Alharmal (21) 01 08 2015 مجلة الحرمل العدد الحادي والعشرون

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫الســنة األولــى ‪ /‬العــدد الحــادي والعشــرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫نداء إىل كل صاحب ضمري حي‬

‫‪1‬‬

‫‪ Her Daim Özgürlük‬يعــاين املدنيــون يف منطقــة الزبــداين مــن حصــار خانــق ومــن حــرب التجويــع حيــث متنــع عصابــات اإلرهــاب‬ ‫متمثلــة بعصابــات األســد وإيـران وحزبهــم املجــرم دخــول املــواد الغذائيــة إىل املنطقــة وأماكــن النــزوح يف ‫‏مضايـا‬‬ ‫و‏بلــودان‪‬.‬‬ ‫املدنيــون يســترصخون العــامل واملنظــات الدوليــة واإلنســانية والصليــب األحمــر الــدويل‪ ..‬ادعمــوا ولــو برســالة إىل‬ ‫أي جهــة دوليــة وإنســانية‪.‬‬ ‫‫‪#‬‏األمم_المتحدة_الصليب_األحمر_الدولي‬‬

‫‪sayı 21‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬

‫تصوير‪ :‬حسام قطان‬

‫ساعة يف خميم جيالن بينار‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫حلب‬

‫معركة كفريا والفوعة إىل أين تتجه وما نهايتها؟!‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫أه��ل منب��ج يتطلع��ون النس��حاب داع��ش‬ ‫منها حتت ضربات التحالف واجليش احلر‬

‫ق��وات النظ��ام املتحالف��ة م��ع ح��زب اهلل‬ ‫تواص��ل قصفه��ا للزبداني‬

‫‪5‬‬

‫‪7‬‬

‫كان أفضــل رد للحرمــل‪ ،‬وبأثــر رجعــي‪ ،‬عــى خطــاب الحاقــد‬ ‫املوتــور املنقــول عرب وســائل اإلعــام ومواقــع التواصــل االجتامعي‪،‬‬ ‫زيــارة مخيــم جيــان بينــار‪ .‬وبالرغــم مــن أن الزيــارة مل تــدم أكــر‬ ‫مــن ســاعة واحــدة إال أنهــا كانــت كافيــة ليتبــن املــرء القــدرة‬ ‫الســورية عــى االســتمرار ضمــن الخارطــة املعروفــة‪ ،‬وأن فكــرة‬ ‫التقســيم التــي راودت بشــار وغــره غــر قابلــة للتحقــق‪.‬‬ ‫وطأنــا أرض مخيــم جيــان بينــار مســاء فراحــت املشــاعر تتقــاذف‬ ‫بعضهــا‪ ،‬حيــاة كاملــة يف العــراء‪ ،‬مدينــة فيهــا أحيــاء وشــوارع‪،‬‬ ‫وســكان مــن عــدة محافظــات ســورية‪ .‬عــدد ســكان املخيــم‬ ‫حــوايل ثالثــن ألــف إنســان‪ .‬عنــد مغيــب الشــمس تنشــط حركــة‬ ‫البــر‪ ،‬تــرى النــاس يف ذهابهــم وإيابهــم يعيشــون حياتهــم‬ ‫البديلــة بعيــدا ً عــن مدنهــم وبيوتهــم‪ .‬بعضهــم بــدأ يعيــش حياتــه‬ ‫الطبيعيــة مــن دون التفكــر يف العــودة أبــدا ً‪ ،‬وهــو األمــر الــذي‬ ‫دفــع بالبقيــة إىل التمســك أكــر فأكــر بســوريتهم خوفــاً مــن‬ ‫إعــادة تأهيلهــم يف جغرافيــة أخــرى ال يريدونهــا‪.‬‬ ‫مــا يلفــت النظــر‪ ،‬ومــا توحــي بــه الحركــة الدؤوبــة للقاطنــن‬ ‫ميكــن تلخيصــه بــأن اإلرادة الســورية يف أوجهــا‪ ،‬وأن الظلــم‪ ،‬وإن‬ ‫حــاق بهــم‪ ،‬إال أنهــم عــى اإلرصار املكــن بــأن الثــورة لهــا مثــن‪،‬‬ ‫وأنهــم بعــض الذيــن يدفعونــه‪.‬‬ ‫غــر أن هــذه الحيــاة تضعــك يف مواجهــة مســألتني اثنتــن‪:‬‬ ‫األوىل أن النظــام وبعــض املجتمــع الــدويل دفعــوا مبئــات ألــوف‬ ‫الســوريني إىل العيــش غــر الــوازن‪ ،‬وغــر اإلنســاين يف مخيــات‬ ‫بائســة‪ ،‬والثــاين غيــاب املؤسســة املعارضــة الثوريــة التــي تدافــع‬ ‫عــن حقــوق هــؤالء‪.‬‬ ‫ثــم مــا تلبــث أن تتمســك باألمــل وأنــت تــرى إنســان املخيــم‪،‬‬ ‫ولعــل مــن الغريــب أنــه هــو مــن مينحــك فرصــة التقــاط‬ ‫األنفــاس‪ ،‬يعمــل يف محــل لبيــع املســتلزمات البســيطة‪ ،‬ويتصــل‬ ‫بالعــامل عــر االنرتنيــت‪ ،‬بــل وينتــج ثقافتــه التــي فقدهــا‪ ،‬إن صــح‬ ‫التعبــر‪ ،‬ففــي املركــز الثقــايف الســوري الــذي قامــت عــى تأسيســه‬ ‫الســيدة األديبــة ابتســام شــاكوش‪ ،‬ومعهــا بعــض األســاتذة‪ ،‬حيــاة‬ ‫أخــرى‪ ..‬يبــر الداخــل إليــه روحـاً متمســكة بفكــرة أنهــا قــادرة‬ ‫عــى متابعــة حياتهــا‪ ،‬وتجــاوز أزماتهــا‪ .‬يف هــذا املــكان ولــد‬ ‫شــعراء وقاصــون‪ ،‬وفيــه تقــام دورات تدريبيــة‪ ،‬ومنــه ينطلقــون‬ ‫إىل متابعــة شــؤونهم‪ .‬تحدثنــا معهــم وإليهــم يف همومهــم‪،‬‬ ‫ووجدناهــا عــى كرثتهــا غــر ِ‬ ‫معطلــة‪ ،‬وأن الحيــاة يجــب أن‬ ‫تســتمر‪ ،‬فالشــبع حالــة متحققــة‪ ،‬ال جــوع يف املخيــم‪ ،‬والكهربــاء‬ ‫متوفــرة بالصــورة الجيــدة‪ ،‬وأمــا غيــاب االســتقرار النفــي الــذي‬ ‫جعــل ماليــن الســوريني يف مهــب الريــح‪ ،‬فإنــه يف مخيــم جيــان‬ ‫بينــار تحــت الســيطرة حتــى العــودة إىل ســوريا‪.‬‬ ‫مــا يشــغل النــاس هــو الحنــن اىل الديــار‪ ،‬وهــذا أمــر ال ميكــن‬ ‫توفــره يف ظــل االســتعصاء القائــم‪ ،‬غــر أن القاطنــن اســتطاعوا‬ ‫تطويــق حنينهــم هــذا‪ ،‬ومنعــه مــن بعــث ردات الفعــل الســلبية‪.‬‬

‫إخ�لاء مجاع��ي ألحي��اء امل��زة وإن��ذار بإش��راف إيران��ي لتش��ريد الدمش��قيني يف ثالث�ين يوم�ًا ‪6‬‬ ‫التقسيم والتسليم يف مبادرة ثروة ‪ 8‬م��اذا س��يأتي به الغ��د بعد االتف��اق النووي؟ ‪10‬‬ ‫واح��دة م��ن كل ث�لاث ش��ركات جدي��دة يف تركي��ا تع��ود للس��وريني ‪11‬‬ ‫“فورب��س”‪ 5300 :‬دوالر حص��ة كل س��وري م��ن ث��روة األس��د ‪11‬‬ ‫اب��ن الرق��ة حممد كعكه ج��ي‪ ،‬ينال درع املركز الثاني يف جامعة الش��رق األدنى يف قربص ‪14‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫للجثث مراتب وأولويات‪!..‬‬ ‫تواص��ل االش��تباكات ب�ين الثوار وق��وات النظ��ام يف حلب‬

‫تقرير وتصوير‪ :‬عمر عرب‬

‫شــهدت معظــم جبهــات حلــب يف اآلونــة‬ ‫األخــرة احتــدام‪ ،‬واشــتداد املعــارك عــى‬ ‫معظــم الجبهــات كان أهمهــا املعــارك التــي‬ ‫جــرت عــى جبهــة جمعيــة الزه ـراء يف حلــب‪،‬‬ ‫والتــي أســفرت عــن ســيطرة الثــوار عــى‬ ‫مركــز البحــوث العلميــة واملطــل عــى حلــب‬

‫الجديــدة‪ ،‬والتــي باتــت أمــام أعــن الثــوار‬ ‫وهدفهــم القــادم‪ ،‬معركــة اســتخدمت فيهــا‬ ‫مختلــف أنــواع األســلحة الثقيلــة واملتوســطة‬ ‫مــن قبــل الطرفــن‪ ،‬إال أن النظــام طبعـاً كانــت‬ ‫ترجــح لــه الكفــة جويـاً نتيجــة الغطــاء الجــوي‬ ‫الــذي كان يســيطر عليــه ويهاجــم مواقــع‬ ‫الثــوار عــر قصفــه ملواقعهــم بالصواريــخ‬

‫للم��رة الثاني��ة خ�لال أس��بوع ط�يران‬ ‫النظام يقصف حي جوبر بغاز الكلور‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫أكــدت مصــادر طبيــة مــن حــي جوبــر الدمشــقي استشــهاد أحــد الثــوار وإصابــة ‪ 15‬آخريــن‬ ‫جـراء اســتهداف الحــي بقذائــف محملــة بغــاز الكلــور الســام‪ ،‬بالتزامــن مــع غــارات جويــة نفذهــا‬ ‫طـران النظــام األســدي‪ ،‬قصــف خاللهــا الحــي بالرباميــل املتفجــرة‪ ،‬ووفــق املصــادر امليدانيــة‪ ،‬فــإن‬ ‫جيــش النظــام قــد اســتخدم الغــازات الســامة للمــرة الثانيــة خــال األســبوع الحــايل أثنــاء مواجهتــه‬ ‫لثــوار جوبــر‪.‬‬ ‫ويف تفاصيــل املشــهد فقــد اســتهدف القصــف جبهــة عارفــة مــن جهــة حــي العباســيني‪ ،‬وتــم‬ ‫إســعاف املصابــن مــن املنطقــة املذكــورة إىل مشــفى جوبــر امليــداين‪ .‬وجــاء اســتخدام النظــام لغــاز‬ ‫الكلــور الســام للمــرة الثانيــة عــى التــوايل يف هــذا األســبوع إثــر فشــل محاوالتــه بالتقــدم عــى‬ ‫جبهــات حــي جوبــر‪ ،‬ويف محاولــة يائســة منــه الســرجاع بعــض النقــاط التــي خرسهــا أمــام تقــدم‬ ‫كتائــب الثــوار والخســائر البرشيــة واملاديــة التــي تكبدهــا عــى أيديهــم‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل أعلنــت املجالــس املحليــة والهيئــات املدنيــة يف الغوطــة الرشقيــة أن مــدن‬ ‫وبلــدات الغوطــة الرشقيــة كافــة‪ ،‬إضافــة لحــي جوبــر الدمشــقي هــي مناطــق منكوبــة‪ ،‬نتيجــة‬ ‫لفــرض النظــام األســدي حصــارا ً مطبقـاً عــى املناطــق املذكــورة منــذ أكــر مــن عــام‪ ،‬ويعــاين أهــايل‬ ‫وســكان الغوطــة الرشقيــة مــن نقــص حــاد للمــواد الغذائيــة واملــاء‪ ،‬إضافــة ملنــع دخــول املــواد‬ ‫واملســتلزمات الطبيــة واألدويــة‪ ،‬وحليــب األطفــال‪.‬‬ ‫وطالــب البيــان املجتمــع الــدويل وهيئــة األمــم املتحــدة وجمعيــات حقــوق اإلنســان بتحمــل‬ ‫مســؤولياتهم األخالقيــة والقانونيــة تجــاه حاميــة املدنيــن ورضورة فتــح ممــرات إنســانية‬ ‫آمنــة‪ ،‬إلدخــال املســاعدات اإلنســانية إىل املناطــق املنكوبــة‪ ،‬ودعــا إىل تطبيــق الق ـرارات كافــة‪،‬‬ ‫املتعلقــة بإدخــال املســاعدات اإلنســانية‪ ،‬والتوقــف عــن تطبيــق سياســة الكيــل مبكيالــن‪ ،‬وتقديــم‬ ‫املســاعدات اإلنســانية العاجلــة لعمــوم مناطــق ســوريا‪.‬‬ ‫وشــدد البيــان عــى رضورة تحمــل االئتــاف والحكومــة الســورية املؤقتــة مســؤولياتهم تجــاه‬ ‫مناطــق الغوطــة الرشقيــة‪ ،‬واســتمرار الضغــط عــى دول أصدقــاء ســوريا الداعمــة لــه لتقديــم‬ ‫الدعــم العاجــل ألهــايل الغوطــة الرشقيــة‪ ،‬وحاميــة الشــعب الســوري يف جميــع أنحــاء ســوريا‪.‬‬ ‫ودعــا البيــان كتائــب الجيــش الحــر للعمــل مــع ثــوار الغوطــة للدفــاع عــن أهلهــم ومدنهــم‬ ‫وتخليصهــا مــن العصابــة األســدية املجرمــة يف ظــل مــا تشــهده املنطقــة مــن توت ـرات‪ ،‬يقابلــه‬ ‫صمــت أممــي‪ ،‬وتخــي املجتمــع الــدويل عــن مســاعدة الشــعب الســوري يف تحقيــق أهــداف‬ ‫ثورتــه يف الحريــة والكرامــة‪.‬‬

‫الفراغيــة والرباميــل‪.‬‬ ‫وخــال تلــك املعــارك املحتدمــة التــي حصلــت‬ ‫والتــي أيضــاً كانــت مــن أشــد املعــارك التــي‬ ‫حصلــت ضمــن جبهــات حلــب ســقط عــدد‬ ‫كبــر مــن القتــى وعــدد مــن األرسى يف صفــوف‬ ‫الطرفــن‪ ،‬وكان غالبيــة القتــى أو األرسى الذيــن‬ ‫قــد أمســك بهــم الثــوار هــم مــن ميليشــيات‬ ‫طائفيــة وجنســيات مختلفــة تقاتــل إىل جانــب‬ ‫النظــام‪ ،‬األمــر الــذي شــكل لــدى النظــام حالــة‬ ‫تخــوف وحــرج أمــام مؤيديــه ومنارصيــه والذي‬ ‫دفــع بــه باملقابــل بالقبــول بعمليــات تبــادل‬ ‫لــأرسى والجثــث مــع الثــوار بواســطة الهــال‬ ‫األحمــر‪ ،‬حيــث قــام النظــام باســتبدال األرسى‬ ‫الثــوار لديــه أو جثثهــم بجثــث مــن مقاتليــه‪،‬‬ ‫ولكــن ليــس الســوريون إمنــا جثــث املليشــيات‬ ‫الشــيعية واملقاتلــن الذيــن اســتقدمهم مــن‬ ‫خــارج البــاد‪ ،‬ذلــك أن أمرهــم يهمــه ويــود‬ ‫إرجــاع جثثهــم إىل بالدهــم وذويهــم وأال‬ ‫يخــر هيبتــه ونفــوذه أمــام منارصيــه فعــى‬

‫األقــل يضمــن لهــم كــا يصفــه أعالمــه وإعــام‬ ‫مؤيديــه جنــازة الــرف والشــهادة‪.‬‬ ‫أمــا أولئــك الجنــود والعنــارص الســوريون‬ ‫والذيــن يكونــون مبثابــة خــط الدفــاع األول‬ ‫والطعــم الــذي ينــال نصيبــه دون أن يكــون لــه‬ ‫أي أهميــة لــدى النظــام الــذي يدعــي ببطوالتــه‬ ‫وأن أبنــاء بلــده هــم مــن يدافعــون عــن الوطن‬ ‫وأن ســامتهم تهمــه‪ ،‬فالنظــام منــذ بدايــة‬ ‫األحــداث لعــب عــى وتــر الطائفيــة لكــن عــى‬ ‫مــا يبــدو أن هــذا الوتــر حتــى يعــزف عــى‬ ‫حســاب الذيــن ماتــوا لتكــون جثــث املليشــيات‬ ‫الشــيعية وغريهــا أكــر أهميــة عــى املســتوى‬ ‫العســكري واإلنســاين حتــى بالنســبة للنظــام‪.‬‬

‫يف هــذه الفــرة تــم تبديــل هــؤالء عــن طريــق‬ ‫معــر بســتان القــر بالتنســيق مــع الهــال‬ ‫األحمــر وإرشاف حركــة أحـرار الشــام اإلســامية‬ ‫والطبابــة الرشعيــة التــي قامــت بتســليم جثــث‬ ‫النظــام وميلشــياته مقابــل األرسى لــدى ســجون‬ ‫النظــام إال أن النظــام يعتــر غــر ملتــزم بكالمــه‬ ‫ومتالعــب بالقــول والفعــل‪.‬‬ ‫لكــن مــع كل ذلــك ومهــا كان الــذي حصــل‬ ‫وســيحصل ســيبقى ألولئــك الشــهداء الحــق يف‬ ‫إكرامهــم بدفنهــم فهــم بالنهايــة أبنــاء الوطــن‬ ‫وســيبقى الثــوار يقفــون بوجــه النظــام مهــا‬ ‫استشــهد منهــم حتــى أخــر شــخص‪.‬‬

‫تركيا تدخل احلرب رغم أنفها‬ ‫عروة المهاوش‬ ‫عــى الرغــم مــن ســنوات الحــرب يف ســوريا‬ ‫األربــع ودخولهــا الســنة الخامســة إال أن تركيــا‬ ‫نــأت بنفســها طويـاً عــن الدخــول فيهــا‪ ،‬أو يف‬ ‫حــرب غريهــا‪ ،‬فهــي تتجــه بسياســة النــأي عــن‬ ‫النفــس أوالً واالبتعــاد عــن الحــروب‪ ،‬يف ســبيل‬ ‫نهضــة بالدهــا واالســتمرار بــكل مــا أوتيــت مــن‬ ‫قــوة للحفــاظ عــى تقدمهــا ونجاحهــا ووصولهــا‬ ‫إىل مراتــب متقدمــة يف تطــور مجتمعهــا‪.‬‬ ‫التدخل العسكري ليس نزهة!!‬ ‫عــى الرغــم مــن مواقــف تركيــا املؤيــدة‬ ‫للثــورة الســورية‪ ،‬ومطالبتهــا الرصيحــة بتنحــي‬ ‫األســد ووقوفهــا إىل جانــب الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫وتقديــم كل أنــواع املســاعدات لــه‪ ،‬إال أن كل‬ ‫هــذه األســباب مل تكــن كافيــة لجعــل تركيــا‬ ‫تفكــر بدخــول الحــرب مــع الجهــات املتنازعــة‬ ‫عــى األرايض الســورية‪ ،‬إال أن التغي ـرات التــي‬ ‫حصلــت جعلتهــا تفكــر جديـاً برضبــات جويــة‬ ‫نوعيــة لحاميــة حدودهــا أوالً وبنــاء منطقــة‬ ‫آمنــة عــى حدودهــا الجنوبيــة مــع ســورية‪.‬‬ ‫ســيطرة «داعــش» عــى مدينــة عــن العــرب‬ ‫كانــت أول أســباب التدخــل العســكري الــريك‪،‬‬ ‫إضافــة إىل التخــوف الــريك مــن ســيطرة‬ ‫الوحــدات العســكرية الكرديــة عــى مناطــق‬ ‫حدوديــة معهــا‪ ،‬وخشــيتها مــن إقامــة دويلــة‬ ‫تحقــق حلــم األكــراد يف املنطقــة‪.‬‬ ‫وصل البل اىل الدقن‪ ..‬تفجري رسوج‪!!..‬‬ ‫جنــوب رشق تركيــا يف تلــك املدينة التــي تقطنها‬ ‫غالبيــة كرديــة‪ ،‬والقريبــة جــدا ً مــن الحــدود‬ ‫الســورية‪ ،‬تداعــى الكثــر من املتطوعــن وجلهم‬ ‫مــن حملــة الشــهادات الجامعيــة‪ ،‬لالجتــاع يف‬ ‫حديقــة املركــز الثقــايف قبيــل توجههــم نحــو‬ ‫مدينــة عــن العــرب ملامرســة عملهــم املــدين يف‬ ‫خدمــة املدينــة‪ ،‬فيــا اتجهــت االتهامــات نحــو‬ ‫«داعــش» مبســؤوليتها عــن التفجــر‪ ،‬والــذي‬ ‫راح ضحيتــه حســب اإلحصائيــات األوليــة نحــو‬ ‫‪ 32‬قتيــاً‪ ،‬وعــدد كبــر مــن الجرحــى‪ ،‬وهــذا‬ ‫العــدد مرشــح لالزديــاد نتيجــة اإلصابــات‬ ‫الخطــرة بــن صفــوف املصابــن‪ ،‬وقــد اتخــذت‬ ‫الســلطات الرتكيــة إجــراءات أمنيــة مشــددة‬ ‫بعــد هــذا التدخــل الخطــر جــدا ً عــى أمــن‬ ‫بالدهــا‪ ،‬حيــث قــام قســم مكافحــة اإلرهــاب‬ ‫واألمــن الــريك بحمــات مداهمــة شــملت‬ ‫أغلــب الواليــات الرتكيــة ملقـرات تابعــة لتنظيــم‬ ‫الدولــة «داعــش» إضافــة للــذراع الشــبايب‬

‫لحــزب العــال الكردســتاين‪ ،‬أســفرت عــن‬ ‫اعتقــال مــا يزيــد عــن ‪ 850‬شــخصاً مشــتبه بــه‪.‬‬ ‫منطقة آمنة ورفض للتقسيم‬ ‫ذكــرت صحيفــة «ينــي شــفق» املحليــة‬ ‫الرتكيــة أن الجيــش الــريك يقــوم بالتحضــر‬ ‫إلقامــة منطقــة حدوديــة آمنــة شــايل ســوريا‬ ‫بعمــق ‪35‬كــم وطــول ‪ 110‬كــم داخــل األرايض‬ ‫الســورية‪ ،‬وتفيــد الصحيفــة أن املخطــط‬ ‫يتضمــن دخــول ‪ 18‬ألــف جنــدي إىل تلــك‬ ‫املنطقــة لضــان أمنهــا‪ ،‬فيــا أفــادت صحيفــة‬ ‫«ديــي ميــل» الربيطانيــة يف بيــان للبيــت‬ ‫األبيــض أن الرئيــس األمــريك بــارك أوبامــا‬ ‫والرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان اتفقــا‬ ‫يف مكاملــة هاتفيــة عــى العمــل معــاً لوقــف‬ ‫تدفــق املقاتلــن األجانــب وتأمــن الحــدود‪،‬‬ ‫فيــا كشــفت صحيفــة «حرييــت» الرتكيــة عــن‬ ‫اتفــاق تريك‪-‬أمريــي يقــي بإنشــاء منطقــة‬ ‫حظــر جــوي‪ ،‬محــدودة نســبيا فــوق املنطقــة‬ ‫املمتــدة بــن مــارع وجرابلــس فقــط‪ ،‬وبعمــق‬ ‫‪35‬كــم‪ ،‬وكان أبــرز مــا جــاء يف االتفــاق النقــاط‬ ‫التاليــة بحســب الجريــدة‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬إنشــاء منطقــة آمنــة بــن مــارع وجرابلــس‬ ‫عــى الحــدود الرتكيــة الســورية مبســاحة ‪90‬‬ ‫كلــم‪ ،‬وعمــق ‪ 40‬ـ ‪ 50‬كلــم‪.‬‬ ‫ثانيــاً‪ ،‬منــع ســيطرة التنظيــات املتشــددة‬ ‫كتنظيــم «داعــش» و«جبهــة النــرة» عــى‬ ‫تلــك املنطقــة‪.‬‬ ‫ثالثــاً‪ ،‬تقــوم طائــرات التحالــف الــدويل أو‬ ‫املقاتــات الرتكيــة بفــرض حظــر جــوي فــوق‬ ‫املنطقــة اآلمنــة‪.‬‬ ‫رابعـاً‪ ،‬الســاح للمقاتــات األمريكيــة وطائـرات‬ ‫التحالــف الــدويل باســتخدام املجــال الجــوي‬ ‫الــريك وقاعــدة إنجرليــك وهــي محملــة أســلحة‬ ‫وقنابــل وصواريــخ‪ ،‬وذلــك عنــد الــرورة‪.‬‬ ‫خامسـاً‪ ،‬تقـ ّدم املدفعيــة الرتكيــة الدعم إلنشــاء‬ ‫املنطقــة اآلمنة‪.‬‬ ‫سادســاً‪ ،‬اســتخدام قاعــدة إنجرليــك يكــون‬ ‫بالتنســيق مــع قيــادة القــوات الجويــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫وعقــب إنشــاء املنطقــة اآلمنــة‪ ،‬يُغلَــق املجــال‬ ‫الجــوي أمــام طائ ـرات النظــام الســوري‪.‬‬ ‫ســابعاً‪ ،‬االتفــاق ال يســتهدف وحــدات «حاميــة‬ ‫الشــعب» الكرديــة الســورية (‪ .)PYD‬مبــارشةً‪.‬‬ ‫لكــن إذا اتخــذت الوحــدات موقفــاً معاديــاً‬ ‫لرتكيــاً‪ ،‬أو قامــت مبــا يهــدد أمــن املنطقــة أو‬ ‫أمــن تركيــا (كإحداثهــا تغيــرات دميوغرافيــة‬

‫بقــوة الســاح) فــإن لرتكيــا الحــق يف التدخــل‬ ‫للحيولــة دون حــدوث ذلــك‪.‬‬ ‫ثامنـاً‪ ،‬إرســال قــوات بريــة محاربــة إىل قاعــدة‬ ‫إنجرليــك أمــر غــر وارد‪ ،‬ولكــن مــن املمكــن‬ ‫الســاح لهيئــة عســكرية تقنيــة مؤلفــة مــن‬ ‫‪ 40‬إىل ‪ 50‬عســكرياً‪ ،‬بالذهــاب إىل القاعــدة‬ ‫املذكــورة لتلبيــة االحتياجــات التقنيــة لطائـرات‬ ‫التحالــف الــدويل‪ .‬كذلــك‪ ،‬يســمح لطائــرات‬ ‫«التحالــف» مبوجــب االتفــاق‪ ،‬باســتخدام‬ ‫القواعــد العســكرية الرتكيــة يف مــدن بامتــان‬ ‫وديــار بكــر ومالطيــا‪ ،‬يف الحــاالت الطارئــة‪.‬‬ ‫تشــديد عــى الحــدود وقتــى ســوريني عــى يــد‬ ‫الجنــود األتـراك‬ ‫اغلقــت كافــة البوابــات النظاميــة عــى الحــدود‬ ‫الرتكيــة نهائيـاً منــذ فــرة ليســت بقريبــة‪ ،‬مــا‬ ‫جعــل الســوريني الهاربــن مــن املــوت أمــام‬ ‫خيــا ٍر واحــد وهــو الدخــول مــن مناطــق‬ ‫التهريــب والتــي تشــكل خط ـرا ً عــى حياتهــم‬ ‫وحيــاة أطفالهــم‪ ،‬وذلــك بعــد صــدور العديــد‬ ‫مــن القــرارات باســتهداف كل مــن يتجــاوز‬ ‫الرشيــط الحــدودي بــن الدولتــن‪ ،‬هــذا الحرص‬ ‫الــريك ســببه التخــوف مــن دخــول مقاتلــن من‬ ‫جهــات مختلفــة إىل األرايض الرتكيــة‪ ،‬إال أن هــذا‬ ‫الحــرص مل مينــع مــن اســتهداف الجنــود لبعــض‬ ‫األطفــال الصغــار‪ ،‬والتــي ت ـراوح أعامرهــم مــا‬ ‫بــن ســنة ونصــف اىل ‪ 14‬عام ـاً‪ ،‬حيــث ســقط‬ ‫العديــد منهــم قتيــاً برصــاص عــى الرشيــط‬ ‫الحــدودي‪.‬‬ ‫دول تتنــازع وقــوات تحــاول الحصــول عــى‬ ‫مناطــق يف ســورية‪ ،‬أحــام قدميــة تحــاول‬ ‫الكثــر مــن القــوات املتازعــة عــى تحقيقهــا‬ ‫عــى األرايض الســورية‪ ،‬لتبقــى فاتــورة الــدم‬ ‫الســوري هــي املشــهد األكــر أملــاً وواقعيــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫س��بع مستش��فيات ميدانية خارج اخلدمة معرك��ة كفريا والفوعة إىل أين تتج��ه وما نهايتها؟!‪.‬‬ ‫بدرعا‪ ..‬وأزمة حليب األطفال تتفاقم‬

‫سارة الحوراني‬ ‫كثّفــت قــوات النظــام الســوري مــن‬ ‫اســتهداف املرافــق الحيويــة والخدميــة يف‬ ‫املناطــق الخارجــة عــن ســيطرتها يف محافظــة‬ ‫درعــا‪ ،‬حيــث اســتهدفت خــال الفــرة املاضيــة‬ ‫‪ 7‬مستشــفيات ميدانيــة توقــف ‪ 5‬منهــا عــن‬ ‫العمــل بشــكل كامــل‪.‬‬ ‫وقــال الدكتــور جهــاد املحاميــد ممثــل‬ ‫الدفــاع املــدين يف محافظــة درعــا‪« :‬إن النظــام‬ ‫الســوري يشــن هجمــة غــر مســبوقة عــى‬ ‫املناطــق الخارجــة عــن ســيطرته يف محافظــة‬ ‫درعــا‪ ،‬مســتهدفاً بواســطة املقاتــات الحربيــة‬ ‫واملروحيــة‪ ،‬املرافــق الحيويــة كاملستشــفيات‬ ‫امليدانيــة واألســواق الشــعبية والعيــادات‬ ‫الطبيــة الخاصــة؛ لحرمــان األهــايل مــن أبســط‬ ‫حقوقهــم يف تلقــي الخدمــات الطبيــة باإلضافــة‬ ‫إىل إثــارة الحاضنــة الشــعبية عــى فصائــل‬ ‫املعارضــة»‪.‬‬ ‫وبــن الدكتــور املحاميــد «بــأن املستشــفيات‬ ‫التــي توقفــت عــن العمــل هــي مشــفى طفس‬ ‫امليــداين بعــد اســتهدافه بحاويــة متفجــرة‪،‬‬ ‫وكذلــك مشــفى مدينــة بــرى الشــام‪ ،‬وبلدات‬ ‫النعيمــة‪ ،‬صيــدا‪ ،‬الغريــة الرشقيــة‪ ،‬داعــل‪،‬‬ ‫والطيبــة ومؤخـرا ً مستشــفى تــل شــهاب الــذي‬ ‫توقــف عــن العمــل هــو اآلخــر»‪.‬‬ ‫مــن جانبــه ذكــر الدكتــور يعــرب عبــد الفتــاح‬ ‫مســؤول الرصــد واإلنــذار املبكــر يف الريــف‬ ‫الرشقــي لدرعــا‪« :‬إن توقــف هــذه املشــايف‬ ‫املســتهدفة مــن قبــل قــوات النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ولــد ضغطـاً كبـرا ً عــى املستشــفيات امليدانيــة‬ ‫األخــرى‪ ،‬والتــي تعمــل يف ظــروف أمنيــة‬ ‫ســيئة‪ ،‬ونقــص يف املعــدات والتجهيــزات‬ ‫الرضوريــة‪ ،‬أهمهــا أجهــزة الطبقــي املحــوري‪،‬‬ ‫والرنــن املغناطيــي‪ ،‬وأســطوانات األوكســجني‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل نقــص حــاد يف الكــوادر الفنيــة‬ ‫واالختصاصــات الطبيــة‪ ،‬كالجراحــة العصبيــة‪،‬‬ ‫وجراحــة األوعيــة‪ ،‬والجراحــة النســائية‪ ،‬إىل‬ ‫جانــب نقــص األدويــة»‪.‬‬ ‫أزمة حليب األطفال مستمرة‪..‬‬ ‫ولفــت الدكتــور يعــرب إىل تفاقــم أزمــة‬ ‫حليــب األطفــال يف محافظــة درعــا قائــا‪:‬‬ ‫«بــدأت أزمــة الحليــب بالظهــور منــذ ثــاث‬ ‫ســنوات‪ ،‬حيــث منــع النظــام الســوري إرســال‬ ‫األدويــة الرضوريــة ومــادة حليــب األطفــال إىل‬ ‫الصيدليــات يف مناطــق املعارضــة الســورية؛‬ ‫إلظهــار عجــز املنظــات املعارضــة البديلــة‬ ‫عــن توفــر االحتياجــات األساســية للمواطنــن»‪.‬‬ ‫وأشــار الدكتــور إىل أن «لجــوء األهــايل إىل‬ ‫البدائــل كحليــب األبقــار واملاعــز أو حليــب‬ ‫كامــل الدســم‪ ،‬أدى إىل إصابــة األطفــال‬ ‫الرضــع بحــاالت ســوء التغذيــة واالمتصــاص‬ ‫واالســهاالت‪ ،‬بالرغــم مــن تحذيرنــا وتشــجيعنا‬ ‫لألمهــات بــرورة االعتــاد عــى الرضاعــة‬ ‫الطبيعيــة‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة تأمــن حليــب‬ ‫األطفــال بالرسعــة القصــوى‪ ،‬وخاصــة مــا دون‬ ‫عمــر ‪ 6‬أشــهر حيــث يحتــاج الطفــل إىل علبــة‬ ‫حليــب كل خمســة أيــام»‪.‬‬ ‫وطالــب الدكتــور يعــرب مديــر مشــفى كحيــل‬

‫للتوليــد بدرعــا «منظمــة الصحــة العامليــة‬ ‫وبرنامــج الغــذاء العاملــي االهتــام مبوضــوع‬ ‫الحليــب ودراســته بشــكل جــدي‪ ،‬والعمــل‬ ‫عــى تأمــن الحليــب بشــكل دوري ومتواصــل‪،‬‬ ‫مــن خــال التواصــل مــع مديريــة صحــة درعــا‬ ‫الحــرة التــي هــي عــى اســتعداد للتعــاون يف‬ ‫ســبيل االنتهــاء مــن أزمــة الحليــب بــأرسع‬ ‫وقــت ممكــن»‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن حاجــة محافظــة درعــا مــن‬ ‫حليــب األطفــال شــهريا يصــل إىل ‪ 40‬ألــف‬ ‫علبــة بحســب إحصائيــات مديريــة الصحــة‬ ‫التابعــة للحكومــة الســورية املؤقتــة‪.‬‬ ‫انتشار االسهاالت الحادة يف درعا املدينة‪..‬‬ ‫تعــاين املنطقــة بشــكل عــام مــن اســهاالت‬ ‫حــادة منتــرة بشــكل كبــر بــن األطفــال‬ ‫ولكــن تــم االبــاغ مؤخـرا ً عــن حــاالت اســهال‬ ‫متكــررة ومنتــرة بشــكل واســع يف منطقتــي‬ ‫طريــق الســد ودرعــا البلــد‪ ،‬وتــم زيــارة املراكــز‬ ‫الصحيــة يف املنطقتــن املذكورتــن وبعــد‬ ‫االطــاع عــى الســجالت ومناقشــة األطبــاء‬ ‫العاملــن فيهــا تبــن مــا يــي‪:‬‬ ‫‪1‬بــدأت هــذه الحــاالت تراجــع املركزيــن يف‬‫كال املنطقتــن بتاريــخ واحــد هــو ‪ 16‬متــوز‬ ‫‪ 2015‬ومســتمرة حتــى تاريــخ اعــداد هــذا‬ ‫التقريــر ‪ 23‬متــوز‪ 2015‬وهــي بازديــاد‪.‬‬ ‫‪2‬يشــمل الطيــف العمــري للحــاالت املصابــة‬‫كل أف ـراد العائلــة الواحــدة مــن كال الجنســن‬ ‫ومــن كل األعــار‪.‬‬ ‫‪3‬تشــمل األعــراض اســهاالت مائيــة عاديــة‬‫مرتافقــة مــع ترفــع حــروري بســيط واقيــاءات‬ ‫غــر معنــدة عــى مضــادات االقيــاء‪ ،‬ومل تســجل‬ ‫حــاالت اســهال مــاء الــرز‪ ،‬ومل يســجل أي‬ ‫حــاالت اســهال مدمــى‬ ‫‪4‬مل يسجل أي حاالت استشفاء‪.‬‬‫‪5‬العــاج كان عرضيـاً‪ ،‬وتــم اســتخدام مضادات‬‫اقيــاء وســوائل اعاضــة فمويــة وخافضــات‬ ‫حــرارة ومســكنات‪.‬‬ ‫‪6‬عــدد الحــاالت املســجلة مــا بــن ‪100-90‬‬‫حالــة يوميــاً وإجــايل عــدد الحــاالت يف كل‬ ‫مركــز يتجــاوز ‪ 700‬حالــة باإلضافــة إىل ذكــر‬ ‫املريــض أنــه تــرك أفــراد عائلتــه يف املنــزل‬ ‫يعانــون مــن نفــس األعــراض (يعنــي العــدد‬ ‫الحقيقــي يفــوق هــذا العــدد)‪.‬‬ ‫‪7‬التــوزع الجغـرايف‪ :‬جميــع الحــاالت محصــورة‬‫يف درعــا طريــق الســد ودرعــا البلــد‪.‬‬ ‫‪8‬يعتمــد ســكان هاتــن املنطقتــن عــى رشاء‬‫صهاريــج امليــاه والتــي يتــم تعبئتهــا مــن‬ ‫آبــار متوزعــة يف املنطقتــن ويعتقــد األطبــاء‬ ‫والســكان أنهــا قريبــة مــن أماكــن الــرف‬ ‫الصحــي‪.‬‬ ‫‪9‬مل يتــم أخــذ عينــات للميــاه مــن أي جهــة‬‫لفحصهــا‪.‬‬ ‫‪10‬قمــت بجمــع عينــات ميــاه مــن برئيــن‬‫مختلفــن ومل أســتطع إيصالهــا إىل أي مخــر‬ ‫مختــص وخاصــة مــع بــدء معركــة تحريــر‬ ‫درعــا‪.‬‬ ‫منســق الرتصــد يف املنطقــة الرشقيــة مــن درعــا‪:‬‬ ‫د يعــرب عبــد الفتــاح‬

‫الناشط إبراهيم اإلدلبي‬ ‫بعد أن متكن جيش الفتح والجيش الســوري‬ ‫الحــر مــن الســيطرة عــى مســاحات شاســعة‬ ‫مــن محافظــة ادلــب وريفهــا وانســحاب قــوات‬ ‫النظــام مــن أهــم معســكراتها إىل منطقتــي‬ ‫كفريــا والفوعــة مــن جهــة وإىل معســكر‬ ‫جوريــن مــن جهــة أخــرى‪ ،‬اتجــه بقيــة الثــوار‬ ‫إىل عــدة محــاور الســتكامل الســيطرة عــى مــا‬ ‫بقــي مــن ريــف ادلــب‪ ،‬حيــث انفــردت جبهــة‬ ‫النــرة منعزلــة عــن غريهــا مبحــارصة مطــار‬ ‫أبــو الضهــور العســكري بالريــف الرشقــي مــن‬ ‫ادلــب‪ ،‬واتجــه جيــش الفتــح إىل الريــف الغــريب‬ ‫الســتكامل مســرة الســيطرة‪ ،‬وبقــي قســم منــه‬ ‫إضافــة إىل الجيــش الســوري الحــر محــارصا ً‬ ‫لــكل مــن منطقتــي كفريــا والفوعــة الشــيعيتني‬ ‫واللتــن تعت ـران معســكرات إيرانيــة موجــودة‬ ‫داخــل األرايض الســورية‪ ،‬فمنــذ بدايــة الثــورة‬ ‫حصــن النظــام هاتــن البلدتــن واتخــذ منهــا‬ ‫معســكرات لــه إضافــة إىل اســتقدام ميليشــيات‬ ‫إيرانيــة‪ ،‬ومــن حــزب اللــه‪ ،‬إضافــة إىل األفغــان‬ ‫للدفــاع عنهــا‪.‬‬ ‫ســجل يف اآلونــة األخــرة هجــوم عنيــف عــى‬ ‫منطقــة الزبــداين مــن قبــل قــوات النظــام‬ ‫وامليليشــيات املســاندة لــه‪ ،‬فقــام بقصــف‬ ‫املدينــة بشــتى أنــواع األســلحة مســتعدا ً‬ ‫القتحامهــا‪ ،‬فأطلــق ناشــطون حملــة عــى‬ ‫وســائل التواصــل االجتامعــي ‪#‬اقصفــوا_‬ ‫املعسكرات_الشــيعية_نرصة_للزبداين‪ ،‬فلبــى‬

‫ثــوار ادلــب هــذا النــداء وبــدأت الحملــة عــى‬ ‫معســكري كفريــا والفوعــة‪ ،‬وبــدأت املعركــة‬ ‫بتمهيــد مدفعــي طــال خطــوط الدفــاع األوىل‪،‬‬ ‫رسعــان مــا بــدأ املجتمــع الــدويل بالتحــرك مــن‬ ‫أجــل إيقــاف املعركــة التــي تــدور رحاهــا تحت‬ ‫عنــوان ‪#‬حامية_االقليــات‪ ،‬والجديــر بالذكــر أن‬ ‫هذيــن املعســكرين يحمــان طابع ـاً شــيعياً إال‬ ‫أن الناشــطني عــادوا ليــرز دورهــم مــن جديــد‬ ‫عــى الســاحة يف الشــال الســوري‪ ،‬وبــدؤوا‬ ‫يخرجــون يف نـرات األخبــار ليؤكــدوا أن الثــوار‬ ‫يســتهدفون فقــط النقــاط األمنيــة التابعــة‬ ‫مليليشــيات الحــزب وقــوات النظــام‪ ،‬ثــم بــدأ‬ ‫قــادة الكتائــب يخرجــون بفيديوهــات مصــورة‬ ‫بثــت عــى اليوتيــوب يقولــون فيهــا‪« :‬نقــوم‬ ‫باســتهداف النقــاط األمنيــة التابعــة للحــزب‬ ‫نــرة للزبــداين»‪ ،‬وبعــد يومــن من االســتهداف‬ ‫املتواصــل بــدأت ترسيبــات تخــرج مــن النظــام‬ ‫عــى أنــه مســتعد للرتاجــع عــن حملتــه ضــد‬ ‫الزبــداين مقابــل وقــف إطــاق النــار عــى كفريا‬ ‫والفوعــة‪ ،‬وحاولــت بعــض الجاليــات الســورية‬ ‫املغرتبــة يف أوربــا مــن التظاهــر أمــام ســفاراتها‬ ‫حاملــن الفتــات كتــب عليهــا (انقــذوا الفوعــة‬ ‫وكفريــا)‪( ،‬الفوعــة وكفريــا تنزفــان)‪.‬‬ ‫وكانــت معنويــات الثــوار قــد ارتفعــت مــا‬ ‫مكنهــم مــن اقتحــام منطقــة الصواغيــة‬ ‫والســيطرة عليهــا وحــرق خطــوط الدفــاع‬ ‫األوىل بقذائــف مدفــع جهنــم‪ ،‬وانعكــس ايجابـاً‬ ‫هــذا عــى ثــوار الزبــداين‪ ،‬حيــث هــم بدورهــم‬

‫قامــوا بهجــوم معاكــس عــى عنــارص الحــزب‬ ‫متكنــوا عــى إثــره مــن تدمــر حاجزيــن يف‬ ‫محيــط املدينــة‪.‬‬ ‫ونــر أحــد قــادة جبهــة النــرة عــى صفحتــه‬ ‫عــى فيــس بــوك‪ :‬ال ينبغــي الســيطرة عــى‬ ‫كفريــا والفوعــة ألنهــا ورقــة رابحــة يف أيدينــا‬ ‫فإننــا نقــوم بالضغــط عــى النظــام وأعوانــه‬ ‫متــى شــئنا وإذا ســيطرنا عليهــم فإننــا ســنخرس‬ ‫عنــر الضغــط‪ ،‬ومــن خــال هــذا املنشــور‬ ‫تظهــر النوايــا الحقيقيــة لبعــض الفصائــل التــي‬ ‫ال تنــوي االمتــام واالنتهــاء مــن آخــر معســكرين‬ ‫ضمــن العمــق االدلبــي وكأنهــم قــد نســوا أن‬ ‫هاتــن البلدتــن قــد أذاقتــا القــرى القريبــة‬ ‫منهــا الويــل وتحديــدا ً مدينــة بنــش‪ ،‬وهــل‬ ‫نــي الجميــع أن املدينــة ذات يــوم دمــرت‬ ‫وهجــر أهلهــا بســبب هذيــن املعســكرين‬ ‫اللذيــن يســتهدفان املدينــة متــى شــاؤوا‪.‬‬ ‫ومــن خــال متابعتنــا للوضــع يف هاتــن البلدتني‬ ‫تبــن لنــا وبترصيــح رســمي مــن قيــادة جيــش‬ ‫الفتــح أنهــا تحويــان عــى ‪ 400‬مقاتــل تابــع‬ ‫للنظــام وميليشــياته ويتلقــون الذخــرة والغــذاء‬ ‫عــر الجــو مــن طائـرات الهيلكوبــر التــي تقــوم‬ ‫بإلقائهــا عــر املظــات‪.‬‬ ‫ويتســاءل أهــايل الريــف االدلبــي‪ :‬مــن اســتطاع‬ ‫الســيطرة عــى ادلــب واريحــا واملســطومة‬ ‫والقرميــد وجــر الشــغور‪ ،‬أال يســتطيع‬ ‫الســيطرة عــى قريتــن صغريتــن محارصتــن؟؟!‬ ‫وتبقــى اإلجابــة لأليــام القريبــة القادمــة‪.‬‬

‫بع��د االنتصارات املتزايدة للجيش احلر وحتري��ر إدلب وصمود الزبداني!‬ ‫دي مس��تورا‪ :‬بشار األسد ش��خص موتور وبأضعف حاالته‪ ،‬والروس وصلوا إىل هذه النتيجة أيضًا!‬ ‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫قــال الوســيط الــدويل يف ســوريا «دميســتورا»‬ ‫إن بشــار األســد يحــاول الظهــور مبوقــف القــوي‬ ‫واملتامســك‪ ،‬ولكنــه شــخص موتــور‪ ،‬وهــو‬ ‫بأضعــف حاالتــه اليــوم‪.‬‬ ‫االنتصــارات املتزايــدة للجيــش الحــر عــى‬ ‫مختلــف الجبهــات يحطــم غــرور النظــام‬ ‫املتغطــرس‪ ،‬ويبعــث الخيبــة يف نفــوس داعمــي‬ ‫النظــام مــن الشــبيحة وإيـران وروســيا‪ ،‬وتثبــت‬ ‫األحــداث عــى األرض بــأن الشــعب الســوري‬ ‫ســينترص عــى نظــام القتــل واإلجــرام مهــا‬ ‫تــذرع بأســباب البقــاء كالحــرب عــى اإلرهــاب‬ ‫وغريهــا مــن األكاذيــب املمجوجــة‪.‬‬ ‫وقــد نقــل مصــدر معارض‪-‬ملراســل موقــع كلنــا‬ ‫رشكاء ريــاض خالــد‪ -‬شــارك يف االجتــاع الــذي‬ ‫عقــده دميســتورا يــوم الســبت الثامــن عــر‬ ‫مــن متــوز‪ /‬يوليــو والــذي اســتمر ملــدة ســاعة‬ ‫مــع اللجنــة املعنيــة بتنفيــذ مقــررات القاهــرة‬ ‫أو مــا تعــرف باللجنــة الـــ‪ 13‬أن أحــد املشــاركني‬

‫يف االجتــاع ســأل دميســتورا عــن مشــاهداته لإلعــام‪ ،‬ثــم تحــدث عــن االجتامعــات الفرديــة‬ ‫أثنــاء زيارتــه األخــرة اىل دمشــق ولقائــه بشــار التــي أجراهــا مــع املعارضــن يف القاهــرة‪.‬‬ ‫األســد‪ ،‬فــكان رد دميســتورا أن بشــار يظهــر‬ ‫أنــه متامســك وقــوي‪ ،‬ولكنــه بأضعــف حاالتــه‪ ،‬وأوضــح املصــدر أن دي مســتورا أكــد أن وثائــق‬ ‫وهــو شــخص مهــزوز ال يعــرف أن يتخــذ أي اجتــاع القاهــرة‪ 2‬األخــر وصلــت إىل مكتبــه‪،‬‬ ‫قـرار يف هــذه الفــرة‪ ،‬وأن الــروس وصلــوا أيضـاً وأنهــا نالــت درجــة عاليــة مــن االهتــام‪ ،‬وأنــه‬ ‫تــم وضعهــا يف تقريــره النهــايئ الــذي قدمــه‬ ‫إىل هــذه النتيجــة‪.‬‬ ‫وتحــدث املصــدر املعــارض عــن مجريــات لألمــن العــام لألمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫االجتــاع لـ»كلنــا رشكاء»‪ ،‬فقــال أن دميســتورا وبحســب املصــدر‪ ،‬وعــد دميســتورا بــأن يســتمر‬ ‫أبــدى رغبتــه يف أن يكــون اللقــاء رسيـاً‪ ،‬وطلــب التواصــل مــع اللجنــة حــول كل مــا هــو جديــد‪،‬‬ ‫عــدم إصــدار أي ترصيــح حــول االجتــاع وأن يطلــع منهــا عــى كل جديــد‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫خميمات اللجوء تؤ ّمن الطعام واملأوى‪ ،‬وال تؤ ّمن السرت!‬

‫يف خميم (جيالن بينار)‪ ..‬يتطلع الالجئون إىل قراهم ومدنهم السورية!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫قبل الوصول إىل املخيم‪:‬‬ ‫انطلقنــا مــن مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪،‬‬ ‫باتجــاه بلــدة (جيــان بينــار) الحدوديــة‪،‬‬ ‫املواجهــة لبلــدة رأس العــن الســورية فــور‬ ‫الحصــول عــى املوافقــة الالزمــة لدخــول‬ ‫مخيــم الالجئــن الســوريني‪ ،‬كنــا متشــوقني‬ ‫للزيــارة لكــن املوافقــة مل تصلنــا إال عــر‬ ‫الثالثــاء ‪2015/7/21‬‬ ‫لقــد حصلــت لنــا مديــرة املركــز الثقــايف يف‬ ‫املخيــم األديبــة ابتســام شــاكوش عــى إذن‬ ‫لزيارتــه‪ ،‬رغــم الظــروف املتوتــرة يف تركيــا‬ ‫بعــد العمليــة اإلرهابيــة التــي حصلــت يف‬ ‫منطقــة رسوج‪ ،‬والتــي تســببت مبقتــل ‪30‬‬ ‫ضحيــة مدنيــة وعــرات الجرحــى مــن‬ ‫املتواجديــن يف املــكان أو املاريــن مصادفــة!‬ ‫امتــدت أمامنــا ســهوب جنــوب رشق تركيــا‪،‬‬ ‫ونحــن نتجــه إىل جيــان بينــار مــرورا ً‬ ‫بـ(فــران شــهري)‪ ،‬العامــرة باألبنيــة الحديثــة‪،‬‬ ‫عــى عكــس القــرى التــي مررنــا بهــا‪ ،‬والتــي‬ ‫يفتقــد بعضهــا إىل الحــدود الدنيــا ملقومــات‬ ‫البنــاء‪ ،‬رغــم الخدمــات املتوفــرة‪ ،‬والتــي نــرى‬ ‫متديــدات الكهربــاء والهاتــف تتزاحــم فوقهــا‪،‬‬ ‫لكــن البنــاء الحجــري بــدايئ‪ ،‬والغــرف مبنيــة‬ ‫بغــر تخطيــط‪ ،‬وتقــرب األســوار حتــى تصــل‬ ‫إىل األوتســراد العريــض الــذي ميتــد أمامنــا‪،‬‬ ‫وتنطلــق فيــه ســيارة صديقنــا عبــد القــادر‬ ‫الــذي وافــق عــى أخذنــا بســيارته فــور‬ ‫صــدور املوافقــة!‬ ‫يقــرن ذكــر املخيــم يف أذهاننــا بالتجربــة امل ّرة‬ ‫للفلســطينيني‪ ،‬وتحــر يف ذهنــي كتابــات‬ ‫غســان كنفــاين التــي ترصــد الفلســطيني‬ ‫الــذي حــول خيمــة اللجــوء إىل خيمــة‬ ‫الفــدايئ‪ ،‬ويف كتابتــه عــن أم ســعد انطلقــت‬ ‫فكرتــه الشــهرية (خيمــة عــن خيمــة‪ ..‬تفــرق)‪،‬‬ ‫خيمــة اللجــوء غربــة‪ ،‬وخيمــة الفــدايئ أمــل‬ ‫وعمــل مــن أجــل املســتقبل!‬ ‫قبــل الوصــول إىل (جيــان بينــار) انعطفنــا‬ ‫إىل اليمــن‪ ،‬وبعــد عــدة أســئلة للــارة وكثــر‬ ‫منهــم مــن عــرب تركيــا الذيــن يتحدثــون‬ ‫العربيــة وإن بشــكل ضعيــف‪ ،‬حــددوا لنــا‬ ‫االتجــاه املــؤدي إىل الشــادر‪ ..‬ال يقولــون‬ ‫مخيــم وإمنــا شــادر‪ ،‬أصابتنــي التســمية‬ ‫باإلحبــاط‪ ،‬فالشــادر أقــل بكثــر حتــى مــن‬ ‫مخيــم‪ ،‬ويوحــي أكــر بالعزلــة والوحــدة‪.‬‬ ‫مل نجــد يف الطريــق إشــارة إىل املخيــم باللغــة‬ ‫العربيــة‪ ،‬أو باللغــة االنكليزيــة‪ ،‬وعربنــا باتجاه‬ ‫(أكجــي قلعــة) حتــى فقدنــا األمــل بالعثــور‬ ‫عــى املخيــم‪ ،‬ســألنا عــال آليــات متواجديــن‬ ‫عــى الطريــق العــام بعــد مســافة طويلــة من‬ ‫خــواء الطريــق‪ ،‬الــذي يعــر الســهول الخاليــة‬ ‫مــن الســكان‪ ،‬ومــن القــرى‪ ،‬بــل حتــى مــن‬ ‫العابريــن‪ ،‬أشــار لنــا العامــل بالرجــوع خلفـاً‪،‬‬ ‫لنقابــل راعــي غنــم كان يتحــدث باملوبايــل‪،‬‬ ‫انتظرنــاه قليـاً قبــل أن ينتهــي مــن محادثتــه‬ ‫الهاتفيــة‪ ،‬وينــزل مــن عــى حــاره‪ ،‬كانــت‬ ‫الشــمس قــد حفــرت وجهــه وه ّدلــت‬ ‫تعابــره‪ ،‬لكنــه كان لطيفــاً ودلنــا عــى‬ ‫طريــق ت ـرايب يعــر باتجــاه الجنــوب فخفنــا‬ ‫مــن الضيــاع‪ ،‬خاصــة وأن املســاء بــدأ يرخــي‬ ‫ظالمــه عــى الباديــة املهجــورة‪.‬‬ ‫وصلنــا أخــرا ً بعــد تكــرار التخبــط عــى‬ ‫الطرقــات‪ ،‬وعربنــا طريقــاً مرصوفــاً بالحجــر‬ ‫الكلــي األبيــض وميتــد عــدة كيلــو مــرات‬ ‫لنصــل إىل بوابــة املخيــم الــذي فرحنــا أخــرا ً‬

‫بالوصــول إليــه‪ ،‬والنجــاة مــن الضيــاع أو مــن‬ ‫العــودة خائبــن إىل أورفــا‪ ،‬خاصــة‪.‬‬ ‫الوصول إىل املخيم‪:‬‬ ‫وقفنــا أمــام البوابــة الرئيســية ننتظــر وصــول‬ ‫اإلذن الرســمي بدخولنــا‪ ،‬كانــت ابتســام‬ ‫شــاكوش‪ ،‬وهــي مديــرة املركــز الثقــايف يف‬ ‫املخيــم تنجــز يف مبنــى إدارة املخيــم ورقــة‬ ‫دخولنــا‪ ،‬كان أمــام البــاب الرئيــي الكثــر‬ ‫مــن املنتظريــن‪ ،‬وبعضهــم أخــرج شــخصاً‪ ،‬أو‬ ‫عائلــة مــن املخيــم وراحــوا يتناولــون الطعــام‬ ‫عــى األرض‪ ،‬يف زاويــة حقــل أخــر تتاميــل‬ ‫نبتاتــه بكســل مــع الهــواء الحــار‪ ،‬والبطــيء‪،‬‬ ‫الــذي يكــر وطــأة موجــة الحــر الشــديد‪،‬‬ ‫التــي تــرب أورفــا هــذه األيــام‪.‬‬ ‫دخلنــا مــن البوابــة األوىل بعــد اتصــاالت مــع‬ ‫اإلدارة‪ ،‬وعربنــا مســافة مئتــي مــر حيــث‬ ‫يســكن عــدد مــن املنتظريــن بــا خدمــات‬ ‫مــن مــاء وكهربــاء‪ ،‬ريثــا يتــم قبولهــم عنــد‬ ‫خلــو خيمــة يف املخيــم‪ ،‬فالخيمــة التــي تثــر‬ ‫ســخط ســاكنيها‪ ،‬تتحــول يف نظــر هــؤالء‬ ‫املنتظريــن إىل حلــم يصعــب تحقيقــه‪،‬‬ ‫الحصــول عــى الخيمــة التــي تســرهم مــن‬ ‫نظــر الداخلــن والخارجــن مــن ســكان‬ ‫املخيــم وضيوفهــم‪.‬‬ ‫بعــد تســجيل هويّاتنــا عربنــا إىل داخــل‬ ‫املخيــم‪ ،‬تنفســت ابتســام الصعــداء مــع‬ ‫أخيهــا‪ ،‬ألن الزيــارة مل تتعرقــل‪ ،‬وأدخلتنــا‬ ‫أخــرا ً بفضــل جهودهــا ونفوذهــا واحــرام‬ ‫مســؤويل املخيــم األتــراك لهــا‪.‬‬ ‫يتألــف املخيــم مــن أحــد عــر قســاً‪ ،‬ويف‬ ‫كل قســم مكانــان للحاممــات‪ ،‬ويتــم اختيــار‬ ‫مختــار لــكل قســم‪ ،‬ويُنتخــب مختــار يــرف‬ ‫عــى كل أربــع مخاتــر‪ ،‬وكل قســم لــه بوابــة‬ ‫وغرفــة اســتعالم‪ ،‬وعــدد مــن رجــال البوليــس‬ ‫الــريك‪ ،‬وعنــد الدخــول إىل األقســام ال يتــم‬ ‫التفتيــش وال أخــذ الهويــات بــل وجدنــا‬ ‫الرتحيــب‪ ،‬عنــد دخولنــا‪ ،‬مــن قبــل الواقفــن‬ ‫عــى البوابــة املفتوحــة عــى ســعتها‪.‬‬ ‫يقطــن املخيــم حــوايل ثالثــن ألــف الجــئ‪،‬‬ ‫مــن مختلــف املناطــق الســورية‪ ،‬أكرثهــم‬ ‫مــن مدينــة (الح ّفــة) مــن الســاحل الســوري‪،‬‬ ‫التــي تنحــدر منهــا مضيفتنا ابتســام شــاكوش‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل ســكان ريــف حلــب و(إدلــب)‬ ‫وجبــل الزاويــة‪ ،‬وعــدد محــدود مــن ســكان‬ ‫(رأس العــن) املقابلــة للمخيــم يف الجانــب‬ ‫الســوري‪ ،‬وعــدد مــن األك ـراد الســوريني مــن‬ ‫مختلــف املناطــق‪ ،‬ويف املخيــم مســتوصف‬ ‫واحــد فيــه طبيــب تــريك بعــد االحتجــاج عــى‬ ‫الطبيــب الســوري الــذي كان يعامــل الالجئــن‬ ‫بطريقــة غــر الئقــة‪ ،‬بــكل أســف‪ ،‬كــا يقــول‬ ‫مضيفونــا‪.‬‬ ‫جولة يف املخيم‪:‬‬ ‫الشــارع الرئيــي يف املخيــم وطولــه حــوايل‬ ‫خمســائة مــر مزدحــم وقــت املســاء‪،‬‬ ‫ومــيء بالشــباب والرجــال الذيــن يقضــون‬ ‫الوقــت بالحديــث ولقــاء بعضهــم البعــض‪،‬‬ ‫كان الشــارع أشــبه بنســخة (فوتــو كــويب)‬ ‫باألســود وباألبيــض‪ ،‬عــن شــوارع التنــزه يف‬

‫املــدن والقــرى الســورية التــي كانــت عامــرة‬ ‫بالحيــاة‪ ،‬قبــل مبــارشة تدمريهــا مــن قبــل‬ ‫جيــش النظــام وشــبيحته‪.‬‬ ‫املحــات عــى جانبــي الســوق العريــض‬ ‫صغــرة‪ ،‬ومبنيــة مــن أرضيــات الخيــام‬ ‫الواقيــة للــرد‪ ،‬ويبلــغ عــرض الســوق حــوايل‬ ‫عــرة أمتــار ولكــن محالتــه فقــرة‪ ،‬وقليلــة‬ ‫البضائــع‪ ،‬وكثــر منهــا مجــرد مــكان تجمــع‬ ‫للجــران الذيــن يحيطــون بالخيمــة التــي‬ ‫أُخــذت فســحة املحــل منهــا‪ ،‬وال يزيــد املحــل‬ ‫الواحــد عــن مــر ونصــف املــر مبرتيــن‪،‬‬ ‫وتتنــوع املحــات مــن بيــع اكسســوارت‬ ‫الهواتــف املحمولــة‪ ،‬إىل الصندويــش‪ ،‬إىل‬ ‫األحذيــة‪ ،‬إىل بعــض املــواد القليلــة التنــوع‪،‬‬ ‫رمبــا بســبب اعتــاد ســكان املخيــم عــى‬ ‫املعونــات الغذائيــة‪ ،‬التــي يســتلمونها‬ ‫ببطاقــات الكرتونيــة مــن متجــر تــريك مبنــي‬ ‫يف املخيــم‪.‬‬ ‫وتوجــد صالــة مجانيــة لالنرتنــت يرتادهــا‬ ‫شــباب املخيــم‪ ،‬واألغلبيــة تعتمــد عــى رشاء‬ ‫الوحــدات لخدمــة االنرتنــت‪ ،‬فالســوريون‬ ‫اليــوم ال يســتطيعون االســتغناء عــن االنرتنــت‬ ‫أبــدا ً‪ ،‬إنــه وطنهــم البديــل‪ ،‬الــذي يجمعهــم يف‬ ‫الفضــاء االفــرايض وعــر املســافات الطويلــة‬ ‫التــي صــارت تباعــد بينهــم‪.‬‬ ‫يأخــذ الكثــر مــن الشــباب إذن باملغــادرة‬ ‫املؤقتــة‪ ،‬للعمــل يف املــدن الرتكيــة القريبــة‪،‬‬ ‫والبعيــدة‪ ،‬اعتبــارا ً مــن (جيــان بينــار)‬ ‫حتــى (اســطنبول)‪ ،‬فحيــاة البطالــة ال يقبلهــا‬ ‫الكثــرون مــن شــباب املخيــم‪.‬‬ ‫لــكل ســاكن يف املخيــم بطاقتــن واحــدة مــن‬ ‫الهــال األحمــر بقيمــة ‪ 35‬لــرة تركيــة شــهرياً‪،‬‬ ‫وواحــدة مــن هيئــة اآلفــاد التابعــة لألمــم‬ ‫املتحــدة بقيمــة ‪ 50‬لــرة تركيــة‪.‬‬ ‫يف املركز الثقايف ملخيم جيالن بينار‪:‬‬ ‫وصلنــا إىل املركــز الثقــايف‪ ،‬وهــو عبــارة عــن‬ ‫خيمــة أســطوانية طويلــة كانــت للمعهــد‬ ‫الرشعــي‪ ،‬وقــد اســتعارها املركــز الثقــايف مؤقتاً‬ ‫ريثــا يتــم الحصــول عــى خيمــة للمركــز‬ ‫الثقــايف الــذي ال ميتلــك الكتــب فالكتــب‬ ‫التــي رأيناهــا فيــه هــي كتــب دينيــة للمعهــد‬ ‫الرشعــي‪ ،‬فاملؤسســات الدينيــة واملعاهــد‬ ‫الرشعيــة اســتفادت كثــرا ً مــن حالــة اليــأس‬ ‫التــي يعــاين منهــا الســوريون واجتذبتهــم‬ ‫بقــوة الشــعور الدينــي‪ ،‬وبقــوة الدعــم املــايل‪،‬‬ ‫الــذي تنالــه مــن الداعمــن العــرب واألتـراك‪،‬‬ ‫ففــي مختلــف األماكــن تجــد معاهــد‬ ‫تحفيــظ القــرآن‪ ،‬واملنظــات اإلغاثيــة التــي‬ ‫تحمــل شــعارات دينيــة‪ ،‬ولعــل صــوت اآلذان‬ ‫القــوي مــن املســجد القريــب مــن املركــز‪،‬‬ ‫يدلــل عــى مــدى هيمنــة الشــعور الدينــي‪،‬‬ ‫فمكــرات الصــوت القويــة عطلــت حتــى‬ ‫إمكانيــة أن نســمع بعضنــا يف املركــز الثقــايف‬ ‫لحــن انتهــاء األذان لصــاة املغــرب‪.‬‬ ‫التقينــا بعــدد مــن مثقفــي املركــز ورواده‪،‬‬ ‫منهــم ســامر‪ ،‬وشــعبان‪ ،‬ومنــور وصــاح‪،‬‬ ‫الذيــن تحدثــوا بأريحيــة وبصــدق مشــوب‬ ‫باملــرارة التــي تلــف ســكان املخيــم الذيــن‬ ‫التقيناهــم‪.‬‬

‫مديــر املدرســة الثانويــة يفتخــر بــأن‬ ‫مدرســته أرســلت ‪ 76‬طالب ـاً وطالبــة لتقديــم‬ ‫فحــص الثانويــة العامــة يف أورفــا لهــذا العــام‪،‬‬ ‫وبــأن طالبــه قدمــوا مرسحيــة باإلضافــة‬ ‫إىل التزامهــم بالدراســة‪ ،‬والحلــم بدخــول‬ ‫الجامعــات‪ ،‬لكنــه يضيــف بــكل م ـرارة بــأن‬ ‫مجمــوع مــن حصلــوا عــى منــح جامعيــة يف‬ ‫املخيــم خمســة فقــط‪ ،‬وهــذا ظلــم واســتبعاد‬ ‫للطلبــة‪ ،‬وضيــاع لحقوقهــم املنســية‪ ،‬مــن‬ ‫قبــل االئتــاف‪ ،‬والحكومــة املؤقتــة‪ ،‬والجهــات‬ ‫الداعمــة للعمليــة التعليميــة والرتبويــة‪،‬‬ ‫لكــن الكثــر مــن شــعارات املنظــات مجــرد‬ ‫حــر عــى ورق‪ ،‬ووعــود خاويــة‪ ،‬بينــا‬ ‫طــاب املخيــم يخــرون فرصهــم بالدراســة‬ ‫الجامعيــة الالزمــة إلعــادة بنــاء ســورية‪ ،‬التــي‬ ‫ينتظرهــا الجميــع‪.‬‬ ‫وشــعبان حــى لنــا عــن أول زواج تــ ّم يف‬ ‫املخيــم قبــل ثــاث ســنوات‪ ،‬حيــث كان عمــر‬ ‫املخيــم آنــذاك ال يزيــد عــن ســتة أشــهر‪ ،‬لقــد‬ ‫أتــم بنفســه إج ـراءات عقــد الق ـران‪ ،‬وطلــب‬ ‫مــن إدارة املخيــم الرتكيــة خيمــة جديــدة‬ ‫للعروســن‪ ،‬واحتفــى النــاس بهــم وخصصــت‬ ‫إدارة املخيــم‪ ،‬ســيارة للزفة ودارت بالعروســن‬ ‫ضمــن املخيــم ببهجــة‪ ،‬وأقامــوا حفلــة عــرس‬ ‫خففــت مــن حــزن الالجئــن‪ ،‬حديثــي‬ ‫الوصــول مــن تحــت القصــف واملطــاردات‬ ‫واملذابــح التــي بدأهــا النظــام بــكل وحشــية‪.‬‬ ‫إبداعات يف املخيم‪:‬‬ ‫قامــت املدرســة الثانويــة يف املخيــم باعتــاد‬ ‫شــعار جديــد هــو (اللــه ثــم الوطــن ثــم‬ ‫الثــورة) يــردده الطــاب كل صبــاح ويــرددون‬ ‫نشــيدا ً وطنيــاً بديــاً عــن النشــيد الوطنــي‬ ‫الــذي احتكــره شــبيحة النظــام يرددونــه يف‬ ‫املناســبات‪:‬‬ ‫حامة الديار عليكم سالم‬ ‫الشعب يريد إسقاط النظام‬ ‫دم الشهداء عليكم حـــــــرام‬ ‫فهبوا لنرصة شعب يضــام‪..‬‬ ‫ويف مرسحيــة جميلــة لطــاب املخيــم قــام‬ ‫أحــد األطفــال بكتابــة كلمــة حريــة عــى‬ ‫جــدار أصفــر وبقلــم أســود عريــض‪ ،‬فهجــم‬ ‫عليــه الشــبيحة بصياحهــم املوتــور‪:‬‬ ‫ شو عم تكتبوا واله‪ ..‬عم تجربوا‪...‬‬‫ واللــه رح نجــرب الكربــاج عليكــن‪ ..‬بدكــن‬‫حريــة واله؟!!‬ ‫تتكــرر مظاهــر االحتجــاج يف املرسحيــة‬ ‫فتخــرج االحتجاجــات الســلمية والهتافــات‬ ‫واألغــاين املطالبــة بالحريــة ويطالــب‬ ‫الناشــطون امللثمــون الخائفــون مــن االعتقــال‬ ‫بالحريــة‪ ،‬وباإلفــراج عــن املعتقلــن!‬ ‫لكــن جامعــة بدكــن حريــة‪ ،‬يهجمــون عــى‬ ‫املتظاهريــن العــزل بالرصــاص والقتــل‪...‬‬ ‫وليــس للمتظاهريــن الصغــار إال محاولــة‬ ‫إســعاف الجرحــى الذيــن متــت اهانتهــم رغــم‬ ‫نزيفهــم!‬ ‫يف املشــهد التــايل يصــل الالجئــون متعبــن‬ ‫وتســتقبلهم الحــدود ليدخلــوا املخيــم الــذي‬ ‫هــم فيــه اآلن‪..‬‬

‫مشــاهد بســيطة‪ ،‬ولكنهــا مؤثــرة‪ ،‬وتلخــص‬ ‫املأســاة الســورية‪ ،‬وتعــر عــن روح الصمــود‬ ‫بوجــه اليــأس‪ ،‬ورغــم اختطــاف الثــورة مــن‬ ‫قبــل التكفرييــن واالنتهازيــن‪ ،‬فــا زال‬ ‫شــباب مخيــم جيــان بينــار يكــررون مطالــب‬ ‫الشــعب الســوري بالحريــة ويحتجــون عــى‬ ‫القتــل!‬ ‫احلرية أوال‪ً:‬‬ ‫تتحــدث ابتســام شــاكوش عــن الحيــاة يف‬ ‫املخيــم وصعوبــات التكيــف مــع الخيمــة‬ ‫التــي ال تحمــي مــن الــرد واملطــر والثلــج‪ ،‬وال‬ ‫مــن الحــر‪ ،‬لكننا‪-‬كــا تقــول ابتســام‪ -‬نحــن يف‬ ‫حالــة حريــة هنــا‪ ،‬فالرقابــة السياســية علينــا‬ ‫شــبه معدومــة‪ ،‬فــا تطالنــا رقابــة النظــام‬ ‫وال رقابــة القوانــن الرتكيــة‪ ،‬وال أيــة رقابــة‪،‬‬ ‫نحــن يف حالــة حريــة تامــة‪ ،‬نقــوم بنشــاطاتنا‬ ‫الهادفــة دون أخــذ اإلذن مــن أحــد‪ ،‬وســنقوم‬ ‫بتنظيــم دروس يف األخــاق للفتيــان والفتيــات‬ ‫مــن عمــر ‪ 15-12‬ســنة وننظــم حلقــات‬ ‫ق ـراءة للكتــب والتعليــق عليهــا!‬ ‫يتحــدث ســامر عــن شــباب املخيــم وهــم‬ ‫يتحولــون يف ســن الـــسابعة عــرة‪ ،‬إذ مييلــون‬ ‫إىل الســخط والعنــف واالحتجــاج الخشــن‪،‬‬ ‫ويتحــدث قــاص شــاب عــن قصــة لــه قيــد‬ ‫الكتابــة‪ :‬عــن فتــى يحتــج عــى أبيه الســاخط‬ ‫عــى الخيمــة وعيشــتها‪ ،‬ويطلــب الشــفقة‬ ‫عليهــا‪ ،‬فهــي تتحمــل كل الظــروف‪ ،‬وعندمــا‬ ‫ُجرحــت خاطوهــا دون أن يعطوهــا املخــدر‪..‬‬ ‫إنهــا صبــورة يــا أيب‪ ..‬إنهــا صبــورة!!‬ ‫ولكــن مــن مينــح الســوريني الصــر‪ ،‬عــى‬ ‫غيابهــم عــن بيوتهــم‪ ،‬وقراهــم‪ ،‬التــي دمرتهــا‬ ‫الطائـرات األســدية وقطعــان الشــبيحة‪ ،‬ومــن‬ ‫بعدهــا اعتــداءات التكفرييــن‪ ،‬مــن يجعلهــم‬ ‫يصــرون عــى الســجن الطويــل‪ ،‬الــذي ميتــد‬ ‫منــذ ثــاث ســنوات ونصــف الســنة يف هــذا‬ ‫املــكان القاحــل والنــايئ يف جنــوب رشق‬ ‫تركيــا‪ ،‬فمعظــم الجئــي املخيــم هــم مــن‬ ‫ســكان الجبــال واملناطــق البــاردة‪ ،‬يف حــن‬ ‫يســكنون اليــوم الخيــام القامشــية الصغــرة‬ ‫التــي ال متنــع الــرد واملطــر عنهــم‪ ،‬وال الحــر‬ ‫الصحــراوي الشــديد‪ ،‬وهــم يعيشــون يف‬ ‫باديــة ســهلية نائيــة ال تســتجيب لذكرياتهــم‬ ‫التــي حملوهــا مــن بلدهــم‪.‬‬ ‫خرجنــا مــن املخيــم وذكــرى ضياعنــا يف‬ ‫املجــيء هيمنــت علينــا‪ ،‬وجدنــا صديقنــا‬ ‫عبــد القــادر عنــد البــاب الرئيــس وقــد أخــذوا‬ ‫أوراقــه وأرســلت إىل قســم للتحــري عنــه‪،‬‬ ‫وعــن شــخصيته بعــد تفتيشــه وســؤاله عــن‬ ‫أســباب انتظــاره أمــام املخيــم مــع ســيارته!‬ ‫خرجنــا قلقــن عــى حيــاة الســوريني يف‬ ‫مخيــم جيــان بينــار وهزنــا حنينهــم إىل‬ ‫البــاد‪ ،‬وقــد خلــت مــن العنــف والقصــف‬ ‫واالعتقــال والدمــار‪..‬‬ ‫لــف الظــام املــكان والطرقــات التــي مــا نـزال‬ ‫خائفــن مــن الضيــاع يف تقاطعاتهــا‪ ،‬هنــاك يف‬ ‫جنــوب رشق تركيــا التــي آوت الســوريني‪،‬‬ ‫وجنبتهــم الجــوع والخــوف‪ ،‬فاملخيــم كــا‬ ‫قــال أحــد مضيفينــا‪ :‬أ ّمــن لنــا الطعــام‪،‬‬ ‫واملــأوى‪ ،‬ولكنــه مل يؤ ِّمــن لنــا ِ‬ ‫الســر!!‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أه��ل منب��ج يتطلع��ون النس��حاب داع��ش‬ ‫منه��ا حتت ضربات التحالف واجليش احلر‬ ‫حلب ‪ -‬أبو البراء الشامي‬

‫‪5‬‬

‫يف خطوة متهد النتقال احلكومة املؤقتة إىل الداخل السوري‬ ‫وزارة الرتبية والتعليم يف احلكومة املؤقتة تنهي اس��تعداداتها‬ ‫لتشغيل جامعة حلب‬ ‫الحكومــة املؤقتــة قــد تخــرج مــن ســباتها‬ ‫وتعلــن اعرتافهــا بواجباتهــا تجــاه املناطــق‬ ‫الســورية املحــررة‪ ،‬فبعــد تخبــط إداري يبعــث‬ ‫عــى اليــأس تعلــن الحكومــة املؤقتــة نيتهــا‬ ‫إعــادة افتتــاح جامعــة حلــب يف املناطــق‬ ‫الشــالية الســورية‪.‬‬ ‫فقــد أنهــت وزارة الرتبيــة والتعليــم يف الحكومة‬ ‫الســورية املؤقتــة اســتعداداتها األولية لتشــغيل‬ ‫جامعــة حلــب يف املحافظــات الشــالية‪ ،‬وذلــك‬ ‫ضمــن خطّتهــا لتشــغيل الجامعــات يف املناطــق‬ ‫املحــررة خــال العــام الــدرايس ‪،2016-2015‬‬ ‫بحســب مــا أكدتــه الــوزارة األربعــاء‪ ،‬الثــاين‬ ‫والعرشيــن مــن شــهر متوز‪-‬يوليــو‪.‬‬ ‫وأردفــت الــوزارة‪ ،‬انهــا ســتقوم يف وقــت الحــق‬

‫منــذ ســيطرة تنظيــم الدولــة داعــش عــى‬ ‫مدينــة منبــج قبــل عــام ونصــف تحولــت الحيــاة‬ ‫فيهــا ‪ 180‬درجــة وأدرك الكثــر مــن ســكانها‬ ‫حجــم املأســاة التــي يعيشــونها بعــد أن كانــوا‬ ‫يعتقــدون أن األمــور ســتتحول تدريجيــاً إىل‬ ‫األفضــل‪ ،‬فقــدت املدينــة ألقهــا وخفــت حركــة‬ ‫وقــل وافدوهــا مــن الريــف‪ ،‬وبعــد‬ ‫أســواقها ّ‬ ‫اســتتباب األمــر لتنظيــم الدولــة‪ ،‬الــذي فــرض‬ ‫عــى الســكان سياســته بالقــوة دون أي اعتبــار‬ ‫لألعـراف والتقاليــد‪ ،‬وأقــام فيهــا الحســبة املوكلــة‬ ‫بفــرض أوامــره عــى الســكان ومراقبــة األســواق‪،‬‬ ‫وأكــر األمــور إيالمـاً كانــت منعــه جميــع أشــكال‬ ‫التعليــم وإغــاق املــدارس واملعاهــد والجامعــات وحرمــان عـرات آالف األطفــال والشــباب مــن‬ ‫الدراســة‪ ،‬وأصبحــت الحيــاة فيهــا أشــبه مبعتقــل كبــر‪ ،‬ومنــع الشــباب والنســاء يف كثــر مــن‬ ‫األحيــان مــن الســفر‪ ،‬باســتثناء مــن تجــاوز عمــر الخمســن عامــاً‪.‬‬ ‫كل يشء باهــت يف املدينــة‪ ،‬ويف رمضــان الفائــت توضحــت األمــور بشــكل مخيــف‪ ،‬فقــد اختفــت‬ ‫الحركــة مــن األســواق بســبب سياســات التنظيــم‪ ،‬وخوف ـاً مــن طائ ـرات التحالــف التــي ببــدأت‬ ‫تحلــق يف ســاء املدينــة بشــكل شــبه يومــي بســبب وجــود التنظيــم‪ ،‬وتــم قصــف العديــد مــن‬ ‫مق ـرات التنظيــم يف املدينــة‪ ،‬وبــات الســكان يضيقــون ذرع ـاً مبــا آلــت إليــه األحــداث‪ ،‬وهجرهــا الحرمل ـ وكاالت‬ ‫العديــد منهــم‪.‬‬

‫باســتدعاء األكادمييــن الراغبــن يف العمــل يف‬ ‫جامعــة حلــب‪ ،‬وإعــان مســابقة للتعيــن يف‬ ‫الجامعــة التــي مــن املتوقــع أن تســتوعب مــا‬ ‫يقــارب ‪ 10‬آالف طالــب‪ ،‬كــا ســيتم افتتــاح‬ ‫االختصاصــات وفــق أولويــة إعــادة إعــار‬ ‫ســوريا‪.‬‬ ‫الجامعــة بحســب الــوزارة‪ ،‬ســتعمل وفــق‬ ‫نظــام الوحــدات األوريب الحديــث‪ ،‬وســتقوم‬ ‫أيض ـاً بفتــح شــعب وأقســام لكليــات الجامعــة‬ ‫يف املناطــق املحــررة يف املحافظــات األخــرى‪.‬‬ ‫ونوهــت الــوزارة أنــه تأمــل يف بــدء العــام‬ ‫الــدرايس الجديــد يف شــهر أيلول‪/‬ســبتمرب‬ ‫القــادم الســتيعاب الناجحــن الجــدد يف‬ ‫الثانويــة العامــة والخريجــن الســابقني بــروط‬ ‫التســجيل التــي ســتعلن الحقــاً‪.‬‬

‫االئت�لاف الوط�ني وهيئ��ة التنس��يق يتفق��ان عل��ى خارطة‬ ‫طريق إلنقاذ س��وريا‬

‫يف اآلونــة االخــرة قــام التنظيــم بحمــات كثيفــة عــر املســاجد مــن أجــل اســتقطاب األطفــال ملــا‬ ‫ســاه الجهــاد ضــد املالحــدة والصحــوات‪ ،‬قاصــدا ً املقاتلــن األكـراد ومقاتــي الجيــش الحــر‪ ،‬الذيــن‬ ‫اقرتبــوا مــن معاقلــه وســيطروا عــى العديــد منهــا‪ ،‬حتــى شــعر الســكان بــيء مــن االرتيــاح‬ ‫بســبب انشــغال التنظيــم باملعــارك يف الريــف الرشقــي‪ ،‬وبــات عنــارص التنظيــم يســتلطفون‬ ‫الســكان مــن أجــل الوقــوف معهــم بعــد أن فقــدوا الكثــر مــن التعاطــف‪ .‬وقــد زرعــت املعــارك‬ ‫يف الريــف الرشقــي الكثــر مــن األمــل يف نفــوس ســكان املدينــة املعروفــة بتأييدهــا واحتضانهــا‬ ‫لفصائــل الجيــش الحــر وغالبيــة أهلهــا تربطهــم صــات قــرىب وصداقــة بهــا‪.‬‬ ‫القادمــون مــن املدينــة ينقلــون شــعور الســكان بفرحتهــم املكبوتــة باقـراب مقاتــي الجيــش الحــر‬ ‫مــن تخــوم املدينــة‪ ،‬وبعــد ســقوط بلــدة رصيــن بيــد قــوات بــركان الفـرات املؤلفــة مــن عــدد مــن‬ ‫الفصائــل مــن مقاتــي الجيــش الحــر‪ ،‬وبعــض الوحــدات الكرديــة‪ ،‬التــي ال تبعــد ســوى كيلومـرات‬ ‫قليلــة عــن املدينــة‪ .‬أصبــح واضحـاً للعيــان أن التنظيــم قــد فقــد عنــارص قوتــه وبــات االنســحاب‬ ‫أحــد سياســاته التــي مل تكــن فيــا مــى معهــودة فيــه‪.‬‬ ‫مــن املفارقــات التــي يتحــدث بهــا األهــايل أنــه يف مثــل هــذه األيــام قبــل ثالثــة أعــوام تــم تحريرها‬ ‫مــن النظــام وهــم متفائلــون بخالصهــم مــن التنظيــم يف هــذه األيــام بعــد ســقوط معاقلــه القويــة‬ ‫يف كثــر مــن املــدن والبلــدات يف الريــف الرشقــي‪.‬‬ ‫منبــج مدينــة اس ـراتيجية وفيهــا العديــد مــن املــوارد الهامــة كالكهربــاء واملــاء‪ ،‬وتقــع يف موقــع‬ ‫اسـراتيجي يربــط املحافظــات الرشقيــة بالغربيــة‪ ،‬ويتخــوف الســكان مــن حــرب رضوس للســيطرة‬ ‫عليهــا‪ ،‬بينــا رغبــة الســكان هــي بانتهــاء محنتهــم بأقــل الخســائر بعــد أن دفعــوا مثن ـاً غالي ـاً يف‬ ‫الســابق ويأملــون بانســحاب التنظيــم منهــا تحــت ضغــط التحالــف الــدويل وبعــض التحالفــات‬ ‫التــي فرضــت نفســها يف اآلونــة األخــرة‪.‬‬

‫توصــل االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة‬ ‫واملعارضــة الســورية وهيئــة التنســيق الوطنيــة‬ ‫الســورية إىل «خارطــة طريــق» إلنقــاذ ســوريا‪،‬‬ ‫تضــ ّم املبــادئ األساســية لعمليــة التســوية‬ ‫السياســية الشــاملة‪ ،‬عــى أن تجــري املصادقــة‬ ‫عليهــا مــن قبــل مرجعياتهــا‪ ،‬وذلــك يف ختــام‬ ‫مباحثاتهــا يف العاصمــة البلجيكيــة بروكســل‪.‬‬ ‫تركــزت املباحثــات عــى مناقشــة أوضــاع‬ ‫ســوريا‪ ،‬والهجمــة التــي يتعــرض لهــا الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وإمكانيــة مواجهتهــا عــر جهــد‬ ‫وطنــي مشــرك يجمــع قــوى الثــورة واملعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وذلــك مــن خــال وضــع رؤيــة‬ ‫مشــركة متهــد الســتئناف العمليــة السياســية‬ ‫املتوقفــة برعايــة األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫ودعــت الوثيقــة التــي تــم التوافــق عليهــا‬ ‫بــن الجانبــن إىل تنفيــذ بيــان جنيــف ‪،1‬‬ ‫التــي حــددت بدايــة تشــكيل هيئــة الحكــم‬ ‫االنتقاليــة‪ ،‬التــي ينــاط بهــا مامرســة كامــل‬ ‫الســلطات الترشيعيــة والقضائيــة والتنفيذيــة‪،‬‬ ‫مبــا فيهــا كل ســلطات وصالحيــات رئيــس‬ ‫الجمهوريــة عــى وزارات وهيئــات ومؤسســات‬ ‫الدولــة‪ ،‬التي تشــمل القــوات املســلحة وأجهزة‬ ‫وفــروع االســتخبارات واألمــن والرشطــة‪.‬‬ ‫كذلــك اتفــق الطرفــان عــى إدانــة اســتهداف‬ ‫النظــام بشــكل مــر ّوع املدنيــن العــزل يف املــدن‬ ‫والبلــدات الســورية كافــة باســتخدام الرباميــل‬ ‫املتفجــرة والصواريــخ‪ ،‬وأكــد الطرفــان عــى‬ ‫مســؤولية األمــم املتحــدة واملجتمــع الــدويل‬ ‫يف وقــف أعــال اإلبــادة الجامعيــة‪ ،‬وجرائــم‬ ‫القتــل التــي يتعــرض لهــا الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫واتخــاذ اإلجــراءات التــي تضمــن الحاميــة‬ ‫الكاملــة للمدنيــن وتحييدهــم عــن النزاعــات‬ ‫املســلحة‪.‬‬ ‫املعارضــة تديــن اإلرهــاب الطائفــي والتدخــل‬ ‫اإلي ـراين‪..‬‬ ‫وأعــرب الطرفــان عــن إدانتهــا الكاملــة‬ ‫ألعــال اإلرهــاب التــي يقــوم بهــا تنظيــم‬ ‫داعــش وحــزب اللــه اإلرهــايب وامليليشــيات‬

‫الطائفيــة والتدخــل العســكري اإليــراين إىل‬ ‫جانــب النظــام‪ ،‬مؤكديــن التزامهــم مبكافحــة‬ ‫اإلرهــاب بــكل أشــكاله وصــوره مبــا فيهــا‬ ‫الجهــات التــي نــص عليهــا قـرار مجلــس األمــن‬ ‫‪.2170‬‬ ‫وجــ ّدد الطرفــان تأكيدهــا عــى أن الحــل‬ ‫الســيايس يف ســوريا مــن خــال عمليــة سياســية‬ ‫يتوالّهــا الســوريون بأنفســهم برعايــة األمــم‬ ‫املتحــدة عــى أســاس تطبيــق البيــان الصــادر‬ ‫عــن مجموعــة العمــل ألجــل ســوريا بتاريــخ‬ ‫‪ 30‬يونيــو (حزيــران) ‪ 2012‬بكامــل بنــوده‪،‬‬ ‫واســتنادا ً إىل قــرارات مجلــس األمــن ذات‬ ‫الصلــة‪ ،‬مبــا يفــي إىل تغيــر النظــام الســيايس‬ ‫الحــايل بشــكل جــذري وشــامل‪ ،‬ويشــمل ذلــك‬ ‫رأس النظــام وكل رمــوزه ومرتكزاتــه وأجهزتــه‬ ‫األمنيــة‪.‬‬ ‫رشاكــة وطنيــة للمكونــات السياســية‬ ‫واملجتمعيــة الســورية‪.‬‬ ‫وشــدد الطرفــان عــى الرشاكــة الوطنيــة لجميع‬ ‫ٍ‬ ‫مكونــات مجتمعيــة وسياســية‪ ،‬يف‬ ‫الســوريني‪،‬‬ ‫اســتحقاق بنــاء ســوريا املســتقبل‪ ،‬وضامــن‬ ‫لحقــوق املواطنــة املتســاوية لجميــع الســوريني‬ ‫دون أي متييــز‪ ،‬ومشــاركة املــرأة الســورية يف‬ ‫جميــع الحقــوق والواجبــات‪ ،‬وضــان متثيلهــا‬ ‫يف كافــة جوانــب العمليــة االنتقاليــة‪ ،‬مطالبــن‬ ‫األمــم املتحــدة‪ ،‬والــدول دامئــة العضويــة‬ ‫يف مجلــس األمــن‪ ،‬ودول مجموعــة العمــل‬ ‫ألجــل ســوريا‪ ،‬بالعمــل بجديــة الســتئناف‬ ‫مفاوضــات جنيــف‪ ،‬مؤكديــن ســعيهم لتوحيــد‬ ‫رؤيــة قــوى الثــورة واملعارضــة الســورية حــول‬ ‫الحــل الســيايس الشــامل يف ســوريا‪ ،‬والتشــاور‬ ‫مــع مختلــف القــوى السياســية والثوريــة‬ ‫وامليدانيــة‪ ،‬للوصــول إىل موقــف ســيايس جامــع‬ ‫ومشــرك‪ ،‬ومواصلــة بــذل الجهــود للتعريــف‬ ‫بـــخارطة الطريــق إلنقــاذ ســوريا‪ ،‬ومبــادئ‬ ‫التســوية السياســية لــدى مختلــف الــدول‬ ‫والقــوى الفاعلــة يف األزمــة الســورية لحثهــم‬ ‫عــى دعمهــا‪.‬‬ ‫واتفــق الطرفــان عــى العمــل ألن يكــون فريــق‬ ‫العمــل التفــاويض للتســوية السياســية متمتعـاً‬ ‫بالكفــاءات الالزمــة‪ ،‬وأن يعكــس التمثيــل‬ ‫الفعــي لقــوى الثــورة واملعارضــة ومكونــات‬ ‫املجتمــع الســوري‪ .‬وأعربــا عــن تقديرهــا‬ ‫لجهــود االتحــاد األورويب يف توفــر الظــروف‬ ‫املناســبة إلنجــاح هــذا اللقــاء‪ ،‬ويحثانــه عــى‬ ‫مواصلــة الجهــود مــن أجــل اســتئناف العمليــة‬ ‫السياســية وفــق املرجعيــة الدوليــة‪.‬‬ ‫خطــوات جديــة لتوحيــد املعارضــة الســورية‬ ‫وتحقيــق رؤيــة شــاملة للحــل الســيايس‪..‬‬ ‫وحــول لقــاء طــريف املعرضــة الســورية‪ ،‬قــال‬

‫صفــوان عــكاش‪ ،‬ســكرتري هيئــة التنســيق‪ :‬إن‬ ‫التدخــات الدوليــة واإلقليميــة كبــرة جــدا ً‬ ‫ولكننــا نؤكــد عــى اســتقاللية القـرار الســوري‪.‬‬ ‫وأن هــذا الحــوار جــاء لتعميــق االســتقاللية يف‬ ‫الق ـرار عــى الرغــم مــن الضغــوط الخارجيــة‪،‬‬ ‫التــي لــن تؤثــر عــى مواقفنــا‪ ،‬ونحــن نعمــل‬ ‫باتجــاه توحيــد جهــود املعارضــة وعــى‬ ‫مســارات مختلفــة‪ ،‬ويف ظــل تكامــل بــن هــذه‬ ‫املســارات وليــس تناقضــاً‪ ،‬ولقــد دخلنــا يف‬ ‫عمليــة ال تراجــع عنهــا وهــي اتحــاد وطنــي‪.‬‬ ‫مــن جهتــه قــال خلــف داهــود‪ ،‬عضــو املكتــب‬ ‫التنفيــذي لهيئــة التنســيق‪ :‬إن قــوى املعارضــة‬ ‫اجتمعــت مــن أجــل حــل ســيايس مبنــي عــى‬ ‫تســوية ملصلحــة الســوريني‪ ،‬وليــس عــى‬ ‫مســاومات ملصلحــة دول بعينهــا‪.‬‬ ‫وأفــاد عبــد األحــد اســطيفو‪ ،‬مديــر اإلدارة‬ ‫السياســية يف االئتــاف‪ ،‬حــول نتائــج‬ ‫االجتامعــات يف بروكســل قائــاً‪ :‬ال شــك يف‬ ‫أن هنــاك صعوبــات‪ ،‬ولكــن األمــور وصلــت‬ ‫إىل مرحلــة مــن النضــوج جــاء مــن حجــم‬ ‫وخطــورة الوضــع يف الداخــل‪ .‬وال أعتقــد أن‬ ‫الــذراع السياســية لهــذه الثــورة ميكــن أن تــرك‬ ‫الشــعب يعــاين ويدفــع الثمــن مــن دمــه‪ .‬ومــا‬ ‫جــرى يف بروكســل كان محاولــة جيــدة عــى‬ ‫مســتوى فصيلــن‪ ،‬وبعدهــا ســيكون هنــاك‬ ‫لقــاءات مــع فصائــل أخــرى مــن املعارضــة‪،‬‬ ‫وستســر األمــور يف االتجــاه الصحيــح‪ .‬وميكــن‬ ‫القــول إن القطــار اآلن وضــع عــى املســار‬ ‫الصحيــح‪ ،‬وســيصل إىل غايتــه‪.‬‬ ‫ضغــوط للدبلوماســية املرصيــة عــى املعارضــة‬ ‫الســورية دعـاً لألســد‪..‬‬ ‫ويف ســياق متصــل اســتغرب قيــادي يف املعارضة‬ ‫الســورية‪ ،‬فضــل عــدم ذكــر اســمه عشــية لقــاء‬ ‫بروكســل‪ ،‬الضغــوط التي متارســها الدبلوماســية‬ ‫املرصيــة ملصلحــة نظــام بشــار األســد‪ ،‬مش ـرا ً‬ ‫إىل عــدم جديــة الدبلوماســية املرصيــة‬ ‫بالتعاطــي مــع امللــف الســوري بنزاهــة‪ ،‬معتـرا ً‬ ‫أن الترصيحــات الدبلوماســية املرصيــة املؤكــدة‬ ‫عــى إيجــاد حــل ينهــي ســفك النظــام لدمــاء‬ ‫الســوريني‪ ،‬ال تتعــدى كونهــا إدعــاءات‪.‬‬ ‫وكانــت الخارجيــة املرصيــة قــد نظمــت يف‬ ‫اآلونــة األخــرة مؤمتــرا ً لشــخصيات تحســب‬ ‫عــى املعارضــة الســورية وتديــن بوالئهــا‬ ‫لالســتخبارات املرصيــة‪ ،‬ومارســت فيــه –‬ ‫حســبام ذكــر القيــادي‪« :‬ضغوط ـاً عــى كــوادر‬ ‫وقيــادات هيئــة التنســيق املتواجــدة عــى‬ ‫أراضيهــا لدرجــة هــددت الســلطات املرصيــة‬ ‫معهــا برتحيــل شــخصيات يف الهيئــة‪ ،‬إن هــي‬ ‫مل تتــاىش مــع مــزاج الدبلوماســية املرصيــة‬ ‫املؤيــدة لنظــام األســد‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫إلق��اء القبض على ‪ 1185‬مهاجراً غري ش��رعي‬ ‫يف سواحل إجيه خالل أيام عيد الفطر‬

‫ترك برس‬ ‫متكنــت فــرق خفــر الســواحل الرتكيــة‬ ‫املعنيــة بســواحل بحــر إيجــه غــرب تركيــا‪ ،‬مــن‬ ‫إلقــاء القبــض عــى ألــف و‪ 185‬مهاجــرا ً غــر‬ ‫رشعــي خــال أيــام عيــد الفطــر املبــارك‪ .‬وذلــك‬ ‫خــال محاولتهــم الســفر إىل أوروبــا بطــرق غــر‬ ‫رســمية‪.‬‬ ‫وحســب مــا جــاء يف تقريــر لوكالــة األنبــاء‬ ‫الرتكيــة «األناضــول» بهــذا الشــأن‪ ،‬فــإن فــرق‬ ‫حفــر الســواحل التــي كثفــت مــن دورياتهــا‬ ‫خــال الفــرة األخــرة‪ ،‬شــنت عمليــة يــوم‬ ‫الجمعــة املــايض يف بحــر إيجــه وألقــت القبــض‬ ‫عــى ‪ 488‬مهاج ـرا ً غــر رشعــي مــن جنســيات‬ ‫ســورية وأفغانيــة وميامناريــة‪.‬‬ ‫ومتكنــت الفــرق يــوم الســبت ‪2015/7/18‬‬

‫مــن إلقــاء القبــض عــى ‪ 515‬شــخصاً أغلبهــم‬ ‫مــن الســوريني‪ ،‬يف عمليــة شــاركت فيهــا فــرق‬ ‫تقويــة مــن مناطــق أخــرى‪ ،‬حيــث تــم نقلهــم‬ ‫إىل شــاطئ بلــدة «كوجــوك كويــو» يف مدينــة‬ ‫«أيفاجيــك» التابعــة لواليــة «جنــاق قلعــة»‪.‬‬ ‫وألقــت فــرق أخــرى مــن خفــر الســواحل‬ ‫األحــد القبــض عــى ‪ 182‬مهاج ـرا ً يف أيفاجيــك‪،‬‬ ‫خــال محاولتهــم الســفر إىل جزيــرة «ميديليل»‬ ‫اليونانيــة بطــرق غــر رســمية‪ ،‬أغلبهــم مــن‬ ‫الســوريني واألفغــان‪.‬‬ ‫وأوضحــت الجهــات الرســمية يف املنطقــة‪ ،‬بــأن‬ ‫فــرق األمــن نقلــت املهاجريــن غــر الرشعيــن‬ ‫إىل فــرع األجانــب مبركــز أيفاجيــك‪ ،‬للقيــام‬ ‫باإلجــراءات الرســمية الالزمــة بحقهــم‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫امللثمون أعداء جدد للسوريني‬ ‫الحرمل ‪ -‬ناشطون‬ ‫تتعــرض قــوارب املــوت التــي تنقــل‬ ‫املهاجريــن الســوريني عــر امليــاه الرتكيــة‬ ‫باتجــاه الجــزر اليونانيــة‪ ،‬والتــي تعــرف‬ ‫شــعبياً بـ»البلــات» العتــداء مجموعــات‬ ‫مــن امللثمــن‪ ،‬الذيــن يعرتضــون طريقهــا‪ ،‬يف‬ ‫خطــوة تهــدف إىل منــع املراكــب مــن دخــول‬ ‫امليــاه اإلقليميــة اليونانيــة‪.‬‬ ‫وبحســب الصحفــي أحمــد قليــج الــذي وثــق‬ ‫واحــدة مــن هــذه االعتــداءات‪ ،‬فــإن خفــر‬ ‫الســواحل اليونــاين وحــن يرصــدون اقــراب‬ ‫«البلــم» مــن امليــاه اليونانيــة‪ ،‬يقومــون‬ ‫بإطــاق قــارب رسيــع يحمــل ثالثــة ملثمــن‬ ‫ال يحملــون أي شــارة تــدل عــى انتامئهــم‬ ‫للخفــر اليونــاين‪ ،‬يتجــه صــوب هدفــه‪ ،‬ليقــوم‬

‫هــؤالء بنــزع محــرك «البلــم» ورسقــة وقــوده‬ ‫ومتزيقــه بالســكني‪ ،‬ومبــا يكفــل غرقــه‪ ،‬مــا‬ ‫يــؤدي يف النهايــة إىل تدخــل خفــر الســواحل‬ ‫الرتكيــة مــن أجــل إنقــاذ املهاجرين الســوريني‪،‬‬ ‫كــون عمليــة الغــرق تحــدث ضمــن امليــاه‬ ‫اإلقليميــة الرتكيــة‪..‬‬ ‫أحمــد قليــج الــذي كان عــى أحــد القــوارب‬ ‫التــي تعرضــت لهجــوم امللثمــن‪ ،‬تحــدث‬ ‫لصــوت رايــة مؤكــدا ً بــأن هــذا مــا حصــل‬ ‫مــع البلــم» الــذي كان ينقلــه ظهــرة يــوم‬ ‫األمــس‪ ،‬حيــث اضطــر الخفــر الــريك النتشــال‬ ‫املهاجريــن مــن وســط امليــاه اىل بارجــة‬ ‫تركيــة‪..‬‬ ‫ويتحــدث قليــج عــن توثيــق عــدة حــاالت قام‬ ‫امللثمــون فيهــا بســلب الالجئــن الســوريني‬

‫هواتفهــم‪ ،‬وكذلــك قيامهــم بتمزيــق ثيــاب‬ ‫هــؤالء بحث ـاً عــن املــال حيــث اســتولوا عــى‬ ‫مبلــغ يقــارب ‪ 20‬ألــف دوالر مــن مركــب‬ ‫واحــد‪ ،‬كــا تحــدث بعــض الالجئــن الذيــن‬ ‫متــت مهاجمتهــم مــن قبــل امللثمــن عــن‬ ‫قيامهــم بتفتيــش الضحايــا من النســاء بشــكل‬ ‫دقيــق‪ ،‬يصــل إىل حــدود انتهــاك األماكــن‬ ‫الحساســة مــن الجســد‪ .‬كــا ســجلت حــاالت‬ ‫اعتــداء بالــرب عــى بعــض الــركاب‪..‬‬ ‫امللثمــون اليونانيــون‪ ،‬الذيــن يشــكلون آخــر‬ ‫املســاهمني يف زيــادة مصائــب الســوريني‪،‬‬ ‫يقومــون مبهمتهــم ضمــن امليــاه اإلقليميــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬ويغــادرون برسعــة اىل امليــاه‬ ‫اليونانيــة‪ ،‬بعــد االنتهــاء مــن عمليــة االعتــداء‬ ‫عــى املهاجريــن‪.‬‬

‫إخ�لاء مجاع��ي ألحي��اء امل��زة وإن��ذار بإش��راف إيران��ي لتش��ريد الدمش��قيني يف ثالث�ين يوم �ًا‬ ‫بدء تنفيذ مش��روع إيراني يغري دميوغرافية دمش��ق ابتدا ًء من املزة‬ ‫الحرمل ‪ -‬كلنا رشكاء‬ ‫املــروع اإليـراين لالســتيالء عــى مدينــة‬ ‫دمشــق‪ ،‬ال يأبــه للظــروف الســورية‪ ،‬وال‬ ‫لجرائــم القتــل والترشيــد التــي يشــارك فيهــا‪،‬‬ ‫بــل يســتفيد مــن هــذه األجــواء لبنــاء ركيــزة‬ ‫لــه يف األحيــاء الدمشــقية‪ ،‬لكن ســوء تخطيطه‬ ‫وخبــث نوايــاه أوقعتــه بــر أعاملــه‪ ،‬فإي ـران‬ ‫اليــوم أكــر الــدول املكروهــة يف ســورية وقــد‬ ‫تجــاوزت إرسائيــل بالكراهيــة‪ ،‬فالعنجهيــة‬ ‫اإليرانيــة املدعومــة باملــال والهيمنــة‪ ،‬تبتــدئ‬ ‫أوىل مشــاريعها‪ ،‬قبــل انهيــار النظــام املتهالــك‬ ‫أمــام ثــوار داريــا والغوطــة الغربيــة الذيــن‬ ‫فشــل النظــام طــوال ســنوات بإركاعهــم‪،‬‬ ‫فكيــف للمــروع اإليــراين أن يســتمر وهــو‬ ‫املحمــل بــكل أعبــاء الجرائــم التــي قــام بهــا‬ ‫نظــام األســد املتوحــش‪.‬‬ ‫كتبــت الصحفيــة هبــة محمــد لكلنــا رشكاء‪:‬‬ ‫تلقــت ع ـرات العوائــل يف حــي املــزة غــرب‬ ‫العاصمــة دمشــق‪ ،‬خــال األيــام القليلــة‬ ‫املاضيــة‪ ،‬إنــذارا ً مــن فــرع األمــن العســكري‬ ‫‪ ،215‬يقــي بإجبارهــم عــى إخــاء منازلهــم‬ ‫الواقعــة يف بســاتني الحــي‪ ،‬خلــف الســفارة‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬ومشــفى الــرازي‪ ،‬خــال مــدة‬ ‫أقصاهــا شــهرين تحــت تهديــد فــرع األمــن‬ ‫بهدمهــا بعــد انتهــاء الفــرة املحــددة لإلخــاء‪.‬‬ ‫وقــال الناشــط اإلعالمــي «مــر» مــن‬ ‫حــي املــزة‪ ،‬لـ»كلنــا رشكاء» إن مختــار حــي‬ ‫بســاتني املــزة املعــروف بـ»أبــو لــؤي خمــم»‬ ‫واملشــهور بعاملتــه‪ ،‬وتعاملــه مــع مخابــرات‬

‫النظــام‪ ،‬اســتلم قبــل أيــام حــوايل ‪ 27‬إنــذارا ً‬ ‫بالنيابــة عــن األهــايل‪ ،‬وقــام بتعليقهــا عــى‬ ‫الئحــة مكشــوفة ضمــن مكتبــه‪ ،‬لوضــع‬ ‫األهــايل تحــت األمــر الواقــع‪ ،‬وإجبارهــم عــى‬ ‫إخالئهــم بيوتهــم يف الحــي‪.‬‬ ‫وهــذه هــي ليســت الدفعــة األوىل التــي‬ ‫تتلقــى أمــرا ً باإلخــاء‪ ،‬حيــث بلــغ عــدد‬ ‫املنــازل املهــددة يف الدفعــات الســابقة أكــر‬ ‫مــن مئتــن وخمســن منــزالً‪ ،‬وتنتظــر قرابــة‬ ‫ســبعمئة عائلــة دورهــا حتــى اآلن‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬تقســم مراحــل اإلنــذار إىل عــدة‬ ‫أقســام‪ ،‬حيــث شــملت املرحلــة األوىل خــال‬ ‫األشــهر الثالثــة املاضيــة‪ ،‬عــى إخــاء األرايض‬ ‫الزراعيــة‪ ،‬يف فــرة أقصاهــا ثالثــة أيــام‪ ،‬جرفــت‬ ‫بعدهــا األرايض الزراعيــة‪ ،‬مبــا فيهــا مــن‬ ‫أشــجار زيتــون واألشــجار املعمــرة‪ ،‬وقــدرت‬ ‫أعــداد العوائــل التــي خــرت محاصيلهــا‬ ‫وأراضيهــا‪ ،‬بثالمثائــة وخمســن عائلــة تقريب ـاً‪،‬‬ ‫تــم تعويضهــم بـــثالث مائــة لرية ســورية للمرت‬ ‫الواحــد يف األرض الزراعيــة‪ ،‬أي مــا يقــارب‬ ‫دوالر أمــريك واحــد ونصــف الــدوالر‪ ،‬بينام تم‬ ‫تعويــض العوائــل عــى الشــجرة املجرفــة‪ ،‬ألف‬ ‫لــرة ســورية أي مــا يقــارب أربعــة دوالرات‬ ‫للشــجرة الواحــدة‪ ،‬ليدخــل حــي املــزة بذلــك‬ ‫مرحلــة متهيديــة لبنــاء مــروع إي ـراين يغــر‬ ‫تركيبــة أحــد أكــر أحيــاء العاصمــة دمشــق‪.‬‬ ‫وتابــع «مــر»‪ :‬اعــرض الكثــر مــن أهــايل‬ ‫حــي املــزة عــى مــا وصفــوه بالتهجــر‬ ‫القــري‪ ،‬واحتجــوا للمختــار الــذي أبلغهــم‬

‫بالقـرار‪ ،‬فــكان رده «اســتلمت إنــذارك ومــي‬ ‫الحــال اذهــب واســتلم شــيك مــن املحافظــة‬ ‫بالتعويــض»‪ ،‬وتعتــر هــذه الدفعــة هــي فئــة‬ ‫محظوظــة بنظــر البعــض‪ ،‬ألنهــم الوحيــدون‬ ‫الذيــن ســيتم تعويضهــم بأجــر شــهري يبــدأ‬ ‫بعرشيــن ألــف لــرة ســورية‪ ،‬وينتهــي بقرابــة‬ ‫الخمســن ألــف‪ ،‬بحســب أهميــة موقــع‬ ‫املنــزل ومســاحته‪ ،‬بينــا مل تبلــغ ســوى ذلــك‬ ‫مــن عائــات بــأي تعويــض قطعيــاً‪.‬‬ ‫مــن جهــة ثانيــة أكــد النظــام الســوري‬ ‫عــى لســان مديــر تنفيــذ املرســوم املهنــدس‬ ‫«جــال اليوســف» والــذي تحــدث حــول‬ ‫مــروع تنظيمــي يقســم إىل قســمني األول‬ ‫رقــم ‪ /101/‬لتنظيــم منطقــة جنــوب رشقــي‬ ‫املــزة مبســاحة ‪ 214‘9‬هكتــار‪ ،‬واملــروع‬ ‫الثــاين رقــم ‪ /102/‬ملنطقــة جنــوب املتحلــق‬ ‫الجنــويب مبســاحة ‪ /880/‬هكتــارا ً التــي تشــمل‬ ‫املنطقــة املمتــدة جنــوب داريــا والقــدم‬ ‫والعســايل ونهــر عيشــة وبســاتني القنــوات‪،‬‬ ‫إضافــة ملســاحات خ ـراء تعــادل ‪ 35%‬مــن‬ ‫مســاحة املنطقــة التنظيميــة‪.‬‬ ‫وتعتــر املنطقــة املختــارة لبنــاء مــروع‬ ‫«األب ـراج اإليرانيــة» املخطــط لــه خلــف بنــاء‬ ‫الســفارة اإليرانيــة يف دمشــق‪ ،‬والــذي ميتــد‬ ‫يف محيــط بســاتني املــزة «بســاتني الصبــارة»‪،‬‬ ‫ويحــاذي مفــرق «الحبيــس» وخلــف مشــفى‬ ‫الـرازي‪ ،‬حتــى املتحلــق الجنــويب‪ ،‬ومــن جــر‬ ‫مدينــة داريــا بريــف دمشــق الغــريب حتــى‬ ‫رئاســة مجلــس الــوزراء‪ ،‬فضــا عــن األرايض‬

‫الزراعيــة املتاخمــة للمنطقــة والخارجــة عــن‬ ‫الحــدود الرســمية للمــروع اإلي ـراين‪ ،‬والتــي‬ ‫تدخــل ضمنــه بشــكل اســتفزازي وغــر علنــي‪،‬‬ ‫تعتــر أكــر أحيــاء دمشــق مســاحة‪ ،‬وأكرثهــا‬ ‫حساســية‪ ،‬حيــث تجــاور معظــم الســفارات‪،‬‬ ‫ومطــار املــزة‪ ،‬وعــدد كبــر مــن الفــروع‬ ‫األمنيــة‪ ،‬ويفصلهــا عــن حــي املــزة ‪ ،86‬الــذي‬ ‫يعــد معقـاً للعلويــن املقاتلــن واملتطوعني يف‬ ‫أجهــزة الدولــة العســكرية واألمنيــة‪« ،‬أتسـراد‬ ‫املــزة» فقــط‪.‬‬

‫ويضــم حــي املــزة القــر الرئــايس املســمى‬ ‫«قــر الشــعب»‪ ،‬لكــن أكــر مــا يــؤرق‬ ‫النظــام يف حــي املــزة‪ ،‬هــو اتصــال بســاتينه‬ ‫ببســاتني مدينــة داريــا بالغوطــة الغربيــة‪،‬‬ ‫التــي تســتعيص للعــام الثــاين عــى التــوايل‬ ‫أمــام قــوات النظــام التــي تحــاول اقتحامهــا‬ ‫باســتمرار‪ ،‬األمــر الــذي اضطرهــا خــال‬ ‫شــهر حزي ـران – يونيــو‪ ،‬املــايض مــن تفجــر‬ ‫‪ 500‬منــزل يف املدينــة‪ ،‬مبحــاذاة مطــار املــزة‬ ‫العســكري‪ ،‬مــن الجهــة الشــالية الرشقيــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تيار مواطنة يقيم‬ ‫ورشة عمل حول مشروع التنمية السياسية يف غازي عينتاب‬ ‫الحرمل ـ غازي عينتاب ـ خاص‬ ‫أقــام مكتــب تيــار مواطنــة يف عينتــاب ورشــة‬ ‫عمــل بعنــوان‪« :‬مــروع التنميــة السياســية»‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــن ‪ 2015/7/25‬إىل ‪ 2015/7/30‬يف مدينــة غــازي‬ ‫عينتــاب الرتكيــة‪ ،‬مبشــاركة مجموعــة مــن ناشــطي‬ ‫الداخــل الســوري‪ ،‬إضافــة إىل مجموعــة مــن ناشــطي‬ ‫الثــورة املتواجديــن يف تركيــا‪.‬‬ ‫وبــدأت فعاليــات اليــوم األول يف ورشــة العمــل‪ ،‬التــي‬ ‫قــدم موادهــا عضــو تيــار مواطنــة برهــان ناصيــف‪،‬‬ ‫وتضمنــت أوالً مقدمــة عــن نشــوء الدولــة الســورية‬ ‫منــذ االنتــداب وحتــى الوحــدة الســورية املرصيــة‪ ،‬ثم‬ ‫تالهــا محــور األنظمــة السياســية يف الســياق الســوري‪،‬‬ ‫والــذي احتــوى عــى مراجعــة تاريخيــة واالنقســام‬ ‫الراهــن‪ ،‬واالســتبداد الســيايس‪ ،‬والحكــم الدينــي‪.‬‬ ‫وحمل املحور الثالث عنواناً عريضاً‪ ،‬هو‪ :‬‬ ‫الهويــة الوطنيــة‪ ،‬وتضمــن الحديــث عــن التــوزع‬ ‫االثنــي والطائفــي يف ســوريا‪ ،‬والتــوزع اإلثنــي‬ ‫واملشــاركة‪ ،‬واحصائيــات حــول التــوزع الدميوغــرايف‬ ‫االثنــي‪ /‬الطائفــي‪.‬‬ ‫بــن األســباب االجتامعيــة‬ ‫قــد‬ ‫األخــر‬ ‫وكان املحــور‬ ‫ّ‬ ‫لالضط ـراب االجتامعــي‪ ،‬وتتمثــل يف انعــدام املســاواة‬ ‫يف امليــدان االقتصــادي‪ ،‬والقمــع الســيايس‪ ،‬والرصاعــات‬ ‫اإلقليميــة بــأدوات محليــة‪.‬‬ ‫يف اليــوم الثــاين قــدم عضــو تيــار مواطنــة راشــد‬ ‫صطــوف مــواده‪ ،‬وبحــث فيهــا املحــاور التاليــة‪:‬‬ ‫‪ -1‬الذهنية العربية واإلسالمية‬ ‫‪ -2‬وضع النظام‬ ‫‪ -3‬تنظيم الدولة‬ ‫‪ -4‬وضع املعارضة‬ ‫‪ -5‬مقاربــة بــن الوضعــن الســوري واألزمــة‬ ‫ا ليو غســافية ‪.‬‬ ‫أمــا اليــوم الثالــث‪ ،‬فقــد قــدم مــواده عضــو تيــار‬ ‫مواطنــة برهــان ناصيــف‪ ،‬وتضمنــت‪:‬‬

‫الحرملي‬ ‫ه��ل قدُر الش��عوب العربية أن‬ ‫تعيش على دي��ن جمانينها؟!‬ ‫عبد السالم السالمة‬

‫‪ -1‬محاربــة التطــرف‪ /‬الديكتاتوريــة يف ســوريا‪ :‬آليــات‬ ‫العمــل األهــي‪.‬‬ ‫‪ -2‬خيارات الوصول إىل حل سيايس وإنهاء الرصاع‪:‬‬ ‫آ‪ -‬الخيار الدبلومايس‬ ‫ب‪ -‬احتامل املناطق املحررة‬ ‫ج‪ -‬إنشاء مناطق عازلة‬ ‫يف اليــوم الرابــع‪ ،‬انقســمت محــاور الورشــة إىل‬ ‫محوريــن األول‪ ،‬قدمــه عضــو التيــار راشــد صطــوف‪،‬‬ ‫وناقــش قضيتني أساســيتني‪ ،‬األوىل‪ :‬املشــاركة السياســية‬ ‫يف الحالــة الســورية‪ ،‬والثانيــة‪ :‬أشــكال التنظيــم‪.‬‬ ‫أمــا املحــور الثــاين فقــد قدمــه عضــو تيــار مواطنــة‬ ‫موفــق نريبيــة‪ ،‬وبـ ّـن فيــه أوالً تعريفـاً بتيــار مواطنــة‪،‬‬ ‫ومضامينــه (خلفيــة تيــار مواطنــة‪ ،‬الفهــم التاريخــي‪،‬‬ ‫العقــد االجتامعــي)‪.‬‬ ‫ثانيــاً مواقــف سياســية‪ :‬آ‪ -‬الدســتور‪ .‬ب‪ -‬قوانــن‬ ‫حاميــة املواطنــة‪ .‬ج‪ -‬املواطنــة واألنظمة االســتبدادية‪.‬‬ ‫د‪ -‬املواطنــة والتنميــة االجتامعيــة‪.‬‬ ‫يف اليــوم الخامــس‪ ،‬تــم تخصيصــه بورشــة عمــل‬ ‫حــول‪ :‬توســيع الدعــم للمعارضــة املعتدلــة‪.‬‬ ‫يف اليــوم الســادس واألخــر تــم تخصيــص مبحث حول‬ ‫املامرســة املثــى للعمــل ضمــن الفريــق واملنظــات‪،‬‬ ‫وأخـرا ً نــدوة مســائية للدكتــور حــازم نهــار‪.‬‬ ‫وحــول أهميــة هــذه الورشــة‪ ،‬يقــول الناشــط ريــان‬ ‫جبــل‪ ،‬وهــو مــن املشــاركني‪ :‬تؤســس الورشــة ألهميــة‬ ‫مضاعفــة يف مجــال التنميــة السياســية‪ ،‬بســبب ضعف‬

‫التأســيس الســيايس والتنظيمــي يف الشــارع الســوري‬ ‫بــن الجيــل الشــاب باعتبــار السياســة علــم إدارة‬ ‫املجتمعــات‪ ،‬ومــا مييــز هــذه الورشــة أنهــا الــدورة‬ ‫السياســية األوىل التــي تطــرح أهميــة السياســة كفعــل‬ ‫جامعــي منظــم يجيــب عــى متطلبــات واقــع التغيــر‬ ‫يف ســوريا‪.‬‬ ‫ويقــول الناشــط م‪.‬ك‪ :‬ورشــة التنميــة السياســية‬ ‫طرحــت مفاهيــم مل تطــرح ســابقاً‪ ،‬وناقشــت مواضيــع‬ ‫سياســية ســاخنة تخــص الشــأن الســوري‪ ،‬والــذي‬ ‫ميزهــا أن جميــع املشــاركني مــن املهتمــن بالسياســة‬ ‫وحضورهــم وحوارهــم أغنــى املواضيــع التــي‬ ‫طُرحــت مــن قبــل املحارضيــن‪ ،‬مفهــوم املواطنــة مــن‬ ‫املفاهيــم التــي تبــدو غــر مفهومــة مــن الغالبيــة‪،‬‬ ‫وعــى الشــباب أن يتعمقــوا فيــه أكــر للوصــول إىل‬ ‫مفاهيــم جديــدة مقاربــة ألهــداف الثــورة يف الحريــة‬ ‫والكرامــة‪.‬‬ ‫الناشــط إيــاد كلــول‪ ،‬قــال‪ :‬إن مــا مييــز هــذه الورشــة‬ ‫موضوعهــا‪ ،‬حيــث تتنــاول موضــوع الفهــم الســيايس‬ ‫للواقــع الســوري تاريخي ـاً وراهن ـاً‪ ،‬والتصــور املمكــن‬ ‫لشــكل الدولــة الســورية‪ ،‬بــدءا ً مــن الحــل الســيايس‪،‬‬ ‫وانتهــا ًء بالدولــة املدنيــة‪ ،‬إنهــا أقــرب مــا تكــون إىل‬ ‫دراســة حالــة ميكــن مــن خاللهــا أن يطلــع املشــاركون‬ ‫عــى آليــة مــن آليــات التحليــل والتمكــن الســيايس‪،‬‬ ‫وامتــاك منهجيــة يف بنــاء املوقــف الســيايس‪.‬‬

‫أهالي بقني يس��تغيثون وبراميل األسد تتساقط فوق رؤوسهم‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫تعرضــت بلــدة بقــن القريبة من‬ ‫مدينــة الزبــداين إىل قصــف متواصــل‬ ‫بالرباميــل املتفجــرة يــوم االثنــن ‪28‬‬ ‫متــوز ‪ 2015‬يف محاولــة للضغــط عــى‬ ‫أهــايل بقــن‪ ،‬التــي تــأوي بلدتهــم أكــر‬ ‫مــن ‪ 600‬عائلــة نازحــة مــن مدينــة‬ ‫الزبــداين‪ ،‬بغيــة إجبارهــم عــى تســليم‬ ‫العوائــل النازحــة الســتخدامهم كورقــة‬ ‫ضغــط عــى ثــوار الزبــداين بعــد أن‬ ‫فشــلت الحملــة العســكرية يف تحقيــق‬ ‫أهدافهــا باحتــال املدينــة بعــد‬ ‫حصــار متواصــل اســتمر قرابــة الشــهر‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫وكان أهــايل بقــن قــد وجهــوا نــداء‬ ‫اســتغاثة لجميــع منظــات حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬وهيئــة األمــم املتحــدة‬ ‫املتمثلــة مببعوثهــا إىل ســوريا ســتيفان‬ ‫دي ميســتورا وإىل كافــة املنظــات‬ ‫اإلنســانية والحقوقيــة والشــخصيات‬ ‫املدنيــة العاملــة يف مجــال حقــوق‬ ‫اإلنســان يف العــامل‪.‬‬ ‫وقــال أهــايل بلــدة بقــن يف رســالتهم‬ ‫«نناشــدكم باســم أطفــال ونســاء‬ ‫وشــيوخ منطقــة الزبــداين املنكوبــة‬ ‫بالتدخــل ملنــع تنفيــذ النظــام الســوري‬

‫تهديــده يــوم الثالثــاء ‪ 28‬متــوز ‪2015‬‬ ‫بعــد الســاعة الخامســة صباحـاً بقصف‬ ‫بلــدة بقــن بكافــة أنــواع القذائــف‬ ‫وإلقــاء الرباميــل املتفجــرة عــى البلــدة‬ ‫املحــارصة مــن كافــة الجهــات يف‬ ‫حــال عــدم تســليم األهــايل النازحــن‬ ‫مــن مدينــة الزبــداين الذيــن لجئــوا‬ ‫اىل البلــدة عقــب الحملــة األخــرة‬ ‫واملســتمرة عــى مدينــة الزبــداين منــذ‬ ‫خمــس وعرشيــن يومــاً والجرحــى‬ ‫الذيــن أصيبــوا نتيجــة إطــاق النــار‬ ‫العشــوايئ مــن قبــل قــوات النظــام‬

‫املتمثلــة بالحواجــز املحيطــة بالبلــدة‪،‬‬ ‫علــاً أن بلــدة بقــن يف حالــة هدنــة‬ ‫متفــق عليهــا منــذ ســنوات مــع النظــام‬ ‫وهــي مكتظــة بالســكان املدنيــن مــن‬ ‫أهاليهــا والنازحــن إليهــا مــن الريــف‬ ‫الدمشــقي ويبلــغ عــدد ســكانها مــع‬ ‫نازحيهــا ‪ 12500‬نســمة‪.‬‬ ‫وح ّمــل األهــايل يف حــال نفــذ نظــام‬ ‫األســد تهديــده هيئــة األمــم املتحــدة‬ ‫ودي ميســتورا والعــامل أجمــع‬ ‫املســؤولية عــا ســيحصل مــن مجــازر‬ ‫كبــرة بحــق املدنيــن العــزل‪.‬‬

‫عــى مــدى أربــع ســنوات ونصــف‪ ،‬رأينــا مــا فعلــه بشــار‬ ‫األســد يف ســوريا‪ .‬ومنــذ انقــاب عبــد الفتــاح الســييس‪ ،‬ونحــن‬ ‫نــرى الهاويــة الخطــرة التــي تنزلــق مــر نحوهــا‪ .‬وهــا نحــن‬ ‫اآلن نشــاهد مرسحيــة العبــث التــي أخــرج مشــاهدها عــي‬ ‫عبــد اللــه صالــح يف اليمــن‪ .‬ومــع املشــاهدة عــى األرض‬ ‫نســمع كالم هــؤالء عــى الفضائيــات‪.‬‬ ‫كل النــاس يعرفــون كيــف يف ّكــر األبلــه الــذي يحكــم ســوريا‪.‬‬ ‫وباملامرســة العمل ّيــة عرفــوا مســتوى عقــل مرقّــص األفاعــي‬ ‫الــذي كان البعــض يظّنــه سياســ ّياً داهيــة يحــ ّرك اآلخريــن‬ ‫وفــق مــا يريــد‪ ،‬دون أن يتعــ ّرض ملخاطــر أنيــاب أحــد‬ ‫منهــم‪ .‬والقنــوات الفضائيــة املرصيــة الرســمية عرضــت علينــا‬ ‫مشــاهد املضحــك املبــي مــا يتفــ ّوه بــه قائــد االنقــاب‬ ‫ارتجــاالً أو قــراءة!‬ ‫الربيــع العــريب بــدأ مبظاهــرات ســلمية تطالــب بتحقيــق‬ ‫املطالــب اإلنســانية التــي حــرم منهــا املواطــن العــريب‪:‬‬ ‫العيــش والحريــة والعدالــة االجتامعيــة‪ ،‬والكرامــة‪ ..‬ثــم انتبــه‬ ‫املتظاهــرون إىل مــن يرونــه ســبب كل مــا حــاق بهــم مــن‬ ‫ضنــك يف عيشــهم ورعــب عــى أمنهــم‪ ،‬وأغــال يف أيديهــم‪،‬‬ ‫وســحق لكرامتهــم‪ ،‬فقالــوا لــه‪« :‬ارحــل»‪ .‬لقــد مثّلــت كلمــة‬ ‫(ارحــل) درجــة عاليــة مــن الوعــي الســيايس واالجتامعــي‬ ‫يتمتــع بهــا املتظاهــرون‪ ،‬ألنهــا تشــر ببالغــة رفيعــة إىل‬ ‫جــذور شــجرة املــآيس الخبيثــة التــي تظّلهــم‪.‬‬ ‫إال أ ّن بشــار األســد أبــدع يف نقــل املظاهــرات الســلمية‬ ‫إىل حــرب أهليــة طاحنــة اختلــط فيهــا الحابــل بالنابــل‪،‬‬ ‫والدواعــش بالحوالــش‪ ،‬والــدول اإلقليميــة بالرصاعــات‬ ‫الدوليــة عــى املنطقــة‪ ..‬لتكــون النتيجــة تدمــر البلــد بنيانـاً‬ ‫وإنســاناً‪ ،‬ورعبـاً أســود مــن مســتقبل أشــد ظالمـاً مــن الواقع‪،‬‬ ‫ال يــكاد أحــد يــرى فيــه بصيــص نــور‪.‬‬ ‫وم ّرقــص األفاعــي حــر اليمــن بــن أنيــاب الحوثيــن الذيــن‬ ‫م ّزقــت ســمومهم أشــاء الشــعب اليمنــي‪ ،‬وأدخلــت البلــد‬ ‫واملنطقــة يف د ّوامــة أخــرى ال يســتطيع أحــد أن يــرى نهاياتهــا‬ ‫القريبــة‪ ،‬بــل أن يتخيّــل عواقبهــا املصرييّــة‪.‬‬ ‫واآلن يقــف العقــل الســليم متبّلــدا ً‪ ،‬أمــام املصــر املرعــب‬ ‫الــذي يريــد (مــوىس زمانــه) أن يقــود شــعب مــر إليــه‪.‬‬ ‫تناقلــت مواقــع صحفيــة مؤخ ـرا ً نصيحــة همــس بهــا وزيــر‬ ‫الخارجيــة الــرويس لوليــد جنبــاط مفادهــا أن يتوخــى الحــذر‬ ‫يف ترصيحاتــه ومواقفــه‪ ،‬ألن هنــاك حفلــة جنــون ســوف تبــدأ‬ ‫يف الــرق األوســط‪ ،‬ومــن األفضــل أن ال يتــورط فيهــا‪.‬‬ ‫هــل هــو قــد ٌر لشــعوبنا أن تســر وفــق َهــ َوس فراعنــة‬ ‫مجانــن تحركهــم موســكو وواشــنطن عالنيــة وليــس مــن وراء‬ ‫ســتار‪ ،‬أم أنــه التحــدي الــذي يواجــه العقــاء مــن أبنــاء هــذه‬ ‫األمــة؟‪.‬‬

‫قوات النظ��ام املتحالفة مع حزب اهلل تواصل قصفها للزبداني‬ ‫الزبداني ـ فارس العربي‬

‫وصــل عــدد الرباميــل التــي ألقاهــا الطـران‬ ‫املروحــي عــى منطقــة الزبــداين ومحيطهــا‬ ‫إىل أكــر مــن ‪ 863‬برميــل متفجــر‪ ،‬وهــي‬ ‫قابلــة للزيــادة بــأي لحظــة‪ ،‬فيــا وصــل عــدد‬ ‫القذائــف والصواريــخ‪ ،‬التــي أطلقهــا الطــران‬ ‫الحــريب إىل أكــر مــن ‪ 500‬صــاروخ فراغــي‪،‬‬ ‫وكان عــدد قليــل منهــا مل ينفجــر‪ ،‬وكتــب‬ ‫عــى بعضهــا عبــارات طائفيــة (ياعــي مــدد‪،‬‬ ‫يــا حســن‪ ،)...‬أمــا القواعــد الصاروخيــة فقــد‬ ‫أطلقــت مــا يقــارب ‪ 600‬صــاروخ مــن أنــواع‬ ‫زينــب وفيــل وزلــزال‪ ،‬وهــي إيرانيــة الصنــع‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل آالف القذائــف مــا بــن مدفعيــة‬ ‫ودبابــات وهاونــات وصواريــخ أرض أرض‪.‬‬ ‫وتعرضــت البنيــة التحتيــة يف مدينــة الزبــداين‬ ‫إىل دمــار هائــل يف مقدمــة إلنهــاء كل أشــكال‬

‫الحيــاة املدنيــة فيهــا‪ ،‬فيــا تواصــل قــوات‬ ‫النظــام مدعومــة مبيليشــيات حــزب اللــه‪،‬‬ ‫حصارهــا ملنطقــة الزبــداين‪ ،‬وقطــع كل أشــكال‬ ‫اإلمــدادات عــن أهلهــا الصامديــن يف ظــل‬ ‫صمــت دويل مطبــق‪ ،‬ويف ظــل أجــواء إنســانية‬ ‫قاتلــة يعيشــها األهــايل‪ ،‬بالتــوازي مــع انقطــاع‬ ‫الكهربــاء واملــاء واملحروقــات‪ ،‬ونقــص حــاد يف‬ ‫املــواد األساســية كالغــذاء والــدواء‪.‬‬ ‫وتؤكــد البيانــات والتقاريــر الــواردة مــن مدينــة‬ ‫الزبــداين أن عــددا ً كبــرا ً مــن املدنيــن مــا‬ ‫زالــوا حتــى اليــوم محارصيــن‪ ،‬ومل يســتطيعوا‬ ‫الخــروج إىل مناطــق أكــر أمان ـاً‪ ،‬بســبب شــدة‬ ‫القصــف والقنــص املتواصــل‪ ،‬إضافــة للصواريــخ‬ ‫والرباميــل والحاويــات املتفجــرة‪ ،‬التــي وصــل‬ ‫معدلهــا إىل ‪ 35‬برميــاً باليــوم وعــرات‬ ‫الصواريــخ مــن كافــة األنــواع‪.‬‬

‫ونفــذ ثــوار الزبــداين هجومـاً مباغتـاً يف الجبــل‬ ‫الرشقــي عــى حواجــز النظــام بالتزامــن مــع‬ ‫اســتنفار كامــل لحواجــز الجبــل الرشقــي‬ ‫وإطــاق نــار كثيــف مــن الســكرة ‪ -‬الكــرزات ‪-‬‬ ‫عــام القصــر ‪ -‬ضهــور بدريــة‪ ،‬وضمــن معركــة‬ ‫الجبــل الرشقــي تــم تحريــر عــدة حواجــز مــن‬ ‫النظــام والحــزب اللبنــاين واغتنامهــا وتدمــر‬ ‫عــدة آليــات‪.‬‬ ‫وكان ثــوار الزبــداين يف معســكر الجبــل الرشقــي‬ ‫أعلنوهــا معركــة حاســمة تهــز عــرش الحــزب‬ ‫والنظــام‪ ،‬وتــم تدمــر دبابــة حاجــز الســكرة‬ ‫بالجبــل الرشقــي‪ ،‬يف حــن مل يهــدأ القصــف‬ ‫املدفعــي والصاروخــي مبئــات القذائــف‬ ‫والقنابــل املضيئــة والهاونــات والقصــف‬ ‫املســتمر بالدبابــات ومــا تـزال االشــتباكات عــى‬ ‫أشــدها إىل ســاعة إعــداد هــذا التقريــر‪.‬‬

‫ويف حصيلــة أوليــة‪ ،‬تــم اســتهداف الجبــل‬ ‫الرشقــي والبلــد بـــ ‪ 36‬برميــل متفجــر مــن‬ ‫مروحيــات النظــام‪ ،‬بالتــوازي مــع اقتحــام ثــوار‬ ‫الجبــل الرشقــي لحاجــز الكــرزات بالجبــل‬ ‫الرشقــي‪ ،‬الــذي نجــم عنــه قتــل عنــارصه‬ ‫املتمركزيــن هنــاك‪ ،‬واغتنــام األســلحة الفرديــة‬ ‫إضافــة لتدمــر دبابــة الســكرة‪ ،‬فيــا واصــل‬ ‫الط ـران الحــريب شــن غاراتــه‪ ،‬وأطلــق خمســة‬ ‫صواريــخ فراغيــة‪ ،‬بالتــوازي مــع قصــف عنيــف‬ ‫جــدا ً صاروخــي ومدفعــي‪ ،‬مل يتوقــف منــذ‬ ‫الصبــاح‪ ،‬واســتهدف البلــد والجبــل الرشقــي‬ ‫والســهل‪.‬‬

‫وارتقــى عــدد مــن الشــهداء مــن بلــدة رسغايــا‪،‬‬ ‫الذيــن ه ّبــوا لنــرة الزبــداين‪ ،‬ج ـراء خوضهــم‬ ‫ملعــارك عنيفــة يف الجبــل الرشقــي أثنــاء‬ ‫دفاعهــم عــن الزبــداين‪ ،‬كــا ارتقــى عــدد آخــر‬ ‫مــن الشــهداء مــن قريــة هريــرة‪ ،‬فيــا تشــهد‬ ‫املدينــة يف هــذه اآلونــة قصفــاً عنيفــاً مــن‬ ‫كافــة املحــاور‪ ،‬وانطــاق عــر ســيارات شــحن‬ ‫مــن حاجــز الجــارك باتجــاه بلــودان‪ ،‬ووصــول‬ ‫ثــاث حافــات نقــل داخــي‪ ،‬ومعهــم كادر‬ ‫إذاعــي وفنــي لقنــاة الدنيــا‪ ،‬يقومــون بالتصويــر‬ ‫يف الســهل‪ ،‬ويف النقــاط التــي تتمركــز فيهــا‬ ‫قــوات النظــام وامليلشــيات املتحالفــة معــه‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مبادرة ثروة‬

‫فيــا يــي نــص النســخة املع ّدلــة لـِ»مبــادرة ثــروة‬ ‫إلنهــاء الحــرب األهليــة يف ســوريا»‪ ،‬والتــي طرحــت رســمياً‬ ‫يف ‪ 30‬حزيـران ‪ .2015‬تــم تعديــل املــواد األساســية للمبادرة‬ ‫بنــا ًء عــى الحــوارات‪ ،‬الخاصــة والعامــة‪ ،‬التــي دارت مــع‬ ‫مجموعــة كبــرة مــن الخــراء والنشــطاء واملعارضــن‬ ‫الســوريني‪ .‬ويجــري العمــل حاليــاً عــى التحضــر لطــرح‬ ‫هــذه املبــادرة عــى نطــاق عاملــي أوســع‪.‬‬ ‫مبادرة إلنهاء الحرب األهلية يف سوريا‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫تهــدف املبــادرة املقرتحــة هنــا إىل تحويــل النـزاع يف ســوريا‬ ‫مــن رصاع عســكري مد ّمــر إىل عمليــة سياســية ميكــن مــن‬ ‫خاللهــا لألط ـراف الداخليــة والخارجيــة املختلفــة االتفــاق‬ ‫عــى ترتيبــات إداريــة مرحليــة تســمح لــكل طــرف داخــي‬ ‫بالبــدء بإعــادة بنــاء مــا تهـ ّدم يف منطقتــه‪ ،‬وإعــادة توطــن‬ ‫الالجئــن وتقديــم املســاعدات اإلنســانية للمحتاجــن‪ ،‬وذلك‬ ‫مبســاعدة القــوى الداعمــة لــه عــى الصعيــد اإلقليمــي‬ ‫والــدويل‪ .‬ويف هــذه األثنــاء ميكــن للمباحثــات املتعلّقــة‬ ‫بالوضــع النهــايئ للبلــد مــن الناحيــة اإلداريــة والسياســية‬

‫والقانونيــة والدســتورية أن تبــدأ‪ ،‬وإن امتــدت لســنني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتلخص املبادرة بالبنود التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬يتو ّجــب عــى أطــراف النــزاع االتفــاق عــى خطــوط‬ ‫واضحــة لوقــف إطــاق النــار تفصــل مــا بــن املناطــق‬ ‫الخاضعــة لألطــراف الداخليــة املختلفــة‪ ،‬واعتــاد كل‬ ‫منطقــة مرحلي ـاً كوحــدة تابعــة للطــرف املعنــي يديرهــا‬ ‫بحســب توافقــات داخليــة محــددة‪ .‬ويــأيت هــذا الرتتيــب‬ ‫الجديــد كجــزء مــن اســتمرار التــزام األطــراف الداخليــة‬ ‫والخارجيــة املختلفــة بوحــدة األرايض وســيادة الدولــة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫‪ .2‬يتو ّجــب عــى أطــراف النــزاع االتفــاق عــى بنــود‬ ‫واضحــة للتعــاون مــا بــن الوحــدات الجغرافيــة املختلفــة‬ ‫الخاضعــة لســيطرتهم يف عــدد مــن املجــاالت الحيويــة‪،‬‬ ‫خاصــة فيــا يتعلّــق بالقضايــا األمنيــة واالقتصاديــة‪ ،‬وآليات‬ ‫التن ّقــل مــا بــن الوحــدات‪ ،‬وإدارة العالقــات القامئــة مــا بني‬ ‫املكونــات والرشائــح االجتامعيــة املختلفــة يف كل منطقــة‪.‬‬ ‫‪ .3‬يتو ّجــب عــى أطـراف النـزاع االتفــاق عــى تحييــد دور‬ ‫دمشــق يف ال ـراع عــن طريــق تأســيس حكومــة مرحليــة‬ ‫حياديــة يشــارك فيهــا ممثلــون عــن األطــراف املختلفــة‬ ‫تديــر شــؤون املدينــة ونواحيهــا تحــت إرشاف لجنــة دوليــة‬ ‫أمميــة معينــة مــن قبــل مجلــس األمــن‪ .‬ويفضــل إعطــاء‬ ‫املســؤول األممــي املــرف عــى الشــأن الســوري صالحيــة‬ ‫تشــكيل هــذه الحكومــة بالتشــاور مــع كافــة األطــراف‬ ‫الداخليــة واإلقليميــة والدوليــة املعنيــة‪.‬‬ ‫‪ .4‬يتو ّجــب عــى أطــراف النــزاع االتفــاق عــى تنصيــب‬ ‫رئيــس مرحــي يف دمشــق‪ ،‬لفــرة غــر قابلــة للتجديــد‪ ،‬ال‬ ‫تقــل عــن ســنتني وال تزيــد عــن خمــس ســنوات‪ ،‬يتصــف‬ ‫بأنــه قــادر عــى بنــاء اإلجــاع مــا بــن األطـراف املختلفــة‪،‬‬ ‫تكــون مه ّمتــه اإلرشاف عــى عمــل الحكومــة املرحليــة‬ ‫وعــى املباحثــات مــا بــن أط ـراف ال ـراع‪ ،‬والعمــل عــى‬ ‫تنســيق املســاعي اإلقليميــة والدوليــة يف هــذا الصــدد‪،‬‬ ‫يف حــن يبقــى بشــار األســد مســؤوالً عــن إدارة املناطــق‬

‫التقس��يم والتس��ليم يف مب��ادرة ث��روة‬

‫الشاوي الضليل‬ ‫ال شــك أن عــار عبــد الحميــد كان‬ ‫صادقــاً‪ ،‬حــن اعتــر أن هــذه املبــادرة هــي‬ ‫نتيجــة ملشــاورات واستشــارات عديــدة‪ ،‬لكــن‬ ‫أجــزم بأنهــا تفتقــر إىل املوضوعيــة والتامســك‬ ‫أو الحرفيــة‪ ،‬وإن املعطيــات التــي بُنيــت عليهــا‬ ‫تتكثــف يف وجهــات نظــر متقاربــة‪ ،‬وتــكاد أن‬ ‫تكــون وجهــة نظــر واحــدة‪ ،‬عــر عنهــا وزيــر‬ ‫الخارجيــة الربيطــاين فيليــب هامونــد أمــام‬ ‫الربملــان «ال نرغــب يف ســقوط نظــام األســد‬ ‫بــل نريــد مرحلــة انتقــال ســيايس»‪ ،‬وجــاءت‬ ‫املبــادرة اإليرانيــة التــي طرحــت يف مشــاورات‬ ‫دي ميســتورا يف لقائــه مــع املســؤولني اإليرانيــن‬ ‫لتؤكــد مــا أســلفت القــول‪ ،‬وتنفــي باملطلــق‬ ‫إنهــا مبــادرة ســوريني‪ ،‬عــى الرغــم مــن أن‬ ‫كتابهــا ســوريون‪ ،‬بــل مبــادرة تجاهــد لــي‬ ‫تكــون كذلــك ألنهــا داعمــة لطــرف ســوري‬ ‫ارتهــن ورهــن ســورية يك يحافــظ عــى مــا‬ ‫تبقــى لــه مــن أرض ونفــوذ (النظــام ورأســه)‪،‬‬ ‫ألن االعـراف باســتحالة إســقاط النظام ورأســه‪،‬‬ ‫والتســليم ببقــاء األســد وأركانــه يف إدارة مــا‬ ‫تبقــى لــه مــن نفــوذ يف مناطــق طائفتــه‪ ،‬هــو‬ ‫تكريــس واعـراف بتقســيم ســورية إىل مناطــق‬ ‫نفــوذ عرقــي وطائفــي‪ ،‬وهــذا بــدا واضح ـاً يف‬ ‫بنــود ورشوحــات املبــادرة‪ ،‬التــي تتبنى التفســر‬

‫الــرويس لوثيقــة جنيــف‪ ،1‬لذلــك جمعــت يف‬ ‫بنودهــا الكثــر مــن التناقضــات املثــرة للجــدل‪،‬‬ ‫وميكــن رسد الكثــر منهــا‪ ،‬وإرفاقــه بالتســاؤالت‬ ‫التــي تحتــاج إىل إجابــات‪ ،‬وســأكتفي مبناقشــة‬ ‫أهــم التناقضــات التــي تجعــل مــن املبــادرة‬ ‫ضمــن ســياق أهــداف غــر ســورية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬هدف املبادرة‪:‬‬ ‫«تهــدف املبــادرة املقرتحــة هنــا إىل تحويــل‬ ‫النـزاع يف ســوريا مــن رصاع عســكري مد ّمــر إىل‬ ‫عمليــة سياســية ميكــن مــن خاللهــا لألط ـراف‬ ‫الداخليــة والخارجيــة املختلفــة االتفــاق‬ ‫عــى ترتيبــات إداريــة مرحليــة تســمح لــكل‬ ‫طــرف داخــي بالبــدء بإعــادة بنــاء مــا ته ـ ّدم‬ ‫يف منطقتــه‪ ،»...‬إن هــذا الهــدف الــذي بُنــي‬ ‫عــى أن مــا يحــدث يف ســورية هــو مجــرد‬ ‫نــزاع بــن قــوى عــى الســاحة الســورية مــن‬ ‫أجــل الســلطة‪ ،‬هــو فهــم يعــزل هــذا النــزاع‬ ‫مــن كونــه نتيجــة لثــورة شــعب‪ ،‬ومرحلــة‬ ‫مــن مراحــل هــذه الثــورة‪ ،‬وبالتــايل يعزلــه‬ ‫عــن مضامينــه االجتامعيــة والسياســية التــي‬ ‫أدت لهــذا الطــور مــن النــزاع‪ ،‬وهــذا تؤكــده‬ ‫املبــادرة يف بندهــا ‪/‬رقــم ‪ /10‬إذ تجعــل مــن‬ ‫الهــدف لفــض الن ـزاع إنشــاء حلــف عســكري‬ ‫وســيايس ملحاربــة اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬متجاهلــة‬ ‫إرهــاب الطــرف الرئيــس يف «الن ـزاع» (النظــام‬ ‫ومرتزقتــه) «يتو ّجــب عــى كافــة أطــراف‬ ‫النـزاع‪ ،‬مــا إن تــم التوقيــع عــى هــذا االتفــاق‬ ‫يف صيغتــه التفصيليــة النهائيــة‪ ،‬توجيه وتنســيق‬ ‫جهودهــم ملحاربــة املجموعــات الداعمــة‬ ‫لإلرهــاب الــدويل والتــي بنــت لنفســها مقـرات‬ ‫وبســطت ســيطرتها عــى أر ٍ‬ ‫اض ســورية»‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الغم��وض والعمومي��ة يف تس��مية‬ ‫أط��راف الن��زاع‪:‬‬ ‫مل تحــدد املبــادرة أو تســمي أطــراف النــزاع‬ ‫باملســميات املتعــارف عليهــا باســتثناء النظــام‬

‫الخاضعــة لســيطرة امليليشــيات املواليــة لــه‪ ،‬وعــى متثيــل‬ ‫تلــك الرشائــح التــي مــا ت ـزال تعتــره ناطق ـاً رشعي ـاً مع ـرا ً‬ ‫عــن مصالحهــا‪.‬‬ ‫‪ .5‬عنــد الــرورة‪ ،‬ميكــن ألطــراف النــزاع االتفــاق عــى‬ ‫التبــادل الســلمي لبعــض املناطــق والســكان مــا بــن‬ ‫األطــراف املختلفــة حفاظــاً عــى أمــن جميــع الرشائــح‬ ‫واملكونــات االجتامعيــة والثقافيــة‪ .‬وبســبب الصعوبــات‬ ‫املتعلّقــة بعمليــات تبــادل الســكان‪ ،‬ال بــد وأن ينبثــق‬ ‫الق ـرار املتعلّــق بالرحيــل مــن املكونــات املتأثــرة‪ .‬عــاوة‬ ‫عــى ذلــك‪ ،‬ينبغــي تقديــم تعويضــات ماليــة وعينيــة (مثــل‬ ‫الســكن) مناســبة إىل كل املترضريــن وخــال إطــار زمنــي‬ ‫منطقــي‪.‬‬ ‫‪ .6‬يتو ّجــب عــى أطــراف النــزاع االتفــاق عــى دعــوة‬ ‫قــوات حفــظ ســام مشــكّلة مــن دول محايــدة ملراقبــة‬ ‫خطــوط التــاس املرحليــة‪ ،‬والنقــاط الحدوديــة‪ ،‬واملطــارات‬ ‫واملرافــئ الدوليــة‪ ،‬ملنــع وقــوع أيــة خــروق التفــاق وقــف‬ ‫إطــاق النــار‪ ،‬ولتســهيل التن ّقــل مــا بــن املناطــق املختلفــة‪،‬‬ ‫وملنــع تدفــق املقاتلــن واألســلحة مــن وإىل ســوريا‪ ،‬إال‬ ‫بحســب االتفاقــات املوقّعــة مــن قبــل أط ـراف الن ـزاع‪.‬‬ ‫‪ .7‬ميكــن لــكل طــرف مــن أطــراف النــزاع يف املرحلــة‬ ‫االنتقاليــة أن يحتفــظ مبجموعاتــه املقاتلــة رشط تفريغهــا‬ ‫مــن العنــارص األجنبيــة بالتدريــج وفقــاً لجــدول زمنــي‬ ‫محــ ّدد‪ ،‬وال يجــوز لألطــراف التحايــل عــى ذلــك عــن‬ ‫طريــق التجنيــس و‪/‬أو منــح اإلقامــات‪.‬‬ ‫‪ .8‬ينبغــي عــى الحكومــة املرحليــة اح ـرام كافــة العقــود‬ ‫واالتفاقــات التــي عقدهــا النظــام حتــى تاريــخ إعــان‬ ‫هــذه املبــادرة‪.‬‬ ‫‪ .9‬يتو ّجــب عــى أط ـراف الن ـزاع حظــر خطــاب التحريــض‬ ‫والكراهيــة يف املناطــق الخاضعــة لســيطرتهم‪ ،‬واحــرام‬ ‫قداســة كل املعابــد واملؤسســات الدينيــة‪ ،‬والــروح ذات‬ ‫األهميــة التاريخيــة‪ ،‬وعليهــم توفــر الحاميــة لكافــة‬ ‫الحجــاج والــزوار القادمــن مــن داخــل أو خــارج البــاد‪.‬‬

‫(منطقــة نفــوذ األســد وأنصــاره) يف الواقــع‬ ‫الســوري‪ ،‬بشــكل دقيــق يك نتعــرف عــى‬ ‫هــذه األطــراف واحتامليــة تبنيهــا للمبــادرة‪،‬‬ ‫وهــذا الغمــوض والعموميــة ينســحب عــى‬ ‫تســمية القــوى املتنازعــة التــي ســتدير مناطــق‬ ‫ســيطرتها‪ ،‬وإال كيــف ســيتم وقــف إطــاق‬ ‫النــار بينهــا ورســم حــدود نفوذهــا وســيطرتها؟‬ ‫لكــن املبــادرة اإليرانيــة تســعفنا بتســمية‬ ‫دقيقــة للقــوى التــي ميكــن أن تشــارك يف الحــل‬ ‫الســيايس «تأليــف حكومــة وحــدة وطنيــة‬ ‫تقتــر عــى ممثلــن عــن النظــام ومعارضــة‬ ‫الداخــل‪ »..‬إن غمــوض تعابــر املبــادرة ووضــوح‬ ‫تعابــر املبــادرة اإليرانيــة يطــرح ســؤاالً‪ :‬مــا‬ ‫الجــدوى مــن اإلرصار عــى إيقــاف إطــاق نــار‬ ‫شــامل بــن النظــام وقــوى املعارضــة الداخليــة‬ ‫التــي ال متلــك القــدرة عــى حاميــة نفســها مــن‬ ‫النظــام‪ ،‬أو القــوى العســكرية املعارضــة؟ أعتقد‬ ‫أن اإلجابــة عليــه تكمــن يف الهــدف املعلــن يف‬ ‫البنــد‪ /10/‬إنشــاء حلــف ســيايس بقيادة عســكر‬ ‫جبهــة النظــام ملحاربــة كل األط ـراف األخــرى‪،‬‬ ‫وحواضنهــا تحــت ذريعــة محاربــة اإلرهــاب‬ ‫الــدويل‪ .‬وبالتــايل إعــادة إنتــاج حكــم األقليــة‬ ‫واالجتامعيــة والسياســية وملــدة خمس ســنوات‬ ‫قادمــة‪ ،‬وتكريــس لســلطات األمــر الواقــع‪،‬‬ ‫الــذي ســيرتتب عليــه النتيجــة األخطــر التــي‬ ‫ترمــي إليهــا هــذه املبــادرة‪ ،‬والتــي ســتؤدي إىل‬ ‫تكريــس الكيانــات املتعــددة واملعــرف بإدارتهــا‬ ‫عــى هــذه الكيانــات وحاميــة حدودهــا‪ ،‬وهــذا‬ ‫التقســيم املقونــن يف املبــادرة لــن يكــون يف‬ ‫صالــح وحــدة األرايض الســورية كــا تزعــم‪،‬‬ ‫«يتو ّجــب عــى أطــراف النــزاع االتفــاق عــى‬ ‫بنــود واضحــة للتعــاون مــا بــن الوحــدات‬ ‫الجغرافيــة املختلفــة الخاضعــة لســيطرتهم يف‬ ‫عــدد مــن املجــاالت الحيويــة‪ ،‬خاصــة فيــا‬ ‫يتعلّــق بالقضايــا األمنيــة واالقتصاديــة‪ ،‬وآليــات‬ ‫التنقّــل مــا بــن الوحــدات‪ ،‬وإدارة العالقــات‬ ‫القامئــة مــا بــن املكونــات والرشائــح االجتامعية‬ ‫املختلفــة يف كل منطقــة» – بنــد ‪ – 2‬وهــذا‬

‫‪ .10‬يتو ّجــب عــى كافــة أطـراف النـزاع‪ ،‬مــا أن تــم التوقيــع‬ ‫عــى هــذا االتفــاق يف صيغتــه التفصيليــة النهائيــة‪ ،‬توجيــه‬ ‫وتنســيق جهودهــم ملحاربــة املجموعــات الداعمــة‬ ‫لإلرهــاب الــدويل والتــي بنــت لنفســها مق ـرات وبســطت‬ ‫ســيطرتها عــى أر ٍ‬ ‫اض ســورية‪.‬‬ ‫‪ .11‬تبــدأ املرحلــة االنتقاليــة مــع تاريــخ تعيــن الرئيــس‬ ‫املرحــي‪ ،‬وتنتهــي عندمــا يســتقيل بعــد خدمــة ال تقــل‬ ‫عــن ســنتني وال تزيــد عــن خمســة‪ .‬وال ينبغــي تجديــد أو‬ ‫متديــد املرحلــة االنتقاليــة‪ .‬وينبغــي عــى محادثــات الوضــع‬ ‫النهــايئ للبلــد أن تبــدأ وتنتهــي خــال فــرة حكــم الرئيــس‬ ‫املرحــي‪ ،‬وأن تتنــاول كل القضايــا املتعلّقــة مبســتقبل‬ ‫ســوريا‪ ،‬مبــا يف ذلــك وضــع دســتور جديــد وطرحــه‬ ‫لالســتفتاء الشــعبي‪ ،‬والبــت يف القضايــا املتعلّقــة بالعدالــة‬ ‫االنتقاليــة‪ .‬وعــى تاريــخ انتهــاء حكــم الرئيــس املرحــي‬ ‫أن يتزامــن مــع تاريــخ اســتالم أول رئيــس منتخــب وطني ـاً‬ ‫يف البلــد ملنصبــه‪ .‬كــا عــى تاريــخ انتهــاء حكــم الرئيــس‬ ‫املرحــي أن يتزامــن أيضــاً مــع تاريــخ انتهــاء عمليــات‬ ‫ونشــاطات الحكومــة املرحليــة وبدايــة عمــل الحكومــة‬ ‫الوطنيــة الجديــدة املنتخبــة‪.‬‬ ‫‪ .12‬ينبغــي أن تخضــع كل العمليــات االنتخابيــة وكل‬ ‫االســتفتاءات التــي تجــري خــال املرحلــة االنتقاليــة لرقابــة‬ ‫األمــم املتحــدة عــن طريــق هيئاتهــا املختصــة‪.‬‬ ‫تقتــي املوافقــة عــى هــذه النقــاط الدخــول يف عمليــة‬ ‫تفاوضيــة الحقــة لالتفــاق عــى التفاصيــل املتعلَقــة‬ ‫بتنفيذهــا‪ ،‬مثــل تحديــد هويــة الرئيــس املرحــي‪ ،‬وأعضــاء‬ ‫الحكومــة املرحليــة‪ ،‬واالتفــاق عــى هويــة األطــراف‬ ‫ـق لهــا املشــاركة يف هــذه الحكومــة ويف‬ ‫الداخليــة التــي يحـ ّ‬ ‫العمليــة التفاوضيــة الالحقــة‪ ،‬وتعيــن الجــداول الزمنيــة‬ ‫وخطــوط وقــف إطــاق النــار‪ ،‬إىل آخــر مــا هنالــك مــن‬ ‫تفاصيــل وقضايــا‪ .‬وتبــدأ املرحلــة االنتقاليــة مــن تاريــخ‬ ‫توقيــع االتفــاق النهــايئ‪ ،‬وهــو أيضـاً تاريــخ تعيــن الرئيــس‬ ‫املرحــي بشــكل رســمي‬

‫يشــبه التفاهــات بــن دول متجــاورة‪ ،‬والبنــد ‪5‬‬ ‫ميهــد الطريــق إلنشــاء كيانــات صافيــة عرقيـاً أو‬ ‫ديني ـاً طائفي ـاً «عنــد الــرورة‪ ،‬ميكــن ألط ـراف‬ ‫الن ـزاع االتفــاق عــى التبــادل الســلمي لبعــض‬ ‫املناطــق والســكان مــا بــن األط ـراف املختلفــة‬ ‫حفاظ ـاً عــى أمــن جميــع الرشائــح واملكونــات‬ ‫االجتامعيــة والثقافيــة‪».‬‬ ‫‪ - 3‬حتيي��د دمش��ق واإلش��راف األمم��ي‬ ‫عليه��ا‪:‬‬ ‫مــرة أخــرى تنحــو املبــادرة إىل الغمــوض‬ ‫والعموميــة وبارتبــاك واضــح حــول مهــام‬ ‫املســؤول األممــي وصالحياتــه‪ ،‬يف تســمية‬ ‫أعضــاء الحكومــة مــن ممثلــن عــن األط ـراف‬ ‫األخــرى‪ ،‬وتســميها حكومــة حياديــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫يثــر ســؤاالً مهـاً‪ ،‬مــا هــو تعريــف الحيــادي يف‬ ‫ســورية‪ ،‬وكيــف يجمــع املمثــل بــن الحياديــة‬ ‫والطــرف الــذي ميثلــه؟!‪.‬‬ ‫أعتقــد أن اإلجابــة عــن الســؤال الســابق تزودنــا‬ ‫بــه املبــادرة اإليرانيــة مــرة أخــرى‪ ،‬إذ تعتــر‬ ‫أن املعارضــة الداخليــة‪ ،‬وممثــي النظــام هــو‬ ‫الطــرف الحيــادي‪ ،‬الــذي يتوجــب عليه تشــكيل‬ ‫حكومــة منهــم «حكومــة وطنيــة» تحمــي‬ ‫مصالــح الالعــب اإليــراين يف دمشــق الكــرى‪،‬‬ ‫وبتفانيهــا بحاميــة هــذه املصالــح تســمى‬ ‫حياديــة ووطنيــة‪ ،‬وهــي رشط منتــر‪ ،‬هــذا‬ ‫باإلضافــة للتداخــل املتعمــد بــن صالحيــات‬ ‫الرئيــس املرحــي‪ ،‬وصالحيــات املــرف‬ ‫األممــي‪ ،‬يف املرحلــة االنتقاليــة (‪ 5 – 2‬ســنوات)‬ ‫والتــي ســيتم فيهــا نقــل صالحيــات رئاســية‬ ‫(ال التعريــف محذوفــة) مــع مــرور الوقــت‬ ‫املحــدد‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التس��ليم بقانوني��ة واح�ترام العق��ود‬ ‫واملواثيــق التــي وقعهــا األســد مــع أطــراف‬ ‫دوليــة مبــا فيهــا تلــك التــي تنتهــك الســيادة‬ ‫الوطنيــة الســورية‪:‬‬ ‫ال شــك بــأن املبــادرة يف بندهــا الثامــن «ينبغــي‬ ‫عــى الحكومــة املرحليــة احـرام كافــة العقــود‬ ‫واالتفاقــات التــي عقدهــا النظــام حتــى تاريــخ‬

‫إعــان هــذه املبــادرة»‪ ،‬تريــد أن تؤكــد عــى‬ ‫االمتيــازات التــي يحظــى بهــا األســد مــن هــذه‬ ‫االتفاقــات التــي عقدهــا مــع إي ـران وروســيا‪..‬‬ ‫الــخ والتــي رهــن مبوجبهــا القــرار الوطنــي‬ ‫الســوري‪ ،‬وســمح مبوجبهــا أيض ـاً ألن تتحــدث‬ ‫هــذه األطـراف باســم ســورية بوصفهــا محميــة‬ ‫روســية إيرانيــة‪ ،‬وإن الــزام «أطــراف النــزاع»‬ ‫باحـرام هــذه االتفاقــات‪ ،‬يعنــي تقييــد إمكانية‬ ‫اســتعادة القـرار الوطنــي إىل مــا بعــد الخمــس‬ ‫ســنوات االنتقاليــة‪ ،‬هــذا باإلضافــة إىل اآلثــار‬ ‫الســلبية عــى االقتصــاد واألمــن الوطنــي‪ ،‬ألن‬ ‫النظــام مبوجــب هــذه االتفاقــات فتــح ســورية‬ ‫الســتقدام قــوات غــر ســورية (حــزب اللــه‬ ‫واملليشــيات اإليرانيــة والعراقيــة واألفغانيــة‬ ‫والروســية والكوريــة) لحاميــة مــا تبقــى‬ ‫تحــت ســيطرته‪ ،‬وبذلــك تكــون هــذه القــوى‬ ‫غــر مشــمولة بصفــة اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬وإن‬ ‫وجودهــا يف ســورية رشعــي وقانــوين‪ ،‬وهــذا‬ ‫يجعــل مــن بنــد املبــادرة الســابع غــر مهــم أو‬ ‫ملــزم للنظــام أو لبعــض األطـراف‪ ،‬ألن الجملــة‬ ‫األخــرة مــن البنــد الســادس تلغيــه‪ ،‬والبنــد‬ ‫الثامــن يقوننــه ويرشعنــه بالنســبة للنظــام‪،‬‬ ‫ويعتــر هــذا البنــد تفصيــل يك يحافــظ األســد‬ ‫عــى تفوقــه‪.‬‬ ‫أمــام هــذه التناقضــات التــي تجعــل مــن‬ ‫املبــادرة مجــرد رؤيــة تفســرية للــرأي الــرويس‬ ‫اإليـراين حــول آفــاق الحــل الســيايس وحــدوده‪،‬‬ ‫ومتهــد األرضيــة لتكريــس كيانــات ســورية‬ ‫صافيــة‪ ،‬وخلــق حلــف محــي مدعــوم دوليــاً‬ ‫ملحاربــة اإلرهــاب أو يك ينتظــم يف برنامــج‬ ‫التحالــف الــدويل‪ ،‬واإلبقــاء عــى النظــام ورأســه‬ ‫بوصفــه أمــرا ً لكيــان ســوري تتجمــع فيــه‬ ‫الفئــات املنــارصة لــه‪ ،‬مــع إجــراء تغيــرات‬ ‫سياســية محــدودة طويلــة األمــد لإلبقــاء عــى‬ ‫دمشــق منطقــة محايــدة‪ ،‬ال يســعني إال أن‬ ‫أقــول إنهــا مبــادرة كتبهــا ســوريون مــن أن‬ ‫تكــون ســورية لغــر الســوريني الذيــن خرجــوا‬ ‫يف ثــورة حريــة وكرامــة‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محمد الحاج صالح‬

‫ال ميكــن فَهــم مــا يجــري يف الجزيــرة الســورية ذات‬ ‫األهميــة اآلن يف اســراتيجيات عامليــة وإقليميــة‪ ،‬دون‬ ‫إدراك آل ّيــات توزيــع الــروة يف الســتني ســنة األخــرة‪.‬‬ ‫أص ـاً‪ ،‬ومنــذ ثالثينيــات القــرن املــايض تحــت االســتعامر‬ ‫الفرنــي حصــل نــو ٌع مــن الثــورة الزراعيــة غــر‬ ‫أحــواض البليــخ والفــرات‬ ‫املخطّطــة‪ .‬حيــث ْاســتثمرت‬ ‫ُ‬ ‫والخابــور‪ .‬كانــت هــذه األحــواض ُمدغلــة (مــن دغــل)‪.‬‬ ‫جــرى كســح هــذه األدغــال ورشع املزارعــون بزراعــة‬ ‫القطــن‪ .‬أمــا األرايض البعليــة الخصيبــة فقــد زرع فيهــا‬ ‫القمــح والشــعري مبســاحات واســعة‪ ،‬وأصبحــت ســورية‬ ‫مصــدرة للقمــح وللقطــن‪ .‬وكانــت الزراعــة قــد دمــرت‬ ‫يف املنطقــة منــذ الغــزو املغــويل‪ ،‬وزاد عليهــا القرنــان‬ ‫األخ ـران مــن اإلمرباطوريــة العثامنيــة وبــاالً عــى وبــال‪.‬‬ ‫تاريخيـاً ويف زمــان أبعــد أيــام األمويــن والعباســيني كانــت‬ ‫املنطقــة يف ق ّمــة ازدهارهــا‪ ،‬حتــى أن َخ ـراج الرقــة كان‬ ‫يســاوي خ ـراج مــر‪ ،‬وأن املنتــج الصناعــي «الصابــون»‬ ‫املســتخرج مــن الزيتــون يُسـ ّمى «رقّــي» إىل أيامنــا هــذه‬ ‫يف الع ـراق والكويــت‪.‬‬ ‫بقيــت املنطقــة قليلــة الســكان لقــرون بعــد التدمــر‬ ‫املغــويل والخ ـراب العثــاين‪ ،‬تتج ـ ّو ُل فيهــا قبائــل عربيــة‬ ‫بدويــة الطابــع‪ .‬وكانــت قبائــل الكــرد فيهــا قليلــة جــدا ً‬ ‫باملقارنــة مــع الرسيــان واآلشــوريني يف الجزيــرة العليــا‬ ‫مث ـاً‪.‬‬ ‫يف ســتينيات القــرن املــايض اســتوىل البعــثُ عــى الســلطة‪،‬‬ ‫ومــارس سياســة زراعيــة اش ـراكية شــديدة املركزيــة‪ .‬كل‬ ‫يشء بيــد الدولــة (الســلطة يف الواقــع)‪ .‬مركزيــاً يُقــ ّرر‬ ‫ســع ُر البــذار واملحصــول والســاد‪ ،‬مــا أعطــى الســلطة‬ ‫القــدرة عــى النهــب «القانــوين» للجزيــرة وإعــادة توزيــع‬ ‫الــروة فيهــا وخارجهــا‪ ،‬واســتتباع قبائــل واســتبعاد قبائــل‪.‬‬ ‫إضافــة إىل التمييــز واالضطهــاد القومــي ضــد الكــرد‪.‬‬ ‫ويف الســتينيات كذلــك بــدأ اســتخراج البــرول مــن حقــول‬

‫معبد الحسون‬

‫نقطة أول السطر‬

‫اجلزيرة السورية ورقص الذئاب‬ ‫الرميــان‪ ،‬تبعــه يف الســبعينيات والثامنينيــات اســتثامر‬ ‫حقــول ديــر الــزور الغنيــة‪ .‬وأيضــاً كانــت سياســة‬ ‫اســتخراج البــرول وتصديــره ُممركــز ًة بشــدة‪ .‬بــل وأكــر‬ ‫مــن ذلــك‪ .‬لحـ ّد قيــام الثــورة ال أحــد يعلــم خــارج الدائرة‬ ‫الض ّيقــة للســلطة كــم مــن البــرول يســتخرج‪ ،‬وكــم يُصدر‪،‬‬ ‫وال أيــن تذهــب أمــوال النفــط‪ .‬مل تدخــل أمــوال النفــط‬ ‫امليزانيــة العامــة قــط‪.‬‬ ‫تقــدر مصــادر الــروة الوطنيــة يف الجزيــرة بـــ‪35%‬‬ ‫مــن مجمــوع الــروة الوطنيــة يف ســورية‪ ،‬ومــع ذلــك‬ ‫ظلّــت الجزيــرة املنطقــة األكــر تهميش ـاً واألقــل تعلي ـاً‬ ‫وخدمــات‪ .‬األنــى أن ســلطات البعــث نقلــت ثــروات‬ ‫الجزيــرة ووزعتهــا حســب خططهــا الخمســية عــر إقامــة‬ ‫املصانــع بعيــدا ً عــن الجزيــرة عــى الرغــم مــن أن موادهــا‬ ‫األوليــة مــن الجزيــرة‪ .‬مثــل القطــن ومحالجــه ومصانــع‬ ‫النســيج‪.‬‬ ‫عندمــا قامــت الثــورة اســتوىل الثــوار عــى مصــادر الــروة‬ ‫وم ّولــوا منهــا نشــاطاتهم‪ .‬بيــع جــز ٌء مــن أهـراءات القمــح‬ ‫والقطــن والــذرة الصف ـراء وجــزء مــن اآلليــات الثقيلــة‪.‬‬ ‫وشــيئاً فشــيئاً ظهــر أن بــاب الفســاد يف فصائــل الثــوار قــد‬ ‫فتــح عــى مرصاعيــه‪ .‬األمــر الــذي وضــع جميــع فصائــل‬ ‫الجيــش الحــر يف وضــع حــرج‪ ،‬إضافــة إىل منــو الرصاعــات‬ ‫الدمويــة بينهــا‪ .‬وبرسعــة تحولــت هــذه الــروات مــن‬ ‫نعمــة عــى الثــورة إىل نقمــة‪ .‬هنــا كانــت الفرصــة ســانحة‬ ‫لإلســاميني األكــر تطرفــاً أي أحــرار الشــام‪ ،‬والنــرة‪،‬‬ ‫وداعــش فيــا بعــد‪ .‬حيــث ْاســتخدم الديــن كأداة يف‬ ‫االســتيالء عــى مصــادر الــروة وفــق مبــدأ «الغنيمــة»‪.‬‬ ‫كل يشء صــار غنيمــة‪ ،‬كل املــال العــام اعتــر غنيمــة‪،‬‬ ‫وكل املنشــآت العامــة اعتــرت غنيمــة‪ ،‬عــى أسـ ٍ‬ ‫ـاس مــن‬ ‫أن اإلســاميني هــم األقــدر عــى صــون الــروات‪ ،‬وأنهــم‬ ‫ميتلكــون مرشوعـاً واضحـاً وضخـاً ويحتــاج إىل التمويــل‪،‬‬ ‫وعــى أســاس أنهــم األكــر حرصـاً عــى التصــدي للنظــام‪.‬‬

‫طــرد الجيــش الحــر‪ ،‬وتفتــت‪ ،‬وخطــف وقتــل أفــراد‬ ‫كثــرون منــه‪ ،‬وجــرت ضــده حمــاتٌ إعالميــة كبــرة‪.‬‬ ‫جــي اآلن‪ .‬داعــش متــ ّول نفســها مــن مصــادر‬ ‫األمــر ّ ٌ‬ ‫الــروة مــن قمــح وشــعري وذرة وتســتخدم نفــط ديــر‬ ‫الــزور والرقــة‪ ،‬وتســتويل عــى الفضــاء العــريب الســني يف‬ ‫كل املجــاالت‪ .‬حــزب االتحــاد الدميقراطــي الكــردي ميــول‬ ‫ذاتــه ويســتويل عــى القمــح‪ ،‬ويســتخدم بــرول الجزيــرة‬ ‫العليــا‪ ،‬إضافــة إىل االســتيالء عــى الفضــاء الكردي سياســياً‬ ‫وعســكرياً‪.‬‬ ‫«انتــر» مرحليــاً األكــر تطرفــاً‪ .‬أي النظــام وداعــش‬ ‫وحــزب االتحــاد الدميقراطــي الكــردي (فــرع حــزب‬ ‫العــال الــريك يف ســورية‪ -‬أوجــان)‬ ‫واألنــى مــن كل هــذا هــو واقــع ســوق بيــع هــذه‬ ‫الــروات والحصــول عــى األمــوال‪ .‬هنــاك أسـ ٌ‬ ‫ـواق ثالثــة‬ ‫ال تخضــع ألي نــوع مــن أنــواع املراقبــة الشــعبية أو‬ ‫اإلعالميــة‪ ،‬فضــاً عــن أ ّن الرقابــة القانونيــة مفقــودة‬ ‫متامــاً‪ .‬إنهــا أشــبه بعمليــات املافيــا مــن أي شــكل‬ ‫اقتصــادي آخــر‪ .‬األســواق هــي‪ :‬ســوق بــإرشاف النظــام‬ ‫ميتــد أيضــاً إىل لبنــان‪ ،‬وســوق تركيــة بــإرشاف املهربــن‬ ‫وبغــض نظــر ورسور مــن قبــل الســلطات الرتكيــة‪ ،‬وســوق‬ ‫عراقيــة عــى األخــص يف كردســتان العــراق‪.‬‬ ‫تتبــادل األطــراف الثالثــة املُتَعاديــة املصالــح بطريقــة‬ ‫معقــدة‪ .‬أعــداء يف السياســة واإلعــام‪ ،‬أصدقــاء متفاهمون‬ ‫عنــد املصالــح والتبــادل التجــاري وحتــى بيــع األســلحة‪.‬‬ ‫يــكاد املــرء «يغبــط» هــذه األطــراف عــى اســتنباطها‬ ‫واجرتاحهــا حلــوالً تديــ ُم ســيطرتها‪ ،‬وت ُبقــي آلتهــا‬ ‫العســكرية دائــرة‪ .‬فرتكيــا تعــادي النظــام والكــرد ومــع‬ ‫ذلــك ليــس لديهــا مانــع مــن االســتفادة‪ ،‬والنظــام‬ ‫يفعــل النظــام العراقــي ومــع‬ ‫ُ‬ ‫يعــادي داعــش وكذلــك‬ ‫ذلــك يتبادلــون مــع داعــش البــرول والقمــح وســيارات‬ ‫الدفــع الرباعــي‪ ،‬واالتحــاد الكــردي يبيــع الجميــع بــرول‬ ‫الجزيــرة العليــا والقمــح‪.‬‬

‫ثـقـافـة «اللـقـانـة»‪ ..‬بني املُلقِّن َّ‬ ‫وامللقن‬

‫التلقــن هــو مناولــة الخــرة الثقافيــة‬ ‫واملعرفيــة الشــاملة بــن طرفــن‪ ،‬مل ِّقــن‬ ‫(بتشــديدوكرسالقاف) ومل َّقــن (بتشــديد‬ ‫وفتــح القــاف)‪ ،‬فهــو يخاطــب الوظيفــة‬ ‫االستنســاخية التجميعيــة يف العقــل‬ ‫مكونــاً الذاكــرة املرتاكمــة‪ ،‬ويهمــل‬ ‫الجــزء املحا ِكــم فيــه ـ تحليــاً وتركيبــاً‬ ‫نــوم‬ ‫واســتنتاجاً ـ إىل حــد الوصــول إىل ٍ‬ ‫مؤقـ ٍ‬ ‫ـت‪ ،‬جــزيئ أو كيل‪ ،‬دائــم أو عــارض‪،‬‬ ‫يف ذلــك الجــزء املفكــر الــذي يضفــي‬ ‫عــى اإلنســان طابعــه العميــق واملميــز‪،‬‬ ‫واملفــارق بهــذه الصفــة بالــذات لــكل‬ ‫عنــارص الطبيعــة الحيــة األخــرى‪.‬‬ ‫اللقانــة ثقافــة جمعيــة وفرديــة تصــف‬ ‫معظــم مســاحة املجتمعــات البســيطة‬ ‫املغلقــة‪ ،‬والتــي يغلــب عــى ســلوك‬ ‫أفرادهــا الطابــع الفطــري املتــوارث‬ ‫واملتشــابه‪ ،‬واملأســور ملجمــوع عالقــات‬ ‫طابعهــا العــام ذو جــذر عاطفــي قائــم‬ ‫عــى تخيــات وتصــورات ثابتــة لــدى‬ ‫معظــم أفــراد تلــك املجتمعــات التــي‬ ‫يقلــد بعضهــا بعض ـاً يف النهــج والســلوك‬ ‫مثلــا تتشــابه طبعــات الختــم الواحــد‬ ‫عــى ورقــة‪ .‬تخيــات وتصــورات تــم‬ ‫توريثهــا جيــاً وراء جيــل دون اهتــام‬ ‫بفحــص أي مضمــون أو محتــوى مــن‬ ‫محتوياتهــا‪ ،‬وتــم تأســيس كل صالتهــا‬ ‫االجتامعيــة وكل بُناهــا الفوقيــة عــى‬ ‫أســاس خــرة اكتســبتها الذاكــرة الطفليــة‬ ‫مــن املجتمــع‪ ،‬وقامــت بالتفاعــل معهــا‬ ‫وإعــادة إنتاجهــا مــن جديــد‪ .‬فثقافــة‬ ‫اللقانــة شــغوفة عــادة باإلشــاعات‬ ‫والرسديــات الســهلة الهضــم التــي رسعان‬ ‫مــا تتحــول إىل أســاطري‪ ،‬أو إىل علــوم‬ ‫ومعــارف ال يأتيهــا الباطــل‪ ،‬وحقائــق‬

‫ال يرقــى إليهــا الشــك‪ .‬ويصبــح معهــا‬ ‫مســتهجناً مجــرد التســاؤل أو التشــكيك‬ ‫فيهــا ولــو إميــا ًء‪ ..‬فتتموضــع هــذه‬ ‫املجتمعــات وتتكيــف مــع قوالــب‪ :‬قــال‪،‬‬ ‫قالــوا‪ ،‬ذُكــر‪ ،‬أقــرأ هــل العلــم وشــهد أهل‬ ‫الفضــل بـــ‪ ..‬وأجمــع الجميــع عــى‪ ،‬رأى‬ ‫أخيــار النــاس أن‪ ،‬املحتــم واملجمــع عليــه‬ ‫رأي الفضــاء بــأن‪ ،‬وتواتــرت‬ ‫ـح ُ‬ ‫عندنــا‪ ،‬صـ َّ‬ ‫األنبــاء والعلــوم عــى أن‪..‬إلــخ‪ ..‬حتــى‬ ‫تصبــح ثقافــة اللقانــة وقوالبهــا الضاربــة‬ ‫الجــذور يف األف ـراد واملجتمعــات ليســت‬ ‫منطــاً معرفيــاً ميكــن مدافعتــه بنمــط‬ ‫معــريف مختلــف‪ ،‬بــل إنهــا تصبــح جوهـرا ً‬ ‫ثابت ـاً يشــبه مــا يصطلــح أهــل التحليــل‬ ‫النفــي عــى تســميته بـ(الفكــرة الثابتة)‬ ‫ـرض مــن أعـراض األمـراض‬ ‫والتــي هــي عـ ٌ‬ ‫ال ُعصابيــة‪ ،‬ورائــزا ً ســلوكياً للوســاوس‬ ‫القهريــة التــي تحركهــا وتتحكــم بهــا‪.‬‬ ‫أكــر مــا يزعــزع املجتمعــات التــي‬ ‫نشــأت وتربــت‪ ،‬بــل األصــح التــي نامــت‬ ‫خــدرا ً لعقــود مديــدة وألجيــال كثــرة‪،‬‬ ‫عــى ثقافــة التلقــن األبــوي واملــدريس‬ ‫واملشــيخي والعشــائري واملجتمعــي العام‬ ‫والســلطوي الدكتاتــوري املتحنــط لســنني‪،‬‬ ‫ورمبــا لقــرون‪ ،‬وأميــز مــا يُ َوتِّرهــا عاطفياً‪،‬‬ ‫ويُأَزِّمهــا نفســياً وإشــكالياً أخالقيــاً هــو‬ ‫صدمــات الحداثــة واقتحامــات الثقافــات‬ ‫ٍ‬ ‫جديــد‬ ‫واملعــارف الجديــدة‪ ..‬فــكل‬ ‫وناكــئ ألفــكار وثوابــت‬ ‫خــادش‬ ‫ٌ‬ ‫هــو‬ ‫ٌ‬ ‫وهواجــس كان مقضيـاً عليهــا أن تُحفــظ‬ ‫يف خزائــن العقــل النائــم‪ ،‬واملرتــاح مــن‬ ‫ُجهــد املحاكمــة وعنــاء التشــكك وفحــص‬ ‫املضامــن‪ ..‬هنــا تتلقــى ثقافــة اللقانــة‬ ‫الرضبــات املتتاليــة حــن تفاجؤهــا‬ ‫الصدمــات املتتاليــة عــى كراه ـ ٍة منهــا‪،‬‬ ‫وحــن تكــون الحاجــات إىل الثقافــة‬ ‫الطارئــة املقتحمــة رضورة قهريــة وحاجة‬

‫ال فــكاك منهــا‪ ،‬مثــل بعــض أنــواع‬ ‫الســموم املريــرة الشــافية لبعــض العلــل‪،‬‬ ‫تلــك الــرورة التــي تُخــرج املتلقــي‬ ‫مــن عســل النــوم الطويــل‪ ،‬والــذي أخــذ‬ ‫وعــد األمــان مــن كل مــا هــو مألــوف‬ ‫ومحفــوظ ومكتـ ٍ‬ ‫ـف بذاتــه ولذاتــه مــن‬ ‫تصــور نهــايئ‪ ،‬ومــن مســلامت تُعتقــد‬ ‫وال تُرا َجــع‪ ،‬وتحكــم تصــورات الفــرد‬ ‫والجامعــة‪ ،‬ومتنحهــا الشــكل النهــايئ‬ ‫لهــذا العــامل‪ ،‬وخواتيــم صــوره املطبوعــة‬ ‫يف العقــل والذاكــرة القريبــة‪.‬‬ ‫أريــد أن أنتهــي مــن هــذه املقدمــة إىل‬ ‫القــول بــأن ثقافــة اللقانــة قــد تفلــح‬ ‫يف إحــداث تســوية مــا‪ ،‬وبعــد جهــد‬ ‫وعنــا ٍء مــع كل مــا هــو جديــد‪ ،‬بحيــث‬ ‫تقســم العقــل إىل ُحجرتــن متجاورتــن‪،‬‬ ‫بــل لعلهــا مجمــوع حج ـرات‪ ..‬يحتفــظ‬ ‫فيهــا امللقَّــن ـ بفتــح القــاف ـ باألصيــل‬ ‫الثابــت الــذي ال أمــل يف شــفائه وال‬ ‫نُجعــة يف تثبيطــه وزعزعتــه‪ ،‬يف حجــرة‬ ‫مســتقلة داخــل بنــاء العقــل‪ ،‬بينــا يُفـ َرد‬ ‫الجديــد املتــداول الســجايل‪ ،‬والقابــل‬ ‫للنقــد والثلــب واللعــن (كونــه جديــدا ً)‬ ‫يف حجــر ٍة أخــرى ال تفــي إىل األوىل‪ ،‬وال‬ ‫تســمح بفتــح أي نافــذة بينهــا‪ ..‬مــن‬ ‫هنــا كان يبــدو للكثرييــن مــن متابعــة‬ ‫بعــض الظواهــر االجتامعيــة ومراقبتهــا‪،‬‬ ‫أنهــا تدخــل يف بــاب العجائــب والغرائب‪،‬‬ ‫والحــاالت التــي يصعــب تفســرها‪ :‬كأن‬ ‫تجــد‪ ،‬مثــاً‪ ،‬اختصاصيــاً يف الهندســة أو‬ ‫الكيميــاء أو الرياضيــات الحديثــة متخرج‬ ‫مــن أكــر الجامعــات‪ ،‬يتتلمــذ عــى يــد‬ ‫شــيخ شــبه أمــي‪ ،‬أو يصبــح ُمريــدا ً يف‬ ‫حلقتــه يضــع نفســه وعقلــه تحــت‬ ‫هــوى كل حــرف ينطــق بــه‪ ..‬أو أن تجــد‬ ‫طبيب ـاً اختصاصي ـاً تَ َخ ـ َّر َج مــن جامعــات‬

‫‪9‬‬

‫الغــرب يف أعــى درجــات االختصــاص‪،‬‬ ‫وعايــش علــوم الغــرب وتعــرف عليهــا‬ ‫لســنوات‪ ،‬ثــم انهمــك بعــد كل هــذا‬ ‫العلــم وهــذه التجــارب يف أن يقــي مــا‬ ‫تبقــى مــن رســالته اإلنســانية يف هــذه‬ ‫الحيــاة يف تأليــف كتــب عــن الســحر‬ ‫والعــن وأفضليــة الحبــة الســوداء عــى‬ ‫كل العالجــات واألدويــة‪ ..‬إلــخ‪ ..‬ال‬ ‫يجــب والحــال كذلــك أن يكــون األمــر‬ ‫مســتغرباً‪ ،‬والوصــف املشــاهد عجائبيــاً‬ ‫إىل حــد العجــز عــن تفســره‪ ..‬بــل‬ ‫أكــر مــن ذلــك مــا أريــد أن أصــل إليــه‬ ‫اســتنتاجاً – وهــو أساس ـاً مــا يهمنــي يف‬ ‫هــذا املقــام – هــو أن الثــورات اإلنســانية‬ ‫تعمــل شــيفرتها الوظيفيــة عــى تدمــر‬ ‫هــذا النســيج املتــآكل مــن املجتمــع‪،‬‬ ‫وليــس جميــع مــا تتوخــاه مــن أهدافها –‬ ‫كــا يُظــن من ظاهــر الصــورة املشــاهدة‬ ‫– هــو تغيــر حــكامٍ بآخريــن‪ ،‬واســتبدال‬ ‫ـلطات بسـ ٍ‬ ‫سـ ٍ‬ ‫ـلطات أُخر‪،‬بــل إن الفاعليــة‬ ‫العميقــة للثــورات الحيــة والحقيقيــة‬ ‫يف تاريــخ اإلنســان ســواء منــه القديــم‬ ‫أو املعــارص‪ ،‬هــو تجريــف ذلــك النســغ‬ ‫الــذي يشــبه عظــام األمــوات كــا تتبــدى‬ ‫بعــد عصــو ٍر ودهــور‪ ..‬ذلــك النســغ الذي‬ ‫يعشــش يف عقــل املجتمعــات ونفوســها‪،‬‬ ‫فيعــزز املتحــوالت الطارئــة عــى الثقافــة‬ ‫ببــط ٍء وحيويــة قــد ال ت ُال َحــ ُظ بالعــن‬ ‫املراقبــة‪ ،‬و ُمحتــاً عــى ذلــك الــذي‬ ‫بــدأ ميــوت مــع القديــم املحكــوم عليــه‬ ‫بالفنــاء أن يجرفــه الســيل العــرم‪ ..‬أمــا‬ ‫الــذي يحتمــل هــول الصدمــة الحداثيــة‬ ‫وينجــح يف التكيــف مــع األوضــاع‬ ‫الجديــدة‪ ،‬فهــو الــذي ميتــص الجديــد‬ ‫دون أن يســتفرغ القديــم‪ ،‬حيــث تســاير‬ ‫ثقافــة اللقانــة الحداثــة‪ ،‬فيتعايشــان معـاً‬ ‫ولــو إىل حــ ٍن مــن الدهــر‪..‬‬

‫ِع ْش رجبًا‪َ ..‬ت َر عجبًا‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫قدمياً قال الشاعر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ستطب به إال الحامق َة أعيَ ْت من يُداويها‬ ‫لكلِ دا ٍء دوا ٌء يُ‬ ‫ُ‬ ‫كل مــا قالــه املعتــوه يف خطابــه األخــر خطــ ٌر ويســتحق‬ ‫الوقــوف عنــده‪ ،‬إال أن األخطــر مــا جــاء فيــه هــو قولــه‪:‬‬ ‫«إن الوطــن ليــس ملــن يســكن فيــه أو يحمــل جــواز ســفره‪،‬‬ ‫الوطــن ملــن يدافــع عنــه»‪ .‬ال ميكــن أن تنتــج كالمـاً مثـ َـل هــذا‬ ‫إال مخ ّيلـ ٌة مريضـ ٌة خرقــا ُء كمخ ّيلته‪ ،‬وال ميكن أن تســتوع َبه إال‬ ‫مخيلــة أولئــك الذيــن صفقــوا لــه اآلن‪ ،‬كــا صفقــوا لــه مــن‬ ‫قبــل‪ ،‬عندمــا قــرروا أن الوط ـ َن العــر َيب صغ ـ ٌر عــى مقاســه‬ ‫وأنــه يجــب أن يحك ـ َم العــاملَ‪ ،‬فضحـ َـك ضحكتــه البلهــاء‪.‬‬ ‫هنــا هــو مياهــي الوطــن ال معــه كمــن يحكمــه‪ ،‬بــل معــه‬ ‫كمــن ميلكــه‪ .‬أمل تصبــح ســورية يف عهــد أبيــه املثبــور «ســورية‬ ‫األســد» وورثهــا هــو كذلــك؟ وخرقــت لــه بطانتــه وبطانــة‬ ‫أبيــه مــن قبلــه شــعار «ســيّد الوطــن» فهــو إذن مالكــه‪،‬‬ ‫والوطــن ملــن يدافــع عــن بقائــه َملــكاً لــه‪ .‬الوطــن مليليشــيا‬ ‫الحــرس الثــوري اإليـراين‪ ،‬وأيب الفضــل العبــاس‪ ،‬وحــزب اللــه‪،‬‬ ‫واملرتزقــة األفغــان‪ ،‬وكل حثــاالت األرض التــي اســتوردها‪،‬‬ ‫وج ّنــس العديــد منهــا‪ ،‬ومنحهــم بيوت ـاً و»مالكانــات»‪.‬‬ ‫ـائل‪،‬‬ ‫ولــن نتوقــف عنــد مــا يج ـ ُد املحللــون فيــه مــن رسـ َ‬ ‫إىل املجتمــع الــدويل‪ ،‬وإىل دميســتورا وإىل حلفائــه الــروس‬ ‫واإليرانيــن واألمريــكان واألوربيــن – فهــؤالء هــم أيضــاً‬ ‫حلفــاؤه‪ ،‬ومواقفهــم منــه أعلنهــا الترصيــح األخــر لوزيــر‬ ‫خارجيــة بريطانيــا – بــل نطــرح عليهــم الســؤال‪ :‬لــو كان‬ ‫ـس كهــذا مينــع عنكــم الوطــن ومينحــه‬ ‫عندكــم يف بالدكــم رئيـ ٌ‬ ‫لــكل دخيــلٍ أفّــاقٍ مرتــزقٍ ‪ ،‬ألنــه يحمــل بندقيتــه ويدافــع‬ ‫ِّ‬ ‫عنــه‪ ،‬فــاذا تقولــون فيــه؟ ومبــاذا يصفــه العبــو الـــ ‪think‬‬ ‫‪ tanks‬عندكــم‪ ،‬ثــم مــاذا أنتــم فاعلــون بــه؟‬ ‫ال نريــد منكــم جوابــاً‪ ،‬فنحــن نعرفــه‪ ،‬ونعــرف أنــه ال‬ ‫يهمكــم‪ ،‬مــاذا يفعــل هــو وأمثالــه بشــعوبهم طاملــا أن‬ ‫بقاءهــم يخــدم مصالحكــم‪ ،‬ولــذا يخــرج علينــا منظروكــم‪،‬‬ ‫وكبــار مســؤوليكم بترصيحــات مــن طــراز «إذا ســقطت‬ ‫دمشــق فسيســقط لبنــان واألردن خــال شــهر»‪ ،‬وهــم‬ ‫يعرفــون متامـاً أن ســورية كلهــا قــد ســقطت‪ .‬ومــن طـراز «أن‬ ‫الواليــات املتحــدة ال تــرى حاجـ ًة لوجــود مناطق آمنــة اآلن يف‬ ‫ســورية» ألن براميــل حليفكــم األســد مل تقـ ِ‬ ‫ـض بعــد عــى كل‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬ثــم جــاء ترصيــح وزيــر خارجيــة بريطانيــا‪،‬‬ ‫الــذي ُّ‬ ‫أشــك يف أنــه ســيعيد النظــر فيــه عندمــا يقــرأ كالم‬ ‫األســد عــن الوطــن وملــن يكــون‪.‬‬ ‫أيهــا الســادة أصدقــاء الشــعب الســوري‪ :‬إذا كانــت هــذه‬ ‫صداقتكــم فبئســت‪ ،‬وخذوهــا فنحــن ال نريدهــا‪ ،‬ولقــد‬ ‫نفضنــا أيدينــا منكــم ومنهــا‪.‬‬ ‫ويــا أيهــا الســادة أمــراء الحــرب عندنــا‪ :‬أليــس منكــم‬ ‫رجـ ٌـل رشــيد؟ أمــا آن لكــم أنتــم أن تفتحــوا أعينكــم وتنظــروا‬ ‫إىل مــا يجــري حولكــم وتعيــدوا النظــر يف مواقفكــم‪ ،‬وتضعــوا‬ ‫مصلحــة الشــعب والوطــن الــذي يســلبه املعتــوه منكــم‬ ‫ليمنحــه إىل مرتزقتــه‪ ،‬فــوق مصالحكــم ومصالــح داعميكــم؟‬ ‫ويــا أيهــا االئتــاف‪ :‬إنّــا للــه وإنّــا اليــه راجعــون وحســبنا‬ ‫اللــه ونعــم الوكيــل‪.‬‬

‫« َي��ا َأ َّي ُتهَا َّ‬ ‫ِّك‬ ‫الن ْف� ُ‬ ‫ْجِع��ي ِإ َلٰ َرب ِ‬ ‫�س ْالُ ْط َمِئ َّن ُة ار ِ‬ ‫َّر ِض َّي� ً‬ ‫اض َي� ً‬ ‫�ة َفا ْد ُخِلي ِف ِع َب��اِدي وَا ْد ُخِلي‬ ‫�ة م ْ‬ ‫َر ِ‬ ‫َج َّنِت »‬ ‫انتقل��ت إىل رمح��ة اهلل تع��اىل احلاج��ة أم‬ ‫حمم��د‪ ،‬زوج��ة احل��اج أمح��د لي�لا‪ ،‬ووال��دة‬ ‫الصدي��ق عب��د الق��ادر لي�لا‪ ،‬وخال��ة األدي��ب‬ ‫عبد الرمحن مطر‪ ،‬وذل��ك يف مدينة الرقة‪،‬‬ ‫للفقي��دة الرمح��ة واملغف��رة‪ ،‬س��ائلني امل��وىل‬ ‫أن جيع��ل مثواه��ا اجلن��ة‪ ،‬وألهله��ا الص�بر‬ ‫والس��لوان‪.‬‬

‫«إنا هلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإنا إليه راجعون»‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬

‫اهــرأت املقــوالت التــي يرددهــا املفكــرون‬ ‫السياســيون بعــد أن تعداهــا الزمــن وتجاوزتهــا‬ ‫متغرياتــه‪ ،‬فــا نظريــة مالمئــة للمســتجدات‬ ‫يحملهــا هــؤالء للــرد عــى التحديــات‪ ،‬تجعلهــم‬ ‫ســباقني فاعلــن ال منفعلــن غوغائيــن‪ ،‬ال بــد‬ ‫مــن رؤيــة شــاملة موضوع ّيــة علم ّيــة فكريــة‬ ‫متخلصــة مــن إشــكاليات االنتــاءات الهدامــة‬ ‫والفاســدة بأشــكالها الشــخصية واالجتامعيــة‬ ‫والسياســيّة تقــدر عــى العمــل واملواجهــة‬ ‫بإيجابيــة‪.‬‬ ‫التحايــل واالبتعــاد عــن مطالــب الواقــع‬ ‫ال ينفــع يف تقديــم حلــول جذريّــة‪ ،‬وال ينجــح‬ ‫عــى املــدى البعيــد يف التخلــص مــن املشــاكل‬ ‫والهــرب مــن ويالتهــا‪ ،‬بــل يزيــد يف الكــوارث‬ ‫االجتامعيــة والسياســية؛ فتــأيت اللحظــة التــي‬ ‫ال مفــر فيهــا مــن املواجهــة وبكلفــة أشــد‪،‬‬ ‫محاولــة االلتفــاف عــى الشــعوب الثائــرة قــد‬ ‫تطيــل املعركــة لكنهــا ال تلغيهــا‪ ،‬أنظمــة الــدول‬ ‫الكــرى تآمــرت عــى الشــعب الســوري الثائــر‬

‫جورج كتن‬ ‫ســتحصل إيــران عــى إلغــاء تدريجــي‬ ‫للعقوبــات التــي كبلــت اقتصادهــا وجعلــت‬ ‫حيــاة اإليرانيــن يف أســوأ حاالتهــا منــذ ســقوط‬ ‫الشــاه‪ ،‬لكــن ذلــك مل يتــم إال بعــد تنــازالت‬ ‫للغــرب وأمــركا وصلــت للتخــي عــن برنامجهــا‬ ‫لصنــع الســاح النــووي والصواريــخ البالســتية‬ ‫التــي تحمــل رؤوســاً نوويــة‪ ،‬مــع اســتمرار‬ ‫العقوبــات املفروضــة مــن مجلــس األمــن‬ ‫والــدول الغربيــة حــول ملفهــا بانتهــاك حقــوق‬ ‫اإلنســان ودعمهــا لإلرهــاب‪ ،‬وقبــول رقابــة‬ ‫دوليــة مســتمرة للتأكــد مــن تنفيذهــا لالتفــاق‪.‬‬ ‫وهــي التنــازالت التــي حــاول النظــام اإلي ـراين‪،‬‬ ‫لالســتهالك املحــي‪ ،‬إخفاءهــا بتصويــر االتفــاق‬ ‫كانتصــار‪ ،‬فيــا مل يخــف محافظــون قلقهــم‬ ‫منــه ودعوتهــم لعــدم تنفيــذ بعــض بنــوده‬ ‫منــذ اآلن‪.‬‬ ‫االتفــاق أهــم إنجــاز يف السياســة الخارجيــة‬ ‫إلدارة أوبامــا إلثبــات أن سياســته يف الحــوار‬ ‫مــع األعــداء ميكــن أن تثمــر ومتنــع قيــام‬ ‫حــروب كارثيــة للجميــع‪ ،‬وهــذا مــا ســعى إليــه‬ ‫مــع كوبــا أيضـاً‪ .‬لكــن االتفــاق ليــس مصالحــة‬ ‫شــاملة القتصــاره عــى الشــأن النــووي‪ ،‬فــا‬ ‫يتضمــن أيــة بنــود حــول العالقــات السياســية‬ ‫مــع النظــام‪ ،‬رغــم تصويــر محللــن عــرب أن‬ ‫أمــركا تخلــت إلي ـران عــن الــرق األوســط!‪،‬‬ ‫وتخلــت عــن حلفائهــا العــرب وأن تحالفهــا‬ ‫مــع إرسائيــل قــد اهتــز وغــر ذلــك مــا‬ ‫يروجــه عــادة «السايكســبيكويني» الذيــن‬ ‫بــدأوا يتحدثــون منــذ اآلن عــن بنــود «رسيــة»‬ ‫جــرى االتفــاق عليهــا «مــن تحــت الطاولــة!»‪.‬‬ ‫أمــركا لــن تطبــع عالقاتهــا مــع النظــام اإليـراين‬

‫ضــد نظــام األســد‪ ،‬لكنهــا مل تســتطع حســم‬ ‫تغيــر الواقــع لصالحهــا؛ فــا الثــورة انخمــدت‬ ‫وال املعركــة هــدأت‪ ،‬صحيــح أن املســارات‬ ‫تشــعبت واختفــت عــن الطريــق الظاهــر‪،‬‬ ‫لكــن هدفهــا واحــد ال ميكــن حرفــه؛ فظهــور‬ ‫الدواعــش وتصاعــد العنــف واشــتداد التطــرف‬ ‫بحيــث صــارت الكتيبــة الواحــدة كتائــب‬ ‫متكاثــرة‪ ،‬مل يعــد باإلمــكان الســيطرة عليهــا‪،‬‬ ‫وأصبــح يهــدد باالمتــداد واالتســاع ليشــمل‬ ‫منطقــة واســعة ومجتمعــات أخــرى‪.‬‬ ‫ســتضطر األنظمــة الدوليــة للتدخــل بشــكل‬ ‫آخــر لحاميــة مصالحهــا التــي عجــزت عــن حــل‬ ‫مشــاكلها نتيجــة متســكها بالتفكــر القديــم‪،‬‬ ‫وبالتــايل ســتضطر لدعــم ثــورة الشــعوب غصبـاً‬ ‫عنهــا؛ ألن الوضــع التاريخــي أقــوى منهــا ومــن‬ ‫إراداتهــا‪.‬‬ ‫التحــول إىل العنــف ال ميكــن الســيطرة عليــه‬ ‫بســام‪ ،‬يتفجــر يف كل املناطــق الهشّ ــة وتتســع‬ ‫الهاويــة‪ ،‬النتائــج الســلبية للعنــف قــد تطــال‬ ‫مصالــح الــدول الكــرى‪ ،‬وهنــا ســتحاول اللجــوء‬ ‫إىل الحلــول الرتقيعيــة‪ ،‬لكــ ْن حتــى الحلــول‬ ‫الرتقيعيــة ميكــن االســتفادة منهــا يف تطويــر‬ ‫مســار الثــورة‪.‬‬ ‫الثــورة تحتــاج ملراحــل وتطــورات فكريــة‬ ‫واجتامعيــة وسياســية‪ ،‬التنميــة تتوقــف بســب‬ ‫ظــروف الحــرب لتتحــرك باتجــاه الحــرب‪،‬‬ ‫واملعــارك تنتهــي بغالــب أو مغلــوب‪ ،‬أمــا‬ ‫حلــول الســام؛ فتــأيت بعــد وجــود غالــب أو‬ ‫مغلــوب‪ ،‬الحــروب اآلن شــديدة وهــي حــروب‬ ‫ليســت فقــط عســكرية بــل مدنيــة وإنســانية‬ ‫تأخــذ صبغــة حــروب مذهبيــة وعرقيــة‬ ‫ودينيــة‪ ،‬ومحــاوالت احتــواء األزمــات التــي‬ ‫خلقتهــا حــروب الثــورات العربيــة باملرواغــة‬ ‫والتالعــب عــر الحلــول السياســية وغريهــا‬ ‫مــن تزييــف الوعــي‪ ،‬أثبــت فشــله وســيثبت‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫السؤال ّ‬ ‫املتبقي‪..‬؟!‬ ‫فشــله الذريــع‪ ،‬واألمثلــة كثــرة ولعــل أوضحهــا‬ ‫التجربــة اليمنيــة فقــد أرادت دول الجــوار‬ ‫وأصحــاب النفــوذ الســيايس الحفــاظ عــى‬ ‫الواقــع كــا هــو والقفــز عــن االســتحقاق‬ ‫النضــايل واملقاومــة املســلحة فجــاءت النتيجــة‬ ‫أشــد عنفــاً‪ ،‬واضطــرت يف النهايــة للوقــوف‬ ‫مــع الشــعب مرغمــة‪ ،‬الدعــم للثــورات يــأيت‬ ‫غصبــاً عــن الواقــع مبــا يفرضــه تــأزّم الواقــع‬ ‫نفســه ومنــو األفــكار واألحــداث‪ ،‬التملّــص مــن‬ ‫املواجهــة بالدســائس واملكائــد واملؤامــرات‬ ‫لــن يجــدي نفع ـاً؛ فاألعــداء يحاربــون بأســلحة‬ ‫املشــاكل القدميــة التــي فرضوهــا وأوجدوهــا؛‬ ‫لكنهــم ســيضطرون تحــت تف ّجــر املتناقضــات‬ ‫الكثــرة والفــوىض ملشــاريع التقســيم والتفكيــك‬ ‫للقيــام أخــرا ً بدعــم الشــعب الــذي تقــوده‬ ‫جمــوع األغلبيــة واالنصيــاع القــري لألقويــاء‬ ‫وملطالبهــم التحرريــة املحقــة‪.‬‬ ‫دورة الحــرب تواكبــت مــع أزمــة ديــن‬ ‫اقتصاديــة حكوميــة ومــع واقــع التغيــر‬ ‫واملتغـرات السياســية الكــرى املتناميــة‪ ،‬العــدو‬ ‫األســايس لألنظمــة هــي الشــعوب املتحــررة‬ ‫الرافضــة للــذل‪ ،‬ولذلــك يقــف أصحــاب النفــوذ‬ ‫والقــوة والــروة ضدهــا‪ ،‬أمريــكا تــدرك أنهــا‬ ‫ضيعــت حلفاءهــا لذلــك تدمــر املنطقــة بأيــدي‬ ‫األنظمــة الطاغيــة والتنظيــات اإلرهابيــة‬ ‫املتطرفــة‪ ،‬وبالتــايل هــم يريــدون محاربــة أي‬ ‫يشء وطنــي ثــوري حــر محــق بحجــة اإلرهــاب؛‬ ‫فيحاربــون الســلميني ويحاربــون العســكريني‪،‬‬ ‫يحاربــون داعــش التــي صنعوهــا وراحــت‬ ‫تتمــرد عليهــم‪ ،‬ويحاربــون جبهــة النــرة‬ ‫امتــداد القاعــدة وغريهــا‪ ،‬ويحاربــون اإلســام‬ ‫املعتــدل ويكــرون أي شــكل حضــاري لإلميــان‬ ‫اإلســامي‪ ،‬وذلــك لــي ال يتــواءم الحـراك الثوري‬ ‫بحاضــن إســامي يحمــل قــوة عقائديــة تجعلــه‬ ‫قابــاً للنمــو والتطــور والتجــذر يف مــروع‬

‫ســيايس حضــاري‪ ..‬ويســتخدمون إيـران مرحليـاً‬ ‫يف خــط الحــرب لزيــادة املشــاكل والتدمــر‬ ‫والتفكيــك؛ لكــن التخطيــط يشء والتنفيــذ يش‬ ‫آخــر؛ فقــد خــرج الفكــر الداعــي والســلفي‬ ‫املدعــوم مــن أنظمــة الثــورة املضــادة مــن‬ ‫الخطــة املرســوم لــه وبــدأ يحاربهــم‪.‬‬ ‫الفكــر املتطــرف هــو جرميــة؛ ألنــه يحتكــر‬ ‫املعرفــة والحقيقــة والحــق‪ ،‬داعــش شــكل‬ ‫هالمــي يتطــ ّوع بحســب املنطقــة والظــرف‬ ‫يعــر املــال والسياســة والديــن‪ ،‬وليــس بســؤال‬ ‫بــا جــواب‪ :‬مــن الــذي دعــم داعــش منــذ‬ ‫البدايــة؟ أمريــكا وحلفاؤهــا دعمــوا داعــش‬ ‫بحســب اعــراف السياســيني األمريكيــن‪،‬‬ ‫وخرجــت الداعشــية عــن ســيطرتهم املطلقــة‪،‬‬ ‫داعــش التــي تحــارب الشــعب الســوري تعمــل‬ ‫ضــد ثــورة الشــعب الســوري‪ ،‬وضــد املــروع‬ ‫الــريك التوســعي‪ ،‬باالتفــاق مــع إرسائيــل‬ ‫وأمريــكا‪ ،‬داعــش هــي دواعــش وكانــت‬ ‫جــزءا ً مــن خطــة أمريــكا ملحاربــة الثــورات‬ ‫ومحاولــة احتــواء الواقــع العــي بالتخريــب‪،‬‬ ‫لذلــك يخربــون البــاد ويخربــون الثــورات‬ ‫باخرتاقهــا بالدواعــش‪ ،‬وبالطبــع يســاعدهم‬ ‫يف ذلــك األمــراض التــي انتــرت يف الشــعب‬ ‫الســوري املتمثّلــة يف التــرذم والتفــكك‬ ‫والعصبويــة والفســاد‪ ،‬يحاربــون الثــورات‪ ،‬ولــو‬ ‫اســتطاعوا دفنهــا لدفنوهــا مــع شــعبها‪ ،‬لكنهــم‬ ‫مل يســتطيعوا لذلــك يوســعون يف عمليــات‬ ‫العنــف واالخـراق والرشذمــة‪ ،‬ألن إرادة التغيــر‬ ‫تاريخيــة ولهــا رجالهــا عــى األرض‪.‬‬ ‫مــع أن كل يشء يف املنطقــة يتحــر للتغيــر‪،‬‬ ‫فليــس لــدى السياســيني يف املشــهد الســيايس‬ ‫مرجعيــة أو قيــادة لهــا قبــول شــعبي‪ ،‬والحــرب‬ ‫تنتقــل فــوق دمــاء األبريــاء‪ .‬بالطبــع ال ميكن أن‬ ‫تحــل املشــاكل الحــارضة بأفــكار قدمية راســخة‪،‬‬ ‫ألن املشــاكل الحــارضة ناجمــة عــن األفــكار‬

‫الســابقة‪ ،‬الثــورة جــاءت مبقتــى التغيــر‬ ‫التاريخــي وفــق أدوار زمانيــة لكــن الواقــع‬ ‫البــري والح ـراك الفكــري الســيايس مل يكتمــل‬ ‫بعــد‪ ،‬ومــع ذلــك تقــوم الثــورة عــر الحــرب‬ ‫بتحضــر النــاس يف ظــروف رشســة حــادة‪،‬‬ ‫خصوصــاً أن االســتقالل مل يتحقــق يف بالدنــا‪،‬‬ ‫والحــرب اآلن يف جوهرهــا حــرب تحرريــة يف‬ ‫أبعادهــا السياســية واالجتامعيــة والفكريــة‬ ‫واالقتصاديــة‪ ،‬تتصــل فيهــا موضوعــات الوجــود‬ ‫كلهــا‪.‬‬ ‫هــي أزمــة كبــرة ورصاعــات مخــاض للحيــاة‪،‬‬ ‫مــا يحصــل يف عمــق الثــورات‪ ،‬وتثــر أســئلة‬ ‫مت ّعلــق بالبنــاء الفكــري للمجتمــع وبعجــزه‬ ‫الظاهــر عــن قيــادة الثــورات ومواكبــة‬ ‫اســتحقاقها وســط أم ّيــة سياســية ودميقراطيــة‪،‬‬ ‫ويشــر بقــ ّوة إىل نقطــة يف غايــة الخطــورة؛‬ ‫وهــي افتقــار القيــادة الفكريــة والسياســية‬ ‫والثقافيــة إىل نظريــة أصيلــة عرصيّــة واقعيّــة‬ ‫تالئــم التغيـرات الكبــرة التــي تحــدث وتطــرح‬ ‫حلــوالً ومقرتحــات الحتــواء املســتجدات‬ ‫وتلبيــة املطالــب املختلفــة يف جميــع األصعــدة‬ ‫واملســتويات‪.‬‬ ‫والســؤال املتبقــي مبــا أن الثــورات أقــوى مــن‬ ‫القهــر والطغيــان‪ ،‬مولــودة مــن رحــم التاريــخ؛‬ ‫فــاذا ميكــن فعلــه لتســهيل انتصارهــا؟‬ ‫طرائــق التفكــر القدميــة مــن التحليــل والتفكري‬ ‫والتقييــم أصبحــت مع ّوقــة‪ ،‬وبش ـ ّدة‪ ،‬لعمليــة‬ ‫التقــدم واالســتقرار والبنــاء والنهضــة مبــروع‬ ‫الحريــة والثــورة لبنــاء الدولــة‪.‬‬ ‫مــا يحــدث مــن تقلّبــات رسيعــة ورصاعــات‬ ‫حــادة ومتناقضــات صارخــة‪ ،‬يؤكّــد بإلحــاح‬ ‫رضورة تكويــن فكــر جديــد‪ ،‬وحتم ّيــة تغيــر‬ ‫األفــكار وتشــكيل منظومــة تفكــر ســيايس‬ ‫حديــث‪ ،‬لــي تصــل بنــا الثــورة إىل أهدافهــا‪.‬‬

‫ماذا سيأتي به الغد بعد االتفاق النووي؟‬ ‫إال بعــد تنفيــذ كامــل االتفــاق املبنــي عــى‬ ‫«التحقــق» وليــس «الثقــة»‪ ،‬وهــو مــا أكدتــه‬ ‫ترصيحــات مســؤولني إيرانيــن مــن أنهــم‬ ‫ال يثقــون بأمــركا فهــي مــا تــزال «الشــيطان‬ ‫األكــر»‪ .‬فيــا أمــركا ال تتوقــع قبــول إيــران‬ ‫بحــل األزمــات يف املنطقــة‪ ،‬وتقليــص متددهــا‬ ‫فيهــا الــذي مل يتوقــف يف الســابق رغــم‬ ‫العقوبــات التــي دامــت ‪ 12‬عامــاً‪.‬‬ ‫يبقــى الخيــار العســكري عــى الطاولــة‪ ،‬وال‬ ‫يرفــع الحــرس الثــوري‪ ،‬القــوة الرئيســية للنظــام‬ ‫اإليــراين‪ ،‬مــن قامئــة اإلرهــاب‪ ،‬واألطــراف‬ ‫الغربيــة ستســتمر يف مراقبــة التمــدد اإلي ـراين‬ ‫اإلقليمــي ومواجهتــه عنــد الــرورة‪ .‬االتفــاق‬ ‫مــع إيـران حــول ســاحها النــووي يــكاد يشــابه‬ ‫االتفــاق األمــريك الســوري حــول ســاح النظــام‬ ‫الكيــاوي الــذي مل يعــن عــودة العالقــات بــن‬ ‫الدولتــن لطبيعتهــا‪ ،‬فالعــداء مســتمر وأمــركا‬ ‫تطالــب برحيــل رأس النظــام رغــم عــدم فعلهــا‬ ‫الكثــر لتحقيقــه‪.‬‬ ‫الســؤال الرئيــي بعــد االتفــاق كيــف ســتنفق‬ ‫إيـران املــوارد التــي ســتحصل عليهــا بعــد رفــع‬ ‫العقوبــات؟ مــن أمــوال مجمــدة ومــن تصديــر‬ ‫النفــط الــذي ميكــن أن تتضاعــف كميــة‬ ‫إنتاجــه للعــودة إىل مــا كان عليــه أي أربعــة‬ ‫ماليــن برميــل يومي ـاً مقارنــة باإلنتــاج خــال‬ ‫العقوبــات الــذي مل يتجــاوز املليونــن؟‬ ‫إجــاالً ال ميكــن التنبــؤ مبــآل هــذه األمــوال إال‬ ‫بعــد مــرور وقــت كاف عــى تنفيــذ االتفــاق‪.‬‬ ‫إال أنــه ميكــن برأينــا ترجيــح أنهــا ســترصف‬ ‫عــى تحســن أوضــاع الشــعب اإليــراين‪،‬‬ ‫وليــس املزيــد مــن الــرف يف مجــال التمــدد‬ ‫الخارجــي‪ .‬فاألســباب االقتصاديــة هــي التــي‬ ‫دفعــت النظــام لقبــول مــا قــال عنــه البعــض‬

‫«تجــرع الســم النــووي!»‪ ،‬وليــس التمــدد‬ ‫اإلقليمــي الــذي مل يتوقــف طــوال فــرة‬ ‫العقوبــات‪.‬‬ ‫الثــورة الخــراء عــام ‪ 2009‬نبهــت النظــام‬ ‫إلمكانيــة وضعــه عــى جــدول االنتفاضــات‬ ‫التــي عمــت املنطقــة ومل توفــر األنظمــة التــي‬ ‫تعتمــد عــى االيديولوجيــا كالنظــام الليبــي‬ ‫والســوري‪ .‬وتفــادي نفــس املصــر هــدف رجــح‬ ‫قبــول النظــام بتقديــم تنــازالت يف عمليــة‬ ‫التفــاوض لصالــح تــدارك مــا هــو أهــم‪ :‬مصــر‬ ‫نظــام املــايل نفســه‪ .‬املرشــد األعــى أثبــت‬ ‫أنــه يلتــزم باأليديولوجيــا ولكــن ليــس إىل‬ ‫حــد االنتحــار كــا فعــل الدكتاتــور العراقــي‬ ‫والدكتاتــور الليبــي‪ ،‬فلديــه براغامتيــة كافيــة‬ ‫للرتاجــع‪ ،‬كــا فعــل الخمينــي عندمــا «تجــرع‬ ‫الســم» بوقــف الحــرب مــع العــراق‪.‬‬ ‫هــل ســتطبق إيــران النهــج الرباغــايت يف‬ ‫مجــال التمــدد اإلقليمــي؟ يأمــل البعــض أن‬ ‫نجــاح الحــوار يف حــل املســألة النوويــة قــد‬ ‫يج ـ ّر نجاح ـاً يف الحــوار حــول أزمــات املنطقــة‬ ‫التــي تشــارك يف تأجيجهــا إيــران‪ .‬هــذا مــا‬ ‫ســتوضحه األيــام القادمــة ولــو أننــا ال نتوقــع‬ ‫ذلــك حيــث أنهــا اســتمرت يف سياســاتها‬ ‫الخارجيــة رغــم العوائــق والصعوبــات التــي‬ ‫واجهتهــا إثــر افتضــاح البعــد األيديولوجــي‬ ‫املذهبــي لسياســاتها لــدى قطاعــات واســعة‬ ‫مــن شــعوب املنطقــة‪.‬‬ ‫إيــران مــ ّرت مبراحــل يف سياســاتها الخارجيــة‬ ‫إذ تصاعــدت دعوتهــا «لتصديــر الثــورة»‬ ‫عقــب انتصارهــا عــى الشــاه‪ ،‬ثــم أتــت‬ ‫مرحلــة الحــرب مــع العــراق التــي أقنعــت‬ ‫نتيجتهــا الكارثيــة معظــم قيــادات إيــران‬ ‫بتأجيــل شــعار تصديــر الثــورة‪ ،‬الــذي أصبــح‬

‫يفهــم منــه التمــدد الخارجــي‪ ،‬ليصــل إىل‬ ‫الســلطة الرباغامتيــون أمثــال رافســنجاين‬ ‫وخامتــي ليعملــوا عــى إبعــاد إيــران عــن‬ ‫الخــوض يف الشــؤون الداخليــة لبلــدان املنطقــة‬ ‫والرتكيــز عــى تحســن العالقــات معهــا‪ .‬إال أن‬ ‫وســطيتهم وقبولهــم باســتمرار تحكــم الــويل‬ ‫الفقيــه يف أمــور البلــد أفقدتهــم شــعبيتهم مــا‬ ‫مكــن املحافظــن مــن إزاحتهــم عــن الســلطة‬ ‫وإنجــاح أحمــدي نجــاد‪ .‬وبالتــايل عــودة‬ ‫املتشــددين إىل الســلطة الرئاســية والترشيعيــة‬ ‫وتهميــش اإلصالحيــن‪ .‬الدفعــة الكبــرة لعــودة‬ ‫سياســة تصديــر الثــورة وفّرتهــا فرصــة انــدالع‬ ‫االنتفاضــات الشــعبية يف بلــدان عربيــة ثــم‬ ‫تعــر أغلبهــا مــا أفســح املجــال لعــودة‬ ‫التمــدد اإليــراين ومنــه أخــرا ً امتطــاء التمــرد‬ ‫الحــويث‪.‬‬ ‫مفــرق الطريــق الراهــن قــد يدخــل إيــران‬ ‫يف مرحلــة جديــدة مــع أمــل ضعيــف بــأن‬ ‫االتفــاق ســيفتح الطريــق لحلــول أزمــات‬ ‫املنطقــة عــن طريــق الحــوار‪ ،‬لتقبــل إيــران‬ ‫أن تدخالتهــا جلبــت رضرا ً كبــرا ً ملصالحهــا يف‬ ‫املنطقــة لتكــف عنهــا أو تقلصهــا‪ ،‬أو تســاهم‬ ‫بتقديــم تنــازالت مقابــل تحقيــق اتفاقــات‬ ‫حلــول وســط كــا حصــل يف االتفــاق النــووي‪.‬‬ ‫علـاً أن تدخلهــا وصــل إىل ذروتــه وأصبــح عىل‬ ‫أعتــاب هزائــم مدويــة ولــن يفيــده املزيــد مــن‬ ‫ضــخ األمــوال واألســلحة للميليشــيات املذهبيــة‬ ‫التــي ترعاهــا إي ـران يف أكــر مــن بلــد‪.‬‬ ‫قــد يقــول البعــض أن الرباغامتيــة متارســها‬ ‫إيـران يف سياســتها تجــاه الغــرب‪ ،‬فيــا متــارس‬ ‫السياســة ذات البعــد األيديولوجــي يف املجــال‬ ‫العــريب واإلســامي‪ .‬هنــاك طرفــان يعتمــد‬ ‫أحدهــا باألســاس عــى السياســة الرباغامتيــة‬

‫وتحســن األوضــاع املعيشــية الداخليــة ووراءه‬ ‫اإلصالحيــن يف الســلطة‪ ،‬والطــرف اآلخــر‬ ‫املتشــدد مــن رجــال ديــن وقيــادات الحــرس‬ ‫الثــوري بقيــادة الــويل الفقيــه‪ ،‬الــذي يحــر‬ ‫بــن يديــه معظــم الســلطات‪ ،‬أقــرب العتــاد‬ ‫األيديولوجيــا يف معظــم سياســاته‪ ،‬والنتيجــة‬ ‫مزيــج مــن السياســتني مــع رجحــان مســتمر‬ ‫للتيــار املحافــظ املقــر بالدســتور أصــاً‪.‬‬ ‫هــل نجــاح االتفــاق النــووي ســيمكن الرئيــس‬ ‫اإلصالحــي روحــاين مــن تحســن األوضــاع‬ ‫املعيشــية لإليرانيــن التــي وصلــت إىل حــد أن‬ ‫حــوايل نصــف اإليرانيــن تحــت خــط الفقــر‪،‬‬ ‫وبالتــايل تحســن فرصــه االنتخابيــة القادمــة‪،‬‬ ‫الرئاســية ‪ 2017‬والترشيعيــة ‪2016‬؟ أم أن‬ ‫املحافظــن ســيوجهون األمــوال للمزيــد مــن‬ ‫محــاوالت التمــدد الفاشــلة عــى حســاب قــوت‬ ‫الشــعب؟ مــا سيســتجر انتفاضــة جديــدة‬ ‫قــد تكــون القاضيــة عــى نظــام املــايل إذ أن‬ ‫غالبيــة كبــرة صــارت تــرى أن الــويل الفقيــه‬ ‫هــو «الشــيطان األكــر» الحقيقــي‪.‬‬ ‫العــامل يتغــر‪ ..‬املنطقــة يطــرق أبوابهــا التغيــر‬ ‫بقــوة‪ ..‬فهــل تتغــر إيـران فترتاجع يف املســتوى‬ ‫اإلقليمــي كــا تراجعت يف املســتوى الدويل؟ أم‬ ‫تســتمر يف التعلــق بالبعــد األيديولوجــي الــذي‬ ‫ثبــت أن مصــره جــ ّر النظــام لالنهيــار الــذي‬ ‫يذكرنــا بانهيــار االتحــاد الســوفييتي الــذي‬ ‫كانــت أســبابه الرئيســية تشــدد االيديولوجيــا‬ ‫يف إدارة االقتصــاد حســب نظريــات ومفاهيــم‬ ‫تتجاهــل الوقائــع امللموســة‪ ،‬باإلضافــة لتوجيــه‬ ‫معظــم الدخــل لربامــج التســلح والتمــدد‬ ‫الخارجــي الــذي كان آخــره احتــال أفغانســتان‬ ‫الــذي تــاه االنســحاب الذليــل بســبب األزمــة‬ ‫االقتصاديــة الداخليــة‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫خط��اب األس��د واالقتص��اد‬ ‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫قــال اللــه تعــاىل يف كتابــه العزيــز‪( :‬الذيــن‬ ‫طغــوا يف البــاد‪ ،‬فأكــروا فيهــا الفســاد‪،‬‬ ‫فصــب عليهــم ربــك ســوط عــذاب‪ ،‬إن ربــك‬ ‫لباملرصــاد) ســورة الفجــر‪.‬‬ ‫ظهــر علينــا بشــار األســد ليتشــدق بخطــاب‬ ‫أجــوف ويوصــف الحالــة يف ســوريا بتنظــر‬ ‫اعتدنــا عليــه مــن بدايــة اســتيالئه عــى‬ ‫الســلطة وتوريــث الحكــم‪ ،‬وبنفــس طريقــة‬ ‫خطاباتــه الســابقة‪ ،‬ولــن أناقــش كل‬ ‫املغالطــات التــي وقــع فيهــا كالعــادة‪ ،‬لكــن‬ ‫ســأتطرق فقــط لضيــق املســاحة املخصصــة يف‬ ‫الجريــدة للموضــوع االقتصــادي‪ ،‬وإىل مــا أشــار‬ ‫إليــه عــن توقــف عجلــة اإلنتــاج يف ســوريا‪،‬‬ ‫ورسقــة املعامــل وتدمــر البنيــة التحتيــة‬ ‫التــي اتهــم بهــا الثــورة والثــوار‪ ،‬ولــن أدافــع‬ ‫بطريقــة غــر واقعيــة وبعيــدة عــن املنطــق‬ ‫فالحــق والحقيقــة أن جيشــك وشــبيحتك هــم‬ ‫مــن فعلــوا ذلــك وبنســبة ‪ 80%‬ولــو عــدت‬ ‫إىل مقاطــع اليوتيــوب املنتــرة يف املجتمــع‬ ‫لتأكــدت مــن صحــة النســبة والنســبة املتبقيــة‬ ‫وهــي ‪ 20%‬فــإن كان مــن أســاء ضمــن هــذه‬ ‫النســبة مــن الثــوار فهــم مــن تــرىب عــى‬ ‫تنشــئتك يف الشــبيبة واملظليــن والصاعقــة‪،‬‬ ‫وأريــد أن أوضــح لــك صــورة هامــة يف املوضوع‬ ‫االقتصــادي بــأن أصــل البــاء يف ســوريا جــذوره‬ ‫الحقيقيــة تعــود إىل الفســاد الــذي كرســته‬ ‫أنــت وأبــوك منــذ عقــود مــن الزمــن‪ ،‬فالفســاد‬ ‫ليــس مجــرد إشــاعة يــراد منهــا التشــويه‪ ،‬أو‬ ‫محــض إدعــاءات يقصــد منهــا الغمــز لقنــاة‬ ‫سياســية‪ ،‬فهــو حقيقــة ماثلــة يعرفهــا مؤيــدوك‬ ‫قبــل معارضــوك‪ ،‬ومــا آل إليــه حكمــك‬ ‫وحكــم أبيــك مــن ثــروات هائلــة موضوعــة‬ ‫يف حســاباتك وحســابات أهلــك وأقاربــك‬ ‫وشــبيحتك وأجهزتــك األمنيــة يف مختلــف‬ ‫البنــوك األوروبيــة‪ ،‬ان الطبقــة املقربــة منــك‬ ‫باإلضافــة إىل شــخصك وليس الشــعب الســوري‬ ‫مســؤولني عــن تفــي هــذه اآلفــة فأنتــم مــن‬ ‫رشعتــم الفســاد بقوانــن ومراســيم وقــرارات‬ ‫وليــس الفقـراء واملحرومــون واملتعيشــون عــى‬ ‫مفــردات بطاقــة التمويــن‪.‬‬ ‫الذيــن اســتبدلوا املواطنــة وحــب الوطــن‬ ‫بالطائفيــة والعشــرة والحزبيــة أنتــم‪ ،‬وليــس‬ ‫الشــعب الــذي كان وال يــزال يؤمــن بــأن‬ ‫املواطنــة والوطــن هــي األرضيــة الصالحــة‬ ‫والوحيــدة إلقامــة نظــام الحكــم الصالــح‬ ‫والرشــيد‪ ،‬وإنهــا العــاج لألمــراض السياســية‬ ‫واملجتمعيــة وأنتــم مــن كانــت قيمــه وأخالقــه‬ ‫مســتمدة مــن مامرســات الجهــل والتخلــف‬

‫والحقــد الــذي يتيــح قتــل النــاس وتفخيــخ‬ ‫الحيــاة وذبحهــا عــى امتــداد الوطــن‪.‬‬ ‫لقــد ذهــب الفســاد باألســد وحاشــيته بعيــدا ً‬ ‫يف غيهــم‪ ،‬ولــن يوقفهــم إال الشــعب املدجــج‬ ‫بالوعــي‪ ،‬وبــأن الوقــوف إىل جانبهــم جنايــة‪،‬‬ ‫وسيحاســب عليهــا الجميــع بعــد ســقوط‬ ‫األســد‪ ،‬فالفســاد ســوط مقبضــه يف قبضــة‬ ‫الحاكــم‪ ،‬ونصلــه يحفــر أخاديــد البــؤس‬ ‫والبطالــة والفقــر والحرمــان عــى جلــود‬ ‫النــاس‪ ،‬وآثــاره ماثلــة يف نفــوس ضحايــاه يف‬ ‫نومهــم ويقظتهــم‪ ،‬ومرتكبــو أفعــال الفســاد‬ ‫يتذكرونــه جيــدا ً عندمــا يحــن العقــاب‪.‬‬ ‫الفســاد يف عهــد األســد ليــس تلــك األفعــال‬ ‫التــي يرتكبهــا صغــار املوظفــن يف الجهــاز‬ ‫الحكومــي إمنــا هــو اســتحواذه مــع حاشــيته‬ ‫عــى البــرول وموازنــة الدولــة والتعهــدات‬ ‫وانتهــاج سياســات حكوميــة خاطئــة ومرتجلــة‬ ‫نجــم عنهــا تعميــق الفكــر‪ ،‬وهــو أيضــا تبديــد‬ ‫املــال العــام وثــروة ســوريا البرشيــة واملاديــة‬ ‫مــن ج ـراء فشــل األداء الحكومــي‪ ،‬وتوظيــف‬ ‫مقــدرات البلــد وفعاليــات الدولــة يف درامــا‬ ‫الحفــاظ عــى الحكــم‪ ،‬الفســاد يف ســوريا‬ ‫ليــس فقــط تلــك األفعــال املشــينة املعاقــب‬ ‫عليهــا مبوجــب القانــون الســوري‪ ،‬والتــي جــرى‬ ‫تعريفهــا بأفعــال الفســاد‪ ،‬فاألســد هــو مصــدر‬ ‫الترشيــع‪ ،‬وهــو األكــر خرقــاً يف مامرســاته‬ ‫لالســتقامة وال ينتظــر منــه أن يجــرم أفعالــه‬ ‫والقــول بــأن الفعــل موضــوع النظــر ال ينطبــق‬ ‫عليــه تعريــف الفســاد قــول خاطــئ‪ ،‬ومضلــل‪،‬‬ ‫فالقانــون ميثــل رؤيــة الطبقــة القابضــة عــى‬ ‫الحكــم يف أي مرحلــة فهــو يلغــي قوانــن‬ ‫ويســتحدث أخــرى وليــس كل مــا يلغــى‬ ‫خاطــئ وال كل مــا يســتحدث منطقــي‪ ،‬ويف‬ ‫أحيــان كثــرة تســتبقى قوانــن وتســن أخــرى‬ ‫إلضفــاء املرشوعيــة عــى أفعالــه وأفعــال‬ ‫أقاربــه‪.‬‬ ‫ســوريا التــي حفــر لهــا األســد عميقــا لوأدهــا‬ ‫بعــد أن اســتحرض عصبيتــه املاســونية وألبســها‬ ‫ثــوب الطائفيــة كانــت طــوال تاريخهــا واحــدة‬ ‫موحــدة وبحكــم األســد تعــددت الرايــات‬ ‫الطائفيــة والعرقيــة والحزبيــة والعشــائرية يف‬ ‫عهــد األســد االنســان الســوري ظلــم عندمــا‬ ‫انتزعــت منــه وبالقــوة قيمــه اإلنســانية وبــات‬ ‫مجــرد وعــاء للكراهيــة والتعصــب والتفخيــخ‬ ‫والقتــل‪.‬‬ ‫لقــد متثــل حكمــك وحكــم أبيــك بــاألرضار‬ ‫التاليــة لســوريا وهــي عــى ســبيل املثــال ال‬ ‫الحــر‪:‬‬ ‫كنتــم الخطــر الجــدي عــى اســتقرار ســوريا‬

‫وأمــن املجتمــع‪ ،‬تســببتم يف الفقــر وخلقتــم‬ ‫العوائــق للتغلــب عليــه‪ ،‬انتهكتــم حقــوق‬ ‫االنســان‪ ،‬وتســببتم يف حرمــان النــاس مــن‬ ‫حقوقهــم يف الخدمــات العامــة كالرعايــة‬ ‫والصحــة والتعليــم‪ ،‬وضعتــم العقبــات أمــام‬ ‫الكســب املعيــي الرشيــف يف القطــاع العــام‬ ‫والخــاص‪ ،‬قوضتــم أداء أجهــزة القضــاء وأجهــزة‬ ‫تطبيــق القانــون‪ ،‬أســأتم اســتغالل املــوارد‬ ‫الطبيعيــة وحرمتــم الشــعب مــن ثرواتــه‬ ‫الباطنيــة‪ ،‬قضيتــم عــى ثقافــة الــرأي والــرأي‬ ‫اآلخــر‪ ،‬وهجنتــم الشــعب يف ظــل رشائكــم‬ ‫للذمــم أو بالقمــع واإلرهــاب‪ ،‬شــكلتم عائقــاً‬ ‫أمــام النمــو االقتصــادي وتطــور الصناعــة‬ ‫والزراعــة والتجــارة‪ ،‬وتســببتم يف تبديــد‬ ‫األمــوال العامــة‪ ،‬قضيتــم عــى الكفــاءات يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬فاعتقلتــم وهجرتــم‪ ،‬مولتــم اإلرهــاب‬ ‫الــذي حصــد أرواح النــاس وأفقدهــم الشــعور‬ ‫باألمــن واألمــان‪ ،‬تســببتم يف البطالــة وحرمــان‬ ‫النــاس مــن فــرص العمــل‪ ،‬والفــوىض اإلداريــة‬ ‫يف أجهــزة الدولــة والبطالــة املقنعــة‪ ،‬خربتــم‬ ‫العالقــات االجتامعيــة واملنظومــة القيميــة بــن‬ ‫أف ـراد املجتمــع‪ ..‬الــخ وتتحــدث أيهــا املغفــل‬ ‫عــن االقتصــاد‪ ،‬عــد إىل أرقــام ثروتــك وثــروة‬ ‫زوجتــك وأهلــك‪ ،‬وأبنــاء خالــك وأوالد عمــك‬ ‫ثــم حاشــيتك وشــبيحتك لتعــرف باألرقــام‬ ‫حصــة كل ســوري رسقتهــا مــن قــوت يومــه‬ ‫ومــن فــم أوالده وعندهــا تحــدث عــن االقــت‬ ‫صاد‪.‬‬ ‫بشــار األســد وحاشــيه هــم املصنــع األســايس‬ ‫للفســاد واإلرهــاب والفــوىض وقبلــه ابيــه‬ ‫فنحن مل نعرفكم إال فاســدين وال تســتحقون أن‬ ‫تعلــق صوركــم فــوق الــرؤوس فأنزلناهــا تحــت‬ ‫األحذيــة‪ ،‬لقــد ســلبتم ونهبتــم واغتصبتــم‬ ‫حــق الشــعب يف التمتــع مبــوارده ومقدراتــه‪،‬‬ ‫واســتأثرتم باملناصــب واملــال‪ ،‬ففتحنــا ملفاتكــم‬ ‫الكريهــة برائحــة تزكــم األنــوف‪ ،‬لقــد أغــرق‬ ‫تكالبكــم عــى الســلطة الســفينة الســورية‪،‬‬ ‫ودفعهــا إىل التشــظي والتناحــر‪ ،‬وهــا هــي‬ ‫الثــورة الســورية ورغــم كل مــا فيهــا مــن‬ ‫تضحيــات وجــوع وبــؤس وحرمــان ودمــار‬ ‫ووحشــية ورغــم تأمــر العــامل مبجملــه تقريبــا‬ ‫عليهــا إال أنهــا تشــق طريقهــا بقــوة الســوريني‬ ‫الحقيقيــن وأخالقهــم وإميانهــم باللــه ووطنهــم‬ ‫يتجهــون لصناعــة املســتقبل وبلــورة طريقــه‬ ‫بــرف ونزاهــة‪ ،‬ولريســموا طريــق ســوري‬ ‫جديــد قــوي باقتصــاد متــن وبقــوة ومهابــة‬ ‫تحفــظ حقــوق الســوريني وتصــون رشفهــم‬ ‫وترفــع رايتهــم خفاقــة عاليــة يف كل املحافــل‪.‬‬

‫حرمل االقتصاد ‪11‬‬ ‫واحدة من كل ثالث شركات‬ ‫جديدةيفتركياتعودللسوريني‬

‫ترك برس‬

‫ازداد حجــم الــركات التــي تــم تأسيســها‬ ‫يف تركيــا خــال النصــف األول مــن العــام‬ ‫الجــاري بنســبة ‪ 18.12‬باملئــة مقارنــة مــع‬ ‫نفــس الفــرة مــن العــام املــايض‪ ،‬لرتتفــع مــن‬ ‫‪ 29‬ألــف و‪ 708‬رشكــة إىل ‪ 35‬أل ًفــا و‪ 90‬رشكة‪،‬‬ ‫وشــغل رجــال األعــال الســوريني النصيــب‬ ‫األكــر مــن تأســيس هــذه الــركات‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف بيــان نــره اتحــاد الغــرف‬ ‫والبورصــات يف تركيــا اليــوم االثنــن‪ ،‬حيــث‬ ‫أشــار إىل أن واحــدة مــن كل ثــاث رشكات‬ ‫ذات رشكاء أجانــب أُ ِّسســت يف تركيــا خــال‬ ‫األشــهر الســتة األوىل مــن العــام الجــاري‬ ‫تعــود لســوريني‪.‬‬ ‫وأوضــح االتحــاد يف بيانــه أ ّن حجــم الــركات‬ ‫التــي تــم إغالقهــا يف الفــرة مــا بــن شــهري‬ ‫كانــون الثــاين‪ /‬ينايــر وحزي ـران‪ /‬يونيــو مــن‬ ‫العــام الجــاري قــد انخفــض بنســبة ‪8.21‬‬ ‫باملئــة‪.‬‬ ‫وارتفــع عــدد الــركات امل ُنشــأة خــال شــهر‬ ‫حزيـران‪ /‬يونيــو املــايض بنســبة ‪ 21.85‬باملئــة‬ ‫مقارنــة مــع نفــس الشــهر مــن العــام املايض‪،‬‬ ‫لتصــل مــن ‪ 4‬آالف و‪ 774‬رشكــة إىل ‪ 5‬آالف‬ ‫و‪ 817‬رشكــة‪ ،‬وانخفــض عــدد الــركات التــي‬ ‫تــم إغالقهــا خــال الشــهر نفســه بنســبة‬

‫‪ 11.62‬باملئــة ليرتاجــع إىل ‪ 852‬رشكــة‪.‬‬ ‫وبلــغ عــدد الــركات التــي افتتحهــا‬ ‫األجانــب خــال الشــهر املــايض ‪ 445‬رشكــة‪،‬‬ ‫‪ 141‬رشكــة منهــا افتتحــت مــن قبــل رجــال‬ ‫أعــال ســوريني‪ ،‬و‪ 27‬رشكــة مــن قبــل رجــال‬ ‫األعــال األملــان‪ ،‬و‪ 25‬رشكــة مــن قبــل رجــال‬ ‫األعــال العراقيــن‪.‬‬ ‫وقــد بلــغ عــدد الــركات التــي افتتحهــا‬ ‫األجانــب يف النصــف األول مــن العــام‬ ‫الجــاري ألفــن و‪ 395‬رشكــة‪ 750 ،‬رشكــة‬ ‫منهــا لرجــال األعــال الســوريني‪ ،‬و‪184‬‬ ‫رشكــة لرجــال األعــال األملــان‪ ،‬و‪ 142‬لرجــال‬ ‫األعــال اإليرانيــن‪.‬‬ ‫وكانــت غرفــة تجــارة اســطنبول قــد نــرت‬ ‫تقريــرا ً عــن الــركات التــي تــم تأسيســها‬ ‫خــال عــام ‪ 2014‬بــرأس مــال أجنبــي‪ ،‬حيــث‬ ‫يشــر التقريــر إىل تســجيل ‪ 4‬آالف و‪487‬‬ ‫مســتثمر أجنبــي لــركات بــرؤوس أمــوال‬ ‫وصلــت إىل ‪ 465‬مليــون دوالر‪.‬‬ ‫واحتــل املســتثمرون الســوريون املرتبة األوىل‬ ‫يف قامئــة الــركاء األجانــب بنســبة وصلــت‬ ‫إىل ‪ 25.2‬باملئــة‪ ،‬حيــث أســس ألــف و‪131‬‬ ‫ســوري يف العــام املــايض رشكات جديــدة يف‬ ‫اســطنبول بقيمــة ‪ 32‬مليــون و‪ 800‬ألــف‬ ‫دوالر‪.‬‬

‫كي��ف ّ‬ ‫تغ�ير االقتص��اد الس��وري خ�لال “فورب��س”‪ 5300 :‬دوالر حصة كل س��وري من ثروة األس��د‬ ‫أربع س��نوات‬

‫اسطنبول – مدار اليوم‬ ‫نــرت صحيفــة “بلومــرغ بيزنيــس” تقريـرا ً‬ ‫يلخــص الوضــع االقتصــادي يف ســوريا معتمــدة‬ ‫عــى أربعــة مــؤرشات هــي حجــم االقتصــاد‪،‬‬ ‫عــدد الالجئــن‪ ،‬إنتــاج النفــط‪ ،‬والخســائر‬ ‫البرشيــة‪.‬‬ ‫وذكــرت الصحيفــة أن خســائر االقتصــاد‬ ‫الســوري بلغــت حــوايل ‪ 229‬باملئــة مــن حجــم‬ ‫االقتصــاد يف عــام ‪ ،2010‬حيــث كانــت قطاعات‬ ‫الطاقــة والزراعــة األكــر تأثـرا ً‪ ،‬بحســب تقريــر‬ ‫مركــز “تشــاتام هــاوس” الربيطــاين‪.‬‬ ‫وقــال رئيــس معهــد الــرق للشــؤون‬ ‫االسـراتيجية ســامي نــادر للصحيفــة إن “البنيــة‬ ‫التحتيــة لإلنتــاج قــد تدمــرت‪ ،‬وهــذا يؤثــر‬ ‫عــى البنيــة االقتصاديــة واالجتامعيــة للــدول‬ ‫املجــاورة وخاصــة األردن ولبنــان»‪.‬‬ ‫وتســببت األزمــة بنــزوح حــوايل ‪ 11‬مليــون‬

‫ســوري عــن ديارهــم‪ ،‬ســواء داخليــاً أو إىل‬ ‫خــارج البــاد‪ ،‬وكان التأثــر األكــر عــى فئــة‬ ‫الشــباب واألطفــال حيــث حــرم جيــل كامــل‬ ‫مــن تلقــي تعليمــه مــا يهــدد عمليــة تعــايف‬ ‫البــاد يف املســتقبل‪.‬‬ ‫وبحســب أرقــام الحكوميــة فــإن مســتوى إنتاج‬ ‫النفــط مل يتجــاوز الـــ ‪ 10‬آالف برميــل يومي ـاً‪،‬‬ ‫خــال الربــع األول مــن العــام الحــايل‪ ،‬بينــا‬ ‫كان هــذا اإلنتــاج يقــف عنــد مســتويات الـــ‬ ‫‪ 380‬ألــف برميــل يومي ـاً يف أيلــول ‪ 2011‬وفــق‬ ‫مــا ذكــر وزيــر النفــط ســفيان عــاو‪.‬‬ ‫أمــا عــن الخســائر البرشيــة فتجــاوزت الـــ ‪230‬‬ ‫ألــف قتيــل بحســب أرقــام األمــم املتحــدة‪،‬‬ ‫مــا يجعلهــا األزمــة األكــر دمويــة يف املنطقــة‬ ‫يف التاريــخ الحديــث‪ ،‬بعــد الحــرب العراقيــة‬ ‫اإليرانيــة‪.‬‬

‫اسطنبول – مدار اليوم‬ ‫كشــفت مجلــة ” فوربــس”‬ ‫األمريكيــة أن ثــروة بشــار‬ ‫األســد رأس النظــام الســوري‪،‬‬ ‫بلغــت ‪ 1,5‬مليــار دوالر أمــريك‪،‬‬ ‫وبإضافــة األصــول الثابتــة‬ ‫واألمــوال املســجلة بأســاء‬ ‫مقربــة مــن األســد ســتبلغ قيمــة‬ ‫ثروتــه ‪ 122‬مليــار دوالر أمــريك‪،‬‬ ‫وفــق موقــع” أنفســتوبيديا”‪.‬‬ ‫وذكــر املوقــع أنــه يف حــال‬ ‫تــم توزيــع ثــروة األســد عــى‬ ‫الشــعب الســوري مــن دون‬ ‫اســتثناء فســيكون املبلــغ لــكل‬ ‫شــخص ‪ 5300‬دوالر أمــريك‪ ،‬أي‬ ‫مــا يعــادل الراتــب املتوســط‬ ‫الــذي يتقاضــاه املواطــن‬ ‫الســوري مــن أصحــاب الدخــل‬

‫إىل محمــد مخلــوف ووالــد زوجتــه فــواز األخــرس‪،‬‬ ‫املحــدود ملــدة ‪ 6‬ســنوات متتاليــة‪.‬‬ ‫وأشــار املوقــع إىل أن أربعــة أشــخاص هــم مــن يديرون بحســب وثيقــة رسيــة نرشهــا موقــع “ويكيليكــس”‪.‬‬ ‫أمــوال األســد وأصولــه داخــل ســوريا وخارجهــا‪ ،‬وهــم وتجــدر اإلشــارة إىل أن بشــار األســد احتــل املرتبــة‬ ‫رجــا األعــال زهــر ســحلول ونبيــل الكزبــري‪ ،‬إضافــة الســابعة يف قامئــة األغنيــاء بــن الحــكام العــرب‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مملكيت مقابل امرأة‬

‫شريف صالح‬

‫دعــاين زميــي الــروايئ امللتحــي للمشــاركة يف‬ ‫مهرجــان أديب يف ديب ونزلنــا يف فنــدق الجمــرا‬ ‫الفخــم‪ ،‬ثــم اكتشــفت أن الروائيــن فقــط هــم‬ ‫مــن يحــق لهــم تنــاول ثــاث وجبــات يف املطعــم‬ ‫اإليطــايل أمــا مــن يحمــل لقــب «قــاص» فــا‬ ‫يحــق لــه ســوى وجبــة الفطــور فقــط‪ .‬تضايقــت‬ ‫وقــررت أال أســتجيب ألي دعــوة مــن أي مهرجان‬ ‫بعــد ذلــك إال إذا تأكــدت مــن حــق القــاص يف‬ ‫الحصــول عــى ثــاث وجبــات‪.‬‬ ‫رصاحــة مل أكــن جائع ـاً إىل هــذه الدرجــة لكــن‬ ‫روائيــة لبنانيــة كانــت تــروق يل ورغبــت يف‬ ‫دخــول املطعــم والرثثــرة معهــا‪.‬‬ ‫كان يقــف عــى مدخــل املطعــم صبيــان كأنهــا‬ ‫مــن أطفــال الشــوارع مبالبســهام الرثــة ورائحتهام‬ ‫املغــرة‪ .‬صممــت عــى الدخــول‪ ،‬وحــن ملحنــي‬ ‫الزميــل صاحــب الدعــوة نهــض بهــدوء وســحبني‬ ‫ي أن أجلــس‬ ‫إىل داخــل املطعــم لكنــه اشــرط عـ ّ‬ ‫وحــدي كأي قــاص محــرم حتــى ال ألفــت انتبــاه‬ ‫مســئول املطعــم‪ ،‬وحــذرين مــن الرثثــرة وإزعــاج‬ ‫الروائيــن‪ ،‬قائــاً‪« :‬عــذرا ً‪ ..‬لــن تســتطيع أن‬ ‫تجاريهــم يف الــكالم!» ثــم جــاء النــادل ووضــع‬ ‫أمامــي طبق ـاً بــه قطعــة واحــدة مــن الثلــج!‬ ‫كان الروائيــون يرثثــرون حــول فتــاة أجنبيــة‬ ‫تعــزف عــى البيانــو‪ .‬اكتفيــت أن أبتســم مــن‬ ‫بعيــد للروائيــة اللبنانيــة‪ ،‬وأنــا أطالــع صدرهــا‬ ‫العرمــرم وأتنهــد وأهــز رأيس حــرة‪ .‬هــي كانــت‬

‫القصيدة‬

‫خالد الجبور‬

‫يُس ّمونني ال ُبهلول‬ ‫وحدي أُس ّمي سقيفتي صومعة‬ ‫الرسي الوحيد‬ ‫وهذا ادعا َيئ‬ ‫ُّ‬ ‫« السقيفة» أقول للناس‬ ‫ويف قلبي أقول‪ :‬الصومعة‬ ‫غري ذلك‪ ،‬فأنا متفق مع الجميع ‪:‬‬ ‫أنا نصف مجنون‪ ،‬ونصف ضال‬ ‫أنا بُ ُ‬ ‫هلول الرباري كام يقولون‬ ‫أتحدث مع كبش الغنم يف الليل‬ ‫وأقطع صاليت‪،‬‬ ‫ألوبّخ الحصان عىل صهيله األخرق‬ ‫ثم ال أعود إىل الصالة‬ ‫أنساها أياماً‬ ‫كأن األيام ساعات‬ ‫الصغري‬ ‫فإن حط ّْت حامم ٌة يف فنايئ ّ‬ ‫لت َ‬ ‫لتهدل‬ ‫ه َد ُ‬ ‫ِ‬ ‫صل‬ ‫ّيت لتُ ّ‬ ‫وصل ُ‬ ‫وإن دنا مني قطي ُع الغزالن؛‬ ‫ناديته لصال ِة الجامعة‬ ‫أصل بال ركوع أو سجود‬ ‫وقمت ّ‬ ‫ذاهل أو مخطوف‬ ‫سأق ّر بأين ٌ‬ ‫وهــم ســيق ّرون بــأ ّن ذهــويل وانخطــايف‬ ‫صــاة !‬

‫تبتســم يل‪ ،‬وأيضــاً هــزت رأســها هــزة خفيفــة كان يرثثــر بثقــة كأي روايئ‪ ،‬وطريقتــه يف نطــق‬ ‫وراحــت تنفــث دخــان ســيجارتها يف اتجاهــي كلمــة «لــذة» قرصتنــي وذكرتنــي مبــارشة‬ ‫بصــدر الروائيــة اللبنانيــة وشــفتيها وهــي تنفــث‬ ‫بطريقــة مثــرة‪ ..‬أو أنــا تخيلتهــا مثــرة‪.‬‬ ‫ســيجارتها‪.‬‬ ‫ال شك أنها روائية نزقة!‬ ‫أثنــاء انـرايف وبطريقــة لطيفــة‪ ،‬دون أن يشــعر‬ ‫ـت متأكــدا ً إذا كنــت قــد استســلمت إللحــاح‬ ‫ـ‬ ‫لس‬ ‫أحــد‪ ،‬صافحتهــا خلســة وأعطيتهــا رقــم غرفتي يف‬ ‫ُ‬ ‫ورقــة صغــرة وتوقعــت عــى األقــل أن تتصــل يب الزميــل الــروايئ امللتحــي وخرجــت للصــاة معــه‬ ‫ونخــرج للتمشــية عــى البحــر يف الليــل أو رشب أم ال! كل مــا أتذكــره بعــد ذلــك أننــي وجــدت‬ ‫نفــي يف صحــراء خاليــة مــن البــر واملبــاين‬ ‫كأســن يف بــار «‪.»360‬‬ ‫رتبــت نفــي أن أكــون جريئـاً أكــر وأدعوهــا إىل واألشــجار‪ ..‬ال يشء ســوى مســجد صغــر الحجم‪..‬‬ ‫غرفتــي عــى كأس برانــدي فرنــي واســتبدت يب أمامــه طاولــة عليهــا عـرات النســخ مــن روايــة‬ ‫«معــاً إىل األبــد»‪ .‬اقرتبــت وجــاً مــن بــاب‬ ‫الرغبــة يف عضعضــة حلمــة أذنهــا‪.‬‬ ‫ظللــت منتظ ـرا ً اتصالهــا إىل أن غفــوت‪ ،‬وعندمــا املســجد املفتــوح فرأيــت شــيخاً معمـاً يعطينــي‬ ‫ســمعت الطــرق الخفيــف‪ ،‬نهضــت وفتحــت ظهــره وهــو يجلــس يف هيئــة التحيــات ويتاميــل‬ ‫البــاب فرأيــت زميلنــا الــروايئ امللتحــي صاحــب خفيفـاً إىل األمــام‪ .‬بــدا مــن انحناءتــه أنــه عجــوز‬ ‫روايــة «معــاً إىل األبــد»‪ .‬كان يرتــدي جلبابــه طاعــن يف الســن‪ ،‬فناديــت مــن بعيــد‪:‬‬ ‫األبيــض والطاقيــة الشــبيكة ويدعــوين إىل صــاة ـ «هل أدخل يا موالي؟»‬ ‫كنــت أشــعر بعــدم التــوازن ســمعت صوتــاً أجــش يشــبه صــوت الفنــان‬ ‫الفجــر جامعــة‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫مــن أثــر الســكر وال أعــرف كيــف منــت كل هــذا محمــد الســبع يف أفــام األبيــض واألســود‪:‬‬ ‫ـ «ســتعيش لحظــات ســعادة عابــرة‪ ..‬وحزنــاً‬ ‫الوقــت!‬ ‫طويــاً طويــاً»‬ ‫حاولت التملص منه فقلت له‪:‬‬ ‫ناديته مرة أخرى‪:‬‬ ‫ـ «لألسف يا صديقي أنا درزي مسيحي»‬ ‫حرصــت أال أكــون فجــاً معــه‪ .‬ابتســم وقــال ـ «موالي! أدخل؟»‬ ‫ُ‬ ‫بــإرصار‪« :‬وليكــن‪ ..‬اعلــم يــا زميــي العزيــز ـ «ســتعيش لحظــات ســعادة عابــرة‪ ..‬وحزنــاً‬ ‫أثابــك اللــه أنــك لــو واظبــت عــى صــاة الفجــر طويــاً طويــاً»‬ ‫جامعــة ثالثــن يوم ـاً ستشــعر بســعادة ولــذة‪ ..‬ـ «موالي!»‬ ‫أخ ـرا ً التفــت الشــيخ العجــوز ناحيتــي فرأيــت‬ ‫لــذة مل تــذق مثلهــا قــط!»‬

‫أحمد الخليل‬ ‫مل تكــن الطائ ـرات الحربيــة قــد اســتيقظت‬ ‫بعــد يف صبــاح الجمعــة ذاك‪ ،‬ورمبــا كان رامــي‬ ‫الهــاون امللتحــي يغــط يف نــوم عميــق‪ ،‬حــن‬ ‫وصلــت الســيارة أبكــر قليــاً مــن املوعــد‬ ‫املحــدد‪.‬‬ ‫التوتــر والقلــق يســيطران علينــا‪ ،‬الحقائــب‬ ‫متناثــرة يف البيــت‪ ،‬نتحــرك بعشــوائية غــر‬ ‫مفيــدة‪ ،‬مل نعــد نســتطيع تحديــد أيهــا أهــم‬ ‫حمــل الحقائــب إىل ســيارة األجــرة التــي‬ ‫ســتقلنا إىل لبنــان‪ ،‬أم ارتــداء مالبســنا‪ ،‬أم وداع‬ ‫الجــران الذيــن اســتيقظوا معنــا ورمبــا قبلنــا‬ ‫ملســاعدتنا أو ليعيشــوا معنــا اللحظــات األخــرة‬ ‫بعــد ســنوات مــن التضامــن والتعــاون ملواجهــة‬ ‫الخــوف أو محاولــة نســيانه أو مداراتــه‪،...‬‬ ‫فانبنــت صداقــة متينــة بيننــا‪ ،‬فقذائــف الهاون‬ ‫اليوميــة عــى حينــا‪ ،‬والتــي شــاءت األقــدار أن‬ ‫تخطئنــا عــدة مــرات فتحــت آفــاق الحــب‬ ‫بــن الج ـران‪ ،‬فالخطــر ووحــش املــوت يوحــد‬ ‫بــن البــر ليخلــق طاقــة حيــاة تعــن عــى‬ ‫االســتمرار‪ ..‬وكأننــا نجســد هنــا قــول املتنبــي‪:‬‬ ‫شــك ل َوا ِق ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫ــف‬ ‫ْــت َومــا يف امل َــ ْو ِت‬ ‫َوقَف َ‬ ‫كأن َ‬ ‫ّــك يف َجفــنِ الــ ّر َدى و ْهــ َو نائِــ ُم‬ ‫ألــح (أبــو وائــل) ســائق التكــي علينــا بزمــوره‪،‬‬ ‫وبغضــب رصخــت بيــزن ابنــي‪ :‬أيقــظ أختــك‪..‬‬ ‫ومل ِ‬ ‫متــض لحظــات حتــى ســمعت مشــاجرة‬ ‫ـدي‪ ،‬فغــزل تريــد متابعــة نومهــا غــر‬ ‫بــن ولـ َّ‬ ‫عابئــة بالســفر‪ ،‬وتدفــش يــزن برجلهــا‪ ..‬هنــا‬ ‫طــار صــوايب فرصخــت عليهــا‪ ،‬وكــدت أرضب‬ ‫االثنــن مــن شــدة التوتــر واإلربــاك (فنحــن‬ ‫نجهــز أنفســنا للرحيــل مــن البلــد وأنتــا‬ ‫تتقاتــان‪.)...‬‬ ‫حمــل بعــض جرياننــا الحقائــب الكبــرة ورتبهــا‬ ‫الســائق يف (الطبــون)‪ ،‬ونظ ـرا ً لحجمهــا الكبــر‬ ‫أبقــى أبــو وائــل غطــى الطبــون مفتوح ـاً مــع‬ ‫ربــط الحقائــب بإحــكام‪...‬‬ ‫كانــت لحظــات وداع الجـران وبعــض األقــارب‬ ‫طويلــة جــدا ً‪ ،‬مل نعــرف كيــف متلصنــا مــن‬ ‫الدمــوع والعناقــات وعبــارات الــوداع والحــض‬ ‫عــى االنتبــاه مــع الدعــوة للعــودة بالســامة‬ ‫(إن شــاء اللــه برتجعونــا قريبــا‪ ..‬إن شــاء‬ ‫اللــه بتوقــف الحــرب وبتعودنــا ســاملني‪...‬‬

‫وجهــه محروقــاً ومتفحــاً‪ ..‬أرسعــت هاربــاً‪..‬‬ ‫وقبــل أن أتجــاوز ســور املســجد الخارجــي‬ ‫جذبتنــي يــد حــارس يرتــدي خــوذة ويحمــل‬ ‫رمحــاً‪ ،‬ودون أن يتكلــم معــي أعطــاين ســيفاً‬ ‫خشــبياً وربــت عــى كتفــي ثــم خلــع خوذتــه‬ ‫ووضعهــا فــوق رأيس‪.‬‬ ‫كنــت متضايقــاً ألننــي فقــدت أثــر الروائيــة‬ ‫ُ‬ ‫اللبنانيــة الشــقراء وبــدالً مــن أمســك يدهــا‬ ‫وأقبلهــا وجدتنــي أســر يف الصحــراء وأحمــل‬ ‫ســيفاً خشــبياً‪ ..‬ثــم ظهــر يل مــن دون توقــع‬ ‫ســور مــن أشــجار اآلس بزهورهــا البيضــاء‪.‬‬ ‫ـت ألــوح بالســيف يف الهــواء وأجــري منتشــياً‪،‬‬ ‫رحـ ُ‬ ‫إىل أن وصلــت إىل نفــق مظلــم ورأيــت عــى‬ ‫مدخلــه امللــك ريتشــارد الثالــث‪ ،‬رمبــا ألننــي‬ ‫ـت مفتونـاً مبرسحيتــه‪ ..‬كان واقفـاً بجــوار رأس‬ ‫كنـ ُ‬ ‫حصــان مبتــور وهــو يصيــح صيحتــه الشــهرية‪:‬‬ ‫ـ «مملكتي مقابل حصان!»‬

‫اندفعت أقلد صيحته بطريقتي الهزلية‪:‬‬ ‫ـ «مملكتي مقابل امرأة»!‬ ‫كالنــا راح يصيــح يف اتجاهــن مختلفــن‪ .‬هــو‬ ‫يصيــح‪« :‬مملكتــي مقابــل حصــان»‪ ،‬وأنــا أصيــح‪:‬‬ ‫«مملكتــي مقابــل امــرأة»‪.‬‬ ‫كنــت أصيــح وأجــري وألــوح بالســيف داخــل‬ ‫ـت أســمع خريــر املــاء تحــت قدمــي‪.‬‬ ‫النفــق‪ ،‬وكنـ ُ‬ ‫مل أعــد أرى شــيئاً عــدا يــدي وهي تطوح الســيف‬ ‫ميينـاً ويســارا ً‪ .‬أجــري وأزعــق‪« :‬مملكتــي مقابــل‬ ‫امــرأة»‪ ..‬ثــم ضــاق يب النفــق فوضعــت الســيف‬ ‫يف فمــي وأكملــت طريقــي حبــوا ً إىل أن وصلــت‬ ‫إىل لســان صخــري ميتــد داخــل البحــر ويف نهايتــه‬ ‫بــار «‪ ..»360‬موســيقى صاخبــة تصــدح حولــه‪..‬‬ ‫كان البــار مزدحـاً بشــباب وفتيــات أوروبيــات‪..‬‬ ‫دخلــت شــاهرا ً ســيفي فرأيــت الــروايئ امللتحــي‬ ‫يســكر مــع الروائيــة اللبنانيــة التــي كانــت‬ ‫تدخــن بنفــس طريقتهــا املثــرة‪ ..‬فرصخــت‬ ‫منقضـاً عليهــا بالســيف الخشــبي‪« :‬اللــه أكــر»‪.‬‬

‫س��فر اخلروج م��ن اجلحيم‬ ‫اللــه يحميكــون يــارب‪ ،).....‬تخلصنــا مــن ثقــل‬ ‫الــوداع وآالمــه بدخولنــا إىل الســيارة‪ ..‬لوحنــا‬ ‫بأيدينــا‪ ،‬يف حــن كانــت الدمــوع املشــهد األخري‬ ‫الــذي بــدأ يتــاىش خلــف زجــاج الســيارة‪...‬‬ ‫أول ســؤال وجهــه أبــو وائــل يل وأعــادين‬ ‫مــن خاللــه إىل ســاحة الوعــي‪ :‬أنــت بتعــرف‬ ‫الحواجــز القريبــة مــن حارتــك‪..‬؟ أجبتــه‪:‬‬ ‫ليــش؟ مشــان مــا يعذبونــا بالتفتيــش‪..‬‬ ‫حاجــز اللجــان الشــعبية (الدفــاع الوطنــي) يف‬ ‫مدخــل الضاحيــة وباعتبــار وجوهنــا مألوفــة‬ ‫لــه أشــار إلينــا باملتابعــة‪ ..‬الحاجــز الثــاين‬ ‫(أمــن عســكري) بعــد األول بحــوايل ثالمثائــة‬ ‫مــر اكتفــى بالنظــر يف وجوهنــا وبالســيارة‬ ‫وبالهويــات ورضب الســيارة مــن الخلــف‬ ‫(الحركــة املعروفــة لنــا والتــي تعنــي امشــوا)‪،‬‬ ‫وأحيانــا يقــول مــع رضب الســيارة بكفــة‪:‬‬ ‫(طــاع)‪..‬‬ ‫العســكري الواقــف يف حاجــز مدينــة التــل‬ ‫املقابــل لحــي (البعــث) كان كــا يبــدو‬ ‫مســتيقظاً حديث ـاً مــن النــوم وعالئــم القــرف‬ ‫مــن كل يشء باديــة عــى وجهــه‪ ،‬أشــار بيــده‬ ‫إلينــا للمتابعــة‪...‬‬ ‫الحاجــز التــايل (حــرس جمهــوري) حســب‬ ‫اللوحــة عــى كتفــه‪ ،‬تأمــل الحقائــب املتدليــة‬ ‫واملربوطــة يف الطبــون فتــح الســحاب دس يــده‬ ‫متفحصـاً‪ ..‬ثــم أشــار إلينــا بالذهــاب‪ ..‬بعــد أن‬ ‫أعــاد إلينــا هوياتنــا‪.‬‬ ‫ظــل الخــوف مســيطرا ً علينــا مــن الحواجــز‬ ‫وتنوعهــا‪ ،‬هــذا الخــوف مســتقر يف قلوبنــا منــذ‬ ‫خمســن عام ـاً‪ ،‬فــأي رجــل أمــن ميــر بجنبنــا‬ ‫يزيــد مــن دقــات قلوبنــا‪ ..‬رغــم ذلــك بقيــت‬ ‫عــى رباطــة جــأيش الكاذبــة أمــام عائلتــي‬ ‫والســائق باعتبــاري رجــل رشقــي ينبغــي لــه‬ ‫عــدم الخــوف‪..‬؟!!‬ ‫عــى حاجــز الصبــورة أمــر العســكري بتجهــم‬ ‫(الشــوفري) بالوقــوف عــى اليمــن والنــزول‬ ‫مــن الســيارة وجلــب هوياتنــا معــه‪ ،‬غــاب‬ ‫الســائق دقائــق بــدت لنــا ده ـرا ً وعــاد قائ ـاً‬ ‫(بدهــون يفيّشــوكن)‪ ..‬أخــذ العســكري (حــرس‬ ‫جمهــوري) البطاقــات الشــخصية ودخــل‬ ‫املحــرس إلدخــال أســائنا إىل جهــاز الكمبيوتــر‬ ‫الــذي يحتــوي عــى مئــات املطلوبــن‪ ..‬ومــن‬

‫داخــل الســيارة رأيــت أن الجهــاز أعطــى‬ ‫إشــارة حمــراء‪( ،‬مرعوبــاً قلــت يف نفــي‬ ‫أكلناهــا وضاعــت الســفرة‪ ،)..‬دخــل الســائق‬ ‫إىل املحــرس وعــاد بعــد قليــل قائــاً‪ :‬أول مــا‬ ‫شــعل الضــوء األحمــر فكــرت أنــك مطلــوب‬ ‫لكــن تأكــد العســكري مــن اســمك مــا يف‬ ‫يش‪ )...‬عــاد العســكري وطلــب مــن الســائق‬ ‫االنتظــار قلــت‪ :‬شــو املشــكلة؟ قــال الســائق‪:‬‬ ‫بــدو مصــاري‪..‬؟!!‬ ‫وقــف الســائق لُحيظــات مــع العســكري‬ ‫ناولــه خمســائة لــرة بشــكل مــوارب وأخــذ‬ ‫هوياتنــا‪ ..‬وأمرنــا العســكري‪ :‬ياللــه طــاع‪.‬‬ ‫تنفســت الصعــداء بعــد نصــف ســاعة انتظــار‬ ‫كان خــويف خاللهــا مضاعف ـاً‪.‬‬ ‫انطلقــت الســيارة وانطلــق معهــا صــوت فــروز‬ ‫(حبيبــي بــدو القمــر والقمــر بعيــد‪ )...‬هــدأ‬ ‫وجيــب القلــب واســتقر النبــض يف حــدوده‬ ‫الطبيعيــة تقريبــاً‪...‬‬ ‫حــن اســتوت الســيارة عــى اتوسـراد دمشــق‪-‬‬ ‫بــروت قــال الســائق‪ :‬مــن هــون وحتــى‬ ‫الحــدود كل الحواجــز معــروف شــغلها ونحــن‬ ‫حافظينهــون وحافظــن الطريــق‪..‬‬ ‫قــرب الدميــاس توقفنــا عنــد حاجــز الفرقــة‬ ‫الرابعــة وهــو حســب مــا قــال الشــوفري‬ ‫أصعــب حاجــز‪..‬‬ ‫أنزلنــا العســكري مــن الســيارة وبــدأ يتفحــص‬ ‫األبــواب واملقاعــد بالــرب عليهــا كــا فتــش‬ ‫التابلــو‪ ..‬وكل أجـزاء الســيارة مــن املحــرك حتى‬ ‫الطبــون ثــم أمرنــا بالوقــوف عنــد العســكري‬ ‫اآلخــر لتفتيــش األمتعــة والحقائــب‪..‬‬ ‫أنــزل العســكري كل مــا معنــا مــن أمتعــة‬ ‫وفتشــها عــى األرض بدقــة متناهيــة‪ ..‬وبعــد‬ ‫حــوايل ثلــث ســاعة أمرنــا بضــب األمتعــة‬ ‫وإعادتهــا إىل الســيارة‪ ..‬وقــف مــع الســائق‪،‬‬ ‫أخــذ منــه باكيــت دخــان مارلبــورو‪ ..‬وانطلقنــا‬ ‫مــن جديــد‪...‬‬ ‫تنهــد الســائق الخبــر قائ ـاً‪ :‬خلــص ماعــد يف‬ ‫أي تفتيــش ومل يبـ َـق أمامنــا إال حاجزيــن واحــد‬ ‫بياخــود باكيــت دخــان مارلبــورو أيض ـاً وآخــر‬ ‫حاجــز للفرقــة العــارشة بياخــود مائتــي لــرة‪...‬‬ ‫هــذا خســكارو‪!!...‬‬

‫ســألت الســائق‪ :‬هــذا األمــر يومــي؟ فأجــاب‪:‬‬ ‫الذهــاب متــل العــودة متامــاً‪ ،‬كل ســفرة‬ ‫بتكلــف حــوايل ســتة آالف لــرة‪ ..‬هنــا تســليت‬ ‫بحســاب عــدد الســيارات والحافــات التــي‬ ‫تدخــل لبنــان يوميــاً واملبالــغ الهائلــة التــي‬ ‫تدخــل جيــوب عنــارص الحواجــز‪ ...‬لكــن رأيــت‬ ‫القصــة متعبــة‪ ...‬فعــدت إىل صــوت فــروز‪....‬‬ ‫(يــا جبــل البعيــد خلــف حبايبنــا‪)...‬‬ ‫قطعــت نغمــة الرســالة الــواردة إىل موبايــي‬ ‫اســتمتاعي باألغنيــة‪( :‬اللــه معكــون يــا‬ ‫حبايــب رح اشــتقلكون كتــر)‪ ،‬كانــت الرســالة‬ ‫مــن أختــي ســحر‪ ،‬والتــي مل تغــب عنــي أبــدا ً‬ ‫يف كل زيــارات الســجن طــوال ســبع ســنوات‪،‬‬ ‫ضبطــت نفــي ومنعتهــا مــن البــكاء حــن‬ ‫قــرأت الرســالة‪ ،‬يف حــن كانــت الحــدود تتالمح‬ ‫أمــام عينــي‪..‬‬ ‫اســتمر ختــم الجــوازات عــى الحدود الســورية‬ ‫دقائــق فقــط حيــث تكفــل الســائق باملهمــة‪،‬‬ ‫عبينــا كــروت الدخــول برسعــة وغادرنــا‬ ‫وعنــد املعــر األخــر (معــر الجــارك) أعطــى‬ ‫الشــوفري إىل العنــر املعلــوم وتابعنــا املســر‪...‬‬ ‫يف املســافة الفاصلــة بــن الهجــرة والجــوازات‬ ‫الســورية واللبنانيــة (حــوايل ‪ 6‬كــم) نظــرت‬ ‫إىل زوجتــي وأوالدي مبتسـاً وعالمــات الــرىض‬ ‫تغطــي وجهــي‪ ..‬فهمــت زوجتــي شــعوري‬ ‫وســألتني‪ :‬لســه جامعــة لبنــان شــو مــو‬ ‫خايــف‪..‬؟ أجبتهــا املهــم خرجــت مــن الحــدود‬ ‫ـايض ومل يحــدث‬ ‫الســورية ســاملاً‪ ،‬ومل يـــأبهوا مبـ َّ‬ ‫أي تشــابه أســاء‪ ،‬بيجــوز نتعــذب شــوية يف‬ ‫حــدود لبنــان بســبب (خرينــة) عنــارص الهجــرة‬ ‫والجــوازات لكــن عــى األقــل مــا يف أي خطر‪....‬‬ ‫أخرجــت ســيجارة (رغــم أين ال أدخــن) ضيفــت‬ ‫الســائق فاعتــذر (الحمــد اللــه أنــا صائــم)‬ ‫اســتأذنت منــه وأشــعلت ســيجاريت‪ ...‬فيــا‬ ‫كانــت فــروز تتابــع أغنياتهــا مــن مســجلة‬ ‫الســيارة (نحــن وديــاب الغابــات ربينــا وبالليــل‬ ‫الداجــي العتــات مشــينا‪)....‬‬ ‫فيــا يتــاىش هديــر الطائــرات الحربيــة مــن‬ ‫ذاكــريت وهــي تقصــف املــدن والقــرى مــع‬ ‫االنفجــارات املدويــة لقذائــف الهــاون حــول‬ ‫بيتنــا الــذي رمبــا ســيتحول إىل ذكــرى ســتذوي‬ ‫مــع تتــايل الســنني‪..‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«لبن��ان والبح��ر وهمس��ات الري��ح»‬

‫آرام كربيت‬ ‫تســلط الروائيــة اللبنانيــة «ديــاال بشــارة»‬ ‫يف روايتهــا الصــادرة عــن دار الفــارايب «‪»2012‬‬ ‫الضــوء عــى رحلــة الوجــع واألمل‪ ،‬حــن ترحــل‬ ‫مــن لبنــان الجميــل‪ ،‬حيــث الشــمس والهــواء‬ ‫والحريــة وبســاطة النــاس وتعقيــد الحيــاة‬ ‫السياســية واالقتصاديــة إىل الســويد‪ ،‬حيــث‬ ‫الجــال املصنــع واألحــام الكاذبــة وقســوة‬ ‫الســلطة يف عالقتهــا باملجتمــع بقوانينهــا‬ ‫ونظامهــا الــذي يكبــل اإلنســان ويحولــه إىل‬ ‫كائــن صغــر‪ ،‬مســتلب‪.‬‬ ‫مثــة بــوح‪ ،‬جميــل مــن خــال شــاعرية واضحــة‬ ‫ال ميكــن للمــرء أن يتغافلهــا‪ ،‬تقــول‪:‬‬ ‫«الزمــن‪ ،‬مثــل الريــح يف حالــة تغــر وتبــدل‪،‬‬ ‫ينتقــل مــن حالــة إىل أخــرى تبعــاً لتبــدل‬ ‫فصولــه ومراميــه‪ ،‬مــرة يكــون لطيفــاً ومــرات‬ ‫كثــرة يكــون مزمج ـرا ً‪ ،‬وبعــض امل ـرات يرمينــا‬ ‫فــوق صخــوره القاســية»‪.‬‬ ‫البطلــة يف الروايــة‪ ،‬شــابة يف مقتبــل العمــر‬ ‫تنتقــل مــن ثقافــة إىل ثقافــة‪ ،‬مــن أرض وبــر‬ ‫لهــم لــون عينــن وبــرة ومالمــح وطريقــة‬ ‫عيــش مختلفــة كليــاً عــن أرض أخــرى حيــث‬ ‫يغطــي الثلــج والــرد ثلثــي فصــول الســنة‬ ‫وثلثــه اآلخــر مطــر غزيــر وغيــم وكآبــة‪ .‬تقــول‪:‬‬ ‫ـ «ال أعــرف كيــف بنــى الســويديون هــذه البالد‬ ‫التــي ال تصلــح إال للدببــة‪ ،‬وكيــف اســتطاعوا أن‬ ‫يحولوهــا إىل مــكان صالــح لعيــش البــر‪ ،‬وهــا‬ ‫هــي قــد تحولــت إىل مــكان لجــوء وأحــام‬

‫شاهر خضرة‬

‫‪13‬‬

‫لقطاعــات برشيــة هائلــة عــى مــدار العــامل‪.‬‬ ‫يف طريــق رحلتهــا عــر دروب لبنــان املطلــة‬ ‫عــى الجبــل والبحــر تســتذكر وطنهــا‪ ،‬والحــرب‬ ‫األهليــة التــي رضبتــه يف الصميــم‪ ،‬االقتتــال‬ ‫العبثــي بــن اإلخــوة لصالــح أجنــدات طائفيــة‬ ‫ومصالــح دوليــة ومحليــة‪ ،‬الوقــت اململــوء‬ ‫باملصائــب واملصاعــب واملتاعــب‪ ،‬عاشــها‬ ‫لبنــان ونــاس لبنــان‪ ،‬زمــن الحــرب التــي أكلــت‬ ‫االخــر واليابــس‪ ،‬الفضــاء واألرض وأعــاق‬ ‫البحــار‪.‬‬ ‫تقول البطلة‪:‬‬ ‫ـ «ســفحت دمــاء وقرابــن مجانيــة يف كل بقعــة‬ ‫مــن أرض لبنــان األخــر الجميــل‪ ،‬جثــث‬ ‫الضحايــا واألبريــاء مــن كل الرشائــح االجتامعيــة‬ ‫بشــكل مجــاين دون أي فائــدة تعــود لبلدنــا»‪.‬‬ ‫ثــم تكمــل بوحهــا قائلــة‪:‬‬ ‫«مل يخـ ُـل بيــت مــن ضحيــة أو قتيــل‪ .‬تعطلــت‬ ‫األعــال ومصالــح النــاس مــن كل الفئــات‬ ‫االجتامعيــة‪ ،‬الفقــراء واألغنيــاء‪ .‬نــزح الكثــر‬ ‫مــن النــاس مــن بيوتهــم هرب ـاً مــن القصــف‪.‬‬ ‫انتقلــوا مــن بيــت مهجــور إىل آخــر‪ ،‬ومــن‬ ‫مــكان إىل مــكان آخــر‪ .‬نامــوا يف الع ـراء‪ ،‬وعــى‬ ‫ضفــاف األنهــار أو عــى قمــم الجبــال وســط‬ ‫الــرد والثلــج واملطــر والضبــاب‪ .‬الكثــر مــات‬ ‫مــن الجــوع والــرد أو قتــل نتيجــة رصاصــة‬ ‫طائشــة يف غيــاب كامــل للدولــة وســيطرتها‬ ‫عــى مرافــق حياتهــا وحيــاة أبنائهــا‪ .‬تحــول‬ ‫لبنــان إىل مســتنقع للرصاعــات العبثيــة بــن‬

‫الــدول الكبــرة والصغــرة‪ ،‬وأصبــح مكانــاً‬ ‫لتفريــغ شــحنات الطاقــة الزائــدة للقــايص‬ ‫والــداين‪ ،‬لالعبــن الكبــار والصغــار ومرتعـاً إلدارة‬ ‫أزمــات القــوى الدوليــة املأزومــة»‪.‬‬ ‫ثــم تســلط الضــوء عــى الحيــاة يف بلدهــا‬ ‫الجديــد‪ ،‬الــرد القــارس‪ ،‬الجرافــات التــي تجــرف‬ ‫الثلــج منــذ الصباحــات الباكــرة‪ ،‬العالقــات‬ ‫االجتامعيــة املغلقــة لالجئــن إىل هــذا البلــد‪،‬‬ ‫ومشــهد حشــودهم املأســاوية‪ ،‬فالعراقــي‬ ‫ينســج عالقاتــه مــع العراقــي‪ ،‬والصومــايل مــع‬ ‫الصومــايل‪ ،‬والســوري مــع الســوري مــا يــرك‬ ‫أثــرا ً ســلبياً لــدى الســويديني عــن القادمــن‬ ‫الجــدد‪ ،‬تقــول البطلــة يف هــذا الســياق‪:‬‬ ‫«إن هــذا األمــر يجلــب الكثــر مــن األخطــاء‬ ‫للمقيمــن‪ ،‬يتحــول الحــي إىل تجمــع للغربــاء‪.‬‬ ‫كانتــون مغلــق‪ .‬يهــرب الســويديون مــن‬ ‫املــكان الــذي يعيــش فيــه الكثــر مــن األجانــب‬ ‫الالجئــن يهربــون الختــاف طريقــة العيــش‬ ‫والســلوك اليومــي والتعامــل االجتامعــي‬ ‫واإلنســاين‪ .‬لهــذا يلجــأ الكثــر منهــم إىل‬ ‫الضواحــي‪ .‬بــن الســويدي واألجنبــي اختــاف‬ ‫كبــر يف الجانــب الثقــايف‪ ،‬العــادات والتقاليــد‬ ‫والنظــرة للحيــاة والقيــم‪.‬‬ ‫أغلــب الذيــن رحلــوا أو ســافروا لإلقامــة يف‬ ‫الســويد يجمعهــم الخــواء والفــراغ والضيــاع‬ ‫والعزلــة عــن املجتمــع الجديــد لعــدم قدرتــه‬ ‫عــى فهــم ثقافــة البلــد املضيــف القائــم عــى‬ ‫الذاتيــة الكاملــة‪ ،‬حــب العزلــة‪ ،‬واالهتــام‬

‫رسول روحه كالغناء‬

‫‪1‬‬‫ٍ‬ ‫عىل كُث ٍُب رملية _ ُ‬ ‫الشمس بني فخذيها‬ ‫تفرك‬ ‫َ‬ ‫األفريقيتني _‬ ‫كل لآلخر ككر ْيت ط ٍني بكر‪.‬‬ ‫رمينا باسمينا ٌّ‬ ‫ألبس رسواالً إسمنتياً‬ ‫كنت ُ‬ ‫وقميصا مخطّطاً ك ُح ُم ِر الوحش‬ ‫ألف رأيس بشامخ أحمر اخرتته ألتذكَّ َر‬ ‫كنت‬ ‫د َم قلبي الذي يصبغ األضالع طاملا ُ‬ ‫عاشقا‪،‬‬ ‫هناك ظهر يل اس ُمه كرسو ٍل للغناء‬ ‫شامي‬ ‫بعينيه النافذتني من‬ ‫ٍ‬ ‫عشب ّ‬ ‫بأسنانه املشطيّة املفرتّة‪.‬‬ ‫مل أكن بحاجة إىل «دين جديد»‬ ‫نبي باسام كثمرة ناضجة؛‬ ‫أحتاج ثغ َر ٍّ‬ ‫ليدين تش ّدان بالسالم كحزامِ خرص مراهقة‪،‬‬ ‫كان طريّاً كأطراف كرمة‪،‬‬ ‫مل أطم ّنئ لبنطاله األخرض عريض النهاية‬ ‫وال لسالفيه املمت ّدين كعوسج ٍة إىل الخ ّد‬ ‫وال لنظرته الفوق ّية التي يغطّيها بعدستني‬ ‫الصقتني من الذكاء‪.‬‬ ‫و‪..‬‬ ‫أردتُ خوضَ ه كام مخاضة يف عتمة سفر‬ ‫ال أعرف عمق َها وال تيّارها‪.‬‬ ‫يئست من س ِرب أرساره‬ ‫مب ّكرا‬ ‫ُ‬ ‫فاتخذته رسوالً من السحاب‪.‬‬ ‫غامض الكثافة لألشجار‬ ‫املط ُر يف السحاب ُ‬ ‫نفسها‬ ‫فال تُتْ ِع ُب َ‬ ‫تتع ّرى لخيوطه املائ ّية‬ ‫تلفُّها عىل أغصانها دموعاً سامئ ّية‬ ‫وتحت ٍ‬ ‫شهي من تراب‬ ‫لحاف ٍّ‬ ‫تروا ُده جذو ُرها حتى ينتيش الخصب‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫أوتاري املبكر ُة تبحث عن أنامل‬ ‫موسيقاي بال نوطات‬ ‫فوىض كريا ٍح بال وجهة‪.‬‬ ‫رسويل يجيد العزف‪ ،‬لحونُه بني شفتيه‪،‬‬ ‫كم هي أصابعه بارعة اللَ ِعب عىل ثقوب‬ ‫الناي‪.‬‬ ‫يت له أوىل رجع صداه املنهمرة‬ ‫غ ّن ُ‬ ‫يت فوىض حممِ الجسد عىل غدير الرساب‬ ‫غ ّن ُ‬

‫َّقت يب يف الفضاء‬ ‫ريق الروح حملَتْني وحل ْ‬ ‫أعصـ ِر الذكرى‪ ،‬وبل َ​َّل َ‬ ‫أوحى يل بأن ْ‬ ‫ِ‬ ‫كان موع ُد صالة الفجر‪.‬‬ ‫يت له البكا َء كآالم الوالدة‬ ‫غ ّن ُ‬ ‫ساموي يشبه الحلامت‬ ‫حىص‬ ‫ٍّ‬ ‫جنو َن تَخيُّلِ صفريِ القصب يف رياح الصحراء‪ .‬هناك قرب ً‬ ‫سمعت ترتيلها‬ ‫تن َّبأ لتلك املطرات أن ترسي يف النسوغ‬ ‫ُ‬ ‫تصل جهرا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن تكون شجرا‪..‬‬ ‫أوحي إيل‬ ‫ظالال‪..‬‬ ‫_ ال تنظ ْر‪َ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫اكتف بالسمع‪.‬‬ ‫دروبا‪..‬‬ ‫وضعني أمام س ّجادتها‬ ‫رسمها رؤى إىل نهاية الدالالت‪.‬‬ ‫كانت تغ ّني للسامء ‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫(من ُ‬ ‫شفتي‬ ‫رس املا ِء األ َّو ِل‪ ..‬يف‬ ‫كان رسويل مزيجا من ورق وفكر وقلب‬ ‫يعرف َّ‬ ‫َّ‬ ‫وكيف تك َّو َن ط ٌني‪ ،‬وتشك َ​َّل مجرى من قطر ِة‬ ‫مىش أمامي مبصابيح وبروق‬ ‫ِ‬ ‫وكلام غاب يطلع صورا شعرية تَكُونُني وجها نه ْد؟‪).‬‬ ‫الساموات طباقا تتباع ُد‪ ،‬تتاميل نشوة‬ ‫وتَكُونُه نسوغا يف طيات النفس‪.‬‬ ‫النجوم ترتبّع أرجلها‪ ،‬تحني ظهورها وتستقيم‬ ‫يا يل‪..‬‬ ‫كتالميذ الكتاتيب‪.‬‬ ‫لو تدركونني من أنا يف نهاية املطاف!‪..‬‬ ‫شجر ٌة جذو ُرها يف هواء الغيب‬ ‫***‬ ‫تدلّت أغصانُها بثام ٍر من أحرف ٍ‬ ‫(أنهيت الحب لن أعيد تجربته)‬ ‫بيض‬ ‫ُ‬ ‫لغ ًة للشهوة‪.‬‬ ‫ربت عىل قلبي قائال مازلت عودا يف أول‬ ‫َ‬ ‫_ إقرأْ‪..‬‬ ‫غرسه‬ ‫ٌ‬ ‫مخضل‬ ‫ٌ‬ ‫صلصال‬ ‫_ رسولُك‬ ‫نه ٌر عظيم هو الحب‬ ‫هيكل يف ترائب نبعة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫يبدأ من فم الرضيع‪ ،‬والقصائد ال نهايته‪.‬‬ ‫سة ح ّواء‪،‬‬ ‫رحت أرصد كل نظرة تقع عىل امرأة‬ ‫كتابُك ُ َّ‬ ‫باسمها مألنا جوفك‪.‬‬ ‫أقطفها وأرسلها له‬ ‫ساد السكون‪ ،‬مل يع ْد لغنائها صوت‬ ‫كتبت له عن كل النساء‬ ‫التفت إىل وجهها‬ ‫منذ أول قبلة عابرة حتى آخر نقطة عىل سطر آنها‬ ‫ُّ‬ ‫الرحمي‬ ‫مل تكن امرأة‪ ،‬التي سمعت نشيدها‬ ‫الجنون‬ ‫ّ‬ ‫كان ظاللة ‪،‬‬ ‫إال امرأة واحدة مل أحدثه عنها‬ ‫رسي‪ :‬كان الله‬ ‫رسا ً من الجنون‬ ‫أوحي يف ّ‬ ‫رصها ّ‬ ‫امرأة تركتها لنفيس أ ُّ‬ ‫كانت الروح‪ ،‬وأوحي إ ّيل‪ ...‬وأوحي‪..‬‬ ‫والشهوات‬ ‫ثم احتملتني من رأيس تلك اليد بأصابعها‬ ‫ويف غفوته اآلن؛ غفو ٍة رسي ُرها اهتاممات‬ ‫َّقت يب فوق ٍ‬ ‫بيت عتيق‬ ‫أخرى‬ ‫وحل ْ‬ ‫سأحدثه عن عاطفة ال تصيب كل قرون إال‬ ‫الحج‬ ‫ُ‬ ‫ظننت أنني مدع ٌّو إىل ّ‬ ‫كانت دارنا سوداء من البلل‪،‬‬ ‫شاعرا‬ ‫يف تلك القرية املتلفّعة بعباءة العطش‪.‬‬ ‫شاعرا‪...‬‬ ‫أفلتتني أصاب ُع اليد‬ ‫يا رسويل!‪.‬‬ ‫ألهب َط كالدمعة عىل خ ِّد من يبيك يف نومه‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫ألدرك الفجر‪.‬‬ ‫‪2‬‬‫ما زالت آثا ُر األصابع عىل رأيس‬ ‫هبطت رويدا ً رويدا ً من السامء‬ ‫ظالل ٌة‬ ‫ْ‬ ‫وكل من ينظر إ َّيل كنت أخالُه‬ ‫أمسكت بأصابع ٍيد رأيس‬ ‫ْ‬ ‫األبدي‪.‬‬ ‫شعوري‬ ‫يشع ُر بآثار‬ ‫ٍيد َعشَ ْت رؤيتُها عىل حا ٍمل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬

‫بشــؤونه الخاصــة‪ ،‬الســفر‪ ،‬العمــل‪ ،‬االهتــام‬ ‫باألطفــال»‪.‬‬ ‫يغــوص البعــض عميقــاً يف شــؤون الحيــاة‬ ‫الجديــدة هربــاً مــن ذاتــه‪ ،‬وتأكيــدا ً لذاتــه‪،‬‬ ‫لحضــوره الوجــودي إنــه ليــس نكــرة فيبــدأ يف‬ ‫البحــث عــن املــال‪ ،‬يغــرق يف العمــل‪ ،‬يذهــب‬ ‫إىل البــارات‪ ،‬يحــاول أن يشــبع مــن الحيــاة‬ ‫يف املــكان الجديــد وكأنــه يركــض مــن ظلــه‬ ‫إىل مــكان ال يعــرف إىل أيــن ســيأخذه‪ ،‬ثــم‬ ‫يكتشــف أنــه ال ميســك إال الوهــم‪ .‬ينــى أن‬ ‫مــا كان يبحــث عنــه مل يكــن إال وهــاً‪ .‬ويف‬ ‫نهايــة املطــاف يتذكــر إنــه ودع قلوب ـاً جميلــة‬ ‫مســتقرة يف قيعــان الوطــن‪ .‬وطــن ال يبارحــه‪.‬‬ ‫لكــن الروائيــة يف جانــب آخــر مــن العمــل‬ ‫تتنــاول قضيــة يف منتهــى األهميــة‪ ،‬ترصدهــا‬ ‫بعــن الروائيــة الثاقبــة‪ ،‬تســتطرد يف وصــف‬ ‫حالــة النــاس‪ ،‬وعــدم معرفتهــم بإيقــاع الحيــاة‬ ‫القادمــة يف بلدهــم الجديــد‪ ،‬تقــول‪:‬‬ ‫ـ «يف الحقيقــة ان الكثــر مــن الذيــن يهاجــرون‬ ‫إىل اوروبــا ال يعرفــون يف العمــق مــاذا يريــدون‬ ‫مــن موطنهــم الجديــد‪ .‬أنهــم يف حالــة رصاع‬ ‫داخــي دائــم ومســتمر يســتفزهم الســؤال‪:‬‬ ‫هــل جئنــا إىل هنــا مــن أجــل العيــش الدائــم‬ ‫أم املؤقــت؟ هــل جئنــا للعمــل أم للرتويــح عــن‬ ‫النفــس أم هــو حالــة هــروب مــن واقــع قاتــم؟‬ ‫األوالد‪ ،‬كيــف ســنتعامل معهــم؟ هــل ســيبقون‬ ‫مســلمني‪ ،‬عربـاً أم ســويديني ال ديــن لهــم؟ هــل‬ ‫نتــاىش ونضيــع أم نبقــى عــى قيمنــا وعادتنــا‬

‫وديننــا وقيمنــا؟ هــل سيتمســك أوالدنــا بديننــا‬ ‫إذا غرزنــاه يف عقولهــم منــذ بــدأت طفولتهــم أم‬ ‫سيســخرون منــه؟» ‪.‬‬ ‫أســئلة كبــر تطرحهــا الروايــة‪ ،‬إنــه رصاع الثقافة‬ ‫والهويــة‪ ،‬األنــا واألخــر والحفــاظ عــى الــذات‬ ‫والخــوف مــن الذوبــان يف بلــد متطــور جــدا ً‪،‬‬ ‫يأخــذك مــن ذاتــك ويلغيــك دون وعــي منــك‬ ‫ألنــك ال متلــك القــدرة عــى املقاومــة‪ ،‬وألن‬ ‫الثقافــة املعــارصة قــادرة عــى هضــم الثقافــات‬ ‫املاضويــة‪ ،‬تلــك التــي ننتمــي إليهــا‪.‬‬ ‫يف محطــة أخــرى تســلط الروائيــة الضــوء عــى‬ ‫نفســية الالجــئ‪ ،‬انكســاره النفــي والروحــي‪.‬‬ ‫انكســار الهــارب‪ ،‬املهــزوم مــن الداخــل‪ ،‬كيــف‬ ‫تكــون؟ ومحاولــة كل فــرد يف البحــث عــن‬ ‫خالصــه الفــردي‪ .‬وإحســاس املهاجريــن بأنهــم‬ ‫عــبء عــى هــذا البلــد‪ ،‬وتحميــل آبائهــم‬ ‫وأجدادهــم مســؤولية مــا حــدث ويحــدث لهــم‬ ‫مــن أوضــاع قاســية‪ ،‬ولــدى األغلبيــة شــعور‬ ‫أنهــم فضلــوا االلتفــاف عــى الظلــم والقبــول‬ ‫بــه مــن أجــل الخــاص الفــردي‪.‬‬

‫فــتــى الــمـعـتـقــل (‪ - )٢‬مــهــجــع الـمـوت‬

‫ديمة محمود‬

‫حـ ّدثـهـــم أيهـــا الـمعتـقـــل‬ ‫الـغـــض‬ ‫ّ‬ ‫عـــن زنـــزانــــ ٍة تـضـيـــق‬ ‫بـجـسـد هـــا‬ ‫ال مـتّـسـع لـذراعـيـهـا‬ ‫ٍ‬ ‫سـياط ونـصـف‬ ‫سـوى ألربـعـ ِة‬ ‫و ال مـتـسع لـرجـلـيــهـا‬ ‫سوى لـسبـعـ ِة كـوابـل‬ ‫ازدحـم فـيـهـا تـسعـون‬ ‫جـسـمـاً فـضـائـيـاً‬ ‫أشـقـيـا ُء مـنـكـوبـون‬ ‫ساقـطـون مـن فـ ّوهـات‬ ‫الـحـيـاة‬ ‫مـلـفـوظـون نـحـو الـغـابـة‬ ‫تــائـهـون فـي رمـلٍ صـحـراوي‬ ‫فـي ٍ‬ ‫سـرمـدي الـوجـود ‪،‬‬ ‫مـوت‬ ‫ّ‬ ‫والـصـقـيـع‬ ‫فـكّـروا ذات أصـاب َع مـقـطـوعة‬ ‫أن يـفـتـحوا نـوافـ َذ حـنـاجـرهـم‬ ‫ويــمـسـكـــوا شـهـيـقـــهم‬ ‫و زفـيـرهـــم‬ ‫بـمـلء مــاردهـم‬ ‫لـيـطيـروا وسـع الـسـمـاء‬ ‫لـكـن سـج ّـانَـهـم‬ ‫الـمـخـضّ ـب بـأحـذيـة الـغـزاة‬ ‫مـنـذ الـتّـتـار والـمـغـول‬ ‫امـتـعــض مـن أنـفـه‬ ‫وارتـجـفـت أُذنـاه‬ ‫وصـ ّنـفـهـم حـثـاالتٍ‬ ‫وبـائـي ّـ ٍة وطـفيـلـ ّيـة‬ ‫أنـفـاسـهـم‬ ‫فـاقـتـلـع‬ ‫َ‬ ‫واسـتـأثـر بـخـبـزه مـع قـيـحـهم‬ ‫تـوسـدت أرضـاً‬ ‫قُـل لـهـم كـيـف ّ‬ ‫حـجـريّـة‬ ‫الـصـريـر والـقـيـظ‬ ‫فـي ّ‬ ‫دون غـطـا ٍء و ال فـراش‬ ‫تـضـاريـسـهـا‬ ‫حـفـرت‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫فـي جـسـدك الـهـزيـل‬ ‫وما زالـت تـلـك األخاديـد‬ ‫كـل يـوم‬ ‫والـشـّروخ تـذكّـرك ّ‬

‫كـل‬ ‫األنـيـن ُ يـتـمـ ّدد فـي ّ‬ ‫بـفـيـض الـقـسوة لـدى تـلك‬ ‫زوايـا الـغـرفة‬ ‫األحـجـار عـ ّمـا سـواهـا‬ ‫اآلهـاتُ تـسـتـشـري‬ ‫كـل أحـجـار األرض‬ ‫مـن ّ‬ ‫بـامـتـدادات األقـطـار‬ ‫أذكـ ُر قـفـزتَـك الـ ُمـستـديرة فـي مـن شـقـوق الـصـراصـري‬ ‫الـهـواء‬ ‫إلـى تـلـك الـكـ ّو ِة الـمـتـو ّحد ِة‬ ‫ـس املســا ِج مـع صـفـعـة الـسـجـان‬ ‫عــنـدمـــا أديـ َ‬ ‫ـت طقـ َ‬ ‫ِ‬ ‫والـمـسـتـسـلـمـة للـعـتـمـة‬ ‫للسـ ّجـان‬ ‫الـتي تـطـل عـلـيهـا‬ ‫فلم يـخـ ْرتك لـل ّنـومِ‬ ‫هـنـــاك بـمـالصـقـــ ِة مـدخـــلِ مـن الـسـرداب‬ ‫الـحـ ّمـــام‬ ‫يـجـتـثُّ األنـيـ ُن صـوتَـه‬ ‫فـرحـت يـو َمـها ألنـك نـجـوت‬ ‫َ‬ ‫مـن ثـنـايـا الـسـرمـديّـة اللّـزجـة‬ ‫تـدوسـك قدمـاه‬ ‫وأ ّن أحدا ً لن‬ ‫َ‬ ‫الـتـي تـل ُّ​ُـف كـل شـيء‬ ‫بـكـل شـيء‬ ‫الـ ُمبـتلّـة ِّ‬ ‫رائـحتَـهـا وانـكـسـا َرهـا‬ ‫مـع كـل لـجـو ٍء أو نــزوح‬ ‫صـمـتـَهـا وتـواطـأهـا‬ ‫يـقــيـئـانِ مـن ذلك الـح ّمـامِ‬ ‫ِ‬ ‫لـكـــل هـــؤالء سـوادَهـا وعــفـونـتـَهـا‬ ‫ِّ‬ ‫الـوحـيٓـــد‬ ‫أتـون َـهـا وصـقـيع َـها‬ ‫ا لـتّـسـعـيـــن‬ ‫قـد َر مـا مـ ّر عـلـيهـا‬ ‫الـمـتـكـ ّومِ مـذلـوالً‬ ‫مـظـلـومـون‬ ‫فـي أقـصـى الـقـرب‬ ‫كـالـجـ َيـــف و مــســحـوقـون‬ ‫بـرائـحــــ ٍة‬ ‫و مـسـتـضــعـفـون‬ ‫ا لـمتـعــفّـنـــة‬ ‫سمـعـت‬ ‫مـنـــذ مــــوت هـتـلـــر بخـمـــس وقد َر ما‬ ‫ْ‬ ‫سـيـاطاً وصـرخـات‬ ‫سـنـني‬ ‫ِ‬ ‫وحرشجات احتـضار‬ ‫جـدرا ُن ذلك الـقـرب‬ ‫الصـارخ ُة ظـلمـة ً وظـلـامً‬ ‫األنــني ُ واآلهـات‬ ‫الـنـاطـقـ ُة ألـمـاً وقـهـرا ً‬ ‫يـتـمـاهـيـان مـع آالمـك‬ ‫كـــل‬ ‫فيـتـمـتـمـــون جـميـعـــاً َّ‬ ‫أعـيـاهـا الـهـرم‬ ‫لـيلـــة‬ ‫شقّـقـتـهـا الـعـتـمـة‬ ‫بـكـائـيـاتـك‬ ‫وشـقـقت عـينيـك‬ ‫ويـخـوضـون غـمـار‬ ‫فـال ضـوء وال روح‬ ‫هـذيـانٍ مـعـربد‬ ‫وبـت تـرى‬ ‫ّ‬ ‫فـي حـضـرة األنـفاس األخـيـرة‬ ‫كـل شـي ٍء بـلـونٍ أسـود‬ ‫َّ‬ ‫فـي حـضـرة االحـتـضـار‬ ‫رض أيـا ِمـك‬ ‫كـام حـا ُ‬ ‫بـال أحـداق أو شـمـوع‬ ‫ومـقـبلُـهـا يف عـيـنـيـك‬ ‫بـال مـنـافـذ أو نـعـوش‬ ‫كام هي‬ ‫أنـفـاسـك ورفـاق َـك يف‬ ‫ُ‬ ‫وقـل لـهـم‬ ‫قــل لـهـم ْ‬ ‫ْ‬ ‫الـمـحدودب‬ ‫ذلك الـقـبـ ِر‬ ‫ِ‬ ‫بـؤسـاً وأوزارا ً‬ ‫عن ذلـك الـقـبـر‬ ‫عـن مــهــجــع الـمـوت‬ ‫ونـكـبـات‬ ‫ألـف مـر ٍة ومـر ٍة‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الشخصية الروائية‬ ‫أسعد فخري‬

‫يف كتابــه «الشــخصية الروائيــة ِمســبار‬ ‫الكشــف واالنطــاق» الصــادر عــن دار نــون‬ ‫‪ 2015‬يؤثــر الناقــد والــروايئ الســوري «هيثــم‬ ‫حســن» تفعيل اإلضــاءة النقدية يف اشــتغاالته‬ ‫بعيــدا ً عــن التقريــات التنظريــة والتحليليــة‬ ‫عاكف ـا ً يف اآلن ذاتــه عــى التلويــح مبقاربــات‬ ‫انطباعيــة تحمــل يف مضامينهــا املزيــد مــن‬ ‫االســئلة املل ّحــة واملثــرة التــي تخــص األبعــاد‬ ‫الوجوديــة للشــخصيات الروائيــة مــن مناظــر‬ ‫مختلفــة‪ ،‬أراد لهــا الناقــد أن تكــون مســاحة‬ ‫يتحقــق مــن خاللهــا لفــت األنظــار نحــو‬ ‫مســألة إشــكالية مل تســتقر بعــد مظاهــر‬ ‫مرجعيتهــا مــن وجهــة نظــره وال الوقــوف‬ ‫عــى اصطــاح جامــع ينظــم طرائــق مكوناتهــا‬ ‫البنيويــة يف اإلحــاالت‪ ،‬والثوابــت اللتــان‬ ‫تحققــان مالمســة موضوعيــة لذلــك اللغــز‬ ‫املحــر الــذي اســتغرق ومنــذ بدايــة القــرن‬ ‫التاســع عــر الكثــر مــن املعايــر التنظرييــة‬ ‫والتحليليــة داخــل املناهــج النقديــة املختلفة‪.‬‬ ‫تضمــن الكتــاب أربعــة مفاصــل أساســية‬ ‫تناوبــت يف إيضــاح رؤيــة الناقــد مــن خــال‬ ‫بحثــه الــدؤب عــن أجوبــة لألســئلة الشــمولية‬ ‫داخــل مــن مــن الشــواهد الكثــرة واإلحــاالت‬ ‫املنســوبة لكتــاب وروائيــن كبــار جلهــم‬ ‫مــن الفائزيــن بجائــزة «نوبــل» لــآداب‬ ‫آخــذا ً بعــن االعتبــار مقوالتهــم مبــا يخــص‬ ‫الشــخصية الروائيــة وتحوالتهــا‪.‬‬ ‫يف املفصــل األول والــذي جــاء تحــت عنــوان‪:‬‬ ‫«الشــخصية الروائيــة وســلطتها النافــذة» أكــد‬ ‫الناقــد هيثــم حســن عــى مســألة بــارزة‬ ‫ومهمــة مــن خــال اسرتســاله «االنطباعــي»‬ ‫يف مقاربتــه العديــد مــن املرتك ـزات الرئيســة‬ ‫ألمشــاج الشــخصية الروائيــة وتطــورات‬ ‫ظهوراتهــا وتخليقهــا وتحوالتهــا داخــل النــص‬ ‫الــروايئ ومــا قبلــه‪ ،‬مثــرا ً كــاً جديــدا ً مــن‬ ‫االســئلة الحائــرة داخــل لعبــة الكشــف‬

‫السراب‬

‫وفاء شهاب الدين‬

‫صــدر حديثــاً عــن مركــز البحــوث‬ ‫والدراســات االســراتيجية يف دولــة االمــارات‬ ‫العربيــة املتحــدة كتــاب «الــراب» لالكادميــي‬ ‫واملفكــر اإلمــارايت الدكتــور جــال ســند الســويدي‬ ‫والوكيــل الحــري لــه يف مــر وليبيــا مجموعــة‬ ‫النيــل العربيــة‪ ..‬الكتــاب يتضمــن يف أربعــة فصول‬ ‫اإلســام الســيايس بــن الخرافــة والواقــع والديــن‬ ‫والسياســة عالقــة تاريخيــة ورصاع دائــم ويقــدم‬ ‫يف الفصــل الثــاين حــاالت تطبيقيــة عــن الجامعــات‬ ‫السياســية‪ ..‬اإلخــوان املســلمون والســلفيون‬ ‫والتنظيــات الجهاديــة‪.‬‬ ‫ويتضمــن الفصــل الثالــث اتجاهــات الــرأي العــام‬ ‫حــول الجامعــات الدينيــة السياســية‪ .‬يقــع الكتاب‬ ‫يف (‪ )815‬صفحــة مــع رؤيــة ختاميــة‪.‬‬ ‫ويكشــف املؤلــف جــال الســويدي مديــر‬ ‫مركــز االمــارات للدراســات االس ـراتيجية عــن أن‬ ‫التطــرف هــو مقدمــة للقتــل ومرحلــة ســابقة‬

‫عــن معايــر مســتويات الواقــع‬ ‫والخيــال التــي تنبنــي عــى‬ ‫أساســهام الشــخصيات الروائيــة‬ ‫ومتوالياتهــا‪.‬‬ ‫أمــا املفصــل الثــاين «بعــض أطوار‬ ‫الشــخصية الروائيــة»‪ ،‬فقــد‬ ‫رصــد الناقــد مــن خاللــه ح ـراك‬ ‫الشــخصية الروائيــة وأمــاط‬ ‫اللثــام عــن مســألة جوهريــة يف‬ ‫االشــتغاالت الروائيــة مــن خــال‬ ‫تحــري املعادلــة األكــر صعوبــة‬ ‫وغموضــا ً يف أبعــاد الرتكيــب‬ ‫«الجينــي» للشــخصية الروائيــة‪،‬‬ ‫راغبـا ً مــن جـراء ذلــك الكشــف عــن جدليــة‬ ‫«الخيــال والواقــع» اللتــان تســتمد منهــا‬ ‫الشــخصية الروائيــة وجودهــا وحيواتهــا‬ ‫داخــل النــص الــروايئ‪.‬‬ ‫يف جانــب آخــر مــن هــذا املفصــل يبــدي‬ ‫الناقــد حذاقــة يف التصــدي ملوضوعــة الذكــورة‬ ‫واألنوثــة كشــخصيات روائيــة ملتقطــا ً‬ ‫شــواهد عديــدة وهامــة مــن «قلــب الحــوت‬ ‫األزرق» للــروايئ الكنــدي «جــاك بــوالن»‬ ‫الــذي يعتربهــا قطبــن أساســيني وأزليــن يف‬ ‫املفاعيــل الرسديــة ال بــد مــن وجــود جــدل‬ ‫حضورهــا يك يتحقــق منــاء الشــخصية‬ ‫الروائيــة وتزدهــر معانيهــا اإلنســانية‪.‬‬ ‫أمــا تعرضاتــه الالفتــة التــي أبداهــا يف هــذا‬ ‫املفصــل املهــم فهــي األكــر جــرأة مــن خــال‬ ‫محاكاتــه لروايــة «التحفــة» ألميــل زوال‬ ‫وتقصيــه املتحــري لرســم صــورة الفنــان داخل‬ ‫ماهيــة جنونــه وحريتــه وانفعاالتــه الصادمــة‪.‬‬ ‫ينهــي الناقــد هيثــم حســن املفصــل الثــاين‬ ‫بحديثــه املهــم عــن زئبقيــة الشــخصية‬ ‫الروائيــة وعالقتهــا بالــروايئ وانعــكاس كل‬ ‫منهــا عــى تحــوالت اآلخــر وموجوديتــه‬ ‫داخــل لعبــة الــرد املضنيــة‪.‬‬ ‫يف املفصــل الثالــث تحــت عنــوان «التداخــل‬ ‫بــن شــخصية الــروايئ وشــخصياته الروائيــة»‬ ‫يبــدي الناقــد «هيثــم حســن» الكثــر مــن‬ ‫الحــذر يف تنــاول هــذا الجانــب ومحاكاتــه‬ ‫عــى الرغــم مــن الســؤال الكبــر الــذي تصدى‬ ‫لإلجابــة عليــه عــر تنويعــات انطباعيــة‬ ‫حرصــت عــى االهتــام بجانــب وحيــد‬ ‫وأســايس لكنــه يتضمــن يف أبعــاده تعدديــة‬ ‫هائلــة مــن الرتابطــات الخالفيــة داخــل كل‬ ‫عمــل روايئ مــن خــال اســتدعاء كــم كبــر‬ ‫مــن املقاربــات النصيــة التــي تــيء الجوانــب‬ ‫الغامضــة لعالقــة الــروايئ بشــخصياته ناظرا ً إىل‬ ‫الركائــز األساســية ومحــددات عالقاتهــا الخفية‬

‫وفــق منظــور جــديل يرســم بنيويــة التامهــي‬ ‫بــن الــروايئ وشــخصياته الروائيــة والتــي‬ ‫نراهــا مــن وجهــة نظرنــا‪ ،‬الســؤال األهــم يف‬ ‫تفكيــك العالقــة بــن الــروايئ وســرة حيواتــه‬ ‫الوقائعيــة وعالقتــه امللتبســة باملحيــط‪،‬‬ ‫كذاكــرة ميكنــه مــن خاللهــا التحصــل عــى‬ ‫أبعــاد رسديــة متناميــة تشــتغل عــى ســد‬ ‫الثغــرات الحكائيــة داخــل العمــل الــروايئ‪.‬‬ ‫أمــا عمليــة املــزج بــن ســرية الــروايئ‬ ‫وموجوديــة شــخصياته يف النصــوص الروائيــة‪،‬‬ ‫فقــد أســهب الناقــد «هيثــم حســن» يف‬ ‫هــذا الجانــب كثــرا ً‪ ،‬مســتحرضا ً العديــد مــن‬ ‫املقــوالت التــي تأكــد مــا ذهــب إىل تقريــه‪،‬‬ ‫مؤثـرا ً يف اآلن ذاتــه تبيــان أوارص التــازج بــن‬ ‫الواقــع والخيــال‪ ،‬كــا أنــه يشــر إىل مفاعيــل‬ ‫جــد مهمــة تكشــف عــن معايــر كان لهــا دور‬ ‫بــارز يف إماطــة اللثــام عــن شــخصيات روائيــة‬ ‫لروايــات شــهرية كانــت جينــة حضورهــا‬ ‫داخــل ســرية كتابهــا‪ ،‬مــرزا ً األثــر الكبــر‬ ‫الــذي يرتكــه الواقــع واملعيــوش عــى خيــاالت‬ ‫الــروايئ‪ ،‬وذلــك مــن خــال لعبــة املواءمــة بــن‬ ‫عــوامل الــروايئ وســلوكات شــخصياته الروائيــة‪،‬‬ ‫متصديـا ً بحصافــة الفتــة للســؤال الكبــر الذي‬ ‫يربــط بــن ماهيــة الواقــع وانعكاســه عــى‬ ‫اشــتغاالت املخيــال الــروايئ داخــل النصــوص‪.‬‬ ‫أمــا املفصــل الرابــع واألخــر يف كتــاب هيثــم‬ ‫حســن فقــد جــاء تحــت عنــوان إشــكايل‪:‬‬ ‫«مرونــة الشــخصية وتفعيلهــا املســتمر‪ ،‬التأثري‬ ‫والتأثــر يف الروايــة»‪ ،‬أراد مــن خاللــه إيضــاح‬ ‫العالقــة التأثرييــة التــي يرتكهــا النــص الــروايئ‬ ‫عــى املتلقــي‪ ،‬راصــدا ً العديــد مــن التجــارب‬ ‫الروائيــة التــي تحــايك هــذا التأثــر وتحصيالتــه‬ ‫مــا ينعكــس بالــرورة عــى حضــور النــص‬ ‫الــروايئ مقرونــا ً بنتائــج القــراءات املختلفــة‬ ‫لهــذا النــص‪ ،‬مبينـا ً األبعــاد التــي ينــاط األخــذ‬ ‫بهــا الكتشــاف االنعــكاس القــرايئ يف عمليــة‬ ‫التأثــر والتأثــر يف الوقــت الــذي مل يدخــر‬ ‫الناقــد جهــدا ً مــن خــال إي ـراد العديــد مــن‬ ‫املتقاربــات التــي ترصــد األثــر الــذي تخلفــه‬ ‫النصــوص الروائيــة عنــد متلقيهــا‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاع الناقــد والــروايئ الســوري‬ ‫«هيثــم حســن» مــن خــال كتابه «الشــخصية‬ ‫الروائيــة» أن يرســم أبعــادا ً جديــدة ملفاعيــل‬ ‫الشــخصية الروائيــة بلغــة سلســة وبارعــة‬ ‫يف تقــري الغامــض يف اشــتغاالتها بحصافــة‬ ‫وإمعــان ال يخلــوان مــن التأمــل الــذي يطمــح‬ ‫إىل اكتشــاف كنــه املفيــد يف مالمســة األســئلة‬ ‫التــي مــا زالــت عالقــة وتبحــث عــن إجابــات‬ ‫أكــر دقــة ورصامــة يف الكشــف والتفعيــل‪.‬‬

‫تنامي األساليب الفنية احلديثة‬ ‫ودورها يف إثراء الفن التشكيلي‬ ‫فهد الحسن‬

‫إن املتابــع للخــط البيــاين املرتبــط‬ ‫بتطــور األســاليب الفنيــة الحديثــة يالحــظ‬ ‫أن هنــاك مــا يشــبه حــرق املراحــل‪،‬‬ ‫ومحــاوالت حثيثــة لتخطــي مــا كان‬ ‫متبع ـاً مــن قبــل يف محاولــة للوصــول إىل‬ ‫فهــم حقيقــي آلليــة التعامــل مــع هــذا‬ ‫الربنامــج البــري الــذي يخاطــب الحيــاة‪،‬‬ ‫ويغــرف مــن معينهــا لــي يثبــت الفكــرة‬ ‫عــن رصاعاتهــا وأقانيــم إبداعهــا‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫لــي يظـ ّـل متواصـاً مــع مــا يحــدث فيهــا‬ ‫مــن إرهاصــات وتطــور‪ ،‬يكــون هــو فيهــا‬ ‫قريبـاً منهــا‪ ،‬ولصيقـاً مبــا تفــرزه دومـاً مــن‬ ‫رؤى فكريــة وسياســية تســهم يف بلــورة‬ ‫رؤاه هــو وتســاعد عــى صقلهــا والتامهــي‬ ‫معهــا‪ ،‬وهــذا يتــأىت مــن توافــر األســاليب‬ ‫الحديثــة التــي تواكــب هــذه الرحلــة‬ ‫فتتآخــى معهــا‪ ،‬وتنشــدان بــآن معــاً‬ ‫قضايــا املجتمــع واإلنســان‪ ،‬ومــا يســكنه‬ ‫مــن هواجــس‪ .‬يف عــامل بــات مكتظــاً‬ ‫باألزمــات والرصاعــات‪ .‬ولعــل األســاليب‬ ‫الفنيــة الحديثــة التــي باتــت تحمــل‬ ‫الجســد التشــكييل إذا جــاز لنــا التعبــر‪،‬‬ ‫هــي التــي باتــت ركيــزة ومحــط أنظــار‬ ‫املراقبــن واملتابعــن‪ ،‬وبالتــاىل أصبحــت‬ ‫تشــد املتلقــن وتجذبهــم لــي يتفاعلــوا‬ ‫مــع عــامل اللوحــة والفنــان‪ ،‬ويغوصــوا فيــه‬ ‫الســتنباط مــا يغنــي ذائقتهــم الجامليــة‬ ‫والبرصيــة‪ ،‬حيــث تســهم أســلوبية العمــل‬ ‫الفنــي يف إظهــار النتائــج املرجــوة مــن‬ ‫عدمــه‪ .‬وتشــر هنــا إىل أن األســاليب‬ ‫الفنيــة التقليديــة واملــدارس التشــكيلية‬ ‫القدميــة مل ينحــر دورهــا‪ ،‬بــل كانــت وما‬ ‫زالــت متثــل ج ـرا ً بــن التيــارات الفنيــة‬ ‫الالحقــة التــي اســتمدت منهــا ألقهــا‬ ‫وقدرتهــا الديناميكيــة املؤهلــة لــوالدة‬ ‫أســاليب أخــرى حداثيــة تولــد مــن رحمها‪،‬‬ ‫وتعتنــق فلســفتها وتكــون بالنســبة لهــا‬ ‫كمرجعيــة دامئــة‪ ،‬تنهــل منهــا مــا ميكنهــا‬ ‫مــن نــر رؤاهــا وأســاليبها املتطــورة‪ .‬دون‬ ‫أن ترمــي وراء ظهرهــا فضــل املدرســة‬ ‫األم‪ ،‬ولكــن باملقابــل هنــاك مــن هــدم‬ ‫تلــك الصلــة الوثيقــة‪ ،‬واســتغنى عنهــا‬ ‫برمتهــا لقناعتــه بأنهــا قــد أصبحــت باليــة‬ ‫ومتخلفــة عــن لغــة العــر ومــا تفــرزه‬ ‫يوميـاً مــن تكنيــك جديــد يســتلزم قوالــب‬

‫جديــدة قــادرة عــى تحقيــق األهــداف‬ ‫التــي ينشــدها هــذا التيــار‪ ،‬أو ذاك‪ ،‬وبــن‬ ‫هــذا وذاك كانــت هنــاك موجــة جديــدة‬ ‫غرائبيــة التوجــه‪ ،‬ومتطرفة الفكر‪ ،‬نســفت‬ ‫كل هــذا اإلرث التاريخــي‪ ،‬وجنحــت‬ ‫نحــو األســاليب التــي تقــوم عــى فكــرة‬ ‫األهــداف والرصاعــات التــي اعتمــدت‬ ‫عــى عنــارص كثــرة ومنســية‪ ،‬ووظفتهــا‬ ‫يف أعاملهــا الفنيــة دون النظــر إىل مداهــا‬ ‫الجــايل وســرورتها الحداثيــة‪ ،‬وبــات‬ ‫التجديــد بحــد ذاتــه هــو الهدف املنشــود‪،‬‬ ‫وإن كان ذلــك عــى حســاب الجامليــات‬ ‫التــي تعتــر محــورا ً أساســياً يف أي عمــل‬ ‫إبداعــي‪ .‬ومــن املؤســف أن الكثرييــن‬ ‫ركبــوا هــذه املوجــة‪ ،‬واعتمدوهــا رؤيــة‬ ‫ثابتــة وبنــوا عليهــا عواملهــم الداخليــة‪،‬‬ ‫وحملوهــا مــا ال تســتطيع احتاملــه‪،‬‬ ‫فباتــت كالخلطــة التــي تفتقــد للتجانــس‬ ‫واالنســجام‪ ،‬وهــذا مــا جعلهــا عرضــة‬ ‫للهشاشــة والنســيان ﻷن مــا يبقــى أخ ـرا ً‬ ‫هــو األصيــل والحقيقــي النابــع مــن روح‬ ‫مبدعــة‪ ،‬تســعى دومــاً إلضفــاء ســمة‬ ‫القداســة والســمو يف أعاملهــا دون أن‬ ‫تغفــل حاجــة اإلبــداع دوم ـاً إىل االرتقــاء‬ ‫ومواكبــة الحيــاة يف أدق التفاصيــل‪.‬‬ ‫والواقــع أن الفــن هــو مــرآة الحضــارات‬ ‫واملنعكــس الرشطــي لوحــدة الفكــر‬ ‫اإلنســاين الــذي يضــع يف حســبانه أن‬ ‫التيــارات الفنيــة املتعاقبــة عــر العصــور‬ ‫واألزمــان مــا هــي إال القالــب الــذي‬ ‫يحتــوي تلــك التيــارات‪ ،‬والــذي يعــر عــن‬ ‫مكنونــات النفــس البرشيــة ويســمو بهــا‪،‬‬ ‫ويتنــاول مشــاكلها يف أدق تفصيالتهــا‪.‬‬ ‫واملطلــوب دومــاً متلــقٍ ميتلــك الرؤيــة‬ ‫الســليمة لقـراءة العمــل الفنــي والتواصــل‬ ‫معــه مبــا يلبــي احتياجــات البرشيــة مــن‬ ‫إبــداع يصــب يف مصلحــة الحيــاة ويعــر‬ ‫عنهــا باقتــدار وجــدارة‪.‬‬

‫مرك��ز اإلم��ارات للدراس��ات االس�تراتيجية يص��در «الس��راب»‬ ‫عليــه‪ ،‬يف إشــارة اىل أن تجاهــل الفكــر املتطــرف‬ ‫يف مراحلــه األوىل ســيؤدي يف مراحــل أخــرى إىل‬ ‫املزيــد مــن العنــف واإلرهــاب‪ ،‬وســيطال ذلــك‬ ‫الكثــر مــن مناطــق العــامل‪ ،‬ويف البــاب الثــاين‬ ‫يقــدم عرض ـاً تاريخي ـاً وتحليلي ـاً لحــاالت تــرد يف‬ ‫عاملنــا االســامي والعــريب ولهــا تجــارب يف التاريــخ‬ ‫املعــارص يتناولهــا بالتحليــل‪ ،‬وهــي جامعــة‬ ‫«اإلخــوان املســلمني» يف مــر التــي وصلــت إىل‬ ‫الحكــم هنــاك بــل‪ ،‬ويف عــدة دول عربيــة أخــرى‪.‬‬ ‫يركــز الكتــاب يف فصولــه عــى القيــم البحثيــة‬ ‫يف الــدول واملجتمعــات العربيــة واإلســامية‬ ‫ويف مقدمتهــا الــراع الــذي تخوضــه الكثــر‬ ‫مــن الــدول ضــد الفكــر املتشــدد أو املتطــرف‬ ‫وجامعاتــه وتنظيامتــه‪.‬‬ ‫ورغــم تعــدد األدبيــات التــي تناقــش الجامعــات‬ ‫الدينيــة عــى املســتوى الفكــري والتنظيمــي‬ ‫والحــريك‪ ،‬فــإن الكتــاب يتعــرض لهــذه الظاهــرة‬

‫بشــكل معمــق ومغايــر‪ ،‬حيــث يتناولهــا مــن زوايــا‬ ‫بحثيــة متعــددة‪ ،‬فكريــة وسياســية وعقائديــة‬ ‫وثقافيــة واجتامعيــة‪ ،‬كــا يركــز عــى الفكــر الديني‬ ‫الســيايس الســني بشــتى تجلياتــه وجامعاتــه‪.‬‬ ‫ويوضــح املؤلــف الفــروق والتباينــات الفكريــة‬ ‫والتنظيميــة بــن هــذه الجامعــات‪ ،‬ويرصــد الكتــاب‬ ‫الظاهــرة تاريخيــاً متتبعــاً إياهــا وصــوالً إىل ذروة‬ ‫صعودهــا الســيايس يف بدايــة العقــد الثــاين مــن‬ ‫القــرن الحــادي والعرشيــن وتحديــدا ً مــع وصولهــا‬ ‫إىل صــدارة املشــهد الســيايس‪ ،‬واســتغالل موجــة‬ ‫االضطرابــات واألحــداث‪ ،‬كــا يوضــح الكتــاب مــن‬ ‫خــال التتبــع التاريخــي الفريد‪ ،‬القواســم املشــركة‪،‬‬ ‫واأليديولوجيــة املشــركة بــن هــذه الجامعــات‪،‬‬ ‫وحــدود االتفــاق واالختــاف بينهــا مــن أجــل‬ ‫بلــورة رؤيــة واضحــة لــدى املهتمــن والباحثــن‬ ‫وصنــاع الق ـرار والجمهــور بشــأن طبيعــة الظاهــرة‬ ‫موضــوع الكتــاب‪.‬‬


‫حرمل الثقاقة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪15‬‬

‫ابن الرقة حممد كعكه جي‪ ،‬ينال درع املركز الثاني يف جامعة الشرق األدنى يف قربص‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫رغــم القتــل والتدمــر الــذي طــال البــر‬ ‫والحجــر يف كل ســوريا‪ ،‬ورغــم تدمــر معظــم‬ ‫املــدارس والجامعــات واملعاهــد واملراكــز‬ ‫العلميــة والبحثيــة يف كل أرجــاء البــاد‪ ،‬مــا‬ ‫زال هنــاك عــدد كبــر مــن الســوريني الحاملــن‬ ‫باملجــد يف أماكــن لجوئهــم القــري‪ ،‬الذيــن‬ ‫رســموا البســمة عــى وجــوه آبائهــم‪ ،‬وأهلهــم‪،‬‬ ‫فقــد بــرع العديــد منهــم يف الفنــون واملوســيقا‬ ‫والغنــاء واألدب‪ ،‬وعــدد آخــر تابــع تفوقــه‬ ‫العلمــي يف املــدارس والجامعــات‪ ،‬وبــرزت‬ ‫أســاء مثــل نــور ياســن قصــاب‪ ،‬وهيثــم‬ ‫األســود‪ ،‬وحصــدت املراكــز األوىل عــى مســتوى‬

‫البلــدان التــي لجــؤوا إليهــا‪ ،‬ولــن يكــون محمــد‬ ‫هــاين كعكــه جــي آخرهــم‪ ،‬الــذي حصــل عــى‬ ‫درع املركــز الثــاين يف جامعــة الــرق األدىن‪،‬‬ ‫كليــة طــب األســنان يف قــرص‪.‬‬ ‫تبــدأ حكايــة تفــوق محمــد كعكــه جــي‬ ‫أوالً منــذ صغــره‪ ،‬ثــم اســتمرت إىل املرحلــة‬ ‫الثانويــة‪ ،‬حينــا حصــل جائــزة املدينــة املنــورة‬ ‫للتفــوق العلمــي يف عــام ‪ 2006‬ثــم نيلــه‬ ‫الشــهادة الثانويــة العامــة الســعودية‪ ،‬الفــرع‬ ‫العلمــي مبعــدل ‪.100%‬‬ ‫ويقــول‪ :‬يف عــام ‪ ٢٠٠٩‬ســجلت يف مفاضلــة‬ ‫املغرتبــن‪ ،‬كليــة طب األســنان يف جامعــة حلب‪،‬‬ ‫ودرس ثــاث ســنوات‪ ،‬وكنــت مــن العــرة‬

‫االوائــل‪ ،‬وحصلــت عــى إعفــاء مــن دفــع‬ ‫قســط الرســوم املاليــة للدراســة املوازيــة نظــر‬ ‫تفوقــي‪ ،‬ويف عــام ‪ ٢٠١٢‬ذهبــت إىل الســعودية‬ ‫بإجــازة عاديــة ثــم أغلــق مطــار حلــب بســبب‬ ‫االشــتباكات املحيطــة بــه‪ ،‬وتطــور األحــداث يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬ومل أســتطع العــودة إلكــال دراســتي‪.‬‬ ‫انتظــرت أن تتحســن األوضــاع ويعــاد تشــغيل‬ ‫الرحــات إال أن شــيئاً مل يتغــر حتــى قطعــت‬ ‫األمــل متامــاً بالعــودة‪ ،‬وقتهــا بــدأت أبحــث‬ ‫عــن إكــال دراســتي يف جامعــات أخــرى‪،‬‬ ‫راســلت جامعــات يف أكــر مــن ســت دول‪،‬‬ ‫لكــن جميعهــا رفضــت تعديــل املــواد واإلكــال‬ ‫مــن حيــث انتهيــت‪ ،‬ويف أفضــل األحــوال كانــت‬ ‫الجامعــة تتيــح يل فرصــة اإلكــال مــن الســنة‬ ‫الثانيــة‪ ،‬وأخــرين أحــد أصدقــايئ عــن جامعــة‬ ‫الــرق األدىن يف قــرص‪ ،‬التــي تتيــح مقاعــد‬ ‫للطــاب الراغبــن يف االســتكامل يف جميــع‬ ‫االختصاصــات‪ ،‬وأرســلت أوراقــي وســجلت‬ ‫هنــاك‪.‬‬ ‫ويتابــع كعكــه جــي‪ :‬يف بدايــة مشــواري يف‬ ‫الجامعــة كانــت االمــور صعبــة للغايــة‪ ،‬باعتبــار‬ ‫الدراســة يف الجامعــات الحكوميــة كانــت‬ ‫باللغــة العربيــة ســابقاً‪ ،‬فيــا كانــت دراســة‬ ‫تلــك الكميــات مــن املناهــج باللغــة االنكليزيــة‬ ‫أحــد أهــم الصعوبــات التــي تواجــه الطالــب يف‬ ‫هــذه الجامعــات‪ ،‬وكنــا نســتهلك الكثــر مــن‬

‫الوقــت لرتجمــة املصطلحــات وحفظهــا‪ ،‬ومــع‬ ‫مــرور الوقــت اســتطعنا تخطــي هــذه العقبــة‪،‬‬ ‫وبقيــت كميــات املناهــج واملــواد التــي طلبــت‬ ‫منــا نظــرا ً الختــاف نظــام التعليــم‪ ،‬ولكــن‬ ‫ورغــم كل هــذه الصعوبــات بفضــل اللــه‬ ‫اســتطعنا تجاوزهــا‪.‬‬ ‫ويعــزو محمــد كعكــه جــي أســباب تفوقــه‬ ‫والــدي وإخــويت‪،‬‬ ‫الوحيــد بعــد اللــه إىل‬ ‫ّ‬ ‫ويقــول‪ :‬رغــم عــدم اســتقرارنا لفــرة طويلــة يف‬ ‫والــدي حرصــا عــى توفــر‬ ‫الســعودية‪ ،‬إال أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫الجــو املناســب ومســاعديت وتشــجيعي دامئــاً‬ ‫والحمــد للــه مل أخيــب ظنهــا أبــدا ً‪..‬‬ ‫ويتمنــى الكعكــه جــي عــودة االســتقرار إىل‬

‫ســوريا‪ ،‬ويقــول‪ :‬مــن كل قلبــي أمتنــى أن نعــود‬ ‫واملهجريــن والالجئــن إىل وطننــا الجريــح‪ ،‬وأن‬ ‫تشــهد ســوريا إطــاق رساح جميــع املعتقلــن‪،‬‬ ‫وإعــادة إعــار مــا دمرتــه آلــة الحــرب والقتــل‪،‬‬ ‫وبعــد عــودة االســتقرار أمتنــى أن تخصــص‬ ‫حصــص أكــر لتطويــر التعليــم يف بلدنــا‪،‬‬ ‫حيــث أن الطالــب الســوري أينــا حــل أثبــت‬ ‫أنــه األجــدر‪ ،‬وأنــه قــادر عــى املنافســة مهــا‬ ‫كانــت الظــروف قاســية‪.‬‬ ‫ويختتــم محمــد هــاين كعكــه جــي حديثــه‪،‬‬ ‫قائــاً‪ :‬أهــدي نجاحــي أوالً إىل عائلتــي‪ ،‬وإىل‬ ‫الشــعب الســوري عامــة‪ ،‬وأهــل مدينتــي الرقــة‬ ‫خاصــة‪.‬‬

‫الع��امل قري��ة التوح��د ‪ ،‬باب��ا‪ ..‬مام��ا‪ ..‬جوج��ل اخل��وف يف منتص��ف حقل واس��ع‬ ‫عالء الدين زيات‬ ‫تخدعــك التقنيــة هــي تقــول لــك أننــا‬ ‫قلصنــا املســافات وجعلنــا العــامل شــديد‬ ‫االتصــال‪ ،‬حيــث مليــارات مــن املعلومــات‬ ‫تقــوم ماكنــة االنرتنيــت وملحقاتهــا مــن‬ ‫وســائط ميديــا بنقلهــا كل دقيقــة‪ ،‬إنهــا بالفعــل‬ ‫حجــوم بيانــات ضخمــة تعــادل مائــة ســنة مــن‬ ‫عمــل هيئــة الربيــد االمريكيــة‪.‬‬ ‫هــل العــامل أكــر ترابطـاً وتضامنـاً وإطالعـاً عــى‬ ‫مشــكالته العامــة فضــا عــن الخاصة؟‬ ‫منــذ منتصــف القــرن املــايض زحــف التلفزيــون‬ ‫ليحتــل مكان ـاً متواضع ـاً عــى حســاب املــرح‬ ‫والســينام‪ ،‬ثــم بــدأ يغــدو رشســا يف منافســته‬ ‫ليجتــذب مختلــف الفنــون لصالحــه يغريهــا‬ ‫باألســهل والجامهرييــة‪ ،‬فانصاعــت لــه‬ ‫بالتدريــج‪ ،‬نقــل ذلــك الجهــاز املشــاهدة مــن‬ ‫جمــوع مختلفــة ليحرصهــا يف األرسة‪ ،‬ومــع‬ ‫عــدة أجهــزة يف عــدة غــرف ســتكون املشــاهدة‬ ‫دون ملــة األرسة‪.‬‬ ‫ولكــن أن تــرى وفــق رغبــة املحطــة حتــى ولــو‬ ‫كانــت محطــات متنوعــة تتجــاوز األلــف أمــر‬ ‫مســتهجن‪ ،‬كان عــى ذلــك املحتــل للتواصــل‬ ‫مــع الجمــوع ومقســمها ملجموعــات أصغــر‬ ‫أن يقبــل منافســة جديــدة شــملت تلفزيــون‬ ‫الكيبــل ومــن ثــم الشــبكة العنكبوتيــة التــي‬ ‫ليــس فقــط تتيــح لــك اختيــار مــا تريــد‬ ‫مشــاهدته‪ ،‬بــل تقــدم تفاعــاً نشــطاً بحيــث‬ ‫تصبــح ناقــدا ً ومعلقـاً ونــارشا ً وممثـاً وصاحــب‬ ‫محطــة كاملــة‪.‬‬

‫وتقلصــت الفرجــة مــن جديــد اىل مســتوى‬ ‫الفــرد الواحــد طاملــا امتلــك ذلــك الفــرد حاســباً‬ ‫أو ايبــاد أو هاتف ـاً ذكي ـاً فالفرجــة خاصــة بــل‬ ‫خاصــة جــدا ً‪.‬‬ ‫هل هو تطور بدميقراطية الفرجة؟‬ ‫يف الزمــن املــايض كان هنــاك الطالــب املرجــع‪،‬‬ ‫متفــوق وحريــص عــى تفوقــه‪ ،‬تلجــأ إليــه‬ ‫يف القضايــا االشــكالية‪ ،‬وحــن يعجــز تراجــع‬ ‫مــدرس املــادة لرتمــم معلوماتــك امللتبســة‪،‬‬ ‫وهــذه العمليــة بذاتهــا ســواء حدثــت ضمــن‬ ‫إطــار الصــف‪ ،‬أو عــى الهاتــف تعطــي بعــدا ً‬ ‫إنســانياً للتفاعــل‪ ،‬هــو تواصــل معــريف بــري‬ ‫مهــم ‪.‬‬ ‫يف أول مشــكلة اليــوم نضــع بحــث جوجــل‬ ‫كقــاض مفــوه موثــوق‪ ،‬ولــو عجــز ذلــك القــايض‬ ‫انتقلنــا إىل ويكيبيديــا يف ثقــة ال متناهيــة‬ ‫بحياديتهــا‪ ،‬وبغــض النظــر عــن كال النافذتــن‬ ‫الواســعتني‪ ،‬أنــت تفقــد تواصلــك اإلنســاين‬

‫ومتنــح ثقتــك آللــة يغيــب خلفهــا عــرات‬ ‫األلــوف مــن النــاس لســت بقــادر عــى ملســهم‪.‬‬ ‫راقــب مجموعــات النــاس يف الحافــات وهــم‬ ‫منهمكــون بالكتابــة عــى هواتفهــم!!‬ ‫راقبهم يف سهرة ليلية كأصدقاء!!‬ ‫راقبهــم يف رحلــة اتفقــوا أن يقضــوا فيهــا وقتــا‬ ‫مشــركاً!!‬ ‫هنــاك آخــر دامئـاً مفقــود نتصــور أننــا نتواصــل‬ ‫معــه عــر وســيط هــو الهاتــف‪ ،‬لكــن اآلخــر‬ ‫القريــب املقيــم يف املــكان غائــب ويبــدو أن‬ ‫التواصــل مــع اآلخــر البعيــد هــو وســيلة وليــس‬ ‫غايــة‪ ،‬وســيلة لتواصلنــا مــع اآللــة‪ ،‬هــو فهــم‬ ‫مقلــوب لــأداة والغايــة وواحــدة مــن ظواهــر‬ ‫اإلدمــان املطلــوب دراســتها‪.‬‬ ‫مــع النظــارة املربوطــة بتحديــد املوقــع وشــبكة‬ ‫االنرتنيــت‪ ،‬مــع القلــم املاســح‪ ،‬مــع اإلســوارة‬ ‫االلكرتونيــة‪ ،‬مــع عــامل الســايرب العمــاق املغــرق‬ ‫يف االنتــاج الســلعي واملندفــع بقــوة االســتهالك‬ ‫كوحــش مبتســم يقــول بلكنــة تتناســب مــع‬ ‫كل بيئــة‪ :‬جئــت لتصــروا أفضــل‪ ،‬مــع ذلــك‬ ‫كلــه‪ ،‬أتصــور أننــا مــن حيــث املنــاخ البــري‬ ‫الجمعــي نــزداد بؤســاً‪ ،‬وهــذا البــؤس يتطــور‬ ‫برسعــة مريعــة مــع عوملــة مــا يــزال بعدهــا‬ ‫الثقــايف التنويــري غائبــاً‪ ،‬يف حــن جشــعها‬ ‫وتســليعها للكوكــب هــو الســمة األبــرز‪.‬‬ ‫هــل نشــري قصصــا ملونــة لألطفــال ونعقــد‬ ‫حلقــة منزليــة للقــراءة؟‬ ‫ال أعــرف إن كان ذلــك ســيفلح ولكــن علينــا‬ ‫توقــع رش هائــل يتحــر خلــف هــذه الفرديــة‬ ‫املندفعــة كتنــن‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫قص��ص جدي��دة لألدي��ب مصطفى ت��اج الدين املوس��ى‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫صــدر لألديــب مصطفــى تــاج الديــن املــوىس‬ ‫مجموعــة قصصيــة جديــدة بعنــوان‪« :‬الخــوف‬ ‫يف منتصــف حقــل واســع» عــن دار املتوســط‬ ‫للطباعــة والنــر وبالتعــاون مــع جائــزة‬ ‫املزرعــة لإلبــداع األديب‪.‬‬ ‫وجــاء يف مقدمــة النــارش‪ 99 :‬قصــة قصــرة‬ ‫مشــغولة بعنايــة وكأن صاحبهــا خيــاط يحــوك‬ ‫بهــدوء أثوابــاً متنوعــة األلــوان واألحجــام‬ ‫بحرفيــة عاليــة‪ ،‬ومخيلــة مبدعــة‪ ..‬الدهشــة‬ ‫هنــا لــن تبــدأ مــع (الخــوف يف منتصــف حقــل‬ ‫واســع‪ ،‬ليلــة بــاردة للقهــر املختبــئ تحــت‬ ‫الرسيــر‪ ،‬الجميلــة النامئــة يف عربــة قطــار)‬ ‫مــع (الفيديــو املــرب لقبلتنــا الحلــوة‪ ،‬نهايــة‬ ‫لوحــة‪ ،‬عندمــا أســأت إىل ســمعة الســعادة‬ ‫األبديــة يف الجنــة‪ ،‬متــرد)‪ .‬تتــواىل العناويــن‬ ‫وتتعــدد‪ ،‬وتظــل الدهشــة ســيدة كل األســطر‪،‬‬ ‫أســطر ترســم يف املخيلــة قصصــاً فريــدة مــن‬ ‫نوعهــا‪ ،‬تحفــر بهــدوء عميقــاً يف النفــس‬ ‫البرشيــة‪ ،‬م ـ ّرة بســوريالية عبثيــة قامتــة‪ ،‬وكأن‬ ‫املــوت هــو حقيقــة الوجــود الوحيــدة‪ ،‬وتــارة‬ ‫بســخرية ســوداء ترســم ابتســامة مريــرة‪،‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:20‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫ودامئــاً بــرد إنســاين عــذب يثــر األحاســيس‬ ‫الداخليــة‪.‬‬ ‫تقــول األديبــة الدكتــورة نجــاة عبــد الصمــد‪:‬‬ ‫«هكــذا يتملــكك مصطفــى تــاج الديــن املــوىس‬ ‫وأنــت تقــرأه‪ ،‬ويشــدك مــن أذن قلبــك إىل‬ ‫عاملــه املتخيــل‪.‬‬ ‫مصطفــى تــاج الديــن املــوىس مــن مواليــد‬ ‫‪ 1981‬بــدأ حياتــه اإلبداعيــة ممثــاً مرسحيــاً‬ ‫إىل جانــب كتابتــه للقصــة القصــرة‪ ،‬حــاز‬ ‫عــى العديــد مــن الجوائــز يف مجــال القصــة‬ ‫القصــرة ســورياً وعربيــاً‪ ،‬يكتــب وينــر يف‬ ‫الصحــف العربيــة‪ ،‬وتُرجمــت لــه عــدة قصــص‬ ‫إىل اإلنكليزيــة والفرنســية واإلســبانية‪.‬‬ ‫صدر له‪:‬‬ ‫‪1‬ـ قبو رطب لثالثة رسامني‪ ،‬الشارقة ‪2012‬‬ ‫‪2‬ـ مزهريــة مــن مجــزرة‪ ،‬دار بيــت املواطــن‬ ‫للنــر والتوزيــع‪ ،‬بــروت‪.‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الكرامة املفقودة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫موهبة سورية جديدة تتحدى اخلراب وتبشر باملستقبل‪:‬‬

‫املصوّر السوري حسام قطان حيصد جائزة األكادميية الربيطانية‬ ‫الحرمل ــ العريب الجديد‬ ‫املواهــب الســورية تتحــدى الخـراب وتتحدى الضياع‪،‬‬ ‫وكذلــك تتحــدى التطــرف‪ ،‬كل يــوم تتنــاول وكاالت األنبــاء‬ ‫اســم مبــدع ســوري جديــد مــن شــبابها الذيــن مــا تـزال‬ ‫إرادة الحريــة متــأ حياتهــم وتزيــن مســتقبلهم الواعــد‪.‬‬ ‫ومــن حلــب كتبــت لبنــى ســامل عــن املصــور الحلبــي‬ ‫الشــاب قائلــة‪ :‬حصــد املصــور الســوري حســام قطــان‬ ‫الجائــزة الكــرى للتصويــر الفوتوغــرايف لعــام ‪2015‬‬ ‫واملقدمــة مــن األكادمييــة الربيطانيــة للتصويــر االحـرايف‪.‬‬ ‫ووصــف منتــدى األكادمييــة عمــل املصــور الشــاب ذي الـــ‬

‫‪ 21‬عام ـاً بالشــجاع والهــام‪ ،‬وقــال إنّــه اســتحق الجائــزة‬ ‫بجــدارة‪.‬‬ ‫وكان حســام قــد تقــدم للمســابقة مبرشوعــه الفائــز‬ ‫باســم «ســورية»‪ ،‬والــذي ضــم ‪ 20‬صــورة فوتوغرافيــة‬ ‫تحــي أقــى درجــات األمل واملأســاة اإلنســانية التــي‬ ‫يعيشــها أهــايل مدينــة حلــب‪.‬‬ ‫أرفــق حســام مرشوعــه بالتعريــف عــن نفســه قائــاً‪:‬‬ ‫«كنــت طالبــاً قبــل الحــرب يف ســورية‪ .‬حــن بــدأت‬ ‫الحــرب تركــت املدرســة‪ ،‬وبــدأت مــن خــال مركــز حلــب‬ ‫اإلعالمــي بالتقــاط الصــور وتوثيــق األحــداث وتصويــر‬

‫املعــارك‪ .‬بعــد ســنة عــى بــدء ال ـراع عملــت مصــورا ً‬ ‫لوكالــة «رويــرز»‪ .‬أقــدم لكــم هــذه الصــور التــي توثــق‬ ‫نضــاالت النــاس الذيــن يعيشــون يف حلــب»‪.‬‬ ‫وكان حســام قطــان قــد أصيــب قبــل فــرة قصــرة خــال‬ ‫تغطيتــه املعــارك يف مدينتــه حلــب‪ .‬ويقــول حســن قطان‬ ‫شــقيق حســام وعضــو مركــز حلــب اإلعالمــي لـ»العــريب‬ ‫الجديــد» إن «حالــة حســام الصحيــة أفضــل اليــوم‪ ،‬لكنــه‬ ‫ســيحتاج للمزيــد مــن الوقــت حتــى يتعــاىف ويعــود إىل‬ ‫عملــه‪ ،‬إال أن حالتــه النفســية ليســت جيــدة ويرفــض‬ ‫اليــوم التواصــل معنــا ومــع أصدقائــه»‪.‬‬

‫عملي��ة جراحي��ة ناجح��ة لرئي��س جمل��س إدارة احلرم��ل‬

‫‪AlharmalGazetesininYönetimKurululuBaşkanınınBaşarılıGeçenAmeliyatı‬‬

‫خضــع األديــب بســام البليبــل لعمليــة جراحيــة أجريــت لــه يف مشــفى أســامة مبدينــة‬ ‫شــانيل أورفــا‪ ،‬وتكللــت بفضــل اللــه ودعــاء املخلصــن بالنجــاح‪ ،‬وهــو اآلن يتامثل للشــفاء‬ ‫يف منزلــه‪.‬‬ ‫أرسة صحيفــة الحرمــل‪ ،‬وبيــت الرقــة لــكل الســوريني يتمنــون لرئيــس مجلــس إدارة‬ ‫صحيفــة الحرمــل ومؤسســة توتــول اإلعالميــة الشــفاء العاجــل‪ ،‬وعــودة ميمونــة إىل‬ ‫مياديــن العمــل الصحفــي واألديب‪.‬‬ ‫كــا يتقدمــون بالشــكر الجزيــل واالمتنــان للفريــق الطبــي الــذي أجــرى العمليــة‪ ،‬برئاســة‬ ‫الدكتــور «عمــر فــاروق بــادم» وجميــع األطبــاء واملمرضــن والفنيــن العاملــن يف مشــفى‬ ‫أســامة يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬ويتمنــون لهــم النجــاح الدائــم‪ ،‬ومواصلــة تقديــم‬ ‫خدماتهــم اإلنســانية لجميــع املواطنــن األتـراك والســوريني‪.‬‬

‫‪Edebiyatçı Basem Albolaybl, Şanlıurfanın OSM Hastanesinde‬‬ ‫‪onu sevenlerin duası ve doktorların çabasıyla başarılı bir ameliyat‬‬ ‫‪geçirdi ve şu an evinde istirahat etmektedir‬‬ ‫‪Alharmal ve Totol Medya ve Rakka Evi olarak ona acil şifalar diler‬‬ ‫‪ve en yakın zamanda, aramıza dönmesini temenni ederiz‬‬ ‫‪Aynı zamanda, başarılı bir ameliyat geçirmesini sağlayan OSM‬‬ ‫‪Hastanesi doktorlarından sayın, Ömer Faruk Baadem ve tüm‬‬ ‫‪.sağlık personeline en içten şükürlerimizi sunarız‬‬ ‫‪Bundan sonraki yapacakları tüm tıbbi çalışmalarda aynı başarıyı‬‬ ‫‪.sergilemelerini temenni ederiz‬‬

‫لعـ ّـل ضيــق العيــش‪ ،‬الســبب الرئيــس يف هجــرة اإلنســان‬ ‫مــن بلــده‪ ،‬والحــروب والنزاعــات هــي األخــرى مــن األســباب‬ ‫املبــارشة لركــوب مخاطــر الهجــرة‪ ،‬فيــرك املــرء وراءه تاريخــه‬ ‫وذكرياتــه‪ ،‬ســعياً لطلــب الــرزق‪ .‬يف منطقتنــا العربيــة‪ ،‬شــهدت‬ ‫بــاد الشــام هجــرة باتجــاه أمريــكا بأرقــام عاليــة‪ ،‬بلغــت‬ ‫ذروتهــا إبــان الحــرب الكونيــة األوىل‪ ،‬وكانــت أمريــكا الشــالية‬ ‫قــد انفــردت مبكــرا ً باســتقبال املهاجريــن مــن بــاد الشــام‬ ‫يف بدايــة النصــف الثــاين مــن القــرن التاســع عــر‪ ،‬واســتمر‬ ‫املهاجــرون بالتدفــق إىل حــن وضــع قيــود للهجــرة بعــد نهايــة‬ ‫ظــل تدفــق املهاجريــن إىل‬ ‫الحــرب األوىل‪ ،‬لكــن باملقابــل َّ‬ ‫أمريــكا الجنوبيــة ســارياً‪ ،‬بعــد أن ضاقــت الدنيــا عىل اتســاعها‪.‬‬ ‫املهاجــرون العــرب‪ ،‬وأهــل بــاد الشــام خصوصــاً‪ ،‬انخرطــوا‬ ‫بالحيــاة الثقافيــة واالقتصاديــة واالجتامعيــة‪ ،‬وعــر أجيــال‬ ‫متتاليــة‪ ،‬وصــل العديــد منهــم إىل مراتــب عليــا يف شــتى‬ ‫املجــاالت‪ ،‬وملعــت أســاؤهم يف عــامل السياســة والصناعــة‬ ‫والثقافــة والفنــون‪.‬‬ ‫مــع بدايــة الثــورة الســورية‪ ،‬واشــتداد الحــرب‪ ،‬التــي بلغــت‬ ‫ذروتهــا‪ ،‬ســيطرت لغــة القتــل والتدمــر التــي مارســها‬ ‫النظــام الســوري وأعوانــه مــن الشــبيحة واملوالــن اإليرانيــن‬ ‫وامليليشــيات الطائفيــة الذيــن أوغلــوا يف الــدم الســوري‪ ،‬والتــي‬ ‫أدت لهجــرة أكــر مــن ســبعة ماليــن باتجــاه دول الجــوار‪،‬‬ ‫تــوزع معظمهــم يف تركيــا ولبنــان واألردن‪ ،‬وبنســب أقــل يف‬ ‫الــدول العربيــة والغربيــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مــارس الســوري حقــه يف اختيــار موطــن إقامتــه‪ ،‬بحث ـا عــن‬ ‫حريتــه وكرامتــه املفقــودة‪ ،‬والحصــول عــى مــكان آمــن يوفــر‬ ‫لــه أســباب العيــش الكريــم لــه وألبنائــه‪ ،‬وهــو مــدرك بــأن‬ ‫هــذه حقــوق نصــت عليهــا مبــادئ حقــوق اإلنســان التــي‬ ‫أقرتهــا ووافقــت عليهــا معظــم دول العــامل‪ ،‬كــا مارســها‬ ‫بالســابق يف هجراتــه األوىل‪.‬‬ ‫يف املقابــل‪ ،‬شــكلّت هــذه الهجــرة هاجسـاً مخيفـاً لــدى ضيقي‬ ‫األفــق مــن أهــل البــاد التــي حـ ّـل فيهــا الســوريون‪ ،‬فعلــت‬ ‫أصــوات نشــاز تطالــب بطردهــم مــن تركيــا ولبنــان واألردن‪،‬‬ ‫ورضبــت عــرض الحائــط بحقــوق اإلنســان وغريهــا مــن‬ ‫الحقــوق والرشائــع التــي تحــرم اإلنســانية وتؤمــن بالعيــش‬ ‫املشــرك لــكل الشــعوب‪.‬‬ ‫أســئلة عــدة تــردد أمــام هــذه األوضــاع‪ ،‬تجعل من الســوري يف‬ ‫موقــع التوتــر أو اإلحبــاط أمــام حــاالت التضييــق التــي متــارس‬ ‫بحقــه مــن أفـراد أو جامعــات هنــا أو هنــاك‪ ،‬فعــى الســوري‬ ‫أن يكــون داخــل املخيــات‪ ،‬بانتظــار اللقمــة املغمســة بالــذل‬ ‫واالحتقــار‪ ،‬وعليــه أال يعمــل فهــو يــرق فــرص العمــل مــن‬ ‫أهــل البلــد‪ ،‬وعليــه أال يســكن يف بيــت يأويــه كــا عبــاد اللــه‪،‬‬ ‫وإن حصــل هــذا فســيكون الثمــن غاليـاً‪.‬‬ ‫شــهدت مؤخ ـرا ً مظاهــرة طالــب منظموهــا بطــرد الســوريني‬ ‫مــن تركيــا‪ .‬أجريــت عمليــة إحصائيــة لعــدد األت ـراك الذيــن‬ ‫هاجــروا إىل أملانيــا‪ ،‬وتبــن أن العــدد يفــوق الثالثــة ماليــن‪،‬‬ ‫أي مــا يزيــد مليونـاً عــن عــدد الســوريني يف تركيــا‪ ،‬وتســاءلت‪،‬‬ ‫كيــف تــم اســتيعابهم هنــاك؟! وملــاذا مل يطردهــم األملــان‪،‬‬ ‫وهــم كــا يعيــش الســوريون األوائــل يف األمريكيتــن‪ ،‬بلغــوا‬ ‫مراتــب عليــا يف كل األماكــن؟ فهــل نســتطيع تبــادل األدوار‬ ‫مــع مهاجريــن تركيــا الذيــن ينعمــون بالحيــاة اآلمنــة يف أملانيــا‬ ‫وغريهــا؟!‬

‫الوكالة الفرنسية للتعاون اإلعالمي‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الحادي والعشرون ‪ 01 /‬آب ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.