Alharmal (43) 01 07 2016 العدد 43 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ليل��ة إعدام دمش��ق!‬

‫يد اإلرهاب تطال مطار أتاتورك الدولي‬

‫د‪ .‬موس��ى رحوم عباس يتس��اءل‪ :‬هل‬ ‫يقتل باب احلارة احلياة الدمشقية؟‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 43‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫اإلره��اب األس��دي والروس��ي يض��رب مواق��ع مدني��ة عدة يف س��وريا‬

‫واإلره��اب الداعش��ي يض��رب يف إس��طنبول وت��ل أبي��ض‬ ‫الرقة ‪ -‬جانب كازية شكري بوزان‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ذرور احلرمل‬

‫تركي��ا م��ن التصل��ب‬ ‫إىل سياس��ة اليد املمدودة‬ ‫بسام البليبل‬

‫الرق��ة ‪ -‬بن��ك بيم��و الس��عودي الفرنس��ي‬

‫تفجريات مط��ار أتاتورك اإلرهابي��ة‪ :‬االنتحاريون أكثر من ‪ 90‬شهيداً يف بلدة القورية مبجزرة‬ ‫للطريان الروسي‬ ‫جاءوا من روسيا وأوزبكستان وقريغيزستان‬

‫وكاالت‬

‫ُصــدم العــامل بالعمليــة اإلرهابيــة التــي‬ ‫جــرت يف مطــار أتاتــورك بإســطنبول‪ ،‬والتــي‬ ‫قــام بهــا مجموعــة مــن اإلرهابيــن يف محاولــة‬ ‫لــإرضار بســمعة تركيــا وتحطيــم الســياحة‬ ‫فيهــا‪ .‬وقــد أعلنــت تركيــا أن منفــذي هجــات‬ ‫مطــار أتاتــورك الثالثــة مواطنــون مــن روســيا‬ ‫وجمهوريتــي أوزبكســتان وقريغيزســتان يف آســيا‬ ‫الوســطى‪.‬‬ ‫وتعتقــد تركيــا أن تنظيــم الدولــة اإلســامية هــو‬ ‫املســؤول عــن الهجــوم االنتحــاري الــذي أســفر‬ ‫عــن ‪ 44‬قتيـاً و‪ 240‬جريحـاً‪.‬‬ ‫وقــد اعتقلــت الرشطــة ‪ 13‬شــخصاً لالشــتباه‬ ‫يف عالقتهــم بالهجــوم عــى مطــار اســطنبول‪،‬‬ ‫بينهــم أجانــب‪.‬‬ ‫وتجمــع أقــارب الضحايــا وعائالتهــم يف املطــار‬ ‫يف وقفــة ترحــم عليهــم‪.‬‬ ‫ونــرت صــورة يف وســائل اإلعــام يعتقــد‬ ‫أنهــا للرجــال الثالثــة يف املطــار لحظــات‬ ‫قبــل التفجــر‪ ،‬وهــم يرتــدون ســرات ســوداء‬ ‫ويحملــون حقائــب‪ ،‬ويرتــدي اثنــان قبعــات‪،‬‬ ‫وأحدهــا مبتســم‪.‬‬ ‫وجــاء يف وســائل اإلعــام الرتكيــة أن مدبــر‬ ‫الهجــوم اســمه أحمــد شــاتاييف‪ ،‬وهــو شيشــاين‬

‫يقــوم بالتجنيــد لصالــح تنظيــم الدولــة‪ ،‬وهــو‬ ‫عــى قامئــة أمريــكا الخاصــة مبكافحــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫ويجنــد التنظيــم الكثــر مــن املســلمني يف‬ ‫دول االتحــاد الســوفييتي الســابق‪ ،‬ويقدرهــم‬ ‫الرئيــس الــرويس بوتــن‪ ،‬بــن ‪ 5‬آالف و‪ 7‬آالف‪.‬‬ ‫ولكــن معطيــات مكتــب االستشــارات األمنيــة‬ ‫تشــر إىل أن عددهــم يف ديســمرب‪ /‬كانــون‬ ‫األول أقــل مــن ‪ 2400‬مــن روســيا و‪ 500‬مــن‬ ‫أوزبكســتان وقريغســتان‪.‬‬ ‫وقــال رئيــس الــوزراء الــريك‪ ،‬إن «املــؤرشات‬ ‫التــي لدينــا ترجــح أن تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫هــو املســؤول»‪.‬‬ ‫ونقلــت وكالــة األنبــاء الفرنســية عــن مســؤول‬ ‫تــريك آخــر قولــه «إن الرشطــة داهمــت ‪16‬‬ ‫موقعــاً واعتقلــت ‪ 13‬مشــتبهاً‪ ،‬مبــن فيهــم‬ ‫أجانــب يف مناطــق عــدة مــن اســطنبول‬ ‫وازمــر»‪.‬‬ ‫يذكــر أن طبيبــا تونســياً قتــل يف املطــار وهــو‬ ‫ينتظــر زوجتــه القادمــة مــن تونــس الســتقبال‬ ‫ابنهــم الــذي ف ـ ّر مــن براثــن داعــش‪ ،‬بعــد أن‬ ‫كشــف يف رســالة لوالديــه‪ ،‬بــأن التنظيــم ال ميــت‬ ‫لإلســام بصلــة‪ ،‬وال يقيمــون وزنـاً ألي أخــاق أو‬ ‫اعتبــارات دينيــة‪.‬‬

‫وكاالت‬

‫ارتكــب طــران حــريب يعتقــد‬ ‫أنــه رويس مجــزرة يف بلــدة القوريــة‬ ‫يف ريــف ديــر الــزور الرشقــي‪ ،‬يــوم‬ ‫الســبت املــايض‪ ،‬راح ضحيتهــا أكــر‬ ‫مــن ‪ 90‬شــهيدا ً‪ ،‬ووقــوع عــرات‬ ‫الجرحــى واملصابــن‪ ،‬بعــد قصــف وســط‬ ‫البلــدة بالصواريــخ الفراغيــة والقنابــل‬ ‫العنقوديــة‪ ،‬حيــث اســتهدف الطــران‬ ‫الحــريب مســجد اإلميــان‪ ،‬ومحطــة‬ ‫محروقــات بخمــس غــارات متتاليــة‪،‬‬ ‫وتشــر األخبــار الــواردة مــن القوريــة‬ ‫أن عاملــن يف القطــاع الصحــي والدفــاع‬ ‫املــدين انتشــلوا جثــث العديــد مــن‬ ‫األطفــال مــن تحــت األنقــاض‪.‬‬

‫وأعلنــت منظمــة األمــم املتحــدة‬ ‫للطفولــة «اليونيســيف» عــن أنبــاء‬ ‫واردة مــن املنطقــة‪ ،‬تؤكــد مقتــل نحــو‬ ‫‪ 25‬طفــاً يف رضبــات جويــة متتاليــة‬ ‫يف مناطــق يقطنهــا مدنيــون يف بلــدة‬ ‫القوريــة يف ريــف ديــر الــزور الرشقــي‪،‬‬ ‫التــي تخضــع لســيطرة تنظيــم داعــش‪.‬‬ ‫وعــرت منظمــة «اليونيســيف» عــن‬ ‫أســفها مــن وقــوع إصابــات بــن صفوف‬ ‫املدنيــن‪ ،‬معظمهــم مــن األطفــال‪،‬‬ ‫فيــا دعــت األطــراف املتنازعــة عــى‬ ‫األرض الســورية لتحييــد املدنيــن عــن‬ ‫النزاعــات املســلحة‪ ،‬وإبقــاء األطفــال‬ ‫بعيــدا ً عــن أي أذى جســدي‪.‬‬

‫إن املوقــف الحــاد الــذي اتخــذه الســيد اردوغــان عــى خلفيــة‬ ‫إســقاط تركيــا لطائــرة الســوخوي الروســية العــام ‪ 2015‬ال زال صــداه‬ ‫يــردد يف آذان املتابعــن للسياســة الرتكيــة‪ ،‬وال بــد للمتابــع أن يتوقــف‬ ‫عنــد هــذا الترصيــح عندمــا يصــدر عــن السياســة الرتكيــة موقــف‬ ‫مغايــر جذري ـاً‪.‬‬ ‫رصح الســيد اردوغــان يف مقابلتــه الحرصيــة مــع ‪ CNN‬يف وقتها‪،‬‬ ‫فقــد ّ‬ ‫عــى أن بــاده لــن تعتــذر ملوســكو عن إســقاط الطائــرة الروســية‪ ،‬وإن‬ ‫مــن انتهــك املجــال الجــوي الــريك هــو مــن يجــب أن يعتــذر‪ ،‬وأنــه‬ ‫عــى بوتــن أن ال يلعــب بالنــار‪ ،‬وقــد خفقــت قلــوب الســوريني نشــوة‬ ‫مبوقــف القــوة الــريك‪ ،‬واشــتفا ًء بأولئــك الذيــن ينــارصون نظــام القتــل‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬علـاً أن موقــف الســيد اردوغــان مل يكــن مــن أجــل خاطــر‬ ‫عيــون الســوريني‪ ،‬وإمنــا كان مبنيـاً عــى اعتبــارات سياســية وانتخابيــة‪،‬‬ ‫ومواقــف ســيادية وأخالقيــة أيضـاً‪ ،‬مســتذكرا ً إســقاط النظــام الســوري‬ ‫للطائــرة الرتكيــة اف – ‪ 4‬يف حزيـران ‪ 2012‬بصــاروخ رويس أودي بحيــاة‬ ‫طياريــن تركيــن يف حينــه‪.‬‬ ‫وعندمــا أعلــن الكرملــن منــذ أيــام أن تركيــا ق ّدمــت اعتذارهــا لروســيا‪،‬‬ ‫كان ال بــد لقلــوب الســوريني أن تنقبــض لــذات األســباب املتعلقــة‬ ‫مبوقــف روســيا مــن الثــورة الســورية‪ ،‬إضافــة للقلــق مــن إمكانيــة‬ ‫تغــر املواقــف الرتكيــة عــى ضــوء املعطيــات السياســية اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة الجديــدة‪ ،‬واملصالــح التــي تحكــم عالقــات الــدول يف نهايــة‬ ‫األمــر‪.‬‬ ‫وهــذا قلــق مــروع ليــس لــدى الســوريني فحســب‪ ،‬وإمنا لــدى جهات‬ ‫إقليميــة ودوليــة قــد تتناقــض مصالحهــا بشــأن إمكانيــة التقــارب‬ ‫الــرويس الــريك‪ ،‬مــع كل التفهــم للرؤيــة االردوغانيــة املســؤولة‪ ،‬التــي‬ ‫ســارعت إىل قــراءة التحــوالت اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬ومــا يحــدث يف‬ ‫االتحــاد األوريب‪ ،‬وكذلــك يف الداخــل والخــارج‪ ،‬األمــر الــذي دفع الســيد‬ ‫اردوغــان أن يضــع يــده عــى مصالــح بــاده االقتصاديــة والسياســية‪،‬‬ ‫واالنتقــال برتكيــا مــن سياســة التصلــب واملواقــف الحــادة‪ ،‬إىل سياســة‬ ‫اليــد املمــدودة‪ ،‬التــي تقتــي تحســن عالقــات بلــده بجريانــه الكبــار‪،‬‬ ‫وتليــن مواقــف تركيــا السياســية‪ ،‬وتدويــر زواياهــا الحــادة مــع البعض‬ ‫اآلخــر‪.‬‬ ‫ولكــن فيــا الــدول تعيــد صياغــة سياســتها عــى ضــوء املصالــح‬ ‫واملتغــرات‪ ،‬واملســتحيالت واملمكنــات‪ ،‬وفيــا تركيــا ماضيــة إىل‬ ‫تحقيــق تبادلهــا التجــاري مــع روســيا الــذي ســيصل إىل مئــة مليــار‬ ‫دوالر عــام ‪ ،2020‬وفيــا النظــام يســتثمر هــذه التقلبــات السياســية‬ ‫ملصلحتــه‪ ،‬وفيــا الــدول الكــرى عــى وشــك وضــع الخطــوط النهائيــة‬ ‫لخرائــط املنطقــة‪ ،‬ينشــغل الســوريون بخالفاتهــم ورؤاهــم الضيقــة‪،‬‬ ‫وتغليــب مــا هــو شــخيص عــى مــا هــو عــام‪ ،‬ومــا هــو اثنــي عــى‬ ‫مــا هــو وطنــي‪ ،‬ومــا هــو طائفــي ودينــي عــى مــا هــو ســوري‪ ،‬فيــا‬ ‫الزمــن واملــد والجــزر ال ينتظــران أحــدا ً‪ ،‬والعاجــزون ال ميلكــون إال‬ ‫الشــكوى مــن القــدر‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طريان النظام يرتكب جمزرة جديدة حبق أهل الرقة‬

‫أكث��ر م��ن ‪ 32‬ش��هيداً م��ن املدني�ين وأنب��اء ع��ن اس��تخدام الط�يران أس��لحة حمرم��ة دولي �ًا‬ ‫الرقة ‪ -‬خاص‬ ‫مــا زال النظــام الســوري ميــارس سياســة‬ ‫ترويــع أهــل الرقــة واالنتقــام منهــم بعــد كل‬ ‫هزميــة لقواتــه املتهالكــة‪ ،‬فقــد قصفــت طائرات‬ ‫النظــام مناطــق ســكنية يف وســط مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫حيــث اســتهدفت الغــارات املنطقــة الشــالية‬ ‫مــن دوار الدلّــة ومبنــى املؤسســة العامــة مليــاه‬ ‫الــرب‪ ،‬وتحديــدا ً املنطقــة املقابلــة لكازيــة‬ ‫شــكري بــوزان‪ ،‬واملنطقــة املحيطــة بالرشكــة‬ ‫العامــة للكهربــاء‪ ،‬موقعــة أكــر مــن ‪ 30‬شــهيدا ً‬ ‫وع ـرات الجرحــى واملصابــن وتهديــم األبنيــة‬ ‫واملحــات التجاريــة‪ ،‬وأنبــاء عــن اســتخدام‬ ‫الطــران للقنابــل العنقوديــة والفوســفورية‪،‬‬ ‫يف رد علنــي ورصيــح عــى تراجــع قــوات‬ ‫النظــام التــي كانــت تتقــدم لتحريــر الرقــة عــر‬ ‫الباديــة‪ ،‬وكــا يــرد النظــام باالنتقــام مــن أهــل‬ ‫الرقــة‪ ،‬ميــارس تنظيــم الدولــة إرهابــه عــى‬ ‫املدنيــن اآلمنــن‪ ،‬يف خطــوة واهيــة يحــاول مــن‬ ‫خاللهــا إرعــاب النــاس‪ ،‬وبأنــه تنظيــم متامســك‬ ‫يطبــق رشع اللــه‪ ،‬ويوهــم ســكان الرقــة أنــه‬ ‫قــوي ومنظــم يســتطيع حاميــة املــدن التــي‬ ‫يســيطر عليهــا‪.‬‬ ‫بعــد انتشــار أخبــار تؤكــد تقــدم القــوات‬ ‫الســورية باتجــاه مدينــة الطبقــة‪ ،‬واإلعــان عــن‬ ‫بــدء تحريــر مدينــة الرقــة مــن تنظيــم الدولــة‬ ‫«داعــش»‪ ،‬والتطبيــل لهــا مــن قبــل مؤيديــه‬ ‫وشــبيحته الذيــن خ ّيــل لهــم أن نظامهــم قــادر‬ ‫عــى اســرداد مــا ســلمه للمتطرفــن‪ ،‬قــوات‬ ‫النظــام تقدمــت متجــاوزة منطقــة أثريــا‬ ‫دون مقاومــة تذكــر‪ ،‬ووصلــت منطقــة انبــاج‬ ‫وتجــاوزت حقــل الثــورة النفطــي‪ ،‬فيــا التقــط‬ ‫قــادة الحملــة صــورا ً تذكاريــة عــى مشــارف‬ ‫مطــار الطبقــة‪ ،‬ووصلهــم إىل مزرعــة العجـراوي‬ ‫القريبــة مــن مفــرق الطبقــة الــذي يتوضــع‬ ‫عــى طريــق حلــب الرقــة الــدويل‪ ،‬لكــن قــوات‬ ‫داعــش شــنت هجومــاً معاكســاً عــى قــوات‬ ‫النظــام‪ ،‬وكبدتــه خســائر يف األرواح‪.‬‬ ‫هزميــة النظــام رد عليهــا بشــن العديــد مــن‬ ‫الغــارات عــى وســط مدينــة الرقــة‪ ،‬فيــا‬ ‫اســتهدف طريانــه والطــران الــرويس مدينــة‬

‫الطبقــة بأكــر مــن ‪ 35‬غــارة جويــة‪ ،‬أوقعــت‬ ‫العديــد مــن الشــهداء والجرحــى‪ ،‬وأحدثــت‬ ‫دمــارا ً هائــاً يف األبنيــة الســكنية‪ ،‬واألســواق‬ ‫واملحــال التجاريــة‪ ،‬كــا شــن الط ـران الحــريب‬ ‫العديــد مــن الغــارات الجويــة اســتهدف خاللها‬ ‫قريــة حزميــة وبلــدة الكالطــة‪ ،‬ويف تفاصيــل‬ ‫العمليــات الجويــة فقــد شــن الط ـران الحــريب‬ ‫يف الحــادي والعرشيــن مــن حزيــران الجــاري‬ ‫عــددا ً مــن الغــارات الجويــة اســتهدف خاللهــا‬ ‫املنطقــة الشــالية لــدوار الدلــة‪ ،‬ومحيــط‬ ‫الرشكــة العامــة للكهربــاء يف وســط املدينــة‪،‬‬ ‫وهــي مــن املناطــق الســكنية التــي تشــهد‬ ‫ازدحامــاً برشيــاً كبــرا ً‪ ،‬مــا أوقــع أكــر مــن‬ ‫‪ 32‬شــهيدا ً مــن املدنيــن‪ ،‬وعــرات الجرحــى‬ ‫واملصابــن‪ ،‬معظمهــم تعرضــوا إلصابــات‬ ‫خطــرة‪ ،‬تنــذر بارتقــاء مزيــد مــن الشــهداء‬ ‫نتيجــة انهيــار املنظومــة الصحيــة ملحافظــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬وعــدم وجــود أطبــاء مختصــن وأدويــة‬ ‫لتقديــم العالجــات وإســعافهم‪ ،‬وهــي مجــزرة‬ ‫جديــدة للنظــام تضــاف إىل ســجله اإلجرامــي‪،‬‬ ‫التــي يرتكبهــا بحــق املدنيــن العــزل‪ ،‬كــا‬ ‫اســتهدف طـران التحالــف بغــارة جويــة أخــرى‬ ‫حــي الثكنــة‪ ،‬وســط مدينــة الرقــة‪ ،‬دمــر خاللهــا‬ ‫مبــاين بنــك بيمــو والبنــك اإلســامي وكافترييــا‬ ‫الســلطنة‪ ،‬وســ ّواها بــاألرض‪.‬‬ ‫يف األيــام التاليــة واصــل طــران االســتطالع‬ ‫التابــع للتحالــف الــدويل تحليقــه يف ســاء‬

‫الرقــة‪ ،‬وتســجيل عــدد مــن الغــارات بطائ ـرات‬ ‫مــن دون طيــار‪ ،‬حيــث اســتهدفت طائــرة مــن‬ ‫دون طيــار يف الثــاين والعرشيــن مــن حزي ـران‬ ‫الجــاري ســيارة تابعــة للتنظيــم بالقــرب‬ ‫مــن أبنيــة حقــل الحبــاري النفطــي يف باديــة‬ ‫الطبقــة‪ ،‬مــا أدى لإلحــراق الســيارة ومقتــل‬ ‫أربعــة كانــوا بداخلهــا‪ ،‬ويف اليــوم الثالــث‬ ‫والعرشيــن ألقــت طائــرات التحالــف مناشــر‬ ‫فــوق الرقــة‪ ،‬جــاء يف منشــور أحدهــا‪« :‬الشــيخ‬ ‫الخفــي يحلــم بتمــدد خالفتــه املزعومــة‪،‬‬ ‫ولكــن قريب ـاً لــن يجــد مــن يســاعده لتحقيــق‬ ‫أوهامــه»‪ ،‬ويف اليــوم الخامــس والعرشيــن‬ ‫اســتهدفت طائــرة مــن دون طيــار ســيارة‬ ‫تابعــة لتنظيــم الدولــة يف املنطقــة املجــاورة‬ ‫للحديقــة البيضــاء‪ ،‬ويف اليــوم نفســه اســتهدف‬

‫طــران التحالــف مســاكن النفــط املجــاورة‬ ‫لــدوار الشــهيد حســن جاهــد (النعيــم)‪ ،‬مــا‬ ‫أدى ملقتــل أحــد رشعيــي التنظيــم مــن أصــول‬ ‫مغربيــة وزوجتــه‪.‬‬ ‫خــال هــذه األحــداث املتســارعة تابــع تنظيــم‬ ‫داعــش مامرســة أعاملــه اإلجراميــة بحــق أهــايل‬ ‫الرقــة‪ ،‬فقــد قــام عنــارص التنظيــم بإعــدام‬ ‫الشــاب محمــد خلــف الجبــار يف مدينــة الطبقة‬ ‫بتهمــة التعامــل مــع التحالــف الــدويل‪ ،‬ثــم‬ ‫أعقبــه يف التاســع والعرشيــن مــن الشــهر الحايل‬ ‫بإعــدام املواطــن زيــاد ســعد الديــن مرعــي يف‬ ‫مدينــة الرقــة بتهمــة االســتهزاء بشــعائر اإلســام‬ ‫الظاهــرة‪.‬‬ ‫مــن األحــداث املؤملــة ورود أنبــاء عن استشــهاد‬ ‫ثالثــة مدنيــن برصــاص الجندرمــا الرتكيــة‬

‫أثنــاء محاولتهــم العبــور إىل تركيــا يف املنطقــة‬ ‫املجــاورة لقريــة حشيشــة‪ ،‬نحــو ‪ 23‬كــم رشق‬ ‫مدينــة تــل أبيــض الحدوديــة‪ ،‬كــا اعتقلــت‬ ‫قــوات حاميــة الشــعب ثالثــة مدنيــن يف مدينــة‬ ‫تــل أبيــض الحدوديــة بتهمــة انتامئهــم لتنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫وســط هــذه األحــداث مــا زالــت جبهــة عــن‬ ‫عيــى مشــتعلة بــن قــوات داعــش مــن طــرف‬ ‫وجبهــة ثــوار الرقــة مــن طــرف آخــر‪ ،‬مدعومــة‬ ‫مــن قــوات ســوريا الدميقراطيــة‪ ،‬بالتــوازي مــع‬ ‫حــدوث اشــتباكات بــن تنظيــم الدولــة وقــوات‬ ‫حاميــة الشــعب يف منطقــة حاجــز رنــن جنــوب‬ ‫بلــدة ســلوك‪ ،‬وذلــك عقــب عمليــة تســلل‬ ‫لعنــارص داعــش إىل املنطقــة املذكــورة‪.‬‬ ‫أهــل الرقــة مــا زالــوا يعيشــون وســط القصــف‬ ‫الهمجــي لطــران النظــام والطــران الــرويس‬ ‫وطــران التحالــف‪ ،‬الذيــن تعــاوروا عــى‬ ‫قصــف الرقــة‪ ،‬وقتــل املدنيــن العــزل‪ ،‬وهــم‬ ‫يتلقــون املــوت اليومــي مــن تنظيــم الدولــة‬ ‫الــذي يطلــق أحكامــه الجائــرة بحــق املدنيــن‪،‬‬ ‫تحــت شــعار تطبيــق رشع اللــه‪ ،‬وقبــل كل‬ ‫ذلــك هــم يعيشــون أزمــة اقتصاديــة خانقــة يف‬ ‫ظــل ارتفــاع األســعار الجنــوين‪ ،‬وانهيــار اللــرة‬ ‫الســورية‪ ،‬وانعــدام فــرص العمــل‪ ،‬وتدهــور‬ ‫الحيــاة الزراعيــة التــي يعتمــد عليهــا أهــل‬ ‫الرقــة بشــكل كبــر‪.‬‬

‫‪ 24‬منظمة مدنية سورية تهدد باالنسحاب من مفاوضات السالم تس��ع ضحاي��ا وعش��رات اجلرح��ى يف تفج�ير‬ ‫انتح��اري مبدينة ت��ل أبي��ض احلدودية‬ ‫هــددت عــدة منظــات مــن منظــات‬ ‫املجتمــع املــدين غــر الحكوميــة الســورية‬ ‫باالنســحاب مــن مفاوضــات الســام التــي‬ ‫تجــرى يف جنيــف‪.‬‬ ‫ويف خطــاب وجهتــه ‪ 24‬منظمــة لألمــن العــام‬ ‫ملنظمــة االمــم املتحــدة بــان غــي مــون قالــت‬ ‫املنظــات التــي أدرجتهــا املنظمــة عــى الئحــة‬ ‫املشــاركني يف املفاوضــات إن الفشــل يف وقــف‬ ‫التصعيــد العســكري يف ســوريا واســتهداف‬ ‫املدنيــن يعنــي أن «وجودهــم ليــس فقــط غــر‬ ‫ذي معنــى ولكــن أيض ـاً غــر رضوري»‪.‬‬ ‫واســتهدفت عــدة رضبــات عــدد مــن منظــات‬ ‫املجتمــع املــدين املشــاركة يف املفاوضــات خــال‬ ‫األســابيع املاضيــة‪.‬‬ ‫وجــاء يف الخطــاب «إذا مل يتــم التوصــل إىل آلية‬ ‫جــادة لوقــف العنــف والتصعيــد واســتهداف‬ ‫املدنيــن وتنفيذهــا فإننــا نــرى أنــه مــن‬ ‫املســتحيل أن نواصــل مشــاركتنا يف محادثــات‬ ‫جنيــف»‪.‬‬ ‫ورغــم أن مشــاركة هــذه املنظــات تعتــر غــر‬

‫أساســية يف املفاوضــات إال أن انســحابها يشــكل‬ ‫تعب ـرا ً عــن حجــم اإلحبــاط مــن عــدم جــدوى‬ ‫مفاوضــات جنيــف‪.‬‬ ‫وأضــاف الخطــاب «بعــد خمــس ســنوات مــن‬ ‫ال ـراع فــإن شــعبنا ال يرغــب يف أي ســام بــل‬ ‫يرغــب يف ســام عــادل»‪.‬‬ ‫وكان املبعــوث األممــي لســوريا ســتيفان دي‬ ‫ميســتورا قــد وجــه الدعــوة مطلــع العــام‬ ‫الجــاري لعــدد مــن املنظــات املدنية الســورية‬ ‫للمشــاركة يف املفاوضــات كنــوع مــن الدعــم‬

‫الديبلومــايس لهــا‪ ،‬لكــن املفاوضــات تجمــدت‬ ‫بعــد فشــل آخــر جولــة تفــاوض يف جنيــف قبــل‬ ‫‪ 3‬أشــهر‪.‬‬ ‫وأســفرت الحــرب يف ســوريا عــن مقتــل نحــو‬ ‫‪ 280‬ألــف شــخص وترشيــد ماليــن الســوريني‪.‬‬ ‫وينتظــر أن يقــدم دي ميســتورا تقريـرا ً ملجلــس‬ ‫األمــن الــدويل حــول موقــف عمليــة الســام يف‬ ‫ســوريا وســط تشــاؤم يلــف املفاوضــات بــن‬ ‫حكومــة الرئيــس بشــار االســد والجامعــات‬ ‫املعارضــة املســلحة‪.‬‬

‫أدى انفجــار ســيارة مفخخــة يف مدينــة‬ ‫تــل أبيــض الســورية لوقــوع تســع ضحايــا‬ ‫وعــرات الجرحــى‪ ،‬أغلبهــم مــن املدنيــن‪،‬‬ ‫وذلــك وســط املدينــة يف الجهــة املقابلــة‬ ‫لبيــت الشــعب التابــع لــإدارة الذاتيــة‪.‬‬ ‫وتشــر األنبــاء الــواردة مــن تــل أبيــض أن‬ ‫قــوات حاميــة الشــعب‪ ،‬والســلطات املحليــة‬ ‫يف املدينــة أعلنــت حالــة الطــوارئ‪ ،‬وســط‬ ‫اســتنفار أمنــي مشــدد‪ ،‬يف الوقــت الــذي مل‬ ‫تعلــن أيــة جهــة تبنيهــا لحادثــة االنفجــار‪،‬‬ ‫وســط تكهنــات تشــر إىل أن االنفجــار قــد‬ ‫تــم بواســطة ســيارة مفخخــة يف أســلوب‬ ‫يعيــد إىل األذهــان ضلــوع تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية «داعــش» يف هــذا التفجــر‪.‬‬ ‫وجــاء يف بيــان وثقتــه مؤسســة التآخــي‬ ‫لحقــوق اإلنســان حــول وقــوع تفجــر‬ ‫بســيارة مفخخــة‪ ،‬يعتقــد أنــه تــم بفعــل‬ ‫عنــارص تنظيــم داعــش اإلرهــايب‪ ،‬حيــث‬ ‫تــم التفجــر الــذي نفــذ بواســطة ســيارة‬ ‫مفخخــة مــن نــوع بيــك آب ماركــة ســكودا‪،‬‬

‫ركنهــا شــاب يف الســاعة العــارشة صبــاح يــوم‬ ‫األربعــاء ‪ 2016-6-29‬وفــق التوقيــت املحــي‬ ‫قبالــة (دار الشــعب)‪ ،‬وهــو مبثابــة مقــر‬ ‫للبلديــة يف املدينــة‪ ،‬ويقــع يف وســطها‪ ،‬ويطــل‬ ‫عــى الشــارع العــام‪ ،‬وانفجــرت الســيارة‬ ‫بعيــد مغــادرة الفاعــل بـــ ‪ 20‬دقيقــة‪ ،‬وخلــف‬ ‫التفجــر مقتــل ‪ /9/‬مواطنــن مدنيــن‪،‬‬ ‫بينهــم اثنــان مــن عنــارص الرشطــة املدنيــة‬ ‫(أســايش) ح ـراس مقــر البلديــة‪ ،‬كــا خلّــف‬ ‫التفجــر ‪ /18/‬جريحــاً بينهــم ‪./9/‬‬ ‫وحســب البيــان نفســه أن حــاالت حرجــة‬ ‫رفضــت قــوات حــرس الحــدود الــريك نقلهــم‬ ‫إىل مشــايف تركيــا مــا اضطــر املعنيــن إىل‬ ‫نقلهــم إىل مشــايف مــدن الجزيــرة يف رأس‬ ‫العــن وقامشــي‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫جيش سوريا اجلديد يعلن بدء حترير مدينة البوكمال‬ ‫الط�يران احلرب��ي يواص��ل قصف��ه لدي��ر ال��زور وريفه��ا واش��تباكات متواصل��ة يف حمي��ط املط��ار‬ ‫دير الزور ـ خاص‬ ‫أعلــن جيــش ســوريا الجديــد‪ ،‬املدعــوم‬ ‫مــن أمريــكا عــن بــدء تحريــر مدينــة‬ ‫البوكــال مــن تنظيــم داعــش‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫قيــام طــران التحالــف بإلقــاء مناشــر فــوق‬ ‫املدينــة ومحيطهــا‪ ،‬تحــذر األهــايل باالبتعــاد‬ ‫عــن مقــرات ومقاتلــن تنظيــم داعــش‪،‬‬ ‫ترافــق مــع إطــاق نــار بأســلحة خفيفــة‬ ‫بالقــرب ناحيــة الســكرية‪ ،‬املتاخمــة للمدينــة‪،‬‬ ‫واســتهداف طــران التحالــف محيــط املدينــة‬ ‫بعــدة غــارات‪ ،‬ومتشــيط عــدة طــرق ترابيــة‬ ‫بالرشاشــات الثقيلــة‪ ،‬وإثــر هــذه األحــداث‬ ‫املتســارعة‪ ،‬قــام أصحــاب املحــال والفعاليــات‬ ‫التجاريــة بإغــاق املحــال التجاريــة‪ ،‬وترافــق‬ ‫مــع حركــة نــزوح لبعــض العائــات إىل خــارج‬ ‫املدينــة باتجــاه الريــف القريــب للمدينــة‪ ،‬مــع‬ ‫تحليــق مكثــف لط ـران التحالــف‪ ،‬واســتهدف‬ ‫بعــدد مــن الغــارات حقــل التنــك النفطــي‪.‬‬ ‫فيــا كثــف ط ـران النظــام الســوري والــرويس‬ ‫قصفــه للمناطــق التــي يســيطر عليهــا تنظيــم‬ ‫داعــش بديــر الــزور وريفهــا منــذ بدايــة‬ ‫الشــهر الجــاري‪ ،‬مــا أدى ملقتــل وجــرح‬ ‫العـرات يف بلــدات (البوليــل وذيبــان وجديــد‬ ‫عكيــدات) وغريهــا مــن بلــدات ريــف ديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬وشــهدت مناطــق غرانيــج والكشــكية‬ ‫وأبــو حــام اســتنفارا ً أمنيــاً شــديدا ً لعنــارص‬ ‫تنظيــم داعــش‪ ،‬إثــر توســع دائــرة الحديــث‬ ‫حــول اق ـراب موعــد تحريــر مدينــة البوكــال‬

‫وقراهــا‪.‬‬ ‫وحــدات جيــش ســوريا الجديــد وصلــت‬ ‫أطــراف مدينــة البوكــال بعــد أن ســيطرت‬ ‫عــى مطــار حمــدان العســكري‪ ،‬القريــب مــن‬ ‫الســكرية‪ ،‬وحدثــت اشــتباكات مــع بعــض‬ ‫فصائــل التنظيــم‪ ،‬فيــا ســيطرت وحــدات‬ ‫تابعــة لجيــش ســوريا الجديــد عــى املنطقــة‬ ‫الحدوديــة العراقيــة‪ ،‬وقطعــت بذلــك طريــق‬ ‫اإلمــداد لقــوات داعــش بــن ســوريا والع ـراق‪،‬‬ ‫مــا لبــث أن قامــت قــوات تنظيــم الدولــة‬ ‫«داعــش» بهجــوم معاكــس‪ ،‬اســردت مــن‬ ‫خاللهــا النقــاط التــي خرستهــا ســابقاً‪.‬‬ ‫يف ســياق متصــل قصفــت قــوات داعــش‬ ‫بقذائــف الهــاون األحيــاء املحــارصة يف مدينــة‬ ‫ديــر الــزور‪ ،‬مــا أدى الستشــهاد عــدد مــن‬

‫املدنيــن بينهــم أطفــال ونســاء‪ ،‬وأغلــب‬ ‫القذائــف ســقطت يف أحيــاء الجــورة والقصــور‪،‬‬ ‫ومحيــط جامــع الفتــح‪ ،‬بالتزامــن مــع تفاقــم‬ ‫أزمــة الخبــز يف تلــك األحيــاء‪ ،‬وقطــع ميــاه‬ ‫الــرب‪ ،‬وقــوات النظــام وقطعــان الشــبيحة‬ ‫تقــوم ببيــع الخبــز للمدنيــن باألســواق بأســعار‬ ‫مرتفعــة‪ ،‬فيــا اســتهدف الطــران الحــريب‬ ‫حويجــة صكــر ودوار الحلبيــة ومحيــط املطــار‬ ‫العســكري بعــدة غــارات‪ ،‬بينــا شــن تنظيــم‬ ‫داعــش هجومــاً عــر انغامســيني عــى عــدة‬ ‫محــاور تابعــة للنظــام وميليشــياته مبحيــط‬ ‫مطــار ديــر الــزور العســكري‪ ،‬وتصاعــد وتــرة‬ ‫االشــتباكات بالتزامــن مــع عــدة غــارات شــنها‬ ‫الطــران الحــريب‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تشــهد مناطــق ديــر الــزور‬

‫املحــارصة ارتفــاع حــدة االشــتباكات بــن‬ ‫قــوات النظــام وتنظيــم الدولــة‪ ،‬شــهد مطــار‬ ‫ديــر الــزور خــروج العديــد مــن الشــبان إىل‬ ‫القامشــي عــر الطــران املروحــي بعــد أن‬ ‫دفعــوا مبالــغ طائلــة للــواء محمــد خضــور‬ ‫عــن طريــق ســارسة محليــن‪ ،‬وقيــام الط ـران‬ ‫الحــريب باســتهداف مدينــة املياديــن بالقنابــل‬ ‫العنقوديــة‪ ،‬واســتهداف بلــديت موحســن‬ ‫واملريعيــة بعــدة غــارات‪ ،‬وتجــدد قصــف‬ ‫الطـران الحــريب عــى محيــط مدينــة املياديــن‪،‬‬ ‫وتصاعــد أعمــدة الدخــان مــن منــازل املدنيــن‪.‬‬ ‫ولخــص أحــد الناشــطني مــا يجــري يف مدينــة‬ ‫املياديــن‪ ،‬قائــاً‪« :‬الطــران الحــريب اســتهدف‬ ‫املياديــن بقنابــل عنقوديــة‪ ،‬الرضبــات يف‬ ‫األماكــن التاليــة‪ ،‬الرضبــة األوىل اســتهدف مــن‬ ‫خاللهــا شــارع الجيــش‪ ،‬وبالتحديــد الفســحة‬ ‫التــي تقــع خلــف مجمــع صــري الــدايب‬ ‫الريــايض‪ ،‬وألحقــت رضرا ً مبنــازل املدنيــن‬ ‫اضافــة إىل إلحــاق أرضر ماديــة باملحــال‬ ‫التجاريــة واملنــازل املجــاورة‪ ،‬الرضبــة الثانيــة‬ ‫اســتهدفت الثانويــة الرشعيــة باملياديــن التــي‬ ‫تقــع يف ركــن (راس القرنــة) شــارع الجيــش‪،‬‬ ‫املقابلــة للحديقــة العامــة وألحقــت رضرا ً‬ ‫باملحــال التجاريــة واملنــازل املجــاورة‪ ،‬كــا‬ ‫وصلــت آثــار القصــف (شــظايا) إىل منطقــة‬ ‫الجراديــق وشــارع الطــب الحديــث‪ ،‬كــا‬ ‫وصلــت آثــار القصــف إىل مبنــى مياديــن ســنرت‬ ‫التجــاري‪ ،‬وامتــدت إىل شــارع الكورنيــش‪،‬‬

‫ووصلــت اآلثــار إىل مبنــى املــرف الزراعــي‪،‬‬ ‫وأماكــن أخــرى مختلفــة مــن املدينــة‪ ،‬والحمــد‬ ‫للــه كانــت األرضار ماديــة‪ ،‬إضافــة إىل وقــوع‬ ‫إصابــات قليلــة بــن صفــوف املدنيــن‪ ،‬كــا‬ ‫أدت الرضبــات املســتهدفة املذكــورة أعــاه‬ ‫إىل انقطــاع الكهربــاء العامــة واملولــدات‬ ‫«أمبــرات» بشــكل كامــل‪ ،‬وكذلــك انقطــاع‬ ‫شــبكة الهواتــف األرضيــة‪ .‬الوضــع يف مدينــة‬ ‫املياديــن بعــد هــذه الغــارات‪ ،‬اســتقر متامــاً‪،‬‬ ‫وال يوجــد أي عوائــق تعيــق حركــة البلــد‬ ‫االجتامعيــة واالقتصاديــة‪ ،‬وال أخفيكــم يوجــد‬ ‫يف نفــوس الســكان قليــل مــن الخــوف والقلــق‬ ‫النفــي والهلــع‪ ،‬بســبب قــوة الرضبــات‬ ‫الجويــة املســتهدفة املذكــورة أعــاه‪ ،‬ويرتقبــون‬ ‫يف أي لحظــة أن يتــم اســتهداف املدينــة مــرة‬ ‫ثانيــة‪.‬‬

‫ورش��ة عم��ل ملنص��ة الرق��ة ح��ول التجنيد اإلجباري ُيفرغ عني العرب «كوباني» من شبابها‬ ‫االنتق��ال السياس��ي يف س��وريا‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫أقامــت منصــة الرقــة التابعــة للمنصة املدنية‬ ‫الســورية ورشــة عمــل حــول مفهــوم االنتقــال‬ ‫الســيايس للســلطة يف ســوريا‪ ،‬حرضهــا عــدد من‬ ‫الناشــطني والعاملــن يف الشــأن العــام‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫قاعــة مركــز املجتمــع املــدين والدميقراطيــة يف‬ ‫أورفــا الرتكيــة‪.‬‬ ‫وتضمــن امللــف األول للورشــة مفهــوم االنتقــال‬ ‫الســيايس‪ ،‬الــذي تــم تحديــده وفــق التعريــف‬ ‫أن مفهــوم االنتقــال الســيايس هــو عمليــة نقــل‬ ‫الســلطات مــن الســلطة الحاكمــة الحاليــة إىل‬ ‫ســلطة جديــدة وفــق ق ـرارات األمــم املتحــدة‬ ‫والعمليــة التفاوضيــة برعايتهــا‪ ،‬وقــرارات‬ ‫املجموعــة الدوليــة لدعــم ســوريا‪ ،‬وذلــك للحــل‬ ‫الســيايس يف ســوريا وفــق جنيــف‪ 1‬والق ـرارات‬ ‫الدوليــة ذات الصلــة وآخرهــا ‪ .2254‬فيــا تــم‬ ‫تحديــد إجـراءات الثقــة التــي يجــب أن تســبق‬ ‫عمليــة االنتقــال الســيايس عــى أن تتضمــن‬ ‫وقــف األعــال القتاليــة بــن األطـراف املتنازعــة‬ ‫بشــكل دائــم‪ ،‬وإلــزام الجهــات العســكرية‬ ‫التابعــة ألطــراف النــزاع بقــرارات العمليــة‬ ‫التفاوضيــة‪ ،‬وتحييــد املدنيــن يف معــارك الحــرب‬ ‫عــى اإلرهــاب‪ ،‬وإطــاق رساح املعتقلــن‬ ‫والكشــف عــن مصــر املفقوديــن واملغيّبــن‬ ‫قـرا ً لــدى جميــع األطـراف‪ ،‬وفـ ّـك الحصــار عن‬ ‫كافــة املناطــق الســورية املحــارصة‪ ،‬والعمــل‬ ‫عــى تجفيــف منابــع الســاح عمومـاً‪ ،‬وســحب‬ ‫الســاح‪ ،‬وإلغــاء جميــع املظاهــر املســلّحة‬ ‫خــارج مؤسســات الدولــة الســورية‪ ،‬والعمــل‬ ‫عــى إخ ـراج كل القــوى األجنبيــة املس ـلّحة يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬واعــان الحــرب عــى اإلرهــاب‪ ،‬وعــودة‬ ‫امله ّجريــن والنازحــن إىل مدنهــم وقراهــم‪.‬‬

‫كــا ناقــش املشــاركون األولويــات الرئيســية‬ ‫بالنســبة لســلطة الحكــم االنتقاليــة‪ ،‬ومــا الــذي‬ ‫ينبغــي أن يكــون متوقع ـاً منهــا أن تقــوم بــه‪،‬‬ ‫وتركــزت أولويّــات ســلطة الحكــم االنتقــايل يف‬ ‫تحقيــق األمــن والحاميــة‪ ،‬وإعــادة الحقــوق‬ ‫الفرديــة والعامــة عــر املحاكــات العادلــة‪،‬‬ ‫وتنظيــم العالقــات الخارجيــة والدوليــة مبــا‬ ‫يتناســب مــع الســيادة الوطنيــة الســورية‪،‬‬ ‫وترميــم الفجــوة التعليميــة الناتجــة عــن‬ ‫انقطــاع العمليــة التعليميــة‪ ،‬ومتابعــة أوضــاع‬ ‫الالجئــن والنازحــن والعمــل عــى تحســينها‬ ‫وتســويتها‪ ،‬وإعــادة تفعيــل املؤسســات الطبيــة‬ ‫للحفــاظ عــى الصحــة العامــة‪ ،‬وإدارة أمــوال‬ ‫اإلعــار وتحســن الخدمــات العامــة‪ ،‬وتنشــيط‬ ‫وتفعيــل عمليــات االســتثامر ودعــم املشــاريع‪،‬‬ ‫وضــان وكفالــة حريّــات الصحافــة واإلعــام‬ ‫واملجتمــع املــدين‪ ،‬والرقابــة املاليــة العامــة عــى‬ ‫مؤسســات هيئــة الحكــم االنتقــايل‪.‬‬ ‫يف امللــف الثــاين ناقــش املجتمعــون عــددا ً‬ ‫مــن القضايــا الهامــة‪ ،‬وأكــدوا رضورة العمــل‬ ‫عــى إطــاق رساح املعتقلــن‪ ،‬ووقــف القصــف‬ ‫وااللتــزام بالهدنــة‪ ،‬وفــك الحصــار‪ ،‬االلتــزام‬ ‫بتنفيــذ قـرارات األمــم املتحــدة والقـرارات ذات‬ ‫الصلــة‪ ،‬وارتباط األقــوال والترصيحــات باألفعال‪،‬‬ ‫الترصيحــات اإليجابيــة‪ ،‬وتحديــد جــدول زمنــي‬ ‫وااللت ـزام بــه‪ ،‬وإعــان انتقــال املفاوضــات مــن‬ ‫جينيــف إىل دمشــق بعــد تنفيــذ إجــراءات‬ ‫الثقــة املتبادلــة‪ ،‬وتعويــم العمــل املــدين مــن‬ ‫خــال املنصــات املدنيــة والشــبكات املجتمعيــة‪،‬‬ ‫وذلــك عــر تقديــم االستشــارات والعمــل بصفــة‬ ‫مراقــب‪.‬‬

‫كدر أحمد‬ ‫مبجــرد أن أعلــن عصمــت شــيخ حســن‬ ‫رئيــس هيئــة الدفــاع يف كوبــاين عــن أن تطبيــق‬ ‫قـرار التجنيــد اإلجبــاري الــذي طبــق يف مدينــة‬ ‫عفريــن ومنطقــة الجزيــرة بتطبيقــه يف مدينــة‬ ‫كوبــاين خــال العــام ‪ 2016‬حتــى دخلــت‬ ‫حالــة مــن الهلــع والخــوف إىل نفــوس الشــباب‬ ‫يف املدينــة التــي تعيــش حالــة مــن الركــود‬ ‫االجتامعــي وهــي املدينــة املنكوبــة بشــكل‬ ‫كبــر‪.‬‬ ‫ففــي هــذا الســياق قامــت قــوات األســايش‬ ‫يــوم االثنــن ‪ ٢٠‬يونيــو ‪ ٢٠١٦‬يف مدينــة كوبــاين‬ ‫بالقبــض عــى أكــر مــن ثالثــن شــاباً مــن قريــة‬ ‫ســليب ق ـران بريــف كوبــاين‪ ،‬أثنــاء محاولتهــم‬ ‫قطــع الحــدود الســورية الرتكيــة‪ ،‬فــروا خوفــاً‬ ‫مــن جرهــم لخدمــة التجنيــد االجبــاري‪ ،‬والــذي‬ ‫بــدأ قـرار تنفيــذه الفعــي يف اليــوم ذاتــه بــأول‬

‫دورة عســكرية للخدمــة اإللزاميــة‪ ،‬أعلنتهــا‬ ‫هيئــة الدفــاع يف وقــت ســابق‪.‬‬ ‫وبهــذا الخصــوص قــال مصطفــى خليــل ‪٢٣‬‬ ‫عامــاً‪ ،‬والــذي كان يقطــن مدينــة كوبــاين‪،‬‬ ‫وتجــاوز الحــدود الســورية الرتكيــة منــذ أيــام‬ ‫مســتغالً الظــروف الجويــة التــي حالــت دون‬ ‫أن يســتطيع أحــد مــن الطرفــن مــن منعــه مــن‬ ‫الدخــول إىل األرايض الرتكيــة بحســب قولــه‪.‬‬ ‫وتابــع‪« :‬أنــا دافعــت عــن مدينتــي كوبــاين عنــد‬ ‫زحــف تنظيــم الدولــة اإلســامية نحــو مدينتــي‬ ‫كوبــاين بشــكل طوعــي‪ ،‬ولكــن األمــر هنــا‬ ‫مختلــف‪ ،‬فأنــا أعيــل أرسيت التــي عــدت بهــا‬ ‫إىل املدينــة‪ ،‬وبحســب القوانــن الصــادرة فــإن‬ ‫األشــخاص الذيــن بحكمــي ســيذهبون ألداء‬ ‫خدمــة التجنيــد اإلجبــاري‪ ،‬وأنــا لســت يف وضــع‬ ‫يســمح يل بــأداء الخدمــة اإللزاميــة»‪.‬‬ ‫مــن جانبــه قــال شــروان إســاعيل ‪ ٢٦‬عام ـاً‪،‬‬ ‫وهــو مــن ريــف كوبــاين الرشقــي بأنــه عــاد مــن‬

‫تركيــا إىل قريتــه ليقــوم بأعاملــه التــي تركهــا‬ ‫خلفــه عنــد زحــف تنظيــم الدولــة نحــو قريتــه‪،‬‬ ‫وأنــا ال أود أن أزج نفــي يف هــذه الحــرب‬ ‫الدائــرة والرصاعــات العســكرية والسياســية‪،‬‬ ‫خصوصـاً وأنــه حتــى األن ال يوجــد أي اعرتافــات‬ ‫رســمية بالحكومــات التــي أعلنهــا حــزب‬ ‫االتحــاد الدميقراطــي يف الشــال الســوري‪.‬‬ ‫يف حــن تعــرض يــوم االثنــن ‪ ٢٠‬حزيــران‬ ‫شــاب مــن قريــة حاممــك الواقعــة جنــوب‬ ‫رشق كوبــاين للقتــل بــن حــدود تركيــا‪ ،‬وإقليــم‬ ‫كوردســتان العــراق بعــد أن غــادر مدينــة‬ ‫كوبــاين منــذ ثالثــة أيــام خوفــاً مــن أن يتــم‬ ‫جــره إىل الــدورات العســكرية بالقــوة بحســب‬ ‫مــا قالــه ذوي الشــاب املقتــول‪.‬‬ ‫كل هــذه األحــداث تؤكــد أن املدينــة تتجــه‬ ‫نحــو اإلفـراغ الشــبه التــام مــن الشــباب نتيجــة‬ ‫القـرارات التــي تصدرهــا حكومــة اإلدارة الذاتية‬ ‫يف مناطــق ســيطرته يف الشــال الســوري‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫على جسر سلمية‪!..‬‬ ‫عنتر دعيس‬ ‫يف بدايــة الثــورة‪ ،‬وبعــد أن تحولــت إىل‬ ‫مواجهــات عســكرية‪ ،‬وكان النظــام قــد بــدأ‬ ‫بتطويــر أفــكار وابتــداع طــرق لدعــم جيشــه‬ ‫بقــوات الدفــاع الوطنــي وجمــوع الشــبيحة‬ ‫الذيــن حملــوا الســاح مبكــرا ً ضــد الثــورة‪،‬‬ ‫وشــنوا حروبـاً ضــد أهــل البلــد‪ ،‬كانــت هــذه‬ ‫الحــروب العبثيــة تــدور يف معظــم املــدن‬ ‫الســورية بانيــاس ‪ -‬حمــص ‪ -‬ديــر الــزور ‪-‬‬ ‫ريــف دمشــق وريــف حلــب‪ ،‬وبعــض أريــاف‬ ‫املــدن املشــاركة يف الثــورة‪ .‬وبينــا كانــت‬ ‫رحــى هــذه الحــروب تســتعر‪ ،‬كانــت تــدور‬ ‫حروب ـاً مــن نــوع آخــر‪ ،‬هــي حــروب القتــل‬ ‫والخطــف والتشــليح والنهــب يف الباديــة‬ ‫الســورية‪ ،‬خصوصــاً املنطقــة املمتــدة مــن‬ ‫أثريــا إىل مفــرق الرصافــة باعتبارهــا مناطــق‬ ‫تكــون خاليــة مــن الســكان والعمــران‪،‬‬ ‫وللقبائــل التــي تعيــش عــى أطــراف‬ ‫الباديــة تاريــخ طويــل يف هــذه األعــال‬ ‫التــي اســتيقظت يف فــوىض الحــرب‪ ،‬وركــب‬ ‫موجتهــا أطــراف جديــدة‪ ،‬وكان غالبيــة‬ ‫الزبائــن مــن مدينــة الرقــة وأريافهــا‪ ،‬وكانــت‬ ‫الجهــات الخاطفــة تطلــب مبالــغ مــن املــال‬ ‫لقــاء فديــة املخطوفــن‪ ،‬وغالب ـاً مــا تحصــل‬ ‫عــى املــال وال تســلم املخطــوف‪ ،‬وإذا كان‬ ‫الخاطفــون قــد قتلــوا رهينتهــم‪ ،‬فأهلــه‬ ‫محظوظــون إن حصلــوا عــى اســم املــكان‬ ‫الــذي ألقيــت فيــه جثــة ابنهــم‪..‬‬ ‫أســاء كثــرة اختفــت عــى هــذا الطريــق‪،‬‬ ‫إن مــروا بســيارة عابــرة أو حافلــة أو‬ ‫شــاحنة‪ ،‬ويتعرضــون للســلب والنهــب‪ ،‬هــم‬ ‫وســياراتهم‪ ،‬وكثــرا ً مــا ســمعنا عــن فــداء‬ ‫ســيارات‪ ،‬أو شــاحنات‪ ،‬أو أشــخاص عابريــن‪،‬‬ ‫وغالبــاً مــا ينصــب «املشــلحية» حواجزهــم‬ ‫الطيــارة يف األماكــن النائيــة‪ ،‬ويوقفــون‬ ‫«بوملانــان» النقــل‪ ،‬ويقومــون بإهانــة الركاب‪،‬‬

‫وســلب أموالهــم‪ ،‬مثــل جامعــة أبــو حشــيش‬ ‫وبيــت ســامة وغريهــم مــن شــبيحة النظــام‪،‬‬ ‫حتــى تتحــول أحيانــاً بعــض الحواجــز إىل‬ ‫منطقــة ســلب علنــي‪ ،‬وهــي تتزامــن مــع‬ ‫فــوىض عارمــة تعيشــها املنطقــة‪ ،‬وللمــرور‬ ‫عــر حاجــز الســلمية مثــاً كل مســافر لــه‬ ‫تســعرية خاصــة‪ ،‬فالرجــل املســن يدفــع‬ ‫مبلغــاً مــن ‪ 2000-1000‬وذلــك حســب‬ ‫هيئتــه وشــكله الخارجــي وحمولتــه مــن‬ ‫األمــوال املنقولــة‪ ،‬حيــث تطلــب مبــارشة‬ ‫وبوقاحــة ويف البــاص وأمــام الــركاب‪ ،‬أمــا‬ ‫بالنســبة للشــباب فيبــدأ املبلــغ مــن ‪2000‬‬ ‫لــرة إىل املبلــغ الــذي يقــرره آمــر الحاجــز‪،‬‬ ‫حســب وضــع الضحيــة‪ ،‬فرمبــا يكــون مــن‬ ‫املطلوبــن‪ ،‬أو ممــن فقــد تأجيلــة الجيــش‪،‬‬ ‫ومهمــة قائــد الرحلــة جمــع املــال منهــم‪،‬‬ ‫هــذا إن اســتطاعت الحافلــة تجــاوز حواجــز‬ ‫«املشــلحية» عــى الطريــق‪.‬‬ ‫مــن قصــص الحواجــز املؤملــة‪ ،‬أن أحــد‬ ‫املســافرين تحــدث يل عــن إحــدى رحالتــه‪،‬‬ ‫وكان قاصــدا ً الالذقيــة‪ ،‬ويف الطريــق علــم‬ ‫مــن الســائق أن الطريــق مســكون‪ ،‬وهــي‬ ‫إشــارة يتبادلهــا الســائقون بالضــوء‪ ،‬وقــد‬ ‫خبــأ مــا يحملــه مــن مــال باملقعــد ويف‬ ‫ثيابــه وبكتــاب يحملــه‪ ،‬وبعــد أن رضب‬ ‫املشــلحية رضبتهــم‪ ،‬واســتقر األمــر‪ ،‬اســتمر‬ ‫الســائق يف طريقــه‪ ،‬وبــدأ بجمــع مــا خبــأه‪،‬‬ ‫ولشــدة خوفــه أضــاع مخبـأً كان يحتــوي عىل‬ ‫خمســة آالف لــرة‪ ،‬ومل يعــر عليــه‪ ،‬واملبلــغ‬ ‫مــن أصــل خمســن ألف ـاً كان يحملهــا معــه‪،‬‬ ‫وعنــد جــر ســلمية طلــب مــن الســائق‬ ‫أن يتوقــف لــي ينــزل‪ ،‬فالحافلــة كانــت‬ ‫متجهــة إىل دمشــق‪ ،‬وهــو يقصــد الالذقيــة‪،‬‬ ‫وال بــد مــن املــرور إىل حــاة لقضــاء صلــة‬ ‫رحــم مــع أحــد األقــارب‪ ،‬ومل يكــن يــدرك أن‬ ‫الجــر الــذي وقــف عنــده يفــي إىل مدينــة‬ ‫ســلمية‪ ،‬وكان يعتقــد أن حــاة عــى مرمــى‬

‫حجــر مــن هــذا املوقــع‪ ،‬يف هــذه اللحظــات‬ ‫أدرك أن الطريــق بعيــدة‪ ،‬وتذكــر نصيحــة‬ ‫ألحــد الــركاب «ديــر بالــك مــن الشــوفريية‬ ‫الســامنة بيطلبــوا كثــر‪ ،‬مــرت ربــع ســاعة‪،‬‬ ‫وهــو واقــف تحــت الجــر‪ ،‬توقفــت ســيارة‬ ‫والســائق يبلــع ريقــه‪ ،‬وهــو يطلــب منــه‬ ‫الصعــود بالســيارة‪ ،‬وهــو يســتفرس مــن‬ ‫الســائق عــن الثمــن لقــاء نقلــه إىل الســلمية‪،‬‬ ‫والســائق يتوســله للصعــود برسعــة‪ ،‬وبنفــس‬ ‫النغمــة يعــود إىل نفــس الســؤال‪ ،‬قــال لــه‬ ‫الســائق بخــوف‪« :‬أنــت مــن الرقــة؟»‪ ،‬أجابــه‬ ‫بنعــم‪ ،‬فقــال‪« :‬مــا وقــف راكــب مــن الرقــة‬ ‫عــر دقائــق يف هــذا املــكان إال وتــم خطفــه‪،‬‬ ‫هنــا ومــن دون تــردد صعــد إىل الســيارة‪،‬‬ ‫وعــر الســائق باتجــاه املفــرق‪ ،‬وهــو يقــول‪:‬‬ ‫«أنــا كنــت معلــاً يف الرقــة‪ ،‬عشــت فيهــا‬ ‫ســنني‪ ،‬وعرفــت فيهــا طيبــن كــر‪ ،‬وأنــا أرد‬ ‫اآلن جميلهــم‪ ،‬شــو جابــك عــى هــذا املفــرق‪،‬‬ ‫جامعــة بيــت ســامة تتصيــد أهــل الرقــة‬ ‫خــص نــص ويامــا خاطفــن عــامل مــن هــون‬ ‫وأنــت عامــل شــاطر تبــازر بالســعر وتحــي‬ ‫بأريحيــة وكأنــو وال يش عــى بالــك‪»...‬‬ ‫أســقط يف يــده وهــو الــذي ســمع قصصــاً‬ ‫مرعبــة عــن خطــف وفديــة وقتــل ومــن‬ ‫هــذا املــكان للعابريــن أو الواقفــن وهــم من‬ ‫الرقــة ح ـرا ً‪ ..‬ســكت وهــو مصــدوم يبتلــع‬ ‫ريقــه إىل أن وصــل اىل ســلمية وبصــوت‬ ‫خائــف ومتهــدج‪ ،‬قــال‪« :‬شــو بتأمــر أخــي‪»..‬‬ ‫قــال‪« :‬مهــا أعطيتنــي مــا راح أأخــذ حقــي‬ ‫منــك فقــد أنقذتــك مــن الخطــف واملــوت‪،‬‬ ‫ولكــن تذكــر أين صنعــت معــك معروفــاً‬ ‫وحتــى ال تنتهــي املــرؤة مــن هالدنيــا رد‬ ‫املليــح ملحتــاج ومبــن عليــك ابــن حــال‪»..‬‬ ‫غــادر الســيارة وهــو يــردد‪ :‬ابــن حــال‪..‬‬ ‫نعــم ابــن حــال بــن وحــوش‪ ..‬اللــه يعطيــك‬ ‫العافيــة‪ ،‬طلبهــا بصــدق وتوســل وألول مــرة‬ ‫يف حياتــه‪..‬‬

‫نجــاة الدكتــور مهيــدي الكبــع‬ ‫مــن محاولــة اغتيــال يف أورفــا‬

‫نجــا بأعجوبــة الدكتــور مهيــدي الكبــع‬ ‫مــن محاولــة اغتيــال بواســطة مجهــول‬ ‫اســتخدم مسدســاً كامتــاً للصــوت‪ ،‬وذلــك‬ ‫عــر يــوم الخميــس ‪ 2016/6/30‬يف عيادتــه‬ ‫مبركــز آفــاق الطبــي يف مدينــة شــانيل أورفــا‬ ‫الرتكيــة‪.‬‬ ‫ويف التفاصيــل وحســب مــا أفادنــا بــه‬ ‫الدكتــور مهيــدي الكبــع‪ ،‬قــال‪ :‬إن الشــاب‬ ‫(نحــو ‪ 20‬ســنة)‪ ،‬أوهــم الطاقــم الطبــي‬ ‫بحالتــه املرضيــة‪ ،‬ودخــل غرفــة املعاينــة‪،‬‬ ‫وعندمــا بادرتــه بالســؤال عــن قصتــه‬ ‫املرضيــة لتقــي حالتــه‪ ،‬طالبتــه بصــور‬ ‫وتحاليــل‪ ،‬فوضــع يــده يف كيــس كان يحملــه‪،‬‬ ‫وأخــرج املســدس الكاتــم للصــوت ووضعــه‬ ‫يف صــدري‪ ،‬ويف ر ّدة فعــل رسيعــة أمســكت‬

‫باملســدس مــن جهــة الســبطانة وتعاركــت‬ ‫معــه‪ ،‬واســتطعت تخليــص املســدس مــن‬ ‫يــده‪ ،‬لكنــه فــ ّر هاربــاً‪ ،‬وحــاول الطاقــم‬ ‫الطبــي إمســاكه بعــد أن الذ بالفـرار رسيعـاً‪.‬‬ ‫وتقــوم الســلطات الرتكيــة بالتحــري والبحــث‬ ‫عــن املجــرم‪ ،‬بعــد أن قامــت بأخــذ تفاصيــل‬ ‫الحادثــة مــن الدكتــور والطاقــم الطبــي‪،‬‬ ‫وشــهود عيــان كانــوا بجانــب املركــز الطبــي‪.‬‬ ‫يذكــر أن الدكتــور مهيــدي الكبــع مــن‬ ‫األطبــاء الذيــن لهــم أيــا ٍد بيضــاء يف معالجــة‬ ‫الســوريني‪ ،‬فهــو يتابــع الحــاالت املرضيــة‬ ‫عــر الهاتــف ووســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫ويقــدم خدماتــه لــكل الســوريني املتواجدين‬ ‫يف تركيــا‪ ،‬كــا أنــه والــد الشــهيد صالــح‬ ‫الكبــع الــذي استشــهد يف عــام ‪2013‬‬

‫نظ��ام «البطاق��ة الرتكوازي��ة»‪ ..‬قان��ون عم��ل جدي��د لألجان��ب يف تركي��ا‬ ‫األناضول ‪ -‬وكاالت‬ ‫تعكف وزارة العمل والضمان‬ ‫االجتماعي الرتكية‪ ،‬على استصدار‬ ‫قانون جديد ينظم عمل األجانب‪ ،‬بهدف‬ ‫سد الثغرات واحلد من البريوقراطية‬ ‫اليت ترافق احلصول على تصاريح‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫ويشــمل القانــون إحــداث «البطاقــة الرتكوازية»‬ ‫التــي متنــح حاملهــا حــق إقامــة مؤقتــة ملــدة‬ ‫ثــاث ســنوات‪ ،‬والحق ـاً إقامــة دامئــة‪ ،‬وتعتمــد‬ ‫عــى نظــام تســجيل النقــاط‪ ،‬فيــا يخــص‬ ‫املؤهــات العلميــة‪ ،‬والخــرة‪ ،‬وحجــم االســتثامر‬ ‫(رجــال األعــال)‪ ،‬بحســب معلومــات مــن‬ ‫وزارة العمــل والضــان االجتامعــي الرتكيــة‪.‬‬ ‫وبعــد أن كانــت تركيــا مصــدرا ً للعاملــة وحركــة‬ ‫الهجــرة‪ ،‬عــى الصعيــد الــدويل‪ ،‬أصبحــت‬ ‫ممــرا ً لهــا يف فــرة مــن الفــرات‪ ،‬لتتحــول يف‬ ‫الســنوات القليلــة املاضيــة إىل مقصــد وهــدف‬ ‫للمهاجريــن‪ ،‬عــى ضــوء قوتهــا االقتصاديــة‪،‬‬ ‫وزيــادة حجــم االســتثامر وتنوعــه‪ ،‬ففــي العــام‬ ‫املــايض فقــط‪ ،‬قـ ّدم ‪ 80‬ألــف شــخص مــن ‪165‬‬ ‫دولــة‪ ،‬طلبــات مــن أجــل نيــل ترصيــح للعمــل‪.‬‬ ‫ونظـرا ً لألعــداد الكبــرة مــن األجانــب الراغبــن‬ ‫يف الحصــول عــى تصاريــح عمــل‪ ،‬بــدأت وزارة‬ ‫العمــل والضــان االجتامعــي الرتكيــة‪ ،‬العمــل‬ ‫عــى إعــداد نظــام جديــد يســتجيب لهــذا‬ ‫اإلقبــال بعــد التدقيــق ومراجعــة قوانــن العمــل‬ ‫يف كل مــن أملانيــا وفرنســا وإيطاليــا والعديــد‬ ‫مــن الــدول املتقدمــة والــدول الناميــة‪.‬‬

‫احلص��ول عل��ى اجلنس��ية الرتكي��ة‬ ‫حلمل��ة البطاق��ة الرتكوازي��ة‬ ‫ســيمنح املســتثمرون األجانــب والعلــاء‬ ‫والفنانــون والرياضيــون‪ ،‬واألشــخاص ذوو‬ ‫املؤهــات‪ ،‬تســهيالت للحصــول عــى «البطاقــة‬ ‫الرتكوازيــة»‪ ،‬التــي متكــن أرسة حاملهــا مــن‬ ‫حــق اإلقامــة يف تركيــا‪.‬‬ ‫وبحســب املعطيــات التــي جمعهــا مراســل‬ ‫األناضــول مــن وزارة العمــل الرتكيــة‪ ،‬يحصــل‬ ‫حامــل البطاقــة عــى فــرة إقامــة مؤقتــة ملــدة‬ ‫ثــاث ســنوات‪ ،‬ثــم إقامــة دامئــة‪ .‬وبإمــكان‬ ‫حاملهــا تقديــم طلــب للحصــول عــى الجنســية‬ ‫الرتكيــة يف حــال اســتيفائه للــروط التــي ينــص‬

‫عليهــا قانــون الحصــول عــى الجنســية‪.‬‬ ‫ومــن املتوقــع أن يجــذب هــذا النظــام‬ ‫املزيــد مــن املســتثمرين األجانــب تجــاه‬ ‫تركيــا‪ ،‬ويزيــد مــن حجــم االســتثامر الداخــي‪،‬‬ ‫مبــا يخــدم االقتصــاد ويخلــق فــرص عمــل‬ ‫جديــدة‪ ،‬ويســاهم يف تحقيــق أهــداف تركيــا‬ ‫االســراتيجية‪.‬‬ ‫أصحاب الكفاءات‬ ‫ســيحصل الرياضيــون والفنانــون والعلــاء‬ ‫والخــراء وأصحــاب املواهــب النــادرة‬ ‫واملتميزيــن عــى املســتوى العاملــي يف مجــاالت‬ ‫الفنــون والثقافــة والعلــوم‪ ،‬مــن القادمــن‬

‫إىل تركيــا عــى البطاقــة الرتكوازيــة‪ ،‬بشــكل عــى شــهادة الدراســات العليــا عــى الترصيــح‬ ‫بشــكل أســهل‪ ،‬يف حــال تقدميهــم ضمــن العــام‬ ‫اســتثنايئ‪.‬‬ ‫األول مــن تاريــخ تخرجهــم‪.‬‬ ‫الطالب األجانب‬ ‫ســيتمكن طــاب التعليــم العــايل‪( ،‬فــرة أربــع نظام العمل احلالي‬ ‫ســنوات ومــا فــوق) مــن الحصــول عــى البطاقة متنــح تصاريــح العمــل يف تركيــا حاليــاً‪ ،‬مــن‬ ‫الرتكوازيــة‪ ،‬عــى الشــكل التــايل‪ :‬طــاب املعاهد قبــل وزارة العمــل والضــان االجتامعــي‪ ،‬إىل‬ ‫والجامعــات‪ ،‬ســيتمكنون مــن الحصــول بعــد جانــب كل مــن وزارة االقتصــاد‪ ،‬والشــباب‬ ‫العامــن األولــن مــن دراســتهم الجامعيــة‪ ،‬عــى والرياضــة‪ ،‬والتعليــم العــايل‪ ،‬ودار األوبــرا‬ ‫ترصيــح العمــل بشــكل جــزيئ (‪ 30‬ســاعة يف والباليــه الحكوميــة‪ .‬أمــا «البطاقــة الرتكوازيــة»‬ ‫األســبوع كحــد أقــى)‪ ،‬أمــا طــاب املاجســتري فســينحرص إصدارهــا عــى وزارة العمــل‪،‬‬ ‫والدكتــوراه‪ ،‬فســيحصلون عــى ترصيــح كامــل التــي ســتخول مبنــح االســتثناءات ألصحــاب‬ ‫بالعمــل أثنــاء دراســتهم‪ ،‬وســيحصل الحائــزون الكفــاءات‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫للموت مواسم حتصد عني احلقيقة‬ ‫ِ‬ ‫عروة المهاوش‬ ‫«صــار اســمك شــهيدا ً يــا عمــري‪ ..‬اللــه يهنيــك‬ ‫يــا أمــي باســمك الجديــد»‪ ،‬بهــذه الكلــات و ّدعــت‬ ‫غاليــة الر ّحــال ابنهــا الشــهيد خالــد العيــى قبــل أن‬ ‫يصــل جثامنــه إىل مســقط رأســه‪ ،‬يف مدينــة إدلــب‬ ‫«كفــر نبــل»‪ ،‬وكان الشــهيد خالــد قــد تعــرض‪،‬‬ ‫وزميلــه هــادي العبــد اللــه إىل عــدة إصابــات‬ ‫بشــظايا القنابــل‪ ،‬والصواريــخ التــي يلقيهــا طــران‬ ‫األســد عــى مدينــة حلــب‪ ،‬كان آخرهــا زرع عبــوة‬ ‫ناســفة أمــام بيــت هــادي العبــد اللــه انفجــرت‬ ‫فيهــم يــوم الجمعــة املاضيــة يف الســابع عــر مــن‬ ‫حزيــران‪ ،‬حيــث نقــل العيــى وزميلــه هــادي إىل‬ ‫إحــدى املستشــفيات الرتكيــة لتلقــي العــاج‪ ،‬نتيجــة‬ ‫إصاباتهــم البالغــة‪ ،‬وتعــذر عالجهــم يف الداخــل‬ ‫الســوري‪ ،‬والجديــر بالذكــر أن العيــى كان يف حالــة‬ ‫غيبوبــة تامــة بســبب إصابتــه بشــظية يف الــرأس‪،‬‬ ‫فيــا كانــت حالــة هــادي العبــد اللــه شــبه مســتقرة‪.‬‬ ‫هــادي العبــد اللــه أيضــاً‪ ،‬ورغــم إصابتــه الكبــرة‬ ‫ينــس رفيــق دربــه فكتــب يــريث زميلــه‪« :‬ليــت‬ ‫مل َ‬ ‫عبوتهــم مزقتنــي ألــف قطعــة‪ ،‬حقــرة تلــك األنقــاض‬ ‫التــي مل تقتلنــي أيــا خالــدي يــا ليتــك نعيتنــي‬ ‫ورثيتنــي»‪.‬‬ ‫كلــات تنــم عــن صــدقٍ لرفيــق درب‪ ،‬وثقــت كامريته‬ ‫وحيــدة مــا مل تســتطع مؤسســات إعالميــة فعله‪.‬‬ ‫وحي الشيطان‬ ‫إصــدار جديــد قــام تنظيــم الدولــة اإلســامية ببثــه‬ ‫يظهــر فيــه إعــدام خمســة إعالميــن مــن مدينــة‬ ‫ديــر الــزور رشقــي ســورية‪ ،‬أظهــر اإلصــدار الطــرق‬ ‫الوحشــية «الشــيطانية» التــي متــت فيهــا طريقــة‬ ‫إعدامهــم الــا إنســانية‪.‬‬ ‫ســامر محمــد عبــود (‪33‬عامــاً) تــم إعدامــه ذبحــاً‬ ‫بالســكني حيــث قــال قبــل ذبحــه‪ :‬أعمــل مديــرا ً‬ ‫لشــبكة تفاعــل التنمويــة‪ ،‬ونحــن شــبكة متكاملــة‬ ‫نغطــي فيهــا أخبــار الحــرب والقصــف‪ ،‬إضافــة‬ ‫للحالــة االجتامعيــة للمنطقــة‪.‬‬ ‫اإلعالمــي ســامي جــودت ربــاح (‪ 28‬عام ـاً) تحــدث‬ ‫قبــل إعدامــه بتلغيــم جهــازه الالبتــوب بعبــوة ناســفة‬ ‫جعلــت مخــه يتناثــر عــى الجــدران‪ ،‬ويصــل دمــه‬ ‫لســقف املــكان قــال‪ :‬أعمــل كناشــط وإعالمــي لنقــل‬ ‫الحقيقــة للنــاس وذلــك قبــل دخــول تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية للمنطقــة‪.‬‬

‫الحرملي‬ ‫مالمح النهاية‪!..‬‬

‫صعقــاً بالكهربــاء مــع ربطــه بنافــذة حديديــة تــم‬ ‫إعــدام اإلعالمــي محمــود شــعبان الحــاج خــر‪،‬‬ ‫والــذي كان يشــكو مــن إعاقــة جســدية يتنقــل عــى‬ ‫كــريس متحــرك مل تشــفع لــه تلــك اإلعاقــة‪ ،‬فتــم‬ ‫إعدامــة بطريقــة ال إنســانية أبــدا ً‪ ،‬والجديــر بذكــره‬ ‫أن الحــاج كان يعمــل مراســاً يف إذاعــة اآلن ‪.FM‬‬ ‫مقيــدا ً عــى كــريس ويف منزلــه تــم ذبــح محمــود‬ ‫مــروان العيــى (‪ 28‬عام ـاً) بســكني‪ ،‬حيــث ذكــر يف‬ ‫الرشيــط املصــور أنــه يعمــل يف مجــال اإلعــام وتزويد‬ ‫بعــض املحطــات ومنهــا الجزيــرة بأخبــار املنطقــة‪،‬‬ ‫وصــور القصــف والدمــار‪ ،‬والحالــة املعيشــية للنــاس‬ ‫يف ظــل الحصــار املفــروض عــى املدينــة‪.‬‬ ‫الخامــس كان مصطفــى عبــد حاســة حيــث تــم‬ ‫إعدامــه بتفجــر كامريتــه بعــد ربطهــا بعنقــه مكب ـاً‬ ‫برشفــة منزلــه‪ ،‬ذكــر يف اإلصــدار أنــه كان يعمــل‬ ‫إعالميــاً منــذ بــدء الثــورة يف مدينتــه ديــر الــزور‪،‬‬ ‫حيــث كان يصــور املظاهـرات وأماكــن القصــف‪ ،‬أمــا‬ ‫بعــد دخــول الدولــة اإلســامية فقــد تعاونــت مــع‬ ‫منظمــة «هيومــن رايتــس ووتــش»‪ ،‬حيــث قمــت‬ ‫بتزويدهــم ببعــض املعلومــات التــي طلبوهــا منــي‬ ‫وبعــض الصــور‪.‬‬ ‫وظهــر يف الفيديــو أيضـاً أحــد عنــارص التنظيــم مهددا ً‬ ‫كل اإلعالميــن املحاربــن لدولــة اإلســام قائـاً‪ :‬اعلموا‬ ‫أن عملكــم باإلعــام ال يعصــم دماءكــم‪ ،‬فكفــوا عــن‬ ‫حربنــا‪ ،‬وإال ســيكون هــذا مصريكــم‪ ،‬ولــن ينفعكــم‬ ‫وجودكــم يف دول أوربــا فلســتم بعيديــن عــن أعيننــا‬ ‫ونهايتكــم رصاصــة يف الــرأس‪.‬‬ ‫كــا اعــرف التنظيــم بقتــل مذيــع قنــاة «حلــب‬ ‫اليــوم» زاهــر الرشقــاط ويف الخلفيــة صــورا ً للناشــط‬

‫إبراهيــم عبــد القــادر وزميلــه فــارس حــادي الذيــن‬ ‫تــم ذبحهــم بالســكني يف مدينــة أورفــا يف ليلــة ‪30‬‬ ‫مــن شــهر ترشيــن األول لعــام ‪ 2015‬داخــل شــقة من‬ ‫كان يدعــي صداقتهــم بينــا كان يخطــط لذبحهــم‬ ‫والهــرب نحــو مناطــق التنظيــم بعــد انتهــاء مهمتــه ‪.‬‬ ‫هــذا وقــد نعــت حركــة نــور الديــن الزنــي اإلعالميني‬ ‫عقيــل عبــد العزيــز وعبــد الخالــق أبــو اليــان إثــر‬ ‫إصابتهــا بقذائــف أثنــاء تغطيتهــا ألخبــار معركــة‬ ‫جبهــة املــاح‪.‬‬ ‫يعــاين اإلعالميــون وناشــطو الثــورة العاملــن يف‬ ‫الداخــل الســوري كثــرا ً فمــن االعتقــال عــى يــد‬ ‫عنــارص الجيــش الحــر يف املنطقــة إىل اإلعــدام يف‬ ‫مناطــق ســيطرة التنظيــم ومالحقتهــم وقتلهــم يف‬ ‫دول اللجــوء فــا يــكاد ميــر يــوم علينــا إال ونســمع‬ ‫بقتــل أحدهــم هنــا أو هنــاك ليبقــى مثــن الكلمــة‬ ‫الحــرة ونقــل الحقيقــة مثنــاً باهضــاً يكتــب بالــدم‬ ‫الطاهــر لشــباب يف ريعــان صباهــم ولتبقــى دمــوع‬ ‫أمهاتهــم شــاهدا ً عــى تضحياتهــم بحياتهــم لنقــل‬ ‫الحقيقــة‪.‬‬

‫املظاه��ر الرمضاني��ة مت�لأ ش��وارع املناط��ق احمل��ررة بالرغ��م م��ن‬ ‫القص��ف العني��ف وموج��ة الغالء‬ ‫ادلب ‪ -‬إبراهيم اإلسماعيل‬

‫مــع اقــراب منتصــف الشــهر الفضيــل وازديــاد‬ ‫موجــات الحــر التــي تلفــح املنطقــة بشــكل كبــر‬ ‫يتزايــد الطلــب عــى املرشوبــات الرمضانيــة‪ ،‬والتــي‬ ‫طاملــا اقــرن وجودهــا بحلــول شــهر الصيــام منــذ‬ ‫القديــم مــن تاريــخ الشــعب الســوري الريفــي‬ ‫واملــدين‪.‬‬ ‫عنــد تجولــك يف شــوارع املناطــق املحــررة ال يــكاد‬ ‫شــار ٌع يخلــو مــن صــوت بائــع الســوس والتمــر‬ ‫والجــاب وغريهــا الكثــر مــن املرشوبــات‬ ‫ّ‬ ‫هنــدي‬ ‫التــي تطفــئ حــر الصيــف والصيــام مــع لحظــات‬ ‫آذان املغــرب معلنــة نهايــة يــوم آخــر مــن أيــام شــهر‬ ‫رمضــان املبــارك‪.‬‬ ‫محمــد ذو الثالثــن عامـاً‪ ،‬مــن أهــايل بلــدة كفرومــة‬ ‫يف ريــف إدلــب‪ ،‬يفتتــح بســطته الصغــرة وبراميــل‬ ‫الســوس والتمــر الهنــدي والجــاب منــذ الظهــرة‬ ‫ليبــدأ بيعهــا ألهــايل البلــدة ومــا جاورهــا وســكانها‬ ‫النازحــن‪:‬‬ ‫«أنــا كنــت أعمــل يف الرشطــة قبــل الثــورة‪ ،‬وكنــت‬ ‫أبيــع هــذه املرشوبــات بعــد انتهــاء الــدوام خــال‬ ‫شــهر رمضــان‪ ،‬واليــوم وبعــد انشــقاقي عــدت‬ ‫لعمــي الســابق‪ ،‬ولــدي العديــد مــن الزبائــن الــذي‬

‫‪5‬‬

‫يقصدوننــي مــن البلــدات املجــاورة»‪.‬‬ ‫رافقــت أســعار هــذه املرشوبــات ارتفــاع الــدوالر‬ ‫أيضـاً فقــد زادت عـ ّـا كانــت عليــه بعــرة أضعــاف‪،‬‬ ‫حيــث يبلــغ مثــن الكيــس مــن الســوس ‪ 200‬لــرة‬ ‫ســورية والجــاب ‪ 250‬لــرة ســورية‪ ،‬ويختلــف مــن‬ ‫منطقــة إىل أخــرى بحســب جودتــه ولذتــه‪.‬‬ ‫«خالــد» أحــد إعالميــي الريــف الجنــويب خــال‬ ‫جولتــه لتصويــر تلــك املظاهــر الجميلــة يقــول‪:‬‬ ‫«بالرغــم مــن ارتفــاع األســعار وصعوبــة األحــوال‬ ‫واســتهداف املناطــق بالطـران الحــريب إال أن ذلــك مل‬ ‫مينــع مــن متابعــة انتشــارها يف الكثــر مــن املناطــق‬ ‫املحــررة‪ ،‬وهــي التــي تضفــي رونقــاً لطيفــاً عــى‬ ‫شــهر رمضــان املبــارك»‪.‬‬ ‫تختلــف حــال املناطــق املحــررة عــن بعضهــا البعــض‬ ‫ففــي ظــل القصــف الــذي تتعــرض لــه مدينــة إدلــب‬ ‫وبعــض املناطــق الشــالية والغربيــة مــن املحافظــة‪،‬‬

‫نجــد غيــاب هــذه املظاهــر بغيــاب النــاس‪ ،‬وبغيــاب‬ ‫الكثــر مــن األمــور املعتــادة يف هــذا الشــهر وذلــك‬ ‫بســبب نــزوح اآلالف مــن املدنيــن تحــت الرضبــات‬ ‫الجويــة ويف ظــل املجــازر املتكــررة بفعــل الط ـران‬ ‫الــرويس والســوري‪.‬‬ ‫أبــو محمــد أحــد أهــايل مدينــة إدلــب ونــازح منهــا‬ ‫بســبب تلــك الرضبــات يقــول‪:‬‬ ‫«لقــد غابــت الكثــر مــن األمــور التــي اعتدنــا عليهــا‬ ‫يف رمضــان فنحــن اآلن منــذ بدايــة الصيــام نعيــش‬ ‫تحــت األشــجار بعيــدا ً عــن بيوتنــا وحاراتنــا وجرياننــا‬ ‫الذيــن اعتدنــا تبــادل األطعمــة فيــا بيننــا»‪.‬‬ ‫تغيــب املظاهــر وتظهــر بحســب املناطــق وســخونتها‬ ‫وتنتــر املظاهــر القليلــة يف املناطــق الســاخنة‪،‬‬ ‫وخصوصــاً عــى الحــدود الفاصلــة بــن الثــوار‬ ‫وقــوات النظــام‪ ،‬فالكثــر مــن املرابطــن يقضــون‬ ‫أيــام الشــهر الفضيــل عــى تخــوم املعــارك‪ ،‬ويــكاد‬ ‫يكــون إفطارهــم معدوم ـاً يف الحــاالت العنيفــة مــن‬ ‫املعــارك‪.‬‬ ‫مل تــزل هــذه املظاهــر هــي املميــز الوحيــد لشــهر‬ ‫رمضــان لــدى الســوريني ومــن دونهــا تجــد الكثــر‬ ‫منهــم يحــس أيــام الشــهر ينقصهــا يشء أو أشــياء‬ ‫اعتــادوا عليهــا منــذ القــدم‪.‬‬

‫يوسف دعيس‬ ‫رمبــا تكــون املصالحــة الرتكيــة املزدوجــة لرتكيــا مــع إرسائيــل‬ ‫وروســيا نقطــة تحــول رئيســة يف رســم خطــوط السياســة العريضــة‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬وبعيــدا ً عــن الخــوض يف غــار منعكــس اتفاقــات‬ ‫املصالحــة‪ ،‬ومــا تحققــه للجانــب الــريك مــن النواحــي االقتصاديــة‪،‬‬ ‫وأثرهــا اإليجــايب عــى الوضــع الداخــي لرتكيــا‪ ،‬وموقعهــا يف‬ ‫السياســة الدوليــة‪ ،‬خصوص ـاً مــا يتعلــق بانضاممهــا إىل منظومــة‬ ‫االتحــاد األوريب‪ ،‬رغــم مــا يواجــه تركيــا مــن إرهــاب منظــم‬ ‫للتنظيــات اإلرهابيــة‪ ،‬إن كان عــى الصعيــد الداخــي‪ ،‬أو اإلرهــاب‬ ‫العابــر للحــدود‪.‬‬ ‫أعتقــد أن تركيــا اســتطاعت أن تصيــد أكــر مــن عصفــور بحجــر‬ ‫واحــد‪ ،‬وهــي بإعــادة امليــاه إىل مجاريهــا مــع إرسائيــل وروســيا‪،‬‬ ‫ال تقطــع الطريــق عــى املعارضــة الســورية‪ ،‬أو ثــورة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬فاملتوقــع أن تواصــل الحــث عــى إســقاط النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬مــع املحافظــة عــى مؤسســات الدولــة‪ ،‬وهــذا موقــف‬ ‫مبــديئ ال ميكــن أن تتنــازل عنــه‪ ،‬رغــم التقلبــات السياســية التــي‬ ‫تتحكــم مبنطــق السياســيني الذيــن يذهبــون يف النهايــة إىل املصالــح‬ ‫االســراتيجية التــي تحقــق مكاســب حقيقيــة لبالدهــم‪.‬‬ ‫البنــاء عــى توقعــات ال يــأيت مــن الوهــم‪ ،‬فاملعطيــات عــى األرض‬ ‫تؤكــد أن روســيا ال تريــد أن تُغــرق نفســها يف مســتنقع ســوريا‪،‬‬ ‫وتريــد أن يكــون لرتكيــا يــد يف تجــاوز هــذا املســتنقع‪ ،‬وهــي‬ ‫ســتدفع باتجــاه الحــل الســيايس للمســألة الســورية إىل األمــام‪،‬‬ ‫وأهــم محــاوره االنتقــال الســيايس‪ ،‬إضافــة ملــا تشــهده معركــة‬ ‫تحريــر حلــب مــن تداعيــات‪ ،‬التــي تــأيت يف ســلم أولويــات إيـران‬ ‫وحــزب اللــه‪ ،‬وبالنظــر إىل معطياتهــا إن كان يف ريفهــا الجنــويب‬ ‫والشــايل‪ ،‬والتــي تبــدت مالمحهــا يف تخــي روســيا عــن تقديــم‬ ‫اإلســناد الجــوي لقــوات النظــام الســوري‪ ،‬وهــو مــا يتقاطــع مــع‬ ‫وجهــة النظــر الرتكيــة مبــا يخــص مدينــة حلــب‪ ،‬إضافــة إىل ذلــك‬ ‫مــا تشــهده الســاحة الســورية عــى الصعيــد العســكري‪ ،‬ويــأيت يف‬ ‫مقدمــة ذلــك إعــان جيــش ســوريا الجديــد (املدعــوم أمريكي ـاً)‬ ‫معركــة تحريــر البوكــال‪ ،‬والتــي بــدأت أوىل مالمحهــا بدخــول‬ ‫هــذه القــوات مشــارف البوكــال بإســناد ودعــم جــوي لقــوى‬ ‫التحالــف الــدويل‪ ،‬وهــي مــؤرشات تدلــل بوضــوح ســعي التحالــف‬ ‫لقطــع طــرق اإلمــداد عــن تنظيــم الدولــة مــن خــال الســيطرة‬ ‫عــى املراكــز الحدوديــة الســورية العراقيــة يف مناطــق البوكــال‪،‬‬ ‫والبــدء بسياســة تقطيــع األوصــال‪ ،‬التــي كانــت مالمحهــا تتبــدى‬ ‫بالســيطرة عــى منبــج‪ ،‬وإعــان الرقــة منطقــة عســكرية‪ ،‬إضافــة‬ ‫لــكل ذلــك إعــادة فتــح جبهــة الســاحل‪ ،‬التــي تكللــت بإعــادة‬ ‫ســيطرة قــوات الجيــش الحــر عــى عــدد مــن املواقــع يف جبــل‬ ‫الرتكــان وجبــل األك ـراد‪.‬‬ ‫أعتقــد أن الــروس أكــدوا مبــا يقطــع الشــك أنهــم غــر متمســكني‬ ‫ببشــار األســد‪ ،‬رغــم أنــه ال يعــدو أن يكــون أكــر مــن زعيــم‬ ‫مليلشــيا ال تتجــاوز صالحياتــه أكــر مــن صالحيــات زعيــم عصابــة‬ ‫مســلحة‪ ،‬شــأنه شــأن الكثــر مــن أمـراء الحــرب‪ ،‬الذيــن ســينتهون‬ ‫نهايــة قريبــة‪ ،‬لكــن رغــم ذلــك فــإن إزالــة بشــار األســد ســيكون‬ ‫لهــا مدلــوالت يف العمــق‪ ،‬مبــا تحتفــظ مــن رمزيــة‪ ،‬وســيكون إنهــاء‬ ‫هــذه الرمزيــة محــط أنظــار الســوريني‪ ،‬ونقطــة تحــول حقيقيــة يف‬ ‫املشــهد الســوري ســيكون لــه منعكــس إيجــايب يف ق ـراءة مــآالت‬ ‫الوضــع الســوري‪.‬‬ ‫املشــهد النهــايئ للوضــع الســوري يف مراحلــه األخــرة‪ ،‬لكــن‬ ‫املطلــوب قـراءة املشــهد بشــكل صحيــح‪ ،‬وأن نكــون فاعلــن فيــه‪،‬‬ ‫ال منفعلــن‪ ،‬فالغــرب الــذي تقــوده أمريــكا‪ ،‬رغــم أنــه يديــر خيوط‬ ‫اللعبــة‪ ،‬ال يريــد أن ينهيهــا لوحــده‪ ،‬لكنــه يريــد أن يكــون لــه رشكاء‬ ‫عــى مســتوى اإلقليــم والــدول الكــرى‪ ،‬ولــي أكــون متفائـاً أكــر‬ ‫يجــب أن نكــون نحــن مــن يرســم مالمــح النهايــة‪ ،‬ونهيــئ الظروف‬ ‫املناســبة النتصــار ثــورة الحريــة‪ ،‬التــي خــرج الســوريون ألجلهــا‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫م��ن داخ��ل الس��رب‬ ‫إسرائيل وتركيا وسورية‬ ‫قبــل أكــر مــن خمســة أشــهر كتبــت تعليقاً‬ ‫يف حواريــة‪ ،‬حــول دول املنطقــة واملوقــف‬ ‫األمريــي منهــا‪ .‬أن إرسائيــل وتركيــا دولتــان‬ ‫ال ميكــن املســاس بهــا‪ ،‬أوالً ألنهــا دولتــان‬ ‫دميقراطيتــان‪ ،‬والثــاين ألنهــا ســياق أمريــي‪،‬‬ ‫ال ميكــن تعكــر مســرته‪ .‬مــا تبقــى مــن دول‬ ‫قابلــة حتــى للتقســيم أمريكياً‪ .‬رمبا للســعودية‬ ‫وضــع خــاص‪ ،‬يتــم مراعاتــه أمريكيـاً وأوروبيـاً‪،‬‬ ‫العتبــارات عديــدة لســنا بــوارد التعــرض لهــا‬ ‫هنــا‪ .‬الســياق األمريــي يف ترســيامت الســيطرة‬ ‫والهيمنــة األمريكيــة‪ .‬أعتقــد أن إيــران كان‬ ‫ميكــن لهــا أن تحتــل نفــس موقــع الســعودية‪،‬‬ ‫لــوال أن ســلطة املــايل فيهــا‪ ،‬تشــكل بــؤرة‬ ‫مولــدة للحــروب والكراهيــات واألحقــاد‬ ‫والطائفيــة بــن شــعوب املنطقــة‪ .‬رغــم أن‬ ‫إيــران املــايل تعيــش وضعــاً داخليــاً مأزومــاً‬ ‫عــى كافــة الصعــد‪ ،‬االقتصاديــة والحقوقيــة‬ ‫والسياســية‪ .‬حتــى تاريــخ كتابــة هــذه املــادة‪،‬‬ ‫وســائل اإلعــام ووســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫عامــرة باألخبــار والتحليــات عــن عــودة امليــاه‬ ‫ملجاريهــا‪ ،‬يف العالقــات الرتكيــة اإلرسائيليــة‪،‬‬ ‫تلــك العالقــات التــي توتــرت‪ ،‬عــى إثــر حــرب‬ ‫‪ 2009‬عــى غــزة‪ .‬وفيــا بعــدد أزمــة الســفينة‬ ‫الرتكيــة املتوجهــة إىل غــزة‪ ،‬واقتحمتهــا القــوات‬ ‫اإلرسائيليــة‪ .‬توتــر العالقــة اإلرسائيليــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫ال عالقــة لــه بالثــورة الســورية‪ .‬يف تلــك األثنــاء‬ ‫كانــت حكومــة العدالــة والتنميــة برئاســة‬ ‫الســيد رجــب طيــب أردوغــان‪ ،‬ســمن وعســل‬ ‫مــع نظــام األســد‪ .‬مــا يتخــوف منــه الســوريون‬ ‫اآلن‪ ،‬أن تكــون عــودة الــدفء لهــذه العالقات‪،‬‬

‫عــى حســاب الشــعب الســوري يف ثورتــه ضــد‬ ‫نظــام مجــرم كاألســد‪ .‬خاصــة أن هــذه االتفــاق‬ ‫الــذي تــم برعايــة أوروبيــة وخاصــة إيطاليــة‬ ‫ومنســاوية‪ ،‬حمــل يف مضمونــه عــودة العالقات‬ ‫الروســية الرتكيــة‪ ،‬بعــد اعتــذار أردوغــان‬ ‫الرســمي مــن بوتــن‪ ،‬عــن إســقاط تركيــا‬ ‫لطائــرة روســية يف األرايض الرتكيــة!! إضافــة إىل‬ ‫شــعور عــام لــدى جامهــر ســورية والثــورة‪،‬‬ ‫إىل أن الســيد اوبامــا قــد ســلم امللــف الســوري‬ ‫للســيد بوتــن عـراب املافيــات العامليــة‪ .‬خاصة‬ ‫بعــد الجرائــم واملجــازر التــي يرتكبهــا الطـران‬ ‫الــرويس يف ســورية‪ .‬آخرهــا مجــزرة القوريــة‬ ‫يف ديــر الــزور والــذي راح ضحيتهــا أكــر مــن‬ ‫‪ 70‬مدنيـاً بينهــم عرشيــن طفـاً‪ .‬كيــف ميكننــا‬ ‫فهــم مــا جــرى يف ضــوء التقــارب األمريــي‬ ‫اإليــراين عــى يــد الســيد اوبامــا‪ ،‬اوبامــا‬ ‫الــذي شــكل أكــر غطــاء إلرهــاب الــدول‬ ‫ضــد شــعوبها‪ .‬بــدءا ً باألســد مــرورا ً بحكومــة‬ ‫العـراق وإيـران ومــر الســييس وروســيا‪ .‬هــل‬ ‫تقاطعــت املصالــح اإلرسائيليــة الرتكيــة مــرة‬ ‫أخــرى فــوق ســورية أم عــى حســاب ســورية؟‬ ‫هــل تقاطعــت بعيــدا ً عــن إيـران؟ هــل إرصار‬ ‫الســيد رجــب طيــب أردوغــان عــى املــي‬ ‫يف تنصيــب نفســه‪ ،‬رئيســاً منتخبــاً مبــارشة‬ ‫مــن قبــل الشــعب الــريك‪ ،‬كمؤســس لرتكيــا‬ ‫املعــارصة؟ مــا جعلــه يقــدم بعــض التنــازالت‪،‬‬ ‫يك ال يتــم اســتمرار الضغــط عليــه دولي ـاً؟ أم‬ ‫أن أردوغــان وجــد أن مــن مصلحــة تركيــا‬ ‫أن تعــود العالقــات مــع إرسائيــل إىل ســالف‬ ‫عهدهــا؟ إضافــة إىل قضيــة كانــت فرعيــة‬

‫باألســاس‪ ،‬وهــي معركــة الحكومــة الرتكيــة مــع‬ ‫منظومــة حــزب العــال الكوردســتاين الــريك‪،‬‬ ‫هــذه املنظومــة املنتــرة يف قنديــل وســورية‬ ‫عــر مــا يســمى قــوات ســورية الدميقراطيــة؟‬ ‫مبــا يخــص املســالة القنديليــة فهــي تحتــاج‬ ‫منــا ملــادة خاصــة‪ ،‬يف ظــل هــذا التحــول يف‬ ‫مجــرى العالقــات اإلقليميــة والدوليــة هــذا‪.‬‬ ‫مــن جهــة أخــرى عــودة الــدفء للعالقــات‬ ‫البوتينيــة األردوغانيــة‪ ،‬إمنــا يشــر إشــارة ذات‬ ‫مدلــول ســيئ‪ .‬أن أردوغــان رمبــا معجــب‬ ‫بتجربــة بوتــن بالحكــم!! ويريــد تقليدهــا يف‬ ‫تركيــا‪ .‬طبعـاً عــدا عــن ضغــط مصالــح الرشائح‬ ‫املتــررة يف البلديــن مــن بقــاء التوتــر يف‬ ‫هــذه العالقــة‪ .‬ســوق الســياحة الــريك يعتمــد‬ ‫أيضــا عــى ‪ 3‬مليــون ســائح رويس يدخلــون‬ ‫تركيــا ســنوياً‪.‬‬ ‫إضافــة إىل حاجــة تركيــا للغــاز الــرويس عــى‬ ‫أكــر مــن حقــل اســتثامري‪ .‬ضغــط املصالــح‬ ‫عــى بوتــن وأردوغــان لــه اليــد الطــوىل يف‬ ‫عــودة هــذا الــدفء‪ .‬أمــا عــى صعيــد إرسائيــل‬ ‫مــا هــو االمــر الضاغــط لــي تعيــد إرسائيــل‬ ‫عالقتهــا جيــدة مــع تركيــا؟ هــل لهــذا األمــر‬ ‫عالقــة باملوقــف مــن الثــورة الســورية ومــن‬ ‫األســدية الفاشــية؟ هــل عندمــا تحــدث األســد‬ ‫يف خطابــه األخــر أمــام مجلــس كركوزاتــه‬ ‫املعــن حديثـاً‪ ،‬كمجلــس مــا يســمى الشــعب‪،‬‬ ‫عندمــا قــال‪ :‬ســندفن أحــام أردوغــان بحلــب‪،‬‬ ‫أنــه أخــذ إشــارة مــن الحكومــة اإلرسائيليــة‬ ‫بهــذا االتجــاه‪ ،‬أن أردوغــان ميكــن أن يكــون‬ ‫وافــق عــى املســاهمة يف ســقوط حلــب بيــد‬

‫الــروس واإليرانيــن واألســد؟ إرسائيــل كان لهــا‬ ‫منــذ تأسيســها جناحــن مــن أكــر دولتــن‬ ‫إســاميتني يف املنطقــة‪ .‬هــا إيــران وتركيــا‪،‬‬ ‫اللتــان اعرتفتــا بإرسائيــل منــذ لحظة تأسيســها‪.‬‬ ‫لكــن اآلن الوضــع مختلــف بالطبــع‪ .‬تقاطــع‬ ‫املصالــح بــن هــذه الــدول‪ ،‬هــل ميــر فــوق‬ ‫ســورية دون املــرور فيهــا‪ ،‬أو دون أن يكــون‬ ‫عــى حســابها؟ هــو بالتأكيــد عــى حســاب‬ ‫ســورية‪ .‬أو عــى األقــل طرفـاً فيهــا!! فإمــا عــى‬ ‫حســاب الشــعب الســوري أو عــى حســاب‬ ‫نظــام اإلجـرام األســدي‪ .‬فهــل ميكــن أن توافــق‬ ‫روســيا وإرسائيــل عــى بيــع االســد؟ أم هنالــك‬ ‫معادلــة جديــدة ي ـراد فرضهــا عــى الجميــع‬ ‫برعايــة اوباميــة مــن خلــف الصــورة؟ هــذه‬ ‫األســئلة ســتتوضح قريبــاً جــدا ً‪ ،‬لكــن األهــم‬ ‫يف املوضــوع اآلن‪ ،‬هــو هــذا الح ـراك الســوري‬ ‫املتوجــس مــن هــذه الخطــوة األردوغانيــة‪ .‬إن‬ ‫اإلخــوان املســلمني الســوريني‪ ،‬كان أداؤهــم‬ ‫مــع تركيــا منــذ عــام ‪ 2009‬وحتــى اآلن أداء‬ ‫ذيليــاً تابعــاً يف معظمــه‪ .‬هنالــك شــخصيات‬ ‫مــن قيــادات اإلخــوان تتمســح بالعدالــة‬ ‫والتنميــة كأنهــم أعضــاء فيــه‪ .‬هــذا انعكــس‬ ‫ســلباً عــى أداء املعارضــة الســورية‪ .‬مثــة أمــر‬ ‫آخــر حــاول اإلخــوان االســتفادة مــن هــذه‬ ‫العالقــة لتقويــة أنفســهم كأشــخاص وكحــزب‪،‬‬ ‫لكــن دون االنتبــاه ملــا يفيــد أو يــر الشــعب‬ ‫الســوري‪ .‬هــا هــي املعارضــة الســورية تدفــع‬ ‫الثمــن‪ .‬مــن جهــة أخــرى هنالــك لقاليــق‬ ‫البســطار األســدي مــن الطائفيــن واليرسويــن‪،‬‬ ‫الذيــن صفقــوا ألردوغــان عندمــا كان حضن ـاً‬

‫غسان المفلح‬ ‫وســيطاً لألســد مــع إرسائيــل‪ .‬صــاروا اآلن‬ ‫ومنــذ بدايــة الثــورة‪ ،‬يتكلمــون باســم نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬مــن يقــرأ لهــم ويتابــع مــا يدلــون بــه‪،‬‬ ‫يخــرج بنتيجــة بســيطة‪ :‬أن إيـران املــايل هــي‬ ‫أول دولــة علامنيــة دميقراطيــة يف املنطقــة‪،‬‬ ‫وأن األســدية حاممــة ســام قياســاً بحكومــة‬ ‫العدالــة والتنميــة يف تركيــا‪ .‬هــذه العــودة‬ ‫للعالقــات الرتكيــة مــع إرسائيــل وروســيا‪،‬‬ ‫تضعنــا كمعارضــة ســورية وشــعب ســوري‪،‬‬ ‫أمــام متغــر نوعــي إقليمــي ودويل‪ .‬يحتــاج‬ ‫م ّنــا أيضــاً لوقفــة لعــودة الــدفء للعالقــات‬ ‫مــع شــعبنا!! لكــن كيــف ومــن أيــن نبــدأ؟‬ ‫إمنــا علينــا أن نبــدأ دون تأجيــل وبــكل جهــد‬ ‫ممكــن‪.‬‬

‫حول إرهاصات االنسالخ الفكري والثورة املضا ّدة يف الربيع العربي ‪ -‬سور ّية ‪-‬‬ ‫محمد صالح عويد‬ ‫التح ـ ّزب اليســاري امل ُعلَــن كان بعمومــه‬ ‫عبــارة عــن اصطفــاف باطنــي ‪ -‬لكثــر مــن‬ ‫ذوي الشــعور األقلّــوي الدفــن ســببه العجــز‬ ‫والخصــاء الفكــري لعــدم التمكــن مــن تجــاوز‬ ‫هــذه املشــاعر املخنوقــة‪ ،‬وعــدم امتــاك‬ ‫مــروع فكــري متم ّيــز وأصيــل يدفــع بعجلــة‬ ‫األوطــان نحــو متابعــة صعــود تــال الرقــي‬ ‫البــري بالتعــاون مــع بقيــة أطيــاف الوطــن‬ ‫ألجــل الجميــع‪ ،‬بــل ميكــن اعتبــاره موقفــاً‬ ‫فكري ـاً وعقائدي ـاً اســتعدائياً للثقافــة القامئــة‪،‬‬ ‫املرتاكمــة عــر حقــب طويلــة واملتجــذّرة‪،‬‬ ‫األكــر حضــورا ً وثباتـاً واحرتامـاً مــن قبــل ر ّواد‬ ‫بقيــة الثقافــات األصيلــة األخــرى‪.‬‬ ‫نجــد بــؤس املثقــف الســوري اليســاري‪،‬‬ ‫يتخــى عــن دوره‬ ‫ّ‬ ‫زعــاً فيــا ســبق فجــأة‬ ‫الثقــايف االيديولوجــي األخالقــي تجــاه وطنــه‪،‬‬ ‫ليتموضــع يف خندقــه الطائفــي‪ ،‬مدافع ـاً عــن‬ ‫طائفتــه ال عــن وطنــه‪ .‬واملثقــف الســوري‬ ‫مــن هــذا النمــط كان بقضــه وقضيضــه‬ ‫تقريبـاً علامنيـاً ماركســياً مــا مل يكــن شــيوعياً‬ ‫أو قوميـاً‪ ..‬هــذا املثقــف الــذي اكتشــف بغتة‬ ‫أن جنتــه يف طائفتــه ال وطنــه‪ ..‬يتموضــع اآلن‪،‬‬ ‫والتموضــع هنــا مبعنــى االرتـزاق‪ ،‬يف الخليــج‪،‬‬ ‫تركيــا‪ ،‬الســعودية‪ ،‬أوروبــا أو إيــران الــخ‪..‬‬ ‫الــخ‪ ..‬ويف هــذه الــدول يتخنــدف املثقــف‬ ‫طائفيـاً مبــا يتــاءم مــع سياســة هــذه الــدول‬ ‫ومفاهيمهــا يف التخنــدق الطائفــي‪ ،‬وبهــذا‬ ‫املعنــى يكــون املثقــف نســخة كربونيــة‬

‫رديئــة عــن نظامــه القمعــي القطيعــي‬ ‫الســابق يف دمشــق‪ ،‬الــذي هــو حاكــم‬ ‫بالوكالــة‪ ،‬أو نســخة كربونيــة رديئــة عــن‬ ‫نظامــه املســتقبيل يف إمــارة إســامية بطعــم‬ ‫القاعــدة أو طالبــان وهــو حاكــم بالوكالــة‪.‬‬ ‫إن هــول األزمــة ال يســتدعي مــن املثقــف‬ ‫أن يضــع رأســه موضــع قدميــه أو العكــس‪،‬‬ ‫هنــا تتبــ ّدى هــذه التق ّيــة بشــكلٍ مــوارب‬ ‫مــن خــال املناكفــة والبحــث الــدؤوب‬ ‫عــن مثالــب للطعــن‪ ،‬وكأن خــر وســيلة‬ ‫العرقــي‬‫املذهبي‬ ‫الخصــويص‬ ‫للدفــاع عــن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتــم مــن خــال الهجــوم امل ُغلــف بقفــازات‬ ‫ناعمــة تظهــر مبظهــر الباحــث عــن الكــال‬ ‫الفكــري ‪ -‬الفلســفي دون امتــاك التأصيــل‬ ‫العلمــي والكفــاءة األخالق ّيــة فيصبــح التنطّــع‬ ‫واالســتنكار مــن مثالــب مزعومــة ِحـ ّـاً لــكل‬ ‫ـب ودب تحــت رايــة الحريّــة الفكريــة‬ ‫مــن هـ ّ‬ ‫التــي يعتربونهــا حقــاً إنســانياً مرشوعــاً‪.‬‬ ‫األشـ ّد بؤسـاً أن تظهــر هــذه الرغبــة واللهــاث‬ ‫باملطالبــة بالحريّــة الفكريــة خــال األزمــات‬

‫التــي تعصــف بالبــاد‪ ،‬ويف حالــة املواجهــات‬ ‫الكــرى التــي تهــدد مصــر الوجــود الجغرايف ‪-‬‬ ‫االجتامعــي بغــض النظــر عــن طيــف أو عــرق‬ ‫ألن انحســار البصــرة عــن اكتشــاف حجــم‬ ‫ونوعيــة الخطــر امل ُحــدق‪ ،‬تضمحــل صوابيّــة‬ ‫الرؤيــة وتقديــر حجــم األخطــار تحــت وطــأة‬ ‫انتظــار الفرصــة التاريخيــة عــى يــد األعــداء‬ ‫لتحريــر هــوس األقلويّــة مــن عبوديــة انتظــار‬ ‫الثــأر وشــفي الغليــل املرتاكــم‪.‬‬ ‫يتعلّــق بهــذه العربــة الســائبة بــا حــوذي‬ ‫حكيــم وهــي تنحــدر ُمقر ِقعــة يف مجاهــل‬ ‫األوديــة‪ ،‬الكثــر مــن رخيــي نفــوس وذوي‬ ‫علــل أخالقيــة ‪ -‬اجتامعيــة‪ ،‬ومنبــوذي‬ ‫االنســجام االجتامعــي مــن املحســوبني عــى‬ ‫ثقافــة عمــوم الجغرافيــا‪ ،‬وهــذا ديــدن‬ ‫وإرث بــري يســتعيص أحيانــاً عــى الفهــم‬ ‫والتحليــل بســبب عــدم التم ّكــن مــن دراســة‬ ‫جــذور هــذه األمــراض بعهــود االنحطــاط‬ ‫االســتبدادي‪ ،‬الــذي يســترشي كطاعــون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويــذل النفــوس مبــا يفــي لتجاوزهــا‪ ،‬ورأب‬

‫صــدوع الســقوط األخالقــي‪ ،‬واســتجالء‬ ‫مهــاوي الخيانــة املجانيّــة يف كثــر مــن‬ ‫األحيــان!؟‬ ‫إنهــا أزمــة املواجهــة مــع الــذات املتكلّســة‬ ‫عــى وهــم النكايــات املخزيــة‪ ،‬وغــر قــادرة‬ ‫عــى اســتيعاب فهــم الصــرورة التاريخيــة‬ ‫لتجــاذب حركتــه ودوران عجلتــه‪ ،‬واســتيعاب‬ ‫أهميــة االنتــاء ألمــة عظيمــة‪ ،‬بغــض النظــر‬ ‫عــن حــاالت االنحطــاط التــي تعصــف بــكل‬ ‫كينونــة جغرافيــة –ثقاف ّيــة‪ ،‬وعــر مراحــل‬ ‫مختلفــة‪ ،‬خصوصــاً حــن التعــرض لعهــود‬ ‫االســتبداد‪ ،‬والغفلــة عــن التعاضــد الجامعــي‬ ‫للتخلــص منــه‪ ،‬وإزاحــة عبئــ ِه عــن كاهــل‬ ‫املجتمــع بغــض النظــر عــن خصوصيــة‬ ‫وطيــف الحكــم العضــوض الجائــر الــذي لــن‬ ‫يوفــر أو يُح ّيــد عــن ظلمــه أحــد يف ســبيل‬ ‫الحفــاظ عــى دونيتــه لألعــداء بكونــه خادمـاً‬ ‫وضيعــاً لغاياتهــم‪ ،‬مخططاتهــم ويحــذو‬ ‫حــذوه كل املتواطئــن داخلي ـاً للحفــاظ عــى‬ ‫مكتســبات غــر ُمســتحقّة‪ ،‬أو انتقامــاً مــن‬ ‫ثقافــ ٍة يشــعرون أمامهــا بالدونيّــة والقزامــة‬ ‫املؤصــل‪.‬‬ ‫والخصــاء اإلبداعــي ّ‬ ‫مــا نــراه مــن طغمــة االســتبداد الحاكمــة‪،‬‬ ‫والطائفــة التــي متســك معــه النــواة الصلبــة‬ ‫لزمــام الحكــم واألمــور بــكل حيثياتهــا‬ ‫املفصليــة الدســمة واملهمــة ‪/‬الســلطة ‪ -‬الرثوة‬ ‫ٍ‬ ‫لفيــف هجــنٍ‪ ،‬دينء مــن‬ ‫ الســاح‪ ،/‬ومــن‬‫أنــذا ِل أبنــاء البــاد ومــن ميليشــيات كرديــة‬

‫محمد صالح العويد‬ ‫‪ p. y. d‬الطارئــة مبرشوعهــا العميــل واملرتبطــة‬ ‫بوقاحــة بالالعبــن الكبــار كأداة وبتمويــل‬ ‫وتوجيــه فــاريس مفضــوح تآم ـرا ً عــى أهــل‬ ‫البــاد ومصريهــا ووجودهــا ووحــدة أراضيهــا‪.‬‬ ‫ّإل حالــة لجوجــة ومتهافتــة بصالفــة وغبــاء‬ ‫للحفــاظ عــى مــا ميكــن أن يعتــروه التقــاط‬ ‫فرصــة تاريخيــة واهمــة إلثبــات مــا ليــس‬ ‫بحــق ضمــن ســياقات مزعومــة ‪ -‬مســتوردة‬ ‫مؤقتــاً ‪ -‬إســتالب ّية ‪ -‬إقصائيــة بغيضــة‬ ‫لعمــوم الكــرد الســوريني الوطنيــن املنتمــن‬ ‫بحــق لكيــان الجغرافيــا الوطنيــة ‪ -‬املؤمنــن‬ ‫بحقيقــة اندغامهــم يف نســيج ثقــايف تاريخــي‬ ‫يحرتمــوه بالعمــق التكويــن الجمعــي ‪ -‬وهــم‬ ‫مــن أهــم حامــي هــذا االنتــاء‪ ،‬ومــن أهــم‬ ‫املدافعــن عنــه عــر حقــب تاريخيــة ماضيّــة‪.‬‬ ‫كل ذلــك يأخــذ الجميــع مبــا فيهــا الوجــود‬ ‫الفعــي والجغـرايف للوطــن‪ ،‬ومــن ســاهم عــن‬ ‫ٍ‬ ‫قصــد أو غــر ذلــك‪ ،‬مــن ثــار ألجــل حريــة‬ ‫الجميــع والنهضــة باإلنســان الســوري وبقيــة‬ ‫شــعوب املنطقــة ‪ -‬يأخذنــا بطريــق الالرجعــة‬ ‫نحــو منزلــق وهاويــة الخــراب األبــدي ‪-‬‬ ‫العــام‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪7‬‬

‫يف مسار الثورة (‪)2‬‬

‫األث��ر اإلقليم��ي والدول��ي عل��ى مس��ار عم��ل املعارض��ة والث��ورة‬ ‫املنظومــة اإلقليميــة والدوليــة مــا زالــت حتــى اآلن يف‬ ‫ردّهــا عــى كل مــا يقــوم بــه النظــام وحلفــاؤه مــن حــروب‬ ‫وعــدوان واخــراق للقانــون الــدويل وارتــكاب جرائــم حــرب‬ ‫وجرائــم ضــد اإلنســان ّية‪ ،‬متفقــة معــه يف النتيجــة؛ فتخ ّبــط‬ ‫أمريــكا وغموضهــا يســهامن يف دميومــة ال ـراع الــذي صنعــه‬ ‫نظــام يقتــل شــعبه ويبيــد الحضــارة والجغرافيــا‪ ،‬ويف توســعة‬ ‫رقعــة النـزاع الســوري وتأزيــم الخالفــات واالختالفــات بحجــج‬ ‫العلامنيــة والدميقراط ّيــة ومحاربــة اإلرهــاب وحقــوق األقليــات‬ ‫واملظلوم ّيــات‪ ...‬روســيا تشــن هجومـاً وراء هجــوم عــى ســوريا‬ ‫والحاضــن الشــعبي للثــورة‪ ،‬وال قــوة دوليــة وحقوقيّــة تردعهــا‪،‬‬ ‫يرافقهــا دعــم إيراين عســكري عــر ميليشـ ّيات طائف ّيــة تتو ّحش‬ ‫وتتو ّغــل يف األرض الســوريّة ثقافيـاً وجغرافيّـاً‪ ،‬يف مــوازاة تقــدم‬ ‫للمجموعــات الكرديــة التــي يجــري دعمهــا مــن قــوى دوليــة‬ ‫واســتثامرها يف الحــرب ضــد حواضــن الثــورة وضــد اإلرهــاب‪،‬‬ ‫مــع تغ ـ ّول لتنظيــم داعــش الــذي ال شــك أنــه مدعــوم بقــوى‬ ‫اســتخباراتية ســوريّة ودوليــة وبأطــاع اقتصاديــة وسياســية‪،‬‬ ‫ويســتثمر الفقــر والقهــر والظلــم يف الطبقــات التــي ينتــر‬ ‫فيهــا الجهــل‪ .‬وباملقابــل فــإ ّن التّحالــف املؤيّــد لثــورة ســوريا‪،‬‬ ‫مــا زال‪ ،‬قــارصا ً عــى تقديــم الدعــم الــكايف الحتضــان الثــورة‬ ‫واحتــواء مأســاة املنكوبــن‪ ،‬نتيجــة عــدم االعــراف القانــوين‬ ‫الــدويل باملعارضــة الرســم ّية‪ ،‬وعــدم دعمهــا بالشــكل املناســب‬ ‫يغــر يف مجريــات املعركــة‪ ،‬وإســقاط‬ ‫الــذي ميكــن لــه أن ّ‬ ‫النظــام‪ ،‬وتحقيــق تقــدم نوعــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‪،‬‬ ‫لذلــك دور هــذا التحالــف مــا زال ضعيف ـاً محبوس ـاً بالقيــود‬ ‫الدوليــة واملخاطــر اإلقليميــة مــن التــورط يف حــرب كــرى‬ ‫تدمرييــة‪ .‬لكــن إىل متــى‪.‬؟ نظــام األســد ومنظومتــه‪ ،‬يح ـ ّوالن‬ ‫املنطقــة كلهــا إىل منطقــة حــرب‪ .‬واكتفاؤهــم بالخطابــات‬ ‫واملنــاورات والدعــم اإلنســاين والعســكري املحــدود‪ ،‬لــن ينجــي‬ ‫مــن مخاطــر هــذه الحــرب التــي لهــا جــذور تاريخ ّيــة ال ميكــن‬ ‫الهــرب مــن اســتحقاقاتها‪.‬‬ ‫الثــورة التــي عانــت مــن قصــور الرؤيــة السياســية‪ ،‬وســوء‬ ‫فهــم لنوايــا قــوى النفــوذ العاملــي‪ ،‬عليهــا أن تراجــع نفســها؛‬ ‫فقــد أخطــأ املعارضــون عندمــا عملــوا بوحــي أ ّن لــدى أمريــكا‬ ‫والغــرب خـ ّط عمــلٍ واضــح لدعــم الثــورة الســورية‪ ،‬وإســقاط‬ ‫نظــام بشــار‪ ،‬وقــرأوا الترصيحــات الغربيــة واألمريكيــة‬ ‫املتناقضــة خــارج ســياق التاريــخ والواقــع واللعبــة السياســية‪.‬‬ ‫أمريــكا لديهــا اســراتيجيتها‪ ،‬وكذلــك الغــرب الــذي يســر يف‬ ‫ركبهــا‪ ،‬وروســيا أيض ـاً‪ ،‬ال يعنيهــم دعــم بشــار أو إســقاطه إال‬ ‫بقــدر مــا يخــدم النظــام اسـراتيجياتهم ومصالحهــم وخطــوط‬ ‫سياســاتهم‪ .‬هنــاك مــن يحــارب اآلن يف ســوربا بالوكالــة‬ ‫وألهــداف خاصــة‪ ،‬وهجمــة حضاريــة شــديدة‪ ،‬لذلــك ال ميكــن‬ ‫للعمــل الســيايس الســوري النجــاح مــن دون رؤيــة تاريخيّــة‬ ‫واستشــفاف أصيــل وعقــل جديــد‪ ،‬وبنــاء مقاومــة شــاملة مــع‬ ‫إقامــة خطــة متوازنــة غــر تقليديــة تأخــذ بعــن االعتبــار مــا‬ ‫ميكــن أن تتوافــق وتتكيّــف معــه مــن رؤى القــوى اإلقليميــة‬ ‫واملواقــف الدوليــة وخلفياتهــا‪ ،‬وتــرك النخــب املختلفــة‬ ‫مــن مختلــف أطيــاف الشــعب الســوري يف صناعــة القــرار‬ ‫ي‬ ‫والعمــل ضمــن تشــاركية يف خطــن سياســيني متوازنــن‪ :‬داخـ ّ‬ ‫وخارجــي‪ .‬واضحــي املعــامل متفــق عليهــا‪ ،‬لقطــع الطريــق عىل‬ ‫روســيا وحلفائهــا‪ ،‬والنظــام الــذي يســتغل كل قــوى اإلرهــاب‬ ‫لــرب الثــورة وتفتيــت املنطقــة‪ ،‬وال ميكــن باملقابــل إنجــاز‬ ‫تخــي الفصائــل مــن نزاعاتهــا وترشذمهــا‪،‬‬ ‫هــذا الخــط دون ّ‬ ‫واالتجــاه نحــو التعــاون يف ح ـراك وطنــي مشــرك يرفــع رايــة‬ ‫وطنيــة‪ ،‬وليــس مجــرد مجموعــات لفــان وفــان أو لجهــة أو‬ ‫ملذهــب أو لعقيــدة‪.‬‬ ‫هنــاك لحظــات تاريخيــة خطــرة تفقدهــا األمــم بســبب جهــل‬ ‫رجاالتهــا‪ ،‬وفســاد منطقهــم‪ ،‬وجشــع نفســياتهم املشــبعة‬ ‫باألنانيــة واالنتهازيــة‪ .‬ســوريا يف موقــع يحتــاج التقــاط هــذه‬ ‫اللحظــات التاريخيــة ولفــظ األخطــاء والخطايــا‪ .‬وذلــك يتطلب‬ ‫إدارة سياســية تطــ ّوع اإلرادة الشــعب للتآلــف مرتافقــة مــع‬ ‫عمــل مــدروس عــى مواجهــة سياســية فكريــة منهج ّيــة‬ ‫متامســكة جريئــة‪ ،‬تتصـدّى لهــذا العقــل الســيايس القائــم عــى‬ ‫الهيمنــة والتدمــر‪ ،‬وتضــع املنظومــة الدوليــة أمــام موقــف‬ ‫داعــم ال مفــ ّر منــه‪ .‬وإال فالحــرب ستتســع وتطــول وتحــرق‬ ‫الكثرييــن‪.‬‬ ‫الثورة واالنتهازيّة وطابور التمويل‬ ‫وكــا كشــفت الثــورة األقنعــة عــن انتهازيــة طائفــة واســعة‬ ‫مــن إعالميــن وأدبــاء ومثقفــن‪ ،‬وجامعــات كثــرة كان ميولهــا‬ ‫النظــام‪ ،‬فإنّهــا أخضعــت الناشــطني إغاثي ـاً أو ثقافي ـاً وإعالمي ـاً‬ ‫إىل االمتحــان‪ ،‬فظهــر فيهــا تحــت عناويــن التنميــة الثقافيــة‬ ‫واإلعــام الجديــد حـراك غــر نزيــه‪ ،‬مرتبــط بتمويــل مــروط‬ ‫معـ ّـن وبفســاد أخــذ يتكشــف يوم ـاً بعــد يــوم؛ فنمــت فئــة‬ ‫مــن تجــار الحــروب ومــن صانعــي اإلرهــاب‪ ،‬راحــت تقــوم‪،‬‬

‫مدعومــة بقــوة النفــوذ‪ ،‬بــدور بوليــس ومحاكــم تفتيــش‬ ‫عــى املعتقــد والفكــر والفعــل باســم الثــورة أو الديــن أو‬ ‫العلامنيــة‪ ،‬مهمتهــا االســتحواذ ونــر هيمنتهــا‪ ،‬والهجــوم عــى‬ ‫كل مــن يخالــف الرؤيــة املطلوبــة‪ ،‬ســواء كانــت سياســية‪ ،‬أو‬ ‫دينيّــة‪ ،‬أو فكريّــة‪ ،‬أو أخالقيّــة‪ .‬اســترشاقية أو ســلفيّة‪ ،‬فهنــاك‬ ‫رشطــة للعلامنيــن‪ ،‬ورشطــة لإلســاميني‪ ،‬ورشطــة للمنظــات‪،‬‬ ‫للســلميني‪ ،‬ورشطــة للعســكريني‪.‬‬ ‫ورشطــة لإلعــام‪ ،‬ورشطــة ّ‬ ‫وكلّهــا تحتكــر الحقيقــة والحــق‪ ،‬وتصــادر مصداق ّيــة اآلخــر‬ ‫يف وطنيتــه وأخالقــه ومفاهيمــه‪ ..‬وتواكــب الضعــف الفكــري‬ ‫والثقــايف والفلســفي للحــراك؛ فالعلامنيــة‪ ،‬يف أحســنها‪ ،‬هــي‬ ‫التنويــر الــذي تجمــد وتح ّنــط وتص ّنــم‪ .‬والديــن يف أفضلــه‬ ‫هــو العقــل الــذي تعطّــل وتوقّــف عــن اإلنتــاج واإلبــداع‬ ‫وأظلــم‪ ...‬والقوم ّيــة عصبويّــة وإلغــاء لآلخــر ونزاعــات‪ ،‬أمــا أن‬ ‫ينفتــح الجميــع عــى الحــوار والجــدل الواعــي املرتبــط باإلنتاج‪،‬‬ ‫وتطويــر املعتقــد والفكــر وتن ـ ّوع الهويّــات؛ فهــو أمــر تأ ّخــر‬ ‫كث ـرا ً رغــم أهم ّيتــه الكــرى‪ .‬لك ـ ْن‪ ،‬ال مف ـ ّر منــه‪.‬‬ ‫هنــاك مــن قــام باســم الدميقراطيّــة باســتثامر كل الظــروف‬ ‫التفكيك ّيــة‪ ،‬وفتــح األحقــاد العرقيــة والرصاعــات الطائفيــة‪،‬‬ ‫للثــأر والوقــوع يف حــرب أهليــة وتقســيمية‪ ،‬وتقدّمــت‬ ‫منظــات كثــرة تلبــس ثــوب املعارضــة‪ ،‬أو معارضــة املعارضــة‬ ‫لتصبــح مؤسســات مضــادة للثــورة‪ ،‬تختبــئ خلــف غايــات‬ ‫تنمويــة ومتكينيــة وإعالميّــة وسياســية ومدنيــة‪ .‬ومل تســتطع‬ ‫القيــادات الثقافيــة والفكريــة والسياســية تســخري الطاقــات‬ ‫بالشــكل الجامــع املنهجــي للوقــوف يف مــد الثــورة املضــادة‪،‬‬ ‫وإنجــاز مــروع تحــرر ســوريا وتحقيــق إســقاط النظــام‪.‬‬ ‫فاتســع اقتتــال ســوري ســوري‪ ،‬عســكري وســيايس وفكــري‬ ‫ودينــي وقومــي‪ ،‬تح ّركــه األيــدي الخارجيّــة‪ ،‬مســتغلة حالــة‬ ‫مــن قصــور فكــري وســيايس‪ ،‬ومــن ن ـزاع عــى النفــوذ ورصاع‬ ‫عصبــوي ومظلوميــات تاريخيــة بائســة‪ ،‬وهــي مــن مخلّفــات‬ ‫عقــود قهــر واســتبداد‪.‬‬ ‫الشعب السوري واإلرهاب‬ ‫الشــعب الســوري تل ّقــى عدوانــا رشسـاً مــن نظام االســتبداد‪،‬‬ ‫ومــن العــدوان والغــزو الخارجــي لدعــم النظــام‪ ،‬بأســلحة‬ ‫النظــام واإلرهــاب والحــرب عــى اإلرهــاب؛ فقــدّم ويقــدم‬ ‫الضحايــا باملاليــن‪ ،‬قتــى شــهداء وجرحــى ونازحــن ومعتقلــن‬ ‫ومخطوفــن ومعوقــن ومصدومــن ومتحاربــن‪ ،‬وهــو ليــس‬ ‫مجموعــات إرهابيــة ظالميّــة‪ ،‬كــا يــر ّوج النظــام وإعالمــه‬ ‫وإعــام حلفائــه‪ ،‬وإن ظهــر منــه تطــرف وتشــدد فــردة فعــل‬ ‫عــى مــا جــرى ويجــري بحقــه مــن مجــازر فظيعــة؛ فنظــام‬ ‫رد والجهــل والقهــر‬ ‫االســتبداد يصنــع اإلرهــاب‪ .‬الفقــر والت ـ ّ‬ ‫عبــارة عــن تربــة مثاليــة للتطــرف واالنحـراف والجرميــة وإنتاج‬ ‫اإلرهــاب‪ .‬إن مل يحصــل تنويــر ومتكــن ودعــم حقيقــي لــكل‬ ‫حواضــن الشــعب الســوري املنكــوب فــإن املأســاة ستشــتد‬ ‫وســيكون ســهالً اســتغالل البــر الضعفــاء باســم الديــن عــر‬ ‫املــال واالنتقــام‪..‬‬ ‫التطــرف هــو جرميــة؛ ألنــه يحتكــر املعرفــة والحقيقــة والحــق‪.‬‬ ‫داعــش ومثيالتهــا شــكل هالمــي يتطــ ّوع بحســب املنطقــة‬ ‫والظــرف يعــر املــال والسياســة والديــن‪ .‬وليــس بســؤال بــا‬ ‫جــواب‪ :‬مــن الــذي دعــم داعــش منــذ البدايــة؟‪ .‬مــادام نظــام‬ ‫األســد وميليشــاياته قامئــة ســيحرتق هــذا العــامل بإجرامهــم‬ ‫وإجــرام اإلرهــاب‪ ..‬ومــا دام هنــاك احتقــار ملفهــوم التنميــة‬ ‫الحقيقيــة والتثقيــف الهــادف لبنــاء اإلنســان فــإن الفــوىض‬ ‫والقهــر والحقــد يف ازديــاد‪ ،‬وال يكفــي اللهــاث إلقنــاع العــامل‬ ‫برشعيــة قضيــة الثــورة‪ ،‬فالقــوة والصالبــة أشــد تأثــرا ً يف‬ ‫مســار الحــروب مــن صــواب الحــق وحجــة املنطــق ورشعيــة‬ ‫املبــدأ‪ .‬لذلــك ال بــد مــن مراجعــة مكامــن القــوة عــى األرض‪،‬‬ ‫وإعــادة تشــكيلها لتكــون مجديــة‪ .‬أمــا بنــاء الصالبــة؛ فيكــون‬ ‫بعمــق العقليــة السياســية وتو ّحــد أهدافهــا األساسـ ّية ونضجهــا‬ ‫وحيويتهــا مــع ثباتهــا عــى أســس وطنيــة وثقافيــة تنويريّــة‬ ‫تتوســع‪ ،‬وقــد تزيــد‬ ‫تعايشـيّة‪ .‬الواضــح أن الحــرب عــى ســوريا ّ‬ ‫يف ســاحة النزاعــات‪ ،‬وقــد تتطــور نتيجــة تهــور غــر محســوب‬ ‫إىل حــرب عامليــة تتصــادم فيهــا األمــم والــدول عــى نحــو‬ ‫أوســع وأشــمل؛ لك ـ ّن الصــورة غــر مكتملــة حتــى اآلن‪ ،‬فــا‬ ‫ميكــن الحكــم القطعــي عــى األمــر بســهولة‪ .‬فصعــب تخيــل‬ ‫مواقــف دول اإلقليــم والعــامل بدقــة يف املســتقبل رغــم كل مــا‬ ‫يقــال عــن تقســيم واتســاع حــرب‪ .‬فنحــن قــادرون‪ ،‬فقــط‪ ،‬أن‬ ‫نــرى العــامل وفــق ومعطيــات واقعنــا املحــدود واملعلومــات‬ ‫التــي بحوزتنــا‪ .‬وكل يشء يف النهايــة متحيــز ملنظــور مــا أكــر‬ ‫مــن أن يكــون حيادي ـاً‪ .‬لك ـ ْن‪ ،‬ال ب ـ ّد مــن وضــع إطــار عمــل‬ ‫ـدس‬ ‫للتغلّــب عــى االضطـراب والفــوىض القامئــة‪ ،‬والخــداع والـ ّ‬ ‫يف نقــل املعلومــات وتجيــر الخطــاب والعقــول‪ ،‬حتــى مــن قبل‬ ‫وســائل إعالميــة كــرى كانــت تعتــر ذات مصداقيــة‪ ..‬بالتــايل‬ ‫فــإن قــوى الثــورة الســورية واملعارضــة‪ ،‬رغــم كل هــذا األمل‬ ‫والظلــم والخســائر والخــذالن والتضحيــات‪ ،‬ملزمــة بالســعي‬

‫قطوف فراتية‬ ‫إش��عال مشع��ة يف جع�بر‬ ‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫وراء تحقيــق أهــداف الشــعب الســوري وطموحاتــه منعــاً‬ ‫لتوســع اإلرهــاب‪ ،‬ومنعـاً لالنهيــار والســقوط‪ .‬اإلرادة الفاعلــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ســتغري حتــاً يف الواقــع؛ فــا يحــدث هــو كارثــة إنســانية‬ ‫بحــق الشــعب‪ ،‬واملنظومــة الدوليــة تســهم بنصيــب كبــر‬ ‫فيهــا‪ .‬وهــذا الفــراغ ملرجعيــة ســيادية رشع ّيــة عــى األرض‪،‬‬ ‫مــع الحجــم الكبــر مــن القتــل والتدمــر‪ ،‬ســيؤدي إىل هيمنــة‬ ‫تنظيــات ذات صبغــة دينيــة وقوميــة متشــددة ودكاكــن‬ ‫مســتغّلة قــد تســهم يف تعميــق العنــف وال ـراع والفــوىض‪،‬‬ ‫وتكــون مــادة دســمة لصناعــة اإلرهــاب ومافيــات النهــب‪..‬‬ ‫خامتة وخمرجات‬ ‫مــا آل إليــه الواقــع يحتّــم تطويــر عمــل معارضــة رســميّة‬ ‫رشع ّيــة‪ ،‬بوعــي وطنــي خالــص‪ ،‬تحاســب نفســها وفــق آليــات‬ ‫محاســبة وتقويــم‪ ،‬وتعمــل عــى تحقيــق املصداقيــة‪ ،‬لــي‬ ‫تحقــق عالقــات أوســع مــع الشــعب ومــع جهــات متويليــة‬ ‫لهــا أســس عمــل مدن ّيــة‪ ،‬فتحظــى باملصداقيــة واالعــراف‬ ‫والدّعــم‪ ،‬مبــا تقدمــه مــن خطــاب واقعــي وإنســاين وحــدايث‪،‬‬ ‫ومبــا تؤسســه مــن عمــل مهنــي ومنهجــي‪ .‬كــرد عــى كل‬ ‫أشــكال العبــث برشعيّــة املعارضــة السياســية البديلــة لنظــام‬ ‫األســد وصناعــة معارضــات بديلــة؛ ال مفــر مــن أن يــوازي‬ ‫املقاومــة العســكرية والسياســية ح ـراك ثقــايف وتنويــر دينــي‬ ‫ملتــزم وناضــج يف كل املواضيــع الفكريــة والثقافيــة والدينيــة‬ ‫والسياســية‪ .‬وحتــى تســتمر ثــورة الحريــة والكرامــة هــي‬ ‫بحاجــة للعقــل‪ ،‬وأشــد مــا يؤذيهــا الغوغائيــة والضجيــج‬ ‫والفــوىض‪ .‬خــارج إطــار نظــام الطغيــان األســدي الــذي دمــر‬ ‫ســوريا وشــعبها‪.‬‬ ‫الثــورة حركــة جامعيــة تاريخيــة ضمــن إطــار التاريــخ وال‬ ‫تقــرن بشــخص أو حــزب أو جامعــة‪ .‬وتتطلــب صياغــة أفــكار‬ ‫وإعــادة النظــر يف الرؤيــة ويف ردات الفعــل والفعــل‪ ،‬ويف‬ ‫مامرســة الهويــة وتوظيــف كل املقومــات التاريخيــة الســوريّة‬ ‫مــن عروبــة وقوم ّيــات أخــرى وديــن وإنســانية وعامليــة ضمــن‬ ‫ســياق دولــة وأمــة‪ .‬جميــع املكونــات قــادرة أن تنشــئ‪ ،‬مع ـاً‪،‬‬ ‫حضــارة جديــدة ويف دولــة حداثيــة علميــة عادلــة عندمــا‬ ‫تتســاوي حقــوق جميــع مواطنيهــا‪ ،‬وبقواعــد مجتمــع مــدين‪،‬‬ ‫وقــادرة أن تعمــل عــى حــل إشــكالية كيــف ميكــن توظيــف‬ ‫العقيــدة واالنتــاء واالختــاف‪ ،‬حضاريـاً بشــكل حيــوي ومنتــج‬ ‫وإنســاين‪ .‬ومــا ميكــن فعلــه للجميــع هــو بنــاء تاريــخ مشــرك‬ ‫عــادل‪ ،‬بحســم الهــدف‪ ،‬وهــو ســورية ح ـ ّرة واحــدة مو ّحــدة‬ ‫لجميــع أبنائهــا‪.‬‬ ‫ثــورة يف العقــل ويف منظومــة التفكــر والرؤيــة السياســية‬ ‫والوطن ّيــة‪ .‬هــو أشــ ّد مــا نحتاجــه اآلن للقفــز عــى املأســاة‬ ‫اإلنســانية والوطنيّــة يف ســوريا‪ .‬العمــل مبقتــى الوعــي‬ ‫الجديــد مبعرفــة عاقلــة نابعــة مــن رحــم التجربــة‪ ،‬ميكــن أن‬ ‫يكــون خطــوة يف الطريــق لنجــاح مــروع الثــورة وتجلياتهــا‪.‬‬ ‫مــروع الحريــة القــادم عــر الثــورات ال يواجــه املأســاة‬ ‫الحــارضة فقــط‪ ،‬بــل عليــه أن يخــوض يف رصاعــات حــادة‬ ‫للتصــدي لحــرب موروثــات كثــرة فاســدة خطــرة راســخة يف‬ ‫بنيــة الواقــع‪ ،‬ناجمــة مــن الفســاد والجهــل وعقــود االســتبداد‪،‬‬ ‫تعرقــل املــروع التحــرري وتوجهاتــه األخالقيّــة واملعرفيّــة‬ ‫مبــآزق وأزمــات وإشــكاليات اجتامع ّيــة وقانون ّيــة وفكريّــة‬ ‫وإنســان ّية‪ .‬فــا نفــع مــن تفكــر ســلبي‪ ،‬وال جــدوى يف الشــتم‬ ‫أو الهجــاء أو الــذم والتخويــن وســط هــذه املأســاة‪ .‬وهــذا‬ ‫يضــع عــى جميــع املؤسســات الثقافيــة والرتبويــة واإلعالميــة‬ ‫والسياســية مهمــة تطويــر غايــات عملهــا ومســاعيها وآليــات‬ ‫تنفيذهــا وأشــكال مهامتهــا لخلــق حالــة النمــو والتطويــر‬ ‫املعــريف وتنشــيط الوعــي وتقويتــه واســتثامره عمليــاً‪ ،‬يف‬ ‫مواكبــة كل اســتحقاقات الواقــع الجديــد ومتطلباتــه الرضوريّــة‬ ‫والتفاعــل مــع تحدياتــه ومخاطــره وخــوض معاركــه برؤيــة‬ ‫ناضجــة‪.‬‬

‫ــر‪ ،‬وال أعــرف أيــن تقــع‬ ‫منــذ الصغــر‪ ،‬وأنــا أســمع عــن ج َع َ‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬ومل أكــن أعــرف أنهــا قلعــة‪ .‬فقــط األغــاين التــي تصــدح‬ ‫ِــت‬ ‫يف األعــراس الريفيــة‪ ،‬كان ذكرهــا الوحيــد يف املخيلــة‪ ،‬حتــى ب ُّ‬ ‫أتصورهــا مــر ًة نهــر‪ ،‬ومــرة غابــة ألن األغــاين تذكرهــا مــع الحامئــم‬ ‫(يــا حميّــات ال َغـ َر ْب غــريب جعــر باتــن)‪ ،‬وهــل يبــات حــام ال َغـ َر ْب‬ ‫إال يف مناطــق امليــاه أو غابــات الشــجر؟!‬ ‫شــاءت الظــروف أن أعمــل يف مؤسســة اإلســكان العســكرية لفــرة‬ ‫مــن الزمــن‪ ،‬وذات يــوم تكلفــت مبــروع إنــارة قلعــة جعــر‪ ،‬وحتــى‬ ‫ذلــك الحــن مل أزرهــا بعــد‪ .‬وكــم ُسرت بهــذا التكليــف‪ ،‬ألننــي حينها‬ ‫بــدأت أدرك أهميــة املواقــع التاريخيــة‪ ،‬ورضورة الحفــاظ عليهــا كونها‬ ‫إحــدى أهــم أشــكال الهويــة الوطنيــة والرابــط بــن اإلنســان والتاريــخ‬ ‫والجغرافيــا‪.‬‬ ‫قــررت أن اعــرف تاريخهــا بدقــة أكــر عــن طريــق ممــن يهتمــون‬ ‫بتاريــخ الرقــة‪ ،‬ألننــي وضعــت برنامجــاً محــددا ً يف مخيلتــي‪،‬‬ ‫وتذكــرت حينهــا شــخصني‪ ،‬الصديــق عــي الســويحة‪ ،‬واســتاذنا‬ ‫املوســوعة عبــد الغفــور شــعيب‪ .‬مــررت عليهــا واســتفرست عــن‬ ‫تاريــخ القلعــة‪ ،‬ودونــت بعــض التواريــخ حتــى ال تفقدهــا الذاكــرة‪.‬‬ ‫ذهبــت والشــباب بســيارتني يف صبــاح اليــوم التــايل مــع عــدة ســحب‬ ‫الخطــوط الكهربائيــة إىل القلعــة‪ ،‬وعنــد طلــوع الشــمس ك ّنــا هنــاك‪.‬‬ ‫طلبــت منهــم الوقــوف إىل جانــب أحــد بقايــا حيطانهــا مــن الجهــة‬ ‫الجنوبيــة‪ ،‬وجلــس الشــباب وهــم بحــدود العرشيــن‪ ،‬ينتظــرون‬ ‫التعليــات كالعــادة قبــل بدايــة كل عمــل‪.‬‬ ‫طلبــت مــن الشــباب الجلــوس‪ ،‬وســألتهم إن كان أحــد منهــم يعــرف‬ ‫عــن هــذه القلعــة أي يشء؟ ولألســف‪ ،‬مل يجــب أحــد منهــم بكلمــة‬ ‫مفيــدة عنهــا‪ .‬وقفــت أنظــر إليهــا بشــعور خليــط مــن الفخــر‬ ‫واالعتــزاز برجــال ذلــك الزمــان‪ ،‬الذيــن مل يقفــوا عاجزيــن أمــام‬ ‫الظــروف وعملــوا مــا نعجــز عنــه اليــوم‪ .‬بعــض األبنيــة التاريخيــة‬ ‫برأيــي يجــب أن تحصــل عــى اعرتافنــا بأنهــا تســتحق صفــة القداســة‬ ‫التاريخيــة‪ ،‬ألن وظيفتهــا األوىل كانــت حاميــة حيــاة اإلنســان ومنحــه‬ ‫األمــان والطأمنينــة‪ ،‬وهــل أســمى مــن ذلــك بالنســبة للبــر؟‬ ‫وقفــت أملــس قرميدهــا‪ ،‬وأشــم رائحتــه‪ ،‬وضعــت أذين عــى الحائــط‬ ‫كمــن يتجســس عــى مــن يجلــس خلفــه‪ .‬احتضنــت القرميــد ذو‬ ‫الحمــرة الباهتــة‪ ،‬ناظـرا ً للتفاصيــل التــي اعتنــت بهــا أيــادي أجدادنــا‬ ‫ذات يــوم‪ ،‬يف وضــع كل لبنــة إىل جانــب أخــرى‪ .‬ضحــك أحــد الشــباب‬ ‫وتبعــه آخــرون‪ ،‬حتــى عــ ّم الضحــك الجميــع وجاملتهــم أيضــاً‬ ‫وابتســمت‪ ،‬قلــت‪ :‬لــو شــممتم هــذا القرميــد لرمبــا أحسســتم برائحــة‬ ‫عرقهــم‪ ،‬ولــو وضعتــم آذانكــم لســمعتم املوليــا وهــم يغنونهــا‪ ،‬أو‬ ‫حدائهــم أو نكاتهــم وتعليقاتهــم عــى بعــض مثلكــم متام ـاً عندمــا‬ ‫تأخذكــم حميــة العمــل‪ ،‬مــا ترونــه أمامكــم ليــس بقايــا آثــار مهدمــة‪،‬‬ ‫إنهــا بقيــة جهــد بــري عظيــم بُنــي ليبقــى إىل يومنــا هــذا‪ ،‬لنــأيت‬ ‫وإياكــم بعــد أكــر مــن ألــف عــام لننــوره‪ ،‬وكأين أســمع أرواحهــم‬ ‫الهامئــة حولنــا تقــول هــا هــم أحفادنــا يكملــون مــا بنينــاه‪.‬‬ ‫قــام أحــد الشــباب مــن مكانــه وبــدأ يقلــدين بوضــع أذنــه عــى‬ ‫الحائــط وأشــار إىل البقيــة أن اســكتوا‪ ،‬وحــن ســأله أحــد زمالئــه‬ ‫مــاذا ســمعت؟؟ قــال‪ :‬ســمعتهم يقولــون نحــن كل يــوم كنــا نتغــدى‬ ‫عــى حســاب رئيــس الورشــة كبــاب‪ ،‬ضحكــوا وضحكــت معهــم عــى‬ ‫هــذه الحيلــة اللطيفــة التــي أخرجوهــا برسعــة‪ ،‬ووعدتهــم أنهــم‬ ‫ســيتغدون كبــاب‪ ،‬وكانــت مدينــة الطبقــة قريبــة مــن املوقــع كــا‬ ‫يعلــم الجميــع‪ ،‬وكان الغــداء عــى املوعــد‪.‬‬ ‫أخرجــت الورقــة مــن جيبــي وفتحتهــا بهــدوء وأنــا أنظــر إليهــم‪.‬‬ ‫قلــت‪ :‬لــو تعلمــون قيمــة هــذا املــكان لدولــة كانــت مــن أعظــم‬ ‫الــدول ذات يــوم‪ ،‬دولــة لهــا هيبتهــا‪ ،‬ويُحســب حســابها مــن القريــب‬ ‫ِ‬ ‫أمطــرت‬ ‫والبعيــد‪ .‬دولــة قــال أحــد خلفائهــا لغيمــة عابــرة‪ :‬أينــا‬ ‫ســيأتيني خراجــك‪ ،‬حدثتهــم عــن بدايــة الدولــة العباســية وخلفائهــا‬ ‫الكبــار ابتــداء بــأيب العبــاس الســفاح إىل حــن ســقوطها‪ ،‬ومنــذ ذلــك‬ ‫اليــوم مل تقــم قامئــة لدولــة عربيــة عظيمــة كــا كانــت حــن بنــاء‬ ‫هــذه القلعــة‪.‬‬ ‫بعــد أن ذكــرت لهــم تاريــخ بنائهــا ووظيفتهــا باختصــار‪ ،‬قلــت لهــم‬ ‫أكرمــوا وأمتــوا عمــل أجدادكــم‪ ،‬والفضــل ألولئــك األجــداد أســكن‬ ‫وإياكــم هــذه األرض وهــذا النهــر وهــذه البــاد‪.‬‬ ‫بعــد عــدة أيــام مــن العمــل الجــاد‪ ،‬مــن مــد األســاك وتوزيــع اإلنارة‪،‬‬ ‫وصــل الرفــاق الحزبيــون كعادتهــم ليشــعلوا ملبــة ويأخــذوا صــورة‬ ‫لهــم أمــام إنجازاتهــم‪ ،‬ويكتبــوا يف الجريــدة‪ ،‬يف يــوم كــذا‪ ،‬ومبناســبة‬ ‫كــذا‪ ،‬قــام الرفــاق فــان وفــان وعــدد مــن أعضــاء الحــزب‪ ،‬وتحــت‬ ‫رعايــة الرفيــق املحافــظ والرفيــق أمــن فــرع الحــزب بتدشــن إنــارة‬ ‫قلعــة جعــر‪ .‬وفعـاً أنــرت جعــر‪ ،‬وأصبحــت تُــرى مــن بعيــد كمنارة‪،‬‬ ‫وكأن بُ َناتهــا األوائــل مــا زالــوا يحيــون فيهــا وكأين أســمع أصواتهــم‪،‬‬ ‫جنــود يتكلمــون بــكل لهجــات بــاد العــرب‪ ،‬يحمــون شــال الدولــة‬ ‫العباســية مــن اعتــداءات الــروم‪.‬‬ ‫هكذا العمل يا رفاق؟!!‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫فتور اجلبهات‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫رمبــا كان لشــهر رمضــان املبــارك دو ٌر يف‬ ‫مــا تشــهده الجبهــة السياســية الســورية مــن‬ ‫فتــور‪ ،‬عــى العكــس مــا تشــهده الجبهــة‬ ‫العســكرية مــن اشــتعال‪ ،‬إال أنــه رغــم هــذا‬ ‫الفتــور فقــد حــدث مــا ميكــن وصفــه بغــر‬ ‫املرتقــب مــا أعتقــد أنــه ســيكون لــه –أو‬ ‫لبعضــه عــى األقــل– تأثــر عــى مجريــات‬ ‫الكارثــة الســورية‪.‬‬ ‫مــن هــذا الرســالة التــي وجههــا عد ٌد من‬ ‫الدبلوماســيني األمريكيــن إىل إدارة الرئيــس‬ ‫اوبامــا يصفــون فيهــا سياســته تجــاه الكارثــة‬ ‫الســورية –وتعبــر الكارثــة منــي– بالفاشــلة‬ ‫ويطالبونــه بتغيريهــا‪ ،‬واتخــاذ مواقــف‬ ‫أكــر حزمــاً تجــاه النظــام الســوري تصــل‬ ‫إىل درجــة اســتخدام القــوة ضــده إلجبــاره‬ ‫عــى أن يكــون جدي ـاً يف مفاوضــات جنيــف‬ ‫الهادفــة إىل تحقيــق االنتقــال الســيايس‪.‬‬ ‫أي تأثــر‬ ‫هــذه الرســالة ليــس لهــا ُ‬ ‫عــى اإلدارة األمريكيــة‪ ،‬ورمبــا كان تأثريهــا‬ ‫الوحيــد هــو تأكيدهــا للمؤكــد الــذي هــو‬ ‫ـذب هــذه اإلدارة وخدا ُعهــا وكَيلُهــا بأكــر‬ ‫كـ ُ‬ ‫مــن مكيــال‪ ،‬بــل وغطرســتها أيضـاً إذ يصفهــا‬ ‫الوزيــر كــري بعــد أن درســها بالجيــدة جــدا ً‬ ‫قبــل أن يرم َيهــا يف ســلة املهمــات‪.‬‬ ‫ومــن هــذا تطبيــع العالقــات الرتكيــة‬ ‫اإلرسائيليــة بعــد التوتــر الــذي أصابهــا‬ ‫إثــر الهجــوم عــى الســفينة مرمــرة‪ ،‬وقتــل‬ ‫ناشــطي ســام أتــراك عــى يــد القــوات‬ ‫اإلرسائيليــة‪ ،‬وقــد القــى االتفــاق الــريك‬ ‫اإلرسائيــي عــى التطبيــع ردودا ً تفاوتــت بــن‬ ‫التحبيــذ واالستحســان والتوجــس والقلــق‪.‬‬ ‫يجــب االنطــاق يف مقاربــة هــذا‬

‫يف اليمــن‪ ،‬ودعمهــا ملفاوضــات الكويــت‬ ‫اليمنيــة‪ ،‬بالرغــم مــن الغطرســة التــي‬ ‫يبديهــا الحوثيــون وصالــح‪ ،‬ويســخر مــن‬ ‫اإلدارة األمريكيــة الحليــف الكبــر للبلديــن‬ ‫التــي تشــتغل اآلن بإعــادة صياغــة إيــران‬ ‫وتجميلهــا‪ ،‬متهيــدا ً لعودتهــا إىل املجتمــع‬ ‫الــدويل كدولــة معتدلــة ومســاملة‪.‬‬

‫التطبيــع مــن أنــه عمــل ســيادي تــريك ال‬ ‫يجــب أن يخضــع للتجــاذب مــن أيــة أطـراف‬ ‫أخــرى وتحــت أيــة حجــة كانــت‪ ،‬ويف‬ ‫اعتقــادي فــإن مــن املمكــن لهــذا التطبيــع‬ ‫أن يُنتــج آثــارا ً إيجابيــة عندمــا يُعطــي لرتكيــا‬ ‫الفرصــة للبحــث مبــارش ًة مــع اإلرسائيليــن‬ ‫يف مواقفهــم مــا يجــري يف ســورية‪ ،‬وغــر‬ ‫خـ ٍ‬ ‫ـاف عــى أحــد اآلن مــا إلرسائيــل مــن دور‬ ‫رئيــس يف الكارثــة الســورية‪ ،‬عــى الرغــم مــن‬ ‫أن األجــواء الســائدة يف اإلقليــم واألهــداف‬ ‫االســراتيجية املتضاربــة لدولــه ال تــي‬ ‫بتحــوالت دراماتيكيــة عــى هــذا الصعيــد‪.‬‬ ‫واألمــر نفســه ينطبــق عــى العالقــات‬ ‫الرتكيــة الروســية التــي بــدأ الــدفء يــري يف‬ ‫أجوائهــا‪ ،‬إذ مــن املنطقــي أنــه كلــا ضاقــت‬ ‫دائــرة «املناكفــن» لرتكيــا‪ ،‬كلــا اتســعت‬ ‫دائــرة تأثريهــا إيجابيــاً عــى مــا يجــري يف‬

‫اإلقليــم‪ .‬وترصيــح الفــروف حــول جهــد‬ ‫مشــرك لحــل األزمــة الســورية بعــد رسيــان‬ ‫الــدفء دليــل عــى ذلــك‪.‬‬ ‫هــذه أحــداث تتفــاوت يف أهميتهــا‬ ‫متــس القضيــة‬ ‫وقعــت يف فــرة الفتــور‬ ‫ّ‬ ‫الســورية بشــكلٍ أو بآخــر‪ ،‬وهنــاك أمــران‬ ‫ميســانها يف الدائــرة األضيــق‪ ،‬األول‬ ‫آخــران ّ‬ ‫هــو الرســالة التــي وجههــا الســيد ميشــيل‬ ‫كيلــو إىل حســن نــر اللــه ويطلــب فيهــا‬ ‫منــه االنســحاب مــن األتــون الســوري‪ ،‬هــذه‬ ‫الرســالة مل تُــر عنــدي إال ســؤاالً واحــدا ً‪ :‬هــل‬ ‫األســتاذ كيلــو مــن الســذاجة إىل حـ ٍـد يعتقــد‬ ‫معــه أن حســن نــر اللــه الــذي يتلقــى حتى‬ ‫مــروف جيبــه مــن إيـران‪ ،‬كــا اعــرف هــو‬ ‫يف خطابــه األخــر – هــو صاحــب الق ـرار يف‬ ‫التدخــل يف ســورية أو يف االنســحاب منهــا؟‬ ‫وهــل تخفــى عــى الســيد كيلــو بدهيــة أن‬

‫مــن يدفــع هــو صاحــب الق ـرار؟‬ ‫والثــاين هــو املقــال الــذي كتبــه الســيد‬ ‫جــال خاشــقجي يف جريــدة الحيــاة‪ ،‬ونــره‬ ‫موقــع تــرك بــرس يف ‪ 2016/6/29‬وفيــه‬ ‫يدعــو الســعودية وتركيــا إىل عــدم إضاعــة‬ ‫فرصــة كســب الســباق إىل الرقــة‪ ،‬ويقــرر فيــه‬ ‫حقـاً أن تركيــا والســعودية أهدرتــا أكــر مــن‬ ‫فرصــة يف ســورية‪ ،‬وأنهــا لــو تدخلتــا مبكـرا ً‬ ‫أقــل كلفــ ًة‬ ‫لحســم مســألتها لــكان ذلــك ّ‬ ‫مــا تدفعانــه اآلن‪ ،‬ويقــول إن الســعودية‬ ‫مل تنتظــر اوبامــا يف اليمــن فلِــ َم تنتظــره‬ ‫يف ســورية؟ وهــو يعــرف جيــدا ً أن األمــر‬ ‫ليــس كذلــك‪ ،‬فالســعودية مل تدخــل اليمــن‬ ‫دون املوافقــة األمريكيــة وال تســتطيع –مــع‬ ‫األســف– أن تتجــاوز الحــدود املرســومة لهــا‪،‬‬ ‫واألدلــة عــى ذلــك كثــرة‪ ،‬أهمهــا هــو عــدم‬ ‫قــدرة الســعودية عــى الحســم العســكري‬

‫هــذا املقــال خطــر ألنــه يحمــل يف طياته‬ ‫دعــوة إىل إعــادة تأهيــل النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ويدعــو تركيــا والســعودية إىل القبــول بفكــرة‬ ‫قتــال داعــش اآلن‪ ،‬ويعتــر أن رفــض العــرض‬ ‫األمريــي للمعارضــة الســورية لقتــال داعــش‬ ‫فقــط‪ ،‬كان خطــأً ارتكبتــه‪ ،‬وأنهــا أدركــت‬ ‫خطأهــا‪ ،‬وأنهــا ندمــت عليــه‪ ،‬فهــل ندمــت‬ ‫حقـاً بعــد أن أدركتــه؟ أم تراه يقـ ّول املعارضة‬ ‫مــا مل تقلــه؟ ومــا رأي املعارضــة يف ذلــك؟ أم‬ ‫أن يف األفــواه غــر املــاء؟ ويقــدم للمعارضــة‬ ‫جــزرة أنها ســتتلقى دعـاً سياســياً يف جنيف‪،‬‬ ‫وســيتوفر لهــا الســاح الكثــر الــذي ســيمكّنها‬ ‫مــن إلغــاء مغامــرة األكــراد االنفصاليــة‪،‬‬ ‫ويجهزهــم للمفاصلــة الكــرى مــع النظــام‪.‬‬ ‫وإذا مل نفــرض حســن النيــة‪ ،‬أليــس يف هــذا‬ ‫ترويــج ملــا ال أعتقــد أن الســوريني يريدونــه ال‬ ‫عربـاً وال كــردا ً؟ وتــزداد خطــورة هــذا املقــال‬ ‫إذا عرفنــا أن الســيد الخاشــقجي قريــب مــن‬ ‫دوائــر صنــع الق ـرار يف الســعودية‪.‬‬ ‫يحــدث هــذا يف فــرة الفتــور التــي‬ ‫تســود الجبهــة السياســية الســورية‪ ،‬ونســأل‬ ‫رش‬ ‫اللــه يف هــذه األيــام الفضيلــة أن يكفينــا ّ‬ ‫أصدقائنــا‪ ،‬أمــا أعداؤنــا فإننــا بعونــه نتك ّفــل‬ ‫بهــم‪ ،‬ذلــك أن الشــعب الســوري صــاح منــذ‬ ‫أيــام ثورتــه األوىل‪ :‬مــا لنــا غــرك يــا اللــه‪.‬‬

‫من الفوضى إىل التفاوض‬ ‫تتــأىت تقاليــد املجتمــع الرشقــي عــر تراكامت‬ ‫طويلــة يف عاداتــه‪ ،‬وأحوالــه‪ ،‬وثقافتــه املوروثــة‪،‬‬ ‫لكــن نزوع ـاً طبيعي ـاً يكمــن يف نفــوس أف ـراده‬ ‫لتجــاوز هــذا االعتيــاد وتحطيمــه‪ ،‬بشــكل‬ ‫جعــل منــه عرضــة للتفكيــك والهــدم والتحــري‬ ‫والتفــرد والغطرســة والتقديــس‪ ،‬إىل مــا طفــى‬ ‫عــى الســطح مــن برامــج ملظلوميــات جعلــت‬ ‫مــن األقليــات الدينيــة واالثنيــة محــل تنــازع‬ ‫وتشــكيك مبــا ميكــن أن تــؤول إليــه حالــة‬ ‫املجتمــع الســوري‪ ،‬ومــا ميكــن أن تكــون عليــه‬ ‫شــكل قــواه الحيــة‪.‬‬ ‫وقــد زاد مــن هــذه الحــال مضاعفــات مــن‬ ‫الفــوىض خــال ســنني خمــس‪ ،‬تجلــت بفشــل‬ ‫االختبــار لــكل هــذه الروابــط التقليديــة‬ ‫واألهليــة‪ ،‬فامجــت وراجــت االنفعــاالت‬ ‫والهيجانــات‪ ،‬وصــارت الهمجيــة والطيــش بديالً‬ ‫عــن االنضبــاط القــري‪ ،‬كــا صــارت الفــوىض‬ ‫بديــاً لحالــة األحــكام العرفيــة يف ســوريا‪.‬‬ ‫قــذف ذاك املــوج املتالطــم الكثري من الســوريني‬ ‫نحــو شــواطئ الضيــاع‪ ،‬فــا هــم اســتطاعوا‬ ‫تغيــرا ً لنظامهــم الســيايس واالجتامعــي‪،‬‬ ‫وال هــم منحــازون إىل اســتمرار الحــال كــا‬ ‫كانــت عليــه مــن القهــر واالضطهــاد‪ ،‬وغيــاب‬ ‫الحريــات العامــة والفرديــة‪ ،‬فض ـاً عــن أنــه مل‬ ‫يعــد باإلمــكان إعادتهــم إىل بيــت الطاعــة‪.‬‬ ‫مــا يشــعر بــه الســوريون مــن مختلــف مللهــم‬ ‫وطوائفهــم وأجناســهم‪ ،‬أنــه مثــة رابــط يربطهــم‬ ‫جميعـاً بالرغــم مــن أنــه أصبــح واهيـاً ومتهتكاً‪،‬‬ ‫وأن ســوريتهم تشــكل مخرجـاً لجميــع مآزقهــم‬

‫النفســية واالجتامعيــة والسياســية بعــد أن‬ ‫جربــوا صنــوف الــذل واملهانــة والتــرد والقتــل‬ ‫دون أن يعــي أحدهــم كيــف ومتــى يســتطيع‬ ‫أن يكــون ســورياً بالشــكل النهــايئ دون العــودة‬ ‫إىل الفــوىض أو االســتبداد‪ .‬إذ مل يتــوا َن أحــد‬ ‫م ّنــا يف غمــرة الحــدث الســوري إال وجعــل لــه‬ ‫اصطفاف ـاً ضيق ـاً «وأراه مــن الحقــوق التــي ال‬ ‫تقبــل النقــاش» ملــن يلــح بالتعبــر عــن نفســه‬ ‫ضمــن حالــة الهويــة الفرعيــة‪ ،‬لكــن املؤســف‬ ‫يف األمــر أن هــذا العــزف املنفــرد وهــذا النــوع‬ ‫مــن االنتــاء غالبــاً مــا كان عشــوائياً‪ ،‬وليــس‬ ‫لصاحبــه أي قــرارات مســبقة لالنعتــاق يف‬ ‫الحالــة الســورية مــن زاويــة التطابــق بــن مــا‬ ‫هــو مصلحــة فرديــة وجامعاتيــة‪ ،‬وبــن مــا هــو‬ ‫ســوري جامــع‪.‬‬ ‫تعــززت هــذه الحالــة بذهــاب البعــض م ّنــا إىل‬ ‫حالــة االعتصــام بالقــوة‪ ،‬ومــا ارتبــط بهــا مــن‬ ‫عنــف مفــرط‪ ،‬رسعــان مــا أصبحــت مســتوعبا‬ ‫ملشــاريع متطرفــة‪ ،‬أُريــ َد لهــا أن تكــون أداة‬ ‫ضغــط وضامنــة تفتيــت للعضــد الســوري‪.‬‬ ‫عزاؤنــا ألنفســنا نحــن الســوريني فيــا يجــري‬ ‫عــى األرض الســورية‪ ،‬أن كل شــعوب العــامل‬ ‫مـ ّرت أو أنهــا ســتمر يف هــذا املــأزق التاريخــي‪،‬‬ ‫ومــا يجــب أن نحــرص عليــه ليــس بالــرورة‬ ‫جلــد الــذات أو األســف مــا يجــري‪ ،‬وإمنــا‬ ‫أن ننحــاز بشــكل واع إىل مــروع الدولــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وبالصيغــة التــي تضمــن التنــوع‬ ‫والحقــوق واملشــاركة السياســية واإلداريــة‪،‬‬ ‫والنظــر إىل حــاالت التحــرز الطائفــي والقومــي‬ ‫عــى أنهــا حــاالت طبيعيــة ناتجــة عــن فقــدان‬

‫الثقــة بــن املكونــات‪ ،‬وهــو أمــر واقع ومســتمر‬ ‫ال محالــة مــا مل يجــ ِر العمــل عــى تجديــد‬ ‫العقــد االجتامعــي بضامنــات تجعــل مــن‬ ‫جميــع هــذه املكونــات الــركاء الحقيقيــن‬ ‫يف السياســة واالقتصــاد واإلدارة‪ ،‬ولتبقــى‬ ‫الخصوصيــة الثقافيــة ألي مكــون هــي التفــرد‬ ‫الــذي يجــب أن يحــرم مــن اآلخريــن يف البيئــة‬ ‫الخاصــة‪ ،‬أكان اثنيــاً أو مذهبيــاً أو طائفيــاً‪،‬‬ ‫فيحقــق الثقــة وال يعــود اآلخــر بحاجــة إىل‬ ‫البحــث والســعي نحــو حقــه يف تقريــر املصــر‪.‬‬ ‫ورمبــا بهــذا ً أيضــاً ال يعــود اآلخــر بحاجــة إىل‬ ‫اســتجداء تحالفــات دوليــة تقــوم عــى مبــدأ‬ ‫االســتقواء مــن طــرف عــى طــرف آخــر‪ ،‬وال‬ ‫يســوقنا ذلــك إىل التســابق باتجــاه التضحيــة‬ ‫بخياراتنــا الوطنيــة‪ ،‬وتســخريها يف خدمــة‬ ‫منــاخ االســتثامر يف األزمــة الســورية‪ ،‬فيتقلــص‬ ‫تبــادل املصالــح إىل حــدود إدارة ســورية ذات‬ ‫بعــد ديبلومــايس وســيايس واتفاقيــات تعــر‬ ‫عــن الســوريني عموم ـاً‪ ،‬وتحقــق لهــم املصالــح‬ ‫العليــا‪.‬‬ ‫مل يفلــح الســوريون كثــرا ً يف تحويــل الثــورة‬ ‫وفعالياتهــا الســلمية إىل برنامــج واضــح املعــامل‪،‬‬ ‫يقــوم عــى مبــدأ صيانــة غايتهــم منهــا بوســائل‬ ‫مرشوعــة‪ ،‬وشــكل اختــال هــذا الحــق االنســاين‬ ‫والحضــاري إىل انحــراف الغايــات والوســائل‪،‬‬ ‫فصــار العنــف والتطــرف لهــا مــن التربيــر‬ ‫مــا يكفــي النح ـراف غايــة وحاجــة الســوريني‬ ‫إىل الثــورة مــن أجــل الحريــة والكرامــة‪ ،‬وصــار‬ ‫الســعي لالســتحواذ عــى أنشــطة وفعاليــات‬ ‫الثــورة والتخنــدق يف شــعارات مــا قبــل ســورية‬

‫هــو الغايــة الرئيســية‪ ،‬كــا بــرز االســتثامر‬ ‫أكــر يف التحــوالت الســورية دوليــاً وإقليميــاً‪،‬‬ ‫ففتــح البــاب عــى مرصاعيــه يف قضيــة‬ ‫االحتفــاء مبشــاريع عابــرة للحــدود ومركزتهــا يف‬ ‫ســوريا لتكــون جــزءا ً مــن عمليــات املســاومة‬ ‫والضغــط والنفــوذ‪ ،‬وتثبيــت الحــق يف مقارعتهــا‬ ‫ومكافحتهــا عــى األرض الســورية حتــى وجدت‬ ‫املعارضــة نفســها مرغمــة عــى التفــاوض مــع‬ ‫النظــام بخيــارات انحــرت إىل حيــز محــدود‬ ‫خــارج التطــرف الــذي وصمــت بــه‪ ،‬فشــكلت‬ ‫قصــة النفــاذ مــن جديــد نحــو السياســة‬ ‫والتفــاوض فرصــة أخــرة تقــوم عــى الــا‬ ‫تكافــؤ مــع النظــام بعــد تعبئــة األخــر لحلفائــه‬ ‫يف العمليــة التفاوضيــة‪ ،‬ومحاولتــه الهيمنــة‬ ‫عــى مجرياتهــا مــن «جنيــف» إىل «فينــا» إىل‬ ‫«بروكســل»‪ .‬ومــا تـزال محاولــة إرشاك منظامت‬ ‫ومنصــات مدنيــة لتكــون مجــاالً وســطاً بــن‬ ‫املعارضــة والنظــام‪ ،‬يشــكل فرصــة أخــرة لرســم‬ ‫مالمــح منهكــة تتلمــس أن تنهــض باحتياجــات‬ ‫الســوريني اإلنســانية والحقوقيــة‪ ،‬بعيــدا ً عــن‬ ‫صفقــات ومشــاريع اإلعــار التــي يرتقبهــا‬ ‫مجموعــة أصدقــاء ســوريا‪ ،‬وهــي العــادة التــي‬ ‫جــرى ترتيبهــا يف كل مــرة تنهــار فيــه إحــدى‬ ‫بلــدان املنطقــة‪.‬‬ ‫يف هــذا الســياق املنتفــخ بــكل ألــوان الفــوىض‬ ‫واإليــام والتشــتت والــردي‪ ،‬ال بــد وأن تنضــج‬ ‫يف الوجــدان الســوري حالــة مــن اإلميــان بــأن‬ ‫السياســة هــي املخــرج الرئيــي والوحيــد يف‬ ‫أن يتــواءم الســوريون حــول مائــدة الحــوار‬ ‫الســيايس لتحديــد صياغــات نهائيــة‪ ،‬تنقــل‬

‫محمد صبحي‬ ‫ســوريا مــن االســتبداد والتطــرف إىل التعدديــة‬ ‫والدميقراطيــة‪ ،‬التــي يــرى فيهــا الجميــع أن‬ ‫الحقــوق مصانــة يف دولــة القانــون‪ ،‬ولــن يتــم‬ ‫ذلــك إال بعــد تحويــل امليليشــيات املســلحة‬ ‫إىل جيــش ســوري يدافــع عــن اإلرادة الســورية‬ ‫املوحــدة‪ ،‬التــي تقطــع كليــاً مــع العنــف‬ ‫والعنــف املضــاد‪.‬‬ ‫ولــدى تحليــل املشــهد العنفــي يف ســوريا‬ ‫نجــد أن اجتــاع ثــاث ســيطرات مســلحة‬ ‫يف ســوريا قــد يســحب البســاط مــن يــد‬ ‫العابثــن يف الوضــع الســوري‪ ،‬إحداهــا القــوى‬ ‫والفصائــل املرتبطــة مبنصــة الريــاض واألخــرى‬ ‫التــي تحتــوي عــى بقايــا جيــش النظــام وأخـرا ً‬ ‫انضــام قــوات ســوريا الدميقراطيــة والقــوى‬ ‫السياســية التــي تدعمهــا إىل التفــاوض‪ ،‬وهــو‬ ‫املشــهد الــذي قــد يفــرض عــى الســوريني مــن‬ ‫قبيــل القــرارات التنفيذيــة لــإرادة الدوليــة‬ ‫إن مل تســ َع إليــه األطــراف الســورية بإرادتهــا‬ ‫التفاوضيــة ومشــيئتها الحــرة‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ما الثورة الدينية‪ :‬احلضارات التقليدية يف مواجهة احلداثة‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫العــداء الدينــي للغــرب ولــكل مــا هــو غــريب‪،‬‬ ‫هــل هــو ثــورة دينيــة؟‬ ‫وملاذا تفشل الثورات الدينية يف العامل القديم؟‬ ‫ومــا هــي األســباب الثقافيــة والفلســفية لهــذا‬ ‫الفشــل‪ ،‬وهــل العــداء للغــرب مجــرد رد فعــل عــى‬ ‫تضــاؤل القيــم الروحانيــة الغربيــة‪ ،‬وتضخــم قيــم‬ ‫التجربــة والقيــاس واملنفعــة؟‬ ‫ال ليست األمور كذلك!‬ ‫يــرد مؤلــف كتــاب الثــورة الدينيــة‪ ،‬ويقــول إن‬ ‫عجــز النخــب الدينيــة والثقافيــة عــن فهــم الحداثة‬ ‫الغربيــة وتراكامتهــا املعرفيــة منــذ نحــو خمســة‬ ‫قــرون‪ ،‬والتــي انطلقــت بشــكل ِفعــي منــذ ثــورة‬ ‫كوبرنيكــوس العلميــة‪ ،‬وقدمــت التجربــة عــى‬ ‫التصــورات الذهنيــة‪ ،‬وجعلــت الفلســفة النفعيــة‬ ‫أســاس التفكــر بــدالً مــن القيــم الدينيــة التــي‬ ‫ترفــض القيــاس والتجربــة‪ ،‬وتعتمــد عــى اإللهــام‬ ‫وعــى التجــي الروحــي‪ ،‬واإلرشاق‪ ،‬واملصادقــة عــى‬ ‫كل املقــوالت الدينيــة ملجــرد اكتســائها بوعــود‬ ‫العقــاب والثــواب!‬ ‫لقــد قطــع الفكــر الغــريب حبــل منظومــة التفكــر‬ ‫الدينــي‪ ،‬الــذي يصــل بــن الحــدث البــديئ املتمثــل‬ ‫بفيــض اإللهــام الدينــي أو نــزول الوحــي‪ ،‬ونقطــة‬ ‫النهايــة املتمثلــة باملــوت‪ ،‬فالحديــث الدينــي بــكل‬ ‫تجلياتــه مبــا فيهــا األديــان واملذاهــب اآلســيوية‬ ‫يربــط كالمــه بــن نقطتــن‪ ،‬نقطــة البــدء ونقطــة‬ ‫الوصــول‪ ،‬وكل التوجيهــات املرتاكمــة يف الفكــر‬ ‫الدينــي معنيــة باملســر بــن النقطتــن‪ ،‬وخــارج كل‬ ‫منفعــة وتجربــة وقيــاس علمــي!‬ ‫بعــد هــذا القطــع تحــول الــكالم الدينــي بالنســبة‬ ‫للغــرب إىل مجــرد كالم أديب غــر معنــي بالحقائــق‬ ‫املوجــودة‪ ،‬واملقاســة‪ ،‬واملنتجــة لــآالت والعلــوم‬ ‫النفعيّــة‪ ،‬لقــد أجهــض الفكــر الغــريب‪ ،‬منــذ ثــورة‬ ‫كوبرنيكــوس‪ ،‬هــذا الــدوران يف املــكان‪ ،‬وأخــرج‬ ‫اإلنســانية إىل آفــاق جديــدة منتجــة‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫عدم ّيــة‪ ،‬وخاليــة مــن األبعــاد الروحيــة التــي كانــت‬ ‫تطمــن اإلنســان عــر القــرون الغابــرة‪ ،‬وناقــش‬ ‫الكاتــب العدميــة يف الفكــر الغــريب‪ ،‬بكونهــا مرحلــة‬ ‫انتقاليــة‪ ،‬ال بــد للفكــر اإلنســاين مــن أن يتجاوزهــا‪،‬‬ ‫ولــو بعــد زمــن بعيــد‪ ،‬ورضب مثــاالً عــى العدميــة‬ ‫الفلســفية بعدميــة نيتشــه ودرس تداعياتهــا‪.‬‬ ‫التنظيــات الدينيــة اليــوم‪ ،‬والــدول الدينيــة مثــل‬ ‫إيـران تشــن أعتــى الحمــات ضــد الغــرب‪ ،‬وتراكــم‬ ‫العــداء ملبــادئ الغــرب املاديــة والخاليــة مــن‬ ‫الــروح‪ ،‬لكــن املفارقــة بــأن إيــران‪ ،‬والتنظيــات‬ ‫الدينيــة املتطرفــة‪ ،‬غــر قــادرة عــى اإلنتــاج‬ ‫والتطــور‪ ،‬واملأســاة الكــرى هــي أنهــا غــر قــادرة‬ ‫أبــدا ً عــى االســتغناء عــن املنتوجــات الغربيــة‪ ،‬مــن‬ ‫تكنولوجيــا حديثــة تيــر حيــاة النــاس‪ ،‬بــل حتــى‬ ‫أســلحة تحتاجهــا هــذه الــدول والتنظيــات لتدمــر‬ ‫الغــرب!!‬ ‫الدين واالستعانة بنوع من املاركسية‬ ‫املبتذلة‪:‬‬ ‫عــدم فهــم املنظومــات الدينيــة للغــرب وللمنهــج‬ ‫الــذي اختطتــه الحضــارة الغربيــة أحــد أســباب‬ ‫العــداء‪ ،‬وال ســبيل أمــام النخــب العربيــة والرشقيــة‬ ‫عمومـاً إال إعــادة محــاوالت فهــم الغــرب‪ ،‬وتفحــص‬ ‫منهجــه واالســتفادة مــن قدراتــه الثوريــة املتجــاوزة‬ ‫للمنظومــة الدينيــة التقليديــة‪ ،‬التــي كانــت عــر‬ ‫تســر حيــاة النــاس‪ ،‬بعيــدا ً‬ ‫التاريــخ اإلنســاين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عــن الغرائــز البدائيــة مــن جهــة‪ ،‬وبعيــدا ً عــن‬ ‫إطــاق طاقــات الفــرد وحرياتــه اإلبداعيــة مــن‬ ‫ناحيــة أخــرى‪ ،‬لقــد خدمــت املنظومــات الدينيــة‬ ‫التقليديــة‪ ،‬كــا يقــول املؤلــف الفكــر اإلنســاين‪،‬‬ ‫ومنعتــه مــن البقــاء يف الوحشــية الغرائزيــة‬ ‫والبدائيــة‪ ،‬ولكنهــا ك ّبلــت عقــل اإلنســان‪ ،‬بقيــم‬ ‫واعتقــادات ترفــض أن يُربهــن عــى صحتهــا‪ ،‬أو أن‬ ‫ت ُقــاس الحقائــق املتأتيــة مــن بنــات أفكارهــا!‬ ‫وجــدت املنظومــات الدينيــة ضالتهــا يف التعبئــة ضد‬

‫الغــرب يف مزيــج مــن التاريــخ الســيايس الدينــي‪،‬‬ ‫ومــن املاركســية املبتذلــة‪ ،‬التــي تنــدد بــكل أفعــال‬ ‫الغــرب وبــكل قيمــه – وكــا يقــول املؤلــف‪ -‬فــإن‬ ‫هــذه املاركســية متأتيــة مــن الفهــم اللينينــي‬ ‫للامركســية‪ ،‬وليــس مــن املاركســية نفســها‪ ،‬التــي‬ ‫كانــت فلســفة متكاملــة‪ ،‬ضمــن الســياق العــام‬ ‫لتطــور التيــارات الفلســفية يف الغــرب‪ ،‬إبــان قــرون‬ ‫التحــ ّول الســابقة‪.‬‬ ‫فاللينينيــة حســب املؤلــف مســخت الفلســفة‬ ‫املاركســية‪ ،‬وح ّولتهــا إىل مجــرد أيدلوجيــة تبســيطية‬ ‫أحاديــة التفكــر‪ ،‬وغــر علميــة يف أفكارهــا ويف‬ ‫مقوالتهــا‪ ،‬فالهــدف مــن ذلــك هــو الوصــول إىل‬ ‫األهــداف السياســية‪ ،‬وليــس الفهــم الفلســفي‪،‬‬ ‫فاأليدلوجيــا متســخ الفلســفة‪ ،‬وتحولهــا إىل مجــرد‬ ‫مقــوالت جاهــزة‪ ،‬ومقولبــة‪ ،‬وغــر قابلــة إلعــادة‬ ‫التفكــر وال النقــد أو إعــادة البنــاء‪.‬‬ ‫وهــا هــي التنظيــات الدينيــة تحـ ّول األديــان‪ ،‬ذات‬ ‫التاريــخ العظيــم يف إنقــاذ اإلنســانية‪ ،‬إىل مجــرد‬ ‫مقــوالت ممســوخة‪ ،‬تعــادي الغــرب‪ ،‬وتعــادي‬ ‫الحضــارة‪ ،‬رغــم كلبيتهــا الشــديدة يف االنكبــاب‬ ‫عــى اســتهالك املنتجــات الحضاريــة الغربيــة‪ ،‬مــن‬ ‫الســيارة إىل املوبايــل إىل االنرتنــت‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫الســاح وتقنياتــه التدمرييــة‪ ،‬وإىل مركبــات الــي‬ ‫فــور الحديثــة واملعقــدة‪ ،‬التــي ت ُعتــر متفجــرات‬ ‫محبوبــة لــدى مصممــي املفخخــات!‬ ‫ويف نفــس منظومــة التفكــر املعتمــدة يف الكتــاب‪،‬‬ ‫ومــن خــارج مــن الكتــاب‪ ،‬تــروى عــن معلــم فيزياء‬ ‫وكيميــاء يف إحــدى القــرى الســورية‪ ،‬التــي اســتولت‬ ‫عليهــا جامعــة إســامية متطرفــة‪ ،‬أنــه جوبــه بتهمــة‬ ‫الكفــر ألنــه يــد ّرس العلــوم الغربيــة الكافــرة‪،‬‬ ‫وعندمــا ر ّد عليهــم برباهــن علميــة وتاريخيــة عــن‬ ‫الفيزيــاء والكيميــاء يف تاريــخ الحضــارة اإلســامية‪،‬‬ ‫مل يؤبــه لــكل كالمــه‪ ،‬حتــى اســتدرك أخ ـرا ً‪ ،‬بأنــه‬ ‫ال ميكــن صنــع املتفجـرات مــن دون علــم الفيزيــاء‬ ‫والكيميــاء التــي يحمــل شــهادة بهــا‪ ،‬ويــد ّرس‬ ‫موادهــا يف مدرســته القرويــة! عندهــا تــم العفــو‬ ‫عنــه بــرط أن يحــذف كل الــدروس‪ ،‬عــدا الــدرس‬ ‫الــذي يعلّــم األطفــال فنــون صنــع املتفجـرات‪ ،‬ألنها‬ ‫تنفــع األمــة وتنرصهــا عــى القــوم الكافريــن!!!!‬ ‫علي شريعيت والشعارتية األيدلوجية‪:‬‬ ‫يتحــدث الكاتــب عــن منــوذج لدمــج املاركســية‬ ‫املبتذلــة بالديــن اإلســامي‪ ،‬وهــو فكــر ومقــوالت‬ ‫عــي رشيعتــي الــذي ص ّنــع معظــم الشــعارات‬ ‫اإليرانيــة املعاديــة للغــرب‪ ،‬رغــم أنــه مــن خريجــي‬ ‫لنــدن‪ ،‬ومــن الذيــن عاشــوا يف الغــرب‪ ،‬فهــو يدمــج‬ ‫الشــعارات الشــيع ّية‪ ،‬وعــودة املهــدي باللينينيــة‬ ‫املعاديــة للغــرب‪ ،‬والتــي اجرتحــت الكثــر مــن‬ ‫الشــعارات التــي تحولــت بيــد عــي رشيعتــي‬ ‫وأمثالــه إىل تكفرييــة سياســية تناصــب كل مــا هــو‬ ‫غــريب العــداء التــام!‬ ‫ويتحــدث الكاتــب عــن اســتغالل االيدلوجيــات‬ ‫الدينيــة التعبويــة لظاهــرة فقــدان الفــرد لعقلــه‪،‬‬ ‫عندمــا يكــون ضمــن مجموعــة تهتــف بشــعارات‬ ‫تناســب خيالــه‪ ،‬فهــي تفقــده عقلــه‪ ،‬وتجعلــه‬

‫مجــرد جــزء مــن القطيــع املعــادي لــكل مــا هــو‬ ‫غــريب‪ ،‬ومحــب لــكل مــا يــردده القــادة املســتبدون‪،‬‬ ‫ويســتعرض الكاتــب فقــرات مطولــة مــن كتــاب‬ ‫ســيكولوجيا الجامهــر لغوســتاف لوبــون‪ ،‬وكتــب‬ ‫حنــة أرنــدت عــن الثــورة والنازيــة التــي حولــت‬ ‫الجامهــر إىل قطعــان بدائيــة ال عقــل لهــا ويســهل‬ ‫انقيادهــا خلــف الطاغيــة‪ ،‬ويطبقهــا عــى إيــران‪.‬‬ ‫وتنطبــق مقوالتــه عــى بشــار أســد وصــدام حســن‪،‬‬ ‫وكل مــن حــ ّول فهــم العــامل مــن فلســفة علميــة‬ ‫متكاملــة إىل مقــوالت أيدلوجيــة تبســيطية‪ ،‬تكتفــي‬ ‫بنفســها‪ ،‬وشــعارات غرائزيــة ســلمت املجتمعــات‬ ‫والطوائــف لهــم‪ ،‬وصــار تحريكهــم أســهل مــن‬ ‫تحريــك مقــود الســيارة الحديثــة!‬ ‫تحــدث الكاتــب عــن الديانــات الرشقيــة‪ ،‬وعــن‬ ‫اإلســام‪ ،‬ولكنــه اكتفــى مــن اإلســام باملقــوالت‬ ‫الصوفيــة‪ ،‬واملقــوالت الشــيعية‪ ،‬رمبــا بســبب‬ ‫أصلــه اإليــراين أو الهتاممــه الشــديد بالوضــع‬ ‫اإليـراين ومبقــوالت إيـران املعاديــة للغــرب‪ ،‬والحقـاً‬ ‫املعاديــة للعــامل العــريب‪ ،‬واســتبعد املقــوالت‬ ‫الســلفية الجهاديــة التــي تعتــر أكــر تجســيدا ً‬ ‫ملعــاداة الغــرب‪ ،‬بــل حتــى إنهــا صــارت تعــادي‬ ‫الحضــارة نفســها‪ ،‬وترصفاتهــا اليــوم يف ســورية‬ ‫ح ّولــت املناطــق املحــررة مــن النظــام االســتبدادي‪،‬‬ ‫إىل مناطــق تنتمــي إىل العصــور الحجريــة الوحشــية‬ ‫ســواء يف التعذيــب‪ ،‬ونهــب أمــوال النــاس بصفتهــا‬ ‫غنائــم‪ ،‬أو استســهال تكفريهــم وجــز رؤوســهم‬ ‫بــا أي حــس إنســاين بحجــة أن النظــام النــازي‬ ‫يقتــل النــاس‪ ،‬ومــن حقهــم هــم أيضـاً قتــل النــاس‬ ‫لتحقيــق دولتهــم االســتبدادية باســم الديــن‬ ‫اإلســامي وهــو منهــم بــراء!!‬ ‫يتحــدث املؤلــف بفقــرات عــن أســتاذه املفكــر‬ ‫هــري كوربــان‪ ،‬ويبــدو أن ذكــره هــو مجــرد تكريــم‬ ‫ألســتاذه الــذي نــادى بتفهــم الغــرب للــرق‪،‬‬ ‫وكذلــك ح ـ ّرض تالميــذه‪ ،‬ومنهــم مؤلــف الكتــاب‪،‬‬ ‫عــى رضورة فهــم الــرق للغــرب‪.‬‬ ‫لقــد أغنــى املرتجــم الدكتــور محمــد الرحمــوين‬ ‫الكتــاب بالكثــر مــن املالحظــات‪ ،‬ومــن‬ ‫تعــر عــن فهــم‬ ‫االســتدراكات الق ّيمــة‪ ،‬وهــي‬ ‫ّ‬ ‫املرتجــم للعمــل بشــكل عميــق‪ ،‬ولــه جزيــل‬ ‫الشــكر عــى خيــاره املوفــق‪ ،‬والــذي يحتاجــه كل‬ ‫إنســان‪ ،‬وكل مثقــف يف العــامل العــريب بحاجــة‬ ‫لقــراءة هــذا الكتــاب املهــم واملتجــدد القيمــة‪،‬‬ ‫وبرأيــي ‪-‬املتواضــع‪ -‬قــد يســاعد‪ ،‬ويســاهم يف أيــة‬ ‫محاولــة لــوالدة طريقــة تفكــر جديــدة يف العــامل‬ ‫العــريب‪ ،‬بعيــدا ً عــن املناهــج القدميــة املتمثلــة‬ ‫باالنغــاق الفكــري والتخبــط الدينــي الــذي يعــرض‬ ‫اليــوم املنطقــة والعــامل لإلرهــاب‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫االنغــاق القومــي‪ ،‬أو األفــكار املســتهلكة إلرث‬ ‫اللينينيــة التبســيطي الشـتّام للغــرب‪ ،‬والتــي أثبتــت‬ ‫فشــلها الذريــع‪ ،‬بتغيــر املجتمــع العــريب وتجديــد‬ ‫مفاهيمــه‪ ،‬لالندمــاج يف الحضــارة الحديثــة‪.‬‬ ‫ صــدر كتــاب (مــا الثــورة الدينيــة) باللغــة‬‫الفرنســية للكاتــب اإليــراين األصــل داريــوش‬ ‫شــايغان وترجمــة الدكتــور محمــد الرحمــوين‪ ،‬عــن‬ ‫دار الســاقي بالتعــاون مــع املؤسســة العربيــة‬ ‫للتحديــث الفكــري‪.‬‬ ‫ داريــوش شــايغان مفكــر إيـراين‪ ،‬ولــد ســنة ‪،1935‬‬‫وتتلمــذ عــى يــد املســترشق الكبــر هــري كوربــان‪.‬‬ ‫درس يف إيـران وانكلــرا وســويرسا وفرنســا‪ ،‬وحصــل‬ ‫عــى دكتــوراه الدولــة يف باريــس ســنة ‪1968‬م‬ ‫عــن بحثــه (الهندوســية والصوفيــة)‪ ،‬وشــغل بعــد‬ ‫ذلــك كــريس أســتاذ الفلســفة املقارنــة بجامعــة‬ ‫طهــران‪ ،‬ثــم عــن ســنة ‪1977‬م مديــرا ً للمركــز‬ ‫اإلي ـراين للدراســات الحضاريــة حتــى ســنة ‪1979‬م‬ ‫تاريــخ اســتيالء الحركــة الخمينيــة عــى إيــران‪.‬‬ ‫غــادر بعدهــا إىل باريــس حيــث عــن مديـرا ً ملعهــد‬ ‫الدراســات اإلســاعيلية حتــى ســنة ‪1988‬م‪.‬‬ ‫ولــه العديــد مــن املؤلفــات باللغــة الفارســية‬ ‫والفرنســية‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫الرقة وجزاء سنمار‬ ‫د‪ .‬محمد الحاج صالح‬ ‫يف ال ـراث التاريخــي العــريب يقــال أن املهنــدس ســنامر (وهــو مهنــدس‬ ‫بنــاء آرامــي مــن ســكان العــراق)‪ ،‬بنــى للنعــان ابــن املنــذر ملــك‬ ‫العــرب ق ـرا ً ُس ـ ّمي بقــر الخورنــق‪ .‬كان ق ـرا ً عظي ـاً ال مثيــل لــه‪،‬‬ ‫واســتغرق بنــاؤه عرشيــن عامــاً‪ .‬وعندمــا انتهــى العمــل بالقــر زاره‬ ‫النعــان وأعجــب بــه‪ .‬ويف حديــث قصــر أبلــغ ســنامر َ‬ ‫امللــك أن يف‬ ‫القــر صخــرة لــو أن أحــدا ً زحزحهــا مــن مكانهــا النْهــار القــر‪ .‬ســأل‬ ‫النعــان وهــل يعــرف مكانهــا أحــد غــرك‪ .‬أجــاب ســنامر «ال»‪ .‬فأمــر‬ ‫النعــان بإلقــاء ســنامر مــن أعــى القــر‪ ،‬ومــات‪ .‬خــي النعــان عــى‬ ‫قــره مــن بانيــه‪ ،‬ومــن أن يعــرف األعــداء موضــع الصخــرة‪ .‬وذهــب‬ ‫املثـ ُـل مــن وقتهــا «جـزاء ســنامر» ملــن يقــوم بخدمــة عظيمــة فــا يلقــى‬ ‫إال املــوت ج ـزاء‪.‬‬ ‫إذا كانــت املناطــق الســورية املحاذيــة للبنــان وريــف دمشــق وريــف‬ ‫حمــص‪ ،‬وحتــى وصــوالً إىل حلــب قــد لقيــت ج ـزاء ســنامر مــن قبــل‬ ‫حــزب اللــه‪ ،‬بعــد أن اســتقبل أهــل هــذه املناطــق مواطنــي جنــوب‬ ‫لبنــان مــرات أثنــاء االعتــداءات واالجتياحــات اإلرسائيليــة‪ ،‬فــإن أهــل‬ ‫الرقــة والجزيــرة عموم ـاً لقــوا ج ـزاء ســنامر مــن س ـ ّنة الع ـراق وبقايــا‬ ‫النظــام العراقــي‪.‬‬ ‫خــال الحــرب العراقيــة اإليرانيــة نشــأ تعاطــف غــر مســبوق مــع‬ ‫العـراق مــن قطاعــات واســعة مــن العنــر العــريب يف الجزيرة الســورية‪.‬‬ ‫سـ ّهل األمــر اللهجــات املتقاربــة‪ ،‬واألصــول العشــائرية العابــرة للحــدود‪،‬‬ ‫وتحالــف إيـران مــع النظــام الســوري‪ .‬يكفــي أن ينظــر املــرء إىل تــذ ّوق‬ ‫األغنيــة العراقيــة يف الجزيــرة الســورية ليعلــم املــرء أي نــوع مــن‬ ‫اإلحســاس بوحــدة الحــال كان ســائدا ً‪ .‬ثــم أتــت الحــرب عــى العـراق يف‬ ‫الـــ‪ 91‬ومــا تبعهــا مــن حصــار مديــد ليخلـ َـق تعاطفـاً غــر مســبوق‪ .‬كان‬ ‫يف الحقيقــة جـ ّوا ً مــن االلتهــاب العاطفــي قـ ّـل مثيلــه يف أي مــن املــدن‬ ‫واملناطــق الســورية الداخليــة‪.‬‬ ‫كان النــاس يســمعون اإلذاعــة العراقيــة وإعالمهــا الحــريب الفــج دون‬ ‫نقــد ومنــذ بدايــة الثامنينيــات‪ .‬ومــا لــه داللتــه أن كثرييــن خاطــروا‬ ‫بــل وســجنوا بســبب رشاء مق ّويــات مه ّربــة مــن تركيــا لقنــص ذبذبــات‬ ‫التلفزيــون العراقــي وقتهــا‪ ،‬حتــى أنــه يقــال أن عســكرياً يف الجيــش‬ ‫الســوري اختلــس جهــازا ً القطــاً مــن رادر يف جبهــة الجــوالن‪ ،‬ونقلــه‬ ‫مئــات الكيلومــرات إىل الحســكة‪ ،‬ظ ّنــاً منــه أنــه ســيتيح لــه رؤيــة‬ ‫التلفزيــون العراقــي‪.‬‬ ‫كان العــرب يف الجزيــرة‪ ،‬ومنهــا الرقــة يف نظــر مخابـرات النظــام الســوري‬ ‫وطــوال الثامنينيــات والتســعينيات هــم عمــاء لصــدام حســن حتــى‬ ‫يثبــت العكــس‪ .‬بــل وأكــر‪ ،‬فقــد كان أعضــاء حــزب البككــه الكــردي يف‬ ‫بعــض املراحــل يطلقــون الرصــاص يف األع ـراس مــن رشاشــات «الناتــو»‬ ‫دون حســيب أو رقيــب‪ ،‬بينــا العــرب ال يجــرؤون عــى فعــل ذلــك‬ ‫ســوى البعثيــن منهــم‪.‬‬ ‫ومــا إن حصــل غــزو الع ـراق ‪ 2003‬حتــى تأسســت مجموعــات كثــرة‬ ‫«ملســاعدة» الشــعب العراقــي‪ .‬ومــن الرقــة كان املئــات قــد دخلــوا‬ ‫العــراق للدفــاع عنهــا‪ ،‬ومــات عــدد منهــم يف معركــة املطــار‪ .‬وأخــذ‬ ‫املئــات منهــم عــى عاتقــه جمــع مــا أمكــن مــن املســاعدات ونقلهــا‬ ‫بالســيارات الزراعيــة عــر الحــدود‪ .‬وأصبحــت الحــدود حقيقــة مجــرد‬ ‫منخــل ال ميســك مــاء‪ ،‬بــل مل يكــن هنــاك من حــدود‪ ،‬فقــد أزال النشــطاء‬ ‫الســوريون املؤيــدون املتعاطفــون مــع العـراق ضــد الغــزو الحــدود‪ .‬دام‬ ‫هــذا الوضــع مــن ‪ 2003‬إىل ‪.2006‬‬ ‫كل هــذا قــد جــرى تحــت نظــر ورعايــة املخابـرات الســورية وبالتنســيق‬ ‫معهــا‪ .‬هــذا معــروف ومشــهور وال ميكــن إخفــاؤه أو نكرانــه‪ .‬كان للنظــام‬ ‫وإليــران مصلحــ ٌة يف أن يغــرق األمريــكان يف العــراق‪ ،‬وخصيصــاً بعــد‬ ‫أن أبــدى األمريــكان نوع ـاً مــن الخــوف مــن الغــرق فهــددوا النظــام يف‬ ‫ســورية عــر كولــن بــاول‪.‬‬ ‫كانــت مجموعــات «مســاعدة» الشــعب العراقــي هــذه هــي مــن‬ ‫اســتجلب طالئــع دولــة العـراق اإلســامية تحــت اســم جبهة النــرة أوالً‪،‬‬ ‫ثــم دولــة الع ـراق والشــام تالي ـاً‪ .‬أعضــاء هــذه املجموعــات ونشــطاؤها‬ ‫معروفــون باالســم ومعروفــة عالقاتهــم باملخابـرات العســكرية الســورية‬ ‫إ ْن لجهــة التســهيل أو لجهــة التعــاون والعاملــة املبــارشة‪ ،‬وهــم الذيــن‬ ‫بنــوا عالقــات قويــة مبخاب ـرات صــدام العنيفــة الخبــرة املنحلــة‪ ،‬والتــي‬ ‫هــي بالحقيقــة العمــود الفقــري للدولــة اإلســامية‪ .‬وباملناســبة مل يكــن‬ ‫أكرثهــم ســلفيون‪ ،‬كانــوا عروبيــن وإســاميني‪.‬‬ ‫الرقــة قــد دفعــت جـزاء ســنامر حقـاً‪ ،‬ولكــن األفظــع قــادم‪ ،‬وهــي اآلن‬ ‫منــذورة لخ ـراب عظيــم باعتبارهــا عاصمــة الدولــة اإلســامية املعلنــة‬ ‫كذبـاً ومتويهـاً‪ ،‬بينــا الحقيقــة هــي أن املوصــل هــي العاصمــة الفعليــة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ألف مشس مشرقة‬ ‫روايــة ألــف شــمس مرشقــة للكاتــب‬ ‫األفغــاين خالــد حســيني املشــهور جــدا ً‪ ،‬طبــع‬ ‫مــن هــذه الروايــة ماليــن النســخ وكتــب عنهــا‬ ‫الكثــر مــن املقــاالت بيــد أين أراهــا روايــة‬ ‫تقليديــة جــدا ً فنيـاً ورسديـاً ومضمونـاً‪ ،‬وعاديــة‬ ‫بالنســبة يل‪ ،‬بــل إنهــا باهتــة‪ ،‬ألن األدب ليــس‬ ‫مراجعــة للــايض وتســليط الضــوء عليــه فقــط‪،‬‬ ‫وكأنــه تحليــل صحفــي‪ .‬يفــرض أن يكــون‬ ‫األدب متــردا ً عــى الواقــع الراهــن واملراهنــة‬ ‫عــى املســتقبل‪.‬‬ ‫تبــدأ الحكايــة مــن قصــة الفتــاة مريــم التــي‬ ‫ولــدت مــن أم خادمــة وأب غنــي لديــه ثالثــة‬ ‫زوجــات يعشــن معــه رشعـاً‪ ،‬أمــا أم مريــم فقــد‬ ‫تزوجهــا بالــر لهــذا مل يســتطع أن يضمهــا‬ ‫إىل حضريتــه كونهــا مــن مرتبــة اجتامعيــة‬ ‫دونيــة‪ ،‬بينــا هــو ونســاؤه الفاضــات ينتمــون‬ ‫إىل املجتمــع املخمــي يف مدينــة هــرات يف‬ ‫أفغانســتان‪ .‬يذهــب األب‪ ،‬أبــو مريــم الســيد‬ ‫جليــل إىل الضيعــة التــي تعيــش فيهــا ابنتــه‬ ‫مــع أمهــا‪ ،‬حيــث ال مــاء أو كهربــاء وال مدرســة‬ ‫أو خدمــات‪ ،‬لريفــه عنهــا ويخــرج معهــا إىل‬ ‫الطبيعــة ويتكلــم عــن املدينــة والشــوارع‬ ‫والســينام والقصــص التــي تعرضهــا صالتــه‬ ‫ليحسســها بأبوتــه‪ .‬مل يســمح لطفلتــه الصغــرة‬ ‫مريــم أن تدخــل املدرســة أو تتعــرف عــى‬ ‫أشــقائها الكــر‪ .‬هنــاك رجــل الديــن فايــز اللــه‬ ‫يعطــف عليهــا ويعلمهــا الديــن وقـراءة الحــرف‬ ‫وفكفكــة بعــض الكلــات يف لغــة القــرآن‪.‬‬ ‫يعيــش جليــل تناقضــاً إنســانياً وبيولوجيــاً‬ ‫بــن حبــه البنتــه مريــم ومحيطــه االجتامعــي‪،‬‬

‫لهــذا يعزلهــا عــن محيطــه‪ ،‬لكــون الرتاتبيــة‬ ‫االجتامعيــة والســمعة الحســنة واالنتــاءات‬ ‫العائليــة مهمــة جــدا ً‪ .‬فهــذه املســألة األخــرة‬ ‫يف املجتمعــات املعاقــة أهــم مــن األبــوة‬ ‫واإلنســانية‪ .‬إن أغلــب النــاس يف هــذه البلــدان‬ ‫يخضعــون للقيــل والقــال‪ ،‬للعــادات والتقاليــد‪،‬‬ ‫للعالقــات القبليــة والبدويــة والعشــائرية‪،‬‬ ‫ومل تتحــرر مــن الذاتيــة الضيقــة ومل يحــدث‬ ‫تطــور يف مفهــوم املواطنــة وحريتــه واســتقالله‬ ‫بقـراره وترصفــه وانتامءاتــه‪ .‬الجميــع يحــاول أن‬ ‫يقــدم نفســه بعيــدا ً عــن الفضائــح التــي يكــون‬ ‫الجنــس املســيطر عليــه دينيــاً هــو املقيــاس‬ ‫للــرف والعفــة والقيــم‪ .‬كل يشء تقريبــاً‬ ‫يف هــذه املجتمعــات لــه عالقــة بالحســب‬ ‫والنســب واملقامــات ضمــن مفهــوم الرجولــة‬ ‫والعالقــات البطريركيــة الصارمــة‪ .‬فالســمعة‬ ‫العطــرة مــن خارجــه مهمــة ورضوريــة مــن‬ ‫أجــل تســويق الــذات‪ ،‬األنــا عــى املوضــوع‪،‬‬ ‫املجتمــع‪ ،‬فــكال الحالتــن هــو اللعــب عــى‬ ‫التناقــض القائــم بــن األنــا واملجتمــع‪ ،‬حالــة‬ ‫توريــة وتعويــم وهــروب مــن اســتحقاقات‬ ‫الواقــع وثقلــه‪.‬‬ ‫تحــاول مريــم‪ ،‬اإلنســانة املكســورة‪ ،‬الجاهلــة أن‬ ‫تنتســب إىل أبيهــا‪ ،‬أن يعــرف جليــل‪ ،‬والدهــا‬ ‫بهــا‪ ،‬بيــد أن املهــزوم ال ينقــذ مهزومـاً‪ ،‬والغريق‬ ‫ال يســتطيع أن ينقــذ غريق ـاً يف مجتمــع غــارق‬ ‫مــن رأســه حتــى قدميــه يف تلبيــة العالقــات‬ ‫الشــكالنية والخضــوع لهــا حتــى يتــم تســويق‬ ‫نفســه كشــخصية لهــا مكانتهــا وقيمتهــا‪ ،‬فيتــم‬ ‫تجاهلهــا ألنهــا تدمــر الرتاتبيــة االجتامعيــة‬

‫والزيــف االجتامعي‪ ،‬لهــذا يعمــد األب بالتواطؤ‬ ‫مــع نفســه وزوجاتــه عــى التخلــص مــن االبنــة‬ ‫الحطــام‪ ،‬الجثــة الحيــة غــر املرغــوب بهــا‪،‬‬ ‫الفضيحــة املســتمرة طاملــا هــي مســتمرة يف‬ ‫الحيــاة‪ ،‬لهــذا يتــم تزويجهــا مــن رجــل كبــر‬ ‫بالســن اســمه رشــيد‪ ،‬يريــدون ســر عــار جليــل‬ ‫وعائلتــه بالتضحيــة بالطفلــة املراهقــة مريــم‪.‬‬ ‫رشــيد لــه مقــاس عــى قالــب املجتمــع األفغاين‪،‬‬ ‫يحتقــر الضعيــف ويقــدس القــوي‪ ،‬مؤمــن‬ ‫باللــه وكتبــه‪ ،‬تقليــدي‪ ،‬مفاهيــم الديــن وثقافــة‬ ‫الديــن وثقلــه يعشــش يف ذهنــه‪ .‬فيتعامــل مــع‬ ‫املــرأة بفوقيــة واحتقــار‪ ،‬مجــرد مــادة صمغيــة‬ ‫إلطفــاء شــهوة الجســد يف لحظــة اندفاعــه‪.‬‬ ‫فــاإلزدراء والتحقــر هــو األســلوب املتبــع معهــا‪،‬‬ ‫مســتغالً جهلهــا وصمتهــا وعــدم وجــود ملجــأ‬ ‫يحميهــا يجعلهــا ترضــخ وتــذل وتهــان‪.‬‬ ‫أفغانســتان‪ ،‬أشــبه مبريــم ورشــيد واملجتمــع‬ ‫الرشقــي‪ ،‬املريــض تحــت تأثــر قــوى الجهــل‪،‬‬ ‫وإعــادة إنتــاج االنتــاء إىل املــايض يف كل‬ ‫مناســبة للبقــاء فيــه والعيــش يف ظــل االنغــاق‬ ‫والركــون للمفاهيــم املاضيــة‪.‬‬ ‫عندمــا يدخــل الســوفييت إىل أفغانســتان عــر‬ ‫حليفهــم يف الحكــم‪ ،‬يحــاول إعطــاء املــرأة‬ ‫حقوقهــا باملشــاركة يف الحيــاة االجتامعيــة‬ ‫ومحاولــة الحصــول عــى حقوقهــا كامــرأة‬ ‫وإنســان‪ ،‬يكــر الكاتــب عــن أنيابــه للدفــاع‬ ‫عــن وطنــه متســلحاً بقــوة الواليــات املتحــدة‬ ‫ودعمهــا للمجاهديــن مــن أجــل طردهــم‬ ‫وإعــادة هــذا البلــد إىل نفســه‪ ،‬ليســتقل ويبقــى‬ ‫تحــت وصايــة املجاهديــن املدعومــن مــن اليس‬

‫أي أيــه‪ .‬يحــاول الــروايئ أن يعطــي انطباعــاً‬ ‫أنــه بــريء يف رصــد األحــداث االجتامعيــة‬ ‫والسياســية يف بلــده‪ ،‬بيــد أنــه ال يخفــي انتامءه‬ ‫وموقفــه يف طــول مســارات الروايــة‪ ،‬فعنــوان‬ ‫الروايــة‪ ،‬ألــف شــمس مرشقــة‪ ،‬يشــر إيجابي ـاً‬ ‫إىل االحتــال األمريــي ألفغانســتان يف العــام‬ ‫‪ 2001‬عــى إثــر انهيــار مبنــى التجــارة العامليــة‪.‬‬ ‫هنــاك إشــادات كثــرة إيجابيــة خفيــة‪ ،‬مبطنــة‬ ‫لــدور الواليــات املتحــدة يف دعــم املجاهديــن‬ ‫واحتاللهــا ألفغانســتان‪ .‬ويريــد أن يقــول إنــه‬ ‫راصــد أمــن ملــا حــدث ويحــدث ألفغانســتان‬ ‫املكســورة واملوجوعــة‪ ،‬بيــد أن هــذا كــذب‪.‬‬ ‫إن موقفــه اإليجــايب مــن االحتــال هــو جوهــر‬ ‫القصيــد‪ ،‬أن يعــوم نفســه وعملــه بابتــذال مــن‬ ‫أجــل أن يصــل إىل العامليــة‪.‬‬ ‫عندمــا دخلــت القــوات األمريكيــة إىل‬ ‫أفغانســتان يف العــام ‪ 2001‬كانــت ليــى وطارق‬ ‫أبطــال القصــة يعمــان يف منطقــة قريبــة مــن‬ ‫العاصمــة الباكســتانية‪ ،‬صغــرة وجميلــة جــدا ً‪،‬‬ ‫وحياتهــا مســتقرة وهادئــة مــع أطفالهــا‪.‬‬ ‫فجــأة‪ ،‬وعــى نحــو غــر معــروف يــدب الحنــن‬ ‫والشــوق يف قلــب وروح ليــى‪ ،‬لبلدهــا‪ .‬إن قـرار‬ ‫العــودة إىل بلدهــا برسعــة‪ ،‬يف ظــل ظــروف غــر‬ ‫مســتقرة غــر مقنــع أبــدا ً‪ ،‬خاصــة أن االحتــال‬ ‫مل يتجــذر يف األرض‪ ،‬وكان حديــث العهــد‪،‬‬ ‫وكأنــه كان ق ـرارا ً سياســياً وليــس إنســانياً‪.‬‬ ‫تجــر زوجهــا طــارق عــى العــودة‪ ،‬تعــود معــه‬ ‫إىل هــرات أوالً‪ ،‬فــرى البيــوت والشــوارع‬ ‫معمــرة ومعبــدة‪ .‬ورأت العمـران والســام يعــم‬ ‫بالدهــا إال مــن بعــض املناوشــات‪ ،‬ثــم يتابعــان‬

‫آرام كرابيت‬ ‫ســرهام ليصــا إىل العاصمــة كابــول مســقط‬ ‫رأســيهام‪ ،‬يســتأجران بيتـاً‪ ،‬يكســيانه ويســتقران‬ ‫فيــه‪ .‬وكأن الرؤيــة املســبقة لليــى‪ ،‬لألحــداث‪،‬‬ ‫كانــت نبــوءة دقيقــة وحدثــاً صحيحــاً‪ ،‬لهــذا‬ ‫يفرحــان بحياتهــا‪ ،‬يســتقران يف ظــل االحتــال‪.‬‬ ‫ويف طــوال مســارات الروايــة هنــاك رىض‬ ‫كامــل لــكل مــا فعلتــه الواليــات املتحــدة يف‬ ‫أفغانســتان منــذ العــام ‪ 1978‬ومــا قبلــه ومــا‬ ‫بعــد وإىل االيــوم‪.‬‬ ‫يبــدو أن عمــل خالــد حســيني الــروايئ جــاء‬ ‫عــى مقــاس الرؤيــة السياســية األمريكيــة‬ ‫للمنطقــة‪ ،‬مبعنــى‪ ،‬العــذر والخلــل فينــا‪ ،‬نحــن‬ ‫شــعوب املنطقــة‪ ،‬والخــاص والحريــة بيــد‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ .‬لهــذا علينــا توخــي الحــذر‬ ‫مــن األســاء الثقافيــة الكبــرة التــي يروجهــا‬ ‫الغــرب‪.‬‬

‫ليلة إعدام دمشق!‬ ‫د‪ .‬موسى رحوم عباس‬ ‫كثـرا ً مــا فكــرت لــو أ َّن كاتبـاً فرنســياً ألــف‬ ‫مرسحيــة أو روايــة تــؤرخ لعاصمــة األنــوار‬ ‫«باريــس»‪ ،‬وتجاهــل بــرج إيفــل ومتحــف‬ ‫اللوفــر والنوتــردام ونهــر الســن والثــورة‬ ‫الفرنســية وســجن الباســتيل؛ لخــرج الفرنســيون‬ ‫إىل ســاحة الكونكــورد مطالبــن بســجنه‪،‬‬ ‫ولتجمهــروا أمــام قــر اإلليزيــه احتجاجـاً عــى‬ ‫تشــويه عاصمتهــم‪ ،‬وأمتــادى يف الخيــال ألتصــور‬ ‫فني‬ ‫أديبـاً إنكليزيـاً يــؤرخ «للنــدن» يف مص َّنــف ٍّ‬ ‫ســيناميئ‪ ،‬وال متــر عدســته عــى ســاعة بيــج بــن‬ ‫أو قــر بيكنجهــام وقلعــة ويندســور والربملــان‬ ‫الربيطــاين‪ ،‬أو يتجاهــل نهــر التاميــز والهايــد‬ ‫بــارك وجســور لنــدن الرائعــة والبيكاديــي‪،..‬‬ ‫عندهــا ســتخرج العائــات اللندنيــة صغارهــا‬ ‫وكبارهــا إىل (‪ 10‬داوننــغ ســريت)‪ ،‬وترشــقه‬ ‫بالبيــض الفاســد لتشــويه تاريــخ مدينتهــم‪،‬‬ ‫كل هــذه التخيــات تحــرين ســنوياً‪ ،‬وأنــا‬ ‫أتابــع ذلــك املنتــج الفنــي الــذي أصبــح لعنــة‬ ‫عــى دمشــق عاصمــة التاريــخ التــي مل يغــب‬ ‫اســمها عــن رقــم حثيــة أو آشــورية أو كلدانيــة‬ ‫أو آراميــة وحتــى يف اآلثــار الفرعونيــة‪ ،‬وقــد‬ ‫تحولــت دمشــق لـ»ضيعــة» متخلفــة ســجنت‬ ‫ببــاب خشــبي عتيــق‪ ،‬وأطلــق عليهــا لصــوص‬ ‫التاريــخ مســمى «باب الحــارة» وجعلوا ســادتها‬ ‫ســائس خيــل وحــاق‪ ،‬ولــكل منهــا بطانــة مــن‬ ‫(اللمــم) و(الحــوش)‪ ،‬وخلقــوا مجتمعـاً تســوده‬ ‫عــادات مــا عرفهــا أهــل دمشــق‪ ،‬بــل هــي مــن‬ ‫بنــات عقــول متخلفــة‪ ،‬مل تعــرف دمشــق‪ ،‬ومل‬ ‫تكلــف نفســها عنــاء البحــث يف تاريــخ هــذه‬ ‫املدينــة القديــم والحديــث‪ ،‬بــل رســمت لهــا‬ ‫صــورة لقريــة هبــط أهلهــا مــن جبالهــم‪،‬‬ ‫متخلفــون يف كل يشء!‬ ‫وألول مــرة أعــرف أال فضــل ألهــل دمشــق‬ ‫ســوى «اليــرق واملحــي»‪ ،‬وال علــم لهــم ســوى‬

‫معــارف أهــل القــرى النائيــة القصيــة عــن كل‬ ‫حضــارة وتطــور!‬ ‫مــن خــال العمــل الــذي تحــول لســرة بنــي‬ ‫هــال يف أجزائــه الثامنيــة‪ ،‬يضــع لنفســه‬ ‫إطــارا ً تاريخيـاً خــال فــرة االنتــداب الفرنــي‪،‬‬ ‫وســأختار الفــرة ‪ 1940 – 1930‬للحديــث الــذي‬ ‫يدمــي القلــب حــول دمشــق‪ ،‬فــاذا يقــول‬ ‫التاريــخ‪:‬‬ ‫يف العــام ‪1930‬م دمشــق تنتخــب ابنهــا‬ ‫محمــد عــي العابــد (‪1939 1867-‬م) رئيســاً‬ ‫للجمهوريــة كأول رئيــس بهــذا املســمى‬ ‫انتخاب ـاً ح ـرا ً‪ ،‬وتســقط صبحــي بــركات مرشــح‬ ‫الفرنســيني‪ ،‬وذلــك ‪ 11‬حزيـران‪ /‬يونيــو ‪1930‬م‪،‬‬ ‫وهــو مواطــن ســوري مــن أرســتقراطية دمشــق‬ ‫يحمــل شــهاديت دكتــوراه األوىل يف الهندســة‬ ‫املدنيــة والثانيــة يف القانــون الــدويل‪ ،‬ويتقــن‬ ‫اللغــات العربيــة والرتكية والفارســية والفرنســية‬ ‫واإلنكليزيــة‪ ،‬وتخــرج يف الســوربون هــذا هــو‬ ‫أول رئيــس للجمهوريــة‪ ،‬اختــاره الســوريون يف‬ ‫انتخــاب حــر‪ ،‬وقــد اســتقال ‪1936‬م لكــر ســنه؛‬ ‫وليفســح املجــال لتــداول الســلطة للكتلــة‬ ‫الوطنيــة وهاشــم األتــايس‪..‬‬ ‫الصالونــات األدبيــة‪ :‬عرفــت دمشــق عاصمــة‬ ‫الحضــارة األمويــة ظاهــرة الصالونــات األدبيــة‬ ‫منــذ فــرة مبكــرة مــن القــرن العرشيــن‪ ،‬فقــد‬ ‫أسســت الرابطــة األدبيــة ‪1922‬م‪ ،‬وقامــت‬ ‫الســيدتان مريانــا مــراش ومــاري عجمــي‬ ‫بإحيــاء تقليــد املجالــس األدبيــة‪ ،‬فقــد ضــم‬ ‫مجلســهام وجــوه األدب والفكــر مــن دمشــق‬ ‫واملحافظــات وضيــوف البــاد املرموقــن‪،‬‬ ‫وكذلــك فعلــت الســيدة زهــراء العابــد حــرم‬ ‫الرئيــس محمــد عــي العابــد عندمــا أسســت‬ ‫صالون ـاً أدبي ـاً يف منزلهــا بدايــة العــام ‪1930‬م ‪،‬‬ ‫وال أظنهــا شــاركت يف منيمــة وتفاهــات حريــم‬ ‫«بــاب الحــارة»‪ ،‬كــا شــهدت دمشــق خــال‬

‫هــذه الفــرة التاريخيــة حركــة غــر مســبوقة‬ ‫يف نشــاطات املجتمــع املــدين‪ ،‬وســأكتفي‬ ‫بالجمعيــات النســائية ألهميتهــا وســياقها‬ ‫التاريخــي؛ فهــي مــؤرش حقيقــي ملســتوى‬ ‫الوعــي الحضــاري ألبنــاء وبنــات دمشــق‪،‬‬ ‫ومنهــا‪« :‬جمعيــة نقطــة الحليــب‪ ،‬يقظــة املــرأة‬ ‫الشــامية‪ ،‬خريجــات دور املعلــات‪ ،‬دوحــة‬ ‫األدب‪ ،‬نســاء العــرب القوميــات‪ ،‬الرابطــة‬ ‫الثقافيــة النســائية‪ ،‬النــادي األديب النســايئ‪»...،‬‬ ‫ويــأيت تكويــن األحـزاب السياســية مظهـرا ً آخــر‬ ‫عــى املســتوى الحضــاري والتطــور الفكــري ويف‬ ‫هــذه الفــرة شــهدت دمشــق ظهــور األح ـزاب‬ ‫الشــيوعية (ســوريا ولبنــان)‪ ،‬حــزب الشــعب‪،‬‬ ‫الحــزب الوطنــي‪....،‬‬ ‫الجامعــة الســورية‪ :‬مــن املحــزن أن تظهــر‬ ‫دمشــق وأبناؤهــا تحــت رحمــة الحــاق الــذي‬ ‫يعالــج املــرىض يف عمــل فنــي يفــرض أن يكــون‬ ‫ســورياً‪ ،‬فــا هــي الحقيقــة؟‬ ‫انطلــق معهــد الطــب (مدرســة الطــب) باللغــة‬ ‫الرتكيــة ‪1903‬م‪ ،‬ثــم أسســت مدرســة الحقــوق‪،‬‬ ‫وأعلنــت (الجامعــة الســورية) بعــد ضــم معهــد‬ ‫الطــب ومدرســة الحقــوق مع ـاً تحــت مســمى‬ ‫الجامعــة الســورية يف ‪1919‬م وبــدأت الدفعــات‬ ‫يف الدراســة‪ ،‬وتقــول املصــادر أن أول دفعــة مــن‬ ‫األطبــاء الرســميني تخرجــت ‪1930‬م‪ ،‬وقبلهــا‬ ‫دفعــات قبــل املســمى الرســمي وكانــت أول‬ ‫طبيبة ســورية لوريس ماهــر‪ ،‬أي يف العام ‪1936‬‬ ‫لدينــا ســبع دفعــات مــن األطبــاء‪ ،‬وأعتقــد أن‬ ‫هــؤالء مل يهاجــروا بالبحــر هربـاً مــن الرباميــل‪،‬‬ ‫بــل ورد ذكرهــم يف دليــل الهاتــف مــع عناويــن‬ ‫عياداتهــم واختصاصاتهــم‪ ،‬وقــد تجــاوز عــدد‬ ‫العيــادات الطبيــة (‪ )400‬عيــادة يف دمشــق‬ ‫عامــة واختصاصيــة‪ ،‬إضافــة للخريجــن مــن‬ ‫أبنــاء البــاد مــن جامعــات أجنبيــة‪ ،‬وهــم كــر‪،‬‬ ‫وهواتفهــم كانــت رباعيــة األرقــام‪ ،‬كــا وردت‬

‫يف الدليــل‪ ،‬ومثلهــم مــن الصيادلــة واملحامــن‪،‬‬ ‫نعــم دمشــق يف تلــك الفــرة فيهــا الهاتــف‬ ‫نصــف اآليل‪ ،‬وامليــرو الكهربــايئ (الرتومــواي)‪،‬‬ ‫والحدائــق الغنــاء والفنــادق الفاخــرة‪ ،‬التــي‬ ‫تعقــد فيهــا املؤمتـرات‪ ،‬مثــل فنــدق «فيكتوريا»‬ ‫الــذي عقــد فيــه مؤمتــر املــرأة الرشقيــة ‪1930‬م‬ ‫ولعــدة أيــام برئاســة نــور حــادة بعدمــا تــم‬ ‫نقلــه مــن الجامعــة الســورية إىل الفنــدق‪،‬‬ ‫وقامــت جريــدة الشــعب بالتغطيــة اإلعالميــة‬ ‫بعددهــا (‪ ،)869‬وأفــردت املســاحة الكافيــة‬ ‫لتوصياتــه ومناقشــاته‪.‬‬ ‫الصحافــة الدمشــقية‪ :‬شــهدت دمشــق حركــة‬ ‫صحفيــة نشــطة يف الفــرة ‪1940-1930‬م‪،‬‬ ‫وســأكتفي بالصحافــة الســاخرة‪ ،‬إضافــة‬ ‫للصحافــة الجــادة (جريــدة الشــعب‪ ،)....،‬فقــد‬ ‫صــدرت صحــف عديــدة بأســلوبها الســاخر‬ ‫ومنهــا‪« :‬حــط بالخــرج ‪1909‬م‪ ،‬جحــا ‪1911‬م‬ ‫خــر الديــن الــزركيل‪ ،‬الطبــل ‪1927‬م خليــل‬ ‫زقــوت‪ ،‬الخــازوق ‪1928‬م‪ ،‬الكربــاج ‪1927‬م‪،‬‬ ‫املــزاج ‪1930‬م‪ .....،‬وكلهــا كانــت تعــر عــن‬ ‫همــوم النــاس بأســلوب هــزيل مــع رســوم‬ ‫الكاريكاتــر‪ ،‬وكثــرا ً مــا كانــت تثــر حنــق‬ ‫املســتعمر‪ ،‬فيالحــق أصحابهــا!‬ ‫الدســتور الســوري‪ :‬يف العــام ‪1928‬م أعــدت‬ ‫الجمعيــة التأسيســية أول دســتور ســوري‬ ‫حيــث تــم إعالنــه ‪1930‬م‪ ،‬ولســت معني ـاً اآلن‬ ‫بالنقاشــات التــي أثارتهــا بعــض مــواده‪ ،‬بــل‬

‫أريــد القــول أن الشــعب الــذي يصنــع دســتوره‬ ‫هــو شــعب راق يســتحق أفضــل مــن «بــاب‬ ‫الحــارة» إذا علمنــا أن املــرأة الســويرسية مل‬ ‫تنــل حــق التصويــت إال يف الســتينيات!‬ ‫ويف العــام ‪ 1920‬م نــال مصنــع «الغــراوي»‬ ‫للمربيــات يف دمشــق امليداليــة الذهبيــة يف‬ ‫معــارض باريــس والقاهــرة ورومــا‪ ..‬ومنتجــات‬ ‫ســوريا القطنيــة تبــاع للنخبــة يف باريــس‪ ،‬تــرى‬ ‫هــل أدركنــا مــا فعلــه الرعــاع مبدينتنــا!‬ ‫تــرى لصالــح مــن تشــوه دمشــق‪ ،‬لتتحــول إىل‬ ‫مســخ مشــوه‪ ،‬وحفنــة مــن األفاكــن؛ دمشــق‬ ‫بــا شــعراء وال أدبــاء وال قضــاة وال فنانــن‬ ‫وال مهندســن وال بورجوازيــة‪ ،‬يظنــون أنهــم‬ ‫دمشــقيون إذا بالغــوا يف لهجــة ليســت لهــم‪،‬‬ ‫هــم الطارئــون عليهــا‪ ،‬تــرى هــل ينــري بعــض‬ ‫أبنائهــا للدفــاع عــن تاريــخ بالدهــم ضــد‬ ‫الســفهاء مــن كتبــة ومخرجــن ومنتجــن؛‬ ‫ليقيمــوا عليهــم الدعــاوى القانونيــة يف كل‬ ‫مــكان تســوده القوانــن‪ ،‬دعــوى لبيــان الــرر‬ ‫الالحــق بنــا جميعــاً‪ ،‬أمــا املمثلــون الصغــار‬ ‫فهــم مســاكني يبحثــون عــن لقمــة خبزهــم‪،‬‬ ‫لســت أبــرر لهــم‪ ،‬ولكننــي ال أكــرث لهــم‪،‬‬ ‫فتجــار التاريــخ هــم مــن يجــب أن تطاولهــم‬ ‫العقوبــة ولــو بعــد حــن! إنهــا ليلــة إعــدام‬ ‫دمشــق!! إىل متــى يرتبــط شــهر الصــوم والربكــة‬ ‫بحفــات اإلعــدام هــذه؟!‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫غريب الدار‬

‫«آفاق بنفسجية»‪ ..‬فيلم تركي ُي ّسد األزمة السورية ومعاناة الالجئني‬

‫وكاالت‬

‫جســد فيلــم «آفــاق بنفســجية»‪ ،‬معانــاة‬ ‫يُ ّ‬ ‫ومــآيس الالجئــن الســوريني الهاربــن مــن جحيــم‬ ‫حــرب تشــهدها بالدهــم منــذ أكــر مــن ‪ 5‬أعــوام‪،‬‬ ‫رش القنابــل والصواريخ‪،‬‬ ‫بحثـاً عــن مــاذ آمــن يقيهــم ّ‬ ‫ويوفــر لهــم وألطفالهــم حيــاة كرميــة‪ ،‬حســبام ذكرت‬ ‫وكالــة األناضــول يف تقريــر لهــا‪.‬‬ ‫ويعمــل عــى إنتــاج الفيلــم املخــرج الــريك «عثــان‬ ‫ســوبايش»‪ ،‬بــإدارة السيناريســت الــريك «أولغــون‬ ‫أوزدمــر»‪ ،‬وميثــل فيــه كل مــن الفنانــن األتــراك‬ ‫«زينــب ســيفيل يلــاز»‪ ،‬و»نعــان تشــاكر»‪،‬‬ ‫و»إيجــه أوزيكيجــي»‪ ،‬و»ديلــك رسبســت»‪ ،‬و»آدم‬ ‫يلــاز»‪ ،‬و»بــايك تشــيفجي»‪ ،‬باإلضافــة إىل عــدد مــن‬ ‫الالجئــن الســوريني‪.‬‬ ‫مشــاهد الفيلــم‪ ،‬الــذي يحمــل شــعار «حــزن يف‬ ‫املتوســط»‪ ،‬تــدور مبناطــق «بوزدوغــان» يف مدينــة‬ ‫ّ‬ ‫آيــدن‪ ،‬و»غوكوفــا» يف مدينــة موغــا (جنــوب غــرب‬ ‫تركيــا)‪ ،‬وعــدد مــن أحيــاء مدينــة إســطنبول (شــال‬

‫غــرب تركيــا)‪ ،‬ومــن املقــرر أن يُعــرض يف مهرجانــات‬ ‫األفــام املحليــة والدوليــة اعتبــارا ً مــن ســبتمرب‪/‬‬ ‫أيلــول املقبــل‪.‬‬ ‫وقــال املخــرج «ســوبايش»‪ ،‬يف حديــث لألناضــول‪،‬‬ ‫«يف ســوريا رصخــة أمل تص ـ ّم اآلذان‪ ،‬ولكنهــا تحولّــت‬ ‫إىل رصخــة صامتــة مل تلــق أي صــدى يف أي مــكان‬ ‫حــول العــامل»‪ُ ،‬مرجعـاً ســبب ذلــك إىل كــون مطلقــي‬ ‫الرصخــة «مــن شــعوب الــرق األوســط الجريــح»‪.‬‬ ‫وشــ ّدد «ســوبايش» عــى أن الفيلــم يهــدف إىل‬ ‫تصويــر معانــاة وآالم تقــع يومي ـاً أمــام أعــن اآلالف‬ ‫مــن النــاس‪ ،‬دون أن تُحــدث أي صــدى أو ضجيــج‪،‬‬ ‫وإىل تســليط الضــوء عــى تركيــا التــي فتحــت قلبهــا‬ ‫وأبوابهــا دامئ ـاً الحتضــان ماليــن الالجئــن الســوريني‬ ‫وســط تجاهــل دويل‪.‬‬ ‫ويــروي فيلــم «آفــاق بنفســجية»‪ ،‬قصــة الجئــة‬ ‫ســورية تدعــى «مريــم» فقــدت أفــراد عائلتهــا يف‬ ‫البحــر املتوســط‪ ،‬والالجئــة «بهــار»‪ ،‬التــي تعبــت‬ ‫مــن مشــقة اللجــوء‪ ،‬وأصبحــت ال تســتمتع بــأي‬

‫يشء حولهــا بعــد أن شــاهدت جثــة الطفــل الســوري‬ ‫«آيــان»‪ ،‬الــذي لفظتــه أمــواج البحــر عــى ســواحل‬ ‫تركيــا‪.‬‬ ‫وأشــار املخــرج الــريك‪ ،‬أن حادثــة الطفــل «آيــان»‬ ‫كانــت الوحيــدة التــي ركّــز عليهــا العــامل فيــا يتعلق‬ ‫باألزمــة الســورية‪ ،‬مشــددا ً عــى أن موقــف الــدول‬ ‫الغربيــة حيــال املــآيس التــي يعيشــها الســوريون‪،‬‬ ‫دليــل عــى أن تلــك الــدول تبقــى عدميــة اإلحســاس‬ ‫تجــاه أي أمل يف العــامل ال يُصيبهــا هــي وشــعبها‪.‬‬ ‫واعتــر أن تركيــا هــي الدولــة الوحيــد يف العــامل التــي‬ ‫تنصــت لرصخــة الشــعب الســوري املؤملــة‪ ،‬الفت ـاً إىل‬ ‫أن املوقــف الوجــداين واإلنســاين الــذي تحــى بــه‬ ‫الشــعب الــريك يف مســاعدة الســوريني‪ ،‬ومنحهــم‬ ‫الحقــوق نفســها التــي يتمتــع بهــا هــو يف تركيــا دون‬ ‫أي تذ ّمــر‪.‬‬ ‫وتعــود حادثــة غــرق الطفــل الســوري آيــان‬ ‫(عامــان) إىل ‪ 2‬أيلــول‪ /‬ســبتمرب املــايض‪ ،‬حيــث لقــى‬ ‫‪ 5‬أشــخاص مرصعهــم جــراء غــرق قــارب يحمــل‬ ‫‪ 14‬شــخصاً‪ ،‬كان متوجه ـاً إىل اليونــان بطريقــة غــر‬ ‫رشعيــة‪ ،‬وعــرت قــوات الــدرك الرتكيــة عــى جثــة‬ ‫«آيــان» وشــقيقه «غالــب»‪ ،‬ملقــاة عــى شــاطئ‬ ‫مدينــة بــودروم يف واليــة موغــا الرتكيــة‪ ،‬فضـاً عــن‬ ‫غــرق والدتهــم أيضـاً‪ ،‬فيــا نجــا رب األرسة عبــد اللــه‬ ‫كــردي‪.‬‬ ‫وانتــرت صــورة الطفــل آيــان عــى نطــاق واســع يف‬ ‫العــامل بــأرسه‪ ،‬وأعــرب العديــد مــن قــادة العــامل عــن‬ ‫حزنهــم‪ ،‬كــا قــدم كل مــن الرئيــس الــريك رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان ورئيــس الــوزراء آنــذاك أحمــد داود‬ ‫أوغلــو تعازيهــم لوالــد آيــان‪.‬‬

‫الياسمينة العاشقة‬ ‫نزاولها‪..‬‬ ‫من بعيد أتوا‪..‬‬ ‫ليقتسموا الياسمني املرتاقص فوق البحرة الدمشقية‪ ...‬نستفيق مثقلني بأحالم البطولة التي باتت أوسع من‬ ‫مساحات األنوثة يف‬ ‫هناك عىل حجر املصطبة املقدس‪...‬‬ ‫يف بالدنا‪..‬‬ ‫جلسوا‪...‬‬ ‫نحن عىل موطئ القدم اليابس‬ ‫حملوا تحت ثيابهم وقبعاتهم أفكار قراصنة‬ ‫نحمل الغد فوق رؤوسنا‬ ‫التاريخ‪...‬‬ ‫ويف عيونهم سكن أملٌ‬ ‫نرقص به وهو ما زال يف عتمة الرحم‪..‬‬ ‫طروادي قديم‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫عالق يف وجه أ ّمه‪..‬‬ ‫والتف وهم حقيقي حول أعمدة رشقية تغني ألحان نلتفت إىل األمس كطفلٍ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫نيس الطريق إىل ذاكرة اﻷمان‬ ‫الغضب‪...‬‬ ‫منصوبة أمامهم كل املرايا تبيك بها جدائل الصبايا‪ ..‬وقتنا ممتلئ حتى الثاملة‬ ‫يرسمون عليها قصص الرجال الغرقى يف نار سادوما‪ ..‬بألوان املناديل وزوارها‪....‬‬ ‫والريح قربها دفنت يف األثداء العقيمة‬ ‫يعتلون الكرايس‪..‬‬ ‫وأسامؤنا يف رحلة عىل الغيم املهاجر‪...‬‬ ‫يرشبون نبيذ املؤامرة‬ ‫نطرق باب الطأمنينة‬ ‫التي باتت تهز أرستنا تسكن ثيابنا‬ ‫يجاوبنا الصمت الليليك‬ ‫تسبي لعب األطفال أمامنا‪..‬‬ ‫حول املوقد املشتعل تحت قدورنا كان يطبخ طعام بحقيقة مصلوبة‬ ‫يقطع صمتها غناء نارنجة‬ ‫األقالم والقصائد‪...‬‬ ‫وكانت هناك عشتار أخرى تغتسل بالرماد األحمر‪ ..‬وتسبيحة ياسمينة‬ ‫يفوح عطرها أنيناً حزيناً‬ ‫نبتلع كل يوم كذبنا وشهواتنا‪..‬‬ ‫يحيك للدنيا كيف ميوت يف الشام‬ ‫نهرب منها إىل داخلنا‬ ‫الياسمني‪....‬‬ ‫ننكرها‬

‫‪11‬‬

‫وحدها خيم��ة العزاء‪ ..‬جتمعنا!!‬ ‫لســاعات معــدودة تجمعنــا خيمــة العـزاء‪ ،‬نتنــاىس خالفاتنــا ونجتمــع يف‬ ‫العـزاء صامتــن‪ ،‬أو مجاملــن‪ ،‬أو منغمســن يف الحــزن‪ ،‬أو متعظــن باملوت!‬ ‫ملــاذا ال نجتمــع وننــى خالفاتنــا إال يف خيمــة العـزاء‪ ،‬مــا الــر يف أن املــوت‬ ‫هــو وحــده مــا يجمعنــا‪ ،‬ملــاذا مل نجتمــع قبــل حادثــة املــوت‪ ،‬ملــاذا مل‬ ‫نجتمــع قبــل أن نُه ّجــر مــن بيوتنــا‪ ،‬ملــاذا مل نجتمــع قبــل أن يُقتــل أبناؤنــا‬ ‫يف املعتقــات‪ ،‬ونكــون كتلــة واحــدة‪ ،‬بــدالً مــن التشــفي واالكتفــاء بحمــد‬ ‫اللــه وشــكره‪ ،‬عــى أن ابــن فــان هــو املعتقــل وليــس ابنــي؟!‪.‬‬ ‫ملــاذا مل نجتمــع ومدينتنــا يقضمهــا العنــف‪ ،‬وندافــع عــن بيوتنــا وعــن‬ ‫أهلنــا‪ ،‬وعــن وجودنــا يف املــكان الــذي ائتمننــا أهلنــا عليــه‪ ،‬وتركــوا‬ ‫ذكرياتهــم‪ ،‬وبطوالتهــم الصغــرة يف تفاصيــل حياتنــا‪ ،‬ويف تفاصيــل بيوتنــا‬ ‫التــي اســتوىل عليهــا الشــبيحة والخــوارج؟!‬ ‫نتفهــم أننــا مجتمــع صحـراوي ال يقيــم وزنـاً كبـرا ً للفــرح‪ ،‬ويُعــي مشــاعر‬ ‫الحــزن عــى كل املشــاعر األخــرى‪ ،‬ولكــن أن نتمــزق ونتفــرق إىل درجــة‬ ‫ال نجتمــع فيهــا إال يف خيمــة العــزاء‪ ،‬أو يف موقــع العــزاء االلكــروين يف‬ ‫الفيســبوك!‬ ‫لقــد َخذَلنــا كتبــة التقاريــر والعمــاء مــن املتحزبــن‪ ،‬وباعــوا كرامــة بالدنــا‬ ‫إليــران ولروســيا ولغريهــا مــن الــدول الرشيــرة التــي تدمــر بالدنــا مــع‬ ‫شــبيحة الحقــد‪ ،‬ومــع خــوارج التكفــر!‬ ‫لقــد َخذَلنــا معظــم رجــال الديــن ومل يحافظــوا عــى القيــم‪ ،‬وال عــى‬ ‫األخــاق‪ ،‬وأطلقــوا العنــان لشــهوة الســلطة يف نفوســهم املريضــة‪ ،‬ومل‬ ‫يعــودوا مؤمنــن بالحيــاة‪ ،‬وال بكرامــات النــاس‪ ،‬فــكل فتاواهــم تنتهــي إىل‬ ‫التكفــر والنــكاح وجــز الرقــاب وغلَبــة الســلطان العضــوض!‬ ‫وكذلــك رجــال القبائــل وشــيوخها الذيــن ينتخــون لذبــح امــرأة خاطئــة‪،‬‬ ‫وال ينتخــون لســلب أموالهــم وال لتهجــر أهلهــم وأعراضهــم‪ ،‬فركبــوا مــع‬ ‫األقويــاء غــر آبهــن بواجــب وال بأخــاق وال مبســتقبل‪ ،‬وكان نصيبهــم الــذل‬ ‫والهــوان والضيــاع يف األرايض الغريبــة!‬ ‫كيــف نســتطيع االجتــاع يف مــكان جديــد ليــس هــو خيمــة العــزاء‪،‬‬ ‫كيــف نســتطيع أن نتفــق عــى الحــد األدىن مــن القيــم التــي تحفــظ‬ ‫وجودنــا وكراماتنــا‪ ،‬ونخــرج مــن األنــا املتضخمــة والالمباليــة باآلخريــن وال‬ ‫بكرامتهــم‪ ،‬وال بإمكاناتهــم للخــاص إن تبادلنــا املنافــع والقــوة والدعــم‪،‬‬ ‫مــن أجــل هــدف واحــد هــو العــودة إىل بيوتنــا وإىل مدننــا وقرانــا التــي‬ ‫أمســت يبابــاً ونهبــاً للطامعــن!‬ ‫البعــض يقــول انتظــروا الرئيــس األمريــي القــادم بعــد أوبامــا‪ ،‬فهــو‬ ‫ســيحل للســوريني مشــكلتهم‪ ،‬والبعــض اآلخــر ينتظــر مــوت الخامنئــي‬ ‫عــل اإليرانيــون يتقاتلــون عــى خليفتــه ويرتكوننــا نعــود إىل بيوتنــا وإىل‬ ‫ّ‬ ‫أهلنــا‪ ،‬والبعــض اآلخــر ينتظــر إفــاس روســيا وانتهــاء رئاســة بوتــن فريجــع‬ ‫الســوريون إىل بلدهــم‪..‬‬ ‫لــن نســتطيع أن نكســب شــيئاً مــن هــذا وال مــن ذاك‪ ،‬مــا مل نكــن نحــن‬ ‫الفاعلــن‪ ،‬ومــا مل نكــن نحــن املتجمعــن والعازمــن بحــزم عــى نيــل حقوقنا‬ ‫والعــودة إىل بيوتنــا‪ ،‬لــن ينفعنــا زاد اآلخريــن‪ ،‬ولــن يُشــبعنا‪ ،‬ولــن يروينــا‬ ‫أبــدا ً‪ ،‬إال إذا كنــا نتســى بتمريــر الزمــن‪ ،‬أو كنــا نتقصــد البالهــة!‬ ‫هــذه الدمــاء التــي ا ُريقــت مــن أجســاد شــهدائنا املخلصــن والصادقــن‪،‬‬ ‫يجــب أال تذهــب هــدرا ً‪ ،‬هــذا العــذاب‪ ،‬وهــذا الضيــاع الــذي نقــايس منــه‬ ‫كبــارا ً وصغــارا ً‪ ،‬يجــب أال ينتهــي فقــط إىل اجتامعنــا يف بيــوت العـزاء‪ ،‬يجب‬ ‫أن ينتهــي إىل اجتامعنــا يف تجمعــات وتنظيــات أهليــة وسياســية ف ّعالــة‪،‬‬ ‫ليــس الغايــة منهــا متكــن اللصــوص ومرتزقــة الحــروب مــن املكاســب‪ ،‬بــل‬ ‫الغايــة منهــا تجميــع قوانــا وتوحيــد آرائنــا‪ ،‬والتخفيــف مــن غلــواء األنــا‬ ‫املتضخمــة التــي تســجننا بعيــدا ً عــن بعضنــا‪ ،‬وال تســمح لنــا بالخــروج مــن‬ ‫قوقعتهــا إال إىل خيمــة العـزاء ولســاعات معــدودة فقــط‪...‬‬ ‫هــل نُغـ ّـر مفاهيــم اجتامعنــا ونعــزز ثقتنــا بأنفســنا وبأهلنــا وبأوالدنــا‪،‬‬ ‫ونجعلهــم يجتمعــون لصناعــة الحيــاة والفــرح‪ ،‬وأن يكفــوا عــن االكتفــاء‬ ‫باالحتفــاء باملــوت الــذي ينخــر حياتنــا!!‬

‫إ‪ .‬ع‬

‫شعر‪ :‬إلينا السورية‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 43 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫احلكم��ة بريطاني��ة‬

‫خلــف الجربــوع‬

‫شبكة أخبار محص وريفها‬ ‫حمص ‪ -‬عبد الكريم خشفة‬ ‫رغــم وطــأة الحــرب والحصــار والنــزوح واملــوت‬ ‫اليومــي مل يتخـ َّـل أهــل حمــص عــن خفــة ظلهــم التي‬ ‫ُعرفــوا بهــا عــر العصــور‪ ،‬وظلــت النكتــة والســخرية‬ ‫مــن الواقــع حــارضة يف حياتهــم يتغلبــون فيهــا عــى‬ ‫اليــأس واحتــاالت الجنــون‪.‬‬ ‫ضمــن هــذا الســياق تــداول ناشــطون إعالن ـاً طريف ـاً‬ ‫يتزامــن مــع اإلعــان عــن نتائــج املرحلــة اإلعداديــة‬ ‫يطلــب عــى ســبيل الدعابــة مــن أهــايل حمــص‬ ‫الكـرام االلتـزام بنوعيــة الســاح والذخــرة التــي يتــم‬ ‫إطالقهــا يف حــاالت النجــاح بحســب مرحلــة النجــاح‬ ‫حيــث حــددت ‪ 10‬طلقــات مســدس ‪ 14-9‬يف مرحلــة‬ ‫التعليــم االبتــدايئ ومخــزن ‪ 30‬طلقــة «كالشــنكوف»‬ ‫يف الشــهادة اإلعداديــة‪ ،‬أمــا يف الشــهادة الثانويــة‬ ‫ف ُحــدد للفــرع العلمــي ‪ 100‬طلقــة رشــاش «‪»pkc‬‬ ‫والفــرع األديب ‪ 50‬طلقــة «‪ »pkc‬أيضــاً‪.‬‬

‫أمــا باقــي الفــروع صناعــة تجــارة نســوي ‪10‬‬ ‫طلقــات «عاملــايش» ويف الشــهادة الجامعيــة ‪301‬‬ ‫طلقــة «دوشــكا»‪ ،‬بينــا حظيــت شــهادة املاجســتري‬ ‫بتســهيالت أفضــل‪ ،‬حيــث ُحــددت ‪ 5‬قذائــف «أر يب‬ ‫جــي» مضــاد دروع حشــوة مضاعفــة‪ ،‬ويف شــهادة‬ ‫الدكتــوراه ‪ 10‬قذائــف مدفعيــة ميــدان ‪ 130‬ملــم‪،‬‬ ‫ونـ ّوه اإلعــان إىل إمكانيــة قتــل ‪ 3‬مــن أقــارب العائلــة‬ ‫املحتفلــة و‪ 7‬مــن الجـران و‪ 15‬مــن القــرى املجــاورة‬ ‫يف ســبيل التعبــر عــن الفرحــة‪.‬‬ ‫وطالــب اإلعــان املذكــور أهــايل وأقــارب الطالــب‬ ‫الراســب ضبــط النفــس واالكتفــاء بـــ ‪ 3‬قنابــل‬ ‫عنقوديــة‪ ،‬كــا حــذّر مــن اســتخدام األســلحة‬ ‫الكيامويــة والنوويــة مؤقتــاً حتــى خــروج املراقبــن‬ ‫الدوليــن‪.‬‬ ‫وختــم اإلعــان بالطلــب مــن املواطنــن الذيــن ليــس‬ ‫لديهــم أي طالــب يف املنــزل التوجــه مبــارشة إىل‬ ‫املالجــئ عنــد صــدور النتائــج‪.‬‬

‫وكان أهــل حمــص أول مــن تعامــل مــع مــا يجــري يف‬ ‫بدايــات الثــورة بســاح النكتــة والطرافــة مســتخدمني‬ ‫بــواري املدافــئ عــى أنهــا قذائــف وصواريــخ‪ ،‬وحبات‬ ‫الباذنجــان كقنابــل يف الســخرية مــن قــوات النظــام‬ ‫التــي كانــت تســتخدم األســلحة والذخــرة الحيــة‬ ‫يف قتلهــم‪ ،‬كــا أنشــأ ناشــطون آنــذاك أول صفحــة‬ ‫ســاخرة بعنــوان «مشــحم ومغســل حمــص للدبابات»‬ ‫لــدى اقتحــام قــوات النظــام للمدينــة مبختلــف أنــواع‬ ‫األســلحة مبــا فيهــا الدبابــات واآلليــات الثقيلــة‪.‬‬

‫طبعة ثالثة من رواية «مهرة بال فارس» للروائية وفاء شهاب الدين‬ ‫صــدر حديثـاً عــن دار اكتــب للنــر والتوزيــع‬ ‫بالقاهــرة الطبعــة الثالثــة لروايــة «مهــرة بــا‬ ‫فــارس» للروائيــة وفــاء شــهاب الديــن‬ ‫تحــى الروايــة قصــه حــب بــن فتــاه ريفيــة‬ ‫مرصيــة تتمتــع مبوهبــه الكتابــة‪ ،‬وبــن نــارش‬ ‫عراقــي كان يعيــش يف مــر‪ ،‬وتعــرض الروايــة‬ ‫املتغـرات االجتامعيــة التــي حدثــت يف املجتمــع‬ ‫يف فــرة حــرب العــراق‪ .‬وتتعــرض الروايــة‬ ‫للعــادات والتقاليــد املرصيــة والعراقيــة‪.‬‬ ‫الكاتبــة وفــاء شــهاب الديــن لهــا أنشــطة كثــرة؛‬ ‫حيــث كتبــت الكثــر مــن املقــاالت والق ـراءات‪،‬‬ ‫وقدمــت مــن خــال الجرائــد واملواقــع‬ ‫اإللكرتونيــة واملجــات الكثــر مــن العــروض‬ ‫املميــزة إلصــدارات كتــاب ومبدعــن مــن خــال‬ ‫عملهــا كمستشــار إعالمــي للعديــد مــن دور‬ ‫النــر وللكتــاب املســتقلني ومديـرا ً ملركــز شــهرة‬

‫اإلعالمــي ولديهــا ســت روايــات مطبوعــة‬ ‫ومجموعتــن قصصيتــن‪.‬‬ ‫تقــول وفــاء شــهاب الديــن عــن روايتهــا‬ ‫«مهــرة بــا فــارس»‪ :‬روايــة «مهــرة بــا‬ ‫فــارس» مــن الروايــات التــي ال ميكــن اإلملام‬ ‫بهــا يف قــراءة واحــدة لكــرة التفاصيــل‬ ‫لــي يســتطيع القــارئ تقييمهــا ال بــد أن‬ ‫يقرأهــا مــرة أخــرى برتكيــز وال يعتمــد عــى‬ ‫القــراءة األوليــة‪ ..‬أنــا ال أكتــب شــيئاً دون‬ ‫مــرر درامــي وال أريــد الخــوض يف تفاصيــل‬ ‫كثــرة إن كان الــزواج معلــن ملــا اضطــرت‬ ‫مهــرة للســفر إىل العـراق‪ ،‬وحدثــت النهايــة‬ ‫بتلــك الطريقــة‪ ،‬وقــد وضحــت أســباب‬ ‫كثــرة لهــذا األمــر‪ ،‬لكنهــا كانــت بصــورة‬ ‫غــر مبــارشة‪ ،‬ألننــا يف العمــل األديب ال نــرد‬ ‫األســباب أبــدا ً بطريقــة مبــارشة‪ ،‬وإال فقدنــا‬

‫أهــم العنــارص الروائيــة وهــي التشــويق‬

‫جملس إدارة مؤسسة توتول اإلعالمية يشكر‬ ‫الدكت��ور حممد احل��اج صاحل والدكتور علي املنادي اهلويدي على مس��اهمتهما يف دعم صحيفة احلرمل‬ ‫وتهي��ب الصحيف��ة باألخوة أه��ل الرقة لدع��م الصحيفة ومس��اعدتها يف االس��تمرار لتقديم رس��التها اإلعالمية‬

‫بريطانيــا العجــوز مل تفقــد حكمتهــا بعــد‪ ،‬وبعيــدا ً عــن التدعيــات‬ ‫اإلعالميــة‪ ،‬والسياســية واملاليــة املبــارشة‪ ،‬والجــدل العــام املبنــي عــى‬ ‫التخــوف مــن نتائــج اســتفتاء الربيطانيــن عــى االنســحاب مــن االتحــاد‬ ‫األوريب‪.‬‬ ‫يبــدو أن الخطــوة الربيطانيــة يف االنســحاب‪ ،‬قــد كانــت ضمــن البدائــل‬ ‫املدروســة منــذ لحظــة التوقيــع عــى اتفاقيــة االتحــاد األوريب ‪ ،1973‬يف‬ ‫تأثــر بريطانيــا ســلباً يف اقتصادهــا أو اســتقالليتها‪ ،‬فربيطانيــا واحــدة‬ ‫مــن عــر دول ال تســتخدم اليــورو كعملــة وطنيــة‪ ،‬أو يف معامالتهــا‬ ‫التجاريــة‪ ،‬ألنهــا قــد قاومــت مــن خــال اســتقاليتها يف العمــل ق ـرارات‬ ‫وتعليــات املفوضيــة األوربيــة مــرارا ً‪ ،‬فيــا يتعلــق بفتــح الحــدود‬ ‫(الشــنغن)‪ ،‬والتعليــم‪ ،‬والصحــة‪ ،‬والتجــارة والنقــل البحــري‪.‬‬ ‫أعتقــد أن اســتياء كامــرون‪ ،‬وحكومتــه مــن نتيجــة االســتفتاء لهــا معنــى‬ ‫وحيــد‪ ،‬وهــو كســب جمهــور الشــباب الــذي صــوت لصالــح البقــاء‪ ،‬ألن‬ ‫كامــرون وحكومتــه يعلــان جيــدأ‪ ،‬وبشــكل مســبق أن النتائــج ســتكون‬ ‫متقاربــة‪ ،‬ولصالــح االنســحاب بفــارق بســيط‪ ،‬وقــد كان مبقــدوره تجنــب‬ ‫االســتفتاء الشــعبي‪ ،‬وإبقــاء األمــر برمتــه يف أروقــة وقاعــة مجلــس‬ ‫العمــوم الربيطــاين‪ ،‬وبالتــايل االســتمرار يف االتحــاد‪ ،‬والتخفيــض مــن‬ ‫اســتقاللية عمــل حكومتــه ضمــن املفوضيــة األوربيــة‪ ،‬لصالــح هيمنــة‬ ‫القيــادة األملانيــة ألوربــا املوحــدة‪ ،‬أملانيــا التــي بــدأت تتحــرر مــن قيــود‬ ‫اتفاقيــات الحــرب العامليــة الثانيــة «وهــذا التحــرر أحــد نتائــج تداعيــات‬ ‫القضيــة الســورية املرتافــق مــع انتهــاء بعــض بنــود تلــك االتفاقــات‪،‬‬ ‫التــي ســمحت ألملانيــا بطرحهــا للنقــاش العــام»‪.‬‬ ‫ال شــك أن حكومــة كامــرون لــن تفــرط باســتقالليتها لصالــح الهيمنــة‬ ‫األملانيــة الصاعــدة‪ ،‬فهــي تديــر خامــس أكــر اقتصــاد يف العــامل‪ ،‬وعضــو‬ ‫دائــم يف مجلــس األمــن‪ ،‬وجيــش مــن أكفــأ جيــوش العــامل‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫مــن مصلحتهــا تكريــس اســتقالليتها يف التعامــل بشــكل مســتقل‬ ‫مــع العــامل الجديــد‪ ،‬الــذي بــدأت مالمــح تأسســيه تتشــكل يف كتــل‬ ‫اقتصاديــة وسياســية (ورمبــا عســكرية الحق ـاً) منافســة لالتحــاد األوريب‬ ‫واليورو(والحقـاً للحلــف االطلــي)‪ ،‬وتتفــوق عليــه يف حجــم اقتصادياتهــا‬ ‫(الصــن ورشق آســيا)‪ ،‬أو مبــا متتلــك مــن إمكانــات غــر مســتثمرة‬ ‫(الــرق األوســط الكبــر)‪ ،‬وأرجــح أن مــروع الــرق األوســط الكبــر‬ ‫هــو الهــدف اإلسـراتيجي للخطــوة الربيطانيــة املباركــة أمريكيـاً واملرحب‬ ‫بهــا مــن روســيا (بوتــن)‪ ،‬والــذي يعتــر املعــادل املوضوعــي ألوربــا‬ ‫قويــة وبقيــادة أملانيــة‪ ،‬ملــا ميتلكــه هــذا املــروع مــن إمكانــات برشيــة‬ ‫وماديــة‪ ،‬تعرقــل وتحجــم أي اندفاعــة أملانيــة جديــدة أو يف املزيــد مــن‬ ‫االســتقاللية تجــاه العــامل الجديــد‪ ،‬حيــث أن قضيــة الالجئيــن التــي‬ ‫اتخــذت فيهــا أملانيــا (املفوضيــة األوربيــة) قــرارات حاســمة بوصفهــا‬ ‫قضيــة إنســانية أوالً‪ ،‬مل ينظــر املتخوفــون عــى أنهــا كذلــك‪ ،‬بــل عــى‬ ‫إنهــا مــؤرش عــى متلمــل العمــاق األوريب مــن القيــود التــي كبلتــه منــذ‬ ‫خســارته الحــرب العامليــة الثانيــة‪.‬‬ ‫لذلــك تبــدو يل أن خطــوات التطبيــع‪ ،‬والتقــارب الــريك واإلرسائيــي‪،‬‬ ‫تتكامــل مــع خطــوة االنســحاب الربيطانيــة مــن االتحــاد األوريب‪ ،‬ومــع‬ ‫اف ـراق مصالــح تركيــا مــع أوربــا‪ ،‬حيــث ســتكون وســتبقى تركيــا مم ـرا ً‬ ‫رئيســياً لنســغ الحيــاة يف أوربــا (الطاقــة)‪ ،‬ألن الــرق األوســط الكبــر‬ ‫املنشــود ميتلــك معظــم مصــادر الطاقــة العامليــة‪ ،‬باإلضافــة المتالكــه‬ ‫مقــدرات مــن الــروات الباطنيــة واملــوارد البرشيــة كبــرة جــدا ً‪ ،‬ســتوضع‬ ‫يف االســتثامر بقيــادة التكنولوجيــة اإلرسائيليــة واألمريكيــة والــركات‬ ‫الرتكيــة والروســية‪ ،‬بحيــث يكــون بعــد فــرة ليســت بالبعيــدة‪ ،‬بــؤرة‬ ‫مركزيــة يف تحقيــق النمــو يف االقتصــاد العاملــي‪ ،‬وهــذا مــروط بإعــادة‬ ‫الهــدوء اىل املنطقــة‪ ،‬وعقلنــة التوحــش الــذي أذكاه أصحــاب املــروع‪،‬‬ ‫وهــذه العقلنــة ســتكون الهــدف الــذي ســترشف عليهــا بريطانيــا‬ ‫العظمــى‪ ،‬ألنهــا كانــت أهــم منتجــي أســباب التطــرف يف املنطقــة‪،‬‬ ‫بحيــث تعيــد االعتبــار للتكوينــات التــي ســاهمت يف تهميشــها عــر‬ ‫القــرن الفائــت‪ ،‬ضمــن مــروع الــرق األوســط الكبــر‪ ،‬كأطــراف‬ ‫رشيكــة يف العقلنــة ومتمتعــة بحقوقهــا ضمــن هــذه الوحــدة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 43‬تمــوز ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.