Alharmal(18) 15 06 2015 مجلة الحرمل العدد الثامن عشر

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 18‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫ن��زوح كب�ير ألهالي تل أبيض ختوفًا من ط�يران التحالف ومن ح��االت انتقامية من الكورد‬

‫تطمين��ات من غرف��ة عمليات بركان الفرات املش�تركة مع األكراد‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬

‫زوال الوهم‪!..‬‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫طريان النظام األس��دي يقصف الرق��ة والتحالف يقصف حميط تل أبيض‬ ‫شّ‬ ‫��ن ط�يران النظ��ام األس��دي اجمل��رم أرب��ع‬ ‫غ��ارات عل��ى مدين��ة الرق��ة‪ ،‬اس��تهدف خالهل��ا‬ ‫أربع مناطق مكتظة باملدنيني‪ ،‬وأس��فرت عن‬ ‫استشهاد ستة أشخاص‪ ،‬وأوقعت العديد من‬ ‫اإلصابات يف صفوف املدنيني‪ ،‬وبالتزامن مع‬ ‫ه��ذه الغ��ارات واصل ط�يران التحالف الدولي‬ ‫ال��ذي تق��وده أمري��كا بقص��ف حمي��ط ت��ل‬ ‫أبيض وبلدة سلوك‪ ،‬مستهدفاً مواقع تنظيم‬ ‫الدول��ة اإلس�لامية «داع��ش»‪ ،‬وأرتاهل��ا يف‬ ‫املنطق��ة املذك��ورة‪ ،‬بالتزام��ن م��ع تقدم قوات‬

‫اجلي��ش احل��ر‪ ،‬ووح��دات احلماي��ة الش��عبية‬ ‫الكردي��ة‪.‬‬ ‫وشهدت منطقة تل أبيض والقرى والبلدات‬ ‫التابع��ة هل��ا نزوح��اً كب�يراً لس��كانها باجت��اه‬ ‫مدينة الرقة واحلدود الرتكية‪ ،‬وعلى مدى‬ ‫أس��بوع كام��ل عان��ى أهال��ي املنطق��ة م��ن ذل‬ ‫الوقوف أمام الشريط احلدودي‪ ،‬وسط غياب‬ ‫ش��به كام��ل للمنظم��ات اإلنس��انية‪ ،‬ووس��ائل‬ ‫اإلع�لام احمللية والعربي��ة واألجنبية‪ ،‬يقابله‬ ‫صمت مطبق للمجتمع الدولي‪ ،‬ويف النهاية‬

‫أم��ر وال��ي ش��انلي أورف��ا بإيع��از م��ن القي��ادة‬ ‫الرتكية بفتح املعابر كافة بوجه النازحني‬ ‫م��ن أهال��ي تل أبي��ض وحميطها‪.‬‬ ‫واجلدي��ر بالذك��ر أن معظ��م أهال��ي ت��ل‬ ‫أبي��ض وبلداته��ا وقراه��ا يتخوف��ون م��ن‬ ‫س��يطرة وح��دات احلماي��ة الكردي��ة عل��ى‬ ‫قراه��م وممتلكاته��م‪ ،‬وح��دوث ح��االت‬ ‫انتقامي��ة وتهج�ير قس��ري لس��كان املنطق��ة‬ ‫رغ��م وج��ود تطمين��ات م��ن األك��راد وغرف��ة‬ ‫عملي��ات ب��ركان الف��رات حيال ه��ذا املوضوع‪.‬‬

‫جــاءت ترصيحــات وليــد جنبــاط بخصــوص ضحايــا‬ ‫قريــة «قلــب لــوزة» يف ريــف إدلــب لتؤكــد مــن‬ ‫ســيايس مخــرم أن النظــام الســوري دوليـا ً آخــذ يف‬ ‫االنهيــار والســقوط‪ .‬فدعوتــه إىل املصالحــة جــاءت‬ ‫مؤكــدة ســياقا ً وحيــدا ً ويتي ـاً لــدى النظــام‪ ،‬وهــو‬ ‫اللعــب عــى اإليقــاع بــن املكونــات الســورية‪،‬‬ ‫متــد يف عمــره‬ ‫وج ّرهــا باتجــاه حــروب داخليــة ّ‬ ‫قليــاً‪ ،‬وهــذا مــا ال يريــد جنبــاط منحــه إيــاه‬ ‫مــن خــال انجــرار دروز ســورية إليــه‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫يســعى باتجاهــه وئــام وهــاب أحــد أذنــاب األســد‬ ‫يف لبنــان‪.‬‬ ‫مل يعــد لــدى النظــام وهــو يخــر‪ ،‬يومـا ً بعــد آخــر‪،‬‬ ‫عــى جبهتــي الشــال والجنــوب مــا يســاعده عــى‬ ‫االســتمرار ســوى اللعــب عــى التناحــر الداخــي‪،‬‬ ‫ويريــد اليــوم الــزج بطائفــة الــدروز يف رصاع مــع‬ ‫أهــل درعــا ليقلــب‪ ،‬متوهـاً‪ ،‬املعادلــة لصالحــه يف‬ ‫منطقــة حــوران‪.‬‬ ‫املــؤرشات عــى رحيــل النظــام كثــرة‪ ،‬ولعــل مــن‬ ‫أبرزهــا ترصيحــات نائــب وزيــر خارجيــة النظــام‬ ‫فيصــل املقــداد حــول حلــف نظامــه مــع حــزب‬ ‫اللــه‪ .‬كيــف لدولــة أن تعتــز بحلــف مــع ميليشــيا‬ ‫ال تــرى أبعــد مــن مهمتهــا الطائفيــة؟ أيض ـا ً تشــر‬ ‫الترسيبــات الغربيــة إىل تبــدل يف املوقــف الــرويس‬ ‫مــن رأس النظــام‪ ،‬وكذلــك ترصيحــات دميســتورا‬ ‫مــن أن النظــام لــن يرحــل بغــر القــوة العســكرية‬ ‫وعــى رأســها القــوة العســكرية األمريكيــة‪ .‬يضــاف‬ ‫إىل هــذا كلــه مســارعة إيــران إىل التــرؤ مــن‬ ‫الترصيحــات العنرتيــة لقاســم ســليامين وغــره‬ ‫بالقــول أن ال وجــود لجنــود لهــا عــى األرض‬ ‫الســورية يف إشــارة واضحــة إىل عــدم تفعيــل‬ ‫معاهــدة الدفــاع املشــرك املوقعــة بــن النظامــن‪.‬‬ ‫وألنــه ال يكفــي لتجميــع ســورية مــن جديــد‬ ‫اإلطاحــة بالنظــام‪ ،‬بــل يتطلــب األمــر اإلطاحــة‬ ‫بأطــراف أخــرى هــي مــن مفاعيــل نظــام األســد‬ ‫واملــايل‪ ،‬فإنــه بهــذا ميكننــا تفســر مــا يجــري عــى‬ ‫جبهــة تــل أبيــض‪ .‬فالتحالــف يقصــف ولــواء ثــوار‬ ‫الرقــة يتقــدم عــى األرض‪ ،‬ومــن هنــا فإنــه مــا مــن‬ ‫موجــب للقلــق مــن لجــوء أهــايل تــل أبيــض إىل‬ ‫تركيــا‪ ،‬فمــن الطبيعــي أن يبتعــد املدنيــون عــن‬ ‫مناطــق الحــرب‪ .‬غــر أن هــذا اللجــوء األخــر قــد‬ ‫يكــون مــؤرشا ً عــى بدايــة العــد التنــازيل لنظــام‬ ‫راســخ يف الجرميــة والطائفيــة‪ ،‬وألشــتات جــاءت‬ ‫مــن أصقــاع األرض تريــد بنــاء وهــم عــى األرض‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫تعــدد الجبهــات املفتوحــة عــى النظــام‪ ،‬يــؤرش‬ ‫كذلــك عــى اقــراب الحــل‪ .‬ســتكون ســورية يف‬ ‫الفــرة القادمــة مقســمة عــى نحــو مــا‪ ،‬ولعلّــه مــن‬ ‫املفيــد القــول إن دمشــق‪ ،‬وهــي القبــان الســوري‪،‬‬ ‫يجــب الحفــاظ عليهــا‪ ،‬بعــد طرد نظــام األســد منها‪،‬‬ ‫يك تتمكــن الحقــا ً‪ ،‬بحكــم كونهــا املركــز الســيايس‬ ‫واإلداري‪ ،‬مــن اجتــذاب املــدن الســورية إليهــا‪،‬‬ ‫ويبقــى وجــود األســد يف الســاحل يف حــال تفكــره‬ ‫بدويلتــه وجــودا ً مؤقتــا ً ولــن يســتمر طويــاً‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫أزم��ة إنس��انية عل��ى احل��دود الس��ورية الرتكي��ة مش��ال الرق��ة‪ ..‬وغي��اب للمنظم��ات الدولي��ة‬

‫الرقة تذبح بصمت‬ ‫منــذ مطلــع الشــهر الحــايل بــرزت أزمــة‬ ‫إنســانية ألهــايل املنطقــة الشــالية ملحافظــة‬ ‫الرقــة خصوص ـاً مــن بعــد إعــان غرفــة بــركان‬ ‫الفــرات بتاريــخ ‪ 2015/5/29‬بــدء معركــة‬ ‫الســيطرة عــى مدينــة تــل أبيــض شــال‬ ‫الرقــة وإعالنهــا منطقــة عســكرية‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫تســبب بحركــة نــزوح لقــرى ريــف تــل أبيــض‬ ‫الغــريب باتجــاه مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫قيــام القــوات املشــركة بالتقــدم وبشــكل‬ ‫رسيــع يف الريــف الرشقــي لتــل أبيــض‪ ،‬ونقــل‬ ‫التنظيــم لعائــات مقاتليــه وعنــارصه باتجــاه‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬األمــر الــذي أصــاب املدنيــن‬ ‫باملنطقــة بالذعــر والخــوف وإخالئهــم للقــرى‬ ‫واملــدن باتجــاه الرقــة أو الرشيــط الحــدودي‬ ‫مــع تركيــا‪.‬‬ ‫ويقــدر عــدد مــن توافــد مــن تلــك العائــات‬

‫إىل الرقــة املدينــة ووريفهــا بـــ‪ 120.000‬شــخص‬ ‫يف حــن اختــار قرابــة ‪ 15.000‬شــخص التوجــه‬ ‫نحــو الحــدود الســورية الرتكيــة لتبــدأ معاناتهم‬ ‫مــن أجــل دخــول األرايض الرتكيــة بحثــاً عــن‬ ‫األمــان‪.‬‬ ‫تجمعــت العائــات عــى كامــل الرشيــط‬ ‫الحــدودي يف العـراء‪ ،‬ويف كال الجانبــن وامتــدت‬ ‫ف ـرات انتظارهــم أليــام ومل تســمح الســلطات‬ ‫الرتكيــة إال للحــاالت اإلنســانية واإلســعافية‬ ‫بالعبــور‪ ،‬ومــن ثــم عمــدت الســلطات الرتكيــة‬ ‫إىل فتــح أكــر مــن معــر إنســاين لدخــول تلــك‬ ‫العائــات‪.‬‬ ‫األماكــن التــي تجمعــت عندهــا تلــك العائــات‬ ‫هــي النقطــة املقابلــة لقريــة البــط الرتكيــة‬ ‫وأبــو زلــة رشقــي تــل أبيــض‪ ،‬ومنطقــة املنبطــح‬ ‫وتــل فنــدر غــريب تــل أبيــض‪ ،‬اســتطاع مــن‬ ‫خــال تلــك املنافــذ‪ ،‬قرابــة ‪ 13.000‬شــخص‬ ‫الدخــول إىل األرايض الرتكيــة‪ ،‬حيــث عمــدت‬

‫الســلطات الرتكيــة إىل نقلهــم إىل معــر تــل‬ ‫أبيــض الحــدودي حيــث يتــم تلقيــح األطفــال‬ ‫وتســجيل الوافديــن وتبصيمهــم مــن أجــل‬ ‫إعطائهــم األوراق الخاصــة بالنازحــن يف حــن‬ ‫ال تــزال هنالــك املئــات مــن العوائــل عالقــة‬ ‫عــى الرشيــط الحــدودي بانتظــار الســاح لهــم‬ ‫بالدخــول‪.‬‬ ‫قســم ممــن دخلــوا قامــت الســلطات الرتكيــة‬ ‫بنقلهــم إىل املخيــات‪ ،‬وممــن رغبــوا بذلــك‪.‬‬ ‫لكــن اكتظــاظ املخيــات بالنازحــن مل يســمح‬ ‫للســلطات بقبــول جميــع تلــك العوائل‪ ،‬وقســم‬ ‫آخــر قــام أهــايل املنطقــة‪ ،‬وممــن تربطهــم‬ ‫عالقــات مصاهــرة أو قربــة باحتضانهــم‪ ،‬أمــا‬ ‫القســم األكــر فلقــد افــرش األرض يف حدائــق‬ ‫وشــوارع مدينــة «اقجــة قلعــة» الرتكيــة املقابلة‬ ‫ملدينــة تــل أبيــض‪.‬‬ ‫مل تتدخــل املؤسســات واملنظــات لدوليــة‬ ‫ملســاعدة تلــك العوائــل‪ ،‬واقتــر املوضــوع‬

‫عــى بعــض املنظــات التــي قدمــت القليــل‬ ‫مــن املســاعدة يف حــن أن حجــم وأعــداد‬ ‫النازحــن أكــر بكثــر مــا قدمــوا‪ ،‬وال يتناســب‬ ‫مــع الــدور الــذي قامــت بــه تلــك املنظــات‪،‬‬ ‫وغريهــا يف حــاالت مشــابهة وليســت ببعيــدة‬ ‫زمنيــاً‪.‬‬ ‫حــاول بعــض الشــباب تقديــم يــد العــون لتلــك‬ ‫العوائــل عــر مبــادرات فرديــة أو جامعيــة‬ ‫باملســاعدة يف تأمــن مــكان لإلقامــة‪ ،‬وتقديــم‬ ‫امليــاه والغــذاء للعوائــل العالقــة عــى الجانــب‬ ‫اآلخــر مــن الحــدود لكــن ســوء حالــة الالجئــن‬ ‫والظــروف التــي مــروا بهــا تســببت مبــوت عــدد‬ ‫مــن األطفــال ألســباب منهــا التدافــع الكبــر‬ ‫لألهــايل عــى الرشيــط الحــدودي وحــوادث‬ ‫اطــاق النــار‪.‬‬ ‫غالبيــة مــن نزحــوا هــم مــن ريــف تــل أبيــض‬ ‫الرشقــي والغــريب وكذلــك أهــايل مدينــة ســلوك‬ ‫وريفهــا وقســم كبــر منهــم قــام التنظيــم‬

‫بإبالغهــم حــول رضورة اخــاء قراهــم بســبب‬ ‫املعــارك‪ ،‬لكــن الســبب الرئيــي لنزوحهــم‬ ‫هــو الخــوف مــن األفعــال االنتقاميــة والتــي‬ ‫قــد ترتكبهــا وحــدات الحاميــة الشــعبية‬ ‫الكرديــة العمــود الفقــري الرئيــي للقــوات‬ ‫املهاجمــة‪ ،‬والتــي قــام التنظيــم برتويــع أهــايل‬ ‫املنطقــة يف وقــت ســابق بــأن تلــك القــوات يف‬ ‫حــال ســيطرتها ســتقوم بأعــال قتــل وســلب‬ ‫واغتصــاب بحقهــم‪ ،‬يف حــن أن القــوات‬ ‫املشــركة أرســلت العديــد مــن رســائل التطمــن‬ ‫ألهــايل املنطقــة والتــي مل تلــق الكثــر مــن‬ ‫االهتــام مــن أهــايل تلــك املناطــق‪.‬‬ ‫وإىل اآلن ال تــزال عوائــل تلــك املنطقــة‬ ‫تتحــرك باتجــاه الرشيــط الحــدودي خصوصــاً‬ ‫مــع تكثيــف ط ـران التحالــف الــدويل غاراتــه‬ ‫باألجــزاء الشــالية ملحافظــة الرقــة‪ ،‬فأهــايل‬ ‫الرقــة باتــوا بــن مطرقــة الــراع الدائــر‪،‬‬ ‫وســندان ذل النــزوح‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫‪3‬‬

‫معابر الذل واملوت عطشًا‬ ‫عروة المهاوش‬ ‫مأســاة الســوريني تتجــى بأبشــع صورهــا عــى معــر تــل‬ ‫أبيــض الحــدودي فمنــذ ســيطرة تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش» عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬بعــد معــارك اســتمرت أليــام‬ ‫مــع فصائــل الجيــش الحــر‪ ،‬أغلقــت الســلطات الرتكيــة معــر‬ ‫تــل أبيــض مــن جانبهــا‪ ،‬بينــا نشــط املهربــون يف اســتغالل‬ ‫الهاربــن مــن املــوت‪ ،‬وتكبيدهــم أمــواالً طائلــة ليكتشــف‬ ‫يف النهايــة أنــه وقــع ضحيــة أنــاس ال ميلكــون مــن القيــم‬ ‫األخالقيــة شــيئاً‪.‬‬ ‫املعــارك الدائــرة يف القــرى املحيطــة مبدينــة تــل أبيــض‬ ‫ونواحيهــا‪ ،‬بــن قــوات الجيــش الحــر ووحــدات الحاميــة‬ ‫الشــعبية وبغطــاء مــن قــوات التحالــف الدوليــة‪ ،‬شــكلت‬ ‫خوفــاً لــدى األهــايل نتــج عنــه نزوحــاً جامعيــاً وبأرقــام‬ ‫مرعبــة‪ ،‬عــى الحــدود الســورية الرتكيــة مــن جهــة مدينــة‬ ‫تــل أبيــض والقــرى املحاذيــة لهــا‪ ،‬آالف مــن العائــات‬ ‫الســورية تجمهــرت أمــام الســلك الشــائك الحــدودي تحــت‬ ‫ح ـرارة شــمس حزي ـران الالهبــة‪ ،‬يف انتظــار الســاح لهــم‬ ‫مــن قبــل الجانــب الــريك بالعبــور نحــو األرايض الرتكيــة‪.‬‬

‫استجابة خجولة للحكومة الرتكية‪!..‬‬ ‫أمــام هــذا الكــم الهائــل مــن الكتــل البرشيــة اســتجابت‬ ‫الحكومــة الرتكيــة‪ ،‬وبرعايــة وايل شــانيل أورفــا بالتوجــه نحــو‬ ‫الحــدود واإلرشاف عــى عمليــات إدخــال الحــاالت اإلنســانية‬ ‫القليلــة الحــرج‪ ،‬حيــت ســمحت الســلطات الرتكيــة بدخــول‬ ‫‪ 800‬مواطــن مــن أصــل ‪ 13‬ألفــاً عالقــن عــى املعــر‬ ‫النظامــي‪ ،‬واملعابــر غــر النظاميــة‪ ،‬يف اليــوم التــايل افتتحــت‬ ‫الســلطات الرتكيــة معـرا ً آخــر يف قريــة عــن البــط الرتكيــة‪،‬‬ ‫والتــي تقابــل قريــة الرقبــة الســورية التــي تبعــد ‪25‬كــم‬ ‫رشق مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬اســتطاع الدخــول أكــر مــن ‪1600‬‬ ‫مواطــن ســوري‪ ،‬وتــم إغــاق املعــر ثانيــة أمــام مــن تبقــى‬ ‫منهــم‪ ،‬كانــت الصحافــة الرتكيــة موجــودة وتغطــي الحــدث‬ ‫بينــا مل يســمح للصحفيــن الســوريني بالتصويــر مطلق ـاً‪.‬‬ ‫ويخضــع الالجئــون لتفتيــش دقيــق وينقلــون بعدهــا اىل‬ ‫املعــر النظامــي يف «أقجــه قلعــة» إلجـراء بعــض الفحوصات‬ ‫الطبيــة‪ ،‬والتأكــد مــن هوياتهــم‪ ،‬وأخــذ بصامتهــم‪ ،‬وتــرك‬ ‫الخيــار لهــم يف الذهــاب اىل املخيــات ملــن ال مــأوى لــه أو‬ ‫لهــم الحريــة يف التنقــل داخــل األرايض الرتكيــة‪.‬‬

‫تزامــن نــزوح األهــايل مــع انتخابــات الربملــان الــريك‪ ،‬وكانــت‬ ‫الســلطات الرتكيــة شــديدة الحــرص عــى ضبــط حدودهــا يف‬ ‫هــذه الفــرة لضــان اســتقرار انتخاباتهــا‪ ،‬وكان ذلــك مــن‬ ‫ســوء حــظ النازحــن الهاربــن مــن املــوت نحــو مــوت مــن‬ ‫نــوع آخــر‪.‬‬ ‫ويف ترصيــح لنائــب رئيــس الــوزراء الــريك «نعــان‬ ‫كورتوملــوش» قــال فيــه‪ :‬إن حكومتــه لــن تســمح بعبــور‬ ‫الســوريني إىل تركيــا إال للحــاالت اإلنســانية فقــط والتــي‬ ‫تســتدعي الدخــول للعــاج‪ ،‬وأفــاد أن الحكومــة الرتكيــة مل‬ ‫تشــهد نزوحــاً جامعيــاً بهــذا الحجــم مــن قبــل‪ ،‬يف هــذا‬ ‫الوقــت كانــت حــرارة الشــمس تفتــك باألطفــال الصغــار‬ ‫ويخطفهــم املــوت رسيعــاً‪.‬‬

‫أربعة أيام من الرعب وذل االنتظار‪..‬‬ ‫مــع اشــتداد املعــارك بــن الجيــش الحــر وقــوات الحاميــة‬ ‫الشــعبية وبغطــاء مــن قــوات التحالــف الــدويل مــن جهــة‪،‬‬ ‫ويف الطــرف اآلخــر تنظيــم داعــش‪ ،‬شــهدت الحــدود حــاالت‬ ‫نــزوح كبــرة جــدا ً‪ ،‬باملقابــل مل تســمح الســلطات الرتكيــة‬ ‫بدخــول أي مواطــن عــى مــدى أيــام ثالثــة‪ ،‬وتركهــم هامئــن‬ ‫ظــل نقــص كبــر‬ ‫عــى وجوههــم تحــت حــ ّر الشــمس يف ّ‬ ‫يف امليــاه والطعــام لديهــم‪ ،‬وقــد شــهدت تلــك األيــام وفــاة‬ ‫خمســة أطفــال نتيجــة رضبــات الشــمس‪ ،‬وعــدم تحمــل‬ ‫أجســادهم الضعيفــة لهــذه األهــوال‪ ،‬حــاالت إغــاء كثــرة‬ ‫بــن النازحــن‪ ،‬وعــدد ال يســتهان بــه مــن كبــار الســن مل‬ ‫تســعفهم قوتهــم الجســدية عــى التحمــل‪ ،‬فرتاهــم كالجثــث‬

‫عناصر تنظيم داعش جيربون املدنيني للعودة إىل املدينة‬

‫امليتــة وال يــدل عــى بقائهــم‬ ‫عــى قيــد الحيــاة ســوى‬ ‫حرشجــات خفيفــة تصــدر‬ ‫مــن ضلوعهــم الناتئــة‪.‬‬ ‫مجــازر التحالــف واملــوت‬ ‫برصــاص مجهــول‪..‬‬ ‫ارتكبــت قــوات التحالــف‬ ‫الدوايــة مجزرتــن راح‬ ‫ضحيتهــا عــدد مــن األهــايل‬ ‫النازحــن مــن مدينــة‬ ‫ســلوك عــى مــدى يومــي‬ ‫‪ 2015/6/12/11‬عائــات‬ ‫بأكملهــا قتلهــم التحالــف‬ ‫بقصــف مــن طائراتــه‪ ،‬حيــث‬ ‫اســتهدفت طائـرات التحالــف‬ ‫منــزالً يف مدينــة «ســلوك»‬ ‫أدت إىل قتــل املواطن يوســف‬ ‫مــع زوجتيــه ووالــده‪ ،‬إضافــة إىل أطفالــه‪ ،‬فيــا قتلــت قوات‬ ‫التحالــف صبــاح يــوم ‪ 2015/6/12‬عائلــة جمعــة الجاســم‬ ‫وعددهــم خمســة أفـراد‪ ،‬وبقــي الرصــاص املجهــول املصــدر‪،‬‬ ‫يشــكل قلقــاً ورعبــاً لــدى النازحــن املتواجديــن عــى‬ ‫الحــدود‪ ،‬حيــث أُصيبــت طفلــة برصاصــة طائشــة‪ ،‬نُقلــت‬ ‫عــى إثرهــا إىل مشــفى تــل أبيــض الوطنــي‪ ،‬لتفــارق الحيــاة‬ ‫يف اليــوم التــايل‪ ،‬ويف مســاء اليــوم التــايل أصابــت رصاصــة‬ ‫أخــرى رجــاً فأردتــه يف مكانــه قتيــاً‪ ،‬كل هــذا مل يشــفع‬ ‫للنازحــن لــدى الســلطات الرتكيــة لفتــح املعــر اإلنســاين‪ ،‬ويف‬ ‫الوقــت ذاتــه شــوهد الكثــر مــن عنــارص التنظيــم يف املنطقة‬ ‫املحرمــة‪ ،‬وهــم يقومــون بطــرد النازحــن وإرجاعهــم بقــوة‬ ‫الســاح بعيــدا ً عــن الحــدود‪ ،‬لكــن األهــايل عــادوا للتجمــع‬ ‫مــرة أخــرى يف نقــاط ثانيــة‪ ،‬فليــس لهــم مــن مخــرج ســوى‬ ‫الدخــول إىل تركيــا لضــان حياتهــم وحيــاة أطفالهــم يف‬ ‫حــرب ليــس لهــم فيهــا ناقــة وال جمــل‪.‬‬ ‫وأخريا ً‪ ..‬جاء الفرج مؤملاً‪..‬‬ ‫أمــام أكــر مــن ‪ 20‬ألــف إنســان أعياهــم التعــب‪ ،‬ونــال‬ ‫منهــم الخــوف والرعــب افتتحــت الســلطات الرتكيــة مع ـرا ً‬ ‫بحجــم بــاب أي بيــت‪ ،‬تزاحــم عليــه النــاس للدخــول‪ ،‬نســاء‬ ‫وأطفــال رفعهــم ذووهــم يف الهــواء‪ ،‬وآخــرون عــى صــدور‬ ‫أمهاتهــم‪ ،‬وقــع ذاك الشــيخ أرضـاً بعــد أن تعــر‪ ،‬ورصخــات‬ ‫مــن معــه تحــذر النــاس أال يدهســوه وميــروا فــوق جســده‬ ‫املتهالــك‪ ،‬مل تنفــع الرصخــات فقــد كان التدافــع كبـرا ً وقويـاً‬ ‫كســيل جــارف‪ ،‬هــو ليــس مجــرد ســلك شــائك عــادي بــل‬ ‫هــو صــام األمــان واالبتعــاد عــن القتــل والحــرب‪ ،‬تدافــع‬ ‫النــاس بقــوة غــر عابئــن بأنــن خافــت يصــدر مــن تحــت‬ ‫أقدامهــم‪.‬‬ ‫أطفــال صغــار تاهــوا مــن ذويهــم يف زحمــة العبــور املميــت‬ ‫ال تســمع ســوى البــكاء والنحيــب وصعوبــة كبــرة للتفاهــم‬ ‫بــن الجيــش الــريك والعابريــن لعــدم معرفــة لغــة للحديــث‬ ‫بينهم ‪.‬‬ ‫ســارة ابنــة ‪ 18‬ربيعــاً عــرت يف اللحظــات األخــرة قبــل‬

‫إغــاق املعــر بينــا بقــي ذووهــا يف الطــرف املقابــل‬ ‫الســوري‪ ،‬رصخــت وبكــت وركعــت تحــت أقــدام الجنــدي‬ ‫الــريك‪ ،‬وهــي تــرخ أيب وأمــي وإخــويت أعيــدوين إليهــم‪،‬‬ ‫وحــن توفــر املرتجــم تــم إدخــال ذويهــا مــن مــكان آخــر‪،‬‬ ‫بعــد دمــوع ورصخــات أحرقــت أخاديــد األرض التــي حفرهــا‬ ‫الجنــود عــى طــول الرشيــط الحــدودي‪.‬‬ ‫اثنــا عــر ألفــاً اســتطاعوا النفــاذ مــن تلــك الفتحــة‬ ‫الصغــرة‪ ،‬فيــا تســلق الشــباب منهــم فــوق حاجــز األســاك‬ ‫غــر عابئــن بتلــك الجــروح التــي أحدثهــا الســلك الشــائك يف‬ ‫أجســادهم‪ ،‬يف الطــرف اآلخــر وغــر البعيــد كان املتطوعــون‬ ‫أفـرادا ً وبعــض املنظــات يف االنتظــار لتوزيــع ميــاه الــرب‬ ‫وبعــض املــواد الغذائيــة التــي تســاعدهم عــى البقــاء‬ ‫أحيــاء‪ .‬يف ظــل غيــاب أغلــب املؤسســات الثوريــة الســورية‬ ‫ومنظامتهــا الخرييــة واإلغاثيــة‪.‬‬ ‫يف التوقيــت ذاتــه وأثنــاء فتــح املعــر لســاعات كان الــرد‬ ‫مــن طائ ـرات النظــام عــى مدينــة الرقــة بقصــف مكثــف‬ ‫عــى األحيــاء املدنيــة‪ ،‬حيــث اســتهدفت غارتــه الثــاث‬ ‫منطقــة الفــردوس مخلفــة العديــد مــن الشــهداء املدنيــن‪،‬‬ ‫فيــا كانــت الغــارة الثانيــة عــى املنطقــة الصناعيــة املكتظــة‬ ‫دومــاً باملواطنــن‪ ،‬أســفرت تلــك الغــارة عــن ارتقــاء ســتة‬ ‫شــهداء وعــدد كبــر مــن الجرحــى‪ ،‬وقــد ذكــر لنــا موطنــون‬ ‫يف املدينــة أن ســيارات اإلســعاف مل تتوقــف عــن نقــل‬ ‫املصابــن والجرحــى واألشــاء بعــد انتهــاء الغــارات الجويــة‬ ‫بســاعات كثــرة‪.‬‬ ‫أين أنتم؟!‬ ‫كانــت رصخــة أغلــب العابريــن مــن حولنــا‪ ،‬رصخــة عتــب‬ ‫ســتبقى تــدوي يف آذاننــا لزمــن طويــل جــدا ً أمــام عجزنــا‬ ‫عــن مــد يــد العــون لهــم عــى مــدى األيــام التــي قضوهــا‬ ‫يصارعــون البقــاء‪ ،‬وال وجــود الئتــاف قــوة الثــورة واملعارضة‬ ‫الســورية‪ ،‬وال الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وال املنظــات‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬وال املجتمــع الــدويل‪ ،‬الــكل يف صمــت مطبــق‪،‬‬ ‫ومــوت رسيــري‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫الجئو سوريا يف إزمري الرتكية‬ ‫أكث��ر م��ن ‪ 150‬أل��ف س��وري‪ ..‬أطف��ال ب�لا م��دارس‬ ‫تحتضــن مدينــة إزمــر الرتكيــة‬ ‫أكــر مــن ‪ /150/‬ألــف الجــئ ســوري مــن‬ ‫مختلــف املحافظــات الســورية‪ ،‬ونتيجــة‬ ‫تزايــد أعــداد الســوريني الوافديــن إىل‬ ‫هــذه املدينــة‪ ،‬بســب ظــروف املعيشــة‬ ‫الجيــدة والهادئــة‪ ،‬وخلوهــا مــن املتعصبــن‬ ‫واملوتوريــن‪ ،‬ومتيــز أهلهــا باحتضــان‬ ‫الالجئــن الســوريني والتعاطــف معهــم‬ ‫بشــكل إنســاين الفــت‪.‬‬ ‫هــذا مــا ذكــره الســيد محمــد صالــح العيل‪،‬‬ ‫رئيــس جمعيــة إغاثــة الســوريني يف إزمــر‬ ‫يف معــرض حديثــه عــن الالجئــن الســوريني‬ ‫ودواعــي تأســيس جمعيــة إلغاثة الســوريني‬ ‫هنــاك‪ ،‬ويضيــف‪ :‬هــذا العــدد الكبــر‬ ‫اســتدعى م ّنــا التفكــر بتأســيس جمعيــة‬ ‫تعنــى بشــؤون الالجئــن الســوريني‪،‬‬ ‫وبالفعــل حصلنــا عــى الرتخيــص مــن إدارة‬ ‫الجمعيــات املدنيــة بتاريــخ ‪2013/8/23‬‬ ‫وتــم إشــهارها للــرأي العــام الــريك يف مؤمتر‬ ‫صحفــي حــره عــدد مــن الشــخصيات‬ ‫العامــة‪ ،‬وجميــع وكاالت األنبــاء والصحــف‬

‫الرتكيــة العاملــة يف إزمــر‪.‬‬ ‫ويتابــع حديثــه‪ ،‬قائــاً‪ :‬منــذ انــدالع‬ ‫الثــورة الســورية املباركــة‪ ،‬بــدأت أعــداد‬ ‫النازحــن يف االزديــاد‪ ،‬وكانــت الحاجــة‬ ‫ملّحــة الســتقبالهم‪ ،‬بالتزامــن مــع وجــود‬ ‫رغبــة منــا أن نبقــى عــى متابعــة‬ ‫التضامــن والتواصــل مــع الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وقمنــا بتشــكيل إطــار تنظيمــي باســم‬ ‫التجمــع الشــبايب الســوري يف إزمــر‬ ‫مهمتــه القيــام باملظاه ـرات واالعتصامــات‬ ‫املنــددة بالنظــام الدكتاتــوري البعثــي يف‬ ‫ســوريا باإلضافــة إىل متتــن أوارص األخــوة‬ ‫والتضامــن بــن أبنــاء الجاليــة الســورية يف‬ ‫إزمــر‪.‬‬ ‫وحــول نشــاط الجمعيــة‪ ،‬ومتابعــة برنامــج‬ ‫عملهــا‪ ،‬يقــول العــي‪ :‬بعــد أن اســتوعبت‬ ‫الجمعيــة أغلــب مكونــات الوطــن‬ ‫الســوري‪ ،‬ومعظــم قطاعاتــه قامــت بــدور‬ ‫املنظــم لحياتهــم االجتامعيــة‪ ،‬فكانــت لهــم‬ ‫الداعــم والســند يف تأمــن الســكن والعمــل‬ ‫للكثــر منهــم‪ ،‬وأيضـاً الضغــط عــى مراكــز‬

‫صنــع القـرار يف املدينــة واللقــاءات املســتمرة مــع‬ ‫مديــرة اآلفــاد الرتكيــة لجهــة تأمــن االحتياجــات‬ ‫الصحيــة والتعليميــة للســوريني‪ ،‬ومنــذ البدايــة‬ ‫وضعــت الجمعيــة لنفســها هدفـاً أساســياً لتعريف‬ ‫الــرأي العــام الــريك واملنظــات املدنيــة بالالجئــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬وأســباب اللجــوء‪ ،‬وإرهــاب النظــام‬ ‫الســوري مــن خــال اللقــاءات واالعتصامــات‬ ‫ومعــارض الصــور التــي تثبــت جرائــم الحــرب يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬وبفعــل الجهــود الحثيثــة يف هــذا املجــال‬ ‫متك ّنــا مــن تشــكيل مجموعتــن للتعــاون ومســاندة‬ ‫الالجئــن مــن مجالــس البلديــة يف إزمــر إحداهــا‬ ‫ملجلــس بلديــة كونــاك والثانيــة ملجلــس بلديــة‬ ‫كرابغلــر‪ .‬ونتيجــة الطلــب والضغــط املســتمر‬ ‫واللقــاءات املتكــررة واملشــاركة يف النــدوات التــي‬ ‫كانــت تنعقــد بخصــوص أوضــاع الالجئــن متك ّنــا‬ ‫مــن فتــح دورات لتعليــم اللغــة الرتكيــة للكبــار‬ ‫نتيجــة الحاجــة امللحــة للعاملــن الســوريني يف‬ ‫قطاعــات العمــل الخاصــة‪ ،‬إضافــة لكســب الدعــم‬ ‫واملســاندة مــن الجمعيــات الخرييــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫ومــن رجــال األعــال والجوامــع والكنائــس يف‬ ‫إزمــر‪ ،‬وقدمنــا الكثــر مــن االحتياجــات األساســية‪،‬‬

‫الغذائيــة والصحيــة لإلخــوة الالجئــن‪.‬‬ ‫ويؤكــد العــي أن جهــودا ً كبــرة بُذلــت لتوعيــة‬ ‫وإرشــاد إخوتنــا الســوريني‪ ،‬مــن خــال محــاوالت‬ ‫الدمــج املتواصلــة يف املجتمــع الــريك‪ ،‬وتــم‬ ‫عقــد لقــاءات واجتامعــات ونــدوات‪ ،‬محاورهــا‬ ‫األساســية تركــزت حــول تعريفهــم بالثقافــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬ومــد الجســور الثقافيــة واإلنســانية مــع‬ ‫األتــراك‪ ،‬تجنبــاً إلثــارة مشــاعر العــداء‪ ،‬ونفتخــر‬ ‫مــن هــذه الناحيــة بــأن مدينــة إزمــر بعيــدة عــن‬ ‫املشــاكل والشــجارات واملشــاحنات بــن الســوريني‬ ‫وإخوانهــم الــرك‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار عملــت‬ ‫الجمعيــة عــى ربــط الثقافــة الســورية بالثقافــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وهــي رســالة لبنــاء روح املحبــة والصداقــة‬ ‫بــن الشــعبني‪ ،‬تخللــه أيضـاً نشــاطات مشــركة بــن‬ ‫األطفــال الســوريني واألطفــال الــرك‪ ،‬تجـ ّـى بإقامــة‬ ‫حفــات مشــركة جمعنــا فيهــا الفنانــن الســوريني‬ ‫واألتــراك‪.‬‬ ‫وحــول نشــاط الجمعيــة يتابــع حديثــه‪ ،‬قائــاً‪:‬‬ ‫تنــوع نشــاط الجمعيــة امتــد ليشــمل الجوانــب‬ ‫اإلنســانية كافــة‪ ،‬فلــم يكتـ ِ‬ ‫ـف باإلغاثــة والثقافــة‪،‬‬ ‫بــل امتــد ليشــمل الرياضة والشــباب‪ ،‬لذلك أنشــأنا‬ ‫فريقـاً رياضيـاً لكــرة القــدم‪ ،‬شــارك يف عــدة دورات‬ ‫رياضيــة‪ ،‬ونــال فريقنــا أحــد الكــؤوس ومنهــا دورة‬

‫بوجــا الرياضيــة‪ ،‬ويف اآلونــة األخــرة وبعــد ازديــاد‬ ‫ضحايــا الهجــرة والغــرق يف بحــر ايجــة عــن طريــق‬ ‫الرحــات االنتحاريــة التــي تــم تســميتها مــن قبلنــا‬ ‫أثنــاء اللقــاءات مــع الوفــود القادمــة مــن الربملــان‬ ‫األورويب والحكومــات األوروبيــة واملطالبــة لدراســة‬ ‫هــذا املوضــوع ومعالجتــه بشــكل جــدي‪.‬‬ ‫وختام ـاً يؤكــد العــي برســالة خاصــة يوجههــا إىل‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة ووزارة الرتبيــة الرتكية‪،‬‬ ‫واملنظــات الدوليــة التــي تعنــى بشــأن التعليــم‪،‬‬ ‫ويقــول‪ :‬كل هــذه األعــداد املتزايــدة مــن الالجئــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬تتطلــب إنشــاء مــدارس خاصــة بتعليــم‬ ‫الطلبــة الســوريني‪ ،‬ورغــم حصولنــا عــى ترخيــص‬ ‫الفتتــاح مدرســة‪ ،‬لكننــا مل نســتطع متابعــة إطالقها‬ ‫لعــدم وجــود الدعــم املــايل‪ ،‬علــاً أن الحكومــة‬ ‫املحليــة يف إزمــر قدمــت بعــض التســهيالت‪،‬‬ ‫وأعلنــت عــن نيتهــا ملســاعدتنا يف تأثيــث املدرســة‪،‬‬ ‫وقبــول عــدد مــن الطــاب الســوريني يف الصفــن‬ ‫األول والثــاين ضمــن مــدارس األطفــال األتــراك‪،‬‬ ‫وهــذا غــر كاف‪ ،‬ونأمــل أن يكــون أكــر مــع‬ ‫تواجــد الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬إضافــة لذلــك‬ ‫كان مــن املمكــن أن يكــون للمنظــات املدنيــة‬ ‫حضــور جــدي لــي نســتطيع أن نقــدم خدماتنــا‬ ‫التعليميــة ألطفالنــا الســوريني‪.‬‬

‫مسؤول تركي‪ :‬سيناريوهات التحالف الدولي يف سوريا تتسبب بتدفق الالجئني حنو تركيا‬

‫قــال نائــب رئيــس الــوزراء الــريك «نعــان‬ ‫قورتوملــوش»‪ ،‬يــوم األربعــاء ‪ ،2015/6/10‬إن‬ ‫«ســيناريوهات التحالــف الــدويل متعــددة‬ ‫األوجــه‪ ،‬التــي تطبــق حــول ســوريا‪ ،‬تتســبب يف‬ ‫تدفــق الالجئــن الســوريني نحــو تركيــا بشــكل‬ ‫كثيــف جــدا ً مــن وقــت آلخــر»‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف ترصيــح صحفــي أدىل بــه مــن‬ ‫مخيــم الالجئــن الســوريني يف منطقــة «ح ـ ّران»‬ ‫بواليــة شــانيل أورفــه جنــويب تركيــا‪ ،‬وأوضــح أن‬ ‫زيارتــه إىل املخيــم‪ ،‬جــاءت للوقــوف عــى أوضاع‬ ‫الالجئــن‪ ،‬وقــال «إن تركيــا مل تقــف صامتــة إزاء‬ ‫الوضــع اإلنســاين الــذي تشــهده ســوريا»‪.‬‬ ‫وأشــار املســؤول الــريك أن مــا بــن ‪ 5‬إىل ‪ 6‬آالف‬ ‫الجــئ‪ ،‬دخلــوا إىل تركيــا يف يــوم واحــد‪ ،‬مؤكــدا ً‬ ‫أن الالجئــن‪ ،‬مل يهربــوا مــن مناطــق ســكناهم‬ ‫ج ـراء االشــتباكات بــن تنظيــم داعــش ومقاتــي‬

‫حــزب االتحــاد الدميقراطــي (الســوري الكــردي)‬ ‫فحســب‪ ،‬بــل أن هنــاك تطــورا ً وراء تحــرك‬ ‫الالجئــن نحــو الحــدود الرتكيــة‪ ،‬حيــث أن‬ ‫قصــف قــوات التحالــف (عــى بعــض املناطــق‬ ‫الســورية) الــذي بــدأ يف ‪ 12‬أيــار‪ /‬مايــو املــايض‪،‬‬ ‫أدى أيضــاً لتدفــق املواطنــن الســوريني نحــو‬ ‫الحــدود‪.‬‬ ‫ولفــت قورتوملوش إىل أن الحكومــة الرتكية تلقت‬ ‫معلومــات حــول مــرع مدنيــن ســوريني جـراء‬ ‫قصــف قــوات التحالــف‪ ،‬وأن تركيــا تســعى إلنهاء‬ ‫املأســاة الجاريــة يف ســوريا‪ ،‬والتخــاذ خطــوات يف‬ ‫هــذا اإلطــار‪ ،‬تضمــن عيــش الســوريني بســام‪،‬‬ ‫مؤكــدا ً أن الحكومــة الرتكيــة ستســمح بدخــول‬ ‫كافــة الالجئــن املنتظريــن عــى الطــرف الســوري‬ ‫مــن الحــدود‪ ،‬املقابلــة ملنطقــة «آقجــه قلعــة» يف‬ ‫واليــة أورفــه جنــويب تركيــا‪ ،‬قبــل حلــول املســاء‪.‬‬ ‫وأوضــح قورتوملــوش‪ ،‬أن القــوات املســلحة‬ ‫الرتكيــة والهــال األحمــر وإدارة الكــوارث‬ ‫والطــوارئ «آفــاد»‪ ،‬عملــت بــكل تفــانٍ مــن‬ ‫أجــل مســاعدة الالجئــن‪ ،‬مش ـرا ً إىل أن املنطقــة‬ ‫تواجــه «أالعيــب متعــددة يذهــب ضحيتهــا‬ ‫أبنــاء املنطقــة»‪ ،‬وأن تركيــا «يقظــة حيــال تلــك‬ ‫األالعيــب التــي تهــدف إىل جعــل شــعوب‬ ‫املنطقــة مــن أتــراك وعــرب وأكــراد‪ ،‬يدينــون‬ ‫مبشــاعر العــداء لبعضهــم بعضـاً»‪ ،‬مشــددا ً عــى‬

‫«عــدم وجــود أي إرادة دوليــة إلنهــاء املــآيس»‬ ‫التــي تشــهدها املنطقــة‪.‬‬ ‫وشــهدت األيــام القليلــة املاضية‪ ،‬ســيطرة وحدات‬ ‫الحاميــة (الكرديــة)‪ ،‬وفصائــل مــن املعارضــة‬ ‫الســورية املســلحة‪ ،‬عــى عــدة قــرى وبلــدات‪،‬‬ ‫واقعــة يف ريــف مدينــة «تــل أبيــض»‪ ،‬شــال‬ ‫غــريب محافظــة الرقــة الســورية‪ ،‬مــا أســفر عــن‬ ‫حالــة نــزوح مــن قبــل األهــايل جـراء االشــتباكات‬ ‫التــي وقعــت مــع تنظيــم داعــش‪ ،‬يف حــن بــدأ‬ ‫التنظيــم بحفــر خندقــاً حــول تــل أبيــض‪ ،‬يف‬ ‫مســعى منــه لتعزيــز مواقعــه الدفاعيــة‪.‬‬

‫رئيس الشؤون الدينية الرتكي‪ :‬أطفال سوريا أمانة يف أعناقنا‬ ‫أنقرة‪ /‬وكالة األناضول‬ ‫قــال رئيــس هيئــة الشــؤون الدينيــة الرتكيــة‬ ‫«محمــد غورمــاز» إن «أطفــال الالجئــن الســوريني‪،‬‬ ‫أمانــة يف أعناقنــا‪ ،‬كأطفالنــا‪ ،‬فهــم أمانــة مــن اللــه‬ ‫تعــاىل ومــن ثــم علينــا أن نرعاهــا»‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف الكلمــة التــي ألقاهــا املســؤول‬ ‫الدينــي الــريك‪ ،‬أمــس األربعــاء‪ ،‬يف حفــل توزيــع‬ ‫شــهادات عــى ‪ 110‬مــن الطــاب الســوريني األيتــام‪،‬‬ ‫الــذي نظمــه وقــف الديانــة‪ ،‬بالعاصمــة أنقــرة‪.‬‬ ‫وأضــاف «غورمــاز» قائــاً «يجــب أن ال يُــرك أي‬ ‫طفــل ســوري يف تركيــا مــن دون تعليــم‪ ،‬فعلينــا‬ ‫أن نع ّدهــم للمســتقبل‪ ،‬وأدعــو كافــة منظــات‬ ‫املجتمــع املــدين يف تركيــا إىل اإلســهام يف تعليمهــم»‪.‬‬

‫وأفــاد «غورمــاز» بعــد‬ ‫مالحظتــه كــرة الشــكر الــذي‬ ‫يقدمــه األطفــال الســوريني‬ ‫لــه ولرتكيــا‪« ،‬نحــن مــن‬ ‫يجــب أن نشــكركم ألنكــم‬ ‫ســاعدمتونا عــى أداء واجبنــا‪،‬‬ ‫فــا شــكر عــى واجــب قمنــا‬ ‫بــه إلخوتنــا»‪.‬‬ ‫وقــام «غورمــاز» يف نهايــة‬ ‫الحفــل بتوزيــع الشــهادات‬ ‫عــى الطــاب الذيــن فرحــوا‬ ‫بشــدة لالهتــام بهــم مــن‬ ‫قبــل الجهــات املعنيــة الرتكيــة‪.‬‬

‫يف يوم أسود م ّر على السوريني‬ ‫‪ 136‬قتي�لا يف عملي��ات عس��كرية‬ ‫للنظام الس��وري‬ ‫لقــى ‪ 136‬مدنيــا حتفهــم‪ ،‬يف أحــد أكــر االيــام إجرامـاً لنظــام األســد‪ ،‬يف‬ ‫الهجــات التــي شــنتها قــوات النظــام الســوري‪ ،‬بالقنابــل الفراغيــة والرباميل‬ ‫املتفجــرة عــى األماكــن التــي يســيطر عليهــا املعارضــون املســلحون‪ ،‬يف‬ ‫عــدد مــن املــدن والبلــدات الســورية‪.‬‬ ‫وذكــر بيــان صــادر عــن الشــبكة الســورية لحقــوق اإلنســان‪ ،‬أن الغــارات‬ ‫التــي شــنتها طائـرات ومروحيــات النظــام عــى املناطــق الخاضعــة لســيطرة‬ ‫املعارضــة املســلحة‪ ،‬يــوم ‪ 2015/5/30‬وهــو يــوم أســود ‪ ،‬أســفرت عــن‬ ‫مقتــل ‪ 90‬شــخصا يف حلــب‪ ،‬و‪ 20‬يف إدلــب‪ ،‬و‪ 9‬يف ريــف العاصمــة دمشــق‪،‬‬ ‫و‪ 8‬يف الحكســة‪ ،‬و‪ 4‬يف درعــا‪ ،‬و‪ 3‬يف حمــص‪ ،‬و‪ 2‬يف ديــر الــزور‪.‬‬ ‫وأشــار البيــان إىل أن هنــاك ‪ 14‬طفــا و‪ 7‬ســيدات مــن بــن القتــى‪ ،‬موضحـاً‬ ‫أن طائـرات ومروحيــات النظــام شــنت غــارات مكثفــة عــى مدينــة حلــب‪،‬‬ ‫وســوق وبعــض األحيــاء الســكنية يف ضواحيهــا‪.‬‬ ‫ومــن جانبهــا ذكــرت الهيئــة العامــة للثــورة الســورية‪ ،‬أن مروحيــات‬ ‫وطائــرات النظــام ســوت بــاألرض ســوقاً والعديــد مــن األحيــاء الســكنية‬ ‫يف حلــب‪ ،‬مشــرة إىل أن تلــك األماكــن تعرضــت كذلــك لقصــف بــري‬ ‫مــن قبــل الوحــدات العســكرية‪ ،‬وأوضحــت أن النــاس يف منطقــة جبــل‬ ‫الزاويــة اضطــروا للهــروب إىل مناطــق آمنــة نتيجــة تعــرض املنطقــة لغــارات‬ ‫بالرباميــل املتفجــرة‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن النظــام حــاول يف ذلــك اليــوم االنتقــام مــن الشــعب الســوري‬ ‫بســبب انتصــارات قــوات املعارضــة الســورية التي نســفت حلمه باالســتمرار‬ ‫يف الهيمنــة عــى الســوريني واالســتمرار يف تعذيبهــم وبيــع بالدهــم لروســيا‬ ‫وإليـران‪ ،‬ولــكل مــن يدعــم قتــل الشــعب الســوري وتهجــره وتعذيبــه‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫الحرملي‬

‫زواج األمساء املس��تعارة بدعة «داعش» لدمج املهاجرين باجملتمع السوري‬ ‫مها غزال‬ ‫يف زمــن الحــروب التقليديــة تختلف طبيعة الحياة‬ ‫والعالقــات واالجتامعيــة وتــزداد قســوة التغـرات حــن‬ ‫يحــاول حملــة الســاح فــرض ســيطرتهم عــى النــاس‪،‬‬ ‫بحثــاً عــن حاضنــة اجتامعيــة متكّــن املقاتلــن مــن‬ ‫االســتمرار يف القتــال‪.‬‬ ‫تنظيــم «داعــش» الــذي يســعى إلنشــاء «دولــة» مــن‬ ‫أكــر الجامعــات املســلحة يف ســوريا حاجــة لخلــق‬ ‫جــل أفــراده مــن‬ ‫مثــل هــذه البيئــة‪ ،‬خصوصــاً أن ّ‬ ‫خــارج ســوريا مــا يضــع التنظيــم أمــام ابتــداع طــرق‬ ‫لدمــج املقاتلــن يف املجتمــع الســوري‪.‬‬ ‫الــزواج أســلوب دمــج وترغيــب يســتخدمه «داعــش»‬ ‫لجلــب املقاتلــن مــن شــتى أنحــاء العــامل للقتــال‬ ‫يف صفوفــه‪ ،‬حيــث يعدهــم مشــايخ «التنظيــم»‬ ‫بالحوريــات يف الجنــة‪ ،‬ويقدمــون لهــم النســاء يف‬ ‫الدنيــا‪ ،‬عــن طريــق الــزواج أو اســرقاق املختطفــات‬ ‫مــن القــرى واملــدن التــي يســيطر عليهــا بحجــة أنهــن‬ ‫غــر مســلامت‪ ،‬ويدفــع الفقــر الــذي وصــل إىل أعــى‬ ‫مســتوياته يف ســوريا والخــوف مــن جــر أبنائهــا إىل‬ ‫ســاحات القتــال العائــات الســورية للموافقــة عــى‬ ‫تزويــج بناتهــم للمقاتلــن األجانــب‪.‬‬ ‫ســناء فتــاة مــن ريــف حلــب الرشقــي عمرهــا ‪15‬‬ ‫ســنة‪ ،‬تــم تزويجهــا مــن مقاتــل يف تنظيــم «داعــش»‬ ‫يحمــل الجنســية التونســية‪ ،‬بعــد أن وعــد أخاهــا‬ ‫بوظيفــة مدنيــة يف التنظيــم ال يتــم إرســاله بعدهــا إىل‬ ‫ســاحات القتــال‪ ،‬رفــض والدهــا يف البدايــة تزويجهــا‪،‬‬ ‫ولكــن االبــن أقنــع والــده لتتــزوج ســناء مــن الشــاب‬ ‫التونــي الــذي يبلــغ مــن العمــر «‪ 35‬ســنة»‪ ،‬وهكــذا‬ ‫متــت حاميــة األخ مــن االشــراك يف املعــارك بعــد‬ ‫تزويــج أختــه «للمجاهــد املهاجــر»‪.‬‬ ‫ويف ظــل الهجــرات املســتمرة للقتــال يف صفــوف‬ ‫«داعــش» يقــول أحــد ســكان الرقــة أنــه كان ال بــد‬ ‫لهــؤالء املهاجريــن الشــباب يف معظمهــم مــن الــزواج‪،‬‬ ‫وبنــاء حيــاة جديــدة مــن أجــل بنــاء مــا يطلــق عليــه‬ ‫التنظيــم «الدولــة اإلســامية»‪ ،‬ويضيــف أن «زواج‬ ‫املهاجريــن مــن األنصــار حقيقــة واقعــة ال ينكرهــا‬ ‫إال جاهــل مكابــر‪ ،‬وهــو زواج رشعــي خالفــا لـ»جهــاد‬ ‫النــكاح» الــذي ابتدعتــه قنــوات اإلعــام‪ ،‬ويشــر‬ ‫الواقــع إىل ميــل املجتمــع لتقبلهــا‪ ،‬مــع طــول فــرة‬ ‫ســيطرة التنظيــم عــى مســاحات واســعة مــن األرايض‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫يقــوم التنظيــم بتشــجيع هــذه الزيجــات‪ ،‬وتقديــم‬ ‫تســهيالت معنويــة وماديــة تذلــل العقبــات‪ ،‬يقــول‬ ‫املــدرس غســان يف ترصيحــات صحفية «شــجع التنظيم‬

‫‪5‬‬

‫القيامة اآلن‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫عنــارصه عــى الــزواج‪ ،‬وقــدم لهــم كل التســهيالت‪،‬‬ ‫فالتنظيــم يقــدم للشــاب املقبــل عــى الــزواج مبلغ ـاً‬ ‫يقــدر بأربــع مئــة ألــف لــرة ســورية مه ـرا ً للعــروس‪،‬‬ ‫عــدا تأمــن الســكن وأثــاث البيــت‪ ،‬فضــاً عــن‬ ‫البــدالت والتعويضــات التــي يقدمهــا لــأوالد»‪ ،‬وهــذه‬ ‫األمــور باتــت «مــن األحــام لكثــر مــن الســوريني‬ ‫الذيــن أصابهــم الفقــر والعــوز»‪ ،‬وال تقتــر هــذه‬ ‫املزايــا عــى الزوجــة األوىل إمنــا تشــمل الثانيــة والثالثــة‬ ‫والرابعــة عــدا «ملــك اليمــن»‪ ،‬فالتنظيــم يؤمــن أن‬ ‫أوالد هــذه الزيجــات ســيكونون «أكــر إميانـاً بالتنظيــم‬ ‫مــن آبائهــم»‪ ،‬ألنهــم ال يحملــون إال جنســية «الدولــة‬ ‫اإلســامية»‪ ،‬ومصريهــم مرتبــط بهــا‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق كان التنظــم قــد أصــدر وثائــق‬ ‫رســمية مثــل البطاقــات الشــخصية وشــهادات امليــاد‬ ‫الرســمية والتســجيل يف دائــرة النفــوس‪.‬‬ ‫يــأيت املهاجــرون الخليجيــون باملرتبــة األوىل يف حــاالت‬ ‫الــزواج مــن ســوريات ألن معظمهــم مــن رشيحــة‬ ‫الشــباب أوالً‪ ،‬ولتقــارب العــادات والتقاليــد واللهجــة‬ ‫ثانيــاً فضــاً عــن العامــل املــادي الجيــد‪ ،‬ويــأيت‬ ‫التوانســة‪ ،‬وغريهــم مــن أبنــاء املغــرب العــريب يف‬ ‫املرتبــة الثانيــة‪.‬‬ ‫ورغــم كل هــذه التســهيالت مل ينجــح التنظيــم يف دمــج‬ ‫املهاجريــن باملجتمــع الســوري‪ ،‬ففــي ظــل الضغــوط‬ ‫التــي تدفــع الســوريني لقبــول تزويــج بناتهــم مــن‬ ‫املهاجريــن‪،‬مل يفلــح التنظيــم يف إقنــاع الشيشــانيني‬ ‫وأبنــاء القوقــاز‪ ،‬وأغلــب العائــات التــي انضمــت إىل‬ ‫التنظيــم‪ ،‬بالقبــول يف تزويــج بناتهــم مــن الســوريني‪.‬‬ ‫يقــول أبــو عمــر املقــرب مــن «داعــش» إن قس ـاً ال‬ ‫بــأس بــه مــن املهاجريــن الشيشــان والقوقــاز جــاؤوا‬ ‫مــع عائالتهــم‪ ،‬وهــم عمومـاً يرفضــون تزويــج بناتهــم‬ ‫مــن األنصــار «الســوريني» ويفضلــون املهاجــر‪ ،‬ألنــه‬ ‫أكــر إميان ـاً حســب اعتقادهــم‪ ،‬ويتميــز باالنغــاق‪.‬‬ ‫تــزداد حــاالت الــزواج يف املناطــق التــي طالــت مــدة‬ ‫ســيطرة التنظيــم عليهــا‪ ،‬وتــأيت املــدن التــي تأخــذ‬ ‫طابعــا حرضيــاً وتبتعــد عــن املجتمــع العشــائري‬ ‫الريفــي يف املراتــب األوىل‪ ،‬مــن حيــث زواج الســوريات‬ ‫مــن مهاجريــن‪.‬‬

‫وتفيــد التقاريــر بــأن مدينــة البــاب تحتــل املرتبــة‬ ‫األوىل وتتفــوق عــى منبــج وجرابلــس‪ ،‬ويعــود ذلــك‬ ‫للرتكيبــة العشــائرية يف املدينتــن‪ ،‬ويف الــرق الســوري‬ ‫تكــر هــذه الزيجــات يف الرقــة‪ ،‬وتــكاد تنعــدم يف ديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬بســبب ســيطرة التنظيــم عــى الرقــة‪.‬‬ ‫مــع كل التســهيالت التــي يقدمهــا التنظيــم مــا ت ـزال‬ ‫املشــكالت القانونيــة أمـرا ً واقعـاً ومــن أبــرز املشــكالت‬ ‫التــي تواجــه هــذه الزيجــات حرمــان األطفــال مــن‬ ‫الجنســية‪.‬‬ ‫غالبيــة الســوريني تعتــر التنظيــم حالــة طارئــة‪،‬‬ ‫وبذلــك ســيكون األوالد ضحيــة هــذا الــزواج‪ ،‬خاصــة‬ ‫أنــه يتــم باســم مســتعار للــزوج والشــهود وحتــى‬ ‫الكاتــب الرشعــي‪ ،‬كــا أن الفتــاة ال تعــرف اســم‬ ‫زوجهــا الحقيقــي أو خلفيتــه االجتامعيــة واألخالقيــة‪،‬‬ ‫وهــذه األمــور تزعــزع الثقــة بــن الطرفــن‪.‬‬ ‫حالــة الحــرب تفــرض واقــع عــدم االســتقرار عــى‬ ‫هــذا الــزواج‪ ،‬كثـرا ً مــا تنتهــي هــذه الزيجــات مبقتــل‬ ‫الــزوج يف املعــارك‪ ،‬ويزيــد املعانــاة أن أغلــب الفتيــات‬ ‫املتزوجــات صغ ـرات يف الســن‪ ،‬مــا يــرك أث ـرا ً كبــر‬ ‫عــى املجتمــع الــذي يواجــه مشــكلة تزايــد عــدد‬ ‫األيتــام واألرامــل بشــكل ملحــوظ‪.‬‬ ‫يؤكــد أحــد الشــباب الذيــن يعيشــون يف مناطــق‬ ‫ســيطرة «داعــش» أن الكثــر مــن العائــات ترفــض‬ ‫تزويــج بناتهــا مــن مقاتــي التنظيــم‪ ،‬كــا ترفــض حتــى‬ ‫تأجــر بيوتهــا للمهاجريــن والتعامــل معهــم‪ ،‬إال أنــه‬ ‫يتســاءل إىل متــى ستســتطيع هــذه العائــات الصمــود‬ ‫يف وجــه الضغوطــات وق ـرارات التنظيــم التــي تضيــق‬ ‫عليهــم حياتهــم كل يــوم‪ ،‬ولعــل أبــرز هــذه القـرارات‬ ‫عــدم الســاح للفتيــات التنقــل بــن املــدن والقــرى‬ ‫التــي يســيطر عليهــا التنظيــم دون «محــرم»‪.‬‬ ‫ويحــذر الشــاب مــن أن التنظيــم بهــذه الضغــوط‬ ‫يعمــل عــى إفــراغ أغلــب القــرى مــن الســوريني‬ ‫واالســتعاضة عنهــا باملهاجريــن الذيــن يتدفقــون دون‬ ‫انقطــاع إىل ســوريا‪.‬‬

‫تنشر بالتزامن مع موقع‪ :‬مدار اليوم‬

‫ليــس مــن بــاب املصادفــة أن أســتعري عنوانـاً ملقالتــي اســم‬ ‫«القيامــة اآلن»‪ ،‬الفيلــم الشــهري للمخــرج العاملــي فرنســيس‬ ‫فــورد كوبــوال عــن ملحمــة الحــرب الفيتناميــة‪ ،‬الــذي يرصــد‬ ‫مــن خاللــه ويــات الحــرب‪ ،‬ومــا تخلفــه مــن دمــار وضحايــا‪،‬‬ ‫ولعــل الفيلــم كان الرصخــة االحتجاجيــة األوىل أمــام عبثيــة‬ ‫ّ‬ ‫الحــرب األمريكيــة يف فيتنــام‪.‬‬ ‫رمبــا تتغــر بعــض مالمــح الضحايــا‪ ،‬مــع اختــاف البيئــة‪ ،‬مــا‬ ‫بــن املداريــة التــي تكــر فيهــا الغابــات‪ ،‬ويغمرهــا املطــر‪،‬‬ ‫وتســتوطنها األفاعــي واألوبئــة‪ ،‬ومــا بــن منطقــة ريــف الرقــة‬ ‫الشــايل‪ ،‬حيــث تنبســط األرض إال مــن بضــع أوديــة‪ ،‬وغبــار‬ ‫عــى م ـ ِّد البــر‪ ،‬ومثــة نهــر متهالــك‪ ،‬يســمى البليــخ‪ ،‬أنهكتــه‬ ‫محــركات البعــث‪ ،‬وأىت اســمنت ومعــاول العابثــن عــى البقيــة‬ ‫الباقيــة مــن ينابيعــه التــي تتجــاوز العــرة يف جنــة عــى األرض‬ ‫كانــت تســمى «عــن العــروس»‪ ،‬وك ّنــا شــهودا ً عــى موتهــا يف‬ ‫يــوم مــا‪.‬‬ ‫هكــذا هــي تضاعيــف القــدر‪ ،‬تحمــل يف طياتهــا قيامــة الحــرب‬ ‫الفيتناميــة‪ ،‬وتنقلهــا بعنايــة إىل الشــال الســوري‪ ،‬حيــث‬ ‫يعيــث ط ـران النظــام األســدي املجــرم‪ ،‬مــع ط ـران التحالــف‬ ‫الــدويل قتـاً ودمــارا ً لســكان ومبــاين قــرى وبلــدات تــل أبيــض‪،‬‬ ‫أمريــكا هنــاك وأمريــكا هنــا‪ ،‬املــوت يالحــق األبريــاء‪ ،‬ويرتصــد‬ ‫الحلــوق الجافــة‪ ،‬والحقــول التــي تحولــت إىل يبــاس يف زمــن‬ ‫الحريــة‪ ،‬ال يشء تبــدل‪ ،‬هنــا وهنــاك‪ ،‬القتــل يرتبــص بالجميــع‬ ‫ببنــادق مقاتلــن توافــدوا مــن كل بقــاع األرض‪ ،‬ومثــة مختلــون‬ ‫يريــدون بنــاء أوطــان يف الفـراغ‪ ،‬مدفوعــن بآلــة القتــل املرعبــة‪،‬‬ ‫ويف ـ ّر النــاس املفجوعــون باملــوت والدمــار إىل مــاذات آمنــة‬ ‫لــذل مرتقــب ينتظرهــم بقســوة‪ ،‬ولســان حــال املأخوذيــن‬ ‫غــدرا ً‪ ،‬املهــم النجــاة بــاألوالد‪ ،‬فهــم نبــض ســوريا القــادم‪.‬‬ ‫فيلــم القيامــة اآلن املأخــوذ عــن روايــة قلــب الظلمــة للكاتــب‬ ‫األمريــي الشــهري جوزيــف كونــراد‪ ،‬يحــي قصــة نقيــب يف‬ ‫الجيــش األمريــي‪ ،‬أرســلته القيــادة الغتيــال أحــد قادتهــا يف‬ ‫الحــرب الفيتناميــة‪ ،‬الــذي أوغــل يف القتــل‪ ،‬وبنــى إمرباطوريــة‬ ‫أرعبــت بلــده‪ ،‬وأصحــاب البلــد األصليــن‪ ،‬وتحــول إىل أمــر‬ ‫حــرب يف ظلمــة غابــات فيتنــام‪ ،‬أســطورة مــن القتــل والفتــك‬ ‫والتفنــن يف أشــكال املــوت‪.‬‬ ‫فهــل نشــهد قيامــة اآلن الغتيــال الحقــد والكراهيــة‪ ،‬أم تســتمر‬ ‫قيامــة أمـراء الحــرب يف ســوريا‪ ،‬والضحايــا عــى مــدى الســنوات‬ ‫الخمــس‪ ،‬مدنيــون أبريــاء‪ ،‬يحــاول مهووســو الحــرب والدمــار‬ ‫أن يبنــوا ماملــك وهميــة عــى جامجهــم؟!‪.‬‬

‫الش��هيدة أمل��ى ش��حود‪ ..‬ع��ام عل��ى‬ ‫رحيله��ا!!‬

‫محمد الصليبي معن‬

‫متــر هــذه األيــام ذكــرى استشــهاد إحــدى‬ ‫أشــهر الناشــطات الســوريات‪ ،‬إنهــا أملــى شــحود‬ ‫التــي فارقــت الحيــاة يف أحــد املشــايف األردنيــة‬ ‫بتاريــخ ‪2014/6/16‬م بعــد معانــاة طويلــة‬ ‫وأليمــة مــع املــرض‪.‬‬ ‫أملــى شــحود‪ ..‬الح ـ ّرة لقبهــا‪ ،‬والح ّريــة مطلبهــا‬ ‫والشــهادة والخلــود نهايتهــا‪ ..‬أطلــق عليّهــا‬ ‫الثــوار لقــب الح ـ ّرة‪ ،‬ياقوتــة الثــورة الســورية‬ ‫وأملهــا‪ ،‬عانقــت الحريّــة منــذ انطــاق ثــورة‬ ‫الحريــة والكرامــة‪ .‬عاشــت ح ـ ّرة واستشــهدت‬ ‫حـ ّرة‪ ..‬تلــك الدمشــقية الــدم‪ ،‬الســورية الــروح‬ ‫والقلــب‪.‬‬ ‫مل تــرك الحــ ّرة أملــى شــحود نشــاطاً مــن‬ ‫نشــاطات الثــورة الســورية إال وشــاركت فيــه‪،‬‬ ‫مــن التظاهــر الســلمي‪ ،‬وتنســيق املظاه ـرات‪،‬‬ ‫إىل العمــل اإلغــايث‪ ،‬ومســاعدة املحتاجــن‪،‬‬ ‫وإســعاف الجرحــى‪ ..‬وأخـرا ً إىل العمل املســلح‪،‬‬ ‫فقــد بــدأت بنقــل الذخــرة بشــكل رسي إىل‬ ‫الثـ ّوار‪ ،‬وحملــت الســاح متخفيــة‪ ،‬بهيئــة رجل‪،‬‬ ‫وشــاركت يف رضب املراكــز األمنيــة للنظــام‪،‬‬

‫والحواجــز العســكرية‪ ،‬التــي كانــت تذيــق‬ ‫الســوريني الــذل واملهانــة‪ .‬كانــت تخــرج مــن‬ ‫وظيفتهــا لــرب الحواجــز وتعــود إليهــا‪ ،‬وكأن‬ ‫شــيئاً مل يكــن‪ ،‬إىل أن اعتقلهــا النظــام بتهمــة‬ ‫النشــاط الســيايس عــى أحــد الحواجــز‪ ،‬وهــي‬ ‫تهــم بنقــل الجرحــى الذيــن قصفهــم النظــام‬ ‫مبدينــة عربــن‪.‬‬ ‫تعرضــت الحــ ّرة باملعتقــل ألشــد أنــواع‬ ‫التعذيــب‪ ،‬واإلهانــة الشــخصية‪ ،‬كان أقلهــا‬ ‫أنهــم قامــوا بقــص شــعرها داخــل فــرع األمــن‬ ‫الجــوي بدمشــق‪ ،‬وإزالتــه بشــكل نهــايئ‪..‬‬ ‫مــا إن اســتطاع أهلهــا إخراجهــا مــن املعتقــل‪،‬‬ ‫عــن طريــق الرشــوى‪ ،‬حتــى عــادت إىل العمــل‬ ‫املســلح مــع الثــ ّوار‪ ،‬بعــد أن اســتطاعت أن‬ ‫تلملــم جراحهــا النفســية‪ ،‬والجســدية‪ ،‬فكانــت‬ ‫املعركــة األخــرة‪ ،‬التــي شــهدتها الحــ ّرة أملــى‬ ‫شــحود‪ ،‬هــي معركــة فــرع املخاب ـرات الجويــة‬ ‫بحرســتا‪ ،‬حيــث قــررت مجموعــة مــن الث ـ ّوار‬ ‫تحريــر الفــرع‪ ،‬وكانــت هــي مــن طليعــة‬ ‫املشــاركني بهــذه املعركــة‪ ،‬وأصيبــت عــى إثرهــا‬

‫إصابــة بالغــة‪ ،‬واســتطاع جنــود النظــام رضبهــا‬ ‫رضبــاً م ِّربحــاً عــى ظهرهــا حتــى أصيبــت‬ ‫بالشــلل الكامــل‪ .‬استشــهد يف املعركــة مــن‬ ‫استشــهد مــن رفاقهــا‪ ،‬ولكــن الثـ ّوار مل يرتكوهــا‬ ‫جريحــة‪ ،‬حيــث قامــوا بنقلهــا إىل أحــد املشــايف‬ ‫امليدانيــة بعــن ترمــا‪ ،‬ومل يســتطع املشــفى‬ ‫مبعداتــه البســيطة عالجهــا‪ ،‬مــا اضطــر أهلهــا‬ ‫إىل نقلهــا إىل مشــفى ابــن النفيــس التابــع‬

‫لقــوات النظــام‪ ،‬وعندمــا علمــوا بهويتهــا‬ ‫ق ّيدوهــا عــى رسيرهــا‪ ،‬وأعطوهــا جرعــات مــن‬ ‫األدويــة املشــبوهة‪ ،‬التــي زادت مــن معاناتهــا‬ ‫املرضيــة‪ ،‬ولكــن الثــ ّوار أرصوا عــى إخراجهــا‬ ‫مــن املشــفى‪ ،‬واســتطاعوا نقلهــا إىل األردن‪،‬‬ ‫ولكــن الســيف كان قــد ســبق العــذل‪ ،‬لقــد‬ ‫كانــت حالتهــا ميؤوســاً منهــا‪ ،‬والشــلل قــد‬ ‫ج ّمــد أجــزا ًء مــن جســدها الطاهــر‪ ،‬إىل أن‬

‫فارقــت الحيــاة داخــل املشــفى‪..‬‬ ‫الشــهيدة أملــى شــحود‪( ..‬بلبقلــك شــك‬ ‫األملــاس) أيتهــا الحــ ّرة‪ ...‬ولــن متــوت ذكــر ِ‬ ‫اك‪،‬‬ ‫مــا دامــت ذكــرى الثــورة الســورية يف العقــول‬ ‫ويف القلــوب‪..‬‬ ‫عشـ ِ‬ ‫ـت أيتهــا الحــرة‪ ..‬وعــاش الوطــن والثــورة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودفعــت مثنهــا أغــى مــا‬ ‫آمنــت بهــا‬ ‫التــي‬ ‫عنــدك!!‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫معبد الحسون‬ ‫أتســاءل يف نفــي‪ ،‬ولعــل كثرييــن مثــي‬ ‫قــد جــال يف خواطرِهــم مــا جـ َ‬ ‫ـال يف خاطــري‪:‬‬ ‫كــم تكلَّــف الشــعب الســوري والعراقــي‬ ‫واملــري واليمنــي والليبــي والتونــي واللبنــاين‬ ‫مــن إنفاقـ ٍ‬ ‫ـات‪ ،‬وكــم بذلــوا مــن مــا ٍل يف ســبيل‬ ‫ِ‬ ‫جيوشــهم التــي انتهــت إىل مــا انتهــت إليــه‬ ‫اليــوم؟ ومــا هــي التكلفــة النهائيــة لبنــاء‬ ‫الجيــش الســوداين‪ ،‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬والــذي‬ ‫مل يخــدم الســودان يومــاً‪ ..‬إال اللهــ ّم إن كان‬ ‫تدبــر االنقالبــات يف ليــل املؤامــرات يُ َعــ ُّد‬ ‫ـب لــه‪ ،‬وإال‬ ‫خدم ـ ًة للشــعب يُ ْعتَ ـ ُّد بهــا وت َ‬ ‫ُحسـ ُ‬ ‫إذا اعتربنــا أن تَ َد ّخلَــ ُه ضــد مواطنيــه وقتلَــ ُه‬ ‫لقريــب مــن نصــف مليــون مواطــن ســوداين‬ ‫ٍ‬ ‫يف دارفــور يف تلــك املجــازر التاريخيــة الرهيبــة‬ ‫التــي ســجلت لــه‪ ،‬فضيلــ ًة أمثــرت انشــطار‬ ‫الســودان إىل بلديــن‪ ،‬و ِقســ َمتَ ُه القســمة‬ ‫النهائيــة التــي آلــت إليهــا تطــورات األمــور‬ ‫ومنطــق تسلســل األحــداث؟‬ ‫كذلــك الســؤال ينســحب عــى الجيــش الليبــي‬ ‫واليمنــي‪ ،‬إذ أن مــن بديهيــة األشــياء وطبيعتهــا‬ ‫ُ‬ ‫الســؤال نفســه‪ :‬كــم‬ ‫طــرح‬ ‫املنطقيــة أن يُ َ‬ ‫أُنْ ِفـ َـق عــى هــذه الجيــوش مــن مــا ِل شــعوبِها‬ ‫ومواطنيهــا‪ ،‬ومــا املــآالت التــي انتهــت إليهــا؟‬ ‫ثــم مــا مصــر توامئِهــا ونظائرِهــا مــن تلــك‬ ‫الجيــوش التــي مل تُخت ـ ْر يف األزمــات السياســية‬ ‫ِ‬ ‫وعــوارض االنتقــاالت االجتامعيــة‬ ‫الحــادة‬ ‫الكــرى‪ ..‬كالجيــش الكويتــي والســعودي‬ ‫واألردين والجزائــري واملغــريب؟‬ ‫صحيــح أننــا حــن نطــرح مثــل هــذه األســئلة‬ ‫إمنــا نرســم تصــورات شــكلية وال نحلـ ُـل تحليـاً‬ ‫نفعــل ذلــك إمنــا نســتع ُني‬ ‫ُ‬ ‫منطقيــاً‪ ،‬لكننــا إذ‬ ‫مببــدأ يقــول‪ :‬إن الصــورة الخارجيــة لألشــياء‬ ‫كــا هــي‪ ،‬إمنــا هــي جــزء مــن أدوات تحليلهــا‪،‬‬ ‫بــل لعــل املنطــق الريــايض ال يكــون منطقـاً إال‬ ‫بوســائل وأدوات امللمــوس واملعايــن‪ ،‬وإال لبقــي‬ ‫يف َح ِّيــز التجريــد املطلــق الــذي ال ميكنــه أن‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫ــ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫تهافت اجليوش واحتضاُر العروش ــ‬ ‫وقوف على األطالل‪:‬‬

‫يالمــس الحقائــق وال أن يس ـ َر كن َههــا‪.‬‬ ‫مبدئيــاً‪ ،‬أســتطي ُع أن أقــرر‪ ،‬ولــو مــن حيــث‬ ‫ــق عــى‬ ‫الشــكل الصــوري املحــض‪ ،‬أ َّن مــا أُن ِف َ‬ ‫هــذه الجيــوش مــن أمــوال‪ ،‬كانــت مــن‬ ‫مودعــات شــعوبها وجــزءا ً مــن ُم َّد َخراتهــا‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬رمبــا كان رقــاً أو أرقامــاً خياليــة‬ ‫ــب بلغــ ِة رسعــة الضــوء‪،‬‬ ‫يجــ ُد ُر بهــا أن ت ُ ْح َس َ‬ ‫ال رسعــة املســافات العاديــة‪ ،‬إذا اســتعرنا‬ ‫مــن الرياضيــات تشــبيهاتها‪ ،‬أمــا إذا اســتعملنا‬ ‫املبالغــات األدبيــة‪ ،‬فأقــرب التشــبيهات صلــ ًة‬ ‫بهــا أن نقـ َ‬ ‫ـول ـ أو نتقـ َّول ـ بــأن مجموعهــا قــد‬ ‫ِ‬ ‫حــوض البحــر املتوســط مــن‬ ‫يُضا ِهــي مــل َء‬ ‫الذهــب أو الــدوالرات‪ ..‬ال‪ ..‬بــل إننــي أدفــع‬ ‫بالقــول توقعــاً إن حجــم املــال وامليزانيــات‬ ‫املهــدورة بَ ـ َد َدا ً عــى هــذه الجيــوش‪ ،‬رمبــا لــو‬ ‫وزِعــت عــى مواطنيهــا مــن ســكان تلــك الــدول‬ ‫التــي انفرطــت وتبخــرت‪ ،‬أو يف أحســن األحــوال‬ ‫والتشــبيهات‪ ،‬أنهــا مل يعــد يصــدق عليهــا أن‬ ‫تســمى دوالً بــأي معنــى مــن املعــاين‪ ،‬وعــى‬ ‫أي قيــاس مــن األقيســة‪ ..‬رمبــا لــو وزعــت عــى‬ ‫مواطنيهــا مــن العراقيــن والســوريني واملرصيــن‬ ‫وبقيــة مواطنــي الجيــوش األخــرى‪ ،‬لنــال كل‬ ‫مواطــنٍ مــن مواطنــي تلــك الــدول مــن الــروة‬ ‫مــا يفــوق ملكــة بريطانيــا ث ـراءا ً‪ ،‬ولــكان اآلن‬

‫كل الجــئ مــن الجئــي تلــك الــدول قــد اختــص‪،‬‬ ‫بــدالً مــن خيمــة اللجــوء‪ ،‬بقــر يتصاغــر دونــه‬ ‫قــر «ويندســور» امللــي الربيطــاين‪ ،‬ولــكان‬ ‫فق ـراء وبؤســاء هــذه امل َواطــن وهــذه الــدول‪،‬‬ ‫هــم الذيــن ال يركبــون ـ بســبب فقرهم ـ ســوى‬ ‫الســيارات الحديثــة‪ ،‬ألن أغنياءهــا سيســتقلون‬ ‫الطائــرات الخاصــة‪.‬‬ ‫كل مــا أتينــا عــى ذكــره آنفــاً هــو‬ ‫ليــس ُّ‬ ‫املصيبــة‪ ،‬وال هــو الحقيقــة الصادمــة والقاســية‪،‬‬ ‫بــل لعــل األشــد قســوة وصدمـاً للنفــس أن ترى‬ ‫بــأم العــن كيــف يتهالــك جيــش يف مســتوى‬ ‫الجيــش العراقــي‪ ،‬ظــل يُ ْعلَـ ُـف بدنانــر العـراق‬ ‫الغنــي الــري ونفطــه منــذ ثالثــة أربــاع القــرن‪،‬‬ ‫أي منــذ اســتقالل العـراق حتــى اليــوم‪ ،‬وكيــف‬ ‫يُ َس ـلِّ ُم محافظاتــه واحــدة تل ـ َو األخــرى خــال‬ ‫ســاعات معــدودة‪ ،‬ثــم يــويل األدبــار الئــذا ً‬ ‫بالفـرار أمــام داعــش وأرضاب داعــش مــن تلــك‬ ‫البنــى الكرتونيــة الهزيلــة واملصنعــة دوليـاً‪ ،‬ثــم‬ ‫بعــد أن يُهـ َزم يجلــس متفرجـاً عــى مــا يحــدث‬ ‫ـ كأننــا يف مشــهد مبــاراة كــرة قــدم ـ وهــو‬ ‫يشــجع ويصفــق لتلــك املهزلــة التــي تســمى‬ ‫الحش ـ َد الشــعبي‪ ،‬ويُشــي ُد بانتصاراتــه ويشــدو‬ ‫ببســالته وشــجاعته‪ ..‬وليــس أرفــع منــه موضعـاً‬ ‫ومقام ـاً شــقيقه املــري الــذي قيــل يف وقــت‬

‫مــى إنــه مــن الجيــوش املعــدودة عامليـاً‪ ،‬ولــه‬ ‫يف ســلم تصنيفــات الجيــوش الكــرى مكانــاً‬ ‫متقدمــاً ومركــزا ً مرموقــاً‪ ،‬ثــم إذا بــه يتحــول‬ ‫فجــأة إىل كتلــة بلهــاء تتخبــط وســط صح ـراء‬ ‫ســيناء لتنــازل قبائــل بدويــة ومــا يقــال لنــا‬ ‫يوميــاً بأنهــم إرهابيــون كنــا نحســب يف يــوم‬ ‫مــن األيــام أن مــر ال تحــرك إزاءهــم فرقــاً‬ ‫عســكرية‪ ،‬بــل كتائــب رشطــة مدنيــة ورسيــة‬ ‫حفــظ األمــن ال أكــر‪..‬‬ ‫أمــا الجيــش الســوري العقائــدي الباســل‪،‬‬ ‫حســن أن ال آيت عــى ذكــره مغبــة التطويل‬ ‫ف ُيستَ َ‬ ‫واالســتفاضة‪ ،‬ال ألنــه جمــع كل قــوة الدنيــا كــا‬ ‫يَ ْخ ـ ُز ُن الــركا ُن قــوة نريانــه وحممــه املتفجــرة‪،‬‬ ‫ليــومٍ مــا وللحظــة مــا ينتظرهــا ليخرجهــا دفعــة‬ ‫واحــدة وغضبــة واحــدة‪ ،‬ثــم يفجرهــا يف جســد‬ ‫عــدوه‪ ..‬ولقــد فعــل ذلــك حقـاً‪ ،‬ولكــن يف وجــه‬ ‫شــعبه وناســه ومــن أنفقــوا مــن أموالهــم عــى‬ ‫تنشــئته‪ ..‬ليــس لهــذا‪ ..‬بــل ألنــه اليــوم مل يعــد‬ ‫جيش ـاً يُ َع ـ َّرف مبــا تُع ـ َّر ُف بــه الجيــوش‪ ،‬فقــد‬ ‫صــار شــيئاً يســر خلــف ميليشــيات طائفيــة‬ ‫هــو مــن يســتقوي بهــا وليــس العكــس‪،‬‬ ‫وهــي التــي تحميــه وليــس العكــس‪ ،‬وأصبــح‬ ‫مــن كربيــات معجزاتــه أن يقــوى عــى فــرض‬ ‫الســيادة عــى أرضــه والســيطرة وبســط األمــن‬

‫واألمــان بــن ســكانه‪ ،‬فضــاً عــن أن يفــرض‬ ‫قــوة القانــون يف أيــة قريــة مــن قــرى الوطــن‪..‬‬ ‫تلــك املهمــة التــي كان بوســع أي مخفــر رشطــة‬ ‫قوامــه خمســة عنــارص مــن الرشطــة املدنيــة أن‬ ‫تؤديهــا عــى الوجــه األكمــل‪ ..‬ولعــل انســحاباته‬ ‫التكتيكيــة كــا يســميها هــو‪ ،‬والنجــاة مبــا‬ ‫أمكــن مــن أرواح جنــوده بــات أكــر مــا يُنتظــر‬ ‫منــه‪ ،‬وأروع مــا يســتحق أن يُ َصفَّــق لــه مــن‬ ‫أجلــه‪ ،‬كــا بــات مثــل هــذا الجيــش ونظرائــه‬ ‫مــن جيــوش العــرب‪ ،‬يحتاجــون إىل قطعــان‬ ‫ميليشــيات طوائــف عابــرة للحــدود‪ ،‬وفــرق‬ ‫مــوت مأجــورة لتعضــده وتــؤازره يف مهمتــه‪،‬‬ ‫حتــى باتــت اليــوم هــذه املهمــة عزيــزة عليــه‪،‬‬ ‫ومتعــذرة إىل حــد االســتحالة عــى فرق ـ ٍة مــن‬ ‫ف َر ِق ـ ِه‪..‬‬ ‫هــذا هــو واقــع الجيــوش وواقــع العــروش‬ ‫واألنظمــة التــي حبلــت بأوهــام الشــعارات‬ ‫دهـرا ً‪ ،‬ثــم ولــدت َسـخَاماً بعــد مخـ ٍ‬ ‫كاذب‪..‬‬ ‫ـاض ٍ‬ ‫يبقــى الســؤال املهــم يطــرح نفســه تلقائيــاً‪:‬‬ ‫هــل العــروش واألنظمــة الفاســدة هــي التــي‬ ‫أجهضــت تلــك الجيــوش‪ ،‬أم أن تلــك الجيــوش‬ ‫الفاســدة مل تكــن يف يــوم مــن األيــام أكــر‬ ‫مــن بُنــى افرتاضيــة وديكــورات ُم َج ِّملــة لــدول‬ ‫وأنظمــة عاطلــة مــن الزينــة والبهــاء والجامل؟‪..‬‬ ‫ديكــورات جيــوش تصلــح لالســتعراضات ال غري‪،‬‬ ‫ـح موضوع ـاً لكتابــة األناشــيد والقصائــد‬ ‫وتصلـ ُ‬ ‫الحامســية‪ ..‬ال عالقــة لهــا بالدفــاع عــن األوطــان‬ ‫ومواطنيهــا‪ ،‬وال يُ َعـ َّو ُل عليهــا بأكــر مــا يعــول‬ ‫عــى ذلــك اإللــه الوثنــي املصنــوع مــن التمــر‪،‬‬ ‫والــذي كان األعـرايب يف الجاهليــة يســتنزِله مــن‬ ‫قدســية ألوهيتــه كلــا جــاع‪ ،‬ويــرع يف أكلــه‪..‬‬ ‫الحــل الــذي ال حرمــة فيــه‬ ‫ِّ‬ ‫ولعلــه بــات مــن‬ ‫أكلهــا‪ ،‬فليســت هــذه الجيــوش أكــر هيبــة مــن‬ ‫علــب املرتديــا وشــطائر البيت ـزا‪ ،‬وليــس اإللــه‬ ‫املصنــوع مــن التمــر أقــل قداســ ًة واســتجال َء‬ ‫ألوهي ـ ٍة منهــا‪..‬‬

‫املارد يف زمن اخلالفة‬ ‫هائل حلمي سرور‬ ‫عندمــا قــررت البــدء بكتابــة هــذه‬ ‫املقالــة كانــت تلــوح يف األفــق قاعــدة فلســفية‬ ‫اســتحوذت اهتاممــي فأمســكت بهــا عــى‬ ‫الفــور وأســقطتها عــى واقــع الحــال واملحــال‬ ‫ملــا يجــري مــن أحــداث عــى الســاحة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫القاعــدة الفلســفية تقــول «أنــا أعمــل إذا ً‪ ..‬أنــا‬ ‫موجــود»‪ ..‬والقاعــدة العســكرية للنظــام تقــول‬ ‫«أنــا أدمــر‪ ..‬أنــا أخــرب إذا ً‪ ..‬أنــا موجــود»‪..‬‬ ‫ومــا قــام بــه هــو تنفيــذ املهمــة بإتقــان ومــا‬ ‫ُرســم لــه مــن قبــل صنــاع القـرار أنجــز بحرفيــة‬ ‫ومهــارة‪.‬‬ ‫ولكــن مــا هــو املقابــل؟ مــا هــي الصفقــة؟‬ ‫البقــاء والحاميــة وعــدم إســقاط النظــام ومــا‬ ‫ثباتــه كل هــذه املــدة إال عربون وفــاء لخدماته‬ ‫التــي قدمــت ومــا زالــت تقــدم تنفيــذا ً‬ ‫لرغباتهــم‪ .‬وإن كان تابــع فهــو مأمــور‪ .‬أمــى‬ ‫يف خدمتهــم أكــر مــن نصــف قــرن حامــي‬ ‫حامهــم وحدودهــم وذلــك عــر الصــك املوقــع‬ ‫بــن كال الطرفــن «الجــوالن مقابــل البقــاء»‬ ‫وهــذا مــا حصــل بالفعــل يف عهــد مــى‪ .‬أمــا‬ ‫اليــوم املعادلــة اختلفــت واملعطيــات تغــرت‪.‬‬ ‫املقابــل ُمنــح للنظــام ببقائــه أكــر مــن أربــع‬ ‫ســنوات مدعوم ـاً بالفيتــو رقــم واحــد والفيتــو‬ ‫رقــم اثنــان‪ ،‬ولكــن النتائــج جــاءت وقلبــت كل‬ ‫التوقعــات وبــات النظــام قــاب قوســن أو أدىن‬ ‫مــن االنهيــار وأركانــه بــدأ يتهــاوى مــا أربــك‬ ‫الــرؤوس الكبــرة ليعــدوا العــدة مــن جديــد‬

‫واختيــار نظــام بديــل‪.‬‬ ‫مــا يجــري اآلن مــن تحضـرات لرســم خريطــة‬ ‫ســورية الجديــدة وفــق معايــر سياســات‬ ‫الــدول التــي تربطهــا مصالــح مشــركة مــع‬ ‫ارسائيــل وأمنهــا خاصــة وأمــن املنطقــة عامــة‬ ‫يُدبــر مــن وراء الكواليــس مخطــط أكــر‬ ‫دمويــة وبشــاعة هــو إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫مــا رسبتــه محطــات األخبــار ووســائل اإلعــام‬ ‫العامليــة أن إيـران تســتعد إلرســال مائــة ألــف‬ ‫مــن الجيــش الثــوري للدخــول إىل ســورية‬ ‫بحجــة حاميــة نظــام يتهالــك وذلــك وفــق‬ ‫معاهــدة الدفــاع املشــرك بينهــا يؤكــد أن‬ ‫البديــل بــات جاهــزا ً الســتالم املهمــة‪ ،‬وملــا‬ ‫ال أال تنطبــق تلــك القاعــدة الفلســفية عــى‬ ‫البديــل الجديــد لكونــه أبــدع يف تنفيــذ الخطــة‬ ‫املرســومة لــه مــن قبــل الــرؤوس الكبــرة‪،‬‬ ‫ولكــن مــا هــو املقابــل؟ مــا هــي الصفقــة؟‬ ‫املقابــل هــو نقــل الــراع مــن رصاع عــريب‬ ‫ارسائيــي إىل رصاع عــريب فــاريس والصفقــة‬ ‫هــي إعــادة اإلمرباطوريــة الفارســية‪ ،‬والضحيــة‬ ‫هــي إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫ومــا تــم نــره عــى صفحــات الفيســبوك‬ ‫لحاخــام ارسائيــي كتــب تغريــده عــى التوتــر‬ ‫الخــاص بــه أن «داعــش أرســلها اللــه لحاميــة‬ ‫ارسائيــل وأمنهــا»‪ .‬والضحيــة هــي إبــادة‬ ‫شــعب‪ ،‬وإذا مــا عدنــا للــوراء قليــاً وأمعنــا‬ ‫النظــر يف معاملــة الســلطات املرصيــة يف‬ ‫فــرات ليســت بالبعيــدة لالجئــن الســوريني‬ ‫مــن حيــث تعقيــد إجـراءات الدخــول وإصــدار‬

‫تأشــرة دخــول بينــا كانــت ســابقاً دون ذلــك‬ ‫وعــدم الســاح بالعمــل وطــرد العديــد مــن‬ ‫املعارضــن وتســليم البعــض لســلطات النظــام‪.‬‬ ‫والضحيــة هــي إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫ومــا فُعــل بالالجئــن يف لبنــان لهــو وصمــة عــار‬ ‫يف صفحــات التاريــخ إذ تفــرد حــزب طائفــي‬ ‫بالســلطة ورشع بفــرض طــوق أمنــي عــى‬ ‫املخيــات وبلــغ بــه األمــر لتســليم املعارضــن‬ ‫السياســيني إىل ســلطات النظــام ومــا جــرى مــن‬ ‫حــرق للمخيــات يثبــت للعيــان أن الضحيــة‬ ‫هــي إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫ويف مخيــات الزعــري لــكل الجــئ ســوري‬ ‫حكايــة مــع املــوت القــادم مــن هنــاك‬ ‫ومــرارة العيــش والــذل والقتــل يف بعــض‬ ‫األحيــان وذلــك مــن خــال العبــور لــأرايض‬ ‫األردنيــة بحجــة أن الحكومــة اكتفــت بالعــدد‬ ‫متناســية أن املســاعدات املاليــة والعينيــة‬ ‫التــي ترمــى بــن يديهــا إليــواء الالجئــن مــن‬ ‫قبــل املنظــات الدوليــة تجعلهــا يف بحبوبــه‬ ‫اقتصاديــة‪ ،‬والضحيــة هــي إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫اليــوم تســتجد أمــور كانــت بالحســبان هــي‬ ‫مرتبطــة بســابقتها هــي رضب املحــور الــريك‬ ‫املســاند للشــعب الســوري وثورتــه وذلــك‬ ‫مــن خــال عــدم حصولــه عــى النســبة التــي‬ ‫تخولــه إلحــداث تغــرات يف البــاد ومنهــا‬ ‫قضيــة الالجئــن الســوريني‪ ،‬فاألحــزاب التــي‬ ‫ظهــرت وطفــت مؤخـرا ً عــى وجــه املــاء هــي‬ ‫باألســاس مــن نــادت يف الســابق بــرورة إعادة‬ ‫الالجئــن لبالدهــم‪ ،‬وبفصيــح العبــارة طردهــم‬

‫مــن الديــار‪ .‬والضحيــة هــي إبــادة شــعب‪.‬‬ ‫لهــذا فالتقســيم قــادم‪ ،‬ولكــن عــى حســاب‬ ‫الــدم الســوري وإبــادة كل مقوماتــه البرشيــة‬ ‫والثقافيــة والتاريخيــة‪ ،‬والســبب يف ذلــك هــو‬ ‫علــم أصحــاب القــرار ذو الــرؤوس الكبــرة‬ ‫أن املــارد الســوري إن اســتطاع الخــروج مــن‬ ‫القمقــم ســوف يقلــب املعادلــة السياســية‬ ‫يف العــامل ويبعــر حجارتــه الشــطرنجية التــي‬ ‫أع ّدهــا الالعبــون يف مصائــر الــدول الناميــة‬ ‫دول العــامل الثالــث وعــى وجــه الخصــوص‬ ‫منطقــة الــرق األوســط‪.‬‬ ‫لهــذا عندمــا تســمع أن أمريــكا ســمحت‬ ‫بتدريــب املعارضــة املعتدلــة يف صفــوف‬ ‫الجيــش الحــر يتبــادر إىل ذهــن البعــض أنهــا‬ ‫جــادة بينــا هــي اختــرت تلــك املعارضــة‬ ‫فوجدتهــا ال تتناســب مــع حجــم الحاميــة‬ ‫ألمــن وحــدود ارسائيــل وبالتــايل فهــي خــارج‬ ‫دائــرة الرهــان‪ .‬ومــا ذكــر أرادت أن تبقــي‬ ‫املــارد عــى حالــه ليــأيت الوقــت إلبادتــه كلي ـاً‪.‬‬ ‫ومــا حصــل ويحصــل مــن غــرق ومــوت‬ ‫الكثرييــن مــن الالجئــن الســوريني الهاربــن‬

‫للمجهــول يف ظلــات البحــار وعــى مــرأى‬ ‫ومســمع املنظــات الدوليــة والحقوقيــة إمنــا‬ ‫هــو إمتــام املخطــط املرســوم بدقــة‪ ،‬وبعدهــا‬ ‫ســيتم اإلعــان عــن اســم االتفاقيــة وخريطــة‬ ‫ســورية الجديــدة‪.‬‬ ‫يف املحصلــة النهائيــة مــا أود قولــه أن ال ـراع‬ ‫العــريب ــــ اإلرسائيــي ــــ الفــاريس بــات وشــيكاً‬ ‫ومــا أعطــي إليــران أكــر مــن ضــوء أخــر‬ ‫ملامرســة أشــد عنرصيــة وهمجيــة إلبــادة كل‬ ‫مقومــات الشــعب الســوري الحــر وهــذا كان‬ ‫واضحــاً عندمــا ســمحت للنظــام باســتخدام‬ ‫أســلحة الدمــار الشــامل ومنهــا الغــازات‬ ‫املحرمــة دوليـاً مبعونــة خـراء إيرانيــن بــرب‬ ‫مــدن بالكيميــايئ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫«أنا أضرب بالكيميائي‪ ..‬إذا أنا موجود»‬ ‫إي ـران نفــذت واليــوم تريــد الهديــة والهديــة‬ ‫قادمــة حســب املعطيــات والدالئــل‪ .‬لــذا علينــا‬ ‫أن نحــدق إىل الخطــر املحــدق بنــا كشــعب‬ ‫ُحكــم عليــه باإلبــادة‪ .‬فكونــوا عــى درايــة‬ ‫واحــذروا فهنــاك أيــام ســتأيت عليكــم ال كانــت‬ ‫ال عــى البــال وال عــى الخاطــر‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪7‬‬

‫الن��ص الكام��ل خلارطة الطري��ق كما أقرها مؤمت��ر القاهرة للمعارضة الس��ورية ‪2015-06-09‬‬ ‫فيم��ا يل��ي ن��ص وثيق��ة خارط��ة‬ ‫الطري��ق للح��ل السياس��ي التفاوض��ي‬ ‫كم��ا أقره��ا مؤمت��ر املعارض��ة الس��ورية‬ ‫قب��ل قلي��ل يف القاه��رة ‪2015-06-09‬‬ ‫وذل��ك مبش��اركة هيئ��ة التنس��يق‬ ‫الوطني��ة وقوى املعارض��ة الدميقراطية‬ ‫األخ��رى‪.‬‬ ‫خارط��ة الطري��ق للح��ل السياس��ي‬ ‫التفاوض��ي م��ن أجل س��وريا دميقراطية‬ ‫إن إرصار الســلطة عــى إنــكار الثــورة‬ ‫الشــعبية الســورية ومطالبهــا املرشوعــة‬ ‫بالحريــة والكرامــة واختــزال مــا يجــري‬ ‫باملؤامــرة‪ ،‬باإلضافــة اىل الــرد األمنــي‬ ‫العســكري العنفــي عليهــا قــد أوصلهــا اىل‬ ‫حــدو ٍد مــن الدمويــة غــر املســبوقة وكذلــك‬ ‫فــإن تقاعــس املجتمــع الــدويل عــن القيــام‬ ‫بواجباتــه يف إيجــاد حــل لهــذه القضيــة قــد‬ ‫أطــال عمــر الــراع‪.‬‬ ‫لقــد دخلــت القضيــة الســورية يف مراحــل‬ ‫متصاعــدة مــن التعقيــد والعســكرة الناجمــة‬ ‫عــن سياســات النظــام القمعيــة وقــوى‬ ‫التطــرف واإلرهــاب‪ ،‬والتدخــات املتعــددة‬ ‫األشــكال التــي حولت ســوريا اىل ســاحة رصاع‬ ‫إقليمــي ودويل ملــوث بالعنــف واملذهبيــة‪،‬‬ ‫وكلهــا باتــت تهــدد الوجــود الســوري‬ ‫واملنطقــة‪ .‬ومــع اســتحالة الحســم العســكري‬ ‫ألي طــرف‪ ،‬تقودنــا الرصاعــات املســلحة نحــو‬ ‫الســيناريوهات األشــد ظالميــة‪ ،‬التــي تجعــل‬ ‫مــن ســوريا كدولــة وشــعب الخــارس األكــر‪.‬‬ ‫لقــد وضــع «إعــان القاهــرة مــن أجــل‬ ‫ســوريا» الصــادر يف ‪ 24‬كانــون الثاين‪/‬ينايــر‬ ‫‪ 2015‬أرضي ـ ًة لخلــق أجــواء العمــل املشــرك‬ ‫والتحــرك الجامعــي إلنقــاذ البــاد‪ .‬مؤسســاً‬ ‫ملقومــات الخيــار الســيايس الوطنــي املتمثلــة‬ ‫يف االســتجابة لتطلعــات الشــعب الســوري‬ ‫وثورتــه والحفــاظ عــى وحــدة ســوريا أرض ـاً‬ ‫وشــعباً‪ ،‬وتأكيــد اســتقاللها واحــرام ودعــم‬ ‫ســيادتها عــي كامــل أراضيهــا‪ ،‬والحفــاظ‬ ‫عــى الدولــة الســورية بكامــل مؤسســاتها‬ ‫مــن خــال تنفيــذ «بيــان جنيــف» الصــادر‬ ‫عــن مجموعــة العمــل الدوليــة ألجــل ســورية‬ ‫بتاريــخ ‪ 30‬حزيران‪/‬يونيــو ‪.2012‬‬ ‫انطالقــاً مــن هــذه الرؤيــة نتقــدم إىل‬ ‫الشــعب الســوري وإىل املجتمــع الــدويل‬ ‫بهــذه الخارطــة املكثفــة آلليــات تنفيــذ‬ ‫عمليـ ٍة قابلـ ٍة للتحقــق وقــادرة عــى االنتقــال‬ ‫لتســوي ٍة سياســي ٍة غايتهــا تغيــر النظــام‬ ‫بشــكل جــذري وشــامل‪ ،‬والذهــاب اىل نظــام‬ ‫دميقراطــي تعــددي‪ ،‬يوفــر الحريــة والكرامــة‬ ‫والعدالــة واملســاواة لــكل الســوريني‪.‬‬ ‫ينطلــق تصورنــا مــن اســتحالة الحســم‬ ‫العســكري ومأســاويته وكذلــك اســتمرار‬ ‫منظومــة الحكــم الحاليــة‪ ،‬التــي ال مــكان لهــا‬ ‫ولرئيســها يف مســتقبل ســوريا‪ .‬واعتبارنــا الحل‬ ‫الســيايس التفــاويض هــو الســبيل الوحيــد‬ ‫إلنقــاذ ســوريا‪ ،‬ويجــري هــذا التفــاوض بــن‬ ‫وفــدي املعارضــة والنظــام برعايــة األمــم‬ ‫املتحــدة ومباركــة الــدول املؤثــرة يف الوضــع‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫يــرم الوفــدان اتفاقــاً يتضمــن برنامجــاً‬ ‫تنفيذيــاً لبيــان جنيــف‪ ،‬ووضــع جــدول‬ ‫زمنــي وآليــات واضحــة وضامنــات ملزمــة‬ ‫للتأكــد مــن التنفيــذ‪ .‬هــذه الضامنــات‬ ‫وااللتزامــات تتطلــب التعــاون الكامــل مــن‬ ‫الــدول اإلقليميــة املؤثــرة‪ ،‬وتكتســب غطاءهــا‬ ‫القانــوين مــن قــرار مــن مجلــس األمــن‬ ‫يعتمــد تلــك الضامنــات‪ ،‬ويضــع إطــارا ً عام ـاً‬

‫املســتقلة العليــا لإلنصــاف والعدالــة‬ ‫واملصالحــة» تتبــع لــه‪ ،‬ويحــدد مهامهــا‪.‬‬ ‫تضــع الهيئــة برنامجــاً للمصالحــة الوطنيــة‬ ‫وإعــادة الســلم األهــي‪ ،‬واإلرشاف عــى‬ ‫برنامــج العدالــة االنتقاليــة‪ ،‬ورأب الصــدع‬ ‫الــذي أصــاب النســيج املجتمعــي الســوري‬ ‫جــراء األحــداث املاضيــة‪.‬‬

‫لدعــم تنفيــذ خارطــة الطريــق‪.‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬النظام السياسي املنشود يف سوريا‬ ‫إن الهــدف الســيايس للعمليــة التفاوضيــة‬ ‫املبــارشة هــو االنتقــال إىل نظــام دميقراطــي‬ ‫برملــاين تعــددي تــداويل‪ .‬يرســم معاملــه‬ ‫ميثــاق وطنــي مؤســس‪ ،‬يرتكــز عــى مبــدأ‬ ‫املواطنــة املتســاوية يف الحقــوق والواجبــات‬ ‫لجميــع الســوريني‪ ،‬بغــض النظــر عــن الجنس‬ ‫أو القوميــة أو املعتقــد أو املذهــب‪ .‬دولــة‬ ‫قانــون ومؤسســات لــكل أبنــاء ومكونــات‬ ‫الوطــن‪ ،‬وهــي صاحبــة الحــق الرشعــي‬ ‫الوحيــد يف حمــل الســاح‪ .‬مهمتهــا‪ ،‬بســط‬ ‫ســيادة الدولــة عــى كافــة أراضيهــا‪ ،‬والدفــاع‬ ‫عنهــا وعــن مواطنيهــا‪ ،‬وتقديــم الخدمــات‬ ‫لهــم‪ ،‬وترســيخ فصــل الســلطات وتنظيــم‬ ‫الحقــوق والواجبــات‪ ،‬واحــرام الدســتور‬ ‫والقوانــن وتجريــم الطائفيــة السياســية‬ ‫ومحاربــة اإلرهــاب بكافــة مصادره وأشــكاله‪.‬‬ ‫ثاني��اً‪ :‬إج��راءات تهيئ��ة املن��اخ للتس��وية‬ ‫السياس��ية قب��ل وأثن��اء التف��اوض‬ ‫ال ميكــن بــدء العمليــة التفاوضيــة يف ظــل‬ ‫غيــاب أي قــدر مــن االتفــاق بــن أطــراف‬ ‫التفــاوض‪ .‬ومــن الصعــب الوصــول التفــاق‬ ‫مفصــل وتحديــد آلياتــه‪ ،‬يف غيــاب مــا يقــدم‬ ‫ّ‬ ‫للشــعب الســوري مــن مــؤرشات ملموســة‬ ‫وعاجلــة للتغيــر يف السياســة والنهــج‬ ‫واألســاليب‪ ،‬والتــي اعتمــدت وأوصلــت إىل‬ ‫جعــل العنــف هــو الخــط البيــاين الصاعــد‬ ‫والوحيــد يف الســنوات األخــرة‪ .‬مــن هنــا‬ ‫رضورة إقــرار الطرفــن منــذ البــدء مبــارشة‬ ‫اإلجــراءات التاليــة‪ ،‬واآلليــات املشــركة‬ ‫لتنفيذهــا‪ ،‬وذلــك بدعــم وغطــاء دويل مــن‬ ‫مجلــس األمــن‪:‬‬ ‫‪1‬اإلعــان الفــوري عــن وقــف الــراع‬‫املســلح مــن قبــل جميــع األطــراف عــى‬ ‫كافــة األرايض الســورية‪ ،‬واعتبــار كل مخالــف‬ ‫لهــذا املبــدأ خارج ـاً عــن الرشعيــة الوطنيــة‬ ‫والدوليــة‪ .‬مــع بقــاء قــوات الجيــش النظامــي‬ ‫والفصائــل املســلحة املؤمنــة بالحــل الســيايس‬ ‫يف أماكنهــا لتجميــد الرصاع املســلح‪ ،‬والتحضري‬ ‫لالنســحاب أو إعــادة االنتشــار‪ ،‬بحســب‬ ‫الربنامــج التنفيــذي لالتفــاق بــن الجانبــن‬ ‫مــع احتفــاظ القــوى املســلحة املعتدلــة‬ ‫واملنضويــة بالحــل الســيايس بحقهــا املــروع‬ ‫بالدفــاع عــن نفســها يف حــال تعرضهــا‬ ‫للهجــوم مــن أي طــرف مســلح آخــر‪ ،‬وذلــك‬ ‫بــإرشاف مبــارش مــن األمــم املتحــدة وفريــق‬ ‫مراقبيهــا‪ ،‬املكــون مــن دول غــر متورطــة يف‬ ‫الـراع الســوري‪ ،‬والــذي ســينرش يف املناطــق‬ ‫التــي ســتعلن اســتجابتها للتجميــد‪.‬‬

‫‪2‬التــزام مشــرك وواضــح مــن األطــراف بشــكل تعســفي ألســباب سياســية‪ ،‬وتســوية‬‫الدوليــة واإلقليميــة والســورية بوقــف حقوقهــم املهنيــة واملاديــة‪.‬‬ ‫دعــم الجامعــات املســلحة وبإدانــة وجــود‬ ‫كل املقاتلــن غــر الســوريني وإخراجهــم ثالث��اً‪ :‬هيئ��ة احلك��م االنتقال��ي ص��احل‬ ‫مــن األرايض الســورية‪ ،‬والطلــب الفــوري النبوان��ي‬ ‫اىل جميــع الــدول واملجموعــات واألفــراد يتــم االتفــاق بــن الجانبــن عىل تكويــن هيئة‬ ‫املســلحني مــن األجانــب الذيــن يقاتلــون اىل الحكــم االنتقــايل التــي تنقــل لهــا جميــع‬ ‫جانــب النظــام (مثــل حــزب اللــه وفيلــق الصالحيــات الترشيعيــة والتنفيذيــة وينبثــق‬ ‫القــدس) وداعميهــم أو ضــده (مثــل داعــش عنهــا لذلــك املؤسســات التاليــة وتســمية‬ ‫وجبهــة النــرة) وداعميهــم مغــادرة األرايض أعضائهــا ورئاســاتها يف غضــون شــهرين مــن‬ ‫الســورية‪ .‬تتعهــد الــدول اإلقليميــة والدوليــة بــدء املفاوضــات تحــت ضامنــات دوليــة‪.‬‬ ‫باحــرام هــذا االلتــزام والتبعــات الجنائيــة ‪ 1-‬اجمللس الوطين االنتقالي‬ ‫ملخالفتــه‪ .‬ويتأكــد فريــق املراقبــن الدوليــن يتــوىل مهمــة الترشيــع والرقابــة عــى‬ ‫مــن احــرام وتنفيــذ هــذا البنــد‪.‬‬ ‫الحكومــة يف املرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬ويضــم‬ ‫‪ 3‬البــدء بإطــاق رساح املعتقلــن ممثلــن عــن كافــة التحالفــات والقــوى‬‫واملخطوفــن لــدى كافــة األطــراف‪ ،‬عــى السياســية املؤيــدة لالنتقــال الدميقراطــي‪،‬‬ ‫خلفيــة أحــداث الثــورة‪ ،‬وإصــدار عفــو وممثلــن عــن املجتمــع املــدين بحيــث‬ ‫شــامل عــن جميــع املطلوبــن الســوريني ميثــل كافــة مكونــات الشــعب الســوري‬ ‫مــن املدنيــن والعســكريني‪ .‬وتشــكيل لجنــة عــى نحــو وازن وعــادل‪ ،‬ويقــر املجلــس‬ ‫مشــركة مناصفــة لــإرشاف عــى تنفيــذ هــذا امليثــاق الوطنــي لســورية املســتقبل‪ ،‬وإعــان‬ ‫البنــد‪.‬‬ ‫دســتوري مؤقــت‪.‬‬ ‫‪ 4‬التعهــد بخلــق منــاخ مناســب يف املناطــق ‪ 2-‬جملس القضاء األعلى‬‫التــي يســيطر عليهــا كل طــرف‪ ،‬مبــا يتيــح االتفــاق عــى تشــكيل «مجلــس القضــاء‬ ‫للســوريني العــودة إىل بيوتهــم وأماكــن األعــى» وتحديــد مهامــه‪ ،‬وتســمية أعضائــه‬ ‫عملهــم‪ .‬ومبــارشة تأمــن الســكن املؤقــت مــن بــن قضــاة مســتقلني محايديــن‬ ‫العاجــل وأماكــن للتعليــم والتنظيــم اإلداري معروفــن بالكفــاءة والنزاهــة‪.‬‬ ‫الــروري متهيــدا لعــودة كرميــة‪ ،‬توفــر األمــن ‪ 3-‬حكومة املرحلة االنتقالية‬ ‫ورضوريــات الحيــاة األوليــة‪.‬‬ ‫تشــكيل «حكومــة انتقاليــة» وتحديــد‬ ‫‪ 5‬الســاح بعــودة جميــع املواطنــن مهامهــا‪ ،‬وتســمية أعضائهــا وتوزيــع حقائبهــا‪،‬‬‫السياســيني املعارضــن املقيمــن يف الخــارج عــى أن تتمتــع هــذه الحكومــة بكافــة‬ ‫ألســباب مختلفــة‪ ،‬دون أيــة مســاءلة أمنيــة الصالحيــات التنفيذيــة املدنيــة والعســكرية‬ ‫أو قانونيــة أو سياســية‪ .‬وضــان الحريــات املمنوحــة لرئاســة الجمهوريــة ومجلــس‬ ‫األساســية يف التعبــر والتنظيــم والتجمــع الــوزراء يف الدســتور الحــايل‪ ،‬وذلــك وفقــاً‬ ‫الســلمي‪.‬‬ ‫لبيــان جنيــف‪.‬‬ ‫‪ 6‬ضــان عمــل الصحفيــن ووســائل اإلعــام ‪ 4-‬اجمللس الوطين العسكري االنتقالي‬‫والنشــطاء الحقوقيــن والعاملــن يف االغاثــة يضــم املجلــس ضباطــاً مــن كافــة القــوى‬ ‫اإلنســانية يف جميــع املناطــق‪.‬‬ ‫العســكرية املؤمنــة بالحــل الســيايس‬ ‫‪ 7‬التعهــد بالســاح للمنظــات اإلغاثيــة واالنتقــال الدميقراطــي‪ .‬يعمــل املجلــس‬‫الدوليــة بالعمــل داخــل ســوريا يف كافــة تحــت إمــرة الحكومــة االنتقاليــة‪ ،‬وتخضــع‬ ‫املناطــق‪ ،‬ومســاعدتها يف إيصــال املســاعدات لــه كافــة القطاعــات العســكرية‪ ،‬وتكــون‬ ‫اإلغاثيــة للمحتاجــن‪.‬‬ ‫مهمتــه قيــادة القــوات العســكرية واألمنيــة‪،‬‬ ‫‪ 8‬إلغــاء جميــع أحــكام محاكــم اإلرهــاب‪ ،‬وإدارة عمليــة دمــج الفصائــل املســلحة‬‫واالحــكام االســتثنائية وتلــك التــي صــدرت املؤمنــة بالحــل الســيايس وحفــظ األمــن‬ ‫مــن محاكــم عاديــة التــي صــدرت عــى واالســتقرار ومكافحــة اإلرهــاب والتنظيــات‬ ‫خلفيــة األحــداث منــذ آذار ‪ ،2011‬وإلغــاء اإلرهابيــة وأيــة مجموعــات أو عنــارص‬ ‫جميــع آثارهــا‪ ،‬ومــا ترتــب عليهــا‪ .‬وإلغــاء مســلحة تتحالــف معهــا أو ترفــض الحــل‬ ‫قــرارات املصــادرة والتجنيــس والتمليــك الســيايس وتســتمر يف القتــال‪ ،‬والبــدء يف‬ ‫لألجانــب‪ .‬كذلــك إلغــاء كل املحاكــم املشــكلة عمليــة بســط الســيادة الســورية عــى كامــل‬ ‫خــارج مناطــق الســيطرة الحكوميــة‪.‬‬ ‫أراضيهــا‪.‬‬ ‫‪ 9‬متابعــة ملفــات جــر الــرر ورد املظــامل‪ 5- ،‬اهليئ��ة املس��تقلة العلي��ا لإلنص��اف‬‫ورد االعتبــار للذيــن رصفــوا مــن الخدمــة‪ ،‬والعدال��ة واملصاحل��ة‬ ‫وجــردوا مــن الحقــوق املدنيــة مبوجــب يشــكل املجلــس الوطنــي االنتقــايل «الهيئــة‬ ‫أحــكام صــادرة عــن محاكــم اســتثنائية أو‬

‫رابع��اً‪ :‬إج��راءات أساس��ية يف املرحل��ة‬ ‫االنتقالي��ة‬ ‫‪ 1‬يعلــن املجلــس الوطنــي االنتقــايل عــن‬‫تعطيــل العمــل بالدســتور الحــايل‪ ،‬وهيئــات‬ ‫الحكــم املبنيــة عليــه‪ ،‬وإلغــاء جميــع القوانني‬ ‫والتدابــر واملشــاريع االســتثنائية التمييزيــة‪،‬‬ ‫وفصــل حــزب البعــث عــن جميــع أجهــزة‬ ‫الدولــة مبــا فيهــا الجيــش والقــوى األمنيــة‪،‬‬ ‫وتنفيــذ مــا يتــم التوافــق عليــه‪.‬‬ ‫‪ 2‬مــن املهــام العاجلــة للحكومــة االنتقاليــة‬‫اســتكامل اإلجــراءات الــواردة يف بنــد‬ ‫«إجـراءات تهيئــة املنــاخ للتســوية السياســية‬ ‫قبــل وأثنــاء التفــاوض» مــن هــذه الخارطــة‪،‬‬ ‫والــروع يف إعــادة هيكلــة القــوات املســلحة‬ ‫والرشطــة واألجهــزة األمنيــة‪ ،‬واعــادة‬ ‫دمــج املنشــقني مــن ضباطهــا وعنــارص يف‬ ‫مؤسســاتها‪ ،‬وتنظيــم عملهــا وفــق املبــادئ‬ ‫الدســتورية‪ ،‬والرشعــة الدوليــة لـــحقوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬وميكــن االســتعانة بالدعــم الــدويل‬ ‫فنيــاً وماديــاً مــن خــال برامــج األمــم‬ ‫املتحــدة والــدول املانحــة‪ ،‬وكذلــك االســتعانة‬ ‫بخــرات الــدول العربيــة الشــقيقة‪.‬‬ ‫‪ 3‬تكليــف فريــق واســع التمثيــل مــن‬‫املختصــن بإعــداد مســودة دســتور جديــد‬ ‫للبــاد‪ ،‬ويقــر مــروع الدســتور مــن‬ ‫قبــل املجلــس الوطنــي االنتقــايل‪ ،‬ويقــدم‬ ‫لالســتفتاء عليــه مــن قبــل الشــعب الســوري‬ ‫بــإرشاف األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫‪ 4‬تقــوم الحكومــة بإعــداد برنامــج فــوري‬‫إلعــادة اإلعــار وعــودة الالجئــن والنازحــن‪،‬‬ ‫وتدعــو يف هــذا الصــدد لعقــد مؤمتــر دويل‬ ‫للامنحــن‪ ،‬تتعهــد فيــه القــوى اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة بدعــم اقتصــاد إعــادة البنــاء‪ ،‬ويتــم‬ ‫تنظيــم موازنــة العــودة والبنــاء والتنميــة عــر‬ ‫صنــدوق وطنــي‪ ،‬تتكفــل الــدول الداعمــة‬ ‫بتفعيلــه‪ .‬وتخضــع سياســات اإلنفــاق‬ ‫والــرف لرقابــة الســلطات الترشيعيــة‬ ‫واإلداريــة واملدنيــة ومســائلة الســلطة‬ ‫القضائيــة لرتشــيد االســتخدام وســد أبــواب‬ ‫الفســاد والهــدر‪.‬‬ ‫‪ 5‬تحــدد املرحلــة االنتقاليــة بعامــن اثنــن‬‫وتنتهــي بإجــراء انتخابــات عامــة‪ ،‬محليــة‬ ‫وترشيعيــة ورئاســية‪ ،‬وفــق الدســتور الجديد‪،‬‬ ‫بــإرشاف املنظــات الدوليــة واإلقليميــة‬ ‫املعنيــة‪.‬‬ ‫خامس��اً‪ :‬إج��راءات دولي��ة لدع��م‬ ‫التف��اوض والعملي��ة االنتقالي��ة‬ ‫بســبب تعقيــدات األزمــة الســورية‪،‬‬ ‫والتدخــات اإلقليميــة والدوليــة فيهــا‪،‬‬ ‫وخصوصـاً التعقيــدات الناجمــة عــن الـراع‬ ‫املســلح يف البــاد‪ ،‬ولصعوبــة وقــف األعــال‬ ‫العســكرية بــإرادة املتقاتلــن الســوريني‪،‬‬ ‫مــن الــروري أن يتــم ضــان أي اتفــاق‬ ‫بــن الجانبــن الســوريني مــن قبــل الــدول‬ ‫الخمــس الدامئــة العضويــة يف مجلــس األمــن‬ ‫واألمــم املتحــدة واالتحــاد األورويب والــدول‬ ‫العربيــة واإلقليميــة‪ ،‬بحيــث تكــون تلــك‬ ‫الــدول واألطــراف هــي الشــاهد والضامــن‬ ‫لتنفيــذ االتفــاق‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫هادي البحرة‬ ‫بدأنــا بثــورة مــن أجــل اســرداد‬ ‫حقوقنــا الدســتورية وكرامتنــا اإلنســانية‪،‬‬ ‫فحولهــا النظــام اىل معركـ ٍة أمــام خياريــن‪:‬‬ ‫امــا القبــول بــه‪ ،‬أو أن يعمــل عــى تهديــم‬ ‫كيــان الدولــة الســورية وتفتيتهــا‪.‬‬ ‫بــكل واقعيــة نحــن اآلن دولــة محتلــة من‬ ‫عــدة جهــات‪ ،‬وعلينــا خــوض عــدة معارك‬ ‫بنفــس الوقــت‪ ،‬معركــة ضــد نظــام مجــرم‬ ‫ال ميلــك ذرة محبــة لســوريا أو لشــعبها‪،‬‬ ‫ومعركــة ضــد الوجــود األجنبــي اإليــراين‬ ‫واملليشــيات الطائفيــة العراقيــة واللبنانيــة‬ ‫واألفغانيــة والباكســتانية‪ ،‬ومعركــة ضد كل‬ ‫قــوى االرهــاب التــي ســمح لهــا النظــام‬ ‫وحلفــاؤه ‪-‬وحتــى املجتمــع الــدويل‪ -‬أن‬ ‫تتواجــد عــى أرايض ســوريا والعــراق‪،‬‬ ‫وهــذه القــوى تتشــكل مــن إرهابيــن‬ ‫مــن كل دول الجــوار واإلقليــم والغــرب‬ ‫والــرق‪ ،‬مــن كل أنحــاء العــامل‪ ،‬مبــن فيهم‬ ‫الســوريني ممــن فقــدوا األمــل وكفــروا مبــا‬ ‫يســمى عدالــة وقانــون املجتمــع الــدويل‪،‬‬ ‫وممــن تــم تجويعهــم وحرشهــم بزاويــة‬ ‫الخيــار الوحيــد إن أرادوا البقــاء عــى قيــد‬ ‫الحيــاة‪ ،‬ومعركــة ضــد عصابــات تقــوم‬ ‫بالخطــف والســلب والنهــب‪ ،‬ومعركــة‬ ‫ضــد طبقــة تجــار الحــرب مــن رجــال‬ ‫أعــال النظــام وحلفــاؤه التــي باتــت‬ ‫تنتفــع وتجنــي الــروات يف ظــل اقتصــاد‬ ‫الحــرب الــذي بــات متجــذرا ً يف املجتمــع‪.‬‬ ‫إن معاركنــا باتــت معــارك من أجــل وجود‬

‫أحمد الرمح‬ ‫متثــل حالــة االختــاف والتنابــذ بــن‬ ‫القــوى الوطنيــة الســورية مــع بعضهــا بعض ـاً؛‬ ‫متثــل دو َر املعرقــل واملعــوق يف قيــادة الثــورة‬ ‫للوصــول بهــا نحــو أهدافهــا؛ ولذلــك مل‬ ‫تســتطع حتــى اللحظــة إنتــاج مــروع ســيايس‬ ‫وطنــي‪ ،‬مــا جعلهــا تبــدو غــر صالحــة لقيــادة‬ ‫املــروع الثــوري‪ ،‬وال قــادرة عــى بنــاء ســوريا‬ ‫املســتقبل‪.‬‬ ‫إضافــة إىل مــا ســبق؛ مل يعــد الشــارع الثــوري‬ ‫يثــق كث ـرا ً بالنخــب السياســية للثــورة؟ وهــو‬ ‫محــق يف ذلــك؛ ألن األداء الســيايس الثــوري‬ ‫كان مخج ـاً؛ ومل يرتــقِ إىل مســتوى تضحيــات‬ ‫الشــعب الســوري الكبــرة؛ كــا أن العديــد‬ ‫مــن القــوى السياســية؛ انشــغلت بخالفاتهــا‬ ‫مــع املعــارض اآلخــر؛ وبــدتْ تنظــر إىل ســوريا‬ ‫كــا لــو أنهــا كعكــة؛ يريــد كل فريــق الحصــول‬ ‫عــى الحصــة األكــر منهــا! وهــذا مــا يجعــل‬ ‫النظــرة إليهــا نظــرة شــك مــن قبــل الشــارع‬ ‫الــذي عــاىن كثــرا ً خــال ســنوات الثــورة‬ ‫املاضيــة؟!‪.‬‬ ‫ولكن ملاذا حنتاج ميثاق شرف وطين؟‪.‬‬ ‫إن حاجــة الثــورة الســورية وثوارهــا وقواهــا‬ ‫السياســية واملدنيــة مليثــاق رشف وطنــي؛ باتت‬ ‫ملحــة ورضوريــة‪ ،‬ليكــون ناظـاً لعمــل القــوى‬ ‫السياســية؛ وضابطـاً سياســياً وأخالقيـاً وإنســانياً‬ ‫ووطنيـاً لهــا‪ ،‬وعنــوان تفاهمهــا املفتــوح لجميع‬ ‫القــوى والفعاليــات األخــرى امللتزمــة بــه‪ ،‬مبــا‬ ‫يســهم يف تحقيــق أهــداف الثــورة التــي دفــع‬ ‫مــن خاللهــا مجتمعنــا مثن ـاً غالي ـاً لتجســيدها‪.‬‬ ‫كــا أن ميثــاق الــرف وثيقــة توافقيــة؛‬ ‫تنطلــق مــن روحيــة الشــعب الســوري‬ ‫وحضارتــه‪ ،‬وتن ّوعــه‪ ،‬وخصائصــه‪ ،‬وأخالقيــة‬ ‫ثورتــه؛ وتســعى لتكريــس ثقافــة التشــاركية‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫مصري الثورة وسورية‪!...‬‬ ‫ســوريا الوطــن الواحــد املوحــد‪ ،‬ونخوضها‬ ‫بدعــمٍ مــن قلــة مــن األصدقــاء‪ ،‬هــذه‬ ‫املعركــة ال ميكــن ربحهــا إن مل نخضهــا‬ ‫ٍ‬ ‫تحــد مصــري‪ ،‬ال‬ ‫كشــعب واحــد أمــام‬ ‫ميكــن ربحهــا إن مل نخــرج مــن خضــم‬ ‫التوحــش الحــايل‪ ،‬وإن مل منلــك الشــجاعة‬ ‫عــى فعــل مــا قــد يعتــره البعــض‬ ‫مســتحيالً‪ ،‬علينــا بنــاء الجســور بــن مــن‬ ‫ســيدفع الثمــن غاليـا ً‪ .‬إنّ مــا نحــن أمامــه‬ ‫اليــوم هــو حــرب قــد تطــول لعــرات‬ ‫الســنوات‪ ،‬وســيذهب ضحيتهــا عــرات‬ ‫اآلالف مــن شــباب ســوريا‪ ،‬بنــاة وطــن‬ ‫املســتقبل‪.‬‬ ‫إنّ نظــام األســد مل يعــد اال مطيــ ًة بيــد‬ ‫إيــران لتحقيــق نفوذهــا اإلقليمــي‬ ‫وبرنامجهــا النــووي‪ ،‬وهــو مــن أوجــد‬ ‫البيئــة والظــروف الجاذبــة لقــوى‬ ‫اإلرهــاب مــن كل أنحــاء العــامل مخلصــا ً‬ ‫إياهــا مــن اإلرهابيــن‪ ،‬وكُتــب علينــا أن‬ ‫تكــون أراضينــا موقــع معركــة العــامل‬ ‫الفاصلــة مــع قــوى وتنظيــات اإلرهــاب‪،‬‬ ‫ومــن صمــم هــذه املعركــة بناهــا عــى‬ ‫إشــعال ســعري التطــرف الطائفــي الــذي‬ ‫ســيمتد ليشــمل دوالً أخــرى‪ ،‬وهــذا ليــس‬ ‫تنظــرا ً بــل باتــت إرهاصــات هــذا التمــدد‬ ‫تظهــر يوميــا ً‪ .‬وهــؤالء ممــن يشــاركوننا‬ ‫هــذه املخاطــر‪ ،‬هــم حلفاؤنــا الطبيعيــون‪.‬‬ ‫يك نســتطيع أن ننتــر ونحقــق تطلعاتنــا‬ ‫بأقــر وقــت ممكــن‪ ،‬بــات عــى مــن‬ ‫يقفــون مــع األســد أن يعــوا أن االســتمرار‬

‫ٍ‬ ‫غــال‪،‬‬ ‫باالصطفــاف معــه ســيكون مثنــه‬ ‫وســيدفعون يف ســبيله أرواح أبنائهــم‬ ‫ومســتقبلهم‪ ،‬كــا أنهــم سيســاهمون‬ ‫بتفتيــت مــا تبقــى مــن كيــانٍ للدولــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وهــذا ال يعنــي أن الثمــن‬ ‫ســيكون أقــل عــى الشــعب الثائــر‪ ،‬ال بــل‬

‫وحالــة التوحــش اإلنســانية‪ ،‬وهــذا لــن‬ ‫يكــون اال إن واجــه مؤيــدو األســد الواقــع‪،‬‬ ‫وعرفــوا أن عليهــم يف هــذه املرحلــة‬ ‫التخــي عنــه والعبــور إىل ضفــة الشــعب‬ ‫الثائــر‪ ،‬وســيجدون أيــا ٍد ممــدودة لهــم‪،‬‬ ‫وهــذا ســيمنحهم الفرصــة لإلســهام‬

‫هــو أكــر كلفــ ًة ويدفــع يوميــا ً بضحايــا‬ ‫الرباميــل املتفجــرة والغــارات الجنونيــة‪،‬‬ ‫وضحايــا وشــهداء يقدمهــا يف حربــه عــى‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬وسيستشــهد مــن شــبابنا اآلالف‬ ‫إن مل نوقــف حالــة االســتعار الطائفــي‬

‫بتوحيــد جبهتنــا الداخليــة ضــد التطــرف‬ ‫واإلرهــاب‪ ،‬وضــد مــن يســعى ملشــاريع‬ ‫التقســيم وتدمــر كيــان الوطــن‪ ،‬والعــر‬ ‫يف تاريخنــا الحــارض ماثلــة أمامنــا‪ ،‬فالعــامل‬ ‫بــدأ حربــه ضــد القاعــدة منــذ أكــر مــن‬

‫خمســة عــر عامـا ً ومــا زالــت باقيــة‪ ،‬وما‬ ‫زالــت افغانســتان دولــة مفككــة ليومنــا‬ ‫هــذا‪ ،‬والع ـراق مل يســتطع التخلــص مــن‬ ‫طائفيتــه وال مــن اإلرهــاب فيــه‪ ،‬فبعــد‬ ‫أكــر مــن عــر ســنوات مــا زال دولــة‬ ‫مفككــة عــى الرغــم مــن إمكانياتــه‬ ‫البرشيــة وثرواتــه الطبيعيــة‪ ،‬واســتطاع‬ ‫تنظيــم القاعــدة أن يضــع جنينــا ً أكــر‬ ‫وحشــي ًة وخــر ًة وإمكانيــات ســيحتاج‬ ‫القضــاء عليــه عــرات الســنوات‪.‬‬ ‫إن مل نســتطع نحــن كســوريني‪ ،‬بنــاء تلــك‬ ‫الجســور لتســمح لآلخــر عــى الضفــة‬ ‫األخــرى بالعبــور اىل ضفــة الشــعب‬ ‫الثائــر‪ ،‬ومنحــه الفرصــة ليســاهم يف وقف‬ ‫االجــرام ومحاســبة مــن أجرمــوا بحــق‬ ‫الشــعب وبحقهــم‪ ،‬ليؤسســوا قاعــدة‬ ‫العدالــة االنتقاليــة واملصالحــة الوطنيــة‪،‬‬ ‫ويكونــوا جــزءا ً أساســيا ً مــن عمليــة إعــادة‬ ‫بنــاء الوطــن‪ ،‬ســيكون الثمــن باهظــا ً‬ ‫والحفــاظ عــى وحــدة وطننــا وكياننــا‬ ‫كدولــة أصعــب‪ ،‬إن إســقاط النظــام بــات‬ ‫حدوثــه شــبه مؤكــد‪ ،‬ولكننــا نبقــى أمــام‬ ‫القــوى املحتلــة األخــرى‪ ،‬ويتبقــى أمامنــا‬ ‫خــوض املعــارك األشــد واألقــى‪ ،‬وهــي‬ ‫معــارك وجوديــة ســنخوضها مــن أجــل‬ ‫مســتقبل أبنائنــا جميع ـا ً‪ ،‬ومــن أجــل أن‬ ‫يبقــى لديهــم وطــن موحد اســمه ســوريا‪،‬‬ ‫هــذا هــو مخرجنــا الوحيــد‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬موقع السوري الجديد‬

‫ه��ل الس��وريون حباج��ة مليث��اق ش��رف؟‪.‬‬ ‫والوحــدة الوطنيــة التــي عاشــها أبنــاء ســورية‬ ‫عــر تاريخهــم بــكل مكوناتهــم الفكريــة‬ ‫والسياســية والدينيــة واألثنيــة واملذهبيــة‪ ،‬ومبــا‬ ‫يعــزز أســس الطأمنينــة ملســتقبلهم يف وطــن‬ ‫يحــرم حقــوق مواطنيــه وانتامءاتهــم بــكل‬ ‫تنوعاتهــا‪.‬‬ ‫إن الثــورة التــي قامــت مــن أجــل الحريــة‬ ‫والكرامــة والعدالــة االجتامعيــة ضــد اســتبداد‬ ‫ألغــى حقــوق الجميــع؛ واضطهــد الجميــع؛‬ ‫وهــدر كرامتهــم؛ ال ميكــن أن متــارس ســلوكاً‬ ‫اســتبدادياً أو اســتئصالياً ضــد أحــد مــن أبنــاء‬ ‫الوطــن؛ ومــن أســاء وأجــرم؛ فالقضــاء العــادل‬ ‫هــو محــل محاســبته‪.‬‬ ‫ولكــن‪ :‬لنتوقــف مــع مفهــوم ميثــاق الــرف‬ ‫تاريخي ـاً‪:‬‬ ‫ميثــاق الــرف هــو مجموعــة مــن املبــادئ‬ ‫األخالقيــة التــي مــن املمكــن أن تتحــول إىل‬ ‫مــواد دســتورية؛ تنبثــق عنهــا مــواد قانونيــة‬ ‫تحكــم ســلوكية املجتمــع‪ ،‬وميثــاق الــرف‬ ‫يقــوم عــى االعتقــاد بــان أفــراد املجتمــع‬ ‫ميكــن الوثــوق بهــم؛ ليترصفــوا بأخالقيــة‬ ‫امليثــاق الــذي يوقعــون عليــه‪.‬‬ ‫وأول مــرة ُعــرف مــن خاللهــا هــذا املصطلــح‬ ‫يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬مــن خــال‬ ‫اعتــاد مراقبــة الطــاب ألنفســهم يف عــام‬ ‫‪ 1779‬بتوصيــة مــن محافــظ واليــة فريجينيــا‬ ‫يف ذلــك الحــن «ثومــاس جيفريســون» الــذي‬ ‫تخــرج بتفــ ّوق مــن نفــس الجامعــة يف عــام‬ ‫‪ 1762‬وقّــع عــى نظــام رشف مبــديئ لكليّتــه‪.‬‬ ‫اقــرح جيفريســون الحق ـاً نظــام رشف مامثــل‬ ‫لجامعــة فريجينيــا التابعــة لــه؛ وكان ذلــك أول‬ ‫نظــام يعتمــد عــى قوانــن صارمــة تحــد مــن‬ ‫ســلوك الطــاب‪ ،‬ثــم أصبــح يعتمــد الحقـاً عــى‬ ‫الرقابــة الذاتيــة لــدى الطــاب‪ ،‬وقــد اعتمــدت‬ ‫جامعــة «برينســتون» أيضــاً نظــام الــرف‬

‫الــذي يديــره الطــاب بالكامــل منــذ بدايتــه‬ ‫يف عــام ‪ ،1893‬وغالبــاً مــا يســتخدم ميثــاق‬ ‫الــرف يف أمريــكا ملواجهــة الخيانــة األكادميية‪.‬‬ ‫كذلــك ميكــن القــول بــأن اإلعــان العاملــي‬ ‫لحقــوق اإلنســان ميثــاق رشف‪ ،‬وقعــت عليــه‬ ‫عديــد الــدول؛ إال أن االلتــزام بــه يختلــف‬ ‫مــن دولــة إىل أخــرى‪ ،‬ناهيــك أن األنظمــة‬ ‫املســتبدة؛ ترفعــه شــعارا ً ولكنهــا تخرقــه مــع‬ ‫مواطنيهــا كل لحظــة‪.‬‬ ‫العرب وميثاق الشرف‪:‬‬ ‫عــرف العــرب مثــل هــذه املفاهيــم ـ إ ْن صحت‬ ‫املقاربــة ـ يف حلــف الفضــول بالجاهليــة؛ الــذي‬ ‫تضمــن مــكارم األخــاق وااللتــزام بحاميــة‬ ‫الضعفــاء واالتحــاد يف مواجهــة الظلــم‪ ،‬وكان‬ ‫ذلــك بعــد حــرب الفجــار بأربعــة أشــهر‪،‬‬ ‫وســببه أن رجـاً مــن زبيــد (بلــد باليمــن) قــدم‬ ‫مكــة ببضاعــة‪ ،‬فاشــراها منــه العــاص بــن‬ ‫وائــل‪ ،‬ومنعــه حقــه فاســتعان عليــه الزبيــدي‬ ‫بــأرشاف قريــش‪ ،‬فلــم يعينــوه ملكانــة العــاص‬ ‫فيهــم‪ ،‬فوقــف عنــد الكعبــة واســتغاث بــآل‬ ‫فهــر وأهــل املــروءة‪ ،‬فقــام الزبــر بــن عبــد‬ ‫املطلــب فقــال‪ :‬مــا لهــذا مــرك‪.‬‬ ‫ثــم اجتمــع بنــو هاشــم‪ ،‬وزهــرة‪ ،‬وبنــو ت َ ْيــم‬ ‫بــن مــرة يف دار عبــد اللــه بــن جدعــان فصنــع‬ ‫لهــم طعام ـاً‪ ،‬وتحالفــوا يف شــهر ذي القعــدة‪،‬‬ ‫إذ وقعــوا ميثاق ـاً؛ تحالفــوا باللــه ليكونُ ـ ّن يــدا ً‬ ‫واحــدة مــع املظلــوم عــى الظــامل حتــى يُــرد‬ ‫إليــه حقــه‪ ،‬ثــم مشــوا إىل العــاص بــن وائــل‪،‬‬ ‫فانتزعــوا منــه ســلعة الزبيــدي‪ ،‬فدفعوهــا إليه‪،‬‬ ‫وأبرمــوا هــذا الحلــف‪ ،‬الــذي ســمي بحلــف‬ ‫الفضــول ألن مــن قــام بــه كان يف أســائه‬ ‫الفضــل‪ ،‬كالفضــل بــن الحــارث‪ ،‬والفضــل بــن‬ ‫وداعــة‪ ،‬والفضــل بــن فضالــة؛ وعــن ذلــك‬ ‫الحلــف قــال الزبــر بــن عبــد املطلــب‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الفضول تعاقدوا وتحالفوا‬ ‫إن‬

‫أال يقي َم ببطنِ مك َة ظالـــ ُم‬ ‫ ‬ ‫أم ٌر عليه تعاقــدوا وتواثقــوا‬ ‫فالجا ُر وامل ُع ُّرت فيهم ساملُ‬ ‫ ‬ ‫إن حلــف الفضــول كان ميثاقـاً أخالقيـاً تنــادت‬ ‫فيــه املشــاعر اإلنســانية لنــرة املظلــوم‪،‬‬ ‫والدفــاع عــن الحــق‪ ،‬ويعتــر مــن مفاخــر‬ ‫العــرب قبــل اإلســام‪ ،‬حتــى أ َّن رســول اللــه‬ ‫قــال عنــه‪ :‬مــا أحــب أن يل بــه حمــر النعــم‪،‬‬ ‫ولــو ُدعيــت إىل مثلــه يف اإلســام ألجبــت‪.‬‬ ‫أمــا يف اإلســام فكانــت صحيفــة املدينــة؛ التــي‬ ‫ال ت ـزال موضــوع بحــث عــدد مــن املحدثــن‬ ‫وبخاصــة املســترشقني‪ .‬منهــم (لــن بــول)‬ ‫و(ولهــة وزن) و(كايتنــي موللــر) وآخــرون‪.‬‬ ‫وأحــدث الدراســات عنهــا مــا كتبــه‬ ‫(آربــري) «الديــن يف املــرق االوســط»‬ ‫(كمــرج‪ )21-3/21‬و(ســارجنت) يف مجلــة‬ ‫اإلســام (‪ )6-3/2-1/8‬ويف بحثــه «الســنة‬ ‫الجامعــة» املنشــور يف مجلــة مدرســة اللغــات‬ ‫الرشقيــة بجامعــة لنــدن ســنة ‪ 1972‬ثــم نــر‬ ‫(جــل) بحث ـاً عنهــا يف «الحوليــات اليهوديــة «‬ ‫ســنة ‪.1974‬‬ ‫عالجــت الصحيفــة قضايــا تنظيميــة إداريــة‪،‬‬ ‫ومل متــس بالعقيــدة والديــن‪ ،‬وأمــا املوقعــون‬ ‫عليهــا فهــم املؤمنــون (املهاجريــن واألنصــار)‬ ‫والعــرب غــر املؤمنــن واليهــود إضافــة لــكل‬ ‫مــن واىل أي طــرف مــن األطـراف الثالثــة‪ .‬وأمــا‬ ‫أهــم مــا تضمنتــه صحيفــة املدينــة يتمثــل‬ ‫بحريــة االعتقــاد يف اإلســام واســتقالل الذمــة‬ ‫املاليــة والتعــاون يف حاميــة الوطــن حالــة‬ ‫الحــرب والعــدل التــام والتعــاون والتناصــح‬ ‫وحفــظ الوطــن‪.‬‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫فإننــا نــرى بــأن فرقــاء الثــورة الســورية بحاجــة‬ ‫ماســة مليثــاق رشف وطنــي؛ ليتفقــوا فيــه‬ ‫عــى أساســيات العمــل الوطنــي إ ْن يف الحـراك‬

‫الســيايس والعســكري واإلعالمــي‪ ،‬وإ ْن يف‬ ‫ســوريا املســتقبل‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــرى أ َّن هــذا امليثــاق يجــب أن‬ ‫ال يغفــل العيــش املشــرك بــن الســوريني؛‬ ‫وااللتــزام بأهــداف الثــورة حتــى إســقاط‬ ‫النظــام بكافــة رمــوزه ومرتكزاتــه االســتبدادية‬ ‫وإقامــة الدولــة املدنيــة الدميقراطيــة الحديثــة‪،‬‬ ‫كــا يجــب أن يضمــن حريــة التفكــر والتعبــر‬ ‫واإلبــداع لــكل املواطنــن يف الدســتور املتوافــق‬ ‫عليــه؛ ورفــض ادعــاء احتــكار الســلطة مــن أي‬ ‫جهــة أو طــرف‪.‬‬ ‫مــع التأكيــد عــى أن ســوريا وطــن واحــد‬ ‫لــكل مواطنيهــا‪ .‬ولهــذا يجــب أن ينــص ميثــاق‬ ‫الــرف بــكل وضــوح عــى محاربــة النزعــات‬ ‫والدعــوات واملحــاوالت التقســيمية أيــاً يكــن‬ ‫شــكلها‪ ،‬ومضمونهــا‪ .‬مــع االعــراف بــأن‬ ‫أبنــاء الوطــن كلهــم متســاوون يف الحقــوق‬ ‫والواجبــات؛ فــا يحــق لجامعــة أو طائفــة أو‬ ‫حــزب االســتفراد بالق ـرار الوطنــي تحــت أيــة‬ ‫ذريعــة كانــت‪ .‬ووجــوب العمــل عــى حاميــة‬ ‫املواطنــن عــى مختلــف انتامءاتهــم الفكريــة‬ ‫والسياســية والقوميــة والدينيــة واملذهبيــة‪،‬‬ ‫وحاميــة أرواحهــم وأمالكهــم ومقدســاتهم؛‬ ‫وهــذه ثقافــة الســوريني عــر تاريخهــم‪.‬‬ ‫وال يجــوز أن يُخَــ َّون ســيايس لرأيــه مــا دام‬ ‫ملتزمــاً بالثــورة وأهدافهــا‪ ،‬ويجــب الحفــاظ‬ ‫عــى الــراث الحضــاري والثقــايف‪ .‬وأ َّن الــدم‬ ‫الســوري عــى الســوري حــرام؛ والقضــاء‬ ‫العــادل محــل أي نـزاع‪ .‬والتأكيــد عــى الطابــع‬ ‫الوطنــي للثــورة واســتبعاد كافــة املشــاريع‬ ‫الطائفيــة والدينيــة واإليديولوجيــة‪.‬‬ ‫فهــل مــن املمكــن إنجــاز مثــل هــذا امليثــاق؛‬ ‫ليكــون ناظــاً وضابطــاً للمســرة الثوريــة؛ أم‬ ‫ســيبقى كل فريــق لــه قانونــه وميثاقــه؛ لتبقــى‬ ‫الثــورة الســورية موزعــة املصالــح بــن أبنائهــا‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫شخصية سورية املهدورة‪..‬‬ ‫هل لبلد ما شخصيته شأنه بذلك شأن الفرد اإلنساني؟‪.‬‬

‫اسماعيل خليل الحسن‬

‫لقــد كتــب جــال حمــدان عــن شــخصية مــر‪،‬‬ ‫ورمــز األدبــاء والشــعراء والفنانــون لهــا بشــخصية‬ ‫فتــاة تدعــى «بهيــة»‪ .‬فيــا يبــدو أن مــر هــي‬ ‫البلــد العــريب الوحيــد الــذي تكاملــت شــخصيته‪.‬‬ ‫ســورية بلــد اقتطعــه كل مــن ســايكس وبيكــو مثــل‬ ‫قطعــة جبنــة وبقيــت أجــزاؤه مبعــرة يف الجــوار‬ ‫الــذي جــرى تصنيعــه أيضـاً‪ ،‬لكــن الســؤال هــل اســم‬ ‫املقســمون يعـ ّـر بصــدق‬ ‫ســورية الــذي توافــق عليــه ّ‬ ‫عــن حقيقــة األرض والشــعب؟ هــل مــن توافــق‬ ‫ثقــايف عــى هــذا االســم أم هــو رضب مــن رضوب‬ ‫السياســة ودهاليزهــا‪.‬‬ ‫قــد يكــون اســم الشــام أكــر تأثــرا ً وبعــدا ً دينيــاً‬ ‫ـن هــذا يثــر حفيظــة‬ ‫ملجتمــع غالبيتــه مســلمة‪ ،‬لكـ ّ‬ ‫القاطنــن يف الجزيــرة والجزيــرة العليــا عــى اعتبــار‬ ‫أن الفــرات يقســم الجغرافيــا إىل شــامية وجزيــرة‪،‬‬ ‫لكــن مــا يدبــر يف أروقــة السياســة ال يُعنــى كثــرا ً‬ ‫ّ‬ ‫مبســائل الثقافــة‪.‬‬ ‫وأل ّن السياســة تعقــل الثقافــة يف بــاد هــي مرتــع‬ ‫للعبــة األمــم وســاحة مــن ســاحات أالعيــب املجتمــع‬ ‫الــدويل‪ ،‬كــا اختــرت السياســة مــن قبــل نخــب‬ ‫تلــك البــاد بالشــعارية الجوفــاء‪ ،‬فــإن ســورية ظلــت‬ ‫منــذ تأسيســها بلــدا ً مضطرب ـاً‪ ،‬وكأن تلــك النخــب ‪-‬‬ ‫وهــي عــى األغلــب عســكرية ‪ -‬تريــد التخلّــص مــن‬ ‫البلــد يف أول منعطــف أو تحكمــه بنزعــة اســتبدادية‬ ‫لتكتــم أول مــا تكتــم ســؤال الثقافــة وســؤال الهويــة‬ ‫والشــخصية‪.‬‬ ‫مل تكــن الرقــة معمــورة وال جــر عــى الفــرات‬ ‫فلــم تكــن حلــب باملتنــاول‪ ،‬وكانــت زيــارة املدينــة‬ ‫حكايــة تدعــو إىل البهجــة يف مجتمعــات قرويــة‪،‬‬ ‫واملدينــة هــي اســم تعــارف عليــه العــوام بــدالً مــن‬ ‫اســم (ال ُّرهــا) التــي دعيــت اليــوم بأورفــا التــي أمـ ّر‬ ‫(أنــا كاتــب املقــال) فيهــا اليــوم وأشــاهد جامعهــا‬ ‫األحمــر أتذكــر روح جــ ّد يل كان يف مطلــع القــرن‬ ‫املــايض يــزاول الحضــور يف هــذا الجامــع كل يــوم‬ ‫جمعــة يك ال تفوتــه صــاة الجامعــة‪ ،‬ممتطي ـاً ظهــر‬ ‫حصانــه‪ ،‬قاطعــاً مســافة ‪ 60‬كــم ذهابــاً ومثلهــا‬ ‫يصــي املغــرب يف بيتــه‪.‬‬ ‫عــودة ثــ ّم ّ‬ ‫أذكــر هــذا الحــدث الشــخيص ألقــول‪ :‬إ ّن ديــار بكــر‬ ‫وســهول أورفــا وكيليكيــة تنتمــي إىل أرومــة ثقافيــة‬ ‫واحــدة وإ ّن العائــات العربيــة والكرديــة والرتكامنيــة‬ ‫والرسيانيــة تجمعهــا‪ ،‬عــدا عــن وشــائج القــرىب‪ ،‬تلــك‬ ‫الـ ّروح املشــركة التــي تحــول دون الشــعور بالغربــة‬ ‫بــن القاطنــن يف هــذه املناطــق التــي ك ّرســتها‬ ‫السياســوية الضيقــة‪ ،‬ولعــل كثــرا ً مــن العائــات‬ ‫العربيــة والكرديــة والرتكامنيــة يف الشــال الســوري‬

‫‪9‬‬

‫تلتقــي اليــوم‪ ،‬بعــد انديــاح الحــدود‪ ،‬بنصفها‬ ‫املنشــطر يف األرايض الرتكيــة واألمــر نفســه‬ ‫بالنســبة للعشــائر والعائــات عــى الحــدود‬ ‫العراقيــة واألردنيــة واللبنانيــة‪.‬‬ ‫لقــد أصبــح‪ ،‬لــدى مثقفــي اليســار واليســار‬ ‫القومــي‪ ،‬هاجــس أن كل طائــر يدخــل مــن‬ ‫الحــدود الشــالية لســورية هــو مؤامــرة‬ ‫عثمليــة وطورانيــة تســعى للتخريــب‪،‬‬ ‫وكذلــك مــا يدخــل مــن املوصــل وراوة‬ ‫وعانــة والزرقــا والجليــل ولبنــان‪ ،‬فلــم يبــق‬ ‫لــدى املثقــف املتوجــس‪ ،‬أمنيـاً‪ ،‬ســوى البحــر‬ ‫الــذي يرتــد عنــه طرفــه فهــو حســر‪.‬‬ ‫وعندمــا أغلقــت الســلطة الحــدود‪ ،‬ومل تجــد‬ ‫مقاومــة لهــذا العمــل الشــائن‪ ،‬عطلــت التواصــل‬ ‫بــن الســكان عــى الضفتــن عــر الحــدود الطويلــة‬ ‫املحيطــة بالبلــد ثــم أجهــزت مــن خــال منهجهــا‬ ‫املزيّــف يف التاريــخ املــدريس عــى كل أمــل بإحيــاء‬ ‫تلــك الــروح املشــركة ليحــل محلّهــا التو ّجــس‬ ‫والريبــة رغــم شــعارات التوحيــد القومــي التــي‬ ‫ظاهرهــا الرحمــة وباطنهــا العــذاب‪.‬‬ ‫إن إغــاق الحــدود وقطــع صلــة الرحــم ســاهم‬ ‫باختــاف اللهجــات بــن تجمعــات ســكانية ال تبعــد‬ ‫عــن بعضهــا مئــات األمتــار‪ ،‬فالعربيــة املحكيــة‬ ‫اليــوم يف ســهول أورفــا عربيــة مجمــدة منــذ مئــات‬ ‫الســنني وهــي تذهــب نحــو االنقــراض والتــايش‪،‬‬ ‫وهنــاك صعوبــة يف التفاهــم لغويــاً بينهــم وبــن‬ ‫أبنــاء عمومتهــم يف الجانــب الســوري‪ ،‬والرتكامنيــة‬ ‫الســورية مجمــدة ومل تالحــق تطــور اللغــة يف تركيــا‬ ‫عــدا عــن انقراضهــا لــدى كثــر مــن التجمعــات‬ ‫الســكانية‪ ،‬وهــذا هــدف كان يســعى إليــه نظــام‬ ‫البعــث منــذ تأسيســه‪ ،‬وكذلــك الكرديــة بــن لهجاتها‬ ‫الســورية والعراقيــة والرتكيــة‪ ،‬وال أدري بالنســبة‬ ‫للهجــة املاردينيــة وهــي لهجــة عربيــة أصــاً‪.‬‬ ‫إن مل تكــن إعــادة وحــدة األج ـزاء الســورية ممكنــة‬ ‫فهــل ينبغــي تعطيــل أداء التواصــل الثقــايف؟ ذلــك‬ ‫التواصــل الــذي و ّحــد أوروبــا بعــد مئــات الســنني‬ ‫مــن رســم الحــدود القوميــة‪ ،‬والحــروب الطاحنــة‬ ‫عــى الحــدود‪ ،‬لكنــه التســييس والولــع بالسياســة‬ ‫وازدراء الثقافــة واملثقفــن الحقيقيــن والتنكيــل‬ ‫بهــم بحيــث أصبــح البســطار العســكري يعــدل يف‬ ‫كفــة امليـزان كل كتــب األمــة ومجلداتهــا ومدارســها‬ ‫وجامعاتهــا‪.‬‬ ‫الثقافــة ال ميكــن تجزئتهــا‪ ،‬وال ميكــن البنــاء عــى‬ ‫نصــف أو ربــع ثقافــة‪ ،‬كــا ال ميكــن بنــاء ثقافــة‬ ‫مــن العــدم كــا كانــت تحــاول ســلطات القمــع‬ ‫األســدي حيــث يجــد (مثقفــو) الســلطة أنفســهم‬

‫من يدفن جثة هذا النظام؟!‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫اليــوم مفلســن وقــد ســقط الفولكلــور والتهريــج‬ ‫الــذي كانــوا يخدعــون النــاس‪ ،‬ويخدعــون أنفســهم‬ ‫بــه لبنــاء ســورية عــى مقاســهم هــي قــزم بالنســبة‬ ‫لســورية الحقيقيــة‪.‬‬ ‫ووجــد كثــر مــن النــاس أنفســهم صف ـرا ً مــن أيــة‬ ‫ثقافــة‪ ،‬فهامــوا عــى وجوههــم يطــاردون أمــواج‬ ‫كل مــا يلمــع ذهب ـاً ووقعــوا يف‬ ‫ال ـراب وظنــوا أن ّ‬ ‫أفخــاخ وأرشاك ثقافيــة‪ ،‬لك ّنــه كالــرق الــذي تبــدد‬ ‫فــكان خلّب ـاً‪.‬‬ ‫الثقافــة التــي ســتنقذ ســورية وتبنيهــا وتعيــد بنــاء‬ ‫شــخصيتها يف املســتقبل ســتكون ذات خصوصيــة‪،‬‬ ‫فهــي حقيقيــة ومتعددة وغــر متعاليــة أو متعجرفة‪،‬‬ ‫ثقافــة تســعى لتأســيس دولــة وليــس دولــة تصطنــع‬ ‫ثقافــة أي أنهــا تنبــع مــن تحــت وال تفــرض مــن‬ ‫فــوق‪ ،‬ثقافــة كل ّيــة ال مجتــزأة وانتقائيــة‪ ،‬وإن جــاز‬ ‫لفنــان أن يرســم شــخصية ســورية الجديــدة فإنهــا‬ ‫فتــاة بــرؤوس متعــددة وأســاء متعــددة‪ :‬عائشــة‬ ‫وفاطمــة وســنم وفــايت ومريــم‪.‬‬ ‫إن القوقعــة التــي اســتغلّتها السياســوية الضيقــة‬ ‫لبنــاء هيكلهــا وتقديــس طواطمهــا العســكرية‬ ‫وســدنتها مــن مثقفــي اليســار والعلامنيــة املبتذلــة‪،‬‬ ‫قافزيــن عــى بنــى ثقافيــة يش ـكّل الديــن والعــرق‬ ‫واملذهــب واملــكان‪ ،‬داخــل أو خــارج الحــدود‪ ،‬شــطرا ً‬ ‫مهــا يف تأسيســها‪ ،‬قمع ـاً وتأجي ـاً ألســئلة تطرحهــا‬ ‫الحيــاة والتاريــخ والجغرافيــا وتطرحهــا مســألة كل‬ ‫مــن الهويــة والشــخصية‪ ،‬هــذه األســئلة كان ينبغــي‬ ‫اإلجابــة عليهــا عــر فضــاءات الحريــة الواســعة‬ ‫لــي ال تطــرح الحقــاً بشــكل تدمــري وكاريث وال‬ ‫يجــري حلهــا كارثيــاً كــا هــو األمــر اليــوم حــن‬ ‫طــرح الحاكــم شــعار تدمــر البلــد ألن البلــد‪ ،‬كــا‬ ‫توحــي لــه مخيّلتــه املريضــة‪ ،‬قــزم بالنســبة لذاتــه‬ ‫املتضخمــة‪ ،‬وقــد أصبــح التدمــر هدفـاً ميارســه كــا‬ ‫ميــارس ألعــاب الكومبيوتــر يف أوقــات ف ـراغ فراغــه‬ ‫الفــارغ أصــاً؟!!‬

‫قصــف طائ ـرات النظــام عــى الرقــة يــوم األحــد املــايض‪،‬‬ ‫وقتــل املدنيــن املاريــن يف الشــوارع‪ ،‬هــل هــو رســالة وداعيــة‬ ‫مــن نظــام آفــل موشــك عــى الســقوط‪ ،‬أم رســالة مــن نظــام‬ ‫غبــي‪ ،‬إىل العــامل ليزعــم أنــه رشيــك مبحاربــة اإلرهــاب علّهــم‬ ‫يقبلونــه بأيــة صــورة وبــأي شــكل ليضمــن بقــاءه؟‬ ‫لك ـ ّن مدنيــي الرقــة ليســوا إرهابيــن‪ ،‬ومدنيــي حلــب ليســوا‬ ‫إرهابيــن‪ ،‬ومدنيــي إدلــب‪ ،‬وكل مدنيــي ســورية‪ ،‬ليســوا‬ ‫إرهابيــن‪ .‬اإلرهابيــون هــم ضبــاط النظــام‪ ،‬وشــبيحته الذيــن‬ ‫تورطــوا بتدمــر ســورية‪ ،‬اإلرهابيــون هــم كل مــن ســاهم‬ ‫بالقتــل‪ ،‬وبالتعذيــب وبإثــارة األحقــاد وترشيــد الســوريني مــن‬ ‫بيوتهــم ليبقــى املجــرم فــوق رؤوس شــبيحته!!‬ ‫فاالنتصــارات املتواليــة للجيــش الحــر‪ ،‬ترعــب الشــبيحة اليــوم‪،‬‬ ‫وتوقــظ مؤيــدي النظــام مــن أحالمهــم الدمويــة‪ ،‬ليجــدوا‬ ‫أنفســهم ملوثــن بالــدم الســوري‪ ،‬ومتورطــن بالجرائــم التــي‬ ‫أملــت بالشــعب الســوري!‬ ‫وكل املــؤرشات تقودنــا إىل التيقــن مــن نهايــة النظــام الحتميــة‬ ‫خــال األســابيع واألشــهر القادمــة‪ ،‬فاملؤمتــرات واملشــاورات‬ ‫الدوليــة صــار الخــاف بينهــا ليــس وجــود النظــام‪ ،‬أو عــدم‬ ‫وجــوده‪ ،‬بــل كيــف يتــم دفــن هــذا الطاعــون ملنــع بقائــه‬ ‫كبــؤرة لإلرهــاب والجتــذاب املجرمــن‪ ،‬مــن مشــارق األرض‪،‬‬ ‫ومــن مغاربهــا‪ ،‬فقــد اجتــذب هــذا النظــام شــهية اإلجــرام‬ ‫العاملــي ومجرمــي الشــوارع يف أوربــا وجنــوب روســيا وتونــس‬ ‫ومــر والجزيــرة العربيــة‪ ،‬لقــد جعــل هــذا النظــام ســورية‬ ‫مســتنقعاً لإلرهابيــن والتكفرييــن ومدمنــي القتــل والتعذيــب‪،‬‬ ‫عــى اعتبــار أنــه كان مرجع ـاً يف التعذيــب والقتــل املمنهــج!‬ ‫العــامل كلــه مجمــع اليــوم عــى التخلــص مــن هــذا الوبــاء‬ ‫الكريــه الــذي تح ّملــه الســوريون طــوال نصــف قــرن مــن‬ ‫الحكــم الطائفــي الدمــوي‪ ،‬العــامل اليــوم يشــعر بالذعــر مــن‬ ‫أهــوال هــذا النظــام ومــن فظائعــه التــي كانــت تفــوق كل‬ ‫وصــف وكل خيــال!!‬ ‫روسيا تخلت عن النظام الذي تورطت بدعمه وبجرامئه!‬ ‫إيـران أيضــا‪ ،‬تشــعر بالتمــزق مــن هــول خســائرها يف ســورية‬ ‫عــى أيــدي الجيــش الحــر ويف كل الجبهــات واملواجهــات‪،‬‬ ‫وجــاءت عاصفــة الحــزم العربيــة صفعــة لغرورهــا‪ ،‬ولتبجحهــا‬ ‫اإلجرامــي يف املنطقــة العربيــة!‬ ‫العــامل كلــه رضــخ أخــرا ً إلرادة الســوريني بإســقاط هــذا‬ ‫ســدى‪ ..‬ومل تكــن‬ ‫النظــام‪ ،‬ومل تذهــب تضحيــات الســوريني‬ ‫ً‬ ‫رؤيــة الســوريني خائبــة‪ ،‬فمنــذ اللحظــات األوىل كان إســقاط‬ ‫النظــام هــو شــعار الثــورة‪ ،‬ألن الســوريني يعرفــون مــا هــو‬ ‫هــذا النظــام ومــا هــي تركيبتــه اإلجراميــة التــي ال ترضــخ إال‬ ‫لألقــوى‪ ..‬وهاهــو الشــعب الســوري هــو األقــوى‪ ...‬وهــا هــي‬ ‫الثــورة الســورية تثبــت بأنهــا هــي األقــوى‪ ..‬وهــا هــو العــامل‬ ‫يقبــل راضيـاً‪ ،‬أو يقبــل صاغـرا ً‪ ،‬مبشــيئة الســوريني بدفــن جثــة‬ ‫هــذا الطاغــوت الــذي كان اســمه النظــام!‬

‫أوباما‪ ..‬مرة أخرى‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫يــأىب الرئيــس أوبامــا إال أن يثبــت لنــا – نحــن الســوريني‬ ‫عــى األقــل – وفيــا يتعلــق باألزمــة الســورية‪ ،‬أنــه رجــل‬ ‫مختلــف‪ ،‬ففــي املقابلــة التــي أجرتهــا معــه قنــاة العربيــة‬ ‫مؤخــرا ً بلــغ مــن االســتخفاف بعقــول الذيــن يشــاهدونه‬ ‫حــدا ً يثــر ال َح َنــق‪ .‬فعــن ســؤال حــول مــا إذا كنــا ســرى‬ ‫نهايــة للأمســاة الســورية قبــل تركــه البيــت األبيــض‪ ،‬يجيــب‬ ‫بالحــرف‪« :‬بأمانــة‪ ..‬رمبــا ال يكــون ذلــك‪ ،‬ألن الوضــع يف‬ ‫ســورية يحطــم القلــوب‪ ..‬ولكنــه معقــد للغايــة‪ ،‬وأنــا‬ ‫مســكون بهاجــس املــوت والعذابــات (التــي ميــر بهــا‬ ‫الســوريون)‪ ،‬وهــو مــا أنظــر إليــه بجدي ـ ٍة بالغــة»‪.‬‬ ‫هــذا التف ّجــع الــذي يظهــره الســيد أوبامــا هو تف ّجــع كاذب‬ ‫يفضحــه قولــه يف مــكان آخــر‪« :‬صحيــح أنــه ال تـزال هنــاك‬ ‫مشــكلة الرباميــل املتفجــرة‪ ،‬وال يـزال الشــعب الســوري ميــر‬ ‫حــل هــذه املشــاكل يتطلــب‬ ‫بشــدائ َد ال ت ُصــ ّدق‪ ،‬ولكــن َّ‬ ‫عمــاً دوليــاً!! ملــاذا مل يتطلــب خــط الكيميــاوي األحمــر‬ ‫عمــاً دوليــاً؟؟ مــا زاد عــى مجــرد تهديــد‪ .‬أال تســتحق‬

‫مشــكلة الرباميــل املتفجــرة والشــدائد التــي ال ت ُصــدق التــي‬ ‫ميــ ّر بهــا الشــعب الســوري تهديــدا ً كــذاك التهديــد؟ أال‬ ‫يســتحق هاجــس املــوت والعذابــات التــي تســكنك مجــرد‬ ‫ـاح‬ ‫تهديــد؟ عــى األقــل لــي تغــادرك الهواجــس‪ ،‬وحتــى يرتـ َ‬ ‫قلبــك!‬ ‫ويشــكو الســيد أوبامــا مــن نظريــة املؤامــرة التــي تجعــل‬ ‫مــن تدخــل الواليــات املتحــدة يف شــؤون املنطقــة‪ ،‬وهــو‬ ‫الحاصــل دامئـاً إن ســلباً أو إيجابـاً ال يُقابــل بالــرىض‪ ،‬كــا ال‬ ‫يُقابــل بــه عــد ُم تدخلهــا وهــو مــا ال ننعــم بــه‪.‬‬ ‫هنــاك إيجابيــة ال ت ُنكــر يف حديــث أوبامــا‪ ،‬وهــو أنــه أعــاد‬ ‫التلميــح أو الترصيــح بــأن عــى دول املنطقــة أن ت ُحــك‬ ‫وتحــل مشــاكلها بنفســها‪ ،‬وهــو األمــر‬ ‫َّ‬ ‫جلدهــا بظفرهــا‬ ‫الــذي نريــد مــن دول الخليــج والســعودية عــى رأســها أن‬ ‫تســتثمره‪ ،‬يف اقتــاع النفــوذ اإليــراين مــن بالدنــا العربيــة‬ ‫وأن تقطــع دابــره وذلــك بامتــداد عاصفــة الحــزم اىل أي‬ ‫مــكان يجــب أن تتواجــد فيــه‪ ،‬وســورية أوالً‪ .‬ويلفــت النظــر‬ ‫يف هــذا الحديــث ذكــ ُر ُه تركيــا وهــو األمــر الــذي يعــ ّزز‬ ‫التكهنــات حــول اســتعدادات يجــري التحضــر لهــا‪.‬‬

‫ليســت لــدي ثقــة بأوبامــا‪ ،‬وال بإدارتــه‪ ،‬وأظــن أن‬ ‫اإلدارة األمريكيــة ليســت بعيــدة عــن رســم خيــوط‬ ‫مــا يجــري يف املنطقــة تبعــاً للفــوىض الخالّقــة‪،‬‬ ‫وهــو أمــر أشــار إليــه سياســيون وموظفــون كبــار يف‬ ‫اإلدارة وباحثــون‪ ،‬إال أننــي أثــق بــأن مــا تخططــه لنا‬ ‫أمريــكا ليــس قــدرا ً ال يُــرد‪ ،‬وأننــا قــادرون عــى أن‬ ‫نرســم مســتقبل بالدنــا تبع ـاً ملصلحــة شــعبنا أوالً‪.‬‬ ‫هنــاك مالحظــة حــول هــذه املقابلــة‪ ،‬رمبــا كانــت‬ ‫األســئلة مع ـ ّد ًة ســلفاً‪ ،‬ورمبــا ُعرضــت عــى أوبامــا‬ ‫أو عــى مستشــاريه اإلعالميــن‪ ،‬لكــن اإلعالميــة‬ ‫التــي قدمتهــا كانــت باهتــة جــدا ً‪ ،‬مل تعــرض‪ ،‬أو‬ ‫تســتوضح أو تصحــح‪ .‬ولعــل ذلــك مل يكــن مطلوب ـاً‬ ‫منهــا‪ ،‬أو لعلهــا آثــرت الســامة‪ ،‬لكنــك عندمــا تــرى‬ ‫اإلعالميــن األمريكيــن وهــم ال يحــاورون الرئيــس أو أي‬ ‫مســؤول يف اإلدارة يف برامجهــم الحواريــة‪ ،‬بل يســتجوبونهم‪،‬‬ ‫ويضعونهــم تحــت النــار‪ ،‬تشــعر بالرثــاء عندمــا تقارنهــم‬ ‫بإعالميينــا املؤدبــن جلوس ـاً بــن يــدي مــن يحاورونــه‪.‬‬ ‫وأعــود إليــك يــا ســيد أوبامــا‪ ،‬لــي أذكّــرك وأنــت تجلــس‬

‫عــى كرســيك الهــ ّزاز‪ ،‬وبيــدك كأس البــرة املثلجــة أمــام‬ ‫التلفزيــون الــذي يعــرض صــور الدمــار والقتــل الــذي‬ ‫تحدثــه الرباميــل املتفجــرة التــي يلقيهــا مجــر ٌم معتــو ٌه‪،‬‬ ‫أذكّــرك بقــول ألــرت اينشــتاين‪« :‬إن العــامل لــن يد ّمــره‬ ‫الذيــن يفعلــون الــر‪ ،‬بــل أولئــك الذيــن يراقبونهــم وال‬ ‫يفعلــون شــيئاً»‪ ،‬متامــاً كــا تفعــل أنــت‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫ديون األسد الكريهة‬ ‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫ال ّديــن الكريــه هــو ذلــك الديــن الــذي‬ ‫يــرم خالفـاً ملصلحــة الشــعب‪ ،‬ودون رضــاه‬ ‫مــع درايــة الدائنــن التامــة بذلــك‪ ،‬وأســاس‬ ‫ال ّديــن الكريــه هــو قــروض أو منــح تعطــى‬ ‫ألســباب ال تعــود ملواطنــي الدولــة بــأي‬ ‫فائــدة‪ ،‬وأنّ هــذه القــروض تنفــق لتحقيــق‬ ‫ثـراء شــخيص أو الســتخدام عســكري‪ ،‬وألن‬ ‫هــذه القــروض ضــد مصالــح الشــعب فهي‬ ‫ديــون غــر ملزمــة للدولــة أو للحكومــة‬ ‫الالحقــة‪ ،‬وهنــاك الكثــر مــن الحــاالت‬ ‫التــي منحــت فيهــا قــروض ألنظمــة كانــت‬ ‫تخــوض حروبــاً عدوانيــة ضــد شــعبها‪،‬‬ ‫ومتــارس القمــع عليــه واملثــال الحــي‬ ‫ســوريا حاليــاً‪ ،‬إذ أن قروضــاً مــن هــذا‬ ‫النــوع ميكــن ع ّدهــا دخــوالً يف الحــرب إىل‬ ‫جانــب األســد‪ ،‬ولهــذا تتخــذ هــذه الديــون‬ ‫شــكل إســهامات حربيــة‪ ،‬ومــن ثــم فهــي‬ ‫تســقط بســقوط الحكــم املديــن بهــا إذ‬ ‫ليــس مــن املعقــول إجبــار ضحايــا األســد‬ ‫وحاشــيته عــى دفــع مثــن تكاليــف اآلالت‬ ‫والوســائل واألســلحة والذخائــر التــي‬ ‫اســتعملت لتعذيبهــم وقتلهــم وقمعهــم‪،‬‬ ‫ولذلــك تعــد مديونيــة ســوريا الحاليــة‬ ‫مديونيــة كريهــة‪ ،‬إذ تــدرج ديونهــا وفــق‬ ‫مفهــوم نظريــة ال ّديــن الكريــه يف القانــون‬ ‫الــدويل العــام‪ ،‬ويحــق لســوريا الجديــدة‬ ‫املطالبــة بشــطبها وذلــك ألن األســد هــو‬

‫حسين العودات‬ ‫تــرى اآلن دمشــق مقســمة بالحواجــز‬ ‫التــي ال يفصــل بعضهــا عــن البعــض اآلخــر‬ ‫أكــر مــن مئــة أو مئتــي مــر‪ ،‬وقــد وضــع‬ ‫كل حاجــز حجــارة تشــكل ســدودا ً تقســم‬ ‫الطرقــات وتبطــئ الســر وتشــوه املدينــة‪،‬‬ ‫ويــر بعــض ح ـراس هــذه الحواجــز عــى‬ ‫التدقيــق يف البطاقــات الشــخصية وتفتيــش‬ ‫الســيارات املــارة‪ ،‬وابتــزاز ســيارات توزيــع‬ ‫األغذيــة عــى بقاليــات وأماكــن بيعهــا‬ ‫باملفــرق‪ ،‬ويتعامــل حــراس الحاجــز مــع‬ ‫املــارة بفظاظــة وعــدم مســؤولية‪ ،‬ويف بعــض‬ ‫الحواجــز يجــري تفتيــش املــارة‪ ،‬وال يكتفون‬ ‫بتفتيــش الســيارات‪ ،‬ولنــا أن نتصــور حــال‬ ‫ســيدة يُطلــب منهــا تفتيــش حقيبتهــا‪.‬‬ ‫كان نــادرا ً مــا تــرى يف دمشــق متســوالً‪ ،‬أمــا‬ ‫اآلن فتشــاهد أعــدادا ً يصعــب حرصهــا مــن‬ ‫املتســولني‪ ،‬وخاصــة مــن النســاء واألطفــال‪،‬‬ ‫ويبــدو مــن ترصفهــم أنهــم ليســوا محرتفــن‬ ‫أو ممتهنــن‪ ،‬وإمنــا ميارســون التســول‬ ‫لحاجــة بعينهــا‪ ،‬ذلــك أن ماليــن الســوريني‬ ‫النازحــن ال يجــد بعضهــم مــا يســد جوعهــم‬ ‫أو حاجاتهــم الغذائيــة والصحيــة ولباســهم‬ ‫ومتطلباتهــم األخــرى‪ ،‬وألن أكــر مــن نصــف‬ ‫الســوريني القادريــن عــى العمــل دخلــوا‬ ‫يف نفــق البطالــة فــا تجــد أرسهــم وســيلة‬ ‫أخــرى غري التســول لســد رمقهــا أو حاجاتها‪،‬‬ ‫خاصــة أن الســلطة والحكومــة وأجهزتهــا‬ ‫غائبــة عــن هــؤالء النــاس وال تراهــم أبــدا ً‪،‬‬ ‫وترتكهــم لقدرهــم بــل تشــاركهم أحيانــاً‬ ‫مســاعدات األمــم املتحــدة‪ ،‬وكــم هــو محزن‬

‫الــذي اقــرض هــذه األمــوال دون أخــذ رأي‬ ‫الشــعب‪ ،‬وهــو الــذي انتفــع بهــا لتعزيــز‬ ‫حكمــه وســلطانه‪ ،‬وليــس الشــعب‪ ،‬وقــام‬ ‫برصفهــا مبفــرده‪ ،‬والطــرف الدائــن يعلــم‬ ‫متامــاً أن األمــوال ســوف تــرف لغــر‬ ‫مصلحــة الشــعب‪ ،‬ومــن هنــا فــإن هــذه‬ ‫الديــون شــخصية لألســد‪ ،‬وال محــال مــن‬ ‫ســقوطها مــع ســقوطه‪.‬‬ ‫إن فــرة حكــم األســد لســوريا فــرة طغيــان‬ ‫وظلــم واســتبداد‪ ،‬وإن الــدول الدائنــة‬ ‫التــي أقرضــت األمــوال كانــت عــى علــم‬ ‫بــأن هــذه القــروض لتمويــل كيل أو جــزيئ‬ ‫لحكــم قــري ظــامل يحكــم خالف ـاً لرغبــة‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬وهنــاك معايــر ملــدى‬ ‫رشعيــة الديــن القانــوين أو عــدم رشعيتــه‬ ‫فيكــون ال ّديــن كريهـاً وغــر قابــل للتنفيــذ‬ ‫مــن قبــل الدائنــن ضــد الدولــة املدينــة‬ ‫وفــق معايــر منهــا‪:‬‬ ‫‪ -1‬مــن أجــل تقويــة األنظمــة الدكتاتوريــة‬ ‫غــر الرشعية‪.‬‬ ‫‪ -2‬التعسف والرشوة والتفقري‪.‬‬ ‫‪ -3‬قمع الشعوب‪.‬‬ ‫‪ -4‬غياب املوافقة الشعبية‪.‬‬ ‫‪ -5‬معرفــة الدائنــن بغيــاب املنفعــة‬ ‫ا لشــعبية ‪.‬‬ ‫وحقيقــة األمــر فإنــه إذا مــا تورطــت‬ ‫ســلطة اســتبدادية قمعيــة بديــن هــو‬ ‫ليــس مــن احتياجــات الدولــة أو يف‬

‫مصلحتهــا بــل مــن أجــل تقويــة حكمهــا‬ ‫االســتبدادي لقمــع الشــعب الــذي يناضــل‬ ‫ضدهــا فــإن هــذا ال ّديــن يصبــح غــر ملــزم‬ ‫لجميــع ســكان الدولــة‪ ،‬وال يشــكل التزامـاً‬ ‫عــى األمــة بــل هــو ّديــن عــى الســلطة‬ ‫القمعيــة التــي اقرتضتــه‪.‬‬ ‫إن الديــون التــي يرتبهــا األســد وحكمــه‬ ‫عــى ســوريا هــي بعلــم الدائنــن تقتــل‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬وعنــد نجاح الشــعب يف‬ ‫ثورتــه املجيــدة بالخــاص مــن هــذا الحكم‬ ‫املأفــون الــذي تســبب بهــذه الديــون‬ ‫باإلضافــة إىل مســاعدة هــذه الديــون يف‬ ‫مــا آل إليــه الشــعب الســوري مــن قتــل‬ ‫ودمــار وتهجــر وتدمــر‪ ،‬فــإن الدائنــن قــد‬ ‫اقرتفــوا عمـاً عدائيـاً ضــد الشــعب لــذا ال‬ ‫ميكنهــم أن يتوقعــوا مــن أمــة محــررة مــن‬ ‫نظــام فاســد قاتــل أن تتحمــل مســؤولية‬ ‫ديونــه الكريهــة كرائحتــه بــل عليهــم أن‬ ‫يســتعدوا لتعويضــات ومحاكــم دوليــة‬ ‫لتعويــض مــا ســببوه مــن آالم للشــعب‬ ‫الســوري بســبب أموالهــم‪.‬‬ ‫إن حكــم األســد حكــم فــردي تســلطي‬ ‫اســتبدادي والقــروض املمنوحــة لــه قروض‬ ‫سياســية طائفيــة بامتيــاز مل يســتفد منهــا‬ ‫إال هــذا الطاغيــة وعائلتــه وشــبيحته فعــزز‬ ‫بهــا وســائل الدفــاع عــن حكمــه وعــزز بهــا‬ ‫قتــل الشــعب الســوري عــى يــد أجهزتــه‬ ‫البوليســية واألمنيــة ورشاء معــدات‬

‫حربيــة وأســلحة كيامويــة وبيولوجيــة‬ ‫حيــث جلبــت للشــعب الســوري املــوت‬ ‫وتحمــل تبعاتهــا عــى شــكل مجــازر‬ ‫ومقابــر ودمــار شــامل فلــم يســتثمرها‬ ‫األســد يف التنميــة عــى ســبيل املثــال بــل‬ ‫ســخرها لتمويــل حربــه ورشاء الذمــم‬ ‫وتدمــر البنيــة التحتيــة‪ ،‬وقتــل الشــعب‬ ‫وحــرق القــرى اآلمنــة وتهجــر املواطنــن‬ ‫وترشيدهــم وامتــاك العقــارات والقصــور‬ ‫وزيــادة أرصدتــه يف البنــوك‪ ،‬فهــو مل يكــن‬ ‫يومــاً رشعيــاً‪ ،‬واســتلم الحكــم يف ســوريا‬ ‫مــن خــال انقــاب عســكري‪ ،‬ودون أي‬ ‫انتخابــات حــرة أو نزيهــة‪ ،‬وبالتــايل فــإن‬ ‫كل التزاماتــه بالنســبة للشــعب الســوري‬ ‫باطلــة وغــر ملزمــة حســب مبــدأ تجــاوز‬ ‫الســلطة أو الصالحيــة املعــروف يف القانون‬ ‫الــدويل‪.‬‬ ‫مل يهتــم األســد‪ ،‬وال حزبــه‪ ،‬خــال خمســن‬ ‫عامـاً بخدمــة الشــعب أو تحســن مســتوى‬ ‫معيشــته‪ ،‬ومل يتورع يف سبيل تثبيت حكمه‬ ‫عــن اضطهــاد املواطنــن وســحقهم وبالتايل‬ ‫ســاعدت هــذه القــروض والتســهيالت‬ ‫املاليــة يف تثبيــت دعائــم حكمــه وتقويــة‬ ‫مؤسســاته القمعيــة واألمنيــة املســلطة‬ ‫عــى رقــاب الشــعب والــدول الدائنــة‬ ‫عــى علــم مســبق بالطبيعــة الشــمولية‬ ‫والهمجيــة وغــر الرشعيــة لحكــم األســد‬ ‫ومــدى متاديــه يف القمــع والســحق لشــعبه‬

‫وتهديــده الدائــم ألمــن واســتقرار املنطقــة‪.‬‬ ‫بنــا ًء عليــه ميكــن إدراج الديــون التــي‬ ‫ترتتــب عــى ســويا تحــت مســمى‬ ‫الديــون الباطلــة أو الكريهــة وهــي غــر‬ ‫رشعيــة طبقــاً ملبــادئ القانــون الــدويل‪،‬‬ ‫وذلــك ألن األســد هــو مــن اقــرض دون‬ ‫رأي الشــعب‪ ،‬وهــو الــذي انفــق لتعزيــز‬ ‫حكمــه وســلطته‪ ،‬وهــو الــذي أنفــق عــى‬ ‫نفســه وحاشــيته والطــرف الدائــن يعــرف‬ ‫ذلــك‪ ،‬وهــذه الديــون مرتتبــة عليــه وليــس‬ ‫عــى الشــعب‪ ،‬ولذلــك نحــن منلــك كافــة‬ ‫املــررات القانونيــة واألخالقيــة لرفــض‬ ‫ســداد هــذه الديــون ال بــل وميكننــا أيض ـاً‬ ‫مالحقــة هــذه الــدول قضائي ـاً ومطالبتهــا‬ ‫بتعويضــات عادلــة عــن األرضار والخســائر‬ ‫التــي لحقــت بالشــعب الســوري وســوريا‬ ‫بســبب دعمهــا لألســد يف حربــه ضــد‬ ‫شــعبه‪.‬‬ ‫إن مطالبتنــا بالتعويضــات ورفضنــا‬ ‫لســداد الديــون الباطلــة حــق مــروع‬ ‫تكفلــه األمــم املتحــدة والقانــون الــدويل‬ ‫واألعـراف واألخــاق والقيــم اإلنســانية وأن‬ ‫ســوريا القادمــة يتوفــر فيهــا الكفــاءات‬ ‫العلميــة والقانونيــة مــا تســتطيع مــن‬ ‫خاللــه تحصيــل حقوقهــا وتعويضاتهــا‬ ‫ومحاســبة الذيــن أســاؤوا إليهــا يف ثورتهــا‬ ‫ثــورة الحريــة والكرامــة‪.‬‬

‫دمشق بني البطالة والتسول‬ ‫مشاهدات دمشقية‬ ‫رؤيــة طفلــة ابنــة عــر ســنوات ال ينقصهــا‬ ‫الجــال‪ ،‬وال الــراءة والرشــاقة تحــاول أن‬ ‫تســتدر عطــف املــارة‪ ،‬وال تعــرف كيــف‬ ‫تفعــل ذلــك‪ ،‬ألنهــا جديــدة عــى املهنــة‪،‬‬ ‫ومــا زالــت خجولــة منهــا وتشــعر بــأن‬ ‫مامرســتها تزيدهــا دونيــة‪ ،‬لكنهــا حائــرة‬ ‫بــن الحاجــة والحيــاء مــن هــذه املامرســة‪،‬‬ ‫ويظهــر ذلــك كلــه عــى وجههــا الــريء‬ ‫وحركاتهــا البدائيــة املرتعشــة‪.‬‬ ‫كان عــدد األطفــال الذيــن يعملــون‬ ‫يف املنشــآت الصغــرة قليــاً‪ ،‬أمــا اآلن‬ ‫وبســبب النــزوح والفقــر والبطالــة وتراجــع‬ ‫الخدمــات التعليميــة فقــد تضاعــف عــدد‬ ‫هــؤالء األطفــال‪ ،‬ورصت تراهــم يتزاحمــون‬ ‫عــى العمــل وكل منهــم يعــرض اســتعداده‬ ‫للعمــل بأقــل األســعار‪ ،‬وتجدهــم يف كل‬ ‫متجــر ويف محــات أو أكشــاك بيــع الخضــار‬ ‫والفواكــه أو ورشــات تصليــح الســيارات أو‬ ‫يعملــون ببيــع الســجائر يف الطرقــات أو‬ ‫يحملــون صناديــق البويــا ويجربونــك عــى‬ ‫تلّميــع حذائــك أو يرغمونــك عــى رشاء‬ ‫علبــة محــارم‪.‬‬ ‫تراكمــت يف بعــض أحيــاء دمشــق الهامشــية‬ ‫أكــوام القاممــة خــال عــدة أيــام وتــرى‬ ‫األطفــال يتجمعــون حولهــا علّهــم يجــدون‬ ‫شــيئاً يبيعونــه‪ ،‬كــا يزدحــم عــرات‬ ‫البائعــن الجوالــن الذيــن يعملــون دون‬ ‫ترخيــص مــن الجهــات املعنيــة ويعرضــون‬ ‫أي يشء مــن الخضــار والفواكــه إىل املالبــس‬ ‫والخــرداوات وألعــاب األطفــال وغريهــا‪،‬‬ ‫وتشــوه عرباتهــم الشــوارع‪ ،‬ويشــغلون‬

‫األرصفــة ويتبــارون بالــراخ عــى‬ ‫بضائعهــم‪.‬‬ ‫مــن املشــاهد املؤملــة يف دمشــق انــك إذا‬ ‫ذهبــت إىل مؤسســة لبيــع الخضــار والفواكه‬ ‫تجــد عديــدا ً مــن الزبائــن ينتقــون مــا‬ ‫يريــدون وعندمــا يعرفــون ســعر هــذه‬ ‫البضائــع املرتفــع جــدا ً بالنســبة إليهــم‬ ‫يعــودون ويضعــون مــا انتقــوا يف املــكان‬ ‫الــذي أخــذوه منــه ويســأل بعضهــم البائــع‬ ‫أحيانـاً عــن إمكانيــة وجــود خضــار أو فواكه‬ ‫مــى عليهــا بضعــة أيــام بســبب انخفــاض‬ ‫ســعرها ليمكــن رشاؤهــا‪ ،‬واملالحــظ أن‬ ‫مظاهــر الفقــر ال تبــدو عــى هــؤالء بــل‬ ‫العكــس تعتقــد أنهــم مــن ذوي النعمــة‪،‬‬

‫وتصــل إىل قناعــة أنهــم عزيــز قــوم ذل‪ ،‬ومل‬ ‫يعــودوا قادريــن عــى رشاء حاجتهــم ألن‬ ‫أيــام الرغــد والنعمــة ذهبــت بعيــدا ً‪.‬‬ ‫مــن املشــاهد الغريبــة يف دمشــق‬ ‫أنــك نــادرا ً مــا تــرى يف الشــوارع شــباباً‬ ‫أو رجــاالً دون األربعــن مــن العمــر‪،‬‬ ‫فمعظــم مــن تراهــم هــم مــن الكهــول‬ ‫والشــيوخ‪ ،‬وذلــك بســبب نــزوح الشــباب‬ ‫وهجرتهــم خــارج البــاد أو اســتدعائهم‬ ‫للخدمــة اإللزاميــة أو االحتياطيــة‪ ،‬أو أنهــم‬ ‫يحاربــون مــع املعارضــة أو أن النظــام‬ ‫جندهــم يف ميليشــياته‪ ،‬ويف الخالصــة فــإن‬ ‫دمشــق مدينــة تــكاد تخلــو مــن الشــباب‪.‬‬ ‫ويف الوقــت نفســه فــإن املالهــي الليليــة‬

‫واملطاعــم ممتلئــة باملرتاديــن‪ ،‬ذلــك ألن‬ ‫أبنــاء أهــل الســلطة واألغنيــاء الجــدد‬ ‫وأهــل الصفقــات واملســتفيدين مــن الوضــع‬ ‫الراهــن الذيــن مــا زالــوا يكســبون املــال‬ ‫بــا تعــب‪ ،‬يــرون أنهــا تقــدم لهــم مناخ ـاً‬ ‫لــأكل والــرب والعبــث أحيانـاً‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫يضلــل بعــض النــاس فيعتقــدون أن املدينــة‬ ‫آمنــة‪ ،‬وخاصــة أن املســلحني ال يقصفونهــا‬ ‫ليــاً مــا يتيــح لهــؤالء الســهر والعبــث‬ ‫ويحملــون بطاقــات تســمح لهــم باملــرور‬ ‫بالحواجــز دون عنــاء‪.‬‬ ‫ينشر بالتعاون مع موقع مدار اليوم‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫‪11‬‬

‫مافي��ات النظ��ام تبتل��ع الل�يرة الس��ورية!!‬ ‫الحرمل‬ ‫يوم ـاً بعــد يــوم يتهــاوى وضــع اللــرة‬ ‫الســورية‪ ،‬وهــي تتلقــى مصـرا ً يشــبه مصــر‬ ‫النظــام نفســه‪ ،‬وكــا يقتتــل الشــبيحة بــن‬ ‫بعضهــم البعــض‪ ،‬تلتهــم مافيــات النظــام‬ ‫بعضهــا وتدفــع حتــى الشــبيحة إىل وضــع‬ ‫متهــاوٍ‪ ،‬رغــم كل الثمــن الــذي يدفعونــه‬ ‫إلبقــاء النظــام‪ ،‬حاملــن بإعــادة حلــب‬ ‫البقــرة الســورية كــا فعــل آباؤهــم بعــد‬ ‫أحــداث الثامنينيــات عــى أيــدي املخابـرات‬ ‫التــي صــادرت حتــى الهــواء والشــمس ومل‬ ‫تعــد تســمح للمعتقــل بالتنفــس إال بعــد‬ ‫دفــع رشــوة تتضاعــف قيمتهــا يومــاً بعــد‬ ‫يــوم‪.‬‬ ‫وذكــر أبــو طــارق لراديــو روزنــة «نحمــد‬ ‫اللــه ونشــكره‪ ،‬ألننــا حولنــا هالكــم لــرة‬ ‫يــي معنــا لــدوالر وذهــب‪ ،‬لــوال هيــك كان‬ ‫راح شــقى العمــر كلــه»‪ ،‬هــذا مــا قالــه‬ ‫أبــو طــارق عنــد ســؤالنا لــه‪ ،‬أيهــا أضمــن‬ ‫الــدوالر أم اللــرة الســورية؟‪.‬‬ ‫أمــا هــدى ربــة املنــزل‪ ،‬فعللــت رشاءهــا‬ ‫للــدوالر‪ ،‬بــأن كل يشء حاليــاً مرتبــط بــه‪،‬‬ ‫قائلــةً‪« :‬حتــى البقدونــس صــار مرتبــط‬ ‫بالــدوالر‪ ،‬وإذا فكــرت بالســفر خــارج‬ ‫البلــد‪ ،‬فــإن عملتنــا الســورية مل يعــد لهــا أي‬ ‫قيمــة»‪.‬‬ ‫ويتابــع الكاتــب أميــن صالــح لراديــو روزنــة‪:‬‬ ‫انتكاســات متتاليــة رضبــت اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫ومحــاوالت النظــام مســتمرة حتــى اآلن‪،‬‬ ‫إلثبــات أن عملتــه ال ت ـزال متامســكة‪.‬‬ ‫وتتعــدد محــاوالت النظــام الســوري‪ ،‬يف‬ ‫خفــض ســعر الــرف‪ ،‬مــن خــال الرتويــج‬ ‫لحمــات قــام بهــا مغرتبــون‪ ،‬لخفــض ســعر‬ ‫اللــرة بعــد أن وصــل خــال الشــهر املــايض‪،‬‬ ‫إىل حــدود ‪ 350‬لــرة للــدوالر الواحــد‪،‬‬ ‫ليرتاجــع إىل ‪ 240‬ل‪.‬س‪ ،‬ويرتفــع بعدهــا‬ ‫ويســتقر بحــدود ‪ ،285‬دون توافــره يف‬ ‫األســواق‪.‬‬ ‫النظام يحترض ومل تعد األكاذيب نافعة!!‬ ‫وعــى اعتبــار أن املواطــن الســوري صــار‬ ‫يكشــف أالعيــب املافيــات االقتصاديــة كــا‬ ‫صــار خبــرا ً بالربوباغانــدا السياســية التــي‬ ‫يطبــل ويزمــر لهــا عــر اذاعاتــه املأجــورة‬ ‫حيــث أصبــح املواطــن العــادي غــر املختص‬ ‫يف االقتصــاد‪ ،‬يســخر مــا تقــوم بــه حكومــة‬ ‫النظــام الســوري‪ ،‬وتقــول ســمية املوظفــة‬ ‫يف معمــل لأللبســة‪« :‬دولتنــا مــا لقــت حــدا‬ ‫يشــحدها غــر إيــران وروســيا وصــاروا‬

‫يعطوهــا بالقطــارة‪ ،‬وبدهــا تخفــض ســعر‬ ‫الــرف‪ ،‬ولقــت بقصــة التربعــات مــن‬ ‫املغرتبــن حــل‪ ،‬ولــو أنــه الــكل بيعــرف أنــه‬ ‫كــذب»‪.‬‬ ‫كالم ســمية‪ ،‬تؤكــده التحليــات التــي تــم‬ ‫تداوالهــا عقــب إطــاق الحملــة‪ ،‬حيــث أكد‬ ‫محللــون اقتصاديــون‪ ،‬أن انتعــاش اللــرة‬ ‫األخــر‪ ،‬وارتفاعهــا أمــام الــدوالر‪ ،‬ناتــج عــن‬ ‫الدعــم الجديــد الــذي حصــل عليــه النظــام‬ ‫مــن إيـران‪ ،‬عــر خــط ائتــاين بقيمــة مليــار‬ ‫دوالر‪ ،‬عقــب نفــاذ القــرض القديــم والبالــغ‬ ‫‪ 3.5‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫«الفينيــق الســوري ‪#‬لتبقى_لريتنا_ذهــب»‪،‬‬ ‫هــذا هــو العنــوان الــذي أطلقــه املغرتبــون‬ ‫املؤيــدون للنظــام‪ ،‬عــى الحملــة‪ ،‬التــي‬ ‫تشــجع عــى إرســال تحويــات بالعملــة‬ ‫الصعبــة لدعــم اللــرة الســورية‪.‬‬ ‫لقــد بــاع ســيارة واحــدة فقــط مــن‬ ‫الســيارات التــي نهبهــا!!‬ ‫لكــن األكذوبــة أكــر مــن الحقيقــة فالدعاية‬ ‫كانــت كبــرة عــر الهاشــتاغ‪ ،‬ولكــن الالفــت‬ ‫مــن التعليقــات التــي رصدتهــا روزنــة‪ ،‬مــا‬ ‫كتبــه عضــو مجلــس الشــعب أحمــد شــاس‪،‬‬ ‫حيــث علّــق عــى فيســبوك‪« :‬قمــت ببيــع‬ ‫إحــدى ســيارايت ‪-‬واحــدة فقــط من ســيارات‬ ‫كثــرة نهبهــا مــن الشــعب الســوري حت ـاً‪-‬‬ ‫واشــرطت عــى املشــري مثنهــا بالــدوالر‪،‬‬ ‫ثــم أودعــت النقــود يف البنــك املركــزي‬ ‫دعــاً للريتنــا الغاليــة ولوطنــا الحبيــب»‪،‬‬ ‫ليؤكــد أن التجــار هــم مــن ميتلكــون الدوالر‬ ‫ويضاربــون بــه‪.‬‬ ‫وهــذه هــي الحملــة الثانيــة مــن نوعهــا‬ ‫التــي يقــوم بهــا النظــام‪ ،‬بعــد األوىل التــي‬ ‫أطلقهــا اتحــاد املصدريــن التابــع لــه والتــي‬ ‫حملــت عنــوان «عــز لريتــك بتعمــر بلــدك»‪.‬‬ ‫وتعليقــاً عــى الحملــة‪ ،‬قــال املحلــل‬ ‫االقتصــادي ممــدوح الغــزي لروزنــة‪،‬‬ ‫إن «إعــادة رفــع قيمــة اللــرة الســورية‬ ‫اقتصادي ـاً رضب مــن الخيــال‪ ،‬مهــا كانــت‬ ‫ظــل العقوبــات‬ ‫كميــة الدعــم‪ ،‬وذلــك يف ّ‬ ‫الدوليــة املفروضــة عــى النظــام‪ ،‬وكذلــك يف‬ ‫ظــل األزمــة الحاليــة التــي تكلــف ســوريا‬ ‫ّ‬ ‫يوميــاً ماليــن الــدوالرات»‪.‬‬ ‫وأضــاف أن التدخــل والحملــة اإلعالميــة‬ ‫التــي نفذهــا النظــام بعــد ارتفــاع ســعر‬ ‫الــدوالر‪ ،‬ســاهمت بخفضــه بشــكل بســيط‪،‬‬ ‫لكنــه عــاد لالرتفــاع‪ ،‬ومــن يالحــظ حركــة‬ ‫الــدوالر منــذ بدايــة األزمــة‪ ،‬يــرى أنــه يف كل‬

‫شــهر يقفــز بحــد معــن ويثبــت عليــه‪.‬‬ ‫بعــد أكذوبــة املغرتبــن الشــبيحة بــدأ‬ ‫النظــام أكاذيبــه املعتــادة عــر املواقــع‬ ‫االجتامعيــة ومواقــع االنرتنــت التــي يسـ ّـر‬ ‫فيهــا جيوشــاً مــن الشــبيحة املتخصصــن‬ ‫بقلــب الحقائــق وتحويــل الهزائــم إىل‬ ‫انتصــارات بائســة‪ ،‬طبعــاً ألن الواقــع عــى‬ ‫األرض يختلــف جذريــاً عــن أكاذيبهــم‬ ‫الواهيــة!‬ ‫فبعــد تدهــور اللــرة وفقــدان معظــم‬ ‫مخزونــه مــن العملــة الصعبــة‪ ،‬بــدأ النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬بتقييــد املواقــع االلكرتونيــة‪،‬‬ ‫وصفحــات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬حتــى ال‬ ‫يأخــذوا أخبــار العمــات‪ ،‬إال مــن وكالــة‬ ‫«ســانا» الرســمية‪.‬‬ ‫يقــول أحــد أصحــاب الصفحــات التــي تنــر‬ ‫أســعار العمــات لروزنــة‪« :‬تــم اســتدعايئ‬ ‫إىل أحــد الفــروع األمنيــة‪ ،‬واحتجــزوين ملــدة‬ ‫يومــن‪ ،‬وقبــل إخراجــي وقعــت عــى تعهــد‬ ‫خطــي بعــدم نــر أســعار العمــات‪ ،‬وكل‬ ‫يشء يتعلــق باللــرة الســورية‪ ،‬وإال فأنــا‬ ‫متهــم بزعزعــة األمــن القومــي للبلــد»‪.‬‬ ‫اكذب اكذب علّهم يصدقونك!!‬ ‫فــرض النظــام عــى وســائل اإلعــام التابعــة‬ ‫لــه‪ ،‬عــدم عــرض أيــة بيانــات ســلبية‪ ،‬عــن‬ ‫واقــع االقتصــاد واملؤسســات االقتصاديــة‬ ‫التابعــة لــه‪ ،‬تحــت طائلــة املســؤولية ملــن‬ ‫يخالــف التعليــات‪ ،‬إضافــ ًة للطلــب مــن‬ ‫مســؤويل التحريــر التواصــل مــع املؤسســات‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬ومحاولــة تقديــم بيانــات‬ ‫إيجابيــة حتــى لــو مل تكــن صحيحــة‪.‬‬

‫جتارة جوازات الس��فر بني الش��بيحة والنظام!‬ ‫الحرمل ـ وكاالت‬

‫آالف الســارسة مــن الشــبيحة ومــن املرتزقــة‬ ‫الذيــن يتاجــرون بــإذالل املواطــن الســوري‬ ‫واســتغالل حاجتــه إىل الســفر واىل الهــرب مــن‬ ‫أتــون التعذيــب والنهــب والســلب‪ ،‬ومؤخــرا ً‬ ‫قــام النظــام بالنــزول اىل ســاحة املتاجــرة بحاجــة‬ ‫الســوريني لجــوازات ســفر عــر بيعهــا بأســعار‬ ‫باهظــة تصــل إىل ‪ 400‬دوالر للجــواز الواحــد عــدا‬ ‫الســمرسة واالبتــزاز بترسيــع التســليم الــذي قــد‬ ‫يصــل اىل خمســائة دوالر إضافيــة!‬ ‫وكشــفت إدارة الهجــرة والجــوازات التابعــة للنظام‪،‬‬ ‫أنهــا حققــت أرباح ـاً صافيــة مــن جــوازات ســفر‬ ‫الســوريني يف الخــارج بلغــت ‪ 180‬مليــون دوالرا ً‪،‬‬ ‫مشــرة إىل أن عــدد الجــوازات التــي تــم تجديدهــا‬ ‫أو اســتصدارها وصــل إىل أكــر مــن ‪ 75‬ألــف جــواز‪،‬‬

‫فيــا ال ت ـزال الطلبــات تــرد مــن الســفارات‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل‪ ،‬بلــغ عــدد جــوازات الســفر‬ ‫التــي تــم إصدارهــا خــال ‪ 2014‬مليونـاً وخمســمئة‬ ‫ألــف جــواز مــن جميــع فــروع الهجــرة والجــوازات‬ ‫يف املحافظــات‪ ،‬ومبلــغ الرســوم املســتوفاة عــن‬ ‫هــذه الجــوازات نحــو مليــاري لــرة ســورية‪.‬‬ ‫وكان النظــام أصــدر مؤخــرا ً قــرارا ً ســمح فيــه‬ ‫للســوريني يف الخــارج بإصــدار جــوازات ســفر‬ ‫جديــدة وتجديــد القدميــة مــن الســفارات مبــارشة‬ ‫مقابــل الحصــول عــى مبلــغ ‪ 400‬دوالر للجديــد و‬ ‫‪ 200‬دوالر للتجديــد‪ ،‬وذلــك بعــد أكــر مــن أربــع‬ ‫ســنوات مــن املنــع‪ ،‬غــر أن األزمــة املاليــة التــي‬ ‫يعانيهــا جعلتــه يتوصــل إىل هــذه الطريقــة يف‬ ‫ابتــزاز الســوريني‪..‬‬

‫ويــرح املحلــل االقتصــادي ممــدوح الغزي‪،‬‬ ‫أن االنخفــاض الحــاد يف اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫ســببه رجــال األعــال املقربــن مــن النظــام‪،‬‬ ‫فهــم يقومــون بتهريــب أموالهــم للخــارج‪،‬‬ ‫مخلفــن وراءهــم قروضــاً متعــرة بقيمــة‬ ‫‪ 100‬مليــار لــرة يف الحــدود الدنيــا‪.‬‬ ‫وبحســب الغــزي‪« ،‬فــإن النظــام مل يفعــل‬ ‫شــيئاً إزاء إعــان البنــوك العاملــة يف ســوريا‬ ‫عــن وضــع أرصــدة لهــا مبليــارات الــدوالرات‬ ‫يف الخــارج‪ ،‬بحجــة تكويــن املؤونــات»‪.‬‬ ‫ويضيــف املحلــل‪ ،‬أنــه مل يبــق أمــام النظــام‬ ‫الســوري ســوى صغــار املضاربــن ليالحقهــم‬ ‫باإلغــاق والحبــس‪ ،‬محمــاً املســؤولية‬ ‫يف تدهــور ســعر الــرف إىل املواقــع‬ ‫االلكرتونيــة ومواقــع التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫وبعــض مؤسســات الرصافــة‪.‬‬ ‫الذهب البديل اآلمن ولو إىل حني!!‬ ‫مصــادر مــن داخــل ســوق الذهــب يف‬ ‫دمشــق قالــت لروزنــة إن الطلــب عــى‬ ‫الذهــب مــن أســاور وحــي انخفــض‬ ‫مقارنــة مــع األونصــات الذهبيــة واللــرة‬ ‫االنكليزيــة‪ ،‬التــي تشــهد طلب ـاً كب ـرا ً كــون‬ ‫نســبة الخســارة بهــا قليلــة جــدا ً»‪.‬‬ ‫وأضافــت أن النظــام الســوري حــاول جــذب‬ ‫الســوريني مــن خــال طــرح أونصــات‬ ‫ولـرات ســورية‪ ،‬لكــن دون جــدوى فاإلقبــال‬ ‫عليهــا قليــل جــدا ً‪.‬‬ ‫ويشــكل املعــدن األصفــر وســيلة ادخــار‬ ‫جيــدة يف وقــت عــدم االســتقرار الســيايس‬ ‫واالقتصــادي‪ ،‬وفقــاً للمحلــل االقتصــادي‬ ‫ممــدوح الغــزي‪.‬‬

‫الحكومــة املؤقتــة غــر مســؤولة‪ ..‬وهــي‬ ‫غارقــة يف الغيــاب!!‬ ‫وختــم الســيد أميــن صالــح لراديــو روزنــة‬ ‫قائـاً‪ :‬ليســت املناطــق التــي تســيطر عليهــا‬ ‫املعارضــة‪ ،‬مبعــزل عــن أزمــة انخفــاض‬ ‫اللــرة‪ ،‬ولكــن الفــرق هنــا عــدم وجــود‬ ‫ضوابــط لبيــع ورشاء الــدوالر‪ ،‬والحكومــة‬ ‫الســورية املؤقتــة ال عالقــة لهــا بــكل ذلــك‪،‬‬ ‫وليــس لهــا أي دور يف حاميــة اللــرة‪ ،‬لدرجــة‬ ‫أن رئيســها أحمــد طعمة كشــف مؤخـرا ً عن‬ ‫دراســة للتعامــل باللــرة الرتكيــة يف مناطــق‬ ‫ســيطرة املعارضــة‪ ،‬كــا أن جبهــة علــاء‬ ‫بــاد الشــام وجهــت توصيــة للســوريني‬ ‫الســتبدال اللــرة الســورية بالعملــة الرتكيــة‪.‬‬ ‫وضــع اللــرة الســورية مرتبــط بوضــع‬ ‫البــاد!!‬ ‫اســتقرار البــاد هــو مــا ســيؤمن للّــرة‬ ‫الســورية الوضــع اآلمــن‪ ،‬ويحفــظ أمــن‬ ‫املواطــن وحريتــه االقتصاديــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا ســيجعل االســتثامر باللــرة الســورية‪،‬‬ ‫اســتثامرا ً مربحــاً ومحفــزا ً لالقتصــاد‬ ‫الســوري‪ ،‬واالنتصــارات املتواليــة للجيــش‬ ‫الحــر‪ ،‬هــي مــا ســيؤهل الوضــع االقتصــادي‬ ‫الســوري إىل الوضــع املربــح اقتصاديــاً‪،‬‬ ‫ومــا ســيجعل الــدول تضــخ املليــارات‬ ‫مــن أجــل االســتثامر يف االقتصــاد الســوري‬ ‫القــادم‪ ،‬بعــد انتصــار ثــورة الحريــة‪ ،‬التــي‬ ‫ســتعيد للمواطــن الســوري كافــة حقوقــه‬ ‫وســتعوض خســائرها الكبــرة‪ ،‬بــدورة‬ ‫اقتصاديــة تكســب ثقتــه‪ ،‬وتحفــز نشــاطه‬ ‫وتزيــد انتاجــه‪.‬‬

‫كهرباء النظام لكبار املقربني منه فقط‬

‫أبن��اء الالذقية ُيقتلون‪ ...‬وأهاليهم يعيش��ون يف الظالم‬ ‫اقتصــاد البــاد يــرق والكهربــاء‬ ‫تــرق والبــاد تدمــر‪ ،‬ولكــن النظــام‬ ‫غــر آبــه إال مبــن يدفــع لــه ومبــن يرتــزق‬ ‫منــه‪ ،‬فأفعــال النظــام وجرامئــه مل توفــر‬ ‫أحــدا ً مبــا فيهــم عبيــده مــن الشــبيحة‬ ‫وأهاليهــم الذيــن يعيشــون يف الظــام‪ ،‬يف‬ ‫حــن تــرق الجهــات املســؤولة التيــار‬ ‫الكهربــايئ وتبيعــه ملــن تســرزق منــه‪.‬‬ ‫ضمــن جولــة الــوزراء االعتياديــة‬ ‫والدوريــة عــى محافظتــي الالذقيــة‬ ‫وطرطــوس‪ ،‬قــال وزيــر كهربــاء‬ ‫النظــام‪ ،‬عــاد خميــس‪ ،‬أن أغلــب‬ ‫ســارقي الكهربــاء يف الالذقيــة هــم مــن‬ ‫التجــار واألغنيــاء وأصحــاب الفعاليــات‬

‫االقتصاديــة وأصحــاب الفنــادق‬ ‫واملطاعــم وحتــى بعــض مؤسســات‬ ‫القطــاع العــام‪.‬‬ ‫ودعــا الوزيــر إىل معالجــة وضــع هــذه‬ ‫الرسقــات برصامــة وعــدم التهــاون‪..‬‬ ‫ومــن ثــم التوجــه نحــو املناطــق والقــرى‬ ‫الفقــرة التــي ميكــن أن يكــون فيهــا‬ ‫اســتجرار غــر مــروع للكهربــاء‪ ،‬مشــرا ً‬ ‫يف هــذا الســياق إىل أنّ معمــاً واحــدا ً‬ ‫فقــط يســتهلك كهربــاء مرسوقــة مــا‬ ‫يكفــي لتجمــع ســكاين بتعــداد كبــر‪.‬‬ ‫مــن جهتهــم‪ ،‬أشــار معلقــون إىل أن‬ ‫األغنيــاء الذيــن يتحــدث عنهــم الوزيــر‬ ‫هــم مــن املقربــن مــن النظــام ومــن‬

‫العاملــن يف أجهزتــه األمنية والعســكرية‪،‬‬ ‫مشــرين إىل أنهــم يرسقــون الكهربــاء‬ ‫ملنازلهــم ومزارعهــم الفخمــة وأنشــطتهم‬ ‫التجاريــة‪ ،‬جهــارا ً نهــارا ً‪.‬‬ ‫وشــكك هــؤالء املعلقــون بقــدرة‬ ‫النظــام عــى مكافحــة هــذا النــوع مــن‬ ‫الرسقــات‪ .‬وتحتــل الالذقيــة املرتبــة‬ ‫األوىل يف رسقــة الكهربــاء يف ســوريا‪،‬‬ ‫وهــو مــا يتســبب بانقطــاع الكهربــاء‬ ‫عــن قــرى بكاملهــا‪ ،‬ولســاعات طويلــة‪،‬‬ ‫رغــم أن النظــام حــاول أن يوفــر تغذيــة‬ ‫وافيــة لهــذه املحافظــة مــع أقــل قــدر‬ ‫مــن ســاعات االنقطــاع باملقارنــة مــع‬ ‫باقــي املحافظــات‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫‪1984‬‬

‫هــذا مــا تقدمــه روايــة ‪ 1984‬لجــورج‬ ‫أوريــل‪ .‬الروايــة التــي كُتبــت عــام ‪1949‬‬ ‫بنــرة تحذيريــة اســترشافية‪ ،‬وهــي تتنبــأ‬ ‫بزمــن ينقســم فيــه العــامل إىل ثالثــة‬ ‫قــوى متصارعــة فيــا بينهــا يف رغبــة‬ ‫تامــة إلبقــاء حالــة الحــرب والبــؤس‬ ‫والشــقاء بوصفهــا طريقــة مثــى‬ ‫للســيطرة عــى مــوارد العــامل وثرواتــه‪.‬‬ ‫تعــرض الروايــة حيــاة اإلنســان يف ظــل‬ ‫هــذا النظــام القمعــي االســتبدادي يف دولــة‬ ‫«أوقيانيــا» التــي يحكمهــا األخ االكــر رئيــس‬ ‫الحــزب األوحــد‪ ،‬الرئيــس الــذي يقدمــه‬ ‫أورويــل بطريقــة تجعلــك ترتــاب فيــا إذا‬ ‫كان موجــودا ً بالفعــل أم أنّــه وهــم متامــاً‬ ‫كشــخصية غولدشــتاين الــذي ميثــل املعارضــة‬ ‫«جامعــة األخــوة» و»الكتــاب» الــذي يتضمــن‬ ‫نقــد سياســة الحــزب‪ .‬كتــاب وشــخصية قــد ال‬ ‫يكونــان أكــر مــن خديعــة لإلمســاك بــكل مــن‬ ‫يحــاول التفكــر قبــل تصفيتــه‪.‬‬ ‫حن��ن خنتل��ف ع��ن طغ��اة املاض��ي الذي��ن‬ ‫يقول��ون «جي��ب أال تفع��ل ذل��ك»‪ ،‬وع��ن‬ ‫االس��تبداديني الذي��ن يقول��ون «جي��ب أن‬ ‫تفع��ل ذل��ك» حن��ن نق��ول «ك��ن»‪.‬‬ ‫بعيــدا ً عــن الروايــة ودالالتهــا الرمزيّــة‬ ‫التــي تتشــكل وفــق مســتويات وأبعــاد‬ ‫اجتامعيــة وسياســة وثقافيــة‪ ،‬إال أننــي كنــت‬ ‫ظــل‬ ‫منحــازا ً لتوصيــف أورويــل للحيــاة يف ّ‬ ‫الديكتاتوريّــة‪ ،‬لرصــد أوجــه التشــابه بــن‬ ‫املتخ ّيــل يف روايــة «‪ »1984‬والشــبه مــع واقــع‬ ‫كان ال يقــل مأســاوية‪ ،‬ففــي مجتمــع تنتــر‬ ‫لــكل صــوت حــر‪،‬‬ ‫فيــه ثقافــة الكراهيــة ّ‬ ‫والخــوف مــن عــدو يرتبّــص بالبــاد‪ ،‬عــدو‬ ‫يصبــح أكــر رحمــة مــن نظــامٍ يهــدد البــاد‬ ‫بــه‪ .‬ويســتنزف طاقــات البــاد ومقدراتــه يف‬ ‫حــرب عــى وشــك الحــدوث أو أنّهــا تحــدث‬ ‫حقّــاً‪ ،‬حــرب مــن شــأنها أن تــذل املواطــن‬ ‫كل رأي معــارض‬ ‫ومتعــن يف إهانتــه‪ ،‬وتســم ّ‬ ‫بالخيانــة العظمــى مــع قامئــة طويلــة مــن‬ ‫التهــم الجاهــزة‪ .‬حــرب ال يخــرج فيهــا مواطــن‬

‫احلرب هي السالم‬ ‫احلر ّية هي العبودية‬ ‫اجلهل هو القوّة‬ ‫المغيرة الهويدي‬ ‫عــى هــذه الشــعارات تؤســس األنظمــة‬ ‫وترســخ قواعدهــا فــوق‬ ‫الديكتاتوريّــة حكمهــا‪ّ ،‬‬ ‫هــذه املرتكـزات الثــاث‪ .‬كل حقيقــة ســيطالها‬ ‫التزييــف‪ ،‬يصبــح النقيــض هــو الوجــه الواحــد‪.‬‬ ‫يبقــى مــا يُقــ ّدر لــه الحــزب أن يبقــى بعــد‬ ‫نســيان مــا يقــ ّدر لــه الحــزب أن يُنــى؛‬ ‫النســيان بوصفــه الــرط الــازم لتوجيــه‬ ‫الكراهيــة نحــو أعــداء اليــوم‪ ،‬والكراهيــة التــي‬ ‫تســتطيع وحدهــا أن تؤســس عاملــاً منضبطــاً‬ ‫تســوده املســاواة بالــذل والعبوديــة‪ .‬النســيان‬ ‫الــذي يطــال كل مــا مــن شــأنه أن يجعــل‬ ‫اإلنســان يف ّكــر بزمــن مــا قبــل الديكتاتوريــة‬ ‫املقنعــة بالثــورة «املجيــدة»‪ ،‬الثــورة التــي‬ ‫تجــيء بأيديولوجيــة الحــزب الواحــد؛ لتقــرر‬ ‫بالضبــط مــا يجــب أن تكــون عليــه حيــاة‬ ‫الفــرد بعــد تنحيــة العقــل وإلغــاء الفكــر‬ ‫والتاريــخ‪ ،‬الثــورة التــي متحــو كل مــا قبلهــا‬ ‫ليصبــح عدمــاً ينــى فيهــا النــاس إذا كان‬ ‫هنالــك مـ ٍ‬ ‫ـاض قبلهــا‪ .‬وحــده وجــه الديكتاتــور‪،‬‬ ‫كل يشء‪ ،‬وبعبــارة‬ ‫بعينيــه اللتــن ترصــدان ّ‬ ‫«األخ الكبــر يراقبــك» يشــعر املواطــن أنّــه‬ ‫مطالــب بالعمــل أكــر‪ ،‬بخيانــة الــذات يف‬ ‫ســبيل الوطــن الــذي ميعــن يف إذاللــه‪ ،‬بخــوف‬

‫«احلري��ة ه��ي حري��ة الق��ول ّ‬ ‫إن اثن�ين‬ ‫واثن�ين يس��اويان أربع��ة»‬ ‫يتحــ ّول بهــم مــن املحبــة إىل الكراهيــة‪ ،‬مــن‬ ‫اليوتيبيــا إىل الديســوتيوبيا‪.‬‬

‫ديمة محمود‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫«أوقيانيــا» مزهــوا ً بالنــر بــل بالعبوديــة يف‬ ‫التبــاس واضــح بــن كال املفهومــن‪.‬‬ ‫إن النظــام األورويــي هــو صــورة مشــابهة‬ ‫متام ـاً لصــورة األنظمــة القمع ّيــة إذا مــا نحينــا‬ ‫املبالغــة جانبــاً‪ .‬شاشــة الرصــد ومكــرات‬ ‫كل حركــة وكلمــة يتفــوه‬ ‫الصــوت التــي تســجل ّ‬ ‫بهــا اإلنســان‪ ،‬قســائم التمويــن‪ ،‬املنتجــات‬ ‫الوطنيــة الرديئــة‪ ،‬احتــكار بعــض الســلع دون‬ ‫ســبب واضــح‪ ،‬موظفــي الدولــة وجواسيســها‪،‬‬ ‫كل مــكان‪،‬‬ ‫صــورة األخ األكــر التــي تنتــر يف ّ‬ ‫الصديــق الــذي يصبــح رفيق ـاً‪« ،‬فف��ي هاتي��ك‬ ‫األي��ام مل يك��ن للم��رء أصدق��اء‪ ،‬ب��ل رفاق»‪،‬‬ ‫حتــى الزوجــة واألوالد هــم جواســيس‪ ،‬الدعــارة‬ ‫التــي يســوق لهــا بصــورة غــر معلنــة‪ ،‬تزييــف‬ ‫الحقائــق‪ ،‬السياســة الحكيمــة التــي حققــت‬ ‫تلــك النهضــة االقتصاديــة التــي مل تتجــاوز‬ ‫نـرات األخبــار‪ ،‬تغيــر املــايض وفقـاً ملتطلبــات‬ ‫املرحلــة‪ ،‬تشــويه فكــرة الشــهيد‪ ،‬محــو كل مــا‬ ‫لــه عالقــة باملــايض‪ ،‬حتــى األشــخاص الذيــن‬ ‫يفكــرون بالتمــرد فإنّهــم ميحــون لدرجــة يشــك‬ ‫فيهــا اإلنســان فيــا إذا كان لهــم وجــود أصـاً‪،‬‬ ‫العقــل الــذي يجــب أن يحــارب متامــاً مثــل‬ ‫الغرائــز التــي مــن شــأنها أن تدفــع اإلنســان‬ ‫إىل التغيــر باســتثناء الكراهيــة التــي يجــب‬ ‫أن توجــه نحــو كل مــا يخالــف الحــزب‪« :‬أمــا‬ ‫حضارتنــا فهــي قامئــة عــى الكراهيــة‪ ،‬وإذالل‬ ‫الــذات‪ ،‬وأي يشء خــاف ذلــك ســندمره‬ ‫تدمــرا ً»‪.‬‬ ‫إذا كان «ونســتون ســميث» بطــل الروايــة قــد‬ ‫حقــق حالــة التمــرد التــي تجــاوزت مرحلــة‬ ‫التفكــر إىل القــول‪ ،‬ثــم انتقلــت إىل مرحلــة‬ ‫الفعــل عــر كتابــة املذكــرات للــايض أو‬ ‫للمســتقبل كــا يــرى‪ ،‬فإنــه يف النهايــة يعتقــل‬ ‫مــن قبــل رشطــة الفكــر‪ ،‬ومــن الشــخص الــذي‬ ‫كان يــرى فيــه أمــا لإلطاحــة بهــذا النظــام‬ ‫القمعــي‪ .‬ونســتون الــذي كان يعــ ّول عــى‬ ‫العامــة يف التغيــر عندمــا بــرزت فكــرة يف‬ ‫رأســه جعلتــه متفائــاً «إن كان هنالــك مــن‬ ‫أمــل‪ ،‬فاألمــل يكمــن يف عامــة الشــعب وعليــك‬

‫ٌ‬ ‫شهقة بامتدادي بني قـلبـيـن‬

‫املنصوب بني الزيتون والزعرت‬ ‫النعش‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يتخللُني كبخو ِر الكهوف الغابرة‬ ‫منذ زنوبيا واملجدليّة‬ ‫يشقّني أجزا ًء‬ ‫الجنائزي‬ ‫كل السائرين يف املوكب‬ ‫يُقيص َّ‬ ‫ّ‬ ‫ويبقيني وحيد ًة‬ ‫أحملُه منفرد ًة بكفي تارة‬ ‫وعىل ظهري تارة‬ ‫ويعود ليتسللَني تارة‬ ‫دون أن أهوي‬ ‫ودون أن يسقط‬ ‫***‬ ‫املحدوب‬ ‫ظهري‬ ‫ُ‬ ‫تتدىل منه األرغف ُة الفارغ ُة‬ ‫من الزيتون والزعرت والضحكات‬ ‫أرغف ٌة قرمزي ٌة معقوف ٌة األطراف‬ ‫مملوء ٌة بالشوك‬ ‫كل منها ينحد ُر ِملحي‬ ‫يف طريف ٍّ‬ ‫فأسرتسل معه‬ ‫ُ‬ ‫***‬ ‫املنصوب بني الزيتون والزعرت‬ ‫النعش‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هو ذاك املتكئ ما بني قاسيون واألربعني‬ ‫بعينني تروحان جيئ ًة وذهاباً‬ ‫ذاهلت ِني دامعت ِني عاتبتني‬ ‫بهام كث ٌري من أشالء وجياع‬ ‫بهام دهش ٌة وحن ٌني‬

‫تتأرجح ما بني‬ ‫ورائح ٌة‬ ‫ُ‬ ‫الدم والرتاب األحمرين‬ ‫***‬ ‫تلتف داليتي ما بني بردى والعايص‬ ‫ُّ‬ ‫كانت ق َدري فرصتُ ق َد َرها‬ ‫ال تلوي عىل ٍ‬ ‫فكاك إال عرب خيم ٍة‬ ‫أو فردة حذا ٍء مفقود ٍة ليتيم‬ ‫أو ذاكر ٍة مثقوبة بالحصار والنزوح‬ ‫***‬ ‫أصابعي تكرست عىل النعش‬ ‫واملساء يعانق الصباح‬ ‫بكثريٍ من شهداء وأكفان‬ ‫وارتحالني ُمجرتّين‬ ‫مل يختلفا كثريا ً‬ ‫أحدهام كان من وطن‬ ‫واآلخر فيه‬ ‫ستون خيم ًة وألف ثم عادت الك ّرة‬ ‫واشرتكا يف الطريق والهاوية‬ ‫***‬ ‫املطبق‬ ‫الصمت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ومواكب الجنائز‬ ‫الرصاص والجو ِع‬ ‫إال من‬ ‫ِ‬ ‫األفق‬ ‫يس ّد َ‬ ‫ويش ّد ردا َء العتمة بعد الفجر‬ ‫يغفو قلبي منقسامً بينهام‬ ‫ملتحفاً بهام‬ ‫ويرقب من رشف ِة املوت‬ ‫ُ‬ ‫ياسمين ًة تنبت من قلب الرصاص‬ ‫أزرع ريحان ًة بيدي اليمنى أسفل قاسيون‬

‫وأزرع ريحانة بيدي اليرسى أسفل األربعني‬ ‫وأنتظ ُر يف زاوية القمر‬ ‫يستحيل‬ ‫ُ‬ ‫عل الدم‬ ‫ّ‬ ‫حقالً من شقيقات النعامن‬ ‫***‬ ‫رمبا هي الكيميا ُء‬ ‫يحملُها الفينيق عىل جنا ٍح واحد‬ ‫توحدتْ يف رشاييني‬ ‫وانترصتْ عىل األقطاب‬ ‫واحتفظت بكنعانيتها وآراميتها معاً‬ ‫ْ‬ ‫ال زال صداها يرتد ُد عىل شفري الت ّبانة‬ ‫ويثشبثُ بكل القوة التي أملك‬ ‫وأج ُدين ما بني إدلب والريموك‬ ‫ال أنحا ُز إال للشهقة‬ ‫القدمية الجديدة‬ ‫املثقلة بالظلم واألنني‬ ‫***‬ ‫أقطف زهر ًة من شقائق النعامن‬ ‫أثبتُها عىل شعري‬ ‫أمل ُع مرآيت وأنظر فيها‬ ‫أقرأ يف احمرار الوردة الدحنونة‬ ‫أمالً يقف ُز عىل امللح‬ ‫ويتشبثُ بالقمح‬ ‫ليدي َر الطاحون يوماً‬ ‫وميألُ البيد َر بالسنابل من جديد‬ ‫ما بني امتداد قاسيون واألربعني‬ ‫ِ‬ ‫العتبات بالحب‬ ‫سأزر ُع‬ ‫وكثريٍ من أطفا ٍل وكرامة!‬

‫اإلميــان بذلــك»‪ .‬وهــذا يتطلــب البحــث عــن‬ ‫بصيــص أمــل مــن شــأنه أن يحــرك الجامهــر‬ ‫املســحوقة ويعرفهــا مبقدرتهــا عــى تحقيــق‬ ‫الثــورة عــى هــذا النظــام القمعــي‪« :‬لــن يثــورا‬ ‫حتــى يعــوا ولــن يعــوا حتــى يثــوروا»‬ ‫إن املعتقــل الــذي يتــم فيــه تعذيــب آالف‬ ‫املعتقلــن بتهمــة خيانــة الحــزب كان املــكان‬ ‫الــذي تجــري فيــه عمليــة التطهــر‪ ،‬فالهــدف‬ ‫ليــس قتــل املعتقلــن‪ ،‬وهــذا مــا يدفــع‬ ‫ونســتون للتســاؤل عــن ســبب وجــوده يف‬ ‫املعتقــل وتعذيبــه إذا كان يف النهايــة ســيتم‬ ‫تصفيتــه‪ .‬لكــن الجــواب يــأيت صادمـاً وحقيقيـاً‬ ‫ومشــابهاً ملــا يحــدث يف معتقالتنــا حقــاً‪:‬‬ ‫«إن ســبب وجــودك هنــا يكمــن يف رغبتنــا‬ ‫يف مــداواة علّتــك‪ ،‬لتجعلــك ســليم العقــل‪...‬‬ ‫إننــا ال نكــرث للجرائــم الحمقــاء التــي‬ ‫اقرتفتهــا‪ .‬فالحــزب ال يه ّمــه مــا تأتيــه مــن‬ ‫أفعــال مكشــوفة‪ .‬إمنــا يهمــه أكــر مــا يــدور‬ ‫يف رأســك مــن أفــكار‪ .‬نحــن ال نحطــم أعداءنــا‬ ‫فحســب‪ .‬وإمنــا نغــر مــا يف أنفســهم»‪ .‬وهــذا‬ ‫مــا يجعلــه يقــاوم رغــم صنــوف العــذاب الــذي‬ ‫حســن‬ ‫تعــ ّرض لــه‪ .‬وإن كان التعذيــب قــد ّ‬ ‫حالــه مــن الناحيــة الفكريــة باســتثناء وجــود‬ ‫بعــض األخطــاء الطفيفــة كــا يــرى ســ ّجانه‪،‬‬ ‫وقــد أصبــح أكــر اقتناعــاً نظريــاً بــأن اثنــن‬ ‫واثنــن خمســة أو ســتة أو كــا يشــاء الحــزب‪،‬‬ ‫فمــن الناحيــة العاطفيّــة مل يحقــق تحســن‬ ‫يذكــر‪ .‬وكان هــذا ســبباً يف انتقالــه إىل مرحلــة‬ ‫أش ـ ّد خطــورة وتعذيب ـاً ليصــل بهــا إىل الغايــة‬ ‫املنشــودة‪.‬‬ ‫لق��د رأى أن احلريّ��ة ه��ي أن مي��وت وه��و‬ ‫يكرهه��م»‪.‬‬ ‫إذا ً‪ ،‬ال يكفــي أن تخضــع للنظــام وتذعــن بــل‬ ‫«يجــب أن تحــب األخ األكــر فــا يكفــي‬ ‫أن تطيعــه وأنــت ال تحبــه»‪ .‬وبذلــك الحــب‬ ‫يتحقــق التطهــر والخــاص مــن األفــكار‬ ‫الخاطئــة التــي يبثهــا أعــداء النظــام ولكــن‪،‬‬ ‫كيــف يتحقــق الحــب؟ بســحق العقــل‪،‬‬ ‫واإلميــان التــام بالعجــز‪ ،‬والقــدرة عــى إلحــاق‬

‫األذى بــكل مــن هــم حولــك‪ ،‬بــل بأقــرب‬ ‫النــاس إليــك إذا مــا لــزم األمــر‪ .‬الحــب الــذي‬ ‫يــأيت بعــد أن يصــل الفــرد إىل حقيقــة أ ّن‬ ‫مــا تحقــق لــه هــو كل مــا يصبــو إليــه‪ ،‬وأن‬ ‫االنتصــار عــى النفــس هــو الســبيل لتحقيــق‬ ‫حــب الديكتاتــور‪ .‬وبعــد أن يتحقــق الحــب‬ ‫تتــم تصفيــة املتمــ ّرد‪ .‬لقــد كان مــن املؤثــر‬ ‫فعــا أن تــرى مبلــغ مــا أصبحــوا عليــه مــن‬ ‫ـب لــأخ الكبــر حتــى أنهــم ترضعــوا إلينــا‬ ‫حـ ّ‬ ‫يك نطلــق عليهــم الرصــاص ليموتــوا قبــل أن‬ ‫تعلــق بعقولهــم التــي تطهــرت أي يشء مــن‬ ‫أدران املــايض»‪.‬‬ ‫إن الحــرة كانــت مــا ت ـزال تتحكــم بعواطــف‬ ‫ونســتون‪ ،‬إال أنّهــا زالــت مــع ســقوط احتــال‬ ‫هزميتــه مــن قبــل أعدائــه يف حربــه التــي‬ ‫يخوضهــا‪ ،‬حربــه الحقيقيــة أو الوهميــة ال‬ ‫يهــم‪ ،‬ولك ّنهــا النتيجــة التــي جعلــت ونســتون‬ ‫يف نهايــة األمــر وبعــد إذاعــة بيــان النــر يبــي‬ ‫وهــو يــرى العامــة تخــرج إىل الشــوارع تهلــل‬ ‫للنــر ومتجــد الحاكــم وقــد وصــل إىل حقيقــة‬ ‫أنّــه كان يعيــش واهــاً‪ ،‬وأن غشــاوة رانــت‬ ‫عــى عينيــه وأن النضــال انتهــى‪« .‬ال بــأس فقــد‬ ‫انتهــى النضــال‪ ،‬وهــا قــد انتــرت عــى نفــي‬ ‫ورصت أحــب األخ الكبــر»‬ ‫قريبـاً مــن الواقــع‪ ،‬مــن املــايض الــذي نتجــاوزه‬ ‫بأقــدام تــدوس الليــل ووجــوه تقتحــم الضبــاب‬ ‫متمســكني بأمــل يلــوح يف هــذه العتمــة‪ ،‬لكننــا‬ ‫كل هــذا!‬ ‫يــا أرويــل عشــنا ّ‬ ‫ســجونك املتخيلــة ســجوننا‪ ،‬أخــوك األكــر‬ ‫قاتلنــا‪ ،‬رشطــة فكــرك مخابراتنــا‪ ،‬شاشــة رصــدك‬ ‫صــدوع يف جدراننــا؛ آذان تســرق الســمع‬ ‫إىل مخاوفنــا‪ .‬لكــن الفــارق يكمــن يف فكــرة‬ ‫بســيطة‪:‬‬ ‫نحــن انترصنــا عــى أنفســنا وبدأنــا طريــق‬ ‫األلــف ميــل بوجــع ظاهــر وأمــل كامــن بحيــاة‬ ‫الســام والحريــة واملعرفــة‪ .‬ومــا زال هنالــك‬ ‫مــن يقــف يف «أوقيانيــا» يــردد شــعارات الــذل‪:‬‬ ‫احل��رب ه��ي الس�لام‪ ،‬احلري��ة ه��ي‬ ‫العبودي��ة‪ ،‬اجله��ل ه��و الق��وة‪.‬‬

‫فلسفة الفن املعاصر‬

‫الدهشة واإلبهار يف العمل الفين‬

‫فهد الحسن‬

‫بــات مــن املســلم بــه أن العمــل الفنــي‬ ‫التشــكييل هــو إنجــاز إبداعــي راق ومتميــز‪،‬‬ ‫لــه قوانينــه الخاصــة‪ ،‬ويرتكــز عــى جملــة مــن‬ ‫الخصائــص التــي تضعــه يف خانــة خاصــة ومتفــردة‪،‬‬ ‫وهــو ال يختلــف كث ـرا ً عــن أي جنــس آخــر مــن‬ ‫اإلبــداع‪ ،‬ســواء مــن حيــث آليــة الخلــق الفنــي أو‬ ‫والدة األثــر الفنــي الــذي يضيــف إىل الفــن قيمــة‬ ‫جديــدة وخالقــة تــدل عــى صاحبهــا‪ ،‬وتشــر إليــه‬ ‫كقيمــة فنيــة وفكريــة وثقافيــة الفتــة‪.‬‬ ‫وإذا مــا أردنــا أن نغــوص أكــر يف ماهيــة اإلبــداع‪،‬‬ ‫وكينونــة وجــوده‪ ،‬وتأثــره يف املجتمعــات‪،‬‬ ‫ســنجد أن للعمــل الفنــي مرتك ـزات عــدة تتصــل‬ ‫مبكنوناتــه‪ ،‬وخصائصــه التــي بدورهــا تتآلــف مــع‬ ‫قوانينــه الداخليــة لتســمو بهــا إىل مصــاف عمليــة‬ ‫تكويــن متكاملــة‪ ،‬وناضجــة‪ ،‬فتتوحــد مــع املكونات‬ ‫األخرى األساســية لتشــكل جسـاً شــديد االنسجام‪،‬‬ ‫حيــث يضــع املتلقــي أمــام حالــة شــديدة التألــق‪،‬‬ ‫وهــو مــا يســمى بالدهشــة األوىل حــن يتلقــى‬ ‫املشــاهد تلــك املؤثــرات البرصيــة التــي تلــج‬ ‫وجدانــه وتدغــدغ حواســه‪ ،‬وتلــح عــى فكــره‬ ‫ورؤاه لــي يســر أغــوار العمــل الفنــي الســتنتاج‬ ‫ســات ينشــدها هــو‪ ،‬وال يلمســها يف أي نتــاج‬ ‫آخــر يقــرب منــه بنســب متفاوتــة‪..‬‬ ‫هــذه الســمة يتحــدث عنهــا بإســهاب املفكــر‬ ‫«جــان ماريوجويــو» حينــا يقــول‪ :‬إن اللوحــة‬ ‫الفنيــة هــي دعــوة إىل وليمــة مدهشــة‪ ..‬تأخــذ‬ ‫املشــاهد إىل تجليــات خاصــة ال يحققهــا لــه أي أثر‬ ‫آخــر‪ ،‬وهــذا يأخذنــا بالــرورة إىل وعــي الفنــان‬

‫التشــكييل‪ ،‬وقدرتــه عــى إحــداث صدمــة جامليــة‬ ‫تربــك بدهشــتها أعــاق املشــاهد‪ ،‬وتحرضــه عــى‬ ‫إعــال فكــره وعقلــه وإيقــاظ حواســه املمكنــة‬ ‫لــي يســتطيع النفــاذ إىل أعــاق اللوحــة وتحليــل‬ ‫أفــكار الفنــان وتفكيــك رمــوزه‪.‬‬ ‫وهــذا يتطلــب بالــرورة اســتعدادا ً مســبقاً‪،‬‬ ‫وتهيئــة ذهنيــة خاصــة للوصــول إىل ذروة التفاعــل‬ ‫والغــوص يف أدق التفاصيــل للخــروج برؤيــة‬ ‫تســتنبط مــا اختزنــه يف ذاكرتــه وبعدهــا املعــريف‬ ‫مــن هــذه الســمة اإلبداعيــة املســاة‪« :‬اللوحــة»‪،‬‬ ‫والــذي يقودنــا بالــرورة للحاجــة إىل الثقافــة‬ ‫البرصيــة التــي يفــرض توافرهــا وحضورهــا يف‬ ‫هكــذا ثنائيــة‪ ،‬حيــث ال مقــدرة عــى تفكيــك رمــوز‬ ‫وعنــارص العمــل الفنــي بغيــاب تلــك الثقافــة‪،‬‬ ‫وتــزول إمكانيــة التامهــي الجــايل والفكــري‪،‬‬ ‫ويصبــح نتــاج الفنــان عصيــاً عــى العبــور إىل‬ ‫واحــات امل َشــاهد‪ ،‬وبالتــايل ســتضطرب قــراءة‬ ‫أبجديــات العمــل الفنــي‪ ،‬وســيزول ذلــك التكامــل‬ ‫املطلــوب فيــه التوحــد الغنــي الــذي لــن نصــل يف‬ ‫غيابــه إىل تلــك اللــذة املنشــودة‪..‬‬ ‫وبالتــايل لــن يكــون هنــاك تواصــل بــري يؤســس‬ ‫لرشاكــة هامــة تصبــح كالظــال التــي يتفيــأ تحتهــا‬ ‫أي أثــر إبداعــي‪ ..‬ويتوجــه إليهــا كمحفــز و ُمثــور‬ ‫لذهنيتــه وأفــكاره‪..‬‬ ‫وهــذا يقودنــا إىل أن اإلبهــار يف العمــل الفنــي‬ ‫تحدثــه رؤيــة فنــان مبــدع يف أدواتــه‪ ..‬ومبــدع يف‬ ‫فكــره الخــاق‪ ..‬ويف قدرتــه عــى إنــارة رؤيــة اآلخــر‬ ‫وإيصــال مــا يريــد لــي يتحقــق ذلــك التفاعــل‬ ‫املنشــود‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫قص��ة األوه��ام‬

‫املوت‪...‬‬

‫الــذي يســ ّوق ذاتــه عــر‬ ‫أســاليب ماكــرة تســتخدم‬ ‫السياســة‪ ،‬ليحقــق مــن خاللهــا‬ ‫مصالحــه الفرديــة‪ ،‬واســتخدام‬ ‫الديــن‪ ،‬وخــاف املذاهــب‬ ‫فيــه‪ ،‬ويســخرها لخدمــة‬ ‫أجندتــه‪ ،‬عــر خلــط متعمــد‬ ‫بــن الواقــع‪ ،‬والزيــف إلنتــاج حالــة قابلــة‬ ‫للتصديــق يســوقها كواقــع يقبــل بــه الجميــع‬ ‫ويصدقونــه دون احتجــاج أو تذمــر‪.‬‬ ‫يف الــرق املعبــأ باالنتــاءات الدينيــة‪،‬‬ ‫والخيــال الجامــح‪ ،‬ميكــن ألي دجــال أن ميــرر‪،‬‬ ‫ويســوق يف أدمغــة النــاس مــا يريــد‪ ،‬ومــا‬ ‫يخــدم أجندتــه السياســية‪ ،‬لقــد س ـ ّوق هــذا‬ ‫الرجــل نفســه مبنتهــى الخبــث والــذكاء‪ ،‬عــر‬ ‫توظيــف البســطاء لخدمتــه‪ ،‬مقابــل قناعــة‬ ‫واهمــة‪ ،‬ويف مــكان معــزول عــن البــر‪،‬‬ ‫وحقنهــم بفكــر أيديولوجــي مخطــط لــه‬ ‫بشــكل مســبق يف هــذه الجنــة‪ ،‬الوهــم‪،‬‬ ‫التــي تعشــش يف ذاكــرة الــرق منــذ قديــم‬ ‫الزمــان‪ ،‬بحيويــة ونشــاط هائلــن‪ ،‬يهيــئ‬ ‫حســن الصبــاح الفدائيــن‪ ،‬ويرســلهم إىل‬ ‫املــوت‪ .‬شــباب صغــار‪ ،‬يحولهــم إىل أدوات‬ ‫منفصلــن عــن الواقــع‪ ،‬يأخــذ عقولهــم‬ ‫وينشــطها عــر الخيــال‪ ،‬ويطــر بهــم إىل‬ ‫املــوت‪ ،‬بعــد تجربــة حســية عــى األرض بعــد‬ ‫أن يروضهــم‪ ،‬يعلمهــم عــى حمــل الســيف‬ ‫والــرس وكل أســاليب القتــال وفنونــه‪،‬‬ ‫يعزلهــم يف قلعتــه البعيــدة عــن الحيــاة‬ ‫الطبيعيــة‪ .‬ويشــري الســبايا الصغــار‪ ،‬ويتفــق‬ ‫مــع بعــض عشــيقاته عــى قيــام كل واحــدة‬ ‫بــدور‪.‬‬ ‫يف أســفل قلعــة آملــوت‪ .‬ينقــل الفدائيــون‬ ‫الضحايــا‪ ،‬الذيــن يجــري اختيارهــم بدقــة‬ ‫متناهيــة‪ ،‬عــر النهــر يف ســفينة‪ ،‬يقودهــا‬ ‫عبيــد خصيــان‪ ،‬يف عــامل مملــوء بالخصيــان‪،‬‬ ‫مفرغــن مــن الحيويــة والحيــاة‪ .‬يضــع يف فــم‬ ‫كل شــاب حبــة حشــيش‪ ،‬ليحولــه إىل إنســان‬ ‫فاقــد للوعــي‪ ،‬ثــم يقذفهــم إىل أحضــان‬ ‫الصبايــا الصغــرات بعــد أن حرمهــم منهــن‬

‫رواية فالدميري بارتول‬ ‫آرام كرابيت‬

‫ُر ِف َع‬ ‫الكتاب َّ‬ ‫وجف باألقالمِ‬ ‫ُ‬

‫إبراهيم الرفيّع‬

‫ُ‬ ‫ِح ْ ٌب وعا َد‬ ‫الشوق باألسقامِ‬ ‫َ‬ ‫ورودك يف درويب راضياً‬ ‫تهدي‬ ‫َ‬ ‫والشوك تُ ْر ِسلُ ُه ِّ‬ ‫بكل خصامِ‬ ‫نبض ٍ‬ ‫قلب خافقٍ‬ ‫الحب إال ُ‬ ‫ما ُّ‬ ‫بالشوقِ و الذكرى مدى األيامِ‬ ‫يا ساكناً ب َني الضلو ِع ته ُّزها‬ ‫والروح َ‬ ‫منك ُّ‬ ‫تظل يف أوهامِ‬ ‫ُ‬ ‫ّإن دف ْن ُت ال ُح َّب فيها ُح ْرقَ ًة‬ ‫اليأس ه َّد ِعظامي‬ ‫فَ َمىش علي ِه ُ‬ ‫أ ْرنو إىل الط ِ‬ ‫ّيف األَخريِ ب َِص ْب َويت‬ ‫وأَعاتِ ُب األ ْحال َم يف أحالمي‬ ‫آوي إىل ِ‬ ‫بيت الق ِ‬ ‫َريض يظلني‬ ‫أروي حكاي َة حرسيت و هيامي‬ ‫يف قلب َِي املكلومِ نَ ْب ٌض مثْق ٌَل‬ ‫مل ِم ْن َع ٍ‬ ‫ما َّ‬ ‫زف بال آثامِ‬ ‫ما ز َال ح ُّبك يعتيل قم َم األىس‬ ‫رض لو أَلِ َف األىس أيامي‬ ‫ما َّ‬ ‫وكأ َّن ح َّب َك مسني من ِج َّن ٍة‬ ‫فَثَمل ُْت ليالً دو َن ِ‬ ‫كأس مدامِ‬ ‫القلب آهاتٌ مم ّزق ٌة بها‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫بَ ْو ٌح يخاصمني لِجو ِر ِصيامي‬ ‫قص حكايتي‬ ‫ما كا َن أ ْوىل أ ْن أَ َّ‬ ‫يا ِق َّص َة األوهامِ يا آالمي‬ ‫كمساكب‬ ‫لِل ّدمعِ بات َْت أ ْع ُيني‬ ‫ٍ‬ ‫س ِحاممي‬ ‫تروي حنيناً في ِه ِ ُّ‬ ‫ِش ْعري بُكا ُء الرو ِح يف ع ِني الهوى‬ ‫وب ِه الحصا ُد لِ َم ْو ِسم األقالمِ‬

‫ماء وزبد‬ ‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫متجاوران؛ قصيديت وغدي‬ ‫متقاطعان عىل شفا البد ِد‬ ‫متوازيان إذا هام انطلقا‬ ‫متشاركان اله َّم يف ِ‬ ‫البلد‬ ‫يف باب ِه ألبو ُم من قلقٍ‬ ‫يف جيدها حبالن من ِ‬ ‫مسد‬ ‫يستعديان َ‬ ‫الليل يف حلمٍ‬ ‫وهام ولياله يدا ً بيدِ‬ ‫فالريح مسك ُن ُه‬ ‫إن أتهمت‬ ‫ُ‬ ‫بذرت بها شهدا َء يف خلدي‬ ‫أو أنجدت أغىض وأرسلها‬ ‫دال ّي ًة ُولدت ومل ِ‬ ‫تلد‬ ‫هذّبت خويف حني قابلني‬ ‫ضيفاً خفيفاً باذ َخ الس َه ِد‬ ‫وفتحت بايب ثم قلت «هال»‬ ‫وسقيته شاياً ومل أ ِز ِد‬ ‫وقرأتها يف ليلِ حرضت ِه‬ ‫سمرا َء من غيمٍ ومن بردِ‬ ‫بلّلت نايايت بدمعهام‬ ‫ونرثت بني خطاهام ولدي‬ ‫وكل ع ْدو ِهام‬ ‫مرتاكضان‪ّ ..‬‬ ‫خيطانِ من ما ِء ومن زبَ ِد‬

‫تســلط روايــة «املــوت» الضــوء عــى صناعــة‬ ‫القائــد التاريخــي‪ ،‬اإليديولوجــي الــذي‬ ‫ميــارس التعميــة‪ ،‬والتوريــة عــى أتباعــه عــر‬ ‫اســتالبهم‪ ،‬وتغييبهــم عــن الواقــع‪ ،‬وأخذهــم‬ ‫إىل املــوت بفنيــة عاليــة‪ ،‬حيــث يتميــز‪ ،‬هــذا‬ ‫املفهــوم‪ ،‬بالباطنيــة‪ ،‬وإخضــاع كل الــرؤوس‬ ‫أمــام جــروت رأس واحــدة‪.‬‬ ‫يف الروايــة نالحــظ‪ ،‬كيــف يراقــب القائــد‬ ‫«حســن الصبــاح» مــن موقعــه يف قلعــة‬ ‫آملــوت عــن كثــب‪ ،‬ال ـراع الســيايس داخــل‬ ‫قــر الســلطان‪ ،‬التحالفــات‪ ،‬والتناقضــات‬ ‫يف الدوائــر املقربــة مــن صنــع الق ـرار‪ .‬لقــد‬ ‫حــول تــاج امللــك‪ ،‬وزيــر الســلطانة الشــابة‬ ‫«تــوركان خاتــون» مخـرا ً لــه‪ ،‬ودعــم ســعيها‬ ‫الحثيــث إليصــال ابنهــا إىل واليــة العهــد‬ ‫كبديــل «لباركيــاروق» االبــن األكــر لزوجــة‬ ‫الســلطان الثانيــة‪ ،‬بدعــم مبــارش‪ ،‬وقــوي مــن‬ ‫رجــل آخــر يتصــف بالدهــاء‪ ،‬وقــد اســتخدم‬ ‫هــذا الـراع الخفــي بينهــا لتأجيــج وصــول‬ ‫األمــر إىل حالــة الـراع املســلح عــى العــرش‪.‬‬ ‫وتســلط الروايــة الضــوء أيضــاً عــى حالــة‬ ‫الخبــث الســيايس‪ ،‬وتواطــؤ رجــل السياســة‬

‫أسعد فخري‬

‫فــرة طويلــة‪.‬‬ ‫وســط الشــموع واألشــجار واملوســيقا والغنــاء‬ ‫يف هــذه الجنــة‪ ،‬ميارســون الجنــس يف الهــواء‬ ‫الطلــق‪ ،‬بشــبق وشــهوة غــر معتادتــن وقبــل‬ ‫اســتيقاظهم مــن هــذه الغفــوة الجميلــة‪،‬‬ ‫اللذيــذة‪ ،‬يعيدهــم الخصيــان إىل عاملهــم‬ ‫األول‪ ،‬إىل الثكنــة‪.‬‬ ‫إن اســتخدام مفهــوم الجنــة والحــور العــن‪،‬‬ ‫يُعـ ّد فاكهـ ًة شــهية‪ ،‬منتجـاً عقليـاً مــن الزمــن‬ ‫القديــم‪ ،‬يعشــش يف خيــال الــرق كلــه‪،‬‬ ‫ولــه أصــداء محققــة يف الغــرب والجنــوب‬ ‫والشــال‪ ،‬يســحر األلبــاب ويتــوه معــه‬ ‫العقــل‪ ،‬ويجنــح مــع الخيــال‪ ،‬ويحــط رحالــه‬ ‫يف أذهاننــا كقــدر ال فــكاك منــه‪ .‬يحملــه‬ ‫«حســن الصبــاح» مــن مرقــده يف التكويــن‬ ‫األول لإلنســان وينســج حولــه واقعــاً‪،‬‬ ‫ويحولــه إىل صــوت وصــورة‪ .‬أليســت النســوة‬ ‫جــزءا ً مهـاً وحيويـاً مــن الجنــة‪ ،‬أجســادهن‪،‬‬ ‫فروجهــن‪ ،‬أنوثتهــن يســلب عقــول الرجــال يف‬ ‫هــذا العــامل واالندفــاع للبحــث عنهــن حتــى‬ ‫يف الخيــال‪ .‬لهــذا ميكننــا تحــت ســحرهن أن‬ ‫نصنــع الخيــال ونحولــه إىل مكســب ســيايس‬ ‫يف مشــاريعنا التــي ال يحدهــا حــدود‪،‬‬ ‫ينعــش الشــعر واألدب والفــن‪ ،‬ويخفــق‬ ‫القلــب‪ ،‬وتضيــع الحــدود‪ .‬يقــول أحدهــم‬ ‫لــأرسى يف محاولــة تطويعهــم‪« :‬إن ســيدنا‬ ‫نبــي عظيــم‪ ،‬لــن تلبــث بــاد اإلســام كافــة‬ ‫أن تنضــوي تحــت رايتــه»‪ .‬ويقــول آخــر‬ ‫عــن الجنــة املزعومــة‪« :‬الصبايــا غارقــات يف‬ ‫فــوىض وســط األرائــك‪ ،‬بعضهــن عاريــات‬ ‫متامــاً‪ ،‬والبعــض األخــر شــبه مغطيــات‬ ‫بهــدب ثــوب‪ ،‬وســيقانهن الشــهية أمــام‬ ‫الناظــر مثــرة لإلعجــاب‪ ،‬وهــي مســرخية‬ ‫بدعــة فــوق الحريــر املقصــب‪ .‬بينــا كانــت‬ ‫صدورهــن ترتفــع وتهبــط بتناســق هــادئ‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاع «حســن الصبــاح» تصفيــة‬ ‫خصومــه الواحــد تلــو األخــر‪ ،‬بيــد هــؤالء‬ ‫الصغــار‪ ،‬حتــى الوزيــر نظــام امللــك‪ ،‬صديقــه‬ ‫وخصمــه عنــد الســلطان الســلجوق لعــب‬ ‫دورا ً مهــاً يف إضفــاء صفــة النبــوة عليــه‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫عمــل هــذا القائــد‪ ،‬حســن الصبــاح‪ ،‬عــى‬ ‫إســباغ هالــة غامضــة عــى نفســه‪ ،‬كــا‬ ‫يفعــل الســحرة‪ .‬وعمــد إىل إخفــاء ذاتــه‬ ‫الحقيقيــة عــن العــوام‪ .‬مل يســمح لهــم‬ ‫برؤيتــه أو محاولــة االقــراب مــن أفــكاره‪.‬‬ ‫ووضــع حاج ـزا ً بينــه وبــن الرعيــة‪ .‬وفصــل‬ ‫النســاء عــن الرجــال‪ .‬ومنعهــم مــن الــزواج‬ ‫أو مامرســة الجنــس‪ .‬وضــع الرجــال يف مــكان‪،‬‬ ‫والنســاء يف مــكان آخــر‪ .‬ويف محاولــة تطويــع‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬يقــول أحدهــم‪« :‬بوحــوا لهــم‬ ‫أن نبيــاً عظيــاً يقيــم يف آملــوت»‪ .‬هكــذا‬ ‫يفهــم الدعــاة يف نــر مذهبهــم الجديــد‪،‬‬ ‫وتجنيــد النــاس وإدخالهــم يف حظــرة الفكــر‬ ‫االيديولوجــي الشــمويل‪ ،‬الرسيــة املطلقــة‪،‬‬ ‫عبيــد وعســكر وأتبــاع‪ ،‬تدريــب وغمــوض‪،‬‬ ‫اللعــب بعقــول النــاس ومســخهم إلنتــاج‬ ‫عقيــدة عــى مقــاس إنســان مهــووس يف‬ ‫عشــق ذاتــه املريضــة‪ .‬بيــد أنــه ذيك جــدا ً‪،‬‬ ‫محنــك‪ ،‬ال يتــورع عــن القيــام بأقــذر‬ ‫األســاليب للوصــول إىل الهــدف‪ ،‬محققــاً‬ ‫مقولــة‪ ،‬الغايــة تــرر الوســيلة‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاعت الروايــة أن تقــدم لنــا حكايــة‬ ‫نراهــا تتكــرر اليــوم‪ ،‬وهــي تصــف لنــا قلعــة‬ ‫ســلجوقية مهجــورة‪ ،‬حولهــا الداهيــة «حســن‬ ‫الصبــاح» إىل حاميــة لــه لتكــون مركــز انطالق‬ ‫مرشوعــه الســيايس‪ ،‬عــر ســلطة سياســية‬ ‫محــدودة يف موقــع صغــر يف وســط إي ـران‪،‬‬ ‫الســتعادة تاريــخ زال واندثــر‪ ،‬وذلــك لتعويــم‬ ‫نفســه عــر اســتعادة ذلــك التاريــخ‪ ،‬ال يشء‬ ‫يقــف أمامــه‪ ،‬ال حيوات الناس‪ ،‬وال بســاطتهم‬ ‫أو غباؤهــم‪ .‬لقــد كان هــذا الغبــاء والجهــل‬ ‫هــا الســفينة التــي يسـ ّوق أفــكاره ونشــاطه‬ ‫عليهــا للوصــول إىل هدفــه ويحقــق أحالمــه‬ ‫املرضيــة وغايتــه امللوثــة بدمــاء البــر‪.‬‬ ‫اســتطاع حســن الصبــاح أن يحــول نفســه إىل‬ ‫نبــي باإلغ ـراء‪ ،‬بالوهــم والخــداع‪ ،‬بالرتغيــب‬ ‫والرتهيــب‪ ،‬وإيهــام النــاس أنــه عــى عالقــة‬ ‫مــع اللــه‪ ،‬ويســتطيع أن يرســل النــاس إىل‬ ‫الجنــة ويعيدهــم إىل الحيــاة‪.‬‬

‫بازار اجلوائز‪ ..‬حروب خليجية ناعمة‬

‫يبــدو أن العقــدة الخليجيــة يف التنافــس‬ ‫املحمــوم بــن حــكام وشــيوخ إماراتهــا‪،‬‬ ‫واملرتبــط بصــورة أساســية‪ ،‬بهاجــس‬ ‫مفهومــات اســتهالكية‪ ،‬وشــكالنية‪ ،‬تتعلــق‬ ‫مبــا يدعــى (األول‪ ،‬األكــر‪ ،‬األعــى‪ ،‬األمثــن)‬ ‫يف العــامل‪ ،‬قــد أخــذت طريقهــا إىل حقــول‬ ‫ثقافيــة‪ ،‬مل تكــن يف املــايض القريــب‪ ،‬مــن‬ ‫أولويــات ذلــك التنافــس التعويــي‪ ،‬بــن تلــك‬ ‫الــدول‪ ،‬والــذي تحــول مؤخ ـرا ً إىل شــكل مــن‬ ‫أشــكال الــراع الخفــي‪ ،‬واالحــراب الناعــم‪،‬‬ ‫الــذي انعكــس عــى مشــهد الثقافــة العربيــة‪،‬‬ ‫بصــورة مركبــة تدعــو للريبــة والشــك‪.‬‬ ‫قــد تكــون ملحمــة الجوائــز الثقافيــة‬ ‫واإلعالميــة الخليجيــة‪ ،‬أحــد أهــم املــؤرشات‬ ‫الصارخــة يف هــذا امليــدان‪ ،‬الــذي بــدأت‬ ‫فيــه لعبــة شــد الحبــال بــن تلــك املؤسســات‬ ‫الباذخــة يف الــراء‪ ،‬والســخية يف العطــاء‪.‬‬ ‫منــذ العــام «‪ »2007‬انفــردت هيئــة أبــو‬ ‫ظبــي للثقافــة‪ ،‬بــاإلرشاف عــى جائــزة البوكــر‬ ‫العامليــة للروايــة العربيــة‪ ،‬التــي كانــت‪ ،‬ومــا‬ ‫زالــت الحــدث الــروايئ األبــرز‪ ،‬واألهــم يف‬ ‫النشــاطات الثقافيــة العربيــة بــا منــازع‪ ،‬عــى‬ ‫الرغــم مــن تنــوع‪ ،‬وتعــدد الجوائــز يف باقــي‬ ‫البلــدان العربيــة‪ ،‬وقــد أمثــرت تلــك الجائــزة‪،‬‬ ‫العديــد مــن األعــال الروائيــة الهامــة‪ ،‬التــي‬ ‫خَلقــت فرصــة ت َ َعــ ِّرف جمهــور واســع مــن‬ ‫املتابعــن للشــأن الــروايئ‪ ،‬عــى أســاء أثبتــت‬ ‫فيــا بعــد‪ ،‬حضورهــا الالفــت‪ ،‬يف املكتبــة‬ ‫الروائيــة العربيــة‪.‬‬ ‫ومبــا أن هاجــس صناعــة الحــدث األكــر‪ ،‬جــزء‬ ‫ال يتجــزأ مــن عقليــة املؤسســات الثقافيــة‬ ‫الخليجيــة‪ ،‬بــدأت لعبــة شــد الحبــال‪ ،‬ويل‬

‫األذرع التــي قادتهــا مؤسســة الحــي الثقــايف‬ ‫بالدوحــة تحــت مــا يســمى «جائــزة كتــارا‬ ‫للروايــة العربيــة»‪ ،‬والتــي أغدقــت يف كرمهــا‬ ‫مــا فــاق حــد التصــور‪ ،‬واملعقــول‪ ،‬لتكــون‬ ‫مثــار اهتــام كبــر داخــل مشــهد جوائــز‬ ‫الروايــة العربيــة لهــذا العــام‪ ،‬مــا دفــع‬ ‫العديــد مــن الروائيــن العــرب‪ ،‬اإلحجــام عــن‬ ‫املشــاركة يف جائــزة «البوكــر» بعــد أن قامــت‬ ‫مؤسســة «كتــارا» بنــر الالئحــة التنفيذيــة‬ ‫للجائــزة‪.‬‬ ‫إن املقارنــة بــن الجائزتني»كتــارا‪ ،‬والبوكــر»‬ ‫يف بــازار الجوائــز الخليجيــة يكشــف لنــا‬ ‫مــدى الفــارق الكبــر بــن العــرض والطلــب‬ ‫داخــل أهدافهــا التحفيزيــة‪ ،‬فجائــزة البوكــر‬ ‫متواضعــة يف مكافآتهــا فهــي متنــح للفائزيــن‬ ‫بالقامئــة القصــرة‪ ،‬وعددهــم ســتة‪ ،‬مبلــغ‬ ‫‪ 10‬آالف دوالر لــكل منهــم‪ ،‬إضافــة إىل منــح‬ ‫الفائــز األول مــن داخــل القامئــة القصــرة‬ ‫مبلغــاً قــدره «‪ »50‬ألــف دوالر‪ ،‬ليكــون‬ ‫بذلــك مجمــوع مــا متنحــه جائــزة البوكــر‬ ‫للفائزيــن نحــو «‪ »110‬آالف دوالر‪ ،‬واقتصــار‬ ‫ترجمــة النــص الفائــز باملرتبــة األوىل إىل اللغــة‬ ‫االنكليزيــة فقــط‪ ،‬علــاً أن عــدد النصــوص‬ ‫الروائيــة التــي ُر ِشــحت إىل الجائــزة عــن‬ ‫طريــق دور النــر بلــغ «‪ »180‬عم ـاً روائي ـاً‪.‬‬ ‫يف جائــزة «كتــارا» األمــر مختلــف‪ ،‬ويســتحق‬ ‫الكثــر مــن التوقــف‪ ،‬والتأمــل‪ ،‬لكــن قبــل‬ ‫الدخــول يف تجاذبــات الرتغيــب املركــب يف‬ ‫خصائــص «كتــارا» واألبعــاد التــي ســتخلفها‬ ‫عــى صعيــد الــرد الــروايئ وأهدافــه‬ ‫التحفيزيــة املعلنــة‪ ،‬ال بــد مــن التطــرق‬ ‫ملقاربتهــا مــع جائــزة البوكــر وذلــك ملعرفــة‬ ‫الفــروق التحفيزيــة الكبــرة بينهــا‪.‬‬

‫فخارطــة الطريــق للوصــول إىل كنــز «كتــارا»‬ ‫يتحقــق مــن خــال فــوز عــرة نصــوص‬ ‫روائيــة‪ ،‬خمســة منهــا منشــورة‪ ،‬والخمســة‬ ‫األخــرى‪ ،‬نصــوص غــر منشــورة «مخطوطات»‬ ‫حيــث تنــال النصــوص املنشــورة الفائــزة «‪»60‬‬ ‫ألــف دوالر لــكل منهــا‪ ،‬كــا مينــح النــص‬ ‫القابــل للتحويــل إىل حالــة دراميــة «فيلــم‬ ‫ســيناميئ أو مسلســل تلفزيــوين» مبلغـاً قــدره‬ ‫«‪ »200‬ألــف دوالر‪ ،‬كذلــك متنــح النصــوص‬ ‫الروائيــة غــر املنشــورة الفائــزة مبلغ ـاً قــدره‬ ‫«‪ »30‬ألــف دوالر لــكل منهــا‪ ،‬إضافــة إىل مبلغ‬ ‫«‪ »100‬ألــف دوالر‪ ،‬للنــص القابــل للتحويــل‬ ‫إىل حالــة دراميــة‪ ،‬كــا ت َُتجــم األعــال‬ ‫العــرة الفائــزة إىل خمــس لغــات أجنبيــة‬ ‫«اإلنكليزيــة الفرنســية‪ ،‬اإلســبانية‪ ،‬الهنديــة‪،‬‬ ‫الصينيــة» وبذلــك يكــون مجمــوع املبالــغ‬ ‫املدفوعــة للفائزيــن العــرة األوائــل «‪»750‬‬ ‫ألــف دوالر‪ ،‬علــاً أن عــدد النصــوص التــي‬ ‫ُرشــحت للجائــزة‪ ،‬بلغــت «‪ »711‬نصـاً روائيـاً‬ ‫«‪ »475‬منهــا مخطــوط‪ »236« ،‬منشــور‪.‬‬ ‫ال شــك أن مــا أقدمــت عليــه مؤسســة «كتارا»‬ ‫حالــة فريــدة مــن نوعهــا‪ ،‬ومل يســبقها إليــه‬ ‫أحــد مــن قبــل يف ميــدان بــازار الجوائــز‬ ‫الخليجيــة هــذا‪ ،‬وال نعلــم مــاذا يُحــاك خلــف‬ ‫األكمــة‪ ،‬وداخــل أتــون ال ـراع املحمــوم بــن‬ ‫راعيــن متنافســن‪ ،‬لهــا مــن الخــرة‪ ،‬والدربــة‬ ‫يف َجــذب صيــادي الجوائــز إىل حقولهــا‪.‬‬ ‫أمــا األمــر اآلخــر‪ ،‬واألكــر خطــورة يف هــذا‬ ‫البــازار‪ ،‬فهــو حالــة الرتغيــب التــي ســتنعكس‬ ‫بالــرورة عــى املنتــج الــروايئ الــذي ســيلهث‬ ‫خلــف تحقيــق رشوط الالئحــة الداخليــة‬ ‫للجــان التحكيــم كمرجعيــة‪ ،‬ومعيــار مــا‬ ‫ســيدفع الكثــر مــن الروائيــن إىل تعطيــل‬

‫مفاعيــل تجديــد الــرود‪ ،‬وتناميهــا داخــل‬ ‫أعاملهــم‪ ،‬وتفعيــل مقاييــس اشـراطات لجــان‬ ‫التحكيــم‪ ،‬وهــذا ســيخلق بالــرورة حالــة‬ ‫مــن القلــق داخــل أعاملهــم‪ ،‬ويَ ِحــد مــن‬ ‫تطلعاتهــم الرسديــة التجديديــة‪ ،‬ويكــون‬ ‫رقيبــاً جديــدا ً عــى الــروايئ اســمه «تابــو‬ ‫الالئحــة» التــي تعــاين هــي األخــرى مــن‬ ‫خلــل‪ ،‬واضطــراب‪ ،‬واضحــن مبــا يخــص‬ ‫قبــول مشــاركة النصــوص الروائيــة التــي‬ ‫كانــت قــد فــازت بجوائــز أخــرى مــن العــام‬ ‫ذاتــه‪ ،‬مث ـاً روايــة الطليــاين للمبخــوت‪ ،‬التــي‬ ‫فــازت بالبوكــر لهــذا العــام «‪ »2015‬كانــت‬ ‫قــد فــازت قبــل شــهرين بجائــزة «كومــار‬ ‫التونســية» يف العــام ذاتــه‪ ،‬كذلــك هــو حــال‬ ‫روايــة «شــوق الدرويــش» للــروايئ الســوداين‬ ‫حمــور زيــادة‪ ،‬فهــي األخــرى فــازت بجائــزة‬ ‫«نجيــب محفــوظ» قبــل فوزهــا بالبوكــر‬ ‫بأشــهر قليلــة مــن العــام ذاتــه‪.‬‬ ‫يبــدو أن جائــزة الحــي الثقــايف القطريــة‬ ‫«كتــارا» يف صورتهــا الباذخــة‪ ،‬ســتحتل مكانــة‬ ‫هامــة‪ ،‬وبــارزة يف الســنوات القادمــة‪ ،‬وتكــون‬ ‫محــط أنظــار العديــد مــن الروائيــن العــرب‬ ‫مــن صيــادي الجوائــز‪ ،‬ممــن لهــم مكانتهــم‪،‬‬ ‫وتجربتهــم يف املشــهد الــروايئ‪ ،‬لقــد أصبــح‬ ‫الدخــول إىل «كتــارا» الذهبيــة‪ ،‬هاجسـاً ملحـاً‪،‬‬ ‫ســيتهافت عليــه أصحــاب التجــارب الرسديــة‬ ‫الكبــرة‪ ،‬والكثــر أيضــاً مــن املغامريــن‬ ‫الرسديــن يف تطبيــق لوائــح لجــان التحكيــم‪،‬‬ ‫لنحصــل يف النهايــة عــى أعــال روائيــة هــي‬ ‫خليــط مــن الــرد‪ ،‬والســيناريو‪ ،‬والــذي‬ ‫ســيقود التجربــة الروائيــة العربيــة إىل جنــس‬ ‫هجــن ليــس مــن أصــل الــرود التــي أمثــرت‬ ‫كــاً هائــاً مــن األعــال الروائيــة الخالــدة‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫شــهد مــرح األوبــرا يف العاصمــة‬ ‫القطريــة «الدوحــة»‪ ،‬ليلــة «‪»2015/6/20‬‬ ‫وضمــن حفــل كبــر‪ ،‬ضــم العديــد مــن‬ ‫األســاء األدبيــة‪ ،‬والثقافيــة يف الوطــن العــريب‪،‬‬ ‫وبحضــور عــدد مــن الــوزراء‪ ،‬واملســؤولني‪،‬‬ ‫والســفراء‪ ،‬والضيــوف‪ ،‬واملدعويــن مــن داخــل‬ ‫وخــارج قطــر‪ ،‬إعــان املؤسســة العامــة للحــي‬ ‫الثقــايف‪ ،‬أســاء الفائزيــن العــرة األوائــل‬ ‫بجائــزة «كتــارا» للروايــة العربيــة عــن دورتهــا‬ ‫األوىل‪.‬‬ ‫حيــث فــاز يف فئــة الروايــة املنشــورة‪ ،‬وقيمتهــا‬ ‫«ســتون ألــف دوالر» كل مــن‪ :‬الــروايئ‬ ‫واســيني األعــرج مــن الجزائــر‪ ،‬عــن روايتــه‬ ‫«مملكــة الفراشــة»‪ ،‬والــروايئ الســوداين أمــر‬ ‫تــاج الــر‪ ،‬عــن روايــة «‪ ،»366‬كــا فــاز‬ ‫الــروايئ إبراهيــم عبــد املجيــد مــن مــر‪ ،‬عــن‬ ‫روايتــه «أداجيــو»‪ ،‬والروائيــة منــرة ســوار‬ ‫مــن البحريــن‪ ،‬عــن روايتهــا «جاريــة»‪ ،‬كذلــك‬ ‫فــازت الروائيــة العراقيــة نــارصة الســعدون‬ ‫عــن روايتهــا «دوامــة الرحيــل»‪.‬‬ ‫أمــا يف فئــة الروايــات غــر املنشــورة وقيمتهــا‬ ‫«ثالثــون ألــف دوالر» فــاز فيهــا كل مــن‪:‬‬ ‫جــال برجــس مــن األردن عــن روايتــه «أفاعي‬ ‫النــار» وعبــد الجليــل الــوزاين التهامــي مــن‬ ‫املغــرب عــن روايتــه «امــرأة يف الظــل»‪ ،‬كــا‬ ‫فــاز الــروايئ ســامح الجبــاس مــن مــر عــن‬ ‫روايتــه «حبــل قديــم وعقــدة مشــدودة»‪،‬‬ ‫ومــن العـراق فــازت أيضـاً الروائيــة‪ ،‬ميســلون‬ ‫هــادي عــن روايتهــا «العــرش والجــدول»‪،‬‬ ‫ومــن املغــرب الــروايئ زكريــا أبــو ماريــة عــن‬ ‫روايــة «مزامــر الرحيــل والعــودة»‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫استقطاب األمساء الروائية الوازنة‬ ‫يف جائزة «كتارا» القطرية للرواية العربية‬

‫ويف جائــزة «الدرامــا» للروايــة املنشــورة‪ ،‬فقــد‬ ‫فــازت «مملكــة الفراشــة» للــروايئ واســيني‬ ‫األعــرج‪ ،‬وهــي جائــزة أفضــل روايــة قابلــة‬ ‫للتحويــل إىل عمــل درامــي مــن بــن الروايــات‬ ‫املنشــورة الفائــزة‪ ،‬وقيمتهــا «مائتــا ألــف‬ ‫دوالر» مقابــل رشاء حقــوق تحويــل الروايــة‬ ‫إىل عمــل درامــي‪.‬‬ ‫كــا أعلــن عــن الروايــة الفائــزة بجائــزة فئــة‬ ‫«الدرامــا» للروايــة غــر املنشــورة‪ ،‬والتــي‬ ‫كانــت مــن نصيــب الــروايئ املــري ســامح‬ ‫الجبــاس‪ ،‬عــن روايتــه «حبــل قديــم وعقــدة‬ ‫مشــدودة» وقيمتهــا مائــة ألــف دوالر‪.‬‬ ‫الجديــر بالذكــر هنــا أن األعــال العــرة‬

‫الفائــزة ســيتم ترجمتهــا إىل خمــس لغــات‬ ‫هــي «اإلنكليزيــة والفرنســية‪ ،‬واإلســبانية‪،‬‬ ‫والهنديــة‪ ،‬والصينيــة»‪.‬‬ ‫ويف ترصيــح للجزيــرة نــت‪ ،‬قــال واســيني‬ ‫األعــرج بشــأن تحويــل روايتــه إىل عمــل‬ ‫درامــي‪ ،‬أو فيلــم ســيناميئ‪ ،‬أن ســعادته‬ ‫كبــرة بهــذا الفــوز الــذي ســيجعل روايتــه‬ ‫أكــر انتشــارا ً‪ ،‬ومواجهــة لجمهــور املتلقــن‬ ‫العريــض‪.‬‬ ‫كــا أكــد الــروايئ املــري ســامح الجبــاس‬ ‫الفائــز بجائــزة الدرامــا عــن فئــة الروايــة‬ ‫غــر املنشــورة إنــه كان يطمــح إىل أن يحظــى‬ ‫العمــل بالطبــع والنــر والتوزيــع والرتجمــة‬

‫إىل خمــس لغــات‪ ،‬خاصــة أن الصــوت الــروايئ‬ ‫العــريب ال يصــل إىل شــعوب العــامل‪.‬‬ ‫ومــن جهتــه‪ ،‬أكــد الــروايئ املغــريب زكريــا‬ ‫أبــو ماريــة يف ترصيــح خــاص للجزيــرة نــت‬ ‫أن جائــزة كتــارا للروايــة العربيــة رفعــت‬ ‫ســقف التحــدي‪ ،‬مقارنــة مبــا هــو متــاح عــى‬ ‫الصعيــد العــريب مــن جوائــز‪ ،‬وهــذا يخــدم‬ ‫الروايــة والــروايئ عــى حــد ســواء‪ ،‬مش ـرا ً إىل‬ ‫أن الجائــزة‪ ،‬اختــرت عــر ســنوات يف ســنة‬ ‫واحــدة باتخاذهــا القـرار الجــريء بــأن يكــون‬ ‫الفائــزون عــرة بــدل واحــد‪.‬‬ ‫وقــد أوضحــت لجنــة التحكيــم يف تقريرهــا‬ ‫الــذي متــت تالوتــه يف االحتفــال‪ ،‬أن عمليــة‬

‫التحكيــم اعتمــدت معايــر موحــدة‪ ،‬تتعلــق‬ ‫ببنــاء الروايــة‪ ،‬وقيمــة األســئلة التــي تطرحهــا‪،‬‬ ‫إضافــة اىل أخذهــا باالعتبــار‪ ،‬جملــة األعــال‬ ‫مــن حيــث طبيعتهــا‪ ،‬واألجيــال العمريــة‪،‬‬ ‫واختــاف البلــدان املشــاركة‪.‬‬ ‫كــا أن األســاء الفائــزة تعــد صــورة معــرة‬ ‫عــن املشــهد الــروايئ العــريب‪ ،‬حيــث فــازت‬ ‫أســاء وازنــة‪ ،‬ولديهــا حضــور وتجــارب يف‬ ‫فضــاء الكتابــة‪ ،‬ويف الوقــت نفســه‪ ،‬ظهــرت‬ ‫أصــوات جديــدة مبدعــة‪ ،‬مــا يعطــي الجائزة‬ ‫مصداقيــة يف التعامــل املوضوعــي مــع املشــهد‬ ‫الــروايئ‪.‬‬ ‫وكان املــرف العــام عــى جائــزة كتــارا‬ ‫للروايــة العربيــة قــد أعلــن يف كلمتــه يف‬ ‫الحفــل الختامــي عــن جائــزة جديــدة للبحــث‬ ‫والنقــد والتحليــل الــروايئ‪ ،‬تهــدف إىل تطويــر‬ ‫هــذا الجنــس األديب وتوســيع مــداه‪ ،‬إىل جانب‬ ‫الفئتــن األوىل والثانيــة للجائــزة‪.‬‬ ‫وقــد تبــن مــن خــال تقريــر لجنــة التحكيــم‪،‬‬ ‫أن اللجنــة املرشفــة عــى الجائــزة تلقــت‬ ‫«‪ »711‬روايــة‪ ،‬هــي حصيلــة املتقدمــن إىل‬ ‫جائــزة كتــارا‪ ،‬وفــق مــا يــي‪ »475« :‬روايــة‬ ‫غــر منشــورة‪ ،‬و»‪ »236‬روايــة منشــورة‪ ،‬حيث‬ ‫بلغــت بذلــك نســبة الروايــات غــر املنشــورة‬ ‫‪ ،67%‬يف حــن بلغــت نســبة الروايــات‬ ‫املنشــورة نحــو ‪ .33%‬وهــذه النســب تــدل‬ ‫عــى مــدى حيويــة الجائــزة‪ ،‬وتعطــش األدبــاء‬ ‫العــرب‪ ،‬ال ســيام الشــباب‪ ،‬وأصحــاب األقــام‬ ‫الواعــدة‪ ،‬إىل هــذا النــوع مــن الجوائــز الــذي‬ ‫يعــد إضافــة نوعيــة‪ ،‬داخــل مشــهد الروايــة‬ ‫العربيــة‪.‬‬

‫جائزة الصحافة العربية‪....‬‬ ‫حافز جديد يعزز دور الكلمة احلرة ومصداقيتها‬ ‫تزامنــاً مــع الحفــل الختامــي ملنتــدى‬ ‫«اإلعــام العــريب» يف دورتــه الرابعــة عــر‬ ‫لعــام ‪ 2015‬قــام حاكــم ديب‪ ،‬الشــيخ محمــد‬ ‫بــن راشــد آل مكتــوم‪ ،‬مســاء يــوم الثالثــاء‬ ‫«‪ »2015/5/13‬وضمــن حفــل أقيــم يف مدينــة‬ ‫«جمــرا ديب» بتكريــم الفائزيــن بجوائــز‬ ‫الصحافــة العربيــة والبالــغ عددهــم خمســة‬ ‫عــر فائ ـزا ً مــن مختلــف الصحــف اليوميــة‪،‬‬ ‫واألســبوعية‪ ،‬واملجــات الدوريــة املطبوعــة‪،‬‬ ‫واإللكرتونيــة‪ ،‬واملؤسســات اإلعالميــة مــن‬ ‫شــتى الــدول العربيــة واألجنبيــة‪.‬‬ ‫وقد تم توزيع الجوائز عىل النحو اآليت‪:‬‬ ‫جائــزة شــخصية العــام اإلعالميــة‪ ،‬للشــيخ‬ ‫وليــد بــن إبراهيــم آل إبراهيــم‪ ،‬رئيــس‬ ‫مجلــس إدارة مجموعــة «ام يب يس» يف حــن‬ ‫ذهبــت جائــزة الصحافــة االســتقصائية اىل‬ ‫الصحفيــة «عــزة مغــازي» مــن صحيفــة‬ ‫«الــروق» املرصيــة عــن تحقيــق بعنــوان‬ ‫«فــوىض األدويــة املغشوشــة‪».‬‬ ‫وحصلــت الصحفيــة املرصيــة «منــى مدكــور»‬ ‫مــن صحيفــة «الوطــن» عــى جائــزة الحــوار‬ ‫الصحــايف تحــت عنــوان «مــن قلــب األرض‬ ‫امل ُقدســة وعمليــات تهريــب األســلحة»‪.‬‬ ‫أمــا جائــزة العمــود الصحفــي‪ ،‬فقــد ذهبــت‬ ‫اىل الكاتــب العراقــي «خالــد القشــطيني»‪،‬‬ ‫يف حــن ســلمت جائــزة الصحافــة الذكيــة‪،‬‬ ‫لرئيــس تحريــر صحيفــة «االتحــاد»‬ ‫اإلماراتيــة‪« ،‬محمــد الحــادي»‪ ..‬وذهبــت‬ ‫جائــزة الصحافــة اإلنســانية‪ ،‬للصحفيــة‬ ‫ســناء بوخليــص مــن مجلــة «مغــرب اليــوم»‬ ‫عــن عملهــا الــذي حمــل عنــوان «شــعب‬ ‫روشــريش» فيــا حصــل الصحفــي خورشــيد‬ ‫حرفــوش مــن صحيفــة «االتحــاد» اإلماراتيــة‬

‫عــى جائــزة الصحافــة التخصصيــة‪ ،‬عــن عمله‬ ‫«اإلرهــاب يشــوه عقــول األطفــال»‪ .‬يف الوقت‬ ‫الــذي ذهبــت جائــزة الصحافــة الرياضيــة إىل‬ ‫الصحفيــن روحــي درابيــه‪ ،‬ومحمــد درابيــه‬ ‫مــن شــبكة «أطلــس ســبورت» الفلســطينية‪،‬‬ ‫عــن عمــل بعنــوان «بيــت حانــون تعمــد‬ ‫مســرتها الرياضيــة بالــدم»‪.‬‬ ‫فيــا ذهبــت جائــزة الصحافــة الثقافيــة‬ ‫للصحفــي أرشف أبــو اليزيــد مــن مجلــة‬ ‫َــن‬ ‫«العــريب» الكويتيــة‪ ،‬عــن عمــل‪« :‬ف ُّ‬

‫املنمنــات‪ ...‬األدب والتاريــخ واألســطورة»‪.‬‬ ‫وحصــل عــى جائــزة الصحافــة االقتصاديــة‬ ‫لصحيفــة «اليــوم» الســعودية عبــد الوهــاب‬ ‫الفايــز‪ ،‬رئيــس تحريــر الصحيفــة‪ ،‬عــن ملــف‬ ‫بعنــوان «ســوء اســتخدام الطاقــة‪ ..‬الجميــع‬ ‫يخــر»‪.‬‬ ‫وتســلم جائــزة الصحافــة السياســية‪ ،‬الصحفي‬ ‫فـراس الكيــاين مــن صحيفــة «الحيــاة»‪ ،‬عــن‬ ‫عمــل بعنــوان «ليبيــا تدفــع مثــن املســكوت‬ ‫عنــه يف ثورتهــا»‪ ،‬وفــاز بجائــزة أفضــل صــورة‬

‫صحافيــة‪ ،‬املصــور الصحــايف مجــدي أشــتيه‬ ‫مــن وكالــة «أسوشــيتد بــرس»‪.‬‬ ‫وتســلم جائــزة الرســم الكاريكاتــري‪،‬‬ ‫الرســام يــارس األحمــد مــن صحيفــة «مكــة»‬ ‫الســعودية‪.‬‬ ‫وقــام نائــب رئيــس مجلــس إدارة الجائــزة‬ ‫األســتاذ ضيــاء رشــوان بتســليم دروع‬ ‫التكريــم للفائزيــن الثالثــة بفئــة الصحافــة‬ ‫العربيــة للشــباب‪ ،‬وهــم‪« :‬ناتــايل إقليمــوس‬ ‫مــن صحيفــة «الجمهوريــة» اللبنانيــة‪ ،‬ورنــا‬

‫الــرايف مــن صحيفــة «فلســطني»‪ ،‬ومريــم‬ ‫بوزعشــان مــن صحيفــة «األخبــار» املغربيــة‪.‬‬ ‫مــن الجديــر بالذكــر أن جائــزة الصحافــة‬ ‫العربيــة أنشــئت ىف نوفمــر ‪ 1999‬مببــادرة‬ ‫مــن الشــيخ محمــد بــن راشــد آل مكتــوم‬ ‫حاكــم دىب‪ ،‬وتهــدف الجائــزة إىل املســاهمة‬ ‫ىف تقــدم الصحافــة العربيــة وتعزيــز مســرتها‬ ‫وتشــجيع الصحفيــن العــرب عــى اإلبــداع‬ ‫مــن خــال تكريــم املتفوقــن واملتميزيــن‬ ‫منهــم‪.‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫‪15‬‬

‫س��وريا‪ :‬حمامي حقوق اإلنس��ان خليل داود أوغل��و‪ :‬نتائ��ج االنتخابات أظهرت اس��تحالة جتاهل‬ ‫«العدالة والتنمية»‬ ‫معت��وق املختفي قس��ريًا ُين��ح جائزة‬ ‫أنقرة‪ /‬وكالة األناضول‬ ‫‪ 37‬واليــة (مــن أصــل ‪ 81‬واليــة)‪ ،‬داعيــاً فضــاً عــن مواصلــة الدفــاع عــن القــرار‬ ‫الشبكة األوروبية املتوسطية حلقوق‬ ‫أكــد رئيــس الــوزراء الــريك‪ ،‬أحمــد داود املعارضــة‪ ،‬كــال قليجــدار أوغلــو إىل التمعــن الســيايس املســتقل للبــاد‪ ،‬ومواجهــة املكائــد‬ ‫أوغلــو‪ ،‬زعيــم حــزب العدالــة والتنميــة‪ ،‬أن يف مســتوى التمثيــل الــذي نالــه حزبــه عــى التــي تحــاك ضدهــا‪.‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫كــا أكــد داود أوغلــو أنــه ال ميكــن لهــم‬ ‫نتائــج االنتخابــات العامــة األخــرة‪ ،‬أظهــرت مســتوى البــاد‪.‬‬ ‫بعــد مــرور حــوايل ‪ 1000‬يــوم عــى‬ ‫االحتجــاز الــري للناشــط الحقوقــي الســوري‬ ‫البــارز املحامــي خليــل معتــوق‪ ،‬منحتــه‬ ‫منظمــة محامــون مــن أجــل املحامــن جائــزة‬ ‫عــى نشــاطه وعملــه الــذي ال يلــن يف مجــال‬ ‫حقــوق اإلنســان عقــب ترشــحيه مــن قبــل‬ ‫الشــبكة األورومتوســطية لحقــوق االنســان‪.‬‬ ‫متنــح منظمــة محامــون مــن أجــل املحامــن‬ ‫الهولنديــة جائزتهــا مــرة كل ســنتني بهــدف‬ ‫تكريــم «املحامــن الذيــن ينهضــون بســيادة‬ ‫القانــون وحقــوق اإلنســان بطريقــة‬ ‫اســتثنائية»‪.‬‬ ‫واســتلمت الجائــزة رنيــم معتوق يف أمســردام‬ ‫نيابــة عــن والدهــا وألقــت خطابـاً مؤثرا ً‪.‬‬ ‫ظــل خليــل معتــوق عــى امتــداد أكــر‬ ‫ّ‬ ‫مــن ‪ 20‬عامــاً يوفــر املســاعدة القانونيــة‬ ‫للمعارضــن السياســيني ونشــطاء حقــوق‬ ‫اإلنســان والصحفيــن واملتظاهريــن الســلميني‪،‬‬ ‫والذيــن يُحاكمــون ظلـاً أمــام محاكــم مدنيــة‬ ‫وعســكرية‪ .‬وبعــد انــدالع الثــورة الســورية يف‬ ‫عــام ‪ ،2011‬واصــل نشــاطه حتــى اعتُقــل عــى‬ ‫حاجــز عســكري تابــع للقــوات الحكوميــة يف ‪2‬‬ ‫أكتوبــر‪ /‬ترشيــن األول ‪.2012‬‬ ‫وتســتمر الحكومــة الســورية يف إنــكار‬ ‫احتجازهــا لخليــل معتــوق‪ .‬ومل يُســمح‬ ‫ملحاميــه وال ألرستــه بزيارتــه رغــم معاناتــه‬ ‫مــن وضــع صحــي خطــر وحاجتــه للعــاج‬ ‫الطبــي‪.‬‬ ‫وجــاءت جائــزة منظمــة محامــون مــن أجــل‬ ‫املحامــن لتضــم صوتهــا لدعــوات متكــررة‬ ‫أطلقتهــا منظــات حقــوق اإلنســان‪ ،‬مبــن‬

‫فيهــا الشــبكة األورو‪-‬متوســطية لحقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬طالبــت فيهــا الحكومــة الســورية‬ ‫الكشــف عــن مصــر خليــل معتــوق وغــره‬ ‫مــن املحامــن املحتجزيــن لــدى قــوات األمــن‬ ‫الســورية‪ .‬وقــد أُرســلت رســائل متتابعــة‬ ‫للنائــب العــام ولرئيــس نقابــة املحامــن يف‬ ‫ســورية لحثهــا عــى التدخــل العاجــل مــن‬ ‫أجــل الكشــف عــن مــكان تواجــد خليــل‬ ‫معتــوق‪ ،‬ولكــن مــن دون جــدوى‪.‬‬ ‫وقــال ميشــيل توبيانــا‪ ،‬رئيــس الشــبكة األورو‪-‬‬ ‫متوســطية لحقــوق اإلنســان‪« ،‬إن الســلبية‬ ‫التــي أظهرتهــا نقابــة املحامــن الســوريني‬ ‫يف مواجهــة اإلجــراءات الوحشــية التــي‬ ‫اســتخدمتها الحكومــة الســورية للقضــاء عــى‬ ‫املحامــن امللتزمــن بحقــوق اإلنســان وســيادة‬ ‫القانــون يف ســوريا هــي أمــر غــر مقبــول‪.‬‬ ‫وهنــاك واجــب عــى نقابــة املحامــن بحاميــة‬ ‫املحامــن الذيــن يزاولــون مهنتهــم»‪.‬‬ ‫وتكــرر الشــبكة األورو‪-‬متوســطية دعواتهــا‬ ‫للســلطات الســورية للكشــف عــن مــكان‬ ‫وجــود خليــل معتــوق واإلفــراج عنــه فــورا ً‪.‬‬

‫اســتحالة تصــور املشــهد الســيايس الــريك‪،‬‬ ‫دون «العدالــة والتنميــة»‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف كلمــة لــه‪ ،‬خــال اجتامعــه‬ ‫يف أنقــرة‪ ،‬مــع رؤســاء فــروع الحــزب عــى‬ ‫مســتوى الواليــات‪ ،‬حيــث ن ـ ّوه داود أوغلــو‬ ‫أن حزبــه ســيواصل إدارة وتوجيــه السياســة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬اليــوم وغــدا ً‪ ،‬ويف املســتقبل القريــب‬ ‫والبعيــد‪ ،‬وأن عــى الجميــع قــراءة نتائــج‬ ‫االنتخابــات بشــكل صحيــح‪.‬‬ ‫وأردف رئيــس الــوزراء قائــا‪ »:‬ســراجع‬ ‫حســاباتنا جميعـاً‪ ،‬لذلــك ســنناقش مســتقبل‬ ‫تركيــا الســيايس‪ ،‬ومكانــة حزبنــا يف هــذا‬ ‫املســتقبل»‪ ،‬مشـرا ً أن العدالــة والتنميــة هــو‬ ‫حــزب تركيــا األوحــد الــذي يحتضــن مختلــف‬ ‫الرشائــح‪.‬‬ ‫وأشــار داود أوغلــو أن حزبــه مل يتمكــن مــن‬ ‫الفــوز مبقاعــد نيابيــة عــن ‪ 5‬واليــات فقــط‪،‬‬ ‫فيــا مل يفــز حــزب الشــعب الجمهــوري‪،‬‬ ‫أكــر أحــزاب املعارضــة بــأي مقعــد يف‬

‫وذكــر داود أوغلــو‪ ،‬أن الحــزب الــذي ال‬ ‫يحظــى بتمثيــل ‪ 37‬واليــة‪ ،‬غــر جديــر بــإدارة‬ ‫البــاد‪ ،‬مهــا ادعــى ذلــك‪ ،‬مطالبــاً أعضــاء‬ ‫العدالــة والتنميــة باملحافظــة عــى الثقــة‬ ‫بالنفــس‪ ،‬وعــدم االكـراث للحمــات الراميــة‬ ‫لبــث التشــاؤم واإلحبــاط يف صفــوف الحــزب‪.‬‬ ‫ونــوه داود أوغلــو أن العدالــة والتنميــة‪،‬‬ ‫ميثــل ضامنــة الســتقرار البــاد‪ ،‬والطأمنينــة‬ ‫والســام‪ ،‬وانطالق ـاً مــن ذلــك فــإن «الحــزب‬ ‫باعتبــاره العبـاً سياســياً أساســياً‪ ،‬لــن يســتبعد‬ ‫أي احتــال‪ ،‬وســيقدم عــى الخطــوات‬ ‫الالزمــة يف ضــوء الواقــع الســيايس الراهــن»‪.‬‬ ‫وجــدد رئيــس الــوزراء تأكيــده عــى أن‬ ‫العدالــة والتنميــة مل يغلــق أبوابــه أبــدا ً‪،‬‬ ‫ومنفتــح عــى الحــوار الســيايس‪.‬‬ ‫وشــدد داود أوغلــو عــى أن صمــود العدالــة‬ ‫والتنميــة بصفتــه حــزب املركــز والعمــود‬ ‫الفقــري يف املشــهد الســيايس‪ ،‬يعــد أهم رشط‬ ‫لحاميــة مصالــح تركيــا‪ ،‬يف املرحلــة الراهنــة‪،‬‬

‫الســاح ألحــد بــأن يفــرض أجندتــه عــى‬ ‫البــاد مــن الخــارج‪ ،‬وأنهــم يرفضــون تدخــل‬ ‫أي شــخص جالــس بعواصــم العــامل‪ ،‬بخصوص‬ ‫فــرض صيغــة معينــة لشــكل الحكومــة‬ ‫االئتالفيــة املنتظــرة‪.‬‬ ‫يذكــر أن اللجنــة العليــا لالنتخابــات يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬أعلنــت الثالثــاء املــايض‪ ،‬النتائــج‬ ‫الرســمية األوليــة لالنتخابــات الترشيعيــة‪،‬‬ ‫للــدورة الـــ‪ 25‬التــي جــرت األحــد املنــرم‪،‬‬ ‫وأوضحــت أن حــزب العدالــة والتنميــة‬ ‫فــاز بـــ‪ 40.87%‬مــن أصــوات الناخبــن‪،‬‬ ‫وحــزب الشــعب الجمهــوري حـ ّـل يف املركــز‬ ‫الثــاين بنســبة ‪ ،24.95%‬بينــا حصــل حــزب‬ ‫الحركــة القوميــة عــى ‪ ،16.29%‬ومتكــن‬ ‫حــزب الشــعوب الدميقراطــي‪ ،‬مــن تخطــي‬ ‫الحاجــز االنتخــايب (‪ ،)10%‬بحصولــه عــى‬ ‫‪ 13.12%‬مــن األصــوات‪ ،‬فيــا حصلــت‬ ‫األحــزاب األخــرى واملرشــحون املســتقلون‬ ‫عــى ‪.4.77%‬‬

‫مرك��ز تعليم��ي ترك��ي خي��رج دفع��ة م��ن األيت��ام الس��وريني‬ ‫ترك برس‬

‫أوضحــت مديــرة مركــز املــرأة واألرسة‬ ‫والشــبيبة الــريك «هجــرت طوبــراق»‪ ،‬قيــام‬ ‫مركزهــا بتخريــج ‪ 110‬طالبــا وطالبــة مــن‬ ‫أبنــاء وبنــات األرس الســورية‪ ،‬يف إطــار مــروع‬ ‫«تعليــم األطفــال الســوريني اليتامــى»‪.‬‬ ‫وذلــك يف ترصيــح لهــا مــع وكالــة األناضــول‪ ،‬يف‬ ‫العاصمــة الرتكيــة أنقــرة‪ ،‬حيــث أضافــت «إن‬

‫املركــز التابــع لوقــف الديانــة الــريك‪ ،‬يقــدم‬ ‫دعــا تعليميــا لألطفــال الســوريني اليتامــى‪،‬‬ ‫الذيــن اضطــروا لــرك مدارســهم‪ ،‬واللجــوء‬ ‫إىل تركيــا‪ ،‬بســبب الحــرب التــي تشــهدها‬ ‫بالدهــم»‪.‬‬ ‫وأشــارت طوبــراق‪ ،‬أن املركــز ينفــذ مشــاريع‬ ‫متنوعــة تهــدف لتقديــم الدعــم يف مجــال‬ ‫التعليــم‪ ،‬ألبنــاء األرس الســورية التــي لجــأت‬

‫إىل تركيــا‪ ،‬وتعيــش خــارج املخيــات‪ ،‬مشــددة‬ ‫عــى أن مركزهــا يــويل أهميــة لتقديــم الدعــم‬ ‫رسبــن مــن املــدارس بســبب‬ ‫للفتيــات‪ ،‬اللــوايت ت َّ‬ ‫ظــروف الحــرب‪.‬‬ ‫ونوهــت املديــرة إىل افتتــاح املركــز خمــس‬ ‫مــدارس داخليــة‪ ،‬تقــدم خدمــات تعليميــة‬ ‫ودورات تحفيــظ القــرآن الكريــم لـــ ‪ 145‬طالبة‬ ‫ســوريّة يف العاصمــة الرتكيــة أنقــرة‪.‬‬

‫الس��وريون يف أورف��ا حيتفل��ون بالتف��وق وبالنج��اح!‬ ‫عــى مــرح أورفــا الرتبــوي الكبــر‪ ،‬وبتاريــخ‬ ‫‪ 2015/6/10‬أقامــت مدرســة البهــاء الســورية حفــاً‬ ‫مبناســبة انتهــاء العــام الــدرايس‪ ،‬وتكرميــاً للطــاب‬ ‫املتفوقــن الذيــن مل تثنهــم األزمــات والصعوبــات عــن‬ ‫العمــل والجــد!‬ ‫حــر الحفــل عــدد مــن مســؤويل الرتبيــة العــرب‬ ‫واألتـراك‪ ،‬وجمــع غفــر مــن أهــايل الطــاب والطالبــات‬ ‫الذيــن كانــوا يغنــون لســورية ويســتعيدون جاملهــا يف‬ ‫كل رقصــة ويف كل قصيــدة ويف كل لحظــة مــن لحظــات‬

‫الفــرح بالنجــاح‪.‬‬ ‫وقــد قدمــت فرقــة البهــاء رقصــات شــعبية متعــددة‬ ‫اجتذبــت الجمهــور‪ ،‬وشــدته إليهــا بشــغف وأثــارت‬ ‫إعجــاب املوجوديــن جميعــاً‪ ،‬وكذلــك قدمــت فرقــة‬ ‫الرقــص املعــارص فق ـرات فنيــة جذابــة وغــر مألوفــة‬ ‫حتــى لــدى األتــراك وجعــل الدهشــة ترتســم عــى‬ ‫وجــوه الحضــور‪.‬‬ ‫وقــد قــدم كل مــن الطالــب أيهــم آل فخــري والحــارث‬ ‫الجربــا قصيدتــن أثارتــا إعجــاب الجمهــور ملوهبتهــا‬ ‫وثقتهــا بنفســيهام‪.‬‬

‫وقــدم الطالــب رايف ايبيــش مقطوعــات عــزف عــى‬ ‫الغيتــار مبوهبــة الفتــة وتبــر بفنــان ســوري قــادم‪،‬‬ ‫إضافــة إىل مقطوعــات جامعيــة منهــا إذا الشــعب يومــا‬ ‫أراد الحيــاة‪ ،‬وأغنيــة موطنــي‪ ،‬وغريهــا مــن األغــاين‬ ‫الســورية الجميلــة‪.‬‬ ‫الفقــرات الفنيــة كانــت مــن إرشاف أليســار األحمــد‪،‬‬ ‫والســيد أحمــد مــدرب الباليــه‪ ،‬وبــإدارة معــد حســنة‪،‬‬ ‫واختتمــت عريفــة الحفــل الرتكيــة كالمهــا بتوصيــة‬ ‫للطــاب الســوريني بــأن يتذكــروا تركيــا عندمــا يرجعــون‬ ‫قريب ـاً إىل بالدهــم‪.‬‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905459679973‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:18‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬ ‫الفنانة حماس��ن س��بع العرب ترس��م وطنًا بعنني الناعورة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬

‫أمريكا وإسرتاتيجية‬ ‫املراوغة‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫لوحة "ناعورة الكيالنية"‪ ،‬ألوان زيتية عىل قامش‪ ،‬قياس ‪ 150 × 100‬سم‪ ،‬وتم عرضها يف عدّة معارض تشكيلية يف دولة اإلمارات العربية املتحدة‪..‬‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫«بــن أوراق والــدي التــي أىت بهــا مــن الوطــن حــن‬ ‫ه ّجــره الظاملــون قـرا ً‪ ..‬عــرت عــى صــورة صغــرة مـ َّر‬ ‫عليهــا مــن الســنوات ثالثــون‪ ..‬كانــت صغــرة جــدا ً‪..‬‬ ‫بحجــم وطــن بعيــد يف ذاكــرة طفــل مل يــره قــط‪ ..‬رغبــت‬ ‫أن أرى وطنــي بشــكل أكــر‪ ..‬وأضخــم‪ ..‬وأوســع‪ ..‬رغبــت‬

‫جــدا ً أن أجعلــه ملموس ـاً ومحسوس ـاً‪ ..‬ذا مــذاق يشــبه‬ ‫باقــي األوطــان‪»..‬‬ ‫بهــذه الكلــات تختــر الفنانــة التشــكيلية محاســن‬ ‫ســبع العــرب غربتهــا عــن الوطــن الحبيــب ســوريا‪..‬‬ ‫وتتلمــس «ناعــورة الكيالنيــة» بارتعاشــة ريشــتها التــي‬ ‫تفيــض حبــاً‪ ،‬وولعــاً باملــكان‪ ،‬الفضــاء الواســع للحــب‪،‬‬

‫«ناعــورة الكيالنيــة» يف حــاة‪ ،‬واملنطقــة املحيطــة بهــا‪،‬‬ ‫أزالهــا النظــام األســدي بعــد أحــداث حــاة الداميــة يف‬ ‫مثانينيــات القــرن العرشيــن‪ ،‬والتــي نجــم عنهــا مجــزرة‬ ‫حــاة الشــهرية التــي راح ضحيتهــا مــا بــن ‪ 30‬ـ ‪40‬‬ ‫ألــف مــدين‪ ،‬وتهجــر معظــم نخبهــا الفكريــة والسياســية‬ ‫واالقتصاديــة‪.‬‬

‫معان��اة أهلن��ا عل��ى مع�بر ت��ل أبي��ض احل��دودي‬

‫مثــة مــن ال يــزال يصــف السياســة الخارجيــة األمريكيــة‬ ‫يف عهــد أوبامــا باملرتنحــة واملــرددة‪ ،‬ولكــن إدراك أن الهيمنــة‬ ‫والســيطرة عــى العــامل هــي املحــرك األســايس للسياســة الخارجيــة‬ ‫األمريكيــة يجربنــا عــى النظــر إىل هــذا الــردد والرتنــح عــى‬ ‫أنــه نــوع مــن املراوغــة االســراتيجية التــي تبناهــا أوبامــا يف‬ ‫سياســته املتناوبــة بــن اإلدارة مــن الخلــف‪ ،‬وبــن القــوة الصلبــة‬ ‫والناعمــة‪ ،‬وصــوالً إىل القــوة الذكيــة‪ .‬دون أن يخــرج هــدف‬ ‫السياســة األمريكيــة _يف مرحلــة الربيــع العــريب_ عــن الهــدف‬ ‫األســايس لــإدارة األمريكيــة يف مــروع (الــرق األوســط‬ ‫الكبــر لعــام ‪ )2004‬والــذي هــو مــروع إعــادة صياغــة الــرق‬ ‫األوســط وفــق املصالــح التــي يتطلبهــا التحالــف االســراتيجي‬ ‫بــن إرسائيــل وأمريــكا‪ ،‬مــع األخــذ بعــن االعتبــار التطــورات‬ ‫السياســية واإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬ومــا أضافتــه إىل هــذا املــروع‬ ‫مــن عنــارص جديــدة مل تعــد فيــه الدميقراطيــة وحقــوق اإلنســان‬ ‫هدفـاً للسياســة الخارجيــة األمريكيــة التــي كثـرا ً مــا غلفــت بهــا‬ ‫مصالحهــا السياســية واألمنيــة‪.‬‬ ‫إن آثــار السياســة األمريكيــة يف العــراق‪ ،‬وتجاهــل اإلدارة‬ ‫األمريكيــة للفظائــع التــي يرتكبهــا النظــام يف ســوريا‪ ،‬واإلغضــاء‬ ‫عــن دور املليشــيات اإليرانيــة يف بــروت وصنعــاء مــرورا ً بدمشــق‬ ‫وبغــداد‪ ،‬ومــا خلفــه التدخــل األمريــي يف ليبيــا‪ ،‬والظهــور‬ ‫املباغــت واملتمــدد لإلرهــاب‪ ،‬ومــا يتظاهــر أنــه نــوع مــن‬ ‫التخبــط والــردد يف السياســة األمريكيــة‪ ،‬إمنــا يصــب يف هــدف‬ ‫تفكيــك املنطقــة بأرسهــا وإعــادة تشــكيلها عــى أســس عرقيــة‬ ‫وطائفيــة ومذهبيــة‪ ،‬ومبــا يتوافــق مــع رؤيــة االســراتيجيني‬ ‫األمريكيــن حــول تقســيم الــرق األوســط يف القــرن ‪ 21‬إىل‬ ‫كانتونــات طائفيــة تتجــاوز الرؤيــة الوطنيــة والقوميــة‪.‬‬ ‫إن املباركــة األمريكيــة للتمــدد اإلي ـراين يف املنطقــة مل يكــن حب ـاً‬ ‫بإيـران‪ ،‬وكذلــك تجاهــل مــا تعتــره روســيا نجاحــات سياســية يف‬ ‫الــرق األوســط مل يكــن ناج ـاً عــن غفلــة أو ضعـ ٍ‬ ‫ـف أمريــي‪،‬‬ ‫وإمنــا هــو نــوع مــن الرضــا عــن سياســات تســاهم مبزيــد‬ ‫مــن العــداء مــع الشــعوب العربيــة‪ ،‬ومزيــد مــن الرصاعــات‬ ‫الطائفيــة واملذهبيــة التــي تصــب يف نهايــة املطــاف يف املصالــح‬ ‫االسـراتيجية األمريكيــة الثــاث‪ :‬أمــن إرسائيــل‪ ،‬مصــادر الطاقــة‪،‬‬ ‫الســوق االســتهالكية يف الــرق األوســط‪.‬‬ ‫إضافـ ًة إىل املزيــد مــن التورط يف املســتنقع الســوري‪ ،‬واالســتنزاف‬ ‫العســكري واالقتصــادي لــكل األط ـراف املســاهمة واملتورطــة يف‬ ‫هــذا النـزاع‪.‬‬ ‫ولكــن أوبامــا الــذي ينظــر إىل مفهــوم الــرق األوســط الكبــر‬ ‫ضمــن اســراتيجيته الكونيــة غــر القابلــة للتجزئــة يــدرك‬ ‫أن تفكيــك دول الربيــع العــريب ال ينســجم مــع تكتــل أمنــي‬ ‫واقتصــادي وســيايس مســتقر يف دول الخليــج‪ ،‬وال يخــدم‬ ‫املخططــات األمريكيــة وسياســاتها يف املنطقــة‪ ،‬ومــن هنــا بــدأ‬ ‫التنبــه الســعودي إىل عمــل اإلدارة األمريكيــة عــى تفكيــك‬ ‫مجلــس التعــاون الخليجــي بــدءا ً مــن تأييــد االحتجاجــات‬ ‫الشــعبية يف البحريــن‪ ،‬وســحب القــوات األمريكيــة مــن اليمــن‪،‬‬ ‫وتحريــض بعــض دول مجلــس التعــاون عــى رفــض فكــرة الوحدة‬ ‫الخليجيــة‪ ،‬والصمــت عــن الــدور اإلي ـراين الجامــح يف املنطقــة‪،‬‬ ‫وترصيحــات أوبامــا التضليليــة التــي تقــول بــأن اتفاقــاً شــامالً‬ ‫مــع إيــران يخــدم املصالــح الخليجيــة‪ ،‬وأ ّن أكــر التهديــدات‬ ‫التــي يواجههــا الخليــج ليســت تلــك القادمــة مــن إيــران بــل‬ ‫مــن حالــة االســتياء النابعــة مــن داخــل بلدانهــم‪ ،‬وانتهــا ًء مبــا‬ ‫قــام بــه أوبامــا مــن إدارة ظهــره لــدول الخليــج بقولــه‪« :‬عــى‬ ‫الــدول العربيــة التحــرك وفقــاً ملــا متليــه عليهــا مصالحهــا»‪،‬‬ ‫وهــذا مــا حــدا بالســعودية التخــاذ ق ـرار التحــرك إىل البحريــن‬ ‫بــدرع الجزيــرة‪ ،‬مــرورا ً باملواقــف املتشــددة لصالــح الثــورة‬ ‫الســورية وانتهــا ًء بعاصفــة الحــزم‪ ،‬ومــا يجــب عــى الســعودية‬ ‫أن تســتكمله يف مــروع الوحــدة الخليجيــة‪ ،‬وتعزيــز التحالــف‬ ‫مــع مــر مــن أجــل إعــادة التــوازن العــريب‪ ،‬والعمــل الجــاد‬ ‫عــى إنجــاز مــروع القــوات العربيــة املشــركة‪ ،‬واعتــاد نجــاح‬ ‫الثــورة الســورية حجــر األســاس يف حــرب الوجــود العربيــة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن عشر ‪ 15 /‬حزيران ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.