Alharmal(15) 01 05 2015 مجلة الحرمل العدد الخامس عشر

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫قوارب املوت ‪..‬‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫موت حمتم وأمل ضئيل بالنجاة‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬ ‫انهيار بنية نظام األس��د‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫‪3‬‬

‫أوروبا تشارك بقتل املهاجرين السوريني! ‪3‬‬ ‫جسر الشغور حمررة‪ ..‬قتلى النظام يف شوارع املدينة والنظام ينتقم من املدنيني‬

‫‪2‬‬

‫تــؤرش الترسيبــات القائلــة بنقــل النظــام أرشــيف‬ ‫حكومتــه إىل طرطــوس‪ ،‬وذهابــه إىل بنــاء كانتــون يضــم‬ ‫دمشــق وحمــص وطرطــوس‪ ،‬مــع خســارته املتزايــدة عــى‬ ‫األرض‪ ،‬وفقدانــه جــر الشــغور مــرورا ً مبــا يجــري يف اليمــن‬ ‫واســتمرار عاصفــة الحــزم بشــكل جديــد عــى بدايــة تفــكك‬ ‫الحلــف بينــه‪ ،‬وبــن نظــام املــايل يف إي ـران‪ ،‬وبالتــايل عــى‬ ‫بدايــة نهايتــه‪.‬‬ ‫ليــس مبقــدور إي ـران م ـ ّد النظــام بأســباب البقــاء باســتمرار‬ ‫خصوص ـاً‪ ،‬وأنهــا عــى وشــك إغــاق ملفهــا النــووي‪ ،‬وهــذا‬ ‫يرتــب عليهــا إعــادة النظــر يف بيتهــا الداخــي فلديهــا مــن‬ ‫املشــكالت االقتصاديــة واإلثنيــة والقوميــة مــا يجعلهــا ترتيث‬ ‫قبــل الدخــول يف مغامـرات تصديــر الثــورة‪ ،‬وكذلــك أن تعيــد‬ ‫النظــر يف سياســاتها يف املنطقــة‪ ،‬ومــن ضمنهــا ســوريا‪ ،‬وهــذا‬ ‫نلمســه أيضـاً يف تراجــع حــزب اللــه‪ ،‬وامتناعــه عــن الذهــاب‬ ‫يف العمــق الســوري‪ ،‬تحــت ضغــط خســائره البرشيــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫كلــه يفتــح البــاب واســعاً أمــام التكهــن بقــرب النهايــة‪،‬‬ ‫خصوصــاً وأن خســارة النظــام إدلــب ومربعاتهــا األمنيــة‬ ‫والعســكرية أفشــلت خطتــه بحصــار حلــب‪.‬‬ ‫ولعلــه إذا مــا انتهــى مقاتلــو الجيــش الحــر مــن أريحــا فــإن‬ ‫الطريــق عــى األرجــح تكــون باتجــاه الالذقيــة التــي باتــت‬ ‫يف املرمــى‪ ،‬وإذا مــا دخلــت الالذقيــة ســاحة املعركــة فــإن‬ ‫الترسيــب املذكــور يكــون أقــرب إىل التصديــق‪ ،‬وســيعمل‬ ‫عندهــا النظــام عــى املحافظــة عــى هــذا الكانتــون مبــا بقــي‬ ‫لديــه مــن القــوة ومبعونــة إي ـران التــي لــن متلــك القــدرة‬ ‫عــى حاميتــه يف نهايــة األمــر ألن التوازنــات اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة لــن تقبــل بوجــود هــذا الكانتــون إىل مــا ال نهايــة‪.‬‬ ‫وال ضــر مــن القــول هنــا بــأن مــع عاصفــة الحــزم كتبــت‬ ‫نهايــة شــهر العســل اإلي ـراين يف الربــوع العربيــة‪.‬‬ ‫عــى جبهــة درعــا يحقــق مقاتلــو الجيــش الحــر انتصاراتهــم‬ ‫أيض ـاً‪ ،‬وإذا مــا ربطنــا بــن ذهــاب وزيــر دفــاع النظــام إىل‬ ‫طهــران ألجــل الســاح‪ ،‬وبــن هــرب ســهيل الحســن مــن‬ ‫ريــف إدلــب‪ ،‬فــإن الثقــة بنــوال النــر ليســت بعيــدة‪ ،‬وأن‬ ‫معنويــات مقاتــي النظــام يف تدهــور مســتمر رافقــه انكفــاء‬ ‫واضــح مــن طــرف املليشــيات الشــيعية العراقيــة وغريهــا‬ ‫التــي قاتلــت إىل جانبــه‪.‬‬ ‫ومــن هنــا فــإن جنيــف القــادم سيشــهد تحــوالً نوعيــاً‪،‬‬ ‫وســيكون التفــاوض قامئــاً عــى إدراك النظــام حقيقــة أنــه‬ ‫مل يعــد ميلــك األرض‪ ،‬وأن سياســته القامئــة عــى التهديــد‬ ‫باألقليــات وصلــت نهايتهــا‪ ،‬وأن امللــف النــووي اإليــراين‬ ‫أيض ـاً يف نهاياتــه‪ .‬هنــا يكــون الســؤال محق ـاً‪ :‬هــل يســتمر‬ ‫مـ ّد الجيــش الحــر بالســاح؟ وهــل تســتمر غــرف العمليــات‬ ‫الواحــدة عنــد املقاتلــن؟ أم ـران مــع بقائهــا نهايــة أعتــى‬ ‫نظــم االســتبداد‪ ،‬وعندهــا ميكــن تلمــس بشــائر الحريــة‬ ‫التــي طــال انتظارهــا‪ ،‬وعندهــا لــن ينفــع النظــام أن تجــوب‬ ‫دباباتــه شــوارع دمشــق‪.‬‬

‫أجنلين��ا جول��ي‪ :‬الس��وريون يتس��اءلون مل��اذا حن��ن غ�ير جديري��ن باإلنقاذ؟‬ ‫فال�يري آموس‪ :‬علينا أن نس��تفيق ونزي��ل التخدير الذي أصابنا جتاه س��وريا ‪4‬‬ ‫‪ 5‬الس��وريون م��ن جحي��م امل��وت إىل ذل األم��ان‪..‬؟! ‪ 9‬تركي��ز اإلع�لام الغرب��ي عل��ى داع��ش‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫جسر الشغور حمررة‪ ..‬قتلى النظام يف شوارع املدينة والنظام ينتقم من املدنيني‬ ‫متكنــت قــوى املعارضــة الســورية ممثلــة بحيــش الفتــح‬ ‫مــن تحريــر مدينــة جــر الشــغور بالكامــل‪ ،‬بعــد معركــة‬ ‫داميــة اســتمرت ملــدة أربعــة أيــام متواصلــة‪ ،‬وأطلــق‬ ‫عليهــا الثــوار اســم معركــة النــر‪ ،‬واســتطاع الثــوار خاللهــا‬ ‫تكبيــد قــوات النظــام خســائر فادحــة بــاألرواح واملعــدات‪.‬‬ ‫ومنــذ انطــاق املعركــة متكــن الثــوار مــن الســيطرة عــى‬ ‫عــدد مــن حواجــز النظــام املتوضعــة حــول املدينــة‪،‬‬ ‫قبــل محاولتهــم الدخــول إىل وســطها‪ ،‬واســتطاعوا فــرض‬ ‫ســيطرتهم عــى حاجــز معمــل الســكر‪ ،‬وهــو أكــر حواجــز‬ ‫املدينــة‪ ،‬ثــم اســتطاعوا الســيطرة عــى ‪ 25‬حاجـزا ً ونقطــة‬ ‫عســكرية عــى الطريــق الــدويل املــؤدي إىل املدينــة‪ ،‬ومــع‬ ‫احتــدام املعــارك ســقطت مروحيــة تابعــة للنظــام بعــد‬ ‫تعرضهــا لحريــق يف الجــو بريــف حــاة‪ ،‬ثــم تابــع الثــوار‬ ‫تقدمهــم باتجــاه دوار الالذقيــة‪ ،‬وبعــد ســيطرتهم عليــه‬ ‫توجهــوا نحــو املربــع األمنــي‪ ،‬الــذي انهــار بشــكل مفاجــئ‬ ‫تحــت وقــع رضباتهــم القويــة‪ ،‬ثــم أعقبهــا اشــتباكات‬ ‫عنيفــة مــع بعــض الجيــوب الصغــرة املتبقيــة لقــوات‬ ‫النظــام‪ .‬وبعــد تحريــر املدينــة بالكامــل قــام الثــوار‬ ‫بعمليــات متشــيط بحثـاً عــن الفاريــن مــن جنــود النظــام‪.‬‬ ‫وتــأيت أهميــة تحريــر املدينــة مــن كونهــا الخـزان الرئيــس‬ ‫إلمــداد قــوات النظــام يف معســكرات القرميــد‪ ،‬واملســطومة‬ ‫التــي تحارصهــا قــوات املعارضــة‪ ،‬وتشــر األنبــاء الــواردة‬ ‫مــن هنــاك‪ ،‬أن الحصــار الــذي فرضــه الثــوار عــى هــذه‬ ‫املعســكرات مل يــرك لهــا خيــارا ً ســوى االنســحاب إىل‬ ‫ســهل الغــاب‪ .‬إضافــة لذلــك تعتــر مدينــة جــر الشــغور‬ ‫االســراتيجية البوابــة الرئيســة ملعــارك الســاحل الســوري‬ ‫الــذي يعتــر أكــر معاقل قــوات النظــام الســوري‪ ،‬ومنطلق‬ ‫طائراتــه التــي ترتكــب جرامئهــا ضــد املدنيــن يف املناطــق‬ ‫املحــررة‪.‬‬ ‫وبحســب تقديـرات الناشــطني‪ ،‬أن قتــى النظــام أكــر مــن‬ ‫‪ 250‬شــوهدت جثثهــم يف شــوارع املدينــة ويف املواقــع‬ ‫التــي تــم تحريرهــا‪ ،‬وشــارك يف معركــة النــر أحــرار‬

‫الشــام‪ ،‬وجيــش اإلســام‪ ،‬وجبهــة النــرة‪ ،‬وجبهــة أنصــار‬ ‫الديــن‪ ،‬وألويــة الفرقــان‪.‬‬ ‫وإثــر تحريــر جــر الشــغور‪ ،‬قــال خالــد الخوجــة‪ ،‬رئيــس‬ ‫االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‪ :‬ميثــل تحريــر‬ ‫مدينــة ‫جــر الشــغور‬ الواقعــة عــى الضفــة الغربيــة لنهــر‬ ‫العــايص مبحافظــة ‫‏إدلـب‬‪ ،‬خطــوة إضافيــة مهمــة ومنتظــرة‬ ‫عــى طريــق تحريــر كامــل الــراب الســوري‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫يتطلــب انعطافــة حقيقيــة يف مســتوى الدعــم والتنســيق‬ ‫املقــدم لقــوى الثــورة الســورية‪ ،‬مبــا ميكــن أن يعجــل مــن‬ ‫هــذا التحريــر‪ ،‬ويختــر قــدرا ً كبـرا ً مــن املعانــاة ويحقــن‬ ‫دمــاء الكثــر مــن املدنيــن‪ .‬إن خطــوات جــادة يف هــذا‬ ‫الطريــق ميكــن أن تجــر نظــام األســد عــى الرضــوخ خاصة‬ ‫يف ظــل مــا يعانيــه مــن تــآكل داخــي ونزاعــات وتصفيــات‬ ‫طالــت شــخصيات مهمــة يف نظامــه األمنــي‪‬‬.‬‬ ‫وتابــع الخوجــة قائـاً‪ :‬إن هــذه االنتصــارات تفــرض واقعـاً‬

‫سياســياً جديــدا ً ال بــد مــن أخــذه بعــن االعتبــار‪ ،‬وهــي‬ ‫تحتــاج إىل دعــم يقــدم حاميــة نهائيــة وحاســمة مــن‬ ‫اعتــداءات النظــام االنتقاميــة بحــق املدنيــن باســتخدام‬ ‫الطائــرات واملروحيــات والغــازات الســامة املحرمــة مــن‬ ‫خــال فــرض منطقــة آمنــة‪ ،‬وال بــد بالتــوازي مــع ذلــك من‬ ‫ســحب كافــة أنــواع االعــراف القانــوين بالنظــام املجــرم‪.‬‬ ‫إن الجهــود ال بــد أن تتضافــر مــن أجــل التمهيــد النتقــال‬ ‫ســيايس كامــل يقطــع سلســلة املــوت التــي ينفذهــا النظام‪،‬‬ ‫ويفتــح البــاب أمــام إعــادة البنــاء واالنتقــال بســورية إىل‬ ‫دولــة مدنيــة تحقــق تطلعــات أبنائهــا جميع ـاً‪.‬‬ ‫واختتــم الخوجــة ترصيحــه بالقــول إن االئتــاف إذ يؤكــد‬ ‫أن تحريــر ســورية أمـ ٌر حتمــي ال محيــد عنــه‪ ،‬فإنــه يجــدد‬ ‫ثقتــه بقــوى الثــورة التــي تدافــع عــن املدنيــن‪ ،‬وتلتــزم‬ ‫مببــادئ الثــورة وأخالقهــا‪ ،‬وتحــرم العهــود واملواثيــق‬ ‫الدوليــة‪ ،‬وتســعى لتحقيــق الخيــار الــذي التقــت حولــه‬

‫دير الزور ‪..‬‬

‫مدينة حماصرة وشعب يصارع من أجل البقاء‬

‫تدخــل مدينــة ديــر الــزور للشــهر الرابــع عــى التــوايل يف حصارهــا‪،‬‬ ‫الــذي فرضــه تنظيــم الدولــة اإلســامية عــى املناطــق التــي يســيطر‬ ‫عليهــا النظــام‪ ،‬مبســاحة ال تتعــدى أربعــة كيلــو م ـرات‪ ،‬يخضــع ‪300‬‬ ‫ألــف مواطــن داخــل األحيــاء املحــارصة لحصــار قـ ٍ‬ ‫ـاس متنــع عنهــم كافة‬ ‫املــواد الغذائيــة والطبيــة‪ .‬غالبيــة املتواجديــن هنــاك‪ ،‬ممــن أجربتهــم‬ ‫الظــروف عــى البقــاء هــم مــن النســاء واألطفــال وبعــض املســنني‪ ،‬يف‬ ‫غيــاب شــبه كامــل لفئــة الشــباب بعــد تعــرض أغلبهــم ألحــكام بالقتــل‬ ‫والذبــح‪ ،‬ومنــذ شــهرين منــع التنظيــم خــروج املدنيــن مــن مناطــق‬ ‫ســيطرته نهائي ـاً إال بعــد حصولهــم عــى موافقــة مرشوطــة بتقديــم‬ ‫األســباب املقنعــة لذلــك‪ ،‬يف الوقــت ذاتــه أصــدر التنظيــم بيان ـاً نــر‬ ‫عــى اليوتيــوب ومواقــع التواصــل االجتامعــي تحــت عنــوان «أعــذر‬ ‫مــن أنــذر» دعــا فيــه املواطنــن القاطنــن مبناطــق ســيطرة النظــام إىل‬ ‫مغادرتهــا‪ ،‬ومعلنـاً بهــذا البيــان عــن فتــح بــاب التوبــة‪ ،‬ومــن يــر‬ ‫عىل البقاء فقد أُحل لنا دمه‪.‬‬ ‫يتخــوف الكثــر مــن املواطنــن مــن حــدة هــذا البيــان والــذي فــره‬ ‫الكثــرون منهــم بعــد انتهــاء الفــرة التــي حددهــا البيــان‪ ،‬أنــه ســيكون‬ ‫ذريعــة للتنظيــم لقصــف تلــك املناطــق دون متييــز بــن مــدين محــارص‬ ‫وعســكري يف الجيــش‪ ،‬ومــا يجــدر ذكــره أن التنظيــم يســيطر عــى‬ ‫أغلــب مناطــق املدينــة‪ ،‬فيــا يســيطر النظــام عــى حــي القصــور‬

‫وبعــض املناطــق القريبــة‪.‬‬ ‫هــذا الحصــار دعــا بعــض منظــات املجتمــع املــدين والناشــطني‬ ‫إىل إطــاق حملــة «معــاً لفــك الحصــار عــن ديــر الــزور» أســفرت‬ ‫عــن تجــاوب مــن قبــل النظــام‪ ،‬حيــث متكنــت بعثــة الصليــب‬ ‫األحمــر وبعــد الكثــر مــن الضغوطــات عــى النظــام الســوري‪ ،‬مــن‬ ‫إدخــال شــحنة غذائيــة‪ ،‬تكفــي فقــط لعرشيــن يف املئــة مــن تعــداد‬ ‫املحارصيــن‪ ،‬مــع خلــو الشــحنة مــن أي مــواد طبيــة‪ ،‬يف ظــل الحاجــة‬ ‫الكبــرة لهــا‪ ،‬ونتيجــة لفقدانهــا فقــد انتــرت األم ـراض تحــت ظــل‬ ‫الحصــار وانعــدام امليــاه والكهربــاء والنظافــة‪ ،‬ظهــرت أمـراض طفيليــة‪،‬‬ ‫كالقمــل والجــرب‪ ،‬يف الوقــت ذاتــه يؤكــد بعــض األهــايل أن الكثــر‬ ‫مــن املــواد الغذائيــة والدوائيــة متوفــرة لــدى تجــار موالــن للنظــام‪،‬‬ ‫يبيعونهــا بأســعار خياليــة ال يســتطيع دفعهــا أغلــب املواطنــن‪ ،‬يف ظــل‬ ‫توقــف األعــال والرواتــب‪ ،‬ففــي حــي املوظفــن يبــاع كيلــو الســكر‬ ‫ب ‪ 1100‬لــرة ســورية والبصــل ‪ 1500‬فيــا وصــل ســعر ربطــة الخبــز‬ ‫إىل ‪ 100‬لــرة مــع انتظــار نصــف يــوم للحصــول عليهــا‪ ،‬بينــا تبــاع يف‬ ‫الســوق الســوداء مببلــغ ‪ 400‬لــرة‪ ،‬بينــا قفــز ســعر ليــر البنزيــن اىل‬ ‫ألفــي لــرة‪ ،‬وكيلــو الشــاي مــن النــوع إىل نحــو ‪ 4‬آالف لــرة ســورية‪.‬‬ ‫حصــار خانــق يقــوم بــه النظــام ويشــدده تنظيــم الدولــة االســامية‪،‬‬ ‫ويدفــع مثنــه املواطــن بينــا يتمتــع الطرفــان بــكل أســباب الحيــاة‪،‬‬ ‫مدينــة تصــارع املــوت للبقــاء عــى قيــد الحيــاة‪.‬‬

‫تطلعــات الســوريني‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي أعلنــت فيــه وســائل إعــام النظــام‬ ‫عــن إعــادة انتشــار قواتــه يف محيــط جــر الشــغور‪،‬‬ ‫حفاظــاً عــى أرواح املدنيــن‪ ،‬قــام الطــران األســدي‬ ‫بقصــف مدينتــي إدلــب وجــر الشــغور ومناطــق الريــف‬ ‫بالكامــل‪ ،‬مســتخدماً مــع الرباميــل املتفجــرة غــاز الكلــور‬ ‫يف خطــوة انتقاميــة مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬إثــر معركــة‬ ‫النــر التــي أســفرت عــن تحريــر جــر الشــغور‪ ،‬وتقــدم‬ ‫الثــوار لتحريــر حاجــزي املســطومة وأريحــا‪ ،‬ثــم التوجــه‬ ‫لتحريــر ســهل الغــاب‪ ،‬وســقط عــى إثرهــا عــرات‬ ‫الشــهداء والجرحــى‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل‪ ،‬أعلنــت عــدة فصائــل عســكرية‬ ‫معارضــة يف حلــب وريفهــا‪ ،‬أمــس األحــد‪ ،‬عــن تشــكيل‬ ‫«غرفــة عمليــات فتــح حلــب»‪ ،‬بهــدف توحيــد الجهــود‬ ‫لتحريــر مدينــة حلــب‪ ،‬حســب البيــان الصــادر عــن‬ ‫الفصائــل املشــاركة يف الغرفــة‪.‬‬ ‫وتضــم الغرفــة العســكرية‪ :‬الجبهــة الشــامية وفيلق الشــام‬ ‫وأحــرار الشــام وجيــش اإلســام وتجمــع فاســتقم كــا‬ ‫أمــرت‪ ،‬حيــث يــأيت تشــكيلها بعــد التقــدم الكبــر الــذي‬ ‫أحرزتــه يف محافظــة إدلــب‪ ،‬فيــا دعــا البيــان جميــع‬ ‫الفصائــل املقاتلــة يف حلــب وريفهــا لالنضــام إليهــا‪.‬‬ ‫وتشــر األنبــاء أنّ معــارك عنيفــة دارت عــى جبهــة حلــب‪،‬‬ ‫بعــد تفجــر فصائــل املعارضــة‪ ،‬ملقريــن هامــن لقــوات‬ ‫النظــام يف حلــب القدميــة‪ ،‬باســتخدام األنفــاق‪ ،‬دون‬ ‫ورود معلومــات مؤكــدة عــن أعــداد القتــى والخســائر‪،‬‬ ‫وتتعــرض مدينــة حلــب‪ ،‬منــذ نحــو أســبوعني‪ ،‬إىل قصــف‬ ‫متواصــل مــن قــوات النظــام‪ ،‬أســفر عــن مقتــل ع ـرات‬ ‫املواطنــن ودمــار عــدد كبــر مــن املبــاين‪.‬‬ ‫وكانــت املعارضــة الســورية املنضويــة تحــت غرفــة‬ ‫عمليــات جيــش الفتــح‪ ،‬قــد متكنــت مــن الســيطرة عــى‬ ‫مدينــة إدلــب يف ‪ 28‬آذار‪ /‬مــارس املــايض‪ ،‬وتحريرهــا‬ ‫بالكامــل بعــد خمســة أيــام مــن املعــارك املتواصلــة‪.‬‬

‫معًا نعمل ‪..‬‬

‫مؤسسة رزق للتأهيل املهين‬

‫تعــد فرصــة العمــل والحصــول عليهــا مــن‬ ‫أكــر األمــور التــي تقلــق الســوريني يف تركيــا‪،‬‬ ‫فهــي الهاجــس والهــم األكــر لغالبيــة مــن‬ ‫أجربتهــم ظــروف الحــرب عــى اللجــوء‪ ،‬مــن هنــا‬ ‫انطلقــت فكــرة إنشــاء مؤسســة رزق للتأهيــل‬ ‫املهنــي‪.‬‬ ‫وحــول هــذه املؤسســة ونشــاطاتها‪ ،‬يقــول أنــس‬ ‫شــهاب‪ ،‬مديــر مكتــب أورفــا‪ :‬هــي مؤسســة غــر‬ ‫ربحيــة تنمويــة‪ ،‬تقــود مســار التنميــة املهنيــة‬ ‫يف املنتــدى الســوري‪ ،‬وتعمــل عــى تأهيــل‬ ‫العاملــة الســورية املعطلــة وتشــغيلها واســتثامر‬ ‫الكفــاءات العلميــة واملهنيــة‪ ،‬وذلــك لتمكــن‬ ‫الســوريني مــن تحقيــق االكتفــاء الذايت يف كســب‬ ‫الــرزق واالعتــاد عــى الــذات وحفــظ الكرامــة‬ ‫اإلنســانية لديهــم‪ ،‬وبالتــايل عــدم اعتامدهــم عىل‬ ‫املســاعدات وتأهيلهــم لبنــاء ســوريا املســتقبل‪.‬‬ ‫ويتابــع‪ :‬يضــم املكتــب طاقــم مندوبــن ميدانيــن‬ ‫يف ســوق العمــل الــريك والفعاليــات الســورية‬ ‫بهــدف التواصــل املبــارش مــع كل الجهــات التــي‬ ‫تحتــاج لليــد العاملــة وبالتــايل رفدهــا بــكل‬ ‫الطلبــات املوجــودة لدينــا بعــد فرزهــا بحســب‬ ‫املهنــة والخــرات والشــهادات التــي يحملهــا‬ ‫طالــب العمــل‪ ،‬كــا يهتــم املكتــب بــكل‬ ‫الطلبــات املقدمــة مــن الســوريني واألتـراك عــى‬ ‫حــد ســواء للعمــل والتوظيــف‪ ،‬ويعتمــد العمــل‬ ‫عــى قاعــدة بيانــات دقيقــة ومتكاملــة عــن كل‬ ‫األنشــطة االقتصاديــة يف تركيــا‪ ،‬وال يتوقــف عمــل‬ ‫املكتــب عــى اســتقبال طلبــات التوظيــف فقــط‪،‬‬ ‫بــل يقــوم بتأهيــل طالبــي العمــل والتوظيــف‬ ‫علميــاً ومهنيــاً مــن خــال الربامــج التدريبيــة‬

‫وورشــات العمــل‪ ،‬إضافــة إىل هــذا يقــوم‬ ‫املكتــب بإجــراء املســوحات امليدانيــة بشــكل‬ ‫دوري ومــدروس ملعرفــة حاجــات ســوق العمــل‪،‬‬ ‫وتحديــث قاعــدة البيانــات الرئيســية‪ ،‬وتعزيــز‬ ‫الــراكات مــع الجهــات الرتكيــة الرســمية‬ ‫وغــر الرســمية أيضــاً لتبــادل اآلراء وتوقيــع‬ ‫الربوتــوكالت واإلتفاقيــات‪ ،‬التــي مــن شــأنها‬ ‫املســاعدة للحصــول عــى فــرص عمــلٍ أكــر‪.‬‬ ‫وحــول النتائــج التــي وصــل إليهــا مكتــب رزق‬ ‫يف إطــار تأمــن فــرص العمــل للســوريني‪ ،‬يضيــف‬ ‫«شــهاب»‪ :‬اســتطاع املكتــب خــال عــام ‪2014‬‬ ‫تنظيــم اســتامرات وطلبــات العمــل ألكــر مــن‬ ‫‪ 8500‬مواطــن ســوري يف مدينــة أورفــا‪ ،‬ومتكــن‬ ‫املكتــب مــن توظيــف أكــر مــن ‪ 1430‬ســوري‬ ‫ورفدهــم إىل ســوق العمــل الــريك والســوري‬ ‫أيضــاً حيــث يوجــد فــرص العمــل لــدى‬ ‫الســوريني ممــن دخلــوا ســوق العمــل والتجــارة‬ ‫عــى األرايض الرتكيــة‪ ،‬بينــا تــم تأمــن أكــر مــن‬ ‫‪ 2250‬فرصــة عمــل يف عمــوم األرايض الرتكيــة‪.‬‬ ‫ويؤكــد يف ختــام حديثــه‪ ،‬أن املؤسســة تقــوم‬ ‫بتقديــم خدمــات الوســاطة بــن الجهــات‬ ‫املشــغلة والباحثــن عــن العمــل مــع التزامهــا‬ ‫بتأهيــل العامــل علميــاً ومهنيــاً قبــل دخولــه‬ ‫ســوق العمــل‪ ،‬كــا تلتــزم املؤسســة بإيجــاد‬ ‫فــرص العمــل األفضــل مبــا يضمــن للعامــل‬ ‫الســوري أجـرا ً عــادالً وثابتـاً‪ ،‬وتحافــظ املؤسســة‬ ‫عــى الحــد األعــى واملمكــن مــن التواصــل مــع‬ ‫الجهــات العاملــة قبــل وبعــد التشــغيل‪ ،‬لذلــك‬ ‫تحظــى هــذه املؤسســة بالثقــة مــن الجهــات‬ ‫الرســمية وغــر الرســمية يف تركيــا‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫أوروب��ا تش��ارك بقت��ل املهاجري��ن الس��وريني!‬

‫علق��ت صحيف��ة الواش��نطن‬ ‫بوس��ت عل��ى جرمي��ة قت��ل املهاجري��ن‬ ‫الس��وريني‪ ،‬وغ�ير الس��وريني‪ ،‬يف البح��ر‬ ‫األبي��ض املتوس��ط‪ ،‬تعليق��اً ح��اداً ح��ول‬ ‫مس��ؤولية أوروب��ا يف قت��ل الس��وريني‬ ‫وغ�ير الس��وريني‪ ،‬ودفعه��م إىل امل��وت يف‬ ‫ع��رض البح��ر‪:‬‬ ‫بــدأ كلــوز كليــر‪ ،‬وهــو مراســل شــهري لشــبكة‬ ‫تلفزيــون ‪ ZDF‬األملانيــة‪ ،‬نــرة األخبــار‬ ‫املســائية األســبوع املــايض‪ ،‬باإلشــارة إىل غــرق‬ ‫مــا ال يقــل عــن ‪ 700‬الجــئ يف البحــر املتوســط‬ ‫يف اليــوم نفســه‪ ،‬وقــال‪« :‬يف غضــون بضعــة‬ ‫أســابيع‪ ،‬قــد تصبــح هــذه املأســاة طــي‬ ‫النســيان‪ ،‬أو عــى األقــل هــذا هــو مــا حــدث يف‬ ‫كل مــرة حتــى اآلن‪ ،‬ولكــن رمبــا ســيكون هنــاك‬ ‫يــوم تتغــر فيــه األمــور جذريــاً‪ ،‬واليــوم قــد‬ ‫يكــون هــو ذلــك اليــوم»‪.‬‬ ‫وقــال زميلــه ماركــوس بريــس يف مســاء اليــوم‬ ‫ذاتــه‪ ،‬متحدثـاً لشــبكة تلفزيــون ‪« :ARD‬هــذه‬ ‫الوفيــات وصمــة عــار ألوروبــا»‪ ،‬ويف توحــد‬ ‫غــر مألــوف بــن املعلقــن األوروبيــن‪ ،‬أدانــت‬ ‫افتتاحيــات االثنــن «القتــل املتعمــد» الــذي‬ ‫يرتكبــه االتحــاد األورويب‪ ،‬ودور االتحــاد يف‬ ‫تحويــل البحــر األبيــض املتوســط إىل «مقــرة»‪.‬‬

‫قوارب املوت ‪!..‬‬ ‫مــن بــاد أرهقتهــا الحــرب‪ ،‬قتــاً‬ ‫وتدمــرا ً يهــرب الســوريون أمــاً بالنجــاة‬ ‫مــع أطفالهــم وذويهــم لــدول مجــاورة‬ ‫أكــر أمنــاً‪ ،‬ويبقــى حلــم الهجــرة نحــو‬ ‫أوربــا كب ـرا ً لــدى معظمهــم‪ ،‬فالحيــاة دون‬ ‫منظــات وهيئــات تكفــل لهــم العيــش يف‬ ‫أدىن مســتوياتها تــكاد تكــون معدومــة يف‬ ‫أغلــب هــذه الــدول‪ ،‬باســتثناء تركيــا‪ ،‬والتــي‬ ‫تعتــر مــن أول الــدول التــي احتضنــت‬ ‫الســوريني‪ ،‬وطــوال ســنوات أربــع قدمــت‬ ‫تركيــا هــذا املــاذ ليصــل عــدد الســوريني إىل‬ ‫أكــر مــن ‪ 1،6‬مليــون مواطــن‪ ،‬وعــى الرغــم‬ ‫مــن هــذا فــإن عــددا ً كب ـرا ً مــن الســوريني‬ ‫اختــار الســفر نحــو أوربــا‪ ،‬رغــم قناعاتهــم‬ ‫التامــة بــأن فرصــة النجاة مــن املــوت قليلة‪،‬‬ ‫يف ظــل وجــود تجــار البــر (املهربــن)‬ ‫الذيــن ال هــم لهــم ســوى املــال‪ ،‬بينــا ال‬ ‫تشــكل حيــاة النــاس لديهــم أيــة أهميــة‬ ‫تذكــر‪ ،‬ففــي عــام ‪ 2014‬أمســك خفــر‬ ‫الســواحل الــريك أكــر مــن ‪ 12‬ألــف مهاجــر‬ ‫غــر رشعــي‪ ،‬كانــوا يحاولــون الوصــول إىل‬ ‫الجــزر اليونانيــة القريبــة‪ ،‬بينــا مل يت ّمكــن‬ ‫خفــر الســواحل مــن القبــض عــى عــدد‬ ‫قليــل مــن املهربــن ال يتجــاوزون الخمســن‬ ‫مهــرب‪.‬‬ ‫منــذ مطلــع العــام الحــايل أزهقــت مراكــب‬

‫وتســاءلت الواشــنطن بوســت‪ :‬ولكــن‪ ،‬هــل‬ ‫يجــب لــوم أوروبــا فعــاً يف حــدوث هــذه‬ ‫املــآيس؟‬ ‫وعرض��ت األس��باب املوضوعي��ة لتحم��ل‬ ‫األوربي�ين مس��ؤولية ه��ذا القت��ل العل�ني‬ ‫للمهاجري��ن‪:‬‬ ‫فيــا يــي ثالثــة أســباب تجعــل أوروبــا‬ ‫مســؤول ًة عــا يــؤول إليــه حــال املهاجريــن غــر‬ ‫الرشعيــن يف البحــر األبيــض املتوســط‪:‬‬ ‫‪ -1‬قلــص االتحــاد األورويب مهمــة اإلنقــاذ يف‬ ‫محاولــة لــردع الالجئــن مــن املخاطــرة بعبــور‬ ‫البحــر األبيــض املتوســط‪:‬‬ ‫يف أكتوبــر ‪ ،2013‬غــرق أكــر مــن ‪ 300‬شــخص‬ ‫بالقــرب مــن جزيــرة المبيدوســا اإليطاليــة‪.‬‬ ‫ونتيجــ ًة لذلــك‪ ،‬أطلقــت إيطاليــا عمليــة‬ ‫اإلنقــاذ ‪ ،Mare Nostrum‬التــي يعتقــد أنهــا‬ ‫أنقــذت حيــاة حــوايل ‪ 130‬ألــف شــخص خــال‬ ‫عــام واحــد فقــط‪.‬‬ ‫ويف نهايــة عــام ‪ ،2014‬تــم إيقــاف تلــك‬ ‫العمليــة بســبب أنهــا‪ ،‬ومــع وصــول ميزانيتهــا‬ ‫إىل ‪ 12‬مليــون دوالر شــهرياً‪ ،‬أصبحــت مكلفــة‬ ‫للغايــة بالنســبة إليطاليــا وحدهــا‪ ،‬ورفــض‬ ‫االتحــاد األورويب تقديــم الدعــم للعميلــة ألن‬ ‫السياســيني مــن بعــض الــدول األعضــاء اعتقــدوا‬ ‫بــأن العمليــة ســوف تجــذب املزيــد مــن‬

‫الالجئــن‪ ،‬وســوف تســاعد املهربــن يف املــدى‬ ‫الطويــل‪.‬‬ ‫وبــدالً مــن ذلــك‪ ،‬تــم تكليــف وكالــة الحــدود‬ ‫يف االتحــاد األورويب‪ ،‬فرونتكــس‪ ،‬بعمليــة‬ ‫إنقــاذ أصغــر بكثــر تســمى‪ ،‬عمليــة تريتــون‪،‬‬ ‫وباإلضافــة إىل حقيقــة أن الربنامــج الجديــد‬ ‫يتلقــى متويــاً أقــل‪ ،‬ال تعمــل زوارق هــذا‬ ‫الربنامــج إال بالقــرب مــن حــدود االتحــاد‬ ‫األورويب‪ ،‬وليــس عــى مقربــة مــن الســاحل‬ ‫الليبــي‪ ،‬حيــث غــرق العديــد مــن الالجئــن يف‬ ‫املــايض‪.‬‬ ‫وذك��رت الصحيف��ة ب��أن اس��تحالة‬ ‫القب��ول النظام��ي للمهاجرين أحد أس��باب‬ ‫القت��ل العل�ني‪:‬‬ ‫‪ -2‬مــن املســتحيل تقريبــاً دخــول أوروبــا‬ ‫بشــكل قانــوين كالجــئ‪:‬‬ ‫يواجــه املتقدمــون للحصــول عــى تأشــرات‬ ‫أوروبيــة نظامــاً مــن فئتــن‪ :‬إذا كنــت مــن‬ ‫األثريــاء مبــا فيــه الكفايــة‪ ،‬ميكنــك رشاء رخصــة‬ ‫اإلقامــة؛ وأمــا كل املتقدمــن مــن شــال أفريقيا‬ ‫والــرق األوســط تقريبـاً فهــم يقعــون يف الفئــة‬ ‫الثانيــة‪ ،‬ولديهــم فــرص ضئيلــة بالحصــول عــى‬ ‫تأشــرة االتحــاد األورويب‪.‬‬ ‫ويتــم منــح املتقدمــن تأشــرات الدخــول إىل‬ ‫دول االتحــاد األورويب يف حــال كان مــن املؤكــد‬

‫أن لديهــم ن ّيــة ملغــادرة هــذه الــدول مــرة‬ ‫أخــرى‪ .‬ويصنــف الســوريون‪ ،‬عــى ســبيل املثال‪،‬‬ ‫كمشــتبه بهــم بســبب الوضــع يف بلدهــم‪ ،‬وهــو‬ ‫األمــر الــذي مينعهــم مــن الحصــول حتــى عــى‬ ‫التأشـرات الســياحية للوصــول إىل دول االتحــاد‬ ‫األورويب‪.‬‬ ‫ولعــدم قدرتهــم عــى دخــول القــارة بشــكل‬ ‫قانــوين‪ ،‬يضطــر الالجئــون إىل النظــر يف خيــارات‬ ‫أكــر خطــورة‪ ،‬مثــل الطــرق البحريــة‪.‬‬ ‫ومبجــرد وصولهــم إىل األرايض األوروبيــة‪،‬‬ ‫يســتطيعون تقديــم أوراقهــم للحصــول عــى‬ ‫اللجــوء‪ ،‬ويكــون لديهــم فرصــة جيــدة يف أن‬ ‫يســمح لهــم بالبقــاء‪ ،‬ولذلــك‪ ،‬ملــاذا ال يســمح‬ ‫االتحــاد األورويب لهــؤالء املهاجريــن بتقديــم‬ ‫أوراقهــم ببســاطة مــن أجــل الحصــول عــى‬ ‫نفــس التصاريــح دون إجبارهــم عــى عبــور‬ ‫البحــر املتوســط بشــكل غــر قانــوين؟ يبــدو‬ ‫األمــر كــا لــو أن هــدف االتحــاد األورويب‬ ‫هــو اســتخدام وفــاة بعــض املهاجريــن ك ـرادع‬ ‫لآلخريــن‪ ،‬إال أن ذلــك ال يعمــل‪ ،‬وقــد ارتفــع‬ ‫عــدد الالجئــن الذيــن يقــررون عبــور البحــر‬ ‫األبيــض املتوســط بشــكل مســتمر رغــم كل‬ ‫حــاالت الغــرق‪.‬‬ ‫وعرجــت الصحيفــة أخــرا ً عــى ال مبــاالة‬ ‫أوروبــا بالــدول املحيطــة بهــا والتــي ســاهمت‬ ‫هــي بتدمريهــا وامتنعــت عــن مســاعدتها‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل أن اوروبــا كــا تتــداول الكثــر‬ ‫مــن األنبــاء تدعــم خفيــة نظــام بشــار األســد‬ ‫الــذي قــام بتدمــر ســورية خــال الســنوات‬ ‫املاضيــة وتحــت األنظــار األوربيــة وبصمــت‬ ‫املشــارك بالجرميــة يف الســاحة الســورية‪ ،‬متام ـاً‬ ‫كــا دمــرت أوروبــا ليبيــا وامتنعــت عــن‬ ‫مســاعدتها يف إعــادة البنــاء‪:‬‬ ‫‪ -3‬حلــف شــال األطلــي ودول أعضــاء يف‬ ‫االتحــاد األورويب قصفــوا ليبيــا لكنهــم فشــلوا‬ ‫يف إعــادة بنائهــا‪:‬‬ ‫قبــل الربيــع العــريب‪ ،‬أيــدت الــدول األعضــاء يف‬ ‫االتحــاد األورويب رصاح ـ ًة العديــد مــن أنظمــة‬ ‫شــال أفريقيــا والــرق األوســط التــي تعتــر‬

‫م��وت حمت��م وأم��ل ضئي��ل بالنج��اة‬

‫‪3‬‬

‫مســؤول ًة عــن العديــد مــن املشــاكل التــي‬ ‫تواجههــا املنطقــة اليــوم‪.‬‬ ‫ويف عــام ‪ ،2007‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬اســتضاف‬ ‫الرئيــس الفرنــي آنــذاك‪ ،‬نيكــوال ســاركوزي‪،‬‬ ‫الزعيــم الليبــي الســابق‪ ،‬معمــر القــذايف‪ ،‬ملــدة‬ ‫خمســة أيــام يف باريــس‪ ،‬بهــدف تأمــن صفقــة‬ ‫أســلحة تصــل قيمتهــا إىل ‪ 5.68‬مليــار دوالر‪،‬‬ ‫وبعــد أربــع ســنوات فقــط‪ ،‬هاجمــت فرنســا‬ ‫ودول أخــرى‪ ،‬مبــا يف ذلــك الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫ليبيــا يف محاولــة لإلطاحــة بالقــذايف نفســه‪.‬‬ ‫وكان مــن املفــرض أن يكــون التدخــل رسيع ـاً‬ ‫وســهالً‪ ،‬ولكــن ليبيــا تحولــت إىل منطقــة مــن‬ ‫الفــوىض وال ـراع‪ ،‬مــن دون أن تفعــل أوروبــا‬ ‫شــيئاً يذكــر لتحســن األوضــاع فيهــا‪ ،‬ويعــد‬ ‫عــدم االســتقرار الليبــي مــن بــن أهــم األســباب‬ ‫التــي تجعــل عصابــات االتجــار بالبــر العمــل‬ ‫يف البــاد مــن دون وجــود أي خــوف مــن‬ ‫الســلطات‪.‬‬ ‫وتتســاءل الصحيفــة أخــرا ً‪ :‬هــل يســتطيع‬ ‫االتحــاد األورويب التعلــم مــن أخطائــه ومنــع‬ ‫وقــوع املزيــد مــن الوفيــات؟‬ ‫وفقـاً لتعهــد أورويب‪ ،‬وســتتم مناقشــته يف وقــت‬ ‫الحــق ‪ ،‬قــد تكــون أوروبــا مســتعدة ملعالجــة‬ ‫بعــض املشــاكل التــي أوجدتهــا‪ .‬ومــن بــن‬ ‫األفــكار املقرتحــة عــى الطاولــة زيــادة متويــل‬ ‫وتوســيع نطــاق تشــغيل ســفن دوريــات‬ ‫اإلنقــاذ التابعــة لالتحــاد األورويب‪.‬‬ ‫ولكــن الصحيفــة تتنــاىس مشــكلة الســوريني‬ ‫والنــزوح الجامعــي للمواطنــن الســوريني‬ ‫وتدرجــه ضمــن مشــاكل متنوعــة يف الــرق‬ ‫األوســط‪:‬‬ ‫وقــد يتــم قبــول املزيــد مــن الالجئــن بشــكل‬ ‫قانــوين يف االتحــاد األورويب‪ ،‬ولكــن التعهــد‬ ‫يذكــر أيض ـاً أنــه يجــب إرســال طالبــي اللجــوء‬ ‫غــر املقبولــن برسعــة أكــر إىل بالدهــم‪ ،‬وال‬ ‫يبــدو أن هنــاك أي خطــط حتــى اآلن ملعالجــة‬ ‫الجــذور األعمــق للنــزوح الجامعــي‪ ،‬وهــي‬ ‫الفــوىض يف ليبيــا وبعــض الــدول األخــرى يف‬ ‫شــال أفريقيــا والــرق األوســط‪.‬‬

‫عروة المهاوش‬

‫املــوت بــن ضفتــي املتوســط أكــر مــن‬ ‫‪ 1600‬مواطــن كان يحلــم بحيــاة أكــر أمن ـاً‬ ‫لعائلتــه‪ ،‬والحصــول عــى منــزل يف إحــدى‬ ‫املخيــات الخاصــة‪ ،‬وتأمــن صحــي وراتــب‬ ‫شــهري بســيط‪ ،‬مراكــب ليــس فيهــا أدىن‬ ‫مقومــات الســامة‪ ،‬يدفــع فيهــا الســوري‬ ‫مثنـاً ملوتــه مبلغـاً كبـرا ً‪ ،‬عــى أمــل النجــاة‪،‬‬ ‫بينــا الناجــي الوحيــد يكــون املهــرب الــذي‬ ‫يرتكهــم ملصريهــم املحتــوم‪ ،‬بعــد أن يكــون‬ ‫قــد قبــض مثــن حياتهــم‪.‬‬

‫أكرب كارثة إنسانية‬

‫يف جنــوب إيطاليــا وتحديــدا ً يف مضيــق‬ ‫صقليــة حدثــت أكــر كارثــة إنســانية يف‬ ‫تاريــخ الهجــرة غــر الرشعيــة‪ ،‬فجــر يــوم‬ ‫‪ 2015/4/19‬وصــل نــداء اســتغاثة إىل خفــر‬ ‫الســواحل اإليطــايل‪ ،‬يوضــح أن مركب ـاً عــى‬ ‫متنــه ‪ 700‬إنســان قــد تعــرض للغــرق‪،‬‬ ‫شــاركت يف عمليــات اإلنقــاذ ســفن الشــحن‬ ‫القريبــة‪ ،‬وكذلــك قــوارب الصيــد‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫لحوامــات ســاح البحريــة‪ ،‬لكــن البحــر‬ ‫ســبقهم يف ابتالعهــم‪ ،‬حيــث مل يتــم إنقــاذ‬ ‫ســوى ‪ 28‬شــخصاً فقــط‪.‬‬

‫موعد آخر مع املوت‬

‫قبالــة الســواحل اليونانيــة كان هنــاك‬ ‫موعــد آخــر مــع املــوت غرقــاً بفــارق‬

‫زمنــي ال يتجــاوز ‪ 24‬ســاعة‪ ،‬قــارب آخــر‬ ‫يقــل عــى متنــه ‪ 400‬مهاجــر غــر رشعــي‪،‬‬ ‫كانــوا ضحيــة جــدد لعمليــات التهريــب‬ ‫غــر الرشعيــة‪ ،‬بينهــم أطفــال ونســاء فــروا‬ ‫مــن أتــون الحــرب ببالدهــم نحــو مصريهــم‬ ‫املحتــوم‪.‬‬ ‫مأســاة يعيشــها الســوريون يف ظــل التعتيــم‬ ‫اإلعالمــي العاملــي والعــريب‪ ،‬وتقاعــس‬ ‫املجتمــع الــدويل عــن اتخــاذ إجــراءات‬ ‫عاجلــة مــن أجــل منــع تك ـرار مــا حــدث‪،‬‬ ‫عــى الرغــم مــن بعــض الترصيحــات التــي‬ ‫تبــدو خجولــة‪ ،‬ففــي هــذا الســياق طالــب‬ ‫االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‬ ‫الســورية املجتمــع الــدويل بإيجــاد طــرق‬ ‫رشعيــة وقانونيــة لنقــل املهاجرين الســوريني‬

‫إىل مناطــق آمنــة إىل حــن عودتهــم إىل‬ ‫بالدهــم‪ ،‬فيــا ح ّملــت منظمــة أطبــاء بــا‬ ‫حــدود‪ ،‬الــدول األوربيــة مســؤولية كارثــة‬ ‫العــر‪ ،‬كونهــا أغلقــت معابرهــا الحدوديــة‬ ‫أمــام املهاجريــن الســوريني‪ ،‬فــكان البديــل‬ ‫لهــم مواجهــة املــوت يف عــرض البحــر‪.‬‬ ‫ويف هــذا الصــدد وبترصيــح آخــر لوزيــر‬ ‫خارجيــة فرنســا الســابق برنــار كوشــنري‬ ‫قــال‪ :‬إن أوربــا كلهــا تتحمــل الذنــب يف تــرك‬ ‫مئــات مــن املهاجريــن يلقــون حتفهــم يف‬ ‫البحــر املتوســط‪ ،‬وطالــب بإنشــاء اســطول‬ ‫انقــاذ أوريب مــن الــدول الثامنيــة والعرشيــن‬ ‫األعضــاء يف االتحــاد األوريب‪ ،‬فيــا دعــت‬ ‫مســؤولة السياســة الخارجيــة يف االتحــاد‬ ‫األوريب فيديــركا موغريينــي إىل دعــم عمــل‬

‫مشــرك بــن دول االتحــاد مــن شــأنه حاميــة‬ ‫املهاجريــن‪ ،‬ووصفــت يف الوقــت ذاتــه‬ ‫الحادثــة بأنهــا مــن أســوأ حــوادث الغــرق‪.‬‬ ‫عــى الصعيــد ذاتــه ق ّدمــت املفوضيــة‬ ‫األوربيــة خطــة عمــل مــن عــر نقــاط‬ ‫ملواجهــة تهريــب املهاجريــن‪ ،‬ســتناقش‬ ‫النقــاط العــر خــال القمــة اإلســتثنائية‬ ‫لقــادة دول االتحــاد األوريب‪ ،‬واملزمــع عقدها‬ ‫يف بروكســل يف الثالثــن مــن الشــهر الحــايل‪.‬‬ ‫ويبقــى للســوريني خيــارات أخــرى للمــوت‬ ‫ريثــا تتخــذ دول االتحــاد األوريب إجراءاتهــا‪،‬‬ ‫ويبقــى املســؤول األول واألخــر عــن القتــل‬ ‫واملــوت «بشــار األســد»‪ ،‬والــدول التــي‬ ‫تنــارصه يف إخــاد ثــورة الحريــة والكرامــة‬ ‫الســورية‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫جمل��س األمن يناقش األوضاع اإلنس��انية يف س��وريا‪..‬‬

‫أجنلين��ا جول��ي‪ :‬الس��وريون يتس��اءلون مل��اذا حن��ن غ�ير جديري��ن باإلنق��اذ؟‬ ‫فال�يري آم��وس‪ :‬علين��ا أن نس��تفيق ونزي��ل التخدي��ر ال��ذي أصابنا جتاه س��وريا‬

‫دعــت مســؤولة املســاعدات باألمــم املتحدة‪،‬‬ ‫فالــري أمــوس‪ ،‬مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬يــوم‬ ‫الجمعــة ‪ ،2015/4/24‬يف الجلســة التــي تــم‬ ‫تكريســها ملناقشــة األوضــاع اإلنســانية للالجئــن‬ ‫الســوريني لفــرض حظــر أســلحة وعقوبــات‬ ‫موجهــة إىل ســوريا بســبب انتهــاكات للقانــون‬ ‫اإلنســاين الــدويل‪ ،‬يف حــن دعــت املبعوثــة‬ ‫الدوليــة الخاصــة أنجيلنــا جــويل أعضــاء‬ ‫املجلــس لزيــارة ماليــن الالجئــن الســوريني‪.‬‬ ‫وطالبــت جــويل بدعــم ج ـران ســورية الذيــن‬ ‫يقدمــون «مســاهامت فائقــة»‪ ،‬مســتنكرة‬ ‫غــرق آالف الالجئــن عــى أعتــاب أغنــى قــارات‬ ‫العــامل‪ ،‬مضيفــة أن «أحــدا ً ال يخاطــر بحياتــه‬ ‫وحيــاة أطفالــه يف هــذه الرحــات املحفوفــة‬ ‫باملخاطــر يف البحــر إال بدافــع مــن اليــأس‬ ‫املطلــق»‪.‬‬ ‫وطلبــت أمــوس أيضــاً مــن املجلــس تفويــض‬

‫لجنــة التحقيــق التابعــة لألمــم املتحــدة‬ ‫الخاصــة بســوريا بالتحقيــق يف وضــع املناطــق‬ ‫املحــارصة وتحويــل املــدارس واملستشــفيات إىل‬ ‫مواقــع عســكرية وشــن هجــات عــى هــذه‬ ‫املنشــآت‪ .‬وبحــث كل الخيــارات املتوفــرة‬ ‫لحاميــة املدنيــن يف ســوريا وضــان إيصــال‬ ‫املســاعدات اإلنســانية لهــم‪.‬‬ ‫ووصــف مجلــس األمــن الــدويل األزمــة‬ ‫الســورية بأنهــا صــارت أكــر حالــة طــوارئ‬ ‫إنســانية يف العــامل‪ ،‬محــذرا ً املجلــس مــن أن‬ ‫األوضــاع اإلنســانية يف ســوريا ســتزداد تدهــورا ً‬ ‫يف ظــل غيــاب أي حــل ســيايس لألزمــة‪.‬‬ ‫وأبــدى املجلــس قلقــه مــن خطــورة األوضــاع‬ ‫التــي وصلــت إليهــا الظــروف اإلنســانية يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬يف حــن طلــب مفــوض األمــم املتحــدة‬ ‫لشــؤون الالجئــن أنطونيــو غويتــرس مــن‬ ‫الحكومــات أن تســمح للســوريني باالحتــاء يف‬

‫ديارهــا‪.‬‬ ‫كــا تطــرق بيــان املجلــس‪ ،‬الــذي جــاء عقــب‬ ‫الجلســة وتــاه وزيــر خارجيــة األردن نــارص‬ ‫جــودة الــذي يــرأس الــدورة الحاليــة للمجلــس‪،‬‬ ‫إىل مــا وصفــه بالتأثــر الســلبي لألزمة الســورية‬ ‫عــى دول الجــوار‪.‬‬ ‫وطالــب مجلــس األمــن يف هــذا الســياق الرئيس‬ ‫الســوري بشــار األســد بالتنفيــذ الفــوري لجميــع‬ ‫القـرارات الدوليــة الخاصــة بحاميــة املدنيني‪.‬‬ ‫وبعــد أكــر مــن أربــع ســنوات مــن عمــر‬ ‫األزمــة‪ ،‬تدهــور الوضــع إىل حــد كبــر يف‬ ‫ســوريا حيــث نــزح نحــو نصــف الســكان‪،‬‬ ‫مــا يشــكل بحســب األمــم املتحــدة مســتوى‬ ‫قياســياً عامليـاً ال مثيــل لــه منــذ عرشيــن عامـاً‪،‬‬ ‫وكانــت املفوضيــة العليــا لشــؤون الالجئــن قــد‬ ‫أكــدت أن هنــاك ‪ 12‬مليــون ســوري بحاجــة‬ ‫إىل املســاعدة للبقــاء عــى قيــد الحيــاة‪ ،‬كــا‬ ‫أن ماليــن األطفــال يعانــون مــن صدمــات‬ ‫نفســية ومشــاكل صحيــة‪ ،‬وأن نصــف األطفــال‬ ‫ال يتمتعــون يف بلــدان اللجــوء بالتعليــم‪ ،‬وأن‬ ‫‪ 2,4‬مليــون طفــل ال يحصلــون عــى التعليــم‬ ‫داخــل البــاد‪.‬‬ ‫وأثــارت الكلمــة التــي وجهتهــا الفنانــة‬ ‫األمريكيــة أنجلينــا جــويل تعاطفــاً واســعاً يف‬ ‫األوســاط السياســية‪ ،‬كــا أحدثــت ضجــة‬ ‫إعالميــة يف األوســاط العامــة‪ ،‬وجــدالً واســعاً‬ ‫وانحيــازا ً لقضيــة الســوريني اإلنســانية‪ ،‬الذيــن‬ ‫يتعرضــون للقتــل والتهجــر والتدمــر‪ ،‬وأبــرزت‬ ‫كلمتهــا املفعمــة باإلنســانية عجــز املجتمــع‬ ‫الــدويل ممثـاً باألمــم املتحــدة ومجلــس األمــن‬ ‫عــن حــل الن ـزاع الســوري واالنحيــاز لقضيتــه‬

‫مرك��ز أف��ق «‪ »UFUK‬إلع��ادة تأهي��ل األطف��ال ذوي‬ ‫اإلحتياج��ات اخلاص��ة‬

‫مبناســبة عيــد التو ّحــد العاملــي وعيــد الطفــل العاملــي أقــام‬ ‫مركــز أفــق مبدينــة شــانيل أورفــا حفــاً موســيقياً ومعرضــاً‬ ‫للرســوم التــي أنجزهــا أطفــال املركــز‪ ،‬الــذي يعــد مــن أهــم‬ ‫مراكــز التدريــب والعنايــة باألطفــال الســوريني واألتــراك‪،‬‬ ‫قدمــت إدارة املركــز الرتكيــة املبنــى بكافــة خدماتــه ألطفــال‬ ‫ســوريا ذوي االحتياجــات الخاصــة‪ ،‬يف فــرة مــا بعــد الظهر من‬ ‫الســاعة الثالثــة وحتــى املســاء‪ ،‬بينــا يكــون املركــز مخصصـاً‬ ‫يف الفــرة الصباحيــة لألطفــال األتـراك‪ ،‬هــؤالء األطفــال بحاجــة‬ ‫إىل عنايــة مدروســة واهتــام خــاص مــن قبــل املرشفــن‬ ‫واألهــل‪ ،‬أطفــال التو ّحــد أطفــال اإلعاقــة العقليــة يرعاهــم‬ ‫هــذا املركــز إذ يوجــد لديهــم خمســون طفــاً يرعاهــم‬ ‫ويقـ ّدم لهــم كل الخدمــات الرضوريــة كاملواصــات والوجبــات‬ ‫الغذائيــة‪ ،‬تحــت إرشاف طبــي‪ ،‬بينــا ونتيجــة نقــص الدعــم‬ ‫مــن الجهــات الحكوميــة الســورية واملنظــات يوجــد لدينــا‬ ‫أطفــال مســجلني يف املركــز ونحــن غــر قادريــن عــى االهتــام‬ ‫بهــم‪ ،‬يف حــن تــم تخفيــض الــدوام إىل ثالثــة أيــام يف األســبوع‬ ‫للبقيــة‪.‬‬ ‫يعمــل املركــز عــى توجيــه طاقــات األطفــال نحــو اإلبــداع يف‬ ‫مجــاالت الرســم واملوســيقى‪ ،‬وكانــت رســوماتهم تعــر عــن‬ ‫معنــى آخــر بتصوراتهــم‪،‬‬ ‫الفــرح واألمــل‪ ،‬وتعطــي للحيــاة‬ ‫ً‬ ‫ويــرف عليهــم أخصائيــون وكادر تعليمــي مختــص يف‬

‫التعامــل معهــم‪ ،‬باإلضافــة ملــريف دروس الرســم واملوســيقى‬ ‫املتطوعــن لخدمــة هــؤالء األطفــال‪ ،‬والذيــن هــم بأشــد‬ ‫الحاجــة للعنايــة بهــم‪.‬‬ ‫تخلــل الحفــل واملعــرض كلــات نابعــة مــن القلــب عــرت‬ ‫عنهــا الحكومــة الرتكيــة ممثلــة بنائبــة وايل أورفــا والتــي‬ ‫ذكــرت فيهــا أن الحكومــة الرتكيــة تعمــل بــكل طاقاتهــا مــن‬ ‫أجــل تقديــم كل الخدمــات لإلخــوة الســوريني الضيــوف‪،‬‬ ‫وقالــت‪ :‬نحــن فتحنــا لكــم قلوبنــا قبــل أيدينــا‪.‬‬ ‫وقــال الســيد خــري خوجــة مديــر املركــز‪ :‬إننــا نهتــم باألطفال‬ ‫الســوريني كاهتاممنــا باألطفــال األتـراك‪ ،‬فكالهــا يحتــاج منــا‬ ‫االهتــام الكامــل‪ ،‬ولــن ندخــر جهــدا ً أو وقتـاً يف ســبيل تقديم‬ ‫كل مــا نســتطيع‪ ،‬ثــم تحدثــت ســيدة ســورية عــن معاناتهــا يف‬ ‫دول اللجــوء التــي ســبقت وصولهــا إىل تركيــا‪ ،‬حيــث أشــادت‬ ‫مبســتوى الرعايــة يف تركيــا‪ ،‬واالهتــام الكبــر مــن قبــل‬ ‫الحكومــة الرتكيــة فيــا يخــص الســوريني عامــة‪ ،‬واألطفــال‬ ‫خاصــة‪ ،‬تالهــا أغنيــة مــن األطفــال الســوريني باللغتــن‬ ‫الســورية والرتكيــة‪ ،‬وجولــة للحارضيــن مبعــرض الرســومات‬ ‫لينتهــي الحفــل برقصــة رائعــة شــارك فيهــا الحضــور بالرقــص‬ ‫عــى أنغــام أغنيــة «مريــم مرميتــي»‪ ،‬وكانــت تلــك الرقصــة‬ ‫خــر تعبــر عــن فرحتهــم بهــذا االهتــام مــن قبــل الجميــع‪.‬‬

‫العادلــة يف العيــش الحــر الكريــم‪.‬‬ ‫وجــاء يف الكلمــة‪ :‬منــذ انــدالع الرصاع يف ســوريا‬ ‫يف عــام ‪ 2011‬قمــت بزيــارة الالجئــن إحــدى‬ ‫عــر مــرة يف كل مــن لبنــان وتركيــا والع ـراق‬ ‫واألردن‪ .‬التقيــت بــاألم التــي انتُزعــت ابنتهــا‬ ‫مــن حضنهــا‪ ،‬ورأيــت أرسة مؤلفــة مــن أحــد‬ ‫عــر فــردا ً يعيشــون يف خيمــة بلبنــان‪ ،‬وميكــن‬ ‫أن نذكــر لكــم شــعور املســؤولية لفتــاة تعيــل‬ ‫هــذه األرسة التــي فقــد معيلهــا‪ ،‬بينــا قضــت‬ ‫زوجتــه يف غــارة جويــة‪ ،‬وأفكــر بالدكتــور أميــن‬ ‫وهــو أحــد األطبــاء مــن حلــب فقــد زوجتــه‬ ‫وابنتــه ذات الثــاث ســنوات يف البحــر مــع‬ ‫املئــات مــن األشــخاص‪ ،‬وأتســاءل كيــف يعيــش‬ ‫هــؤالء وقــد فقــدوا روح األمــل‪.‬‬ ‫الســوريون الذيــن قابلتهــم كانــوا مفعمــن‬ ‫عــا‬ ‫باألمــل‪ ،‬قالــوا أرجــوك اخــري النــاس ّ‬ ‫يحصــل لنــا‪ ،‬وكانــوا واثقــن أن الحقيقــة وحدها‬ ‫تضمــن التحــرك الــدويل‪ ،‬وعندمــا عــدت كان‬ ‫األمــل قــد تحــول إىل غضــب‪ ،‬غضــب رجــل‬ ‫يحمــل ابنــه الرضيــع‪ ،‬ويســألني‪ :‬هــل هــذا‬ ‫الصغــر إرهــايب؟ هــل ابنــي إرهــايب‪ ،‬يف زيــاريت‬ ‫األخــرة يف شــباط كان الغضــب قــد تحــول إىل‬ ‫بــؤس وإحبــاط‪ ،‬والســؤال األهــم ملــاذا نحــن‬ ‫الســوريني ال نســتحق الحيــاة؟‬ ‫وأضافــت جــويل‪ :‬أكــر مــن أربعــة ماليــن مــن‬ ‫الالجئــن أصبحــوا ضحايــا لنــزاع مل يكونــوا‬ ‫جــزءا ً فيــه‪ ،‬النـزاع الــذي كان مــن املفــرض مــن‬ ‫األمــم املتحــدة وضــع حــد لــه‪ ،‬بالتعــاون مــع‬ ‫جميــع البلــدان لوضــع حلــول سياســية وإنقــاذ‬ ‫أرواح الســوريني‪ ،‬ولكننــا أخفقنــا بهــذه املهمــة‪.‬‬ ‫وقالــت‪ :‬القانــون اإلنســاين الــدويل مينــع‬

‫التعذيــب والتجويــع واســتهداف املــدارس‬ ‫واملستشــفيات‪ ،‬ولكــن هــذه الجرائــم تحــدث‬ ‫كل يــوم يف ســوريا‪ ،‬وملجلــس األمــن صالحيــات‬ ‫متكنــه مــن معالجــة هــذه األمــور‪ ،‬التــي تشــكل‬ ‫مبجملهــا تهديــدا ً مبــارشا ً للســلم واألمــن‬ ‫الدوليــن‪ ،‬ولألســف فــإن هــذه الصالحيــات غــر‬ ‫مســتخدمة‪.‬‬ ‫ووجهــت يف كلمتهــا ثالثــة نــداءات نيابــة عــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬وقالــت‪ :‬أتقــدم بثالثــة نــداءات إىل‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬األول‪ :‬نــداء للوحــدة ملجلــس‬ ‫األمــن أن يعمــل بيــد واحــدة مــن أجــل وضــع‬ ‫حــد لهــذا النــزاع‪ ،‬والوصــول إىل تســوية تــأيت‬ ‫بالعــدل واملســاءلة‪ ،‬وأحــث أعضــاء املجلــس‬ ‫لزيــارة الالجئــن الســوريني يك يــروا املعانــاة‬ ‫بأنفســهم‪.‬‬ ‫الثــاين‪ :‬أردد مــا قيــل بشــأن الدعــم لجــران‬ ‫ســوريا‪ ،‬الذيــن يقومــون بإســهام ضخــم جــدا ً‪،‬‬ ‫وهــذا مــن شــأنه أن يبعــث األمــل‪ ،‬وأن يرفــع‬ ‫األمل العميــق الــذي يرتكــه منظــر الالجئــن‬ ‫الذيــن يغرقــون يف البحــر‪ ،‬وهــم عــى أبــواب‬ ‫أكــر القــارات ثــرا ًء‪.‬‬ ‫الثالــث‪ :‬الوحشــية‪ ،‬وحشــية هــؤالء الذيــن‬ ‫يقومــون بارتــكاب العنــف الجنــي الفظيــع‪،‬‬ ‫وهــذا يتطلــب املزيــد مــن الجهــد مــن‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬علينــا أن نرســل رســالة بأننــا‬ ‫جــادون بشــأن املســاءلة عــن هــذه الجرائــم‪.‬‬ ‫وأخـرا ً أود أن أقــول لكــم إن عــدم متكننــا مــن‬ ‫الوصــول إىل حلــول سياســية يف ســوريا‪ ،‬ســينتج‬ ‫عنــه نزوح ـاً جامعي ـاً‪ .‬إنــه بحــر مــن البرشيــة‬ ‫املهمشــة‪ ،‬بينــا األولويــة تتمثــل يف إنهــاء‬ ‫ال ـراع الســوري‪.‬‬

‫مهرجان فين يف مدرسة سليمان شاه بأقجة قلعة‬ ‫ماهر شدو‬ ‫بــادرت مدرســة ســليامن شــاه الوليــد يف مدينــة‬ ‫أقجــة قلعــة الرتكيــة بإقامــة مهرجــان طــايب يف‬ ‫الصالــة الرياضيــة بحضــور الســيد القائــم مقــام‬ ‫ومديــر الرتبيــة والتعليــم وجمهــور عريــض مــن مــدراء‬ ‫املــدارس والدوائــر يف املدينــة‪ ،‬وحشــد كبــر مــن‬ ‫األخــوة الســوريني‪ ،‬وتضمــن املهرجــان مجموعــة مــن‬ ‫الفعاليــات‪ ،‬وبــدأت االفتتاحيــة بتــاوة عطــرة مــن‬ ‫الذكــر الحكيــم‪ ،‬ثــم نشــيد ســبحان اللــه باللغــة الرتكيــة‬ ‫أداه مجموعــة مــن طــاب املدرســة‪ ،‬ثــم مرسحيــة‬ ‫تراجيديــة بعنــوان أطفــال ســورية‪ ،‬تالهــا قصيــدة‬ ‫رصخــة طفلــة باللغــة الرتكيــة‪ ،‬ثــم نشــيد بكتب اســمك‬ ‫يــا بــادي‪ ،‬ثــم قصيــدة طفوليــة للطفلــة املعجــزة ســارة‬ ‫الفنــاد بعنــوان الصبيــة وشــمس الحريــة‪ ،‬واختتــم‬ ‫املهرجــان بوصلــة مــن الــراث الشــعبي الفــرايت‬ ‫والدبكــة الشــعبية‪ ،‬وشــارك يف املهرجــان منظمــة ‪impr‬‬ ‫بيــت الدعــم االجتامعــي‪ ،‬التــي قدمــت هدايــا للطــاب‬ ‫املتفوقــن واملعلمــن املميزيــن يف املدرســة‪.‬‬ ‫وقــال األســتاذ تــريك الجــر مــن إدارة املدرســة كان‬ ‫الهــدف مــن هــذا املهرجــان تســليط الضــوء عــى‬ ‫مشــاكل وهمــوم العمليــة الرتبويــة والتعليميــة مــن‬ ‫خــال الفــن واألدب‪ ،‬وهــي تحمــل مبجملهــا رســائل‬ ‫إنســانية للمجتمــع الــريك واإلخــوة الســوريني املقيمــن‬ ‫يف هــذه املنطقــة‪.‬‬ ‫كــا تحــدث الدكتــور أحمــد مــااليت مــن منظمــة بيــت‬ ‫الدعــم االجتامعــي‪ ،‬قائــاً‪ :‬إن مدرســة ســليامن شــاه‬ ‫مــن مــدارس الســوريني الرائــدة يف تركيــا‪ ،‬وكنــا دامئــا‬ ‫مــن الداعمــن لهــا‪ ،‬وقدمنــا يف مراحــل ســابقة وســائل‬ ‫ومســتلزمات تعليميــة وأحذيــة للطــاب وغريهــا‪،‬‬ ‫وبــكل تواضــع وحســب اإلمكانيــات ســنظل ندعــم‬ ‫املدرســة لالرتقــاء باملســتوى التعليمــي والرتبــوي فيهــا‪.‬‬

‫مــن جانبــه تحــدث الســيد أيــوب فـرات بكلمــه توجــه‬ ‫بهــا إىل الجمهــور الكبــر مرحبــاً باإلخــوة الســوريني‬ ‫وقــال‪ :‬أهــاً بكــم يف بلدكــم تركيــا وإن شــاء للــه‬ ‫نزوركــم العــام القــادم يف بلدكــم ســورية لتكونــوا أنتــم‬ ‫األنصــار ونحــن املهاجــرون‪ ،‬وتكــون ســورية تنعــم‬ ‫بالحريــة‪.‬‬ ‫كــا أقيــم عــى هامــش املهرجــان معــرض للفنــون‬ ‫التشــكيلية شــارك فيــه عــدد مــن معلمــي املدرســة‬ ‫والطــاب‪ ،‬وكانــت اللوحــات مســتوحاة مــن وحــي‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬ونقلــت جــزءا ً مــن معانــاة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وتحــاول رســم معــامل الحريــة والكرامــة التــي‬ ‫خــرج مــن أجلهــا الســوريني‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫الحرملي‬

‫الس��وريون م��ن جحي��م امل��وت إىل ذل األم��ان‪..‬؟!‬

‫‪5‬‬

‫مالئكة وشياطني‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫أقدمــت الحكومــة الرتكيــة عــى إغــاق معــر تــل‬ ‫أبيــض الحــدودي إثــر ســيطرة تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫عــى عمــوم محافظــة الرقــة‪ ،‬ثــم يف خطوة الحقــة قامت‬ ‫بإغــاق معــري بــاب الســام وبــاب الهــوى تحــت‬ ‫ذرائــع عــ ّدة‪ ،‬منهــا الحفــاظ عــى أمنهــا واســتقرارها‪،‬‬ ‫ومنــع تســلل اإلرهابيــن إىل أراضيهــا‪ ،‬وانتعشــت نتيجــة‬ ‫لذلــك عمليــات تهريــب الالجئــن الســوريني مــن ســوريا‬ ‫إىل تركيــا‪ ،‬بالتــوازي مــع تهريــب املــوايش بأنواعهــا‪،‬‬ ‫واملــواد االســتهالكية‪.‬‬ ‫عمليــات التهريــب محفوفــة باملخاطــر واملجازفــة‪ ،‬ويتــم‬ ‫خاللهــا اســتغالل العابريــن الفاريــن مــن املــوت والــذل‬ ‫بحث ـاً عــن مــاذ آمــن‪ ،‬ليجــدوا أمامهــم مــن يســتثمر‬ ‫لجوءهــم وفرارهــم مــن املــوت الــذي يالحقهــم يف‬ ‫معظــم األرايض الســورية‪ ،‬رحلــة املــوت والــذل هــذه‬ ‫تدعــو للتســاؤل عــن مســبباتها‪ ،‬والغايــة منهــا‪ ،‬وملــاذا‬ ‫تُغلــق الحكومــة الرتكيــة املعابــر حتــى أمــام الحــاالت‬ ‫اإلنســانية؟ وكيــف يســتطيع الســوري إيجــاد مــاذ‬ ‫آمــن؟ وملــاذا تغيــب الحكومــة الســورية املؤقتــة عــن‬ ‫هــذا املشــهد املــؤمل؟ وملــاذا يتــم اســتغالل الســوري‬ ‫أبشــع اســتغالل وهــو يفــر بعائلتــه إىل بــاد أكــر أمن ـاً‬ ‫مــن بلــده؟ وهــل ضاقــت الدنيــا عــى اتســاعها أمــام‬ ‫الســوريني‪ ،‬ومل يتبــق لهــم ســوى رحمــة اللــه؟ أســئلة‬ ‫كثــرة ســنحاول إبــراز آثارهــا يف هــذا املقــام‪.‬‬ ‫من باب السالمة إىل السليب‪ ..‬خوف وذل‪..‬‬ ‫الشــاب م ـ م مــن محافظــة الرقــة‪ ،‬وصــل معرب الســليب‬ ‫برفقــة رجــل كبــر الســن وعائلتــه‪ ،‬املكونــة مــن زوجتــه‬ ‫املقعــدة‪ ،‬وثــاث صبايــا‪ ،‬بعــد عبورهــم الحدود بواســطة‬ ‫مهــرب‪ ،‬قــام بإدخالهــم األرايض الرتكيــة مقابــل أربعــة‬ ‫آالف لــرة ســورية عــن كل شــخص‪ ،‬أمســك بهــم‬ ‫عنــارص الجيــش‪ ،‬فيــا حــاول أحــد العنــارص التحــرش‬ ‫بإحــدى الفتيــات‪ ،‬فتصــدى لــه الشــاب محتجــاً عــى‬ ‫ســوء املعاملــة‪ ،‬فقــام العســكر بإرجاعهــم إىل األرايض‬ ‫الســورية‪ ،‬بعــد أن أوســعوا الشــاب رضبــاً وركالً‪ ،‬فــا‬ ‫كان منهــم إال الرجــوع إىل الرقــة مــن جديــد‪.‬‬ ‫الحــاج أســعد‪ ،‬رجــل مســن مصــاب باحتشــاء دماغــي‪،‬‬ ‫حــاول الدخــول إىل تركيــا عــر املعــر نفســه لتلقــي‬ ‫العــاج يف إحــدى مستشــفيات أورفــا‪ ،‬وبقــي زهــاء‬ ‫نهــار كامــل يف العــراء منتظــرا ً الفــرج‪ ،‬ومل يــرا ِع أحــد‬

‫م ـرات‪ ،‬اســتغرقت م ّنــا مشــياً وركض ـاً أكــر مــن ثــاث‬ ‫ســاعات‪ ،‬ويف كل مــرة نريــد أن ندخــل نفاجــأ بعنــارص‬ ‫الحــدود‪ ،‬أو «بســيارة العقربــة»‪ ،‬إىل أن تجاوزت الســاعة‬ ‫منتصــف الليــل‪ ،‬قــام املهربــون بجمعنــا مــع قطيــع مــن‬ ‫األغنــام واألبقــار‪ ،‬وك ّنــا أكــر مــن ‪ /50/‬شــخصاً‪ ،‬كان‬ ‫معنــا أك ـراد وتركــان وآشــوريني مــن الع ـراق‪ ،‬دخلنــا‬ ‫دفعــة واحــدة مــع األغنــام واألبقــار‪ ،‬مدفوعــن بالخــوف‬ ‫مــن احتــال املــوت يف أيــة لحظــة‪ ،‬وجــدت نفــي يف‬ ‫أرض زراعيــة موحلــة‪ ،‬مل أعــد أرى أمامــي إالّ بصيــص‬ ‫نــور مــن بعيــد‪ ،‬وفجــأة ســمعت خــوارا ً وضجيج ـاً مــن‬ ‫حــويل‪ ،‬ثــم يشء مــا دفعنــي إىل األعــى ثــم ســقطت إىل‬ ‫األرض‪ ،‬تحسســت جســدي بعــد أن تتابــع مــرور األبقــار‬ ‫بالقــرب منــي‪ ،‬وحمــدت اللــه أن إصابتــي بســيطة‪،‬‬ ‫وبعــد أن وصلــت إىل مدينــة أقجــة قلعــة اكتشــفت أن‬ ‫البقــرة التــي رفعتنــي إىل األعــى قــد أحدثــت جروحـاً يف‬ ‫ذراعــي وكــف يــدي‪ ،‬لكــن بالنهايــة وصلــت‪.‬‬ ‫ويتابــع حديثــه‪ ،‬قائ ـاً‪ :‬تــأيت خطــوة الحكومــة الرتكيــة‬ ‫بإغــاق حدودهــا لتزيــد مــن همــوم الســوريني‪،‬‬ ‫والعراقيــن معهــم‪ ،‬الذيــن يبحثــون عــن مــاذ آمــن‬ ‫هربـاً مــن املــوت تحــت الرباميــل‪ ،‬أو بأيــدي املتطرفــن‬ ‫مــن داعــش‪ ،‬أو الحشــد الشــعبي وميليشــات املــوت‬ ‫الطائفــي‪ ،‬معابــر التهريــب يف تــل أبيــض أصبحــت مــاذا ً‬ ‫الفاريــن مــن جحيــم القتــال واملــوت املحتمــل يف كل‬ ‫دقيقــة‪ ،‬اســتبدل الفــارون املــوت املحتــم بطريــق الــذل‬ ‫للوصــول إىل بــ ّر األمــان‪.‬‬

‫مــن الجنــود وضعــه الصحــي املــردي‪ ،‬وبقــي إىل مــا‬ ‫بعــد منتصــف الليــل ليتمكــن مــن الدخــول إىل تركيــا‬ ‫بظــروف صعبــة جــدا ً‪.‬‬ ‫الســيدة ن ـ ج تقــول‪ :‬بعــد انتظــار أكــر مــن عرشيــن‬ ‫ســاعة متكنــت مــن الدخــول بصعوبــة‪ ،‬ودفــع املعلــوم‬ ‫للمهــرب‪ ،‬ولكــن الثمــن حــرق الحقائــب التــي أحملهــا‪،‬‬ ‫وفيهــا نقــود وألبســة األوالد ووثائقهــم وشــهاداتهم‪،‬‬ ‫وحقيبــة مليئــة باملؤنــة‪.‬‬ ‫من جحيم ال يطاق إىل حياة الذل واهلوان‪..‬‬ ‫أحــد املواطنــن قــال‪ :‬مل أمتكــن وعائلتــي مــن الدخــول‬ ‫بشــكل نظامــي عــر معــر بــاب الســامة‪ ،‬القريــب مــن‬ ‫إعـزاز‪ ،‬شــال مدينــة حلــب‪ ،‬رغــم أننــا نحمــل جــوازات‬ ‫ســفر نظاميــة‪ ،‬واضطــررت لدفــع مبلــغ كبــر للعبــور‬ ‫مــن خــال منفــذ التهريــب املجــاور لبوابــة تــل أبيــض‬ ‫الحدوديــة بعــد محاولــة يائســة مســا ًء‪ ،‬تخللهــا إطــاق‬ ‫رصــاص عشــوايئ‪ ،‬أصيــب أحــد األشــخاص يف قدمــه‪،‬‬ ‫لكننــا بقينــا إىل الفجــر حتــى متكنــا مــن الوصــول إىل‬ ‫تركيــا‪.‬‬ ‫وعــن ســبب إرصاره‪ ،‬وتكبــده العنــاء أثنــاء محاولتــه‬ ‫العبــور إىل تركيــا‪ ،‬قــال‪ :‬الحيــاة يف الرقــة مل تعــد تطــاق‪،‬‬ ‫بســبب انعــدام فــرص التعليــم لــأوالد‪ ،‬وقــد بعــت كل‬ ‫مــا أملــك يف الرقــة‪ ،‬لــي أوفــر ألوالدي فــرص التعليــم يف‬ ‫مــدارس أورفــا‪ ،‬عل ـاً أننــي أعــرف أ ّن الحيــاة يف تركيــا‬ ‫ال تطــاق أيضـاً مــن جهــة ارتفــاع آجــار البيــوت‪ ،‬وغــاء‬ ‫األســعار هنــا‪ ،‬لكنــي وضعــت يف الحســبان رضورة تلقــي‬ ‫أوالدي العلــم‪ ،‬والعيــش بأمــان بعيــدا ً عــن دمــار األســد‬ ‫غي��اب قس��ري لوس��ائل اإلع�لام ع��ن نق��ل مأس��اة‬ ‫وجحيــم متشــددي الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫الس��وريني الفاري��ن م��ن امل��وت‪..‬‬ ‫البش��ر والبق��ر‪ ..‬ع��زف خمتل��ف عل��ى طري��ق هــذه بعــض قصــص لســوريني يبحثــون عــن الخــاص‪،‬‬ ‫حيــث تغيــب معاناتهــم‪ ،‬وهــم يواجهــون الرصــاص‬ ‫مش�ترك‪..‬‬ ‫ع ـ خ مواطــن مــن الرقــة‪ ،‬اضطــر لــرك عائلتــه يف والــرب واإلهانــة‪ ،‬واالبتــزاز مــن أقرانهــم الســوريني‪،‬‬ ‫إحــدى املــدن الرتكيــة‪ ،‬وتوجــه إىل ســوريا لــي ينهــي ومــن إخوتهــم األتـراك يف ظــل تعتيــم إعالمــي‪ ،‬وغيــاب‬ ‫وثائــق تقاعــده الوظيفــي‪ ،‬وبعــد انتهــاء إجــراءات كامــل لــكل أشــكال الصــورة والصــوت‪ ،‬التــي ال يجــرؤ‬ ‫التقاعــد يف مدينــة دمشــق‪ ،‬عــاد إىل الرقــة‪ ،‬وبقــي فيهــا أحــد عــى نقلهــا‪ ،‬إن كان يف الجانــب الســوري‪ ،‬أو‬ ‫وتظــل مــادة غنيــة ألحاديــث الســوريني يف‬ ‫ّ‬ ‫مــدة يومــن‪ ،‬وتوجــه إىل الحــدود الرتكيــة‪ ،‬ويف منطقــة الــريك‪،‬‬ ‫الســليب عــاىن األمريــن‪ ،‬حتــى متكــن مــن الوصــول إىل منفاهــم القــري‪ ،‬ومتنفسـاً رحبـاً لعرضهــا عــى وســائل‬ ‫عائلتــه يف حالــة يُــرىث لهــا‪ ،‬يقــول‪ :‬بعــد عــدة محــاوالت التواصــل االجتامعــي‪ ،‬الــذي غالب ـاً ال يصــل إىل مســامع‬ ‫يائســة لتجــاوز مســافة متتــد ألكــر مــن خمســة كيلــو املســؤولني األتــراك‪.‬‬

‫كشــفت الكلمــة التــي ألقتهــا الفنانــة العامليــة أنجلينــا‬ ‫جــويل أمــام مجلــس األمــن عجــز املجتمــع الــدويل عــى وضــع‬ ‫حــد للنــزاع يف ســورية‪ ،‬وعــدم قــدرة مجلــس األمــن عــى‬ ‫وضــع األمــور يف نصابهــا الصحيــح‪ ،‬أمــام هــذه األزمــة التــي‬ ‫عصفــت بالنــاس‪ ،‬ووضعتهــم أمــام خيــارات مؤملــة‪ ،‬مــا بــن‬ ‫القتــل املبــارش بالقصــف أو القنــص‪ ،‬أو بالتجويــع‪ ،‬أو دفعهــم‬ ‫نحــو الترشيــد‪ ،‬أو النــزوح أو التهجــر‪ ،‬هــذا حــال الســوريني‬ ‫اليــوم‪ ،‬وهــم يضعــون ســؤالهم امللــح أمــام املجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫ملــاذا نحــن الســوريني ال نســتحق الحيــاة؟!‬ ‫أســئلة جــويل اإلنســانية‪ ،‬تضــع املجتمــع الــدويل أمــام مفــرق‬ ‫طــرق‪ ،‬إمــا أن يضطلــع مبســؤولياته يف حفــظ حيــاة األبريــاء‪،‬‬ ‫أو الوقــوف عــى الحيــاد والتفــرج عــى فنــون القتــل التــي‬ ‫تطــال الســوريني يف كل مــكان‪ ،‬أســئلة أحرجــت ليــس فقــط‬ ‫مجلــس األمــن‪ ،‬بــل أحرجــت الحــكام‪ ،‬وطالــت الشــارع‬ ‫العــريب‪ ،‬الــذي قبــل عــى نفســه أن يكــون شــاهد زور ملأســاة‬ ‫العــر‪.‬‬ ‫قبــل أن تظهــر أنجلينــا جــويل عــى شاشــات التلفــزة‪ ،‬وهــي‬ ‫تتحــدث عــن مأســاة الســوريني‪ ،‬ســبقتها الفنانــة الرتكيــة‬ ‫ســيدا جــاودر‪ ،‬التــي تقمصــت دور ســيدة ســورية ليــوم‬ ‫واحــد‪ ،‬عاشــت مرارتــه يف شــوارع اســتنبول وســاحاتها‪ ،‬وهــي‬ ‫تبحــث عمــن يســاعدها يف عمــل أو يف العثــور عــى بيــت‬ ‫لآلجــار‪ ،‬أو يشــري منهــا علبــة مناديــل‪ ،‬ولخّصــت تجربتهــا‬ ‫يف النهايــة بقولهــا‪« :‬ال تخافــوا مــن أن متتلكــوا قلــوب البــر‪،‬‬ ‫فاإلنســانية أجمــل يشء يف العــامل‪ ».‬ويف رســالتها هــذه ع ـ ّرت‬ ‫العــامل‪ ،‬وهــي تقــول‪ :‬أيــن ذهبــت إنســانيتكم؟!‬ ‫يف الجانــب اآلخــر‪ ،‬الجانــب املظلــم للنخــب الفنيــة الســورية‪،‬‬ ‫نكتشــف زيــف فنانينــا‪ ،‬بــدءا ً مــن دريــد لحــام إىل بســام‬ ‫كوســا وأميــن زيــدان ورغــدة‪ ،‬وآخرهــم اإلمعــة ســلوم حــداد‪،‬‬ ‫الــذي رأى الجنــدي الســوري الــذي يقتــل أهلــه مفعــاً‬ ‫باإلنســانية‪ ،‬وهــو ميــد بندقيتــه عــى رؤوس أهلــه‪ ،‬رأى‬ ‫الجنــدي ممتلئــاً بالعــزة والكرامــة والوطنيــة‪.‬‬ ‫الفــرق بــن فنانينــا وجــويل وجــاودر‪ ،‬أن فنــاين النظــام انترصوا‬ ‫ألفــرع املخاب ـرات‪ ،‬انتــروا للقتــل والدمــار‪ ،‬بينــا اآلخــرون‬ ‫انتــروا لإلنســان‪ ،‬انتــروا للخــر والحــب‪ ،‬فهــل تتعلــم‬ ‫نخبنــا الفنيــة العــر مــن هــذه الــدروس؟ أم أنّهــم اختــاروا أن‬ ‫يعيشــوا يف عزلــة‪ ،‬وينتهــوا كــا رئيســهم وأعوانــه إىل مزابــل‬ ‫التاريــخ‪.‬‬

‫مهاج��ر س��وري يكت��ب وداع��ًا مؤث��راً‪ :‬أن��ا آس��ف ألن�ني غرق��ت!!!‬ ‫رســالة وداعيــة كتبهــا الجــئ ســوري قبــل غرقــه يف‬ ‫املتوســط‪ :‬شــكرا ً للبحــر الــذي اســتقبلنا بــدون فيزا‪ ..‬وشــكرا ً‬ ‫لألســاك التــي ستتقاســم لحمــي‪ ،‬ولــن تســألني عــن دينــي‬ ‫وال انتــايئ الســيايس!‬ ‫وحســب وكالــة األناضــول‪ ،‬تــداول ناشــطون ســوريون عــى‬ ‫شــبكات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬نــص رســالة قالــوا إنهــا‬ ‫وجــدت يف جيــب أحــد الالجئــن الســوريني الذيــن انتشــلت‬ ‫جثثهــم بعــد غــرق مركبهــم الــذي كان يحــوي املئــات مــن‬ ‫املهاجريــن غــر الرشعيــن يف البحــر األبيــض املتوســط خــال‬ ‫رحلتهــم للوصــول إىل الشــواطئ األوروبيــة مطلــع األســبوع‬ ‫املــايض‪.‬‬ ‫وفيــا مل يبـ ّـن الناشــطون معلومــات عــن هويــة صاحــب‬ ‫الرســالة الوداعيــة األخــرة التــي كتبهــا فيــا يبــدو لــدى‬ ‫استشــعاره بقــرب غــرق املركــب الــذي كان يحملــه‪ ،‬فإنهــم‬ ‫أرفقــوا مــع النــص الــذي نــروه عــى صفحاتهــم الشــخصية‬ ‫عبــارات مؤثــرة مــن قبيــل «هديــة إىل العــامل املتحــر‪..‬‬ ‫هــرب مــن املــوت فاحتضنــه البحــر‪ ..‬أنصحكــم بالقــراءة‬

‫لكــن ال تبكــوا ألن الدمــوع جفــت عــى أبنــاء ســوريا»‪.‬‬ ‫وهــذا نــص الرســالة الــذي تنــره وكالــة «األناضــول»‬ ‫بحســب مــا تداولــه الناشــطون‪:‬‬ ‫«أنــا آســف يــا أمــي ألن الســفينة غرقــت بنــا‪ ،‬ومل أســتطع‬ ‫الوصــول إىل هنــاك (يقصــد أوروبــا)‪ ،‬كــا لــن أمتكــن مــن‬ ‫إرســال املبالــغ التــي اســتدنتها لــي أدفــع أجــر الرحلــة‬ ‫(يـراوح أجــر الرحلــة البحريــة للوصــول إىل أوروبــا بطريقــة‬ ‫غــر رشعيــة مــا بــن ألــف إىل خمســة آالف يــورو بحســب‬ ‫دولــة االنطــاق‪ ،‬وعوامــل أخــرى مثــل صالحيــة املركــب‪،‬‬ ‫وعــدد الوســطاء وغريهــا)‪.‬‬ ‫ال تحــزين يــا أمــي إن مل يجــدوا جثتــي‪ ،‬فــاذا ســتفيدك اآلن‬ ‫إال تكاليــف نقــل وشــحن ودفــن وعـزاء‪.‬‬ ‫أنــا آســف يــا أمــي ألن الحــرب حلّــت‪ ،‬وكان ال بــد يل أن‬ ‫أســافر كغــري مــن البــر‪ ،‬مــع العلــم أن أحالمــي مل تكــن‬ ‫كبــرة كاآلخريــن‪ ،‬كــا تعلمــن كل أحالمــي كانــت بحجــم‬ ‫علبــة دواء للكولــون لــك‪ ،‬ومثــن تصليــح أســنانك‪.‬‬ ‫باملناســبة لــون أســناين اآلن أخــر بســبب الطحالــب‬

‫العالقــة فيــه‪ ،‬ومــع ذلــك هــي أجمــل مــن أســنان‬ ‫الديكتاتــور (يف إشــارة إىل بشــار األســد)‪.‬‬ ‫أنــا آســف يــا حبيبتــي ألننــي بنيــت لــك بيتـاً مــن الوهــم‪،‬‬ ‫كوخ ـاً خشــبياً جمي ـاً كــا كنــا نشــاهده يف األفــام‪ ،‬كوخ ـاً‬ ‫فقـرا ً بعيــدا ً عــن الرباميــل املتفجــرة‪ ،‬وبعيــدا ً عــن الطائفيــة‬ ‫واالنتــاءات العرقيــة وشــائعات الجـران عنــا‪.‬‬ ‫أنــا آســف يــا أخــي ألننــي لــن أســتطيع إرســال الخمســن‬ ‫يــورو التــي وعدتــك بإرســالها لــك شــهرياً لرتفــه عــن نفســك‬ ‫قبــل التخــرج‪.‬‬ ‫أنــا آســف يــا أختــي ألننــي لــن أرســل لــك الهاتــف الحديث‬ ‫الــذي يحــوي «الــواي فــاي» (خدمــة االنرتنــت الالســليك)‬ ‫أســوة بصديقتــك ميســورة الحــال‪.‬‬ ‫أنــا آســف يــا منــزيل الجميــل ألننــي لــن أعلــق معطفــي‬ ‫خلــف البــاب‪.‬‬ ‫أنــا آســف أيهــا الغواصــون والباحثــون عــن املفقوديــن‪ ،‬فأنــا‬ ‫ال أعــرف اســم البحــر الــذي غرقــت فيــه‪..‬‬ ‫اطمئنــي يــا دائــرة اللجــوء فأنــا لــن أكــون حمــاً ثقيــاً‬

‫عليــك‪.‬‬ ‫شــكرا ً لــك أيهــا البحــر الــذي اســتقبلتنا بــدون فيــزا وال‬ ‫جــواز ســفر‪ ،‬شــكرا ً لألســاك التــي ستتقاســم لحمــي ولــن‬ ‫تســألني عــن دينــي وال انتــايئ الســيايس‪.‬‬ ‫شــكرا ً لقنــوات األخبــار التــي ســتتناقل خــر موتنــا ملــدة‬ ‫خمــس دقائــق كل ســاعة ملــدة يومــن‪..‬‬ ‫شــكرا ً لكــم ألنكــم ســتحزنون علينــا عندمــا ستســمعون‬ ‫الخــر‪.‬‬

‫أنا آسف ألين غرقت‪.»..‬‬


‫‪6‬‬ ‫كي��ف جنن��ب احلس��كة وأهله��ا‪ ،‬ب��ذور احل��رب األهلي��ة ال�تي خيط��ط هل��ا النظام؟‬ ‫حرمل الصحافة‬

‫الســوريون يعانــون مــن مصائــب الحــرب التــي يؤجــج‬ ‫ســعريها النظــام الســوري بــكل إمكاناتــه وبــكل إمكانــات‬ ‫االحتــال اإليــراين لســورية وإمكانــات الرعايــة الروســية‬ ‫لقتــل الشــعب الســوري وجعــل مكوناتــه تدخــل يف حــروب‬ ‫أهليــة هــي يف غنــى عنهــا‪ ،‬خاصــة وأن الثــورة الســورية‬ ‫تطالــب بالحريــة والعدالــة لــكل املكونــات الســورية التــي‬ ‫يتكــون منهــا الشــعب الســوري للعيــش بســام وازدهــار‬ ‫وكرامــة‪.‬‬ ‫وق��د جت��ول آالن كاف��ال مراس��ل لومون��د يف ش��وارع‬ ‫احلس��كة راصداً الوضع الش��ائك فيها واحلالة املرتدية‬ ‫اليت ينظر بها البعض ضد املكونات السورية األخرى‪:‬‬ ‫عــى دوار رئيــي يشــكل أحــد املداخــل الرئيســة ملدينــة‬ ‫الحســكة‪ ،‬شــال غــرب ســوريا‪ ،‬ميكنــك أن تــرى العلــم‬ ‫الكــردي األحمــر واألخــر واألصفــر حــل مــكان العلــم‬ ‫الســوري مؤخــرا ً‪ .‬يف نصــب تــذكاري يف منتصــف الــدوار‪،‬‬ ‫هنــاك صــورة للرئيــس الســوري بشــار األســد رســمت إىل‬ ‫جانــب شــعارات لوحــدات الحاميــة الكرديــة ووحــدات‬ ‫الحاميــة النســوية‪ ،‬وهــا فرعــان للقــوات العســكرية‬ ‫الكرديــة الســورية‪.‬‬ ‫تــم حفــر خنــادق بصــورة مبــارشة يف الشــوارع الرئيســية‪،‬‬ ‫وكدســت أكــوام مــن أكيــاس الرمــل هنــاك‪ ،‬وهنــاك تحــول‬ ‫دائــم وظاهــر يف املدينــة التــي تقــع حرفيــاً عــى مفــرق‬ ‫طريــق الحــرب األهليــة التــي تعصــف بالبــاد منــذ أربــع‬ ‫ســنوات‪.‬‬ ‫ويف رص��د ل��ه ع��ن وضع امليلش��يات وكيفي��ة اختطاف‬ ‫الش��بان واجباره��م عل��ى التطوع يف تنظيمات مس��لحة‬ ‫متنافرة يقول املراس��ل‪:‬‬ ‫شــكل الســكان مجموعــة تحيــط بحافلــة صغــرة تعــود إىل‬ ‫أســايش‪ ،‬أو الوحــدات األمنيــة الكرديــة‪ .‬يف الجانــب املفتــوح‬ ‫مــن الحافلــة‪ ،‬يقــوم شــباب بتســليم هوياتهــم‪ .‬األقــل حظ ـاً‬ ‫مــن بينهــم أولئــك الذيــن ال ميلكــون األوراق املطلوبــة‪ ،‬حيث‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫ســوف يتــم تجنيدهــم للخدمــة يف صفــوف الــواي يب جــي‪.‬‬ ‫عــى بعــد شــوارع قليلــة‪ ،‬ويف حــي آخــر ونقطــة تفتيــش‬ ‫أخــرى‪ ،‬ميكــن أن يتــم إجبارهــم عــى الخدمــة يف صفــوف‬ ‫جيــش نظــام األســد‪ .‬ولكــن هنــا‪ ،‬ويف هــذا الطريــق‪ ،‬األكـراد‬ ‫هــم مــن يضعــون القواعــد‪ ،‬ويســيطرون عــى الســيارات‬ ‫املدنيــة التــي تدخــل وتخــرج مــن املدينــة‪.‬‬ ‫بعــد ســيطرة األكــراد عــى هــذا الــدوار يف نهايــة ينايــر‪،‬‬ ‫فإنهــم ينظــرون إليــه عــى أنــه غنيمــة حــرب‪ .‬مــع ضحكــة‬ ‫بســيطة عــى وجهــه يتذكــر «الرفيــق أحمــد»‪ ،‬وهــو ضابــط‬ ‫يف قــوات األمــن الكرديــة هــذه اللحظــة الوجيــزة مــن املجــد‬ ‫العســكري ويقــول‪« :‬هاجمتنــا قــوات األســد مــن الشــال‬ ‫ولكــن قناصتنــا متكنــوا مــن ردعهــم بســهولة مــن أعــى‬ ‫الصوامــع»‪.‬‬ ‫ويصف املراس��ل االش��تباكات بني النظام وامليلش��يات‬ ‫الكردي��ة‪ ،‬لكن��ه يق��ع يف مغالط��ة ح��ول عالق��ة الع��رب‬ ‫واألك��راد‪ ،‬إذ أن��ه يعت�بر أن اخلالف��ات ب�ين األط��راف‬ ‫السياس��ية املتفرق��ة ه��و ع��داء أزل��ي ب�ين الع��رب‬ ‫واألك��راد‪ ،‬وه��و غ�ير مل��م بتاري��خ س��ورية ال��ذي جع��ل‬ ‫م��ن األك��راد رؤس��اء لس��ورية ومتجاه ً‬ ‫�لا الرواب��ط‬ ‫الديني��ة والقبلي��ة ب�ين الع��رب والك��رد‪:‬‬ ‫يف االشــتباكات التــي جــرت يف ينايــر‪ ،‬نــر الجيــش الســوري‬ ‫دباباتــه يف العديــد مــن األماكــن يف املدينــة‪ ،‬وتحولــت جميــع‬ ‫األحيــاء املحيطــة إىل مناطــق حــرب‪ .‬ولكــن النظــام والقــوات‬ ‫الكرديــة متكنــوا مــن التوصــل إىل اتفــاق ســام‪ ،‬ويبــدو أنهــم‬ ‫اســتعادوا التعايــش الســلس الــذي كان يســود عالقاتهــم‬ ‫يف هــذه املنطقــة ملــدة ثالثــة أعــوام‪ .‬ولكــن التوتــر ال زال‬ ‫موجــودا ً لحــد اآلن‪ ،‬وذلــك مــع كراهيــة العــرب واألكــراد‬ ‫لبعضهــم البعــض منــذ فــرة طويلــة وحيــث تــايش املجتمــع‬ ‫املســيحي هنــا شــيئاً فشــيئاً‪.‬‬ ‫ويتح��دث املراس��ل ع��ن تص��دي األك��راد للتنظي��م‬ ‫املتط��رف داع��ش ومقاوم��ة تس��لله إىل املناط��ق الباقية‬

‫م��ن احلس��كة‪:‬‬ ‫ومــع اســتمرار مــا يطلــق عليــه حــرب االســتنزاف بــن‬ ‫القــوات الكرديــة وجهاديــي داعــش يف الريــف املدمــر حــول‬ ‫الحســكة فــإن األهــداف الكرديــة تتعــرض للقصــف‪ .‬الهجــوم‬ ‫األكــر دمويــة حصــل يف ‪ 20‬مــارس ‪ ،2014‬خــال احتفــاالت‬ ‫األك ـراد بالعــام الجديــد‪ ،‬وأدى إىل مقتــل ‪ 35‬شــخص‪.‬‬ ‫ويتح��دث ع��ن تواط��ؤ بع��ض التنظيم��ات م��ع النظ��ام‬ ‫ومناصرت��ه ض��د بقي��ة املكون��ات الس��ورية‪:‬‬ ‫املواجهــة بــن القــوات الكرديــة‪ ،‬والنظــام وداعــش‪ ،‬ال تزيــد‬ ‫مــن تعقيــد رصاع الســلطة يف املدينــة‪ .‬يقــول الرفيــق أحمــد‪:‬‬ ‫«هنــا‪ ،‬مل يعــد لــدى األكـراد أي مشــكلة مــع جنــود النظــام‪.‬‬ ‫ميكنهــم أن يأتــوا ويذهبــوا كــا يريــدون‪ .‬مــن ناحيــة أخــرى‪،‬‬ ‫نحــن ال نســمح للمســلحني العــرب بالوصــول إىل مواقعنــا»‪.‬‬ ‫ويرص��د املراس��ل اجله��ود العدواني��ة لالحت�لال‬ ‫اإليران��ي واعتم��اده عل��ى اجملرم�ين وقط��اع الط��رق‬ ‫واملالحق�ين س��ابقاً يف تكوي��ن ق��واه اإلجرامي��ة‪:‬‬ ‫يف الحســكة‪ ،‬كــا هــو الحــال يف كل مــكان اســتطاعت فيــه‬ ‫دمشــق الحفــاظ عــى نفوذهــا‪ ،‬اســتطاع النظــام االعتــاد‬ ‫عــى الســكان املحليــن ووســطاء اإلرهــاب واملنــاورة عــى‬ ‫ترتيــب القــوات شــبه العســكرية واملســلحني القبليــن‬ ‫وقطــاع الطــرق‪ .‬منقســمون إىل كيانــات أقــل أو أكــر رســمية‪،‬‬ ‫فقــد وردت تقاريــر بأنــه يتــم اإلرشاف عليهــم وتدريبهــم‬ ‫مــن قبــل عنــارص مــن القــوات املســلحة اإليرانيــة وحــزب‬ ‫اللــه‪ .‬يف شــوارع الحســكة املهجــورة‪ ،‬مــع دخــول األك ـراد يف‬ ‫معركــة النفــوذ‪ ،‬التــي تشــهد عمليــات إطــاق نــار معزولــة‬ ‫واختطــاف لقــاء الفديــة‪ ،‬فــإن الحــرب الجيوسياســية‬ ‫اإلقليميــة تــدور حــول حــروب عصابــات‪.‬‬ ‫يقــول أحــد ســكان الحســكة املشــركني يف اللعبــة السياســية‬ ‫املحليــة‪« :‬يعلــم النظــام متامــاً كيــف يســتخدمهم ضــد‬ ‫بعضهــم البعــض واالســتفادة القصــوى مــن الوضــع للحفــاظ‬ ‫عــى نفســه»‪.‬‬

‫خطط لتوس��يع كوبونات الطعام على السوريني‬ ‫والعراقيني خارج املخيمات‬ ‫أعلــن مديــر مؤسســة الهــال‬ ‫األحمــر الرتكيــة عــن خطــط لتوســيع‬ ‫برنامــج كوبونــات الطعــام التــي تــوزع‬ ‫يف املخيــات لالجئــن الســوريني ليشــمل‬ ‫الســوريني الذيــن ال يقيمــون يف املخيــات‪.‬‬ ‫ويســتفيد حــوايل ‪ 250‬ألــف مواطن ســوري‬ ‫يف املخيــات القريبــة مــن الحــدود الرتكيــة‬ ‫الســورية مــن الكوبونــات اإللكرتونيــة‪.‬‬ ‫وذكــر مديــر الهــال األحمــر الــريك «لطفي‬ ‫أكار» أنّ هنــاك تعاونـا ً مــع برنامــج الغــذاء‬ ‫العاملــي التابــع لألمــم املتحــدة (‪)WFP‬‬ ‫لتقديــم الكوبونــات اإللكرتونيــة لحــوايل‬ ‫‪ 1,7‬مليــون مواطــن ســوري وعراقــي‬ ‫يقطنــون خــارج املخيــات‪.‬‬ ‫رصح أكار بــأنّ «هــؤالء هــم ضيــوف‬ ‫و ّ‬ ‫تركيــا ونحــن نخطّــط لتقديــم الكوبونــات‬ ‫لهــم كذلــك‪ .‬ويجــري العمــل عــى مــروع‬ ‫لتنفيــذ ذلــك»‪.‬‬ ‫ويف وقــت ســابق قلّــص برنامــج الغــذاء‬ ‫العاملــي عــدد الســوريني املســتفيدين مــن‬ ‫الكوبونــات بســبب نقــص يف التمويــل مــن‬ ‫قبــل الــدول األعضــاء يف األمــم املتحــدة يف‬ ‫شــهر شــباط‪ /‬فربايــر‪ ،‬بعــد أربــع ســنوات‬ ‫مــن بــدء الربنامــج‪ .‬ويف املقابــل‪ ،‬ســلّم‬ ‫املســؤولون عــن الربنامــج تســع مخيــات‬ ‫للحكومــة الرتكيــة‪ ،‬وطلبــوا مــا مجموعــه‬ ‫‪ 9‬مليــون دوالر مــن املت ّربعــن الدوليّــن‬ ‫ملواصلــة تقديــم ال ّدعــم للمقيمــن يف‬ ‫املخيــات‪.‬‬ ‫وأشــار مديــر الهــال األحمــر الــريك إىل‬ ‫أنّ البطاقــة الغذائيــة املق ّدمــة مــن قبــل‬ ‫الهــال األحمــر تعمــل كبطاقــة ائتــان‪،‬‬ ‫وأنّ األرصــدة تحـ ّول بشــكل دوري لتمكــن‬

‫محــل‬ ‫ّ‬ ‫املتلقّــن مــن رشاء الغــذاء يف أي‬ ‫متويــن‪ .‬وقــال‪« :‬إنّ هــذه البطاقــات ها ّمــة‬ ‫بشــكل خــاص يف مســاعدة املســتفيدين‬ ‫مــن الحفــاظ عــى كرامتهــم‪ .‬وميكنهــم‬ ‫التســوق مــن أي مــكان بــدالً مــن االنتظــار‬ ‫يف صفــوف لتلقّــي املعونــة الغذائيــة»‪.‬‬ ‫وأضــاف أنّ الهــال األحمــر يخطّــط‬ ‫كذلــك لتوزيــع الكوبونــات بعــد الكــوارث‬ ‫وتقليــص االعتــاد عــى توزيــع الغــذاء‪.‬‬ ‫وقــال‪« :‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬ميكــن‬ ‫اســتخدام البطاقــات يف أي مدينــة تتعـ ّرض‬ ‫إىل زلــزال‪ .‬وميكــن للنــاس حينهــا رشاء‬ ‫الغــذاء مــن املحــات يف األماكــن غــر‬ ‫ررة يف املدينــة‪ .‬وبهــذه الطريقــة‪،‬‬ ‫املتــ ّ‬ ‫ّ‬ ‫املحــال لتجــاوز خســائرها‬ ‫تتــ ّم مســاعدة‬ ‫بعــد الكــوارث»‪.‬‬ ‫وت ُع ـ ّد تركيــا املضيــف األســايس للســوريني‬ ‫الذيــن نزحــوا مــن بالدهــم بســبب‬ ‫الحــرب املســتمرة منــذ أربــع ســنوات‪.‬‬

‫وقــد وفّــرت للمواطنــن الســوريني خيــاً‬ ‫ومدنــا ً مــن «منــازل املســتوعبات»‪،‬‬ ‫التــي أشــاد املجتمــع الــدويل بوضعهــا‬ ‫النموذجــي‪ .‬وتواصــل الحكومــة الرتكيــة‬ ‫جهودهــا لرعايــة الالجئــن اآلخريــن الذيــن‬ ‫مل يتمكّنــوا مــن البقــاء يف املخيــات‬ ‫املزدحمــة محــدودة املــوارد مــع قلــة‬ ‫ال ّدعــم مــن الــدول األخــرى‪.‬‬ ‫يف حــن بــدأ عــدد مــن الالجئــن الذيــن‬ ‫يتمتّعــون بوضــع أفضــل نســبيّا ً مــن بــدء‬ ‫حيــاة جديــدة يف املــدن مــن خــال إنشــاء‬ ‫أعــال ورشاء أو اســتئجار شــقق ســكنيّة‪،‬‬ ‫بال ّنظــر إىل أنّ عــددا ً كبــرا ً مــن الســوريني‬ ‫الذيــن خرجــوا مــن بالدهــم جـراء الـراع‬ ‫هــم محــدودو الدخــل‪ .‬ويعيشــون يف‬ ‫ظــروف صعبــة يف بنايــات مهجــورة‬ ‫وحدائــق ويعملــون لســاعات طويلــة‬ ‫بأجــ ٍر زهيــد دون أي نــوع مــن الضــان‬ ‫االجتامعــي‪.‬‬

‫ويتح��دث ع��ن حرص النظ��ام على التالع��ب باملكونات‬ ‫الس��كانية وتدمريها باحلقد وبالعنف املتبادل‪:‬‬ ‫يقــول روديــر خليــل‪ ،‬املتحــدث باســم الــواي يب جــي والــواي‬ ‫يب جــاي‪« :‬ال أعتقــد أن لــدى النظام النيــة يف مهاجمة األكراد‪،‬‬ ‫ولكــن يف الحســكة‪ ،‬إذا اســتمر األمــر‪ ،‬فــإن االشــتباكات ميكــن‬ ‫أن تســتأنف يف أي وقــت»‪ .‬ويف ظــل ســيادة حالــة مــن‬ ‫الفــوىض ال مثيــل لهــا‪ ،‬فــإن الســلطات الســورية حريصــة‬ ‫جــدا ً عــى الحفــاظ عــى مســتوى معــن مــن العنــف املتعلق‬ ‫بخلفيــات العــداء القدميــة بــن األكــراد والعــرب‪ .‬األكــراد‬ ‫الذيــن كانــوا مواطنــن مــن الدرجــة الثانيــة قبــل الثــورة‪،‬‬ ‫أصبحــوا يشــكلون جيش ـاً وقــوات رشطــة‪ ،‬ورجــاالً مســلحني‬ ‫بــزي رســمي ميكــن أن يكونــوا أداة لالنتقــام يف املســتقبل‪.‬‬ ‫أرس عربيــة معينــة تحولــت إىل الدولــة الســورية‪ ،‬الضامــن‬ ‫الوحيــد للســيادة التاريخيــة‪ ،‬تــم إســكانهم يف املنطقــة خــال‬ ‫حملــة التعريــب يف الســبعينات‪.‬‬ ‫ويف مش��هد ختام��ي يع�بر عن أخطاء تبع��ث على العداء‬ ‫والعنصري��ة‪ ،‬ومبث��ل ه��ذه املش��اهد تتنام��ى الكراهي��ة‬ ‫واالقتت��ال األهل��ي‪ ،‬الذي جي��ب أن تتجنبه كل القوى‬ ‫الوطني��ة املخلص��ة يف احلس��كة‪ ،‬وال�تي تنش��د ألبنائه��ا‬ ‫العي��ش بكرام��ة وحبرية‪:‬‬ ‫مــع غيــاب الشــمس عنــد الــدوار‪ ،‬أصبــح عــدد الســيارات‬ ‫أقــل وأىت رجــل عــريب مســن يرتــدي املالبــس البدويــة واثنــان‬ ‫مــن أرستــه ليجــدوا أمامهــم قــوات األمــن الكرديــة‪ .‬بعــد‬ ‫إلقــاء التحيــة عليهــم باللغــة الكرديــة‪ ،‬ســألهم عــن ابنــه‬ ‫الــذي ســجل مــع قــوات األســايش يف نفــس ذلــك اليــوم‬ ‫عــى نقطــة التفتيــش‪ .‬ويف جــو متلــؤه عقــود مــن الكراهيــة‪،‬‬ ‫انتظــر‪ ،‬ومــن ثــم بــدأ بتعبئــة وثيقــة إداريــة غــر واضحــة‬ ‫قبــل أن يطلــب منــه الرحيــل‪ .‬إنهــا لحظــة أخــرى فقــط مــن‬ ‫املعانــاة واإلحبــاط يف املدينــة التــي مل يغــر فيهــا العنــف‬ ‫موقــف أي مــن األط ـراف‪ ،‬ولكنهــا ببســاطة أصبحــت أكــر‬ ‫دميقراطيــة‪.‬‬

‫أسبوع األسري السور ‬ي‬ ‫‪ 22 - 7‬ابريل نيسان ‪2015‬‬

‫دشــن نشــطاء عــى مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي حملــة للتذكــر باملعتقلــن يف‬ ‫الســجون الســورية‪ ،‬وهــم أكــر مــن ‪215,000‬‬ ‫شــخص منــذ بــدء الثــورة وحتــى اآلن‪ ،‬ومنهــم‬ ‫‪ 11,427‬معتقــل قضــوا تحــت التعذيــب‬ ‫يف ســجون النظــام‪ .‬الحملــة تحــت وســم‬ ‫(هاشــتاج) موحــد ‪#‬‏أسبوع_األسري_الســوري‬‬ ‫و‪ ‬‎Syrian_Prisoners_week#‬عــى موقعــي‬ ‫فيســبوك وتويــر‬ ‫تســلط الحملــة الضــوء عــى تجــاوزات نظــام‬ ‫بشــار األســد وداعــش وغريهــا مــن التنظيــات‬ ‫عــى املواطنــن الســوريني مــن خطــف واعتقــال‬ ‫قــري وتعلــن الحملــة أرقــام موثقــة مــن‬ ‫منظــات حقــوق اإلنســان املعتمــدة مــن‬ ‫األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫أهــم اإلحصائيــات لالعتقــال واالختفــاء القــري‬ ‫(طــوال عمــر الثــورة)‬ ‫ملف نظام بشار األسد‬ ‫اعتقال ‪ 215,000‬شخص منهم‪:‬‬ ‫* ‪ 9,500‬طفل‬ ‫* ‪ 6,580‬سيدة‬ ‫* ‪ 85,000‬مختطف‬

‫ملف تنظيم داعش‬ ‫اعتقال ‪ 3,914‬شخص منهم‪:‬‬ ‫* ‪ 478‬طفل‬ ‫* ‪ 520‬سيدة‬ ‫* ‪ 1,471‬مختطف‬ ‫التعذيــب حتــى القتــل يف الســجون ‪-‬‬ ‫الهولوكوســت الســوري (طــوال عمــر الثــورة)‬ ‫ملف نظام بشار األسد‬ ‫تعذيب وقتل ‪ 11,427‬شخص‬ ‫منهم‪:‬‬ ‫* ‪ 94‬طفل‬ ‫* ‪ 32‬سيدة‬ ‫وتقــود الحملــة مجموعــة «نشــطاء هاشــتاج»‬ ‫الفاعلــة عــى شــبكتي «فيســبوك» و»تويــر»‪،‬‬ ‫والتــي أطلقــت حمــات مشــابهة خــال الشــهر‬ ‫املــايض‪ ،‬كان أبرزهــا حمــات «إيــران تحتــل‬ ‫ســوريا» «حــاة مأســاة العــر»‪ ،‬وتعــرف‬ ‫«نشــطاء هاشــتاج» نفســها بأنهــا تجمــع‬ ‫عــام يضــم النشــطاء الســوريني والعــرب مــن‬ ‫مختلــف التوجهــات‪ .‬ويدعــم هــذا التجمــع‬ ‫وينشــئ كذلــك حمــات إعالميــة موجهــة‬ ‫لدعــم ثــورات الربيــع العــريب‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫جورج كتن‬

‫أحالم اإلمرباطورية الرثة‪..‬‬

‫مل تكــف إيـران عــن أوهامهــا بإعــادة أمجــاد اإلمرباطوريــة‬ ‫الفارســية منــذ مــا قبــل ثــورة ‪ 1979‬التــي أطاحــت بالعائلــة‬ ‫املالكــة الشاهنشــاهية ليتبعهــا نظــام «إســامي»‪ ،‬بعــد أن‬ ‫ركــب رجــال الديــن موجــة الثــورة وجريوهــا لصالــح إقامــة‬ ‫حكــم اســتبدادي جديــد يقــف عــى رأســه املرشــد األعــى‪،‬‬ ‫الــذي يحتكــر الســلطات التنفيذيــة والترشيعيــة والقضائيــة‬ ‫مــن خــال مؤسســات تابعــة لــه يــرف عليهــا رجــال ديــن‬ ‫غــر منتخبــن مــن الشــعب‪.‬‬ ‫مل تقتــر أوهــام التوســع اإلمرباطــوري يف عهــد الشــاه عــى‬ ‫إقامــة مهرجانــات تذكــر بأمجــاد اإلمرباطوريــة الفارســية‬ ‫القدميــة‪ ،‬فقــد توجــه الشــاه للتوســع باحتــال الجــزر‬ ‫الثــاث التابعــة لإلمــارات‪ ،‬واملطالبــة بضــم البحريــن‪ .‬لكــن‬ ‫نظــام الشــاه كان مضبوطـاً ضمــن السياســة الغربيــة بحيــث‬ ‫تحــول ألداة تســتخدمها عنــد الحاجــة ملواجهــة حــركات‬ ‫التحــرر الوطنــي‪ ،‬كــا يف ســتينات القــرن املــايض عنــد‬ ‫إرســال قــوات إيرانيــة لدعــم ســلطان ُعــان ضــد ثــورة‬ ‫ظفــار‪ ،‬لتتحــول إيــران إىل «رشطــي الخليــج»‪.‬‬ ‫نشــأت إمرباطوريــات عديــدة يف العــامل منــذ القــدم‪ ،‬ومنهــا‬ ‫الرومانيــة والفارســية والعربيــة واإلســبانية‪ ،‬لكنهــا انهــارت‬ ‫جميعهــا تحــت رضبــات النهــوض القومــي‪ ،‬وتوجــه األمــم‬ ‫إلنشــاء دول تتطابــق حدودهــا مــع الغالبيــات القوميــة‬ ‫التــي تســكنها‪ ،‬وآخرهــا انهيــار اإلمرباطوريــة الروســية‬ ‫«الســوفييتية» التــي ســيطرت عــى ربــع الكــرة األرضيــة‪،‬‬ ‫وأصبحــت إحــدى قوتــن عظميــن يف العــامل‪.‬‬ ‫تشــابه النظامــن الســوفييتي الســابق واإلي ـراين الراهــن يف‬ ‫االعتــاد عــى األيديولوجيــا لرتويــج توســعهام اإلمرباطــوري‪،‬‬ ‫األول بحجــة نــر االشــراكية يف العــامل‪ ،‬والثــاين إلقامــة‬

‫نظــام عاملــي إســامي يشــمل الــدول ذات األغلبيــة املســلمة‬ ‫كمقدمــة ليشــمل العــامل حســب األوهــام املعلنــة عــن قــرب‬ ‫عــودة اإلمــام املهــدي ليقيــم حكومتــه العامليــة العادلــة!‪.‬‬ ‫لكــن إذا كانــت اإلمرباطوريــة الســوفييتية هروبــاً لألمــام‬ ‫نحــو عــامل أفضــل متخيــل رغــم أ ّن الظــروف مل تكــن تســمح‬ ‫بإقامتــه بعــد‪ ،‬فاإليرانيــة هــروب للخلــف إلعــادة نظــام‬ ‫اجتامعــي يعتمــد عــى نصــوص دينيــة قدميــة مل تعــد مالمئــة‬ ‫للعــر بعــد التطــور الهائــل يف الحيــاة اإلنســانية‪ .‬عل ـاً أ ّن‬ ‫الســوفيتية انهــارت رغــم اعتامدهــا وســائل حديثــة يف كافــة‬ ‫مناحــي الحيــاة‪ ،‬فكيــف ميكــن أن تســتمر «إمرباطوريــة»‬ ‫تفكــر وتتــرف كــا كان األوائــل منــذ حــوايل أربعــة عــر‬ ‫قرن ـاً؟‬ ‫«رثاثــة» إمرباطوريــة املــايل تتجــى يف أوجــه عديــدة منهــا‬ ‫اقتصــاد يعتمــد عــى تصديــر مــادة واحــدة هــي النفــط‪،‬‬ ‫تهــدده أيــة مقاطعــة اقتصاديــة دوليــة بحيــث يســارع‬ ‫لتقديــم تنــازالت للســاح بإعــادة تصديــر نفطــه‪ .‬وشــعب‬ ‫‪ %40‬منــه تحــت خــط الفقــر‪ ،‬متوســط دخــل الفــرد فيــه‬ ‫‪ 65‬دوالر شــهرياً!‪ ،‬فالقســم األكــر مــن الدخــل يوجــه‬ ‫لدعــم السياســة التوســعية‪ ،‬أي إلنتــاج األســلحة‪ ،‬وتقديــم‬ ‫مســاعدات للمنظــات التابعــة يف املنطقــة‪ .‬االســتبداد عــادة‬ ‫أســاس للتوســع اإلمرباطــوري‪ ،‬وإيــران كدولــة مســتبدة مل‬ ‫تخــرج عــن هــذه القاعــدة‪.‬‬ ‫باإلضافــة ملجتمــع تُضطهــد فيــه املــرأة وتــزور االنتخابــات‬ ‫وتقمــع األقليــات الدينيــة‪ ،‬وقضــاء دينــي تابــع لرجــال الدين‬ ‫ينفــذ عقوبــات جســدية كالجلــد والرجــم وقطــع األطـراف‪،‬‬ ‫فإيـران الدولــة األوىل يف العــامل بتنفيــذ اإلعدامــات‪ .‬ومجتمــع‬ ‫منقســم لقوميــات منهــا األذريــة والكرديــة والعربيــة‬

‫والبلوشــية تشــكل مبجموعهــا نصــف الســكان‪ ،‬تطمــح‬ ‫لتقريــر مصريهــا وتنتظــر الفرصــة للخــروج مــن «ســجن‬ ‫الشــعوب اإليـراين» الــذي تهيمــن عليــه القوميــة الفارســية‪.‬‬ ‫وهــذا ال يعنــي أ ّن غالبيــة الشــعب الفــاريس راضيــة‪ ،‬فقــد‬ ‫انتفــض الشــعب اإلي ـراين بــكل قومياتــه م ـرارا ً ضــد تســلط‬ ‫الــويل الفقيــه‪ ،‬وأطلــق شــعار «املــوت للديكتاتــور» كبديــل‬ ‫لشــعار «املــوت ألمــركا»‪ .‬وآخــر االنتفاضــات وأهمهــا‬ ‫«الثــورة الخــراء» يف العــام ‪ 2009‬التــي إن مل تنجــح يف‬ ‫إطاحــة النظــام فقــد رســخت تجربــة شــعبية النتفاضــات‬ ‫قادمــة‪.‬‬ ‫اإلمرباطوريــة التــي تحــدث أكــر مــن مســؤول إي ـراين عــن‬ ‫امتدادهــا مــن طه ـران للبحــر املتوســط‪ ،‬ومــن الخليــج إىل‬ ‫بــاب املنــدب‪ ،‬ال يفيــد نكرانهــا لــدى مســؤولني آخريــن‬ ‫فهــي ليســت تعبــرا ً لفظيــاً‪ ،‬بــل واقعــاً عمليــاً يتجــى‬ ‫بشــكل واضــح يف امتــدادات إي ـران إىل دول متعــددة عــى‬ ‫أســاس «تصديــر الثــورة» فيــا هــو يف حقيقتــه تصديــر‬ ‫للثــورة املضــادة‪ ،‬إذ أ ّن الثــورة هبّــة شــعبية شــاملة إلزالــة‬ ‫أيــة معوقــات أمــام التقــدم لألمــام‪ ،‬فيــا الثــورة املضــادة‬ ‫هــي الدفــاع عــن القديــم ومنــع التطــور والحداثــة باإلضافــة‬ ‫ملراجعــة كل مــا جــرى تحديثــه‪ ،‬وهــي صفــات األيديولوجيــا‬ ‫اإليرانيــة التــي يجــري تصديرهــا‪.‬‬ ‫«اإلمرباطوريــة» تعتمــد عــى ميليشــيات محليــة يف بلــدان‬ ‫التوســع‪ ،‬كــا يف لبنــان حيــث أقامــت دولــة ضمــن‬ ‫الدولــة‪ ،‬ومنعــت مؤخـرا ً انتخــاب رئيــس جمهوريــة جديــد‪،‬‬ ‫لكنهــا فشــلت يف تنصيــب الرئيــس الــذي رشــحته‪ .‬أمــا يف‬ ‫ســوريا فاإلمرباطوريــة تســتنفذ مداخيلهــا يف دعــم النظــام‬ ‫االســتبدادي‪ ،‬دون التوصــل إلنهــاء الـراع املســلح لصالحــه‪،‬‬

‫ثقافة صفحات التواصل االجتماعي‬ ‫بهنان يامين‬ ‫مــع زخــم ثــورات الربيــع العــريب‪ ،‬رغــم كل‬ ‫االرهاصــات التــي رافقتهــا‪ ،‬انتــرت صفحــات‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬كالنــار يف الهشــيم‪،‬‬ ‫محولــة إياهــا مــن تواصــل اجتامعــي إىل‬ ‫تواصــل ثقــايف وســيايس‪ .‬وقــد كانــت الثــورة‬ ‫الخــراء يف إيــران‪ ،‬احتجاجــاً عــى تزويــر‬ ‫االنتخابــات الرئاســية اإليرانيــة لصالــح أحمــدي‬ ‫نجــاد‪ ،‬قــد ســبقت هــذه الثــورات يف االعتــاد‬ ‫عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي مــن أجــل‬ ‫نقــل الخــر إىل كل العــامل حــول مــا يحــدث‬ ‫يف الجمهوريــة اإلســامية اإليرانيــة مــن قمــع‬ ‫واضطهــاد واســتبداد‪.‬‬ ‫مــع انحســار قــدرة االنظمــة الديكتاتوريــة‬ ‫وأجهزتهــا االمنيــة عــى مراقبــة كل كلمــة تقال‪،‬‬ ‫تحولــت أجهــزة الهواتــف الذكيــة وااليفــون‬ ‫عــا يختلــج‬ ‫والتابلويــت إىل صحافــة تعــر ّ‬ ‫يف صــدر عامــة النــاس‪ ،‬وخاصــة املثقفــن‬ ‫منهــم‪ ،‬مــن أفــكار وآراء وأشــعار ولوحــات‬ ‫فنيــة وكاريكاتــور‪ .‬ليــس هــذا فحســب‪ ،‬فلقــد‬ ‫تحولــت هــذه الصفحــات إىل ســاح يقاتــل بــه‬ ‫اإلنســان مــن منزلــه‪ ،‬ويعــي صوتــه عاليـاً ضــد‬ ‫األنظمــة الديكتاتوريــة‪ ،‬بعــد أن اخــرق حاجــز‬ ‫الخــوف الــذي منــع اإلنســان مــن أهــم حقوقــه‬ ‫أال وهــي حريــة التعبــر‪.‬‬ ‫وكأي وســيلة إعــام‪ ،‬نــرت صفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي ثقافــة جديــدة‪ ،‬وهــذه الثقافــة‬ ‫ككل الثقافــات تحتــوي عــى مــا هــو ممتــاز‬ ‫وجيــد‪ ،‬ومــا هــو وســطي ورديء‪ ،‬ومــع‬ ‫اســتمرارية الكتابــة كان الوســطي يتحــول إىل‬ ‫جيــد والــرديء إىل وســطي‪ .‬عــى هامــش هــذه‬ ‫الثقافــة منــت طحالــب ثقافيــة‪ ،‬ككل صحافــة‬ ‫صف ـراء‪ ،‬تعتمــد الســباب والشــتائم والتجريــح‪،‬‬ ‫وهــذا وضــع طبيعــي نجــده مــع كل مجــاالت‬ ‫الفنــون والثقافــة‪.‬‬ ‫وإن كانــت ثــورة ‪ 25‬ينايــر‪ 2011‬يف مــر‪،‬‬ ‫ســباقة يف اعتــاد صفحــات الفايــس بــوك‬

‫‪7‬‬

‫مــن أجــل الدعــوة إىل التظاهــر يف ميــدان‬ ‫التحريــر‪ ،‬فــإن الثــورة الســورية‪ ،‬بــكل حســناتها‬ ‫وســيئاتها‪ ،‬اســتمرت يف اســتخدام هــذه الوســيلة‬ ‫يخــل أي موقــع‬ ‫ُ‬ ‫لنــر هــذه الثقافــة‪ ،‬ومل‬ ‫الكــروين‪ ،‬مهــا كان قويـاً ومقــروءا ً‪ ،‬إال واعتمــد‬ ‫عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬كالفايــس‬ ‫بــوك وتوتيــر ولينكديــن واينســرغرام وواتــس‬ ‫أب ويوتــوب الــخ‪ ،...‬مــن أجــل املزيــد مــن‬ ‫االنتشــار‪ .‬وقــد فــرزت هــذه الثقافــة نوعــاً‬ ‫مــن الحــس النقــدي عنــد الكثرييــن ممــن‬ ‫تَشــجع وكتــب‪ ،‬فــإذا بنــا نلحــظ بــروز العديــد‬ ‫مــن الكتــاب‪ ،‬ذوي الحــس النقــدي ســواء‬ ‫االجتامعــي أو الســيايس أو الثقــايف أو الفنــي‪.‬‬ ‫حتــى املشــاهري مــن الفنانــن أجــروا عــى‬ ‫االعتــاد عــى هــذه الصفحــات مــن أجــل‬ ‫املزيــد مــن االنتشــار‪ ،‬فلــم يبـ ًـق أحــد مل يســمع‬ ‫بعــي فــرزات أو يوســف عبدالــي أو جــورج‬ ‫ماهــر الــخ مــن مشــاهري الفــن يف ســورية‪ ،‬ومــا‬ ‫يقــال عــن الفــن يقــال عــن كل املشــاهري يف كل‬ ‫أنــواع الثقافــة غــر املأجــورة‪.‬‬ ‫ســنعطي مثــاالً عــن افـرازات هــذا الثقافــة‪،‬‬ ‫مــن ســورية ومــن ثورتهــا‪ ،‬وبالــذات مــن‬ ‫تلــك املدينــة الصغــرة يف محافظــة إدلــب‪ ،‬أال‬ ‫وهــي كفــر نبــل‪ ،‬التــي مل يكــن قــد َسـ ِمع بهــا‬ ‫إال أهلهــا وجوارهــا‪ ،‬إىل قريــة عامليــة يعرفهــا‬ ‫كل مثقفــي العــامل‪ ،‬وذلــك بالطريقــة املبتكــرة‬ ‫والتــي عممتهــا صفحــات الفايــس بــوك‪ ،‬أال‬ ‫وهــي الالفتــات التــي كان يرفعهــا مناضلــو كفــر‬ ‫نبــل‪ ،‬ليــس فقــط باللغــة العربيــة بــل بــكل‬ ‫لغــات العــامل‪ ،‬وهــي تعــر عــن الحــدث الثــوري‬ ‫يف ســورية‪ ،‬بــكل ارهاصاتــه‪ ،‬ســواء بالشــعارات‬ ‫أو بالرســوم الكاريكاتوريــة‪ ،‬والفضــل األول‬ ‫واألســايس كان لقدرتهــم تحويــل الطاقــات‬ ‫الكامنــة يف داخلهــم إىل ثقافــة تــؤرخ لألحــداث‬ ‫التــي شــهدتها ســورية‪ ،‬وهــم صامــدون بنــر‬ ‫هــذا التاريــخ رغــم اضطهــاد األجهــزة األمنيــة‬ ‫لهــم يف بدايــة الثــورة‪ ،‬والعصابــات االرهابيــة‬

‫التــي شــكلها النظــام القمعــي‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫تعتــدي مــن حــن لحــن عــى مركــز النــر يف‬ ‫كفــر نبــل‪.‬‬ ‫والشــعارات التــي رفعهــا مثقفــو كفرنبــل‪،‬‬ ‫كانــت أفضــل تعبــر عــن الحــس الشــعبي‬ ‫والجامهــري لعامــة النــاس‪ ،‬ولقــد نقــل لنــا‬ ‫أحــد أبــرز ناشــطي كفرنبــل‪ ،‬رائــد فــارس‪ ،‬يف‬ ‫لقــاء لنــا معــه خــال زيارتــه القصــرة للــوس‬ ‫أنجلــس‪ ،‬كيــف تفجــرت لديهــم هــذه الطاقــة‬ ‫الفنيــة‪ ،‬رغــم بعثيتهــم‪ ،‬ألنــه مل يكــن مســموحاً‬ ‫بــاي انتــاء آخــر‪ ،‬حيــث كشــف لنــا بأنــه‬ ‫ومجموعــة مــن شــباب كفرنبــل‪ ،‬قــرروا أن‬ ‫ال يقفــوا مكتــويف األيــدي يف املخــاض الــذي‬ ‫تعيشــه ســورية‪ ،‬والتــي كانــت طلقــة املخــاض‬ ‫األوىل مــن مدينــة درعــا‪ ،‬فقــرروا أن يخرجــوا‬ ‫بتظاهــرة قمعــت مــن قبــل عمــاء النظــام‪،‬‬ ‫ولكــن مــع تراخــي قبضــة األمــن فكــروا‬ ‫باللجــوء إىل فــن جديــد‪ ،‬أال وهــو فــن اليافطــة‪،‬‬ ‫كوســيلة للتعبــر عــن الحــدث اليومــي يف‬ ‫ســورية‪ .‬وهكــذا فجــرت الثــورة الســورية‬ ‫طاقــات هــؤالء الناشــطني بــأن يــرى النــور فــن‬ ‫مــن نــوع جديــد أال وهــو فــن اليافطــة إن صــح‬ ‫التعبــر‪ ،‬وبالطبــع اعتمــد هــؤالء الناشــطون‬ ‫عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي لنــر‬ ‫هــذا الفــن‪ ،‬يف كل أنحــاء العــامل‪.‬‬ ‫وال بــد مــن اإلقــرار بأنــه لــوال الحريــات‬ ‫التــي أطلقتهــا الثــورة الســورية‪ ،‬والتــي حــاول‬ ‫النظــام وأدهــا‪ ،‬ملــا تنعــم الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫ســواء املؤيــدون للنظــام أو املعارضــون لــه‪،‬‬ ‫بنعيــم حريــة التعبــر التــي أفــرزت ثقافــة‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬وهــذه الثقافــة كــا‬ ‫أســلفنا كانــت تحمــل يف طياتهــا الغــث‬ ‫والنفيــس‪ ،‬ومــا كان لهــذه الثقافــة أن تتواجــد‬ ‫لــوال قــدرة الصفحــات االجتامعيــة عــى تطويــع‬ ‫الخــر كتابــة وصوتـاً وصــورة‪ ،‬حيــث كان الخــر‬ ‫يتناقــل برسعــة الــرق ليصــل إىل كل أنحــاء‬ ‫العــامل وبــكل اللغــات‪.‬‬

‫حيــث غــرق حرســها الثــوري مــع حــزب اللــه وامليليشــيات‬ ‫الشــيعية يف رمــال متحركــة‪ ،‬وأصبحــت تعتــر قــوة احتــال‪،‬‬ ‫يتوجــب القتــال إلجالئهــا‪.‬‬ ‫يف الع ـراق رغــم دعمهــا لرئيــس الــوزراء الحــايل يف الحملــة‬ ‫ضــد داعــش فإنهــا خــرت بإزاحــة املالــي رئيــس وزراء‬ ‫مضمــون خضوعــه لنفوذهــا‪ .‬ويف اليمــن أدت محاولــة‬ ‫امليليشــيات لالســتيالء عــى الســلطة بدعــم إيــراين إىل‬ ‫اســتنفار معــارض لتدخلهــا أثــار «عاصفــة الحــزم»‪ ،‬وتحالــف‬ ‫لــدول املنطقــة مدعــوم دوليــاً بقــرار مــن مجلــس األمــن‬ ‫للحــد مــن أطامعهــا اإلمرباطوريــة التــي أدخلــت اليمــن‬ ‫يف دوامــة حــرب أهليــة ســتكبده خســائر فادحــة وتعيــق‬ ‫تقدمــه وتحولــه لبلــد دميقراطــي‪.‬‬ ‫وســبق أن دعمــت إيــران حــاس يف انقالبهــا عــى فتــح‪،‬‬ ‫فســاهمت يف متزيــق الصــف الفلســطيني‪ .‬وهــي تســعى‬ ‫لــدور يف ليبيــا والســودان والصومــال مــا ســيزيد الــدول‬ ‫التــي يســبب تدخلهــا فيهــا كــوارث غــر مســبوقة‪ .‬ورغــم‬ ‫االتفــاق النــووي األخــر‪ ،‬فأمــركا ال تـزال تعتــر إيـران دولــة‬ ‫راعيــة لإلرهــاب الــذي يــرف عليــه «فيلــق القــدس»‪،‬‬ ‫تزعــزع اســتقرار املنطقــة بتدخالتهــا التــي ســاهمت يف‬ ‫تحويــل االســتقطاب الجــاري فيهــا منــذ خمــس ســنوات بــن‬ ‫أنظمــة اســتبدادية‪ ،‬وشــعوب تطالــب بحريتهــا‪ ،‬إىل رصاع‬ ‫طائفــي بــن شــيعة وســنة ‪.‬‬ ‫أوهــام اإلمرباطوريــة الرثــة ســتعجل بانهيارهــا إىل جانــب‬ ‫العوامــل املوضوعيــة املذكــورة‪ ،‬فالشــعب اإليـراين سيســتغل‬ ‫أيــة فرصــة لالنتفــاض إلســقاط النظــام‪ ،‬فثــورات شــعوب‬ ‫الــرق األوســط افتتحــت منــذ خمــس ســنوات وإيــران‬ ‫ليســت مســتثناة منهــا‪.‬‬

‫هذا العامل األعور‬

‫آخيل آخيل‬ ‫غريــب هــذا املجتمــع الــدويل الــذي ال يــرى‬ ‫يف كل هــذه الدمــاء املســالة يف الــرق إال‬ ‫مــا يلــوث عجــات ســياراته الذاهبــة إىل‬ ‫حقــول النفــط‪ ،‬أمــا باقــي الدمــاء فهــي‬ ‫كميــاه الــرف الصحــي يف دهاليــز نيويــورك‬ ‫وباريــس ولنــدن‪ ..‬واإلرهــايب فقــط هــو مــن‬ ‫ال يخــدم مصالحــه ســواء بالهــدف أو بتقاطــع‬ ‫املصالــح‪..‬‬ ‫مــا الفــرق بــن فيلــق بــدر وجيــش املهــدي‬ ‫وحــزب اللــه وأبــو الفضــل العبــاس وبــن‬ ‫داعــش؟‬ ‫مــا الفــرق بــن مقتــدى الصــدر وحســن‬ ‫نرصاللــه وأبــو بكــر البغــدادي؟‬ ‫أمل تقتــل عصابــات الصــدر اإليرانيــة مــن‬ ‫أهــايل تكريــت أضعــاف مــا قتلــت داعــش؟‬ ‫أمل يقتــل حــزب اللــه الفــاريس وعصابــات‬ ‫الصــدر مــن الســوريني واللبنانيــن‬ ‫والعراقيــن والفلســطينيني أضعــاف مــا قتــل‬ ‫مــن اإلرسائيليــن؟ بــل أضعــاف مــا قتــل‬

‫االرسائيليــون مــن العــرب؟‬ ‫يف الثامنينــات كانــت شــوارع طهــران تعــج‬ ‫بالفتــات النفــاق‪ ..‬املــوت ألمريــكا واملــوت‬ ‫إلرسائيــل‪ ،‬بينــا كانــت الطائـرات اإلرسائيليــة‬ ‫تنطلــق مــن قــرص لتحــط يف مطــار طه ـران‬ ‫محملــة بالســاح لــرب العــراق؟‬ ‫املــوت إلرسائيــل ولكــن القتــى مــن اليمــن‬ ‫والشــام وبغــداد‪ ..‬الحــويث يرفــع شــعار املــوت‬ ‫ألمريــكا ويقتحــم عــدن‪ ..‬املــوت إلرسائيــل‬ ‫والــدم يف صنعــاء ومــأرب‪ ..‬ملــاذا فقــط‬ ‫داعــش إرهابيــة وحــزب اللــه وفيلــق بــدر‬ ‫وجيــش املهــدي ال‪..‬؟‬ ‫داعــش يرفضهــا املكــون الــذي تدعــي‬ ‫حاميتــه‪ ،‬بــل وقاتلهــا برشاســة‪ ،‬ولكــن املكــون‬ ‫اآلخــر يقــدس مجرميــه‪..‬‬ ‫مــا الفــرق بني رايــة داعــش الســوداء امللطخة‬ ‫بالــدم‪ ،‬وبــن عاممــة خامنئــي والصــدر ونــر‬ ‫اللــه الســوداء امللطخــة بالــدم واإلجرام؟‬ ‫فعالً إن هذا العامل أعور‪..‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫مراجعات إسالمية ـ ‪ 5‬ـ‬ ‫‪ 1‬ـ مقدمة‪:‬‬ ‫مــن خربيت مبعظــم التيــارات اإلســامية ودقيق‬ ‫التفاصيــل عنهــا‪ ،‬والتــي توفــرت خــال مرحلــة‬ ‫الســجن الطويلــة التــي ألزمتنــي باملعايشــة‬ ‫اليوميــة معهــم لســنوات عديــدة‪ ،‬وزيــاد ًة‬ ‫عــى شــغفي لســنوات أطــول باالطــاع عــى‬ ‫غالــب النصــوص اإلســامية مــن قــرآن وتفســر‬ ‫وســرة وحديــث وعلــوم فقــه وأصــول ترشيــع‬ ‫ومذاهــب وفــرق وتاريــخ إســامي‪ ،‬وغــر ذلــك‬ ‫ـت وألزمــت نفــي مبعرفتــه‪ ..‬وأخـرا ً‪،‬‬ ‫مــا بحثـ ُ‬ ‫وبحكــم الظــروف التــي أوجدتنــي قريب ـاً مــن‬ ‫موقــع الظهــور املفاجــئ لداعــش يف الرقــة‪،‬‬ ‫وســاقتني‪ ،‬راضيـاً أو مكرهـاً‪ ،‬إىل هــذه املعرفــة‬ ‫وهــذه الخــرة الجديــدة بداعــش‪ ،‬والتــي أزعــم‬ ‫أننــي عاينتُهــا واختربت ُهــا معرفـ ًة واطالعـاً حتــى‬ ‫نخــاع عظ ِمهــا يف الشــكل واملضمــون‪ ،‬أجــد‬ ‫نفــي مؤهـاً أن أتحــدث عــن داعــش حديــثَ‬ ‫ٍ‬ ‫عــارف لــه قســ ٌط مــن األهليــة املتواضعــة‬ ‫للحديــث مــن وجهتــن‪ :‬الخــرة الســابقة‬ ‫بعمــوم تيــارات اإلســام الســيايس‪ ،‬والتجربــة‬ ‫املبــارشة يف اختبــار داعــش‪ ..‬فــا هــي داعــش‬ ‫وكيــف هــي داعــش وملــاذا داعــش؟‬ ‫إن العقــل ال يصــاب بالجنــون‪ ..‬إنــه يتحالــف‬ ‫مــع الجنــون مبــلء إرادتــه طاملــا كان مثــة‬ ‫مصلحــة تجمــع الطرفــن عــى ذلــك‪..‬‬ ‫ومنــذ البدايــة أود أن أنفــي انتــاء داعــش إىل‬ ‫أي مــن تيــارات اإلســام الســيايس بــكل تالوينــه‬ ‫ٍّ‬ ‫وأطيافــه ومواقعــه‪ ،‬املعتدلــة واملتطرفــة‪،‬‬ ‫فداعــش ليســت حزبــاً (مــن أحــزاب أهــل‬ ‫الســنة والجامعــة)‪ ،‬وال تيــارا ً‪ ،‬وال جامعــة أو‬ ‫فرقــة مــن فــرق املســلمني املعارصيــن‪ ،‬هــذا‬ ‫مــن جهــة‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى فــإن داعــش ال‬ ‫تشــبه ال الخــوارج وال غريهــم ال يف املحتــوى‬ ‫وال املخــر الخارجــي‪ ،‬إنهــا ال تشــبه شــيئاً عرفــه‬ ‫تاريــخ اإلســام خــال ماضيــه وقرونــه الســالفة‬ ‫وال تنتمــي إليــه‪ ..‬جزئيـاً قــد تتامثــل مــع التتــار‬ ‫والقرامطــة ولــو بنســبة ضئيلــة شــكالً‪ ،‬أمــا‬ ‫ـي واالفتئــات عليهــم‬ ‫الخــوارج فــإ َّن مــن البغـ ِّ‬ ‫أن يُقارنــوا بهــا أو تقــارن بهــم‪ .‬الفارق الحاســم‬ ‫بــن داعــش والخــوارج أن الخــوارج مل يكــن‬ ‫يجم ُع ُهــم عــى مســتوى التنظيــم والعمــل‬ ‫ومجابهــة اآلخــر إال (الفكــرة أو املبــدأ) عــى‬ ‫مســتوى املضمــون‪ ،‬وإال الوضــوح والعلنيــة‪،‬‬ ‫بــل واملباهــاة يف ذلــك اإلظهــار واإلشــهار عــى‬ ‫مســتوى الشــكل‪ ،‬وهــو أمــ ٌر ال تســتطيعه‬ ‫داعــش ال يف الشــكل وال يف املضمــون ولــن‬ ‫تســتطيعه مســتقبالً‪ ..‬فالخارجــي يُباهــي‬ ‫ويفخـ ُر مبــا يحملــه مــن مبــادئ مثلــا يباهــي‬ ‫ويفخ ـ ُر باســمه واســم أبيــه ونســبه وقبيلتــه‪..‬‬ ‫إن الخارجــي يُخاطــب الكــون كلــه ويفخــر‬ ‫ِــل عليــه مــن روح الفروســية‬ ‫عليــه مبــا ُجب َ‬ ‫طالبــت الخــوارج‬ ‫ولــو‬ ‫والتســامي‪،‬‬ ‫والشــمم‬ ‫َ‬ ‫افرتاضيــاً بــأن يضعــوا أقنعــة أو يكنــوا عــن‬ ‫أســائهم الحقيقيــة بأســاء وهميــة لفضلــوا‬ ‫رمبــا أن يَ ِحلــوا أنفســهم كتنظيــم عــى أن‬ ‫ٍ‬ ‫بعــرض كهــذا‪ .‬وهــو األمــر الــذي‬ ‫يقبلــوا‬ ‫ينتفــي مــن آداب داعــش وســلوكياتها التــي‬ ‫ال تقــوم‪ ،‬وليــس باإلمــكان لهــا أن تقــوم‪ ،‬إال‬ ‫عــى ذلــك التخفــي يف الظــام والتمويــه‬ ‫عــى املبــدأ اإلســامي العــام حســبام تتطلبــه‬ ‫الحاجــة وتقتضيــه الــرورة‪ .‬هــذا بنيويــاً‬ ‫جــز ٌء مــن تكويــن داعــش‪ ،‬ولكــن حتــى اآلن‬ ‫يتــم التعميــة والتمويــه عــى البــر أجمعــن‬ ‫حــول حقيقــة داعــش‪ ،‬وتجــري محاولــة‬ ‫محمومــة لتلخيــص داعــش عــر وســائل إعــام‬ ‫عربيــة وإقليميــة وعامليــة بتعميـ ٍة أشـ َّد نُ ْكـرا ً‪،‬‬ ‫والتســويق لداعــش تعريفيــاً بأنهــا (تنظيــم‬ ‫إرهــايب إســامي ســني متطــرف ال أقــل وال‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫من اخلوارج إىل داعش (ثانيًا ـ داعش)‬

‫أكــر) هــذا مــا يُـرا ُد لنــا أن نعـ َ‬ ‫ـرف مبدئيـاً بــه‪،‬‬ ‫وأن نُ ِقـ َّر ولــو إقـرارا ً أوليـاً باالنتهــاء مــن هــذه‬ ‫املســلمة البســيطة‪ ،‬وذلــك عــن طريــق القــرع‬ ‫املســتمر ليـاً ونهــارا ً‪ ،‬وعــر كل وســائط اإلعــام‬ ‫والتواصــل الحضاريــة الحديثــة واملتطــورة‬ ‫الرسيعــة‪ :‬اعرتِفــوا ابتــدا ًء أن داعــش يشء‬ ‫يشــبه هــذا التعريــف‪ ،‬ثــم أضيفــوا بعــد ذلــك‬ ‫عليهــا مــا تــودون وترغبــون مــن إضافــات‬ ‫وزيــادات‪ ..‬ال‪ ،‬بــل أكــر مــن ذلــك‪ ،‬إن الشــكل‬ ‫النهــايئ لصــورة داعــش ســوف يتأســس تاريخيـاً‬ ‫باملعاونــة بــن تعريفنــا وإضافاتكــم وآرائكــم‬ ‫القيمــة‪ ..‬إن كل مــا ســتقولونه ســوف يُعطــي‬ ‫قيمــة إضافيــة لداعــش‪ ..‬هكــذا يــراد لنــا أن‬ ‫نُســلم جــدالً بــأن داعــش هــي ظاهــرة نبتــت‬ ‫مــن تربــة اإلســام وقلبــه‪ ..‬كأننــا مجــرد أمــة‬ ‫مــن البلهــاء لنصــدق ذلــك‪ ،‬وأنهــا فــر ٌع مــن‬ ‫فــروع اإلرهــاب الســني املتنــوع املظاهــر‪ ،‬أو‬ ‫هــي انعجنــت مــن عجينــة ذلــك التطــرف‬ ‫ــت يف حواضنــه‬ ‫الســني ومــن طينتــه‪ ،‬وت َ َربَّ ْ‬ ‫ليــس غــر‪.‬‬ ‫ومــع تزويــد املــرح الجغــرايف واملناطقــي‬ ‫الــذي رتعــت ولعبــت فيــه داعــش بــكل هــذه‬ ‫الكميــة املضخوخــة مــن آالف الصــور واألفــام‬ ‫والوثائــق وامليديــا املتنوعــة األشــكال واأللــوان‪،‬‬ ‫ســيصبح مــا كان افرتاضي ـاً ومرسحي ـاً و ُمتَ َق ـ َّوالً‬ ‫ال معقــوالً هــو الحقيقـ َة عي َنهــا‪ ،‬كــا يُـراد لنــا‬ ‫أن نترشبهــا دون مراجعــة أو تدقيــق‪ ،‬والتــي‬ ‫ال تســتطيع الع ـ ُن إنكا َرهــا‪ ،‬وال يقــوى العقـ ُـل‬ ‫عــى نفيهــا ومدافعتهــا‪ .‬هكــذا إذن‪ ،‬ميكننــا‬ ‫القــول إن داعــش‪ ،‬ومــع والدتهــا املفاجئــة‪،‬‬ ‫قــد (صنعــت تاريخــاً إســامياً جديــدا ً)‪،‬‬ ‫وث َ َّبتَــت معرفــ ًة الحقــة باإلســام‪ ،‬كديــن‪،‬‬ ‫موثقــة بالفيديوهــات الكثــرة وآالف الصــور‬ ‫والوثائــق واألخبــار‪ ،‬جميعهــا تــكاد تقــول لنــا‪:‬‬ ‫انظــروا واســتبرصوا‪ ..‬فهــذا هــو اإلســام الــذي‬ ‫كنتــم تجهلونــه‪ ،‬وكل مــا صنعتــه داعــش أنهــا‬ ‫وضعتــه عيانيـاً تحــت األضــواء وســلطت عليــه‬ ‫املجاهــر‪ ،‬وعــى املــرح املشــا َهد مبــارشة‪..‬‬ ‫ـب مفضــوح وتهريــج‬ ‫هــذا‪ ،‬والحــق يقــال‪ ،‬ل ِعـ ٌ‬ ‫ـي خــا ٍل مــن الفــن واملتعــة‬ ‫ســينام ٌيئ ومرسحـ ٌ‬ ‫وإملاعــات الــذكاء‪ ،‬وليــس لــه أيــة غايــة أخــرى‬ ‫ســوى التشــهري‪ ،‬والحــط مــن كرامــة أتبــاع ديــنٍ‬ ‫تــكاد أعدا ُدهــم أن تصــل إىل مــا يقــرب مــن‬ ‫خُمــس البرشيــة القاطنــة عــى ظهــر الكوكــب‪،‬‬ ‫وليــس يف ماضيهــم مــا يــؤرش إىل أن تاريخهــم‬ ‫يف أي عــر مــن العصــور كان بدائيـاً وهمجيـاً‬ ‫ومتوحشـاً كــا يُـرا ُد للرســالة املغلفــة بداعــش‬ ‫ـح القــول‪.‬‬ ‫أن تُف ِْصـ َ‬ ‫رجعــت إىل الســؤال األول الــذي بــدأت‬ ‫وإذا‬ ‫ُ‬ ‫بــه‪ :‬مــا هــي داعــش إذن؟ فبوســعي اإلجابــة‬ ‫مبــارشة ودون تقدمــة وإطالــة‪ :‬إن داعــش هــي‬ ‫صناعــة أوالً‪ ،‬وهــي صناعــة بســيطة وبدائيــة‬ ‫ومتخلفــة وكثــرة العيــوب التقنيــة مــن طــرف‬ ‫الجهــة املصنعــة‪ ،‬فهــي ال تنتمــي إىل جنــس‬ ‫الصناعــات املعقــدة والتكنولوجيــا املتطــورة‬ ‫الحديثــة ثانيــاً‪ ،‬وأن عــى الذيــن قامــوا‬ ‫باخرتاعهــا وتصنيعهــا واإلنفــاق عــى مصنعهــا‬ ‫وجهــات التصديــر واالســترياد فيهــا‪ ،‬أن يتحملوا‬ ‫وحدهــم لطخــة عارهــا وثبــت جرامئهــا إىل أبــد‬ ‫اآلبديــن ثالث ـاً‪ .‬وأن الجهــات املصنعــة ـ وهــي‬ ‫كثــرة جــدا ً ومتعــددة أكــر مــن أن تحتمــل‬ ‫ضامئرنــا أن تصــدق كــا ســأُبَ ِّي ـ والتــي‬ ‫شــاركت متضافــرة ومتعاونــة يف إنتــاج هــذا‬ ‫االخـراع‪ ،‬لــن تعــرف أبــدا ً مبلكيتهــا وحقوقهــا‬ ‫ـي بــه كاللقيــط‬ ‫بـراءة هــذا االخـراع الــذي أُلقـ َ‬ ‫أمــام بــاب أحــد املســاجد‪ ،‬مــروكاً للتأويــات‬ ‫واالفرتاضــات واالتهامــات والظنــون املرتابــة‪..‬‬ ‫إنهــا فاشــية كل الكــون حــن تنجمــع يف واحـ ٍـد‬ ‫مــن الــرؤوس التــي ال يَ ْنتَ ِظــر وال يَ ْنظُـ ُر إىل أمام‬

‫تصــل إىل الــدركات الســابعة‬ ‫ُ‬ ‫وال وراء‪ ،‬فحــن‬ ‫مــن الجحيــم ال تفك ـ ْر كث ـرا ً بفرشــاة أســنانك‬ ‫ـح مــا كان يُســمى قبــل‬ ‫وترسيحــة شــعرك‪ ..‬ونَـ ِّ‬ ‫ذلــك أخالق ـاً أو ِق َي ـاً واعتبــارات‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ البدايات‪:‬‬

‫نســتطيع أن نــؤرخ لبدايــة جديــدة للعــامل‬ ‫اإلســامي أجمــع بحــرب أفغانســتان ومــا تالها‪،‬‬ ‫حيــث دمــر الط ـران واملارينــز األمــريك رقعــة‬ ‫امللعــب الدوليــة املعتمــدة و(املرخصــة قانونياً)‬ ‫لإلرهــاب الــدويل‪ ..‬تــ َّم تدمــر معســكرات‬ ‫القاعــدة ومحارصت ُهــا مــن الســاء واألرض‪،‬‬ ‫ـات أو ٍ‬ ‫و َو َج ـ َد بضع ـ ُة مئـ ٍ‬ ‫آالف مــن القاعديــن‬ ‫الذيــن ش ـ َّد ُهم الحــاس لقتــال الســوفييت يف‬ ‫أنفســ ُهم مطارديــن‪ ،‬ومالحقــن‬ ‫وقــت مــى َ‬ ‫مبوجــب القوانــن الدوليــة مــن كل دول العــامل‪،‬‬ ‫ومل يعــد أح ـ ٌد يتعــرف عليهــم كــا كان عليــه‬ ‫الحــال فيــا مــى‪ ،‬وال أن يشــاطرهم الدعــم‬ ‫واملســاعدة والتعــاون خوفــاً مــن التوقيــف‬ ‫واالحتجــازات واملالحقــات الدوليــة وتعقــب‬ ‫ــح معتقــل‬ ‫تحويــل األمــوال وتجميدهــا‪ ،‬وفَتَ َ‬ ‫غوانتنامــو الــيء الصيــت والســمعة العامليــة‬ ‫أبوابــه مرشعــ ًة لريتجــف العــامل كلــه منــه‪،‬‬ ‫حتــى مــن مل يكــن إرهابيــاً ومل يفكــر بــذاك‬ ‫يومـاً مــا‪ ..‬كان عــى إيـران املعزولــة عــن العــامل‬ ‫بســبب مشــاكلها الكثــرة‪ ،‬وعــن العــامل العــريب‬ ‫عــى األخــص بســبب حربهــا مــع الع ـراق‪ ،‬أن‬ ‫تجــد اللحظــة املناســبة وأن تقتنصهــا‪ ،‬إذ هــي‬ ‫واحــدة مــن اللحظــات التاريخيــة النــادرة التــي‬ ‫لــن يُ َف ِّوت َهــا دون اســتفاد ٍة إال غبــي‪ ،‬ففتحــت‬ ‫حدودهــا للمطا َر ِديــن وعائالتهــم‪ ،‬ووســعت‬ ‫مســامات النفــوذ إىل مدنهــا وأراضيهــا دون‬ ‫رقابــة وال حســاب‪..‬‬ ‫كانــت إي ـران منــذ مــا قبــل الخمينــي والشــاه‬ ‫تعيــش السياســة االســراتيجية البعيــدة‬ ‫بوصفهــا حل ـاً أمجادي ـاً‪ ،‬وذلــك عــر منذجتهــا‬ ‫يف العقــل الســيايس اإليــراين لتصــل بهــا إىل‬ ‫اســتعادة إمرباطوريتهــا التليــدة التــي انقرضــت‬ ‫منــذ قــرون‪ ،‬وكــا يحلــم البائــس املدقــع بكنــز‬ ‫جــده الــذي حدثــوه عنــه (وهــي يف هــذه‬ ‫النقطــة بالــذات تشــبه جريانهــا العــرب)‪..‬‬ ‫كانــت إي ـران تــدرك قيمــة الرأســال الجديــد‬ ‫غــر املتوقــع حدوثــه‪ ،‬والــذي صنعتــه صدفــة‬ ‫األحــداث املتالحقــة عــى أراضيهــا‪ :‬ت َ َج ُّمــع‬ ‫فلــو ِل القاعــدة‪ ،‬والطــرق الربيــة الكثــرة‬ ‫الواصلــة بــن أفغانســتان وشــال العــراق‪،‬‬ ‫هنالــك حيــث ســتعمل إيــران عــى مللمــة‬ ‫شــعث الفاريــن مــن أفغانســتان‪ ،‬وإعــادة‬ ‫تجميعهــم وإيوائهــم وتأهيلهــم مــن جديــد‪..‬‬

‫‪ 3‬ـ عق��د الش��راكة ب�ين جمان�ين‬ ‫الس��ماء وجمان�ين األرض‪:‬‬

‫أدرك املخططــون اإليرانيون واالسـراتيجيون أن‬ ‫هــؤالء املجاهديــن رمبــا أثخنتهــم الحــرب قليالً‬ ‫أو كثــرا ً وأنهكتهــم‪ ،‬وأن غالبيتهــم العظمــى‬ ‫رمبــا لــن يقــدروا‪ ،‬مبنطــق الوســع واالســتطاعة‪،‬‬ ‫التَ َقـ ّوي عــى إعــادة إنتــاج ذواتهــم كمحاربــن‪،‬‬ ‫بيـ َد أنهــم باتــوا‪ ،‬بحكــم األمــر الواقــع‪ ،‬ميتلكون‬ ‫مــا هــو أهــم وأمثــن مــن عودتهــم إىل مياديــن‬ ‫القتــال‪ :‬إنهــم ميتلكــون الخــرات ومعرفــة‬ ‫الشــبكات وطــرق التخفــي والوصــول يف‬ ‫أشــق الظــروف وأعرسهــا إىل غاياتهــم‪ ،‬إنهــم‬ ‫ِّ‬ ‫مســتودع أرسار القاعــدة ومتاحفهــا التاريخيــة‬ ‫الحافلــة بــاألرسار واإلثــارة واإلدهــاش‪ ..‬لقــد‬ ‫خــروا معركــ ًة يف أفغانســتان‪ ،‬لكنهــم مل‬ ‫يخــروا عالقاتهــم املتشــعبة واملتشــابكة‬ ‫بالجيــل القاعــدي الثــاين‪ ،‬وشــبكات االتصــال‬ ‫بــه‪ ،‬وطــرق تغذيتــه باملــال والفكــر الجهــادي‬ ‫الــذي يوصــل إىل الجنــة مــن أقــر الطــرق‬

‫دون مشــقات وأعبــاء‪ ،‬وهــذا مــا حــرص‬ ‫اإليرانيــون عــى إعــادة تجميعــه عــى أرضهــم‪،‬‬ ‫ُــب‬ ‫ووضعهــم تحــت عــ ٍن بصــرة نافــذة ترق ُ‬ ‫كل يشء وتعايــن مــا يفيــد منهــم‪ ،‬ومــا بــات‬ ‫َّ‬ ‫بــا فائــدة‪ ،‬ثــم تعيــد إنتــاج الجيــل الالحــق‬ ‫ٍ‬ ‫مبواضعــات أكــر حنكــة‪،‬‬ ‫لآلبــاء املؤسســن‪،‬‬ ‫وبأســلوب أكــر اعتــادا ً عــى الحداثــة‬ ‫وتجميــع الخــرات‪ ،‬مــع الحــرص هــذه املــرة‬ ‫عــى تغيــر بنــك األهــداف التــي وضعتهــا‬ ‫القاعــدة نصــب عينهــا ورفعتهــا كشــعارات‪،‬‬ ‫فبــدالً مــن ســذاجة األفــكار املتحمســة إلبــادة‬ ‫اليهــود والصليبيــة العامليــة (والــذي كان‪،‬‬ ‫باملناســبة‪ ،‬شــعارا ً جربتــه إي ـران نفســها أيــام‬ ‫الولدنــة الثوريــة يف بدايــات ثورتهــا) ســوف‬ ‫يكــون التخطيــط والرحيــل بعــد اليــوم مــن‬ ‫أجــل حــرق الــرق األوســط كلــه‪ ،‬وذلــك‬ ‫حتــى ال يبقــى مــن الج ـران مــن ينافــس‪ ،‬أو‬ ‫يفكــر لسـ ٍ‬ ‫ـنوات طــوا ٍل أن يتمــرد عــى مــروع‬ ‫اإلمرباطوريــة الناهــض والواعــد‪ ،‬وحتــى تكــون‬ ‫خامــة البلــدان والشــعوب التــي تقــع يف حوطة‬ ‫النمــر اإلي ـراين املتوثــب عــى الجميــع‪ ،‬لدن ـ ًة‬ ‫ومطواعـ ًة وســهل َة الهضــم عنــد االســتفراد بهــا‬ ‫ونهشــها كفريســة‪ ،‬وهــي بهــذه النوايــا التــي‬ ‫بيتتهــا ت ُجــاه أولئــك املقاتلــن كانــت ترتجــح‬ ‫بــن الحرائــق القدميــة والجديــدة ملحيطهــا‬ ‫اإلقليمــي غــر الــودي‪ ،‬وبــن رمــاد تلــك الــدول‬ ‫املتفحمــة مــن الديكتاتوريــات وكــرة الحــروب‪،‬‬ ‫واملرتمــدة مــن اليبــاس الحضــاري‪ ،‬وعطالــة‬ ‫الثقافــة القــادرة عــى اســتيعاب املدنيــة‬ ‫الحديثــة مــع األمــم املعــارصة‪ ،‬فــآوت بداي ـ ًة‬ ‫عوائــل ابــن الدن والظواهــري‪ ،‬وأحســنت‬ ‫ضيافــة وإقامــة معظــم أبنــاء القــادة الكبــار‪،‬‬ ‫وبــدأت تعــد العــدة للجيــل الثــاين‪ ..‬الجيــل‬ ‫الــذي ســيكون أبــرز ممثليــه الزرقــاوي‪ ،‬وطيف‬ ‫مــن ذلــك الجيــل الــذي مل يشــارك معظمــه يف‬ ‫الحــروب األفغانيــة إلعــادة تصليــب عــوده‬ ‫وتأهيلــه مــن جديــد‪..‬‬ ‫بالتــوازي مــع الســياقات واألوضــاع التــي آلــت‬ ‫إليهــا مــآالت القاعــدة والقاعديــن عــى الضفــة‬ ‫اليمنــى مــن الخليــج العــريب‪ ،‬كان مثــة عــى‬ ‫الضفــة اليــرى مــن ذلــك الخليــج مــآالت أكــر‬ ‫مأســاوية ومدعــاة للحــزن والتشــاؤم‪ ،‬حيــث‬ ‫دخــل عــراق صــدام حســن طــور التدهــور‬ ‫والتفســخ الرسيــع‪ ،‬وطفقــت إمرباطورتيــه‬ ‫تتفــكك بالرسعــة الالفتــة للنظــر عــى يــد‬ ‫األمريــكان وعمالئهــم‪ ،‬يســاعدهم يف ذلــك‬ ‫الجــوار العــريب املغيــب عــن واقعــه‪ ،‬والفــاريس‬ ‫الحاقــد تاريخيـاً‪ ،‬واإلقليمــي والعاملــي الباحــث‬ ‫عــن مكاســبه الخاصــة‪ ..‬أصبــح بــول برميــر‬ ‫خــال أســابيع معــدودة هــو الحاكــم الفعــي‬ ‫للعـراق‪ ،‬وكان مــن أوىل قراراتــه التــي اتخذهــا‪،‬‬ ‫كــا نتذكــر‪ ،‬قــرار حــل الجيــش العراقــي‪،‬‬ ‫فأحــدث خــال ســاعات أعقبــت ذلــك الق ـرار‬ ‫حالــة فريــدة وغــر مســبوقة يف التاريــخ‪:‬‬ ‫جيــش جــرار عرمــرم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مــن جهــة أوىل ُوجِــد‬ ‫لــه ســبق وســمعة ومكانــة عــى املــرح‬ ‫الــدويل‪ ،‬يحمــل عــبء الهزميــة ولطخــة عارهــا‬ ‫وعقــدة ذنبهــا‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى كان عــى‬ ‫هــذا الجيــش الكبــر العــدد‪ ،‬والــذي يصــل‬ ‫تعــداده إىل قريــب مــن مليــون عامــل فيــه‬ ‫أو تقــل قليــاً‪ ،‬أن يُلقــى بــه عــى قارعــات‬ ‫الطــرق‪ ،‬ال ضامنــات وال مــوارد عيــش أوصلــت‬ ‫أف ـراده إىل حــد التفتيــش عــن لقمــة الطعــام‬ ‫لــه ولــأرس التــي تصطــف وراءه معيــاً لهــا‪.‬‬ ‫زد عــى ذلــك املالحقــات والقتــل الطائفــي‬ ‫وســعار الرغبــة الدفينــة باالنتقــام وشــهوته‬ ‫ُ‬ ‫التــي وصلــت إىل حدودهــا القصــوى‪ ..‬كل‬ ‫ذلــك كان يحــدث تحــت ســمع الواليــات‬ ‫املتحــدة وإيـران وبرصهــا‪ ،‬وكل طــرف منهــا‬

‫كان ينظــر إىل اآلخــر نظــرة االرتيــاب والتشــوف‬ ‫ملــا ســوف يصنــع‪ ،‬ومــا هــي خطتــه الجديــدة‬ ‫للمســتقبل إزاء مــا آلــت إليــه األوضــاع‪ .‬كان‬ ‫الجيــش العراقــي قــد بــدأ يتحــول بالتدريــج‬ ‫إىل مجموعــات مقاومــة شــعبية‪ ،‬وخاليــا نامئــة‬ ‫تدعــم تلــك املجموعــات ومتدهــا بالخــرة‬ ‫واملعرفــة بحكــم تاريخهــا وتوســع طيــف‬ ‫اختصاصاتهــا ومعرفتهــا بخــرات القتــال‬ ‫والتفاصيــل االســتخباراتية لــكل شــؤون املــكان‪:‬‬ ‫املــدن‪ ،‬القــرى‪ ،‬الســكان‪ ،‬الطــرق‪ ،‬املخابــئ‪..‬‬ ‫الــخ‪..‬‬ ‫كان كل طــرف فاعــل يف املعركــة الشــمولية‬ ‫عــى امتــداد رقعــة العــراق‪ ،‬والــذي قــرر‬ ‫الجميــع فيــه أن يذبــح بعضهــم بعضــاً منــذ‬ ‫ذلــك التاريــخ وحتــى الالنهايــة‪ ،‬دون كلــل‬ ‫أو هدنــة أو مســاومة عــى أنصــاف حلــول‪،‬‬ ‫فإمــا النــر كلــه ومعــه كل يشء أو ال يشء‪،‬‬ ‫كان كل طــرف فيــه يحــاول اخــراق اآلخــر‪،‬‬ ‫وهــذا أمــر طبيعــي ومبــدأ ال مندوحــة عنــه‬ ‫النت ـزاع النــر‪ ،‬وأرجــح الغلبــة فيــه ملــن كان‬ ‫ميلــك املــال وعــدة القتــال‪ ،‬وبالتــايل املؤهــل‬ ‫موضوعيــاً ولوجســتياً الســتقطاب العنــر‬ ‫البــري الكــفء واملقــاوم واملؤهــل أكــر‬ ‫مــن غــره‪ ..‬ولقــد أدركــت إي ـران أنهــا حتــى‬ ‫لــو امتلكــت الوشــيعة املغناطيســية املركزيــة‬ ‫العاملــة لصالحهــا‪ ،‬والتــي كانــت تنــذر أن‬ ‫تســتقطب كل شــوارد القاعــدة املتناثــرة‬ ‫واملبعــرة‪ ،‬فإنهــا لــن تســتطيع أن تؤســس‬ ‫لنــواة تنظيــم (إرهــايب) جديــد وبديــل تعمــل‬ ‫عــى تصنيعــه لخدمــة مرشوعهــا اإلمرباطــوري‬ ‫املتخيــل‪ ،‬ألن ذلــك ســيدينها دوليــاً‪ ،‬ويضعهــا‬ ‫يف قفــص اتهــام ال قبــل لهــا بــه فــوق مشــاكلها‬ ‫الكثــرة مــع العــامل‪ ،‬وذلــك مــا مل تشــارك فيــه‬ ‫رفقــاء الســوء األمريــكان‪ ،‬وتقــدم لهــم بعــض‬ ‫الخدمــات املجزيــة والجليلــة مــن خاللــه‪،‬‬ ‫كــا أدرك رفقــاء الســوء األمريــكان أن إي ـران‬ ‫لــن تجــرؤ عــى الدفــع مبجانــن الســاء دون‬ ‫التوصــل إىل اتفــاق مــع مجانــن األرض‪ ،‬أو‬ ‫الشــيطان األكــر‪ ،‬كــا كانــت تســميهم‪..‬‬ ‫خاصــة أن إيــران كانــت تعلــم علــم اليقــن‬ ‫أ ّن اخرتاعهــا نفســه قــد ســبقها األمريــكان‬ ‫إليــه‪ ،‬وأ ّن وشــيعتهم املغناطيســية املركزيــة‬ ‫الجاذبــة‪ ،‬واملؤلفــة مــن نــواة صلبــة مــن‬ ‫بقايــا جيــش صــدام املندثــر‪ ،‬والتــي أصبحــت‬ ‫جاهــزة النتقــاء واســتقطاب أشــد العنــارص‬ ‫حامســاً فيــه وأقواهــم شــكيمة وأعرفهــم‬ ‫خــرة مبــا يحتاجــه هــذا التنظيــم الجديــد‪..‬‬ ‫وال خيــار أمــام الطرفــن‪ ،‬والحــال عــى مــا‬ ‫هــو عليــه مــن التعقيــدات املهــددة بعــدم‬ ‫االســتمرار واســتكامل املرشوعــن‪ ،‬إال بدمــج‬ ‫الوشــيعتني واملرشوعــن ببعضهــا‪ ،‬مــروع‬ ‫القاعــدة اإلي ـراين‪ ،‬ومــروع نواتــه املســتقطبة‬ ‫نخبــة مــن عنــارص اســتخبارات جيــش صــدام‬ ‫الــذي تفتــت يف كل صحــراء ومدينــة وبلــدة‬ ‫عراقيــة‪ ،‬وتحويلهــا إىل رشكــة مســاهمة‬ ‫مفتوحــة األســهم ملــن يرغــب باالش ـراك أولــه‬ ‫مصلحــة أو ملمــح فائــدة مســتقبلية مــن هــذا‬ ‫االش ـراك‪ ..‬ولعــل العــامل وبرشيــة اليــوم‪ ،‬منــذ‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬مل يتفقــوا عــى يشء‬ ‫ويتحــدوا عليــه‪ ،‬كــا اتفقــوا واتحــدوا عــى‬ ‫هــذه الرشاكــة غــر املقدســة‪ ،‬والتــي ســينتج‬ ‫عنهــا اإلعــان عــن بــزوغ فجــر داعــش مــن‬ ‫قلــب ظــام الــرق األوســط‪ ،‬لتقــود العمــه‬ ‫األســطوري لذلــك الــرق البائــس إىل أغــوار‬ ‫أبعــد مــن دياجــر البــؤس والتفتــت الــذي‬ ‫يســتنقع فيــه ذلــك الــرق‪ ،‬ولتقــف مســتعدة‬ ‫لتقديــم جميــع االختصاصــات والخدمــات‪،‬‬ ‫وباملواصفــات التقنيــة املطلوبــة‪ ،‬واملؤهلــة‬ ‫لعبــور جميــع القــارات‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪9‬‬

‫تركي��ز اإلعالم الغرب��ي على داعش‬

‫نقطة أول السطر‬

‫سانا جوكينين‬

‫سورية قادمة!‬

‫أدى َهــوس وســائل اإلعــام بوحشــية تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية إىل نتائــج عكســية‪ .‬فمنــذ صعــود تلــك‬ ‫املجموعــة إىل العناويــن الرئيســية يف حزيران‪/‬يونيــو‬ ‫املــايض عندمــا أعلنــت عــن قيــام مــا أطلقــت عليــه‬ ‫اســم «الخالفــة» يف شــال رشق ســوريا وشــال وغــرب‬ ‫العــراق‪ ،‬أصبحــت وســائل اإلعــام تعــج بقصــص عــن‬ ‫الدولــة اإلســامية (أو مــا يعــرف بالدولــة اإلســامية يف‬ ‫العــراق والشــام‪/‬داعش)‪.‬‬ ‫مــرة تلــو األخــرى كان يُصــدم الــرأي العــام بالطــرق‬ ‫البشــعة التــي أعدمــت بهــا تلــك الزمــرة الرهائــن‬ ‫املحتجزيــن لديهــا‪ ،‬وبوحشــيتها تجــاه أولئــك الذيــن‬ ‫تعتربهــم «كفــارا ً»‪ ،‬وإخضاعهــا للنســاء‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫نجاحهــا املســتمر يف جــذب العــرات مــن األجانــب‪،‬‬ ‫مبــن يف ذلــك املجنديــن الغربيــن‪.‬‬ ‫ويبــدو جليّ ـاً أن القصــص عــن وحشــية داعــش تلقــى‬ ‫رواجـاً‪ ،‬لذلــك نجــد أن هنــاك صحفـاً معينـ ًة تقــوم بنرش‬ ‫العديــد مــن القصــص حــول هــذا املوضــوع يوميّ ـاً‪ .‬ويف‬ ‫األيــام التــي تكــون فقــر ًة باألخبــار متيــل بعــض املقــاالت‬ ‫ألن تحتــوي عــى معلومــات ذات قيمــة محــدودة‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي ميكــن فيــه تف ُّهــم هــذا االهتــام‬ ‫بالدولــة اإلســامية‪ ،‬فــإن الرتكيــز الوحيــد لوســائل‬ ‫اإلعــام عــى همج ّيــة داعــش قــد أىت مبــردود عكــي‪،‬‬ ‫كــا أنّــه أ َّدى إىل حــدوث لَبــس يف فهــم النــاس لحقيقــة‬ ‫الــراع يف ســوريا‪.‬‬ ‫يجــب أن يكــون واضحــاً اآلن ألي ُمتتبِّــعٍ لألحــداث يف‬ ‫ســوريا والعـراق أن تنظيــم داعــش ليــس مجــرد ممثــل‬ ‫مجنــون وغــر عقالين‪ ،‬فالســيطرة عىل مســاحات واســعة‬ ‫مــن األرايض (حتــى يف البلــدان الواقعــة يف الفــوىض‬ ‫كســوريا والعــراق)‪ ،‬واســتمرار متســكه بهــا يحتــاج إىل‬ ‫التنظيــم والتخطيــط الدقيــق‪ .‬ورغــم أ ّن تســجيالت‬ ‫الفيديــو التــي ينرشهــا داعــش تظهــر غــر ذلــك؛‬ ‫فالواضــح أن قــادة التنظيــم ليســوا مجانــن مســعورين‪.‬‬ ‫وإذا كان هنــاك داللــة‪ ،‬فــإ ّن الوحشــية املفرطــة التــي‬ ‫تُعــرض يف التســجيالت غالبــاً مــا تكــون ببســاطة‬ ‫اســراتيجية مو ّجهــة ومدروســة جيــدا ً‪ .‬أوالً‪ ،‬يحتــاج‬ ‫داعــش للظهــور بهــذه القــوة والقــدرة مــن أجــل جــذب‬ ‫مجنديــن جــدد‪ ،‬حيــث يعتمــد التنظيــم عليهــم‪ .‬فبعــد‬

‫كل يشء‪ ،‬مــن قــد يرغــب يف االنضــام إىل مجموعــة‬ ‫عــى وشــك أن تُ حــى مــن قبــل الجيــش الســوري أو‬ ‫مجموعــة مقاتلــة أخــرى وهــو بكامــل قــواه العقليــة؟‬ ‫ومــا ال شــك فيــه أ ّن التنظيــم بحاجــة ألن يُبقــي عــى‬ ‫صورتــه العامــة مــن الوحشــية املفرطــة مــن أجــل‬ ‫إخافــة أعدائــه وحملهــم عــى الخضــوع واالستســام‪،‬‬ ‫وملنــع النــاس الذيــن يعيشــون يف املناطــق الواقعــة‬ ‫تحــت ســيطرة هــذه املجموعــة مــن االنتفــاض ضدهــم‬ ‫كــا حــدث يف بعــض األحيــان‪.‬‬ ‫وأخـرا ً فــإن إبقــاء الجمهــور منشــغالً بوحشــية التنظيــم‬ ‫التــي ال ميكــن تصورهــا مالئــم لــرف انتباهــه عــن‬ ‫األخبــار األقــل «إغ ـرا ًء» مــن وجهــة نظــر داعــش‪ ،‬مــن‬ ‫قبيــل أن أعــدادا ً مــن املجنديــن األجانــب يف التنظيــم‬ ‫يحاولــون االنشــقاق بأعــداد كبــرة باإلضافــة إىل‬ ‫خســائره الكبــرة يف ســاحات القتــال‪ .‬ومــن املرجــح أن‬ ‫صــدور تســجيل الفيديــو املــروع لحــرق الطيــار األردين‬ ‫معــاذ الكساســبة يف غضــون أيــام بعــد أن عــاىن التنظيــم‬ ‫خســائر مدمــرة يف مدينــة (كوبــاين) شــال ســوريا‪ ،‬مل‬ ‫يكــن محــض صدفــة‪.‬‬ ‫وباستنســاخها للمــواد الدعائيــة الخاصــة بداعــش؛‬ ‫فــإن وســائل اإلعــام تســاهم مــن غــر قصــد يف دفــع‬ ‫أهــداف التنظيــم مبــا فيهــا املســاعدة يف جــذب املزيــد‬ ‫مــن املجنديــن األجانــب‪.‬‬ ‫وبنفــس القــدر مــن األهميــة فــإن هــ َوس وســائل‬ ‫اإلعــام بداعــش يحجــب اإلدراك العــام للرصاع يف ســوريا‬ ‫أيضــاً‪ .‬وإذا كان هنالــك مــن مســتفيد جــ ّراء ظهــور‬ ‫الجهاديــن يف ســاحة املعركــة يف ســوريا فإنــه الرئيــس‬ ‫بشــار األســد؛ إذ تحــ ّول مؤخــرا ً مــن شــخص منبــوذ‬ ‫دول ًّيــا إىل رشيـ ٍ‬ ‫ي يف القتــال ضــد داعــش‪ .‬وعــى‬ ‫ـك فع ـ ٍّ‬ ‫رون‬ ‫الرغــم مــن أن املســؤولني األمريكيــن مــا زالــوا يـ ّ‬ ‫أحيان ـاً عــى أنــه ال مــكان لألســد يف مســتقبل ســوريا؛‬ ‫فــإن هــدف تســهيل خــروج األســد مل يتـ َّم التخـ ّـي عنــه‬ ‫بعــد‪ .‬وكــا عــرت عــن ذلــك صحيفــة (نيويــورك تاميــز)‬ ‫يف افتتاحيتهــا بالقــول‪« :‬يف الواقــع فــإن األســد أصبــح‬ ‫حليفــاً محتمــاً‪ ،‬وإن كان غــر مستســاغ‪ ،‬يف مكافحــة‬ ‫الدولــة اإلســامية»‪.‬‬ ‫نتيجــة لذلــك‪ ،‬مــن يهتــم بعــد اآلن بــأن يكــون الجيــش‬

‫إبراهيم العلوش‬

‫الســوري وحلفــاؤه‪ ،‬وليــس داعــش‪ ،‬مــا زالــوا املســؤولني‬ ‫عــن الغالبيــة العظمــى مــن القتــى املدنيــن يف ســوريا؟‬ ‫أو بــأن النظــام مؤخـرا ً كثــف حمــات القصف مســتفيدا ً‬ ‫مــن الرتكيــز الــدويل عــى التهديــد الجهــادي‪ ،‬ون َّفــذ أكــر‬ ‫مــن ‪ 13000‬غــارة جويــة يف الســتة أشــهر األخــرة أودت‬ ‫بحيــاة ‪ 2312‬مدني ـاً بحســب املرصــد الســوري لحقــوق‬ ‫اإلنســان؟ وأصبحــت الحــاالت التــي يســتخدم فيهــا‬ ‫النظــام الســوري األســلحة الكيامويــة ال تجــذب الكثــر‬ ‫مــن االنتبــاه بعــد أن كانــت موضــع اهتــام دويل كبــر‬ ‫جــدا ً‪ .‬وحتــى قطــع الــرؤوس يبــدو أقــل رعب ـاً عندمــا‬ ‫يكــون نتيجــة لرباميــل النظــام املتفجــرة ومل يتــم تنفيــذه‬ ‫مــن ِق َبــل الجهاديــن‪.‬‬ ‫واألكــر عبثيــة ُر ّبــا يف الوضــع الراهــن هــو األدلــة‬ ‫املتزايــدة عــن وجــود تعــاون اس ـراتيجي بــن داعــش‬ ‫والنظــام الســوري‪ .‬وقــد تــم تســليط الضــوء عــى العالقة‬ ‫التكافليــة بــن الطرفــن يف بدايــة آذار‪/‬مــارس عندمــا‬ ‫أعلــن االتحــاد األوريب عــن عقوبــات اقتصاديــة جديــدة‬ ‫بحــق أفــراد ومنظــات مرتبطــة بالنظــام الســوري‪،‬‬ ‫وتضمنــت الالئحــة اســم رجــل أعــال يحمل الجنســيتني‬ ‫الســورية واليونانيــة‪ ،‬وهــو مســؤول عن تنســيق صفقات‬ ‫للنفــط والغــاز بقيمــة ماليــن الــدوالرات بــن داعــش‬ ‫والنظــام الســوري‪ .‬مزيــد مــن األدلــة عــن تعــاون واســع‬ ‫النطــاق بــن التنظيــم والنظــام الســوري قدمتهــا مجلــة‬ ‫(ديرشــبيغل) األملانيــة يف مقالتهــا األخــرة املبنيــة عــى‬ ‫وثائــق تــم اكتشــافها يف منــزل أحــد مؤســي داعــش‬ ‫واملعــروف باســمه الحــريك‪.‬‬

‫الرتمجة عن اإلنكليزية‪ :‬رزان العقباني‬

‫حول (عاصفة احلزم)‬ ‫راشد صطوف‬ ‫ميكــن اعتبــار (عاصفــة الحــزم) حدث ـاً نوعي ـاً ليــس‬ ‫بالنســبة للــراع يف اليمــن فحســب بــل وللمنطقــة‬ ‫عموم ـاً‪ ،‬فجميعنــا يــدرك أن األبعــاد اإلقليميــة لألزمــة‬ ‫اليمنيــة أكــر تأث ـرا ً وحضــورا ً مــن عواملهــا الداخليــة‬ ‫(ولــن أتطــرق هنــا إىل هــذه العوامــل عــى أهميتهــا)‪،‬‬ ‫حيــث ينــدرج هــذا الــراع يف ســياق املشــاريع‬ ‫املتجاذبــة للقــوى اإلقليميــة‪ ،‬وبصــورة خاصــة ســعى‬ ‫املــروع اإلمرباطــوري اإليــراين إىل التمــدد والهيمنــة‬ ‫عــى املنطقــة عــر اخــراق العديــد مــن الســاحات‬ ‫بروافــ َع ذاتَ طابــعٍ مذهبــي رصيــح‪ ،‬وقــد وفّــرت‬ ‫الحــروب األمريكيــة يف أفغانســتان‪ ،‬ويف العــراق بيئــ ًة‬ ‫مســاعد ًة لهــذا املــروع‪ ،‬حيــث كان نظــام املــايل‬ ‫هــو الرابــح األبــرز مــن إســقاط النظــام العراقــي‪ ،‬كــا‬ ‫واســتفاد اإليرانيــون مــن عــدم االســتقرار الســيايس يف‬ ‫لبنــان عــى أفضــل وجـ ٍه عــر تقويــة شــوكة حــزب اللــه‪.‬‬ ‫ومــع انطــاق الربيــع العــريب‪ ،‬ومــا رافقــه مــن خلخلـ ٍة‬ ‫يف البنــى السياســية التقليديــة‪ ،‬اســتطاع اإليرانيــون‬ ‫كســب والء العديــد مــن القــوى املحليــة‪ ،‬وقضــم املزيــد‬ ‫مــن املســاحات‪ ،‬كــا ســاعد املوقــف الــدويل مــن امللف‬ ‫النــووي اإلي ـراين يف منــح االيرانيــن مزيــدا ً مــن الوقــت‬ ‫والظــروف املالمئــة لتغولهــم يف املنطقــة‪ ،‬ومل ي ّدخــروا‬ ‫وســيل ًة أو جهــدا ً مــن أجــل خدمــة هــذا الهــدف‪ ،‬إن‬ ‫كان عــر التدخــل املبــارش يف مناطــق النــزاع‪ ،‬أو عــر‬ ‫وكالء محليــن‪ ،‬كــا هــو حاصــل يف اليمــن اآلن‪..‬‬ ‫مــن هنــا تــأيت األهميــة االســتثنائية لعاصفــة الحــزم مبــا‬

‫ررة مــن‬ ‫هــي تعبــر عــن انتقــال القــوى اإلقليميــة املتـ ّ‬ ‫املــروع اإلمرباطــوري اإلي ـراين مــن حالــة االنســحاب‬ ‫والدفــاع إىل حالــة الهجــوم‪ ..‬ومــن هنــا أيضــاً ميكــن‬ ‫تفســر طبيعــة القــوى املشــاركة يف هــذا التحالــف‬ ‫بصيــغ مختلفــة كالباكســتان وتركيــا عــى ســبيل املثــال‪..‬‬ ‫فــراع القــوى اإلقليميــة يدخــل اآلن‪ ،‬عــر البوابــة‬ ‫اليمنيــة‪ ،‬مرحلـ ًة جديــد ًة قــد تــؤدي إىل تقليــم مخالــب‬ ‫اإليرانيــن‪ ،‬وإعــادة التــوازن اإلقليمــي إىل مســاره‬ ‫الطبيعــي‪ ..‬أو ت ُدخــل املنطقــة يف جولــة جديــدة مــن‬ ‫الــراع املفتــوح واملبــارش‪ ،‬وهــذا مرتبــط بطبيعــة ر ّد‬ ‫الفعــل اإليــراين الــذي أر ّجــح أنــه ســيكون دفاعيــاً‪،‬‬ ‫خصوصــاً وأن هــذا التحالــف ليــس تعبــرا ً عــن إرادة‬ ‫ومصالــح إقليميــة فحســب‪ ،‬بــل وأيضـاً تعبــر عــن إراد ٍة‬ ‫دوليـ ٍة بواجهـ ٍة إقليميــة‪ ،‬مــا يضــع املوقــف اإليـراين يف‬ ‫زاوي ـ ٍة ضعيفــة‪ ،‬وأمــام خيــار ٍ‬ ‫ات محــدودة‪ ،‬ومــن بــن‬ ‫هــذه الخيــارات التصعيــد يف أماكــن أُخــرى للمســاومة‬ ‫عــى الورقــة اليمنيــة‪ ،‬كــا ويف إعــادة خلــط األوراق‬ ‫واملنــاورة فيــا يخــص ملفّهــا النــووي واالتفــاق املبــديئ‬ ‫الــذي وقعتــه مــع الغــرب‪..‬‬ ‫خالصــة القــول إ ّن عاصفــة الحــزم فتحــت البــاب أمــام‬ ‫مســا ٍر ســيؤدي يف نهايــة املطــاف إىل إعــادة ترتيــب‬ ‫ٍ‬ ‫أفضــل‬ ‫َ‬ ‫رشوط‬ ‫التوازنــات يف املنطقــة‪ ،‬وإىل توفــر‬ ‫ِ‬ ‫إلمكانيــة إيجــاد حلــول مقبولــة للســاحات الســاخنة‪،‬‬ ‫والســورية منهــا بوجــه خــاص‪ ،‬وهــذا ال يعنــي بالرضورة‬ ‫أننــا ســنكون أمــام عاصفــة حــزمٍ يف الســاحة الســورية‬ ‫ـاليب‬ ‫كــا يعتقــد البعــض‪ ،‬إمنــا قــد نــرى آليــات وأسـ َ‬ ‫أخــرى للتعبــر عــن هــذه اإلرادة اإلقليميــة الدوليــة‬

‫للحــد مــن التغــول اإليـراين يف الســاحة الســورية‪ ،‬وقــد‬ ‫تكــون التطــورات امليدانيــة األخــرة أحــد هــذه اآلليات‪،‬‬ ‫وذلــك عــر الضغــط عــى النظــام وحلفائــه بتعديــل‬ ‫بحل‬ ‫ميـزان القــوى عــى األرض إلجبارهــم عــى القبــول ٍّ‬ ‫ـيايس مـ ٍ‬ ‫ـرض لجميــع األط ـراف‪ .‬ويــأيت إخ ـراج النظــام‬ ‫سـ ٍّ‬ ‫مــن إدلــب بقـرا ٍر تــريك‪ ،‬والســيطر َة عــى معــر نصيــب‪،‬‬ ‫وبــرى الحريــر بقــرا ٍر مــن قيــاد ِة املــوك يف هــذا‬ ‫الســياق‪ ..‬وقــد شــاعت يف الســياق ذاتــه يف األســبوعني‬ ‫املاضيــن بعــض األخبــار حــول احتامليــة تخـ ّـي ال ّنظــام‬ ‫عــن مدينــة حلــب‪ ،‬وأعتقــد أن هــذا التحليــل غــر‬ ‫دقيــقٍ وال يتّفــق والوقائــع الفعليــة عــى األرض‪،‬‬ ‫خصوصـاً وأنــه مل يكــن هنــاك أي متغـرات ذات أهميــة‬ ‫عســكرية كبــرة يف موازيــن القــوى العســكرية باســتثناء‬ ‫تحريــر مبنــى املخاب ـرات الجويــة‪ .‬وأيض ـاً أن املعارضــة‬ ‫ـب‪ ،‬تخــى جديّـاً مــن احتــال‬ ‫كانــت‪ ،‬وحتــى أمـ ٍـد قريـ ٍ‬ ‫أن ينجــح النظــام يف حصــار املدينــة‪ ،‬ويبــدو أن هــذا‬ ‫الخطــر مــا زال جديّ ـاً‪.‬‬ ‫ويبقــى الســؤال مفتوح ـاً فيــا إذا كان التقــارب الــريك‬ ‫الســعودي األخــر‪ ،‬ســينعكس إيجابيــاً عــى امللــف‬ ‫الســوري‪ ،‬وهــذا هــو األرجــح‪ ،‬أم ســتبقى التجاذبــات‬ ‫بــن القــوى الصديقــة عام ـاً يف اســتمرار تــأزّم الوضــع‪،‬‬ ‫ودخولــه يف مســار ٍ‬ ‫ات أكــر تعقيــدا ً ودمويــة عــى‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬ألن اســتمرار هــذه التجاذبــات‬ ‫واســتمرار الخالفــات فيــا بــن االسـراتيجيات‪ ،‬والرتكيــة‬ ‫األمريكيــة منهــا بوجــه خــاص‪ ،‬دون الوصــول إىل ٍ‬ ‫أرض‬ ‫مشــرك ٍة فيــا بينهــا‪ ،‬ســيتجه الــراع اىل املزيــد مــن‬ ‫التعفّــن والخــراب؟!‪..‬‬

‫االنتصــارات املتواليــة للثــوار الســوريني يف إدلــب‪،‬‬ ‫ويف جــر الشــغور‪ ،‬ويف درعــا‪ ،‬تهــز أركان النظــام‪،‬‬ ‫وتثــر الفــزع يف نفــوس شــبيحته‪ ،‬الذيــن استســاغوا‬ ‫هــدر الــدم الســوري‪ ،‬وأدمنــوا تعذيــب الســوريني‪.‬‬ ‫واالنســحابات الكثــرة لقــوات االحتــال اإليــراين‪،‬‬ ‫والخالفــات بــن أركان النظــام يف أكــر مــن مــكان‪،‬‬ ‫وآخرهــا االقتتــال بــن الشــبيحة يف حمــص‪ ،‬تعطــي‬ ‫مــؤرشات واضحــة‪ ،‬عــى الهزميــة الوشــيكة لقــوى‬ ‫االحتــال اإليــراين‪ ،‬التــي قامــت بتدمــر ســورية مــع‬ ‫صنيعتهــا ثلّــة الحاقديــن عــى الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وخاصــة خفافيــش الظــام يف األقبيــة األمنيــة‪ ،‬الذيــن‬ ‫يكرهــون كل مــا لــه عالقــة بالحريــة‪ ،‬وبــاإلرادة‪،‬‬ ‫وبالكرامــة‪ ،‬ألن تدريباتهــم الطويلــة‪ ،‬وعــر نصــف‬ ‫قــرن كان هدفهــا األكيــد‪ ،‬هــو ســلب اإلرادة مــن‬ ‫الســوريني عــر تجريدهــم مــن كرامتهــم‪ ،‬وإذاللهــم‬ ‫باالعتقــال وباالختطــاف‪ ،‬وبالتهديــدات املبطنــة‬ ‫بالرشــوة!‬ ‫عهــد ســوري جديــد بــدأت مالمحــه تتكــون عــى‬ ‫الســاحة الســورية‪ ،‬هــذا العهــد ترســم أبعــاده قــوات‬ ‫الثــوار يف الجنــوب ويف الشــال الذيــن يقــودون‬ ‫تحريــر املــدن والقــرى‪ ،‬ويزحفــون إىل حواجــز القتلــة‬ ‫مــن الشــبيحة‪ ،‬ومــن الطائفيــن‪ ،‬بــإرادة وتصميــم‬ ‫يفـ ّـان حديــد الدبابــات‪ ،‬وجــدران الحواجــز والدشــم‪،‬‬ ‫ومل يأبهــوا للطائــرات‪ ،‬وال حتــى لرباميــل الكلــور التــي‬ ‫تندلــق عليهــم‪.‬‬ ‫إنهم يريدون سورية الجديدة املبنية أوالً عىل الحرية‪،‬‬ ‫وعىل الكرامة التي استلبها ضباط االستبداد األسدي‬ ‫من الروح السورية‪ ،‬يف محاولة طويلة ودؤوبة لتحويل‬ ‫سورية إىل بلد مسخ‪ ،‬مثل كوريا الشاملية‪ ،‬أو مثل‬ ‫غريها من البلدان الغارقة يف االستبداد‪ ،‬ويف عبادة‬ ‫القائد وعبادة الحذاء العسكري‪...‬‬ ‫ســورية تخطــو اليــوم إىل عهــد جديــد‪ ،‬رغــم كل‬ ‫املعوقــات‪ ،‬ورغــم قــوى التكفــر املنحطّــة‪ ،‬وغــر‬ ‫الجديــرة بــاألرض الســورية‪ ،‬وال حتــى بالخبز الســوري‬ ‫الــذي تأكلــه‪ ،‬وســتثبت األيــام القادمــة بأنهــم مجــرد‬ ‫واجهــات ألجهــزة مخابراتيــة عربيــة‪ ،‬ودوليــة‪ ،‬لهــا‬ ‫مخططاتهــا الخاصــة التــي تغتصــب الديــن‪ ،‬وتقيّــده‬ ‫باســمهم ظلــاً وعدوانــا ً‪ ،‬والديــن منهــم بــراء!‬ ‫يجــب علينــا الرتكيــز عــى تنظيــف األرض الســورية‪،‬‬ ‫مــن رجــس الحقــد الطائفــي‪ ،‬الــذي د ّمــر بلدنــا‪،‬‬ ‫وتســبب مبقتــل أبنائنــا تحــت التعذيــب‪ ،‬بــا أي رادع‬ ‫دينــي‪ ،‬أو أخالقــي‪ ،‬أو إنســاين‪ ،‬وال يتــم هــذا التنظيف‪،‬‬ ‫إال بإحالــة كل مــن تــورط بالتعذيــب مــن قريــب‪ ،‬أو‬ ‫مــن بعيــد‪ ،‬إىل محاكــم عادلــة وحازمــة‪ ،‬الســتئصال‬ ‫هــذه الرسطــان الخبيــث مــن ســوريا البلــد والوطــن‬ ‫واملســتقبل‪.‬‬ ‫ســورية القادمــة‪ ..‬واملبنيــة عــى الحريــة‪ ،‬وعــى‬ ‫الكرامــة هــي هدفنــا‪ ،‬وهــي هــدف أجيالنــا القادمــة‪،‬‬ ‫ولــن نتســامح مــع أي مســتبد‪ ،‬ومــع أي طاغــوت‪،‬‬ ‫مهــا تبــدت نوايــاه وكأنّهــا طيبــة‪ ،‬ومهــا كان الغطاء‬ ‫الــذي يتخفــى خلفــه ديني ـا ً أو قومي ـا ً‪ ،‬فنحــن نريــد‬ ‫ألبنائنــا الســوريني حيــاة بــا خــوف‪ ،‬وبــا تعذيــب‪ِ،‬‬ ‫وبــا تهديــد‪ ،‬نريــد للســوريني أن يعيشــوا أحــرارا ً كــا‬ ‫ولدتهــم أمهاتهــم!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل االقتصاد‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫من أس��باب تدهور س��عر صرف اللرية الس��ورية‬

‫يف األســواق املاليــة الدوليــة تعامــل‬ ‫عملــة أي دولــة كســلعة مــن الســلع التــي‬ ‫ميكــن بيعهــا ورشائهــا مقابــل أي عملــة‬ ‫أخــرى ويســمى ســعر التبــادل او التحويــل‬ ‫بــن عملــة و أخــرى بســعر الــرف‪ ،‬وهــذا‬ ‫يعنــي ان ســعر الــرف هــو الكميــة او‬ ‫املقــدار مــن عملــة معينــة الــذي يجــب‬ ‫دفعــه للحصــول عــى وحــدة واحــدة مــن‬ ‫عملــة أخــرى ويتحــدد ســعر الــرف يف‬ ‫ضــوء عــدة عوامــل منهــا‪:‬‬ ‫‪ -1‬معــدل التضخــم الزائــد‪ ،‬ومــن وجهــة‬ ‫نظــر اقتصاديــة يقصــد بالتضخــم زيــادة‬ ‫أســعار الســلع والخدمــات نتيجــة عجــز‬ ‫اإلنتــاج عــن تلبيــة الطلــب املتزايــد عــى‬ ‫هــذه الســلع‪ ،‬وكلنــا يعلــم أن معظــم‬ ‫املصانــع يف ســوريا أغلقــت او دمــرت مــن‬ ‫قبل األســد وشــبيحته‪ ،‬واإلنتــاج االن يف حالة‬ ‫احتضــار‪ .‬ويؤثــر معــدل التضخــم الســائد يف‬ ‫ســوريا عــى ســعر رصف العملــة فعندمــا‬ ‫يكــون معــدل التضخــم مرتفعـاً فــإن قيمــة‬ ‫العملــة تقــل مقارنــة بعملــة دولــة أخــرى‬ ‫فهنــاك تــدنٍ لإلنتــاج كبــر يقابلــه ارتفــاع‬ ‫يف التكاليــف وزيــادة يف حجــم املســتوردات‬ ‫لســد فجــوة االســتهالك املحــي وال يوجــد‬ ‫معــدل للنمــو فاالختناقــات الهيكليــة‬

‫املتعلقــة باإلنتــاج نتــج عنهــا ارتفــاع‬ ‫متواصــل يف التكاليــف مــا أدى اىل زيــادة‬ ‫معــدالت التضخــم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬معــدالت الفائــدة‪ :‬ان معــدل الفائــدة‬ ‫عــى الودائــع يؤثــر عــى ســعر الــرف‬ ‫وارتفاعــه يــؤدي اىل زيــادة الطلــب عــى‬ ‫العملــة لالســتثامر فيهــا بهــدف الحصــول‬ ‫عــى معــدل عائــد مرتفــع مــا ينتــج عنــه‬ ‫زيــادة ســعر رصف هــذه العملــة او عــى‬ ‫األقــل الحفــاظ عــى ســعرها الحــايل وحاليــا‬ ‫يف ســوريا يقــوم معظــم النــاس بســحب‬ ‫أموالهــم وودائعهــم مــن البنــوك بســبب‬

‫حتميــة انتصــار الثــورة وســقوط النظــام‬ ‫وخاصــة بعــد االنتصــارات األخــرة ‪.‬‬ ‫‪ -3‬ميـزان املدفوعــات ويعتــر مــن العوامــل‬ ‫الهامــة لتحديــد ســعر الــرف فالدولــة‬ ‫التــي تزيــد صادراتهــا املجمعــة عــن‬ ‫وارداتهــا املجمعــة ســوف تحقــق فائض ـاً يف‬ ‫ميــزان مدفوعاتهــا وهــذا الفائــض ســوف‬ ‫يــؤدي اىل زيــادة الطلــب عــى عملــة هــذه‬ ‫الدولــة مــا يــؤدي اىل زيــادة ســعر الــرف‬ ‫والعكــس صحيــح واملوقــف معــروف‬ ‫للجميــع ان ســوريا حاليــا تعيــش خســارة‬ ‫هائلــة يف ميــزان مدفوعاتهــا ‪.‬‬

‫‪ -4‬االحتياطــي النقــدي للدولــة وهــو مقــدار‬ ‫مــا متلكــه الدولــة مــن العمــات األجنبيــة‬ ‫والذهــب وقــد تــم تهريــب معظــم هــذا‬ ‫الرصيــد اىل أرصــدة آل األســد وأقربائهــم اىل‬ ‫الخــارج ودفــع جــزء منــه كتكاليــف حــرب‬ ‫لشــبيحة النظــام ‪.‬‬ ‫‪ -5‬تدخــل الدولــة يف الســوق املــريف‬ ‫ويعنــي هــذا تدخــل البنــك املركــزي‬ ‫ببيــع كميــات معينــة مــن العملــة لزيــادة‬ ‫املعــروض منهــا يف الســوق مــا يــؤدي اىل‬ ‫الحــد مــن ارتفــاع ســعر الــرف وبالتــايل‬ ‫كان البيــع عــن طريــق البنــك املركــزي‬ ‫رغــم محدوديــة املبالــغ يذهــب ريعــه اىل‬ ‫ســارسة النظــام وتجــاره ‪.‬‬ ‫‪ -6‬االســتقرار الســيايس يف الدولــة وهــو‬ ‫مــن أهــم العوامــل التــي تؤثــر عــى ســعر‬ ‫الــرف فالدولــة ذات االتجاهات السياســية‬ ‫الواضحــة واملســتقرة اجتامعيــاً وسياســياً‬ ‫تتمتــع بدرجــة كبــر مــن الثبــات وتكــون‬ ‫قيمــة عملتهــا مرتفعــة أمــا يف الحالــة‬ ‫الســورية فالدولــة مقبلــة عــى انهيــار‪،‬‬ ‫وعملتهــا محــل عــدم ثقــة وتتعــرض قيمتهــا‬ ‫لالنخفــاض الشــديد وبشــكل يومــي بســبب‬ ‫ذهــاب األســد واتباعــه اىل الســقوط يف‬ ‫النهايــة الحتميــة التــي قررهــا الشــعب ‪.‬‬ ‫‪ -7‬طباعــة النقــود ومتويــل عجــز املوازنــة‬ ‫مــا أدى اىل ارتفــاع معــدالت منــو عــرض‬

‫النقــود وهــي ســبب رئيــي الرتفاع األســعار‬ ‫املحليــة وهنــاك عالقــة طرديــة بــن النمــو‬ ‫النقــدي‪ ،‬ومعــدالت التضخــم وخاصــة أن‬ ‫الســنوات األخــرة شــهدت ارتفاع ـاً كبــرا ً يف‬ ‫االنفــاق الحكومــي الجــاري‪ ،‬وعجــز املوازنــة‬ ‫والتمويــل بالعجــز الرتفــاع تكاليــف الحــرب‬ ‫التــي أعلنهــا األســد عــى الشــعب الســوري‬ ‫وخاصــة ان هــذا االنفــاق مل يقابلــه ارتفــاع‬ ‫مامثــل يف االيـرادات العامــة وخــروج مــوارد‬ ‫النفــط مــن الخدمــة مــا أدى اىل زيــادة‬ ‫فجــوة املــوارد وعجــز املوازنــة ‪.‬‬ ‫‪ -8‬تهريــب آل األســد والدائــرة االقتصاديــة‬ ‫والسياســية والعســكرية املقربــة منهــم‪،‬‬ ‫والتــي تعتــر الصــف األول‪ ،‬ملعظــم أموالهــم‬ ‫وأرصــدة الدولــة اىل الخــارج متهيــدا ً للرحيــل‬ ‫يف أي وقــت يعلــن فيــه انتصــار الثــورة‬ ‫الســورية ‪.‬‬ ‫‪ -9‬انخفــاض معــدل الدخــل القومــي‬ ‫بســبب انخفــاض مداخيــل عديــدة‪ ،‬وعــى‬ ‫ســبيل املثــال الســياحة والتــي كانــت‬ ‫تشــكل نســبة مــن االيــراد تقــدر ب ‪25‬‬ ‫باملائــة بالعملــة الصعبــة ‪.‬‬ ‫‪-10‬هــذه جملــة مــن الحقائــق التــي تعطي‬ ‫مــؤرشا ً هامــاً عــى أن االقتصــاد الســوري‬ ‫يلفــظ أنفاســه األخــرة وأن األســد أدى‬ ‫دوره بشــكل جيــد لخدمــة إرسائيــل وايـران‬ ‫وأهدافهــم يف ربــوع بلدنــا الحبيــب ‪.‬‬

‫تده��ور الل�يرة الس��ورية‪ :‬تعب�ير عن فش��ل كافة سياس��ات الس��وريون يقاوم��ون م��ن أج��ل‬ ‫النظ��ام الوحش��ي‪ ،‬واملؤي��دون أول الضحايا!‬ ‫حي��اة حتف��ظ كرامته��م‬ ‫بعــد سياســة املعتقــات والتعذيــب حتــى‬ ‫املــوت هــا هــي سياســة التجويــع واالفــاس‬ ‫االقتصــادي تنضــم إىل الئحــة جرائــم النظــام‪،‬‬ ‫الــذي يتســبب يوميــاً باملزيــد مــن التدمــر‬ ‫والخســائر التــي تضحــي بالشــعب الســوري‬ ‫عــى مذبــح بقــاء كــريس بشــار الكيــاوي‪.‬‬ ‫فــا إن أعلــن مــرف ســورية املركــزي عــن‬ ‫جلســة تدخــل لبيــع الــدوالرات‪ ،‬الثالثــاء‬ ‫‪ ،2015/4/21‬بهــدف إنعــاش ســعر رصف اللرية‬ ‫التــي وصلــت إىل نحــو ‪ 290‬لــرة للــدوالر‬ ‫الواحــد‪ ،‬وهــو أدىن مســتوى منــذ مطلــع‬ ‫الثــورة عــام ‪ ،2011‬حتــى بــدأ الســوريون‬ ‫بالســخرية والتهكــم‪ ،‬عــى مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي‪.‬‬ ‫فمنــذ نــر موقــع «ســريا ســتيبس» خــر‬ ‫تدخــل املــرف املركــزي‪ ،‬مل تتوقــف تعليقــات‬ ‫الســخرية واتهامــات الحكومــة بأنهــا ضالعــة‬ ‫يف انهيــار العملــة الســورية‪.‬‬ ‫فقــد كتــب ســوري‪« :‬اليــوم بســكّر الســوق‬ ‫عــى ‪ 300‬بكــرا بيتدخــل املركــزي فيهبــط‬ ‫الســعر إىل ‪ 280‬ــــ ‪ 285‬ويف األســبوع القــادم‬ ‫بريجــع بريتفــع للـــ ‪ 320‬بريجــع بيتدخــل‬ ‫املركــزي‪ ،‬بريجعــو لـــ‪ ،300‬هــاد الســيناريو‬ ‫حفظنــاه وكان اللــه يف العــون»‪.‬‬ ‫ويف حــن كتــب الســوري «جلســة تدخــل»‪:‬‬ ‫«بدنــا حكومــة نزيهــة تهتــم بالشــعب‬ ‫الســوري املنــي مــن قبــل القريــب قبــل‬ ‫الغريــب»‪ .‬وكتــب آخــر باســم «معتــز رمــى»‪:‬‬ ‫«أنــا رح خربكــم أكــر قصــة صــارت يف العــامل‪..‬‬ ‫يف رجــل كان بط ـاً قومي ـاً‪ ،‬وكان رج ـاً يشــهد‬ ‫لــه النــاس بالنزاهــة‪ ،‬وكان حاكــاً عــادالً‬ ‫حتــى أنــه كان يســتمع آلراء النــاس وال يبخــل‬ ‫عليهــم بــأي يشء حتــى أنــه اســتطاع بحنكتــه‬ ‫ورؤيتــه العظيمــة وفكــره املنــر وعقلــه الكبــر‬

‫ورجاحتــه‪ ،‬وقــد كان يحمــل نوعــن مــن الذكاء‬ ‫قلــا جمعــت يف عقــل شــخص واحــد الــذكاء‬ ‫الفطــري والــذكاء املكتســب‪ ...‬أعتقــد أن الــكل‬ ‫عرفــه‪ ..‬اســتطاع أن يصــل ويرفــع الــدوالر‬ ‫ويلبــي طلبــات املضاربــن‪ ،‬ومل يبخــل عليهــم‬ ‫بــيء‪ ...‬انتظــروا يــا شــباب املفاجــأة الكــرى‬ ‫بصعــود الــدوالر وخســارة اللــرة‪ ،‬وإن وصلــت‬ ‫لريتنــا إىل ســعر اللــرة اللبنانيــة فاشــكروا اللــه‪،‬‬ ‫أو إىل ســعر الدينــار العراقــي وصــار الــدوالر‬ ‫بـــ ‪ 5000‬لــرة ســورية‪ ،‬إن بقيــت هالحكومــة‬ ‫واألســتاذ ورح نذكــر بعــض»‪.‬‬ ‫ويعلــق «عــاد» متهــاً حكومــة األســد‬ ‫بالفســاد ومشــاركة الفاســدين‪« :‬تســتمر‬ ‫سياســة الكــذب‪ ...‬وبتســارع‪ .‬ســؤال بســيط‬ ‫للجميــع قـراء ومســؤولني‪ :‬هــل يوجــد مهـ ّرب‬ ‫عــى مســتوى كبــر وحتــى صغــر يســتطيع‬ ‫إج ـراء صفقــات مباليــن الــدوالرات‪ ،‬مــن دون‬ ‫أن يكــون لــه رشيــك يف موقــع مهــم يف الدولــة‬ ‫قــادر عــى تيســر عملــه وحاميتــه؟»‪ .‬فيــا‬ ‫تقــول دنيــا‪« :‬قلتــويل ســورية بخــر‪ ..‬بخــر‬ ‫مــو؟»‪.‬‬ ‫ويــرى الدكتــور عــاد الديــن املصبــح أن ردود‬ ‫أفعــال الســوريني املؤيديــن لألســد جــاءت‬

‫متأخــرة كثــرا ً‪ ،‬بعــد أن انطلــت عليهــم‬ ‫الحمــات اإلعالميــة كـ»ادعــم لريتــك الســورية‪،‬‬ ‫وحملــة ســورية بخــر»‪ .‬وســاهموا إىل جانــب‬ ‫النظــام يف إفقــار أنفســهم وتبديــد مدخراتهــم‬ ‫مــن خــال رشاء اللــرة الســورية واإليــداع يف‬ ‫املصــارف‪.‬‬ ‫ويضيــف االقتصــادي املصبــح لـ»العــريب‬ ‫الجديــد»‪« :‬فشــلت سياســات حكومــة األســد‬ ‫وحاكــم املــرف املركــزي اإلعالميــة التــي‬ ‫صدقهــا بعضهــم خــال الثورة‪..‬غــاب الحاكم أو‬ ‫رئيــس الــوزراء عــن التلف ـزات للحديــث عــن‬ ‫اللــرة‪ ،‬ومل يعــد مــن حلــول ســوى الوعــود‬ ‫عــن بعــد‪ ،‬ومالحقــة مكاتــب الرصافــة وإغــاق‬ ‫صفحــات الفيســبوك التــي تعلــن الســعر‬ ‫الحقيقــي للــرة»‪.‬‬ ‫النظــام املفلــس بــات متأكــدا ً بــأن كافــة‬ ‫التغطيــات عــى جرامئــه باتــت مكشــوفة‪،‬‬ ‫ومل تعــد تقنــع حتــى مؤيديــه الذيــن ســكت‬ ‫الكثــر منهــم عــن جرائــم القتــل والتدمــر‪،‬‬ ‫بحجــج واهيــة‪ ،‬كان النظــام واالحتــال اإليـراين‬ ‫يروجانهــا‪ ،‬لقــد آن األوان لتســليم رمــوز هــذا‬ ‫النظــام إىل املحاكــم املحليــة والدوليــة والتفكري‬ ‫ببنــاء ســورية جديــدة وتتســع للجميــع!‬

‫وكالة األناضول‬ ‫يواصــل مــن بقــي مــن األهــايل يف‬ ‫مدينــة إعــزاز بريــف حلــب الســورية؛‬ ‫حياتهــم يف ظــل ظــروف صعبــة‪ ،‬نتيجــة‬ ‫الحــرب األهليــة املتواصلــة منــذ ‪ 4‬أعــوام‪،‬‬ ‫التــي خلفــت مئــات اآلالف مــن القتــى‪،‬‬ ‫وماليــن الالجئــن الذيــن فــروا إىل دول‬ ‫الجــوار‪.‬‬ ‫ومــع اكتســاء الحقــول املرتاميــة حــول‬ ‫طريــق حلــب ‪ -‬إعـزاز حلــة خـراء؛ تتوجه‬ ‫نســوة للعمــل يف األرايض الزراعيــة‪ ،‬فيــا‬ ‫يعتمــد بعــض األهــايل عــى تربيــة املــوايش‪،‬‬ ‫ال ســيام يف املناطــق اآلمنــة القريبــة مــن‬ ‫الحــدود الرتكيــة‪ ،‬لتلبيــة متطلبــات الحيــاة‪.‬‬ ‫وأوضــح «أحمــد محمــد»‪ ،‬وهــو مواطــن‬ ‫ســوري‪ ،‬أنهــم مســتمرون يف االلتفــات‬ ‫إىل أعاملهــم رغــم الحــرب‪ ،‬يف ظــل عــدم‬ ‫كفايــة املعونــات التــي تقدمهــا منظــات‬ ‫اإلغاثــة‪ ،‬مشــرا ً إىل أن عليهــم العمــل‬ ‫لتأمــن احتياجــات أطفالهــم‪ ،‬حيــث تعمــل‬ ‫عامــات باألجــرة اليوميــة يف حقــول أرسته‪.‬‬

‫وتقــول العامــات الــايت يزرعــن بــذور‬ ‫الكوســا‪ ،‬غــر مكرتثــات للمخاطــر‬ ‫املحتملــة‪ ،‬أنــه ال ســبيل أمامهــن ســوى‬ ‫العمــل ملواجهــة أعبــاء الحيــاة‪ ،‬يف ظــل‬ ‫الحــرب وتداعياتهــا‪.‬‬ ‫بــدوره أوضــح الطفــل «محمــد ســواس»‬ ‫ البالــغ مــن العمــر ‪ 9‬ســنوات‪ ،‬ويشــتغل‬‫برعــي األغنــام عــى جانــب أحــد الطرقات‪،‬‬ ‫أن منطقتهــم تعرضت للقصــف‪ ،‬ما أدى إىل‬ ‫نــزوح أرستــه التــي بــدأت تعيــش يف خيمــة‬ ‫نصبتهــا قــرب الحــدود الرتكيــة‪ ،‬معربــا عــن‬ ‫متنياتــه يف أن تنتهــي الحــرب بــأرسع وقــت‬ ‫والعــودة إىل مقاعــد الدراســة‪.‬‬ ‫جديــر بالذكــر أن تركيــا مــدت يــد العــون‬ ‫للســوريني منــذ اليــوم األول لألحــداث‬ ‫يف بالدهــم‪ ،‬وأقامــت مخيــات لالجئــن‪،‬‬ ‫وقدمــت لهــم مختلــف الخدمــات‪ ،‬كــا‬ ‫تواصــل املؤسســات واملنظــات الرتكيــة‬ ‫الحكوميــة واملدنيــة؛ إرســال مســاعدات‬ ‫إنســانية إىل املحتاجــن داخــل األرايض‬ ‫الســورية‪.‬‬


‫حرمل الفنون‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪11‬‬

‫الطبيعة منهل بصري كبري حيتاجه الرسام‬

‫لقاء مع الفنان التشكيلي األورفلي (حممد آجنا)‬

‫ال شــك أن شــانيل أورفــا مدينــة ترتــدي‬ ‫تاريخــاً يغــرق يف القــدم‪ ،‬وهــذا مــا ظهــر‬ ‫جليــاً يف أغلــب أعــال فنانيهــا التشــكيليني‬ ‫بصــورة‪ ،‬واضحــة املعــامل‪ ،‬حيــث ال تجــد عمـاً‬ ‫تشــكيلياً إال وكان تاريــخ املدينــة العريــق‬ ‫ســمته الظاهــرة التــي ال تنفــك عــن تكريــس‬ ‫أبعــاد متعــددة للطقــوس الدينيــة‪ ،‬والعــادات‪،‬‬ ‫والتقاليــد‪ ،‬وذاكــرة املهــن بأنواعهــا املختلفــة‪،‬‬ ‫وكأن هاجــس هــذا الفــن الجميــل أصبــح‬ ‫منــذورا ً يف أغلــب أعــال فنانيهــا لتأصيــل‬ ‫ذاكــرة املــكان‪ ،‬بأســاطريه‪ ،‬ومعتقداتــه‪ ،‬وبــره‪،‬‬ ‫وحجــره‪.‬‬ ‫ولــي تســتطيع تلمــس تلــك االنطباعــات‬ ‫واإلحساســات البرصيــة بصــورة أكــر واقعيــة‪،‬‬ ‫التقينــا الفنــان التشــكييل (محمــد آنجــا) يف‬ ‫مرســمه الــذي كان أشــبه بصومعــة ال تخلــو‬ ‫مــن الســحر‪ ،‬والدهشــة‪.‬‬ ‫* يس��عدنا ل��و تكرم��ت بالتعري��ف ع��ن‬ ‫نفس��ك‪ ،‬وع��ن جتربت��ك التش��كيلية؟‪.‬‬ ‫** محمــد آنجــا فنــان تشــكييل تــريك مــن‬ ‫مدينــة أورفــا مواليــد ‪ 1957‬مل أكمــل تحصيــي‬ ‫الجامعــي بســبب ظــروف خاصــة‪ ،‬عملــت‬ ‫منــذ العــام ‪ 1995‬يف مركــز مــرح الفنــون‬ ‫الجميلــة التابــع لبلديــة شــانيل أورفــا الكــرى‬ ‫مرشفـاً عــى دورات طــاب الفنــون التشــكيلية‬ ‫ومــا زلــت‪.‬‬ ‫بــدأت تجربتــي مــع الرســم منــذ املرحلــة‬ ‫االبتدائيــة‪ ،‬وكانــت تجــاريب األوىل تقتــر‬ ‫عــى رســوم الرصــاص والفحــم‪ ،‬وحــن متكنــت‪،‬‬ ‫وأصبــح لــدي خــرة ال بــأس بهــا انتقلــت إىل‬ ‫الرســم باأللــوان املائيــة التــي ســاعدتني كثـرا ً‬ ‫يف التحــول إىل مرحلــة جديــدة‪ ،‬وصعبــة‪،‬‬ ‫وهــي الرســم باأللــوان الزيتيــة التــي أنجــزت‬

‫فيهــا عــددا ً كبــرا ً مــن األعــال الهامــة يف‬ ‫ســياق تجربتــي التشــكيلية ‪.‬‬ ‫* م��ا ه��ي أه��م املع��ارض الفردي��ة‬ ‫واملش�تركة ال�تي ش��اركت به��ا داخ��ل‬ ‫تركي��ا وخارجه��ا؟‪.‬‬ ‫** عــى صعيــد املعــارض الفرديــة‪ ،‬أقمــت‬ ‫معــريض األول يف العــام ‪ 1992‬يف مدينتــي‬ ‫شــانيل أورفــا‪ ،‬أمــا املعــارض املشــركة فهــي‬ ‫عديــدة وكثــرة‪ ،‬وأريــد هنــا أن أذكــر أهمهــا‪،‬‬ ‫وهــو املعــرض الــذي أقيــم يف مجلــس الشــعب‬ ‫الــريك يف العــام ‪ 2000‬كذلــك معــرض وزارة‬ ‫الثقافــة الرتكيــة يف العــام ‪ 2001‬والــذي تــم‬ ‫مــن خاللــه اقتنــاء خمســة أعــال يل مــن قبــل‬ ‫وزارة الثقافــة‪.‬‬ ‫* م��ا ه��ي أه��م امل��دارس الفني��ة ال�تي‬ ‫اش��تغلت عليه��ا تش��كيلياً‪ ،‬وأيه��ا كن��ت‬ ‫منح��ازاً إلي��ه دون س��واه؟‪.‬‬ ‫** ال يوجــد لــدي اتجــاه فنــي محــدد‪ ،‬أرســم‬ ‫مــا أراه‪ ،‬ومــا أجــده مناســباً‪ ،‬وأحــاول نقــل‬ ‫اللقطــة الفنيــة التــي ال تلفــت انتبــاه اآلخريــن‬ ‫رغبــة منــي يف الفاتهــم نحوهــا‪ ،‬وهــذا يحقــق‬ ‫رشط ـاً إنســانياً أجــده مه ـاً يف هــذا الســياق‪.‬‬ ‫*أي��ن جي��د الفن��ان حمم��د آجن��ا نفس��ه‬ ‫يف م��ا يرمس��ه م��ن لقط��ات فني��ة‪ ،‬ف�لا ب��د‬ ‫أن يك��ون هن��اك اجت��اه ف�ني حم��دد يف‬ ‫اش��تغالك؟‪.‬‬ ‫** أرى نفــي دامئــاً يف التجــارب الفنيــة‬ ‫لعــر النهضــة‪ ،‬وأحــاول جــادا ً اســتلهام‬ ‫ِق َيمهــا البرصيــة‪ ،‬ومعايــر التشــكيل فيهــا‪،‬‬ ‫وأجــدين منحــازا ً لهــا بصــورة ال شــعورية‪ ،‬رمبــا‬ ‫ألنهــا ال ت ُقيــم أهميــة للسياســة وأبعادهــا‬ ‫األيديولوجيــة‪ ،‬وهــي تنكــب عــى االهتــام‬ ‫باإلنســان أوالً‪.‬‬ ‫* الالف��ت يف أغل��ب أعمال��ك التش��كيلية‬ ‫غي��اب الش��خوص‪ ،‬عل��ى العك��س‬ ‫م��ن التج��ارب الفني��ة األخ��رى ل��دى‬ ‫التش��كيليني األورفلي�ين؟‪.‬‬ ‫** هــذا صحيــح‪ .‬أنــا أهتــم فقــط بالطبيعــة‪،‬‬ ‫والكتــل التــي أمامــي‪ ،‬ال أتَق َّصــد البحــث عــن‬ ‫شــخوص بعينهــم‪ ،‬وكل مــا يف األمــر أننــي‬ ‫أرســم مــا أحــس بــه‪.‬‬ ‫*هن��اك ظاه��رة يلمس��ها املتلق��ي ل��دى‬ ‫أغل��ب الفنان�ين التش��كيليني األورفلي�ين‪،‬‬ ‫ه��ي مقدرته��م اهلائل��ة يف التعب�ير ع��ن‬ ‫اإلحس��اس اهلندس��ي‪ ،‬ودق��ة اخلط��وط‬ ‫داخ��ل العم��ل التش��كيلي‪ ،‬والس��ؤال هن��ا‪:‬‬

‫كيف يفس��ر لنا الفنان حممد آجنا هذه‬ ‫املق��درة احلرفي��ة‪ ،‬واحلذاق��ة البصري��ة‪،‬‬ ‫وم��ا ه��ي البواع��ث ال�تي تدفع أغل��ب فناني‬ ‫املدين��ة لالش��تغال عليه��ا؟‪.‬‬ ‫** لدينــا هاجــس إقنــاع املتلقــي‪ ،‬وهــذه مــن‬ ‫وجهــة نظرنــا مســألة يف غايــة األهميــة‪ ،‬ذلــك‬ ‫مــا يدفــع الفنــان لالشــتغال عــى اإلحســاس‬ ‫البــري‪ ،‬والتمكــن مــن إجادتــه‪ ،‬والحقيقــة‬ ‫أن ذلــك يعــود إىل أســباب جوهريــة‪ ،‬فاملتلقــي‬ ‫عندنــا ال يتفاعــل بســهولة مــع العمــل‬ ‫التشــكييل‪ ،‬إال إذا كانــت املالمــح األساســية‬ ‫للعمــل الفنــي واقعيــة‪ ،‬وكــا هــي يف طبيعتها‪.‬‬ ‫*ال أدري إن كن��ت توافق�ني ال��رأي‪ ،‬أن‬ ‫عل��ى الفن��ان أن يس��اعد املتلق��ي‪ ،‬ويس��اهم‬ ‫كث�يراً يف حتس�ين ذائقت��ه الفني��ة م��ن‬ ‫خ�لال تقدي��م أعم��ال تش��كيلية تضي��ف‬ ‫إىل أحاسيس��ه البصري��ة‪ ،‬ق��راءات جدي��دة‬ ‫ومتنوع��ة يس��تطيع م��ن خالهل��ا جت��اوز‬ ‫قي��م بصري��ة متع��ارف عليه��ا‪ ،‬وبص��ورة‬ ‫تدرجيي��ة ؟‪.‬‬ ‫**أنــا شــخصياُ أوافقــك الــرأي‪ ،‬وهــذه مالحظة‬ ‫قيمــة لكــن ســتواجهنا صعوبــة كبــرة حينــا‬ ‫نريــد نقــل أحاســيس جديــدة إىل املتلقــي‬ ‫عــر العمــل التشــكييل‪ ،‬وهــذا يرجــع ألســباب‬ ‫متعــددة‪ ،‬مــن أهمهــا أن املتلقــي يف مدينتنــا‬ ‫أورفــا‪ ،‬أو البعــض مــن املــدن الرتكيــة األخــرى‬ ‫ال يســتجيب بصــورة جيــدة و ُمهت ّمــة إىل تلــك‬ ‫األحاســيس‪ ،‬نظ ـرا ً لطبيعــة متلقينــا الخاصــة‪،‬‬ ‫وهــذا بتقديــري يعــد ســبباً كافيــاً يدفعنــا‬ ‫لرنســم فقــط مــا يتقبلــه ذهنــه كمتلــقٍ ‪،‬‬ ‫فاملــدارس‪ ،‬واالتجاهــات الفنيــة املعــارصة‪،‬‬ ‫والتجريبيــة‪ ،‬ولرمبــا الحداثيــة أيضــاً‪ ،‬تحتــاج‬ ‫إىل خــرة برصيــة كبــرة‪ ،‬وثقافــة تشــكيلية مــن‬ ‫املتلقــي يك يســتطيع االســتجابة لهــا‪ ،‬ونحــن‬ ‫مــن الناحيــة العمليــة ال منلــك متلقــن مــن‬ ‫هــذا الطـراز إال يف حــاالت اســتثنائية‪ ،‬ونــادرة‪.‬‬ ‫* م��ن خ�لال تأم��ل البع��ض م��ن أعمال��ك‬ ‫الفني��ة‪ ،‬وتق��ري تفاصيله��ا‪ ،‬لفتين قضية‬ ‫هام��ة تتعل��ق بضب��ط املس��افة املقنع��ة‬ ‫بصري��اً‪ ،‬م��ا ب�ين الكت��ل يف حال�تي الق��رب‬ ‫والبع��د‪ ،‬ومي��زان العالق��ات البصري��ة ب�ين‬ ‫الظ��ل‪ ،‬والن��ور‪ ،‬وتدرجاتهم��ا‪ ،‬إضاف��ة إىل‬ ‫مس��ألة أخ��رى خت��ص جان�بي التناظ��ر‪،‬‬ ‫ومقوم��ات التش��ريح اللت�ين أج��دت يف‬ ‫نثره��ا داخ��ل األعم��ال الفني��ة حبكم��ة‪،‬‬ ‫ودراي��ة‪ ،‬وذل��ك يدفع�ني للتس��اؤل ع��ن‬

‫حاوره ‪ :‬أسعد فخري‬

‫اخل�برة ال�تي حتصل��ت عليه��ا لتحقي��ق‬ ‫تل��ك املفاص��ل البصري��ة اهلام��ة داخ��ل‬ ‫أعمال��ك التش��كيلية؟‪.‬‬ ‫** أوالً أشــكرك عــى الجهــد البــري الــذي‬ ‫بذلتــه الســتخالص هــذا االنطبــاع الجميــل‬ ‫الــذي أســعدين‪ ،‬كــا أننــي أقــدر مــا قلتــه‬ ‫كثــرا ُ‪ ،‬أمــا جــوايب عــى ســؤالك فأســتطيع‬ ‫القــول أننــي كفنــان حــن أرســم الطبيعــة‬ ‫أكتشــف قيـاً‪ ،‬ومحسوســات برصيــة جديــدة‪،‬‬ ‫وباســتمرار أكتشــف قيمــة إضافيــة كلــا‬ ‫رســمت جــزءا ً محــددا ً منهــا‪ ،‬وأنــا شــخصياً‬ ‫أعتــر الطبيعــة منهــاً برصيــاً هائــاً كلــا‬ ‫أمعنــاٍ النظــر فيهــا ســنتعلم الكثــر مــن‬

‫معايــر الخالــق وإعجــازه يف خلقــه‪ ،‬وهــذه‬ ‫مســألة ال بــد للفنــان مــن خوضهــا‪ ،‬واالشــتغال‬ ‫عليهــا حيــث أنــه ســيتحصل عــى الكثــر مــن‬ ‫املخــزون اللــوين‪ ،‬ويســتفيد مــن جــدل الظــل‬ ‫والنــور املنعكــس عــى األشــياء‪ ،‬وتلــك معادلــة‬ ‫صعبــة إن مل تكــن عــن الفنــان قــادرة عــى‬ ‫التقاطهــا ومــن ثــم اختزانهــا يف الذاكــرة‬ ‫البرصيــة ســيكون عصيــاً عليــه لفــت انتبــاه‬ ‫املتلقــي وجذبــه نحــو العمــل التشــكييل‪،‬‬ ‫كل ذلــك ســيكون قيمــة برصيــة متجــددة‬ ‫يكتســبها الفنــان األصيــل ويكتشــف مدركاتهــا‬ ‫فالطبيعــة مدرســة يف الهــواء الطلــق يتعلــم‬ ‫الفنــان منهــا الكثــر‪.‬‬

‫مع��رض جدي��د للفنان الس��وري منري الش��عراني‪ :‬أبعاد جدي��دة للخط العربي‬ ‫يف غالــري «آرت ســبيت» يف ديب افتتــح معــرض جديــد‬ ‫للفنــان الســوري منــر الشــعراين‪ ،‬الــذي يســاهم يف تجديــد‬ ‫فنــون الخــط العــريب‪ ،‬ويضفــي عليــه حداثــة‪ ،‬ويطلــق‬ ‫امكاناتــه لتجــاوز القطيعــة الفنيــة مــع مســتجدات العــر‬ ‫الحديــث‪.‬‬ ‫وعلقــت العــريب الجديــد عــى أعــال الفنــان الشــعراين‪:‬‬ ‫تتجــاوز لوحاتــه الخــط العــريب التقليــدي الشــائع‪ ،‬لتعطــي‬ ‫كثافــة يف املشــهد البــري‪ .‬تتكــور األحــرف والخطــوط عــى‬ ‫نفســها بطريقــة حميم ّيــة تخلــق مشــهدا ً مرتاصـاً يدمــج بــن‬ ‫الف ـراغ والكتلــة‪ ،‬بأبعــاد متناســقة وفــق مســاحة مكتملــة‪،‬‬ ‫مكتفيــة بذاتهــا‪.‬‬ ‫يضــم املعــرض عــر لوحــات بأحجــام مختلفــة‪ ،‬يــراوح‬ ‫مضمونهــا بــن الخــط الكــويف وخــط الجــي الديــواين‬ ‫وخــط الثلــث‪ .‬ويظهــر يف بعضهــا الخــط العــريب بشــكله‬ ‫املجــرد‪ ،‬ويف بعضهــا اآلخــر جمــل ذات إســقاطات صوفيــة‬ ‫كل يشء لــي يُقــال‪ ،‬كل يشء‬ ‫وفلســفية مثــل «ال يشء منتـ ٍه‪ُّ ،‬‬ ‫لــي يُف َعــل»؛ أعــال منجــزة بدقــة وتقنيــة عاليــة‪ ،‬تتخــذ‪،‬‬

‫باســتخدام الفنــان الخــط الكــويف النيســابوري فيهــا‪ ،‬شــكل‬ ‫خــط مســتقيم متبايــن األطــوال العاموديــة‪».‬‬ ‫نجــح يف توظيــف األشــكال التجريديــة والجامليــة للخــط‬ ‫العــريب‬ ‫يف لوحــة «مــن صفــات الرجــال»‪ ،‬نشــاهد متاهــة متناهيــة‬ ‫يف الصغــر‪ ،‬مربعــة الشــكل‪ ،‬ذات منظــور هنــديس يعتمــد‬ ‫عــى االتجاهــن العامــودي واألفقــي‪ ،‬أعطــى الشــعراين‬

‫حرفهــا وزن ـاً وحج ـاً‪ ،‬بأحبــار متعــددة‪ ،‬وخلفيــات متباينــة‬ ‫األلــوان مــع املحتــوى الداخــي؛ يك يشــعر املشــاهد بالتكـرار‬ ‫والتــدرج يف بنيــة اللوحــة‪ ،‬مــع التنــوع واالســتمرارية يف‬ ‫زوايــا الحــروف وانتظامهــا‪.‬‬ ‫نجــح الشــعراين يف توظيــف األشــكال التجريديــة والجامليــة‬ ‫للخــط العــريب‪ ،‬والخــروج بلوحــات فنيــة معــارصة‪ ،‬مشــغولة‬ ‫برتاكــم زمنــي وبــري‪ ،‬وقــدرة عاليــة عــى البنــاء الهنــديس‪.‬‬

‫يُعتــر الفنــان‪ ،‬املولــود يف ســوريا عــام ‪ ،1952‬والــذي تخــرج‬ ‫مــن كليــة الفنــون الجميلــة يف دمشــق عــام ‪ ،1977‬واحــدا ً‬ ‫مــن أبــرز الفنانــن الذيــن اشــتغلوا عــى الخــط العــريب‪،‬‬ ‫وأخرجــوه مــن دائــرة التقليــد والنمطيــة‪ ،‬إىل أشــكال‬ ‫معــارصة مســتحدثة‪ .‬تأثــر بفــن أســتاذه‪ ،‬الخطــاط الســوري‬ ‫بــدوي الديـراين‪ ،‬ونــر عــدة كتــب يف النقــد الفنــي‪ ،‬والفــن‬ ‫العــريب اإلســامي‪ ،‬باللغتــن العربيــة والفرنســية‪.‬‬ ‫يســتمر املعــرض حتــى ‪ 16‬أيــار‪ ،‬عل ـاً أن أعــال الشــعراين‬ ‫تعــرض يف عــدة مؤسســات ومتاحــف عربيــة وعامليــة مهمة‪،‬‬ ‫مثــل «متحــف رايتــرغ» يف ســويرسا‪ ،‬و»املتحــف الربيطــاين»‬ ‫يف اململكــة املتحــدة‪ ،‬و»متحــف الشــارقة للفنــون» يف‬ ‫اإلمــارات‪ ،‬و»متحــف أحمــد شــوقي» يف القاهــرة‪.‬‬ ‫صحيفــة الحرمــل تدعــو املواهــب الفنيــة الســورية إىل‬ ‫العمــل بجــد وإخــاص‪ ،‬للتعبــر عــن مشــاعر وأحــام‬ ‫الســوريني ورصــد معاناتهــم فني ـاً وانســانياً لتكــون مصــدر‬ ‫إلهــام ودروس لألجيــال الســورية القادمــة‪ ،‬ولجعــل ســورية‬ ‫القادمــة تفتخــر بتضحيــات أبنائهــا يف ســبيل الحريــة‬ ‫والكرامــة‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫قصة قصرية‪:‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫الضحية‬

‫كــأس الـطــال‬ ‫لميس الرحبي‬

‫ريان علوش‬

‫ ‬ ‫كـأس الـطَّال مـن ثـغر ِه قُبال‬ ‫ُ‬ ‫رشـفت َ‬ ‫ذلــك البيــت املهجــور مل يكــن كذلــك عــى الــدوام فقــد‬ ‫وبــــاتَ شـعـــري بـمـــا أسـقـــيت ُه ث َـ ِمال‬ ‫ ‬ ‫كان فيــا مــى عامــرا ً بأهلــه‪ ،‬أهلــه هــم أهــي هكــذا‬ ‫َ‬ ‫ ‬ ‫وطـاف حـويل وجـ ُه الـحزنِ يـغم ُرين‬ ‫يفــرض كــون مــن كان يقطنــه عمــي أبــو رمــزي‪ ،‬رمــزي‬ ‫ـامس البــو ِح مــن عذب الهــوى نهال‬ ‫ ‬ ‫وهــ ُ‬ ‫املــاك هكــذا كان يلقبــه أهــل القريــة لشــدة وســامته‪ ،‬يف‬ ‫أصـغي بروحي وصويت بُ َّح من زمنٍ ‬ ‫ي لقــب خضــور يعتــرين صديقــه العزيــز والوحيــد‪ ،‬ومــع اقرتابنــا مــن ســن قدمــاي القصريتــان لــن تســاعدين عــى النــزول فأجــاب بــا‬ ‫املدرســة كان مدرســنا هــو مــن أطلــق عـ ّ‬ ‫ـصوت ُم ِ‬ ‫ـشوق ر ْجـ ُع الــ ِ‬ ‫يـــر ِّد ُد الــ َ‬ ‫ـرتحال‬ ‫ ‬ ‫أبــو ريحــة‪ ،‬والــذي بــات لقبــي الوحيــد الــذي أكنــى بــه‪ ،‬العــارشة كنــت أبــدو كظلــه عندمــا تكــون الشــمس يف تــردد‪ :‬ال تهتــم ســأحرضها حــاالً‪ ،‬مــا زال صــوت ارتطامــه‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫عـزف الـنواعريِ فـي دربـي يـنادمني‬ ‫وبقــدر مــا كان يشــيد برمــزي بقــدر مــا كان يقرعنــي كبــد الســاء‪ ،‬ولذلــك كنــت أبتعــد عــن التواجــد معــه يف يف أســفل البــر يطــن يف أذين حتــى اآلن‪ ،‬عندمــا وضعــه‬ ‫ـني واأل َمـال‬ ‫ ‬ ‫ويـبـــعثُ الـنـــو َر فــي عـيــ َّ‬ ‫نتيجــة عالمــايت املتدنيــة‪ ،‬والرائحــة التــي تصــدر منــي‪ ،‬األمكنــة العامــة فنظـرات أهــل القريــة ال ترحــم خصوصـاً رجــال القريــة يف ســاحة املنــزل كان جثــة هامــدة‪ ،‬هرعــت‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫تـخاف عـيني الدجى والنور يسك ُنها‬ ‫والتــي كانــت ســبباً يف طــردي مــن الصــف عــدة م ـرات‪ ،‬أولئــك النســوة الحوامــل واللــوايت كــن يقرصــن بطونهــن إىل اإلســطبل وبــدأت أرقــب املشــهد‪ ،‬كانــت النســاء‬ ‫فـكـيف إن غــاب بــد ٌر َ‬ ‫فـيـك أو أ ِفــال‬ ‫ ‬ ‫والــديت توفيــت أثنــاء والديت بســبب كــر رأيس األمــر الــذي بيــد وميســدن شــعره بيــد أخــرى بينــا كــن يشــحن النظــر قــد تحلقــن حولــه وبــدأن بالنحيــب ثــم بــدأن بتمزيــق‬ ‫ِ‬ ‫ ‬ ‫بـألف سهمٍ رماين الهج ُر يف كبدي‬ ‫أدى إىل اختفــاء والــدي حزنـاً عليهــا‪ ،‬هكــذا قــال يل جــدي‪ ،‬عنــي بقــرف عندمــا تقــع عيونهــن عــي‪ ،‬يف ظهــرة ذلــك ثيابهــن‪ ،‬وكانــت هــذه هــي املــرة األوىل واألخــرة التــي‬ ‫ــت طـلـال‬ ‫فــأ ْر َد ِت‬ ‫ ‬ ‫الــروح إذ مــا و َّد َع ْ‬ ‫َ‬ ‫ولهــذا كان أهــل القريــة يعتربوننــي نحس ـاً عــى القريــة اليــوم أحــر رمــزي كرتــه فأقنعتــه بأننــا لــو نذهــب إىل أرى فيهــا األثــداء‪ ،‬كان صــوت نحيــب الرجــال ال يقــل عــن‬ ‫ ‬ ‫مـــا لـلـفـرات وأشـجـانـي تـمـاز ُجـ ُه‬ ‫وعليهــم تجنبــي‪ ،‬مل يكــن جــدي منصف ـاً فــا زلــت أذكــر جانــب جــب أبــو ســامح فســيكون اللعــب أمتــع‪ ،‬كان نحيــب نســائهم حتــى املختــار مل يســتطع متالــك نفســه‬ ‫قـــد صـــار جـــمرا ً مع األنفاس مشــتعال‬ ‫فبــدا منظــره مضحــكاً‪ ،‬قلــب عمــي مل يســتطع احتــال ‬ ‫«الطابــة» امللونــة التــي جلبهــا لرمــزي حتــى اآلن‪ ،‬والتــي رمــزي يســبقني بعـرات األمتــار عندمــا انطلقنا فالكســاح‬ ‫ ‬ ‫الـعـبق الـنوا َر فـي لـغتي‬ ‫هـ ّيـا انـثـ ِر‬ ‫َ‬ ‫كانــت ســبباً بقضمــي ألظافــري‪ ،‬وكان قضــم أظافــري ســبباً كان يعيقنــي عــن مجاراتــه‪ ،‬مل تكــن دقــة إصابتــي للهــدف فـراق ولــده الوحيــد فغــدت الجنــازة جنازتــان‪ ،‬بعــد وفــاة‬ ‫ُ‬ ‫الـحـرف مــن مـــنفا ُه ُمـبتهِال‬ ‫لـيـــرج َع‬ ‫إضافي ـاً للمزيــد مــن التقريــع مــن قبــل مــدريس الظــامل‪ .‬يومـاً كــا كانــت عليهــا يف ذلــك اليــوم فمــن الركلــة األوىل جــدي ونــزوح زوجــة عمــي بــت أنــا ســيد املنــزل‪ ،‬أنــا اآلن ‬ ‫َ‬ ‫ويــنـزل الـغـيـثُ فــي بـيـدائ ِه ِديَـمـاً‬ ‫ ‬ ‫وحــده رمــزي مل يكــن يشــعر بالفــارق بينــه وبينــي‪ ،‬كان باتــت الكــرة يف قــاع البــر فقلــت لــه عــى الفــور‪ :‬كــا ترى يف غرفــة رمــزي املهجــورة ألعــب بكرتــه امللونــة باســتمتاع‪.‬‬ ‫عـلـــى جـبــ ِن الـــرىب عـــطرا ً إذا نـــزال‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫وفـوق غصنِ الهوى مييض بأورديت‬ ‫حــتــــى إذا جــئـتــ ُه غـ ّنـيـتُ ُه الــغـزال‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫دروب الـري ِح فـانطلقت‬ ‫طـفنا نـناجي‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وجــد بــه قــد أبـعدتْ مـلال‬ ‫ـاس‬ ‫ ‬ ‫أنـفــ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أمـسـكت كـفـاً‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫مـحرتق‬ ‫بـكـف فـيـه‬ ‫ُ‬ ‫* ناهض الرمضاني‬ ‫ـتعجلت أجــا‬ ‫كـــا الفراشــاتُ حـ َن اسـ‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫الرمــادي‪ .‬لــن أثــر تســاؤل أحــد وأنــا عــى‬ ‫النقطــة (ب) ال تبعــد عــن النقطــة‬ ‫ ‬ ‫مـنبلج‬ ‫يـت فـي لـيلتي والـفج ُر‬ ‫سـ َر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫(أ) إال أقــل مــن خمســائة مــر‪ .‬ومــع‬ ‫أشـــ ُّم فـيــ ِه شــــذى الـنــ َّوار والـفـلال‬ ‫هــذه الهيئــة‪ .‬خطــوات‪ ..‬خطــوات فقــط ‬ ‫وأصــل إىل النقطــة ب‪ .‬ســأنهي مشــواري‬ ‫هــذا فــإن الخــروج مــن البيــت والوصــول‬ ‫ ‬ ‫كـنـت أدري بأ ْن زادتْ مـالطفتي‬ ‫مــا‬ ‫ُ‬ ‫برسعــة ألعــود اىل النقطــة أ‪ ..‬أعنــي بيتــي‪..‬‬ ‫إىل الــدكان يف النقطــة ب أصبــح مجازفــة‬ ‫أتـعـبت مـقـال‬ ‫لـوجـه َِك الـغـض حـتى‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫ولكــن عــي أوالً أن أجتــاز الشــارع‪.‬‬ ‫حقيقيــة هــذه األيــام‪ .‬وقــد اتخــذت‬ ‫وسـح ُر َك الـفاتن الـمجنو ُن يَقتلُني ‬ ‫من هؤالء!! ما هذا الصوت!‬ ‫جميــع االحتياطــات املطلوبــة‪ .‬أنــا أســر‬ ‫ـغيب فـــي مـهجتي لـــم أَ ْد ِر مـا فَ َعال‬ ‫ ‬ ‫يَــ ُ‬ ‫انبطــح‪ ..‬انبطــح فلــم يعــد لــك مــاذ‬ ‫عــى الرصيــف‪ ..‬ســأكون آمن ـاً مــن خطــر‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫الـطـيوف أمـانـيها تـهـدهدين‬ ‫تــلـك‬ ‫إال األرض‪ ..‬انبطــح فلــن تحميــك اآلن إال‬ ‫الســيارات الغامضــة املرسعــة دامئ ـاً‪ .‬ومــن‬ ‫والـذكـــرياتُ ‪ ,‬فـ َيـا وجـــ َه الـزمانِ هـال‬ ‫ ‬ ‫الســاء‪ .‬أنــت وحــدك فانبطــح ودس‬ ‫دوريــات الرشطــة الطائشــة ودبابــات‬ ‫مـضيت َ‬ ‫ ‬ ‫ومـنك الروح تسكنني‬ ‫هـاقد‬ ‫ُ‬ ‫جســدك يف الــراب‪ .‬الرصاصــات تتالحــق‪.‬‬ ‫األمريــكان النزقــة‪ .‬ومــع أين أســر عــى‬ ‫وغـيــ ُر طـيـفك بـاألجـــفان مـا اكـتحال‬ ‫ليغــص جســدك كلــه يف األرض‪ .‬انبطــح ‬ ‫الرصيــف إال أننــي أالزم الحــذر الشــديد‪.‬‬ ‫ ‬ ‫خذين إليك بحضن الشوق يا وطني‬ ‫وال تتلفــت وال تتســاءل‪ .‬ال تلتفــت‪ .‬فقــد‬ ‫أراقــب موضــع خطــوايت‪ ،‬وأتجنــب أيــة‬ ‫قـــ ْد صــرتَ لـــي جـن ًة حــاًّ ومـرتحال‬ ‫تراهــم‪ ..‬وقــد يرونــك وأنــت تراهــم ‬ ‫حفــرة قــد تكــون مخبــأ لعبــوة‪ ،‬وأبتعــد‬ ‫فتصبــح بالــرورة هدف ـاً لهــم ال تلتفــت‪..‬‬ ‫عــن أيــة علبــة كارتونيــة فارغــة أو صفيحــة‬ ‫ال‪..‬‬ ‫معدنيــة مهملــة‪ .‬وأدور بعيــدا ً عــن براميــل‬ ‫هــا قــد انقطــع صــوت الرصــاص‪ .‬انتظــر‬ ‫القاممــة‪ .‬مــن يعــرف مــاذا يوجــد داخــل‬ ‫قليــاً وال داعــي للحركــة اآلن‪ .‬أنــت‬ ‫هــذه األشــياء! أســر عــى الرصيــف لكنــي‬ ‫قريــب‪ ..‬قريــب جــدا ً مــن النقطــة ب‪.‬‬ ‫أراقــب الشــارع بطــرف عينــي‪ ،‬وأذنــاي‬ ‫انهــض اآلن وانــ ِه مــا جئــت مــن أجلــه‪.‬‬ ‫تصيخــان الســمع لــكل صــوت غريــب‪.‬‬ ‫ديمة محمود‬ ‫هــا قــد بــدأ طريــق العــودة إىل النقطــة‬ ‫ي أن أكــون حــذرا ً‪ ،‬وأن أســتكمل‬ ‫عــ ّ‬ ‫أو توقظُه رصخة وليد غض‬ ‫معجو ٌن بالجنيات‬ ‫ِ‬ ‫أ‪ .‬ستســلك نفــس الطريــق رجوعــاً‪ .‬ال‬ ‫جميــع االحتياطــات‪ .‬مل أكتــف بطلــب‬ ‫يركض مذعورا ً‬ ‫يعانق الحياة أول مرة!‬ ‫تــر منتصب ـاً‪ .‬وال تــرع يف خطــاك‪ .‬اعــر‬ ‫نقــي مــن محــل عمــي‪ .‬لقــد حصلــت عىل‬ ‫أو يدنو مط ٌر غزير‬ ‫تالحقه الخطيئة يف الهجري‬ ‫الشــارع وال تنظــر أبــدا ً إىل هنــاك‪ .‬ال‬ ‫إجــازة طويلــة دون مرتــب مــن دائــريت‬ ‫كل يشء‬ ‫يغسل ّ‬ ‫ُ‬ ‫متسلقاً مهاوي الهزمية‬ ‫تنــس‬ ‫الجديــدة‪ .‬أصبــح العمــل خطــرا ً للغايــة‬ ‫تنظــر‪ ..‬واصــل الســر فحســب‪ ،‬وال َ‬ ‫اب والهذيا َن‬ ‫تلتف عىل ناصيته الدماء‬ ‫أن تنحنــي‪ .‬واصــل الســر وال تفكــر‪ .‬مــا‬ ‫هــذه األيــام‪ .‬تــرف باســتقامة وســتغضب‬ ‫الرت َ‬ ‫والوحوش والد َم‬ ‫َ‬ ‫يف فمٍ باهت‬ ‫جــدوى التفكــر؟ هــل بإمكانــك أن تغــر‬ ‫منــك الع ـرات‪ .‬تــرف بطريقــة أخــرى‪،‬‬ ‫والتفاح والتني‬ ‫الجدب أكل ذراعيه‬ ‫شــيئاً مــا‪ !.‬أمامــك طريــق لتقطعــه‪ ..‬عليــك‬ ‫وقــد تغضــب املئــات! اإلجــازة الطويلــة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الفكر ُة عىل املقصله‬ ‫والنوروز عىل النعش‬ ‫أن تصــل إىل النقطــة أ‪ .‬كــن حــذرا ً‪ ..‬كــن‬ ‫ي أن أكــون‬ ‫أنهكتنــي‪ ..‬لكنهــا رضوريــة‪ .‬ع ـ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫والروح عىل املقصلة‬ ‫باألكفان‬ ‫أ‬ ‫معب‬ ‫ن‬ ‫واألقحوا‬ ‫ُ‬ ‫حــذرا ً‪ .‬حــذرا ً للغايــة‪ .‬بيتــي الجديــد أصغــر يقتــي ذلــك‪ .‬ويقتــي أن أظهــر دامئــاً الحــذاء نظيفــاً دامئــاً؟ ســألطخه قليــاً حــذرا ً وواصــل املســر‪ .‬ال ترفــع رأســك‪ .‬ال‬ ‫ُ‬ ‫والضم ُري مصلوب‬ ‫وال ياسمني إال عند حافة‬ ‫مــن بيتــي الســابق‪ .‬رطــب قليـاً لكنــه أكرث بهيئــة محايــدة‪ .‬شــعري متوســط الطــول توخيــاً للحــذر‪ .‬تركــت حقيبتــي الجلديــة تنتصــب‪ .‬ال تتســاءل‪ .‬ال تلتفــت‪ .‬ال‪..‬‬ ‫وعيىس يبحث عن أبيه‬ ‫القرب‬ ‫أمنــاً إذ ال أحــد يعرفنــي يف هــذا الحــي‪ .‬مهنــدم باعتــدال‪ ،‬ولكنــي قــد أنكشــه قليـاً الثمينــة‪ ،‬وتعــودت أن أحمــل أوراقــي يف مل يلتفــت‪ .‬ولــو كان قــد التفــت لشــاهد‬ ‫وأيوب مصف ٌّر من االنتظار‬ ‫تعطيه‬ ‫الرشيرة‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫الساحر‬ ‫ســيصعب عليهــم تحديــد انتــايئ‪ .‬لحســن إذا اقتضــت الظــروف‪ .‬ذقني حليقــة لكنني محفظــة بالســتيكية رخيصــة‪ .‬الحقائــب بركــة دمــاء تحيــط برجــل ذو شــارب‬ ‫ُ‬ ‫وطاحو ُن القمح مكسور‬ ‫مقشتَها‬ ‫حظــي أن اســمي محايــد‪ ،‬وال يفصــح عــن مــا زلــت متمســكاً بشــاريب‪ .‬ليــس اعت ـزازا ً الجلديــة قــد تثــر التســاؤالت والفضــول محايــد يرتــدي بدلــة رماديــة مخططــة‪،‬‬ ‫وهابيل يديران‬ ‫ُ‬ ‫وقابيل‬ ‫ُ‬ ‫رأسه وذراعيه‬ ‫يشء‪ .‬وأنــا حــذر يف ســلويك‪ .‬حــذر للغايــة‪ .‬برجولتــي فحســب‪ .‬بــل ألنــه مينحنــي وحــب االســتطالع‪ .‬مــا الداعــي أصــاً وســاعة رقميــة مزيفــة‪ ،‬وحــذاءه األســود‬ ‫يرضب َ‬ ‫ُ‬ ‫الكؤوس‬ ‫تسق ُط إحداها‬ ‫أتــرف مــع الجميــع بدماثــة‪ ،‬ولكنــي ال مظهـرا ً محايــدا ً‪ .‬شــاريب محايــد أيضـاً‪ ..‬فهــو لحمــل حقيبــة مثينــة إذا مــا كنــت تنــوي موحــل‪ ،‬وقــد تناثــرت أوراقــه مــن محفظــة‬ ‫اب معلق يف مذبح‬ ‫ويبقى بذرا ٍع واحد‬ ‫أتجــاوز يف عالقتــي معهــم حــد التحيــة ليــس شــارباً كثـاً يســتفز اآلخرين كشــوارب الوصــول إىل النقطــة ب‪ .‬حتــى ســاعة يــدي رخيصــة‪.‬‬ ‫والغر ُ‬ ‫الحقيقة‬ ‫يحفر بها قربه‬ ‫ـس أمرهــا‪ .‬اســتبدلتها بســاعة رقميــة وعــى الرصيــف املقابــل ســار املعطــف‬ ‫العابــرة واملجامــات العاديــة‪ .‬قــد يكونــون ال‪ ...‬وليــس شــارباً حليقــاً كشــارب ال‪ ...‬مل أنـ َ‬ ‫والزيتو ُن يف القبو يجه ُز‬ ‫ويتس ّجى‬ ‫جريانـاً طيبــن‪ .‬وقــد ال يكونــون! رمبــا كانــوا كــا أنــه ليــس شــارباً خفيف ـاً جــدا ً كال‪ ...‬رخيصــة‪ .‬هــل يكفــي هــذا كلــه؟ ال طبعـاً‪ .‬الرمــادي الفــارغ‪ ..‬ســار وحــده منكمشــاً‬ ‫التابوت‬ ‫اب فوقه‬ ‫رت‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ويرد‬ ‫ُ‬ ‫جميعـاً حذريــن منــي اآلن‪ .‬وهــذا يدفعنــي ومالبــي‪ .‬مالبــي اخرتتهــا بعناية شــديدة‪ .‬فلــن تكتمــل تحوطــايت إال بهــذا املعطــف واضعــاً يديــه يف جيوبــه‪ ..‬ورغــم كل‬ ‫َ‬ ‫وخاز ُن جهنم يَ ُع ُّد الحضو َر‬ ‫ويتجل!‬ ‫ّ‬ ‫ملزيــد مــن الحــذر‪ .‬الذهــاب لجامــع الحــي بدلــة رماديــة مقلمــة تشــبه بــدالت آالف الرمــادي‪ .‬صحيــح أن لونــه قــد بهــت قليـاً الثقــوب املوجــودة يف ظهــره‪ ،‬اســتمر‬ ‫يف حفل الزفاف‬ ‫آذار املهزوم بالخيبات‬ ‫خطــر جــدا ً‪ .‬وعــدم الذهــاب إليــه أخطــر‪ .‬املوظفــن‪ .‬حــذايئ األســود نظيــف إىل حــد إال أ ّن هــذا هــو عــن املطلــوب‪ .‬معطــف املعطــف يســر بحــذر شــديد لعلــه يصــل‬ ‫عىل عجل‬ ‫والقتىل‬ ‫والحــذر يدفعنــي لعــدم الدخــول للجامــع؛ مــا‪ ،‬لكننــي امتنعــت عــن تلميعــه إذ ال رمــادي رخيــص يتجــاوز الركبتــن‪ .‬أتذكــر ســاملاً إىل نقطــة مــا‪...‬‬ ‫سينا ُم قليالً أو كثريا ً‬ ‫لحفلٍ تا ٍل‬ ‫مــع تواجــدي أحيانـاً قــرب البوابــة للســام يشء يجــذب األنظــار أكــر مــن بريــق دامئ ـاً أن أحنــي قامتــي قلي ـاً‪ ،‬وأنــا أمــي‬ ‫ونخب جديد‬ ‫ينبت العشب‬ ‫ٍ‬ ‫ريثام ُ‬ ‫ـدي يف جيــوب املعطــف‬ ‫* كاتب عراقي‬ ‫عــى املصلــن بعــد نهايــة الصــاة‪ .‬الحــذر حــذاء أســود‪ .‬ملــاذا ينبغــي أن يكــون بهــدوء واضع ـاً يـ ّ‬

‫قصة قصرية‪:‬‬

‫املعطف الرمادي‬

‫مكسوٌر يف ّ‬ ‫فم باهت‬


‫حرمل الرأي‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫مــا يطفــو عــى ســطح املــاء مــن نقــاء ال‬ ‫يعكــس صــورة الواقــع يف األعــاق لهــذا عندمــا‬ ‫أراد الربيــع العــريب الغــوص والتوغــل يف أعــاق‬ ‫أنظمتــه للبحــث عــن الحلقــة الضائعــة وجــد أنهــا‬ ‫أكــر فتــكاً ورشاســة‪ ،‬ومــا يجــري يف األســفل مــن‬ ‫تحضــر لإلبــادة يعكــس الواقــع‪ .‬كانــت األجيــال‬ ‫يف عهــود ســابقة تعتقــد أن عدوهــا األوحــد هــو‬ ‫الصهيونيــة متمثلــة بإرسائيــل‪ ،‬فهــي مل تكــن تُــدرك‬ ‫أن عــدوا ً ســيظهر ليضاهــي الحركــة الصهيونيــة يف‬ ‫عدوانيتــه للشــعوب‪ ،‬ومل تكــن تعــي أن الحيتــان‬ ‫القاتلــة ســتهجر بحارهــا لتتخــذ الـراري مســكناً لهــا‪.‬‬ ‫كل مــا هنالــك أن تلــك األنظمــة أبدعــت يف االقتناص‬ ‫مــن شــعوبها وســحق كلمــة حريــة‪ ..‬لتظهــر علينــا‬ ‫وعــى املــأ جوقــة أوبريتيــة ولتنشــد «أجيــال ورا‬ ‫أجيــال حتعيــش عــى حلمنــا والليــل يطــول اليــوم‬ ‫محســوب عــى عمرنــا‪ ..‬جايــز ظــام الليــل يبعدنــا‬ ‫يــوم إمنــا يفضــل شــعاع النــور يوصــل ألبعــد مــدى‬ ‫دا حلمنــا طــول عمرنــا حضــن يضمنــا كلنــا»‪ .‬لــو‬ ‫عدنــا للــوراء قلي ـاً وســألنا كاتــب هــذه الكلــات‪.‬‬ ‫أوا كنــت تحســب أن الحلــم العــريب كان ليتحقــق‬ ‫يف ظــل وجــود تلــك األنظمــة االســتبدادية؟ وهــل‬ ‫الحلــم العــريب كان ســيبدأ مــن ههنــا؟ ثــم تتــواىل‬ ‫صناعــة أحــداث األغنيــة لتعكــس لنــا صــورة القــادة‬ ‫العــرب األبطــال بــدءا ً مــن جــال عبــد النــارص الــذي‬ ‫اســتوىل عــى الســلطة مقتنصـاً ومنتزعـاً اياهــا بالقوة‬ ‫باالنقــاب املشــهور عــى الرئيــس الرشعــي محمــد‬ ‫نجيــب‪ ،‬وإذا مــا عكســنا صــورة املشــهد املــري‬ ‫اليــوم فهــو صــورة طبــق األصــل عــا حــدث يف‬ ‫املــايض‪ .‬يســتمر املشــهد ليظهــر علينــا حافــظ األســد‬ ‫وهــو يقبــل علــم البــاد وهــو الــذي رسق الســلطة‬ ‫وأســس عصابــة مافياويــة واســتوىل عــى مقاليــد‬ ‫الحكــم هــو الــذي بــاع الجــوالن بصــك موثــق وهــو‬ ‫الــذي عــرف بالع ـراب عندمــا ارتكــب أكــر مجــزرة‬ ‫يف التاريــخ آنــذاك مجــزرة حــاه عــام ‪ 1982‬حيــث‬ ‫ســحل وقتــل أكــر مــن أربعــن ألــف شــهيد‪ ،‬وهــو‬

‫غريب الدار‬

‫احللم العربي‬

‫هائل حلمي سرور‬

‫‪13‬‬

‫ال تهدموها‪!..‬‬ ‫عبد القادر أحمد‬

‫الــذي و ّرث الحكــم للمعتــوه بشــار األســد إذا مــا‬ ‫عكســنا صــورة املشــهد الســوري اليــوم فهــو صــورة‬ ‫طبــق األصــل عــا حــدث يف املــايض‪ ،‬ثــم تتســارع‬ ‫صناعــة األحــداث ليظهــر علينــا قــادة القمــة العربيــة‬ ‫متمثلــة بالقــذايف الــذي لُقــب باملجنــون فهــو رأس‬ ‫بــا عقــل وعقــل بــا روح وروح بــا جســد وجســد‬ ‫قــد طُعــن بعظمــة الشــعب وانتقامــه‪ .‬وأخـرا ً وليــس‬ ‫آخــرا يــراءى لنــا مــن بعيــد قــزم يركــب حــاره‪،‬‬ ‫الــكل حســبه فــارس بــا جــواد ألن صناعــة الحــدث‬ ‫قــد تخدعــك وإذ ذاك حســن نــر اللــه اللــص الــذي‬ ‫ل ّقــب نفســه باملحــرر‪ ..‬اللــص الــذي خــدع املخــرج‬ ‫والكاتــب مع ـاً يف ارتدائــه عبــاءة ظــن الجميــع أنهــا‬ ‫صناعــة لبنانيــة ولكــن عندمــا لفحهــا هــواء ملــوث‬ ‫تبــن للعيــان أنهــا مختومــة بختــم مــايل طهــران‬ ‫صنعــت يف واليــة الفقيــه‪ .‬وأخـرا ً تنتقــل بنــا صناعــة‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫يبــدو أن القلــم يف هــذه األيــام قــد أخــى مكانــه‬ ‫للســيف‪ .‬فــا جــرى يف إدلــب وجــر الشــغور‬ ‫والغــاب‪ ،‬ومــا يبــدو أنــه ســيجري قريبــاً يف حلــب‬ ‫وحــاة ومناطــق أخــرى يف ســورية مــن انتصــارات‬ ‫لقــوى الثــورة‪ ،‬وهزائــم وانكســارات لقــوات النظــام‬ ‫وميليشــيات إيــران املتمثلــة بحــزب اللــه واملرتزقــة‬ ‫الذيــن يقاتلــون معــه‪ ،‬تجعــل املــرء يرتيــث يف الكتابــة‬ ‫عــن واقــع الحــال الــذي يتغــر بــن ســاعة وأخــرى‪.‬‬ ‫مــا دفعنــي إىل كتابــة هــذه الســطور هــو مــا أصــاب‬ ‫املبعــوث األممــي إىل اليمــن جــال بــن عمــر الــذي‬ ‫نُحــي عــن مهمتــه يف مــا يشــبه اإلذالل‪ ،‬عــى الرغــم‬ ‫مــن ثنــاء مجلــس األمــن عــى مــا بذلــه مــن جهــود‬ ‫خاللهــا‪ .‬واتهمتــه القــوى السياســية اليمنيــة بأنــه‬ ‫مل يكــن محايــدا ً‪ ،‬وأنــه ســاهم يف مواقفــه بتثبيــت‬ ‫مواقــع الحوثيــن‪ ،‬وأنــه رشعــن انقالبهــم عــى الســلطة‬ ‫الرشعيــة‪.‬‬ ‫أعــادت نهايــة ابــن عمــر إىل الذهــن مهمــة األخــر‬ ‫اإلبراهيمــي ونهايتهــا يف ســورية‪ .‬وعــدت إىل برنامــج‬ ‫تقدمــه قنــاة العربيــة وكان اإلبراهيمــي ضيفــه‪،‬‬ ‫وكــررت االســتامع إىل الجــزء الــذي يهمنــا منــه‪ ،‬وهــو‬ ‫الخــاص مبهمتــه يف ســورية‪.‬‬ ‫قــال اإلبراهيمــي‪ :‬انــه كان يعــرف أن املهمــة شــبه‬ ‫مســتحيلة‪ ،‬ولكنــه مل يســتطع رفضهــا لصلتــه باألمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬وألنــه شــجع كــويف عنــان قبلــه عــى قبولهــا‪،‬‬ ‫وألن الســوريني ‪ -‬وهــو األهــم ‪ -‬هــم أهلــه وأنــه مل‬ ‫ٍ‬ ‫جهــد يف ســبيل مســاعدتهم عــى‬ ‫ــن بــأي‬ ‫يكــن ليضُ ّ‬ ‫الخــروج بحــلٍ ألزمتهــم عــى الرغــم مــن محدوديــة‬

‫األحــداث ملشــهد غريــب إذا مــا كنــا فع ـاً نرغــب‬ ‫يف تحقيــق حلمنــا العــريب االقتتــال العنيــف بــن‬ ‫الفصائــل الفلســطينية متمثلــة بحركتــي حــاس‬ ‫وفتــح مــن أجــل كــريس الســلطنة‪ .‬ننتقــل إىل املشــهد‬ ‫الثــاين مــن األغنيــة «ماتــت قلــوب النــاس ماتــت فينا‬ ‫النخــوة‪ ..‬ميكــن نســينا يف يــوم إن العــرب أخــوة»‪.‬‬ ‫مــا كان الحلــم العــريب ليتحقــق مــا دامــت النخــوة‬ ‫ليتجســد فينــا‬ ‫بــا قلــوب ومــا كان الحلــم العــريب‬ ‫ّ‬ ‫عندمــا نفقــد معنــى األخــوة‪ .‬ويف نهايــة املطــاف‬ ‫كان ال بــد مــن االصطفــاف‪ ..‬إذا ظهــر وبــان طفــل‬ ‫بــا عنــوان اســمه مؤمــن ليقلــب املعادلــة ويصحــح‬ ‫املســار «صحــي قلــوب النــاس صحــي فينــا النخــوة‪..‬‬ ‫وارصخ بــكل إحســاس إين العــرب أخــوة»‪ ..‬وليعلــن‬ ‫أمــام العيــان أن مــارد األجيــال قــادم وهــا هــو قــد‬ ‫ـب مــع ريــاح التغيــر ليحــط يف الربيــع العــريب‪.‬‬ ‫هـ ّ‬

‫يف دمشــق مثــة مســتوطنات طائفيــة بنيــت عــى أنقــاض ثكنــات‬ ‫عســكرية ومنهــا املــزة ‪ 86‬أطالــب وبشــدة املحافظــة عــى هــذه‬ ‫الكتــل املشــوهة‪ ،‬وعــدم املســاس بهــا ملــا تحملــه يف قلوبنــا مــن‬ ‫ذكــرى وذاكــرة‪.‬‬ ‫أيامــي الجميلــة وزهــرة شــبايب أمضيتــه يف هــذا املــكان‪ ،‬حيــث كان‬ ‫ســيادة املقــدم طــال قائــد وحدتنــا العســكرية يصطحبنــا نحــن‬ ‫مجموعــة مــن املقاتلــن ألعــال الســخرة «صــب البيتــون» وعتالــة‬ ‫البلــوك‪ ،‬وقــد كان ســيادته شــخصاً «حربوقــاً» موهوبــاً‪ ،‬يعمــل‬ ‫خــارج األعــال القتاليــة بتجــارة البنــاء املخالــف كعمــل إضــايف‪،‬‬ ‫وقــد كان ســيادته فالح ـاً وعام ـاً‪ ،‬كان جندي ـاً مقات ـاً‪ ،‬كان صــوت‬ ‫الكادحــن‪ ،‬والرجــل مــا شــاء اللــه عليــه‪ ،‬أقدامــه حقــول‪ .‬طريقــه‬ ‫مصانــع‪ ،‬مؤمــن بالبعــث عــى طريقــة صــاح جديــد فكريـاً‪ ،‬ولكنــه‬ ‫يتامهــى مــع بعــث األســد اقتصادي ـاً‪.‬‬ ‫كنــت والبقيــة منــي الليــل بحمــل «تنــك البيتــون» عــى أكتافنــا‬ ‫حتــى بــزوغ ســاعات الفجــر‪ ،‬أمــا ســيادته فــكان يحمــل بيــده‬ ‫عصــا غليظــة لشــحذ الهمــم‪ ،‬وترسيــع العمليــة اإلنتاجيــة‪ ،‬ويــردد‬ ‫األهازيــج الحامســية لتحفيزنــا‪ ،‬مثــل «أوعــى تــدوس بالصبــة يــا‬ ‫بقــرة‪ ..‬وشــد حيلــك يــا حــار‪ ..‬وديــر بالــك عــى القالــب يــا بغــل‪..‬‬ ‫وكنــا منــرح ونضحــك‪ ،‬ويف نهايــة العمــل الشــاق عنــد الفجــر‪،‬‬ ‫يقــذف بنــا عــى أوتوس ـراد املــزه منهكــن مــن الجــوع والتعــب‪،‬‬ ‫متقطعــة بنــا الســبل‪ ،‬تقطــر مــن ثيابنــا املبلولــة بقايــا الوحــل‬ ‫الطــري بانتظــار وســيلة تنقلنــا إىل املعســكر‪.‬‬ ‫يف كل أســبوع نعــاود الكــرة‪ ،‬لذلــك إخــويت حافظــوا عــى األعمــدة‬ ‫الرومانيــة التــي شــيدناها‪ ،‬وعــى ســقف الوطــن الــذي رفعنــاه‪ ،‬ال‬ ‫تهدمــوا املــزة ‪ 86‬لقــد بنيناهــا مــن دمنــا وعرقنــا‪ ..‬اتركوهــا متحفـاً‬ ‫للعبيــد‪.‬‬

‫اللهم عليك بأهلنا‬ ‫النجــاح‪.‬‬ ‫وقــال‪ :‬إنــه أعلــن منــذ بدايــة املهمــة أن والءه الوحيــد‬ ‫هــو للشــعب الســوري‪ ،‬ال لألطـراف املتنازعــة‪ ،‬وال أليــة‬ ‫جهــة خارجيــة‪ ،‬وال حتــى لألمــم املتحــدة‪ .‬وقــال إنــه‬ ‫كان يتحــدث إىل بشــار األســد مبــا يســتحق مــن احــرام‬ ‫وتقديــر وأنــه صارحــه يف الوقــت نفســه بــأن النــاس‬ ‫يف منطقتنــا يطالبــون بالتغيــر‪ ،‬وأن ســورية ليســت‬ ‫اســتثنا ًء‪ ،‬وأن التغيــر يجــب أن يكــون حقيقي ـاً يقنــع‬ ‫النــاس ال تجميلي ـاً‪.‬‬ ‫وقــال‪ :‬إن األســد كان عــى ثقــة كاملــة يف نفســه‪ ،‬ويف‬ ‫نظامــه‪ ،‬ويف قدرتــه هــو ومــن معــه عــى التغلــب عــى‬ ‫األزمــة‪ ،‬وأن لــه الحــق يف أن يرتشــح للرئاســة بحســب‬ ‫املعايــر الدميقراطيــة‪ ،‬إذن‪ ،‬فاملهمــة مســتحيلة‪ ،‬ولكنــه‬ ‫قبلهــا خدم ًة للشــعب الســوري الــذي هو أهلــه‪ ،‬والذي‬ ‫لــه والؤه‪ ،‬واســتمر فيهــا ســنتني كان فيهــا يعامــل قاتالً‬ ‫لشــعبه مبــا يســتحق مــن «احــرام وتقديــر» ويــروج‬ ‫لثقتــه الكاملــة يف نفســه ويف نظامــه ويف قدرتــه عــى‬ ‫التغلــب عــى املؤامــرة الخارجيــة التــي يتعــرض لهــا‪،‬‬ ‫ويحاجــج الغربيــن عندمــا يعتقــدون أن النظــام ســاقط‬ ‫ليقــول لهــم‪« :‬انتــو ويــن شــايفني انــو النظــام ســاقط»؟‬ ‫ثــم يصــل اإلبراهيمــي‪ -‬وهــو الدبلومــايس املخــرم‬ ‫كــا يصفــه مقــدم الربنامــج‪ -‬إىل مؤمتــر جنيــف ‪،2‬‬ ‫ليســخر مــن املعارضــة الســورية بشــكل غــر دبلومايس‪،‬‬ ‫فينعتهــم بـ»املســاكني» الذيــن جــاؤوا إىل جنيــف «عىل‬ ‫عامهــا» وكتبــوا الكلمــة التــي ألقاهــا أحمــد الجربــا‬ ‫يف الطيــارة‪ ،‬ويقــرر أن كلمــة وليــد املعلــم يف املؤمتــر‬ ‫كانــت هــي الكلمــة القويــة التــي حســمت نتيجتــه‪،‬‬ ‫وأن املؤمتــر كان نجاح ـاً إعالمي ـاً كبــرا ً للنظــام‪.‬‬

‫ثــم يصــل الدبلومــايس املخــرم إىل قمــة الهجــوم عــى‬ ‫املعارضــة عندمــا يقــول‪« :‬هنــاك دالئــل كثــرة تقــول‬ ‫إن املعارضــة اســتعملت الســاح الكيميــاوي يف خــان‬ ‫العســل»‪ ،‬بينــا يســتعمل عبــارة «يبــدو أو يقــال إن‬ ‫النظــام اســتعمل الكيميــاوي يف الغوطــة»‪.‬‬ ‫وبانتهــاء مؤمتــر جنيــف ‪ 2‬إىل الفشــل الــذي كان‬ ‫متوقعــاً‪ ،‬يخلــص اإلبراهيمــي إىل أنــه اعتــذر مــن‬ ‫الشــعب الســوري ألنــه مل يســتطع أن يقــدم لــه شــيئاً‪،‬‬ ‫ويقــدم اســتقالته مــن مهمتــه‪.‬‬ ‫هــل حقـاً كان االئتــاف هــو كل مــا ميكــن لإلبراهيمــي‬ ‫أن يقدمــه للشــعب الســوري‪ ،‬املنطــق البســيط يقــول‬ ‫إن لــكل نتيجــة ســبباً لذلــك البــد أن يكــون الســبب‬ ‫حبيســاً يف تقاريــر اإلبراهيمــي‪ ،‬التــي قدمهــا لالمــن‬ ‫العــام لألمــم املتحــدة‪ ،‬فلــاذا مل يكشــف يف ظهــوره‬ ‫اإلعالمــي عــى قنــاة العربيــة‪ ،‬مــن كان الســبب يف‬ ‫فشــل مهمتــه؟ ملــاذا مل يقــل إن النظــام هــو الســبب؟‬ ‫أو أن املعارضــة هــي الســبب؟ حتــى يقــدم للســوريني‬ ‫شــيئاً‪ ،‬ويبــن لهــم‪ ،‬وهــم أهلــه‪ ،‬ولهــم والؤه‪ ،‬مــن يقف‬ ‫وراء املأســاة التــي يعيشــونها منــذ أكــر مــن أربــع‬ ‫ســنوات؟‬ ‫هــل ألن املهمــة مــا زالــت قامئــة‪ ،‬وان مل يكــن هــو‬ ‫عــى رأســها‪ ،‬وأنــه ال يريــد أن يتســبب بحــرج لخلفــه‬ ‫فيهــا؟ وإذا كان األمــر كذلــك‪ ،‬فهــل تتقــدم املعايــر‬ ‫املهنيــة عــى املعايــر األخالقيــة‪ ،‬حتــى ولــو كانــت‬ ‫براميــل القاتــل الــذي عاملــه اإلبراهيمــي بـ»التقديــر‬ ‫واالحــرام» متطــر املــوت عــى أهلــه الذيــن قبــل‬ ‫مهمتــه ملســاعدتهم عــى الخــروج مــن أزمتهــم؟‬ ‫لقــد كان اإلبراهيمــي أســعد حظــاً‪ ،‬فلــم يُطــرد مــن‬

‫مهمتــه كمواطنــه ابــن عمــر الــذي كشــفه اليمنيــون‪،‬‬ ‫بينــا كشــف اإلبراهيمــي نفســه يف هــذا الربنامــج‬ ‫التلفزيــوين‪.‬‬ ‫وبــدون الحكــم مســبقاً عــى دميســتورا ومهمتــه التــي‬ ‫يبــدو أنهــا تســر يف طريــق موحلــة‪ ،‬يثــور التســاؤل‪:‬‬ ‫مــن يتحمــل يف األمــم املتحــدة مســؤولية اختيــار‬ ‫ممثليهــا يف مناطــق األزمــات بداي ـةً‪ ،‬ومــا هــي معايــر‬ ‫هــذا االختيــار؟ أم أن الخلــل يكمن يف شــخصيات هؤالء‬ ‫املمثلــن‪ ،‬ويف قدرتهــم عــى التعامــل مــع األزمــات التي‬ ‫يقاربونهــا عندمــا يُلقــون يف بحرهــا؟‬ ‫ويثــور تســاؤل آخــر‪ ،‬تُــرى ملــاذا يضــع دبلومــايس لــه‬ ‫مــن الخــرة يف ميدانــه أكــر مــن ســتني عام ـاً نفســه‬ ‫يف صــف القاتــل ضــد الضحيــة؟ وملــاذا يســخر هــذا‬ ‫الدبلومــايس املخــرم مــن معارضــن «مســاكني»‬ ‫ليســت لديهــم خربتــه؟ ومــاذا ينتظــر وقــد شــارف‬ ‫عــى نهايــة العمــر لــي يقــول مــا ي ـراه حق ـاً كان أم‬ ‫باط ـاً؟ هــل ت ُـراه ينتظــر تكليف ـاً آخــر مبهمــة أخــرى؟‬ ‫ومــا الفــرق بــن هــذا الدبلومــايس العريــق وذلــك‬ ‫«الدابــة» العســكري يف موقفهــا مــن نظــام الرباميــل‬ ‫وأدوات الطهــي؟ وملــاذا كان مواطنــه أنــور مالــك أكــر‬ ‫شــجاعة منــه عندمــا اســتقال وقــال كلمتــه أيــاً مــا‬ ‫كانــت؟‬ ‫ابــن عمــر واإلبراهيمــي الجزائريــان‪ ،‬والدابة الســوداين‪..‬‬ ‫كلهــم عــرب أرســلوا يف مهــات كانــت يجــب أن‬ ‫تخفــف عــن بعــض العــرب معاناتهــم فزادوهــم رهقـاً‪.‬‬ ‫قــال حكيــم قدميــاً‪ :‬اللهــم عليــك بأصدقــايئ‪ ..‬أمــا‬ ‫أعــدايئ فأنــا كفيــل بهــم‪ .‬ونحــن نقــول‪ :‬اللهــم عليــك‬ ‫بأهلنــا‪....‬‬


‫‪14‬‬ ‫املواهب السورية تتألق‪ :‬جائزة صحفية جديدة للصحافية السورية زينة أرحيم‬ ‫حرمل املنوعات‬

‫الصحفيــة الســورية زينــة أرحيــم تنــال‬ ‫جائــزة جديــدة لنشــاطها الثــوري وإلخالصهــا‬ ‫بالعمــل باإلضافــة إىل تأهيلهــا العلمــي‬ ‫والصحفــي‪ ،‬ومــن ال يعــرف زينــة أرحيــم فهــي‬ ‫مدربــة صحفيــة جالــت املــدن والتنســيقيات‬ ‫الســورية بحث ـاً عــن مواهــب صحفيــة وســعياً‬ ‫لتأهيــل الجيــل الجديــد مــن الشــباب الســوري‬ ‫المتــاك القــدرات املهنيــة الصحفيــة املهمــة‬ ‫لتعزيــز املوقــف يف الثــورة الســورية‪ ،‬ودعــم‬ ‫مســألة الحريــة يف مواجهــة آلــة االســتبداد‪،‬‬ ‫وكذلــك يف مواجهــة آلــة التكفــر‪.‬‬ ‫فقــد فــازت الصحفيــة الســورية زينــة أرحيــم‪،‬‬ ‫بجائــزة مصطفــى الحســيني ألفضــل مقــال‬ ‫لصحفــي عــريب شــاب‪ ،‬عــن مقالهــا «كرميتــه‬ ‫الحرمــة تنتــر عــى زينــة الصحفيــة بفــارق‬ ‫رشيــط حــدودي»‪ ،‬لتكــون بذلــك أول ســورية‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫تحصــل عــى هــذه الجائــزة‪.‬‬ ‫وقالــت جمعيــة أصدقــاء مصطفــى الحســيني‬ ‫يف بيــان لهــا‪ ،‬اليــوم الثالثــاء‪« ،‬تقــدم لجائــزة‬ ‫(مصطفــى الحســيني ألفضــل مقــال لصحفــي‬ ‫عــريب شــاب) هــذا العــام ‪ 93‬مقــاالً‪ ،‬كتبهــم‬ ‫‪ 63‬كاتبــة وكاتبـاً‪ ،‬وقــد قامــت لجنــة التحكيــم‬ ‫باختيــار ‪ 9‬مقــاالت للقامئــة القصــرة للجائــزة»‪.‬‬ ‫وأضافــت‪« :‬يف النهايــة اســتقر غالبيــة أعضــاء‬ ‫لجنــة التحكيــم عــى منــح الجائــزة ملقــال زينــة‬ ‫أرحيــم (كرميتــه الحرمــة تنتــر عــى زينــة‬ ‫الصحفيــة بفــارق رشيــط حــدودي)‪.‬‬ ‫وتكونــت لجنــة تحكيــم الجائــزة هــذا العــام‬ ‫مــن «األســتاذ جهــاد الزيــن‪ ،‬األســتاذ حســام‬ ‫بهجــت‪ ،‬الدكتــور خالــد مطــاوع‪ ،‬الدكتــور ســام‬ ‫الكواكبــي واالســتاذة هبــة صالــح‪.».‬‬ ‫يذكــر أن زينــة ارحيــم صحفيــة ســورية مــن‬

‫مواليــد ‪ 1985‬تعيــش حاليــاً يف حلــب‪ .‬وقــد‬ ‫درســت زينــة يف جامعــة دمشــق ثــم حصلــت‬ ‫عــى ماجســتري يف اإلعــام الــدويل مــن جامعــة‬ ‫لنــدن‪ .‬وتعمــل كمراســلة صحفيــة ومدربــة‬ ‫للصحفيــن املواطنــن يف ســوريا‪.‬‬ ‫وجائــزة مصطفــى الحســيني ألفضــل مقــال‬ ‫لصحفــي عــريب شــاب‪ ،‬هــي جائــزة ســنوية‬ ‫متنــح لصحفــي عــريب ال يتجــاوز عمــره‬ ‫الخامســة والثالثــن عــن مقــال منشــور يف‬ ‫إحــدى الصحــف أو املواقــع اإللكرتونيــة‬ ‫الصحفيــة‪.‬‬ ‫صحيفــة الحرمــل تبــارك للصحفيــة املوهوبــة‬ ‫زينــة أرحيــم الفــوز بهــذه الجائــزة التــي‬ ‫تســتحقها‪ ،‬وتهيــب باملواهــب الســورية يف‬ ‫شــتى املجــاالت لتكــون متفوقــة ورائــدة‬ ‫وجديــرة باســم ســورية وحريتهــا املنشــودة‪..‬‬

‫يف اليوم العاملي حلرية الصحافة ‪..‬‬

‫الصحفي��ون الس��وريون ضحاي��ا الن��زاع القائ��م يف س��ورية‬

‫رضوان بيزار ‪ -‬زينة ابراهيم‪ -‬روزنة‬

‫‪ 271‬صحفيــاً واعالميــاً ومواطنــاً صحفيــاً‪ ،‬هــؤالء ليســوا‬ ‫أرقامـاً‪ ،‬بــل هــم ضحايــا الكلمــة والصــوت‪ ،‬فقــدوا حياتهــم‬ ‫خــال األعــوام الخمســة مــن الثــورة الســورية التــي اندلعت‬ ‫يف آذار مــن عــام ‪.2011‬‬ ‫وبحســب مــا وثقــه املركــز الســوري للحريــات الصحفيــة‬ ‫فــإن عــام ‪ 2013‬كان األكــر دمويــة لإلعالميــن مقارنــة‬ ‫باألعــوام األخــرى‪ ،‬حيــث بلــغ عــدد الضحايــا ‪ 113‬قتيــاً‪،‬‬ ‫وتــاه عــام ‪ 2012‬الــذي فقــد فيــه ‪ 100‬صحفــي حياتــه‪.‬‬ ‫التقاريــر التــي عملــت عــى توثيــق االنتهــاكات بحــق‬ ‫الصحفيــن‪ ،‬أشــارت إىل أن عــام ‪ 2014‬كان أقــل دمويــةً‪،‬‬ ‫فقــد بلــغ عــدد الضحايــا ‪ 54‬يف حــن وصــل عــدد الضحايــا يف‬ ‫الشــهر الرابــع لهــذا العــام إىل ‪ 14‬صحفيــاً‪.‬‬ ‫رسدار مــا درويــش عضــو الهيئــة اإلداريــة يف رابطــة‬ ‫الصحفيــن الســوريني يحدثنــا عــن الصعوبــات التــي‬ ‫تواجــه توثيــق االنتهــاكات بحــق الصحفيــن‪ ،‬وعــدم وجــود‬ ‫إحصائيــات دقيقــة إىل عــدم وجــود مراكــز توثيــق لديهــا‬ ‫قــوة وفعاليــة عــى األرض‪ ،‬حيــث يتــم املتابعــة عرب ناشــطني‬ ‫وصحفيــن‪ ،‬املشــكلة أيضـاً بحســب رأي رسدار مــا درويــش‬ ‫تكمــن يف عــدم وجــود محتــوى أو محاولــة خلــق مراكــز‬ ‫ألرشــفة كل هــذه املعلومــات مــن جهــات وطنيــة أو جهــات‬ ‫تابعــة للمعارضــة الســورية‪ ،‬لــذا تعتمــد هــذه املراكــز‬ ‫عــى املجهــود الفــردي لبعــض األشــخاص‪ ،‬مشــرا ً إىل أن‬ ‫ذلــك يتطلــب أيض ـاً آليــة تواجــد عــى األرض‪ ،‬ففــي حــال‬ ‫عــدم التواجــد عــى األرض لــن يســتطيعوا أن يصلــوا لــكل‬ ‫االنتهــاكات وحــاالت القتــل التــي تحــدث بحــق الصحفيــن‪.‬‬ ‫االنتهــاكات تنوعــت مــن اعتقــال ونفــي ورضب وغريهــا‬ ‫طالــت الصحفيــن أثنــاء قيامهــم بتغطيــات إعالميــة يف‬ ‫مناطــق النـزاع‪ ،‬ســواء كان مــن قبــل النظــام أو التنظيــات‬ ‫اإلســامية املتطرفــة وكتائــب الجيــش الحــر أو اإلدارة‬ ‫الذاتيــة الدميقراطيــة يف املناطــق الكرديــة باإلضافــة إىل‬

‫تلقيهــم مســبات وشــتائم واتهامهــم بالخيانــة مــن قبــل تلــك‬ ‫الفصائــل املتنازعــة‪.‬‬ ‫مســعود عكــو نائــب رئيــس رابطــة الصحفيــن الســوريني‪،‬‬ ‫يف حديثــه يصــف ســورية بأنهــا تحولــت إىل شــبه مقــرة‬ ‫للصحفيــن‪ ،‬مش ـرا ً إىل أن جميــع الفصائــل املتنازعــة عــى‬ ‫األرض تســتهدف الصحفيــن واملؤسســات اإلعالميــة بشــكل‬ ‫مبــارش‪ ،‬ومل يســت ِنث عكــو حتــى تلــك الفصائــل التــي توصــف‬ ‫بأنهــا األكــر اعتــداالً‪.‬‬ ‫ويرجــع عكــو يف نفــس الترصيــح ســبب فقــدان هــذا الكــم‬ ‫مــن الصحفيــن لحياتهــم‪ ،‬باإلضافــة إىل مــا ذكــر أعــاه‪،‬‬ ‫إىل مــا أســاه «قلّــة الخــرة لــدى الصحفيــن العاملــن يف‬ ‫ســورية»‪ ،‬والــذي قــال إن «أغلبهــم ناشــطون إعالميــون‪،‬‬ ‫كانــوا ميتهنــون مهنــاً غــر اإلعــام قبــل انــدالع الثــورة‪،‬‬ ‫وتحولــوا بفعــل الواقــع إىل صحفيــن ومراســلني إعالميــن‬ ‫وناشــطني إعالميــن اليــوم‪ ..‬برغــم أن بعــض الناشــطني‬ ‫اإلعالميــن يقومــون بتدريــب أنفســهم والتواصــل مــع‬

‫الناشــطني اآلخريــن أو مــع صحفيــن‪ ،‬وذلــك مــن أجــل‬ ‫تنميــة قدراتهــم يف هــذا املجــال»‪.‬‬ ‫رودي ســعيد مصــور صحفــي لــدى وكالــة رويــرز مــن‬ ‫مدينــة «رأس العــن» رسي كاين‪ ،‬ومختــص بالعمــل ضمــن‬ ‫املناطــق الســاخنة‪ ،‬تعرضــت للخطــر يف العديــد مــن املـرات‪،‬‬ ‫مؤكــدا ً أنــه وبحكــم تجربتــه تأقلــم مــع تلــك املناطــق‪،‬‬ ‫وبــات ميلــك خــرة يف الوقايــة والســامة املهنيــة‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل أن مؤسســته أ ّمنــت لــه كافــة األدوات الالزمــة للحاميــة‬ ‫الشــخصية وزودتــه مبعــدات إســعافات أوليــة‪ ،‬فض ـاً عــن‬ ‫خضوعــه لورشــات عمــل مكثفــة حــول الحاميــة يف املناطــق‬ ‫الســاخنة واإلســعافات األوليــة‪..‬‬ ‫رودي مل يتعــرض للخطــف واالعتقــال‪ ،‬ولكنــه مل يســلم مــن‬ ‫الــرب والتعنيــف عــى يــد الحــرس الــريك أثنــاء عبــوره‬ ‫للحــدود‪ ،‬حيــث أصيــب بجــروح وكســور متفرقــة يف األضالع‪.‬‬ ‫ـس الــدور الكبــر‬ ‫أروى الباشــا صحفيــة براديــو أورينــت مل تنـ َ‬ ‫الــذي لعبــه الناشــطون امليدانيــون أيــام انــدالع الثــورة يف‬

‫تعليمات جديدة المتحانات الثانوية العامة‬ ‫أعلنــت وزارة الرتبيــة والتعليــم التابعــة للحكومــة‬ ‫الســورية املؤقتــة عــن بعــض ال ّنقــاط التّوضيحيــة‬ ‫للطّــاب الســوريّني املقيمــن داخــل األرايض الرتكيــة‬ ‫والذيــن ســيخضعون المتحانــات الشــهادة الثانويــة‪،‬‬ ‫حيــث ســتجري االمتحانــات خــال شــهر حزيــران‪/‬‬ ‫يونيــو املقبــل وســيت ّم تحديــد تاريــخ بــدء االمتحانات‬ ‫عقــب إقـرار وزارة التعليــم الوطنــي الرتكيــة للموعــد‬ ‫ال ّنهــايئ لهــا‪.‬‬ ‫الصــادر عــن الــوزارة بهــذا الشّ ــأن‪،‬‬ ‫وجــاء يف البيــان ّ‬ ‫أنّ عــدد األســئلة التــي ســتطرح عــى الطلبــة‪ ،‬يــراوح‬

‫بــن ‪ 160‬و‪ 180‬ســؤال‪ ،‬وذلــك وفــق نظــام االختيــار‬ ‫مــن متعــ ّدد (أمتتــة)‪ ،‬عــى أن يتــ ّم وضــع األســئلة‬ ‫مــن ِقبــل وزارة الرتبيــة والتعليــم التابعــة للحكومــة‬ ‫الســورية املؤقتــة‪.‬‬ ‫كــا ســتكون األســئلة املطروحــة يف االمتحانــات‪،‬‬ ‫محصــورة بالــ ّدروس الــواردة يف املناهــج املعتمــدة‬ ‫لــدى الــوزارة‪ ،‬بحيــث لــن يكــون الطّــاب ُملزمــن‬ ‫بأيّــة معلومــات غــر واردة يف الكتــب املمنوحــة لهــم‬ ‫مــن ِقبــل الــوزارة‪.‬‬ ‫وبنــا ًء عــى مــا ورد يف بيــان الــوزارة بهــذا الخصــوص‪،‬‬

‫فــإنّ عــى الطّــاب ال ّراغبــن بالتّقـ ّدم إىل االمتحانــات‪،‬‬ ‫رضورة الحصــول عــى البطاقــة التّعريفيــة املمنوحــة‬ ‫مــن ِقبــل الســلطات الرتكيــة‪ ،‬حيــث ســترشف وزارة‬ ‫التعليــم الوطنــي الرتكيــة بالتّنســيق مــع وزارة الرتبيــة‬ ‫والتعليــم الســورية عــى ســر عمليــة االمتحــان‪،‬‬ ‫وســتكون األســئلة مو ّحــدة لكافــة الطــاب الســوريّني‬ ‫يف كافــة الواليــات الرتكيــة‪.‬‬ ‫ـص الطّــاب‬ ‫الجديــر بالذّكــر أنّ هــذه التوضيحــات تخـ ّ‬ ‫الســوريّني املقيمــن داخــل األرايض الرتكيــة‪ ،‬والذيــن‬ ‫ســيدخلون امتحانــات الشــهادة الثانويــة داخــل تركيا‪،‬‬

‫ظــروف أمنيــة مشــددة‪ ،‬تقــول‪« :‬منــذ انــدالع الثــورة يف‬ ‫ســوريا مل يســمح النظــام ألي وســيلة إعالميــة أن تعمــل‬ ‫عــى األرض‪ ،‬وتغطــي مــا يجــري مــن أحــداث‪ ،‬فــأي صحفــي‬ ‫يحــاول ذلــك كان يعــرض حياتــه للخطــر‪ ،‬لــذا ظهــر مــا‬ ‫يســمى بالناشــطني امليدانيــن الذيــن كانــوا يقومــون مبراســلة‬ ‫الــوكاالت اإلعالميــة العامليــة عــر أجهــزة الرثيــا وكامرياتهــم‬ ‫الخاصــة‪ ،‬هــؤالء الناشــطون واإلعالميــون مل يكونــوا محميــن‬ ‫مــن قبــل أي جهــة‪ ،‬وهــم يخاطــرون بأنفســهم مقابــل‬ ‫مبالــغ ماليــة ضخمــة‪ ،‬والبعــض كان يقــوم بذلــك مــن بــاب‬ ‫الواجــب األخالقــي املهنــي‪».‬‬ ‫وتســتمر االنتهــاكات بحــق الصحفيــن يف ســوريا يف ظــل‬ ‫غيــاب مؤسســات دوليــة أو جهــات خاصــة بحاميــة‬ ‫الصحفيــن وتوثيقهــا‪ ،‬ليتحــول الصحفــي يف ســوريا إىل مجــرد‬ ‫رقــم‪ ،‬أو صــورة يســتخدمها أصدقــاؤه وعائلتــه عــى مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي لتذكرهــم بــه‪.‬‬ ‫بالتعاون مع شبكة الصحفيات السوريات‪.‬‬

‫ترك برس‬ ‫ويســتثنى مــن هــذه الق ـرارات‪ ،‬الطــاب الســوريّني‬ ‫املقيمــن يف املناطــق املحــ ّررة داخــل األرايض‬ ‫الســورية‪ ،‬وكذلــك الطّــاب الســوريني املقيمــن يف‬ ‫لبنــان واألردن‪.‬‬ ‫وتن ـ ّوه الــوزارة عــى أنّ الطــاب الســوريني املقيمــن‬ ‫يف املناطــق املحــ ّررة داخــل ســوريا واملقيمــن يف‬ ‫لبنــان واألردن ســيطبّق عليهــم ال ّنظــام القديــم‬ ‫حيــث ســتكون أســئلة االمتحانــات تقليديــة‪ ،‬ولــن‬ ‫يتــ ّم إجــراء أي تعديــل عــى موعــد االمتحانــات يف‬ ‫تلــك املناطــق‪.‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫رفعت األسد يربر نهبه لثروات سورية بأنه يريد إيواء أبنائه!!‬ ‫يحــاول قضــاة فرنســيون منــذ حــوايل العــام‬ ‫معرفــة كيــف متكــن نائــب الرئيــس الســوري‬ ‫الســابق رفعــت األســد الــذي يقاطعــه نظــام‬ ‫دمشــق مــن بنــاء ثــروة عقاريــة يف بالدهــم‪،‬‬ ‫تتضمــن إســطبال للخيــول وع ـرات الشــقق‬ ‫البالغــة قيمتهــا ‪ 90‬مليــون يــورو‪.‬‬ ‫تعتــر جمعيــة “شــيربا” التــي تدافــع عــن‬ ‫ضحايــا الجرائــم االقتصاديــة‪ ،‬والتــي تقدمــت‬ ‫بشــكوى يف شــباط‪/‬فرباير ‪ 2014‬أدت إىل بــدء‬ ‫التحقيقــات‪ ،‬أن ممتلــكات نائــب الرئيــس‬ ‫الســوري الســابق تــم رشاؤهــا بفضــل أمــوال‬ ‫الفســاد عندمــا كان رفعــت األســد (‪ 77‬عامـاً)‬ ‫اليــد اليمنــى لشــقيقه األكــر الرئيــس حافــظ‬ ‫األســد الــذي تــويف عــام ‪ 2000‬وخلفــه ابنــه‬ ‫بشــار‪.‬‬ ‫وأكــد محامــي رفعــت أســد غروندلــر أنــه تــم‬ ‫تقديــم وثائــق تظهــر األصــل القانــوين لــروة‬ ‫رفعــت األســد إىل املحققــن‪ .‬ورفعــت املتهــم‬ ‫بقيــادة حملــة القمــع الداميــة ضــد اإلخــوان‬ ‫املســلمني وخصوص ـاً الهجــوم عــى حــاة يف‬ ‫‪ ،1982‬أرغــم عــى ســلوك طريــق املنفــى بعــد‬ ‫عامــن مــن ذلــك‪.‬‬ ‫وقــال مصــدر قريــب مــن التحقيــق إن األســد‬ ‫أكــد خــال جلســة االســتجواب أن الحكومــة‬ ‫الســورية تكفلــت مبصاريفــه‪ ،‬وأن األمــوال‬ ‫التــي كان يكســبها أعطاهــا للفق ـراء‪.‬‬ ‫وأضــاف رفعــت أنــه مل يكــن ميلــك شــيئاً‬ ‫عندمــا حانــت لحظــة مغــادرة ســوريا‪ .‬وتابــع‬ ‫فرانســوا ميــران (الرئيــس الفرنــي األســبق)‬

‫طلــب منــي املجــيء إىل فرنســا ومنحنــا‬ ‫رخــص حمــل الســاح كــا زودنــا بعنــارص‬ ‫أمنيــة‪ .‬لقــد كان يف غايــة اللطــف‪.‬‬ ‫ويف باريــس‪ ،‬بــدأ رفعــت األســد االســتثامر يف‬ ‫العقــارات‪.‬‬ ‫وقــال الرجــل الســبعيني املقيــم يف لنــدن‬ ‫إن ذلــك كان الســتقبال أوالدي ومــن يــأيت‬ ‫مبعيتهــم‪ ،‬مشــددا ً عــى عــدم معرفتــه‬ ‫بتفاصيــل إدارة العقــارات واإلرشاف عليهــا‪.‬‬ ‫وأوضــح يف هــذا الســياق «ال أعــرف بواســطة‬ ‫أي أمــوال تــم الــراء‪ .‬أنــا أهتــم بالشــؤون‬ ‫السياســية حـرا ً‪ .‬يجلبــون يل األوراق ألوقعهــا‬ ‫وأفعــل ذلــك‪ .‬فأنــا ال أعــرف كيــف أدفــع‬ ‫األمــوال‪ ،‬حتــى فاتــورة املطعــم»‪.‬‬ ‫‪ 90‬مليون يورو!‬ ‫وقــدر محققــون مــن الجــارك قيمــة‬ ‫ممتلــكات عائلتــه يف تقريــر صــدر يف ‪15‬‬

‫أيار‪/‬مايــو ‪ .2014‬وأفــاد التقريــر أن «القيمــة‬ ‫الكاملــة لــإرث العقــاري يف فرنســا لرفعــت‬ ‫األســد وعائلتــه‪ ،‬مــن خــال رشكات يف‬ ‫لوكســمبورغ‪ ،‬وغالبيتــه عقــاري بحــوايل‬ ‫تســعني مليــون يــورو»‪.‬‬ ‫ومــن أصــل هــذا املبلــغ «أكــر مــن ‪ 52‬مليــون‬ ‫يــورو ميتلكهــا رفعــت األســد بشــكل غــر‬ ‫مبــارش»‪ ،‬خصوصـاً عــر رشكــة ســنون املســجلة‬ ‫يف لوكســمبورغ‪ .‬وتتضمــن املمتلــكات إســطبالً‬ ‫للخيــول قــرب باريــس وقرصيــن ومبنيــن‬ ‫وقطعــة أرض يف باريــس ومكاتــب يف مدينــة‬ ‫ليــون‪.‬‬ ‫ويحتفــظ املحققــون بشــهادة موظــف ســابق‬ ‫لــدى العائلــة أكــد كيــف أن الشــقق يف أحــد‬ ‫املبــاين التــي كان يديرهــا «كان يتــم تأجريهــا‬ ‫ألســبوع أو شــهر مــن دون اإلعــان عــن ذلــك‬ ‫مطلقــا»‪.‬‬

‫برنامج األغذية العاملي خيفض‬ ‫املساعدات ّللجئني السوريني‬

‫أعلنــت املتحدثــة باســم برنامــج األغذيــة‬ ‫العاملــي يف األردن شــذى املغــريب‪ ،‬أن الربنامــج‬ ‫خفــض قيمــة القســائم الغذائيــة لـــ‪ 240‬ألــف‬ ‫الجــئ ســوري خــارج مخيــات اللجــوء‪ ،‬لتبلــغ‬ ‫‪ 10‬دنانــر شــهرياً‪ ،‬بــدالً مــن ‪ 20‬دينــارا ً‪ ،‬وذلــك‬ ‫بســبب نقــص التمويــل‪.‬‬ ‫وقالــت املغــريب‪ ،‬إن حجــم املســاعدات‬ ‫الغذائيــة التــي يقدمهــا برنامــج األغذيــة‬ ‫العاملــي إىل الالجئــن الســوريني داخــل‬ ‫وخــارج املخيــات انخفضــت إىل ‪ 15‬مليــون‬ ‫دوالر شــهرياً‪ ،‬بعــد أن كانــت تبلــغ ‪25‬‬ ‫مليــون دوالر‪ ،‬ولفتــت إىل أن الربنامــج يســعى‬ ‫وبشــكل دائــم إىل تأمــن املســاعدات الخاصــة‬ ‫بالالجئــن الســوريني املقيمــن يف مخيــات‬ ‫اللجــوء الســوري‪ ،‬باعتبارهــم األشــد حاجــة‬ ‫مــن غريهــم نظ ـرا ً النعــدام توفــر أي مصــدر‬ ‫رزق لهــم‪.‬‬ ‫وأشــارت املتحدثــة باســم برنامــج األغذيــة‬ ‫يف ترصيحــات نرشتهــا صحيفــة «الغــد»‬ ‫األردنيــة‪ ،‬إىل أن «الربنامــج أبقــى قيمــة هــذه‬ ‫القســائم كاملــة لـــ‪ 190‬ألفــا مــن الالجئــن‬ ‫الســوريني املتواجديــن خــارج املخيــات»‪،‬‬ ‫منوهــة إىل أن دراســات نفذهــا الربنامــج يف‬ ‫وقــت ســابق‪ ،‬كشــفت عــن وجــود ‪ %85‬مــن‬ ‫الالجئــن الســوريني يف األردن يعتمــدون عــى‬ ‫املســاعدات التــي يقدمهــا الربنامــج‪.‬‬ ‫وتوقعــت املغــريب أن يتــم البــت بطلبــات‬ ‫االعــراض مــن قبــل الالجئــن الذيــن تــم‬ ‫اســتبعادهم مــن املســاعدات الغذائيــة خــال‬

‫مهرجان سوري ألفالم املوبايل‬ ‫املواهــب الســورية يف املهجــر‪ ،‬ويف الداخــل‬ ‫تقــاوم املــوت والظلــم وتبحــث عــن آفــاق‬ ‫جديــدة لإلنســان الســوري‪ ،‬وذلــك للحفــاظ‬ ‫عــى القيــم اإلنســانية والجامليــة التــي يتطلبهــا‬ ‫صمــود الشــعب الســوري‪ ،‬بوجــه الظلــم‬ ‫وبوجــه قــوى االحتــال اإليــراين ومجــازره‬ ‫الســوداء‪.‬‬ ‫فقــد أعلــن «مهرجــان ســورية ألفــام املوبايــل»‬ ‫عــن افتتــاح الفعاليــة األوىل للــدورة الثانيــة‬ ‫لعــام ‪ ،2015‬التــي تتمثــل بإقامــة تدريبــات‬ ‫يف تصويــر وإنتــاج األفــام التســجيلية‪ ،‬بهــدف‬ ‫تطويــر مهــارات اســتخدام كامــرا املوبايــل‪،‬‬ ‫وو ّجــه املهرجــان دعــو ًة لــكل مــن املخرجــن‬ ‫والفنانــن واملواطنــن الصحافيــن للتســجيل من‬ ‫خــال بيــان صحــايف صــادر عــن إدارتــه‪.‬‬ ‫وأوضــح البيــان‪ ،‬أن التدريبــات ســتقام يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬وســيتم فيهــا تدريــب ‪ 15‬مشــاركاً‪،‬‬ ‫عــى ‪ 3‬مراحــل‪ ،‬وأن التدريبــات تشــمل تطويــر‬ ‫ومعالجــة فكــرة الفيلــم‪ ،‬وتقنيــات التصويــر‬ ‫وصــوالً إىل املونتــاج‪.‬‬ ‫وبيّنــت إدارة املهرجــان‪ ،‬أنّهــا تتطلــع ألن‬ ‫ينتــج كل مشــارك فيلمــه الخــاص بدعــم مــن‬ ‫املهرجــان‪ ،‬وأن أفــام الورشــة سترتشــح تلقائي ـاً‬ ‫لجائــزة «بيكســل» وهــي إحــدى جوائــز‬ ‫املهرجــان‪ ،‬كــا ســتعرض ضمــن عــروض ســتقام‬ ‫عــى هامــش املهرجــان داخــل وخــارج ســورية‪،‬‬

‫إضافــة إىل عــرض مختــارات منهــا يف‬ ‫الجولــة الدوليــة للمهرجــان‪.‬‬ ‫ويشــر املديــر الفنــي للمهرجــان‪ ،‬زاهر‬ ‫عمريــن‪ ،‬إىل أ ّن الــدورة الثانيــة مــن‬ ‫املهرجــان تســعى إىل توســيع عــرض‬ ‫األفــام املنجــزة بكامــرا املوبايــل يف‬ ‫الداخــل الســوري‪ ،‬ويضيــف‪« :‬نســتعد‬ ‫أيضــاً إلطــاق املنصــة التعليميــة‬ ‫التفاعليــة‪ ،‬كجــزء مــن الربنامــج‬ ‫التدريبــي‪ ،‬كــا ســنزيد مــن عــدد‬ ‫املنــح اإلنتاجيــة املقدمــة لتشــمل‬ ‫األفــام التجريبيــة»‪.‬‬ ‫ويوضــح عمــرو خيطــو‪ ،‬الناطــق‬ ‫اإلعالمــي باســم املهرجــان لـ»العــريب‬ ‫الجديــد»‪ ،‬أ ّن «املهرجــان ســيفتتح‬ ‫فعاليتــه الثانيــة الخاصــة بتقديــم املنــح لدعــم‬ ‫إنتــاج أفــام املوبايــل يف شــهر أيــار‪ /‬مايــو‬ ‫املقبــل‪ ،‬أمــا الفعاليــة الثالثــة فتنطــوي عــى‬ ‫تنظيــم عــروض لألفــام يف عــدد مــن املــدن‬ ‫ويبــن أ ّن املشــاركة‬ ‫داخــل وخــارج ســورية»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف التدريبــات والحصــول عــى الدعــم متــاح‬ ‫لجميــع الســوريني والفلســطينيني الســوريني‪،‬‬ ‫أمــا املشــاركة يف العــروض فهــي مفتوحــة أمــام‬ ‫جميــع الســوريني والعــرب‪.‬‬ ‫وتشــكل كامــرا املوبايــل الوســيلة األساســية‬ ‫لتســجيل جميــع األفــام يف املهرجــان‪ ،‬وتــأيت‬

‫شــهر مايو‪/‬أيــار‪.‬‬ ‫ويصــل عــدد الســوريني يف األردن إىل أكــر مــن‬ ‫مليــون و‪ 300‬ألــف‪ ،‬بينهــم ‪ 600‬ألــف الجــئ‬ ‫مســجل لــدى األمــم املتحــدة‪ ،‬يف حــن دخــل‬ ‫الباقــي قبــل بــدء الثــورة الســورية‪ ،‬بحكــم‬ ‫عالقــات عائليــة وأعــال التجــارة‪.‬‬ ‫ويوجــد يف األردن ‪ 5‬مخيــات للســوريني‪ ،‬هــي‬ ‫مخيــم الزعــري‪ ،‬ومخيــم األزرق‪ ،‬واملخيــم‬ ‫اإلمــارايت املعــروف «مبــر يجيــب الفهــود»‪،‬‬ ‫ومخيــم الحديقــة يف الرمثــا‪ ،‬ومخيــم «ســايرب‬ ‫ســتي»‪ ،‬الــذي يــأوي عــددا ً مــن فلســطينيي‬ ‫ســورية‪ ،‬باإلضافــة إىل الجئــن ســوريني‪.‬‬ ‫ويعــد األردن مــن أكــر الــدول املجــاورة‬ ‫لســورية‪ ،‬اســتقباالً لالجئــن الســوريني منــذ‬ ‫انــدالع الثــورة عــام ‪ ،2011‬وذلــك لطــول‬ ‫الحــدود الربيــة بــن البلديــن‪ ،‬والتــي تصــل إىل‬ ‫‪ 375‬كلــم‪.‬‬

‫مكافحة اإلرهاب‬

‫أهميتهــا تبعــاً لـ»خيطــو» مــن كونهــا كامــرا‬ ‫كل مــن املواطــن الصحــايف والناشــط والفنــان‬ ‫الهــاوي يف ســورية‪ ،‬وكونهــا شــكلت الوســيلة‬ ‫الرئيســية لجميــع الســوريني لتوثيــق مــا يــدور‬ ‫حولهــم مــن أحــداث وتغــرات طــوال فــرة‬ ‫الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫يُذكــر أن املهرجــان ابتــدأ كمبــادرة مســتقلة‪،‬‬ ‫أطلقتهــا «مؤسســة الشــارع لإلعــام والتنميــة»‪،‬‬ ‫وأعلنــت أنهــا تســعى مــن خاللــه إىل دعــم‬ ‫وتشــجيع املهــارات اإلبداعيــة التــي تســتفيد‬ ‫مــن التكنولوجيــا الرقميــة‪ ،‬وإىل تشــكيل منصــة‬ ‫عــرض فاعلــة للتجــارب الفنيــة الجديــدة‪.‬‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرقة لكل الس��وريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس‬

‫كتــاب مكافحــة اإلرهــاب ملؤلفــه رونالــد‬ ‫كريلينســن‪ ،‬مــن إصــدارات مركــز اإلمارات‬ ‫للدراســات والبحــوث االسـراتيجية الوكيــل‬ ‫الحــري يف مــر وليبيــا‪ :‬مجموعــة النيــل‬ ‫العربيــة‪..‬‬ ‫يهــدف الكتــاب إىل تزويــد القــارئ‬ ‫بفهــم واضــح لــكل املقاربــات املوجــودة‬ ‫ملكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬ونــوع املتغـرات التــي‬ ‫تشــكل أســاس مــا بينهــا مــن اختالفــات‪.‬‬ ‫إن الفكــرة األساســية التــي ارتكــز عليهــا‬ ‫الكتــاب هــي مســاعدة القــارئ يف فهــم‬ ‫التعقيــدات والتحديــات ذات الصلــة‬ ‫مبكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وتقييــم مجموعــة‬ ‫الخيــارات املتاحــة‪.‬‬ ‫ينظــر الفصــل األول مــن الكتــاب يف البيئــة‬ ‫األمنيــة األوســع التــي يوجــد فيهــا اإلرهاب‬ ‫اليــوم‪ .‬ويحلــل الفصــل الثــاين النموذجــن‬ ‫اللذيــن شــاع اســتخدامهام أكــر مــن‬ ‫غريهــا يف مجــال مكافحــة اإلرهــاب؛‬ ‫وهــا‪ ،‬منــوذج العدالــة الجنائيــة‪ ،‬ومنــوذج‬ ‫الحــرب‪ .‬ويلقــي الفصــل الثالــث مــن‬ ‫الكتــاب نظــرة فاحصــة عــى املقاربــات‬ ‫املبــادرة إىل مكافحــة اإلرهــاب التــي‬ ‫تُعنــى أساسـاً بوســائل قطــع الطريــق عــى‬ ‫اإلرهــايب قبــل ارتــكاب فعلتــه؛ وهــو مــا‬

‫للتواصل عرب فيس بوك‬

‫‪SAYI:15‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪00905459679973‬‬

‫يعــرف أحيانـاً مبكافحــة اإلرهــاب الوقائيــة‬ ‫أو ببســاطة مناهضــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫ويفحــص الفصــل الرابــع البعــد التواصــي‬ ‫ملكافحــة اإلرهــاب؛ فحمــات الدعايــة‬ ‫والحــرب الســيكولوجية وحمــات كســب‬ ‫القلــوب والعقــول وأفــكار مــن قبيــل‬ ‫تقديــم حوافــز لإلرهابيــن للتخــي عــن‬ ‫العنــف والبحــث عــن مســارات غــر عنيفة‬ ‫بــدالً مــن ذلــك ‪ -‬تشــر كلهــا إىل هــذه‬ ‫الفكــرة عــن مكافحــة اإلرهــاب كشــكل‬ ‫مــن التواصــل‪ .‬ويركــز الفصــل الخامــس‬ ‫عــى أمنــاط اإلجــراءات الوقائيــة أو‬ ‫الحامئيــة التــي ميكــن اتخاذهــا لتقليــل‬ ‫مخاطــر الهجــات اإلرهابيــة إىل الحــد‬ ‫األدىن‪ ،‬أو تخفيــف حــدة اآلثــار التــي‬ ‫تخلفهــا‪ .‬أمــا الفصــل الســادس واألخــر‬ ‫فيتنــاول أنــواع املبــادرات التــي تطلقهــا‬ ‫مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬والتــي رمبــا ال تعــد‬ ‫بحلــول ولكنهــا تتطــور يف املــدى الطويــل‪.‬‬ ‫وأخــرا ً تعــرض االســتنتاجات تقييــاً‬ ‫للدرجــة التــي ميكــن بهــا تحقيــق مكافحــة‬ ‫إرهــاب شــاملة توفــر إطــارا ً لألمــن يف‬ ‫القــرن الحــادي والعرشيــن بينــا تحافــظ‬ ‫يف الوقــت نفســه عــى القيــم التــي تشــكل‬ ‫أســاس الحوكمــة الدميقراطيــة والعامليــة‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫هيئ��ة التحري��ر‪ :‬خل��ف اجلرب��وع‪ ،‬أس��عد فخ��ري‪ ،‬إبراهي��م العلوش‪ ،‬ع��روة املهاوش‪ ،‬حممد صلي�بي‪ ،‬إياس احملمد للتواصل عرب تويرت‬ ‫احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ ،‬عبدالرمحن اهلويدي ‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪15‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB:‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬

‫أحاديث‪ّ ...‬‬ ‫واهلم واحد!‬ ‫حديث يف السياسة‬

‫قنوط؟!‬ ‫قال يل صاحبي يف قنوط‪ :‬ما زال للنظام أنصا ٌر كثريون؟‬ ‫قلت‪ :‬ومن هم؟‬ ‫قال‪ :‬املنحبكجية ‪.‬‬ ‫قلــت‪ :‬بعــض أولئــك مــن الذيــن يربطهــم وال ٌء طائفــي بالنظــام‪،‬‬ ‫ولــن يضحــوا أخــرا ً بطائفتهــم مــن أجلــه‪ ،‬وبعضهــم اآلخــر‬ ‫يربطهــم بالنظــام وال ٌء مصلحــي‪ ،‬وســينظرون أيــن ســتكون‬ ‫مصلحتهــم فينقلبــون‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وأولئك الذين هم يف حزب الكنبة؟‬ ‫قلــت‪ :‬أولئــك مــن املرتبصــن الذيــن يتأرجحــون بــن الخــوف‬ ‫ٍ‬ ‫لطــرف بعينــه‪.‬‬ ‫والشــك‪ ،‬ووالؤهــم للكفــة الراجحــة وليــس‬ ‫قــال‪« :‬ومــن ختــم اللــه عــى قلوبهــم وعــى ســمعهم وعــى‬ ‫أبصارهــم غشــاوة»‪.‬‬ ‫ضــل ســعيهم يف الحيــاة الدنيــا وهــم‬ ‫قلــت‪ :‬أولئــك «الذيــن ّ‬ ‫يحســبون أنهــم يحســنون صنعــاً» وليســوا عنــد اللــه والثــورة‬ ‫بوازنــن‪.‬‬ ‫قــال‪ :‬ومــن وراء أولئــك روســيا والصــن وإي ـران وحــزب الــاة‪..‬‬ ‫ومــن يتجحفــل معهــم‪.‬‬ ‫غالب عىل أمره ولكن أكرث الناس ال يعلمون»‪.‬‬ ‫قلت‪« :‬والله ٌ‬

‫شهيد املدينة‬ ‫د‪ .‬نجاة عبد الصمد‬ ‫ساكن ُة هذي املدينة‪ .‬مأهولة وعامرة‪.‬‬ ‫تنعــس عــى أهزوجـ ٍة مت ّجــد الجــدود‪ ،‬ويف‬ ‫هنــاء ليلهــا تنــام‪ .‬تصحــو عــى ترنيمــة‬ ‫الصبــاح‪ ..‬نعــو ٍة‪ ...‬أو اثنتــن أو أكــر؛ خـ ِر‬ ‫مــوت يــذرذر يف ســائها شــحرق َة الرمــاد‪،‬‬ ‫ولذع ـ َة الق ـ ّراص‪ ،‬وح ّك ـ َة األســئلة‪.‬‬ ‫تســتمع املدينــ ُة ببالــغ األىس‪ ،‬لكنهــا ال‬ ‫تكــرث! تنفتــح الشــبابيك واآلذان للصــوت‬ ‫وارتجافــة الصــدى‪...‬‬ ‫(القيــادة العامــة للجيــش والقــوات‬ ‫املســلحة‪ ،‬وآل فــان وفــان ينعــون إليكــم‬ ‫شــهيد الوطــن‪ ،‬مــازم الــرف‪ ،‬البطــل‪)...‬‬ ‫وتســهو فــا تســمع تتمــة الــكالم‪ :‬ثــكاله‬ ‫فالنــة‪ ،‬أرملتــه فالنــة‪ ،‬أيتامــه فالنــة وفــان‬ ‫وفالنــة‪...‬‬ ‫وال تســمع الناعــي يقــول‪ :‬قــى الفقيــد‬ ‫مــن خيباتــه عرشيــن أو أكــر قليــاً‪ ،‬ومل‬ ‫يــزل لــه يف ذمــة الدهــر خمســون أو‬ ‫ســتون أم ـاً فائض ـاً‪ ،‬مل يعشــها هــو ولــن‬ ‫يطالــب بهــا أحــد! وال تســمعه يقــول‪:‬‬

‫بسام البليبل‬

‫حديث يف األدب‬

‫ســيدفن يف مرجــ ٍة صغــرة كان حرثهــا‬ ‫قبــل الرحيــل ليعــود يف إجــازة ويجعــل‬ ‫منهــا مســكبة للفرفحــن وللنعنــاع‪.‬‬ ‫وال تصغــي لصــوت النعــوة ينــوس قلي ـاً‪:‬‬ ‫اســتدان الفقيــد مــن أهلــه جنــى العمــر‪،‬‬ ‫أي جنــى!‬ ‫ومل يقرضــه عمــره املقصــوف ّ‬ ‫واســتدان مــن حكومتــه وظيف ـ ًة شــاغرة‪،‬‬ ‫ومــن دمــه س ـ ّدد ال ّديــن الح ـرام‪...‬‬ ‫وينــوس الصــوت أكــر‪ :‬عواضكــم عــى‬ ‫اللــه وعلينــا‪:‬‬ ‫ديّتــه‪( :‬كــذا‪ )...‬مائــة ألــف لــرة ســورية‬ ‫(حــوايل ‪ 6000‬دوالر أمريــي) تقدمــ ٌة‬ ‫لــأرس املض ّحيــة بعامدهــا!‬ ‫رس صــار عديدهــا مئــات تنتظــر دورهــا‬ ‫أ ٌ‬ ‫لنيــل ديّــات أبنائهــا‪ ،‬ومــا زال الــدور يف‬ ‫أولــه‪.‬‬ ‫يســتلم األهــل املبلــغ مخصومــاً منــه‬ ‫حــوايل (‪ 100‬ألــف) لــرة؛ تســتوفيها‬ ‫«الجهــات املختصــة» ســلفاً لقــاء‬ ‫مصاريــف التشــييع والدفــن‪.‬‬ ‫يتساءلون بحسن ن ّية‪ :‬عال َم يخصمون؟!‬

‫ال يعلمــون كــم تتكلّــف الحكومــة عــى‬ ‫أبّهــة هــذي الجنــازات‪ ،‬ال يعرفــون كــم‬ ‫الحــي امللعلــع‬ ‫تســاوي‪ :‬أمثــا ُن الرصــاص‬ ‫ّ‬ ‫فرحــاً يف عــرس الشــهيد‪ ،‬وأجــور فرقــة‬ ‫املراســم لتعــزف النشــيد الوطنــي‪،‬‬ ‫وموســيقى الشــهيد‪ ،‬وأجــور «املتطوعــن»‬ ‫مــن «اللجــان الشــعبية» للحــداء الالئــق‬ ‫ـي‪ ،‬وتكبــر صــورة بالطــول‬ ‫باملوكــب البهـ ّ‬ ‫الكامــل تتصــ ّدر موكــب املحتفــى‬ ‫بشــهادته‪ ،‬وبنزيــن الســيارات واملوتــورات‬ ‫وأجــور ســائقيها‪ ،‬ومثــن الفتــات‪ ،‬وزمامــر‪،‬‬ ‫ونرثيــات أخــرى‪...‬‬ ‫مصاريــف‪ ،‬ونرثيــات تشــغل البــال‪،‬‬ ‫تتســلل‬ ‫ّ‬ ‫فتطغــى عــى همهمــ ٍة خافتــة‬

‫مــن شــقوق التابــوت املغلــق عــى‬ ‫الجثــان الكئيــب‪.‬‬ ‫الجثــان املتيبــس البــارد املغ ّمــس‬ ‫بالوهــم‪ ،‬الجثــان املحمــوم بدمــه‪ ،‬ودم‬ ‫إخــوانٍ لــه ماتــوا معـاً مشــتبكني كأعــداء‪.‬‬ ‫جثــان ‪ -‬رمبــا ‪ -‬لــو بقيــت فيــه بقيـ ٌة مــن‬ ‫رمــق لغــادر الحفــل البهيــج مكتفيـاً مبيتــة‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫ملــى ‪ -‬رمبــا ‪ -‬صــوب حلمــه مبســكبة‬ ‫النعنــاع‪ ،‬راغبــاً لــو مل يكــن يف عمــره‬ ‫القصــر هــذا الفاصــل الخاطــف بــن‬ ‫حــرث املرجــة الصغــرة‪ ،‬وعودتــه لينــام‬ ‫تحتهــا‪.‬‬

‫ناش��طو الث��ورة حيتفل��ون بعي��د مي�لاد رزان زيتون��ة‬ ‫مل تكــن رزان زيتونــة يومـاً عــل هامــش الحـراك الثــوري‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬بــل عملــت بــكل جهدهــا عــى بلــورة الصورة‬ ‫التــي تليــق بامــرأة ناضلــت طويــاً يف مجــال حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬فهــي محاميــة عملــت يف مجــال حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬واســتمر نشــاطها يف الدفــاع عــن املعتقلــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬ومــا يذكــر يف هــذا الصــدد كتابتهــا للبيــان‬ ‫املوجــه ضــد وزارة الداخليــة عــام ‪ 2010‬بخصــوص‬ ‫اإلفــراج عــن معتقــي الــرأي قبــل انــدالع الثــورة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫أثنــاء الثــورة عملــت رزان عــى إنشــاء مركــز توثيــق‬ ‫االنتهــاكات مــع مجموعــة مــن الناشــطني كان مــن‬ ‫بينهــم زوجهــا‪ .‬وعــى خلفيــة هــذا املركــز جــاء اعتقالهــا‬ ‫ورفاقهــا وائــل وناظــم وســمرية خليــل‪ ،‬كــا ســاهمت‬

‫املتنبي وعرص االنحطاط؟!‬ ‫قالت‪ :‬شعر املتنبي‪ ...‬بداية عرص االنحطاط ‪.‬‬ ‫عقّبــت‪ :‬لــو كان املتنبــي عنــد اإلنكليــز لكتبــوا يف كل يــوم كتابـاً‬ ‫عنــه (الطيــب الصالــح)‪.‬‬ ‫ر ّدت‪ :‬املتنبي عند اإلنكليز‪ ،‬ولكنهم تركوه لنا وتقدموا‪.‬‬ ‫لبســت عبــاءة املحامــاة وقلــت‪ :‬إذا كان املقصــود بــأ ّن (شــعر‬ ‫ُ‬ ‫املتنبــي بدايــة عــر االنحطــاط) إشــار ًة إىل التوافــق الزمنــي‬ ‫بــن ظهــور املتنبــي وعــر االنحطــاط‪ ،‬فهــذا ال يقلــل مــن قــدر‬ ‫املتنبــي وقيمتــه األدبيــة‪ ،‬وال يح ّملــه مســؤولية عــره‪ ،‬مثلــا مل‬ ‫يُعــلِ مــن شــأن شكســبري أن ارتبــط زمني ـاً بعــر النهضــة ‪.‬‬ ‫أمــا إذا كان املقصــود أن شــعر املتنبــي ســاهم بظهــور عــر‬ ‫االنحطــاط فهــذه نظــرة ضيقــة إىل دور الشــاعر‪ ،‬وقدرتــه عــى‬ ‫أن يعطــي بنفســه معــارف إيجابيــة‪ ،‬بغــض النظــر عــن طبيعــة‬ ‫العــر الــذي هــو فيــه‪ ،‬فكثــر مــن النقــاد يــرون أن الشــعراء‬ ‫يشــكلون بأنفســهم عل ـاً بالجملــة عــن الحيــاة ‪.‬‬ ‫ومــا ال شــك فيــه أن املتنبــي الــذي هــو جــزء مــن كيــان أمتــه‬ ‫العربيــة اســتطاع أن يتمثــل خصائــص أمتــه وفضائلهــا‪ ،‬وأن يعــر‬ ‫عــن اســتيعابه الفكــري والفلســفي والتاريخــي لهــا يف أدبــه‪ ،‬دون‬ ‫أن يختلــف النقــاد عــى عظمتــه وقدرتــه اإلبداعيــة‪.‬‬ ‫أ ّمــا أن املتنبــي كان عنــد اإلنكليــز‪ ..‬ولكنهــم تركــوه لنــا وتقدموا‪..‬‬ ‫فاإلنكليــز مل يرتكــوا متنبيهــم شكســبري ودافعــوا باســتامتة‬ ‫ضــد الدعــاوة القائلــة بأنّــه شــخصية وهميــة‪ ،‬وأطلقــوا تعبــر‬ ‫(يقذفــون شكســبري باألحجــار) إلدانــة أي محاولــة لتدمــر الخالــد‬ ‫والعظيــم‪ ،‬حتــى أنهــم أطلقــوا عــى عــر النهضــة اإلنجليــزي‬ ‫(عــر شكســبري)‪ ،‬وعندمــا خجلــوا مــن امللكــة أســموه العــر‬ ‫اإللزابيثــي‪.‬‬ ‫فلــاذا ننتقــم مــن عيوبنــا‪ ،‬وهواننــا عــى النــاس بالحــط مــن‬ ‫قــدر أعالمنــا‪ ،‬أو كــا يقــول اإلنجليــز نقذفهــم باألحجــار‪.‬‬

‫أيض ـاً يف إنشــاء لجــان التنســيق املحليــة التــي وثقــت‬ ‫ملجريــات الثــورة الســورية يومــاً بيــوم‪.‬‬ ‫رزان زيتونــة حصلــت عــى جائــزة آنــا بوليتكــو فيســكايا‬ ‫مــن الجمعيــة الربيطانيــة‪ ،‬وذلــك عــن مســاهمتها يف‬ ‫كشــف الجرائــم ضــد املدنيــن الســوريني ‪ 6‬أكتوبــر‬ ‫‪ 2011‬كــا منحهــا االتحــاد األوريب جائــزة ســاخاروف‬ ‫بصفتهــا ناشــطة يف مجــال حقــوق اإلنســان‪.‬‬ ‫ولــدت ‪ 29‬نيســان ‪ 1977‬وتــم اختطافهــا مــن مركــز‬ ‫التوثيــق يف دومــا نهايــة عــام ‪ 2013‬وهــا نحــن مــع‬ ‫ناشــطي الثــورة نحتفــل مبيالدهــا‪ ،‬وهــي مغيبــة قرسيـاً‪،‬‬ ‫ونطالــب املجتمــع الــدويل‪ ،‬ممثــاً مبجلــس األمــن‪،‬‬ ‫واملنظــات الحقوقيــة واإلنســانية أن يعمــل عــى‬ ‫إطــاق رساحهــا مــع زمالئهــا‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس عشر ‪ 1 /‬آيار ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.