Alharmal (45) 01 08 2016 العدد 45 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ألــف يــوم على غيــاب الدكتــور إســماعيل الحامض‪..‬‬

‫الحريــة لــكل المعتقليــن والمغيبيــن في ســوريا‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 45‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫نجح الشعب الرتكي يف حماية أغلى ما يملك‪ ..‬الديموقراطية‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ذرور احلرمل‬

‫‪ Türk halkı sahip olduğu en değerli şeye sahip‬تركيا الرق��م األصعب يف معادلة‬ ‫‪çıkmayı başardı.. Demokrasi‬‬ ‫الشرق األوسط!‬

‫بسام البليبل‬

‫إعدام أربعة أشخاص يف البو كمال‪ ..‬وداعش تستولي على أمالك الغائبني‬

‫قصــف وحشــي علــى حلب والضحايــا باملئــات ومجازر مروّعــة يف منبج‬ ‫تفجــر إرهابــي يف القامشــلي يــودي بحيــاة أكثــر من ‪ 100‬شــخص وعشــرات الجرحى‬

‫حممد جاسم احلميدي‬ ‫يف ذمة اهلل‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫خلف اجلربوع‬

‫حراس الثقب األسودِ‬

‫معبد احلسون‬

‫‪ Halil Özcan‬د‪ .‬مساح هدايا‬

‫حماولة االنقالب الفاشلة‬

‫انقالب‪ ..‬وموجة عكسية ّ‬ ‫مرتدة‬

‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪8‬‬

‫غروب الدميقراطية والعلمانية‪..‬‬ ‫وشروق «املستبد العادل»‬

‫‪10‬‬

‫جورج كنت‬

‫آرام كرابيت‬

‫ساندرز من احلملة إىل احلركة‬

‫يف رواي��ة أل��ف مش��س مش��رقة‬

‫‪10‬‬

‫عيسى الشيخ حسن‬

‫سنة الثلج األمحر‬

‫ال بــد أ ّن دوائــر صنــع الق ـرار الغربيــة عاكف ـ ٌة اليــوم عــى دراســة الحالــة‬ ‫الرتكيــة الجديــدة‪ ،‬إثــر االنقــاب العســكري الفاشــل‪ ،‬الســتخالص العــر والنتائــج‪،‬‬ ‫التــي ســيكون أولهــا‪ :‬أ ّن تركيــا قــد وأدت االنقالبــات العســكرية إىل األبــد‪.‬‬ ‫ولــن يكــون آخرهــا‪ :‬أ ّن تركيــا ســتعيد العــامل إىل زمــن الحــرب البــاردة‪ ،‬والقطبيــة‬ ‫الثنائيــة بشــكلٍ فعــي‪ ،‬إذا ألجأهــا الغــرب إىل رضورة إعــادة النظــر يف رشاكاتهــا‬ ‫االســراتيجية‪ ،‬ودفعهــا إىل العمــل عــى بنــاء رشاكات اســراتيجية جديــدة‪،‬‬ ‫بحكــم الــرورة‪ ،‬ســتكون روســيا والصــن عــى رأســها‪.‬‬ ‫وعندهــا ســتهدد تركيــا الغــرب بخروجهــا مــن الحلــف األطلــي‪ ،‬الــذي كانــت‬ ‫تركيــا رأس حربــة لــه عــى حــدوده الجنوبيــة‪ ،‬ألكــر مــن ســتة عقــود‪ ،‬وليــس‬ ‫العكــس‪ ،‬كــا لوحــت بذلــك أمريــكا محــذرة تركيــا بأنهــا قــد تفقــد عضويتهــا‬ ‫بحلــف الناتــو‪!..‬‬ ‫ال شــك أ ّن تركيــا اليــوم ليســت تركيــا مــا قبــل محاولــة االنقــاب الفاشــل‪ ،‬يف‬ ‫مســاء الخامــس عــر مــن متــوز‪2016‬‬ ‫تركيــا التــي كان االنقــاب العســكري يتــم فيهــا مبوجــب مذكــرة مــن الجيــش إىل‬ ‫الحكومــة كــا يف انقــاب‪ ،1971‬ليســت تركيــا اليــوم التــي واجهــت فيــه الدولــة‬ ‫بكاملهــا محاولــة االنقــاب‪ ،‬وخــرج فيــه كامــل الشــعب دفاعـاً عــن مكتســباته‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬واســتقراره الســيايس‪ ،‬ومنــوه االقتصــادي‪ ،‬وحرياتــه املدنيــة‪.‬‬ ‫الحقيقــة أ ّن مــا حــدث يف تركيــا مل يكــن محاولــة انقــاب داخليــة‪ ،‬وإمنــا كان‬ ‫الحلقــة األخــرة يف املخطــط الغــريب الهــادف إىل تفكيــك منطقــة الــرق‬ ‫األوســط‪ ،‬وإعــادة تركيبهــا عــى أســس عرقيــة وطائفيــة ودينيــة‪ ،‬ومحاولــة‬ ‫جــادة إلســقاط رمزيــة الحالــة الرتكيــة‪ ،‬عــى تجســيد قــدرة دولــة إســامية أن‬ ‫تكــون دولــة دميقراطيــة علامنيــة‪ ،‬تســتطيع فصــل الديــن عــن الدولــة‪ ،‬دون أن‬ ‫تخــر هويتهــا‪.‬‬ ‫وأن تكــون واحــدة مــن أقــوى عرشيــن اقتصــادا ً يف العــامل‪ ،‬وأن تكــون رقــاً‬ ‫صعبــاً ال ميكــن اختزالــه يف املعادلــة السياســية للــرق األوســط‪.‬‬ ‫إ ّن تجــاوز الــدول األوربيــة لســقف الخطــاب الرســمي مــع تركيــا بعــد االنقــاب‪،‬‬ ‫والتهديــدات األمريكيــة املبطنــة والعلنيــة‪ ،‬وموقــف الصحافــة الغربيــة املنحــاز‪،‬‬ ‫يوضــح حجــم املؤامــرة التــي اســتهدفت تركيــا‪ ،‬وحجــم الصدمــة مــن فشــل‬ ‫االنقــاب‪ ،‬الــذي سيشــكل إعاقــة حقيقية ملــروع التقســيم‪ ،‬واســتكامل الهيمنة‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬والــذي ســيجرب الغــرب عــى إعــادة النظــر يف أســاليبه التقليديــة‪،‬‬ ‫ومراجعــة مواقفــه األخالقيــة‪ ،‬والتعامــل مــع تركيــا كدولــة دميقراطيــة‪ ،‬يجــب‬ ‫احـرام إرادتهــا السياســية‪ ،‬ومصالحهــا الوطنيــة‪ ،‬وأمنهــا القومــي‪.‬‬ ‫إ ّن حــدوث انقــاب عســكري يف تركيــا‪ ،‬ال يعنــي عــدم وجــود دميقراطيــة‪،‬‬ ‫كــا يحلــو للبعــض أن يســوق‪ ،‬بــل إ ّن فشــل هــذا االنقــاب‪ ،‬بالطريقــة التــي‬ ‫تــم فيهــا‪ ،‬يثبــت مــدى التطــور الثقــايف والســيايس واالقتصــادي واالجتامعــي‪،‬‬ ‫املرتاكــم إيجابي ـاً عــر قــرن مــن الزمــان‪ ،‬وكيــف أ ّن الشــعب الــريك كان قــادرا ً‬ ‫عــى اســتيعاب واحتضــان التحــوالت الدميقراطيــة‪ ،‬حيــث أدرك‪ ،‬لحظــة‬ ‫االنقــاب‪ ،‬عــر كل رشائحــه االجتامعيــة والسياســية‪ ،‬أ ّن االنقــاب يشــكل خطـرا ً‬ ‫أكيــدا ً عــى الدميقراطيــة واالســتقرار‪ ،‬هــذا اإلحســاس الواعــي الــذي انعكــس‬ ‫عــى موقــف الرشطــة والجيــش‪ ،‬الــذي أثبــت‪ ،‬برفــض أغلــب كــوادره لالنقــاب‪،‬‬ ‫أنــه كان ومــا زال وســيبقى الحامــي لرتكيــا الوطــن‪.‬‬ ‫لذلــك فــإ ّن الدميقراطيــة هــي املنتــر الحقيقــي يف تركيــا‪ ،‬بــل الشــعب الــريك‪،‬‬ ‫الحامــي لهــذه الدميقراطيــة‪ ،‬بكافــة مكوناتــه وأطيافــه‪ ،‬وكذلك أحـزاب املعارضة‬ ‫التــي عــرت‪ ،‬برفضهــا االنقــاب‪ ،‬عــن وعيهــا واســتيعابها لل ـراع الدميقراطــي‬ ‫الســيايس‪ ،‬الــذي يجــب أن يظــل ضمــن حــدود مصلحــة الجامعــة‪ ،‬واملصلحــة‬ ‫العليــا للوطــن‪.‬‬ ‫كــا أ ّن شــجاعة الســيد إردوغــان‪ ،‬وأعضــاء حكومتــه‪ ،‬وإميانهــم العميــق‬ ‫بالشــعب‪ ،‬كان عامــاً حاســاً يف هــذا االنتصــار العظيــم‪.‬‬ ‫هــذا االنتصــار الــذي كان مبثابــة أكســر الحيــاة لشــعوب دول الربيــع العــريب‪،‬‬ ‫ودعـاً معنويـاً وسياســيا للثــورة الســورية‪ ،‬ال يقــدر بثمــن‪ ،‬يضــاف إىل مــا ســلف‬ ‫مــن أيــا ٍد بيضــاء لرتكيــا عنــد الشــعب الســوري‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫إعدام أربعة أشخاص يف البو كمال‪ ..‬وداعش تستولي على أمالك الغائبني‬ ‫اشتباكات بني النظام وداعش يف دير الزور وما زال السكان يعانون من مشكلة مياه الشرب‬ ‫عامر الهويدي‬ ‫بــن أحــد الراصديــن يف ريــف ديرالــزور‬ ‫ّ‬ ‫عــر اتصــال هاتفــي معــه‪ ،‬أن تنظيــم داعــش‬ ‫وبالتعــاون مــع النظــام األســدي املجــرم بإجبــار‬ ‫كل مــن يريــد الخــروج مــن ديــر الــزور وريفهــا‬ ‫«أرض الخالفــة املزعومــة» كــا يزعمــون‪ ،‬عــى‬ ‫التنــازل عــن كل مــا ميلــك مــن أر ٍ‬ ‫اض وعقــارات‬ ‫لصالــح التنظيــم وبالتوقيــع والبصمــة وأمــام‬ ‫الشــهود وبــأوراق قانونيــة إن مل يعــد املوقــع‬ ‫عــى األوراق (طالــب إذن الخــروج) خــال‬ ‫مــدة أقصاهــا شــهر واحــد‪ ،‬ولفــت راصدنــا‬ ‫أن الغريــب باملوضــوع عنــد طلــب موافقــة‬ ‫الخــروج مــن أرايض ديــر الــزور يطلــب التنظيــم‬ ‫ورقــة تبــن أمــاك طالــب اإلذن ليتبــن أن‬ ‫التنظيــم يقــوم بجلــب بيانــات العقــارات‬ ‫«الطابــو أو القوجــان» مــن النظــام وبطــرق‬ ‫غريبــة لــكل مــا ميلــك هــذا الشــخص‪ ،‬وبهــذه‬ ‫العمليــة أصبحــت نصــف أرايض ديــر الــزور‬ ‫وريفهــا ملــكاً لعنــارص داعــش وعنــارصه الذيــن‬ ‫يُعتقــد أنهــم تابعــون ملخابــرات إيرانيــة‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل قــام تنظيــم داعــش بإعــدام‬ ‫أربعــة أشــخاص يف مدينــة البوكــال‪ ،‬اثنــن‬ ‫منهــم تــم إعدامهــم عــى دوار املرصيــة‪،‬‬ ‫واآلخريــن تــم إعدامهــم عــى دوار الطيــارة‬ ‫رميـاً بالرصــاص بتهمــة تهريــب أشــخاص خــارج‬ ‫مناطــق ســيطرة التنظيــم‪ ،‬كــا شــن التنظيــم‬ ‫حملــة اعتقــاالت يف ســوق الغنــم «املاكــف»‬ ‫عــى أطــراف مدينــة املياديــن بريــف ديــر‬ ‫الــزور الرشقــي‪ ،‬يف الوقــت الــذي أفــرج التنظيــم‬ ‫عــن ثالثــة معتقلــن يف قريــة املــرب بريــف‬ ‫ديــر الــزور الغــريب‪ ،‬كان قــد اعتقلهــم منــذ ســنة‬ ‫وثالثــة أشــهر عــى الرغــم مــن أنــه رصح ســابقاً‬ ‫بإعدامهــم داخــل ســجونه‪.‬‬ ‫كــا قــام تنظيــم داعــش برفــع أســعار األدويــة‬ ‫إىل ضعفــن يف ريــف ديــر الــزور الغريب‪-‬شــامية‪،‬‬ ‫ومنــع املــرىض مــن الحصــول عــى الســرومات‬ ‫واألدويــة اإلســعافية خــارج مشــايف التنظيــم‪،‬‬ ‫إذ تعطــى حــرا ً داخلهــا‪ ،‬واعتقــل تنظيــم‬ ‫«داعــش» الطاقــم الطبــي يف مشــفى الطــب‬ ‫الحديــث مبدينــة املياديــن يف ريــف ديــر الــزور‬ ‫بتهمــة رسقــة املعــدات الطبيــة‪ ،‬وفــرض التنظيم‬ ‫عليهــم غرامــات ماليــة مقابــل إطــاق رساحهــم‪،‬‬ ‫كــا قــام بتغيــر اســم مشــفى النــوري ليطلــق‬ ‫عليــه مشــفى األندلــس بعــد االســتيالء عليــه‬ ‫مــن قبــل عنــارصه‪ ،‬فيــا قــام جهــاز الحســبة‬

‫التابــع لتنظيــم داعــش بتكثيــف دورياتــه‬ ‫واملداهــات يف املدينــة ومحيطهــا بحثــاً عــن‬ ‫أجهــزة االســتقبال الفضــايئ ‪/‬الســتاليت‪ ،/‬فيــا‬ ‫افتتــح التنظيــم شــبكة مجانيــة واي فــاي خاصــة‬ ‫بتحميــل إصــدارات التنظيــم‪ ،‬وهــي منتــرة يف‬ ‫النقــاط اإلعالميــة باملدينــة ومــا حولهــا‪.‬‬ ‫اشتباكات داعش والنظام‬ ‫متكنــت قــوات النظــام مــن الســيطرة عــى‬ ‫نقــاط جديــدة بجبــال ثــردة‪ ،‬وهــي ثــردة‬ ‫‪ 2‬وذلــك بعــد الهجــوم الــذي نفذتــه قــوات‬ ‫النظــام مدعومــاً بالطــران الحــريب الســوري‬ ‫والــرويس‪ ،‬وبذلــك تســيطر قــوات النظــام بجبال‬ ‫ثــردة عــى نقطتــن وهــي ثــردة ‪ 2‬وثــردة ‪3‬‬ ‫ويســيطر تنظيــم داعــش عــى نقطــة واحــدة‬ ‫وهــي ثــردة ‪ ،1‬وكذلــك متكنــت قــوات النظــام‬ ‫منــذ أيــام مــن الســيطرة عــى الســاتر «تســعني»‬ ‫يف محيــط مطــار ديــر الــزور العســكري‪ ،‬كــا‬ ‫تــدور اشــتباكات عنيفــة ومتقطعــة بــن قــوات‬ ‫النظــام وتنظيــم داعــش يف قريــة البغيليــة‪،‬‬ ‫حيــث شــنت قــوات النظــام ومبســاندة الطـران‬ ‫الحــريب هجومــاً عنيفــاً عــى مواقــع تنظيــم‬ ‫داعــش بقريــة البغيليــة‪ ،‬ومتكنــت من الســيطرة‬ ‫عــى نقــاط جديــدة بالقــرب مــن مســاكن‬ ‫الــرواد وتلــة الــرواد والســعي للتقــدم لنقــاط‬ ‫جديــدة‪ ،‬وتســعى قــوات النظــام الســتعادة‬ ‫الســيطرة عــى قريــة البغيليــة اإلســراتيجية‪،‬‬

‫والتــي تحتــوي عــى األرايض الزراعيــة‪ ،‬وخاصــة‬ ‫األرايض املزروعــة بالخضــار‪ ،‬وكذلــك تحتــوي‬ ‫عــى محطــة ميــاه الباســل العمالقــة‪ ،‬والتــي‬ ‫تــزود أغلــب مناطــق ســيطرة النظــام بامليــاه‪،‬‬ ‫وتســعى قــوات النظــام بديــر الــزور لتوســيع‬ ‫نطــاق ســيطرتها يف محيــط مطــار ديــر الــزور‬ ‫العســكري لتأمــن املطــار العســكري وهبــوط‬ ‫طائ ـرات اليوشــن‪ ،‬ويــأيت تقــدم قــوات النظــام‬ ‫يف جبهــات ديــر الــزور‪ ،‬ومبادرتــه بشــن الهجــوم‬ ‫بعــد تــويل اللــواء حســن املحمــد قيــادة قــوات‬ ‫النظــام املجــرم يف املنطقــة الرشقيــة‪ ،‬واعتــاده‬ ‫إسـراتيجية الهجــوم‪ ،‬ودعــم قواتــه وعنــارصه يف‬ ‫ديــر الــزور بــكل أشــكال الدعــم مــن األســلحة‬ ‫والذخــرة والطعــام والتعزيــزات‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه قــام تنظيــم داعــش املتمركــز‬ ‫يف منطقــة جبــال ثــردة باســتهداف تجمــع‬ ‫ســيارات الهــال األحمــر بديــر الــزور بقذائــف‬ ‫دبابــة يف منطقــة ســقوط املظــات املحملــة‬ ‫باملســاعدات الواصلــة ملحافظــة ديــر الــزور مــن‬ ‫برنامــج األغذيــة العاملــي التابــع لألمــم املتحــدة‬ ‫لألهــايل املحارصيــن‪ ،‬فــأدى ذلك إلحــداث أرضار‬ ‫ماديــة بســيارات الهــال‪ ،‬وقــام ط ـران النظــام‬ ‫الحــريب بالــرد عــى مصــادر النــران وتنفيــذ‬ ‫عــدة غــارات باملنطقــة املذكــورة وإبعــاد خطــر‬ ‫الدبابــة‪.‬‬ ‫وواصــل الط ـران الحــريب شــن غاراتــه الجويــة‬

‫مســتهدفاً البغيليــة وأحيــاء الصناعــة‪ ،‬والعــريض‪،‬‬ ‫ومحيــط الحديقــة املركزيــة‪ ،‬والحويقــة‪،‬‬ ‫ومدخــل املدينــة الجنــويب‪ ،‬ومحيــط جــر‬ ‫السياســية‪ ،‬وبلــدة الخريطــة‪ ،‬وقريــة حوايــج‬ ‫ذيــاب شــامية‪ ،‬وبلــدة عيــاش‪ ،‬فيــا قــام عنــارص‬ ‫تنظيــم داعــش باســتهداف حــي القصــور بثــاث‬ ‫قذائــف هــاون‪ ،‬كــا أغــارت الطائــرات عــى‬ ‫حــاوي مدينــة املوحســن‪ ،‬بينــا أعلــن تنظيــم‬ ‫داعــش عــن متكــن عنــارصه مــن تدمــر مدفعني‬ ‫لقــوات األســد عــى تلــة هرابــش جنــوب مدينــة‬ ‫ديــر الــزور أحدهــا مــن عيــار ‪ 57‬واآلخــر عيــار‬ ‫‪ 23‬بعــد اســتهدافهام بصاروخــن موجهــن‪.‬‬ ‫أحوال أحياء اجلورة والقصور واملوظفني‪:‬‬ ‫قامــت األجهــزة األمنيــة التابعــة لنظــام األســد‬ ‫مبصــادرة ‪ 100‬حصــة غذائيــة مخصصــة للهــال‬ ‫األحمــر الســوري يف ديــر الــزور‪ ،‬وذلــك مــن‬ ‫محــل تجــاري عائــد ألحــد املواطنــن يف حــي‬ ‫الجــورة املحــارص‪ ،‬إذ كان يبيعهــا للمواطنــن‬ ‫بأســعار عاليــة‪ ،‬عل ـاً أنهــا مخصصــة للتوزيــع‬ ‫مجانــاً عــى األهــايل املحارصيــن‪ ،‬وشــهدت‬ ‫أحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن عــودة‬ ‫عمــل أغلــب األفـران بعــد قيــام قــوات النظــام‬ ‫بتزويــد هــذه األف ـران مبــادة املــازوت‪ ،‬ويــزداد‬ ‫الوضــع اإلنســاين ســوءا ً مــع انتشــار العديــد‬ ‫مــن األم ـراض الجلديــة‪ ،‬إضافــة ملــرض العــى‬

‫الليــي نتيجــة النقــص يف الفيتامينــات األساســية‬ ‫املرتتــب عــن النقــص الحــاد باملــواد الغذائيــة‪،‬‬ ‫كــا عــادت محطــات ضــخ امليــاه للعمــل يف‬ ‫األحيــاء املحــارصة‪ ،‬وهــي املــرة األوىل التــي‬ ‫تعمــل فيهــا محطــات ضــخ امليــاه ألكــر مــن‬ ‫ثــاث ســاعات مــن عــدة شــهور‪ ،‬كــا شــهدت‬ ‫األحيــاء املحــارصة إلقــاء ثالثــة شــحنات جديــدة‬ ‫مــن املســاعدات عــن طريــق طائ ـرات روســية‬ ‫لقــوات النظــام‪.‬‬ ‫ومــن ناحيــة ثانيــة فقــد تــم عــودة ضــخ امليــاه‬ ‫لألهــايل بأحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن‬ ‫بعــد انقطاعهــا منــذ مــدة‪ ،‬وقــد تحســن ضــخ‬ ‫امليــاه‪ ،‬وأصبــح أقــوى قليـاً مــن األيام الســابقة‪،‬‬ ‫وال يصــل ضــخ امليــاه لجميــع الحــارات الواقعــة‬ ‫بــن شــارعي الــوادي والســجن بحــي الجــورة‬ ‫لضعــف الضــخ‪ ،‬وألن هــذه الحــارات تتغــذى‬ ‫مــن امليــاه مــن محطــة الباســل بقريــة البغيليــة‬ ‫التــي يســيطر عليهــا تنظيــم داعــش‪ ،‬وتنقطــع‬ ‫امليــاه عــن طــب الجــورة التــي تتغــذى مــن‬ ‫محطــة الباســل أيضــاً‪ ،‬ويكــون الضــخ ضعيفــاً‬ ‫جــدا ً بضاحيــة الجــورة‪ ،‬ويقــوم بعــض األهــايل‬ ‫بهــذه املنطقــة‪ ،‬وبعــض الشــوارع الرئيســية‪،‬‬ ‫والحــارات يف حــي الجــورة بالحفــر والتنقيــب‬ ‫عــن خطــوط امليــاه وجلــب امليــاه منهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫أن ضغــط هــذه الخطــوط ضعيــف جــدا ً‪ ،‬وال‬ ‫تصعــد امليــاه إىل املنــازل‪ ،‬ومل تقــم قــوات‬ ‫النظــام بإيجــاد الحــل للحــارات التــي ال تصلهــا‬ ‫امليــاه بحــي الجــورة إىل حينــه‪ ،‬وتشــكل هــذه‬ ‫الحــارات أكــر مــن نصــف شــوارع وحــارات‬ ‫حــي الجــورة‪ ،‬ويقــوم بعــض األهــايل بــراء‬ ‫برميــل امليــاه مببلــغ ‪ 1000‬لــرة ومصــدر هــذه‬ ‫امليــاه كذلــك فــرع النهــر‪ ،‬وتنقطــع امليــاه عــن‬ ‫حــي هرابــش منــذ ســيطرة تنظيــم داعــش عــى‬ ‫محطــة ميــاه الباســل بقريــة البغيليــة فيقــوم‬ ‫األهــايل بجلــب امليــاه مــن آبــار امليــاه املالحــة‬ ‫ومــن فــرع نهــر الف ـرات أيض ـاً‪.‬‬ ‫مــا زال أهــايل ديــر الــزور يعانــون مــن مشــكلة‬ ‫الخبــز‪ ،‬وتفاقــم مشــكلة الحصــول عــى امليــاه‬ ‫النقيــة‪ ،‬وســط ترقــب ألمــراض قادمــة‪ ،‬رمبــا‬ ‫تكــون مصــدر قلــق إضــايف ملــا يعانونــه مــن‬ ‫عســف قــوات النظــام وتنظيــم داعــش‪ ،‬ومــا زال‬ ‫النــاس يتلقفهــم املــوت القــادم مــن الطائـرات‪،‬‬ ‫ومــن يتســنى لــه النجــاة‪ ،‬فاملــوت الداعــي‬ ‫يرتبصــه يف كل لحظــة‪.‬‬

‫تفجــر إرهابــي يف القامشــلي يــودي بحيــاة أكثر من ‪ 100‬شــخص وعشــرات الجرحى‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫أدى هجــوم انتحــاري إىل وقــوع أكــر‬ ‫مــن مئــة ضحيــة وعــرات الجرحــى يف‬ ‫مدينــة القامشــي الســورية‪ ،‬وتبنــى تنظيــم‬ ‫داعــش اإلرهــايب العمليــة االنتحاريــة‪ ،‬والتــي‬ ‫اســتخدم خاللهــا شــاحنة مفخخــة‪ ،‬اســتهدف‬ ‫فيهــا مجمعـاً تابعـاً لوحــدات حاميــة الشــعب‬ ‫الكورديــة‪ ،‬ويضــم العديــد مــن األبنيــة األمنيــة‪،‬‬ ‫وهــي الدفــاع والداخليــة والتجنيــد والعالقــات‬ ‫العامــة‪ ،‬ويقــع املجمــع وســط أبنيــة ســكنية‬ ‫يقطنهــا مدنيــون‪ ،‬أدى االنفجــار الضخــم‬ ‫إىل إحــداث دمــار شــامل باملجمــع واألبنيــة‬ ‫املحيطــة بــه‪.‬‬ ‫وفيــا أكــدت وحــدات الحاميــة بــأن الهجــوم‬ ‫اســتهدف املدنيــن العــزل‪ ،‬قالــت مصــادر‬ ‫مؤيــدة لتنظيــم داعــش أن الهجــوم االنتحــاري‬ ‫اســتهدف املجمــع األمنــي لوحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب‪ ،‬يف رد انتقامــي حــول األحــداث‬

‫العســكرية الجاريــة يف مدينــة منبــج‪،‬‬ ‫التــي تحارصهــا منــذ مــدة قــوات ســوريا‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬والتــي تشــكل وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب قوامهــا الرئيــي‪.‬‬ ‫وأدان حــزب الوحــدة الدميقراطــي الكــردي‬

‫يف ســوريا (يكيتــي) العمليــة اإلرهابيــة التــي‬ ‫نفذهــا تنظيــم داعــش يف بيــان أعقــب‬ ‫العمليــة االنتحاريــة‪ ،‬وتداولتــه صفحــات‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬مؤكــدا ً أن اإلرهــاب‬ ‫لــن ينــال مــن عزميــة الشــعب الكــوردي‬

‫وإرصاره عــى مواصلــة النضــال ضــد االســتبداد‬ ‫واإلرهــاب‪ ،‬ويف ســبيل ســوريا دميقراطيــة‬ ‫علامنيــة فيدراليــة‪ ،‬يتمتــع فيهــا الجميــع‬ ‫بالحريــة واملســاواة‪.‬‬ ‫وقــال العديــد مــن الناشــطني الكــورد أن‬

‫مســؤولية مــا يجــري مــن تفج ـرات إرهابيــة‬ ‫يقــع عــى عاتــق تنظيــم األســد الداعــي‪ ،‬فيــا‬ ‫ح ّملــوا قــوات اآلســايش التابعــة لوحــدات‬ ‫حاميــة الشــعب‪ ،‬مســؤولية هــذا اإلهــال‬ ‫األمنــي يف مناطــق تواجــد املدنيــن‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫‪SURIYE TURKMENLER ULUSLAR ARASI EGITIM VE KALKINMA DERNEGI‬‬

‫اجلمعية الرتكمانية السورية للبحث والتعليم والتنمية‬ ‫تركيا قلعة الدميقراطية‬ ‫رئيس الجمعية ‪ -‬أكرم دادا‬ ‫بدايــة نقــدم تعازينــا الحــارة للشــعب‬ ‫الــريك العريــق‪.‬‬ ‫إننــا نســتنكر املحاولــة االنقالبيــة الفاشــلة‬ ‫التــي جــرت يف ‪ 2016/7/15‬كــا نســتنكر‬ ‫كل مــن شــارك فيهــا ومــن دعمهــا‪.‬‬ ‫إننــا كجمعيــة تركامنيــة ســورية نؤمــن بــأن‬ ‫ال قــوة فــوق قــوة الشــعب‪ ،‬ونؤكــد بحــزم‬ ‫بــأن الحكومــة التــي تــأيت باالنتخابــات ال‬ ‫تذهــب إال بــه‪.‬‬ ‫ونديــن األفعــال املشــينة التــي حصلــت‬ ‫بإطــاق الرصــاص عــى املدنيــن العــزل‪،‬‬ ‫وقصــف الربملــان الــريك‪ ،‬قلعــة الدميقراطيــة‪.‬‬ ‫وانطالقــاً مــن طبيعتنــا اإلنســانية نؤكــد‬ ‫رفضنــا لــكل االنقالبــات‪ ،‬وال نقبــل بــأي‬

‫‪turlu fitne fesattan korusun‬‬ ‫‪. bizler darbenin ve ardinda‬‬ ‫‪gelen zulumun en acisini‬‬ ‫‪yasadik. Acilarin halen taze‬‬ ‫‪yasandigi millet olarak turk‬‬ ‫‪halkina diyecegimiz sudur‬‬ ‫‪vataninizin ve devletinizin‬‬ ‫‪birligini bozacak hicbir‬‬ ‫‪mudahele ve oyuna izin‬‬ ‫‪vermeyin. En kotu demokrasi‬‬ ‫‪darbeden iyidir. Suriye‬‬ ‫‪turkmenleri uluslar arasi‬‬ ‫‪egitim ve kalkinma dernegi‬‬ ‫‪olarak sehitlere rahmet ve‬‬ ‫‪yaralilara sifa dilerken turkiye‬‬ ‫‪hukumetinin ve devletinin‬‬ ‫‪yaninda oldugumuzu tum‬‬ ‫‪kamoyuna duyururuz‬‬

‫حــال مــن األحــوال التدخــل بــإرادة الشــعب‬ ‫ألي مــرر أو ســبب كان‪.‬‬ ‫إن وقــوف الشــعب الــريك صفــاً واحــدا ً‪،‬‬ ‫وإميانهــم بالدميقراطيــة جعلنــا نشــعر‬ ‫بالســعادة والفــرح العميقــن‪ ،‬لقــد جعــل‬ ‫االنقــاب الفاشــل الشــعب الــريك يف خنــدق‬ ‫واحــد‪.‬‬ ‫ندعــو اللــه تعــاىل أن يحفــظ وحدتكــم‬ ‫ويحمــي تركيــا‪ ،‬ذلــك أننــا نحــن الســوريني‬ ‫عشــنا كل أنــواع الظلــم الــذي يــأيت مــع‬ ‫االنقالبــات‪ ،‬ومــا زلنــا نعيشــها حتــى اآلن‪،‬‬ ‫ونقــول للشــعب الــريك‪ ،‬حافظــوا عــى‬ ‫دولتكــم ووطنكــم‪ ،‬وال تفرقــوا صفوفكــم‪.‬‬ ‫وباســم جمعيتنــا نطلــب الرحمــة للشــهداء‬ ‫والشــفاء العاجــل للجرحــى‪ ،‬ونؤكــد أننــا إىل ‪Saygi sevgilerimizle‬‬ ‫جانــب الشــعب والحكومــة الرتكيــة وبــكل ‪dernek baskani‬‬ ‫‪EKREM DEDE‬‬ ‫قــوة‪.‬‬

‫‪vatandaslarin uzerine mermiler‬‬ ‫‪yagdirildigi ve yuzlerce can‬‬ ‫‪kaybinin yasandigi bu alcakca‬‬ ‫‪girisime dernek ve insani‬‬ ‫‪olarak karsisinda oldugumuzu‬‬ ‫‪belirtiriz‬‬ ‫‪Suriyeli Turkmen dernegi‬‬ ‫‪olarak tum darbelere karsiyiz‬‬ ‫‪Hicbir gerekceyle halkin‬‬ ‫‪iradesine mudahale edilmesi‬‬ ‫‪Kabul edilemez. Turk‬‬ ‫‪milletinin birlik olusu , kararli‬‬ ‫‪tutumu ve demokrasiye‬‬ ‫‪sahip cikisi biz suriyeli‬‬ ‫‪turkmenleri gururlandirip‬‬ ‫‪sevince bogmustur . bu‬‬ ‫‪darbe girisimi turkiye halkini‬‬ ‫‪birbirine kenetleyip destansi‬‬ ‫‪mucadelesine sahne olmustur‬‬ ‫‪. allah birliginizi ve diriliginizi‬‬ ‫‪bozmasin . memleketinizi her‬‬

‫‪En basta yuce turk milletine‬‬ ‫‪gecmis olsun dileklerimizi‬‬ ‫‪sunuyoruz .‬‬ ‫‪15 temuz 2016 gunu‬‬ ‫‪gerceklestirilen ve hic‬‬ ‫‪kimsenin onaylamayacagiaci‬‬ ‫‪olaylara neden olan Drbe‬‬ ‫‪girisimini gerceklestirenleri‬‬ ‫‪ve buna destek veren tum‬‬ ‫‪gucleri kiniyoruz . suriye‬‬ ‫‪turkmenler uluslar arasi‬‬ ‫‪egitim ve kalkinma dernegi‬‬ ‫‪olarak hicbir gucu milettin‬‬ ‫‪kararinin ustunde olmadigini‬‬ ‫‪,secimle gelen iktidarlarin yine‬‬ ‫‪secimle gitmesinin demokrasi‬‬ ‫‪anlayisinin temelini‬‬ ‫‪olusturdugunu birkez daha‬‬ ‫‪kuvetle vurguluyoruz . turkiye‬‬ ‫‪devletinin demokrasisine ve‬‬ ‫‪devletin kalesi olan meclisinin‬‬ ‫‪bombalandigi , sokaktaki‬‬

‫قصــف وحشــي علــى حلــب والضحايــا باملئــات ومجــازر مروعــة يف منبــج‬ ‫الحرمل ـ أورينت نت‬ ‫ح ـ ّذر الدفاعــي املــدين يف مدينــة حلــب‬ ‫املدنيــن املحارصيــن هنــاك مــن االنســياق‬ ‫وراء أكاذيــب النظــام‪ ،‬واملحتــل الــرويس‬ ‫عــن فتــح مم ـرات آمنــة لخــروج املدنيــن‪،‬‬ ‫وتخصيــص أحدهــا لخــروج املســلحني‬ ‫بعــد تســليم أنفســهم للجهــات املختصــة‪،‬‬ ‫وتتعــرض مدينــة حلــب الرشقيــة الخاضعــة‬ ‫لســيطرة قــوات املعارضــة الســورية لهجمــة‬ ‫رشســة مــن الطــران الــرويس الذي يســتخدم‬ ‫يف غاراتــه أحــدث األســلحة‪ ،‬والقنابــل‬ ‫املحرمــة دولي ـاً يف محاولــة الســتعادة حلــب‬ ‫بــأي مثــن‪ ،‬حتــى إن تحولــت أثـراً بعــد عــن‪،‬‬ ‫يف إشــارة إىل طريقــة الــروس املمنهجــة يف‬ ‫محــو كل أشــكال الحيــاة املدنيــة يف مدينــة‬ ‫حلــب‪ ،‬كــا فعلــت يف مدينــة غــروزين‪،‬‬ ‫عندمــا اســتخدمت سياســة األرض املحروقــة‪.‬‬

‫ومــع تجــدد حالــة الحصــار التــي تعيشــها‬ ‫حلــب‪ ،‬واصــل الثــوار تقدمهــم عــى عــدة‬ ‫جبهــات يف الريــف الجنــويب‪ ،‬وقــام العديــد‬ ‫مــن األهــايل‪ ،‬خصوصــاً األطفــال يف قــرى‬ ‫وبلــدات ريــف حلــب الجنــويب والغــريب‪،‬‬ ‫بإشــعال اإلطــارات املطاطيــة يف مناطقهــم‪،‬‬ ‫لحجــب الرؤيــة عــن الطــران الحــريب‪ ،‬تزامنـاً‬ ‫مــع إعــان بــدء معركــة كــر الحصــار‬ ‫عــن حلــن وفيــا نجحــت هــذه املحاولــة‬ ‫للتشــويش عــى طائـرات ومروحيــات النظــام‬ ‫وحلفائــه‪ ،‬وفتحــت الطريــق أمــام الثــوار‬ ‫ملواصلــة تقدمهــم عــى عــدة جبهــات يف‬ ‫الريــف الجنــويب مــن مدينــة حلــب‪ ،‬حيــث‬ ‫قــام أطفــال بحــرق اإلطــارات التــي نجــم‬ ‫عنهــا دخــان كثيــف‪ ،‬األمــر الــذي أدى إىل‬ ‫حجــب الرؤيــة عــن ســاح الجــو التابــع‬ ‫للنظــام وخفــف مــن حــدة الغــارات‪.‬‬

‫املدينــة وريفهــا الشــايل‪ ،‬مــا أدى لوقــوع‬ ‫حلــب الرشقيــة بســكتنهت الذيــن يتجــاوز‬ ‫‪ 300‬ألــف نســمة تحــت حصــار مأســاوي‪،‬‬ ‫بالتــوازي مــع وقــوع اشــتباكات عنيفــة بــن‬ ‫قــوات النظــام وقــوى املعارضــة‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫اشــتباكات عنيفــة يف محيــط الســكن الشــبايب‬ ‫وبنــي زيــد بــن قــوى املعارضــة ووحــدات‬ ‫ونــر عدد مــن الناشــطني تســجيالت مصورة الحاميــة الكورديــة‪.‬‬ ‫ملــا يســمى باملعابــر اآلمنــة‪ ،‬حيــث بيّنــت‬ ‫متركــز عــدد مــن القناصــة للتصــدي لــكل وأشــارت األنبــاء الــواردة مــن حلــب عــن‬ ‫مــن يحــاول ســلوك هــذه املعابــر‪ ،‬مؤكديــن وقــوع ضحايــا مــن املدنيــن العــزل بينهــم‬ ‫أن املعابــر مــا زالــت تخلــو مــن العابريــن‪ ،‬نســاء وأطفــال‪ ،‬نتيجــة القصــف العنيــف‬ ‫والعنــارص الذيــن يتمركــزون بقناصاتهــم واملركــز الــذي طــال العديــد مــن املناطــق‪،‬‬ ‫يرتصــدون أيــة حركــة للقضــاء عليهــا فــورا ً‪ .‬فيــا ســويت العديــد مــن املبــاين بــاألرض‪،‬‬ ‫وســيطرت قــوات النظــام الســوري وال يُعــرف إىل حينــه الحصيلــة النهائيــة‬ ‫املدعومــة بإســناد جــوي رويس قبــل أيــام للضحايــا‪ ،‬بينــا تحدثــت مديريــة الدفــاع‬ ‫عــى حــي بنــي زيــد‪ ،‬وقامــت بقطــع املــدين يف حلــب عــن وقــوع ضحايــا تجــاوز‬ ‫طريــق الكاســتيلو‪ ،‬الــذي يعتــر الطريــق عددهــم املئتــي قتيــل عــى طريق الكاســتيلو‬ ‫الوحيــد املتبقــي إلمــداد قــوات املعارضــة‪ ،‬املقطــوع ناريـاً‪ ،‬مانعـاً دخــول حتــى ســيارات وأعلــن الناطــق الرســمي باســم جيــش الفتــح‬ ‫واملدنيــن املحارصيــن‪ ،‬والــذي يصــل بــن اإلســعاف واإلنقــاذ إىل املناطــق املحــارصة‪ .‬عــن تحريــر مــروع «‪ »1070‬يف منطقــة‬

‫إســقاط مروحيــة روســية يف ريــف إدلــب (إنرتنــت)‬

‫الحمدانيــة بشــكل كامــل‪ ،‬وســط هــروب‬ ‫جامعــي مــن امليليشــيات الشــيعية التــي‬ ‫تركــت ســاحها دون قتــال‪ ،‬يف حــن أعلنــت‬ ‫غرفــة عمليــات فتــح حلــب عــن انطــاق‬ ‫املرحلــة الثانيــة مــن املعركــة‪.‬‬ ‫ويــأيت تقــدم فصائــل الثــوار بعــد ســاعات‬ ‫مــن إعــان معركــة فــك الحصــار عــن مدينــة‬ ‫حلــب‪ ،‬والتــي متكنــت خاللهــا مــن الســيطرة‬ ‫عــى تــال مؤتــة واملحبــة والجمعيــات وأحــد‬ ‫وكتيبــة الصواريــخ ومدرســة الحكمــة وعــدة‬ ‫نقــاط يف املنطقــة وســط قصــف عنيــف‬ ‫مــن قبــل الطائــرات الحربيــة‪ ،‬كــا متكــن‬ ‫الثــوار مــن الســيطرة عــى تلــة الســرياتل‬ ‫االســراتيجية وقريــة العامريــة‪.‬‬ ‫كــا أعلنــت غرفــة عمليــات حلــب عــن‬ ‫انطــاق املرحلــة الثانيــة مــن معركــة الغضب‬ ‫لحلــب والتــي تهــدف لفــك الحصــار عــن‬ ‫املدينــة وتحريــر أجـزاء واســعة مــن املناطــق‬

‫التــي يســيطر عليهــا النظــام‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل‪ ،‬تعيــش مدينــة منبــج‬ ‫حالــة مأســاوية أخــرى‪ ،‬دفعــت خاللهــا أمثانـاً‬ ‫باهظــة مــن الضحايــا والجرحــى أمــام تقــدم‬ ‫قــوات ســوريا الدميقراطيــة املدعومــة جــوا ً‬ ‫مــن طــران التحالــف الــدويل‪ ،‬وقــد ارتكبــت‬ ‫طائــرات «التحالــف الــدويل» مجــزرة يف‬ ‫بلــدة تابعــة ملدينــة منبــج‪ ،‬بينــا تعهــدت‬ ‫واشــنطن بفتــح تحقيــق جديــد بالحادثــة‪،‬‬ ‫التــي تعتــر الثانيــة مــن نوعهــا يف أقــل مــن‬ ‫أســبوعني‪ ،‬وســط تســاؤالت عــن دور «قــوات‬ ‫ســوريا الدميقراطيــة» عــن اعطــاء إحداثيــات‬ ‫للتحالــف لقصــف أهــداف مدنيــة‪ ،‬وكان‬ ‫طــران التحالــف قــد ارتكــب قبلهــا مجــزرة‬ ‫«مروعــة» يف قريــة «التوخــار» شــال مدينــة‬ ‫منبــج بريــف حلــب‪ ،‬راح ضحيتهــا أكــر مــن‬ ‫‪ 150‬شــهيد أغلبهــم مــن األطفــال والنســاء‪،‬‬ ‫وقــد اعرتفــت القــوات األمريكيــة بارتكابهــا‬ ‫املجــزرة بعــد تلقيهــا بيانــات وإحداثيــات‬ ‫زودتهــم بهــا قــوات ســوريا الدميقراطيــة‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محمــد جاســم الحميــدي يف ذمــة اهلل‬ ‫‪ 1954‬ـ ‪2016‬‬

‫األديــب والصحفــي محمــد جاســم الحميــدي‪ ،‬مــن مواليــد مدينــة الرقــة عــام ‪ 1954‬حاصــل عــى إجــازة يف اللغــة العربيــة مــن جامعــة دمشــق‪ ،‬عمــل‬ ‫يف التدريــس لفــرة قصــرة‪ ،‬ثــم انتقــل للعمــل يف مؤسســة الوحــدة للطباعــة والنــر‪ ،‬صحيفــة الثــورة‪ ،‬مــا لبــث أن انتقــل إىل الرقــة بعــد تعيينــه‬ ‫مديـرا ً ملكتبهــا هنــاك‪ ،‬ثــم مديـرا ً ملكتبــي الثــورة وصحيفــة الفـرات‪ ،‬ورئيسـاً للجنــة اإلعالميــة يف محافظــة الرقــة‪ ،‬وفــاز برئاســة فــرع اتحــاد الكتــاب‬ ‫العــرب بالرقــة‪ ،‬وأقــي مــن منصبــه لكونــه ال ينتمــي لحــزب البعــث الحاكــم‪ ،‬وتــم تعيينــه أمينـاً للــر‪ ،‬وهــو عضــو اتحــاد الكتــاب العــرب‪ ،‬جمعيــة‬ ‫الدراســات والبحــوث‪ ،‬وعضــو نقابــة اتحــاد الصحفيــن الســوريني‪.‬‬ ‫نشــأ املرحــوم يف بيئــة ثقافيــة‪ ،‬فشــقيقه األكــر القــاص واألديــب خليــل جاســم الحميــدي‪ ،‬أحــد رمــوز القصــة الســورية‪ ،‬وأحــد مؤســي جامعــة ثــورة‬ ‫الحــرف يف الرقــة‪ .‬اهتــم الحميــدي بـراث الرقــة وتوثيقــه‪ ،‬إضافــة لتوثيــق آثــار الرقــة وتاريخهــا‪ ،‬وموروثهــا الشــعبي مــن الحكايــا الشــعبية‪ ،‬وأســاطري‬ ‫منطقــة الفـرات‪.‬‬ ‫تــويف الحميــدي يف مدينــة حــاة وســط ســورية يــوم ‪ 26‬حزيـران مــن العــام ‪ 2016‬وتــرك للمكتبــة العربيــة العديــد مــن املؤلفــات يف القصــة والروايــة‬ ‫والـراث الشــعبي واللغــة العربيــة‪ ،‬ولــه مئــات املقــاالت الصحفيــة‪ ،‬أغلبهــا تتحــدث عــن نشــاطه اإلنســاين‪ ،‬وحاميــة الـراث وتاريــخ منطقــة الفـرات‪.‬‬

‫أنا الذي رأيت‬ ‫محمــد جاســم الحميــدي املثقــل بالحــزن‬ ‫دامئــاً‪ ،‬االنعــزايل الــذي اســتعاض الفضــاءات‬ ‫الواســعة بدي ـاً عــن صمتــه املطبــق‪ ،‬صمــت‬ ‫العــارف الــذي يحيلــك دامئــاً إىل متثــال‬ ‫املفكــر رودان‪ ،‬أو بصــورة تقريبيــة إىل متثــال‬ ‫أيب الهــول‪ ،‬الصامــت والغامــض‪ ،‬الــذي يــي‬ ‫مبعرفــة عميقــة ومتجــذرة مبحيطــه‪ ،‬مجســدا ً‬ ‫مقولــة «أنــا الــذي رأيــت»‪.‬‬ ‫رمبــا تكــون الحادثــة املأســاوية‪ ،‬ومشــهدية‬ ‫املــوت أمامــه وهــو يشــهد احــراق أمــه‪ ،‬أمــه‬ ‫البســيطة املفعمــة بالخــر تحــاول املســاعدة‬ ‫يف إطفــاء ســيارة مشــتعلة أمــام بيتهــم‪ ،‬محمد‬ ‫الصغــر الــذي يلعــب إىل جوارهــا‪ ،‬يــرى‬ ‫بعينــن شــاخصتني‪ ،‬كيــف يــذوب الجســد‪،‬‬ ‫الحضــن الدافــئ الــذي كان يضمــه‪ ،‬ويغيــب‬ ‫معــه يف ملكــوت الســاء‪ ،‬اآلن يتهــاوى أمامــه‬ ‫يف لحظــة‪ ،‬ســتكون فارقــة يف حياتــه‪ ،‬رمبــا‬ ‫ســتحيله إىل صمــت ســيظل مرافقـاً لــه طــوال‬ ‫حياتــه‪ ،‬وسيشــكل هــذا املشــهد املــؤمل مفصـاً‬ ‫يف حياتــه‪ ،‬وعالمــة مــن الحــزن ال تفــارق‬ ‫عينيــه أبــدا ً‪.‬‬

‫رغــم صمتــه وانعزاليتــه املفرطــة‪ ،‬ورمبــا‬ ‫الصمــت الــذي يــي بغمــوض مبهــم‪ ،‬يدخــل‬ ‫محمــد جاســم الحميــدي القلــب مبــارشة‬ ‫دون اســتئذان‪ ،‬رغــم قميصــه املقلــم الــذي‬ ‫ال يســتبدله إال ملام ـاً‪ ،‬والحــذاء الوحيــد الــذي‬ ‫ال ميلــك ســواه‪ ،‬ونظارتــه الســميكة التــي ال‬ ‫يســتبدلها أبــدا ً‪ ،‬وســيجارة الحمــراء الطويلــة‬ ‫التــي تداعــب شــفتيه‪ ،‬مثــل غزالــة رشود‪ ،‬رغــم‬ ‫كل ذلــك ومــا ميلكــه مــن حيــاء متأصــل تجــده‬ ‫حــارضا ً بــن املثقفــن‪ ،‬وعارفــاً بتاريــخ الرقــة‬ ‫وجغرافيــا املــكان الــذي يعيــش بــه‪ ،‬الــكل‬ ‫يعرفــه‪ ،‬لكــن الــكل هــذا ميــر عابـرا ً يف حياتــه‪،‬‬ ‫فهــو يكتفــي بثلّــة ال تتجــاوز أصابــع اليــد‬ ‫الواحــدة‪ ،‬هــم مــن يســتأثرون عــى صداقتــه‪،‬‬ ‫ورغــم قلّــة األصدقــاء‪ ،‬فهــو ميلــك رصيــدا ً‬ ‫كبــرا ً عنــد كل أهــل الرقــة‪ ،‬فالجميــع ينظــر‬ ‫إليــه باحــرام ومــودة عاليــة‪ ،‬عندمــا توطــدت‬ ‫معرفتــي بــه‪ ،‬مل يكــن يف ســجل أصدقائــه‬ ‫ســوى أحمــد املصــارع ومتيــم العيــى وعــار‬ ‫املصــارع وتــريك رمضــان وإبراهيــم الج ـرادي‪،‬‬ ‫الــذي كان الغائــب الحــارض دامئـاً يف جلســاتنا‪،‬‬

‫اقتحمــت هــذا العــامل مــع أول قصــة كتبتهــا‪،‬‬ ‫وتشــاركت معــه بالفــوز يف مســابقة البتــاين‬ ‫للقصــة القصــرة‪ ،‬ومــن يومهــا ال يــكاد ميــر‬ ‫يــوم إال ويكــون محمــد جاســم الحميــدي‬ ‫حــارضا ً معــي‪.‬‬ ‫رغــم أن معرفتــي بالحميــدي تعــود إىل عــام‬ ‫‪ 1977‬وكنــت أزوره مــع صديــق يل‪ ،‬وهالنــي‬ ‫منظــره يف اللقــاء األول وهــو يغــوص بــن‬ ‫الكتــب‪ ،‬فهمــت خــال الجلســة األوىل أنــه‬ ‫يعــد لرســالة ماجســتري عــن الخيــول العربيــة‪،‬‬ ‫وأنــه يهتــم بالــراث‪ ،‬ويكتــب القصــة القصــرة‪،‬‬ ‫وعندمــا خرجــت مــن بيتــه‪ ،‬أبديــت إعجــايب‬ ‫بــه أمــام صاحبــي الــذي رشفنــي مبعرفتــه‪،‬‬ ‫منحــى جديــدا ً‬ ‫هــذه املعرفــة التــي ســتأخذ‬ ‫ً‬ ‫مــع إصــدار العــدد األول مــن جريــدة الفـرات‬ ‫يف غــ ّرة عــام ‪ 2004‬حيــث كان يل الــرف يف‬ ‫مالزمتــه كمحــرر مســاعد لــه يف مكتــب الرقــة‪.‬‬ ‫مل نكتـ ِ‬ ‫ـف بالعمــل ضمــن حــدود املكتــب‪ ،‬بــل‬ ‫خرجنــا إىل الشــارع‪ ،‬وك ّنــا نحــاول رصــد همــوم‬ ‫النــاس ومشــاكلهم‪ ،‬ورمبــا مبــا أملــك مــن‬ ‫طاقــة اجتامعيــة‪ ،‬هيــأت الظــروف املالمئــة‬

‫لخروجــه مــن عزلتــه الطويلــة‪ ،‬وانطلقنــا إىل‬ ‫خــارج حــدود الرقــة يف محاولــة الكتشــاف‬ ‫املــكان‪ ،‬ورمبــا تكــون معرفتــه بــراث الرقــة‬ ‫وإرثهــا التاريخــي مقدمــة لكتابــة تاريــخ‬ ‫الرقــة املجهــول‪ ،‬تاريــخ اإلنســان األول‪ ،‬تاريــخ‬ ‫الحكايــة‪ ،‬تاريــخ العــارة‪ ،‬تاريــخ الكهــوف‬ ‫واملغــاور والوديــان والينابيــع واألنهــار‪.‬‬ ‫بــدءا ً مــن هــذه األيــام شــهدت والدة‬ ‫مجموعتــه القصصيــة األوىل «القاشــور»‪ ،‬ثــم‬ ‫روايــة «شــمس الديــن»‪ ،‬ثــم إصــدار تحقيقــه‬ ‫لكتــاب «الجراثيــم يف اللغــة» البــن قتيبــة‪،‬‬ ‫ثــم كتابــه الــذي ك ـ ّرس جهــده لــه «نحــي أال‬ ‫نــام» الحكايــة الشــعبية الفراتيــة يف مجلديــن‬ ‫كبرييــن‪ ،‬وكان قــد أصــدر قبــل ذلــك كتــاب‬ ‫«الروايــة مــا فــوق الواقــع» بحــث يف تأصيــل‬ ‫الخطــاب الــروايئ العــريب‪ ،‬باالشــراك مــع‬ ‫شــقيقه الدكتــور أحمــد جاســم الحميــدي‪،‬‬ ‫وكتــاب تطــور اللغــة العربيــة واألخطــاء‬ ‫الشــائعة‪ ،‬وشــارك يف مجموعــة «الــدم ليــس‬ ‫أحمــر»‪ ،‬التــي أرشف عــى تحريرهــا وإصدارها‬ ‫الدكتــور إبراهيــم الجــرادي‪.‬‬

‫الحميــدي كان موهوبــاً بالفطــرة‪ ،‬يكتــب‬ ‫القصــة بتميــز‪ ،‬وتتجـ ّـى لغتــه املفعمــة برائحــة‬ ‫املــكان يف روايتــه «شــمس الديــن»‪ ،‬التــي مل‬ ‫يلتفــت إليهــا النقــاد أبــدا ً رغــم أهميتهــا يف‬ ‫املشــهد الروايئ الســوري‪ ،‬أما أهميتــه يف العمل‬ ‫اإلعالمــي فتبــدو واضحــة يف رصــد معــامل الرقة‪،‬‬ ‫ورمبــا الزوايــا التــي كان يكتبهــا تؤكــد عــى‬ ‫موهبتــه املائــزة يف التقــاط مفــردات الحيــاة‬ ‫ولعــل‬ ‫ّ‬ ‫اليوميــة وقراءتهــا بطريقــة مختلفــة‪،‬‬ ‫الزاويــة التــي تحمــل يف طياتهــا الــذايت‪ ،‬هــي‬ ‫مــا تجعلــه مختلف ـاً ومتمي ـزا ً عــن الجميــع‪.‬‬ ‫حكايــة محمــد جاســم الحميــدي‪ ،‬حكايــة‬ ‫حزينــة ومؤملــة ومؤثــرة‪ ،‬حكايــة مكتــوب‬ ‫عليهــا أن تكــون فاجعــة كرحيلــه املفاجــئ‪،‬‬ ‫والصامــت كصمتــه األبــدي‪ ،‬ومــا يحملــه‬ ‫مــن أمل متجــدد‪ ،‬يــكاد ال يفارقــه أبــدا ً‪ ،‬ورمبــا‬ ‫كرحيــل أمــه الفاجــع‪ ..‬وداعــاً صديقــي‪،‬‬ ‫ســأفتقدك دامئ ـاً‪ ،‬لكنــي متأكــد أنــك ســتكون‬ ‫حــارضا ً يف قلبــي‪.‬‬

‫ي‪-‬د‬

‫رحي��ل حمم��د جاس��م احلمي��دي‪..‬‬ ‫حلظ��ة صم��ت وس��ط صخ��ب الع��امل!‬ ‫بــرزت موهبــة محمــد جاســم الحميــدي‬ ‫األدبيــة‪ ،‬منــذ اشــراكه يف املجموعــة‬ ‫القصصيــة الجامعيــة (الــ ّدم ليــس أحمــر)‬ ‫التــي جمعــت شــباب الرقــة املهتمــن بالفــن‬ ‫القصــي‪ ،‬يف نهايــات الســبعينات مــن‬ ‫القــرن املــايض‪ ،‬كانــت الحيــاة بالنســبة إليــه‬ ‫هــي الفــن واألدب واألســاطري الشــعبية‪،‬‬ ‫والصمــت!!‬ ‫لقــد كان الصمــت أبــرز ميــزات محمــد‬ ‫جاســم الحميــدي اإلنســان ومصــدر‬ ‫حساســيته الفنيــة! وكان التأمــل والتمهــل‬ ‫والصــر منبــع جاذبيتــه يف عــامل شــديد‬ ‫الصخــب‪ ،‬وكثــر اللغــو‪ ،‬وعنيــف الترصفــات!‬ ‫اهتــ ّم محمــد جاســم الحميــدي بــاآلداب‬ ‫الشــعبية‪ ،‬وباألســاطري‪ ،‬وســعى إىل تدوينهــا‪،‬‬ ‫مرتحــاً بــن القــرى‪ ،‬واملــدن‪ ،‬واألعــار‪،‬‬ ‫والذواكــر العتيقــة التــي توشــك عــى‬ ‫الرحيــل‪ ..‬وأصــدر كتابــن يف األســاطري‬ ‫الشــعبية الفراتيــة‪ ،‬مؤرخ ـاً لذاكــرة اإلنســان‬ ‫يف وادي الفـرات‪ ،‬وبـ ّـن اندماج هذا االنســان‬

‫باملــوروث الثقــايف اإلنســاين وفاعليتــه فيــه‪،‬‬ ‫ومل يكــن مجــرد متلــقٍ ‪ ،‬وإمنــا كان إنســاناً‬ ‫منتج ـاً للمعرفــة وللخيــال الفنــي واملعــريف!‬ ‫كــا أصــدر الحميــدي روايتــن تؤرخــان‬ ‫للحيــاة ولإلنســان‪ ،‬وكتــب الكثــر مــن‬ ‫القصــص القصــرة التــي تفاجئــك بجمعهــا‬ ‫بــن الحيــاة الواقعيــة‪ ،‬والنكهــة األســطورية‬ ‫التــي تداهمــك فجــأة‪ ،‬وتنقلــك مــع بطــل‬ ‫القصــة إىل درجــة أخــرى مــن الواقــع‪ ،‬هــي‬ ‫العيــش يف الخيــال األســطوري ســواء عــى‬ ‫مســتوى الفكــرة‪ ،‬أو عــى مســتوى الطمــوح‪،‬‬ ‫أو عــى مســتوى التنقــل بالزمــان وباملــكان!‬ ‫تن ّقــل محمــد جاســم الحميــدي‪ ،‬عــر ســنني‬ ‫طويلــة‪ ،‬يف القــرى ويف املواقــع األثريــة‪ ،‬ويف‬ ‫املحميــات الطبيعيــة‪ ،‬النباتيــة والحيوانيــة‬ ‫التــي كان مولعــاً بهــا أيضــاً‪ ،‬عابــرا ً مــع‬ ‫صحبــه‪ ،‬صعوبــات الــرد والحــ ّر والعطــش‬ ‫والحاجــة والجــوع أحيانــاً‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫فقــدان الداللــة عــى الطريــق يف كثــر مــن‬ ‫األحيــان!‬

‫كل ذلــك فعلــه محمــد جاســم الحميــدي‬ ‫بصمــت‪ ،‬وبعيــدا ً عــن الصخــب املجنــون‬ ‫لهــذا العــامل املفتــون بنفســه‪ ،‬ومبكاســبه‬ ‫التكــر والتب ّجــح‪،‬‬ ‫الواهيــة‪ ،‬نابــذا ً مظاهــر‬ ‫ّ‬ ‫مســاملاً يف عــامل م ّيــال للعنــف ولالغتصــاب!!‬ ‫مل يحتمــل محمــد جاســم الحميــدي كل‬ ‫هــذا العنــف‪ ،‬وكل هــذا االجـرام الــذي حـ ّـل‬ ‫يف عاملــه الف ـرايت‪ ،‬العــامل الــذي كان يحرســه‬ ‫ويحــرس أســاطريه‪ ،‬مل يســتطع أن يســتوعب‬ ‫جنــون الطائـرات وإجرامهــا‪ ،‬وهــي تقصــف‬ ‫مدينتــه الرقــة‪ ،‬التــي أحبهــا‪ ،‬وك ـ ّرس نفســه‬

‫للكتابــة عنهــا‪ ..‬مل يحتمــل اإلجــرام وقطــع‬ ‫الــرؤوس والتعذيــب الــذي انهالــت بــه‬ ‫الكثــر مــن التشــكيالت اإلســامية امليالــة‬ ‫للعنــف ولإلرهــاب‪ ..‬متســابقة مــع النظــام‬ ‫الفــايش يف اإلرهــاب‪..‬‬ ‫مل يكــن يتخيــل أن الواقــع ســيكون يومـاً مــا‪،‬‬ ‫أكــر غرابــة مــن أســاطريه التــي جمعهــا‪،‬‬ ‫ومل يكــن يســتوعب أن أبطــال الحكايــات‬ ‫واألســاطري‪ ،‬فــروا مــن هــول مــا يحيــط بهــم‬ ‫مــن جنــون ومــن إرهــاب‪..‬‬ ‫محمــد جاســم الحميــدي الــذي كان‬

‫مظلومــاً يف الفــن‪ ،‬ومظلومــاً يف العائلــة‪،‬‬ ‫ومظلومــاً يف الصحافــة‪ ،‬ومظلومــاً يف حبــه‬ ‫للفــرات‪ ،‬ومظلومــاً يف انقــاب األســاطري‬ ‫كلهــا عليــه‪ ..‬تــرك لنــا كل يشء ورحــل‪ ..‬مل‬ ‫يحمــل معــه حتــى قلمــه الــذي كان يكتــب‬ ‫بــه‪ ،‬التحــق بالصمــت الطويــل والالنهــايئ‪،‬‬ ‫ليتفــرغ لحيــاة أخــرى‪ ،‬وألســاطري أخــرى‪،‬‬ ‫ولعــامل آخــر‪ ..‬علّــه يكــون أكــر رحمــة بــه‬ ‫مــن هــذا العــامل املجنــون!‬ ‫وداع ـاً محمــد جاســم الحميــدي الصامــت‪..‬‬ ‫ـب ال ينتهــي!‬ ‫واملبتســم بحـ ٍّ‬ ‫إ‪-‬ع‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫إسماعيل الحامض صوت الحرية‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬

‫يوسف دعيس‬ ‫تعمقــت معرفتــي بالدكتــور إســاعيل الحامــض‬ ‫يف عــام ‪ 2003‬إبــان تشــكيل لجنــة نــرة العــراق‬ ‫وفلســطني‪ ،‬وكنــت ألتقــي بــه ملامـاً يف عيــادة األديــب‬ ‫الدكتــور محمــد الحــاج الصالــح يف الرقــة‪ ،‬أو يف عيادتــه‬ ‫التــي ال تبعــد كث ـرا ً عــن بيتــي‪ ،‬كانــت االبتســامة ال‬ ‫تفــارق شــفتيه‪ ،‬ال يتحــدث كثــرا ً‪ ،‬لكنــه باملقابــل‬ ‫يعمــل بصمــت‪ ،‬فعندمــا قــرر مجموعــة مــن الشــباب‬ ‫الخــروج يف مظاهــرة هــي األوىل يف الرقــة‪ ،‬كان هــو‬ ‫أولهــم‪ ،‬فقــد تفاجــأ أهــل الرقــة يف غـ ّرة ‪ 2003‬بخــروج‬ ‫مجموعــة مــن الشــباب القالئــل بتظاهــرة صامتــة‪،‬‬ ‫واضعــن الصقـاً عــى أفواههــم يف إشــارة للصمــت أمام‬ ‫مــا يجــري مــن أحــداث ســيكون لهــا تأثــر يف حركــة‬ ‫التاريــخ العــريب مســتقبالً‪ ،‬رمبــا نظــر الكثــر مــن أهــل‬ ‫الرقــة بســخرية إىل املظاهــرة‪ ،‬ورمبــا تعالــت صيحــات‬ ‫اســتهجان مــن الكثــر‪ ،‬ألنهــا كانــت الــرارة األوىل‪،‬‬ ‫التــي مل يعتــد عليهــا أحــد يف ســوريا قاطبــة‪ ،‬أعقبهــا‬ ‫تشــكيل لجنــة نــرة العــراق وفلســطني‪ ،‬التــي كان‬ ‫يرأســها املرحــوم األســتاذ خلــف الدرويــش الخطيــب‪.‬‬ ‫العــراق كان آنــذاك عــى وشــك الســقوط‪ ،‬وكنــا‬ ‫نتداعــى لعقــد االجتامعــات املتتابعــة للنظــر يف‬ ‫إمكانيــة مســاعدة الشــعب العراقــي‪ ،‬والشــعب‬ ‫الفلســطيني الــذي يتعــرض هــو اآلخــر لحملــة إبــادة‬ ‫منظمــة‪ ،‬وكان الرتكيــز عــى العــراق‪ ،‬ألنــه جنــاح‬ ‫العــرب الرشقــي‪ ،‬ونظم ّنــا تظاهـرات شــعبية مل تشــهد‬ ‫الرقــة مثلهــا فيــا ســبق‪ ،‬إبــان حكــم األســد األب‪ ،‬ومــا‬ ‫تبعــه مــن حكــم االبــن‪ ،‬الــذي تزامــن مــع بــروز نجــم‬ ‫ربيــع دمشــق‪ ،‬الــذي فتــح باب ـاً واســعاً إلبــداء حريــة‬ ‫الــرأي والتعبــر‪ ،‬الدكتــور إســاعيل الحامــض كان‬ ‫حــارضا ً بقــوة يف التظاهــرات‪ ،‬مــن خــال التنظيــم‪،‬‬ ‫واملشــاركة الفعالــة‪ ،‬وأيض ـاً خــال االجتامعــات التــي‬ ‫ك ّنــا نناقــش مــن خاللهــا كيفيــة مســاعدة إخوتنــا يف‬ ‫العــراق‪ ،‬وكانــت فعاليتــه تتجــى يف مجــال اإلغاثــة‬ ‫الطبيــة‪ ،‬وتأمــن الــدواء واملســتلزمات الطبيــة التــي‬ ‫تســاعد الشــعب العراقــي عــى الصمــود يف وجــه‬ ‫آلــة الحــرب األمريكيــة‪ ،‬التــي تتهيــأ الحتــال العـراق‪،‬‬ ‫والســيطرة عــى مقدراتــه‪.‬‬ ‫تعاقبــت املظاهــرات يف شــارع تــل أبيــض‪ ،‬وشــارع‬ ‫‪ 23‬شــباط‪ ،‬ويف محيــط الجامــع الحميــدي الكبــر‬ ‫واملتحــف‪ ،‬وشــارع املنصــور‪ ،‬وشــارع ســيف الدولــة‪،‬‬ ‫وأخــرى يف منطقــة الفــردوس ودوار النعيــم‪ ،‬وأيضـاً يف‬ ‫شــارع املجمــع الحكومــي‪ ،‬وتنتهــي هــذه املظاه ـرات‬ ‫بســاحة صغــرة يف وســط مدينــة الرقــة‪ ،‬بالقــرب مــن‬ ‫حديقــة الرشــيد‪ ،‬أســميناها ســاحة الحريــة‪ ،‬وتجرأنــا‬ ‫يف مظاهــرة أخــرى امتــدت صيحاتنــا فيهــا بالقــرب‬ ‫مــن مبنــى املحافظــة حيــث يتموضــع متثــال «هبــل»‪،‬‬

‫االحني��از لإلنس��ان أو ًال‪!..‬‬

‫وأعلنــا تضامننــا مــع الشــعب العراقــي والشــعب‬ ‫الفلســطيني‪.‬‬ ‫يف عــام ‪ 2011‬انطلقــت ثــورة الحريــة والكرامــة‪ ،‬وكان‬ ‫اســم إســاعيل الحامــض يــردد يف كل مــكان‪ ،‬فهــو‬ ‫مــن أوائــل األطبــاء الذيــن شــاركوا يف عــاج املصابــن‬ ‫بالتظاهــرات‪ ،‬وعندمــا وصلــت األمــور إىل منعــرج‬ ‫آخــر‪ ،‬وشــهدت مناطــق مدينــة تــل أبيــض الحدوديــة‪،‬‬ ‫ومدينــة الطبقــة اشــتباكات بــن عنــارص النظــام‬ ‫وعنــارص الجيــش الحــر‪ ،‬كانــت لــه اليــد الطــوىل يف‬ ‫معالجــة املصابــن يف عــدد مــن املشــايف الخاصــة‪ ،‬أو‬ ‫املشــايف امليدانيــة البعيــدة عــن رقابــة وأعــن عســس‬ ‫الدولــة األمنيــة‪ ،‬وســط كل هــذا كان إســاعيل‬ ‫الحامــض يقــدم خدماتــه الطبيــة‪ ،‬وهــو الطبيــب‬ ‫الجـراح الالمــع‪ ،‬ال ينتظــر أجـرا ً مــن أحــد‪ ،‬بــل ينتــر‬ ‫إلرادة التغيــر‪ ،‬إرادة الحيــاة الكرميــة‪ ،‬إرادة الحريــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬التــي خــرج الســوريون مــن أجلهــا‪.‬‬ ‫إثــر خــروج الرقــة عــن ســيطرة النظــام‪ ،‬كان نشــاط‬ ‫الدكتــور إســاعيل الحامــض يتوســع‪ ،‬مــن خــال‬ ‫نشــاطه الطبــي يف املشــايف امليدانيــة أو املشــايف‬ ‫الخاصــة ومشــايف الدولــة التــي أصبحــت تحــت‬ ‫ســيطرة قــوى املعارضــة‪ ،‬نشــاط الحامــض مل يقتــر‬ ‫عــى أبنــاء الرقــة‪ ،‬بــل امتــد ليشــمل الجرحــى‬ ‫واملصابــن مــن أبنــاء املحافظــات األخــرى الذيــن كانــوا‬ ‫يفــدون إىل الرقــة لتلقــي العــاج‪ ،‬وخصوصــاً أهــايل‬ ‫ديــر الــزور‪ ،‬الذيــن نــزح أغلبهــم إىل الرقــة‪ ،‬وكنــت‬ ‫شــاهدا ً إلرشافــه عــى عــاج أحــد أبنــاء ديــر الــزور‪،‬‬ ‫ممــن أصيبــوا بقذيفــة هــاون‪.‬‬ ‫توســع نشــاط الحامــض يف تنظيــم املظاهــرات‬ ‫واملشــاركة فيهــا وقيادتهــا‪ ،‬التــي تنــادي بالحيــاة‬ ‫املدنيــة‪ ،‬مــع بــروز تيــارات إســامية تنــادي بدولــة‬ ‫إســامية‪ ،‬والتــي بــدأت تباشــرها مــع توزيــع ملصقات‬ ‫لحــزب التحريــر اإلســامي‪ ،‬وبــروز نجــم جبهــة النرصة‪،‬‬

‫التــي تنــادي بدولــة الخالفــة اإلســامية‪ ،‬تكــررت‬ ‫املظاهــرات يف أكــر مــن مــكان‪ ،‬وأكــر مــن مــرة‪،‬‬ ‫وانتهــت باشــتباكات باأليــدي والحجــارة‪ ،‬ثــم تالحقــت‬ ‫األحــداث مــع بــروز الدولــة اإلســامية يف العــراق‬ ‫والشــام عــى مــرح األحــداث‪ ،‬وكانــوا يف البدايــة ثلّــة‬ ‫صغــرة‪ ،‬لكنهــا مؤثــرة جــدا ً اســتطاعت أن تؤســس‬ ‫ملشــهد مأســاوي يف مدينــة الرقــة‪ ،‬بــدأ مبسلســل‬ ‫االشــتباكات مــع فصائــل الجيــش الحــر‪ ،‬بدايــة مــع‬ ‫أحفــاد الرســول‪ ،‬ثــم مــع فصيــل أمنــاء الرقــة‪ ،‬اللذيــن‬ ‫تــم إقصاؤهــا مــن مــرح األحــداث نهائيــاً مــن‬ ‫خــال تفجــر املقــرات واختطــاف القــادة الثوريــن‪،‬‬ ‫الذيــن كانــوا يؤسســون لحيــاة مدنيــة يف الرقــة‪،‬‬ ‫ثــم أعقبهــا حملــة اختطــاف وتخويــف الناشــطني‬ ‫الثوريــن‪ ،‬فتــم اختطــاف الدكتــور إســاعيل الحامــض‬ ‫ثــم فــراس الحــاج صالــح وإبراهيــم الغــازي‪ ،‬وســط‬ ‫تطــور لتنظيــم الدولــة‪ ،‬الــذي أصبــح القــوة الضاربــة‬ ‫يف مقابــل قــوة أحـرار الشــام ولــواء ثــوار الرقــة‪ ،‬والتــي‬ ‫انتهــت بســيطرة تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫عــى عمــوم محافظــة الرقــة‪ ،‬إثــر معركــة مــع األطراف‬ ‫األخــرى‪ ،‬والتــي شــهدت تخــاذل فصيــل أحـرار الشــام‬ ‫وانســحابه‪ ،‬رغــم مــا كان يتمتــع بــه مــن قــوة هــي‬ ‫األكــر يف املحافظــة مــن حيــث التســليح والعــدد‪.‬‬ ‫ألــف يــوم عــى غيــاب الدكتــور إســاعيل الحامــض‬ ‫ورفاقــه يف ســجون ومعتقــات تنظيــم داعــش‬ ‫اإلرهــايب‪ ،‬ورغــم ذلــك مــا زلنــا ننتظــر الفــرج القريــب‬ ‫يف خروجهــم أحـرارا ً بعــد طــول غيــاب‪ ،‬ومــا زالــت أم‬ ‫حــازم يف مشــهد يومــي تنــادي لإلف ـراج عــن زوجهــا‪،‬‬ ‫ومــا زلنــا معهــا ننتظــر لحظــة الحريــة القادمــة لــكل‬ ‫املعتقلــن واملغيبــن يف ســجون النظــام وداعــش‬ ‫والنــرة‪ ،‬وغريهــا مــن الكتائــب التــي حاولــت وتحاول‬ ‫أن تغتــال صــوت الحــق‪ ،‬وتخنــق صــوت الحريــة‪.‬‬

‫إجــراءات عمل جديدة لألطباء الســوريني والعاملني‬ ‫يف القطاع الصحي‬ ‫اجتمــع منــدوب وزارة الصحــة الرتكيــة‬ ‫مــع ممثــي املنظــات الرتكيــة والصحيــة التــي‬ ‫تعمــل يف تركيــا ومنــدوب مــن وزارة الصحــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وذلــك يف ‪-7-21‬‬ ‫‪ 2016‬يف مديريــة صحــة عنتــاب حيــث اتفــق‬ ‫األطــراف عــى تطبيــق مجموعــة بنــود حتــى‬ ‫يتمكــن األطبــاء الســوريون مــن العمــل يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬ويتــم تقديــم الوثائــق لــوزارة الصحــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وذلــك حتــى يتــم‬ ‫التأكــد والتدقيــق مــن صحــة الشــهادة والوثائــق‪،‬‬ ‫وبعدهــا ترســل إىل وزارة الصحــة الرتكيــة‪.‬‬ ‫وأكــد منــدوب وزارة الصحــة الرتكيــة أنــه تــم‬ ‫تشــكيل لجنــة علميــة طبيــة يف وزارة الصحــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬ســتقوم بإجــراء فحــوص مقابلــة مــع‬ ‫األطبــاء ابتــدا ًء مــن ‪ 2016-8-15‬وكل مــن‬ ‫ســينجح بامتحــان املقابلــة هــذه‪ ،‬ســيتم إرســاله‬

‫لاللتحــاق بــدورة ملــدة أســبوع للتعــرف عــى‬ ‫الربامــج الطبيــة الرتكيــة‪ ،‬ومــن ثــم ســيتم توزيــع‬ ‫األطبــاء حســب أماكــن ســكنهم للتدريــب ملــدة‬ ‫ثالثــة أشــهر‪ ،‬ومــن يحصــل عــى تزكيــة املشــفى‬ ‫يصبــح مســتكمالً الــروط للحصــول عــى وثيقــة‬ ‫كفــاءة وهــي التــي ســتخوله التســجيل لــدى وزارة‬ ‫الصحــة الرتكيــة‪ ،‬ويف ســجل األطبــاء املعتمديــن‪،‬‬ ‫وقــد تــم الطلــب مــن منــدوب وزارة الصحــة‬ ‫الرتكيــة أن تكــون فــرة التدريــب مأجــورة‪ ،‬وقــد‬ ‫وعــد ببحــث املوضــوع‪ ،‬وتأمــن التمويــل الــازم‪.‬‬ ‫هــذا وقــد أكــد عــى أن العمــل الفعــي ســيبدأ‬ ‫يف أواخــر هــذا العــام‪ ،‬أمــا األولويــة فهــي للذيــن‬ ‫يحملــون بطاقــة الكملــك‪ ،‬وســيتم وضــع حلــول‬ ‫مناســبة ملــن يحمــل إقامــة ســياحية‪ ،‬وهــذه‬ ‫الــروط ســتطبق عــى الفنيــن والقبالــة‬ ‫والتمريــض‪.‬‬

‫مل أكــن أميــل إىل تأييــد عاصفــة الحــزم التــي أطلقهــا العاهــل‬ ‫الســعودي‪ ،‬رغــم كرهــي الشــديد إليــران‪ ،‬وإدانتــي املســتمرة‬ ‫لتدخلهــا يف ســوريا واليمــن ولبنــان‪ ،‬وأيضــاً اســتنكاري املتواصــل‬ ‫لتمــدد الحوثيــن يف اليمــن‪ ،‬وعــودة عــي عبــد اللــه صالــح إىل‬ ‫مــرح األحــداث‪ ،‬وهــو يحمــل هاجــس التســلط عــى رقــاب‬ ‫العبــاد مــن جديــد‪ ،‬ورغــم أن الشــعار الــذي أطلقتــه عاصفــة‬ ‫الحــزم‪ ،‬والــذي يحمــل يف طياتــه رغبــة عارمــة لــدى املســؤولني يف‬ ‫دول الخليــج يف مواجهــة التمــدد اإليــراين خــارج حــدود دولهــم‪،‬‬ ‫وهــو مــا يتقاطــع مــع تطلعــات الشــعوب العربيــة‪ ،‬ورغبتهــا يف‬ ‫التخلــص مــن النفــوذ اإليــراين املســتعر‪.‬‬ ‫ميــي لعــدم تأييــد الحــزم يف اســلوب تدخلهــا‪ ،‬ينطلــق مــن ق ـراءة‬ ‫لداللــة مفــردات التاريــخ‪ ،‬التــي تقــول إن اليمــن كانــت دامئـاً مقــرة‬ ‫الغ ـزاة‪ ،‬وأنهــا اســتعصت عــى أعتــى الجيــوش‪ ،‬وآخرهــا الجيــش‬ ‫املــري يف حملتــه الشــهرية‪ ،‬وقبلــه الجيــش العثــاين‪ ،‬والشــواهد‬ ‫عــر التاريــخ تؤكــد أنهــا كانــت عصيــة عــى الغــزاة والفاتحــن‬ ‫عســكرياً‪ ،‬نســتثني منهــا الفتــح اإلســامي املبكــر لليمــن‪ ،‬والــذي‬ ‫مل يشــهد قتــاالً عنيف ـاً‪ ،‬أو قــوى عســكرية كبــرة متصادمــة‪ ،‬وكان‬ ‫العامــل الرئيــس يف فتــح اليمــن‪ ،‬هــو العامــل الفكــري‪ ،‬ومبعنــى أدق‬ ‫العامــل التبشــري‪ ،‬الــذي أدى العتنــاق معظــم القبائــل اليمنيــة‬ ‫لإلســام‪ ،‬والــذي جــاء عــى خلفيــة احتاللــن متعاقبــن لليمــن مــن‬ ‫قبــل األحبــاش والفــرس‪.‬‬ ‫إضافــة لذلــك أعتقــد أن التدخــل العســكري عــن طريــق القصــف‬ ‫الجــوي‪ ،‬هــو مجــرد غثــاء ال يقــدم وال يؤخــر‪ ،‬وهــو يحصــد أرواح‬ ‫املدنيــن العــزل بالدرجــة األوىل‪ ،‬كــا يفعــل الطــران الــرويس‬ ‫وطــران النظــام وطــران التحالــف الــدويل يف ســوريا‪ ،‬الطــران‬ ‫الــذي يســتخدم سياســة األرض املحروقــة‪ ،‬وتتجـ ّـى هــذه السياســة‬ ‫اإلجراميــة يف صورتهــا العنيفــة يف غــارات النظــام وط ـران الــروس‬ ‫الــذي ال يبقــي وال يــذر‪ ،‬يف الوقــت الــذي يتعامــل فيــه املســلحون‬ ‫مــع معطيــات املعــارك بطــرق تكتيكيــة تجنبهــم الوقــوع فريســة‬ ‫ســهلة لهــذا القصــف املجنــون‪ ،‬فهــم يجيــدون التخفــي واملراوغــة‬ ‫واإلخــاء وتجنــب القصــف‪ ،‬فيــا يقــع املدنيــون فريســة آللــة‬ ‫القتــل املدمــرة‪.‬‬ ‫املتتبــع لرسديــة األحــداث‪ ،‬يقــرأ الســطور ومــا بينهــا‪ ،‬ويســتنتج‬ ‫بــأن املســتفيد الوحيــد مــن إطالــة املشــهد العنفــي يف املنطقــة هــا‬ ‫إرسائيــل وأمريــكا أوالً‪ ،‬ثــم روســيا وإيـران‪ ،‬التــي تجمعهــم املصالــح‬ ‫املشــركة يف املحافظــة عــى أمنهــم بالدرجــة األوىل‪ ،‬ثــم تســهيل‬ ‫وصــول مشــاريعهم إىل آمــاد بعيــدة‪ ،‬وانتعــاش تجــارة الســاح‪،‬‬ ‫وتغــ ّول عنــر املــال عــى حســاب غيــاب العوامــل اإلنســانية‪،‬‬ ‫فيــا تنتعــش بــن ظهرانيهــم تجــارة املخــدارات‪ ،‬وبــروز دور أمـراء‬ ‫الحــرب التخريبــي املنحــاز أص ـاً للقتــل والخطــف والتآمــر‪.‬‬ ‫مل يســتفد الــروس وال غريهــم مــن دروس التاريــخ‪ ،‬وليــس ببعيــد‬ ‫دروس حصــار داريــا وغريهــا مــن املــدن الســورية‪ ،‬وســتكون حلــب‬ ‫مثــل ســابقاتها مــن املــدن املحــارصة‪ ،‬فليــس معقــوالً أن تنتهــي‬ ‫مأســاة الشــعوب مبثــل هــذه الطــرق املهينــة بعــد كل هــذه الدمــاء‬ ‫الربيئــة وهــذا الدمــار‪.‬‬ ‫الــدرس الســعودي الــذي كان مــن املمكــن أن يكــون أكــر فاعليــة‬ ‫يف مواجهــة الخطــر اإليــراين املحــدق بالعــرب‪ ،‬إذا مــا أخــذ عــى‬ ‫عاتقــه أوالً تحييــد املدنيــن عــن النزاعــات املســلحة‪ ،‬واالنحيــاز أكــر‬ ‫للسياســة‪ ،‬وتحشــيد رأي عــام عاملــي يفضــح املامرســات اإليرانيــة‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬ويكســب مزيــد مــن املنارصيــن مــن الــدول لوقــف‬ ‫متــدد املــروع الفــاريس‪ ،‬واالنتصــار أوالً وتالي ـاً لإلنســان وملفاهيــم‬ ‫العدالــة والحريــة والدميقراطيــة‪ ،‬وكان مــن املمكــن الحديــث عــن‬ ‫تأثــر إيجــايب لـ»أهــل العوجــا» يف املشــهد الســيايس‪ ،‬كــا كانــوا‬ ‫يفعلــون عقــب انتصاراتهــم املتواصلــة يف حروبهــم‪ ،‬تلــك الحــروب‬ ‫التــي دافعــوا فيهــا عــن بالدهــم وعــن العــرب‪ ،‬قــوالً وفع ـاً‪.‬‬

‫الحرملي‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محاولة االنقالب الفاشــلة يف ‪ ۱۵‬تموز‪ /‬يوليو‬ ‫محاولــة االنقــاب الفاشــل الــذي قامــت‬ ‫بــه مجموعــة مــن العســكريني داخــل القــوات‬ ‫املســلحة الرتكيــة الذيــن ينتمــون إىل تنظيــم‬ ‫فتــح اللــه غولــن اإلرهــايب‪.‬‬ ‫مــا هــو هــذا التنظيــم‪ :‬ظهــر هــذا التنظيــم‬ ‫يف بدايــة الثامنينــات برئاســة فتــح اللــه غولــن‬ ‫كجامعــة دينيــة وإصالحيــة‪ ،‬وقــد اســتخدموا‬ ‫الخطــاب الدينــي باســتخدام التقيــة للتغلغــل‬ ‫يف كل املجــاالت البريوقراطيــة واالجتامعيــة‬ ‫والعســكرية وقــوات األمــن والقضــاء واإلدارات‬ ‫املدنيــة والسياســية‪...‬‬ ‫انكشــف الوجــه الحقيقــي لهــذه املنظمــة‬ ‫اإلرهابيــة عــى حقيقتــه يف تاريــخ ‪25--15‬‬ ‫ديســمرب ‪ 2013‬باســتخدام خاليــاه داخــل‬ ‫القضــاء واألمــن‪ ،‬وقــد قامــوا مبحاولــة اعتقــال‬ ‫رئيــس جهــاز االســتخبارات الوطنيــة هاقــان‬ ‫فيــدان لإلطاحــة بالحكومــة الرشعيــة‪ .‬ومــن‬ ‫هــذه املحاولــة اتضــح بأنــه تنظيــم مــوا ٍز‬ ‫داخــل الدولــة‪ .‬بعــد االنتبــاه وبــدا محاربتــه‬ ‫بــكل الوســائل‪ ،‬وبعــد املحاربــة تحــول إىل‬ ‫تنظيــم الوصايــة البريوقراطيــة‪ .‬وبعــد ‪2013‬‬ ‫تحــول هــذا التنظيــم مــن تنظيــم مــوا ٍز إىل‬ ‫تنظيــم وصايــا وبعــد محاولتــه باالنقــاب‬ ‫الفاشــل يــوم ‪ 15‬متــوز ‪ 2016‬باســتخدامهم‬ ‫الطائــرات واملروحيــات والدبابــات واألســلحة‬ ‫الثقيلــة أصبــح تنظيـاً إرهابيــا مســلحاً ال شــك‬ ‫فيــه‪ .‬وأصبحــت تســميته «تنظيــم فتــح اللــه‬ ‫غولــن اإلرهــايب»‪.‬‬ ‫ومــن الظاهــر مــن هــذه املحاولــة بأننــا ال‬ ‫نســتطيع أن نســمي هــذا انقالبــاً أو محاولــة‬ ‫بــل نســتطيع أن نقــول بــأن هــذه املحاولــة هي‬ ‫محاولــة القضــاء عــى زعيــم‪ ،‬والقضــاء عــى‬ ‫شــعب بكاملــه‪ ،‬والقضــاء عــى وطــن‪ ،‬والقضــاة‬ ‫عــى األمــة بأكملهــا‪ .‬ولكــن اللــه عــز وجــل‬ ‫دمرهــم‪ ،‬وجعــل تدبريهــم يف تدمريهــم‪ .‬ألنهــم‬ ‫قــد غفلــوا عــن اآليــة الكرميــة « َو َ ْيكُــ ُرو َن‬ ‫َــر ال َْمكِرِيــ َن»‬ ‫َو َ ْيكُــ ُر اللَّــ ُه َواللَّــ ُه خ ْ ُ‬ ‫ورأينــا بــان هــذا التنظيــم اإلرهــايب وأعوانــه‬ ‫قــد غفلــوا عــن الزعيــم‪ ،‬وغفلــوا عــن الشــعب‪،‬‬ ‫وقــد غفلــوا بــأن كل شــعب هــو أردوغــان‪.‬‬ ‫ونــرى هــذا التنظيــم بعــد ‪ 2013‬بأنشــطة‬ ‫اللوبيــات يف الخــارج‪ .‬ويجــب عــى جميــع‬ ‫الــدول‪ ،‬وخاصــة الــدول اإلســامية والعربيــة‬ ‫بــأن ينتبهــوا إىل هــذا التنظيــم ويوقفــوا‬

‫أنشــطتهم ويراقبوهــم حتــى ال يخدعــون‬ ‫بهــم قبــل أن يفــوت األوان‪ .‬واألهــم يجــب أن‬ ‫يبحــث مــع مــن يتواصلــون‪ ،‬وســرون بأنهــم‬ ‫ال يهتمــون باألشــخاص العاديــن‪ ،‬بــل يعتنــون‬ ‫بالشــخصيات رفيعــة املســتوى مــن جميــع‬ ‫القطاعــات الحكوميــة واملدنيــة؟ والــكالم عنهــم‬ ‫كثــر‪ ،‬ويكفــي عــن كشــفهم محاولتهــم بهــذه‬ ‫الخيانــة داخــل تركيــا مــع أن الحكومــة الرتكيــة‬ ‫قــد تســامحت والشــعب الــريك معهــم ســابقاً‪.‬‬ ‫وهــم اســتغلوا هــذا التســامح للتغلغــل يف‬ ‫مؤسســات الدولــة للوصــول إىل هدفهــم وهــو‬ ‫االســتيالء عــى الدولــة بأكملهــا‪ ،‬وقــد فشــلوا‬ ‫وانكشــف وجههــم الحقيقــي‪ ،‬ومــا يهدفــون‬ ‫إليــه مــا ال شــك فيــه‪ .‬هدفهــم االســتيالء عــى‬ ‫العــامل كلــه وليــس فقــط تركيــا‪.‬‬ ‫ونــرى مــن ومحاولــة الخونــة املتغلغلــن داخــل‬ ‫الجيــش حاولــوا االســتيالء عــى رئاســة األركان‬ ‫خــارج إطــار التسلســل القيــادي‪ ،‬وإجبــار رئيس‬ ‫األركان عــى توقيــع بيــان االنقــاب ليظهــروا‬ ‫بــأن االنقــاب قــد تــم يف إطــار التسلســل‬ ‫القيــادي داخــل الجيــش‪ .‬ولكــن أبنــاء هــذا‬ ‫الشــعب البطــل قــد رفضــوا االنقــاب رغــم‬ ‫التهديــدات والتعذيــب‪ .‬وفشــلوا يف محاولتهــم‬ ‫هــذه وحاولــوا الســيطرة عــى املياديــن ورأوا‬ ‫أمامهــم الشــعب البطــل الــذي ضحــى بجميــع‬ ‫مــا ميلــك يف تلــك الليلــة مــن أجــل الوطــن ومن‬ ‫أجــل الزعيــم البطــل فخامــة الرئيــس رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان‪ ،‬ومــن أجــل العلــم‪ ،‬ومــن أجــل‬ ‫األمــة‪ ،‬ومــن أجــل النامــوس‪ ،‬ومــن أجــل إرادتــه‬ ‫التــي يراهــا فــوق كل يشء‪ .‬ونجــح الشــعب‬

‫البطــل وفشــل االنقالبيــون‪ ،‬وأعطــى الشــعب‬ ‫الــريك مبوقفــه املــرف هــذا درس ـاً لــكل مــن‬ ‫تســول لــه نفســه املســاس بهــذه القيــم التــي‬ ‫ذكرناهــا‪ ،‬ولفتــوا انتبــاه العــامل بــأن الشــعب‬ ‫الــريك شــعب بطــل يعــرف مــا هــو الوطــن‪،‬‬ ‫ومــا هــو العلــم‪ ،‬ومــا هــو الزعيــم‪ ،‬ومــا هــو‬ ‫الشــعب‪ ،‬ومــا هــي اإلرادة‪ ،‬وبوقــوف الشــعب‬ ‫بوجــه االنقالبيــن وبصمــوده أمــام الدبابــات‪،‬‬ ‫وتحــت قصــف الطائــرات ‪ F-16‬وقصــف‬ ‫املروحيــات واألســلحة الثقيلــة‪ ،‬ومل يرتاجــع‬ ‫أبــدا وملــا رأى االنقالبيــون إرصارهــم وقــوة‬ ‫إميانهــم بهــذه القيــم‪ ،‬فشــل الخونــة يف محاولــة‬ ‫الســيطرة عــى املياديــن‪.‬‬ ‫وملــا فشــلوا يف املحاولتــن فشــلوا أيضــاً يف‬ ‫تأســيس قيــادة األحــكام العرفيــة‪.‬‬ ‫وأســباب فشــل هــذه املحاولــة ميكننــا أن‬ ‫نلخصهــا بجمــل مثــل‪ :‬دعــوة الرئيــس الشــعب‬ ‫املحــب لــه إىل املياديــن واملطــارات‪ ،‬واســتجابة‬ ‫الشــعب فــورا ً لهــذه الدعــوة‪ .‬وكانــت هــذه‬ ‫الدعــوة عــن طريــق الجــوال الــذي ســخره‬ ‫اللــه عــز وجــل لــي يتواصــل الرئيــس مــع‬ ‫الشــعب‪ ،‬كــا ســخر اللــه عــز وجــل العنكبــوت‬ ‫والحاممــة لنبيــه صــى اللــه عليــه وســلم أثنــاء‬ ‫خروجــه مــن مكــة املكرمــة إىل املدينــة املنــورة‬ ‫مــع صاحبــه خليفــة املؤمنــن أيب بكــر الصديــق‬ ‫ريض اللــه عنــه‪ ،‬ونــرى اليــوم اللــه عــز وجــل‬ ‫ســخر الجــوال عــن طريــق التلفزيــون لينجــي‬ ‫الرئيــس‪ ،‬والشــعب الــريك والوطــن واألمــة كلهــا‬ ‫والحمــد للــه الــذي م ـ ّن علينــا‪.‬‬

‫ومــن القلــق والحالــة الروحيــة للخونــة يف تلــك‬ ‫اللحظــة يف يــوم ‪ 15‬متــوز قــد قــام الخونــة‬ ‫بالهجــوم عــى املؤسســات العامــة للدولــة‪،‬‬ ‫وعــى رأســها مبنــى الربملــان‪ ،‬واملجمــع الرئــايس‪،‬‬ ‫ومبــاين الوحــدات املســلحة التــي ميكنهــا‬ ‫مقاومــة االنقــاب‪ ،‬مثــل مبنــى املخابــرات‪،‬‬ ‫ومبنــى القــوات الخاصــة‪ ،‬وقــوات التدخــل‬ ‫الرسيــع‪ ،‬واســتخدامهم الســاح ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫وفــوق كل ذلــك اتضحــت محاولتهــم اغتيــال‬ ‫الرئيــس البطــل رجــب طيــب اردوغــان‪ ،‬التــي‬ ‫أغضبــت الشــعب بأكملــه‪ ،‬وجميــع املنتمــن إىل‬ ‫األحــزاب وااليدولوجيــات واملذاهــب والفــرق‬ ‫واألعـراق‪ ،‬وهــذه املحاولــة كانــت ســبباً التحــاد‬ ‫الشــعب الــريك ضــد الخونــة مــن الداخــل‬ ‫والخــارج‪.‬‬ ‫وقــد رأينــا مــن أهــم األســباب التــي أفشــلت‬ ‫املحاولــة والخيانــة‪ ،‬نــزول البطــل الزعيــم‬ ‫رجــب طيــب أردوغــان يف مطــار آتاتــورك رغــم‬ ‫مالحقــة طائرتــه مــن قبــل الطائ ـرات املقاتلــة‬ ‫ليقــف مــع شــعبه الــذي يثــق بــه كل الثقــة‬ ‫واملقاومــة التــي أبدتهــا القــوات الخاصــة‪،‬‬ ‫واالســتخبارات‪ ،‬وقــوات التدخــل الرسيــع‬ ‫والشــعب والحمــد للــه‪.‬‬ ‫ومــا أغضــب الشــعب كثريا ً بــأن األســلحة التي‬ ‫اســتولوا عليهــا مــن الطائــرات واملروحيــات‬ ‫والدبابــات واألســلحة الثقيلــة كانــت ملــك‬ ‫الشــعب الــريك الــذي جهــز الجيــش للدفــاع‬ ‫عــن الوطــن‪ ،‬ورأى الشــعب هــؤالء الخونــة قــد‬ ‫خانــوا األمانــة‪ ،‬وخانــوا شــعبهم‪ ،‬ووجهــوا هــذه‬ ‫األســلحة ضــد شــعبهم‪ ،‬وهــذه خيانــة ال يقبلهــا‬ ‫الشــعب الــريك أبــدا ً وال يتســامح معهــا‪.‬‬ ‫وبعــد هــذه الخيانــة بــدأ عــزل كل املنتمــن‬ ‫إىل هــذا التنظيــم اإلرهــايب‪ ،‬ألنهــم يأخــذون‬ ‫األوامــر مــن األخ الكبــر‪ ،‬بــدالً مــن رئيســهم‪،‬‬ ‫ألنهــم تنظيــم مــوا ٍز داخــل جميــع املؤسســات‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬ويجــب تنظيفهــم مــن مؤسســات‬ ‫الدولــة‪ .‬ألنهــم قــد متركــزوا يف الدولــة عــن‬ ‫طريــق ســلب حقــوق الشــعب‪ ،‬مثــل رسقــة‬ ‫األســئلة التــي تؤهــل للتوظيــف الحكومــي‪،‬‬ ‫وكذلــك االختبــارات الشــفهية‪ ،‬واتضــح بأنهــم‬ ‫كانــوا يشــكلون اللجــان حســب رغبتهــم‬ ‫ليتغلغلــوا داخــل األجهــزة الحكوميــة‪ .‬ونجحــوا‬ ‫يف هدفهــم هــذا‪ ،‬ولكــن العدالــة اإللهيــة‬ ‫ســتتجىل بعزلهــم‪ ،‬ووضــع يــد الحكومــة عــى‬ ‫ممتلكاتهــم ومدارســهم ومؤسســاتهم التــي‬

‫‪Halil Özcan‬‬ ‫بنوهــا تحــت قنــاع الخدمــة بأمــوال الشــعب‬ ‫الــريك‪ ،‬ولذلــك ســتكون هــذه املؤسســات‬ ‫تحــت خدمــة الشــعب العظيــم الــذي يحــق‬ ‫لــه كل يشء‪.‬‬ ‫ونــرى مــن الخــارج بعــض وســائل اإلعــام‬ ‫والسياســيني يدلــون بآرائهــم التافهــة بــأن يف‬ ‫تركيــا تصفيــة لــكل املخالفــن‪ .‬هــذه البيانــات‬ ‫مصدرهــا اللــويب الــذي يقــوم بــه املنتمــون‬ ‫لهــذه املنظمــة اإلرهابيــة منظمــة فتــح اللــه‬ ‫غولــن اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫ونعلــن مــن هنــا بــأن العدالــة الرتكيــة ســتالحق‬ ‫كل املتورطــن يف هــذه املحاولــة‪ ،‬وتحاســبهم‬ ‫أمــام القضــاء بــكل دقــة وال يظلــم أحــد‪.‬‬ ‫ولكــن كل املتورطــن يف هــذه املحاولــة ســواء‬ ‫كان عســكرياً أو أمنيــا أو سياســياً أو مدني ـاً أو‬ ‫موظفـاً‪ ،‬ومــن يكــون لــه صلــة‪ ،‬ســيحاكم بــكل‬ ‫عدالــة‪.‬‬ ‫وحالــة الطــوارئ التــي أعلنــت يف تركيــا ال متــس‬ ‫حريــة املواطنــن أبــدا ً مثــل حياتــه اليوميــة أو‬ ‫التجاريــة والســياحية بــل تخــص املتغلغلــن‬ ‫داخــل الدولــة فقــط‪.‬‬ ‫وأريــد أن أناشــد اإلخــوة الســوريني يف تركيــا‬ ‫بــأن يســاندوا إخوانهــم يف تركيــا‪ ،‬وأن يكونــوا يف‬ ‫املياديــن مــع أنصارهــم يــوم الضيــق والشــدة‪.‬‬ ‫فوقوفهــم يف املياديــن ســرفع مــن معنويــات‬ ‫إخوانهــم الســوريني الذيــن يجاهــدون مــن‬ ‫أجلهــم داخــل ســورية‪ .‬كــا نــرى بــأن فشــل‬ ‫هــذه املحاولــة رفــع معنويــات جميــع‬ ‫املظلومــن واملحتاجــن يف جميــع أنحــاء العــامل‪،‬‬ ‫ورفــع معنويــات األمــة بأكملهــا وللــه الحمــد‪.‬‬

‫صافح وكافح‬ ‫ال يحتــاج ارتقــاء الشــعوب مــن حضيــض‬ ‫التناحــرات والحــروب األهليــة ألكــر مــن‬ ‫عقيــدة ســام مديــدة‪ ،‬تقــوم عــى شــقني مــن‬ ‫املبــادرة الفاعلــة‪.‬‬ ‫األول‪ :‬قــوة املبــادرة واملرونــة ألن تقيــم حالــة‬ ‫مــن املصالحــة تعتمــد عــى حالــة مــن التحري‬ ‫االيجــايب‪ ،‬وأن «اآلخــر» هــو الجــزء املكمــل‬ ‫والحيــوي الــذي ال ميكــن االســتمرار بفقدانــه‬ ‫أو اســقاطه مــن معادلــة الرشاكــة املســتمرة‬ ‫يف أي حــال مــن األحــوال‪ ،‬وأن الوصــول إىل‬ ‫القناعــة يف اســتحالة التناحــر معــه إىل مــا ال‬ ‫نهايــة هــي الحقيقــة التــي يجــب أن ينطلــق‬ ‫منهــا مبــدأ الرضورة يف الحل‪ ،‬كــا أن التعويض‬ ‫واســتبدال هــذا الشــعور‪ ،‬وهــذه القناعــة بآلية‬ ‫أخــرى ميكــن أن تقــوم عــى جــر الــرر يف‬

‫معرفــة الحقائــق والعــودة إىل مبــدأ تبــادل‬ ‫املصالــح ودفعهــا باتجــاه أن تكــون محــركاً‬ ‫ومحف ـزا ً عــى االبتــكار واإلبــداع لينقــل واقــع‬ ‫النزاعــات مــن حيزهــا الســلبي إىل الحيــز‬ ‫االيجــايب فيطلــق ويحــرر الكثــر مــن الطاقــات‬ ‫املفيــدة اجتامعيــاً وسياســياً يف املجتمــع‪،‬‬ ‫وتكــون مبثابــة الضــاد الحقيقــي ألي جــروح‬ ‫مفتوحــة وذات نــزف دام ومســتمر‪.‬‬ ‫الثــاين‪ :‬وهــي عبــارة عــن دالالت حيــة لتلــك‬ ‫امل ـرارة املعاشــة‪ ،‬وتلــك األهــوال التــي منيــت‬ ‫بهــا ســوريا مــن جــراء الــراع املفتــوح‬ ‫والحــروب الداميــة‪ ،‬وليــس عيبـاً إن نحــن قلنــا‬ ‫كفــى وأعدنــا حســاباتنا وعدنــا إىل قاعــدة‬ ‫االلتقــاء يف منتصــف الطريــق مــن كل القــوى‬ ‫املتناحــرة‪.‬‬

‫ال شــك يف هــذا املوضــع مــن مبــادر يقــول‪:‬‬ ‫أيــن الحقيقــة يف ذلــك‪ ،‬وهــل بعــد الجرميــة‬ ‫مــن عقــاب‪ ،‬وبعــد الظلــم مــن رحمــة‪ ،‬وبعــد‬ ‫املشــقة مــن ارتيــاح‪ ،‬وبعــد الخــوف مــن‬ ‫أمــان؟!‬ ‫وجهــة نظــري أن ال نلجــأ إىل تربيــر الخيبــة‬ ‫والفشــل أو تحميلهــا إىل طــرف مــن األطـراف‬ ‫فكلنــا خــارس وكلنــا رابــح يف آن واحــد فــا‬ ‫انتصــار ألحــد وال اندحــار وال تحطيــم إال‬ ‫لســورية الدولــة واملواطــن‪ ،‬وهــو مــا يجعــل‬ ‫العــودة إىل أســاليب الكفــاح الســلمي‪ ،‬والعمل‬ ‫العاقــل رضورة بــل خيــارا ً ســلمياً وحيــدا ً يوفــر‬ ‫الطاقــات جميعهــا‪ ،‬وحســبنا مــا أريــق يف هــذا‬ ‫الــراع‪ ،‬وهــذا التناحــر مــن دمــاء ســورية‪،‬‬

‫ترشبهــا كامــل الـراب الســوري‪ ،‬ولــن يذهــب‬ ‫ذلــك ســدى‪ ،‬بــل ســيكون ذاكــرة جميــع‬ ‫الســوريني‪ ،‬ولــن يكــون إال حافزهــم ومحركهــم‬ ‫نحــو الســلم والعدالــة الدامئــة‪ ،‬ونحــو تثبيــت‬ ‫املصالــح العامــة‪ ،‬واالنتصــار ملــروع القيــم‬ ‫الســورية الجديــدة‪ ،‬والغايــات الســورية‬ ‫النبيلــة‪ ،‬واملصالــح الســورية املشــركة‪ ،‬وإرادة‬ ‫البنــاء كل مــن دوره وموقعــه‪ ،‬ويكفينــا‬ ‫أم ـاً أن نوحــد دماءنــا يف رحــم هــذا ال ـراب‬ ‫الســوري حتــى تكــون والدتنــا الجديــدة والدة‬ ‫لكفاحنــا املديــد دون أن يكــون مثــن ذلــك‬ ‫دمــاء وتناحـرات ال تنتهــي‪ ،‬أكانــت مذهبية أو‬ ‫طائفيــة أو عرقيــة بــل عدالــة ووعي ـاً وعطــاء‬ ‫ومحبــة‪ ،‬يتكافــل فيهــا جميــع مــن يؤمــن بــأن‬ ‫الســلم رشط حيــاة‪ ،‬بظــل احــرام للقانــون‬

‫محمد صبحي‬ ‫وتأمــن للحقــوق‪ ،‬فحــق الحريــة‪ ،‬وحــق‬ ‫التعبــر‪ ،‬وحــق اإلدارة املحليــة‪ ،‬وحــق التنميــة‬ ‫املتوازنــة‪ ،‬وحــق اإلبــداع‪ ،‬وحــق العيــش‬ ‫املشــرك‪ ،‬وحــق االعتقــاد وحقــوق املواطنــة‪،‬‬ ‫حقــوق مصانــة بعيــدا ً عــن التســلط والتناحــر‬ ‫والقهــر‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪7‬‬

‫انقالب‪ ..‬وموجة عكسية مرتدّة‬ ‫الوقوف عند حدث االنقالب الفاشل عىل‬ ‫الحكومة الرشعيّة املنتخبة يف تركيا‪ ،‬رضوري‪،‬‬ ‫لفهم تأثريه التاريخي عىل تركيا ووحدتها‬ ‫ودميقراطيتها‪ ،‬وعىل الحراك الثوري السوري‬ ‫سأبي‪ ،‬بإيجاز‪،‬‬ ‫والعريب‪ ،‬وعىل الواقع اإلقليمي‪ّ .‬‬ ‫أهميّة الحدث‪ ،‬وسأعلّق عىل التفاعل السوري‬ ‫معه‪ ،‬ثم أوضّ ح رضورة القراءة السورية الهادفة‬ ‫للحدث‪.‬‬ ‫بداية‪:‬‬ ‫الشــخص املتابــع للحــراك الثّــوري العــريب‬ ‫والســوري ومحيطــه االقليمــي‪ ،‬والقــارئ للتاريخ‬ ‫ّ‬ ‫التكيّــة منــذ قــرن‬ ‫الســوري والعالقــات العربيّــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونصــف‪ ،‬خصوصــاً مرحلــة اليقظــة العربيــة‬ ‫وصعــود القوميّــات العربيّــة والرتكيّــة وغريهــا؛‬ ‫ســرى موضوعيّ ـاً أ ّن الحــدث املضــاد لالنقــاب‬ ‫تاريخــي‪ ،‬ســواء يف طبيعتــه التــي‬ ‫العســكري‬ ‫ّ‬ ‫تحمــل تغيـرا ً واســعاً وعميقـاً ورسيعـاً يف البنى‬ ‫السياســية االجتامعيــة النافــذة‪ ،‬أو يف مفاعالتــه‬ ‫لصياغــة الهويــة الرتك ّيــة‪ ،‬وحســم مقوالتهــا‬ ‫الفكريــة والسياســية املتصارعــة‪ ،‬منــذ أكــر مــن‬ ‫قــرن‪ ،‬أو يف تأثــره عــى مســار الثــورات العربيــة‬ ‫والثــورات املضــادة لهــا‪.‬‬ ‫االنقــاب ســقط‪ ،‬كــا بــدا‪ ،‬بفعــل اإلرادة‬ ‫الشّ ــعبيّة الرتكيّــة املنظّمــة‪ ،‬ونتيجــة الوعــي‬ ‫الجامهــري الوطنــي‪ ،‬وبحكمــة القيــادة‬ ‫السياســية؛ فأعطــى دفعــاً للســر املــدين‪،‬‬ ‫ولتمتــن املؤسســات املدنيــة واملجتمعيــة‬ ‫ومرجعياتهــا القانون ّيــة‪ ،‬أمــام قــوة العســكر‬ ‫الســيطرة‬ ‫وحلفائهــا مــن التيــارات العاملــة عىل ّ‬ ‫وتفكيــك الدولــة الدميقراط ّيــة وتقســيمها اثنيـاً‪.‬‬ ‫االنقــاب وضــع تركيــا يف مواجهــات مبــارشة مع‬ ‫الغــرب الســيايس‪ ،‬بســبب موقــف الحكومــة‬ ‫الحاســم والصــارم يف التصــدي لالنقالبيــن‬ ‫ولحواضنهــم وارتباطاتهــم‪ ،‬وقــد يغـ ّـر الحقـاً يف‬ ‫االصطفافــات اإلقليميّــة السياســية‪ ،‬ويف اتســاع‬

‫ال ّنزاعــات والحــروب‪.‬‬ ‫الثــورة الســوريّة نالــت دعــاً معنويّــاً‬ ‫عاليـاً‪ ،‬نتيجــة فشــل االنقــاب‪ ،‬وفشــل حلفائــه‬ ‫املعاديــن للثّــورة الســوريّة‪ ،‬ســواء النظــام‬ ‫التكيّــة املعاديــة للثــورة‪،‬‬ ‫الســوري‪ ،‬أو األطـراف ّ‬ ‫ّ‬ ‫التــي كانــت ته ـ ّدد بطــرد الســوريني واالنتقــام‬ ‫منهــم يف حــال ســقوط حكومــة العدالــة‬ ‫والتنميــة والرئيــس الــريك أردوغــان‪ .‬ولــن يكون‬ ‫الحــدث مبنــأى‪ ،‬أيضــاً‪ ،‬عــن مســتقبل الثــورة‬ ‫املرصيّــة التــي حــاول الســييس العســكري‬ ‫االســتيالء عــى قرارهــا‪ .‬فاملواجهــة اإلعالم ّيــة‬ ‫املبــارشة للســييس املؤيّــد لالنقــاب‪ ،‬ضــد‬ ‫التكيّــة الرشعيّــة املنتخبــة شــعبيّاً‬ ‫الحكومــة ّ‬ ‫ودميقراطيّـاً‪ ،‬وقادتهــا املتصديّــة لالنقــاب جــزء‬ ‫مــن الحــرب عــى الحــراك الثّــوري املــري‪،‬‬ ‫مــا حصــل‪ ،‬مــا يفيــده يف‬ ‫لــي ال يســتلهم ّ‬ ‫ثورتــه ويف خطابــه الســيايس‪.‬‬ ‫وانتقــاالً إىل التّعاطــي الســوري مــع فشــل‬ ‫االنقــاب‬ ‫طبيعــي أن يؤيّــد االنقــاب عــى الحكومــة‬ ‫الســوري وعصاباتــه وشــبيحته‪،‬‬ ‫الرتك ّيــة‪ ،‬ال ّنظــام ّ‬ ‫ســيصب يف مصلحــة النظــام‬ ‫أل ّن االنقــاب‬ ‫ّ‬ ‫ضــد حــزب العدالــة والتنميّــة الحاكــم‪ ،‬وض ـ ّد‬ ‫تركيــا الدميقراطيــة املوحــدة التــي تدعــم‬ ‫الثــورة الســورية واملعارضــة‪ ،‬وتحمــي ماليــن‬ ‫الالجئــن الســوريني‪ ،‬وتســاعد يف إغاثــة‬ ‫الشــعب املنكــوب‪ .‬وطبيعــي أن يحــدث‪،‬‬ ‫أيضـاً‪ ،‬انقســام شــعبي عــى موضــوع االنقــاب؛‬ ‫فالثــورة املضــا ّدة ربطــت اإلرهــاب بالحكومــة‬ ‫التك ّيــة وبشــخص الرئيــس أردوغــان وحزبــه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وكثــرون مــن الذيــن كانــوا مــع االنقــاب‪،‬‬ ‫التكيّــة ورئيســها أردوغــان‪،‬‬ ‫وضــد الحكومــة ّ‬ ‫إمــا موالــون لنظــام األســد‪ ،‬أو رماديــون‪ ،‬أو‬ ‫محبطــون مغــ ّرر بهــم‪ ،‬أو تائهــون يفتقــدون‬ ‫النظــرة املوضوعيّــة والتاريخيّــة‪ ،‬أو مؤدلجــون‬ ‫مضــادون لإلســام‪ ،‬ولإلســام الســيايس‪ ،‬بحــق‬

‫وغــر حــق‪ ،‬يضعــون حــزب العدالــة والتنميــة‬ ‫يف رأس قامئــة اإلرهــاب الســيايس اإلســامي‪،‬‬ ‫تســرهم إرادة التمويــل‬ ‫أو إعالميّــون‬ ‫ّ‬ ‫االســتخباراتية‪.‬‬ ‫وطبيعــي أن تقــف جمــوع واســعة مــن‬ ‫ّ‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬ومــن الشــعوب العربيــة‬ ‫ضــد االنقــاب وتفــرح بفشــله وتؤيّــد الحكومــة‬ ‫الرتك ّيــة وقائدهــا أردوغــان؛ ألنّهــا تعــاين مــن‬ ‫ويــات الحكــم العســكري املســتبد وتحكّــم‬ ‫الدكتاتوريــات يف بالدهــا وإجــرام الطغمــة‬ ‫العســكريّة‪ ،‬وتــرى يف الدميقراطيــة الرتك ّيــة‬ ‫وقيادتهــا أمــاً وأمانــاً‪ .‬وطبيعــي‪ ،‬أيضــاً‪ ،‬أن‬ ‫ينــري جــزء مــن املثّقفــن الدميقراطيــن‬ ‫للنقــد والتخويــف مــن التط ـ ّرف يف ردة فعــل‬ ‫الحكومــة الرتكيّــة عــى االنقــاب‪ ،‬خوف ـاً عــى‬ ‫مصــر الدميقراطيّــة يف تركيــا؛ الهتاممهــم‬ ‫الدميقراطــي النظــري‪ ...‬لك ـ ْن‪ ،‬غــر طبيعــي أن‬ ‫تنجــرف أطيــاف مــن الســوريني يف اتجاهــات‬ ‫متط ّرفــة غوغائيــة عصبويّــة‪ ،‬بــن مــن يجعــل‬ ‫الرئيــس أردوغــان منــزالً مــن الســاء‪ ،‬أو‬ ‫ســلطان املســلمني‪ ،‬أو الخليفــة املنتظــر‪،‬‬ ‫والقائــد األعظــم‪ ،‬ويعــدون حلقــات املديــح‬ ‫القــديس‪ ،‬وبــن مــن يشــيطنه ويجعلــه إرهابيـاً‬ ‫مجرمـاً‪ ،‬وحاكـاً يديــر املؤامـرات عــى شــعبه‪،‬‬ ‫وعــى العــامل ليتح ّكــم ويبطــش باســم اإلســام‪،‬‬ ‫ويشــيدون لــه حلبــات الرجــم‪ .‬فهــذه املناظــر‬ ‫يف غايــة الخطــورة والســوء‪ ،‬تعكــس ذهنيــة‬ ‫جاهلــة وعصبويّــة وفاســدة ومنافقــة‪ ،‬تحــ ّول‬ ‫القضايــا املصرييّــة لألمــم أشــخاصاً ومنظــورات‬ ‫شــخص ّية‪.‬‬ ‫والالفــت الخطــر رؤيــة أشــخاص لهــم صبغة‬ ‫فكريــة مضــادة لإلســام واألســلمة‪ ،‬وأعــداء أي‬ ‫إســامي ســيايس وغــر ســيايس‪ ،‬وأي‬ ‫طــرح‬ ‫ّ‬ ‫شــعار دينــي‪ ،‬وضــد أردوغــان ومرشوعــه‪ ،‬وضــد‬ ‫تركيــا التــي‪ ،‬كــا يقولــون‪ ،‬غ ـ ّررت بالشــعوب‬ ‫واســتخدمت الثــورات للتخريــب‪ ،‬يخرجــون‬

‫اآلن يف املهرجانــات‪ ،‬وعــى مســارح الســاحات‬ ‫الرتكيّــة‪ ،‬يصفقــون تعب ـرا ً عــن تضامنهــم مــع‬ ‫الحكومــة والشــعب‪ ،‬ومــع القائــد أردوغــان‪،‬‬ ‫ومــع شــعارات اللــه أكــر‪ .‬هــؤالء هــم‬ ‫املنافقــون الذيــن يندســون يف الجامهــر‪ ،‬ويف‬ ‫املعارضــة الســورية‪ ،‬ويف معارضــة املعارضــة‬ ‫الســورية وميثّلــون‪ .‬وهــم الخطــر الكبــر‪،‬‬ ‫ألنهــم يتلونــون‪ ،‬بحســب مكاســبهم الشــخص ّية‪،‬‬ ‫وكجــزء مــن أي ثــورة مضــادة توافــق مصالحهم‬ ‫وأهواءهــم‪.‬‬ ‫ووصــوالً للخالصــة؛ فــا حصــل يف تركيــا مــن‬ ‫انتصــار الدميقراطيــة السياســية عــى االنقــاب‬ ‫العســكري وعــى التيــار الــذي ســعى إىل بنــاء‬ ‫دولــة داخــل دولــة‪ ،‬بغيــة تفتيــت الدولــة‬ ‫املوحــدة‪ ،‬وتقســيم تركيــا ثــم ســوريا واملنطقــة‪،‬‬ ‫أمــر مهــم جــدا ً‪ ،‬ويســتوجب مــن العقــل‬ ‫الســوري عــى جميــع املســتويات إعــادة قـراءة‬ ‫التجربــة مبوضوع ّيــة؛ خصوصــاً أنّ‪:‬‬ ‫ تأليــه األشــخاص وعبــادة األفــراد صفــة‬‫ر مبــروع الوطــن‪.‬‬ ‫العبيــد ال األحــرار‪ .‬تــ ّ‬ ‫الثــورة عــى االنقــاب الــريك‪ ،‬ليســت ألجــل‬ ‫شــخص‪ ،‬بــل ألجــل دولــة دميوقراطيــة مو ّحــدة‪.‬‬ ‫وفهــم األمــور مــن زاويــة الشــخصنة تضليــل‪،‬‬ ‫ويزيــد يف إشــكاليات الــراع‪.‬‬ ‫ الوعــي الشــعبي املنظــم هــو القـ ّوة يف حاميّــة‬‫الــدول‪ .‬الدميقراطيــة ال تحصــل بغمضــة عــن‪،‬‬ ‫وال تــأيت بأوامــر فوق ّيــة‪ ،‬وليســت ملصلحــة‬ ‫فصيــل دينــي أو قومــي أو حــزيب‪ ،‬إمنــا هــي‬ ‫محصلــة خــرة اجتامعيــة وسياســية تفاعل ّيــة‬ ‫ّ‬ ‫بــن الجامهــر وقياداتهــا يف مســار وطنــي‪،‬‬ ‫ولتــداول للســلطة وفــق األســس القانونيــة‬ ‫والدســتورية‪.‬‬ ‫ الحريــة مــن دون قانــون ومرجعيّــة أخالقيّــة‬‫فــوىض وغوغائيــة‪ .‬فالخصومــات والنزاعــات‬ ‫وحـراك البغضــاء بالتشــهري واإلســاءة والتحطيــم‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫تحــت مســمى حريــة الــرأي والتعبــر فــوىض‬ ‫وتفكيــك للروابــط الوطنيّــة‪ .‬واإلعــام النبيــل ال‬ ‫يكــون يف هــذا املصــاف‪.‬‬ ‫ وصايــة العســكر عــى الحـراك املــدين والحيــاة‬‫الثقافيــة‪ ،‬تعرقــل منــو الحريــات وقيــام العــدل‬ ‫والدميقراطيّــة‪ ،‬ونهضــة املدنيّــة والتحديــث‪ ،‬ال‬ ‫ســيام عنــد انصباغهــا بأيديولوجيــة مســتبدة؛‬ ‫علامن ّيــة أو دين ّيــة‪.‬‬ ‫ اإلســهام اإليجــايب للمــرأة الرتك ّيــة والشــباب‬‫يف حاميــة الدميقراطيــة والدولــة ضــد االنقــاب‪،‬‬ ‫درس للعقليــة الســورية وملعارضتهــا الرســمية‪،‬‬ ‫لــي تخلــع عنهــا أحــال العقــل الذكــوري‬ ‫واألبــوي‪ ،‬يف الذهنيــة السياســية واملجتمعيــة‪،‬‬ ‫وتعيــد النظــر‪ ،‬مبدئيــاً وعمليّــاً‪ ،‬يف أهميــة‬ ‫مشــاركة املــرأة والشــباب سياســياً‪.‬‬ ‫الثّــورة املضــادة بــدأت بإغــاق فصلهــا‪،‬‬ ‫والفصــول اآلن مفتوحــة لنهضــة الثــورة‪ ،‬مــا‬ ‫يســتوجب تجديــد الفكــر الثــوري ومقوالتــه‪،‬‬ ‫واالســتقامة يف الفعــل الســيايس واالجتامعــي‬ ‫بنبــذ النفــاق والخيانــة والتمــ ّزق والتو ّحــش‪،‬‬ ‫والتحــرر مــن التبعيــة العصبويّــة لشــخص‬ ‫أو حــزب أو جامعــة أو عــرق أو مذهــب‪ ،‬أو‬ ‫دعــوة انفصاليّــة‪.‬‬

‫ملاذا خسرنا‪)٢( !!..‬‬ ‫(ظاهــرة التنمــر اإللكرتونــي‪ ..‬ودورهــا يف خســارتنا)‬ ‫‪Cyber bullying‬‬ ‫ميسون نعسان آغا‬ ‫كلنــا بالطبــع مدركــون بشــكل أو بآخــر‬ ‫ملــاذا غُلبنــا‪ ..‬وطــال الطريــق‪ ..‬وطبعـاً لــن أبلــغ‬ ‫ســدرة املنتهــى يف مقــايل هنــا‪ ،‬إمنــا هــو بقعــة‬ ‫ضــوء بســيطة‪ ،‬ولــو أننــا جميعـاً كتبنــا وقرأنــا‪..‬‬ ‫ألنرنــا الكــون وأزلنــا العتمــة التــي تخنقنــا‪.‬‬ ‫إننــا بحاجــة ماســة للتشــخيص الصحيــح ملــا‬ ‫حــل ِب َنــا‪ ،‬فنحــن ك ّنــا ومــا زلنــا بســطاء‪ ،‬وأجمل‬ ‫مــا فينــا أننــا نعــرف ببســاطتنا وتأخرنــا جـراء‬ ‫مهالــك الحــرب يف ظــل قانــون الغــاب الــذي‬ ‫حكمنــا‪ ،‬وذبحنــا لعقــود متواليــة‪.‬‬ ‫قانــون الغــاب‪ ..‬ذلــك اللبــاس القاتــم ملجتمعنا‪،‬‬ ‫واملطــرز بكلمــة (التنمــر)‪ ،‬والتــي أحــار يف‬ ‫ســبب ظهورهــا‪ ..‬أهــي هوايتنــا‪ ..‬أم مباهاتنــا‪..‬‬ ‫أو ســباق املاراثــون الفائــز فيــه يربــح أهزوجــة‬ ‫جهنــم الحمـراء أو حتــى أنشــودة العبيــد التــي‬ ‫لقنهــا حاكــم أخــرق لعرائــس املــرح الفاشــل‬ ‫ذي الجمهــور الغبــي؟!‬ ‫ويف تعريــف ملصطلــح التنمــر‪ ،‬كتــب الدكتــور‬

‫وليــد فتيحــي‪« :‬يجســد التنمــر أقبــح معــاين‬ ‫قانــون الغــاب بــل والحيوانيــة بعينهــا‪،‬‬ ‫حيــث يــأكل كبريهــا صغريهــا‪ ،‬ويفتــك قويهــا‬ ‫بضعيفهــا بــا رحمــة أو شــفقة أو مراعــاة‬ ‫لضعيفهــا‪ ،‬فلــم تجــد اإلنســانية اس ـاً تطلقــه‬ ‫عليهــا أنســب مــن اســم أرشس مــا يف الغــاب‬ ‫مــن حيوانهــا»‪.‬‬ ‫نحــن املنكوبــون يف بَعضنــا‪ ،‬عانينــا األمرين من‬ ‫ظاهــرة التنمــر بيننــا‪ ،‬وربحنــا مجتمعـاً مريضـاً‬ ‫تحــت وطــأة الحكــم الســاقط الــذي كان يفــن‬ ‫بيننــا‪ ،‬ويدعــم عبيــده‪ ،‬ويســتعملهم دواليــب‬ ‫يف مركبــة الندامــة لدهــس النخــب والطيبــن‬ ‫واملواهــب النظيفــة‪ .‬ولكــن األ َمــ ّر اآلن أننــا‬ ‫وبرباعــة نقلنــا هــذه الثقافــة البائســة معنــا إىل‬ ‫أصقــاع األرض عــر الصفحــات اإللكرتونيــة يك‬ ‫نــرأس جامعــة (التنمــر االلكــروين) كــا ســاه‬ ‫بيــل بيلــي‪ ،‬أحــد النشــطاء يف الغــرب‪.‬‬ ‫ومبــا أن التن ُّمــر اإللكرتوين هو تجرؤات ســلوكية‬ ‫تســتخدم تقنيــات املعلومــات واالتصــاالت‬ ‫ذى متعمــد ومتكــرر بعدوانيــة‪ ،‬وذلك‬ ‫لتفعيــل أَ ً‬

‫إليــذاء اآلخريــن مــن أشــخاص أو مجموعــات‪،‬‬ ‫فلقــد حولنــا صفحــات الويــب‪ ،‬ومجموعــات‬ ‫النقــاش واملراســات النصيــة الفوريــة‬ ‫والقصــرة‪ ،‬وتطبيقــات الهواتــف الذكيــة‬ ‫التــي دامئ ـاً تذكرنــا بغبائنــا‪ ،‬إىل منصــة بديلــة‬ ‫نســتعرض فيهــا عضالتنــا اللفظيــة ومهاراتنــا‬ ‫بالســب والشــتم والقــذف‪ ،‬وأكرثهــا التخويــن‪.‬‬ ‫فــا أســهل مــن وضــع رســالة مســيئة عــى‬ ‫حوائــط الصفحــات الشــخصية‪ ،‬أو كتابــة‬ ‫التعليقــات الوقحــة عــى الصــور املعروضــة‬ ‫بقصــد الســخرية أو األذى‪ ،‬ودافعنــا الغــرة‬ ‫القاتلــة التــي أعمتنــا عــن إبصــار الطريــق‬ ‫للنجــاة أو النــر‪.‬‬ ‫ســؤال بســيط‪ !!...‬كيــف يختــار املتنمــر منــا‬ ‫ضحيتــه‪..‬؟؟‬ ‫اإلجابــة أبســط‪ ..‬إن مــن تــرىب عــى رشب املــاء‬ ‫اآلســن الــذي وفــره لنــا حكــم الغــاب الســاقط‪،‬‬ ‫فليــس أســهل عليــه مــن اســتفراغ القــذارات‬ ‫عــى الصفحــات‪ ،‬واســتهداف اآلخريــن‬ ‫بالطلقــات الخلّبيــة واألســلحة اإللكرتونيــة‬

‫جاهــزة‪ ،‬ومــا زلنــا نتصيــد بعضنــا‪ ،‬وكأننــا يف‬ ‫لعبــة ماريــو القدميــة‪ ،‬والعفــن يطــال صغارنــا‬ ‫قبــل الكبــار‪ ،‬بينــا البســاط يســحب مــن‬ ‫تحتنــا ونحــن الهــون‪ ..‬الهــون‪ ..‬والهــون‪ ..‬فقد‬ ‫نســينا حتــى أبســط مــا تعلمنــاه يف الكتــاب‬ ‫والســنة‪« :‬مــن كان منكــم يؤمــن باللــه واليــوم‬ ‫اآلخــر‪ ،‬فليقــل خــرا ً أو ليصمــت»‪ .‬حديــثٌ‬ ‫ـوي رشيــف مل نتعلــم منــه ســوى أن نطــرزه‬ ‫نبـ ٌ‬ ‫عــى لوحــات جداريــة يف بيوتنــا‪ ،‬وليــس يف‬ ‫عقولنــا‪ ..‬للــه الحمــد‪.‬‬ ‫وال يفوتنــا هنــا يف هــذه العجالــة أن التنمــر‬ ‫االلكــروين كان قــد بــدأ يطــال املجتمعــات‬ ‫الغربيــة‪ ،‬ولكــن شــتان بــن طريقتهــم يف‬ ‫مواجهتــه‪ ،‬وبــن مــا نغــوص نحــن فيــه‪ .‬ففــي‬ ‫برلــن مثـاً أطلــق مــروع «أبطــال اإلنرتنــت»‬ ‫لتدريــب التالميــذ عــى كيفيــة التصــدي لــه‪،‬‬ ‫وإدارة النقاشــات البنــاءة حولــه بتمويــل مــن‬ ‫االتحــاد األوريب‪ ،‬ومبرافقــة باحثــن علميــاً‬ ‫يف تطويــر علــم النفــس مــن جامعــة برلــن‬ ‫الحــرة‪ ،‬ومبشــاركة قرابــة تســعة آالف تلميــذ‬

‫وتلميــذة أغلبهــم تعرضــوا للمضايقــات‬ ‫االلكرتونيــة (يذكــر أن أملانيــا لديهــا مــا يقــارب‬ ‫أحــد عــر مليــون تلميــذ‪ ،‬لكنهــم مــع ذلــك‬ ‫بــدؤوا وســيكملون‪ ،)..‬وتقــول املعلمــة صــويف‬ ‫ايفرســون مــن مدرســة «صــويف شــول» أن‬ ‫املهمــة ليســت ســهلة يف «حصــة األخــاق»‬ ‫باملدرســة لصعوبــة الدخــول يف عــامل االفـرايض‬ ‫الخــاص‪ ،‬لكنهــم مصممــون عــى تحقيــق‬ ‫عــاج لهــذه الظاهــرة والقضــاء عليهــا قبــل أن‬ ‫تســتفحل‪.‬‬ ‫أيــن نحــن اآلن مــن حصــص األخــاق‪ ،‬نحــن‬ ‫حتــى الحــرب مل تربينــا‪ ،‬وال أريــد أن أدخــل يف‬ ‫خانــة التنظــر‪ ..‬الــكل يعــرف‪ ،‬والــكل يف حــرة‪،‬‬ ‫والبعــض ال ينفــس عــن وجعــه إال بالتنمــر‬ ‫الحديــث الســهل عــى األرشار والصعــب عــى‬ ‫األخيــار‪.‬‬ ‫(مالحظــة‪ :‬تعمــدت اســتخدام ضمــر املتكلــم‬ ‫وليــس ضمــر املخاطــب يف هــذه املقالــة‪،‬‬ ‫تجنب ـاً إلزعــاج مشــاعر املتنمريــن‪ ،‬فأنــا قارئــة‬ ‫مســاملة‪ ..‬وبكلمــة حــق أكتبهــا‪ ..‬قويــة)‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حراس الثقب األسودِ‬ ‫منــذ ثــاث ســنوات كتبــت مقــاالً‪ ،‬حــول‬ ‫الفــوىض ّ‬ ‫حــذرت‬ ‫ُ‬ ‫الخلقــة‪ ،‬وإدارة التوحــش‪،‬‬ ‫فيــه الجميــع مــن مخاطــر تجربــة انتــاج‬ ‫مســخ يف منطقــة رخــوة «الرقــة»‪ ،‬وجعلهــا‬ ‫بــؤرة توحــش‪ ،‬لكنهــا كانــت رصخــة تحذيــر‬ ‫مل يســتمع أحــد لهــا‪ ،‬ألن االحتفــال باملولــود‬ ‫الجديــد طغــى صخبــه عــى كل األصــوات‬ ‫األخــرى‪.‬‬ ‫واليــوم بعــد نضــوج التجربــة‪ ،‬والتســهيالت‬ ‫الكبــرة التــي رافقــت النمــو الرسطــاين‬ ‫لهــذا املخلــوق املســخ‪ ،‬وتغذيتــه باملــوارد‬ ‫بشــكل مفــرط‪ ،‬والســهولة يف تصــدر أخبــاره‬ ‫للميديــا العامليــة‪ ،‬وتعوميــه كنجــم‪ ،‬وكذلــك‬ ‫يف تنقــل أوالده عــر الحــدود الدوليــة‪ ،‬مــا‬ ‫يوحــي للوهلــة األوىل بانفــات عقــال املســخ‬ ‫وفقــدان الســيطرة عليــه مــن قبــل املشــاركني‬ ‫يف تصنيعــه‪ ،‬لذلــك يحــاول أصحــاب األســهم‬ ‫الكبــرة الســيطرة عــى حركتــه وإدارتهــا‪ ،‬وذلــك‬ ‫بتطويقــه مكانيــاً‪ ،‬عــر سلســلة مــن التدابــر‬ ‫األمنيــة والعســكرية‪ ،‬أو االتفاقــات البينيــة‪.‬‬ ‫أعتقــد أن الصعوبــات املوضوعيــة تواجــه‬ ‫محاولــة بنــاء فهــم‪ ،‬ورأي ميكــن الركــون‬ ‫إليــه محفــوف مبخاطــر االنــزالق يف نظريــة‬ ‫املؤامــرة‪ ،‬واالشــتهائية يف التحليــل‪ ،‬بســبب‬ ‫صعوبــة الوصــول إىل معلومــات وثيقــة‪ ،‬ورسيــة‬ ‫وتعقيــدات خطــط التطويــق والســيطرة‪،‬‬ ‫وآليــات اإلدارة‪ ،‬أو بســبب تناقــض مصالــح‬ ‫املســاهمني الكبــار‪ ،‬وبالتــايل ســيكون التحليــل‬ ‫مجــرد تفكيــك وصفــي للحالــة‪ .‬أعتقــد أن‬ ‫املتتبــع للمراحــل التصنيعيــة للمخلــوق الهجني‪،‬‬ ‫قــد بــدأت بشــكل مبكــر منــذ االحتــال الرويس‬

‫ألفغانســتان‪ ،‬يف الدوائــر األمريكيــة واألوربيــة‪،‬‬ ‫وتطــور مبســاعدة إيرانيــة وســورية وروســية‬ ‫يف مرحلــة احتــال أمريــكا للعــراق‪ ،‬ومــع‬ ‫انطالقــة مــا اصطلــح عــى تســميته بالربيــع‬ ‫العــريب‪ ،‬اتفقــت الــدول املســاهمة يف التصنيــع‬ ‫والتطويــر عــى تجميــع كل القطــع وإنتــاج‬ ‫املخلــوق الجديــد «املســخ» يك تحمــي مصالحها‬ ‫املهــددة بالخيــارات الوطنيــة يف املنطقــة‪ ،‬ومــن‬ ‫أجــل توفــر البيئــة املناســبة إلعــادة هيكلــة‬ ‫الــرق األوســط الجديــد مبــا يخــدم هــذه‬ ‫املصالــح واســتقرارها‪ ،‬فكانــت النــواة الصلبــة‬ ‫التــي ُركبــت عليهــا القطــع مؤلفــة مــن وكالء‬ ‫(مجلــس شــورى) املصنعــن لــإرشاف عــى‬ ‫جــودة الرتكيــب وأداء هــذه القطــع‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســها مديــر تنفيــذي توافقــي (الخليفــة)‪،‬‬ ‫حيــث اعتمــدت العقيــدة الســلفية الجهاديــة‪،‬‬ ‫أيدلوجيــة دولــة املخلــوق املســخ وعقيدتــه‬ ‫القتاليــة‪ ،‬باعتبارهــا متثــل اإلســام «الســني»‬ ‫املهــزوم‪ ،‬الــذي يهــدف إىل االنتقــام والثــأر مــن‬ ‫الحداثــة وممثليهــا‪.‬‬ ‫وهــذا تطلــب مــن الــركاء دعــم نشــوء‬ ‫مــدارات حارســة للثقــب األســود‪ ،‬يك تكبــح‬ ‫جموحــات بعــض القــادة امليدانيــن املحليــن‬ ‫ملجموعــات تعتــر مــن األدوات التنفيذيــة يف‬ ‫تشــكيالت القــوة‪ ،‬التــي تحــت إمــرة املســخ‪،‬‬ ‫وميكننــا اإلشــارة ببســاطة إىل ثالثــة مــدارات‬ ‫رئيســية (‪ 1-‬املــدار الــدويل – ‪– 2‬املــدار‬ ‫اإلقليمــي – ‪ 3-‬املــدار املحــي) عــى الرغــم مــن‬ ‫تداخــل هــذه املــدارات‪ ،‬وتصــادم عنارصهــا يف‬ ‫املــدار الواحــد‪ ،‬أو املــدارات األخــرى‪ ،‬يف حركــة‬ ‫معقــدة ومركبــة تعكــس رصاعــات‪ ،‬وتوافقــات‬ ‫تــدور يف غــرف التفــاوض الــدويل املغلقــة‪،‬‬

‫بحيــث تــؤدي القــوى امل ُشــكلة لهــذه املــدارات‬ ‫مهامهــا يف ضبــط وتقديــر حركــة املســخ‪ ،‬يك ال‬ ‫يتجــاوز املرســوم إال بهوامــش ميكــن إدارتهــا‬ ‫وإيجــاد مــا يناســبها يف النســق العــام ملــروع‬ ‫الــرق األوســط الجديــد أو الكبــر‪ ،‬كمحصلــة‬ ‫لنجــاح الخطــة اإلسـراتيجية يف إعــادة هيكلتــه‪،‬‬ ‫وتقاســم النفــوذ واملصالــح واألدوار يف إدارتــه‬ ‫للمئــة ســنة القادمــة‪ ،‬ومحصلــة أيض ـاً لجميــع‬ ‫العوامــل املتوقعــة‪ ،‬وغــر املتوقعــة التــي‬ ‫تتداخــل يف النجــاح‪ ،‬كعامــل صعــود اليمــن يف‬ ‫الــدول الغربيــة وأمريــكا‪ ،‬وتوظيفــه كــرورة‪،‬‬ ‫عــى الرغــم مــن الطروحــات غــر املتوقعــة‬ ‫لهــذا اليمــن كترصيحــات ترامب ضد املســلمني‬ ‫وامللونــن‪ ،‬وترييــزا مــاي حــول اســتخدام‬ ‫النــووي‪ ،‬وبوتــن حــول قدســية الحــرب ضــد‬ ‫اإلســام «الســني» وحاميــة املســيحية املرشقيــة‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاع املســاهمون الكبــار يف متريــر‬ ‫الرســائل املشــفرة‪ ،‬عــر امليديــا التــي ترتبــط‬ ‫بــرأس مــال الــركات العابــرة للقــارات‪ ،‬يف‬ ‫إعــادة توكيــد مفاهيــم منطيــة ســابقة‪ ،‬معــززة‬ ‫بقــوة الصــورة وســطوة تأثريهــا عــى املتلقــي‪،‬‬ ‫مــن خــال إصــدارات هوليووديــة‪ ،‬وتبنــي‬ ‫ميديــا املســخ لألعــال اإلجراميــة الفرديــة‬ ‫أيــن مــا وقعــت‪ ،‬مــا ســاعد امليديــا العامليــة‪،‬‬ ‫وحكومــات دول يف تكريــس هــذه األعــال‪،‬‬ ‫وســهل نقلهــا مــن التوصيــف الجنــايئ املحــض‬ ‫إىل التوصيــف الجنــايئ اإلرهــايب‪ ،‬والــذي يخــدم‬ ‫تكريــس مفهــوم منطــي جديــد يشــيطن‬ ‫فريــق إســامي «الســنة» مــن دون الفــرق‬ ‫األخــرى التــي ارتبــط العنــف اإلرهــايب بتاريــخ‬ ‫نشــوئها‪ ،‬واعتبــار هــذا الفريــق «الســنة»‬ ‫العــدو األول للحضــارة املعــارصة ومنجزاتهــا‪،‬‬

‫وأنــه صاحــب مــروع ظالمــي قاتــل لآلخــر‬ ‫املختلــف‪ ،‬اســتدعى التاريــخ يك ينتقــم‪ ،‬ويبنــي‬ ‫إمرباطوريــة الــر‪.‬‬ ‫ال شــك أن امليديــا قــد جــردت الســوريني‬ ‫«الســنة» مــن أحــد أهــم األســلحة التــي‬ ‫ميتلكهــا (األغلبيــة االجتامعيــة املعتدلــة‬ ‫والضامنــة لوحــدة املجتمــع الســوري وأرضــه)‪،‬‬ ‫هــذا الســاح الــذي كان وســيكون العامــل‬ ‫الكابــح واملانــع النــزالق «األغلبيــة الســنية» إىل‬ ‫داخــل الثقــب األســود (دولــة املســخ) كخيــار‬ ‫مقــاوم للفنــاء‪ ،‬مــا أضعــف تعــدد خيــارات‬ ‫«الســنة» املقاومــة للفنــاء‪ ،‬وحرصهــا يف ثالثــة‬ ‫خيــارات أحســنها مــر‪ ،‬أولهــا خيــار عبــور‬ ‫الحــدود الدوليــة والســر يف طريــق اللجــوء‬ ‫وتعقيداتــه‪ ،‬والثــاين االستســام غــر املــروط‬ ‫مــن أجــل ترتيــب خارطــة املصالــح الدوليــة‬ ‫النهائيــة يف الــرق األوســط الجديــد‪ ،‬والــذي‬ ‫ستنســحب نتائجــه‪ ،‬وتؤثــر عــى خارطــة‬ ‫املصالــح للــدول العظمــى يف مناطــق جغرافيــة‬ ‫أخــرى مــن العــامل‪ ،‬والثالــث النــزوح الداخــي‬ ‫باتجــاه الثقــب األســود‪ ،‬أو اســتدعاء ممثــي‬ ‫دولــة املســخ للتوســع يف مناطقهــم‪.‬‬ ‫لكــن خارطــة املصالــح الدوليــة النهائيــة تواجــه‬ ‫معوقــات كثــرة يف املنطقــة‪ ،‬وحــول العــامل‬ ‫«روســيا عــى ســبيل املثــال تريــد ترتيبــات‬ ‫واتفاقــات حــول بــؤر أخــرى تتنــازع مصالحهــا‬ ‫مــع مصالــح الالعبــن اآلخريــن‪ ،‬مقابــل‬ ‫ترتيبــات يف املنطقــة»‪ ،‬لذلــك نجــد اإلرادات‬ ‫التــي أنتجــت املســخ الســني يف املنطقــة يف‬ ‫حالــة رصاع عنيــف عــى األرض‪ ،‬مرتافقــاً مــع‬ ‫مفاوضــات دامئــة‪ ،‬ويوميــة لتقييــم نتائــج‬ ‫هــذا الــراع عــى الرتتيبــات النهائيــة‪ ،‬وأن‬

‫خلف الجربوع‬ ‫هــذا الـراع قــد تبلــور يف شــكل دوائــر نفــوذ‬ ‫وتوجيــه وإدارة القــوى التنفيذيــة للمــدارات‬ ‫الحارســة للثقــب األســود ومســخه‪ ،‬وكل منهــا‬ ‫يلعــب بورقــة اإلرهــاب‪ ،‬وســبل القضــاء عليــه‬ ‫عــى املســتوى اإلعالمــي‪ ،‬ويف غــرف التفــاوض‬ ‫املغلقــة تــرز ورقــة املســخ كورقــة ضغــط عــى‬ ‫الالعــب (الالعبــن) اآلخــر‪ ،‬وقــدرة هــذا الطــرف‬ ‫أو ذاك يف توجيــه رضبــات املســخ ومتــدده عــى‬ ‫مســتوى العــامل‪ ،‬مســلحاً بقدرتــه عــى التأثــر‬ ‫مبقــدار امتالكــه مــن أســهم مــن أصــول رشكــة‬ ‫املســخ الدوليــة للقتــل بوصفهــا رشكــة دوليــة‬ ‫مســاهمة‪( ،‬دولــة محمولــة عــى ســيارات دفــع‬ ‫رباعــي)‪.‬‬ ‫ال شــك أن ال ـراع عــى األرض‪ ،‬مل يعــد رصاع ـاً‬ ‫بالوكالــة كــا بدايتــه‪ ،‬ألن األصــاء يدركــون أن‬ ‫خارطــة املصالــح يجــب أن يثبتهــا جنودهــم يف‬ ‫املرحلــة األوىل‪ ،‬إىل حــن إعــداد ح ـراس جــدد‬ ‫مدربــن عــى الحاميــة بشــكل ف ّعــال‪ ،‬و ُمســيطر‬ ‫عــى إداراتهــم بشــكل غــر قابــل للعكــس‪ ،‬وألن‬ ‫املــدارات التــي صنعوهــا‪ ،‬ودعمــوا حركتهــا يك‬ ‫تحــرس الثقــب األســود واملســخ القابــع فيــه‪ ،‬مل‬ ‫تعــد قــادرة عــى ضبــط حركــة املســخ يف تنقله‪،‬‬ ‫أو متــدده يف جغرافيــة جديــدة‪ ،‬واســتحواذه‬ ‫عــى مــوارد جديــدة برشيــة كانــت أم ماديــة‪،‬‬ ‫أو ألنــه قــد بــدأ التخــوف مــن أن يفكــر بعــض‬ ‫القــادة الــوكالء باالســتقالل بســبب امتالكهــم‬ ‫للقــوة‪ ،‬وقدرتهــم عــى اســتخدامها‪.‬‬

‫غروب الديمقراطية والعلمانية‪ ..‬وشروق «املستبد العادل»‬ ‫رمبــا يكــون اإلمــام محمــد عبــده‪ ،‬رحمــه‬ ‫اللــه‪ ،‬أول مــن اســتعمل مصطلــح املســتبد‬ ‫العــادل‪ ،‬ولقــد كان الرجــل املصلــح واملفكــر‪،‬‬ ‫واألكــر غــرة عــى مــر ومصريهــا مطلــع‬ ‫القــرن العرشيــن‪ ،‬بــل وعــى هــذا الــرق‬ ‫املســلم كلــه‪ ..‬رمبــا كان لذهابــه إىل فرنســا‬ ‫وزيارتــه الغــرب مســتطلعاً مســتزيدا ً مــن‬ ‫تجــارب األمــم التــي ســبقتنا يف كل يشء‪ ،‬قــد‬ ‫حارصتــه بالدهشــة‪ ،‬فانكمــش باملفاجــأة التــي‬ ‫كل مــا كان يحلــم بــه‬ ‫مــا توقعهــا‪ ..‬لقــد وجــد َّ‬ ‫ويتمنــاه لإلســام واملســلمني «عندهــم»‪ ،‬بينــا‬ ‫مل يـ َر عندنــا إال الفقــر والجهــل وســقوط األمــل‬ ‫كل بوصلــة للهدى والرشــاد‪..‬‬ ‫والتخبــط وفقــدان ِّ‬ ‫وزاد الرجــل صاحــب املنصــب األزهــري‬ ‫الرســمي‪ ،‬واملرجعــي الــذي يقلــده ويصغــي ملــا‬ ‫يقولــه ماليــن املســلمني‪ ،‬إربــاكاً‪ ..‬أنــه مل يكــن‬ ‫ليســتطيع أن يصــدع بالقــول رصاحــة بــأن‬ ‫مــا نحتا ُج ـ ُه اليــوم هــو تجربــة دميقراطيتهــم‬ ‫ومدنيتهــم وحداثتهــم وأنظمــة مؤسســاتهم‪،‬‬ ‫وقدراتهــم عــى تنظيــم الوقــت والعمــل‪،‬‬ ‫واســتغالل الطاقــات املهــدورة واســتثامرها‪،‬‬ ‫ابتــدا ًء مــن اكتشــاف الوقــت والزمــن كقيمــة‬ ‫رافعــة يف ســلم الحضــارة‪ ،‬وانتهــا ًء بالبــر ومــا‬ ‫تدخــ ُره األرض والســاء مــن طاقــات خــام‪،‬‬ ‫والتوافــق عــى أن املجــ َد هــو مجــ ُد املعرفــة‬ ‫وحدهــا‪ ،‬واالنــر ُاف إىل العلــم بالكليــة‪،‬‬ ‫واالنصيــاع إىل صــوت العقــل‪ ،‬والتعامــل مــع‬ ‫الكــون والحيــاة‪ ..‬وأ ْن ال كينونــة قامئــة عــى‬ ‫األمنيــات والحلــول الســحرية‪ ،‬بــل بوصــف‬

‫الكــون الطبيعــي والكــون املجتمعــي واإلنســاين‬ ‫كل‬ ‫كيانـاً قامئـاً عــى قوانــن منضبطــة صارمــة‪ِّ ،‬‬ ‫يش ٍء فيهــا يفــره العقــل وحــده‪ ،‬وكل يشء يبدأ‬ ‫وينتهــي برصامــة منطقــه الداخــي الخــاص بــه‪،‬‬ ‫ومــا نحــن البــر ســوى كائنــات مســتفيدة مــن‬ ‫مثـرات الحيــاة مبقــدار اســتطاعتنا عــى فهمهــا‪،‬‬ ‫ومفوتِّــة لتلــك الثمــرات مبقــدار جهلنــا بهــا‪..‬‬ ‫الرجــل املصلــح املجــدد‪ ،‬وحتــى يتخلــص مــن‬ ‫هــذا الحــرج املقلــق‪ ،‬والــذي عــر عنــه بقولتــه‬ ‫الشــهرية‪ :‬رأيــت يف الغــرب إســاماً وإن مل أر‬ ‫ورأيــت يف الــرق مســلمني وإن مل‬ ‫مســلمني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أ َر إســاماً‪ ،‬اضْ ط ُــ َّر مكرهـاً إىل نحــت واشــتقاق‬ ‫هــذا املصطلــح الــذي يحـ ُّـل مشــاكل الســلطة‬ ‫ٍ‬ ‫مســتبد عــادل‪ ،‬يجــر‬ ‫املزمنــة منــذ قــرون يف‬ ‫النــاس ويســوقهم نحــو الخــر والصــاح ســوقاً‪،‬‬ ‫ويضبــط حــدود العالقــة بــن الدولــة وشــعبها‪،‬‬ ‫وبــن الحاكمــن واملحكومــن‪ ..‬كــا ضبطهــا‬ ‫قبــل‪ ،‬وكــا ج َّددهــا‬ ‫الخلفــاء الراشــدون مــن ُ‬ ‫ـج مــن بنــي أميــة‪( :‬الخليفــة الصالــح عمــر‬ ‫األشـ ُّ‬ ‫بــن عبــد العزيــز)‪ ..‬فنحــن اليــوم ال نحتــاج‪،‬‬ ‫أشــج مــن‬ ‫كوصفــة لحــل مشــاكلنا‪ ،‬إال إىل‬ ‫َّ‬ ‫بيننــا وليــس مــن بنــي أميــة حســب رؤيــة‬ ‫اإلمــام‪ ،‬ويف هــذا التصــور مــن ثقــل النوايــا‬ ‫الطيبــة وعظــم الخــر الباطنــي يف النفــس مــا‬ ‫ال يحتــاج إىل إشــارة أو تنويــه‪ ،‬بيــد أن املؤكــد‬ ‫بــأن قاطــرة الحيــاة تســر بالوقــود‪ ،‬ال بالنوايــا‬ ‫الطيبــة واألمــاين الجميلــة‪ ،‬ومــن املؤكــد أكــر‬ ‫أن مبــدأ «املســتبد العــادل» كان مــن األفــكار‬ ‫الجميلــة التــي عفــا عليهــا الزمــن‪ ،‬واعتــذر‬

‫الواقــع منــذ قــرون وعقــود عــن التكيــف معهــا‬ ‫وبهــا‪ ،‬فأصبحــت َه ْجسـاً طُفَال ّيـاً وفكـرا ً وســلوكاً‬ ‫وحزمــ ًة مــن الخيــاالت واألحــام نكصــت‬ ‫نكوصــاً فظــاً وتراجعــاً شاســعاً عــن الحداثــة‬ ‫والدميقراطيــة والعلامنيــة والدولــة العلميــة‬ ‫الحديثــة‪..‬‬ ‫صحيــح أن تركيــا‪ ،‬مل تتـ َن هــذا املصطلح رســمياً‬ ‫ال قبــل االنقــاب الفاشــل وال بعــده‪ ،‬ورمبــا مل‬ ‫يَـ ُد ْر يف َخلَـ ِـد أحـ ٍـد مــن أنصــار أردوغــان أن مــا‬ ‫يريــده أو يخطــط لــه حــزب العدالــة والتنميــة‬ ‫هــو يشء يقــارب هــذا التصــور‪ ،‬لكــن املؤكــد‬ ‫الثابــت أن حــركات اإلســام الســيايس الالحقــة‪،‬‬ ‫وخاصــة حركــة اإلخــوان املســلمني التــي‬ ‫تصــدرت مشــهد اإلســام الســيايس‪ ،‬واحتكــرت‬ ‫حضــوره الحــي الفاعــل واملجــادل الرســمي‪ ،‬قــد‬ ‫اســتفادت أميــا فائــدة مــن الجانــب الرخــو يف‬ ‫نظريــة اإلمــام عبــده‪ ،‬والصــدع املعــريف يف شــقه‬ ‫النظــري‪ ،‬فراحــت تبنــي عــى أن كل هــذا‬ ‫ٍ‬ ‫بفــوات‬ ‫ــي‬ ‫البنــاء النظــري اإلســامي قــد ابتُ ِ َ‬ ‫حضــاري ال شــفاء منــه وال بــرء‪ ،‬وق ّدمــت صيغـاً‬ ‫للســلطة متطــورة ومتحكمــة‪ ،‬وقابلــة لاللتبــاس‬ ‫بصيــغ املــايض اإلســامي التــي تثــر حنينــاً‬ ‫نيســتالوجياً إىل التاريــخ‪( ،‬خاصــة تقــدم صيغــة‬ ‫األمــة اإلســامية عــى مفهــوم الوطــن)‪ ،‬وترتبــط‬ ‫بــه بصفتــه معينــاً روحيــاً لجامهــر الشــعب‬ ‫املســلمة التــي مل تتعــود إال اســتلهام رموزهــا‬ ‫املاضويــة الشــعبوية الطابــع‪ ،‬ولاللتبــاس‬ ‫بصيغــة الحداثــة التــي تبنــي أساســاتها للدولــة‬ ‫والســلطة ومؤسســاتها الحاكمــة‪ ،‬وعالقتهــا‬

‫بالشــعب عــى أســاس صناديــق االنتخــاب‬ ‫وظفــر األقــوى دون إدارة الظهــر للمعارضــة‬ ‫ولألضعــف واألقــل‪ ،‬والســيطرة املحكومــة‬ ‫بــإرادة عقــد اجتامعــي حديــث‪ ..‬هكــذا فــاز‬ ‫اإلخــوان ـ ولــو يف الشــق النظــري للمســألة ـ‬ ‫وأدرك القصــو ُر والفــواتُ نظريــة اإلمــام وفريــق‬ ‫مجلــة املنــار التــي كان يصدرهــا الشــيخ محمــد‬ ‫رضــا‪ ،‬ومجلــة العــروة الوثقــى التــي أصدرهــا‬ ‫بالتشــارك مــع اإلمــام عبــده‪ ..‬وشــكال وحــدة‬ ‫عمــل تشــاريك للدعــوة والنهضــة اإلســامية‬ ‫الجديــدة مطلــع القــرن املــايض‪..‬‬ ‫إذن ليســت القضيــة هــي أن نحــب أردوغــان‬ ‫أو أن نكرهــه‪ ،‬فنحــن نحــب أردوغــان الرجــل‪،‬‬ ‫لكننــا نحــب تركيــا أكــر‪ ،‬ونحــب ونحــرم‬ ‫العدالــة والتنميــة‪ ،‬لكننــا نحب ونحرتم الشــعب‬ ‫الــريك أكــر‪ ..‬ونعتقــد بــأن العقــل الجمعــي‬ ‫الــذي بــات يتحكــم ويدفــع مبناهضــة املؤسســة‬ ‫عــى حســاب مبــدأ «املســتبد العــادل»‪ ،‬عليــه‬ ‫أن يأخــذ بعــن االعتبــار أن تركيــا أمــة‪ ،‬وليســت‬ ‫حزبــاً يف الســلطة أو حزبــاً يف املعارضــة‪ ،‬ومــا‬ ‫مل يتأســس عــى التفكــر يف مصلحــة تركيــا‬ ‫األمــة‪ ،‬ســوف يرتــد يومـاً مــا إىل بنيتــه الحزبيــة‬ ‫الضيقــة‪ ،‬ثــم شــيئاً فشــيئاً ســوف يتقلــص‬ ‫الحــزب ويختــر يف الفــرد العــادل‪ ،‬ثــم يصيــب‬ ‫القــو َم مــا أصــاب األقــوام املجــاورة لهــم‪ ،‬أقصــد‬ ‫جريانهــم‪ ،‬نحــن الســوريني والعراقيــن‪ ،‬حيــث‬ ‫ابتــدأت جرثومــة الخطــأ الصغــر الــذي مل يكــن‬ ‫يُلحــ ُظ أو يُؤبــ ُه لــه كثــرا ً تنمــو وتترسطــن‪،‬‬ ‫حتــى وجــدت نفســها بعــد عقــود مــن التاريــخ‬

‫معبد الحسون‬ ‫وقــد تــآكل مــن األمــة الجســم واهــرأ اللح ـ ُم‬ ‫وانــدق العظــم‪ ..‬وحتــى اســتحالت بال ُدنــا إىل‬ ‫رميــم متــآكل‪ ،‬تفتــك بنفســها وبــكل يش ٍء‬ ‫حولهــا‪ ،‬وال يبقــى لــي ٍء مــن مســميات الوطــن‬ ‫والدولــة أي وجــود أو معنــى‪..‬‬ ‫حفــظ اللــه تركيــا الدولــة الدميقراطيــة‬ ‫العلامنيــة‪ ،‬وبــورك لهــا مبــا أنجــزه شــعبها عــى‬ ‫مــدى قــرن مــن الزمــان‪ ،‬والواجــب يحتـ ُم عــى‬ ‫كل شــخص مســؤول يتنطــع لعــبء قيــادة‬ ‫تركيــا الحديثــة أن يعلــم أنــه إمنــا هــو لبنــة‬ ‫يف رصح مــن ســبقه‪ ،‬فلوالهــم ملــا أنجــز شــيئاً‬ ‫وال احتفــل مبجــد‪ ،‬فقــد أورثــوه دولــة حديثــة‬ ‫عريقــة ضاربــة التقاليــد واألصــول‪ ،‬ومل يورثــوه‬ ‫«دولــة خــردة»‪ ،‬كدولــة االســد‪ ..‬ال يســتقيم‬ ‫بناؤهــا وال البنــاء عــى مــا بعدهــا إال مــن‬ ‫صفريــة التغيــر‪ ،‬والبــدء عــى غــر منــوذج‬ ‫مؤســس ســابق‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫بريني ساندرز‪ ..‬من الحملة إىل الحركة‬ ‫* جورج كتن‬ ‫الحملــة االنتخابيــة الرئاســية ملرشــح الحــزب‬ ‫الدميقراطــي بــرين ســاندرز ظاهــرة غــر مســبوقة‬ ‫يف الحيــاة السياســية األمريكيــة‪ .‬فالســناتور املســتقل‬ ‫عــن واليــة فريمونــت‪ ،‬مــن أب يهــودي مهاجــر مــن‬ ‫بولونيــا‪ ،‬غــر املنضــم ألي حــزب منــذ بــدء حياتــه‬ ‫السياســية كعمــدة منتخــب ملدينــة بورلنغتــون‬ ‫أوائــل الثامنينيــات‪ ،‬معــروف عنــه أنــه رجــل نزيــه‬ ‫ال يتنــازل عــن قناعاتــه التــي حملهــا طــوال رحلتــه‬ ‫السياســية مــن عمــدة إىل عضــو يف مجلــس النــواب‬ ‫منــذ العــام ‪ ،1991‬ثــم عندمــا انتخــب للكونغــرس‬ ‫كســناتور واليــة فريمونــت منــذ ‪ 2007‬حتــى اآلن‪.‬‬ ‫وصــف نفســه بأنــه اش ـرايك دميقراطــي عــى منــط‬ ‫االشـراكية الدميقراطيــة يف أوروبــا‪ ،‬وخاصــة يف الــدول‬ ‫االســكندنافية‪ .‬وهــو مل ينضــم للحــزب الدميقراطــي‬ ‫إال عشــية ترشــيح نفســه للرئاســة األمريكيــة‪.‬‬ ‫قــاد عــى امتــداد ‪ 15‬شــهرا ً حملــة تاريخيــة يف‬ ‫االنتخابــات األوليــة للحــزب الدميقراطــي‪ ،‬نــال فيهــا‬ ‫أصــوات مــا يزيــد عــن ‪ 13‬مليونــاً غالبيتهــم مــن‬ ‫الشــباب والطبقــات املتوســطة والفقــرة‪ ،‬وفــاز يف ‪23‬‬ ‫واليــة عــى منافســته القويــة هيــاري كلنتــون‪ ،‬وجند‬ ‫مئــات آالف املتطوعــن للعمــل يف حملتــه‪ ،‬التــي‬ ‫اعتمــدت فقــط عــى تربعــات ضئيلــة ملاليــن مــن‬ ‫ذوي الدخــل املحــدود‪ ،‬فيــا العــادة أن املرشــحني‬ ‫يعتمــدون عــى متويــل ضخــم ألعــداد قليلــة مــن‬ ‫األغنيــاء والــركات واملؤسســات املاليــة الكبــرة‪.‬‬ ‫حقــق هــذه األرقــام خــال حملــة ركــزت عــى‬ ‫التفــاوت يف الدخــل والــروة‪ ،‬وواجهــت يف شــعاراتها‬ ‫االحتــكارات املاليــة التــي اتهمتهــا بوضــع اقتصــاد‬ ‫البــاد عــى حافــة االنهيــار‪ ،‬ووعــدت بتحقيــق‬ ‫مطالــب تهــم أوســع رشائــح الناخبــن األمريكيــن‪،‬‬ ‫كتأمــن الرعايــة الصحيــة املجانيــة للجميــع‪،‬‬ ‫وتخفيــض أســعار األدويــة‪ ،‬ومواجهــة احتــكارات‬ ‫رشكات األدويــة‪ ،‬والتعليــم املجــاين يف املعاهــد‬ ‫والجامعــات الرســمية‪ ،‬وتوســيع عــدد مســتحقي‬ ‫التأمينــات االجتامعيــة التــي توفرهــا الدولــة‪ ،‬وزيــادة‬ ‫مــا يتلقونــه مــن مكاســب‪ ،‬والعمــل لرفــع الحــد‬ ‫األدىن ألجــر ســاعة العمــل مــن ‪ $ 8‬إىل ‪ .15$‬باإلضافــة‬ ‫لدفــع اإلجــازات الصحيــة وإجــازات الــوالدة وأيــام‬ ‫العطــل‪ ،‬وحاميــة حقــوق املــرأة وخاصــة حقهــا يف‬ ‫اإلجهــاض‪ ،‬وتوســيع حقــوق األمريكيــن األصليــن‪.‬‬ ‫باإلضافــة إللغــاء عمليــات الرتحيــل القــري‪،‬‬ ‫وإجـراء إصــاح شــامل لقوانــن الهجــرة لتشــمل فتــح‬ ‫طريــق التجنيــس ملــا ال يقــل عــن ‪ 11‬مليــون مــن‬

‫املهاجريــن غــر الرشعيــن املوجوديــن حاليـاً يف أمريكا‪.‬‬ ‫وإصــاح قوانــن األحــكام الجنائيــة‪ ،‬وإلغــاء عقوبــة‬ ‫اإلعــدام وإلغــاء الســجون ومراكــز االحتجــاز التــي‬ ‫تديرهــا رشكات خاصــة ربحيــة‪ ،‬وإغــاق معتقــل‬ ‫غوانتانامــو‪ ،‬وســن قوانــن تحــد مــن حصــول األفـراد‬ ‫عــى الســاح‪ ،‬وإغــاق منافــذ يف القوانــن تســمح‬ ‫لتهــرب االحتــكارات الكــرى مــن دفــع الرضائــب‪،‬‬ ‫وخاصــة تهريــب أموالهــم ملــاذات خارجيــة‪ .‬وإصــاح‬ ‫قوانــن الحمــات االنتخابيــة بالتضييــق عــى متويلهــا‬ ‫مــن قبــل األغنيــاء الــذي م ّكــن مــن تواطــؤ رجــال‬ ‫السياســة مــع عــامل املــال‪ ،‬فقــد ردد ســاندرز يف‬ ‫خطاباتــه أن ‪ 1%‬مــن األمريكيــن األكــر ثـراء أفســدوا‬ ‫الدميقراطيــة األمريكيــة بضــخ أموالهــم يف الحمــات‬ ‫االنتخابيــة‪ ،‬ومواجهــة أزمــة التغيــر املناخــي العاملــي‬ ‫مبزيــد مــن اإلجــراءات باالعتــاد عــى مــا يوفــره‬ ‫اســتيفاء الرضائــب الواجبــة عــى االســتثامرات‬ ‫الكــرى‪ ،‬باإلضافــة لرضيبــة عــى الكربــون‪ .‬وسياســة‬ ‫خارجيــة تعــي أهميــة للدبلوماســية عــى الحــرب‪،‬‬ ‫وإنهــاء الــراع التاريخــي يف الــرق األوســط‬ ‫مبســاندة حــل تفــاويض لدولتــن‪ ،‬فلســطني وإرسائيــل‪.‬‬ ‫مــا أظهرتــه الحملــة مــن التفــاف حــول هــذا الربنامج‬ ‫أن قطاعــات واســعة مــن الشــعب األمــريك تدعــم‬ ‫أجنــدة تقدميــة جريئــة تناضــل مــن أجــل عدالــة‬ ‫اجتامعيــة واقتصاديــة وعرقيــة وجنائيــة وبيئيــة‪،‬‬ ‫للوصــول لحكومــة تعمــل مــن أجــل جميــع مواطنيها‪،‬‬ ‫وليــس فقــط لصالــح ممــويل حمــات مرشــحني‬ ‫معتمديــن عليهــم للنجــاح‪ .‬فســاندرز مل يعتــر أن‬ ‫الحملــة االنتخابيــة هــي مــن أجــل فــوزه بالرئاســة‪،‬‬ ‫ولكنــه اعتربهــا حملــة لدفــع املاليــن الســتعادة‬ ‫بلدهــم مــن طبقــة امليلياردريــة‪ .‬لذلــك فــإن انتهــاء‬ ‫الحملــة بفشــل ســاندرز بالفــوز برتشــيح الحــزب‬ ‫الدميقراطــي ال يعنــي بالنســبة لــه أن «الحركــة»‬ ‫انتهــت‪ .‬الحركــة التــي أطلــق عليهــا اســم «ثــورة»‬ ‫أو «تغيــر تاريخــي» الســتعادة البلــد مــن األغنيــاء‬ ‫املهيمنــن عــى مقدراتهــا‪ ،‬برأيــه مل تنتــ ِه بعــد بــل‬ ‫بــدأت فقــط‪.‬‬ ‫ســيتوجه ســاندرز ملؤمتــر الحــزب الدميقراطــي الــذي‬ ‫ســيعقد يف فيالدلفيــا أواخــر متــوز حامــاً برنامجــه‬ ‫مدعومـاً مــن حــوايل ‪ 1900‬منــدوب للمؤمتــر‪ ،‬وصدى‬ ‫حملــة مــن ماليــن الناخبــن صوتــت لربنامجــه‪،‬‬ ‫ضاغطــاً باتجــاه تبنــي املؤمتــر للكثــر مــن بنــوده‬ ‫كربنامــج للمرشــحة هيــاري كلنتــون يف حملتهــا‬ ‫الرئاســية القادمــة‪ ،‬التــي أعلــن ســاندرز أنــه يدعمهــا‬

‫ضــد مرشــح الحــزب الجمهــوري دونالــد ترامــب‪،‬‬ ‫باعتبــار أن نجــاح األخــر ســيؤخر ويعيــق الحركــة‬ ‫التــي يأمــل ســاندرز اســتمرارها لتحقــق أهدافهــا‪.‬‬ ‫نجــاح كلنتــون بالنســبة لــه ســيمكن مــن تحقيــق‬ ‫أفضــل لهــذه األهــداف‪.‬‬ ‫لــن يقبــل ســاندرز يف مؤمتــر الحــزب بأقــل مــن‬ ‫تحــول تاريخــي كبــر يف الحــزب‪ ،‬يُســمع فيــه بشــكل‬ ‫واضــح صــوتُ الشــباب وذوو الدخــل املحــدود‬ ‫للتأثــر يف سياســات الحــزب‪ ،‬وكــر احتــكار النخــب‬ ‫السياســية واالقتصاديــة التقليديــة‪ .‬املرشــحة كلنتــون‬ ‫وافقــت عــى تبنــي خطــة التعليــم الجامعــي املجــاين‬ ‫للعائــات العاملــة‪ ،‬كــا قبلــت توســيع الرعايــة‬ ‫الصحيــة التــي تغطيهــا الدولــة‪ .‬لكــن ســاندرز لــن‬ ‫يقبــل بأقــل مــن التبنــي الكامــل لربنامجــه‪ ،‬وهــو‬ ‫إن حصــل فســيكون أكــر تغيــر يف تاريــخ الحــزب‬ ‫الدميقراطــي والبــاد كتوجــه نحــو اليســار‪ ،‬بحيــث‬ ‫يكــون املؤمتــر األكــر تقدمـاً يف تاريــخ الحــزب‪ ،‬لكــن‬ ‫التوقعــات ال ترجــح ذلــك ملــا عــرف عــن نفــوذ‬ ‫اليمــن داخــل قيــادات الحــزب‪.‬‬ ‫فشــل ســاندرز يف التأثــر عــى املؤمتــر ال يعنــي‬ ‫نهايــة حركتــه‪ ،‬ســيأخذها مــرة أخــرى للقاعــدة‬ ‫الشــعبية التــي دعمتــه يف حملتــه االنتخابيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫يعــد منــذ اآلن بإطــاق منظــات سياســية وثقافيــة‬ ‫تتبنــى العمــل مــن أجــل الربنامــج الكامــل‪ ،‬كــا‬ ‫أنــه ســيدعم مرشــحني لشــغل مواقــع مســؤولة يف‬ ‫املســتويات الفيدراليــة والوالئيــة واملنطقيــة‪ ،‬مــن‬ ‫أعضــاء كونغــرس إىل مديــري مــدارس ممــن يتبنــون‬ ‫الربنامــج‪ ،‬مــن دميقراطيــن وتقدميــن وليرباليــن‬ ‫مســتقلني أو منتمــن ألحـزاب‪ ،‬بحيــث يســتعاض عــن‬ ‫الحــزب الدميقراطــي الــذي قــر يف تبنــي الربنامــج‪،‬‬ ‫بحركــة مســتمرة ال يســتبعد أن تتحــول لحــزب‬ ‫جديــد فيــا لــو متكنــت مــن تثبيــت وجودهــا يف‬ ‫مفاصــل املؤسســات السياســية األمريكيــة‪ ،‬واســتمرت‬ ‫يف تأطــر القاعــدة الشــعبية التــي خاضــت الحملــة‪.‬‬ ‫إذا نجــح ســاندرز يف إطــاق حركتــه‪ ،‬فســتكون حركــة‬ ‫تقدميــة دميقراطيــة اجتامعيــة ليرباليــة هــي األوســع‬ ‫يف تاريــخ أمــركا‪ .‬ســاندرز يؤلــف حاليـاً كتابـاً بعنــوان‬ ‫«ثورتنــا‪ ،‬املســتقبل الــذي ميكــن اإلميــان بــه»‪ ،‬ملزيــد‬ ‫مــن إيضــاح برنامــج حملتــه االنتخابيــة التــي هــي‬ ‫عــى أبــواب التحــول لحركــة سياســية تدخــل تغي ـرا ً‬ ‫جوهريـاً يف السياســة األمريكيــة‪.‬‬ ‫فهل ينجح يف حركته املتممة لحملته؟‬ ‫*كاتب من سوريا‬

‫من أين نبدأ؟‬ ‫ياسر المسالمة‬ ‫كمجمــوع بــري يحــاول االنعتــاق مــن أربعــن‬ ‫ســنة ســوداء عاشــها تحــت ظــل دكتاتوريــة عميــاء‬ ‫كان علينــا أن نكــون أكــر احرتامـاً لذواتنــا ولتضحياتنا‪،‬‬ ‫لكــن مــا حصــل كان معاكسـاً متامـاً‪ ،‬دخــل الالمنطــق‬ ‫يف ثورتنــا مبكـرا ً‪ ،‬كل مــا فعلنــاه بعــد الشــهر الســادس‬ ‫مــن عمــر ثورتنــا كان ال منطقيـاً‪ ،‬كان مــن املنطــق مع‬ ‫طــول الثــورة أن يدخــل الجميــع يف العمــل املنظــم‬ ‫فاالنتفاضــة الثوريــة التــي بــدأت يف آذار كانــت‬ ‫ســتفقد زخمهــا تلقائيـاً مــع طــول الفــرة‪ ،‬لكننــا بــدل‬ ‫أن نُدخــل الح ـراك يف منظومــة عمــل تعتمــد فكــرة‬ ‫‪ 2=1+1‬حملنــا الســاح ُمكرهــن لنثبــت للنظــام أننــا‬ ‫قــادرون عــى ُمجاراتــه يف امليــدان الــذي يــرع فيــه‪،‬‬ ‫لكــن مــا مل ندركــه أن النظــام كان يريــد لنــا أن نحمــل‬ ‫الســاح‪ ،‬كان األوىل بنــا أمــام آلــة قتــل نعرفهــا ونعرف‬ ‫إجرامهــا أن نعمــل عــى تنظيــم أنفســنا مــن خــال‬ ‫العمــل املختــص يف كافــة املجــاالت‪ ،‬أهملنــا اإلعــام‬ ‫فكانــت صفحاتنــا لإلســتهزاء مــن ســقطات إعــام‬ ‫النظــام‪ ،‬أهملنــا العالقــات العا ّمــة فكانــت عالقاتنــا‬

‫اســتجداء تعاطــف ال تحشــيد مواقــف رأي عــام‬ ‫تؤثــر عــى صانعــي القـرار‪ ،‬أهملنــا السياســة فكانــت‬ ‫مامرســاتنا محــاوالت يائســة لتعــرف بنــا الــدول‬ ‫دون احــرام لتجربتنــا مــا أفــى إىل واقــع العاملــة‬ ‫املوجــود لدينــا اليــوم‪ ،‬أهملنــا املنشــقني فكانــت‬ ‫أفعالنــا تجريبيــة بــا خــرة وكــرت معهــا ســقطاتنا‪،‬‬ ‫الصعــد‪ ،‬لكننــا‬ ‫نعــم واقعنــا مريــر‪ ،‬مخـزٍ‪ ،‬عــى كافــة ُ‬ ‫نســتطيع تصويــب البوصلــة‪ .‬يجــب علينــا اليــوم‬ ‫الدعــوة إىل مؤمتــر وطنــي جامــع‪ ،‬يخــرج عنــه حركــة‬ ‫التحــرر الســورية‪ ،‬لهــا أذرع أساســية خمســة‪ ،‬املجلس‬ ‫الترشيعــي الوطنــي الثــوري‪ ،‬املجلــس العســكري‬ ‫الثــوري املوحــد‪ ،‬املجلــس القضــايئ الثــوري املوحــد‪،‬‬ ‫املجلــس الســيايس الثــوري املوحــد‪ ،‬املجلــس املــدين‬ ‫الثــوري املوحــد‪ ،‬تنصهــر فيهــا كافــة القــوى والتيــارات‬ ‫مــن كافــة املجــاالت‪ ،‬تتبــع لقيــادة هــذه الحركــة أذرع‬ ‫طــوىل‪ .‬هيئــة جاليــات تعمــل عــى بنــاء اإلنســان يف‬ ‫مجتمــع اللجــوء وصناعــة اللوبيــات‪ .‬هيئــة إعالميــة‬ ‫موحــدة قــادرة عــى توجيــه الــرأي العــام وإيصــال‬ ‫صــورة صحيحــة عــن ثورتنــا‪ .‬هيئــة إغاثيــة تنحــر‬

‫‪9‬‬

‫بهــا أعــال اإلغاثــة ومــا يســتتبعها مــن إطعــام‬ ‫وطبابــة ودفــاع مــدين وغريهــا‪ .‬هيئــة للمجتمــع‬ ‫املــدين قــادرة عــى حشــد وتنســيق الجهــود‪ .‬هيئــة‬ ‫اقتصاديــة دارســة ومنفــذة وراعيــة ومراقبــة القتصــاد‬ ‫ثــورة لتصمــد أوالً وتتحــرر مــن قيــود العاملــة ثاني ـاً‪.‬‬ ‫هيئــة أمنيــة قــادرة عــى ضبــط األمــن الداخــي‬ ‫والجــارك وحاميــة املنشــآت‪ .‬هيئــة للتوثيــق تكــون‬ ‫مرجعيــة يف توثيــق الشــهداء والجرحــى واملعتقلــن‬ ‫واملهاجريــن والبيــوت املهدمــة والجوامــع والكنائــس‪،‬‬ ‫وتوثّــق الــوالدات والوفيــات‪ ،‬وحــاالت الــزواج وبيــع‬ ‫العقــارات ورشائهــا وكل مــا لــه عالقــة بالتوثيــق‪ .‬هيئة‬ ‫لــإدارة املدنيــة تعمــل عــى بنــاء جســم يديــر عمــل‬ ‫البلديــات واملجالــس املحليــة‪ .‬عنــد هــذا ســيحرتمنا‬ ‫العــامل وسيســعى نحونــا وســيضطر ليتعامــل معنــا ال‬ ‫كعمــاء‪ ،‬ولكــن كــركاء‪ .‬لدينــا ثــورة صمــدت خمــس‬ ‫ســنوات‪ ،‬مئــات آالف الشــهداء والجرحــى واملعتقلــن‪.‬‬ ‫ماليــن املهجريــن واملرشديــن والالجئــن‪ ،‬عــرات‬ ‫اآلالف مــن البيــوت واملســاجد والكنائــس واملنشــآت‬ ‫املدمــرة‪ ،‬نديــن لــكل هــذا بالعمــل‪ ،‬فهــل نبــدأ؟‪...‬‬

‫ه��ل يعي��د التاري��خ نفس��ه؟‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫يؤمــن بعــض قــاريئ التاريــخ مبقولــة إن التاريــخ يعيــد نفســه‪ ،‬وإن‬ ‫ببعــض التغيــر يف األماكــن والالعبــن‪ ،‬وهــي مقولــة لهــا مــا يســندها‪،‬‬ ‫فقــارئ التاريــخ يجــد مثـاً أنــه يف القرنــن الثامــن عــر والتاســع عــر‪،‬‬ ‫وبعــد أن غــادرت اإلمرباطوريــة العثامنيــة مرحلــة القــوة‪ ،‬ودخلــت‬ ‫مرحلــة الضعــف قبــل االنهيــار‪ ،‬يجــد أن اإلمرباطوريــات األوربيــة‬ ‫الكــرى املعــارصة لهــا كانــت تجتمــع كالً أو بعضــاً‪ ،‬فتتخــذ القــرارات‬ ‫التــي تقتضيهــا مصالحهــا‪ ،‬وهــي يف األعــم األغلــب ضــد اإلمرباطوريــة‬ ‫العثامنيــة ثــم ترســلها إىل البــاب العــايل ليلتــزم بهــا‪ ،‬وكان يفعــل حتــى‬ ‫وإن أبــدى أحيان ـاً بعــض التلكــؤ‪.‬‬ ‫وهــا نحــن نــرى أن التاريــخ يعيــد نفســه عندمــا يجتمــع كــري‬ ‫والفــروف التخــاذ القـرارات‪ ،‬ووضــع الخطــط املتعلقــة باألزمــة الســورية‪،‬‬ ‫ثــم يطلــع كــري زمــاءه الغربيــن عــى خطوطهــا العريضــة – مــن‬ ‫بــاب التفضــل – وال يأبــه ال هــذا وال ذاك باطــاع القــوى االقليميــة‬ ‫«الشــقيقة والصديقــة» عــى هــذه القـرارات وتلــك الخطــط ناهيــك عــن‬ ‫أخــذ آرائهــم فيهــا‪ ،‬و َد ْع جانبـاً الســوريني الذيــن يعتقــدون أن لهــم قــوالً‬ ‫يُســمع يف هــذه األزمــة نظامـاً ومعارضـ ًة فهــم ال يف العــر وال يف النفــر‪.‬‬ ‫والتاريــخ عندمــا يعيــد نفســه هنــا يُضفــي عــى بعــض التغي ـرات‬ ‫التــي يُحدثهــا – لــي تأخــذ كل حالــة طابعهــا املختلــف – مــا يُعطيهــا‬ ‫ـب املؤتلفــن مــن الوزيــر‬ ‫صفــة الكوميديــا الســوداء‪ ،‬فمنهــا مث ـاً طلـ ُ‬ ‫كــري أن يكشــف فحــوى اتفاقــه مــع الفــروف‪ ،‬وكأنهــم إذا كشــفه‬ ‫يســتطيعون التعديــل فيــه أو اإلضافــة إليــه أو الحــذف منــه‪.‬‬ ‫واملؤتلفــون عــى وعــي تــام بحجمهــم الــذي هــو أخـ ّـف مــن وزن‬ ‫الريشــة‪ ،‬ويعرفــون انعــدام قدرتهــم عــى الحركــة املؤثــرة‪ ،‬إالّ أنهــم ال‬ ‫يعرتفــون بذلــك ويلجــؤون إىل القيــام بتحــركات اســتعراضية ال طائــل‬ ‫منهــا‪ ،‬مثــل دعــوة مجلــس األمــن لالجتــاع لدراســة الوضــع يف حلــب‪ ،‬أو‬ ‫دعــوة الجامعــة العربيــة لدراســة عــدم تنفيــذ «قـرارات األمــم املتحــدة»‬ ‫فيــا يخــص األزمــة الســورية‪ ،‬تاركــن مــا كان يجــب عليهــم أن يفعلــوه‬ ‫منــذ البدايــة مــن اتصــال بوســائل اإلعــام العامليــة عموم ـاً واألمريكيــة‬ ‫خصوصــاً لــرح عدالــة الثــورة وقضيتهــا التــي اســتطاع النظــام أن‬ ‫يحرفهــا‪ ،‬وهــو األمــر الــذي يفعلــه النظــام الــذي ال يــكاد مي ـ ّر أســبوعاً‬ ‫دون مقابلــة يجريهــا رئيســه مــع وســيلة إعالميــة‪.‬‬ ‫وســوا ٌء أص ّحــت قصــة أيب عبــد اللــه الصغــر وأ ّمــه التــي ع ّنفتــه‬ ‫ِ‬ ‫«ابــك كالنســاء ُملــكاً مل تحافــظ عليــه كالرجــال» أم مل تصــح‬ ‫بقولهــا‪:‬‬ ‫– عــى خــاف بــن املؤرخــن – فــإن التاريــخ يُعيــد نفســه هنــا أيض ـاً‪،‬‬ ‫وتصبــح الكوميديــا أكــر ســوادا ً‪ .‬ال نعــرف متامــاً مآخــذ أم عبــد اللــه‬ ‫عليــه‪ ،‬ولكننــا نعــرف أنــه دخــل يف حــروب مــع أبيــه ومــع ع ّمــه‪ ،‬وأن‬ ‫هــذه الحــروب أســهمت يف إنهــاء حكــم األمويــن يف األندلــس‪.‬‬ ‫وليســت بعيــدة الحــروب التــي شـ ّنتها الفصائــل الشــقيقة ضـ ّد بعضهــا‪،‬‬ ‫واألذن الصـ ّـاء والعــن العميــاء التــي أنالتهــا هــذه الفصائــل لدعــوات‬ ‫التّوحــد‪ ،‬وليــس بعيــدا ً إرصار جبهــة النــرة عــى عــدم فـ ّـك ارتباطهــا‬ ‫بالقاعــدة والقــارئ لبيــان «فــك االرتبــاط» بــا كثــر مت ّعــن يجــد أنــه‬ ‫مل يُفــك‪ ،‬وأن األمــر ال يعــدو تغي ـرا ً غــر كامــل لالســم بحســب تعبــر‬ ‫الجــوالين نفســه جــاء انســجاماً مــع «توجهــات وتوجيهــات» قيــادة‬ ‫القاعــدة املباركــة‪ ،‬وبهــدف تقريــب املســافات بــن الفصائــل املجاهــدة‬ ‫وأمــاً يف تشــكيل جســم مو ّحــد‪ ،‬وأن عبــارة «ليــس لهــذا التشــكيل‬ ‫الجديــد عالقــة بأيــة جهــة خارجيــة» لــن تنطــي عــى أمريــكا وروســيا‬ ‫وبقيــة املتذرعــن بحجــة اســتهداف جبهــة النــرة لقصــف وترشيــد‬ ‫«عامــة املســلمني»‪.‬‬ ‫وعــى اف ـراض حســن النيــة يف كل مــا جــاء يف بيــان الجــوالين‪ ،‬فهنــاك‬ ‫مالحظتــان‪ :‬األوىل غيــاب أهــداف الشــعب الســوري يف الحريــة والكرامــة‬ ‫مــن الئحــة أهــداف الجبهــة الجديــدة‪ .‬والثانيــة غيــاب مــرر التأخــر يف‬ ‫االســتجابة للمصلحــة العامــة‪ ،‬ولرغبــة أهــل الشــام طــوال تلــك الســنني؟‬ ‫ومــع ذلــك فــإن ذاك الهــدف وذاك األمــل لــن يكونــا قريبــن مــن‬ ‫التحقــق ذلــك أن الناطــق باســم جيــش اإلســام أعلــن أن هنــاك عقبــات‬ ‫كثــرة مل يذكرهــا تعيــق تحقيقهــا‪.‬‬ ‫الجــوالين وأمثالــه ممــن كانــوا وال يزالــون رمــوزا ً إلســام مشــ ّوه‬ ‫جلبــت الدمــار للمســلمني قبــل غريهــم‪ ،‬ويف أشـ ّد لحظــات الثــورة حلكـ ًة‬ ‫يتالعبــون باأللفــاظ غــر عابئــن بنتائــج هــذا اللعــب الكارثيــة عــى‬ ‫الشــعب العظيــم الــذي تح ّمــل نتيجــة انحرافهــم عــن أهــداف ثورتــه‬ ‫مــن الــدم والدمــار مــا ليــس لــه ســابق‪ .‬وهنــاك الكثــر مــن األمثلــة‬ ‫يراهــا الناظــر يف مســرة ثــورة الشــعب الســوري تقــول إن التاريــخ يعيــد‬ ‫نفســه‪ ،‬ولكــن بئســت اإلعــادة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يف روايــة ألــف شــمس مشــرقة‬ ‫مــن املؤســف أن الكثــر يتعامــل مــع‬ ‫األدب بحرفنــة أو بحرفيــة عاليــة‪ ،‬وكأنهــا‬ ‫صنعــة أو تكــرار ملــا هــو موجــود‪ .‬إن‬ ‫الحرفــة عمــل يقــوم عــى التقليــد‪ ،‬مبعنى‬ ‫أن البنــاء العــام‪ ،‬الهيــكل مصنــوع بشــكل‬ ‫مســبق مثــل رســم «كــرويك» ملبنــى‪ ،‬ثــم‬ ‫ميــرر املهنــدس الخطــوط عــى املجســم‬ ‫ليســقطه عــى الواقــع‪ ،‬الــذي يبــدو مــن‬ ‫الخــارج أنــه جميــل‪ ،‬بيــد أنــه جــرى‬ ‫هندســته يف املكتــب‪ ،‬وميكنــك أن تنتــج‬ ‫عــى مقاســه أبنيــة كثــرة ومتعــددة يف‬ ‫أماكــن كثــرة مــن هــذا العــامل‪ .‬هــذا‬ ‫مــا وجدتــه يف عمــل الــروايئ األفغــاين‬ ‫خالــد حســيني «ألــف شــمس مرشقــة»‪،‬‬ ‫ويف «لقيطــة اســتانبول» للروائيــة آليــف‬ ‫شــافاك‪ ،‬وروايــة «يريفــان» لجيلربيــت‬ ‫ســينويه‪ ،‬بالرغــم مــن الرموز الكثــرة التي‬ ‫أســقطتها شــافاك عــى عملهــا برباعــة‬ ‫وجــال‪ ،‬بيــد أن الصنعــة األدبيــة التــي‬ ‫تناولــت عملهــا تجعــل القــارئ يــدرك أنه‬ ‫أمــام عامــل محــرف‪ ،‬مشــغل أو عامــل‬ ‫يف ورشــة‪ ،‬يقــدم عملــه دون إبــداع رغــم‬ ‫أنــه يبــدو جميـاً مــن الخــارج‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫رأيتــه يف روايــة «يريفــان» بالرغــم مــن‬ ‫الكــم الهائــل مــن األحــداث والحقائــق‪،‬‬ ‫وقــدرة الــروايئ عــى تعريــة الســلطنة‪،‬‬ ‫ودور حكومتهــا يف إبــادة قوميــة بالكامل‪،‬‬ ‫وترحيلهــا قرسيــاً مــن أرضهــا وتراثهــا‬ ‫وتاريخهــا‪ ،‬ثــم قتلهــا ســواء جوعـاً أو بــردا ً‬ ‫أو مــن التعــب واإلنهــاك‪ ،‬وعمــل األديــب‬ ‫خالــد حســيني‪« ،‬ألــف شــمس مرشقــة»‪،‬‬ ‫الــذي مــارس لعبــة التوريــة يف تغييــب‬ ‫الحقائــق؟‬ ‫صحيــح أنــه ســلّط الضــوء عــى حركــة‬ ‫طالبــان عندمــا دخلــت كابــول مــن‬ ‫البــاب الواســع‪ ،‬وأن املجتمــع األفغــاين يف‬ ‫العاصمــة نــروا الــرز عليهــم‪ ،‬وانتــرت‬ ‫أصــوات املفرقعــات يف فضــاء املدينــة‬ ‫عــى إيقــاع النشــيد الوطنــي مــن‬ ‫املســجالت التــي كانــت تتنافــس مــع‬

‫أبــواق الســيارات تحــت صيحــات كلــات‬ ‫اللــه أكــر‪ ،‬وهــم ميــرون بســياراتهم‬ ‫«التويوتــا» ذات الدفــع الرباعــي‪ ،‬وأنهــم‬ ‫نتــاج اللجــوء يف املخيــات يف الباكســتان‪،‬‬ ‫وأغلبهــم مــن قبائــل الباشــتون الذيــن‬ ‫هربــوا خــال الحــرب ضــد الســوفييت‪،‬‬ ‫درســوا الرشيعــة عــى يــد املــايل يف‬ ‫الباكســتان الدميقراطيــة جــدا ً‪ ،‬والحليــف‬ ‫الوضيــع لتســويق السياســات األمريكيــة‪.‬‬ ‫مــا أريــد قولــه إن الــروايئ كتــب عــن‬ ‫هــذه العاهــات املوجــودة يف أفغانســتان‬ ‫بيــد أنــه مل يذكــر يف الروايــة أي يشء عــن‬ ‫أســباب تنميــة الفكــر الدينــي التقليــدي‬ ‫وانتشــاره يف هــذه البلــدان‪ ،‬ومــن وراءه‬ ‫ومــن يغذيــه باملــال والســاح‪ ،‬ونــر‬ ‫الكتــب التــي تشــجع عــى اإلرهــاب‪،‬‬ ‫وأنهــم مقدمــة إلنتــاج فكــر جهــادي‬ ‫ســيجتاح دوالً ومجتمعــات كثــرة يف‬ ‫العــامل‪ .‬اكتفــت الروايــة يف صــب جــام‬ ‫غضبهــا عــى املهمشــن والفقــراء‪،‬‬ ‫املتمســكني بالعــادات والتقاليــد القدميــة‬ ‫دون اإلشــارة إىل القــوى التــي أرادت‬ ‫التحديــث‪ ،‬وجــرى قمعهــا وتدمريهــا‬ ‫عــى يــد املجاهديــن املدعومــن مــن‬ ‫املخابــرات األمريكيــة‪ ،‬مل يذكــر مــا هــو‬ ‫هــدف هــؤالء‪ ،‬ومــاذا يريــدون بالضبــط؟‬ ‫خيانــة الكتابــة تكــون عندمــا نزيــف‬ ‫الجوهــر‪ ،‬ونحلــل الشــكل دون الدخــول‬ ‫يف عمــق األزمــة املنتجــة لألزمــة التــي‬ ‫تعيشــها بــاده‪ .‬مبعنــى أن مــا يكتبــه‬ ‫الــروايئ املحــرف شــاهد حقيقــي عــى‬ ‫عــر مــا‪ ،‬وزمــن ونــاس محدديــن‬ ‫ببنــى اجتامعيــة وسياســية واقتصاديــة‬ ‫وتاريخيــة‪ ،‬وضمــن إطــار ســيايس‬ ‫محكومــن فيــه‪.‬‬ ‫ميكننــا أن نطــرح الكثــر مــن األســئلة‬ ‫واالستفســارات عــن مهمــة األدب يف‬ ‫هــذا العــر‪ ،‬ودوره ومكانتــه يف معالجــة‬ ‫األزمــات التــي يعانيهــا هــذا العــامل‪،‬‬ ‫وانحســار دور القــراءة‪ ،‬واالهتــام‬

‫بالشــأن العــام‪ ،‬ســواء داخليـاً أم محليـاً أو‬ ‫عاملي ـاً‪ ،‬وهــل هــو قــادر عــى العطــاء أم‬ ‫ســيتوقف؟ هــل مهمتــه أن يرصــد مــا هو‬ ‫قائــم أم مهمتــه أضحــت أوســع وأشــمل‬ ‫بعــد أن أخــذ علــم االجتــاع والتاريــخ‬ ‫هــذه املهمــة عــى عاتقــه‪ ،‬ووجــود‬ ‫وثائــق ودراســات أكادمييــة تتنــاول‬ ‫األحــداث التاريخيــة‪ ،‬كــا أن دخولــه‬ ‫يف ممــرات النفــس اإلنســانية أضحــت‬ ‫ضعيفــة بعــد أن توســعت مجــاالت‬ ‫علــم النفــس وتخصصاتــه‪ ،‬ودخــول هــذا‬ ‫العلــم يف كل مفاصــل النفــس اإلنســانية‬ ‫املعــارصة والقدميــة‪ ،‬واســتخالص العــر‬ ‫مــن امليثولوجيــا وتفرعاتهــا‪.‬‬ ‫قلنــا ســابقاً إن األدب هــو امليــدان األكــر‬ ‫حريــة يف هــذا العــامل لتكســر البنــى‬ ‫التقليديــة وقيمــه وماضيــه وحــارضه‪،‬‬ ‫والبنــاء عليــه ببنــى أكــر قرب ـاً مــن عــامل‬ ‫اإلنســان الطبيعــي القريــب مــن عــامل‬ ‫الطبيعــة وبقيــة الكائنــات‪ .‬مبعنــى أن‬ ‫نعــري البشــاعة فنيـاً بعيــدا ً عــن التقريــر‬ ‫التاريخــي أو غــره عــر األدب لنبــي‬ ‫أشــكاالً جامليــة مكانــه‪ .‬فاإلبــداع هــو‬ ‫الــذي يفســح املجــال للذهــن أن يخــرج‬ ‫عــن التقليــد‪ ،‬ويذهــب بالخيــال إىل‬ ‫عــوامل أجمــل وأكــر رقي ـاً‪ .‬وهــذا اإلبــداع‬ ‫وحــش جميــل كارس يقتحــم املألــوف‬ ‫واملعلــن واملكــرر ويكــره‪ ،‬يكــر‬ ‫املقــدس والعــوامل القدميــة والطقــوس‬ ‫املربمجــة ليبنــي عــى أنقاضــه عاملـاً آخــر‪،‬‬ ‫أي أنــه فعــل تعريــة جميــل‪ ،‬يخاطــب‬ ‫النجــوم والكواكــب والحيوانــات كــا‬ ‫يخاطــب اإلنســان‪ .‬مبعنــى‪ ،‬لــأدب قــدرة‬ ‫كبــرة عــى فتــح مجــرى للتاريــخ فيــا‬ ‫إذا اســتطاع األديــب قــراءة زمنــه مــن‬ ‫منظــور معمــق‪.‬‬ ‫مل يعــد اإلنســان وحــده مظلومــاً مــن‬ ‫اإلنســان يف هــذا العــامل نتيجــة ســلوكه‬ ‫ومامرســاته العدوانيــة‪ ،‬إمنــا هنــاك‬ ‫اعتــداء عــى الحجــارة واألنهــار والقمــر‬

‫قطوف فراتية‬ ‫سنة الثلج األحمر‬

‫آرام كرابيت‬ ‫والغــاف الجــوي والســاء واألرض‬ ‫والطقــس‪ .‬إذا ً هنــاك مياديــن كثــرة عــى‬ ‫املبــدع تناولهــا وتعريــة النشــاط اإلنســاين‬ ‫القائــم عــى التدمــر املمنهــج لــكل‬ ‫أشــكال الحيــاة‪ ،‬كاألشــجار والحيوانــات‬ ‫والبحـرات واألســاك والحيتــان والطيــور‪.‬‬ ‫أن يكــون خروجـاً عــن املألــوف‪ .‬فــاألدب‬ ‫يف محنــة حقيقيــة‪ ،‬ومــن ليــس لديــه‬ ‫مســوق قــوي عليــه أن يفكــر جيــدا ً‬ ‫قبــل العمــل‪ ،‬فإمــا أن يكــون عمــاً‬ ‫مميـزا ً وجديــدا ً‪ ،‬ويكــر جــدران التقليــد‬ ‫أو يصمــت ويجلــس يف مكانــه‪ .‬هنــاك‬ ‫تلــوث أديب يعــاين منــه األدب نتيجــة‬ ‫ابتــذال العمــل واستســهال الكتابــة‬ ‫ســواء يف الشــعر أو القصــة أو الروايــة‪.‬‬ ‫وهــذه األعــال يجــب أال تكــون لحظــة‬ ‫انفجــار خاطــر أو ضغــط أزمــة نفســية‬ ‫أو اجتامعيــة أو تاريخيــة‪ ،‬إمنــا ثقافــة‬ ‫وبحــث جــاد وإطــاع عميــق عــى‬ ‫ثقافــات العــامل بــكل ألوانهــا ســواء الفنيــة‬ ‫أو األدبيــة أو االجتامعيــة أو التاريخيــة‪.‬‬ ‫فــا يغرنكــم األســاء املشــهور‪ ،‬فإنهــا‬ ‫ســتنتهي مبــوت أصحابهــا‪ ،‬وســتبقى‬ ‫األســاء الرباقــة كالذهــب الصــايف مثــل‬ ‫شكســبري وهومــروس وجلجامــش‬ ‫ورسفانتــس والطيــب الصالــح وغريهــم‪.‬‬

‫لين��ا الص��احل يف معرضه��ا األول تس��توحي اجلم��ال م��ن اخل��راب‬ ‫مصطفى سليمان‬

‫الفــن مــن مرايــا الجــال‪ ،‬يحثنــا عــى‬ ‫فعــل الخــر‪ ،‬واســتيعاب كل مــا يــدور حولنــا‬ ‫مــن قضايــا إنســانية‪ ،‬وأخــرى كارثيــة يف هــذه‬ ‫املرحلــة‪ ،‬يحــاول الفــن البحــث عــن الجــال‬ ‫يف كــوم هائــل مــن الخ ـراب‪ ..‬خ ـراب املــدن‪..‬‬ ‫خ ـراب الطبيعــة‪ ..‬وخ ـراب اإلنســان مــن أجــل‬ ‫إنعــاش الــروح والذاكــرة بــكل مــا هــو جميــل‬ ‫وأنيــس‪ ،‬وبــث روح الحيــاة فيــه يك نســتعيد‬ ‫الجــزء املفقــود بفعــل الدمــار الهائــل والحصــار‬ ‫والجــوع‪.‬‬ ‫تعــددت املواضيــع والهــدف واحــد‪ ..‬هنــاك‬ ‫النهــر والطيــور والحــواري الشــعبية والزهــور‬ ‫والطبيعــة الخلويــة مــا بــن الرقــة وأورفــا‪..‬‬ ‫ألــوان وإن بــدت متقشــفة لكنهــا حافظــت‬ ‫عــى خطوطهــا ومدلوالتهــا التــي توحــي بأنهــا‬ ‫البدايــة إلنجــاز منتــج فنــي قــادر عــى أن يقول‬ ‫الكثــر‪ ،‬وبوضــوح شــديد وجــال أكــر نضــارة‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك مل تغــب الثــورة الســورية عــن‬ ‫معــرض الفنانــة الرقاويــة لينــا الصالــح‪ ،‬فــرى‬ ‫صــورا ً ومشــاهد مــن مأســاة الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫حاولــت أن تنقلهــا للمشــاهد الــريك‪ ،‬وبتبســيط‬ ‫أقــل قســوة مــن الواقــع وبشــفافية األلــوان‬ ‫املائيــة‪ ..‬مشــاهد نراهــا كل يــوم‪ ،‬ويراهــا كل‬ ‫العــامل العاجــز عــن أي فعــل إليقــاف الدمــار‬

‫والــدم‪..‬‬ ‫يف الحــرب يفقــد الجــال قيمتــه الحقيقيــة‪ ،‬لكننــا نجــده يف‬ ‫قلــوب النــاس املفعمــة باألمــل وبالنــر‪ .‬يذكــر أن الفنانــة‬ ‫لينــا الصالــح خريجــة معهــد إعــداد املدرســن – قســم الفنون‬ ‫التشــكيلية والتطبيقيــة‪ ،‬وهــذا املعــرض هــو األول لهــا منــذ‬

‫تخرجهــا‪ ،‬كــا شــاركت بعــدد مــن املعــارض الجامعيــة‪ ،‬وهــي‬ ‫تعمــل يف حقــل التدريــس الفنــي يف مدينــة أورفــا‪ ،‬وقــد‬ ‫أرشف عــى معرضهــا األول والدهــا الفنــان األســتاذ حامــد‬ ‫الصالــح‪ ..‬جريــدة الحرمــل تتمنــى أن تكــون الخطــوة األوىل‪،‬‬ ‫هــي مثــرة ناضجــة يف درب طويــل‪.‬‬

‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫يف األيــام القليلــة التــي عشــتها يف «أبــو الــكاالت» كانــت‬ ‫«امله ّنــاوي» تهدينــا رشوق الشــمس كل صبــاح‪ ،‬مــع نســمة‬ ‫الــدواب‬ ‫بــاردة‪ ،‬ال تلبــث أن تــذوب ونحــن نركــض وراء‬ ‫ّ‬ ‫الســاعية إىل البــر ســاعة ال ـوِرد‪.‬‬ ‫أفقــي مائــل قليــاً‪،‬‬ ‫بــن «امله ّنــاوي» والرقــة خــ ّط نظــر‬ ‫ّ‬ ‫القريــة ذات التلّــة الواضحــة لقريــة أجــدادي‪ ،‬كانــت‬ ‫«امله ّنــاوي» نقطــة عــاّم بــن مجموعــة قــرى متناثــرة يف‬ ‫الســهل املنبســط وراء تــال الف ـرات‪ .‬القــرى التــي انبنــت‬ ‫مــا بــن الحربــن عــى أطــال قبائــل قدميــة وآبــار معطّلــة‬ ‫يف مســعى لتوطــن القبائــل الر ّحــل بعدمــا ُر ِســمت حــدود‬ ‫الــدول الجديــدة‪.‬‬ ‫كان مــا يلفتنــا صغــارا ً غــر مراقبــة الســيارات اآلتيــة مــن‬ ‫الرقــة‪ ،‬أو الجبــل الصغــر جنــوب القريــة؛ ذاك االســم‬ ‫املختلــف والغريــب عــن القــرى التــي أخــذت اســمها مــن‬ ‫البــر والحيوانــات‪ .‬تقــول الحكايــة إن ســكان القريــة يف‬ ‫أثنــاء تحريــر البــر (إصالحــه) وجــدوا حج ـرا ً كُ ِتــب عليــه‪:‬‬ ‫«إن ســألتم ع ّنــا‪ /‬ا ْحنــا امله ّنــا‪ /‬قتلنــا الثلــج األحمــر يف‬ ‫مربعانيــة القيــظ»‪ ،‬تتفــق الروايــات الشــحيحة أن ســنة‬ ‫الثلــج األحمــر قــد حدثــت عــام ‪ 1910‬وقــد امتزجــت‬ ‫برمــال الخامســن اإلفريقيــة‪ ،‬التــي متت ـ ّد مــن شــباط حتــى‬ ‫حزيــران يف بعــض املــ ّرات حيــث تبــدأ مربعانيــة القيــظ‬ ‫يف الحســابات الفلك ّيــة‪ ،‬ويبــدو األمــر منطقيــاً يف الروايــة‬ ‫الشــفهية ويف مد ّونــة الحجــر التــي ر ّوتهــا الجامعــة اآلفلــة‪،‬‬ ‫وقــد رمــى أحدهــم وصيــة الجامعــة يف البــر‪ .‬وكأ ّن وص ّيــة‬ ‫الحجــر ديــدن عــريب منــذ كتــب كليــب وصيتــه األخــرة إىل‬ ‫الزيــر يف لحظاتــه األخــرة‪.‬‬ ‫توســدت حجــرا ً‪ ،‬ونامــت يف غيابــة‬ ‫إحــدى عــرة كلمــة ّ‬ ‫الجــب حينــاً مــن الزمــان‪ ،‬ووجــدت مــن يقرؤهــا بعــد‬ ‫ّ‬ ‫حــن‪ ،‬ويعمــل مبــا تضمــره الوصيــة حــن يس ـ ّمون املــكان‬ ‫باســم جامعــة آفلــة‪ ،‬مل يُسـ ّ‬ ‫ـتدل عــى أجســادهم؛ أنامــت يف‬ ‫بطــون الوحــوش والطيــور أم نامــت عليهــا رمال الخامســن؟‬ ‫إحــدى عــرة كلمــة‪ ،‬كتبهــا املــد ّرب وهلــك دون حــروف‬ ‫بقيــت بعــد كاتبهــا‪ ،‬إحــدى عــرة كلمــة دافعــت عــن‬ ‫مرمــى البقــاء وظفــرت بقــارئ بعــد زمــن‪ ،‬أعــاد الجامعــة‬ ‫املنقرضــة إىل الحيــاة حــن أُطلــق اســمها عــى القريــة‪ ،‬يف‬ ‫بــادرة وفــاء لأل ّمــة التــي ســبقت أختهــا‪.‬‬ ‫بــن الثلــج األحمــر والجزيــرة الســورية عالقــة ترويهــا‬ ‫شــفاهيات األجــداد‪ ،‬يس ـ ّمونها أســاء مختلفــة «الذ ّرايــة»‬ ‫و»النهيبــة» و»الثلجــة الكبــرة» تحــي قســوة الطبيعــة‪،‬‬ ‫التــي زعزعــت البنيــة الدميغرافيــة يف حيّــز مــن املــكان‪ ،‬مل‬ ‫يصمــد أهلــه البــداة لظــروف مناخيــة ليســت يف الحســبان‪،‬‬ ‫ـتغيت البــاد ومــن عليهــا» ولكـ ّن سـكّان األرض الجدد‬ ‫فـ»ــ ّ‬ ‫م ـ ّدوا إىل ســابقيهم حب ـاً كرمي ـاً‪ ،‬حــن س ـ ّموا تلــك القريــة‬ ‫الوادعــة ذلــك االســم‪ .‬وال أدري إن كان عــرب «امله ّنــا»‬ ‫تلــك القبيلــة ذائعــة الصيــت أيّــام املامليــك‪ ،‬تجــار الخيــل‬ ‫والذهــب وحــرس القوافــل‪ ،‬أم فــرع مــن قبائــل عربيــة‬ ‫بدويــة أو حرضيــة يف الشــام والعــراق‪.‬‬ ‫أتذكّــر هــذا وخامســن األحــداث الجديــدة وثلجهــا األســود‬ ‫يدهــم املــكان مــ ّرة أخــرى‪ ،‬وبــوادر فــوىض دميغرافيــة‬ ‫جديــدة تلــوح يف األفــق‪ ،‬ومل يبــق لنــا إال أن نــد ّون عــى‬ ‫حجــ ٍر و ّيف مد ّونــات إىل قــارئ مــن زمــن قــادم‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الحب زمن الحرب‬

‫غريب الدار‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫‪1‬‬ ‫إن الواقــع مهــا كان صعب ـاً أو م ـ ّرا ً ال يســتطيع أن‬ ‫يطمــس يف يــوم مــن األيــام عاطفــة إنســانية نبيلــة‬ ‫كعاطفــة الحــب‪ .‬فالذيــن يتصــ ّورون أن موضــوع‬ ‫الحــب موضــوع مســتبعد مــن واقعنــا‪ ،‬وال يش ـكّل‬ ‫مفصــاً هامــاً يف حياتنــا‪ ،‬فهــم ال يعرفــون وجــه‬ ‫الحيــاة الحقيقــي‪ ،‬وكل مــا يقــع يف أذهانهــم تلــك‬ ‫الصــور التقليديــة الباليــة التــي مل تعــد تلقــى‬ ‫اهتاممــاً واســتجابة حقيقيــة واقعيــة يف عرصنــا‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الحــب مــا زال‪ ،‬وســيظل قامئـاً بوصفــه حالة إنســانية‬ ‫ال ميكــن االســتغناء عنهــا تحــت أي ظــرف مــن‬ ‫الظــروف‪ ،‬ألننــا حتــى لــو تجاهلنــاه‪ ،‬أو ا ّدعينــا عــدم‬ ‫حاجتنــا إليــه بــأن الوقــت غــر مناســب‪ ،‬ســيظهر‬ ‫بشــكل أو بآخــر بزمــان أو مــكان غــر متوقــع أو‬ ‫محســوب حســابه‪ ،‬وســيلتحم بالواقــع ليصبــح جــزءا ً‬ ‫ال يتجــزأ منــه رغـاً عنــا‪ .‬والحــب رغــم أنــه تجربــة‬ ‫فرديــة‪ ،‬إالّ أنــه غــر منفصــل عــن الواقــع الجامعــي‬ ‫الــذي يشــارك فيــه الفــرد ويتفاعــل معــه لتعلّــق‬ ‫مصــره مبصريهــا‪ ،‬وخاصــة يف ظــروف الحــروب‬ ‫واألزمــات والثــورات‪ ،‬تلــك الظــروف التــي يســيطر‬ ‫عليهــا شــبح املــوت والخ ـراب واألمل‪.‬‬ ‫وقــد يتســاءل البعــض‪ :‬هــل مــن املعقــول أن تنشــأ‬ ‫حالــة حــب وســط الحرائــق وبحــر الدمــاء؟ هــل‬ ‫هــذا وقتــه؟‬ ‫‪3‬‬ ‫الحــب بــكل أشــكاله ينبــوع للحيــاة والحريــة‬ ‫واملقاومــة‪ ،‬وكثــر مــن األعــال األدبيــة التــي‬

‫عــرت بأشــكال التعبــر املختلفــة‬ ‫تناولــت الحــب‪ّ ،‬‬ ‫عــن األمــل يف العيــش بحريــة وســام ضمــن حاضنــة‬ ‫توفــر لــه األمــن واألمــان لتتواصــل مســرة الحيــاة‬ ‫والعطــاء لتعطــي حبـاً بــدالً مــن الكراهيــة والقتــل‪،‬‬ ‫وتشــجع عــى بنــاء العالقــات اإلنســانية‪ ،‬وتوطّــد‬ ‫دعامئهــا بــدالً مــن ال ِفرقــة واالنعــزال‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ال بــأس مــن التعــ ّرض لبعــض األعــال األدبيــة‬ ‫العامليــة شــعرا ً ونــرا ً استشــهادا ً ملــا ذكــرت‪:‬‬ ‫(اإلليــاذة)‪ :‬ملحمــة هومــروس الشــعرية التــي تعود‬ ‫مجرياتهــا إىل مــا قبــل امليــاد مبئــات الســنني والتــي‬ ‫صـ ّورت الحــب خــال أحــداث حصــار طــروادة ومــا‬ ‫صاحبتهــا مــن بطــوالت ومـ ٍ‬ ‫ـآس‪.‬‬ ‫(عنــرة بــن شــداد) كانــت أشــعاره منوذجــاً عــن‬ ‫الحــب يف أدب الحــرب‪ .‬ويف العــر الحديــث ال‬ ‫بــ ّد مــن أن نذكــر مــن آثــار حــرب ‪1973‬م شــعرا ً‬ ‫لـ(نـزار قبــاين)‪ ،‬قصيدتــه (مالحظــات يف زمــن الحــب‬ ‫والحــرب)‪.‬‬ ‫ولعــل مــن أشــهر وأبــرز الشــعراء الذيــن مزجــوا‬ ‫ّ‬ ‫بــن حــب الوطــن وحــب املعشــوقة يف تجربــة مــن‬ ‫أشــ ّد التجــارب وطــأة عــى النفــس البرشيــة‪ ،‬أال‬ ‫وهــي تجربــة الحــب زمــن الحــرب‪ :‬لويــس أراغــون‪،‬‬ ‫بــول إيلــوار‪ ،‬آنــا أخامتوفــا‪ ،‬رســول حمزاتــوف‪.‬‬ ‫ويف الروايــة‪( :‬الحــرب والســام) لـ»ليــو تولســتوي»‪.‬‬ ‫(ذهــب مــع الريــح) لـ»مارغريــت ميتشــل»‪ ،‬والتــي‬ ‫تتحــدث عــن الحــب خــال الحــرب األهليــة‬ ‫األمريكيــة‪.‬‬

‫( كل يشء هــادئ يف الجبهــة الغربيــة) للكاتــب‬ ‫األملــاين إيريــك رميــارك‪ ،‬يف أحــداث قصــة حــب‬ ‫تجــري خــال الحــرب العامليــة األوىل‪.‬‬ ‫وللكاتــب األشــهر أرنســت همنغــواي (وداعــاً‬ ‫للســاح)‪ ،‬والتــي تــدور أحداثهــا خــال الحملــة‬ ‫اإليطاليــة يف الحــرب العامليــة األوىل و(ملــن تُقــرع‬ ‫األجــراس) التــي تــدور خــال الحــرب األهليــة‬ ‫اإلســبانية‪ ،‬وكلهــا مرتافقــة بحــاالت حــب يف زمــن‬ ‫الحــرب وســطوته التــي تــرك آثــارا ً مدمــ ّرة يف‬ ‫النفــس البرشيــة‪ ،‬وتنعكــس آثارهــا الفاجعيــة عــى‬ ‫أبطــال الروايــات‪.‬‬ ‫وللكاتــب الــرويس «جنكيــز إيتامتــوف» روايتــه‬ ‫(جميلــة)‪ ،‬التــي تصــور قصــة حــب خــال الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة‪ ،‬والتــي قــال عنهــا الشــاعر الفرنــي‬ ‫«لويــس أراغــون» بأنهــا‪ :‬أجمــل قصة حــب يف العامل‪.‬‬ ‫أ ّمـــا قصــة األديبــة اإليطاليــة «ميلينــا آغــوس» (حب‬ ‫يف رسدينيــا)‪ ،‬والتــي يــدور جــزء كبــر مــن أحداثهــا‬ ‫متســكت‬ ‫خــال الحــرب العامليــة الثانيــة المــرأة ّ‬ ‫بالحــب زمــن الحــرب ومــا صاحبتهــا مــن أحــداث‬ ‫تراجيديــة لحقــت باملــرأة‪.‬‬ ‫والقامئة تطول عاملياً‪..‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الحــب حالــة ثوريــة متجــ ّددة رغــم أن البعــض‬ ‫يجــده صعبــاً يف زمــن الفجيعــة والكراهيــة وقتــل‬ ‫اإلنســان ألخيــه اإلنســان‪.‬‬ ‫الحــب ليــس امــرأة كــا يتصــوره البعــض‪ ..‬بــل هــو‬ ‫الوطــن بــكل مك ّوناتــه‪.‬‬

‫صيحة أرض‬ ‫ثِ ْق يب م ّرةً‪..‬‬ ‫ك ُّل يَ ِثق َبك‪ ،‬وكم وثق الوفاء بك‬ ‫يا زماين‪..‬‬ ‫ثان‪ ،‬وثالث‪ ،‬ورابع‪ ،‬وإىل ما ال نهاية‪..‬‬ ‫صب أ ْح َ‬ ‫بوالتك بدقّة بأَ ّيا إتْقانِ ‪..‬‬ ‫تَ ْن ُ‬ ‫م ْن ريش َحريري تنزعني‬ ‫ومن شوك ال ّز َر ِب تَ ْنسجني‬ ‫ومن العلْقَم تُ َقطّ ُر ماء أ ْحزاين‬ ‫من تُ ّرهات فنيت تُحيكني‪..‬‬ ‫ُكس أنْفي‬ ‫ُضأعف ّ‬ ‫ُخ َز ْع َبالت ت ُ‬ ‫ذل‪ ،‬ت ّ ُ‬ ‫وتُ َوقّ ُع للهوان‪...‬‬ ‫‪.....‬‬ ‫وي ْقتَل ُع األ ْوغاد ُعشْ بي‪..‬‬ ‫رشاراتهم تُلْهب أوراقي وأغصاين‬ ‫ويحي‪..‬‬ ‫بَل َغ ذ ْروته موسم الغربان‬ ‫عىل صدري مغتالة‪ ،‬تلحس دماءها‬ ‫أيائيل وغزالين‪..‬‬ ‫وهاجرت طيوري وملا تهاجر باطراد‬ ‫عىل جناح طغيان‬ ‫تناثر ريشها املبلل‪ ،‬تقاسمتْ ُه عاصفات الرياح‪..‬‬ ‫موانئ إغفال وغريب الشطآن‬ ‫باردة كاملوت قلوبهم‪ ،‬عصافريي‪..‬‬ ‫كهويل‪ ،‬شيبي‪ ،‬وشُ بّاين‬ ‫‪.....‬‬ ‫هال َح ْسم ُم ْعضلتي‪..‬‬ ‫هال يقظة‪ ،‬هال سطوة‪..‬‬

‫أفرسان العرب‪،‬‬ ‫فُ ْرساين‪..‬‬ ‫ُس َّم قلبي‪ ،‬وما تحتي!‪ ..‬وما فوقي يحرتق‬ ‫نسيج أوعيتي‪ ..‬يغتال بتفان‬ ‫كبدي! والكىل‬ ‫نسيجي الحيوي وأناي؟؟‬ ‫أرب العرش يف الشارع الغريب تعفر وجه‬ ‫إنساين‪...‬‬ ‫حياً ميتاً يحترض‪..‬‬ ‫أرب كوكبي ها أنا ذا‪ ،‬غواية العدى‪ ،‬كفرهم‬ ‫أضناين‬ ‫كل‪ ،‬بني يديك‪..‬‬ ‫كل ّ‬ ‫إليك ّ‬ ‫أنا ودمي‪ ..‬مل ّا زماين مجني‬ ‫ونساين‪..‬‬ ‫‪...‬‬ ‫تثاءب الوجود فَقاءنا‪..‬؟؟‬ ‫َ‬ ‫ُصلْبي‪!!..‬‬ ‫لَ ّونو ُه‪ ،‬ها يَتَف َّنن فيل ّون أشجاين‪!..‬‬ ‫أ َمراجع ِعقباين‪...‬‬ ‫ُه ّبي‪..‬‬ ‫افتحي نوافذ شقائق النعامن‬ ‫لنوافذ مهجوسة محكومة بهواجس‬ ‫خريي ِ‬ ‫لغد أوطاين‬ ‫افتحي‪...‬‬ ‫ألبيض ِعقْباين‪..‬‬ ‫افتحييييي‬ ‫‪......‬‬

‫‪11‬‬

‫شعر‪ :‬مهرية بن ضرار ‪ -‬الجزائر‬

‫ِقفا ودِّعا أورف��ا‪ ..‬ومن ّ‬ ‫حل باحلرمل!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫أينــا حـ ّـل الســوري فعينــه عــى بــاده‪ ،‬ومهــا بَ ُعــد امل ُلتَجــأ فــإن‬ ‫حلمــه األكيــد هــو ســورية‪ ،‬ومهــا طــال العــذاب‪ ،‬فــإن ســورية هــي‬ ‫الهــدف القريــب‪ ،‬والهــدف البعيــد!‬ ‫ومــا رحيــل الســوري مــن منفــى إىل آخــر‪ّ ،‬إل انتقــال مــن عــذاب‬ ‫قديــم إىل عــذاب جديــد‪ ،‬ذلــك الرحيــل مــن بــاد‪ ،‬ومــن لغــة‪ ،‬ومــن‬ ‫تحديــات اللجــوء الحــارضة‪ ..‬إىل بــاد جديــدة‪ ،‬وإىل لغة جديــدة‪ ،‬وإىل‬ ‫مــدن جديــدة‪ ،‬عليــه حفــظ طرقاتهــا وعناوينهــا‪ ،‬وأرقــام باصاتهــا‪،‬‬ ‫وامتــدادات شــوارعها‪ ،‬وتعابــر وجــوه أهلهــا عندمــا ينظــرون إليــه‪..‬‬ ‫أورفــا املدينــة الصغــرة والنائيــة‪ ،‬منظّمــة ونظيفــة مثــل أمــرة‬ ‫ســومرية تنتظــر حبيبهــا الذاهــب إىل الحــرب‪ ،‬وتقــي أيامهــا بزراعــة‬ ‫الــورد وتوزيعــه عــى الحدائــق‪ ،‬التــي ال تــكاد ت ُعــ ّد وال تحــى يف‬ ‫أحيائهــا‪ ،‬أورفــا املدينــة املتجــددة مــن آثــار ال ّرهــا وح ـ ّران القدميــة‪،‬‬ ‫إىل عامئــر قــره كوبــري الجديــدة والجريئــة يف علوهــا كالجبــال‬ ‫املحيطــة بهــا!‬ ‫ومثــل َحـ َـام أورفــا الهــادئ‪ ،‬اجتمــع األصدقــاء واملحبــون للثقافــة‪،‬‬ ‫وقــرروا تأســيس صحيفــة الحرمــل‪ ،‬ك ّنــا مجــرد هاربــن مــن قصــف‬ ‫النظــام‪ ،‬ومــن إرهــاب داعــش‪ ،‬وك ّنــا حديثــي عهــد يف لجوئنــا الــذي‬ ‫ابتــدأ قبــل أكــر مــن عامــن!‬ ‫خرجــت الحرمــل بــإرادة مؤسســيها وكادرهــا‪ ،‬وبتضحياتهــم الصادقــة‪،‬‬ ‫ومبحبــة أهــل الثقافــة والفكــر‪ ،‬وبدعمهــم الــذي كان مح ّرضـاً لطاقــم‬ ‫الحرمــل الــذي يســر إىل اســتكامل الســنة الثانيــة يف إصدارهــا!‬ ‫الحرمــل صــارت منتدانــا وواحتنــا‪ ،‬التــي نلتقــط فيهــا أنفاســنا‪ ،‬ونحــن‬ ‫مطــاردون مــن األخبــار اليوميــة املفجعــة‪ ،‬واملتالحقــة التدفــق إىل ح ّد‬ ‫يفقــد الواحــد منــا قدرتــه عــى التفكــر والرتكيــز!‬ ‫كانــت صحيفــة منــازل التــي أصدرناهــا يف الرقــة‪ ،‬مح ّرضــة إلصــدار‬ ‫الحرمــل‪ ،‬ونرجــو أن تكــون الحرمــل مح ّفــزة ألهل املواهــب والطموح‪،‬‬ ‫وأن تتطــور باســتمرار لتصبــح منتــدى للمهتمــن‪ ،‬وللشــباب‪ ،‬وللنســاء‪،‬‬ ‫وللمهمشــن مــن أبنــاء ســورية‪ ،‬الذيــن رفضــوا أن يكونــوا مجــرد‬ ‫تابعــن ال رأي لهــم‪ ،‬وال طمــوح‪ ،‬وال رؤيــا تحــاول تخليــص البــاد مــن‬ ‫هــذا الدمــار املجنــون‪ ،‬الــذي يهيلــه النظــام عــى بلدنــا‪ ،‬ليصــل إىل‬ ‫اســتقطاب كل أرشار العــامل‪ ،‬ليســتعرضوا إرهابهــم وهمجيتهــم فــوق‬ ‫بيوتنــا‪ ،‬وفــوق مدننــا‪ ،‬وقرانــا التــي طلبــت الحريــة‪ ،‬ومل تعــد تــرىض‬ ‫بالـ ّ‬ ‫ـذل مهــا كان الثمــن!‬ ‫ـت مــع ابنتــي الصغــرة بــن الجــدران‬ ‫يف باحــة متحــف أورفــا وقفـ ُ‬ ‫العاليــة‪ ،‬الجــدران املأخــوذة مــن املعابــد الســومرية‪ ،‬والتــي تشــبه‬ ‫جــدران قــر مدينــة مــاري‪ ،‬ذهلنــا ونحــن نســرجع ذكرياتنــا عــن‬ ‫آثــار مدينــة مــاري التــي زرناهــا ذات ربيــع‪ ،‬وفوجئنــا مبصمــم‬ ‫متحــف أورفــا العبقــري‪ ،‬الــذي اســتخلص فكــرة البنــاء الســومري‬ ‫ليقدمــه لنــا‪ ،‬يف أورفــا‪ ،‬بجدرانــه الشــديدة العلــو‪ ،‬وبفتحــات متناهيــة‬ ‫الصغــر تــؤدي إىل قاعــات كبــرة وعاليــة‪ ،‬ق ـ ّدم لنــا العــارة القدميــة‬ ‫بحلّــة جديــدة‪ ،‬وبتقنيــات حديثــة‪ ،‬ولكــن بــروح ممتــدة عــر الزمــن‬ ‫البعيــد‪ ،‬لتســتخلص جــال التاريــخ‪ ،‬وليــس ســوءات التاريــخ وأكاذيبه‬ ‫ومجــازره ووحشــيته!‬ ‫يف اليــوم التــايل‪ ،‬ومــن كراجــات أورفــا‪ ،‬أخذَنــا بــاص ومــى بنــا بعيــدا ً‬ ‫عنهــا‪ ،‬عــن أهلهــا الطيبــن أمثــال ويصــل بــوالت‪ ،‬وعــي إمــام‪ ،‬وأحمــد‬ ‫جاكــر‪ ،‬وجمعــة آغــاج‪ ،‬وعــي أوجــان املبتســم دامئ ـاً‪ ..‬أخذَنــا بعيــدا ً‬ ‫عــن درناقهــا‪ ،‬وعــن فليفلتهــا املشــوية‪ ،‬بعيــدا ً عــن قلعتهــا العاليــة‪،‬‬ ‫وعــن هاشــميتها‪ ،‬وعــن ســاحة مدفعهــا‪ ،‬وعــن زقزقــة عصافريهــا‬ ‫الجامعيــة وقــت اقـراب املســاء‪ ،‬وعــن َح َممهــا الكثــر الــذي يحــرس‬ ‫الســام فيهــا‪...‬‬ ‫وضعنــا أمتعتنــا املتبقيــة يف حقائــب‪ ...‬ومضينــا بعيــدا ً عــن اإلخــوة‪،‬‬ ‫وعــن األصدقــاء‪ ،‬وبعيــدا ً عــن الحرمــل!‬ ‫مل نســتطع االلتفــات إىل أورفــا‪ ،‬وال إىل جبــال قــره كوبــري التــي قضينا‬ ‫يف غابتهــا أيام ـاً رائعــة‪ ،‬مــع أصدقــاء قلوبهــم صافيــة‪ ،‬وعذبــة مثــل‬ ‫مــاء الف ـرات‪ ..‬مــاء الف ـرات الــذي وصفــه القــرآن الكريــم كأعــذب‬ ‫مــاء يرشبــه أهــل الجنــة!‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 45 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫خطأ فردي‪..‬‬ ‫أم سياسة عاملية؟‬

‫‪İKİNCİ KURTULUŞ SAVAŞINI YAŞIYORUZ‬‬

‫ويسل بوالت‬

‫نعيــش حــرب الخــاص الثانيــة‬

‫األعــداء الذيــن أرادوا أن يخربــوا دولتنــا‬ ‫وحريتنــا‪ ،‬شــنوا هجومهــم الثــاين يف ‪15‬‬ ‫متــوز عــى تركيــا‪.‬‬ ‫وقــد قــاوم الشــعب الــريك بــروح جنــاق‬ ‫قلعــة هــذا االنقــاب الــيء‪ ،‬بشــبابه‬ ‫وشــيبه وكافــة فئاتــه‪ ،‬عســكر‪ ،‬رشطــة‪،‬‬ ‫إعــام‪ ،‬نقابــات‪ ،‬جامعــات مدنيــة‪ ،‬رجــال‬ ‫ديــن‪ 79 ،‬مليــون إنســان اجتمعــوا ســوياً‪،‬‬ ‫ووقفــوا بوجــه هــذا االنقــاب‪.‬‬ ‫الرحمــة للشــهداء الذيــن تصــدوا‬ ‫بصدورهــم العاريــة للرصــاص‪ ،‬والشــفاء‬ ‫العاجــل للجرحــى‪.‬‬ ‫غصــة‬ ‫لقــد ارتــد هــذا االنقــاب الفاشــل ّ‬ ‫يف حلــوق االنقالبيــن‪ ،‬وفش ـاً ذريع ـاً أمــام‬ ‫قــوة الدولــة وصالبتهــا ومتاســكها‪.‬‬ ‫ال شــك أن األصدقــاء فرحــوا بهــذا النــر‬ ‫مثلــا ّ‬ ‫ذل األعــداء‪ ،‬وخــاب مســعاهم يف‬ ‫النيــل مــن دولتنــا وشــعبنا‪.‬‬ ‫ال بــد لهــؤالء الخونــة مــن أن ينالــوا‬ ‫جزاءهــم الــذي يســتحقونه‪ ،‬وال بــد مــن‬ ‫إخراجهــم مــن أوكارهــم‪ ،‬ليحاســبوا عــى‬ ‫فعلتهــم‪.‬‬ ‫قــد يطلــع الخــر مــن الــر‪ ،‬وال بــد مــن‬ ‫أن يســتفيد الشــعب الــريك مــن هــذه‬ ‫املحاولــة اآلمثــة‪ ،‬ليتقــدم برسعــة‪.‬‬ ‫رئيــس الجمهوريــة ورئيــس الحكومــة‬ ‫والربملــان‪ ،‬وأعضــاء الحكومــة بقــوة إميانهــم‬ ‫باللــه والشــعب حققــوا هــذا االنتصــار‪.‬‬ ‫مبــارك لرتكيــا نرصهــا ودامــت تركيــا الكبــرة‬ ‫مبشــيئة الله‪.‬‬

‫‪Yıl önce vatanımıza kasteden işgal 100‬‬ ‫‪güçlerinin yerli maşaları, gladyonun‬‬ ‫‪devşirmeleri bu ihanetleriyle millet‬‬ ‫‪tarafından ifşa olmuştur. Bu saatten‬‬ ‫‪sonra Milet olarak bu ihanetin hesabının‬‬ ‫‪sorulmasını, bulundukları her delikten‬‬ ‫‪çıkarılıp layık oldukları muameleye tabi‬‬ ‫‪.tutulmalarını bekliyoruz‬‬ ‫;‪Her şerden bir hayır da çıkar inancıyla‬‬ ‫‪açığa çıkan bu ihanet şebekesinin‬‬ ‫‪çökertilmesiyle, emperyalizmin‬‬ ‫‪Türkiye›deki elinin - ayağının‬‬ ‫‪kesileceğini, tam bağımsız, devleti‬‬ ‫‪ile milleti bir olan Büyük Türkiye›nin‬‬ ‫‪inşasında daha hızlı yol alacağımıza‬‬ ‫‪.inanıyoruz‬‬ ‫‪Türkiye olarak 15 Temmuz›da 2.‬‬ ‫‪Kurtuluş Savaşına resmen başladık.‬‬ ‫‪Ülkemize çöreklenmek isteyen‬‬ ‫‪işgalcilerin yerli işbirlikçilerine, Millet‬‬ ‫‪olarak Çanakkale ruhuyla göğsümüzü‬‬ ‫‪.gerdik, geçit vermedik‬‬ ‫‪!Şimdi sıra bizdedir‬‬ ‫‪Aralık darbe girişimi, 25-Gezi, 17‬‬ ‫‪hendekli işgal denemeleri gibi 15‬‬ ‫‪Temmuz da püskürtülmüş, ama bu defa‬‬ ‫‪!takke düşmüştür‬‬ ‫‪Cumhurbaşkanımız, Başbakanımız,‬‬ ‫‪Meclisimiz ve devlet organlarımızın‬‬ ‫‪öncülüğünde, Milletimizin basiret ve‬‬ ‫;‪sarsılmaz inancıyla Türkiye kazanmış‬‬ ‫‪.hain ve düşmanlarımız kaybetmiştir‬‬ ‫‪İnşallah Büyük Türkiye›nin yürüyüşü‬‬ ‫‪.daim olacaktır‬‬ ‫‪..Gazan mübarek olsun Türkiye‬‬

‫ماجد رشيد العويد‬ ‫‪Veysel Polat‬‬

‫‪Milletimizin varlığını ve bağımsızlığını‬‬ ‫‪hedef alan düşmanlarımız 15‬‬ ‫‪Temmuz›da bir kez daha saldırıya‬‬ ‫‪geçti. İçimize sızmış Fetöcü hain ve‬‬ ‫‪devşirmeleriyle kalkıştıkları darbe,‬‬ ‫‪Çanakkale ruhuyla 7›den 70›e sivil,‬‬ ‫‪asker, polis, STK, medya.. bir araya‬‬ ‫‪gelen 79 milyonun birlik - beraberlik ve‬‬ ‫‪.ortak direnişiyle engellenmiştir‬‬ ‫‪Milletimizi ve devletimizi hedef alan‬‬ ‫‪bu alçak saldırıya karşı göğsünü siper‬‬ ‫‪eden şehitlerimize Allah›tan rahmet,‬‬ ‫‪yaralanan gazilerimize acil şifalar‬‬ ‫‪.dileriz‬‬ ‫‪Millet ve devletimizin varlığına,‬‬ ‫‪bekasına, selametine göz‬‬ ‫‪dikenlerin hevesleri kursaklarında‬‬ ‫‪kalmıştır. Dostlarımız sevinmekte,‬‬ ‫‪.düşmanlarımız korkmaktadır‬‬ ‫‪Milletimiz ve devletimiz büyük bir‬‬ ‫‪ihaneti boşa çıkarmış, hainlerin‬‬ ‫‪korkunç melanetini def etmeyi‬‬ ‫‪.başarmıştır‬‬

‫«اإلس�لام السياس��ي والدولة العلمانية يف تركيا» جديد جمموعة النيل العربية‬

‫وفاء شهاب الدين‬

‫عــن مجموعــة النيــل العربيــة للنــر والتوزيــع بالقاهــرة صــدر حديثـاً كتــاب «اإلســام الســيايس‬ ‫والدولــة العلامنيــة يف تركيــا»‪.‬‬ ‫«هــذا الكتــاب دراســة مســتفيضة وعميقــة لحــزب العدالــة والتنميــة يف تركيــا وتداعياتــه وآثــاره‬ ‫عــى «العلامنيــة» الرتكيــة عــى مــدى الســنوات العــر التــي قضاهــا يف الســلطة‪ .‬واعتــادا ً عــى‬ ‫مجموعــة متنوعــة ومبهــرة مــن املصــادر‪ ،‬تس ـ ّد هــذه الدراســة فجــوة قامئــة يف أغلــب الكتابــات‬ ‫واملراجــع املتاحــة عــن حــزب العدالــة والتنميــة مــن خــال الرتكيــز عــى املناقشــات التــي دارت‬ ‫حــول معنــى الكامليــة أو هيمنــة أفــكار مصطفــى كــال مؤســس الجمهوريــة عــى كل مظاهــر‬ ‫الحيــاة يف تركيــا‪ ،‬والتحديــات التــي تطرحهــا الحكومــة الحاليــة‪ .‬ومــن خــال تقديــم ثــروة مــن‬ ‫املعلومــات عــن سياســات محــددة ينتهجهــا حــزب العدالــة والتنميــة كتلــك املتصلــة باإلصــاح‬ ‫الدســتوري واالنتخابــات وارتــداء الحجــاب واملشــكلة الكرديــة والعالقــات مــع أوروبــا‪ ،‬يسـلِّط هــذا‬ ‫الكتــاب الضــوء عــى إمكانيــة تحقيــق تطـ ُّور لحركــة سياســية بعينهــا والطبيعــة متعــددة األبعــاد‬ ‫لل ُهويــة الذاتيــة‪.‬‬

‫رمبــا يكــون مــن املعيــب إدراج مقتــل الشــاب الفلســطيني عــى‬ ‫النحــو الــذي كان مــن قبــل كتيبــة نــور الديــن الزنــي يف إطــار الخطــأ‬ ‫الفــردي يف ســياق مــا يجــري عــى األرض يف ســورية‪ ،‬بــل ويف ســياق مــا‬ ‫يجــري يف العــامل‪ ،‬فالحــرب يف ســورية صــارت أبعــد بكثــر مــن خطــأ هنــا‬ ‫وآخــر هنــاك‪ ،‬وأن االنتقــاالت اإلرهابيــة مــن فرنســا إىل بلجيــكا إىل أملانيــا‬ ‫ال تعنــي غــر أمــر واحــد أن النــار ســتأكل الجميــع مــا دامــت األرض‬ ‫الســورية متفجــرة‪.‬‬ ‫متكّــن النظــام مــن جعــل الحــرب يف ســورية تأخــذ أحيانــاً طابعــاً‬ ‫مذهبيـاً‪ ،‬وكذلــك قوميـاً مــن خــال ســعيه الحثيــث لإليقــاع بــن العــرب‬ ‫والكــرد الســوريني‪.‬‬ ‫يف ســورية اليــوم مرتزقــة شــيعة مــن الباكســتان وأفغانســتان وبالطبــع‬ ‫مــن لبنــان إىل جانــب أعــداد كبــرة مــن إيـران ذاتهــا‪ .‬هــذا األمــر جلــب‪،‬‬ ‫يف الطــرف املقابــل‪ ،‬مهاجريــن ســنة مــن بقــاع كثــرة مــن العــامل شــكلوا‬ ‫مــا أطلــق عليــه الحقـاً اســم داعــش‪ .‬لــن ننــى هنــا أن ســلوك النظــام‬ ‫الطائفــي خــال حكــم األســدين خلــق بيئــة حاضنــة لــدى بعــض الســنة‬ ‫الســوريني‪ ،‬وخصوص ـاً يف األريــاف التــي مل تســتفد كث ـرا ً أو قلي ـاً مــن‬ ‫خـرات البلــد املنهوبــة‪ ،‬مــا أفــرز تشــكيالت إســامية متعــددة كأحـرار‬ ‫الشــام وغريهــا‪.‬‬ ‫إذا ً املســألة ليســت خطــأ فرديـاً بقــدر مــا هــي سياســة فعــل وردة فعــل‬ ‫بــدأت منــذ أن قُـ ّدم البعثــي والعلــوي عــى غــره مــن الســوريني‪ ،‬ليتــم‬ ‫بهــذا خلــق بيئــة انتقاميــة مــا لبثــت أن تحولــت مــع الثــورة‪ ،‬وبفعــل‬ ‫التنكيــل الرهيــب مــن قبــل النظــام‪ ،‬إىل بيئــات حاضنــة ألفعــال ترقــى‪ ،‬يف‬ ‫بعضهــا‪ ،‬إىل أفعــال نظــام األســد‪ ،‬وإن كانــت بالعــدد ال ترقــى إىل حجــم‬ ‫جرامئــه يف قتــل مئــات آالف النــاس‪.‬‬ ‫وبالعــودة إىل الشــاب ميكــن القــول إنــه يســتحق العقــاب ألنــه أوالً‬ ‫جــاء مــن خــارج الســوريني‪ ،‬وألنــه ثاني ـاً جــاء قات ـاً ويســتحق هنــا أن‬ ‫يحاكــم كأســر حــرب فيســجن أو يقتــل‪ .‬لــو تــم هــذا الختلفــت الصــورة‬ ‫عــن فعــل الدواعــش والنظــام‪ .‬يف العمليــات الداعشــية يف أوروبــا حــس‬ ‫انتقامــي يــريض الداعــي وحاضنتــه‪ ،‬وليــس معقــوالً أن يتحــول عمــل‬ ‫الكتائــب املقاتلــة عــى األرض الســورية إىل ســلوك داعــي يــريض ابتــداء‬ ‫األســد دون غــره‪.‬‬ ‫فمنــذ غــزو العـراق عــام ‪ 2003‬والعــامل‪ ،‬ولعلنــا نقــول منــذ بــدء رعايــة‬ ‫القــوى الكــرى لنظــم االســتبداد يف املنطقــة‪ ،‬يســاهم يف بنــاء خاليــا‬ ‫اإلرهــاب املنتــرة يف أرجائــه‪ .‬عنــد وقــوع كل عمليــة يحيلهــا املســؤولون‬ ‫إىل خطــأ فــردي‪ .‬غــر أنــه ويف ســياق تنامــي عمليــات اإلرهــاب‪ ،‬وبلوغهــا‬ ‫عــى مســتوى العــامل حجـاً تعجــز الــدول القويــة‪ ،‬القويــة تحديــدا ً‪ ،‬عــن‬ ‫متريــره يف صــورة الحــادث الفــردي وخصوصــاً بعــد أحــداث الحــادي‬ ‫عــر مــن أيلــول‪ ،‬وتفجــر برجــي التجــارة‪ ،‬كان‪ ،‬ولعلــه للمــرة األوىل‪،‬‬ ‫شــعور الــدول القويــة باملفاجــأة صادم ـاً‪ .‬انتقــل الرعــب‪ ،‬ويف صــورة ال‬ ‫تطــاق‪ ،‬إىل أراضيهــا‪ .‬صــار الخطــأ الفــردي ســلوك عــامل إســامي بحســب‬ ‫مــا ظهــر مؤخــرا ً عــى لســان الرئيــس الفرنــي بعــد أحــداث نيــس‬ ‫األخــرة حيــث قــال‪ :‬نحــن نتعــرض إلرهــاب إســامي‪.‬‬ ‫ليــس أمــام الســوري غــر بنــاء حاضنــة عامليــة تعمــل عــى تحييــد‬ ‫خبــث القــوى الكــرى بعــدم دعمهــا «بالخطــأ الفــردي» وهــو عندهــا‬ ‫ال يختلــف عــن تفجــر الربجــن‪ ،‬وال عـ ّـا حــدث للفرنســيني والبلجيكيــن‬ ‫وســواهام‪ .‬انتصــار الثــورة يبــدأ‪ ،‬يف جانــب منــه‪ ،‬مــن هنــا‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 45‬آب ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.