Alharmal(19) 01 07 2015

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 19‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫اإلره��اب ال دي��ن ل��ه‪..‬؟!‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬ ‫تل أبيض مكسر العصا‬

‫حلب ‪ -‬مجزرة كوباني‬

‫ماجد رشيد العويد‬

‫جم��زرة يف ع�ين العرب «كوبان��ي» وتفجريات يف فرنس��ا والكوي��ت ومصر وهجوم مس��لح يف تونس‬ ‫تعرضــت مدينــة عــن العــرب «كوبــاين» إىل‬ ‫هجــوم مفاجــئ مــن قبــل عنــارص داعــش‪ ،‬دخلــوا‬ ‫املدينــة متســللني مــن عــدة جهــات‪ ،‬وتوزعــوا يف‬ ‫عــدد مــن املبــاين‪ ،‬ونصبــوا قناصتهــم يف عــدد مــن‬ ‫املواقــع‪ ،‬وأســفر هــذا الهجــوم عــن استشــهاد أكــر‬ ‫مــن ‪ 200‬مــدين‪ ،‬وعــرات الجرحــى‪ ،‬منهــا إبــادة‬ ‫عائــات بالكامــل يف القــرى املجــاورة لعــن العــرب‬ ‫مــن جهــة الجنــوب‪ ،‬وذلك حســب مــا ذكرتــه تقارير‬ ‫الناشــطني‪ ،‬ووكاالت األنبــاء املختلفــة‪ ،‬وتصــدت‬ ‫قــوات حاميــة الشــعب الكرديــة وعــدد مــن فصائــل‬ ‫الجيــش الحــر لقــوات داعــش املهاجمــة‪ ،‬وأجربتهــا‬ ‫عــى االنســحاب‪ ،‬بعــد أن أوقعــت يف صفوفهــا‬ ‫أعــدادا ً كبــرة مــن القتــى والجرحــى‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تصــدرت فيــه أخبــار املجــازر‬ ‫التــي وقعــت يف صفــوف املدنيــن يف عــن العــرب‪،‬‬ ‫فاجــأ املتطرفــون العــامل‪ ،‬ورضبــوا عــدة مواقــع يف‬ ‫كل مــن الكويــت وفرنســا وتونــس يف يــوم دام راح‬ ‫ضحيتــه الع ـرات مــن الضحايــا‪ ،‬ج ـراء التفجــرات‬ ‫املفخخــة‪ ،‬والهجــوم عــى املواقــع الســياحية‪.‬‬ ‫ففــي تونــس ســقط عــدد مــن القتــى‪ ،‬وأصيــب‬ ‫آخــرون يف عمليــة إرهابيــة اســتهدفت أحــد املواقــع‬ ‫الســياحية يف مدينــة سوســة التونســية‪ ،‬وذلــك‬ ‫حســبام أفــادت وســائل اإلعــام التونســية‪ .‬وأعلــن‬

‫التلفزيــون الرســمي التونــي عــن ســقوط عــدد‬ ‫مــن الضحايــا يف إطــاق نــار يــوم الجمعــة الفائــت‬ ‫أمــام فنــدق بواليــة سوســة الســياحية الواقعــة عــى‬ ‫الســاحل الرشقــي‪.‬‬ ‫ونقــل التلفزيــون عــن مصــادر أمنيــة أن إطــاق‬ ‫النــار حــدث عــى شــاطئ أحــد النــزل بالقنطــاوي‬ ‫(مــن واليــة سوســة) مــا أســفر عــن ســقوط عــدد‬ ‫مــن القتــى والجرحــى‪.‬‬ ‫وتضاربــت األنبــاء حــول الحصيلــة األوليــة للضحايــا‪،‬‬ ‫يف حــن تح ّدثــت مواقــع الكرتونيــة عــن ســقوط ‪20‬‬ ‫قتيــاً‪ ،‬وذكــرت مواقــع أخــرى أن عــدد القتــى ال‬ ‫يتجــاوز العــرة أشــخاص‪.‬‬ ‫ويف فرنســا‪ ،‬أفــادت وكالــة األنبــاء الفرنســية عــن‬ ‫ســقوط قتيــل وعــدد من الجرحــى يف هجــوم إرهايب‬ ‫ن ّفــذه رجــل يحمــل رايــة تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش» عــى مصنــع للغــاز جنــوب رشق البــاد‪.‬‬ ‫وذكــرت وســائل اإلعــام أن الرشطــة الفرنســية‬ ‫وجــدت جثــة مقطوعــة الــرأس يف مصنــع الغــاز‬ ‫الــذي يقــع يف منطقــة «إيزيــر» جنــوب رشق‬ ‫فرنســا‪ ،‬يف حــن ســقط عــد ٌد مــن الجرحــى خــال‬ ‫ذلــك الهجــوم الــذي نفــذه شــخص يحمــل رايــة‬ ‫جهاديــة‪ ،‬بحســب املعلومــات األوليــة التــي كشــفت‬ ‫عنهــا وزارة الداخليــة الفرنســية‪ ،‬وقــد تولّــت وحــدة‬

‫الكويت ‪ -‬جامع الصوابر‬

‫مصر‪ -‬موكب النائب العام‬

‫طريان النظام يس��تهدف املدنيني يف حلب وإدلب‬ ‫واش��تباكات متواصل��ة ب�ين احل��ر وداع��ش‬ ‫اســتهدف طــران النظــام األســدي ســوقاً‬ ‫شــعبياً يف وســط بلــدة احســم يف ريــف‬ ‫إدلــب بصاروخــن فراغيــن‪ ،‬مــا أدى إىل‬ ‫ارتقــاء أكــر مــن ‪ 21‬شــهيدا ً‪ ،‬وعــرات‬ ‫الجرحــى‪ ،‬ووقــوع أرضار ماديــة كبــرة‬ ‫باملنــازل واملحــال التجاريــة‪.‬‬ ‫وشــهد ريــف إدلــب تصعيــدا ً متواصــاً يف‬ ‫عــدد الغــارات التــي شــنها طــران النظــام‬ ‫اســتهدفت قــرى وبلداتــه مــع قــدوم شــهر‬ ‫ن النظــام عــن‬ ‫رمضــان املبــارك‪ ،‬الــذي مل ي ـ ِ‬ ‫ارتــكاب جرامئــه بحــق املدنيــن‪ ،‬مســتخدماً‬ ‫الرباميــل املتفجــرة واأللغــام البحريــة التــي‬ ‫تواصــل هطولهــا مــن الطائ ـرات يف أوقــات‬

‫الفطــور والســحور‪ ،‬اعتــاد عليهــا أهــل‬ ‫إدلــب يومي ـاً‪.‬‬ ‫وضمــن مــا أســمته «لنقتلنهــم قتــل عــاد»‬ ‫يف إشــارة إىل األعــال العســكرية التــي‬ ‫تســتهدف تنظيــم الدولــة يف ريــف حلــب‬ ‫الشــايل‪ ،‬بــث املكتــب اإلعالمــي لحركــة‬ ‫أحــرار الشــام اإلســامية ولــواء الفتــح‬ ‫مقطعــاً مصــورا ً يظهــر فيــه جثثــاً لعنــارص‬ ‫مــن التنظيــم قتلــوا خــال املعــارك بقريــة‬ ‫البــل‪.‬‬ ‫كــا أعلنــوا عــن تدمــر دبابــة واالســتيالء‬ ‫عــى العديــد مــن األســلحة والذخائــر‪،‬‬ ‫واســتهدفوا أماكــن متركــز التنظيــم مبدافــع‬

‫مكافحــة اإلرهــاب بباريــس القضيــة‪.‬‬ ‫ويف الكويــت أوردت وســائل إعالميــة كويتيــة أنبــاء‬ ‫عــن وقــوع انفجــار يف مســجد اإلمــام الصــادق يف‬ ‫منطقــة الصوابــر يف الكويــت‪ ،‬األمــر الــذي أســفر‬ ‫عــن وقــوع قتــى وجرحــى بــن املدنيــن‪ ،‬وذلــك‬ ‫بحســب مصــادر إعــام محليــة‪.‬‬ ‫وقــد تــداول النشــطاء عــى مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي مقاطــع فيديــو تظهــر حالــة الهلــع‬ ‫التــي أصابــت املصلــن جــراء التفجــر‪ ،‬وتعــرض‬ ‫آثــار الــرر الــذي لحــق باملــكان والغبــار الكثيــف‬ ‫الخــارج مــن املســجد‪ ،‬كــا انتــرت مجموعــة كبرية‬ ‫مــن الصــور التــي تظهــر بعض ـاً مــن النــاس الذيــن‬ ‫كانــوا داخــل املســجد وهــم مرضجــون بالدمــاء‪.‬‬ ‫وكان آخــر العمليــات اإلرهابيــة‪ ،‬مــا حــدث يف مرص‪،‬‬ ‫حيــث تعــرض موكــب النائــب العــام هشــام بــركات‬ ‫إىل تفجــر بســيارة مفخخــة ركنــت يف طريــق ســره‬ ‫إىل موقــع عملــه‪ ،‬وأدى التفجــر إىل وفاتــه‪ ،‬بعــد‬ ‫أن تــم نقلــه إىل املشــفى متأثــرا ً بجراحــه‪ ،‬فيــا‬ ‫أســفر الحــادث عــن مقتــل وإصابــة أكــر مــن‬ ‫عــرة أشــخاص بينهــم مدنيــون وضابــط رشطــة‪،‬‬ ‫كــا أســفر عــن تدمــر عــدد مــن املبــاين وتحطيــم‬ ‫وحــرق عــدد مــن الســيارات القريبــة مــن موقــع‬ ‫الحــادث‪.‬‬ ‫تونس ‪ -‬هجوم سوسة‬

‫‪ 57‬مــم يف قريــة غــزل‪ ،‬فيــا شــنت طائـرات‬ ‫النظــام غارتــن عــى مدينــة اعــزاز وعــى‬ ‫محــور بلــدة حربــل يف املنطقــة مــا أدى إىل‬ ‫وقــوع إصابــات بــن املدنيــن‪.‬‬ ‫مــن جهــة ثانيــة شــن تنظيــم الدولــة حملــة‬ ‫اعتقــاالت واســعة يف مدينــة منبــج بريــف‬ ‫حلــب الرشقــي‪ ،‬وشــوهد اعتقــال عــدة‬ ‫اشــخاص يف حــي «الــرب» دون معرفــة‬ ‫أســباب اعتقالهــم أو مصريهــم‪.‬‬ ‫ويف ســياق آخــر اندلعــت اشــتباكات عنيفــة‬ ‫بــن الثــوار وقــوات األســد يف محيــط‬ ‫حــي الراشــدين‬ ‫مدرســة الحكمــة رشقــي ّ‬ ‫حــي الحمدانيــة بعــد منتصــف‬ ‫وجنــويب ّ‬ ‫الليــل تخللهــا قصــف مدفعــي عنيــف عــى‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وقصــف جــوي مــن طائــرات‬ ‫الســوخوي عــى منطقــة الراشــدين‪.‬‬

‫هــل أوشــك التدخــل الــريك‪ ،‬إلنجــاز مــا مل ينجــز يف‬ ‫الســنوات األربــع املاضيــة مــن بنــاء منطقــة عازلــة بعمــق ‪35‬‬ ‫كــم وعــى طــول ‪ 110‬كــم‪ ،‬عــى التحقــق؟ هــذا التســاؤل تثــره‬ ‫األحــداث األخــرة يف مدينــة تــل أبيــض الســورية‪ ،‬وتؤكــده‬ ‫الترصيحــات األخــرة لرئيــس الجمهوريــة الرتكيــة رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان‪ ،‬واملتمثلــة بعــدم الســاح بإقامــة كيــان كــردي عــى‬ ‫حــدود تركيــا‪ ،‬إىل جانــب مــا نرشتــه صحيفــة «ينــي شــفق»‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬ومــا رسبتــه وكالــة األناضــول‪.‬‬ ‫بالطبــع يف حــال ص ّحــت فكــرة املنطقــة العازلــة‪ ،‬وأ ّن أوانهــا‬ ‫قــد اقــرب فإنــه مــن البداهــة القــول إن الضــوء األمريــي قــد‬ ‫ســطع‪ ،‬وهــذا مــا ال تشــجع عليــه األحــداث األخــرة يف تــل أبيــض‬ ‫بالتحديــد‪ .‬فقــوات الحاميــة الشــعبية الكرديــة وصلــت إىل تــل‬ ‫أبيــض بتغطيــة جويــة مــن قــوات التحالــف الــدويل الــذي وجــد‬ ‫عــى مــا يبــدو يف بعــض األك ـراد حليف ـاً موثوق ـاً يعتمــد عليــه‬ ‫أكــر‪ ،‬إىل جانــب رغبــة أمريــكا يف توطيــد دعامــة كرديــة تعتمــد‬ ‫عليهــا بعــد يأســها مــن قيــام تركيــا بــأي دور بخصــوص محاربــة‬ ‫داعــش‪.‬‬ ‫غــر أن واقــع الحــال ليــس عــى هــذه البســاطة‪ ،‬فداعــش تركــت‬ ‫موقعهــا الحــدودي مــن غــر حــرب متجهــة جنوبـاً حيــث مدينــة‬ ‫الرقــة مبيتــة أمـرا ً مــا‪ ،‬ولعلهــا هنــا قــد أدركــت أن بقاءهــا يحـ ّول‬ ‫تــل أبيــض إىل عــن العــرب «كوبــاين» ثانيــة‪ ،‬وهــذا مــا ال تريــده‬ ‫حفاظ ـاً عــى عنارصهــا‪ ،‬وهــؤالء تحتاجهــم خصوص ـاً وأن رقعــة‬ ‫قتالهــا تتســع اآلن لتشــمل الحســكة‪.‬‬ ‫املجــزرة األخــرة املدانــة يف عــن العــرب «كوبــاين» جــاءت بعــد‬ ‫خــروج داعــش بأشــهر عديــدة‪ ،‬وبعــد أســبوع أو أكــر قليــاً‬ ‫عــادت‪ ،‬وأخــذت عــدة قــرى تابعــة لتــل أبيــض‪ .‬وهــذا يعنــي‬ ‫أن داعــش ليــس نامئ ـاً‪ ،‬وأن القــوى الفاعلــة يف الشــان الســوري‬ ‫ليســت نامئــة هــي األخــرى‪ ،‬وكذلــك النظــام عــى ضعفــه مــا‬ ‫زال العب ـاً يف الشــأن الداخــي مــن خــال تحالفاتــه غــر املعلنــة‬ ‫مــع بعــض القــوى الكرديــة‪ ،‬ومــع داعــش‪ .‬إىل جانــب اســتعداده‬ ‫الدائــم للبيــع إطال ـ ًة لعمــره يف الســلطة‪.‬‬ ‫بالتأكيــد ترغــب تركيــا بعــدم الســاح بقيــام كيــان كــردي عــى‬ ‫حدودهــا يهــدد أمنهــا‪ ،‬ويف الحــد األدىن يظــل كيانـاً مثـرا ً للقلــق‬ ‫بالنســبة إليهــا‪ ،‬ومــن هنــا فإنهــا تعــارض بــكل األشــكال محاولــة‬ ‫تقســيم ســوريا‪ ،‬غــر أنهــا لــن تدفــع بجيشــها إىل املســتنقع‬ ‫الســوري إذا مل تكــن قــد ضمنــت موافقــة األطلــي وأمريــكا‬ ‫بالتحديــد‪ .‬هــذه املوافقــة غــر متوفــرة اآلن ألنــه ببســاطة مــا‬ ‫زالــت ســوريا تحــت الطاولــة‪ ،‬وأنــه مــا مــن حــل ناضــج لهــا‪،‬‬ ‫وحتــى يــأيت الوقــت فــإن مدينــة تــل أبيــض ســتكون البــؤرة‬ ‫املتوتــرة الجديــدة‪ ،‬ومكــر العصــا لعــدد مــن القــوى الفاعلــة‬ ‫يف الشــأن الســوري‪.‬‬

‫وكان الطــران قــد قصــف بلــدة ديــر حافــر‬ ‫بالصواريــخ الفراغيــة مخلّف ـاً شــهيدا ً وعــدة‬ ‫جرحــى‪ ،‬وأغــار عــى قريــة الربيعــة بالريــف‬ ‫الجنــويب بربميلــن متفجريــن تســببا بإصابات‬ ‫بليغــة لعــدد مــن املدنيــن‪ ،‬وطــال القصــف‬ ‫منطقــة املنصــور ومحيــط كفــر حمــرة‬

‫وعنــدان أيض ـاً‪.‬‬ ‫ويف مدينــة حلــب ســقط برميــان متفجـران‬ ‫عــى حــي امليــر أدى إىل إصابــة عــدة‬ ‫أشــخاص‪ ،‬فيــا استشــهد شــخصان وأصيــب‬ ‫آخــرون بجــروح بقصــف مدفعــي عــى حــي‬ ‫الزبديــة‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫وس��ط خماوف تركيا من إقامة دول��ة كردية يف مشال‬ ‫سورية‪ ..‬بعد اجراءات الرتحيل يف قرى تل أبيض‬

‫ثالثي��ة األمل الس��وري‪« ...‬حتري�� ٌر وحص��ار ون��زوح»‬

‫وكالة ترك برس‬

‫صحف تركية‪ :‬مخطط العملية العسكرية يف سورية جاهز!‬ ‫رضورة تدخــل الجيــش الــريك‪ ،‬ألن الحكومــة‬ ‫ذكــرت صحيفــة «ينــي شــفق» املحليــة‪ ،‬الرتكيــة مــرة عــى منــع ســيطرة حــزب‬ ‫أن الجيــش الــريك يعــد مخططاتــه املتعلقــة االتحــاد الدميقراطــي الجنــاح الســوري لتنظيــم‬ ‫بإقامــة منطقــة حدوديــة آمنــة شــايل ســوريا يب كا كا‪ ،‬أو ســيطرة تنظيــم داعــش عــى‬ ‫بعمــق ‪ 35‬كــم وطــول ‪110‬كــم‪ ،‬مشــرة إىل أن منطقــة جرابلــس‪ ،‬مشــرة إىل أن للجيــش الــريك‬ ‫محــاوالت حــزب االتحــاد الدميقراطــي إلنشــاء القــدرة عــى الســيطرة عــى رشيــط حــدودي‬ ‫دولــة كرديــة شــايل ســوريا وتوجــه تنظيــم بعمــق ‪ 40‬كيلومــر باســتخدام املدفعيــة‬ ‫داعــش إىل األهــداف اإلســراتيجية دفعــت الثقيلــة‪ ،‬وقدراتــه الجويــة دون الدخــول يف‬ ‫الحكومــة الرتكيــة إىل توخــي الحــذر والتهيــؤ ســوريا مــا يســاعد الجيــش الســوري الحــر‬ ‫يف إعــان الرشيــط اآلمــن‪ ،‬كــا أن صالحيــة‬ ‫إلنشــاء املمــر اآلمــن‪.‬‬ ‫وتفيــد الصحيفــة بــأن رئاســة أركان الجيــش الحكومــة الرتكيــة تســمح بتوغــل الجيــش‬ ‫وجهــاز االســتخبارات الــريك ســيتعاونان يف الــريك أو القيــام بعمليــات تعقــب يف هــذه‬ ‫وضــع اللمســات األخــرة عــى املخطــط‪ ،‬الــذي املنطقــة عنــد الحاجــة‪.‬‬ ‫يتضمــن دخــول ‪ 18‬ألــف جنــدي مــن بوابتــي كــا أضافــت‪ ،‬إعــان رئاســة أركان الجيــش‬ ‫مرشــدبنار وقرقامــش اىل عمــق ثالثــة وثالثــن الــريك‪ ،‬بــأن قواتهــا املســلحة لــن تتهــرب مــن‬ ‫املســؤوليات امللقــاة عــى عاتقهــا‪ .‬وذلــك ردا ً‬ ‫كيلومــر حتــى يــوم الجمعــة القــادم‪.‬‬ ‫وتضيــف الصحيفــة بــأن ق ـرار إقامــة املنطقــة عــى ادعــاءات بعــض املصــادر التــي تقــول‬ ‫اآلمنــة تــم االتفــاق عليــه بــن رئيــس بــأن الرئاســة تتهــرب مــن تنفيــذ أوامــر القيــام‬ ‫الجمهوريــة رجــب طيــب أردوغــان ورئيــس بفعاليــات عســكرية داخــل ســوريا‪.‬‬ ‫الــوزراء أحمــد داود أوغلــو‪ ،‬وطالــب رئيــس وقالــت رئاســة األركان يف الســياق « إن ادعــاء‬ ‫أركان الجيــش نجــدت اوزال إنهــاء اســتعداداته معارضــة القــوات املســلحة األوامــر أو تــردد يف‬ ‫بهــذا الشــأن‪ .‬الــذي أكــد بــدوره جاهزيــة تنفيذهــا وغريهــا مــن املزاعــم التــي ال تليــق‬ ‫القــوات املســلحة الرتكيــة للقيــام بالعمليــات بالجيــش الــريك ليــس إال محــض افـراءات‪ ,‬وإن‬ ‫إج ـراء تغي ـرات يف مناصــب داخــل الجيــش ال‬ ‫العســكرية املطلوبــة‪.‬‬ ‫يف الســياق بــدأت وزارة الخارجيــة الرتكيــة يعيــق تنفيــذ أي أمــر‪ ،‬املهــم هنــا هــو تنفيــذ‬ ‫بإرســال رســائل اىل النظــام الســوري عــر إيـران األوامــر بحذافريهــا‪.‬‬ ‫وروســيا تخــره فيهــا أن تشــكيل املنطقــة الجديــر بالذكــر أن رئيــس الجمهوريــة رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان كان قــد أكــد بــأن تركيــا لــن‬ ‫اآلمنــة مينــع تقســيم ســوريا‪.‬‬ ‫كــا نقلــت صحيفــة «ميلليــت» الرتكيــة‪ ،‬آراء تســمح إطالقــا بإنشــاء دولــة جنــويب تركيــا‬ ‫بعــض املصــادر السياســية التــي تتحــدث عــن مهــا كلــف الثمــن‪.‬‬

‫قــام الســيد فــوزي دامرقــول رئيــس بلديــة‬ ‫الخليليــة يف أورفــا مســاء الجمعــة ‪2015/6/26‬‬ ‫بزيــارة مقــر صحيفــة الحرمــل برفقــة الســيد‬ ‫فيصــل بــوالت رئيــس اتحــاد الصحفيــن يف أورفــا‪،‬‬ ‫و رئيــس املجلــس الرتكــاين الــريك‪ ،‬وعــدد مــن‬ ‫الشــخصيات املرافقــة‪.‬‬ ‫أبــدى الضيــوف دعمهــم لصحيفــة الحرمــل‪،‬‬ ‫ولرســالتها التــي تشــكل ج ـرا ً للتعــاون العــريب‬ ‫الــريك‪ ،‬باإلضافــة إىل كــون صفحاتهــا تشــكل‬ ‫مجــاالً لطــرح النقاشــات الجــادة يف القضيــة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫وتحــدث الســيد رئيــس البلديــة عــن جهــود‬ ‫بلديــة الخليليــة‪ ،‬بدعــم الســوريني‪ ،‬حيــث تقيــم‬ ‫يومي ـاً‪ ،‬ثــاث مــآدب إفطــار وســحور رمضانيــة‪،‬‬ ‫للصامئــن مــن الــرك ومــن الســوريني‪ ،‬الذيــن‬ ‫يحلــون ضيوفـاً عــى موائدهــا الكرميــة‪ ،‬كــا بـ ّـن‬ ‫أن مائــدة رمضانيــة أللــف شــخص ســتقام يف‬ ‫بلــدة آكجــي قلعــة للضيــوف الســوريني‪ ،‬وقامــت‬ ‫البلديــة بخدمــات كثــرة لدعــم الضيــوف‬ ‫الســوريني‪ ،‬وإبــان أزمــة عــن العــرب (كوبــاين)‬ ‫قامــت آليــات بلديــة الخليليــة بأعــال إنشــاء‬ ‫املخيــات للضيــوف الكــرد الســوريني يف رسوج‪،‬‬ ‫وقدمــت الدعــم العاجــل‪ ،‬الــذي يســتحقه‬ ‫املهجــرون مــن ديارهــم نتيجــة الظــروف‬

‫عروة المهاوش‬ ‫بالرغــم مــن قيــام النظــام الســوري بقصــف‬ ‫املــدن الســورية وتدمريهــا كليــاً‪ ،‬ورغــم كل‬ ‫أعــداد القتــى املدنيــن يف تلــك املحافظــات‪،‬‬ ‫والتــي يرتكــز كل قصــف الطائــرات عليهــا‪،‬‬ ‫ألنهــا تشــكل الخطــر الكبــر عــى بقــاء النظــام‬ ‫عــى رأس الســلطة‪ ،‬والتــي أســقطتها رصخــات‬ ‫الحريــة األوىل‪ ،‬وســقوط الشــهيد األول فيهــا‪ ،‬مل‬ ‫تشــهد تلــك املــدن نزوحـاً كبـرا ً بعكــس املــدن‬ ‫التــي تتــم املعــارك يف محيطهــا‪ .‬أهــو الخــوف‬ ‫مــن املجهــول أم الخــوف مــن االنتقــام مــا‬ ‫يدفــع النــاس للنــزوح مــن مدنهــم وقراهــم‬ ‫كامــاً فــور ســاعهم باقــراب املعــارك مــن‬ ‫محيــط مدنهــم؟!‪.‬‬

‫مشال سورية وصراع البقاء‬ ‫يشــهد الشــال الرشقــي مــن ســورية منــذ‬ ‫معركــة عــن العــرب «كوبــاين» األخــرة مــع‬ ‫داعــش‪ ،‬وســيطرة األخــرة عليهــا بعــد معــارك‬ ‫رشســة‪ ،‬حركــة نــزوح كبــرة مبئــات اآلالف‬ ‫مــن البــر باتجــاه الحــدود الرتكيــة القريبــة‪،‬‬ ‫وســيل مــن الكتــل البرشيــة عــى مســاحات‬ ‫األرض الشــائعة‪ ،‬وتحــت حــر الشــمس الالهبــة‬ ‫واألجســاد الواهنــة‪ ،‬والوجهــة مــا يعتقدونــه بـ ّر‬ ‫األمــان‪.‬‬ ‫حترير تل أبيض‬ ‫فيــا تــرى أنقــرة أن تزايــد ســيطرة قــوات‬ ‫الحاميــة الشــعبية الكرديــة والجيــش الحــر‬ ‫«بــركان الفــرات» عــى املزيــد مــن املــدن‬ ‫الحدوديــة يشــكل خطــرا ً عليهــا‪ ،‬معتــرة أن‬ ‫وحــدات حاميــة الشــعب فــرع آخــر لحــزب‬ ‫العــال الكردســتاين‪ ،‬إال أن الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة تعتــر هــذا التقــدم نــرا ً لتلــك‬ ‫املأســاوية‪ ،‬كــا قدمــت البلديــة الدعــم ألهــايل القــوات عــى تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫تــل أبيــض النازحــن‪ ،‬وأنجدتهــم باملــاء والغــذاء‪« ،‬داعــش»‪ ،‬ومحاولــة لقطــع طــرق اإلمــداد ملنــع‬ ‫بالتعــاون مــع املنظــات الرتكيــة والعربيــة تدفــق املقاتلــن عــن طريــق تلــك الحــدود‬ ‫واألجنبيــة‪.‬‬ ‫نحــو الداخــل الســوري‪.‬‬ ‫وقــد دار حــوار موســع حــول األحــداث األخــرة‬ ‫يف تــل ابيــض‪ ،‬وتداعياتهــا عــى العــرب والكــرد‪ ،‬فمنــذ معركــة كوبــاين وســيطرة داعــش عليهــا‬ ‫وأشــار الســيد رئيــس التحريــر ماجــد رشــيد أصبحــت قــوات «بــركان الفـرات» حليفـاً قويـاً‬ ‫العويــد‪ ،‬إىل حجــم القلــق عــى وضــع املواطنــن لقــوات التحالــف عــى األرض‪ ،‬فيــا تقــوم‬ ‫الســوريني هنــاك‪ ،‬وشــ ّدد عــى أهميــة وجــود‬ ‫تلــك األخــرة بالرضبــات الجويــة النوعيــة عــى‬ ‫املعلومــات الدقيقــة‪ ،‬الالزمــة للحكــم عــى‬ ‫أماكــن تواجــد «داعــش» وتكبيــده الخســارات‬ ‫الغمــوض الــذي مــا يــزال يلــف األحــداث يف‬ ‫الكبــرة يف العتــاد واملقاتلــن‪ ،‬وتقــوم قــوات‬ ‫القــرى العربيــة واملختلطــة يف تــل ابيــض‪.‬‬ ‫وتحــدث الســيد رئيــس املجلــس الرتكــاين الــريك «بــركان الفـرات» بفــرض ســيطرتها عــى األرض‪،‬‬ ‫عــن أهميــة التعــاون بــن مختلــف املكونــات وبســط نفوذهــا عــى املــدن والقــرى التــي‬ ‫الســورية إلعــادة الحيــاة الطبيعيــة إىل ســوريني ينســحب منهــا التنظيــم‪.‬‬ ‫أمثــر هــذا التعــاون بــن قــوات التحالــف‬ ‫املهجريــن مــن عــرب وتركــان وكــرد‪.‬‬ ‫تتوجــه الحرمــل بالشــكر للســيد رئيــس بلديــة وبــركان الفـرات عــن تحريــر مدينــة تــل أبيــض‬ ‫الخليليــة‪ ،‬والشــخصيات املرافقــة لــه عــى هــذه الســورية يــوم ‪ 2015_6_ 15‬بعــد معركــة‬ ‫الزيــارة‪ ،‬التــي تشــعرنا نحــن الســوريني بأهميــة توصــف مــن حيــث التحليــل العســكري أنهــا‬ ‫الدعــم الــريك الحكومــي واألهــي‪ ،‬وبحــرص مجــرد انســحاب أبيــض مــن املدينــة مــن‬ ‫اإلخــوة األتــراك عــى االهتــام بالضيــوف قبــل «داعــش»‪ ،‬حيــث أنهــا مل تكــن باملعركــة‬ ‫الالجئــن يف تركيــا‪ ،‬ريثــا تنفــرج مأســاتهم الحقيقيــة‪ ،‬والتــي مل تجــد مقاومــة كبــرة مــن‬ ‫ويعــودون إىل وطنهــم‪ ،‬إلعــادة بنائــه مــن جديــد الطــرف الــذي كان مســيطرا ً عــى أهــم املعابــر‬ ‫متجاوزيــن ظــروف الحــرب القاســية‪.‬‬ ‫الحدوديــة اإلســراتيجية عســكرياً‪.‬‬

‫رئي��س بلدي��ة اخلليلي��ة يف أورف��ا يصطح��ب‬ ‫ضيوف��ه األت��راك إىل مق � ّر صحيف��ة احلرم��ل‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫بوابة أقجة قلعة احلدودية‬

‫نزوح ورعب قاتل‪ ..‬وحقيقة غامضة‬ ‫ع ـرات القــرى العربيــة أُفرغــت مــن ســكانها‬ ‫وقاطنيهــا يف ظــل غيــاب وســائل اإلعــام‬ ‫الدوليــة والعربيــة لنقــل حقيقــة مــا يجــري‬ ‫عــى األرض‪ ،‬فيــا اتهــم الرئيــس الــريك «رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان» تلــك القــوات بطــرد الســكان‬ ‫العــرب والرتكــان مــن قراهــم وتهجريهــم منها‪،‬‬ ‫وقيــام تلــك القــوات بعمليــات تطهــر عرقــي‬ ‫بتلــك املناطــق فــإن قــوات الحاميــة الشــعبية‬ ‫تنفــي هــذا األمــر نفيــاً قاطعــاً بحســب مــا‬ ‫ذكــره املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان الــذي‬ ‫يتخــذ بريطانيــا مق ـرا ً لــه‪ ،‬وقــال ريــدو خليــل‬ ‫«املتحــدث باســم وحــدات حاميــة الشــعب‬ ‫الكرديــة» إن مــا تقــوم بــه وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب وقــوات بــركان الفــرات ال يتعــدى‬ ‫الخــوف عــى حيــاة األهــايل يف تلــك املناطــق‬ ‫بعــد قيــام داعــش بــزرع كميــة كبــرة مــن‬ ‫األلغــام يف القــرى التــي انســحب منهــا‪ ،‬والتــي‬ ‫انفجــرت بالعديــد مــن الهاربــن مــن مناطــق‬ ‫املعــارك‪ ،‬وتقــوم قواتنــا بتمشــيط القــرى ونــزع‬ ‫األلغــام منهــا لتعــود تلــك القــرى مكان ـاً آمن ـاً‬ ‫للعيــش فيهــا‪.‬‬ ‫رســائل التطمــن كثــرة عــر البيانــات التــي‬ ‫أصدرهــا «بــركان الفــرت» بتســجيالت مرئيــة‬ ‫لقائــد لــواء ثــوار الرقــة «أبــو عيــى» إضافــة‬ ‫للمتحدثــن الرســميني لوحــدات الحاميــة‬ ‫الشــعبية‪ ،‬لكنهــا مل تــزرع الثقــة يف نفــوس‬ ‫الهاربــن النازحــن مــن تلــك املناطــق‪ ،‬بالرغــم‬ ‫مــن عــودة القليــل منهــم‪ ،‬إال أن الغالبيــة‬ ‫العظمــى منهــم ال يزالــون يف حدائــق ومــدارس‬ ‫وشــوارع أقجــه قلعــة الرتكيــة‪.‬‬ ‫ويف بيــان آخــر لصحيفــة حرييــت الرتكيــة‪ ،‬رصح‬ ‫صالــح مســلم الرئيــس املشــرك لحــزب االتحــاد‬ ‫الدميقراطــي‪ ،‬أن األوضــاع يف مدينــة تــل أبيــض‬ ‫ســتعود مثلــا كانــت‪ ،‬وأن وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب ســوف تنســحب مــن املدينــة بعــد‬ ‫متشــيطها‪ ،‬والتأكــد مــن خلوهــا مــن عنــارص‬ ‫داعــش‪ ،‬والتــي قــد تكــون موجــودة فيهــا‪،‬‬ ‫وســيتم دعــوة كل األهــايل للعــودة إىل منازلهــم‬ ‫وقراهــم‪ ،‬داعيــاً إىل إدارة املدينــة مــن قبــل‬ ‫املدنيــن أنفســهم‪.‬‬ ‫جلنة تقصي احلقائق من خلف احلدود‪..‬‬

‫فيــا متكــن عضــو االئتــاف الوطنــي «قاســم‬ ‫الخطيــب» بالدخــول إىل مدينــة تــل أبيــض‬ ‫والتجــول فيهــا‪ ،‬إضافــة لزيارتــه للقــرى‬ ‫املحــررة يف الشــال الســوري وبترصيــح لــه‬ ‫لـ»كلنــا رشكاء» حــول مــا يشــاع عــن عمليــات‬ ‫تهجــر وتطهــر عرقــي‪ ،‬قــال‪ :‬إن هــذا األمــر‬ ‫مل يحــدث يف املناطــق التــي تــم تحريرهــا‬ ‫مــن خــال مشــاهدايت ولقــاءايت مــع األهــايل‪،‬‬ ‫إضافــة إىل اجتامعــي بالقــادة العســكريني‬ ‫بــركان الف ـرات»‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة تشــكيل‬ ‫مجلــس أعيــان مــن أبنــاء املدينــة يؤســس ملبــدأ‬ ‫الرشاكــة الوطنيــة الحقيقيــة‪ ،‬وتشــكيل مجلــس‬ ‫قضــاء مــدين لفــض النزاعــات بــن الســكان‪.‬‬ ‫انتهاكات وتهجري قسري‪..‬‬

‫قــال االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضة‬ ‫الســورية يف بيــان صــدر لــه يــوم الســبت‬ ‫الفائــت‪ ،‬أن «حــزب االتحــاد الدميقراطــي»‬ ‫قــام بارتــكاب انتهــاكات بحــق األهــايل يف‬ ‫منطقــة «تــل أبيــض»‪ ،‬وأن أهــايل (تــل أبيــض)‬ ‫تعرضــوا للتهجــر القــري مــن قبــل تنظيــم‬ ‫«قــوات حاميــة الشــعب»‪ ،‬وأن لجنــة تقــي‬ ‫الحقائــق التــي شــكلت‪ ،‬و ُمنعــت مــن الدخــول‬ ‫لــأرايض املحــررة‪ ،‬توصلــت إىل وقــوع تجاوزات‬ ‫عديــدة ضــد الســكان املدنيــن يف مدينــة تــل‬ ‫أبيــض وقراهــا واملــدن املحــررة يف الشــال‬ ‫الســوري‪ ،‬وأضــاف البيــان أن أغلــب عمليــات‬ ‫النــزوح الجامعــي حدثــت قبــل دخــول قــوات‬ ‫بــركان الف ـرات هــذه القــرى‪ ،‬نتيجــة الخــوف‬ ‫مــن تجــارب ســابقة حدثــت يف مناطــق أخــرى‬ ‫رشق ســوريا‪ ،‬ويف الوقــت ذاتــه أكــد البيــان عــن‬ ‫عمليــات تهجــر قرسيــة لعــدد مــن القــرى‬ ‫العربيــة والرتكامنيــة تحــت تهديــد الســاح‬ ‫كقــرى( العيســاوية –عبــدي كيــوي ‪-‬بــاب‬ ‫الهــوى ‪-‬الضبعــة ‪-‬مدلــج)‪.‬‬ ‫ومل يقتــر األمــر عــى تهجــر الرجال والشــباب‬ ‫فحســب‪ ،‬فقــد ذكــر البيــان أن قريــة زحلــة‬ ‫جنــويب مدينــة تــل أبيــض كانــت فارغــة مــن‬ ‫الرجــال متامــاً‪ ،‬ومل يكــن فيهــا ســوى النســاء‬ ‫واألطفــال‪ ،‬ومــع ذلــك تــم تهجريهــم بطريقــة‬ ‫مذلــة جــدا ً بحســب مــا ذكــر البيــان‪.‬‬ ‫كــا ذكــر البيــان عمليــة للتهجــر حدثــت يف‬ ‫قــرى حــام الرتكــان بشــكل كامــل‪ ،‬مبحاولــة‬ ‫لتفريــغ املنطقــة من ســكانها األصليــن‪ ،‬وطالب‬ ‫البيــان األمــم املتحــدة بتشــكيل لجنــة تحقيــق‬ ‫دوليــة بشــكل فــوري‪ ،‬والوقــوف عــى مــا‬ ‫يجــرى عــى األرض‪ ،‬ورصــد وتوثيــق االنتهــاكات‬ ‫مــن كافــة األطــراف‪ ،‬وكذلــك الســاح بفتــح‬ ‫طريــق لوصــول املســاعدات اإلنســانية والطبيــة‬ ‫لتخفيــف املعانــاة عــى مــن بقــي محــارصا ً‬ ‫داخــل مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬بعــد الســيطرة عليهــا‬ ‫مــن قبــل وحــدات الحاميــة الشــعبية‪ ،‬وفــرض‬ ‫حــر للتجــوال فيهــا لي ـاً‪ ،‬ومنــع الدخــول أو‬ ‫الخــروج مــن املدينــة تحــت أي ذريعــة كانــت‪.‬‬ ‫ويف ترصيــح آخــر قــال عضــو امل ُنظّمــة الكُرديــة‬ ‫لحقــوق اإلنســان يف ســوريا برادوســت الكــايل‬ ‫أن تقريــر االئتــاف الســوري امل ُعــارض حــول‬ ‫حــاالت التطهــر العرقــي بحــق العــرب يف تــل‬ ‫أبيــض هــو «غــر دقيــق وغــر حقوقــي وغــر‬ ‫مهنــي»‪ ،‬مؤكّــدا ً أن التقريــر ال ميــت لعمــل‬ ‫اللجنــة بأيــة صلــة وال للعمــل الحقوقــي‪.‬‬ ‫املواطن هو اخلاسر األكرب‬ ‫اإلنســان البســيط الــذي فقــد كل أشــكال‬ ‫الحيــاة ومســبباتها بســبب تلــك الحــرب‬ ‫الدائــرة‪ ،‬فــا يوجــد يف ســوريا عائلــة واحــدة‬ ‫مل تجــرب النــزوح والتهجــر بســبب املعــارك‬ ‫الدائــرة‪ ،‬عــدا عــن فقــدان جــزء كبــر مــن‬ ‫العائلــة‪ ،‬فمــن مل يفقــد أخـاً فقــد والــدا ً وزوجـاً‬ ‫وطفــاً‪ ،‬وهنــاك عائــات أُبيــدت بالكامــل‬ ‫ليبقــى الشــعب الســوري هــو الخــارس الوحيــد‬ ‫برحــى الحــرب التــي تطحــن كل يشء أمامهــا‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪3‬‬

‫أردوغان‪ :‬لن نس��مح إطالقًا ببناء دولة قوارب املوت تس��اهم مع النظام وداعش بقتل املزيد من الس��وريني!‬

‫يف مشال سوريا مهما كان الثمن‬

‫ترك برس‬ ‫قــال الرئيــس الــريك «رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان» مشــرا ً إىل التطــورات األخــرة يف‬ ‫الســاحة الســورية‪« :‬لــن نســمح إطالق ـاً ببنــاء‬ ‫دولــة يف حدودنــا الجنوبيــة شــال ‫ســوريا‬‬ ‫مهــا كان الثمــن‪ .‬ولــن نتغــاىض عــن عمليــة‬ ‫تغيــر الرتكيبــة الســكانية يف املنطقــة»‪.‬‬ ‫وأشــار الرئيــس أردوغــان خــال ترصيحــات أدىل‬ ‫بهــا يف برنامــج إفطــار ملنظمــة الهــال األحمــر‬ ‫الرتكيــة مبركــز خليــج للمؤمتـرات‪ ،‬إىل أن هنــاك‬ ‫بعــض األطــراف قامــت خــال أحــداث عــن‬ ‫العــرب «كوبــاين» األوىل بإشــعال الفــوىض‬ ‫واألزمــة داخــل تركيــا وأنهــا تحــاول اآلن القيــام‬ ‫بنفــس األمــر‪.‬‬ ‫وخاطــب أردوغــان بعــض الناشــطني األكــراد‬ ‫وغريهــم ممــن ف ّعلــوا هاشــتاغ «تركيــا‬ ‫اإلرهابيــة» دون خجــل وال ملــل عــى موقــع‬ ‫تويــر قائـاً‪« :‬لــو كانت فيكــم ذرة مــن الكرامة‬ ‫والــرف ملــا قمتــم بذلــك‪ .‬مــن يعطيكــم الحق‬ ‫بــأن تقولــوا للدولــة التــي تســتقبل الهاربــن‬ ‫مــن عــن العــرب «كوبــاين» يف أراضيهــا‪ ،‬أنهــا‬ ‫دولــة إرهابيــة‪ .‬لــن تنفــع تلــك الدرجــات‬ ‫التــي تحصلــون بهــا مــن خــال التغريــدات‪ ،‬يف‬ ‫تبييــض وجوهكــم الســوداء؟»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪« :‬يقومــون خــال األيام األخــرة بتزوير‬ ‫األحــداث املوثقــة التــي ال عالقــة لهــا برتكيــا‬

‫ال مــن قريــب وال مــن بعيــد‪ ،‬لتحقيــق نفــس‬ ‫األهــداف‪ .‬مــن جهــة يتكلــم نظــام األســد‪،‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى الناطقــون باســم التنظيــم‬ ‫االنفصــايل «حــزب العــال الكردســتاين‪ ،‬يب‬ ‫يك يك»‪ ،‬ومــن طــرف آخــر الناطقــون باســم‬ ‫الحــزب الســيايس املتواجــد داخــل بالدنــا‬ ‫«الشــعوب الدميقراطــي» وكلهــم يتكلمــون‬ ‫بنفــس اللســان»‪.‬‬ ‫وقــال‪« :‬مــن الواضــح أن هدفهــم هــو تغيــر‬ ‫الــرأي العــام العاملــي تجــاه تركيــا‪ .‬ويريــدون‬ ‫تغيــر الرتكيبــة الســكانية يف املنطقــة مــن‬ ‫خــال إبعــاد تركيــا عــن األحــداث التــي تقــع يف‬ ‫جوارهــا مســتخدمني االتهامــات نفســها»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪« :‬أخاطــب شــعبي والعــامل كلــه مــن‬ ‫هــذا املنــر‪ ،‬لــن نســمح إطالقــاً ببنــاء دولــة‬ ‫شــال ســوريا عــى حدودنــا الجنوبيــة‪ .‬أريــد‬ ‫أن يعلــم الــكل هــذه األمــر‪ .‬ســوف مننــع هــذا‬ ‫مهــا كان الثمــن‪ .‬نحــن لــن نتغــاىض عــن‬ ‫عمليــة تغيــر الرتكيبــة الســكانية يف املنطقــة»‪.‬‬ ‫واســتنكر أردوغــان خــال ترصيحــات لــه‬ ‫مؤخــرا ً‪ ،‬ادعــاءات بعــض أعضــاء حــزب‬ ‫الشــعوب الدميقراطــي الكــردي حــول دخــول‬ ‫عنــارص التنظيــم إىل بلــدة كوبــاين عــن طريــق‬ ‫األرايض الرتكيــة‪ ،‬مشـرا ً إىل أ ّن الســلطات الرتكية‬ ‫علمــت بــأن عنــارص التنظيــم قامــت باقتحــام‬ ‫البلــدة مــن الجهــة الجنوبيــة والرشقيــة‪.‬‬

‫السيس��ي يتنب��أ بدن��و حلظ��ة‬ ‫س��قوط األس��د‬

‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬

‫زار رئيــس الحكومــة اللبنانيــة متــام ســام‬ ‫العاصمــة املرصيــة القاهــرة مؤخــرا ً‪ ،‬وذكــرت‬ ‫صحيفــة «املســتقبل» اللبنانيــة نقـاً عــن الوفــد‬ ‫الرســمي املرافــق لـــ ســام أن الرئيــس املــري‬ ‫عبــد الفتــاح الســييس نصــح الوفــد اللبنــاين‬ ‫بــأن يســتعد لتطــورات مفاجئــة عــى الوضــع‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫وقالــت الصحيفــة إن الســييس أبلــغ الوفــد‬ ‫اللبنــاين أن «يتحســبوا مــن تطــورات دراماتيكية‬ ‫قــد تطــرأ بشــكل مفاجــئ يف ســورية»‪ ،‬وأضاف‪:‬‬ ‫ـروا للحظــة ســقوط‬ ‫«حصنــوا أنفســكم وتحـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫األســد»‪.‬‬ ‫وأوضحــت صحيفــة «املســتقبل» نقــاً عــن‬ ‫الوفــد اللبنــاين أن الســييس نصــح الوفــد‬ ‫بــرورة «التنبــه الجيــد للتطــورات املرتقبــة‬ ‫خــال املرحلــة املقبلــة عــى صعيــد امللــف‬ ‫الســوري»‪ ،‬وبحســب الصحيفــة فــإن الســييس‬ ‫قــال‪« :‬وضــع النظــام الســوري ســيئ كــا‬ ‫يبــدو مــن مســار األحــداث األخــرة يف ســورية‪،‬‬ ‫والتوقعــات تشــر إىل إمكانيــة تدهــوره‬ ‫وانهيــاره بشــكل رسيــع ومباغــت‪ ،‬لذلــك مــن‬ ‫متحســبني لذلــك‬ ‫األفضــل أن تكونــوا يف لبنــان‬ ‫ّ‬

‫يك تتمكنــوا مــن مواجهــة وتطويــق تداعيــات‬ ‫املرحلــة»‪.‬‬ ‫ولفــت الســييس خــال لقائــه الوفــد اللبنــاين يف‬ ‫«قــر االتحاديــة» إىل أن «أي تطــور مــن قبيــل‬ ‫احتــال انهيــار النظــام الســوري قــد يُرخــي‬ ‫بظاللــه عــى الســاحة اللبنانيــة ربط ـاً مبــا قــد‬ ‫ينجــم عنــه مــن تبعــات ضاغطــة كفرضيــة‬ ‫تدفــق أعــداد كبــرة مــن الالجئــن الســوريني‪،‬‬ ‫وبالتــايل فــإ ّن عــى لبنــان أن يبــادر إىل تحصــن‬ ‫والتحســب مــن اآلن لكيفيــة التعامــل‬ ‫نفســه‬ ‫ّ‬ ‫مــع مثــل هــذا االحتــال»‪ ،‬حســبام جــاء يف‬ ‫صحيفــة «املســتقبل»‪.‬‬

‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫مــا يــزال املــوت يطــارد الســوريني أينــا‬ ‫حلّــوا وأينــا وصلــوا‪ ،‬فالرباميــل املتفجــرة‪،‬‬ ‫تســقط مــن الســاء والتكفــر وقطــع الــرؤوس‪،‬‬ ‫ينبعــان مــن األرض‪ ،‬وهــا هــي قــوارب املــوت‬ ‫تقتــل املهاجريــن الســوريني وبأمثــان شــديدة‬ ‫الفحــش وبطــرق شــديدة القســوة وخاليــة‬ ‫مــن أي أنــواع الرحمــة والشــفقة التــي يبديهــا‬ ‫املهربون لإلمســاك بالفريســة الســورية الســهلة‬ ‫املنــال نتيجــة اليــأس وانســداد اآلفــاق‪.‬‬ ‫كتــب الصحــايف كــال شــيخو‪ :‬مل تكــن حادثــة‬ ‫غــرق امــرأة ســورية وطفلهــا يــوم الثالثــاء‬ ‫‪ ،2015/6/23‬قبالــة ســواحل مدينــة بــودروم‬ ‫جنــوب غــرب تركيــا األوىل مــن نوعهــا‪.‬‬ ‫فاملركــب الــذي كان يقــل ‪ 67‬مســافرا ً‬ ‫جميعهــم مــن الســوريني‪ ،‬والــذي كان متوجه ـاً‬ ‫إىل اليونــان‪ ،‬غــرق بفعــل أمــواج البحــر وتبــدل‬ ‫األحــوال الجويــة‪ ،‬وأدى ذلــك إىل وفــاة ‪4‬‬ ‫أشــخاص بينهــم أم وطفلهــا الوحيــد‪ ،‬وزوجــن‬ ‫حســبام ذكــر «جــال» أحــد أقــارب الزوجــن‪.‬‬ ‫وتــم إنقــاذ ‪ 63‬شــخصاً بينهــم أطفــال إىل‬ ‫الشــاطئ‪ ،‬ومنــه إىل املستشــفيات عــر ســيارات‬ ‫خصصــت لهــم‪.‬‬ ‫وبحســب شــهود عيــان‪ ،‬فــإن املركــب انطلــق‬ ‫مــن واليــة بــودروم‪ ،‬ليــل االثنــن ‪/‬الثالثــاء ‪-22‬‬

‫‪ 2015/6/23‬ســعياً للوصــول إىل اليونــان عــر‬ ‫بحــر ايجــه‪.‬‬ ‫ونقــل وليــد أحــد الناجــن مــن الحادثــة‬ ‫لـ»كلنــا رشكاء»‪« :‬ان اليخــت املطاطــي كانــت‬ ‫ســعته ‪ 30‬راكب ـاً؛ إال ان املهــرب وطمع ـاً باملــال‬ ‫قــام بتحميــل ‪ 67‬راكبــاً مــا ضاعــف حمولــة‬ ‫املركــب»‪ ،‬وبــدا عــى وجهــه الحــزن واإلرهــاق‬ ‫بعــد ســاعه نبــأ وفــاة األم وابنهــا والزوجــن‬ ‫واســتدرك قائــاً‪« :‬كانــوا يحلمــون بعيــش‬ ‫أفضــل ولكــن املــوت كان بانتظارهــم‪45 ،‬‬ ‫دقيقــة فقــط كانــت ســتنقلهم إىل حلمهــم»‪.‬‬ ‫وقــال جــال لـ»كلنــا رشكاء» أنــه كتــب‬ ‫بوســتاً عــى صفحــة «كراجــات املشــنططني»‬ ‫ليســأل روادهــا عــن خــر ملعرفــة مصــر‬ ‫عمتــه وزوجهــا‪ ،‬إال أنــه وبعــد ســت ســاعات‬ ‫«انصدمــت باتصــال أخــرين أن عمتــي وزوجهــا‬ ‫لقــوا حتفهــم‪ ،‬وكانــوا مــن بــن الضحايــا يــي‬ ‫ماتــوا عاملركــب»‪ ،‬وأعــرب عــن حزنــه ليضيــف‪:‬‬ ‫«أقربــايئ وغريهــم هربــوا مــن املــوت ولكــن‬ ‫كان يالحقهــم إذ ماتــوا يف عــرض البحــر‪ ،‬كــم‬ ‫مــن الســوريني ســتغرقهم أمــواج البحــر»‪.‬‬ ‫ورغــم عــدم وجــود إحصــاءات دقيقــة عــن‬ ‫عــدد الضحايــا الذيــن غرقــوا يف عــرض البحــر‬ ‫مــن الســوريني‪ ،‬عــر مــا يســمى بـ»قــوارب‬ ‫املــوت»‪ ،‬ولكــن بحســب بعــض املصــادر‬

‫التــي وثقــت غــرق ‪ /58/‬مهاج ـرا ً غــر رشعــي‬ ‫معظمهــم مــن الســوريني يف بحــر إيجــة بــن‬ ‫تركيــا واليونــان بتاريــخ ‪ 2012/9/6‬لقــي‬ ‫ســتة مهاجريــن ســوريني مرصعهــم إثــر غــرق‬ ‫قــارب قــرب شــواطئ صقليــة اإليطاليــة‪ .‬ويف‬ ‫‪11‬‏‪08/‬‏‪ 2013/‬واجــه ‪ /21/‬شــخصاً مصــر الغــرق‬ ‫فيــا عــ ّد ‪ /66/‬آخــرون يف عــداد املفقوديــن‪.‬‬ ‫وبتاريــخ ‪ 2013/10/10‬غــرق قــارب يحمــل‬ ‫الجئــن ســوريني وفلســطينيني قبالــة ســواحل‬ ‫مالطــة اإليطاليــة وال يعــرف عددهــم اىل‬ ‫تاريخيــه‪.‬‬ ‫كذلــك واجــه ‪ /27/‬شــخصاً مصــر الغــرق‬ ‫باإلضافــة إىل ‪ /217/‬مفقــود جــراء محــاوالت‬ ‫الهجــرة غــر الرشعيــة خــال شــهر آب ‪.2014‬‬ ‫وبعــد االجــراءات األوربيــة القاســية ضــد‬ ‫املهاجريــن وتنافــس الــدول األوربيــة عــى‬ ‫طــرد املهاجريــن‪ ،‬تواجــه موجــة النــزوح عــر‬ ‫«قــوارب املــوت» تشــديدا ً كب ـرا ً خــال الفــرة‬ ‫األخــرة مــن قبــل الحكومــة الرتكيــة‪ .‬وهنــاك‬ ‫نقــص يف أعــداد القــوارب‪ ،‬بحســب أقــوال بعض‬ ‫املهربــن‪ ،‬إذ أن الســلطات املختصــة تقــوم‬ ‫مبصــادرة «البلــم» وال تعطــي تصاريــح رســمية‬ ‫جديــدة «للبلــات» إال بعــد دفــع مبالــغ ماليــة‬ ‫كبــرة مرفقــة بــاألوراق والثبوتيــات الســياحية‬ ‫الالزمــة‪.‬‬

‫معتقل��و مح��اة والرق��ة ينال��ون النصي��ب األك�بر‬ ‫م��ن أح��كام اإلع��دام ال�تي يصدره��ا النظ��ام‬ ‫بعــد نقــل املرجعيــات والدوائــر‬ ‫الحكوميــة مــن الرقــة إىل ديــر الــزور ومــن ثــم‬ ‫إىل حــاة‪ ،‬يخضــع أهــل الرقــة شــيباً وشــباباً‬ ‫ملختلــف أنــواع االبتــزاز واملالحقــات‪ ،‬اعتبــارا ً‬ ‫مــن مالحقــات تنظيــم داعــش الــذي يعتــر كل‬ ‫مــن مل يبايعــه مرتــدا ً أو كاف ـرا ً ويحــل لنفســه‬ ‫وملقاتليــه األجانــب املتوحشــن ســلب مــا تيــر‬ ‫لهــم مــن شــقاء العمــر الــذي بنــاه املواطــن‬ ‫الرقــي رغــم قســوة الظــروف واحتقــار النظــام‬ ‫األســدي ملحافظــة الرقــة واعتبارهــا مجــرد‬ ‫مزرعــة لشــبيحته ومرتزقتــه الذيــن مل يوفــروا‬ ‫مختلــف أنــواع االضطهــاد والقســوة ضــد أهــل‬ ‫الرقــة وعمــود أهــل الجزيــرة الســورية اعتبــارا ً‬ ‫مــن املجــرم محمــد ســلامن الــذي بايــع إي ـران‬ ‫عــى تدمــر ســورية وإعــادة امتالكهــا وصــوالً‬ ‫إىل تابعــه املدعــو العقيــد عزيــز الــذي كان‬ ‫رمـزا ً مــن رمــوز الهمجيــة والتوحــش يف الرقــة‪،‬‬ ‫وليــس انتهــا ًء باملدعــو أبــو جاســم الــذي نــال‬ ‫جـزاءه الــذي يســتحقه‪ ،‬ويســتحق مــا هــو أكــر‬ ‫مــن املصــر الذليــل واملهــن لــه ولــكل شــبيحة‬ ‫النظــام القاتــل‪.‬‬ ‫قبــل أيــام مــن وضــع املعتقلــن الرقاويــن‬ ‫والحمويــن يف حــاة‪ ،‬كتــب الصحــايف‬ ‫محمــد أنــس ملوقــع كلنــا رشكاء قائ ـاً‪ :‬تعــدد‬ ‫املعتقــات التابعــة للنظــام الســوري‪ ،‬وتنوعهــا‬ ‫مــا بــن معتقــات أمنيــة ومعتقــات تابعــة‬ ‫للميليشــيات‪ ،‬جعلــت إحصــاء أعــداد املعتقلــن‬ ‫أشــبه باملســتحيل‪ ،‬كــا تتبايــن تقديــرات‬ ‫أعدادهــم‪ ،‬مــع تنــوع أماكــن احتجازهــم‪،‬‬ ‫وســط إحاطــة ظــروف معيشــتهم وأســاليب‬ ‫التحقيــق معهــم بالرسيــة والتكتــم‪ ،‬بيــد أن‬ ‫كثــرا ً منهــم قــد ســلموا إىل ذويهــم جثثــاً‬ ‫مشــوهة‪ ،‬بينــا تتــرب مقاطــع الفيديــو‬ ‫مــن وراء جــدران الســجون لتكشــف النقــاب‬ ‫عــن تعرضهــم لتعذيــب وحــي‪ ،‬ينهــي حيــاة‬ ‫أغلبهــم يف الزنزانــات‪ ،‬دون عرضهــم عــى‬ ‫القضــاء‪ ،‬أو توثيــق النيابــة والتحقيــق آلثــار‬ ‫الجرائــم التــي تعرضــوا لهــا‪ ،‬فضـاً عــن املئــات‬ ‫ممــن يحكــم عليهــم باملــوت واإلعــدام قبــل أن‬ ‫تنــال مــن أعامرهــم ســياط التعذيــب‪.‬‬

‫الشــبكة الســورية لحقــوق اإلنســان نــرت‬ ‫تقريـرا ً جديــدا ً تحــت عنــوان «مــا بــن الحكــم‬ ‫باإلعــدام أو املــوت بســبب التعذيــب» وثقــت‬ ‫فيــه قيــام مــا تســمى محكمــة مكافحــة‬ ‫اإلرهــاب بإصــدار أحــكام بحــق ‪ 56‬معتق ـاً يف‬ ‫ســجن حــاة املركــزي‪.‬‬ ‫قالــت مــن خــال تقريرهــا أن إرضابـاً مفتوحـاً‬ ‫عــن الطعــام قــام بــه بــن ‪ 630‬إىل ‪700‬‬ ‫ســجني مــن املحتجزيــن داخــل ســجن حــاة‬ ‫املركــزي يف ‪ /16‬حزي ـران‪ ،2015 /‬وبتاريــخ ‪/21‬‬ ‫حزيـران‪ 2015 /‬أي بعــد دخــول اإلرضاب يومــه‬ ‫الســادس أصــدرت محكمــة مكافحــة اإلرهــاب‬ ‫بدمشــق أحكامــاً باإلعــدام عــى ‪ 7‬معتقلــن‬ ‫مــن املعتقلــن املشــاركني يف اإلرضاب ليصبــح‬ ‫مجمــوع األحــكام الصــادرة باإلعــدام ‪ 15‬حكـاً‪،‬‬ ‫وأغلــب املعتقلــون هــم مــن محافظتــي حــاة‬ ‫والرقــة‪.‬‬ ‫ووفــق التقريــر الــذي جــاء يف أربــع صفحــات‬ ‫فــإن األحــكام توزعــت كــا يــي‪ 12 :‬معتقــاً‬ ‫حكمــوا باإلعــدام تــم تشــميلهم مبرســوم العفــو‬ ‫الصــادر عــن الســلطات الســورية لعــام ‪2014‬‬ ‫ليخفــض الحكــم الصــادر بحقهــم مــن اإلعــدام‬ ‫إىل املؤبــد مــع غرامــة ماليــة قدرهــا ‪ 40‬مليــون‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬و‪ 8‬معتقلــن حكمــوا باإلعــدام‬ ‫لكــن دون أن يشــملهم العفــو الرئــايس الصــادر‬ ‫ســابقاً‪.‬‬ ‫كــا حكــم عــى ‪ 25‬معتقـاً بالســجن مــدة ‪20‬‬ ‫عامــاً فيــا حكــم عــى ‪ 11‬معتقــاً بالســجن‬ ‫مــدة ت ـراوح مــا بــن ‪ 15-12‬عام ـاً‪.‬‬ ‫واســتعرض التقريــر روايــة أحــد املعتقلــن‬ ‫الذيــن تواصــل معهــم فريــق الشــبكة الســورية‬ ‫لحقــوق اإلنســان‪ ،‬والــذي أكــد أن الحكــم‬ ‫الصــادر بحقــه مــن محكمــة جنايــات اإلرهــاب‬ ‫بدمشــق يف ‪ /15‬حزيــران‪ 2015 /‬بعــد مــرور‬ ‫عامــن عــى اعتقالــه كان حكــاً بالســجن‬ ‫مــدة ‪ 22‬عام ـاً‪ ،‬أصدرتــه املحكمــة اســتنادا ً إىل‬ ‫تقريــر أمنــي واعرتافــات انتزعــت منــه نتيجــة‬ ‫التعذيــب القــايس ودون وجــود أي دليــل يثبــت‬ ‫التهمــة املنســوبة إليــه يف «تشــكيل عصابــة‬ ‫إرهابيــة» وعــر عــن خوفــه مــن انتقــام القوات‬

‫الحكوميــة منهــم ألنهــم أعلنــوا اإلرضاب‬ ‫ولــن يتوقفــوا عنــه حتــى يقــوم وزيــر العــدل‬ ‫ووزيــر املصالحــة الوطنيــة لــدى الســلطات‬ ‫الســورية بزيــارة ســجن حــاة املركــزي وإعــادة‬ ‫محاكمتهــم وفــق محاكــات عادلــة‪ ،‬وأفــاد أن‬ ‫بعــض املعتقلــن قــد مــر عــى احتجازهــم أربــع‬ ‫ســنوات دون أن يخضعــوا أليــة محاكمــة‪.‬‬ ‫وبحســب الروايــة التــي عرضهــا التقريــر فــإن‬ ‫قــوات الســجن هــددت املرضبــن يف حــال‬ ‫رفضهــم الذهــاب لحضــور جلســات املحكمــة‬ ‫بالتعذيــب والــرب ونقلهــم إىل ســجون أشــد‬ ‫قســوة يف الالذقيــة أو طرطــوس‪ ،‬فاضطــر ‪40‬‬ ‫شــخصاً للذهــاب إىل املحكمــة‪.‬‬ ‫وأشــار التقريــر إىل أن مــا يدعــى وفــد‬ ‫املصالحــة الوطنيــة التابــع للســلطات الحاكمــة‪،‬‬ ‫برئاســة محمــود ســباهي قــام بزيــارة ســجن‬ ‫حــاة املركــزي يف ‪ /22‬حزيــران‪ 2015 /‬وقــدم‬ ‫وعــودا ً للمحتجزيــن بتســوية أوضاعهــم قضائيـاً‬ ‫وأمني ـاً‪ ،‬مــا دعــا املحتجزيــن إليقــاف إرضابهــم‬ ‫عــن الطعــام بشــكل مؤقــت‪.‬‬ ‫وتنــاول تقريــر الشــبكة الســورية لحقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬تعريفــاً ملحكمــة اإلرهــاب التــي‬ ‫أُنشـئَت مــن قبــل الســلطات الســورية يف متــوز‬ ‫عــام ‪ 2012‬مبرســوم رئــايس رقــم ‪ ،22‬وقــد حلت‬ ‫مــكان محكمــة أمــن الدولــة التــي ألغيــت مــع‬ ‫قانــون الطــوارئ‪ ،‬وهــي ال تــكاد تختلــف عنهــا‪،‬‬ ‫فهــي محكمــة اســتثنائية مختلطــة تتكــون‬ ‫مــن مدنيــن وعســكريني‪ ،‬وتحاكــم املدنيــن‬ ‫والعســكريني‪.‬‬ ‫ووفــق التقريــر فــإن هــذه املحكمــة مجــرد‬ ‫صــورة شــكلية تظهــر مــن خاللهــا الســلطات‬ ‫الحاكمــة أن هنــاك نوعــاً مــن إجــراءات‬ ‫املحاكمــة‪ ،‬لكــن الوقائــع واألدلــة الرتاكميــة‬ ‫منــذ عــام ‪ 2011‬تثبــت أن هــذه الســلطات‬ ‫ال تحتاجهــا فعليــاً‪ ،‬فعمليــات املــوت بســبب‬ ‫التعذيــب مســتمرة داخــل مراكــز االحتجــاز‬ ‫املختلفــة ومل تتوقــف يومــاً واحــدا ً وهــذا مــا‬ ‫أكدتــه اإلحصائيــة التــي أوردهــا التقريــر مبقتــل‬ ‫‪ 11358‬شــخصاً بســبب التعذيــب منــذ آذار‪/‬‬ ‫‪.2011‬‬ ‫الحرمل‪ -‬كلنا رشكاء‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫عائلة‪...‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫الصحاف��ة‪ :‬قضاي��ا نقدي��ة‬

‫نجاة عبد الصمد‬ ‫امــرأٌ ٌة عــى بــاب األربعــن‪ ،‬ملفوفـ ٌة بالســواد‪ ،‬ال كحــل‬ ‫يف العينــن‪ ،‬وال أحمــر عــى الشــفتني‪ .‬رمبــا الوقــت‬ ‫داهمهــا فلــم تتزيّــن‪ ،‬ورمبــا كانــت يف حــداد‪ .‬ترتجــف‬ ‫بــردا ً ودهشـ ًة باملشــوار‪ .‬تخفــت الرجفــة حني تنشــغل‬ ‫عيناهــا‪ ،‬عــر زجــاج الشـ ّباك‪ ،‬بخيطــان املطــر الفالــت‬ ‫مــن غيمــ ٍة شــاهق ٍة عابســة‪ .‬يغشــاها فــز ٌع قديــ ٌم‬ ‫مــن ذاكــر ٍة بعيــدة‪ .‬ترفــع عينيهــا لتســتعيذ‪ ،‬ولتشــكر‬ ‫ربهــا واملطــر عــى ســعادة العيــش‪ ،‬وســعادة الطريــق‬ ‫اآلمــن‪ .‬تســتدير برأســها نحــو أوالدهــا املشــاغبني يف‬ ‫بثيــاب‬ ‫الخلفــي‪ :‬خمســة صبيــان‬ ‫صنــدوق الســيارة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫صيف ّي ـ ٍة باهتــة يصيحــون كجوق ـ ٍة مد ّربــة‪:‬‬ ‫هيييي‪ ...‬هييييي‪ ....‬شتي‪ ...‬شتي‪...‬‬ ‫ويرتجفون ويضحكون‪ ،‬بال سبب يضحكون‪.‬‬ ‫تتأمــل ابنتيهــا اللتــن أخرجتــا رأســيهام مــن الصنــدوق‪.‬‬ ‫تقــول إحداهــا ألختهــا التــي مثلهــا تفــرك وجههــا‬ ‫وشــعرها باملطــر‪ :‬هكــذا ســأصري أجمــل‪ ،‬ســيأتيني‬ ‫حســان‪ .‬تصــ ّوري ســألته أمــس‪:‬‬ ‫عريــس أجمــل مــن ّ‬ ‫ٌ‬ ‫متــى نتــزوج؟ فامطلنــي إىل أن تنتهــي الحــرب؛‬ ‫والحــرب ســتطول‪...‬‬ ‫وتضحكان كغيمتني أرض ّيتني‪.‬‬ ‫ال تزجرهــا األم الغائبــة يف صــاة املطــر‪ ،‬ويف هدهــدة‬ ‫رضيعهــا البــايك يف حضنهــا‪ .‬تتن ّهــد األم‪ :‬وزوجــي أيضــا‬ ‫قــد يعــود‪ ،‬ال بــد ســتنتهي الحــرب وأعــود ألبحــث‬ ‫عنــه هنــاك يف حلــب‪.‬‬ ‫عــر ُة ٍ‬ ‫رؤوس حاملــ ٍة محشــور ٍة يف ســيارة بيــك آب‬ ‫متــ ّر بطيئــ ًة عــى الطريــق‪ .‬يقــود الســيارة عجــو ٌز‬ ‫نحيــل بنظّــار ٍ‬ ‫ات ســميكة‪ ،‬ترتنــح شــاخصتها املعلّقــ ُة‬ ‫ُ‬ ‫ـي وحيــد عــى زاويتهــا اليمنــى ضــاع‬ ‫إىل الرفـراف بربغـ ٍّ‬ ‫ـوب عليهــا‪syr( :‬‬ ‫أخــوه اليسـ ّ‬ ‫ـاري عــى الطريــق‪ ،‬مكتـ ٌ‬ ‫ـــــ حلــب) وتحتهــا ســتة أرقــام بالــكاد تُق ـ َرأ‪.‬‬

‫أص��درت جمموع��ة الني��ل‬ ‫العربي��ة طبع��ة عربي��ة م��ن كت��اب‬ ‫«الصحافة‪ :‬قضايا نقدية» للمؤلف‪:‬‬ ‫س��تيوارت آالن‬ ‫م��ا ه��ي القضاي��ا الرئيس��ية ال�تي‬ ‫تواج��ه الصحاف��ة الي��وم؟‬ ‫مــا هــي املناقشــات الهامــة املتعلقــة‬ ‫بأشــكال ومامرســات عمــل التقريــر‬ ‫الصحفــي؟‬ ‫كيــف ميكــن تحســن جــودة العمــل‬ ‫اإلخبــاري؟‬ ‫الصحافــة‪ :‬قضايــا نقديــة‪ ،‬كتــاب يكشــف‬ ‫عــن املوضوعــات الرئيســية التــي‬ ‫تتضمنهــا الدراســات املتعلقــة باألخبــار‬ ‫والصحافــة‪ .‬إنــه يجمــع مختــارات شــيقة‬ ‫مــن مقــاالت أصليــة ترتبــط بأكــر‬ ‫املوضوعــات واملناقشــات وأشــكال‬ ‫الجــدل أهميــة يف هــذا املجــال املتنامــي‬ ‫بشــكل رسيــع‪.‬‬ ‫باســتخدام نطــاق واســع مــن دراســات‬ ‫الحــاالت‪ ،‬واملوضوعــات تشــمل عــى‪:‬‬ ‫• دور الصحافة تجاه الدميقراطية‪.‬‬ ‫• املصــادر النشــطة للمعلومــات يف‬ ‫مجــال إنتــاج األخبــار‪.‬‬ ‫• أخالقيات الصحافة‪.‬‬ ‫• التحيــز الجنــي والتمييــز العرقــي يف‬ ‫األخبــار‪.‬‬ ‫• التحــول إىل الصحــف املصــورة‬ ‫الصغــرة‪ ،‬والفضائــح‪ ،‬والشــخصيات‬

‫املشــهورة‪.‬‬ ‫• عمــل التقريــر الصحفــي الــذي يــدور‬ ‫حــول ال ـراع واإلرهــاب والحــرب‪.‬‬ ‫• مستقبل صحافة التحقيقات‪.‬‬ ‫تــم إعــداد الكتــاب بأســلوب مصمــم‬ ‫يجعــل املناقشــات تطــرح تســاؤالت‬ ‫رئيســية حــول إحــدى القضايــا النقديــة‪.‬‬ ‫ويف كل فصــل يتــم تقديــر موقــع‬ ‫الصحافــة اليــوم‪ ،‬ومــا هــي نقــاط قوتهــا‬ ‫وتحدياتهــا واألســاليب البــارزة التــي‬ ‫تهــدف إىل تحســينها مــن أجــل مســتقبل‬ ‫أفضــل للصحافــة‪.‬‬ ‫الصحافــة‪ :‬قضايــا نقديــة قـراءة يف غايــة‬ ‫األهميــة تفيــد الطــاب والباحثــن يف‬ ‫مجــاالت العمــل اإلخبــاري والصحفــي‪،‬‬ ‫والدراســات اإلعالميــة‪ ،‬والدراســات‬ ‫الثقافيــة‪ ،‬وعلــم االجتــاع‪ ،‬ودراســات‬ ‫االتصــال‪.‬‬ ‫املشــاركون‪ :‬ســتيوارت آالن‪ ،‬أليســون‬ ‫أندرســون‪ ،‬أولجــا جويديــس بايــي‪،‬‬ ‫ســتيفني بارنيــت‪ ،‬أوليفــر بوييــد‪-‬‬ ‫باريــت‪ ،‬مايــكل برومــي‪ ،‬ســينثيا كارتــر‪،‬‬ ‫ســيمون كوتــل‪ ،‬تشــاس كريتــر‪ ،‬ماثيــو‬ ‫ديفيــد‪ ،‬مــري ميســنجر دافيــس‪ ،‬بــوب‬ ‫فرانكلــن‪ ،‬روبــرت أ‪.‬هاكيت‪ ،‬راماســوامي‬ ‫هاريندرانــاث‪ ،‬إيــان هاتشــبي‪ ،‬ريتشــارد‬ ‫كيبــل‪ ،‬جوســتني لويس‪ ،‬مينيــل ماتاين‪ ،‬يب‪.‬‬ ‫ديفيــد مارشــال‪ ،‬برايــن ماكنــر‪ ،‬مارتــن‬ ‫مونتجومــري‪ ،‬آالن بيرتســن‪ ،‬ســوزانا‬

‫لق��اء مدن��ي مفتوح ح��ول التعاي��ش والعمل‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫شــكل تحريــر مدينــة تــل أبيــض‬ ‫الســورية والقــرى واملــدن الواقعــة يف‬ ‫الشــال الســوري خوف ـاً ورعب ـاً لــدى أهــايل‬ ‫املنطقــة‪ ،‬التــي شــهدت عمليــات نــزوح كبــرة‬ ‫للســكان اآلمنــن‪ ،‬وكذلــك حصــول تبايــن يف‬ ‫اآلراء واملواقــف مــن بعــض نشــطاء الثــورة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫خطــر التعميــم بإلبــاس العــرب ثــوب داعــش‬ ‫وإلبــاس الكــرد ثــوب العــدو‪ ،‬وكيــف تســتطيع‬ ‫فعاليــات املجتمــع املــدين االنتقــال مــن دور‬ ‫املتفــرج إىل دور فاعــل يســاهم عــى املســتوى‬ ‫املحــي بعالقــات حســن الجــوار‪ ،‬وعــى‬ ‫املســتوى الوطنــي يعــزز خطابــاً معرفيــاً‬ ‫تضامنيــاً وإنســانياً‪.‬‬ ‫تحــت هــذا العنــوان أقيــم يف مدينــة أورفــا‬ ‫الرتكيــة بفنــدق «غرانــد أورفــا» االثنــن الواقع‬ ‫يف ‪ 2015/6/29‬نــدوة حواريــة مدنيــة مفتوحة‬ ‫برعايــة التحالــف املــدين الســوري «متــاس»‪،‬‬ ‫حرضهــا العديــد مــن ممثــي منظــات‬ ‫وتجمعــات املجتمــع املــدين يف مدينــة أورفــا‪،‬‬ ‫والعديــد مــن النشــطاء املســتقلني واملهتمــن‬ ‫بالشــأن الســوري‪ ،‬وذلــك ملتابعــة مــا يحــدث‬ ‫عــى األرض‪ ،‬وإيجــاد الحلــول املمكنــة لــكل‬ ‫طــارئ يســتجد يف ســبيل املحافظــة عــى‬ ‫التعايــش والنســيج الوطنــي الســوري‪.‬‬ ‫أدار النــدوة الســيد دحــام الســطام مرحبــاً‬ ‫بالحضــور‪ ،‬ومقدمــاً تعريفــاً بســيطاً عــن‬ ‫«متــاس» ورغيتهــا يف ســاع كل اآلراء‬ ‫واملقرتحــات مــن الحضــور فيــا يخــص مــا‬ ‫يحــدث يف الرقــة وتــل أبيــض وكوبــاين‪.‬‬ ‫ويف مســتهل كلمتــه تحــدث الســيد عــاء‬ ‫الديــن الزيــات عــن حاجــة املجتمــع املــدين‬ ‫اليــوم إىل الحــوار‪ ،‬وتقــارب وجهــات النظــر‬ ‫فيــا يخــص األحــداث اآلنيــة‪ ،‬والتــي تتطلــب‬ ‫مجهــودا ً مضاعفــاً مــن جميــع املنظــات‬ ‫والتجمعــات املدنيــة‪ ،‬وتفعيــل دورهــا عــى‬

‫األرض‪ ،‬مؤكــدا ً أن هدفنــا اليــوم مــن هــذا‬ ‫الحــوار هــو الظــرف الشــديد الخطــورة الــذي‬ ‫يتنــاول مــا يحــدث عــى األرض ورغبتنــا‬ ‫جميعــاً يف الحــوار للوصــول إىل حلــول‬ ‫قــد تكــون ممكنــة للحفــاظ عــى وحدتنــا‬ ‫ونســيجنا الوطنــي‪.‬‬ ‫وأضــاف الزيــات‪ :‬إن مــا يواجهــه املجتمــع‬ ‫املــدين مــن تحديــات كبــرة ال تقتــر فقــط‬ ‫عــى محاولــة النظــام القضــاء عليهــا‪ ،‬بــل‬ ‫يتعــدى األمــر إىل دول تســاند النظــام عــى‬ ‫القضــاء عــى كل أشــكال العمــل املــدين‪،‬‬ ‫واســتطاع النظــام تغيــر مســار العمــل املــدين‬ ‫مــن قــوة ضاغطــة عــى الــرأي العــام العاملــي‬ ‫خــال الســتة أشــهر األوىل مــن قيــام الثــورة‬ ‫الســورية إىل عمــل مــدين يهتــم بأمــور اإلغاثــة‬ ‫واإلســكان‪ ،‬ومتابعــة أمــور الالجئــن يف املــدن‬ ‫الســورية‪ ،‬وهــذه خســارة كبــرة ألهــداف‬ ‫تلــك املنظــات والتجمعــات املدنيــة‪.‬‬ ‫وتابــع قائــاً‪ :‬إن التخطيــط الجيــد ولغــة‬ ‫الحــوار هــا الحــل الوحيــد لحــق الحيــاة‬ ‫الــذي نتطلــع إليــه وقــد ال نســتطيع اليــوم‬ ‫ويف هــذه الجلســة‪ ،‬التوصــل إىل مجمــل‬ ‫النقــاط التــي مــن شــأنها املحافظــة عــى‬ ‫وحــدة وتجانــس الشــعب الســوري‪ ،‬مضيف ـاً‬ ‫أنــه خــال االســبوعيني املاضيــن الحظنــا‬ ‫جميعــاً خطــاب كراهيــة خطــر وفظيــع‪،‬‬ ‫يهــدف وبشــكل أســايس إىل التفرقــة بــن‬ ‫مكونــات هــذا الشــعب‪ ،‬ودورنــا اليــوم كبــر‬ ‫جــدا ً يف تغيــر لهجــة هــذا الخطــاب تنويريـاً‪،‬‬ ‫وإرســاء لغــة التســامح بيننــا‪ ،‬والحــوار بــن‬ ‫كل مكونــات الشــعب الســوري‪ ،‬يجــب أن‬ ‫تســمعني وأســمعك‪ ،‬وأن تــديل مبخاوفــك وأن‬ ‫أبـ ّـن مخــاويف‪ ،‬وأيضـاً أن نقــدم الحلــول التــي‬ ‫مــن شــأنها أن تؤســس إىل التقــارب والتالحــم‪،‬‬ ‫وإبعــاد هــذا الحاجــز الــذي بيننــا‪ ،‬وأن نضــع‬ ‫الحــوار عــى الطــاوالت املفتوحــة ســبيالً‬ ‫للوصــول للهــدف‪.‬‬

‫شــارك الحضــور مــن خــال الطاولة املســتديرة‬ ‫مبداخــات أغنــت موضــوع اللقــاء‪ ،‬وقدمــت‬ ‫رشحــاً مقتضبــاً عــن وجهــة نظــر الحضــور‬ ‫حــول مــا يجــري مــن أحــداث خطــرة حدثــت‬ ‫يف مناطــق الــراع‪ ،‬والقتــال مبدينــة تــل‬ ‫أبيــض ومــا حولهــا ومدينــة كوبــاين‪ ،‬ومل يخـ ُـل‬ ‫األمــر مــن تبــادل االتهامــات بــن اإلخــوة مــن‬ ‫حيــث توثيــق التجــاوزات واالنتهــاكات التــي‬ ‫حصلــت يف األيــام األخــرة‪.‬‬ ‫كــا جــرى بحــث تحليــي لنقــاط القــوة‬ ‫والضعــف والفــرص املتاحــة واملخاطــر‬ ‫املتعلقــة بواقــع كل مــن داعــش والقــوات‬ ‫املشــركة‪ ،‬وأقــر اللقــاء املــدين املفتــوح بأورفــا‬ ‫التوصيــات التاليــة‪:‬‬ ‫‪ 1‬متابعة اللقاءات وأن تتخذ طابعاً دورياً‪.‬‬‫‪ 2‬إقــرار الجميــع أن عملنــا هــو للصالــح‬‫العــام كمجموعــات مدنيــة متضامنــة‪.‬‬ ‫‪ 3‬رضورة مواجهــة خطــاب الكراهيــة‬‫بخطــاب التضامــن عــر جميــع الوســائل‬ ‫املمكنــة‪.‬‬ ‫‪ 4‬رضورة مواجهــة اإلشــاعات الراغبــة يف‬‫زيــادة ح ـ ّدة الرصاعــات‪ ،‬وأن يســمح للجــان‬ ‫حياديــة مســتقلة مشــهود لهــا بالنزاهــة مــن‬ ‫القيــام باســتطالعات‪ ،‬ومتابعــات ميدانيــة‬ ‫لتوثيــق االنتهــاكات‪.‬‬ ‫‪ 5‬مــن الهــام الدفــع باتجــاه تكويــن مجلــس‬‫محــي فعــال مــدين البنيــة والذهنيــة إلدارة‬ ‫شــؤون املجتمــع يف تــل أبيــض‪.‬‬ ‫‪ 6‬االلتــزام باألطروحــات الواقعيــة املمكنــة‬‫التنفيــذ والقــدرة عــى تنظيــم تحــرك جامعــي‬ ‫فعــال‪.‬‬ ‫ورأى املجتمعــون أن هنــاك حاجــات مهمــة‬ ‫تتعلــق بالعمــل املــدين والتوثيــق وإدارة‬ ‫الحــوار والتفــاوض ومطلــوب تطويــر‬ ‫هــذه األدوات يف أورفــا ألهميتهــا الحاليــة‬ ‫واملســتقبلية‪ .‬وســيجري بحــث برامــج‬ ‫تنفيذيــة مســتقبالً بهــذا الخصــوص‪.‬‬

‫هورنــج بريســت‪ ،‬جــن رودز‪ ،‬كاريــن‬ ‫روس‪ ،‬ديفيــد رو‪ ،‬براصــن ســنووكر‪،‬‬ ‫لينــدا ســتايرن‪ ،‬هــاوارد تومــر‪ ،‬إنجريــد‬ ‫فولكمــر‪ ،‬كاريــن وال يورجنســن‪ ،‬بــاريب‬ ‫زياليــزر‪.‬‬ ‫ســتيوارت آالن‪ Stuart Allan :‬أســتاذ يف‬ ‫جامعــة «غــرب انجلــرا» ‪the West of‬‬ ‫‪ ،England‬مبدينــة «بريســتول» ‪.Bristol‬‬

‫تتضمــن كتبــه الســابقة «اإلعــام‪،‬‬ ‫علــم ومخاطر»(مطبعــة الجامعــة‬ ‫املفتوحــة‪ ،)2002 ،‬و»الصحافــة بعــد‬ ‫‪ 11‬ســبتمرب»(‪ ،)2002‬و»نقــل أخبــار‬ ‫الحــرب‪ :‬الصحافــة‬ ‫يف وقــت الحــرب» (‪ ،)2004‬و»ثقافــة‬ ‫األخبار»(مطبعــة الجامعــة املفتوحــة‪،‬‬ ‫الطبعــة الثانيــة‪2004 ،‬‬

‫املواطنة وتداعيات اللجوء‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫يف دول النــزوح والتغريبــة الســورية الكبــرة التــي‬ ‫مل يشــهد لهــا العــامل املتحــر مثيــاً مــن حيــث كــر‬ ‫مأســاتها‪ ،‬يصــارع فيهــا املواطــن الســوري ويقاتــل‬ ‫للحصــول عــى أدىن مســتويات الحيــاة املدنيــة‪.‬‬ ‫ويف الوقــت ذاتــه ينشــط الكثــر مــن املثقفــن الســوريني‬ ‫يف تلــك الــدول لتعزيــز الكثــر مــن املفاهيــم التــي‬ ‫غُيبــت عــن املواطــن الســوري يف ظــل حكــم البعــث‬ ‫الــذي منــع كل أشــكال العمــل املــدين‪ ،‬فلقــد أقامــت‬ ‫منظمــة جــذور ومنتــدى الخابــور املــدين وبالتعــاون‬ ‫مــع الجمعيــة الرتكامنيــة يف مدينــة شــانيل أورفــا نــدوة‬ ‫حواريــة حــول مفهــوم املواطنــة وتداعيــات اللجــوء‪،‬‬ ‫مبقــر الجمعيــة الرتكامنيــة يــوم الثالثــاء الواقــع يف‬ ‫‪ 2015/6/16‬حــارض فيهــا األســتاذ فــؤاد إيليــا واألســتاذ‬ ‫فرهــاد باقــر بينــا أدار الجلســة األســتاذ دحام الســطام‪.‬‬ ‫ومبشــاركة العديــد مــن ممثــي منظــات املجتمــع‬ ‫املــدين‪ ،‬وممثــي األح ـزاب وناشــطي الثــورة املســتقلني‪،‬‬ ‫إضافــة لحضــور متميــز للمنظــات التــي تعنــى بشــؤون‬ ‫املــرأة الســورية‪ ،‬افتتــح الســيد فــؤاد إيليــا مــن «حــزب‬ ‫الشــعب الدميقراطــي الســوري» النــدوة بتعريــف‬ ‫مفهمــوم املواطنــة‪ ،‬وقــال‪ :‬ببســاطة هــي االســتقرار يف‬ ‫مــكان مــا ضمــن وطــن‪ ،‬وأمــا اللجــوء فهــو االنتقــال مــن‬ ‫املــكان الــذي كنــت مســتقرا ً فيــه إىل مــكان آخــر قــد‬ ‫تســتطيع االســتقرار فيــه أيض ـاً‪ ،‬وهــذا يــؤدي إىل كثــر‬ ‫مــن التداعيــات قــد تكــون إيجابيــة أو ســلبية‪.‬‬ ‫وأكــد أن املواطنــة كلمــة ال تخلــو أبــدا ً مــن أي ترصيــح‬ ‫للساســة‪ ،‬وبالتزامــن مــع ذكــر الوطــن واملواطــن‬ ‫فهــي تعنــي بتعريفهــا البســيط «البحــث عــن كرامــة‬ ‫العيــش»‪ ،‬واملشــاركة الحــرة لألفــراد املتســاويني يف‬ ‫الحريــة‪ ،‬واملســاواة هــي أن يكــون هنــاك أيضــاً‬ ‫مســؤولية لهــذا الفــرد‪ ،‬واملواطنــة مفهــوم فكــري دخــل‬ ‫يف نتــاج الثقافــة األدبيــة ومصطلحاتهــا‪ ،‬وهــي بشــكل‬ ‫عــام ضبــط لســلوكيات الفــرد مبختلــف مفــردات الحيــاة‬ ‫التــي يعيشــها اإلنســان‪ ،‬وأســس تعاملــه مــع الوطــن‬ ‫والــذي تتحــد رشوطــه بثــاث نقــاط الحيــز الجغ ـرايف‬ ‫والشــعب والســلطة الناظمــة لشــكل العالقــات بــن‬ ‫األفـراد مــن جهــة‪ ،‬وبــن املواطنــن والســلطة مــن جهــة‬ ‫أخــرى‪.‬‬

‫وأضــاف أن منظــات املجتمــع املدين يجــب أن ال يقترص‬ ‫عملهــا فقــط عــى الجانــب اإلغــايث كــا رأينــا‪ ،‬فدورهــا‬ ‫أكــر مــن ذلــك كونهــا القــوة الحقيقيــة والضاغظــة‪،‬‬ ‫والتــي يجــب عليهــا تغيــر مســار املعارضــة الســورية‬ ‫نحــو هدفهــا يف تحقيــق الدميقراطيــة والحريــة‪.‬‬ ‫وبتعريفــه املبســط للجــوء‪ ،‬قــال‪ :‬هــو انتقــال الفــرد‬ ‫مــن املــكان الــذي يعيــش فيــه إىل مــكان آخــر تتحــدد‬ ‫فيــه عالقــات جديــدة باملــكان‪ ،‬وعالقــات اجتامعيــة‬ ‫مــع املجتمــع الجديــد‪ ،‬الفضــاء الــذي كنــا نعيــش فيــه‬ ‫يف بلدنــا يختلــف يف كثــر مــن املفاهيــم عــن املــكان‬ ‫الــذي انتقلنــا للعيــش فيــه‪ ،‬ونــرى هنــا أن أعــدادا ً‬ ‫كبــرة تســتطيع االندمــاج رسيعــاً ضمــن املجتمــع‬ ‫الجديــد بينــا يالقــي آخــرون صعوبــة كبــرة يف التأقلــم‬ ‫واالندمــاج‪.‬‬ ‫وتحــدث فرهــاد باقــر أيضــاً عــن مفهــوم املواطنــة‬ ‫وكيفيــة اختـزال النظــام الســوري ممثــا بحــزب البعــث‬ ‫لهــذا املواطــن وســلبه حقوقــه‪ ،‬ونحــن كقوميــة كورديــة‬ ‫عانينــا كث ـرا ً مــن هــذا النظــام‪ ،‬فقــد جردنــا هــذا مــن‬ ‫حقنــا كمواطنــن ســوريني يف العيــش بكرامــة يف وطننــا‪،‬‬ ‫مضيفــاً أنــه ال يوجــد عائلــة ســورية إال وعانــت مــن‬ ‫النــزوح الداخــي أو اللجــوء الخارجــي‪.‬‬ ‫وحــول األوضــاع يف تــل أبيــض‪ ،‬أوضــح قائــاً‪ :‬بعــد‬ ‫تحريــر مدينــة تــل أبيــض ومــا حــدث يف األيــام األوىل‬ ‫مــن زرع للفــن بــن اإلخــوة العــرب والكــورد‪ ،‬يؤكــد‬ ‫ضلــوع أجهــزة املخابــرات بنــر االشــاعات لتعميــق‬ ‫الخــاف بــن اإلخــوة العــرب والكــورد‪ ،‬وأمتنــى عــى‬ ‫الجميــع ضبــط النفــس وعــدم االنجــرار وراء هــذه‬ ‫اإلشــاعات‪ ،‬ريثــا تتوضــح األمــور وتنجــي الحقيقــة‪،‬‬ ‫آملــن بالبــدء يف إنشــاء لجــان مدنيــة حقوقيــة لتوثيــق‬ ‫مــا حــدث‪ ،‬ومحاســبة كل مــن تلطخــت يــداه بدمــاء‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬فــا ميكننــا نحــن كســوريني إال أن‬ ‫نعيــش ســوية‪.‬‬ ‫ويف نهايــة النــدوة تقــدم الحضــور ببعــض األســئلة‬ ‫للســادة املحارضيــن متحــورت حــول املجتمــع املــدين‬ ‫وآليــات عملــه‪ ،‬وكذلــك حــول حقــوق األقليــات داخــل‬ ‫املجتمــع الســوري وكيفيــة التعايــش مســتقبالً يف ســوريا‬ ‫الحــرة والدميقراطيــة‪ ،‬ســوريا دولــة القانــون واملواطنــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫األس��لحة يف هيئ��ة ألع��اب‪ ..‬ورش عم��ل لتفري��خ العن��ف‬

‫ديمة محمود‬

‫يف ســياق هــذا األتــون العنفــي الــذي يتقاذفنــا‬ ‫باطــراد منقطــع النظــر مل يشــهد التاريــخ لــه مثيــاً‪،‬‬ ‫اســتوقفني إعــان لـ(لعبــة أطفــال لتعليــم الرمايــة)‬ ‫كــا ُد ّون أســفلها‪ ،‬وقــد كانــت عــى هيئــة بندقيــة‬ ‫ومعهــا طلقــات تصــوب عــى أهــداف بارتفاعــات‬ ‫مختلفــة‪ .‬بــادرت مرسعــ ًة لزيــارة ركــن األلعــاب يف‬ ‫ـي مــن‬ ‫أحــد املحــات الكبــرة‪ ،‬وأذهلنــي مــا اخــرق عينـ ّ‬ ‫تنــوع هــذه األدوات التدريبيــة عــى العنــف والهجــوم‬ ‫واملبــادرة باالقتتــال ورد الفعــل بــل‪ ،‬والقتــل والتدمــر‪.‬‬ ‫ومــن األمثلــة عليهــا‪ :‬املسدســات بأشــكالها املختلفــة‪،‬‬ ‫البنــادق بأشــكالها ومقاســاتها املختلفــة واملتامهيــة مــع‬ ‫الكالشــنكوف واآلريب جــي ومــا هــو عــى شــاكلته ومنهــا‬ ‫مــا يحــوي طلقــات كبــرة وصغــرة أمثــال القذائــف‪،‬‬ ‫أدوات مطــورة لفكــرة املقــاع وقــذف الحجــارة‬ ‫والســهام واألشــعة‪ ،‬عبــوات شــبيهة بالقنابــل والقذائــف‪،‬‬ ‫طائ ـرات ودبابــات بهــا رؤوس تطلــق أيضــا مــا يشــبه‬ ‫املقذوفــات‪ ،‬الســيوف والســكاكني بأشــكالها املختلفــة‬ ‫ووجــوه القراصنــة واللصــوص وغريهــا‪.‬‬ ‫إن هــذه األدوات وبــكل مــا تعنيــه الكلمــة مــن معنــى‬ ‫ال ميكــن أن تصنــف ألعابــاً أبــدا ً‪ ،‬بــل هــي منــاذج‬ ‫ٍ‬ ‫دفعــات‬ ‫تعليميــة وأدوات تدريبيــة مصغــرة لتخريــج‬ ‫مــن القتلــة واملجرمــن املحرتفــن يف أعــار مبكــرة‪.‬‬ ‫وذلــك مــن خــال تعليــم كل أســاليب وأنــواع الجرائــم‪،‬‬ ‫وتســهيل عمليــة الضغــط عــى الزنــاد بــكل املفاهيــم‬ ‫ســوا ًء كان ذلــك عمليــاً مبعنــى القتــل أو الذبــح أو‬ ‫الــرب أو أي هجــوم عمــي‪ ،‬أو كان هــذا الضغــط عــى‬ ‫الزنــاد معنوي ـاً مبعنــى إشــعال فتيــل االقتتــال وال ـراع‬ ‫وتحجيــم اآلخــر املختلــف وصــده وقمعــه وتنحيــة‬ ‫وجــوده‪ .‬يف كل األحــوال فــإن النتيجــة هــي اســتئثا ٌر‬ ‫بالبقــاء والحيــاة دون اآلخــر واقتــاع لآلخريــن وحقهــم‬ ‫يف الوجــود مــن خــال أجســامهم وحتــى مــن خــال‬ ‫صوتهــم ورأيهــم‪ ..‬هــذا كلــه يتــم التــد ّرب عليــه بهــذه‬ ‫النــاذج املطابقــة بنســبة كبــرة يف أشــكالها ويف فكرتهــا‬ ‫الرئيســية وهدفهــا (مــع الفــارق اللحظــي والجســدي)‬ ‫لألســلحة الحقيقيــة‪ ،‬تســتخدم يف ورش عمــل مصغــرة‬ ‫ال تســتمر يوم ـاً أو يومــن أو أســبوعاً‪ ،‬بــل متتــد ضمــن‬ ‫فــر ٍ‬ ‫ات عمريــة يف مراحــل الطفولــة قــد يبــدأ بعضهــا‬ ‫مــن ســنتني وميتــد ليصــل إىل ســن ‪ ١٠‬ســنوات أو أكــر‬ ‫لتضاهــي كل ورش العمــل يف املــدة وبتدريــب مســتمر!‬ ‫إنهــا الفــرة التــي يفــرض أن يتــم فيهــا ترســيخ القيــم‬ ‫والقناعــات‪ ،‬مــاذا ننتظــر بعــد ذلــك؟! هــل نتوقــع‬ ‫ســلوكاً قوميــاً ســلمياً متوازنــاً بصــرا ً مرنــاً محــاورا ً‬ ‫ومســتمعاً لآلخــر املختلــف! هــل نتوقــع بعــد هــذا‬ ‫إنســاناً مقبــاً عــى الحيــاة مح ّبــاً لهــا مقبــاً عــى‬ ‫العطــاء واإلنتــاج مبع ّيــة اآلخريــن‪ ،‬أم أنــه ســيكون محبـاً‬ ‫لحياتــه هــو دون غــره مســتأثرا ً مبلكيــة كل يش ٍء لنفســه‬ ‫محتقن ـاً ومتحف ـزا ً لهفــوات الغــر بــل ولصمتهــم أيض ـاً‪.‬‬ ‫غــض‬ ‫هــذا التلقــن للعنــف يف ســ ٍّن مبكــرة ال ميكــن ُّ‬ ‫الطــرف عــن خطــورة تأثــره وبصمتــه الســلبيّة عــى‬ ‫الطفــل‪ ،‬وعـ ّـا ميكــن أن يخلقــه يف وجدانــه مــن رؤى‬ ‫حــادة غــر متســامحة وزوايــا غــر منفرجــة يف تفكــره‬

‫أبــدا ً وتوجهـ ٍ‬ ‫ـات غــر متســامحة وغــر ســامحة لآلخريــن‬ ‫مبــا يريــدون‪ .‬ومــع الوقــت تنمــو فكــرة اإلقبــال‬ ‫واملبــادرة ضــد اآلخريــن حتــى بقمعهــم قبــل أي بــوادر‬ ‫بالخطــأ مــن قبلهــم والتهيــؤ لدوائــر وحلبــات ال ـراع‬ ‫والعنــف املتبــادل والفعــل وردات الفعــل الالمتناهيــة‪.‬‬ ‫إنهــا تعمــل عــى تعزيــز األنانيــة والعلويــة واالســتحواذ‬ ‫عــى مــا ميلكــه اآلخــرون واملبــادرة بالهجــوم وتعنيــف‬ ‫اآلخريــن ورفــض الغــر واللجــوء إىل القــوة والقمــع‬ ‫والســعي إلحــكام الســيطرة عــى اآلخــر والدخــول يف‬ ‫منــط رصاع وعنــف متبــادل وتلــذذ باالنتقــام مــن اآلخــر‬ ‫وتعذيبــه وتعنيفــه وهزميتــه‪ .‬كــا تجــرد الطفــل مــن‬ ‫تحمــل املســؤولية وتــزرع فيــه االســتهتار‪ ،‬وتســتنزفه‬ ‫انفعاليـاً وعاطفيـاً وتبقيــه يف حالــة شــبه مســتمرة مــن‬ ‫التوتــر واالنفعــال وعــدم تحمــل واســتيعاب اآلخريــن‬ ‫بشــكل عــام وتبــدو مفاهيــم االح ـرام حتــى لوالديــه‬ ‫مضمحلــة‪ .‬وتعــزز الكلــات النابيــة واملص ِّنفــة دون ّيــاً‬ ‫لآلخريــن‪ .‬كــا تحجــم تواصلــه االجتامعــي مــع محيطــه‬ ‫ألن هــذا اللعــب غالبـاً مــا ســينتهي بخصــام أو بخــاف‬ ‫يف معظــم األحيــان‪ .‬إن تربيــر اقتنــاء هــذه األدوات إمــا‬ ‫بحجــة التســلية أو التدريــب عــى الدفــاع عــن النفــس‬ ‫كالهــا مدحــوض‪ .‬فهــذه ليســت تســلية لكــن افـراض‬ ‫كونهــا لعبــة و ُمصنعــة بشــكلٍ جــذاب ومثــر وإضـ ٍ‬ ‫ـاءات‬ ‫وغــر ذلــك جعــل مــن التســلية قناعـاً وهميـاً ووســيل ًة‬ ‫لالســتدراج غــر املبــارش نحــو األهــداف والنتائــج التــي‬ ‫ذكرتهــا أعــاه‪ .‬وكذلــك الحــال بالنســبة لفكــرة تعليــم‬ ‫الدفــاع عــن النفــس‪ .‬إن الدفــاع عــن النفــس لــه‬ ‫طرقــه ومعطياتــه مــن خــال إلحــاق الطفــل بأنديــة‬ ‫الســباحة ورياضــات الدفــاع عــن النفــس وغريها حســب‬ ‫اإلمكانيــات املتاحــة‪ ،‬ويف ظــل إرشاف علمــي ومهنــي‬ ‫مــدروس‪ .‬باإلضافــة إىل توجيــه األهــل للطفــل يف مراحــل‬ ‫مبكــرة بنحــو معقــول ومنطقــي ومــن خــال مامرســات‬ ‫الحيــاة واالحتــكاك بالبيئــة واآلخريــن مــن األقــران يف‬ ‫العائلــة واملدرســة والحديقــة والشــارع وحتــى هــذا ال‬ ‫ب ـ ّد أن يكــون مقنن ـاً وتحــت مالحظــة وتوجيــه األهــل‬ ‫حتــى ال يأخــذ أكــر مــن حجمــه وهدفــه‪ .‬إ ّن الطفــل‬ ‫يف هــذه املرحلــة العمريــة ميلــك القــدرات العاليــة‬ ‫لالســتطالع واملعرفــة واالكتشــاف والتلقّــي والتفكــر‬ ‫والتــي وإن خــزن معطياتهــا املبــارشة وغــر املبــارشة‬ ‫بداخلــه فــرة فإنــه يجرتّهــا الحق ـاً ضمــن هــذه الفــرة‬ ‫وضمــن الفــرات الالحقــة مــن عمــره وخاصــة فــرة‬ ‫املراهقــة لالبتــكار واإلبــداع والخلــق‪ .‬ويف الواقــع فــإن‬ ‫قــدرات الطفــل العقليــة والنفســية أجــدر بالتقديــر‬ ‫والتقييــم واالحــرام والرعايــة لتتوجــه نحــو التفكــر‬ ‫الذهنــي والعلمــي املبتكــر والتأمــل والصنــع والتشــكيل‬ ‫والرســم واملوســيقى والرياضــة والكتابــة واملهــارات‬ ‫اليدويــة‪.‬‬ ‫الطفــل بــذرة الحيــاة التــي خلقــت لتكــون الفــرح‬ ‫واالبتــكار واإلبــداع واملســتقبل وهــو األجــدر بــكل مــا‬ ‫يســر أغــوار نفســه وينمــي لغتــه وخيالــه ومواهبــه‬ ‫ويوقــظ مكنونــات نفســه‪ ،‬وينمــي ارتباطــه بالجامعــة‬ ‫واآلخريــن والتعــاون واإلنجــاز املشــرك ويشــعل الحــب‬ ‫والعطــاء بداخلــه‪ .‬إن واجبنــا نحــو األطفــال كوالديــن‬

‫ال يقتــر عــى تأمــن الحاجــات املاديــة فقــط‪ ،‬بــل إن‬ ‫حقهــم األول علينــا هــو األخــذ بيدهــم الســتثامر طاقــة‬ ‫الحــب‪ ،‬والشــغف املعــريف لديهــم لتفتيــح طاقاتهــم عــر‬ ‫مــا يخاطــب عقولهــم وكوامــن اإلبــداع لديهــم‪ ،‬مــن‬ ‫خــال خطــوات ومحــاور متعــددة يف الرتبيــة مــن أهمها‬ ‫إدخــال الطفــل يف دوائــر حقيقيــة مــن اللعــب املثمــر‬ ‫املفعــل لــذكاء الطفــل وللخيــال والدافــع لالكتشــاف‬ ‫واملحقــق للــذات‪ .‬وحينهــا حتــى حصيلــة الكلــات‬ ‫خلقــة وبديعــة وثريــة بعيــدة‬ ‫اللغويــة لديهــم ســتكون ّ‬ ‫عــن االتهــام والهجــوم‪ .‬ويف الواقــع فــإن هــذا ال ميكــن‬ ‫تحقيقــه مــن خــال أبجديــات العنــف والقتــل‪ .‬وإال‬ ‫ســنظل إذا ً نــدور يف دوائــر ُمف َرغــة و ُمفزِعــة مــن العنف‬ ‫والعنــف املتبــادل ونغــوص ألســفل نحــو مزيــد مــن‬ ‫ـي‪ ،‬بينام‬ ‫الرتاجــع عــن التطويــر والحداثــة والتقــدم والرقـ ّ‬ ‫الشــعوب املتحــرة ترتقــي وتبتكــر وتحلــق مــن ســبق‬ ‫علمــي آلخــر مــن خــال نقطــة البــدء واالنطــاق األوىل‬ ‫لديهــم وهــي العنايــة الفائقــة باألطفــال وإمكانياتهــم‬ ‫ســوي راقٍ وخــاّق‬ ‫وتنشــئتهم نفســياً عــى نحــو‬ ‫ّ‬ ‫منــذ الرضاعــة مبــا يضمــن ســويّة وجدانهــم وفكرهــم‬ ‫واالرتقــاء بهــا ألبعــد مــدى‪ ،‬وتفعيــل أقــى مــا ميكــن‬ ‫لديهــم مــن القــدرات واإلمكانيــات وتفتيــح كل الكامــن‬ ‫مــن زهورهــم الغضــة الرثيــة والغنيــة بالجــال والتميــز‬ ‫والجديــد‪ .‬إن األمنــاط القاتلــة للحيــاة والحــب والتــي‬ ‫متثلهــا هــذه األدوات ال ميكــن أن تشــكل لَبنــ ًة لجيــل‬ ‫بنــاء وفاعــل‪ ،‬ولهــذا وجــدت ســوقاً لهــا لــدى الشــعوب‬ ‫الناميــة واألقــل تحــرا ً مهــا اختلفــت إمكانياتهــا‬ ‫وتدنــت أســعارها‪ .‬ويف حــن تتوجــه الــدول املتحــرة‬ ‫ملخاطبــة ومحــاكاة املكنــون النفــي والوجــداين والعقيل‬ ‫للطفــل يف ســياق إيجــايب للنهــوض بــه‪ ،‬متتلــئ أســواقنا‬ ‫ٍ‬ ‫بــأدوات موجهــه‬ ‫كمكــب لــكل الثقافــات الســلبية‬ ‫ّ‬ ‫للعــب األطفــال تخاطــب فيهــم النزعــة العدوانيــة‬ ‫وتكبــت كل إيجــايب لديهــم‪ .‬وال غرابــة يف ذلــك مــا‬ ‫دامــت هــذه األدوات تقــي الشــعوب عــن اليقظــة‪،‬‬ ‫وتشــحذها لالنســاخ مــن معطيــات الجــال وقيــم‬ ‫التحــر‪ ،‬وتجذبهــا نحــو محدوديــة الفكــر والــرؤى‬ ‫ّ‬ ‫وانحســار متطلبــات الحيــاة لديهــا يف لقمــة العيــش‬ ‫واإلنجــاب‪ .‬لكنهــا يف الواقــع تذهــب إىل مــا هــو أبعــد‬ ‫جمعــي ترتســخ‬ ‫وعــي‬ ‫مــن ذلــك مــن خــال صياغــة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫أبجدياتــه يف الالوعــي يقــوم عــى مفاهيــم االنتقــام‬ ‫والعدائيــة‪ ،‬واالنقضــاض وعــدم التســامح والكراهيــة‬ ‫واستســهال ردود الفعــل الســلبية مهــا كانــت عنيفــة‬ ‫حتــى تبــدو وكأنهــا تافهــة‪ ..‬إنهــا تلقــن (مرشعــن) ال‬ ‫قيمــة للــروح اإلنســانية واالســتهتار بالكينونــة البرشيــة‪.‬‬ ‫وإرضــاع ملفاهيــم اإلقصــاء لــكل مختلــف بــدءا ً مــن‬ ‫إســكاته وعــدم إفســاح املجــال لــه للتعبــر عــن رأيــه‬ ‫مــرورا ً بقمعــه وإقصائــه وانتهــا ًء بامتــاك الحــق يف‬ ‫اقتــاع حياتــه‪ .‬األســلحة عــى هيئــة ألعــاب هــي أدواتٌ‬ ‫تدريبيــة لــورش عمــل مصغــرة و ُمتقنــة للتــدرب عــى‬ ‫القتــل والعنــف‪ .‬إنهــا جرميــة بــكل املقاييــس‪ ،‬وال ميكــن‬ ‫تربيــر بيعهــا أو تداولهــا أو اقتنائهــا بحــا ٍل مــن األحــوال‪،‬‬ ‫ولهــذا أرى رضورة النظــر يف منــع بيعهــا ووضعــه بــكل‬ ‫جديّــة تحــت طائلــة القانــون واملحاســبة‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫ساحة اإلعدام إبداع أمحد اخلليل األول‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫صــدر للكاتــب أحمــد الخليــل مجموعــة قصصيــة بعنــوان‬ ‫ســاحة اإلعــدام عــن دار بعــل للطباعــة والنــر يف دمشــق‪،‬‬ ‫وهــي عملــه األول يف ســجله اإلبداعــي‪ ،‬وتقــع املجموعــة يف‬ ‫‪ 83‬صفحــة‪ ،‬وتحتــوي بــن دفتيهــا عــى تســع قصــص قصــرة‪،‬‬ ‫ولوحــة الغــاف للفنــان التشــكييل الراحــل لــؤي كيــايل‪.‬‬ ‫يف القصــة التــي حملــت عنــوان املجموعــة «ســاحة اإلعــدام»‪،‬‬ ‫رصاع متناقــض حــول حــدث اف ـرايض‪ ،‬يخــص حــي «ســاحة‬ ‫الشــهداء»‪ ،‬ويفــرض حــدوث فــوىض‪ ،‬وفــق تقاريــر وردت إىل‬ ‫أجهــزة األمــن والرشطــة‪ ،‬وعــر مشــاهد تقــرأ الواقــع الــذي‬ ‫تبنــي عليــه هــذه األجهــزة توهامتهــا حــول الفــوىض املحتملــة‬ ‫مــن خــال مخربيهــا الذيــن يفــرون الواقــع بأوهــام مريضــة‪،‬‬ ‫يف الوقــت الــذي كان يجــب أن تكــون عقليتهــا مبنيــة عــى‬ ‫أســس صحيحــة لتحقيــق األمــن واالســتقرار لســكان الحــي‪،‬‬ ‫لكــن شــيئاً مــن هــذا مل يحــدث فقــد بقيــت هــذه األجهــزة‬ ‫أســرة التقاريــر الكيديــة‪ ،‬وال تخلــو مــن غبــاء واتكاليــة‪،‬‬ ‫وتبنــي رصوح االســتقرار بالوهــم والخيــال‪.‬‬ ‫فكــرة األمــن واالســتقرار باتــت أحجيــة اختلــط فيهــا عاملــا‬ ‫الحيــاة واملــوت‪ ،‬وأحالــت مقــدرات الحــي إىل مصــر غــر‬ ‫منظــور‪ ،‬يفتقــد إىل املوضوعيــة‪ ،‬وينتهــي مبرجعيــة تأمــر‬ ‫مبحاكمــة األمــوات الذيــن تســببوا بهــذا البــاء الــذي اســترشى‬ ‫يف وســط األحيــاء‪.‬‬ ‫يف قصــة «الهديــة»‪ ،‬يبحــث البطــل عــن هديــة لســلمى‪ ،‬لكنــه‬ ‫يحــاول أن يعــر عــى هديــة مــن املمكــن أن تــدوم أكــر‪،‬‬ ‫وبعــد بحــث مضــنٍ يف األســواق واملتاجــر‪ ،‬وســؤاله املســتمر‪:‬‬ ‫مــا هــو الــيء الــذي مــن املمكــن أن يكــون األبقــى‪ ،‬واملقــاوم‬ ‫للزمــن؟ وكمــن اهتــدى أخ ـرا ً يف بحثــه املتواصــل عــن هــذه‬ ‫القيمــة‪ ،‬فــا يجدهــا إالّ يف ديــوان شــعري‪ ،‬يعتــره هــو األبقــى‬ ‫عــى التحــدي‪ ،‬والعــي عــى الفنــاء‪ ،‬وكــا الحــب هــو الباقــي‬ ‫واألبــدي‪ ،‬يعيــش الشــعر إىل األبــد‪.‬‬ ‫يف قصــص أحمــد الخليــل تعبــرات جديــة عــن فــوىض‬ ‫مفــردات الحيــاة‪ ،‬فــوىض تحـ ّـر القــارئ‪ ،‬لكنهــا تحيلــه إىل رســم‬ ‫صــور جديــة للواقــع‪ ،‬وترســم طريق ـاً ملــا يجــري عــى األرض‬ ‫مــن أحــداث متناقضــة‪ ،‬وفــق منطــق الواقــع الحقيقــي الــذي‬ ‫ال لبــس فيــه‪ ،‬يعــر عنهــا صــوت قصــي يحــاول أن يجــد لــه‬ ‫مكانــاً وســبيالً يف زحمــة األصــوات املتعــددة‪ ،‬وهــي تنقــل‬ ‫مفــردات الواقــع بحــس جــايل‪ ،‬وتــرز معانــاة الســوريني يف‬ ‫ظــل مــا يتعرضــون لــه مــن ظلــم واســتبداد‪.‬‬ ‫يذكــر أن أحمــد الخليــل‪ ،‬تخــرج مــن كليــة الحقــوق‪ ،‬وتعــرض‬ ‫للســجن‪ ،‬وعمــل يف مجــال الصحافــة‪ ،‬ولــه مجموعــة شــعرية‬ ‫بعنــوان «مســكون بفقدهــا»‪ ،‬وكتــاب توثيقــي عــن املــرح‬ ‫بعنــوان «املــرح يهــزم الحــرب»‪ ،‬يوثــق للحركــة املرسحيــة‬ ‫ألربــع ســنوات مــن الحــرب‪.‬‬

‫أزم�ير حتتف��ل بي��وم اللج��وء العامل��ي‬

‫تركيا ‪ -‬أزمير ‪ -‬الحرمل‬ ‫مل أكــن أتوقــع أن يــأيت العيــد الخامــس‬ ‫ونحــن عــى حالنــا تائهــن نتيجــة للقــرارات‬ ‫الدوليــة الرعنــاء بــن خــط أحمــر‪ ،‬وخط أخرض‬ ‫وبــن كــذب ونفــاق‪ ..‬مل أكــن أتوقــع أن يــأيت‬ ‫العيــد الخامــس ومــا زال الجــاد قابع ـاً عــى‬ ‫كرســيه يتأمــل قارئــة الفنجــان‪ ،‬متســائالً هــل‬ ‫مــن فــأل حســن ملزيــد مــن القتــل واإلبــادة‪.‬‬ ‫مل أكــن أتوقــع أن يــأيت العيــد الخامــس‪ ،‬ومــا‬ ‫زال الجــاد حــرا ً دون محاكمــة والشــعب‬ ‫مبعـرا ً هنــا وهنــاك‪ ..‬مل أكــن أتوقــع أن العــامل‬ ‫اآلخــر غــر معنــي بنــا كشــعب لــه حضارتــه‬ ‫وإرثــه وتاريخــه العريــق‪.‬‬ ‫قــال ذلــك الســيد محمــد صالــح عــي رئيــس‬ ‫جمعيــة إغاثــة الالجئــن الســوريني يف مدينــة‬ ‫أزمــر‪ ،‬وذلــك يف معــرض حديثــه حــول‬

‫االحتفــال بيــوم اللجــوء العاملــي‪ ،‬الــذي أقامتــه‬ ‫جمعيــة الالجئــن الدوليــة التابعــة لهيئــة‬ ‫األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫وحــول فعاليــات هــذا اليــوم العاملــي‪ ،‬قــال‬ ‫عــي‪ :‬بالتنســيق مــع املســؤولة عــن جمعيــة‬ ‫الالجئــن العامليــة يف مدينــة أزمــر الســيدة‬ ‫بريــل تــم تحديــد مــكان التجمــع يف موقــع‬ ‫«قديفــة قلعــة»‪ ،‬حيــث قمنــا بالتحضــرات‬ ‫الالزمــة واصطحبنــا مجموعــة كبــرة مــن‬ ‫األطفــال الالجئــن الســوريني‪ ،‬وهنــاك كان يف‬ ‫انتظارنــا رئيــس مجموعــة العمــل لالجئــن‬ ‫التابــع ملجلــس بلديــة قرباغــار‪ ،‬ومجموعــة‬ ‫مــن الفنانــن النحاتــن باملعجــون‪ ،‬وأعضــاء‬ ‫جمعيــة الالجئــن العاملــي‪ .‬وتــم تخصيــص‬ ‫األطفــال بطائــرات ورقيــة وكميــات مــن‬ ‫املعجــون الخــاص بالنحــت‪.‬‬

‫ويضيــف‪ :‬كان يومــاً حافــاً لألطفــال لــي‬ ‫يعــروا عــن فرحتهــم وهــم يف الغربــة‪ ،‬فمنهــم‬ ‫مــن صنــع علــم البــاد الجديــد‪ ،‬ومنهــم مــن‬ ‫صنــع بندقيــة ورصاصــة ومنهــم مــن صنــع‬ ‫الــوردة الدمشــقية ومنهــم مــن صنــع الدمــار‬ ‫وجســد الجــاد والضحيــة‪ ،‬ومنهــم مــن صنــع‬ ‫مــن املعجــون القــادم مــن الغــرب األمــل‬ ‫عــى هيئــة طفلــة تحمــل بيدهــا املشــعل‬ ‫والقرطــاس والقلــم‪ ،‬ولقــد كان الجميــع ســعيدا ً‬ ‫بوجــود أطفالنــا وهــي تــزرع عــى شــفاهها‬ ‫االبتســامة فالتفــاؤل خــر مــن التشــاؤم‪.‬‬ ‫ويتابــع‪ :‬أيضــاً مــن ضمــن الفعاليــات تــم‬ ‫توزيــع نســخ مــن أعــداد صحيفــة الحرمــل‬ ‫عــى الحضــور‪ ،‬وذلــك لتعريــف الجهــات‬ ‫املعنيــة واملســؤولة يف مدينــة أزمــر بــأن‬

‫الســوريني املثقفــن مــا زالــوا يصنعــون‬ ‫املســتحيل يف املنفــى‪ .‬ويف املســاء وضمــن‬ ‫برنامــج فعاليــات يــوم اللجــوء العاملــي‬ ‫ُعقــدت نــدوة يف املركــز الثقــايف الفرنــي‬ ‫بحضــور مندوبــن مــن منظمــة العفــو الدوليــة‬ ‫ومنظمــة حقــوق اإلنســان ومبشــاركة الصحفية‬ ‫الرتكيــة املعروفــة واملختصــة بشــؤون الربيــع‬ ‫العــريب الســيدة جانــان وبحضــور العديــد‬ ‫مــن املثقفــن والصحفيــن والكتّــاب واملهتمــن‪،‬‬ ‫حيــث تنــاول املجتمعــون مواضيــع تتعلــق‬

‫بتعريــف الــرأي العــام الــريك والعاملــي مبأســاة‬ ‫الســوريني‪ ،‬واملصاعــب واملشــاكل التــي تعــرض‬ ‫طريــق الالجئــن الســوريني وكيفيــة تقديــم‬ ‫أفضــل الســبل لتحســن أوضاعهــم املعيشــية‬ ‫والحياتيــة‪ ،‬وتــم التطــرق إىل األمــور التعليميــة‬ ‫والصحيــة والخدميــة‪ ،‬والبحــث عــن طــرق‬ ‫الوقايــة مــن هــروب الكثــر مــن الالجئــن‬ ‫عــن طريــق البحــر‪ ،‬الذيــن يلقــون حتفهــم يف‬ ‫ظــروف تهريــب صعبــة يف عــرض بحــر إيجــة‪،‬‬ ‫الــذي تــم تســميته مبقــرة الالجئــن الســوريني‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫سوريا املوعودة‪!..‬‬ ‫هالة قضماني صحفية سورية‬ ‫مستقلة‪ ،‬حصلت على جائزة‬ ‫الصحافة الدبلوماسية الفرنسية‬ ‫لعام ‪ 2013‬عن تغطيتها للوضع في‬ ‫ً‬ ‫سوريا وخاصة التقاريرامليدانية التي‬ ‫أعدتها عن مدينة الرقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أصدرت أخيرا كتاب «سورية‬ ‫املوعودة» الذي يتحدث عن يوميات‬ ‫الثورة السورية والربيع العربي‪.‬‬ ‫تكتب في مجلة اإلكسبريس‪ ،‬ويومية‬ ‫ليبراسيون‪ ،‬وشغلت العديد من‬ ‫الوظائف‪ :‬مكتب جامعة الدول‬ ‫العربية في باريس‪ ،‬املنظمة العاملية‬ ‫الفرنكفونية‪ ،‬رئيس تحريرسابق لقناة‬ ‫فرانس فان كاتر‪.‬‬

‫وخــال زيارتهــا الخاصــة إىل مجلــة الحرمــل‬ ‫بتاريــخ ‪ 2015/6/19‬أ ُجــري معهــا هــذا اللقــاء‬ ‫س‪ :1‬امسح��ي ل��ي أن أب��دأ م��ن مفه��وم‬ ‫االنتم��اء واهلوي��ة ل��دى هال��ة قضمان��ي‪،‬‬ ‫وتس��ليط الض��وء عل��ى املفارق��ة ب�ين م��ا‬ ‫��ت ب��ه س��ابقاً م��ن ّ‬ ‫أن عالقت��ك م��ع‬ ‫صرح ِ‬ ‫مواطن��ة م��ن أصل س��وري‬ ‫الوط��ن عالق��ة ِ‬ ‫عاش��ت معظم حياتها يف فرنس��ا‪ ،‬وبني ما‬ ‫��دت علي��ه نفس��ك م��ن ارتب��اط وتعل��ق‬ ‫وج ِ‬ ‫بالوط��ن بع��د الث��ورة؟‬ ‫* عــاد انتــايئ إىل ســوريا مــع انطالقــة الثــورة‬ ‫الســورية املباركــة‪ ،‬وكنــت إىل وقــت قريــب‬ ‫أتــرأ منهــا‪ ،‬وال أعتــز بهــا‪ ،‬لكــن حــايل اآلن‬ ‫كــا حــال الســوريني املغرتبــن‪ ،‬عــادت إلينــا‬ ‫هويتنــا الســورية األصيلــة التــي أصبحنــا نعتــز‬ ‫ونفتخــر بهــا أمــام العــامل‪ ،‬ونشــعر باالح ـرام‬ ‫مــن األوربيــن بفضــل مــا بــدأه الثــوار يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬وموقــف التحــدي الســلمي للســوريني‬ ‫أمــام آلــة القمــع واالســتبداد التــي تحــدت‬ ‫إرادة الشــعب الحــرة‪.‬‬ ‫منــذ بدايــة عــام ‪ 2011‬عملــت مبجــاالت‬ ‫مختلفــة‪ ،‬ومؤسســات عــ ّدة‪ ،‬أمــا اآلن فأنــا‬ ‫أعمــل لحســايب الخــاص ونســبة كبــرة مــن‬ ‫هــذا العمــل الصحفــي والتدريبــي والســيايس‬ ‫واالجتامعــي‪ ،‬كرســته ملصلحــة ســوريا‪ ،‬ونظ ـرا ً‬ ‫إىل أننــي أكتــب بالفرنســية‪ ،‬فقــد وفــر يل ذلــك‬ ‫الوقــت الــكايف لــي أغطــي الشــأن الســوري يف‬ ‫الصحافــة الفرنســية‪ ،‬فرنســا أتاحــت يل الفرصة‬ ‫أن أكــون حلقــة الوصــل بــن مــا يجــري‬ ‫عــى أرض ســوريا والعــامل‪ ،‬يف ظــل ظــروف‬ ‫منعــت الكثــر مــن اإلعالميــن الدخــول إىل‬ ‫املناطــق املحــررة يف ســوريا‪ ،‬وألننــي ســورية‬ ‫اســتطعت الدخــول إىل هــذه األماكــن‪ ،‬وزيــارة‬ ‫املواقــع املحــررة‪ ،‬وكتابــة التقاريــر واألخبــار‬ ‫الصحفيــة مــن قلــب الحــدث‪ ،‬والتواصــل مــع‬ ‫الســوريني‪ ،‬وبإمكانيــات كبــرة‪ ،‬أســتطيع مــن‬ ‫خاللهــا تفهــم الظــروف اإلنســانية والسياســية‬ ‫للســوريني كافــة‪.‬‬ ‫س‪ :2‬هال��ة احلاصل��ة عل��ى جائ��زة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫هال��ة قضمان��ي ويومي��ات الث��ورة الس��ورية والربي��ع العرب��ي‬ ‫الصحاف��ة الدبلوماس��ية الفرنس��ية لع��ام‬ ‫‪ 2013‬ع��ن تغطيته��ا الصحفية للوضع يف‬ ‫سوريا كيف جتيب عن سؤال‪ :‬أي إعالم‬ ‫يُنت��ج م��ن الس��وريني وألج��ل الس��وريني؟‬ ‫* حصلــت عــى الجائــزة لتغطيتــي امليدانيــة‬ ‫ملدينــة الرقــة يف الوقــت الــذي كانــت تشــتعل‬ ‫فيهــا األحــداث‪ ،‬وتتعــرض شــخصيات اعتباريــة‬ ‫للخطــف‪ ،‬كخطــف الصحفيــن الفرنســيني‬ ‫األربعــة‪ ،‬ويف الرقــة وجــدت ضالتــي يف‬ ‫الســبق الصحفــي‪ ،‬ووجــدت عائلــة ثانيــة يل‬ ‫هنــاك‪ .‬فرحتــي بالجائــزة كبــرة‪ ،‬وأعتربهــا‬ ‫عربــون محبــة للرقــة وأهلهــا الذيــن فتحــوا يل‬ ‫قلوبهــم قبــل بيوتهــم بظــروف صعبــة جــدا ً‪،‬‬ ‫واســتقبالهم الرائــع الــذي كان يعتــر خطــرا ً‬ ‫كبـرا ً عليهــم‪ ،‬جائــزة الصحافــة أعتــز بهــا كثـرا ً‬ ‫وهــي جــاءت حصيلــة لجهــودي بتغطيــة‬ ‫واقــع مدينــة الرقــة‪.‬‬ ‫اليــوم مــن بــن نشــاطايت املتعــددة‪ ،‬الجــزء‬ ‫الكبــر منــه مكــرس ملواكبــة اإلعــام الســوري‬ ‫الجديــد‪ ،‬الــذي بــدأ ينتــر بكــرة‪ ،‬اإلحاطــة‬ ‫باإلعــام الســوري الجديــد‪ ،‬يتطلــب منــي‬ ‫جهــدا ً اســتثنائياً مــن خــال إقامــة الــدورات‬ ‫التدريبيــة للمواطنــن الصحفيــن‪ ،‬ومحاولــة‬ ‫إيصالهــم إىل املســتوى املهنــي مبعايــر صحفيــة‬ ‫عاليــة‪ ،‬وكفــاءات تعتمــد عــى التدريــب‬ ‫املتواصــل‪ .‬وأيض ـاً متابعــة اإلذاعــات الســورية‬ ‫الجديــدة‪ ،‬التــي شــكلّت طفــرة إعالميــة‬ ‫جميلــة وجديّــة‪ ،‬حالــة إنتــاج إعالميــة ضخمــة‬ ‫بــرزت بظــروف اســتثنائية بســوريا ويف بلــدان‬ ‫الجــوار‪ ،‬أتصــور اليــوم أن القضيــة األساســية‬ ‫لإلعــام املوجــه للســوريني‪ ،‬هــو الوصــول‬ ‫إىل القــ ّراء أو املســتمعني أو املشــاهدين‪ ،‬أو‬ ‫التفاعــل مــع املواقــع اإللكرتونيــة مــن خــال‬ ‫منتــج إعالمــي جيــد‪ ،‬يغطــي جوانــب الحيــاة‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وإب ـراز التنــوع الــذي مييــز الحيــاة‬ ‫الســورية‪ ،‬والتأكيــد عــى مهمــة أساســية هــي‬ ‫الوصــول إىل القــارئ يف الداخــل الســوري‪ ،‬الذي‬ ‫يخضــع لســلطة النظــام املســتبدة والحتــاالت‬ ‫متعــددة‪ ،‬أبرزهــا داعــش وبعــض الكتائــب‪،‬‬ ‫والتــي متنــع مبجملهــا وصــول وســائل اإلعــام‬ ‫إىل أماكــن تواجدهــا‪.‬‬ ‫س‪ :3‬ه��ل تعتقدي��ن أن الناش��طني‬ ‫اإلعالمي�ين الس��وريني هلم خصوصيتهم‬ ‫ومتيزه��م ع��ن أقرانه��م يف بل��دان الربي��ع‬ ‫العرب��ي األخ��رى‪ ،‬إال َم تعزي��ن ه��ذا األم��ر‪،‬‬ ‫وه��ل تري��ن أن مؤسس��ات دع��م اإلع�لام‬ ‫الدول��ي‪ ،‬واملفوضي��ة األوربي��ة للدع��م‬ ‫املال��ي‪ ،‬وآيرك��س ‪( irex‬اجملل��س الدول��ي‬ ‫لألحب��اث والتب��ادل الثق��ايف) وس��واها م��ن‬ ‫مؤسس��ات‪ ،‬قام��ت بواجبه��ا جت��اه ه��ؤالء‬ ‫الناش��طني‪ ،‬وث��ورة اإلع�لام البدي��ل‬ ‫املواك��ب للث��ورة الس��ورية؟ وأن هن��اك ما‬ ‫عليه��ا أن تق��وم ب��ه جتاهه��م؟‬ ‫* الحالــة الســورية وصفتهــا بالحالــة‬ ‫االســتثنائية‪ ،‬الحــراك اإلعالمــي اســتثنايئ‪،‬‬

‫وال يشــبه أي مــكان آخــر‪ ،‬وظيفــة املواطــن‬ ‫الصحفــي الــذي بــدأ كناشــط ثــوري‪ ،‬وبــدأ‬ ‫بالتحــول إىل العمــل اإلعالمــي‪ ،‬واليــوم نتــج‬ ‫عــن هــذه الحالــة االســتثنائية يف أعــداد هائلــة‬ ‫مــن الشــباب تحولــوا إىل إعالميــن‪ ،‬أحبــوا‬ ‫املهنــة إضافــة لوظيفتهــم الرئيســة كناشــطني‬ ‫ثوريــن‪ ،‬ووجــدوا ضالتهــم ومتعتهــم يف العمــل‬ ‫الصحفــي‪.‬‬ ‫هــذه الظاهــرة االســتثنائية بطريقــة نشــأتها‬ ‫وتطورهــا‪ ،‬تطلبــت أن يكــون هنــاك دور‬ ‫اســتثنايئ للمنظــات املدنيــة يف دعــم اإلعــام‬ ‫الحــر‪ ،‬عــر تطويــر وتنميــة اإلعــام الســوري‪،‬‬ ‫وكفــاءات ومهنيــة الناشــطني واملواطنــن‬ ‫اإلعالميــن‪ ،‬ودعــم وســائل اإلعــام املختلفــة‪،‬‬ ‫وهنــاك تخصــص لــكل منظمــة‪ ،‬فمنهــا مــن‬ ‫يعمــل بدعــم الفيديــو واإلذاعــات‪ ،‬ومنهــا مــن‬ ‫يدعــم الصحافــة الورقيــة واملواقــع اإللكرتونية‪،‬‬ ‫أو التدريــب املهنــي‪ ،‬مــع مالحظــة عــدم وجود‬ ‫تنســيق بــن برامــج هــذه املنظــات‪ ،‬لكــن مع‬ ‫ذلــك ُوجــدت وســائل اإلعــام البديــل بفضــل‬ ‫هــذا الدعــم‪ ،‬والتــي تقــوم بتحســن رشوطــه‬

‫عــى ســوريا كلهــا‪ ،‬ومينــع اإلعــام الخارجي من‬ ‫تغطيــة األحــداث‪ ،‬هنــا بــرز دور الناشــطني يف‬ ‫نقــل الصــورة والكلمــة‪ ،‬كان الناشــطون بحاجة‬ ‫لنقــل صــور األحــداث ومــا يجــري عــى األرض‬ ‫عــى جميــع وســائل اإلعــام‪ ،‬ووســائل اإلعــام‬ ‫الغربيــة بحاجــة لهــذه األخبــار والصــور لــي‬ ‫تكــون قريبــة مــن واقــع األحــداث‪ ،‬هــي‬ ‫حالــة مشــركة اســتفاد منهــا الطرفــان خدمــة‬ ‫ملصالحهــم‪.‬‬ ‫نتيجــة صعوبــة تغطيــة الوضــع الســوري‪،‬‬ ‫وتدهــور األوضــاع بســب طــول الفــرة التــي‬ ‫عاشــتها الثــورة الســورية‪ ،‬وهــذه الحالــة‬ ‫ســببت ملـاً إعالميـاً‪ .‬طبيعــة الثــورة الســورية‬ ‫التــي تطــورت إىل رصاعــات كبــرة جــدا ً‪،‬‬ ‫دوليــة وطائفيــة وإقليميــة‪ ،‬وهــو مــا شــوش‬ ‫الصــورة بشــكل عــام‪ .‬اإلعــام جاهــز ألي‬ ‫فرصــة لتغطيــة األوضــاع التــي تجــري حالي ـاً‪،‬‬ ‫وهنــاك صحفيــون كــر يريــدون الدخــول إىل‬ ‫ســوريا لنقــل األوضــاع مــن هنــاك‪ ،‬لكــن مــن‬ ‫الصعوبــة تغطيــة األوضــاع عــن بعــد‪ ،‬يجــب‬ ‫أن يكونــوا عــى األرض لنقــل الواقــع عــن‬

‫بفضــل الــدورات التدريبيــة وورشــات العمــل‬ ‫واإلخــراج والتحريــر والتصويــر‪ ،‬خــذ مثــاً‬ ‫أنــا أعمــل مــع مؤسســات للدعــم اإلعالمــي‪،‬‬ ‫يف التدريــب واالستشــارة‪ ،‬ومســاعدة هــؤالء‬ ‫اإلعالميــن بخــريت يف مجــال تطويــر الربامــج‪.‬‬ ‫س‪ :4‬ه��ل تري��ن أن اإلع�لام الغرب��ي‬ ‫اس��تغل عم��ل الناش��طني اإلعالمي�ين‬ ‫الس��وريني كمص��در للمعلوم��ات واخلرب‬ ‫خدم��ة ملصلحت��ه املهني��ة وأجندات��ه‬ ‫اإلعالمية والسياسية أكثر من خدمته‬ ‫للث��ورة الس��ورية‪ ،‬والعم��ل إنس��انياً عل��ى‬ ‫تعبئ��ة ال��رأي الع��ام للمس��اعدة عل��ى ح��ل‬ ‫الصراع يف سوريا وتوفري األجواء املناسبة‬ ‫خلل��ق رأي ع��ام ضاغ��ط م��ن أج��ل نق��ل‬ ‫الس��لطة يف س��وريا سياس��ياً؟‬ ‫* لوصــف هــذه الحالــة يجــب أن نعــود قليـاً‬ ‫إىل تغطيــة الشــأن الســوري يف بدايــة الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬فلقــد كان النظــام الســوري مســيطرا ً‬

‫كثــب‪.‬‬ ‫��ت يف كتاب��ك «س��وريا املوع��ودة»‬ ‫س‪ :5‬قل ِ‬ ‫ مب��ا يش��به حك��م ال�براءة ‪ -‬أن��ك ال تري��ن‬‫ّ‬ ‫أن ل��دى الغ��رب ن ّي��ة س��يئة وال ن ّي��ة جيدة‬ ‫جت��اه الث��ورة الس��ورية‪ ،‬مبعن��ى أن��ه لي��س‬ ‫لدي��ه إس�تراتيجية حم��ددة‪.‬‬ ‫يف املفهــوم املعاكــس‪ ،‬أال يعنــي عــدم وجــود‬ ‫نيــة جيــدة غيــاب للموقــف األخالقــي‬ ‫والســيايس واإلنســاين تجــاه مــا يتعــرض لــه‬ ‫الشــعب الســوري مــن قتــل وتهجــر وتدمــر‬ ‫ممنهــج‪ ،‬وبالتــايل فــإن عــدم وجود إسـراتيجية‬ ‫هــو بحــد ذاتــه إســراتيجية‪ ،‬إســراتيجية‬ ‫الصمــت التــي ســاهمت يف تشــجيع النظــام‬ ‫عــى عدوانيتــه‪ ،‬وســاهمت يف أطالــة عمــره‪،‬‬ ‫وعمــر األزمــة الســورية؟‬ ‫* أنــا أؤكــد هــذا الــكالم‪ ،‬وأقــول دامئــاً ملــن‬ ‫يعتــر أن هنــاك مؤامــرة أو يشء مجهــول مــن‬ ‫الغــرب عــى ســوريا‪ ،‬أن هنــا غيــاب الخطــة‬

‫واملؤامــرة هــي املشــكلة‪ ،‬وأنــا عــى اتصــال مع‬ ‫أصحــاب القـرار يف فرنســا وأوربــا أنــه ال يوجــد‬ ‫خطــة لســوريا‪ ،‬وهــذه هــي املؤامــرة والجرميــة‬ ‫يف تــرك الشــعب الســوري دون خيــارات للحــل‬ ‫الســلمي‪ ،‬رغــم مــا نفعلــه يف الغــرب إلعــادة‬ ‫القضيــة الســورية إىل الواجهــة‪ ،‬ورغــم هــذه‬ ‫الجهــود املضنيــة نجــد باملقابــل مجتمعــات‬ ‫أنانيــة ليســت مهتمــة بالشــأن الســوري‪،‬‬ ‫ومــا مــن شــك فالالمبــاالة جرميــة أكــر مــن‬ ‫املؤامــرة‪.‬‬ ‫س‪ :6‬ه��ل تعتقدي��ن أن ش��عور الع��امل‬ ‫ب��أن س��قوط النظ��ام أصب��ح وش��يكاً بع��د‬ ‫خس��اراته العس��كرية األخ�يرة س��يجعله‬ ‫أكث��ر محاس��اً وحزم��اً جت��اه إجي��اد ح��ل‬ ‫ع��ادل وس��ريع لألزم��ة الس��ورية‪ ،‬األم��ر‬ ‫ال��ذي يوف��ر للغ��رب موقف��اً تطهري��اً‬ ‫ع��ن س��كوته املخ��زي ع��ن جرائ��م اإلب��ادة‬ ‫اجلماعي��ة واجلرائم ضد اإلنس��انية اليت‬ ‫ارتكبه��ا النظ��ام حب��ق الش��عب الس��وري؟‬ ‫* أعتقــد أن األحــداث اليــوم وبعــد خمــس‬ ‫ســنوات مــن عمــر الثــورة‪ ،‬فرضــت واقعــاً‬ ‫جديــدا ً عــى العــامل‪ ،‬والعــامل مهــا عمــل‬ ‫ليتهــرب مــن مســؤولياته تجــاه ســوريا‪،‬‬ ‫فالواقــع وتســارع األحــداث خــال األشــهر‬ ‫األخــرة ال بــد أن يضطــر العــامل لــي ينظــر‬ ‫بجديــة لحــل النــزاع يف ســوريا‪ ،‬لكــن برأيــي‬ ‫ال يوجــد رؤيــة أو خطــة ال عنــد أصدقــاء‬ ‫املعارضــة وال عنــد أصدقــاء النظــام‪.‬‬ ‫الحالــة التــي شوشــت العــامل وأعمــت أبصــاره‬ ‫هــي ظاهــرة داعــش‪ ،‬فأصبحــت الشــاعة‬ ‫التــي يســتغلها جميــع األطــراف‪ ،‬داعــش‬ ‫قضيــة ملتبســة‪ ،‬وهــي لعبــة كل األطــراف‪،‬‬ ‫إمــا لالســتفادة مــن وجودهــا‪ ،‬أو التهــرب‬ ‫مــن عــدم املبــادرة‪ ،‬أو اســتخدام داعــش ضــد‬ ‫اآلخريــن إقليميــاً ودوليــاً‪ .‬خالصــة القــول‬ ‫إن تســارع األحــداث ســيفرض عــى العــامل‬ ‫التحــرك رسيعــاً يف األيــام القادمــة‪.‬‬ ‫س‪ :7‬أخ�يراً م��ا ه��ي رهان��ات منظوم��ة‬ ‫اإلع�لام البدي��ل للثورة الس��ورية مع الغد‬ ‫حس��بما ت��رى هال��ة قضمان��ي؟‬ ‫* أفضــل أوالً أن أســميه اإلعــام الجديــد بــدالً‬ ‫مــن اإلعــام البديــل‪ ،‬نظــريت اليــوم بعــد هــذه‬ ‫الطفــرة اإلعالميــة ال بــد مــن الدخــول مبرحلــة‬ ‫غربلــة لوســائل اإلعــام‪ ،‬فهنــاك وســائل إعــام‬ ‫كثــرة ال ميكــن أن تســتمر‪ ،‬ومــن املمكــن أن‬ ‫تندمــج مــع مؤسســات أخــرى‪ ،‬الــذي يســتمر‬ ‫هــو املتجــدد واألصيــل‪ ،‬ومبــا أننــا بحالــة‬ ‫إعالميــة ثوريــة تســتدعي الدعــم واملســاعدة‬ ‫مــن الخــارج‪ ،‬وأدى لدعــم مؤسســات إعالميــة‬ ‫غــر قابلــة للحيــاة‪ ،‬لكنهــا اســتمرت بواســطة‬ ‫هــذا الدعــم‪ ،‬ويف النهايــة برأيــي املتلقــي‬ ‫هــو الــذي ســيحدد اإلعــام الــذي يحتاجــه‬ ‫ويفيــده‪ ،‬وهــو الــذي ســيتحكم باملســتقبل‪.‬‬

‫حاورها‪ :‬بسام البليبل‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪7‬‬

‫تقس��يم س��وريا ب�ين الوقائ��ع واألف��ق املس��دود ت��ل أبي��ض ‪..‬كوبان��ي واخلي��ار الصع��ب‬ ‫الشاوي الضليل‬ ‫الشــك أن تحريــر تــل ابيــض‪ ،‬أو انســحاب داعــش‬ ‫غــر املفهــوم منهــا بــدون قتــال‪ ،‬ودخــول قــوات الحاميــة‬ ‫الكرديــة‪ ،‬ووحــدات رمزيــة مــن الجيــش الحــر كقــوة‬ ‫محــررة‪ ،‬قــد خلــط األوراق يف الشــال الســوري‪ ،‬وهــذا‬ ‫يغــر مــن أهميــة الالعبــن وأدوارهــم‬ ‫الخلــط قــد ّ‬ ‫أمريكيـاً‪ ،‬وألن تركيــا الالعــب األبــرز يف الشــال الســوري‪،‬‬ ‫قــد بــدا خــارسا ً ومغلوب ـاً عــى أمــره أمريكي ـاً‪ ،‬وانهيــارأ‬ ‫الســراتيجته التــي حــول فيهــا القضيــة الكرديــة مــن‬ ‫قضيــة انفصــال‪ ،‬اىل قضيــة حقــوق مدنيــة وسياســية‪،‬‬ ‫والتــي ســهلت وفتحــت املمــرات النتقــال مقاتــي»‬ ‫قنديــل « وقيادتهــم العســكرية اىل خــارج الحــدود‪،‬‬ ‫وكان أهــم نتائجهــا‪ ،‬فوزحــزب الشــعوب الدميوقراطيــة‬ ‫وتخطيــه لعتبــة ‪ 10%‬كممثــل ســيايس لحــزب العــال‬

‫ألن القوميــن واملؤسســة العســكرية يشــاركان أردوغــان‬ ‫املخــاوف ذاتهــا مــن وجــود كيــان كــردي عــى حدودهــا‬ ‫لــه عمــق اس ـراتيجي يف داخــل تركيــا‪ ،‬وهــذا التحالــف‬ ‫واملباركــة قــد ســ ّهال إخــراج ملــف التدخــل العســكري‬ ‫واملناطــق العازلــة مــن األدراج إىل فــوق طاولــة رئيــس‬ ‫مجلــس الــوزراء ومهــره بالتوقيــع األول‪ ،‬وأن الخــرق‬ ‫األمنــي يف كوبــاين هــو مجــرد تفصيــل‪.‬‬ ‫ومبــا أن تركيــا قــد حســمت خياراتهــا الصعبــة‪ ،‬فــإين‬ ‫أعتقــد أنهــا ســتعمل وبجهــود متســارعة عــى عــدة‬ ‫محاورإلنجــاح هــذه الخيــارات‪ ،‬وأيضــاً لــي تؤســس‬ ‫لتســويق الخيــار العســكري دوليــاً وداخليــاً‪:‬‬ ‫‪ _1‬إعــادة االعتبــار الســيايس الئتــاف قــوى املعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬بوصفهــا املمثــل الرشعــي للمعارضــة‬

‫تنشر بالتعاون مع موقع مدار اليوم – فايز سارة‬ ‫يكــر الحديــث يف األوســاط السياســية واإلعالميــة‬ ‫املهتمــة بالقضيــة الســورية عــن تقســيم ســوريا يف‬ ‫عــداد الخيــارات واالحتــاالت‪ ،‬التــي ســتذهب‬ ‫إليهــا ســوريا يف إطــار حــل مســتقبيل لكارثتهــا‬ ‫الراهنــة‪ ،‬التــي تشــارك نظــام األســد وقــوى التطــرف‬ ‫واإلرهــاب وعــى رأســها «داعــش» وأطـراف داخليــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬وقــوى إقليميــة ودوليــة‪ ،‬ســاهمت جميعهــا‬ ‫يف وصــول القضيــة الســورية إىل بوابــة الحديــث عــن‬ ‫التقســيم يف احتــاالت املســتقبل الســوري‪.‬‬ ‫ويف الحقيقــة‪ ،‬فــإن كــرة الحديــث عــن التقســيم‪،‬‬ ‫تســتند إىل أمريــن أساســيني‪ ،‬أولهــا جملة املشــاريع‪،‬‬ ‫التــي طرحــت لتقســيم ســوريا يف خــال قــرن مــى‪،‬‬ ‫وهــذه تعــددت وتنوعــت‪ ،‬وبعضهــا – كــا حــدث‬ ‫أيــام االنتــداب الفرنــي – انتقــل إىل حيــز التنفيــذ‬ ‫العمــي‪ ،‬لكنــه رسعــان مــا أصابــه الفشــل الذريــع‪،‬‬ ‫وعــادت بعــده ســوريا كيانــا ً موحــدا ً‪ ،‬بــل وجــرى‬ ‫تثبيــت هــذا الكيــان باعتبــاره كيــان ســوريا‪ ،‬التــي‬ ‫كنــا نعرفهــا حتــى قيــام ثــورة الســوريني يف ‪.2011‬‬ ‫والعامــل الثــاين يف طــرح فكــرة التقســيم مســتمد‬ ‫مــن الوقائــع الراهنــة القامئــة يف ســوريا‪ ،‬والتــي‬ ‫يشــر األمــر الواقــع إىل تشــكل عــدد مــن الكيانــات‪،‬‬ ‫أولهــا كيــان يســيطر عليــه الجيــش الحــر يف جنــوب‬ ‫البــاد يف درعــا والقنيطــرة‪ ،‬وينــازع فيــه النظــام عــى‬ ‫الســويداء‪ ،‬والثــاين كيــان يضــع عليــه نظــام األســد‬ ‫يــده‪ ،‬ميتــد من دمشــق عــر الطريــق الدويل‪ ،‬ليشــمل‬ ‫حمــص وحــاه إضافــة إىل طرطــوس والالذقيــة‪،‬‬ ‫والثالــث كيــان ميتــد مــا بــن إدلــب وحلب‪ ،‬وتســيطر‬ ‫عليــه تشــكيالت معارضــة إســامية‪ ،‬والرابــع كيــان‬ ‫يســيطر عليــه تنظيــم داعــش‪ ،‬وميتــد عــر الريــف‬ ‫الرشقــي لحلــب وحــاة وحمــص إضافــة إىل ديــر‬ ‫الــزور وبعــض الرقــة والحســكة‪ ،‬والكيــان الخامــس‬ ‫تســيطر عليــه وحــدات الحاميــة الشــعبية الكرديــة‬ ‫املتحالفــة مــع قــوى مــن الجيــش الحــر شــامالً‬ ‫أج ـزاء مــن محافظتــي الحســكة والرقــة‪.‬‬ ‫وســط هــذا التقســيم القائــم «واقع ًيــا» ويف ظــل‬ ‫املشــاريع القدميــة – الجديــدة‪ ،‬يتــم الحديــث عــن‬ ‫تقســيم ســوريا‪ .‬غــر أن هــذا الحديــث تبشــري أكــر‬ ‫مــا هــو واقعــي‪ ،‬لســببني‪ :‬أولهــا أنــه حديــث يف‬ ‫ظــل أزمــة متصاعــدة‪ ،‬وتوازنات سياســية – عســكرية‬ ‫غــر مســتقرة‪ ،‬وخاضعــة لتغــرات رسيعــة‪ ،‬ويف ظــل‬ ‫احتــاالت تغيــر يف مواقــف القــوى الخارجيــة يف‬ ‫املوضــوع الســوري‪ ،‬ويف ظــل عــدم وجــود ق ـرارات‬ ‫دوليــة حــول مســتقبل ســوريا‪ ،‬ال ميكــن الجــزم بخيار‬ ‫واضــح ومحــدد حــول مســتقبل ســوريا الــذي مــن‬ ‫املؤكــد‪ ،‬أنــه لــن يكــون عــى نحــو مــا كان واقعــا‬ ‫قبيــل مــارس (آذار) ‪.2011‬‬ ‫إن موانــع التقســيم يف منطلقاتهــا مســتمدة مــن‬ ‫موانــع ذاتيــة‪ ،‬تتعلــق بالســوريني وبواقــع الكيانــات‪،‬‬ ‫التــي ميكــن أن تنشــأ‪ ،‬فيــا تتصــل املوانــع‬ ‫املوضوعيــة باملحيــط اإلقليمــي والــدويل ومســارات‬

‫سياســاته حيــال القضيــة الســورية‪.‬‬ ‫لقــد أدت سياســة النظــام وقــوى اإلرهــاب الدمويــة‬ ‫والرصاعــات املســلحة وعمليــات التهجري الواســعة إىل‬ ‫إضعــاف املوانــع الذاتيــة يف رغبــة الســوريني يف حيــاة‬ ‫مشــركة ورمبــا كيــان واحــد‪ .‬غــر أنــه ال ميكــن رؤيــة‬ ‫هــذا التطــور إال يف ضــوء اســتثنائية الوضــع الســوري‬ ‫الراهــن‪ ،‬مبعنــى أن عــودة الســام واالســتقرار يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬ميكــن أن تحــدث تبــدالت جوهريــة يف هــذا‬ ‫الجانــب‪ ،‬خاصــة يف ظــل عوامــل أبرزهــا التداخــات‬ ‫الســكانية مــن حيــث تــوزع االنتــاءات القوميــة‬ ‫والدينيــة والطائفيــة عــى غالبيــة املحافظــات‬ ‫الســورية‪ ،‬وكذلــك الروابــط واملشــركات االقتصاديــة‬ ‫واالجتامعيــة والثقافيــة املتداخلــة للســوريني‪ ،‬ولعــل‬ ‫األهــم مــا ســبق‪ ،‬يتمثــل يف إرادة الســوريني يف‬ ‫عيــش مشــرك ودولــة واحــدة‪ ،‬وحتــى اللحظــة‪،‬‬ ‫مــا زالــت مشــاريع وأصــوات الســوريني الداعيــة‬ ‫للتقســيم‪ ،‬أضعــف مــن أن يالحظهــا أحــد‪.‬‬ ‫وال شــك أن املوانــع الخارجيــة لتقســيم ســوريا‪،‬‬ ‫أهــم مــن املوانــع الذاتيــة‪ ،‬ليــس فقــط‪ ،‬ألن القــوى‬ ‫اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬صــارت صاحبــة القــول والفعــل‬ ‫يف القضيــة الســورية منــذ أن فتــح النظــام البــاب‬ ‫للتدخــات الخارجيــة الواســعة يف ســوريا منــذ عــام‬ ‫‪ 2011‬فقــط‪ ،‬إمنــا أيضــا ألن القــوى الداخليــة – مبــا‬ ‫فيهــا نظــام األســد – باتــت أضعــف مــن أن تؤثــر يف‬ ‫الواقــع الســوري بصــورة ملموســة‪.‬‬ ‫إن األبــرز يف العوامــل الخارجيــة املانعــة للتقســيم‪،‬‬ ‫هــو موقــف دول إقليميــة فاعلــة وقويــة وأبرزهــا‬ ‫تركيــا واململكــة العربيــة الســعودية ومــر‪ ،‬ســواء‬ ‫بســبب مخاوفهــا مــن ارتــدادات عمليــة التقســيم‬ ‫عليهــا طبقـا ً ملــا هي املخــاوف الرتكيــة‪ ،‬أو رغبــة منها‬ ‫يف اإلبقــاء عــى الكيــان الســوري موحــدا ً ألســباب‬ ‫متعــددة كــا هــو املوقــف الســعودي واملــري‪ ،‬أمــا‬ ‫األهــم يف املوقــف الــدويل فهــو عــدم قــدرة املجتمــع‬ ‫الــدويل‪ ،‬وال ســيام دولــه املؤثــرة عــى القيــام بإعــادة‬ ‫رســم خريطــة جديــدة للــرق األوســط عــى نحــو‬ ‫مــا حصــل بدايــة القــرن املــايض‪ ،‬عندمــا وضعــت‬ ‫خريطــة ســايكس – بيكــو‪ ،‬التــي رســمت خريطــة‬ ‫دول املنطقــة آنــذاك‪ ،‬وتقســيم ســوريا ســيفتح الباب‬ ‫عــى رغبــات ومطامــح وأهــداف متناقضــة‪ ،‬تأخــذ‬ ‫املنطقــة ودولهــا إىل رصاعــات وعنــف‪ ،‬يبــدو العــامل‬ ‫اليــوم يف غنــى عنهــا‪ ،‬وأبعــد عــن احتاملهــا‪.‬‬ ‫ويف كل األحــوال‪ ،‬ورغــم موانــع تقســيم ســوريا يف‬ ‫ســياق احتــاالت مســتقبلها‪ ،‬ال ينبغــي إغــاض‬ ‫العيــون عنــه‪ ،‬ألن التطــورات عــى األرض واملواقــف‬ ‫الخارجيــة يف تغيــرات محتملــة‪ ،‬وقــد تكــون‬ ‫رسيعــة‪ ،‬بصــورة ميكــن أن تطــرح القضيــة عــى‬ ‫طاولــة البحــث‪ ،‬وقــد تأخذهــا إىل دائــرة التنفيــذ يف‬ ‫لحظــة جنــون‪ ،‬ألن أحــدا ً مل يكــن يتوقــع أن يصــر‬ ‫الوضــع الســوري عــى مــا هــو عليــه‪ ،‬وأن تتحــول‬ ‫ســوريا إىل بــؤرة للتطــرف واإلرهــاب‪ ،‬فقــد كان ذلــك‬ ‫مجــرد خيــال‪.‬‬

‫االوجــاين‪ ،‬مــا وضــع اردوغــان وحزبــه يف مــأزق‬ ‫ســيايس‪ ،‬وأمــام خيــارات بديلــة صعبــة‪ ،‬ومــن أبــرز هــذه‬ ‫الخيــارات‪ ،‬التحالــف مــع اليمــن القومــي‪ ،‬واالســتامع اىل‬ ‫نصائــح املؤسســة العســكرية وتبنــي خياراتهــا بالتدخــل‬ ‫العســكري املبــارش يف الشــال الســوري‪ ،‬كإج ـراء عنيــف‬ ‫ملنــع التهديــدات املحتملــة عــى وحــدة الدولــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫و التــي يبرشبهــا وجــود كيــان كــردي متصــل مــن‬ ‫عفريــن إىل حــدود رشق كردســتان‪ ،‬ظهــرت مالمــح هــذه‬ ‫التهديــدات مــع نشــوة النرصعــى داعــش واالرتيــاح‬ ‫األمريــي لهــذا النــر‪ ،‬ومديحهــا للقــوى التــي شــاركتها‬ ‫بــه‪.‬‬ ‫يف األيــام التــي تلــت «تحريــر» تــل ابيــض‪ ،‬والتوتــر الــذي‬ ‫نجــم عــن معلومــات حــول تهجــر وتطهــر عرقــي(مل‬ ‫يحســم التأكــد منــه أو نفيــه مــن قبــل لجنــة تقــي‬ ‫حقائــق محادية)متارســه مجموعــات مــن وحــدات‬ ‫الحاميــة الكرديــة‪ ،‬قــد ســارع يف تبنــي الخيــارات البديلــة‬ ‫تركيــاً‪ ،‬ووضعهــا يف حيــز التنفيــذ والتهيئــة‪ ،‬وألن هــذه‬ ‫الخيــارات تحتــاج إىل تســوية مــع األمريــكان واقناعهــم‬ ‫بــأن تحالفهــم مــع االتحــاد الدميوقراطــي وجناحــه‬ ‫العســكري بالخيــار الخاطــئ‪ ،‬ألن هــذه القــوة غــر‬ ‫قــادرة عــى أن تكــون بديــاً عــن داعــش ألنهــا وجــه‬ ‫آخــر للتطــرف‪ ،‬وأن البديــل املوضوعــي هــو القــوى‬ ‫املعتدلــة التــي تضمنهــا تركيــا‪ ،‬وإن هــذا التحالــف‬ ‫يهــدد وحــدة تركيــا وأمنهــا الداخــي الــذي يعتربمــن‬ ‫أهــم الثوابــت أوربيــاً‪ ،‬وإن هــذا التهديــد سيؤثرســلباً‬ ‫عــى أوربــة وبشــكل مبــارش‪ ،‬مــا ســيعطي الذريعــة‬ ‫لألوربيــن بالتدخــل املبــارش يف إدارة اللعبــة الســورية‬ ‫كــركاء‪ ،‬وليــس كالعبــن مســاندين ألمريــكا يف رشق‬ ‫أوســطها الجديــد‪ ،‬وبالتــايل ســتكون أمريــكا مجــرد رشيــك‬ ‫يف إدارة خارطــة املصالــح فيــه‪ ،‬ملــا تتمتــع بــه أوربــة مــن‬ ‫خ ـرات يف املنطقــة وقبــول مــن الالعبــن املحليــن أكــر‬ ‫مــا يحظــى بــه األمريــكان‪.‬‬ ‫أعتقــد أن اللمســات االخــرة عــى تشــكيل الحكومــة‬ ‫الرتكيــة الجديــدة عــى وشــك االنتهاء‪ ،‬وأن هــذه الحكومة‬ ‫ســتحظى بتأييــد املؤسســة العســكرية ومباركتهــا‪ ،‬ولــن‬ ‫يســتاء أردوغــان مــن رشوط القوميــن واســتحواذهم‬ ‫عــى وزارات ســيادية (كالخارجيــة عــى ســبيل املثــال)‬

‫واملعــرف بــه دولي ـاً‪ ،‬مــن خــال التفاهــم مــع اإلتحــاد‬ ‫األوريب وروســيا والســعودية وقطــر‪ ،‬واعتبــاره الرشيــك‬ ‫الســيايس الســوري الــذي ســيوقع معهــا عــى حجــم‬ ‫التدخــل العســكري املبــارش‪ ،‬وأهدافــه املبــارشة والبعيدة‪،‬‬ ‫وســتبارك أمريــكا ذلــك الحقــاً‪.‬‬ ‫‪ _2‬رفــع درجــة املظلوميــة يف املناطــق ذات األغلبيــة‬ ‫العربيــة (تــل ابيــض)‪ ،‬وخصوصـاً عنــد الرتكــان كمكــون‬ ‫أصيــل‪ ،‬ومعــادل للكــرد يف املنطقــة‪.‬‬ ‫‪ _3‬تهيئــة الداخــل الــريك‪ ،‬وتســويق التدخــل العســكري‬ ‫وأهميتــه بالنســبة لوحــدة األرايض الرتكيــة‪ ،‬واحتــواء‬ ‫نــر الحــزب الكــردي وتفريغــه مــن محتــواه االجتامعــي‬ ‫والســيايس‪ ،‬ليبــدو معاديـاً ملصالــح تركيــا العليــا ودســتور‬ ‫وحدتهــا‪.‬‬ ‫الشــك أن نجــاح الحكومــة الرتكيــة الجديــدة يف إدارة‬ ‫هــذه املحــاور‪ ،‬ســيتوج بإمهــار ملــف التدخــل العســكري‬ ‫املبــارش بالتوقيــع الثــاين‪ ،‬لكــن التوقيــع الثالــث والحاســم‬ ‫يرتبــط باجــراءات تقنيــة‪ ،‬وأعتقــد أن أمــام املؤسســة‬ ‫العســكرية ثــاث خيــارات النجــاز األهــداف السياســية‬ ‫مــن هــذا التدخــل العســكري املبــارش‪.‬‬ ‫‪_1‬اجتيــاح منطقــة غــرب كوبــاين‪ ،‬وملســافة مــن ‪ 10‬اىل‬ ‫‪20‬كــم‪ ،‬وبذلــك متنــع متــدد الكوريــدور الكــردي‪ ،‬ووصلــه‬ ‫مبنطقــة عفريــن ذات الغالبيــة الكرديــة‪.‬‬ ‫‪_2‬اجتيــاح منطقــة غــرب كوبــاين والســاح لقــوات مــن‬ ‫املعارضــة باجتيــاح منطقــة تــل أبيــض لطــرد مقاتــي‬ ‫وحــدات الحاميــة الكورديــة منهــا‪ ،‬وبذلــك تعــزل كانتــون‬ ‫كوبــاين عــن غربــه ورشقــه الكــوردي‪.‬‬ ‫‪ _3‬اجتيــاح غــرب ورشق كوبــاين وصــوالً إىل منطقــة رأس‬ ‫العــن رشقــاً‪ ،‬وانشــاء منطقــة عازلــة ابتــداء مــن رأس‬ ‫العــن رشقــاً اىل عفريــن غربــاً‪ ،‬وتــرك كوبــاين تــداوي‬ ‫جراحهــا كمنطقــة مطوقــة باألعــداء ملــروع يهــدد‬ ‫وحــدة ســورية ووحــدة الظهــر الــريك‪.‬‬ ‫يبــدو يل أن كل الخيــارات مفتوحــة للتدخــل العســكري‬ ‫الــريك املبــارشيف الشــال الســوري‪ ،‬وإن ســاعة الصفــر‪،‬‬ ‫أو التوقيــع الثالــث‪ ،‬والبــدء باألعــال العســكرية‬ ‫مرهــون بإجـراءات تفصيليــة‪ ،‬ســيتم حســمها مــع انتهــاء‬ ‫املشــاورات السياســية حــول تشــكيل الحكومــة االئتالفية‪،‬‬ ‫وتقاســم الحقائــب ‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫هل متهد داعش لعودة النظام الحتالل الرقة‪..‬؟‬ ‫معبد الحسون‬ ‫تســار ُع مجريــات األحــداث األخــرة يف‬ ‫تــل أبيــض‪ ،‬واألخبــار التــي تتواتــر حــول نيــة‬ ‫انســحاب داعــش وإعــادة تج ُّم ِع ِهــا يف املناطــق‬ ‫املحيطــة مبحافظــة الرقــة‪ ،‬تبــدو غــر مفهومــة‬ ‫وغــر مــررة مبنطــق الحســابات السياســية‬ ‫والعســكرية‪ ..‬إن داعــش ال تُــ َذ ِّري رأســالَها‬ ‫حصلتــه وحازتــه بخــرط القتــاد‪،‬‬ ‫الــذي َّ‬ ‫وبالتضحيــة بالرجــال واملال والســاح لتنســحب‬ ‫وتتخــى عنــه مبثــل هــذه املجانيــة والســهولة‬ ‫والبســاطة‪ ..‬فــوراء األكمــة مــا ورا َءهــا كــا‬ ‫نحســب‪ ..‬وألمــ ٍر مــا‪َ ..‬جــ َد َع قصــ ٌر أنفَــه‪..‬‬ ‫بدايـةً‪ ،‬ال بــد مــن االفـراض بــأن هنــاك خيــو َط‬ ‫اتصــال وتفاهــات رسيــة غــر معلنــة بــن‬ ‫داعــش وقوات الـــ‪ pyd‬والنظــام‪ ..‬ومــا التحالف‬ ‫وطريانُــه إال متعهــ َد توطئــة األرض وتلديــنِ‬ ‫مــا اســتوعر مــن الطــرق واملســاحات أمــام‬ ‫محررِيــن ومنســحبني مف َرتضــن‪ ..‬ومــن جهــة‬ ‫ثانيــة ال مندوحــة مــن االعـراف بــأن قــوات الـــ‬ ‫‪ pyd‬لــن تذهــب يف تحريرهــا إىل أبعــد مــن‬ ‫حــدود بلــدة عــن عيــى (حــوايل ‪75‬كــم شــال‬ ‫الرقــة ـ ‪25‬كــم جنــوب تــل أبيــض)‪ ،‬وســتبقى‬ ‫يف محيــط منطقــة تــل أبيــض لرتســيم حــدود‬ ‫منطقــة نفوذهــا املفــرض‪ ،‬ولــي ال تــوزع‬ ‫قواتهــا العســكرية وقدراتهــا عــى مســاحات‬ ‫مــن جغرافيــا املحافظــة الكبــرة‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫ســيجعلها‪ ،‬يف حــال افــراض تقدمهــا ألبعــد‬ ‫أقــل شــوك ًة وصالبــ ًة يف‬ ‫باتجــاه الجنــوب‪َّ ،‬‬ ‫الهجــوم والدفــاع‪ ،‬فهــي بذلــك تكــون قــد‬ ‫أنجــزت إنجازيــن مهمــن‪ :‬رســمت حدودهــا‬ ‫االفرتاضيــة مــن جهــة‪ ،‬وقطعــت خــط االتصــال‬ ‫املبــارش مــع حــدود الرقــة برتكيــة‪ ،‬بوصفهــا‬ ‫خــط اإلمــداد الرئيــي والحيــوي ألي جهــة‬ ‫مســلحة معارضــة قــد تفكــر باملغامــرة ومــلء‬ ‫الفــراغ املحتمــل‪ ..‬هــذا فيــا لــو صحــت‬ ‫الفرضيــة األساســية املقــرِرة بــأن داعــش قــد‬ ‫تنســحب مــن الرقــة ـ املدينــة‪ ..‬فجــأة‪ ،‬أو حتــى‬ ‫بعــد اشــتباكات شــكلية مــن بــاب ذر الرمــاد‬ ‫يف العيــون‪..‬‬ ‫بقــي أن نقــول إن داعــش لــن تنســحب مــن‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫أقــ ّر مؤمتــ ٌر للمعارضــة الســورية ُعقــد‬ ‫يف القاهــرة يف ‪ 2015 /6/9‬وثيقـ ًة أطلــق عليهــا‬ ‫«خارطــة الطريــق للعمــل الســيايس التفــاويض‬ ‫مــن أجــل ســورية دميقراطيــة»‪ ،‬يُقــال إن‬ ‫العمــل عليهــا اســتغرق الوقــت منــذ «إعــان‬ ‫القاهــرة مــن أجــل ســورية» يف ‪2015/1/24‬‬ ‫وحتــى إصدارهــا‪ ،‬أي مــا يُقــارب الخمســة‬ ‫أشــهر‪.‬‬ ‫تقــول الخارطــة‪ :‬إنهــا تقــدم «آليــات تنفيــذٍ‬ ‫عملي ـ ٍة قابل ـ ٍة للتحقــق‪ ،‬وقــادر ٍة عــى االنتقــال‬ ‫لتســوية سياســية ‪ ،»...‬وبغــض النظــر عــن‬ ‫مــدى املطابقــة واالختــاف بــن هــذه الخارطــة‪،‬‬ ‫وكل الوثائــق التــي قدمتهــا ســابقاً أغلــب – إن‬ ‫مل يكــن كل – املؤمتــرات التــي عقدتهــا قــوى‬ ‫املعارضــة‪ ،‬فاملبتدئــون يف كليــات العلــوم‬ ‫السياســية يعرفــون أن صياغــة أيــة وثيقــة ‪-‬‬ ‫مهــا يكــن محتواهــا– هــي مــن أكــر األمــور‬ ‫أهميــ ًة وتعقيــدا ً‪ ،‬وتســتغرق الوقــت األطــول‬ ‫يف اإلعــداد‪ ،‬وعــى الصياغــة يعتمــد التفســر‬ ‫ثــم التنفيــذ‪ ،‬وخــر دليــل عــى ذلــك التقريــر‬ ‫الشــهري ملجلــس األمــن الــدويل رقــم ‪ 242‬ومــا‬ ‫تضمنــه مــن عبــارة االنســحاب مــن أر ٍ‬ ‫اض أو‬ ‫األرايض حســب النصــن الفرنــي واإلنكليــزي‪.‬‬ ‫أبســط أخطــاء الصياغــة ‪ -‬مــع أهميتهــا –‬ ‫انتقــال واضعــي الخارطــة بــن صيغتــي املث ّنــى‬ ‫ـاب أي‬ ‫والجمــع‪« :‬فيُــرم الوفــدان‪ ....‬يف ظــل غيـ ِ‬

‫املدينــة بالكليــة كــا نفــرض‪ ،‬وإمنــا ســتقطع‬ ‫املــرور عــر الجرسيــن الوحيديــن اللذيــن‬ ‫يصــان الرقــة بســوريا الجنوبيــة والرشقيــة‬ ‫والغربيــة أو تُلَغ ْمهــا باملتفجـرات‪ ،‬مــع اإلبقــاء‬ ‫عــى ســطوة التهديــد بتفجريهــا قامئــة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫كفــأس مســد ٍد نحــو الــرأس‪ ..‬ولــن تنــى‬ ‫ــف يف الرقــة املرتوكــة‬ ‫داعــش بالطبــع أن ت ُ َخلِ َ‬ ‫رصهــا‬ ‫لف ـرا ٍغ جديــد خالياهــا الرسيــة وعنا َ‬ ‫األمنيــن‪ ،‬الجاهزيــن واملجهزيــن لتنفيذ كل‬ ‫ـب منهــم عنــد الــرورة يف حــال‬ ‫أمـ ٍر يُطلَـ ُ‬ ‫االنســحاب‪ ..‬فــإذا تركــت النهـ َر بينهــا وبــن‬ ‫املدينــة كخــط قتــال أول ومتــاس مبــارش‪،‬‬ ‫فإنهــا تكــون قــد أ َّمنــت لنفســها وضعــاً‬ ‫اســراتيجياً خطــرا ً ويف منتهــى الحصانــة‪،‬‬ ‫خصوص ـاً بأنهــا ســوف تأخــذ أك ـراد الرقــة‬ ‫معهــا كرهائـ َن أو دروع برشيــة إىل مناطــق‬ ‫نفوذهــا يف تدمــر والباديــة الســورية‪،‬‬ ‫ـب يف حســابات نقــاط‬ ‫وهــذا أيض ـاً ســوف يصـ ُّ‬ ‫ـب لهــا‪ ..‬كــا أن الرقــة التــي‬ ‫القــوة التــي ت َ‬ ‫ُحسـ ُ‬ ‫تــم نه ُبهــا عــر موجــات احتــال متتاليــة‪ ،‬قــد‬ ‫أصبحــت قاعــاً صفصفــاً وأرضــاً بــوارا ً‪ ،‬ليــس‬ ‫ـب‬ ‫فيهــا ألي فاتـ ٍح جديـ ٍـد إغـرا ٌء وال مطمـ ٌع بنهـ ٍ‬ ‫كســب‪ ..‬عــى األخــص مــا يتصــل مبخــزون‬ ‫أو‬ ‫ٍ‬ ‫الحنطــة االسـراتيجي املخــزون يف الرقــة‪ ،‬والذي‬ ‫كان يكفــي ســوريا ـ قبــل انــدالع الثــورة ـ ملــدة‬ ‫ال تقــل عــن خمــس ســنوات قادمــة يف عراءاتهــا‬ ‫وصوامــع حبوبهــا‪ ..‬إن الرقــة اليــوم‪ ،‬أو مــا‬ ‫تبقــى مــن بقايــا أهلهــا ونســيجها االجتامعــي‬ ‫واالقتصــادي وحتــى النفــي‪ ،‬قــد اســتحالت‬ ‫إىل شــبه جثــة هامــدة‪ ،‬بينــا التمركــز ابتــدا ًء‬ ‫مــن منطقــة الكـرات جنــوب النهــر‪ ،‬وامتــدادا ً‬ ‫إىل َمســك الطريــق الــدويل الــذي يصــل‬ ‫حلــب بديــر الــزور‪ ،‬فهــو بالتــايل يصــل ســوريا‬ ‫الداخليــة والغربيــة بســوريا الرشقيــة‪ ،‬ليــس‬ ‫بحاجــة إىل التذكــر بــأن الجنــوب املفتــوح‬ ‫عــى كامــل الباديــة‪ ،‬واملتصــل بصحـراء العـراق‬ ‫ومعظــم مــدن ســوريا وصــوالً إىل األردن‪،‬‬ ‫هــو أقــوى مفاتيحهــا التــي ســتحتفظ بهــا‬ ‫وتحافــظ عليهــا‪ ..‬هــذا التمركــز ســوف مينــح‬ ‫داعــش موضــع إعــادة توزيــع جديــد لقواهــا‪،‬‬

‫وهــو أصلــب مــن الوضــع الحــايل الــذي هــي‬ ‫عليــه‪ ،‬ناهيــك عــن أنهــا ســتظل قابض ـ ًة عــى‬ ‫ســد الف ـرات بحيــث تظــل متحكمــة مبصــادر‬ ‫الطاقــة الرئيســية‪ :‬املــاء والكهربــاء‪..‬‬ ‫هنــا ســوف تتشــكل لدينــا خارطــة جديــدة‬ ‫عــى هيئــة كامشــة‪ ،‬طرفُهــا الجنــويب داعــش‬ ‫وطرفهــا الشــايل قــوات الـــ‪ ،pyd‬والتــي ال‬

‫أعتقــد أنهــا ســوف تتجــاوز خــط عــن عيــى‪،‬‬ ‫كآخــر نقطــة متــاس يف القتــال‪ ،‬حيــث س ـ ُيرتك‬ ‫الجيــش الحــر املتحالــف واملقاتــل معهــا ليقــع‬ ‫يف قلــب الكامشــة‪ ،‬أو يت َغ ـ َول يف هــذا الثقــب‬ ‫األســود الــذي يتــم تصنيعــه واإلرشاف عــى‬ ‫بلورتــه بالتوافــق مــع التحالــف‪ ،‬وبعبــارة أدق‬ ‫مــع الواليــات املتحــدة ح ـرا ً‪ ..‬والتــي تهــدف‬ ‫مــن هــذا الســيناريو كلِّــه إىل إعــادة تحســن‬ ‫رشوط التفــاوض مــع النظــام باالتفــاق والتوافق‬ ‫مــع إيــران وروســيا‪ ..‬هكــذا ســوف يفتــح‬ ‫الف ـراغ الــذي ســترتكه داعــش عــى مصاريعــه‪،‬‬ ‫كهــوة فاغــرة‪ ،‬البــاب ملــلء الشــقوق‪ ،‬ولســوف‬ ‫يســتدعي حاجــة املحافظــة ـ مدني ـاً وعســكرياً‬ ‫ـ إىل الحاميــة والرعايــة‪ ،‬بحيــث يُ ْســلَم مــن‬ ‫تبقــى مــن ســكان الرقــة إىل قــد ٍر مصــري‬ ‫يســتدعي قــوة ســيطرة جديــدة أو (احتــال‬ ‫جديــد) تقــوم عــى حاميــة ورعايــة مصالــح‬ ‫الســكان‪ ،‬وتلبــي احتياجاتهــم ولــو يف الحــدود‬ ‫الرضوريــة الدنيــا‪..‬‬ ‫كل ذلــك أن يصبــح ســكا ُن املدينــة‬ ‫الغــرض مــن ِّ‬ ‫يف حالــة‪ ،‬ويف وضــعِ تهيئــة واســتعدا ٍد لتقبــل‬ ‫تلــك الســيطرة‪ ،‬وهــو األمــر الــذي لــن تســتطيع‬ ‫أيــة قــوة أخــرى عــى َملئــه ســوى قــوات‬

‫النظــام كــا أعتقــد‪ ،‬وذلــك لســبب بســيط‪،‬‬ ‫هــو أن أيــة قــوة أخــرى ســتغامر بالدخــول‬ ‫إىل مدينــة الرقــة ســوف تقــع يف فــخ الكامشــة‬ ‫التــي تحدثــت عنهــا‪ ،‬وســتكون يف موقــع‬ ‫القــوة املقطوعــة الصلــة واقع ـاً بــكل خطــوط‬ ‫امداداتهــا مــن كل الجهــات‪ ،‬وهــو األمــر الــذي‬ ‫ســوف يجعــل مــن قــوى الجيــش الحــر‪ ،‬ســوا ٌء‬ ‫كان تحالفُهــا مــع القــوات الكرديــة شــكلياً‬ ‫أم بنيويــاً‪ ،‬مضطــرة للدخــول يف حــرب‬ ‫«داعــش والغـراء»‪ ،‬ويف أســوأ رشوط قتــا ٍل‬ ‫ســوف متــ ُّر بهــا‪ ..‬وقــد يكــون التهديــد‬ ‫بإنهائهــا بطــران النظــام متهيــدا ً القتحــام‬ ‫الرقــة أول إنــذارات تلــك املخاطــر وليــس‬ ‫آخ َرهــا‪ ،‬وقبــل أن تُحســ َم املعركــة بــن‬ ‫غرفــة عمليــات بــركان الفــرات وداعــش‪.‬‬ ‫ـرض التدخــل ومــل َء الف ـراغ‬ ‫أمــا ملــاذا نفـ ُ‬ ‫مــن قبــل النظــام (وأظــن أنــه قــد ين ِج ـ ُز‬ ‫مثــل هــذه الخطــوة بالتعــاون مــع قــوات‬ ‫إيرانيــة)‪ ،‬خاصــة وأن النظــام بــات يعيــش‬ ‫واقعيــاً مرحلــة التخــي عــن معظــم مواقعــه‬ ‫يف ســائر الجغرافيــة الســورية‪ ،‬ومــع عــدم‬ ‫وجــود مــؤرشات عــى األرض تنبــئ بتقدمــه‬ ‫املفــرض هــذا‪ ،‬فــإن أســباب هــذا االفــراض‪،‬‬ ‫يف حــال حصولــه‪ ،‬ســوف تنحــر ال يف إعــادة‬ ‫تأهيــل النظــام وبســط نفــوذه شــبه املســتحيل‬ ‫عــى بعــض الجغرافيــا التــي خرسهــا‪ ،‬أو هــو‬ ‫يخرسهــا يوميـاً‪ ،‬بــل يف دافعــن أساســيني تعمل‬ ‫عليهــا القــوى الدوليــة املتدخلــة واملتحكمــة‬ ‫بالشــأن الســوري‪ :‬األول إنــه‪ ،‬بهــذه الخطــوة‪،‬‬ ‫ســيكون قــد فتــح خطــوط اتصاالتــه املقطوعــة‬ ‫مــع ُجــ ُزر قطعاتــه العســكرية املتناثــرة يف‬ ‫الحســكة‪ ،‬يف الشــال الرشقــي‪ ،‬وأعــاد اتصالــه‬ ‫بهــا‪ ..‬وأعــاد اتصالــه مــع نفــس الجــزر‬ ‫املقطوعــة يف الــرق‪ ،‬حيــث مطــار ديــر الــزور‬ ‫وكل‬ ‫وبقيــة قواتــه يف أقــى رشق ســوريا‪ُّ ..‬‬ ‫ذلــك ال ميك ُنــه أن يت ـ َّم أو ميــرر دون التنســيق‬ ‫والتخطيــط املشــرك بينــه وبــن داعــش‪ ..‬وكــا‬ ‫جــرت عليــه العــادة يف مواقــع أخــرى مــن‬ ‫ســوريا‪ ..‬كــا أنــه ســوف يؤمــن خــط اتصــال‬ ‫مبــارش وجديــد مــع جبهــة حلــب التــي وهنــت‬

‫قــواه فيهــا وتضعضعــت‪ ،‬فضـاً عــن أنــه ســوف‬ ‫يجــد يف الحليفــن الطبيعيــن‪ :‬الشــايل قــوات‬ ‫الـــ‪ ،pyd‬والجنــويب‪ :‬مقاتــي داعــش‪ ،‬ســندا ً‬ ‫حــاص‪ ،‬أو أن‬ ‫قويــاً وجــرا ً مين ُعــه مــن أن يُ َ‬ ‫تنقطــع بــه الســبل مــع قــواه املحيطــة‪ ..‬وبهــذا‬ ‫املعنــى‪ ،‬وضمــن هــذا الســياق‪ ،‬يجــب أن‬ ‫يُفهــم إق ـرار وتوقيــع الفصائــل املقاتلــة التــي‬ ‫خضعــت لربنامــج التدريــب األمــريك‪ ،‬أو مــا‬ ‫ُســمي باملعارضــة املعتدلــة‪ ،‬بالتعهــد أن يكــون‬ ‫برنامــج التدريــب محصــورا ً يف قتــال داعــش‬ ‫فقــط‪ ،‬ودون أي الت ـزام بقتــال النظــام‪ ..‬أي أن‬ ‫يكــون التخــي عــن مــد غرفــة عمليــات بــركان‬ ‫الفـرات بغطــاء جــوي قانونيـاً ومرشوعـاً‪ ..‬إنهــا‬ ‫لحظــة الحقيقــة التــي ســوف يُســلَمون فيهــا‬ ‫إىل قدرهــم املجهــول‪..‬‬ ‫أمــا الدافــع الثــاين‪ ،‬كــا ذكــرت آنفــاً‪ ،‬فهــو‬ ‫إعــادة تحســن مواقــع النظــام ورشوط مــا‬ ‫تبقــى مــن وجــوده املــردي عســكرياً وسياســياً‬ ‫قبــل انعقــاد مؤمتــر الريــاض‪ ..‬لهــذا كلــه‬ ‫مل يكــن طارئــاً عاديــاً وال صدفــ ًة رشودا ً أن‬ ‫ــل ترصيحــات موفــد مؤمتــر القاهــرة إىل‬ ‫تُح َم َ‬ ‫تــل أبيــض عــى محمــل التســويق اإلعالمــي‬ ‫ــر بــأن مــا حــدث يف تــل أبيــض ـ رغــم‬ ‫املُبَ ِّ‬ ‫كل االنتهــاكات املوثقــة ـ هــو تحريـ ٌر بتعاريــف‬ ‫التحريــر ال بتعاريــف االحتــال‪ ..‬وأن األمــور‬ ‫يف تــل أبيــض قــد جــرت بالسالســة املطلوبــة‬ ‫والقبــول الكبــر مــن األهــايل‪ ..‬وذلــك متاشــياً‬ ‫مــع مــا ســوف يرتتــب عــى هــذا التحريــر مــن‬ ‫خطــوات إجرائيــة وتفاوضيــة الحقــة‪ ،‬والــذي‬ ‫جــاء مؤمتــر القاهــرة‪ ،‬كبالــون اختبــار أو متهيــد‬ ‫وتقدمــة اختباريــة‪ ،‬لســر قــدرات وقبــوالت كل‬ ‫قــوى النظــام واملعارضــة عــى األرض‪ ،‬وإعــادة‬ ‫موضعتهــا بالشــكل املطلــوب دوليــاً إلنضــاج‬ ‫رشوط املفاوضــة عــى تأســيس جســم جامــع‬ ‫لجميــع األط ـراف‪ ،‬يكــون النظــام أحــد أركانــه‬ ‫األساســيني‪ ،‬وبالتــايل للوفــاء والرتضيــة بالــروط‬ ‫اإليرانيــة والروســية وتلبيتهــا يف تدعيــم مركــزه‬ ‫التفــاويض يف مؤمتــر الريــاض القــادم‪ ..‬وذلــك‬ ‫مــن خــال هــذا التمــدد الــذي تعــود الرقــة‬ ‫مــن جديــد لتلعــب دور حقــل التجربــة فيــه‪..‬‬

‫قراءة يف اخلارطة‪...‬‬ ‫قــد ٍر مــن االتفــاق بــن أطـراف التفــاوض‪ ..‬مــن‬ ‫هنــا رضورة إقـرار الطرفــن‪ ...‬اإلعــان عن وقف‬ ‫الــراع املســلح مــن قبــل جميــع األطــراف‪..‬‬ ‫ولصعوبــة وقــف األعــال العســكرية بــإرادة‬ ‫املتقاتلــن الســوريني‪ ..‬مــن الــروري أن يتــ ّم‬ ‫ضــان أي اتفــاقٍ بــن الجانبــن‪( »..‬وغــر ذلــك‬ ‫كثــر)‪ .‬فــإذا كنــا قــد عرفنــا الوفديــن‪ ،‬فمــن‬ ‫هــم جميــع األطــراف؟ وهــل هــم ممثَلــون‬ ‫يف عمليــة التفــاوض؟ وإىل جانــب الوفديــن‬ ‫أو ضمنهــا؟ ومــا معنــى إرشاف فريــق األمــم‬ ‫املتحــدة عــى وقــف الـراع إذا كان سـ ُينرش يف‬ ‫املناطــق التــي سـتُعلن اســتجابتها «للتجميــد»‬ ‫حــل محــل «الوقــف»؟ وإذا ســلّمنا أن‬ ‫الــذي ّ‬ ‫لألط ـراف اإلقليميــة والدوليــة املعنيــة بالفقــرة‬ ‫‪ 2‬مــن «إجــراءات تهيئــة املنــاخ للتســوية‬ ‫السياســية» ســلط ًة عــى املقاتلــن‪ ،‬فمــن هــي‬ ‫الجهــة ســتطلب منهــا – كــا يســتوجب الحــال‬ ‫ـرض عليهــا أن تلتــزم وتحــرم وتنفــذ؟‬ ‫– الفـ َ‬ ‫وفيــا يخــص «التجميــد والوقــف» فهــل‬ ‫نبتعــد عــن مرامــي واضعــي الخارطــة إذا قلنــا‪:‬‬ ‫إنهــم يســتلهمون املبــادرة القدميــة للســيد‬ ‫دميســتورا التــي مل يعــد هــو نفســه متمســكاً‬ ‫بهــا؟ بــل إن ترصيحاتــه األخــرة بعــد جــوالت‬ ‫القاهــرة‪ ،‬ذهبــت إىل مــا ال تريــد الخارطــة‬ ‫الذهــاب إليــه‪ ،‬مــن وجــوب خــروج األســد‬ ‫مــن الســلطة‪ ،‬لــي ميكــن الوصــول إىل الحــل‬ ‫الســيايس‪ ،‬وأن خروجــه لــن يكــون إال بالقــوة‬

‫التــي يجــب أن متارســها الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫خــارج إطــار مجلــس األمــن لتفــادي الفيتــو‬ ‫الــرويس‪ ،‬أي أن دميســتورا يتجــه إىل عــدم‬ ‫اســتبعاد الحــل العســكري الــذي يقــرر واضعــو‬ ‫الخريطــة أنــه مســتحيل‪.‬‬ ‫وهنــا‪ ،‬إذا كانــت مقولــة اســتحالة الحســم‬ ‫ي الصناعــة والتســويق‪،‬‬ ‫العســكري منتجـاً أمريـ َ‬ ‫منــل مــن لَ ْوكــه‬ ‫فلــاذا نشــريه نحــن وال ُّ‬ ‫وعلكــه؟ أليــس مجــر ُد تبنــي هــذه املقولــة‪،‬‬ ‫ممــن يعتــرون أنفســهم قامئــن عــى الثــورة‪،‬‬ ‫ومتحدثــن باســمها‪ ،‬وراســمني ملســتقبلها‪،‬‬ ‫وواضعــن لخرائطهــا إحباطــاً ملعنويــات‬ ‫مقاتليهــا‪ ،‬وتســفيهاً لكفاحهم‪ ،‬وإهانـ ًة لدمائهم‬ ‫التــي أُريقــت يف ســبيلها؟ أليســت رســال ًة إليهــم‬ ‫بــأن مــا يقومــون بــه ال طائـ َـل منــه وال فائــدة؟‬ ‫مــع أن الوقائــع عــى األرض تثبــت العكــس‬ ‫متامــاً‪ ،‬فالنظــام يرتاجــع وينهــزم ويخــر‪،‬‬ ‫والثــوار يتقدمــون وينتــرون ويربحــون‪ ،‬إذن‬ ‫فالحســم العســكري ليــس مســتحيالً‪ ،‬وإمنــا‬ ‫هــي مواقــف واضعــي الخارطــة‪ ،‬ومــن هــم‬ ‫ـوى محليــة‬ ‫عــى شــاكلتهم‪ ،‬وانجرا ُرهــم وراء قـ ً‬ ‫وإقليميــة ودوليــة لهــا مصالحهــا الخاصــة‪ ،‬عــى‬ ‫حســاب مصالــح شــعبنا‪ ،‬مــا جعلــت طريــق‬ ‫الوصــول إليــه طويــاً ال مســتحيالً‪.‬‬ ‫تتوجــه الخارطــة إىل الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وإىل املجتمــع الــدويل‪ ،‬عــى الرغــم مــن تناقــض‬ ‫موقفيهــا‪ ،‬فالشــعب الســوري يريــد الخــروج‬

‫ـي فيــه‪ ،‬واملجتمــع‬ ‫مــن أخــدود النــار الــذي ُرمـ َ‬ ‫الــدويل املتخــاذل والســاكت عــى مامرســات‬ ‫النظــام اإلجراميــة‪ ،‬يصــب الزيــت عــى هــذه‬ ‫النــار‪ .‬وليــس واضح ـاً هنــا مــا إذا كان النظــام‬ ‫يقــع ضمــن دائــرة الشــعب الســوري‪ ،‬وإذا كان‬ ‫األمــر كذلــك‪ ،‬أليــس مــن املهزلــة أن يُطلــب‬ ‫منــه أن يتفــاوض عــى زوالــه‪ ،‬وهــو صاحــب‬ ‫الشــعار الشــهري «األســد أو نحــرق البلــد»؟‬ ‫وكيــف ميكــن الحفــاظ عــى الدولــة الســورية‬ ‫بكامــل مؤسســاتها التــي صنعهــا النظــام عــى‬ ‫مقاســه‪ ،‬وثــار الشــعب عــى أهــم مؤسســتني‬ ‫منهــا‪ ،‬وهــا األجهــزة األمنيــة القمعيــة‬ ‫والجيــش العائــي‪ ،‬ثــم يُطلــب منــه أن يكــون‬ ‫مــن أهدافــه الحفــاظ عليهــا «كاملتــن» مــع‬ ‫إقـرار واضعــي الخارطــة بــ»اســتحالة اســتمرار‬

‫منظومــة الحكــم الحاليــة‪ ،‬التــي ال مــكان لهــا‬ ‫ولرئيســها يف مســتقبل ســورية» يف الوقــت‬ ‫نفســه؟؟‬ ‫وضــع الواضعــون الخارطــة‪ ،‬فــا بــال الذيــن‬ ‫تدارســوها‪ ،‬وحــروا النقاشــات حولهــا؟ أمل‬ ‫يــروا إىل مــا فيهــا مــن غثاثــة؟ أم أن ذلــك ليــس‬ ‫بــذي قيمــة عنــد هــواة املؤمت ـرات؟‬ ‫أيهــا الســادة واضعــي الخرائــط‪ :‬إنكــم‬ ‫تســرون يف طريــق ليــس فيهــا إشــارات مــرور‬ ‫تنتهــي بكــم إىل قــرع البــاب الخطــأ‪ ،‬وإن مل‬ ‫تســتعملوا البوصلــة لتصحيــح املســار‪ ،‬فقــد‬ ‫ابتُلينــا بكــم‪ ،‬وبخرائطكــم كــا ابتُلينــا بالنظــام‬ ‫متام ـاً‪ .‬عزاؤنــا أن هــذه املحنــة َمطْ َه ـ ٌر‪ ،‬نرجــو‬ ‫أن يُخلّصنــا مــن األوشــاب‪ ،‬وإنّــا للــه وإنّــا إليــه‬ ‫راجعــون‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫متى سريحل الطاغية؟‬

‫* أحمد الحديدي‬ ‫متــى ســرحل الطاغيــة؟ ســؤال بســيط‬ ‫ظللــت أردده مــدة خمــس ســنوات‬ ‫متتاليــة عــى أصدقــايئ يف العمــل وجرياين‬ ‫وأصدقــايئ الســوريني وكيل أمــل أن أجــد‬ ‫إجابــ ًة شــافي ًة لديهــم‪ ،‬كل مــرة أطــرح‬ ‫الســؤال عليهــم أجــد حزنـاً ووجومـاً عــى‬ ‫الوجــوه‪ ،‬ولســان حالهــم يقــول ال بــد أن‬ ‫يرحــل لكننــا ال نعــرف متــى‪ ،‬وال نجــد‬

‫إجابــة عــى ســؤالك‪.‬‬ ‫مل أيــأس مــن ترديــد الســؤال عــى كل‬ ‫مــن قابلــت‪ ،‬وداخــي يقــن أن الليــل‬ ‫مهــا طــال ال بــد لــه مــن نهــار‪ ،‬ومهــا‬ ‫طالــت الغمــة ال بــد مــن فــرج قريــب‬ ‫يتبعهــا‪ .‬باملصادفــة التقيــت املتحــدث‬ ‫باســم الخارجيــة األمريكيــة يف منطقــة‬ ‫الخليــج وســألته الســؤال ذاتــه متــى‬ ‫يرحــل األســد؟ لكنــه أجابنــي إجابــة‬ ‫دبلوماســية ملتويــة ال تســمن وال تغنــي‬ ‫مــن جــوع‪ ،‬وهــي أنــه ال بــد مــن أن تلتزم‬ ‫األطــراف كافــة مببــادئ مؤمتــر جنيــف‪،‬‬ ‫وال بــد مــن إيجــاد تســوية سياســية تُلــزم‬ ‫األطـراف جميعهــا بوقــف القتــال! كيــف‬ ‫بعــد مــرور خمــس ســنوات مــن القتــل‬ ‫والتدمــر والترشيــد نطالــب الطاغيــة‬ ‫بالرضــوخ للمطالــب الدوليــة والقبــول‬ ‫بالتســوية السياســية يك يخــرج ســاملاً‬

‫بعــد كل الجرائــم التــي ارتكبهــا يف حــق‬ ‫شــعبه؟‪.‬‬ ‫الصدمــة الكــرى كانــت عندمــا وصلنــي‬ ‫تقريــر صــادر عــن املفوضيــة العليــا‬ ‫لألمــم املتحــدة لشــؤون الالجئــن تحــذر‬ ‫فيــه مــن أن النــزوح العاملــي الناتــج‬ ‫عــن الحــروب والرصاعــات واالضطهــاد‬ ‫قــد ســ ّجل أعــى مســتوياته وأن أعــداد‬ ‫النازحــن ســجلت رق ـاً قياســياً يف العــام‬ ‫‪ 2014‬يصــل إىل حــوايل ‪ 60‬مليــون‬ ‫شــخص‪.‬‬ ‫كــا أورد التقريــر ‪ -‬وهــذا هــو األهــم‬ ‫ أن الــراع الســوري يعتــر أحــد أكــر‬‫العوامــل وراء هــذه الزيــادة‪ ،‬إذ بلغــت‬ ‫أعــداد الالجئــن الســوريني ‪ 3.9‬مليــون‬ ‫شــخص‪ ،‬يف حــن بلغــت أعــداد النازحــن‬ ‫داخــل البــاد حــوايل ‪ 7.6‬مليــون شــخص!‬ ‫يــا اللــه أرقــام مفزعــة ومخيفــة والضمــر‬

‫اإلنســاين العاملــي مــا زال يشــجب أعــال‬ ‫النظــام الوحشــية دون أن يتدخــل‪..‬‬ ‫أيــن حقــوق اإلنســان؟ أيــن الضمــر‬ ‫البــري؟ متــى ســتتحرك األمــم املتحــدة‬ ‫لوقــف النزيــف الســوري املســتمر؟ هــل‬ ‫تنتظــرون حتــى يقــي الطاغيــة عــى‬ ‫شــعبه ثــم تتدخلــون؟‬ ‫إن الجرائــم الوحشــية التــي ارتكبهــا‬ ‫النظــام بحــق مواطنيــه لــن تثني الشــعب‬ ‫الســوري عــن مواجهــة الطاغيــة‪ ،‬ولــن‬ ‫متنعــه مــن حــب الحيــاة‪ ،‬ولــن تتمكــن‬ ‫مــن القضــاء عــى مســتقبله‪ ،‬بــل هــي‬ ‫دافــع قــوي لــكل ســوري أن يعمــل‬ ‫ويجتهــد ويقــاوم بــكل مــا ميلــك يك تعــود‬ ‫بــاده إىل مكانتهــا املرموقــة‪ ،‬وصدقــوين‬ ‫ســرحل الطاغيــة قريبــاً بــإذن اللــه‪.‬‬ ‫* مذيع وإعالمي مصري‬

‫التوبة يف املفهوم الوطين‬

‫أحمد الرمح‬ ‫ـن‬ ‫مــن رحمــة اللــه ســبحانه وتعــاىل باإلنســان؛ أن مـ َّ‬ ‫عليــه بحيــث لــو انطفــأت بطريقــه مصابيــح األمــل‬ ‫كلهــا؛ فــإن اللــه ســبحانه يبقــي لــه مصباحــاً؛ لــن‬ ‫ينطفــئ حتــى ميــوت اإلنســان؛ إنــه مصبــاح التوبــة‪.‬‬ ‫ولكــن يجــب أن نعــرف بــأن التوبــة ليســت مجــرد‬ ‫كلــات (نتمتمهــا) ويرددهــا لســاننا ع ـرات امل ـرات؛‬ ‫لنصبــح تائبــن! هــذا تصغــر ألمــر عظيــم؟ إمنــا هــي‬ ‫يف املنهــج اإلميــاين تتمثــل مبراجعــة النفــس البرشيــة‬ ‫إلدراكهــا ووعيهــا باألشــياء مــن حولهــا‪ ،‬ومحاولــة‬ ‫تطويــر مــدارك العقــل البــري؛ حتــى يصــل إىل تقويــم‬ ‫ســلوكياته الخاطئــة‪ ،‬وأيضـاً نخطــئ إن حرصنــا مفهــوم‬ ‫التوبــة مبــن هــم خــارج دائــرة اإلميــان فقــط‪ ،‬إمنــا‬ ‫هــي أوالً وأوىل ألهــل اإلميــان‪ ،‬الذيــن تش ـ ّذ عقولهــم‬ ‫عــن فهــم رســالة اإلميــان‪ ،‬فتنحــرف ســلوكياتهم عــن‬ ‫رصاطــه‪.‬‬ ‫ولذلــك خاطــب تعــاىل أهــل اإلميــان حتــى ال يقعــوا‬

‫ـن‬ ‫فريســة هــذا املفهــوم الخاطــئ بقولــه (يــا أَيُّ َهــا ال َِّذيـ َ‬ ‫آ َم ُنــوا ت ُوبُــوا إِ َل اللَّــ ِه ت َ ْوبَــ ًة ن َُّصو ًحــا) (التحريــم‪)8/‬‬ ‫وبالتــايل مــن مفاهيــم التوبــة هــي مراجعــة اإلنســان‬ ‫لقلبــه وعقلــه ليقــوم ويق ّيــم فكــره وســلوكه‪ ،‬ولقد كان‬ ‫الرســول صــى اللــه عليــه وســلم أكــر النــاس مراجعــة‬ ‫ــن‬ ‫لنفســه ومحاســبة لهــا‪ ،‬ودعانــا إىل ذلــك فعــن ابْ َ‬ ‫ُع َم ـ َر أَنَّ ـ ُه َس ـ ِم َع َر ُسـ َ‬ ‫ـول اللَّ ـ ِه َصـ َّـى اللَّ ـ ُه َعلَ ْي ـ ِه َو َس ـلَّ َم‬ ‫َ‬ ‫يَ ُقـ ُ‬ ‫ـوب إِلَيْـ ِه‬ ‫ـاس ت ُوبُــوا إِ َل َربِّ ُكـ ْم فَـ ِإ ِّن أتُـ ُ‬ ‫ـول يَــا أَيُّ َهــا ال َّنـ ُ‬ ‫ِف الْيَ ـ ْومِ ِمائَ ـ َة َم ـ َّر ٍة (مســند أحمــد)‪.‬‬ ‫ونحــن اليــوم منــر بأخطــر محنــة يشــهدها وطننــا!‬ ‫ألســنا جميعـاً مدعويــن لتوبــة حقيقيــة؟ حتــى نراجــع‬ ‫فيهــا أنفســنا وعقولنــا وقلوبنــا وســلوكياتنا‪ ،‬لنعــرف‬ ‫أيــن أصبنــا فنتابــع؟ وأيــن اخطأنــا لرناجــع؟‬ ‫أليــس مطلوبــاً مــن تيــارات وتكتــات ومجاميــع‪..‬‬ ‫أن تعيــد النظــر يف منــط تفكريهــا وأســلوب عملهــا‪...‬‬ ‫ملصلحــة الوطــن والنــاس‪ ...‬أليــس يف االئتــاف مجموعة‬ ‫رشــيدة تقــول‪ :‬لقــد أســأنا التــرف يف مســار الثــورة؟!‬

‫وعلينــا أن نجمــع شــتاتنا ونتوحــد مــن تفــرق؟ حتــى‬ ‫نخفــف مــن آالم املســتضعفني مــن نازحــن ومهجريــن‬ ‫ومرشديــن؟!‪.‬‬ ‫أليــس حريــاً بكثــر مــن الكتائــب الثوريــة أن تقــف‬ ‫موقفــاً أخالقيــاً مــع املجتمــع لتقــول لقــد أســأنا‬ ‫التــرف؟؟‪.‬‬ ‫أمل يــأت الوقــت لــي نعــرف بأننــا أخطأنــا ثوري ـاً يف‬ ‫إدارة هــذه األزمــة‪ ..‬وســقطنا سياســياً يف قيادتهــا‪ ..‬أم‬ ‫ســنبقى مرصيــن عــى هــذا اإلثــم الثــوري؛ غــر مبالــن‬ ‫بهــذا الشــعب املســكني؛ ألــن تــأيت لحظــة الرشــد‬ ‫الســيايس؛ لندعــو جميعــاً إىل مؤمتــر وطنــي جامــع‬ ‫يفكــر بعقالنيــة سياســية؛ يعمــل عــى فهــم الواقــع‬ ‫ليخــرج بخارطــة طريــق تنقــذ مــا تبقــى مــن هــذا‬ ‫الوطــن املكلــوم؟ أم ســنبقى مســتكربين عــى ثقافــة‬ ‫التوبــة الجامعيــة‪ ،‬هــل نتــوب مــن أخطائنــا؟؟؟ ونعيــد‬ ‫التفكــر بآليــات عملنــا بعــد أن دفــع هــذا الشــعب مثناً‬ ‫باهظـاً؛ اللهــم اجعلنــا مــن التوابــن ومــن املتطهريــن‪.‬‬

‫أين هي الدميقراطية؟!‬ ‫هائل حلمي سرور‬ ‫األخــذ باألســباب هــي أهــم مصــادر‬ ‫املعرفــة والبحــث إن كان هــذا عــى‬ ‫الصعيــد العلمــي أم الســيايس‪ ،‬أو الثقــايف‬ ‫واالجتامعــي‪ ،‬وإذا مــا رشعنــا بتفصيــل‬ ‫جزئيــات وتركيبــات كل مصطلــح ســيايس‬ ‫حتــاً ســنصل إىل املدلــول واملفهــوم‬ ‫العامــن‪.‬‬ ‫مصطلــح الدميقراطيــة‪ ،‬هــو مصطلــح‬ ‫شــائع يف تعريفــه النظــري‪ ،‬ولكنــه غــر‬ ‫ملمــوس بتعريفــه العمــي التطبيقــي‪ .‬قــد‬ ‫يعــرض أحدهــم ويــرر العكــس بوجــود‬ ‫بلــدان تعتمــد يف نظامهــا عــى تطبيــق‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬والدليــل حســب مفهومهــم‪:‬‬ ‫مــا يســمعونه ويرونــه عــن تلــك البلــدان‪،‬‬ ‫وعندمــا تــأيت وتناقشــهم يف مــدى تطبيــق‬ ‫الدميقراطيــة عــى أرض الواقــع‪ ،‬أي أقصــد‬ ‫فصلــت عــى املقــاس النظامــي للبلــد‪،‬‬ ‫هــل ّ‬ ‫وهــل تأقلــم ممــن هــم بعيــدون عــن‬ ‫مفهومهــا الصحيــح وال تعنيهــم بــيء؟‬ ‫آخذيــن بعــن االعتبــار وجــود أحــزاب‬ ‫سياســية يتضمــن برنامجهــا وخطابهــا‬ ‫السياســيني أســس الدميقراطيــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫مرشوعهــا قــد يتعــارض مــع مــا هــو‬ ‫منســوب للدميقراطيــة وال يتناســب مــع‬ ‫أيديولوجيتهــا‪ ،‬والســبب أن مصالحهــا‬ ‫تلعــب دورا ً كبــرا ً يف مــدى تقبلهــا أو‬

‫عدمــه‪.‬‬ ‫لهــذا فالتعريــف الشــائع للدميقراطيــة‪:‬‬ ‫«هــو حكــم الشــعب نفســه بنفســه»‪ ،‬وإذا‬ ‫مــا أســقطنا هــذا التعريــف يف بدايــة األمــر‬ ‫عــى دول العــامل الثالــث (الــدول الناميــة)‪،‬‬ ‫فالدميقراطيــة ال تعنــي لهــم شــيئاً ســوى‬ ‫أنهــا عطــر كباقــي العطــور املصنعــة يف‬ ‫الــدول املتطــورة يف صناعــة هــذا العطــر‪.‬‬ ‫مــا أود قولــه إن الدميقراطيــة روح قبــل‬ ‫أن تكــون جســدا ً‪ ،‬والجســد عندمــا يفقــد‬ ‫الــروح‪ ،‬تغيــب عنــه الحيــاة‪ ،‬والشــعوب‬ ‫التــي تطمــح للدخــول يف ركــب الدميقراطية‬ ‫قــد ال تتمكــن مــن عمليــة التطبيــق‬ ‫بالشــكل املطلــوب‪ ،‬لذلــك عليهــا أن‬ ‫ترســم منهجــاً فكريــا وأيديولوجيــاً مــع‬ ‫ترســيخ مفهــوم القناعــة والرغبــة واإلرادة‬ ‫يف تقمــص روح جديــدة أكــر جاذبيــة‬ ‫للجســد‪ ،‬وتتمكــن مــن ضــخ دمــاء جديــدة‬ ‫تســتطيع مــن خاللهــا أن تبــث يف النفــوس‬ ‫روح العدالــة وتعــزز مقولــة إحقــاق الحــق‬ ‫وإغنــاء املجتمــع بــكل مقومــات الحيــاة‬ ‫الصحيحــة‪.‬‬ ‫إذ مــا عدنــا لتمحيــص مفهــوم الدميقراطيــة‬ ‫ضمــن إطارهــا العــام والخــاص نجــد أننــا‬ ‫قــد أغفلنــا إدراك ومعرفــة أمــر يف غايــة‬ ‫األهميــة‪ ،‬هــو أن الدميقراطيــة ال تقتــر‬ ‫وال تســتند عــى قاعــدة فرديــة‪ ،‬وال عــى‬

‫‪9‬‬

‫نقطــة واحــدة للبحــث بــل تتعــدى ذلــك‬ ‫إىل الخــوض يف مضمونهــا الحــي لــي‬ ‫تكتمــل رشوط تحقيقهــا‪.‬‬ ‫الدميقراطيــة عدالــة بالدرجــة األوىل‪ ،‬ومــا‬ ‫دامــت هــي كذلــك‪ ،‬يجــب عــى قــادة‬ ‫الــدول الدميقراطيــة التحــري ومســاندة‬ ‫الــدول التــي ترغــب أن تحــذو حذوهــا‪،‬‬ ‫وهــذا يحيلنــا إىل ســؤال هــام‪ :‬ملــاذا دولــة‬ ‫كأمــركا ودول االتحــاد األوريب التــي تحتــل‬ ‫املراتــب األوىل يف العــامل دميقراطي ـاً تســاند‬ ‫االنقالبــات عــى الرشعيــة؟ وملــاذا تقــف‬ ‫أمــام إرادة التغيــر نحــو إقامــة أول جــر‬ ‫للعبــور إىل الدميقراطيــة‪ ،‬وتقــف حائــاً‬ ‫أمــام رغبــة الشــعوب يف الدخــول إىل عــامل‬ ‫الدميقراطيــة؟‬ ‫والســؤال املهــم ملــاذا تلــك الــدول التــي‬ ‫تخطــت عتبــة الدميقراطيــة والحريــة هــي‬

‫مــن تقــف مــع القاتــل ضــد املقتــول‪ .‬وهنــا‬ ‫إحالــة إىل كلــات ُســطّرت مبــاء الذهــب‬ ‫ملدينــة فاضلــة أساســها عقــل مبــدع‬ ‫وفيلســوف خالــد هــو أفالطــون الــذي‬ ‫يقــول‪« :‬الدولــة العادلــة هــي التــي يقــوم‬ ‫كل فــرد فيهــا بالعمــل الخــاص بطبيعتــه‬ ‫الحاكــم يحكــم والجنــدي يحمــي والعامــل‬ ‫يشــتغل»‪ ،‬ويف حــال توفــرت األدوات لتوفري‬ ‫هــذا وذاك فالحاكــم العــريب ال يحكــم‬ ‫بعدالتــه بــل بعدالــة اآلخريــن والجنــدي ال‬ ‫يحمــي بــل تابــع عميــل والعامل ال يشــتغل‬ ‫ألنــه منصــوب عــى الفتحــة‪ ،‬والدميقراطيــة‬ ‫بتحليلــه املنطقــي قــد تتصــدع وتندثــر مــن‬ ‫كــرة دميقراطيتهــا فــإن مبدأهــا األســايس‬ ‫تســاوي كل النــاس يف حــق املنصــب ليصــل‬ ‫يف آخــر املطــاف إىل الدميقراطيــة ويتخــى‬ ‫عــن ظاهــرة االســتبداد»‪.‬‬

‫ت��ل ابي��ض والعالق��ة‬ ‫العربي��ة الكردي��ة!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫أثــار تحريــر تــل أبيــض الفرحــة والدهشــة‪ ،‬لــدى العرب‪،‬‬ ‫ولــدى الكــرد‪ ،‬واســتبرش ع ـرات ألــوف الالجئــن الســوريني‬ ‫خـرا ً بقــرب عودتهــم إىل الرقــة‪ ،‬بصحبــة قــوات الجيــش الحــر‬ ‫والقــوات الكرديــة‪ ،‬اللتــان اندفعتــا إىل حــدود الرقــة الشــالية‬ ‫بشــجاعة وإرصار‪ ،‬يثــران األمــل بعــودة النــاس إىل بيوتهــم‪،‬‬ ‫وإعــادة الحيــاة الطبيعيــة إىل الرقــة‪ ،‬التــي يجللهــا الســواد‬ ‫والعزلــة‪ ،‬بســبب شــعارات التكفــر والــر ّدة‪ ،‬ومــا إىل ذلــك مــن‬ ‫محرضــات عــى كراهيــة البــر واحتقارهــم!‬ ‫لكــن األخبــار املتضاربــة‪ ،‬أثــارت الكثــر مــن املخــاوف لــدى‬ ‫العــرب يف الشــال الســوري‪ ،‬اثــر قيــام بعــض الفصائــل‬ ‫الكرديــة بأعــال انتقاميــة وتهجــر واعتقــاالت‪ ،‬فهمهــا النــاس‬ ‫بأنهــا خطــوات إلقامــة دولــة كرديــة يف الشــال الســوري!‬ ‫وجــاءت عمليــة قتــل املدنيــن‪ ،‬والعــزل يف عــن العــرب‬ ‫(كوبــاين)‪ ،‬كالصاعقــة عــى الجميــع فأيــادي اإلرهــاب ممتــدة‪،‬‬ ‫ولهــا مســاندوها املتخفــن والبارعــن بفنــون املكــر والغــدر‪،‬‬ ‫واملســتمتعني بقتــل األطفــال والنســاء واملواطنــن العــ َّزل!‬ ‫تــل ابيــض و(كوبــاين) يجــب أن تتعاونــا للتخلــص مــن‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬و لبــدء حيــاة ســورية جديــدة قامئــة عــى الحريــة‪،‬‬ ‫هــدف الثــورة الســورية األول‪ ،‬ليــس للعــرب مــن خــاص وال‬ ‫للكــرد مــن خــاص إال بدولــة املواطنــة القامئــة عــى التســاوي‪،‬‬ ‫واحـرام الحقــوق‪ ،‬والثقافــة‪ ،‬والشــخصية الحضاريــة‪ ،‬فالدولــة‬ ‫القوميــة النازيــة ابتلعــت خمســن ســنة مــن عمــر ســورية‪،‬‬ ‫وهاهــي تدمــر ســورية اليــوم‪ ،‬جهــارا ً نهــارا ً‪ ،‬وغــر شــاعرة‬ ‫بــأي ذرة خجــل مــن أفعالهــا الشــنيعة‪ ،‬والفاشــية الدينيــة‬ ‫تســتمتع بقطــع الرقــاب‪ ،‬وباســتحضار التاريــخ عــى مزاجهــا‬ ‫األهــوج‪ ،‬والشــاذ‪ ،‬واملش ـ ِّوه لقيــم التاريــخ وللديــن اإلســامي‬ ‫الحنيــف!‬ ‫لقــد دفعــت أوروبــا يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬لوحدهــا‪،‬‬ ‫حــوايل ‪ 60‬مليــون ضحيــة نتيجــة التطــرف القومــي النــازي‪،‬‬ ‫الــذي ترجمــه البعــث لنــا وطبقــه بتدمــر ســورية‪ ،‬بعــد ثالثــة‬ ‫أربــاع القــرن مــن انهيــار النازيــة القوميــة األملانيــة!‬ ‫إننــا نعيــد مــآيس التاريــخ‪ ،‬ألننــا نرفــض أن نتعلــم منــه‪،‬‬ ‫وســنخضع إىل مزيــد مــن املــآيس‪ ،‬عربـاً وكــردا ً‪ ،‬ما مل نســتوعب‬ ‫قيــم األخــوة واملواطنــة‪ ،‬وإال ســيقوم أبناؤنــا بعــد عرش ســنني‪،‬‬ ‫أو بعــد ربــع قــرن‪ ،‬أو بعــد نصــف قــرن آخــر‪ ،‬إلعــادة املأســاة‬ ‫بأشــكال متجــددة!‬ ‫وهاهــم بعــض متطــريف الجهتــن‪ ،‬مــن عــرب وكــرد يتبادلــون‬ ‫االتهامــات الحاقــدة‪ ،‬بشــكل مشــن‪ ،‬غــر عابئــن بالبــر‬ ‫الذيــن قُتلــوا يف عــن العــرب (كوبــاين)‪ ،‬وال بأهــايل القــرى‬ ‫العربيــة‪ ،‬التــي تعمــل بعــض الفصائــل الكرديــة عــى التنكيــل‬ ‫بهــم‪ ،‬بحجــة حاميــة األمــن‪ ،‬والتفتيــش‪ ،‬ومــا إىل ذلــك مــن‬ ‫أســاليب االعتقــال واالســتجواب‪ ،‬والرتحيــل إىل معتقــات‬ ‫عــن العــرب (كوبــاين)‪ ،‬التــي يريــدون أن يحولوهــا مــن رمــز‬ ‫للتحــرر‪ ،‬إىل رمــز لالعتقــال وللتعذيــب وانتــزاع االعرتافــات‬ ‫الكاذبــة‪ ،‬اســوة بالســلطة القمعيــة البعثيــة‪ ،‬وهــذا مــا حــذر‬ ‫منــه الكاتــب ســليم بــركات‪ ،‬يف مقــال نــر لــه قبــل أيــام‪،‬‬ ‫حيــث حــذر الكــرد مــن إعــادة قيــم البعــث‪ ،‬وعبــادة الزعيــم‬ ‫الخالــد‪ ،‬والتالعــب مبصــر األكـراد مــن أجــل الزعامــة‪ ،‬واألبهــة‬ ‫الجوفــاء‪.‬‬ ‫اللقــاءات العربيــة الكرديــة املبنيــة عــى االحـرام‪ ،‬والرصاحــة‪،‬‬ ‫وعــدم املجاملــة الكاذبــة‪ .‬وتأســيس مجالــس محليــة‪ ،‬تعــر‬ ‫بشــكل حقيقــي عــن النــاس يف القــرى والبلــدات العربيــة‬ ‫والكرديــة واملختلطــة‪ .‬هــا ميهــدان إىل الطريــق القويــم‬ ‫للتحــرر مــن األحقــاد‪ ،‬ومــن االتهامــات واإلشــاعات الكاذبــة‪.‬‬ ‫يجــب عــى الطرفــن العمــل عــى عــدم إثــارة األحقــاد‪،‬‬ ‫بالرتحيــل‪ ،‬وبالتهجــر‪ ،‬ألن هــذا القائــد أو ذاك يريــد أن‬ ‫يكــون زعي ـاً خالــدا ً‪ ،‬باســتغالل كرامــات النــاس وتهجريهــم‪،‬‬ ‫وتعذيبهــم وباالنتقــاص مــن مكاناتهــم وحقوقهــم‪ ،‬فــإن مثــل‬ ‫هــذا الفعــل ســيكون لــه رد فعــل‪ ،‬عاجــل أو مؤجــل‪ ،‬يف‬ ‫دوامــة الثــأر‪ ،‬واالنتقــام اللتــن لــن ينتهيــا‪ ،‬إال بنهايتنــا جميعـاً‪،‬‬ ‫وبتشــتت أبنائنــا يف غياهــب الضيــاع‪ ،‬و اللجــوء والرتحــال‪،‬‬ ‫وتر ِّديهــم يف املكانــة ويف االعتبــار‪ ،‬اللتــن مل نحفظهــا لهــم‪،‬‬ ‫نحــن العــرب والكــرد جميعــاً!!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل التعليم‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫الس��وريون ينتقمون من مأساتهم بالتفوق عرب العامل‬ ‫الطالب��ة ن��ور ياس�ين القص��اب يف أملاني��ا حتق��ق اجملم��وع الت��ام يف الثانوي��ة األملاني��ة‪،‬‬ ‫وهيثم األسود يتفوق يف فرنسا‪ ...‬وطالبان يتفوقان يف أمريكا ويستقبلهما الرئيس‬ ‫األمريك��ي أوباما‬ ‫ن��ور ياس�ين قص��اب‪ ...‬وهيث��م األس��ود يف أملانيــا‪.‬‬ ‫والتف��وق املذه��ل‬ ‫وأضافــت اإلذاعــة أن «نــور ياســن قصــاب»‬ ‫طــاب ســوريون كثــرون تفوقــوا يف دراســتهم ذات التســعة عــر ربيعــاً مــن مدينــة‬ ‫وأصبحــوا حديــث الصحــف الغربيــة ومثــاالً الالذقيــة‪ ،‬وصلــت مــع والديهــا الطبيبــن‬ ‫واضح ـاً للعــامل حــول اإلنســان الســوري الــذي وأخيهــا الصغــر إىل أملانيــا كالجئــن‪ ،‬متكنــت‬ ‫ال تقهــره الصعــاب‪.‬‬ ‫مــن إحــراز عالمــة ‪ 100%‬يف امتحانــات‬ ‫فبعــد أن غــادروا بلدهــم بســبب الحــرب الثانويــة العامــة «االبيتــور» يف بلــدة شــفيدت‬ ‫الدائــرة فيــه منــذ أربــع ســنوات‪ ،‬حجــزوا بواليــة براندنبــورغ‪.‬‬ ‫مكانــاً يف املجتمعــات الغربيــة التــي لجــؤوا أيضــاُ نــرت صحيفــة «الليرباســيون»‬ ‫إليهــا‪ ،‬خــال مــدة قصــرة‪.‬‬ ‫الفرنســية قبــل أيــام لقــا ًء مــع طالــب ســوري‬ ‫نــور ياســن قصــاب وهيثــم األســود طالبــان مــن مدينــة درعــا‪ ،‬يــدرس يف فرنســا‪ ،‬قالــت إن‬ ‫ســوريان تفوقــا يف تحصيلهــم العلمــي متيــزه الــدرايس مكّنــه مــن القبــول يف إحــدى‬ ‫والدراســة يف بلــدان ال يتقنــون لغتهــا‪ ،‬فقــد أهــم املــدارس الفرنســية‪ ،‬ويــدرس فيهــا حاليـاً‬ ‫أفــادت اإلذاعــة الرســمية األملانيــة أن طالبــة يف الصــف الثالــث الثانــوي العلمــي واختــص‬ ‫ســورية «نــور ياســن قصــاب» حصلــت عــى مبجــال هندســة العلــوم‪.‬‬ ‫معــدل كامــل يف الثانويــة العامــة «البكالوريــا» الطالــب «هيثــم األســود» انتقــد يف حديثــه‬

‫للصحيفــة الفرنســية املناهج وأســلوب الدراســة‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وركــز عــى مــادة «القوميــة» التــي‬ ‫ال تحتــوي ســوى التمجيــد لـ»بشــار األســد»‬ ‫وأبيــه‪ ،‬حســب قولــه‪ ،‬كــا أوضــح أن طريقــة‬ ‫تلقــي املناهــج يف ســوريا كانــت تعتمــد عــى‬ ‫الحفــظ مقارنــة باملناهــج الفرنســية التــي تركــز‬ ‫عــى فهــم الطالــب ال حفظــه‪.‬‬ ‫ونــوه «هيثــم» يف حديثــه للصحيفــة الفرنســية‬ ‫أنــه ليــس الطالــب الســوري املتفــوق الوحيــد‪،‬‬ ‫وأن هنــاك العديــد مــن الطــاب الســوريني‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬الذيــن وصلــوا إىل فرنســا‪ ،‬وحققــوا‬ ‫نجاح ـاً ومتي ـزا ً دراســياً‪.‬‬ ‫طــاب نفتخــر بهــم فهــم مثــال اإلنســان‬ ‫الســوري الــذي ضحــى بالغــايل والنفيــس يف‬ ‫ســبيل االنعتــاق مــن نظــام حكــم ســيطر عــى‬ ‫كل مرافــق الحيــاة يف ســوريا وأعادهــا ســنني‬ ‫عديــدة إىل الــوراء‪.‬‬ ‫وطالبــان ســوريان ينــاالن أعــى شــهادة تقديــر‬ ‫أمريكيــة مــن أوبامــا شــخصياً‬

‫عائلــة الشــمعة هــي عائلــة ســورية كانــت‬ ‫تعيــش يف دمشــق‪ ،‬دفعــت بهــا التوتــرات‬ ‫واألوضــاع األمنيــة الســيئة يف البلــد إىل الهجــرة‬ ‫مختاريــن مقصدهــم إىل الواليــات املتحــدة يف‬ ‫عــام ‪ ٢٠١٣‬األب طبيــب أخصــايئ تخديــر واألم‬ ‫مهندســة أجهــزة طبيــة‪.‬‬ ‫لتأمــن مســتقبل األوالد وملنــع ضياعهــم يف‬ ‫املجتمــع الجديــد كان ال بــد مــن إدخالهــم‬ ‫املــدارس‪ ،‬جــاد دخــل الصــف الرابــع ورام‬ ‫الصــف الســابع يف واليــة نيوجــريس‪ ،‬البدايــة‬ ‫كانــت صعبــة بالنســبة لهــم بســبب املنهــاج‬ ‫الجديــد واألســلوب الجديــد والبيئــة كــا‬ ‫أن التوتــرات التــي يعانــون منهــا والضغــط‬ ‫النفــي عليهــم البتعادهــم عــن بلدهــم‬ ‫لعــب دورا ً ســلبياً‪ ،‬أمــا يف الســنة الثانيــة مــن‬ ‫وجودهــم فقــد حققــا تفوقــاً ملحوظــاً عــى‬ ‫زمالئهــم األمــركان ولفتــا نظــر وانتبــاه الــكادر‬ ‫التعليمــي‪ ،‬وكانــت جميــع تقييامتهــم ممتــازة‪،‬‬ ‫وحصــا عــى مرتبــة الــرف يف عــدد مــن‬ ‫املــواد‪ ،‬ويف نهايــة العــام حصــا عــى أعــى‬ ‫شــهادة تقديــر تعطــى يف الواليــات املتحــدة‬ ‫مــع رســالة مــن الرئيــس أوبامــا‪.‬‬

‫داعش ينشر اجلهل ويهدد مستقبل الطالب وحاضرهم!!‬

‫وألــف طالــب يتقدمــون للشــهادة اإلعداديــة مــن أصــل عشــرين ألــف طالــب مســجلين!!‬

‫بعــد أن كان العلــم شــعاراً أساســياً يف الديــن‬ ‫اإلســامي عــر قــرون طويلــة‪ ،‬حيــث ابتــدأت أول‬ ‫ســور القــرآن بكلمــة اقـرأ‪ ،‬وكانــت اجلوامــع مصــدراً‬ ‫للعلــم واملعرفــة‪ ،‬ولتطــور اجملتمعــات اإلســامية‬ ‫القدميــة‪ ،‬وبعــد أن أخــذت اجلامعــة امسهــا مــن‬ ‫اجلامــع‪ ،‬هاهــو التطــرف الديــي حيــارب العلــم‬ ‫واملعرفــة ويســوق األجيــال اجلديــدة إىل اجلهــل‬ ‫واىل الســيارات املفخخــة‪ ،‬الــي ختــدم مصــاحل‬ ‫سياســية مشــبوهة تديرهــا املخاب ـرات األجنبيــة‪،‬‬ ‫بغطــاء ديــي لتنفــر األجيــال القادمــة مــن الديــن‬ ‫اإلســامي‪ ،‬وجلعلــه رم ـزاً للتخلــف واجلهــل‪ ،‬كمــا‬ ‫يريــدون ملســتقبل هــذا الديــن وملســتقبل هــذه‬ ‫املنطقــة‪.‬‬ ‫وقــد كتــب الصحــايف واملتابــع رامــي ســويد يف‬ ‫العــريب الجديــد‪ :‬أنهــى مــروان ويامــن وعدنــان‪،‬‬ ‫أبنــاء مدينــة منبــج التــي يســيطر عليهــا تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية (داعــش) يف ريــف حلــب‬ ‫الرشقــي‪ ،‬عامهــم الثالــث دون الذهــاب إىل‬ ‫املدرســة‪ ،‬مــا جعــل األطفــال الثالثــة‪ ،‬يدخلــون‬ ‫فعلي ـاً يف عــداد األميــن‪ ،‬بعــد بلوغهــم عامهــم‬ ‫العــارش‪ ،‬دون أن ميلكــوا القــدرة عــى متييــز‬ ‫الحــروف أو الكتابــة والق ـراءة‪.‬‬ ‫يُع ـ ّد مــروان ويامــن وعدنــان‪ ،‬منوذج ـاً ملئــات‬ ‫آالف األطفــال والشــبان‪ ،‬ممــن ضاع مســتقبلهم‬ ‫التعليمــي‪ ،‬ألنهــم يعيشــون يف مناطــق ســيطرة‬ ‫داعــش‪ ،‬الــذي مل يكتــف بإغــاق املــدارس‬ ‫العامــة‪ ،‬بــل ض ّيــق عــى معاهــد التعليــم‬ ‫الخــاص‪ ،‬قبــل أن تتســبب أحكامــه الرشعيــة‬ ‫بإغــاق غالبيتهــا العظمــى‪ ،‬ليصــل التنظيــم‬ ‫أخـرا ً إىل منــع الطــاب الجامعيــن مــن التوجــه‬ ‫إلكــال دراســتهم يف الجامعــات التــي تواصــل‬ ‫عملهــا يف مناطــق ســيطرة النظــام الســوري‪ ،‬مــا‬ ‫وضــع مســتقبل مئــات آالف األطفــال والشــبان‬ ‫الســوريني يف مهــب الريــح‪ ،‬دون أن يكــرث‬ ‫التنظيــم بذلــك‪ ،‬مكتفيـاً بافتتــاح مــدارس قليلــة‬ ‫تــدرس مناهــج كفيلــة بتخريــج منتســبني جــدد‬ ‫للتنظيــم‪.‬‬ ‫منع التعليم العام‬ ‫مــن بــن عرشيــن ألــف طالــب يف الشــهادة‬ ‫اإلعداديــة يف الرقــة‪ ،‬مل يتمكــن أكــر مــن ‪1000‬‬ ‫طالــب مــن التقــدم إىل االمتحــان النهــايئ ألن‬ ‫أمــر التعليــم يف داعــش بالرقــة املدعــو (ذو‬ ‫القرنــن) ح ـ ّرم التقــدم إىل االمتحانــات العامــة‬ ‫دومنــا بديــل ســوى التجهيــل والتــرد!‬ ‫ويؤكــد الناشــط الحقوقــي يــارس الجميــي أن‬ ‫التنظيــم قــرر منــذ ســيطرته عــى ريــف حلــب‬ ‫الرشقــي إغــاق كافــة املــدارس العامــة يف‬

‫املناطــق التــي يســيطر عليهــا بعــد أن وضع يده‬ ‫عــى هــذه املــدارس‪ ،‬قبــل أن يعلــن أن جميــع‬ ‫العاملــن يف املنظومــة التعليميــة مــن مدرســن‬ ‫ومديريــن وموجهــن ومدرســن غــر مثبتــن‬ ‫ومســتخدمني وحــراس يف املــدارس «مرتــدون‬ ‫عــن اإلســام» ويجــب عليهــم جميع ـاً حضــور‬ ‫دورات رشعيــة يف مراكــز افتتحهــا التنظيــم‬ ‫لهــذا الغــرض‪.‬‬ ‫يضيــف‪« :‬أطلــق التنظيــم عــى هــذه الــدورات‬ ‫اإللزاميــة اســم دورات االســتتابة‪ ،‬وأجــر جميــع‬ ‫العاملــن يف املنظومــة التعليميــة عــى حضورها‬ ‫ملــدة أســبوعني‪ ،‬وقــام دعــاة تابعــن للتنظيــم‬ ‫بإعطــاء الحارضيــن دروســاً يف العقيــدة‬ ‫والفقــه اإلســامي وفــق رؤيــة التنظيــم قبــل‬ ‫أن يجــري القامئــون عــى الــدورات‪ ،‬امتحانــات‬ ‫للحارضيــن يحصــل مبوجبهــا الناجحــون عــى‬ ‫شــهادة «اســتتابة» ويضطــر الراســبون إلعــادة‬ ‫الــدورات‪.‬‬ ‫أدى ذلــك إىل تفكيــك املنظومــة التعليميــة‬ ‫العامــة يف مناطــق ســيطرة داعــش بشــكل‬ ‫نهــايئ‪ ،‬وتحولــت املــدارس التــي كان يرتادهــا‬ ‫مئــات آالف األطفــال مــن أبنــاء املناطــق التــي‬ ‫يســيطر عليهــا التنظيــم إىل مق ـرات عســكرية‬ ‫لعنــارص التنظيــم أو مبــان ملؤسســاته األمنيــة‬ ‫أو اإلداريــة أو ملراكــز إيــواء نازحــن يف حــاالت‬ ‫قليلــة‪.‬‬ ‫تدميــر التعليــم الخــاص الــذي يلجــأ إليــه‬ ‫األهالــي إلنقــاذ مســتقبل أبنائهــم‬ ‫وكــا يعلــم الجميــع‪ ،‬وكــا ينقــل األهــايل‬ ‫الفاريــن مــن مناطــق الجهــل والتعصــب‬ ‫ينــج التعليــم الخــاص مــن قضــاء‬ ‫األعمــى‪ ،‬مل ُ‬ ‫داعــش عــى املؤسســات التعليميــة يف مناطــق‬ ‫ســيطرته‪ ،‬إذ بــدأ التنظيــم منــذ ســيطرته‬ ‫عــى ريــف حلــب الرشقــي ومدينــة الرقــة‬ ‫وريفهــا يف شــهر شــباط‪/‬فرباير العــام املــايض‬ ‫بالتضييــق عــى معاهــد التعليــم الخــاص يف‬ ‫هــذه املناطــق‪ ،‬حتــى وصــل األمــر يف شــهر‬ ‫آب‪/‬أغســطس املــايض إىل إصــدار قــرار مبنــع‬ ‫تدريــس عــدد مــن املــواد التعليميــة‪ ،‬عــى‬ ‫رأســها الفلســفة والكيميــاء‪ ،‬بحجــة عــدم‬ ‫اعتامدهــا عــى الرشيعــة اإلســامية بحســب‬ ‫املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان‪.‬‬ ‫يؤكــد ياســن الكرامــي‪ ،‬مــدرس لغــة فرنســية‬ ‫مــن مدينــة منبــج بريــف حلــب الرشقــي التــي‬ ‫يســيطر عليهــا داعــش‪ ،‬األمــر قائ ـاً لـ»العــريب‬ ‫الجديــد»‪« :‬كنــت أديــر معهــدا ً خاص ـاً لطــاب‬ ‫املرحلتــن الثانويــة واإلعداديــة مبنبــج‪ ،‬بــدأ‬

‫التنظيــم بالتضييــق علينــا مــن خــال طلــب‬ ‫عنــارصه منــا أن نســتخرج رخصــة لنواصــل‬ ‫عملنــا‪ ،‬بالفعــل قمنــا باســتخراجها بعــد أن‬ ‫دفعنــا مبلغــاً ماليــاً للمؤسســة التــي تــرف‬ ‫عــى عملنــا يف التنظيــم والتــي يُطلــق عليهــا‬ ‫اســم «ديــوان التعليــم»‪ ،‬يف مرحلــة الحقــة‬ ‫أصــدر التنظيــم ق ـرارا ً بإلغــاء مــواد تدريســية‬ ‫مــن املناهــج‪ ،‬كــا أجربنــا عــى إلغــاء أجــزاء‬ ‫مــن مــواد أخــرى‪ ،‬كان ذلــك مرتافقـاً مــع منــع‬ ‫التنظيــم لالختــاط بــن الذكــور واإلنــاث عــى‬ ‫مســتوى املدرســن وعــى مســتوى الطــاب مــن‬ ‫الصــف األول‪ ،‬أيضــاً ترافــق ذلــك مــع تقييــد‬ ‫التنظيــم عــى األجــور التــي نتقاضاهــا لقــاء‬ ‫عملنــا يف التدريــس مــن الطــاب‪ ،‬دفعنــا كل‬ ‫ذلــك إىل إغــاق معهدنــا الخــاص‪ ،‬وانتقلــت‬ ‫شــخصياً للعمــل يف التجــارة‪ ،‬وبعــض زمــايئ‬ ‫باتــوا يعملــون يف بيــع الخــر وســائقني عــى‬ ‫ســيارات أجــرة»‪.‬‬ ‫التعليم الجامعي من الموبقات!!‬ ‫ومل يكتــف التنظيــم بتكفــر املعلمــن وبتدمــر‬ ‫بنيــة التعليــم وبإغــاق الجامعــات التــي‬ ‫حصلــت عليهــا املناطــق الســورية الرشقيــة‪،‬‬ ‫بعــد رزوح طويــل تحــت وطــأة الجهــل‬ ‫واالســتبعاد الطويــل‪ ،‬مــن قبــل النخــب‬ ‫الحاكمــة منــذ فجــر االســتقالل‪ ،‬فالطــاب‬ ‫الجامعيــون مــن أبنــاء املناطــق التــي يســيطر‬ ‫عليهــا داعــش رشق ســورية توقفــوا عــن‬ ‫الدراســة أيضــا‪ ،‬فقــد منــع التنظيــم منــذ نهايــة‬ ‫صيــف العــام املــايض‪ ،‬الطــاب الجامعيــن مــن‬ ‫املقيمــن يف مناطــق ســيطرته مــن التوجــه‬ ‫للدراســة وتقديــم االمتحانــات يف الكليــات‬ ‫الجامعيــة التــي تواصــل عملهــا يف مناطــق‬ ‫ســيطرة النظــام الســوري يف ديــر الــزور وحلــب‬ ‫وغريهــا‪.‬‬ ‫حنــن عمــر طالبــة يف قســم اللغــة اإلنكليزيــة‬ ‫بجامعــة الفــرات بديــر الــزور أوضحــت‬ ‫لـ»العــريب الجديــد»‪« :‬أن مســلحي داعــش عــى‬ ‫حاجــز بلــدة معــدان عــى طريــق ديــر الــزور‬ ‫ــــ الرقــة قامــوا مبصــادرة بطاقتهــا الجامعيــة‬ ‫عندمــا كانــت عائــدة مــن كليتهــا الواقعــة‬ ‫مبناطــق ســيطرة النظــام الســوري يف ديــر الــزور‬ ‫نحــو مدينــة الرقــة يف شــهر أيلول‪/‬ســبتمرب‬ ‫املــايض‪ ،‬كــا طالبوهــا بعدم العــودة إطالقـاً إىل‬ ‫الجامعــة تحــت طائلــة املحاســبة الشــديدة»‪.‬‬ ‫وتابعــت «مســلحو التنظيــم قامــوا باألمــر‬ ‫نفســه مــع جميــع زمــايئ‪ ،‬الذيــن اعتــادوا عــى‬ ‫التوجــه نحــو جامعاتهــم يف مناطــق ســيطرة‬

‫النظــام الســوري»‪.‬‬ ‫نشــر الجهــل هــو عنــوان التطــرف‬ ‫األعمــى!!‬ ‫خــال عــام درايس كامــل مل يتلــق األطفــال يف‬ ‫مناطــق ســيطرة داعــش يف رشق ســورية أي‬ ‫حصــص دراســية‪ ،‬قبلــه وملــدة عامــن دراســيني‪،‬‬ ‫يف ظــل االضطرابــات والفــوىض التــي ســيطرت‬ ‫عــى هــذه املناطــق‪ ،‬حصــل الطــاب عــى‬ ‫دروســهم بشــكل متقطــع وغــر منتظــم‪.‬‬ ‫يؤكــد ناشــطون محليــون يف رشق ســورية‪،‬‬ ‫(رفضــوا ذكــر أســائهم)‪،‬عىل غيــاب إحصائيات‪،‬‬ ‫حــول عــدد الطــاب املنقطعــن عــن التعليــم‬ ‫يف مناطــق ســيطرة داعــش‪ ،‬يقــول الناشــطون‬ ‫لـ»العــريب الجديــد»‪« :‬ال ميكــن تقديــر عــدد‬ ‫ســكان هــذه املناطــق أصــاً بســبب النــزوح‬ ‫الكبــر الــذي شــهدته هــذه املناطــق إىل تركيــا‬ ‫وإىل مناطــق ســيطرة املعارضــة الســورية شــال‬ ‫ســورية وإىل مناطــق ســيطرة النظــام الســوري‬ ‫وقــوات «حاميــة الشــعب» الكرديــة شــال‬ ‫رشق ســورية باإلضافــة إىل نــزوح عــدد مــن‬ ‫ســكان مناطــق ســيطرة املعارضــة الســورية إىل‬ ‫مناطــق ســيطرة داعــش هربــاً مــن القصــف‬ ‫الكثيــف الــذي يشــنه ط ـران النظــام الســوري‬ ‫عــى هــذه املناطــق»‪.‬‬ ‫آالف الطــاب الجامعيــن توقفــوا كذلــك عــن‬ ‫دراســتهم‪ ،‬األمــر الــذي تســبب بخســارتهم‬ ‫لــكل جهودهــم وتحصيلهــم العلمــي الســابق‬ ‫بســبب عــدم قدرتهــم عــى إكــال دراســتهم‪،‬‬ ‫مــع إغــاق الكليــات الجامعيــة التــي كانــت‬ ‫موجــودة يف الرقــة‪.‬‬ ‫ويتابــع االســتاذ رامــي ســويد رصــده لوضــع‬ ‫التعليــم يف املناطــق املســيطر عليهــا مــن قبــل‬ ‫داعــش قائــاً‪ :‬لجــأ ســكان مناطــق ســيطرة‬ ‫داعــش يف ســورية‪ ،‬مــن املقتدريــن مادي ـاً‪ ،‬إىل‬ ‫االتفــاق مــع مدرســات خصوصيــات يقمــن‬ ‫بتدريــس أبنائهــم يف البيــوت‪ ،‬آخــرون اعتمــدوا‬ ‫عــى أنفســهم يف تعليــم أطفالهــم مبــادئ‬ ‫القـراءة والكتابــة والحســاب‪ ،‬مــن هــؤالء معمر‬ ‫عبــد الحليــم مهنــدس مــن ســكان مدينــة‬ ‫ديــر الــزور‪ ،‬يؤكــد معمــر أن أبنــاء العائــات‬ ‫املتعلمــن يف مناطــق داعــش التــي منــع فيهــا‬ ‫التعليــم‪ ،‬باتــوا يقومــون مبحــاوالت ذاتيــة‬ ‫لتعليــم أبنائهــم املنقطعــن عــن الدراســة‪.‬‬ ‫معوقــات كثــرة تواجــه هــؤالء بحســب عبــد‬ ‫الحليــم‪ ،‬عــى رأســها عــدم توفــر الكتــب‬ ‫املدرســية لــدى معظمهــم بســبب منــع‬ ‫التنظيــم تــداول هــذه الكتــب وإحراقــه لــكل‬

‫ويقــول األب عاصــم الشــمعة ملوقــع ســوريات‪:‬‬ ‫مديــرة جــاد األمريكيــة يف املدرســة تكلمــت‬ ‫معــي بعــد حفــل التخــرج وشــكرتني عــى‬ ‫وجــود جــاد معهــا وبــن طالبهــا وقالــت يل‬ ‫حرفي ـاً‪ :‬أذكــر أول يــوم عندمــا قدمتــم ألمــركا‬ ‫وجئتــم بولدكــم لقبولــه يف املدرســة كيــف‬ ‫كنتــم متوتريــن وخائفــن مــن عــدم نجاحــه‪،‬‬ ‫اآلن أنــا أشــكركم ألنكــم ســجلتم ابنكــم يف‬ ‫مدرســتنا‪ ،‬يل الفخــر أن يكــون معنــا‪ ،‬لقــد‬ ‫تخــرج مــن املرحلــة التعليميــة األوىل وأصبــح‬ ‫واحــدا ً مــن أميــز وأكــر الطــاب تفوق ـاً كــا‬ ‫أنــه رفــع ســمعة مدرســتنا وتقييمهــا يف‬ ‫نيوجــريس والواليــات املتحــدة كافــة‪.‬‬ ‫رام الــذي أنهــى املرحلــة اإلعداديــة أصبــح‬ ‫أيضـاً أيقونــة زمالئــه يف العلــم واألخــاق بعــد‬ ‫أن نــال الشــهادة نفســها متفوق ـاً عــى زمالئــه‬ ‫ورافعــاً اســم مدرســته وبلــده ســوريا بــن‬ ‫الطــاب‪ ،‬األمــر الــذي مل يعــد غريبــاً فأصبــح‬ ‫موضــوع متيــز الســوريني يف أمــركا أمـرا ً مألوفـاً‬ ‫إال أن هــذه املــرة مــا مييــزه أن الطفلــن هــم‬ ‫مــن الوافديــن الجــدد مــا أعطاهــم طابعــاً‬ ‫أكــر مــن التميــز‪.‬‬

‫مــا وقعــت يــد عنــارصه عــى نســخ منهــا‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل عــدم توفــر الكهربــاء والتوتــر‬ ‫الدائــم بســبب انتهــاكات التنظيــم اليوميــة‬ ‫ضــد الســكان وقصــف قــوات النظــام الســوري‬ ‫للمناطــق الســكنية والنــزوح واملشــاكل املاديــة‬ ‫التــي يعــاين منهــا الســكان بســبب توقــف‬ ‫أعاملهــم‪.‬‬ ‫املــدارس الرشعيــة وضحالــة العلــم‪ ..‬واصطيــاد‬ ‫األطفــال لتنفيــذ املفخخــات‬ ‫املــدارس الرشعيــة هــي أماكــن لخطــف‬ ‫األطفــال واللعــب بعقولهــم لتنفيــذ أعــال‬ ‫تفجــر وتفخيــخ وغســل أدمغــة األطفــال‬ ‫واملراهقــن‪ ،‬وتــروج للســهولة والبــادة العقليــة‬ ‫ومنــع مواكبــة األجيــال للعلــوم الحديثــة التــي‬ ‫تبنــي البــاد وتطــور العبــاد‬ ‫فبعــد إغــاق داعــش للمــدارس العامــة‬ ‫ومعاهــد التعليــم الخــاص يف مناطــق ســيطرته‪،‬‬ ‫أصــدر ديــوان التعليــم التابــع للتنظيــم منهاجـاً‬ ‫تعليميــاً ليتــم اعتــاده يف املــدارس التــي‬ ‫افتتحهــا‪ ،‬والتــي اســتقبلت طالبــا بأعــار‬ ‫تــراوح بــن ‪ 8‬و‪12‬عامــاً مــن أبنــاء عنــارص‬ ‫«داعــش» وأبنــاء العائــات املقربــة منهــم‪.‬‬ ‫يف شــهر شــباط‪/‬فرباير املــايض نــر املرصــد‬ ‫الســوري محتويــات املنهــاج‪ ،‬الــذي تضمــن‬ ‫ســت مــواد تعليميــة فقــط هــي مــادة‬ ‫التوحيــد‪ ،‬وهــي مؤلفــة مــن ‪ 179‬صفحــة‪،‬‬ ‫ومــادة اللغــة العربيــة‪ ،‬وهــي مؤلفــة مــن‬ ‫نحــو ‪ 30‬صفحــة وتتضمــن رشح ـاً أللفيــة ابــن‬ ‫مالــك‪ ،‬ومــادة الرياضيــات وهــي مــادة مكونــة‬ ‫مــن ‪ 64‬صفحــة‪ ،‬ومادتــا الفيزيــاء والكيميــاء‬ ‫وهــي مــادة مكونــة مــن ‪ 25‬صفحــة‪ ،‬والعلــوم‬ ‫الطبيعيــة وهــي مــادة مكونــة مــن ‪ 37‬صفحــة‪،‬‬ ‫واللغــة اإلنكليزيــة وهــي مؤلفــة مــن ‪30‬‬ ‫صفحــة‪.‬‬ ‫الناشــط محمــد الخلــف أكــد لـ»العــريب‬ ‫الجديــد» أن عــدد املــدارس الرشعيــة «التــي‬ ‫افتتحهــا داعــش يف الرقــة مل يتجــاوز ‪ 25‬مدرســة‬ ‫فقــط‪ ،‬يف مقابــل ســت مــدارس يف مدينــة منبــج‬ ‫بريــف حلــب ومدرســتني فقــط يف كل مــن‬ ‫مدينتــي البوكــال واملياديــن بريــف ديــر الــزور‬ ‫ومدينــة البــاب بريــف حلــب الرشقــي‪ ،‬قائــا‬ ‫«كيــف تحــل هــذه املــدارس أزمــة التعليــم‬ ‫املنتــرة‪ ،‬ال أحــد يعلــم»‪.‬‬ ‫والبــد مــن التذكــر أخــرا ً بحديــث رســول‬ ‫اللــه (ص)‪ :‬اطلــب العلــم ولــو يف الصــن‪.‬‬ ‫وهاهــم محتكــرو الديــن والخالفــة يروجــون‬ ‫للجهــل ولإلرهــاب ولتدمــر البنيــة الحضاريــة‪،‬‬ ‫التــي بإمكانهــا إعــادة بنــاء البــاد اإلســامية‪،‬‬ ‫ولتصمهــا بالجهــل واألميــة مــن أجــل أحــام‬ ‫إمرباطوريــة خادعــة ومشــبوهة‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪11‬‬

‫من أجل املستقبل‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫منــذ اســتالم األســد للســلطة افتقــد‬ ‫االقتصــاد الســوري إىل أيــة هويــة أو رؤية‪ ،‬فقد‬ ‫تغــرت املفاهيــم االقتصاديــة كثــرا ً ودخلــت‬ ‫عوامــل جديــدة يف صميــم البنــاء االقتصــادي مل‬ ‫تكــن محســوبة بقــدر كاف مــن قبــل‪ ،‬وأصبــح‬ ‫اقتصــاد البعــد الواحــد هش ـاً يهــدد اســتقرار‬ ‫الــدول وخططهــا املســتقبلية‪ .‬مــن هنــا نرى أن‬ ‫االقتصــادات التــي تتمتــع بالنشــاط والحيويــة‪،‬‬ ‫ولهــا القــدرة عــى التجــدد هــي اقتصــادات‬ ‫بــأذرع متعــددة‪ ،‬وركائــز متنوعــة وليســت‬ ‫اقتصــادات عرجــاء تســتند عــى ركيــزة منفــردة‬ ‫ولألســف فــإن االقتصــاد الســوري يف مجملــه‬ ‫هــو اقتصــاد البعــد الواحــد يف اعتــاده شــبه‬ ‫الــكيل عــى الريــع‪ ،‬وهكــذا صــار اقتصــادا ً‬ ‫مهــددا ً ومتذبذب ـاً‪.‬‬ ‫ويدخــل االقتصــاد بقــوة يف التخطيــط ملجتمــع‬ ‫مســتدام متجــدد لــه القــدرة عــى إيجــاد‬ ‫وســائل متجــددة تناســب كل ظــرف ســواء كان‬ ‫ظرفـاً داخليـاً أو خارجيـاً‪ ،‬فاالقتصــاد لــه جــذور‬ ‫متشــعبة متتــد خــارج اإلطــار املــكاين للــدول‬ ‫فــا وجــود القتصــاد قائــم بذاتــه دون االعتــاد‬ ‫عــى التعــاون مــع الــدول األخــرى وتختلــف‬ ‫طبيعــة التعــاون‪ ،‬ومســتوى التعــاون باختــاف‬ ‫سياســات الــدول وأهميــة امليــزان التجــاري‬ ‫مــع دولــة أخــرى بحســب أجنــدات معينــة‪.‬‬ ‫ولتنويــع مصــادر االقتصــاد مســتقبالً تحتــاج‬ ‫ســوريا إىل التخطيــط املتكامــل الــذي يربــط‬ ‫مقومــات االســتدامة مــع بعضهــا يف شــبكة‬ ‫متداخلــة ال ميكــن إغفــال أيــة جزئيــة منهــا‬ ‫فاالســتدامة هــي خطــة متجــددة تحتــاج يف‬ ‫مصــادر دميومتهــا إىل وجــود اقتصــاد حيــوي‬

‫مــرن ومجتمــع نشــط متجــدد ومنفتــح عــى‬ ‫األفــكار ثــم وجــود بيئــة صحيــة فيهــا اســتدامة‬ ‫املــوارد‪ ،‬والتــرف الرشــيد املتوفــر مــن الطاقــة‬ ‫والبحــث عــن املصــادر املتجــددة للطاقــة دون‬ ‫االرضار بحقــوق األجيــال املقبلــة يف الوقــت‬ ‫عينــه دون إغفــال حاجــات الجيــل الحــايل‪،‬‬ ‫وهــذا يتطلــب موازنــة دقيقــة والتخطيــط‬ ‫الســليم ودراســة شــاملة للمتوفــر واحتــاالت‬ ‫التوســع يف املســتقبل فالنفــط مثـاً ليــس موردا ً‬ ‫مســتداماً (طاقــة غــر متجــددة) واالقتصــاد‬ ‫الســوري يحتــاج إىل مرونــة يف االعتــاد عــى‬ ‫مصــادر متعــددة لبنــاء اقتصــاد قــوي ونتفــق‬ ‫جميعـاً عــى أن هنــاك تحديــات كثــرة تواجــه‬ ‫االقتصــاد الســوري‪ ،‬ومعظــم هــذه التحديــات‬ ‫كانــت نتيجــة لضعــف األداء االقتصــادي لألســد‬ ‫فالفســاد الــذي أصــاب خطــط ســوريا التنموية‬ ‫بالشــلل كان يف األســاس حربـاً اقتصاديــة عــى‬ ‫الشــعب مــع غــاف أيديولوجــي أو عقائــدي‬ ‫غــر أن لــب أي عمــل يف أي مــكان مــن العــامل‬ ‫هــو الحالــة االقتصاديــة‪ ،‬واالقتصــاد القــوي‬ ‫هــو الضــان األكيــد ملجتمــع مســتقر آمــن ‪.‬‬ ‫ولــي نأخــذ دورنــا يف منظومــة االقتصــاد‬ ‫العاملــي مــع تحقيــق واقــع اقتصــادي يوفــر‬ ‫للفــرد الســوري مســتوى معيشــياً الئق ـاً فإنــه‬ ‫علينــا أن نــدرس متغــرات االقتصــاد العاملــي‬ ‫وأن نحــاول إيجــاد متغرياتنــا الخاصــة التــي‬ ‫نتحكــم فيهــا لــي منتلــك ركائــز اقتصادنــا‪.‬‬ ‫ومــن هنــا فــإن قــوة االقتصــاد تســتند إىل‬ ‫التوغــل يف قطاعــات مختلفــة ويف دول‪،‬‬ ‫ومناشــئ متعــددة لــي ال يكــون اقتصــادا ً‬ ‫معرض ـاً ملوقــف مــا مــن جهــة واحــدة وبهــذا‬ ‫تتحقــق املرونــة يف االقتصــاد بتنــوع املصالــح‬

‫التجاريــة ومــن هــذه املصــادر انشــاء صناديــق‬ ‫اســتثامرية ســيادية مرتبطــة مبــارشة بالبنــك‬ ‫املركــزي الســوري يديرهــا فريــق اقتصــادي‬ ‫متخصــص ومســتقل يعــرف نقــاط القــوة يف‬ ‫الســوق العامليــة ومــؤرشات صعــود ونــزول‬ ‫األســواق العامليــة وميكــن االســتفادة هنــا مــن‬ ‫تجــارب مامثلــة يف دول إقليميــة تحيــط بنــا ‪.‬‬ ‫هــذا األمــر ناتــج عــن رؤيــة عميقــة ووجــود‬ ‫تخطيــط ســليم ودراســة شــاملة لســوق‬ ‫الطاقــة ورصفياتهــا والطلــب عليهــا‪ ،‬واملتوفــر‬ ‫مــن الطاقــة غــر املتجــددة ومخاطــر نضوبهــا‪.‬‬ ‫مبثــل هــذه الرؤيــة تكــون هنــاك صناديــق‬ ‫ســيادية يف االســتثامر خــارج إطــار حدودهــا‬ ‫الوطنــي وذلــك لضــان رشاكــة عاملية وتشــابك‬ ‫مصالــح إلنتــاج مجتمــع مســتقر وآمــن‬ ‫ألن املصالــح املشــركة تكــون أرضيــة قويــة‬ ‫لتجنــب املقاطعــات التجاريــة والتهديــدات‬ ‫السياســية التــي تــؤدي إىل حــروب اقتصاديــة‬ ‫قــد تتطــور إىل حــروب عســكرية وهــذا يشــر‬ ‫بوضــوح إىل وجــود قطــاع اســتثامري نشــط مل‬ ‫يكــن موجــودا ً ســابقاً وهــو االســتثامر بالطاقــة‬ ‫املتجــددة ومثــل هــذا االســتثامر يــؤدي إىل‬ ‫ارتفــاع ســوية الجامعــات ومراكــز التعليــم‬ ‫لتشــجيع بحــوث الطاقــة املتجــددة والبحــث‬ ‫عــن مصادرهــا واســتثامرها تجاريــاً‪.‬‬ ‫وهنــاك صناعــات جديــدة دخلــت يف مجــال‬ ‫االســتثامر مل تكــن واردة مــن قبــل يف الخطــط‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬ولكــن ارتفــاع مســتوى التنافــس‬ ‫التجــاري بــن الــركات خلــق نوعـاً جديــدا ً من‬ ‫الصناعــة‪ ،‬وهــو صناعــة املعــارض وهــي رائجــة‬ ‫ومربحــة جــدا ً وتعتمــد عــى تطويــر البنــى‬ ‫التحتيــة ونحــن نعلــم أن الوضــع األمنــي يف‬

‫ســوريا قــد يجعــل مثــل هــذه الصناعــة فكــرة‬ ‫غــر واردة يف البدايــة‪ ،‬ولكن أرى أن اإلشــارة إىل‬ ‫وجودهــا وفكــرة االســتثامر فيهــا واردة تحــت‬ ‫أي ظــرف ألن علّــة كل شــئ هــي االقتصــاد‬ ‫فحتــى فقــدان األمــن هــو نتــاج لرصاعــات ال‬ ‫يغيــب عنهــا االقتصــاد والتنافــس االقتصــادي‬ ‫بــن الــدول لــرب مصالــح بعضهــا بخلــق‬ ‫أفــكار عقائديــة بعوائــد اقتصاديــة‪ ،‬والتفكــر‬ ‫يف مثــل هــذه الصناعــة ينتــج أفــكارا ً خالقــة‬ ‫لتحســن الواقــع األمنــي وذلــك بتحســن البنــى‬ ‫التحتيــة‪ ،‬فبوجــود شــبكة اتصــاالت متقدمــة‬ ‫تكــون‪ ،‬بالنتيجــة‪ ،‬الحالــة األمنيــة أكرث اســتقرارا ً‬ ‫لوجــود عوامــل متابعــة اســتخباراتياً وبشــكل‬ ‫دقيــق وبالتــايل خلــق مجتمــع آمــن مســتقر‬ ‫يشــجع االســتثامر يف صناعــة املعــارض وهــذه‬ ‫الصناعــة املربحــة تســتلزم وجــود فنــادق‬ ‫وقطــاع ســياحي متميــز‪ ،‬وبالتــايل ينتــج‬ ‫وبصــورة حتميــة تطويــرا ً للبنــى التحتيــة‪،‬‬ ‫وشــبكة االتصــاالت والطــرق واملطــارات ‪ ...‬الــخ‬ ‫‪.‬‬ ‫نــرى مــن خــال هذيــن املثالــن‪ ،‬الطاقــة‬ ‫املتجــددة وصناعــة املعــارض‪ ،‬دخــول‬ ‫متغــرات جديــدة يف االقتصــاد والتوجــه‬ ‫نحــو االقتصــاد املســتدام الــذي لــه قــدرة‬ ‫التجــدد والدميومــة وهــذا مــا نريــده يف‬ ‫ســوريا للنهــوض باقتصادهــا املتهالــك لتحريــره‬ ‫وتطويــره واالقتصــاد املســتدام يحتــاج إىل‬ ‫وجــود قوانــن وترشيعــات تدعــم القطــاع‬ ‫الخــاص لحيويــة هــذا القطــاع ووجــود تنافــس‬ ‫بــن رشكاتــه‪ .‬مثــل ذلــك التنافــس يغيــب عــن‬ ‫الجانــب الحكومــي‪ ،‬والــركات الحكوميــة‬ ‫لذلــك عــى املــرع الســوري أن يجتهــد يف‬

‫تطويــر القطــاع الخــاص بترشيعــات تضمــن‬ ‫تطويــر هــذا الجانــب‪ ،‬وتشــجع العمــل بــه‬ ‫مثــل نظــام الضــان االجتامعــي وتشــجيع‬ ‫رؤوس األمــوال وأصحــاب الــركات الخاصــة‬ ‫مــن خــال حزمــة ترشيعــات تطلــق القــروض‬ ‫البنكيــة والتســهيالت املرصفيــة وتخلــق جــوا ً‬ ‫مــن األمــان لالســتثامر وعــى القطــاع الخــاص‬ ‫أن يكــون مشــاركاً فعليـاً يف االقتصــاد الوطنــي‪،‬‬ ‫وأن تكــون هنــاك حالــة مــن التجــاذب بــن‬ ‫القطــاع الحكومــي والقطــاع لخــاص إلنتــاج‬ ‫نــوع مــن التنافــس بينهــا‪ ،‬وبالتــايل تطويــر‬ ‫االقتصــاد‪.‬‬ ‫علينــا أن نبــدأ بالتفكــر يف االقتصــاد املســتدام‪،‬‬ ‫والبحــث عــن مصــادر الطاقــة املتجــددة وأن‬ ‫منلــك الجــرأة يف خلــق مصــادر رائــدة لالقتصــاد‬ ‫قــد تكــون غائبــة عنــا رغــم قربهــا وأن نشــجع‬ ‫املبــادرات واألفــكار الرائــدة يف تنويــع مصــادر‬ ‫االقتصــاد وأن يعمــل الجميــع ضمــن مصلحــة‬ ‫موحــدة ســواء القطــاع الحكومــي أو الخــاص‪،‬‬ ‫فاالقتصــاد القــوي املــرن يخــدم الجميــع‬ ‫واالقتصــاد الهــش يهــدد الجميــع‪ ،‬ويف هــذا‬ ‫الجانــب مــن املمكــن أن تقــوم الحكومــة‬ ‫املؤقتــة بتبنــي برامــج إليجــاد مثــل هــذه‬ ‫األفــكار وإنشــاء مركــز حكومــي للدراســات‬ ‫تحــت مســمى املركــز الوطنــي لالقتصــاد‬ ‫املســتدام يكــون ضمــن مســؤولياته البحــث‬ ‫والكشــف عــن األفــكار الخالقــة وإعــداد‬ ‫الخطــط املســتقبلية الالزمــة لنهضــة ســوريا‬ ‫يف كافــة املجــاالت وتشــجيع بحــوث الدارســن‬ ‫االقتصاديــن يف األفــكار التــي تــؤدي اىل تنويــع‬ ‫االقتصــاد وجعلــه اقتصــادا ً متجــددا ً باســتمرار‪.‬‬

‫داع��ش يبي��ع النف��ط بالل�يرة دعم��ًا لألس��د‬ ‫الحرمل ــ وكاالت‬

‫الحكومــة الســورية املؤقتــة انحســار ســيطرة‬ ‫النظــام الســوري عــى حقــول النفــط والغــاز‬ ‫يف البــاد إىل أقــل مــن ‪ ،8%‬يف حــن بــات‬ ‫تنظيــم «داعــش» يســيطر عــى أكــر مــن‬ ‫‪ 80%‬مــن تلــك الحقــول‪ ،‬ومل يبــق خــارج‬ ‫ســيطرة التنظيــم ســوى حقــل شــاعر الــذي‬ ‫تســيطر عليــه قــوات األســد يف ريــف حمــص‬ ‫الرشقــي‪ ،‬وحقــول رميــان التــي تســيطر‬ ‫عليهــا وحــدات «حاميــة الشــعب» الكرديــة‬ ‫يف ريــف الحســكة‪.‬‬ ‫وتشــر الخريطــة التــي نرشهــا مؤخــرا ً‬ ‫مكتــب املعلومــات الجغرافيــة يف وزارة‬ ‫االتصــاالت والنقــل والصناعــة‪ ،‬بالتنســيق‬ ‫مــع وزارة الطاقــة والــروة املعدنيــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬إىل أن تنظيــم‬ ‫«داعــش» يحتــل املرتبــة األوىل مــن خــال‬ ‫ســيطرته عــى أكــر مــن ‪ 80%‬مــن حقــول‬ ‫النفــط والغــاز‪ ،‬وتليــه الفصائــل الكرديــة‬ ‫بنســبة ‪( 12%‬معظمهــا مبناطــق أقــى‬ ‫شــال رشقــي ســورية)‪ ،‬وجــاء نظــام األســد‬ ‫يف املرتبــة األخــرة بنحــو ‪.8%‬‬ ‫وبحســب املرصــد الســوري لحقــوق‬ ‫وســع تنظيــم «داعــش» مــن‬ ‫اإلنســان‪ ،‬فقــد ّ‬ ‫رقعــة ســيطرته داخــل األرايض الســورية‪،‬‬ ‫إثــر هجــات نفذهــا منــذ إعالنــه «دولــة‬ ‫الخالفــة» يف ‪ 28‬يونيو‪/‬حزيـران ‪ ،2014‬وبــات‬ ‫اليــوم يســيطر عــى أكــر مــن ‪ 95‬ألــف‬ ‫كيلومــر مربــع‪ ،‬مــن املســاحة الجغرافيــة‬ ‫لســورية‪ ،‬يف تســع محافظــات ســورية‪.‬‬

‫التحالــف بــن داعــش ومختلــف‬ ‫األطـراف املحليــة واإلقليميــة وخاصــة النظــام‬ ‫وإيـران موضــع نقاشــات كثــرة ال تــكاد تهــدأ‬ ‫يف األوســاط العامــة أو الخاصــة‪ ،‬رغــم عــدم‬ ‫وجــود دالالت قاطعــة ال مــن جهــة وجــود‬ ‫هــذا التحالــف غــر املكتــوب أو مــن حيــث‬ ‫عــدم وجــوده‪.‬‬ ‫وقــد كتــب الصحــايف عدنــان عبــد الــرزاق‬ ‫يف العــريب الجديــد قائــا‪ :‬ارتفعــت أســعار‬ ‫املشــتقات النفطيــة يف املناطــق الخاضعــة‬ ‫لســيطرة املعارضــة الســورية مبحافظتــي‬ ‫حلــب وإدلــب‪ ،‬شــال غــرب ســورية‪ ،‬بنحــو‬ ‫مثانيــة أضعــاف‪ ،‬خــال األســبوعني املاضيــن‪،‬‬ ‫حيــث ارتفــع ســعر ليــر املــازوت مــن ‪70‬‬ ‫إىل ‪ 500‬لــرة‪ ،‬اليــوم األربعــاء‪ ،‬يف رسمــن‬ ‫ورساقــب‪ ،‬رشقــي إدلــب يف حــن ارتفــع ســعر‬ ‫ليــر البنزيــن إىل نحــو ‪ 400‬لــرة‪ ،‬وارتفــع‬ ‫ســعر ليــر املــازوت يف ريــف حلــب إىل أكــر‬ ‫مــن ‪ 600‬لــرة ســورية‪.‬‬ ‫وقــال حســام ديــب مــن ريــف إدلــب‬ ‫لـ»العــريب الجديــد»‪ ،‬إن «واردات النفــط‬ ‫الخــام التــي كانــت تــأيت مــن مناطــق‬ ‫ســيطرة تنظيــم الدولــة «داعــش»‪ ،‬تراجعــت‬ ‫بعــد االشــتباكات بينهــم وبــن جيــش‬ ‫الفتــح»‪ ،‬مشــرا ً إىل أن معــارك غــريب حلــب‬ ‫عــى كميــة النفــط التــي كانــت تصــل عــر‬ ‫الصهاريــج ويتــم تكريرهــا بدائيــاً‪ ،‬أثــرت‬ ‫عــى رفــع األســعار بشــكل جنــوين مــع بدايــة‬ ‫شــهر رمضــان‪.‬‬ ‫ويســيطر تنظيــم الدولــة «داعــش» عــى‬ ‫معظــم حقــول النفــط والغــاز يف ســورية‪ ،‬وأكــد ســليامن الحمــد مــن مدينــة الرقــة‬ ‫فقــد كشــفت خريطــة أعدتهــا جهــة تتبــع لـ»العــريب الجديــد» أن «داعــش» مــا يزال إىل‬

‫اليــوم يبيــع النفــط لتجار ووســطاء يســاندون‬ ‫النظــام‪ ،‬قائــاً‪« :‬حقيقــة ال نعــرف مصــر‬ ‫النفــط الــذي يبــاع‪ ،‬خصوصــاً أن كمياتــه‬ ‫كبــرة جــدا ً‪ ..‬مــا نعلمــه أنــه يتــم تســيري‬ ‫صهاريــج النفــط إىل مناطــق «كمحطــة» يك‬ ‫يتــم نقلهــا إىل مناطــق ســيطرة نظام األســد»‪.‬‬ ‫ولفــت إىل أن «داعــش» يبيــع النفــط يف‬ ‫ســورية حتــى اليــوم‪ ،‬باللــرة الســورية‪ ،‬بينــا‬ ‫يبيــع النفــط يف العــراق بالــدوالر‪.‬‬ ‫وكانــت الحكومــة الربيطانيــة قــد اتهمــت‬ ‫يف فرباير‪/‬شــباط املــايض الحكومــة الســورية‬ ‫بـراء شــاحنات نفــط مــن تنظيــم «داعــش»‬ ‫عــر وســطاء‪ ،‬واعتــرت حربهــا عــى التنظيــم‬ ‫«أكذوبــة»‪.‬‬ ‫وقــال وزيــر الخارجيــة الربيطــاين فيليــب‬ ‫هامونــد يف بيــان‪ ،‬إن نظــام الرئيــس بشــار‬ ‫األســد يشــري‪ ،‬عــر وســطاء‪ ،‬كميــات مــن‬ ‫النفــط الــذي يســتخرجه تنظيــم «داعــش»‪،‬‬ ‫وعليــه فقــد قــام االتحــاد األورويب يف مــارس‪/‬‬ ‫آذار املــايض‪ ،‬بفــرض عقوبــات عــى رجــل‬ ‫أعــال ســوري‪ ،‬يدعــى جــورج حســواين‪،‬‬ ‫يقــول االتحــاد األورويب إنــه كان وســيطاً‬ ‫بــن «داعــش» ونظــام األســد يف مــا يتعلــق‬ ‫بشــحنات نفــط‪.‬‬ ‫وأكــدت مصــادر خاصــة لـ»العــريب الجديــد»‪،‬‬ ‫أنــه يوجــد وســطاء وشــخصيات مواليــة‬ ‫لنظــام األســد تعقــد صفقــات نفطيــة‬ ‫وبكميــات كبــرة مــع تنظيــم «داعــش»‪،‬‬ ‫مشــرة إىل أن الصفقــات تتــم باللــرة‬ ‫الســورية وليــس بالــدوالر‪ .‬ويــرى املحلــل‬ ‫الســوري عــي الشــامي‪ ،‬أن بيــع نفــط‬ ‫تنظيــم الدولــة «داعــش» باللــرة الســورية‬ ‫ســاهم بشــكل كبــر يف ســحب فائــض ســيولة‬

‫العملــة املحليــة مــن ســوق التــداول وحافــظ‬ ‫عــى متوســط ســعر أقــل مــن ‪ 300‬لــرة‪.‬‬ ‫وأضــاف الشــامي لـ»العــريب الجديــد»‪:‬‬ ‫«جــاء بيــع النفــط باللــرة كإســعاف للنظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬ألنــه ميــده بالنفــط بعــد تراجــع‬ ‫دور إي ـران وتوقــف روســيا‪ ،‬كــا حافــظ لــه‬ ‫عــى اللــرة مــن االنهيــار‪ ،‬بعــد أن تعــدت‬ ‫الشــهر الفائــت عتبــة ‪ 325‬لــرة للــدوالر‬ ‫الواحــد»‪.‬‬ ‫وكانــت مصــادر مطلعــة مــن مدينــة الرقــة‬ ‫قــد أكــدت أن تنظيــم الدولــة «داعــش»‬ ‫قــد بــدأ‪ ،‬منــذ اصطدامــه مــع الجيــش الحــر‬ ‫والفصائــل الكرديــة شــايل غــرب ســورية‪،‬‬ ‫ويف ريــف الرقــة «تــل أبيــض» شــايل رشق‬ ‫ســورية‪ ،‬ببيــع النفــط مــن اآلبــار الخاضعــة‬ ‫لســيطرته باللــرة الســورية‪ ،‬بعــد أن كان‬ ‫يبيــع النفــط للتجــار والوســطاء العراقيــن‬ ‫بالــدوالر طــوال الفــرة املاضيــة‪.‬‬ ‫ويف حــن ال يزيــد ســعر ليــر املــازوت يف‬ ‫مناطــق ســيطرة النظــام عــن ‪ 150‬لــرة‬

‫بالســوق الســوداء و‪ 125‬بالســوق الرســمي‪،‬‬ ‫رجحــت املصــادر أن «داعــش» قــام برفــع‬ ‫األســعار لحاجتــه إىل املــال مــن أجــل دفــع‬ ‫رواتــب مقاتليــه ومتويــل أعاملــه الحربيــة‬ ‫واإلعالميــة‪.‬‬ ‫وباالضافــة إىل دعــم اقتصــاد النظــام‪ ،‬فقــد‬ ‫بــات مــن املؤكــد بــأن الطــرق البدائيــة التــي‬ ‫ينهــب بهــا داعــش حقــول النفــط تتســبب‬ ‫بتلــوث البيئــة بالدخــان الكثيــف‪ ،‬والــذي‬ ‫ينــر األمـراض الخطــرة يف القــرى والبلــدات‬ ‫املبتليــة بطــرق التصفيــة البدائيــة التــي‬ ‫تعمــل ليــل نهــار مــن أجــل اث ـراء التنظيــم‬ ‫املتطــرف الــذي ال يرتــوي مــن الهيمنــة ومــن‬ ‫التضحيــة بالبــر وبصحتهــم وبرثواتهــم‬ ‫الوطنيــة ناهيــك عــن تخريــب الطــرق‬ ‫بالنفــط املتــرب مــن صهاريــج النقــل‪،‬‬ ‫والــذي يتســبب بالكثــر مــن الحــوادث‬ ‫القاتلــة للنــاس املســافرين مــن قراهــم إىل‬ ‫املــدن التــي يؤمونهــا للتــزود بحاجياتهــم‬ ‫الرضوريــة‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫قصة قصيرة‪.‬‬

‫مصطفى تاج الدين الموسى‬

‫جــدي دفــن حبــي الــري ث ـ ّم زرعهــا فوقــه‪،‬‬ ‫مــن وقتهــا مل أعــد أعــرف‪ ،‬هــل أنــا أنــا‪ ،‬أم يحيــى‪،‬‬ ‫أم شــجرة الكــرز؟‬ ‫ي تــوا ً أقنعتنــي أن‬ ‫القذيفــة التــي ســقطت عــ ّ‬ ‫ســنوات حيــايت لــن تتجــاوز عــدد أغصانهــا‪.‬‬ ‫ـت يــدي‪ ،‬أمــي‬ ‫ـقطت فجرحـ ُ‬ ‫م ـ ّرة‪ ،‬يف العاصمــة سـ ُ‬ ‫اســتيقظت فجــا ًة‬ ‫يف قرصهــا الصغــر يف الشــال‬ ‫ْ‬ ‫وتأملــت شــجرة‬ ‫خرجــت إىل الرشفــة‬ ‫خائفــة‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـت ســلامً لتصعــد بشــجاعتها‬ ‫ـت وجلبـ ْ‬ ‫الكــرز‪ ،‬أرسعـ ْ‬ ‫إىل غصــن كرستــه الريــاح‪ ،‬لتضمــده عــى مهــل‪.‬‬ ‫يف الصباح كانت يدي معافاة‪.‬‬ ‫ـــ لن تعيش طويالً بعد رحييل‪ ..‬وداعاً يامن‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بلطــف‪،‬‬ ‫قــال يحيــى بثقــة‪ ،‬مــال إ ّيل ليقبلنــي‬ ‫حمــل الحقيبــة التــي جمــع بهــا كل لوحــايت بــدون‬ ‫إطاراتهــا‪ ..‬لــ ّوح يل ومــى‪ ،‬حــدث هــذا صبــاح‬ ‫اليــوم‪ ،‬بعــد ليل ـ ٍة غريبــة‪ ،‬تصالحنــا فيهــا أنــا وهــو‬ ‫للمــرة األوىل خــال ثالثــة عقــود‪ ،‬قبــل ســاعات‬ ‫ي يف‬ ‫قليلــة مــن ســقوط إحــدى قذائــف الحــرب عـ ّ‬ ‫شــارع الحديقــة الكبــرة‪.‬‬ ‫دمــايئ تنــزف بغ ـزارة‪ ،‬الــدم‪ :‬هــذا اللــون الغريــب‬ ‫ـمت بــه ذات ســكرة ــــ بعــد أن غــرس‬ ‫الــذي رسـ ُ‬ ‫يحيــى منتشــياً ســكيني يف كتفــي ــــ أجمــل لوحــة‬ ‫كل‬ ‫يل‪ ,‬لــون الــدم وحــده لــون أصــي مــن بــن ّ‬ ‫ألــوان الحيــاة‪.‬‬ ‫اســتطعت بصعوبــة أن أجــر نفــي مــن بــن‬ ‫ُ‬ ‫القتــى والجرحــى ألمــي بضعــة شــوارع حتــى‬ ‫قرصنــا القديــم املهجــور‪.‬‬ ‫رفضــت كل اإلســعافات األول ّيــة‪ ،‬كنــت متأكــدا ً‬ ‫ُ‬ ‫أننــي ســوف أمــوت‪ ،‬لهــذا‪ ..‬اإلســعاف الوحيــد‬ ‫هــو أن أرجــع لقرصنــا الصغــر املهجــور وأمــوت‬ ‫بــن كراكيبــه‪ ،‬متامـاً يف نفــس املــكان الــذي ولــدتُ‬ ‫فيــه‪ ..‬مــع فــارق غــر بســيط‪ ،‬ولــدتُ هنــا بــن‬ ‫ر أنيقــن للغايــة‪ ،‬وأمــوت اآلن هنا‬ ‫أثــاث فخــم وبـ ٍ‬ ‫أيضـاً لكــن بــن الكراكيــب وأشــباح ذكريــات حيــاة‬ ‫غريبــة‪ ،‬وبقايــا األشــياء وغبارهــا وموجــز رسيــع‬ ‫لحيــايت كرشيــط ســيناميئ شــاحب‪ ،‬ميــر يف الذاكــرة‬ ‫مثــل قطــا ٍر بصفــارة كئيبــة‪.‬‬ ‫ـدي أكــر مــن نصــف ســاعة ألتذكــر‬ ‫ال أظــن أنــه لـ ّ‬ ‫كل حيــايت‪ ،‬حيــايت الغريبــة‪ ،‬وأنــا أحتــر هنــا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ســوف أحــاول‪ :‬ال أعــرف مــن أيــن جــاء أيب‪ ،‬يُقــال‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫نصف ساعة احتضار‬

‫إنــه جــاء مــن قريــ ٍة بعيــدة وفقــرة مهووســة‬ ‫بالخرافــات‪ ،‬أهــل قريتــه طــردوه منهــا عندمــا كان‬ ‫مراهقــاً لكــرة تعدياتــه عــى أرضحــة ومــزارات‬ ‫وأمكنــة مقدســة يف تلــك القريــة‪.‬‬ ‫ـت ّيل كث ـرا ً عــن تلــك األيــام‪،‬‬ ‫العجــوز الرتكيّــة حكـ ْ‬ ‫أغرمــت أمــي بــأيب وأجــرتْ جــدي الــذي‬ ‫كيــف‬ ‫ْ‬ ‫يكــره الفالحــن عــى زواجهــا مــن أحــد أبنائهــم‪.‬‬ ‫قالــت يل العجــوز الرتكيــة‪ ،‬يف مســا ٍء دافــئ‬ ‫مــ ّرة‪,‬‬ ‫ْ‬ ‫مــن مســاءات حكاياتهــا‪:‬‬ ‫ـت مل تكــن تبــي‬ ‫ـــــ يــوم والدتــك بــى جــدك‪ ..‬أنـ َ‬ ‫هبطــت مــن أمــك‬ ‫مثــل أي جنــن يولــد تــوا ً‪..‬‬ ‫َ‬ ‫صامتــاً‪ ،‬صمتــك الغريــب أدهشــنا‪ ،‬مل نعــر عــى‬ ‫تفســر مقنــع لــه‪ ،‬أخــذتّ مــن أمــك زرقــة عينيهــا‬ ‫وكل بياضهــا‪ ،‬وجهــك كان تطــورا ً لجاملهــا الباهــر‪..‬‬ ‫لتبــدو ضــوءا ً جعلنــا نشــهق وســوف يجعــل كل‬ ‫مــن ي ـراك فيــا بعــد يشــهق‪ ،‬جــدك مل يصــدق‪..‬‬ ‫ــك لصــدره وبــى‪ ،‬يف حياتــه كلهــا مل ِ‬ ‫ض ّم َ‬ ‫يبــك‪..‬‬ ‫وصفــك بــــ (عاصمــة النســاء) جــدك الــذي أمــى‬ ‫حياتــه محــارصا ً بالنســاء‪ ،‬والدتــه ث ـ َّم زوجــة أبيــه‪،‬‬ ‫عــدة عــات وخــاالت وشــقيقات‪ ،‬دون أعــام‬ ‫فأنجبــت لــه‬ ‫وأخــوال وأشــقاء‪ ..‬تــزوج جدتــك‬ ‫ْ‬ ‫ـت‬ ‫خالتــك وأمــك‪ ،‬خالتــك أنجبــت رميــا وأمــك أنجبـ ْ‬ ‫ســاهر و يــرى‪ ،‬ث ـ َّم أنجبتــك لتكــر بـ َـك طــوق‬ ‫النســاء حــول جــدك‪.‬‬ ‫هــو مــن جعــل شــعرك األشــقر ينســدل عــى‬ ‫كتفيــك كالحريــر‪ ،‬ليرسحــه َ‬ ‫كل مســا ٍء فــوق‬ ‫لــك ّ‬ ‫ـكل العابريــن‬ ‫طاولتــه عــى الرشفــة‪ ،‬وكأنّــه يريــد لـ ِّ‬ ‫يف حياتــه أن يشــاهدوك‪.‬‬ ‫يــوم والدتــك مل يكــن والــدك يف البيــت‪ ،‬كعادتــه‬ ‫كان مــع رفاقــه يخطــط ويتحــدث ويــرح عــن‬ ‫كل‬ ‫الحــرب التــي يجــب أن تعيــد العدالــة إىل ِّ‬ ‫الكوكــب‪.‬‬ ‫آ ٍه أيتهــا العجــوز الرتكيّــة‪ ،‬حــرب والــدي جــاءتْ‬ ‫بعــد وفاتــه‪ ..‬تأخــرتْ كثـرا ً‪ ،‬ومل تقتــل أحــدا ً ســوى‬ ‫ابنــه‪.‬‬ ‫العجــوز الرتكيــة تعــرف كل قصــص قرصنــا‬ ‫ـت عنــد ســلخ لــواء‬ ‫ـت طفلــة وتاهـ ْ‬ ‫الصغــر‪ ،‬ضاعـ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ـت إىل هنــا‪..‬‬ ‫ـت لليــال حتــى وصلـ ْ‬ ‫اســكندرون‪ ،‬مشـ ْ‬ ‫كان جــدي شــاباً‪ ،‬أقنــع أهلــه أن يلتقطــوا هــذه‬ ‫الرتكيّــة الصغــرة‪ ،‬لتمــي حياتهــا يف غرفــة صغــرة‬ ‫خلــف قرصنــا‪ ،‬تخــدم العائلــة وتحلــم بــأن ترجــع‬

‫يوم ـاً مــا إىل تركيــا‪.‬‬ ‫أول لوحــة رســمتُها يف قبــو اللوحــات حيــث كان‬ ‫يرســم والــدي بعيــدا ً عــن أمــي وجــدي‪ ،‬كانــت‬ ‫ـت إىل غرفتهــا‬ ‫لوجــه العجــوز الرتكيــة‪ ،‬ليلتهــا ركضـ ُ‬ ‫ألهديهــا لوحتــي األوىل‪ ،‬عــرتُ عليهــا ميتــة يف‬ ‫رسيرهــا‪ ،‬وحل ُمهــا يف الرجــوع لرتكيــا مســتلّق‬ ‫جانبهــا جثــ ًة ثانيــة‪.‬‬ ‫عندمــا ولــدت انتبهــوا يل‪ ،‬فـــ أســموين (ميــان) هو مل‬ ‫ينتبهــوا لــه‪ ،‬لهــذا عــاش خمــس ســنوات دون اســم‪،‬‬ ‫ـت لــه‪ ،‬أســميته (يحيــى) ‪.‬‬ ‫عندمــا انتبهـ ُ‬ ‫كان يحيى لثالثة عقو ٍد تقريباً رسي الرهيب‪.‬‬ ‫طــوال عقــد مل تتوقــف املشــاجرات بــن أيب‬ ‫وأمــي‪ ،‬وعندمــا مل تعــد لديــه قــدر ٌة عــى تحمــل‬ ‫غرورهــا وعجرفتهــا هجرنــا‪ ،‬تــرك يل قبــو اللوحــات‬ ‫ألتعلــم الرســم وذهــب ليعيــش بعيــدا ً عنــا‪ ،‬ال‬ ‫أحــد اســتطاع أن يرجعــه طــوال عقديــن‪ ،‬فقــط‬ ‫الرسطــان وحــده اســتطاع أن يعيــده إلينــا قبــل‬ ‫وفاتــه بأســابيع قليلــة‪.‬‬ ‫كانــت أمــي تكابــر يف النهــار أمــام الجميــع‪ ،‬لكنهــا‬ ‫كل ليلــة تبــي بصمــت يف رسيرهــا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يف قبــو اللوحــات لــن أرســم الفقـراء والفالحــن كــا‬ ‫فعــل أيب‪ ،‬سأرســم الفتيــات الجميــات‪ ،‬الجميــات‬ ‫اللــوايت عشــقتهن يف حيــايت مــن حــارة القصــور‬ ‫الصغــرة حتــى الجامعــة‪.‬‬ ‫خلــف كل لوحــة عشــيقة‪ ،‬وخلــف كل عشــيقة‬ ‫خيبــة‪ ،‬والخيبــة مجموعــة ألــوان تبــي عــى‬ ‫ي أن أتذكرهــ ّن كلهــ ّن اآلن قبــل أن‬ ‫القــاش‪ .‬عــ ّ‬ ‫أمــوت‪.‬‬ ‫رســمتهن‪ ،‬يف غيبوبــايت اللون ّيــة الغرائب ّيــة‪ ،‬نبيــذا ً‬ ‫وحزنــاً وشــهو ًة وابتســام َة عشــيق ٍة‪ ،‬أبــدأ برســم‬ ‫األنثــى مــن نهدهــا‪ ،‬وأنتهــي مــن رســمها عنــد‬ ‫ابتســامتها‪.‬‬ ‫وحدهــا ناديــا ســوف أفشــل برســمها‪« ،‬ناديــا ال‬ ‫رصخــت يف روحــي‬ ‫أحــد يســتطيع أن يرســمها «‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫كل شــياطيني و يحيــى يقهقــه عــى جســدها‬ ‫العــاري يف قبــو اللوحــات‪.‬‬ ‫ليلتهــا‪ ،‬بعــد أن ارتــدت ثيابهــا‪ ،‬قالــت يل قبــل ناديــا‬ ‫قبــل أن متــي‪:‬‬ ‫ـــــ قــد ال أرجــع ثانيــة َ‬ ‫تظــل‬ ‫إليــك‪ ،‬أرديــك أن ّ‬ ‫حلــاً‪ ..‬يف زاويــة حديقتكــم يوجــد شــجرة كــرز‬ ‫جميلــة‪ ،‬علــق عليهــا أرجوحــة وانتظــرين‪ ..‬قــد‬

‫أرجــع يومــاً مــا‪..‬‬ ‫اللعنــة عــى أنوثتهــا الباهــرة‪ ،‬أمــام كل عشــيقايت‬ ‫كنــت أضــع ســاقاً عــى أخــرى ألرســمهن بــا‬ ‫مبــاالة‪ ،‬هــي‪ ..‬ســجدتُ روحــي بخشــو ٍع أمــام‬ ‫وكل علــب ألــواين تــرب عــن‬ ‫جســدها العــاري ّ‬ ‫نزيفهــا‪.‬‬ ‫ناديــا‪ ،‬هــي وحدهــا ســوف تنجــح برســمي مــن‬ ‫بــن كل أصدقائنــا الرســامني‪.‬‬ ‫معتــز قــال‪ :‬وجهــك عــي عــى الفرشــاة يــا‬ ‫صاحبــي‪ ..‬يشــبه النبيــذ‪ ،‬يُــرب لكنــه ال يُرســم‪.‬‬ ‫متتمت‪ :‬وجهك بحد ذاته لون جديد‪.‬‬ ‫ريتا‬ ‫ْ‬ ‫ـت‪ :‬ميكــن‪ ..‬بعــد ألــف لوحــة وألــف‬ ‫ســمر همسـ ْ‬ ‫عشــيق‪ ،‬قــد أســتطيع رســمك‪.‬‬ ‫ســامي رصخ بعــد عــدة محــاوالت فاشــلة يف‬ ‫مرســمه يف األحيــاء العتيقــة للعاصمــة‪ ,‬وهــو يكــر‬ ‫فرشــاته بحنــق‪ :‬أنــت ال أحــد يســتطيع رســمك‬ ‫ســوى اللــه‪..‬‬ ‫ورسمتني ناديا‪.‬‬ ‫عــى عكــي متامــاً يف الرســم‪ ،‬ابتــدأتْ مــن‬ ‫عينــي‪.‬‬ ‫وانتهــت بزرقــة‬ ‫ابتســامتي‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫بــن الجرعــة الكيامويــة الثالثــة ووفاتــه بضــع‬ ‫ســاعات‪ ،‬بــدا لنــا كأنّــه رجــع شــاباً‪ ،‬قــال إنــه يريــد‬ ‫أن يرســم‪ ،‬ظننــا أنــه الحنــن لفالحيــه وقريتــه‪ ،‬قــال‬ ‫لنــا سأرســم ميــان‪ ..‬وابتســم‪ ،‬أنــا فرحــت‪.‬‬ ‫جلــس خلــف ســلم اللوحــة ورســم لســاعات قليلــة‪،‬‬ ‫رســم بنشــوة هائلــة وكأنــه ميــارس الحــب يف ليلتــه‬ ‫األوىل مــع أمــي كــا حــى يل ذات ســكرة‪ ،‬بــن‬ ‫ســيجارتني مــن قهــر‪.‬‬ ‫ليلــة أوىل وأخــرة للحــب بــن فقــراء الفالحــن‬ ‫بنــزق مطرهــم‪ ،‬وأناقــة األرســتقراطيني النبيلــة‪.‬‬ ‫شعر بالتعب فرجع لرسيره حيث استلقى‪.‬‬ ‫ـهقت وأنــا أتأمــل لوحتــه األخــرة غــر املكتملــة‪،‬‬ ‫شـ ُ‬ ‫هــذا الوجــه عليهــا مل يكــن وجهــي‪ ،‬كان وجــه‬ ‫ـت أن أيب يعــرف رسي الرهيــب‬ ‫يحيــى‪ ،‬عندئـ ٍـذ عرفـ ُ‬ ‫القديــم‪.‬‬ ‫ابتسمت له ابتسم يل ومات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بكيــت وأنــا أحضنــه‪ ،‬يف القبــو أيضــاً‪ ..‬الجميــات‬ ‫ُ‬ ‫يف لوحــايت‪ ،‬الفالحــون يف لوحاتــه‪ ،‬حتــى العجــوز‬ ‫الرتك ّيــة يف قربهــا‪ ،‬كلّهــم بكــوا‪.‬‬ ‫بينــا يحيــى وحــده كان يقفــز حولنــا كمجنــون‬ ‫ويلتقــط لنــا صــورا ً تذكاريــة مــع الجثــة‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫حاولــت أمــي أن تُدخــل اللــه إىل‬ ‫لعقــد كامــل‬ ‫ْ‬ ‫قرصنــا‪ ،‬كانــت تشــعر بأنــه ســاحها األخــر لتهــزم‬ ‫والــدي‪ ،‬ولطاملــا حــاول والــدي أن يــرك اللــه خــارج‬ ‫قرصنــا‪.‬‬ ‫مثّــة ســوء تفاهــم كبــر بــن اللــه وأيب‪ ،‬أظــن أننــي‬ ‫ورثــت ســوء التفاهــم هــذا مــن أيب‪ ،‬هــذه الحــرب‬ ‫جعلتنــي انتبــه جيــدا ً لســوء التفاهــم هــذا‪.‬‬ ‫يف طفولتــي كنــت أتخيــل اللــه عجــوزا ً يقــف ببــاب‬ ‫قرصنــا‪ ،‬رجلــه األوىل يف الداخــل والثانيــة يف الخارج‪.‬‬ ‫يف تلــك الليلــة شــاهدته للمــرة األوىل‪ ،‬ليــس اللــه‪..‬‬ ‫وإمنــا يحيــى‪.‬‬ ‫ـللت ــــ بفضــول الصغــار ــ بعــد منتصــف الليل‬ ‫تسـ ُ‬ ‫أي طفــلٍ اشــتاق لوالــده إىل القبــو‪ ،‬كان أيب‬ ‫مثــل ِّ‬ ‫نامئـاً‪ ،‬أصابعــه ملوثــة باأللــوان ومــن أنفاســه تفــوح‬ ‫ـت بــن لوحــات فالحيــه‪ ،‬عرثتُ‬ ‫رائحــة الخمــر‪ ،‬تجولـ ُ‬ ‫فــوق الطاولــة عــى نصــف زجاجــة نبيــذ‪ ..‬رشبتهــا‪،‬‬ ‫ثــ َّم صعــدتُ إىل األعــى وأنــا أترنــح‪ ،‬يف عتمــة‬ ‫الصالــون وعــى ضــو ٍء خفيــف للقمــر عــر النافــذة‬ ‫شــاهدتني أمــي‪.‬‬ ‫ظلهــا شــاهق كــا شــخصيتها‪ ،‬بــكل جاللهــا‪ ،‬شـلَّها‬ ‫مــوت أيب وبهاؤهــا مل يُشــل‪.‬‬ ‫أعتــذر مــن ألــوان أيب التــي ورثتهــا‪ ،‬لكننــي مل أرث‬ ‫ورثــت‬ ‫ســجائره امللفوفــة عــى عجــل البســطاء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الســيجار الفاخــر لهيبتهــا‪.‬‬ ‫وضعــت رجــي‬ ‫مشــيت إىل البــاب وفتحتــه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتركــت اليــرى داخلــه‪.‬‬ ‫البــاب‬ ‫خــارج‬ ‫اليمنــى‬ ‫ُ‬ ‫ي أمــي بعنادهــا املعتــاد‪ :‬ارجــع إىل‬ ‫ْ‬ ‫رصخــت عــ ّ‬ ‫رسيــرك‪..‬‬ ‫مل أرد عليهــا بســبب خــويف الدائــم منهــا‪ ،‬ســوف‬ ‫تنتهــي حيــايت وخــويف منهــا لــن ينتهــي‪ ،‬أجابهــا‬ ‫يحيــى‪ :‬لــن أعــود‪..‬‬ ‫وقتهــا شــاهدته أول مــرة يف حيــايت‪ ،‬وبعدهــا لــن‬ ‫نفــارق بعضنــا أبــدا ً‪ ،‬وأيضـاً‪ ،‬وقتهــا ــــ للمــرة األوىل‬ ‫واألخــرة ــــ صفعتنــي أمــي‪.‬‬ ‫انتهــت الـــ نصــف ســاعة‪ ،‬انتهــى كل يشء‪ ،‬مــن‬ ‫ْ‬ ‫يرســم جثتــي؟‪.‬‬ ‫ـت مــن البلــور املكســور‬ ‫وأنــا أغلــق عينــي‪ ،‬انتبهـ ُ‬ ‫لشــباك غرفــة الصالــون‪ ،‬شــجرة الكــرز الشــاحبة يف‬ ‫حديقــة جــدي‪ ،‬تنحنــي عــى جــدار هــذا القــر‬ ‫الصغــر واملهجــور‪ ،‬لرتســم عليــه بأغصانهــا‪ ..‬شــيئاً‬ ‫مــا‪.‬‬

‫ُ‬ ‫وفضح اجلوانب املظلمة هليمنة الغرب على العامل‪..‬‬ ‫األديب‬ ‫ُ‬ ‫هيثم حسين‬ ‫ـي جــان مــاري‬ ‫اجتهــد الكاتــب الــروا ّيئ الفرنـ ّ‬ ‫جوســتاف لوكليزيــو الحائــز جائــزة نوبــل لــآداب‬ ‫ســنة ‪2008‬م يف االنتصــار لقضايــا الشــعوب‪ ،‬وتعريــة‬ ‫مزاعــم ســلطات االســتعامر بتطويــر الشــعوب‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــن خــال بعــض املواضيــع واملحــاور التــي عالجهــا‬ ‫يف عــدد مــن أعاملــه التــي تنــاول فيهــا ال ـراع بــن‬ ‫الثقافــات املختلفــة وتصويــر الجوانــب املظلمــة‬ ‫لهيمنــة الغــرب عــى العــامل‪.‬‬ ‫يسـلّط لوكليزيــو األضــواء يف أعاملــه عــى الكثــر مــن‬ ‫النقــاط واملناطــق التــي يســعى الغــرب إىل إبقائهــا‬ ‫مظلمــة معتمــة يك يرشعــن هيمنتــه عليهــا‪ ،‬ويــ ّرر‬ ‫«األفريقــي»‬ ‫مامرســاته فيهــا‪ .‬مــن هــذه األعــال‬ ‫ّ‬ ‫التــي يعتمــد فيهــا عــى جوانــب مــن ســرته وســرة‬ ‫والــده الــذي كان طبيب ـاً يف أفريقيــا‪ ،‬وشــاهد البــؤس‬ ‫الــذي يخلّفــه االســتعامر يف تلــك املســتعمرات‪،‬‬ ‫وكذلــك يف عملــه الهــا ّم «متالزمــة الجــوع»‪ ،‬وعملــه‬ ‫«مونــدو»‪ ،‬و«أزران»‪ ،‬و«شــعب الســاء» وغريهــا‬ ‫مــن األعــال التــي يتصــدّر الدفــاع عــن القضايــا‬ ‫اإلنســان ّية اهتاممــه فيهــا‪..‬‬ ‫يُعــ َرف عــن لوكليزيــو أنّــه بــدأ بإيــاء االهتــام‬ ‫بالشــعوب التــي تتعــ ّرض للهيمنــة االســتعامريّة‬ ‫الغرب ّيــة‪ ،‬إثــر احتكاكــه بعــوامل الهنــود الحمــر‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا ســمح لــه باكتشــاف عــوامل األســطورة الح ّيــة‬ ‫والعمــق اإلنســا ّين الفطــر ّي‪ .‬ومل تقتــر مواقفــه‬ ‫املتضامنــة مــع اآلخــر واملســاندة لــه عــى قبائــل‬ ‫الهنــود الحمــر فقــط‪ ،‬بــل اعتــر نفســه الناطــق‬ ‫باســم امله ّمشــن واملقموعــن‪ .‬وقــد كتــب يف موضــوع‬ ‫خــاص عــن زمــن‬ ‫املأســاة الفلســطين ّية‪ ،‬وبشــكل‬ ‫ّ‬

‫الفرنسي جان ماري جوستاف لوكليزيو منوذجًا‬ ‫الروائي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫التهجــر والتشــتيت والترشيــد‪ ،‬بســبب اغتصــاب‬ ‫األرض الفلســطين ّية‪ ،‬وهــو مــا وضعــه يف مواجهــة مــع‬ ‫الصهاينــة‪.‬‬ ‫املــدّة التــي عاشــها لوكليزيــو يف نيجرييــا أكســبته‬ ‫التع ـ ّرف إىل جوانــب معتمــة كانــت غائبــة محتجبــة‬ ‫عنــه‪ ،‬ويتحــدّث عــن تلــك املــدة التــي أث ّــرت يف‬ ‫تكويــن شــخص ّيته وبلورتهــا‪ ،‬وكيــف أنّــه عــاد مــن‬ ‫تلــك اإلقامــة بــن ربــوع نيجرييــا حيــث كان والــده‬ ‫يعمــل طبيبــاً يف األدغــال‪ ،‬وهــو يحمــل شــخص ّية‬ ‫ســتظل‬ ‫ّ‬ ‫الحــامل املنجــذب للواقــع‪ ،‬الشــخص ّية التــي‬ ‫ترافقــه يف أطــوار حياتــه كافّــة‪ ،‬وتظـ ّـل متثّــل عنــده‬ ‫ائبــي‪ ،‬الــذي يقــول إنّــه‬ ‫ذاك البعــد املتناقــض والغر ّ‬ ‫يشــعر بــه أحيانــاً حــ ّد املعانــاة‪.‬‬ ‫يحتفــي لوكليزيــو يف كتابتــه بنضــال الشــعوب‬ ‫املقاومــة امل ُســتع َبدة التــي غـ ّـرت مصريهــا‪ ،‬وتح ـدّت‬ ‫ُمســتعبِديها‪ ،‬ومتــ ّردت وشــ ّيدت رصوحهــا‪ ،‬منهــا‬ ‫مقاومــات العبيــد اآلبقــة يف الربازيــل وغويانــا وجــزر‬ ‫األنتيــل ض ـ ّد أعــال الجــور والظلــم‪ ،‬والتــي ّأسســت‬ ‫أ ّول جمهوريّــة زنج ّيــة يف هايتــي‪ .‬ويؤكّــد خــال‬ ‫أحاديثــه وطرحــه أفــكاره أ ّن هنــاك خلط ـاً متع ّمــدا ً‬ ‫بــن الحديــث عــن التخلّــف والجهــل وتربيــر الهيمنــة‬ ‫واالســتعامر‪ .‬يشــر إىل مرحلــة ظهــور النظريــات‬ ‫العنرصيّــة للوجــود يف القــرن املنــرم‪ ،‬حيــث متّــت‬ ‫اإلشــارة إىل االختالفــات الجوهريّــة القامئــة بــن‬ ‫الثقافــات‪ .‬واعتمــدت املطابقــة بنــوع مــن الرتاتب ّيــة‬ ‫العبث ّيــة بــن النجــاح االقتصــاد ّي الــذي حقّقتــه القوى‬ ‫االســتعامريّة‪ ،‬والتف ـ ّوق الثقــا ّيف لهــا‪ .‬ويــرى أ ّن هــذه‬ ‫النظريــات تــأيت كتعبــر عــن نــزوة غريزيّــة محمومــة‬

‫وم َرض ّيــة‪ ،‬هدفهــا تربيــر النزعــة االســتعامريّة‬ ‫الجديــدة‪ ،‬وتربيــر اإلمربيال ّيــة‪ .‬ويــرى كذلــك أ ّن هنــاك‬ ‫عوامـ َـل منطقيــة ورشوطـاً تاريخ ّيــة وظروفـاً تتقاطــع‬ ‫لتدفــع ببعــض الشــعوب إىل التأ ّخــر عن ركــب التقدّم‬ ‫االقتصــاد ّي‪ ،‬فــا متلــك بفعــل ذاك التأخّــر قــدرة‬ ‫املنافســة والتفـ ّوق‪ ،‬لكــن دون أن يعنــي ذلــك تعديــم‬ ‫املســتقبل وإغــاق أبــواب الحضــارة يف وجههــا‪ ،‬بــل‬ ‫يحتّــم عليهــا تطويــر إمكاناتهــا واكتشــاف مواطــن‬ ‫الخلــل لديهــا والســعي لبلــوغ غاياتهــا يف التقــدّم‪.‬‬ ‫ جرمية الحرب‪:‬‬‫تحــر الحــرب عنــد لوكليزيــو كأمســاة برشيّــة‪،‬‬ ‫يصــف بعضـاً مــن معاناتــه حــن كان طفـاً أثناءهــا‪،‬‬ ‫إذ مل يكــن يتم ّكــن مــن العثــور عــى ورقــة أو قلــم‪،‬‬ ‫وكان الجــوع حينهــا ينتهــك األجســاد واألرواح‪ .‬وهــو‬ ‫ال يتحــدّث عــن الحــرب باعتبارهــا لحظــة كــرى‬ ‫مســكونة بتلــك الر ّجــة العنيفــة التــي يعيــش النــاس‬ ‫أثناءهــا بضــع لحظــات تاريخ ّيــة فارقــة‪ ،‬بــل يصــف‬ ‫وبخاصــة األطفــال الصغــار‪ ،‬مــن‬ ‫مــا يالقيــه املدن ّيــون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أشــكال املعانــاة واآلالم واألهــوال‪ .‬ويصفهــا بأنّهــا مل‬ ‫تكــن يف أ ّي يــوم لحظــة تاريخ ّيــة كــرى‪ ،‬وإنّ ــا كانــت‬ ‫َمجلبــة للخــراب والدمــار‪ ،‬حيــث النــاس تتضــ ّور‬ ‫جوع ـاً يف ظـ ّـل اجتيــاح الــرد والخــوف‪.‬‬ ‫الواقعــي بــرورة إســعاف‬ ‫يتجــى يف أدبــه إميانُــه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطفولــة وإيقــاف القتــل املمنهــج الــذي يســتهدف‬ ‫تدمــر الشــعوب يف ســعي بائــس للهيمنــة عــى‬ ‫قصتــه‬ ‫مق ّدراتهــا‪ ،‬مــن ذلــك مثــاً مــا يقدّمــه يف ّ‬ ‫«أزران» التــي يحــي فيهــا جوانــب مــن تالعــب‬ ‫األنظمــة االســتعامريّة بالطبيعــة ومحاوالتهــا الراميــة‬

‫ـاص‬ ‫إىل تغيــر معاملهــا األصل ّيــة وفــرض منوذجهــا الخـ ّ‬ ‫بهــا ملحــو الذاكــرة وتطبيــع النــاس متهيــدا ً للهيمنــة‬ ‫املطلقــة عليهــا‪ .‬ويف مقابــل ذلــك يتحـدّث عــن أحــام‬ ‫األطفــال يف االنتقــال إىل عــامل أفضــل‪ .‬ويشــتغل عــى‬ ‫هــذا الحلــم يف أكــر مــن عمــل لــه‪ ،‬كـ«مونــدو»‪،‬‬ ‫قصتــه «شــ َعب‬ ‫ّ‬ ‫«لــواليب»‪،‬‬ ‫ويتجــى كذلــك يف ّ‬ ‫الســاء»‪ ،‬التــي يصــ ّور فيهــا كيــف أ ّن الطفولــة‬ ‫تكــون أوىل ضحايــا الحــروب‪ ،‬يعالــج آثــار ذلــك عــى‬ ‫ذاكــرة الطفلــة التــي أرادت أن تنهــض وتذهــب‬ ‫ركضـاً‪ ،‬لكـ ّن الضــوء الــذي يخــرج مــن عــن العمــاق‬ ‫املد ّمــر مينعهــا مــن الحركــة‪ .‬يحــي كيــف أنّــه حــن‬ ‫ـارب رقصــة القتــل‪ ،‬وعــى إثرهــا ســيبدأ‬ ‫ســيبدأ املحـ ُ‬ ‫الرجــال والنســاء واألطفــال باملــوت يف العــامل‪ .‬تــدور‬ ‫الطائ ـرات ببــطء يف الســاء‪ ،‬عالي ـاً ج ـ ّدا ً إىل ح ـ ّد أن‬ ‫تســمع بالــكاد‪ ،‬لك ّنهــا تبحــث عــن فرائســها‪ .‬يكــون‬ ‫كل مــكان‪ .‬بهــذه الصــور‬ ‫النــار واملــوت موجوديــن يف ّ‬ ‫يختــر بــؤس الدعــوات الزاعمــة تخليــص الطفولــة‬ ‫مــن تداعيــات الحــروب‪.‬‬ ‫يتحــدّث عــن أ ّن الجــوع واأل ّم ّيــة يعــدّان مبثابــة‬ ‫مســألتني مرتابطتــن ترابط ـاً وثيق ـاً فيــا بينهــا‪ ،‬أل ّن‬ ‫أحدهــا يتوقّــف عــى اآلخــر‪ ،‬بكيف ّيــة كلّ ّيــة‪ ،‬وال بـ ّد‬ ‫مــن محاربتهــا مع ـاً‪ ،‬ويؤمــن أنّــه ال ميكــن لطــرف‬ ‫واحــد أن يفلــح يف مه ّمتــه دون مراعــاة الطــرف‬ ‫الثــاين‪ .‬ويوجــب رضورة التدخّــل الرسيــع عــى ألّ‬ ‫يقــع يف خض ـ ّم هــذه األلف ّيــة إهــال أ ّي طفــل أيّ ـاً‬ ‫كان جنســه أو لغتــه أو دينــه‪ ،‬عــى هامــش املا ّديّــة‬ ‫الكــرى‪ ،‬فيــ َرك نهــب الجــوع والجهــل‪ .‬ويؤكّــد أ ّن‬ ‫ذلــك الطفــل يحمــل يف ذاتــه وصفاتــه مســتقبل‬

‫الجنــس البــر ّي كلّــه‪.‬‬ ‫ دو ُر األدب‪:‬‬‫ويف تأكيــد منــه عــى دور األديــب الريــاد ّي‪ ،‬يعتقــد‬ ‫لوكليزيــو أنّــه ال بـ ّد مــن رضورة االقـراب مــن النــاس‬ ‫ومعايشــة همومهــم‪ ،‬ويــرى أنّــه إذا كان املــرء يكتــب‬ ‫فمعنــى ذلــك أنّــه ال يســتطيع أن يؤث ّــر يف الواقــع‬ ‫مبــارشة‪ ،‬وال يخفــي الحــ َرج الــذي ينتابــه ككاتــب‬ ‫إزاء الواقــع الــذي ال يســتطيع تغيــره عــر التأثــر‬ ‫فيــه‪ ،‬لذلــك فإنّــه اختــار وســيلة أخــرى باملــوازاة‬ ‫مــع الكتابــة للتواصــل والــر ّد بهــا‪ ،‬كــا اختــار بعــض‬ ‫املســافة ووقت ـاً للتأ ّمــل والتفكــر‪ ،‬وعايــش النــاس يف‬ ‫عــدد مــن املناطــق والقــا ّرات‪ ،‬تأث ّــر بهــم‪ ،‬ودافــع‬ ‫عنهــم‪ .‬كــا يعتقــد أ ّن مــا يرغــب فيــه الكاتــب هــو‬ ‫كل يشء‪ ،‬أن يكــون قــادرا ً عــى التأثــر يف‬ ‫أ ّوالً وقبــل ّ‬ ‫كل مــا‬ ‫محيطــه‪ ،‬ومبســتطاعه أن ميــارس فعلــه يف ّ‬ ‫حولــه‪ ،‬بـ َ‬ ‫ـدل االكتفــاء مبج ـ ّرد تقديــم الشــهادة عــى‬ ‫الواقــع‪ .‬ومــا قــد يرغــب فيــه كذلــك هــو أن يكتــب‬ ‫ويتخ ّيــل ويحلــم يك تتدخّــل كلامتــه وابتكاراتــه‬ ‫وأحالمــه يف الواقــع فتغـ ّـر النفــوس واألفئــدة‪ ،‬وتفتــح‬ ‫ك ـ ّوة يف األفــق لــي ينشــأ عــامل أفضــل‪.‬‬ ‫يشــيد لوكليزيــو بــدور األدب يف مواجهــة اســتضعاف‬ ‫الشــعوب والبــر‪ ،‬ويؤمــن أ ّن األدب اليــوم بُعيــد نيل‬ ‫الــدول امل ُســتع َمرة الســتقاللها هــو إحــدى الوســائل‬ ‫التــي يســتعني بهــا رجــال الحــارض ونســاؤه للتعبــر‬ ‫عــن هويّاتهــم‪ ،‬املطالبــة بحقّهــم يف الــكالم‪ ،‬وحقّهــم‬ ‫يف أن يتــ ّم اإلنصــات إليهــم يف اختالفهــم ومت ّيزهــم‪.‬‬ ‫ويوقــن أنّــه مــن دون أصــوات هــؤالء ومــن دون‬ ‫نداءاتهــم فإنّنــا ّربــا قــد نعيــش يف عــامل صامــت‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪13‬‬

‫(من رحم داية)‬ ‫قصة‪ :‬عبد اهلل القصير‬ ‫رغــم كــرة عــدد الجثامــن التــي تــم‬ ‫اســتخراجها مــن بــن األنقــاض اليــوم بــإرشاف‬ ‫الدكتــور صــاح املتخصــص بجراحــة القلــب‪ ،‬إال‬ ‫أن عــدد الشــهداء الذيــن مل يتــم الوصــول إليهــم‬ ‫بعــد يفــوق التصــور‪ ،‬بعضهــم لحســن الحــظ‬ ‫قــاوم املــوت وبقــي يف عــداد األحيــاء‪ ،‬لكنهــم إن‬ ‫مل يفقــدوا عزيـزا ً‪ ،‬فقــدوا أيـ ٍـد أو أصيبــت أقــدام‬ ‫أو تشـ ّوهت وجــوه‪ ،‬وبينــا كان كل مــن يراقــب‬ ‫الحــدث معجبـاً مبــا يفعلــه ذلــك الطبيــب ومــن‬ ‫معــه‪ ،‬تجاهلــت الدايــة «أم أكــرم» آالم قلبهــا‬ ‫النــازف‪ ،‬عندمــا طالعهــا وجــه «زينــة» األم‬ ‫الصغــرة التــي اســتطاعت أن تعلّــق ابتســامة‬ ‫عينــي‬ ‫ســاخرة عــى وجههــا وهــي تنظــر يف‬ ‫ّ‬ ‫الدايــة‪ ،‬وبثقــة اإلنســان الــذي خــر كل يشء‪،‬‬ ‫ـت يدهــا عــى رجلهــا املبتــورة مــن الركبــة‬ ‫َوضَ َعـ ْ‬ ‫وقالــت‪:‬‬ ‫ يــوم الخميــس القــادم ســيصادف الذكــرى‬‫الثالثــة الستشــهاد «ح ّمــودة»‪ ،‬ههههههههــه قــال‬ ‫حمــودة شــهيد!!! هههههــه‪ ،‬هــذه الســنة ال‬ ‫أعتقــد أننــا قــادرون عــى توزيــع الطعــام قربانـاً‬ ‫لروحــه‪ ،‬مل يعــد بإمكاننــا أن نطعــم أنفســنا‪..‬‬ ‫ثــاث ســنوات‪ ..‬ثــاث ســنوات هــي ِضعــف‬ ‫عمــره‪ ،‬ههههــه أتعلمــن؟ يف ســوريا يجــب تغيري‬ ‫هــذا التقليــد بغــرض التقشّ ــف‪ ..‬يجــب أن نــوزع‬ ‫ـت‪،‬‬ ‫األضحيــات يف ذكــرى مــرور ِضعــف ُعمـ ِر امليـ ْ‬ ‫ِضع َفــي عمــره‪ ،‬ثالثــة أضعــاف عمــره‪ ..‬هكــذا‪..‬‬ ‫ هههههــه جارتنــا «أم بــال» قُتــل ابنهــا وعمــره‬‫ثالثــة أشــهر‪ ..‬هــذا لــن يكــون تقشــفاً‪.‬‬ ‫ أوووف‪ ..‬معــك حــق واللــه‪ ..‬ال يجــب أن‬‫تعيــش األ ّم أضعــاف ع ْمــ ِر ابنهــا‬ ‫«ال يجــب أن تعيــش األ ّم أضعــاف ع ْمــر ابنهــا»‬ ‫تــردد هــذه العبــارة قاســي ًة وثقيلــة عىل مســمع‬ ‫الدايــة‪ ،‬يف داخلهــا كانــت تتمنــى لــو أنهــا ماتــت‬

‫قبــل أن تــرى ابنهــا «عبــد القــادر» يعمــل‬ ‫ُمه ّربــاً معروفــاً وناجحــاً‪ ،‬إذ يقــوم بتهريــب‬ ‫أبنــاء القريــة وغريهــا مــن القــرى واملناطــق إىل‬ ‫أوروبــا‪ .‬بالنســبة لهــا كانــت تخــى أن ينظــر‬ ‫النــاس ملهنــة ابنهــا الجديــدة كــا تراهــا هــي‪،‬‬ ‫أو كــا ال تســتطيع أن تراهــا غــر ذلــك‪ ...،‬يف‬ ‫أحــد اتصاالتــه الهاتفيــة قالــت لــه غاضبــة‪:‬‬ ‫ يقولــون إنــك أصبحــت مه ّرب ـاً ثري ـاً‪ ،‬أمــا أنــا‬‫فــا أســتطيع أن أراك إال «دايــة» مثــي‪ ،‬دايــة‬ ‫مــن نــوع آخــر‪ ،‬أنــا أخرجــت األج ّنــة مــن أرحــام‬ ‫أمهاتهــن‪ ،‬وأنــت تقــوم بإخراجهــم مــن رحــم‬ ‫البــاد ولكــن مببالــغ خياليــة‪ ..‬إنهــم يبيعــون كل‬ ‫يشء مــن أجلــك‪.‬‬ ‫تعيــش حدثــاً عظيــاً‪ ،‬تأخــذك‬ ‫ُ‬ ‫وأنــت‬ ‫أحيانــاً‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أفــكارك عنــوة إىل الالمنطــق‪ ،‬فتهتــم بأمــور‬ ‫مســتعادة ذات وقــع خفيــض مقارنــة بواقعــة‬ ‫قامئــة عــى أعــى درجــات الضجيــج‪ ،‬كل الرتكيــز‬ ‫كان باديــاً عــى وجــه الدكتــور صــاح‪ ،‬حيــث‬ ‫نجــح للتــو يف اســتخراج أربعــة أطفــال ســاملني‬ ‫وجثتــن لطفلتــن شــقيقتني‪ ،‬فيــا كانــت الدايــة‬ ‫تــرح بذاكرتهــا هنــا وهنــاك‪ ،‬مثــل قــارب‬ ‫مثقــوب وتائــه يف عــرض البحــر‪ ،‬رمبــا كــا‬ ‫يقولــون‪« :‬للعمــر حقــه»‪.‬‬ ‫فعــى مــدى أربعــن عامــاً مضــت‪ ،‬معظــم‬ ‫الــوالدات التــي شــهدتها القريــة متّــت عــى يــد‬ ‫هــذه املــرأة الســبعينية التــي مــا زالــت تذكــر‬ ‫الكثــر مــن املفارقــات أثنــاء القيــام بعملهــا‬ ‫وســط رصاخ األمهــات وآالم الطلــق‪ ،‬األج ّنــة‬ ‫التــي أخرجتهــا مــن أرحــام نســاء القريــة كــرت‬ ‫أمــام ناظريهــا‪ ،‬وأصبحــت رجــاالً‪ ،‬فهــذا طبيــب‬ ‫وهــذه مهندســة وهــذا حــاق وهــذا مــد ّرس‪،....‬‬ ‫أمــا اآلن فتغــر الحــال وأصبــح هــذا شــهيدا ً‪،‬‬ ‫وهــذا معتقـاً وهــذه أرملــة وهــؤالء مفقوديــن‬ ‫وأولئــك مهاجريــن‪ ..‬حتــى ذلــك ال َجـ ّراح الشــاب‬

‫ُولِـ َد عــى يديهــا‪ ،‬كانــت تشــعر بــه وهــو يعمــل‬ ‫كاآللــة بــا توقــف‪ ،‬وتعــرف مــا هــو حــال‬ ‫خاليــاه يف لحظــة إنقــاذ روح إنســان‪ ،‬لحظــة‬ ‫كــف املــوت‪ ،‬وتــدرك‬ ‫الــوالدة املســتمرة عــى ّ‬ ‫أنــه وصــل إىل مرحلــة التامهــي مــع اآلالم‬ ‫املحيطــة وكأنــه طفــل يلعــب بإحــدى ألعــاب‬ ‫الكمبيوتــر‪ .‬صــاح كان مبثابــة عيّنــة مــن رصيــد‬ ‫كبــر المــرأة ثريّــة تــكاد تعلــن إفالســها‪ ،‬فــكل‬ ‫أهــل القريــة يحبونهــا‪ ،‬مكانتهــا عندهــم تفــوق‬ ‫منزلــة املختــار وأعيــان العائــات‪..‬‬ ‫يف اآلونــة األخــرة باتــوا يتوافــدون إليهــا ليطمــن‬ ‫بعضهــم عــى شــبابهم الذيــن ســافروا بطــرق‬ ‫غــر رشعيــة مــع ابنهــا «املهـ ّرب»‪ ،‬وليشــكو لهــا‬ ‫البعــض اآلخــر ضيــق الحــال لعلهــا تقنــع «عبــد‬ ‫القــادر» بتخفيــض تســعرية التهريــب التــي‬ ‫تفــوق املليــوين لــرة ســورية عــن كل شــخص‪.‬‬ ‫ومنهــم «زينــة» التــي ســافر زوجهــا «عــار»‬ ‫إىل تركيــا قبــل أســبوعني دون أن تعلــم عنــه‬ ‫أي خــر‪« ،‬عــار» الــذي ميلــك دكانــاً صغــرا ً‬ ‫يبيــع فيــه العطــورات ومــواد التجميــل وبعــض‬ ‫اإلكسســوارات النســائية يف مــا ميكــن أن نطلــق‬ ‫عليــه ســوق القريــة‪ ،‬يف هــذا الــدكان تعــ ّرف‬ ‫عــى العديــد مــن الفتيــات‪ ،‬ووقــع اختيــاره يف‬ ‫النهايــة عــى «زينــة» طالبــة البكالوريــا الناعمة‪.‬‬ ‫ أمل يقــل لـ ِ‬‫ـك شــيئاً عــن زوجــي؟ لقــد ذهــب‬ ‫إليــه‪ ،‬هــو ال يعــرف أحــدا ً يف تركيــا إال «عبــد‬ ‫القــادر»‪( .‬قالــت زينــة)‬ ‫ اللــه وكيلــك يــا زينــة‪ ،‬يف كل مــرة يتصــل‬‫فيهــا ابنــي أســأله عنــه‪ ،‬لكــن الجــواب نفســه‬ ‫يصلنــي‪ ..‬اصــري قليــاً األمــر يحتــاج للصــر‬ ‫لطاملــا كان َحــثُّ النســاء عــى الصــر جــزءا ً‬ ‫أساســياً مــن عمــل الدايــة‪ .‬تغمــض «أم أكــرم»‬ ‫عينيهــا وتتذكــر «عــار» الــذي ولــد عــى يديهــا‬ ‫قبــل تســعة وعرشيــن عام ـاً‪ ،‬هــي تتذكــر متام ـاً‬

‫ذلــك اليــوم العصيــب‪ ،‬وكأن الجنــن يومهــا مل‬ ‫يرغــب يف الحيــاة لــوال أن أجربتــه عــى الخــروج‬ ‫مــن رحــم أمــه‪.‬‬ ‫ ال أســتطيع نســيان تلــك اللحظــات‪ ،‬عندمــا‬‫فارقــت أمــه الحيــاة قبــل أن تــرى مولودهــا‪،‬‬ ‫يف تلــك األيــام مل يكــن مبقــدور املــرأة الحامــل‬ ‫معرفــة جنــس جنينهــا إال لحظــة والدتــه‪ ،‬كان‬ ‫والــده متلهفــاً لرؤيتــه‪ ،‬يريــده صبيــاً ويريــد‬ ‫االطمئنــان عــى صحتــه‪ ،‬يشء يشــبه لهفتــك اآلن‬ ‫وأنــت تنتظريــن خ ـرا ً جيــدا ً عنــه‪ ..‬أتعلمــن؟؟‬ ‫أصعــب موقــف تتعــرض لــه الدايــة عــى‬ ‫اإلطــاق‪ ،‬عندمــا تحمــل خ ـرا ً ســيئاً مــن غرفــة‬ ‫الــوالدة‪.‬‬ ‫يف واقــع األمــر‪ ،‬مل يكــن «عــار» حيّــاً إال يف‬ ‫مخيلــة زوجتــه وأســئلتها املتكــررة عنــه‪ ،‬إذ إنــه‬ ‫فــارق الحيــاة غرق ـاً قبالــة الشــواطئ اليونانيــة‬ ‫ومعــه ثالثــة وأربعــون رفيـ َـق موج‪ ،‬هــذا الخرب مل‬ ‫تســتطع «أم أكــرم» أن تنقلــه لتلــك األم الثــكىل‪،‬‬ ‫فاقــدة الــزوج واالبــن‪ ،‬خـ ٌر يفــوق طاقتهــا وكاد‬ ‫يــودي بحياتهــا لــوال أن رأت الدكتــور صــاح‪،‬‬ ‫يحمــل «عــار» بــن يديــه‪ ،‬كان ميتــاً لكنــه‬ ‫بــدا طفــاً صغــرا ً عــى فمــه ابتســامة بريئــة‬

‫وجســده يفــوح بالعطــور‪ ،‬كان ميتــاً ولكنهــا‬ ‫اســتعادت روحهــا بعــد أن رأتــه‪.‬‬ ‫شــكّل انتشــال «عــار» آخــر عمــل قــام بــه‬ ‫«صــاح» قبــل أن ينهــي مهمتــه‪ ،‬ومــا إ ْن خــرج‬ ‫مــن غرفــة العمليــات حتــى ركــض عــدد مــن‬ ‫أهــايل القريــة باتجاهــه‪ ،‬أحدهــم كان «عبــد‬ ‫ي بالخــوف‪،‬‬ ‫القــادر» اقــرب منــه بوجــ ٍه مطــ ّ‬ ‫تتــوزع فوقــه الذنــوب كالبثــور‪ .‬وقــال ملهوف ـاً‪:‬‬ ‫ أرجــوك يــا دكتــور‪ ،‬هــل ســتعيش أمــي؟؟‬‫طمنــي يــا دكتــور‪..‬‬ ‫تحــاىش ال َجــ ّر ُاح النظــر يف عينيــه مبــارشة‪،‬‬ ‫منشــغالً بخلــع قفــازات الجراحــة وقــال لــه‪:‬‬ ‫ أمــك كانــت تعــاين مــن انســداد حــاد يف‬‫رشايــن القلــب‪ ،‬بســبب تجمــع عــدد مــن‬ ‫الخــرات الدمويــة‪ ،‬وقبــل أن نبــدأ بتخديرهــا‬ ‫ــت أن تنتشــل مــن قلبــي‬ ‫قالــت يل‪( :‬لــو نَ َج ْح َ‬ ‫جميــع الشــهداء وصــور املعتقلــن ووجــوه‬ ‫األطفــال املرشديــن وأصــوات املتظاهريــن‪..‬‬ ‫ـت‬ ‫عندهــا ســأحيا يــا ابنــي يــا صــاح)‪ ..‬وأنــا فعلـ ُ‬ ‫كل مــا أســتطيع ألخرجهــم جميعــاً‪ ..‬وضعهــا‬ ‫اآلن مســتقر‪ ،‬وتحتــاج ملراقبــة وعنايــة فائقــة‬ ‫حتــى تســتعيد عافيتهــا‪.‬‬

‫رقص‪ ،‬رقص‪ ،‬رقص‪ ...‬للياباني‪ :‬هاروكي موراكي‬ ‫آرام كربيت‬

‫تقــع روايــة رقــص رقــص رقــص يف ‪510‬‬ ‫صفحــات مــن الحجــم الوســط مــن ترجمــة أنــور‬ ‫الشــامي يف الطبعــة األوىل ســنة ‪2011‬‬ ‫تــأيت أهميــة الروايــة مــن كونهــا تعالــج‪ ،‬وبعمــق‬ ‫شــديد بنيــة املجتمــع الرأســايل اليابــاين يف‬ ‫فــرة الثامنينــات مــن القــرن العرشيــن‪ .‬حيــث‬ ‫يرصــد الــروايئ «هــارويك» انفصــال اإلنســان عــن‬ ‫الطبيعــة‪ ،‬وعــن ذاتــه ككائــن طبيعــي‪ ،‬ويتحــول‬ ‫إىل مجــرد كائــن ُمص ّنــع بعيــدا ً عــن النســيج‬ ‫االجتامعــي الــذي يربطــه باآلخريــن‪.‬‬ ‫يســلط الــروايئ الضــوء عــى فنــدق اســمه‬ ‫«الدولفــن» يقــع يف حــي مــن أحيــاء مدينــة‬ ‫ســابورو بشــكله التقليــدي القديــم‪ ،‬كان قــد نــزل‬ ‫فيــه عندمــا كان يف العرشينــات مــن عمــره‪ .‬مبنــى‬ ‫مشــوه‪ ،‬صغــر وقبيــح وكان يومهــا بصحبــة امــرأة‬ ‫متوســطة الجــال‪ ،‬تربطــه بهــا عالقــة خاليــة مــن‬ ‫الحــب‪ ،‬وعندمــا يعــود إىل الفنــدق مــرة ثانيــة‬ ‫بعــد أربعــة أعــوام ونصــف يجــده غائبــاً متامــاً‬ ‫عــن الوجــود‪ ،‬وقــد اســتبدل بفنــدق أحــدث وأكرب‪،‬‬ ‫بنــي يف املــكان ذاتــه‪ ،‬وعندما يســأل عــن الدولفني‬ ‫القديــم ينكــر الجميــع وجــوده عــى الرغــم مــن‬ ‫انتحــال االســم ذاتــه‪« ،‬الدولفــن» إال أنــه مل يبــق‬ ‫منــه إال االســم فقــد جــرى تغييــب لــكل املعــامل‬ ‫القدميــة‪ ،‬التــي كان عليهــا الفنــدق بــيء جديــد‪،‬‬ ‫يقــول الــروايئ عــى لســان بطلــه‪:‬‬ ‫ـ مــا كان ينبغــي لهــذا الفنــدق أن يشــيد حيــث‬ ‫كان‪ .‬كان هــذا هــو الخطــأ األول الــذي جعــل كل‬ ‫ـى ســيئاً‪.‬‬ ‫يشء يأخــذ منحـ ً‬ ‫تتغلغــل الروايــة وبعمــق يف بنــى الحيــاة‬ ‫االجتامعيــة يف اليابــان الحديــث‪ ،‬العائــم‪،‬‬ ‫املفــكك‪ ،‬املضطــرب‪ .‬حيــث العالقــات املشــوهة‬ ‫هــي الســائدة‪ ،‬تتــم معالجــة أغلــب املســتويات‬ ‫االجتامعيــة باملــال يف محاولــة الهــروب الدائــم‬ ‫إىل األمــام‪ .‬فاملــال الســائل املتدفــق بكــرة يحــول‬

‫اإلنســان إىل مجــرد ســلعة تبــاع وتشــرى حســب‬ ‫قيمــة كل يشء‪.‬‬ ‫الجنــس جاهــز‪ ،‬لــه مكاتــب‪ ،‬صــور النســاء املعلبــة‬ ‫يف قشــور الجنــس‪ ،‬اشـرِ وخــذ‪ ،‬وتأتيــك إىل شــقتك‬ ‫أو فندقــك ســواء يف اليابــان أو فرنســا أو الواليــات‬ ‫املتحــدة‪ .‬كل يشء جاهــز وتحــت الطلــب‪ .‬وتتــم‬ ‫صناعــة العالقــات‪ ،‬الــزواج‪ ،‬الطــاق‪ ،‬الجنــس‪،‬‬ ‫الرفاهيــة‪ ،‬كلهــا موجــودة‪ .‬ال تبتئــس‪ ،‬ال تحــزن أو‬ ‫تفــرح‪ ،‬الحيــاة الســعيدة املعلبــة أمامك‪ ،‬ال تشــغل‬ ‫ِ‬ ‫واعــط واســتمر‪ .‬ال‬ ‫بالــك بــأي يشء‪ ،‬اعمــل خــذ‬ ‫مــكان للحميميــة والحــب يف أيــة عالقــة‪ .‬هــذا‬ ‫البنــاء املشــوه أنتــج مجتمعــاً مريضــاً مفــككاً‪،‬‬ ‫مشــوهاً‪ ،‬رسيــع اإليقــاع‪ .‬املهــم الركــض إىل األمــام‬ ‫بحث ـاً عــن الشــهرة‪ ،‬بحث ـاً عــن املزيــد مــن املــال‪.‬‬ ‫األيــام متشــابهة‪ ،‬ال يوجــد اســرخاء أو محاولــة‬ ‫التواصــل مــع جــال الطبيعــة وكائناتهــا‪ .‬وال يهــم‬ ‫نوعيــة اإلنســان كقيمــة معنويــة وأخالقيــة أو‬ ‫تكوينــه ككائــن طبيعــي‪.‬‬ ‫تعــوم هــذه البــاد فــوق ذاتهــا‪ ،‬وتتحــول األرض‬ ‫إىل ال أرض‪ ،‬منفصلــة عــن نفســها ملصلحــة رأس‬ ‫املــال وأصحابــه الذيــن يحولونهــا إىل مجــرد‬ ‫أماكــن إلنتــاج املــال‪.‬‬ ‫يــويك فتــاة مراهقــة يف بدايــة حياتهــا‪ ،‬مزاجهــا‬ ‫صعــب ومتقلــب‪ ،‬يف غيــاب أبويهــا‪ ،‬كالهــا‬ ‫مشــهوران‪ ،‬كل واحــد منهــا مهتــم بنفســه‪،‬‬ ‫بعالقاتــه‪ ،‬بســفره‪ ،‬باملــال والشــهرة‪ .‬األب ِمثــي‬ ‫وشــاذ‪ ،‬وهــو كاتــب‪ ،‬وقتــه ال يســمح لــه االهتــام‬ ‫بابنتــه‪ ،‬واألم ممثلــة ســينام‪ ،‬وقتهــا ليــس ملكهــا‪،‬‬ ‫تتحــول الفتــاة يــويك‪ ،‬الجميلــة إىل عــبء عــى األم‬ ‫وعــى طليقهــا األب‪.‬‬ ‫إحــدى املــرات نســيت األم ابنتهــا يف فنــدق‬ ‫الدولفــن‪ ،‬طــارت مــن هنــاك إىل الواليــات‬ ‫املتحــدة لتتحــول األم إىل فتــاة موديــل‪ ،‬اهتاممهــا‬ ‫الدائــم بجاملهــا‪ ،‬وبطريقــة التصويــر‪ .‬وجاملهــا‬ ‫هــو رأس مالهــا الحقيقــي الــذي يــدر عليهــا‬

‫الشــهرة واملكانــة‪ .‬وهــي تســتخدم املــال‪ ،‬لرتعــى‬ ‫ابنتهــا مــن بعيــد‪ ،‬ترتكهــا يف غرفــة الفنــدق‪،‬‬ ‫وحيــدة‪ ،‬شــاردة‪ ،‬ال صديــق أو أخ أو أخــت أو‬ ‫أقربــاء‪ .‬فتــاة تعيــش مــع الريــح والفـراغ والضيــاع‪.‬‬ ‫لقــد كان تواجــد بطــل الروايــة يف الفنــدق ذاتــه‪،‬‬ ‫الدولفــن‪ ،‬الســبب الــذي يدفعــه لالهتــام بهــا‪.‬‬ ‫حيــث تطلــب األم مــن إدارة الفنــدق أن يأخذهــا‬ ‫معــه يف طريــق عودتــه إىل طوكيو‪ ،‬ومــن هناك إىل‬ ‫بيتهــا يف مــكان معــزول‪ .‬يضطــر للبقــاء معهــا حزناً‬ ‫وشــفقة عــى طفولتهــا‪ .‬وعندمــا يتصــل بــاألب‬ ‫واألم يفرحــان كثـرا ً بهــذا االهتــام ويرصــدان لــه‬ ‫مبلغــاً ماليــاً كبــرا ً لبقائــه معهــا‪ ،‬فهــو يف ذلــك‬ ‫يكــون قــد خلصهــا مــن هــذا العــبء الثقيــل‪.‬‬ ‫يعمــل األب عــى وضــع فتــاة يابانيــة يف خدمتــه‪،‬‬ ‫فتــاة ملامرســة الجنــس‪ ،‬وعندمــا يســافر بصحبــة‬ ‫«يــويك» إىل حيــث تقطــن أمهــا يف الواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬تكــون فتــاة ليــل أخــرى جميلــة جــدا ً‬ ‫تحــت ترصفــه هنــاك‪.‬‬ ‫يف الفنــدق الجديــد‪ ،‬ال تغيــب ظــال الفنــدق‬ ‫القديــم ‪ ،‬رجــل مقنــع‪ ،‬يظهــر ويختفــي‪ ،‬هــو‬ ‫لغــز‪ ،‬توريــة‪ ،‬يــرى الجميــع وال يــروه‪ .‬يجعلهــم‬ ‫ميشــون دون وعــي‪ ،‬وكأنهــم يف متاهــة عــاء‪،‬‬ ‫يقــول للبطــل‪:‬‬ ‫ـ ليــس هنــاك وعــود بأنــك ســتكون ســعيدا ً‪،‬‬ ‫وعليــك أن ترقــص‪ .‬ارقــص حتــى يظــل كل يشء‬ ‫يــدور‪.‬‬ ‫يــويك‪ ،‬الفتــاة‪ ،‬متثيــل حقيقــي لليابــان القــادم‪،‬‬ ‫شــخصية مضطربــة‪ ،‬دامئ ـاً تصطــدم بالنــاس‪ ،‬بيــد‬ ‫أنهــا يف كامــل وعيهــا بنفســها‪ ،‬التــي ال تســتطيع‬ ‫التنبــؤ بالكيفيــة التــي تتــرف بهــا‪ .‬ويبــدأ‬ ‫التســاؤل‪:‬‬ ‫مهــا كان املــرء‪ ،‬مجــرد أن يعتــي القمــة‪ ،‬يبــدأ‬ ‫بالهبــوط وأســوأ مــا يف األمــر أن املــرء ال يعــرف‬ ‫أيــن توجــد القمــة‪ .‬ويظــن أنــه قوي ـاً‪ ،‬بيــد أن ال‬ ‫أحــد يتنبــأ بعــد الــذروة مــاذا يحــدث‪ .‬الجميــع‬

‫يســعى إىل تلــك الــذروة‪.‬‬ ‫مل تكــن يــويك تضحــك‪ ،‬أو تبتســم‪ ،‬تضــع‬ ‫الســاعات عــى أذنيهــا وتســمع األغــاين بصــوت‬ ‫مرتفــع يف محاولــة هــروب‪ .‬ال مباليــة بــأي يشء‪.‬‬ ‫حتــى النــاس يف زحمــة القطــارات ال يبتســمون‪،‬‬ ‫مهمومــون‪ ،‬منتمــون إىل آليــة العالقــة بالواقــع‪،‬‬ ‫دفــع فواتــر الغــاز واإليجــار والهاتــف‪ .‬تشــعر أن‬

‫أمهــا تعيــش يف عــامل غريــب‪ ،‬تقــول‪:‬‬ ‫ـ إنهــا أســوأ أم‪ ،‬دمرتنــي حقـاً‪ ،‬بيــد أن لهــا حضــورا ً‬ ‫طاغيـاً وشــخصية قويــة‪ ،‬وأنــا طفلــة والــكل يــرى‬ ‫ذلــك إال هــي‪ .‬تتحــدث بــكل مــا يخطــر يف بالهــا‬ ‫ويــرد يف خاطرهــا ثــم تنســاه مبــارشة‪ ،‬وكأنهــا مل‬ ‫تقــل أي يشء‪ ،‬ثــم ودون مقدمــات تجدهــا تريــد‬ ‫أن تلعــب دور األم مــرة أخــرى‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫هك��ذا تكل��م أدوني��س‬

‫أسعد فخري‬ ‫ال تبــدو ترصيحــات «أدونيــس» تجــاه‬ ‫الثــورة الســورية وتحوالتهــا‪ ،‬إال حالــة مفارقــة‬ ‫صادمــة أمــام مــروع فكــري‪ ،‬وتنويــري‪،‬‬ ‫اســتغرق مــن الرجــل‪ ،‬زمنـاً طويـاً مــن مســرة‬ ‫حياتــه الثقافيــة والفكريــة‪ ،‬فصاحــب «الثابــت‬ ‫واملتحــول» مل يــرك مناســبة منــذ رســالته‬ ‫املفتوحــة إىل الرئيــس الســوري «املنتخــب»‬ ‫حســب تعبــره‪ ،‬إال وأســهب يف تقريــع الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬وشــكك يف أهدافهــا‪ ،‬ومراميهــا‪ ،‬ومــا‬ ‫انفــك أيض ـاً يرســم خرائــط الطريــق للوصــول‬ ‫اىل ســورية الحــرة‪ ،‬رشيطــة اقصــاء كل الثائريــن‬ ‫الذيــن خرجــوا مــن دور العبــادة يهتفــون‬ ‫للحريــة‪ ،‬والكرامــة‪ ،‬وإســقاط النظــام ‪.‬‬ ‫لكــن مــا ذهــب إليــه أدونيــس عــى صفحــات‬ ‫امللحــق الثقــايف لجريــدة الســفري الصــادرة يف‬ ‫يــوم ‪ 2015/6/ 19‬يدفعنــا لتأمــل مــا تحصلــت‬ ‫عليــه الثــورة الســورية عــى نحــو أفضــل‬ ‫يوضــح مواقــف مثقــف كبــر‪ ،‬واســم بــارز‪،‬‬ ‫ووازن‪ ،‬لــه مكانتــه الثقافيــة يف املشــهدين‪،‬‬ ‫العــريب‪ ،‬والعاملــي‪ ،‬ومبــا ال يحتــاج منــا إىل جهــد‬ ‫إضــايف إلثبــات املقاربــة البارعــة التــي تحاكــم‬ ‫مرشوعيــة الحريــة‪ ،‬وطــرق الوصــول إليهــا عــر‬ ‫اقصــاءات متتاليــة لحراكهــا الشــعبي‪ ،‬ومباعــث‬ ‫الفعــل فيــه كــا يريــد افهامنــا ايــاه أودنيــس‪.‬‬ ‫كذلــك ســنلحظ عــن كثــب محاججاتــه‬ ‫الواهنــة وفهمــه املركــب والغــايئ مــن حيــث‬ ‫رؤيتــه آحاديــة الجانــب التــي يظــن أودنيــس‬ ‫أنهــا الحالــة األكــر فائــدة يف تطويــر مســتوى‬ ‫املعرفيــة وأن تقليــص حــدود الجهــل بهــا‬ ‫كمعيــار أســايس يــراد منــه تكريــس نظــم‬ ‫أخالقيــة ملســألة كرامــة النــاس وخروجهــا عــن‬ ‫الطاعــة العميــاء التــي اســتغرقت مــن أعامرهم‬ ‫نصــف قــرن مــن التغييــب واإلذالل‪.‬‬ ‫قيمتــان أساســيتان مبذولتــان بســخاء منقطــع‬

‫النظــر‪ ،‬عــى الرغــم مــن تناقضهــا‪ ،‬رغــب‬ ‫أدونيــس إثــراء مفهومــه عــن العلامنيــة مــن‬ ‫خاللهــا مؤكــدا ً القيمــة األوىل بقوله‪»:‬خلــ ّو‬ ‫االنفجــار الســوري مــن أي مــروع يشــكّل‬ ‫خطــوة نحــو التغيــر‪ .‬ليــس تغيــر الســلطة‪،‬‬ ‫بــل تغيــر املجتمــع‪ ،‬وتغيــر األفــكار‪ ،‬وتغيــر‬ ‫الثقافــة‪ .‬وأ ّن الطابــع العــام لــه «أي االنفجــار»‬ ‫كان دينيـاً‪ ،‬وغايتــه كانــت تــدور حول الســلطة‬ ‫بهــدف تغيريهــا‪ ،‬ومل يكــن وراءهــا أي مــروع‬ ‫شــامل عــى اإلطــاق‪ .‬يف الشــارع نحــن نعيــش‬ ‫أصــول عمــر وأيب بكــر وعثــان‪ ،‬وأتباعهــم‪،‬‬ ‫هــم الذيــن يطلقــون النــار ويســتولون عــى‬ ‫الســلطة» معتـرا ً أن الثــورة التــي تخــرج مــن‬ ‫الجوامــع ليســت بثــورة‪ ،‬وال يوجــد شــعب‬ ‫يف العــامل يهاجــر‪ ،‬ونســتمر يف تســميته بأنــه‬ ‫شــعب ثــوري‪.‬‬ ‫أمــا القيمــة الثانيــة يف معايــر أودنيــس‬ ‫وفحــوى متالزماتهــا فإنهــا الشــك ترســم القلــق‬ ‫الذهنــي الــذي أوقــع «املفكــر الكبــر» يف‬ ‫دوامــة مــن االختالطــات حينــا يقــول‪ »:‬يجــب‬ ‫أن يثــور اإلســام أيضـاً‪ ،‬يجــب أن يقــوم بثورتــه‬ ‫الداخليــة‪ ،‬كــا قامــت املســيحية بثورتهــا‬ ‫الداخليــة وكــا قامــت اليهوديــة» لكــن‬ ‫أودنيــس يف مــكان آخــر مــن الحــوار يقــول‪»:‬‬ ‫الديــن ال يتــم إصالحــه‪ .‬الديــن إمــا أن تؤمــن‬ ‫بــه أو ال تؤمــن» هــذا مــن جانــب أمــا مــن‬ ‫الجانــب اآلخــر فــإن أدونيــس يختتــم أناشــيده‬ ‫ال َخرِفــة قائـاً‪ »:‬يجــب أن نتأكــد أن املجتمــع ال‬ ‫يتغــر إال إذا تغــرت املؤسســة»‪.‬‬ ‫الشــك أننــا أمــام هــذا النثــار الفــظ‪ ،‬وشــناعة‬ ‫التواطــؤ البائــن فيــه‪ ،‬ومــا احتــواه مــن‬ ‫مواقــف تشــر بعــن مفتوحــة إىل مقاصــد‬ ‫أرادهــا أدونيــس رســائل مــن فــوق الطاولــة‬ ‫إىل الثــورة الســورية متناســياً كمثقــف ومفكــر‬ ‫جحيــم املأســاة التــي يعيشــها الشــعب الثائــر‬

‫ومــا لحــق بــه مــن ويــات فاقــت يف حجمهــا‬ ‫مــا يتصــوره العقــل وتحتملــه الضامئــر‬ ‫مؤكــدا ً وعــى أكــر مــن منــر روايــة ترهاتــه‬ ‫عــن العلامنيــة التــي تخــدم جانبــاً ضيقــاً‬ ‫وتقــي املســاحة الكــرى لحريــة النــاس‬ ‫وكرامتهــم نازعــاً عنهــم رشعيــة االعتقــاد‬ ‫وتقريــر مصائرهــم التــي ســلبها منهــم نظــام‬ ‫دكتاتــوري اســتباح كل يشء لخدمــة أهدافــه‬ ‫الطائفيــة واملذهبيــة‪ ،‬فالحريــة التــي يعتقــد‬ ‫أدونيــس بوجودهــا ويســتحقها الســوريون‬ ‫مؤجلــة حســب الوصفــة التبشــرية التــي‬ ‫يرعاهــا ببالغتــه النابغــة ويــروج لهــا مؤثــرا ً‬ ‫يف البدايــة فصــل الديــن عــن الدولــة كعتبــة‬ ‫أوىل يصعــد عليهــا الطامحــون لنيــل حريتهــم‬ ‫وكأن فصــل الديــن عــن الدولــة مســألة يتــم‬ ‫انجازهــا بعصــا ســحرية ال تحتــاج مراحــل‬ ‫كثــرة مــن االحتجاجــات والثــورات وهــي لــن‬ ‫تتحقــق إال كمحصلــة ونتيجــة ملــا بعــد الثــورة‬ ‫وت َ َحقــق املواطنــة واســعة الطيــف يف أبعادهــا‬ ‫االنســانية‪.‬‬ ‫أمــا مســألة الخــروج مــن دور العبــادة والعــار‬ ‫«الالعلــاين» الــذي لحــق بالثــورة جراءهــا فانه‬ ‫البــد مــن تذكــر صاحــب «الثابــت واملتحــول»‬ ‫بالثــورة اإليرانيــه إبــان حدوثهــا كيــف خــرج‬ ‫اإليرانيــون مــن الحســينيات والحــوزات وهــم‬ ‫ينــادون بإســقاط الشــاه وطغمتــه الحاكمــة‬ ‫ثــم هــل كان يحتــاج الشــعب اإلي ـراين ملعايــر‬ ‫فصــل الديــن عــن الدولــة ليســتويف رشوط‬ ‫الخــروج عــى الحاكــم الجائــر؟‪.‬‬ ‫لقــد تنــاىس «عــي أحمــد ســعيد اســر» والــذي‬ ‫لقــب نفســه بـــ « أدونيــس» دون أن مينحــه‬ ‫أحــد هــذا اللقــب‪ ،‬حمــى اللهــاث الــذي وقــع‬ ‫بــه وهــو يشــيد بالثــورة االيرانيــه ومينحهــا‬ ‫األلقــاب والصفــات الحســنى وكأن أيــة اللــه‬ ‫الخمينــي تجــى بصــورة املهــدي املنتظــر‬

‫ليندفــع حينهــا أدونيــس بقصيدتــه الغنائيــة‬ ‫العصــاء وينــر مدائــح املجــاز قائـاً‪« :‬ســأغني‬ ‫لـــ «قم»‬ ‫يك تتحول يف صبوايت‬ ‫ٍ‬ ‫عصف تطوف حول الخليج»‪.‬‬ ‫نا َر‬ ‫وال أدري هــل غــاب عــن ذهــن أدونيــس أن‬ ‫األملــان الذيــن منحــوه جائــزة «غوتــه» مؤخـرا ً‪،‬‬ ‫كانــوا قــد خرجــوا هــم مــن الكنائــس يف‬ ‫اليبــزغ وغريهــا مــن املــدن األملانيــة مطالبــن‬ ‫بهــدم جــدار برلــن وإعــادة الــروح اىل أملانيــة‬ ‫املوحــدة‪ ،‬أليســت تلــك االحتجاجات ثــورة بكل‬ ‫مــا تعنيــه الكلمــة بيــد أن تلــك التظاهــرات‬ ‫كانــت تثابــر يف خروجهــا عــى أيــام اآلحــاد‬ ‫حتــى ســميت مبسـرات األحــد‪ ،‬دون أن ننــى‬ ‫أن أملانيــة دولــة دميقراطيــة وعلامنيــة‪ ،‬هــل‬ ‫كان مــن املفــرض أن متنــع الســلطات األملانيــة‬ ‫خــروج التظاه ـرات مــن دور العبــادة؟ حتــى‬ ‫الثــورة يف تشــييل خــرج ثوارهــا مــن الكنائــس‬ ‫ضــد الدكتاتــور «بيونشــيه» وهــل كانــوا‬ ‫يحتاجــون لثــورة ثقافيــة ومعرفيــة ليتحقــق‬ ‫لهــم رشط التظاهــر وإســقاط الطغيــان؟‪.‬‬ ‫لقــد تنــاىس أدونيــس أن نظــام الســلطانية‬ ‫األســدية التــي تحكــم ســورية هــي حالــة‬ ‫معطلــة للــروط‪ ،‬والوصايــا التــي يرســمها لنــا‬ ‫عقلــه املفكــر واملتدبــر للخــروج مــا نحــن‬ ‫فيــه وأن رماديتــه‪ ،‬وبراغامتيتــه املكشــوفتني مل‬ ‫تعــد تنطــي عــى الســوريني وال عــى املشــهد‬ ‫الثقــايف النخبــوي ومــا رســالته املفتوحــة إىل‬ ‫الرئيــس «بشــار املنتخــب» إال تربئة للســلطانية‬ ‫األســدية مــا يجــري يف ســورية وإلصــاق‬ ‫الجرميــة بحــزب البعــث الــذي مل يكــن يف‬ ‫يــوم مــن األيــام‪ ،‬قائــدا ً للدولــة واملجتمــع ومل‬ ‫تتجــاوز حصتــه مــن كعكــة الســلطة إال مقــدار‬ ‫مــا مينــح ملنظمــة شــعبية فاســدة تأمتــر بأمــر‬ ‫األجهــزة األمنيــة القاتلــة‪.‬‬

‫رمبــا تكــون املقابلــة املتلفــزة التــي أجرتهــا مــع‬ ‫أدونيــس محطــة «ســكاي نيــوز» مؤخ ـرا ً مــن‬ ‫أهــم اللقــاءات الكاشــفة لبواطــن شــخصية‬ ‫ثقافيــة فصاميــة كشــخصية أدونيــس وهــو‬ ‫يسرتســل قائــاً‪« :‬نحــن أُعطينــا االســتقالل‬ ‫منحــة مــن الــدول الغربيــة وعلينــا االع ـراف‬ ‫بذلــك» والســؤال الــذي يطــرح نفســه هنــا‪:‬‬ ‫أيــن ذهبــت أرواح مليــون شــهيد يف الجزائــر‬ ‫لــي تنــال اســتقاللها‪ ،‬وهــل الريــح أخــذت يف‬ ‫أدراجهــا شــهداء ‪ 6‬أيــار وهــل معــارك الثــوار‬ ‫الســوريني الخــراج الفرنــي املحتــل مــن‬ ‫بالدهــم كان خدعــة صف ـراء كتبهــا املؤرخــون‬ ‫يف أحالمهــم وهــل وهــل وهــل ‪ ..‬رشيــط‬ ‫طويــل مــن األســئلة ميتــد يف األفــق الدامــي‬ ‫يقــرع رأس أدودنيــس ويســأله مــن جديــد‬ ‫هــل ســتذهب أيضــاً أرواح نصــف مليــون‬ ‫شــهيد يف الثــورة الســورية قتلــوا يف املــدن‬ ‫أو ســجون الســلطانية االســدية أدراج الريــح‬ ‫لتبقــى مقولــة «األســد أو نحــرق البلــد»؟‬ ‫يبــدو أن أدونيــس مــا زال يحمــل يف أعامقــه‬ ‫«عــي أحمــد ســعيد اســر» ذلــك الفتــى الــذي‬ ‫مل يتعلــم يف مدرســة فقــد أخــذ العلــم عــن‬ ‫أبيــه الشــيخ أحمــد ســعيد اســر‪ ،‬حفــظ القرآن‬ ‫عــن ظهــر قلــب وحفــظ مــن الشــعر الجاهــي‬ ‫الكثــر وهــو مل يتجــاوز ســن الثالثــة عــر‬ ‫مــن عمــره اىل أن شــاءت املصادفــة لتنتشــله‬ ‫يــد الرئيــس شــكري القوتــي مــن براثــن قريــة‬ ‫نصابــن واجتهــادات فقهــاء املذاهــب يف‬ ‫الســاحل العتيــد ومينحــه ارشاف ـاً دراســياً عــى‬ ‫حســاب الدولــة بعدمــا ألقــى قصيــدة جميلــة‬ ‫ومؤثــرة أمامــه مبناســبة عيــد الجــاء‪.‬‬ ‫رحــم اللــه الشــاعر الكبــر محمــد املاغــوط‬ ‫الــذي أجــاد يف وصــف مســرة أدونيــس‬ ‫بكلمتــن حــن ســئل عــن رأيــه بــه « بــدو‬ ‫نوبــل» ‪.‬‬

‫كالب الراعي متعة احلكاية بني عبق التاريخ وعمق الفكرة‬ ‫وفاء شهاب الدين‬

‫مــن هــم كالب الراعــي؟ تســاؤل يلــح‬ ‫مــن البدايــة عــى ذهــن القــارئ وال يجيــب‬ ‫عنــه أرشف العشــاوي ببســاطة‪ ،‬فالــكالب‬ ‫ال تحمــي القطيــع مــن راعيهــا دوم ـاً إمنــا ىف‬ ‫أحيــان كثــرة يســيل لعابهــا إذا مــا ذبحــت‬ ‫شــاة مــن القطيــع لتنتظــر الــكالب دورهــا‬ ‫ونصيبهــا بعدمــا تظاهــرت بالنبــاح والحراســة‪..‬‬ ‫الزمــان ‪ ،1803‬املــكان القلعــة بقلــب القاهرة‪،‬‬ ‫دار الحكــم للمحروســة كلهــا‪ ،‬حســبام كان‬ ‫يطلــق املرصيــون عــى بالدهــم ىف ذلــك‬ ‫الوقــت مــن مائتــي عــام‪ ،‬رحلــت الحملــة‬ ‫الفرنســية عــن مــر‪ ،‬وقامــت ثــورة القاهــرة‬

‫األوىل ثــم خمــدت فجــأة‪ ،‬تبــدو األمــور‬ ‫ســاكنة عــى الســطح‪ ،‬لكنــه هــدوء مــا قبــل‬ ‫العاصفــة‪ ،‬انقســام شــديد ىف نســيج املجتمــع‬ ‫املــري يعصــف بــكل طوائفــه مــن مامليــك‬ ‫ومرصيــن‪ ،‬كبــار القــوم وعــوام النــاس‪،‬‬ ‫أصحــاب النفــوذ والتجــار وغريهــم وصــوالً إىل‬ ‫الحفــاة ىف الحــواري والطرقــات‪ ،‬حتــى أقبــاط‬ ‫مــر الذيــن اصطفــوا مــع مســلميها ملقاومــة‬ ‫الفرنســيس‪ ،‬باتــوا خائفــن مــن غــدر وشــيك‪،‬‬ ‫الجميــع قلــق‪ ،‬ينــام بعــن مفتوحــة‪ ،‬الراعــي‬ ‫الــريك أطلــق كالبــه ىف أرجــاء املحروســة‪،‬‬ ‫فلــول املامليــك تســتجمع قواهــا‪ ،‬غايتهــا حكم‬ ‫املحروســة وتســتخدم كل الوســائل للوصــول‬ ‫إليهــا‪ ،‬تســتعد ملعركــة الفرصــة األخــرة مــع‬ ‫الداهيــة محمــد عــي الــذى صــارت لــه الكلمة‬ ‫العليــا عــى جمــوع املرصيــن‪ ،‬األســتانة تدعــم‬ ‫املامليــك ىف الخفــاء وتراقــب تحــركات محمــد‬ ‫عــي بعيــون حــذرة‪ ،‬ممثلــة ىف واليهــا الــريك‬ ‫خــرو باشــا الــذي كان ضعيفـاً طيعـاً خانعـاً‪،‬‬ ‫ومــن بعــده أحمــد باشــا خورشــيد الــذي تأخر‬ ‫كث ـرا ً ىف اختيــار التيــار الــذي سيســبح معــه‪،‬‬ ‫حتــى جرفــه محمــد عــي ورجالــه وأزاحــوه‬ ‫مــن عــرش مــر‪ ،‬مــن وراء الكواليــس يتحــرك‬ ‫ببــطء قناصــل اإلنجليــز والفرنســيني يتابعــون‪،‬‬ ‫يخططــون ويقــررون‪ ،‬يحركــون والة مــر‬ ‫مثــل الدمــى الخشــبية‪ ،‬يتحالفــون مــع قــادة‬ ‫املامليــك‪ ،‬فــوىض عارمــة تــرب أنحــاء البــاد‬ ‫فجــأة‪ ،‬بــات القتــل أســهل مــن دفــع ذبابــة‬ ‫عــن الوجــه‪ ،‬املرصيــون يبحثــون فقــط عــن‬ ‫قوتهــم اليومــي‪ ،‬لكنهــم يخبئــون الســاح ىف‬ ‫الخفــاء‪ ،‬يهابــون املامليــك ويكرهونهــم ىف آن‬

‫واحــد‪ ،‬ال يــرددون ىف املشــاركة بثــورة ثانيــة‬ ‫ضدهــم لكنهــم رسعــان مــا يخمــدون خوفــا‬ ‫مــن املذابــح‪ ،‬ال نصــر لهــم إال محمــد عــي‬ ‫وجيشــه الصغــر لكنــه كان داهيــة يعــرف‬ ‫كيــف يتالعــب بهــم مســتخدماً شــعرة معاوية‬ ‫الشــهرية مــع قادتهــم وكل مــن تعــاون معــه‪.‬‬ ‫ىف وســط هــذه األجــواء التــى تتكــئ عــى‬ ‫خلفيــة تاريخيــة واألحــداث املتالحقــة‪ ،‬يظهــر‬ ‫بطــي الروايــة اللــذان أبدعهــا العشــاوي‬ ‫وهــا الحســن الرومــي وكــال ســيف الدولــة‪،‬‬ ‫أخــان غــر شــقيقني‪ ،‬ألم مرصيــة تزوجــت‬ ‫مــري أنجبــت منــه حســن الرومــي كاتــب‬ ‫الديــوان‪ ،‬الثائــر النبيــل الــذى مل تلوثــه‬ ‫السياســة بعــد‪ ،‬ال يهــاب املــوت رغــم أنــه‬ ‫يــراه كل يــوم ىف مواجهــة مــع كالب الراعــي‬ ‫وأولهــم أخيــه غــر الشــقيق املولــود ألب‬ ‫مملــوك‪ ،‬بطــل الروايــة الثــاين كــال الديــن‬ ‫ســيف الدولــة نائــب محتســب القاهــرة‪،‬‬ ‫اململــوك الفــظ الجبــار املرتــش الــذى ال‬ ‫يتــورع عــن اإلطاحــة برقبــة كل مــن يقــف‬ ‫ىف طريقــه للوصــول إىل الســلطة والجــاه‬ ‫وتحقيــق طموحــه كمحتســب للمحروســة‬ ‫كلهــا‪ ،‬ومــع ذلــك فالخــوف يســكن وجدانــه‬ ‫ويحلــق فــوق رأســه دومــاً‪ ،‬ويتحكــم ىف كل‬ ‫قراراتــه رغــم الحراســة التــى تحيــط بــه حتــى‬ ‫ىف مرقــده خوفـاً عــى حياتــه‪ ،‬رصاع مريــر بــن‬ ‫األخويــن تــدور رحــاه عــر فصــول الروايــة‪،‬‬ ‫خاصــة بعــد مــا قــاد الحســن الرومــي صفــوف‬ ‫املقاومــة ضــد املامليــك‪ ،‬فبــات شــبحاً يهــدد‬ ‫منصــب أخيــه ويزعــزع نفــوذه‪ ،‬يــكاد يظفــر‬ ‫بــه ليقتلــه لكنــه يفلــت منــه ىف اللحظــات‬

‫األخــرة كل مــرة‪ ،‬ليعــاود كشــف مؤامــرات‬ ‫املامليــك مبفاجــأة مدهشــة كل مــرة‪.‬‬ ‫عــى خلفيــة هــذا ال ـراع القاتــم والدمــوي‬ ‫يظهــر بقلــب األحــداث خيط مــن الرومانســية‬ ‫واملشــاعر الرقيقــة وضعــه العشــاوي بحرفيــة‬ ‫بالغــة ليــيء جوانــب الرصاعــات املظلمــة‪،‬‬ ‫تظهــر شــخصية «نورســن» أو «يض القمــر»‬ ‫تلــك الفتــاة املرصيــة التــى تقــع ىف غــرام‬ ‫الحســن ويهيــم بهــا عشــقاً بــدوره‪ ،‬رغــم‬ ‫كونهــا جاريــة ىف قــر أمــه‪ ،‬تعيــش معهــم‬ ‫ىف دار ســيف الدولــة القابعــة عــى نيــل‬ ‫الجيــزة‪ ،‬تلقــى األمريــن مــن أخيــه كــال‬ ‫ســيف الدولــة وزوجتــه ورد شــان بعــد أن‬ ‫تحولــت الــدار لثكنــة عســكرية خوفــاً عــى‬ ‫حياتــه‪ ،‬لكنهــا تســاعد الحســن ىف مراحــل‬ ‫هروبــه طــوال فصــول الروايــة بعدمــا أجــره‬ ‫أخــوه عــى االختفــاء معلنــاً مقتلــه‪ ،‬حتــى‬ ‫يســتقر بــه املقــام ىف صحـراء الصعيــد ليعيــش‬ ‫مــع املطاريــد واملجرمــن‪ ،‬ليفاجــئ بــأن لهــم‬ ‫قواعــد وقوانــن مطبقــة بنظــام صــارم ال‬ ‫ميكــن لهــم أن يخالفــوه أبــدا ً وإال كان املــوت‬ ‫جزائهــم‪ ،‬يندهــش مــن منــط حياتهــم فهــم‬ ‫مثــل الذئــاب ىف كل يشء‪ ،‬يرتــدي معهــم جلــد‬ ‫الذئــب‪ ،‬يعايشــهم ويحــايك معيشــتهم‪ ،‬يخــرج‬ ‫بهــم إىل املدينــة‪ ،‬يقودهــم ىف جيــش صغــر‬ ‫ليقاتــل جحافــل املامليــك التــى فــرت إىل‬ ‫الجنــوب‪ ،‬يغــر معهــم مجــرا ً عــى القوافــل‬ ‫التجاريــة لكنــه يرتاجــع ىف اللحظــات األخــرة‪،‬‬ ‫يعجــب مبنطقهــم وفلســفة زعيمهــم ســليم‬ ‫أبوديــاب القاتــل العتيــد ولــص الــدواب‬ ‫الهــارب مــن املامليــك‪ ،‬لكنــه ال يتمكــن أبــدا ً‬

‫مــن التحــول إىل ذئــب مثلهــم‪.‬‬ ‫روايــة العشــاوي الخامســة ترصــد الحيــاة‬ ‫االجتامعيــة بدقائقهــا وخصوصياتهــا املتفــردة‬ ‫ىف مــر‪ ،‬دور األقبــاط ىف الحفــاظ عــى‬ ‫متاســكها‪ ،‬املســاعد يعقــوب تلميــذ املعلــم‬ ‫جرجــس الجوهــري ويوســف الفقــر اللــذان‬ ‫ســاعدا الحســن الرومــي عــى اســتكامل مــا‬ ‫بــدأه للخــاص مــن كالب الراعــي وآخرهــم‬ ‫شــقيقه كــال ســيف الدولــة الــذي يعــود بــه‬ ‫أسـرا ً معلنـاً أنــه لقــى مرصعــه فالتاريــخ يعيــد‬ ‫نفســه عــى أضيــق الدوائــر كذلــك‪ ،‬يحبســه‬ ‫ىف قبــو بعــد تــويل محمــد عــي حكــم مــر‪،‬‬ ‫يخفيــه عــن العيــون حتــى ال تطــال رقبتــه‬ ‫ســيوف جنــود االرنــاؤوط الذيــن أطلقهــم‬ ‫محمــد عــي للخــاص مــن املامليــك خاصــة‬ ‫مــع اقــراب مذبحــة القلعــة الشــهرية ومــا‬ ‫تالهــا مــن مجــازر بشــوراع القاهــرة الكــرى‬ ‫وبيوتهــا بعدمــا انقلبــت اآليــة‪ ،‬انتهــى عــر‬ ‫املامليــك وهــرب مــن نجــا منهــم إىل حــدود‬ ‫الســودان‪ ،‬وبقــي كــال ســيف الدولــة قابع ـاً‬ ‫ىف قبــوه لتنتهــى األحــداث بنهايــة غــر‬ ‫متوقعــة عــى اإلطــاق‪ ،‬ورمبــا كان مشــهد‬ ‫النهايــة مــن أجمــل مشــاهدها عــى اإلطــاق‪.‬‬ ‫مؤلــف الروايــة قــاض مــري مبحكمــة‬ ‫اســتئناف القاهــرة‪ ،‬وصــدرت لــه أربــع روايات‬ ‫وكتــاب وثائقــي عــن رسقــة وتهريــب اآلثــار‬ ‫املرصيــة خــال الســنوات الخمــس املاضيــة‬ ‫عــن الــدار املرصيــة اللبنانيــة للنــر والتوزيــع‬ ‫ووصلــت إحــدى رواياتــه لقامئــة جائــزة البوكــر‬ ‫العامليــة‪ ،‬وفــازت أخــرى بجائــزة أفضــل روايــة‬ ‫عربيــة مــن وزارة الثقافــة املرصيــة‪.‬‬


‫حرمل رمضان ‪15‬‬ ‫ه�لال الث��ورة‪ ،‬ه�لال االنتص��ار‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫رمضان إملاحات وإيقاظات‬

‫عمر عدنان قنبر‬

‫جمال الفالح‬

‫مــا أجدرنــا أن نعطــي رمضــان‬ ‫حقــه مــن التصــور الصحيــح‪ ،‬وأن‬ ‫نعــرف املعنــى واملغــزى مــن شــعرية‬ ‫هــذه األيــام املعــدودات املكتوبــات‪.‬‬ ‫اإلملاحــة األوىل‪ :‬الصــوم مــا كان إالّ‬ ‫لبنــاء إنســان ميتلــك إرادة تغيرييــة‬ ‫(فلــن يتغــر واقــع حياتنــا دون أن‬ ‫نغــر مــن ذواتنــا)‪.‬‬ ‫اإلملاحــة الثانيــة‪ :‬لعلكــم تتقــون‪،‬‬ ‫هــي املغــزى واملرمــى‪ ،‬فالوقايــة‬ ‫بأشــكالها تفتــح أمامنــا آفــاق مــن‬ ‫العمــل الجامعــي املشــرك لحاميــة‬ ‫النفــس واملــال واألمــة والعــامل‪ ،‬فنحــن‬ ‫أمــة رســالية رحمويــة‪ .‬ولعلكــم هنــا‬ ‫جــاءت للجمــع‪ ،‬وعندمــا تكــون‬ ‫صــادرة عــن اللــه‪ ،‬فهــي مبعنــى‬ ‫اليقــن والتأكيــد‪.‬‬ ‫الصائــم يف هــذه الجامعــة يتخــرج‬ ‫تقيــاً نقيــاً‪ ،‬ميتلــك إرادة النــر‬ ‫والنجــاح‪ ،‬يربــط بــن العبــادة‬ ‫الشــعائرية والعبــادة االجتامعيــة‬ ‫الحضاريــة‪.‬‬ ‫(لســان صائــم عــن قــول الــزور‬ ‫والبهتــان‪ ،‬يــدان صامئتــان عــن بطــش‬ ‫وتنكيــل‪ ،‬عينــان صامئتــان عــن متــاع‬ ‫الغــر وعــن الحـرام‪ ،‬قدمــان صامئتــان‬ ‫إالّ عــن الســعي يف دروب الخــر‪،‬‬ ‫األتقيــاء يف املعنــى العــام هــم بنــاة‬ ‫األوطــان واإلنســان)‪ ،‬فــإن كان‬ ‫زمــان رمضــان يصفــد فيــه املــردة‬ ‫والشــياطني فــإن هنــاك مجاميــع‬ ‫مؤيــدة لنشــاط الشــيطان التخريبيــة‬ ‫والهدميــة‪ ،‬وهنــا صاحــب التقــوى‬ ‫لــن يقــع يف فــ ٍخ نُصــب لــه‪.‬‬ ‫هنــا نقــرأ مــن جديــد قــول نبــي‬ ‫الرحمــة‪( :‬مــن مل يــدع قــول الــزور‪،‬‬ ‫والعمــل بــه‪ ،‬فليــس للــه حاجــة يف‬ ‫أن يــدع طعامــه ورشابــه)‪ ،‬بــل هــو‬ ‫يعيــش خطــاب اللــه يــدع طعامــه‬ ‫ورشابــه وشــهوته مــن أجــي‪.‬‬ ‫إملاحــة‪ :‬عندمــا ينــادي رمضــان علينــا‬ ‫يــا باغــي الخــر أقبــل‪ ،‬ويــا باغــي‬ ‫الــر أدبــر‪ ،‬فهــو إشــعار منــه لنــا أن‬ ‫الظــروف الزمانيــة مواتيــة لتتغــروا‬ ‫وت ُغــروا‪.‬‬ ‫إملاحــة‪ :‬يــا أيهــا الذيــن آمنــوا‬ ‫«املنهــج» كتــب عليكــم‪ .‬ومــا كتبــه‬ ‫علينــا هــو مجاهــدة النفــوس‬ ‫لتصفــو وتزكــو‪ ،‬الصــوم هنــا وقفــة‬ ‫احتجاجيــة عــى مــا يعرقــل مســرة‬ ‫الفــرد واملجتمــع مــن آفــات نفســية‬ ‫وفكريــة وســلوكية‪.‬‬ ‫إملاحــة‪ :‬كُتــب عليكــم الصيــام‬ ‫(االمتنــاع واإلمســاك) لتتمــردوا عــى‬ ‫واقــع الرغبــة وضوضــاء األجــواء‬ ‫امللبــدة بدخــان األحقــاد واألنــكاد‪،‬‬ ‫ولتتخلصــوا وتتحــرروا من كل أشــكال‬ ‫التمحــور الــذايت واملزاجــي واملنفعــي‬ ‫واملصلحــي‪ ،‬واملقصــد هــو لعلكــم‬ ‫تتقــون هــذه اآلفــة القاتلــة (األنــا)‪.‬‬ ‫إيقاظــة‪ :‬مــا أراد اللــه م ّنــا عطشــاً‬

‫الصيــام واإلنســان‪ :‬منــذ فجــر‬ ‫التاريــخ واإلنســان يخــوض معركــة‬ ‫تحقيــق التــوازن بــن حاجاتــه املاديــة‬ ‫وأشــواقه الروحيــة‪ ،‬تغلبــت فيهــا‬ ‫حاجاتــه ورغباتــه م ـرات‪ ،‬فــرأى هــول‬ ‫مــا يصنــع بنفســه ومبجتمعــه عندمــا‬ ‫يجــايف طرائــق األخــاق وضوابــط‬ ‫القيــم‪ ،‬وانتــرت الــروح يف تلــك‬ ‫املعركــة م ـرات أخــرى‪ .‬توازنــت حيــاة‬ ‫اإلنســان بــن الحاجــات واألشــواق‬ ‫مــرات أخــرى فعــم الرغــد والهنــاء‬ ‫وعــاش اإلنســان لذاتــه ولغــره‪ ،‬ولعــل‬ ‫الصيــام مــن أهــم وســائل األديــان‬ ‫لتحقيــق هــذا التــوازن { كتــب عليكــم‬ ‫الصيــام كــا كتــب عــى الذيــن مــن‬ ‫قبلكــم }‪.‬‬ ‫الصيــام والثــورة الســورية‪ :‬إذا كانــت‬ ‫الثــورة هــي ردة فعــل املجتمــع‬ ‫الرافــض للمســاومة بــن لقمــة عيشــه‬ ‫وضــان (أمنــه) وبــن حريتــه وكرامتــه‬ ‫املهــدورة عــى يــد نظــام بوليــي‬ ‫اســتبدادي‪ ،‬فــإن الصيــام يتشــابه معــه‬ ‫مــن عــدة وجــوه‪ ،‬فهــو تخــلٍ عــن‬ ‫حاجــات وملــذات آنيــة رجــاء تع ّمــقِ‬ ‫معــانٍ ســامية يف النفــس وإشــاعتها يف‬ ‫املجتمــع‪ .‬الثــورة انتصــار اإلرادة الحــرة‬ ‫واملبــرة عــى الرغبــة الطائشــة‬ ‫العميــاء‪ ،‬والصــوم يحمــل يف طياتــه‬ ‫وتفاصيــل أحكامــه املعنــى ذاتــه‪.‬‬ ‫الصيــام واملهجــرون والنازحــون‪ :‬افتقــد‬ ‫املهجــرون عــادات للصيــام ألفوهــا‬ ‫يف بالدهــم‪ ،‬ومثــراتُ وبــركات شــهر‬ ‫الصــوم هــي مــن عاجــل أجرهــم‪.‬‬ ‫افتقــدوا متعــة اجتــاع األهــل‬ ‫واألقــارب عــى مائــدة واحــدة ويــا‬ ‫لهــا مــن متعــة‪ ،‬افتقــدوا (ســكبة)‬ ‫الجــار املــ ِّود والقريــب املحــب‪،‬‬ ‫افتقــدوا ســهرة رمضــان مــع األصدقــاء‬ ‫واألرحــام‪ ،‬افتقــدوا فرحــة الصغــار‬ ‫عندمــا يعطونهــم بعــض النقــود لـراء‬ ‫(افطاريــة) واســتبدلوا ذلــك كلــه حنيناً‬ ‫يكــوي الضلــوع ويلــوع الفــؤاد‪ ،‬ودمعة‬ ‫تحــرق املآقــي‪ ،‬وأم ـاً ينتظرونــه عــى‬

‫وال جوعــاً‪ ،‬وإمنــا أن منتلــك القــوة‬ ‫التغيرييــة التــي تحقــق التقــوى‬ ‫االجتامعيــة والعســكرية والسياســية‪.‬‬ ‫إملاحــة‪ :‬الصيــام مــروع كــوين‬ ‫عاملــي‪ ،‬ليــس خاصــاً بنــا‪ ،‬بــل كان‬ ‫يف مــن قبلنــا وال يــزال وســيلة‬ ‫اجتامعيــة وسياســية تتبــع مــن قبــل‬ ‫املقهوريــن واملظلومــن واملحرومــن‪،‬‬ ‫وإن كان صيامهــم لتحقيــق هــدف‬ ‫ســيايس تحــرري اســتقاليل‪ ،‬فإنهــم‬ ‫قــد حققــوا بســاح الصيــام‪ ،‬ومــا‬ ‫يحتويــه مــن اســتغناء واســتقواء‬ ‫بــاإلرادة الذاتيــة‪ ،‬اســتطاعوا إخضــاع‬ ‫وإركاع كل طاغــوت ومتألــه وليــس‬ ‫الشــاهد ع ّنــا ببعيــد‪ ،‬املهامتــا غانــدي‪،‬‬ ‫حكمــت بريطانيــا بــاده‪ ،‬وكانــت‬ ‫تعتمــد عــى املســتهلك الهنــدي‬ ‫لترصيــف منتجاتهــا النســيجية‪،‬‬ ‫وكانــت تحتكــر ألوان ـاً مــن األطعمــة‬ ‫واألغذيــة‪ ،‬ومنهــا امللــح‪ .‬شــهر غانــدي‬ ‫ســاح الصــوم بإرادتــه الذاتيــة‪ ،‬فقــرر‬ ‫أن يصــوم (ميســك وميتنــع ويقاطــع‬ ‫املنتجــات النســيجية الربيطانيــة)‪،‬‬ ‫فخــرج وشــعبه بنصــف ثــوب مــن‬ ‫الخيــش الخشــن‪ ،‬وقــرر أن يصــوم‬ ‫األيــام ذوات العــدد‪ ،‬وامتنــع وشــعبه‬ ‫عــن تنــاول امللــح يف الطعــام‪ ،‬وبهــذا‬ ‫الســاح تصــدروا املشــهد وأفقــروا‬ ‫وج ّوعــوا الدولــة العظمــى ملّــا قــرروا‬ ‫التغيــر‪ ،‬فاستســلم املحتكــر املحتــل‬ ‫املتعجــرف املتألــه‪ ،‬ونالــت الهنــد‬ ‫حريتهــا بــإرادة ذاتيــة‪ ،‬ومجموعيــة‪،‬‬ ‫حتــى قــال الشــاعر القــروي‪ ،‬وهــو‬ ‫يــرز قــوة الصــوم‪ ،‬ويهيــب باملســلمني‬ ‫العــودة إىل صيــام القلــوب‪ ،‬إىل‬ ‫الصيــام االجتامعــي الجامعــي املنظــم‬ ‫املغــر‪ ،‬يقــول القــروي‪:‬‬ ‫املخطــط‬ ‫ّ‬ ‫صام هندي فج ّوع دولة‬ ‫رض علجاً صوم مليار مسلم‬ ‫وما ّ‬

‫إملاحــة‪ :‬ليســت الغايــة مــن الصيــام‬ ‫الجــوع‪ ،‬وهــذا لــن يحمــي وطنــاً‬ ‫موجوعــاً مفجوعــاً‪ ،‬الغايــة إصــاح‬ ‫وتقويــم‪.‬‬ ‫إيقاظــة‪ :‬يجــب أن نحــول الصــوم‬ ‫االجتامعــي عــى النفــس‪ ،‬وعــى‬ ‫الطواغيــت إىل ثقافــة نلقنهــا‬ ‫ونرشبهــا مــع حليــب األمهــات‪،‬‬ ‫ونربطهــا بالزمــن الالمنتهــي‪ ،‬وقايــة‬ ‫مــن جحيــم متحصــل عــن قعــود‬ ‫وجمــود وجحــود‪.‬‬ ‫فلنتعامــل مــع هــذا الوافــد املتجــدد‬ ‫(رمضــان) الــذي يضــخ فينــا دم‬ ‫املقومــة‪ ،‬ويبــث روح األمــل بالتغيــر‪،‬‬ ‫ويهيــب بنــا االنتقــال بــه مــن‬ ‫الطقوســية والشــكلية يف اســتقباله‪،‬‬ ‫وقضــاء أيامــه‪ ،‬إىل حالــة اســتذكار‬ ‫واســتنفار واســتنكار لــكل مــا يعيــق‬ ‫النفــس مــن صمودهــا‪ ،‬والــروح مــن‬ ‫تألقهــا وصعودهــا‪ ،‬رمضــان ينــادي يف‬ ‫األمــة‪ ،‬فليكــن صومكــم يف زمانكــم‪،‬‬ ‫إمســاك األقــام واأللســنة عــن شــتيمة‬ ‫ونقيصــة‪ ،‬وهتــك عــرض‪ ،‬ولتفطــر‬ ‫أقالمكــم عــى محــرة التناصــح‬ ‫والتعاضــد والتامســك واالعتصــام‪،‬‬ ‫ولرتطــب ألســنتكم بالكلمــة الطيبــة‬ ‫النافعــة‪ ..‬كونــوا رجــال أفعــال ال‬ ‫آمــال وأقــوال‪ ..‬لــن تتمكنــوا مــن‬ ‫طــرد غاشــم ومســتبد وطاغيــة أيــاً‬ ‫كان ويف أي زمــان ومــكان قبــل أن‬ ‫تشــيع فيكــم ثقافــة التقــوى والتــواد‬ ‫والرتاحــم‪.‬‬ ‫نــداؤه األخــر‪ ..‬ال تدمــروا مــا تبقــى‬ ‫مــن بقايــا إنســان ووطــن‪ ،‬وإياكــم‬ ‫وثقافــة التواثــب والتحــارب والتالعب‬ ‫والتباعــد‪ ،‬فلتوقظــوا هممكــم فــإن‬ ‫اله ّمــة تحيــي األمــة‪.‬‬

‫جمــر الشــوق بالعــودة إىل ربــوع‬ ‫بالدهــم‪.‬‬ ‫الصيــام والتكافــل االجتامعــي‪ :‬لعــل‬ ‫حكمــة الصيــام الظاهــرة والكــرى‬ ‫هــي شــعور الغنــي بحاجــة الفقــر‬ ‫وتدريــب النفــس عــى التخــي عــن‬ ‫بعــض حاجاتهــا لصالــح الفقــراء‬ ‫واملســاكني مــن املجتمــع فقــد‬ ‫اشــتملت أحــكام الصيــام عــى مــا‬ ‫يحقــق هــذا املعنــى‪ ،‬فالصيــام تضمــن‬ ‫تــرك الطعــام والــراب وحــث عــى‬ ‫بذلــه والتصــدق بــه‪ ،‬بــل جعــل اللــه‬ ‫فديــة مــن أفطــر يف رمضــان لعــذر‬ ‫رشع يف‬ ‫املشــقة إطعــام مســكني‪ ،‬و ّ‬ ‫نهايــة شــهر الصيــام صدقــة الفطــر‬ ‫التــي هــي مواســاة للفقــر يف يــوم‬ ‫العيــد وتطهــر وتزكيــة لصيــام الصائم‪.‬‬ ‫الصيــام وهــال العيــد‪ :‬لــكل مرحلــة‬ ‫مــن البــذل والجهــد ســاعة حصــاد‪،‬‬ ‫ولــكل مشــوار مــن العنــاء ســاعة راحة‬ ‫ومتعــة وجنــي للثــار‪ ،‬وهكــذا هــو‬ ‫الصــوم ثالثــون يومــاً تبتــدئ بهــال‬

‫الصيــام حيــث يكابــد فيهــا الصائــم‬ ‫مشــقة الجــوع والعطش لينــال جائزته‬ ‫برؤيــة هــال العيــد‪ ،‬فرحــة غامــرة مبــا‬ ‫مــ ّن اللــه عليــه مــن توفيــق لتــام‬ ‫الصيــام‪ ،‬ويحــدوه األمــل بــأن ينــال‬ ‫عنــد ربــه جنــة عرضهــا الســموات‬ ‫واألرض‪ ،‬والثــورة الســورية التــي هـ َّـل‬ ‫هاللهــا يف الشــهر الثالــث مــن عــام‬ ‫‪ 2011‬وكابــد فيهــا الشــعب الســوري‬ ‫مــا كابــد مــن ألــوان العنــاء‪ ،‬وقــدم‬ ‫مــا قــدم مــن جســيم التضحيــات‪،‬‬ ‫آن لــه أن يــرى هــال االنتصــار‪ ،‬وأن‬ ‫تقــ َّر عيــون الثائريــن برؤيــة لحظــة‬ ‫زوال الطغيــان مــن ربــوع ســوريا‪،‬‬ ‫وأن يهنــأوا بســام يعــم أرجــاء البلــد‪.‬‬ ‫يرفــع الســوريون يف هــذه األيــام‬ ‫املباركــة أكفهــم مترضعــن لربهــم أن‬ ‫يكــون هــذا اليــوم قريبـاً‪ ،‬وأن يوفقهــم‬ ‫للعمــل مبــا يقربــه مــن وحــدة للصف‪،‬‬ ‫وجمــع للكلمــة وتآلــف للقلــوب‪ ،‬إنــه‬ ‫ســميع قريــب مجيــب‪.‬‬

‫إبداعات رمضانية يف سجن تدمر‬

‫فيصل زيد الهويدي‬

‫هل فاغتنم يا صاح عفوا ً ومغفر ًة يا فوز أرواح‬ ‫رمضان َّ‬ ‫بيــت شــعر قالــه أحــد ســجناء تدمــر‪ ،‬تذكرتــه وقــد دخلت‬ ‫نســائم رمضــان وعانقتنا‪.‬‬ ‫مــا أجمــل رمضــان‪ ..‬حتــى يف الســجن‪ ،‬كنــا نفــرح لقدومــه‬ ‫ونســتعد لــه‪ ،‬بالرغــم مــن الشّ ــح يف الطعــام‪ ،‬وانعــدام‬ ‫األمــن‪ ،‬حيــث أنــه ال يســمح لنــا مبامرســة العبــادات‪ ،‬فقــد‬ ‫كنــا نصــي ونحــن جالســون أو مضطجعــون إميــا ًء‪.‬‬ ‫يف عــام ‪1993‬م صمنــا رمضــان‪ ،‬وكنــا نفطــر عــى ثــاث‬ ‫مالعــق مرقــة حم ـراء‪ ،‬وقليــل مــن الــرز أو الربغــل‪ ،‬كنــا‬ ‫نجعــل الطعــام عــى شــكل سندويشــة‪ ،‬نأكلهــا عــى‬ ‫عجالــة يف دورة امليــاه حتــى ال يرانــا الســجان‪.‬‬ ‫ومــن إبداعــات الســجناء يف ســجن تدمــر‪ ،‬صنــع عجينــة‬ ‫مــن الخبــز الزائــد ووضعهــا يف كيــس نايلــون‪ ،‬ملــدة ثالثة أو‬

‫أربعــة أيــام‪ ،‬حتــى تتخمــر‪ ،‬ومــن ثــم نقتطــع منهــا قطعــة‬ ‫منددهــا باملــاء عــى شــكل الحمــص املطحــون ونأكلهــا‪..‬‬ ‫وقــد أطلقنــا عليهــا أســاء متعــددة منهــا خمخمينــة‪،‬‬ ‫ومنهــم مــن دلعهــا وســاها فيتامينــة‪ ،‬وقــد قيــل فيهــا‬ ‫الشــعر‪:‬‬ ‫ني‬ ‫أال ع ّجل بصحن الخمخمينة لنودعها بطون الجــائع َ‬ ‫فيا بسام ال تعجل عليــــــها ودعها يك ترق ويك تلينا‬ ‫ني‬ ‫هجرناها عىل جهل ولكــن أال والله كنا مخطــــــئ َ‬ ‫أمــا اليــوم فتذكــرين ظــروف الســجن‪ ،‬بحــال إخوتنــا‬ ‫الواقعــن تحــت الحصــار يف الغوطــة وديــر الــزور‪،‬‬ ‫وغريهــا مــن املواقــع املحــارصة عــى امتــداد البــاد‬ ‫الســورية الجريحــة‪ ،‬وإننــي أتســاءل مــاذا أبدعــوا يك‬ ‫يصومــوا رمضــان وال يفوتــوه‪ ....‬؟؟‬ ‫كان الله يف عونهم‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905459679973‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:19‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬

‫واملفاتيح جمرد ذكرى‬

‫مازن العليوي‬ ‫أن يشــكل الالجئــون مــن ســوريا والعــراق‬ ‫نســبة ثلــث عــدد الالجئــن يف العــامل بحســب‬ ‫اإلحصــاءات الحديثــة للمنظمــة العامــة لألمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬فاألمــر يســتدعي تحــركاً دوليــاً لإلنقــاذ‬ ‫وإيقــاف خــروج البــر مــن بيوتهــم وأوطانهــم‬ ‫ليصبحــوا الجئــن يف جهــات األرض‪ ،‬يعانــون قســوة‬ ‫الحيــاة ومرارتهــا‪.‬‬ ‫كارثــة اللجــوء ال يخوضهــا إال مــن أجــر عليهــا‪،‬‬ ‫وباتــت الخيــار الوحيــد أمامــه لالبتعــاد عــن خطــر‬ ‫املــوت‪ .‬ويف الحالــة الســورية‪ ،‬ومــع تداخــل اللجــوء‬ ‫مــع الهجــرة غــر الرشعيــة التــي تســببت وســائلها‬

‫غــر اآلمنــة بعــدد كبــر مــن الضحايــا صــار الوضــع‬ ‫أشــد مأســاوية‪ ،‬ويضــاف إىل مــا ســبق خيــار آخــر‬ ‫هــو اإلقامــة يف دول الجــوار ملــن لديهــم بقايــا مــال‬ ‫ينفقونــه أو هنــاك مــن تكفــل بنفقاتهــم‪ ..‬مــا أدى‬ ‫إىل تصاعــد درجــة ســوء أحــوال البــر بغيــاب‬ ‫التفكــر الجــدي إلنهــاء األزمــة‪.‬‬ ‫لــذا‪ ،‬وعــى ســبيل املثــال‪ ..‬مــن املخجــل أن تناقــش‬ ‫دول أوروبيــة آليــات منــع تدفــق املهاجريــن‬ ‫ومحاربــة الهجــرة غــر الرشعيــة‪ ،‬بــدل أن تناقــش‬ ‫أســباب األزمــة وتضغــط مــن أجــل إنهائهــا‪ ..‬ومــن‬ ‫املخجــل أيض ـاً أن تكــون مواقــف الــدول الكــرى‬ ‫القــادرة عــى مســاعدة الشــعب املســحوق ســلبيةً‪،‬‬ ‫وأغلــب ترصيحــات قادتهــا ال تعــدو كونهــا ذرا ً‬ ‫للرمــاد يف العيــون مــن بــاب أنهــم موجــودون‪..‬‬ ‫وكذلــك مــن املخجــل أن ال تكتفــي دولــة كــرى‬ ‫صاحبــة حــق النقــض «الفيتــو» يف مجلــس األمــن‬ ‫بحاميــة نظــام د ّمــر شــعبه وبلــده‪ ،‬بــل تــزوده‬ ‫بالســاح ليتــادى أكــر‪ ،‬فتطــول أوجــاع البــر‬ ‫أكــر ويتضاعــف عــدد املرشديــن والالجئــن‪..‬‬ ‫مفوضيــة األمــم املتحــدة لشــؤون الالجئــن تقــول‬

‫إن حــوايل ‪ 43‬يف املئــة مــن ســكان ســوريا قــد‬ ‫تــردوا‪ ،‬ورمبــا تكــون النســبة أكــر مــن ذلــك‬ ‫يف الواقــع‪ ،‬غــر أن املفارقــة أن النظــام الســوري‬ ‫ِ‬ ‫يكتــف بعــدم اعرتافــه بوجــود الجئــن‬ ‫الــذي مل‬ ‫مــن مواطنيــه‪ ،‬وإمنــا أســهم بالتنكيــل بهــم بصــورة‬ ‫مبــارشة أو عــن طريــق أعوانــه كــا يف لبنــان ومــا‬ ‫فعلتــه ميليشــيات حــزب اللــه بالالجئني الســوريني‪.‬‬ ‫مــا ميــر بــه الشــعب الســوري واحــدة مــن أبشــع‬ ‫املــآيس عــر التاريــخ‪ ،‬فــا النظــام رحــم النــاس أو‬ ‫حمــى مدنــه وشــعبه‪ ،‬ومــأت فراغــه يف املناطــق‬ ‫التــي تخــى عنهــا تنظيــات متطرفــة مارســت‬ ‫بدورهــا سياســة إجراميــة غــر ســوية‪ ،‬أمــا‬ ‫املجتمــع الــدويل فــا زال يناقــش إيقــاف هجــرة‬ ‫املســاكني ممــن مل يجربهــم عــى املــر «إال األمــر‬ ‫منــه»‪ ،‬والذيــن يحلمــون بنقطــة مضيئــة تنعــش‬ ‫ظــام ضياعهــم‪ ،‬فهــل تســتعيد «األمــم املتحــدة»‬ ‫دورهــا – الــذي مل متارســه ‪ -‬مبســاعدة الشــعوب‬ ‫وإنقاذهــا‪ ،‬أم ســتصبح مفاتيــح بيــوت الســوريني‬ ‫بعــد عقــود مجــرد ذكــرى يحتفظــون بهــا مطالبــن‬ ‫بحــق العــودة؟‬

‫بطاقة ش��كر وامتنان مقدمة للفن��ان ناظم الصغري والطبيب قادر‬ ‫أوقطاي والكادر الطيب يف مشفى ‪ 500‬احلكومي‬

‫أس��رة صحيف��ة احلرم��ل تهن��ئ الزمي��ل‬ ‫الفن��ان التش��كيلي «ناظ��م الصغ�ير»‬ ‫بالش��فاء بع��د خضوع��ه لعم��ل جراح��ي‬ ‫يف ال��رأس‪ ،‬وتق��دم ش��كرها وإمتنانه��ا‬ ‫للطاق��م الط�بي والف�ني ال��ذي أج��رى‬

‫العملي��ة اجلراحي��ة النوعي��ة‪ ،‬وخت��ص أورف��ا الرتكي��ة‪ ،‬عل��ى مس��اعيهم‬ ‫بالشكر الدكتور «قادر أوقطاي» رئيس اإلنس��انية الطيب��ة جت��اه الس��وريني‪،‬‬ ‫وتتمن��ى هل��م دوام التق��دم والنج��اح يف‬ ‫الفري��ق الط�بي املع��اجل‪.‬‬ ‫كم��ا تش��كر إدارة وأطب��اء وممرض��ي أعماهل��م اإلنس��انية‪.‬‬ ‫وفني��ي مش��فى ‪ 500‬يف مدين��ة ش��انلي‬

‫‪nurses and technicians in Sanliurfa city‬‬ ‫‪in Turkey on their good humanitarian‬‬ ‫‪endeavors towards Syrians, wishing‬‬ ‫‪them a continued success and advance‬‬ ‫‪.in their humanitarian work‬‬

‫‪The family of Alharmal Magazine‬‬ ‫‪congratulates‬‬ ‫‪its colleague‬‬ ‫»‪the visual artist «Nazim Alsaghir‬‬ ‫‪on his recovery after undergoing‬‬ ‫‪a successful surgery in his head,‬‬

‫‪and gives thanks and gratitude to‬‬ ‫‪the medical and technical staff who‬‬ ‫‪conducted the surgery, and specially‬‬ ‫‪thanks Dr. Kader Oktay the head of‬‬ ‫‪the medical team and also sthanks‬‬ ‫‪500 Hospital›s management, doctors,‬‬

‫دفنان‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫كان العــرب إىل وقــت قريــب إذا مــا نشــب رصاع‬ ‫بينهــم‪ ،‬وأوغلــوا يف االقتتــال‪ ،‬وســالت الدمــاء‪ ،‬وزاد عــدد‬ ‫أوليــاء الــدم‪ ،‬يــأيت الوقــت املالئــم لتدخــل العقــاء فيــا‬ ‫بينهــم‪ ،‬فتجلــس األطـراف املتنازعــة لحــل الخالفــات الناشــبة‬ ‫عــن اغتصــاب أرض‪ ،‬أو ثــأر شــخيص‪ ،‬أو اعتــداء آثــم‪ ،‬كل ذلــك‬ ‫تنهيــه األطــراف املتنازعــة بعــد االنصيــاع لصــوت العقــل‬ ‫وســداد الــرأي‪ ،‬والصلــح ينهــي الحالــة الثأريــة تحــت مســمى‬ ‫«دفنــان»‪ ،‬أو كــا تســميه العامــة «احفــر ودم»‪ ،‬أي تنتهــي‬ ‫كل أشــكال العصبيــة واملطالبــة بالــدم عــى هــذه الطريقــة‪.‬‬ ‫وأيضـاً كان لســمو أخــاق العــرب‪ ،‬أن ال يؤخــذ ثأريـاً الصالــح‬ ‫بالطالــح‪ ،‬وال الكبــر بالصغــر‪ ،‬وال الحكيــم بالجاهــل‪ ،‬فالعــرب‬ ‫تعتــر الكبــر والحكيــم والصالــح لجميــع العربــان‪ ،‬وليــس‬ ‫ألهلــه فقــط‪ ،‬ويف قصــة مــروان بــن محمــد آخــر خلفــاء بنــي‬ ‫أميــة مثــاالً‪ ،‬فعندمــا حارصتــه جمــوع بنــي العبــاس‪ ،‬وأدرك‬ ‫أنــه منتــ ٍه ال محالــة‪ ،‬قــال لرفيــق دربــه ومعلمــه «عبــد‬ ‫ـج بنفســك يــا عبــد‬ ‫الحميــد الكاتــب»‪ ،‬قولتــه املشــهورة‪« :‬انـ ُ‬ ‫الحميــد فإننــي إن قتلــوين خــرين أهــي وإن قتلــوك خــرك‬ ‫العــرب جميع ـاً»‪.‬‬ ‫إىل وقــت قريــب كنــا نســمع قصص ـاً مثــرة يف هــذا الشــأن‬ ‫خصوصــاً يف حــروب قبيلــة الولــدة مــع البــدو مــن قبيلــة‬ ‫عنــزة‪ ،‬كانــت تنتهــي مبثــل هــذه املآثــر‪ ،‬فقصــة أبــو الهيــس‬ ‫فــارس وعقيــد الولــدة مــع الشــيخ مجحــم بــن مهيــد‪ ،‬تؤكــد‬ ‫مرامينــا‪ ،‬فلقــد كان أبــو الهيــس يدخــل خبــاء الشــيخ مجحــم‪،‬‬ ‫وينــر طلقــات بارودتــه إىل جــوار فراشــه‪ ،‬وعندمــا يســتيقظ‬ ‫الشــيخ مجحــم ويــرى الطلقــات‪ ،‬يبــادر أبنــاء عشــرته‬ ‫بالقــول‪ :‬هــذه أفعــال أبــو الهيــس‪ ،‬وعندمــا يســأله أحدهــم‪:‬‬ ‫وكيــف عرفــت؟ يجيــب‪ :‬الرجــال تعــرف قــدر الرجــال‪ ،‬وهــذه‬ ‫رســالة أنــه يســتطيع الوصــول إليــه‪ ،‬لكنــه يــأىب قتلــه‪ ،‬ألنــه‬ ‫يعتــره لــه وألهلــه‪.‬‬ ‫أيضـاً عندمــا أنهــى املتخاصمــون مــن الولــدة وعنــزة نزاعهــم‪،‬‬ ‫فلقــد أنهــوه بالدفنــان‪ ،‬مــع بضــع قليــل مــن البنــادق لقــاء‬ ‫الــدم الــذي فــاض مــن قبيلــة عــى حســاب القبيلــة التــي‬ ‫فقــدت ضحايــا أقــل‪.‬‬ ‫مــا يعنينــا يف هــذا الســياق مــا نشــاهده مــن حــاالت انتقامية‬ ‫وثأريــة يف ال ـراع يف مختلــف األماكــن الســورية‪ ،‬فــا نــكاد‬ ‫نخــرج مــن مصيبــة حتــى تتلقانــا مصيبــة مثلهــا‪ ،‬وال نــكاد أن‬ ‫ننتهــي مــن ثــأر حتــى يليــه انتقــام بشــكل أكــر‪ ،‬فاختلــط‬ ‫الصالــح بالطالــح‪ ،‬وبــدأ األط ـراف يأخــذون العائلــة بالفــرد‪،‬‬ ‫ويأخــذون القريــة بســفيهها‪ ،‬ويأخــذون املدينــة بزعرانهــا‬ ‫ونصابيهــا‪.‬‬ ‫تذكــروا إخوتنــا بالــدم واملصــر أن النزاعــات والخصومــات‬ ‫ســتنتهي عاجــاً‪ ،‬اتركــوا مســاحة أكــر للحــب واالحــرام‪،‬‬ ‫ولذيــذ العيــش املشــرك الــذي كانــت تعيشــه ســوريا‪ ،‬ولــن‬ ‫يطيــب إال كــا كان‪ ،‬فنحــن إخــوة وأهــل‪ ،‬تجمعنــا املحبــة‬ ‫واأللفــة دامئ ـاً‪ ،‬واتركــوا الدفنــان إىل املحاكــم القضائيــة التــي‬ ‫تعطــي لــكل صاحــب حــق حقــه‪ ،‬كــا تقــي بذلــك القوانــن‬ ‫والرشائــع‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد التاسع عشر ‪ 01 /‬تموز ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.