Alharmal (47) 01 09 2016 العدد 47 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‪..‬‬ ‫تأمــل يف تجربــة عملــي يف الحكومــة الســورية املؤ ّقتــة‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫حصاد الحرمل يف سنتني ملف العدد القادم‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 47‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫تصميم سليمان الزير‬ ‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫داريــا لــم تســقط وإنمــا الضمــر اإلنســاني‪!..‬‬

‫ذرور احلرمل‬

‫مــن زهــور غيــاث مطــر إىل الســاح‪ ..‬حكايــة صمــود‬

‫من استالب الوعي إىل استعادة الوعي‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫أبطــال الجيــش الحــر يعيــدون مرتزقــة العــراق وإيــران جثثـاً هامدة!‬ ‫اندحــار داعــش مــن جرابلس بعد منبــج‪ ..‬واألهالي يعــودون إىل بيوتهم‬

‫‪6‬‬

‫حممد صاحل العويد‬

‫قراءة ومراجعات‬

‫‪7‬‬

‫د‪ .‬مساح هدايا‬ ‫بني ّ‬ ‫التشوّه واالستقامة‬

‫‪2‬‬

‫‪7‬‬

‫ملى األتاسي‬

‫غسان املفلح‬ ‫البوركيين‬

‫‪8‬‬

‫دارايا وأوباما والفرجة‪!..‬‬

‫‪5‬‬

‫يف يــوم مجــزرة الكيمــاوي بغوطــة دمشــق‪ :‬تداعيــات إطــاق عمليــة درع الفــرات علــى محافظــة الرقة‬

‫الســوريون يف باريس يعتصمون أمام متحف اإلنســان‬

‫مقتــل العدنانــي الشــخص الثانــي يف تنظيــم داعــش قــرب مدينــة حلب‬

‫لقــد دأب الغــرب عــى تخريــب منظومــة الوعــي العــريب‪ ،‬املنهكــة أساس ـاً‬ ‫بفعــل االحتــاالت الطويلــة‪ ،‬وبدائلهاالداخليــة الحقاً‪ ،‬أعنــي النظــم الديكتاتورية‪،‬‬ ‫وانتهــا ًء بأيديولوجيــات غــر ناضجــة حينـاً‪ ،‬وتعصبيــة أحيانـاً أخــرى‪ ،‬ســاهمت يف‬ ‫تخديــر وعينــا‪ ،‬وإحــداث رشوخ عميقــة فيــه‪.‬‬ ‫إضافــة إىل مــا عمــل عليــه الغــرب بــإرصار ودون كلــل‪ ،‬مــن هجومـ ٍ‬ ‫ـات ممنهجــة‪،‬‬ ‫واخرت ٍ‬ ‫اقــات مدروســة‪ ،‬لتحطيــم قيمنــا‪ ،‬والتشــكيك مببادئنــا‪ ،‬ومتزيــق هويتنــا‪،‬‬ ‫ومبــادى وهويــات غــر محــددة‪ ،‬أكــر اســتعدادا ً لالستســام‬ ‫لصالــح قيــم‬ ‫ْ‬ ‫للمؤثــرات الخارجيــة‪ ،‬وقبــول امل ُعطــى القيمــي والفكــري والســلويك الجديــد‪،‬‬ ‫الوافــد مــن الغــرب‪ ،‬دون مقاومــة ومتحيــص‪.‬‬ ‫حتــى صــار إحساســنا بعــدم الثقــة‪ ،‬إن مل يكــن بالهزميــة‪ ،‬جــزءا ً أساســياً مــن‬ ‫مكوننــا النفــي‪ ،‬و ُمتَقبِــاً طيّعــاً ملقــوالت مــن مثــل‪« :‬الــرق رشق والغــرب‬ ‫غــرب‪ ،‬ولــن يلتقيــا أبــدا ً»‪ ،‬رغــم مــا فيهــا مــن اســتعالء حضــاري‪ ،‬ومتايــز عنــري‪.‬‬ ‫وصــارت مقولــة أن املســلمني متطرفــون دينيــاً‪ ،‬وأن اإلســام ديــن معــا ٍد‬ ‫للدميقراطيــة‪ ،‬وثقافــة خطــرة تهــدد القيــم واملصالــح الغربيــة‪ ،‬جــزءا ً مــن‬ ‫االعتقــاد الغــريب الراســخ‪ ،‬وتهمــة أغرقتنــا باملســؤولية‪ ،‬والشــعور بالذنــب‪،‬‬ ‫ودفعــت الكثرييــن منــا إىل التنصــل منهــا بالتنكــر للديــن‪ ،‬وتبنــي العلامنيــة‪،‬‬ ‫كصــك للــراءة‪ ،‬ومدخــاً لتغيــر النمــط العقائــدي والثقــايف والقيمــي يف‬ ‫املجتمعــات العربيــة والســنية‪ ،‬يســمح بالتغلغــل اإليــراين الشــيعي‪ ،‬ويضمــن‬ ‫حركــة مخابراتيــة عامليــة أكــر حريــة‪.‬‬ ‫وصــار الحديــث عــن االنتســاب العــرويب‪ ،‬والدولــة القوميــة‪ ،‬التــي لهــا حساســية‬ ‫تجــاه التدخــل الخارجــي‪ ،‬رمـزا ً لفكـ ٍر بائـ ٍـد ونكــويص‪ ،‬يبعــث عــى التهكــم‪ ،‬مــن‬ ‫خــال توصيفــات تســتجلب الهــزء مــن مثــل‪« :‬قومجيــون‪ ،‬وأع ـراب»‪ ،‬لضــان‬ ‫إحــال قيــم الحــدود املفتوحــة‪ ،‬والعوملــة وواحديــة الحضــارة مكانهــا‪.‬‬ ‫وصــار الحديــث عــن أحقيــة حكــم األكرثيــة‪ ،‬نوعــاً مــن الثقافــة الرجعيــة‪،‬‬ ‫والتعصــب اإلثنــي والدينــي‪ ،‬وافتئات ـاً عــى حقــوق األقليــات‪ ،‬يســتدعي نــرة‬ ‫الغــرب وتدخلــه‪ ،‬لحاميــة هــذه املكونــات االجتامعيــة األقلويــة‪ ،‬املهــددة‬ ‫بطغيــان محيطهــا األكــروي‪ ،‬كجــزء مــن االســراتيجية األمريكيــة الجديــدة‬ ‫الحتــواء ثــورات الربيــع العــريب‪ ،‬بتعزيــز ســطوة األقليــات‪ ،‬ومتكينهــا يف أنظمــة‬ ‫اإلدارة والحكــم‪ ،‬وتشــجيعها للمطالبــة بكيانــات مســتقلة‪ ،‬كــا يف إدارات الحكــم‬ ‫الــذايت الكــوردي‪ ،‬وشــيوع املطالبــة بالفيدراليــة عــى لســان الكــورد‪.‬‬ ‫وألن الغــرب يحتــاج إىل عــدو دائــم‪ ،‬الســتمرار ســيطرته‪ ،‬وتعزيــز قوتــه‪ ،‬وتربيــر‬ ‫تدخلــه‪ ،‬فقــد حــول الـراع بعــد انتهــاء الحــرب البــاردة‪ ،‬مــن رصاع أيديولوجــي‬ ‫إىل رصاع حضــاري‪ ،‬وألن مصلحتــه ترتكــز يف الــرق األوســط‪ ،‬والوجــود العــريب‬ ‫الســني‪ ،‬فقــد كان اإلســام حــارضا ً كعــدو جديــد‪ ،‬واالنتقــال مــن املاركســة‬ ‫الشــمولية‪ ،‬والشــيوعية الكافــرة‪ ،‬إىل اإلســام املتوحــش‪ ،‬واملعــادي للدميقراطيــة‪،‬‬ ‫الــذي تــم رســم صورتــه النمطيــة مســبقاً يف الذهــن الغــريب‪ ،‬مــن خــال تقنيــات‬ ‫صناعــة اإلرهــاب الغربيــة‪ ،‬التــي تــم تطويرهــا يف مراكزهــم االســتخبارية‪،‬‬ ‫وتصديرهــا إلينــا عــى أننــا املســؤولون عنهــا‪ ،‬وعــن واجــب محاربتهــا يف عقــر‬ ‫أوطاننــا‪.‬‬ ‫وبذلــك تــم احتــواء ثــورات الربيــع العــريب‪ ،‬وطموحاتنــا الدميقراطيــة‪ ،‬بتحويلنــا‬ ‫إىل القبــول بالبدائــل التطهريــة‪ ،‬وهــي‪:‬‬ ‫العلامنيــة التــي نتــرأ بهــا مــن تهمــة التعصــب الدينــي‪ ،‬والعامليــة التــي نتــرأ‬ ‫بهــا مــن تهمــة االنغــاق القومــي‪ ،‬ومتكــن األقليــات التــي نتــرأ بهــا مــن تهمــة‬ ‫التغلــب األكــروي‪ ،‬والتعدديــة الفيدراليــة التــي نتــرأ بهــا مــن واحديــة الدولــة‪.‬‬ ‫حتــى صــارت هــذه املصطلحــات مقياسـاً للوعــي الثقــايف والســيايس واالجتامعــي‬ ‫واإلنســاين‪ ،‬والحــل لألزمــة الســورية املســتعصية‪ ،‬وفــض االشــتباك بــن الثــورة‬ ‫والنظــام الذيــي لإلمربياليــة الغربيــة املتجــددة‪.‬‬ ‫أمــام كل هــذا العصــف الذهنــي بالوعــي العــريب بشــكل عــام‪ ،‬والســوري‬ ‫بشــكل خــاص‪ ،‬صــار لزام ـاً علينــا أن نعيــد ترتيــب أولوياتنــا‪ ،‬واســتعادة وعينــا‬ ‫املســتلب‪ ،‬وإعــادة النظــر فيــا يتــم زرعــه يف أذهاننــا مــن مصطلحــات‪ ،‬ويف‬ ‫زيــف تحالفاتنــا وصداقتنــا الخارجيــة‪ ،‬والعــودة إىل إعــادة صياغــة بنائنــا العــريب‬ ‫املتهالــك‪ ،‬وتعزيــز مــا هــو قائــم ومتامســك مــن ثوابتنــا وقيمنــا‪ ،‬واملــي بعــزمٍ‬ ‫أكــر وعي ـاً يف وجــه التحديــات الوجوديــة التــي تعصــف بنــا‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يف يوم جمزرة الكيماوي بغوطة دمشق‪:‬‬

‫السوريون يف باريس يعتصمون أمام متحف اإلنسان‬

‫باريس‪ -‬الحرمل خاص‬ ‫تج ّمــع حشــد مــن الســوريني يف باريــس‬ ‫بــن الســاعة الرابعــة والسادســة مســاء يــوم‬ ‫األحــد ‪ 2016/3/21‬يف ســاحة متحــف اإلنســان‬ ‫يف قلــب العاصمــة الفرنســية ومقابــل بــرج‬ ‫إيفــل‪ ،‬محطــة الرتوكاديــرو‪ ،‬وذلــك يف الذكــرى‬ ‫الثالثــة الســتعامل النظــام الســوري الســاح‬ ‫الكيــاوي ضــد املدنيــن يف غوطــة دمشــق يف‬ ‫‪2013/8/21‬م‪ ،‬التــي راح ضحيتهــا حــوايل ألــف‬ ‫وخمســائة شــهيد مــن األطفــال والنســاء‬ ‫والرجــال الذيــن كانــوا نامئــن ليلــة القصــف يف‬ ‫املالجــئ ويف البيــوت‪ ،‬وقــد كانــت صــور ضحايــا‬ ‫القصــف الكيميــايئ ضــد املدنيــن مــن الصــور‬ ‫التــي املؤثــرة جــدا ً‪ ،‬وال تقــل بشــاعة عــن صــور‬ ‫(القيــر) مصــور عمليــات التعذيــب التــي‬ ‫كان يقــوم بهــا النظــام بشــكل ممنهــج ضــد‬ ‫املعتقلــن الســوريني‪.‬‬ ‫وكان الداعــون لهــذه التظاهــرة هــم تجمــع‬ ‫(مــن أجــل ســورية حــرة ودميقراطيــة)‪ ،‬وتجمــع‬ ‫(ســاحة الجمهوريــة يف باريــس)‪ ،‬و(تنســيقية‬ ‫باريــس) وعــدد مــن الجمعيــات الفرنســية‬ ‫باإلضافــة إىل األفــراد الذيــن ســاهموا بــكل‬ ‫وســعهم إلنجــاح هــذه التظاهــرة‪.‬‬ ‫وقــال محمــد طــه الناشــط وأحــد منســقي‬ ‫هــذا االعتصــام‪ :‬مل نستســلم لليــأس‪ ،‬ومل نهتــم‬ ‫بالمبــاالة املجتمــع الــدويل إنهــا رصختنــا‪ ،‬رصخة‬ ‫الضمــر اإلنســاين بوجــه العــامل الــذي يتجاهــل‬ ‫جرائــم النظــام ويتجاهــل معانــاة الســوريني‪،‬‬ ‫ويصفهــم باإلرهــاب ألنهــم طالبــوا بالحريــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬لقــد كنــا ســباقني منــذ فجــر الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬وســنواصل فعالياتنــا مهــا كانــت‬ ‫الصعوبــات‪.‬‬ ‫وقــد انتــرت أعــام الثــورة الســورية عــى‬ ‫أســوار متحــف االنســان‪ ،‬وانتــرت صــور‬ ‫الضحايــا التــي تخاطــب العــامل مبحاســبة‬ ‫الجنــاة واملتورطــن بهــذه الجرميــة مــن قــادة‬ ‫النظــام‪ ،‬وحــري بهــذه الصــور أن تنضــم إىل‬ ‫صــور املتحــف الفرنــي الشــهري لتخلــد معانــاة‬ ‫اإلنســان مــن هــذا النظــام املجــرم‪ ،‬ومامرســاته‬ ‫التــي فاقــت االســاطري التاريخيــة‪ ،‬واالحــداث‬ ‫الكبــرة التــي تحتــل قاعــات ذلــك املتحــف‬ ‫ليســت أكــر مــن أحــداث تواطــؤ الــدول‬ ‫الكــرى يف متريــر جرميــة املجــزرة الكيامويــة‪،‬‬ ‫واالســتمرار بالقبــول بنظــام القتــل الــذي‬ ‫ميــارس املزيــد مــن الجرائــم‪ ،‬التــي تذهــل‬ ‫البرشيــة ومتــزق بلدنــا ســورية بــكل وحشــية‪.‬‬ ‫وقــام عــدد مــن الشــابات والشــبان الســوريني‬ ‫بتمثيــل فــاش مرسحــي حــي عــن جرميــة‬ ‫الكيــاوي يف الســاحة العامــة وأمــام تدفــق‬ ‫الســياح مــن كل أنحــاء العــامل وباللغتــن‬ ‫العربيــة والفرنســية‪ ،‬وأعــادوا متثيــل املأســاة‬ ‫والجرميــة ومتــدد العــرات مــن الســوريني‬ ‫يف الســاحة معيديــن متثيــل أوضــاع ضحايــا‬ ‫الجرميــة الكيامويــة‪.‬‬

‫وتحــدث للحرمــل الناشــط والقيــادي الســابق‬ ‫نجــايت طيــارة‪ :‬هــذه هــي املــرة الثالثــة التــي‬ ‫نتذكــر فيهــا جرميــة الكيــاوي‪ ،‬والجرائــم‬ ‫املتكــررة التــي نتذكرهــا دامئ ـاً‪ ،‬وعــى األخــص‬ ‫عــا يحصــل مــن‬ ‫جرميــة الصمــت الــدويل ّ‬ ‫جرائــم بشــعة يف ســورية‪ ،‬وكأن العــامل يعيــد‬ ‫تنظيــم مصالحــه حــول الــدم الســوري بــكل‬ ‫المبــاالة‪.‬‬ ‫وأضــاف الناشــط نجــايت طيــارة معـرا ً بــأمل عــن‬ ‫مدينــة حمــص املحــارصة وخاصــة حــي الوعــر‪،‬‬ ‫وقــال‪ :‬هــذا النظــام ال يحــارص حمــص وحدهــا‬ ‫بــل إنــه يحــارص الســوريني جميعــاً ويحــاول‬ ‫انت ـزاع إرادتهــم الحــرة‪.‬‬ ‫وقــام عــدد مــن الناشــطني الفرنســيني بإلقــاء‬ ‫كلــات حامســية عــن الحريــة وعــن معانــاة‬ ‫الشــعب الســوري والجرائــم املســكوت عنهــا‬ ‫دولي ـاً‪.‬‬ ‫الناشــطة الفرنســية (دولفــن) كانــت مهتمــة‬ ‫بــكل التفاصيــل وتقــوم بالكثــر مــن املهــام‬ ‫بنفســها رغــم ســنها الــذي تجــاوز الســبعني‬ ‫ســنة‪ ،‬وكانــت متــأ الســاحة حركــة وتنظيــاً‪،‬‬ ‫وبابتســامتها تكلــف الشــبان والشــابات إلنجــاز‬ ‫املهــام الالزمــة إلنجــاح التظاهــرة‪.‬‬ ‫وتحدثنــا إىل الناشــطة الفرنســية كارولــن إم‬ ‫بويــزي فقالــت‪ :‬لقــد أعــرب الســوريون يف‬ ‫فرنســا وأصدقاؤهــم الفرنســيون منــذ مســاء‬ ‫يــوم ‪ 21‬آب ‪ 2013‬عــن أملهــم وغضبهــم مــن‬ ‫هــذه الجرميــة الجديــدة‪ ،‬فقــد تجمعنــا وقتهــا‬ ‫أمــام حائــط الســام يف باريــس‪ ،‬كــا أننــا منــذ‬ ‫ذاك نجتمــع يف ‪ 21‬آب مــن كل ســنة لنطالــب‬ ‫بالعدالــة لشــهداء الهجــات الكيامويــة مــن‬ ‫الســوريني ولكــن أيضـاً لــكل الشــهداء املدنيــن‬ ‫يف الثــورة الســورية ضــد أســوأ ديكتاتــور‬ ‫وأبشــع الرببريــات‪ .‬ونحــن نعتقــد أن اإلرهــاب‬ ‫الــدويل لــن يتوقــف مــا دام النظــام الســوري‬ ‫وإرهابــه مل يُعاقبــا‪ ..‬فهــذه الحصانــة ضــد‬ ‫العقوبــة هــي البــاب املــرع أمــام الرببريــات‬ ‫يف كل أنحــاء العــامل‪ .‬وهــذا األحــد ‪ 21‬آب ‪2016‬‬ ‫ُعدنــا أيضــاً‪ ،‬ســوريون فرنســيون والجئــون‬

‫سياســيون ومنفيــون ســوريون وأصدقــاء‬ ‫الثــورة الســورية لنتظاهــر يف ســاحة حقــوق‬ ‫اإلنســان يف «تركاديــرو» يف باريــس يك نحيــي‬ ‫ذكــرى مــن استشــهدوا مــن مدنيــي وأطفــال‬ ‫الغوطتــن بالهجــات الكيامويــة أثنــاء نومهــم‪،‬‬ ‫ويك نطالــب بالعــدل لهــم ويك نقــول «أوقفــوا»‬ ‫الجرائــم ضــد اإلنســانية يف ســورية‪.‬‬ ‫وكان الدكتــور برهــان غليــون مــن أبــرز‬ ‫الحارضيــن والداعــن إىل مزيــد مــن تعــارف‬ ‫الســوريني يف باريــس عــى بعضهــم وتضامنهــم‬ ‫مــع الشــعب الســوري‪ .‬وتحدثــت الحرمــل‬ ‫مــع الدكتــورة فــداء حــوراين التــي كانــت‬ ‫متواجــدة أيضــاً يف الســاحة طــوال فــرة‬

‫االعتصــام‪ :‬الســكوت عــن جرميــة الكيــاوي‬ ‫لغــة دوليــة مفضوحــة‪ ،‬ورغــم كل املؤامــرات‬ ‫عــى الشــعب الســوري‪ ،‬فإننــي متأكــدة مــن‬ ‫بــدء وشــيك ملرحلــة جديــدة يف ســورية‪ ،‬ينتــزع‬ ‫فيهــا الشــعب الســوري ق ـراره وينهــي مرحلــة‬ ‫التالعــب الــدويل بقــرارات الشــعب الســوري‬ ‫وإرادتــه‪ ،‬فهــذه املرحلــة التآمريــة ســتنتهي‬ ‫قريبــاً هــي وأدواتهــا‪.‬‬ ‫وتألــق املــدرب والناشــط أنــس األيــويب الــذي‬ ‫كان مــن أوائــل الحارضيــن ومــن املنظمــن‬ ‫ومــن املحركــن األساســيني يف التفاعــل بــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬وكان للمغــرب الســوري أحمــد‬ ‫دركزنــي أثـرا ً كبـرا ً يف إثــارة الحــاس حتــى يف‬ ‫نفــوس الشــباب‪ ،‬وكذلــك يف نفــوس املهاجريــن‬ ‫الجــدد‪ ،‬وكان يــردد شــعارات الثــورة بالعربيــة‬ ‫وبالفرنســية وبلغــة متقنــة وحامســية‪.‬‬ ‫وكذلــك الشــاب رامــان إســاعيل‪ ،‬تألــق أيض ـاً‬ ‫بأناشــيده وهتافاتــه وأغانيــه الحامســية التــي‬ ‫شــدت الســوريني جميعــاً باإلضافــة إىل عــدد‬

‫كبــر مــن الســواح املتواجديــن بكثافــة‪ ،‬حيــث‬ ‫يقــدر عــدد زوار بــرج إيفــل أكــر مــن ســبعة‬ ‫ماليــن ســائح ســنوياً‪ ،‬أي أنــه يتواجــد يف اليــوم‬ ‫حــوايل عرشيــن ألــف حــول بــرج إيفــل‪ ،‬ألــف‬ ‫عابــر كل ســاعة يعــر هــذه الســاحة عــى األقل‬ ‫عــدا أعــداد املواطنــن الفرنســيني العابريــن يف‬ ‫ســاحة متحــف اإلنســان‪.‬‬ ‫وتحدثنــا إىل الناشــط بــر حــاج إبراهيــم الــذي‬ ‫كان يــوزع منشــورا ً بالفرنســية عــن الطفــل‬ ‫عمــران ومأســاته الكبــرة يف حلــب‪ ،‬مذكريــن‬ ‫املجتمــع الــدويل بــكل أطفــال ســورية‪ ،‬الذيــن‬ ‫يعانــون كل يــوم مــن جرائــم النظــام املســكوت‬ ‫عنــه دولي ـاً‪ ،‬والذيــن صــارت أرواحهــم مجــرد‬ ‫أرقــام واحصــاءات‪ ،‬وقــال الناشــط بــر‪ :‬اعتصام‬ ‫اليــوم قــام بنــاء عــى نــداء عــدة جمعيــات‬ ‫فرنســية مؤيــدة للشــعب الســوري باإلضافــة‬ ‫إىل الجهــات الســورية املنظمــة‪ ،‬وفرنســا كانــت‬ ‫ضــد النظــام ويف الصــف األول لفضحــه وخاصــة‬ ‫يف جرميــة الكيــاوي‪ ،‬ورغــم ذلــك فــإن هــذه‬ ‫الجرميــة مــرت دون عقوبــة والقاتــل مــا ي ـزال‬ ‫ميــارس اإلبــادة الجامعيــة ضــد الســوريني بــكل‬ ‫الوســائل واألســلحة املتاحــة لــه‪.‬‬ ‫وعــن إمكانيــة إقامــة دعــوى عــى النظــام‬ ‫الســوري يف هــذه الجرميــة يف املحاكــم‬ ‫الفرنســية قــال الناشــط بــر‪ :‬يف الوقــت الحــايل‬ ‫ال نســتطيع‪ ،‬وهــذا الجهــد يحتــاج إىل توحــد‬ ‫قــوى املعارضــة وعملهــا معـاً مــن أجــل إقامــة‬ ‫مثــل هــذه الدعــوى املهمــة‪ ،‬والتــي تحتــاج‬ ‫إىل جهــود كل الســوريني يف فرنســا وجهــود‬ ‫املنظــات الداعمــة لحقــوق الشــعب الســوري‬ ‫وحريتــه‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن املحاكــم الفرنســية قــد قبلــت‬ ‫صــور القيــر كأدلــة عــى الجرائــم ضــد‬ ‫اإلنســانية التــي يقــوم بهــا أركان النظــام ضــد‬ ‫الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫الناشــطة رنــا الجنــدي اســتوقفناها وهــي‬ ‫مشــغولة برتتيــب املــكان مــع الناشــطني‬ ‫والناشــطات وقالــت‪ :‬الخطــوط الحم ـراء كلهــا‬ ‫تحطمــت‪ ،‬والكيــاوي مجــرد خــط أحمــر‬ ‫واحــد مــن خطــوط حمــراء كثــرة يحطمهــا‬ ‫النظــام وســط الصمــت الــدويل‪ ..‬وهــا هــي‬ ‫روســيا تســاهم مــع النظــام وإي ـران بتحطيــم‬ ‫املزيــد مــن الخطــوط الحمــراء وتقصــف‬ ‫الشــعب الســوري بوحشــية!‬ ‫الصحــايف والناشــط ن ـزار اللبــاد مــن القادمــن‬ ‫الجــدد إىل فرنســا‪ ،‬إذ كان الجئــاً يف مخيــم‬ ‫الزعــري بــاألردن قــال‪ :‬نناشــد املجتمــع‬ ‫الــدويل بإنقــاذ الشــعب الســوري مــن جرائــم‬ ‫النظــام ومنهــا جرائــم الكيــاوي التــي راح‬ ‫ضحيتهــا أكــر مــن ألــف وخمســائة مــدين‬ ‫ســوري يف غوطــة دمشــق‪ ،‬باإلضافــة إىل جرائــم‬ ‫كثــرة يقــوم بهــا النظــام الســوري كل يــوم‬

‫ضــد الشــعب الســوري‪ ،‬فيــا كانــت أبــرز‬ ‫التوصيــات ألهلنــا يف املخيــات‪ ،‬الدعــوة إىل‬ ‫اتحــاد الفصائــل الســورية املقاتلــة ضــد النظــام‬ ‫يف بنيــان مرصــوص ضمــن الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫وعــدم إعطــاء النظــام املســتبد فرصــة جديــدة‬ ‫الســتباحة ســورية‪ ،‬ليتحقــق حلــم النــر‬ ‫والحريــة ألهلنــا الالجئــن الذيــن يحلمــون‬ ‫بالعــودة إىل بيوتهــم وقراهــم ومدنهــم‬ ‫معززيــن ومكرمــن بــإذن اللــه‪.‬‬ ‫وبدورنــا نطلــب مــن الســوريني يف تركيــا ويف‬ ‫أوروبــا ويف كل مــكان‪ ،‬اتقــان القــدرة عــى‬ ‫التنظيــم واإلدارة‪ ،‬والبعــد عــن االرتجــال الــذي‬ ‫يشــتت الجهــود املخلصــة‪ ،‬فكثــرا ً مــا نــرى‬ ‫جمعيــات تعمــل منفــردة وهــي يف نفــس‬ ‫املــكان‪ ،‬وكل جمعيــة تخــرج ترخيصــاً خاصــاً‬ ‫بهــا‪ ،‬ونشــاطاً يســبب التشــتيت للجهــود التــي‬ ‫ينظــر إليهــا الشــعب الســوري بأمــل أن تكــون‬ ‫رســالة إىل العــامل‪ ،‬وتلفــت نظــره إىل قــدرة‬ ‫الســوريني عــى التنظيــم والبعــد عــن الفرديــة‪،‬‬ ‫وجمعيــات باريــس هنــا ال يوجــد بينهــا تنســيق‬ ‫كاف وال توجــد لجنــة أو هيئــة للتنســيق‬ ‫الجامعــي‪ ،‬فالســوريون أضاعــوا قدراتهــم‬ ‫السياســية والرمزيــة بالتشــتت واالرتجــال‬ ‫وعــدم الرغبــة بالتنظيــم‪.‬‬ ‫أمــا الناشــط منــر قلعجــي أحــد الداعــن إىل‬ ‫هــذه التظاهــرة واملهتمــن بإبــاغ الســوريني‬ ‫املتواجديــن يف باريــس للحضــور‪ :‬فقــد أكــد‬ ‫تواطــؤ املجتمــع الــدويل والواليــات املتحــدة‬ ‫وروســيا يف جرميــة الكيــاوي‪ ،‬ومن املؤســف أن‬ ‫ننــى اإلنســان العــادي يف ســورية الــذي تقــع‬ ‫عــى رأســه كل هــذه الجرائــم وتتحــول األنظــار‬ ‫اإلعالميــة إىل النظــام وداعــش واملتطرفــن فقط‪،‬‬ ‫بينــا يتــم إهــال النــاس الواقعــن تحــت‬ ‫القصــف والحصــار ويعانــون الجــوع واملــرض‬ ‫وانعــدام التعليــم بالمبــاالة دوليــة وإعالميــة‪،‬‬ ‫وهــذا ينتقــص مــن شــأن الشــعب الســوري‬ ‫ويحــول قضيتــه اإلنســانية إىل مجــرد عناويــن‬ ‫إخباريــة خاليــة مــن مضمونهــا اإلنســاين الــذي‬ ‫ميثلــه االنســان الســوري العــادي الــذي تقــع‬ ‫عــى رأســه كل الجرائــم مــن الكيــاوي حتــى‬ ‫آخــر قنبلــة تقــع!‬ ‫الناشــط ســليم العوابــدة‪ ،‬قــال إن النظــام‬ ‫الســوري هــو نظــام طائفــي بشــع مهــا تلبــس‬ ‫لبــوس الشــكل القومــي أو االشـرايك أو الوطنــي‬ ‫فهــو رضب الحالــة الوطنيــة يف مامرســاته‬ ‫املشــبوهة عندمــا وجــه الســاح إىل صــدر‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬وهــذه األســلحة الفتاكــة ال‬ ‫تقــل إجرام ـاً عــن الكيــاوي وهــو يســتعملها‬ ‫كل يــوم ضــد الشــعب الســوري وعــى حســابه‬ ‫وحســاب دمــاء أبنائــه‪ ،‬وهــذه الجرائــم تتــم‬ ‫بتوافــق أمريــي وإرسائيــي مــع هــذا النظــام‬ ‫فهــو متآمــر ضــد الســوريني‪ ،‬وضــد العــرب‪،‬‬ ‫وتحالــف مــع إيـران وأمريــكا منــذ زمــن حافــظ‬ ‫األب‪.‬‬ ‫مــن أمــام متحــف االنســان يف باريــس قــام‬ ‫الســوريون مبطالبــة املجتمــع الــدويل باالعـراف‬ ‫بإنســانية الســوري‪ ،‬الواقــع تحــت القصــف‬ ‫الكيــاوي وغــر الكيــاوي املتكرر بكل قســوة‪،‬‬ ‫ويقــوم الناشــطون باملطالبــة بإدانــة جرميــة‬ ‫الكيــاوي األوىل التــي اقرتفهــا النظــام‪ ،‬ومــا‬ ‫ي ـزال يقــرف غريهــا مــن الجرائــم الكيامويــة‪،‬‬ ‫وصمــت عنهــا املجتمــع الــدويل‪ ،‬وهــي جرميــة‬ ‫كــرى ضــد اإلنســان الســوري وال ميكــن أن‬ ‫متــوت بالتقــادم‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫أبطــال الجيــش الحر يعيــدون مرتزقة‬ ‫العــراق وإيران جثثـاً هامدة!‬ ‫يف صــاالت مطــار دمشــق‪ ..‬القادمــون مــن‬ ‫بغــداد علــى قدميهــم والعائــدون بصناديــق‬

‫دمشق ‪ -‬وكاالت‬ ‫ثــوار ســورية ُيــردون املزيــد مــن مرتزقــة‬ ‫العـراق وإيـران ويعيدونهــم يف صناديــق‪ ،‬بعــد‬ ‫أن جــاؤوا ماشــن عــى أرجلهــم إىل رحلــة‬ ‫املــوت الــذي أعــده لهــم الجيــش الحــر‪.‬‬ ‫ففــي الوقــت الــذي مــا يــزال فيــه مطــار‬ ‫دمشــق يشــهد حركــة يوميــة إىل بغــداد لنقــل‬ ‫جثــث املقاتلــن العراقيــن يف امليليشــيات‬ ‫التابعــة إليــران‪ ،‬وصلــت أمــس الجمعــة (‪26‬‬ ‫آب‪/‬أغســطس) دفعــة جديــدة مــن املقاتلــن‬ ‫العراقيــن وعائالتهــم إىل املطــار‪ ،‬يف حــن‬ ‫يســتمر إعــام النظــام مبحاولــة إقنــاع مواليه أن‬ ‫القادمــن الجــدد هــم مــن العائــات املدنيــة‪،‬‬

‫كــا كتــب حذيفــة العبــد لكلنــا رشكاء‪.‬‬ ‫شــبكة “دمشــق اآلن” املقربــة مــن أجهــزة‬ ‫النظــام األمنيــة أكــدت أمــس وصــول دفعــة‬ ‫جديــدة مــن العائــات العراقيــة إىل املطــار‪،‬‬ ‫زاعمــة أنهــم قادمــون مــن مدينــة املوصــل‬ ‫التــي يســيطر عليهــا تنظيــم “داعــش” هرب ـاً‬ ‫مــن املعــارك هنــاك‪ ،‬وقالــت إن حكومــة‬ ‫النظــام يف ســوريا أمنــت وصولهــم إىل دمشــق‬ ‫ووجهــت املنظــات اإلنســانية املختصــة‬ ‫لتأمــن مســاكن لهــم‪.‬‬ ‫ويف رحلــة باالتجــاه املعاكــس‪ ،‬وصلــت‬ ‫إىل مطــار بغــداد يــوم الخميــس (‪ 25‬آب‪/‬‬ ‫أغســطس)‪ ،‬ثــاث جثــث ملقاتلــن مــن كتائــب‬ ‫(اإلمــام عــي)‪ ،‬وهــي ميليشــيا عراقيــة تقاتــل‬

‫أرشيف‬

‫يف العــراق وســوريا‪ ،‬وتتبــع الحــرس الثــوري‬ ‫اإليــراين‪ .‬وهــذه الجثــث كانــت قادمــة مــن‬ ‫مطــار دمشــق‪ ،‬حيــث لقــي املقاتلــن الثالثــة‬ ‫مرصعهــم دفاعـاً عن “الســيدة زينــب الحوراء”‬ ‫بحســب مــا نرشتــه الصفحــة الرســمية‬ ‫للكتائــب‪.‬‬ ‫ونــرت الكتائــب رشيطــاً مصــورا ً ملوكــب‬ ‫اســتقبال الجثــث الثــاث محملــة عــى‬ ‫ســيارات عســكرية لتقــوم بجولــة يف شــوارع‬ ‫العــراق قبــل دفنهــم‪.‬‬ ‫ومل تــر كتائــب (اإلمــام عــي) إىل هويــة‬ ‫املقاتلــن الثالثــة الذيــن شــيعتهم الخميــس‪ ،‬إال‬ ‫أنهــا نعــت األربعــاء أيضاً القيــادي يف امليليشــيا‬ ‫“مــروان خالــد حســن الخفاجــي” الــذي لقــي‬

‫مرصعــه أيضـاً يف ســوريا “يف الدفــاع عــن مرقــد‬ ‫العقيلــة زينــب”‪ ،‬وتــم تشــييعه يف مدينــة‬ ‫بابــل يف موكــب كبــر‪.‬‬ ‫يــوم الخميــس (‪ 25‬آب‪/‬أغســطس) أيضــاً‪،‬‬ ‫شــيعت مدينــة النجــف العراقيــة‪( ،‬كوكبــة)‬ ‫مــن القتــى العراقيــن القادمــن مــن ســوريا‪،‬‬ ‫“الذيــن ارتقــوا إىل العليــاء أثنــاء تصديهــم‬ ‫لقطعــان الــر واإلرهــاب دفاع ـاً عــن حمــى‬ ‫العقيلــة زينــب”‪ ،‬عــى حــ ّد زعــم إعــام‬ ‫الكتائــب‪ ،‬الــذي نــر صــورا ً للتشــييع‪ ،‬حيــث‬ ‫كتــب عــى الصناديــق األربعــة القادمــة مــن‬ ‫دمشــق (لبيــك يــا زينــب) يف إشــار ٍة إىل أنهــم‬ ‫قتلــوا يف ســوريا‪.‬‬ ‫وقبــل نحــو أســبوع‪ ،‬اســتقبلت قيــادة الكتائــب‬

‫التــي غــرت اســمها إىل “كتائــب اإلمــام عــي‬ ‫يف العــراق والشــام”‪ -‬أســوة بداعــش‪ -‬بعــد‬ ‫ازديــاد نشــاطها يف ســوريا‪ ،‬اســتقبلت جثــث‬ ‫ســتة مقاتلــن عراقيــن يف مطــار بغــداد قادمــة‬ ‫مــن مطــار دمشــق‪ ،‬ونقلــت تعازيهــا إىل قائــد‬ ‫امليليشــيا الحــاج محمــد عدنــان البــاوي”‪ ،‬وقال‬ ‫إعــام الكتائــب الحــريب إن القتــى الســتة لقــوا‬ ‫مرصعهــم بعــد أن “ســطروا أروع البطــوالت‬ ‫وســالت دماؤهــم الطاهــرة دفاعـاً عــن عقيلــة‬ ‫بنــي هاشــم”‪ ،‬يف حــن هــم كانــوا بالحقيقــة‬ ‫يف دمشــق واملــدن الســورية‪ ،‬يعتــدون عــى‬ ‫النــاس ويقتلــون ثوارهــا‪ ،‬ويســاعدون االحتالل‬ ‫اإلي ـراين عــى تدمــر ســورية وترشيــد شــعبها‬ ‫مبعاونــة النظــام البعثــي وروســيا‪.‬‬

‫اندحار داعش من جرابلس بعد منبج‪ ..‬واألهالي يعودون إىل بيوتهم‬ ‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫بعــد طغيــان داعــش وتبجحها‪ ،‬واســتبدادها‬ ‫باألهــايل وتفننهــا بالقتــل والذبــح‪ ،‬بــدأت‬ ‫الحبــل تلتــف عــى رقــاب قادتهــا ومجرميهــا‬ ‫الذيــن تفننــوا بتعذيــب الســوريني وتهجريهــم‬ ‫بقســوة ال تقــل عــن إج ـرام النظــام األســدي‪،‬‬ ‫وعــى قادتهــا وأزالمهــا يف الرقــة أن يتلمســوا‬ ‫رقابهــم قبــل أن تخنقهــا أيــادي املظلومــن‬ ‫واملطروديــن واملعذبــن مــن طغيانهــا‪.‬‬ ‫وكتــب الصحــايف عبــي سميســم يف العــريب‬ ‫الجديــد قائــا‪ :‬تشــهد مدينــة جرابلــس الواقعــة‬ ‫شــال رشقــي حلــب‪ ،‬هــدوءا ً حــذرا ً ترافــق مــع‬ ‫عــودة تدريجيــة ومســتمرة ملعظــم ســكانها‬ ‫بعــد متكُّــن فصائــل املعارضــة الســورية‪،‬‬ ‫بدعــم مــن قــوات خاصــة تركيــة‪ ،‬األربعــاء‬ ‫‪ ،2016/8/24‬مــن خــال عمليــة «درع الفـرات»‬ ‫مــن الســيطرة عــى املدينــة وقــرى محيطــة بها‪،‬‬ ‫إثــر طــرد تنظيــم الدولــة اإلســامية (داعــش)‬ ‫منهــا‪ .‬يف غضــون ذلــك‪ ،‬يتواصــل قصــف‬ ‫املدفعيــة الرتكيــة ملواقــع قــوات «ســورية‬ ‫الدميقراطيــة» التــي تشــكل ميليشــيا «وحــدات‬ ‫حاميــة الشــعب» الكرديــة عمودهــا الفقــري‬ ‫يف القــرى التــي تســيطر عليهــا جنــويب مدينــة‬ ‫جرابلــس‪ ،‬ويف ريــف منبــج الشــايل‪.‬‬ ‫وذكــرت الجزيــرة مبــارش تزايــد حجــم‬ ‫االمــدادات والتحشــدات العســكرية يف محيــط‬ ‫مدينــة جرابلــس متهيــدا ً لفــرض منطقــة آمنــة‬ ‫للســوريني بدعــم تــريك‪.‬‬ ‫وعلمــت «العــريب الجديــد» مــن مصــادر‬ ‫عســكرية خاصــة يف مدينــة جرابلــس أ ّن فصائل‬ ‫«الجيــش الحــر»‪ ،‬مدعومــة مــن قــوات تركيــة‪،‬‬ ‫تحــر لعمليــة واســعة يف املنطقــة‪ ،‬مــن‬ ‫ّ‬ ‫املرتقــب انطالقهــا خــال الســاعات املقبلــة‪،‬‬ ‫مؤكــدة أن الهــدف مــن العمليــة هــو تطهــر‬ ‫الرشيــط الحــدودي مــن التنظيــم انطالق ـاً مــن‬ ‫جرابلــس رشقـاً حتــى مدينــة أعـزاز غربـاً بعمق‬ ‫‪ 15‬كيلومــرا ً‪ .‬ومتتــد تلــك العمليــة جنوبــاً‬ ‫لتشــمل مدينــة البــاب التــي كانــت قــوات‬ ‫«ســورية الدميقراطيــة» تســعى للســيطرة‬ ‫عليهــا‪ .‬وبينــت املصــادر العســكرية أن قــوات‬ ‫«ســورية الدميقراطيــة» تســعى لاللتفــاف‬ ‫عــى الخطــوط الحمــر التــي اتفــق األمريكيــون‬

‫واألتــراك عليهــا‪ ،‬والتــي متنــع عليهــم التقــدم‬ ‫غــرب نهــر الف ـرات‪ ،‬وذلــك مــن خــال تغيــر‬ ‫أســاء فصائلهــم والعمــل تحــت أســاء توحــي‬ ‫بأنهــم مــن أبنــاء املنطقــة‪.‬‬ ‫فصائــل «الجيــش الحــر»‪ ،‬مدعومــة بقــوات‬ ‫ـر لعمليــة واســعة بهــدف تطهــر‬ ‫تركيــة‪ ،‬تحـ ّ‬ ‫الرشيــط الحــدودي مــن التنظيــم‪ ،‬وأوضحــت‬ ‫أن العمليــة ســتكون حاســمة لناحيــة تطهــر‬ ‫املنطقــة مــن وجــود «داعــش»‪ ،‬وملنــع املليشــيا‬ ‫الكرديــة مــن التقــدم غــرب نهــر الفــرات‪،‬‬ ‫وإجبارهــا عــى االنســحاب إىل رشقــي النهــر‪،‬‬ ‫مبينـاً أن القــوات الرتكيــة اســتقدمت تعزيـزات‬ ‫إضافيــة لحســم املعركــة بالطريقــة ذاتهــا التــي‬ ‫تــم فيهــا حســم معركــة جرابلــس‪.‬‬ ‫يف هــذا الســياق‪ ،‬قــال املحلــل الســيايس الــريك‪،‬‬ ‫أوكتــاي يلــاز‪ ،‬يف حديــث لـ»العــريب الجديــد»‬ ‫إن عمليــة درع الفـرات مســتمرة حتــى متشــيط‬ ‫الحــدود الرتكيــة الواقعــة غــرب الفـرات‪ ،‬وطــرد‬ ‫اإلرهابيــن مــن «داعــش» واملليشــيات الكردية‪،‬‬ ‫وقــد متتــد حتــى البــاب ومنبــج‪ .‬ويكمــن أحــد‬ ‫أهدافهــا يف عــدم الســاح لكيانــات إرهابيــة‬ ‫أو انفصاليــة إقامــة دويــات يف املنطقــة‪ .‬وعــن‬ ‫رأيــه بالتفــاف قــوات «ســورية الدميقراطيــة»‬

‫الــزور وغريهــا مــن األماكــن بانتظــار الخــاص‬ ‫مــن هــذا الطاعــون األســود‪.‬‬ ‫بطاقة تعريفية لجرابلس وتاريخها‪:‬‬ ‫جرابلــس‪ ،‬مدينــة ســورية متاخمــة للحــدود‬ ‫الجنوبيــة لـــركيا‪ ،‬ســيطر تنظيــم الدولــة‬ ‫بشــكل كامــل عليهــا يف ســبتمرب‪/‬أيلول ‪،2013‬‬ ‫ثــم تحولــت عــام ‪ 2016‬إىل ســاحة للمواجهــة‬ ‫بــن فصائــل املعارضــة الســورية وتنظيــم‬ ‫الدولــة وأنقــرة الرافضــة لســيطرة األكـراد عــى‬ ‫املنطقــة‪.‬‬ ‫املوقع‬ ‫تقــع مدينــة جرابلــس عــى الضفــة اليمنــى‬ ‫لنهــر الفــرات شــال ســوريا‪ ،‬وهــي متاخمــة‬ ‫للحــدود الجنوبيــة لرتكيــا وتبعــد ‪ 125‬كيلومـرا‬ ‫شــال رشق مدينــة حلــب وتتبــع إداريــا لهــا‪،‬‬ ‫ويبلــغ ارتفاعهــا عــن ســطح البحــر ‪ 367‬م ـرا‪.‬‬ ‫حملــت املدينــة اســمها مطلــع القــرن‬ ‫العرشيــن‪ ،‬وكانــت قبــل ذلــك تعــرف باســم‬ ‫كركميــش‪ ،‬وهــي عاصمــة الحثيــن القدمــاء‪.‬‬ ‫املناخ‬

‫عــى الخطــوط الحمــر‪ ،‬يشــر إىل أن «تركيــا‬ ‫تحــارب فكــر حــزب االتحــاد الدميقراطــي‬ ‫(الفــرع الســوري للعــال الكردســتاين)‬ ‫اإلرهــايب‪ ،‬وال عــرة مــن تغيــر األســاء‪،‬‬ ‫فالخطــة املقبلــة طــرد حملــة هــذا الفكــر مــن‬ ‫منطقــة غــرب الفــرات»‪ .‬واســتبعد يلــاز أن‬ ‫تكــون تركيــا تنــوي إقامــة أيــة قواعــد عســكرية‬ ‫يف ســورية‪ ،‬لكنــه بـ ّـن أنهــا ســتبقي قواتهــا يف‬ ‫املنطقــة حتــى تحقــق العمليــة أهدافهــا‪ ،‬وهــذا‬ ‫رصح بــه أكــر مــن مســؤول تــريك‬ ‫مــا ّ‬ ‫أخـرا ً وعــن موضــوع املنطقــة اآلمنــة وإمكانيــة‬ ‫تطبيقهــا بعــد دخــول تركيــا إىل الســاحة‬ ‫الســورية‪ ،‬قــال إنــه «حاليــاً ال يوجــد اتفــاق‬ ‫دويل بخصــوص املنطقــة اآلمنــة‪ ،‬لكــن إذا‬ ‫اســتطاعت تركيــا تطهــر املنطقــة املقصــودة‬ ‫مــن اإلرهــاب‪ ،‬فذلــك يعتــر خطــوة أوىل‬ ‫باتجــاه إقامــة منطقــة آمنــة ويبقــى أن تتوافــق‬ ‫الــدول املعنيــة عــى ذلــك»‪.‬‬ ‫الرقــة بانتظــار دحــر الدواعــش وإعــادة أهلهــا‬ ‫إليهــا‪ ،‬ومعاقبــة املجرمــن الذيــن تورطــوا‬ ‫بــإذالل الســكان وبنهــب بيوتهــم‪ ،‬ومامرســة‬ ‫التعذيــب بــكل صنوفــه‪ ،‬وكذلــك كل املناطــق تتميــز مبنــاخ معتــدل نســبيا يف الصيــف وبــارد‬ ‫املغتصبــة مــن قبــل داعــش ومجرميهــا يف ديــر يف الشــتاء‪.‬‬

‫السكان‬ ‫يبلــغ عــدد ســكان املدينــة قرابــة تســعني ألــف‬ ‫نســمة أغلبيتهــم مــن العــرب‪ ،‬وقــد اســتقر بهــا‬ ‫خليــط مــن األع ـراق األخــرى خاصــة الرتكــان‬ ‫والرشكــس واألرمــن‪.‬‬ ‫التاريخ‬ ‫جرابلــس هــي كركميــش التاريخيــة‪ ،‬تعــود إىل‬ ‫األلفيــة الخامســة قبــل امليــاد‪ ،‬وقــد ذكــرت يف‬ ‫النصــوص العائــدة إىل نهايــة األلــف الثالــث‬ ‫قبــل امليــاد‪.‬‬ ‫ويف القــرن الـــ‪ 14‬قبــل امليــاد احتلهــا امللــك‬ ‫الحثــي شــوبيلوليوما الثــاين‪ ،‬واتخــذت بعــد‬ ‫ذلــك عاصمــة للحثيــن‪ ،‬قبــل أن يتمكــن‬ ‫رسجــون الثــاين مــن إخضاعهــا للحكــم اآلشــوري‬ ‫عــام ‪ 717‬قبــل امليــاد‪.‬‬ ‫خضعــت كركميــش لحكــم الدولــة البابليــة‬ ‫بعــد ســقوط اإلمرباطوريــة اآلشــورية عــام‬ ‫‪ 612‬قبــل امليــاد‪ ،‬ثــم تبعــت لإلمرباطوريــة‬ ‫الفارســية‪ ،‬بعدهــا خضعــت للحكــم الهلنســتي‪،‬‬ ‫ثــم تقلبــت عليهــا عصــور اإلمرباطوريــات‬ ‫املســلمة التــي ســادت بــن الشــام واألناضــول‪.‬‬ ‫كانــت مدينــة صغــرة ال يتعــدى ســكانها بضــع‬ ‫مئــات حينــا أنشــئت ســكة حديــد حلــب‬ ‫بغــداد ثــم توســعت املدينــة بعــد اســتقالل‬ ‫ســوريا عــن االنتــداب الفرنــي عــام ‪،1946‬‬ ‫وأصبحــت جــزءا مــن قضــاء حلــب‪.‬‬ ‫الثورة السورية‬ ‫انخرطــت جرابلــس يف الثــورة الســورية ضــد‬ ‫نظــام الرئيــس بشــار األســد منــذ بدايتهــا‪،‬‬ ‫ورسيعــا تشــكلت مجموعــة «أحـرار جرابلــس»‬ ‫لدعــم الثــورة‪ ،‬وتــم طــرد قــوات األمن الســوري‬ ‫مــن املدينــة يف يوليو‪/‬متــوز ‪ ،2012‬وتــوىل أهلهــا‬ ‫إدارتهــا‪.‬‬ ‫ويف ســبتمرب‪/‬أيلول ‪ ،2013‬ســيطر تنظيــم الدولة‬ ‫بشــكل كامــل عــى املدينــة‪ ،‬وخــاض العديــد‬ ‫مــن املواجهــات املســلحة مــع عشــائرها‪،‬‬ ‫وتعرضــت جرابلــس للقصــف مــن قبــل طـران‬ ‫التحالــف ضمــن حملتــه عــى تنظيــم الدولــة‪.‬‬ ‫وتــم تحريرهــا عــى أيــدي الجيــش الحــر‬ ‫وبدعــم مــن القــوات الرتكيــة بتاريــخ‬ ‫‪2016 /8 /24‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حلب ‪ -‬طريق الراموسة‬

‫د‪ .‬جواد أبو حطب‬

‫الحكومة السورية تطلب‬ ‫من األمم املتحدة اعتماد‬ ‫طريق الراموسة إلدخال‬ ‫املساعدات إىل حلب‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫أكــد الدكتــور جــواد أبــو حطــب رئيــس‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقــت‪ ،‬أن األطــراف‬ ‫الدوليــة مــا زالــت تســمح للعصابــة املجرمــة‬ ‫القابعــة يف دمشــق وحلفائهــا باســتخدام ملــف‬ ‫املســاعدات اإلنســانية للحصــول عــى مكاســب‬ ‫سياســية‪ ،‬واســتخدامها كوســائل ضغــط عــى‬ ‫الشــعب الســوري كــا حصــل يف داريــا والزبداين‬ ‫وغريهــا ســابقاً‪ ،‬مضيفــاً أن النظــام الســوري‬ ‫يعمــل بنفــس العقليــة فيــا ســمي بفــرات‬ ‫الهــدوء والتــي مدتهــا ‪ 48‬ســاعة أســبوعياً‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف بيــان املســاعدات اإلنســانية‬

‫بخصــوص مدينــة حلــب املحــررة الــذي وجهتــه‬ ‫الحكومــة الســورية إىل هيئــة األمــم املتحــدة‬ ‫بتاريــخ ‪ ،2016/8/28‬ويــأيت يف إطــار تأكيــد‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة ودعمهــا لبيــاين‬ ‫مجلــس الحــرة ومجلــس مدينتهــا‪ ،‬مشـرا ً إىل أن‬ ‫الحكومــة الســورية ترفــض رفضـاً قاطعـاً الخطــة‬ ‫التــي تعتمــد طريــق الكاســتيلو كممــر وحيــد‬ ‫إلدخــال املســاعدات اإلنســانية األمميــة‪ ،‬مؤكــدا ً‬ ‫عــى قــدرة الحكومــة بالتعــاون مــع املجالــس‬ ‫املحليــة املنتخبــة يف حلــب عــى إيصــال هــذه‬ ‫املســاعدات إىل أهلنــا يف املناطــق املحــررة عــر‬ ‫طريــق الراموســة‪.‬‬

‫كــا أشــار بيــان الحكومــة إىل رفضهــا كل وســائل‬ ‫الضغــط التــي متارســها دول ومنظــات بالتلويــح‬ ‫والتهديــد باعتبارنــا الجهــة املعرقلــة لوصــول‬ ‫هــذه املســاعدات ملســتحقيها يف حــال رفضنــا‬ ‫العتــاد طريــق الكاســتيلو معــرا ً إنســانياً‬ ‫وحيــدا ً‪.‬‬ ‫وطلبــت الحكومــة يف بيانهــا مــن األمــم املتحــدة‬ ‫وخربائهــا الذيــن قدمــوا هــذه الخطــة بإعــادة‬ ‫النظــر فيهــا‪ ،‬واعتــاد طريــق الراموســة مم ـرا ً‬ ‫إلدخــال املســاعدات اإلنســانية املعتمــدة يف‬ ‫هــذه الخطــة‪ ،‬متعهديــن بتقديــم كل الدعــم‬ ‫اللوجســتي يف هــذا اإلطــار إلنجــاح الخطــة‪.‬‬

‫حكايــة صمــود مــن زهــور غيــاث مطــر إىل الســاح‬

‫داري��ا ف��ارس الث��ورة ال��ذي ترج��ل‬

‫عبد القادر ليال‬

‫أيــة عبــوة لــرب دباباتــه‪ ،‬وإذا مــا اكتشــف‬ ‫ذلــك ســيدخل ويدهســنا بالدبابــات‪ ،‬دون‬ ‫أن نتمكــن مــن الدفــاع عــن أنفســنا‪ ،‬وعــى‬ ‫الرغــم مــن ذلــك فقــد قاومــت املدينــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫باالعتــاد عــى الخطــط العســكرية‪ ،‬والعقــل‬ ‫مل تكــن داريــا يف موقــف الدفــاع فقــط فمنــذ‬ ‫شــهرين نفــذت القــوات فيهــا عمليــة هجوميــة‬ ‫محــدودة‪ ،‬حيــث اخرتقــت الخــط الفاصــل‬ ‫بــن داريــا واملعضميــة التــي ســيطرت عليهــا‬ ‫قــوات الفرقــة الرابعــة‪ ،‬ومتكنــت مــن الوصــول‬ ‫إىل املعضميــة ونقــل عــدد كبــر مــن املســنني‬ ‫واإلصابــات الخطــرة‪ ،‬وإدخــال مســاعدات‬ ‫غذائيــة وأدويــة إىل داخــل داريــا‪ ،‬وهــذا الخــط‬ ‫الواصــل بــن املنطقتــن تــم اســتخدامه ســرا ً‬ ‫عــى األقــدام فــكان املقاتلــون ينقلــون املصابــن‬ ‫والعجــزة عــى ظهورهــم وكلفــت العمليــة ‪12‬‬ ‫مــن مقاتــي داريــا‪.‬‬

‫بعــد ‪ 1400‬يــوم مــن الصمــود األســطوري‬ ‫بوجــه أعتــى قــوة عســكرية متوحشــة عرفهــا‬ ‫التاريــخ‪ ،‬والــذي تجــاوز حصــار لينينغــراد‬ ‫الشــهري‪ ،‬والــذي دخــل التاريــخ حيــث اســتمر‬ ‫‪ 872‬يوم ـاً‪ ،‬تعرضــت فيــه مدينــة داريــا لــكل‬ ‫أنــواع القصــف املدفعــي والجــوي والصاروخــي‬ ‫مبــا فيهــا املحــرم دوليـاً‪ ،‬وأكــر مــن ســبعة آالف‬ ‫برميــل متفجــر‪ ،‬رفضــت داريــا منــذ اليــوم األول‬ ‫وجــود مقاتلــن أجانــب‪ ،‬كــا رفضــت رصامــة‬ ‫تنظيــم القاعــدة أو التعــاون معــه‪ ،‬وحافظــت‬ ‫فصائــل داريــا عــى رفــع علــم الثــورة والقتــال‬ ‫تحــت الرايــة الســورية‪ ،‬مل تحصــل داريــا‬ ‫عــى مــا تحصــل عليــه املناطــق األخــرى مــن‬ ‫الدعــم مل يكــن لــدى املقاتلــن آليــات مدرعــة‬ ‫أو مدفعيــة ثقيلــة وستكتشــف قــوات النظــام‬ ‫وامليليشــيات الشــيعية أن مــن كان يواجههــم‬ ‫يفتقــد إىل األســلحة املتوســطة واملتفجــرات‪،‬‬ ‫حيــث قــال |أحــد القــادة العســكريني مــن مل تدخــل املســاعدات الدوليــة إىل داريــا‬ ‫داخــل داريــا قبــل أيــام لقــد كــر النظــام ســوى مــرة واحــدة‪ ،‬مــا دفــع األهــايل ملكافحــة‬ ‫الطــوق الدفاعــي الخامــس‪ ،‬وليــس لدينــا الجــوع باســتنبات األعشــاب واملزروعــات‪ ،‬أمــا‬

‫النفــط فــكان يســتخرج مــن البالســتيك‪ ،‬ولكــن‬ ‫بكميــات قليلــة جــدا ً تكفــي لتشــغيل مولــدات‬ ‫لشــحن الهواتــف‪ ،‬وتأمــن طاقــة للمشــفى‬ ‫امليــداين‪ ،‬عندمــا قصــف الــروس املدينــة‬ ‫بالنابــامل املحــرم دوليــاً للعديــد مــن املرافــق‬ ‫جعــل اســتمرار عمــل املشــفى مســتحيالً‪ ،‬وهذا‬ ‫شــكل ضغطـاً إضافيـاً عــى القــوى العســكرية‪،‬‬ ‫ويقــي االتفــاق الــذي جــرى بــن النظــام‬ ‫وفصائــل داريــا عــر وفــد مــن النظــام دخــل‬ ‫إىل املدينــة لرتحيــل مــن تبقــى مــن أهلهــا‬ ‫وعددهــم ‪ 8000‬شــخص عــى دفعــات إىل‬ ‫بلــدة صحنايــا املجــاورة التــي تقــع تحــت‬ ‫ســيطرة النظــام‪ ،‬وأمــا املقاتلــون الذيــن يبلــغ‬ ‫عددهــم ‪ 700‬مقاتــل بحســب االتفــاق يتــم‬ ‫نقلهــم إىل إدلــب‪ ،‬لكــن أهــايل املدنيــن رفضــوا‬ ‫االنتقــال إىل صحنايــا وفضلــوا مرافقــة املدنيــن‬ ‫إىل إدلــب خشــية بــأن ينتقــم النظــام منهــم أو‬ ‫يعتقلهــم‪ ،‬وكشــف أحــد اإلعالميــن مــن داخــل‬ ‫داريــا بخصــوص املفاوضــات مــع النظــام أن‬ ‫وفــد النظــام هــدد خــال املفاوضــات‪ ،‬وبشــكل‬ ‫علنــي بحــرق كل داريــا‪ ،‬وحــرق كل مــن فيهــا‬

‫يف حــال تــم رفــض الخــروج مــن داريــا التــي‬ ‫كان عــدد ســكانها ‪ 250000‬نســمة شــاركت‬ ‫باملظاهــرات الســلمية ومببــادرات الــورود‪،‬‬ ‫والتــي قابلهــا النظــام بالرصــاص واالعتقــال‬ ‫والتنكيــل بشــبابها ليالقــوا حتفهــم تحــت‬ ‫التعذيــب‪ ،‬إال أن التحــول األبــرز يف مســرة‬ ‫املدينــة خــال الثــورة كان يف صيــف ‪2012‬‬ ‫حيــث ارتكبــت قــوات الفرقــة الرابعــة التــي‬ ‫يقودهــا ماهــر األســد مجــزرة بحــق املدنيــن‬ ‫راح ضحيتهــا املئــات لتبــدأ بعدهــا محــارصة‬ ‫املدينــة‪ ،‬وتدخلهــا يف شــهر ترشيــن الثــاين‪،‬‬ ‫ويُقتــل املزيــد مــن الشــباب‪ ،‬هــذا األمــر دفــع‬ ‫عنــارص مــن الجيــش الحــر الــذي بــدأ آنــذاك‬ ‫بالتشــكل إىل التدخــل لحاميــة املدنيــن لتعيــش‬

‫بعدهــا املدينــة عــرات املحــاوالت الفاشــلة‬ ‫القتحامهــا‪ ،‬إال أن تدخــل الــروس بتجهيــزات‬ ‫حديثــة تكشــف األنفــاق والخنــادق‪ ،‬واتبــاع‬ ‫سياســة حــرق األرايض الزراعيــة‪ ،‬ومــا حشــد لــه‬ ‫النظــام وميلشــياته مــن إمكانيــات‪ ،‬واعتــاد‬ ‫طائــرات روســية ملراقبــة تحــركات املقاتلــن‬ ‫جعــل اإلمســاك بــاألرض شــبه مســتحيل‬ ‫وتشــر التقدي ـرات أن نحــو ‪ 5000‬مقاتــل مــن‬ ‫قــوات النظــام وميلشــياته لقــوا حتفهــم عــى‬ ‫أبــواب داريــا‪ ،‬الــدرس األهــم الــذي علمتــه‬ ‫داريــا لقــوى املعارضــة‪ ،‬هــو أن وحــدة الصــف‬ ‫الداخــي والتمســك بالثوابــت الوطنيــة هــي‬ ‫أقــوى ســاح ميكــن مــن خاللــه مواجهــة‬ ‫التحديــات‪.‬‬

‫دبابات تركية جديدة تدخل شمال سورية‬ ‫وكاالت‬

‫أرســلت تركيــا الســبت ‪2016/8/27‬‬ ‫مجموعــة جديــدة مــن الدبابــات إىل الشــال‬ ‫الســوري حيــث تخــوض عمليــة عســكرية‬ ‫تســتهدف تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش» واملســلحني األك ـراد منــذ األربعــاء‬ ‫‪.2016/8/24‬‬ ‫ونقلــت وكالــة الصحافــة الفرنســية عــن‬ ‫مراســل لهــا عــى الحــدود بــن تركيــا وســورية‬ ‫أن ســت دبابــات عــرت الحــدود الرتكيــة‬ ‫الســورية متجهــة نحــو مواقــع يوجــد فيهــا‬ ‫جنــود أتــراك‪.‬‬ ‫وشــنت تركيــا األربعــاء ‪ 2016/8/24‬عمليــة‬ ‫عســكرية أطلقــت عليهــا «درع الفــرات»‬ ‫شــارك فيهــا مقاتلــون ســوريون معتدلــون‬ ‫ومكنــت مــن اســتعادة مدينــة جرابلــس مــن‬ ‫قبضــة التنظيــم املتشــدد‪.‬‬ ‫وأرســلت أنقــرة يف املجمــل ‪ 50‬دبابــة وحــوايل‬

‫‪ 400‬جنــدي إىل ســورية حســب صحيفــة‬ ‫حرييــت الرتكيــة‪.‬‬ ‫نزع األلغام‬ ‫بالتزامــن مــع ذلــك‪ ،‬يواصــل مقاتلــون‬ ‫ســوريون تدعمهــم تركيــا نــزع ألغــام زرعهــا‬ ‫مســلحو داعــش يف جرابلــس بعــد طردهــم‬ ‫مــن املدينــة‪.‬‬ ‫وأفــادت وكالــة أنبــاء األناضــول الرتكيــة شــبه‬ ‫الحكوميــة بــأن املقاتلــن الســوريني أبطلــوا‬ ‫مفعــول ‪ 20‬عبــوة يــوم الجمعــة ‪2016/8/26‬‬ ‫فقــط‪.‬‬ ‫وقــال مراســل لوكالــة الصحافــة الفرنســية إنه‬ ‫ســمع دوي انفجــارات يف مدينــة جرابلــس‬ ‫بينــا كان املقاتلــون يواصلــون عمليــات نــزع‬ ‫األلغــام‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي أعلنــت فيــه قــوات‬ ‫الجيــش الســوري الحــر ســيطرتها عــى‬ ‫قــرى يف جنــوب مدينــة جرابلــس‪ ،‬وهــي‬

‫تلــة العامرنــة ودابــس وبالبــان وبــر كــوىس‬ ‫والخربــة والحجــاج‪ ،‬وذلــك بعــد اشــتباكات‬ ‫عنيفــة مــع قــوات ســوريا الدميقراطيــة‪ ،‬أكــد‬ ‫وقوعهــا املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫كــا ســيطرت قــوات الجيــش الســوري الحــر‬ ‫عــى قريــة بالوي ـران غــريب جرابلــس‪ ،‬إضافــة‬ ‫لبســط ســيطرتها عــى قريــة الشــيخ يعقــوب‬ ‫رشقــي بلــدة الراعــي بعــد اشــتباكات مــع‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل أعلــن الجيــش الــريك أنــه‬ ‫قتــل ‪ 25‬عنــرا ً مــن ميليشــيات كرديــة يف‬ ‫غــارات جويــة عــى ســوريا ضمــن عمليتــه‬ ‫غــر املســبوقة داخــل ســوريا‪ ،‬حســبام ذكــرت‬ ‫وكالــة األناضــول‪.‬‬ ‫وأضــاف الجيــش الــريك أن «‪ 25‬مــن العنــارص‬ ‫اإلرهابيــة مــن حــزب العــال الكردســتاين‬ ‫وحــزب االتحــاد الدميقراطــي الســوري قتلــوا‬ ‫يف غــارات يف منطقــة بلــدة جرابلــس»‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تداعيــات إطــاق عمليــة درع الفــرات علــى محافظة الرقة‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬

‫مقتل العدناني الشخص الثاني يف تنظيم داعش قرب مدينة حلب‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫األحــداث املتســارعة التــي أعقبــت إطــاق‬ ‫عمليــة «درع الفــرات» التــي تقــوم بهــا القــوات‬ ‫الرتكيــة مبشــاركة عــدد مــن ألويــة الجيــش الســوري‬ ‫الحــر يف مناطــق الشــال الســوري‪ ،‬ومــا أعقبهــا مــن‬ ‫انســحاب لقــوات وعنــارص تنظيــم الدولــة «داعــش»‬ ‫مــن مدينــة جرابلــس عــى الحــدود الســورية الرتكيــة‪،‬‬ ‫شــكلّت مزيــدا ً مــن الضغوطــات عــى جيــش ســوريا‬ ‫الدميقراطــي‪ ،‬الــذي تقــوده وحــدات حاميــة الشــعب‬ ‫الكورديــة‪ ،‬إضافــة إىل حــدوث اشــتباكات عنيفــة بــن‬ ‫الجيــش الــريك وألويــة الجيــش الحــر املســاندة لــه مع‬ ‫وحــدات مــن جيــش ســوريا الدميقراطــي‪ ،‬وشــهدت‬ ‫املنطقــة توت ـرا ً إضافي ـاً إثــر طلــب الواليــات املتحــدة‬ ‫مــن حليفتهــا يف املنطقــة وحــدات حاميــة الشــعب‬ ‫الكورديــة بالتوجــه إىل مناطــق غــرب الف ـرات‪.‬‬ ‫كل هــذه األحــداث شــكلت عبئــاً جديــدا ً عــى‬ ‫محافظــة الرقــة‪ ،‬فإثــر الطلــب األمريــي مــن وحــدات‬ ‫الحاميــة الكورديــة بالتوجــه إىل غــرب الفــرات‪،‬‬ ‫شــهدت منطقــة غــرب الرقــة‪ ،‬وبالتحديــد مناطــق‬ ‫وقــرى بلــدة الجرنيــة نزوحــاً ملعظــم الســكان مــن‬ ‫بيوتهــم‪ ،‬إثــر العمليــات العســكرية التــي تشــهدها‬ ‫املنطقــة يف هــذه اآلونــة‪ ،‬حيــث قــام طـران التحالــف‬ ‫بقصــف الجرنيــة وتــل عثــان‪ ،‬بالتزامــن مــع تقــدم‬ ‫وحــدات حاميــة الشــعب باتجــاه بلــدة تــل عثــان‪،‬‬ ‫والتــي شــهدت بدورهــا نزوحـاً ملعظــم ســكانها باتجاه‬ ‫الشــال الســوري األكــر أمنــاً‪ ،‬ووردت أنبــاء تؤكــد‬ ‫استشــهاد ثالثــة أشــخاص مــن بلــدة تــل عثــان جـراء‬ ‫القنــص أثنــاء تقــدم قــوات الحاميــة الكورديــة باتجــاه‬ ‫البلــدة‪.‬‬ ‫يف اليــوم الخامــس والعرشيــن مــن الشــهر الجــاري‪،‬‬ ‫شــنت طائ ـرات التحالــف غــارات جويــة عــى بلــدة‬ ‫الجرنيــة‪ ،‬بالتزامــن مــع تقــدم قــوات جيــش ســوريا‬ ‫الدميقراطــي باتجــاه مناطــق الجرنيــة غــرب الرقــة‬ ‫بنحــو ‪100‬كــم‪ ،‬وتقــدم بعــض وحداتهــا باتجــاه‬ ‫مناطــق عــن عيــى شــال الرقــة بنحــو ‪60‬كــم‪ ،‬يف‬ ‫الوقــت الــذي قامــت بــه الرشطــة العســكرية وعنــارص‬ ‫األمــن يف تنظيــم داعــش يف إطــاق حملــة اعتقــاالت‬ ‫لعنــارص التنظيــم املتقاعســن عــن الجهــاد‪.‬‬

‫ملح األرض‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫يف الســابع والعرشيــن مــن شــهر آب الحــايل شــن‬ ‫الطــران الحــريب عــدة غــارات جويــة عــى مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬وتحديــدا ً يف منطقتــي االدخــار وحــي الثكنــة‬ ‫أســفرت عــن استشــهاد ســتة أشــخاص بينهــم أطفــال‪،‬‬ ‫كــا شــهدت مدينــة الطبقــة تنفيــذ عــدد مــن الغــارات‬ ‫الجويــة اســتهدفت معمــل الســجاد وروضــة أطفــال‪ ،‬ما‬ ‫أســفر عــن استشــهاد ثالثــة مدنيــن‪ ،‬وإصابــة أكــر مــن‬ ‫ثالثــن شــخصاً‪.‬‬ ‫يف اليــوم الــذي أعقبــه‪ ،‬اســتوىل عنــارص مــن تنظيــم‬ ‫الدولــة «داعــش» عــى عــدد مــن منــازل املدنيــن‪،‬‬ ‫ومصــادرة محتوياتهــا يف قريــة الرحيــات شــال الرقــة‬ ‫بحجــة أن أصحابهــا نزحــوا باتجــاه تركيــا‪ ،‬بالتزامــن‬ ‫مــع إطــاق التنظيــم لحملــة موســعة ملصــادرة املنــازل‬ ‫الفارغــة يف عمــوم مناطــق وبلــدات وقــرى محافظــة‬ ‫الرقــة إلســكان عنــارص التنظيــم الذيــن انســحبوا مــن‬ ‫مدينتــي منبــج وجرابلــس‪ ،‬وشــهدت قريــة الخاتونيــة‬ ‫التابعــة لبلــدة الجرنيــة غــارة جويــة نفذهــا طــران‬ ‫التحالــف‪ ،‬وال أنبــاء مؤكــدة عــن وقــوع إصابــات‪،‬‬ ‫وأنبــاء جديــدة عــن نــزوح جديــد ألهــايل بلــدة تــل‬ ‫عثــان‪ ،‬وتوثيــق استشــهاد مــدين مــن بلــدة عــن‬ ‫عيــى يف ســجون داعــش ج ـراء غــارة جويــة للط ـران‬ ‫الحــريب الــرويس‪.‬‬ ‫يف يــوم ‪ 30‬آب الجــاري شــهدت مدينــة الرقــة تحليقـاً‬ ‫متعاقبــاً لطــران االســتطالع‪ ،‬وأنبــاء عــن اشــتباكات‬ ‫عنيفــة بــن قــوات داعــش ووحــدات الحاميــة‬ ‫الكورديــة يف منطقــة الهيســاوي غــرب عــن عيــى‪،‬‬ ‫مــع ورود أنبــاء عــن مقتــل الشــخص الثــاين يف تنظيــم‬

‫داعــش‪ ،‬واملتحــدث الرســمي لتنظيــم الدولــة أبــو‬ ‫محمــد العدنــاين يف غــارة جويــة لطــران التحالــف‬ ‫بالقــرب مــن مدينــة حلــب‪.‬‬ ‫يف الوضــع اإلنســاين واملعيــي‪ ،‬مــا زالــت محافظــة‬ ‫الرقــة تعــاين مــن نقــص حــاد يف الكــوادر الطبيــة‪،‬‬ ‫نتيجــة نــزوح معظــم األطبــاء وإصابــة عــدد منهــم‪،‬‬ ‫كــا حــدث مــع الدكتــور الجــراح محمــد املحمــد‪،‬‬ ‫الــذي أصيــب بشــظية بإحــدى غــارات الطــران‬ ‫الــرويس عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬وهــو الطبيــب الــذي‬ ‫رفــض الخــروج مــن الرقــة‪ ،‬مؤث ـرا ً عــى نفســه البقــاء‬ ‫يف املدينــة لتقديــم يــد العــون واملســاعدة ألهــل بلــده‪،‬‬ ‫إضافــة إىل نقــص حــاد يف األدويــة النوعيــة‪ ،‬وتعــذر‬ ‫تلقــي العــاج يف املشــايف الحكوميــة والخاصــة‪ ،‬التــي‬ ‫خــرج معظمهــا عــن الخدمــة الفعليــة‪ ،‬نتيجــة القصــف‬ ‫املتكــرر ملعظــم املنشــآت الصحيــة يف مدينتــي الرقــة‬ ‫والطبقــة‪ ،‬وغــاء فاحــش يف أســعار األدويــة‪ ،‬مــع ورود‬ ‫أنبــاء تؤكــد انتشــار أم ـراض الكبــد يف عمــوم مناطــق‬ ‫الرقــة‪ ،‬وداء الكلــب يف مناطــق مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬مــع‬ ‫تعــذر وجــود األدويــة والعــاج الــازم لهــذه األمـراض‪.‬‬ ‫ارتفــاع الــدوالر‪ ،‬هــو اآلخــر يســجل معانــاة جديــدة‬ ‫ألهــل الرقــة‪ ،‬حيــث وصــل ســعر تداولــه يف أســواق‬ ‫مدينــة الرقــة نحــو ‪ 545‬لــرة ســورية للــدوالر الواحــد‬ ‫يف ظــل انقطــاع رواتــب املوظفــن الذيــن مل يلتحقــوا‬ ‫بوظائفهــم يف مدينــة حــاة‪ ،‬وانعــدام فــرص العمــل‪،‬‬ ‫وحــر املســاعدات العينيــة واملاديــة لعنــارص تنظيــم‬ ‫داعــش واملوالــن لــه‪ ،‬وارتفــاع غــر مســبوق ألســعار‬ ‫معظــم املــواد األساســية‪.‬‬

‫هل ينتظر الوعر مصري داريا‪..‬؟!‬ ‫مهند البكور ‪ -‬حمص‬ ‫بعــد أن متكــن النظــام الســوري مــن دخــول داريــا‪،‬‬ ‫والتــي ســميت أيقونــة الثــورة الســورية بعــد الصمــود‬ ‫األســطوري الــذي أظهــره أهلهــا خــال أربــع ســنوات‬ ‫مضــت مــن الحصــار والقصــف مبئــات الرباميــل‬ ‫املتفجــرة واألســلحة املحرمــة دوليــاً‪.‬‬ ‫تلــك املدينــة التــي كبــدت األســد خســائر فادحــة‪،‬‬ ‫وفشــل جيشــه مــن دخولهــا عســكرياً رغــم قلّــة‬ ‫الســاح فيهــا وعــدم التكافــؤ بــن الطرفــن مــن جهــة‬ ‫قــوة الســاح‪ .‬داريــا التــي فقــدت الكثــر‪ ،‬فقــدت‬ ‫أبناءهــا ورجالهــا وفقــدت أعينهــا كالشــهيد اإلعالمــي‬ ‫«مجــد الديـراين» الــذي لقــب عــن داريــا‪ ،‬والــذي وثــق‬ ‫بعدســته مئــات الرباميــل‪ ،‬ذهبــت داريــا بعــد حصــار‬ ‫خانــق وخــرج أهلهــا‪ ،‬ويف أعينهــم دمــوع الحــزن‪ ،‬ويف‬ ‫قلوبهــم غصــة الفــراق كــا حــدث يف حمــص قبــاً‪.‬‬ ‫بعــد دخــول النظــام مدينــة داريــا بــدأ التصعيــد‬ ‫الجــوي عــى حــي الوعــر املحــارص يف حمــص آخــر قــاع‬ ‫حمــص املدينــة‪ ،‬وكان األســد وقواتــه قــد قامــوا فيــا‬ ‫مــى بالتفــاوض مــع أهــايل حــي الوعــر للخــروج‪ ،‬وتــم‬ ‫االتفــاق وخــرج عــدد منهــم إىل مدينــة إدلــب‪ ،‬ولكــن مل‬ ‫يتقيــد األســد ومفاوضــوه ببنــود االتفــاق‪ ،‬وكان أبرزهــا‬ ‫إخ ـراج املعتقلــن‪ ،‬وفتــح معابــر للمدنيــن مــن أهــايل‬ ‫الوعــر‪.‬‬

‫وشــدد األســد حصــاره عــى حــي الوعــر ورفــض عــدة‬ ‫مـرات إدخــال مســاعدات إنســانية للحــي‪ ،‬لكــن وبعــد‬ ‫محــاوالت متكــررة دخلــت إىل وعــر حمــص مســاعدات‬ ‫أمميــة كانــت بعــض ســياراته نصــف ممتلئــة والبعــض‬ ‫اآلخــر تحتــوي عــى أكفــان‪.‬‬ ‫يف الفــرة األخــرة كان األســد وموالــوه يقصفــون الوعــر‬ ‫بشــكل مكثــف باملدفعيــة والصواريــخ واألســطوانات‬ ‫شــديدة االنفجــار إال أن الهجمــة األخــرة كانــت األكــر‬ ‫أملــاً‪ ،‬حيــث شــ ّن الطــران الحــريب هجــات جويــة‬ ‫عنيفــة‪ ،‬مســتخدماً الصواريــخ الفراغيــة‪ ،‬وصواريــخ‬ ‫أخــرى محملــة مبــادة النابــامل املحرمــة دوليــاً‪ ،‬والتــي‬ ‫أســفرت عــن شــهيدين مــن األطفــال استشــهدا حرق ـاً‪،‬‬ ‫أمــا وســائل إعــام األســد املحليــة فعــرت عــن فرحهــا‬ ‫بقصــف حــي الوعــر وقتــل أبنائــه بهــذه الطريقــة‬ ‫الوحشــية فيــا كان رد الثــوار باســتهداف معاقــل‬ ‫النظــام يف األحيــاء املواليــة بصواريــخ غــراد‪.‬‬ ‫هــذا الســيناريو أصبــح هــو املعتمــد لــدى النظــام‬ ‫وقواتــه للمناطــق املحــررة إلكــال خريطــة التغيــر‬ ‫الدميوغــرايف‪ ،‬ولكــن هــذه املــرة برعايــة ومباركــة‬ ‫أمميــة‪.‬‬ ‫أمــا يف ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬فقــد بــدأت طائــرات‬ ‫النظــام منــذ صبــاح ‪ 2016/8/21‬الباكــر بشــن غاراتهــا‬

‫الجويــة وبصواريخهــا الفراغيــة والعنقودية‪ ،‬واســتجدت‬ ‫اليــوم بصواريــخ مظليــة ذات انفجــا ٍر هائــل بقصفهــا‬ ‫بلــدات عــدة بريــف حمــص الشــايل‪ ،‬وكان لبلــدة‬ ‫تريمعلــة النصيــب األكــر مــن الغــارات الجويــة‪ ،‬حيــث‬ ‫بــدأت طائـرات النظــام منــذ الســاعة السادســة صباحـاً‬ ‫بشــن غــارات جويــة بالقنابــل العنقوديــة والصواريــخ‬ ‫الفراغيــة والصواريــخ املظليــة ذات االنفجــار الهائــل‬ ‫بســت عــرة غــارة اســتهدفت البلــدة دون ورود أنبــاء‬ ‫عــن أي إصابــات تذكــر‪.‬‬ ‫وأيضــاً كان لبلــدة الغنطــو نصيبهــا مــن القصــف‬ ‫الجــوي بســت غــارات جويــة أربــع منهــا بالصواريــخ‬ ‫الفراغيــة‪ ،‬وغارتــن بالقنابــل العنقوديــة‪ ،‬كــا قصفــت‬ ‫قــوات النظــام املتمركــزة يف قريــة كــراد داســنية‬ ‫البلــدة الصامــدة باملدفعيــة الثقيلــة وقذائــف الهــاون‬ ‫العنقوديــة‪ ،‬بالتزامــن مــع ورود أنبــاء عــن وقــوع‬ ‫إصابــات خطــرة وخفيفــة بــن صفــوف املدنيــن‪.‬‬ ‫ويف بلــدة الــدار الكبــرة أيضــاً نالــت هــي األخــرى‬ ‫نصيبهــا مــن القصــف الجــوي‪ ،‬حيــث اســتهدفت‬ ‫طائـرات النظــام املجرمــة البلــدة بغــارة جويــة بالقنابــل‬ ‫العنقوديــة‪ ،‬دون ورود أنبــاء عــن إصابــات تذكــر‪،‬‬ ‫كــا تلقــت قريــة الفرحانيــة الرشقيــة عــدة رضبــات‬ ‫بقذائــف املدفعيــة‪.‬‬

‫منــذ انــدالع الثــورة الســورية‪ ،‬عقــدت العــزم أن أكــون مبنــأى‬ ‫عــن أي نقــاش لــه أبعــاد طائفيــة أو مذهبيــة أو عرقيــة‪ ،‬وكنــت‬ ‫قبــل ذلــك أرى النقــاش ضمــن هــذه الدوائــر‪ ،‬ال يتعــدى النقــاش‬ ‫البيزنطــي‪ ،‬الــذي ال يقــدم وال يؤخــر‪ ،‬وغــر املثمــر‪ ،‬خصوص ـاً أنــه‬ ‫ال يضيــف شــيئاً جديــدا ً لح ـراك ثــورة الحريــة والكرامــة‪ ،‬بــل هــو‬ ‫يزيــد يف شــق الصــف‪ ،‬الــذي هــو أساس ـاً متــدا ٍع قابــل للســقوط‬ ‫يف أيــة لحظــة‪.‬‬ ‫مــا يثــر حــزين مــا أوصلنــا إىل هــذه الحالــة مــن الفرقــة والتناحــر‬ ‫والتعصــب األعمــى‪ ،‬خصوصــاً مــا يتعلــق بالعالقــة بــن املكــون‬ ‫العــريب والكــردي‪ ،‬ومــا يتنطــع لقيادتــه مــن يحســبون أنفســهم‬ ‫مــن النخــب الثقافيــة والفكريــة يف إثــارة هــذه الخالفــات التــي لــن‬ ‫تــؤدي إال ملزيــد مــن البغضــاء والكراهيــة بــن الطرفــن‪ ،‬أمــا ملــاذا؟‬ ‫فهــي تأخــذ الجميــع إىل رصاع ال ينتهــي‪ ،‬رصاع عبثــي ال طائــل منــه‪.‬‬ ‫املتحــاورون مــن الكــورد ينظــرون إىل العــرب‪ ،‬العاربــة منهــم‬ ‫واملســتعربة‪ ،‬عــى أنهــم دواعــش أو بعثيــون شــوفينيون‪ ،‬وباملقابــل‬ ‫ينظــر العــرب إىل الكــورد قاطبــة عــى أنهــم عنرصيــون‪ ،‬وبيــدا‬ ‫وبــككا‪ ،‬ومــا بــن هــذا وذاك ســيل مــن الشــتائم املتبادلــة‪ ،‬وإنــكار‬ ‫لوجــود األخــر وإقصائــه وتهميشــه تحــت ذرائــع شــتى‪ ،‬وانعــدام‬ ‫الثقــة املتبــادل‪ ،‬رغــم أن مــا يجمــع العــرب والكــورد كبــر جــدا ً‪،‬‬ ‫يبــدأ باملصاهــرة والعيــش املشــرك‪ ،‬والحــب املتبــادل‪ ،‬والصداقــة‬ ‫واألخــوة والعــرة الطويلــة الدامئــة عــى مــ ِّر ســنوات طــوال‪،‬‬ ‫تقاســموا فيهــا مــرارة العيــش‪ ،‬وذل نظــام ه ّمــش العــرب قبــل‬ ‫الكــورد‪ ،‬نظــام اعتــر الكــوردي والعــريب مجــرد عبيــد يف مزرعتــه‪،‬‬ ‫يُعطــي مــن يشــاء‪ ،‬ومينــع عــن آخــر مــا يشــاء‪.‬‬ ‫طبعــاً هــذه القطيعــة وفــرت وجــود متعصبــن مــن الطرفــن‬ ‫يقــودون قطعــان مــن املوتوريــن‪ ،‬الذيــن هــم عــى أتــم االســتعداد‬ ‫ملضاعفــة أوار هــذه النــار املشــتعلة بــن الطرفــن‪ ،‬أمــا كيــف علينــا‬ ‫إخامدهــا‪ ،‬وهــذا هــو األهــم يف هــذه املرحلــة التــي تشــتد فيهــا‬ ‫أزمــة الســوريني‪ ،‬وتــزداد فاتــورة الــدم املدفوعــة مــن الشــعب‬ ‫األعــزل الــذي يواجــه صنــوف املــوت عــى أيــدي عتــاة هــذا‬ ‫العــر‪ ،‬ممــن أوغلــوا يف دمــاء الســوريني األبريــاء‪ ،‬فــاذا نحــن‬ ‫فاعلــون؟!‬ ‫اإلخــوة الكــورد ليســوا مجــرد عابريــن‪ ،‬هــم يحتاجــون إىل بــذور‬ ‫جديــدة للثقــة‪ ،‬وعلينــا جميع ـاً عرب ـاً وكــوردا ً االع ـراف بأخطائنــا‬ ‫أوالً‪ ،‬وبحقــوق جميــع املكونــات الســورية بــدءا ً بالكــورد والعــرب‬ ‫وانتهــاء بأصغــر مكــون يف ســوريا‪ ،‬واالحتفــاء بلغــات وثقافــات‬ ‫وعــادات وتقاليــد الشــعوب التــي تقاســمنا حياتنــا‪ ،‬وبالــرورة أن‬ ‫ننتهــي مــن هــذه الفــن‪ ،‬التــي ظاهــر بعضهــا حـ ٌـق يُـراد بــه باطــل‪،‬‬ ‫وهنــا ال أريــد أن يســجل بأننــي أبحــث عــن مــررات ألخطــاء وقــع‬ ‫بهــا الكــورد‪ ،‬أو أخطــاء وقــع بهــا العــرب مــن قبــل‪ ،‬لكــن بالــرورة‬ ‫يجــب أن أبحــث عــن املشــرك الــذي يجمعنــي باآلخــر‪ ،‬اآلخــر‬ ‫الــذي فقــد الثقــة يب‪ ،‬وفقــدت الثقــة بــه‪.‬‬ ‫إذا انتهينــا مــن هــذه النزاعــات التــي وقعنــا بهــا صاغريــن‪،‬‬ ‫ســنكون بالتأكيــد يف الطريــق الصحيــح لبنــاء ســوريا جديــدة‪،‬‬ ‫يكــون فيهــا األكـراد والعــرب‪ ،‬وجميــع املكونــات األخــرى متمثلــن‬ ‫صــورة اإلنســان أوالً مبــا يحمــل مــن أفــق حضــاري‪ ،‬يعيــد بنــاء‬ ‫بلــده عــى أســس حضاريــة ضمــن دولــة القانــون‪ ،‬التــي يتســاوى‬ ‫فهــا نحــن فاعلــون؟؟!‬ ‫فيهــا الجميــع‪ّ ،‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قراءة ومراجعات‬

‫مــن الواضــح أن وظيفــة الحــرب يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬والتــي تديرهــا غــرف الخــراب‬ ‫االســتخبار ّية الدوليــة‪ ،‬بالتعــاون مــع مراكــز‬ ‫الدراســات اإلســراتيجية‪ ،‬مل تنت ـ ِه بعــد وأي‬ ‫حديــث عــن إطــار ســيايس للحــل هــو‬ ‫خــارج الواقــع واملنطــق عــى أقلــه يف املــدى‬ ‫املنظــور‪ ،‬وخصوص ـاً بعــد النتائــج الهمج ّيــة‬ ‫التــي متّــت بتواطــؤ الجميــع‪ ،‬وهــذا يعــود‬ ‫إىل ارتســام لوحــة اصطفافــات وتحالفــات‬ ‫جديــدة يف الــراع ‪،‬ســواء عــى األرض‬ ‫الســورية أو عــى امتــداد الرصاعــات نحــو‬ ‫اليمــن جنوبــاً‪ ،‬والعــراق رشقــاً‪ ،‬وصــو ًال إىل‬ ‫القــرم وأوكرانيــا شــاالً‪ ،‬دون إغفــالِ الحقــل‬ ‫الــريك املُهــدّ د‪.‬‬ ‫كل ذلــك ألن الثــورة الســورية كحــدث‬ ‫مفاجــئ خــارج عــن التوقعــات ومت ـ ّرد عــى‬ ‫َ‬ ‫قــذف حممــه‬ ‫الســيطرة وبــركان عظيــم‬ ‫وســحائب ســخام ِه بوجــه الجميــع‪ ،‬كــا أن‬ ‫الطمــوح الســوري ألجــل التحــرر والحريّــة‬ ‫مــ ّزق كل املخططــات الغرب ّيــة والتــي كان‬ ‫عمرهــا االفــرايض يف ســعيهم هــو اســتمرار‬ ‫أبــدي وخصوصــاً بعــد نصــف قــرن مــن‬ ‫القهــر الســوري حتــى أنهــم تخيلــوا أن هــذا‬ ‫الشــعب وهــذه املنطقــة قــد تــ ّم مســخها‬ ‫وتدجينهــا واســتالبها بفعــل سياســات‬ ‫األســدين‪ ،‬لألبــد‪.‬‬ ‫وإىل أن تتشــكل وتكتمــل مشــاهد املنظومــة‬ ‫الدوليــة وتفاصيــل خرائطهــا الجيوسياســ ّية‬ ‫ املذهب ّيــة ‪ -‬العرق ّيــة القادمــة‪ ،‬والتــي‬‫تبنيهــا تقاطعــات املصالــح الدوليــة ومــن ثــم‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬والتــي تؤثــر بشــكل مبــارش عــى‬ ‫إدارة لوحــة الرصاعــات الحاصلــة يف ســوريا‪،‬‬ ‫فالجبهــات املتحاربــة يف ســوريا‪ ،‬تســتمد‬ ‫بقاءهــا مــن خــال اســتمرارية هــذا األداء‬ ‫الخدمــي املرهــون بسياســات ومصالــح تلــك‬ ‫الــدول‪.‬‬ ‫وعــى وقــع وظيفــة الحــرب والســاح‬ ‫والتناحــر العرقــي ‪ -‬املذهبــي امل ُفتعــل‬ ‫بعنايــة إقليميــاً ودوليــاً‪ ،‬تســتمر عمليــة‬ ‫إعــادة التموضــع الخدمــي لــدول إقليم ّيــة‪،‬‬ ‫وفصائــل مرتهنــة لتمويــلٍ محســوب‪،‬‬ ‫وتوظيــف الســاح‪ ،‬ســواء يف معــارك تلعــب‬ ‫دورا ً يف ترجيــح وتعديــل موازيــن القــوى‬ ‫حلــب ومنبــج وجرابلــس‪ -‬داريــا ليســت‬‫األوىل‪ ،‬وليســت األخــرة ضمــن مــآل وظيفــة‬ ‫الحــرب أو يف عمليــة االســتغناء عــن هــذا‬ ‫الســاح لغيــاب رضورات وظيفتــه عــى‬ ‫جبهــات أخــرى ‪-‬بــاب عمــرو والقصــر‬ ‫واليــوم داريــا‪ -‬وينطبــق هــذا أيضــاّ عــى‬ ‫جبهــة غوطــة دمشــق الرشقيــة والغربيــة‪،‬‬ ‫وكــا القلمــون‪ ،‬وجبهــة الســاحل وجبهــة‬ ‫درعــا‪.‬‬

‫ويف ضــوء هــذه الوقائــع الســابقة نجــد بــأن‬ ‫وظيفــة الحــرب ليســت متوقفــة عــى قــوى‬ ‫التحــارب فقــط‪ ،‬بــل هــي متتــد إىل متثيــات‬ ‫سياســية رســمية ســوا ًء لــدى «النظــام أو‬ ‫املعارضــة»‪ ،‬إذ يشــر أداء نظــام الطاغيــة‬ ‫واســتجاباته لإلمــاءات الروســية واإليرانيــة‬ ‫إىل خــروج القــرار مــن يــده سياســياً‬ ‫وميداني ـاً‪ ،‬ويشــر أداء التمثيــات السياســية‬ ‫املعارضــة ائتــاف وهيئــة تفــاوض‪ ،‬وفصائــل‬ ‫ممســوكة‪ ،‬وغيابهــا التــام عــن أي فعــل أو‬ ‫تأثــر أو اســتجابات لالســتحقاقات الوطنيــة‬ ‫املاثلــة واملتســارعة‪ ..‬إىل ارتهــان أدوارهــا‬ ‫وانتظــار اإلمــاءات أيضــاً تبعــاً لتقــارب أو‬ ‫تباعــد تلــك الــدول‪ ،‬أمريــكا وتركيــا وقطــر‬ ‫والســعودية وغريهــم‪.‬‬ ‫علينــا أال ننــى البدايــات الناصعــة‪ ،‬ففــي‬ ‫الوقــت الــذي كان الســوريون يتظاهــرون‬ ‫ســلمياً يف وجــه أقــذر مــن عرفــت البرشيــة‬ ‫مــن املتوحشــن‪ ،‬كان النظــام يــدرس خياراتــه‬ ‫املفتوحــة‪ ،‬بالتــدارس والتعــاون االســراتيجي‬ ‫مــع الدوائــر الكــرى‪ ،‬لتفتيــت جمــوع‬ ‫الشــعب العارمــة‪ ،‬والتــي خرجــت عــن بكــرة‬ ‫أبيهــا لتســقط الطغيــان‪ ،‬وقــرر إطــاق كالبــه‬ ‫املســعورة‪ ،‬والتــي كان يســتعملها كأوراق‬ ‫ضغــط هنــا وهنــاك مــن صبيــان القاعــدة‬ ‫امل ُحتفــى بهــم يف ســجونه وبزنازيــن خاصــة‪،‬‬ ‫وكذلــك اســتعان بأعوانــه مــن قيــادات الـــ‬ ‫‪ PKK‬وفرعــه الســوري ‪ P.Y.D‬والتــي أسســها‬ ‫وم ّولهــا وأمســك مــع االســتخبارات اإليرانيــة‬ ‫بــكل خيوطهــا‪ ،‬وأنزلهــم للســاحة الشــالية‬ ‫تحــت ذريعــة وطــن عرقــي وهمــي لألكـراد‪،‬‬ ‫وقامــت تلــك املافيــات بتصفيــة كل األصوات‬ ‫الوطن ّيــة مــن الثــوار الكــرد – الســوريني‪،‬‬ ‫ونجحــوا بتحييــد عمــوم الكــرد ومصــادرة‬ ‫قرارهــم الوطنــي‪.‬‬ ‫وكذلــك كان الســلفيون ينتقــون ضحاياهــم‬ ‫مــن القــادة واملفكريــن وأصحــاب التأثــر يف‬ ‫املجتمــع‪ ،‬وح ّيدوهــم أو ســاهموا بتصفيتهــم‬ ‫أو تهجريهــم وإبعادهــم عــن صــدارة العمــل‬ ‫العســكري ‪ -‬الســيايس الوطنــي امللتــزم‬ ‫بحاميــة الثــورة وصيانــة أهدافهــا النبيلــة‪،‬‬ ‫ـول اإلســامويون ‪ -‬مــن بقايــا مســتحاثات‬ ‫وتـ ّ‬ ‫اإلخــوان بامتطــاء أوائــل الفصائل العســكرية‬ ‫التــي انشـقّت عــن جيــش العصابــة لتؤســس‬ ‫الجيــش الحــر والتــي رفضــت قتــل الشــعب‬ ‫املتظاهــر ألجــل الحريــة‪ ،‬وإيقــاف تغــ ّول‬ ‫النظــام الطائفــي ‪ -‬البوليــي املتوحــش‪،‬‬ ‫وحــارصوا تلــك الفصائــل مــن خــال‬ ‫اإلمســاك بالتمويــات والدعــم‪ ،‬والــذي‬ ‫قامــوا بالتهافــت عليــه وتسـ ّوله مــن الخليــج‬ ‫واملغرتبــن الســوريني تحــت ح ّجــة دعــم‬ ‫الثــورة‪ ،‬وهــم بهــذا فعل ّي ـاً صــادروا الرؤيــة‬ ‫الوطن ّيــة الثوريّــة وق ّزموهــا كمحاولــة لـراء‬ ‫الــوالءات وإعــادة إنتــاج وترميــم صفوفهــم‬

‫ليكونــوا هــم البديــل عــن العصابــة املحتلّــة‬ ‫لســورية ولكــن كديكتاتوريــة بوجــه دينــي‬ ‫ســني‪.‬‬ ‫–‬ ‫ّ‬ ‫ولنــا أن نــرى مــن خــال متابعــة مــا جــرى‬ ‫بــأن ســجون اإلســاميني يف الغوطــة نســخ‬ ‫عــن ســجون معلمهــم األســد‪ ،‬وســلوكهم‬ ‫نســخة عــن ســلوك رسايــا الدفــاع‪ ،‬وكذلــك‬ ‫يخــص ترصفــات املحاكــم الرشع ّيــة ‪-‬‬ ‫فيــا‬ ‫ّ‬ ‫املزعومــة بباقــي مناطــق الثــورة‪ ...‬مجموعــة‬ ‫مــن اللصــوص ربــوا لحاهــم‪ ،‬واتخــذوا‬ ‫ملنظامتهــم أســاء إســامية‪ ،‬وتلقــوا دعــاً‬ ‫مــن الــدول التــي تريــد الســيطرة عــى ثــورة‬ ‫الســوريني‪ ،‬وتحويــل بوصلتهــا‪ ،‬إلطالــة عمــر‬ ‫الثــورة‪ ،‬وبالتــايل رشذمتهــا لتأديــب شــعوبهم‪.‬‬ ‫وكانــت أشــ ّد مصائــب الســوريني هــي يف‬ ‫ـول طغمــة ورشاذم وســخة مــن معدومــي‬ ‫تـ ّ‬ ‫أو املشــكوك بانتامئهــم للثــورة واملرتبطــن‬ ‫بأجنــدات خارج ّيــة ال تق ـ ّدم مــا يطمــح لــه‬ ‫الســوريون ســوى التســويف واملامطلــة‪.‬‬ ‫ووفــق الســياقات الســابقة وباعتبــار‬ ‫تضحيــات ماليــن الســورين _قتــل واعتقــال‬ ‫وتهجــر_ فقــد حــان وقــت مغــادرة تلــك‬ ‫املعارضــات مــع أمــراء الحــرب _لوالءاتهــم‬ ‫املصالحيــة والنفعيــة التي ال عالقة للســوريني‬ ‫فيهــا_ بعيــدا ً عــن رايــة الســوريني وشــعارات‬ ‫ثورتهــم وأيــاً كانــت أدوارهــم يف تســوية‬ ‫قادمــة _إىل جــوار الطاغيــة_ فالســوريون‬ ‫سيســتبدلون أدواتهــم ويســتعيدون مــن‬ ‫جديــد حلمهــم املــروق‪ ،‬ألن الزمــن الــذي‬ ‫ول‬ ‫كان فيــه الســوري يحكــم بعقــد إذعــان ّ‬ ‫ولــن يعــود‪ ،‬ومــا األصــوات التــي بــدأت‬ ‫ـت‪ ،‬وتتهامــس وكأنهــا تســتعد للعــودة‬ ‫تخفـ ُ‬ ‫لحضــن الوطــن ّإل ألنهــا أصـاً مل تكــن مؤمنة‬ ‫بالثــورة وامتطــت أمواجهــا‪ ،‬واعتربتهــا فرصــة‬ ‫تاريخيــة‪ ،‬وتوقعــت أن تنتــر خــال فــرة‬ ‫قريبــة كــا يف تونــس ومــر وليبيــا‪ ،‬ولكــن‬ ‫بــاءت أحالمهــم بالفشــل نتيجــة للدعــم‬ ‫العاملــي لإلبقــاء عــى النظــام وإعــادة إنتاجه‬ ‫وفــق شــكل وسياســات تختلــف بالشــكليات‬ ‫مــع الحفــاظ عــى النــواة الصلبــة الطائف ّيــة‪،‬‬ ‫واســتمرار تســليمها حكــم ســورية بأزيــاء‬ ‫ووجــوه جديــدة‪.‬‬ ‫لــي نفهــم طبيعــة وقيمــة املوقــع الجغـرايف‬ ‫لبــاد الشــام والعــراق‪ ،‬يجــب أن يكــون‬ ‫هــذا الفهــم مرتبطــاً بشــكل جــذري مــع‬ ‫قـراءة التاريــخ‪ ،‬ألن هــذه البقعــة مــن األرض‬ ‫تســدد اآلن رضيبــة التاريــخ واملــكان‪ ،‬ومــا‬ ‫وصــل إليــه العــامل مــن أس جيوســيايس قائــم‬ ‫عــى أن هــذه املنطقــة كانــت عــر التاريــخ‬ ‫هــي الحامــل الحقيقــي ألي نهضــة ممكنــة‬ ‫للعروبــة واإلســام‪ ،‬والذاكــرة القريبــة‬ ‫للحــروب الصليب ّيــة ال زالــت ماثلــة يف ذاكــرة‬ ‫أهــم سياســات املافيــا الحاكمــة عــر العــامل‬ ‫الغــريب‪ ،‬وهــي تبقــى تفــوح طازجــة لــدى‬

‫األوربيــن‪ ،‬ومــا العلامنيــة التــي أفرزتهــا‬ ‫حــروب مذهبيّــة طاحنــة لتصــل لقناعــات‬ ‫ثابتــة بــرورة التعايــش بــن املختلفــن‬ ‫منهــم دون الوصــول لســفك الدمــاء‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫أبــدا ً ليســت تصالحــاً مــع العــامل غــر‬ ‫األورويب‪ ،‬وخصوصــاً منابــع الــروات‪ ،‬وتلــك‬ ‫التــي ميكــن أن تنهــض وتهــدد مصالحهــم‬ ‫وتعيــد مجدهــا الغابــر‪ ،‬وقــد كان الفــروف‬ ‫ســليل االســتبداد الرشقــي‪ /‬الشــيوعي أكــر‬ ‫جــرأة مــن وزراء خارجيــة االتحــاد األورويب‬ ‫عندمــا رصح بــأن حكــم الســنة لســوريا‬ ‫ممنــوع‪ ،‬وهــذا تعبــر بالــغ بــأن التقيــة‬ ‫مبــدأ أورويب ســيايس قديــم‪ ،‬وهــو ليــس‬ ‫حك ـرا ً عــى املذاهــب الباطنيّــة‪ .‬طبع ـاً هــذا‬ ‫املوقــف الوقــح ينطبــق يف تعاملهــم مــع‬ ‫العــراق ويتــم تنفيــذه بدقّــة‪.‬‬ ‫ونعلــم متامــاً أن تركيــا كانــت يف عــن‬ ‫العاصفــة متامــاً‪ ،‬وألســباب تاريخيّــة‬ ‫وجغرافيــة ليســت ببعيــدة عــن اســتهداف‬ ‫الع ـراق وبــاد الشــام تاريخي ـاً بســبب إرث‬ ‫اإلمرباطوريــة العثامنيــة‪ ،‬والنقلــة النوعيّــة ‪-‬‬ ‫تنموي ـاً واقتصادي ـاً واجتامعي ـاً‪ ،‬والتــي متّــت‬ ‫عــى يــد العدالــة والتنميّــة وخــال زمــنٍ‬ ‫قيــايس بــدأ منــذ ‪ 15‬عامــاً فقــط لتتحــول‬ ‫لالقتصــاد رقــم ‪ 12‬عامليّ ـاً ولكــن الجميــل يف‬ ‫السياســة الرتكيــة أنهــا تعــرف أنهــا تتعامــل‬ ‫مــع أعــداء ترســمهم إرسائيــل‪ ،‬وتتحكــم‬ ‫بقراراتهــم وعــى ذلــك تتــرف تركيــا‪ .‬وحتى‬ ‫املوقــف األوريب ترســمه الدولــة العربيــة‪،‬‬ ‫وتنتهــي بيدهــا كل خيــوط اللعبــة‪ ،‬وألن‬ ‫إرسائيــل يرعبهــا اإلســام الجميــل‪ .‬ألنــه قــادر‬ ‫عــى االســتمرار‪ ،‬وقــادر عــى إعــادة إنتــاج‬ ‫املدنيّــة والتنميــة والنهــوض برسعــة متميّــزة‪،‬‬ ‫وتعــي تركيــا أن الالعــب األهــم هــي إرسائيل‬ ‫وتعمــل باتجــا ٍه واحــد فقــط‪ ،‬وهــو اســتمرار‬ ‫الوضــع عــى مــا هــو عليــه‪.‬‬ ‫ـب جريــح مــن مؤامــرة‬ ‫وتركيــا الخارجــة كذئـ ٍ‬ ‫انقــاب مجموعــة غــوالن وبــإرادة إرسائيليــة‬ ‫حت ـاً‪ .‬صــارت مخيفــة‪ .‬تركيــا التــي تأخــرت‬ ‫وتــرددت ألســباب كثــرة بالتدخــل‪ ..‬اليــوم‬ ‫عــادت للقبــض عــى بعــض خيــوط اللعبــة‪،‬‬ ‫وصــار بإمكانهــا ومــن بــاب الحفــاظ والدفاع‬ ‫عــن أمنهــا القومــي املهــدد بتحالفــات‬ ‫متشــ ّعبة‪ ،‬فتحركــت فــورا ً باتجاهــات‬ ‫متعــددة لتنقــذ مــا ميكــن إنقــاذه مــن براثــن‬ ‫املؤامــرات التــي مل ولــن تتوقــف‪.‬‬ ‫كلنــا يعلــم بــأن القــوات العســكرية‬ ‫وامليليشــيات الطائفيّــة التابعــة لإليرانيــن‪،‬‬ ‫والقــوات الجويــة التــي دخلــت ســوريا‬ ‫كانــت مبوافقــة وترتيــب ومباركــة أمريــكا‪،‬‬ ‫وبهــدف حاميــة نظــام االحتــال الطائفــي‬ ‫الــذي يجثــم عــى صــدور الســوريني منــذ‬ ‫نصــف قــرن‪ ،‬ولهــذا ال ميكــن اعتبــار القــوات‬ ‫الرتكيــة اســتثنا ًء خارجــاً عــن القانــون‬ ‫واملخطــط األمرييك‪-‬اإلرسائيــي‪ ،‬ويجــب‬ ‫االعــراف بــأن أيــة قـ ّوة أو ميليشــيا مدججــة‬ ‫بالحقــد الطائفــي أو األجنــدات املعاديــة‬ ‫للثــورة وأيــة قــ ّوة عســكرية عــى األرض‬ ‫الســورية مــع جيــش العصابــة األســدية هــم‬ ‫ببســاطة‪ :‬زيــادة يف إذاللنــا‪.‬‬ ‫ـن‬ ‫ولكــن اللــه قــال يف محكــم آيات ـ ِه‪( :‬ال َِّذيـ َ‬ ‫ـن ِديَا ِر ِه ـ ْم ِب َغـ ْ ِ‬ ‫ـق)‬ ‫أُ ْخ ِر ُجــوا ِمـ ْ‬ ‫ـر َحـ ٍّ‬ ‫إن مــا يت ـ ّم تنفيــذه بنــا ليــس عم ـاً فريــدا ً‬ ‫يقــوم بــه طاغيــة الشــام‪ ،‬وليــس عمـاً نــادرا ً‬ ‫أو جديــدا ً ‪ ،‬لقــد ســبقته بذلــك منــذ زمــن‬ ‫بعيــد عصابــات الهاجانــا والشــترين واالرغون‬ ‫الصهيونيــة‪ ،‬لكــن الطاغيــة قــد تف ـ ّوق عــى‬

‫محمد صالح العويد‬ ‫الصهاينــة‪ ،‬بــل تفــوق عــى نفســه باإلج ـرام‬ ‫مقارنــ ًة بحجــم اإلجــرام واملــدة الزمنيــة‪،‬‬ ‫فقــط الصهاينــة أفرغــوا املــدن مــن أهلهــا‪،‬‬ ‫واليــوم رأس العصابــة األســدية يكــرر‬ ‫الجرميــة مبباركــة دوليــة‪ ،‬ويف وضــح النهــار‪.‬‬ ‫باألمــس حمــص والقصــر والزبــداين واليــوم‬ ‫داريّــا وغــدا ً الوعــر الحمــي‪ ،‬مضايــا‬ ‫والقلمــون‪ ،‬إضافــة للتدمــر التــام لديــر‬ ‫الــزور ولحمــص وللجنــوب الدمشــقي‬ ‫ـئ باقــراب مخطــط‬ ‫وحلــب حــوران مــا ينبـ ُ‬ ‫قــذر للتغيــر الدميوغــرايف ومســخ للهويّــة‬ ‫والوجــود العــريب اإلســامي لســورية‪ ،‬كــا‬ ‫يت ـ ّم ذلــك يف الع ـراق وســيتم الحق ـاً تكريــد‬ ‫شــال رشق ســورية كــا ســيتم تكريــد‬ ‫املوصــل وكركــوك‪ ،‬ويتــم عــزل العراقيــن‬ ‫والســوريني يف البــوادي‪ ،‬وخنقهــم بحريّــاً‬ ‫بشــكل نهــايئ‪ ،‬وتــرك ألغــام االحــراب بينهــم‬ ‫عــر أمــراء حــرب أوبــاش متّــت صناعتهــم‬ ‫والعمــل عليهــم ليكونــوا فخاخــاً وخنــادق‬ ‫بوجــه أي إمكانيــة ملعالجــة حالــة الرشذمــة‬ ‫التــي تفــرم القــوى الثوريــة وتعزلهــا عــن‬ ‫حلــم التحريــر والحريــة‪.‬‬ ‫ورمبــا ســقط مــن حســابات الغــرب‬ ‫املكيافيلــي أن هــذا الشــعب الــذي ســقط‬ ‫منــه حتــى اآلن مــا ال يقــل عــن مليونــن‬ ‫ضحايــا ومعتقلــن ومغيبــن ومعاقــن وأكــر‬ ‫مــن اثنــي عرش مليــون نــازح والجــي وهؤالء‬ ‫ته ّجــروا ألنــه غــر قابلــن باالســتمرار تحــت‬ ‫حكــم األســد‪ ،‬وهــؤالء حارصهــم العــامل الذي‬ ‫تســيطر عليــه أمريــكا‪ ،‬ومنــع عنهــم كل‬ ‫وســائل الحيــاة يف الوقــت الــذي وفــر لألســد‬ ‫كل وســائل البقــاء‪ .‬وألن دوام الحــال مــن‬ ‫املحــال انتظــروا أن تســتمر الحــروب ألجيــال‬ ‫قادمــة حتــى ترجــع الحقــوق املهضومــة‬ ‫ألصحابهــا مــن أهــل البــاد‪.‬‬ ‫وألننــا ننتمــي لزمــن القهــر واالنكســارات‬ ‫وبــذات الوقــت نحمــل إرادة التحــدي‬ ‫والتمســك بالحيــاة والوطــن نحــاول البحــث‬ ‫عــن فرصــة جديــدة وبــروط تناســب‬ ‫حياتنــا القادمــة املنشــودة‪ .‬ننتمــي إىل هــذا‬ ‫الوقــت‪.‬‬ ‫وقــت الحــرب املؤملــة والقاســية والفاجــرة‪،‬‬ ‫والخــذالن العاملــي البائــس‪ .‬ســوريا مبالمحهــا‬ ‫املمســوخة الســابقة غــر مأســوف عليهــا‪،‬‬ ‫ننتمــي إىل خــراب اســمه ســوريا‪ ،‬ســوريا‬ ‫املوحــدة‪ ،‬الحلــم التائــه بــن حــراب‬ ‫ـدب وصــوب‪ ،‬والــذي‬ ‫املتحاربــن مــن كل حـ ٍ‬ ‫ال يــرى منهــا البــر ســوى طائفيــة الس ـ ّنة‪،‬‬ ‫فيــا يجتمــع العــامل وحكوماتــه لتهجــر‬ ‫الســ ّنة وتدمــر مدنهــم وتدمــر مســتقبل‬ ‫أطفالهــم الذيــن حرمــوا مــن أبســط رشوط‬ ‫العيــش الكريــم والتعليــم منــذ ســت‬ ‫ســنوات!‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تأمــل يف تجربــة عملــي يف الحكومــة الســورية املؤ ّقتــة‬ ‫مقدمة‬

‫قــد يبــدو يف نظــر كثرييــن‪ ،‬أ ّن الكتابــة يف‬ ‫هــذا الوقــت‪ ،‬وهــذه الظّــروف عــن تجربــة‬ ‫العمــل يف الحكومــة الســور ّية املؤقتــة‪،‬‬ ‫غــر حيــادي يثــر أفــكارا ً ذات مغــزى‬ ‫متعلقــة بال ـذّم واإلبخــاس‪ ،‬أو ال ّتســويغ‪ ،‬أو‬ ‫ـن ذلــك غــر دقيــق‬ ‫التش ـ ّوف والذات ّيــة‪ .‬لكـ ّ‬ ‫هنــا؛ فــا دعــاين للكتابــة يف ال ّتجربــة هــو‬ ‫تقديــر القيمــة الفعل ّيــة للتجربــة‪ ،‬ونقــد مــا‬ ‫حقّقتــه‪ ،‬وعرضهــا لعــل فيهــا مغــزى مفيــدا ً‪.‬‬ ‫ســوف أوضّ ــح بعــض النقــاط املرتبطــة‪،‬‬ ‫أوال بال ّتجربــة‪ ،‬ثــم بعــض النقــاط املتعلّقــة‬ ‫بالحكومــة بحســب منظــور تجربتــي‬ ‫كتمهيــد‪ .‬يليهــا التجربــة يف أربــع منشــورات‬ ‫مســتقلة‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬حول منحى كتابة التجربة‬ ‫ الكتابــة عــن التجربــة ليــس لتســجيل‬‫تجربــة ذات ّيــة فرديــة شــخصان ّية‪ ،‬أل ّن هــذا‬ ‫مجالــه األدب‪ .‬وليــس لالعــراف وتصفيــة‬ ‫النفــس مــن العلّــة؛ فذلــك مكانــه طقــوس‬ ‫العبــادة‪ .‬وليــس للحديــث يف شــؤون فرديّــة‬ ‫ذاتيّــة‪ ،‬فذلــك يف مجــال الســرة الذاتيــة‪.‬‬ ‫هــدف الكتابــة هــو عــرض تجربــة إنســانية‬ ‫يتشــابك فيهــا الفــردي بالجمعــي والــذايت‬ ‫بالعــام‪ ،‬ويتداخــل الســيايس بالثقــايف يف‬ ‫مرحلــة تاريخيــة خطــرة‪ .‬وهــي تحليــل‬ ‫للتجربــة وواقعهــا‪ ،‬أكــر مــن أن تكــون‬ ‫توثيقــاً تاريخ ّيــاً‪ ،‬وميكــن الحقــاً أن يعــود‬ ‫إليهــا الباحثــون‪ ،‬كتجربــة يف مطالعة تجارب‬ ‫الســوريني يف هــذا الظــرف االسســتثنايئ مــن‬ ‫ّ‬ ‫ســوريا واملنطقــة وتحليلهــا‪.‬‬ ‫ـت فيهــا‬ ‫ـص الفــرة التــي عملـ ُ‬ ‫ الــكالم يخـ ّ‬‫يف الحكومــة‪ ،‬رســمياً مــن الشــهر األول يف‬ ‫‪ 2015‬وإىل الخامــس يف ‪ ،2016‬وال يخــص‬ ‫واقــع الحكومــة الجديــدة بعــد ذلــك‪،‬‬ ‫والــذي نرجــو لــه النجــاح‪ ،‬وأن يتخطّــى‬ ‫العــرات ويحقــق تقد ّمــاً وإنجــازا ً وســط‬ ‫التّحديــات الكثــرة والصعوبــات‪ ،‬خصوص ـاً‬ ‫مــع اســتحقاقات التحريــر واملناطــق اآلمنــة‪.‬‬ ‫وال واقــع الحكومــة القدميــة قبــل ذلــك‪،‬‬ ‫الــذي كان قــد تلقّــى الدعــم والتمويــل‬ ‫يف عملــه‪ ،‬وكان باكــورة التجربــة بجيّدهــا‬ ‫وســيّئها‪.‬‬ ‫ موضــوع التّشــ ّوف يف التّجربــة غــر‬‫موجــود‪ ،‬أل ّن مضمــون الكتابــة‪ ،‬وهدفــه‬ ‫ليــس اســتعراض ّياً‪ ،‬فــا مرتبــة عليــا للعمــل‬ ‫والتجربــة‪ ،‬تراقــب مــن فــوق‪ ،‬وتو ّجــه القلم‬ ‫ليكتــب مــن عل ّوهــا‪ .‬التجربــة الســورية مــع‬ ‫الدمــاء والكفــاح والبطولــة تجعــل مــن أي‬ ‫شــأن فكــري أو ثقــايف أو ســيايس شــكالً‬ ‫ضئيــاً جــدا ً‪ ،‬مقارنــة بواقــع مــن يكافــح‬ ‫املــوت عــى األرض ألجــل الحيــاة‪ ،‬ودفاع ـاً‬ ‫عــن الوجــود وتحريـرا ً مــن العــدوان‪ .‬لذلــك‬ ‫أي منحــى‪،‬‬ ‫ال تتطــرق كتابــة التجربــة‪ ،‬يف ّ‬ ‫لهجــوم شــخيص أو دفــاع شــخيص‪ .‬وال‬ ‫تســعى للتّشــويه والتّبشــيع والتّقبيــح الــذي‬ ‫اعتــاد عليــه عمــوم الخطــاب الســوري‬ ‫الســاخن‪ ،‬خــال الســنوات‬ ‫السيــع ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخمــس مــن الثــورة الســوريّة النبيلــة‪،‬‬ ‫للنيــل مــن الخصــوم والتّشــهري بدوافــع‬ ‫مختلفــة‪ :‬مثــل املتاجــرة بحاميــة الثــورة‪ ،‬أو‬ ‫الغــرة أو االنتقــام أو االختــاف يف الــرأي أو‬ ‫سـرا ً يف ركــب الغوغائيــة والفــوىض‪ ..‬ال يشء‬ ‫مــن ذلــك؛ أل ّن الهــدف مــن الكتابــة‪ ،‬هنــا‪،‬‬ ‫هــو عــرض تجربــة إنســانية يف واقــع عمــل‬ ‫ســيايس بواقعيتهــا ومدلولهــا داخــل ســياق‬ ‫تاريخــي عــام‪ ،‬وضمــن شــبكة العالقــات‬ ‫االجتامع ّيــة والسياســ ّية‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫داريا‪ ..‬قبلة اللقاء‬ ‫ياسر المسالمة‬

‫ هنــاك أمــور شــخصيّة مؤملــة ومبهجــة‪،‬‬‫وتجــارب متن ّوعــة كان فيهــا النجــاح‪ ،‬وجــاء‬ ‫فيهــا اإلخفــاق‪ ،‬أيض ـاً‪ ،‬ســواء مــع أشــخاص‬ ‫صادقــن‪ ،‬أو مــع أشــخاص مخاتلــن‪ ،‬ال‬ ‫ميكــن التطــرق لهــا يف الكتابــة‪ ،‬تقديــرا ً‬ ‫لرصانــة املســار املوضوعــي الــذي يتو ّخــاه‬ ‫هــذا العمــل‪ .‬وأل ّن الباطــن الــذايت املحــض‬ ‫ومالــه مــن مــآل ومقصــد‪ ،‬يبــدو أكــر تأثـرا ً‬ ‫وعمقــاً وأصالــة‪ ،‬عندمــا بوحــه بجامليــة‬ ‫أدبيّــة تُ َدفّــق الشــحنة العاطفيّــة مبــا فيهــا‬ ‫مــن مشــاعر مختلفــة‪ :‬مــن محبــة وشــفقة‬ ‫واح ـرام‪ ،‬ومــن امتعــاض وازدراء واحتقــار‪،‬‬ ‫ومــا يقتضيــه مــن مجــاز ورمزيّــة ومنذجــة‪،‬‬ ‫ومــا يعكســه مــن جوهــر الواقــع الحقيقــي‪.‬‬ ‫ أخـرا ً فــإ ّن ال ّنــأي بال ّنفــس عــن خــوض‬‫أي تجربــة يف املعارضــة‪ ،‬واالكتفــاء بالفرجــة‬ ‫خوف ـاً مــن الفشــل أو التــو ّرط يف األخطــار‪،‬‬ ‫وخشــية عــى االســم مــن االحــراق أو‬ ‫رفض ـاً للعمل ّيــة السياس ـ ّية للمعارضــة‪ ،‬هــو‬ ‫وجهــة نظــر؛ لك ّنــه ال يعنــي بالــرورة‬ ‫الصــواب‪ .‬وباملقابــل فــإ ّن خــوض التّجربــة‪،‬‬ ‫ليــس بجرميــة‪ ،‬مــا دام هنــاك وعــي وإدراك‬ ‫للواقــع‪ ،‬ومبقصــد وطنــي‪ .‬اإلســهام يف‬ ‫العمــل عــى ال ّرغــم مــن هــذه املعوقــات‬ ‫والصعوبــات واملخاطــر رضوري‪ ،‬فالتّجربــة‬ ‫ّ‬ ‫تبلــور املعرفــة‪ ،‬ومتتحــن الــرأي والتصــ ّور‪،‬‬ ‫لتصقلهــا مبــا يخــدم الشــأن الوطنــي‪.‬‬ ‫اكتشــاف مكامــن القــوة والضعــف يف‬ ‫يتحصــل‬ ‫الشــخص‪ ،‬ويف الواقــع وحراكــه‪ ،‬ال ّ‬ ‫باالعتــزال‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬حول عمل احلكومة‬ ‫أي‬ ‫الســوريّة املؤقتــة مثــل ّ‬ ‫ الحكومــة ّ‬‫مؤسســة ســورية محســوبة عــى املعارضــة‪،‬‬ ‫الصالحــن واملخلصــن‪،‬‬ ‫تضــ ّم يف صفوفهــا ّ‬ ‫وتضــم يف صفوفهــا الســيئني والفاســدين‪.‬‬ ‫ومــن غــر املنصــف شــيطنة العاملــن‬ ‫فيهــا والتعميمــم املطلــق بالفســاد وعــدم‬ ‫الكفــاءة‪ .‬ومــن غــر املنصــف‪ ،‬أيض ـاً‪ ،‬تربئــة‬ ‫كل العامليــن فيهــا مــن تبعــة الفســاد‪،‬‬ ‫ونقــص الكفــاءة‪ .‬فهــي مؤسســة واجهــت ما‬ ‫تواجهــه أي مؤسســة ســوريّة مــن ضعــف‬ ‫مهنــي ومعــريف وإداري‪ ،‬ومــن قصــور‬ ‫يف العمــل الجامعــي املؤسســايت‪ ،‬ومــن‬ ‫رصاعــات بين ّيــة ومحســوبيات ومشــاكل يف‬ ‫اإلدارة ويف التــرف املــايل‪ .‬وكانــت بحاجــة‬ ‫ماســة مــن داعميهــا ورشكائهــا وحواضنهــا‬ ‫إىل اإلرشــاد والتوجيــه‪ ،‬وال ّنقــد املوضوعــي‬ ‫لخطّــة عملهــا‪ ،‬ومهامتهــا‪ ،‬وأهدافهــا‪،‬‬ ‫وأعاملهــا‪ ،‬واملحاســبة لــرف مالهــا‪،‬‬ ‫والدعــم الصحيــح املســتمر مــن دون رشوط‬ ‫سياســية‪ ،‬بــدل تعويــق عملهــا ومحارصتهــا‬ ‫باالتهامــات الســيئة والهجــوم عليهــا‪.‬‬ ‫الهجــوم الــذي حصــل عــى الحكومــة‪،‬‬ ‫كان محقــاً يف كثــر مــن األمــور؛ لك ّنــه‬ ‫جــاء ظل ـاً وغــر محــق أيض ـاً‪ ،‬يف املبالغــة‬ ‫والتّلفيــق ونــر الشــائعة‪ ،‬واألخبــار غــر‬ ‫املوثوقــة‪ ،‬وقطــع األحــداث مــن ســياقها‬ ‫الحقيقــي‪ ،‬وتوجيــه االتهــام مــن دون أدلّــة‬ ‫وتأكيــد‪ ،‬اعتــادا ً عــى الظنــون‪ ،‬وعــى‬ ‫مــا ينــر مــن تصــورات وآراء (وهــذا مــا‬ ‫عايشــته بشــكل مبــارش)‪ ،‬وهــو مــا زاد يف‬ ‫هــدر الفــرص أمــام التّقييــم‪ ،‬وتقويــم األداء‬ ‫وشــفاف ّية املكاشــفة واملحاســبة‪ ،‬وأضــاف‬ ‫قــ ّوة يف مســار انهيارهــا‪ ،‬مرتافقــاً مــع‬ ‫انقطــاع الدعــم والتمويــل‪ ،‬وســوء إدارة‬ ‫الحكومــة لألزمــة والظــرف‪ ،‬حتــى وصــل‬ ‫األمــر إىل العجــز عــن متويــل نفســها‪ ،‬وعــن‬ ‫دفــع رواتــب العاملــن فيهــا‪ ،‬وعــن متويــل‬

‫مشــاريع عمــل راســخة مســتدمية ذات‬ ‫معايــر مهنيّــة‪ .‬وانتهــى بتقويــض عملهــا يف‬ ‫وزارت محــدودة‪ ،‬أقــرب إىل مجالــس عمــل‬ ‫وهيئــات تنفيذيــة مدعومــة مبنظــات‬ ‫وتيــارات تتحكّــم بالتمويــل‪.‬‬ ‫ مــن العــدل واإلنصــاف‪ ،‬الحكــم عــى‬‫عمــل وزارات الحكومــة املؤقتــة‪ ،‬تبعــاً‬ ‫لل ّزمــن والفــرة والظّــرف‪ ،‬واعتــاد النظــر‬ ‫النســبي ضمــن واقــع التمويــل الــذي كان‬ ‫ـح حتــى انقطــع‪،‬‬ ‫ســخيّاً يف البدايــة‪ ،‬ثــم شـ ّ‬ ‫وضمــن الظــروف اإلقليميــة وال ّدوليّــة التــي‬ ‫كانــت داعمــة يف أول الطريــق ثــم تل ـكّأت‬ ‫وتراجعــت‪ ،‬والتــي تزامنــت مــع التشــكيل‬ ‫الــوزاري لعــام ‪ ،2015‬الــذي كنــت يف‬ ‫فريقــه‪ ،‬حــن أخــذ التمويــل ينقطــع‪،‬‬ ‫ويتــاىش الدعــم‪ ،‬مــا راكــم الظــروف‬ ‫الســيئة أمــام العمــل‪ ،‬وجعــل العاملــن يف‬ ‫أوضــاع ماليــة بائســة‪.‬‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬

‫مطلــوب منهــا داخ ـاً وخارج ـاً‪ .‬فخفــت‬ ‫صــوت الســوريني الحاضــن للحكومــة‪،‬‬ ‫وات ّســع‪ ،‬مقابلــه‪ ،‬رفضهــا كجســم ســيايس‬ ‫كآل ّيــة عمــل بهــذا الشــكل‪ ،‬ســواء‬ ‫كان بنــاء عــى نقــد موضوعــي ألداء‬ ‫الحكومــة وتقصريهــا يف دورهــا‪ ،‬أو كان‬ ‫الســورية املؤقّتــة منبثقــة بهتان ـاً نتيجــة مواقــف ومصالــح مضــادة‬ ‫ الحكومــة ّ‬‫عــن االئتــاف‪ ،‬وكان هدفهــا أن تكــون للحكومــة‪.‬‬ ‫بعامليهــا أداة لخدمــة املواطنــن يف‬ ‫املناطــق خــارج ســيطرة النظــام؛ وتجهيــز ‪ -‬صحيــح أن مــن العاملــن يف الحكومــة‬ ‫األرضيــة الالزمــة ملا بعــد ســقوط النظام‪ ،‬الســوريّة املؤقتــة كانــت تسـ ّـره مصالــح‬ ‫لكنهــا حملــت متناقضــات االئتــاف‪ ،‬مال ّيــة أو سياســية شــخصية أو جامعاتيــة‪،‬‬ ‫ورصاعــات جامعاتــه وأفــراده؛ لذلــك لكــن إطــاق حكــم االســتغالل أو الخيانــة‬ ‫وعــى الرغــم مــا يجــري إعالنــه مــن أو العاملــة أو التجــارة بالثــورة عــى‬ ‫تو ّخــي املوضوعيــة والحرفيــة املهنيــة يف مؤسســة الحكومــة جائــر‪ .‬صحيــح أن‬ ‫لكــن‪ ،‬التّعميــم‬ ‫اختيــار العاملــن‪ ،‬وتكويــن فريــق وزاري هنــاك شــكوك واتهــام‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫مهنــي يعمــل بشــكل علمــي مســتقل عن واالفتقــار إىل الدليــل ظلــم وعــدوان‪.‬‬ ‫رصاعــات االئتــاف السياســية وتدخّالتــه وحتــى مــا يقــال عــن انحـراف أو خــروج‬ ‫لتحقيــق الغــرض العمــي؛ فــإن متطلبــات عــن املطلــوب وطنيـاً؛ فيمكــن أن يكــون‬ ‫الواقــع وتوازنــات الجامعــات السياســية صحيحــاً يف حــاالت‪ ،‬إن اقــرن باألدلــة‬ ‫لكــن‪ ،‬يبــدو أن‬ ‫املتصارعــة داخــل االئتــاف‪ ،‬قــى أنّ والرباهــن املؤكّــدة؛‬ ‫ْ‬ ‫أي عمــل مســتقل ال يرتبــط بدعــم مــن الســبب الحقيقــي لألخطــاء هــو الفــوىض‬ ‫ّ‬ ‫قــوى االئتــاف‪ ،‬ســيواجه يف األغلــب ونقــص الوعــي الــازم‪ ،‬وضعــف املعايــر‬ ‫التعــر‪ ،‬فــا ميكــن القفــز بعيــدا ً عــن املهنيــة وآل ّيــة املراجعــة‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫ّ‬ ‫دائــرة الرصاعــات املتباينــة التــي تط ـ ّوق ســببني مه ّمــن هــا شــيوع االنتــاء‬ ‫عمــل الحكومــة ووزاراتهــا؛ فاالســتخدام الشــليل أو املناطقــي‪ ،‬والقيــام بتصفيــة‬ ‫الســيايس‪ ،‬يقلــل مــن إمكانيــة التــرف الحســابات واالنتقــام مــن الحكومــة‬ ‫ّ‬ ‫الدائــم باســتقاللية ومهنيــة؛ وهــو مــا أو مــن بعــض قــوى الحكومــة‪ ،‬نتيجــة‬ ‫ّ‬ ‫ضيــق مجــاالت عمــل الحكومــة وطبــع خالفــات بــن العاملــن والحكومــة‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫رصاعــات بــن عاملــن يف الحكومــة‬ ‫يف األذهــان التّحاصــص واملحســوب ّية‪.‬‬ ‫وقــوى سياســية‪ ،‬ونتيجــة عــدم‬ ‫ فقــدان الثقــة‪ ،‬شــعبياً يف الحكومــة‪ ،‬تجديــد عقــود العمــل‪ ،‬أو الــرف مــن‬‫ّ‬ ‫ال يعــود فقــط لعــدم اســتطاعة الحكومــة العمــل؛ أو العجــز عــن دفــع الرواتــب‬ ‫االلتــزام بتعهدهــا بتقديــم دعــم واملســتحقّات املاليـ ّة للموظفــن‪ ،‬وتنفيــذ‬ ‫حقيقــي للمواطنــن الســوريني عــى غــر عــادل يف توزيــع املكافــآت املاليــة‬ ‫األرض‪ ،‬وهــو أمــر يف غايــة األهميــة؛ وال التــي كانــت بديــل الرواتــب‪ ،‬مــا أثــار‬ ‫ّ‬ ‫يتح ّمــل مســؤوليته الحكومــة واالئتــاف الغضــب والحقــد والرغبــة يف االنتقــام‪،‬‬ ‫ولعــل نقمــة أفــراد خــارج الحكومــة‬ ‫ّ‬ ‫فقــط؛ وإمنــا أطــراف أخــرى مؤث ّــرة‪.‬‬ ‫فقــد أصــاب أداءهــا الخلــل‪ ،‬ومل تنجــح جــرى رفــض توظيفهــم‪ ،‬أســهم يف حالــة‬ ‫يف تحقيــق مصداقيــة نتيجــة الوضــع التفكيــك؛ فهنــاك اعتقــاد ســائد لــدى‬ ‫ّ‬ ‫الحــريب الــرس‪ ،‬والــراع املتســع يف الذيــن يحاربــون الحكومــة الســوريّة‬ ‫ســوريا‪ ،‬وســيطرة البندقيــة عــى النفــوذ‪ ،‬املؤقّتــة؛ بعــدم وجــود العــدل يف توظيف‬ ‫ونتيجــة تدخّــات ضاغطــة لبعــض الســوريني‪ ،‬عــى الرغــم مــن وجــود آل ّيــة‬ ‫األفــراد واملنظــات والجهــات العاملــة‪ ،‬توظيــف مهن ّيــة؛ وأنّ التوظيــف يعتمــد‬ ‫داخــل الحكومــة أو متعاونــة معهــا‪ ،‬عــى الــوالء واملحســوبيّة والعالقــة أكــر‬ ‫خاصــة مــن اعتــاد الكفــاءة‪.‬‬ ‫وهــي جهــات تتصــارع ألجنــدات ّ‬ ‫ووالءات لخــارج الحكومــة‪ ..‬فصــار‬ ‫ ضعــف األداء اإلعالمــي للحكومــة‬‫هنــاك تبــادل أدوار يف نظــر الكثرييــن‬ ‫بــن حكومــة االئتــاف‪ ،‬وحكومــة الســوريّة املؤقّتــة أعطــى مجــاالً واســعاً‬ ‫وســع مــن لل ّنيــل مــن الحكومــة‪ ،‬ومل يوضّ ــح حقيقــة‬ ‫النظــام املســتبد؛ وهــو مــا ّ‬ ‫دائــرة االرتيــاب يف الحكومــة وفقــدان العمــل الــذي تقــوم بــه الــوزارات بشــكل‬ ‫وســع مــن‬ ‫الثقــة بأدائهــا‪ ،‬وجعلهــا كمؤسســة مــن جــذاب ومهنــي وحــدايث‪ ،‬مــا ّ‬ ‫مؤسســات املعارضــة تفشــل يف تحقيــق مســاحة القناعــة بقصــور عمــل الحكومــة‬ ‫رشعيــة شــعبية واســعة‪ ،‬خصوصــاً مــع وضعــف أداء العاملــن فيهــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تفاقــم عجزهــا عــن القيــام مبــا هــو‬

‫يتبع‪.....‬‬

‫بالنســبة لعــدد ال بــأس بــه مــن قــادة هــذا الكوكــب‬ ‫كانــت داريــا كابوســاً ثقيــاً جامثــاً عليهــم‪ ،‬قــادة دول‬ ‫ورؤســاء حكومــات وقــادة ميليشــيات طائفيــة‪ ،‬الجميــع‬ ‫كان ينظــر لداريــا كبقعــة تجــاوزت مراحــل الخطــورة‬ ‫املقبولــة لهــم‪ ،‬أوهــام إمرباطوريــات وهواجــس مشــاريع‬ ‫كانــت تخطــط إلســقاط هــذه البقعــة‪.‬‬ ‫يف العلــم االس ـراتيجي مل تكــن داريــا لتمثــل أكــر مــن‬ ‫شــوكة يف حلــق النظــام وثقبــاً أســود لجنــوده وآلياتــه‬ ‫يختفــي عــى حدودهــا كل ٍ‬ ‫آت بســوء‪ ،‬لكنهــا يف التكتيــك‬ ‫كانــت متثــل الكثــر‪ ،‬فإمرباطوريــة فــارس كانــت تحــارب‬ ‫مــن أجــل هــذه البقعــة برشاســة كونهــا متثــل العمــق‬ ‫املريــح ملركــز نطــاق الســيطرة الفــاريس يف الســيدة زينب‪،‬‬ ‫ناهيــك عــن إطاللــة قــر النظــام عليهــا ليشــهد عــى‬ ‫ســقوط نظامــه يف كل مــرة ارتشــف فيهــا قهــوة الصبــاح‬ ‫صحبــة املندوبــن الســامني لــدول االحتــال مــن عــى‬ ‫رشفــة القــر‪.‬‬ ‫عســكرياً‪ ،‬ميكــن تســمية مــا جــرى بالتعــادل فلــم‬ ‫يكــن هنــاك غالــب وال مغلــوب‪ ،‬وذلــك بالنظــر إىل‬ ‫التكاليــف البرشيــة واملاديــة التــي دفعهــا الجانبــان‪،‬‬ ‫كان إلرصار موســكو وطهــران والتابــع الســوري عــى‬ ‫هذيــن الكيلومرتيــن املربعــن مــن خــال أكــر مــن‬ ‫‪ 7000‬برميــل وماليــن القذائــف وأنــواع الذخــرة وآالف‬ ‫الغــارات الجويــة أبعــد األثــر يف تحديــد النتيجــة‪ ،‬نعــم‪،‬‬ ‫حصــل النظــام عــى قطعــة األرض‪ ،‬لكنــه مل يحصــل عــى‬ ‫املعنويــات املطلوبــة مــن خــال عــدم قدرتــه عــى ايهــان‬ ‫عزميــة أهــل داريــا وحاضنتهــم الســورية وباملقابــل عــدم‬ ‫قدرتــه عــى تســويق مــا جــرى بــن مؤيديــه عــى أنــه‬ ‫انتصــار إلهــي‪.‬‬ ‫كان أعــداء داريــا يريدونهــا بشــدة كونهــا املثــال األبــرز‬ ‫واألنصــع عــن ثــورة الكرامــة األصيلــة التــي مل تتلــوث‬ ‫باملــال والتبعيــة ونفــاق األيديولوجيــا‪ ،‬كانــت املعركــة‬ ‫ـاص‬ ‫بحــق معركــة حــق وباطــل‪ ،‬صمــد فيهــا الحــق املحـ َ‬ ‫مــن قــوى الظــام واملطعــون بظهــره مــن الحلفــاء‪.‬‬ ‫بخــاف مــا جــرى يف حمــص القدميــة حيــث كانــت اللعبة‬ ‫الدوليــة آنــذاك تــدار عــى وقــع مفاوضــات النــووي‬ ‫اإليــراين‪ ،‬فــإن عمليــة داريــا كانــت بحاجــة لدخــول‬ ‫عامــل قــوي جديــد يف الـراع الســوري متمثـاً بدبابــات‬ ‫تركيــا شــاالً بعــد زيــارة بايــدن إىل أنقــرة‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫ضــان تحييــد حــوران وكتائبهــا مــن خــال رشاء قــادة‬ ‫كائــب حــوران وضــان اســتزالمهم لغرفــة املــوك‪ ،‬يضــاف‬ ‫إىل ذلــك عامــل مهــم وهــو إضعــاف جيــش اإلســام يف‬ ‫الغوطــة الرشقيــة عــر اغتيــال قائــده املؤســس الشــيخ‬ ‫زهـران علــوش‪ ،‬وهــو األمــر الــذي حــدث وفــق عــدد من‬ ‫املصــادر والترسيبــات بنــاء عــى معلومــات اســتخبارية‬ ‫أمريكيــة ق ّدمــت ملوســكو مــن واشــنطن يف مقابــل‬ ‫ضــان موســكو مشــاركة النظــام يف جولــة جنيــف‪.‬‬ ‫يتبــادر هنــا الســؤال املحــق عــن عالقــة تركيــا بــكل مــا‬ ‫رس التزامــن مــا بــن دخــول ق ّواتهــا ومــا بــن‬ ‫جــرى‪ ،‬و ّ‬ ‫اتفــاق داريــا‪ ،‬وهنــا تبــدو األمــور أكــر وضوحــاً عــر‬ ‫النظــر لكامــل املشــهد‪ ،‬حيــث يبــدو واضحــاً وجليّــاً‬ ‫العامــل الكــردي يف هــذه املرحلــة مــن خــال اتفــاق‬ ‫موســكو وأنقــرة برعايــة واشــنطن عــى تقســيم املشــهد‬ ‫الســوري مــا بــن أنقــرة شــاالً وموســكو جنوب ـاً‪ ،‬حيــث‬ ‫تقــوم أنقــرة باالســتفراد باألكـراد عــر تجريــف عصابــات‬ ‫داعــش جنوب ـاً أو رشق ـاً‪ ،‬ودفعهــا نحــو مناطــق ســيطرة‬ ‫صالــح مســلم أو عــر إيجــاد نقــاط متــاس مــا بــن القوات‬ ‫الرتكيــة واألكــراد وافتعــال حادثــة معينــة تســاهم يف‬ ‫إشــعال الفتيــل‪ ،‬يف املقابــل تقــوم موســكو بتحقيــق‬ ‫رغبــة طهــران بتغيــر دميوغرافيــا ســوريا لصالحهــا‬ ‫جنوبـاً انطالقـاً مــن العاصمــة وصــوالً لضواحيهــا وانتهــا ًء‬ ‫بحمــص وحــي الوعــر تحديــدا ً الــذي ســيكون الوجهــة‬ ‫التاليــة للعــدوان‪ ،‬يف املقابــل هنــاك اتفــاق مبســتوى أعــى‬ ‫بــن موســكو وواشــنطن عــى أن يكــون الوضــع الســابق‬ ‫مؤقتــاً حيــث يجــب الحفــاظ عــى وحــدة األرايض‬ ‫الســورية عــى املــدى املتوســط يف ظــل مناطــق الســيطرة‬ ‫املقســمة مــا بــن أمريــكا وروســيا متام ـاً كــا‬ ‫الجديــدة ّ‬ ‫كانــت مناطــق الســيطرة الروســية الربيطانيــة عــى أرايض‬ ‫إي ـران فبــل الحــرب العامليــة األوىل خــال حكــم الشــاه‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫من داخل السرب‬ ‫غسان المفلح‬ ‫يف مثــل هــذا اليــوم ‪ 27.08‬قبــل أربــع‬ ‫ســنوات‪ ،‬كانــت داريــا مدينــة الشــهيد غيــاث‬ ‫مطــر‪ ،‬الــذي اقتلــع نظام األســد حنجرتــه‪ ،‬وهو‬ ‫يهتــف للحريــة والشــعب الســوري واحــد‪،‬‬ ‫يهــدي عســكر األســد ورودا ً حمـراء وزجاجــات‬ ‫مــاء الشــام‪ .‬علــا أنــه مــن يــرب مــن مــاء‬ ‫الشــام‪ ،‬لــن ترويــه مــاء أخــرى‪ .‬يف مثــل هــذا‬ ‫اليــوم قبــل أربــع ســنوات كان تعــداد ســكان‬ ‫داريــا ‪ 250‬ألــف نســمة‪ .‬خرجــوا متظاهريــن‬ ‫ســلميني ضــد األســد‪ ،‬وقمعــه واجرامــه‪.‬‬ ‫يف مثــل هــذا اليــوم أيضــاً كان بــاراك أوبامــا‬ ‫يســتعد لخــوض االنتخابــات األمريكيــة‪ ،‬مــن‬ ‫أجــل واليــة ثانيــة‪ .‬نجــح أوبامــا بعــد أشــهر‬ ‫مــن هــذا التاريــخ‪ ،‬مســرة أوبامــا يف واليتــه‬ ‫الثانيــة تتحــدد بداريــا‪ .‬حيــث تســلمها كجــزء‬ ‫مهــم مــن امللــف الســوري باعتبارهــا ضاحيــة‬ ‫دمشــقية‪ ،‬كان يحســب حســاب تظاهــرات‬ ‫أخــرى يف دمشــق تكــون داريــا دافعهــا‬ ‫ومحركهــا‪ .‬تســلمها بتعــداد ســكانها الكامــل‪،‬‬ ‫ليســلمها لألســد بعــد أربــع ســنوات مدمــرة‬ ‫متامـاً‪ ،‬لألســد الــذي دمرهــا نيابــة عــن أوبامــا‪.‬‬ ‫ســلمها لألســد وهــي التــي بقيت أربع ســنوات‬ ‫عصيــة عــى براميلــه وطريانــه وعصاباتــه‬ ‫الطائفيــة‪ .‬يســلمها أوبامــا فارغــة متامــاً مــن‬ ‫عنبهــا وســكانها‪ .‬داريــا تلخــص مســرة أوبامــا‬ ‫مــع الثــورة الســورية‪ .‬بقــي أربعــة أشــهر‬ ‫لينتهــي أوبامــا كرئيــس ألمريــكا‪ ،‬يبحــث عــن‬ ‫وظيفــة يف اللــويب املــوايل والداعــم للنظامــن‬ ‫األســدي واإلي ـراين يف واشــنطن‪ .‬نقــول ســلمها‬ ‫أوبامــا لألســد‪ ،‬ألنــه تدخــل يف ملــف ســورية‬ ‫بــكل تفصيــل صغــر أم كــر‪ ،‬إال تفصيــل أعــداد‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫داريا وأوباما والفرجة‪!..‬‬ ‫القتــى الســوريني‪ ،‬هــذا تفصيــل لالطــاع‬ ‫فقــط‪ .‬قبــض أوبامــا عــى امللــف الســوري منــذ‬ ‫اللحظــة األوىل‪ .‬اســتغرقت عمليــة القبــض‬ ‫عــى امللــف رمبــا أقــل مــن ســنة‪ .‬ليحــول‬ ‫ســورية ســاحة لتوحــش العــامل واألســدية‬ ‫وفاشــيتها‪ .‬مجتمــع الفرجــة األوبامــي‪ ،‬مل‬ ‫يهتــم بأهــل داريــا‪ ،‬وهــم يهجــرون ليــس‬ ‫مــن مدينتهــم وحســب‪ ،‬بــل ومــن حياتهــم‬ ‫كلهــا‪ .‬نحــو أرض أخــرى‪ .‬التهجــر تــم بــإرشاف‬ ‫أوبامــا‪ ،‬وليــس األمــم املتحــدة‪ .‬كان أوبامــا‬ ‫جالسـاً يتفــرج عــى أطفــال داريــا‪ ،‬مــن مكتبــه‬ ‫البيضــاوي‪ .‬مقتنعـاً أنــه يديــر العــامل والفرجــة‬ ‫فيــه‪ .‬البيــت األبيــض فعــاً يديــر العــامل‪.‬‬ ‫ســلمها بعــد أربــع ســنوات مســطرا ً ســجله‬ ‫يف الهولوكســت الســوري كصانعــه ومهندســه‪،‬‬ ‫ولبقيــة الصغــار الفاشــيني تنفيــذه‪ .‬كان واضحـاً‬ ‫منــذ األشــهر األوىل للثــورة أن أوبامــا يريــد‬ ‫تزمــن الثــورة مــن جهــة‪ ،‬واســتنقاع العنــف‬ ‫األســدي مــن جهــة أخــرى‪ .‬هــذا مــا حصــل‬ ‫وكانــت داريــا عينــة ثابتــة‪ ،‬والدليــل امللمــوس‬ ‫عــى الهولوكوســت األســدي اإلي ـراين الــرويس‬ ‫األوبامــي يف ســورية‪ .‬كل هــذا ومحطــات‬ ‫الفرجــة األمريكيــة تعــرض مــا يصــوره أوبامــا‬ ‫مــن مرسحيــات الكــذب‪ .‬مجتمــع الفرجــة‬ ‫الــذي أنتــج أوبامــا‪ ،‬أمريــكا ســيدة الفرجــة يف‬ ‫العــامل‪ ،‬أمكنــة التصويــر فيهــا‪ ،‬تعيــد تشــكيل‬ ‫خارطــة العــامل وفقــاً للــدم‪ .‬أليــس املهرجــان‬ ‫املبــارش كل أربــع ســنوات‪ ،‬االنتخابــات‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬تشــغل العــامل كلــه‪ .‬علينــا معرفــة‬ ‫مــأزق العــامل برمتــه‪ ،‬مــن خــال رصدنــا‬ ‫ملتابعــة العــامل لالنتخابــات األمريكيــة كل‬ ‫أربــع ســنوات‪ ،‬وكل مــرة تــزداد املتابعــة مــن‬ ‫البرشيــة‪ .‬مــاذا لــو وضعنــا املرشــح الجمهــوري‬

‫دونالــد ترامــب أمــام أوبامــا كمنتهــي الخدمــة‬ ‫بعدمــا أوغــل يف الــدم الســوري‪ ،‬وضعناهــا‬ ‫عــى منصــة‪ .‬ونطــرح عليهــا ســؤاالً‪ :‬هــل‬ ‫أنتــا مــن حكــم وســيحكم العــامل؟ إنهــا‬ ‫مأســاة ومــأزق البرشيــة‪.‬‬ ‫كل أربــع ســنوات‪ ،‬العــامل ينتظــر نتائــج‬ ‫االنتخابــات األمريكيــة‪ .‬هــذا العنــوان مؤسســة‬ ‫بحــد ذاتــه منــذ عــام ‪ 1945‬وحتــى اللحظــة‪.‬‬ ‫زاد هــذا االنتظــار شــعبية واتضحــت معاملــه‬ ‫عامليــاً‪ ،‬أضحــى الزمــة دوريــة‪ ،‬للبرشيــة‬ ‫جمعــاء‪ ،‬بعــد انتصــار هــذه األمريــكا يف الحرب‬ ‫البــاردة وســقوط الســوفييت‪ .‬االنتخابــات‬ ‫األمريكيــة تحولــت إىل مؤسســة عامليــة لهــا‬ ‫موقعهــا يف قيــادة العــامل‪ ،‬تذكــره مبآســيه‪ ،‬بــا‬ ‫أخالقيتــه ومصالحــه الكلبيــة‪ .‬تذكــره مبــن‬ ‫يحــاول أن يــريس أخالقــاً كونيــة‪ .‬يســتنتج‬ ‫أصحــاب الــدم املهــدور عــى املذبــح األمريــي‪،‬‬ ‫كــم هــي كميــة الــدم التــي عليهــم دفعــه‪ ،‬مــع‬ ‫الرئيــس القــادم‪ .‬كــم مــن الــروات ســترسق يف‬ ‫األربــع القادمــة؟ مواســم االنتظــار تــأيت كل‬ ‫أربــع ســنوات‪ .‬الكــرة األرضيــة عيونهــا نحــو‬ ‫واشــنطن‪ .‬دول كبــرة الصــن الهنــد روســيا‪،‬‬ ‫مثلهــا مثــل أي فصيــل عســكري يف حــرب‬ ‫طاحنــة يف بلــد طــريف نــاء‪ .‬دول كــرى فرنســا‬ ‫وبريطانيــا تنتظــر مثلهــا مثــل أي صحفــي أو‬ ‫كاتــب مغمــور يف أصغــر مؤسســة إعالميــة يف‬ ‫العــامل‪ .‬لكــم أن تتخيلــوا التــايل‪ :‬قنوات الشــبكة‬ ‫العنكبوتيــة‪ ،‬تصــب يف مآلهــا األخــر هنــاك‬ ‫حيــث رســيفريات واشــنطن تخزنهــا لتفرمتهــا‪،‬‬ ‫تســتخدم مــا تســتخدمه‪ ،‬والباقــي تؤرشــفه‬ ‫لتعيــد كتابــة تاريــخ العــامل‪ .‬متامــاً كمثــال‬ ‫الشــبكة العنكبوتيــة‪ ،‬مــآالت الــدم يف كل‬ ‫بلــدان العــامل اآلن‪ ،‬تــروي أرض الــروة والحلــم‬

‫األمريــي‪ .‬لكــم أن تتخيلــوا أن شــخصاً كأوبامــا‬ ‫عــى ســبيل املثــال‪ ،‬يقــرر يف هــذا البلــد أو‬ ‫ذاك يجــب أن يقتــل ماليــن أو ال يقتــل أحــد‪.‬‬ ‫أوبامــا الــذي مل يتأثــر مبناظــر أطفــال ســورية‪،‬‬ ‫وال أطفــال اليمــن‪ ،‬لكنــه حــاول إيهــام العــامل‬ ‫أنــه يــرخ «ياهوســن» يف أكــر كذبــة صدرها‬ ‫ملــايل طهــران‪ ،‬وكان الــدم الشــيعي العــريب‬ ‫وقودهــا‪ ،‬يف حــرب حــاول إيهــام الجميــع أنهــا‬ ‫طائفيــة‪ ،‬يف اليمــن والعــراق وســورية‪.‬‬ ‫اآلن نســتطيع القــول بــكل ثقــة‪ ،‬إن أي فــرد‬ ‫يف هــذا الكوكــب يدفــع رضيبــة للخزانــة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬ســواء كانــت رضيبــة اختياريــة أو‬ ‫إجباريــة‪ .‬رضيبــة بالــدم أو باملــال أو بكليهــا‬ ‫معــاً‪ .‬ســورية التــي دفعــت الثمــن الباهــظ‬ ‫مــن وجــود رجــل كبــاراك أوبامــا عــى رأس‬ ‫اإلدارة الحاليــة‪ .‬تحــت عنــوان برنامجــه‬ ‫االنتخــايب بأنــه لــن يجعــل القــوات األمريكيــة‬ ‫تخــوض حربــاً يف أي مــكان‪ .‬عــدم التدخــل‬ ‫العســكري‪ ،‬رغــم ذلــك فــإن أوبامــا تدخــل يف‬ ‫ســورية يف كل تفصيــل‪ ،‬يك تكتمــل املقتلــة‪،‬‬ ‫التــي افتتحهــا األســد بغطــاء أوبامــا نفســه‪.‬‬ ‫كل الــدول املارقــة أرســلت جيوشــها لســورية‪،‬‬ ‫مــن أجــل قتــل شــعبها وحلمــه بالحريــة مــن‬ ‫أعتــى فاشــية طائفيــة عرفهــا التاريــخ البــري‪.‬‬ ‫أمريــكا تديــر الجميــع دون أن تخــر‪ ،‬مــع‬ ‫ذلــك الجميــع يخــر ويدفــع فــوق ذلــك‬ ‫رضيبتــه املعتــادة ألمريــكا‪ .‬لتتحــول أمريــكا إىل‬ ‫مــأزق الجميــع‪ .‬حيــث اآلن يف كل العــامل‪ ،‬كل‬ ‫املتقاتلــن مــن أجــل ثــروة أو ســلطة أو حريــة‪،‬‬ ‫متــر رشعيتهــم مــن البوابــة األمريكيــة‪ .‬بوتــن‬ ‫وخامنئــي واألســد قتلــة الســوريني‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫أن يكــون لهــم مكانـاً مــا لــدى األمريكيــن‪ .‬كل‬ ‫هــذه الدمــاء التــي تســيل عــى أرض الــرق‬

‫األوســط تصــب يف نهــر واشــنطن الذهبــي‪.‬‬ ‫األنظمــة الفاشــية والتســلطية وغريهــا تحتــاج‬ ‫لرضــا أمريــكا‪ ،‬بوتــن كديكتاتــور بحاجــة‬ ‫لرضاهــا أيضــا‪ ،‬خامنئــي واألســد كذلــك الحــال‪.‬‬ ‫كيــف يحتفظــون بديكتاتوريتهــم ويكســبون‬ ‫رضــا األمريــي بنفــس الوقــت؟ تركيــا التــي‬ ‫حاولــت أمريــكا اللعــب يف داخلهــا‪ ،‬بطريقــة‬ ‫مــا تشــر مبــا ال يقبــل اللبــس أن أوبامــا أراد‬ ‫يف هــذه املرحلــة إشــعال كل منطقــة الــرق‬ ‫األوســط بحــروب دمويــة داخليــة‪ ،‬ألن عائــد‬ ‫ربحيتهــا أكــر‪ ،‬ولديــه أطقــم حكــم جاهــز‬ ‫لتصبــح فاشــية يف أيــة لحظــة‪ .‬االجتهــاد‬ ‫األمريــي بتصديــر الدميقراطيــة للعــامل منــذ‬ ‫لحظــة ســقوط الســوفييت‪ ،‬عارضــه الحــزب‬ ‫الدميقراطــي منــذ ســقوط الســوفييت وبقــي‬ ‫أوبامــا عــى نفــس الخــط‪ .‬هــذا االجتهــاد‬ ‫حاولــت إدارة بــوش التعاطــي معــه يف أكــر‬ ‫مــن مــكان‪ ،‬لكــن الديكتاتوريــات والفاشــيات‬ ‫كانــت عنيــدة‪ ،‬حتــى أتاهــا الفــرج مــن أوبامــا‪،‬‬ ‫كــا رصح مصــدر رويس مســؤول‪ :‬أوبامــا كان‬ ‫هديــة مثينــة لروســيا‪ .‬كذلــك الحــال بالنســبة‬ ‫لخامنئــي واألســد‪ .‬كل القصــة أن أوبامــا‬ ‫يحتــاج فقــط لرفــع شــعار الحــرب عــى‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬وهــو الــذي أدارهــا باقتــدار‪ .‬أوبامــا‬ ‫مل يكــن ضعيف ـاً‪ ،‬ومل يكــن مــرددا ً أوبامــا كان‬ ‫قات ـاً بامتيــاز‪ ،‬والعــامل كلــه يف مــأزق أمريــي‬ ‫يحتــاج إىل انتفاضــة داخليــة أمريكيــة رمبــا‬ ‫حتــى يتغــر‪ .‬فهــل نراهــن عــى االنتخابــات‬ ‫القادمــة؟ لكــن إن مل نراهــن عــى هــذا‬ ‫الجانــب‪ ،‬يف وقــف املقتلــة األســدية يف ســورية‪،‬‬ ‫فعــى مــاذا نراهــن إذا ً عــى صعيــد السياســة‬ ‫الدوليــة‪ .‬أمريــكا كــا اقتصادهــا متامــاً هــي‬ ‫مــأزق العــامل الراهــن‪.‬‬

‫اإلدارة من الوراثة إىل العلم‬ ‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫إن الســمة الســائدة للبلــدان املتخلفــة‬ ‫والفقــرة بــآن واحــد‪ ،‬هــو انخفــاض مســتوى‬ ‫اإلنتاجيــة وارتفــاع تكاليــف اإلنتــاج‪ ،‬مــا يؤثــر‬ ‫عــى مســتوى حيــاة املواطــن باســتمرار‪ ،‬وكذلك‬ ‫عــى مســتوى منــو وتطــور البلــد‪ ،‬هــذا الوضــع‪،‬‬ ‫يبقــي شــعوب هــذه البلــدان يف دوامــة الفقــر‬ ‫املتزايــد عــى مــدى ســنني طويلــة ومثقلــة‬ ‫باالنكســارات ومــا ينتــج عنهــا مــن أمــور ســلبية‬ ‫عــى جميــع االصعــدة‪ ،‬وأهمهــا االجتامعيــة‪.‬‬ ‫منــذ نهايــات القــرن التاســع عــر‪ ،‬بــدأ العلــاء‬ ‫يفكــرون‪ ،‬كيــف ميكــن خفــض التكاليــف‪ ،‬ورفع‬ ‫مســتوى اإلنتاجيــة واألداء؟! ومــن الناحيــة‬ ‫اإلداريــة‪ ،‬كيــف يجــب أن تكــون العالقــة بــن‬ ‫العامــل ورب العمــل؟! وهــل النمــط الســائد‬ ‫آنــذاك مــن عالقــات العمــل هــو األنســب فعـاً‬ ‫إلدارة الشــأن االقتصــادي‪ ،‬أم أن أشــكاالً أخــرى‬ ‫أكــر مالءمــة وذات مــردود أفضــل؟‪.‬‬ ‫يف عــام ‪١٨٨٥‬م كان املهنــدس األمريــي‬ ‫فريدريــك تايلــر (مؤســس علــم اإلدارة) مســافرا ً‬ ‫بالقطــار مــن إحــدى الواليــات يف أمريــكا إىل‬ ‫واليــة ثانيــة‪ ،‬ورأى كيــف أن العاملــن يف‬ ‫إحــدى الورشــات بجانــب ســكة القطــار‬ ‫يــؤدون عملهــم‪ ،‬كان فيهــا كبــر الســن‪ ،‬وفيهــم‬ ‫مــن هــم بعمــر االطفــال‪ ،‬بــل واملــرىض وغــر‬ ‫املهنيــن يف عملهــم‪ ،‬وجميعهــم موظفــون بأقــل‬ ‫االجــور‪ ،‬يف حــن يعمــل املهــرة والقــادرون عــى‬ ‫العمــل بنفــس األجــر أيضــاً لقلــة الوظائــف‬ ‫املعروضــة‪.‬‬

‫حينهــا‪ ،‬فكــر فريدريــك تايلــر‪ ،‬مــاذا لــو أن‬ ‫جميــع العاملــن كانــوا ماهريــن يف أعاملهــم‬ ‫وأصحــاب خــرة؟ فهــل مــن األفضــل توظيــف‬ ‫أيـاً كان يف أي وظيفــة‪ ،‬ودون مهــارات وقــدرات‬ ‫تناســب العمــل بأجــر زهيــد أم العكــس؟؟‬ ‫حينهــا طلــب مــن أصحــاب أحــد املناجــم أن‬ ‫يجــري تجــارب عــى عاملــه يف منجــم الفحــم‬ ‫لتحديــد العامــل املنتــج مــن العامــل غــر‬ ‫املنتــج‪ .‬وافــق صاحــب املنجــم عــى املقــرح‬ ‫ومنحــه حريــة العمــل‪.‬‬ ‫بعــد دراســته لطبيعــة العمــل املنجمــي‪ ،‬رأى‬ ‫أن اســاس العمــل هــو نقــل الفحــم مــن مــكان‬ ‫إىل آخــر عــى عربــات يدويــاً‪ ،‬فاقــرح عــى‬ ‫جميــع العاملــن مســابقة عــى الشــكل التــايل‪:‬‬ ‫مــن ينقــل طــن مــن الفحــم ملســافة مئــة مــر‬ ‫خــال فــرة محــددة ســيفوز بالبقــاء للعمــل‬ ‫يف املنجــم‪ .‬اســتطاعت نســبة معينــة مــن‬ ‫العــال نقــل الكميــة املحــددة خــال املــدة‬ ‫التــي حددهــا فريدريــك‪ .‬ثــم قلــل املــدة وأبقى‬ ‫عــى الكميــة واملســافة‪ ،‬ففــاز عــدد أقــل مــن‬ ‫العاملــن‪ ،‬وهكــذا اســتمر بخفــض الوقــت حتى‬ ‫بقــي القليــل جــدا ً مــن العاملــن‪ ،‬القادريــن‬ ‫عــى االســتمرار بهــذه الوتــرة طــوال اليــوم‬ ‫دون تعــب‪ .‬حينهــا قــال‪ :‬فقــط أمثــال هــؤالء‬ ‫ميكنهــم العمــل واســتبعاد بقيــة العاملــن‬ ‫لضعــف إنتاجيتهــم‪ ،‬يف حــن طلــب مــن‬ ‫صاحــب املنجــم مضاعفــة أجــر مــن متكنــوا‬ ‫مــن إنجــاز مــا طُلــب منهــم واعتربهــا مقيــاس‬ ‫لإلنتاجيــة يف هــذا املجــال‪ .‬طلــب مــن بقيــة‬ ‫أصحــاب املهــن والحــرف اتبــاع هــذا األســلوب‬

‫لرفــع اإلنتاجيــة‪ ،‬واعتبــار أن أي عمــل ال يقــوم‬ ‫عــى املهنيــة والخــرة هــو عمــل خــارس ال‬ ‫محالــة‪.‬‬ ‫بغــض النظــر عــن النتائــج التــي أدت إليهــا‬ ‫تجــارب فريدريــك مــن مظاهــرات وردات‬ ‫فعــل يف كثــر مــن املؤسســات اإلنتاجيــة‬ ‫والخدميــة‪ ،‬وانعكاســاتها الســلبية عــى الصعيــد‬ ‫االجتامعــي يف تــدين مســتوى معيشــة كثــر‬ ‫مــن العائــات التــي يعيلهــا كبــر يف الســن أو‬ ‫أطفــال‪ ،‬إال أن اإلدارة ألول مــرة تدخــل مجــال‬ ‫الدراســات العلميــة والحســابية للحصــول عــى‬ ‫أفضــل النتائــج‪ ،‬ورفــع مســتوى اإلنتاجيــة إىل‬ ‫أقصاهــا‪ .‬مل يهتــم فريدريــك بالجانــب اإلنســاين‪،‬‬ ‫بــل باإلنتاجيــة املحضــة‪ ،‬مــا دفــع أصحــاب‬ ‫املؤسســات اعتــاد أســلوبه يف اختيــار وتعيــن‬ ‫جميــع العاملــن واملوظفــن بعــد تحديــد‬ ‫أقــى درجــات املهــارة لــكل مهنــة أو وظيفــة‪.‬‬ ‫تحولــت اإلدارة عــى يديــه من منصــب بالوراثة‬ ‫للملكيــة‪ ،‬إىل مــكان يحصــل عليــه ذو الكفــاءة‬ ‫العاليــة واملهنيــة املميــزة إلدارة املنشــأة‪ ،‬وألول‬ ‫مــرة يتنــازل أصحــاب املؤسســات عــن قيادتهــم‬ ‫ملؤسســاتهم‪ ،‬وتعيــن‪ ،‬بــدالً منهــم‪ ،‬مــن هــم‬ ‫أكــر قــدرة عــى فهــم علميــة اإلدارة وأهميتهــا‬ ‫يف املنافســة واالســتمرارية‪.‬‬ ‫منــذ بدايــة القــرن املــايض أصبحــت اإلدارة‬ ‫تُـ َدرس كــادة علميــة يف الجامعــات األمريكيــة‬ ‫تحــت مســمى اإلدارة العلميــة‪ ،‬وتتحــول إىل‬ ‫مدرســة النضــام عــدد كبــر مــن الباحثــن‬ ‫واملحللــن وواضعــي نظريــات علميــة يف هــذا‬ ‫املجــال‪ ،‬إال أنــه رسعــان مــا ظهــر معارضــون‬

‫لهــذه النظريــة‪ ،‬يطالبــون أصحــاب مؤسســات‬ ‫اإلنتــاج األخــذ بعــن االعتبــار الجانــب اإلنســاين‬ ‫(وســميت مدرســتهم مبدرســة العالقــات‬ ‫اإلنســانية)‪ ،‬التــي وجهــت انتقــادات شــديدة‬ ‫لنظريــة فريدريــك تايلــر‪ ،‬التــي حولــت مــن‬ ‫وجهــة نظرهــم اإلنســان العامــل إىل آلــة‬ ‫إنتاجيــة‪ ،‬وجردتــه مــن القيــم اإلنســانية‪.‬‬ ‫انتــرت هــذه النظريــة قبــل الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة يف أمريــكا وأوروبــا‪ ،‬إال أن الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة أخــرت انتشــارها عــى‬ ‫املســتوى العاملــي‪ .‬ولكــن‪ ،‬هــذه النظريــة مل‬ ‫تلــق رواجـاً وقبــوالً مــن أصحــاب العمــل‪ ،‬ألنهــا‬ ‫تعطــي أهميــة موازيــة مــن قيمــة العمــل‬ ‫اإلنســاين وعالقــة اإلدارة بالعامــل‪ ،‬متامـاً كقيمــة‬ ‫اإلنتــاج واإلنتاجيــة ومتطلبــات العمــل‪ .‬هــذه‬ ‫النظريــة أتاحــت لنقابــات العــال الوقــوف‬ ‫بقــوة ضــد أربــاب العمــل معتمديــن عــى‬ ‫الدراســات والنتائــج التــي أجراهــا علــاء‬ ‫مدرســة العالقــات اإلنســانية عــى أهميــة‬ ‫الدعــم املعنــوي للعاملــن‪ ،‬وتحقيــق الرضــا‬ ‫الوظيفــي لــدى العاملــن الذيــن ســيدفعهم‬ ‫لتقديــم إنتــاج أفضــل مــن االعتــاد عــى‬ ‫نظريــة فريدريــك تايلــر االســتغاللية حســب‬ ‫رأيهــم‪.‬‬

‫يف بدايــة الســتينيات‪ ،‬ظهــرت مدرســة‬ ‫جديــدة‪ ،‬تبناهــا عــدد مــن علــاء اإلدارة‪ ،‬حــن‬ ‫دمجــوا بــن النظريتــن‪ ،‬وأســموها املدرســة‬ ‫املشــركة بــن النظريتــن‪ ،‬أو بــن املدرســتني‪،‬‬ ‫وملخصهــا‪ ،‬هــو تبنــي مبــادئ اإلدارة العلميــة‬ ‫عــى أســاس العالقــات اإلنســانية بــن اإلدارة‬ ‫والعاملــن‪ .‬وكانــت النظريــة اليابانيــة باســم‬ ‫(مــو) هــي مــن أسســت لهــذه النظريــة‪،‬‬ ‫واعتمدتهــا أســاس اإلدارة اليابانيــة لجميــع‬ ‫أنــواع املؤسســات الخدميــة واإلنتاجيــة‪ .‬تقــوم‬ ‫سياســة الـ(مــو) اإلداريــة عــى مبــدأ التعــاون‬ ‫بــن اإلدارة والعاملــن‪ ،‬وحتــى إرشاكهــم يف‬ ‫اتخــاذ الق ـرارات املهمــة واإلس ـراتيجية‪ .‬وأكــر‬ ‫الخطــوات جــرأة يف هــذا املجــال اتخذتهــا‬ ‫رشكــة ســوين لإللكرتونيــات‪ ،‬وتويوتــا للســيارات‬ ‫يف العالقــة بــن اإلدارة والعاملــن‪ .‬وللذكــر‬ ‫فقــط‪ ،‬حــن ذهــب وفــد صحفــي للقــاء مديــر‬ ‫رشكــة تويوتــا‪ ،‬وجــدوه يتعلــم اللحــام يف ورشــة‬ ‫تابعــة للرشكــة تحــت إرشاف أحــد العاملــن‬ ‫املهــرة‪ .‬وهكــذا تكــون اإلدارة قــد قطعــت‬ ‫شــوطاً بعيــدا ً يف تحولهــا خــال قــرن مــن مهنــة‬ ‫يتداولهــا أصحــاب املؤسســات بالوراثــة‪ ،‬إىل‬ ‫علــم واختصــاص تُــدرس يف معاهــد وجامعــات‬ ‫العــامل أجمــع‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫صورة عمران‬

‫اهلواء األصفر‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫لســت أريــد الكتابــة يف هــذا العــدد مــن الحرمــل‪،‬‬ ‫ليــس ألنــه ال يوجــد مــن األحــداث مــا يســتوجب‬ ‫الكتابــة عنــه‪ ،‬بــل عــى العكــس فرمبــا كانــت‬ ‫غزارتهــا وأهميتهــا ســبباً يف تشــتت الذهــن وضيــاع‬ ‫أي منهــا نكتــب‪.‬‬ ‫الرتكيــز عــى ّ‬ ‫لســت أريــد الكتابــة عــا يشــهده امليــدان عــى‬ ‫جبهــة جرابلــس مــن تطــورات بالغــة األهميــة‪ ،‬ألنــه‬ ‫ليــس معلومــاً بعــ ُد مــدى تأثريهــا إيجابيــاً حتــى‬ ‫اآلن عــى مســرة الثــورة الســورية‪ ،‬لــن يكــون أقلّهــا‬ ‫إعــادة إب ـراز دور الجيــش الحــر عــى األرض بعدمــا‬ ‫تعــ ّرض لــه مــن انتكاســات عــى مــدى ســنوات‬ ‫عســكرة الثــورة أ ّدت إىل تضاؤلــه مقابــل بــروز دور‬ ‫الفصائــل «االســامية» ذات األجنــدات الخاصــة التــي‬ ‫تبتعــد بهــذا القــدر أو ذاك عــن شــعارات الثــورة‬ ‫األوىل يف الحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫ونقــول ال يُعلــم مــدى إيجابيتــه حتــى اآلن أل ّن‬ ‫هنــاك خشــية مــن أمــور كثــرة‪ ،‬منهــا عــدم وضــوح‬ ‫دور الجيــش الحــر يف التخطيــط لهــذا التحــرك‬ ‫العســكري‪ ،‬ومنهــا أن ال يســتطيع الجيــش الحــر‬ ‫أن يســتثمر نــره يف جرابلــس مدعومــاً بالجيــش‬ ‫الــريك فيتوقــف تقدمــه عندهــا‪ ،‬وإذا تجاوزهــا إىل‬ ‫منبــج ثــم البــاب‪ ،‬فيحــر تحركــه يف منطقــة غــرب‬ ‫الف ـرات تــاركاً رشقــه لقــوات ســورية الدميقراطيــة‪،‬‬ ‫وكأن غــرب الفــرات يختلــف عــن رشقــه‪ ،‬وكأن‬ ‫جرابلــس ومنبــج ال عالقــة لهــا بالرقــة أو بحلــب‪،‬‬ ‫فيكــون أداة تنفيــذ ملخططــات غــره‪ ،‬وال مجــال هنــا‬ ‫للحديــث عــن عــودة نظريــة املنطقــة اآلمنــة إىل‬ ‫الظهــور‪ ،‬وهــذه املنطقــة اآلمنــة يف مــكان واحــد يف‬ ‫ســورية ليســت ســوى أُلهيــة ســمجة‪ ،‬فإمــا أن تكــون‬

‫ســورية كلهــا منطقــة آمنــة انتهــت فيهــا الحــرب أو‬ ‫ال تكــون‪.‬‬ ‫ومنهــا أن تســتطيع القــوى املرتبصــة بالثــورة‬ ‫الداخليــة منهــا والخارجيــة‪ ،‬وهــي كثــرة أن تحــرف‬ ‫مســار هــذا التحــرك‪ ،‬فتجعــل منــه بدايــة لـراع بني‬ ‫قوتــن يفــرض أنهــا تقاتــان عــدوا ً واحــدا ً فتــزداد‬ ‫مأســاتنا عمق ـاً وعنف ـاً‪.‬‬ ‫ولســت أريــد الكتابــة عــن جرميــة إف ـراغ داريــا‬ ‫مــن أهلهــا وتهجريهــم قرسي ـاً‪ ،‬ليــس تحــت ســمع‬ ‫وبــر املجتمــع الــدويل ومنظمــة األمــم املتحــدة‬ ‫التــي شــاركت يف تنفيــذ هــذه الجرميــة‪ ،‬بــل تحــت‬ ‫ســمع وبــر الفصائــل املقاتلــة «الرابضــة» قريبــاً‬ ‫مــن داريــا يف جنــوب ســورية ويف محيــط دمشــق‪،‬‬ ‫والتــي وقفــت تشــهد عــى الــزور‪ ،‬ومل تحــرك ســاكناً‬ ‫إلنقاذهــا وفــك الحصــار عنهــا طيلــة فرتتــه حتــى‬ ‫أُكل الثــور «األحمــر»‪.‬‬ ‫ولســت أريــد الكتابــة عــن الطفــل عمـران الــذي‬ ‫أُخــرج حيــاً مــن تحــت أنقــاض بيتــه‪ ،‬أذهلتــه‬ ‫أي تعبــر‪ ،‬مل يبـ ِ‬ ‫ـك‬ ‫الصدمــة فلــم يب ـ ُد عــى وجهــه ُّ‬ ‫ومل يتحــرك‪ ،‬مســح وجهــه بيــده فــرأى الــدم عليهــا‪،‬‬ ‫ومســحها بالكــريس الجالــس عليــه‪ ،‬وكل ذلــك‬ ‫بهــدوء الذاهــل‪ .‬هــذه الصــورة أثــارت ليــس مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي فحســب‪ ،‬بــل شاشــة ال يس ان‬ ‫ان وأبكــت مذيعتهــا‪ ،‬واحتلــت مكانــاً يف الصفحــة‬ ‫األوىل يف إحــدى كربيــات الصحــف األمريكيــة وأظنهــا‬ ‫النيويــورك تاميــز‪ .‬صــورة عمــران هــذه وماليــن‬ ‫الصــور األخــرى التــي أنتجتهــا آلــة النظــام التدمرييــة‬ ‫يف شــتى أنحــاء ســورية تدفعنــا إىل إعــادة التذكــر‬ ‫مبــا ســبق‪ ،‬وأن نبهنــا إليــه مــرارا ً عــى صفحــات‬ ‫الحرمــل مــن أهميــة وفاعليــة التواصــل مــع اإلعــام‬ ‫العاملــي واألمريــي خصوصــاً‪ ،‬والــذي ال يوليــه‬

‫االئتــاف‪ ،‬وال املؤتلفــون القامئــون عــى أمــره مــا‬ ‫يتوجــب مــن اعتبــار‪.‬‬ ‫صــورة عمــران عــى اإلعــام األمريــي ودمــوع‬ ‫املذيعــة كيــت بولدويــن تزيــد رســوخاً قناعتنــا‬ ‫بــرورة التواصــل مــع هــذا اإلعــام‪ ،‬وبــذل الجهــد‬ ‫يف إظهــار همجيــة النظــام و»قواتــه الرديفــة» عــى‬ ‫صفحاتــه وشاشــاته‪ .‬وهــو إعــام مفتــوح ســهل‬ ‫الدخــول إليــه‪ ،‬واملــواد التــي تغذّيــه موجــودة بغزارة‬ ‫كــا أســلفنا يف ماليــن الصــور التــي أنتجتهــا براميــل‬ ‫النظــام‪ ،‬وكلفــة الدخــول إليــه أقـ ّـل بكثــر مــن كلفــة‬ ‫اجتــاع واحــد يعقــده االئتــاف‪ .‬كل ما هــو مطلوب‬ ‫حسـ ُن تخطيــط وقــدر ٌة عــى إقامــة عالقــات عامــة‪،‬‬ ‫فــإن مل يتوفــر ذلــك يف كــوادر االئتــاف فهنــاك‬ ‫رشكات متخصصــة تســتطيع القيــام بــه‪.‬‬ ‫ورمبــا ال ميكــن يف فــرة قصــرة خلـ ُـق رأي عــام‬ ‫مؤثــر يف ق ـرارات اإلدارة األمريكيــة التــي هــي عــى‬ ‫وشــك الرحيــل مثقلــ ًة بانتقــادات شــديدة حــول‬ ‫سياســتها تجــاه األزمــة الســورية‪ ،‬لكنــه يجــب البــدء‬ ‫يف العمــل عليــه لــي تجــده اإلدارة القادمــة أمامهــا‪،‬‬ ‫ورمبــا لــن يؤثّــر يف قراراتهــا أيض ـاً‪ ،‬ولكنــه عــى أيــة‬ ‫حــال أكــر نفعـاً مــن ظهــور املؤتلفــن عــى شاشــات‬ ‫التلفــزة العربيــة ملخاطبــة جامهــر العــرب التــي‬ ‫اتخــذت يف غالبيتهــا موقف ـاً مــن النظــام‪.‬‬ ‫يُقــال يف األمثــال‪ :‬إن الوقــت ليــس دامئـاً متأخـرا ً‪،‬‬ ‫ولكــن مــاذا تفعــل ملــن ال يريــد أن يؤمــن بذلــك‪ ،‬وال‬ ‫ـتغل الوقــت يف مــا يعــود عليــه بالنفــع‪،‬‬ ‫يريــد أن يسـ ّ‬ ‫وال يريــد أن يســتغل الفرصــة التــي أعطتهــا إيــاه‬ ‫صــورة عمــران ل ُيــرز املأســاة الســورية أمــام مــن‬ ‫يجــب أن تُــرز لــه؟ رمبــا كان اإلحبــاط الــذي يســببه‬ ‫هــذا الســؤال‪ ،‬واإلجابــة عليــه الســبب وراء عــدم‬ ‫الرغبــة يف الكتابــة يف هــذا العــدد مــن الحرمــل‪.‬‬

‫بالتــايل تلــك االزدواجيــة باتــت‬ ‫واضحــة ومهينــة لنــا كمســلمني يف‬ ‫الغــرب‪ ،‬فنحــن إمــا نريــد أن نحــرم‬ ‫قيــم هــذا املجتمــع الغــريب‪ ،‬وإمــا‬ ‫نرحــل عنــه‪ ،‬وكذلــك يف بالدنــا فنحــن‬ ‫إمــا نريــد دميقراطيــة مبنيــة عــى‬ ‫امليثــاق العاملــي لحقــوق اإلنســان‬ ‫بكامــل املســاواة مــع الجميــع (ذكــر‬ ‫وأنثــى ‪ -‬مســلم غــر مســلم‪ ..‬أي‬ ‫علامنيــة) أو ال نطالــب بهــا ونقبــل‬ ‫بالديكتاتوريــات التــي تحكمنــا‪ .‬ال‬ ‫يوجــد حــل وســط‪ ،‬وال أحــد يحــرم‬ ‫منافقـاً‪ ،‬خصوصـاً عندمــا تــؤدي تلــك‬

‫أجدادنــا يف وادي الفــرات يؤرخــون بهــا لحياتهــم الصعبــة‪ ،‬إذ كانــت‬ ‫حياتهــم تنــوس بــن الجــوع‪ ،‬واملــرض‪ ،‬وفقــدان األمــان الــذي مــا ي ـزال‬ ‫يتنــاوب عــى املنطقــة منــذ انهيــار الدولــة العثامنيــة‪ ،‬ورمبــا قبــل هــذا‬ ‫االنهيــار بزمــن كبــر أيض ـاً‪.‬‬ ‫ومل يكــن أحــد يتوقــع أن يعــود الهــواء األصفــر مــرة ثانيــة‪ ،‬بعــد مائــة‬ ‫عــام ويكــون حدثـاً دوليـاً يف الغوطــة التــي قصفهــا النظــام بالكيــاوي‪،‬‬ ‫فجــر يــوم ‪2013/8/21‬م‪ ،‬وتصبــح غوطــة دمشــق الفيحــاء عــى قامئــة‬ ‫األماكــن العامليــة املنكوبــة بســاح التدمــر الشــامل مــع حلبجــة‪،‬‬ ‫وهريوشــيام‪ ،‬وناغــازايك‪.‬‬ ‫كانــت العائــات تنــام يف بيوتهــا ويف املالجــئ‪ ،‬ومل يكــن أحــد يخطــر‬ ‫ببالــه‪ ،‬أن تصــل الوحشــية بهــذا النظــام وبشــبيحته املجرمــن‪ ،‬إىل هــذا‬ ‫الحــد الــذي يســتعمل فيــه الســاح الكيــاوي ضــد األطفــال والنســاء‬ ‫والرجــال اآلمنــن‪ ،‬ويداهمهــم قبــل الســاعة الخامســة صباحــاً ذلــك‬ ‫اليــوم األصفــر!‬ ‫ومل يكــن يخطــر ببــال أحــد أن تتواطــأ القــوى الدوليــة‪ ،‬وتســكت عــن‬ ‫جرميــة الكيــاوي التــي أردت أكــر مــن ألــف وخمســائة شــهيد‪ ،‬وســتة‬ ‫آالف مصابــاً‪ ،‬فالواليــات املتحــدة‪ ،‬وروســيا وعــى هامــش ســجاالتهام‬ ‫قررتــا أن عقــاب املجــرم هــو أخــذ ســاح جرميتــه فقــط‪ ،‬وتركــه‬ ‫يعبــث بــأرواح الســوريني‪ ،‬وأعطتــه رخصــة دوليــة الرتــكاب املزيــد‬ ‫مــن الجرائــم‪ ،‬ومــن املجــازر‪ ،‬هــو وشــبيحته املســعورين بوحشــية ال‬ ‫ســابق لهــا يف تاريــخ ســورية منــذ العــر الحجــري إىل اليــوم‪ ،‬وكأمنــا‬ ‫هــؤالء الضبــاط والعنــارص املجرمــن ال ينتمــون إال للعصــور الحيوانيــة‬ ‫مــن تاريــخ اإلنســان‪ ،‬رغــم الســيارات الحديثــة‪ ،‬التــي يركبونهــا‪ ،‬ورغــم‬ ‫الشــهادات املــزورة التــي يحملونهــا‪ ،‬ورغــم الرتــب املزيفــة التــي تزيّــن‬

‫البوركيني‬ ‫بــارش تجمــع إســامي يف فرنســا‬ ‫بكتابــة إنــذار نوعــاً مــا للحكومــة‬ ‫الفرنســية بشــأن قصــة البوركينــي‬ ‫مطالبــن فيــه الحكومــة طبعــاً‬ ‫الرتاجــع عــن خطواتهــا بهــذا الشــأن‪،‬‬ ‫وهــم بهــذا يســتندون عــى قوانــن‬ ‫حقــوق اإلنســان العامليــة واملــادة‬ ‫‪ ١٩‬مــن الدســتور الفرنــي الــذي‬ ‫ينــص عــى حريــة الفكــر والتعبــر‪..‬‬ ‫بغــض النظــر عــن قضيــة البوركينــي‬ ‫التــي يف الحقيقــة تواجههــا فرنســا‬ ‫بشــكل رمــزي‪ ،‬حيــث أن املوضــوع‬ ‫ال يســتأهل كل هــذا فهــن عددهــن‬ ‫قليــل وال رضر مــن تركهــن‬ ‫وشــأنهن‪ ..‬ولكــن الــذي يـراه الشــارع‬ ‫الفرنــي هــو ازدواجيــة املعايــر‬ ‫لــدى اإلســاميني وتناقضهــم فهــم‬ ‫يســتندون عــى امليثــاق العاملــي‬ ‫لحقــوق اإلنســان دون أن يحرتمــوه‬ ‫ويرفضونــه جملــة وتفصيــاً مــن‬ ‫خــال عقيدتهــم‪ ،‬إذ أنــه مــن أول‬ ‫ســطر فيــه يســاوي الرجــل باملــرأة‬ ‫واملســلم بغــر املســلم‪ ،‬ومــن جهــة‬ ‫أخــرى هــم يســتندون عــى دســتور‬ ‫علــاين دميقراطــي كالدســتور‬ ‫الفرنــي‪ ،‬وهــم أول مــن يرفضــه‪،‬‬

‫ســنة الوجــع أو ســنة الهــواء األصفــر‪ ،‬إحــدى التواريــخ التــي كان‬

‫صدورهــم وأكتافهــم!‬ ‫اســتعامل الكيــاوي مــن قبــل قــوات النظــام‪ ،‬وشــبيحته ليــس عم ـاً‬ ‫الكذبــات لتدمــر دول بأكملهــا وقتــل‬ ‫شــعوبها‪.‬‬ ‫لقــد ســقط القنــاع الــذي يحملــه‬ ‫اإلســام الســيايس املتخفــي وراء نخبة‬ ‫عروبيــة تتجمــل كذبــاً بالعلامنيــة‬ ‫أو املدنيــة يف املجتمعــات العربيــة‪،‬‬ ‫لمى األتاسي‬ ‫وبالتحديــد ســوريا‪ ،‬ســقط إال يف‬ ‫مــكان واحــد تلــك القوقعــة الســورية‬ ‫حيــث ال أحــد يواجــه‪ ،‬بصــدق‪ ،‬يحتقــره‪ ،‬يطالبــون بحريــة البوركينــي‬ ‫بالحقائــق ويســتمر النفــاق الباهــظ يف فرنســا‪ ،‬وال يطالبــون بحريــة عــدم‬ ‫الغطــاء يف دول الديكتاتوريــات‬ ‫الثمــن‪..‬‬ ‫اإلســامية‪..‬‬ ‫معارضاتنــا البائســة فقــدت إن املجتمــع الغــريب والفرنــي‬ ‫املصداقيــة يف معارضتهــا ألنهــا بالتحديــد يواجــه املوضــوع مــن‬ ‫تبــدو بنظــر الغــرب وكأنهــا تعــارض منطلــق رفضــه للنفــاق واالزدواجيــة‪،‬‬ ‫فقــط مــن أجــل منــع حريــة املــرأة ومل يكــن يعنــي أحــدا ً أن تلبــس‬ ‫وتحجيبهــا‪ ،‬وعــدم املســاواة مــع غــر نســاء مــا لبــاس غطــس مثــاً أو أن‬ ‫املســلمني‪ ،‬مانعــن املواطنــة الكاملــة تتعــرى أو ال تتعــرى‪ .‬قــد تختلــف‬ ‫عنهــم‪ ..‬اإلســاميون بــدوا وكأنهــم العقليــة االنجلوساكســونية مبواجهــة‬ ‫يريــدون الحكــم بــأي شــكل يف العــامل أزمــة اإلســام يف الغــرب حيــث يف‬ ‫العــريب وغــر العــريب‪ ،‬ولقــد فهــم انجلــرا وأمــركا ال يكرتثــون للبــاس‬ ‫الغــرب التــايل بأنــه ذاك هــو املرشوع املحجبــات والبوركينــي‪ ،‬ليــس قصــة‬ ‫اإلخــواين‪ ،‬وإن رفضنــاه يطلقــون ولكــن هنــاك سياســة للتعامــل‬ ‫لنــا يــد التطــرف اإلرهــايب‪ ..‬واألنــى معهــم ليســت أقــل شــأناً مــن املنهــج‬ ‫أنهــم يســتندون للميثــاق العاملــي الفرنــي الــذي يتبــع أســلوباً أقــل‬ ‫لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وهــم أول مــن التــواء‪ ،‬ويفضــل املواجهــة الرصيحــة‪..‬‬

‫اعتياديــاً‪ ،‬ولــن ميــر دون عقــاب مــن الشــعب الســوري‪ ،‬مهــا مــ ّر‬ ‫الزمــان‪ ،‬ومهــا تراكمــت جبــال التلفيــق واملكاذابــات القادمــة‪ ،‬فحتــى‬ ‫القانــون الــدويل مينــع أن متــوت مثــل هــذه الجرائــم بالتقــادم‪.‬‬ ‫ويجــب محاســبة كل مــن لــه عالقــة مــن قريــب أو مــن بعيــد بتلــك‬ ‫الوحشــية‪ ،‬باإلعــدام العلنــي‪ ،‬وحجــز كل ممتلكاتــه وتوريثهــا ألرس‬ ‫الضحايــا املنكوبــن مهــا كانــت مكانــة ذلــك املجــرم أو تلــك املجرمــة‬ ‫مــن أصغــر شــبيح ال يريــد أن يعــرف مــاذا يفعــل‪ ..‬إىل املجــرم األكــر‬ ‫بشــار أســد مــرورا ً مبستشــاريه ومســاعديه القتلــة أمثــال بثينــة شــعبان‬ ‫وغريهــا ممــن احتفلــوا بالجرميــة!‬ ‫كانــت رزان زيتونــة مــن أوائــل الذيــن كتبــوا عــن الجرميــة مــن قلــب‬ ‫الغوطــة مرافقــة للضحايــا وهــم يلثــون بحثـاً عــن هــواء نقــي غــر الهواء‬ ‫األصفــر القاتــل الــذي يخنقهــم بــه النظــام‪ ،‬واليــوم رزان زيتونــة ال أحــد‬ ‫يعــرف مكانهــا ال هــي وال رفقاؤهــا يف مكتــب التوثيــق الــذي كانــت‬ ‫تديــره يف الغوطــة‪ ،‬فهــل يريــد النظــام عــر أعوانــه‪ ،‬وعــر املتواطئــن‬ ‫معــه إخفــاء شــهود العيــان مــن الناشــطني؟ هيهــات أن يســتطيع ذلــك‪،‬‬ ‫مهــا بــدا متحذلقـاً ومتذاكيـاً‪ ،‬هــو واملحتلــن الــروس واإليرانيــن الــذي‬ ‫اســتجرهم إىل املذبحــة الســورية‪..‬‬ ‫إن يــوم الحــق والعــدل قــادم‪ ..‬فليتحســس املجرمــون رقابهــم الطويلــة‬ ‫والقصــرة‪ ،‬فــا ميــوت الحــق أبــدا ً‪ ،‬مــا دام الرجــال والنســاء يدافعــون‬ ‫عــن كرامــة بالدهــم‪!..‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫بني الرقة وحماة‪!..‬‬ ‫عنتر دعيس‬

‫أحالم مبعثرة‬

‫شاهد عيان‬

‫‪1‬‬ ‫جلــس يف حديقــة االغــراب‪ ،‬مســندا ً جبهتــه‬ ‫بكــف يــده‪ُ ،‬مغمض ـاً عينيــه‪ ،‬مســافرا ً بأحالمــه‬ ‫إىل حديقتــ ِه يف وطنــ ِه الــذي تنــكأه الجِــراح‪..‬‬ ‫أطــال اإلغــاض ليعطــي نفســه اإلحســاس بأنــه‬ ‫خــارج نطــاق الغربــة‪ ،‬وإمنــا هــو ال يـزال ميارس‬ ‫طقــوس الذوبــان يف ت ـراب وطنــه‪ ،‬ويحلّــق يف‬ ‫ســمع أن داعــش تقــوم بتكســر أقفــال‬ ‫البيــوت الفارغــة مــن أهلهــا‪ ،‬وأن جامعــة‬ ‫منهــم أرادت بيتــه‪ ،‬وأن أخــاه منعهــم‬ ‫فاعتقلــوه‪ ،‬ولــن يخرجــوه حتــى يحــر‬ ‫صاحــب البيــت‪ ،‬ومعــه ســند التمليــك‪،‬‬ ‫وإال فــإن أخــاه ســيكون عــرة ملــن اعتــر‪،‬‬ ‫وهــو موضــوع يف أمانــات الســجن عنــد أيب‬ ‫القعقــاع‪ ،‬فحجــز عــى عجــل وقــرر أن يســافر‬ ‫وبيــده ســند متليــك شــقة ســكنية هــي‬ ‫تحويشــة العمــر‪..‬‬ ‫يف الصبــاح اســتقر مبقعــده يف الحافلــة وغــادر‬ ‫متجهـاً إىل الرقــة‪ ،‬وعنــد حاجــز الســلمية يسء‬ ‫الصيــت والســمعة بــدأ هــو‪ ،‬وبعــض الــركاب‬ ‫دعــوات صامتــة علّهــم ميــرون بأمــان مــن‬ ‫هــذا الحاجــز‪ ،‬وبقيــة الحواجــز عبــارة عــن‬ ‫تفاصيــل صغــرة‪ ،‬وصــل الــدور إىل عنــده‪.‬‬ ‫ «لــك شــو رايــح عالرقــة دخيــل ربكــن مثــل‬‫الجــاج بتحبــو خناقكــن‪»..‬‬ ‫ «اللــه يعطيكــم العافيــة‪ ،‬واللــه تعبكــم هــذا‬‫أجــر وعافيــة‪ ،‬اللــه يوفقكــم ويخلينــا ســيد‬ ‫الوطــن الرئيــس‪ ،‬ويحميكــم واللــه تتعبــون‬ ‫ووو وبــارك اللــه بكــم‪»..‬‬ ‫ «لــك شــو مرتوحــو عاإلرهابيــن كيــف‬‫بتشــكو منــن وبرتوحــو برجليكــو لــك شــو‬ ‫ربكــن هنتــو لــك شــو»‪.‬‬ ‫ «واللــه يــا ســيدي خليهــا عــى اللــه‬‫هاإلرهابيــن راح ياخــذوا بيتــي واللــه مســافر‬ ‫ودرشت الويــاد وأمهــم بحــاة وشــوفت‬ ‫عينــك»‪.‬‬

‫ الســام عليكــم ورحمــة اللــه وبركاتــه‪ ..‬بــارك‬‫اللــه بكــم يــا شــيخ واللــه مــن زمــان كنــا‬ ‫نتمنــى أن نكــون مــن رعايــا الدولة اإلســامية‪،‬‬ ‫وهــذه اللحظــة الفارقــة التــي جعلتنــا مــن‬ ‫الســعداء ألننــا نشــارك يف بنــاء دولــة اإلســام‪،‬‬ ‫ونــرى رشع اللــه فــوق كل حــال‪ ،‬ونــرى رايــة‬ ‫رســول اللــه يف ســاء املدينــة‪ ،‬إنهــا رايــة‬ ‫العقــاب يــا شــيخ واللــه يشء غريــب وكبــر‪..‬‬ ‫بإعجــاب واســتغراب ينقــل الحــارضون‬ ‫نظرهــم إىل القــادم الجديــد وحديثــه‪ ،‬ويتابــع‪:‬‬ ‫ يــا شــيخ واللــه يشء كبــر أن تعيــدوا فتــوح‬‫الصحابــة مــن جديــد‪ ،‬تفتحــون املوصــل‬ ‫بســاعات قليلــة وفيهــا مليونــن ونصــف مــن‬ ‫البــر‪ ،‬وبســبعامئة رجــل واللــه إن املالئكــة‬ ‫تقاتــل معكــم‪ ،‬وإن جنــودا ً مــن اللــه كانــت‬ ‫معكــم‪ ،‬مل تروهــا وإن اللــه نارصكــم‪ ..‬يــا اللــه‬ ‫فتوحــات تشــبه فتــوح الصحابــة خالــد وأيب‬ ‫عبيــدة واملهلــب وغريهــم‪ ..‬يــا اللــه مــا أعظــم‬ ‫دولــة اإلســام‪ ،‬وهــذه الحيويــة واإلميــان‬ ‫بــا حــدود‪ ..‬إنهــا أملنــا‪ ..‬اللــه يحفظكــم‬ ‫ويوفقكــم إىل مــا فيــه خــر البــاد والعبــاد‬ ‫ويعــي رايتكــم‪..‬‬ ‫امللتحــي يتابــع بصمــت ويطلــب مــن الرجــل‬ ‫الصمــت بإشــارة‪..‬‬

‫دمــوع الحــزن واألمــل متــأ عينيــه وهــو‬ ‫يــرح ويتابــع مبحبــة‪ ،‬والعنــر يســتمع‪..‬‬ ‫ «اللــه يوفقكــم توصلــون الليــل والنهــار‬‫وتحمونــا مــن هاإلرهابــن اللــه يحفظكــم‬ ‫ويخليكــم أنتــم ســياج هالوطــن»‪..‬‬ ‫ «لــك شــوف واللــه هالــكالم ابينفعــك طلــع‬‫بأســدية واله الرايــح أســدية والجــاي تنتــن‬ ‫ياللــه واله»‪.‬‬ ‫ «تكــرم ســيدي هــذا واجــب راتبكــم مــا‬‫يكفــي واللــه»‪.‬‬ ‫يســحب ألــف لــرة ويضعهــا بكف العســكري‪،‬‬ ‫ويتابــع العســكري جمــع الغلــة‪ ،‬وهــو يشــتم‬ ‫اإلرهابيــن والشــعب والدولــة‪..‬‬ ‫بعــد ســاعة تكمــل الحافلــة املســر‪ ،‬مــا زال‬ ‫الــركاب يعانــون مــن التعــب ومامرســة عنارص‬ ‫الحواجــز الجائــرة‪ ،‬واحتقارهــم للــركاب‪ ،‬إىل أن‬ ‫تصــل الحافلــة إىل الرقــة‪.‬‬ ‫يف الرقــة يــرح لــه أهلــه القصــة‪ ،‬ويعــرف‬ ‫بــأن أول خطــوة يف مراجعــة التنظيــم هــي‬ ‫مكتــب العشــائر عنــد الجــر القديــم عــى‬ ‫طريــق الكورنيــش بــن الجرسيــن‪ ،‬يف اليــوم‬ ‫الثــاين وعنــد العــارشة يصــل إىل مكتــب‬ ‫االتصــال العشــائري‪ ،‬ويدخــل املكتــب يف قبــو‬ ‫املبنــى‪ ،‬مســاحة املكتــب كبــرة تصــل إىل مئــة‬ ‫مــر مربــع تقريب ـاً‪ ،‬يف وســطه طاولــة كبــرة‪،‬‬ ‫يجلــس خلفهــا رجــل ملتــ ٍح‪ ،‬وإىل جــواره ‪ -‬يــا شــيخ أخذتنــا مثــل مــا يقــال «بالدوكــة»‪..‬‬ ‫مقاعــد وأنــاس حــوايل مثانــن رج ـاً يلتفــون مــاذا دهــاك ومــاذا تريــد؟ يعنــي بالعاميــة‬ ‫حــول امللتحــي ويشــخصون بأبصارهــم إليــه هــات مــن األخــر‪..‬‬ ‫وهــو يــرح‪..‬‬

‫ســائه‪ ،‬مالئــاً رئتيــه مــن هوائــه‪ ،‬مســتمتعاً‬ ‫بزقزقــات طيــوره‪..‬‬ ‫أيقظــه مــن أحالمــه ُموقفــاً مســرتها صــوت‬ ‫زوجتــه‪ ،‬وهــي تخــره بــأن فنجــان قهوتــه قــد‬ ‫أصبــح أمامــه‪ ..‬رفــع رأســه قليـاً‪ ،‬فاتحـاً عينيــه‬ ‫ينظــر إليهــا وكأنــه يعاتبهــا دون أن يتكلــم‪..‬‬

‫أدركــت الحالــة التــي هــو عليهــا ألنهــا ليســت ي ْع ُ‬ ‫ــدل الوطــن‪ .‬تعانقــت نظــرات الغريبــن‬ ‫املــرة األوىل قائلــة لــه‪ :‬ســتُصاب بالجنــون إذا بصمــت مشــوب بالحنــن الــذي تعتــره‬ ‫لســت الوحيــد‪ ،‬الغربــة‪ ،‬مــر ّددا ً بحرقــ ٍة‪:‬‬ ‫بقيــت عــى هــذه الحالــة‪..‬‬ ‫َ‬ ‫هنــاك الكثــرون مثلــك خــارج وطنهــم‪ ،‬وكذلــك‬

‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أطياف الجبل‬ ‫تحتك يب‬ ‫تش ّدين من قمييص‪:‬‬ ‫ من أنت أيّها الـم ّدعي؟!‬‫^^^^^‬ ‫الصخور عىل الجبل‬ ‫قطيع من الضأن األبيض يف القيلولة‬ ‫الصخرتان الكبريتان املتقابلتان‬ ‫رجل وامرأة يتناجيان‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫لوال أنني أثق بهذه الجبال‬ ‫لوال أ ّن روحي تق ّدس أرسارها‬ ‫ملا وجدت يف األرض مسعى‬ ‫وال طالني يش ٌء من نفحات ال ّرىض‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫قسم ُة الجبل‪:‬‬ ‫النهار للحجل‬ ‫والليل للثعالب‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫يف غمرة انتباهي لكائنات الضجيج‪،‬‬ ‫ال أنىس أبدا ً كائنات الهسيس‪.‬‬ ‫^^^^^‬

‫ـب ُمعـذ ٌّب أبــدا ً‪ ...‬إ ْن حـ َّـل‬ ‫إ ّن الغريـ َ‬

‫ملْ ي ْن َع ـ ْم وإ ْن ظَ َعنا‬

‫يعانــون مــن الغربــة‪..‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫اعتــدل يف جلســته‪ ،‬متنــاوالً فنجانــه‪ ،‬ليأخــذ ُســ ِئ َل أعــرايب عــن ال ِغبْطــ ِة‪ ،‬فقــال‪« :‬الكفايــ ُة‬ ‫والجلــوس مــع‬ ‫رشــفة منــه‪ ،‬مطلق ـاً تنهيــدة عميقــة وحــارة‪ ..‬يف األهــلِ ‪ ،‬ولــزو ُم األوطــانِ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وس ـ ِئ َل عــن ال ـذ ِّ​ّل‪ ،‬فقــال‪« :‬التن ّقـ ُـل‬ ‫را ّدا ً عــى زوجتــه مــا قلتــه صحيــح‪ ..‬لكــ ّن اإلخــوانِ »‪ُ .‬‬

‫األحاســيس واملشــاعر تختلــف مــن إنســان يف البلــدانِ ‪ ،‬والتن ّحــي عــن األوطــانِ »‪ .‬وقالــوا يف‬ ‫ـت يف غـرِ أهلـ َـك وبلـ َ‬ ‫ـدك‪ ،‬فــا‬ ‫آلخــر بقدرهــا‪ ،‬وعمقهــا‪ ،‬وصدقهــا‪ ..‬حتــى لــو أمثالهــم‪« :‬إذا كنـ َ‬ ‫ـس نصيبـ َـك مــن ال ـذ ِّ​ّل»‪.‬‬ ‫حاولنــا أن ننتــزع الوطــن مــن دواخلنــا كــر ّدة تنـ َ‬ ‫فعــل عــن املعانــاة التــي اضط ّرتنــا ملغادرتــه‪ ،‬لقــد أخذنــا نصيبنــا مــن كل يشء‪ ،‬ومــن أقــرب‬ ‫فالوطــن مــن دون أن نــدري متجــ ّذ ٌر يف النــاس إلينــا‪ ،‬ومــن أبنــاء جلدتنــا‪ .‬فلــاذا‬ ‫أعامقنــا‪ ،‬مســتوط ٌن يف قلوبنــا‪ ،‬مختلـ ٌط بدمائنــا‪ ،‬نعتــب أو نلــوم اآلخريــن؟ أمــا آن لهــذا الوطــن‬ ‫يجــري يف عروقنــا‪ ..‬آ ٍه‪ ،‬يــا رفيقـ َة العمــر‪ ،‬ال يشء املصلــوب أن يرت ّجــل؟‬

‫كما لو أنين أمحل ّ‬ ‫ظلي‬ ‫مخ ّدرا ً بالطيوب القدمية‬ ‫أرسي يف الربيّة التي أشبهها‬ ‫وبني فكرة وأخرى‬ ‫أدير وجهي يف الجهات‪:‬‬ ‫! من أين تأيت رنة الخلخال هذه؟‪-‬‬ ‫^^^^^‬ ‫كالرسول أسعى‬ ‫تحملني خطوايت إىل الزرقة يف األقايص‬ ‫يف الفجر‪ ،‬أس ّمي الظالل بأسامئها‬ ‫وأهديها أمنية الصباح‪:‬‬ ‫صباح الخري أيتها الكائنات التي تسعى‪-.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫األبد لحظة أرسع من طرفة العني‬ ‫هكذا م ّر الغزال من أمامي خطفا‬ ‫رأيته‪ ،‬وما رأيته‬ ‫لكنني انتبهت إىل النور ينفذ من ضلوعي‪:‬‬ ‫ها أنا إذن أتنفّس‬ ‫ها هي فكريت رئة أخرى للوجود‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫أنا منقار غيمة يُنقّر يف جذع الضوء‬ ‫وهذه الظالل الصغرية التي تتساقط تحتي‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬

‫الريح إىل جهات مجهولة‪.‬‬ ‫تحملها ُ‬ ‫^^^^^‬ ‫يف املسافة املجهرية بني نومي وصحوي‬ ‫أسمع صوت العدم‬ ‫وأراه شيئاً سويّا‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫مثل ال ّرخ‬ ‫ح ّط من سامء الحلم‪ ،‬فانتبهت عيناه‪:‬‬ ‫ذهبي يجري‬ ‫نه ٌر‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫سمك يسبح يف شالل‪.‬‬ ‫^^^^^‬ ‫قرب وحيد عىل كتف الجبل‬ ‫حي ير ّد عىل خواطر العابرين‬ ‫قرب ّ‬ ‫ويغيض عن ارتباكهم الخفيف‪.‬‬

‫شعر‪ :‬خالد الجبور ‪ /‬فلسطين‬

‫«يَا َأ َّي ُت َها َّ‬ ‫ْجِعي‬ ‫الن ْف ُس ْالُ ْط َمِئ َّن ُة ار ِ‬ ‫اض َي ًة َم ْر ِضي ً‬ ‫َّة َفا ْد ُخِلي ِف‬ ‫ِّك َر ِ‬ ‫ِإ َل َرب ِ‬ ‫ِع َباِدي َوا ْد ُخِلي َج َّنِت»‬ ‫انتقل إىل رمحته تعاىل «عبد حميمد احلين»‬ ‫الذي وافته املنية يف مدينة شانلي أورفا‬ ‫الرتكية بتاريخ ‪ 2016/8/28‬إثر مرض عضال‪،‬‬ ‫ودفن يف مقربة صرين يف أورفا‪.‬‬ ‫أسرة صحيفة احلرمل تتقدم من الزميل‬ ‫الفنان «مصطفى السليمان»‪ ،‬شقيق الفقيد‪،‬‬ ‫ومن آل الفقيد وعموم آل األكراد يف الرقة‬ ‫بأحر التعازي‪ ،‬سائلني املوىل القدير أن جيعل‬ ‫مثواه اجلنة‪ ،‬وأن يلهمهم مجيعًا الصرب‬ ‫والسلوان‪.‬‬

‫ّإنا هلل ّ‬ ‫وإنا إليه راجعون‬


‫‪11‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قصة العدد‬

‫الضفادع‬

‫* حسن البقالي‬ ‫وأنتم هنا لسامع الحكايات‪..‬‬

‫تــزد شــيئاً‪ ..‬والصحـراوي الــذي مل يؤمــن بعــد لــه عمــق‪ ،‬ودامئــاً نفــس املشــهد‪ :‬أطفــال‬

‫وال أرى ســيفا مصلتــاً عــى الــراوي يداريــه‬

‫اســتقراره يحدثنــي عــن قــر الجرانــة**‪ ،‬مطوقــون بقبائــل الذبــاب ونســاء بــأزر‬

‫بتتابــع األحــداث فــا معنــى هــذا التواطــؤ‬

‫وأقــول لنفــي لقــد حصــل املـراد‪ ،‬وأكاد أطــر ســوداء وأقــراط دائريــة كبــرة‪ ..‬يشــيعونني‬

‫إذن؟ هــذا التواطــؤ املكتــوم الــذي جــرين عــر‬

‫مــن الفرح‪..‬رثــم أي يشء قــر الجرانــة أيهــا بنظراتهــم ويتهامســون‪ ،‬وأنــا أقــول لنفــي‬

‫املســافات إىل هــذا املجلــس يدعــوين للحــي‪..‬‬

‫الغــايل؟‬

‫اآلن‪ :‬أيــة عالقــة توجــد بــن هــذا القــر‬

‫كنــت دامئـاً عــى قناعــة –بالرغــم مــن تاريــخ‬

‫ســأفهم شــيئاً فشــيئاً بأنــه ليــس قـرا ً باملعنى املســمى قــر الجرانــة والضفدعــة التــي‬

‫ميــادي غــر املضبــوط‪ -‬بــأين مــن بــرج الدلــو‪،‬‬

‫املتعــارف عليــه‪ ..‬وليــس شــبيهاً بتلــك القصور طلعــت مــن البيضــة؟ يخامــرين شــك يف‬

‫فقضيــت حيــايت ألتمــس قيعــان اآلبــار‪.‬‬

‫املتوهجــة تحــت الشــمس‪ ،‬التــي يبنيهــا أين أخطــأت‪ ..‬أســرجع بعــض التفاصيــل‬

‫وهذه البرئ عميقة‪..‬‬

‫الجــان يف ليلــة واحــدة ألبطــال الحكايــات‪ ،‬القدميــة‪ :‬الحــروف الدقيقــة املكتوبــة عــى‬

‫هــل أملــك أال أنزلهــا وأشــيح بوجهــي عــن‬

‫وال بقــر فرعــون األثــري املعــروف مبدينــة قــرة البيضــة‪ ،‬األصبــع الرفيعــة البيضــاء‬

‫وثبــة البــدء حــن تجلــت لعينــي الضفدعــة‪ ،‬فوهتــن واســعتني يزينهــا الكحــل والحــور‪ ..‬وبقيــت هنــاك أمــام العينــن الفظيعتــن وليــي التــي تبعــد بثــاث كيلومــرات عــن مقلومــة الظفــر‪ ،‬أيــام البحــث الطويلــة‬ ‫عــى ضخامتهــا تنــط مــن صفــار البيــض أجبــت مرتبــكاً‪ :‬نعــم‪ ..‬ففتحــت خرجــاً كان لضفدعــة ضخمــة وكريهــة‪ ،‬ضخمــة كالخيمــة زرهــون مدينــة املــوىل إدريــس األكــر‪ ..‬هــو والشــاي األســود البــارد يف دكان الخــراز‪..‬‬ ‫وقيــل يل‪ :‬هــذا خيــط قــدرك‪ ،‬اتبعــه أو لفــه بيدهــا وأخرجــت كتبــاً ورقائــق قدميــة‪ ،‬قيــل إنهــا طالعــي الــذي أبحــث عنــه‪.‬‬ ‫حولــك ومــت بــه‪..‬‬

‫قــر بالجيــم املعجمــة كــا يتلفظهــا إخواننــا وأعــود فأســأل‪ :‬مــا الــذي ســأجنيه مــن هــذه‬

‫رمتهــا عــى األرض الغامئــة حواليهــا‪ ،‬فغــارت ثــم إنــه ملــا أضنــاين البحــث‪ ،‬فكــرت أن املرصيــون‪ ،‬يوجــد بالجنــوب يف أقــايص البــاد الدهاليــز والحيطــان البــاردة والنظ ـرات؟ ثــم‬

‫ليــس يل حنكــة القطــط يف لــف الخيــوط‪ ،‬خلــف الضبــاب‪ ،‬لكــن العناويــن بقيت تســبح أذهــب إىل الخـراز الصحـراوي أمتــى األحذيــة الصحراويــة‪.‬‬

‫مــا شــأين بهــذه البــاب التــي تلــوح لناظــري‬

‫لذلــك بــدأت البحــث‪ ،‬وعزمــت عــى أال يهــدأ فــوق وتتــأأل‪ ،‬قــرأت‪« :‬تفســر األحــام» البــن املتينــة التــي يصنــع‪ ،‬وعندهــا قلــت‪ :‬أي وحينهــا ســأرى بوابتــه الضخمــة‪ ،‬التــي تغلــق اآلن‪ ،‬وكأنهــا بانتظــاري منــذ ولــدت‪ ،‬التــي‬ ‫يل بــال حتــى أصــل إىل النهايــة أو أهلــك‪ ..‬ســرين‪ ،‬و»املجســطي» لبطليمــوس‪ ..‬أعــادت‪ :‬جديــد عنــدك أيهــا الصح ـراوي؟ وهــو قبــل مســا ًء فيصــر مثــل القلعــة‪ ..‬ســأراها حــن تنفتــح ويدعــوين رصيرهــا للدخــول؟‬ ‫ـت ورا ًء‪ ،‬فــأرى أنهــم توقفــوا‪ ..‬األطفــال‬ ‫أعــود منهــوكاً مقــرح الداخــل‪ ،‬ويكــون ذلــك هــل أحــرت البيضــة؟ هاتها برسعــة‪ ..‬خطت أن يــرد عــي‪ ،‬نظــر إىل الصحــراوي اآلخــر أزوره‪ ،‬وأرى الحيطــان العاليــة املبنيــة باآلجــر ألتفـ ُ‬ ‫يف أواخــر النهــارات فأرمتــي عــى الرسيــر عــى قرشتهــا بالســاق خطوطــاً وحروفــاً الــذي كان يجلــس يف قعــر الحانــوت والــذي ورمــل الصحــراء‪ ،‬الحيطــان البــاردة مــن عــن اللعــب والنســاء عــن التهامــس ودق‬ ‫ككلــب الصيــد‪ ،‬حــراريت مرتفعــة وحلقــي مبهمــة‪ ،‬ثــم قالــت‪ :‬أحــر نيتــك وافتحهــا‪ ..‬أىت مــن البــاد حديث ـاً ومل يؤ ّمــن بعــد رشوط الداخــل والتــي ال تدخلهــا الشــمس إال عــر التمــر يف املهاريــس‪ ..‬ينظــرون إيل مــن بعيــد‪،‬‬ ‫ـت بكلــات تفيــد بــأين ســلمت أمــري االســتقرار باملدينــة‪ ،‬لذلــك ليــس لــه يف األيــام كــوى يف الســقوف مفتوحــة عــى مســافات إىل ظــي املمســوح القســات‪ ..‬بعيــدون‬ ‫ناشــف أدمــدم للحظــات‪ ،‬رغــم التعــب دمدمـ ُ‬ ‫وجفــاف الحلــق بأنصــاف كلــات‪ ،‬هي أشــبه لهــا وأن النيــة تســبح يف دمــي‪ ،‬ثــم شــققت املقبلــة إال أن يرقــب يـ َدي الصحـراوي الخـراز موزونــة‪« ..‬الدهاليــز املوحشــة للقصــور هــم اآلن‪ ،‬وأقــرب كــوة إيل يتــدىل منهــا‬ ‫ـت وهــا تثقبــان وجــه الحــذاء تلــك الثقــوب اإلنجليزيــة العتيقــة حيــث تــرح أشــباح خيــط أبيــض يتيــم‪ ..‬وفيــا يخيــل إيل إين‬ ‫بالغطيــط أو هرهــرة الــكالب‪ ،‬وهــي ال تكــون البيضــة فنطــت منهــا ضفدعــة كبــرة‪ ..‬بقيـ ُ‬ ‫يف الحقيقــة ســوى شــتائم ولعنــات ال تكتمــل مشــدوهاً للحظــات وأنــا أغمغــم‪ :‬مــا هــذا؟ الصغــرة التــي ســوف تســكنها الخيــوط‪ ،‬املــوىت»‪ ..‬هــذا مــا تذكرتــه وأنــا أعــر املمــر أســمع مقطعــاً مــن الســيمفونية الخامســة‬ ‫أبــدا ً وإن كان البائــس الــذي توجــه إليــه وكانــت تضحــك وتقــول‪ :‬أال تــرى بعينيــك؟ اليديــن النشــيطتني الطامحتــن‪ ،‬يرقبهــا الطويــل املعتــم‪ ،‬أرى األطفــال املحمولــن لبيتهوفــن‪ ،‬الخامســة أو التاســعة لســت‬ ‫والــذي ليــس ســواي‪ ،‬يــدرك بذاءتهــا ويفكــر إنهــا جرانــة‪ ..‬أو إذا شــئت قرقــورة*‪ ..‬أقــول‪ :‬ويف القلــب حســد أو رمبــا فخــر وإعجــاب عــى ظهــور أمهاتهــم‪ ،‬والالعبــن أمــام أبــواب أدري‪ ،‬تلــك التــي تبــدو فيهــا املوســيقى‬ ‫يف أن يتوقــف عــن االنشــغال بهــذا األمــر‪ ،‬بــى ولكــن كيــف‪ ،‬كيــف؟ فتقــول‪ :‬أغلــق وأنــا لســت أدري‪ ..‬قــال‪ :‬انظــر ومتتــع‪ ،‬إنهــا الجحــور‪ ،‬الذيــن تتجمــع قبائــل مــن الذبــاب مثــل ريــح عجــوز ورشيــرة تصعــد الســلم‪،‬‬ ‫يتوقــف عــن البحــث وكل هــذا الوجــع‪ ،‬هــذا فمــك أيهــا األبلــه حتــى ال تعــد لــك أســنانك‪ .‬ليســت أحذيــة ماكينــات‪ ..‬ورشــف اآلخــر القــايس فــوق وجوههــم الصغــرة وأعينهــم كانــت البــاب تبتلعنــي‪ ،‬ودون أن ألتفــت‬ ‫الوجــع الــذي ال أفــق لــه‪.‬‬

‫أقــرأ‪« :‬الكوميديــا اإللهيــة» لدانتــي‪ ،‬و»جوامع مــن الــكأس رشــفة صائتــة فرأيــت الشــاي دون أن يرمــش لهــا جفــن‪ ،‬واألمهــات ذوات هــذه املــرة‪ ،‬أعــرف مــن رصيرهــا الصــدئ‬

‫كنت كام لو أين يف ساحة‪..‬‬

‫علــم النجــوم والحــركات الســاوية» أليب األســود و»الســبيس»‪ ،‬قلــت‪ :‬هــذا ‪ ..‬هــذا األزر الســوداء الفضفاضــة التــي تغطــي أنهــا تنغلــق خلفــي‪ ،‬كــا أعــرف أن املعزوفــة‬

‫عاري ـاً كــا ولدتنــي أمــي وكــا ســأمثل يــوم العبــاس الفرغــاين‪ ..‬تســبح العناويــن حــويل‪ ،‬الحــذاء الخفيــف املوكاســان‪ ،‬بكــم؟ قــال‪ :‬الجســد كلــه مــا عــدا عينــاً واحــدة‪ ،‬ذوات إياهــا إمنــا هــي تهليــات ترحيــب آلالف‬ ‫الحــر بــن يــدي اللــه ريب وموالي‪..‬رضبــاب وتســبح النيــة يف دمــي‪ ،‬والضفدعــة جامثــة انظــر متانتــه‪ ،‬وبعدهــا يحــن اللــه يف الثمــن‪ ..‬األقــراط الدائريــة الكبــرة املــدالة مــن الضفــادع املنتظــرة هنــاك‪.‬‬ ‫أبيــض كالشــمع وأبخــرة‪ ،‬وهمهــات حشــد ال أمامــي كالخيمــة تغطيني بنظـرات متفحصة‪ ..‬قلــت‪ :‬أعــرف متانــة أحذيتــك كــا أعــرف اآلذان‪ ،‬الواقفــات تنظــرن خلســة إىل الوافــد‬ ‫يصاعــد أقــول‪ :‬كيــف؟ وهــي تضحــك دون توقــف أنــك صحــراوي‪ ،‬وال داعــي للمزيــد مــن الغريــب‪ ،‬أو املنشــغالت بــدق عراجــن التمــر ***********‬ ‫أتبــن منــه أحــدا ً‪ ..‬كأنــه وجــع األرض ّ‬ ‫مــن أغوارهــا الســحيقة‪ ..‬ثــم كأين أســبح‪ ،‬وتشــد بطنهــا حتــى أخــال أنهــا قربــة مملوءة النقيــق‪ ..‬رشــف اآلخــر رشــفة ثانيــة صائتــة يف مهاريــس خشــبية‪.‬‬ ‫ومــا يحيطنــي زبــد البحــر الــذي ســينحرس بالضحــك تنهــرق أمامــي‪ ..‬ثــم إنهــا فرغــت كالشــفطة مــن قفــا املحجــوم‪ ،‬وقــال‪ :‬إنــه أتابــع ســري وأقــول‪ :‬لعــل هــذا مــا كنــت * «الجرانــة»‪« ،‬قرقــورة» لفظتــان بالعاميــة‬ ‫عــن وجــه فينــوس ربــة الجــال‪ ،‬لذلــك مل بعــد ألي مــن الضحــك واكتــى وجههــا مــن قــر «الجرانــة»‪ ،‬وهــو ابــن عمــي‪ ،‬وأنــا أبحــث عنــه ولعــي مل أخطــئ باملجــيء‪ ..‬املغربيــة للداللــة عــى «الضفدعــة»‬ ‫أســتغرب حــن طلوعهــا مــن خلــل الضبــاب رصامــة ال تناســب مالمحهــا الطفوليــة‪« ..‬أمل جئــت أتعلــم الصنعــة عــى يديــه‪.‬‬

‫ينســدل شــعاع مــن الشــمس عــر الكــوة ** القــر (بالجيــم املعجمــة) نــوع مــن‬

‫والبخــار‪ ..‬كنــت أنتظرهــا وكنــا عــى موعــد‪ ..‬تــأت يك أقــرأ طالعــك؟» قالــت‪« ..‬هــا هــو ال‪ ..‬ال مجــال للصدفــة هنــا‪ ..‬كل يشء املفتوحــة‪ ،‬يرقــد عــى الجــدار البــارد أو قامــة البنــاء يف الجنــوب املغــريب يضــم تجمعــاً‬ ‫فتــاة يف مقتبــل العمــر‪ ،‬ركبتاهــا الحســرتان أمامــك» وأشــارت إىل الخيمــة بأصبــع رفيعــة محســوب يف دفــر مــا‪ ..‬مدبــر ومقــروء مــن غــر عابئــة‪ ،‬فأذكــر أنــه ما تـزال هناك شــمس ســكنياً‪ ،‬لــه مواصفــات خاصــة‪..‬‬ ‫تعلــوان ســاقني بيضاويــن رفيعتــن‪ ..‬قالــت‪ :‬بيضــاء‪ ..‬بحلقــت يف طالعــي جيــدا ً‪ ،‬وإذا كل قبــل اإلرادة األخــرى التــي ال دخــل لنــا فيهــا‪ ..‬تــيء هــذا العــامل‪ ..‬أدور مــع الدهليــز الــذي‬ ‫هــل أحــرت البيضــة؟ وصوبــت نحــوي يشء قــد غــاب دفعــة واحــدة كــا يف الحلــم‪ ،‬هــي أطلعــت الضفدعــة مــن البيضــة ومل يتعــرج اآلن‪ ،‬ثــم ميتــد أمامــاً دون أن يبــن‬

‫* اديب من المغرب‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 47 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬ ‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫نساء‪!..‬‬ ‫نجاة عبد الصمد‬

‫نساء‪ ...‬نساء‬

‫العبنــا الدولــي عبــد اهلل الجاســم‬ ‫ينتصــر للثــورة الســورية ‪..‬‬ ‫وصحيفــة الريــاض تعتــذر مــن‬ ‫الســوريني رســمياً‪.‬‬ ‫قدمــت صحيفــة الريــاض اعتــذارا ً رســمياً عــن الجرافيــك الــذي نرشتــه نقــاً‬ ‫عــن وكالــة رويــرز يف عددهــا الصــادر بتاريــخ ‪ 2016/8/4‬والــذي أثــار ردود فعــل‬ ‫وجــدل واســع عــى صفحــات مواقــع التواصــل االجتامعــي‪ ،‬والــذي أظهــر تعاطفـاً‬ ‫مــع النظــام الســوري املجــرم‪ ،‬وهــو أيضـاً مــا أثــار حفيظــة العــب منتخــب ســوريا‬ ‫لكــرة اليــد الــدويل عبــد اللــه الجاســم الــذي قــام باالتصــال بعــدد مــن الشــخصيات‬ ‫اإلعالميــة الســعودية مســتنكرا ً هــذا الفعــل الــذي يؤيــد إج ـرام النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ويصــف الثــوار الســوريني باملتمرديــن‪.‬‬ ‫الصحيفــة بدورهــا أكــدت أنهــا اتخــذت اإلجــراءات الالزمــة حيــال املتســبب يف‬ ‫هــذا الخطــأ الفنــي غــر املقصــود‪ ،‬وقالــت «الريــاض» يف اعتذارهــا‪« :‬نــر يف عــدد‬ ‫الخميــس املــايض مــع خــر األحــداث يف ســورية «غرافيــك» بعنــوان‪( :‬املتمــردون‬ ‫يحاولــون كــر الحصــار عــى حلــب)‪ ،‬حيــث تــم اعتــاد الرتجمــة الحرفيــة‪ ،‬التــي‬

‫قامــت برتجمتهــا وكالــة (رويــرز) لألنبــاء‪ ،‬مصــدر «الغرافيــك» وفــات عــى املحــرر‬ ‫تعديــل مــا ورد فيــه»‪ .‬وأضافــت‪ :‬إننــا إذ ننــر هــذا التوضيــح اعتــذارا ً لقرائنــا‬ ‫الكـرام عــن الخطــأ غــر املقصــود‪ ،‬لنؤكــد وقوفنــا إىل جانــب الشــعب الســوري ضد‬ ‫العــدوان البشــع الــذي يتعــرض لــه عــى يــد النظــام الســوري الجائــر‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫يتوافــق مــع سياســة اململكــة الحريصــة عــى أمــن ســورية أرضـاً وشــعباً‪ .‬مؤكــدة‬ ‫بأنهــا اتخــذت اإلج ـراء الــازم حيــال املتســبب يف هــذا الخطــأ‪.‬‬ ‫العبنــا الخلــوق‪ ،‬ابــن مدينــة الرقــة‪ ،‬الــدويل عبــد اللــه الجاســم‪ ،‬وقــف مــع الثــورة‬ ‫الســورية منــذ انطالقتهــا األوىل ومــا زال‪ ،‬وهــو مببادرتــه الطيبــة أكــد عــى قــدرة‬ ‫تأثــر النخــب الســورية يف بــاد االغـراب وتعريــف العــامل مبعانــاة الســوريني‪ ،‬وهــم‬ ‫يواجهــون آلــة القتــل اإلجراميــة‪.‬‬

‫الدكتــور عبــود العســكري يف ذمــة اهلل‬ ‫تــويف الدكتــور عبــود عبــد اللــه العســكري يــوم‬ ‫الجمعــة ‪ 2016/8/19‬يف إحــدى مشــايف مدينــة‬ ‫شــانيل أورفــا الرتكيــة بعــد رصاع طويــل مــع مــرض‬ ‫عضــال‪ ،‬ووري الــرى يف مقــرة أورفــا‪ ،‬واملرحــوم‬ ‫العســكري كان يعمــل أســتاذا ً يف قســم الفلســفة‪،‬‬ ‫كليــة اآلداب يف جامعــة حلــب‪.‬‬ ‫ونعــى املكتــب التنفيــذي لألكادمييــن األحــرار‬ ‫الدكتــور العســكري بكلــات مؤثــرة‪ ،‬أعربــوا فيهــا‬ ‫عــن أهميتــه يف الوســط التعليمــي‪ ،‬ومبــادئ حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬مؤكديــن أنــه مــن أوائــل األكادمييــن‬ ‫الســوريني الذيــن ثــاروا عــى النظــام‪ ،‬وكان لــه كلمة‬ ‫حــق يف وجــه الطغــاة‪ ،‬ويكــره الــذل والعبوديــة‪،‬‬ ‫ويدعــو إىل تحريــر اإلنســان مــن العبوديــة الفكريــة‬

‫والتبعيــة السياســية‪ ،‬واحــرام اإلنســان ألخيــه‬ ‫اإلنســان‪.‬‬ ‫يذكــر أن الدكتــور عبــود العســكري مــن مواليــد‬ ‫رســم الحرمــل يف ريــف حلــب عــام ‪ 1960‬نشــأ‬ ‫وترعــرع ودرس يف مدينــة الرقــة‪ ،‬حصل عىل شــهادة‬ ‫دكتــوراة دولــة يف الفلســفة اإلســامية وعنــوان‬ ‫رســالته التصــوف بــن النظريــة والتطبيــق‪ ،‬عمــل‬ ‫أســتاذا ً يف جامعــة حلــب‪ ،‬ثــم محــارضا ً ومدرســاً‬ ‫يف جامعــات تركيــا ومنظــات املجتمــع املــدين‪،‬‬ ‫وســاهم يف ورشــات عمــل خاصــة بتدريــب املدربــن‬ ‫والتنميــة البرشيــة‪ ،‬ولــه عــدد مــن املؤلفــات منهــا‪:‬‬ ‫«منهجيــة البحــث العلمــي يف العلــوم اإلنســانية»‪،‬‬ ‫و»أصــول املعارضــة السياســية يف اإلســام»‪.‬‬

‫كـ ّن مدلّــات‪ ،‬خريجــات جامعــة‪ ،‬موظفــات‪ ،‬ســيدات أعــال‪ ،‬ومهنيــات‪،‬‬ ‫وفنانــات‪ ...‬كانــت لديهـ ّن أمـ ٌ‬ ‫ـاك ومجوهـرات‪ ...‬مل يخــرن ضنــك الحيــاة‪،‬‬ ‫ومل ينقصهـ ّن املــال يومـاً‪.‬‬ ‫كـ ّن عدميــات الخــرة يف مقارعــة الفقــر‪ ،‬يف حيــل التوفــر‪ ،‬يف االســتعداد‬ ‫ـب عليهــن فجــأة كــا‬ ‫للكــوارث‪ ...‬مل يــدر يف ذهــن إحداهـ ّن أنهــا قــد تطـ ّ‬ ‫ـب عــى الفقـراء‪...‬‬ ‫تطـ ّ‬ ‫نســا ٌء رصن يف الحــرب بــا بيــوت‪ ،‬وبــا أزواج‪ ،‬أو نجــا بعــض رجاله ـ ّن‬ ‫بعــد خ ـران كل مــا بنــوا؛ فه ّبــت عقولهــن تدفعهــا غريــزة الحيــاة‬ ‫امــرأة تشــري قمــح املوســم مــن الفــاح عــى البيــدر‪ ،‬تنقلــه تنكــة تنكــة‬ ‫عــى كتفهــا إىل البيــت‪ ،‬تســتعري مــن جريانهــا حلّــة الســلق الضخمــة‬ ‫(الخلقينــة)‪ ،‬تُعلّمهــا جارتهــا كيــف تســلق عرشيــن م ـ ّدا ً مــن القمــح‪،‬‬ ‫ـص طعــم الشــمس يف فســحة بيــت الج ـران‪ ،‬ثــم تأخــذه‬ ‫تفرشــه ليمتـ ّ‬ ‫إىل املطحنــة تنكــة تنكــة‪ ،‬وتعيــده منهــا مجروشـاً‪ .‬تفــرز الربغــل الخشــن‬ ‫وبرغــل الكبــة‪ ،‬وتصنــع الكشــك مــن الربغــل‪ ،‬وتجعــل مــن قشــور القمــح‬ ‫حشــوة للمخــدات‪ ،‬وتضــع منتوجاتهــا الفاخــرة يف أكيــاس تــدور بهــا عىل‬ ‫الدكاكــن حتــى تبيعهــا كلهــا بعــد أن تحتفــظ ألوالدهــا مبؤونــة الشــتاء‪...‬‬ ‫امــرأة تســتدين ل ـر ٍ‬ ‫ات قليلــة‪ ،‬وتتــوكل عــى مدبّــر الكــون‪ ،‬وتســافر إىل‬ ‫الشــام تقصــد العطــار يف الحريقــة‪ ،‬ترجــوه أن يعلمهــا صناعــة الشــامبو‬ ‫ـامي ثــم يـ ّ‬ ‫ـرق قلبــه‪.‬‬ ‫واملنظفــات لقــاء املــال الــذي تســتطيع‪ ...‬مياطــل الشـ ّ‬ ‫تعــود شــاكر ًة وتفتــح مصنعهــا البــدا ّيئ الصغــر يف ملحــقٍ مــن التوتيــاء‬ ‫نصبتــه خلــف غرفتهــا‪ ...‬تخطــئ يف الخلطــات األوىل كثـرا‪ ،‬وتتعلــم مــن‬ ‫أخطائهــا‪ ...‬تحــرق يديهــا أكــر مــن مــ ّرة بالقطــرون‪ ،‬تعالــج حروقهــا‬ ‫بالطحــن واملــاء البــارد‪ ،‬وتعــود إىل أعاملهــا يســاعدها أطفالهــا املتــوردون‬ ‫بعـ ّد وتصفيــف القنــاين املل ّونــة‪ ،‬ورصــد عقــرب الســاعة ليخربوهــا متــى‬ ‫يجــب أن تطفــئ النــار تحــت الخلطــة التــي لــن تغفــر الخطــأ يف‬ ‫إعدادهــا مــن جديــد‪.‬‬ ‫امــرأة تــري إىل الربيّــة الكرميــة تقطــف مــن األرض كل نبـ ٍ‬ ‫ـات صال ـ ٍح‬ ‫لــأكل‪ .‬يف خيمتهــا تغســله باملــاء البــارد‪ ،‬وتنقيــه وتصففــه تحــت ضــوء‬ ‫الشــمعة‪ ،‬تــداوي خــدوش يديهــا بزيــت املكــدوس القديــم‪ ،‬وتنــام حاملــة‬ ‫بفــرج الصبــح لتــري إىل التاجــر تقايضــه كل مــا ح ّوشــت بالقليــل‬ ‫الــروري الــذي يفتديــه مث ـ ُن حشائشــها‪.‬‬ ‫امــرأة تبيــع إســوارتها الوحيــدة وتشــري بهــا ماكينــة خفــق الحمــص‬ ‫وتصنــع املدمــس وتوزعــه يف أكيـ ٍ‬ ‫ـت كيــف تخــرج مــن يديهــا‬ ‫ـاس تعلّمـ ْ‬ ‫أكــر أناقــة مــن تغليــف املعامــل‬ ‫مهندس ـ ٌة أو صيدالني ـ ٌة تعمــل أجــر ًة يف ســوبر ماركــت أو ســكرتري ًة يف‬ ‫عيــاد ٍة أو مكتــب بــدوامٍ يهــدر كل وقتهــا ومهاراتهــا‪ ،‬ويكافئهــا بفتــات‬ ‫املــال‪.‬‬ ‫امــرأة تــزرع مســاكب الخــرة عــى أســطح البنايــات املخنوقــة بالحصار‪،‬‬ ‫أو تلـ ّـف ورق العنــب يف بيتهــا للمرتفــن‪ ،‬أو تتقــن تكويــر الكبــة كــا‬ ‫كانــت تتقــن رســم األشــكال عــى الســبورة أمــام تالميذهــا‪ ،‬أو تفــرم‬ ‫البقدونــس أو تحفــر الكوســا‪ ،‬أو تجفــف األعشــاب العطريــة‪ ،‬أو تكــوي‬ ‫ثيــاب املقتدريــن‪ ،‬وتغريهــم بخدماتهــا األرخــص مــن أجــور املصبغــة‪،‬‬ ‫أو تنظــف البيــوت أو تشــطف أدراج املكاتــب‪ ،‬أو تجالــس األطفــال‪ ،‬أو‬ ‫ترعــى العجــزة‪ ،‬أو تذهــب ل ـراء األغ ـراض مــن الســوق ملــن يحتــاج‪...‬‬ ‫أو تحــوك الكن ـزات والشــاالت وجرابــات األطفــال والرشاشــف‪ ،‬أو تعلّــم‬ ‫أطفــال الج ـران دروس الق ـراءة والحســاب‪ ،‬وتســتعيد معهــم مــا كادت‬ ‫تنســاه مــن شــغفها بــاألدب اإلنكليــزي أو الفرنــي‪ ...‬أو ترســم مخططات‬ ‫األبنيــة يف البيــت بالقلــم الرصــاص وبالفرجــار‪ ،‬بــذات الطــرق البدائيــة‬ ‫التــي تعلمتهــا يف الجامعــة قبــل حلــول التقانــات الحــارضة‬ ‫امــرأ ٌة يضجــر قلبهــا مــن هــذا الخ ـراب العميــم‪ ،‬تــدس يف جزدانهــا مــا‬ ‫يتســع مــن قصــص األطفــال‪ ،‬وتــروح إىل أقــرب مخيــم‪.‬‬ ‫امــرأة تغطــي أطفالهــا بجســدها وتؤلّــف لهــم الحكايــات عــن الحيــاة‬ ‫والشــموس واألقــار واألم ـرات‪ ،‬فتجلــب الــدفء والنعــاس إىل عيونهــم‬ ‫التــي ر ّمدهــا الــرد وأصــوات القذائــف ودخانهــا‪.‬‬ ‫هــي الحيــاة‪ ،‬وال ســواها‪ ،‬علــت بهــن إىل غيامتهــا‪ ،‬لريســمنها مــن األعــايل‪،‬‬ ‫بعيونهــن هـ ّن ال بالعيــون الحســرة التــي أراد الجـاّد األعــى أن يطمس‬ ‫كل ألــوان الحيــاة يف ســوريا‪...‬‬ ‫بهــا ّ‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 47‬أيلــول ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.