Alharmal(16) 15 05 2015

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪1‬‬

‫الصحيفة على الطابع‪ :‬طيران النظام السوري يرتكب مجزرة في مدينة منبج والحصيلة عشرات الشهداء‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 16‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫حل��ب حت��ت واب��ل القص��ف والدم��ار‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬

‫عل��م الث��ورة هوي��ة‬ ‫وانتم��اء!‬

‫بسام البليبل‬

‫هل اعتذار اخلوجة ألحرار سوريا كان كافيًا؟!‬

‫إزاح��ة علم الثورة من خلفية مش��هد املؤمتر الصحف��ي أثارت غضب الثوار‬

‫أثــارت مســألة إزالــة علــم الثــورة‬ ‫الســورية عــن خلفيــة املشــهد‬ ‫للمؤمتــر الصحفــي املشــرك لخالــد‬ ‫الخوجــة رئيــس االئتــاف الوطنــي‬ ‫لقــوى الثــورة واملعارضــة الســورية‬ ‫ولــؤي الحســن ممثــل تيــار بنــاء‬ ‫الدولــة جــدالً واســعا ً وغضبـا ً كبــرا ً يف‬ ‫أوســاط الناشــطني‪ ،‬وعــى صفحــات‬ ‫التواصــل االجتامعــي ووســائل‬ ‫اإلعــام املختلفــة‪.‬‬ ‫وقــال الخوجــة عــى صفحتــه‬ ‫الخاصــة يف الفيســبوك بــأن وجــود‬ ‫علــم الثــورة عــى ميينــي هــو‬ ‫مدعــاة فخــر واعتــزاز يل‪ ،‬وأتطلــع‬ ‫إىل اليــوم الــذي تعتمــده جميــع‬ ‫قــوى وفصائــل الثــورة‪ ،‬كــا أوضــح‬ ‫يف املؤمتــر الصحفــي الــذي عقــده‬ ‫بخصــوص هــذه املســألة يف اليــوم‬ ‫التــايل‪ ،‬مبينــا ً أن هنــاك خطــأ يف‬ ‫وضــع علــم االســتقالل عــى ميينــي‬

‫مبســافة بعيــدة‪ ،‬وكنــت قــد اتفقــت‬ ‫مــع لــؤي الحســن أن ال يوضــع علــم‬ ‫النظــام خلفــي‪ ،‬واعــرض لــؤي عــى‬ ‫مــكان العلــم فأزيــح علــم الثــورة‬ ‫إىل اليمــن‪ ،‬وكانــت هــذه املســافة‬ ‫بعيــدة بخطــأ غــر مقصــود مل ينبهنــا‬ ‫أحــد عليــه‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬نظــرا ً إىل إحســاس الكثــر‬ ‫مــن أحــرار ســوريا بالغضــب عــن‬ ‫هــذه الحركــة‪ ،‬أنــا أعتــذر للمخلصــن‬ ‫مــن أحـرار ســوريا عــن هــذا الخطــأ‪،‬‬ ‫كذلــك أعتــذر لثــوار وأبطــال ســوريا‪،‬‬ ‫وأرواح الشــهداء الذيــن ضحــوا‬ ‫بدمائهــم يف ســبيل رفــع رايــة الثــورة‪،‬‬ ‫التــي ميثلهــا علــم االســتقالل األول‪.‬‬ ‫وأبــدى كثــر مــن الناشــطني عــى‬ ‫صفحاتهــم اســتيائهم‪ ،‬وبــأن االعتــذار‬ ‫ليــس كافي ـا ً‪ ،‬وكان األجــدر بالخوجــة‬ ‫أن يكــون أكــر شــجاعة ويقــدم‬ ‫اســتقالته مــن رئاســة االئتــاف‪.‬‬

‫«داعش» يس��يطر على السخنة وحياصر تدمر ويعدم ‪ 26‬شخصًا‬ ‫خم��اوف م��ن قي��ام «تنظي��م الدول��ة» بنه��ب وتدمري آث��ار تدمر‬

‫الس��عودية وتركيا تدعمان اسرتاتيجية إلسقاط األسد‬

‫انهيــار محــور‪ ..‬أســباب تفــكك نظــام األســد‬ ‫ارتف��اع األس��عار يف الرق��ة وداع��ش أح��د مس��بباتها‬

‫مل��ف الع��دد‪ ..‬عبدالس�لام العجيل��ي أيقون��ة الرق��ة‬

‫كلــا تحــدث أحدنــا عــن معارضــة الداخــل والخــارج‪ ،‬ال‬ ‫يلبــث أن ينــري لــه ويص رســويل مــن أوصيــاء الثــورة محتجـاً‬ ‫عــى هــذا التوصيــف التجزيئــي للمعارضــة‪ ،‬وكأنّ إنــكار‬ ‫الواقــع ينفــي حقيقــة وجــوده‪ ،‬ويخفــي ســوءاته‪ ،‬يف حــن أن‬ ‫إنــكار الواقــع كثــرا ً مــا يســاهم يف تأجيــل مواجهــة املشــكلة‪،‬‬ ‫وتأخــر إيجــاد الحلــول املناســبة لهــا‪.‬‬ ‫ففــي يــوم الثالثــاء ‪ 2015/5/13‬وخــال املؤمتــر الصحــايف‬ ‫تجــى هــذا التوصيــف مــن‬ ‫لخالــد خوجــة ولــؤي حســن‪ّ ،‬‬ ‫خــال اقــراح لــؤي حســن بإزاحــة علــم الثــورة عــن منصــة‬ ‫املؤمتــر الصحفــي املشــرك‪ ،‬هــذا االقــراح الــذي عــر عــن‬ ‫التاميــز واالختــاف يف الرؤيــة واملوقــف ملــن ميثــل هــذا‬ ‫التيــار ويشــاركه الــرأي‪ ،‬إضافــ ًة لســذاج ٍة سياســية ممــن‬ ‫اقتنــع بــه واســتجاب لــه‪.‬‬ ‫فإزاحــة علــم الثــورة ليســت إهانــة لكفــن الشــهداء فحســب‬ ‫عــى حــد قــول البعــض‪ ،‬وإمنــا هــي إنــكار لهويــة الثــورة‬ ‫السياســية ممثلــة بالعلــم الــذي ات ُخــذ كشــار ٍة وطنيــة تعــر‬ ‫مــن وجهــة نظــر الثــوار عــن متجيــد االســتقالل والحريــة‪،‬‬ ‫إضافـ ًة لكونهــا رفضـاً لفــك االرتبــاط مــع النظــام مــن خــال‬ ‫التمســك بالعلــم الرســمي‪ ،‬ومامنع ـ ًة إلحــداث القطــع مــع‬ ‫حقبــة االســتبداد الطائفيــة والبعثيــة املليئــة باملــآيس والحــزن‬ ‫واألمل والتخلــف والفســاد‪ ،‬وإعاق ـ ًة إلعــادة توحيــد الهويــات‬ ‫الوطنيــة‪.‬‬ ‫وعليــه فــإنّ مــن يحمــل يف داخلــه كل هــذه املواقــف ليــس‬ ‫جاهـزا ً بالفعــل ألن يكــون رشيــكاً فاعـاً يف الثــورة‪ ،‬ومفارقـاً‬ ‫حقيقيـاً للنظــام‪.‬‬ ‫أمــا اســتجابة خالــد خوجــة القــراح إزاحــة علــم الثــورة فهــي‬ ‫إســقاط لشــخصيته االعتباريــة كرئيــس الئتــاف قــوى الثــورة‬ ‫واملعارضــة‪ ،‬وجهــل فاضــح برمزيــة علــم الثــورة كهويــة‬ ‫سياســية جامعــة ترمــز للدولــة واألرض والســلطة القانونيــة‪،‬‬ ‫وأنّ إزاحــة العلــم ليســت خطــأً برتوكوليــاً‪ ،‬وإمنــا هــي‬ ‫خطيئــة قيميــة‪ ،‬وجهــل يف فهــم الهويــة السياســية‪ ،‬ال يقيلهــا‬ ‫االعتــذار‪ ،‬وال يطهرهــا ســوى االعت ـزال‪.‬‬ ‫فــكل مــا عملــت عليــه الثــورة خــال أربــع ســنوات مــن‬ ‫اســتحضار للهويــة املفقــودة للمواطــن الســوري عرب خمســن‬ ‫ســنة مــن االســتبداد املحــي والهيمنــة الخارجيــة‪ ،‬أضاعــه‬ ‫خالــد خوجــة أو كاد يف خمســن دقيقــة‪.‬‬ ‫مل يكــن مطلوبــاً مــن خالــد خوجــة لــي يســتذكر أهميــة‬ ‫وجــود علــم الثــورة‪ ،‬أن يكــون مل ـاً بشــعر المارتــن الــذي‬ ‫دافــع عــن تغيــر علــم الثــورة الفرنســية بقصيــد ٍة ملتهبــة‪،‬‬ ‫أو أن يكــون عارفـاً بقصيــدة فرنســيس ســكوت الــذي كتبهــا‬ ‫ممجــدا ً للرايــة األمريكيــة املوشــحة بالنجــوم‪ ،‬أو أن يكــون‬ ‫محيطــاً بأعيــاد العلــم الوطنيــة يف العــامل‪ ،‬وإمنــا كان عــى‬ ‫خالــد خوجــة أن يستشــعر بقلبــه مــا ميثلــه هــذا العلــم‬ ‫مــن حامس ـ ٍة وطنيــة مــأت قلــوب الثــوار‪ ،‬ومــا شــكله مــن‬ ‫رمــ ٍز كفاحــي للمجاهديــن والشــهداء يف ســبيل الحريــة‪،‬‬ ‫وأن االحتفــاء بهــذا العلــم هــو أحــد أهــم مظاهــر االنتــاء‬ ‫للوطــن‪ ،‬وأنّ النشــيد الوطنــي الــذي كتبــه خليــل مــردم بيــك‬ ‫عــام ‪ 1938‬إمنــا كتبــه لهــذا العلــم ال لســواه‪ ،‬ألنّــه علــم‬ ‫االســتقالل والجــاء الــذي ظــل يرفــرف يف ســاء ســورية‬ ‫حتــى عــام ‪.1958‬‬ ‫لذلك سنظل ننشد لهذا العلم‪:‬‬ ‫ضم شمل البالد‬ ‫رفيف األماين وخفق الفؤاد ‪ ....‬عىل ٍ‬ ‫علم ّ‬ ‫كل شــــهي ٍد مداد‬ ‫كل ع ٍني سواد ‪ ....‬ومن دم ّ‬ ‫أما فيـــه من ّ‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫عروة المهاوش‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫أصحاب ُ‬ ‫اخل َوذ البيضاء‬

‫يتســابقون مــع الزمــن بــكل طاقاتهــم‬ ‫الجســدية‪ ،‬وإميانهــم بعملهــم اإلنســاين مــع‬ ‫املــوت والدمــار‪ ،‬ال ينتظــرون نــدا ًء مــن أحــد‪،‬‬ ‫أو تكليفــاً‪ ،‬يتســابقون مــع طائــرات املــوت‬ ‫إلنقــاذ مــا ميكــن إنقــاذه‪ ،‬إنهــم رجــال الدفــاع‬ ‫املــدين يف زمــن الحــرب الدائــرة يف ســورية‪.‬‬ ‫مبعــدات بســيطة وإمكانــات قليلــة‪ ،‬وطاقــات‬ ‫برشيــة هائلــة يعجــز اللســان عــن وصفهــا‪،‬‬ ‫يقــوم هــؤالء بعملهــم اإلنســاين مؤمنــن‬ ‫بقدســية عملهــم الــذي ال يقتــر فقــط عــى‬ ‫رفــع األنقــاض‪ ،‬والبحــث عــن الجثــث كمــن‬ ‫يبحــث عــن إبــرة يف كومــة مــن القــش‪ ،‬بــل‬ ‫اإلســعاف أيض ـاً وبعدهــا يقــوم هــؤالء بدفــن‬ ‫الجثــث املجهولــة يف حــال عــدم التعــرف‬ ‫عليهــا‪ ،‬أو عــدم قــدرة أهاليهــم عــى الدفــن‪.‬‬ ‫يعملــون يف املناطــق املحــررة كمدينــة‬ ‫حلــب مثــاالً‪ ،‬وريفهــا القريــب مجموعــة‬ ‫مــن الشــباب املتطــوع‪ ،‬وبخــرات تتفــاوت‬ ‫فالبعــض منهــم كان يعمــل يف مجــال اإلطفــاء‬ ‫أو الدفــاع املــدين ســابقاً‪ ،‬ليتحــول يف هــذه‬ ‫الظــروف إىل مــدرب يقــدم خرباتــه للشــباب‬ ‫املتطــوع‪.‬‬ ‫انتصار احلياة يف مواجهة آلة املوت‬ ‫ســاعات مــن العمــل املضنــي غــر محــدودة‪،‬‬

‫مــا دام هنــاك أمــل بالعثــور عــى بعــض‬ ‫الناجــن‪ ،‬يتابعــون البحــث عــى مداهــا وإن‬ ‫تعــدى البحــث أيامــاً فــا ينقطــع األمــل يف‬ ‫وجــود بعــض األحيــاء تحــت تلــك األنقــاض‬ ‫التــي دمرتهــا طائــرات املــوت‪ ،‬معرضــن‬ ‫حياتهــم لــكل أنــواع الخطــر‪ ،‬ففــي إحصائيــة‬ ‫لعــدد شــهداء الدفــاع املــدين يف مدينــة حلــب‬ ‫فقــط تجــاوز العــدد ‪ 87‬شــهيدا ً ســقطوا أثنــاء‬ ‫أداء واجبهــم اإلنســاين عــدا عــن إصابــات‬ ‫خطــرة تعــرض لهــا بعضهــم يف ظــل غيــاب أي‬ ‫شــكل مــن أشــكال العنايــة الطبيــة الكاملــة‬ ‫للمصابــن‪ ،‬كــا ظهــر يف تســجيل بــث عــى‬ ‫موقــع يوتيــوب يظهــر فيــه أحــد العنــارص‬ ‫يــرح تلــك املعانــاة قائــاً‪ :‬أعمــل متطوعــاً‬ ‫يف فريــق الدفــاع املــدين قســم «األنصــاري»‬ ‫وبعــد انتهــاء عمليــة إخــاء وإنقــاذ يف‬ ‫منطقــة الفــردوس الشــهر الفائــت تعرضنــا‬ ‫للقصــف مــرة أخــرى بنفــس املــكان حيــث‬ ‫أصيــب اثنــان مــن زمــايئ يف العمــل‪ ،‬وتــم‬ ‫إســعافهم فــورا ً‪ ،‬رغــم عــدم وجــود أطبــاء‬ ‫مختصــن متطوعــن ملعالجتنــا‪ ،‬يف اليــوم التــايل‬ ‫ظهــرت عــى جســدي بعــض الحبــوب التــي‬ ‫انتــرت برسعــة فائقــة‪ ،‬راجعــت طبيبـاً أكــد‬ ‫يل أنــه مجــرد تحســس جلــدي ال أكــر بينــا‬

‫كانــت تنتــر بكــرة وتســبب يل حكــة وأمل ـاً‪،‬‬ ‫ولــدى مراجعتــي طبيبـاً آخــر تبــن أن الســبب‬ ‫جرثومــي انتقــل يل مــن إحــدى الجثــث‬ ‫املتفســخة أثنــاء قيامــي بعمــي‪ ،‬ال يوجــد‬ ‫لــدي اإلمكانيــات املاديــة ملعالجــة حالتــي‬ ‫وأتوجــه بالنــداء لــكل املنظــات بــرورة‬ ‫االلتفــات لنــا ومســاعدتنا يك نســتمر يف عملنا‪.‬‬ ‫يف بيــان صــادر عــن مديريــة الدفــاع املــدين‬ ‫بــن أنّ الغــارات الجويــة يف‬ ‫مبدينــة حلــب‪ّ ،‬‬ ‫شــهر نيســان املنــرم التــي اســتهدفت أحيــاء‬ ‫حلــب بأكــر مــن ‪ 110‬برميــل متفجــر‪ ،‬بينــا‬ ‫كان عــدد الغــارات مــن الط ـران الحــريب قــد‬ ‫وصلــت إىل ‪ 90‬غــارة جويــة تجــاوز عــدد‬ ‫قذائفهــا الصاروخيــة املدمــرة ‪ 120‬صاروخــاً‬ ‫متنوعـاً‪ ،‬خلّفــت دمــارا ً كبـرا ً يف مدينــة حلب‪،‬‬ ‫وأوقعــت أكــر مــن ‪ 500‬شــهيد أغلبهــم مــن‬ ‫النســاء واألطفــال والشــيوخ‪ ،‬فيــا وصــل‬ ‫عــدد الجرحــى واملصابــن إىل مــا يقــارب‬ ‫‪ 1000‬مواطــن تتفــاوت نســب إصابتهــم بــن‬ ‫املتوســطة والخطــرة التــي قــد تســبب إعاقــة‬ ‫دامئــة لــدى البعــض منهــم‪.‬‬ ‫يف بيــان آخــر أيضـاً صــدر مؤخـرا ً طالــب فيــه‬ ‫مديــر الدفــاع املــدين مبدينــة حلــب ا‪.‬عــار‬ ‫الســلمو جميــع املنظــات والهيئــات الرســمية‬

‫وغــر الرســمية‪ ،‬مبــد يــد العــون ملديريــة‬ ‫الدفــاع املــدين يك تســتطيع االســتمرار بعملهــا‪،‬‬ ‫ـاض عنــارص الدفــاع املدين‬ ‫موضحـاً بأنــه مل يتقـ َ‬ ‫رواتبهــم منــذ ســتة أشــهر مضــت‪ ،‬ومــع ذلــك‬ ‫مل تتوقــف أعاملهــم أو يتذمــر البعــض رغــم‬ ‫صعوبــات الحيــاة املعيشــية لــدى الجميــع‪،‬‬ ‫ويعــاين فريــق الدفــاع املــدين يف ســورية‬ ‫عمومـاً مــن قلــة التمويــل باإلضافــة إىل نــدرة‬ ‫املعــدات الحديثــة واملتطــورة التــي تســاعد‬ ‫الفريــق يف عمليــات الكشــف املبكــر عــن‬ ‫ناجــن أحيــاء تحــت األنقــاض‪.‬‬ ‫ويف خطــوة جديــدة لتوعيــة األهــايل وذلــك‬ ‫لتخفيــف األرضار البرشيــة قــدر اإلمــكان يف‬ ‫وقــت القصــف وبعــد ســاع صفــارات اإلنــذار‬ ‫مبــارشة‪ ،‬أطلقــت املديريــة عــدة حمــات‬ ‫للتوعيــة رشحــت فيهــا طــرق الحاميــة وكيفيــة‬

‫الوصــول إىل أكــر األماكــن أمنــاً باإلضافــة‬ ‫إىل االبتعــاد قــدر اإلمــكان عــن التجمعــات‬ ‫الكبــرة لتخفيــف عــدد املصابــن‪ ،‬وتــم توزيــع‬ ‫كتيبــات صغــرة عــى األهــايل تــرح لهــم‬ ‫بعــض هــذه الطــرق باإلضافــة إىل بعــض‬ ‫اإلرشــادات حــول اإلســعافات األوليــة لحــن‬ ‫وصــول فريــق الدفــاع املــدين‪.‬‬ ‫بعــدد ال يتجــاوز ‪ 500‬متطــوع يقــوم هــؤالء‬ ‫الشــبان مبحــاوالت إنقــاذ مدينــة كاملــة مــع‬ ‫ريفهــا يف ظــل قصــف النظــام بشــكل يومــي‬ ‫للمدينــة بشــتى أنــواع األســلحة‪ ،‬ومــع غيــاب‬ ‫كل أشــكال الدعــم والتمويــل يبقــى عملهــم‬ ‫األكــر إنســانية‪ ،‬واألكــر خطــورة أيضـاً‪ ،‬وملثــل‬ ‫هــؤالء تنحنــي جباهنــا لهــم تحيــي فيهــم‬ ‫إخالصهــم وعملهــم‪ ،‬ألصحــاب الخــوذ البيضــاء‬ ‫نرفــع قبعاتنــا‪.‬‬

‫مدرس��ة عثم��ان غازي الس��ورية يف ش��انلي أورف��ا‪ ..‬والتحديات‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫أطفــال خرجــوا مــن بــاد أنهكتهــا الحــرب‬ ‫وشــاع فيهــا الدمــار والقتــل‪ ،‬مل يجــدوا يف بــاد‬ ‫اللجــوء ســوى القليــل ممــن يعتنــون بهــم‬ ‫ومبســتقبلهم الــدرايس‪ ،‬رغــم كل املحــاوالت‬ ‫الجــادة والحثيثــة مــن الحكومتــن الســورية‬ ‫والرتكيــة معــاً‪ ،‬إال أن الكثــر منهــم مل يجــدوا‬ ‫لهــم مقاعــد دراســياً‪ ،‬نتيجــة العــدد الهائــل‬ ‫الــذي نــزح مــن البــاد‪ ،‬وتواجدهــم يف مــدن‬ ‫بعينهــا دون غريهــا‪.‬‬ ‫فقــد ذكــرت لنــا الســيدة «رفــاد العــي» مديــرة‬ ‫مدرســة عثــان غــازي الســورية خــال الزيــارة‬ ‫التــي قمنــا بهــا للمدرســة‪ :‬هنــاك دراســات‬ ‫وإحصائيــات تشــر إىل وجــود مــا يقــارب ‪60‬‬ ‫ألــف طالــب خــارج املــدارس بكافــة املراحــل‬

‫الدراســية مبدينــة أورفــا وحدهــا‪ ،‬ويعتــر هــذا‬ ‫الرقــم مخيفــاً جــدا ً ملســتقبل هــؤالء‪ ،‬لــذا‬ ‫ســعيت بــكل الطــرق املمكنــة واملســتحيلة‬ ‫الفتتــاح هــذه املدرســة بالتعــاون مــع الحكومــة‬ ‫الرتكيــة ممثلــة بــوزارة الرتبيــة‪ ،‬حيــث تــم‬ ‫توقيــع بروتوكــول بــن «جمعيــة عــرب تركيــا»‬ ‫التــي يرأســها الســيد شــكري كريبوغــا والــذي‬ ‫أشــكره عــى كل مــا قدمــه للســوريني والثــورة‬ ‫الســورية مــن رعايــة واهتــام‪.‬‬ ‫وأضافــت العــي‪ :‬تحتــوي املدرســة عــى ‪11‬‬ ‫شــعبة دراســية للمراحــل الدراســية‪ ،‬منهــا ثــاث‬ ‫شــعب دراســية لطــاب املرحلــة الثانويــة‪،‬‬ ‫ويبلــغ عــدد الطــاب كامــاً ‪ 230‬طالبــاً‪ ،‬وال‬ ‫يرتتــب عــى الطــاب أي مبلــغ مادي للتســجيل‬

‫بيان من إعالن دمشق‬ ‫متــر الثــورة الســورية يف هــذه املرحلــة مبنعطفــات هامــة‬ ‫ومفصليــة‪ ،‬قــد ترســم مســتقبل ســوريا‪ .‬فالثــوار يتقدمــون يف‬ ‫الشــال ويف الجنــوب‪ ،‬ويحــرزون انتصــارات نوعيــة‪ ،‬ســوف‬ ‫تؤثــر عميق ـاً يف مي ـزان القــوى عــى األرض‪ ،‬وجيــش النظــام‬ ‫وحلفــاؤه يعانــون انهيــارات ملحوظــة تتــواىل رسيع ـاً‪ .‬فهــذا‬ ‫يضــع مصــر النظــام‪ ،‬بشــكل جــدي‪ ،‬وألول مــرة عــى طاولــة‬ ‫التفــاوض اإلس ـراتيجي الــدويل واإلقليمــي لألط ـراف املعنيــة‪.‬‬ ‫مثــة مقدمــات هامــة‪ ،‬شــهدتها املنطقــة مؤخـرا ً‪ ،‬منهــا عاصفــة‬ ‫الحــزم‪ ،‬واتفــاق اإلطــار حــول امللــف النــووي اإليــراين‪،‬‬ ‫وتعقيــدات الوضــع العراقــي والحــرب الدوليــة الباهتــة عــى‬ ‫داعــش هنــاك‪ .‬كذلــك هنــاك تقــارب القــوى املقاتلــة التــي‬ ‫تواجــه النظــام وحلفــاءه‪ ،‬وتوحدهــا يف تشــكيالت أكــر وغــرف‬ ‫عمليــات أكــر فاعليــة‪.‬‬ ‫إن االنقــاب عــى الرشعيــة اليمنيــة وعــى املبــادرة الخليجيــة‪،‬‬ ‫الــذي قــاده الحوثيــون املدعومــون مــن إي ـران واملتحالفــون‬ ‫مــع الرئيــس الســابق عــي عبــد اللــه صالــح‪ ،‬ومــا يحملــه‬ ‫التمــدد الحــويث مــن أخطــار عــى األمــن الخليجــي عامــة‬ ‫والســعودي بشــكل أخــص‪ ،‬اســتدعى عاصفــة الحــزم للدفــاع‬ ‫عــن أمــن الخليــج بالدرجــة األوىل‪ ،‬وكنــوع مــن االعــراض‬ ‫عــى السياســة األمريكيــة تجــاه املنطقــة‪ ،‬وأخــذ زمــام املبــادرة‬ ‫مبواجهــة املــروع اإليــراين وأذرعــه دون انتظــار املوافقــة‬ ‫األمريكيــة‪ .‬كــا أنــه عــر عــن نــزوع خليجــي كشــكل مــن‬

‫أو للحصــول عــى نســخة الكتــب املجانيــة‪،‬‬ ‫والتــي اســتطعنا الحصــول عليهــا مــن الحكومــة‬ ‫الســورية املؤقتــة‪ ،‬وبعــض النســخ مــن‬ ‫املخيــات الســورية الفائضــة عــن حاجتهــم‪.‬‬ ‫وأوضحــت العــي بــأن الــكادر التعليمــي‬ ‫يف املدرســة‪ ،‬هــو مــن الكــوادر املختصــة‬ ‫ومعظمهــم مــن الحاصلــن عــى الشــهادات‬ ‫الجامعيــة‪ ،‬إذ يوجــد يف الــكادر ســتة مــن‬ ‫املدرســن الذيــن يحملــون شــهادة املاجســتري‬ ‫واثنــان مــن الحاصلــن عــى شــهادة الدكتــوراه‪،‬‬ ‫هــذا التميــز جعــل مدرســتنا تحصــل عــى‬ ‫تقييــم ممتــاز مــن خــال الدراســة التــي أعدهــا‬ ‫مختصــون يف شــؤون املــدارس الســورية مــن‬ ‫قبــل الحكومــة الرتكيــة‪ ،‬مؤكــدة أن املدرســة‬

‫توفــر املواصــات للطــاب مجان ـاً‪ ،‬مــن خــال‬ ‫ســت مركبــات تغطــي أحيــاء املدينــة كافــة‪،‬‬ ‫وتحــرص كل الحــرص عــى إيصــال الطالبــات‬ ‫ملنازلهــن‪ ،‬ويف هــذا الســياق تقــول‪ :‬أتقــدم‬ ‫بالشــكر للســيد شــكري كريبوغــا‪ ،‬رئيــس‬ ‫جمعيــة عــرب تركيــا لقيامــه بتأمــن هــذه‬ ‫الحافــات للمدرســة ودفــع كل مــا يســتحق‬ ‫عــى اإلدارة مــن أجــور‪.‬‬

‫وتختتــم حديثهــا‪ ،‬قائلــة‪ :‬أفيدكــم بــأن الشــهادة‬ ‫الثانويــة املصدقــة تتيــح للطالــب التســجيل‬ ‫مبــارشة بالجامعــات الرتكيــة التــي تعــرف بهــا‪،‬‬ ‫ونحــاول جاهديــن لتوحيــد اللبــاس املــدريس‪،‬‬ ‫إضافــة إىل زيــادة عــدد الطــاب إىل نحــو ‪1000‬‬ ‫طالــب مســتقبالً‪ ،‬رغــم كل مــا نعانيــه مــن‬ ‫قلّــة الداعمــن والتمويــل إال أننــا مســتمرون يف‬ ‫عملنــا خدمــة لجيــل املســتقبل‪.‬‬

‫الثورة السورية وأوان االستحقاق!‬

‫االســتقاللية عــن القـرار األمريــي‪ ،‬وهــذا تطــور مهــم‪ .‬فــأول‬ ‫مــرة يتــم تشــكيل تحالــف عــريب يتصــدى للتوســع اإليـراين يف‬ ‫املنطقــة‪ .‬هــذا التحالــف حظــي بدعــم شــعبي واســع وتأييــد‬ ‫جامعــة الــدول العربيــة‪ ،‬ورضــا مــن الــدول األوربيــة وبعــض‬ ‫الــدول اإلقليميــة الوازنــة‪ ،‬ثــم تــوج بقــرار مجلــس األمــن‬ ‫الــدويل رقــم ‪ 2216‬تاريــخ ‪ 2015/4/14‬تحــت الفصــل الســابع‪،‬‬ ‫أيــد تحالــف الــدول العــر ورشعيــة الرئيــس اليمنــي منصــور‬ ‫هــادي وطالــب بالت ـزام كافــة األط ـراف باملبــادرة الخليجيــة‪.‬‬ ‫تنتظــر شــعوب هــذه املنطقــة التــي تفجــرت فيهــا املشــكالت‬ ‫والرصاعــات الداميــة والخطــرة دفعــة واحــدة مــن عاصفــة‬ ‫الحــزم خطــوات تاليــة‪ ،‬وأن تتمــدد إىل الســاحات امللتهبــة‬ ‫األخــرى‪ ،‬مبــا يســهم بإعــادة التــوازن إىل املنطقــة الــذي أخــل‬ ‫بــه التدخــل العــدواين إليــران‪ ،‬وأن يــويل التحالــف العــريب‬ ‫اهتاممــاً مبشــاكل املنطقــة األخــرى يف ســوريا والعــراق‬ ‫وغريهــا‪ ،‬ويلجــم التمــدد اإليـراين‪ ،‬وأن يواجــه بشــكل فعــال‬ ‫سياســة مــايل طه ـران‪ ،‬الذيــن يقهــرون الشــعوب اإليرانيــة‪،‬‬ ‫وينــرون الحــروب املذهبيــة يف منطقتنــا‪ ،‬ويدعمــون أنظمــة‬ ‫االســتبداد وقــوى اإلرهــاب ويبتــزون العــامل مبلفهــم النــووي‬ ‫لفــرض صيغــة توازنــات جديــدة يف املنطقــة تــريس هيمنتهــم‬ ‫عــى حســاب املصالــح العربيــة‪.‬‬ ‫انطالقــة الحــزم ومــا حققتــه مــن نتائــج حتــى اآلن هــام‪،‬‬ ‫وأبرزهــا صفعهــا للغطرســة اإليرانيــة‪ ،‬لكننــا نعتقــد أن متــدد‬

‫تأثرياتهــا إىل املناطــق األخــرى مرهــون بنتائجهــا النهائيــة يف‬ ‫اليمــن‪ .‬كــا نعتقــد أيضــاً أن اختــال التــوازن اإلســراتيجي‬ ‫يف املنطقــة ودحــر املــروع اإليـراين ال تجــره حــرب اليمــن‬ ‫فقــط‪ .‬فمكــر املــروع اإلي ـراين هــو يف دمشــق وليــس يف‬ ‫صنعــاء عــى أهميــة مــا ســتنجزه عاصفــة الحــزم يف اليمــن‪ .‬يف‬ ‫هــذا الســياق فإنــه ال ميكــن لهــذه املنطقــة أن تســتقر‪ ،‬مــا مل‬ ‫يكــن الــدور العــريب واحــدا ً مــن ركائــز التــوازن اإلس ـراتيجي‬ ‫فيهــا‪ .‬فهــل أدركــت اإلدارة األمريكيــة ذلــك بعــد ترددهــا‬ ‫وغضهــا الطــرف عــن عبــث إي ـران بأمــن املنطقــة‪.‬؟‬ ‫تابــع شــعبنا الثائــر وفعالياتــه باهتــام كبــر عاصفــة الحــزم‪.‬‬ ‫لكــن األهــم هــو كيــف ميكنــه العمــل عــى االســتفادة مــن‬ ‫تطوراتهــا اإليجابيــة إلنهــاء املأســاة الســورية‪ ،‬وذلــك باعتــاد‬ ‫صيغــة للوحــدة الوطنيــة تضــم املعارضــة السياســية والقــوى‬ ‫املقاتلــة عــى األرض والتمثيــات املدنيــة عــى قاعــدة أن‬ ‫الخطــر األســايس عــى الشــعب الســوري وتطلعاتــه نحــو‬ ‫الحريــة والكرامــة‪ ،‬هــو النظــام االســتبدادي قبــل أي يشء‬ ‫آخــر‪ .‬إن الفرصــة مواتيــة جــدا ً إلنجــاز هــذه الوحــدة‬ ‫امللحــة أكــر مــن أي وقــت مــى‪ .‬فالنظــام يرتنــح وداعمــوه‬ ‫اإليرانيــون عــى الرغــم مــن علنيــة وجودهــم يف ســوريا كقــوة‬ ‫احتــال وغــزو‪ ،‬إال أنهــم مل يســتطيعوا تأمــن انتصــاره‪ ،‬ولــن‬ ‫يســتطيعوا‪ .‬فتطــورات الواقــع امليــداين تؤكــد ذلــك‪ ،‬وبالرتافــق‬ ‫مــع التطــورات األخــرة تشــهد الســاحة الدوليــة حــراكاً‬

‫محمومـاً إلنضــاج حــل ســيايس‪ ،‬ينهــي الحــرب عــى الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬ويؤمــن االنتقــال إىل نظــام دميقراطــي‪ .‬لقــد بينــت‬ ‫تجربــة الســنوات األربعــة املاضيــة إن أي حــل ســيايس ال‬ ‫يحــرم تضحيــات الســوريني وتطلعاتهــم‪ ،‬أو يحــاول أن يبقــي‬ ‫دورا ً لألســد وزمرتــه يف مســتقبل ســوريا‪ ،‬هــو حــل محكــوم‬ ‫بالفشــل‪ .‬هــذه هــي إرادة الثــورة‪ ،‬وعــى املجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫أن يتعامــل بجديــة وعقالنيــة أكــر مــع اســتحقاقات التغيــر‬ ‫يف ســوريا بعــد طــول تجاهــل‪.‬‬ ‫تحية ألرواح الشهداء‬ ‫عاشت سوريا حرة ودميقراطية‬ ‫دمشق يف ‪2015/5/ 11‬‬ ‫األمانة العامة إلعالن دمشق‬ ‫للتغيري الوطني الدميقراطي‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪3‬‬

‫اإلنرتبول وبإيعاز من النظام‪ :‬اجلوازات السورية املز ّورة يتم اعتبار حامليها مقاتلني لدى داعش‬ ‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬

‫يف محاولــة لكســب املزيــد مــن األمــوال بابتـزاز املواطنني‬ ‫الســوريني املهجريــن واملغرتبــن‪ ،‬النظــام يصــدر جــوازات‬ ‫ســفر جديــدة وميــدد الجــوازات القدميــة يف ســفاراته‬ ‫وقنصلياتــه‪ ،‬حيــث أصــدرت حكومــة النظــام الســوري‬ ‫مؤخـرا ً‪ ،‬قـرارا ً يقــي بالســاح للبعثــات الدبلوماســية خــارج‬ ‫ســوريا مبنــح وتجديــد جــوازات ســفر الســوريني املقيمــن‬ ‫يف الخــارج‪ ،‬ولكــن هــذا القــرار جــاء بعــد أربــع ســنوات‬ ‫مــن حرمــان مئــات آالف الســوريني مــن حقهــم يف الحصــول‬

‫عــى جــواز الســفر‪ ،‬فــكان مالذهــم الوحيــد‬ ‫هــو عصابــات التزويــر التــي تقــوم بتأمــن‬ ‫جــوازات ســفر شــبه نظاميــة مقابــل مبالــغ‬ ‫ماليــة طائلــة‪.‬‬ ‫علــاً بــأن جــواز الســفر املــزور‪ ،‬والــذي‬ ‫يصعــب كشــفه يف كثــر مــن املعابــر‬ ‫الدوليــة يكلــف أكــر مــن ‪ 1800‬دوالرا ً‬ ‫أمريكي ـاً‪ ،‬بينــا تصــل تكلفــة جــواز الســفر‬ ‫شــبه النظامــي‪ ،‬والــذي يتــم الحصــول‬ ‫عليــه عــن طريــق أشـ ٍ‬ ‫ـخاص متنفذيــن لــدى‬ ‫ُ‬ ‫النظــام‪ ،‬إىل أكــر مــن ‪ 3‬آالف دوالر‪ ،‬وأجــر‬ ‫آالف الســوريني عــى اتبــاع هــذه األســاليب بســبب تعــذر‬ ‫ســفرهم إىل مناطــق ســيطرة النظــام للحصــول عــى جــوا ٍز‬ ‫نظامــي‪.‬‬ ‫وكشــف أحــد املوظفــن الســابقني يف فرع الهجــرة والجوازات‬ ‫يف مدينــة حلــب لـ»كلنــا رشكاء» أنــه يتــم بالفعــل الحصــول‬ ‫عــى جــوازات ســفر مــن داخل أفــرع الهجــرة‪ ،‬لكــن دون أي‬ ‫قيــود أو ســجالت لصاحــب الجــواز داخــل الفــرع‪ ،‬ويقــوم‬

‫النظــام بجــر ٍد دوري للجــوازات التــي ليــس لهــا ســجالت‬ ‫يف الفــرع‪ ،‬ثــم يرســل أرقامهــا إىل الجهــات الدوليــة ليتــم‬ ‫التعامــل مــع حامليهــا عــن طريــق «االنرتبــول الــدويل»‪.‬‬ ‫وبالتــايل أصبــح مصــر حامــل الجــواز امله ـ ّرب مــن داخــل‬ ‫فــروع الهجــرة مرهون ـاً مبــا قــد يرميــه عليــه النظــام مــن‬ ‫اتهامــات‪ ،‬حيــث ذكــر أحــد املســافرين املدنيــن عــر معــر‬ ‫بــاب الهــوى الحــدودي مــع تركيــا‪ ،‬والــذي كان اســتصدر‬ ‫جــواز ســفر بهــذه الطــرق‪ ،‬أن موظــف الجــوازات رفــض‬ ‫إدخالــه إىل تركيــا دون أن يفهــم منــه الســبب الواضــح لهــذا‬ ‫التــرف‪ ،‬بســبب عــدم معرفــة املســافر للغــة الرتكيــة‪ ،‬يف‬ ‫حــن أكــد لــه أحــد املهربــن األتــراك داخــل املعــر أنــه‬ ‫ـوب لصالــح «االنرتبــول الــدويل» بتهمــة انتامئــه لتنظيم‬ ‫مطلـ ٌ‬ ‫«داعــش»‪ ،‬األمــر الــذي أثــار اســتغراب املســافر الــذي أكــد‬ ‫أنــه مل يســبق لــه حتــى زيــارة املناطــق التــي يســيطر عليهــا‬ ‫التنظيــم يف ســوريا‪.‬‬ ‫وكشــفت صحيفــة «الخــر» الجزائريــة‪ ،‬أن «االنرتبــول‬ ‫الــدويل» ســلّم للســلطات الجزائريــة قامئــة بأســاء ‪1500‬‬ ‫شــخص يحملــون جــواز ٍ‬ ‫ات ســورية مــزورة‪ ،‬وهــم مقاتلــون‬

‫الس��عودية وتركي��ا تدعمان اس�تراتيجية إلس��قاط األس��د‬

‫ترك برس‬

‫اتفقــت تركيــا واململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية عــى اســراتيجية هجوميــة‬ ‫جديــدة لإلطاحــة ببشــار األســد‪.‬‬ ‫مل تتفــق الدولتــان خــال الســنوات األربــع‬ ‫املاضيــة عــى صيغــة للتعامــل مــع عدوهام‬ ‫املشــرك بشــار األســد‪ .‬إال أن اإلحبــاط‬ ‫املشــرك الــذي جمعهــا بشــأن الــردد‬ ‫األمريــي أدى إىل اجتامعهــا يف تحالــف‬ ‫اســراتيجي قــاد املكاســب التــي حققهــا‬ ‫الثــوار مؤخ ـرا ً يف شــال ســوريا‪ ،‬وســاعد يف‬ ‫ترســيخ التحالــف الجديــد ملعــاريض األســد‬ ‫وفقــاً ملســؤولني أتــراك‪.‬‬ ‫أثــار ذلــك وفقــاً لوكالــة أسوشــييتد بــرس‬ ‫مخــاوف اإلدارة األمريكيــة التــي ال ترغــب‬ ‫يف تحالــف مجموعــات الثــوار مبــا فيهــا‬ ‫جبهــة النــرة املرتبطــة بتنظيــم القاعــدة‬ ‫لإلطاحــة باألســد‪.‬‬ ‫تقــول الوكالــة إن إدارة الرئيــس أوبامــا‬ ‫تخــى مــن أن ميثــل التحالــف الجديــد‬ ‫للثــوار خطــرا ً «إســامياً راديكاليــاً» عــى‬ ‫النظــام الــذي يقــوده األســد‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الــذي تركــز الواليــات املتحــدة فيــه عــى‬ ‫اإلطاحــة بتنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫(داعــش)‪.‬‬ ‫ونقلــت الوكالــة عــن مســؤول أمريــي رفض‬ ‫اإلفصــاح عــن هويتــه بســبب حساســية‬ ‫املســألة إن اإلدارة قلقــة إزاء مســاعدة‬ ‫التحالــف الجديــد لســيطرة النــرة عــى‬ ‫مزيــد مــن األرايض يف ســوريا‪.‬‬ ‫يعكــس التنســيق بــن تركيــا والســعودية‬ ‫حاجــة ملحــة متجــددة ونفــاذ صــر‬ ‫الدولتــن تجــاه سياســة إدارة أوبامــا يف‬ ‫املنطقــة‪ .‬وذكــر مســؤولون أتــراك أن‬ ‫الســعودية نــأت بنفســها ســابقاً عــن دعــم‬ ‫ومتويــل بعــض املجموعــات اإلســامية‬ ‫املعارضــة لألســد بضغــط مــن واشــنطن‪،‬‬ ‫حســب الوكالــة‪.‬‬ ‫دور جامعــة اإلخــوان املســلمني يف املعارضة‬ ‫الســورية كان كذلــك مثــارا ً لخــاف بــن‬ ‫تركيــا والســعودية‪ .‬تركيــا تدعــم الجامعــة‪،‬‬ ‫يف حــن تعدهــا الســعودية تهديــدا ً‬ ‫لحكمهــا‪ ،‬األمــر الــذي ترجــم يف شــكل‬ ‫خالفــات عــى األرض حتــى وقــت قريــب‪.‬‬ ‫يقــول مســؤول تــريك مل يــرح باســمه‬ ‫بســبب عــدم امتالكــه صالحيــة ذلــك‬ ‫ألسوشــييتد بــرس‪ :‬كل مــا يف األمــر أن‬ ‫الســعودية مل تعــد تعمــل ضــد املعارضــة‪.‬‬

‫وتضيــف الوكالــة نقــاً عــن مســؤولني‬ ‫أتــراك قولهــم إن الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة منســحبة مــن ســوريا ومشــغولة‬ ‫بالتقــارب مــع إي ـران‪ .‬يف حــن رأت الوكالــة‬ ‫أن الواليــات املتحــدة تركــز عــى إضعــاف‬ ‫تنظيــم الدولــة يف ســوريا والع ـراق‪ ،‬وتــرى‬ ‫أنــه ليســت هنــاك اســراتيجية متامســكة‬ ‫إلنهــاء حكــم األســد‪ ،‬فإي ـران بالنســبة لهــا‬ ‫هــي الحليــف الرئيــي يف املنطقــة‪.‬‬ ‫يشــر االندفــاع الــريك الســعودي الجديــد‬ ‫إىل أن الدولتــان تنظــران لألســد باعتبــاره‬ ‫تهديــدا ً أكــر للمنطقــة مــن بعــض‬ ‫املجموعــات مثــل النــرة‪ .‬ويســتبعد‬ ‫مســؤولون أتــراك أن تصــل النــرة إىل‬ ‫موقــع ميكنهــا مــن التمــدد بشــكل كبــر يف‬ ‫ســوريا‪.‬‬ ‫وقــد قــوض تقــدم الثــوار برعايــة تركيــا‬ ‫والســعودية اإلحســاس بانتصــار حكومــة‬ ‫األســد يف الحــرب يف ســوريا‪ ،‬كــا أظهــر‬ ‫كيــف أن التحالــف الجديــد ميكنــه تحقيــق‬ ‫مكاســب فوريــة‪.‬‬ ‫أبــرم التحالــف يف بدايــة آذار‪ /‬مــارس‬ ‫املــايض حينــا ســافر الرئيــس الــريك رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان إىل الريــاض للقــاء امللــك‬ ‫الســعودي ســلامن بــن عبــد العزيــز‪.‬‬ ‫وكانــت العالقــات بــن أردوغــان وامللــك‬ ‫الراحــل عبــد اللــه بــن عبــد العزيــز متوتــرة‬ ‫إىل حــد كبــر بســبب دعــم أردوغــان‬ ‫لإلخــوان املســلمني‪.‬‬ ‫يبــدو التحــول الســعودي جــزءا ً مــن‬ ‫حــرب أوســع بالوكالــة ضــد إيـران تتضمــن‬ ‫الرضبــات الجويــة بقيــادة الســعودية يف‬ ‫اليمــن ضــد املتمرديــن الحوثيــن الذيــن‬ ‫تدعمهــم إيــران‪ .‬ويجمــع التحالــف‬ ‫الجديــد بــن التمويــل الســعودي والدعــم‬

‫اللوجســتي الــريك‪.‬‬ ‫يقــول مديــر مركــز دراســات الــرق‬ ‫األوســط يف جامعــة أوكالهومــا جوشــوا‬ ‫النديــس‪« :‬إنــه عــامل آخــر يف ســوريا اآلن‪،‬‬ ‫ألن الســعودية قــد فتحــت جيوبهــا وال‬ ‫تســتطيع الواليــات املتحــدة أن تطلــب منها‬ ‫إغالقــه»‪ .‬ويضيــف أن «مــن الواضــح إيــاء‬ ‫امللــك ســلامن للتحــرك ضــد إي ـران أولويــة‬ ‫عــى التحــرك ضــد اإلخــوان املســلمني»‪.‬‬ ‫أدى االتفــاق الــريك الســعودي إىل تأســيس‬ ‫مركــز قيــادة مشــرك جديــد يف محافظــة‬ ‫إدلــب شــال غــرب ســوريا‪ .‬ومتكــن‬ ‫التحالــف الــذي يضــم جبهــة النــرة‬ ‫ومجموعــات إســامية أخــرى مثــل أحــرار‬ ‫الشــام الذيــن تعدهــم الواليــات املتحــدة‬ ‫مجموعــات متطرفــة‪ ،‬مــن إح ـراز تقــدم يف‬ ‫الحــرب مــع األســد‪ .‬كــا يتضمــن التحالــف‬ ‫عنــارص معتدلــة مــن الجيــش الســوري‬ ‫الحــر ممــن تلقــوا دعــاً مــن الواليــات‬ ‫املتحــدة يف الســابق‪.‬‬ ‫متكــن التحالــف الــذي يســمي نفســه‬ ‫«جيــش الفتــح» يف نهايــة آذار‪ /‬مــارس‬ ‫املــايض مــن الســيطرة عــى مدينــة إدلــب‪،‬‬ ‫ثــم مدينــة جــر الشــغور ذات األهميــة‬ ‫االســراتيجية ليســيطر عــى قاعــدة‬ ‫عســكرية تابعــة للنظــام‪ .‬يقــول مســؤول‬ ‫تــريك‪« :‬لقــد تعلمــوا كيــف يقاتلــون جنب ـاً‬ ‫إىل جنــب»‪.‬‬ ‫ويقــول مســؤولون أتــراك إن حكومــة‬ ‫بالدهــم توفــر دعـاً لوجســتياً واســتخباراتياً‬ ‫لبعــض أعضــاء التحالــف‪ ،‬لكنهــا ال تتعامــل‬ ‫مــع جبهــة النــرة التــي تعدهــا منظمــة‬ ‫إرهابيــة‪ .‬إال أن تركيــا ال تــرى أن جبهــة‬ ‫النــرة تشــكل نفــس التهديــد األمنــي‬ ‫لهــا الــذي ميثلــه تنظيــم الدولــة‪ ،‬حســب‬

‫املســؤولني‪.‬‬ ‫أشــاد مســؤول تــريك بقــدرة جيــش الفتــح‬ ‫عــى القتــال بشــكل متامســك‪ ،‬ويــرى أن‬ ‫تركيــا والســعودية تحركتــا لدعــم أحــرار‬ ‫الشــام عــى حســاب جبهــة النــرة‪.‬‬ ‫هــذا بــدوره يشــوش عــى خــط الواليــات‬ ‫املتحــدة التــي تعــد األحــرار مجموعــة‬ ‫متطرفــة‪ ،‬إال أن املســؤولني األتــراك يــرون‬ ‫رضورة التمييــز بــن املجموعــات الجهاديــة‬ ‫الدوليــة واملجموعــات التــي تهــدف‬ ‫لتحقيــق مكاســب محليــة‪ .‬فهــم يصنفــون‬ ‫األحــرار يف املجموعــة الثانيــة‪.‬‬ ‫إضافــة إىل ذلــك‪ ،‬يأمــل األتـراك يف اســتغالل‬ ‫صعــود أح ـرار الشــام لفــرض ضغــوط عــى‬ ‫النــرة إلنــكار ارتباطهــا بتنظيــم القاعــدة‬ ‫وبالتــايل انفتاحهــا عــى الدعــم الخارجــي‪.‬‬ ‫يــرى مســوؤلون أتــراك أن الواليــات‬ ‫املتحــدة ال متلــك اســراتيجية لتحقيــق‬ ‫االســتقرار يف ســوريا‪ .‬وقــال مســؤول تــريك‬ ‫إن وكالــة االســتخبارات املركزيــة األمريكيــة‬ ‫أوقفــت مؤخــرا دعمهــا للمجموعــات‬ ‫املعارضــة لألســد يف شــال العـراق‪ .‬يف حــن‬ ‫يتواجــد ضبــاط أمريــكان يف تركيــا يف إطــار‬ ‫برنامــج تدريــب وتجهيــز مقاتــي املعارضــة‬ ‫الســورية لقتــال تنظيــم الدولــة ودعــم‬ ‫القــوات املعتدلــة يف ســوريا‪ ،‬إال أن األت ـراك‬ ‫ال تـزال لديهــم شــكوك حــول مــدى نجاعــة‬ ‫ذلــك‪.‬‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬أكــد املستشــار القانــوين لــدى‬ ‫الجيــش الســوري الحــر أســامة أبــو زيــد أن‬ ‫التنســيق الجديــد بــن تركيــا والســعودية‬ ‫باإلضافــة إىل قطــر ســهل تقــدم الثــوار‪ ،‬إال‬ ‫أنــه قــال إن ذلــك مل يــؤد إىل تدفــق جديــد‬ ‫لألســلحة‪ .‬وقــال إن الثــوار اســتولوا عــى‬ ‫كميــات مــن األســلحة مــن منشــآت نظــام‬ ‫األســد‪.‬‬ ‫وأضــاف أبــو زيــد أن التفاهــم الجديــد بــن‬ ‫املجموعــات املقاتلــة ورشكائهــم الدوليــن‬ ‫أدى إىل تحقيــق نجــاح رسيــع‪ .‬وقــال‪« :‬لقــد‬ ‫متكنــا مــن تحقيــق تقــدم كبــر والســيطرة‬ ‫عــى مزيــد مــن األرايض»‪.‬‬ ‫إال أن النديــس رأى أن هــذه لعبــة خطــرة‪،‬‬ ‫خاصــة بالنســبة إىل تركيــا‪ .‬وقــال‪« :‬مبعــث‬ ‫القلــق هــو أن كل قــوة يف الــرق األوســط‬ ‫حاولــت اســتغالل قــوة اإلســاميني ملصالحها‬ ‫الخاصــة»‪ ،‬مشـرا ً إىل أن نظــام األســد دعــم‬ ‫اإلســاميني كذلــك يف العـراق‪ ،‬وانتهــى األمــر‬ ‫بأنهــم أداروا أســلحتهم تجاهــه‪.‬‬

‫يف تنظيــم «داعــش»‪ ،‬وطالــب االنرتبــول «الــدويل» الجزائــر‬ ‫باتخــاذ اإلجــراءات الالزمــة بحقهــم‪.‬‬ ‫وأكــدت مصــادر مطلعــة أن قوائــم األســاء هــذه وأرقــام‬ ‫الجــوازات املــزورة تصــدر أساسـاً مــن قبــل النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ويتــم إرســالها لـ»االنرتبــول الــدويل»‪ ،‬مؤكــد ًة أن التهــم‬ ‫الصــادرة بحـ ّـق مــن يحمــل هــذه الجــوازات املــزورة‪ ،‬تكــون‬ ‫صــادر ًة مــن قبــل النظــام أساسـاً‪ .‬والــذي اطلــع عــى القوائم‬ ‫املرسبــة للمطلوبــن لصالــح مخابــرات النظــام والتهــم‬ ‫املوجهــة ض ّدهــم‪ ،‬يــدرك خطــورة إصــدار ســلطات النظــام‬ ‫للتهــم التــي ميكــن أن تــودي باملتهــم عــرات الســنني يف‬ ‫الســجون يف أحســن األحــوال‪.‬‬ ‫والنظــام يعتــر منــع الجــوازات والثبوتيــات األخــرى ضمــن‬ ‫وســائل تعذيــب املواطنــن الســوريني‪ ،‬ومــن الغنائــم التــي‬ ‫كســبها يف اختطــاف الدولــة لصالــح االحتــال اإليــراين‪،‬‬ ‫ويُعتــر املجتمــع الــدويل متواطئــاً بهــذا االختطــاف‬ ‫ومســاهامً يف تعذيــب الســوريني‪ ،‬لســوقهم إىل أحضــان‬ ‫النظــام‪ ،‬والقبــول باالحتــال اإليــراين لصالــح صفقــات‬ ‫الــدول الكــرى!‬

‫بدء فعاليات التمرين‬ ‫العسكري «األسد‬ ‫املتأهب ‪ »2015‬يف‬ ‫األردن‬

‫عمان‪ -‬وكاالت‬

‫بــدأت يف مياديــن التدريــب العســكري يف األردن يــوم‬ ‫(الثالثــاء ‪ )2015/5/5‬فعاليــات متريــن «األســد املتأهــب‬ ‫‪ »2015‬مبشــاركة عــرة آالف عســكري مــن ‪ 18‬دولــة عربيــة‬ ‫وأجنبيــة مــن بينهــا اململكــة العربيــة الســعودية‪.‬‬ ‫وجــاء يف بيــان صــادر عــن رئاســة األركان األردنيــة نقلتــه‬ ‫«وكالــة األنبــاء الســعودية» (واس)‪ ،‬أن «التمريــن يهــدف‬ ‫إىل تعزيــز التعــاون والعمــل املشــرك بــن الــدول املشــاركة‪،‬‬ ‫وبنــاء قدراتهــا وتعزيــز جاهزيتهــا ومتكينهــا مــن إدارة‬ ‫مختلــف األزمــات والتعامــل معهــا»‪.‬‬ ‫ويشــارك يف التمريــن الــذي بــدأ يف ‪ 5‬أيــار ويســتمر‬ ‫حتــى ‪ 19‬أيــار (مايــو) الجــاري كالً مــن اململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية وقطــر والكويــت والبحريــن والعـراق واإلمــارات‬ ‫العربيــة املتحــدة ومــر ولبنــان واألردن‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫بريطانيــا وفرنســا وإيطاليــا وباكســتان والواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة وكنــدا وبلجيــكا وبولنــدا واسـراليا‪ ،‬وقيــادة حلــف‬ ‫«الناتــو»‪.‬‬ ‫وعــى صعيــد التحضــرات لهــذا التمريــن‪ ،‬التقــى رئيــس‬ ‫هيئــة األركان املشــركة األردنيــة الفريــق أول مشــعل الزبــن‬ ‫أمــس مــع مديــر التامريــن والتدريــب بالقيــادة املركزيــة‬ ‫األمريكيــة ريــك ماتســون‪ ،‬وتــم اســتعراض الرتتيبــات‬ ‫والتحضــرات كافــة املتعلقــة بهــذا التمريــن‪ ،‬وفعالياتــه‬ ‫الهادفــة إىل رفــع كفــاءة الضبــاط وضبــاط الصــف‪ ،‬وكل‬ ‫وحــدات املنــاورة واإلســناد وزيــادة التامريــن املشــركة‬ ‫للتعامــل مــع التهديــدات كافــة وعمليــات مكافحــة اإلرهاب‬ ‫واالتصــاالت االس ـراتيجية وإدارة األزمــات وإعــداد الــدول‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫الصحافة اإلسرائيلية تتحدث عن دنو أجل األسد وعن أسباب إنهيار نظامه‪ ..‬وعن السيناريوهات احملتملة بني التقسيم (علويستان) وبني احللول السياسية ‪ ..‬وكيف تسري املعارك يف سوريا السيما يف جبال القلمون‬ ‫وعن األبعاد اجليوسياسية ملآالت الوضع يف سوريا‪ ..‬كل ذلك يف تقرير مهم لصحيفة» يديعوت أحرونوت»الصحيفة اليت تعرب عن وجهة نظر اليمني املتشدد يف إسرائيل!‬

‫انهيار حمور‪ ..‬أسباب تفكك نظام األسد‬ ‫بعد أربع س��نوات من احلرب‪ ،‬النظام الس��وري خيس��ر ‪ 40‬ألفاً من مقاتليه واآلالف من املنش��قني‪ .‬إيران وحزب اهلل يضعفان‪ ،‬أما بوتني فمش��غول بالعقوبات املفروضه‬ ‫عليه‪ ،‬واملتمردون حيظون بدعم من أثرياء اخلليج وباتوا يس��يطرون على معظم األراضي الس��ورية ‪ ..‬هل األس��د على وش��ك مغادرة الس��لطة؟‬

‫ترجمة‪ :‬خالد خليل‬

‫رون بن يشاي ‪ /‬يديعوت أحرونوت ‪2015/05/07‬‬ ‫يبــدو يف اآلونــة األخــرة أن النظــام الســوري ينهــار رويــداً‬ ‫رويــداً عــى الرغــم مــن أن الوضــع كان مختلفـاً قبــل ثالثــة‬ ‫أشــهر‪ .‬ويــرى املراقبــون أن النظــام الســوري ســيعزز موقفــه‬ ‫بالتأكيــد عــى محاربــة تنظيــم داعــش‪ .‬إال ان وضــع النظــام‬ ‫العلــوي يتدحــرج كالكــرة‪ .‬ولكــن هــذه ليســت النهايــة‬ ‫فحســب‪ ،‬كــون إيــران لــن تســمح بانهيــار نظــام األســد‬ ‫بهــذه الرسعــة ولكنهــا مهمــة تــزداد صعوبــة ويجــب‬ ‫معرفــة حقيقــة أن إي ـران غــر قــادرة عــى إح ـراز تقــدم‬ ‫ملمــوس يف الحــرب األهليــة الســورية وهــي غارقــة فيهــا‬ ‫حتــى العنــق‪.‬‬

‫إذاً م��ا ال��ذي أدى إىل تده��ور وض��ع النظ��ام يف‬ ‫س��وريا؟‬

‫أوالً‪ ،‬ضعــف الجيــش الســوري‪ .‬فمــن قــوة تعدادهــا نحــو‬ ‫‪ 350‬ألــف مقاتــل يف عــام ‪ 2011‬عندمــا بــدأت الحــرب‬ ‫األهليــة‪ ،‬بقــي منهــا نحــو ‪ 150‬ألفـاً فقــط‪ .‬والقضيــة ليســت‬ ‫فقــط مســألة عــدد بعــد أن خــر الجيــش النصــف متامـاً ‪،‬‬ ‫وإمنــا معنويــات الجنــود باتــت بالحضيــض بســبب الخســائر‬ ‫الكبــرة‪ .‬حيــث تقــدر مراكــز األبحــاث الغربيــة أن الجيــش‬ ‫ُمنــي بخســارة نحــو ‪ 40‬ألــف مــن الشــهداء خــال الســنوات‬ ‫األربــع األخــرة‪.‬‬ ‫يســعى النظــام جاهــدا ً لتعويــض النقــص يف صفــوف‬ ‫مقاتليــه عــر ســحب االحتيــاط وتجنيــد مقاتلــن جــدد‪،‬‬ ‫إال أن التجــاوب ضعيــف للغايــة مقابــل حــاالت الهــروب‬ ‫التــي ســجلت أرقامــاً كبــرة‪ .‬إضافــة لحــاالت االنشــقاق‬ ‫يف صفــوف املجنديــن‪ .‬لــذا تقــوم الرشطــة العســكرية‬ ‫وعنــارص امليليشــيات املواليــة لــه مبداهمــة منــازل الفاريــن‬ ‫واملتخلفــن عــن الخدمــة وســحبهم بالقــوة ومعاقبــة‬ ‫أرسهــم‪.‬‬ ‫إال أن هــذه اإلجــراءات تفقــ ُد النظــام‪ ،‬وتبعــده عــن‬ ‫حاضنتــه الشــعبية واملوالــن لــه‪ ،‬عــى ســبيل املثــال الــدروز‪.‬‬ ‫فقــد ُســجلت حــاالت التخلــف عــن الخدمــة العســكرية‬ ‫يف معظــم القــرى الدرزيــة ويف مدينــة الســويداء املدينــة‬ ‫املركزيــة للطائفــة‪ ،‬الواقعــة ِشق هضبــة الجــوالن‪ .‬ووفقــاً‬ ‫لتقاريــر موثوقــة واردة مــن هنــاك‪ ،‬أن مداهــات رجــال‬ ‫األســد عــى منازلهــم تثــر غضبهــم وســخطهم‪ .‬وكذلــك‬ ‫األمــر يف ســهل حــوران املحــاذي للحــدود األردنيــة وتقطنــه‬ ‫أقليــة شــيعية ال زلــت تؤيــد النظــام حتــى اللحظــة‪.‬‬

‫اجليش السوري صغري جداً‬

‫هنــاك نقطــة مهمــة‪ :‬عــى الحــدود مــع إرسائيــل وبالتحديــد‬ ‫يف قريــة «حــر» عــى ســفوح جبــال الحرمــون قبالــة‬ ‫مجــدل شــمس‪ ،‬ال يـزال غالبيــة ســكانها مــن املوالــن للنظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬ج ّنــد حــزب اللــه مــن تلــك القريــة أربعــة شــبان‬ ‫قُتلــوا ليلــة األحــد الفائــت‪ ،‬كانــوا مســؤولني عــن وضــع‬ ‫العبــوات الناســفة داخــل األرايض اإلرسائيليــة‪َ .‬مــن ج ّنــد‬ ‫هــؤالء ليــس أحــدا ً ســوى «ســمري قنطــار» املعتقــل عـرات‬ ‫الســنني يف الســجون اإلرسائيليــة عــى خلفيــة قتلــه عائلــة‬ ‫«هــرن» يف «نهاريــا» يف الســبعينيات مــن القــرن املــايض‬ ‫وأُطلــق رساحــه يف عــام ‪ 2008‬عــر صفقــة تبــادل جثــاين‬ ‫«الــدد ريجــف» و «اودي كولدفيــر»‪.‬‬ ‫«قنطــار»درزي مــن لبنــان‪ ،‬عــاد إىل صفــوف حــزب اللــه‬ ‫يف الجــوالن‪ ،‬بعــد مقتــل «جهــاد مغنيــة» – نجــل عــاد‬ ‫مغنيــة‪ -‬خــال غــارة جويــة إرسائيليــة (مغنيــة كان يعمــل‬ ‫عــى تفعيــل الجبهــة اإليرانيــة ‪ -‬حــزب اللــه ‪ -‬الســورية‬ ‫يف الجــوالن ضــد إرسائيــل)‪ .‬لــذا فــإن املخربــن األربعــة‬ ‫التابعــن لحــزب اللــه وإيـران حاولــوا زرع عبــوة ناســفة ردا ً‬ ‫عــى تدمــر قافلــة الســاح املتجهــة مــن ســوريا إىل حــزب‬ ‫اللــه‪ ،‬كانــوا مــن الــدروز‪.‬‬ ‫باملجمــل مل يحقــق حــزب اللــه صــدى طيبــاً خاصــة يف‬ ‫الحــرب األهليــة الســورية‪ .‬فالهجــوم الــذي شــنه الحــزب‬ ‫باالش ـراك مــع الجيــش الســوري والحــرس الثــوري اإلي ـراين‬ ‫يف الجــوالن يف شــباط‪/‬فرباير املــايض توقــف بعدمــا تصــدت‬ ‫لــه «جبهــة النــرة» (التنظيــم التابــع للقاعــدة)‪ .‬لــذا خــر‬ ‫نظــام األســد الجــوالن‪ ،‬وأجــر هــو والحــزب عــى االنســحاب‬

‫إىل منحــدرات الحرمــون‪.‬‬ ‫وكان هنــاك ســبب آخــر أثــر عــى ســر معركــة الجــوالن –‬ ‫التــي بــدأت بزخــم كبــر وانتهــت مــن دون جــدوى‪ -‬هــو‬ ‫املضايقــات التــي يتعــرض لهــا النظــام يف الشــال‪ :‬حيــث‬ ‫فتــح املتمــردون معركــة يف مدينــة حلــب ثــاين أكــر املــدن‬ ‫الســورية‪ ،‬مــا اضطــر اإليرانيــون لــإرساع بإرســال الجيــش‬ ‫الســوري ومقاتــي حــزب اللــه إىل هنــاك بينــا هــم فشــلوا‬ ‫يف الجــوالن‪ ،‬واليــوم تخضــع مــدن وبلــدات عــدة يف حلــب‬ ‫لســيطرة جبهــة النــرة وتنظيــم داعــش (كل تنظيــم‬ ‫يســيطر عــى جــزء منهــا)‪.‬‬ ‫وهــذا يُظهــر مــدى صغــر حجــم القــوة العســكرية لــدى‬ ‫األســد وإي ـران وحــزب اللــه ملواجهــة هجــات املتمرديــن‬ ‫الذيــن فتحــوا أربــع جبهــات‪ .‬فالوحــدات العســكرية املتبقية‬ ‫عنــد الجيــش الســوري واملليشــيات الســورية والشــيعية‬ ‫املواليــة للنظــام‪ ،‬تتنقــل مــن منطقــة ألخــرى مبرافقــة‬ ‫مقاتــي حــزب اللــه محاول ـ ًة إيقــاف تقــدم املتمرديــن‪ ،‬إال‬ ‫أن هــذه القــوات ال تكفــي لــذا يخــر النظــام القطــاع تلــو‬ ‫اآلخــر‪.‬‬

‫النمر اإليراني حت ّول إىل قط‬

‫ثاني ـاّ‪ :‬وفق ـاً ملــا ســبق هنــاك ســبب آخــر يــؤدي إىل انهيــار‬ ‫النظــام يف ســوريا هــو ضعــف اإليرانيــن‪ .‬الصــورة الوحشــية‬ ‫والشــعور بعدائيــة إرسائيــل مقارنــة مبــا تفعلــه إيـران بــات‬ ‫أقــل‪ .‬فاإليرانيــون بتطلعاتهــم العنجهيــة متورطــن يف حروب‬ ‫عــدة يف منطقــة الــرق األوســط‪ .‬وهــم منخرطــون بالحــرب‬ ‫العراقيــة‪ ،‬ويحاولــون مســاندة الحوثيــن يف اليمــن وغارقــون‬ ‫يف الوحــل الســوري‪ .‬وامكانياتهــم االقتصاديــة لدعــم نظــام‬ ‫األســد تقلصــت‪ ،‬حتــى أن حــزب اللــه مل يعــد يحصــل عــى‬ ‫مــا يحتاجــه مــن مــال وســاح بســبب العقوبــات االقتصادية‬ ‫التــي فرضهــا الغــرب عــى إيـران لتفكيــك مرشوعهــا النــووي‬ ‫وال تـزال ســارية املفعــول إىل اآلن‪.‬‬ ‫اإليرانيــون اســتجلبوا ميليشــيات شــيعية مــن العـراق للقتال‬ ‫إىل جانــب قــوات األســد يف ســوريا‪ ،‬ولكــن عندمــا اشــتدت‬ ‫املعــارك ضــد داعــش يف «تكريــت»‪ ،‬أعــاد اإليرانيــون هــذه‬ ‫امليليشــيات ومعهــا وحــدات مــن الحــرس الثــوري للحــرب‬ ‫يف الع ـراق‪.‬‬ ‫قائــد فيلــق القــدس يف الحــرس الثــوري «قاســم ســليامين»‬ ‫الــذي يقــود العمليــات العســكرية اإليرانيــة لتصديــر الثــورة‬ ‫اإلســامية اإليرانيــة إىل دول املنطقــة‪ ،‬فشــل عــى مــا يبــدو‬ ‫بجميــع املعــارك التــي أدارهــا بنفســه‪ .‬عــى ســبيل املثــال‪،‬‬ ‫هــو املدبــر واآلمــر الناهــي يف الهجــوم املشــرك إليــران‬ ‫وســوريا وحــزب اللــه عــى الجــوالن الســوري‪ ،‬ولكنــه‬ ‫اختفــى عــى الفــور مــن الســاحة بعــد هزميتــه‪.‬‬ ‫كذلــك فشــل يف الع ـراق يف عمليــة مشــابهة أثنــاء هجــوم‬ ‫داعــش عــى مدينــة «تكريــت» أضطــر إىل ســحب‬ ‫امليليشــيات الشــيعية التابعــة لــه إىل مــا وراء الخــط‬ ‫املحمــي بالرضبــات الجويــة األمريكيــة‪ .‬فالجيــش العراقــي‬ ‫وامليليشــيات التــي أرســلها اإليرانيــون كانــوا عــى وشــك‬ ‫االنهيــار‪ ،‬لــوال حاميــة عــر عمليــات القصــف األمريكيــة‬ ‫التــي أنقذتهــم‪.‬‬ ‫روســيا أيضـاً – حليفــة األســد‪ -‬مل يعــد باســتطاعتها إحــداث‬ ‫تغيــر‪ .‬فقــد تقلصــت قدراتهــا االقتصاديــة لدعــم األســد‬ ‫بســبب انخفــاض ســعر النفــط يف الســوق العامليــة‪ ،‬وبســبب‬ ‫العقوبــات االقتصاديــة التــي فرضهــا الغــرب عــى فالدميــر‬ ‫بوتــن عــى خلفيــة األزمــة األوكرانيــة‪ .‬وعــى الرغــم مــن‬ ‫أن شــحنات األســلحة الروســية مــا زالــت تصــل إىل مينــاء‬ ‫مدينــة طرطــوس – الواقعــة يف املنطقــة الســاحلية العلويــة‬ ‫– يف ســوريا‪ ،‬إال أنهــا غــر قــادرة عــى قلــب الدفــة لصالــح‬ ‫النظــام‪ .‬فأهــم مــا ترســله روســيا شــحنات صواريــخ مــن‬ ‫مختلــف األنــواع مــن بينهــا صواريــخ مــن طــراز متطــ ّور‬ ‫يســمى «اورغــان» يطلــق األســد املئــات منــه عــى شــعبه‪.‬‬

‫دول اخلليج مع املتمردين‬

‫أمــا الســبب الرئيــي الثالــث لضعــف األســد يكمــن يف قــوة‬

‫املتمرديــن املســتمدة مــن شــبه الجزيــرة العربيــة والخليــج‬ ‫الفــاريس‪.‬‬ ‫امللــك الســعودي الجديــد ســلامن بــن عبــد العزيــز يقــوم‬ ‫باتخــاذ خطــوات حازمــة وف ّعالــة يف مختلــف القضايــا ذات‬ ‫الصلــة لصــد إي ـران يف الــرق األوســط‪ .‬فقــد انتهــى زمــن‬ ‫السياســات الحــذرة التــي كان يتبعهــا ســلفه املرحــوم‪ ،‬امللــك‬ ‫عبــد اللــه‪ .‬فالســعودية اليــوم تــرأس املعســكر العــريب‬ ‫الســني الــذي ظهــر عــى الســاحة مؤخــرا ً ملحاربــة املــد‬ ‫اإليــراين‪ .‬وبالقــدرة ذاتهــا وبســبب حالــة اإلحبــاط مــن‬ ‫السياســة املــرددة إلدراة أوبامــا واتهــام الرئيــس األمريــي‬ ‫بأنــه يســعى لوضــع جميــع بيــض السياســة الخارجيــة يف‬ ‫الــرق األوســط يف ســلة اإليرانيــن‪.‬‬ ‫نظامــه نهائي ـاً‪ ،‬لــذا يخاطــر بإبقــاء أرستــه محــاوالً مامرســة‬ ‫حياتــه الطبيعيــة ويُجــري مــن داخلــه املقابــات الصحفيــة‬ ‫امللــك ســلامن نجــح يف إنهــاء العــدواة بــن بــاده وبــن قطــر مــع وســائل اإلعــام الغربيــة‪ .‬إال أن والدتــه – وفقــاً‬ ‫وتركيــا –الطرفــان اللــذان يدعــم كل منهــا مجموعــة مــن ملعلومــات مل تؤكــد بعــد‪ -‬غــادرت قــر العائلــة وســافرت‬ ‫املتمرديــن‪ -‬وعمــل عــى توحيــد جهــود باقــي دول الخليــج إىل بالروســيا للعيــش مــع خــال األســد الــذي يقيــم هنــاك‪.‬‬ ‫لدعــم املتمرديــن الســوريني املعتدلــن نســبياً‪ ،‬مبــا يف ذلــك وهنــاك أقربــاء آخــرون لألســد مــن عائلــة وعشــرة الوحــش‬ ‫الجيــش الســوري الحــر العلــاين ومجموعــات املتمرديــن العلويــة تــم عزلهــم مــن مناصبهــم‪ .‬عــى ســبيل املثــال‬ ‫اإلســامية األكــر اعتــداالً‪ .‬عــى الرغــم مــن أن الدعــم العــريب رؤســاء اثنــن مــن األجهــزة املخابراتيــة – رفيــق شــحادة‬ ‫مل يســتطع فعليــاً توحيــد مجموعــات املتمرديــن‪ ،‬ولكــن ورســتم غزالــة – تــم عزلهــا عقــب خــاف بــن بعضهــا‬ ‫أعــاد إليهــا الــروح القتاليــة العاليــة‪ .‬هــذا يعنــي املزيــد البعــض مــن جهــة وبينهــا وبــن األســد (غزالــة قُتــل عــى‬ ‫مــن الهزائــم التــي ســيلحقها املتمــردون بالنظــام الســوري‪ .‬يــد رجــال شــحادة رضبـاً ولكـاً)‪ .‬وســبب العــزل معارضتهام‬ ‫حتــى أن داعــش وجبهــة النــرة والفصائــل املتناحــرة باتــوا للتدخــل اإليـراين يف إدارة الحــرب يف ســوريا‪ .‬وهــا محقــان‪.‬‬ ‫يوحــدون قواتهــم بشــكل ملحــوظ عــى األرض لدحــر قــوات وبالفعــل اإليرانيــون اليــوم يديــرون العمليــات الحربيــة يف‬ ‫النظــام‪.‬‬ ‫أجــزاء واضحــة مــن ســوريا مــن دون الرجــوع إىل األســد‬ ‫ومــن دون إبالغــه‪.‬‬

‫صورة الوضع‪ :‬أين حيكم األسد؟‬

‫نتيجــة لــكل مــا ســبق‪ ،‬الوضــع يف ســوريا اليــوم عــى األرض ما املتوقع مستقب ً‬ ‫ال؟ علويستان!‬

‫كالتــايل‪ :‬يف الشــال خــر النظــام حلــب وإدلــب ومــدن‬ ‫أخــرى‪ ،‬كــا ســيطر املتمــردون يف اآلونــة األخــرة عــى قريــة‬ ‫النبــي يونــس الواقعــة عــى قمــة جبــل يطــل عــى مدينــة‬ ‫الالذقيــة‪ .‬األمــر الــذي يشــكل ولغايــة اللحظــة تهديــدا َ‬ ‫مبــارشا ً عــى عشــرة العلويــن املتمركزيــن يف القطــاع‬ ‫الســاحيل واملســمى بـــ « دولــة العلويــن» مــن الالذقيــة‬ ‫وإىل الجنــوب‪ .‬املتمــردون مل يقصفــوا الالذقيــة بعــد وهــي‬ ‫محميــة مــن ثــاث جهــات‪ ،‬ولكــن إذا قــرر املتمــردون‬ ‫دخولهــا مــن جهــة الجبــل فســتكون بخطــر‪.‬‬ ‫ويف الجنــوب فقـ َد األســد هضبــة الجــوالن الســورية‪ ،‬وجبــال‬ ‫القلمــون وصــوالً إىل الحــدود مــع لبنــان‪ ،‬حيــث يتقاتــل‬ ‫تنظيــم داعــش وجبهــة النــرة مــع حــزب اللــه‪ .‬الحــزب‬ ‫الــذي خطــط ملعركــة كــرى مــن أجــل الســيطرة عــى قمــة‬ ‫الجبــال االســراتيجية يف القلمــون ولكــن جبهــة النــرة‬ ‫أوقفتــه‪ ،‬وقبــل يومــن فاجــأ مقاتلــو النــرة قــوات الحــزب‬ ‫يف األرايض التــي يســيطر عليهــا‪ .‬حيــث اســتطاع املتمــردون‬ ‫تكبيــد الحــزب خســائر يف صفــوف مقاتليــه بينهــم قــادة‪.‬‬ ‫كــا ســيطرت مجموعــات املتمرديــن عــى جميــع املعابــر‬ ‫الحدوديــة بــن ســوريا‪ ،‬وكل مــن تركيــا والعـراق واألردن‪ .‬لذا‬ ‫ال يســتطيع النظــام تصديــر أو اســترياد البضائــع التجاريــة‬ ‫مــن دون أن يدفــع رضائــب لداعــش أو للمجموعــات‬ ‫املتمــردة األخــرى‪ .‬ومل يبــق لديــه ســوى مينــاء طرطــوس‬ ‫ومينــاء الالذقيــة الســتقبال حاجاتــه الرضوريــة‪.‬‬ ‫أضــف إىل ذلــك تطويــق املتمرديــن للعاصمــة دمشــق مــن‬ ‫ثــاث جهــات‪ :‬مقاتلــو داعــش يتمركــزون عــى بعــد ‪30‬‬ ‫كــم رشق مطــار دمشــق الــدويل ويســتطيعون احتاللــه بــأي‬ ‫لحظــة‪ .‬وإذا مــا فعلــوا ذلــك ســتكون رضبــة قاضيــة للنظــام‪،‬‬ ‫كــون املطــار هــو املنفــذ الجــوي الرئيــي لتلقــي التعزيـزات‬ ‫والســاح مــن إيـران‪.‬‬ ‫كــا يخــوض النظــام معــارك يف مدينتــي حمــص وحــاة‬ ‫(شــال دمشــق) ويف األحيــاء الشــالية الرشقيــة ملدينــة‬ ‫دمشــق التــي توغــل فيهــا تنظيــم داعــش‪ .‬حتــى بــات‬ ‫القــر الــذي يقطنــه األســد وعائلتــه يتعــرض لقصــف‬ ‫دائــم مــن قبــل املتمرديــن ولكــن العائلــة ال تغــادر املبنــى‬ ‫املحصــن‪ .‬واألوالد مل يعــد يذهبــون إىل املدرســة وميارســون‬ ‫حياتهــم اليوميــة داخــل املنطقــة املحصنــة واملحــدودة‪.‬‬ ‫ويخــى األســد يف حــال مغادرتــه وعائلتــه القــر أن ينهــار‬

‫وفقــاً للتقديــرات يف لبنــان ويف األوســاط الدبلوماســية‬ ‫والتقاريــر املخابراتيــة الغربيــة‪ ،‬هنــاك إمكانيــة أن ينتقــل‬ ‫األســد وأرستــه وعنــارص مواليــة لــه مــن دمشــق إىل‬ ‫«علويســتان» – الدولــة العلويــة التــي متتــد مــن الالذقيــة‬ ‫شــاالً حتــى جنــوب طرطــوس وصــوالً إىل دمشــق‪ .‬والهــدف‬ ‫هــو الحفــاظ عــى محــور بــري مفتــوح مــع لبنــان‪ ،‬لربــط‬ ‫معقــل الشــيعة يف ســوريا مــع البقــاع اللبنــاين‪ .‬ولكــن‬ ‫لتحقيــق ذلــك عــى حــزب اللــه والجيــش الســوري أن‬ ‫يصــدوا هجــات داعــش وجبهــة النــرة يف جبــال القلمــون‪،‬‬ ‫ويف الوقــت الراهــن يبــدو هــذا أمــرا ً صعبــاً‪.‬‬ ‫يف حــن هنــاك مــن يــرى إمكانيــة إيجــاد حــل ســيايس‬ ‫لوضــع حــد للحــرب األهليــة يف ســوريا بعــد أن يتــم‬ ‫توقيــع اتفــاق بشــأن املــروع النــووي بــن إي ـران والقــوى‬ ‫العظمــى‪ ،‬نهايــة حزيــران ‪/‬يونيــو املقبــل‪ .‬عندهــا ووفقــاً‬ ‫للتقدي ـرات سيســعى اإليرانيــون والــروس ملســاعدة الغــرب‬ ‫يف إيجــاد حــل دبلومــايس مبوجبــه يســيطر املتمــردون عــى‬ ‫ســوريا بينــا يبقــى العلويــون يســيطرون عــى الســاحل‪،‬‬ ‫ورمبــا ســيكونون جــزءا ً مــن الحكومــة التــي ســيتم تشــكيلها‪.‬‬ ‫الطروحــات كثــرة‪ ،‬ولكــن عــى مــا يبــدو يف الوقــت الراهــن‬ ‫أن املهمــة األكــر إلحاحــاً هــي أن عــى األســد الســيطرة‬ ‫عــى قمــم جبــال القلمــون ومنــع املتمرديــن مــن التقــدم‬ ‫للســيطرة عــى الالذقيــة ومحيطهــا‪ .‬فاألســد واإليرانيــون‬ ‫يســيطرون عــى أقــل مــن ربــع أرايض ســوريا‪ .‬ومــن املمكــن‬ ‫أن تتقلــص إىل أقــل مــن ذلــك يف األيــام القريبــة القادمــة‪،‬‬ ‫ولكــن حتــى إذا انهــار نظــام األســد مــن املتوقــع أن تســتمر‬ ‫الحــرب يف ســوريا‪ ،‬ولكــن هــذه املــرة بــن مجموعــات‬ ‫املعارضــة ذاتهــا‪.‬‬ ‫رون بن يشاي ‪ /‬المحلل العسكري واألمني لصحيفة‬ ‫يديعوت أحرونوت‬ ‫مالحظة‪:‬‬ ‫إلتزم المترجم بالترجمة الحرفية للتقرير قدر اإلمكان‬ ‫من دون تصرف كما ورد في النص األصلي لألمانة‪،‬‬ ‫ولمعرفة المتلقي كيف تنظر إسرائيل لما يحدث في‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫رابط النص األصلي للتقرير‪:‬‬ ‫‪http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4654723,00.html‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫* الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫أصــدر تنظيــم الدولــة اإلســامية يف واليــة‬ ‫الرقــة التــي يســيطر عليهــا التنظيــم ســيطرة‬ ‫كاملــة بطاقــات هويــة شــخصية لعنــارصه‬ ‫باإلضافــة للبطاقــات الخاصة للســكان يف الوالية‪،‬‬ ‫حيــث لجــأ التنظيــم إىل إصــدار رخــص الســوق‬ ‫والوثائــق الشــخصية‪ ،‬التــي طبــع عليهــا شــعار‬ ‫الدولــة اإلســامية‪ ،‬مع شــعار «الدولة اإلســامية‬ ‫خالفــة عــى منهــج النبــوة»‪ ،‬لكــن التنظيــم منع‬ ‫يف الوقــت ذاتــه إصــدار هــذه الهويــة للنســاء‬ ‫معلـاً ذلــك بأنــه ال يجــوز وضــع صــورة املــرأة‬ ‫عــى الهويــة‪ ،‬فيــا ألــزم التنظيــم أصحــاب‬ ‫املعامــات يف الواليــة بالتــرع بالــدم ليشــمل‬ ‫هــذا التــرع املخالفــات التموينيــة واملخالفــات‬ ‫املروريــة‪ ،‬بعــد قيــام التنظيــم بإنشــاء «رشطــة‬ ‫مروريــة» لهــم صالحيــات كبــرة عــى املدنيــن‪،‬‬ ‫حيــث أصبــح هــذا الجهــاز مصــدر متويــل جيــد‬ ‫للتنظيــم‪ ،‬لجهــة حجــم املخالفــات أوالً وارتفــاع‬ ‫قيمــة املخالفــة ثاني ـاً بحيــث تصــل إىل حــدود‬ ‫‪ 50‬ألــف لــرة ســورية أحيانــاً‪ ،‬ويشــكّل هــذا‬ ‫الجهــاز رعبــاً حقيقيــاً بــن صفــوف املدنيــن‪،‬‬

‫‪5‬‬

‫تنظيم الدولة اإلسالمية يف والية الرقة‬ ‫إثبات هوية‬ ‫حيــث يتحاىش املــدين املــرور بنقــاط تواجدهم‪،‬‬ ‫واالبتعــاد عنهــم قــدر اإلمــكان‪ ،‬ويف خطــوة‬ ‫الحقــة أصــدر التنظيــم بعــض الق ـرارات التــي‬ ‫مــن شــأنها مخالفــة عنــارصة يف حــال قيامهــم‬ ‫بإحــدى املخالفــات املروريــة‪ ،‬وكل معاملــة‬ ‫أو طلــب مــن أي مواطــن يجــب أن ترفــق‬ ‫بشــهادة التــرع بالــدم كــرط مســبق لتســيري‬ ‫تلــك املعاملــة‪ ،‬وهــذا يكشــف لنــا حجــم‬ ‫الخســائر البرشيــة التــي يتكبدهــا التنظيــم‪،‬‬ ‫عــى الرغــم مــن التكتــم التــام والرسيــة عــى‬ ‫أعــداد جرحاهــم يف الغــارات التــي شــنتها‬ ‫قــوات التحالــف عــى املدينــة يف الفــرات‬ ‫الســابقة‪ ،‬ويقــوم التنظيــم مبعالجــة جرحــاه يف‬ ‫املشــايف الخاصــة‪ ،‬وتحــت إرشاف أمهــر األطبــاء‬ ‫التابعــن واملوالــن لــه‪ ،‬فيــا يعــاين املواطــن‬ ‫مــن قلــة الخدمــات الطبيــة التــي تقــدم لــه‬ ‫يف املشــفى العــام‪ ،‬ويســعى التنظيــم اليــوم إىل‬ ‫إصــدار لوحــات خاصــة بالســيارات تحمل اســم‬ ‫الواليــة التــي تتبــع لهــا العربــات‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل شــهادة القيــادة الخاصــة بــه‪ ،‬ويف خطــوة‬

‫الحقــة أصــدر التنظيــم عملــة معدنيــة خاصــة‬ ‫بــه‪ ،‬معلن ـاً تداولهــا بــن العامــة ضمــن حــدود‬ ‫الواليــات التــي يســيطر عليهــا‪ ،‬بينــا عنــارصه‬ ‫ال زالــت تتــداول العمــات العامليــة‪ ،‬يف خطــوة‬ ‫أخــرى للخنــاق والحصــار عــى املواطنــن أصــدر‬ ‫التنظيــم قــرارا ً مبنــع بيــع علــب املرتديــا‬ ‫والفطــر املعلــب ومــروب الطاقــة‪ ،‬يف محــات‬ ‫الباعــة واألســواق بشــكل كامــل‪ ،‬بالتزامــن‬ ‫مــع انخفــاض املســتوى املعيــي للمواطــن‬ ‫يف ظــل ســيطرتهم عــى كل مقــدرات املدينــة‬ ‫وارتفــاع مســتوى الفقــر بــن األهــايل‪ ،‬عــدا‬ ‫عــن تفــي األم ـراض نتيجــة انعــدام الكهربــاء‬ ‫واملــاء يف املدينــة‪ ،‬بينــا يتمتــع عنارصهــم‬ ‫بــكل أنــواع املســاعدات الغذائيــة والدوائيــة‬ ‫عــى الســواء‪ ،‬ويف تقريــر تلفزيــوين بثتــه قنــاة‬ ‫أورينــت عــن املشــفى الوطنــي مبدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫يظهــر فيــه الكــم الكبــر مــن األجهــزة الطبيــة‬ ‫الحديثــة جــدا ً والتــي وضُ عــت أساس ـاً لخدمــة‬ ‫عنارصهــم‪ ،‬بينــا يعــاين ســكان الواليــة مــن‬ ‫اإلهــال‪ ،‬فهــذه األقســام أجنحــة خاصــة فقــط‬

‫للمجاهديــن املهاجريــن وعوائلهــم‪.‬‬ ‫ويقــوم التنظيــم بإغــراء الشــباب واألطفــال‬ ‫باملــال واملســاعدات الغذائيــة‪ ،‬مبحاولــة منــه‬ ‫لتجنيدهــم يف صفوفــه‪ ،‬والخــوف مــن الرفــض‬ ‫بشــكل مبــارش جعــل أغلــب الشــباب تهــرب‬ ‫مــن املدينــة خوفــاً عــى حياتهــم ومصــر‬ ‫ذويهــم‪ ،‬بينــا يقــع يف هــذا الفــخ فئــة األطفــال‬ ‫الصغــار دون الخامســة عــر‪ ،‬حيــث يتــم‬ ‫تجنيدهــم وتدريبهــم يف معســكرات األشــبال‬ ‫دون علــم ذويهــم‪ ،‬وحــن الســؤال عنهــم‬ ‫ينكــرون وجــود هــذا الطفــل لديهــم حتــى‬ ‫تنتهــي الــدورة‪ ،‬ليتــم يف النهايــة إرســالهم إىل‬ ‫أحــدى الجبهــات أو يوضعــون لخدمــة األم ـراء‬ ‫املهاجريــن‪.‬‬ ‫يف اآلونــة األخــرة ونتيجــة قــدوم الكثــر مــن‬ ‫العوائــل‪ ،‬واملجاهديــن املهاجريــن مــن دول‬ ‫كثــرة‪ ،‬لجــأ التنظيــم إىل االســتيالء عــى بيــوت‬ ‫املدنيــن بغــر وجــه حــق‪ ،‬وهــذا األمــر بــات‬ ‫يشــكل رعبــاً حقيقيــاً لــدى األهــايل‪ ،‬فالكثــر‬ ‫مــن البيــوت التــي صادرهــا التنظيــم هــي‬

‫نتيجــة تقاريــر كيديــة مــن شــبيحة النظــام‬ ‫ســابقاً‪ ،‬واليــوم بايعــوا التنظيــم يك يفــوزوا مبــا‬ ‫كانــوا يكســبون ســابقاً‪ ،‬عــدا عــن مصــادرة‬ ‫بيــوت ناشــطي الثــورة وإعالمييهــا ولجــان‬ ‫اإلغاثــة وكل مــا ميــت للثــورة بصلــة مبــارشة‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه تــم إعــدام شــاب مبقتبــل‬ ‫العمــر رميــاً بالرصــاص يف ســاحة النعيــم‪،‬‬ ‫والتهمــة كانــت انتحــال صفــة التنظيــم‪ ،‬ورمبــا‬ ‫جــاء إصــدار البطاقــات الشــخصية الخاصــة‬ ‫بعنــارص التنظيــم عــى خلفيــة مثــل هــذه‬ ‫الحادثــة‪ ،‬ويف مدينــة الطبقــة تــم إعــدام‬ ‫شــخصني بتهمــة اللجــوء للســحر والشــعوذة‪،‬‬ ‫وهــي تهــم يتــم إلصاقهــا كيفــا كان ليتــم‬ ‫بعدهــا القتــل‪ ،‬حتــى شــواهد القبــور مل تســلم‬ ‫مــن تســلطهم‪ ،‬فقامــوا بإزالتهــا‪ ،‬بينــا مــا‬ ‫زالــت قــوات النظــام متــارس القتــل والتدمــر‬ ‫بحــق املواطنــن‪ ،‬وكان األجــدر بهــم محاربــة‬ ‫القاتــل وحاميــة الرعيــة بينــا ترصفاتهــم تــدل‬ ‫عــى عكــس ذلــك‪ ،‬وكأن املواطــن املســلم‬ ‫عدوهــم األول‪.‬‬

‫نهب جتار دمش��ق من قب��ل املافيات املخابراتية‪ ..‬وجتنيد الفتيات الس��تدراج الضحايا‬ ‫الحرمل ‪ -‬كلنا شركاء‬ ‫يعــاين نظــام االحتــال اإليــراين وشــبيحته‬ ‫مــن تأثــر انتصــارات الثــوار عــى وضعــه ومــن‬ ‫انعكاســات هــذه االنتصــارات عــى متاســكه‬ ‫واســتمراره الــذي بــات مســتحيالً امــام رضبــات‬ ‫الثــوار وإرادتهــم الصامــدة‪.‬‬ ‫ويف ظــل التأكيــد عــى إفــاس النظــام الســوري‪،‬‬ ‫وســعيه إىل متويــل بقائــه والحــرب عــى الثــورة‬ ‫مــن جيــوب الســوريني الفارغــة‪ ،‬ضمــن واقــع‬ ‫ثبــات األجــور واملرتبــات الشــهرية وفصــل‬ ‫العاملــن مــن العمــل الحكومــي‪ ،‬بحجــة‬ ‫انتامئهــم إىل املناطــق الثائــرة‪ ،‬وتأييدهــم‬ ‫للثــورة‪.‬‬ ‫ومــع رفــع أســعار وتكاليــف الحيــاة عــى‬ ‫املواطــن‪ ،‬لجــأ النظــام الســوري إىل خطــة‬ ‫جديــدة يف رسقــة أمــوال تجــار دمشــق‬ ‫وســجنهم‪ ،‬مــن املعروفــن بفعاليــة تجارتهــم‬ ‫الدوليــة مــع دول الجــوار‪ ،‬واضطرارهــم لتــداول‬ ‫العملــة األمريكيــة فيهــا‪ ،‬وذلــك باســتخدام‬

‫النســاء والفتيــات واإلغــراء‪.‬‬ ‫وتعتمــد خطــة النظــام الســوري يف كشــف‬ ‫متــداويل «الــدوالر األمــريك» عــى تجنيــد نســاء‬ ‫وفتيــات يف فــروع األمــن وشــعب املخابــرات‬ ‫ممــن يتقــن اللكنــة الشــامية‪ ،‬ليتــم تعلمينهــن‬ ‫عــى أســاليب املخاب ـرات لكــن بهيئــة «أنوثــة‬ ‫غــادرة»‪ ،‬ويف املرحلــة الثانيــة يــزج بهــؤالء‬ ‫النســوة للعمــل ضمــن أســواق العاصمــة يف كل‬

‫مــن الحريقــة والحميديــة والحمـرا والصالحيــة‬ ‫والبحصــة واملرجــة‪ ،‬ويكــون دورهــن يف التجــول‬ ‫بــن املحــال التجاريــة ومتاجــر كبــار تجــار‬ ‫دمشــق‪ ،‬حتــى يعتــاد التجــار هيئتهــن‪.‬‬ ‫وتحــاول نســوة املخاب ـرات يف املراحــل التاليــة‪،‬‬ ‫رصف بعــض األوراق النقديــة مــن فئــة‬ ‫«الــدوالر» إىل اللــرة الســورية مــن قبــل تجــار‬ ‫معينيــن‪ ،‬ويتــم اســتدراجهم بجميــع األســاليب‬

‫املمكنــة‪ ،‬إىل إن يســتجيب التاجــر‪ ،‬ويــرف‬ ‫آخــر عملــة ســوف يســتلمها يف حياتــه‪ ،‬لينتهــي‬ ‫بــه األمــر بالوقــوع يف فــخ النظــام الســوري‬ ‫وخلــف قضبــان معتقالتــه‪ ،‬بتهمــة الخيانــة‬ ‫العظمــة لتعاملــه «بالــدوالر»‪.‬‬ ‫وكان قــد أغلــق العديــد مــن تجــار دمشــق‬ ‫محالهــم التجاريــة‪ ،‬خوفـاً مــن عمليــات االبتـزاز‬ ‫أو االعتقــال عقــب الدوريــات املكثفــة التــي‬ ‫شــنتها عنــارص الجــارك واملكتــب الــري مــع‬ ‫دعــم مــن فــروع األمــن واملخاب ـرات املســؤولة‬ ‫عــن أحيــاء دمشــق‪ ،‬وتخصــص كل فــرع أمنــي‬ ‫بحــي تجــاري محــدد‪ ،‬للبحــث عــن البضائــع‬ ‫غــر املرخصــة و»العملــة الصعبــة»‪.‬‬ ‫وقــال مراســل «كلنــا رشكاء» مــن العاصمــة‬ ‫دمشــق‪ ،‬إن عمليــات املداهمــة باتــت منظمــة‬ ‫حيــث يتــم اقتحــام أكــر مــن مســتودع أو‬ ‫متجــر مــوزع عــى عــدة أحيــاء بنفــس الوقــت‪،‬‬ ‫بحيــث تعــود جميعهــا لنفــس التاجــر‪ ،‬ســواء‬ ‫كانــت املســتودعات مــن خاصتــه تقــع يف كل‬

‫مــن شــارع «الحم ـرا‪ ،‬وســوق الحريقــة»‪ ،‬مــع‬ ‫مصــادر وإغــاق الهواتــف النقالــة واألرضيــة‪،‬‬ ‫أثنــاء عمليــات التفتيــش عــن «الــدوالر»‬ ‫وأنــواع البضائــع‪.‬‬ ‫ويجــر عنــارص األمــن التجــار عــى الكشــف‬ ‫وتفتيــش كامــل املســتودعات التابعــة للتاجــر‪،‬‬ ‫مــا دفــع بعضهــم لالستســام وإغــاق‬ ‫متاجرهــم نهائيـاً‪ ،‬بينــا وضــع عــدد آخــر مــن‬ ‫تجــار دمشــق‪ ،‬أرقــام هواتفهــم الجوالــة عــى‬ ‫بــاب املتاجــر املغلقــة‪ ،‬ليتــم البيــع عــر طلــب‬ ‫صاحــب املحــل عــى هاتفــه للحضــور يف حــال‬ ‫تــم االتفــاق مــع الزبــون‪.‬‬ ‫وتعــاين ســورية مــن دمــار وانهيــار اقتصــادي‬ ‫بســبب النظــام الوحــي الــذي بــات يشــكل‬ ‫واجهــة قــذرة لقــوات االحتــال اإلي ـراين التــي‬ ‫تكيــل أحقادهــا املســمومة عــى الشــعب‬ ‫الســوري وتدمــر النــاس والبيــوت وتدمــر‬ ‫اقتصــاد البــاد ليطــال التدمــر كل مــن مل تصلــه‬ ‫آلــة التدمــر العشــوائية املجرمــة‪.‬‬

‫مصري اللرية السورية بني خيارين أساسيني‪..‬؟!‬ ‫أوضــح الكاتــب االقتصــادي د رفعــت عامــر بــأن‬ ‫الوضــع العــام للــرة الســورية يف تدهــور كبــر خاصــة‬ ‫وأن النظــام فقــد الســيطرة عــى ‪ 60%‬مــن البــاد عــى‬ ‫األقــل‪.‬‬ ‫إن األزمــة االقتصاديــة يف إيــران حليفــة النظــام باتــت‬ ‫تؤثــر عــى الســكان يف إي ـران نفســها‪ ،‬ومــن املمكــن أن‬ ‫تزيــد القالقــل يف إيـران نفســها‪ ،‬ولعــل إرضاب املعلمــن‬ ‫يف إيــران خــال األســبوع الفائــت يعــد إشــارة مهمــة‬ ‫ملــدى تدهــور الوضــع املعيــي لإليرانيــن‪.‬‬ ‫كــا أن أمــراء الحــرب مــن شــبيحة ومــن جيــش‬ ‫دفــاع وطنــي ممــن تخصصــوا بنهــب النــاس قــد‬ ‫دمــروا االقتصــاد يف البــاد التــي ميطرونهــا بأحقادهــم‬ ‫وبقذائفهــم ويعطلــون دورة اإلنتــاج يف كافــة مفاصــل‬ ‫االقتصــاد الوطنــي بالنهــب وبالســلب‪.‬‬ ‫وقــد تنبــأ الباحــث العامــر مبســتقبل اللــرة الســورية‬ ‫خــال الفــرة القادمــة ضمــن محوريــن‪:‬‬ ‫املحــور األول‪ :‬أن تصــل الــدول اإلقليميــة واملنظومــة‬ ‫الدوليــة إىل توافــق يفــرض عــى النظــام واملعارضــة‬

‫العســكرية تســوية سياســية تلــوح يف األفــق‪ .‬ومــا‬ ‫الترصيحــات اإليرانيــة املعلنــة بعــدم قدرتهــا عــى‬ ‫اســتمرار الدعــم للنظــام والترسيبــات التــي تأيت مــن وراء‬ ‫الكواليــس مبوافقــة إيـران عــى تســوية دون األســد‪ ،‬ومــا‬ ‫تشــهده الســاحة الســورية مــن تعديــل يف ميـزان القــوى‬ ‫العســكري عــى األرض‪ ،‬إال أحــد نتائــج هــذا االتفــاق‪.‬‬ ‫عندهــا‪ ،‬نعتقــد باســتمرار التعويــم الجــزيئ والــذي قــد‬ ‫يصــل بســعر اللــرة الســورية أمــام الــدوالر بــن حــدود‬ ‫‪ 500‬إىل ‪ 1000‬لــرة للــدوالر الواحــد‪ ،‬وســيكون هــذا‬ ‫الســعر األســاس والقاعــدة لســعر رصف اللــرة مســتقبالً‪.‬‬ ‫أمــا املحــور الثــاين والــذي ال يزيــد ســوءا ً مــن املحــور‬ ‫األول الــذي يتنبــأ بــه العامــر‪:‬‬ ‫أال تجــد التســوية طريقهــا للحــل‪ .‬ويعنــي ذلــك تــرك‬ ‫الســوريني ملصريهــم مــع النظــام وحلفائــه‪ ،‬وهــم قــد‬ ‫أعــدوا العــدة مــن بدايــة الثــورة لذلــك الســيناريو‪،‬‬ ‫باالنتقــال إىل منطقــة الســاحل وتشــكيل دولــة طائفيــة‬ ‫تطلــب الحاميــة واالعــراف الــدويل‪ .‬وهــذا مــا يفــر‬ ‫عمليــات نقــل األمــوال املتبقيــة يف فــروع البنــك املركــزي‬ ‫باملحافظــات وموجــودات املتاحــف األثريــة‪ .‬كــا تــم‬

‫ســابقاً نقــل بعــض املعامــل والــركات ورؤوس األمــوال‬ ‫إىل مدينــة طرطــوس‪ .‬ويف حــال تــم العمــل بهــذا الخيــار‬ ‫عــى حســاب الخيــار األول ســيتم التعويــم الكامــل للــرة‬ ‫الســورية واالنتقــال إىل مرحلــة الدولــرة الكاملــة‪.‬‬ ‫وخالصــة القــول‪ :‬إن األســد مل يُبــقِ للــرة الســورية إال‬ ‫الخيــارات الســيئة‪ ،‬وعلينــا العمــل للوصــول للخيــار األقل‬ ‫ســوءا ً‪ .‬إن اســتمرار الوضــع الراهــن بــن التعويــم الجــزيئ‬ ‫والدولــرة الجزئيــة هــو زيــادة يف معانــاة الســوريني‪،‬‬ ‫الفقــر والغنــي منهــم‪ ،‬واملســتفيد الوحيــد هــو النظــام‬

‫وأم ـراء الحــروب‪.‬‬ ‫ولعــل انتصــار الثــورة هــو الحــل األمثــل لوضــع اللــرة‬ ‫الســورية‪ ،‬ولتعزيــز االقتصــاد‪ ،‬ووقــف عبــث أمــراء‬ ‫الحــرب‪ ،‬وإعــادة عجلــة اإلنتــاج إىل الــدوران‪ ،‬وبدعــم‬ ‫مــن الــدول الصديقــة للشــعب وللثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وهــذا كفيــل بوقــف ســيل الفقــر والعــوز الــذي يدفــع‬ ‫بــه النظــام إىل االقتصــاد الســوري‪ ،‬والــذي بــات بأمــس‬ ‫الحاجــة للحــل الجــذري وهــو بنــاء ســورية الجديــدة‬ ‫والحــرة واملنفتحــة عــى كل الخيــارات البنــاءة‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫داعش يسيطر على السخنة وحياصر تدمر ويعدم ‪ 26‬شخصًا‬ ‫خماوف من قيام التنظيم بنهب وتدمري آثار تدمر‬ ‫أثريــة مســجلة عــى الئحــة الــراث‬ ‫العاملــي‪ ،‬كــا فعلــوا يف مــدن الع ـراق‬ ‫األثريــة‪ ،‬حيــث تــم تدمــر مــدن‬ ‫الحــر والنمــرود واملوصــل ونهــب‬ ‫مقتنيــات متاحفهــا األثريــة بالكامــل‪.‬‬ ‫ومــن الجديــر بالذكــر أن املواقــع‬ ‫األثريــة يف ســوريا قــد تعرضــت للنهب‬ ‫وعمليــات التنقيــب عــن اللقــى‬ ‫واآلثــار التــي تكتنزهــا معظــم التــال‬ ‫األثريــة‪ ،‬والحصــون والقــاع بواســطة‬ ‫الجرافــات واملعــاول التــي أفقدتهــا‬ ‫قيمتهــا التاريخيــة‪ ،‬وذلــك مــن قبــل‬ ‫انــدالع الثــورة الســورية‪ ،‬شــاركت فيها‬ ‫عصابــات النظــام وعــدد مــن فصائــل‬ ‫القــوى الدينيــة املتشــددة التــي تبيــح‬ ‫عمليــات البحــث والتنقيــب عــن‬ ‫اآلثــار‪ ،‬واملتاجــرة بهــا‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل ذكــر موقــع العربية‬ ‫أن زعيــم تنظيــم داعــش أبــو بكــر‬

‫أقــدم تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش» عــى إعــدام ‪ /26/‬شــخصا ً‬ ‫بالقــرب مــن مدينــة تدمــر األثريــة‪،‬‬ ‫والتــي يحارصهــا منــذ يومــن‪ ،‬وذلــك‬ ‫إثــر ســيطرته الكاملــة عــى مدينــة‬ ‫الســخنة‪ ،‬الواقعــة عــى طريــق تدمــر‬ ‫ديــر الــزور الرسيــع الــذي يربطهــا‬ ‫مبدينتــي دمشــق وحمــص‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل ســيطرته الكاملــة عــى مســتودع‬ ‫اســراتيجي لألســلحة والذخــرة يف‬ ‫سلســلة الجبــال التدمريــة‪ ،‬ويعــد مــن‬ ‫أكــر مســتودعات الذخــرة يف ســوريا‪.‬‬ ‫وتــزداد املخــاوف مــن خــال مــا‬ ‫يتناقلــه ناشــطون عــر وســائل‬ ‫اإلعــام املختلفــة وصفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي مــن قيــام التنظيــم عــى‬ ‫نهــب وتدمــر مدينــة تدمــر األثريــة‪،‬‬ ‫التــي تعتــر واحــدة مــن ســتة مواقــع‬

‫البغــدادي دعــا «للهجــرة إىل الدولــة‬ ‫ســاها أرض‬ ‫اإلســامية»‪ ،‬والتــي‬ ‫ّ‬ ‫«الخالفــة» التــي أقامهــا العــام املــايض‬ ‫يف ســوريا والعـراق‪ ،‬وذلــك يف تســجيل‬ ‫صــويت بــث الخميــس هــو األول لــه‬ ‫منــذ أشــهر‪.‬‬ ‫والتســجيل هــو األول للبغــدادي‬ ‫منــذ نوفمــر‪ ،‬وقــد بــدا فيــه الصــوت‬ ‫شــبيها ً بالــوارد يف تســجيالت ســابقة‪.‬‬

‫تدمير آثار الموصل‬

‫ومل يحــدد تاريــخ التســجيل‪ ،‬كــا ال‬ ‫ميكــن التحقــق مــن صدقيتــه بشــكل‬ ‫مســتقل‪ .‬ويــأيت التســجيل بعــد تقارير‬ ‫صحافيــة يف األســابيع املاضيــة رجحــت‬ ‫إصابــة البغــدادي‪ ،‬إصابــة بالغــة يف‬ ‫رضبــة جويــة للتحالــف الــدويل الــذي‬ ‫تقــوده واشــنطن‪ ،‬ويســتهدف منــذ‬ ‫الصيــف مناطــق ســيطرة التنظيــم يف‬ ‫ســوريا والعــراق‪.‬‬

‫لصــور وفيديوهــات عديــدة حــول تظاهــرات عارمــة‬ ‫عمــت إقليــم كردســتان اإليــراين وتخللتهــا اشــتباكات‬ ‫بــن املتظاهريــن وقــوات األمــن جــرى خاللهــا حــرق‬ ‫بعــض املبــاين الحكوميــة‪ ،‬وظهــر يف موقــع «تويرت» وســم‬ ‫«إيــران تشــتعل» يف أعقــاب التظاهــرات‪ ،‬وانتــرت‬ ‫ردود فعــل منــددة بقمــع املتظاهريــن‪.‬‬ ‫وقــال أحــد املغرديــن ويدعــى نــارص عــى حســابه يف‬ ‫«تويــر»‪ ،‬أن «اللــه تعــاىل ميهــل وال يهمــل»‪ ،‬يف إشــارة‬ ‫إىل الحكومــة اإليرانيــة‪.‬‬ ‫وتوقــع أحمــد اللحيــدان أن تســفر التظاهــرات عــن‬ ‫ســقوط العديــد مــن القتــى‪ ،‬مضيفــاً يف تغريــدة‬ ‫«ملــاذا ال توجــد قنــوات إخباريــة تنقــل هــذا اإلج ـرام‬ ‫بحــق الشــعب»‪ .‬وقــال ثالــث يدعــى محمــد الشــيباين‪:‬‬ ‫«يجــب أن تقــوم دول الخليــج بجهــد إعالمــي لعــرض‬ ‫هــذه التظاه ـرات والشــغب للتأثــر عــى الــرأي العــام‬ ‫الــدويل والضغــط عــى الحكومــة اإليرانيــة»‪.‬‬ ‫وكان إقليــم كردســتان شــهد تظاهـرات ضــد الحكومــة‬

‫اإليرانيــة واشــتباكات بــن عنــارص األمــن اإليــراين‬ ‫وجمهــور غاضــب لجــأ إىل الحجــارة والعــي‪ ،‬عــى‬ ‫خلفيــة انتحــار إحــدى عامــات التنظيــف يف أحــد‬ ‫فنــادق مدينــة مهابــاد بســبب تعرضهــا ملحاولــة‬ ‫اغتصــاب‪.‬‬ ‫وشــبه عبداللــه فهــم يف تغريــدة بــن الفتــاة الكرديــة‬ ‫املنتحــرة والتونــي محمــد البوعزيــزي الــذي أشــعل‬ ‫انتحــاره حرقـاً الثــورة يف البــاد‪ .‬وقــال املغــرد أن «األمــر‬ ‫يتكــرر يف إي ـران»‪.‬‬ ‫وكانــت شــبكة «رووداو» اإلعالميــة الكرديــة نقلــت عــن‬ ‫أرسة الضحيــة أن «الســلطات األمنيــة فتحــت تحقيقـاً يف‬ ‫مالبســات الحــادث»‪ ،‬داعيـ ًة ســكان مهابــاد إىل «انتظــار‬ ‫نتائجه»‪.‬‬ ‫الحريــة للشــعب الثائــر‪ ،‬واملــوت ملجرمــي نظــام املــايل‬ ‫الطائفيــن‪ ،‬وإن الشــعب الســوري ينظــر إىل مســتقبل‬ ‫مــرق للمنطقــة وقــد خلــت مــن نظــام املــايل‬ ‫الطائفــي واملســتبد!‬

‫أعيدوا النظر‪...‬؟‬ ‫هائل حلمي سرور‬

‫يف خطــوات متســارعة قادمــة مــن‬ ‫قلــب الزمــن العتيــق تــراءت يل تلــك‬ ‫املعــاين مــن األغــاين فــا كان منــي إال‬ ‫تعريتهــا وتجســيدها وإســقاطها عــى‬ ‫واقــع تضاربــت فيــه كل املفاهيــم والقيــم‬ ‫واختلطــت أوراق الخريــف بألــوان الــدم‬ ‫والضبــاب لتصبــح العدالــة مقيــدة بفنــون‬ ‫النصــب واالحتيــال والقتــل واإلجــرام‬ ‫واإلرهــاب‪.‬‬ ‫مــن م ّنــا ال يذكــر تلــك األغنيــة التــي‬ ‫اجتمــع عــى إنشــادها نخبــة مــن املغنــن‬ ‫العامليــن املعروفــن‪ ،‬كــا يســمونهم آنذاك‪،‬‬ ‫والتــي جذبــت اهتــام الكثرييــن مــن أجــل‬ ‫إلهــاب الشــعور اإلنســاين وتوحيــد القلــوب‬ ‫والضامئــر لحاميــة اإلنســان مــن االضطهــاد‬ ‫والتمييــز العنــري والقتــل‪.‬‬ ‫‪we are the world we are the children‬‬ ‫لتتبناهــا هيئــة األمــم املتحــدة ولتضعهــا يف‬ ‫متحفهــا الشــمعي كتحفــة فنيــة إنســانية‬ ‫راقيــة‪.‬‬ ‫كلــات األغنيــة االقتبــاس «‪ ..‬ســيأيت علينــا‬ ‫حــن مــن الزمــن سنســمع نــدا ًء مــا‪..‬‬ ‫عندهــا ســيتوجب عــى العــامل أن يتحــد‬

‫من هنا البداية‬ ‫سانا جوكينين‬

‫إيــران تشــتعل‪ ..‬هاشــتاغ يلهــب إيران ويشــعل الثورة ضــد نظام الماللــي اإلجرامي‬ ‫نظــام إيـران االســتبدادي الــذي أدمــن سياســة القتــل‬ ‫والتعذيــب‪ ،‬هــا هــي الثــورة تشــتعل يف داخلــه‪ ،‬وينــدد‬ ‫الناشــطون بنظــام املــايل اإلجرامــي‪ ،‬الــذي ال يتــورع‬ ‫عــن اغتصــاب النســاء‪ ،‬وإتبــاع كل الســبل الوحشــية‪،‬‬ ‫التــي متــدد اســتمراره باالعتــداء عــى شــعبه‪ ،‬وعــى‬ ‫شــعوب املنطقــة‪ ،‬وخاصــة الشــعب الســوري‪ ،‬الــذي مــا‬ ‫ي ـزال يــذوق مــن إجرامــه األم ّريــن!‬ ‫وهــا هــي الصــور واألخبــار تتــوارد مــن داخــل إي ـران‪،‬‬ ‫عــن الثــورة التــي تشــتعل‪.‬‬ ‫ويف اتصــال مــع أحــد الناشــطني اإليرانيــن‪ ،‬قــال بــأن‬ ‫الشــعب اإلي ـراين يكــره نظــام املــايل‪ ،‬ويعتــره متورط ـاً‬ ‫بســفك الدمــاء الســورية‪ ،‬وقــد ورط الشــعب اإليــراين‬ ‫بــوزر جرامئــه‪ ،‬وأغــرق االقتصــاد والحيــاة العامــة‬ ‫بتكاليــف باهظــة‪ ،‬ونحــن مــع الثــورة الســورية وإن‬ ‫انتصارهــا ســيكون انتصــارا ً لطالبــي الحريــة يف إي ـران‪.‬‬ ‫وقــد شــهدت مواقــع التواصــل االجتامعــي انتشــارا ً‬

‫الحرملي‬

‫كلــه يف كيــان واحــد‪ ..‬هنــاك أنــاس ميوتون‪..‬‬ ‫وقــد حــان الوقــت لنمــد العــون للحيــاة‪..‬‬ ‫أن شــخصاً مــا يف مــكان مــا ســيقوم بالتغيري‬ ‫يف وقــت مــا‪ ..‬نحــن كلنــا جــزء مــن عائلــة‬ ‫كبــرة‪ ..‬نحــن العــامل‪ ..‬نحــن األطفــال‪ ..‬نحن‬ ‫الذيــن ســنصنع يومــاً أكــر إرشاقــاً فهيــا‬ ‫لنبــدأ بالعطــاء‪ ..‬هنــاك خيــار نحــن نختــاره‬ ‫أننــا نحافــظ عــى حياتنــا‪ ..‬أرســل لهــم‬ ‫قلبــك حتــى يشــعروا أن هنــاك أحــد يأبــه‬ ‫بهــم»‪ ..‬انتهــى االقتبــاس‪.‬‬ ‫هــل تنبــأ كاتــب كلامتهــا بوقــوع الكارثــة‬ ‫اإلنســانية الكونيــة؟‪ ..‬وهــل حققــت هــذه‬ ‫التحفــة الفنيــة عــى مــدى أجيــال يف مللمــة‬ ‫معانــاة الشــعوب وتوحيدهــا وانصهارهــا‬ ‫يف بوتقــة واحــدة؟ يــا ســبحان اللــه أجــل‬ ‫أىت هــذا النــداء ومل يتحــد العــامل يف كيــان‬ ‫واحــد‪ .‬أنــاس متــوت ومل يتحــد العــامل‬ ‫يف كيــان واحــد‪ ،‬وحــان الوقــت ليمــدوا‬ ‫يــد العــون فلــم يتحــدوا‪ ،‬وأن شــخصاً‬ ‫مــا يف مــكان مــا ســيقوم بالتغيــر‪ .‬أجــل‬ ‫أيهــا العــامل التائــه إنــه الشــعب الســوري‬ ‫العظيــم وثورتــه التــي زينــت بأغصــان‬ ‫الزيتــون‪ ،‬ومل تتحــد مــن أجلنــا رغــم أننــا‬

‫جــزء مــن عائلــة كبــرة‪ ..‬نحــن العــامل‬ ‫ونفتخــر‪ ..‬نحــن األطفــال ونفتخــر‪ ..‬أجــل‬ ‫جســدها وأثبــت للجميــع أنــه بقعة‬ ‫شــعبنا ّ‬ ‫مضيئــة‪ ،‬أطفالــه هــم وقودهــا هــم مــن‬ ‫أضــاؤوا ذاك النــور العظيــم‪ .‬أجــل هنــاك‬ ‫خيــار نحــن نختــاره أننــا مــا زلنــا نحافــظ‬ ‫عــى معتقداتنــا وتراثنــا وحريتنــا‪ ..‬واحــد‬ ‫واحــد الشــعب الســوري واحــد‪.‬‬ ‫«يــا عــامل أريض محروقــة‪ ..‬أريض حزينــة‬ ‫مرسوقــة‪ ..‬أريض صغــرة متــي صغــرة‪..‬‬ ‫اعطونــا الطفولــة اعطونــا الســام» ‪ ..‬أيهــا‬ ‫القابعــون مــن بعيــد نحــن لســنا أدوات‬ ‫متثيــل ولســنا كمبــارس مــن وراء ســتارة‬ ‫مــرح نحــن شــعب آثرنــا مفهــوم الحريــة‬ ‫فــوق كل املســميات وأســبغنا دماءنــا بقــوة‬ ‫العزميــة واإلرادة عــى بنــاء اإلنســان باتجاه‬ ‫الصــواب نحــو الفكــر واملعرفــة والفضيلــة‪.‬‬ ‫أيهــا العــامل املفتــون بصناعــة األحــداث‪،‬‬ ‫وقلــب كل املتغــرات متــى شــئت ومتــى‬ ‫شــاء صنــاع الق ـرار كفــاك لعب ـاً باألقــدار‪..‬‬ ‫أعــد لنــا هويتنــا‪ ..‬أعــد لنــا حريتنــا‪ ..‬أعــد‬ ‫لنــا أرضنــا املســلوبة‪ ..‬دعنــا نحيــا يف كنــف‬ ‫املحبــة فنحــن جــزء مــن عائلــة كبــرة‪..‬‬

‫يف يــوم حــار مميــز مــن شــهر نيســان ‪ ،2015‬كنــت‬ ‫جالســاً مــع صديقــي محمــد (والــذي غــرت اســمه‬ ‫حفاظ ـاً عــى ســامته) يف مقهــى شــعبي يدعــى مقهــى‬ ‫صحــاري يتمركــز يف أوتوس ـراد املــزة يف مدينــة دمشــق‪،‬‬ ‫وذلــك قبيــل إصــدار قانــون منــع التدخــن يف األماكــن‬ ‫املغلقــة ودخولــه حيــز التنفيــذ قبــل عــدة أســابيع فقــط‪،‬‬ ‫ويف ذلــك الحيــز كان الهــواء يف قلــب املقاهــي كمقهــى‬ ‫الصحــاري ي ُعــج بالدخــان املنبعــث مــن األراكيــل ومــع‬ ‫هــذا كان الهــواء منعش ـاً يف قلــب ذلــك املقهــى‪.‬‬ ‫مقهــى صحــارى مقهــى منوذجــي يــردد عليــه أبنــاء‬ ‫الطبقــة الراقيــة يف دمشــق‪ ،‬حيــث يتبــع قوائــم لوائــح‬ ‫األطعمــة الغربيــة ويقــدم «البيتــزا» الفاخــرة أيضــاً‪،‬‬ ‫إضافــة إىل ذلــك فإنــه يســتقطب الســياح األجانــب مــن‬ ‫حــن إىل آخــر‪ ،‬والذيــن يبغــون التغيــر الــذي كانــوا‬ ‫متعوديــن عليــه يف املطاعــم التقليديــة للمدينــة القدميــة‬ ‫يف دمشــق‪ .‬وبعــد جلوســنا وقيامنــا بالطلــب مــن النــادل‪،‬‬ ‫إذا بعــدة رجــال ضخــام الجثــة ومتوســطي العمــر قــد‬ ‫دخلــوا املطعــم‪ ،‬وقــد كان معظمهــم يرتــدي بــزات‬ ‫رياضيــة والتــي تختلــف وتتناقــض بحــدة مــع منــوذج‬ ‫النظــارات وســيارات الهمــر و‪ BMW‬التــي قــام النــادل‬ ‫بصفهــا خــارج املطعــم‪ ،‬وملجــرد مظهــر أولئــك الرجــال‬ ‫تدافــع ال ُنــ ُدل برسعــة الــرق لرتتيــب أفضــل طاولــة يف‬ ‫املطعــم لتلــك الزمــرة‪ ،‬ومــن الوهلــة األوىل أســتطيع‬ ‫القــول إن هــؤالء النــاس مهمــون غــر عاديــن ولكــن مــا‬ ‫دار يف ذهنــي وتســاءلت بــدوري مــن هــم مــن يكونــون؟‬ ‫فقمــت بســؤال رفيقــي عنهــم‪ ،‬فقــال أي محمــد مومئ ـاً‬ ‫برأســه ألحــد هــؤالء الرجــال هــو ابــن عــي دوبــا رئيــس‬ ‫املخابــرات العســكرية واملستشــار املقــرب للرئيــس‬ ‫الســابق حافــظ األســد‪ ،‬وأضــاف قائ ـاً‪ :‬لقــد لعــب دورا ً‬ ‫أساســياً خــال أحــداث الثامنينيــات التــي جــرت يف حــاة‪،‬‬ ‫وتســاءلت يف قـرارة نفــي مركـزا ً نظــري عــى تلــك الزمرة‬ ‫مــن الرجــال كمراقــب غــريب ال أســتطيع اال أن أصفهــم‬ ‫أنهــم عصابــة‪ ،‬ويف تلــك اللحظــة أومــأ يل محمــد كــا لــو‬ ‫أنــه قــرأ أفــكاري وعــر عــن رضــاه لقــويل‪.‬‬ ‫مترجم عن اإلنجليزية‬

‫جامعة حران تناقش مشاكل‬ ‫الطلبة السوريني‬ ‫ناقشــت هيئــة الطلبــة‬ ‫الســوريني يف مدينــة شــانيل أورفــا‬ ‫الرتكيــة الظــروف والصعوبــات‬ ‫ومعوقــات العمليــة التعليميــة‬ ‫التــي تواجــه الطلبــة الســوريني‬ ‫يف الجامعــات الرتكيــة‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫مقــر جامعــة حــران وبحضــور‬ ‫الســادة الدكتــور زاهيــد الحــق‬ ‫ممثــل األمــم املتحــدة‪ ،‬والدكتــور‬ ‫فرهــاد شــيخ بكــر مستشــار وزيــر‬ ‫الرتبيــة يف الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وعــدد مــن‬ ‫أســاتذة جامعــة حـران وســعد اللــه الجابــر رئيــس‬ ‫هيئــة الطلبــة الســوريني يف جامعــة حــران‪.‬‬ ‫وتــم االســتامع إىل مشــاكل الطلبــة الســوريني‬ ‫والصعوبــات التــي يواجهونهــا‪ ،‬ومتحــورت‬ ‫معظمهــا يف صعوبــة التســجيل يف الجامعــات‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬واإلجــراءات املتبعــة بهــذا الخصــوص‪،‬‬ ‫وكيفيــة التعامــل مــع إجـراءات التســجيل يف املنــح‬ ‫الرتكيــة للطلبــة الســوريني‪ ،‬واحتياجــات الطلبــة‬ ‫للمعلومــات التــي تعــرف بالجامعــات الرتكيــة‬

‫واالختصاصــات املتوفــرة فيهــا‪ ،‬والعمــل عــى أن‬ ‫تكــون هيئــة شــؤون الطــاب صلــة الوصــل بــن‬ ‫جامعــة حـران والطلبــة الراغبــن يف الدراســة فيهــا‪،‬‬ ‫وأن يضــاف إىل مجمــل نشــاطات الهيئــة االهتــام‬ ‫بالجانــب الرتفيهــي والتعليمــي املــوازي‪ ،‬والفنــي‬ ‫والريــايض للطلبــة الســوريني‪.‬‬ ‫وكانــت فرقــة اإلخــاء الوطنــي قــد قدمــت‬ ‫مجموعــة مــن األناشــيد واملعزوفــات الوطنيــة‪،‬‬ ‫أنشــدها طــاب مدرســة اإلخــاء للســوريني يف‬ ‫أورفــا‪ ،‬وقــد القــت استحســاناً وتجاوبــاً مــن‬ ‫جمهــور الحارضيــن‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫الذين يلعبون‪..‬‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫يف غمــرة األحــداث املتالحقــة عــى الصعــد‬ ‫الداخليــة واإلقليميــة بخاصــة ثــم الدوليــة‪،‬‬ ‫وأهمهــا املعــارك التــي يخوضهــا الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫وفصائــل املقاومــة األخــرى ضــد ميليشــيا حــزب‬ ‫اللــه يف القلمــون‪ ،‬وقمــة كامــب ديفيــد الخليجيــة‬ ‫األمريكيــة ومــا ســينتج عنهــا مــا ســيؤثر عــى‬ ‫تطــورات األوضــاع يف ســورية‪ ،‬ومشــاورات‬ ‫دميســتورا يف جنيــف‪ ،‬والهدنــة اإلنســانية يف اليمــن‪،‬‬ ‫وهــل ســتصبح إذا مــا صمــدت و ُمــددت مثــاالً‬ ‫ميكــن الضغــط لتطبيقــه يف ســورية؟‬ ‫يف هــذه الغمــرة تشــتعل مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي بــردود الفعــل عــى املؤمتــر الصحفــي‬ ‫املشــرك لرئيــس االئتــاف الوطنــي خالــد خوجــة‬ ‫ورئيــس تيــار بنــاء الدولــة «املعــارض» لؤي حســن‬ ‫بســبب غيــاب علــم الثــورة عــن خلفيــة املنصــة‬ ‫التــي وقفــا عليهــا‪ .‬وزاد يف االشــتعال التســجيل‬ ‫الصــويت املــرب للــؤي حســن ونائبتــه الــذي أبديا‬ ‫فيــه يف جلســة خاصــة «وجهــة نظرهــا» يف الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬وعــر فيــه لــؤي حســن «بحرقــة» عــن‬ ‫كرهــه لهــا‪ ،‬وخلــص إىل أن «رصمايــة أي عنــر‬ ‫مخابــرات يف نظــام األســد أرشف منهــا»‪ .‬وهــي‬ ‫نتيجــة أرادهــا بضغــط عــى مخــارج الحــروف‬ ‫والكلــات‪ ،‬قاطع ـ ًة بات ـ ًة ال زيــادة فيهــا ملســتزيد‪.‬‬ ‫هــذا املؤمتــر الصحفــي وقصــة العلــم فيــه‪ ،‬وهــذه‬ ‫الترسيبــات عــن ش ـ ّدة كُــره لــؤي حســن للثــورة‬ ‫و ِعظَــمِ تقديــره لـ»رصمــاي‪Q‬ة» عنــر مخاب ـرات‬ ‫األســد‪ ،‬واملؤمتــر الصحفــي الــذي عقــده رئيــس‬ ‫االئتــاف يف اليــوم التــايل لنــر ترسيبــات الجلســة‬ ‫الخاصــة للــؤي حســن‪ ،‬تجعلنــا نضــع مالحظــات‬ ‫ونطــرح تســاؤالت‪ ،‬أود اإلشــارة قبلهــا إىل أننــي‬ ‫أعتقــد أن مســألة وجــود العلــم‪ -‬عــى الرغــم مــا‬ ‫لــه مــن رمزيــة كبــرة– عــى املنصــة ال ت ُضيــف‬ ‫شــيئاً وال ت ُنقــص شــيئاً‪ ،‬وأن معرفــة مــا جــرى بــن‬ ‫الرجلــن أو الفصيلــن «املعارضــن» مــن اتفــاق أو‬ ‫عدمــه حــول هــذه النقطــة أو تلــك أكــر أهميــة‬ ‫مــن شــكلية العلــم‪.‬‬ ‫مــن هــذه التســاؤالت‪ :‬أليــس مــن املفــرض أن‬ ‫يعــرف االئتــاف حجــم لــؤي حســن وتيــاره‬ ‫ومــا ميثلــه يف الســاحة الســورية أو الســاحة‬ ‫العلويــة‪ ،‬وبرنام َجــه الــذي يحكــم ســره‪ ،‬وحج ـ َم‬ ‫التغيــر الــذي ســيحدثه االتفــاق معــه – اذا تــ ّم‬ ‫– يف موازيــن قــوى النظــام واملعارضــة؟ ومــا هــي‬ ‫النقــاط األوىل التــي تــ ّم االتفــاق عليهــا بينهــا‪،‬‬ ‫وتلــك التــي بقيــت دون اتفــاق؟ وهــل ســ ُيعقد‬

‫عبد الرحمن مطر‬ ‫يتســم املشــهد الســوري‪ ،‬بانكشــاف واســع‪،‬‬ ‫تتبــدى فيــه هشاشــة األط ـراف املختلفــة داخــل‬ ‫املعارضــة‪ ،‬أو يف بنيــة النظــام التــي تشــهد حالــة‬ ‫مــن انعــدام التــوازن‪ ،‬مل يســبق وأن شــهدتها‬ ‫الثــورة الســورية منــذ انطالقتهــا‪ ،‬مــع ركــود يف‬ ‫الحــراك الســيايس إىل حــ ّد مــا نتيجــة النشــغال‬ ‫كل بقضايــاه‬ ‫األطــراف الدوليــة واإلقليميــة‪ٌ ،‬‬ ‫اإلســراتيجية‪.‬‬ ‫كان مــن املفــرض أن يتــم اســتثامر تطــورات‬ ‫الوضــع الســوري‪ ،‬الرغــام النظــام عــى االنخـراط‬ ‫يف تفــاوض جــدي عــى مرحلــة انتقاليــة‪،‬‬ ‫فالتطــورات امليدانيــة يف عــدة مناطــق مــن‬ ‫الشــال والجنــوب الســوري‪ ،‬والتــي يخــر فيهــا‬ ‫الجيــش النظامــي مزيــدا ً مــن املناطــق التــي‬ ‫كان يســيطر عليهــا‪ ،‬يف مواجهــة قــوى املعارضــة‬ ‫املســلحة‪ ،‬مبختلــف تلويناتهــا‪ ،‬املثــرة لإلشــكاليات‬ ‫داخــل الثــورة الســورية‪ ،‬قــد أحــدث اهتــزازا ً‬ ‫حقيقي ـاً يف قلــب دمشــق‪ ،‬وضعــت نظــام األســد‬ ‫وحلفائــه أمــام مــؤرشات جديــدة‪ ،‬وبــأن تغـرات‬ ‫مؤثــرة يف املعــادالت التــي ظلّــت قامئــة عــى‬

‫‪7‬‬

‫احلميدية اجلديدة وإخوان سورية‬

‫لقــا ٌء آخــر بينهــا للبحــث فيهــا‪ ،‬أم أن الترصيحــات‬ ‫يف الترسيبــات قضــت عــى إمكانيــة كهــذه ‪ -‬وهذا‬ ‫مــا نرجحــه ‪ -‬مــا يعنــي أن االئتــاف خــرج مــن‬ ‫هــذا اللقــاء بحصــا ٍد ُم ـ ٍر مل يكــن بحاجــة إليــه؟‬ ‫ويف مؤمتــره الصحفــي الخــاص الــذي عقــده بعــد‬ ‫ـض النظــر عــن شــجاعة االعتــذار‬ ‫الترسيبــات‪ ،‬وبغـ ِّ‬ ‫عــن الخطــأ «غــر املتعمــد»‪ ،‬فــان رئيــس االئتــاف‬ ‫كان بائس ـاً‪ ،‬وبــدا أن الحجــة التــي ســاقها مل تكــن‬ ‫مقنعــة مطلق ـاً‪ ،‬وبــدا أنــه كان يدافــع عــن لــؤي‬ ‫حســن‪ ،‬ويحــاول تربيــر موقفــه مــن علــم الثــورة‪،‬‬ ‫وبــدا مقتنعــاً بأهميــة لــؤي حســن السياســية‪،‬‬ ‫مكســب لالئتــاف‪ ،‬ونســب إليــه مــا مل‬ ‫وبأنــه‬ ‫ٌ‬ ‫ينســبه لــؤي حســن إىل نفســه‪ ،‬وبــدا أنــه يتعامــل‬ ‫مــع منصبــه بخفــة شــديدة عندمــا قــال‪ :‬إن‬ ‫االســتقالة هــي أهــون يش ٍء ميكــن أن أفعلــه يف‬ ‫هــذه اللحظــة»‪.‬‬ ‫هــذا البــؤس ليــس نتيجــ ًة النعــدام الخــرة‬ ‫السياســية عنــد مــن يتــوىل مناصــب يف االئتــاف‪،‬‬ ‫وبــكل‬ ‫ِّ‬ ‫فانعــدام الخــرة هــذا ميكــن تعويضــه‬ ‫بســاطة بأســلوب العمــل‪ ،‬عندمــا يكــون جامعي ـاً‪،‬‬ ‫وعندمــا يســتعني شــاغل املنصــب مبستشــارين‬ ‫مــن ذوي الخــرة‪ ،‬وعندمــا يكــون اتخــاذ القــرار‬ ‫قــد جــاء نتيجــة لدراســة ّمســتفيضة ضمــن‬ ‫كل باختصاصــه‪ ،‬عندهــا تقـ ُّـل‬ ‫دوائــر املستشــارين ٍّ‬ ‫وتقــل الحاجــة إىل االعتــذارات‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫األخطــاء‬ ‫لكــن الواضــح أن املؤتلفــن ال يريــدون أن يتعلمــوا‬ ‫كيــف يعملــون بــروح الفريــق‪ ،‬ومــا زال القــرار‬ ‫يُتخــذ اعتباطــاً وبشــكل فــردي‪ ،‬مــع أن وزره‬ ‫ال يقــع عــى عاتــق ُمتّ ِ‬ ‫خــذ ِه فقــط‪ ،‬بــل يتحمــل‬ ‫االئتــاف هــذا الــوزر‪ ،‬وينعكــس ذلــك ســلباً عــى‬ ‫مصداقيتــه وقدراتــه ومكانتــه‪ ،‬واملباحثــات مــع‬ ‫لــؤي حســن واملؤمتريــن الصحفيــن األخرييــن‪ ،‬خري‬ ‫دليــل عــى مــا نقــول‪.‬‬ ‫مالحظــة أخــرى وإن ليســت أخــرة‪ ،‬كنــا نعتقــد‬ ‫أن «تبجيــل» البــوط أو الرصمايــة التــي ينتعلهــا‬ ‫عنــارص جيــش األســد ومخابراتــه‪ ،‬كان وقف ـاً عــى‬ ‫اإلعالميــن والفنانــن مــن صنــف «املحنبكجيــة»‪،‬‬ ‫وإذا بــه يصــل إىل املعارضــة القابعــة تحــت ســقف‬ ‫األســد (لــك اللــه يــا ســميح شــقري)‪.‬‬ ‫يف مشــهد مــن أحــد أفالمــه ينظــر عــادل إمــام‬ ‫باســتغراب إىل حــركات يقــوم بهــا أبنــاء جليســه‬ ‫الــذي يرتبــك ويقــول مخاطبــاً إيــاه بلهجــة‬ ‫اعتذاريــة وهــو يضحــك‪ ...« :‬بيلعبــوا»‪ .‬إذا كان‬ ‫هــؤالء «بيلعبــوا»‪ ....‬فليلعبــوا بغــر مصــر‬ ‫الشــعب والثــورة‪.‬‬

‫الشاوي الضليل‬ ‫أعتقــد أن األردوغانيــة قــد صاغــت حلفاءهــا الســوريني‪ ،‬ضمــن‬ ‫رؤيــة سياســية واقتصاديــة‪ ،‬تجعــل مــن ســورية مجــرد جــرم تابــع‬ ‫اآلن‪ ،‬ويف املســتقبل االنتقــايل والــذي قــد يطــول لربــع قــرن قــادم‪،‬‬ ‫مــن خــال قدراتهــا كجــار فاعــل يف اللوحــة الســورية‪ ،‬وقبــول‬ ‫أمريــي وأوريب‪ ،‬ودعــم حليفتهــا قطــر املــادي‪ ،‬هــذا مــن جهــة‪،‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬االســتجابة غــر املحــدودة مــن قبــل إخــوان‬ ‫ســورية لهــذه األردوغانيــة‪ ،‬وأعتقــد أن هــذه االســتجابة ترتكــز إىل‬ ‫عــدة عوامــل منهــا‪:‬‬ ‫‪ _1‬إن تنظيــم اإلخــوان املســلمني هــو تنظيــم عاملــي للمســلمني‬ ‫الســنة‪ ،‬وبهــذا يكــون التنظيــم الســوري ممثــل الســنة يف ســورية‪،‬‬ ‫والذيــن يشــكلون ‪ 68.7%‬مــن مجمــوع ســكان ســورية*‪ ،‬عــى‬ ‫الرغــم مــن إدراك قيادتهــم السياســية بــأن الغالبيــة االجتامعيــة ال‬ ‫تعنــي الغالبيــة السياســية‪ ،‬لكــن إغ ـراء االنف ـراد بالســلطة يدعــم‬ ‫هــذا االدعــاء‪.‬‬ ‫‪ _2‬تَ ثّــل التجربــة الرتكيــة يف املرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬يتيــح لإلخــوان‬ ‫البنــاء مــن أجــل إنشــاء عقــد ســيايس محــي ودويل‪ ،‬يجعــل منهــم‬ ‫اإلســام الســيايس املعتــدل املقبــول كبديــل عــن النظــام األســدي‬ ‫املســتبد‪ ،‬والقطــب املعــادل لتطــرف التنظيــات الجهاديــة (داعش‬ ‫والنــرة وأخواتهــا)‪.‬‬ ‫‪ _3‬فشــل املحــاوالت الســلمية والعنفيــة يف تثبيــت نــص دســتوري‬ ‫ســوري يؤكــد فيــه أن ديــن الدولــة اإلســام‪ ،‬وأن الرشيعة اإلســامية‬ ‫هــي املصــدر الرئيــس أو الوحيــد للترشيــع يف ســورية‪ ،‬منــذ انقالب‬ ‫حســني الزعيــم (‪ )1949‬وإلغــاء مجلــة األحــكام العدليــة (القوانــن‬ ‫العثامنيــة) واســتبدالها باملجموعــة القانونيــة التــي تنــص‪ ،‬كــا‬ ‫يف الدســاتري الالحقــة‪ ،‬عــى أن الترشيــع اإلســامي أحــد املصــادر‬ ‫الرئيســة للترشيــع يف ســورية (وليــس الوحيــد)‪ ،‬وهــذه االســتجابة‬ ‫تتيــح لإلخــوان التفــاوض‪ ،‬ورمبــا إل ـزام كل األط ـراف وتســليمها يف‬ ‫تثبــت هــذا النــص‪ ،‬ألنهــم القــوة اإلســامية املعتدلــة (سياســياً‬ ‫وعســكرياً)‪ ،‬التــي ستســحب أحــد أهــم شــعارات اإلســام الســني‬ ‫الجهــادي املتطــرف (اإلرهــاب) وهــو إقامــة رشع اللــه الســني‪.‬‬ ‫ضمــن هــذه االســتجابات بنــت تركيــا األردوغانيــة اســراتيجيتها‬ ‫السياســية مبــا يتناســب وثوابتهــا الوطنيــة‪ ،‬ومبــا أن األردوغانيــة‬ ‫هــي النســخة املطــورة عــن الحميديــة العثامنيــة واألتاتوركيــة‪/‬‬ ‫دولــة علامنيــة تقــود مجتمع ـاً ديني ـاً‪. /‬‬ ‫أعتقــد أن األردوغانيــة تتطلع إىل لعب الدور الســيايس واالقتصادي‬ ‫املركــزي يف العــامل اإلســامي الســني‪ ،‬والــرق األوســطي الجديــد‪،‬‬ ‫كأمنــوذج ميكــن تســويقه عاملي ـاً‪ ،‬مــن خــال نجاحاتــه يف ســورية‬ ‫الجديــدة‪ ،‬مــع األخــذ بعــن االعتبــار خصوصيــات املكونــات يف‬ ‫هــذا الــرق األوســطي الجديــد‪ ،‬الــذي أثبــت فيهــا الالعــب الــريك‬ ‫مهــارة بارعــة يف إدارة الفــوىض وأزماتهــا‪ ،‬مــا جعــل منــه رشيــكاً‬ ‫ال ميكــن االســتغناء عنــه أمريكيـاً وأوروبيـاً وعربيـاً‪.‬‬

‫أعتقــد أن األردوغانيــة التــي درســت جيــدا ً التجربــة الحميديــة‪،‬‬ ‫واســتخلصت عربهــا‪ ،‬قــد اســتفادت مــن كل نتائــج الحــرب‬ ‫البــاردة‪ ،‬وكذلــك حــروب جريانهــا مــا جعــل منهــا أحــد أهــم‬ ‫اقتصاديــات العــامل منــوا ً‪ ،‬ومــع كل هــذه النجاحــات وجــدت تركيــا‬ ‫األردوغانيــة أن ال جــدوى مــن كل ذلــك‪ ،‬إال إذا أعــادت االعتبــار‬ ‫لنفســها كدولــة تطمــح ألن تكــون عظمــى‪ ،‬أمــام املــروع اإليـراين‬ ‫املهــدد لــدور تركيــا واملختلــف معهــا مذهبيــاً‪ ،‬وهــذا يجعــل‬ ‫مــن الســنة العــرب الحلفــاء املوضوعيــن للمــروع الــريك‪ ،‬وإ ّن‬ ‫نجاحهــا يف ســورية‪ ،‬اســتند إىل اســتجابة سياســية وعقائديــة مــن‬ ‫أهــم التنظيــات اإلســامية (االرهابيــة واملعتدلــة)‪ ،‬وهــذا أتــاح‬ ‫لهــا أن تكــون الرشيــك األول مبحاربــة اإلرهــاب يف املنطقــة‪ ،‬ألنهــا‬ ‫األكــر خــرة يف التعامــل معــه‪ ،‬وإقنــاع املجتمــع الــدويل أن هنــاك‬ ‫إســام ســيايس معتــدل (تنظيــم اإلخــوان الســوري) يف املنطقــة‬ ‫يتمثــل التجربــة الرتكيــة ونســختها املطــورة األردوغانيــة التــي‬ ‫أحيــت شــعارات عبــد الرحمــن الكوكبــي (الحريــة هــي روح‬ ‫الديــن _ فلتحيــا األمــة‪ ،‬فليحيــا الوطــن‪ ،‬فلنحيــا طلقــاء‪ ..‬وفصــل‬ ‫الديــن عــن الدولــة‪ .‬الــخ) يف قانــون ســيايس تــريك بامتيــاز أال وهــو‪:‬‬ ‫الدولــة العلامنيــة هــي الضامنــة الوحيــدة لقيــادة مجتمــع دينــي‬ ‫متخلــف‪ ،‬متعــدد الطوائــف واإلثنيــات املتقاتلــة فيــا بينهــا‪ ،‬مــن‬ ‫أجــل وحدتــه ودخولــه عــر العوملــة‪ ،‬وبذلــك وضعــت الحلفــاء‬ ‫أمــام خياريــن إمــا دولــة (داعــش وأخواتهــا)‪ ،‬أو أمنــوذج الدولــة‬ ‫األردوغانيــة‪ ،‬وأعتقــد أن أمريــكا والحلفــاء ســيختارون الخيــار‬ ‫الثــاين‪ ،‬لقدرتهــم عــى ضبــط إيقــاع حركتــه‪.‬‬ ‫وبذلــك تكــون األردوغانيــة هــي الحــل التوفيقــي بــن الخالفــة‬ ‫الحميديــة واألتاتوركيــة القوميــة‪ ،‬والــذي يســوق لــه كحــل أمثــل‬ ‫ميكــن مــن خاللــه إجــراء التســويات السياســية واالجتامعيــة يف‬ ‫ســورية‪ ،‬والــذي يتبنــاه اإلخــوان املســلمون يف ســورية يف بياناتهــم‬ ‫ومواثيقهــم وعــر تعبرياتهــم املختلفــة (السياســية‪ ،‬املدنيــة‪،‬‬ ‫العســكرية) ‪.‬‬ ‫* الرصاع عىل السلطة يف سورية – د‪ .‬نيكوالس فان دام ط‪ – 2‬ص ‪16‬‬

‫تقلبات وإرباكات املشهد السوري‬ ‫األرض طــوال عامــن مضيــا‪.‬‬ ‫الســقوط الدراماتيــي ملــدن وبلــدات‪،‬‬ ‫ومعســكرات الجيــش الســوري‪ ،‬يكشــف الغطــاء‬ ‫كام ـاً عــن مســألتني مهمتــن‪ ،‬أوالهــا أن النظــام‬ ‫قــد وصــل إىل درجــة كبــرة مــن العجــز يف‬ ‫املحافظــة عــى مواقعــه‪ ،‬والتــي ظلــت عصيــة‬ ‫عــى مختلــف الفصائــل‪ ،‬مبــا تشــكله مــن بــؤر‬ ‫إســناد ومتويــن‪ ،‬وقيــادة عمليــات ملنطقــة الغــاب‬ ‫بأكملهــا‪ ،‬إضافــة لريــف حلــب والالذقيــة‪.‬‬ ‫واملســألة الثانيــة انكشــاف مناطــق الســاحل‬ ‫الســوري وجبالــه‪ ،‬أمــام القــوى التــي تشــكل‬ ‫تهديــدا ً عقائديـاً وسياســياً مبــارشا ً لها‪ ،‬ولســكانها‪،‬‬ ‫وبالتــايل مزيــدا ً مــن تضييــق الحلقــة عــى نظــام‬ ‫األســد وحلفائــه‪.‬‬ ‫فتحــت هــذه التطــورات‪ ،‬الطريــق أمــام مواجهــة‬ ‫مفتوحــة مــع حــزب اللــه مــرة أخــرى يف القلمون‪،‬‬ ‫مــع اســتهداف متكــرر للطـران اإلرسائيــي ملواقع‬ ‫النظــام وحلفائــه‪ ،‬يف العمــق الســوري‪ ،‬يف جملــة‬ ‫مــا يعنيــه ذلــك اســتمرار تقليــم أظافــر األســد‪،‬‬ ‫بعــد تســليمه الســاح الكيميــاوي‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫تدمــر ترســانته الصاروخيــة‪ ،‬ومخــازن األســلحة‬

‫النوعيــة‪ ،‬ليــس فقــط مبــا يضمــن اســتخدامها‬ ‫مــن قبــل النظــام ضــد إرسائيــل‪ ،‬يف أي مواجهــة‬ ‫محتملــة‪ ،‬لتصديــر األزمــة إىل الخــارج‪ ،‬يف ســياق‬ ‫توتــر قائــم يف املنطقــة‪.‬‬ ‫لكنــه أيض ـاً ســعي اســتباقي لحرمــان املعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬مبــا فيهــا التنظيــات اإلرهابيــة‪،‬‬ ‫وحــزب اللــه‪ ،‬مــن الســيطرة عــى هــذه األســلحة‬ ‫والقواعــد‪.‬‬ ‫واضــح بــأن النظــام‬ ‫وإملــاح‬ ‫يف ذلــك استشــعا ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫يفقــد قدراتــه تدريجيـاً وأن ســقوطه‪ ،‬قــد يكــون‬ ‫قريبـاً إن مل تكــن هنــاك تســوية سياســية تنقــذه‬ ‫مــن ســقوط الدرجــة األخــرة‪.‬‬ ‫أدت ارتــدادات عاصفــة الحــزم‪ ،‬إىل خلخلــة ب ّينــة‬ ‫يف مســار املــروع اإلي ـراين يف ســورية‪ ،‬أشــغلت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مناهــض ملــا أســمته التدخــل‬ ‫بحشــد‬ ‫أطرافــه‬ ‫الخارجــي يف اليمــن‪ ،‬يف الوقــت الــذي كانــت‬ ‫تتلقــى فيــه رضبــات موجعــة‪ ،‬تجربهــا عــى‬ ‫الرتاجــع‪.‬‬ ‫األط ـراف الدوليــة التــي أوكلــت مهمــة تأســيس‬ ‫أرضيــة للتفــاوض يف الوقــت املســتقطع‪ ،‬تعمــل‬ ‫بهــدوء عــى عكــس نتائــج العمــل الســعودي‬

‫الخليجــي يف اليمــن‪ ،‬ومــروع االتفــاق النــووي‬ ‫اإليــراين‪ ،‬عــى األحــداث يف ســوريا‪ ،‬فأضحــت‬ ‫طهـران اليــوم مــا بــن املطرقــة والســندان‪ ،‬يف مــا‬ ‫فشــلت موســكو يف إنقــاذ منتــدى الحــوار‪.‬‬ ‫مثــة تســاؤل اليــوم‪ ،‬عــا إذا كانــت واشــنطن‬ ‫وحلفاؤهــا قــد أنضجــت رؤيــة مــا لحــل الوضــع‬ ‫يف ســورية‪ ،‬أو بعبــارة أكــر دقــة‪ ،‬إن كانــت‬ ‫ظــروف وأســباب إســقاط األســد ونظامــه‪ ،‬قــد‬ ‫توافــرت‪.‬‬ ‫ليــس مــن الواضــح أن هنــاك توجــه أمريــي‪/‬‬ ‫غــريب لدعــم تقــدم قــوى املعارضــة املســلحة‪،‬‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬ســواء عــى املســتوى الســيايس‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم العســكري‪ ،‬فــا تـزال القــوى املكونــة لجيــش‬ ‫الفتــح يف نظــر املجتمــع الــدويل هــي تنظيــات‬ ‫وتشــكيالت إســامية غــر معــرف بهــا‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫فــإن رشاكتهــا لجبهــة النــرة‪ ،‬تجعــل منهــا‬ ‫«إرهابيــة»‪ .‬وهــذا األمــر واضــح حتــى اآلن يف‬ ‫التعتيــم اإلعالمــي الواســع‪ ،‬إضافــة إىل الحديــث‬ ‫املتواصــل عــن التهديــد الــذي تشــكله هــذه‬ ‫القــوى‪ ،‬عــى األقليــات‪ ،‬والعمــل املــدين‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫اآلمــال بإقامــة مجتمــع دميقراطــي عــادل‪،‬‬

‫ســتصبح مجــرد حلــم يتبخــر مــع تعاظــم ســلطة‬ ‫اإلســاميني الجهاديــن‪.‬‬ ‫هــذه املخــاوف محقــة‪ ،‬ال يــزال كثــر مــن‬ ‫مامرســاتها غــر مطمــن‪ ،‬غــر أن مــا يتعــرض لــه‬ ‫نظــام األســد مــن هزائــم حقيقيــة‪ ،‬عــى يديهــا‪،‬‬ ‫ســيؤثر بــا شــك يف تكويــن املشــهد القــادم‪،‬‬ ‫باســتمرار الزحــف يف ســهل الغــاب‪ ،‬ورمبــا العودة‬ ‫إىل معركــة الســاحل‪ ،‬وبالتــايل االســتحواذ عــى‬ ‫جملــة أوراق قويــة ســوف تســتخدم الحقـاً يف أي‬ ‫عمليــة تفــاوض مــع النظــام‪.‬‬ ‫لكــن املعطيــات الجديــدة‪ ،‬املتصلــة بإربــاكات‬ ‫املعارضــة الســورية‪ ،‬وانشــغاالتها بقضايــا ال‬ ‫تصــب يف مصلحــة الثــورة واالســتفادة مــن‬ ‫النتائــج عــى األرض‪ ،‬يجعــل مــن مخــاوف‬ ‫الغــرب تقــرب كثـرا ً مــن رؤى النظــام الــذي مــا‬ ‫انفــك يســوقها أمــام املجتمــع الــدويل‪ ،‬وال شــك‬ ‫يف أن تراجــع فــرص إطــاق برنامــج التدريــب‬ ‫العســكري للمعارضــة الســورية‪ ،‬يحمــل دالالت‬ ‫واضحــة‪ ،‬بشــأن اســتمرار الفــوىض إىل مــا بعــد‬ ‫االنتخابــات األمريكيــة‪ ،‬وبالطبــع إنجــاز االتفــاق‬ ‫النــووي اإليــراين الشــهر املقبــل‪.‬‬


‫‪8‬‬ ‫مراجعات إسالمية ـ ‪ 6‬ـ‬ ‫من اخلوارج إىل داعش‪( :‬ثانيًا ـ داعش)‬ ‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫معبد الحسون‬

‫تنس نصي َبك‪ ..‬من االنتحار اجلماعي‪:‬‬ ‫‪ 4‬ـ وال َ‬

‫الــرك امل ُ ْحكــم للقاعــدة‬ ‫بعــد أن تــ َّم ْ‬ ‫نص ُ‬ ‫ــب هــذا َ َ‬ ‫«القدميــة» لحســاب استنســاخ نســختها «الجديــدة»‪،‬‬ ‫كان ال بــد مــن اســتكامل امل َُص َّنــع الجديــد بتوافــر ِقطَ ِع ـ ِه‬ ‫املُتَ ِّممــة والشــارطة لنجــاح الصنعــة ورواج اشــتهارها‪ ،‬فت ـ َّم‬ ‫توف ـ ُر أبضــا ٍع عديــدة مــن تنظيــات شــيعية شــبه بدائيــة‬ ‫املحتــوى واألفكار‪،‬حتــى أنهــا لتــكاد تنتمــي بفحواهــا‬ ‫ومســببات وجودهــا إىل العــر الحجــري‪ ،‬وإىل ِ‬ ‫الحقَــب‬ ‫الغابــرة وعهــود الطوطميــة يف حيــاة البــر‪ ،‬وإىل مــا قبــل‬ ‫الوثنيــة يف مجتمعــات اإلنســان‪..‬‬ ‫كان املطلــوب أرهاطــاً مــن مجاميــ َع برشيــة متحمســة‬ ‫ومســتنفرة دامئــاً لالشــتباك الطائفــي‪ ،‬كــا خُطــط لهــا‬ ‫للدفــاع عــن العتبــات املقدســة كــا أفهموهــم‪ ،‬ومتأهبــة‬ ‫لقتــال أعــداء الحســن وعــي وزينــب والعبــاس‪ ،‬فضـاً عــن‬ ‫اللطــم والبــكاء دون ســبب معقــول‪ ،‬بــل وحتــى االستشــهاد‬ ‫انتقامــاً ممــن يســمونهم أعــداء آل البيــت‪ ،‬خصوصــاً أن‬ ‫املؤسســة التــي س ـتُ َكلَّف بقطرهــم وتأهيلهــم لهــذا الــدور‬ ‫كانــت قدميــة وراســخة فــوق الــراب العراقــي واإليــراين‪،‬‬ ‫ومتجــذرة تحــت ســاواته منــذ عهـ ٍـد بعيـ ٍـد‪ ..‬إنهــا رشكات‬ ‫ذات خــرة إيديولوجيــة‪ ،‬ولهــا تقالي ُدهــا‪ ،‬وحســ ُبك أن‬ ‫تحــدد مواصفــات طلباتِــك لتُلبــى يف الحــال‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫أ َّن هنالــك مجامي ـ َع مبئــات اآلالف مــن العاطلــن والجهلــة‬ ‫وال َجوعــى املدقعــن ومــن ال عمــل لهــم وال رســالة يف هــذه‬ ‫الكاهــل أو يَ ِخــ َز الضمــر قليــاً‬ ‫َ‬ ‫املجتمعــات‪ ،‬ولــن يث ِقــل‬ ‫أو كث ـرا ً‪ ،‬أن تضحــي بجرعـ ٍ‬ ‫ـات ضخمــة مــن هــذا ال ُفتَــات‬ ‫البــري الــرثّ واملجــاين بــن فين ـ ٍة وأخــرى‪..‬‬ ‫إنهــم ُم َتك ِّومــون حــول العتبــات املقدســة واألرضحــة‬ ‫الشــيعية الكثــرة كالبكترييــا الهامئــة والســابحة يف ظلــات‬ ‫التاريــخ والخرافــة والجهــل‪ ،‬وعــى جهوزيــة كاملــة‬ ‫لالنخــراط يف منظــات مقدســة تحوطهــا عنايــة اللــه‬ ‫ومعجـزات آل البيــت‪ ،‬ولســوف تجــدُ إيـران‪ ..‬والحكومــات‬ ‫العراقيــة العميلــة لهــا‪ ،‬واملتعاقبــة عــى واجهــات الحكــم‬ ‫يف بغــداد‪ ،‬أنــه ســيكون (مــن املفيــد والج ّيــد واملستحســن‪،‬‬ ‫واملنــدوب رشعـاً‪ ،‬واملطلــوب رشطـاً وركنـاً لنجــاح الصناعــة‬ ‫الجديــدة ‪ -‬داعــش)‪ ،‬أو آلــة القاعــدة الجديــدة‪ ،‬أن يتــم‬ ‫تفجــر هــؤالء الشــيعة الطيبــن واملســاملني‪ ،‬والراقديــن‬ ‫حــول املراقــد املقدســة ويف أســواق الفقــراء وبيــوت‬ ‫الصفيــح والتنــك‪ ،‬بالعبــوات والســيارات املفخخــة بشــكل‬ ‫شــبه يومــي‪ ..‬يجــب قتلهــم بالجملــة متهيــدا ً لتجنيدهــم يف‬ ‫ميليشــيات مــوت بالجملــة‪ ،‬خاصــة أنهــم لــن يجــدوا كثـرا ً‬ ‫داعــش‬ ‫ُ‬ ‫تقتــل‬ ‫ْ‬ ‫ممــن ســيذرف عليهــم الدمــوع‪ ،‬إذ لــو مل‬ ‫هــؤالء‪ ،‬وبرزمـ ٍ‬ ‫ـات برشيــة ســخية وكبــرة‪ ،‬فــا هي مســببات‬ ‫وجودهــا ومــررات استنســاخها لتأديــة رشطهــا الوظيفــي‬ ‫الســ ِّني‬ ‫إذن؟ وكيــف ميكنهــا أن تقــ ّدم نفســها لوســطها ُ‬ ‫العــام‪ ،‬والــذي ســتحتاجه الحقــاً لضــخ آالف املنتســبني‬ ‫واملقاتلــن واالستشــهاديني مــن أجــل قتــال «الخونــة أنصــار‬ ‫األمريــكان‪ ،‬وظهريهــم املتواطــئ عــى احتــال العـراق»؟ إن‬ ‫مــن يفكــر يف تعهــد حلبــة مالكمــة مــن أجــل الربــح عليــه‬ ‫ــن اثنــن‪ ،‬جاه َزيْــن‬ ‫قبــل أي يشء أن يتعاقــد مــع مالكِ َم ْ‬ ‫إلثخــانِ ِ‬ ‫بعضهــا وإدمــاء جســديهام‪ ،‬يك يســتمتع الجمهــو ُر‬ ‫صفــق‪.‬‬ ‫ويُ َ‬ ‫إذن يتوجــب يف وضــع التصميــمِ األويل للصناعــة الجديــدة‬ ‫أن نُفتــش يف أغــوار الــروح الخفيــة لهــذا الــرق الهائــم‬ ‫ننبــش مــن كهوفــه القدميــة‬ ‫َ‬ ‫ضياعــاً عــى وجهــه‪ ،‬وأن‬ ‫واملنســية جنونـاً حميــدا ً ميكــن للحكمــة املنســية واملنطــق‬ ‫ـ أو مــا يوحــي اســتلامحاً مناميـاً بأنــه يش ٌء يشــبه الحكمــة‬ ‫واملنطــق ـ أن تســتعيد ذلــك الجنــون‪ ،‬وأن تصوغــه وتقدمــه‬ ‫كالفاكهــة اللذيــذة عــى مائــدة املقــدس‪ ،‬والــذي ســتلوح‬ ‫مخايلــه وكأنــه يتصــل ســبباً ونســباً باإلســام وبالله وبرســوله‬ ‫(ولــن يُدقــق أحـ ٌد يف كهــوف الــرق اليائســة واملح َبطــة يف‬ ‫صحــة تلــك األســباب واألنســاب‪ ،‬واتصالهــا باإللــه واإلســام)‬ ‫هــذا املنطــق‪ ،‬منطــق داعــش‪ ،‬بســيط ورصيــح وشــفاف‬ ‫ال تعقيــد فيــه‪ ..‬إنــه يقــول للبرشيــة جمعــاء‪ ،‬مواجهــ ًة‬ ‫ورصاحــ ًة ال لَ ْبــس فيهــا‪ :‬إن البــرـ أي الســبعة مليــارات‬

‫إنســان الذيــن يعيشــون عــى ظهــر الكوكــب ـ وحتــى‬ ‫يكونــوا بــرا ً جيديــن وصالحــن ومعفيــن مــن عقوبــة‬ ‫القتــل بالســيوف والبلطــات والصلــب يف الســاحات‪ ،‬عليهــم‬ ‫أن يكونــوا رعايــا للدولــة اإلســامية التــي ُج ِعــل خليفــ ًة‬ ‫عليهــا أبــو عــواد إبراهيــم‪ ،‬وأن يبايعــوا الرجــل عــى الســمع‬ ‫والطاعــة دون أي مســاءلة أو استفســار‪ ،‬وأن يكــون وســطاء‬ ‫تلــك البيعــة بــن الخليفــة وبقيــة البــر أشــباحاً ترتــدي‬ ‫أقنعــة ال اســم لهــا وال هويــة وال ذات ت ُ َعــ َّرف بهــا‪ ..‬إنهــا‬ ‫ســتربز فجــأة مــن قلــب الظــام والعتمــة وهــي تُلّــوح‬ ‫براياتهــا الســوداء لتُ َعـ ِّر َف عــن نفســها‪ ..‬بغــر ذلــك ال ميكــن‬ ‫أن تســتقيم األمــور مــن وجهــة نظــر مــا يرونــه «إســاماً»‪.‬‬ ‫عليــك أن ت ُغــري وتغــوي روح الــرق كلِّــه بحــرب القاعــدة‬ ‫عــى العــامل‪ ..‬هــذه الحــرب مــا هــي ســوى بــو ٍح «وجــداين‬ ‫َهــذَايئ» يتحــدث عــن أعــال جليلــة وخطــرة‪ ،‬علينــا‬ ‫كمســلمني أن نبــدأ بهــا وأن ننجزهــا‪ ..‬صحيــح أن هــذا‬ ‫ـتوعب‬ ‫ـب بــأن يكــون لــه معنــى‪ ،‬وغ ُري مسـ ٍ‬ ‫البــوح غــر ُمطَالَـ ٍ‬ ‫ال يف عقــول وأســاع الناطقــن بــه‪ ،‬وال يف عقــول وأســاع‬ ‫الســامعني املصغــن إليــه‪ ،‬إمنــا كان علينــا اســتحقاقاً يف‬ ‫ـي صوتـاً مجهــوالً مــن ســاوات‬ ‫ضامئرنــا ووجداناتنــا أن نُلبـ َ‬ ‫ال شــعورنا العميــق‪ ،‬يهتــف بنــا قبــل أن نتــاىش ونضمحــل‬ ‫وننقــرض يف طوايــا العــر الحديــث الــذي يهاجمنــا دومنــا‬ ‫شــفقة أو منــح فرصـ ٍة أخــرة للتأمــل والتفكــر‪« :‬قومــوا إىل‬ ‫جنــ ٍة عرضُ هــا الســموات واألرض‪ ،‬وقولــوا كــا قــال اللــه‬ ‫ــق ِمــ ْن‬ ‫تعــاىل‪َ { :‬وإِ ْذ قَالُــوا ْ اللَّ ُهــ َّم إِن كَا َن َهـــذَا ُهــ َو الْ َح َّ‬ ‫َاب‬ ‫السـ َـا ِء أَ ِو ائْ ِت َنــا ِب َعـذ ٍ‬ ‫ِعنـ ِـد َك فَأَ ْم ِطـ ْر َعلَيْ َنــا ِح َجــا َر ًة ِّمـ َن َّ‬ ‫أَلِيــمٍ }‪ ،‬ولقــد كان مــا أراد بــوح القاعــدة الهــذايئ‪ ،‬فأُ ْم ِطرنــا‬ ‫كل‬ ‫العــذاب األليــم مــن ِّ‬ ‫بحجــارة مــن الســاء‪ ،‬وجاءنــا‬ ‫ُ‬ ‫ـوب‪..‬‬ ‫ـدب وصـ ٍ‬ ‫حـ ٍ‬ ‫كان عــى الواليــات املتحــدة أن توقــ َع إيــران يف مكيــدة‬ ‫ش ٍك لفلــول القاعــدة‬ ‫أوثــق وحفــرة أعمــق مــا نصبتـ ُه مــن َ َ‬ ‫املتجمعــة مجــددا ً‪ ،‬ولفلــول جيــش صــدام الــذي تفرق شــذ َر‬ ‫ـر ُع يف إعــادة إنتــاج الجميــع عــى مبــدأ‬ ‫مــذ َر‪ ،‬وهــا هــي تـ ْ ُ‬ ‫ال ُقــط واملِـ ْـرد‪ ..‬تضــع أمــام عينــي القُط نقطـ َة دمٍ عــى ِمربدٍ‬ ‫حديــدي‪ ،‬فتثــر شــهيته للعــق بقعــة الــدم الصغــرة‪ ..‬يلعـ ُـق‬ ‫ُ‬ ‫وتتمــزق أشــداقُه‪ ،‬ويــزداد‬ ‫القُــط الــدم‪ ،‬فينجــرح لســانُه‬ ‫ـب‬ ‫ـر دائــر ُة الــدم املطلــول‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الــدم وينــزف أكــر‪ ،‬وتكـ ُ ُ‬ ‫ويحسـ ُ‬ ‫ال ُقـ ُّط أنــه كوفــئ‪ ،‬بعــد لعقــه النقطــة األوىل‪ ،‬بضـ ِّخ مزيــدٍ‬ ‫مــن هــذا الغــذاء الشــهي املشــبع‪ ،‬فيــزداد رسعـ ًة ورضاو ًة يف‬ ‫اللعــق أكــر فأكــر‪ ،‬وشــيئاً فشــيئاً يكــون قــد خمــش لح َمـ ُه‬ ‫ـي وال درايــة‪ ،‬وهكــذا حتــى‬ ‫وفتَّتَهُ‪،‬وجعــل يأكلُــه دون وعـ ٍ‬ ‫يكــون قــد الته ـ َم مــا ق َ​َس ـ َم لــه القــد ُر مــن لحمــه ودمــه‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫خمــس وثالثــن‬ ‫هكــذا ســوف تجــد إيــران نفســها بعــد‬ ‫كل مالهــا وثروتهــا القوميــة‪،‬‬ ‫عامـاً مــن ثورتهــا‪ ،‬وقــد أنفقــت َّ‬ ‫ال عــى تنميــة بالدهــا ورفاهيــة شــعبها ومســتقبل تطلعــه‬ ‫نحــو الحداثــة ليمتلــك ضامنــات للمســتقبل‪ ،‬بــل لتُ ـذَري‬ ‫ـروب‬ ‫َّ‬ ‫كل تلــك اإلنفاقــات يف الريــح العاصفــة‪ ،‬مــن أجــل حـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وهميــة ورصاعــات كلــا قيــل وصلــت إىل ذروتهــا‪ ،‬ووقفــت‬ ‫عنــد ح ِّدهــا األخــر‪ ،‬متــادت وانفتحــت أكــر فأكــر عــى‬ ‫ـروب وفتوحـ ِ‬ ‫ـات ســيطر ٍة إمرباطوريــة جديــدة‪.‬‬ ‫شــهية حـ ٍ‬ ‫يــا لبــؤس هــذا العــامل ويــا لتعــس ســكانه‪ ..‬فاملشــكلة‬ ‫يف األطيــاف اإلســامية املختلفــة (املعتدلــة)‪ ،‬ويف كارهــي‬ ‫داعــش ومحاربيهــا‪ ،‬ويف أولئــك األوربيــن واألمريكيــن‬ ‫(الطيبــن جــداً)‪ ،‬والذيــن تط َّبعــوا (وطبعــوا غريهــم)‬ ‫عــى أن اإلرهــاب ليــس شــيئاً جيــداً وخـ ِّـراً‪ ،‬أنهــم آمنــوا‬ ‫بأســطورة داعــش أكــر مــا يجــب‪ ،‬وأكــر مــن اإلميــان‬ ‫الطبيعــي الــذي ميليــه علينــا االنفعــال بأســطور ٍة أو درامــا‬ ‫ســينامئية أو روايــة ممتعــة‪ ..‬لقــد آمنــوا بهــا‪ ،‬وببســاطة‬ ‫شــديدة‪ ،‬ألنهــم أرادوا أن يؤمنــوا بأنفســهم أوالً‪ ،‬فاتخــذوا‬ ‫منهــا املــوازي املناقــض للعبــادة املزيفــة للــذات‪ ،‬ومل‬ ‫يدركــوا أن أم َثلَ َتهــا (جعلَهــا أُمثولــة) كانــت حاجــة ملحــة‬ ‫(ألســطرة الوهــم)‪ ،‬بــل للنــزول بــه منزلــة ـ تتحقــق بهــا‬ ‫ذواتهــم يف رشوطهــا الدنيــا ـ إىل مســتوى الخــر اليومــي‬ ‫والحــدث الســيايس العــادي جــداً‪ ..‬إننــا جميعاً لن نســتمتع‬ ‫بـ»ســيزيف» وعذاباتــه األســطورية‪ ،‬ولــن نــو َيل شــقاءه أيــة‬ ‫أهميــة مــا مل تكــن «صخرتــه» حــارضة يف املشــهد‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫نجحــت داعــش ـ أومــن صنعــوا داعــش ـ بإعــادة اإلســام‬ ‫إىل مربعــه الصفــري األول‪ ،‬وأحالتــه إىل يش ٍء يحتــاج إىل‬ ‫تعريــف وتقدمــة جديــدة للنــاس جميعــاً‪ ،‬إنهــا ال َعــو ُد‬ ‫البــديئ لــدروس القــرون املتعاقبــة‪ ،‬كأنــك باإلســام اليــوم يف‬ ‫أول يــومٍ مــن انبعاثتــه ويف يــوم وحيـ ِه األول‪ ،‬وهــو يحتــاج‬ ‫إىل تقدمــة وتعريــف مــن جديــد‪ ،‬وكأن قرونَــه الخمســة‬ ‫عــر التــي مضــت انحلــت إىل يش ٍء ال ســند لــه وال تعريف‪،‬‬ ‫وكأن إفـراغ تلــك القــرون مــن أهلهــا والــروح التــي ســكنتها‬ ‫يف ربيــع التاريــخ يت ـ ُّم تســمي ُمها بإعــادة حشــوها بالــروح‬ ‫الداعشــية التــي ســوف تظــل روائحهــا منبعثــة‪ ،‬وبــكل‬ ‫أســف‪ ،‬حتــى بعــد زوال داعــش لعقــود طويلــة‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ عودة حليمة لعادتها القدمية‪:‬‬

‫عــادت حليمــة‪ ،‬أو الواليــات املتحــدة‪ ،‬إىل رشكائهــا يف‬ ‫الوســط العــريب والــدويل واإلقليمــي‪ ،‬إلقناعهــم بــأن صناعــة‬ ‫داعــش كثــرة الفوائــد عميمــة الخــرات عــى الجميــع‪،‬‬ ‫ولســوف تحقــق منهــا كل األطـراف فوائـ َد جمـ ًة ال ت ُحــى‪،‬‬ ‫وأهــم مــن ذلــك أنهــا قليلــة الكلفــة إذا تعــاون الجميــع يف‬ ‫تحمــل مؤنــة أعبائهــا ورشاكتهــا‪ ..‬فهــي ســوف تخــدم إيـران‬ ‫لبعــض الوقــت‪ ،‬ال كل الوقــت‪ ،‬لكنهــا ســوف تســتهلكها يف‬ ‫الحــروب حتــى ت ُر ِغ َمهــا عــى التنــازل عــن ملفهــا النــووي‬ ‫بعــد إجهادهــا ماديـاً وإعســارها أمــام أعبــاء الكلفــة املاديــة‬ ‫التــي ســتنخ ُرها مــن الداخــل‪ ،‬وهــي حتــى وإن مل تصــل إىل‬ ‫حــد التنــازل نهائي ـاً عــن طموحاتهــا النوويــة فإنهــا ســوف‬ ‫ترضــخ أمــام املجتمــع الــدويل لنقطتــن مطلوبتني أساســيتني‪:‬‬ ‫األوىل أنهــا سـ ُـرغم عــى القبــول مبراقبــة أنشــطتها النوويــة‪،‬‬ ‫والثانيــة أنهــا ســوف ت ُرغَــم عــى مســتويات مــن نســب‬ ‫تتبجــح‬ ‫تخصيــب اليورانيــوم متدنيــة جــدا ً‪ ،‬تتيــح لهــا أن‬ ‫َ‬ ‫بهــا أمــام شــعبها‪ :‬بأنهــا (دخلــت النــادي النــووي العاملــي)‬ ‫دون أن يكــون لذلــك اإلعــان أي مدلــول أو معنــى ســوى‬ ‫الدعايــة النفســية واملفاخــرة الفارغــة‪ ..‬أي أن تحــر حفلــة‬ ‫العــرس بادعائهــا القرابــة مــن العروســن ويف واقــع الحــال‬ ‫أنــه ال توجــد أيــة قرابــة‪ ،‬والجميــع ســوف يُــدرك ذلــك دون‬ ‫أن يكــون ُملَزم ـاً بتكذيبهــا يف هــذه القرابــة‪ ..‬األمــر اآلخــر‪،‬‬ ‫واملهــم يف معادلــة داعــش‪ ،‬هــو أنهــا ســوف تفتــت الوســط‬ ‫املحيــط بإرسائيــل بعــد أن ت َُســ ِّم َمه وتدمــره لعــرات‬ ‫الســنني القادمة‪،‬األمــر الــذي ســوف يُظَ ِّهــر إرسائيــل‪ ،‬حق ـاً‬ ‫وفعــاً‪،‬يف وســطها العــام كدولــة عظمــى‪ ،‬قياســاً إىل مــا‬ ‫يحيــط بهــا مــن خــواء وهبــاء‪ ،‬ويُ َصيِّ ُهــا مجتمع ـاً أعظ ـ َم‬ ‫إذا قــورن مبجتمعــات جريانــه‪ ،‬بوصفهــا مجتمعــات ألوبــاش‬ ‫تقتــل بعضهــا‪ ،‬وقــد فقــدت كل قدراتهــا عــى التامســك يف‬ ‫املعايشــة مــع بعضهــا البعــض‪ ،‬فــا بالــك باآلخــر املختلــف‬ ‫دينيـاً أو عرقيـاً!؟ إذ بــات حقـاً ومرشوعـاً إلرسائيــل أن تقول‬ ‫للعــامل اليــوم‪ :‬انظــروا وقارنــوا بأنفســكم بيننــا وبينهــم‪،‬‬ ‫تبــق طائفــة أو إثنيــة عرقيــة يف مجتمعاتهــم‬ ‫فبعــد أن مل َ‬ ‫مل تطالهــا اإلبــادات الجامعيــة والهــروب والرتحيــل القــري‬ ‫كل بقعــة مــن األرض حولنــا‪ ،‬فإننــا نحتفــظ بحــق‬ ‫مــن ِّ‬ ‫املواطنــة وكامــل الحريــات‪ ،‬يف إرسائيــل‪ ،‬لثلــث املجتمــع‬ ‫اإلرسائيــي املكــون مــن العــرب املســلمني‪ ،‬مبــا يف ذلــك حــق‬ ‫الرتشــيح واملشــاركة يف القــرار الترشيعــي يف الكنيســت‪..‬‬ ‫ُرفعــت األقــام وجفــت الصحــف‪ ..‬فــا مجــال بعــد اليــوم‬ ‫للمقارنــة بــن هويتنــا وهويتهــم‪ ،‬وبــن يهوديــة دولتنــا‬ ‫وقوميتهــا‪ ،‬وبــن إســام دولهــم وقومياتهــم‪.‬‬ ‫لقــد حققــت داعــش إلرسائيــل وللغــرب عموم ـاً‪ ،‬يف ذلــك‬ ‫الجانــب العنــري الدينــي‪ ،‬واالســتعامري القائــم عــى‬ ‫ثقافــة الهيمنــة الكليــة واإلطباقيــة عــى مقــدرات الــرق‬ ‫املســلم‪ ،‬والــذي مل يتخلــص منــه الغــرب نهائيــاً ألســبابه‬ ‫الذاتيــة واملوضوعيــة‪ ،‬وأنجــزت عــى مســتوى النتائــج‬ ‫خــال بضعــة أشــهر مــن ظهورهــا أكــر مــا أنجزتــه أوربــا‬ ‫خــال مائــة ومثانــن عام ـاً مــن تكلفــة الحــروب الصليبيــة‬ ‫ومراراتهــا وفاتــورة ضحاياهــا التــي دفعهــا الغــرب يــوم‬ ‫ذاك‪ ..‬وهــا هــي عــى يــد األســد ونــوري املالــي وداعــش‬ ‫تحقــق مــا مل تحققــه دون كلفــة ت ُذكــر‪ ،‬أو ضحايــا حــروب‬ ‫أو خســائر ماديــة يُعتــد بهــا‪ .‬أكــر مــن ذلــك‪،‬يف النزعــة‬ ‫الثقافيــة التبشــرية واإلســترشاقية واالســتعامرية املهيمنــة‪،‬‬ ‫كأحــد أطيــاف اإلرادات السياســية التــي مــا ت ـزال تحكــم‬

‫إرادة الفعــل والقــرار يف الغــرب‪ ..‬كان مقــدرا ً أن ينحــدر‬ ‫اإلســام عــى يــد داعــش بســمعته التاريخيــة‪ ،‬بوصفــه دينـاً‬ ‫إبراهيمي ـاً ســاوياً أوالً‪ ،‬وبوصفــه خلفيــة ثقافــة حضاريــة‬ ‫ألقــوام متعــددة يف الرشق األوســط ثانيـاً‪ ،‬وأن ت ُث َخ َن ســمعتُ ُه‬ ‫بج ـرا ٍح ال شــفا َء منهــا‪ ..‬ج ـراح ســوف يعــاين منهــا ملئــات‬ ‫الســنني القادمة‪،‬كلهــا موثقــة ومصــورة باألفــام والوثائــق‬ ‫التــي ســوف تبــدو لألجيــال الالحقــة‪ ،‬والتــي ســتولد يف‬ ‫حقــب زمنيــة قادمــة‪ ،‬وكأن هــذا الــذي تــراه ينتمــي إىل‬ ‫أفظــع وأروع مــا مــرت بــه حيــاة اإلنســان‪،‬خالل كل حقــب‬ ‫تطــوره عــر ماليــن الســنني‪ ،‬مــن همجيــة وتوحــش‪ ،‬وحتــى‬ ‫لــو متــت مقاومــة الفكــرة ومالحقتهــا بكافــة الســبل‪ ،‬فــإن‬ ‫حف َرهــا بالصــورة والفيلــم واملشــهد املوثــق يف الذاكــرة‬ ‫الجمعيــة‪ ،‬ســوف يكــون لــه نتائــج مهمــة وعقابيــل مؤذيــة‬ ‫للــروح العامــة لعقائــد الــرق املســلم‪.‬‬ ‫إن تاريخ ـاً جديــداً لإلســام واملســلمني ســوف يُ ْح َف ـ ُر عــى‬ ‫صخــو ٍر صلــد ٍة‪ ،‬وسيشــكل وجهــة نظــر وازنــة ولهــا ثقلهــا‪،‬‬ ‫وإن كانــت تســتند عــى مــا قدمتــه داعــش للتاريــخ العــام‬ ‫مــن قرائــن مــزورة وحــوادث ملفقــة عــن الصــورة املُف ِْظعــة‬ ‫والقبيحــة لإلســام‪ ،‬والتــي لــن تصــدق األجيــال القادمــة أنــه‬ ‫تــم التواضــع والتوافــق (عامليـاً) عــى صناعتهــا وتلفيقهــا‪.‬‬ ‫ميكننــا اإلضافــة عــى مــا ســبق أن تفريــغ املســيحيني مــن‬ ‫الــرق‪ ،‬وإعطــاء االنطبــاع العــام بــأن معظــم الطوائــف‬ ‫واألقليــات األخــرى باتــت تعيــش قلقــاً وجودياً‪،‬وخوفــاً‬ ‫مــن اســتمرارية متاســكها وعيشــها عــى هــذه األرض‪ ،‬وهــو‬ ‫نــوع مــن الكــذب الدعــايئ الرخيــص واملجــون اإلعالمــي‬ ‫الفاضــح‪ ..‬والــرد عليــه ليــس أبســط مــن القــول‪ :‬خــذوا‬ ‫هــذه اآلالت الصناعيــة التــي أنفقتــم عليهــا وصنعتموهــا‬ ‫خصيصـاً ألســواقنا املحليــة (داعــش وأخواتهــا)‪ ،‬ولكــم أوثــق‬ ‫العهــود أن يعــود أهــل هــذا الــرق إىل التعايــش كــا‬ ‫كانــوا متعايشــن مــن قبــل‪.‬‬ ‫يف الشــق االقتصــادي ســوف تتــم صفقــة بيــع منطقــة‬ ‫الــرق األوســط الــري باملــوارد‪ ،‬خاصــة ســوريا والعــراق‬ ‫وليبيــا‪ ،‬لصنــدوق النقــد الــدويل والبنــوك العامليــة ورشكات‬ ‫إعــادة اإلعــار العمالقــة‪ ،‬ولســوف ت ُر َهــن أجيال املســتقبل‪،‬‬ ‫واملــكان والزمــان املســتقبيل للرأســاالت املتنافســة بوصفها‬ ‫خيــارا ً وحيــدا ً متاح ـاً‪ ،‬دون رفضــه املــوت أو التلبــث عــى‬ ‫حافــة الســكون عنــد خرائــب املــوت‪ ،‬وذلــك يف مرحلــة مــا‬ ‫بعــد األســد وداعــش‪ ،‬وحقبــة مــا بعــد إطفــاء الحرائــق‪..‬‬ ‫فشــجرة املســتقبل لهــذه الشــعوب‪ ،‬ورغــم مــا يف هــذا‬ ‫االســتخالص مــن م ـرارة وتشــاؤم‪ ،‬ســوف يتــم بيــع مثارِهــا‬ ‫لعديــد مواســم الســنني القادمــة قبــل أن تولــد تلــك الثــار‬ ‫وقبــل إيناعهــا بزمــنٍ مبكـ ٍر جــدا ً‪ ،‬مــا يجعــل هــذه البــاد‬ ‫وهــذه الــدول والشــعوب‪ ،‬مبــا فيهــا أجيالُهــا القادمــة التــي‬ ‫مل تولــد بعــد‪ ،‬ال متلــك فعلي ـاً مــن أمرهــا وال مــن قرارهــا‬ ‫وال مــن ثرواتهــا إال االســم والرســم‪ ،‬وواقــع العقــد املــرم‬ ‫الضمنــي أن دول اإلقليــم والعــامل والــركات العمالقــة هــي‬ ‫مــن ســيملك كل يشء وســيتحكم بــكل يشء ســواء أقررنــا‬ ‫بذلــك رصاحــة أو ضمنـاً‪ ،‬أم مل نقـ َّر بهــذه الحقيقــة الكئيبــة‬ ‫الوقــع عــى النفــوس الشــفافة والنوايــا الصافيــة‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫مقدمات مشروع وطين حترري‬ ‫زكريا السقال‬

‫مل يــد ِر البوعزيــزي أ ّن احرتاقــه ســيدمر‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫للمــدن والقــرى‪ ،‬كث ـرا ً مــن املفاهيــم واألفــكار‪ ،‬حيــث‬ ‫مل تســتطع مجمــل الثقافــة واألفــكار الســائدة تحصــن‬ ‫هــذه الشــعوب التــي انفجــرت بعواصــم االســتبداد‬ ‫العــريب‪ ،‬التــي مل متتلــك ســوى حناجرهــا وســواعدها‪،‬‬ ‫لتصنــع الحــدث األبــرز بتاريــخ املنطقــة العربيــة‪.‬‬ ‫ملــاذا مل تنجــز الجامهــر العربيــة بعواصــم الحــراك‬ ‫العــريب حلمهــا؟‬ ‫ومــا الــذي دار بخلــد أدونيــس وهــو يتفــرج عــى‬ ‫مظاهــرات درعــا وحمــص والالذقيــة ودمشــق حتــى‬ ‫يرجــم هــذه الحشــود باألصوليــة ألنهــا مل تجــد ســوى‬ ‫بيــوت اللــه لتتجمــع بهــا وتجمــع قوتهــا؟‬ ‫ومثلــه مناضــل قــى عقديــن يف الســجون ليحســم‬ ‫أمــره بالوقــوف إىل جانــب جــاده الطاغيــة‪ ،‬وغــره‬ ‫اســتبطن ذلــك فعــرج؟‬ ‫اليــوم وعــى أبــواب العــام الخامــس‪ ،‬والثــورة الســورية‬ ‫مــا زالــت تعــاين مـرارة واقــع مظلــم بــن نظــام مجــرم‪،‬‬ ‫وقــوى ظالميــة تكفرييــة متــارس اإلرهــاب وتــروج‬ ‫لهرطقــة وســلفية مغرقــة‪.‬‬ ‫يــرز الســؤال‪ :‬ملــاذا مل تنتــر الثــورة بعــد أربــع‬ ‫ســنوات؟ ورغــم أهميــة الســؤال إال أن مجمــل األجوبــة‬ ‫التــي تطــرح اليــوم‪ ،‬ومحــاوالت األجوبــة مــا زالــت‬ ‫تتمحــور حــول عناويــن عامــة وأجوبــة مبتــرة‪ ،‬ومل‬ ‫تتعــرض لواقــع الســنوات العجــاف‪ ،‬ومــاذا فعــل قحــط‬ ‫االســتبداد وابتســار األفــكار‪ ،‬بعقــل النخبــة والقــوى‪،‬‬ ‫وكيــف عشــش عجــز مزمــن لهــذه النخبــة التــي مل‬ ‫تعــرف بهزميتهــا وهزميــة بنيــة عقلهــا‪ ،‬حيــث دجنــت‬ ‫ثقافتهــا لتطبعهــا بواقــع هــذه الهزميــة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ اهلزمية‪:‬‬

‫املقصــود بالهزميــة هنــا‪ ،‬هــي هزميــة مجمــل املســائل‬ ‫املطروحــة يك يتطــور املجتمــع باتجــاه الحداثــة‬ ‫وإنجــاز الكثــر مــن القضايــا التــي تضعــه مبصــاف‬ ‫الدولــة الحديثــة‪ ،‬مبعنــى االقتصــاد‪ ،‬والبنــى االجتامعيــة‪،‬‬ ‫والســيادة واالســتقالل مبعنــى السياســة‪.‬‬ ‫وهكــذا فــإن مجمــل األفــكار التــي عالجــت هــذه‬ ‫املســائل مل تنجزهــا فحســب بــل تحولــت ذريعــة‬ ‫وأداة لقمــع املجتمــع بهــا‪ ،‬فلــم يُنجــز اقتصــاد صناعــي‬ ‫مســتقل ينعكــس برفاهيــة عــى املجتمــع بــل ازداد فقرا ً‬ ‫وتهميشــاً وفســادا ً‪ ،‬كــا أن مجمــل الشــهادات التــي‬ ‫نالهــا الطــاب مل تحــدث تطــورا ً بوضــع املــرأة التــي‬ ‫تراجــع وضعهــا وتــردت حريتهــا‪ ،‬كــا انحــرت الثقافــة‬ ‫والرتجــات التــي تدفــع لالطــاع عــى تجــارب التحــرر‬ ‫والحريــات‪ ،‬ليــردى املجتمــع منتهيــاً يف األصوليــة‬ ‫الدينيــة‪ ،‬وســاكناً يف التاريــخ‪ ،‬مــن أفــكار الخالفــة‪ ،‬إىل‬ ‫اإلمامــة والشــورى والعقــد الرشعــي‪ ،‬وحاكميــة النــص‪.‬‬ ‫«قطــب»‬

‫عبد السالم ياسين‬ ‫الفــرات يعــزف بقيثارتــه األبديــة‬ ‫لحــن الحيــاة واملــوت‪ ،‬والنســوة يرثثــرن‬ ‫عــى أبــواب بيوتهــن كطقــس يومــي‪.‬‬ ‫هنــاك طاســة ويس‪ ،‬وبــركات أيب عمشــة‪،‬‬ ‫وخــارة أيب إبراهيــم‪ ،‬ودبكــة تتشــابك‬ ‫فيهــا أيــادي النســاء والرجــال‪.‬‬ ‫هنــاك حيــث الشــاي الحلــو والرثيــد‪،‬‬ ‫ورئيــس الجمعيــة وأمــن الفرقــة وبونــات‬ ‫الــرز والقــروض واملنطلقــات النظريــة‪.‬‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫رمبــا أرساب مــن الجـراد اجتاحــت املــكان‬ ‫والزمــان‪ .‬ألغــت الذاكــرة ليخلــع الرجــال‬ ‫عباءاتهــم وعقلهــم ويلوثــوا رؤوســهم‬ ‫بعامئــم ســوداء ويســتبدلون زيهــم‬ ‫بتنــورة أفغانيــه متاشــياً مــع املهاجريــن‬ ‫الجــدد كمشــهد مــا بعــد الحداثــة‪.‬‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫أن تــأكل شــيئا‪ ً،‬أي يشء‪ ،‬وتــرب شــيئاً‪،‬‬ ‫أي يشء‪ ،‬ال يهــم‪ .‬املهــم أن تتلمس رأســك‬ ‫عشــية وضحاهــا وتحمــد اللــه عــى أنــه‬

‫قــد يقــول قائــل إن القــوى الســورية‪ ،‬قاومت االســتبداد‬ ‫وواجهــت الطاغيــة‪ ،‬ودخلــت املعتقــات‪ .‬وهــذا صحيــح‬ ‫إال أن مجمــل هــذه القــوى كانــت تســتعمل نفــس‬ ‫األفــكار والثقافــة الســائدة بنفــس العقــل الســلطوي‬ ‫املبتــر‪ ،‬وهــي نفــس الثقافــة التــي تتلمــذ عليهــا‬ ‫االســتبداد‪ ،‬هــذه الثقافــة واألفــكار هزمــت وهزمــت‬ ‫بفتــح الهــاء‪ .‬ومل يُقــدر للنخــب الســورية نقــد خطابهــا‬ ‫وتجربتهــا‪ ،‬وق ـراءة واقعهــا‪ ،‬ووضــع مهــام تحررهــا‪.‬‬

‫اجملتمع‪:‬‬

‫هــل يكفــي أن نقــول إ ّن هنــاك هزميــة وأفــكار وثقافــة‬ ‫ســقطت‪ ،‬ونتكــئ عــى هــذا فقــط‪ ،‬أم أن االســتبداد‬ ‫ِ‬ ‫يكتــف بتفكيكــه وغــرس كل‬ ‫فتــك باملجتمــع‪ ،‬ومل‬ ‫أمــراض التخلــف فيــه‪ ،‬حيــث حقــن وأســس لحقــن‬ ‫طائفــي مــا أن ينفجــر حتــى يتفــى وينتــر‪ ،‬األكــر‬ ‫خطــورة هــو التفتيــت البنيــوي بعامــة املجتمــع‪،‬‬ ‫وعندمــا نقــول عامــة املجتمــع فإننــا نقصــد بالتحديــد‬ ‫تلــك النســبة التــي تــرى نفســها تناضــل مــن أجــل‬ ‫دولــة‪ ،‬حيــث هنــاك قــوى كثــرة تحتضــن أفــكار التقيــة‬ ‫والفرقــة الناجيــة التــي تســتبطن التاريــخ‪ ،‬وتريــد‬ ‫إعادتــه وتشــعر مبظلوميــة تاريخيــة مل يســتطع مجتمــع‬ ‫الهزميــة تخليصهــا مــن مظلوميتهــا مبواجهتهــا ووضــع‬ ‫حــد لهرطقتهــا‪.‬‬

‫سقوط األيديولوجيا‪:‬‬

‫األيديولوجيــا‪ ،‬هــي مجموعــة مــن القيــم واألفــكار‬ ‫واملبــادئ املتامســكة ظاهريــاً والتــي تشــكل معتقــدا ً‬ ‫ســلوكياً للخــاص والوصــول‪ ،‬وهنــا الخــاص والوصــول‬ ‫يعنيــان‪ ،‬تحقيــق الخــر والحريــة والســعادة‪.‬‬ ‫وبهــذا فــإن الكثــر مــن املجتمعــات اخرتعــت‬ ‫أيديولوجيــا خالصهــا ودينهــا يك تتخلــص وتصــل‪ ،‬مــن‬ ‫النريفانــا والكونفوشســية‪ ،‬للديــن‪ ،‬ومــن ثــم القوميــة‪،‬‬ ‫واملاركســية وأفــكار ومعتقــدات كثــرة‪.‬‬ ‫قــد يكــون مفهــوم األيديولوجيــا مــن املفاهيــم‬ ‫املعقــدة‪ ،‬وحيــث أن ســقوطها هــو تحــرر‪ ،‬إال أن‬ ‫الوقائــع تشــر وتحديــدا ً بتلــك الــدول التــي مل تنجــز‬ ‫نهوضهــا وبنــاء أســس تعايشــها‪ ،‬وضعتهــا بحالــة مــن‬ ‫التفــكك والتــذرر‪ ،‬مبواجهــة طريــق خالصهــا‪ ،‬كأننــا أمــام‬ ‫حتميــة تقــول‪ ،‬عليــك بصنــع دينــك يك تصــل لتحــررك‪،‬‬ ‫وهنــا نــرى مفارقــة جليــة بــأن املجتمعــات املفوتــة‬ ‫التــي مــا زالــت تعــاين غــن الواقــع وظلمــه وفســاده‪،‬‬ ‫هــي املجتمعــات التــي تفتقــر أليديولوجيــا خالصهــا‪،‬‬ ‫وحيــث األيديولوجيــا يشء منتــج مصنــع كــا الســلع‬ ‫واملــواد‪ ،‬ينطبــق عليــه القــدم والصالحيــة والتلــف‪ ،‬إال‬ ‫أن إســقاطها دون حصانــة وحاضنــة‪ ،‬يعطــي تفــككاً‬ ‫وتــذررا ً‪ ،‬مبعنــى أن أي لقــاح للتحــرر مــن األيديولوجيــا‬ ‫بحاجــة لجســد محصــن وقائــم عــى أســس قــادرة‬ ‫عــى تحمــل جــدل التفــكك واإلندثــار‪.‬‬ ‫لهــذا فــإن املجتمــع العــريب‪ ،‬والــذي صنــع الربيــع‬

‫هناك يف والية (الرقة)‬

‫مــا زال بــن كتفيــك بعــد أن تشــهد قطــع‬ ‫رأس شــخص مجهــول لســبب مجهــول‬ ‫كافيــة أن تذهــب بــك إىل املجهــول‬ ‫لتقــول إىل أيــن‪....‬؟‬ ‫ال يشء يحــدث هنــاك‪ .‬مســحت عبــارات‬ ‫(القائــد الخالــد) ووريثــه املســخ مــن‬ ‫جــدران املدينــة لتكتــب مكانهــا أقــوال‬ ‫(البغــدادي) مــن «حكــم ودرر» نطــق‬ ‫بهــا‪ ،‬والتــي تــدور حــول رصــاص الحــق‬ ‫الــذي يبنــي دول الحــق‪.‬‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫بقيــة مــن تبقــى يف املــكان‪ ،‬ولــرورة‬ ‫البقــاء حيــاً‪ ،‬عليــه أن يحتــال عــى‬ ‫الســاطور‪ ،‬وأن يف ـ ّر منــه ال إىل الســيف‪.‬‬ ‫غــر أنــه يف فــراره ال يتجــاوز العيــش‬ ‫يف رصاع دائــم بــن الرقبــة والســكني‪،‬‬ ‫ليذهــب مــن بعدهــا إىل إيثــار الســامة‬ ‫واملــي حــ ّد الحائــط ال لــه وال عليــه‪.‬‬ ‫للحيطــان آذان مؤمنــة جــدا ً تــويش بــك‬ ‫حتــى لــو أشــعلت لفافــة تبــغ لينــال‬ ‫بوشــايته الجنــان والحوريــات حتــى لــو‬

‫العــريب‪ ،‬جــاء وهــو يفتقــد لهــذا الديــن مبعنــى الجســد‬ ‫املتامســك واملؤمــن بــأن خالصــه ســيكون باعتنــاق‬ ‫هــذا الديــن املحصــن مببرشيــه ورســله القادريــن عــى‬ ‫رســمه وبنائــه والتضحيــة مــن أجلــه‪.‬‬ ‫وعليــه فــإن هــذه الثــورات املتعــرة مل تجــد مــن‬ ‫ميــارس فعــل التبشــر والتضحيــة ســوى أيديولوجيــا‬ ‫مفوتــة عاجــزة مهرطقــة‪ ،‬غــر قــادرة عــى رســم‬ ‫خــاص مبســتقبل قابــل للتحــرر والبنــاء‪ ،‬املقصــود‬ ‫هنــا اإلســامويون‪ ،‬مبواجهــة تفــكك وتــذرر املجتمــع‪،‬‬ ‫املحقــون بالكثــر مــن عوامــل ســقوطه وتعــره‪ ،‬حيــث‬ ‫األفــكار الجديــدة مل تشــكل دينهــا ورســلها وفدائيــي‬ ‫نرشهــا‪.‬‬ ‫إن ســقوط جــدار برلــن‪ ،‬مل يعــنِ فقــط ســقوط االتحــاد‬ ‫الســوفيتي‪ ،‬هــذا الفيــل املشــلول‪ ،‬واملــيء باألم ـراض‪،‬‬ ‫بــل ســقط عــى أثــره إنســان فقــد الكثــر مــن عوامــل‬ ‫خالصــه‪ ،‬لهــذا انتــرت هــذه الفــوىض الداميــة والتــي‬ ‫مــا زالــت تتفــى قت ـاً وتدم ـرا ً وتســليعاً لإلنســان‪.‬‬

‫وكان أهم عوارضها وأعراضها‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ تفــكك املجتمعــات وتــذرر بناهــا بطريقــة مرعبــة‪،‬‬ ‫حيــث رضبــت الكثــر مــن الضوابــط وتحللــت كثــر‬ ‫مــن املفاهيــم كان التفكــر بهــا يشــكل جرم ـاً محرم ـاً‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ املصالحــة الفجائيــة وغــر املعروفــة‪ ،‬مــع كل‬ ‫الجبهــات التــي كانــت تشــكل العــدو‪ ،‬الطبقــي‪،‬‬ ‫القومــي‪ ،‬واالثنــي‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ اعتــاد الفــرد والفرديــة كحــل واالتــكاء عــى‬ ‫الــذات للخــاص‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ ارتــداء أفــكار للخــاص باســتالب مــريض‪ ،‬واالبتعــاد‬ ‫عــن التشــخيص ودراســة وقائــع املنشــأ والرتبــة‬ ‫واملنــاخ‪.‬‬ ‫كثري من الربامج‪ ،‬قليل من األميان‬ ‫اليــوم والســوريون‪ ،‬يعانــون هــذا االعصــار الــذي‬ ‫يحارصهــم قتـاً وتدمـرا ً وتهجـرا ً‪ ،‬حيــث تتصــارع عــى‬ ‫أرضهــم كثــر مــن اإلرادات الدوليــة واإلقليميــة لرتســم‬ ‫مســتقبل وطنهــم ودوره عــى الخارطــة الجغرافيــة‪،‬‬ ‫تتفجــر كثــر مــن األســئلة‪ ،‬ويتنطــع كثــر مــن الطيبــن‬ ‫والخرييــن لإلجابــة عــن واقعهــم ومســتقبلهم‪ ،‬وتكــر‬ ‫األجوبــة املبتــرة واملرشوعــة بحالــة هــذا الفــراغ‬ ‫القاتــل‪.‬‬ ‫وحيــث أن مرشوعيــة الســؤال‪ ،‬ال تعطــي أحقيــة‬ ‫التباهــي بالجــواب مــا مل يتحصــن هــذا الجــواب بقـراءة‬ ‫األزمــة بعقــل جديــد‪ ،‬ولغــة جديــدة‪ ،‬واألهــم هــو هــذا‬ ‫الســلوك اإلميــاين الجديــد‪ ،‬ســلوك يحــدد أن املبرشيــن‬ ‫الجــدد عليهــم إنتــاج خبزهــم مــن أرضهــم‪ ،‬وعــاج‬ ‫أمراضهــم مــن أعشــابهم‪ ،‬وبهــذا فــإن التصــدي لهــذا‬ ‫الواقــع عليــه أن يبحــث بأرضــه عــن وســائط تصديــه‪،‬‬ ‫فحصهــا وتنقيتهــا وتنظيمهــا ودفعهــا إىل زراعــة‬ ‫جديــدة قابلــة للنمــو والعطــاء‪.‬‬

‫أدى بــك إىل الجحيــم كحــدث أنــاين صكــوك الغفــران وطباخــي الكبســة‬ ‫ســوريايل عــي عــى الفهــم البــري والطاجــن‪..‬‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫فقـراء وبائســون مطأطئــو الــرؤوس آمنوا ال يشء يحدث هناك‬ ‫ليأمنــوا عــى أرواحهــم وكامللــح بالطبخــة كانــت مدرســة الســام لتصبــح مدرســة‬ ‫ال بــد مــن املنافقــن بالفطــرة واملنافقــن الزرقــاوي تســتقبل األطفــال الذكــور‬ ‫للتعليــم‪ ،‬ومــن ثــم التعبئــة ليكونــوا‬ ‫بالعاطفــة واملنافقــن بالــرورة‪.‬‬ ‫وقــودا ً تلتهمهــم نــار الحــروب املقدســة‪.‬‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫عــى جــدار جامــع الفــواز بائــع كتــب ال يشء يحــدث هنــاك يف نهايــة النهــار‬ ‫وعطــور كســدت تجارتــه أفــرغ الرفــوف الطويــل‪.‬‬ ‫مــن محتوياتهــا وعــرض بضاعتــه تنتقــل املدينــة مــن ظلمــة النهــار إىل‬ ‫الجديــدة لتلبــي حاجــة املســتهلك ظــام الليــل الدامــس حيــث ال كهربــاء‬ ‫ال ضــوء إال ضــوء القمــر وضــوء األمــل‪.‬‬ ‫الجديــد‪.‬‬ ‫خناجــر ســواطري ســيوف وبلطــات مدينــة تحبــس أنفاســها بانتظــار الصبــح‬ ‫فــؤوس تلمــع نصالهــا بعينيــك وأنــت الــذي تأخــر يف شــوارع املدينــة وأزقتها‪ .‬ال‬ ‫صــوت ال يشء‪ ...‬ال يشء أبــدا ً ال شــخري ال‬ ‫تــؤدي الفــروض الخمســة‬ ‫ثرثــرة ال ضحكــة‪ .‬حتــى البــكاء والنحيــب‬ ‫ال يشء يحدث هناك‬ ‫اقتصــاد مركــب عــى مقــاس الحــكام صامــت‪ .‬رمبــا املدينــة خاليــة مــن‬ ‫الجــدد‪ .‬تجــار نفــط وســاح‪ .‬تجــار أهلهــا!!؟؟‪ .‬أو أن قطيعــاً مــن الذئــاب‬ ‫ديــن بائعــي الجــن الفرنــي والبيتــزا داهمهــا غفلــة فهــرب أهلهــا‪..‬‬ ‫اإليطاليــة‪ ،‬بائعــي الســواك‪ ،‬وبائعــي ال يشء يحدث هناك‪..‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫بعيداً عن املؤامرة‪ :‬الثورة‬ ‫وإعادة السياسة!‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫طــوال الخمســن ســنة املاضيــة‪ ،‬تجمــدت أفعالنا السياســية‬ ‫وتكلســت‪ ،‬مل نعــد قادريــن حتــى عــى إدارة حــوار ســيايس‬ ‫بســيط بيننــا‪ ،‬فقــد توحــدت األيدلوجيــات عــى كلمــة واحــدة‬ ‫هــي املؤامــرة!!‬ ‫القومــي يقــول إن أي فعــل ســيايس يقــوم بــه اآلخــر هــو‬ ‫مؤامــرة عــى العروبــة‪ ،‬وعــى املــايض املجيــد!‬ ‫واالش ـرايك يقــول عــن أي تحــرك ســيايس‪ ،‬هــو مؤامــرة عــى‬ ‫الطبقــة الكادحــة!‬ ‫واإلســامي يعتــر كل مــا يقــال ومــا يُخطَّــط لــه‪ ،‬هــو مؤامــرة‬ ‫عــى اإلســام‪ ،‬وعــى املســلمني‪ ،‬اعتبــارا ً مــن بنطــال الجينــز‬ ‫وانتهــاء باألقنيــة التلفزيونيــة‪ ،‬وشــبكة األنرتنــت!‬ ‫ال شــك بــأن كل عــدو يتآمــر عــى مــن يحاربــه وهــذا حقــه‪،‬‬ ‫ولكــن املأســاة أننــا أدمنــا العجــز‪ ،‬وأدمنــا عــى تعبــر املؤامــرة‪،‬‬ ‫مــن أجــل أن نبــدو ضحايــا تســتحق الشــفقة‪ ،‬ورمبــا مــن أجــل‬ ‫إرضــاء أنفســنا‪ ،‬ولتعزيــز ذلــك الشــعور فقــد أدمنــا االمتنــاع‬ ‫عــن رد الفعــل الســيايس‪ ،‬مــن أجــل أن نقنــع العــامل‪ ،‬بأننــا‬ ‫نتعــرض ملؤامــرة كبــرة وشــاملة‪ ،‬لقــد امتنعنــا طــوال نصــف‬ ‫قــرن عــن مســاعدة أنفســنا مــن أجــل إثبــات هــول املؤامــرة‬ ‫األجنبيــة أو اإلمربياليــة أو الصليبيــة أو الطائفيــة!‬ ‫وأبــرز تجــلٍ لتعبــر املؤامــرة‪ ،‬الــذي يســتهدف عــدم الفعــل‬ ‫الســيايس والحيــايت‪ ،‬هــو تعبــر النظــام وأزالمــه يف بدايــة‬ ‫انــدالع الثــورة الســورية ووصفهــا باملؤامــرة الكونيــة!!‬ ‫لقــد امتنــع النظــام وشــبيحته عــن القيــام بــأي فعــل‬ ‫ســيايس حقيقــي ووطنــي مســؤول‪ ،‬يبعــد املــآل الــذي وصــل‬ ‫إليــه بلدنــا‪ ،‬واعتــروا كل مــا يقــال عــن الحريــة والكرامــة‪،‬‬ ‫هــو مؤامــرة ضــد القيــادة التشــبيحية‪ ،‬التــي ينبغــي عــى‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬الخضــوع لهــا‪ ،‬تحــت طائلــة حــرق البلــد‪..‬‬ ‫متجاهلــن بــأن هــذا الحريــق ســيمتد إىل بيوتهــم‪ ،‬وســيقتل‬ ‫أوالدهــم أيضــاً‪.‬‬ ‫ويف أوســاط بعــض أنصــار الثــورة‪ ،‬اليــوم يســتفيق رسطــان‬ ‫املؤامــرة‪ ،‬ونــر العجــز أمــام األخطــار املحدقــة بالثــورة‪،‬‬ ‫بحجــة أنهــا مؤامــرة دوليــة‪ ،‬وعامليــة ضــد الثــورة الســورية‪..‬‬ ‫وال ميكــن فعــل يشء تجاههــا مــن قبــل شــعبنا املــروك لقــدره!‬ ‫إن روح العجــز التــي ينرشهــا مفهــوم املؤامــرة‪ ،‬تتســبب‬ ‫باإلدمــان عــى الســلبية‪ ،‬وعــى الالمبــاالة‪ ،‬وتــرر اقتناعنــا‬ ‫التــام بأننــا عاجــزون متامـاً‪ ،‬وعــى اآلخريــن إنقاذنــا‪ ،‬وإعادتنــا‬ ‫إىل بيوتنــا‪ ،‬وإعــادة إعامرهــا‪ ،‬رمبــا بحجــج إنســانية‪ ،‬أو أخويــة‪،‬‬ ‫أو دينيــة وأخالقيــة‪ ،‬وال يوجــد‪ ،‬بــكل أســف‪ ،‬مــن يرصفهــا يف‬ ‫ســوق السياســة‪ ،‬ويف ســوق االقتصــاد!!!‬ ‫وبــدال مــن التمنــي ومــن التربيــر املؤام ـرايت‪ ،‬فــإن اســتعادة‬ ‫روح الثــورة‪ ،‬واســتعادة تضحيــات شــهدائنا‪ ،‬ومعتقلينــا‪،‬‬ ‫ومعانــاة أهلنــا املرشديــن‪ ،‬والجائعــن يف الداخــل‪ ،‬ويف الخــارج‪،‬‬ ‫هــي الســبيل الوحيــد لخلــق املبــادرة السياســية الفعالــة‬ ‫والعمليــة‪ ،‬وللخــاص مــن مؤامــرة العجــز‪ ،‬ومــن تســول‬ ‫الشــفقة‪ ،‬ومــن الرضــا الوهمــي عــن أنفســنا‪.‬‬

‫أس��رة احلرم��ل‪ ..‬ترح��ب باإلص��دار‬ ‫األول لصحيف��ة «ع�ين عل��ى الوط��ن»‬ ‫وتتمنى للعاملني فيها التقدم والنجاح‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫االقتصاد والسياسة‬ ‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫إن االقتصــاد يحكــم إىل حــد كبــر الق ـرار‬ ‫الســيايس ســواء تعلــق بالداخــل أو بعالقــة‬ ‫الدولــة بالخــارج وهــذا مؤكــد منــذ نشــأة‬ ‫الدولــة حتــى هــذا التاريــخ‪.‬‬ ‫مل يعــد هنــاك فصــل بــن أولئــك الذيــن‬ ‫يســيطرون عــى مفاتيــح االقتصــاد العــام‪،‬‬ ‫وأولئــك الذيــن يتقلــدون الســلطة داخــل‬ ‫أجهــزة الدولــة فكلهــم سواســية ميثلــون األســد‬ ‫وحاشــيته‪ ،‬ومــن خــال كل هــذه املشــاهد‬ ‫الترتيــة تبــدو الســمة األبــرز لــدى األســد‬ ‫غيــاب القانــون وســلطته واالســتعاضة عــن‬ ‫ذلــك بالنفــخ يف تركيبــة اجتامعيــة مســكونة‬ ‫باألحاديــة وشــخصنة األنــا كــا تســتمد قوتهــا‬ ‫مــن عصبيــة الــدم يف تعبريهــا عــن املجمــوع‬ ‫بشــكل بــدايئ وهــي بعيــدة كل البعــد عــن‬ ‫القانــون واملواثيــق ولتذهب الدولة واســتقرارها‬ ‫واقتصادهــا إىل الجحيــم فــكل هــذا ليــس مهـاً‬ ‫بــل املهــم هــو الدفــاع عــن العائلــة والعشــرة‬ ‫ألن أدوات القتــل حــارضة فيــا بينهــا‪.‬‬ ‫ثــم يــأيت بعــد ذلــك مــن يتحــدث عــن‬ ‫االســتقرار واالقتصــاد وهــل مثــة نــذر خــراب‬ ‫ملســتقبلنا االقتصــادي واســتقرارنا أكــر مــن‬ ‫ذلــك‪ .‬مــن يســمع ويشــاهد مــا يفعلــه األســد‬ ‫وزمرتــه يعلــم متام ـاً بأنــه ال وجــود لدولــة وال‬ ‫القتصــاد‪ ،‬وأن كل املؤسســات مح ّيــدة لصالــح‬ ‫الحكــم وتركيبتــه املســلحة‪.‬‬ ‫إن األوضــاع االقتصاديــة واالجتامعيــة األساســية‬ ‫للســوريني قــد شــهدت تدهــورا ً مريعــاً‬ ‫ومتســارعاً واألســد متــادى يف تنفيــذ السياســات‬ ‫االقتصاديــة الفاشــلة والخاطئــة واســتهدف‬

‫الرتقيــع ورشاء الوقــت وتحميــل املجتمــع‬ ‫عــبء سياســاته االنتقائيــة مقابــل الحصــول‬ ‫عــى أقــى املنافــع واملكاســب والــروة‬ ‫والدخــل مــع أنــه يــرى الجميــع ميوتــون مــن‬ ‫حولــه وحتــى مــن منارصيــه منتجــاً املزيــد‬ ‫مــن الفقــر والبطالــة والدمــار وســحق املجتمــع‬ ‫حتــى أصبحــت ســوريا فاقــدة ألبســط الحقــوق‬ ‫االقتصاديــة مثــل الحرمــان مــن الخدمــات‬ ‫األساســية كالكهربــاء واملــاء والخدمــات‬ ‫الصحيــة‪.‬‬ ‫هــذا البــؤس والحرمــان والفقــر والتــرد‬ ‫والبطالــة الــذي يعــاين منــه املجتمــع الســوري‬ ‫مــن فــرة طويلــة ليــس ناجـاً عــن قلــة املــوارد‬

‫أو قلّــة اإلمكانــات إمنــا ناجــم عــن فشــل ذريــع‬ ‫يف تحقيــق الحكــم الرشــيد واإلدارة املثــى‬ ‫للمــوارد املتاحــة ويعــود ذلــك إىل الفشــل يف‬ ‫املواءمــة بــن متطلبــات الشــعب وأطــاع‬ ‫آل األســد يف ســوريا حتــى تكدســت أموالهــم‬ ‫مبليــارات الــدوالرات يف مختلــف بنــوك العــامل‬ ‫وهــذه الفجــوة تتســع وتكــر مــع كل انتشــار‬ ‫وتصاعــد للفســاد الســيايس واالقتصــادي واملــايل‬ ‫وتــزداد تراجعــاً مــع كل نــر يحققــه ثــوار‬ ‫ســوريا األبطــال يف ســاحات املعــارك ومــع‬ ‫ازديــاد رقعــة األرايض املحــررة فســاعة الحقيقــة‬ ‫تــدق األبــواب وهــي باتت بــن قوســن أو أدىن‪.‬‬ ‫عــادة صنــع القــرار الســيايس واالقتصــادي‬

‫ليــس أم ـرا ً ســهالً وليــس ق ـرارا ً فردي ـاً يصنعــه‬ ‫شــخص معتــوه كاألســد يظــن يف نفســه‬ ‫اإللهــام فالدولــة القويــة قرارهــا يتمثــل يف‬ ‫نظــام ســيايس واقتصــادي قــوي يحتــوي عــى‬ ‫مؤسســات حكــم وتــوازن يف الســلطة واقتصــاد‬ ‫وا ٍع قــادر عــى تلبيــة الحاجــات األساســية‬ ‫للشــعب ويف حــال ســوريا فهــذا االقتصــاد‬ ‫الهــش سيســقط معــه الق ـرار الســيايس حت ـاً‬ ‫يف التبعيــة ملــن ميلــك الق ـرار العســكري الــذي‬ ‫يفــرض هيبتــه بقــوة الســاح عــى املؤسســات‬ ‫الرســمية ويهيمــن عليهــا ويســخرها ملصلحتــه‪.‬‬ ‫حاليــاً تعيــش ســوريا أكــر فــرات التبعيــة‬ ‫للخــارج وال أحــد يســتطيع أن ينكــر الهيمنــة‬

‫اإليرانيــة عــى مفاصــل الحيــاة وأهمهــا‬ ‫االقتصاديــة والسياســية والعســكرية فاألســد‬ ‫قــد ســلمها بالكامــل إىل إيــران والقــوى‬ ‫السياســية التــي تآمــرت ومــا زالــت تتآمــر‬ ‫عــى هــذا الشــعب نجحــت يف حكــم امتــد‬ ‫لحــوايل خمســن عامــاً وأدخلتنــا يف طاحونــة‬ ‫الدميقراطيــة الزائفــة التــي فصلتهــا عــى‬ ‫قياســها معصــويب األعــن مكممــي األفــواه‬ ‫وأوصلتنــا إىل مــا نحــن فيــه مــن فقــر وعجــز‬ ‫ودمــار للبنيــة التحتيــة بكافــة مواصفاتهــا ألن‬ ‫القوانــن يف بلدنــا فصلــت لصالــح املتنفذيــن‬ ‫وعــى حســاب الشــعب عامــة متناســن أن‬ ‫الوظيفــة الحقيقيــة ألي حكومــة هــي خدمــة‬ ‫النــاس وتحقيــق العدالــة وتلبيــة حاجــات‬ ‫املواطنــن وفــق أولويــات تلبــي طموحاتهــم‬ ‫وتتــاءم مــع اإلمكانيــات واملصــادر املتاحــة‪.‬‬ ‫إن بنــاء دولــة املؤسســات هــو مــن ســيعيد‬ ‫لســوريا دورهــا االقتصــادي والريــادي وليــس‬ ‫شــخصنة األمــور والقائــد الخالــد امللهــم الــذي‬ ‫أخــذ الوطــن إىل الهاويــة فالدولــة القويــة‬ ‫اقتصاديــاً تعنــي االســتقرار واألمــن والحيــاة‬ ‫الطبيعيــة وحســن اإلدارة والحكــم الرشــيد‬ ‫والعالقــة الســوية بــن مكونــات الدولــة‬ ‫والفصــل بــن الســلطات التنفيذيــة والترشيعيــة‬ ‫والقضائيــة كلهــا رشوط أساســية لقيــام دولــة‬ ‫قويــة ســيدة حــرة مســتقلة يشــارك فيهــا جميع‬ ‫املواطنــن مــن دون تجزئــة أو تهميــش ألي‬ ‫منهــم بــل توجيههــم لدحــض مفهــوم رشيعــة‬ ‫الغــاب التــي تعشــش يف عقــل األســد وأتباعــه‬ ‫ألن هــذا املفهــوم ال يبنــي وطنــاً وال يدعــم‬ ‫اقتصــادا ً وطنيــاً‪.‬‬

‫ارتف��اع األس��عار يف الرق��ة وداع��ش أح��د مس��بباتها‬ ‫شــهدت محافظــة الرقــة خــال األســابيع الفائتــة‬ ‫ارتفاعــاً كبــرا ً بأســعار املــواد الغذائيــة والتموينيــة‪،‬‬ ‫بــدأ هــذا االرتفــاع بصــورة متصاعــدة بالتــوازي مــع‬ ‫ارتفــاع ســعر رصف الــدوالر وانهيــار اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫ولكــن يبــدو أن هنــاك أســباب أخــرى لهــذا االرتفــاع‬ ‫غــر مرتبطــة بانهيــار العملــة الســورية‪.‬‬ ‫ولــدى ســؤالنا ألحــد تجــار املــواد التموينيــة يف الرقــة‪،‬‬ ‫أفــاد (أبــو أحمــد)‪:‬‬ ‫هنــاك العديــد مــن األســباب التــي أدت إىل زيــادة‬ ‫تكاليــف االســترياد‪ ،‬األمــر الــذي انعكــس بصــورة‬ ‫مبــارشة عــى مســتوى األســعار يف األســواق‪ ،‬ومــن‬ ‫أهمهــا‪:‬‬ ‫‪ -1‬ارتفــاع ســعر رصف الــدوالر‪ ،‬وطاملــا أن رشاء هــذه‬ ‫املــواد يتــم بالــدوالر فــإن ارتفــاع أســعارها مرتبــط‬ ‫مبــارشة بســعر رصف الــدوالر‪.‬‬ ‫‪ -2‬إغــاق املعابــر الحدوديــة مــع تركيــا‪ ،‬مــا اضطــر‬ ‫التجــار إىل اســترياد تلــك املــواد مــن مناطــق ســيطرة‬ ‫النظــام‪ ،‬وبالتــايل زيــادة تكاليــف الشــحن بنســبة‬ ‫ثالثــة أضعــاف وزيــادة يف أســعار املــواد بنســبة ‪- 5‬‬ ‫‪. 10%‬‬ ‫‪ -3‬قيــام حواجــز النظــام بفــرض أتــاوات تــراوح‬ ‫بــن ‪ 30% - 10‬مــن قيمــة البضائــع التــي تحملهــا‬ ‫الشــاحنات املتجهــة إىل محافظــة الرقــة‪ ،‬مــا تســبب‬ ‫برفــع األســعار بنســبة قــد تصــل إىل ‪.25%‬‬ ‫‪ -4‬ازديــاد املخاطــر التــي تتعــرض لهــا شــاحنات‬ ‫نقــل البضائــع‪ ،‬كالرسقــة والخطــف واملخاطــر األمنيــة‬ ‫الناتجــة عــن العبــور يف مناطــق االشــتباكات يف بعــض‬ ‫األحيــان‪.‬‬ ‫‪ -5‬رضائــب العبــور التــي يفرضهــا ديــوان الجــارك‬ ‫التابــع للتنظيــم عــى البضائــع بنســب متفاوتــة‬ ‫ومرتبطــة بشــكل أســايس بوجهــة تلــك البضائــع‬ ‫وكميتهــا‪.‬‬ ‫كل هــذه األســباب دفعــت تجــار الجملــة إىل زيــادة‬ ‫أســعار املــواد يف األســواق بنســبة وصلــت أحيان ـاً إىل‬ ‫‪ ،50%‬األمــر الــذي أدى أيضــاً إىل انخفــاض حجــم‬

‫املبيعــات لــدى تجــار املفــرق‪.‬‬ ‫ويقــول لنــا (ع ‪ .‬ع) وهــو صاحــب محــل للبقالــة‪:‬‬ ‫«مل نعــد نعــرف كيــف نســعر املــواد‪ ،‬كل يــوم زيــادة‬ ‫بســبب تقلبــات ســوق الذهــب والرصافــة‪ ،‬وارتفــاع‬ ‫األســعار ليــس مرتبطــاً بنــا وحســب‪ ،‬وإمنــا يرتبــط‬ ‫أيضـاً بأســعار املــواد يف ســوق الجملــة ومــدى توافرها‪.‬‬ ‫كذلــك هنــاك الرضائــب التــي ندفعهــا لديــوان الــزكاة‪،‬‬ ‫ورضائــب الكهربــاء واملــاء والنظافــة والتــي قــد تصــل‬ ‫إىل مبلــغ ‪ 3500‬ل‪.‬س شــهرياً‪ ،‬ناهيــك عــن االشـراك يف‬ ‫مولــدات الكهربــاء والتــي تكلفنــا مبلــغ ‪ 4000‬ل‪.‬س‬ ‫أســبوعياً‪.‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬فــإن ارتفــاع األســعار أدى إىل‬ ‫انخفــاض القــدرة الرشائيــة للنــاس بصــورة عامــة‬ ‫وعــدم متكنهــم مــن رشاء كل حاجياتهــم‪ ،‬فالعائلــة‬ ‫التــي كانــت تأخــذ مــوادا ً بقيمــة ‪ 15.000‬ل‪.‬س شــهرياً‬ ‫مل تعــد تشــري بأكــر مــن ‪ ،10.000‬والكثــرون باتــوا‬ ‫يشــرون نصــف الكميــات التــي كانــوا يشــرونها يف‬ ‫الســابق‪ ،‬أو أقــل مــن ذلــك»‪.‬‬ ‫«أبــو خالــد» رب أرسة مكونــة مــن ســبعة أشــخاص‬ ‫وهــو موظــف حكومــي‪ ،‬يقــول‪« :‬الرواتــب بقيــت‬ ‫عــى حالهــا ومل ترتفــع لــي نتمكــن مــن مجــاراة‬ ‫ارتفــاع األســعار‪ ،‬أضــف إىل ذلــك زيــادة أجــور النقــل‬ ‫للحصــول عــى هــذا الراتــب‪ ،‬فســابقاً كنــا نذهــب‬ ‫إىل ديــر الــزور للحصــول عــى الراتــب‪ ،‬أمــا اليــوم‬ ‫فيتوجــب علينــا الســفر إىل حــاة مــن أجــل اســتالم‬ ‫الراتــب‪ ،‬مــا تســبب بارتفــاع أجــور النقــل مــن ‪1500‬‬ ‫إىل ‪ 4500‬ل‪.‬س‪.‬‬ ‫مل يعــد مبقــدوري رشاء كل احتياجــات العائلــة‪ ،‬ولذلــك‬ ‫لجأنــا إىل البحــث عــن بدائــل أقــل تكلفــة مــن املــواد‬ ‫التــي ارتفعــت أســعارها بشــكل كبــر‪ ،‬كــا أننــا مل‬ ‫نســتطع تجهيــز املؤونــة الســنوية بســبب ارتفــاع‬ ‫أســعار الخضــار‪ ،‬وعــدم توافــر الكهربــاء لحفظهــا يف‬ ‫الثالجــات»‪.‬‬ ‫ويحدثنــا أحــد تجــار الرصافــة عــن أســعار الــرف‬ ‫يف الرقــة قائــاً‪« :‬إن أســعار رصف الــدوالر يف الرقــة‬

‫متقلبــة ومتغــرة بصــورة عشــوائية‪ ،‬وغــر مرتبطــة بســعر رصف‬ ‫الــدوالر يف بقيــة املحافظــات‪ ،‬وأقــرب مــا تكــون لألســعار يف‬ ‫دمشــق‪ ،‬بســبب تدخــل التنظيــم عــن طريــق عمليــات البيــع‬ ‫والــراء الكبــرة التــي يقــوم بهــا يف األســواق‪ ،‬فأحيانــاً يقــوم‬ ‫التنظيــم بســحب كل العمــات األجنبيــة املتواجــدة يف األســواق‬ ‫مــا يــؤدي إىل ارتفاعهــا بصــورة كبــرة‪.‬‬ ‫إن أســعار الــرف املضطربــة أدت إىل إفــاس بعــض التجــار مــن‬ ‫أصحــاب رؤوس األمــوال الصغــرة نتيجــة املضاربــات يف األســواق‪،‬‬

‫وأصبــح التجــار يف الرقــة يفضلــون التعامــل بالــدوالر ويجــرون‬ ‫حســاباتهم عــى أساســه‪ ،‬وحتــى املواطنــن بــدأوا بتحويــل‬ ‫مدخراتهــم إىل الــدوالر بســبب تخوفهــم مــن انهيــار العملــة‬ ‫الســورية بشــكل كبــر»‪.‬‬ ‫وفيــا يــي نــورد جــدوالً للمقارنــة بــن أســعار املــواد الغذائيــة‬ ‫خــال شــهري آذار وأيــار‪ ،‬وتوضيــح التغــر الــذي أصــاب أســعار‬ ‫هــذه املــواد‪:‬‬

‫* الرقة تذبح بصمت‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪11‬‬

‫الشام يف عيين ‪ ..‬أمتنا مهانة وعزتها بعقالئها الذين يصلحون يف األرض وال يفسدون‬ ‫لقاء مع الشاعر السوري حممود عمر خييت‬

‫حاوره لميس الرحبي‬

‫م��ن دوم��ا األبي��ة ال�تي تعب��ق برائح��ة اليامس�ين‬ ‫برز اسم «حممود عمر خييت»‪ ،‬الشاعر الذي يكتب‬ ‫ع��ن النف��س اإلنس��انية اليت عذبه��ا طموحها‪ ،‬وهو‬ ‫ينش��د عامل��اً حيق��ق في��ه املس��تحيل‪ ،‬وه��و ش��اعر‬ ‫وكاتب ورسام وخطاط‪ ،‬وعاشق اللغة اجلميلة‪،‬‬ ‫ال�تي أهدت��ه فطرتهاب��أدق أس��رارها‪ ،‬وأعم��ق‬ ‫خفاياه��ا‪ ..‬يف ه��ذا اللق��اء حن��اول إع��ادة اكتش��اف‬ ‫الش��اعر «خي�تي»‪ ،‬وق��راءة مالم��ح أدب��ه‪ ،‬وتأث��ره‪،‬‬ ‫وتأث�يره يف اجملتم��ع‪..‬‬ ‫* يف س��ؤال ال ميكن ختطيه من هو حممود عمر‬ ‫خييت؟‬ ‫** ُولِــ َدت يف مدينــة دومــا بريــف دمشــق يف ‪10‬‬ ‫متــوز ‪ 1952‬م‪ .‬كتبــت الشــعر صغــرا ً‪ ،‬ونــرت كثــرا ً‬ ‫مــن القصائــد والقصــص‪ ،‬وشــاركت يف أمســيات أدبيــة‬ ‫عديــدة‪ ،‬ويل دراســات ومقــاالت يف موضوعــات دينيــة‬ ‫ولغويــة ونقديــة بعضهــا نُــر وأكرثهــا مخطــوط‪.‬‬ ‫مــن أعــايل األدبيــة ثــاث مجموعــات شــعرية‬ ‫ومجموعــة قصصيــة‪ .‬وســتصدر يل مجموعــة شــعرية‬ ‫بعنــوان «الشــام يف عينــي» عــن دار الرابطــة للنــر‬ ‫والتوزيــع‪ .‬وأجهــز للنــر مجموعــة شــعرية لألطفــال‬ ‫بعنــوان «براعــم النــور»‪ ،‬ومجموعــة شــعرية بعنــوان‬ ‫«أحــاول يــا وطنــي»‪ ،‬وأخــرى بعنــوان «تســبيح قلــب»‪.‬‬ ‫إضافــة إىل كتــاب نــري بعنــوان‪« :‬قــال يل الظــل»‪ ،‬وهــو‬ ‫ســريت الذاتيــة‪ ،‬وكتــاب‪« :‬نرثيــات مــن عــن الشــعر»‪،‬‬ ‫وهــو مجموعــة مقــوالت ونظــرات يف الحيــاة‪.‬‬ ‫* ماذا عن جتربتك الشعرية‪ ..‬البدايات؟‬ ‫** اآلن عضــو رشف يف رابطــة شــعراء العــرب‪ ،‬ورحلتــي‬ ‫مــع الشــعر وصــوالً إىل هــذه العضويــة طويلــة تزيــد‬ ‫عــى نصــف قــرن مــن الزمــن‪ .‬كانــت القصيــدة األوىل‬ ‫وقفــت عــى قدميهــا عــن فلســطني‪ ،‬ونرشتهــا‬ ‫التــي‬ ‫ْ‬ ‫يف مجلــة كانــت تصــدر بدمشــق عــام ‪ 1968‬تدعــى‬ ‫«صــوت فلســطني»‪ ،‬كنــت حينئــذ ابــن ســتة عــر‬ ‫ربيعـاً‪ ،‬وعــى حداثــة ســني كنــت أريــد أن أقــول شــيئاً‬ ‫مختلفــاً عــا يقولــه اآلخــرون‪ ،‬كنــت أنتقــد نفــي‬ ‫وأحــاول كل مــرة أن أكــون شــاعرا ً حقيقيــاً‪ ..‬يف نظــر‬ ‫نفــي عــى األقــل‪ ..‬كنــت واقعـاً يف غـرام شــديد تجــاه‬ ‫القــراءة‪ ..‬القــراءة ثــم القــراءة‪ ..‬وكان القــرآن الكريــم‬ ‫حبــي الكبــر وعاملــي الرحــب الــذي تــزودت فيــه زاد‬ ‫اإلميــان‪ ،‬وزاد اللغــة معــاً‪.‬‬ ‫* ح�ين نتح��دث ع��ن احلكم��ة‪ ،‬ي�تراءى لن��ا املع��ري‬ ‫واملتنيب‪ ،‬فمن أين جاءت احلكمة يف شعر حممود‬ ‫عمر خييت؟ ومن تأثرت به من الش��عراء؟‬ ‫** الحكمــة ضالــة املؤمــن‪ ،‬وهــذا دأب كل عاقــل‪،‬‬ ‫والنفــس اإلنســانية مجبولــة عــى طلــب املعرفــة واكتناه‬ ‫الحقيقــة والســعي نحــو الكــال‪ ،‬فــا عجــب إذن أن‬ ‫يتأثــر الشــاعر بــكل شــاعر ســبقه يهــدي إليــه عصــارة‬ ‫تجاربــه يف الحيــاة ومثــار مكابداتــه يف طلــب املجد الذي‬ ‫ال يتــأىت بالقــوة فحســب‪ ،‬بــل عــن طريــق إعــال العقل‬ ‫والرجــوع إىل الحكمــة دامئ ـاً‪ .‬إن اإلنســان فعــل إيجــايب‬ ‫عــى األغلــب والخــر مقصــد ومبتغــى‪ ،‬ولهــذا اجتهــد‬ ‫الشــعراء قدميـاً وحديثـاً يف التعبــر عــن الخــر واألخــاق‬ ‫الحميــدة والصنائــع الفاضلــة‪ .‬ومــا دمــت إنســاناً إيجابياً‬ ‫مل يشــ ِّوهني الــر ‪-‬وللــه الحمــد‪ -‬فقــد أعطيــت كل‬ ‫انتباهــي للحكمــة يف شــعر الشــعراء الجاهليــن كزهــر‬ ‫بــن أيب ســلمى والنابغــة وعنــرة‪ ،‬ثــم عنــد مــن جــاء‬ ‫بعدهــم وهــم كثــر‪ ،‬ويف الصــدارة أبــو متــام واملتنبــي‬ ‫واملعــري‪ ،‬وصــوالً إىل حافــظ إبراهيــم وأحمــد شــوقي‪.‬‬ ‫وال ننــى أيضـاً التجــارب الشــخصية ومــا ميــر بــه املــرء‬ ‫مــن معانــاة عــى مــر األيــام‪ .‬إن الحكمــة يف شــعري‬ ‫ليســت وليــدة اليــوم بــل هــي خالصــة مســرة عمــري‪،‬‬

‫وهــي ليســت متكلفــة وال مصنوعــة بــل تــأيت يف شــعري حثيــث ومناضلــة مــن أجــل األكمــل واألجمــل معــاً‪،‬‬ ‫وليــس هنــاك عمــل أديب يصــل إىل الكــال والجــال‬ ‫عــى الســجية يقولهــا وجــداين قبــل لســاين‪.‬‬ ‫أبــدا ً‪ ،‬القــرآن الكريــم وحــده هــو مطلــق الكــال‬ ‫* ه��ل جت��د فيم��ا اصطل��ح علي��ه بالربي��ع العرب��ي والجــال‪ ،‬أمــا األديــب فيحــاول ويحــاول ويــرك إرثــه‬ ‫اس��تكما ً‬ ‫ال ملش��روع العومل��ة الثقافي��ة واالحت�لال للتاريــخ ليحكــم عليــه‪.‬‬ ‫الفك��ري؟ ول��و أتيح��ت ل��ك إع��ادة ترتي��ب املش��هد‬ ‫الثق��ايف يف س��وريا مبقتض��ى الظ��روف الراهن��ة‪ * ،‬يدع��ي بعضه��م أن اإلبداع العربي تفوق كثرياً‬ ‫عل��ى النق��د العرب��ي‪ .‬م��ا ه��و تقييمك لوض��ع النقد‬ ‫فم��ا الرتتي��ب املناس��ب حس��ب أولوي��ات؟‬ ‫** ال أحــب الخــوض فيــا يصطنعــه الغــرب لنــا ويلقيــه األدب��ي يف الع��امل العرب��ي الي��وم؟ وم��ن ه��و برأي��ك‬ ‫يف طريقنــا لنتعــر بــه وننشــغل بــه‪ .‬ليــس يف جغرافيــة أكث��ر فهم��اً للن��ص الش��اعر نفس��ه أم الناق��د؟ وما‬ ‫األمتــن العربيــة واإلســامية ربيــع أبــدا ً‪ ،‬هنــاك أمــل يف دور الناق��د يف كش��ف اإلب��داع؟‬ ‫قــدوم ربيــع يســتعيص قدومــه باألمــاين‪ .‬أمتنــا مهانــة ** اإلبــداع والنقــد يصــدران مــن حضــارة‪ ،‬ويف عرصنــا‬ ‫وعزتهــا تكــون بعقــول العقــاء الذيــن يصلحــون يف هــذا ضعــف وانحطــاط يف كل علــم وفــن وإبــداع‪،‬‬ ‫األرض وال يفســدون‪ ،‬فهــم ينــرون الطريــق لألجيــال ولكــن ألن الشــاعر عــادة يعــر عــن أحاســيس ومشــاعر‬ ‫التــي تجاهــد وتجاهــد عــى مــدى مئــات الســنني فهــو ال ينتظــر بنــاء املــروع الحضــاري املنشــود‪،‬‬ ‫ليســتطيعوا اســتعادة حضارتهــم املســتلبة‪ .‬أمــا الحركات فالشــعر كالفــن يــأيت عفويـاً إىل حــد كبــر فلذلــك نــرى‬ ‫الشــبابية التــي ال تصــدر عــن محــركات عقليــة كبــرة يف ديارنــا كث ـرا ً مــن الشــعراء‪ ،‬أمــا النقــد فهــو يحتــاج‬ ‫لدعــاة إصــاح وفالســفة ومفكريــن وحكــاء وعقــاء إىل مــا يحتــاج إليــه الشــعر مضافـاً إليــه الفكــر والوعــي‪،‬‬ ‫فهــي جهــود ضائعــة ال تغــر الواقــع املريــر إال آنيــاً ومادامــت الســلطة أي ســلطة ومعهــا كثــر مــن النــاس‬ ‫وجزئيــاً؛ وهــذا مــا يريدنــا الغــرب أن ننشــغل بــه‪ - .‬مــع األســف الشــديد ‪ -‬تقمعــان الفكــر والوعــي فــا‬ ‫والخالصــة أن األفعــال العصبيــة الناتجــة عــن حميــة نقــد إذن‪ .‬إن الكتابــات النقديــة اليــوم هــي أعــال‬ ‫مــن أي نــوع‪ :‬دينيــة أو قوميــة أو قبليــة مهلكــة ال تبنــي قليلــة ال تتســاوق مــع النصــوص الصــادرة‪ .‬الشــعراء يف‬ ‫حضــارة وال تعيــد مجــدا ً ألنهــا غــر موجهــة بالعقــول عرصنــا هــذا يقولــون مــا يقولــون يف غيــاب نقــد فاعــل‬ ‫الواعيــة املســتنرية‪ .‬مــن املؤكــد أن جــوايب لــن يعجــب حكيــم‪ ،‬إنهــم يكتبــون قصائدهــم ويعلقونهــا عــى‬ ‫أكــر الشــباب املندفــع‪ ،‬وإذا أخــذ طريقــه إىل النــر جــدار التاريــخ ليــأيت جيــل أكــر وعي ـاً وإعــاالً للفكــر‬ ‫فهــذا دليــل عــى أن يف القامئــن عــى هــذه املجلــة خـرا ً ينبــغ فيــه نقــاد حقيقيــون غــر خاضعــن لــرق أو‬ ‫غــرب ويحكمــون عــى معلقاتهــم!‬ ‫عظي ـاً‪.‬‬ ‫* إن الش��اعر أو األدي��ب يظ��ل يبح��ث ع��ن ذات��ه‬ ‫وش��خصيته إىل أن جيده��ا‪ ،‬ف��إذا ه��ي متلك��ه بع��د‬ ‫ذل��ك إىل األب��د‪ ،‬فه��ل تأث��رت بأح��د به��ذا اجمل��ال؟‬ ‫وه��ل ت��رى التأث��ر ظاه��رة صحي��ة؟‬ ‫** أبــدأ مــن الشــق الثــاين مــن ســؤالك‪ ..‬نعــم التأثــر‬ ‫ظاهــرة صحيــة‪ ،‬بــل هــي رضوريــة‪ ،‬بــل هــي دليــل‬ ‫عــى املوهبــة الحقيقيــة لــدى األديــب‪ ،‬ولكــن التأثــر‬ ‫الصحــي املطلــوب يف طــرف‪ ،‬والتقليــد واالستنســاخ يف‬ ‫الطــرف اآلخــر املرفــوض متام ـاً‪ .‬كنــت مولع ـاً بالشــعراء‬ ‫الكبــار قدمــا َء ومحدثــن فأقــرأ لهــم وأتــرب آدابهــم‬ ‫وأســاليبهم‪ ،‬ثــم أكتــب قصائــدي يف ســعي دائــب نحــو‬ ‫التجديــد ال التقليــد‪ ،‬مل أقلــد أحــدا ً يف حيــايت‪ ،‬ولكــن‬ ‫النقــاد يقولــون إننــي يف تجربتــي الشــعرية خالصــة‬ ‫عمــر أبوريشــة وبــدوي الجبــل وخليــل مــردم بــك وخــر‬ ‫الديــن الــزركيل ومحمــد الفـرايت ونـزار قبــاين وســليامن‬ ‫العيــى‪ ،‬وهــذا الــرأي مــازال يســعدين كلــا ذُكــر‪ .‬ومــع‬ ‫أننــي أقمــت أو شــاركت ‪ -‬كــا أرشت – يف أمســيات‬ ‫شــعرية‪ ،‬وطبعــت‪ ،‬ونــرت كثــرا ً مــن القصائــد يف‬ ‫الدوريــات العربيــة‪ ،‬ونلــت عديــدا ً مــن الجوائــز‪ ،‬فــإن‬ ‫ذلــك كلــه يحفــزين إىل الجديــد واألفضــل كل مــرة‪.‬‬ ‫كتبــت قصائــدي عــى العمــود والتفعيلــة والنــر‪،‬‬ ‫وكتبــت مرسح ـاً شــعرياً‪ ،‬وخضــت يف تجربــة متدفقــة‬ ‫متلونــة زاخــرة‪ ،‬ولكــن يف النهايــة ال مندوحــة يف أن يــرى‬ ‫الشــاعر ذاتــه صغريا ًجــدا ً‪ ،‬ويــرى نجــم الشــعر مــازال‬ ‫عالياًوبعيــدا ً عنــه دامئ ـاً‪.‬‬ ‫* اخت��ذت مكان��ك وجب��دارة يف الوس��ط الثق��ايف‬ ‫م��ن حي��ث األس��لوب واألداء‪ ،‬والس��يما أن��ك تكت��ب‬ ‫مجي��ع أن��واع األدب العرب��ي م��ن رواي��ة وقص��ة إىل‬ ‫الش��عر‪ .‬ه��ل أن��ت مقتن��ع مب��ا قدمت��ه لع��امل الش��عر‬ ‫واألدب؟‬ ‫** مل يخلــق اللــه شــاعرا ً يــرىض مبــا وصــل إليــه إال إذا‬ ‫كان مغرورا ًونرجســياً؛ وهــذا املعجــب بنفســه مخلــوق‬ ‫دعــي عــى الشــعر غريــب‪ ،‬ورسعــان مــا يســقط‬ ‫ٌّ‬ ‫وينكشــف ويــويل الدبــر إىل غــر عــامل األدب والشــعر‪.‬‬ ‫األديــب الحقيقــي ‪-‬وليــس الشــاعر فقــط‪ -‬هــو ســعي‬

‫الشاعر محمود عمر خيتي‬ ‫االجتامعــي مــن أجــل مامرســة مناشــطهم األدبيــة‬ ‫التقليديــة‪ ،‬فلــم يســتنكفوا عــن جعــل الفيســبوك مثـاً‬ ‫صخــر ًة يقفــون عليهــا لإلعــان عــن نــاد أو جمعيــة‬ ‫ويدعــون إىل حضــور أمســية أو حفــل توقيــع ديــوان أو‬ ‫حتــى يف الرتويــج لبعــض نصوصهــم‪.‬‬

‫* الكت��اب مثل��ه مث��ل أي ف��ن آخ��ر حيت��اج إىل‬ ‫اإلع�لان عن��ه والدعاي��ة ل��ه‪ .‬أين ه��و األدب العربي‬ ‫من األدب العاملي؟ وما هي املقومات اليت حيتاجها‬ ‫الكات��ب العرب��ي ك��ي يص��ل إىل العاملي��ة؟‬ ‫** ذكــرت قبــل قليــل عالقــة األدب بالحضــارة‪ ،‬ونحــن‬ ‫اآلن يف واد ســحيق‪ ،‬بــن حضــارة ســلفت نتغنــى بهــا‬ ‫وحضــارة قادمــة منشــودة اللــه أعلــم متــى ســننعم بهــا‪.‬‬ ‫أمــا العامليــة فــا شــأن لألديــب الحقيقــي يف التفكــر‬ ‫فيهــا‪ ،‬إذ أن العامليــة اليــوم هــي نتــاج حضــاري مــن‬ ‫جهــة‪ ،‬ونتــاج عوامــل سياســية واســتعامرية اســتعالئية‬ ‫* جترب��ة الش��اعر الش��خصية ال ب��د أن تظه��ر مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬ ‫وت�تراءى بش��كل مباش��ر أو غ�ير مباش��ر يف أعمال��ه‪،‬‬ ‫ولك��ن هن��اك اختالف��اً يف طريق��ة التعبري عن هذه * ه��ل أ ّث��ر التغي�ير اخلط�ير يف النظ��ام السياس��ي‬ ‫يلم��ح وهن��اك م��ن ّ‬ ‫التجرب��ة‪ ،‬هن��اك م��ن ّ‬ ‫يص��رح العرب��ي عل��ى حرك��ة الش��عر كم��ا ح��دث بع��د‬ ‫مبعانات��ه‪ .‬ت��رى م��ا أث��ر جترب��ة الغرب��ة عل��ى ش��عر احل��رب العاملي��ة الثاني��ة وب��روز مرحل��ة ال��رواد‬ ‫وأدب حمم��ود عم��ر خي�تي؟‬ ‫آن��ذاك‪ ،‬وه��ل حتض��ر لدي��ك أمثل��ة لش��عراء أو‬ ‫** املبــارشة يف التعبــر والخطــاب ليســت مــن ســات ش��اعرات؟ وه��ل س��يحدث انق�لاب ثق��ايف عرب��ي؟‬ ‫األدب الحقيقــي‪ .‬الشــاعر يعــر عــن مشــاعر وأفــكار وه��ل تعتق��د أن��ه م��ازال مثة ح��ظ للش��عراء العرب‬ ‫ورؤى ويدعــو إىل الحكمــة بلطــف وخفــاء وذكاء‪ .‬إنــه يف ني��ل جائ��زة نوب��ل؟‬ ‫كــا يف ســؤالك يلمــح وال يــرح؛ ألنــه ليــس رجــل ** جــواب الســؤال الســابق يشــر إىل هــذا‪ ،‬كل أديــب‬ ‫سياســة وال يرشــح نفســه للربملانــات! ومــا نقــرؤه مــن هــو جــزء مــن مــروع بنــاء أمــة نطمــح إليــه‪ ،‬ونصيــب‬ ‫خطابيــة يف القصائــد الحامســية أمــر كريــه ومــرذول الشــعراء متفــاوت ال ريــب‪ ،‬فمنهــم مــن تــرك بصمــة‬ ‫وســاقط ولــن يحتفــظ بــه التاريــخ‪ ،‬ويتنــاىف مــع رســالة واضحــة فهــذب أخالقـاً وأنــار طريقـاً‪ ،‬ومنهــم مــن آثــر‬ ‫الشــاعر الســامية التــي متــي عــى هــدي األنبيــاء نفســه وتقوقــع عــى ذاتــه بــل وأفســد بــدل أن يصلــح‪،‬‬ ‫واملصلحــن‪ .‬ولــن أتحــدث عــن نفــي كث ـرا ً يف التعبــر‬ ‫وكل لــه حكمــه عنــد ربــه أوالً وتاريخنــا ثانيــاً‪ .‬أمــا‬ ‫ٌّ‬ ‫عــن الغربــة‪ ،‬فالقصائــد هــي التــي تتوجــع وتــن جوائــز نوبــل وغريهــا فهــي ليســت مــا ينبغــي لألديــب‬ ‫وتتامهــى مــع الطبيعــة‪ ،‬هــي التــي ينــرب الحنــن التخطيــط لــه‪.‬‬ ‫إىل الوطــن فيهــا انرسابــاً رقيقــاً‪ ،‬هــي التــي تالمــس * ه��ل تعت�بر الكتاب��ة األدبي��ة ملبدع�ين ع��رب‬ ‫كل نفــس إنســانية يف صدقهــا وعــدم املبالغــة فيهــا‪ .‬ال باللغ��ات األجنبية مكس��باً ل�لأدب العربي وحمفزاً‬ ‫ينفــع الضجيــج يف الشــعر مهــا كانــت معانــاة الشــاعر‪ .‬للتجدي��د يف األدب العرب��ي؟‬ ‫التعبــر الصــادق الهــادئ هــو أســلويب الشــعري كــا **مــا يكتــب بلغــة مــا محســوب عليهــا‪ ،‬مث ـاً النــص‬ ‫أظــن‪ ،‬ســواء كنــت أعــر عــن م ـرارة الغربــة أو غريهــا‪ .‬الفرنــي لشــاعر عــريب هــو نــص فرنــي وليــس عربيـاً‪.‬‬ ‫الغربــة فرضــت نفســها وال يختارهــا عاشــق مثــي‬ ‫لوطنــه‪ ،‬والشــعر يف الحــل والرتحــال وبــن العشــق * يف قام��ة مث��ل حمم��ود عم��ر خي�تي تتب��ع أم��ة‬ ‫والحنــن هــو تعبــر عــن حــب لــيء تنالــه أو ال تنالــه‪ .‬اقرأ من هم الش��عراء الذين حترص على القراءة‬ ‫هلم؟وم��ا مش��اريعك املس��تقبلية ورس��التك ال�تي‬ ‫* للتجمع��ات الثقافي��ة والصح��ف واجمل�لات تس��عى لنش��رها؟‬ ‫قيمته��ا فيم��ا مض��ى كواس��طة لتب��ادل املع��ارف ** أقــرأ لــكل مــن أســعفني الوقــت والقــوة للقــراءة‬ ‫والتواص��ل ب�ين املثقف�ين م��ن مناط��ق جغرافي��ة لــه‪ ،‬فالقـراءة أم الكتابــة‪ ،‬ويبقــى اإلنســان طــوال عمــره‬ ‫متفرقة‪ ،‬فهل ترى كما أرى أن اإلنرتنت سيلغي صغ ـرا ً أمــام أهميــة الق ـراءة ومنزلتهــا‪ .‬أمــا املشــاريع‬ ‫دور ه��ذه التجمع��ات والصح��ف واجمل�لات وحي��ل‬ ‫فكثــرة‪ ..‬بــل أكــر مــن أن يســتوعبها عمــر ثــان أو ثالث‪،‬‬ ‫حمله��ا ثقافي��اً؟ وه��ل س��يبقى الداف��ع االجتماع��ي‬ ‫كافي��اً الس��تمراريته رغ��م االحنس��ار الواض��ح يف بــن يــدي أكــر مــن ديــوان يحتــاج إىل تحضــر للنــر‪،‬‬ ‫احلض��ور م��ن غ�ير م��ن يقف عل��ى منص��ة اإللقاء؟ ومثلهــا يف القصــة والقصــة القصــرة‪ ،‬وبــن يــدي الســرة‬ ‫**مل يلــغِ يشء شــيئاً‪ .‬كل مــا ذكــرت قائــم ومنبســط الذاتيــة وكتــاب آخــر وروايــة ومرسحيــة‪ ،‬واللــه وحــده‬ ‫ولــه مريــدوه‪ ،‬بــل إن الشــعراء ط َّوعــوا مواقــع التواصــل يعلــم إن كان يف العمــر متســع إلنجــاز ذلــك كلــه‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫الشاعر الكبري نزار قباني‪:‬‬ ‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫«العجيلي أروع بـــــ��دوي عرفتــــ��ه املدينــــة‪ ..‬وأروع حضــــ��ري عرفتـــــه الباديـــــة»‬

‫بعض جوانب الفكاهة يف شخصية العجيلي‬ ‫خطيب بدلة‬ ‫ـب الكبــر‬ ‫ســنة ‪ 1998‬دعــي صديقــي األديـ ُ‬ ‫عبــد الســام العجيــي إىل مدينــة رساقــب‬ ‫مبحافظــة إدلــب إللقــاء حديــث أديب‪ ،‬دون‬ ‫تحديــد املحــور الــذي ســيتحدث فيــه‪ .‬وهــذه‬ ‫املســألة ليســت صعبــة عــى العجيــي‪ ،‬فهــو‬ ‫الرائـ ُد األول للقصــة القصــرة الســورية الخاليــة‬ ‫مــن العيــوب الفنيــة‪ ،‬ميتلــك ثقافــة موســوعية‬ ‫كــرى‪ ،‬ولســاناً يوقــع الطائــر مــن ســاه عــى‬ ‫األرض‪ ،‬ومــن ثــم يســتطيع أن يتحــدث مطــوالً‬ ‫يف أي حديــث أديب‪ ،‬أو علمــي‪ ،‬أو حيــايت‪ ،‬وأن‬ ‫يكــون حديثــه عــى قــدر كبــر مــن األهميــة!‬ ‫ســلمت عليــه قبــل املحــارضة‪ ،‬وســألتُه مــاذا‬ ‫ُ‬ ‫ســتقدم لنــا؟ فقــال‪ :‬إكرامــاً لــك‪ ،‬ولــروح‬ ‫صديقنــا الراحــل حســيب كيــايل‪ ،‬ســأتجه يف‬ ‫بعــض حديثــي نحــو الفكاهــة‪.‬‬ ‫بــدأ حديثــه بالقــول‪ :‬إن مديــر املركــز الثقــايف‬ ‫برساقــب األســتاذ «زكريــا الحــاج عــي» قــد‬ ‫أخجــل تواضعــه مــن فــرط مــا اتصــل بــه‪ ،‬وأكــد‬ ‫عــى أهميــة اســتضافته يف رساقــب‪ ،‬تــاركاً لــه‬ ‫حريــة اختيــار املوضــوع‪ .‬وقــال‪:‬‬ ‫ـن بالطبــع‪ ،‬فأجدادُنــا األوائــل‬ ‫ هــذا األمــر ممكـ ٌ‬‫كانــوا يكتبــون أســفارا ً ضخمــة عــى مبــدأ‬ ‫«الــيء بالــيء يُذكــر»‪ .‬وكان مــن أعــام‬ ‫رجــل يدعــى‬ ‫ٌ‬ ‫الثقافــة املوســوعية القدامــى‬ ‫«الحريــري»‪ ،‬قمــيء املنظــر‪ ،‬خجــول‪ ،‬ال يحــب‬ ‫مالقــاة النــاس‪ .‬وذات مــرة جــاءه رجـ ٌـل‪ ،‬وألــح‬ ‫يف الطلــب ملقابلتــه‪ -‬مثلــا فعــل مديــر املركــز‬ ‫الثقــايف بشــأين‪ -‬موضحــاً ألهلــه أنــه تجشــم‬ ‫عنــاء الســفر مــن بــاد فــارس خصيصــاً لــي‬ ‫يـراه ويســمعه‪ ،‬فخــرج إليــه الحريــري‪ ،‬وعندمــا‬ ‫قــرأ آثــار الصدمــة عــى وجــه الضيــف أنشــده‪:‬‬ ‫ما أنت َ‬ ‫أول سـا ٍر غَــ َّر ُه قمـ ٌر‬ ‫ٍ‬ ‫ورائد أعجب ْتـه خضـر ُة الدِّ مـنِ‬ ‫رجل‬ ‫فاخرت لنفسك غيـري إنني ٌ‬ ‫عيدي اسمع يب وال تَ َرين!‬ ‫مثل امل ُ ِّ‬ ‫إن هــذا الــكالم الــذي افتتــح بــه العجيــي‬ ‫كالمــه لدليـ ٌـل عــى أنــه مــن كبــار الســاخرين‬ ‫الذيــن يبــدأ الواح ـ ُد منهــم الســخري َة بنفســه‪،‬‬ ‫لئــا يبــدو متعاليــاً عــى اآلخريــن‪ ،‬ولــه يف‬ ‫الشــاعر العــريب «الحطيئــة» أســو ٌة حســنة‪.‬‬ ‫مل يكــن العجيــي يريــد أن يكــون أديب ـاً‪ ،‬وهــو‬ ‫يقــول رصاحــة‪:‬‬ ‫أصبحــت أديبــاً عــى الرغــم منــي‪ ،‬فأنــا يف‬ ‫‬‫ُ‬ ‫األســاس طبيــب‪ ،‬لــدي عيــادة مكتظــة بالزبائــن‬ ‫يف أغلــب األحيــان‪ ،‬وكنــت أعمــل يف مطلــع‬ ‫حيــايت اثنتــي عــرة ســاعة‪ ،‬وأعايــن أكــر‬ ‫مــن مئــة مريــض‪ ،‬وأتعــرف عــى ثالثــن ألــف‬ ‫شــخص يف الســنة‪ ،‬فمــن أيــن آيت بالوقــت‬

‫إلنتــاج األدب؟‬ ‫ولكنــه ال ينكــر أهميــة األدب وفضلَــه‪ ،‬فيقــول‪:‬‬ ‫إذا كتــب اإلنســان كلمــة طيبــة تدخــل القلــب‪،‬‬ ‫قصــة أو روايــة أو مقالــة أو قصيــدة‪ ،‬فإمنــا‬ ‫يعرفــه مــن خاللهــا مئــاتُ األلــوف مــن البــر‪،‬‬ ‫إن مل أقــل املاليــن‪.‬‬ ‫وعــن موقــف بعــض النــاس يف أريافنــا مــن‬ ‫األدب‪ ،‬يــروي العجيــي النــادرة التاليــة‪ ،‬فيقــول‪:‬‬ ‫ لقــد ارتبطــت العمليــة اإلبداعيــة يف أذهــان‬‫بعــض النــاس الريفيــن بظهــور التلفزيــون‪،‬‬ ‫فكانــوا يعتقــدون أن الشــخص الــذي يكتــب‬ ‫قصص ـاً وروايــات لــه عالقــة مــا بالتلفزيــون!‪..‬‬ ‫بدليــل أن شــخصاً مــن أقــاريب حــر إىل عيــاديت‬ ‫ذات مــرة‪ ،‬وكان مصابــاً مبــرض نــادر‪ ،‬ولكنــه‬ ‫مــرض ســهل املعالجــة‪ ،‬وليــس لــه إال دواء واحــد‬ ‫قيم ـ ُة العلبــة منــه ســتون قرش ـاً ســورياً فقــط‪.‬‬ ‫بعدمــا عاينتُــه كتبــت لــه اســم علبــة الــدواء‬ ‫عــى الوصفــة‪ ،‬وقلــت لــه‪ :‬خــذ هــذا الــدواء وال‬ ‫تهتــم‪.‬‬ ‫ذهــب الرجــل‪ -‬عــى حســب مــا علمــت‬ ‫الحقــاً‪ -‬إىل الصيدليــة‪ ،‬واشــرى علبــة الــدواء‪،‬‬ ‫فلــا عــرف أن مثنهــا بخــس وقــف يحــدث‬ ‫نفســه فيقــول‪ :‬ابــن عمــي عبــد الســام طبيــب‬ ‫عــى قــده‪ ،‬ومؤكــد أنــه مل يســمع بهــذا املــرض‬ ‫النــادر‪ ،‬ولئــا يخجــل أمامــي‪ ،‬ولئــا يخــرِّ َ ين‬ ‫الكثــر مــن النقــود‪ ،‬كتــب يل عــى هــذا الــدواء‬ ‫مــن قبيــل فــض العتــب!‬ ‫وخبــأ الوصفــة بــن أوراقــه وذهــب إىل دمشــق‪،‬‬ ‫حيــث راجــع واحــدا ً مــن أشــهر أطبائهــا‬ ‫املختصــن يف مجــال املــرض الــذي يشــكو منــه‪.‬‬ ‫عاينــه ذلــك الطبيــب وكتــب لــه اســم الــدواء‬ ‫نفســه‪ ،‬وقيمتــه ســتون قرشــاً‪ .‬وبعــد‬ ‫الوحيــد َ‬ ‫أن اســتخدم الــدواء‪ ،‬وشــفي متامـاً‪ ،‬حــر إ َّيل يف‬ ‫العيــادة‪ ،‬وقــال يل‪:‬‬ ‫ باللــه يــا ابــن عمــي يــا عبــد الســام أنــت‬‫خــوش طبيــب‪ ،‬وفهيــم‪ ،‬لكــن مــا أحــد‬ ‫(مخيســك) غــر هالتلفزيــون!‬ ‫ويعــود العجيــي يف حديثــه إىل إشــكالية أن‬ ‫يكــون املــرء أديبــاً وطبيبــاً يف الوقــت نفســه‪.‬‬ ‫ويقــول‪ :‬لعــل أشــهر هــؤالء تشــيخوف الــذي‬ ‫ســئل عــن عالقتــه بالطــب واألدب فقــال‪:‬‬ ‫ الطب زوجتي‪ ،‬واألدب عشيقتي!‬‫وكأنــه أراد أن يقــول إن الطــب كالزوجــة‪ ،‬لــه‬ ‫اإلخــاص‪ ،‬والواجــب‪ ،‬ودفء الحيــاة العائليــة‪،‬‬ ‫وأمــا اللــذة واملتعــة ففــي األدب‪.‬‬ ‫وأذكــر بهــذه املناســبة موقفــن طريفــن‪ ،‬أولهــا‬ ‫أن األســتاذ رشيــف ال َعلَمــي‪ ،‬وهــو مذيــع‬ ‫معــروف يف إذاعــات الخليــج‪ ،‬أجــرى معــي‬ ‫حــوارا ً إذاعيــاً إلذاعــة الكويــت‪ ،‬فذكــرت لــه‬ ‫مقولــة تشــيخوف‪ ،‬فأوقــف التســجيل وقــال يل‪:‬‬

‫ أرجــوك‪ ،‬يف الكويــت ال يقبلــون اســتخدام‬‫كلمــة «عشــيقتي»‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬نقول‪ :‬خليلتي‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وال هذه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬صديقتي‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هذه مقبولة‪.‬‬ ‫والثانيــة أن امللحــق األســبوعي لجريــدة الــرق‬ ‫األوســط الســعودية التــي تصــدر يف لنــدن‪ ،‬وهو‬ ‫ملحــق يصــدر عــى شــكل مجلــة مســتقلة‪،‬‬ ‫أجــرى‪ ،‬قبــل ســنوات‪ ،‬حــوارا ً مطــوالً معــي‪،‬‬ ‫وســألني عــن الطــب واألدب فكــررت مقولــة‬ ‫تشــيخوف‪ .‬بعــد أيــام صــدر العــدد وعليــه‬ ‫صــوريت والعبــارة التاليــة‪ :‬عبــد الســام العجيــي‪:‬‬ ‫الطــب زوجتــي واألدب صديقــي!‬ ‫إن عمليــة الكتابــة لــدى العجيــي ســهلة جــدا ً‪،‬‬ ‫فــكان‪ -‬عــى حــد تعبــر النقــاد األوائــل‪ -‬يغــرف‬ ‫مــن بحــر‪ .‬يقــول يف هــذا الســياق‪:‬‬ ‫لقــد أنتجــت ثالثــة وثالثــن كتابــاً حتــى اآلن‪،‬‬ ‫رغــم التزامــي بعيــاديت وأســفاري ومســاهاميت‬ ‫الصحفيــة التــي مل تجمــع يف كتــب‪.‬‬ ‫حينــا كنــت طالبــاً يف الجامعــة كنــت أمــر‬ ‫بأحــد أصدقــايئ الصحفيــن يف مقــر صحيفتــه‪،‬‬ ‫فــا أراه إال وهــو يغلــق البــاب عــي ويقــول‪:‬‬ ‫ ال تخــرج مــن هنــا إال أن تكتــب يل قصــة أو‬‫مقالــة أو افتتاحيــة‪.‬‬ ‫وكنت ألبي طلبه يف الحال‪.‬‬ ‫ويقــول‪ :‬لــو كنــت مــن الطامعــن بالشــهرة‪ ،‬أو‬ ‫بالخلــود‪ ،‬فيكفينــي القليــل مــا أكتــب‪ .‬املتنبــي‬ ‫مثــاً‪ ،‬خلــده كتــاب مــن أربعمئــة صفحــة‬ ‫فقــط‪ .‬يف فرنســا َعلَــان أدبيــان كبــران‪ ،‬أولُهــا‬ ‫فيكتــور هوجــو الــذي مــأ عــرات الكتــب‬ ‫روايـ ٍ‬ ‫ـات وأشــعارا ً رائعــة‪ ،‬وبودلــر الــذي ال يقــل‬ ‫عنــه قيمــة رغــم أنــه مل يكتــب ســوى ثالمثئــة‬ ‫صفحــة مــن «أزهــار الــر» ديوانــه الوحيــد‪.‬‬ ‫أنــا شــخصياً ُمكــر‪ ،‬ولكننــي مكــر عــى الرغــم‬ ‫عنــي‪ .‬أتضايــق مــن الطلبــات والدعــوات‬ ‫للكتابــة‪ ،‬ولكننــي يف املحصلــة أنتــج‪ .‬الكتابــة‬ ‫تفــرج همــي وترضينــي‪ .‬لقــد كنــت ألهــو‬ ‫بالكتابــة وألعــب‪ ،‬حتــى انطبــق عــي قــول‬ ‫الشــاعر‪:‬‬ ‫لهوت به‬ ‫صار جداً ما ُ‬ ‫اللعب‬ ‫رب جِ ـدٍّ جـره‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ومــن أطــرف هزليــات العجيــي واحــدة تحــي‬ ‫عــن مــدرس مــادة الرتبيــة الدينيــة يف املدرســة‬ ‫الثانويــة الشــيخ جميــل العقــاد الــذي كان‬ ‫ينظــم‪ ،‬يف كل عيــد‪ ،‬قصيــدة ويطبعهــا عــى‬ ‫بطاقــات مزخرفــة ويوزعهــا عــى زمالئــه‬ ‫املدرســن وطالبــه‪ .‬وذات مــرة نظــم قصيــدة‬ ‫للمعايــدة يقــول فيهــا‪:‬‬

‫عادتْ عليـكـم بالصفا أعيـا ُد‬ ‫رصح العال يُزهى بكم ويشـا ُد‬ ‫عيدي بعيد املسلمني ونرصه ْم‬ ‫وفَخا ُرهـم يـوم الوغى يزدا ُد‬ ‫تلقــف العجيــي القصيــدة‪ ،‬واختــى بنفســه‬ ‫ونســج عــى منوالهــا قصيــدة هزليــة (بطريقــة‬ ‫التخميــس) يقــول فيهــا‪:‬‬ ‫عادتْ عليـكـم بالصفا أعيـا ُد‬ ‫وذقونُـكـم يلـهـو بها األوال ُد‬ ‫يتلو عليهـا شيخُنـا العـقـا ُد‬ ‫رصح العال يُزهى بكم ويشـا ُد‬ ‫عيدي بعيد املسلمني ونرصه ْم‬ ‫وبلحم ضانٍ ناض ٍج يف قدرهـم‬ ‫أما التالمـ ُذ فالشقـا ُء ب َ ِِّبهـم‬ ‫أدعو إلهي ن ِّجـني من رشهم‬ ‫ففسـادُهم بيـن الورى يزدا ُد‬ ‫إين أرى خطـرا ً يحيط بقدسنا‬ ‫فاهرب أخي حتى نفوز بنفسنا‬ ‫نخيف ببأسنا؟‬ ‫ماذا يفيد و َمن ُ‬ ‫إن حاطـنا الشذا ُذ واألوغادُ؟‬ ‫كتبــت هــذه القصيــدة‬ ‫وأوضــح العجيــي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عــى وريقــات ووزعتهــا مــن دون توقيــع عــى‬ ‫الزمــاء‪ ،‬ووصلــت إحــدى الوريقــات إىل الشــيخ‬ ‫جميــل العقــاد‪ ،‬وذهبــت ألرى ردة فعلــه عليهــا‪،‬‬ ‫وبادرتُــه أقــول‪:‬‬ ‫ هــذا الطالــب ذو التخميــس الــيء قــد أســاء‬‫إىل قصيدتــك ذات املعــاين الســامية‪ .‬فــا رأيــك؟‬ ‫فقال متحرسا ً‪:‬‬ ‫لو كان شعري شعرياً الستحسنته الحمريُ‬ ‫لكن شعري شعو ٌر وهل للحمري شعور؟!‬

‫عال َم ينبي من حديد محرتق؟‬ ‫الحساب‬ ‫قد بان يل يف آخر‬ ‫ِ‬ ‫الجواب!‬ ‫ثالثة غراماتْ يف‬ ‫ِ‬ ‫ويبــدو أن األمــور الطريفــة تــأىب إال أن تتوالــد‬ ‫وتتكاثــر‪ ،‬فبينــا العجيــي يهــم بتســليم الورقــة‬ ‫إذ همــس لــه زميلــه القريــب منــه‪ ،‬وهــو مــن‬ ‫أرسة الدرعــوزي بــأن الوقــت يــكاد ينقــي‬ ‫وهــو مل يهتــد إىل حــل للمســألة‪ ،‬فأعطــاه‬ ‫القصيــدة‪ ،‬والدرعــوزي بــدوره نقلهــا عــى‬ ‫دفــره كــا هــي‪.‬‬ ‫وكانــت النتيجــة أن حصــل العجيــي عــى‬ ‫العالمــة التامــة‪ ،‬والدرعــوزي عــى صفــر‬ ‫مكعــب‪ ،‬مــع مالحظــة مــن األســتاذ هنديــة‬ ‫يقــول لــه‪ :‬أنــت مجنــون حقيقــي!‬ ‫ومــا رواه العجيــي يف تلــك األمســية‪ :‬كنــت‬ ‫أنــا ومعظــم أدبــاء وصحفيــي ســورية آنــذاك‬ ‫نلتقــي يومي ـاً يف مقهــى الربازيــل الــذي يعتــر‬ ‫مــن أهــم املقاهــي األدبيــة يف الوطــن العــريب‪.‬‬ ‫وذات يــوم‪ ،‬كنــت مســافرا ً يف فرنســا‪ ،‬وكان‬ ‫صاحــب املقهــى قــد أجرهــا ألحــد الوجهــاء‬ ‫لــي يعقــد فيهــا قـران ابنــه‪ .‬وكان نجــاة قصــاب‬ ‫حســن يحــرر يف صحيفــة الــرأي العــام بتوقيــع‬ ‫(فصيــح)‪ ،‬وقــد كتــب قصيــدة يف رثــاء املقهــى‪.‬‬ ‫فــور عــوديت اتصــل يب وســألني إن كنــت قــد‬ ‫قــرأت قصيدتــه‪ ،‬فقلــت‪ :‬بــى‪ .‬قــال‪ :‬أفــا تريــد‬ ‫أن تؤاجــر بقصيــدة؟ فتلفنــت لــه بعــد ســاعة‬ ‫وأمليــت عليــه هــذه القصيــدة‪:‬‬ ‫قف بالطلول وقل يا دمعتي سييل‬ ‫أخنى الزمان عىل مقهى الربازيلِ‬ ‫كأن جدرانـه مل تحـ ِو ندوتـنا‬ ‫القال بالقـيـلِ‬ ‫وال تضارب فيه ُ‬ ‫«خليل» فـيـه قهوته‬ ‫ٌ‬ ‫وال سقانا‬ ‫ً‬ ‫مغشوشة بشعري الهنـد والفولِ‬ ‫حيكت بجـانبها‬ ‫ْ‬ ‫تلك املوائد كم‬ ‫وأعدت من أحابـيــلِ‬ ‫ْ‬ ‫مقالب‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُصبت‬ ‫مقالية الحق يف أرجائها ن ْ‬ ‫لكل منتفـخٍ بالعرض والطـولِ‬ ‫تدسون؟ قلنا‪ :‬ذاك ديدنُنا‬ ‫قالوا‪ُّ :‬‬ ‫أصحاب األباطيلِ‬ ‫بالناس‬ ‫ساد‬ ‫لنئ‬ ‫ُ‬ ‫الظلم واإلقطا َع عصب ُتنا‬ ‫تحارب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تقاعس ك َّتـاب الجرانيــلِ‬ ‫إذا‬ ‫َ‬ ‫درهـم‬ ‫الشامتــون بنا ال در‬ ‫ُ‬ ‫الحكم أو آل الرساميلِ‬ ‫من ساسة‬ ‫ِ‬ ‫ال يفرحوا‪ ..‬مقبل األيام يُعل ُمهم‬ ‫ما الذي يتبـقى يف الغرابيـلِ‬

‫ومــا يرويــه يف هــذا املضــار أن األســتاذ‬ ‫أديــب هنديــة قــد أجــرى للطــاب مذاكــرة يف‬ ‫الكيميــاء‪ ،‬فيهــا ســؤال عــن املــاء حينــا ينقســم‬ ‫بالتفاعــل إىل أكســجني وهيدروجــن‪ ..‬وكان‬ ‫العجيــي األول عــى ســورية يف مــادة العلــوم‬ ‫والرياضيــات‪ .‬املهــم أنــه‪ ،‬بعدمــا كتــب اإلجابات‬ ‫الصحيحــة عــى الورقــة‪ ،‬أراد أن يتســى فأخــرج‬ ‫مســودة وكتــب عليهــا مــا يــي‪:‬‬ ‫إن اتحاد الصـب بالبـخـا ِر‬ ‫يجري إذا أ ِمـ َّر بالتـيــا ِر‬ ‫هدروجن البخار مييض هاربا‬ ‫ُ‬ ‫ويصبح األكسيد جسامً غاصبا‬ ‫تكمل التسعـيـنـا‬ ‫ست ُ‬ ‫فكل ٍّ‬ ‫من حجم غاز املاء قد تنبينا‬ ‫أخـرا ً‪ :‬إن مــا اســتمعتم إليــه مــا هــو إال نقطــة‬ ‫تكـونـت أكـسـيدا‬ ‫بذرة‬ ‫ْ‬ ‫يف بحــر صديقــي الراحــل الكبــر عبــد الســام‬ ‫أحجـارهـا متغـنطُ الحديدا‬ ‫العجيــي‪.‬‬ ‫منطلق‬ ‫فليت شعري لرتُ غاز‬ ‫ْ‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪13‬‬

‫د‪ .‬عبد السالم العجيلي؛ سال ٌم عليك يف حياتك‪ ،‬ويف ذكرى رحيلك‪.‬‬

‫نجاة عبد الصمد‬

‫قـ َدر الكبرييــن أن ينمــوا كأشــجار البالد‪،‬‬ ‫وأن يكونــوا لهــا‪ ،‬أســو ًة بفراتهــا‪ ،‬مــا ًء وروا ًء‬ ‫وإرث ـاً بهيّ ـاً مصقــوالً كفضّ ــة‪ ،‬وأُنس ـاً يقيــم‬ ‫بعــد مغادرتهــم‪.‬‬ ‫أســ َموه‪« :‬أيقونــة الرقــة»‪ ،‬ووصفــه نــزار‬ ‫ـدوي عرفتــه املدينــة‪،‬‬ ‫قبــاين‪( :‬هــو أروع بـ ٍّ‬ ‫وأروع حــري عرفتــه الباديــة)‪ .‬وأُســ ّميه‬ ‫ي‪،‬‬ ‫أيقونــ ًة وطن ّيــ ًة وإنســانيةً‪ .‬فلــه عــ ّ‬ ‫وبعيــدا ً عــن ســياق إنجازاتــه التــي‬ ‫تجــاوزت ال ّرقــة وســوريا‪ ،‬وتخطّــت زمانهــا‬ ‫ي مــن األفضــال‬ ‫إىل املســتقبل؛ لــه عــ ّ‬ ‫مــا مينحــه اســم أيقونتــي الشــخصية‬ ‫املحفوظــة يف القلــب قبــل العــن‪ ،‬املقيمــة‬ ‫يف العقــل والذاكــرة والوجــدان‪ ،‬منــذ‬ ‫انغمســت عينــاي الطفلتــان يف أزاهــر‬ ‫ترشينــه املد ّمــاة‪ ،‬إىل أن حملنــي الطريــق‬ ‫يف أوىل أســفاري مــن مدينتــي الحييّــة‬ ‫الســوري إىل املدينــة‬ ‫يف أقــى الجنــوب‬ ‫ّ‬ ‫األكــر حيــا ًء يف أقــى شــاله‪ ،‬إىل الرقّــة‬ ‫ّ‬ ‫األرق مــن اســمها والتــي مل تكــن يف خيــايل‬ ‫الطفــل أوســع مــن َمعلَمــن‪ :‬نهــر الفـرات‪،‬‬ ‫واألديــب عبــد الســام العجيــي! يومهــا‬ ‫مل ألتــق بــه‪ ،‬ولــن ألتقيــه الحقــاً‪ ،‬لكننــي‬

‫يومهــا التقيتــه عــى ضفــة النهــر ويف‬ ‫أجــاج مائــه‪ ،‬ويف ســهول املدينــة وأحيائهــا‬ ‫ومبانيهــا وســاحاتها وأزقتهــا‪ ،‬ويف وجــوه‬ ‫الشــباب‪ ،‬حامــي رســالة األدب‪ ،‬ينطقــون‬ ‫ٍ‬ ‫بفيــض‬ ‫اســمه باحــرام‪ ،‬ويتحدثــون عنــه‬ ‫ٍ‬ ‫جــارف مــن الحــب‪ ،‬ويحفظــون أســاء‬ ‫مؤلّفاتــه‪ ،‬ويتهــادون كتبــه فيــا بينهــم‪،‬‬ ‫ويهدونهــا لضيــوف املدينــة‪ ،‬ويفخــرون‬ ‫بابــن مدينتهــم التــي كــرت بــه لتــداين‬ ‫خــدود الغيــم‪ ،‬وبعقلــه املنــذور لرفعــة‬ ‫اإلنســان‪..‬‬ ‫التقيتــه يف مروياتــه وأقاصيصــه وأدب‬ ‫رحالتــه‪ ،‬وأشــعاره ومقاالتــه ومدوناتــه عــن‬ ‫مســرته يف تطبيــب الجســد والــروح‪ ،‬فصــار‬ ‫ـي‬ ‫يل واحــدا ً مــن آبــايئ الروحيــن يف مهنتـ ّ‬ ‫اللتــن نشــرك فيهــا‪ ،‬بحيــث أخطــو‬ ‫خلفــه‪ ،‬تلميــذ ًة خلــف معلّــمٍ يتق ّدمنــي‬ ‫عــى الــدرب مبســاف ٍة أبعــد مــن أن تقــاس‪،‬‬ ‫وأقــرب مــن أن تحجــب عنــي أمــانَ‬ ‫القــدوة الحســنة!‬ ‫ي‬ ‫كان يل مســعفاً حــن اســتعىص عــ ّ‬ ‫مــ ّر ًة تشــخيص مــرض‪ .‬جــاء إىل عيــادة‬ ‫املســتوصف الــذي عملــت فيــه يف الســنة‬ ‫نحيــل قــاد ٌم‬ ‫ٌ‬ ‫شــاب‬ ‫األوىل بعــد تخ ُّرجــي‬ ‫ٌ‬

‫مــن الجزيــرة الســوريّة ليشــتغل عام ـاً يف‬ ‫ـن وآالم‬ ‫جبــل العــرب‪ ،‬شــكواه غامضــة‪ :‬وهـ ٌ‬ ‫متف ّرقــة وبـ ٌ‬ ‫ـول مد ّمــى‪ .‬شــكاوى ال قرائــن‬ ‫لهــا يف أمراضنــا املحليّــة‪ ،‬ومل أفطــن إىل أنهــا‬ ‫ميكــن حقــاً أن تكــون أعــراض البلهارســيا‬ ‫ـت يف ذاكــريت مرويّـ ٌة قرأتهــا‬ ‫إال حــن انبعثـ ْ‬ ‫للدكتــور عبــد الســام يف كتابــه‪( :‬عيــادة يف‬ ‫الريــف)‪ .‬وبــدأت أســأل الشــاب املوجــوع‪:‬‬ ‫ســبحت يف النهــر‪،‬‬ ‫هــل اســتحممت أو‬ ‫َ‬ ‫أكلــت‬ ‫رشبــت مــن مائــه‪ ،‬وهــل‬ ‫وهــل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مــن الخــرة عــى ضفتّــه مــن غــر أن‬ ‫تغســلها؟‪ ...‬وبعــد الفحــص والتحليــل‬ ‫تبــن أنهــا حقــاً البلهارســيا‪.‬‬ ‫واملتابعــة ّ‬ ‫الحقــاً‪ ،‬وكلــا حرضتنــي ســود األفــكار‬ ‫صحــت يف لحظــة‬ ‫يف ســاعات التعــب‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫الطــب إىل‬ ‫إعيــاء‪ :‬كفــاين تشــتُّتاً‪ ،‬ســأهجر‬ ‫ّ‬ ‫األدب‪ ،‬يعيننــي د‪ .‬عبــد الســام عــى تجاوز‬ ‫هــذا التخبّــط؛ كأنــه يوقــن أننــي لــن أفلــح‬ ‫يف هجــر أحدهــا‪ ،‬كالهــا حيــاة‪ ،‬وأوىل‬ ‫املهنتــن ترفــد األخــرى‪ ،‬ت ُغنيهــا وال تعتــدي‬ ‫عليهــا‪ ،‬بــل رمبــا ميــز ُة الطبيــب األديــب أن‬ ‫قلمــه يحمــل خالصــة املهنتــن والتجربتــن‪.‬‬ ‫أب وأ ٌّم‬ ‫عــاد ًة يتق ّدمنــا يف درب الحيــاة ُ‬ ‫وأقــارب وجــران وأصدقــاء قريبــون‪،‬‬

‫يحــرون يف أفراحنــا وملامتنــا‪ ،‬ومنهــم‬ ‫نســتقي املحبــة والســلوان وشــ ّد األزر‪،‬‬ ‫هــؤالء أنــدا ٌد أو ســابقون‪ ،‬نعرفهــم‬ ‫ويعرفوننــا‪ ،‬ونبادلهــم تحيــة العطــاء مبثلهــا‬ ‫أو بأحســن منهــا‪ ،‬وأحيانـاً بأســوأ؛ عــى قدر‬ ‫ـن يف‬ ‫ر نخطــئ ونُصيــب‪ .‬لكـ ّ‬ ‫مــا نحــن ب ـ ٌ‬ ‫كل منــا تـ ٌ‬ ‫ـوق إىل القــدوة الحســنة‪،‬‬ ‫داخــل ٍّ‬ ‫إىل آبــا ٍء روح ّيــن نعرفهــم وال يعرفوننــا‪،‬‬ ‫ألنهــم منــذورون للعطــاء املطلــق‪،‬‬ ‫واحدهــم بألــف َرجــل‪ ،‬منثــورون عــى‬ ‫امتــداد األرض منــذ غابــر الزمــان وحتــى‬ ‫لحظــة اهتدائنــا إليهــم يف مجــال العمــل‬

‫واملشــاريع الحياتيــة والهوايــات‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫القــدوة يف إدارة البــاد‪ .‬وأن تجــد أبـاً روحياً‬ ‫مل تفارقــه النزاهــة يف مســلكه الســيايس‪ ،‬ومل‬ ‫يؤ ّخــر جهــدا ً يف تطبيــب املجتمــع واألفـراد‪،‬‬ ‫ويحيــا كل الوقــت الــذي يفيــض عنهــا‬ ‫يف أســفاره ويف صحبــة قلمــه‪ ،‬وال يــرىض‬ ‫لهــذا القلــم إال أن يكــون بصم ـ ًة يف األدب‬ ‫الســوري والعــر ّيب‪ ،‬وأن يكــون صاحبــه‬ ‫متجــذّرا ً يف أصالــة املــكان ومنفتحــاً عــى‬ ‫العــامل أجمــع؛ فهــذا هــو األديــب الحكيــم‬ ‫عبــد الســام العجيــي‪.‬‬

‫(إننا يف ميدان املعرفة متعلمون ال علماء)‬ ‫د‪ .‬موسى رحوم عباس‬

‫فنون األدب عند الدكتور عبد السالم العجيلي‬

‫ُــر ُهــ ْم أولئــك الذيــن تناولــوا أدب العجيــي‬ ‫ك ُ​ُ‬ ‫بالــدرس‪ ،‬والتحليــل‪ ،‬حقــاً يذهــل املــرء مــن تنــوع‬ ‫الدراســات النقديــة والرســائل الجامعيــة التــي تطرقــت‬ ‫إىل غــر موضــوع وزاويــة يف أدب ذلــك الطبيــب األديب‬ ‫مــن عــرب ومســتعربني وعــى رأســهم الربوفيســور‬ ‫جــاك بــرك و ج ‪ .‬غومليــه الفرنســيني‪ ،‬وجــورج طرابيــي‬ ‫وحســام الخطيــب وعدنــان بــن ذريــل‪ ،‬وســامي عطفــة‪،‬‬ ‫ونعيــم اليــايف‪ ،‬عبــد العزيــز الرفاعــي‪ ،‬وغريهــم كثــر‪ ،‬إال‬ ‫أن الالفــت يف هــذه الدراســات تركيزهــا عــى ريادتــه‬ ‫يف مجــال القصــة العربيــة‪ ،‬ثــم الروايــة وحتــى املــرح‬ ‫والشــعر عــى قلــة إنتاجــه فيهــا‪ ،‬بينــا أهملــت – يف‬ ‫حــدود معرفتــي – فنـاً هامـاً متيــز بــه العجيــي‪ ،‬وشــكل‬ ‫عالمــة فارقــة ألدبــه عــى مــدى أربعــن ســنة أو تزيــد‪،‬‬ ‫أعنــي فــن «املحــارضة»‪ ،‬هــذا الفــن الــذي أعطــى لــه‬ ‫العجيــي ســات خاصـ ًة تــكاد تشــكل خصوصيــة أدبيــة‬ ‫قـ َّـل أن تجــد لهــا نظــرا ً يف أدبنــا العــريب املعــارص بحيــث‬ ‫تحــول عــى يديــه إىل خطــاب بالــغ التأثــر ضمــن‬ ‫منظومــة األطــر التــي شــكلت وجــدان املتلقــي العــريب‬ ‫وعقلـــه – تاريخيــاً‪ -‬ومــا للمشــافهة مــن جاذبيــة‬ ‫وســحر عليــه ضمــن هــذه املنظومــة‪.‬‬ ‫كذلــك هــي صلــة العجيــي بالــراث صلــة تتميــز‬ ‫بالعمــق والدرايــة‪ ،‬وهــذا ينســحب عــى مجمــل أدبــه‬ ‫مــن قصــة وروايــة وشــعر يظهــر هــذا جليـاً لــكل دارس‬ ‫لــه‪ ،‬إذ شــكل هــذا الــراث حجــر األســاس يف تكوينــه‬ ‫الفكــري واألديب‪ ،‬ومل يحرمــه هــذا مــن املعرفــة العميقــة‬ ‫بــاآلداب العامليــة بعامــة واألدب الفرنــي بخاصــة‪،‬‬ ‫كونــه ناطق ـاً بالفرنســية‪ ،‬وأكاد أقــول إنــه مــن القالئــل‬ ‫الذيــن تعاملــوا مــع هــذا الــراث تعامـاً منصفـاً يثبــت‬ ‫مــا يدفــع لألمــام وينكــر كل مــا هــو مثبــط وســلبي‪،‬‬ ‫وقــد قــال يف مقالــة صحفيــة نــرت يف املجلــة العربيــة‬ ‫–شــعبان ‪1417‬هـــ‪« :‬تــراث أمتنــا –وال أقــول لــك‬ ‫إنــه خــر مــن تــراث اآلخريــن– ولكنــه مختلــف كل‬ ‫االختــاف عــن تـراث اآلخريــن‪ ،‬لذلــك يجــب أال نفــرط‬

‫بــه وأال نضيعــه‪ ،‬ولكــن يجــب أال نجعلــه غايــة نســر‬ ‫عــى مثالهــا؛ بــل مــن املفــرض أن نحتفــظ به ونســتفيد‬ ‫منــه ونســتقي منــه دون أن نبتعــد عــن عرصنــا»‪ ،‬وقــال‬ ‫يف املقابلــة عينهــا‪« :‬الــراث يشء أســايس ولكــن ليــس‬ ‫هــو الــيء األوحــد يف حياتنــا»‪.‬‬ ‫واملتابــع ملســرة العجيــي األدبيــة يالحــظ بيــر أن‬ ‫الرجــل ميثــل األمنــوذج يف التعامــل مــع الــراث حتــى يف‬ ‫القصــة والروايــة‪ ،‬فقــد اســتفاد مبــارشة مــن الحكايــات‬ ‫الشــعبية وقصــص األنبيــاء وحكايــات ألــف ليلــة وليلــة‪،‬‬ ‫كــا يذكــر األســتاذ أحمــد محمــد عطيــة يف مقالــه‪:‬‬ ‫(عــامل عبــد الســام العجيــي القصــي) الــذي نرشتــه‬ ‫مجلــة الحــرس الوطنــي يف عــدد اكتوبــر ‪1992‬م‪،‬‬ ‫والالفــت أنَّ العجيــي اســتطاع متثــل الــراث متث ـاً غــر‬ ‫مســبوق‪ ،‬فغــاص يف أعامقــه‪ ،‬ويف كل مــرة كان يعــود‬ ‫بأمثــن صيــد‪ ،‬وال تســتطيع إال أن تشــعر مبــا يشــعر‬ ‫بــه‪ ،‬دون أن تحــس بالغربــة عــن الحــارض بحــا ٍل مــن‬ ‫األحــوال!‬ ‫لقــد عــاش العجيــي حيــاة فريــدة جمعــت بــن األدب‬ ‫والسياســة‪ ،‬فقــد انتخــب عضــوا ً يف الربملــان الســوري‬ ‫يف األربعينيــات‪ ،‬وشــغل مناصــب وزاريــة‪ ،‬وعمــل‬ ‫طبيب ـاً أكــر مــن نصــف قــرن‪ ،‬ومــع كل هــذا مل يقطــع‬ ‫عالقتــه مبــن حولــه‪ ،‬فهــو حريــص عــى التواصــل معهــم‬ ‫يــزور مريضهــم‪ ،‬ويشــهد أفراحهــم وأحزانهــم‪ ،‬يســتمع‬ ‫بشــغف للبســطاء مــن حولــه‪ ،‬مل يغــر مســكنه مــرةً‪ ،‬ومل‬ ‫يَــرك تلــك الرقــة التــي ولــد فيهــا قــطُّ إال عــى وعــد‬ ‫بلقــاء‪ ،‬وهــو يتلقــى مــا ي ـراه ويســمعه‪ ،‬بقلــب مبــدع‪،‬‬ ‫وفكــر منفتــح فاجتمعــت لــه مــادة خصبــة للعديــد من‬ ‫محارضاتــه وكتاباتــه‪ ،‬ويبــدو يل أن ثقــة النــاس بــه كونــه‬ ‫طبيبــاً‪ ،‬جعلهــم يفضــون لــه بدواخلهــم دون تحفــظ‪،‬‬ ‫هــذا جانــب هــام شــكل مــادة خصبــة لكتاباتــه‪ ،‬يضــاف‬ ‫إليــه أنــه رحالــة بامتيــاز‪ ،‬إنــه مــن أولئــك القالئــل الذين‬ ‫ذرعــوا هــذه األرض التــي نعيــش عــى بقعــة صغــرة‬ ‫منهــا‪ ،‬أقــول ذرعهــا مــن قطبهــا الشــايل إىل أقــى‬ ‫الجنــوب‪ ،‬والســياحة عنــد العجيــي ســياحة ثقافيــة –إن‬

‫صــح التعبــر‪ -‬إنــه يتعامــل مــع املــكان تعام ـاً خاص ـاً‬ ‫ينطلــق مــن معرفــة دقيقــة بتاريخــه‪ ،‬معرفــة تبحــث‬ ‫عــن فلســفة املــكان ال حدائقــه ومطاعمــه… يكفــي‬ ‫أنــه كتــب «قناديــل إشــبيلية» بوحــي مــن زيارتــه‬ ‫لألندلــس‪ ،‬هــذه القصــة التــي أبهــرت كل مــن قرأهــا‪ ،‬ال‬ ‫بــل إنهــا أكــر متعــة مــن زيــارة املــكان نفســه كــا قــال‬ ‫عنهــا الناقــد البــارز مــارون عبــود‪.‬‬ ‫وللعجيــي ذهــن ناقــد‪ ،‬ال يكتفــي مبــا هــو مــدون مــن‬ ‫التاريــخ‪ ،‬بــل يتشــوف إىل أبعــد مــن ذلــك‪ ،‬وهــو ميــزج‬ ‫أحيان ـاً بــن الروايــة الشــفوية والوثائــق‪ ،‬كــا فعــل يف‬ ‫محــارضة ذات قيمــة كبــرة‪ ،‬كونهــا نــرت مــا ســكت‬ ‫عنــه التاريــخ وهــي تحمــل عنــوان «تاريــخ دولــة‬ ‫وبــن مــن خاللهــا تاريــخ دولــة وطنيــة‬ ‫مجهولــة» ّ‬ ‫أعلنــت يف منطقــة الرقــة بعــد ســقوط دمشــق بيــد‬ ‫الفرنســيني‪ ،‬واستشــهاد يوســف العظمــة وزيــر الدفــاع‬ ‫الســوري وقتئــذ‪ ،‬وقــد أسســت هــذه الدولــة برئاســة‬ ‫حاجــم بــن مهيــد أحــد مشــايخ قبيلــة «عنــزة» يف‬ ‫الجزيــرة الســورية (منطقــة الفــرات)‪.‬‬ ‫وكذلــك محارضتــه «مــن تاريــخ البــوادي العربيــة»‬ ‫التــي تــروي قصــة انتقــال بعــض قبائــل شـ َّمر إىل وادي‬ ‫الفــرات‪ ،‬ومحارضتــه «الــدم املطلــول» حــول اغتيــال‬ ‫الشــاعر الطبيــب‪ :‬عــي نــارص يف مدينــة حلــب… وغــر‬ ‫هــذا كثــر‪ .‬يف الوقــت الــذي مل يخــرج العجيــي ‪-‬رغــم‬ ‫ولعــه بــاألدب‪ -‬عــن دائــرة العلــم‪ ،‬وهــو طبيــب ورجــل‬ ‫علــم لكنــه تجــاوز حــدود الظاهــرة العلميــة التــي أدرك‬ ‫كنههــا بعمــق‪ ،‬تجاوزهــا إىل الفلســفة الكامنــة وراء‬ ‫هــذه الظاهــرة‪ ،‬إنــه يــدرس منعكســات العلــم الحديث‬ ‫بــكل إنجازاتــه عــى ضامئرنــا وتكويننــا األخالقــي‪ ،‬إنــه‬ ‫يرصــد الثابــت واملتحــول يف حيــاة ابــن هــذا العــر إذ‬ ‫هــو شــاهد عليــه وعلينــا‪ ،‬إنــه يفــر طبيعــة الكــرم‬ ‫والكرمــاء يف إحــدى محارضاتــه التــي تحمــل عنــوان‬ ‫«الوطنيــة‪ ،‬الكــرم‪ ».. ،‬ويلجــأ للعلــم يف هــذا التفســر‬ ‫ويقــول‪« :‬إن نقيــض الكــرم (البخــل)‪ ،‬وهــو تجـ ٍّـل لغريزة‬ ‫حــب البقــاء‪ ،‬وهــي الغريــزة التــي تدفــع بالجراثيــم‬

‫إلفــراز الســموم‪ ،‬لتدفــع أذى امللتهــات (ناغوســيت)‬ ‫التــي يفرزهــا اإلنســان‪ ..‬ومثلــا يفــرز الجرثــوم س ـ َّمه‬ ‫ليتحصــن وراءه‪ ،‬يفــرز الحريــص حرصــه‪ ،‬ليتخــذ منــه‬ ‫َّ‬ ‫درع ـاً يتقــي بــه الجــوع املفــي إىل املــوت‪.‬‬ ‫أول محــارضة ألقاهــا العجيــي‪ ،‬وهــو مــا ي ـزال طالب ـاً‬ ‫يف الثانويــة كانــت محــارضة علميــة‪ ،‬ومــن املحــارضات‬ ‫النــادرة يف هــذا املجــال محــارضة ألقاهــا ‪1963‬م تحمــل‬ ‫عنــوان «كُلْيــ ُة األم‪ ..‬وك َُل غريهــا»‪ ،‬فأنــت حــن تقــرأ‬ ‫هــذه املحــارضة تتجــاوز املعلومــات العلميــة والجراحــة‬ ‫ونقــل الــكىل –عــى أهميتهــا‪ -‬إىل البعــد الفلســفي‬ ‫النتقــال عضــو مــن إنســان إىل آخــر‪ ،‬إنــه يصــل إىل‬ ‫ـكل مــا‬ ‫فلســفة العلــم بــروح إنســانية نــادرة مســتهيناً بـ ِّ‬ ‫يد ِّم ـ ُر حيــاة اإلنســان ويقتــل فيــه إنســانيته‪.‬‬ ‫ومثــل هــذا نجــده يف محــارضة بعنــوان «متعلمــون‬ ‫وعلــاء» يعــرض فيهــا التحليــل املعــروف بـ(تحليــل‬ ‫وارسمــان) وهــو التحليــل الــذي يطبــق عــى الراغبــن يف‬ ‫الــزواج الكتشــاف األمـراض الوراثيــة…‪ ،‬نجــده يتخذهــا‬ ‫قاعــدة لالنطــاق إىل آفــاق أرحــب‪ ،‬نحــو فضيلــة القدرة‬ ‫عــى اإلفــادة مــن العلــم ومنزلتنــا يف ســوق املعرفــة –‬ ‫عــى حــد تعبــره – ويخلــص إىل نتيجــة محزنــة تبــن مــا‬ ‫نحــن فيــه‪ ،‬إذ يقــول‪« :‬إننــا يف ميــدان املعرفــة متعلمون‬ ‫ال علــاء‪ ،‬العــامل مبــدع‪ ،‬واملتعلِّــم مقلِّــد»‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫قوس قزح‬

‫عبد الس�لام العجيلي اإلنس��ان والكاتب‬ ‫آرام كربيت‬

‫عندمــا ميــر اســم عبد الســام العجييل‬ ‫أمامــي تنهــض كلمــة الرقــة‪ ،‬وتقــف بــكل‬ ‫جاملهــا‪ ،‬وبهائهــا أمــام عينــي‪ ،‬فالرقــة‬ ‫وعبــد الســام العجيــي توأمــان‪ ،‬أحدهــا‬ ‫يقــارب األخــر كصــدى ون ـراس مقرتنــن‪.‬‬ ‫باملــكان‪ ،‬واالســم‪ .‬لقــد نهــل األديــب‬ ‫العجيــي أفــكاره‪ ،‬وقناعاتــه‪ ،‬ورؤاه مــن‬ ‫ت ـراب مدينتــه الرقــة‪ ،‬بحارضهــا وبرشهــا‬ ‫وثقافتهــا وأرضهــا وتاريخهــا‪ .‬فهــذه‬ ‫املدينــة املباركــة‪ ،‬املعطــاء‪ ،‬تشــبه إىل حــد‬ ‫كبــر موطنــي الجميــل‪ ،‬ومســقط رأيس‪،‬‬ ‫الجزيــرة الســورية مــن حيــث الطقــوس‬ ‫والعــادات والتقاليــد‪ ،‬والعيــش املشــرك‬ ‫الــذي تغمــره املحبــة واملــودة‪ ،‬وطيبــة‬ ‫القلــوب وصفــاء الرسيــرة‪.‬‬ ‫كان عبــد الســام العجيــي قامــة‬ ‫وطنيــة كبــرة عــى مختلــف الصعــد‪،‬‬ ‫وتــرك بصمتــه عــى الشــؤون الثقافيــة‬ ‫والسياســية واالجتامعيــة يف وطننــا ســوريا‬ ‫الحبيبــة‪ .‬فمنــد املرحلــة الثانويــة كنــا‬ ‫نقــرأ للعجيــي نصوصــاً كثــرة مــن‬ ‫أدبــه‪ ،‬وفكــره كأديــب ســوري كبــر‬ ‫يف أغلــب املناهــج الدراســية خــال‬ ‫فــرة الســبعينيات وخاصــة تلــك التــي‬ ‫تختــص بــاألدب العــريب الحديــث‪ ،‬وكتبــه‬

‫التــي تتنــاول الهــ ّم الوطنــي والقومــي‬ ‫واالجتامعــي والســيايس يف بلدنــا‪ ،‬وقــد‬ ‫كان ملدينتــه الرقــة ونهــر الفــرات فيهــا‪،‬‬ ‫الحضــور الالئــق‪ ،‬وهــل يســتطيع املــرء أن‬ ‫ينــى عــامل الباديــة املفتــوح عــى الخيــال‬ ‫واملــدى والريــح والجــال والصفــاء كــا‬ ‫صــوره لنــا أديبنــا العجيــي مــن دون‬ ‫أن ينغــرس وينطبــع يف ذاكرتــه كقطعــة‬ ‫غنــاء مــن نبــل الطبيعــة وجاملهــا‪ ،‬ولــوال‬ ‫الحاجــة ودافــع الحيــاة املعــارصة ملــا تــرك‬ ‫عبــد الســام العجيــي الرقــة وغادرهــا‬ ‫ذات يــوم لدراســة الطــب‪.‬‬ ‫إضافــة إىل عملــه كطبيــب‪ ،‬كان نائبــاً‬ ‫منتخبـاً يف الربملــان ضمــن فرتة االســتقالل‪،‬‬ ‫إىل جانــب شــغله عــدة مناصــب وزاريــة‪،‬‬ ‫وتفانيــه يف كل موقــع عمــل فيــه‪ .‬فهــو‬ ‫مثــال أي إنســان ســوري‪ ،‬متعــدد‪ ،‬متنــوع‪،‬‬ ‫ال يــرىض البقــاء يف مقــام واحــد‪ ،‬فهــو‬ ‫مثقــف وروايئ يف هــذا الجانــب‪ ،‬وكاتــب‬ ‫قصــة قصــرة وســرة ذاتيــة‪ ،‬وشــاعر يف‬ ‫الجانــب الثــاين‪ ،‬وطبيــب وســيايس يف‬ ‫الجانــب الثالــث‪ .‬ولــه أعــال كثــرة منهــا‪:‬‬ ‫ديــوان نــر يف العــام ‪ 1951‬بعنــوان‪،‬‬ ‫الليــايل والنجــوم‪ ،‬وروايــة‪ ،‬باســمة‬ ‫بــن الدمــوع‪ ،‬نــرت يف العــام ‪،1958‬‬

‫الغائب احلاضر‬ ‫أسعد فخري‬ ‫ومجموعــة قصصيــة‪ ،‬الحــب والنفــس‪،‬‬ ‫نــرت يف العــام ‪ ،1959‬وفــارس مدينــة‬ ‫القنطــرة‪ ،‬قصــص نــرت يف العــام ‪،1971‬‬ ‫وأزاهــر ترشيــن املدمــاة‪ ،‬قصــص ‪،1974‬‬ ‫قلــوب عــى األســاك نــرت يف العــام‬ ‫‪ ،1974‬واملغمــورون نــرت يف العــام‬ ‫‪« ،1979‬يف كل واد عصــا»‪ ،‬مجموعــة‬ ‫مقــاالت‪ ،‬نــرت يف العــام ‪ 1984‬كــا‬ ‫نــر يف العــام ‪« ،1997‬أحاديــث طبيــب»‪،‬‬ ‫ومجهولــة عــى الطريــق‪ ،‬قصــص نــرت‬ ‫يف العــام ‪ .1997‬العجيــي كاتــب وأديــب‬ ‫ينتمــي بعمــق إىل هــذا املــكان الحيــوي‬ ‫الناضــح بالجــال والغنــى‪ ،‬مدينتــه‪،‬‬ ‫الرقــة‪ ،‬وســائح يف مــكان أخــر‪ .‬لقــد‬ ‫جــاب دوالً كثــرة يف العــامل ولــه أصدقــاء‬ ‫ومعــارف عــى مســتوى العــامل يف مجــال‬ ‫األدب والفــن والعمــل‪ ،‬ونصــر الفقــراء‬ ‫واملهمشــن ومدافــع قــوي عــن وحــدة‬ ‫أمتــه‪ ،‬األمــة العربيــة يف أغلــب أعاملــه‪.‬‬

‫وشــارك يف جيــش اإلنقــاذ يف فلســطني‬ ‫وح ّمــل يف قلبــه مـرارة خســارتها وترشيــد‬ ‫أهلهــا مــن ديارهــم وبلــده‪ .‬كــا أنــه‪،‬‬ ‫انطلــق إىل هــذا العــامل مــن موقــع حبــه‬ ‫لبلــده‪ ،‬وشــكل مــن خاللــه تجربــة غنيــة‬ ‫تحصــل عليهــا داخــل أعاملــه اإلبداعيــة‬ ‫عــر قصصــه وروايتــه‪ .‬وقــد أنجــر مــا‬ ‫يزيــد عــن خمســة وأربعــن كتاب ـاً‪ ،‬هــو‬ ‫محصلــة حياتــه وخربتــه‪.‬‬ ‫متــر هــذه األيام الذكرى الســنوية التاســعة‬ ‫لوفــاة هــذا املبــدع الــذي أثــرى املكتبــة‬ ‫العربيــة بالعديــد مــن األعــال القيمــة‬ ‫والثمينــة التــي تركــت أثـرا ً يف نفــوس أبناء‬ ‫املنطقــة والعــامل‪ .‬وبقــي إنتاجــه الغزيــر‬ ‫موضــع اهتــام الق ـراء والكتــاب والنقــاد‬ ‫لألجيــال املتالحقــة‪.‬‬ ‫رحــم اللــه أديبنــا الكبــر عبــد الســام‬ ‫العجيــي الــذي كان عــدة رجــال يف رجــل‬ ‫واحــد‪.‬‬

‫عبد السالم العجيلي‪ ..‬جنمة بامسة يف مساء بعيدة‬ ‫فهد الحسن‬

‫عــدة أمتــار كانــت تباعــد بيننــا يف حــي‬ ‫استســلم لقدريتــه يف مدينــة اســمها الرقــة‪.‬‬ ‫كان القنديــل املربــع يف مطلــع منــزل العجييل‬ ‫بضوئــه الشــحيح ميــد املــكان بشــاعرية‬ ‫مدهشــة‪ ،‬ويضفــي عــى حجــر املــكان ظــاالً‬ ‫مــن ضجيــج عابــث‪ ،‬وذاكــرة عميقــة تــؤرخ‬ ‫لذكريــات تختلــط فيهــا اﻷطيــاف‪ ،‬وتتعانــق‬ ‫الــرؤى بالوقائــع‪ ،‬وهــي ترفــل بثوبهــا الناصع‪.‬‬ ‫كنــت طفـاً حينــا عرفــت الدكتــور العجيــي‬ ‫بطلتــه البهيــة‪ ،‬وقامتــه الســامقة‪ ،‬وجســده‬ ‫النحيــل‪ ،‬وأناقتــه الكالســيكية التــي تشــر إىل‬ ‫ذوق خــاص مييــزه‪.‬‬ ‫أوقــات كثــرة أكــون فيهــا مــع العجيــي يف‬ ‫مــكان مفضــل‪ ،‬وقريــب مــن الحــي يرتــاده‬ ‫نخبــة مــن مثقفــي الرقــة ممــن أحبــوا الفكــر‪،‬‬ ‫والثقافــة‪ ،‬والفــن‪ ،‬هــو مكتبــة بــور ســعيد‪،‬‬ ‫وصاحبهــا أحمــد الخابــور‪ ،‬ورغــم صغــر‬ ‫مســاحتها فقــد احتــوت أعــدادا ً كبــرة منهــم‪،‬‬ ‫وعــى رأســهم املرحــوم العجيــي الــذي كنــا‬ ‫نغتبــط بإطاللتــه وحضــوره‪ ،‬وكنــت أصغــر‬ ‫مرتاديهــا‪ ،‬وأصبحــت بالنســبة يل مكان ـاً أث ـرا ً‬ ‫يســتهوي اهتاممــايت‪ ،‬وكثــرا ً مــا ضمتنــا يف‬

‫كل فصــول الســنة حيــث يــأيت الدكتــور عبــد‬ ‫الســام العجيــي ليتصفــح الجرائــد واملجــات‪،‬‬ ‫وينتقــي منهــا مــا يناســبه‪ ،‬وخصوصــاً‬ ‫الدوريــات والصحــف واملجــات التــي تنــر‬ ‫مقــاالت وأبحاث ـاً لــه‪.‬‬ ‫كنــت مزهــوا ً بوجــودي يف املــكان ذاتــه الــذي‬ ‫يضمنــي معــه كقامــة كبــرة اســتمع بإنصــات‬ ‫إىل حديثــه املمتــع‪ ،‬وكنــت ملّــا أزل طالب ـاً يف‬ ‫بدايــة دراســتي الثانويــة‪..‬‬ ‫ذات يــوم شــكل مجموعــة مــن التشــكيليني‬ ‫يف الرقــة تجمعــاً فنيــاً الفتــاً كنــت أصغــر‬ ‫أعضائــه‪ ،‬وأقمنــا مجموعــة مــن املعــارض‬ ‫الفنيــة يف الرقــة‪ ،‬وأغلــب املــدن الســورية‪،‬‬ ‫لقــد كان الدكتــور العجيــي هــو مــن يكتــب‬ ‫لنــا أدلــة املعــارض بطلــب مــن األســتاذ‬ ‫عبــد الغفــور الشــعيب مديــر املركــز الثقــايف‬ ‫آنــذاك الــذي كانــت لــه اليــد البيضــاء‬ ‫والــدور الريــادي يف النشــاطات الثقافيــة يف‬ ‫تلــك الفــرة املتميــزة‪ ،‬وال ننكــر لــه الفضــل‬ ‫الكبــر يف تأمــن كلــات املرحــوم العجيــي‬ ‫لتكــون افتتاحيــات ﻷدلــة معارضنــا‪ .‬وحضــوره‬ ‫لزيارتهــا‪ ،‬حيــث كان يســهب بالتعريــف بنــا‬ ‫وبتجربتنــا الوليــدة‪ ،‬وال يغيــب عــن ذاكــريت‬ ‫تواجــد العجيــي معنــا يف معرضنــا الجامعــي‬ ‫بصالــة الشــعب للفنــون الجميلــة بدمشــق‬ ‫ســنة ‪ 1978‬وإدارتــه لنــدوة املعــرض‪،‬‬ ‫ومــا أثــاره حضــوره ومشــاركته القيمــة يف‬ ‫الحارضيــن مــن فنانــن ومشــاهدين ونقــاد‪،‬‬ ‫حيــث اســتعرض تجربتنــا كفنانــن قادمــن‬ ‫مــن محافظــة بعيــدة عــن العاصمــة‬ ‫دمشــق مركــز الثقافــة‪ ،‬واﻷدب والفنــون‪،‬‬ ‫وكان لحديثــه أهميــة كبــرة انعكســت عــى‬ ‫اهتــام اإلعــام مبعرضنــا‪ ،‬وتســليط الضــوء‬ ‫عــى أعاملنــا يف قنــوات متعــددة‪.‬‬ ‫وأذكــر أنــه زارين يف معــريض الشــخيص يف‬ ‫املركــز الثقــايف العــريب بالرقــة ســنة ‪1987‬م‬

‫وكان حريصــاً عــى اختيــار التوقيــت فجــاء‬ ‫ظه ـرا ً‪ ،‬حيــث الهــدوء يعــم املــكان‪ ،‬والــزوار‬ ‫قلّــة‪ ،‬ولــي يتأمــل اللوحــات برويــة‪ ،‬ومكــث‬ ‫وقتهــا أكــر مــن ســاعة‪ ،‬وهــو يتأمــل األعــال‬ ‫ويقرأهــا ببصــرة املثقــف البــارع الــذي‬ ‫يغــوص يف تفاصيــل األشــياء‪.‬‬ ‫عرضــت عليــه ذات يــوم مــن ســنة ‪1988‬م‬ ‫أن أرســمه بورتريــه مبــارش فوافــق عــى أن‬ ‫يكــون عــى عــدة جلســات لضيــق وقتــه‪،‬‬ ‫وكان ذلــك‪.‬‬ ‫كنــا نلتقــي ســاعة واحــدة يف األســبوع يف‬ ‫منــزيل‪ ،‬يتأمــل فيهــا غرفتــي املليئــة باللوحات‬ ‫والكتــب واألشــياء الخاصــة امللفتــة للنظــر‪،‬‬ ‫وخــال هــذه الجلســات عرفــت منــه أشــياء‬ ‫كثــرة‪ ،‬أهمهــا إعجابــه الشــديد بالفلســفة‬ ‫الرواقيــة وصاحبهــا زينــون الرواقــي‪ ،‬ومــا‬ ‫أدهشــني فيــه أنــه كان يطلــق العنــان‬ ‫لســجيته‪ ،‬ويحــرر فطرتــه اإلنســانية مــن‬ ‫كل قيودهــا‪ ،‬ويدنــدن ببعــض األهزوجــات‬ ‫الشــعبية الخاصــة بريــف الرقــة‪ ،‬وعنــد انتهــاء‬ ‫البورتريــه شــكرين وأبــدى إعجابــه بــه‪ ،‬وبعــد‬ ‫عــدة أيــام أهديتــه لــه‪.‬‬ ‫أتذكــر‪ ،‬يف فـرات مختلفــة‪ ،‬أين كنــت يف منــزل‬ ‫العجيــي بحكــم عالقتــي بــأوالده كزمــاء يل‬ ‫يف الدراســة‪ ،‬وكان عمــري وقتهــا مل يتجــاوز‬ ‫(‪17‬عامـاً)‪ ،‬زارتــه وقتهــا يف املنــزل شــخصيات‬ ‫مشــهورة كان أبرزهــا الشــاعر الكبــر نــزار‬ ‫قبــاين الــذي حـ ّـل ضيف ـاً عــى الرقــة‪ ،‬وعــى‬ ‫العجيــي يف منزلــه بعــد أن أحيــا أمســية‬ ‫شــعرية كبــرة يف الرقــة عــام ‪ 1978‬حيــث‬ ‫علّــق الشــاعر الكبــر نــزار قبــاين لــدى‬ ‫مصافحتــي لــه عــى صغــر ســني فعقــب‬ ‫الدكتــور العجيــي بــأين صغــر الســن‪ ،‬كبــر‬ ‫ي قبــاين‬ ‫الفعــل‪ ،‬وأين رســام متميــز‪ ،‬فأثنــى عـ ّ‬ ‫وأردف‪ :‬كيــف ال يكــون هنــاك مبدعــون‬ ‫بالعــدوى يف هــذا الحــي‪ ،‬وأنــت كبريهــم يــا‬

‫دكتــور‪ .‬كذلــك حضــوري ﻷمســية ال تنــى‬ ‫يف منزلــه الجميــل ض ّمــت الســفري الفرنــي‬ ‫بدمشــق آنــذاك كريســتيان لوبــون برفقــة‬ ‫األســتاذ الصديــق ألكســندر إيفيليــف الــذي‬ ‫كان يرافــق الســفري كمرتجــم لــدى زيــارة‬ ‫اﻷخــر ملحافظــة الرقــة أواخــر ســنة ‪1988‬‬ ‫حيــث دعــاين ملرافقتهــا إىل منــزل العجيــي‬ ‫القريــب بعــد أن زاراين يف منزيل‪ ،‬وكان الدكتور‬ ‫العجيــي فــارس تلــك األمســية الشــتائية‪،‬‬ ‫حيــث تابعــت حديثــه مــع الســفري وهــو‬ ‫يكلمــه بفرنســية باهــرة كان يتقنهــا‪ ،‬وكان‬ ‫الســفري يســتمع باهتــام شــديد‪ ،‬وإعجــاب‬ ‫بــا ٍد عــى مالمحــه مقــدرا ً مــا للعجيــي مــن‬ ‫أهميــة وكان آخــر لقــاء يل بــه حــن التقيتــه‬ ‫أمــام منزلــه يف الرقــة صيف ـاً أثنــاء تواجــدي‬ ‫هنــاك يف إجــازة مــن عمــي يف قطــر‪ ،‬وكان‬ ‫برفقــة أخيــه املهنــدس األســتاذ عبــد العظيــم‪،‬‬ ‫وذلــك قبــل وفاتــه بأكــر مــن ســنة‪ ،‬حيــث‬ ‫حييتــه بح ـرارة وحيــاين مبثلهــا‪ ،‬وأردف قائ ـاً‪:‬‬ ‫طالــت غيبتــك‪ ،‬ثــم اســتطرد بلهجتــه الرقيــة‬ ‫املميــزة‪ ..‬كايف غربــة‪ ..‬ارجــع‪ ..‬فضحكــت‬ ‫وقلــت لــه‪ :‬إن شــاء اللــه‪ .‬ثــم ودعتــه‪ ،‬وكانــت‬ ‫هــذه آخــر مــرة أراه فيهــا‪ .‬عــدت إىل الدوحــة‬ ‫ليصدمنــي بعــد أكــر مــن ســنة يف يــوم‬ ‫صعــب عــى الســوريني والرقــة يف ربيــع ســنة‬ ‫‪ 2005‬مــا تناقلتــه وكاالت األنبــاء يف نرشاتهــا‬ ‫األوىل نبــأ غيــاب عبــد الســام العجيــي عــن‬ ‫الحيــاة‪ ،‬ومــا حفلــت بــه مــن حضــور كبــر‬ ‫لــه فيهــا‪ ،‬حيــث أثراهــا بفكــره وإبداعــه‪ ،‬كان‬ ‫أيقونــة الرقــة ومــا زال‪ ،‬ومــن الصعــب أن‬ ‫يتكــرر مثلــه‪ .‬كانــت الصدمــة كبــرة بالنســبة‬ ‫يل وللكثــر ممــن يشــتغلون يف األدب والفــن‬ ‫حــن غــاب ضــوء قنديلــه الباســم الــذي أضــاء‬ ‫ســمة أجيــال عديــدة مــن أصحــاب األدب‬ ‫والفــن‪ ،‬بحــق لقــد كان العجيــي منــارة‪ .‬رحــم‬ ‫اللــه العجيــي وأســكنه فســيح جناتــه‪.‬‬

‫ليــس مــن الســهل أن يكــون األديــب‬ ‫حــارضا ً يف غيابــه‪ ،‬فالحضــور يف الغيــاب‬ ‫يحتــاج أثــرا ً ثريــاً‪ ،‬ووقعــاً مالزمــاً‪،‬‬ ‫ومواكبـاً‪ ،‬كــا يحتــاج إىل اســتثنا ٍء فريـ ٍـد يف‬ ‫الرؤيــة اإلنســانية للكــون‪ ،‬وطبائــع البــر‪،‬‬ ‫ولبــوس الحكمــة‪ ،‬وتقــري امللــات‪ .‬ذلــك‬ ‫مــا تحصلــت عليــه تجربــة الراحــل الكبــر‬ ‫الدكتــور عبــد الســام العجيــي فــكان‬ ‫الحــارض يف غيابــه بامتيــاز‪.‬‬ ‫بيــد أين مــا زلــت مرتع ـاً بيقــن املجــاز‬ ‫الراســخ‪ ،‬أن العجيــي مل يرحــل‪ ،‬غــر أن مــا‬ ‫تركــه مــن بــؤر جامليــات الــرد‪ ،‬ومواطن‬ ‫أرسار الــدالالت‪ ،‬وســحر الحكايــات يف‬ ‫عواملــه األدبيــة‪ ،‬قــد اســتحال إىل مثاقيــل‬ ‫جديــدة‪ ،‬تطــوي ســنني الغيــاب طيــاً‪،‬‬ ‫وتكــون الخيــط الــذي يصــل الضــوء‬ ‫بالضــوء‪ ،‬مرثيــة فيهــا املقــام األجــل لرمــز‬ ‫حقــق حضــوره اآلرس قبــل أن يذهــب يف‬ ‫أزل الغيــاب‪ ،‬وتلــك مدعــاة أخــرى أثثهــا‬ ‫العجيــي بحســه الرهيــف‪ ،‬وأســلوبه‬ ‫األخــاذ‪ ،‬وجاذبيــة رسوده التــي أقامــت‬ ‫إشــارية خاصــة لســهله املمتنــع‪ ،‬بدرايــة‬ ‫الحــاذق الخابــر بأحاســيس النــاس‪،‬‬ ‫وأحالمهــم وأوهامهــم‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك أهميــة عبقريــة العجيــي‬ ‫وتنــوع األجنــاس األدبيــة التــي شــاغلته‬ ‫طــوال حياتــه السياســية واألدبيــة‪ ،‬ومــا‬ ‫امتلكتــه تلــك التجربــة مــن حيويــة يف‬ ‫التأثــر الــذي حقــق لــه جاذبيــة خاصــة‬ ‫ميزتــه عــن غــره مــن الكتــاب الكبــار‬ ‫داخــل مشــهد األدب العــريب‪ ،‬ليكــون‬ ‫االســتثناء يف الروايــة والرائــد للقصــة‬ ‫القصــرة‪ ،‬ومــن أوائــل مــن كتبــوا‬ ‫املقامــات‪ ،‬إضافــة إىل جاذبيتــه الحكائيــة‬ ‫يف املحــارضات التــي ألقاهــا يف أكــر‬ ‫مــن مــكان يف العــامل‪ ،‬وخصوصيتــه يف‬ ‫اســتخدام الطــب كحالــة علميــة داخــل‬ ‫متــون الكثــر مــن حكاياتــه وأقاصيصــه‪.‬‬ ‫لقــد تــرك لنــا العجيــي حضــوره قبــل‬ ‫أن يدخــل يف الغيــاب‪ ،‬إذ ســتمر ســنوات‬ ‫كثــرة‪ ،‬دون أن يأفــل نجــم هــذا املتعــدد‪،‬‬ ‫يف الرباعــة األدبيــة‪ ،‬وأجناســها‪ ،‬وقــد‬ ‫اختــار العجيــي ثالوثــه ب ـراوة املدافــع‬ ‫عــن القيــم النبيلــة يف السياســة واألدب‪،‬‬ ‫والطــب‪ ،‬وهــو يــدرك قبــل غــره‪ ،‬أن‬ ‫قيمــة اإلنســان يف الفــن ال تضاهيهــا قيمــة‬ ‫أخــرى‪.‬‬ ‫قــد يكــون مــن الصعوبــة مبــكان‪ ،‬اختـزال‬ ‫تجربــة متعــددة املناحــي‪ ،‬واألهــداف‪،‬‬ ‫يف بضــع مــن كلــات بحــق رجــل فــاق‬ ‫الوصــف‪ ،‬والتقييــم‪ ،‬ليكــون بجــدارة‬ ‫أيقونــة نهــر ومدينــة اســتغرقهام القــدم‬ ‫فــكان الفـرات الخالــد اســم النهــر والرقــة‬ ‫اســم املدينــة‪.‬‬ ‫رحــم اللــه أديبنــا العــريب الكبــر الدكتــور‬ ‫عبــد الســام العجيــي يف الذكرى التاســعة‬ ‫لوفاتــه وأدام حضــوره يف الغيــاب‪.‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪15‬‬

‫أس��رة الش��هيد مش��عل مت��و متن��ح جائ��زة تقديري��ة خلليل الصحايف مازن درويش يفوز من سجنه جبائزة اليونسكو حلرية الصحافة‬

‫معت��وق حمام��ي حق��وق اإلنس��ان املعتق��ل ل��دى النظ��ام‪.‬‬

‫تعلــن أرسة جائــزة الشــهيد مشــعل التمــو‬ ‫التقديريــة‪ ،‬التــي أطلقتهــا رابطــة الكتــاب‬ ‫والصحفيــن الكــرد يف ســوريا بعيــد استشــهاد‬ ‫عضــو الرابطــة الزميــل الكاتــب مشــعل التمــو‪،‬‬ ‫منحهــا يف دورتهــا للعــام‪ 2015‬للمناضــل‬ ‫الحقوقــي األســر لــدى النظــام الســوري خليــل‬ ‫معتــوق‪ ،‬وذلــك تقديــرا ً لــدوره الحقوقــي‬ ‫الكبــر ودفاعــه عــن معتقــي الــرأي يف أحــرج‬

‫مرحلــة مــن تاريــخ ســوريا‪ ،‬باإلضافــة إىل أنــه‬ ‫مــن املحامــن املناضلــن الذيــن رافعــوا عــن‬ ‫الشــهيد مشــعل التمــو‪ ،‬أثنــاء اعتقالــه‪.‬‬ ‫أرسة جائــزة الشــهيد مشــعل التمــو إذ متنــح‬ ‫املناضــل الكاتــب والحقوقــي خليــل معتــوق‬ ‫هــذه الجائــزة التقديريــة فإنهــا تطالــب‬ ‫بإطــاق رساحــه وكل معتقــي املوقــف والــرأي‬ ‫يف ســجون البــاد بأشــكالها‪.‬‬

‫فرانس ‪24‬‬ ‫منحــت منظمــة اليونســكو الصحــايف الســوري‬ ‫املســجون مــازن درويــش جائزتهــا لحريــة‬ ‫الصحافــة‪ ،‬حســب مــا أعلنــت املنظمــة يف‬ ‫باريــس‪.‬‬ ‫وستســلم الجائــزة إىل زوجــة مــازن درويــش‬ ‫املديــرة العامــة لليونســكو إيرينــا بوكوفــا‬ ‫خــال احتفــال يف ريغــا يحــره رئيــس ليتوانيــا‬ ‫أندريــس برزينــس‪.‬‬ ‫ويذكــر أن مــازن درويــش‪ ،‬املدافــع عــن‬ ‫حقــوق اإلنســان ومديــر املركــز الســوري‬ ‫لإلعــام وحريــة التعبــر‪ ،‬موجــود يف الســجن‬ ‫منــذ توقيفــه مــع اثنــن مــن زمالئــه هــا هــاين‬ ‫الزيتــاين وحســن غريــر‪ ،‬يف ‪ 16‬شــباط‪/‬فرباير‬ ‫‪ 2012‬يف دمشــق خــال عمليــة دهــم لقــوات‬ ‫األمــن الســورية‪.‬‬ ‫وهــو معتقــل يف ســجن تابــع للمخابــرات‬ ‫الجويــة يف دمشــق‪ ،‬كــا تقــول املنظــات غــر‬ ‫الحكوميــة التــي دعــت الســلطات الســورية‬ ‫مــرارا ً إىل «اإلفــراج عنهــم مــن دون قيــد أو‬ ‫رشط»‪.‬‬ ‫من هو مازن درويش؟‬ ‫منحتــه اليونســكو جائزتهــا «اعرتافــا بالعمــل‬ ‫الــذي قــام بــه يف ســوريا منــذ أكــر مــن عــر‬

‫ســنوات عــى حســاب تضحيــات شــخصية‬ ‫كبــرة‪ :‬منعــه مــن الســفر واملضايقــة وحرمانــه‬ ‫املتكــرر مــن الحريــة‪ ،‬والتعذيــب»‪ ،‬كــا‬ ‫ذكــرت منظمــة األمــم املتحــدة للرتبيــة والعلــم‬ ‫والثقافــة (يونســكو) يف بيــان‪.‬‬ ‫وذكــرت اليونســكو بــأن «مــازن درويــش‪،‬‬ ‫الحقوقــي واملدافــع عــن حريــة الصحافــة هــو‬ ‫رئيــس املركــز الســوري لإلعــام وحريــة التعبــر‬ ‫الــذي تأســس يف ‪ .2004‬وهــو أيضــا أحــد‬ ‫مؤســي صحيفــة ‪+‬فويــس‪( +‬صــوت) وموقــع‬ ‫«ســريا فيو‪.‬نــت» اإلخبــاري املســتقل الــذي‬ ‫منعتــه الســلطات الســورية‪ .‬ويف ‪ ،2011‬أنشــأ‬ ‫أول مجلــة ســورية مخصصــة لوســائل اإلعــام»‪.‬‬ ‫وقالــت زوجتــه يــارا بــدر الصحافيــة أيضــا يف‬ ‫شــباط‪/‬فرباير املــايض‪ ،‬إن «مــا يحــاول مــازن‬ ‫واآلخــرون الذيــن يواجهــون املصــر نفســه‬ ‫القيــام بــه‪ ،‬هــو إجــراء تغيــر حقيقــي يف‬ ‫ســوريا بوســائل غــر عنيفــة‪ ،‬يعــرف بكرامــة‬ ‫الجميــع»‪.‬‬ ‫ومنــذ بدايــة الثــورة الســلمية عــى النظــام‬ ‫الســوري يف ‪ 15‬آذار‪/‬مــارس ‪ 2011‬والتــي‬ ‫تحولــت بعــد ذلــك حربــاً أهليــة داميــة‪،‬‬ ‫اعتقــل أكــر مــن ‪ 200‬ألف شــخص يف الســجون‬

‫ومق ـرات أجهــزة االســتخبارات الســورية‪ ،‬كــا‬ ‫تفيــد تقديــرات املرصــد الســوري لحقــوق‬ ‫اإلنســان‪ .‬وتــويف حــواىل ‪ 13‬ألفــاً تحــت‬ ‫التعذيــب واعتــر ‪ 20‬ألفــا مفقوديــن يف أقبيــة‬ ‫النظــام‪ ،‬كــا يقــول املصــدر نفســه‪.‬‬ ‫ألــف مبــارك للصحــايف املعتقــل مــازن‬ ‫درويــش والحريــة لــه ولرفقائــه‪ ،‬ومبثــل هــؤالء‬ ‫املخلصــن تقــوم ســورية الحــرة والجديــدة‬ ‫وتبنــي مســتقبلها‪.‬‬

‫الطائفية يف التحليل النفسي‪..‬‬ ‫ندوة يف اجلمعية الرتكمانية للثقافة والتنمية‬

‫* الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫قــ ّدم الكاتــب معبــد الحســون محــارضة بعنــوان‪:‬‬ ‫الطائفيــة يف التحليــل النفــي‪ ،‬وذلــك يف قاعــة محــارضات‬ ‫منتــدى ســوريون للثقافــة والفــن يف مقــر الجمعيــة‬ ‫الرتكامنيــة للثقافــة والتنميــة يف مدينــة شــانيل أورفــا‪،‬‬ ‫وحرضهــا حشــد مــن املهتمــن والناشــطني‪ ،‬والعاملــن يف‬ ‫مجــال الفكــر والسياســة والثقافــة‪.‬‬ ‫ويف بدايــة املحــارضة‪ ،‬رحــب املحامــي إبراهيــم الحســن‪،‬‬ ‫رئيــس املنتــدى الثقــايف يف الجمعيــة الرتكامنيــة بالحضــور‪،‬‬ ‫شــاكرا ً األســتاذ معبــد الحســون ملشــاركته أعــال املنتــدى‪،‬‬ ‫وقــال‪ :‬بدايــ ًة البــد مــن التعريــف بالجمعيــة الرتكامنيــة‬ ‫للثقافــة والتنميــة‪ ،‬وهــي جمعيــة ثقافيــة تربويــة وتنمويــة‬ ‫شُ ــكلت منــذ شــهرين تقريبــاً‪ ،‬وهــي ليســت مهتمــة‬ ‫ومتخصصــة بالطيــف الرتكــاين وحــده‪ ،‬بــل هــي تهتــم أيضـاً‬ ‫بــكل املكونــات واألطيــاف التــي يتكــون منهــا املجتمــع‬ ‫الســوري‪ ،‬ويــأيت ذلــك مــن إمياننــا وقناعتنــا أن الفكــر‬ ‫والثقافــة مــن رضورات هــذه املرحلــة الصعبــة ألجــل نــر‬ ‫ثقافــة التعايــش والتســامح والتشــاركية‪ ،‬وتعلــم مامرســة‬

‫تقاليــد الحــوار وقبــول اآلخــر‪ ،‬لــذا انبثــق عــن هــذه‬ ‫الجمعيــة منتــدى باســم منتــدى «ســوريون للثقافــة والفن»‪،‬‬ ‫غايتــه إحيــاء ونــر املفاهيــم اإلنســانية والحضاريــة للثــورة‬ ‫الســورية يف املواطنــة والتعدديــة‪ ،‬وتُقــدم مــن خاللــه‬ ‫أنشــطة فنيــة وأدبيــة وثقافيــة واجتامعيــة تُعــزز قيــم‬ ‫الدميقراطيــة والعدالــة والتنميــة املجتمعيــة‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬إننــا نعــي بأننــا لوحدنــا غــر قادريــن عــى حمــل‬ ‫هــذا العــبء لذلــك نحــن بحاجــة لــكل الجهــود الفكريــة‬ ‫والفنيــة للمشــاركة والتفاعــل‪ ،‬فهــذا املنتــدى منــر للجميــع‬ ‫وال يحتمــل إقصــاء ألي لــون أو طيــف ســوري‪ ..‬أه ـاً بكــم‬ ‫يف منتــدى «ســوريون للثقافــة والفــن»‪.‬‬

‫الشــمولية الطغيانيــة‪ ،‬وتحديــد تاريخانيــة الكراهيــة الدينية‬ ‫بــن طائفتــن مــن ديــن واحــد‪ ،‬أو بــن دينــن مختلفــن‪،‬‬ ‫وإرجــاع املســائل الطائفيــة إىل مفــردات اقتصاديــة أو‬ ‫سياســية‪ ،‬أو فــرادة أقواميــة انرثبولوجيــة‪.‬‬ ‫وأشــار الحســون يف مــن محارضتــه إىل مجموعــة نقــاط‬ ‫ارتــكاز يف الحالــة الســورية‪ ،‬مــن املمكــن تعميمهــا معرفيـاً‬ ‫عــى كل الظواهــر الطائفيــة‪ ،‬وهــي‪ :‬أن بدايــة الحــراك‬ ‫يف ســوريا مل يكــن طائفيــاً‪ ،‬ومل يــر الشــعب الســوري‬ ‫ضــد بشــار األســد ألســباب طائفيــة‪ ،‬وملــاذا تقــف إيــران‬ ‫مــع النظــام الســوري رغــم االختــاف املذهبــي (الشــيعي‬ ‫والعلــوي)‪ ،‬ومــن يقــف مــع النظــام ليــس العلويــون فقــط‪،‬‬ ‫بــل أطـراف مــن الســنة واملذاهــب األخــرى‪ ،‬وملــاذا انقســم‬ ‫الشــعب اللبنــاين مــع أطــراف النــزاع يف ســوريا‪ ،‬القــوى‬ ‫السياســة التــي تشــكلت خــال الخمســن عامــاً املاضيــة‬ ‫تتخــى عــن مبادئهــا يف حــال حــدوث اصطدامــات طائفيــة‪،‬‬

‫وملــاذا ال تتــم حالــة انتقــال مــن مذهــب إىل آخــر‪ ،‬وملــاذا مل‬ ‫يصطــف ســنة العــامل مــع الشــعب الســوري الثائــر‪ ،‬ســيادة‬ ‫ظاهــرة املحــرم يف املوضــوع الطائفــي بــن رشيحــة النخــب‬ ‫الفكريــة والسياســية‪.‬‬ ‫ثــم أغنــت املحــارضة املداخــات التــي شــارك فيهــا عــدد‬ ‫مــن الحضــور‪ ،‬ويف الختــام أوضــح الحســون بــأن الطائفيــة‬ ‫هــي أحــد املضامــن النفســية الكتيمــة يف قــاع الالشــعور‬ ‫العميــق‪ ،‬وهــي تعيــش ســباتها وكمونهــا يف عتمــة الالشــعور‬ ‫أشــبه بالكائــن امليــت واملدفــون يف قــر مجهــول مندثــر‪،‬‬ ‫طاملــا كانــت درجــة التوتــر النفــي الفــردي أو الجمعــي‬ ‫معدومــة أو ضعيفــة التأثــر مــع اآلخــر‪ ،‬العــدو االف ـرايض‪،‬‬ ‫املهــدد واملصعــد للتوتــر‪ ..‬ولكــن والدتهــا وانبعاثهــا مــن‬ ‫جديــد يبــدأ كلــا استشــعرت النفــس أخطــارا ً خارجيــة‬ ‫مجتمعيــة‪ ..‬إنهــا قــوة الدفــاع النفــي الالشــعوري‬ ‫واالحتياطــي يف ســاعات الخطــر االســتثنائية‪.‬‬

‫وقــدم املحــارض يف البدايــة ورقــة تضمنــت رشوح ـاً حــول‬ ‫الوقائــع واألحــداث الطائفيــة التــي تعصــف يف بلــدان‬ ‫الــرق األوســط‪ ،‬ومضامــن الطائفيــة‪ ،‬والحــروب الناجمــة‬ ‫عنهــا‪ ،‬وبيــان اآلراء املتعلقــة بالواقــع الســوري‪ ،‬وأســباب مــا‬ ‫يجــري مــن أحــداث تحمــل يف طياتهــا الكراهيــة واألحقــاد‬ ‫الطائفيــة‪ ،‬والتــي يــأيت يف مقدمتهــا اعتــاد الســلطة‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905459679973‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:16‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬ ‫الفنان األورفللي نهاد كجيو أوغلو يرسم مأساة السوريني‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬

‫‪Nihad.k.oglu‬‬

‫‪.Nihad.k‬‬

‫ه��ل ي��رى الس��وريون‬ ‫طحين��ًا؟!‬ ‫يوسف دعيس‬

‫ـص الفنــان التشــكييل نهــاد كجيــو أوغلــو الثــورة الســورية بلوحتني‬ ‫خـ ّ‬ ‫تخت ـران املأســاة اإلنســانية بدمــوع طفــل ســوري‪ ،‬ومــن خلفــه بيــوت‬ ‫مدمــرة جــراء القصــف الهمجــي لطــران النظــام عــى املــدن والبلــدات‬ ‫الســورية‪ ،‬ولوحــة ثانيــة تجســد مئذنــة مســجد تعرضــت للتدمــر ج ـراء‬ ‫القصــف أيض ـاً‪.‬‬

‫ويقــول أوغلــو‪ :‬إن مــا يتعــرض لــه إخوتنا الســوريون فــاق الخيــال والتصور‪،‬‬ ‫وإن حالــة اإلجـرام غــر املســبوقة للنظــام الــذي دمــر ســوريا‪ ،‬وأوقــع القتــل‬ ‫يف صفــوف الشــعب الســوري‪ ،‬شــكل لدينــا دافعــاً قويــاً للقيــام بجهــد‬ ‫جامعــي مشــرك مــع الفنانــن األت ـراك الفتتــاح معــرض يــرز هــذا الدمــار‬ ‫وهــذا القتــل‪ ،‬وينقــل صــورة واقعيــة عــن مأســاة الشــعب الســوري‪.‬‬

‫الضوئي عزام الكبة يفتتح معرضه األول يف أورفا‬ ‫افتتــح الفنــان الضــويئ عــزام الك ّبــة معرضــه األول‪ ،‬الــذي حمــل عنــوان‪« :‬روح»‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫صالــة املعــارض الفنيــة بالنــادي الثقــايف الســوري «النوفــرة» يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬ويضــم‬ ‫املعــرض ‪ /25/‬لوحــة تحمــل مضامــن إنســانية مــن خــال محــاكاة املفــردات اليوميــة لحيــاة عامــة‬ ‫النــاس‪ ،‬إضافــة إىل عــدد مــن اللوحــات التــي تحــايك الطبيعــة‪.‬‬ ‫ويهــدي الفنــان الكبــة معرضــه األول‪ ،‬الــذي يعتــره باكــورة أعاملــه الفنيــة إىل روح والــده املرحــوم‬ ‫حســن الك ّبــة‪.‬‬

‫لقطة من حفل اإلفتتاح‬

‫«يف حنان احلرب» مرويات لنجاة عبد الصمد‬ ‫تقول األديبة جناة عبد الصمد عن كتابها اجلديد‬ ‫«يف حن��ان احل��رب»‪ ،‬الص��ادر ع��ن دار م��دارك‪ ،‬اإلم��ارات‬ ‫العربية املتحدة‪ ،‬نيسان‪ 2015 /‬ما يفسر اختيارها هلذا‬ ‫العن��وان‪« :‬أتعب�ني اختيار اس ٍ��م لكتابي اجلديد‪ ،‬فويالت‬ ‫احل��رب فصيح��ة‪ ،‬أم��ا حنانه��ا؛ فم��ا ي��زال يت��د ّرب عل��ى‬ ‫النطق‪.‬‬ ‫يف مروي��ات «يف حن��ان احل��رب» خ��روج ع��ن الس��ائد‬ ‫الس��ردي‪ ،‬ولعّل��ه يؤس��س ملقارب��ة حقيق��ة مل��ا جي��ري يف‬ ‫س��وريا م��ن خ�لال حم��اكاة واق��ع آالم املعذب�ين‪ ،‬وه��م‬ ‫يتعرضون لش��تى أصن��اف التعذيب من أبناء جلدتهم‪،‬‬ ‫الذي��ن مارس��وا الظل��م والطغي��ان ب��كل أش��كاله‪ ..‬جن��اة‬ ‫عب��د الصم��د تنفرد بعزف متقن وهي ترصد تداعيات‬ ‫احل��رب الدائ��رة يف س��وريا وويالته��ا‪ ،‬وال تكتف��ي‬ ‫مبقارب��ة الواق��ع ب��ل تتع��داه إىل البح��ث ع��ن احلن��ان‬ ‫يف ه��ذا الع��رس الدام��ي م��ن خ�لال الغ��وص يف مكام��ن‬ ‫النف��وس املعذبة ال�تي أنهكتها احلرب‪ ،‬وخذالن العامل‪،‬‬ ‫احل��رة يف س��عيها ال��دؤوب‬ ‫وتنتص��ر إلرادة اإلنس��ان‬ ‫ّ‬ ‫لتلم��س دروب احلري��ة والكرام��ة‪.‬‬ ‫تق��ول يف إح��دى مروياته��ا‪« :‬أش��ياؤها انس��احت عل��ى‬ ‫األرض احلج��ر‪ :‬ص��ور ٌة لطف ٍ��ل ب��زغ ل��ه أول س�� ّنني ه��ذا‬ ‫��ت يف‬ ‫الش��هر‪ ،‬مفت��اح غرفته��ا املس��تأجرة يف ملح��ق بي ٍ‬ ‫مكتوب عليها‪:‬‬ ‫ريف الشام‪ ،‬ورق ٌة نقديّة بنية جمعلكة‬ ‫ٌ‬

‫مخ��س‬ ‫مائت��ا ل�يرة‪ ،‬قط��ع حجري��ة جمموعه��ا‬ ‫ٌ‬ ‫وأربع��ون ل�يرة‪ ،‬مش ٌ‬ ‫��عر‪ ،‬حمرم��ة ي��د‬ ‫��ط‪ ،‬بكل��ة ش ٍ‬ ‫غواية ٌّ‬ ‫مربي بعناية‪ ،‬ح ّبة مل ّبس‬ ‫رطب��ة‪ ،‬كح ُ��ل‬ ‫ٍ‬ ‫بالنعناع واحلرقة‪ ،‬رقم هاتف مل يعد جييب منذ‬ ‫ص��ار صاحب��ه هن��ا‪ ،‬هن��ا حي��ث ج��اءت اآلن تزوره‪،‬‬ ‫وحتم��ل ل��ه فطائ��ر الزع�تر واللبن��ة البلدي��ة‪،‬‬ ‫وثياب��اً داخلي��ة تف��وح منه��ا رائح��ة الصابون‪ ،‬ويف‬ ‫طياته��ا مظ ٌ‬ ‫��روف ينغل��ق عل��ى س ّ��ر مل يع��د س ّ��راً‬ ‫ح�ين ب��دأ يقرؤه حارس الس��جن‪ ،‬احلارس الذي‬

‫علي��ه‪ ،‬قب��ل أن يس��مح هل��ا بالدخ��ول‪ ،‬أن يدل��ق ما‬ ‫يف جزدانه��ا عل��ى األرض احلج��ر‪».‬‬ ‫للكاتب��ة جن��اة عب��د الصم��د جمموع��ة م��ن‬ ‫األعم��ال املنش��ورة منه��ا‪ ،‬رواي��ة ب�لاد املن��ايف ع��ام‬ ‫‪ 2010‬و»غورني��كات س��ورية»‪ ،‬مروي��ات ع��ام ‪2013‬‬ ‫عن دار مدارك‪ ،‬ويف الرتمجة‪« :‬مذكرات طبيب‬ ‫ش��اب»‪ ،‬للكات��ب الروس��ي بولغاك��وف‪ ،‬وعم��ل‬ ‫مش�ترك بعن��وان «اجلم��ال جس��د وروح» لفان��دا‬ ‫الش��نيفا‪.‬‬

‫لعــل مــن الالفــت للنظــر أن تــرى املثــل القائــل‪:‬‬ ‫«أســمع جعجــة وال أرى طحنـا ً» يتمثــل بشــكل حريف يف‬ ‫أماكــن تواجــد الســوريني يف مواطــن لجوئهــم القــري‪،‬‬ ‫وهــو يتجــى أكــر وضوحــا ً يف تركيــا‪ ،‬ألنهــا املوطــن‬ ‫األكــر لالجئــن الســوريني‪ ،‬واألكــر ازدحامـا ً باملنظــات‬ ‫والهيئــات اإلنســانية والجمعيــات املدنيــة واألهليــة‬ ‫الداعمــة لهــؤالء الالجئــن‪.‬‬ ‫لكــن كيــف تســمع جعجــة وال تــرى طحنــا ً؟ ألنــك‬ ‫باختصــار شــديد مــا إن تســتوقف أحــدا ً مــن الســوريني‬ ‫حتــى يبــادرك مبشــاكل التعليــم التــي تواجــه الســوريني‪،‬‬ ‫وهمومهــم يف الحصــول عــى اإلغاثــة‪ ،‬ومــا يواجهونــه‬ ‫مــن تقصــر يف الحصــول عــى الطبابــة والــدواء‪،‬‬ ‫ومشــاكل العمــل‪ ،‬والتحــرش بالســوريات‪ ،‬ومحاولــة‬ ‫بعــض املتشــددين مــن املعارضــة الرتكيــة يف اســتثامر‬ ‫ورقــة لجــوء الســوريني انتخابي ـا ً ودعواتهــم العنرصيــة‬ ‫لطــرد الســوريني مــن تركيــا‪ ،‬وغــره كثــر مــن الهمــوم‬ ‫والهواجــس التــي يضيــق املــكان عــن ذكرهــا‪.‬‬ ‫كيــف يعيــش الســوريون‪ ،‬وكيــف يدبــرون أمورهــم‬ ‫اليوميــة؟ ومــن يدافــع عنهــم‪ ،‬ومــن يرفــع الظلــم عــن‬ ‫هــؤالء املســتضعفني الذيــن ضاقــت بهــم األرض عــى‬ ‫اتســاعها؟ أســئلة عديــدة تــراود جلســات الســوريني‬ ‫التــي أصبحــت تشــكل هاجســا ً يوميــا ً لهــم‪ .‬رغــم‬ ‫دعــوات الحكومــة الرتكيــة الصادقــة باعتبــار الســوريني‬ ‫مهاجريــن وضيــوف الشــعب الــريك بامتيــاز‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا جســده رئيــس الــوزراء الــريك أحمــد داود أوغلــو‬ ‫بقولــه‪« :‬لــن يتــم إخـراج أي ســوري مــن تركيــا»‪ ،‬وأيضـا ً‬ ‫مــا كــرره يف مدينــة شــانيل أورفــا عندمــا خاطــب‬ ‫الجامهــر قائ ـاً‪« :‬ســأعتزل السياســة إن خــر حــزب‬ ‫العدالــة والتنميــة االنتخابــات النيابيــة»‪ ،‬ورمبــا جــاءت‬ ‫هــذه العبــارات بلســاً داوى جــراح الســوريني وأزال‬ ‫مخاوفهــم وهواجســهم يف إطــار الدعــوات العنرصيــة‬ ‫تجــاه الســوريني‪.‬‬ ‫مــا يعنينــا يف هــذا املقــام التأكيــد عــى املهــم‪ ،‬وهــو‬ ‫إخضــاع كل العمليــات التــي تنحــر بإغاثــة الســوريني‬ ‫للمســاءلة واملحاســبة‪ ،‬واإلغاثــة هنــا مبعناهــا الشــامل‬ ‫الــذي يضــم املــأكل واملــرب واملــأوى والــدواء والتعليم‬ ‫والعمــل‪ ،‬واملســاءلة هنــا ال تنحــر يف القامئــن عــى‬ ‫أعاملهــا مــن الســوريني والعــرب بــل تتعداهــم إىل‬ ‫األتــراك واألجانــب الذيــن يســتهدفون الســوريني يف‬ ‫لجوئهــم القــري‪ ،‬فليــس مــن املعقــول أن تظــل‬ ‫رشيحــة كــرى مــن الشــباب دون عمــل‪ ،‬ورشيحــة أكــر‬ ‫مــن األطفــال دون مــدارس وتعليــم‪ ،‬ورشيحــة تقــل أو‬ ‫تكــر مــن العائــات التــي مل تصلهــا أي معونــة غذائيــة‪،‬‬ ‫أو أن تحصــل العائلــة عــى ســلة أو اثنتــن خــال الســنة‬ ‫رغــم توزيــع بياناتهــم الشــخصية عــى كافــة الجمعيات‬ ‫األهليــة الرتكيــة والعربيــة واألجنبيــة والســورية‪.‬‬ ‫نريــد للمســاءلة واملحاســبة أن تأخــذ طريقهــا الصحيــح‬ ‫يف عمــل الجمعيــات واملنظــات‪ ،‬فيكفينــا مــا نــرى‬ ‫مــن ظلــم يلحــق بنــا يف كل مــكان‪ ،‬وآن األوان لنقــول‬ ‫للمتنطعــن لهــذه األعــال كفاكــم رسقــة‪ ،‬وكفاكــم‬ ‫ظلــاً للســوريني‪ .‬رغــم وجــود اســتثناءات قليلــة‬ ‫ألشــخاص داعمــن وجمعيــات تعمــل بجــد وشــفافية‬ ‫وهــي تقــدم خدماتهــا اإلنســانية بــكل صــدق إحقاق ـا ً‬ ‫للحــق‪ ،‬وتحقيقـا ً للعــدل واملســاواة‪ ،‬وعــى قلّــة هــؤالء‬ ‫وندرتهــم‪ ،‬نأمــل مــن الســلطات الرتكيــة أن تأخــذ هــذه‬ ‫األمــور عــى محمــل الجــد‪ ،‬لــي يحصــل الســوريون‬ ‫عــى حقوقهــم الكاملــة‪ ،‬غــر منقوصــة‪ ..‬فهــل ننتظــر‬ ‫مــن الحكومــة الرتكيــة أن تفعــل ذلــك؟ ســؤال ننتظــر‬ ‫اإلجابــة عنــه بالقريــب العاجــل‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد السادس عشر ‪ 15 /‬آيار ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.