ ‫والحطام املُخَضَّ ب باآلالم والعذابات‬ ‫السمعة‬ ‫يسء ّ‬ ‫يف فرع فلسطني ّ‬ ‫أذكر جيّدا ً ما حدثَ لك‬ ‫مل تكن بحاج ٍة ألن يتف ّوه مصطفى‬ ‫بأكرث من كلمتني‬ ‫تحتاج أكرث‬ ‫مل تكن‬ ‫ُ‬ ‫ياموووو‬ ‫انطلقت من حنجرتِه‬ ‫ْ‬ ‫اص انغرس ب ُعنفٍ‬ ‫كَسهمِ ق ّن ٍ‬ ‫ليشق صد َرك‬ ‫ّ‬ ‫ويجتثُّ شوقّك وحني َنك‬ ‫وميسكُهام إىل األعىل‬ ‫ِ‬ ‫ها أنت تختلِ ُس حبّ ِ‬ ‫ات ريقك‬ ‫كل يشء‬ ‫وتختلِ ُس معها َّ‬ ‫تقبض مبلء جفنيك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ورأسك عىل عينيك‬ ‫خشي َة أن يتم ّرد دم ُعك‬ ‫عىل استبدا ِدك نحوه‬ ‫فيقف ُز من عينيك بجنون!‬

‫عاد مصطفى وعدتُم يف سكونٍ وصمت‬ ‫سم ِعتُم مصطفى بقلوبِكم قبل آذانِكم‬ ‫أن ُني حدائه مل تستهوِه آذانُكم رغم عذوب ِته‬ ‫َ‬ ‫يخرتق قلوبَكم امل ُت َعبة‬ ‫فق ّرر عىل ع َجل أن‬

‫ُ‬ ‫تدرك متاماً أ ّن مث ّ َة بكا ًء جامعيّاً سينترص‬ ‫ترغب أن تكون القائد‬ ‫لك ّنك ال ُ‬ ‫َ‬ ‫باءت محاوالتُك بالفشل‬ ‫نطق مصطفى‬ ‫ما إ ْن َ‬ ‫بالبا ِء األوىل يف (الحبايب)‬ ‫حتى فكّت دمو َع َك قي َدها كالربكان‬ ‫التقطَك حمزة يف ِحجره‬ ‫ربّت عىل ك ِتفك وجفّف وج َهك‬ ‫ه ّد َدك مصطفى بِحزم‬ ‫إن استم ّر بكاؤك‬ ‫فلن يحظى الجميع بسامعهِ‬

‫كان ذلك كافياً ألن‬ ‫كل منكم رشي َط ذكرياتهِ‬ ‫يجرتّ ٌّ‬ ‫من ُذ كان عم ُره أرب ُع سنوات‬ ‫ما زال الرشي ُط يدور ومصطفى يك ّرر‬ ‫ست الحبايب يامو‬ ‫يامو يا ّ‬ ‫ِ‬ ‫الصمت املطب ُِق للحظات مخيف‬ ‫ُ‬ ‫يه ّز الجدران الهرِمة‬ ‫ال صوت‪ ..‬ال صوت‬ ‫توقف مصطفى أيضاً‬ ‫ِ‬ ‫الصمت يف املكان‬ ‫صوتُ‬ ‫ٍ‬ ‫كل واحد منكم‬ ‫خب يف ذهنِ ِّ‬ ‫بالص ِ‬ ‫ميتزج ّ‬ ‫ُ‬

‫أمي بخيمة ذل تشتيك وجعاً‬ ‫فأغضض بطرفك أن الجفن ملاح‬ ‫ضاعت لعمرك بل تاهت عروبتنا‬ ‫وساس بالقوم ذو ناب ونباح‬ ‫هذي دمشق وفيها ألف باكية‬ ‫فكيف ترجع بعد الحزن أفراح‬ ‫قم من رقادك واسق كل عاشقة‬ ‫من الوريد فام ترويها أقداح‬ ‫سأعرب البحر واألمواج تحملني‬ ‫لساحة القدس هل أغفو فارتاح‬

‫ورشو ِخ وجهِه التي‬ ‫جزمت أنه ُولد وعاش م ْذ كان رضيعاً بها‬ ‫َ‬

‫ِ‬ ‫املنبعث‬ ‫صمت يش ّو ُش عليه األزي ُز‬ ‫ٌ‬ ‫من ذاكراتِكم جمي ًعا أيّها التّسعون رو ًحا‬ ‫وكل منكم ميسح ب ِ​ِخفية‬ ‫ٌّ‬ ‫ما قف َز من دم ِعه بصمت‬ ‫فجأ ًة‬ ‫اندف َع باب املهجع‬ ‫بق ّوة مفرِطة‬ ‫ِ‬ ‫(كاملعنف املفرِط!!)‬ ‫السجان‬ ‫إنّه أبو هندي ّ‬ ‫كل حني‬ ‫الوحش املسعو ُر يف ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ال … بل‬ ‫بِبط ِن ِه املمت ِّد أما َمه‬ ‫م ًرتا أو م ًرتا ونصف‬ ‫أو هكذا كان يبدو لك‬ ‫ِ‬ ‫يقتح ُم املكا َن ب ِ‬ ‫ِسوطه األسود‬ ‫املتل ّه ُف دامئاً ِ‬ ‫للنهش يف‬ ‫قُواكُم الخائرة‬ ‫بِوجهه امل ُت َج ِّهم وخلق ِته الذميمة‬ ‫وحاجبي ِه املتالقيني‬

‫صوت ُه وهو ينه ُركم ألنّكم غ ّنيت ْم‬ ‫ويسترص ُخ معاونيه‬ ‫ِ‬ ‫مازال يهاج ُم َك كل ليلة يف نومك‬ ‫حني ناداهم فانهالوا عليكم‬ ‫كالذئاب الجائع ِة من ُذ زمن‬ ‫بال ّن ِ‬ ‫هش واالفرتاس بالجنازي ِر‬ ‫قل لهم يو َمها‬ ‫الرجل العجوز‬ ‫كيف مات ُ‬ ‫ذو السبعني خريفاً‬ ‫عىل أيدي هذه الذئاب‬ ‫رضجاً بدمائه‬ ‫وألق ْوه م ّ‬ ‫كيف كان ينتفض‬ ‫يصار ُع املوت‬ ‫وحينام مل يرت ِو أبو هندي بعد‬ ‫خارج املهجع‬ ‫أخذَه َ‬ ‫يقيض عىل ما تبقّى فيه من حياة‬ ‫لِ َ‬ ‫ث ّم أدخلَ ُه إليكم جث ًة هامدة‬ ‫قضيت َ‬ ‫ليلتك مم ّددا ً‬ ‫ِ‬ ‫أخبهم كيف‬ ‫َ‬ ‫الرجلِ‬ ‫العجوز‬ ‫بجوار جثّة‬ ‫وعيناه الصفراوان تحملقان فيك‬ ‫وربا بلوم!‬ ‫بعمقٍ … ّ‬ ‫بينام أنت ترت ِعد ف َز ًعا منه‬ ‫نفس َك بني‬ ‫وتسأل َ‬ ‫مص ّدقٍ ومكذّب‬ ‫هل يراين فعالً‬ ‫سيقتص م ّني ألين‬ ‫وهل‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫مل أ ُحل بينه وبينهم‬ ‫وبني لحظة تأَ ُّملِك يف وجهِه‬ ‫ِ‬ ‫ولحظات ذُعر َِك منه‬ ‫سألت نف َْسك‬ ‫َ‬ ‫أي كلم ٍة وقف مصطفى‬ ‫عند ِّ‬ ‫قبل أن يدخل أبو هندي‬ ‫وهو يغني يامو‬ ‫الرجل األسطورة‬ ‫أم أ ّن هذا َ‬ ‫الته َمها قبل أن ميوت!‬

‫شعر‪ :‬ديمة محمود‬

‫املكتب املصري يصدر كتاب «إدارة األزمات»‬ ‫القاهرة ـ وفاء شهاب الدين‬ ‫صــدر حديث ـاً عــن املكتــب املــري للمطبوعــات بالقاهــرة‬ ‫كتــاب «إدارة األزمــات» لألســتاذ الدكتــور رفعــت عــارف الضبــع‪.‬‬ ‫هــذا املؤلــف يؤصــل عل ـاً جديــدا ً يســمى إدارة األزمــات مــن‬ ‫خــال مــا جــاء بالقــرآن الكريــم واألحاديــث القدســية والنبويــة‬ ‫الرشيفــة‪ .‬وهــو امتــداد لتأصيــل علــوم اإلعــام النوعــي‪.‬‬ ‫وتــم ألول مــرة وضــع مفهــوم جديــد وفلســفة جديــدة وأهــداف‬ ‫وأغـراض ومبــادئ التــي ميكنهــا التعامــل مــع التطــورات العلميــة‬ ‫واملتغـرات العامليــة الحديثــة‪ ،‬حيــث يشــارك يف عــاج مشــكالت‬ ‫املجتمــع‪ ،‬وينهــض بــه‪ ،‬ويتصــدى للفلســفات املدمــرة‪ ،‬ويعالــج‬

‫األزمــات الطاحنــة واملتكــررة التــي يعيشــها املجتمــع‪ ،‬ويهــدف‬ ‫إىل تحصــن القــراء وتنقيــة الرســالة اإلعالميــة مــن الشــوائب‪،‬‬ ‫وترســيخ الرســاالت الســاوية‪ ،‬ومحاربــة الرذيلــة والدعــوة إىل‬ ‫الفضيلــة وإعــداد جريجــن يف تخصصــات بينيــة جديــدة للوفــاء‬ ‫بحاجــة املجتمعــات العربيــة واإلســامية مــن تلــك التخصصــات‬ ‫ليقدمــوا للمجتمــع منوذجـاً مؤهـاً ومدربـاً عــى إدارة األزمــات‬ ‫الخــايل مــن الشــوائب‪ ،‬والــذي يعمــل عــى اكتشــاف املواهــب‬ ‫واملهــارات وتنميتهــا لتحقيــق األهــداف الســامية والعمــل‬ ‫عــى رفاهيــة املجتمــع‪ ،‬وتحقيــق األمــن واالطمئنــان واملحبــة‬ ‫والتعــاون والســام والســعادة والرفاهيــة لبنــي اإلنســان‪.‬‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 42 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أنا من رام اهلل‬ ‫ابتسام تريسي‬

‫محمد املدفع ينقل معاناة السوريني إىل العالم‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫محمــد ســليامن املدفــع‪ ،‬اســم ألحــد أهــم‬ ‫املدرســن يف محافظــة الرقــة‪ ،‬اســتفاد مــن معرفتــه‬ ‫باللغــة الفرنســية‪ ،‬كونــه عمــل لســنوات طــوال‬ ‫بتدريــس اللغــة الفرنســية‪ ،‬وموجه ـاً لهــذه املــادة‬ ‫لســنوات عــ ّدة‪ ،‬ومتكــن مــن إمكانيــة إيصــال‬ ‫معانــاة الســوريني للعــامل عــر نوافــذ متعــددة‪،‬‬ ‫أبرزهــا لقاءاتــه املتكــررة بربملانيــن أوربيــن‬ ‫وأمريــكان‪ ،‬وكان نعــم الســفري لبلــده‪ ،‬ولثــورة‬ ‫الحريــة والكرامــة‪ ،‬وآخــر هــذه اللقــاءات كانــت‬ ‫مــع برملانيــن مــن كنــدا وبلجيــكا‪ ،‬وعــن هــذا‬ ‫اللقــاء‪ ،‬يقــول‪:‬‬ ‫«بدعــوة مــن الربملــان البلجيــي الوالــوين يف‬ ‫بروكســل‪ ،‬ويف اجتــاع بــن برملانيــن بلجيــك‬ ‫وكنديــن مــن مقاطعــة «كيبيــك»‪ ،‬قدمــت شــهاديت‬ ‫يف أزمــة اللجــوء العامليــة‪ ،‬أعقبهــا أســئلة وأجوبــة يف‬ ‫جلســة خصصــت ملداخلتــي دامــت حــوايل ســاعتني‬ ‫تحدثــت عــن تفاصيــل مؤيــدة بالوثائــق واألمثلــة‬ ‫أوجزهــا بــاآليت‪:‬‬ ‫ عمــري ‪ 57‬عامـاً فأنــا مــن الجيــل الــذي مل يعــرف‬‫إال ســالة األســد التــي اســتولت عــى الســلطة‬ ‫بانقــاب عســكري‪ ،‬فحولــت ســورية إىل دولــة‬ ‫أمنيــة ومــن حــزب البعــث الحاكــم مؤسســة إلنتــاج‬ ‫الفســاد وبرملــان انحــرت مهمتــه يف التصفيــق‬

‫لرئيــس النظــام‪.‬‬ ‫ حقبــة األســد األب ويليــه االبــن‪ ،‬فــرة رعــب‬‫وســجون ومجــازر وفنــون تعذيــب قـ ّـل نظريهــا يف‬ ‫العــامل ضــد كل مــن يعــارض نظامــه‪.‬‬ ‫ يف عــام ‪ ،2011‬خــرج الســوريون للمطالبــة‬‫بالحريــة والتغيــر فواجههــم النظــام بالرصــاص‬ ‫الحــي‪ ،‬وقــام بأســلمة الثــورة‪ ،‬وأخــرج الجهاديــن‬ ‫مــن ســجونه ليحولهــا إىل حــرب أهليــة طائفيــة‬ ‫تحــت عنــوان املؤامــرة الكونيــة‪ ،‬فدمــر املــدن‬ ‫والقــرى فــوق رؤوس أهلهــا مــن املدنيــن العــزل‪،‬‬ ‫وقتــل أكــر مــن نصــف مليــون ســوري إضافــة‬ ‫لـــ‪ 300‬ألــف معتقــل يف ســجونه الرهيبــة‪ ،‬وحصــار‬ ‫املــدن وتجويعهــا حتــى املــوت أمــام نظــر العــامل»‪.‬‬

‫كتاب فتيات ولكن‪..‬‬ ‫حول جرمية زواج القاصرات يف خميمات اللجوء‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫بحــث ميــداين يرصــد ظاهــرة تزويــج الفتيــات‬ ‫القــارصات يف مخيــات النــزوح يف ســورية عــى‬ ‫الحــدود الرتكيــة‪.‬‬ ‫(أصبحــت أميــل إىل االنعــزال وال أحــب أن أرى‬ ‫أحــدا ً‪ ،‬كــا أصبحــت أخــاف مــن النــاس لدرجــة أين‬ ‫أمــي بالشــارع أشــعر بــأن النــاس تنظــر إيل وتتكلــم‬ ‫عنــي بالســوء)‬ ‫بهــذه الكلــات تلخــص إحــدى الفتيــات القــارصات‬ ‫تجربــة زواجهــا القــري‪ ،‬حيــث تصــور أخــرى‬ ‫زوجهــا بالوحــش الــذي يغتصبهــا‪ ،‬ويحرمهــا مــن‬ ‫الطفولــة‪ ،‬ومــن التعليــم ومــن الحيــاة العائليــة التــي‬ ‫كانــت تنعــم بهــا‪.‬‬ ‫ومــن أســباب هــذه الظاهــرة الخطــرة‪ :‬ظــروف‬

‫النــزوح الصعبــة‪ ،‬واإلرث العائــي والدينــي‪ ،‬وخــروج‬ ‫العائــات مــن الرقابــة االجتامعيــة التــي كانــت‬ ‫متنعهــم مــن هكــذا فعــل مشــن‪ ،‬وهــو بيــع بناتهــم‬ ‫ألزواج مقتدريــن ماديــاً وللخــاص مــن تكاليــف‬ ‫معيشــتهن‪.‬‬ ‫كتــاب مــؤمل ومهــم جــدا ً يف رصــد حيــاة القــارصات‬ ‫املتزوجــات‪ ،‬يف مخيــات النــزوح يف تركيــا وهــي‬ ‫تشــبه الكثــر مــن األوضــاع للحيــاة يف لبنــان واألردن‬ ‫وغريهــا مــن أماكــن النــزوح اإلقليميــة‪.‬‬ ‫الكتــاب للباحثــن محمــد جســيم وجامنــة‬ ‫الســلامن‪ ،‬والبحــث امليــداين لفريــق املجتمــع املــدين‬ ‫والدميقراطيــة يف ســورية‪ ،‬وهــو الجهــة الداعمــة‬ ‫لنــر الكتــاب باإلضافــة إىل الصنــدوق الكنــدي‬ ‫لدعــم املبــادرات املحليــة‪.‬‬

‫ صـ ّدق الغــرب دعايــة نظــام األســد انتخــاب امــرأة‬‫رئيســاً ملــا يســمى مجلــس الشــعب‪ ،‬ونــي آالف‬ ‫النســاء الســوريات املعتقــات يف زنازيــن األســد‬ ‫الرهيبــة تحــت ظــروف مــن التعذيــب واالغتصــاب‬ ‫واالبت ـزاز‪.‬‬ ‫ اســتيالء داعــش عــى ٍ‬‫أراض ســورية وفــرض‬ ‫قوانينهــا الرببريــة‪ ،‬واختطــاف ناشــطي الثــورة‬ ‫والحــراك الســلمي وتصفيتهــم وتكفــر النــاس‬ ‫وإرهابهــم واالســتيالء عــى ممتلكاتهــم‪.‬‬ ‫ أخــرا ً‪ ،‬شــكر لبلجيــكا البلــد الــذي قــدم للســوريني‬‫كل الرعايــة والتضامــن‪ ،‬موصــوالً بتحيــة لكنــدا‬ ‫التــي اســتقبلت بحفــاوة منــذ نهايــة العــام املــايض‬ ‫‪ 25‬ألــف الجــئ ســوري»‪.‬‬

‫هــذا اإلحســاس الدافــئ مل يكــن عابـرا ً أو مؤقتـاً‪ ،‬فمنــذ زمــن بعيــد‬ ‫أســمع الســؤال يف األغنيــة «ويــن؟» والجــواب يــأيت كأنّــه جــزء مــن‬ ‫الســؤال «ع رام اللــه»‪ .‬عندمــا ســمعت األغنيــة للمـ ّرة األوىل مل أفهــم‬ ‫العبــارة جيــدا ً ومل أدرك املقصــود منهــا إال حــن دخلــت زمــن الحكاية‪.‬‬ ‫ـب وال عالقــة لهــا بالقضية‬ ‫ومــع أ ّن األغنيــة قدميــة ومرتبطــة بقصــة حـ ّ‬ ‫الفلســطينية‪ ،‬لك ّنهــا مــع الزمــن وضعــت كوفيــة فــوق الــزي الشــعبي‬ ‫وارتبطــت بأجــواء التغريبــة الفلســطينية والعــودة املنتظــرة وأُدخــل‬ ‫يف متنهــا كلــات تحيــل الســفر إىل «جينــن» ونابلــس وتؤكــد عــى‬ ‫وحــدة الوطــن‪.‬‬ ‫لقد أصبحت رام الله بعيدة وأصبح الطريق إليها مليئاً بالفخاخ‪..‬‬ ‫مناســبة الحديــث عــن رام اللــه‪ ،‬الدعــوة التــي تلقتهــا صديقــة يل‬ ‫لزيــارة رام اللــه‪ ،‬وســألتني عــن رأيــي هــل تقبــل الدعــوة؟ فهــي ال‬ ‫تريــد أن تقــف يف مواجهــة االتّهامــات التــي طالــت أدبــاء ومثقفــن‬ ‫زاروا رام اللــه مــن قبــل منهــم الــروايئ املــري إبراهيــم عبــد املجيــد‬ ‫الــذي اتّهــم بأنّــه عميــل وخائــن‪.‬‬ ‫إلقــاء تهمــة الخيانــة والعاملــة لجهــة أجنبيــة أو إلرسائيــل جزافـاً ومــن‬ ‫كل شــخص ال يتطابــق مــع‬ ‫دون تبــر تشــبه إىل حــد بعيــد تكفــر ّ‬ ‫أي فصيــل إســامي مســلح يعتــر نفســه الحاكــم‬ ‫فكــر الدواعــش أو ّ‬ ‫بأمــر اللــه عــى األرض‪ ،‬وهــذا الحاكــم بأمــر اللــه هــو نســخة مع ّدلــة‬ ‫الــزي فقــط عــن ال ّنظــام الحاكــم وأذنابــه الذيــن يكيلــون التهــم‬ ‫نفســها لألح ـرار تهمــة العاملــة ألمريــكا وإرسائيــل!‬ ‫مل يعــد خافيــاً عــى أحــد أ ّن حافــظ األســد الــذي بــاع الجــوالن‬ ‫إلرسائيــل كان عــى اتفــاق تــام غــر معلــن معهــا‪ ،‬وقــد أبــرم صفقــة‬ ‫مــع إرسائيــل عــن طريــق األمريــكان لحاميــة حدودهــا‪ .‬وقــد فعــل‬ ‫مــا فعلــه الســادات لكــن بأســلوب التقيــة الشــيعي اإليــراين‪ ،‬كان‬ ‫الســادات أشــجع وأصــدق يف تطبيعــه مــع إرسائيــل‪ ،‬ومل تختلــف‬ ‫سياســة مبــارك عــن سياســة الســادات وجــاء الســييس ليعلــن والءه‬ ‫الكامــل إلرسائيــل‪ ،‬ملــاذا إذن يُتهــم إبراهيــم عبــد املجيــد بأنّــه عميــل‬ ‫وخائــن لقيامــه بزيــارة رام اللــه‪ ،‬وال يجــرؤ أحــد عــى توجيــه التهمــة‬ ‫للــرأس الحاكــم؟‬ ‫بالنســبة للســوريني مــن الطبيعــي جــدا ً أن يكــون املؤيــدون منفصلــن‬ ‫متامــاً عــن الواقــع وال يعرفــون مــن دنياهــم ســوى مــا تبثــه قنــاة‬ ‫الدنيــا‪ ،‬فهــم وعــى الرغــم مــن عربــدة الطائـرات األمريكيــة يف ســاء‬ ‫ســوريا داعمــة للــروس والنظــام‪ ،‬مــا يزالــون يــرون عــى ات ّهــام‬ ‫املعارضــة بالعاملــة ألمريــكا وإرسائيــل!‬ ‫منــذ ســنوات قبــل الثــورة‪ ،‬تحديــدا ً عــام ‪ /2010/‬دعــاين الــروايئ نهــاد‬ ‫ســريس ملناقشــة روايتــي املع ـراج يف منتــدى أديب يضــم عــددا ً مــن‬ ‫مثقفــي حلــب مــن األطبــاء واملهندســن وأســاتذة الجامعــة‪ ،‬املنتــدى‬ ‫كان يعقــد بشــكل شــهري كل م ـ ّرة يف بيــت أحــد أعضائــه‪.‬‬ ‫هنــاك أثنــاء املناقشــة ســألني أحــد الحارضيــن _ومل أكــن أعــرف مــن‬ ‫يكــون_ عــن جزئيــة يف الروايــة ت ّدعــي املوقــف املقــاوم والصلــب‬ ‫الســؤال كان عــى شــكل اســتنكار‬ ‫لســوريا تجــاه العــدو اإلرسائيــي‪ّ .‬‬ ‫لســذاجة الفكــرة أَتْ َبعــه بالقــول‪ ،‬إ ّن ســوريا األســد تفــاوض إرسائيــل‬ ‫مــن تحــت الطاولــة‪ ،‬وإنّــه هــو شــخصياً أحــد أعضــاء الوفــد املفــاوض‬ ‫الــذي اجتمــع منــذ فــرة مــع الوفــد اإلرسائيــي يف أنقــرة!‬ ‫لــدي‬ ‫ربــا مل يكــن‬ ‫ّ‬ ‫ال أخفــي عليكــم ّأن أصبــت بالصدمــة وقتهــا ّ‬ ‫يف ذلــك الوقــت الوعــي الســيايس الــكايف لرؤيــا واضحــة ملــا يجــري‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وكنــت منســاقة مثــل معظــم الشــعب الســوري لكذبــة‬ ‫املامنعــة واملقاومــة التــي توجهــا حســن نــر اللــه يف حــرب متــوز‬ ‫‪ 2006‬وأغرقنــا يف مســتنقع الخديعــة الــذي أخرجتنــا منــه الثــورة‬ ‫كل األقنعــة‪.‬‬ ‫الســورية حــن كشــفت ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف الحديــث عــن «املعـراج» كان كل مــن يقــرأ الروايــة يســألني‪« :‬هــل‬ ‫أنـ ِ‬ ‫ـت فلســطينية؟» وكنــت أجيــب بجديــة تحمــل مزاحـاً‪« :‬ومــن عــن‬ ‫كارم‪ ،‬أي مقدســية»‪.‬‬ ‫قلــت لصديقتــي‪ :‬لتذهبــي إىل رام اللــه‪ ،‬أنــت تذهبــن إىل فلســطني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أنــت تزوريــن األرض املحتلــة وليــس ســلطة االحتــال‪ ،‬ارمــي وراء‬ ‫ِ‬ ‫كل مــا ســيقال ويكفيــك أنّــك عــى يقــن بصفــاء نيتــك‪ ..‬وهــل‬ ‫ظهــرك ّ‬ ‫يــام مــن يحــج إىل رام اللــه؟‬ ‫أنا من رام الله‪...‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 42‬حزيــران ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.