Alharmal(20) 15 07 2015 العدد العشرون من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 20‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫الزبدان��ي ومدن الغوطتني حت��ت النار واحلصار‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬ ‫قبل الق��دس الطريق إىل‬ ‫إزاحة االستبداد‬

‫ماجد رشيد العويد‬

‫طريان النظام يقصف مدينة الباب بالرباميل واحلاويات املتفجرة‬ ‫والتحالف الدولي يقصف مدينة الرقة ويدمر عدداً من جسورها‬

‫مــا مــن طريــق إىل القــدس‪ ،‬وال إىل غريهــا قبــل العمــل عــى‬ ‫أمريــن اثنــن‪ ،‬األول يتمثــل بالفكــرة اإلميانيــة التــي تعمــل عــى‬ ‫شــحذ النفــس والعقــل‪ ،‬وأمــا الثــاين فيتمثــل بالعمــل بهديهــا يف‬ ‫إزاحــة االســتبداد‪ ،‬وهيمنــة رجالــه وصبيانــه‪ .‬والثابــت بجــاء أن‬ ‫األمــة مل تقــم لهــا قامئــة‪ ،‬وكذلــك لــن تقــوم لهــا قامئــة مــا دامــت‬ ‫ال تعــرف الطريــق إىل قتــل النظــم التــي قهرتهــا يف وجودهــا‪.‬‬ ‫ومــن نافــل القــول إن املجــرم ال يعــرف الســبيل إىل مــا ينقّيــه‪،‬‬ ‫وإال كان صحيح ـاً نظيف ـاً غــر مجــرم باملــرة‪.‬‬ ‫ولعــل اإلطاللــة عــى النظــم التــي حكمــت باســم العلامنيــة‬ ‫والتقدميــة بــادا ً واســعة الخــر مثــل «عــراق صــدام حســن‬ ‫وســوريا األســد» متنحنــا القــدرة عــى معرفــة أن االســتبداد ال‬ ‫يخلّــف ســوى عبيــد أذالء يعيشــون محاطــن باالســتكانة الدامئــة‪،‬‬ ‫فكيــف لعبــد أن يحــرر‪ ،‬وكيــف ملــن اســتعبد أن يفعــل‪ ،‬وقــد‬ ‫اســتقر وجــوده عــى إخضــاع مــن كان تحــت جناحــه؟‪.‬‬ ‫فهــل حقـاً ميــر طريــق القــدس مــن املــدن الســورية؟ الراجــح هنــا‬ ‫أن حســن نــر اللــه بعــد خســارته يف حــرب متــوز عــام ‪2006‬‬ ‫الفاقــد ورقــة «املقاومــة» يكشــف عــن صورتــه الحقيقيــة يف أنــه‬ ‫رجــل طائفــي‪ ،‬ومــن األتبــاع املخلصــن للــويل الفقيــه‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫يفــر ربطــه بــن تحريــر القــدس‪ ،‬والتبعيــة التــي يريــد بهــا‬ ‫خضــوع العــرب إلي ـران‪.‬‬ ‫ولنقــل هنــا بشــكل عابــر أن القــدس مل تعــد الهــدف املبــارش‬ ‫لنضــال الشــعوب العربيــة التــي تعــاين جميعهــا مــن مســتبدين‪،‬‬ ‫وأنصــاف مســتبدين‪ ،‬ومــن الصبيــة أمثــال حســن نــر اللــه‪.‬‬ ‫وأمــا الســبب يف أنهــا مل تعــد كذلــك فــأن هــذه الشــعوب متكنــت‬ ‫مــن نفســها أخـرا ً‪ ،‬واكتشــفت كــذب حكامهــا وأنهــا قــادرة عــى‬ ‫بنــاء ذاتهــا‪ ،‬وطريــق القــدس الحــايل الــذي يريــده صاحــب حالــش‬ ‫إمنــا هــو إحيــاء لوهــم تاريخــي لــن ينجــح أبــدا ً يف تخطــي وقائــع‬ ‫التاريــخ‪ .‬ولعــل الســؤال العميــق هــو كيــف ملــن يريــد بنــاء‬ ‫التاريــخ والحــارض عــى قتــل رجــل واحــد أن يحــرر بــادا ً يســكنها‬ ‫مخالفــون لــه يف املذهــب؟‬ ‫الفكــرة املعــارصة بخصــوص القــدس فكــرة خمينيــة أرادوا منهــا‬ ‫بنــاء إمرباطوريتهــم عــى الجثــة اإلســامية ذلــك أنهــم مل ينســوا‬ ‫أن الــذي نجــح ذات يــوم يف تحريــر القــدس أقــام يف مــر الدعــاء‬ ‫للخليفــة العبــايس ليقلــب مــن بعــده تاريــخ مــر وبــاد الشــام‪،‬‬ ‫وليدفــن إىل األبــد تلــك األحــام املوتــورة التــي يغذيهــا مــوت رجل‬ ‫قتلــه محبــوه قبــل كارهيــه‪.‬‬ ‫بقــي أن أقــول‪ :‬إن الطريــق إىل حريــة البــر والبلــدان تكــون‬ ‫أوالً بالقضــاء التــام عــى االســتبداد‪ ،‬وهــدم تراثــه‪ ،‬وقتــل رجالــه‬ ‫وصبيانــه‪ ،‬ولعــل الــذي يجــري اليــوم يف ســوريا يكــون مبــرا ً‬ ‫بعهــد جديــد‪.‬‬

‫احلرمل تهنئ السوريني واملسلمني‬ ‫كافة حبلول عيد الفطر املبارك‬

‫تركي��ا تف��رض على الس��وريني مراجعة ش��عبة األجان��ب للحصول على إذن س��فر‬

‫ش��انلي أورف��ا مدين��ة األنبي��اء‬ ‫حركة اجملتمع الدميقراطي تؤس��س جملسً��ا لألعي��ان يف مدينة تل أبيض‬

‫يصــدر عــدد الحرمــل رقــم ‪ /20/‬بالتزامــن مــع حلــول عيــد الفطــر‬ ‫املبــارك الــذي يســتقبله الســوريون وهــم محــارصون وتحــت‬ ‫القصــف والدمــار‪ ،‬والجئــون يف مختلــف األماكــن والــدول‪ ،‬واألمهــات‬ ‫الســوريات ينتظــرن أبناءهــن الــذي ذهبــوا إىل املعــارك املنتــرة يف‬ ‫كافــة أنحــاء الوطــن الســوري الجريــح‪..‬‬ ‫تحيــة ألهلنــا والرحمــة للشــهداء األبــرار‪ ،‬والشــفاء للجرحــى‪،‬‬ ‫والحريــة للمعتقلــن واملخطوفــن‪ ،‬والنجــاة ألبنائنــا الذيــن ركبــوا‬ ‫البحــر باتجــاه املجهــول هاربــن مــن الظلــم والعســف والتكفــر‪.‬‬ ‫نأمــل مــن اللــه تعــاىل أن يحــل العيــد القــادم والبــاد تلملــم‬ ‫جراحهــا‪ ،‬والحــرب قــد وضعــت أوزارهــا والبســمة عــادت إىل أطفــال‬ ‫ســورية األحبــاء‪.‬‬


‫‪2‬‬ ‫يف س��وريا‪ ..‬ملداف��ع اإلفط��ار نكه��ة امل��وت والرع��ب والدم��ار‬ ‫حرمل الصحافة‬

‫عروة المهاوش‬

‫بــكل قوتهــا تنفيــذا ً ملرشوعهــا الفــاريس‪.‬‬ ‫درع��ا متط��ر بربامي��ل امل��وت وتدم��ر‬ ‫ذاهب��ة إىل س��يناريو الرق��ة‬ ‫مل يتــوانَ النظــام عــن قصــف كل املــدن‬ ‫الســورية التــي ثــارت ضــده ليفــرغ فيهــا‬ ‫حقــده وغلّــه عليهــا‪ ،‬وكان ملدينــة درعــا‬ ‫النصيــب األكــر يف القصــف بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة يوميــاً‪ ،‬قــد تصــل لعــرات‬ ‫الرباميــل وعــداد الشــهداء مــن املدنيــن مل‬ ‫يتوقــف فيهــا منــذ بــدء الثــورة‪ ،‬فيــا تنعــم‬ ‫مدينــة تدمــر باألمــان مــن ناحيــة النظــام‬ ‫فهــو مل يقصفهــا كثــرا ً رغــم وقوعهــا تحــت‬ ‫ســيطرة «داعــش»‪ ،‬والتــي قامــت مؤخــرا ً‬ ‫بإعــدام ‪ 25‬شــخصاً يف مــدرج تدمــر األثــري‪،‬‬ ‫وللمــرة األوىل ينفــذ اإلعــدام مجموعــة مــن‬ ‫األطفــال الصغــار يف رســالة هــي األوىل‬ ‫مــن نوعهــا أننــا نــريب أطفالنــا عــى القتــل‬ ‫والذبــح ملــن يخالفنــا‪.‬‬

‫ســنوات خمــس مــ ّرت عــى الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬مل يتوقــف فيهــا املــوت لحظــة‬ ‫واحــدة متخــذا ً أشــكاالً متنوعــة‪ ،‬لكنــه‬ ‫يف النهايــة مــوت مــؤمل‪ ،‬أحــام أطفــال‬ ‫درعــا الصغــار بالحريــة ومتنياتهــم مبــوت‬ ‫الطاغيــة‪ ،‬أشــغل دول العــامل وأشــعل فتيــل‬ ‫حــرب رشق أوســطية ال تعــرف نهايــة لهــا‪.‬‬ ‫معــارك عنيفــة شــهدها الشــال الســوري‪،‬‬ ‫وصفــت بأنهــا األشــد فتــكاً وتدمــرا ً‪،‬‬ ‫شــارك فيهــا الجيــش ال ّحــر مــن جهــة‬ ‫وقــوات النظــام الســوري مــن جهــة أخــرى‬ ‫تخــل تلــك‬ ‫مــع الــدول الداعمــة لــه‪ ،‬ومل ُ‬ ‫الجبهــة مــن قصــف مســتمر مــن قــوات‬ ‫النظــام الســوري‪ ،‬إضافــة لقصــف مــن‬ ‫قــوات التحالــف الــدويل‪ ،‬بينــا يســتمر‬ ‫عنــارص تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫محاوالتهــم للســيطرة عــى بعــض النقــاط‬ ‫ذات األهميــة العســكرية‪ ،‬وذلــك كمحاولــة‬ ‫منهــم لقطــع طــرق اإلمــداد وحصــار‬

‫غ��ارات الغ��در م��ن التحال��ف ملدين��ة‬ ‫الرق��ة‬ ‫كثّفــت قــوات التحالــف قصفهــا ألهــداف‬

‫الجيــش الحــر الــذي يواجــه يف حربــه لنيــل‬ ‫حريــة الشــعب الســوري أعتــى الجيــوش‬ ‫وأكرثهــا وحشــية متمثــاً بقــوات النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬والقــوات اإليرانيــة الداعمــة لــه‬

‫كــا تدعــي لســيارات تتبــع لداعــش وفيهــا‬ ‫بعــض أصحــاب املراكــز الهامــة لــدى‬ ‫داعــش‪ ،‬فيــا كان ســابقاً الرتكيــز عــى‬ ‫قصــف مراكــز مــن املحتمــل أن تكــون‬

‫مدينــة إدلــب هــي األخــرى مل تكــن بعيــدة‬ ‫عــن غــارات النظــام والتحالــف الــدويل وإن‬ ‫كانــت ال تقــارن بالــذي يحــدث ملدينــة‬ ‫درعــا إال أن النظــام يتخبــط يف القصــف‬ ‫عــى املــدن ويركــز عــى مــدن دون غريهــا‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫غــارات عــى حــي املشــلب رشقــي مدينــة‬ ‫الرقــة مســتهدفاً فيهــا دوريــة لعنــارص‬ ‫تنظيــم داعــش‪ ،‬وأدت هــذه الغــارة‬ ‫لنشــوب حريــق كبــر يف محطــة بنزيــن‬ ‫قريبــة مــا اســتدعى وصــول ســيارات‬ ‫اإلطفــاء للحضــور إال أن صاروخــاً آخــر‬ ‫أصــاب طاقــم اإلطفــاء وأدى إىل قتلهــم‬ ‫جميع ـاً‪ ،‬وقــد نــر موقــع تابــع للتحالــف‬ ‫أن طائــرة للنظــام الســوري قامــت بشــن‬ ‫عــدة غــارات عــى املدينــة بالتوقيــت ذاتــه‬ ‫دون تنســيق مــع قــوات التحالــف‪ ،‬يف‬ ‫إشــارة إلخــاء مســؤولية قــوات التحالــف‬ ‫عــن وقــوع ضحايــا بــن املدنيــن‪.‬‬ ‫وقــد ذكــرت وكالــة األنبــاء الســورية‬ ‫الرســمية «ســانا» والتلفزيــون الســوري أن‬ ‫الطــران الحــريب الســوري قصــف مقــرات‬ ‫تابعــة إلرهــايب داعــش «وفق ـاً لوصفهــم»‪.‬‬ ‫ن داعــش عن‬ ‫كل هــذا الرعــب والقتــل مل يـ ِ‬ ‫اإلعدامــات فقــد قامــت بإعــدام مجموعــة‬ ‫مــن األشــخاص قبــل عــدة أيــام يف كل مــن‬ ‫«املنصــورة – الطبقــة – معــدان – الجرنيــة‬ ‫بتهــم مختلفــة»‪.‬‬

‫مقــرات لداعــش‪ ،‬وعــى الغالــب تتــوزع‬ ‫خــارج حــدود املدينــة‪ ،‬تحولــت الغــارات‬ ‫عــى وســط املدينــة ليوقــع الكثــر مــن‬ ‫الضحايــا املدنيــن بينــا يبقــى عــدد قتــى‬ ‫داعــش مجهــوالً نتيجــة الطــوق األمنــي‬ ‫الشــديد الــذي تفرضــه داعــش عــى املــكان‬ ‫املســتهدف‪ ،‬وإبقائهــا عــى الرسيــة التامــة‬ ‫بالنســبة لعــدد القتــى وهوياتهــم يف رسيــة‬ ‫كبــرة‪ ،‬فقــد نفــذت قــوات التحالــف عــدة‬ ‫غــارات مكثفــة جــدا ً يــوم األحــد املــايض‬ ‫‪ 2015/4/7‬كانــت إحداهــا بالقــرب مــن‬ ‫مدرســة حميــدة الطاهــر وســط مدينــة‬ ‫الرقــة اســتهدفت ســيارة لداعــش قتــل‬ ‫مــن فيهــا‪ ،‬مــع وقــوع عــد ٍد مــن الضحايــا‬ ‫املدنيــن قــدر عددهــم بخمســة قتــى‬ ‫فيــا كان عــدد الجرحــى أقــل‪ ،‬ويف تطــور‬ ‫ملحــوظ أغــارت قــوات التحالــف عــى‬ ‫الجســور الفرعيــة يف ريــف املدينــة ومــا‬ ‫حولهــا‪ ،‬ومل تــرك منهــا جــرا ً صالحــاً‬ ‫للعبــور حيــث دمــرت تلــك الغــارات‬ ‫الجســور الســبعة التــي تحيــط باملدينــة‪.‬‬ ‫توقيــت القصــف مل يتغــر عــى مــدى‬ ‫أســبوع كامــل‪ .‬الغــارات األوىل تكــون‬ ‫قبــل آذان املغــرب فيــا تكــون الغــارات إتفاق يف تل أبيض وإنتظار احللول‬ ‫الثانيــة وقــت اإلمســاك حيــث شــن طــران ويف ســياق آخــر فقــد عقــد اجتــاع‬ ‫التحالــف ليــل الخميــس ‪ 2017/7/9‬عــدة يف مدينــة تــل أبيــض الســورية تحــت‬

‫شــعار «التعايــش الســلمي بــن الشــعوب‬ ‫مســؤولية الجميــع» ويهــدف هــذا االجتامع‬ ‫لتأســيس مجلــس أعيــان للمدينــة يضــم كل‬ ‫مكوناتهــا‪ ،‬وذلــك ردا ً عــى كل االتهامــات‬ ‫بــن األطــراف العربيــة والكرديــة حــول‬ ‫االنتهــاكات والتجــاوزات التــي حدثــت‪ ،‬وما‬ ‫زالــت تحــدث للقــرى العربيــة املحيطــة‬ ‫مبدينــة تــل أبيــض الســورية‪ ،‬فقــد نــر‬ ‫الكثــر مــن الناشــطني أخبــارا ً عــن قيــام‬ ‫الوحــدات الكرديــة بتهجــر أهــايل القــرى‬ ‫العربيــة وســلبهم ممتلكاتهــم كاملــة بينــا‬ ‫نفــى الناشــطون األكـراد هــذه االنتهــاكات‪،‬‬ ‫وعــى الرغــم مــن دخــول بعــض القنــوات‬ ‫العربيــة ملدينــة تــل أبيــض ونــر تقاريــر‬ ‫تلفزيونيــة إال أن الصــورة مــا زالــت غامضــة‬ ‫ومخيفــة مــا جعــل أغلــب األهــايل‬ ‫يفضلــون العيــش يف حدائــق وشــوارع‬ ‫ومراكــز اللجــوء يف مدينــة أقجــه قلعــة‬ ‫الرتكيــة‪.‬‬ ‫ويبقــى الشــعب الســوري بــن مطرقــة‬ ‫املــوت قصفـاً أو جوعـاً يف الداخــل الســوري‬ ‫وســندان ذلــة العيــش يف دول اللجــوء مــع‬ ‫انعــدام األمــل بحــل قريــب ملــا يجــري عــى‬ ‫أرض الوطــن‪ ،‬فيــا اختــار الكثــر منهــم‬ ‫الهجــرة بقــوارب املــوت بحــرا ً بحثــاً عــن‬ ‫أمــان مفقــود‪.‬‬

‫الزبدان��ي‪ :‬هج��وم عني��ف من قبل النظام وأجل مس��مى من قب��ل حزب اهلل‪ ..‬واملعارض��ة باملرصاد‬ ‫اسطنبول – مدار اليوم‬ ‫يحــاول النظــام الســوري‪ ،‬بتخطيــط‬ ‫ومســاعدة مــن قبــل حــزب اللــه‪ ،‬الســيطرة‬ ‫عــى مدينــة الزبــداين يف الريــف الدمشــقي‪،‬‬ ‫تحقيقــاً لهدفــن اثنــن‪ ،‬األول يتمثــل بــأن‬ ‫املدينــة تعتــر اســراتيجية بالنســبة لحــزب‬ ‫اللــه نظــرا ً ملوقعهــا الجغــرايف املــرف‬ ‫عــى الحــدود اللبنانيــة‪ -‬الســورية وعــى‬ ‫الطريــق الدوليــة وخــط التنقّــل مــن وإىل‬ ‫ســورية ولبنــان‪ ،‬وخــارصة ضعيفــة تســتطيع‬ ‫املعارضــة االنطــاق عربهــا نحــو األرايض‬ ‫اللبنانيــة‪ .‬والثــاين يتمثــل يف محاولــة إعــادة‬ ‫بعــض الهيبــة للنظــام الســوري والحــزب بعــد‬ ‫الخســائر التــي تكبدوهــا يف عمــوم البــاد‪.‬‬ ‫املعركــة التــي تــدور يف املنطقــة تتســم بأنهــا‬ ‫تكتيكيــة‪ ،‬ال ســيام وأن حــزب اللــه قــام‬ ‫باعتــاد «أســلوب التقــدم الســلس وذلــك‬ ‫بقضــم أبنيــة ومربعــات ســكنية‪ ،‬مــن دون‬ ‫رع بالتقــدم كــا حصــل يف معركــة‬ ‫التــ ّ‬ ‫القصــر‪ ،‬وذلــك ملنــع وقــوع خســائر برشيــة‬ ‫عاليــة يف صفوفــه»‪ ،‬وفــق ترصيحــات‬ ‫صحفيــة ملصــدر عســكري تابــع للنظــام‪.‬‬

‫ورأى املصــدر أن الــذي حفــز املعركــة لــدى‬ ‫النظــام وحــزب اللــه هــو أن «النــرة وأحـرار‬ ‫الشــام والفصائــل املعارضــة األخــرى قامــوا‬ ‫موســعة وعمليــات‬ ‫بعمليــات عســكرية ّ‬ ‫هجوميــة يف أكــر مــن مدينــة مثــل درعــا‬ ‫وحلــب وإدلــب وجــر الشــغور ونبّــل‬ ‫والزهــراء والحســكة وريــف حــاة‪ ،‬مــا‬ ‫دفــع النظــام ومعــه حــزب اللــه إىل تثبيــت‬ ‫مواقــع الدفــاع واتخــاذ ق ـرار بعــدم الرتاجــع‬ ‫عنهــا ونصــب الكامئــن الضخمــة لوقــف أي‬ ‫هجــوم ودحــر التقــدم نحــو خطــوط حمــر‬ ‫كانــت تــدل عــى أن املنطقــة كانــت متجهــة‬ ‫إىل إعــادة خلــط األوراق والترسيــع بســقوط‬ ‫النظــام‪ ،‬مــا حفّــز معركــة الزبــداين»‪ ،‬وفــق‬ ‫صحيفــة الــرأي الكويتيــة‪.‬‬ ‫إال أن املعركــة التــي رصــد لهــا حــزب اللــه‬ ‫أجــاً مســمى‪ ،‬أقصــاه بدايــة الخريــف‬ ‫القــادم‪ ،‬ال تبــدو بســيطة‪ ،‬كــا يحــاول‬ ‫النظــام والحــزب تصويرهــا‪ ،‬ال ســيام وأن‬ ‫االســراتيجية التــي بنــوا عليهــا الهجــوم‪،‬‬ ‫والتــي تتمثــل بالحفــاظ قــدر املســتطاع عــى‬ ‫أرواح عنارصهــا‪ ،‬مل تنجــح حتــى اللحظــة‪،‬‬

‫حيــث خــرا العــرات مــن الجنــود‪،‬‬ ‫أثنــاء محاولتهــا خــرق صفــوف املعارضــة‬ ‫الســورية دخــوالً إىل املدينــة‪.‬‬ ‫يتزامــن هجــوم النظــام وحــزب اللــه الــري‪،‬‬ ‫بتكثيــف عجلــة القصــف الجــوي لطائــرات‬ ‫النظــام‪ ،‬حيــث ذكــر املرصــد الســوري لحقوق‬ ‫اإلنســان أن مــا ال يقــل عــن ‪ 20‬غــارة نفذهــا‬ ‫الطــران الحــريب منــذ صبــاح الجمعــة عــى‬ ‫مناطــق يف مدينــة الزبــداين ومحيطهــا‪ ،‬فضـاً‬ ‫عــن إلقــاء الطــران املروحــي ‪ 16‬برميــاً‬

‫متفج ـرا ً عــى األقــل‪ ،‬اســتهدفت مناطــق يف‬ ‫املدينــة‪.‬‬ ‫ويحســب ناشــطني‪ ،‬فــإن املعــارك مــا زالــت‬ ‫حاميــة الوطيــس بــن املعارضــة والنظــام‪،‬‬ ‫عنــد محــور قلعــة الزهـراء والجمعيــات‪ ،‬دون‬ ‫أن يتقــدم طــرف عــى حســاب اآلخــر حتــى‬ ‫اللحظــة‪.‬‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬أعلــن االئتــاف الوطني الســوري‬ ‫املعــارض أنــه وجــه رســالة إىل مجلــس األمــن‬ ‫الــدويل يديــن فيهــا «العــدوان املشــرك‬

‫الــذي يشــنه نظــام األســد وميليشــيا حــزب‬ ‫اللــه اإلرهــايب عــى مدينــة الزبــداين بريــف‬ ‫دمشــق منــذ عــدة أيــام»‪ ،‬داعي ـاً إىل اتخــاذ‬ ‫«اإلجـراءات الالزمــة إلدانــة عــدوان ميليشــيا‬ ‫حــزب اللــه اإلرهــايب عــى األرايض الســورية‬ ‫بأشــد العبــارات»‪.‬‬ ‫كــا طالــب االئتــاف يف رســالته بـ»دعــوة‬ ‫الحكومــة اللبنانيــة إىل االلتــزام باالتفاقــات‬ ‫املوقعــة واتخــاذ الخطــوات الالزمــة ملنــع‬ ‫ميليشــيا حــزب اللــه اإلرهــايب مــن شــن‬ ‫هجــات عــى الشــعب الســوري مــن داخــل‬ ‫األرايض الســورية أو خارجهــا»‪.‬‬ ‫وترجــح مصــادر يف املعارضــة‪ ،‬أن عنــارص‬ ‫املعارضــة املســلحة يســتطيعون الوقــوف يف‬ ‫وجــه الهجــات الرشســة التــي يقــوم بهــا‬ ‫النظــام مدعومـاً بحــزب اللــه لفــرة معقولــة‪،‬‬ ‫لكــن ذلــك ال ينفــي رضورة التحــرك الرسيــع‬ ‫لدعــم املعارضــة هنــاك‪ ،‬خصوصــاً وأن‬ ‫املدينــة محــارصة منــذ ســنوات‪ ،‬مــا يعنــي‬ ‫أن الذخــرة فيهــا ليســت بالحجــم الــكايف‬ ‫لصــد الهجــوم املشــرك مــن قبــل النظــام‬ ‫وحــزب اللــه لفــرة طويلــة األمــد‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫إلق��اء القبض عل��ى ‪ 25‬أجنبي�ًا حاولوا‬ ‫التس��لل إىل س��وريا ع�بر األراض��ي‬ ‫الرتكي��ة‬ ‫ترك برس‬ ‫ألقــت الســلطات األمنيــة يف واليــة‬ ‫«غــازي عنتــاب» عــى الحــدود الســورية‬ ‫جنــوب تركيــا اليــوم‪ ،‬القبــض عــى ‪25‬‬ ‫مواطنــا ً أجنبيــا ً خــال محاولتهــم التســلل‬ ‫إىل ســوريا بطريقــة غــر رشعيــة‪.‬‬ ‫وحســب مــا جــاء يف تقريــر لوكالــة األنبــاء‬ ‫الرتكيــة «األناضــول» بهــذا الشــأن‪ ،‬فــإن‬ ‫مصــادر مــن مديريــة األمــن يف غــازي‬ ‫عنتــاب أشــارت إىل أن األشــخاص املعنيــن‬ ‫يحملــون جنســيات ‪ 4‬دول مختلفــة بينهــم‬ ‫أطفــال‪.‬‬ ‫ونقلــت فــرق األمــن يف املحافظــة‪،‬‬ ‫األشــخاص إىل مستشــفى الدكتــور «أرســن‬ ‫أرســان» الحكومــي إلجــراء الفحوصــات‬ ‫الطبيــة الالزمــة‪ .‬وأكــدت املصــادر بأنــه‬ ‫ســيتم ترحيــل األجانــب إىل بالدهــم عقــب‬ ‫االنتهــاء مــن التحقيقــات واإلجــراءات‬ ‫الرســمية التــي تتــم بحقهــم مــن قبــل‬

‫الجهــات املعنيــة يف مديريــة الهجــرة بغــازي‬ ‫عنتــاب‪.‬‬ ‫وكانــت قــوات األمــن الرتكيــة‪ ،‬قــد أوقفــت‬ ‫أربعــة أشــخاص أجانــب يف واليــة غــازي‬ ‫عنتــاب أيض ـا ً أثنــاء محاولتهــم التســلل إىل‬ ‫مناطــق القتــال يف ســوريا وســلمتهم إىل‬ ‫الجهــات املعنيــة ليتــم ترحيلهــم‪.‬‬ ‫وشــنت فــرق مكافحــة اإلرهــاب التابعــة‬ ‫ملديريــة األمــن الرتكيــة يــوم الجمعــة‬ ‫املــايض‪ ،‬حملــة اعتقــاالت متزامنــة يف أربــع‬ ‫واليــات مركزهــا إســطنبول‪ ،‬ضــد مشــتبهني‬ ‫باالنتــاء إىل تنظيــم الدولــة «داعــش»‪.‬‬ ‫واقتحمــت الفــرق املشــاركة يف العمليــة‬ ‫‪ 29‬نقطــة مختلفــة يف كل مــن واليــة‬ ‫أورفــا ومرســن وكوجــا إيــي و‪ 13‬حيــا ً يف‬ ‫إســطنبول‪ ،‬واعتقلــت ‪ 21‬مشــتبها ً ثالثــة‬ ‫منهــم يحملــون جنســيات أجنبيــة‪ ،‬والبقيــة‬ ‫مــن املواطنــن األتــراك‪.‬‬

‫اجلرائ��م اإليراني��ة حب��ق الش��عب‬ ‫الس��وري تتواص��ل ع�بر ح��زب الش��يطان‬ ‫والق��روض املخصص��ة للتعذي��ب والقت��ل‪.‬‬

‫إي��ران ُتق��رض النظ��ام الس��وري ملي��ار دوالر‬ ‫بريوت ‪ -‬رويرتز‬ ‫أقـ ّر الرئيــس الســوري‪ ،‬بشــار األســد‪ ،‬قانونــا يقــي باملصادقــة عــى اتفاقيــة للحصــول عــى‬ ‫خــط ائتــاين إيـراين جديــد بقيمــة مليــار دوالر‪ ،‬وهــو الثــاين مــن نوعــه بعــد خــط مامثــل يف عــام‬ ‫‪ 2013‬بلغــت قيمتــه ‪ 3.6‬مليــارات دوالر‪.‬‬ ‫وذكــرت وكالــة األنبــاء الســورية الرســمية (ســانا) أ ّن اتفاقيــة خــط التســهيل االئتــاين موقعــة بــن‬ ‫البنــك التجــاري الســوري‪ ،‬وبنــك تنميــة الصــادرات اإليـراين الحكوميــن‪.‬‬ ‫وكان قــد ذكــر مرصفيــون أن ســورية وقعــت عــى اتفاقيــة خط ائتــاين ســابقة بقيمــة ‪ 3.6‬مليارات‬ ‫دوالر مــع إيـران يف يوليو‪/‬متــوز ‪ ،2013‬والــذي اســتخدم معظمه يف متويــل واردات نفطية‪.‬‬ ‫وبحسب باحثني‪ ،‬فإن املساعدات املالية اإليرانية تعترب حيوية للنظام السوري‪.‬‬ ‫ويف وقـ ٍ‬ ‫ـت ســابق‪ ،‬أعلــن مســؤولون ورجــال أعــال ســوريون‪ ،‬يف مايو‪/‬أيــار املــايض‪ ،‬أن دمشــق‬ ‫عــى وشــك االنتهــاء مــن تفاصيــل خــط تســهيل ائتــاين جديــد‪ ،‬سيســتخدم «لتأمــن تدفــق الســلع‬ ‫واملــواد األساســية» إىل ســورية‪.‬‬ ‫واســتخدم الخــط االئتــاين الســابق أيضـاً يف رشاء منتجــات اســتهالكية إيرانيــة مبئــات املاليــن مــن‬ ‫الــدوالرات اشــتدت إليهــا الحاجــة‪ ،‬ومــن بينهــا الدجــاج املجمــد والســكر واألجهــزة الكهربائيــة‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫وس��ط ختوف من الش��عب السوري‪ ،‬وخشية األوس��اط الدولية من زيادة دعم إيران للنظام السوري‬

‫إي��ران تتهم ال��دول الغربية بتغيري مواقفها بعد أس��بوعني من املفاوضات‬ ‫فيينا ‪ -‬أ ف ب‬ ‫دخلــت املفاوضــات املاراثونيــة بــن إيـران‬ ‫والقــوى الكــرى (الجمعــة ‪ )2015/7/10‬يف‬ ‫فيينــا يومهــا الرابــع عــر‪ ،‬مــن دون تحقيــق‬ ‫أي اخــراق‪ ،‬فيــا اتهمــت إيــران الغــرب‬ ‫بالرتاجــع عــن مواقفــه وأبــدت واشــنطن‬ ‫اســتعدادها لالنســحاب مــن املحادثــات‪.‬‬ ‫وتســعى إيــران والــدول الكــرى إىل إنهــاء‬ ‫املفاوضــات باتفــاق يضــع حــدا ً ألزمــة دوليــة‬ ‫مســتمرة منــذ ‪ 13‬عامـاً حــول برنامــج طهران‬ ‫النــووي‪ .‬إال أن وزيــر الخارجيــة اإليــراين‬ ‫محمــد جــواد ظريــف اتهــم الــدول الغربيــة‬ ‫املتمثلــة مبجموعــة ‪( 1+5‬الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫فرنســا‪ ،‬بريطانيــا‪ ،‬روســيا‪ ،‬الصــن وأملانيــا)‬ ‫بـ«الرتاجــع عــن مواقــف ســابقة»‪.‬‬ ‫وبحلــول صبــاح الســبت ‪ 2015/7/11‬تكــون‬ ‫الواليــات املتحــدة تخطــت املهلــة املحــددة‬ ‫لتقديــم مســودة اتفــاق إىل الكونغــرس‪ ،‬مــا‬ ‫يعنــي انــه أصبــح أمــام املرشعــن اآلن ‪60‬‬ ‫يوم ـاً بــدالً مــن ‪ 30‬ملراجعــة أي اتفــاق يتــم‬ ‫التوصــل إليــه‪.‬‬ ‫وقــال ظريــف يف وقــت متأخــر إنــه «لألســف‬ ‫شــهدنا تغيــرات يف املواقــف وطلبــات مبالــغ‬ ‫فيهــا مــن قبــل عــدد مــن الــدول»‪.‬‬ ‫وأشــار ظريــف يف حديــث إىل قنــاة «العــامل»‬ ‫اإلخباريــة إىل التبايــن يف املواقــف بــن دول‬ ‫مجموعــة (‪ ،)1+5‬إذ قــال إن كل دولــة‬ ‫«لديهــا مواقــف مختلفــة مــا يصعــب مــن‬ ‫املهمــة» الراميــة اىل التوصــل إىل اتفــاق‪.‬‬ ‫وصبــاح الجمعــة التقــى ظريــف مجــددا ً‬ ‫بنظــره األمــريك جــون كــري‪.‬‬ ‫وشــدد كــري أمــس إثــر لقــاء مــع نظرائــه‬ ‫الفرنــي واألملــاين والربيطــاين‪ ،‬عــى أنــه لــن‬ ‫يتــرع يف التوصــل إىل اتفــاق‪ ،‬محــذرا ً يف‬ ‫الوقــت ذاتــه مــن أنــه لــن يبقــى جالسـاً عىل‬ ‫طاولــة املفاوضــات إىل األبــد‪.‬‬ ‫ويف هــذه الجولــة األخــرة مــن املحادثــات‬ ‫والتــي دخلــت يومهــا الـــ‪ 14‬يف العاصمــة‬ ‫النمســاوية‪ ،‬قــال كــري إنــه يف حــال مل تتخــذ‬ ‫«الق ـرارات الصعبــة قريب ـاً‪ ،‬فإننــا مســتعدون‬ ‫متامــاً لوقــف هــذه العمليــة»‪.‬‬ ‫وأكــد كــري أن املفاوضــات تركــز عــى‬ ‫جــودة االتفــاق إذ يجــب أن يكــون «قــادرا ً‬ ‫عــى الصمــود مــع الوقــت»‪ .‬وتابــع‪« :‬األمــر‬

‫ليــس عبــارة عــن اختبــار أليــام أو أســابيع أو‬ ‫أشــهر‪ ،‬بــل لعقــود»‪.‬‬ ‫يذكــر إن جهــود التوصــل إىل اتفــاق حــول‬ ‫برنامــج إيــران النــووي‪ ،‬الــذي كشــف عنــه‬ ‫معارضــون يف العــام ‪ ،2002‬بــدأت يف العــام‬ ‫‪ 2013‬مــع وصــول الرئيــس املعتــدل حســن‬ ‫روحــاين إىل الحكــم يف الجمهوريــة اإلســامية‪.‬‬ ‫ويف ترشيــن الثــاين (نوفمــر) ‪ ،2013‬توصلــت‬ ‫إيـران ومفاوضوهــا إىل اتفــاق إطــار جمــدت‬ ‫إي ـران مبوجبــه جــزءا ً مــن أنشــطة برنامجهــا‬ ‫النــووي يف مقابــل رفــع محــدود للعقوبــات‪.‬‬ ‫وتخطــى املفاوضــون العــام املــايض مهلتــن‪،‬‬ ‫يف متــوز (يوليــو) وترشيــن الثــاين (نوفمــر)‪،‬‬ ‫للتوصــل إىل اتفــاق نهــايئ‪ ،‬إال أنهــم نجحــوا يف‬ ‫نيســان (أبريــل) يف لــوزان بســويرسا يف وضــع‬ ‫الخطــوط العريضــة لالتفــاق‪.‬‬ ‫وتجهــد فــرق مــن الخــراء يف إيجــاد الحلــول‬ ‫املناســبة ونجحــت فعلي ـاً يف إح ـراز تقــدم يف‬ ‫بعــض القضايــا الشــائكة الرضوريــة لتحويــل‬ ‫اتفــاق اإلطــار إىل آخــر نهــايئ قــد يكــون‬ ‫عبــارة عــن وثيقــة مــن مئــة صفحــة‪.‬‬ ‫ويقــول ديبلوماســيون إنــه متــت صياغــة‬ ‫النــص األســايس فضـاً عــن خمســة ملحقــات‬ ‫أخــرى‪ .‬ويف حديــث إىل شــبكة «يس ان ان»‬ ‫قالــت وزيــرة الخارجيــة األوروبيــة فيديريــكا‬ ‫موغــرين إن «النــص وضــع‪ ،‬إنــه جاهــز‪،‬‬ ‫القضيــة عبــارة اآلن عــن نعــم أو ال»‪ ،‬مــا‬ ‫يعنــي املوافقــة عليــه أو رفضــه‪.‬‬ ‫وتابعــت موغريينــي «نحــن قريبــون جــدا ً‪.‬‬ ‫ولكــن إذا مل يتــم اتخــاذ القــرارات املهمــة‬ ‫والتاريخيــة خــال الســاعات املقبلــة فلــن‬

‫نحصــل عــى اتفــاق»‪.‬‬ ‫ولكــن يبــدو أنــه ال تــزال هنــاك بعــض‬ ‫املســائل العالقــة‪ ،‬ويقــول ديبلوماســيون إنــه‬ ‫ال ميكــن حلهــا إال عــى املســتوى الســيايس‪.‬‬ ‫وتطلــب إي ـران رفع ـاً للحظــر عــى الســاح‬ ‫الــذي تفرضــه األمــم املتحــدة‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫ترفضــه الــدول الغربيــة حتــى اآلن خصوص ـاً‬ ‫يف ظــل اتهــام طهــران بإثــارة الفــوىض يف‬ ‫الــرق األوســط‪.‬‬ ‫إمــا وزيــر الخارجيــة الــرويس ســرغي‬ ‫الفــروف فأكــد متحدثــاً مــن روســيا أمــس‬ ‫وقــوف بــاده إىل جانــب إيـران‪ ،‬إذ قــال‪« :‬إن‬ ‫موســكو تدعــم رفــع الحظــر يف أقــرب وقــت‬ ‫ممكــن»‪.‬‬ ‫إىل ذلــك‪ ،‬قــال مســؤول إي ـراين‪ ،‬طلــب عــدم‬ ‫الكشــف عــن اســمه‪ ،‬إن «بكــن أيضـاً دعمت‬ ‫الطلــب اإليــراين»‪ ،‬مؤكــدا ً إن «تخفيــف‬ ‫الحظــر الــذي تفرضــه األمــم املتحــدة يبقــى‬ ‫رشط ـاً رضوري ـاً»‪.‬‬ ‫وأكــد املســؤول يف الوقــت ذاتــه اقــراب‬ ‫إيــران ومفاوضيهــا مــن التوصــل إىل اتفــاق‬ ‫شــامل‪ ،‬مشــرا ً إىل إن «األمــر يتطلــب مــن‬ ‫األشــخاص (الغربيــن) الرتاجــع عــن أهــداف‬ ‫غــر رضوريــة ووهميــة»‪.‬‬ ‫يذكــر بــأن إيـران مــن أكــر الداعمــن للنظــام‬ ‫الســوري ولحربــه ضــد الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫ويتخــوف الســوريون مــن أن االتفــاق قــد‬ ‫يوفــر املزيــد مــن املــال والســاح إليــران‪،‬‬ ‫مــا ســيزيد مــن معانــاة الشــعب الســوري‬ ‫مــن هــذا العــدوان اإلي ـراين الــرويس الداعــم‬ ‫لنظــام القتــل والتشــبيح يف ســورية‪.‬‬

‫حركة اجملتمع الدميقراطي تؤس��س مقت��ل مثاني��ة إعالمي�ين خ�لال ش��هر حزي��ران ‪،2015‬‬ ‫جملسًا لألعيان يف مدينة تل أبيض وتصاع��د االنته��اكات حبق اإلعالم يف الغوطة الش��رقية‬ ‫ناشطون‬

‫شــارك أكــر مــن ‪ 70‬شــخصاً بينهــم وجهــاء‬ ‫مــن منطقــة تــل أبيــض ومــا حولهــا مــن الكــرد‬ ‫والعــرب‪ ،‬والرتكــان واألرمــن‪ ،‬يف اجتــاع‬ ‫موســع عقــدوه يف مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬وذلــك‬ ‫تحــت شــعار «التعايــش الســلمي بني الشــعوب‬ ‫مســؤولية الجميــع»‪ ،‬ويهــدف هــذا االجتــاع‬ ‫للتحضــر لتأســيس مجلــس األعيــان يف املدينــة‪،‬‬ ‫وجــاء يف البيــان التحضــري لتأســيس مجلــس‬ ‫األعيــان أن املجلــس ســيعمل مــن أجــل تحقيــق‬ ‫املصالحــة بــن كافــة مكونــات املنطقــة دون‬ ‫متييــز أو تفرقــة‪.‬‬ ‫ويف كلمتــه التــي ألقاهــا فرهــاد ديريــك‬ ‫«اإلداري يف حركــة املجتمــع الدميقراطــي» قــال‪:‬‬ ‫نســعى لضــم جميــع املكونــات ملجلــس األعيان‬ ‫يف ســبيل التوصــل لحاميــة املنطقــة‪ ،‬وتحقيــق‬ ‫األمــن واالســتقرار فيهــا‪ ،‬وترســيخ الحيــاة‬ ‫املشــركة واملســاواة بــن األفـراد‪ ،‬مضيفـاً أن كل‬ ‫منطقــة هــي ملــك ألهلهــا ومكوناتهــا وهــي‬ ‫املســؤولة عــن إدارتهــا‪.‬‬

‫كــا تحــدث إدريــس نعســان «باســم اإلدارة‬ ‫الذاتيــة» قائــاً‪ :‬مــن حــق الجميــع مامرســة‬ ‫حياتهــم تحــت ســقف العيــش املشــرك‪ ،‬ونحــن‬ ‫يف اإلدارة الذاتيــة الدميقراطيــة سنســعى بــكل‬ ‫إمكانياتنــا مــن أجــل مــد يد العــون واملســاعدة‬ ‫مــن أجــل تأســيس مجلــس مشــرك يضــم كافــة‬ ‫مكونــات املدينــة‪.‬‬ ‫وأضــاف «نعســان» ســوف نــرد عــى كل‬ ‫االدعــاءات التــي تــروج ضدنــا ونجعــل مــن‬ ‫مدينــة تــل أبيــض مثــاالً للتعايــش املشــرك‪.‬‬ ‫وبــدوره قــال مســؤول مكتــب لــواء ثــوار الرقــة‬ ‫التابــع لغرفــة عمليــات بــركان الفــرات أبــو‬ ‫مثنــى «ســوف نعمــل عــى تحقيــق األمــن يف‬ ‫تــل أبيــض والدفــاع عنهــا مــن خــال القــوات‬ ‫املشــركة التــي تضــم وحــدات حاميــة الشــعب‪،‬‬ ‫وثــوار الرقــة وبــركان الف ـرات‪ .‬وســوف ندافــع‬ ‫عــن جميــع مكونــات املدينــة‪ .‬مــن خــال‬ ‫تأســيس مجلــس أعيــان تــل أبيــض‪ ،‬الــذي‬ ‫ســيحقق الحيــاة الحــرة‪ ،‬ويكــون خطــوة أوىل‬ ‫مــن أجــل بنــاء ســورية دميقراطيــة‪.‬‬

‫رابطة الصحفيني السوريني‪:‬‬ ‫وثــق املركــز الســوري للحريــات الصحفيــة‬ ‫يف رابطــة الصحفيــن الســوريني‪ ،‬واملعنــي برصــد‬ ‫وتوثيــق االنتهــاكات الواقعــة بحــق الصحفيــن‬ ‫واملواطنــن الصحفيــن يف ســوريا مقتــل مثانيــة‬ ‫إعالميــن‪ ،‬أربعــة منهــم يعملــون لصالــح كتائب‬ ‫مســلحة خــال شــهر حزيــران ‪ ،2015‬وقتــل‬ ‫أربعــة مــن اإلعالميــن الثامنيــة يف محافظــة‬ ‫درعــا‪ ،‬يف حــن قتــل اآلخــرون يف محافظــة‬ ‫حلــب‪ ،‬وقــد تقاســمت القــوات الحكوميــة‬ ‫الســورية وتنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫املســؤولية عــن مقتــل اإلعالميــن الثامنيــة‪،‬‬ ‫وبذلــك يصبــح العــدد اإلجــايل لإلعالميــن‬ ‫الذيــن وثــق املركــز مقتلهــم ‪ 296‬إعالمي ـاً منــذ‬ ‫بدايــة الثــورة الســورية يف آذار ‪.2011‬‬ ‫كــا وثــق املركــز عــددا ً مــن االنتهــاكات يف‬ ‫املناطــق املحــررة أو الخارجــة عــن ســيطرة‬ ‫النظــام‪ ،‬منهــا انتهــاكات ارتكبتهــا فصائــل‬ ‫مســلحة يف الغوطــة الرشقيــة‪ ،‬تراوحــت بــن‬ ‫التضييــق عــى اإلعالميــن وإعتقالهــم‪ ،‬كــا‬

‫حــدث لإلعالمــي أنــس الخــويل‪ ،‬كــا منعــت‬ ‫ثالثــة مــن صحــف الشــبكة الســورية لإلعــام‬ ‫املطبــوع مــن التوزيــع يف مدينــة عفريــن‬ ‫شــايل ســوريا‪ ،‬بداعــي وجــود مواضيــع فيهــا‬ ‫تهاجــم اإلدارة الذاتيــة التــي تحكــم املدينــة‪،‬‬

‫وحــزب اإلتحــاد الدميقراطــي الــذي يتمتــع‬ ‫بالنفــوذ فيهــا‪ ،‬وقــد بقــي مصــر أعضــاء املركــز‬ ‫الســوري لإلعــام وحريــة التعبــر‪ ،‬املعتقلــن‬ ‫لــدى الســلطات الحكوميــة مجهــوالً‪ ،‬حيــث‬ ‫تــم تأجيــل النطــق بالحكــم يف قضيــة اإلرهــاب‬ ‫التــي يحاكمــون مبوجبهــا مــر ًة أُخــرى‪ ،‬يف‬ ‫ظــل غيابهــم‪ .‬هــذا ومل يســجل املركــز تعــرض‬ ‫إعالميــات النتهــاكات‪ ،‬ذلــك أن صعوبــة العمــل‬ ‫اإلعالمــي يف ســوريا تدفــع بالكثــرات إىل‬ ‫العــزوف عــن العمــل يف الحقــل اإلعالمــي‪.‬‬ ‫ودعــا املركــز الســوري للحريــات الصحفيــة‬ ‫إىل رضورة احــرام حريــة العمــل اإلعالمــي يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬والعمــل عــى ضــان ســامة العاملــن‬ ‫فيــه‪ ،‬مــع محاســبة كل املتورطــن يف االنتهاكات‪،‬‬ ‫ويطالــب مختلــف األطـراف‪ ،‬والجهــات الدوليــة‬ ‫املعنيــة بتفعيــل القوانــن الدوليــة الخاصــة‬ ‫بحاميــة اإلعالميــن‪ ،‬ومحاســبة كل مــن ارتكــب‬ ‫جرائــم بحقهــم‪ ،‬والعمــل عــى الدفــاع عنهــم‬ ‫وعــن حريــة الصحافــة وحــق نقــل املعلومــات‬ ‫يف ســوريا‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫اتف��اق ترك��ي أمريك��ي يقض��ي أردوغ��ان‪ :‬تركي��ا حباج��ة إىل حكوم��ة ائتالفي��ة‬ ‫بفت��ح قاع��دة أجنرلي��ك لض��رب‬ ‫النظ��ام الس��وري وتنظي��م داع��ش‬

‫مطار أجنرليك جنوب تركيا‬

‫وكالة ترك برس‬ ‫انتهــت املباحثــات املكثفــة التــي جــرت‬ ‫بــن الوفــد الــريك واألمريــي يف العاصمــة أنقــرة‬ ‫والتــي اســتمرت مل ـ ّدة يومــن‪ ،‬باالتفــاق عــى‬ ‫فتــح قاعــدة إنجرليــك أمــام طائـرات التحالــف‬ ‫الــ ّدويل‪ ،‬وذلــك للمحاربــة تنظيــم ال ّدولــة‬ ‫(داعــش) وقــوات النظــام الســوري معــاً‪.‬‬ ‫وأوضحــت الخارجيــة الرتكيــة أنّــه ســيتم البــدء‬ ‫بتنفيــذ االتفاقيــة بعــد التوقيــع الرســمي عــى‬ ‫بروتوكــول التفاهــم بــن الجانبــن‪.‬‬ ‫وأكّــدت مصــادر مطلعــة مــن داخــل وزارة‬ ‫الخارجيــة الرتكيــة‪ ،‬أ ّن الوفــد الــريك الــذي‬ ‫ترأســه مستشــار الخارجيــة الرتكيــة «فريــدون‬ ‫رص عــى فكــرة إنشــاء‬ ‫ســينرييل أوغلــو» أ ّ‬

‫أمحد داود أوغلو زعيم حزب العدالة والتنمية الرتكي خالل لقائه أعضاء حزبه يف أنقرة أول من أمس (أ‪.‬ف‪.‬ب)‬

‫املناطــق العازلــة واآلمنــة يف األقســام الشــالية اسطنبول – وكالة األناضول‬ ‫أوضــح الرئيــس الــريك رجب طيــب أردوغان‪،‬‬ ‫مــن ســوريا‪.‬‬ ‫كــا أضافــت املصــادر نفســها أ ّن الوفــد أن بــاده بحاجــة إىل حكومــة ائتالفيــة متتلــك‬ ‫األمريــي الــذي يرتأســه ممثــل الرئيــس بــاراك اإلرادة لبنــاء املســتقبل‪ ،‬وحــل املشــكالت‪،‬‬ ‫أوبامــا لشــؤون الــراع مــع تنظيــم داعــش وليســت بحاجــة إىل حكومــة تناقــش املــايض‪.‬‬ ‫«جــون إيلــن»‪ ،‬أعطــى ضامنــات قاطعــة جــاء ذلــك يف الكلمــة التــي ألقاهــا الرئيــس‬ ‫بعــدم امتــداد عنــارص تنظيــم حــزب االتحــاد الــريك‪ ،‬مســاء (الجمعــة ‪ )2015/7/10‬عــى‬ ‫الدميقراطــي الكــردي (‪ )PYD‬إىل املناطــق هامــش مشــاركته يف حفــل إفطــار رمضــاين‬ ‫الواقعــة غــرب نهــر الفــرات‪ ،‬حيــث تعتــر نظمتــه كليــة الرشيعــة يف جامعــة اســطنبول‪.‬‬ ‫أنقــرة ســيطرة العنــارص الكرديــة عــى هــذه وأعــرب أردوغــان عــن أملــه يف نجــاح رئيــس‬ ‫الــوزراء أحمــد داود أوغلــو‪ ،‬خــال مشــاوراته‬ ‫املناطــق خطــاً أحمــر بالنســبة لهــا‪.‬‬ ‫وأكّــد الجانــب األمريــي أ ّن عنــارص تنظيــم املتعلقــة بتشــكيل الحكومــة‪ ،‬مضيفــاً «أمتنــى‬ ‫(‪ )PYD‬لــن تشــ ّن حملــة عــى منطقــة تشــكيل الحكومــة الجديــدة يف أرسع وقــت‬ ‫جرابلــس الســورية املتاخمــة للحــدود الرتكيــة‪ .‬ممكــن‪ ،‬بشــكل يتناســب مــع الظــروف‬

‫الحساســة التــي متــر بهــا تركيــا»‪.‬‬ ‫وذكــر أردوغــان أن املســؤولية تقــع عــى عاتــق‬ ‫كافــة األحـزاب يف مــا يخــص تشــكيل الحكومــة‪،‬‬ ‫مضيفــاً أنــه «ويف حــال عــدم تشــكيلها‪،‬‬ ‫فــإن الحــل ســيكون يف الرجــوع إىل الشــعب‬ ‫مجــددا ً»‪.‬‬ ‫وكان الرئيــس الــريك‪ ،‬كلــف رســمياً‪ ،‬أول مــن‬ ‫أمــس‪ ،‬زعيــم حــزب «العدالــة والتنميــة» أحمــد‬ ‫داود أوغلــو تشــكيل الحكومــة الثالثــة والســتني‬ ‫يف تاريــخ البــاد‪ ،‬وفقــاً لبيــان صــادر عــن‬ ‫املكتــب اإلعالمــي لرئاســة الجمهوريــة‪.‬‬ ‫ومــن املنتظــر أن يُكمــل داود أوغلــو الجولــة‬ ‫األوىل مــن لقاءاتــه مــع قــادة أحـزاب «الشــعب‬ ‫الجمهــوري»‪ ،‬و«الحركــة القومية»‪ ،‬و«الشــعوب‬

‫الدميوقراطــي»‪ ،‬يف حلــول يــوم األربعــاء املقبــل‪،‬‬ ‫قبــل عيــد الفطــر‪.‬‬ ‫وبحســب النتائــج الرســمية لالنتخابــات‬ ‫العامــة التــي شــهدتها البــاد يف الســابع‬ ‫مــن حزيــران (يونيــو) املــايض‪ ،‬فــاز «حــزب‬ ‫العدالــة والتنميــة» بـــ ‪ 258‬مقعــدا ً‪ ،‬مــن أصــل‬ ‫‪ 550‬مقعــدا ً يف الربملــان‪ ،‬فيــا حصــد حــزب‬ ‫«الشــعب الجمهــوري» ‪ 132‬مقعــدا ً‪ ،‬وحــزب‬ ‫«الحركــة القوميــة» ‪ 80‬مقعــدا ً‪ ،‬وحــزب‬ ‫«الشــعوب الدميوقراطــي» ‪ 80‬مقعــدا ً‪.‬‬ ‫ووفــق هــذه النتائــج‪ ،‬مل يحصــل أي حــزب‬ ‫عــى الغالبيــة التــي تخولــه تشــكيل الحكومــة‬ ‫منفــردا ً‪ ،‬لذلــك باتــت هنــاك حاجــة إىل تشــكيل‬ ‫حكومــة ائتالفيــة‪.‬‬

‫تقري��ر للش��بكة الس��ورية حلق��وق اإلنس��ان‪ 600 :‬ق��وات تركي��ة ويوناني��ة تنق��ذ ‪20‬‬ ‫ش��خص ضحايا ‪ 45‬جمزرة يف س��ورية الش��هر املاضي (أيار) مهاج��راً غ�ير ش��رعي يف حب��ر إجي��ه‬ ‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫تتــواىل جرائــم النظــام الســوري بالقصــف‬ ‫العشــوايئ بالرباميــل املتفجــرة ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫وقــد وث ّقــت «الشــبكة الســورية لحقــوق‬ ‫اإلنســان»‪ ،‬وقــوع ‪ 45‬مجــزرة يف ســورية خــال‬ ‫شــهر مايو‪/‬أيــار املــايض‪ ،‬معتــر ًة أن املجــزرة‬ ‫هــي الحــدث «الــذي يُقتــل فيــه خمســة‬ ‫أشــخاص مســاملني دفعــة واحــدة» أو أكــر‪.‬‬ ‫وذكــرت الشــبكة أن قــوات النظــام ارتكبــت‬ ‫‪ 38‬مجــزر ًة يف مناطــق مختلفــة بســورية‪،‬‬ ‫فيــا وقعــت ثــاث مجــازر عــى يــد تنظيــم‬ ‫«الدولــة اإلســامية» (داعــش)‪ ،‬وثالثــة مــن‬ ‫قبــل فصائــل املعارضــة‪ ،‬ومجــزرة واحــدة‬ ‫ارتكبهــا التحالــف الــدويل ضــد «داعــش»‪.‬‬ ‫«قــوات النظــام وحدهــا قتلــت ‪ 498‬شــخصاً‬ ‫بينهــم ‪ 118‬طفــاً و‪ 70‬ســيدة»‬ ‫وبحســب تقريرهــا الــدوري الخــاص بتوثيــق‬ ‫املجــازر‪ ،‬أكــدت الشــبكة أن قــوات النظــام‬ ‫«ارتكبــت ‪ 14‬مجــزرة يف محافظــة حلــب‪،‬‬ ‫و‪ 5‬يف ديــر الــزور‪ ،‬و‪ 8‬يف إدلــب‪ ،‬و‪ 3‬يف ريــف‬ ‫دمشــق‪ ،‬و‪ 2‬يف كل مــن حمــص‪ ،‬وحــاة‪،‬‬ ‫ودرعــا‪ ،‬والحســكة»‪.‬‬

‫أمــا «داعــش»‪ ،‬فقــد ارتكــب «‪ 3‬مجــازر يف‬ ‫محافظــة ديــر الــزور‪ ،‬بينــا ارتكبــت فصائــل‬ ‫املعارضــة املســلحة ‪ 3‬مجــازر يف محافظــة‬ ‫حلــب‪ .‬وارتكبــت قــوات التحالــف الــدويل‬ ‫مجــزرة واحــدة يف حلــب أيضــاً‪.‬‬ ‫ووثــق التقريــر مقتــل ‪ 601‬شــخصاً خــال تلــك‬ ‫املجــازر‪ ،‬إذ قتلــت قــوات النظــام وحدهــا‬ ‫‪ 498‬شــخصاً بينهــم ‪ 118‬طفــاً‪ ،‬و‪ 70‬ســيدة‪،‬‬ ‫أمــا ضحايــا املجــازر التــي ارتكبهــا تنظيــم‬ ‫«داعــش» فقــد بلــغ ‪ 21‬شــخصاً‪ ،‬وبلغــت‬ ‫حصيلــة ضحايــا «املجــازر التــي ارتكبتهــا‬ ‫بعــض فصائــل املعارضــة املســلحة ‪ 18‬مدني ـاً‬

‫وج��اري البح��ث ع��ن ‪25‬‬ ‫آخرين يف عداد املفقودين‬

‫بينهــم ‪ 5‬أطفــال وســيدة‪ ،‬فيــا كانــت حصيلــة‬ ‫«مجــزرة قــوات التحالــف الــدويل ‪ 64‬مدني ـاً‪،‬‬ ‫بينهــم ‪ 31‬طفــاً و‪ 19‬ســيدة»‪.‬‬ ‫كــا بينــت الشــبكة الحقوقيــة‪ ،‬أن مــن بــن‬ ‫الـــ‪ 601‬ضحيــة الذيــن وثقهــم التقريــر»‪145‬‬ ‫طفــاً و‪ 90‬ســيدة»‪ ،‬مــا يعنــي أن ‪ 37%‬مــن‬ ‫الضحايــا هــم نســاء وأطفــال‪.‬‬ ‫كذلــك أشــار التقريــر‪ ،‬إىل أن حــاالت القصــف‬ ‫كانــت موجهــة ضــد أفــراد مدنيــن عــزل‪،‬‬ ‫مؤكــدة أن قــوات النظــام تنتهــك «أحــكام‬ ‫القانــون الــدويل لحقــوق اإلنســان الــذي‬ ‫يحمــي الحــق يف الحيــاة»‪ ،‬إضافــة إىل أن‬ ‫املجــازر ارت ُكبــت «يف ظــل ن ـزاع مســلح غــر‬ ‫دويل‪ ،‬فهــي ترقــى إىل جرميــة حــرب وقــد‬ ‫توفــرت فيهــا األركان كافــة»‪.‬‬ ‫وذكــر التقريــر‪ ،‬أ ّن حجــم املجــازر وطبيعتهــا‬ ‫املتكــررة ومســتوى القــوة املفرطة املســتخدمة‬ ‫فيهــا‪ ،‬والطابــع العشــوايئ للقصــف والطبيعــة‬ ‫املنســقة للهجــات‪ ،‬ال ميكــن أن يكــون ذلــك‬ ‫إال بتوجيهــات عليــا وهــي «سياســة دولــة»‪.‬‬ ‫«طالبــت الشــبكة بتحويــل الوضــع يف ســورية‬ ‫إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة «‬ ‫إىل ذلــك‪ ،‬طالبــت الشــبكة بتحويــل الوضــع‬

‫يف ســورية إىل املحكمــة الجنائيــة الدوليــة‪،‬‬ ‫معتــر ًة أن «تعطيــل الق ـرارات التــي يُفــرض‬ ‫اتخاذهــا ضــد حكومــة النظــام‪ ،‬يرســل رســالة‬ ‫خاطئــة إىل جميــع الدكتاتوريــات حــول العــامل‬ ‫ويعــزز مــن ثقافــة الجرميــة»‪ ،‬كــا شــددت‬ ‫عــى رضورة إلــزام النظــام «بإدخــال جميــع‬ ‫املنظــات اإلغاثيــة والحقوقيــة‪ ،‬ولجنــة‬ ‫التحقيــق الدوليــة‪ ،‬والصحافيــن وعــدم‬ ‫التضييــق عليهــم»‪.‬‬ ‫وأشــار التقريــر إىل «رضورة إدراج املليشــيات‬ ‫التــي تحــارب» إىل جانــب قــوات النظــام‪،‬‬ ‫والتــي «ارتكبــت مذابــح واســعة‪ ،‬كـ»حــزب‬ ‫اللــه» واأللويــة األخــرى‪ ،‬وجيــش الدفــاع‬ ‫الوطنــي والشــبيحة عــى قامئــة اإلرهــاب‬ ‫الدوليــة»‪ ،‬موصيــاً بــرورة «تطبيــق مبــدأ‬ ‫حاميــة املدنيــن الــذي أقرتــه الجمعيــة‬ ‫العامــة لألمــم املتحــدة عــى الحالــة الســورية‬ ‫عــام ‪.»2005‬‬ ‫وتســتمر جرائــم النظــام الســوري وســط‬ ‫صمــت دويل يشــبه التواطــؤ وغــض النظــر‬ ‫املتعمــد‪ ،‬وتفقــد املنظــات اإلنســانية الدولية‪،‬‬ ‫حامســها وقدراتهــا للدفــاع عــن البــر عندمــا‬ ‫يتعلــق األمــر بســورية وبالشــعب الســوري‪.‬‬

‫وكالة األناضول‬ ‫أنقــذت فــرق خفــر الســواحل الرتكيــة‬ ‫واليونانيــة‪ ،‬يــوم الثالثــاء ‪ 2015/7/8‬حــوايل ‪20‬‬ ‫مهاج ـرا ً غــر رشعــي مــن جنســيات مختلفــة‪،‬‬ ‫بعــد غــرق ســفينة‪ ،‬وقــارب مطاطــي كانتــا‬ ‫تقلهــم‪ ،‬يف ميــاه بحــر إيجــه‪.‬‬ ‫هــذا يف الوقــت الــذي تتواصــل فيــه عمليــات‬ ‫البحــث واإلنقــاذ‪ ،‬مــن قبــل القــوات ذاتهــا‪،‬‬ ‫للعثــور عــى ‪ 25‬مهاجــرا ً آخريــن‪ ،‬فقــدوا يف‬ ‫البحــر‪ ،‬بحســب مراســل األناضــول‪.‬‬ ‫وأفــاد املصــدر‪ ،‬أن مروحيــة‪ ،‬و‪ 5‬قــوارب‪،‬‬ ‫وطائــرة إنقــاذ‪ ،‬تابعــة لقيــادة خفــر الســواحل‬ ‫الرتكيــة يف واليــة «أيــدن»‪ ،‬جنــوب غــريب‬ ‫تركيــا‪ ،‬إضافــة لفــرق إنقــاذ يونانيــة‪ ،‬تشــارك يف‬ ‫عمليــات البحــث عــن املفقوديــن‪.‬‬ ‫وأضــاف املراســل‪ ،‬أن القــوات‪ ،‬أنقــذت ‪18‬‬

‫شــخصاً‪ ،‬وعــرت عــى جثــة آخــر‪ ،‬مــن ركاب‬ ‫الســفينة‪ ،‬التــي كانــت تقــل عــى متنهــا ‪37‬‬ ‫مهاج ـرا ً‪ ،‬فيــا أنقــذت الفــرق شــخصني فقــط‪،‬‬ ‫مــن أصــل ‪ 9‬كانــوا عــى مــن القــارب املطاطــي‪.‬‬ ‫هــذا ومل يكشــف املصــدر عــن جنســية‬ ‫املهاجريــن‪.‬‬ ‫وصــدر يف وقــت ســابق‪ ،‬بيــان عن واليــة موغال‪،‬‬ ‫ذكــر أن فــرق خفــر الســواحل الرتكيــة‪ ،‬أنقــذت‬ ‫يف بحــر إيجــه‪ ،‬ســتة آالف و‪ 937‬مهاجـرا ً خــال‬ ‫عــام ‪ ،2013‬يف ‪ 251‬حادث ًــا منفصــاً‪ ،‬ويف عــام‬ ‫‪ 2014‬أنقــذت ‪ 12‬ألف ـاً و ‪ 844‬مهاج ـرا ً يف ‪529‬‬ ‫حادثـاً‪.‬‬ ‫كــا تــم إنقــاذ ‪ 9‬آالف و ‪ 484‬آخريــن‪ ،‬مطلــع‬ ‫العــام الجــاري‪ ،‬يف ‪ 319‬حادثــاً منفصــاً‪ ،‬وتــم‬ ‫توقيــف ‪ 172‬مهرب ـاً عــى مــدار ثالثــة أعــوام‪،‬‬ ‫حســب البيــان‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫الحرملي‬

‫درعا والرباميل‬

‫سارة الحوراني‬ ‫مهــد الثــورة «درعــا» مجــازر يوميــة وأكــر مــن ‪700‬‬ ‫برميــل متفجــر خــال شــهر حزيـران املنرصم‪.‬‬ ‫ارتكبــت قــوات النظــام الســوري ســت مجــازر يف‬ ‫محافظــة درعــا‪ ،‬خــال عــرة أيــام فقــط مــن شــهر‬ ‫متــوز الجــاري‪ ،‬راح ضحيتهــا ‪ 46‬شــهيدا ً وأكــر مــن ‪250‬‬ ‫جريحــاً‪.‬‬ ‫حيــث كثفــت قــوات النظــام مــن اســتهداف املناطــق‬ ‫املحــررة باملقاتــات الحربيــة واملروحيــة‪ ،‬مســتهدفة‬ ‫املناطــق املأهولــة‪ ،‬وخاصــة األســواق الشــعبية‬ ‫واملستشــفيات امليدانيــة وتجمعــات النازحــن يف‬ ‫املناطــق الزراعيــة‪.‬‬ ‫مدينــة الحــارة الواقعــة يف ريــف درعــا الشــايل‪،‬‬ ‫شــهدت يــوم الجمعــة ‪ 2015/7/10‬مجــزرة مروعــة‬ ‫نتيجــة اســتهدافها بالطائــرات املروحيــة التــي ألقــت‬ ‫عليهــا حاويــة متفجــرة مــن العيــار الثقيــل يف وقــت‬ ‫اإلفطــار ارتقــى عــى إثرهــا أرسة مؤلفــة مــن ســبعة‬ ‫أشــخاص‪ ،‬مــن بينهــم الوالديــن وخمســة أبنــاء‪ ،‬وعــدد‬ ‫كبــر مــن الجرحــى‪ ،‬إضافــة إىل حــدوث دمــار كبــر يف‬ ‫املنــازل واألبنيــة‪.‬‬ ‫بلــدة نصيــب يف ريــف درعــا الرشقــي املتاخمــة‬ ‫للحــدود األردنيــة‪ ،‬كانــت عــى موعــد مــع مجــزرة‬ ‫مروعــة جديــدة يف الســابع مــن الشــهر الجــاري‪،‬‬ ‫عندمــا اســتهدفت البلــدة بالرباميــل املتفجــرة‪ ،‬ارتقــى‬ ‫عــى إثرهــا ‪ 9‬أشــخاص‪ ،‬مــن بينهــم ‪ 7‬أطفــال مــن أرسة‬ ‫واحــدة نزحــت مــن أحيــاء درعــا البلــد‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا بلــدة صيــدا يف ريــف درعــا الرشقــي أيضـاً‬ ‫نالــت حصتهــا مــن الحقــد الدمــوي‪ ،‬حيــث ارتكبــت‬ ‫فيهــا مجزرتــن‪ ،‬األوىل ليلــة األحــد عندمــا اســتهدفت‬ ‫البلــدة لي ـاً بالرباميــل املتفجــرة‪ ،‬قــى عــى إثرهــا ‪6‬‬ ‫أشــخاص‪ ،‬مــن بينهــم امرأتــان وطبيــب‪ ،‬وســقوط عــدد‬ ‫مــن الجرحــى إصابتهــم خطــرة‪ ،‬مــا يرجــح ارتفــاع‬ ‫عــدد شــهداء يف األيــام القادمــة‪.‬‬ ‫وأمــا املجــزرة الثانيــة فكانــت ظهــر يــوم األربعــاء األول‬ ‫مــن الشــهر الجــاري‪ ،‬عندمــا اســتهدفت املقاتــات‬ ‫الحربيــة الســوق الرئيــي يف البلــدة بصاروخــن‬

‫دكاكني ثورجية‬ ‫أسعد فخري‬

‫فراغيــن أســفرا عــن استشــهاد ‪ 15‬مدنيــاً‪ ،‬وســقوط‬ ‫أكــر مــن ‪ 30‬جريحــاً‪.‬‬ ‫كــا شــهدت بلــدة الطيبــة يف ريــف درعــا مجــزرة‬ ‫مروعــة‪ .‬يقــول جهــاد محاميــد مديــر الدفــاع املــدين‬ ‫الســوري‪« :‬إن البلــدة الواقعــة يف ريــف درعــا الرشقــي‬ ‫اســتهدفت بالرباميــل والحاويــات املتفجــرة يف األول‬ ‫مــن الشــهر الجــاري‪ ،‬قتــل عــى إثرهــا ‪ 8‬أشــخاص مــن‬ ‫بينهــم أم وأطفالهــا الســتة‪ ،‬وهــم نازحــون مــن درعــا‬ ‫البلــد‪ ،‬باإلضافــة لســقوط عــدد مــن الجرحــى وإلحــاق‬ ‫دمــار كبــر وهائــل يف األبنيــة»‪.‬‬ ‫وأضــاف املحاميــد «أن مدينــة طفــس يف ريــف درعــا‬ ‫الغــريب شــهدت هــي األخــرى مجــزرة مروعــة‪ ،‬عندمــا‬ ‫اســتهدفت املدينــة بالرباميــل املتفجــرة لي ـاً ســقطت‬ ‫عــى منطقــة مكتظــة باألهــايل‪ ،‬حيــث استشــهد نتيجــة‬ ‫لذلــك ‪ 7‬أشــخاص وجــرح مــا يقارب ‪ 50‬شــخصاً‪ ،‬مشـرا ً‬ ‫إىل أن املدينــة تحتضــن أعــدادا ً كبــرة مــن النازحــن‬ ‫مــن مدينــة درعــا وريفهــا‪ ،‬باإلضافــة إىل نازحــن مــن‬ ‫مــدن ســوريا أخــرى‪ ،‬وخاصــة مــن ريــف دمشــق‪ ،‬الفتـاً‬

‫إىل أن النســاء واألطفــال شــكلن النســبة العظمــى مــن‬ ‫الضحايــا والجرحــى»‪.‬‬ ‫وكان الناشــطون يف مؤسســة شــاهد اإلعالميــة وثقــوا‬ ‫اســتهداف مدينــة درعــا وريفهــا جنــوب ســوريا‬ ‫بـــ(‪ )729‬برميـاً متفجـرا ً خــال شــهر حزيـران املنرصم‪،‬‬ ‫ليســجل بذلــك رقـاً قياســياً بأعــداد الرباميــل املتفجــرة‬ ‫التــي تلقيهــا مروحيــات النظــام الســوري منــذ انطــاق‬ ‫الثــورة الســورية عــام ‪ 2011‬فيــا بلغــت عــدد الغارات‬ ‫التــي شــنها الطــران الحــريب عــى مدينــة درعــا وريفهــا‬ ‫‪ 182‬غــارة يف الشــهر ذاتــه‪.‬‬ ‫مــن جانبــه وثــق مكتــب توثيــق الشــهداء يف محافظــة‬ ‫درعــا ســقوط ‪ 297‬شــهيدا ً يف مــدن وقــرى وبلــدات‬ ‫درعــا‪ ،‬حيــث شــهد شــهر حزيــران املنــرم ارتفاعــاً‬ ‫حــادا ً يف أعــداد القتــى؛ نظــرا ً النــدالع معركتــن‬ ‫كبريتــن‪ ،‬وهــا معركــة ســيطرة قــوات املعارضــة عــى‬ ‫اللــواء ‪ 52‬يف ريــف درعــا الرشقــي مــا يعــرف مبعركــة‬ ‫القصــاص‪ ،‬ومعركــة عاصفــة الجنــوب لتحريــر مدينــة‬ ‫درعــا‪.‬‬

‫هل ُيغلق باب احلارة؟!‬

‫أسعد كمال‬ ‫هــذا هــو بســام املــا يطــل علينــا بســنته الخمســن‪،‬‬ ‫وهــو يفتــح بــاب حــارة الضبــع مــن جديــد‪ ،‬هــا هــو بــاب‬ ‫الحــارة مــن أرقــى أنــواع األبــواب مــن ســيدار‪ .‬الكرســتال يف‬ ‫بــاب الحــارة مــن الزجــاج الكهربــايئ‪ ،‬مــع ذلــك مــا زالــت‬ ‫نســاء بــاب الحــارة يشــطفن أرض الديــار‪ .‬بــاب الحــارة مل‬ ‫يغلــق بابــه يف ســنته الخمســن‪ ،‬والحــرب والــراع ال زال‬ ‫بــن أم عصــام وفريــال خانــم عــى منصــب أو كــريس يف‬ ‫ائتــاف الحــارة‪ ،‬بــاب الحــارة مل يغلــق بعــد‪ ،‬فحمــص مل تعــد‬ ‫تســتطيع النهــوض‪ ،‬والرقــة ُســلمت ألحفــاد الــواوي‪ ،‬ولبســت‬ ‫الســواد‪ ،‬فــكل أطــراف النــزاع اعرتفــوا أن الرقــة ُســلمت‬ ‫بال ـرايض ألحــد أط ـراف الن ـزاع‪.‬‬ ‫مل يغلــق بــاب الحــارة‪ ،‬وحلــب دخلــت عهــدا ً جديــدا ً مــن‬ ‫عهــود املغــول والتتــار يف النــار‪ ،‬هــي حــارة النــار التــي‬

‫تشــتعل بالنــار‪ ،‬مل يغلــق بــاب الحــارة‪ ،‬والشــام ســتصبح‬ ‫شــامات نرثتهــا أعاصــر دخلــت إىل الحــارة ومل تخــرج‪ ،‬رجــال‬ ‫الغوطــة ســلحهم أعضــاء الحــارة‪ ،‬وانقطــع املــاء عــن ياســمني‬ ‫الغوطــة‪ ،‬والطعــام والهــواء‪ ،‬فامتــت كل الحرائــر يف أرض‬ ‫الديــار‪.‬‬ ‫مل يلــق بــاب الحــارة بحلقاتــه الخمســن ترحيبــاً خاصــاً‪،‬‬ ‫فرجــال الحــارة يتمشــون أمــام مقــام ســيدنا إبراهيــم‬ ‫يف أورفــا عــى أمــل ســاع خــر مــن الحــارة‪ ،‬ونســاء مــن‬ ‫حفيــدات أبــو عصــام يف اســطنبول يجمعنــا التربعــات‬ ‫للحــارة‪.‬‬ ‫املصفقــون‪ ،‬املتملقــون‪ ،‬الراقصــون‪ ،‬الشــعراء‪ ،‬املداحــون‪،‬‬ ‫القــوادون‪ ،‬أعنــي مســاحي األكتــف واألرجــل‬ ‫هــم مــن يصنــع مــن القــرود أســودا يف تلــك الحــارة‪ ..‬مل‬ ‫يغلــق بــاب الحــارة ثالثــة أربــاع النســاء يف الحــارة متشــحات‬

‫بالســواد حــدادا ً عــى اآلبــاء واألبنــاء واإلخــوة واألزواج‪،‬‬ ‫فجميعهــم استشــهدوا يف حــروب خــارسة‪ ،‬مل يكــن لهــم فيهــا‬ ‫ال ناقــة وال بعــر‪ ،‬كانــوا حطب ـاً ووقــودا ً لهــذا الســعري‪.‬‬ ‫يــا بــاب الحــارة‪ ..‬أيهــا الليــل الهــرم املمــزوج بهســيس‬ ‫أنفــايس وطقطــة عظامــي‪ ،‬وفحيــح الجالديــن‪ ،‬متــى تنجــي‬ ‫وتنقشــع غاللتــك الســوداء؟‬ ‫ـي وبلــت عــى ثيــايب وامتــأ‬ ‫ـ‬ ‫ركبت‬ ‫يــا ليــل لقــد زحفــت عــى‬ ‫ّ‬ ‫جســدي بالدمامــل والقــروح واكتســت لحيتــي بالبيــاض‬ ‫وصدئــت مفاصــي وبــدأت أخــور‪ ..‬متــى الخــاص؟! ال خالص‬ ‫مــن هــذه الحــارة الدائریــة اللعینــة وأناســها املشــوهین‬ ‫مــا دام الخــوف یعشــش يف روحــك‪ ،‬فــا إن تضــع قدمــاً‬ ‫صــوب الضفــة األخــرى یصیــح بــك صــوت مــن الداخــل‪ ،‬مــن‬ ‫داخلــك أنــت‪ ..‬قــف ال تتحــرك ويغلــق عليــك كل أبــواب‬ ‫الحــارات‪ ..‬عفــوا ً بســام املــا هــل يغلــق بــاب الحــارة؟؟!‬

‫‪ 77‬أل��ف الج��ئ وصلوا إىل اليون��ان‪ ..‬ثلثاهم من الس��وريني‬ ‫الحرمل‪ .‬وكاالت‬ ‫أعلنــت مفوضيــة الالجئــن التابعــة لألمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬يــوم الســبت‪ ،‬أن ‪ 77,1‬ألــف الجــئ‬ ‫بينهــم ‪ 66%‬ســوريون وصلــوا إىل اليونــان‬ ‫عــر هجــرة غــر رشعيــة منــذ بدايــة العــام‬ ‫الجــاري‪ ،‬داعيــة االتحــاد األوريب إىل اإلرساع يف‬ ‫معالجــة مشــكلة الالجئــن عــى أراضيــه‪.‬‬ ‫وقالــت املفوضيــة‪ ،‬وفــق صفحتهــا عــى‬ ‫موقــع (تويــر)‪ ،‬إن «اليونــان تواجــه حالــة‬ ‫طــوارئ الجئــن ال مثيــل لهــا مــع وصــول‬ ‫‪ 77,1‬ألفــا الجــئ بينهــم ‪ 66%‬ســوريون إىل‬ ‫أراضيهــا منــذ مطلــع ‪.»2015‬‬ ‫وأشــار‪ ،‬املتحــدث باســم املفوضيــة‪ ،‬وليــام‬ ‫ســبيندلر‪ ،‬إىل أن «الغالبيــة العظمــى مــن‬

‫‪5‬‬

‫الالجئــن القادمــن إىل اليونــان يحاولــون‬ ‫الوصــول إىل الــدول يف أوروبــا الغربيــة‬ ‫والشــالية مــن خــال مقدونيــا ورصبيــا»‪.‬‬ ‫وأوضــح‪ ،‬ســبيندلر‪ ،‬أنــه «يف النصــف األول من‬ ‫العــام الجــاري‪ ،‬ســعى نحــو ‪ 45‬ألــف شــخص‬ ‫إىل اللجــوء يف أوربــا وهــو مــا ميثــل ‪ 9‬أضعــاف‬ ‫عــدد طلبــات اللجــوء يف نفــس الفــرة مــن‬ ‫عــام ‪ ،»2014‬مشــرا ً إىل أنــه «ارتفــع عــدد‬ ‫األشــخاص الذيــن يعــرون يوميـاً مــن اليونــان‬ ‫إىل جمهوريــة مقدونيــا ورصبيــا يف يونيــو‬ ‫املــايض إىل نحــو ألــف شــخص»‪.‬‬ ‫وأقــدم آالف الســوريني الفاريــن مــن األزمــة‬ ‫يف بالدهــم خــال الســنوات األخــرة إىل عبــور‬ ‫املتوســط إىل اليونــان وإيطاليــا عــر قــوارب‬

‫مطاطيــة «بلــم»‪ ،‬ســعياً للوصــول إىل إحــدى‬ ‫الــدول األوربيــة‪ ،‬أملانيــا الدمنــارك هولنــدا‬ ‫الســويد‪ ،‬بغيــة الحصــول عــى لجــوء إنســاين‪،‬‬ ‫فيــا ســقط الكثــر منهــم غرقــاً‪ ،‬النعــدام‬ ‫إج ـراءات األمــان يف تلــك القــوارب‪.‬‬ ‫ودعــت املفوضية االتحــاد األوريب إىل «اإلرساع‬ ‫يف التدخــل يف معالجــة أزمــة الالجئــن عــى‬ ‫أراضيــه قبــل أن تتفاقــم األزمــة اإلنســانية»‪.‬‬ ‫وأبــدت دول أوربيــة اســتعدادها الســتقبال‬ ‫الجئــن ســوريني‪ ،‬دون وجــود آليــة واضحــة‬ ‫لحصــول ســوريني عــى اللجــوء هنــاك‪ ،‬يف‬ ‫وقــت حــذر مســؤولون أتــراك مــن موجــة‬ ‫لجــوء جديــدة مــن الســوريني‪ ،‬مشــرين إىل‬ ‫أن معظــم أولئــك ســيتوجهون إىل أوربــا‪.‬‬

‫ال شــك أن مــا حققتــه الصحافــة الورقيــة‪ ،‬مــن حضــور داخــل‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬وتحوالتهــا‪ ،‬كان لــه بالــغ األهميــة يف توثيــق‬ ‫مجرياتهــا‪ ،‬بــكل صــدق وشــفافية‪ ،‬وعــى كل صعيــد‪ ،‬ومحفــل‪،‬‬ ‫وقــد أســهمت تلــك التجــارب الصحفيــة عــى الرغــم مــن‬ ‫تواضــع الــروط املهنيــة لــدى أغلبهــا‪ ،‬يف تأثيــث منابــر صحفية‬ ‫تُعنــى بخطــاب الثــورة‪ ،‬وأهدافــه‪ ،‬واســتطاعت أن تكــون الوليــد‬ ‫الحقيقــي الــذي مل ينفــك يوم ـاً عــن املنــاداة بتطلعــات الثــورة‬ ‫يف الحريــة والكرامــة وإســقاط النظــام طــوال تلــك الفــرة‬ ‫املصرييــة مــن عمــر الثــورة‪.‬‬ ‫لكــن مــا يجــري اليــوم يف راهــن الثــورة الســورية مــن تحــوالت‪،‬‬ ‫ومســتجدات خطــرة‪ ،‬تهــدد وجودهــا‪ ،‬واســتمرارها جـراء رضاوة‬ ‫األجنــدات التــي متكنــت مــن مفاصلهــا‪ ،‬واســتغرقت حراكهــا‪،‬‬ ‫بــات يســتدعي مــن تلــك املنابــر الصحفيــة مواكبــة التحــوالت‬ ‫وإثـراء اسـراتيجيتها اإلعالميــة مبــا يخــدم أهــداف الثــورة بعيــدا ً‬ ‫عــن االصطفــاف والتبعيــة‪ ،‬وعقليــة االســرزاق‪ ،‬واملحســوبية‬ ‫التــي بــدأت تعشــش يف ثناياهــا‪ ،‬حيــث أصبــح البعــض منهــا‬ ‫أشــبه بدكاكــن ثورجيــة تتاجــر بدمــاء الســوريني‪ ،‬يف ظــل غيــاب‬ ‫واضــح ألخــاق املهنــة ورشفهــا مــا انعكــس بالــرورة عــى‬ ‫أداء تحصيالتهــا وحولهــا إىل منافــذ لتســويق أخبــار فقــدت‬ ‫صالحيتهــا يف الحضــور والفائــدة‪ ،‬إضافــة إىل انحــدار تلــك‬ ‫املنافــذ نحــو اســتمراء هاجــس املناطقيــة‪ ،‬وتفعيلــه‪ ،‬واالهتــام‬ ‫الرصيــح بالقضايــا «البلدياتيــة» بعيــدا ً عــن االهتــام الجامــع‬ ‫بالشــأن الســوري ومصائــره‪.‬‬ ‫إن عقليــة املزرعــة التــي ورثهــا البعــض مــن كــوادر تلــك‬ ‫املنابــر إبــان حكــم الســلطانية األســدية‪ ،‬ال ميكــن أن يكــون‬ ‫عام ـاً مســاهامً يف بنــاء الحريــة املنشــودة‪ ،‬ولــن يكــون ســياقاً‬ ‫موضوعيـاً لقبــول الــرأي اآلخــر‪ ،‬وال أداة فاعلــة يف إرســاء تقاليــد‬ ‫الحــوار داخــل ح ـراك الثــورة الســورية‪ ،‬يف الوقــت الــذي يقــع‬ ‫عــى عاتــق الصحافــة النقيــة والوطنيــة بنــاء جســور مــن‬ ‫التواصــل مــع القــارئ الــذي افتقدتــه طــوال نصــف قــرن مــن‬ ‫حكــم الطغــاة‪.‬‬ ‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه بقــوة‪« :‬كيــف ميكننــا الخــروج‬ ‫مــن عنــق زجاجــة العصابــة والشــلة واألجنــدة نحــو أفــق أكــر‬ ‫رحابــة وأكــر صدق ـاً ووال ًء لســورية القادمــة»‪.‬‬ ‫عــى الرغــم مــن وجــود ميثــاق أصدرتــه رابطــة الصحفيــن‬ ‫األح ـرار منــذ فــرة قصــرة بصورتــه املقتضبــة واملتعجلــة ودون‬ ‫مالمســة حقيقيــة لتفاصيــل مــا يجــري داخــل امرباطوريــة‬ ‫الصحافــة الورقيــة فقــد بــات مــن املســتحيل أن تبقــى تلــك‬ ‫املنابــر الصحفيــة عــى قيــد الحيــاة دون معايــر تنظــم عملهــا‬ ‫واشــتغالها بصــورة دقيقــة‪ ،‬وحصيفــة وتكشــف عيوبهــا وهناتهــا‬ ‫الخافيــة‪ ،‬وذلــك يســتدعي وجــود مواثيــق تضبــط إيقــاع‬ ‫خطاباتهــا االصطفافيــة والغامضــة يف تبعيتهــا مــن خــال ميثــاق‬ ‫رشف تُرســم فيــه أخالقيــات مهنــة الصحافــة الوطنيــة الجامعــة‬ ‫التــي متنــح الحريــة‪ ،‬وتحتمــي بهــا وفــق مأسســة تلــك املنابــر‬ ‫اإلعالميــة‪ ،‬وتحويلهــا إىل منصــات صحفيــة وطنيــة قــادرة عــى‬ ‫مواكبــة التحــوالت الجاريــة يف الثــورة الســورية‪ ،‬واملســاهمة‬ ‫الجــادة يف رســم ســوريا املقبلــة‪.‬‬

‫إعالن خيص اإلخوة املعلمني‬ ‫تعلــن مديريــة الرتبيــة يف واليــة اورفــا الرتكيــة عــن اســتقبال طلبــات التوظيــف يف املــدارس‬ ‫الســوريني يف حــال افتتاحهــا للموســم الــدرايس الجديــد‪ ،‬وقــد‬ ‫الجديــدة‬ ‫ّ‬ ‫املخصصــة للطلبــة ّ‬ ‫ت ـ ّم اعتــاد مؤسســة رزق للتأهيــل املهنــي _إحــدى مؤسســات املنتــدى الســوري كمركــز‬ ‫تســجيل بشــكل رســمي‪ ،‬فعــى الراغبــن يف التســجيل مــن املدرســن واملدرســات مراجعــة‬ ‫مؤسســة رزق خــال ســاعات الــدوام الرســمية‪.‬‬ ‫األوراق املطلوبة للتسجيل‪:‬‬ ‫‪ 1‬صورة شخصية عدد ‪2‬‬‫‪ 2‬صورة عن الهوية السورية‬‫‪ 3‬صورة عن الهوية الرتكية (كملك)‬‫‪ 4‬صورة عن الشهادة العلمية (إجازة أو معهد)‬‫‪ 5‬السرية الذاتية باللغتني العربية والرتكية (يتم إمالؤها يف مكتب رزق)‬‫مع العلم أ ّن ساعات الدوام الرسمية ملؤسسة رزق‪:‬‬ ‫يف شهر رمضان من الساعة ‪ 11‬صباحاً‪ ،‬حتى الساعة ‪ 4:30‬عرصا ً‪.‬‬ ‫بعــد شــهر رمضــان مــن الســاعة ‪ 10‬صباحـاً حتــى الســاعة ‪ 4:00‬عـرا ً‪ ،‬عــدا االسـراحة بــن‬ ‫الســاعة ‪ 1:00‬حتــى الســاعة ‪ 2:00‬ظهـرا ً‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫شانلي أورفا «مدينة األنبياء»‬

‫طريان النظام يرتكب جمزرتني يف مدينة الباب‬

‫الريف احلليب يستقبل العيد باحلاويات املتفجرة‬

‫الحرمل‬

‫تعرضــت مدينــة البــاب شــال رشق حلــب ملجزرتــن‬ ‫ارتكبهــا طــران النظــام األســدي‪ ،‬مســتخدماً الرباميــل‬ ‫والحاويــات املتفجــرة‪ ،‬أدت الرتقــاء أكــر مــن ‪ 77‬شــهيدا ً‬ ‫وعــرات الجرحــى‪ ،‬يف الوقــت الــذي يتهيــأ العــامل العــريب‬ ‫واإلســامي إلحيــاء العــر األواخــر مــن رمضــان وعيــد الفطــر‬ ‫املبــارك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويف التفاصيــل‪ ،‬ارتقــى خمســة وثالثــون مدنيــاً وأصيــب‬ ‫خمســون آخــرون عــى األقــل صبــاح االثنــن‪13 ،‬متــوز ‪2015‬‬ ‫جــراء قصــف جــوي لطــران النظــام عــى مدينــة البــاب‬ ‫الخاضعــة لســيطرة تنظيــم «داعــش» بريــف حلــب‪.‬‬ ‫وذكــرت منظمــة «إســعاف بــا حــدود» العاملــة يف مدينــة‬ ‫البــاب‪ ،‬إن هــذه األعــداد هــي الحصيلــة األوليــة الســتهداف‬ ‫ط ـران النظــام املروحــي منــازل املدنيــن يف املدينــة بثــاين‬ ‫حاويــات متفجــرة‪ ،‬تركــزت جميعهــا يف املناطــق املدنيــة ذات‬ ‫الكثافــة الســكانية العاليــة‪.‬‬ ‫وأكــدت املنظمــة وجــود أكــر مــن خمــس عــرة جثــة‬ ‫مجهولــة الهويــة‪ ،‬جــراء تفحمهــا يف ســوق املحروقــات يف‬ ‫املدينــة‪ ،‬باإلضافــة إىل وجــود أشــاء متناثــرة لجثــث عــدة‪،‬‬ ‫ونــر املشــفى امليــداين يف املدينــة صــورا ً لقتــى مجهــويل‬ ‫الهويــة وطلــب تعميمهــا يف وســائل اإلعــام املختلفــة ليتــم‬

‫التعــرف عليهــا مــن قبــل ذويهــم‪.‬‬ ‫ويــأيت اســتهداف مدينــة البــاب يف ريــف حلــب بعــد أقل من‬ ‫‪ 24‬ســاعة عــى اســتهدافه املدينــة بأربعــة براميــل متفجــرة‪،‬‬ ‫أودت بحيــاة ســبعة مدنيــن معظمهــم مــن األطفــال‪ ،‬يف‬ ‫حــن أصيــب ثالثــة عــر آخريــن إصابــات بالغــة‪.‬‬ ‫وكانــت مجــزرة أخــرى ارتكبهــا الطــران يف املدينــة أيضــاً‬ ‫يــوم الســبت ‪ ،2015/7/11‬وراح ضحيتهــا أكــر مــن خمســة‬ ‫وســبعني مدنيـاً بــن قتيــل وجريــح‪ ،‬إثــر اســتهدافها بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة‪.‬‬ ‫وكانــت منظمــة «إســعاف بــا حــدود» قــد أوضحــت يف‬ ‫حســاباتها الرســمية عــى مواقــع التواصــل االجتامعــي‪ ،‬إن‬ ‫طــران النظــام املروحــي اســتهدف ســوقاً شــعبياً وســط‬ ‫املدينــة بأربــع حاويــات متفجــرة‪ ،‬أدت إىل مقتــل ‪ 29‬مدنيـاً‬ ‫عــى األقــل‪ ،‬معظمهــم مــن األطفــال والنســاء‪ ،‬وإصابــة أكــر‬ ‫مــن ‪ 45‬آخريــن بجــروح‪ ،‬والكثــر منهــم بحالــة خطــرة‪.‬‬ ‫ونــرت املنظمــة صــورا ً لعــرات الضحايــا الذيــن تــم‬ ‫إخالؤهــم مــن مــكان القصــف إىل املشــايف امليدانيــة يف‬ ‫املدينــة‪ ،‬والتــي عانــت بدورهــا مــن صعوبــة بالغــة يف‬ ‫اســتقبال هــذه األعــداد الكبــرة مــن الجرحــى‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫ضعــف اإلمكانيــات الطبيــة ونقــص األدويــة واملســتلزمات‬ ‫الجراحيــة‪.‬‬

‫تركيا تف��رض على الس��وريني مراجعة‬ ‫ش��عبة األجانب للحصول على إذن س��فر‬

‫الحرمل ـ وكاالت‬ ‫أصــدرت الســلطات الرتكيــة تعليــات جديــدة ناظمــة‬ ‫لســفر الســوريني خــارج تركيــا‪ ،‬وتنــص التعليــات الجديــدة‪،‬‬ ‫عــى أن كل ســوري ميلــك بطاقــة «كيمليــك» يجــب عليــه‬ ‫مراجعــة شــعبة األجانــب للحصــول عــى إذن ســفر ملغــادرة‬ ‫البــاد‪.‬‬ ‫أمــا الســوري الــذي ال ميلــك «كيمليــك» فهــو ال يحتــاج إىل‬ ‫الحصــول عــى هــذا اإلذن‪ ،‬ولكنــه ســيضطر إىل دفــع مخالفــة‬ ‫عنــد الســفر‪ ،‬إن كان قــد تجــاوز مــدة اإلقامــة املســموحة يف‬

‫تركيــا وهــي ‪ 90‬يومـاً‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق بالحاصلــن عــى إقامــات ســياحية أو إقامــات‬ ‫عمــل‪ ،‬فإنهــم ليســوا بحاجــة للحصــول عــى هــذا اإلذن أيضاً‪.‬‬ ‫وقــال ســوريون ســافروا خــارج تركيــا بعــد هــذه التعليــات‪،‬‬ ‫إن الحصــول عــى موافقــة أمنيــة أمــر «شــكيل»‪ ،‬وال يكلــف‬ ‫ســوى تقديــم طلــب للحصــول عليــه يف نفــس اليــوم‪.‬‬ ‫وبذلــك‪ ،‬فــإن الســوريني الحاصلــن عــى الـ»كيمليــك» قــد‬ ‫تــم إعفاؤهــم مــن الغرامــات التــي كان مــن املفــرض عليهــم‬ ‫دفعهــا‪ ،‬قبــل صــدور هــذه التعليامت‪ ،‬إن هــم أرادوا الســفر‪.‬‬

‫ترك برس‬

‫تتعــدد وتتنــوع األماكــن الســياحية يف تركيــا‪،‬‬ ‫فمــن هــذه األماكــن مــا هــو ترفيهــي ومــا هــو‬ ‫طبــي ومــا هــو تاريخــي ومــا هــو اقتصــادي ومــا‬ ‫هــو ريــايض‪ ...‬إلــخ‪ .‬ومــن هــذه األماكــن الرتفيهيــة‬ ‫والتاريخيــة والدينيــة مدينــة شــانيل أورفــا الواقعــة‬ ‫جنــوب رشق تركيــا‪.‬‬ ‫تعــد مدينــة شــانيل أورفــا التاريخيــة املدينة التاســعة‬ ‫يف تركيــا مــن حيــث املســاحة وعــدد الســكان‪ ،‬وتقــع‬ ‫عــى الحــدود الرتكيــة والســورية‪ ،‬ويتحــدث أغلــب‬ ‫ســكانها األصليــن اللغــة العربيــة‪ِ .‬قــدم مدينــة‬ ‫شــانيل أورفــا وعراقتهــا الحضاريــة جعلتهــا تتس ـ ّمى‬ ‫بعــدة أســاء مثــل أور وأورهــوي وأورهايــي‬ ‫وروهايــي وروهــا والروهــا وراهــا وأداســا‪ ،‬واليــوم‬ ‫وبعــد تأســيس الجمهوريــة الرتكيــة اســتقر اســمها‬ ‫عــى شــانيل أورفــا‪ .‬ومــن الحضــارات التــي عاشــت‬ ‫شــانيل أورفــا يف ظلهــا الحضــارة البابليــة واألكاديــة‬ ‫والســومرية واآلراميــة واآلشــورية والفارســية‬ ‫واإلســكندرية (املقدونيــة) والروميــة والبيزنطيــة‪.‬‬ ‫يوجــد يف مدينــة شــانيل أورفــا ‪ 13‬منطقــة تابعــة‬ ‫لهــا‪ ،‬وتبلــغ مســاحتها الجغرافيــة ‪ 19‬ألفــاً و‪451‬‬ ‫كيلومــر مربــع‪ ،‬ويوجــد يف شــانيل أورفــا عــدة‬ ‫قوميــات عرقيــة مثــل القوميــة العربيــة والكرديــة‬ ‫والرتكيــة والرشكســية والفارســية‪.‬‬ ‫وحســب العهــد القديــم للتــوراة واإلنجيــل‪ ،‬ت ُعــد‬ ‫أورفــا مدينــة ميــاد وحيــاة ســيدنا إبراهيــم والنبــي‬ ‫أيــوب‪ ،‬وهنــاك الكثــر مــن املعــامل التــي تبــن‬ ‫مكــوث ســيدنا إبراهيــم فيهــا ســنذكرها ضمــن‬ ‫ذكرنــا لألماكــن الســياحية والتاريخيــة فيهــا‪.‬‬ ‫األماكن التاريخية والسياحية يف شانيل أورفا‪:‬‬ ‫ـ البحــرة الســمكية‪ :‬يُعتقــد بأنهــا النــار التــي تحولت‬ ‫إىل ميــاه بعــد قــذف ســيدنا إبراهيــم عليــه الســام‬ ‫فيهــا واألســاك املوجــودة بداخلهــا يُعتقــد بأنهــا‬ ‫الحطــب الــذي اســتُع ِمل لحــرق ســيدنا إبراهيــم‪،‬‬ ‫وحســب الكثــر مــن املؤرخــن فــإن هــذه األســاك‬ ‫ثابتــة يف العــدد منــذ تحولهــا ألســاك يف عهــد ســيدنا‬ ‫إبراهيــم عليــه الســام‪.‬‬ ‫ـ املدينــة القدميــة‪ :‬تحتــوي عــى عــدة مــدن قدميــة‬ ‫وجميلــة جــدا ً‪ ،‬يعــود تاريــخ إنشــائها إىل العهــد‬ ‫العثــاين‪.‬‬ ‫ـ تلــة البطــن‪ :‬يعــود تاريــخ بنــاء هــذه التلــة إىل‬ ‫حــوايل ‪ 11‬ألــف عــام قبــل امليــاد‪ ،‬وكانــت ت ُســتخدم‬ ‫يف ذلــك العهــد كمعبــد دينــي‪ ،‬جاملهــا الــراق‬ ‫ومنطهــا املعــاري الرائــع يعطــي الراحــة النفســية‬ ‫لزائــره‪ ،‬ويعــرف علــاء اآلثــار هــذا املعبــد عــى أنــه‬ ‫أقــدم معبــد دينــي يف التاريــخ‪.‬‬ ‫ـ حــران‪ :‬يُعتقــد بأنــه أقــدم خــان تجــاري تــم‬ ‫تأسيســه يف التاريــخ؛ حيــث يعــود تاريــخ تأسيســه‬ ‫لســنة ‪ 2000‬قبــل امليــاد‪ ،‬حيــث أنشــئ هــذا الخــان‬ ‫مــن قبــل الســوماريني وكان يُســتخدم كمهبــط‬ ‫تجــاري للقوافــل التجاريــة‪.‬‬

‫ـ جامــع صــاح الديــن األيــويب‪ :‬أنشــئ هــذا الجامــع‬ ‫التاريخــي الضخــم عــى أعقــاب كنيســة العزيــز‬ ‫يوحنــا التــي تــم بناءهــا عــام ‪ 457‬مــن قبــل‬ ‫البيزانطيــن‪ ،‬أرشف عــى بنــاء املســجد ودعمــه‬ ‫صــاح الديــن األيــويب نفســه‪.‬‬ ‫ـ كهــف ميــاد ســيدنا إبراهيــم وجامــع خليــل‬ ‫الرحمــن‪ :‬يُذكــر بــأن ســلطان ذلــك العهــد «منــرود»‬ ‫يــرى رؤيــة مزعجــة يف الليــل ويف الصبــاح يخــر ذلــك‬ ‫الرؤيــة ملنجمــي عــره‪ ،‬ويخــره املنجمــون بــأن‬ ‫«هــذا العــام ســيولد طفــل ســيكون هــو الســبب يف‬ ‫إنهــاء ســلطانك»‪ ،‬بعــد ذلــك عــى الفــور يأمــر منــرود‬ ‫بقتــل جميــع األطفــال التــي ســتولد يف هــذا العــام‪.‬‬ ‫ويف ظــل هــذا الوضــع الخطــر‪ ،‬تذهــب أم إبراهيــم‬ ‫للكهــف برسيــة وتلــد إبراهيــم عليــه الســام‪ .‬ويُذكــر‬ ‫بــأن ســيدنا إبراهيــم عليــه الســام عــاش ‪ 7‬أعــوام‬ ‫يف هــذا الكهــف‪ ،‬ومــن أجــل ذلــك رشب امليــاه‬ ‫التــي تنبــع مــن كهــف ميــاد ســيدنا إبراهيــم عليــه‬ ‫الســام وتعتــر ميــاه شــافية وصحيــة‪.‬‬ ‫ـ مقــام النبــي أيــوب وقــره‪ :‬يُــروي بــأن النبــي أيــوب‬ ‫ســيد الصابريــن‪ ،‬حيــث أصيــب مبــرض الجــذام وبات‬ ‫رقيــدا ً غــر قــادر عــى الحركــة‪ ،‬وعــى الرغــم مــن‬ ‫هــذا كلــه يبقــى مخلــص للــه عــز وجــل يف شــكره‬ ‫وعبادتــه‪ ،‬ويُذكــر بــأن زوجتــه راحيمــة تبقــى معــه‬ ‫يف كهــف تعبــده‪ ،‬إال أن يتــم ضــخ ميــاه شــافية يف‬ ‫الكهــف مــن قبــل اللــه عــز وجــل فيغتســل ويعــود‬ ‫لصحتــه وســامته ويرزقــه اللــه بالذريــة الصالحــة‬ ‫ويعيــش حياتــه يف نفــس الكهــف إىل أن توفــاه اللــه‪.‬‬ ‫هــذا الكهــف الــذي بقــي فيــه ســيدنا أيــوب وصــر‬ ‫وعــاش وتــويف فيــه يُســمى «مقــام ســيدنا أيــوب‬ ‫عليــه الســام»‪ ،‬ويف الكهــف املــاء الشــايف مــا زالــت‬ ‫مســتمرة يف التدفــق والكثــر مــن الســياح يزورونهــا‬ ‫مــن أجــل رشبهــا والتــرك بهــا‪.‬‬ ‫ـ الجنــة الخفيــة‪ :‬يعــد تأســيس تاريــخ هــذه الجنــة‬ ‫أمــرا ً غامضــاً وغــر معلــوم‪ ،‬ويُذكــر بأنــه عندمــا‬ ‫ســيطر امللــك اآلشــوري ســلامن نصــار الثالــث عــام‬ ‫‪ 855‬قبــل امليــاد كان اســمها شــيتامرات‪ ،‬وعندمــا‬ ‫ســيطر عليهــا اإلغريــق أطلقــوا عليهــا اســم أو رميــا‪،‬‬ ‫أمــا الرسيــان فقــد أطلقــوا عليهــا اســم «قلعــة‬ ‫روهاميتــا»‪ ،‬وبعــد ســيطرة العــرب عــى املدينــة‬ ‫أصبــح اســمها «قلعــة الــروم»‪ ،‬ويف القــرن الثــاين بعــد‬ ‫امليــاد عندمــا ســيطر عليهــا الــروم ســموها باســم‬ ‫«روميــان كويــا»‪.‬‬ ‫ومــن جديــد فُ ِتحــت مــن قبــل الســلطان اململــويك‬ ‫أرشف بتاريــخ ‪ ،1290‬وبعــد ذلــك أصبــح اســمها‬ ‫«قلعــة املســلمني»‪.‬‬ ‫القلعــة بهضبتهــا الضخمــة والعاليــة وشــالتها‬ ‫الرائعــة ومياههــا الســاخنة الشــافية‪ ،‬هــذه امليــاه‬ ‫تنبــع مــن الجبــل‪ ،‬ت ُعطــي زائرهــا الراحــة النفســية‬ ‫واملنظــر الرائــع والجــال الــراق والشــفاء الطيــب‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫م��ن ميث��ل الش��عب الس��وري يف الوق��ت احلاض��ر؟‬

‫زنار النار‬ ‫جمال الفالح‬ ‫منــذ انطالقــة ثــورات الربيــع العــريب‬ ‫بــدا واضحــاً تبايــن وجهــات النظــر بــن‬ ‫تركيــا والواليــات املتحــدة فيــا يتعلــق‬ ‫مبــآل هــذه الثــورات فجهــد األتــراك‬ ‫انصــب عــى محاولــة اســتغالل الفــرص‬ ‫َّ‬ ‫التــي خلقتهــا الثــورات العربيــة إلنجــاز‬ ‫تحالــف اســراتيجي مــع األنظمــة‬ ‫الجديــدة لخدمــة الرؤيــة السياســية‬ ‫لحــزب العدالــة والتنميــة الطامــح إليصال‬ ‫تركيــا إىل مصــاف الــدول العظمــى بحلــول‬ ‫عــام ‪ 2023‬لكــن حــ ّدة الــراع الدائــر‬ ‫عــى املنطقــة بــن عــدة قــوى إقليميــة‬ ‫ودوليــة‪ ،‬وإرصار الواليــات املتحــدة عــى‬ ‫بقــاء خيــوط اللعبــة بيدهــا مــع منــح‬ ‫الالعبــن الصغــار هامش ـاً للتحــرك ســقفه‬ ‫الــدور الوظيفــي الــذي يخــدم باملــآل‬ ‫االســراتيجية األمريكيــة‪ ،‬وإن بــدا يف‬ ‫الظاهــر أنــه رشاكــة وتقاطــع للمصالــح‪،‬‬ ‫وإذا أخذنــا الثــورة الســورية مثــاالً فإننــا‬ ‫نــرى أن رفــض الواليــات املتحــدة إقامــة‬ ‫منطقــة عازلــة يف الشــال الســوري‪،‬‬ ‫ورفــض تزويــد املعارضــة بالســاح‬ ‫النوعــي أحــد أهــم وجــوه الخــاف بــن‬ ‫رؤيــة الواليــات املتحــدة والرؤيــة الرتكيــة‬ ‫األمــر الــذي أحــدث رشخ ـاً يف العالقــات‪،‬‬ ‫وخفضــاً يف مســتوى التنســيق بــن‬ ‫الطرفــن يف عــدة ملفــات منهــا ملــف‬ ‫مكافحــة انتشــار التطــرف ومكافحــة‬ ‫اإلرهــاب ال ســيام مواجهــة الخطــر الــذي‬ ‫يشــكله تنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬حيــث‬ ‫رفضــت تركيــا املشــاركة يف التحالــف‬ ‫املشــكل ملحاربــة التنظيــم‪ ،‬ورفضــت أكــر‬ ‫مــن مــرة وضــع قاعــدة انجرليــك تحــت‬ ‫تــرف طــران التحالــف‪ ،‬وأرصت تركيــا‬ ‫عــى رضورة بلــورة اس ـراتيجية متكاملــة‬ ‫لحــل األمــة الســورية ترتكــز عــى إســقاط‬ ‫نظــام األســد‪ ،‬ومحاربــة تنظيــم الدولــة‬ ‫بشــكل متزامــن‪ ،‬كــا عرقلــت تركيــا‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫ســورية بحدودهــا الحاليــة‪ -‬وكــا‬ ‫هــو معــروف لــكل املهتمــن‪ -‬هــي الجــزء‬ ‫املتبقــي مــن ســورية الطبيعيــة‪ ،‬أو ســورية‬ ‫الكــرى‪ ،‬أو بــاد الشــام‪ ،‬بعــد أن ُســلخ منهــا‬ ‫لبنــان وفلســطني واالردن‪ ،‬يف نقــض واضــح‬ ‫ٍ‬ ‫لتعهــدات بريطانيــ ٍة‪ ،‬كــا يقــول مؤلــف‬ ‫كتــاب « خــ ٌط يف الرمــل « إن مكامهــون‬ ‫كان يهــدف عــن عمـ ٍـد عنــد صياغــة عبــارات‬ ‫رســائله الشــهرية اىل تضليــل الرشيف حســن‪،‬‬ ‫ألن حكومــة صاحــب الجاللــة ال تريــد أن‬ ‫يل محــد ٍد وواضــ ٍح‬ ‫تلتــزم بعمــلٍ مســتقب ٍ‬ ‫تجــاه العــرب‪.‬‬ ‫هــذا الجــزء املتبقــي مــن ســورية يكــر‬ ‫الحديــث اآلن عــن تقســيمه‪ ،‬ويشــرك يف‬ ‫حديــث التقســيم هــذا األقربــون واألبعــدون‪،‬‬ ‫واألقربــون هــم الســوريون الذيــن يتبــوأون‬ ‫مناصــب قياديــ ًة إ ْن عســكري ًة يف الجيــش‬ ‫الحــر أو مــا بقــي منــه‪ ،‬أو سياســي ًة يف‬ ‫االئتــاف أو يف هيــاكل املعارضــة األخــرى‬ ‫داخــاً وخارجــاً‪ ،‬أو مــن املنظريــن الذيــن‬ ‫يحبــون أن يُص َّنفــوا يف خانــة رجــال الفكــر‬ ‫والقلــم‪.‬‬ ‫والســؤال هنــا‪ :‬ماهــو التقســيم الــذي‬

‫‪7‬‬

‫بالتعاون مع موقع مدار اليوم‪-‬حبيب حداد‬

‫الربنامــج األمريــي لتدريــب قــوات مــن‬ ‫املعارضــة الســوية عــى أراضيهــا ألن‬ ‫أمريــكا اشــرطت عــى هــذه القــوات‬ ‫محاربــة تنظيــم الدولــة فقــط‪ ،‬بنفــس‬ ‫الوقــت مارســت أمريــكا ضغوطــاً كبــرة‬ ‫عــى القيــادة الرتكيــة لتغيــر مواقفهــا‬ ‫لكنهــا جوبهــت بالرفــض‪ ،‬وهــذا رمبــا‬ ‫يفــر لجــوء الواليــات املتحــدة إىل‬ ‫خيــار اللعــب بالورقــة الكرديــة بهــدف‬ ‫التأثــر عــى إرادة الطــرف الــريك حيــث‬ ‫ســاند ط ـران التحالــف القــوات الكرديــة‬ ‫املتواجــدة يف عــن العــرب أثنــاء تقدمهــا‬ ‫مــن جهــة الغــرب باتجــاه مدينــة تــل‬ ‫أبيــض‪ ،‬ولعبــت نفــس الــدور مــع قــوات‬ ‫الكــرد الزاحفــة مــن جهــة رأس العــن‬ ‫باتجــاه مدينتــي ســلوك وتــل أبيــض حتــى‬ ‫اســتطاعت هــذه القــوات طــرد قــوات‬ ‫التنظيــم أواخــر الشــهر الســادس املــايض‪،‬‬ ‫ولــوح الكــرد إىل احتــال زحــف القــوات‬ ‫الكرديــة غــرب نهــر الفــرات واقتحــام‬ ‫جرابلــس وإعـزاز وصــوالً إىل عفريــن عنــد‬ ‫ذلــك ارتفعــت نــرة صانــع الق ـرار الــريك‬ ‫مهــددا ً بالتدخــل العســكري املبــارش‪،‬‬ ‫ورافــق ذلــك تحــرك وحــدات كبــرة مــن‬ ‫الجيــش الــريك باتجــاه الحــدود مــع‬ ‫ســوريا‪ ،‬وبذلــك تحقــق هــدف الواليــات‬ ‫املتحــدة مــن اللعــب بالورقــة الكرديــة‪،‬‬ ‫وجــاء باألتــراك إىل طاولــة املفاوضــات‬ ‫وزنــار النــار يحيــط بخارصتهــم‪ ،‬فقدمــوا‬ ‫تنــازالت اتضــح منهــا اآلن موضــوع‬ ‫وضــع قاعــدة انجرليــك تحــت تــرف‬ ‫قــوات التحالــف‪ ،‬وحصلــت بنفــس‬ ‫الوقــت تركيــا عــى ضامنــات مبنــع تقــدم‬ ‫القــوات الكرديــة غــرب نهــر الفــرات‬ ‫باتجــاه عفريــن‪ ،‬ورمبــا سنشــهد يف‬ ‫األشــهر القادمــة تطــورا ً نوعيـاً يف مســتوى‬ ‫التنســيق الــريك األمريــي قــد يكــون لــه‬ ‫أثــر حاســم عــى مــآل الثــورة الســورية‬ ‫ورمبــا يف عمــوم املنطقــة‪.‬‬

‫مــن ميثــل الشــعب الســوري يف هــذه املرحلة‬ ‫الصعبــة واملصرييــة التــي ميــر بهــا؟ ومــن ميتلــك‬ ‫املرشوعيــة والنســبية يف التعبــر عــن حقوقــه‪،‬‬ ‫وتجســيد تطلعاتــه التــي نــادت بهــا انتفاضتــه‬ ‫العفويــة الســلمية‪ ،‬التــي تفجــرت قبــل نيــف‬ ‫وأربــع ســنوات؟‬ ‫َمـ ْن ِمـ َن األط ـراف املتصارعــة اليــوم‪ ،‬يســتطيع‬ ‫أن يدعــي أنــه ميثــل ذلــك يف مثــل هــذه‬ ‫الظــروف االســتثنائية القاهــرة التي تحــول دون‬ ‫تحديــد أو تقنــن هــذه املرشوعيــة بطريقــة‬ ‫صحيحــة عــر عمليــات االســتفتاء العــام‬ ‫وبواســطة صناديــق االقـراع؟؟؟ ســؤال ال بــد أن‬ ‫كل مواطــن ســوري يطرحــه عــى نفســه يف كل‬ ‫يــوم وهــو يواجــه كل صنــوف القهــر والخــوف‬ ‫والضيــاع ويتجــرع عذابــات وآالم النــزوح‬ ‫والتهجــر والحرمــان‪ ،‬وال بــد أن كل تشــكيالت‬ ‫املعارضــة الســورية الداخليــة منهــا والخارجيــة‬ ‫تطرحــه عــى نفســها كل يــوم يف محاوالتهــا‬ ‫االســتجابة إلرادة شــعبها وإعــاء صوتــه‪ ،‬أو يف‬ ‫ســعي بعــض أطرافهــا التغطيــة عــى ادعاءاتهــا‬ ‫وتحســن مواقعهــا وهــي تتســابق لالنخـراط يف‬ ‫سياســات ومخططــات القــوى األجنبيــة التــي ال‬ ‫تســعى إال لخدمــة مصالحهــا يف هــذه املنطقــة‬ ‫الحيويــة مــن العــامل‪.‬‬ ‫واملجتمــع الــدويل نفســه‪ ،‬وبغــض الطــرف‬ ‫عــن دوافــع مختلــف أطرافــه‪ ،‬مــا ي ـزال منــذ‬ ‫ســنوات أربــع يطــرح عــى نفســه هذا الســؤال‪،‬‬ ‫فــإذا انطلقنــا مــن الحقيقــة التــي ال يجــادل‬ ‫فيهــا اثنــان ميتلــكان الحــد األدىن مــن الوعــي‬ ‫املوضوعــي والتحســس الصــادق باملســؤولية‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬وهــي أن حــل املســالة الســورية‬ ‫أصبــح بيــد املجتمــع الــدويل وتحديــدا ً مجلــس‬ ‫األمــن الــدويل‪ ،‬أدركنــا أهميــة وضــع مختلــف‬ ‫األط ـراف اإلقليميــة والدوليــة وبخاصــة مهمــة‬ ‫الســيد دي مســتورا أمــام حقيقــة مــن ميكنــه‬ ‫أن يعــر اليــوم عــن مطالــب الشــعب الســوري‬ ‫ويســعى جــادا ً لوضــع حــد للأمســاة التــي‬ ‫أصبحــت تهــدد ســوريا دولــة ومجتمعـاً وكيانـاً‪،‬‬ ‫بــل وتعــرض املنطقــة كلهــا التــي أصبحــت‬ ‫ســاحة واحــدة ألشــد املخاطــر‪.‬‬

‫هــل ميكــن للنظــام الســوري‪ ،‬نظــام االســتبداد‬ ‫الشــمويل الــذي جثــم عــى صــدر ســورية أكــر‬ ‫مــن أربعــة عقــود‪ ،‬وعمــل عــى تحويلهــا إىل‬ ‫ملكيــة وراثيــة خاصــة‪ ،‬منتهــكاً يف ذلــك أبســط‬ ‫القيــم الوطنيــة واألخالقيــة واإلنســانية‪ ،‬التــي‬ ‫عــرف بهــا الشــعب الســوري عــى الــدوام‪ .‬هــل‬ ‫ميكــن لهــذا النظــام بعــد الجرائــم التــي ارتكبهــا‬ ‫طــوال الســنوات املاضيــة‪ ،‬أن يواصــل ادعاءاتــه‬ ‫بأنــه ميثــل الشــعب الســوري‪ ،‬وأنــه املدافــع‬ ‫عــن حقوقــه ومصالحــه الوطنيــة العليــا؟‪.‬‬ ‫وهــل ميكــن للمعارضــات الوطنيــة الســورية‬ ‫الخارجيــة‪ ،‬التــي رهــن معظمهــا مــع األســف‬ ‫قــراره الوطنــي املســتقل‪ ،‬وهــدر أبســط‬ ‫مقومــات االنتصــار أليــة ثــورة تحرريــة‪ ،‬عندمــا‬ ‫تســابق لالنخـراط يف سياســات الــدول اإلقليمية‬ ‫واألجنبيــة‪ ،‬التــي عملــت عــى تســويق تلــك‬ ‫التشــكيالت وإعطائهــا صفــة ممثــل الشــعب‬ ‫الســوري والثــورة الســورية‪.‬‬ ‫فأيــة مســؤولية وطنيــة تتحملهــا تلــك‬ ‫التشــكيالت بعــد النتائــج الكارثيــة‪ ،‬التــي قــاد‬ ‫إليهــا هــذا النهــج الخاطــئ واملدمــر؟‬ ‫فع ـاً‪ ،‬إن اإلجابــة عــى ســؤال مــن ميثــل إرادة‬ ‫الشــعب الســوري يف الوقــت الحــارض‪ ،‬هــو‬ ‫املفتــاح لــكل رؤيــة سياســية‪ ،‬تفتــح األفــاق‬ ‫نحــو املســتقبل املنشــود‪ ،‬ولــكل خارطــة طريــق‬ ‫عمليــة‪ ،‬تقــدم إىل إنقــاذ ســوريا مــن محنتهــا‬ ‫وتحقيــق تطلعــات شــعبها‪ .‬اإلجابــة عــن هــذا‬ ‫الســؤال األســايس واملحــوري هــي الخطــوة‬ ‫االوىل عــى طريــق الحــل الســيايس الوطنــي‬ ‫الــذي أكــد تطــور األحــداث املتالحقــة ســواء‬ ‫عــى صعيــد ســوريا‪ ،‬أو عــى صعيــد املنطقــة‬ ‫كلهــا‪ ،‬أنــه الحــل الوحيــد للأمســاة الســورية‪.‬‬ ‫لقــد عملــت فئــات واســعة مــن الســوريني‬ ‫طــوال الســنوات األربــع املاضيــة‪ ،‬أي منــذ‬ ‫انطــاق الحــراك الشــعبي مــن أجــل التغيــر‬ ‫الدميقراطــي الجــذري ضمــن هــذه الرؤيــة‪،‬‬ ‫وأوضحــت دامئـاً أن التوصــل إىل ممثــل حقيقي‪،‬‬ ‫ميتلــك أكــر قــدر ممكــن مــن املرشوعيــة لهــذه‬ ‫الظــروف االســتثنائية إمنــا يتحقــق بانعقــاد‬

‫املؤمتــر الســوري العــام تحــت إرشاف االمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬هــذا املؤمتــر الــذي ال بــد أن يضــم‬ ‫مندوبــن عــن ثالثــة أطــراف‪ :‬الطــرف األول‬ ‫املعارضــة الوطنيــة الســورية مبــن فيهــم‬ ‫بطبيعــة الحــال ممثلــن عــن مجموعــات‬ ‫الجيــش الحــر امللتزمــة بربنامــج التحــول‬ ‫الوطنــي الدميقراطــي‪ ،‬والطــرف الثــاين ممثلــون‬ ‫عــن قــوى النظــام القابلــة للحــل الســيايس‪،‬‬ ‫أمــا الطــرف الثالــث فيضــم ممثــي املجتمــع‬ ‫املــدين واألغلبيــة الصامتــة‪ ،‬وميكــن أن يختارهــم‬ ‫املبعــوث الــدويل دي مســتورا نتيجــة مشــاوراته‬ ‫واتصاالتــه‪ ،‬والذيــن ينبغــي يف كل األحــوال‪،‬‬ ‫أن يصلــوا إىل نصــف أعضــاء املؤمتــر‪ .‬وهــدف‬ ‫املؤمتــر العــام‪ ،‬كــا اقرتحنــا اختيــار املجلــس‬ ‫الوطنــي االنتقــايل بحــدود مائــة عضــو‪ ،‬وهــو‬ ‫الهيئــة التــي تتــوىل الســلطة الترشيعيــة خــال‬ ‫املرحلــة االنتقاليــة وفــق خريطــة الطريــق‬ ‫بتطبيــق وثيقــة جنيــف ‪ .١‬أمــا بالنســبة ملمثــي‬ ‫قــوى املعارضــة الوطنيــة الدميقراطيــة‪ ،‬فيتــم‬ ‫اختيارهــم مــن قبــل املؤمتــر العــام لقــوى‬ ‫املعارضــة الوطنيــة الدميقراطيــة الــذي مــن‬ ‫املفــرض‪ ،‬أن يضمهــا جميعهــا دون أي إقصــاء‬ ‫أو تهميــش وبعيــدا ً عــن منطــق الهيمنــة‬ ‫واملحاصصــة واالســتحواذ‪.‬‬ ‫عــى هــذا األســاس‪ ،‬كانــت الجهــود التــي بذلت‬ ‫طــوال عــام كامــل للتحضــر واإلعــداد ملؤمتــر‬ ‫القاهــرة الــذي انعقــد أوائــل هــذا الشــهر‪،‬‬ ‫ودعــم مــا صــدر عنــه مــن وثائــق هامــة ونعني‬ ‫بذلــك مــروع امليثــاق الوطنــي وخارطــة‬ ‫الطريــق مــن أجــل الحــل الســيايس التفــاويض‪.‬‬ ‫إن التقييــم املوضوعــي لهــذا املؤمتــر‪ ،‬عــى مــا‬ ‫شــابه مــن بعــض الســلبيات‪ ،‬إمنــا يضعنــا أمــام‬ ‫حقيقــة جليــة ال بــد مــن احرتامهــا واإلقــرار‬ ‫بهــا‪ ،‬وهــي أن املؤمتــر كان محطــة نوعيــة‬ ‫هامــة يف مســار العمــل الوطنــي الدميقراطــي‪،‬‬ ‫ذلــك أنــه رمبــا كان ميثــل الفرصــة األوىل التــي‬ ‫اجتمــع فيهــا الســوريون ليتدارســوا بــكل حريــة‬ ‫وشــفافية شــؤون وطنهــم‪ ،‬ويضعــوا خريطــة‬ ‫الطريــق‪ ،‬التــي اذا مــا طبقــت ســتكون كفيلــة‬ ‫بإنقــاذه وإيصالــه إىل بــر األمــان‪.‬‬

‫يسألونك عن التقسيم‬ ‫خــاص‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫يتحدثــون عنــه؟ وهــل هــو محــ ٌ‬ ‫إقليمــي تقــع يف نطاقــه‬ ‫بســورية؟ أو هــو‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫دول عربيــة أخــرى؟‬ ‫التقســيم – محليــاً خاصــاً بســورية –‬ ‫واق ـ ٌع عــى األرض‪ ،‬وميكــن تتبــع نشــأته إىل‬ ‫بدايــات الثــورة التــي انطلقــت ســلمي ًة ترفــع‬ ‫الشــعارات النقيــة‪ ،‬ثــم متــت عســكرتها التــي‬ ‫نقــول اآلن وبــكل راحــة ضمــر‪ :‬إنهــا مل تكــن‬ ‫خالصــة ال لوجــه اللــه وال لوجــه الثــورة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإمنــا تنفيــذا ً‬ ‫ألجنــدات اقليميــة ودوليــة‬ ‫لعبــت فيهــا فصائــل املعارضــة املســلحة‪ -‬إذا‬ ‫أحسـ ّنا الظــن ‪ -‬نتيجــة جهلهــا وقــر نظرهــا‬ ‫ِ‬ ‫نفســها يف إطــا ٍر‬ ‫وضيــق أفقهــا‪،‬‬ ‫وحبســها َ‬ ‫ضيّــقٍ أضفــت عليــه أغلبهــا صفــة اإلســامية‪،‬‬ ‫يف ابتـزاز واضــح ورصيــح للمشــاعر الدينيــة‪،‬‬ ‫دو َر املنفــذ فقــط الــذي ليــس لــه يــ ٌد يف‬ ‫التخطيــط مهــا علــت األصــوات الدعائيــة‬ ‫وطبّلــت وز ّمــرت لدورهــا يف رســم مالمــح‬ ‫ســورية املســتقبل‪ ،‬بــل ونقــول‪ :‬إن بعــض‬ ‫هــذه االصــوات كان خبيــثَ الن ّيــة‪ .‬ونحــن إذا‬ ‫توســمنا خـرا ً يف هــذا الــدور فإنــه لــن يرســم‬ ‫إال مالمــح مشــوه ًة خارجــ ًة عــن التاريــخ‬ ‫ملــا تبقــى مــن هــذا البلــد‪ ،‬ســمعها روبــرت‬ ‫فــورد الســفري االمريــي الســابق يف دمشــق‬

‫يف الكونغــرس وحددهــا يف إطــار «املخــاوف‬ ‫األمريكيــة مــن ســقوط نظــام بشــار األســد‬ ‫واســتيالء اإلســاميني عــى الســلطة»‬ ‫ووضعهــا يف خانــة «األكــر احتــاالً» ضمــن‬ ‫الســيناريوهات املرســومة لســورية املستقبل‪.‬‬ ‫ولســنا هنــا بصــدد تقييــم رؤيــة فــورد‬ ‫التقســيمية هــذه‪ ،‬ومــا يهمنــا منهــا أمــران‬ ‫فقــط‪ :‬أولهــا أنــه اســتعمل عبــارة «املخاوف‬ ‫األمريكيــة» مــن ســقوط النظــام‪ ،‬ويف هــذا‬ ‫مــن الكــذب والنفــاق مــا فيــه‪ ،‬بقياســه إىل‬ ‫ترصيــح الرئيــس اوبامــا يف البنتاغــون حــول‬ ‫الرؤيــة االمريكيــة لحــل «األزمــة» الســورية‬ ‫وإىل ترصيحــات أخــرى مشــابهة صــدرت‬ ‫منــه ومــن وزيــر خارجيتــه‪ ،‬ومــن كثــر مــن‬ ‫الباحثــن األمريكيــن عــى شــاكلة الســيد‬ ‫فــورد‪ .‬وثانيهــا هــو قولــه‪ :‬إن عــى االدارة‬ ‫االمريكيــة أن تبحــث تعزيــز مشــاركتها مــع‬ ‫القــوى «غــر الصديقــة» يف إشــارة واضحــة‬ ‫إىل مثلــث إي ـران – دمشــق – حــزب اللــه ‪،‬‬ ‫لــي ال يتقــ ّوض النفــوذ االمريــي‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬فالحديــث عــن تقســيم ســورية‬ ‫ال يعــدو كونــه ‪ -‬كــا أســلفنا – وصفــاً‬ ‫لحالــة متجســدة عــى األرض‪ ،‬خلقهــا أم ـراء‬ ‫الحــرب املتأســلمون‪ ،‬الذيــن رهنــوا أنفســهم‬

‫و»قوتهــم»‪ ،‬ورهنــوا بالتــايل مصــر شــعبهم‬ ‫عنــد الذيــن ميســكون بالخيــوط التــي‬ ‫تحركهــم‪ .‬والخــروج مــن هــذه الحالــة‬ ‫يتوقــف عــى إرادة هــؤالء األم ـراء يف قطــع‬ ‫الحبــال املمتــدة إىل األصابــع املمســكة بتلــك‬ ‫الخيــوط‪ ،‬ويف وضــع مصلحــة شــعبهم يف‬ ‫انتصــار الثــورة‪ ،‬وبنــاء الدولــة الدميقراطيــة‬ ‫التــي تعتمــد املواطنــة معيــارا ً وحيــدا ً يجمــع‬ ‫أبناءهــا‪ ،‬بــا متييــز بــن ديــن أو مذهــب أو‬ ‫عــرق‪ ،‬مــع أن هاتــن الكلمتــن (املواطنــة‬ ‫والدميقراطيــة) تثــران حساســيتهم بغــر‬ ‫وجــه حــق‪ ،‬ذلــك أنهــا كانتــا يف صلــب‬ ‫وثيقــة املدينــة التــي أنشــأها رســول اللــه‬ ‫صــى اللــه عليــه وســلم مؤيــدا ً بوحــي اللــه‪،‬‬ ‫تلــك الوثيقــة التــي أُلقيــت يف ركــن مظلــم‬ ‫وأُغمضــت عنهــا العيــون‪ ،‬لتُفتــح عــى كتابات‬ ‫آدميــة جــاءت بعدهــا بقــرون‪ ،‬كان نتاجهــا‬ ‫هــذا الفكــر الخــارج عــن التاريــخ الــذي‬ ‫يريدونــه أن يســود‪ .‬وال يثــر االســتغراب أنــك‬ ‫ال تجــد يف مــا يصــدر عــن أمــراء الحــرب‬ ‫أي ذكــر‪ ،‬أو تعليــق حــول هــذا‬ ‫هــؤالء َ‬ ‫التقســيم‪ -‬فيــا خــا إخواننــا األكـراد الذيــن‬ ‫يحاولــون تجميــل صورتــه‪ ،‬ووضعــه يف إطــار‬ ‫إدارة مناطــق يتواجــدون فيهــا‪ ،‬وينفــون‬

‫وجــود ن ّيــة لديهــم لســلخها عــن «الوطــن»‪-‬‬ ‫ذلــك أن الفكــر الــذي ينطلقــون منــه‬ ‫عابــ ٌر للحــدود‪ ،‬وأن مفهــوم الوطــن لديهــم‬ ‫مختلــف عــن املفاهيــم الســائدة‪.‬‬ ‫وأمــا إذا كان التقســيم إقليميــاً يتجــاوز‬ ‫ســورية ويهــدف اىل إعــادة رســم خارطــة‬ ‫الــرق االوســط الــذي خلقــه «خــط‬ ‫الرمــل»‪ ،‬فهــل يســتطيع العــرب املســتهدفون‬ ‫بــه أن يفعلــوا شــيئاً للوقــوف بوجهــه؟‬ ‫إن مــا ينطبــق عــى أم ـراء الحــرب ينطبــق‬ ‫متامــاً عــى «أمــراء الــدول»‪ ،‬لهــم حــدود‬ ‫ال يســتطيعون تجاوزهــا يضعهــا الذيــن‬ ‫يصنعــون الســاح الــذي يحاربــون بــه‪ ،‬وهذه‬ ‫حقيقــة تجعــل كل «العنرتيــات التــي مــا‬ ‫قتلــت ذبابــة» بــا وزن وال قيمــة‪ ،‬ومــا املحن‬ ‫التــي متــر بهــا شــعوبنا وال أقــول دولنــا إال‬ ‫مصداقــاً ملــا ن ّدعيــه ‪.‬‬ ‫أيهــا الســادة ‪ :‬ر ّوجــوا للتقســيم مــا شــئتم‪،‬‬ ‫بحديثكــم أو بســكوتكم‪ ،‬فحســب هيغــل‪:‬‬ ‫خــط ســر التاريــخ اىل تصاعــد عــى الرغــم‬ ‫مــن كل مــا نشــاهده فيــه مــن نكســات‪.‬‬ ‫وكتــب أحدهــم عــى الفيســبوك يقــول‪:‬‬ ‫اللهــم اجعــل وجــودي يف الوطــن العــريب‬ ‫شــفيعاً يل يــوم القيامــة‪ ...‬اللّهــم آمــن ‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫معبد الحسون‬ ‫ال شــك عنــدي أن هــذه األقــوام الثالثــة‪،‬‬ ‫ـرب وأتـر َاك وكــر َد اليــوم‪ ،‬ينتمــون إىل خليــة‬ ‫عـ َ‬ ‫أقواميــة برشيــة واحــدة‪ ،‬وأنهــم ناتــج تسلســل‬ ‫مســتحقات حضــارة واحــدة هــي الحضــارة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬والتــي اشــتغلت عــى تكوينهــم‬ ‫معــاً‪ ،‬واشــتغلوا عــى توطيــد امتداداتهــا‬ ‫وتحســن رشوط أوضاعهــا العامــة‪ ،‬فهــي التــي‬ ‫نقلتهــم مــن طــور عشــائري وق َبـ ِـي إىل طــو ٍر‬ ‫آخــر‪ ..‬وصــوالً إىل مــا وصلــوا إليــه اليــوم يف‬ ‫العــر الحديــث‪ ..‬وينـزِع الثالثــة فيــا بينهــم‬ ‫إىل تأصيــل مي ـزات وفروقــات هــي مــن وجــه‬ ‫التفاخــر والتفاخــم والتاميــز (القومــي)‪..‬‬ ‫والــذي بــات يف مرحلــة مــن مراحــل تطــور‬ ‫الحضــارة الحديثــة ســمة مــن ســات عرصنــا‬ ‫الراهــن‪ ،‬خصوص ـاً منــذ أواخــر القــرن التاســع‬ ‫عــر وحتــى نهايــة القــرن العرشيــن‪ ..‬هــذه‬ ‫النزوعــات التفارقيــة بــن القــوم تــدأب دوم ـاً‬ ‫عــى تأصيــل نفســها بوصفهــا (ماهيــة مميــزة‬ ‫عــن اآلخــر)‪ ،‬كــا يتميــز الخشــب ـ علميـاً ـ يف‬ ‫ماهيتــه عــن النحــاس يف املثــال‪ ،‬وكــا يختلــف‬ ‫جوهــر الحديــد عــن جوهــر الحجــر‪ ..‬ومــع‬ ‫أن الثالثــة عملــوا (متضامنــن فيــا بينهــم)‬ ‫عــى ترســيخ هــذا الوهــم‪ ،‬ظنــاً منهــم أنــه‬ ‫يُعــي مــن حكــم القيمــة عليهــم‪ ،‬فإنهــم‬ ‫أيضــاً متضامنــون يف الســكوت عــى أيــة‬ ‫حقيقــة علميــة كاشــفة تؤكــد أنهــم ليســوا‬ ‫ســوى مجموعــات عشــائرية وقبليــة متايــزت‬ ‫فيــا بينهــا فقــط باللغــة أو باللهجــة‪ ..‬أمــا‬ ‫مــا عــدا اللغــة املفارقــة فإنهــا انحــدرت مــن‬ ‫ثقافــة واحــدة جامعــة‪ ،‬واختلطــت بالــزواج‬ ‫واملصاهــرة حتــى أنــك ال تــدري كــم يحتــوي‬ ‫الكــردي عــى كميــة مــن العروبــة والترتيــك‪،‬‬ ‫والعكــس صحيــح أيض ـاً‪ ..‬ولــو كان متاح ـاً لنــا‬ ‫اليــوم فحــص الجينــات والحمــض النــووي‬ ‫لهــذه الشــعوب رمبــا لتفاجــأ أصحــاب املاهيــة‬ ‫العرقيــة النقيــة وأحبطــوا‪ ،‬وألُس ـ ِقط يف يدهــم‬ ‫مــن هــول النتائــج التــي قــد ال يجدونهــا‬ ‫باعثــة عــى رسورهــم الخــاص‪..‬‬ ‫أي وهــم بــأن مجــرد‬ ‫ال يســتبد بنــا اليــوم ُّ‬ ‫(شــعور عــرب اليــوم) أنهــم الحلقــة األخــرة‬ ‫التــي ارتبــط مبدؤهــا األول بالجاهليــة‪ ،‬حيــث‬ ‫كانــوا يُ َعرِفــون أنفســهم بأنهــم عدنانيــون‬ ‫وقحطانيــون‪ ،‬وأن مجــرد (شــعور كــرد اليــوم)‬ ‫بأنهــم ســالة آريــة بينــة االختــاف عــن توامئها‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫الع��رب وال�ترك والك��رد‪!..‬‬ ‫ســكان هــذه املنطقــة مــن العــامل‪ ،‬وأنهــم‬ ‫تحــدروا منــذ خمســة آالف عــام مــن جبــال‬ ‫كردســتان وآرارات‪ ،‬وظلّــوا ينتقلــون بــن جبــال‬ ‫وســهوب هــذه الجغرافيــا حتــى اســتقروا يف‬ ‫توزعهــم الحــايل يف الخرائــط النهائيــة للــدول‬ ‫األربــع‪ :‬ســوريا والعــراق وتركيــا وإيــران‪ ..‬إن‬ ‫مجــرد تلمــس هــذه األوهــام مبعثــه نفــي‬ ‫وشــخيص‪ ،‬ال عالقــة لــه بأيــة حقيقــة علميــة‬ ‫وال رابطــة مبعرفــة مــن أي نــوع كان‪ ..‬متامــاً‬ ‫مثــل ادعــاء إســبان أمــركا الالتينيــة بأنهــم‬ ‫إســبان‪ ،‬وادعــاء إنكليــز الواليــات املتحــدة‬ ‫بإنهــم إنكليــز‪ ..‬إنهــم إنكليــز تــم نقلهــم‬ ‫مــن اســكوتلندا وبريطانيــا منــذ أكــر مــن‬ ‫خمســائة عــام ال أقــل وال أكــر‪ ،‬وهــم‬ ‫مشــكوك يف خلطتهــم العرقيــة حتــى قبــل‬ ‫إمتــام انتقالهــم إىل الواليــات املتحــدة قبــل‬ ‫خمســة قــرون‪ ..‬ويصــح القــول يف هــذا القياس‬ ‫إن اإليرانيــن اليــوم هــم ســالة كــورش وبقايــا‬ ‫الشــعب األخمينــي كــا يتوهمــون‪ ،‬وأن يهــود‬ ‫اليــوم مــا هــم ســوى بقايــا أحفــاد األســباط‬ ‫وســالة يعقــوب بــن إســحاق‪ ..‬مــع أننــي‬ ‫أشــك أن يوجــد عاقــل واحــد عــى ظهــر األرض‬ ‫التهــات‪،‬‬ ‫ميكنــه أن يصــادق عــى مثــل هــذه ُ َّ‬ ‫وإن كانــت ت ُ َّرهــات مشــبعة للوجدانــات‬ ‫العطــى‪ ..‬لذيــذة وحبيبــة إىل القلــوب‪..‬‬ ‫ال يســطر الوهــم‪ ،‬عــادة‪ ،‬لإلنســان مشــهد‬ ‫املــايض ويســيطر عليــه بــه‪ ..‬بــل لعــل العكــس‬ ‫هــو الصحيــح يف األغلــب‪ ،‬هــذا إذا اتفقنــا‬ ‫عــى مبــدأ أويل يعتمــد الوهــم كمســوق‬ ‫عالقــة وحافــظ تــوازن للشــخصية الفرديــة‬ ‫والجمعيــة‪ ..‬إن املــايض هــو الــذي يقتحمنــا‬ ‫ويفــرض نفســه ورشوطــه علينــا‪ ،‬هــذا الفـ ْرض‬ ‫التنطعــي والقــري‪ ..‬وهــو ال يفعــل ذلــك إال‬ ‫يف حالــة واحــدة‪ :‬حــن تكــون قــدرات اإلنســان‬ ‫عــى التأقلــم والتعايــش مــع الحــارض بالغــة‬ ‫الكلفــة‪ ،‬محبطــة‪ ،‬وشــديدة يف انكفائهــا‪..‬‬ ‫إن اإلنســان ال يبحــث بطبيعتــه يف املــايض‪،‬‬ ‫بــل لعلــه يفتــش ويبحبــش (كــا نقــول يف‬ ‫العاميــة)‪ ،‬وذلــك حتــى يصــل إىل نتيجــة تجعل‬ ‫مــن هــذا املــايض منقــذا ً مــن الحــارض وحبــل‬ ‫نجــاة‪ ..‬ويف حالــة العــرب والــرك والكــرد‪ ،‬فــإن‬ ‫جوامــع اإلحبــاط‪ ،‬وأوارص التهابــط يف معنــى‬ ‫الــذات القوميــة التــي أصابتهــم مبــا يشــبه‬ ‫الهمــود واالكتئــاب منــذ قــرن مــن الزمــان‪:‬‬ ‫حــن خــرج العثامنيــون مهزومــن يف الحــرب‬

‫العامليــة األوىل‪ ،‬وعــاد العــرب بخُفــي حنــن‪،‬‬ ‫ومــع الخفــن هديــة ســايكس بيكــو وضيــاع‬ ‫فلســطني واالنتــداب الغــريب عــى بالدهــم‪،‬‬ ‫وسالســل مل تنتــه حتــى اليــوم مــن الصدمــات‬ ‫والنكبــات‪ ..‬أمــا األكـراد فقــد وجــدوا أنفســهم‬ ‫رشكاء الهزميــة الحضاريــة‪ ،‬واالنهيــار الشــامل‬ ‫الــذي رضب منظومــة املنطقــة‪ ،‬ومنظومــة‬ ‫الشــعوب التــي يتشــاركون معهــا وحــدة‬ ‫الحــال واملصــر والقــدر املشــرك‪..‬‬ ‫هــذا وحــده كان كافيــاً ليبحــث كل طــرف‬ ‫منهــم عــن مســتقبله يف الهويــة الشــخصية‬ ‫التــي تغــذي فيــه انطباعــاً عميقــاً باألنــا‬ ‫الجمعيــة الشــخصية‪ ،‬وملــا كان أواخــر القــرن‬ ‫التاســع عــر‪ ،‬وأوائــل العرشيــن هــو الســوق‬ ‫والبــازار املتــاح أكــر مــن أيــة مرحلــة مــن‬ ‫مراحــل التاريــخ ملنــح تلــك الهويــات بوفــرة‬ ‫وغــزارة ت ُحســ ُد البرشيــة عليهــا‪ ،‬وحــن كان‬ ‫الظــرف مواتيـاً أليــة مجموعــة برشيــة مؤلفــة‬ ‫مــن أربعــن أو خمســن عائلــة أن تدعــي أنهــا‬ ‫(وجــدت ذاتهــا القوميــة)‪ ،‬ومــا عــى العــامل‬ ‫ومؤسســاته إال أن يعــرف لهــا ويصــادق عــى‬ ‫منحهــا صــكاً بهــذه (الحقيقــة ـ الرغبــة)‪ ،‬فقــد‬ ‫اضطــرد التطــور العــام واتســق لألخــوة األعداء‬ ‫أو األصدقــاء ال فــرق‪ ،‬وألبنــاء العمومــة األعداء‬ ‫أو األصدقــاء أيض ـاً ال فــرق‪ ،‬أن يفضُّ ــوا رشاكــة‬ ‫التاريــخ‪ ،‬لحمـ ًة وســدى‪ ،‬وخيطـاً خيطـاً‪ ،‬فيــا‬ ‫بينهــم مــن أجــل إعــادة نســج ذلــك التاريــخ‬ ‫اعتــادا ً عــى مــا تيــر مــن حقائــق وأوهــام‬ ‫تغــذي ذلــك االجتــاع الثــأري‪ ،‬والحانــق عــى‬ ‫كل هــذه العــوامل املحبِطــة واملُفَشِّ ــلة‪ ،‬وتــريب‬ ‫تلــك األنــا الجديــدة واملكتشــفة حديث ـاً كــا‬ ‫يــريب األبــر ابنــاً اســتقل بكفالتــه وتبنــاه‪،‬‬ ‫تثبيط ـاً لكميــة الشــعور باإلحبــاط والالمعنــى‬ ‫الــذي بــدأ يتضــح كصــورة يف الوعــي أمــام‬ ‫مــا كان يتصــوره ويفعلــه جرياننــا الغربيــون‬ ‫وباتــوا يتعايشــون معــه كحقيقــة واقعــة‪..‬‬ ‫اللــه والشــيطان واإلنســان موجــودون منــذ‬ ‫مــا قبــل بــدء عقــدة الحكايــة القدميــة التــي‬ ‫تحتكــر حكمــة الشــعوب ومغــزى تطورهــا‬ ‫االنتقــايل عــر التاريــخ‪ ،‬ولكــن يبــدو أن‬ ‫الشــيطان وحــده مــن بــن الثالثــة هــو‬ ‫الــذي مل يكــن لديــه أيــة نوايــا أو خطــط‬ ‫لتطويــر نفســه وعملــه وأهــداف مرشوعاتــه‬ ‫املســتقبلية‪ ..‬فلقــد ظــل هــو هــو‪ ،‬يصنــع‬ ‫ر جي ـاً وراء‬ ‫والتهــات وي َورث ُهــا الب ـ َ‬ ‫الــرور ُ َّ‬

‫جيــل‪ ،‬إنــه الوحيــد القابــع يف الظــل والظــام‬ ‫ـر بعنــا ٍد‬ ‫خلــف كل األقنعــة املشــاهدة‪ ،‬واملُـ ِ ُّ‬ ‫أســطوري عــى أن ال يُبــدل يف تفاصيــل الخطــة‬ ‫ومــآالت النتيجــة التــي يريــد الوصــول إليهــا‪..‬‬ ‫هــذا مــن حيــث املبــدأ بالنســبة لألقــوام التــي‬ ‫تعيــش يف املســاحتني‪ :‬مســاحة النــور ومســاحة‬ ‫الظــام التــي ســوف تقربهــا مــن التدهــور‬ ‫حتــى وإن مل تتكبكــب فيــه‪ ..‬تلــك هــي حريــة‬ ‫الفصــام واالنشــطار الثقــايف العمــودي التــي‬ ‫ســوف تفــي دامئ ـاً إىل نتائــج حزينــة أو غــر‬ ‫ســارة‪ ..‬عــى األقــل فيــا إذا اســتمرأت تلــك‬ ‫الشــعوب َد َعــ َة العيــش بوجــ ٍه لــه قنــاع‪..‬‬ ‫يســتجيب للعــر وللحضــارة والحداثــة‪،‬‬ ‫وخلــف الوجــه متتــد مســاحة الظــام غــر‬ ‫املكشــوف‪ ،‬وغــر املشــعور بــه‪ ،‬والــذي يزيــن‬ ‫مــرح العبــث والركــود والبدائيــة األقواميــة‬ ‫يف أجــى مشــاهدها تعفنــاً‪.‬‬ ‫ال شــك أن العــرب والــرك والكــرد يؤمنــون‬ ‫بالدميقراطيــة يف املؤمتـرات والبيانــات الحزبيــة‬ ‫واملحافــل الدوليــة (وليــس يف بيوتهــم‬ ‫ومضافــات عشــائرهم)‪ ،‬ومــا ال شــك فيــه‬ ‫أيضــاً أنهــم يحتقــرون هــذه الدميقراطيــة‪،‬‬ ‫وهــم أيض ـاً يعرتفــون بحريــة الــرأي واملعتقــد‬ ‫وإن كانــوا يعبــدون آلهــة أخــرى للحريــة‬ ‫مختلفــة‪ ،‬ويعرتفــون بحقــوق املــرأة (وإن‬ ‫صــح أنهــم ال فكــرة لديهــم عميقــة عــن‬ ‫املــرأة وعــن مبــدأ األنوثــة يف الكــون إال مــا‬ ‫يعرفونــه عــن أمهاتهــم وزوجاتهــم وبناتهــم‬ ‫وحبيباتهــم‪ ،‬وعــن نجــات الطــرب والتمثيــل‬ ‫وشــهريات التلفزيــون الــايئ يشــبهن قوالــب‬ ‫الزبــدة الالمعــة)‪ ،‬كــا أنهــم يؤمنــون بقداســة‬ ‫القانــون ونبــذ العنــف واحتقــاره بكافــة‬ ‫أشــكاله ومامرســاته‪ ،‬ســواء ضــد األفــراد أم‬ ‫ضــد الجامعــات‪ ..‬وتقديــس العلــم والعمــل‬ ‫وتحريــم الخرافــة‪ ،‬واعتبــار التفويــض الشــعبي‬ ‫للســلطات مســألة مســلامت‪ ،‬والتــداول عــى‬ ‫الســلطة مــن البديهيــات (وإن ظــل بعــض‬ ‫قــادة أحزابهــم يتَ َزنَّــر بنياشــن القيــادة‬ ‫ويحمــل لقــب األمــن العــام والقائــد األوحــد‬ ‫ألكــر مــن نصــف قــرن) واحــرام حقــوق‬ ‫اإلنســان مــن أقــدس الشــعارات‪ ..‬هــذا مــا‬ ‫يتــم إق ـراره عــاد ًة يف مســاحة النــور املتاحــة‬ ‫للعيــان‪ ،‬أو مــا أعنــي بــه القنــاع‪ ،‬واملُظَا َهــر‬ ‫بهــا أمــام املــأ‪ ،‬مــع أن املســاحة األخــرى‪،‬‬ ‫أو الحجــرة األخــرى مــن العقــل الفُصامــي‬

‫التاريخــي‪ ،‬أعنــي مســاحة الظــام التاريخــي‬ ‫املــوروث داخــل العقــل الجمعــي‪ ،‬تعتــر أن‬ ‫هــذا ال ُهــراء ال يجــب أن يســتعمل إال عنــد‬ ‫الحاجــة والــرورة‪ ،‬كامللــح يف الطعــام‪..‬‬ ‫صحيــح أيض ـاً‪ ،‬ومــن بــاب اإلنصــاف واألمانــة‬ ‫امللزمــة أنــه ال مندوحــة عــن القــول بــأن‬ ‫األتــراك قــد افرتقــوا منــذ حــوايل قــرن مــن‬ ‫الزمــن عــن أشــقائهم العــرب والكــرد‪،‬‬ ‫وصحيــح أن االنقــاب األتاتــوريك قــد أخــذ‬ ‫املجتمــع كلــه‪ ،‬وصــادره وصــادر عاداتــه‬ ‫وتاريخــه يف علامنيــة ودميقراطيــة كانــت‬ ‫ملــكاً للدولــة وحكـرا ً عليهــا فحســب‪ ،‬فالدولــة‬ ‫أمســكت بعصــا الســلطة الغليظــة وفرضــت‬ ‫هــذه (الحريــة) بالقــوة‪ ،‬عــى مــن يقبلهــا ومن‬ ‫يرفضهــا‪ ..‬ويصــح القــول أيضاً إن هــذه التجربة‬ ‫الفريــدة يف نوعيتهــا ـ كعينــة نــادرة مــن بــن‬ ‫الدميقراطيــات التــي شــهدتها املجتمعــات‬ ‫البرشيــة املتحــرة ـ قــد أمثــرت والحــق يقــال‪،‬‬ ‫وآتــت بالنســبة لرتكيــا الحديثــة كثــرا ً مــن‬ ‫األُكُل والنتائــج والثــار اليانعــة‪ ،‬رغــم صحــة‬ ‫كل مــا يقــال عــن تعــر وخبطــات عشــواء‬ ‫وارتــكاس ورجــوع إىل الــوراء يف بعــض املراحــل‬ ‫واملفاصــل‪ ،‬لكــن اإلنصــاف يقتضينــا أن نشــهد‬ ‫لرتكيــا بأنهــا عــرت زمنهــا املاضــوي الراكــد‬ ‫املجــدب‪ ،‬ووصلــت إىل بــر األمــان املتجــاوِز‬ ‫ألخطــار التقلبــات وفجــاءة اإلرتــدادات إىل‬ ‫الــوراء‪ ،‬فانفصلــت عــن أولئــك الباحثــن عــن‬ ‫هويــة شــخصية ت ُ َع ِّرفهــم مــن خاللهــا‪ ،‬وتركــت‬ ‫خلفهــا أولئــك الشــغوفني بنقائهــم القومــي‬ ‫والعرقــي واألســطوري املجلــوب مــن مئــات‬ ‫القــرون‪ ،‬تركتهــم يف طغيانهــم يعمهــون‪..‬‬ ‫حيــث زمــن القبيلــة والعشــرة والســاطني‬ ‫ومغامــرات الفتوحــات التــي تصلــح لذلــك‬ ‫التاريــخ الجميــل ولــذاك الزمــان األمجــادي‬ ‫الرائــع‪ ،‬وليــس للعصــور الحديثــة التــي ال‬ ‫تعــرف إال بالتقنيــات والتطــور والتنميــة‬ ‫البرشيــة والصعــود االقتصــادي الواعــد‪..‬‬ ‫وحيــث مل يعــد لبطــوالت الســاجقة األفــذاذ‪،‬‬ ‫وال لفتوحــات ســاطني العثامنيــن وجيوشــهم‬ ‫الجــرارة وأســاطيلهم دور فيــه‪ ..‬فتوحــات‬ ‫وانتصــارات وأمجــاد كانــت تخيــب أحيانــاً‬ ‫وتصيــب أحيانــاً‪ ،‬لكنهــا يف الحالتــن كانــت‬ ‫تعيــق النمــو والتطــور‪ ،‬وتهــدر الــروة القوميــة‬ ‫وتعــدم ميزانيــة الدولــة‪ ،‬وتفـ ِّرط باملــال العــام‬ ‫واألجيــال املتعاقبــة تفريط ـاً منك ـرا ً‪ ......‬يتبــع‬

‫السر والسحر‬ ‫الكرسي‪ ..‬بني ّ‬ ‫عبد السالم السالمة‬ ‫يحدثنــا التاريــخ إن أقــل مــن واحــد مــن األلــف مــن‬ ‫القــادة العظــاء هــم م َمــن جلســوا عــى كـرايس الزعامــة‪،‬‬ ‫وإن أقــل مــن واحــد مــن األلــف ألــف ممــن اســتحوذت‬ ‫الكـرايس عــى قلوبهــم وعقولهــم كانــوا قــادة عظــاء‪.‬‬ ‫يف واقعنــا العــريب منــاذج حيّــة كثــرة لصغــار عشــقوا‬ ‫الكــرايس‪ ،‬فكانــوا‪ ،‬بهــا وبأنفســهم الصغــرة‪ ،‬وبــاالً‬ ‫مضاعفــاً عــى شــعوبهم‪ .‬ومنــاذج أقــل عــددا ً لعظــاء‬ ‫رفســوا الكـرايس بأرجلهــم‪ ،‬فكانــوا قــادة ألهمــوا جامعــات‬ ‫وشــعوباً معــاين كثــرة يف العظمــة والعطــاء‪.‬‬ ‫ليــس غريبــاً أن يقاتــل القــذايف وبشــار األســد وعــي‬ ‫صالــح ومبــارك وبــن عــي حتــى آخــر لحظــة مــن أجــل‬ ‫البقــاء يف الكــريس!!‬ ‫إنــه مبلــغ الســذاجة أن يوافــق بــن عــي عــى تــرك‬ ‫قصــوره املرتعــة بالــدرر والجواهــر واملليــارات راغبــاً‬ ‫مختــارا ً‪ ،‬ويســافر إىل جــدة ليعيــش رشيــدا ً مالحقــاً‬ ‫للعدالــة بســبب جرامئــه التــي أوصلــت املواطــن التونــي‬ ‫إىل مــا وصــل إليــه البوعزيــزي أو قريبــاً مــن ذلــك‪..‬‬ ‫ومنتهــى الحامقــة أن يتخــى حســني مبــارك عــن عــرش‬ ‫مــر طواعيــة‪ ،‬وهــو ال ميلــك أي أمــل يف البقــاء عــى‬

‫عــرش بلقيــس الــذي خُلــع مــن فوقــه خلعــاً‪ ،‬فعــرش‬ ‫بلقيــس يســتحق الكثــر مــن التضحيــات‪ ،‬ليــس بالجســم‬ ‫أو الكرامــة وحســب‪ ،‬وإمنــا بــكل مــا هــو جميــل يف اليمــن‬ ‫عــى ح ـ ّد قولــه‪.‬‬ ‫وإن مــا فعلــه مبــارك يف مــر‪ ،‬وبــن عــي يف تونــس‪،‬‬ ‫وصالــح يف اليمــن‪ ،‬ال يزيــد عــن عــر معشــار مــا فعلــه‬ ‫القــذايف يف ليبيــا وال عــن واحــد باأللــف مــا فعلــه آل‬ ‫األســد يف ســوريا‪..‬‬ ‫الــر يف متســك هــؤالء الحــكام بالكـرايس معــروف‪ ..‬ليــس‬ ‫ملــا معهــا مــن عـرات املليــارات مــن الــدوالرات وأطنــان‬ ‫الذهــب وعــرات املنتجعــات يف أرقــى بقــاع األرض‬ ‫وحســب‪ ،‬وإمنــا ملــا هــو أخطــر مــن ذلــك مــن شــهوة‬ ‫تســلط وتفر ُعــن وزعامــة توحــي ملــن يحظــى بهــا أنــه‬ ‫عظيــم يســتحق كل أســباب العظمــة وأنــه جديــر بــكل‬ ‫مظاهرهــا‪ ..‬هــذه األســباب تســتوجب عــى العقــل أن‬ ‫يتقبّــل كل الجرائــم التــي يرتكبهــا طـ ّـاب الزعامــة الصغــار‬ ‫ذلــك العــرش‪..‬‬ ‫يف ســبيل كــريس الحكــم‪ ،‬ولكــن ملــاذا يتقاتــل مــن هــم يف‬ ‫وإن القنبلــة التــي انفجــرت بــن قدمــي عــي صالــح املعارضــات مــن أجــل الوصــول إىل الك ـرايس؟؟‬ ‫ففعلــت فيــه مــا فعلــت‪ ،‬وأفســدت منــه مــا أفســدت‪ ،‬إنهــم مل يرسقــوا ومل يقتلــوا ومل يعذبــوا ومل يغتصبــوا‪ ..‬فهــم‬ ‫مل تكــن كافيــة لتمنعــه مــن أن يعــاود الك ـ ّرة‪ ،‬ليســتعيد ال يحتاجــون الك ـرايس لتحميهــم مــن عواقــب جرائــم مل‬

‫يرتكبوهــا‪ ..‬وإنهــم مل يش ـ ّموا رائحــة الك ـرايس أو يذوقــوا‬ ‫طعمهــا فيدمنــوا عليهــا‪ .‬وإنهــا لــن تكــون لهــم ‪ -‬إن‬ ‫وصلوهــا ‪ -‬مثلــا كانــت ملــن ســبقهم مــن الحــكام وســيلة‬ ‫للرسقــة أو ســبيالً للفرعنــة‬ ‫إنهــم ســوف يكونــون ‪ -‬إن وصلــوا الكــرايس‪ -‬تحــت‬ ‫الرقابــة القاســية التــي تحــي عليهــم أنفاســهم‪.‬‬ ‫وهــم ســيتحملون بعــد ذلــك مســؤوليات طاحنــة ملواجهة‬ ‫الفســاد الــذي تركــه املجرمــون الســابقون يف كل املجاالت‪.‬‬ ‫وإنهــم ســوف يواجهــون مطالــب شــعوبهم التــي لــن‬ ‫يرضيهــا يشء وهــي التــي عاشــت عــى كل أنــواع التم ـ ّرد‬ ‫والتفلّــت والالمبــاالة وعــدم الثقــة خصوصـاً تجــاه مــا هــو‬ ‫حكومــي أو تابــع ملؤسســات الدولــة‪.‬‬ ‫إن كــريس الحكــم الــذي يــأيت بعــد الدكتاتــور ســوف يكون‬ ‫ألعــن مــن فوهــة التنــور ملــن يجلــس عليــه‪ ..‬فلــاذا‬ ‫يتصــارع للجلــوس عليــه مــن هــم مــا زالــوا يف املعارضــة؟‬ ‫ال شــك أنــه كــريس مســحور‪ ..‬فهــل مثــة مــن يقــدر عــى‬ ‫فــك الســحر عنــه؟‬ ‫مســاكني واللــه أنتــم أيهــا املتصارعــون يف املعارضــات‬ ‫للوصــول إىل الزعامــة‪ .‬والويــل ‪ -‬كل الويــل ‪ -‬ملــن يفــوز‬ ‫منكــم بالجلــوس عــى فوهــة التنــور اللعينــة!‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫مرض «الس��ايكس ‪ -‬بيكوية» لنخب ش��رق أوس��طية‬ ‫جورج كتن‬ ‫تفســر املؤامــرة املعتــر مجــازا ً «نظريــة»‪،‬‬ ‫هــو بديــل التحليــل املوضوعــي والواقعــي‬ ‫للحــدث ودوافعــه الحقيقيــة والعوامــل التــي‬ ‫أدت إليــه وغاياتــه ونتائجــه‪ .‬كــا أنــه هــروب‬ ‫مــن مواجهــة األزمــات بإلقائهــا عــى مشــجب‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬خصوص ـا ً القــوى الخارجيــة‪ ،‬تربي ـرا ً‬ ‫للهزائــم والفشــل والكــوارث‪ .‬مــرض ابتليــت‬ ‫بــه نخــب رشق أوســطية منــذ مــا بعــد الحرب‬ ‫العامليــة األوىل واســتعامر املنطقــة مــن قبــل‬ ‫بريطانيــا وفرنســا‪ ،‬الدولتــن املنترصتــن‪ ،‬اللتني‬ ‫تقاســمتا تركــة اإلمرباطوريــة العثامنيــة كأمــر‬ ‫طبيعــي يــي كل الحــروب‪ ،‬فرســمت حــدود‬ ‫دولهــا وإدارتهــا بــن الحربــن العامليتــن قبــل‬ ‫أن تســتقل هــذه الــدول وتحكمهــا نخــب‬ ‫محليــة‪.‬‬ ‫لكــن رغــم قــر االســتعامر العاملــي خــال‬ ‫خمســينيات وســتينيات القــرن املــايض‪،‬‬ ‫بعــد ثــورات الشــعوب ضــده ونشــوء األمــم‬ ‫املتحــدة التــي لعبــت دورا ً مهــا يف إنهائــه‪،‬‬ ‫فــإن النخــب الــرق أوســطية ال ت ـزال تــرى‬ ‫أن كل مــا يحــدث يف البلــدان املســتقلة‬ ‫هــو مــن تخطيــط القــوى الخارجيــة‪ ،‬فــكل‬ ‫رش هــو قــادم عــى جنــاح املؤامــرة مــن‬ ‫الخــارج‪ ،‬وكل خــر صناعــة محليــة يجــري‬ ‫عكسـا ً إلرادة الــدول العظمــى الرشيــرة التــي‬ ‫ســاها البعــض «الشــيطان األكــر»‪ ،‬كقــوة‬ ‫كليــة القــدرة تــكاد تشــبه «إلــه» تتآمــر علينــا‬ ‫بشــكل دائــم‪ ،‬فــأي يشء يحــدث هــو نتيجــة‬ ‫مؤامــرة مرســومة رسيــة تخــرع تفاصيلهــا‬ ‫مــن املخيلــة‪ .‬والــدول العظمــى التــي‬ ‫«تكرهنــا» تخطــط ملنــع تقدمنــا وتفتيــت‬ ‫مجتمعاتنــا ونهــب ثرواتنــا وتدمــر ثقافتنــا‬ ‫وعاداتنــا القدميــة وديننــا!‪ ..‬فلــو تركنــا وحدنــا‬ ‫لتقدمنــا وتوحدنــا وأعدنــا ازدهارنــا التاريخــي‬ ‫يــوم كان العــرب واإلســام يصــدرون الحضــارة‬ ‫للعــامل!‬ ‫مدرســة التحليــل الســيايس املعتمــد عــى‬ ‫نظريــة املؤامــرة ينتظــم فيهــا قوميــون‬ ‫وإســاميون ويســاريون تجمعهــم ســات‬ ‫واحــدة‪ :‬االبتعــاد عــن التحليــل الواقعــي‬ ‫لألحــداث الحقيقيــة امللموســة‪ ،‬الجهــل‬ ‫باملعلومــات التفصيليــة للحــدث‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫اللجــوء لتعميــات‪ ،‬حيــث تســتخدم املخيلــة‬ ‫الخــراع مؤام ـرات توجــه ضــد بلداننــا ملنــع‬ ‫تقدمهــا أو إعاقــة تحولهــا للدميقراطيــة‪،‬‬ ‫وتفتيتهــا حتــى ال تشــكل خطــرا ً عليهــا‬ ‫بتوحدهــا‪ .‬أصحابهــا ال يعرتفــون باملصادفــة‪،‬‬ ‫رغــم أنهــا ممكنــة يف ظــروف معينــة‪ ،‬إذ‬ ‫أن كل يشء برأيهــم مخطــط لــه مســبقا ً‪،‬‬ ‫هــي نــوع أقــرب «ألدب ســيايس» أو «افــام‬ ‫خيــال علمــي» منهــا لنظريــة مبنيــة عــى‬ ‫العلــم واملنطــق‪ ،‬فهــي ال تبحــث يف الوقائــع‬ ‫استســهاالً أو جهــاً أو عجــزا ً‪.‬‬ ‫ميكــن تســمية املــرض بـ»الســايكس‪-‬بيكوية»‬ ‫نســبة ملوظفــي خارجيــة بريطانيــا وفرنســا‬ ‫أوائــل القــرن املــايض‪ ،‬إذ ال زال املــرض‬ ‫يســتوطن تالفيــف دمــاغ نخــب سياســية‪،‬‬ ‫رغــم التغــرات الواســعة يف أرجــاء العــامل‪.‬‬ ‫ســاعد عــى انتشــاره عقــب الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة أجــواء الحــرب البــاردة التــي تلتهــا‪،‬‬ ‫حيــث اســتخدمت النظريــة بشــكل واســع‬ ‫يف منظومــة الــدول الرشقيــة التــي نشــأت‬ ‫تحــت هيمنــة االتحــاد الســوفييتي ذو‬ ‫النظــام الشــمويل‪ ،‬الــذي كان يعــزو أســباب‬

‫أزماتــه االقتصاديــة والسياســية واالجتامعيــة‬ ‫لـــتآمر املعســكر الغــريب ضــد منظومتــه‬ ‫«االشــراكية»! وليــس لفشــل النظــام الــذي‬ ‫بنــي عــى ديكتاتوريــة تعيــق التقــدم بشــتى‬ ‫أشــكاله‪ .‬ومبــا أن معظــم النخــب العربيــة‬ ‫كانــت تســتقي فكرهــا مــن املعســكر‬ ‫الرشقــي فقــد عــزز ذلــك مــن اســتمرارها يف‬ ‫تفســر األحــداث باملؤامــرة عــى منــط مثالهــا‬ ‫الســوفييتي‪.‬‬ ‫أعــاق الشــفاء مــن هــذا املــرض تخلــف‬ ‫مجتمعــات املنطقــة فتفســر املؤامــرة هــو‬ ‫األكــر قبــوالً ألذهــان النــاس يف مجتمــع‬ ‫متخلــف‪ .‬باإلضافــة لدور األنظمة االســتبدادية‬ ‫التــي تلــت الفــرة األوىل القصــرة مــن العهــد‬ ‫الدميقراطــي عقــب االســتقالل‪ ،‬إذ أن املنــاخ‬ ‫املفضــل النتشــار النظريــة نظــام قمعــي‬ ‫مينــع الشــفافية التــي تقــدم معلومــات وفــرة‬ ‫تســاعد يف البحــث عــن تفســرات واقعيــة‬ ‫لألحــداث‪ .‬فالنظــام االســتبدادي يحــر‬ ‫السياســة يف صفــوف قياداتــه ومينعهــا عــن‬ ‫املجتمــع‪ ،‬الــذي مــن حــق أف ـراده الحصــول‬ ‫عــى معلومــات لتحليــات مســتمدة مــن‬ ‫الواقــع‪ .‬نقــص الوعــي الســيايس أفضــل بيئــة‬ ‫لتصديــق نظريــات املؤامــرة كــا أن األنظمــة‬ ‫املســتبدة أســوأ مــن يســتخدمها لكونهــا‬ ‫تتخــذ التفســر عــن قصــد‪ ،‬أي رغــم علمهــا‬ ‫بالحقائــق‪ ،‬فتخفيهــا لتمنــع انتشــار الوعــي‬ ‫بتفاصيلهــا الحقيقيــة‪.‬‬ ‫ومــن مناذجهــا أن البعــض يرجــع جميــع‬ ‫املؤامــرات والسياســات الغربيــة يف الــرق‬ ‫األوســط لهيمنــة متخيلــة للامســونية‬ ‫الصهيونيــة عــى العــامل! باالعتــاد عــى‬ ‫مرجــع اســطوري هــو «بروتوكــوالت حكــاء‬ ‫صهيــون!»‪ .‬ومــن «املخططــات» املفرتضــة‬ ‫أن حــرب حزيــران ‪ 67‬هــي مؤامــرة عــى‬ ‫عبــد النــارص ملنعــه مــن توحيــد العــرب‪،‬‬ ‫رغــم أن وحــدة مــر وســوريا فشــلت ليــس‬ ‫بســبب تدخــات خارجيــة بــل نتيجــة الحكــم‬ ‫االســتبدادي الــذي ســلّط عــى الشــعب‬ ‫الســوري‪ .‬ومؤامــرة غالســبي‪ ،‬الســفرية‬ ‫األمريكيــة يف الع ـراق‪ ،‬التــي ورطــت ‪-‬حســب‬ ‫مفــري املؤامــرة‪ -‬الدكتاتــور صــدام باحتــال‬ ‫الكويــت‪ ،‬والتــي حتــى لــو كانــت صحيحــة‬ ‫أليــس مــن الحمــق أن تنجــر القيــادة العراقية‬ ‫ملثــل هــذا املخطــط؟ إال إذا كان الحمــق‬ ‫مخطــط لــه مســبقا ً يف تفاصيــل املؤامــرة!‬ ‫كــا ر ّوج البعــض أن االحتــال األمــريك‬ ‫للعــراق كان لنهــب نفطــه رغــم أن صــدام‬ ‫كان يبيــع القســم األكــر منــه ألمــركا بطريــق‬ ‫غــر مبــارش رغــم املقاطعــة‪ .‬أو أن كل فــوىض‬ ‫تحــدث يف أي بلــد عــريب بســبب رصاعــات‬ ‫قــواه املحليــة تنســب ملخطــط «الفــوىض‬ ‫الخالقــة»‪ ،‬وهــو تعبــر جــاء يف مجــرد حديــث‬ ‫لكوندلي ـزا رايــس وزيــرة الخارجيــة األمريكيــة‬ ‫عــام ‪ ،2005‬ولكنــه أصبــح مخططــا ً رشيــرا ً‬ ‫يــراد تطبيقــه يف كل دول املنطقــة‪.‬‬ ‫ويفضــل اإلســاميون تفســر ال ـراع العاملــي‬ ‫عــى أنــه تكتــل الغــرب ملحاربــة اإلســام‬ ‫كديانــة وكأمــة «متخيلــة»‪ ،‬وقــد يســمي‬ ‫البعــض ذلــك بحــرب صليبيــة مســتمرة‬ ‫رغــم الحريــات الواســعة التــي يتمتــع بهــا‬ ‫املســلمون يف الــدول األوروبيــة وأمــركا وكندا‪،‬‬ ‫والتــي يــكاد ال يتوفــر مثيــل لهــا يف بلدانهــم!‬ ‫أمــا الثــورات الراهنــة للشــعوب العربيــة فهي‬ ‫لــدى األنظمــة‪ ،‬مؤامــرات كونيــة لتحطيــم‬

‫«مامنعتهــا» للمخططــات اإلمربياليــة! وهــي‬ ‫مــن جانــب بعــض األطــراف املعارضــة‬ ‫مؤامـرات لتفتيــت املفتــت وتقســيم املقســم!‬ ‫اســتمرارا ً لســايكس بيكــو رقــم ‪ .2‬كــا أن‬ ‫تنظيــم «الدولــة االســامية» صناعــة أمريكيــة‬ ‫ألنــه جــاء يف مذك ـرات هيــاري كلينتــون أن‬ ‫أمــر إنشــاء دولــة إســامية مــن قبــل إخــوان‬ ‫مــر الذيــن وصلــوا للســطة أيــام مــريس‬ ‫أمــر ميكــن التعامــل معــه طاملــا أنــه تــم عــن‬ ‫طريــق دميقراطــي!‬ ‫فضــاً عــن عــرات التخيــات مــن قبــل‬ ‫معارضــن وأنظمــة وأحــزاب عمــن صنــع‬ ‫داعــش‪ ،‬تــراوح بــن اتهــام إيــران أو أمــركا‬ ‫أو تركيــا أو النظــام الســوري وحتــى إرسائيــل‪،‬‬ ‫رغــم التناقــض الكبــر بــن هــذه التخيــات‪،‬‬ ‫وبتجاهــل كيل ألوضــاع القطاعــات األشــد‬ ‫تخلفــا ً يف مجتمعــات املنطقــة التــي هــي‬ ‫املصــدر الحقيقــي للتنظيــات املتطرفــة‬ ‫الســلفية والتكفرييــة التــي ترفــض الحداثــة‬ ‫وتريــد إرجــاع املجتمعــات إىل أســلوب الحيــاة‬ ‫الــذي كان ســائدا ً يف القــرون الوســطى‪ .‬مثــل‬ ‫هــذا التفســر يعــر عــن العجــز عــن مالحقــة‬ ‫األحــداث املفاجئــة وغــر املتوقعــة التــي‬ ‫حــرت بعــض املحللــن بتناقضاتهــا وتغرياتهــا‬ ‫الرسيعــة فتغيــب عنهــم أســبابها وعواملهــا‬ ‫التــي تحتــاج لبحــث معمــق‪ ،‬وليــس اللجــوء‬ ‫لتفســر موجــز يستســهله محللــون مترسعون‬ ‫يهمهــم كميــة إنتاجهــم أكــر مــا تهمهــم‬ ‫نوعيتــه‪.‬‬ ‫هــذا ال يعنــي أن تفســر املؤامــرة يوجــد‬ ‫فقــط لــدى نخــب رشق أوســطية فهــو‬ ‫موجــود أيضــا ً يف دول العــامل‪ ،‬ولكــن بنســبة‬ ‫أقــل بكثــر مــا يف بلــدان منطقتنــا‪ .‬فالهجــوم‬ ‫اليابــاين عــى بــرل هاربــر يف الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة فــره محللــون غربيــون بــأن أمــركا‬ ‫كانــت تعلــم بــه‪ ،‬وتركــت أســطولها يف‬ ‫الباســفييك يدمــر كليــا ً‪ ،‬فقــط ليكــون ســببا ً‬ ‫لدخولهــا الحــرب ضــد اليابــان! وهــذا يشــابه‬ ‫تفســر محللــن عــرب وغربيــن لتفجــر مركــز‬ ‫التجــارة العاملــي يف نيويــورك والبنتاغــون‬ ‫االمــريك عــام ‪ 2001‬إنــه مــن تدبــر الــي آي‬ ‫أي وذلــك إليجــاد املــرر الحتــال أفغانســتان!‬ ‫كــا أن ســقوط االتحــاد الســوفييتي يف نظــر‬ ‫مؤيديــه اليســاريني هــو نتيجــة مخطــط‬ ‫غــريب رأســايل رشيــر‪ ،‬وليــس بســبب أزماتــه‬ ‫االقتصاديــة والسياســية واالجتامعيــة التــي‬ ‫أدت النهيــار املنظومــة الرشقيــة بأكملهــا‪.‬‬ ‫هــذا كلــه ال ينفــي دور الخــارج‪ ،‬ولكنــه ليــس‬ ‫الــدور املقــرر يف كثــر مــن الحــاالت‪ ،‬بــل‬ ‫أحــد العوامــل املؤثــرة يف األحــداث إىل جانــب‬ ‫الــدور الرئيــي الداخــي‪ .‬كــا أنــه ال يعنــي‬ ‫عــدم وجــود مخططــات حقيقيــة للــدول‬ ‫الكــرى تتعلــق مبصالحهــا يف دول العــامل‬ ‫تســعى لتنفيذهــا‪ .‬ولكنهــا ليســت املخططات‬ ‫املتخيلــة التــي يــروج لهــا محبــذو تفســر‬ ‫املؤامــرة‪ ،‬الذيــن ال يعرتفــون باســتخدامهم‬ ‫أســلوب تفســر املؤامــرة‪ ،‬بــل يحاولــون‬ ‫إقناعنــا أنهــم يتحدثــون عــن «وقائــع» وليــس‬ ‫«تخيــات»‪ ،‬أمــا قصــدا ً إلخفــاء مقاصدهــم‬ ‫كــا األنظمــة‪ ،‬أو جهــاً أو نقصــا ً يف الوعــي‬ ‫ملعارضــن‪.‬‬ ‫تفســر املؤامــرة يف نهايــة املطــاف يلعــب‬ ‫دورا ً يف حجــب الحقائــق حــول املخططــات‬ ‫الحقيقيــة لألطــراف املختلفــة الخارجيــة‬ ‫وحتــى الداخليــة‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫ب�ين الرق��ة ودب��ي!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫اليــوم ينظــر العــامل كلــه إىل مدينتــن يف الــرق األوســط‪،‬‬ ‫هــا مدينــة الرقــة ومدينــة ديب‪ ،‬فــكال املدينتــن يؤمهــا النــاس‬ ‫مــن عــرات الجنســيات‪ ،‬والبلــدان املمتــدة مــن أمريــكا إىل‬ ‫الصــن‪ ،‬وكال املدينتــن تحتــان واجهــات الصحــف واألخبــار عــر‬ ‫الفضائيــات وعــر وســائل التواصــل االجتامعيــة‪.‬‬ ‫ولعــل تاريــخ الرقــة أكــر شــهرة مــن تاريــخ ديب‪ ،‬فهــي عاصمــة‬ ‫الدولــة العباســية ملــدة عقــد مــن الزمــان‪ ،‬إبــان ازدهارهــا يف فــرة‬ ‫حكــم الخليفــة العبــايس األشــهر هــارون الرشــيد!‬ ‫كــا أن جــو الرقــة أكــر لطف ـاً مــن الجــو يف ديب‪ ،‬فهــي مدينــة‬ ‫معتدلــة‪ ،‬وال توجــد فيهــا رطوبــة عاليــة وال ترتفــع فيهــا درجــات‬ ‫الح ـرارة إىل حــدود ارتفاعهــا املفــرط يف صيــف ديب!‬ ‫وع�بر الق��رن الس��ابق كان��ت مدين��ة الرق��ة مدين��ة‬ ‫متس��احمة ترح��ب بزواره��ا‪ ،‬وتفت��ح صدره��ا مل��ن يري��د‬ ‫االس��تقرار فيه��ا‪ ،‬وبهذه امليزات ضم��ت يف أحيائها خمتلف‬ ‫أن��واع الس��كان‪ ،‬وم��ن كل امل��دن الس��ورية دون متيي��ز‪ ،‬أو‬ ‫مضايق��ات‪ ،‬أو متطلب��ات ترهقه��م‪ ،‬أو تره��ق عائالته��م‪،‬‬ ‫وه��ذا اخت�لاف واض��ح م��ع دب��ي ال�تي تطل��ب الفي��زا‪ ،‬وعق��د‬ ‫العم��ل‪ ،‬واحلس��اب املص��ريف‪ ،‬وم��ا إىل ذل��ك م��ن تش��ديد‪،‬‬ ‫خاصة على السوريني الذين أصبحوا بنظر مسؤولي دبي‬ ‫عرض��ة لكاف��ة أن��واع املتطلب��ات واالنتظ��ارات ال�تي تنته��ي‬ ‫غالب��اً بالط��رد!‬ ‫اســتقبلت الرقــة الالجئــن مــن مختلــف املــدن والبلــدات‬ ‫الســورية‪ ،‬وقــدم لهــم أبنــاء الرقــة مــا يســتطيعون تقدميــه مــا‬ ‫ميتلكونــه يف مدينتهــم البســيطة‪ ،‬بينــا مدينــة ديب الرثيــة رفضــت‬ ‫اســتقبال الالجئــن‪ ،‬رمبــا ألنهــا تخــاف عــى مظهرهــا مــن بشــاعة‬ ‫مأســاتهم‪ ،‬حيــث تســتقبلك ديب‪ ،‬وهــي متــد يدهــا إىل جيبــك‪،‬‬ ‫وتَعــ ُّد مــا فيــه مــن أمــوال تنــوي رصفهــا يف أســواقها الرشهــة‬ ‫لإلنفــاق إىل درجــة اإلفقــار!!‬ ‫ديب تبنــي اليــوم األبــراج وناطحــات الســحاب‪ ،‬والقطــارات‬ ‫الرسيعــة واملطــارات الحديثــة‪ ،‬مبســاعدة الــدول املتقدمــة‪،‬‬ ‫والخــرات الوافــدة إليهــا مــن كل حــدب وصــوب يف العــامل‪،‬‬ ‫بينــا يقــوم التحالــف الــدويل‪ ،‬والنظــام الســوري‪ ،‬وســواح داعــش‬ ‫الجهاديــن مــن مختلــف الجنســيات بتدمــر البنيــة التحتيــة‬ ‫للمدينــة‪ ،‬وتخريــب شــبكة املــاء وشــبكة الكهربــاء‪ ،‬وتهجــر‬ ‫النــاس‪ ،‬ليتعرضــوا إىل مــرارة جديــدة مــن مــرارات عيشــهم‪ ،‬يف‬ ‫اللجــوء الــذي يدفــع أعــزة أهلهــا إىل الحرمــان‪ ،‬ويجعــل أطفالهــم‬ ‫يبكــون طالبــن الذهــاب إىل مدارســهم وإىل حدائقهــم التــي‬ ‫كانــت تزيــن حياتهــم يف الرقــة‪.‬‬ ‫زوار الرق��ة اجلهادي�ين‪ ،‬املتع��ددي اجلنس��يات‪ ،‬ينش��رون‬ ‫الي��وم فيه��ا الذع��ر واخل��وف‪ ،‬وجيعلون كل ام��رأة مارة يف‬ ‫الش��ارع عرضة للتحقيق‪ ،‬والتفتيش‪ ،‬واإلذالل أمام أهلها‬ ‫وأم��ام الن��اس‪ ،‬يف دف��ع منظ��م إىل االبت��زاز‪ ،‬واملوافق��ة عل��ى‬ ‫زواج يش��به االغتص��اب!‪.‬‬ ‫أطفــال ديب يأتيهــم العيــد ويفرحــون بــه ‪ ،‬ويذهبــون إىل املالعــب‬ ‫والحدائــق واملــوالت وصــاالت الســينام الحديثــة‪ ،‬بينــا أطفــال‬ ‫الرقــة يتــم تفخيخهــم ليذهبــوا إىل مــدن ال يعرفونهــا‪ ،‬وال يعرفــون‬ ‫أهلهــا‪ ،‬ليقتلونهــم وليقتلــوا أطفالهــم‪ ،‬وهــم آمنــون يف بيوتهــم!‬ ‫الرقــة التــي كانــت حلــوة ومتســامحة‪ ،‬وتقبــل اآلخــر‪ ..‬صــارت‬ ‫اليــوم مدينــة للخــوف‪ ،‬وللقصــف‪ ،‬وللنهــب‪ ،‬وللجــوع‪ ،‬وتســتقبل‬ ‫عيــد الفطــر وليــس يف أيــدي أطفالهــا قطعــة حلــوى‪ ،‬وال يف بيــوت‬ ‫أهاليهــم ربطــة خبــز‪ ،‬ألن األعــال تعطلــت واألرزاق نضبــت‪،‬‬ ‫وأماكــن العمــل تــم تدمريهــا بالطائ ـرات وباملفخخــات!‬ ‫س�لامي إىل الرق��ة‪ ،‬وإىل أهله��ا الصابري��ن‪ ،‬وإىل أطفاهل��ا‬ ‫الذين ينتزعون فرحتهم يف العيد بصعوبة‪ ،‬وبعسر وسط‬ ‫حاج��ة أهاليهم وضيق حاهلم‪.‬‬ ‫لك ّ‬ ‫��ن األي��ام قادم��ة‪ ،‬ومس��تقبل الرق��ة ق��ادم‪ -‬وه��ذا لي��س‬ ‫حتذيراً لدبي!‪ -‬وستكون الرقة (دبي السورية) وستتطلع‬ ‫إىل مكان��ة أعل��ى‪ ،‬بس��بب تس��امح أهله��ا وانفتاحه��م‬ ‫وحيويته��م ال�تي يس��تمدونها م��ن عبقري��ة امل��كان!!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫احذروا املاء‪ ..‬معتقد يهودي غريب‬

‫واقع وممكنات‬

‫ترجمة‪ :‬خالد خليل‬ ‫رشائــع يهوديــة غريبــة‪ ،‬فالخرافة تتحول‬ ‫إىل حقيقــة إميانيــة مــا دامــت موروثــاً‬ ‫ديني ـاً‪ .‬النــص التــايل املرتجــم عــن العربيــة‪،‬‬ ‫يســلط الضــوء عــى طقــس دينــي متبــع‬ ‫منــذ اليهوديــة األوىل وعــى الرغــم مــن‬ ‫عــدم معرفــة الحاخامــات ملصــدره وأساســه‬ ‫الرشعــي‪ ،‬يواصلــون فرضــه عــى عامــة‬ ‫اليهــود تحــت ســلطة الرتهيــب بالعقــاب‬ ‫موتــاً‪ .‬الحركــة الصهيونيــة «اليســارية»‬ ‫التــي زاوجــت بــن فكرهــا اليســاري مــع‬ ‫اإليديولوجيــة الدينيــة «املتطرفة»والفاشــية‬ ‫القوميــة‪ ،‬وارمتــت بحضــن االمربياليــة‬ ‫العامليــة إلنشــاء «إرسائيــل»‪ ،‬دولــة تجنــاس‬ ‫املتناقضــات املتعاليــة عــى محيطهــا‬ ‫واملصنفــة بالدولــة الدميقراطيــة «الوحيــدة»‬ ‫بالــرق األوســط‪ .‬ال تجــد حرجـاً بــأن تذكــر‬ ‫مواطنيهــا عــر وســائل إعالمهــا املتطــورة‬ ‫بطقــس دينــي أقــل مــا يقــال بحقــه إنــه‬ ‫«خ ـرايف» وعــادة أكل الزمــان عليهــا ورشب‪،‬‬ ‫مــن دون نقــد أو مطالبــة بتجديــد الخطــاب‬ ‫كيف نتوقف عن شرب املاء؟‬ ‫الدينــي‪ .‬ال بــل تطالــب هــذه الدميقراطيــة‬ ‫بـ ّـن الحاخــام مــوىس بــن ميمــون يف كتابــه‬ ‫الفريــدة بـ»يهوديــة الدولــة»‪.‬‬ ‫«شــولحان هاعــاروخ»‪« :‬إنهــا حكــم رشعــي‬ ‫بســيط ال نــرب املــاء يف ســاعة الفــرة‪،‬‬ ‫واألكــر غرابــة ليــس خرافــة املعتقــد‪ ،‬بــل‬ ‫هكــذا كتــب القدمــاء‪ ،‬وال يجــوز تغيريهــا»‪.‬‬ ‫تجانــس «عــش الدبابــر» وتشــكيله دولــة‬ ‫مــن الــروري معرفــة إن هــذا األمــر يعتــر‬ ‫مهيمنــة وحديثــة وســط محيــط مســتعد‬ ‫فتــوى وإحــدى التعاليــم الدينيــة الواضحــة‬ ‫لجعــل الدمــاء تصــل إىل الركــب ضــد أي‬ ‫والبســيطة وليــس مــن األمــور الصوفيــة‬ ‫اختــاف ويرفــع الشــعار «أنــا أو الطوفــان‬ ‫الغامضــة‪ ،‬حتــى إن «ســيدنا» الحاخــام‬ ‫مــن بعــدي»‪.‬‬ ‫«عوفديــه يوســف رحمــه اللــه» واملعــروف‬ ‫حتري��م ش��رب امل��اء يف «ف�ترة مت��وز»‪َ ،‬م��ن‬ ‫عنــه االبتعــاد عــن الخــوض يف املســائل‬ ‫يش��رب م��ن املمك��ن ميوت‬ ‫الغامضــة‪ ،‬أورد هــذه املســألة يف الرشيعــة‬ ‫بقلــم الحاخــام‪ :‬يعقــوب بالــوي‪ ..‬موقــع‬ ‫وكتــب عنهــا يف كتابــه «ســر العــامل» يف‬ ‫«كيــكار هاشــابات» ‪2015/07/08‬‬ ‫فصــل (קפג)‪« :‬يجــب الحــذر مــن رشب‬ ‫وفقــاً للرشيعــة يف كتــاب «شــولحان‬ ‫املــاء يف وقــت الفــرة خوف ـاً مــن املخاطــر‪.‬‬ ‫هاعــاروخ» بالعربيــة أو «املائــدة املعــ ّدة»‬ ‫وهــي نصــف ســاعة قبــل الفــرة ونصــف‬ ‫بالعربيــة (مــن أهــم الكتــب اليهوديــة بعــد‬ ‫ســاعة بعدهــا‪ .‬هكــذا جــرت العــادة يف أرض‬ ‫التنــاخ‪ ،‬للحاخــام الشــهري واملجــدد مــوىس‬ ‫إرسائيــل‪ ،‬وســائر األماكــن»‪ ...‬وراقبــوا رزنامــة‬ ‫بــن ميمــون) يف هــذا اليــوم –األربعــاء‬ ‫الســنة ملعرفــة توقيتهــا‪.‬‬ ‫املــايض‪ -‬مــا بــن الســاعة ‪ 14:00‬إىل ‪15:00‬‬ ‫تتبــدل الف ـرات‪ ،‬واملالئكــة امل ُكلفــة بحراســة‬ ‫املــاء التــي نرشبهــا يتبدلــون أيضـاً ما يُشـكّل‬ ‫خطـرا ً عــى حيــاة مــن يــرب املــاء يف هــذه‬ ‫الســاعة‪.‬‬ ‫التفاصيل واحللول‬ ‫ال يعــرف الكثــرون‪ ،‬إن تعاليــم الرشيعــة‬ ‫التــي تؤثــر علينــا بشــكل كبــر مــن شــأنها‬ ‫أن تعــرض حيــاة مــن يــرب املــاء (يف الـــ ‪21‬‬ ‫مــن متــوز حســب التقويــم العــري املصــادف‬ ‫األربعــاء املــايض) لخطــر املــوت‪ .‬ففــي ظهــر‬ ‫هــذا اليــوم تحديــدا ً الســاعة ‪ 14:30‬يدخــل‬ ‫فصــل الصيــف (فــرة متــوز) حيــث جــرت‬ ‫عــادة قدميــة تتمثــل بعــدم رشب املــاء‬ ‫طــوال الســاعة األوىل التــي يتــم فيهــا تب ـ ّدل‬ ‫الفصــول‪.‬‬ ‫ويفــر الحاخــام «بنيامــن حوتــه» (مؤلــف‬ ‫كتــايب «إن جــاء املوعــد» و»إن جــاء‬ ‫الســبت») ســبب خطــورة رشب املــاء يف هــذا‬ ‫اليــوم‪ ،‬بالقــول‪ :‬إن الســنة تقســم إىل أربــع‬ ‫فــرات‪ ،‬ويف كل فــرة هنــاك مــاك جديــد‬ ‫يحــرس املــاء التــي نرشبهــا‪ .‬وتقريب ـاً كل ‪91‬‬ ‫يــوم يحــدث تبديــل فــرات الحراســة بــن‬ ‫املالئكــة‪ ،‬خــال لحظــات معــدودة يكــون‬ ‫فيهــا املــاء مــن دون حراســة‪ .‬يف هــذه‬ ‫اللحظــة يكمــن خطــر كبــر خوفــاً مــن‬ ‫تســميم املــاء مــن قبــل مــاك املــوت (وهــي‬ ‫إحــدى الطــرق) أو خوفـاً مــن ســقوط نقطــة‬ ‫دم يف املــاء (وهــذه الطريقــة األخــرى)‪.‬‬

‫عادة االشكنازييم‬ ‫عــى الرغــم مــن أن األجيــال املتأخــرة مــن‬ ‫طائفــة اليهــود االشــكناز (أي الغربيــن) مل‬ ‫يلتزمــوا بهــذا األمــر الرشعــي‪ ،‬إال أن وروده‬ ‫يف مختــر كتــاب «شــولحان هاعــاروخ»‬ ‫جعــل االشــكناز يضعــون الحديــد يف املــرب‬ ‫واملــأكل أثنــاء تناولهــا ســاعة الفــرة‪ ،‬ومل‬ ‫يُذكــر أن األمــر محــرم‪.‬‬ ‫مصدر هذه العادة؟‬ ‫مصــدر هــذه العــادة ضبــايب‪ ،‬ففــي عــر‬ ‫العلــاء الكبــار (قبــل أكــر مــن ألــف ومائتي‬ ‫ســنة) ســألهم النــاس عنهــا وأفتــوا قائلــن‪:‬‬ ‫«أنتــم تســألون عــن يشء واضــب شــعبنا‬ ‫عــى التذكــر بســاعة الفــرة والتحذيــر فيهــا‬ ‫مــن رشب املــاء وال نعــرف مــدى رضورتهــا‬ ‫إال أننــا نظــن أنهــا مل ِ‬ ‫تــأت مــن فــراغ ولــو‬ ‫مل تكــن مهمــة ملــا كانــت عــادة متعبــة يف‬ ‫إرسائيــل»‪.‬‬

‫الشاوي الضليل‬

‫ويواصــل املفــرون الكبــار رشحهــم‪ :‬عىل كل‬ ‫فــرة مــن الفـرات األربــع يعـ ّـن مالئكــة ويف‬ ‫موعــد التبديــل مــع مالئكــة آخريــن هنــاك‬ ‫احتــال وقــوع رضر عــى إنســان مــا‪ ،‬متام ـاً‬ ‫مثلــا يحــدث عندمــا ميــوت ملــك مــا يأتــون‬ ‫مبلــك جديــد مــن دون أن يعرفــوا هــل هــو‬ ‫فــأل خــر عليهــم أم ســخط‪.‬‬ ‫وهنــاك مــن يقــول إن األمــر يعتــر إشــارة‬ ‫غامضــة لعــدم اســتفتاح بدايــة الفــرة برشب‬ ‫املــاء‪ ،‬هــذا األمــر الســهل (عــدم استســهال‬ ‫البدايــات)‪ ،‬واإلشــارة هــذه تشــبه مــا قالــه‬ ‫النبــي داوود‪« :‬انزلــوا إىل جيحــون‪( »...‬عندما‬ ‫أراد داوود أن يحفــظ امللــك البنــه ســليامن‬ ‫مــن بعــده طلــب مــن الصالحــن أن ينزلــوا‬ ‫معهــم ســليامن إىل عــن مــاء اســمه جيحــون‬ ‫شــال أورشــليم يجتمــع عنــده النــاس‬ ‫إلبالغهــم بخالفــة ســليامن ألبيــه أي بــدء‬ ‫مرحلــة جديــدة) وكــون هــذا التوقيــت يعني‬ ‫بدايــة مرحلــة جعلــوا االمتنــاع عــن رشب‬ ‫املــاء عــادة‪.‬‬

‫مــن جانبــه الحاخــام «دافيــد ابراهــام» يــرى‬ ‫ســبب هــذه املامرســة‪ ،‬إنــه يف كل فــرة‬ ‫مــن الف ـرات تتحــول امليــاه إىل دم‪ ،‬ويقــول‪:‬‬ ‫نالحــظ تحــول املــاء إىل دم ففــي حادثــة‬ ‫تضحيــة النبــي إبراهيــم بولــده إســحاق‬ ‫اختلطــت قطـرات دم إســحاق مبيــاه الكــون‪.‬‬ ‫ويضيــف «دافيــد ابراهــام» إن اتبــاع هــذه‬ ‫العــادة يعتــر مبثابــة التوبــة‪ :‬فقــد تحــدث‬ ‫أســافنا بهــذه األمــور لرتهيــب اإلنســان يك‬ ‫يخــاف اللــه وأال يزيــد رش األرشار ويتوبــوا‬ ‫يك ينقذهــم الــرب يف كل الفــرات‪ ،‬ونحــن‬ ‫نعــرف أن كل أقــوال العلــاء هــي حقيقــة‬ ‫ســواء يف معانيهــا أو إنهــا تحمــل رسا ً مــن‬ ‫بعــض أرسارهــم‪.‬‬ ‫ما احلل بالنسبة للضمآن؟‬ ‫وضّ حنــا ســابقاً أن األجيــال املتأخــرة مــن‬ ‫االشــكنازييم مل يلتزمــوا بتطبيــق هــذا الحكم‬ ‫الرشعــي‪ ،‬بينــا ال يــزال الســفاردييم –‬ ‫اليهــود الرشقيــن – يحافظــون عــى تطبيقــه‪.‬‬

‫إال أنــه هنــاك خــاف حــول الحلــول بالنســبة‬ ‫للعطــى الســفاردييم‪ .‬حيــث يــرح‬ ‫الحاخــام «حوتــه» أراء الحاخــام «عوفديــه‬ ‫يوســف» التــي تحــرم رشب املــاء ســواء‬ ‫كانــت موضوعــة بوعــاء مصنــوع مــن حديــد‬ ‫أو يف قواريــر مغلقــة أو يف املصفــاة أو يف‬ ‫القواريــر املحفوظــة يف الثالجــة أو مــن أي‬ ‫مصــدر آخــر للميــاه‪ ،‬أي «ســائر املرشوبــات‬ ‫مســموح رشبهــا إال املــاء»‪ .‬هــذا يعنــي أن‬ ‫الحــل الــوارد يف كتــاب «مختــر شــولحان‬ ‫هاعــاروخ» – هــو أن كل ميــاه تــأيت عــر‬ ‫األنابيــب مســموح رشبهــا ألنهــا المســت‬ ‫الحديــد قبــل وصولهــا إلينــا – ال يأخــذ بــه‬ ‫الســفاردييم‪.‬‬ ‫والحــل هــو إعــادة تحضــر املــاء مــن جديــد‬ ‫بوضــع قطعــة حديــد يف املــاء املـراد رشبهــا‪،‬‬ ‫عندهــا يجــوز رشبهــا حتــى يف وقــت تبديــل‬ ‫الفــرة‪.‬‬ ‫ومــن األفضــل عندمــا نضــع قطعــة الحديــد‬ ‫أن نتلــوا صــاة أع ّدهــا الحاخــام «حاييــم‬ ‫بالجــي» بصيغتهــا هــذه‪« :‬بحــق أمهاتنــا‬ ‫برزيــل (كلمــة برزيــل بالعربيــة تعنــي حديــد‬ ‫وكل حــرف مــن حروفهــا هــو الحــرف األول‬ ‫مــن أســاء زوجــات النبــي يعقــوب‪ ،‬بلهــا ‪-‬‬ ‫راحيــل ‪ -‬زليفــة ‪ -‬ليــأه ) اللــوايت أنجـ َن اثنــي‬ ‫عــرة ســبطاً للــرب‪ ،‬أنقذنــا مــن كل ســوء‬ ‫ومــن رش األقــدار‪.‬‬ ‫وهنــاك مالحظــة أخــرى مهمــة بالنســبة‬ ‫لليهــود خــارج إرسائيــل‪ ،‬عليهــم تطبيــق هــذا‬ ‫األمــر وفقـاً لتوقيــت بــدء الفــرة يف إرسائيــل‪،‬‬ ‫ويلتزمــوا بنفــس ســاعة تبديــل الفــرات يف‬ ‫أرض إرسائيــل‪ .‬ويوضــح الحاخــام «حوتــه»‬ ‫بــأن املالئكــة يتبدلــون يف أرض إرسائيــل‪.‬‬ ‫يف املقابــل ال بــ ّد مــن اإلشــارة إىل آراء‬ ‫الحاخــام «خلفــون هاكوهــن» أحــد علــاء‬ ‫«جربــة» يقــرح فيهــا حلــول أخــرى‪ ،‬حيــث‬ ‫أجــاب عندمــا ُســئل هــل ميتنــع األطفــال‬ ‫وكبــار الســن واملــرىض عــن رشب املــاء أيضـاً‬ ‫يف تلــك الســاعة‪ ،‬هنــاك عــدة اســتثناءات‬ ‫لــرب املــاء‪:‬‬ ‫*غلي املاء‪ ،‬فال خوف من املاء املغلي‪.‬‬ ‫*إضاف��ة القلي��ل من العص�ير وهكذا لن‬ ‫يكون ماء صافياً‪.‬‬ ‫*وض��ع امل��اء يف إن��اء مصن��وع م��ن حديد‪،‬‬ ‫ك��ون احلدي��د يزيل أضرار املاء‪.‬‬ ‫*تغطية املاء واخلتم عليها‪.‬‬ ‫مــن الواضــح وفقـاً لهــذه اإلجابــات إنــه مــن‬ ‫املمكــن يف أيامنــا هــذه إيجــاد حلــول لــرب‬ ‫املــاء يف وســط جــو حــار كهــذا‪.‬‬

‫بعــد انتصــار املقبــور حافــظ األســد‬ ‫علــى املجتمــع الســوري‪ ،‬وفرضــه‬ ‫ملصالحــة قســرية (مصالحــة بشــروطه‬ ‫كمنتصــر) علــى املجتمــع الســوري‪ّ ،‬أمــم‬ ‫السياســة لصالــح منظومتــه املافويــة‪،‬‬ ‫وأجبــر الجميــع علــى التســليم بذلــك‬ ‫إال بعــض االســتثناءات التــي تعــد علــى‬ ‫أصابــع اليــد الواحــدة‪ ،‬لذلــك تماهــى‬ ‫العمــل السيا�ســي بالثقافــي واملعرفــي‪،‬‬ ‫واالهتمــام بالشــأن املدنــي (مــا دون‬ ‫السيا�ســي)‪ ،‬لكــن وبعــد عــدة أشــهر مــن‬ ‫انطــاق الثــورة الســورية‪ ،‬تحــررت‬ ‫السياســة مــن كل القيــود واملصالحــات‬ ‫التــي فرضهــا األب وكرســها االبــن‪،‬‬ ‫ومارســها الجميــع‪ ،‬وأصبــح الحديــث‬ ‫ً‬ ‫والتحليــل السيا�ســي متاحــا للــكل دون‬ ‫اســتثناء‪ ،‬لكــن أولئــك الذيــن ارتضــوا‬ ‫أن يكونــوا سياســيين مــن دون سياســة‬ ‫أغاضهــم وأغضبهــم ذلــك وهــم الخب ـراء‬ ‫بالسياســة‪ ،‬ولــم يســتطيعوا تمثــل‬ ‫املتغي ـرات التــي أحدثتهــا الثــورة فــي‬ ‫حقــل السياســة‪ ،‬فكانــت النتائــج ســيئة‬ ‫با ملجمــل ‪.‬‬ ‫سياســيون مخضرمــون (قبــل وبعــد‬ ‫الثــورة) فقــدوا كل رمزيــة كانــوا قــد‬ ‫ً‬ ‫تمتعــوا بهــا ســابقا‪ ،‬وتحولــوا إلــى مجــرد‬ ‫تجــار لبضاعــة فاســدة‪ ،‬أو ملســتثمرين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فــي الثــورة‪ ،‬وكانــت النتيجــة فشــا ذريعــا‬ ‫فــي إدارة سياســة الثــورة‪ ،‬ألنهــم وقعــوا‬ ‫ضحيــة فســادهم‪ ،‬وألنهــم لــم يوازنــوا‬ ‫بيــن مــا ي ـراد منهــم ومــا يجــب عليهــم‬ ‫عملــه‪ ،‬وهــذا الفشــل كان الحامــل‬ ‫الذاتــي لخيانــة الثــورة‪ ،‬ورهنهــا لصالــح‬ ‫قــوى ليســت صديقــة للثــورة وللشــعب‬ ‫ً‬ ‫السوري إال شكال من أجل البقاء تحت‬ ‫أضــواء املشــهد‪ ،‬ولــو كالعــب صغيــر‪،‬‬ ‫قبــل إســدال ســتارة نهايــة العــرض‪.‬‬ ‫ثوريــون قليلــو الخبــرة فــي الشــأن‬ ‫السيا�ســي‪ ،‬طحنتهــم القــوى املتحكمــة‬ ‫باللعبة‪ ،‬ونثرتهم في متاهات السياســة‪،‬‬ ‫وبذلــك فقــدوا بوصلتهــم الثوريــة‪،‬‬ ‫وتشوشــت عنــد البعــض اآلخــر‪ ،‬ولــم‬ ‫ينجحــوا بــأن يصبحــوا سياســيين‪ ،‬رغــم‬ ‫اإلدعــاء بأنهــم (سياســيون ثوريــون)‪.‬‬ ‫لذلــك ال غرابــة مــن أن تعلــو أصــوات‪،‬‬ ‫كلمــا ُدق الكــوز بالجــرة‪ ،‬تتبنــى مقولــة‬ ‫ّ‬ ‫أن السياسة رجس من عمل الشيطان‬ ‫فاجتنبــوه‪ .‬وهــذه األصــوات ال عالقــة‬ ‫لهــا بالثــورة‪ ،‬بــل هــي فــي الخنــدق املقابــل‬ ‫ً‬ ‫لهــا‪ .‬ومــع كل هــذا أعتقــد جازمــا أن‬ ‫السياســة هــي امليــدان األهــم إليجــاد‬ ‫مخرجــات ممكنــة للخــروج مــن النفــق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الــذي أجبرنــا علــى دخولــه (فــخ تســليح‬ ‫الثــورة علــى أنــه الخيــاراألمثــل مــن أجــل‬ ‫الدفــاع عــن النفــس والثــورة)‪ .‬وتحويــل‬ ‫الفــخ إلــى ســاح يمكــن اســتخدامه مــن‬ ‫نفق الظالمية إلى نور حركة تحريرتعي‬ ‫أن نصرهــا هــو دحــركل االحتــاالت التــي‬ ‫اســتباحت وتســتبيح الــدم الســوري‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بــدءا مــن النظــام وانتهـ ًـاء بمفرزاتــه مــن‬ ‫الظالمييــن ودعــاة التقســيم الذيــن‬ ‫يتخفون تحت مسميات ما دون وطنية‬ ‫(طائفيــة)‪ ،‬أو مــا فــوق وطنيــة (قوميــة)‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫«ف��او»‪ :‬القض��اء على اجل��وع حبلول‬ ‫‪ 2030‬يتطل��ب اس��تثمار ‪ 267‬بلي��ون‬ ‫دوالر س��نويًا‬

‫روما ‪ -‬أ ف ب‬ ‫رأت منظمــة األمــم املتحــدة‬ ‫لألغذيــة والزراعــة (فــاو) أن‬ ‫مــن املمكــن القضــاء عــى‬ ‫الجــوع يف العــامل بحلــول‬ ‫عــام ‪ 2030‬يف حــال اســتثامر‬ ‫‪ 267‬بليــون دوالر يف الســنة‬ ‫الواحــدة خــال الســنوات‬ ‫الخمس عــرة املقبلــة‪ .‬ورصح‬ ‫املديــر العــام لـ«فــاو» جوزيــه‬ ‫غرازيانــو دا ســيلفا خــال‬ ‫عــرض التقريــر الــذي أعــد‬ ‫بالتعــاون مــع برنامــج األغذيــة‬ ‫العاملــي والصنــدوق العاملــي‬ ‫للتنميــة الزراعيــة أن «رســالة‬ ‫التقريــر واضحــة‪ ،‬ففــي حــال‬ ‫جــرى الحفــاظ عــى الوضــع‬ ‫الراهــن‪ ،‬فــإن ‪ 650‬مليــون‬ ‫شــخص إضــايف ســيعانون مــن‬ ‫الفقــر يف ‪.»2030‬‬ ‫وأظهــر التقريــر أن القضــاء‬ ‫عــى الجــوع املزمــن «يتطلــب‬ ‫اســتثامرا ً إجاملي ـاً بقيمــة ‪267‬‬ ‫بليــون دوالر يف الســنة خــال‬ ‫الســنوات الخمــس عــرة‬ ‫املقبلــة»‪ ،‬أي مــا يــوازي ‪160‬‬ ‫دوالرا ً يف الســنة لــكل شــخص‬ ‫يعيــش يف الفقــر‪ ،‬بحســب دا‬ ‫ســيلفا‪ .‬وأكــد املديــر العــام‬ ‫لـ«فــاو» أن هــذه الحســابات‬ ‫«تســاوي ‪ 0.3‬يف املئــة مــن‬ ‫إجــايل الناتــج املحــي يف‬

‫العــامل»‪ ،‬وقــال‪« :‬أنــا شــخصياً‬ ‫أعتــر أن الثمــن الواجــب‬ ‫دفعــه للقضــاء عــى الجــوع‬ ‫املزمــن منخفــض نســبياً»‪.‬‬ ‫وعــرض هــذا التقريــر األممــي‬ ‫قبيــل انعقــاد املؤمتــر الــدويل‬ ‫الثالــث لالســتثامر يف مجــال‬ ‫التنميــة يف العاصمــة اإلثيوبيــة‬ ‫بــن ‪ 13‬و‪ 16‬متــوز (يوليــو)‬ ‫‪ .2015‬وهــو ينــص عــى‬ ‫رضورة القيــام باســتثامرات‬ ‫مدعومــة بتدابــر حاميــة‬ ‫اجتامعيــة يف املناطــق الريفيــة‬ ‫والحرضيــة عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫ومــن املفــرض أن تــأيت النســبة‬ ‫األكــر مــن االســتثامرات مــن‬ ‫القطــاع الخــاص‪ ،‬لكــن ال بــد‬ ‫مــن أن يوفــر القطــاع العــام‬ ‫اســتثامرات إضافيــة يف البنــى‬ ‫التحتيــة الريفيــة ووســائل‬ ‫النقــل واملرافــق الصحيــة‬ ‫واملؤسســات التعليميــة‪.‬‬ ‫ويف املناطــق الريفيــة‪ ،‬قــد‬ ‫تتمحــور االســتثامرات عــى‬ ‫وســائل الــري وتدابــر خاصــة‬ ‫بالتخفيــض مــن مخلفــات‬ ‫الحصــاد وخســائره‪ .‬أمــا يف‬ ‫املناطــق الحرضيــة‪ ،‬فقــد تركــز‬ ‫االســتثامرات عــى مهــارات‬ ‫قيــادة املشــاريع والحــرف‬ ‫اليدويــة وتســهيل الحصــول‬ ‫عــى قــروض ومســاكن‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫«داعش» يهيمن على الزراعة بعد هيمنته على حقول النفط‬

‫احلرمل ــ العربي اجلديد‬ ‫خــال عــام ونصــف مــن هيمنــة داعــش عــى الرقــة‬ ‫الســورية‪ ،‬اســتطاع التنظيــم الهيمنــة عــى الزراعــة‪ ،‬وعــى‬ ‫مــا تبقــى مــن محاصيلهــا بعــد نهــب املعــدات الزراعيــة‬ ‫واإلنتاجيــة‪ ،‬باإلضافــة إىل نضــوب مصــادر الطاقــة الالزمــة‬ ‫لضــخ امليــاه وارتفــاع أســعار النقــل الفاحشــة التــي تزيــد‬ ‫مــن متاعــب الفالحــن الذيــن تطحنهــم الحــرب واالحتــكار‬ ‫الداعــي الــذي ورث احتــكار النظــام ملــوارد اإلنتــاج‬ ‫الزراعــي‪.‬‬ ‫وقــد لجــأ تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش» يف العـراق‪ ،‬إىل‬ ‫احتــكار محصــويل القمــح والشــعري ملواجهــة أزمتــي نقــص‬ ‫الغــذاء واإلي ـرادات يف املناطــق التــي يســيطر عليهــا‪ ،‬ج ـراء‬ ‫تصاعــد املعــارك املســلحة والرضبــات الجويــة للتحالــف‬ ‫الــدويل الــذي تقــوده أمــركا‪ .‬وأكــد مســ ّوقون زراعيــون‬ ‫وفالحــون يف محافظــة نينــوى العراقيــة (شــال)‪ ،‬لـــ «العــريب‬ ‫الجديــد»‪ ،‬أن تنظيــم داعــش حظــر بيــع محصــويل القمــح‬ ‫والشــعري لهــذا العــام إال عــن طريقــه‪ ،‬وأجــر الفالحــن عــى‬ ‫البيــع مببلــغ ‪ 150‬ألــف دينــار (الــدوالر = ‪ 1208‬دنانــر)‬ ‫لطــن الشــعري و‪ 200‬ألــف دينــار لطــن القمــح‪ ،‬وهــو أقــل‬ ‫مــن أســعار الســوق املحليــة يف املناطــق األخــرى التابعــة‬ ‫لحكومــة بغــداد‪.‬‬ ‫وحســب محللني‪،‬وحســب أوقــال الكثــر مــن الفالحــن‬ ‫الســوريني والعراقيــن‪ ،‬فقــد لجــأ داعــش إىل الســيطرة‬ ‫عــى املحاصيــل الزراعيــة لســد الفجــوة الغذائيــة باملناطــق‬ ‫التــي يســطر عليهــا‪ ،‬يف ظــل تصاعــد العمليــات العســكرية‬ ‫ضــده‪ ،‬باإلضافــة إىل تعويــض خســائر عائداتــه مــن تعطــل‬ ‫الصــادرات النفطيــة‪.‬‬ ‫وأكــد أحــد فالحــي محافظــة نينــوى‪ ،‬عبــد الرحمــن ســعدي‪،‬‬ ‫لـــ «العــريب الجديــد»‪ ،‬أن التنظيــم أبلــغ الفالحــن الذيــن‬

‫ميتلكــون مســاحات زراعيــة كبــرة بــرورة تســليم كامــل املــدن‪ ،‬لقــاء زراعتهــم األرايض التــي تقــع عــى ضفــاف‬ ‫املنتــج إىل مخــازن الحبــوب يف مناطــق عــدة حددهــا األنهــار وفتــح منافــذ تســويق عامــة‪ ،‬حســب إعــان أصــدره‬ ‫التنظيــم مســبقا‪ ،‬ويقــوم خاللهــا عنــارص مــن داعــش مؤخـرا ً‪ ،‬بحيــث تكــون األولويــة لأليتــام واألرامــل واملعاقــن‬ ‫ومقاتليــه وعوائلهــم‪.‬‬ ‫بتســليم املــال للفالحــن واملســ ّوقني بشــكل مبــارش‪.‬‬ ‫وأضــاف ســعدي‪ ،‬أن داعــش قــام بفــرض تســعرية محــددة‬ ‫ل ـراء الحنطــة والشــعري‪ ،‬حيــث خصــص مبلــغ ‪ 150‬ألــف مــن جانبــه قــال أحــد موظفــي مركــز اســتالم الحبــوب يف‬ ‫دينــار للشــعري و‪ 200‬ألــف دينــار للقمــح؛ وهــو أقــل مــن نينــوى‪ ،‬أحمــد أبــو بكــر‪ ،‬لـــ «العــريب الجديــد»‪ ،‬إن مركزنــا‬ ‫ســعر الســوق املحــي العــام بالعــراق والبالــغ ‪ 200‬ألــف تســلم نحــو ‪ 400‬ألــف طــن مــن القمــح والشــعري قــام‬ ‫التنظيــم بنقــل ثلثهــا تقريبــاً إىل ســورية‪ ،‬والباقــي إىل‬ ‫للشــعري و‪ 300‬ألــف للحنطــة‪.‬‬ ‫محافظــات أخــرى يســيطر عليهــا وال تنتــج القمــح‪ ،‬مبينــا أن‬ ‫«‬ ‫أرجــع خــراء اقتصــاد عراقيــون لجــوء تنظيــم الدولــة إنتــاج العــام الحــايل أكــر مــن األعــوام الســابقة‪.‬‬ ‫الهتاممــه بالقطــاع الزراعــي ملواجهــة انخفــاض أســعار وأرجــع خــراء اقتصــاد عراقيــون لجــوء تنظيــم الدولــة‬ ‫النفــط‪ ،‬وارتفــاع خطــورة عمليــات النقــل والتهريــب الهتاممــه بالقطــاع الزراعــي ملواجهــة انخفــاض أســعار‬ ‫النفــط‪ ،‬وارتفــاع خطــورة عمليــات النقــل والتهريــب‪ ،‬بعــد‬ ‫زيــادة اســتهداف الرضبــات الجويــة لشــاحنات النفــط‬ ‫«‬ ‫وقــام التنظيــم بتوزيــع القمــح عــى العراقيــن مجان ـاً ملــدة املهربــة مــن الحقــول التــي يســيطر عليهــا‪.‬‬ ‫أســبوع‪ ،‬ثــم نقــل عـرات اآلالف مــن األطنــان إىل ســورية‪ ،‬ومــن جانبــه قــال الخبــر االقتصــادي محمــد جــواد‪ ،‬لـــ‬ ‫حيــث يســيطر عــى معامــل الدقيــق هنــاك لتخفيــف حــدة «العــريب الجديــد»‪ ،‬إن سياســية داعــش االقتصاديــة تــكاد‬ ‫تكــون أفضــل مــن نظريتهــا العراقيــة النظاميــة‪ ،‬حيــث يفرض‬ ‫األزمــة عنــد ســكان املــدن الســورية‪.‬‬ ‫ويخصــص التنظيــم نحــو ‪ 70%‬مــن عائداتــه لإلنفــاق عــى عقوبــة عــى كل فــاح ال ينتــج وفقـاً للغلــة الزراعيــة املقدرة‬ ‫عملياتــه العســكرية‪ ،‬يف حــن ينفــق النســبة املتبقيــة عــى للفــدان الواحــد‪ ،‬ويقــوم بســحب األرض منــه ملوســم واحــد‬ ‫توفــر الســلع والخدمــات ورواتــب لأليتــام بهــدف الرتويــج عقوبــة لــه‪.‬‬ ‫ويف املقابــل‪ ،‬قــال نائــب رئيــس مجلــس محافظــة نينــوى‬ ‫لنفســه‪ ،‬حســب محللــن‪.‬‬ ‫وقــال نائــب رئيــس مجلــس عشــائر املوصــل حســن نــور الديــن قبــان‪ ،‬لـــ «العــريب الجديــد» إن التنظيــم دمــر‬ ‫الحــردان‪ ،‬لـــ «العــريب الجديــد»‪ ،‬إن التنظيــم يف ســورية القطــاع الزراعــي يف العــراق بشــكل عــام ونينــوى بشــكل‬ ‫والعــراق بــات يركــز عــى القطــاع الزراعــي أكــر مــن أي خــاص‪ ،‬وأدت سياســاته الرعنــاء إىل خــروج نحــو مليــون‬ ‫وقــت مــى‪ ،‬بفعــل صعوبــة نقــل املــواد الغذائيــة وتضييــق هكتــار مــن األرايض التــي خصصــت إلنتــاج الحنطــة‬ ‫والشــعري‪.‬‬ ‫الحصــار عــى املناطــق التــي يســيطر عليهــا‪.‬‬ ‫وأوضــح أن التنظيــم بــدأ مبنــح الفالحــن مرتبــات يف بعــض‬

‫النص��رة تعتم��د الل�يرة الرتكي��ة يف تعامالته��ا وغي��اب للرؤي��ة االقتصادي��ة‬ ‫اسطنبول – مدار اليوم‬ ‫أعلــن عضــو املجلــس املحــي يف مدينــة حلــب‬ ‫محمــد حمــدان أن جبهــة النــرة قــررت اعتامد‬ ‫اللــرة الرتكيــة يف التعامــات التجاريــة باملناطــق‬ ‫التــي تقــع تحــت ســيطرتها‪ ،‬وذلــك مــع بدايــة‬ ‫شــهر آب املقبــل‪.‬‬ ‫ورصح حمــدان لصحيفــة «صبــاح» الرتكيــة أن‬ ‫املجلــس املحــي يف حلــب ناقــش يف اجتامعــات‬ ‫اللجنتــن «القانونيــة» و»املاليــة» موضــوع‬ ‫تطبيــق قـرار اســتبدال اللــرة الســورية بالرتكيــة‪،‬‬ ‫يف املناطــق الخاضعــة تحــت ســيطرة املجلــس‪.‬‬ ‫وكانــت تقاريــر صحفيــة نقلــت عــن مصــادر‬ ‫يف الحكومــة الســورية املؤقتــة تأكيدهــا أن‬ ‫الحكومــة مل تتــن بعــد مبــادرة اســتبدال اللــرة‬ ‫الســورية بالرتكيــة يف «املناطــق املحــررة»‪ ،‬وأن‬ ‫االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة‬ ‫الســورية مل يحســم أمــره يف هــذا الشــأن بعــد‪.‬‬ ‫دوافع سياسية وغياب للرؤية االقتصادية‬ ‫بــرزت يف اآلونــة األخــرة عــدة دعــوات‬ ‫ومبــادرات الســتبدال اللــرة الســورية بالرتكيــة‬ ‫يف مناطــق ســيطرة املعارضــة شــال البــاد‪،‬‬ ‫ويــرى مســوقو هــذه املبــادرات بأنهــا كفيلــة‬

‫بوضــع حــد للتقلبــات الكبــرة يف أســعار الخبــز‬ ‫واملــواد األخــرى‪ ،‬بســبب التقلبــات الكبــرة يف‬ ‫ســعر العملــة الســورية تجــاه الــدوالر‪ ،‬مقابــل‬ ‫ارتفاعــات وانخفاضــات قليلــة للــرة الرتكيــة‬ ‫مقابــل الــدوالر‪.‬‬ ‫وأثــارت هــذه الخطــوة جــدالً واســعاً يف كثــر‬ ‫مــن األوســاط الســورية املعارضــة‪ ،‬واعتربتهــا‬ ‫خطــوة تؤثــر مســتقبالً عــى اللــرة الســورية‬ ‫باعتبارهــا أحــد مقومــات االقتصــاد الســوري‪،‬‬ ‫ومــن مرتكــزات وحــدة البــاد الســورية‪.‬‬ ‫اللــرة الســورية اســتمرت يف كونهــا األداة‬ ‫الرئيســية للتبــادل التجــاري يف معظــم املناطــق‬

‫الســورية‪ ،‬حتــى منهــا تلــك الخارجة عن ســيطرة‬ ‫نظــام األســد‪ ،‬الــذي وضــع سياســته النقديــة‬ ‫بنــاء عــى مصلحتــه املاليــة واملحســوبني عليــه‪،‬‬ ‫دون أن يكــرث ملصلحــة عمــوم الســوريني‪.‬‬ ‫ففــي الوقــت الــذي طــرح فيــه املــرف املركــزي‬ ‫‪ 10‬مليــارات لــرة مــن العمــات الجديــدة مــن‬ ‫فئــة الـــ ‪ 500‬و ‪ 1000‬لــرة ســورية‪ ،‬بعــد أن تــم‬ ‫ســحب ‪ 75‬مليــار لــرة ســورية مــن الســوق‪،‬‬ ‫تــأيت ترصيحــات وزيــر االقتصــاد الســابق نضــال‬ ‫الشــعار لتكشــف بشــكل غــر مبــارش التضليــل‬ ‫الــذي ميارســه حاكــم مــرف ســورية املركــزي‬ ‫الــذي قــال إن «األلــف الجديــدة تــأيت يف إطــار‬

‫عمليــة اســتبدال وإحــال ورقــة قدميــة بورقــة‬ ‫جديــدة»‪ ،‬فيــا يقــول الشــعار إن ق ـرار طــرح‬ ‫العملــة الجديــدة‪ ،‬املتخــذ مســبقاً‪ ،‬هــو مــن‬ ‫أجــل زيــادة الكتلــة النقديــة التــي بلغــت فقــط‬ ‫‪ 650‬مليــار لــرة‪ ،‬والســتيعاب النمــو املتوقــع يف‬ ‫حينهــا‪.‬‬ ‫باملقابــل فــإن املبــادرات النقديــة املطروحــة‬ ‫يف مناطــق املعارضــة ليســت أفضــل حــاالً مــن‬ ‫تلــك التــي اتخذهــا نظــام األســد‪ ،‬حيــث تتســم‬ ‫بالفرديــة‪ ،‬وغيــاب الرؤيــة االقتصاديــة‪ ،‬وهيمنــة‬ ‫السياســة عــى دوافعهــا‪.‬‬ ‫إحــدى أبــرز املبــادرات‪ ،‬تلــك التــي أطلقتهــا‬ ‫نقابــة االقتصاديــن الســوريني املعارضــة‪،‬‬ ‫بالتعــاون مــع املجلــس املحــي بحلــب‪ ،‬حيــث‬ ‫حثــت كل مــن ميلــك مبلغـاً يفــوق ‪ 10‬آالف لــرة‬ ‫ســورية مــن الســوريني عــى تحويــل الزائــد مــن‬ ‫أموالــه إىل العملــة الرتكيــة‪.‬‬ ‫وقالــت النقابــة يف نــدوة اقتصاديــة‪« :‬ســيتم‬ ‫طــرح العملــة الرتكيــة ليتداولهــا النــاس يف‬ ‫املناطــق املحــررة بحلــب‪ ،‬بهــدف الضغــط‬ ‫االقتصــادي عــى نظــام األســد‪ ،‬فذلــك يســارع يف‬

‫تهالكــه»‪.‬‬ ‫وبغــض النظــر عــن مرشوعيــة الضغــط‬ ‫االقتصــادي عــى نظــام األســد مــن خــال‬ ‫اســتبدال اللــرة الســورية‪ ،‬إال أن الدوافــع‬ ‫السياســية لهــذه املبــادرة تتجــى بوضــوح مــن‬ ‫خــال الجــواب الــذي قدمتــه النقابــة املعارضــة‬ ‫عــى ســؤال ملــاذا اللــرة الرتكيــة وليــس الــدوالر؟‬ ‫حيــث ردت النقابــة بــأن اختيــار اللــرة الرتكيــة‬ ‫هــو لـ»مقابلــة اإلحســان باإلحســان»‪ ،‬كــا أ ّن‬ ‫«تركيــا بــاد مســلمة بعكــس الواليــات املتحــدة‬ ‫التــي هــي بــاد كفــر»‪ ،‬وأضــاف اقتصاديــو‬ ‫النقابــة أن تركيــا شــعباً وحكومــة وقفــت إىل‬ ‫جانــب أهلهــا املســلمني يف ســوريا‪ ،‬فــأراد‬ ‫اإلخــوة أن يقدمــوا بعــض رد الجميــل لهــم‪،‬‬ ‫وهــذا ســيقويهم اقتصاديــاً»‪.‬‬ ‫ومــع الق ـرار الفــردي لجبهــة النــرة‪ ،‬ومــا بــن‬ ‫اللــرة الرتكيــة «املســلمة» والــدوالر األمريــي‬ ‫«الكافــر» يغيــب املــروع النقــدي املعــارض‬ ‫الــذي مــن املفــرض أن يكــون مرشوعـاً مشــركاً‬ ‫لجميــع الفصائــل ومبنيـاً عــى أســس اقتصاديــة‬ ‫وبعيــدا ً عــن أيــة دوافــع سياســية‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫فــتــى الــمـعـتـقــل (‪)١‬‬ ‫لــم يـبك البطل‬

‫التشكيل ‪...‬إطار مواٍز للحياة‬ ‫ديمة محمود‬

‫تـنـتـشـي اإلراد ُة فـي تربـ ِة ‪،‬‬ ‫ذلـك الـفــتــى األسيـر‬ ‫تـتـشـ ّبـثُ بـ ِه ‪ ،‬ويـتـشب ّـثُ بـهـا‬ ‫كـل لـسعـ ِة عـصا‪،‬‬ ‫مع ِّ‬ ‫أو كـربـاج ‪ ،‬أو كَـبـلٍ ربـاعـي‬ ‫لـف بـ ِه الــدوالب‬ ‫و كلّـمـا ّ‬ ‫الـكــهـربـي‬ ‫أو اخـتـرقـَه الـتـيـّار‬ ‫ّ‬ ‫يـتـضخّـ ُم الـامر ُد فـي داخـلـه‬ ‫ــس‬ ‫ال زال اآلنَ‬ ‫ّ‬ ‫يـتحـس ُ‬ ‫تـلـك الـدمـوع َ الـمـُحتـقـنـةَ‪،‬‬ ‫فـي مـقـلـتـ ْيـه‬ ‫الـمـكتـظّـ َة آنـــذاك فـي‬ ‫الـطّـريـقِ مـن أعـلـى رئـتـيـ ِه‬ ‫إلـى نـهـايـة حـلْـ ِقـه‬ ‫تـبلـل حـتّى هـدبـيـه !‬ ‫ّ‬ ‫إنـهـا لـم‬ ‫ال شـي َء يُـضـاهـي‬ ‫نـغـز ِ‬ ‫ات مـاء عـيـنـيـه‬ ‫ِ‬ ‫الـ ُمحـتـشـِدة‬ ‫ابـيـج‬ ‫بـيـنـمـا الـكـر ُ‬ ‫الـمـسـعــورة‬ ‫الـســقــيـ ُم‬ ‫ـباب ّ‬ ‫ُّ‬ ‫والـس ُ‬ ‫يـرتـطـامن ِ بــ ِه‬ ‫يـمـيـنـاً ‪ِ ،‬‬ ‫وشـمـاالً‬ ‫ُ‬ ‫األزرق‬ ‫والـحـقـ ُد‬ ‫يـتـطـايـ ُر شـر ًرا شـيـطـانـيـّاً‬ ‫يـكـوي حـتى‬ ‫ذ ّرات الـهـوا ِء الـمـحـيطـه!‬ ‫بـكـى مـنـفـردا ً‬ ‫مع خـلـو ِة ضـمـيـره‬ ‫وأبـحـر وحـيـ ًدا‬ ‫فـي زاوايـاه‬ ‫نـفـسـه فـي نـف ِ‬ ‫ْـسـه‬ ‫وغـرقـت‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫سامر كنجو ‪-‬‬ ‫ٌ‬ ‫طويل‪..‬‬ ‫ممر‬

‫بـدمـو ِعـه و دمـو ِعـهـا !‬ ‫لكن ‪ ،‬مـن الـداخـلِ فـقـط‬ ‫لـم يـر ْد لـِسـ ّجـانِـه ‪،‬‬ ‫أن يـرى‬ ‫دمـعـ ًة واحـد ًة فـي‬ ‫عـيـنـيـه الـمـتـأللـئـتـيـن‬ ‫يـفـاعـ ًة وطُــهـرا ً‪ ،‬وإصـرارا ً‬ ‫ـت كــيـنــونـتـُه‬ ‫اشـــرأبّ ْ‬ ‫وتـجــذّر عنـفوانُـه‬ ‫وامـتـأل قــ ّو ًة ويـقـيـنـاً‬ ‫بِـرغم الـمـ ّد الـهـادر‬ ‫وأصـ ّر عـلـى‬ ‫قـهـ ِر الـسـ ّجـان‬ ‫لـم ِ‬ ‫يـبـك الـبطـل‬ ‫لـم ِ‬ ‫يـبـك !‬ ‫و اعـتـصـ َر غـيـظـاً‪،‬‬ ‫األسـطـوري‬ ‫ذلـك الـشيـطـانُ‬ ‫ّ‬ ‫واجـتـ َّر وحـشيّـتَـه‪،‬‬ ‫مـر ٍ‬ ‫ات و مـرات‬ ‫و الك هـمـجـ ّيـتـه‬ ‫مـر ٍ‬ ‫ات و مـرات‬ ‫وانـكسـ َر هـو !‬ ‫َ‬ ‫بـدل أن‬ ‫يـكـسـ َر الـفـريـسـة‬ ‫لـم يـنـكـسـ ْر فـقـط‬ ‫بــل ‪ ،‬تـحـطّـم!‬ ‫ْ‬ ‫هــوى يف‬ ‫الـهـش‬ ‫ّ‬ ‫قـاع جـبـروتـه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وقــذف بـكـرشـه‬ ‫الـ ُمـمـتـ ِّد أمـا َمـه‪،‬‬ ‫الـتـصـق فـي‬ ‫حـتّـى‬ ‫َ‬ ‫كـربـاجِـه الـ ُمـتـرنّـ ِح بـيـن يـديـه‬

‫مخيم جيالن بينار‬

‫أطــول مــن آهــات املتعبــن مــن حمــل مــا تبقــى لهــم مــن‬ ‫وطــن عــى ظهورهــم‪ ،‬بــل يف أفئدتهــم‪ ..‬يفصــل بــن شــقي‬ ‫مخيــم جيــان بينــار بأحيائــه األحــد عــر‪ ،‬وكأنهــم إخــوة‬ ‫يوســف يف شــقائهم وتوترهــم وضيقهــم‪ ..‬ولكــن ال يوســف‬ ‫لهــم‪ ،‬ال (مــرة)‪ ،‬ال مســتقبل ينتظرهــم إال مــا تجــود بــه‬ ‫عليهــم يــد القــدر‪ ،‬أو مــا يســمعونه مــن خــر جــاء مــن هنــا‬ ‫أو شــائعة جــاءت مــن هنــاك‪.‬‬ ‫فـراغ‪ ..‬ضيــاع ‪ ..‬ذكريــات مؤملــة‪ ..‬خــواء روحــي‪ ..‬نتيجتــه أن‬ ‫اتجــه كل إىل ركــن يعصمــه أو تكــون منــه بدايتــه‪.‬‬ ‫اتجــه بعــض املخيمــن إىل القــرآن تعلـاً وتعليـاً‪ ،‬وآخــرون‬ ‫إىل العمــل يف منــا ٍح مختلفــة‪.‬‬ ‫ال بــد يف هــدا القحــط الثقــايف مــن وابــل معــريف‪ ،‬ثقــايف‪،‬‬ ‫أديب‪ ،‬وإن مل يكــن وابــاً‪ ،‬فطــل‪.‬‬ ‫إىل أن جــاءت لحظــة الصفــر املعــريف ال العســكري‪ ،‬وكان أن‬ ‫دعــت األديبــة ابتســام شــاكوش إىل أمســية شــعرية كانــت‬ ‫النــواة التــي انطلــق منهــا التفكــر بإقامــة مركــز ثقــايف‬ ‫يلــم شــعث مــا تناثــر هنــا وهنــاك يف جنبــات املخيــم مــن‬ ‫أقصوصــة أو قصيــدة أو خاطــرة‪.‬‬ ‫وبعــد عــدة لقــاءات متــت وعــدد مــن األمــايس‪ ،‬وجــوالت‬ ‫مكوكيــة وجهــود فرديــة مــن األديبــة ابتســام شــاكوش أعلــن‬ ‫عــن والدة املركــز الثقــايف يف مخيــم جيــان بينــار‪.‬‬ ‫تــم عــى إثــره إقامــة دورتــن يف التنميــة اإلداريــة ألقــى‬ ‫األوىل الدكتــور توفيــق عبيــد بعنــوان (أســس التغيــر‬ ‫الــدايت)‪ ،‬وألقــى الثانيــة األســتاد أبــو معــاد بعنــوان (العمــل‬ ‫الجامعــي)‪.‬‬ ‫وتتــاىل العطــاءات‪ .‬أقيمــت عــدة نشــاطات لرعايــة األطفــال‬ ‫أدبيـاً ومعرفيـاً‪ ،‬مبــا يتــوازى مــع جهــود املــدارس ومدرســيها‪.‬‬ ‫ويف األمســية الشــعرية التــي أقيمــت يف املركــز‪ ،‬القيــت‬

‫ِ‬ ‫خـدوش وجـهـِه‬ ‫واسـتـعـار مـن‬ ‫أخـاديـــ َد يـطـ ُمـــ ُر فـيـهــــا‬ ‫خـيـبـتَـــه‬ ‫لـقـد صار مـهـزومــاً أمـامـك‬ ‫وجـهـاً لِـوجـه‬ ‫يـتـحــسـس شـاربـيـ ِه ‪،‬‬ ‫راح‬ ‫ّ‬ ‫قــ ْد َر هـزيـمـتـِه‬ ‫لـم يـفـهـ ْم بـِغـبائـه ‪،‬‬ ‫وعـبـوديـّ ِتـه ألسـيـا ِده‪،‬‬ ‫كـيـف لـ ِمـثـلِ َـك‬ ‫أالّ يـصـرخ َ أو يـتـألّـم‬ ‫أال يـبـكـي أو يـسـتـجـدي‬ ‫أال يـسـتـغـيـثَ‬ ‫كـل هـذه الـسـاديّـة‬ ‫أمـام ِّ‬ ‫فاسـتسلـ َم أمـا َمـك !‬ ‫وهـ َوتْ عـصـا ُه الـغـلـيـظـة ‪،‬‬ ‫كـمـا مـالمـ ُحـه‬ ‫وقـلبُـ ُه الـ ُمتـفـ ّحـم‬ ‫هـ َوتْ عـلـى األرض!‬ ‫هـا هـو يــرتــعــ ُد اآلن‬ ‫يـنـادي عـبـيـ َده‬ ‫ليـأخـذوك إىل الـزنـزانـة‬ ‫وهــو يـعـبـي ُء‬ ‫هـزيــمـتَه فـي جـيـوبـِه‬ ‫أمـام مـارِدك الـمـحـملـقِ‬ ‫فـي سـاديّـتـه وعـبـوديّـتـه‬ ‫مــعــاً‬ ‫الــسـجــان‬ ‫تـقـ ّزم أبـو هـنـدي ّ‬ ‫نـعـم ‪ :‬تـقـ ّزم !‬ ‫واضـمـحـل‬ ‫َّ‬ ‫بـل ‪ ،‬تـالشــى‬ ‫ْ‬ ‫أمـام ‪ :‬جـبـروتِ َـك ‪ ،‬وكـبـريـائـك‬ ‫أمـام ‪ :‬شـجـاعـ ِة شـجـاعـ ِتـك !‬

‫فهد الحسن‬ ‫عــر التاريــخ البــري الطويــل املمتــد منــذ األزل‪،‬‬ ‫وحتــى يومنــا هــذا‪ ،‬كان للفــن حضــوره املؤثــر يف إيقــاع‬ ‫الحيــاة‪ ،‬وقــد أمدهــا بالعنــارص الجامليــة الباهــرة التــي‬ ‫وســمت بهــا إىل عوامل‬ ‫أثــرت أعامقهــا وأغنــت حضاراتهــا َ‬ ‫الرقــي‪ ،‬فتبــوأت مكانتهــا الرفيعــة‪.. .‬وأصبحــت تعــوم‬ ‫عــى بحــر مــن املوروثــات املدهشــة التــي أثــرت يف‬ ‫البنيــة النفســية لإلنســان‪.. .‬فهذبــت ســلوكه‪ ،‬وجنحــت‬ ‫بــه إىل تبنــي مفاهيــم ثابتــة يف حياتــه‪ ،‬قامــت عــى‬ ‫وضــع األطــر العليــا والعريضــة ملفاهيــم علــم الجــال‬ ‫االجتامعــي‪ ،‬وبالتــايل تنميــة مهــارات الحــس الجــايل‪،‬‬ ‫وجعلــه متوارثــاً بــن األجيــال يف حيــاة تقــر ذاتهــا‬ ‫باســتمرار فتصطفــي يف أعامقهــا مدلوالتهــا الجامليــة‪،‬‬ ‫وتصعــد بهــا إىل مســتويات قياســية تنهــل مــن معــن‬ ‫الحيــاة نفســها وتغــوص يف جدلهــا وفلســفاتها لتضــع‬ ‫لهــا أطـرا ً شــديدة التامهــي مــع مفــردات اللغــة الفنيــة‬ ‫الباهــرة‪ ،‬ومــا يعرتيهــا دومـاً مــن نضــج وتطــور ومجــاراة‬ ‫لألســاليب املتطــورة دوم ـاً يف الفــن وأســاليب الفنانــن‬ ‫وتقنياتهــم وابتكاراتهــم يف دور املتاحــف وصــاالت‬ ‫العــرض الفنيــة كخ ـزان شــديد الــراء ميــد املجتمعــات‬ ‫املتحــرة بنســغ اإلبــداع‪ ،‬فــريب يف نفــوس أفرادهــا‬ ‫أخالقيــات وقيــم ومثــل ومنظومــات جامليــة تهــذب‬ ‫أرواحهــم ومســلكياتهم وتأخــذ بأيديهــم إىل شــواطئ‬ ‫األمــان‪ ،‬وتغــذي فيهــم حــب الجــال واالنجــذاب إىل‬ ‫عواملــه وتفاصيلــه‪ ،‬واالندمــاج الــكيل مــع اإلبــداع‬ ‫والتامهــي مــع مفرداتهــم‬ ‫مــا يــؤدي إىل ريــادة الجــال يف تعامــات الحيــاة‬ ‫اليوميــة فيشــمل كل عنــارص املجتمــع ويصبــح عندهــا‬ ‫اإلبــداع مــرآة حقيقيــة للمجتمــع‪.‬‬ ‫إن الدعــوة إىل تعميــم دور الفــن التشــكييل املعــارص‬ ‫عــى نحــو واســع النطــاق‪ ،‬إمنــا هــو رغبــة عارمــة‬ ‫الســتحداث صدمــة حداثيــة تواكــب الحيــاة يف مناحيهــا‬ ‫األخــرى التــي ترتقــي بدورهــا وتتطــور‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫تطــور شــكل الحيــاة ذاتهــا‪ ،‬وهــذا يعنــي أن التطــور‬

‫العمــراين‪ ،‬ومــا أنتجتــه وســائل اإلعــام واالتصــاالت‬ ‫املختلفــة ومــا شــمله التطــور التكنولوجــي عــى صعيــد‬ ‫العلــوم املختلفــة هــو مدعــاة للبحــث عــن أســاليب‬ ‫وأفــكار جديــدة للفــن التشــكييل املعــارص يك تواكــب‬ ‫كل هــذا‪ ،‬وتتــوازى معــه يف خطــوط عريضــة تكــون‬ ‫مثمــرة ومؤهلــة لتقديــم رؤاهــا الخالقــة يف ســر عــوامل‬ ‫الحيــاة وتنميتهــا مــن شــوائبها وارهاصاتهــا املعطلــة‬ ‫آلليــة التنميــة البرشيــة املســتدامة وتطويــر املهــارات‬ ‫واألدوات‪ ،‬وجعلهــا مصــدر فاعليــة وتثويــر‪ ،‬وهــذا‬ ‫يســتدعي اســتحضار األفــكار الجديــدة التــي تقــدم‬ ‫ذاتهــا بدي ـاً حيوي ـاً عــا ســبقها مــن مفاهيــم مل تعــد‬ ‫مقبولــة‪ ،‬وال قــادرة عــى تحقيــق األهــداف املرجــوة‬ ‫منهــا وهنــا يلعــب منظــرو الفــن وعلــم الجــال دورا ً‬ ‫رياديـاً يف االنبعــاث الفنــي بــروح وثابــة متحــررة من كل‬ ‫التداعيــات التــي تعيــق رغبــة الفنــون عامــة ونشــدانها‬ ‫والســمو باإلبــداع وتطويــر الــراث اإلنســاين فيــا‬ ‫يتعلــق بهــذا الجانــب املهــم‪ ،‬والحيــوي يف بنــاء انســان‬ ‫ومجتمــع خــال مــن االضطرابــات الســلوكية والنفســية‪،‬‬ ‫وخــاو مــن عقــد البحــث عــن بدائــل أخالقيــة بفعــل‬ ‫ســطوة التكنولوجيــا الحديثــة والغربــة التــي أحدثتهــا‬ ‫يف الســلوك اإلنســاين‪ ،‬ومحاولــة طمــس روابطــه األثــرة‬ ‫مــع الفنــون الجميلــة واآلداب‪ ،‬وبالتــايل إيجــاد مكامــن‬ ‫خلــل يف البنيــة األساســية لبنــاء املجتمعــات عــى أســس‬ ‫عميقــة ومتميــزة‪.‬‬

‫بني جنبات املخيم‬ ‫قصيــدة باللهجــة البدويــة ألقاهــا الشــاعر منــور املنــور‪،‬‬ ‫منهــا‪:‬‬ ‫يا أسد يا ابن أيــران* يا حاجب حزب الشيطان‬ ‫أنت طاغية ومجويس*ومانك من صنف إنسان‬ ‫وأبيات للشاعر شعبان كنجو‬ ‫وطني هنا بيت القصيد مت َيـ ُم‬ ‫وهنا مسافات املدى تحطم‬ ‫ ‬ ‫منفى وسجن آخ ٌر وسالســل‬ ‫ِ‬ ‫وشباك قهر ظلمها يــــرتحم‬ ‫مــا أمتعهــا مــن لحظــات أن نعيــش إرهاصــات انتصــار‬ ‫الثــورة‪ ،‬ولــو كنــا بــن جنبــات مخيــم!! ولكــن األمتــع أن‬ ‫نحمــل تلــك اإلرهاصــات معنــا إىل وطننــا عالمــات مســجلة‬ ‫النتصــار حقيقــي عــى جميــع املياديــن‪.‬‬ ‫إنــه لســباق مــع الزمــن‪ ،‬واســتغالل للفــرص أن يُقــام رصح‬ ‫ثقــايف عــى أرض املخيــم‪ ،‬عــايل الشــأن‪ ،‬وإن كان واهــي‬ ‫البنــاء‪ ،‬ال يتعــدى كونــه صالــة قامشــية‪ ،‬نفاخــر بهــا تلــك‬ ‫املراكــز التــي أســموها ثقافيــة ومــا هــي إال معتقــات‬ ‫مصممــة العتقــال الفكــر واألدب (قبــل الثــورة) واعتقــال‬ ‫الناشــطني والثــوار (بعدهــا) وهــو مــا أثبتتــه األحــداث‪،‬‬ ‫لكــن إرادتنــا أبــت إال أن تعيــد األمــور إىل نصابهــا‪ ،‬فالثقافــة‬ ‫تحــل حيــث يحــل املثقــف‪ ،‬ولــو ضمــن خيمــة‪ ،‬وهــل كانــت‬ ‫انطالقــة بواكــر الشــعر العــريب إال مــن خيمــة؟ وهــل كانــت‬ ‫محكمــة األدب إال قبــة حم ـراء مــن أدم ت ُـــرب للنابغــة‪،‬‬ ‫تصــدر مــن تحتهــا أدق األحــكام وأش ـ ّدها والتــي مــا ي ـزال‬ ‫صداهــا يــردد حتــى اللحظــة يف أســاع املثقفــن‪ ،‬ويكفــي‬ ‫أن يقــوم عــى املركــز الثقــايف‪ ،‬ويرعــاه أدبــاء حقيقيــون‪،‬‬ ‫ويُـــدعى إليــه أدبــاء حقيقيــون‪ ،‬ال عالقــة لدعوتهــم غــر‬ ‫تلــك الصلــة الوثيقــة بــاألدب وأهلــه‪ ،‬ال االنتــاء الحــزيب‬ ‫أو الطائفــي‪ ،‬أو أن األمــن هــو مــن فرضهــم مخربيــن ال‬

‫مبدعــن‪.‬‬ ‫طاملــا كان النظــام البائــد يكيــد للمثقفــن الذيــن مل ينضــووا‬ ‫تحــت جناحــه‪ ،‬وإن كان دجــن مــن اســتجاب‪ ،‬وجعــل منــه‬ ‫بوقــاً يــي ســاعه بكارثــة فمــن مــادح منافــق‪ ،‬إىل ر ٍ‬ ‫اث‬ ‫للمقبــور‪ ،‬حيــث جعــل منــه بعــض الزاعقــن عــى مــا كان‬ ‫يســمى باملنابــر الثقافيــة إلهـاً‪ ..‬إىل أن متخضــت الثــورة عــن‬ ‫أدب ثــوري قشَ ـــر الحقيقــة وأبــان عــورة املســتور‪.‬‬ ‫حيــث كانــت مخيــات اللجــوء مســتهدفة ديني ـاً وثقافي ـاً‬ ‫وسياســياً‪ ،‬بــل وعســكرياً فكــم مــن مخيــم قــد دمــر أو‬ ‫أحــرق أو اعتقــل مــن شــبابه (مخيــات اللجــوء يف لبنــان‬ ‫مث ـاً)‬ ‫كل مــا ســبق أوجــب االهتــام بالســوريني‪ ،‬وهــل أدل‬ ‫مــن الثقافــة دلي ـاً عــى االهتــام؟ ولكنهــا املشــكلة مــع‬ ‫كلمــة (ثقافــة)‪ ،‬فأغلــب الســوريني يجفلــون مــن كلمــة‬ ‫(ثقافــة‪ ،‬مركــز ثقــايف) ألنــه‪ ،‬وكــا عودهــم النظــام البائــد‪ ،‬ال‬ ‫تضــم تلــك املراكــز إال األشــخاص الديــن أهملــت شــعورهم‬ ‫واتصلــت بهــا شــواربهم ولحاهــم‪ .‬أو كانــوا أنصــاف مجانــن‬ ‫همهــم يف حقائبهــم التــي يحملونهــا‪ .‬فــكان ال بــد مــن‬ ‫لقــاءات وأمســيات‪..‬‬ ‫لــو ظــل يوســف رهــن املحبســن‪ ،‬الجــب وكيــد إخوتــه‪ ،‬ملــا‬ ‫كانــت أورقــت شــجرته‪ ،‬وال اســتظل بهــا إخوتــه‪.‬‬ ‫وتغاضيــت‪ ،‬وكــذا الثقافــة‬ ‫تناســيت‬ ‫كــم أنــت عظيــم‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأهلوهــا‪ ،‬لكــن ليــس املطلــوب منهــم أن يتغاضــوا عــا‬ ‫كان‪ ،‬بــل أن يدركــوا وينطلقــوا مــن إدراكهــم‪ ..‬وهــو مــا‬ ‫كان مــن املهتمــن بالشــأن الثقــايف هنــا يف املخيــم أمــام‬ ‫مــن تجــرأ وحــر‪ ،‬فقــد تحدثــوا عــن أهميــة املراكــز‪ ،‬ومــا‬ ‫تقدمــه لشــعب مــن املفــرض أن يكــون متعطش ـاً للثقافــة‬ ‫ومصادرهــا بعــد قحــط أصابهــم خمســن عامــاً‪.‬‬ ‫وكان أول الغيــث أمســية أدبيــة‪ ،‬أقيــم عــى هامشــها‬

‫مداخــات مــن القامئــن عــى املركــز ومــن الجمهــور‪.‬‬ ‫تحدثــت فيهــا األديبــة ابتســام شــاكوش عــن املركــز ومــا‬ ‫يقدمــه مــن دورات مختلفــة للكبــار حــول االســعافات‬ ‫األوليــة والتمريــض (كمعالجــة الحــروق) وللصغــار مــن‬ ‫ألعــاب أو نشــاطات أو قــراءة‪.‬‬ ‫وكانــت يل مداخلــ ٌة تحدثــت فيهــا عــن تعريــف الثقافــة‪،‬‬ ‫ورضورتهــا للفــرد واملجتمــع‪ ،‬وأنــه ال بــد مــن تلميــع صــورة‬ ‫املثقــف وإنارتهــا مــن جديــد‪ ،‬حيــث عمــل النظــام عــى‬ ‫تشــويهها‪ ،‬هــي وكل القيــم الوجدانيــة‪.‬‬ ‫ـى عــى أكتافنــا ـ نحــن املهتمــن ـ أن ننــزل الفكــر مــن‬ ‫وملقـ ً‬ ‫برجــه إىل كونــه ميـرا ً لــكل متلقــف للــون مــن ألوانــه‪.‬‬ ‫وتســاءل بعــض الحارضيــن إن كان بإمــكان املركــز أن‬ ‫يســتقطب املهتمــن‪ ،‬وســيجدون فيــه ضالتهــم؟ أم أنــه‬ ‫ســيكون اســمياً ال يــزوره غــر القامئــن عليــه؟ ســؤال‬ ‫ـت ـ اإلجابــة عليــه متوقفــة عــى أن كل ثــوري‬ ‫مــروع ـ قلـ ُ‬ ‫يجــب أال يســكت عــن كلمــة الحــق‪ ،‬والحــارضون هــم رســل‬ ‫املركــز وأصدقــاؤه‪ ،‬وعليهــم يتوقــف عــدد الحواريــن الذيــن‬ ‫ســتصل اليهــم الدعــوة‪.‬‬ ‫ومتســائل آخــر عــن إقامــة دورات مبــا يخــص الشــعر‬ ‫وعلومــه؟‬ ‫كانــت اإلجابــة‪ ..‬أنــه تــم إقامــة دورة عــروض بواقع شــعبتني‬ ‫إحداهــا للشــباب واألخــرى لإلنــاث‪ ،‬اإلقبــال عليهــا جيــد‪،‬‬ ‫الخامــات املوجــودة ال بــد مــن رعايتهــا‪ ،‬والقيــام عليهــا‬ ‫حتــى تثمــر‪.‬‬ ‫ويف الختــام‪ ..‬يبقــى جهدنــا جهــد املقــل‪ ،‬ولكــن ال بــد منــه‪،‬‬ ‫فــكل واحــد منــا عــى ثغــرة‪ ،‬وليحــرص أال يــؤىت الديــن‬ ‫والوطــن مــن قبلــه‪.‬‬ ‫الثقافــة هــي املضــار املتبقــي لنــا حتــى نث ّبــت متاســكنا‬ ‫وتآلفنــا‪ ،‬بعــد أن وهــت كل الســبل األخــرى‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫غورنيكا سور ّية‬

‫نجاة عبد الصمد‬

‫عص ُر ُ‬ ‫اجلمعة‪:‬‬ ‫خــر ُ‬ ‫اليســاري لوجــه‬ ‫ادق صغــر ٌة مرشــوق ٌة عــى الســفح‬ ‫ّ‬ ‫زينــب‪ .‬أش ـبَ ُه بوشــمٍ رسيــا ّيل خطّــه مزيّ ـ ٌن مبتــدئ‪ ،‬نـ ٌ‬ ‫ـزق‪،‬‬ ‫وغــر موهــوب‪.‬‬ ‫بــن الخــرادق الشــامتة عينــان مطبقتــان عــى حبيبــات‬ ‫ـرش يســتقوي ب ِكــره وعمقــه عىل‬ ‫ـرح ّ‬ ‫الرمــل‪ ،‬وجـ ٌ‬ ‫موسـ ٌخ مـ َ ٌ‬ ‫ـض وصــاف‪ٍ.‬‬ ‫ـفح خدهــا األميــن بـ ٌّ‬ ‫ط ـراوة خ ّدهــا األيــر‪ .‬سـ ُ‬ ‫رمبــا؛ وقبــل هــذي الخ ـرادق‪ ،‬كانــت مــروع صب ّي ـ ٍة فاتن ـ ٍة‬ ‫يقودهــا له ـ ُو العمــر صــوب عــامل النســاء‪.‬‬ ‫ينــام جســدها الصغــر الباهــت يف غيبوبتــه اللذيــذة عــى‬ ‫تصطــف حولــه‪ ،‬وتؤنســه‬ ‫رسيــ ٍر نقّــا ٍل يف ردهــة املشــفى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أجســا ٌد أكــر منــه أو أصغــر ســافرت معــه عــى ظهــر‬ ‫الشــاحنة الصغــرة مــن بــرى الشــام إىل مشــفى الســويداء‬ ‫الحكومــي‪ .‬تنتظــر باســتكان ٍة قــدوم الطبيــب غــر املنــاوب‪،‬‬ ‫لتعتــذر عــن إزعاجــه يف يــوم عطلتــه‪ ،‬وعــن هنــدامٍ مع ّف ـ ٍر‬ ‫دامٍ ال يرقــى إىل أناقــة هندامــه؛ قبــل أن تطلــب منــه إثبــات‬ ‫واقعــة وفيّاتهــا الجامعيــة‪ .‬لــو فعــل؛ ألمكنهــا أن تنسـ ّـل مــن‬ ‫الردهــة‪ ،‬وتعيــد اصطفافهــا يف ب ـ ّراد املشــفى فرتتــاح هنــاك‬ ‫مــن خنقــة الحــر‪ ،‬ومــن فضــول العيــون العابــرة‪.‬‬ ‫مــوىت‪ ...‬جميعهــم مــوىت‪ ...‬ال نبــض إالّ يف عنــق الوجــه‬ ‫يجــس النبــض‪ ،‬فيخطــف‬ ‫املخــ ّردق! يجفــل الطبيــب إذ‬ ‫ّ‬ ‫زينــب كأمنيــة مســتحيلة‪ .‬يه ّربهــا مــن ردهــة املــوت إىل‬ ‫غرفــة العمليــات‪ .‬يطلــب نقــل دمٍ إســعا ّيف‪ ،‬مي ـ ّزق بيجامتهــا‬ ‫الحمــراء املبلولــة ليكشــف بطنهــا املتخشّ ــب إثــر ٍ‬ ‫نــزف‬ ‫ـرش عليــه اليــود املعقــم برسعــة الــرق قبــل أن‬ ‫ي‪ .‬يـ ّ‬ ‫داخ ـ ّ‬ ‫يشــقّه مبرشطــه املستبســل‪ ،‬ويغــرف منــه الــدم الســابح‬ ‫خــارج معدتهــا املثقوبــة‪ ،‬يخيطهــا بعــد أن يســتخرج منهــا‬ ‫ٍ‬ ‫إســمنت كبــرة تجعلــه يجفــل مــن جديــد‪:‬‬ ‫قطــع‬ ‫مــن أيــن جــاء االســمنت إىل معدتهــا؟! ال ب ـ ّد أنهــا ابتلعتــه‬ ‫كأي طعــام نحــو املعــدة التــي‬ ‫أثنــاء رصاخهــا‪ ،‬وانحــدر ّ‬ ‫مت ّزقــت وهــي تحــاول هضمــه‪.‬‬ ‫صباح الجمعة‪:‬‬ ‫زينــب تقطــف العنــب مــن داليــة البيــت‪ .‬تخشــخش يف‬ ‫يديهــا أســاور التنــك‪ ،‬وترقــص عــى خشخشــتها العناقيــد‬ ‫الحمــر‪ .‬تنــادي أختهــا آيــة ملالقاتهــا إىل البــاب يف اللحظــة‬ ‫برميــل قــذر عــى‬ ‫ٌ‬ ‫التــي يســقط فيهــا مــن بطــن الطائــرة‬ ‫بيــت عمهــا يف الطابــق العلــوي‬ ‫ســطح البيــت‪ ،‬يخــرق َ‬ ‫األريض‪ .‬يشــهق البيــت‪ ،‬ويشــهق العــامل‬ ‫ويقعــى يف طابقهــم‬ ‫ّ‬ ‫يف قلــب أســاء (أ ّم زينــب) وقــد رأت يف لحظــ ٍة خارقــة‬ ‫بانورامــا القيامــة‪ :‬يــ ُد آيــة معلّقــة إىل البــاب بعيــدا ً عــن‬ ‫جســمها املمعــوس‪ .‬زينــب تحــاول احتضــان آيــة‪ .‬وجــه‬ ‫ـب فيــه اللهــب‪ .‬حديــد ٌة تهاجــم‬ ‫وحيدهــا عبــد اللطيــف يشـ ّ‬ ‫رأس حنــن‪ ،‬أصغــر بناتهــا التــي ترضــع بنهــم‪ ،‬تعــض حنــن‬ ‫حلمــة أمهــا بعنــف قبــل أن تفلتهــا إىل غــر عــودة‪ ،‬وترتـ ّد إىل‬ ‫الخلــف مفســح ًة الــدرب لقطعــة طــوب كبــر ٍة لتحــط َّعــى‬ ‫يــد أمهــا اليــرى فتفلــت منهــا حنــن الداميــة‪ .‬ال تــرى األم‬ ‫بقيــة بناتهــا‪ ،‬وال تفيــق بعدهــا إالّ يف املستشــفى‪.‬‬

‫عربية أنا‬ ‫أال سجل‬ ‫َ‬ ‫هداك الل ُه يا شَ جني‬ ‫أنا عربي ٌة ه ّمي يُسام ُر يف ال َهوى قَلبي‬ ‫الكتب‬ ‫الليل يف‬ ‫يناجي َ‬ ‫ِ‬ ‫اللهب‬ ‫وينسج م ْن أن ِني الشّ ا ِل أغالالً من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫رشيان ب ِه أَحل ْم‪...‬‬ ‫الرتب‬ ‫ِ‬ ‫وهذا ُ‬ ‫أنادي م ْن سن ِني البو ِح أياماً بها تُرح ْم‪..‬‬ ‫كل م ْن كانوا زماناً يف الدىن بلس ْم‪....‬‬ ‫أنادي َّ‬ ‫ٍ‬ ‫يل أصدا ٌء لصوت كا َن يف مأت ْم ‪....‬‬ ‫تر ُّد ع ّ‬ ‫كل أحبايب‪.......‬‬ ‫فأريث َّ‬ ‫صوت‪....‬‬ ‫صدى‬ ‫من‬ ‫وأرص ُخ‬ ‫ِ‬ ‫كل أبوايب‪.....‬‬ ‫قفل ُّ‬ ‫لتُ َ‬ ‫بوج ِه الظلمِ واألظل ْم‪.‬‬ ‫أال سجل َ‬ ‫هداك الله يا أَلَمي‪...‬‬ ‫أنا عربي ٌة‬ ‫ال َع ْم ُر جا َوبني‪....‬‬ ‫أصحايب‪...‬‬ ‫وال يف البا ِل ْ‬ ‫الغاب‪...‬‬ ‫الت غُال ُة القومِ تهوى ِشع َة ِ‬ ‫وما ز ْ‬ ‫وقَ ْد ْأس َم ْع ُت يف َ‬ ‫شق أثوايب‪...‬‬ ‫دنياك رصخ َة ِّ‬

‫‪13‬‬

‫ترتــج الســاعة‬ ‫جــ ّد زينــب يصــي الجمعــة يف املســجد‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الفض ّيــة املعلّقــة إىل صــدره مــع صــوت االنفجــار‪ .‬يذهــل‬ ‫عــن صالتــه‪ .‬ال تســتقيم الصــاة مــع رجفــة القلــب‪ .‬متحامـاً‬ ‫عــى خجلــه مــن ربّــه يركــض إىل البيــت‪ .‬عــى أطــال بيتــه‬ ‫الهابــط يهبــط هــو اآلخــر‪ ...‬ويرتخــي‪ .‬متيــد عينــاه بــن‬ ‫بســم ٍة ذاهلــة وحــر ٍة ســاكنه‪ .‬تصــر إطباقــة جفنيــه ال‬ ‫وســنى وال صاحيــة‪ .‬إطباق ـ ٌة يذوقهــا املــرء م ـ ّرة واحــدة يف‬ ‫ٍ‬ ‫مــوت أو يف شــلل‪.‬‬ ‫يركــض جارهــم إىل الحاجــز القريــب‪ .‬يركــع ضارعــاً أمــام‬ ‫ُ‬ ‫الجنــد علّهــم يطلبــون مــن رمــاة النــار أن يوقفــوا القصــف‬ ‫فقــط إىل حــن انتشــال األحيــاء مــن بــن الــركام‪ .‬يصغــي‬ ‫ـدي بــأدب‪ ،‬ينتحــي ويشـغّل الالســليك ويعــود بالجواب‪:‬‬ ‫الجنـ ّ‬ ‫ تكرم عينك‪ ،‬بعد ساعة سينتهي القصف‪...‬‬‫م ّرت الساعة‪...‬‬ ‫الطابق العلوي‪ :‬موتٌ عميم‬ ‫كــريس شــلله القديــم‬ ‫عــ ّم زينــب مضغــو ٌط يف مكانــه‪ ،‬يف‬ ‫ّ‬ ‫الــذي يقتعــده منــذ عــاد مــن الخليــج بإصابــة عمــل‪،‬‬ ‫وتعويضـ ٍ‬ ‫ـات مجزيـ ٍة ع ّمــر بهــا هــذا البيــت لــه وألخيــه والــد‬ ‫زينــب‪ .‬تنضغــط فوقــه زوجتــه التــي رمبــا ه ّبــت لنجدتــه‪.‬‬ ‫وعنــد أذيالهــا ولداهــا‪ ،‬يتامهيــان مــع إســمنت البيــت‬ ‫وحديــد ســقفه‪ .‬أرس ٌة ُم ِح ّبــ ٌة مل تفــارق إالّ جامعــة‪.‬‬ ‫جـ ّدة زينــب التــي كانــت تتقهــوى عنــد ابنهــا انقطــع رأســها‪.‬‬ ‫لكنهــا مل تحــظ َ بكامــرا تص ّورهــا مــن غــر رأس‪ ،‬ومتنحهــا‬ ‫شــهرة فتــاة «كفــر عويّــد» التــي القَــت ذات املصــر‪ ،‬بفــارق‬ ‫بســيط‪ :‬أ ّن الفضائيــات أنصفــت خــر ذبحهــا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ع ّمــة زينــب هنــاك أيض ـاً‪ .‬مقســوم ٌة إىل أقســامٍ ثالث ـة غــر‬ ‫متســاوية‪ ،‬فالقذيفــة مل تكــن مــز ّود ًة برشيــط قيــاس‪.‬‬ ‫الطابق األريض‪ :‬موتٌ وحياة‬ ‫رضة زينــب امل ُــ ّرة صــارت بــا مــرا ٍر وال ضغائــن‪ .‬وضعــت‬ ‫ّ‬ ‫ابنهــا الوحيــد يف حضنهــا وصعــدت بــه إىل الســاء العادلــة‪.‬‬ ‫أسامء وابنها ومن تبقى من بناتها ذهبوا إىل املشفى‪.‬‬ ‫يوم السبت‪:‬‬ ‫أفاقــت زينــب‪ .‬انشــل َح ْت مــن حــول معصمهــا أســاور التنــك‪.‬‬ ‫ـب أزرق ِ‬ ‫توصــل اإلبــرة منــه مصـ َـل الحيــاة‬ ‫حـ ّـل مكانهــا ثقـ ٌ‬ ‫إىل دمهــا‪ .‬يؤملهــا الثقــب‪ .‬تؤملهــا عيناهــا املقروحتــان بالرمــل‪.‬‬ ‫تبــي فيؤملهــا جــرح بطنهــا‪ .‬يؤملهــا رأســها الثقيــل‪ .‬تؤملهــا‬ ‫املراييــل البيضــاء الغريبــة الحامئــة حولهــا‪ .‬يؤملهــا أنهــا ال‬ ‫تعــرف أيــن هــي‪ ،‬وال تعــرف ملــاذا عليهــا أن تكــون وحدهــا‬ ‫ـوس متامـاً مــن ذاكرتها‪.‬‬ ‫يف مــكان غريــب‪ .‬يــوم الجمعــة مطمـ ٌ‬ ‫يرفــع الطبيــب عنهــا غطــاء الرسيــر فتجفــل‪ :‬أريــد ثيــايب!‬ ‫ينتبــه الطبيــب أنهــا عاريــ ٌة إالّ مــن حفاضــة الطفــل‬ ‫الســعيد‪ ،‬وربــاط شـ ٍ‬ ‫ـاش طويــلٍ مــن لــزوم املشــفى ربطــت‬ ‫بــه املمرضــة شــعرها الطويــل املح ّنــى بــدم يابــس‪ .‬يرســل‬ ‫الطبيــب مــن يشــري لهــا بيجامــة‪ ،‬وثيابـاً داخليــة‪ ،‬ومنشــفة‪،‬‬ ‫ـري اللــون أحبتــه‬ ‫وقطعــة صابــون‪ ،‬وربطــة شــعر‪ ،‬وكلبـاً زهـ ّ‬ ‫زينــب وأرقدتــه إىل جوارهــا‪ .‬بــدأت تركــن إىل يــد الطبيــب‬ ‫وهــو يغـ ّـر لهــا ضــاد الجــرح‪ ،‬ويســاعدها عــى الوقــوف‬ ‫لتبــدأ حياتهــا التــي كادت أمــس تنتهــي‪ .‬حيــاة زينــب‪ :‬أمنيـ ُة‬

‫الطبيــب املســتحيلة التــي مل تعــد مســتحيلة‪.‬‬ ‫يوم األحد‪:‬‬ ‫يرافقهــا الطبيــب لرؤيــة أمهــا يف قســم اإلصابــات العظميــة‪.‬‬ ‫رب‬ ‫عــى الطريــق القصــر تســتعيد زينــب بعضـاً مــن جاللــة ّ‬ ‫األرسة الصغــر الــذي صارتــه منــذ ســتة شــهور‪ .‬منــذ عــاد‬ ‫والدهــا مــن الســجن يف كفــن‪ .‬أخــذوه عــن الطريــق أثنــاء‬ ‫عودتــه مــن وظيفتــه الحكوميــة ليعــرف بأســاء اإلرهابيــن‬ ‫وأماكنهــم‪ .‬صمــد أمــام «أويل األمــر» عــرة أيــامٍ رضبــوه‬ ‫خاللهــا بســخاء‪ ،‬وقطعــوا عنــه إنســولينه الــذي يحييــه منــذ‬ ‫كان يف العرشيــن‪ .‬اختــار أن ميــوت بفائــض الســكر ال بعــار‬ ‫خيانــة األصحــاب‪ .‬مل يلحــق أن يــويص زينــب بأمهــا وأخواتهــا‬ ‫وأخيهــا‪ .‬هــي التــي اختــارت شَ ــغل مكانــه الفــارغ‪ :‬ترعــى‬ ‫البيــت وترعــى إخوتهــا‪ ،‬وتــوايس أمهــا الضعيفــة حتــى قبــل‬ ‫أن تصــر أرملــة‪ .‬اليــوم أيض ـاً تحتــاج أ ُّمهــا إىل بســمتها‪.‬‬ ‫أفاقــت أســاء مــن ســكرة رعبهــا عــى رسيــر املشــفى‪ .‬يف‬ ‫دســه الج ـ ّراح ليســند بــه مــا‬ ‫يدهــا اليــرى ســي ٌخ معــد ٌّين ّ‬ ‫تفتّــت مــن عظــام يدهــا‪ .‬تتغطّــى مبريــول املشــفى األخــر‪،‬‬ ‫حملــة صــد ٍر مهرتئــ ٌة ومبلولــ ٌة بدمــوع ثدييهــا‬ ‫تحتــه ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ي كان أبيــض‬ ‫الحزينــن عــى رحيــل حنــن‪،‬‬ ‫ورسوال داخــ ٌ‬ ‫قبــل أن يع ّفــره الرمــل‪ .‬ذاتُ املزيّــن رقــش وجههــا ووجهــي‬ ‫أمــرة وبـراءة بوشــومٍ أقــل إتقانـاً‪ .‬بـراءة ذات الســنتني تنــام‬ ‫بحفاضتهــا‪ ،‬وأمــرة بأعوامهــا الخمســة تتغطّــى بالرششــف‪.‬‬ ‫مــا زالــت أمــرة تــرى نفســها جميلــة‪ .‬متســك بيديهــا‬ ‫الهاتــف املحمــول‪ ،‬ترســل منــه نــداء اســتغاثة إىل «بــن ‪-‬‬ ‫تــن» الــذي سيســحق األرشار‪ ،‬ونــدا ًء إىل «ســبونج بــوب»‬ ‫ورفيقــه «بســيط»‪ ،‬تز ّودهــا بتفاصيــل خططهــم القادمــة‬ ‫معــاً‪ ،‬ثــم ترمــي الهاتــف‪ ،‬وتــرح يف األعــراس التــي متــأ‬ ‫رأســها؛ لــو تعــود إىل صالــون البيــت وتضفــر شــعرها بــورود‬ ‫بالســتيكية ترسقهــا مــن املزهريــة املصمــودة عنــد الزاويــة‪،‬‬ ‫وتــرق شــلحة (اللبــاس الداخــي) أمهــا الدانتيــل الزهريّــة‪،‬‬ ‫وتصــر عروســاً عــى أخواتهــا أن يرتكــن دروســه ّن ويغنــن‬ ‫لهــا‪ ،‬ويلتقطــن لهــا الصــور الوهميّــة بوضعيّـ ٍ‬ ‫ـات يوحــي لهــا‬ ‫بهــا رأســها املشــاغب‪.‬‬ ‫يف الطابــق األعــى يرقــد عبــد اللطيــف‪ ،‬الــردان يف حروقــه‪.‬‬ ‫أفــاض املزيّــن يف وشــم وجهــه فطمــس شــفتيه وأنفــه‬ ‫وعينيــه‪ .‬طمــس وع َيــه أيضـاً‪ .‬ظـ ّـل يف غيبوبتــه حتــى صبــاح‬ ‫اليــوم‪ .‬صحــا مرعوبــاً عــى صــوت الرصــاص يف ســاحة‬ ‫املشــفى ابتهاجــاً بتشــييع شــهيد الجيــش‪ .‬انتفــض‪ ،‬قفــز‬ ‫وانزلــق يختبــئ متقوقعـاً تحــت الرسيــر‪ .‬ال أحــد يعــرف كــم‬

‫لميس الرحبي‬ ‫أال سجل َ‬ ‫أنس‪...‬‬ ‫هداك الله يا جرحي‪...‬‬ ‫ومنذ نعوم ِة األظفا ِر ال َ‬ ‫الكل مجتمعون يف امل ْرىس‪....‬‬ ‫بأ َّن َّ‬ ‫أنا عربي ُة ال ِه َّمةْ‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫يقول كب ُريهم ن ِّد ْد‪!!..‬‬ ‫يل يسم ُع األ َّمةْ‪....‬‬ ‫ع ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يقول صغريهم ر ِّد ْد‪!!..‬‬ ‫كل أفَّاقٍ بال ذ َّمةْ‪...‬‬ ‫ويكر ُه َّ‬ ‫بكل ما أُو ِر ْد‪...‬‬ ‫قت ِّ‬ ‫ينادي زينباً أُخرى‪..‬‬ ‫ولكني ُص ِع ُ‬ ‫ننطق‪...‬‬ ‫تُتي ُه بخاطري ذكرى‪...‬‬ ‫معا نقرأْ‪ ...‬معا ْ‬ ‫يقبل؟؟؟!!!‬ ‫فهل ْ‬ ‫زلت أرص ُخ ث َّم يهوي الصوتُ‬ ‫نعم عربي ٌة ما ُ‬ ‫تقبل؟!!‬ ‫هل ْ‬ ‫معتصامااااااه‪ْ ....‬‬ ‫يل لو رأى سيفاً‪..‬‬ ‫ع ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫هنــا األوال ُد مــ ّدوا يك يســ ُّدوا الجــو َع أيديَهــم إىل‬ ‫يقبل؟؟!!‬ ‫هل ْ‬ ‫يُغ َّر ُق م ْن جنونِ الحقد باألطفا ِل ْ‬ ‫البــدرِ‪..‬‬ ‫يل لو رأى حبالً‬ ‫ع ٌّ‬ ‫يطــ ِّو ُق كل أعنــاقِ النســاء اليــو َم واألشــبا ِل هــل وتع ُرب طائرات (الخري)‪ ...‬ميحو صوتُها أثري‪....‬‬ ‫الس َّم يف عمري‪ ...‬وال أدري‪......‬‬ ‫يقبــل؟‬ ‫ْ‬ ‫لقد عربوا ‪ ...‬ورشُّ وا ُ‬ ‫كل أنثى يف دياري اليو َم‪...‬‬ ‫وراحوا‪ .....‬واستباحوا ّ‬ ‫منجل؟؟!!‬ ‫حصا ٌد ل ُه ْ‬ ‫أيُ ْنظَ ُر يف رؤى التاري ِخ َّ‬ ‫تقبل؟؟؟!!!‬ ‫معتصام ُه‪ ...‬هل ْ‬ ‫ويحص ُد يف ظالمِ الليلِ أرواحاً ألطفا ٍل‬ ‫الص ِ‬ ‫مت؟؟‬ ‫ترحل؟؟؟‬ ‫وأ ٍّم ملْ تع ْد ْ‬ ‫أتسم ُع عن جنونِ َّ‬ ‫أال سجل َ‬ ‫يصمت وإن ألقَوا بصاحب ِه لواديهم‪..‬‬ ‫إ َّن املوتَ مل‬ ‫هداك الله‪...‬‬ ‫ْ‬ ‫هنا عربوا‪ ...‬وراحوا‪...‬‬ ‫أهيل ههنا ولدوا‪ ....‬هنا عاشوا‪..‬‬ ‫واستباحوا ضحك َة األطفا ِل‪..‬‬ ‫وملْ يسم ْع به ْم أح ُد‪ ...‬ويف أرواحنا وت ُد‪...‬‬ ‫تضي ُع ِ‬ ‫نقبل‪...‬‬ ‫نقبل‪ ...‬ولن ْ‬ ‫لن ْ‬ ‫بأرض قافيتي وال تدري بها البل ُد‪.....‬‬

‫بقــي هنــاك يســقي بــاط املشــفى مــن مــاء حروقــه‪ ،‬ومــن‬ ‫دمــه الــذي يقطــر مــن الثقــب مــكان إبــرة الســروم الــذي‬ ‫انزلــق مــن وريــده‪ ،‬إىل أن اســتدرجته املمرضــة وعــاد إىل‬ ‫رسيــره يطلــب رؤيــة أمــه أو زينــب‪ ،‬يناديهــا أن تشــعال‬ ‫الضــوء يك يــرى‪ .‬يتكــ ّزز وجهــه وال يرتخــي‪.‬‬ ‫عبد اللطيف اآلن أعمى‪.‬‬ ‫يوم الثالثاء‪:‬‬ ‫توقــف القصــف يف بــرى الشــام‪ .‬أتــت ج ّراف ـ ٌة واقتلعــت‬ ‫ركام بيــت العائلــة بإســمنته وأغراضــه وبقايــا لحــم أهلــه‪ .‬مل‬ ‫يكــن ممكنـاً إنقــاذ يشء‪ .‬نقلــت الج ّرافــة الحطــام كامـاً إىل‬ ‫ـوت كثــرة‪ ،‬وبكومـ ٍ‬ ‫حفــرة كبــرة‪ ،‬أســو ًة ببيـ ٍ‬ ‫ـات مــن األكيــاس‬ ‫ـي كانــوا معـاً يف‬ ‫الســوداء التــي مــن بينهــا فتــاتٌ لـــ‪ 300‬آدمـ ٍّ‬ ‫قبـ ٍو للّجــوء ســقط عليــه برميـ ٌـل قــذر‪.‬‬ ‫يوم الخميس‪:‬‬ ‫أســاء تنهــض مــن رسيرهــا‪ .‬زينــب بعينيهــا الصافيتــن مــن‬ ‫الرمــل تســند أمهــا ٍ‬ ‫بيــد‪ ،‬وباألخــرى تســند عبــد اللطيــف‬ ‫الــذي يســتند هــو اآلخــر إىل ع ـكّاز جديــد‪ .‬خلفهــم متــي‬ ‫أمــرة والهاتــف املحمــول رفيــق يدهــا‪ .‬ترســل منــه رســائل‬ ‫تبــره أ ّن عائلتهــا يف رحلــة‬ ‫جديــدة إىل «ســبونج بــوب»‪ّ ،‬‬ ‫العــودة إىل الــدار‪ .‬بـراءة تقضــم بشــهي ٍة سندويشــة شــاورما‪.‬‬ ‫ثيــاب جديــد ٍة مثــل ثيــاب العيــد‪ ،‬هديــة‬ ‫جميعهــم يف‬ ‫ٍ‬ ‫الطبيــب الجــ ّراح‪ ،‬ويقينــه بأمنيتــه املســتحيلة‪.‬‬ ‫أســاء حزينــة‪ .‬تبــي بقلبهــا املتســاقط مــن جيوبــه ابنتــان‪.‬‬ ‫تقفــل مبفتــاح دعائهــا عــى الجيــوب األربعــة الباقيــة‪.‬‬ ‫طبيــب‬ ‫تبــي عــى آيــة‪( .‬آيــة كانــت أذىك بنــايت‪ .‬مــا مــ ّر‬ ‫ٌ‬ ‫لــت آيــة وقــد صــارت طبيبــة مبريــول‬ ‫ملعاينتــي إالّ وتخ ّي ُ‬ ‫أبيــض)‪.‬‬ ‫تبــي حنــن‪ .‬وتبــي أيض ـاً وجع ـاً مــن وخــز ثدييهــا‪ ،‬ومــن‬ ‫وخــز الســيخ ال ّدخيــل إىل يدهــا‪.‬‬ ‫أسامء أيضا فرحانة‪:‬‬ ‫رب مل يأخذ من بنايت سوى اثنتني‪.‬‬ ‫ريب عطوف! ّ‬ ‫رب كري ـ ٌم! بــدأ عبــد اللطيــف يــرى بعــض األخيلــة‪ ...‬وقــد‬ ‫ّ‬ ‫يعــود بــره‪ .‬لقــد أ ّملنــي الطبيــب‪.‬‬ ‫رب رح ٌيم! أوالدي الباقون مل تُقطع لهم ي ٌد وال رِجل!‬ ‫ّ‬ ‫رب ٌ‬ ‫رؤوف! ســيبني لنــا خــايل غرفــة يف دار أهــي‪ ،‬وســيبني‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وحممـاً يل وألوالدي‪ .‬وســنأخذ الجـ ّد املشــلول‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫مطبخ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫معه‬ ‫ّ‬ ‫معنــا‪ ،‬إن قبــل‪.‬‬ ‫ســتختفي حروقنــا‪ ،‬وتبقــى النــدوب‪ .‬النــدوب‪ :‬لــزوم‬ ‫تظــل صاحيــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الذكريــات يك‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫تس��اؤالت يف كت��اب «تهاف��ت اإلعج��از الع��ددي» حلم��زة رس��تناوي‬ ‫الكت��اب‪ :‬تهاف��ت اإلعج��از الع��ددي يف‬ ‫الق��رآن الكري��م‬ ‫الكاتب‪ :‬الدكتور محزة رستناوي‬ ‫الناش��ر‪ :‬أرواد للطباع��ة والنش��ر‪،‬‬ ‫الطبع��ة األوىل ‪2014‬‬

‫يتألــف الكتــاب مــن فهــرس‪ ،‬التمهيــد‪:‬‬ ‫إشــارات عــى طريــق التهافــت (ص ‪ ،)9‬الفصــل‬ ‫األول‪ :‬عــن إعجــاز القــران الكريــم (ص ‪،)19‬‬ ‫الفصــل الثــاين‪ :‬مقدمــة عــن اإلعجــاز العــددي‬ ‫(ص ‪ ،)23‬الفصــل الثالــث‪ :‬االعجــاز العــددي‬ ‫عنــد االقدمني‪-‬ق ـراءة نقديــة (ص ‪ ،)29‬الفصــل‬ ‫الرابــع‪ :‬بانورامــا اإلعجــاز العــددي عنــد‬ ‫املعارصيــن (ص ‪ ،)35‬الفصــل الخامــس‪ :‬تقنيــة‬ ‫حســاب الجمــل (ص ‪ ،)53‬الفصــل الســادس‪:‬‬ ‫تقنيــة التعــداد يف اإلعجــاز الرقمــي (ص ‪،)61‬‬ ‫الفصــل الســابع‪ :‬تقنيــة التمركــز حــول عــدد‬ ‫ســحري (ص ‪ ،)79‬الفصــل الثامــن‪ :‬تقنيــة‬ ‫اإلعجــاز الحيــزي والطباعــي (ص ‪ ،)89‬الفصــل‬ ‫التاســع‪ :‬قــراءة يف املوقــف املعــارض لإلعجــاز‬ ‫العــددي (ص ‪ ،)117‬الفصــل العــارش‪ :‬اإلعجــاز‬ ‫العــددي وســؤال الجــدوى (ص ‪ ،)135‬هوامــش‬ ‫الكتــاب (ص ‪ ،)149‬مراجــع الكتــاب (ص ‪،)169‬‬ ‫عــن الكتــاب‪.‬‬ ‫* عن إعجاز القران الكريم‬ ‫اآليــات القرانيــة التــي تــدل عــى إعجــاز القــرآن‬ ‫للبرش جميعــاً‪....‬‬ ‫َــن ا ْجتَ َم َع ِ‬ ‫ــت ْ ِ‬ ‫ــى أَ ْن‬ ‫ْــس َوالْجِــ ُّن َع َ‬ ‫ُــل ل ِ ِ‬ ‫«ق ْ‬ ‫الن ُ‬ ‫ْ‬ ‫يَأْتُــوا بِ ِثْــلِ َه ـذَا الْ ُق ـ ْر َآنِ لَ يَأتُــو َن بِ ِثْلِ ـ ِه َولَ ـ ْو‬ ‫كَا َن بَ ْعضُ ُهــ ْم لِبَ ْع ٍ‬ ‫ــض ظَهِــرا ً « (االرساء ‪)88‬‬ ‫ْ‬ ‫ــر ُســ َو ٍر‬ ‫ْــرا ُه ۖ ق ْ‬ ‫ُــل فَأتُــوا ِب َع ْ ِ‬ ‫«أَ ْم يَقُولُــو َن اف َ َ‬ ‫ْتيَ ٍ‬ ‫ــات َوا ْد ُعــوا َمــنِ ْاســتَطَ ْعتُم ِّمــن‬ ‫ِّمثْلِــ ِه ُمف َ َ‬ ‫ُدونِ اللَّــ ِه إِن كُنتُــ ْم َصا ِد ِقــ َن» (هــود ‪)13‬‬ ‫ــى َع ْب ِدنَــا‬ ‫« َوإِن كُنتُــ ْم ِف َريْ ٍ‬ ‫ــب ِّمــاَّ نَ َّزلْ َنــا َع َ ٰ‬ ‫فَأْتُــوا ب ُِســو َر ٍة ِّمــن ِّمثْلِـ ِه َوا ْد ُعــوا شُ ـ َه َدا َءكُم ِّمــن‬ ‫ُدونِ اللَّ ـ ِه إِن كُنتُ ـ ْم َصا ِد ِق ـ َن» (البقــرة ‪)23‬‬ ‫يقــول الكاتــب عــن موضــوع «إعجــاز القــرآن‬ ‫الكريــم» بأنــه أصبــح مــن «مســلامت العقيــدة‬ ‫اإلســامية» وإن «اإلعجــاز العــددي» ال ميكــن‬ ‫النظــر اليــه كموضــوع مســتقل‪ ،‬ويقــول‪...« :‬‬ ‫بالصفــة‬ ‫وباســتثناء بعــض املعتزلــة ممــن قــال ِّ‬ ‫كإبراهيــم بــن يســار النظــام املتــويف ســنة ‪231‬‬ ‫للهجــرة وهشــام الفوطــي وعبــاد بــن ســلامن‪..‬‬ ‫ال نــكاد نجــد مــن ِفــ َرق املســلمني قدميــاً‬ ‫وحديث ـاً‪ ،‬مــن يتوقــف عنــد «مســلمة إعجــاز‬ ‫القــرآن الكريــم»‪.‬‬ ‫* أسئلة ومالحظات‪:‬‬ ‫ملــاذا مل يناقــش املســلمون قدميــاً وحديثــاً‬ ‫«مســلمة إعجــاز القــران الكريــم»؟‬ ‫هــل إعجــاز القــرآن الكريــم فقــط «إعجــاز‬

‫موضوعــي‪ ،‬أي أنــه حجــة عــى النــاس‪ ،‬وتحــدي‬ ‫لهــم أن يؤلفــوا قرآن ـاً عــى شــاكلته»؟‬ ‫أم أن هنــاك إعجــاز (أو إعجــازات) أخــرى غــر‬ ‫تأليــف النــاس (البــر) جميع ـاً قرآن ـاً (كتاب ـاً)‬ ‫عــى شــاكلته؟‬ ‫فــاذا عرفنــا ســبب هــذا اإلعجــاز‪ ،‬تبــن لنــا‬ ‫ملــاذا كان البــر غــر قادريــن (قدمي ـاً وحديث ـاً‬ ‫ومســتقبالً) عــى اإلتيــان مبثلــه‪ ..‬فهــل درس‬ ‫أحــد هــذا املوضــوع بدقــة علميــة؟!‬ ‫*الفصل الثاين‪ :‬مقدمة عن اإلعجاز العددي‬ ‫أوالً‪ :‬تعريف‬ ‫ثانياً‪ :‬إعجاز عددي أم إعجاز رقمي؟‬ ‫ثالثــاً‪ :‬يف إنتــاج وتلقــي ظاهــرة اإلعجــاز‬ ‫العــددي‬ ‫*الفصــل الثالــث‪ :‬اإلعجــاز العــددي عنــد‬ ‫األقدمني‪-‬قــراءة نقديــة‬ ‫*الفصــل الرابــع‪ :‬بانورامــا االعجــاز العــددي‬ ‫عنــد املعارصيــن‬ ‫اإلعجــاز العــددي يعــود إىل الــريك بديــع‬ ‫الزمــان ســعيد النــوريس‪ ،‬املتــويف ‪ 1960‬للميــاد‬ ‫يف «رســائل النــور»‪.‬‬ ‫ويقــول الكاتــب عــن رشــاد خليفــة وقصــة‬ ‫الرقــم ‪« :19‬وبعــد ذالــك ادعــى رشــاد خليفــة‬ ‫أنــه صاحــب وحــي اســتنادا ً إىل معجــزة الرقــم‬ ‫‪ 19‬يف القــرآن الكريــم‪ ،‬ونــر بيــان النبــوة‬ ‫‪»1988‬‬ ‫ســؤال‪ :‬هــل هنــاك مرجــع لهــذا البيــان ومــا‬ ‫جــاء فيــه؟‬ ‫ويســتمر الكاتــب بالــرح‪« :‬وقــي الرجــل‬ ‫مقتــوالً يف منزلــه يف مدينــة توســان األمريكيــة‬ ‫‪1990‬م‪ .‬ولقــد جــرى اتهامــه عــى نطــاق‬ ‫واســع يف العــامل العــريب واإلســامي بالبهائيــة»‬ ‫سؤال‪ :‬هل يوجد مرجع ملثل هذا االتهام؟‬ ‫مالحظــة‪ :‬ألنــه مــن املعــروف عــن البهائيــة‬ ‫وتعاليمهــا بأنهــا ال تتدخــل يف مثــل هــذه‬ ‫املوضوعــات عــى اإلطــاق‪ .‬أمــا الحركــة‬ ‫القاديانيــة (األحمديــة)‪ ،‬فهــي أقــرب إىل‬ ‫موضــوع إدعــاء النبــوة‪ ،‬فهــي تقــول بــأن‬ ‫الوحــي مل ينقطــع مــن الســاء‪ ،‬وأن هنــاك‬ ‫أنبيــاء‪ ،‬ال يأتــون برســالة إســامية جديــدة‪ ،‬وإمنا‬ ‫يقدمــون تفســرات جديــدة للقــرآن الكريــم‬ ‫بوحــي مــن اللــه‪ ،‬وأن نبيهــم غــام أحمــد‪ ،‬كان‬ ‫يدعــو إىل ذلــك‪ ،‬ومــن بعــده أنبياؤهــم‪( .‬انظــر‬ ‫أي مرجــع عــن القاديانيــة وختــم النبــوة)‪.‬‬ ‫ويقــول الكاتــب‪« :‬أيــاً كان فقــد جــرى‬ ‫االســتفادة مــن اإلعجــاز العــددي يف الخطــاب‬ ‫الدعــوي اإلســامي‪ ،‬كقرينــة إضافيــة «ذات‬ ‫طابــع موضوعــي قابــل للتجريــب وحجــة عــى‬ ‫غــر املســلمني»‪.‬‬ ‫سؤال‪ :‬من أجل ماذا هذه القرينة اإلضافية؟‬

‫ويتابــع الكاتــب التوضيــح‪« :‬حيــث كتــب‬ ‫الداعيــة املشــهور مصطفــى محمــود وهــو مــن‬ ‫املؤيديــن للدكتــور رشــاد خليفــة موضوعــن‪،‬‬ ‫األول باســم «كهيعــص» يف كتابــه «حــوار مــع‬ ‫صديقــي امللحــد»‪ ،‬مــارس ‪ ،1974‬ص ‪-108‬‬ ‫‪( ».130‬عــن مــاذا يتحــدث هــذا الكتــاب؟)‬ ‫«والثــاين باســم «الحــروف واألعــداد» يف كتابــه‬ ‫«مــن أرسار القــرآن» ابريــل ‪ ،1976‬ص ‪-61‬‬ ‫‪ ،68‬ذكــر فيهــا بعــض مــا توصــل إليــه رشــاد‬ ‫خليفــة»‪.‬‬ ‫ســؤال‪ :‬هــل كان يؤيــد ويوافــق عــى مــا كتــب‬ ‫رشــاد خليفــة حــول نظريتــه عــن الرقــم ‪19‬‬ ‫وحــول اإلعجــاز العــددي؟‬ ‫مالحظــة‪ :‬املعــروف عــن الدكتــور مصطفــى‬ ‫محمــود‪ ،‬يف تلــك الفــرة الزمنيــة‪ ،‬بأنــه كان‬ ‫يؤمــن ويتابــع األفــكار القاديانيــة (األحمديــة)‪،‬‬ ‫(انظــر إىل كتابــه حــول التفســر العــري‬ ‫للقــرآن وانظــر مــا كتبتــه الدكتــورة بنــت‬ ‫الشــاطئ‪ ،‬يف ذالــك الوقــت‪ ،‬حــول مصطفــى‬ ‫محمــود وأفــكاره وعالقتهــا بالقاديانيــة‪ ،‬ال‬ ‫أتذكــر اســم الكتــاب اآلن)‪ ،‬فــا غرابــة أن‬ ‫ميــدح مصطفــى محمــود رشــاد خليفــة عــى‬ ‫«إبداعاتــه» اإللهيــة‪.‬‬ ‫ردات الفعــل املعارضــة لظاهــرة رشــاد خليفــة‬ ‫أخــذت ثالثــة اتجاهــات‪:‬‬ ‫أوالً‪ -‬االتجاه اإلجرايئ‪:‬‬ ‫مالحظــة‪ :‬هنــاك خطــأ يف الجملــة التاليــة‪:‬‬ ‫«فهــم يعرتضــون عــى اإلعجــاز العــددي عنــد‬ ‫رشــاد خليفــة‪ ،‬وليــس عــى االعجــاز العــددي»‪..‬‬ ‫وأعتقــد أن املقصــود «اإلعجــاز الرقمــي»‪ ..‬فهــل‬ ‫هــذا هــو املقصــود؟‬ ‫ثانيــاً – االتجــاه العقائــدي‪« :‬االنحرافــات‬ ‫العقائديــة عنــد رشــاد خليفــة‪»..‬‬ ‫ســؤال‪ :‬ليــس فيهــا أي ســبب عــن انتامئــه‬ ‫للقاديانيــة وأفكارهــا ومفاهيمهــا اإلســامية‬ ‫(أليــس هــذا عجبــاً؟)‬ ‫ثالثــاً – يقــول الكاتــب‪« :‬االعــراض عــى‬ ‫مرشوعيــة اإلعجــاز العــددي بحــد ذاتــه‪،‬‬ ‫مســتندا ً عــى أســس «رشعيــة» ويصنفــه ضمــن‬ ‫البــدع ومســتحدثات الديــن»‪..‬‬ ‫ســؤال‪ :‬مــا هــو الفــرق بــن الثــاين والثالــث‪،‬‬ ‫إذا كان كل منهــا يســتخدم نفــس املفهــوم‬ ‫العقائــدي بطريقــة مختلفــة‪.‬‬ ‫(الجمــع بيــت فتــوى ابــن بــاز‪ ،‬وفتــوى‬ ‫القرضــاوي)؟‬ ‫يتابــع الكاتــب بعــد ذالــك رشحــه وتقدميــه‬ ‫لبعــض مــن تكلــم وكتــب يف اإلعجــاز‬ ‫العــددي (ابــن خليفــة عليــوي ‪ ،1983‬محمــد‬ ‫الســعيد الــداودي ‪ ،)1987‬دون تفصيــات‬ ‫حــول مفاهيــم وقيمــة كل نظريــة مــن هــذه‬

‫النظريــات (مرتوكــه للفصــول القادمــة)‪.‬‬ ‫الفلسطيني بسام جرار وتأسيسه ملركز نون‬ ‫والســوري عبــد الدائــم الكحيــل (انظــر موقــع‬ ‫عبــد الدايــم الكحيــل‪ :‬اإلعجــاز العلمــي يف‬ ‫القــرآن والســنة‬ ‫واألردين عبــد اللــه جلغــوم والعراقــي أحمــد‬ ‫إســاعيل والســوري عدنــان الرفاعــي (كتــاب‬ ‫املعجــزة)‪.‬‬ ‫* مالحظة‪ :‬أكثرهم خرافة‪.‬‬ ‫النقــود املوجهــة «للمــروع اإلعجــازي‬ ‫للرفاعــي» فقــد جــاءت عــن طريقــن‪ :‬األول‬ ‫إن مــا جــاء بــه ليــس بجديــد وهــو «مــروق»‬ ‫مــن ســابقيه (عبــد الــرزاق نوفــل)‪ .‬الثــاين‬ ‫ينتقــد «خطــأ منهجــي» وقــع فيــه اإلعجازيــون‬ ‫عامــة (أحمــد شــكري‪ :‬ومــا هــو هــذا الخطــأ؟‬ ‫االختــاف يف أوجــه القــراءة ورســم املصحــف‬ ‫وعــدد اآليــات؟)‪.‬‬ ‫كتــاب فريــد قبطــي الجزائــري‪« :‬طلــوع‬ ‫الشــمس مــن مغربهــا»‪ .1999 ،‬كتــاب عــادل‬ ‫كــال جميــل العراقــي‪« :‬كــال اإلعجــاز يف‬ ‫القــرآن الكريــم»‪ .2001 ،‬كتــاب عاطــف‬ ‫صليبــي‪« :‬أرسع الحاســبني»‪ .2002 ،‬وأعلــن‬ ‫الدكتــور ابراهيــم كامــل كتابــه‪« :‬الشــفرة‬ ‫الرقميــة القرآنيــة»‪( 2007 ،‬برنامــج «البصمــة‬ ‫القرآنيــة»)‪ .‬وكتــب الســعودي عــى مفــرح‬ ‫الشــهري «آيــة ســتنرب الكــرى»‪.2005 ،‬‬ ‫مالحظــة‪ :‬ال بــد أن هنــاك خطــأ مطبعــي يف‬ ‫كلمــة‪« :‬ســتنرب» واألصــح هــو‪ :‬ســيبتمرب‬ ‫وكتــب إيــاد أســعد‪« :‬مالحظــات عدديــة يف‬ ‫القــرآن الكريــم»‬ ‫ســؤال‪ :‬مــا دخــل رضــوان ســعيد الفقيــه‬ ‫باملوضــوع الــذي جــاء اســمه مــع مــن كتــب‬ ‫مــن الشــيعة حــول هــذا املوضــوع‪ ،‬هــل هنــاك‬ ‫خطــأ مطبعــي؟‬ ‫ولــي يســتقيم التعريــف بالكتــاب ال بــأس مــن‬ ‫عــرض رســالة الكتــاب بقلــم املؤلــف نفســه‪،‬‬ ‫كــا هــي‬ ‫*رســالة الكتــاب بقلــم الكاتــب نفســه ُمثبتــة‬ ‫عــى الغــاف األخــر‪.‬‬ ‫أمــام حالــة الفــوات الحضــاري الــذي تعيشــه‬ ‫املجتمعــات العربيــة اإلســامية‪ ،‬وبــدالً مــن‬ ‫مواجهــة التحــدي بالعمــل عــى تنميــة البعــد‬ ‫العلمــي‪ ،‬وتجــاوز القصــور الــذي يعــري فهمنــا‬ ‫للبعــد العقائــدي‪ ،‬والبــدء مبــروع تنويــري‪،‬‬ ‫وبــدالً مــن أن نواجــه حقيقــة تأخرنــا وقصورنــا‬ ‫ونعمــل عــى تجاوزهــا‪ ،‬ظهــرت اســتجابات‬ ‫معاكســة َم َر ِض َّيــة مــن مظاهرهــا‪ :‬اإلنــكار‬ ‫وتو ُّهـ َـات الكــال والهــروب للــايض ونظريــة‬ ‫املؤامــرة واالنكفــاء عــى الــذات‪ ..‬وظاهــرة‬

‫اإلعجــاز العلمــي‪ /‬العــددي – وفــق زعمــي ‪-‬‬ ‫مــا هــي إال إحــدى ظواهــر القصــور الحضــاري‬ ‫الــذي تعاين منــه مجتمعاتنــا العربية االســامية‪.‬‬ ‫إ ّن اإلعجــاز العــددي يشــبه التنجيــم‪ ،‬مــن‬ ‫حيــث اســتخدامه لحجــج ذات طبيعــة علميــة‬ ‫وحســابية‪ ،‬مــع افتقــاد كليهــا ملعايــر العلــم‪..‬‬ ‫وقــد يكــون مــن الدوافــع األساســية للكتابــات‬ ‫اإلعجازيــة والتح ّمــس لهــا‪ :‬التقــوى والرغبــة‬ ‫يف الثــواب األخــروي‪ ،‬ولكــن هــذه التقــوى‬ ‫والنوايــا الطيبــة لوحدهــا ال تكفــي‪ ،‬فالتقــوى‬ ‫يف مجــال البحــوث مرشوطــة بتطبيــق معايــر‬ ‫البحــث العلمــي‪ ،‬وكذلــك بالثمــرة العمليــة‬ ‫لهــذه البحــوث مبــا ينفــع النــاس‪ ،‬فباإلضافــة إىل‬ ‫العيــوب املنهجيــة يف هــذه الكتابــات نجــد أن‬ ‫القضايــا التــي يتصـ ّدى لحلهــا اإلعجــاز العــددي‬ ‫هــي‪ :‬إمــا قضايــا إشــكالية ذات طابــع غيبــي‬ ‫اســتهلكت جــدالً عــر التاريــخ البــري ومــن‬ ‫املســتحيل البــت بهــا عــى طريقــة تقديــم‬ ‫براهــن علميــة ورياضيــة‪ ،‬أو أنهــا قضايــا مجــال‬ ‫حســمها هــو علــم التاريــخ والوثائــق‪ ،‬أو أنــه‬ ‫– يف حــاالت كثــرة ‪ -‬بــدالً مــن حــل القضايــا‬ ‫اإلشــكالية نفســها‪ ،‬أدى اإلعجــاز العــددي إىل‬ ‫نتائــج عكســية‪ ،‬وخلــق إشــكاليات وشــكوك‬ ‫جديــدة‬ ‫* مالحظة ختامية‬ ‫أنــا مــن التيــار العقــاين (‪ ...‬ولكــن لســان‬ ‫حــايل يقــول القــرآن كتــاب هدايــة إىل الـراط‬ ‫املســتقيم ونــور ملتابعــة هــذا الطريــق ‪ :‬ألول‬ ‫مــرة أســمع مثــل هــذه الخرافــات‪ ،‬لدرجــة‬ ‫قــررت أن ال أتابــع ق ـراءة الكتــاب بالتفصيــل‪،‬‬ ‫ولكــن شــكرا ً للدكتــور حمــزة رســتناوي عــى‬ ‫هــذا الجهــد العلمــي الكبــر يف موضــوع قــد‬ ‫ال يســتحق كل هــذا التعــب والجهــد‪ ،‬جعلــه‬ ‫اللــه يف ميــزان حســناته يــوم القيامــة‪.‬‬ ‫*رســالة مــن د‪ .‬وليــد فــارس بخصــوص الكتــاب‪/‬‬ ‫الجامعــة اإلســامية العامليــة يف كوالملبور‪.‬‬ ‫كتــاب يســتحق القـراءة املتأنيــة‪ ،‬وقــد اطلعــت‬ ‫عــى الكتــاب ويف تقديــري املتواضــع أنــه‬ ‫أحــد أفضــل الكتــب التــي عالجــت موضــوع‬ ‫االعجــاز العــددي مبدخــل شــامل يضــع القضيــة‬ ‫يف موقعهــا الصحيــح الكتــاب ســيثري جــدالً‪-‬‬ ‫وهــذا أمــر محمــود‪ -‬ألنــه يثــر التفكــر ونفــض‬ ‫التصــورات املعتــادة والتقليديــة عــن األذهــان‪،‬‬ ‫وأتصــور أن خدمــة القــرآن األهــم تــأيت بالرتكيــز‬ ‫عــي رســالته األصليــة وهــي كونــه «هــدي‬ ‫ونــور» دون الدخــول يف قضايــا أخــرى قــد‬ ‫تــيء إىل االســام وكتــاب اللــه العزيــز أكــر‬ ‫مــا تفيــد‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد بربور‬

‫من��ح الفن��ان الس��وري مال��ك‬ ‫جندل��ي لق��ب «املهاج��ر العظي��م»‬ ‫الحرمل ـ وكاالت‬ ‫أعلنــت مؤسســة كارنيغــي األمريكيــة‬ ‫الخميــس بأنهــا منحــت املوســيقار الســوري‬ ‫مالــك جنــديل لقــب «املهاجــر العظيــم» لعام‬ ‫‪ 2015‬ملــا يبذلــه مــن أجــل العطــاء الفنــي‬ ‫يف إغنــاء الثقافــة األمريكيــة ومســاهمته يف‬ ‫تطويــر املجتمــع‪ .‬وضمــت الئحــة الفائزيــن‬ ‫لهــذا العــام ‪ 38‬شــخصية أمريكيــة مهاجــرة‬ ‫مــن ‪ 30‬جنســية عامليــة بينهــا مديــر رشكــة‬ ‫غوغــل املهنــدس النيوزيلنــدي غريــغ نيفيــل‬ ‫مانينــغ‪ ،‬العــامل األملــاين الحائــز عــى جائــزة‬ ‫نوبــل تومــاس شــودهوف‪ ،‬واملديــر التنفيذي‬ ‫ملتحــف امليرتوبوليتــان للفنــون تومــاس‬ ‫كامبيــل‪ .‬ويف مؤمتــر صحفــي عقــده الفنــان‬

‫يف مدينــة نيويــورك أهــدى جنــديل هــذه‬ ‫الجائــزة ألطفــال ســوريا والعــامل أجمــع‪،‬‬ ‫خاصــة الالجئــن واملهجريــن الذيــن يطالبــون‬ ‫بالســام والعدالــة وحقــوق اإلنســان‪.‬‬ ‫متنــح مؤسســة كارنيغــي هــذه الجائــزة‬ ‫الســنوية لشــخصيات أمريكيــة مهاجــرة‬ ‫ســاهمت بطريقــة فعالــة يف إغنــاء الثقافــة‬ ‫وإثــراء االقتصــاد واملجتمــع بــإرشاف لجنــة‬ ‫تحكيــم تضــم مجموعــة مــن األخصائيــن‬ ‫والعديــد مــن العلــاء والباحثــن‪.‬‬ ‫ومــن الجديــر بالذكــر أن طريقــة الرتشــيح‬ ‫وآليــة االختيــار والتقييــم غــر معلنــة الجائــزة‪ .‬ســيدرج اســم مالــك جنــديل ابــن هــذا اللقــب والتقديــر أمثــال العــامل وإســحق بريملــان باإلضافــة إىل املمثــل أرنولــد‬ ‫ومقتــرة عــى مجلــس إدارة املؤسســة مدينــة حمــص الســورية ضمــن الئحــة ألبــرت أينشــتاين‪ ،‬والعبــة التنــس مارتينــا شوارتســنيغر‪ ،‬أريانــا هوفينغتــون‪ ،‬الســفرية‬ ‫للحفــاظ عــى خصوصيــة وأهميــة هــذه شــخصيات عامليــة متميــزة حــازت عــى نفارتيلوفــا‪ ،‬واملوســيقيني العامليــن يويومــا ســانثا بــاور وهيــري كيســنجري‪.‬‬


‫حرمل الثقاقة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫‪15‬‬

‫املسرح يف حمافظة الرقة‬

‫صبحي دسوقي‬ ‫أشــار بعــض النقــاد إىل عــدم معرفــة العــرب‬ ‫للمــرح بشــكل عــام وأن بدايــة نشــاطهم‬ ‫املرسحــي يعــود إىل منتصــف القــرن التاســع عــر‬ ‫عــى يــد مــارون النقــاش عــام ‪1847‬‬ ‫وقــد ركــز األديــب خليــل هنــداوي عــى هــذه‬ ‫الفكــرة حــن قــال (ليــس عندنــا مــرح قديــم‬ ‫ألنــه مل يكــن يف أدبنــا ومجتمعنــا مــرح قديــم‬ ‫ولذلــك ولــد مرسحنــا ونهــض حديث ـاً وال يرجــع‬ ‫عمــره إىل أبعــد مــن مائــة عــام)‪.‬‬ ‫وقــد أكــد عــي عقلــة عرســان عــى وجــود‬ ‫ظواهــر مرسحيــة عربيــة ال ميكــن تجاوزهــا‬ ‫وإســقاطها مــن تراثنــا ورأى أن املــرح بشــكله‬ ‫البــدايئ يرجــع إىل نشــأة التجمــع اإلنســاين األول‬ ‫يف مجتمعــات الصيــد والرعــي وبــدأ يأخــذ مســاره‬ ‫الصحيــح عــى أيــدي الفراعنــة‪( :‬ففــي مــر‬ ‫الفرعونيــة نجــد املــرح عــى شــكل ظاهــرة‬ ‫احتفاليــة طقســية جامهرييــة عامــة تشــارك يف‬ ‫أدائهــا جمــوع النــاس)‪.‬‬ ‫وأســتطيع أن أجــزم يف هــذا الســياق أن محافظــة‬ ‫الرقــة قــد شــهدت املظاهــر املرسحيــة البدائيــة‬ ‫ومارســتها عــر طقــوس توارثناهــا يف األعــراس‬ ‫واألعيــاد‪.‬‬ ‫وهــا هــي الدبــكات التــي تشــكل طقسـاً مرسحيـاً‬ ‫ال نـزال نراهــا ومنارســها يف حياتنــا املعــارصة رغــم‬ ‫اندثــار تلــك الفقــرة املرسحيــة املميــزة التــي‬ ‫يطلــق عليهــا اســم (لعبــة الشــايب) و(الشــايب)‬ ‫شــخصية مرسحيــة يؤديهــا ممثــل مــا يف العــرس‬ ‫بــأدوات متشــابهة ويعتمــد بشــكل كامــل عــى‬ ‫التنكــر مــن خــال اللبــاس واملكيــاج ويجهــد‬ ‫مؤديهــا إلمتــاع النــاس عــر حكايــة قصــرة‬ ‫يجســدها متتلــك بعــض عنــارص املرسحيــة‬ ‫الكوميديــة‪.‬‬ ‫ويعتمــد يف أثنــاء عرضهــا عــى إظهــار املفارقــات‬ ‫املضحكــة‪.‬‬ ‫وينبغــي اإلشــارة هنــا إىل أن هــذه الدراســة‬ ‫تعوزهــا الدقــة يف التفاصيــل وذلــك لعــدم اهتــام‬

‫املشــتغلني باملــرح مبســألة توثيــق أعاملهــم‬ ‫املرسحيــة وحفظهــا يف أرشــيف خــاص‪.‬‬ ‫ولعلنــا نلتمــس العــذر لهــم (كــا يتضــح مــن‬ ‫خــال لقــاءايت بهــم) يف كونهــم هــواة مــرح ال‬ ‫مرسحيــن بــكل مــا تحمــل الكلمــة مــن معــان‬ ‫ومهــات‪.‬‬ ‫القســـم األول‪ :‬مــرح الريــادة‪ /‬البدايــات ‪1927‬‬ ‫ـ ‪1962‬‬ ‫امتــازت الحركــة املرسحيــة يف هــذه الفــرة‬ ‫بإدخــال مفهــوم العــرض املرسحــي إىل املحافظــة‬ ‫وتقدميــه بإمكانياتــه األوليــة البســيطة‪ ،‬ومل تحمــل‬ ‫تلــك العــروض تكامـاً يف التقنيــات املرسحيــة إمنــا‬ ‫كانــت مجــرد عــروض تعتمــد عــى الحــوارات‬ ‫الســاذجة والديكــورات واملالبــس البســيطة‬ ‫وكانــت هــذه العــروض تقــدم يف الحفــات‬ ‫املدرســية واملناســبات واألعيــاد الوطنيــة‪.‬‬ ‫وجــاء عــام ‪ 1927‬ليشــهد بدايــة التوجــه املرسحي‬ ‫يف محافظــة الرقــة عــى يــد األســتاذ (ثابــت‬ ‫الكيــايل) الــذي قــام بإخـراج أول مرسحيــة وكانــت‬ ‫مأخــوذة عــن نــص (مكبــث) لشكســبري بعنــوان‬ ‫(الفضيلــة والوفــاء) وقــد مثــل أديبنــا الكبــر عبــد‬ ‫الســام العجيــي فيهــا وأخــذ دور ابــن األمــر‬ ‫وكان آنــذاك يف التاســعة مــن عمــره وقــد عرضــت‬ ‫املرسحيــة يف بســتان البلديــة والقــت نجاحــاً‬ ‫جامهريي ـاً كب ـرا ً‪.‬‬ ‫وشــهد عــام ‪ 1931‬تأســيس فرقــة (شــباب الرقــة)‬ ‫املرسحيــة التــي قدمــت أول أعاملهــا (وفــاء‬ ‫الســموءل) يف مقهــى البلديــة مــن إخـراج األســتاذ‬ ‫عبــد الفتــاح الصطــاف‪ ،‬وقــد ألقيــت قصيــدة‬ ‫لألديــب عبــد الســام العجيــي قبــل بدايــة‬ ‫العــرض املرسحــي ورصــد ريــع العــرض ملســاعدة‬ ‫أحــد الطــاب إلكــال تعليمــه‪.‬‬ ‫وعــام ‪ 1935‬عرضــت الفرقــة مرسحيــة (ذي‬ ‫قــار) يف الرقــة وديــر الــزور مــن تأليــف الشــاعر‬ ‫(عمــر أبــو ريشــة) وقــام بإعدادهــا األديــب (عبــد‬ ‫الســام العجيــي) وأضــاف إليهــا فص ـاً مضحــكاً‬ ‫مــن أجــل إمتــاع املشــاهدين وشــدهم ملتابعــة‬

‫العــرض وقــام بإخراجهــا األســتاذ (عبــد الفتــاح‬ ‫الصطــاف) ورصــد ريعهــا إلشــادة ســياج املدرســة‬ ‫وتــم عرضهــا يف ســاحة املدرســة االبتدائيــة عــدة‬ ‫م ـرات‪.‬‬ ‫وتأسســت عــام ‪ 1947‬فرقة (نادي الرشــيد الثقايف)‬ ‫وعرضــت الفرقــة مرسحيتــن مــن تأليــف األديــب‬ ‫(عبــد الســام العجيــي) وإخـراج األستــــــاذ (عبد‬ ‫الفتــاح الصطــاف) وهــا (الرشــيد يف بــاد الــروم)‬ ‫واملرسحيــة الكوميديــة (أبــو زليخــة) وعرضتــا يف‬ ‫الثكنــة القدميــة أكــر مــن مــرة‪.‬‬ ‫وتجــدر اإلشــارة هنــا إىل ريــادة األديــب (عبــد‬ ‫الســام العجيــي) يف التأليــف املرسحــي‪ ،‬فقــد‬ ‫عرضــت مرسحيتــه (هــارون وزبيــدة) و(أبــو‬ ‫زليخة)عــام ‪ 1968‬حيــث قــام بتقدميهــا شــباب‬ ‫نــادي الرشــيد ونــرت مرسحيتــه (أبــو العــاء‬ ‫املعــري) يف مجلــة الحديــث الحلبيــة بعــد‬ ‫حصولهــا عــى الجائــزة األوىل يف مســابقة التأليــف‬ ‫املرسحــي عــام ‪ 1937‬باســم مســتعار (املقنــع) ثــم‬ ‫أعــادت مجلــة الحيــاة املرسحيــة نرشهــا يف العــدد‬ ‫‪ 17‬ـ ‪ 18‬عــام ‪ 1981‬وال يــدري املتتبــع للحركــة‬ ‫املرسحيــة ســبباً البتعــاد األديــب العجيــي عــن‬ ‫الكتابــة املرسحيــة وقــد أشــار األديــب (وليــد‬ ‫إخــايص) حــول هــذه املســألة‪:‬‬ ‫(ليســت مرسحيــة أبــو العالء املعــري عمـاً درامياً‬ ‫كبــرا ً الرتباطهــا بعمليــة التوثيــق التاريخــي‪،‬‬ ‫ولكنهــا تبقــى عمـا‌ً دراميـاً متامســكاً وطليعيـاً يف‬ ‫زمنهــا‪ ،‬والعجيــي الــذي مل يقــرب مــن املرسحيــة‬ ‫بعــد ذلــك إال يف أعــال كتبــت لفــرق الهــواة يف‬ ‫الرقــة كان ميكــن لــه أن يكــون مرسحيـاً لــه وزنــه‬ ‫يف األدب املرسحــي الحديــث إال أن العجيــي آثــر‬ ‫عــى مــا يبــدو التعبــر عــن نفســه مــن خــال‬ ‫القصــص والروايــات واألحاديــث العامــة معــرا ً‬ ‫عــن طبيعــة الحكايــة العربيــة يف أرقــى أشــكالها)‪.‬‬ ‫ويف بدايــة عــام ‪ 1958‬أغلقــت النــوادي الفنيــة يف‬ ‫املحافظــة بعــد إعــان الوحــدة‪ ،‬ووجــد املهتمــون‬ ‫باملــرح أنفســهم يبحثــون عــن طريقــة متكنهــم‬ ‫مــن تقديــم هواياتهــم فأوجــدوا تجمعــاً فنيــاً‬

‫خاص ـاً لالحتفــال بالوحــدة‪ ،‬قــدم التجمــع عــددا ً‬ ‫مــن التمثيليــات واملرسحيــات الكوميديــة التــي‬ ‫حــوت عــى فواصــل غنائيــة ناقــدة‪.‬‬ ‫ومــن أشــهر املرسحيــات التــي قدمــت يف تلــك‬ ‫الفــرة مرسحيــة (مهزلــة محكمــة املهــداوي)‬ ‫تأليــف وإخــراج األســتاذ إســاعيل الحمــود‬ ‫وفضحــت املرسحيــة املحاكــات الصوريــة التــي‬ ‫كان يعقدهــا املهــداوي يف تلــك الفــرة بلغــة‬ ‫انتقاديــة ســاخرة‪.‬‬ ‫وتلتهــا املرسحيــة الكوميديــة (الدكتــور) التــي‬ ‫تركــت أث ـرا ً طيب ـاً يف نفــوس املشــاهدين وكانــت‬ ‫مــن تأليــف وإخــراج جامعــي‪.‬‬ ‫وحتــى عــام ‪ 1960‬كان التجمــع قــد عــرض عــددا ً‬ ‫مــن التمثيليــات الناقــدة باللهجــة املحليــة تهــدف‬ ‫إىل اإلمتــاع والتســلية‪.‬‬ ‫وبدايــة عــام ‪ 1960‬تشــكل تجمــع فنــي آخــر‬ ‫أطلــق عــى نفســه اســم (فرقــة الدراويــش) وقدم‬ ‫عــددا ً مــن املرسحيــات الناقــدة مــن أبرزهــا‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ ثــورة املجانــن تأليــف وإخـراج األســتاذ رشــيد‬ ‫رمضان‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ عــرس الفجــر تأليــف عبــد الفتــاح الفنــدي‬ ‫إخــراج رشــيد رمضــان‪.‬‬ ‫وشــهد عــام ‪ 1960‬والدة نــادي الرشــيد الثقــايف‬ ‫والريــايض والفنــي الــذي عــرض عــددا ً مــن‬ ‫املرسحيــات والتمثيليــات منهــا‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ (الخانجــي) تأليــف وإخــراج جامعــي‬ ‫وعرضــت أمــام الرسايــا القدميــة‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ (الكســيح) تأليــف وإخ ـراج األســتاذ يوســف‬ ‫غفــرة‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ (عبــد الرحيــم كبــر الرحميــة) وهــي اقتبــاس‬ ‫عــن فيلــم ســيناميئ وإخـراج جامعــي‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ أبــو زليخــة‪ :‬تأليــف الدكتــور عبــد الســام‬ ‫العجيــي وإخـراج األســتاذ عبــد الرحمن الشــعيب‬ ‫وأعيــد عــرض هــذه املرسحيــة الكوميديــة عــدة‬ ‫م ـرات مــن أجــل جمــع تربعــات للنــادي‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ (محاكمــة إبراهيــم هنانــو) فكــرة أحمــد‬ ‫حــاج عبــد اللــه ـ إعــداد د‪.‬عبــد الســام العجيــي‬ ‫إخــراج األســتاذ عبــد الفتــاح الصطــاف‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ (هــارون وزبيــدة) تأليــف وإخــراج األديــب‬ ‫الدكتــور عبــد الســام العجيــي قدمــت عــام‬ ‫‪1968‬‬ ‫وبــدءا ً مــن عــام ‪ 1969‬تأســس املــرح املــدريس‬ ‫يف محافظــة الرقــة وأرشف عليــه الفنــان األســتاذ‬ ‫عبــد الفتــاح الصطــاف‪ ،‬والفنــان إســاعيل‬ ‫العجيــي‪.‬‬ ‫حيــث قدمــت الفرقــة رقصــات (الدحــة)‬ ‫و(الســاح) يف ديــر الــزور عــام ‪ 1969‬ويف‬ ‫الالذقيــة عــام ‪ 1970‬ويف حمــص عــام ‪1971‬‬ ‫ثــم توقــف الفنــان عبــد الفتــاح الصطــاف عــن‬ ‫مزاولــة هواياتــه الفنيــة وانــرف إىل التعليــم‪.‬‬

‫موق��ع غوغ��ل ّ‬ ‫يدش��ن مكتب��ة باب��ل االفرتاضي��ة‪ ...‬مكتب��ة يف أي وق��ت!!‬ ‫الحرمل ـ العريب الجديد‬

‫أعلــن موقــع غوغــل بــأن أكــر مــن‬ ‫مليــون ونصــف املليــون مــن الكتــب ســتكون‬ ‫مبتنــاول القـراء عــر العــامل‪ ،‬ويف كل وقــت‪ ،‬يف‬ ‫تحــول نوعــي لتوفــر الكتــب واملعرفــة لكافــة‬ ‫البــر وعــى امتــداد مســاحات األرض‪.‬‬ ‫لقــد أصبحــت الكتــب تحتــل الفضــاء‬ ‫الربمجــي‪ ،‬واملعرفــة صــارت قريبــة املنــال‬ ‫لطالبيهــا املتشــوقني لهــا‪ ،‬لقــد تغــر العــامل‬ ‫القديــم‪ ،‬ومل يعــد القــارئ املتشــوق للمعرفــة‪،‬‬ ‫بحاجــة إىل قطــع الفيــايف والــدروب الطويلــة‬ ‫إىل مبتغــاه يف املكتبــات التاريخيــة‪ ،‬وال هــو‬ ‫بحاجــة إىل مالحقــة اإلصــدارات مــن معــرض‬ ‫كتــاب إىل آخــر‪ ،‬أمامــه اليــوم مكتبــة بابــل‬ ‫االفرتاضيــة التــي ســتلتهم كل كتــب العــامل يف‬ ‫القريــب العاجــل‪.‬‬ ‫عندمــا كتــب بورخيــس قصتــه الشــهرية‬ ‫«مكتبــة بابــل»‪ ،‬يف منتصــف أربعينيــات‬ ‫القــرن املــايض‪ ،‬مل يكــن بالوســع تخيــل‪ ،‬مجــرد‬ ‫تخيــل‪ ،‬وجــود مكتبــة تقــرأ يف واشــنطن‬

‫وطوكيــو يف الوقــت نفســه‪ .‬كانــت هنــاك‬ ‫مكتبــات عــى امتــداد العــامل‪ ،‬غــر أنهــا‬ ‫منفصلــة‪ .‬ســيحتاج العــامل إىل نحــو أربعــن‬ ‫عام ـاً مــن ذلــك التاريــخ ليكــون عــى موعــد‬ ‫مــع حــدث ســيغري وجهــه كــا كان يعرفــه‬ ‫النــاس قبــل ذلــك‪ :‬اإلنرتنــت‪ .‬قبلــه بالطبــع‬ ‫الكومبيوتــر‪ .‬مــع هــذه القفــزة يف التواصــل‬ ‫بــن البــر‪ ،‬األفــكار‪ ،‬الكلــات‪ ،‬الصــور‪،‬‬ ‫األصــوات‪ ،‬صــارت املعرفــة‪ ،‬بــرف النظــر عن‬ ‫مضمونهــا‪ ،‬غــر قابلــة للحــر‪ .‬صــار تكاثرهــا‬ ‫بغــر حســاب‪ .‬كــم عــدد الذيــن يكتبــون‬ ‫اليــوم بفضــل وجــود اإلنرتنــت‪ ،‬ووســائل‬ ‫التواصــل االجتامعــي؟ وبفضــل هــذه الشــبكة‬ ‫التــي ال تنــي تتســع وتتعقــد وتتفــرع صــار‬ ‫لدينــا مكتبــة كونيــة‪ .‬هنــاك مــواد مكتوبــة‬ ‫بــكل لغــات العــامل تقريب ـاً‪ .‬هــذا غــر املــواد‬ ‫الســمعية والبرصيــة‪ .‬فتحــت شــبكة اإلنرتنــت‬ ‫بابــاً للمعرفــة‪ ،‬وتبــادل األفــكار‪ ،‬وانســياب‬ ‫الكلــات والصــور واألصــوات‪ .‬هنــاك مشــاريع‬ ‫عديــدة تربــط الكتــب‪ ،‬املؤلفــات‪ ،‬املكتبــات‬

‫بعضهــا ببعــض‪ ،‬منهــا مــا هــو جامعــي مثــل‬ ‫مــروع جامعــة كارنيجــي ميلــون الــذي‬ ‫يتصــدى لرقمنــة نحــو مليــون ونصــف مليــون‬ ‫كتــاب‪ .‬مل ينــس املــرف عــى هــذا املــروع‬ ‫«راج ريــدي»‪ ،‬أســتاذ علــوم الكومبيوتــر يف‬ ‫الجامعــة املذكــورة‪ ،‬أن يقــول إن هــذا املرشوع‬ ‫يقربنــا مــن فكــرة املكتبــة الكونيــة التــي يجد‬ ‫فيهــا أي شــخص‪ ،‬يف كل وقــت‪ ،‬يف أي لغــة‪،‬‬ ‫الكتــب املنشــورة‪.‬‬ ‫واملكتبــة ‪ -‬الكــون التــي ال تغلــق أبوابهــا يف‬ ‫أي وقــت‪ ،‬يوفــره لنــا محــرك بحــث واحــد‬ ‫مثــل «غوغــل» الــذي نســتطيع‪ ،‬مــن خاللــه‪،‬‬

‫أن نســتفرس عــن أي يشء‪ ،‬يف أي وقــت‪،‬‬ ‫وبلغــات عديــدة‪ .‬يعتمــد األمــر األخــر عــى‬ ‫نشــاط تلــك اللغــات وقدرتهــا عــى اإلنتــاج‬ ‫ووضــع هــذا اإلنتــاج يف الفضــاء الســيربي‪ .‬ومبا‬ ‫أن اإلنرتنــت نتــاج املرتوبــول الغــريب‪ ،‬الناطــق‬ ‫باإلنجليزيــة تحديــدا ً‪ ،‬فــإن اللغــة اإلنجليزيــة‬ ‫تهيمــن عــى مــواد الشــبكة‪.‬‬ ‫ولعــل آخــر مــن يؤمنــون برؤيــة بورخيــس‬ ‫للكــون كمكتبــة‪ ،‬هــو الكاتــب واملربمــج‬ ‫األمــريك جوناثــان بيســل الــذي أنشــأ موقع ـاً‬ ‫يحمــل اســم القصــة‪ ،‬ويطمــح إىل أن يحــايك‬ ‫مكتبــة بورخيــس ذات القاعــات املس َّدســة‪،‬‬ ‫بحيــث تتســع للتصــور الالنهــايئ للكلــات‬ ‫الــذي تحــدث عنــه بورخيــس‪ .‬وهــذا املوقــع‬ ‫تفاعــي‪ ،‬يســمح للقــراء باإلضافــة‪ .‬ويبــدو‬ ‫أنــه كلــا مــى بيســل يف مكتبتــه االفرتاضيــة‬ ‫القامئــة عــى حســابات رياضيــة‪ ،‬كلــا بــدا لــه‬ ‫اتســاعها املهــول‪ .‬يقــول‪ :‬إذا نقــر مســتخدم‬ ‫املوقــع مــن خــال الكتــب مبعــدل واحــد‬ ‫يف الثانيــة الواحــدة‪ ،‬فــإن األمــر يســتغرق‬

‫حــوايل ‪ 104668‬ســنة الســتنفاد املكتبــة!‬ ‫ولكــن لــأرض نهايــة كــا يقـ ّدر علــاء الفلــك‬ ‫بســبب قربهــا مــن الشــمس وتحــول األخــرة‪،‬‬ ‫يف نهايــة حياتهــا‪ ،‬إىل كوكــب أحمــر‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫تبخــر املــاء متامــاً مــن األرض وتحولهــا إىل‬ ‫صحــراء‪.‬‬ ‫هــذا يعنــي‪ ،‬يف قفلــة غــر ســارة‪ ،‬بــل مناقضــة‬ ‫لتصــور بورخيــس بالنهائيــة الكلــات‪ ،‬أن‬ ‫الكلــات عــى هــذه األرض ليســت بــا نهاية‪.‬‬ ‫لكــن هــذه النهايــة بعيــدة جــدا ً اليــوم‪ ،‬ورمبــا‬ ‫وجــد بــر األرض‪ ،‬قبــل أن تحــل النهايــة‬ ‫عــى كوكبهــم‪ ،‬حيــاة يف مــكان آخــر مــن هــذا‬ ‫الكــون الالنهــايئ‪.‬‬ ‫رغــم كل مــا يقــال مــن ترويــج للســطحية‬ ‫وللجهــل‪ ،‬فــإن املعرفــة هــي ميــدان تطــور‬ ‫اإلنســانية ورفعتهــا‪ ،‬وليــس لنــا نحــن أبنــاء‬ ‫الشــعوب املتأخــرة عــن ركــب الحضــارة إال‬ ‫املعرفــة والعمــل بهــا‪ ،‬بعيــدا ً عــن العنــف‬ ‫وعــن الغرائــز البدائيــة التــي صــارت تحتــل‬ ‫نفــوس الكثرييــن مــن أبنائنــا بــكل أســف‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:20‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬

‫أوقفوا قتل املدنيني‪!..‬‬

‫يوسف دعيس‬

‫(بالتساوي) رواية جديدة للروائي السوري خليل ال ّرز‬ ‫عــن دار اآلداب البريوتيــة صــدرت‬ ‫روايــة (بالتســاوي) للــروايئ الســوري خليــل‬ ‫الــ ّرز‪ ،‬تنضــم روايــة (بالتســاوي) إىل سلســلة‬ ‫أعاملــه الروائيــة التــي تشــكل عالمــة فارقــة يف‬ ‫املشــهد الــروايئ الســوري‪ ،‬مــن حيــث األســلوب‬ ‫واملوضوعــات املتناولــة‪.‬‬ ‫خليــل الـ ّرز املولــع بالتجديــد‪ ،‬ومبقاربــة الروايــة‬ ‫العامليــة‪ ،‬وبالخــروج عــن موضوعــات الروايــة‬ ‫العربيــة التــي أضحــت مكــرورة إىل حــد امللــل‪،‬‬ ‫يواصــل مرشوعــه الــروايئ الــذي يؤســس لروايــة‬ ‫عربيــة جديــدة‪ ،‬تفــارق كالســيكات الروايــة‬ ‫ـر مبدونــة روائيــة عربيــة جديدة‪.‬‬ ‫العربيــة‪ ،‬وتبـ ّ‬ ‫ومــن أجــواء الروايــة‪ :‬يف حفــل عقــد قرانــه عــى‬ ‫امــرأة انتظرتــه ســنني طويلــة‪ ،‬يقــرر‪ ،‬يف اللحظــة‬ ‫األخــرة قبــل وصــول القــايض‪ ،‬الهــرب مــن‬ ‫املبتهجــن بــه واملبتهجــات‪ .‬ثــم يعيــش يف يــوم‬ ‫حــب عاصفــة مــع امــرأة أخــرى‬ ‫وليلــة قصــة‬ ‫ٍّ‬ ‫يتكشــف يف أثنائهــا عاملــه الفاجــع املضطــرب‪،‬‬ ‫وحاجتــه املســتعصية العذبــة املريــرة إىل أن‬ ‫يحــدد مــا يريــد ومــا ال يريــد‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن خليــل الـ ّرز مــن مواليــد الرقــة عــام‬ ‫‪1956‬م‪ .‬صــدرت لــه روايــات‪ :‬ســوالوييس‪ -‬يــوم‬ ‫آخــر‪ -‬وســواس الهــواء‪ -‬غيمــة بيضــاء يف شــباك‬ ‫الجــدة‪ -‬ســلومن ايرلنــدي‪ -‬أيــن تقــع صفــد يــا‬ ‫يوســف‪.‬‬ ‫كــا صــدر لــه يف الرتجمــة عــن اللغــة الروســية‪:‬‬ ‫حكايــة الزمــن الضائــع ليفغينــي شــفارتس‪،‬‬ ‫ومختــارات ألندرييــف وبونــن وإرنبــورغ‬ ‫ونابوكــوف‪ ،‬وقصــص مختــارة ألنطــون‬ ‫تشــيخوف ‪.‬‬

‫ليــس مــن بــاب الغرابــة أن تطلــق املنظــات الحقوقيــة‬ ‫التــي تعنــى بالشــأن اإلنســاين نــداءات متكــررة‪ ،‬تطالــب فيهــا‬ ‫بتحييــد املدنيــن عــن الرصاعــات املســلحة‪ ،‬وليــس مــن الــرورة‬ ‫أن تســتخدم القــوى املتصارعــة عــى األرض املدنيــن دروعــاً‬ ‫برشيــة‪ ،‬وتخاطــر بهــم يك تحمــي نفســها‪ ،‬ومــن الــروري أن‬ ‫يتفهــم املتصارعــون أن املدنيــن ليســوا ورقــة ضغــط‪ ،‬يلعبــون‬ ‫بهــا يف الوقــت الضائــع حاميــة ملصالحهــم الشــخصية‪.‬‬ ‫لعــب النظــام الســوري منــذ انــدالع ثــورة الحريــة والكرامــة‬ ‫بعــدد مــن األوراق‪ ،‬بــدءا ً مــن محاولتــه الرئيســة بعســكرة‬ ‫الثــورة‪ ،‬والتــي رد عليهــا بــرب املتظاهريــن الســلميني‪ ،‬مــرورا ً‬ ‫باســتخدام ورقــة الحــرب الطائفيــة‪ ،‬والتــي مل يوفــر مــن خاللهــا‬ ‫ارتكابــه ألبشــع الجرائــم بحــق املدنيــن العــزل‪ ،‬مجــازر الرتميســة‬ ‫والحولــة والقصــر‪ ،‬ثــم قصفــه ملواقــع املدنيــن يف املناطــق‬ ‫التــي خرجــت عــن ســيطرته يف حمــص وديــر الــزور والرقــة‬ ‫وحلــب‪ ،‬واســتهدافه املشــايف واملــدارس واملخابــز بالدرجــة األوىل‪،‬‬ ‫مســتخدماً الرباميــل والحاويــات املتفجــرة واأللغــام البحريــة‪ ،‬ثــم‬ ‫تحولــه الســتخدام الكيــاوي يف ريــف دمشــق وحلــب وديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬وتوالــت مجــازره بحــق املدنيــن ليدمــر كل أشــكال‬ ‫الحيــاة املدنيــة دون أن يردعــه رادع‪ ،‬وســط صمــت عــريب ودويل‬ ‫مطبــق‪.‬‬ ‫الجرائــم بحــق املدنيــن مل تتوقــف عــى النظــام وحســب‪،‬‬ ‫فلقــد ارتكبــت القــوى التكفرييــة مجــازر بشــعة بحــق املدنيــن‪،‬‬ ‫وتناوبــت كل الجهــات عــى قتلهــم‪ ،‬وتعدتهــا بدخــول التحالــف‬ ‫الــدويل عــى الخــط‪ ،‬والــذي مل يوفــر املدنيــن يف طريقــه‪ ،‬فبــدأت‬ ‫جرامئــه يف إدلــب وريــف حلــب الشــايل‪ ،‬وريــف الرقــة ثــم‬ ‫آخرهــا مدينــة الرقــة‪ ،‬وســقط مئــات الشــهداء ج ـ ّراء القصــف‬ ‫الهمجــي‪ ،‬وعــى ســبيل املثــال نجــم عــن قصــف قريــة بــر‬ ‫محــي يف ريــف حلــب الشــايل أكــر مــن ‪ 100‬ضحيــة مــن‬ ‫املدنيــن العــزل‪ ،‬الذيــن ال حــول وال قــوة لهــم‪ ،‬قتلــوا يف وضــح‬ ‫النهــار تحــت ذريعــة محاربــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫يف بدايــة تشــكيل التحالــف الــدويل‪ ،‬كان الــكل متفائــل بــأن‬ ‫قصــف طريانــه دقيــق جــدا ً‪ ،‬وال يطــال املدنيــن‪ ،‬ثــم بــدأت تتواىل‬ ‫جرامئــه‪ ،‬دون أن يكــون هنــاك أي ر ّدة فعــل مــن العــامل الحــر‬ ‫الــذي يدعــي الحريــة والدميقراطيــة‪ ،‬ســوى مــن بضــع نــداءات‬ ‫خجولــة ملنظــات حقوقيــة دعــت يف بياناتهــا لتحييــد املدنيــن‬ ‫عــن الرصاعــات املســلحة‪.‬‬ ‫الالفــت يف األمــر‪ ،‬إضافــة لصمــت العــامل الحــر‪ ،‬متمث ـاً بالــدول‬ ‫العظمــى‪ ،‬صمــت منظمــة األمــم املتحــدة عــن هــذه األفعــال‬ ‫اإلجراميــة‪ ،‬والنــأي بنفســها عــن الجــدل الدائــر حــول هــذه‬ ‫املســألة‪ ،‬وتنصلهــا مــن دورهــا األســايس يف حاميــة حقــوق‬ ‫اإلنســان يف العيــش بكرامــة وحريــة‪ ،‬وال بــد يف هــذا الســياق مــن‬ ‫التشــديد عــى دور األمــم املتحــدة ومنظــات حقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫والعمــل عــى تحريــك الــرأي العــام العــريب والعاملــي باتجــاه‬ ‫قضيــة إنســانية محــددة وأساســية‪ ،‬وهــي تحييــد املدنيــن عــن‬ ‫الرصاعــات املســلحة‪ ،‬ورضورة فــرض قــوة أمميــة (القبعــات‬ ‫الزرقــاء) لتنفيــذ هــذه األقــوال وتحويلهــا إىل أفعــال حقيقيــة‪،‬‬ ‫وتكــون مبثابــة األمــر الواقــع عــى القــوى املتصارعــة والقــوى‬ ‫اإلقليميــة والدوليــة املتصارعــة والتــي تتشــارك جميعهــا بقتــل‬ ‫الســوريني عــى األرض الســورية‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العشرون ‪ 15 /‬تموز ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.