Alharmal (44) 15 07 2016 العدد 44 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قط��وف فراتي��ة‪ ..‬من الذاك��رة الوطنية‬

‫اطفال الرقة ضحايا إرهاب األس��د وروسيا‬

‫الشيخ محمد فرج السالمة «أخو دنيا» ‪8‬‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 44‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫جم��ازر يف حلب وإدلب والرس�تن وقوات األس��د تتق��دم باجتاه داريا‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ذرور احلرمل‬ ‫إذا أردت صديقًا يف واشنطن‪..‬‬ ‫احصل على كلب!!‬ ‫بسام البليبل‬

‫داع��ش يع��دم تس��عة أش��خاص يف الرق��ة بتهم��ة العمال��ة للنظ��ام واألك��راد‬

‫تسهيالت ملنح اجلنسية الرتكية وأنظار السوريني تتجه إىل بلدهم‪!..‬‬

‫ط�يران روس��يا والنظ��ام م��ا زال يفت��ك باملدني�ين يف دي��ر ال��زور‬ ‫‪6‬‬

‫غسان املفلح‪..‬‬

‫‪7‬‬

‫صاحل احلاج صاحل‬

‫حممد صبحي‬

‫سالح السياسة وسياسة السالح الرقة أنش��ودة للمول ّي��ا والعتابا‪..‬‬

‫‪9‬‬

‫عبد العظيم إمساعيل‬

‫وللحوار آداب‪!..‬‬

‫‪7‬‬

‫إبراهيم العلوش‬

‫من يفتح طريق (أورفا ‪ -‬الرقة)؟‬

‫مازن العليوي‬

‫أحالم حمطمة‪!..‬‬

‫‪9‬‬

‫‪8‬‬

‫اخلوف الدولي من نظام األسد‬

‫‪10‬‬

‫عصام حقي‬

‫االنشطار‪..‬؟!‬

‫‪12‬‬

‫ويسل بوالت‬

‫‏‪‎Veysel Polat‎‬‏‬

‫أي حج��ر أن��ت يف ه��ذا الوط��ن ي��ا صديقي؟!‬

‫أمريــكا طريــق طويــل مــن الكــذب الســيايس‪ ،‬ولكــن حــظ الثــورة‬ ‫الســورية العاثــر‪ ،‬أنهــا كانــت يف عهــد الرئيــس بــاراك أوبامــا‪ ،‬ووزيــر‬ ‫خارجيتــه جــون كــري‪ ،‬اللذيــن يصنفــان كأكــذب رئيــس جمهوريــة‬ ‫أمريــي‪ ،‬وأفشــل وزيــر خارجيــة يف الخمســن ســنة األخــرة مــن عمــر‬ ‫أمريــكا‪.‬‬ ‫قــد يــراءى للبعــض أن هــذا الــكالم يخلــو مــن الحصافــة املهنيــة‪،‬‬ ‫واللباقــة الديبلوماســية‪ ،‬ألننــا –نحــن العــرب‪ -‬نعيــش يف هــذا الكــون‪،‬‬ ‫كــا لــو أ ّن اللــه مل يخلــق لخشــيته ســوانا‪ ،‬كــا يقــول قريــط بــن أنيــف‪،‬‬ ‫وألننــا تربينــا تربيــة عقائديــة‪ ،‬يف ظـ ّـل أنظمــة ديكتاتوريــة‪ ،‬العــن فيهــا‬ ‫ال تعلــو عــى الحاجــب‪ ،‬والطوطميــة‪ ،‬والواحديــة السياســية تتحكــم‬ ‫بوعينــا ومجتمعاتنــا األبويــة منــذ قــرون‪ ،‬األمــر الــذي يحتــم علينــا‬ ‫اختيــار كلامتنــا بتملــق‪ ،‬وانتقــاء عباراتنــا باســتخذاء‪ ،‬عندمــا يتعلــق‬ ‫األمــر بــذات الحــكام‪ ،‬وســلطتهم املقدســة‪ ،‬التــي ال يراهــا الغــرب‬ ‫كذلــك‪.‬‬ ‫لذلــك فقــد حفلــت اســتطالعات الــرأي الحديثــة‪ ،‬فيــا واليــة أوبامــا‬ ‫تُــرف عــى نهايتهــا‪ ،‬عــى وصــف الرئيــس بــاراك أوبامــا بأنــه أســوأ‬ ‫الرؤســاء الكذابــن يف أمريــكا‪ ،‬كــا جــاء يف تقريــر «أمريــكا ثينكــر»‪.‬‬ ‫ووفقــاً لشــبكة «فوكــس نيــوز» األمريكيــة‪ ،‬فــإن الرئيــس األمريــي‬ ‫أوبامــا حصــل عــى صفــة أكــر كــذاب يف عامــي ‪ 2013‬و‪ 2014‬عــى‬ ‫التــوايل‪ ،‬وحمــل لقــب «بونوكيــو القــرن الواحــد والعرشيــن»‪ ،‬واملعــروف‬ ‫عــن قصــة بونوكيــو أنهــا لولــد كان دائــم الكــذب‪ ،‬وعندمــا يكــذب‬ ‫يــزداد أنفــه طــوالً‪.‬‬ ‫ومل يــردد الكاتــب األمريــي جــاك كاشــيل مؤلــف كتــاب «أنــت كاذب»‬ ‫عــن وصــف الرئيــس أوبامــا بالقــول‪« :‬الكــذب عنــد أوبامــا ال يعــرف‬ ‫حــدودا ً»‪.‬‬ ‫إن الكذب عند أوباما مرتبط بعدة أسباب أهمها‪:‬‬ ‫ـ التســر عــى إحساســه بالضعــة والصغــار‪ ،‬والتــي عــر عنهــا بالــرد عــى‬ ‫نتنياهــو الــذي كان يكلمــه باســتعالء واحتقــار‪ ،‬قائــاً‪« :‬أنــا أفريقــي‬ ‫األصــل‪ ،‬وتربيــت بــا أب‪ ،‬لكننــي اليــوم رئيــس أمريــكا‪ ،‬فهــل تظــن‬ ‫أننــي ال أفهمــك‪.»!!..‬‬ ‫ـ كــا أنهــا ترتبــط بعــدم قدرتــه عــى اتخــاذ القـرارات الصعبــة ألنــه ال‬ ‫يتحــى مبواصفــات القائــد الحقيقــي‪ ،‬األمــر الــذي يضطــره إىل التضليــل‬ ‫والخــداع‪.‬‬ ‫ـ وألنــه غــر قــادر عــى تحمــل املســؤولية عــن قراراتــه‪ ،‬فقــد أخفــى‬ ‫أجندتــه الحقيقيــة‪ ،‬كــا يقــول «كاشــيل»‪ ،‬التــي تحــددت يف إطــاق‬ ‫حــرب بــاردة جديــدة‪ ،‬واالســتمرار باحتــال العــراق وأفغانســتان‪،‬‬ ‫وإشــعال الــرق األوســط‪ ،‬مؤكــدا ً أن الرئيــس أوبامــا ليــس ســوى أداة‬ ‫داخــل أجنــدة كــرى‪.‬‬ ‫فكيــف ص ـ ّدق العــرب عــى وجــه العمــوم‪ ،‬واملعارضــة الســورية عــى‬ ‫وجــه الخصــوص‪ ،‬وعــى مــدى الفــرة الرئاســية ألوبامــا أقوالــه‪ ،‬التــي مل‬ ‫تتســاوق مــع الواقــع‪ ،‬فيــا ‪ 81%‬مــن األمريكيــن يعتقــدون أن أوبامــا‬ ‫كاذب‪ ،‬مبــا يف ذلــك ‪ 66%‬مــن الدميقراطيــن‪ ،‬أي مــن نفــس الحــزب‬ ‫الــذي ينتمــي إليــه‪.‬‬ ‫عــى العــرب الذيــن طاملــا صدقــوا حاكــم البيــت األبيــض‪ ،‬وربطــوا‬ ‫الكثــر مــن مصائرهــم بسياســته‪ ،‬وافتخــر الكثــر منهــم بصداقتــه‪،‬‬ ‫عليهــم اليــوم أن يصدقــوا رئيســاً أمريكيــاً واحــدا ً فقــط هــو هــاري‬ ‫ترومــان‪ ،‬عندمــا قــال منــذ أكــر مــن ‪ 60‬ســنة‪« :‬إذا أردت صديق ـاً يف‬ ‫واشــنطن احصــل عــى كلــب»‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تفاقم الحصار على دير الزور‬ ‫تنظي��م داع��ش يب��دأ بالتعام��ل بالدين��ار الذه�بي‬ ‫والط�يران الروس��ي والنظ��ام م��ا زال يفت��ك باملدني�ين‬

‫الط�يران الروس��ي يرتك��ب جم��زرة مبخي��م‬ ‫للنازح�ين عل��ى احل��دود االردني��ة الس��ورية‬

‫دير الزور ‪ -‬الحرمل‬ ‫بــدأ تنظيــم «داعــش» تعاملــه بالدينــار‬ ‫الذهبــي الــذي أصــدره ســابقاً يف مدينــة‬ ‫املياديــن‪ ،‬ووصــل ســعر الدينــار الواحــد‬ ‫نحــو ‪ 190‬دوالر للواحــد‪ ،‬وشــهدت أســواق‬ ‫املدينــة انخفاضــاً كبــرا ً بأســعار الخــراوات‬ ‫والفواكــه‪ .‬يف الوقــت الــذي شــهدت بــه أحيــاء‬ ‫أحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن الخاضعــة‬ ‫لســيطرة النظــام عــودة ضــخ امليــاه بعــد‬ ‫انقطاعهــا ملــدة خمســة أيــام‪ ،‬وكان ضــخ امليــاه‬ ‫ضعيفــاً وملــدة ثــاث ســاعات لحــي الجــورة‪،‬‬ ‫فيــا مل يصــل الضــخ ألغلــب الشــوارع يف حــي‬ ‫الجــورة‪ ،‬حيــث يشــتيك األهــايل مــن ضعــف‬ ‫الضــخ عــى حيهــم‪ ،‬وقلــة ســاعات الضــخ‪،‬‬ ‫بينــا كانــت قويــة يف حــي القصــور وســاعات‬ ‫الضــخ الطويلــة‪ ،‬ويعــود الســبب حســب مــا‬ ‫أكــده أحــد أهــايل حــي الجــورة‪ ،‬بــأن كافــة‬ ‫فــروع النظــام األمنيــة وقيــادات ومســؤويل‬ ‫النظــام العســكريني واملدنيــن يســكنون يف حــي‬ ‫القصــور‪.‬‬ ‫وبينــا يعــاين ســكان ديــر الــزور مــن حصــار‬ ‫خانــق‪ ،‬مــا زالــت مشــكلة الخبــز تتفاقــم‬ ‫نتيجــة النقــص الكبــر مبــادة الطحــن‪ ،‬واقتصــار‬ ‫عمــل املخابــز عــى ثالثــة مخابــز فقــط يف‬ ‫جميــع مناطــق ســيطرة النظــام‪ ،‬كــا تشــهد‬ ‫هــذه املخابــز ازدحامـاً شــديدا ً‪ ،‬ويقتــر عملهــا‬ ‫مــدة ثــاث ســاعات يف اليــوم‪ ،‬ويذهــب أغلــب‬ ‫الخبــز املنتــج لعســاكر وشــبيحة النظــام‪ ،‬وال‬ ‫يتمكــن ســوى عــدد قليــل جــدا ً مــن الحصــول‬ ‫عــى الخبــز‪ ،‬وارتفــاع بأســعار الخبــز حيــث‬ ‫يقــوم فــرن الجــاز ببيــع ‪ 13‬رغيفـاً مــن الحجــم‬ ‫الصغــر مببلــغ ‪ 200‬لــرة‪ ،‬ويقــوم فــرن خالــد‬ ‫بــن الوليــد بحــي الجــورة ببيــع ‪ 14‬رغيفـاً مــن‬ ‫الحجــم الصغــر مببلــغ ‪ 200‬لــرة‪ ،‬ويقــوم فــرن‬ ‫القصــور ببيــع ‪ 20‬رغيف ـاً مببلــغ ‪ 200‬لــرة‪.‬‬ ‫كل ذلــك يجــري دون رقابــة تذكــر عــى األفران‪،‬‬ ‫وكل فــرن يــرق ويبتــز األهــايل عــى طريقتــه‪،‬‬ ‫فالنظــام يســاهم بزيــادة الحصــار مــن الداخــل‪،‬‬ ‫وزيــادة الشــقاء والعنــاء عــى األهــايل‪ ،‬وأصبــح‬ ‫حــال املحارصيــن «املســجونني» مــن أهلنــا‬ ‫صعب ـاً‪ ،‬وهــم يتحســبون اللــه ملــا يجــري لهــم‬ ‫مــن ضيــق وآالم وتعــب نفــي‪ ،‬وأجهــزة النظام‬ ‫متــارس عســفها ومتنــع األهــايل مــن الخــروج‬ ‫مــن مناطــق ســيطرته‪ ،‬وتجربهــم عــى العيــش‬ ‫يف «ســجن الجــورة والقصــور املركــزي» دون‬ ‫أن يقــوم النظــام بتأمــن أبســط مســتلزمات‬ ‫الحيــاة لهــم‪.‬‬ ‫يف ظــل الحصــار املفــروض عــى ديــر الــزور‪،‬‬ ‫ومامرســات النظــام الجائــرة بحــق األهــايل‪،‬‬ ‫وتغــول داعــش بقتــل املدنيــن واعتقالهــم‪ ،‬مــا‬ ‫الصورة تعبريية‬

‫من األرشيف‬

‫زالــت طائــرات النظــام تســتهدف الحويقــة‬ ‫الغربيــة والصناعــة الكنامــات والحميديــة‬ ‫والجبيلــة والشــيخ ياســن بالعديــد مــن‬ ‫الغــارات‪ ،‬مســتخدمة القنابــل العنقوديــة‪ ،‬مــا‬ ‫أدى الستشــهاد عــدد مــن املدنيــن‪ ،‬وإصابــة‬ ‫الع ـرات بجــروح مختلفــة‪ .‬وتقدمــت قــوات‬ ‫النظــام عــى حســاب تنظيــم داعــش يف محيــط‬ ‫جبــل الــردة ومحيــط حقــل التيــم بعــد هجــوم‬ ‫مباغــت بإســناد كثيــف مــن الط ـران الــرويس‪،‬‬ ‫فيــا قامــت طائــرة شــحن بإلقــاء ‪ 26‬شــحنة‬ ‫مــن املــواد الغذائيــة املحملــة باملظــات‪ ،‬وكل‬ ‫شــحنة تحملهــا ثــاث مظــات‪ ،‬وســقطت هــذه‬ ‫الشــحنات عــى طريــق عام ديــر الزور دمشــق‪،‬‬ ‫وقامــت منظمــة الهــال األحمــر بديــر الــزور‬ ‫باســتالم هــذه املســاعدات‪ ،‬وهــذه الشــحنات‬ ‫مقدمــة كمســاعدات لألهــايل املحارصيــن‬ ‫مــن برنامــج األغذيــة العاملــي التابــع لألمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬وتتحكــم قــوات النظــام بتوزيــع هــذه‬ ‫املســاعدات‪ ،‬وتقــوم باالســتيالء عــى قســم كبري‬ ‫منهــا‪ ،‬وشــهدت املنطقــة القريبــة مــن مركــز‬ ‫الهــال األحمــر يف حــي القصــور إطــاق نــار‬ ‫كثيــف مــن قبــل املليشــيات التابعــة لقــوات‬ ‫النظــام لتفريــق األهــايل املتجمعــن مــن أجــل‬ ‫اســتالم بعــض املعونــات‪.‬‬ ‫األنبــاء الــواردة مــن الريــف الرشقــي تفيــد‬ ‫مبقتــل أحــد القــادة الدواعــش مــن املياديــن‪،‬‬ ‫وهــو أحــد الذيــن ســاهموا بإدخــال داعــش‬ ‫إىل املنطقــة الرشقيــة‪ ،‬وذلــك بغــارة للطــران‬ ‫يف بلــدة موحســن مــع مجموعــة مــن القــادة‬ ‫أثنــاء اجتــاع لهــم‪ ،‬وأيضــاً كثــف الطــران‬ ‫الحــريب غاراتــه الجويــة عــى قطاعــات املطــار‬ ‫العســكري ومحيــط جبــل ثــردة بعــد هجــوم‬ ‫معاكــس شــنه التنظيــم‪ ،‬واســتهدف خاللــه‬ ‫تحصينــات النظــام عــى جبــل ثــردة يف محيــط‬ ‫املطــار العســكري مبفخخــة تالهــا اشــتباكات‬ ‫باألســلحة الخفيفــة واملتوســطة‪.‬‬ ‫ويف ظــل تصاعــد حــ ّدة االشــتباكات‪ ،‬وكثافــة‬ ‫الغــارات الجويــة‪ ،‬استشــهد طفــل و ُجــرح آخــر‬ ‫إثــر انفجــار لغــم عــى شــاطئ قريــة الحصــان‬ ‫كان قــد زرعهــا تنظيــم داعــش ملنــع تهريــب‬ ‫املــواد الغذائيــة إىل األحيــاء املحــارصة‪ ،‬كــا‬

‫تفاقمــت مشــكلة الحصــول عــى ميــاه الــرب‪،‬‬ ‫مــا اضطــر األهــايل لجلــب امليــاه مــن اآلبــار‬ ‫املالحــة‪ ،‬ومــن جــدول صغــر متفــرع عــن نهــر‬ ‫الفــرات‪ ،‬وهــذه امليــاه غــر صالحــة للــرب‬ ‫مــا ينــذر بانتشــار األم ـراض واألوبئــة‪.‬‬ ‫وبعــد أن هــدأت جبهــات ديــر الــزور وشــهدت‬ ‫تراجعــاً يف حــدة االشــتباكات‪ ،‬شــن عنــارص‬ ‫التنظيــم هجومــاً عــى كتيبــة املدفعيــة يف‬ ‫جبــل الــردة جنــوب مدينــة ديــر الــزور‪ ،‬وبــدأ‬ ‫التنظيــم هجومــه بتنفيــذ أحــد عنــارصه عمليــة‬ ‫انتحاريــة رضبــت معاقــل قــوات األســد يف‬ ‫الكتيبــة‪ ،‬علــا أن التنظيــم شــن هجــات عــدة‬ ‫عليهــا دون متكنــه مــن اخـراق دفاعاتهــا‪ ،‬وكان‬ ‫آخــر هجــوم لتنظيــم داعــش عــى الكتيبــة يف‬ ‫الثــاين والعرشيــن مــن الشــهر املــايض‪ ،‬وبــدأ‬ ‫التنظيــم هجومــه حينهــا بتنفيــذ عنرصيــن‬ ‫تابعــن لــه عمليتــن انتحاريتــن يف الكتيبــة‪،‬‬ ‫ويهــدف تنظيــم داعــش للســيطرة عــى جبــل‬ ‫الــردة بغيــة االقـراب بشــكل أكــر مــن أحيــاء‬ ‫مدينــة ديــر الــزور التــي يســيطر عليهــا نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬ولالقــراب مــن مطــار ديــر الــزور‬ ‫العســكري أيضــاً‪ ،‬علــا أن التنظيــم كان قــد‬ ‫حقــق قبــل أســابيع تقدمــاً كبــرا ً يف الجبــل‪،‬‬ ‫ولكــن قــوات األســد شــنت هجومــاً معاكســاً‬ ‫أدى لرتاجــع التنظيــم إىل نقــاط خلفيــة‪ ،‬وتــأيت‬ ‫هجــات نظــام األســد عــى جبــل الــردة بعــد‬ ‫فشــله بتحقيــق تقــدم باتجــاه أحيــاء مدينــة‬ ‫ديــر الــزور مــن املدخــل الجنــويب يف محيــط‬ ‫دوار البانورامــا‪.‬‬ ‫مــن األحــداث املؤســفة أيضـاً استشــهاد أربعــة‬ ‫أطفــال يف حديقــة طليطلــة إثــر إطــاق‬ ‫تنظيــم الدولــة قذيفــة هــاون انفجــرت وســط‬ ‫الحديقــة‪ ،‬واستشــهاد طفلــن يف حــي الجــورة‬ ‫إثــر تعرضهــم لقذيفــة هــاون هــاون أخــرى يف‬ ‫ثالــث أيــام العيــد‪.‬‬ ‫وجــدد الطــران الــرويس اســتهدف أحيــاء‬ ‫الحميديــة والشــيخ ياســن والعــريض والصناعــة‬ ‫ومحيــط جــر السياســية بالقنابــل العنقوديــة‪،‬‬ ‫كــا اســتهدف محيــط املطــار العســكري‬ ‫ومحيــط البانورمــا‪.‬‬

‫ارتكــب الطـران الــرويس مجــزرة جديــدة يف باديــة الحــاد قــرب الحــدود الســورية األردنيــة‬ ‫بتاريــخ ‪ 2016\7\12‬راح ضحيتهــا العـرات مــن الشــهداء‪ ،‬بينهــم نســاء وأطفال‪.‬‬ ‫حيــث اســتهدف الطـران الــرويس مخيــم للنازحــن عــى الرشيــط الحــدودي بأكــر مــن مثــان‬ ‫غــارات جويــة‪ ،‬مســتخدماً القنابــل العنقوديــة مــا تســبب مبقتــل ‪ 22‬شــخص ووقــوع عرشات‬ ‫املصابــن والجرحــى‪.‬‬ ‫حيــث يضــم املخيــم عــدد كبــر مــن الســكان الســوريني‪ ،‬الذيــن لجــؤوا إىل هــذه املنطقــة مــن‬ ‫بطــش النظــام وتغـ ّول داعــش‪ ،‬وأغلبهــم مــن أهــايل املنطقــة الرشقيــة يف ســورية‪ ،‬وهــذا ليــس‬ ‫بجديــد مــا ترتكبــه الطائـرات الروســية مــن قصــف لكافــة املناطــق الســورية اآلمنــة‪ ،‬والتــي‬ ‫هــرب منهــا ســكانها نتيجــة القصــف الــرويس العنيــف ملنازلهــم وال ي ـزال الط ـران الــرويس‬ ‫يرتكــب مجــازر جديــدة كل يــوم بحــق املدنيــن األبريــاء يف ظــل تخــاذل وصمــت املجتمــع‬ ‫الــدويل‪.‬‬

‫فصائ��ل املعارض��ة تهاجم يف ريف مح��اة اجلنوبي‬ ‫وقوات النظام مدعومة بإس��ناد جوي حتاول استعادة املناطق اليت خسرها‬ ‫من األرشيف‬

‫عبيدة أبو خزيمة ‪-‬‬

‫ريف حماة‬

‫متكنــت قــوات املعارضــة الســورية‪ ،‬التــي‬ ‫تتألــف مــن عــدد مــن الفصائــل الثوريــة‬ ‫مــن اقتحــام حاجــز الوعــرة يف ريــف حــاة‬ ‫الجنــويب‪ ،‬واغتنــام أســلحة وذخائــر متنوعــة‪،‬‬ ‫وإيقــاع العديــد مــن القتــى والجرحــى يف‬ ‫صفــوف قــوات النظــام‪.‬‬ ‫ويف تفاصيــل العمليــة قــال املرصــد أبــو‬ ‫ســليم‪ :‬العمليــة بــدأت بعــد منتصــف ليــل‬ ‫يــوم الثالثــاء مــن قبــل عنــارص جبهــة النــرة‬ ‫وكتيبــة محمــد الفاتــح‪ ،‬متكنــوا مــن التســلل‬ ‫إىل الحاجــز وقتــل ‪ 7‬عنــارص مــن قــوات‬ ‫النظــام وجــرح خمســة أخــرون‪ ،‬خــال‬ ‫االشــتباكات التــي حصلــة بــن الطرفــن‪.‬‬ ‫وبــن أبــو ســليم أن الفصائــل املهاجمــة‬ ‫ّ‬ ‫متكنــت مــن اغتنــام رشاشــن متوســطني مــن‬ ‫نــوع ‪ 12.5‬مــم وأســلحة خفيفــة وذخائــر‬ ‫متنوعــة‪ ،‬ومتكنــوا مــن الســيطرة عــى دبابــة‬ ‫كانــت بداخــل الحاجــز‪ ،‬ولكــن مل يتمكنــوا‬ ‫مــن إخراجهــا نتيجــة القصــف العنيــف‬ ‫الــذي تعرضــت لــه املنطقــة‪.‬‬ ‫وتابــع أبــو ســليم حديثــه‪ :‬قــام الثــوار بتفجري‬ ‫الدبابــة قبــل انســحابهم مــن الحاجــز مــع‬ ‫بــزوغ الفجــر‪ ،‬وتعرضــت املنطقــة لقصــف‬ ‫مكثــف مــن الطــران الحــريب وراجــات‬ ‫الصواريــخ‪ ،‬وقــد تعرضــت قريــة طلــف‬ ‫وحربنفســه والــزارة لقصــف بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة والصواريــخ الفراغيــة باإلضافــة‬ ‫لقصــف براجــات الصواريــخ مــن كتيبــة‬ ‫الهندســة وأكــراد الداســنية‪.‬‬

‫ويقــع حاجــز حربنفســه شــايل قريــة طلــف‬ ‫وإىل الغــرب مــن بلــدة حربنفســه‪ ،‬وتتخــذ‬ ‫منــه قــوات النظــام موقــع لقصــف بلــدة‬ ‫حربنفســه وقريــة طلــف‪ ،‬ويعتــر نقطــة‬ ‫مهمــة تــرف عــى الطريــق الــذي يصــل‬ ‫بــن قريــة طلــف وبلــدة حربنفســه‪ ،‬ونقطــة‬ ‫الحاميــة األوىل عــن قريــة جدريــن التــي‬ ‫تتخــذ منهــا قــوات النظــام مركــز لقواتهــا‪.‬‬ ‫وبحســب الناشــط خالــد أبــو إســحاق‬ ‫مراســل مركــز حــاة اإلعالمــي‪ :‬تجــددت‬ ‫محــاوالت النظــام القتحــام قريــة الــزارة‬ ‫وبلــدة حربنفســه مــع ســاعات الصبــاح‬ ‫األوىل تحــت غطــاء مــن الطــران الحــريب‬ ‫الــرويس والســوري باإلضافــة إىل متشــيط‬ ‫املنطقــة براجــات الصواريــخ‪.‬‬ ‫وأضــاف أبــو إســحاق جــرت اشــتباكات‬ ‫عنيفــة بــن الثــوار وقــوات النظــام عــى‬ ‫جبهــات الــزارة وحربنفســه أدت إىل‬ ‫استشــهاد ثالثــة عنــارص مــن الثــوار املرابطــن‬ ‫عــى الجبهــات‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل قــال أبــو إســحاق أن‬ ‫الط ـران املروحــي قــام بإلقــاء املنــارش عــى‬ ‫قريــة عقــرب يف ريــف حــاة الجنــويب داعيـاً‬ ‫املجموعــات املســلحة يف املنطقــة إىل تســليم‬ ‫ســاحها والعــودة إىل حضــن الوطــن‪.‬‬ ‫والجديــر بالذكــر أن النظــام ينتهــج سياســة‬ ‫الحــرب النفســية إىل جانــب الحــرب عــى‬ ‫األرض يف ريــف حــاة الجنــويب وحمــص‬ ‫الشــايل‪ ،‬ولكــن جميــع محاوالتــه مل ِ‬ ‫تــؤت‬ ‫أوكلهــا مــا يــؤدي إىل جنوحــه نحــو الجنون‪.‬‬


‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪3‬‬

‫داعش يعدم تســعة أشــخاص فــي الرقة بتهمة العمالــة للنظام واألكراد‬

‫الط�يران الروس��ي يرتك��ب جم��زرة جدي��دة يف الرق��ة والضحاي��ا م��ن املدني�ين‬ ‫الرقة ‪ -‬خاص‬

‫شــهدت محافظــة الرقــة أياماً دمويــة‪ ،‬أبرزها‬ ‫املجــازر التــي ارتكبهــا طـران النظــام والطـران‬ ‫الــرويس وراح ضحيتهــا عـرات الشــهداء‪ ،‬مــن‬ ‫بينهــم أطفــال ونســاء‪ ،‬وهــم عائلــة أحمــد‬ ‫ســامل األمــن‪ ،‬وعائلــة عــودة‪ ،‬الذيــن ارتقــوا‬ ‫يف الثــاين عــر مــن شــهر حزيــران الجــاري‪،‬‬ ‫وأيضـاً قيــام تنظيــم داعــش عــى إعــدام عــدد‬ ‫مــن الشــباب يف يومــن متتابعــن‪.‬‬ ‫ويف تفاصيــل األحــداث‪ ،‬ويف الوقــت الــذي‬ ‫يتعــرض لــه أهلنــا مــن املدنيــن العــزل لقصــف‬ ‫متتابــع وبشــكل يومــي مــن طــران النظــام‬ ‫وطــران التحالــف والــرويس‪ ،‬مــا زال تنظيــم‬ ‫داعــش ميــارس هوايتــه بقتــل النــاس اآلمنــن‪،‬‬ ‫والضغــط عليهــم بكافــة األشــكال‪ ،‬وســط غــاء‬ ‫يف املعيشــة‪ ،‬ونــدرة املــواد األساســية‪ ،‬وانعــدام‬ ‫توفــر البعــض منهــا‪ ،‬وغيــاب لفــرص العمــل‪،‬‬ ‫إال ملــن التحــق بصفــوف التنظيــم‪ ،‬أو عمــل يف‬ ‫املجــاالت املدنيــة التابعــة لهــم‪ ،‬وســط هــذه‬ ‫املعيشــة املريــرة نــر التنظيــم عنــارصه مــن‬ ‫النســاء يف شــوارع املدينــة لتفتيــش ومراقبــة‬ ‫ألبســة النســوة‪ ،‬والتأكــد مــن ارتدائهــن‬ ‫البنطــال تحــت العبــاءة والثــوب‪ ،‬ويتــم أخــذ‬ ‫املخالفــات إىل الحســبة‪ ،‬ومحاســبتهن‪ ،‬والحجــة‬ ‫التــي يطلقهــا التنظيــم بــأن الخــوف مــن‬ ‫تعــرض النســوة إىل حــادث فتنكشــف عورتهــن‬ ‫يف الشــارع‪.‬‬ ‫يف الرابــع مــن حزي ـران مــن الشــهر الجــاري‪،‬‬ ‫أقــدم عنــارص مــن التنظيــم بإعــدام كل مــن‬ ‫بــدر خليــل الغانــم‪ ،‬ومــوىس الشــاهر املــوىس‪،‬‬ ‫ومحمــد مــوىس الشــاهر‪ ،‬وســليامن محمــد‬ ‫الخلــف‪ ،‬وذلــك يف وســط مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫والتهمــة العاملــة مــع النظــام وروســيا‪ ،‬ويف‬ ‫اليــوم الــذي تــاه أعــدم التنظيــم الشــاب‬ ‫فيصــل عــواد العيــاش الشــقيل‪ ،‬نحــو ‪ 20‬عامـاً‪،‬‬ ‫وذلــك عــى خلفيــة نزاعــه مــع أحــد عنــارص‬ ‫التنظيــم عــى أحــد الحواجــز‪ ،‬وتوجيــه تهمــة‬ ‫الــردة والعاملــة للمغــدور‪.‬‬ ‫ويف اليــوم الخامــس مــن حزيـران أقــدم تنظيــم‬ ‫داعــش عــى إعــدام أربعــة شــبان بتهمــة‬ ‫التعامــل مــع األكــراد‪ ،‬وهــم نهــاد الحســن‬ ‫(العــب كــرة قــدم يف نــادي الشــباب)‪ ،‬وأســامة‬ ‫أبــو كويــت‪ ،‬واألخويــن أحمــد وإحســان‬ ‫الشــواخ‪.‬‬

‫يف الســادس مــن حزيـران نفــذ الطـران الحــريب‬ ‫غــارة جويــة اســتهدف مــن خاللهــا مبنــى‬ ‫الصحــايب أويــس القــرين‪ ،‬ومركــز البحــوث‬ ‫العلميــة‪ ،‬وجــر البليــخ‪ ،‬بالتــوازي مــع متكــن‬ ‫عنــارص مــن تنظيــم داعــش مــن إطــاق أربــع‬ ‫طائــرات اســتطالع يف ســاء مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫حلقــت ملــدة أربــع وعرشيــن ســاعة‪.‬‬ ‫يف الثامــن مــن حزي ـران شــهدت ســاء بلــدة‬ ‫عــن عيــى تحليق ـاً مكثف ـاً لط ـران التحالــف‬ ‫الــدويل‪ ،‬بالتزامــن مــع اشــتبكات بــن قــوات‬ ‫داعــش وقــوات البيــدا‪ ،‬مــا أدى إىل اســتعادة‬ ‫عــدد مــن النقــاط الهامــة مــن قبضــة داعــش‪،‬‬ ‫ونفــذ عنــارص مــن تنظيــم الدولــة هجومــاً‬ ‫معاكســاً عــى قــوات البيــدا جنــوب بلــدة‬ ‫ســلوك‪.‬‬ ‫يف التاســع مــن حزيـران تركــزت غــارات طـران‬ ‫التحالــف عــى اســتهداف الجســور يف مناطــق‬

‫قريــة املــارودة وشــنينة ومعيزيلــة وأبــو وحــل‬ ‫وحمــرة نــارص‪ ،‬بالتزامــن مــع وصــول رتــل‬ ‫ضخــم لتنظيــم داعــش إىل جبهــة الرشكــراك‬ ‫عــر الشــيخ حســن‪ ،‬وانتشــار منظــم ملقاتــي‬ ‫الدولــة عــى جبهــة الهيشــة وأم الرباميــل‬ ‫مقابــل منطقــة الصكــرو يف ريــف الرقــة‬ ‫الشــايل‪ ،‬وأيضــاً غــارة جويــة عــى مدينــة‬ ‫الرقــة مــن قبــل طــران التحالــف الــدويل‬ ‫اســتهدف حاجــز املقــص التابــع لتنظيــم داعــش‬ ‫ودمرتــه بالكامــل‪.‬‬ ‫ولعــل فجــر يــوم الثــاين عــر مــن الشــهر‬ ‫الجــاري‪ ،‬كان األشــد إيالم ـاً عــى أهــل الرقــة‪،‬‬ ‫حيــث تركــز قصــف الطــران الــرويس عــى‬ ‫وســط املدينــة‪ ،‬وقتــل الع ـرات مــن املدنيــن‬ ‫العــزل‪ ،‬وكان مــن بينهــم الشــهداء األطفــال‬ ‫ســامل وفاطمــة ورميــاس وميــس أبنــاء أحمــد‬ ‫ســامل األمــن الذيــن ارتقــوا تحــت رضبــات‬

‫الطــران ملنزلهــم ومحيطــه يف حــارة البــدو‪،‬‬ ‫وأيض ـاً استشــهاد خمســة مدنيــن مــن عائلــة‬ ‫عــودة يف املنطقــة ذاتهــا‪ ،‬كــا نــال مبنــى‬ ‫األعــاف الواقــع عــى طريــق الرقــة حلــب‬ ‫نصيبــه مــن القصــف‪ ،‬حيــث تعــرض املبنــى‬ ‫للتدمــر الكامــل‪.‬‬ ‫هكــذا هــي حــال أهــل الرقــة‪ ،‬فمــن مــوت‬ ‫بطــيء عــى أيــدي عنــارص داعــش‪ ،‬الــذي‬ ‫ميــارس إعداماتــه بشــكل يومــي‪ ،‬ويطبــق‬ ‫قوانينــه الجائــرة عــى النــاس‪ ،‬إىل مــوت يرتبــص‬ ‫العــزل تحــت رضبــات طـران النظــام مبســاعدة‬ ‫الطــران الــرويس‪ ،‬الــذي يركــز رضباتــه عــى‬ ‫وســط املدينــة‪ ،‬دون أن يراعــي يف الحســبان‬ ‫مســألة تحييــد املدنيــن عــن النزاعــات‬ ‫املســلحة‪ ،‬ورضبــات طــران التحالــف التــي‬ ‫تســتهدف البنــى التحتيــة للمحافظــة‪ ،‬وعنــارص‬ ‫التنظيــم يف أماكــن متعــددة مــن املحافظــة‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫يــد اإلرهــاب تضــرب مجــدداً‬ ‫فــي فرنســا‬ ‫‪ 84‬ش��خصًا ضحاي��ا عملي��ة ده��س خ�لال‬ ‫احتفاالت العيد الوطين لفرنس��ا يف مدينة نيس‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الحرمل ‪ -‬فرنسا ‪ -‬خاص‬ ‫لقــي نحــو ‪ 84‬شــخصاً حتفهــم إثــر عمليــة‬ ‫دهــس متعمــد لشــاحنة ثقيلــة يقودهــا‬ ‫فرنــي مــن أصــل تونــي‪ ،‬وذلــك مســاء يــوم‬ ‫الخميــس ‪ 14‬حزي ـران الجــاري‪ ،‬وســط مدينــة‬ ‫نيــس‪ ،‬جنــوب فرنســا‪ ،‬فيــا تــم نقــل العـرات‬ ‫مــن املصابــن والجرحــى إىل مشــايف املدينــة‪.‬‬ ‫وكانــت جمــوع مــن أهــايل مدينــة نيــس‬ ‫الفرنســية يتجمعــون وســطها‪ ،‬احتفــاالً بالعيــد‬

‫الوطنــي لفرنســا‪ ،‬ومشــاهدة عــروض األلعــاب‬ ‫الناريــة هنــاك‪ ،‬وتفاجــؤوا بشــاحنة ثقيلــة‬ ‫تتعمــد دهــس املشــاركني يف االحتفــاالت‪،‬‬ ‫وملســافة تجــاوزت ‪2‬كــم مــن موقــع االحتفــال‪،‬‬ ‫وقامــت الرشطــة الفرنســية بقتــل الســائق‪،‬‬ ‫ووجــد يف حوزتــه داخــل الشــاحنة عــدد مــن‬ ‫قطــع األســلحة والذخــرة غــر املســتخدمة‪.‬‬ ‫يذكــر أن ســائق الشــاحنة‪ ،‬يلــغ مــن العمــر‬ ‫نحــو ‪ 31‬ســنة‪ ،‬وهــو غــر معــروف مــن أجهــزة‬

‫األمــن االســتخبارية‪ ،‬فيــا كان معروفــاً لــدى‬ ‫الرشطــة الجنائيــة عــى خلفيــة أعــال عنــف‬ ‫وقضايــا حــق عــام‪.‬‬ ‫وأدانــت معظــم الدول والرؤســاء والشــخصيات‬ ‫العامــة العمــل اإلرهــايب‪ ،‬وقــد أرســل الرئيــس‬ ‫األمريــي أوبامــا تعازيــه الحــارة للرئيــس‬ ‫الفرنــي هوالنــد‪ ،‬فيــا أعلــن تضامنــه مــع‬ ‫الشــعب الفرنــي‪ ،‬ووقوفــه إىل جانــب فرنســا‬ ‫يف محاربــة اإلرهــاب‪.‬‬

‫جمازر يف حلب وإدلب والرسنت وقوات األسد تتقدم باجتاه داريا‬ ‫تنظي��م داع��ش يس��قط طائرة ثانية يف ريف دمش��ق‪ ،‬وأنباء ع��ن اجتماع مرتق��ب هليئة التفاوض‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫وســط تــردد أنبــاء عــن قطــع قــوات النظــام‬ ‫لطريــق الكاســتيلو‪ ،‬وهــو الرشيــان الوحيــد‬ ‫الــذي يربــط مدينــة حلــب بريفهــا الشــايل‪،‬‬ ‫واصــل الط ـران الــرويس وط ـران النظــام مــن‬ ‫تكثيــف طلعاتــه الجويــة‪ ،‬وقصــف املناطــق‬ ‫الخاضعــة لقــوى املعارضــة الســورية‪ ،‬مــا‬ ‫أســفر عــن استشــهاد الع ـرات مــن املدنيــن‪،‬‬ ‫بينهــم أطفــال ونســاء‪ ،‬وتركــزت الرضبــات‬ ‫الجويــة عــى مناطــق وأحيــاء الســكري‪ ،‬والقــر‬ ‫اإلنكليــزي‪ ،‬واملشــهد‪ ،‬وصــاح الديــن‪ ،‬واملرجــة‪،‬‬ ‫والفــردوس‪ ،‬كــا طالــت الغــارات مناطــق‬ ‫الصخــور والشــيخ خــر واملــاح‪ ،‬وبلــدة‬ ‫كفــر ناهــا يف ريــف حلــب‪ ،‬وأنبــاء أوليــة عــن‬

‫كفــر جالــس‪ ،‬كــا اســتخدم يف قصفــه وســط‬ ‫استشــهاد وجــرح العــرات‪.‬‬ ‫ويف إطــار حملتهــا اإلجراميــة‪ ،‬واصلــت قــوات بلــدة بنــش القنابــل العنقوديــة‪ ،‬مخلف ـاً دمــارا ً‬ ‫النظــام تصعيــد أعاملها العســكرية‪ ،‬واســتهداف كبــرا ً والعــرات مــن الجرحــى واملصابــن‪.‬‬ ‫املدنيــن العــزل يف املناطــق الخارجــة عــن‬ ‫ســيطرته‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار اســتهدف طــران وتــرددت أنبــاء عــن محــاوالت جديــدة لقــوات‬ ‫األســد مدينــة الرســن بغــارة جويــة أســفرت النظــام مدعومــة بامليلشــيات الشــيعية القتحــام‬ ‫عــن استشــهاد ‪ 16‬شــخصاً‪ ،‬ووقــوع عــرات مدينــة داريــا املحــارصة منــذ أربــع ســنوات‪،‬‬ ‫الجرحــى واملصابــن‪ ،‬مــن خــال اســتهداف وبــث املكتــب اإلعالمــي للمجلــس املحــي يف‬ ‫داريــا يف الغوطــة الغربيــة بريــف دمشــق‪،‬‬ ‫ســوق شــعبية بالصواريــخ الفراغيــة‪.‬‬ ‫ويف ريــف إدلــب اســتهدف الطــران الــرويس رشيــط فيديــو يرصــد عــددا ً كبـرا ً مــن الدبابات‬ ‫األحيــاء واملناطــق املدنيــة واألســواق الشــعبية‪ ،‬الحديثــة‪ ،‬وكاســحات األلغــام‪ ،‬واملجنــزرات‬ ‫موقعــاً أكــر مــن ‪ 12‬شــهيدا ً وأكــر مــن ‪ 30‬والجرافــات‪ ،‬وهــي تتقــدم باتجــاه املدينــة‪،‬‬ ‫جريحـاً مــن خــال اســتهداف الســوق الرئيــي بالتزامــن مــع قصــف مدفعــي وصاروخــي‪،‬‬ ‫يف مدينــة أريحــا‪ ،‬كــا اســتهدف بعــدد مــن وإلقــاء الطائـرات املروحيــة براميــل متفجــرة يف‬ ‫الغــارات مناطــق كفــر نبــي وطريــق إدلــب مناطــق متعــددة مــن املدينــة‪.‬‬

‫مؤكــدا ً أننــا نحتــاج ألفــكار بشــأن االنتقــال‬ ‫الســيايس يف ســوريا‪ ،‬قبــل تحديــد موعــد جديــد‬ ‫للمفاوضــات‪ ،‬ورضورة إقـرار الهدنــة حتــى يتــم‬ ‫توصيــل املســاعدات إىل املناطــق املحــارصة‪.‬‬ ‫وســط هــذه األحــداث املتســارعة‪ ،‬أعلــن‬ ‫تنظيــم الدولــة «داعــش» عــن إســقاطه طائــرة‬ ‫ثانيــة للنظــام‪ ،‬فقــد أعلنــت وكالــة «أعــاق»‬ ‫التابعــة لتنظيــم الدولــة عــن إســقاط مروحيــة‬ ‫لنظــام األســد‪ ،‬ومقتــل طاقمهــا قــرب قريــة‬ ‫البيطاريــة يف أطــراف الغوطــة الرشقيــة‪.‬‬

‫وعــى إيقــاع التصعيــد العســكري الذي تشــهده‬ ‫األرايض ســوريا‪ ،‬مــن املتوقــع أن تعقــد «الهيئــة‬ ‫العليــا للمفاوضــات» اجتامعــاً يف الريــاض‪،‬‬ ‫العاصمــة الســعودية لوضــع رؤيتهــا العامــة‬ ‫حــول الفــرة االنتقاليــة يف ســوريا‪ ،‬وذلــك بُعيــد‬ ‫تلميحــات مــن املبعــوث األممــي إىل ســوريا‪،‬‬ ‫«ســتيفان دي ميســتورا» بــأن األيــام املقبلــة‬ ‫تعتــر «حاســمة» لتحديــد موقفــي الواليــات‬ ‫املتحــدة وروســيا بالنســبة للوضــع يف ســوريا‪.‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬قــال املبعــوث األممــي‬ ‫لســوريا ســتيفان دي ميســتورا إن األيــام‬ ‫القادمــة ســتوضح مســار العمليــة السياســية يف ويــأيت ذلــك بعــد ســاعات مــن إعــان التنظيــم‬ ‫ســوريا‪ ،‬وذلــك خــال مؤمتــر صحفــي عقــده يف عــن إســقاط طائــرة حربيــة مــن طــراز ميــغ‬ ‫جنيــف‪ ،‬يف إطــار متابعــة مفاوضــات جنيــف‪ 23 ،‬ومقتــل قائدهــا قــرب جبــل الــردة جنــويب‬ ‫يف انتظــار البــدء باســتئناف العمليــة السياســية‪ ،‬مدينــة ديــر الــزور‪.‬‬

‫تسهيالت لمنح الجنسية التركية وأنظار السوريين تتجه إلى بلدهم‪!..‬‬ ‫عبد القادر ليال‬ ‫أطلــق الرئيــس الــريك (رجــب طيــب‬ ‫اردوغــان) عنوانــاً مثــرا ً للجــدل يف األوســاط‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وأشــعل الــرأي العــام يف كل مــن‬ ‫ســوريا وتركيــا‪ ،‬وذلــك عندمــا أعلــن عــن‬ ‫ن ّيــة أنقــره منــح الالجئــن الســوريني الفرصــة‬ ‫للحصــول عــى الجنســية الرتكيــة‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫إفطــار رمضــاين يف واليــة كيليــس حــره أتـراك‬ ‫وســوريون‪ ..‬يبلــغ عــدد الســوريني املقيمــن‬ ‫يف تركيــا مــا يقــارب مليونــن وســبعامئة ألــف‬ ‫يعيــش ‪ 10%‬منهــم ضمــن مخيــات‪.‬‬ ‫وأعــاد الرئيــس الــريك تأكيــده يف معــرض‬ ‫رده عــى املعارضــن لترصيحاتــه بشــأن قــرار‬ ‫منــح الجنســية‪ ،‬وذلــك يف كلمــة ألقاهــا‬ ‫خــال مشــاركته يف برنامــج بعنــوان (معايــدة‬ ‫اســطنبول)‪ ،‬حيــث قــال نحــن ومــن خــال‬ ‫العمــل املشــرك ســنمنح الجنســية الرتكيــة‬ ‫إلخواننــا الســوريني املظلومــن املتواجديــن يف‬ ‫تركيــا‪،‬‬ ‫وأشــارت صحيفــة ميلييــت الرتكيــة أن خمســة‬ ‫آالف ســوري حصلــوا عــى الجنســية الرتكيــة يف‬ ‫الفــرة املاضيــة‪ ،‬وأغلبهــم مــن ذوي األصــول‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وأشــارت ميلييــت إىل أن التســهيالت‬ ‫ملنــح الجنســية ســترتكز عــى عمليــة ترسيــع‬

‫اإلجــراءات الرســمية مــع اقــراح بتعديــل‬ ‫بســيط بالقانــون حيــث ســيعرض عــى الربملــان‬ ‫بعــد عطلــة العيــد حيــث ســيرتكز عــى تخفيض‬ ‫مــدة اإلقامــة مــن ‪ 5‬إىل ‪ 3‬ســنوات كــا ســيتم‬ ‫إعفــاء مــن تجــاوزت أعامرهــم ‪ 22‬عــام مــن‬ ‫الخدمــة العســكرية‪ ،‬وحســب القوانــن الرتكيــة‬ ‫فــإن مــن يريــد التقــدم بطلــب الحصــول عــى‬ ‫الجنســية يجــب أن تتوافــر فيــه الــروط‬ ‫التاليــة‪:‬‬ ‫‪1‬أن يكون بالغاً وراشدا ً‪.‬‬‫‪ 2‬أن يكــون مقيــاً ملــدة ‪ 5‬ســنوات دون‬‫انقطــاع يف تركيــا‬ ‫‪ 3-‬أن ال يكــون لديــه مــرض يهــدد صحتــه‬

‫العامــة‬ ‫‪ 4‬أن يكون صاحب أخالق حميدة‬‫‪ 5‬أن يســتطيع التحــدث باللغــة الرتكيــة‬‫بصــورة كافيــة‬ ‫‪ 6‬أن يكــون صاحــب دخــل أو مهنــة متكنــه‬‫مــن تغطيــة حاجاتــه‪ ،‬وحاجــات األشــخاص‬ ‫املســؤول عــن رعايتهــم‬ ‫‪ 7‬أن ال يكــون لديــه أيــه عــوارض تهــدد األمــن‬‫القومــي الــريك أو الســلم األهــي‬ ‫ومــن لديــه قــدرات عــى تطويــر الصناعــة‬ ‫الرتكيــة أو لديــه تفــوق علمــي أو تكنولوجــي‬ ‫ اقتصــادي ‪-‬ثقــايف – ريــايض – فنــي‪ ،‬ســيكون‬‫بإمكانــه الحصــول عــى الجنســية مــن خــال‬

‫قــرارات اســتثنائية مــن املجلــس الــوزاري‪..‬‬ ‫وحســب (تــرك بــرس) فــإن رشوط مثــل تغطيــة‬ ‫نفقــات العائلــة والتحــدث باللغــة الرتكيــة‬ ‫ستســتثني معظــم الالجئــن الســوريني‪ ،‬حيــث‬ ‫أنهــم قدمــوا مــن وســط فــوىض عارمــة‪ ،‬وبــاد‬ ‫أنهكهــا الحــرب‪ ،‬وقــد كلفــت وزارة الداخليــة‬ ‫دائــرة الهجــرة إلحــداث فريــق خــاص لدراســة‬ ‫ملفــات الالجئــن الســوريني الذيــن ميلكــون‬ ‫مشــاريع تســاهم يف االقتصــاد الــريك‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫ســيتم رفــع تلــك القوائــم إىل الجهــات األمنيــة‬ ‫يف العاصمــة أنقــرة‪.‬‬ ‫كــا أعــاد الرئيــس الــريك أردوغــان طــرح‬ ‫املوضــوع حــال عودتــه مــن وارســو‪ ،‬حيــث‬ ‫شــارك يف قمــة حلــف األطلــي وقــال‪( :‬األتـراك‬ ‫الذيــن هاجــروا إىل الواليــات املتحــدة وأملانيــا‪،‬‬ ‫وحصلــوا عــى جنســيتها دون أن يســألوا هــل‬ ‫ســتعودون اىل تركيــا أم ال)؟ وواصــل (ميكــن‬ ‫للــريك أن يذهــب إىل أملانيــا ويصبــح مواطــن‬ ‫أملــاين‪ ،‬وكذلــك إىل الواليــات املتحــدة فلــاذا‬ ‫ال ميكــن لألشــخاص الذيــن يعيشــون يف بالدنــا‬ ‫أن يحظــوا بنفــس األمــر؟) مشــددا ً عــى تاريــخ‬ ‫مشــرك يربــط األتــراك بالســوريني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يكتــف بــل رد بشــكل غــر مبــارش عــى‬ ‫ومل‬ ‫منتقديــه مــن الذيــن يــرون أن البــاد تضيــق‬ ‫فقــال (يعيــش عــى أرضنــا ‪ 79‬مليــون شــخص‬

‫عــى مســاحة ‪ 780‬ألــف كيلــو مــر فيــا‬ ‫مســاحة أملانيــا نصــف مســاحة بلدنــا وهــي‬ ‫تــؤوي ‪ 85‬مليــون شــخص)‬ ‫أثــارت ترصيحــات أردوغــان جــدالً كبــرا ً يف‬ ‫صفــوف األتــراك‪ ،‬وتوالــت الحمــات عــر‬ ‫وســائل التواصــل االجتامعــي‪ ،‬بــن مؤيــد‬ ‫ومعــارض‪ ،‬وشــكك مراقبــون بقــدرة املعارضــة‬ ‫عــى تعطيــل القــرار ســواء عــر الربملــان أو‬ ‫مــن خــال املحكمــة الدســتورية‪ ،‬كــا أنــه مــن‬ ‫املفيــد أن نالحــظ أن تركيــا مــا زالــت دولــة‬ ‫قوميــة وجميــع أحزابهــا تتبنــى البعــد القومــي‪،‬‬ ‫فالقوميــة التــي تأسســت عليهــا الدولــة الرتكيــة‬ ‫تعتــز كثــرا ً بعرقهــا وقوميتهــا‪ ،‬مــا يزيــد‬ ‫الصعوبــات أمــام الالجئــن الســوريني مــن‬ ‫حيــث التجنيــس واالندمــاج‪.‬‬ ‫وأخـرا يســتطيع الرئيــس الــريك مبفــرده تجــاوز‬ ‫عقبــات الربملــان والقوانــن املعــرة‪ ،‬وذلــك‬ ‫مبنــح الجنســية حســب الصالحيــات الدســتورية‬ ‫املوكلــة إليــه‪..‬‬ ‫أمــا الســوريون‪ ..‬فأنظارهــم معلقــة نحــو‬ ‫بلدهــم ســوريا‪ ..‬وأخــرون بــدأوا يفكــرون يف‬ ‫مســتقبلهم يف عمليــة إعــادة التوطــن‪ ،‬وبــن‬ ‫هــذه وتلــك ســيبقى الحلــم الســوري يتأرجــح‬ ‫ويعــاين كــا كل الالجئــن يف العــامل‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«كنا عايشني» ولكن‪!..‬‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫تحــت شــعار «كنــا عايشــن»‪ ،‬الــذي يطلقــه الكثــر‬ ‫مــن الســوريني يف حالــة تُعيــد إىل األذهــان صــورة‬ ‫الرمــادي الــذي يعيــش عــى الهامــش‪ ،‬صــورة املغيــب‬ ‫واملهــان واملســتكني للظلــم واالســتبداد‪ ،‬الــذي يطــرح‬ ‫مقولــة «الحيــط الحيــط ويــا رب الســر»‪ ،‬ويف إحالــة‬ ‫إىل متالزمــة اســتكهومل‪ ،‬التــي متنــح الظــامل رشعيــة‬ ‫االضطهــاد والقهــر التــي ميارســها عــى أتباعــه‪ ،‬ومتنــح‬ ‫املظلــوم حــق الدفــاع عــن ظاملــه والتامهــي معــه‪.‬‬ ‫كنــا عايشــن‪ ،‬لكــن بــذل واســتهانة بأبســط حقوقنــا‬ ‫يف الحريــة والكرامــة‪ ،‬كنــا عايشــن‪ ،‬فيــا زعــاء‬ ‫بلدنــا واملافيــات التــي تديــر البلــد تــرق مقدراتنــا‬ ‫أمــام أنظــار الجميــع دون أن يســتطيع أحــد الســؤال‬ ‫عــن يشء‪ ،‬كنــا عايشــن والنفــط والغــاز بأيـ ٍـد أمينــة‪،‬‬ ‫كنــا عايشــن وثرواتنــا تُــرق‪ ،‬وعــرق الفــاح يــرق‪،‬‬ ‫وجهــد العامــل يُنهــب‪.‬‬ ‫ســنعرض لبعــض األرقــام والتفاصيــل التــي تبــن كيــف‬ ‫كان يعيــش الســوريون؟ وكيــف تتــم رسقــة الفــاح؟‬ ‫وكيــف تنهــب ثــروات البلــد الباطنيــة؟ وكيــف‬ ‫تُنهــب عائــدات البلــد التجاريــة والســياحية وغريهــا؟‬ ‫وكيــف نعيــش ومعــدل الفقــر يتصاعــد بقــوة يف ظــل‬ ‫ناتــج محــي يصــل إىل حــدود ‪ 65‬مليــار دوالر ســنوياً‪،‬‬ ‫وهــو مــا يوفــر عائــدا ً مالي ـاً قــدره نحــو ثالثــة آالف‬ ‫دوالر يف الســنة الواحــدة لــكل مواطــن‪.‬‬ ‫آخــر إحصائيــة للموازنــة العامــة لســوريا للعــام ‪2011‬‬ ‫بلغــت نحــو ‪ 15‬مليــار دوالر‪ ،‬أمــا يف عــام ‪ 2015‬فقــد‬ ‫تراجعــت بنســبة كبــرة نتيجــة انهيــار اللــرة الســورية‬ ‫أمــام ســعر رصف الــدوالر‪ ،‬وبلغــت املوازنــة العامــة‬ ‫نحــو ‪ 6‬مليــار دوالر‪ ،‬أمــا يف عــام ‪ 2015‬فقــد بلغــت‬ ‫املوازنــة العامــة نحــو ‪ 7,5‬مليــار دوالر (‪ 1554‬مليــار‬ ‫لــرة ســورية) مقارنــة بســعر رصف الــدوالر‪.‬‬ ‫باملقابــل سنســتعرض بعــض األمثلــة عــن واردات‬ ‫ســوريا يف عــدد مــن املجــاالت‪ ،‬ففــي قطــاع النفــط‪،‬‬ ‫تبلــغ عائــدات ســوريا مــن النفــط والغــاز نحــو‬ ‫‪ 17‬مليــار دوالر ســنوياً‪ ،‬وهــي نســبة الـــ‪ 52%‬التــي‬ ‫تحصــل عليهــا ســوريا‪ ،‬مــن الناتــج اإلجــايل للنفــط‬ ‫يف عــام ‪ 2011‬والــذي يقــدر بنحــو ‪ 400‬ألــف برميــل‬ ‫يوميــاً‪ ،‬ومــن الغــاز نحــو ‪ 296‬مليــون م‪ 3‬يوميــاً‪.‬‬ ‫يف قطــاع مناجــم الفوســفات‪ ،‬التــي تعــد ســوريا مــن‬ ‫الــدول األوىل بإنتــاج الفوســفات الخــام عــى مســتوى‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫الشيطان بيننا‪!..‬‬

‫العــامل‪ ،‬ويقــدر االحتياطــي الســوري مــن مــادة‬ ‫الفوســفات نحــو ‪ 2,1‬مليــار طــن‪ ،‬وتصــدر ســوريا مــن‬ ‫الفوســفات نحــو ‪ 80%‬مــن الكميــات املســتخرجة‪،‬‬ ‫فيــا تصنــع الباقــي‪ ،‬وبلغــت الكميــات املصــدرة مــن‬ ‫الفوســفات الخــام يف العــام ‪ 2009‬نحــو ‪ 3,2‬مليــون‬ ‫طــن‪ ،‬بســعر تقريبــي يتجــاوز امللياريــن ونصــف‬ ‫املليــار دوالر‪ ،‬حســب ســعر طــن الفوســفات العاملــي‬ ‫آنــذاك‪ ،‬والبالــغ نحــو ‪ 752‬دوالر للطــن الواحــد‪.‬‬

‫أمــا يف القطــاع الزراعــي فســندلل عــى مثالــن اثنــن‪،‬‬ ‫األول يخــص إنتــاج القمــح‪ ،‬والثــاين القطــن‪ ،‬واألرقــام‬ ‫التــي ســرد تؤكــد بوضــوح عمليــات الرسقــة التــي‬ ‫تتــم‪ ،‬والضحيــة الفــاح أوالً ثــم العامــل‪ ،‬وهــا‬ ‫الركنــان الرئيســان‪ ،‬اللــذان تغنــت دولــة البعــث‬ ‫بهــا عــى مــدى خمســة عقــود‪ ،‬وصدعــت رؤوســنا‬ ‫بشــعارتها الزائفــة التــي تنتــر للعامــل والفــاح‪،‬‬ ‫وهــي بالحقيقــة ترسقهــم جهــارا ً نهــارا ً‪ ،‬وتحتفــظ‬ ‫بحــق إطــاق رصاصــة الرحمــة عليهــا‪ ،‬وهــا عــاد‬

‫الوطــن‪.‬‬ ‫إجــايل إنتــاج ســوريا مــن القطــن يقــدر بنحــو مليون‬ ‫طــن‪ ،‬يتجــاوز إنتــاج محافظــة الرقــة نحــو ربــع‬ ‫الكميــة‪ ،‬وتشــري الدولــة املحصــول مــن الفالحــن‬ ‫بنحــو دوالر للكيلــو الواحــد يف آخــر نــرة رشاء للعــام‬ ‫‪ 2011‬و‪ 2012‬فيــا قيمــة رشاء الكيلــو الواحــد يف دول‬ ‫الجــوار تقــدر بنحــو ‪ 3‬دوالرات‪( ،‬يف تركيــا تحديــدا ً)‪،‬‬ ‫وتصــدر ســوريا أغلــب كميــات القطــن مصنعـاً‪ .‬وهــي‬ ‫تــرق عــرق الفــاح أوالً ثــم عــرق العامــل ثانيـاً‪ ،‬ومــا‬ ‫خفــي أعظــم‪.‬‬ ‫أمــا القمــح فيقــدر اإلنتــاج الســنوي لهــذا املحصــول‬ ‫االســراتيجي بنوعيــه القــايس والطــري يف ســوريا‬ ‫نحــو ‪ 4‬مليــون طــن‪ ،‬وتصــدر ســوريا القمــح القــايس‬ ‫وتســتورد يف بعــض األحيــان كميــات مــن القمــح‬ ‫الطــري‪ ،‬املســتخدم يف إنتــاج الطحــن‪ ،‬كــا حصــل‬ ‫يف الســنوات التــي ســبقت الثــورة الســورية‪ ،‬وتبلــغ‬ ‫قيمــة الكيلــو غ ـرام الواحــد الــذي تســتلمه الدولــة‬ ‫ســعرا ً ال يتجــاوز النصــف دوالر تقريبــاً (حســب‬ ‫نســبة األجـرام) نحــو ‪ 20‬ألــف للطــن الواحــد‪ ،‬قيمــة‬ ‫رصف الــدوالر نحــو ‪ 50‬لــرة ســورية‪ .‬والدولــة تحــت‬ ‫شــعار دعــم الخبــز تــرق الفــاح أوالً دون أن تنظــر‬ ‫إىل دعمــه كــا يحصــل يف الــدول املجــاورة التــي متنــح‬ ‫مكافــأة تشــجيعية للفالحــن واملزارعــن عــن اإلنتــاج‬ ‫الزراعــي‪ ،‬الــذي يــأيت فيــه القمــح أوالً دون النظــر إىل‬ ‫تحديــد مــكان توريــده‪.‬‬ ‫بقــي أن نشــر إىل أن عائــدات ســوريا من الســياحة يف‬ ‫عــام ‪ 2011‬بلغــت نحــو ‪ 4‬مليــار دوالر‪ ،‬وأمــام هــذه‬ ‫األرقــام املرعبــة أال يحــق لنــا التســاؤل كيــف كنــا‬ ‫عايشــن؟ وأن نتســاءل أيض ـاً كيــف يتعــدى مســتوى‬ ‫الفقــر ربــع ســكان ســوريا؟ ففــي تقريــر صــدر عــن‬ ‫هيئــة تخطيــط الدولــة يف شــباط مــن عــام ‪2012‬‬ ‫بلغــت معــدالت الفقــر يف ســوريا نحــو ‪ .11.4%‬علـاً‬ ‫أن األرقــام التــي تصــدر بشــأن معــدالت الفقــر عــن‬ ‫الحكومــة الســورية يف معظــم األحيــان غــر صحيحــة‪،‬‬ ‫بــن ذلــك تقريــر‬ ‫وال متــت للحقيقــة بصلــة‪ ،‬وقــد ّ‬ ‫صــادر عــن منظمــة (اإلســكوا)‪ ،‬حيــث جــاء فيــه أن‬ ‫هــذه النســبة تجــاوزت ‪ 23%‬عــام ‪ .2010‬علــاً أن‬ ‫الرقــم الحقيقــي ملســتوى الفقــر يف ســورية يتجــاوز‬ ‫نســبة ‪ 35%‬مــن الســكان‪ ،‬منهــم ‪ 11%‬تحــت خــط‬ ‫الفقــر املدقــع‪ ،‬وهــو الرقــم الحقيقــي الــذي أشــارت‬ ‫إليــه هيئــة تخطيــط الدولــة‪.‬‬

‫يوسف دعيس‬ ‫األنبــاء والصــور الــواردة مــن ســوريا ال تــأيت بجديــد‪ ،‬ســوى ذاك‬ ‫املتعلــق بالتفنــن بالقتــل‪ ،‬فاملجــازر مــا زالــت تقــع فــوق رؤوس‬ ‫املدنيــن العــزل‪ ،‬وال يــكاد ميــر يــوم دون أن يتعــرض الســوريون‬ ‫ملجــزرة جديــدة‪ ،‬إن كانــوا نامئــن‪ ،‬أو متحلقــن حــول ســفرة تــكاد ال‬ ‫تســد رمــق واحــد منهــم‪ ،‬أو كانــوا يف الســوق‪ ،‬أو يف أماكــن العبــادة‪،‬‬ ‫أو هامئــن عــى وجوههــم‪ ،‬املــوت يزحــف إليهــم مــن الجهــات‬ ‫الخمــس‪ ،‬يباغتهــم ويرتبصهــم‪ ،‬أو يأتيهــم جهــارا ً نهــارا ً‪ ،‬أو مرصــودا ً‬ ‫بــكل أشــكال الرصــد الحديثــة التــي اخرتعهــا الغــرب والــرق‪.‬‬ ‫مل تنفــع املجــازر التــي وقعــت عــى الشــعب الســوري األعــزل‬ ‫يف أن يغـ ّـر املجتمــع الــدويل مــن موقفــه حيــال مــا يجــري عــى‬ ‫األرض‪ ،‬مل تنفــع أرقــام الضحايــا التــي جــاوزت نصــف املليــون‪،‬‬ ‫وال آالف املعتقلــن‪ ،‬وال املاليــن املــردة يف كل أصقــاع األرض‪ ،‬مل‬ ‫تنفــع الخمســة والخمســون ألفـاً مــن الصــور التــي رسبهــا القيــر‪،‬‬ ‫ومل تنفــع املشــاهد املرعبــة لألطفــال الذيــن قضــوا بالكيــاوي‬ ‫والعنقــودي والفوســفوري‪ ،‬وال صــور املــوت املرعبــة بالرباميــل‬ ‫والحاويــات والخراطيــم املتفجــرة‪ ،‬مل تنفــع حتــى صــور الدمــار التــي‬ ‫أحدثتهــا األلغــام البحريــة‪ ،‬كل مــا هنالــك‪ ،‬يندهــش العــامل للحظــة‬ ‫عابــرة‪ ،‬ويقلــق بعــض العابريــن يف عــامل السياســة دون صخــب أو‬ ‫ضجيــج‪ ،‬وكأنهــم يباركــون القاتــل عــى أفعالــه اإلجراميــة‪.‬‬ ‫مــا الــذي ينفــع إذا ً‪ ،‬إن كانــت ال تســتطيع أشــكال هــذا الدمــار‬ ‫واملــوت أن تُحــدث تأث ـرا ً يف نفــوس مــن يتلقفونهــا عــر وســائل‬ ‫اإلعــام؟ هــل يتذرعــون بأســباب تــريض إنســانيتهم؟ كأن يلصقــون‬ ‫الجرميــة بأشــخاص مــن الفضــاء الخارجــي‪ ،‬أو لعلّهــم يعــزون‬ ‫عمليــات القتــل إىل أفعــال صالحــة تــأيت يف ســبيل تخليــص العــامل‬ ‫مــن اإلرهابيــن‪!..‬‬ ‫معظــم الصــور التــي تتناقلهــا الصحــف ووســائل اإلعــام ووســائل‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬تؤكــد أن الضحايــا أطفــال ونســاء‪ ،‬أو يف‬ ‫الغالــب هــم مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬الذيــن ال حــول وال قــوة لهــم‪ ،‬إذا ً‬ ‫فالضحايــا مــن املدنيــن‪ ،‬والذيــن يفــرون بأجســادهم املمزقــة مــن‬ ‫املدنيــن‪ ،‬والذيــن يخرجــون مــن األنقــاض هــم أيضـاً مــن املدنيــن‪،‬‬ ‫والذيــن يتقاطــرون إلســعافهم هــم أيض ـاً مــن املدنيــن‪ ،‬فــا بــال‬ ‫العــامل يقــف عاجـزا ً أمــام هــذا اإلجـرام‪ ،‬الــذي مل يكــن لــه ســابقة‬ ‫عــر التاريــخ‪ ،‬أو منــذ أن أصبــح اإلنســان وحشــاً‪ ،‬وربــط نفســه‬ ‫بالشــيطان الرجيــم‪.‬‬ ‫منطقتنــا مرشــحة ملزيــد مــن القتــل والدمــار‪ ،‬وســط التعامــي عــن‬ ‫الحقيقــة‪ ،‬ويف ظــل اســتفحال الظلــم‪ ،‬وتحــت شــعارات زائفــة تتخــذ‬ ‫طريقهــا إىل محــور محاربــة الــر‪ ،‬وإطــاق يــد املجتمــع الــدويل‬ ‫ملحاربــة اإلرهــاب‪ ،‬تغذيهــا شــعارات طائفيــة بغيضــة مل تســتيقظ‬ ‫هكــذا فجــأة دون ســابق إنــذار‪ ،‬بــل اســتطاعت أن تجــد لهــا تربــة‬ ‫خصبــة‪ ،‬وتلقــى مــن يغذيهــا ويــذيك نارهــا‪.‬‬ ‫هكــذا ببســاطة ميــوت الســوريون ومعهــم جــزء كبــر مــن العراقيني‪،‬‬ ‫هكــذا ميوتــون وســط دهشــة وقلــق العــامل بأيـ ٍـد مارقــة‪ ،‬ومبباركــة‬ ‫دوليــة‪ ،‬ينفــذ عمليــات القتــل أوالً طـران النظــام والطـران الــرويس‬ ‫وطــران التحالــف‪ ،‬ثــم امليلشــيات الطائفيــة التــي تــزرع الحقــد‬ ‫وتحصــد املــوت والدمــار‪ ،‬وملــوك ورؤســاء وأم ـراء رهنــوا أنفســهم‬ ‫للشــيطان‪ ،‬وليــس ببعيــد هنــاك يف األرض املنبســطة مــن تخــوم‬ ‫حلــب إىل فلوجــة العــز تُجــز الرقــاب‪ ،‬وتُقطــع األيــدي واألرجــل مــن‬ ‫خــاف‪ ،‬وتُصلــب وتعلّــق األجســاد باســم الديــن‪ ،‬ويف ظــل دولــة‬ ‫العــدل املزعومــة‪ ،‬التــي تحمــل لــواء الديــن‪ ،‬الــذي ُوجــد أصــاً‬ ‫إلحقــاق الحــق‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫م��ن داخ��ل الس��رب‬ ‫سالح السياسة وسياسة السالح‬ ‫غسان المفلح‬ ‫املوضــوع هنــا ال عالقــة لــه بثنائيــة العســكرة والســلمية‪،‬‬ ‫التــي كانــت حقـاً للنقــاش‪ ،‬وال تـزال يف منتديــات ووســائل‬ ‫إعــام الثــورة الســورية‪ .‬السياســة يف الزمــن الراهــن تحتــاج‬ ‫م ّنــا إىل وقفــة‪ .‬وقفــة نعيــد إنتــاج رؤيتنا لهــا وقناعتنــا عنها‬ ‫وفيهــا‪ .‬هــذه بالطبــع نقطــة خالفيــة‪ ،‬تســتوجب أن نفتــح‬ ‫فيهــا ملفــات كثــرة‪ .‬السياســة يف العــامل الراهــن‪ ،‬ال ميكــن‬ ‫إنتــاج نظريــة فيهــا‪ ،‬دون معرفــة طبيعــة العالقــات الدوليــة‬ ‫التــي نعيــش فيهــا‪ .‬طبيعــة القــوى الفاعلــة دوليـاً‪ ،‬ومــا هــو‬ ‫موقــع هــذه الــدول يف صياغــة السياســة وإنتاجهــا‪ ،‬ســواء‬ ‫عــى مســتوى الكوكــب‪ ،‬أو عــى مســتويات أدىن إقليميــة‬ ‫أو محليــة‪ .‬محليــة تجــاه كل بلــد عــى حــدا‪ ،‬مبــا فيهــا دول‬ ‫تلــك القــوى‪.‬‬ ‫الحديــث هــذا يقودنــا إىل أمريــكا‪ .‬أمريــكا ظـ ّـل اللــه عــى‬ ‫الكوكــب اآلن‪ .‬مل تتمتــع دولــة بتاريــخ البرشيــة‪ ،‬بهــذه‬ ‫الســطوة والهيمنــة كــا تتمتــع بهــا أمريــكا اآلن‪ .‬أمريــكا‬ ‫التــي تخلــق املتحاربــن وتزودهــم بالســاح‪ .‬أمريــكا تخلــق‬ ‫الجبهــات األيديولوجيــة اآلن‪ ،‬ومتــول مراكــز بحــوث كل‬ ‫جبهــة عــى حــدا‪ .‬نحــن اآلن أمــام كوكــب هــو مــرح‬ ‫عرائــس‪ ،‬دمــى تحــرك خيوطهــا أمريــكا‪ .‬أمريــكا ليســت‬ ‫تلــك الدولــة القوميــة القابعــة يف الطــرف اآلخــر مــن‬ ‫العــامل‪ .‬أمريــكا هــي الكتلــة العضويــة األكــر ســيطرة يف‬ ‫الرأســال العاملــي ولــه‪ .‬أمريــكا التــي كانــت طرفـاً جوانيـاً‬ ‫يف كل دولنــا‪ ،‬بغفلــة م ّنــا أم بغبــاء‪ .‬أمريــكا التــي نتحــدث‬ ‫عنهــا ليســت اوبامــا بوصفــه رئيــس دولــة قوميــة‪ .‬أوبامــا‬ ‫اآلن وأي رئيــس أمريــي قــادم‪ ،‬هــو رئيــس لهــذا العــامل‪.‬‬ ‫الرئيــس األمريــي هــو بالــرورة‪ ،‬ممثــل الكتلــة األكــر‬ ‫مــن الرأســال العاملــي‪ .‬الكتلــة التــي تســتويل عــى ســوق‬ ‫الســاح حك ـاً‪ ،‬وعــى ســوق النفــط أيض ـاً‪ ،‬لكــن مــا هــو‬ ‫بيــد أمريــكا بوصفهــا دولــة قوميــة هــو قيــادة املعلوماتيــة‪.‬‬

‫النــت بيدهــا‪ .‬مــن بيــده قيــادة النــت هــو مــن يحــرك‬ ‫املعلومــات‪ ،‬ويســتفيد منهــا يف هــذا العــامل‪ .‬مــن يقطــع‬ ‫النــت اآلن عــن أي دولــة‪ ،‬كمــن يقطــع املــاء عنهــا‪ .‬أمريــكا‬ ‫هــي مــن قامــت بالثــورة املعلوماتيــة‪ .‬صــارت حتــى‬ ‫قيــادة العــامل مؤمتتــة‪ .‬العمــل املنتــج اآلن والحقيقــي‪ ،‬هــو‬ ‫الشــغل عــى أمركــة العــامل‪ .‬مــاذا تعنــي أمريــكا بالنســبة‬ ‫للبرشيــة اآلن؟ الحديــث عــن نظــام دويل وثنائيــات‬ ‫القطــب أو ثالثياتــه أو رباعياتــه أو خامســياته‪ ،‬هــو‬ ‫رضب مــن التزييــف‪ ،‬بــل هــو جــزء مــن األمركــة ذاتهــا‪.‬‬ ‫عندمــا حــاول املفكــر العــريب الســوري مطــاع الصفــدي‪ ،‬يف‬ ‫نهايــة ســبعينيات ومثانينيــات القــرن العرشيــن الحديــث‬ ‫عـ ّـا أســاه أمركــة العــامل‪ ،‬كان يســاريو األســد والجرميــة‬ ‫يتحدثــون عــن ســفيتتة العــامل!! اآلن يتحدثــون عــن بوتنــة‬ ‫العــامل‪ ،‬أو خمئنتــه‪ .‬نفــس الرتســيمة الطائفيــة املغلقــة عــى‬ ‫الخيــار األســدي!! رب رزقهــم وخوفهــم املصنــع‪ .‬هــؤالء‬ ‫أنفســهم بــرروا دفــن حــاة يف تلــك األثنــاء‪ ،‬واآلن يــررون‬ ‫دفــن ســورية كلهــا‪ ،‬مــا عــدا القرداحــة‪ .‬أمركــة العــامل‬ ‫فضــاء ال يحتــاج لكثــر عنــاء لالكتشــاف‪ ،‬إننــا نــدور بفلكــه‬ ‫كقطــع ســاح أو كقطــع منتجــة أليديولوجيــا متهافتــة‪ .‬ال‬ ‫بندقيــة موجــودة يف هــذا العــامل اآلن ليســت مدرجــة عــى‬ ‫االنرتنــت!! ال توجــد جرميــة ترتكــب بهــذا الســاح ال يعرفها‬ ‫مصنعــوه وأربــاب أســواق الســاح البيضــاء منهــا والســوداء‬ ‫بالعــامل املؤمــرك‪ .‬هوليــوود زعيمــة الثقافــة العامليــة‪ ،‬عــدد‬ ‫األفــام ال تحــى التــي تتحــدث عــن بطــوالت الــي أي‬ ‫ايــه واالف يب اي يف كشــف صفقــات الســاح يف الســوق‬ ‫الســوداء!! هــذا يعنــي أن ســوق الســاح األســود تحــت‬ ‫الرقابــة‪ .‬وإن كانــت الرســالة أن الجرائــم تحــدث نتيجــة‬ ‫لوجــود مثــل هــذه الســوق الســوداء للســاح‪ .‬تداخــل‬ ‫الســيايس باملخابــرايت لــدول كثــرة ال تحــى يف ســورية‪،‬‬

‫جعــل لــكل بندقيــة سياســة خلفهــا‪ .‬هــذه بداهــة لكــن‬ ‫مــا ليــس بداهــة‪ ،‬أن تكــون هنالــك بنــادق تُــوزع تواطــأ‬ ‫عــى الطرفــن!! هــذا مــن جهــة ومــن جهــة أخــرى‪،‬‬ ‫أمريــكا عندمــا قــررت فتــح الـراع عــى مرصاعيــه‪ ،‬كانــت‬ ‫تحتــاج لعــدة أط ـراف تحمــل البنــادق‪ .‬يك يبقــى رصاع ـاً‬ ‫وتبقــى تديــره‪ .‬نعــم كل بندقيــة خلفهــا سياســة‪ ،‬وقاعــدة‬ ‫اســتخباراتية‪ ،‬وأهــداف سياســية وغــر سياســية‪ .‬لكــن‬ ‫باملقابــل ال ميكــن مقارنــة ســاح األســدية بــأي ســاح آخــر‪.‬‬ ‫ســاح األســدية ســاح معــروف ومعــرف دوليـاً‪ .‬املقتولــون‬ ‫بهــذا الســاح األســدي يحاولــون أن يجــدوا لهــم تعريف ـاً‪.‬‬ ‫هــم مقتولــون وفقــط‪ .‬ألن أي تعريــف آخــر‪ ،‬يجعلهــم‬ ‫يف حــرج أحيان ـاً‪ .‬ليــس كل مــرة يشــعرون بالحــرج طبع ـاً‪.‬‬ ‫يف راونــدا وبورنــدي مليــون قتيــل مل يشــعروا بالحــرج‪.‬‬ ‫لكــن ســوق الســاح كانــت عامــرة‪ ،‬والبلجيكيــون األب‬ ‫الروحــي لهــذا اإلقليــم املجــزرة‪ ،‬ال يريــدون إيقــاف الــدم‪.‬‬ ‫بــأي ســاح قُتــل الروانديــون؟ هــم ليســوا إســاميني!!‬ ‫الســاح الوافــر يعلــم أصحــاب األجنــدات واألمــوال نهــب‬ ‫الــدم‪ .‬أليــس األســد مــن اســتخدم ويســتخدم كل أســلحته‬ ‫املعروفــة‪ ،‬املحــرم منهــا‪ ،‬وغــر املحــرم يف قتــل الســوريني؟‬ ‫ســاح اإلســاميني مــن أيــن أىت؟ ومــن أيــن يــأيت؟ رمبــا‬ ‫اآليــة القرآنيــة كــذا أو كــذا‪ ،‬هــي أنزلــت لهــم الســاح مــن‬ ‫املريــخ وهــو مغطــى بطاقيــة اإلخفــاء!! أو رمبــا فتــوى‬ ‫مــن القرضــاوي فتــح لهــم معمــل ســاح عــى حســابه؟ أو‬ ‫املحيســني بنــى مصنــع ســاح تحــت األرض‪ ،‬مــن ثــروة أبيه‬ ‫وزود بــه جبهــة النــرة‪ .‬رمبــا أبــو بكــر البغــدادي ناجــى‬ ‫ربــه‪ ،‬وقــام الليــل فصــارت الــدوالرات والســاح تهطــل‬ ‫عــى داعــش مثــل املطــر!! ال الــدول اإلقليميــة لهــا عالقــة‪،‬‬ ‫وال غريهــا مــن الــدول‪(( .‬هيــك كل واحــد طــول ذقنــه‪،‬‬ ‫يقــرأ آيــة مــن التــي يدعــو العلمنجيــن لنســفها‪ ،‬بتنــزل‬

‫لــه مخــزن أســلحة غــر مســجلة يف املصانــع والرضائــب‬ ‫والتحويــات املاليــة))‪.‬‬ ‫درعــا خــر مثــال عــى مــا أقولــه‪ .‬الســاح أي ســاح يف‬ ‫هــذا العــامل‪ ،‬منظــم ومــدروس ومعــروف هويتــه‪ .‬يبقــى‬ ‫أن نعــرف كيــف يتــم التعامــل معــه‪ .‬يف درعــا منــذ بدايــة‬ ‫الثــورة‪ ،‬ونحــن نــرخ أن أمريــكا متدخلــة يف كل شــاردة‬ ‫وواردة يف ســورية‪ ،‬بــدءا ً مــن حاميــة جرائــم األســد‪ ،‬والنجاة‬ ‫مــن العقــاب‪ ،‬وانتهــاء مبتابعــة وتغطيــة أي فصيــل مســلح‬ ‫صغــر أم كــر‪ .‬تتابــع كل قطعــة ســاح تدخــل لســورية‪.‬‬ ‫هــذا مــا أثبتتــه األيــام‪ ،‬يف درعــا اآلن‪ ،‬الت ـزام شــبه كامــل‬ ‫بالهدنــة منــذ لحظــة إعالنهــا‪ .‬يتضــح أن املوضــوع ال عالقــة‬ ‫لــه بالقــرآن وال بالحديــث‪ .‬ال عالقــة لــه مبــن يعتــرون‬ ‫أنفســهم أنهــم اكتشــفوا اكتشــافاً حينــا يتحدثــون عــن أن‬ ‫الســبب هــو ثقافــة عمرهــا ‪ 1400‬عــام‪ .‬قصدهــم اإلســام‪.‬‬ ‫تبــن أن أمريــكا تضبــط كل الرايــات بــدءا ً مــن صــورة‬ ‫األســد مــرورا ً بعلــم ســورية األســد وعلــم ســورية الثــورة‬ ‫وانتهــاء بالرايــات الســود والبيــض والصفــراء والحمــراء‪..‬‬ ‫أهــم يش الحم ـراء تبع ـاً للوشــاح األحمــر‪ ..‬وتجعلهــا كلهــا‬ ‫خفاقــة يف أجــواء ســورية كحالــة حركــة الطـران‪ .‬أي ديــن‬ ‫أو أيديولوجيــا يحتــاج إىل إصالحــات بنيويــة دومـاً إذا أراد‬ ‫مواكبــة روح العــر‪ ،‬مبــا فيهــا اإلســام‪ .‬لكــن ليــس هنــا‬ ‫املشــكلة‪ .‬املشــكلة التــي ال يفهمهــا هــؤالء هــو وجــود‬ ‫إرادة ســلطة أوالً وأخ ـرا ً‪ .‬مــن هــي الســلطة التــي لديهــا‬ ‫مثــل هــذه اإلرادة؟ مــا هــو مــروع األســد يف ســورية غــر‬ ‫النهــب والقتــل؟ مــا هــو مــروع ســلطة النظــام الــدويل‬ ‫مــن أجــل املنطقــة وشــعوبها؟ توريــد الســاح واســترياد‬ ‫الــروة‪.‬‬ ‫الســاح لخدمــة مصنعــه ومشــريه‪ ..‬وهــو أقــوى مــن أي‬ ‫لبــوس أيديولوجــي‪.‬‬

‫لماذا خسرنا‪..‬؟! (‪)١‬‬

‫(ما بني أدمغة مهاجرة وأخرى مغسولة‪ ...‬تاه وطن)‬ ‫ميسون نعسان آغا‬ ‫سوريا البه ّية رزحت‬ ‫تحت ثقافة بائسة وممنهجة‬ ‫لعقود طويلة‪ ،‬تمثلت في فرض‬ ‫فكر معين واستبداد ّ‬ ‫ظل‬ ‫يهيمن فيها على عقلية الفرد‬ ‫من طفولته إلى كل مراحل‬ ‫حياته لتنتج نسخًا مكررة ال‬ ‫تفقه من التعامل إال سياسة‬ ‫الخنوع‪ ،‬وال تستعمل األيدي‬ ‫إال للتصفيق أو اللكم أو كتابة‬ ‫التقارير المسمومة‪ .‬بينما‬ ‫كانت النخب الطيبة التي ال‬ ‫تتقن زرع المولوتوف تمثل‬ ‫أمام خيارين ال ثالث لهما‪:‬‬ ‫إما الخضوع أو أن تطمس‬ ‫هويتها ويفرض عليها إقامات‬ ‫جبرية‪ ،‬أو أن مصيرها غياهب‬ ‫السجون‪.‬‬ ‫هكــذا نزفــت البلــد أدمغتهــا ببــطء‪ ،‬حتــى‬ ‫خلــت مــن صــوت حــق لســنني طويلــة عفنــة‪،‬‬ ‫وحــن صــدح صــوت أول طفــل يف درعــا‬ ‫منــذ قرابــة ســت ســنوات تســارعت وتــرة‬

‫محيطــه‪!!..‬‬ ‫أليــس هــو ذلــك النــوع مــن الــذكاء الــذي‬ ‫يســهم بنســبة أكــر مــن ‪ ٪٨٠‬يف تحديــد‬ ‫احتــال النجــاح أو الفشــل يف الحيــاة‪ ،‬وأي‬ ‫حيــاة انتظرتنــا‪ ،‬يف ظــل تلــك األميــة العاطفيــة‬ ‫التــي طبعــت فكــر األفــراد كــا يريــد لهــا‬ ‫النظــام املســتبد‪.‬‬

‫ضيــاع الكفــاءات‪ ،‬وفقــدان العقــول‪ ..‬مــا بــن‬ ‫غياهــب مــوت بــن الــركام أو مــوت عــى‬ ‫أجنحــة هجــر ٍة‪ ،‬إتـ ُ‬ ‫ـاف جــواز الســفر فيهــا هــو‬ ‫شـ ٌ‬ ‫ـيك عــى بيــاض لتبضــع أيــة جنســية أخــرى‬ ‫حيــث تعيــش الجــذور مقصوفــة كَـ َز ْر ٍع انتــزع‬ ‫مــن تربتــه ليعيــش أو ليذبــل يف تربــة أخــرى‪،‬‬ ‫حســب رضبــات الحــظ‪.‬‬ ‫إذا ً‪ ..‬إمــا مهاجــ ٌر أنــت وتبحــث عــن عريــن‬ ‫كائــن‬ ‫لطاقاتــك التــي كانــت مدفونــة‪ ..‬أو‬ ‫ٌ‬

‫مبتــل بالغبــاء العاطفــي منــذ طفولتــه‪،‬‬ ‫ومكتــوب عليــه أن يتنفــس فقــط‪ ،‬وبالــكاد‬ ‫تحــت قانــون غســيل األدمغــة مــع التقنــن‬ ‫املــدروس‪.‬‬ ‫ملاذا‪ ،‬وكيف خرسنا ذلك الذكاء العاطفي؟!!‬ ‫أليــس هــو مجموعــة التفاعــات التــي‬ ‫يعايشــها الطفــل يف ســنواته األوىل‪ ،‬والتــي‬ ‫تؤصــل لديــه باقــة دروس عاطفيــة ترافقــه‬ ‫مــدى الحيــاة كمرجعيــة قويــة للتعامــل مــع‬

‫ذلــك الــذكاء املســلوب‪ ..‬ع ّرف ـ ُه أرســطو بأنــه‬ ‫تلــك املهــارة الفريــدة التــي تتميــز مبعرفــة‬ ‫كيــف نغضــب مــن الشــخص املناســب‪ ،‬بالقدر‬ ‫املناســب‪ ،‬يف الوقــت املناســب‪ ،‬وللهــدف‬ ‫املناســب‪ ،‬ولألســف كل هــذا املناســب كان‬ ‫ـات مرسوقــة إلنســان ُسـ ِ‬ ‫يحتــاج إىل صالحيـ ٍ‬ ‫ـح َق‬ ‫يف مجتمــع محكــوم بحــذاء رديء الصنــع‪...‬‬ ‫كل صبــاح‪ ،‬كان أطفــال املــدارس ملزمــن‬ ‫برتديــد شــعارات بلهــاء ومكرهــن عــى مراســم‬ ‫إمــا أن يتبعوهــا أو أن يصنفــوا أصفــارا ً عــى‬ ‫هامــش حيــاة الطالئــع والشــبيبة واتحــاد‬ ‫الطلبــة‪!!..‬‬ ‫وال يخفــى عــى أحــد أن هــذه املراحــل‬ ‫العمريــة هــي القوالــب الحاســمة إلرســاء‬ ‫الشــخصيات التــي مــن املفــروض أن تتبلــور‬ ‫فيــا بعــد‪ ...‬إىل دعائــم أمــة‪ ..‬ولكــن لألســف‪..‬‬ ‫تــم الغســيل مبهــارة فائقــة وبعــده التنشــيف‬ ‫والكــوي‪ ،‬وجــاري الرمــي يف قاممــة الحــرب‪...‬‬

‫أو دهاليــز اللجــوء‪..‬‬ ‫حــن أتســاءل ‪ ..‬ملــاذا خرسنــا؟!‪ ..‬تقفــز أمامــي‬ ‫فكــرة امتالئنــا األخالقــي الســابق ببعثيــ ٍة‬ ‫ماركســية زائفــة بغيضــة شــحنت عقــل‬ ‫املواطــن‪ ..‬بوحــدة مزيفــة‪ ..‬وحرية ممســوخة‪..‬‬ ‫ومســحته بزيــت االشـراكية الفارغــة‪ ..‬لتصطاد‬ ‫هررنــا الجميلــة الخرســاء التــي كانــت متــوء‬ ‫رسا ً‪ ..‬وتســتعيض عــن القفــز البهيــج بالزحــف‬ ‫تحــت عبــاءة املســاملني ذوي املثــل العليــا‬ ‫وممتهنــي الســكوت القــري عــن الظلــم‪..‬‬ ‫ملــاذا خرسنــا‪...‬؟!! نحــن مل نبحــث عــن‬ ‫اسـراتيجية بعيــدة األفــق‪ ..‬ومل نغســل أيادينــا‬ ‫قبــل أن نتحــد‪ ..‬بــل ركضنــا وراء أهــداف‬ ‫ظرفيــة رهينــة الســاعة وانشــغلنا بإشــكاالت‬ ‫آنيــة‪ ..‬رســمها لنــا ذلــك الفرعــون وطبقناهــا‬ ‫كــا أراد‪ ...‬ثــم خرسنــا‪ ..‬ليــوىف كل طــرف مــا‬ ‫كســب‪ ...‬تحــت لعنــة الغبــاء العاطفــي التــي‬ ‫تدثرنــا‪ ..‬والتــي مل يشــفع لنــا عندهــا إرثنــا‬ ‫الجينــي وال الحضــاري وال حتــى ولعنــا بجلــد‬ ‫الــذات يف كل مســاء‪...‬‬ ‫سؤال برسم اخليبة‪،...‬‬ ‫أمعنيون نحن باآلية الكرمية ؟؟‬ ‫َ‬ ‫ـن‬ ‫ـن أ ْعـ َـا ًل* ال َِّذيـ َ‬ ‫(قُـ ْـل َهـ ْـل نُ َنبِّئُ ُكــم ب ِْالَخ َْسِيـ َ‬ ‫ضَ ـ َّـل َسـ ْعيُ ُه ْم ِف الْ َحيَــا ِة ال ُّدنْيَــا َو ُهـ ْم يَ ْح َسـبُو َن‬ ‫أَنَّ ُهـ ْم يُ ْح ِسـ ُنو َن ُص ْن ًعــا*)‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الرقــة أنشــودة للمول ّيــا والعتابــا‪..‬‬ ‫وليست أنشودة لصليل الصوارم وطالئع البعث‬

‫‪7‬‬

‫قوس قزح‬ ‫أحالم محطمة‬

‫صالح الحاج صالح‬ ‫(‪)1‬‬ ‫نقــرأ يوميــاً يف وســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫ومقــاالت يف الصحــف‪ ،‬آراء قاطعــة الحكــم (إذا مــو‬ ‫عاجبتهــن العيشــة يف أوروبــا‪ ،‬ويســبحوا‪ ،‬يروحــوا ع‬ ‫الرقــة‪ ..‬إذا مــا بدهــن يصافحــوا باليــد وخايفــات عــى‬ ‫دينهــن‪ ،‬ينقلعــوا إىل الرقــة‪ ..‬إذا مــرة عــى ارتــداء‬ ‫النقــاب‪ ،‬فاألفضــل لهــا تــروح عــى الرقــة‪ ،‬وتصــر‬ ‫مــن حريــم أبــو بكــر البغــدادي) حتــى مــن رفضــت‬ ‫الســباحة واملصافحــة باليــد وباقيــة عــى ارتــداء‬ ‫الحجــاب والنقــاب‪ ،‬مــن جــزر واق الــواق‪ ،‬ومل تســمع‬ ‫بالرقــة يف حياتهــا؛ فيجــب إحالتهــا إليهــا! حيــث أصبــح‬ ‫مــا تقولــه وتقــره امليديــا عــن الرقــة‪ ،‬حقيقي ـاً‪ ،‬وعــادالً‬ ‫مــن وجهــة نظــر القائــل‪ ،‬مك ّرسـاً أهــل الرقــة كصنــف‬ ‫لعــن‪ ،‬أرشار بطبعهــم‪ ،‬ورشوط حياتهــا رم ـزا ً للتخلــف‬ ‫وبيئــة حاضنــة لإلرهــاب‪ .‬قبــل ذلــك مل تكــن الرقــة‬ ‫غــر مدينــة متوســطة الحجــم ذات شــكل ومضمــون‬ ‫نــأي عــن ديــنِ‬ ‫ريفــي بســيط‪ ،‬ال تديّــ ٌن شــاط‪ ،‬وال ٌ‬ ‫يشــكل جوهــر قيــم وســلوك أهلهــا‪ .‬غالبيــة أبــواب‬ ‫بيوتهــا مفتوحــة عــى مرصاعيهــا نهــارا ً‪ ،‬وكلمــة واحــدة‬ ‫تقــال ملــن يقرعهــا «أهلــن‪ ،‬فــوت‪ »..‬قبــل أن يُعــرف‬ ‫مــن هــو‪ ،‬ومل تــدرج عــى لســان أهلهــا عنــد اســتقبال‬ ‫ضيــف –قريــب أو بعيــد‪ -‬جملــة «خــذوا طريــق يــا‬ ‫حريــم»‪ .‬وقبــل تحويــل نســاء الرقــة إىل «حريــم‬ ‫وجواهــر مكنونــة» مل يعرفـ ّن ماليــة اللــف وال النقــاب‬ ‫والــدرع وال الباجايــة‪ ،‬بــل الهربيّــة والشــال امللــون‬ ‫والغبانيــة يتــدىل مــن تحتهــا شــعر مضفــور عــى‬ ‫شــكل جدائــل‪ ،‬واألقــل ســناً حــارسات الــرأس أو يضعــن‬ ‫اشــارب‪ ،‬ينزلــق ويــرد‪ ،‬دون شــعور بارتــكاب إثــم إن‬ ‫«قرعتهــا» انكشــفت‪ .‬أثنــاء الخــروج مــن البيــت ألي‬ ‫ســبب تلقــي عبــاءة عــى الكتــف‪ ،‬فــوق ثــوب كودلــي‬ ‫صيفــاً‪ ،‬ومخمــل شــتا ًء أو فــوق بنطلــون أو تنــورة يف‬ ‫حــال الذهــاب للوظيفــة‪ ...‬يف العصــاري يلتــم جمــع‬ ‫نســوان كل حــارة –هــذه التســمية هــي الوحيــدة‬ ‫املتداولــة‪ ،‬ال حريــم وال ســيدات‪ -‬حــول إبريــق شــاي‬ ‫أو ركــوة قهــوة وحفنــة بــزر عبــاد الشــمس‪ ،‬عــى‬ ‫رصيــف الشــارع يف ظــل إحــدى الــدور‪ ،‬مــدار حديثهــن‬ ‫عــن املونــة والراتــب ودراســة األوالد‪ ،‬يتخللــه منيمــة‬ ‫اض مــن قبــل العازبــات‬ ‫ومباهــاة ومجاكــرة‪ ،‬واســتعر ٌ‬ ‫عـ ّـل محبــوب ميــر لنظــرة خاطفــة‪ ،‬أو عــن شــاب تقــع‬ ‫عــى َمــ ْن هــي خاليــة الوفــاض‪ ،‬واملــار أمــام جمــع‬ ‫النســاء عــى الرصيــف وقبــل وصولــه ملحاذاتهــن‪،‬‬ ‫يتــم التحزيــر‪ ،‬أليــس هــذا زوج فالنــة أو ابــن فالنــة‪،‬‬ ‫وأحيانــاً تقــف إحــدى النســوة تقطــع طريــق املــار‪،‬‬ ‫عندمــا تتعــرف عليــه كقريــب أو جــار ســابق‪ ،‬ســواء‬ ‫كان شــاباً أو كبــر الســن‪ ،‬تقبلــه علنــاً‪ ،‬وتعــزم عليــه‬ ‫ليــرب شــاياً أو فنجــان قهــوة‪ ،‬مــع ســيل مــن األســئلة‬ ‫عــن األحــوال‪ ،‬وعتــب عــى الغيبــة‪.‬‬ ‫طمــس هــذه الصــورة‪ ،‬يف الجانــب النســوي‬ ‫الــذي عملــت عليــه داعــش ملحــوه‪ ،‬وهــو مــن أبــرز‬ ‫ظهوراتهــا البرصيــة‪ ،‬تلقفتــه وســائل إعــام النظــام‬ ‫واملامنعــة ‪-‬خاصــة اللبنــاين‪ -‬ليــس لنقــص يف املعلومات‪،‬‬ ‫بــل ألبلســة املــكان وســكانه‪ ،‬وتحويلــه ألرض ســدوم‬

‫بانتظــار العقــاب اإللهــي‪ ،‬ليســهل تدمــره‪ ،‬ويــررون‬ ‫ذلــك‪ ،‬ملــاذا ال ينتفــض الســكان ضــد داعــش لــو مل‬ ‫يكونــوا منهــا ومثلهــا! وكأن مــن وقعــوا تحــت ســطوة‬ ‫داعــش مل يســتكينوا مثــل كل البــاد لحكــم آل األســد‬ ‫أزيــد مــن أربعــة عقــود‪ ،‬وعندمــا توفــرت ظــروف‬ ‫مناســبة أطاحــوا بــه «يف ليلــة مــا بيهــا قمــر» حســب‬ ‫مثــل محــي‪ .‬واألســوأ مــن ذلــك أن يستســهل مــن خرج‬ ‫الجئ ـاً‪ ،‬واختــر عســف داعــش إصــدار الحكــم ذاتــه‪،‬‬ ‫مكرســاً الصــورة النمطيــة ملســتضيفيه عــن مجتمــع‬ ‫خــرج منــه‪ ،‬ويقــول اقبلــوين أنــا قــادم مــن مجتمــع‬ ‫ُم َد ْعــ َو ْش قبــل داعــش؟‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يف منتصــف عقــد الثامنينيــات مــن القــرن املــايض‬ ‫تــم فــرض التعليــم املختلــط حتــى نهايــة املرحلــة‬ ‫الثانويــة يف مراكــز بعــض املحافظــات الســورية‪ ،‬منهــا‬ ‫الرقــة –أغلــب األريــاف الســورية مختلطــة بحكــم‬ ‫اإلمكانيــات– مل تظهــر اعرتاضــات تذكــر عــى هــذا‬ ‫القــرار‪ ،‬حــرد بعــض األهــايل مــن إرســال بناتهــم يف‬ ‫البدايــة‪ ،‬وتراجعــوا بعــد فــرة قصــرة‪ .‬الغايــة‪ ،‬أن‬ ‫النظــام بعــد انتصــاره الســاحق عــى املجتمــع الســوري‬ ‫يف بدايــة الثامنينيــات‪ ،‬أراد اســتكامل نزوعــه لفــرض‬ ‫رؤيــة أحاديــة عــى املجتمــع‪ .‬جــ ّرب نــزع الحجــاب‬ ‫بشــكل تعســفي‪ ،‬مــن قبــل مظليّــات رفعــت األســد‬ ‫يف دمشــق‪ ،‬لكــن ردة الفعــل غــر املتوقعــة مــن قبــل‬ ‫رشكائــه وحاضنتــه الســنية‪ ،‬تجــار دمشــق‪ ،‬جعلتــه‬ ‫يــرف النظــر عــن دمشــق‪ ،‬وأراد تجريــب إعــادة‬ ‫ترتيــب املجتمــع الــذي يريــد صوغــه‪ ،‬قافــزا ً عــى‬ ‫الديناميــة الذاتيــة للمجتمــع؛ فاختــار الرقــة ضمــن‬ ‫مــدن أخــرى‪ .‬فحســب تقديــرات النظــام‪ ،‬املدينــة‬ ‫مواليــة‪ ،‬بعثيــة الهــوى والهويــة‪ ،‬وال تخلــق لــه مشــاكل‪،‬‬ ‫وفع ـاً اســتكانت ملــا أراده‪ ،‬واســتمرت التجربــة ملــدة‬ ‫‪ 16‬عام ـاً لينهيهــا النظــام أيض ـاً بق ـرار‪ ،‬كــا بدأهــا‪ ،‬أي‬ ‫بعــد وصــول الوريــث «املنفتــح» خريــج الجامعــات‬ ‫الربيطانيــة بســنة‪ .‬يقــال بهــذا الخصــوص‪ ،‬وليــس‬ ‫مؤكــدا ً‪ ،‬أن وراء ق ـرار إلغــاء التعليــم املختلــط إرضــاء‬ ‫لألخــوات القبيســيات‪ ،‬اللــوايت يحرمــن عــى الفتــاة يف‬ ‫ســن املراهقــة التفكــر بالرجــل‪ ،‬ومنــع االختــاط بــه‪،‬‬ ‫ويجــب أن يقتــر تفكريهــن يف هــذه الســن أن يقعــن‬ ‫يف حــب اآلنســة «األخــت أو املربيــة» (تــم االع ـراف‬ ‫باألخــوات رســمياً والســاح مبزاولــة نشــاطهن علنــاً‬ ‫عــام‪ ..) 2006‬اآلن هــي املدينــة ذاتهــا التــي يــروج لهــا‬

‫النظــام وموالــوه أنهــا حاضنــة اإلرهــاب وأنهــا ترشبــت‬ ‫أيديولوجيــة داعــش حســب توصيــف رأس النظــام يف‬ ‫مقابلتــه األخــرة مــع تلفزيــون ‪ SBS‬االس ـرايل‪ ،‬عندمــا‬ ‫ُســئل عــن إمكانيــة اســتعادة الرقــة قريبــاً ألهميــة‬ ‫موقعهــا االسـراتيجي‪ ،‬قــال (‪ ..‬مــا يحــدث ليــس ســباقاً‪،‬‬ ‫والرقــة بأهميــة حلــب ودمشــق وأي مدينــة أخــرى‪،‬‬ ‫خطــر املجموعــات اإلرهابيــة ال يتمثــل يف األرض التــي‬ ‫يحتلونهــا‪ ،‬ألن هــذه ليســت حربــاً تقليديــة‪ ،‬األمــر‬ ‫يتعلــق مبــدى متكنهــم مــن زرع أيديولوجيتهــم يف‬ ‫عقــول ســكان املنطقــة التــي يتواجــدون فيهــا‪ ..‬الرتبيــة‬ ‫العقائديــة هــي أكــر خطــورة‪ ،‬وهكــذا فــإن الوصــول‬ ‫إىل الرقــة ليــس صعبـاً جــدا ً مــن الناحيــة العســكرية‪)...‬‬ ‫الصعوبــة ليســت بداعــش كــا يقــول بشــار‪ ،‬وهــو‬ ‫محــق يف هــذا‪ ،‬فإمكانيــة االســتالم والتســليم –كــا‬ ‫جــرى يف تدمــر– وتبــادل املصلحــة واملنافــع قامئــة‬ ‫بــن النظــام وداعــش مــن أيــام كان اســمها «الدولــة‬ ‫اإلســامية يف العــراق»‪ ،‬الصعوبــة التــي يراهــا رأس‬ ‫النظــام‪ ،‬بجيــل األطفــال والشــباب الــذي خــرج عــى‬ ‫ســلطة آل األســد‪ ،‬والــذي قــال عنــه يف خطابــه عــى‬ ‫مــدرج جامعــة دمشــق بتاريــخ ‪( 2011/6/20‬اليــوم‬ ‫لدينــا جيــل مــن األطفــال تــرىب بهــذه األحــداث أو‬ ‫تعلــم الفــوىض بعــدم احـرام املؤسســات‪ ..‬عــدم احرتام‬ ‫القانــون‪ ..‬كــره الدولــة‪ )..‬هــذا الــذي يخيــف رأس‬ ‫النظــام موجــود قبــل ظهــور داعــش بســنة ونصــف‬ ‫وقبــل «زرع أيديولوجيتهــا يف العقــول»‪ .‬العقــول التــي‬ ‫مل يثمــر بهــا زرع آل األســد وأيديولوجيــة البعــث‬ ‫ـر حافــظ األســد أمــام مؤمتــر‬ ‫خــال عقــود‪ ،‬عندمــا بـ ّ‬ ‫الشــبيبة ‪-‬مؤمتــر التهدئــة بعــد نــزع الحجــاب– عــام‬ ‫‪ ..( 1981‬لــي تكــون جهودنــا كلهــا باتجــاه املســتقبل‪،‬‬ ‫يجــب أن نركــز عــى بنــاء هــذا الجيــل مــن الشــباب‪،‬‬ ‫ومــن الشــابات خاصــة‪ .‬ونحصنهــم بأيديولوجيــة ال‬ ‫تلتفــت إىل الــوراء)‪.‬‬ ‫الــذي مل يدركــه رأس النظــام يف عرضــه هــذا‪،‬‬ ‫وهــو غــر املنفصــل عــن الواقــع كــا يقــول‪ ،‬أن فــرض‬ ‫األيديولوجيــات والقــرارات املتعســفة ال ميكــن أن‬ ‫يتقبلهــا أي مجتمــع‪ ،‬وإن اســتكان لهــا فــرة‪ ..‬بهــذا‬ ‫الخصــوص‪ ،‬ال بــد أن يذكــر هــو‪ ،‬واملروجــون للحاضنــة‬ ‫الشــعبية لداعــش‪ ،‬املتهمــة بهــا مدينــة الرقــة وغريهــا‪،‬‬ ‫كيــف متــت إزالــة األيديولوجيــة البعثيــة والعقيــدة‬ ‫التــي زرعتهــا عائلــة األســد‪ ،‬وكيــف انتهــت قداســة‬ ‫حافــظ األســد خــال لحظــة واحــدة عــى يــد الجيــل‬ ‫ذاتــه الــذي تــرىب يف معســكرات طالئــع البعــث‪،‬‬ ‫واتحــاد شــبيبة الثــورة‪ ،‬وببــول رجــل ســبعيني‪ ،‬علن ـاً‬ ‫وأمــام الكامــرات عــى متثالــه‪ .‬الجيــل الــذي كان‬ ‫يهتــف لألبــد‪ ،‬وبالــروح بالــدم‪ ،‬حطّــم دون روافــع‬ ‫أمريكيــة ودون علمهــا أيقونــات العائلــة األســدية‪ .‬ال‬ ‫خــوف مــن أيديولوجيــة داعــش عــى ســكان الرقــة وال‬ ‫غريهــا؛ فهــي باألصــل خرافــة‪ ،‬كحكايــا الجــدات عــن‬ ‫الجن ّيــات والســعالو‪ ..‬ومول ّيــا واحــدة يف عــرس واحــد‬ ‫ســتطيح باللبــاس األفغــاين ولحيــة مرتديهــا‪ ،‬وتطيــح‬ ‫بالــدرع والنقــاب‪ ..‬الخــوف القائــم مــن ســكاكني‬ ‫داعــش‪ ،‬وبراميــل النظــام التــي أحالــت نصــف ســوريا‬ ‫إىل ركام‪.‬‬

‫محمد صبحي‬ ‫مخــر عبــاب البحــر باحثـاً عــن صيــده‪ ،‬لكــن شــيئاً مــا حــدث‪ ،‬وكاد‬ ‫أن يجعــل منــه ضحيــة ملغامــرة صيــد حاولــت اســتدراج قاربــه إىل‬ ‫العمــق البعيــد‪ ،‬وعندمــا قــرر الشــيخ التمســك بصيــده‪ ،‬الــذي انتظــره‬ ‫طويـاً‪ ،‬مغالبـاً اليــأس وبعــد إرصاره عــى اســتخراج ســمكة اصطادهــا‬ ‫يُفاجــأ بأنهــا مجــرد هيــكل عظمــي‪ ،‬وأن الجــزء املفيــد مــن الســمكة‬ ‫صــار طعامـاً للقــرش والحيتــان وأســاك أخــرى‪.‬‬ ‫كــم يتشــابه مــا جــرى للســوريني مــن ق ـرار إرصارهــم عــى هدفهــم‬ ‫الــذي ج ّرهــم إىل عمــق املحيــط‪ ،‬وكــم كلفتهــم محاولــة الخــروج بحلــم‬ ‫الحريــة‪ ،‬والعــودة بالســوريني إىل شــاطئ األمــان‪ ،‬ثــم صدمتهــم بأنــه ال‬ ‫نفــع يرتجــى مــا بقــي مــن هــذا الحلــم‪.‬‬ ‫لســت يف هــذا املوضــع‪ ،‬ومــن خــال الحديــث عــن روايــة «الشــيخ‬ ‫والبحــر» بصــدد إســقاط أحــداث الروايــة عــى واقــع ســوري أصبــح‬ ‫معروف ـاً ومعيش ـاً‪ ،‬وإمنــا هــي محاولــة االســتفادة مــن قصــة ال ـراع‪،‬‬ ‫وتداعيــات اليــأس واإلرادة يف الحالــة الســورية‪.‬‬ ‫إن اســتعراض مجريــات الــراع يف ســوريا مــن ســلمية الثــورة إىل‬ ‫عســكرتها إىل تطرفهــا‪ ،‬ومــن ثــم العــودة إىل التفــاوض بــن النظــام‬ ‫واملعارضــة مــن جديــد تنبــئ عــن أن الضلــوع يف عمليــة الـراع لجلب‬ ‫مــا تــم اصطيــاده إىل الشــاطئ واالنتفــاع بــه كانــت مجــرد مغامــرة‬ ‫تتمحــور حــول عمليــة الظفــر بالســلطة عــر إســقاط النظــام بوســائل‬ ‫وعمليــات غــر محســوبة النتائــج دون تحويــل القيــم يف املجتمــع نحــو‬ ‫وضــع بديــل حقيقــي فاعــل ومتــوازن‪.‬‬ ‫إن مجــرد هــدف إخــراج الســمكة إىل الشــاطئ كان عمــاً محفوفــاً‬ ‫بجملــة مــن املخاطــر‪ ،‬أولهــا تحويــل مســار القــارب‪ ،‬ومحاولــة جــره‬ ‫نحــو عمــق البحــر‪ ،‬وملــا كانــت إرادة الصيــاد قويــة‪ ،‬واعتمــدت‬ ‫اسـراتيجية الصــر‪ ،‬وعــدم التخــي عــن الخيــط الــذي يربطــه بالهــدف‪،‬‬ ‫وعــا اعتــره مكتســباً قــد ال يتــاح لــه يف وقــت آخــر فــإن ذلــك‬ ‫يذكرنــا بتمســك وعنــاد غــر محســوبني يف مجريــات الثــورة يف ســوريا‪،‬‬ ‫وخصوصــاً املســلحة منهــا‪.‬‬ ‫إن وجــود أســاك القــرش وحيتــان تحــت األمــواج املتالطمــة يف عــرض‬ ‫املحيــط‪ ،‬أفقــدت صاحــب القــارب صوابيــة التقديــر‪ ،‬وهــو منشــغل‬ ‫بجرهــا إىل الشــاطئ‪ ،‬فلــم يحتســب مــا قــد يخــره مــن جـراء متابعــة‬ ‫القــرش لرائحــة الــدم‪ ،‬ووصولــه إىل الجــزء املفيــد مــن الســمكة‪،‬‬ ‫ثــم تســتكمل األســاك الصغــرة تنظيــف الهيــكل فتلتهــم الســمكة‬ ‫بالكامــل‪.‬‬ ‫كــم كان مفاجئــاً ملــن عملــوا عــى إدارة الــراع بعنــر اإلرادة‬ ‫والتصميــم أن تخيــب آمالهــم دفعــة واحــدة عندمــا مل يجــدوا مــا‬ ‫ظهــر وتبــدى مــن هــدف الســوريني عــى الشــاطئ ســوى عظــام‬ ‫لســمكة كبــرة ال تغنــي وال تســمن مــن جــوع‪ ،‬ليجــدوا أنفســهم‬ ‫بعدهــا بحاجــة إىل اســتجامع قواهــم ليحلمــوا بالثــورة مــن جديــد‪.‬‬ ‫إن فكــرة كمــون الثــورة مــن جديــد ســتعيد الســوريني إىل القبــول بأيــة‬ ‫تســويات مــن شــأنها أن تحســن جزئيـاً واقعهــم املدمــر‪ ،‬لكنهــا فتحــت‬ ‫املجــال حتــا ملشــاركة أوســع مجتمعيــاً وإداريــاً واقتصاديــاً مــا‬ ‫قــد ينعكــس أيض ـاً بالــرورة تطوي ـرا ً للبنيــة السياســية والترشيعيــة‬ ‫للدولــة‪ ،‬وهــي الفرصــة الســانحة ليعيــد املجتمــع متوضعــه مــن خــال‬ ‫قــواه الحيــة والفاعلــة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫اخل��وف الدول��ي م��ن نظ��ام األس��د‬

‫مازن العليوي‬ ‫حــن هــدد رئيــس النظــام الســوري بشــار‬ ‫األســد بعــد انــدالع الثــورة يف أكــر مــن مناســبة‬ ‫بإحــراق املنطقــة ‪ -‬إن مل يســتمر يف الحكــم‬ ‫ مل يأخــذ املجتمــع الــدويل تهديداتــه عــى‬‫محمــل الجــد‪ ،‬ويعمــل عــى تفــادي التبعــات‬ ‫بالتخلــص منــه عــى الفــور‪ ،‬بــل حــدث العكــس‬ ‫عــر الرتاخــي بالتعامــل مــع تجــاوزات األســد‬ ‫العســكرية واإلنســانية والتدمرييــة‪ ،‬وظــل‬ ‫«الفيتــو» الــرويس يواجــه املحــاوالت الخجولــة‬ ‫إلصــدار قـرار أممــي يديــن النظــام الســوري يف‬ ‫مجلــس األمــن الــدويل‪.‬‬ ‫مــن تهديــدات األســد عــى ســبيل املثــال‬ ‫تحذيراتــه يف مقابلــة نرشتهــا صحيفــة «ذي‬ ‫صنــداي تلغــراف» الربيطانيــة أواخــر ترشيــن‬ ‫األول ‪ 2011‬مــن أن أي عمــل غــريب ضــد‬ ‫دمشــق ســيؤدي إىل زلــزال مــن شــأنه أن‬ ‫«يحــرق املنطقــة بأرسهــا»‪ ،‬ويومهــا هــدد‬ ‫أيض ـاً بـ»أفغانســتان أخــرى» أو الع ـرات مــن‬ ‫أفغانســتان يف ســوريا‪ ،‬لــو حــدث يشء لنظامــه‪.‬‬ ‫املتابــع لألحــداث وتطوراتهــا يســتطيع التحقــق‬

‫بســهولة مــن أن نظــام األســد هــو الفاعــل‬ ‫واملتســبب الرئيــس يف كل مــا يجــري اليــوم‬ ‫عــى األرايض الســورية‪ ،‬فهــو مــن خــرج مــن‬ ‫«الرقــة» وســلمها خــال ســاعات لتنظيــات‬ ‫متطرفــة‪ ،‬ســلمتها بدورهــا بعــد نهبهــا لتنظيــم‬ ‫«داعــش» الــذي جعلهــا عاصمــة لــه‪ .‬والنظــام‬ ‫الســوري هــو ذاتــه الــذي تواطــأ مــع «داعــش»‬ ‫يف تدمــر وديــر الــزور وحلــب وغريهــا يف لعبــة‬ ‫تبــادل أدوار ال تخفــى عــى أحــد‪ ،‬وعــى الرغــم‬ ‫مــن ذلــك مل يتحــرك املجتمــع الــدويل ممثــاً‬ ‫بالقــوى العظمــى وغــر العظمــى للتخلــص‬ ‫منــه قبــل أن تصبــح تهديداتــه واقع ـاً تجــاوز‬ ‫حــدود املنطقــة عــن طريــق «داعــش»‪.‬‬ ‫العنــف املتواصــل مــن قبــل النظــام الســوري‬ ‫ضــد شــعبه كان فرجــة للعــامل‪ ،‬ومثلــه عمليــات‬ ‫التعذيــب والقتــل وتهجــر والدمــار‪ ،‬وهــو‬ ‫اســتهدف كل يشء يف األرايض الســورية عــدا‬ ‫مواقــع تنظيــم «داعــش»‪ ،‬مــا يعنــي أن التوافق‬ ‫موجــود بــن الطرفــن‪ ،‬وأن «إرهــاب داعــش»‬ ‫الــدويل يف دول املنطقــة وأوروبــا وأمريــكا‬ ‫يحــدث مبباركــة النظــام الســوري‪ ،‬ورمبــا‬ ‫بتخطيــط منــه‪ ،‬لذلــك نســتطيع هنا أن نتســاءل‬ ‫إن كان الخــوف الــدويل مــن اســتمرار تنفيــذ‬ ‫تهديــدات األســد بإح ـراق املنطقــة واحتضانــه‬ ‫ملنابــع «اإلرهــاب»‪ ،‬وبالتــايل انتقــال الحرائــق‬ ‫إىل العــامل‪ ،‬أدى إىل الحديــث الــذي يــدور حاليـاً‬ ‫عــن إعــادة بعــض الــدول لعالقاتهــا مــع النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬واألكيــد أن ذلــك ســيكون أكــر خطــأ‬ ‫يُرتكــب‪ ،‬ألنــه اعـراف بصــواب مــا فعلــه األســد‬ ‫ضــد شــعبه طــوال ســنوات الحــرب‪ ،‬وألنــه‬ ‫أيضــاً إهــدار لحقــوق ماليــن البــر ممــن‬ ‫قتلــوا أو تــردوا أو صــاروا الجئــن يف مختلــف‬ ‫بقــاع األرض‪.‬‬

‫اإلره��اب ه��و م��ن حيم��ي أبي��ه ‪..‬؟!‬ ‫آخيل آخيل‬ ‫هــل الهــدف مواجهــة اإلرهــاب؟ أم‬ ‫اســتئصاله والقضــاء عليــه؟‬ ‫هــل املطلــوب أن يوجــد اإلرهــاب مــررا ً يك‬ ‫يبقــى مواجهــوه؟‬ ‫هــل فكــر واليــة الفقيــه الفــاريس علــاين‬ ‫دميقراطــي أم مذهبــي إقصــايئ؟‬ ‫هــل وجــود حــزب اللــه بأجندتــه الصفويــة‬ ‫ســاهم بالدميقراطيــة التــي افتخــر بهــا لبنــان‬ ‫أم هــو مــن يعرقلهــا ويعرقــل حتــى انتخــاب‬ ‫رئيــس لبنــاين للبنــان؟‬ ‫هــل هــو ملواجهــة اإلرهــاب أم نقطــة جــذب‬ ‫لتوالــده؟‬ ‫هــل دخــول إيـران عــى املــرح هــو ملواجهــة‬ ‫إرسائيــل وهــي مل تطلــق طلقــة واحــدة‬ ‫تجاههــا منــذ وصــل الخمينــي إىل الســلطة؟ أم‬ ‫شــعار املــوت إلرسائيــل هــو مــرر لوجودهــا يك‬ ‫تبقــى نقطــة جــذب لهــذا اإلرهــاب‪.‬؟ ويكــون‬ ‫اإلرهــاب هــو الولــد الــذي يحمــي ويــرر‬ ‫وجــود أبيــه؟‪..‬‬ ‫اإلرهــاب حتــى ينمــو يتطلــب وجــود قطبــن‬ ‫يتحــرك ويتوالــد بينهــا‪ ..‬وهــا نقطــة‬ ‫اســتقطاب تكــون محــور التجييــش والدافــع‬ ‫لتحريــك عواطــف الشــبان لالنخــراط وهــي‬ ‫وجــود الظلــم والفقــر والقهــر واإلقصاء‪(،‬النرصة‬ ‫ولــدت نهايــة عــام ‪ 2011‬وداعــش ولــدت يف‬ ‫أيــار ‪ 2013-‬ومل تكــن موجــودة خــال األشــهر‬ ‫األوىل؟)‪ ..‬ونقطــة انطــاق أو منبــع يكــون‬

‫حاضنــة ألســباب مختلفــة (فكريــة أو اقتصاديــة‬ ‫أو عصبيــة دينيــة أو نــوازع سياســية معينــة)‪..‬‬ ‫اإلرهــاب يتحــرك يف املســاحة بينهــا‪ ،‬وإذا‬ ‫مــا متــت مواجهــة اإلرهــاب خــارج هاتــن‬ ‫النقطتــن فــإن مواجهتــه يف هــذه الحالــة‬ ‫تصــب يف مصلحتــه ألن املواجهــة ســتضاف إىل‬ ‫نقطــة االســتقطاب وتعطيــه قــوة تقــوي حجــة‬ ‫املنبــع أيضـاً‪ ،‬وتدفعــه لزيــادة توالــد اإلرهــاب‪،‬‬ ‫لذلــك تصبــح املعالجــة الخاطئــة جــزءا ً مــن‬ ‫املشــكلة هنــا طبع ـاً إذا مل تكــن الغايــة أص ـاً‬ ‫مــن هــذا األســلوب زيــادة اإلرهــاب‪ ..‬ال ميكــن‬ ‫مواجهــة اإلرهــاب إال بالقضــاء عــى نقطــة‬ ‫االســتقطاب الســبب (الظلــم والقهــر واإلقصــاء)‬ ‫أوالً بالتــوازي مــع تجفيــف املنبــع‪ ..‬وهنــا يفقد‬ ‫اإلرهــاب دافعــه‪ ،‬ويــرب يف الهــواء‪ ،‬ويتحــول‬ ‫إىل مواجهــة ذاتــه‪ ،‬وبالتــايل يتــم القضــاء‬ ‫عليــه‪ ..‬فــا ميكــن القضــاء عــى اإلرهــاب‬ ‫بوجــود نقطــة اســتقطاب أبــدا ً‪ ...‬أي بوجــود‬ ‫الظلــم والقهــر واإلقصــاء‪ ..‬فــا ميكــن القضــاء‬ ‫عــى ردة الفعــل العشــوائية (اإلرهــاب) قبــل‬ ‫القضــاء عــى الفعــل املسـ ّبب لــه أو عــى األقــل‬ ‫بالتــوازي وإال العــاج العكــي ســيفرس لصالــح‬ ‫ســبب اإلرهــاب املســتقطب وحليفـاً للمسـبّب‬ ‫(الظلــم والقهــر واإلقصــاء)‪ ،‬ويولّــد إرهابـاً أشــد‬ ‫عنف ـاً وأعمــق مــدى وأكــر اتســاعاً وشــمولية‪..‬‬ ‫فمــن مل يجــد قاضي ـاً عــادالً يف األرض ال يصبــح‬ ‫أمامــه إال خياريــن إمــا شــياطني األرض امللوثــة‬ ‫لتنقــذه أو ســيبحث عنــه يف الســاء بعــد‬ ‫اختيــاره خيــار شمشــون‪.‬‬

‫قطوف فراتية‬ ‫من الذاكرة الوطنية‬

‫الشيخ محمد فرج السالمة «أخو دنيا»‬

‫«وكــف أخــو دنيــا يــا فتــى الجود نيســان‬ ‫راعــي الــدالل الــي عــى النــار يزهــن‪»..‬‬ ‫مل يكــن مصادفــة أن يُطلــق عــى الشــيخ‬ ‫محمــد الفــرج الســامة‪ ،‬لقــب «أخــو دنيــا»‪،‬‬ ‫فلقــب «أخــو دنيــا»‪ ،‬يــأيت مبقــام األخ مــن‬ ‫أخيــه‪ ،‬ويــكاد أكــر وأعــز مــن ذلــك بكثــر‪،‬‬ ‫وكــا يقــول الشــاعر‪« :‬يــا أخــوي يــا عــزويت‬ ‫يــا ضحكتــي وبجــاي‪ ..‬يــا مــن عــى فزعتــي‬ ‫ميينــه يف مينــاي‪ ..‬يامــا أخــو دنيــا عنــد‬ ‫النوايــب يــري الجــراح‪.»..‬‬ ‫الشــيخ الســامة‪ ،‬ليــس إنســاناً عاب ـرا ً‪ ،‬فقــد‬ ‫ُعــرف عنــه الــورع الشــديد‪ ،‬والتمســك‬ ‫بعــرى الديــن الحنيــف‪ ،‬ومــن بــاب التذكــر‬ ‫أن قــره «الهــدى» يف حلــب قــد تحــول إىل‬ ‫دار لإلفتــاء‪ ،‬وكان إن ذكــر اســمه يف املجالــس‬ ‫واملضافــات مــع شــيوخ عــره‪ ،‬يتقــدم الــكل‬ ‫دون منــازع‪ ،‬وكان مــن عــادات املشــايخ‬ ‫أن يقدمــوا أفضلهــم وأميزهــم‪ ،‬ويجعلــوه‬ ‫كبريهــم وأمريهــم‪.‬‬ ‫ولــد الشــيخ محمــد الفــرج الســامة عــام‬ ‫‪1889‬م‪ ،‬وهــو شــيخ مشــايخ عشــائر الولــدة‬ ‫التــي تعتــر مــن كــرى عشــائر وادي الفرات‬ ‫املتحــدرة مــن قبيلــة البوشــعبان اليمنيــة‪.‬‬ ‫انتخــب الســامة نائب ـاً يف الربملــان الســوري‬ ‫عــام ‪ 1936‬عــن قضــاء الرقــة إبــان االحتــال‬ ‫الفرنــي‪ ،‬ويف ‪ 4‬متــوز عــام ‪ 1941‬أعلن غفان‬ ‫الــركان «مــن أعيــان الرقــة» متــرده عــى‬ ‫االحتــال الفرنــي‪ ،‬وأقــام حكومــة الرقــة‬ ‫«الدولــة الغفانيــة» ليــوم واحــد‪ ،‬وتســمى‬ ‫هــذه الســنة ســنة الفلتــة‪ ،‬حيــث أقــدم‬ ‫غفــان مــع رجالــه عــى إحــراق ســجالت‬ ‫النفــوس والوثائــق يف الرسايــا القدميــة‪،‬‬ ‫ثــم تابــع القتحــام الثكنــة‪ ،‬فتصــدت لــه‬ ‫الدفاعــات الفرنســية‪ ،‬وأبعدتــه عــن الرقــة‪،‬‬ ‫فعــر الفــرات باتجــاه قــرى الكــرات‪،‬‬ ‫فأقدمــت القــوات الفرنســية عــى رضب‬ ‫القــرى املواجهــة ملدينــة الرقــة‪ ،‬فقبــض‬ ‫الفرنســيون عــى خمــس عــرة امــرأة مــن‬ ‫نســاء املنطقــة‪ ،‬وأودعــن يف ســجن الرسايــا‬ ‫سجن جزيرة قمران‬

‫للضغــط عــى غفــان ورجالــه‪ ،‬فاقتحــم‬ ‫الســامة الســجن وأفــرج عنهــن متحديــاً‬ ‫قــوات االحتــال الفرنــي‪ ،‬فنــذرت امــرأة‬ ‫منهــن تدعــى حميســة بقــص شــعرها عــى‬ ‫الشــيخ عنــد وفاتــه «مــن عــادات أهــل‬ ‫املنطقــة» وأىب ذلــك تحرميـاً‪ ،‬وحينــا كان يف‬ ‫النــزع األخــر‪ ،‬اســتدعى حميســة ورجاهــا‬ ‫أن تهــذب شــعرها فقــط‪ ،‬وأن تقــول عليــه‬ ‫شــعرا ً‪ ،‬فقالــت عليــه شــعرا ً أبــكاه وأبــى‬ ‫الحارضيــن‪ ،‬ووفــا ًء لنذرهــا هذّبــت أط ـراف‬ ‫شــعرها‪.‬‬ ‫يف ‪ 6‬متــوز مــن عــام ‪ 1941‬رفــض تزويــد‬ ‫جيــوش املســتعمر الفرنــي «الديغوليــن»‬ ‫واإلنكليــز‪ ،‬الذيــن جــاؤوا مــن العــراق‬ ‫لتحريــر ســورية مــن «الفيشــيني» بالقمــح‬ ‫«املــرة» ثــم شــارك يف تحريــك الثــورة‬ ‫الســورية ضــد االســتعامر الفرنــي يف ديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬وقــد تعـ ّرض إلطــاق النــار مــن قبــل‬ ‫الجنــود الفرنســيني‪ ،‬وهــو جالــس بجــوار‬ ‫القامئقــام‪ ،‬واستشــهد رجــل مــن ديــر الــزور‬ ‫كان يجلــس بالقــرب منــه‪ ،‬ف ـ ّرد أهــايل ديــر‬ ‫الــزور عــى إطــاق النــار‪ ،‬فســقط أحــد‬ ‫الضبــاط الفرنســيني قتيــاً‪ ،‬وكان يقابــل‬ ‫تحركــه تحــرك الشــيخ شــواخ البورســان مــن‬ ‫جهــة الجزيــرة‪ ،‬الــذي كان عــى تواصــل مــع‬ ‫إبراهيــم هنانــو قائد الثــوار يف جبــل الزاوية‪،‬‬ ‫والــذي أوكل مهمــة قطــع طــرق اإلمــداد عن‬ ‫القــوات الفرنســية للشــيخ شــواخ البورســان‪.‬‬ ‫يف عــام ‪ 1942‬فُرضــت عليــه اإلقامــة الجربيــة‬ ‫يف بــروت‪ ،‬أكــر مــن شــهر حتــى ُســمح لــه‬ ‫بدخــول ســوريا‪ ،‬فســجن بدمشــق ملــدة‬ ‫شــهر‪ ،‬ثــم نقــل إىل ســجن اللــد يف فلســطني‬ ‫ملــدة ثالثــة أشــهر‪ ،‬ونقــل إىل مــر‪ ،‬ثــم بحرا ً‬ ‫إىل جزيــرة قمـران يف مدخــل البحــر األحمــر‬ ‫قبالــة ســواحل اليمــن‪ ،‬حيــث بقــي مســجوناً‬ ‫هنــاك ملــدة ثــاث ســنوات‪ ،‬وكان رفيقــه يف‬ ‫الســجن الشــيخ دهــام الجربــا شــيخ قبيلــة‬ ‫شــمر‪ ،‬وكان ســجن قمــران مــن الســجون‬ ‫الرسيــة‪ ،‬وبعــد انتصــار الحلفــاء عــى أملانيــا‬ ‫يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬أصــدرت فرنســا‬

‫عفــوا ً عــن املعتقلــن كافــة‪ ،‬وأبقــت عــى‬ ‫الســامة رهــن الســجن‪ ،‬ومل تفــرج عنــه‪،‬‬ ‫وكان أهلــه وأفــراد عشــرته طــوال هــذه‬ ‫املــدة ال يعرفــون مكانــه وال مصــره‪ ،‬وكان‬ ‫إذا أرســل رســالة إىل أهلــه يصــف مــكان‬ ‫وجــوده ومحلــه‪ ،‬لكــن االســتخبارات‬ ‫الفرنســية‪ ،‬تحــذف هــذه املعلومــات التــي‬ ‫تحــدد مــكان اعتقالــه‪ ،‬إال أن الشــيخ أدرك‬ ‫بذكائــه الفطــري أن رســائله يتــم مراقبتهــا‪،‬‬ ‫وحــذف العبــارات التــي تتعلــق مبــكان‬ ‫ســجنه‪ ،‬فكتــب رســالة إىل أهلــه‪ ،‬قائــاً‬ ‫فيهــا‪« :‬أنــا بصحــة جيــدة والحمــد للــه‬ ‫وأننــا نصــي نحوكــم»‪ .‬أي أنــه يصــي نحــو‬ ‫جهــة الشــال مل يفهــم الفرنســيون هــذه‬ ‫الجملــة‪ ،‬ووصلــت إىل ابــن أخيــه الشــيخ‬ ‫بــركات األحمــد الفــرج‪ ،‬فتعرفــوا عــى مــكان‬ ‫ســجنه‪ ،‬فكشــفوه أمــام ســلطات االنتــداب‬ ‫التــي اضطــرت صاغــرة إلصــدار عفــو عنــه‬ ‫وعمــن تبقــى مــن رفــاق ســجنه‪.‬‬ ‫ومــن أهــم األســباب التــي أدت إىل نفيــه‪،‬‬ ‫رفضــه محاولــة فرنســا تســليح عشــائر‬ ‫الولــدة بألــف قطعــة ســاح أثنــاء الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة‪ ،‬للدفــاع عــن فرنســا الحــرة‪،‬‬ ‫قائــاً‪ :‬إنكــم محتلــون ألرضنــا‪ ،‬ونحــن ال‬ ‫ندافــع عــن محتلــن‪ ،‬ومنعهــم أخــذ «املــرة»‬ ‫مــن أفــراد عشــرته‪ ،‬فاتهــم بالخيانــة‬ ‫وحوكــم بالنفــي‪.‬‬ ‫قيــل يف الشــيخ محمــد الفــرج الســامة‬ ‫الكثــر مــن القصائــد الشــعرية‪ ،‬و ُعــرف‬ ‫بالتقــوى والعــدل‪ ،‬وكان مبوجــب موقعــه‪،‬‬ ‫كشــيخ لكــرى عشــائر املنطقــة يحــل‬ ‫مشــاكل املتخاصمــن بالعــدل حتــى مــع‬ ‫خصومــه‪.‬‬ ‫ونقبــس بعــض األبيــات للشــاعر «خلــف‬ ‫الكريــدي»‪ ،‬التــي قيلــت فيــه أثنــاء حــرب‬ ‫البوشــعبان مــع البــدو‪ ،‬التــي اشــتعلت يف‬ ‫أربعينيــات القــرن املــايض‪:‬‬ ‫وصاحت الولدة عليهم يا حاميـل‬ ‫حـرب بـدوان ع ّم الشــعبنية‬ ‫محمد الفرج ما باعها بصوت نايل‬ ‫وال ارتىض بالذل وخالّها سبيـة‬ ‫وأيضاً يف تحديه للفرنسيني‪:‬‬ ‫محمد الفرج الداس تيجان الكباتني‬ ‫ووصل جزر ديغول وذيج املعازل‬ ‫وع ّيا االستعمـار يبصـم باالثنني‬ ‫هذا فخـر لديـار زور املناهـل‬ ‫تــويف محمــد الفــرج الســامة يف ‪ 2‬آب عــام‬ ‫‪ 1972‬عــن عمــر ناهــز الثالثــة والثامنــن‪،‬‬ ‫ضاربــاً املثــل بالــذكاء والفطنــة والجــود‬ ‫والكــرم والشــهامة والرجولــة والنبــل‪ ،‬وظــل‬ ‫قــدوة تحتــذى بتحــدي االحتــال واملقاومــة‬ ‫الحــ ّرة‪.‬‬

‫ي‪.‬د‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫من يفتح للسوريني طريق (أورفا‪ -‬الرقة)؟‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫عندمــا تســر يف الشــارع الرئيــي ملدينــة أورفــا‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬فإنــه يتجــه بــك إىل الرقــة الســورية‪ ،‬مــن‬ ‫د ّوار عابــدة الجميــل‪ ،‬متــي يف الشــارع الرئيــي‬ ‫وتســتمتع بواجهــات املحــات‪ ،‬وبالنــاس املشــغولني‬ ‫يف حياتهــم اليوميــة‪ ،‬وتــرى الســوريني الحائريــن يف‬ ‫حياتهــم‪ ،‬وهــم يروحــون ويجيئــون عــى الرصيــف‪،‬‬ ‫متــ ّر بســاحة املدفــع التــي ميلؤهــا الســوريون‬ ‫الذيــن خرجــوا مــن بيوتهــم الضيقــة واملزدحمــة‪،‬‬ ‫وهــم يديــرون حــزم القلــق واملخــاوف يف رؤوســهم‬ ‫املرهقــة باألســئلة‪ ،‬التــي ال يجــدون جوابــاً لهــا‪،‬‬ ‫فنهايــة الشــهر قادمــة وآجــار البيــت يســتحق بعــده‬ ‫بعــدة أيــام‪ ،‬وفواتــر الكهربــاء واملــاء واالنرتنــت ال‬ ‫تحتمــل التأجيــل‪ ،‬تحــت طائلــة القطــع والطــرد‬ ‫و‪..‬و‪..‬و!!!‬ ‫متــ ُّر يف أســواق الهاشــمية التــي تذكــرك بأســواق‬ ‫حلــب ودمشــق‪ ،‬وباملــدن العتيقــة األخــرى التــي‬ ‫تحــن النفــس للتجــوال يف أفيائهــا يف هــذا الصيــف‬ ‫املســتعر‪ ،‬وكأنــك يف صيــف الرقــة أو ديــر الــزور أو‬ ‫الحســكة!‬ ‫ولكــن قلعتهــا العاليــة ال تعطيــك نفســها بســهولة‪،‬‬ ‫فرتهقــك بطرقاتهــا امللتويــة لتقــول لــك عنــد‬ ‫وصولــك‪ ،‬بــأن هــذه القلعــة‪ ،‬وهــذه املدينــة التــي‬ ‫تحميهــا هــي جــزء مــن حضــارة وادي البليــخ‪ ،‬وجــزء‬ ‫مــن حضــارة مــا بــن النهريــن التــي دفعــت العــامل يف‬ ‫أحقــاب كثــرة لتعلّــم الرياضيــات والفلــك‪ ،‬واللغــات‪،‬‬ ‫والبنــاء‪ ،‬وفنــون الحــرب‪ ،‬واملوســيقى الناعمــة‪،‬‬ ‫واملنبســطة باتســاع يشــبه الســهول املمتــدة باتجــاه‬ ‫الرقــة!‬ ‫املتطرفون خيتطفون شعار احلرية‪( :‬آزادي)‬ ‫لقــد احتفلنــا جميع ـاً بتخليــص تــل أبيــض وســلوك‬

‫والشــال الرقــاوي مــن تنظيــم داعــش اإلرهــايب‪ ،‬السوريون قبلوا رؤساء أكراد‬

‫واســتبرشنا خـرا ً بذلك التحريــر‪ ،‬الــذي كان للمقاتلني‬ ‫األكــراد فضــل كبــر فيــه‪ ،‬وصــار شــعار (آزادي)‬ ‫قريــب املنــال‪ ،‬وج ّهــز الكثــر مــن الســوريني أنفســهم‬ ‫للســفر عــى طريــق (أورفــا‪ -‬الرقــة)‪ ،‬والســكن يف تــل‬ ‫أبيــض‪ ،‬أو ســلوك‪ ،‬أو غريهــا مــن البلــدات والقــرى‬ ‫الكثــرة‪ ،‬التــي تســتوعب املهاجريــن الســوريني يف‬ ‫أورفــا وتجعلهــم أقــرب إىل بيوتهــم البعيــدة‪.‬‬ ‫لكــ ّن املتطرفــن مــن الكــرد رفضــوا أن يعــود‬ ‫الســوريون إىل بالدهــم‪ ،‬رفضــوا أن يعــود الكثــرون‬ ‫حتــى مــن أبنــاء القــرى نفســها‪ ،‬مســتعملني تقنيــات‬ ‫النظــام‪ ،‬وتكتيــكات داعــش‪ ،‬يف إرهــاب النــاس‪،‬‬ ‫وتخويفهــم مــن االقــراب مــن وطنهــم‪ ،‬للتخلــص‬ ‫مــن عــبء الحيــاة الثقيلــة ومــن اآلجــارات والفواتــر‬ ‫التــي ال ينتهــي تعدادهــا‪ ،‬وقــد أدانــت منظــات‬ ‫حقــوق اإلنســان هــذا الفعــل العنــري!‬ ‫لقــد قطــع املتطرفــون الطريــق عــى الســوريني‪،‬‬ ‫ومنعوهــم مــن العــودة إىل بالدهــم‪ ،‬وســيمنعون‬ ‫الســوريني مــن العــودة إىل منبــج والبــاب وجرابلــس‬ ‫أيض ـاً‪ ،‬بحجــة أن هــذه البــاد ال تعــود لســورية‪ ،‬وال‬ ‫يجــوز للســوريني أن يعيشــوا فيهــا ألنهــم إرهابيــن‬ ‫وهربجيــة وغ ّداريــن‪ ..‬وإىل آخــر التهــم التــي‬ ‫اعتدناهــا مــن داعــش‪ ،‬ومــن النظــام املجــرم الــذي‬ ‫كان زعيمهــم حليفــه األول طــوال عقــود ســابقة!‬ ‫ورغــم أن النظــام قــد بــاع ذلــك الزعيــم‪ ،‬وتســبب‬ ‫بســجنه‪ ،‬لكــن أتباعــه مــن هــذه املليشــيات‬ ‫املتطرفــة‪ ،‬ال يخفــون تعاونهــم مــع نظــام القتــل‬ ‫والتعذيــب الســوري‪ ،‬والــذي هــو نفــس النظــام‬ ‫الــذي منــع عــن الكثرييــن مــن الكــرد يف الشــال‬ ‫الســوري حتــى بطاقــة الهويــة الشــخصية‪ ،‬واعتــر‬ ‫ذلــك الزعيــم‪ ،‬بــأن كــرد الشــال الســوري مجــرد‬ ‫هاربــن مــن كردســتان الشــالية!‬

‫الســوريون لــن يســمحوا بتحويــل شــال ســورية‬ ‫إىل جبــال قنديــل جديــدة‪ ،‬وليــس لهــم مصلحــة‬ ‫باســتمرار الحــروب املزمنــة ضــد تركيــا‪ ،‬وال ضــد أي‬ ‫طــرف آخــر خــارج ســورية!‪ ..‬والســوريون ليســوا‬ ‫عنرصيــن‪ ،‬فقــد قبلــوا بثالثــة رؤســاء مــن أصــل‬ ‫كــردي ليحكموهــم وهــم محمــد عــي العابــد‪،‬‬ ‫وحســني الزعيــم‪ ،‬وفــوزي ســلو‪.‬‬ ‫ويل الفخــر بأننــي كنــت أتقــن اللغــة الكرديــة‪،‬‬ ‫وكنــت مرتجــاً لعائلتــي يف صغــري بــن العربيــة‬ ‫والكرديــة‪ ،‬وقــد عملــت طــوال ثالثــن عامــاً مــع‬ ‫مهندســن أك ـراد‪ ،‬وكانــوا أخــوة يل‪ ،‬ونتفقــد بعضنــا‬ ‫يف كل الظــروف مهــا كانــت مســبباتها‪ ،‬ومل يحــدث‬ ‫يومـاً أن تدخــل أحدنــا بشــؤون اآلخريــن ويف آرائهــم‬ ‫القوميــة أو الدينيــة‪ ،‬إال وفــق االحــرام املتبــادل‬ ‫الــذي يحافــظ عــى األخــوة واملحبــة‪ ،‬ويُبعــد الفتنــة‬ ‫والكراهيــة التــي تســتوطن يف بالدنــا اآلن بــكل‬ ‫أســف!‬

‫آزادي ستفتح طريق (أورفا‪ -‬الرقة)‬

‫البعــض مــن العــرب‪ ،‬ومــن الكــرد‪ ،‬يبتهجــون‬ ‫لزيــادة الــرخ وانتشــار الكراهيــة بيننــا‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫أن ميــرروا أجنــدات الحقــد واالحــراب الــذي لــن‬ ‫يجلــب لنــا‪ ،‬وألبنائنــا جميعـاً‪ ،‬إال املزيــد مــن املــوت‪،‬‬ ‫ومــن التهجــر الــذي ال يرحــم كـرام الكــرد وال كـرام‬ ‫العــرب‪..‬‬ ‫لهــؤالء نقــول‪ :‬نريــد أن نعــرف ببعضنــا كمواطنــن‬ ‫متســاوين‪ ،‬وبثقافــات مختلفــة ومل ّونــة تنبــذ قيــم‬ ‫الكراهيــة‪ ..‬وســنظل معتزيــن بهتــاف الشــهيد‬ ‫مشــعل متــو‪ :‬آزادي‪ ..‬آزادي!!‬ ‫ذلــك الهتــاف الــذي شــق الســاء فــوق عنجهيــة‬ ‫النظــام‪ ،‬وسيشــق الســاء أيضــاً‪ ،‬فــوق عنجهيــة‬ ‫املتطرفــن الكــرد‪ .‬وإ ّن غــدا ً لناظــره قريــب!‬

‫وللحوار آداب‬ ‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫‪1‬‬ ‫طاملــا تســاءلت؛ هــل كلــا تحــاورت مــع طــرف‬ ‫آخــر واعتربتــه خصـاً لــك‪ ،‬وأقذعــت لــه يف الســباب‪،‬‬ ‫ـت يف اكتشــاف مفــردات ومصطلحــات مبتكــرة‬ ‫وتف ّننـ َ‬ ‫يف الشــتائم‪ ،‬كنــت أكــر حجــة وإقناعــاً‪ ،‬أو كنــت‬ ‫أكــر حبـاً ودعـاً للطــرف الــذي تنافــح عنــه؟! أو إذا‬ ‫مل توافــق عــى طرحــه وتجاملــه أصبحــت يف الطــرف‬ ‫اآلخــر املعــادي‪ ،‬ليصبــح شــعارهم (مــن ال يشــتم‬ ‫معنــا‪ ،‬فهــو ض ّدنــا؟!)‬ ‫‪2‬‬ ‫ال تتفاجــأ إذا رأيتهــم أو ســمعتهم يتح ّدثــون بلباقــة‪،‬‬ ‫ويدعــون إىل مــا تدعــو إليــه الرشائــع مــن حســن‬ ‫خلــق وتــأ ّدب أو لغــة راقيــة يف الجــدال والحــوار‪،‬‬ ‫بلحظــة الحقيقــة عــن رضبهــم بعــرض الحائــط كل‬ ‫مــا كان قــد قيــل قبــل قليــل‪ ،‬ويبــادرون إىل رمــي‬ ‫األقنعــة‪ ،‬لتنكشــف حقيقــة وجوههــم املزيفــة‬ ‫املشــوهة‪ ،‬وكأن املتحــدث ســابقاً شــخصاً آخــر ال‬ ‫ـت لهــم بصلــة!‬ ‫ميـ ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫قــال صـ ّـى اللــه عليــه وسـلّم‪ :‬ليــس املؤمــن بالط ّعــان‬ ‫وال الّلعــان وال الفاحــش وال البــذيء‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ال أطالــب وال أدعــو إىل املدينــة الفاضلــة‪ ،‬ألنهــا أصـاً‬ ‫غــر موجــودة إالّ يف كتــب الفالســفة‪ ،‬فالنظريــة يشء‪،‬‬ ‫والواقــع والتطبيــق يشء آخــر‪ ،‬لكــن مــا املانــع أن‬ ‫نتحـ ّـى بالحــد األدىن مــن الخلــق عــى األقــل خــال‬ ‫تعاملنــا مــع اآلخريــن‪ ،‬وبالخصــوص خــال التحــاور‬

‫وإبــداء الــرأي!؟ فليــس مــن‬ ‫الــروري أن يكــون الجميــع‬ ‫متّفقـاً عــى الــرأي ذاتــه‪ ،‬وملــاذا‬ ‫ال يكــون الشــعار يف الحــوار كــا‬ ‫ورد يف ســورة النحــل يف قولــه‬ ‫تعــاىل‪« :‬وجادلهــم بالتــي هــي‬ ‫أحســن»؛ أي مجادلــة الخصــوم‬ ‫بالرفــق واللــن وحســن الخطاب‬ ‫عنــد توضيــح الحقائــق‪ ،‬وألي‬ ‫موضــوع كان‪.‬‬ ‫أ ّمـــا اإلجــاع عــى الــرأي ـ‬ ‫بالغالــب ـ ال يكــون إالّ عنــد‬ ‫األنظمــة القمعيــة الديكتاتوريــة‬ ‫وكبريهــم الــذي ال يأتيــه الباطــل‬ ‫مــن شــاله أو ميينــه أو مــن بــن يديــه!! وكذلــك‬ ‫ال يكــون إالّ عنــد الشــعوب املقموعــة بالرتغيــب‬ ‫والرتهيــب‪ ،‬بــل وتأكّــد عــى خضوعهــا مبســرات‬ ‫التأييــد وبفدائهــا للقائــد األوحــد بالــروح والــدم وإىل‬ ‫األبــد‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ملــاذا عندمــا يشــعر الخصــم بــأن الكــرة ســتضيع‬ ‫منــه‪ ،‬وبــأن الكفّــة بــدأت متيــل باالتجــاه اآلخــر‪،‬‬ ‫ويصبــح عاج ـزا ً عــن الــرد يلجــأ إىل ثقافــة الشــتائم‬ ‫التــي يتقنهــا؟! عندهــا يفقــد الحــوار رونقــه‬ ‫وجوهــره‪ ،‬ليتّخــذ مســارا ً آخــر‪ ،‬وليبــدأ حــوار مــن‬ ‫نــوع آخــر‪ ،‬لدرجــة أنــه مــن املمكــن أن يتح ـ ّول إىل‬ ‫حلبــة مصارعــة أو مالكمــة‪ ،‬أو إىل تطايــر األحذيــة‬

‫‪9‬‬

‫بــرش‬ ‫كالصحــون الطائــرة‪ ،‬أو قــد تســتخدم امليــاه ّ‬ ‫الطــرف اآلخــر لتربيــد الحــوار املشــتعل! أي حــوار‬ ‫هــذا؟! وأي لغــة؟! وأي أدب؟! رحــم اللــه القائــل‪:‬‬ ‫وذي سف ٍه يواجهني بجهلٍ‬ ‫يزيد سفاه ًة وأزيد حلامً‬

‫فأكره أن أكون له مجيبا‬ ‫كعو ٍد زاد باإلحراق طيبا‬

‫مــا املانــع أن نختلــف بالــرأي؟! ومــا املانــع أالّ نلتــزم‬ ‫بــأدب الحــوار؟!‬ ‫حتــى األنبيــاء‪ ،‬رغــم أنهــم عــى حــق مل يقتنــع بهــم‬ ‫كل البــر‪ ،‬بــل عادوهــم وطاردوهــم‪ ،‬وقتلــوا منهــم‪.‬‬ ‫فــا بالنــا نحــن البــر؟! ليــس االختــاف بالــرأي‬ ‫هــو املشــكلة‪ ،‬مبقــدار مــا تكــون طريقــة الحــوار‬ ‫واملعالجــة املوصلــة للنتيجــة هــي املعضلــة‪.‬‬

‫التحوالت‪..‬؟!‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫أرشنــا يف العــدد الســابق مــن الحرمــل إىل مقــال جــال الخاشــقجي‬ ‫الــذي طلــب فيــه مــن الســعودية وتركيــا أالّ تض ّيعــا املشــاركة يف الســباق‬ ‫إىل الرقــة‪ ،‬وأالّ تكــررا ً إهــدار الفــرص املتاحــة يف مــا يخــص دورهــا يف‬ ‫حــل لألزمــة الســورية‪ ،‬وقلنــا إن املقــال خطــر‪ ،‬وإن خطورتــه‬ ‫إيجــاد ٍّ‬ ‫تــزداد إذا علمنــا قــرب كاتبــه مــن دوائــر الق ـرار يف اململكــة‪.‬‬ ‫ويبــدو أن هــذا القــرب قــد أعطــى للمقــال غــر صفتــه‪ ،‬فهــو مل يعــد‬ ‫مقــاالً يبــدي فيــه كاتبــه رأي ـاً‪ ،‬بــل صــار وحســب مــا كشــفه تســارع‬ ‫األحــداث ترسيبــاً صحفيــاً متع ّمــدا ً لتو ّجــ ٍه ســيايس وشــيك الحــدوث‬ ‫ســتنتهجه الدولتــان‪ ،‬وســيكون كاشــفاً‪ ،‬وســيكون صادمــاً للكثرييــن‪،‬‬ ‫وخاصــة ملــن ميكــن أن نطلــق عليهــم «أهــل البيــت» ‪ -‬ليــس باملعنــى‬ ‫الشــيعي –‬ ‫هــذا التوجــه أظهرتــه ترصيحــات رئيــس الــوزراء الــريك مؤخـرا ً عــن‬ ‫ســعي تركيــا إلعــادة عالقاتهــا مــع ســورية والع ـراق ودول أخــرى عــى‬ ‫البحريــن األبيــض واألســود ضمــن سياســة «صفــر مشــاكل» مــع الجــوار‪،‬‬ ‫وأظهــرت ترصيحاتــه أن هنــاك انعطاف ـاً يف السياســة الرتكيــة أثــار قلق ـاً‬ ‫يف أوســاط املؤتلفــن مــا لبــث أن هــدأ بعــد تطمينــات حكوميــة قالــت‪:‬‬ ‫«إن موقــف تركيــا مــن املعارضــة لــن يتغــر «وكأن املهــم هــو املوقــف‬ ‫مــن املعارضــة التــي اطأمنــت إىل أنهــا ســتبقى يف اســتانبول ال املوقــف‬ ‫مــن «الكارثــة»!!!‬ ‫ولقــد قلنــا ونعيــد القــول إنــه ليــس لنــا أن نلــوم أحــدا ً عــى وضعــه‬ ‫مصلحــة بلــده فــوق كل املصالــح‪ ،‬إال أنــه إذا جــاء ذلــك عــى حســاب‬ ‫مصلحــة شــعب شــقيق بعــد حقنــه لســنوات طــوال داميــة بشــعارات مل‬ ‫يســتطع هــذا الحقــن أن يحقــق منهــا شــيئاً بــل اســتولدها مــا مل يكــن‬ ‫مرجــوا ً منهــا‪ ،‬فإنــه ميكــن اعتبــاره عم ـاً يفتقــر إىل يشء مــن املتانــة يف‬ ‫البنيــان‪ ،‬وهــذا مــا مل يتبــن منــه بوضــوح بعــد إال العنــوان‪.‬‬ ‫وأعتقــد أننــا يجــب أن ننتظــر مثــل هــذا االنعطــاف الســيايس مــن‬ ‫الشــقيقة الســعودية‪ ،‬إذ يبــدو أن رضورات لوجســتية حتّمــت أن يبــدأ‬ ‫االنعطــاف مــن تركيــا‪ .‬ورمبــا يحــدث يف اململكــة الشــقيقة مــا س ـيُتّخذ‬ ‫مــررا ً لــه كــا حــدث يف تركيــا مــن إبــدا ٍل ألحمــد داوود اوغلــو‪،‬‬ ‫ـدات وتطمينـ ٍ‬ ‫وســننتظر أيض ـاً تأكيـ ٍ‬ ‫ـات بــأن املوقــف مــن املعارضــة لــن‬ ‫يتغـ ّـر وســيبقى الدعــم الــدوالري قامئـاً‪ ،‬وعندهــا ســيهدأ قلــق املؤتلفــن‬ ‫الــذي يكونــون قــد أبــدوه‪.‬‬ ‫أمــا املؤتلفــون فلــن نتحــدث عنهــم وعــن موقعهــم فيــا يُرســم‬ ‫لهــم ولنــا عــن طريقهــم مــن مخططــات يجــري تنفيذهــا مبعــزل عنهــم‪،‬‬ ‫فهــم يف وضــع بئيــس ّ‬ ‫يــدل عــى بؤســه ليــس انشــغالهم بتشــكيل‬ ‫حكومــة مؤقتــة‪ ،‬بــل انشــغالهم بكيــل االتهامــات لبعضهــم البعــض عــى‬ ‫صفحــات الفيســبوك مبــا ال يليــق‪.‬‬ ‫يقــل بؤســاً‪ ،‬إذ كيــف ميكــن‬ ‫وأمــا حــال الفصائــل يف الداخــل فــا ّ‬ ‫تفســر انحــال فصيــل مــن الفصائــل بعــد أن أتحــدت عنــارصه؟ وكيــف‬ ‫ميكــن تفســر نفــي فصيــل آخــر انســحابه مــن املعركــة الجاريــة يف‬ ‫حلــب «ألنــه أصــاً مل يشــرك بهــا ألنهــا تفتقــر إىل عنــارص النجــاح‪،‬‬ ‫وأنــه يعتربهــا انتحــارا ً» فهــو يريــد معركــة «تفصيــل» عــى مقاســه أمــام‬ ‫عدســات الكامــرا ومضمونــة النتائــج لتكــون مضمونــة االســتثامر؟؟!!‬ ‫مــا يجــري يف ســورية ومــا يُخطــط لهــا يُثبــت أن النظــام العاملــي‬ ‫الجديــد الوحيــد القطــب الــذي هــو الواليــات املتحــدة األمريكيــة ال يريد‬ ‫ولــن يتيــح املجــال لنشــوء أيــة قــوة عــى املســتويني العاملــي واإلقليمــي‬ ‫إال تلــك التــي يريدهــا هــو‪ ،‬وتعمــل بإمرتــه‪ ،‬وتحــت إرشافــه املبــارش‬ ‫لتنفيــذ أهدافــه هــو ال أهــداف القــوة التــي تصــف نفســها بالعامليــة‬ ‫أو باإلقليميــة أو حتــى املحليــة‪ ،‬واملطلــب الــريك باملنطقــة اآلمنــة ليــس‬ ‫الدليــل الوحيــد عــى ذلــك‪.‬‬ ‫لكــن التاريــخ يُعلمنــا أن ذلــك ليــس قــدرا ً مقــدورا ً‪ ،‬وأن القــادر‬ ‫اآلن ســيكون عاجــزا ً غــدا ً والعكــس بالعكــس‪ ،‬وقــد صــار ممجوجــاً‬ ‫القــول بــأن علينــا أن نضــع املصلحــة العامــة قبــل الخاصــة‪ ،‬وأن علينــا‬ ‫أن نعــرف االتجــاه الــذي يجــب أن نســر فيــه بإرادتنــا ال بــإرادة غرينــا‪،‬‬ ‫لكــن القامئــن عــى أمورنــا يف الداخــل والخــارج ال يســمعون النــداء فهــم‬ ‫أمــوات غــر أحيــاء‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫صيف حار‬ ‫ماجد رشيد العويد‬ ‫بــدا الجــو صيـــفاً حــارا ً‪ ،‬وكانــت كأس املــاء‬ ‫غــر بعيــدة عنهــم‪ ،‬ولكــن مــاذا تــراه يفعــل‬ ‫مصطفــى للحصــول عليهــا‪ ،‬وأعــن رفيقيــه مــن‬ ‫حولــه ال تفارقهــا؟‪ .‬فكــر طويــاً مــن دون أن‬ ‫يســعفه التفكــر بــيء‪ .‬كأس املــاء املنعشــة‬ ‫تتلــوى أمامــه كأنهــا فتــاة يف ريعــان الصبــا‪،‬‬ ‫فتــزداد شــهيته لهــا‪ ،‬وقــد بلــغ منــه العطــش‬ ‫مبلغ ـاً قاسيـ ـاً‪ ،‬فريقــه جـ ّـف ووجهـــه شــحب‪.‬‬ ‫فمنــذ ثالثـــة أيــام مل يذقــه‪ ،‬وإن اســتمر األمــر‬ ‫يومـ ـاً آخــر فســتنتهي حياتــه‪ ،‬فــاذا يفعـــل؟‬ ‫هــو اآلن عــى اســتعداد ألن يبيــع كل مــا ميلــك‬ ‫ألجـــل جرعـــة واحــدة‪ ،‬برغــم أن مــا ميلكــه‬ ‫ال يســاوي شــيئاً بالقيــاس إىل مــا كان ميلكــه‬ ‫هــارون الرشــيد‪ ،‬ولكنهــا يشــركان يف املبــدأ‪،‬‬ ‫فهــا معـاً ومــن أجــل جرعــة‪ ،‬بــل ومــن أجــل‬ ‫قطــرات منــه يضحيــان بالدنيــا أجمــع‪.‬‬ ‫كان املــاء يف الــكأس ينــ ُّط تــارة ويتلــ ّوى يف‬ ‫أخــرى مبتهجـاً‪ ،‬حتــى تخيــل مصطفــى أنــه رأى‬ ‫فع ـاً فتــاة قفــزت منــه ثــم أخـــذت تضحــك‬ ‫لــه‪ ،‬وكلــا اقــرب منهــا ابتعــدت عنــه حتــى‬ ‫اتســعت املســافة بينهــا‪.‬‬ ‫أمــا الســجان فقــد أطلقهــم يف الســاحة بعــد‬ ‫أن أعطشــهم‪ ،‬وقــام مبنعهــم مــن العـــودة إىل‬ ‫الداخــل وجعــل مــن أمامهــم الكــوب املثلــج‪،‬‬ ‫غــر أنــه مل يكــن مبقدورهــم الحصــول عليــه‪.‬‬ ‫ثــم أنــه ال بــد ألحدهــم فقــط أن ينالــه‪،‬‬ ‫وليتحقــق هــذا ال بــد مــن اإلجهــاز عــى‬ ‫البقيــة‪ .‬كان الخيــار قاســياً‪ ،‬بيــد أن العطــش‬ ‫بــدا أقــى وأمــ ّر‪.‬‬ ‫أمــام هــذه الــكأس ســقط من حســاب الســجناء‬ ‫أنهــم أبنــاء صحبــة يف الســجن امتــدت إىل‬ ‫أعــوام وأعــوام‪ ،‬وأنهــم هنــا تجمعهــم الهمــوم‬ ‫ذاتهــا‪ .‬هــذا كلــه إىل جانــب أشــياء أخــرى‬ ‫تحطمــت أمــام الكــوب الــذي زيــن لهــم يف‬

‫لحظــات كثــرة أ ّن يف داخلــه فتــاة عــى غايــة‬ ‫الحســن والجــال‪.‬‬ ‫فكــر مصطفــى وهــو يغالــب عطشــه بطريقــة‬ ‫متكّنــه مــن االنفــراد بأعطيــة الســ ّجان‪ .‬لقــد‬ ‫زحــف العطــش إىل جوفــه تحــت الهجــر‬ ‫فرتكــه كتلــة جافــة شــائنة‪ ،‬ولكــن كيــف؟‬ ‫أيقــوم بقتــل رفيقيــه؟ ومل ال فحياتــه أبقــى‬ ‫وأعــز مــن حيــاة البقيــة‪ ،‬ثــم إنهــا لــو متكّنــا‬ ‫منــه ملــا تــرددا لحظــة يف قتلــه للحصــول‬ ‫عــى هــذه األعطيــة الكفيلــة بالقضــاء عــى‬ ‫النــار املشــتعلة يف أحشــائهم‪ .‬إذا ً فــا عليــه‬ ‫إال أن يخطــط إلزاحتهــا عنــه بــكل الطــرق‬ ‫املمكنــة واملتاحــة‪ ،‬حتــى ولــو أدى بــه األمــر إىل‬ ‫ســحقهام معـاً‪ .‬إن الحيــاة جميلــة وتســتحق أن‬ ‫تعــاش‪ ،‬وإن ارتفــع مثنهــا‪.‬‬ ‫هتــف بــه هاتــف‪ :‬ال تــدع أحــدا ً يقــرب منــه‪،‬‬ ‫فــا يف الــكأس ليــس مــاء قَراح ـاً رادا ً للعطــش‬ ‫فحســب‪ ،‬وإمنـــا هــو أيضــاً مينحــك الخلــود‪،‬‬ ‫فاســع إليــه بــكل جوارحــك‪ .‬لقــد داعبــه هــذا‬ ‫الهاتــف طــوال الســاعات األربــع والعرشيــن‬ ‫املاضيــة حتــى متكــن منــه‪ ،‬وأضــاف الهاتــف‬ ‫إن الفتــاة التــي تخــرج مــن الــكأس ســوف‬ ‫تعانقــك‪ ،‬ومــن رحيقهــا ســوف تــرب مــا‬ ‫مينحــك األبديــة‪.‬‬ ‫ازداد ريقــه جفافـاً‪ ،‬الشــمس مــن فوقــه تقذفــه‬ ‫بلهيبهــا‪ ،‬فلــم يعــد بــه حـراك وكذلــك صاحبــاه‪.‬‬ ‫باتـــوا كالخــرق املبلولــة مقذوفــة يف العــراء‪،‬‬ ‫وقــد جفــت مــن كل يشء إال مــن الرغبــة‬ ‫املتوحشــة بقطــرة منــه‪ .‬ولكــن كيــف الوصــول‬ ‫إليــه وهــو معلّــق يف أعــى؟‬ ‫بــدت الطــرق كلهــا مســتحيلة‪ ،‬فمــع أيــة حركــة‬ ‫غــر محســوبة ســيندلق املــاء عــى األرض التــي‬ ‫تغــي مــن شــدة الحــر‪ ،‬ويصبحــون جميع ـاً يف‬ ‫عــداد املــوىت‪ .‬ثــم إنهــم غــر متفقــن‪ ،‬والــذي‬ ‫ســيحصل عليــه أحدهــم دون البقيــة حســب‬

‫تعددت اهلجرات ّ‬‫ّ‬ ‫والشوق واحد ‪-‬‬ ‫(إىل كل أسرة سورية مزقتها سياط احلقد فتناثرت يف أصقاع األرض)‬

‫االنشطار‬

‫فإذا غفوتُ تواردوا يف خاطري‬ ‫الضجيج وأحسنا!‬ ‫يلهونَ‪ ،‬ما أحىل‬ ‫َ‬ ‫رغبوا بتكدير الجامل‪ ،‬وما د َروا‬ ‫َ‬ ‫الجامل ببعض هذي (الشيطنه)‬ ‫أن‬ ‫وإذا صحوتُ تغلغلوا بجوانحي‬ ‫فكأنّهم مل يرحلوا‪ ،‬وكأنّنا‪:‬‬

‫الفتــاة‪ ،‬فــاذا تقــول هــل تــدع لنــا الفتــاة‬ ‫وتأخــذ نصيبــك منــه؟‪.‬‬ ‫كانــوا جميعـاً مرهقــن‪ ،‬ومــن بــن التعــب قــال‬ ‫لرفيقيــه‪:‬‬ ‫ـ هذا محال‪.‬‬ ‫ور ّد الطويل معنفاً‪:‬‬ ‫ـ وملــاذا؟ أتريــد أن تســتأثر بهــا وحــدك؟ هــذا‬ ‫لــن يكــون أبــدا ً‪.‬‬ ‫عنــد هــذا الحــد شــعر بــأن الحيلـــة لــن توفــر‬ ‫لــه الفرصـــة املناســبة‪ ،‬ألن التعـــب بلــغ منــه‬ ‫الغايــة ومــن صاحبيــه‪ .‬إنهــم اآلن أشــبه باملوىت‪،‬‬ ‫ولــن يحصــل أي منهــم عــى نقطــة منــه‪ ،‬وال‬ ‫عــى الفتــاة أيضـاً‪ .‬صاحبــاه كذلــك أدركا أنهــا‬ ‫لــن يحصــا عــى يشء‪ ،‬وأن املعركــة خــارسة‪.‬‬ ‫كل هــذا جــرى أمــام الســ ّجان الــذي اتخــذ‬ ‫منهــم ركنـاً قصيـاّ مظلـاً‪ ،‬وبــاردا ً‪ ،‬ينظــر إليهــم‬ ‫مشــموالً بالســعادة‪ ،‬وممنوعـاً منهــم ال يصلــون‬ ‫إليــه مهــا خططــوا لذلــك‪ .‬قــال لهــم‪:‬‬ ‫ـ أنتم تنسون الرشط‪.‬‬ ‫ور ّد مصطفى‪:‬‬ ‫ـ أي رشط؟‬ ‫ـ تدخلــون يف عــراك‪ ،‬والغالــب يحصــل عــى‬ ‫الــكأس؟‪ .‬وهنــا دفــع إليهــم ثــاث ســكاكني‪،‬‬ ‫وتابــع بلهجـــة آمــرة‪:‬‬ ‫ـ ليحمــل كل منكــم ســكينه‪ ،‬وليجهــز عــى‬ ‫اآلخــر‪ ،‬هيــا‪.‬‬ ‫بدورهــم حســموا املســألة‪ ،‬فالحيــاة مثينــة‪،‬‬ ‫ولــن يتهيــأ لهــم الحصــول عليهــا‪ ،‬بغــر مــا أراد‬ ‫الس ـ ّجان الــذي يتحكــم بحركــة مــا يتنازعــون‬ ‫عليــه‪.‬‬ ‫كان الثالثــة عبــارة عــن جثامــن رصعــى مــن‬ ‫دب الوهــن يف عروقهــم‪،‬‬ ‫شـ ّدة الحــر والعطــش‪ّ .‬‬ ‫ثــم تركهــم للشــمس تفتــك بالبقيــة الباقيــة من‬ ‫روحهــم‪ .‬غــر أن رؤيــة املــاء املثلــج والفتــاة‬ ‫التــي مــا تلبــث أن تغيــب حتــى تظهــر ثانيــة‬

‫يف حلّــة جميلــة دفعــت بالرجــال الثالثــة إىل‬ ‫أن يســتمدوا منهــا روح ـاً جديــدة‪ ،‬روح ـاً مــن‬ ‫الشــيطان‪ ،‬فوثبــوا عــى بعضهــم بالســكاكني‪.‬‬ ‫كانــوا جثثــاً تتحــرك بالرغبــة املتوحشــة‬ ‫بالحيــاة‪ .‬وبرغــم اإلعيــاء الشــديد الــذي انتهــوا‬ ‫إليــه‪ ،‬فقــد تح ّفــز كل منهــم لالنقضــاض عــى‬ ‫اآلخــر‪ .‬واســتطاع مصطفــى أن يغافــل الطويــل‪،‬‬ ‫فدفــع إليــه بطعنــة أصابــت القلــب فاختلــج‬ ‫قلي ـاً ثــم مــات‪ .‬وهنـــا قــال القصــر‪:‬‬ ‫ـ مــا رأيــك أن تدعنــي وأتــرك لــك املــاء والفتــاة‬ ‫معاً ؟‬ ‫بلــغ منهــا العطــش كل مبلــغ‪ ،‬وانهــارا عــى‬ ‫األرض جوعــاً وعطشــاً وإرهاقــاً‪ .‬الحــر مــن‬ ‫فوقهــا اخــرق الجلــد فتقيحــت جروحهــا‪،‬‬ ‫كانــا يرصخــان مــن األمل‪ ،‬ويتلويــان‪ .‬أثنــاء‬ ‫ذلــك بــادر القصــر إىل ســكّينه يريــد الغــدر‬ ‫مبصطفــى‪ ،‬غــر أن هــذا ومــن بــن تعبــه‪ ،‬ومــن‬ ‫بــن الوهــج الــذي يحــرق العيــون اســرق‬ ‫النظــر إليــه فانتبــه يف اللحظــة األخــرة وغــرس‬ ‫ســكينه يف بطــن القصــر‪.‬‬ ‫انقلــب مصطفــى عــى ظهــره ودخــل يف غفــوة‬ ‫برغــم اإلعيــاء والعطــش‪ .‬وبينــا هــو كذلــك‬ ‫تجلــت لــه أنثــاه بــدرا ً ينثنــي ومييــد عــى إيقاع‬ ‫إعيائــه وعطشــه‪ .‬مــ ّد إليهــا يديــه فالمــس‬ ‫خرصهــا‪ ،‬لحظتهــا نــي عطشــه وانتهــى إىل‬ ‫مسـاً رقيقـاً‪ ،‬ثــم‬ ‫مســه ســناه ّ‬ ‫حــال مــن الوجــد‪ّ ،‬‬ ‫ارتفــع محلّق ـاً عالي ـاً‪ ،‬ضام ـاً أنثــاه التــي حــاول‬ ‫تقبيلهــا وقبــل أن يفعــل صحــا فــإذا بــه وحــده‬ ‫يف عـــراء الســاحة‪ .‬مــات صاحبــاه‪ ،‬واختفــى‬ ‫الســ ّجان‪.‬‬ ‫نظــر إىل أعــى فلــم يجــد للــاء أثــرا ً‪ ،‬وإىل‬ ‫أســفل فوجــد األرض يغــي أدميهــا‪ .‬حــاول‬ ‫النهــوض فلــم يفلــح‪ ،‬ثــم ارمتــى إىل جانــب‬ ‫رفيقيــه‪...‬‬

‫�رع نواف� َ‬ ‫�ح؟!‬ ‫مل��اذا ُتش� ِ‬ ‫�ذك للري� ِ‬ ‫محمد صالح العويد‬

‫عصام حقي‬ ‫ونبض قلبي ه ُهنا‬ ‫قلبي هناك‪ُ ،‬‬ ‫وكأنّه اعتاد الفراق‪ ،‬فأ ْد َمنا!‬ ‫بعيض ي ُّنئ عىل الثلوج‪ ،‬ويكتوي‬ ‫بلهيب غربت ِه عىل حرف ال ُّدنا‬ ‫والبعض يف لُ َجج الرما ِل ُمس ِّددا ً‬ ‫ُ‬ ‫مث َن الكرامة يف العناء ويف الضنى‬ ‫‪----------------‬‬‫مثل الورود تناثروا‪ ،‬وأري ُجهم‬ ‫َ‬ ‫يعبق ط ّيباً ومل ّونا‬ ‫ما زال ُ‬

‫الــرط‪ ،‬وإذا ً ســيدخلون يف ع ـراك ألجلــه‪ ،‬رمبــا‬ ‫يكــون مــن غــر طائــل‪.‬‬ ‫هنــا قــال مصطفــى لنفســه‪ :‬يجــب النظــر يف‬ ‫األمــر قبــل الدخــول يف معركــة طائشــة يضيــع‬ ‫ـرب‬ ‫معهــا املــاء‪ .‬ثــم اســتدرك قائ ـاً ولك ـ ّن الحـ َ‬ ‫إلغــاء للعقــل فكيــف ســتكون املعركــة صائبــة؟‬ ‫ثــم قــال‪ :‬يجــب عــي قتلهــا‪ ،‬وليــس مهــاً‬ ‫بالغــدر أو بالحيلــة‪.‬‬ ‫عىل هذا قال لرفيقيه‪:‬‬ ‫ـ ما رأيكام لو تقاسمنا ما يف الكأس؟‬ ‫ونظــرا إليــه مشــككني مكذبــن‪ ،‬ثــم قــال‬ ‫الطويــل منهــا‪:‬‬ ‫ـ وما أدراين أنك صادق؟‬ ‫وأردف الثالث قائالً‪:‬‬ ‫ـ حتــى لــو اتفقنــا عــى املــاء فلــن نتفــق عــى‬

‫قصة قصرية‬

‫بجناح أشواقٍ نحل ُّق حولهم‬ ‫حب يرفلون بحض ِننا‬ ‫وردا ِء ّ‬ ‫‪--------------‬‬‫تبّاً له‪ ،‬هذا زما ٌن جائ ٌر‬ ‫ِ‬ ‫أدمى جراحات القلوب‪ ،‬وأثخنا‬ ‫كؤوسه محموم ًة‬ ‫وسقى الفؤا َد َ‬ ‫يك يستك َني له الفؤا ُد‪ ،‬ويُذ ِعنا‬ ‫جفّت رشاي ُني الدروب ومل يزل‬ ‫أمل الهبوب عىل الرشاع مهيمنا‬ ‫ُ‬ ‫‪---------------‬‬‫رسنا‬ ‫إن الحياة تل ّمنا فت ُّ‬ ‫حيناً‪ ،‬وحيناً كال ّرماد تذ ّرنا‬ ‫ناب الفراق بحقده‬ ‫ويعضُّ نا ُ‬ ‫ناب األعادي هيّنا‬ ‫حتّى نرى َ‬ ‫‪----------------‬‬‫ياللبعا ِد‪ ،‬وكلّام عاتبتُه‬ ‫غاىل بأوجاع الحنني‪ ،‬وأمعنا‪!..‬‬

‫ِ‬ ‫تنتص ُب كريش ٍة حمقاء‬ ‫منتوف ًة‬ ‫يفريها الغرور!؟‬ ‫َ‬ ‫زوءانك‪ ،‬تلعن ألسن َة املناجلِ‬ ‫تُ ِّر ُر زغب‬ ‫تلحس قشَّ َك‬ ‫ُ‬ ‫تخبو‬ ‫فتك ُم ُد بخيب ِة مقهور‬ ‫الوحي‬ ‫يأ ِفكو َن عىل‬ ‫ِ‬ ‫يفرتو َن َ‬ ‫عليك‬ ‫يا نا ِف َخ األروا ِح يف الصدور‬ ‫َ‬ ‫باسمك‪:‬‬ ‫يبتدؤون تدوين أسفا َر القبور‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرؤوس‬ ‫خاويات‬ ‫مجاع ٌة يف‬ ‫يسكبو َن تق ُيأهم عىل املنابر‬ ‫السذ َّج وهامً‬ ‫يَ ِعدو َن ُ‬ ‫بج ّن ِ‬ ‫ات الرسور‬ ‫والجو ُع أز ٌيل‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫موعودون‬ ‫مبوائد الخر ِ‬ ‫األرض جفن َة ٍ‬ ‫ثريد‬ ‫لِتُميس ُ‬ ‫والراف ُد‪:‬‬ ‫اب‬ ‫بالدمِ والخر ِ‬ ‫ُم ٍ‬ ‫نتش‬ ‫مخمور‬ ‫َم ْن أهل ِ‬ ‫األرض!؟‬

‫أهؤال ِء امل ُختالو َن فوقها‬ ‫أم أهيل!؟‬ ‫َ‬ ‫السفىل‬ ‫أشالؤهم بدفاترِك ُ‬ ‫ب َني غريقٍ ‪ُ ،‬محرتقٍ‬ ‫للردى منذور‬ ‫يكت ُبنا‬ ‫والحريق‬ ‫اب واملا ُء‬ ‫ُ‬ ‫ميحونا الرت ُ‬ ‫ومرتب ٌة عليا يف ِ‬ ‫الفقد األخريِ‬ ‫كلّنا مهزومون‬ ‫ُمطا َردون‪ ،‬مذعورون‬ ‫تشتعل بنا األرض‬ ‫ُ‬ ‫لهيب اإلفناء األممي‬ ‫من ِ‬ ‫دروب حقدهم‬ ‫إلنار ِة‬ ‫ِ‬ ‫للهرب‬ ‫ودرب يتيم ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ت ِف ُّر من أقدا ِمنا‬ ‫متور‬ ‫ِ‬ ‫للخالص‬ ‫نُح ِّد ُق يف ثغر ٍة‬ ‫تتس ُع كلام اقرتبنا‬ ‫نفرح!‬ ‫ُ‬ ‫فإ ّذ‬ ‫تبتلعنا ف ّوهاتُ القبور‬ ‫هذا زمن لعني‬ ‫الغي ُم ال يتوارى‪ُ ،‬مس ّم ٌر‬ ‫كغربانِ البني‪ ،‬مثبور‬

‫نتفيأُ ب ِه ِ‬ ‫كالظال ِل‬ ‫أينام نرتحل‬ ‫علينا ت ُخي ُم غيو ُم الرشور‬ ‫ِ‬ ‫اج أساطينها‬ ‫فخر َ‬ ‫من أشالئنا‬ ‫وبئس وابلها‪ ،‬والويل لنا ّأن ارتحلنا‬ ‫َ‬ ‫ُمق ّد ٌر‪ ،‬مسطور‬ ‫هذا رشيا ُن ال َوتِ ِني‬ ‫س ٌّم ز ٌ‬ ‫ُعاف يرسي‬ ‫ُ‬ ‫يرسق اليق َني‬ ‫يُب ِعدنا عن ِ‬ ‫غيث اإلل ِه‬ ‫وسقيا ال ُحبور‬ ‫ُ‬ ‫رب‪:‬‬ ‫يا ِّ‬ ‫اب َم َر ْجتَنا‬ ‫من تُر ٍ‬ ‫ليس لنا رائح ُة املط ِر‬ ‫ح َني نبيك‬ ‫نهطل‬ ‫ُ‬ ‫بالدمِ‬ ‫بالدمعِ نفور‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ديح ا َ‬ ‫ِم ُ‬ ‫حل َجِر‪..‬‬ ‫عراج َم ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫اموات‬ ‫السط ِر الكَليمِ يف ُج ِ‬ ‫يوب َ‬ ‫وث ُغا ِء َ‬ ‫أ َمني َع ٌة ِ‬ ‫رب‪..‬؟‬ ‫أنت َي ُتها ال َح ُ‬ ‫ت ُرهــاتُ يَقاطي َن ِ‬ ‫ى ِبل ِ‬ ‫ُهــاث امل َهجــو ِر‬ ‫ــك ال ُحبــ َ‬ ‫عــى ِ‬ ‫أرصفَــ ِة األنــ ِن‬ ‫َســيو ِق ُظ ال َع َصـ ُـف ف َيلَ ـ َة الري ـ ِح ُمديَ ـ ُة الل ـ ِه يف‬ ‫ِ‬ ‫األرض‬ ‫كَه َرمان ُِك العا ِد ُل ميزا ُن َمشيئَ ِة ال َو ِ‬ ‫مض‬ ‫ِ‬ ‫يُهــا ال َحريانَــ ُة بَــ َن َرعشَ ــ ِة َصفصافَــة الغَديــ ِر‬ ‫وقلبــي‬ ‫ِ‬ ‫رب ‪..‬؟‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫أنت‬ ‫أ َمني َع ٌة‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫«‪»2‬‬ ‫َسق َْس َق الطَ ُري فَنا َم ال َح َجر‪..‬‬ ‫سيســنا امل َدحــو ُر ِس ُب فر ٍ‬ ‫«‪»1‬‬ ‫اشــات أشْ ــ َعلها‬ ‫و َه ُ‬ ‫ُم ـ ْذ أيقَظتنــي الوعـ ُ‬ ‫ــر‬ ‫ـول عــى شَ ــفا ُحف ـ َر ٍة ِم ـ ْن ال َب َ‬ ‫يف ال َنفريِ الصا ِم ِت لبَ ِ‬ ‫نــا ٍر‬ ‫ياض املِحن ِة امل َشدو ِد‬ ‫أبصتُ ‪..‬‬ ‫بُه ُرجاً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــرب عــى أدرا ِج بُه ُرجاً‬ ‫أناملَــك الحانيــات يَتُهــا ال َح ُ‬ ‫ُ‬ ‫َيــب‬ ‫الغ ِ‬ ‫تَقْتاتُ الريشَ ة العميا ُء‬ ‫ِ‬ ‫القلب ب َرهافَ ِة ال َح ِ‬ ‫لو َن َدمي عىل َح ِ‬ ‫ريف‬ ‫اج‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫فيف الشَ َجر‬ ‫تَ ِقد َن َ‬ ‫ــف ال َنخيــلِ ِ‬ ‫الباس ِ‬ ‫َحيــثُ َحر ِاش ُ‬ ‫الصب ِح و َم ْر َم ِر الضُ حى‬ ‫ــقات َ‬ ‫وســالِمِ غَدائِ ٌر من ُرخامِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال ِنســيانِ‬ ‫أحاجيك يُها املُخَضب ُة‬ ‫ونَخ ُب ِ‬ ‫ــب ب ِ‬ ‫ِرتهات الفَج ِر‬ ‫ــك َ‬ ‫الســدي ُم عــى ال ُرقُــمِ الطــ ِن يَكتُ ُ‬ ‫ليــل الهاويَــ ِة‬ ‫َد َ‬ ‫طاووس ِك ال ِف ِ‬ ‫ردوس‬ ‫هو ذا‬ ‫ُ‬ ‫يَنق ُ‬ ‫بــح بِ نقــا ِر ِه ال َذ َهبــي إىل كَامئِــنِ‬ ‫ُــل ُ‬ ‫الص َ‬ ‫الظُلــاتِ‬ ‫و ِم َن املِح َن ِة إىل املِح َن ِة‬ ‫رب‬ ‫َع ُ‬ ‫ويل َعرافَ ٍة خانَتّها بَصري ُة ال َح ِ‬ ‫ثآليل غَي َهبِها‬ ‫و َعضَّ ت ِجرا ُء ال َفر َاس ِة َ‬ ‫حــب َدمــاً يُهــا البــارو ُد يف َخزائِ ِن َ‬ ‫ــك‬ ‫ال تَ ْنتَ ْ‬ ‫حــاس‬ ‫الصو ِر ال َعتيقِ‬ ‫الصلصا ِل يف ّ‬ ‫وكَامئِنِ َ‬ ‫ال ُن ُ‬ ‫الب َه ِة‬ ‫َخطّو الِ ِ‬ ‫َدمي أَ ْش ٌاك ل َنجمٍ َهوى‬ ‫ذئاب نَدي ُد ِعوا ِء ِجرا ِء ُ‬ ‫ب َني را َح ِ‬ ‫وفر َاس ُة ُمطلَقِ ال ُجر ِح ِعن َد َسيا ِف ِه املِلح‪.‬‬ ‫تيك وغَفر ‪.‬‬ ‫رق ال َعر ِ‬ ‫ُم ـ ْذ أي َقظَتنــي األيائـ ُـل عــى شَ ــفا ُحف ـ َر ٍة ِم ـ ْن َو ُ‬ ‫ائش أراض ُني ال َهوى‬ ‫نــا ٍر‬ ‫َ‬ ‫استامل الري ِح أي َقظَه املَطَر‬ ‫يَو َم‬ ‫الريشات الناز ِ‬ ‫ِ‬ ‫أبصتُ ‪..‬‬ ‫ِفات دمي‬ ‫ذو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َ​َصياد الفُصول َرأيْتُني‬ ‫َد َر ُج اللونِ‬ ‫ِ‬ ‫يَقتاتُني الضَ و ُء ولي َم ًة عىل امل َناك ِب‬ ‫دائق باب َِل‬ ‫َح ُ‬ ‫يف الطريقِ إىل ال َعشا ِء األخريِ وانتحا ِر ال ُّن ُه ِر‬ ‫ُ‬ ‫وأضالف أيلٍ َشو ٍد َخطَ ُه ال َب َص‪.‬‬ ‫عىل َمذا ِب ِح بَرز َِخها ال َحص ِني‬ ‫ذب خ ُ‬ ‫َيال ال َح َجر‪...‬‬ ‫ال َع ُ‬ ‫أس ُة غُفرانِ املا ِء و َمعص َي َة ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫أفخاخ ُِك ال َنبيالتُ ِ‬ ‫فاف‬ ‫أنت أيتها الحرب‬ ‫ِ َّ‬ ‫خيال ليلِ الكهرمانِ الطويلِ ِ‬ ‫ـح يف ال َي ـ ِّم تَورِيــاتُ َمكائِـ ِـد ال َزع َف ـرانِ‬ ‫ُ‬ ‫أنت‬ ‫كَــا املِلـ ُ‬ ‫امل ُـ َر ِّو ِع‬ ‫ــب الخديعــ ِة‬ ‫فردوســنا املفقــود يف طــي ُج َع ِ‬ ‫عىل َه ِ‬ ‫ِ‬ ‫سيس قُبلَ ٍة من نا ٍر وناري‬ ‫أنــت‬ ‫ُ‬ ‫إىل ِجــوا ِر َصم ِتـ ِ‬ ‫ـك الكَليــمِ أ ِ‬ ‫ـوب يا ِ‬ ‫ـت إىل يَعسـ ِ‬ ‫أنت‪..‬‬ ‫نصـ ُ‬ ‫قَلبــي‬ ‫وج ٌه َصقل ُه ُ‬ ‫الربق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ســوق وتنا َهبتـ ُه تَنانـ ُن الريـ ِح الخافقــات عــى املَــدى‬ ‫ــرب يَقــ ٌن يَ‬ ‫جيــا ُدك ال َجليلَــ ُة يُهــا ال َح ُ‬ ‫الغَــا َم إىل َمقاب ِ‬ ‫امل َخفــو ِر أنتِ‬ ‫ِــض الريــ ِح‬ ‫و َمغا ِز ِل ِمعرا ِج َمدي ِح ال َح َجرِ‪.‬‬ ‫رب‬ ‫يَتُها ال َح ُ‬ ‫ُم ـ ْذ أي َقظَتنــي رايـ ُ‬ ‫رب‬ ‫ـات الليــلِ عــى شَ ــفا ُحف ـ َر ٍة أيَّتُها ال َح ُ‬ ‫مــن نــا ٍر‬ ‫رب‬ ‫يُها ال َح ُ‬ ‫واقيت الساب ِ‬ ‫أبص ُت‪..‬‬ ‫ِحات م َن ال ُنجومِ‬ ‫براهي ُن ِك يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْوال ضَ فائِ ِر ال َبحر ون ِ‬ ‫َشيد ِ‬ ‫أز َ‬ ‫بياض اللُ َّج ِة‬ ‫أرسا ُر ِك الغافياتُ َع ْس َعساتُ الصب ِح‬ ‫خ ِ‬ ‫ناح فَراشَ ٍة‬ ‫َنيس عىل غُصونِ أ ِمه‬ ‫َفقك اليَ ُّم وول َه القلب و َج ُ‬ ‫أي َك ُة ال َك َر ِز امل ّ‬ ‫ـت أيــادي ال َنديــمِ عــى ح ـ ِن َغ ـ َّر ٍة مــن َمهامي ُز ال ِعصيانِ وتفا َح ُة املشيئ ِة ِ‬ ‫أنت‬ ‫أي َقظَـ ْ‬ ‫ُمســتَبا ِح َدمــي‬ ‫رب‪.‬‬ ‫أيَتها ال َح ُ‬ ‫كل الغَيا ِه ِب نازِالتٌ من َعلٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫لِ‬ ‫هوب ال َهباء الثَم‬ ‫فاغراتُ فوه يف ُس ِ‬ ‫«‪»3‬‬ ‫ِ‬ ‫رف‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫يا‬ ‫ح‬ ‫َلب‪..‬‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫َام‬ ‫ك‬ ‫ني‬ ‫ناح‬ ‫ج‬ ‫َفق‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫للطائ‬ ‫ِ ٌ َ ِ‬ ‫ال َموازي َن لأل ِمل ب َني ُم َ َ‬ ‫ُ‬

‫‪11‬‬

‫فتى املعتقل (‪)10‬‬ ‫اسعد فخري‬

‫يُها الذاه َب ُة يف بُستانِ‬ ‫الغياب إىل آخره‬ ‫ِ‬ ‫للقلب بُر َه ٌة من َحن ٍني‬ ‫ِ‬ ‫وأنا امل ِ‬ ‫السادقِ امل َسحو ِر‬ ‫ُنش ُد يف ُ‬ ‫َم َ‬ ‫صكوك ال ُنطقِ‬ ‫وص ِ‬ ‫حاف أقفا ِل ال َحام ِد‬ ‫َممهورا ً بِز َر ِد ال َرملِ َ‬ ‫وغَدائ ِر الط ِ‬ ‫َعنات‬ ‫ِ‬ ‫بالشَ ــ َذ ِر ِ‬ ‫ــى‬ ‫الهاطــلِ مــن َعــراء وصايــا َح َ‬ ‫ِ‬ ‫ــهوات‬ ‫الشَ‬ ‫فاف فُر ِ‬ ‫عىل ِض ِ‬ ‫ات األ َزل‪ِ.‬‬ ‫َلب‪..‬‬ ‫للطائِ ِر خ ٌ‬ ‫َفق َجناح ِني كَام الق ُ‬ ‫َعرافَ ُة ال ُعرجونِ يف غَي َب ِة ال َنخل ِة‬ ‫الظال ِل إىل ِ‬ ‫َعت َصحائِفَها م َن ِ‬ ‫الظال ِل‬ ‫َرف ْ‬ ‫ـبيل وصايــا‬ ‫وسلسـ ُ‬ ‫ـرب َمواثيـ ُـق زُرقَ ـ ٍة‬ ‫َ‬ ‫هــي ال َحـ ُ‬ ‫ال ُّن ُه ـ ِر‬ ‫َعويل ُِك امل ُّصا ِع ُد يا َعرافَ َة ال َنهرينِ‬ ‫الش ِ‬ ‫فات‬ ‫بَها ُء ال َح َج ِر و َه ُ‬ ‫سيس املَزامريِ عىل ُ ُ‬ ‫اقحوانَ ُة ِ‬ ‫الغياب‬ ‫املوش ِك عىل‬ ‫ِ‬ ‫صف يف ُمجونِ ال َرعدِ‬ ‫خَليالتُ ال َع ِ‬ ‫البقِ‬ ‫وبَيلسانِ َ‬ ‫ــرتِ ُل ال َعــا َء نَحــ ُن املِح َنــة ِعــى َموائِ ِ‬ ‫ــد‬ ‫َس ُ‬ ‫ال َبصــ َر ِة‬ ‫ونَــريث ال َح َج ـ َر بال َح َج ـ ِر ِعن ـ َد َمضائِــقِ أعشـ ِ‬ ‫ـاش‬ ‫ات الو َجــلِ األليـ ِ‬ ‫قُ ـر ِ‬ ‫ـف‪.‬‬ ‫َلب‪..‬‬ ‫للطائ ِر خ ُ‬ ‫َفق َجناح ِني كَام الق ُ‬ ‫يَتُها املِح َن ُة‬ ‫خ ُ‬ ‫َيال الطائ ِر يف َجناحي ِه‬ ‫َفق لتأويلِ‬ ‫َر ُ‬ ‫فيف مجا ٍز وخ ٌ‬ ‫َحيثُ امل َدى امل ُمتَ ُد من َمذابِحناِ‬ ‫إىل َمرا ِح الويلِ‬ ‫لُ َج ًة اث َر لُ َج ٍة‬ ‫ومو َج ًة اث َر مو َج ٍة‬ ‫وغَي َم ًة اث َر غَي َم ٍة‬ ‫وص َخ ًة اث َر َص َخ ٍة‬ ‫َ‬ ‫يا يَرا َع املِح َن ِة امل َسكونَ ِة بال َنأ َم ِة الغَلوا ِء‬ ‫ِهبنــي قُبلــ َة األ َز ِل أو اقتُلنــي ِعنــ َد بوابَــ ِة‬ ‫أســوا ِر التــي عــى ال َنهــرِ‪.‬‬

‫موتٌ ينتظرُ ُق َ‬ ‫بلة موت‬ ‫ديمة محمود‬

‫أيّها الفتى األش ّم‬ ‫ِ‬ ‫املرض خنج َره‬ ‫أذكـ ُر كيف استَ َّل ُ‬ ‫وتسلّل إىل ِ‬ ‫جسدك الطّاه ِر‬ ‫كل ال ّرفاق واملوجودات‬ ‫يف غفلــ ٍة من ِّ‬ ‫كل يشء َ‬ ‫إالك أنت‬ ‫غفل ٌة من ّ‬ ‫*‬ ‫املرض وج َه جدرانِ املهجع‬ ‫حينها لثَّ َم ُ‬ ‫واجتثّ معالِـ َمها‬ ‫قطّعها أجزا ًء فَـبدتْ ممسوخ َة املالمح‬ ‫بال أسنان وبال عيون‬ ‫*‬ ‫غضبت جدرا ُن املهجع‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫فارتْ ذ ّراتُ اإلسمنت املقموع‬ ‫والصاخ والّلعنات‬ ‫املكبّلِ باإلذالل ّ‬ ‫مثاقيل‬ ‫َ‬ ‫تطاي َر هبا ُء الغضب‬ ‫قلب الجدران‬ ‫السعة من ِ‬ ‫عىل نحو ّ‬ ‫ت َدافُ ُعه كان مؤلِـامً لـ ُه‬ ‫وصا ِف ًعا لِلجدران الّتي سكن فيها‬ ‫وسكنت هي فيه منذ قضبانٍ سن َني طويلة‬ ‫*‬ ‫ِ‬ ‫الغضب‬ ‫مثاقيل هباء‬ ‫ُ‬ ‫عندما وصلت‬ ‫ِ‬ ‫إىل ِ‬ ‫سقف مهجعِ املوت‬ ‫وارتطمت يف جبهتها امل ُ َدبّبة‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫اندفعت مرت ّد ًة ِمبسارات مائلة‬ ‫ٍ‬ ‫اتجاهات متضا ّدة‬ ‫يف‬ ‫والتفتت بِعينني تدوران‬ ‫ْ‬ ‫ثالمثائ ًة وستني (‪ )٣٦٠‬سوطاً وسلكاً رباع ّيـاً‬ ‫والتقط َْت يف طريقها فُتاتاً من بطاطا ع ِفنة‬ ‫وكِ َسا ً من خُب ٍز ِآسن‬ ‫وبقايا لِـبـرغـلٍ َح ِمض‬ ‫مع كثريٍ من ِ‬ ‫األبخرة وامليكروبات‬ ‫ف‬ ‫َالتصقت جمي ُعها بِالهباء ث ّم تَك ّورتْ‬ ‫ْ‬ ‫*‬ ‫بعد التك ُّور حدّدتْ ُوجهتَها‬ ‫توجهت إليك يا حبيبي‬ ‫ْ‬ ‫فَأنت صغ ُري هذا الق ِرب املنفى‬ ‫رفاقُك الـ ُمس ّنون ومن قبلِك بِكثري‬ ‫اضمحلت أنسجتُهم ِب ِفعلِ الـهـ َرم‬ ‫ْ‬ ‫وتآكلت خالياهم من التّعذيب‬ ‫كل يشء‬ ‫جفّت أجسا ُدهم ونفدوا من ِّ‬ ‫سوى القه ِر واالستقوا ِء‬ ‫والهوانِ واآلالمِ واألوبئة‬ ‫*‬ ‫ِ‬ ‫أما أنت فَـصي ٌد ُمشتَهى لهذه ال ُكرات‬ ‫جائع ٌة هي أيضاً‬ ‫أهلكَها الهوا ُء والفنا ُء الّذي استج َدتْه‬ ‫من ِقطَع أجسا ِد رفا ِق َك البالِية‬ ‫مقهور ٌة هي أيضاً‬ ‫الذل الّذي تُس ّبح ب ِ‬ ‫س َحقَها ُّ‬ ‫ِحمده‬ ‫منذ ستّني بُسطارا ً‪ /‬بيادة ً‬ ‫*‬ ‫سط ُحها املتع ّر ُج غ ُري مكتملِ االستدارة‬ ‫املوتو ُر بِالطّفرات جيناً بعد جني‬ ‫تُغطّيه نتوءاتٌ‬ ‫تدف ُعها تق ّعراتٌ عميقة‬ ‫رسوم الفنان أسعد فرزات التق ّعرات وال ّنتوءات‬

‫رش الـهـادر ِبكُمونٍ‬ ‫تُنبّ ُئ عن ال ّ‬ ‫يف جـوف هذه ال ُكتَل الـ ُممرِضة‬ ‫*‬ ‫ِ‬ ‫كل منها إىل مساماتك املتّسخة‬ ‫تَتَسل ُّل ٌّ‬ ‫املحش ّوة بِال َع َرق والغبار‬ ‫ّأت ِ‬ ‫واملتأرجِح ِة عىل أزي ِز أن ِ‬ ‫جلدك ال ّرقيق‬ ‫رجت كُراتُ‬ ‫عىل مهلٍ تد ْح ْ‬ ‫الغضب واملرض‬ ‫ِ‬ ‫ستْ يف رشايينك!‬ ‫بِبط ٍء َ َ‬ ‫داخل‬ ‫لق ْد فقدتْ رسعتَها ما إن حطّت َ‬ ‫أنسج ِتك‬ ‫تعث ب َ‬ ‫احتكاكُها الـ ُم ِّ‬ ‫ِخالياك الـ ُمرتنِّحة‬ ‫اختل تكوين ُه‬ ‫وبِد ِم َك الّذي ّ‬ ‫واملكت ّظ من زنزانتني ونصف ِ ُممر ٍ‬ ‫ِضات أخرى‬ ‫زا َد وتري َة أني ِنك!‬ ‫*‬ ‫أني ُنك الالهثُ بِال أنفاس‬ ‫والو ْه ُن الـ ُم ِ‬ ‫نشب مخال َبه يف كُـلِّـك‬ ‫ركَلَها بِاستجداء‬ ‫فامتزجت بِثنايا أنسج ِتك‬ ‫ْ‬ ‫واختلطت بِد ِمك‬ ‫ْ‬ ‫وانزرعت يف خالياك‬ ‫ْ‬ ‫خليّة خليّة‬ ‫*‬ ‫خارتْ قُواك واست َب ّد ب َِك املرض‬ ‫وانتقلت من طَو ٍر إىل طَور‬ ‫َ‬ ‫ومن استبدا ٍد إىل استبداد‬ ‫فقدتَ القُدرة عىل الوقوف‬ ‫تقف ث ّم تسقط‬ ‫ها أنت ُ‬ ‫وتقف ث ّم تسقطْ‪ ...‬وتسقط‬ ‫ُ‬ ‫الوقوف بِك‬ ‫وقفت أو فكّر‬ ‫كلام‬ ‫َ‬ ‫*‬ ‫جل ُدك املكس ُّو بِالقروح‬ ‫كل سقوط‬ ‫الدموي مع ِّ‬ ‫يزداد بكاؤه‬ ‫ّ‬ ‫وأنت وحدك هنا‬ ‫َ‬ ‫ال يح ّرك رفاقُك ساكناً‬ ‫هم عاجزون حتى عن الشّ فقة عليك‬ ‫ثقل بِاملرض واإلعياء‬ ‫فَكلُّهم ُم ٌ‬ ‫والض ِب واله َرم والتّعذيب‬ ‫ّ‬ ‫وكل ٍ‬ ‫لقى يف مكانِه‬ ‫ُّ‬ ‫واحد منكم ُم ً‬ ‫يتحي ُ‬ ‫قاب ٌع كام امل ْوت ا ّلذي ّ‬ ‫موتاً آخ َر لِينق َّض عليه‬ ‫يرقب الـموت!‬ ‫نعم‪ :‬موتٌ‬ ‫ُ‬ ‫*‬ ‫موتٌ يرتاءى أمام عينيه وعينيك‬ ‫كَـ ُدخانِ تبغٍ أَزِف عىل النفاد يف ليلـ ٍة باردة‬ ‫وأطبقت عليها‬ ‫كل منكام‬ ‫ض ّمت أضال َع ٍّ‬ ‫ْ‬ ‫فَتك ّومت ِذراعاكام فوق بعضها‬ ‫ال تلوي عىل ذات ٍ‬ ‫صدري‬ ‫قفص‬ ‫ٍّ‬ ‫مث ّة‪َ ،‬سيرت ّمم!‬ ‫*‬ ‫جسدك‬ ‫بع َد أ ْن لثَ َم املوتُ َ‬ ‫ُمرت ّددا ً تار ًة ِ‬ ‫لـصغرِك‬ ‫و ُمتلذّذا ً تارة بِـآهاتِك‬ ‫رأسك عىل ك ِت ِفه‬ ‫أسندتَ َ‬ ‫بِانتظا ِر قُبلتَه األخرية!‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 44 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫!‪Sen vatanın hangi daşı’san, ay kardeş‬‬ ‫‏‪‎Veysel Polat‎‬‏‬

‫‪Sarıkamış’ta kalmış Halepliyi,‬‬ ‫‪Rakkalıyı, Hamalıyı, Humusluyu‬‬ ‫‪yabancı sayıyor, dışarıda tutmayı‬‬ ‫?‪düşünebiliyorsunuz‬‬ ‫‪Bin yıllık vatanın içinde değil miydi‬‬ ‫‪Halep, Şam, Musul, Erbil, Kerkük,‬‬ ‫‪Bağdat, Kudüs, Mekke, Medine,‬‬ ‫‪Beyrut, Cezayir, Kosova, Tiran,‬‬ ‫‪Sancak, Sofya, Tiflis, Bakü, Gence,‬‬ ‫‪Dağistan… Onlarca, yüzlerce vatan‬‬ ‫‪toprağı ne çabuk unutuldu.. Ne çabuk‬‬ ‫”‪unuttuk “Geride bıraktıklarımızı‬‬ ‫‪Vatanımız büyüktü kardaş..‬‬ ‫‪20 – 30 kat daha büyüktü..‬‬ ‫‪Siz kaçıp geldiniz, VATANDAŞ‬‬ ‫‪oldunuz.‬‬ ‫‪Geride kalanlar..‬‬ ‫‪Yüz yıldır sahipsiz, çaresiz zulüm‬‬ ‫‪altında, kıyılıyorlar.‬‬ ‫‪Kanları akıtılıyor..‬‬ ‫‪Balkanlarda dinmedi acımız. 100 Yıldır‬‬ ‫‪sara nöbetleri gibi tutuluyoruz..‬‬ ‫‪Dün Srebrenitsa’nın yıl dönümüydü..‬‬ ‫‪Hiç dönüp baktın mı vahşetin,‬‬ ‫‪katliamın resmine, görüntülerine..‬‬ ‫‪Çeçenistan’dan, Hocalı’dan farkı‬‬ ‫‪yoktu..‬‬ ‫‪İşte bugün de Halep’te, Rakka’da,‬‬ ‫‪İdlip’te, Şam’da, Musul’da, Felluce’de..‬‬ ‫‪Irak ve Suriye coğrafyasının her‬‬ ‫‪km2’sinde binbir vahşet ve katliam‬‬ ‫‪yaşanıyor...‬‬ ‫‪Arap, Kürt, Türk, Şii, Sünni her‬‬ ‫‪şeyiyle bin yılı paylaştığımız “BÜYÜK‬‬ ‫‪VATANDAŞLARIMIZ”ın kanı, namusu,‬‬ ‫‪çoluk – çocuk, yaşlı – genç herkesin‬‬ ‫‪her şeyine kıyılıyor..‬‬ ‫– ‪Yıllardır yanı başımızda yüzbinlerin‬‬ ‫‪milyonların kanı akıtılıyor.. Çocukların,‬‬ ‫‪kadınların çığlıklarını duymuyorsun.‬‬ ‫”‪Kapına gelebilenlere de “DAŞ‬‬ ‫!‪kesiliyorsun‬‬ ‫‪Sen geldiğinde Anadolu insanı‬‬ ‫‪“TOPRAK” oldu. Sana da gönlünü açtı,‬‬ ‫‪VATAN oldu.‬‬ ‫‪Kardeş topraklarına Emperyalizm 80‬‬ ‫‪bayrakla musallat olmuş.‬‬ ‫‪Sahip çıkacak yürek ve gücün yoksa,‬‬ ‫”‪bırak ta “BÜYÜK VATANDAŞ‬‬ ‫‪kaçabilenler gelsin.‬‬ ‫‪DAŞ, DAŞ, DAŞ..‬‬ ‫!‪KÜÇÜK VATANDAŞ‬‬

‫‪misyon açısından bir zorunluluktu..‬‬ ‫‪Gerçi su yolunu buldu. Örneğin Urfa’da‬‬ ‫‪açtıkları onlarca klinikte Sureyeli‬‬ ‫‪doktorlar, eczacılar, hemşireler başta‬‬ ‫‪kendi çevreleri olmak üzere binlerce‬‬ ‫‪insana hizmet veriyorlar. Sanayi‬‬ ‫‪sitelerinde, vasıflı Suriyeliler Urfa’ya‬‬ ‫‪kalite ve yenilikler getirdi. Birçok‬‬ ‫‪bölgede işyeri açan Suriyeli esnaf‬‬ ‫‪Arapça – Türkçe tabelalarla Urfa‬‬ ‫‪ekonomisine renk ve dinamizm kattı.‬‬ ‫‪Asıl konu bu olmadığı için‬‬ ‫‪uzatmayacağım.. Yalnız kaçırdığımız‬‬ ‫‪fırsatlar ve gavurlara kaptırdığımız‬‬ ‫‪sermaye ve imkanlar için‬‬ ‫‪hayıflanıyorum..‬‬ ‫‪Evet, Suriyelilere vatandaşlık yolunun‬‬ ‫‪açılması, doğru ve gecikmiş bir karar.‬‬ ‫‪AK Parti ve Erdoğan muhalifleri yine‬‬ ‫‪‘istemezük’ diyorlar.‬‬ ‫‪Türkiye’ye her cepheden saldıran‬‬ ‫‪düşmanların kara proğandası bu‬‬ ‫‪konuya da uzandı.‬‬ ‫‪Özellikle sosyal medya üzerinden‬‬ ‫”‪“Suriyelilere vatandaşlık verilmesin‬‬ ‫‪propağandası yayılmaya çalışılıyor..‬‬ ‫‪İflahı zor cahil ve düşmanın‬‬ ‫‪yaptıklarına bir şey demiyorum..‬‬ ‫‪Ama beni biraz gülümseten biraz da‬‬ ‫‪çocukça gördüğüm saf vatandaşlar‬‬ ‫‪var..‬‬ ‫‪Etrafımızdaki uzun savaşlar ve‬‬ ‫‪içerideki terör belasından yorulan‬‬ ‫‪– bunalan vatandaşlarımızdan,‬‬ ‫‪düşmanın propağanda ve fitnesine‬‬ ‫‪kananlar var..‬‬ ‫‪Onlar da bu “İstemezükçülere” tempo‬‬ ‫‪tutuyor..‬‬ ‫‪Suriyelilere “Vatandaş”lığı çok‬‬ ‫‪görüyorlar.‬‬ ‫‪Dün babasıyla – dedesiyle‬‬ ‫‪Balkanlardaki kıyımdan kaçıp Türkiye‬‬ ‫‪sığanan milyonlar..‬‬ ‫‪Yine Kafkaslardaki katliam ve‬‬ ‫‪kıyımlardan kaçıp 100 yıldır‬‬ ‫‪Anadolu’ya sığınanlar..‬‬ ‫‪Ortadoğu’nun bütün kentlerinden‬‬ ‫‪kopup Türkiye’ye gelenlerin çocukları..‬‬ ‫?‪Bu ne hal‬‬ ‫‪Ne çabuk Türkiyeli oldunuz da,‬‬ ‫‪dedesinin mezarı Çanakkale’de,‬‬

‫جهة خامسة‪!..‬‬ ‫إىل ٍ‬ ‫‪5. Yılına giren Suriye iç savaşından‬‬ ‫‪kaçarak, ülkemize sığınan muhacirlerle‬‬ ‫‪ilgili gecikmiş bir karar aldı hükümet..‬‬ ‫‪Suriyeli muhacirlere isterlerse‬‬ ‫‪vatandaşlık hakkı verilecek..‬‬ ‫‪Evet, gecikmiş ama doğru bir karar.‬‬ ‫‪5 Yıldır batılı konsolosluk ve elçilik‬‬ ‫‪görevlileri, bir ellerinde listeler‬‬ ‫‪diğerinde pasaportlar Urfa ve diğer‬‬ ‫’‪sınır illerinde ‘nitelikli Suriyeli‬‬ ‫‪avındalar.‬‬ ‫‪Bilim adamı, bürokrat, iş adamı, asker,‬‬ ‫‪sanatçı, mühendis vs.. ulaşabildikleri‬‬ ‫‪işlerine yarayacak tüm Suriyelileri‬‬ ‫‪tespit edip, oturma – çalışma izinleriyle‬‬ ‫‪kendi ülkelerine taşıdılar.‬‬ ‫‪Urfa’da isim isim bildiğimiz, acılarına‬‬ ‫‪– çaresizliklerine şahid olduğumuz‬‬ ‫‪yüzlercesi var. Şimdi Almanya, Fransa,‬‬ ‫‪İngiltere, Amerika, İsviçre.. batılı‬‬ ‫‪ülkelerdeler.‬‬ ‫‪Bizler ilk günden feryat ettik bu‬‬ ‫‪insanlar için. Türkiye büyük bir‬‬ ‫‪alicenaplık yapmış, sınırlarını istisnasız‬‬ ‫‪bütün Suriyeli kardeşlerine açmıştı.‬‬ ‫‪Katliam ve kıyımdan kaçan insanların‬‬ ‫‪sığınağı olmuştuk. Ama ondan sonrası‬‬ ‫‪için de atılması gereken adımlar vardı.‬‬ ‫‪Aşımızı – ekmeğimizi, köyümüzü,‬‬ ‫‪kasabamızı, şehrimizi paylaştığımız bu‬‬ ‫‪insanları hayata bağlayacak adımlar‬‬ ‫‪da atılabilmeliydi..‬‬ ‫‪Özellikle çalışma izni çok önemliydi.‬‬ ‫;‪Suriye’den gelen nitelikli insanlar‬‬ ‫‪Doktorlar, öğretmenler, meslek‬‬ ‫‪sahibi Suriyeliler, muhacirlere‬‬ ‫‪yönelik hizmetler başta olmak‬‬ ‫‪üzere Türkiye’de çalışma imkanına‬‬ ‫‪kavuşabilmeliydi..‬‬ ‫‪Üniversitelerimiz, sanayi sitelerimiz,‬‬ ‫‪sınır illerindeki belediye ve sosyal‬‬ ‫‪kuruluşlarımız için bu hem bir fırsat‬‬ ‫‪hemde bu dönemde üstlendikleri‬‬

‫أي حجر أنت يف هذا الوطن يا صديقي؟!‬ ‫* ويسل بوالت‬ ‫خــال خمــس ســنوات مــن الحــرب الداخليــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وهجــرة الســوريني إىل تركيــا‪ ،‬اتخــذت‬ ‫الحكومــة قــرارا ً متأخــرا ً بإعطــاء الجنســية للراغبــن‬ ‫منهــم‪.‬‬ ‫نعم تأخر القرار ولكنه قرار صائب‪.‬‬ ‫خمــس ســنني والقنصليــات الغربيــة تعمــل عــى‬ ‫اســتقطاب الســوريني املتعلمــن‪ ،‬ورجــال األعــال‬ ‫والعلــاء ورجــال الجيــش والفنانــن واملهندســن‪...‬‬ ‫يف أورفــا نعرفهــم اســاً اســاً‪ ،‬ونعــرف وجعهــم‬ ‫وه ّمهــم ونحــن شــهود عــى معاناتهــم‪ ،‬ويف الوقــت‬ ‫الحــارض أملانيــا فرنســا إنكلــرا أمريــكا ســويرسا‬ ‫تحتضنهــم‪ ،‬فيــا نحــن مــن اليــوم األول لقدومهــم‬ ‫توســلنا كثــرا ً ألجلهــم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تركيــا التــي ر ّح َبــت بالســوريني الهاربــن مــن املــوت‬ ‫مــأوى‬ ‫منــذ اليــوم األول لقدومهــم‪ ،‬حيــث صــارت‬ ‫ً‬ ‫لهــم‪ ،‬كان عليهــا أن تقــوم بأعــال جديــدة الحتضانهم‬ ‫ومنهــا إعطــاء أذون العمــل للســوريني مبــا فيهــم مــن‬ ‫أطبــاء ومهندســن ومهنيــن‪ ،‬كان يجــب عــى تركيــا‬ ‫مــن اليــوم األول اســتيعابهم يف ســوق العمــل الرتكيــة‪.‬‬

‫وكان يجــب عــى الجامعــات والبلديــات واملعاهــد‬ ‫املهنيــة للمــدن التــي عــى أطـراف الحــدود الســورية‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وكذلــك الجمعيــات االجتامعيــة إعطــاء‬ ‫الفرصــة لهــم‪ ،‬إضافــة إىل كــون هــذا جــزء مــن عمــل‬ ‫هــذه الجهــات‪.‬‬ ‫لقــد وجــد املــاء طريقــه‪ ،‬وقــد قــام الســوريون بافتتاح‬ ‫عيــادات وصيدل ّيــات بالعـرات‪ ،‬ويعطــون خدماتهــم‬ ‫لأللــوف‪ ،‬وكث ـرا ً مــا اســتفادت أورفــا مــن خدماتهــم‬ ‫ومعارفهــم الجديــدة‪.‬‬ ‫لقــد أعطــى الســوريون لالقتصــاد الــريك لونـاً وحركــة‪،‬‬ ‫وإننــي حزيــن ألننــا ف ّرطنــا بالســوريني لصالــح دول‬ ‫أوروبــا‪ ،‬وإن قـرار إعطــاء الجنســية وإن جــاء متأخـرا ً‬ ‫إلّ أنــه ق ـرار صائــب‪.‬‬ ‫إننــي أقــول ملــن يعــارض هــذا القــرار إ ّن أولئــك‬ ‫القادمــن مــن بــاد الشــام ليســوا غربــاء وقبــور‬ ‫أجدادهــم ال زالــت موجــودة يف «جنــق قلعــة»‬ ‫و «صاري قامش»‪.‬‬ ‫* رئيس احتاد صحفيي شانلي اورفا‬

‫المغيرة الهويدي‬ ‫أضعف م ّرة ثانية‪ ،‬وأطلب النسيان‪...‬‬

‫أريــد أن أعيــش هنــاك‪ ،‬متجاهــاً صــوت البــاد يأتينــي مشــفوعاً‬ ‫بروائــح أ ّميزهــا‪ .‬هنــا رائحــة الوقــت ع ـرا ً عندمــا تغســل فتــاة وجــه‬ ‫األرض بالفــرات‪ ،‬هنــا رائحــة التوابــل تفــوح مــن محــات العطــارة‬ ‫ومالفــع األمهــات‪ ،‬هنــا رائحــة ثيــاب ال ْعـ َرب تنرشهــا عــى حبل الغســيل‬ ‫وتس ـلّمها لنســيم ينعــش عــروق القيــظ‪ ،‬هنــا رائحــة الشــاي نســكبه‬ ‫للعابريــن يف يفء التــوت والــرو والياســمني‪ ،‬هنــا رائحــة الحصــا معتّقــة‬ ‫بتاريــخ األكــف التــي ألقــت بهــا إىل النهــر‪ ...‬هنــا رائحــة الخشــب يف‬ ‫محــات النجــارة‪ ،‬الحديــد تحــت مطــارق الحدادايــن‪ ،‬العشــب عــى‬ ‫هوامــش الطريــق‪ ،‬املــاء يف الــكأس‪ ،‬واملــاء يف الــدن‪ ،‬واملــاء يف الســاقية‪...‬‬ ‫هنــا رائحــة النــار‪ ،‬شــعر طفلــة‪ ،‬وقميــص عاشــقٍ يهفــو لرائحــة امــرأ ٍة‬ ‫تقيــم أبــدا ً يف «جـ ّـار» القلــب‪...‬‬ ‫ـي‪ .‬أتعبتنــي‬ ‫أريــد أن أنــى أكــر‪ ،‬أن أخــرج مــن حضــور ّ‬ ‫كل يشء يف عينـ ّ‬ ‫كل مــا فيهــا جهــات‪ ،‬وبلــد ضائــع يف الطريــق إىل جهــة‬ ‫املقارنــة بــن بــاد ّ‬ ‫خامســة‪ ،‬أتعبتنــي الكلــات التــي ال تشــبع مــن اج ـرار مــن الذاكــرة‪،‬‬ ‫ـر مــا كان‪...‬‬ ‫فــإذا تعبـ ُ‬ ‫ـت قادتنــي منهــكاً إىل حظــرة يف الهامــش؛ ألفـ ّ‬ ‫ـر حاجتــه دون أن يقــع يف فـ ّخ التأويــل؟!‬ ‫كيــف لغريـ ٍ‬ ‫ـب أن يفـ ّ‬ ‫أريـ ُد بــادا ً يســهل نســيانها‪ ،‬وال تعنينــي بــيء‪ .‬ممكـ ٌن جــدا ً أن تواصــل‬ ‫الحيــاة يف بــاد ال تعنيــك‪ ،‬بــاد ألوالدك الذيــن ســتنجبهم يف هــذا‬ ‫الشــتات‪ .‬ترعبنــي فكــرة أن يكــر أطفــايل يف بــا ٍد بعيــدة‪ ،‬بــا ٍد عــى‬ ‫هيئــة أوراق رســم ّية‪ ،‬وجــوازات ســفر مل ّونــة‪ ،‬ومحطــات تربــط العــامل‬ ‫بالقـ ّوة ذاتهــا التــي تفصلهــم عــن نقطــة عميــاء يف ات ّســاع رؤيــا الغريب‪.‬‬ ‫نحــن كــا يقــول ماركيــز‪« :‬الننتســب ألرض ال مــوىت لنــا فيهــا»‪ ،‬أ ّمــا هــم‬ ‫فبموتــك تكــون قــد أعطيتهــم فرصــة االنتــاء ألرض ال تعنيــك أنــت‪،‬‬ ‫هــذه مفارقــة ســاخرة ومريــرة مبقــدار املـرارة التــي تصيبــك وأنــت تــرى‬ ‫أنّــك إنســا ٌن قُ ـ ّد مــن جــذع البــاد‪ ،‬مرمــي يف اليبــاس عــى مــرأى نهــر‬ ‫الوقــت الــذي يحــرف اللعــب بــك بشــمس اليقــن وظــال األوهــام‪،‬‬ ‫مبقــدار امل ـرارة التــي تصيبــك وأنــت هنــاك تدقــق يف أســاء املحــات‬ ‫والشــوارع والســاحات‪ ،‬بأرقــام الســيارات‪ ،‬بالوجــوه التــي تأخــذك‬ ‫إىل تقاطعــات مشــركة رسعــان مــا تصيبــك بالخيبــة حــن تســقط يف‬ ‫ســمعك‪ ،‬وأنــت تعــر يف حديــث عابــر بــن اثنــن يضحــكان!‬ ‫أريــد أن أنــى‪ ،‬أنــا الــذي دامئـاً كنــت أتب ّجــح بعــدايئ للنســيان‪ ،‬لكننــي‬ ‫تعبــت مــن حيــاة غــر عاديــة‪ ،‬مــن مــوت يــأيت وال يــأيت‪ ،‬مــن أصدقــاء‬ ‫ٍ‬ ‫بيــوت أســكنها‬ ‫ال يشــبهون األصدقــاء لخلــلٍ يف املــكان والزمــان‪ ،‬مــن‬ ‫وال تهبنــي أكــر مــن أريكــة ورسيــر وطاولــة‪ ،‬بيــوت ال تعــرف نزالءهــا‬ ‫مثــل ماخــور أعمــى‪ ،‬تعبــت مــن أعيــاد ال تشــبهنا‪ ،‬منثّــل يف صباحاتهــا‬ ‫الفــرح لنســعد غرينــا‪ ،‬كأننــا ممثلــو كومبــارس‪ ،‬خلفيــة ملشـ ٍ‬ ‫ـهد طويــلٍ يف‬ ‫مرسحي ـ ٍة تراجيديــة‪ .‬تعبــت مــن الخــوف الــذي ال تبــدده كل املناطــق‬ ‫الخ ـراء يف جغرافيــة التاريــخ‪ ،‬مــن القلــق الــذي يصيبنــي كلــا اهت ـ ّز‬ ‫غصــ ٌن يف ذاكــريت وطــار عصفــور إىل الســاء‪ ،‬مــن األمل الــذي يعرفنــا‬ ‫ـت مــن‬ ‫ج ّيــدا ً‪ ،‬مي ّيزنــا‪ ،‬يختارنــا لوالئــم الع ـزاءات التــي ال تنتهــي‪ .‬تعبـ ُ‬ ‫معرفتــي بــدايئ‪ ،‬أنــا الــذي مل يجــد مــا يرشحــه ســواء دائــه‪ ،‬أنــا الــذي‬ ‫يقــول‪« :‬أصــل الــداء النســيان»‪.‬‬ ‫أريــد أن أنســاين‪ ،‬أن أتجاهلنــي كلــا وقعــت يف املــرارة‪ ،‬وأن أمــي‬ ‫إىل عمــي مب ّك ـرا ً‪ ،‬وعندمــا يســألني أحدهــم عــن بــادي‪ ،‬أرشب قهــويت‬ ‫املــ ّرة‪ ،‬وبابتســامة ال تن ـ ّم عــن يشء‪ ،‬أجيــب‪:‬‬ ‫ أنا من ٍ‬‫بلد ضائعٍ يف الطريق!‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 44‬تمــوز ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.