Alharmal(8) 15 01 2015 - العدد الثامن من مجلة الحرمل

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫العاصفة الثلجية‪ ..‬تزيد من معاناة السوريني‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫مفتتح الكالم‬

‫شارلي إيبدو‬ ‫ماجد رشيد العويد‬

‫مخيمات الشــمال الســوري تعلن اضراباً مفتوحاً عن الطعام‬

‫الرقة و دير الــزور تحت القصف من جديد‬ ‫ســوريا ســاحة لتقاطعــات أم ملؤامــرات دوليــة؟‬

‫اعتــادت الشــعوب أن تــأكل مــا تصنــع‬ ‫ومــا تنتــج‪ ،‬ولكــن يف عاملنــا املعــارص يريــد‬ ‫العــامل أن يــأكل مــا تنتجــه أمريــكا‪ .‬هــذا‬ ‫القــول صحيــح متامـاً عندمــا يتحــدث املــرء عــن‬ ‫طبيعــة السياســة األمريكيــة‪ ،‬وخصوص ـاً بصــدد‬ ‫اإلرهــاب‪ .‬يتجــى هــذا واضحـاً منــذ بدايــة رســم‬ ‫معــامل مــا ســمي الحقــاً بالقاعــدة‪ ،‬فاالتفــاق‬ ‫الســعودي األمريــي‪ ،‬عــى تصنيــع مدافعــن‬ ‫عــن اإلســام ضــد االتحــاد الســوفيتي الــذي‬ ‫قــام باحتــال أفغانســتان‪ ،‬دخــل حيــز التنفيــذ‬ ‫بإذاقــة الســوفييت آنــذاك ويــات هزميــة م ـ ّرة‪،‬‬ ‫وبالفعــل تــ ّم لهــا هــذا فالبيئــة الحاضنــة‬ ‫للمقاتلــن يف أفغانســتان يف الســعودية ومــر‬ ‫وغريهــا كانــت مالمئــة متامـاً إلنتــاج هــذا النوع‬ ‫مــن املقاتلــن حيــث االنعــدام التــام للحريــات‬ ‫يف الســعودية‪ ،‬يرافقــه فكــر وقــف باإلســام‬ ‫عنــد حــدود العشــرة وبنيــة عالقاتهــا‪ ،‬ويف مــر‬ ‫حيــث الفقــر يخنــق تلــك البيئــات التــي خــرج‬ ‫منهــا مقاتلــو القاعــدة املرصيــن‪.‬‬ ‫ومل تلبــث أن تف ّجــرت القاعــدة بعــد هجــات‬ ‫الحــادي عــر مــن أيلــول بفعــل الحــرب التــي‬ ‫شــنتها أمريــكا عــى أفغانســتان والعــراق‪،‬‬ ‫وصــارت القاعــدة «قواعــد» ومــن العـراق خــرج‬ ‫تنظيــم جديــد تحــت اســم تنظيــم دولــة اإلســام‬ ‫يف العـراق‪ ،‬ومــن الشــام وبعــد الثــورة الســورية‬ ‫خــرج تنظيــم جبهــة النــرة‪.‬‬ ‫ســاعد اســتبداد األنظمــة العربيــة عــى بلــورة‬ ‫هــذه الــروح العنيفــة تحــت عنــوان يتيــم‬ ‫أمريــي الطابــع «إمــا هــذه األنظمــة أو خ ـراب‬ ‫بالدكــم»‪.‬‬ ‫ال مجــال وال متســع ولــو بحجــم خــرم إبــرة‬ ‫للحريــة يف هــذه البــاد‪ .‬هــذه البيئــة لــن تصـ ّدر‬ ‫أناسـاً يؤمنــون بحريــة الــرأي والتعبــر فــا بالــك‬ ‫عندمــا يتعلــق األمــر مبقدســات الشــعوب‪.‬‬ ‫ومــا حــدث يف فرنســا األســبوع الفائــت وهجــوم‬ ‫أفـراد مــن القاعــدة عــى جريــدة شــاريل ايبــدو‬ ‫وقتــل اثنــي عــر مــن طاقمهــا ينــدرج يف هــذا‬ ‫اإلطــار‪ :‬كيــف ملن ترعــرع يف بيئات االســتبداد أن‬ ‫يــدرك طبيعــة الحريــة عــى إطالقهــا؟ رمبــا ميكننا‬ ‫أن نضيــف هنــا مــا حــدث يف فرنســا ذاتهــا مــن‬ ‫متــرد الفرنســيني مــن أصــول أخــرى عربيــة وغــر‬ ‫عربيــة عــى الحكومــة الفرنســية منــذ ســنوات‬ ‫يف تأجيــج مشــاعر الكراهيــة بــن الحكومــات‬ ‫ومواطنيهــا فــا مجــال للفقــر واالســتبداد أن‬ ‫ينتجــا غــر إنســان قابــل لتفجــر ذاتــه يف جوهــر‬ ‫حضــارة مل تعمــل عــى اســتيعابه‪.‬‬ ‫ولعلــه أخــرا ً يصــح القــول إن بدايــة طريــق‬ ‫الخــاص مــن اإلرهــاب يبــدأ مــن خــاص‬ ‫العــامل مــن نظــم القهــر املوجــودة فيــه‪ ،‬والتــي‬ ‫ترعاهــا أمريــكا ابتــدا ًء‪ ،‬عندهــا وعندهــا فقــط‬ ‫يتجــى املعنــى الســامي للحريــة ولحريــة الــرأي‬ ‫والتعبــر‪ ،‬ورمبــا يكــون يف هــذا عــودة ميمونــة‬ ‫لألمريــكان إىل مبادئهــم التــي قامــت عليهــا‬ ‫دولتهــم‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫رســائل أبنــاء معتقــل يف رأس الســنة‬ ‫نــرت زبيــدة خربوطــي زوجــة املعتقــل‬ ‫الدكتــور إســاعيل الحامــض املعتقــل لــدى «تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية» منــذ ســنة وثالثــة أشــهر‪ ،‬رســائل‬ ‫ابنــه حــازم وبناتــه‪ ،‬رســائل ال تخلــو مــن األمل لغيــاب‬ ‫الوالــد الســند‪ ،‬الوالــد اإلنســان‪ ،‬الطبيــب املعالــج‬ ‫الــذي مل يدخــر جهــدا ً يومـاً مــا‪ ،‬يف معالجــة الجرحــى‬ ‫مــن قصــف النظــام‪ ،‬ومــن جرحــى املظاهـرات قبــل‬ ‫تحريــر مدينــة الرقــة‪.‬‬ ‫حــازم االبــن األصغــر وجــه رســالة تختــر كل‬ ‫املعانــاة لطفــل ال يــزال عــوده أخــر‪ ،‬الطفــل‬ ‫يحلــم بوجــود والــده بجانبــه قــال فيهــا‪« :‬هــل مــن‬ ‫الطبيعــي أن أدخــل ســنة جديــدة بالبــكاء؟!»‬ ‫أمــا ابنتــه ريــم فقــد قالــت‪« :‬مــا ظــل يش ومندخــل‬

‫بســنة جديــدة وأنــت مــو معنــا‪ ،‬وينــك يــا بابــا بــأي‬ ‫زنزانــة أنــت عــم تقــي ســنتك لحالــك‪ ،‬عجــب‬ ‫بتعــرف انــو رح ندخــل بســنة جديــدة بــس بعــرف‬ ‫أنــك عــم تقــي األيــام لحالــك وعــم تقضيهــن‬ ‫ســاعات لحالــك وعــم تفكــر فينــا‪ ،‬وينــك يــا بابــا‬ ‫تقلنــا كل عــام وانتــو بخــر‪ ،‬وينــك واللــه نحنــا مــو‬ ‫بخــر ‪ ،‬بــس كــون أنــت بخــر يــا أغــى يش بحياتنــا‬ ‫ورجعلنــا ألنــو غيبتــك طالــت»‪.‬‬ ‫فيــا وجهــت هبــة إســاعيل الحامــض رســالتها‬ ‫لوالدهــا تقــول فيهــا‪« :‬ســنعلق عــى شــجرة عيــد‬ ‫امليــاد هــذا العــام أمانينــا الجميلــة بعودتــك أيب‪،‬‬ ‫سنشــعل شــموعاً بعــدد الدمــوع التــي ذرفناهــا‬ ‫خــال عــام مــن غيابــك وبحجــم اآلهــات التــي‬

‫أطلقناهــا‪ ،‬ســتكون حريتــك أجمــل هديــة يحملهــا‬ ‫إلينــا بابــا نويــل‪ ،‬كل عــام وأنــت بخــر يــا أروع أب‬ ‫عــى اإلطــاق‪».‬‬ ‫ســارة بثــت حزنهــا وهــي تعطــي والدهــا مزيــدا ً‬ ‫مــن األمــل بالحريــة‪« :‬إن مل تعــد تعدهــم‪ ،‬أيــام‬ ‫اعتقالــك ‪ 465‬يومــاً‪ ،‬ال تحــزن أيب وتوســد جــدار‬ ‫الحيــاة‪ ،‬تحســس مســاماته‪ ،‬واستنشــق مــلء روحــك‬ ‫مــن أمــل‪ ،‬ال تيــأس فلديــك زوجــة وأوالد جميعهــم‬ ‫بانتظــارك حتــى رشوق الشــمس»‪.‬‬ ‫مــا زالــت أرسة الدكتــور إســاعيل الحامــض تعــد‬ ‫أيــام االعتقــال يوم ـاً إثــر يــوم‪ ،‬بانتظــار بارقــة أمــل‬ ‫برجــوع األب‪ ،‬فهــل يســتمع أو يــرى ســجانه هــذه‬ ‫النــداءات؟!‬

‫دير الزور ما تزال تحت القصف أيضاً‬ ‫مــا تـزال قــوات النظــام تواصــل القصــف عــى مدينــة‬ ‫ديــر الــزور وريفهــا يف محاولــة منهــا لتدمــر املــدن‬ ‫والبلــدات‪ ،‬وتهجــر املزيــد مــن النــاس‪ ،‬فخــال الســاعات‬ ‫األخــرة قبــل إعــداد هــذا الخــر قامــت قــوات النظــام‬ ‫بالقصــف املدفعــي مــن داخــل اللــواء ‪ 137‬مســتهدفة بلــدة‬ ‫عيــاش يف الريــف الغــريب لديــر الــزور كــا ذكــر اتحــاد‬ ‫تنســيقيات ريــف ديــر الــزور عــى صفحتــه اإلخباريــة‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن النظــام يواصــل اعتداءاتــه عــى ديــر الــزور‬ ‫ريفــاً ومدينــة بشــكل متواصــل وقــد ســجل املرصــد‬ ‫الســوري لحقــوق اإلنســان بعــض محطــات القصــف‬ ‫الوحــي عــى ديــر الــزور‪ :‬وكانــت أبــرز الغــارات عــى ديــر‬ ‫الــزور منــذ نهايــة العــام املــايض ‪ 2015/1/10‬حيــث قامــت‬ ‫قــوات النظــام بغارتــن عــى مناطــق يف بلــدة الخريطــة‬ ‫وقريــة الجفــرة‪ ،‬ومل تــرد أنبــاء عــن خســائر برشيــة‪ ،‬كــا‬ ‫قصفــت قــوات النظــام أماكــن يف منطقــة حويجــة صكــر‪،‬‬

‫دون أنبــاء عــن إصابــات‪ ،‬كــا نفــذ الط ـران الحــريب غــارة‬ ‫عــى مناطــق يف مدينــة موحســن‪ ،‬بينــا قصــف الط ـران‬ ‫الحــريب مناطــق يف حــي الحويقــة‪ ،‬بالتزامــن مــع اشــتباكات‬ ‫بــن تنظيــم «الدولــة اإلســامية» وقــوات النظــام يف حــي‬

‫يف قريــة زغــر شــامية بالريــف الغــريب لديــر الــزور‪ ،‬ومل‬ ‫تــرد معلومــات عــن خســائر برشيــة حتــى اللحظــة‪ ،‬يف‬ ‫حــن لقــي مقاتــل مــن تنظيــم «الدولــة اإلســامية» مــن‬ ‫الجنســية الســورية مرصعــه‪ ،‬ج ـراء اشــتباكات مــع قــوات‬ ‫النظــام واملســلحني املوالــن لهــا يف محيــط مطــار ديــر الــزور‬ ‫العســكري‪.‬‬ ‫وبتاريــخ ‪ 2014/12/29‬قصــف الط ـران الحــريب مناطــق يف‬ ‫قريــة الجفــرة القريبــة مــن مطــار ديــر الــزور العســكري‪،‬‬ ‫بينــا قصفــت قــوات النظــام أماكــن يف منطقــة حويجــة‬ ‫صكــر‪ ،‬كــا استشــهد رجــل وســقط عــدد مــن الجرحــى‬ ‫جـراء قصــف لقــوات النظــام عــى مناطــق يف شــارع التكايــا‬ ‫مبدينــة ديــر الــزور‪ ،‬وأنبــاء عــن شــهداء آخريــن‪.‬‬ ‫الصناعــة‪ ،‬بينــا تعرضــت منطقــة بالقــرب مــن مدرســة يذكــر أن النظــام يواصــل اعتداءاتــه عــى مختلــف املــدن‬ ‫يف حــي الجبيلــة لقصــف جــوي‪ ،‬ومل تــرد معلومــات عــن الســورية يف محاولــة منــه لرفــع معنويــات شــبيحته‬ ‫خســائر برشيــة‪..‬‬ ‫ومؤيديــه الذيــن انهــارت آمالهــم يف التغلــب عــى إرادة‬ ‫ويف تاريــخ ‪ 2015/1/5‬قصفــت قــوات النظــام مناطــق الشــعب الســوري يف الحريــة‪.‬‬

‫بان كي مون‪ ..‬ليس قلقاً هذه املرة ووحدها تركيا تتصدر املشهد اإلنساني‬ ‫أكثر من ثالثني الجئاً قضوا نتيجة العاصفة زينا‬ ‫ينــس العــامل‬ ‫مأســاة الســوريني يف مخيــات اللجــوء مل َ‬ ‫صــور قســوتها‪ ،‬العــام الفائــت‪ ،‬وصــور األطفــال الذيــن ماتوا‬ ‫صقيعـاً مل تــزل يف ذاكــرة اإلنســانية‪ ،‬وســتبقى طويـاً‪ ،‬أكــر‬ ‫مــن ثالثــن ســورياً ماتــوا صقيع ـاً‪ ،‬يف مخيــات اللجــوء يف‬ ‫دول الجــوار ويف الداخــل الســوري‪ ،‬مل يحتاجــوا فيهــا لقبــور‬ ‫تضــم رفاتهــم‪ ،‬فالثلــج الــذي كان ســبباً مبوتهــم تكفــل‬ ‫بحفــظ جثامينهــم أيض ـاً‪.‬‬ ‫العاصفــة الثلجيــة تنبــأ بهــا العــامل قبــل قدومهــا‪ ،‬اتخــذت‬ ‫كل الــدول اإلجــراءات الوقائيــة التــي مــن شــأنها حاميــة‬ ‫مواطنيهــا‪ ،‬شاشــات التلفــزة بثــت عــى مــدى أيــام طــرق‬ ‫الحاميــة‪ ،‬واســتنفرت قــوات الطــوارئ باإلضافــة لوحــدات‬ ‫اإلســعاف والدفــاع املــدين‪ ،‬وحــده الشــعب الســوري كان‬ ‫مبواجهــة العاصفــة منفــردا ً‪ ،‬يف دول اللجــوء‪ ،‬يف مخيــات‬ ‫املــوت بــردا ً‪ ،‬االئتــاف الســوري منشــغل جــدا ً يف انتخاباتــه‪،‬‬ ‫كان بعيــدا ً عــن مشــهد املــوت‪ ،‬بــان يك مــون مل يقلــق‬ ‫أيضـاً‪ ،‬ومل تحــاول الــدول الكــرى تقديــم مســاعدات تســبق‬ ‫العاصفــة‪ ،‬والجامعــة العربيــة مل يســمع لهــا صــوت‪ ،‬أو‬ ‫نــداء اســتغاثة‪ .‬نــداءات أطلقتهــا األمــم املتحــدة ملســاعدة‬ ‫الالجئــن الســوريني يف مخيــات اللجــوء مل تســهم بتدفئــة‬ ‫طفــل أو شــيخ‪ ،‬فيــا ذكــرت هيئــة األمــم املتحــدة أنهــا‬ ‫تقــوم عــى مســاعدة ثالثــة ماليــن الجــئ ســوري‪ ،‬لغــة‬ ‫األرقــام مخيفــة‪ ،‬لــو أحصيناهــا بحســب الترصيحــات‬ ‫الرســمية لوجدنــا أن الشــعب الســوري أصبــح تعــداده‬ ‫يفــوق املائــة مليــون الجــئ‪.‬‬ ‫وحدهــا تركيــا اســتبقت الحــدث‪ ،‬فقــد قامــت هيئــة اإلغاثة‬ ‫الرتكيــة وبالتعــاون مــع مؤسســة قطريــة إغاثيــة بإنشــاء‬ ‫مخيــم يف منطقــة «ســجو» التابعــة ملدينــة إعــزاز عــى‬ ‫الحــدود الســورية الرتكيــة‪ ،‬مؤلفـاً مــن ألــف مســكن جاهــز‪،‬‬

‫يســتوعب نحــو عــرة آالف الجــئ‪ ،‬تتوفــر فيــه كافــة‬ ‫الخدمــات التــي تســاعدهم عــى الحيــاة‪ ،‬دون ضجيــج‬ ‫إعالمــي ودون متاجــرة بالــدم الســوري‪ ،‬ويف ترصيــح لوكالــة‬ ‫األناضــول أدىل بــه منســق أنشــطة هيئــة اإلغاثــة الرتكيــة‬ ‫(‪ )İHH‬يف واليــة كلــس جنــويب تركيــا «أرهــان ميلــك»‪،‬‬ ‫أن العمــل يف مجمــع املســاكن الجاهــزة (الكرفانــات) التــي‬ ‫يتــم إنشــاؤها مــن قبــل هيئــة اإلغاثــة إليــواء النازحــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬يف قريــة «ســجو» التابعــة ملنطقــة «اع ـزاز» يف‬ ‫ريــف حلــب‪ ،‬ســينتهي قريب ـاً‪ ،‬واصف ـاً املخيــم بأنــه األكــر‬ ‫داخــل األرايض الســورية‪ ،‬موضح ـاً أن مــن يقــف وراء هــذا‬ ‫الدعــم هــو منظمــة اإلغاثــة اإلســامية‪ ،‬ومجموعــة مــن‬ ‫املواطنــن األتــراك‪ .‬تقــف تركيــا مــع اإلنســان‪ ،‬ومخيــم‬ ‫أطمــة مثــال طيــب عــى ذلــك فعندمــا اقتلعــت العاصفــة‬ ‫الثلجيــة بعــض الخيــام املهرتئــة‪ ،‬ســارعت الحكومــة الرتكيــة‬ ‫للمســاعدة فدخلــت عمــق األرايض الســورية‪ ،‬ونقلــت‬ ‫املخيــم بالكامــل إىل األرايض الرتكيــة‪ ،‬متحديــة بذلــك كل‬ ‫الظــروف الدوليــة‪ ،‬ولتثبــت للعــامل الغــريب والعــريب أنهــا‬ ‫خــر مــن يقــف مــع اإلنســان‪.‬‬ ‫يف عمليــة وصفــت أنهــا لنقــل األرس املعرضــة للخطــر‪،‬‬ ‫قامــت الســلطات الرتكيــة يف مدينــة أنقــرة مبنطقــة الحــاج‬ ‫بــرم الفقــرة بإزالــة الخيــام وهدمهــا‪ ،‬وترحيــل مــن فيهــا‬ ‫إىل مخيــم أقيــم خصيصـاً يف مدينــة غــازي عينتــاب بجنــوب‬ ‫رشق تركيــا‪ ،‬وبحســب ترصيحــات إدارة الكــوارث يكــون‬ ‫عــدد الالجئــن يف تركيــا ‪ 1,7‬مليــون الجــئ ســوري‪ ،‬منهــم‬ ‫‪ 330‬ألفـاً يف املخيــات‪ ،‬يتمتعــون بإمكانيــة دخــول املدارس‬ ‫والذهــاب إىل املتاجــر‪ ،‬والعنايــة الصحيــة‪.‬‬ ‫عمليــة اإلخــاء هــذه قامــت بهــا عنــارص مكافحــة الشــغب‬ ‫مل تخـ ُـل مــن القســوة بحــق الالجئــن الســوريني‪ ،‬فقــد ذكــر‬ ‫الحــاج عبــد اللــه «‪ »70‬عام ـاً‪ ،‬أنــه فقــد عائلتــه كونــه مل‬

‫يكــن يف املخيــم املذكــور ســاعة اإلخــاء‪ ،‬وهــو ال يعلــم إىل‬ ‫أيــن تــم ترحيــل زوجتــه وأطفالــه‪ ،‬وعــر عــن غضبــه مــن‬ ‫الطريقــة التــي تــم فيهــا الرتحيــل‪ ،‬فيــا كان هنــاك ارتيــاح‬ ‫كبــر مــن ســكان املنطقــة مــن اإلخــوة األتـراك عــى عمليــة‬ ‫اإلخــاء هــذه‪.‬‬ ‫ال يختلــف الوضــع املأســاوي لالجــئ الســوري مبخيــات‬

‫عروة المهاوش‬

‫الــدول العربيــة عــن بعضــه‪ ،‬خيــم مهرتئــة‪ ،‬وخدمــات‬ ‫ال تصــل إال بعــد فــوات األوان وبعــد البهرجــة اإلعالميــة‬ ‫والتســول عــى حســاب الــدم الســوري‪ ،‬فيــا يقــف‬ ‫االئتــاف والحكومــة الســورية املؤقتــة موقــف املتفــرج‪،‬‬ ‫وإصــدار بعــض البيانــات بــن الفينــة واألخــرى‪ ،‬كنــوع مــن‬ ‫التضامــن الخجــل مــع املــوت الســوري‪.‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫مخيمــات الشــمال الســوري تضــرب عــن الطعــام‬

‫‪3‬‬

‫سكان املخيمات يطالبون بالحد األدنى للحياة اإلنسانية‬

‫العاصفــة التــي رضبــت منطقــة رشق أبــو محمــد ـ مديــر مخيــم األورينــت للنازحــن‪ :‬وســائل التواصــل االجتامعــي لكافــة وســائل‬ ‫املتوســط مؤخ ـرا ً‪ ،‬كانــت نتائجهــا كارثيــة عــى أصدرنــا أوالً بيان ـاً نعلــن فيــه إرضابنــا الشــامل اإلعــام للحضــور إىل مخيــات «أطمــة»‬ ‫الســوريني بنحــو خــاص‪ ،‬إن كان يف مناطــق عــن الطعــام‪ ،‬وقــد جــاء فيــه‪« :‬نحــن النازحــون لتغطيــة أحــداث اإلرضاب العــام يف كامــل‬ ‫لجوئهــم القــري أو يف مناطــق الداخــل‬ ‫الســوري‪ ،‬وتحديــدا ً يف املناطــق التــي تشــهد‬ ‫اشــتباكات مســلحة بــن قــوات النظــام وقــوات‬ ‫املعارضــة‪ ،‬خصوص ـاً يف مناطــق الغوطــة التــي‬ ‫تعــاين مــن حصــا ٍر خانــقٍ منــذ أكــر مــن عامني‪،‬‬ ‫واملناطــق الحدوديــة التــي توزعــت فيهــا‬ ‫مخيــات للنازحــن الســوريني‪ ،‬الذيــن يعيشــون‬ ‫فيهــا يف ظــل ظــروف إنســانية مأســاوية‪.‬‬ ‫العاصفــة زينــا أو هــدى وصفــت باألعنــف‪،‬‬ ‫ومل تشــهد مثلهــا املنطقــة منــذ أعــوام عــدة‪،‬‬ ‫وأوقعــت أكــر مــن ‪ /30/‬قتيـاً مــن الســوريني‬ ‫يف مخيــات اللجــوء اللبنانيــة واألردنيــة‪ ،‬ويف‬ ‫محافظتــي دمشــق وحلــب معظمهــم مــن‬ ‫األطفــال والنســاء‪ ،‬ماتــوا مــن الــرد والجــوع‪.‬‬ ‫تداعيــات العاصفــة وآثارهــا الســلبية امتــدت‬ ‫لتطــال خيــام الالجئــن يف املناطــق الحدوديــة‬ ‫الســورية الرتكيــة‪ ،‬حيــث اقتلعــت الريــاح نــزالء مخيــم األورينــت عــى الحــدود الســورية مخيــات الشــال الســوري‪.‬‬ ‫العاتيــة الخيــام‪ ،‬وأغرقــت املخيــات بالثلــوج الرتكيــة‪ ،‬نعلــن إرضابــاً مفتوحــاً عــن الطعــام وحــول األســباب التــي دعــت لــإرضاب يقــول‬ ‫واألمطــار‪ ،‬يف ظــل عجــز املنظــات اإلنســانية رجــاالً ونســا ًء وأطفــاالً اعتبــارا ً مــن صبــاح يــوم أبــو محمــد‪ :‬اقتلعــت العاصفــة التــي رضبــت‬ ‫عــن إيصــال املســاعدات اإلغاثيــة لإلخــوة االثنــن ‪ 2015/1/12‬حتــى يحــر إلينــا رئيــس املخيــم مــا يقــارب ‪ 300‬خيمــة‪ ،‬وتحــول‬ ‫الالجئــن‪ ،‬وتراجــع املجتمــع الــدويل عــن أداء االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة ســكانها إىل العــراء‪ ،‬وقمنــا مبناشــدة جميــع‬ ‫واجبــه الســتيعاب مشــكلة الالجئــن التــي الســورية‪ ،‬ورئيــس الحكومــة الســورية املؤقتــة املنظــات اإلنســانية والجمعيــات والهيئــات‬ ‫بــدأت تتوســع نتائجهــا الكارثيــة‪ ،‬يف هــذه أو مــن ينــوب عنهــا‪ ،‬ورئيســة هيئــة الدعــم واملؤسســات واالئتــاف ووحــدة التنســيق‬ ‫الظــروف القاســية واملحنــة الصعبــة التــي والتنســيق الســيدة ســهري األتــايس‪ ،‬ومديــر والدعــم‪ ،‬لكننــا مل نتلـ َـق أي رد مــن أحــد‪ ،‬مــا‬ ‫يعيشــها أهلنــا هنــاك‪ ،‬أطلــق نــزالء مخيــم الرابطــة الســورية لحقــوق الالجئــن وذلــك دعانــا لــإرضاب بســبب عــدم اكــراث أيــة‬ ‫األورينــت الواقــع يف «أطمــة» يف املنطقــة للوقــوف عــى الحالــة املأســاوية للمخيــم بعــد منظمــة إنســانية والحكومــة واالئتــاف ووحــدة‬ ‫الحدوديــة الســورية الرتكيــة نــداءات إنســانية‪ ،‬العاصفــة التــي مــرت بنــا‪ ،‬ووضــع الحلــول التنســيق والدعــم بنــا نحــن النازحــن‪.‬‬ ‫لكنهــا برصخــة مدويــة عــر إرضاب شــامل الناجعــة‪ ،‬وتأمــن الحــد األدىن مــن مســتلزمات وعــن املعانــاة التــي يعيشــها الالجئــون‪ ،‬يقــول‬ ‫لســكانه عــن الطعــام‪ ،‬مــا لبــث أن تجاوبــت البقــاء عــى قيــد الحيــاة‪ ،‬ونحمــل االئتــاف أبــو محمــد‪ :‬نعــاين مــن عــدم وجــود أي وســيلة‬ ‫معهــم كل مخيــات الالجئــن يف املناطــق والحكومــة أي رضر ناتــج عــن اإلرضاب وبــأي للتدفئــة‪ ،‬وانعــدام بدائــل الســكن للخيــام‬ ‫الحدوديــة‪ ،‬ليتجــاوز عــدد املرضبــن عــن فــرد يشــارك فيــه‪ .‬كــا ندعــو كافــة اإلخــوة املقتلعــة‪ ،‬وأي مــواد غذائيــة تســاعد عــى بقائنا‬ ‫الطعــام إىل أكــر مــن ‪ /150/‬ألــف شــخص‪ ،‬النازحــن والالجئــن وكل أحـرار ســوريا والعــامل أحيــاء يف ظل هــذه الظــروف القاســية‪ ،‬وانعدام‬ ‫فيــا تجــاوب مــع اإلرضاب الشــامل ملخيــات بالتضامــن معنــا يف هــذا اإلرضاب‪ ،‬فقــد دمــر فــرص الحيــاة لألطفــال الرضــع يف ظــل نــدرة‬ ‫اللجــوء‪ ،‬الرابطــة الســورية لحقــوق الالجئــن‪ ،‬النظــام بيوتنــا ألننــا طالبنــا بحريتنــا وكرامتنــا‪ ،‬حليــب األطفــال ملســاعدة األمهــات يف اإلرضــاع‬ ‫وممثلــون عــن الحـراك الشــعبي يف محافظــات ونحــن عــى اســتعداد للمــوت جوع ـاً يك يحيــا بســبب الــرد الشــديد‪ ،‬وتــردي حالــة الطــرق‬ ‫التــي ال تســمح للســر‪ ،‬وعــدم وجــود ســيارة‬ ‫أطفالنــا‪.‬‬ ‫الرقــة وديــر الــزور والحســكة‪.‬‬ ‫وحــول وقائــع اإلرضاب‪ ،‬يقــول الناشــط بســام ويضيــف أبــو محمــد‪ ،‬قائـاً‪ :‬وجهنــا دعــوة عــر إســعاف وطاقــم طبــي لتقديــم الخدمــات‬

‫الصحيــة لالجئــن‪ ،‬وقلــة ميــاه الــرب‪.‬‬ ‫وبإمــكاين القــول إن اإلرضاب ســينجح ألن‬ ‫مطالبنــا محقــة‪ ،‬وهنــاك بــوادر مفاوضــات‬ ‫لحضــور اجتــاع مرتقــب يف الريحانيــة مــع‬ ‫رئيــس االئتــاف ورئيــس الحكومــة املؤقتــة‬ ‫ورئيســة وحــدة الدعــم والتنســيق‪.‬‬ ‫مــن جانبــه قــال الســيد محمــد النعيمــي مديــر‬ ‫الرابطــة الســورية لحقــوق الالجئــن‪ :‬نحــن‬ ‫يف الســنة الرابعــة مــن عمــر الثــورة ومــازال‬ ‫التقصــر واإلهــال واضحــاً يف التعامــل مــع‬ ‫قضايــا الالجئــن‪ ،‬نحــن نعلــم أن الكارثــة أكــر‬ ‫مــن طاقــة االئتــاف أو الحكومــة املؤقتــة عــى‬ ‫تحملهــا لكــن مــا ميكــن تقدميــه للنازحــن قــد‬ ‫تراخــوا عنــه أو أهملــوا القيــام بــه‪.‬‬ ‫وحــول اإلرضاب يضيــف النعيمــي‪ :‬إن مخيــات‬ ‫ريــف إدلــب الشــايل التــي أعلنــت اإلرضاب‬ ‫هــي ‪ 65‬مخي ـاً‪ ،‬وقــد تجــاوز عــدد املرضبــن‬ ‫‪ 140‬ألــف نــازح مــرب عــن الطعــام‪ ،‬ولقد تم‬ ‫إعفــاء النســاء واألطفــال مــن متابعــة اإلرضاب‪،‬‬ ‫واســتمر الشــباب بذلــك‪ ،‬وقــد أبلغــت بوفــاة‬ ‫أحــد الرجــال بســبب اإلرضاب‪ ،‬ونقــوم حاليــاً‬ ‫بتوثيــق الحادثــة‪.‬‬

‫وحــول األوضــاع املعيشــية يف املخيــات قــال‬ ‫النعيمــي‪ :‬الوضــع أكــر مــن مأســاوي وتعجــز‬ ‫الكلــات عــن وصــف الحالــة الكارثيــة التــي‬ ‫يعيشــها النازحــون يف هــذه املخيــات‪ ،‬إن‬ ‫مطالــب النازحــن بســيطة ومحقــة‪ ،‬وهــي‬

‫تتلخــص مبحاولتهــم الجــادة للبقــاء عــى قيــد‬ ‫الحيــاة‪ ،‬املرضبــون يطالبــون بالخبــز والطحــن‬ ‫والــدواء والغــذاء وأحذيــة وثيــاب ألطفالهــم‪،‬‬ ‫وأســباب بســيطة للتدفئــة تقيهــم بــرد الشــتاء‪،‬‬ ‫وال يخلــو األمــر مــن وجــود بعــض املطالــب‬ ‫الثوريــة التــي يطالــب بهــا النازحــون كتشــكيل‬ ‫هيئــة للمهجريــن والنازحــن وهيئــة رقابيــة‬ ‫عــى أمــوال الثــورة باإلضافــة إللغــاء بعــض‬ ‫الــوزارات التــي ال جــدوى مــن وجودهــا‪ ،‬وال‬ ‫أظــن أن هــذه املطالــب تعجيزيــة للحكومــة‬ ‫واالئتــاف‪.‬‬ ‫وأخـرا ً حــذر مديــر الرابطــة الســورية لحقــوق‬ ‫الالجئــن مــن تداعيــات اإلرضاب بقولــه‪ :‬الوضع‬ ‫الــذي يعيشــه النازحــون كاريث‪ ،‬وأنــا أحــذر‬ ‫مــن وقــوع كارثــة إنســانية قــد يتعــرض لهــا‬ ‫النازحــون يف الريــف الشــايل ملدينــة إدلــب‪،‬‬ ‫يف حــال مل تتحــرك الجهــات املســؤولة وتتــدارك‬ ‫الوضــع وتلبــي مطالــب أهلنــا يف املخيــات‪.‬‬ ‫ويف ســياق تداعيــات أحــداث اإلرضاب يقــول‬ ‫الناشــط خالــد خالــد‪ :‬أهــايل تجمــع مخيــم‬ ‫أطمــة أعلنــوا االرضاب عــن الطعــام‪ ،‬لكــن‬ ‫الســؤال هــل كان لديهــم طعــام لــي يرضبــوا‬ ‫عنــه؟!‬ ‫طعامهــم الوحيــد الــذي كانــوا يقتاتــون منــه‬ ‫هــو مــا يأتيهــم مــن املطبــخ املوجــود يف‬ ‫املخيــم‪ ،‬ولحســن الحــظ‪ ،‬فقــد أوقــف عنــه‬ ‫الدعــم مــن قبــل الحكومــة املؤقتــة بحجــة‬ ‫يبــق عندهــم طعامــاً لــي‬ ‫إفالســها‪ ،‬فلــم َ‬ ‫يرضبــوا عنــه! واألفضــل لهــم أن يرضبــوا عــن‬ ‫الهــواء‪ ،‬لــي ميوتــوا ويرتاحــوا مــن الحكومــة‬ ‫املؤقتــة واملنظــات اإلنســانية‪.‬‬ ‫هكــذا هــو حــال الالجئــن يف مخيــات الشــال‬ ‫الســوري‪ ،‬فهــل تبقــى الحكومــة املؤقتــة ومعهــا‬ ‫االئتــاف ووحــدة الدعــم والتنســيق‪ ،‬يســمعون‬ ‫بــأذن مــن طــن وأذن مــن عجــن؟! أســئلة‬ ‫نضعهــا أمامهــم‪ ،‬وننتظــر أن يســتجيبوا ملطالــب‬ ‫املرضبــن عــن الطعــام‪.‬‬

‫يوسف دعيس‬

‫الرقــة و عــام جديــد مــن القصــف!‬ ‫اســتقبلت مدينــة الرقــة عامهــا الجديــد بأربــع غارات‬ ‫جويــة مــن طـران النظــام مســتخدماً فيهــا هــذه املــرة‬ ‫الصواريــخ الفراغيــة الفائقــة التدمــر والقتــل‪ ،‬حيــث‬ ‫تركــز القصــف عــى املنطقــة الجنوبيــة مــن املدينــة‪،‬‬ ‫منطقــة كورنيــش نهــر الفــرات وجــر املنصــور‪،‬‬ ‫وتركــزت إحــدى الغــارات عــى محطــة امليــاه بالرقــة‪ ،‬يف‬ ‫محاولــة مــن النظــام لقطــع امليــاه عــن املدينــة‪ ،‬مكــررا ً‬ ‫التجربــة نفســها التــي نفذهــا يف باقــي املــدن الســورية‪،‬‬ ‫عل ـاً أن مدينــة الرقــة تعــاين مــن انقطــاع شــبه دائــم‬ ‫للكهربــاء‪ ،‬بعــد اســتهداف الطــران ملحطــات التوليــد‬ ‫وأبـراج التوتــر العــايل‪ ،‬التــي تغــذي املدينــة‪ ،‬أدى قصــف‬ ‫محطــة امليــاه النقطــاع كامــل للميــاه عــى املدينــة‪،‬‬ ‫حيــث قــام العاملــون يف املؤسســة بإصــاح العطــل‬ ‫خــال ســاعات‪ ،‬وإعــادة امليــاه اىل املواطنــن بجهــود‬ ‫فرديــة جبــارة‪.‬‬ ‫ويف متــام الســاعة ‪ 9.45‬ليــاً حلــق طــران التحالــف‬ ‫يف ســاء املدينــة مــرة أخــرى حيــث ســبقتها طلعــات‬ ‫اســتطالعية كثــرة للط ـران نهــارا ً‪ ،‬ونفــذ عــر غــارات‬ ‫شــايل املدينــة‪ ،‬فيــا ذكــر ناشــطون عــن احتــال‬ ‫تنفيــذ عمليــة إنـزال مظــي‪ ،‬قــد تكــون محاولــة لتحريــر‬ ‫الطيــار األردين الــذي ســبق أرسه مــن قبــل تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية بعــد إســقاط طائرتــه رشق مدينــة‬

‫الرقــة‪.‬‬ ‫وذكــر ناشــطون أن تنظيــم الدولــة قــام بإنشــاء حواجــز‬ ‫داخــل املدينــة لتفتيــش الســيارات واألشــخاص‪ .‬أمــا مــا‬ ‫يخــص عمليــة اإلنـزال‪ ،‬فهــي بحــد ذاتهــا كانــت ســبباً يف‬ ‫اختــاف األخبــار حولهــا بــن مؤكــد ونـ ٍ‬ ‫ـاف للخــر‪ ،‬حيــث‬ ‫أفادنــا أحــد الناشــطني القريــب مــن منطقــة اإلنـزال أنها‬ ‫كانــت محاولــة مل تتــم‪ ،‬يف حــن ذكــرت بعــض الصحــف‬ ‫العامليــة عــن نجــاح عمليــة اإلن ـزال هــذه‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫ذاتــه أصــدر تنظيــم الدولــة اإلســامية بيانــاً طالــب‬ ‫فيــه األردن بعــدم مشــاركة قــوات التحالــف بالهجــوم‬ ‫عــى مواقــع التنظيــم‪ ،‬إضافــة لطلبــه مــن األردن بعــدم‬

‫اســتخدام القواعــد التابعــة للتحالــف املوجــودة عــى‬ ‫أراضيــه‪ ،‬وإطــاق رساح أكــر مــن خمســن قياديــاً‬ ‫للتنظيــم محتجزيــن يف العـراق‪ ،‬كــرط أســايس لعمليــة‬ ‫التبــادل واإلفـراج عــن الطيــار األردين معــاذ الكساســبة‪.‬‬ ‫ويف بيــان الحــق نــره تنظيــم الدولــة اإلســامية عــى‬ ‫مواقــع التواصــل االجتامعــي عــر شــبكته اإلعالميــة‬ ‫«أعــاق» ذكــر فيــه عــن قيــام التنظيــم بإعــدام الطيــار‬ ‫األردين ظهــر يــوم الجمعــة املوافــق يف ‪ 2015/1/2‬وقــد‬ ‫وعــد التنظيــم بنــر فيديــو اإلعــدام الحق ـاً‪.‬‬ ‫مل تتوقــف الطلعــات الجويــة كل الليــل ففــي متــام‬ ‫الســاعة السادســة صباحـاً مــن يــوم الجمعــة ‪2015/1/2‬‬

‫ُســمع دوي انفجــار هائــل هـ ّز أركان املدينــة مــا شــكل‬ ‫رعبــاً حقيقيــاً عنــد األهــايل‪ ،‬ليعــود الطــران بعدهــا‬ ‫وأثنــاء صــاة الجمعــة بالتحليــق عــى علــو منخفــض‪،‬‬ ‫حيــث بقــي يحــوم فــرة طويلــة يف ســاء املدينــة‪ ،‬وذكر‬ ‫لنــا بعــض الناشــطني واألهــايل عــن ســاع أصــوات‬ ‫مضــادات أرضيــة تنطلــق باتجــاه الطائــرات دون‬ ‫تحقيــق أيــة إصابــة تذكــر‪ ،‬ترافــق ذلــك مــع طلعــات‬ ‫جويــة لطائــرات االســتطالع بشــكل مكثــف‪.‬‬ ‫يف متــام الســاعة الثانيــة مــن بعــد ظهــر يــوم الجمعــة‬ ‫أغــار ط ـران النظــام عــى املدينــة بعــدة غــارات مــع‬ ‫فتــح جــدار الصــوت‪ ،‬حيــث طــال القصــف منطقــة‬ ‫الفروســية وجــر الرومانيــة‪ ،‬فيــا ذكــر لنــا بعــض‬ ‫األهــايل أنهــم شــاهدوا تصاعــد للدخــان الكثيــف مــن‬ ‫مناطــق القصــف‪.‬‬ ‫كل هــذا الــدم‪ ،‬وهــذا املــوت والدمــار مل ي ـ ِن تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية عــن اإلعدامــات وقطــع الــرؤوس‬ ‫ففــي تاريــخ ‪ 2015/1/3‬تــم إعــدام الشــاب جهــاد‬ ‫الغديــر تــاه يف اليــوم التــايل الشــاب أحمــد الرفيــع‪،‬‬ ‫وكذلــك عــن إصــدار العديــد مــن الترشيعــات التــي‬ ‫تضيــق الخنــاق عــى رعاياهــا كــا تطلــق عليهــم‪ ،‬يف‬ ‫حــن تنــاىس التنظيــم أن هنــاك عــدوا ً أكــر يجــب‬ ‫محاربتــه وإســقاطه وبنــاء دولتهــم‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫العاصفة الثلجية‪ ..‬تزيد من معاناة السوريني‬ ‫طغــت يف األيــام األخــرة أخبــار العاصفــة الثلجيــة‬ ‫يف الــرق األوســط عــى أصــوات املدافــع وآالت القتــل‬ ‫والتدمــر‪ ،‬فــرودة هــذه العاصفــة التــي رضبــت عــدة دول‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬أطفــأت لهيــب األحــداث ســواء يف العــراق‬ ‫أو ســورية أو اليمــن وغريهــا مــن مناطــق تشــهد حروبــاً‬ ‫ونزاعــات‬ ‫أطلــق عــى العاصفــة يف األردن وســورية اســم «هــدى»‬ ‫‪ ،‬كــا ســميت «زينــة» يف لبنــان‪ ،‬الالجئــون الســوريون‬ ‫الذيــن يعيشــون ظروفــاً صعبــة يف األصــل‪ ،‬هبــت هــذه‬ ‫الريــاح لتزيــد مــن معاناتهــم‪ ،‬خاصــة مــع غيــاب وســائل‬ ‫التدفئــة الرضوريــة للتعامــل مــع هــذا الــرد القــارس‪،‬‬ ‫ويعــاين الســوريون املهجــرون خــارج ســورية يف مخيــات‬ ‫اللجــوء مــن قســوة الحيــاة باإلضافــة إىل قســوة الظــروف‬

‫الجويــة‪ ،‬حيــث يعيشــون يف خيــام ال تصــد الــرد عنهــم‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل افتقارهــم لوســائل التدفئــة الالزمــة لحاميــة‬ ‫حيــاة األطفــال‪ ،‬واملــرىض‪ ،‬والشــيوخ‪ ،‬كــا أن الســوريني‬ ‫يف الداخــل‪ ،‬والنازحــن الذيــن يســكنون مدن ـاً أخــرى غــر‬ ‫مدنهــم وقراهــم‪ ،‬التــي تســبب النظــام الســوري بطردهــم‬ ‫منهــا‪ ،‬يعانــون مــن نقــص شــديد يف وســائل التدفئــة ومــن‬ ‫انقطــاع التيــار الكهربــايئ بشــكل شــبه تــام‪ ،‬حيــث تصــل‬ ‫عــدد ســاعات االنقطــاع إىل ‪ 20‬ســاعة يف اليــوم‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل نــدرة مــادة املــازوت املعتمــدة يف التدفئــة يف الداخــل‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫وحســب مــا ذكــرت وكاالت األنبــاء أن عــدد الضحايــا‬ ‫الســوريني مــن العاصفــة وصــل إىل أكــر مــن ثالثــن شــهيدا ً‬ ‫معظمهــم مــن األطفــال واملــرىض وكبــار الســن‪.‬‬ ‫ويف تركيــا قامــت الســلطات الرتكيــة باملســاعدة عــى إخــاء‬

‫مخيــم أطمــة الــذي أغرقتــه الثلــوج وأنقــذت ســكانه مــن‬ ‫مــوت محتــم تحــت الثلــج والصقيــع‪ ،‬وقــد نشــطت الهيئات‬ ‫اإلغاثيــة الرتكيــة والعربيــة‪ ،‬بتقديــم املســاعدات لســكان‬ ‫املخيــات رغــم افتقــار الكثــر مــن هــذه املخيــات إىل‬ ‫الــروط الالزمــة لحاميــة ســكانه املرتوكــن تحــت رحمــة‬ ‫العاصفــة الثلجيــة الكبــرة!‬ ‫ويذكــر أن الســلطات الســورية تواصــل االعتقــاالت‪،‬‬ ‫والقصــف‪ ،‬ضــد مواطنيهــا رغــم كل الظــروف الجويــة‬ ‫العنيفــة‪ ،‬وتدفــع املزيــد مــن الســوريني للفــرار خــارج‬ ‫مدنهــم وقراهــم وبلدهــم‪ ،‬وذلــك رغــم موجــة التعاطــف‬ ‫العــريب والعاملــي مــع الالجئــن الســوريني‪ ،‬وامله ّجريــن‪،‬‬ ‫والنازحــن‪ ،‬حيــث أن الســلطات الســورية هــي املســببة‬ ‫الرئيســية ملعانــاة أكــر مــن عــرة ماليــن ســوري نــازح‬ ‫ومه ّجــر خــارج بيتــه أو خــارج بلــده!‬

‫ويف الســياق ذاتــه أعــرب وزيــر الصحــة وائــل أبــو فاعــور‬ ‫عــن عــدم رضــاه عــى أداء املجتمــع الــدويل واملنظــات‬ ‫الدوليــة يف مــا يتعلــق مبســاعدة الالجئــن الســوريني‪ ،‬مشـرا ً‬ ‫إىل أن هــذا ظهــر واضح ـاً خــال العاصفــة الحاليــة «زينــا»‬ ‫حيــث اختفــت املنظــات الدوليــة مــع قدومهــا‪.‬‬ ‫وقــال أبــو فاعــور يف ترصيــح خــاص لوكالــة أنبــاء الــرق‬ ‫األوســط إنــه أصــدر «قـرارا ً بعــاج أي مقيــم يف لبنــان مــن‬ ‫آثــار الطقــس الســيئ‪ ،‬ســواء كان لبناني ـاً أو الجئ ـاً ســورياً‬ ‫أو غــره يف املستشــفيات الحكوميــة مــن دون أي تكلفــة‪،‬‬ ‫وذلــك بالتنســيق مــع وزارة الشــؤون االجتامعيــة‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬إن املنظــات غــر الحكوميــة يف لبنــان التــي‬ ‫ظهــرت مــع بدايــة أزمــة الالجئــن الســوريني أثبتــت فشــلها‬ ‫خــال العاصفــة الحاليــة نظــرا ً إىل غيــاب التنســيق مــع‬ ‫الدولــة‪.‬‬

‫اثنا عشــر قتيالً في االعتداء اإلرهابي على مقر صحيفة «شــارلي إيبدو»‬ ‫مسرية احتجاجية كربى يف باريس ومختلف املدن الفرنسية الكربى‬

‫شــهدت العاصمــة الفرنســية باريــس يف يــوم األربعــاء‬ ‫‪ 2015/1/7‬يومــاً داميــاً‪ ،‬تعــرض خاللــه مقــر صحيفــة‬ ‫شــاريل إيبــدو ‪ Charlie hebdo‬العتــداء مســلح‪ ،‬قــام بــه‬ ‫ثالثــة مســلحني مســتخدمني األســلحة الخفيفــة‪ ،‬وصواريــخ‬ ‫محمولــة عــى الكتــف‪ ،‬أســفر عــن مقتــل اثنــي عــر‬ ‫شــخصاً‪ ،‬منهــم مثانيــة صحفيــن مــن العاملــن يف الصحيفــة‪.‬‬ ‫والذ املهاجمــون بالفـرار مســتخدمني ســيارة صغــرة‪ ،‬حيــث‬ ‫شــهدت شــوارع باريــس مطــاردة انتهــت بحصــار املهاجمني‪،‬‬ ‫ومقتــل األخويــن كــوايش املتهمــن بالحادثــة‪ ،‬بالتــوازي مــع‬ ‫عمليــة قــام بهــا أميــدي كوليبــايل الــذي احتجــز رهائــن يف‬ ‫املتجــر اليهــودي يف بــاب فانســان يف باريــس‪ ،‬والــذي أعلــن‬

‫لقنــاة ‪ BFM TV‬الفرنســية‪« :‬أنتمــي إىل تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية وقمــت بعمليتــي هــذه لدعــم عمليــة األخويــن‬ ‫كــوايش»‪.‬‬ ‫ودعــا الرئيــس الفرنــي ملســرة مليونيــة تضامنــاً مــع‬ ‫ضحايــا صحيفــة شــاريل إيبــدو يف يــوم األحــد ‪.2015/1/11‬‬ ‫وانطلقــت يف باريــس مســرة احتجاجيــة كــرى ضــد‬ ‫اإلرهــاب واســتنكارا ً لالعتــداء اإلرهــايب شــارك فيهــا أكــر‬ ‫مــن مليــوين فرنــي‪ ،‬بحضــور الرئيــس الفرنــي فرانســوا‬ ‫هوالنــد وقــادة مــن مختلــف دول العــامل‪ ،‬وعــدد مــن‬ ‫الزعــاء العــرب‪ ،‬وســط إجــراءات أمنيــة مشــددة‪.‬‬ ‫وشــارك مــن القــادة العــرب ملــك األردن عبــد اللــه الثــاين‬ ‫وزوجتــه امللكــة رانيــا‪ ،‬والرئيــس الفلســطيني محمــود‬

‫عبــاس‪ ،‬ووزراء خارجيــة مــر‪ ،‬واملغــرب‪ ،‬واإلمــارات‪،‬‬ ‫وروســيا‪ ،‬إضافــة إىل رئيــس الــوزراء الــريك أحمــد داود‬ ‫أوغلــو‪ ،‬ورئيــس الــوزراء اإلرسائيــي بنيامــن نتنياهــو‪.‬‬ ‫وقــال الرئيــس الفرنــي هوالنــد أمــام أعضــاء الحكومــة‬ ‫يف اجتامعهــم يف قــر اإلليزيــه‪« :‬إن باريــس هــي اليــوم‬ ‫عاصمــة العــامل‪ ،‬وإن البلــد بــأرسه ســرتقي إىل أفضــل مــا‬ ‫لديــه»‪.‬‬ ‫وكانــت صحيفــة «يوالنــدس بوســطن» الدامناركيــة‪ ،‬أول مــن‬ ‫أثــارت أزمــة الرســوم املســيئة للنبــي عــام ‪ ،2005‬حيــث‬ ‫خــرج ماليــن املتظاهريــن يف شــتى أنحــاء العــامل اإلســامي‬ ‫مندديــن بالصحيفــة‪ ،‬قبــل أن تعلــن صحيفــة «شــاريل‬ ‫ايبــدو» تضامنهــا مــع نظريتهــا الدامناركيــة وأعــادت نــر‬

‫الرســوم املســيئة باإلضافــة إىل رســوم كاريكاترييــة أخــرى‬ ‫اســتفزت مشــاعر املســلمني‪.‬‬ ‫وقالــت صحيفــة «يوالنــدس بوســطن»‪ ،‬إنهــا «لــن تعيــد‬ ‫نــر الرســوم املســيئة للرســول التــي نرشتهــا أو ســتنرشها‬ ‫صحيفــة (شــاريل ايبــدو)»‪.‬‬ ‫يذكــر أن العــدد الجديــد ملجلــة الكاريكاتــر ‪Charlie‬‬ ‫‪ hebdo‬الفرنســية الســاخرة األول بعــد الجرميــة التــي أودت‬ ‫بحيــاة مجموعــة مــن أشــهر رســاميها صــدر برقــم خيــايل‬ ‫مــن النســخ وصــل إىل ثالثــة ماليــن نســخة‪ ،‬وهــي املجلــة‬ ‫التــي كانــت تعــاين مــن مشــاكل ماليــة حقيقيــة تهــدد‬ ‫بإغالقهــا‪ ،‬وقــد حمــل الغــاف رســا كاريكاترييــا بعنــوان‪:‬‬ ‫‪ Tout est pardonné‬الغفــران‪.‬‬

‫«وعد» مبادئ وأهداف ورسالة‬

‫الحــزب الوطنــي للعدالــة والدســتور «الســوري»‬

‫بدعــوة مــن األســتاذ فيصــل الســلطان «رئيــس شــعبة الحــزب يف مدينــة‬ ‫أورفــا» وبحضــور الســيد شــكري كريبوغــا «رئيــس جمعيــة عــرب تركيــا»‪،‬‬ ‫واملهنــدس أســامة الغثيــث «أمــن شــعبة الحــزب الوطنــي» باإلضافــة ألعضــاء‬ ‫قيــادة الشــعبة وأعضــاء الحــزب‪ ،‬والشــيخ هاشــم الجربــا‪ ،‬والشــيخ عبــد العبــار‪،‬‬ ‫وأعضــاء مجلــس إدارة منظمــة «رتــاج»‪ ،‬ورئيــس الرابطــة الســورية للمعلمــن‬ ‫األحـرار «فــرع الحســكة»‪ ،‬ولفيــف مــن املواطنــن واملهتمــن باألمر العــام‪ ،‬القيت‬ ‫محــارضة عــن تجربــة حــزب العدالــة والتنميــة الــريك يف مقــر الحــزب الوطنــي‬ ‫للعدالــة والدســتور مبدينــة أورفــا‪ ،‬ابتــدأت بالوقــوف دقيقــة صمــت عــى شــهداء‬ ‫ســورية األبـرار‪ ،‬وكلمــة ترحيــب مــن الســيد فيصــل الســلطان باملحــارض الســيد‬ ‫شــكري والســادة الحضــور‪.‬‬ ‫انطلقــت فكــرة العدالــة بعــد أن عــاىن الشــعب الــريك املســلم مــن تراكــات‬ ‫قدميــة‪ ،‬تركــزت عــى محاربــة الديــن اإلســامي يف تركيــا‪ ،‬مبســاعدة مــن الــدول‬ ‫الغربيــة وعــى رأســها بريطانيــا‪.‬‬ ‫بدايــة تأســس حــزب قومــي تــريك وتــم حــذف كل الكلــات العربيــة والفارســية‪،‬‬ ‫حيــث تــم إصــدار قامــوس إمرباطــوري عثــاين ‪ -‬بريطــاين يف عــام ‪ 1860‬يحتــوي‬ ‫عــى ‪ 115‬ألف ـاً مــن الكلــات العثامنيــة ومثلهــا بريطانيــا‪ ،‬ومبــرور الزمــن تــم‬ ‫اختصــار الكثــر مــن الكلــات العثامنيــة‪ ،‬ويف حكــم أتاتــورك تــم إغــاق املــدارس‬ ‫كلهــا ألنهــا تعلــم اللغــة العربيــة وتعاليــم الديــن اإلســامي‪ ،‬وبــدأت املــدارس‬ ‫باالعتــاد عــى الكتــب الفلســفية والعلامنيــة‪ ،‬وكان مينــع إدخــال أي عنــر يف‬ ‫الجيــش الــريك يف حــال التأكــد أنــه مســلم‪ ،‬ويقــوم بــأداء واجباتــه الدينيــة‪.‬‬ ‫يف عــام ‪ 1968‬أســس نجــم الديــن أربــكان حــزب الســامة بفكــر إخــواين «النظــام‬ ‫العــادل» حيــث كان يســعى الحــزب إىل االعتــاد عــى الصناعــات الرتكيــة‬ ‫املحليــة‪ ،‬ورغــم محاربــة الغــرب لهــذا املــروع إال أنــه نجــح يف إنشــاء مصانــع‬ ‫ومعامــل اســمنت وحديــد مســلح وســيارات برمائيــة‪ ،‬إضافــة إىل تصنيع األســلحة‬ ‫العســكرية‪ ،‬مــا زاد مــن تخــوف بريطانيــا مــن دخــول تركيــا ســوق الســاح‬ ‫والصناعــات الثقيلــة‪ ،‬ورغــم مــا كانــت تعانيــه تركيــا مــن ديــون كبــرة أدت إىل‬ ‫توقــف رواتــب املوظفــن ووجــود أزمــة غذائيــة كبــرة‪ ،‬إال أنــه تــم االهتــام‬ ‫برواتــب الجيــش والحــكام والقضــاة لتحقيــق العــدل‪ ،‬ومــن هنــا انطلقــت‬ ‫فكــرة العدالــة التــي انطلــق منهــا حــزب العدالــة والتنميــة الــريك‪ .‬كان الســيد‬ ‫رجــب طيــب أردوغــان رئيس ـاً لبلديــة اســتانبول‪ ،‬حيــث اســتطاع خــال أربــع‬ ‫ســنوات النهــوض بــكل الخدمــات التــي تخــص املدينــة‪ ،‬وكان اهتــام الســيد‬

‫الســوري‪ ،‬وتحقيــق التنميــة والتقــدم واســتعادة حقــوق الوطــن وتحريــر األرايض‬ ‫املحتلــة‪ ،‬وتحســن العالقــات مــع دول الجــوار‪ ،‬ونهــدف اىل بنــاء نظــام حكــم‬ ‫برملــاين حــر وتحقيــق العدالــة والتنميــة ونظــام قضــايئ عــادل‪ ،‬واالهتــام بكافــة‬ ‫رشائــح الشــعب دون متييــز‪.‬‬ ‫عــى الصعيــد ذاتــه‪ ،‬ويف املركــز الثقــايف الســوري يف مدينــة أورفــا وبتاريــخ‬ ‫‪2015/1/1‬‬

‫أردوغــان باإلعــام كبـرا ً‪ ،‬وبتوطيــد العالقــات مــع الــرق االوســط ودول الخليــج‬ ‫العــريب والحصــول عــى الدعــم منهــا‪ ،‬حيــث تــم تشــغيل الكثــر مــن املصانــع‬ ‫واالســتثامرات الكبــرة‪ ،‬اضافــة اىل االهتــام بالقنــوات االعالميــة حيــث نجــد أن‬ ‫نصــف القنــوات التلفزيونيــة مؤيــدة لحــزب العدالــة والتنميــة‪.‬‬ ‫وال ننــى هنــا االهتــام الكبــر بالخدمــات العامــة مــن مشــايف حكوميــة وتأمــن‬ ‫صحــي للموظفــن‪ ،‬واالهتــام بالتدريــس والجامعــات وتشــجيع األهــل عــى‬ ‫إرســال أطفالهــم للمــدارس عــن طريــق تخصيــص رواتــب للطــاب‪ ،‬واهتــم‬ ‫أيضــاً بالجيــش ودعمــه بالخــرات املوثوقــة‪ ،‬واســتطاع النهــوض باالقتصــاد افتتحــت نــدوة لطــرح مســودة دســتور «لحــزب العدالــة والتنميــة الســوري»‬ ‫الــريك وايفــاء كل الديــون املرتتبــة عليهــا‪ ،‬وأضــاف أن أردوغــان محــب لرتكيــا الــذي يرتأســه الدكتــور عمــر شــحرور‪ ،‬وبحضــور الســيد جــال الديــن كوينــج‬ ‫رئيــس بلديــة أورفــا‪ ،‬والســيد ويســل بــوالت رئيــس اتحــاد الصحفيــن األت ـراك‬ ‫واليــة أورفــا‪ ،‬ومنتــدى الخابــور املــدين‪ ،‬وعــدد كبــر مــن الشــخصيات املهتمــة‬ ‫بالشــأن العــام‪ .‬تحــدث الدكتــور عــن آليــة انشــاء الحــزب وأهدافــه‪ ،‬موضحـاً أن‬ ‫قدوتهــم يف ذلــك حــزب العدالــة والتنميــة الــريك‪ ،‬ألن العــدل أســاس الحكــم‪،‬‬ ‫مؤكــدا ً عــى أهميــة تركيــا كحليــف قــوي النتصــار الثــورة الســورية ومــن‬ ‫أهــداف حزبنــا‪ :‬توحيــد هــذا الشــعب العظيــم يف برنامــج محــدد يجــب أن‬ ‫يكــون «وطنــي عريــض»‪ ،‬والســعي لتوحيــد الفصائــل العســكرية املجاهــدة يف‬ ‫الداخــل الســوري‪ ،‬واالهتــام بالشــعب الســوري يف الداخــل والخــارج‪ ،‬وتأمــن‬ ‫كل حاجياتهــم بكرامــة‪ ،‬وســنعمل عــى االتصــال بالحكومــة الرتكيــة لنكــون صوتـاً‬ ‫للشــعب الســوري‪ ،‬وســنكون خادمــن للشــعب الســوري واإلســامي‪.‬‬ ‫وشــعبها‪ ،‬وأن أعــداءه يحبــون عدالتــه يف الحكــم‪ ،‬وســوريا اليــوم تحتــاج اىل مثــل تعميــم سياســة عادلــة وعامليــة بحيــث نكــون رشكاء مــع الــدول لتحريــر بالدنــا‬ ‫هــذا الرجــل‪ ،‬فأنــا رغــم معرفتــي ولقــاءايت الكثــرة مــع العديــد مــن مســؤويل عــن طريــق مســاعدتنا للنهــوض بســوريا الحديثــة مــن كافــة النواحــي‪.‬‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة وأعضــاء االئتــاف مل أجــد بينهــم مــن يحــب وطنــه وتحــدث الســيد جــال الديــن كوينــج رئيــس بلديــة أورفــا بكلمــة متنــى فيهــا‬ ‫النجــاح لهــذا الحــزب والنــر للثــورة الســورية‪ ،‬وأن تكــون ســوريا حــرة كرميــة‪،‬‬ ‫ويعمــل ألجلــه‪.‬‬ ‫تحــدث األســتاذ فيصــل الســلطان موضح ـاً‪ :‬نحــن يف الحــزب الوطنــي للعدالــة وأن العــدل ســيأيت وينتهــي عــر الظــام‪ ،‬ويتوقــف القتــل والوحشــية والدمــار‪،‬‬ ‫والدســتور نقتــدي بتجربــة حــزب العدالــة والتنميــة والــريك‪ ،‬ونعتربهــا تجربــة مؤكــدا ً عــى وقــوف تركيــا حكومــة وشــعباً مــع الشــعب الســوري ضــد كل‬ ‫ناجحــة رغــم محاربــة الــدول الغربيــة لهــا‪ ،‬إال أن تصميــم الحــزب عــى النجــاح ظــامل‪ ،‬وبــكل الســبل املتاحــة‪ ،‬وســوف نبنــي مع ـاً الحضــارة اإلســامية‪ ،‬نبنيهــا‬ ‫وإرســاء القاعــدة الشــعبية الكبــرة لــه جعــل مــن أحالمهــم هبــاء منثــورا ً‪ .‬وأضاف عــى العــدل واملســاواة واملجــد واإلخــوة‪ ،‬وســربح نحــن وســيخرس الظاملــون يف‬ ‫نحــن حــزب وطنــي مســتقل ذو مرجعيــة اســامية وســطية‪ ،‬يعمــل عــى ترســيخ النهايــة‪ ،‬نحــن نأمــل أن نقــدم للشــعب الســوري كل مــا يحتاجــه فنحــن إخــوة‬ ‫مبــادئ الحريــة والعدالــة بالوســائل الدميقراطيــة‪ ،‬ويتبنــى الحــزب مفاهيــم يف اإلســام‪ ،‬وال نفــرق بــن أحــد‪ ،‬ويف النهايــة تــم طــرح عــدد مــن األســئلة أجــاب‬ ‫عليهــا الدكتــور عمــر شــحرور‪.‬‬ ‫الحريــة والكرامــة والعدالــة واملســاواة‪ ،‬واملواطنــة والفصــل بــن الســلطات‪.‬‬ ‫يعتمــد الحــزب مبرجعيتــه اإلســامية الفهــم الوســطي لإلســام‪ ،‬ويعتــر الحــزب أح ـزاب تتشــكل يف الخــارج تقتــدي بتجربــة حــزب العدالــة والتنميــة الــريك‪،‬‬ ‫مفتوح ـاً لــكل مكونــات الشــعب الســوري‪ ،‬مــع املحافظــة عــى وحــدة ال ـراب لكــن هــل ســنجد فيهــم رج ـاً مخلص ـاً لوطنــه وشــعبه وقضيتــه؟؟‬

‫حرمل الرأي‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫سوريا ساحة لتقاطعات أم ملؤامرات دولية؟‬ ‫جبر الشوفي‬

‫بعــد صمــت مديــد ومريــب أعقب فشــل جنيف‪،2‬‬ ‫بــدا وكأ ّن العــامل (الحــ ّر) أدار ظهــره لعــداد القتــل‬ ‫والتدمــر والنــزوح وحصــار الجــوع‪ ،‬وأرخــى للنظــام‬ ‫حبــاً ليتابــع حمالتــه الرببريــة الطائفيــة املتوحشــة‬ ‫عــى اآلمنــن‪ ،‬مكتفيـاً منــه إذعانــه التفاقيــة جنيــف‪،‬‬ ‫والقــرار ‪ 2118‬وتســليم ترســانته الكيميائيــة كاملــة‪،‬‬ ‫ومل يعــد معني ـاً بــكل مــا يقــوم بــه مــن جرائــم‪ ،‬مبــا‬ ‫فيهــا تك ـرار اســتخدامه للرباميــل املتفجــرة‪ ،‬وغــازات‬ ‫محرمــة دولي ـاً أخــرى مل تشــملها االتفاقيــة‪.‬‬ ‫ولكــ ّن إعــان البغــدادي «الدولــة اإلســامية» بعــد‬ ‫التســاقط الكاريكاتــوري لجيــش العــراق يف املوصــل‬ ‫واألنبــار وغريهــا‪ ،‬ورسعــة اســتيالئه عــى مســاحات‬ ‫شاســعة يف العـراق وســورية‪ ،‬أعــاد املســألة الداعشــية‬ ‫إىل واجهــة الحــدث‪ ،‬فــكان التحالــف الــدويل‪ ،‬وكانــت‬ ‫الرضبــات الجويــة‪ ،‬التــي مل تقنــع أحــدا ً حتــى اآلن‬ ‫بأنهــا العــاج الشــايف لرسطــان اإلرهــاب املســترشي‪،‬‬ ‫والــذي بــات يهــدد املجتمــع الــدويل برمتــه‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫أكــده االعتــداء األخــر عــى صحيفــة شــاريل‪.‬‬ ‫اســتفراد األمريــكان وحلفائهــم بالتحالــف‪ ،‬وإدارة‬ ‫الظهــر إلرهــاب النظــام وحلفائــه‪ ،‬وتهميــش الــروس‬ ‫واإليرانيــن واالئتــاف الوطنــي‪ ،‬اعتــر مــن هــؤالء‬ ‫جميعــاً أمــرا ً مريبــاً واســتخفافاً بهــم‪ ،‬فــكان الــر ّد‬ ‫الــرويس‪ ،‬بدعــوة معــاذ الخطيــب ومــن معــه‪ ،‬ومــن‬ ‫ث ـ ّم دعــوة وزيــر خارجيــة النظــام‪ ،‬ومــن ثــم زيــارة‬ ‫بغدانــوف لســورية ولبنــان‪ ،‬والحديــث عــن مبــادرة‬ ‫روســية‪ ،‬هــي مجــرد لقــاء تشــاوري يجمــع أط ـراف‬ ‫مــن املعارضــة مــع وفــد النظــام‪ ،‬والخــروج برؤيــة غري‬ ‫ملزمــة ألحــد وغــر متبنــاة مــن أيــة جهــة دوليــة‪ ،‬مــا‬ ‫يجعــل منهــا مجــرد لعــب يف الوقــت الضائــع‪.‬‬ ‫واضــح أن الــروس يحاولــون أن يعيــدوا توازنـاً افتقدوه‬ ‫عــى الســاحة الدوليــة‪ ،‬مــن بعــد أوكرانيــا‪ ،‬ويف ظــل‬ ‫األزمــة االقتصاديــة الخانقــة‪ ،‬واإلطاللــة الحــذرة‬ ‫للمعارضــة الروســية‪ ،‬وأن بوابــة هــذا الظهــور وهــذه‬ ‫العــودة غــر ميــرة حاليـاً إال عــر البوابــة الســورية‪،‬‬

‫معبد الحسون‬

‫باعتبارهــا نقطــة التجــاذب والتقاطــع بينهــا وبــن‬ ‫الغــرب‪ ،‬ومــن خاللهــا تــرد عــى االســتفراد األمريــي‪،‬‬ ‫مبحاولــة اســتجرار بعــض أطـراف املعارضــة الســورية‪،‬‬ ‫التــي أعلنــت إفالســها وتعبهــا وأنهكــت‪ ،‬وباتــت قابلة‬ ‫ألي حــل ينقــذ العبــاد والبــاد مــن القتــل والتدمــر‬ ‫ّ‬ ‫ومخاطــر اإلرهــاب‪ ،‬مــن دون االنتبــاه إىل مــا يف‬ ‫مضمــر النوايــا الروســية‪ ،‬مــن التوجــه إىل القفــز مــن‬ ‫فــوق مرجعيــة جنيــف‪ 1‬والهيئــة االنتقاليــة‪ ،‬وإعــادة‬ ‫تســويق بشــار األســد والنظــام وصــوالً إىل هيئــة‬ ‫انتقاليــة‪ ،‬تحــت ظــل النظــام بجناحيــه املنهكــن‪،‬‬ ‫أمنيــاً واقتصاديــاً‪ ،‬بحجــة الحفــاظ عــى مؤسســات‬ ‫الدولــة‪.‬‬ ‫الغريــب يف هــذه التوجهــات هــو الصمــت األمريــي‪،‬‬ ‫وتجاهلهــم لــكل بهلوانيــات الــروس واطمئنانهــم‪،‬‬ ‫إىل أ ّن هــذه األالعيــب ليســت إال محاولــة فاشــلة‬ ‫لكــر الجمــود‪ ،‬ولفــت األنظــار لــر ّد اعتبــار للقيــر‬ ‫املــروك ليغــرد خــارج الــرب‪ ،‬مكتفيــاً بأوهــام‬ ‫عظمتــه واســتكباره‪ ،‬بعــد أن اضطــر إىل تقديــم‬ ‫تنــازالت محرجــة عــى الســاحة األوكرانيــة‪ ،‬وبعــد أن‬ ‫بــات يخــى مــن توافــق إي ـراين أمريــي غــريب عــى‬ ‫املســألة النوويــة‪ ،‬مقابــل تفويــض إليــران‪ ،‬بــروط‬ ‫أمريكيــة‪ ،‬تتضمــن الحفــاظ عــى خــط الطاقــة آمن ـاً‪،‬‬ ‫وتأمــن أمــن حلفائهــم والســيام إرسائيــل‪ ،‬ومكافحــة‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬بعــد حــره باإلرهــاب الســني‪ ،‬والتغــايض‬ ‫عــن اإلرهــاب الشــيعي املــوازي‪ ،‬واألكــر خطــورة‬ ‫لرمبــا‪ ،‬الرتباطــه بدولــة ذات طموحــات إمرباطوريــة‪،‬‬ ‫وبعقائديــة عصابيــة أخــذت تتغلغــل يف املنطقــة‪،‬‬ ‫للســيطرة عــى املنافــذ املائيــة‪ ،‬بــدءا ً مــن الســواحل‬ ‫اللبنانيــة الســورية وصــوالً إىل بــاب املنــدب‪.‬‬ ‫وعــى حــن يتجاهــل الغــرب دعــوات موســكو‬ ‫وعبثهــا‪ ،‬وعــى حــن رفضتهــا تشــكيالت املعارضــة‬ ‫العســكرية والسياســية الســورية‪ ،‬مــا عــدا تلــك‬ ‫امللتبســة والشــابكة خيوطهــا مــع النظــام‪ ،‬تأخــذ‬ ‫مبــادرة املبعــوث الــدويل دي مســتورا االهتــام‬

‫األكــر وتناقــش بجديــة يف أوســاط غربيــة وإقليميــة‬ ‫وســورية‪ ،‬ويــزداد االهتــام بهــا‪ ،‬مــع تأجيــل زيارتــه‬ ‫إىل دمشــق‪ ،‬إلتاحــة الفرصــة ملناقشــة التعديــات‬ ‫والخطــوط األوليــة لخطتــه‪.‬‬ ‫تبــدأ خطــة دي مســتورا‪ ،‬بالعمــل عــى املحــور‬ ‫العمــودي الصاعــد‪ ،‬عــر إيقــاف القتــال عــى أرض‬ ‫حلــب‪ ،‬ث ـ ّم اســتعادة األمــن والخدمــات االجتامعيــة‪،‬‬ ‫وتأمــن حيــاة العائديــن‪ ،‬ومــن ثــم البنــاء عليهــا‬ ‫باتفــاق ســيايس يوقــع تحــت إرشاف املجتمــع‬ ‫الــدويل مــن طــريف النظــام واملعارضــة ذات الشــأن‪،‬‬ ‫وبضامنــات دوليــة ومســاعدات لوجســتية وماليــة‬ ‫ودبلوماســية‪ ،‬وبعــد التأكــد مــن نجــاح التجربــة‪ ،‬يبــدأ‬ ‫بالتوســع واالنتشــار األفقــي‪ ،‬باالنتقــال إىل مناطــق‬ ‫أخــرى لتطبيقهــا‪.‬‬ ‫تبــدو هــذه الخطــة أكــر واقعيــة‪ ،‬وأكــر إقناع ـاً مــن‬ ‫غريهــا‪ ،‬العتامدهــا الدبلوماســية الهادئــة‪ ،‬والبنــاء‬ ‫عــى القاعــدة االجتامعيــة املنهكــة‪ ،‬وأكــر قــوة ألنهــا‬ ‫تعتمــد عــى مرجعيــة قانونيــة دوليــة‪ ،‬وتفســح‬ ‫املجــال للهيئــات الدوليــة‪ ،‬املفــرض أنهــا محايــدة أن‬ ‫تجــرب حظهــا‪ ،‬ولكــن القلــق مــن اســتغالل النظــام‬ ‫للهدنــة‪ ،‬اللتقــاط أنفاســه وتجميــع قــواه للســيطرة‬ ‫عــى مناطــق أخــرى وإخضاعهــا‪ ،‬يبقــى مرشوعــاً‪،‬‬ ‫كــا يبقــى مرشوعــاً التخــوف مــن تكــرار تجريــة‬ ‫حمــص‪ ،‬ورفــض النظــام إدخــال املواطنــن‪ ،‬إىل بيوتهــم‬ ‫والعــودة ملامرســة حياتهــم الطبيعيــة‪.‬‬ ‫املشــكلة أننــا مقيــدون ومرهونــون للجهــود الدوليــة‪،‬‬ ‫ولتنافــس الــدول وتجــاذب مصالحهــا‪ ،‬وأن النظــام لــن‬ ‫يقــدم عــى خطــوة‪ ،‬إال بــإذن مــن اإليرانيــن‪ ،‬حامتــه‬ ‫التقليديــن وأوليــاء نعمتــه‪ ،‬واملقرريــن الحقيقــن‬ ‫يف املســألة الســورية‪ ،‬وال بــ ّد مــن قــراءة متأنيــة‬ ‫وتفاعــل إيجــايب مــن املعارضــة املســؤولة‪ ،‬لكشــف‬ ‫كل مالبســاتها‪ ،‬ولتصبــح قابلــة للتــداول والتعميــم‪،‬‬ ‫وتصــب يف املــآل‪ ،‬يف مســألة التغيــر الوطنــي‬ ‫الدميقراطــي‪ ،‬وإال فــكل جهــد هبــاء!‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬

‫ما بعد شارلي إيبدو‬ ‫األحــداث املتســارعة التــي شــهدتها العاصمــة الفرنســية باريــس مؤخـرا ً‪،‬‬ ‫والتــي بــدأت بالهجــوم اإلرهــايب عــى مقــر صحيفــة شــاريل إيبــدو الســاخرة‪،‬‬ ‫ومــا أعقبــه مــن تظاهــرات احتجاجيــة تضامنــاً مــع ضحايــا العمليــة‬ ‫اإلرهابيــة‪ ،‬وكانــت أكربهــا املســرة املليونيــة الكــرى التــي دعــا إليهــا الرئيــس‬ ‫الفرنــي فرانســوا هوالنــد‪.‬‬ ‫أخبــار باريــس‪ ،‬واملوقــف الفرنــي مــن اإلرهــاب‪ ،‬والدعــوة األمريكيــة ملؤمتــر‬ ‫دويل ملحاربــة اإلرهــاب‪ ،‬احتلــت واجهــة األخبــار يف مختلــف وســائل اإلعــام‪،‬‬ ‫وغابــت أخبــار القتــل والتدمــر التــي تطــال الشــعب الســوري‪ ،‬واختفــت‬ ‫أخبــار التنديــد والشــجب التــي ألفتهــا أســاعنا دون أن يكــون لهــا أي تأثــر‬ ‫رغــم ضجيجهــا اإلعالمــي الــذي تعودنــا عليــه ســابقاً‪ ،‬وكان النظــام الســوري‬ ‫هــو الرابــح األكــر مــن تداعيــات هــذه األحــداث ومنعكســاتها عــى أرض‬ ‫الواقــع‪ ،‬ليعــود األلــق مجــددا ً ملبــادرة املبعــوث األممــي دميســتورا‪ ،‬ودعــوة‬ ‫الــروس ملبــادرة الحــوار بــن النظــام وعــدد مــن أركان املعارضــة الســورية يف‬ ‫الداخــل والخــارج‪.‬‬ ‫قبــل أحــداث باريــس األخــرة كانــت قــد انطلقــت ترصيحــات فرنســية‬ ‫مــن هنــا وهنــاك تؤكــد تقصريهــم يف إســقاط النظــام الســوري بعــد قصفــه‬ ‫الكيــاوي ملناطــق مدنيــة يف غوطتــي دمشــق‪ ،‬والشــال الســوري‪ ،‬والتــي‬ ‫جــاءت متوازيــة مــع املوقــف الــريك الــذي يعطــي األولويــة إلســقاط األســد‬ ‫مــع إقامــة مناطــق حظــر جــوي يف الشــال الســوري‪ .‬كل ذلــك جــاء مرتافقـاً‬ ‫مــع العاصفــة زينــا التــي رضبــت رشق املتوســط‪ ،‬والتــي أســقطت آمــال‬ ‫الســوريني يف لجوئهــم القــري يف مخيــات اللجــوء مــن حســابات املجتمــع‬ ‫الــدويل واهتامماتــه اإلنســانية‪.‬‬ ‫مــن املؤســف أن نــرى صــور رئيــس الــوزراء اإلرسائيــي تتصــدر املشــهد‬ ‫الــدويل يف محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬ومــن املؤســف جــدا ً أن نســمع أخبــار قصــف‬ ‫الطـران الســوري ملــدن وأريــاف ســوريا‪ ،‬ومــا يحدثــه مــن قتل وتدمــر‪ ،‬تحت‬ ‫ذريعــة محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬وهــا الصانعــان األساســيان لإلرهــاب مبباركــة‬ ‫ورعايــة أمريكيــة وروســية وإيرانيــة‪ ،‬وهــا مــن هيــأ الظــروف ملثــل هــذه‬ ‫املجموعــات اإلرهابيــة للقيــام بأعــال إرهابيــة طالــت باريــس‪ ،‬ورمبــا متتــد‬ ‫لتطــال عواصــم غربيــة أخــرى‪ ،‬ورمبــا ســيتيح لنــا ذهــاب حاملــة الطائ ـرات‬ ‫الفرنســية شــارل ديغــول إىل املحيــط الهنــدي الســتخالص مواقــف مســتجدة‬ ‫لفرنســا تجــاه املســألة الســورية‪ ،‬وهــو مــا يضعنــا أخ ـرا ً وجه ـاً لوجــه أمــام‬ ‫ســؤالنا املتكــرر هــل جــاءت جرميــة باريــس لتغطيــة جرميــة املجتمــع الــدويل‬ ‫تجــاه مأســاة الســوريني املتفاقمــة يف ظــل غيــاب الســؤال األســايس املتعلــق‬ ‫يف البحــث عــن أســباب اإلرهــاب؟‪.‬‬

‫الحرملي‬

‫ســوريا‪ :‬غــروب اإلرهــاب وشــروق االنتــداب‬

‫ـت يف مقالتــي األوىل يف «الحرمــل»‪ ،‬يف إصدارهــا‬ ‫تحدثـ ُ‬ ‫األول‪ ،‬منــذ حــوايل األربعــة أشــهر‪ ،‬وتحــت عنــوان (ســوريا‪:‬‬ ‫غــروب اإلرهــاب ورشوق االنتــداب) أن املأســاة الســورية‬ ‫جعلــت تأخــذ ســمتاً يف التوجــه نحــو حالــة فريــدة وغــر‬ ‫مســبوقة إال فيــا نــدر‪ ..‬حالــة ال ميكــن وصفهــا بتدويــر‬ ‫االنتــداب القديــم‪ ،‬ذي الشــكل والطبيعــة التقليديــة‪،‬‬ ‫وال هــي تتجــه نحــو حالــة مــن الهيمنــة االســتعامرية يف‬ ‫صيغتهــا التقليديــة‪ ،‬مبــا يرافــق دقــة التعبــر مــن وصــف‪..‬‬ ‫األرجــح واألصــدق توصيف ـاً أنهــا ذاهبــة إىل مناطــق حكــم‬ ‫ذايت‪ ،‬تكــون مرتبطــة الصلــة ببعضهــا‪ ،‬ومبقــدار مــا تحتملــه‬ ‫مــن الوشــائج واالرتباطــات مــع املركــز ـ العاصمــة دمشــق ـ‬ ‫كــا أنهــا متــارس يف الوقــت نفســه شــكالً مــن االرتبــاط‪ ،‬غري‬ ‫متعــن أو متحــدد الصفــات‪ ،‬مــع الجهــة الدوليــة واإلقليميــة‬ ‫التــي ســوف تتوافــق مشــاريعها عــى إعــادة اإلعــار‪ .‬ولقــد‬ ‫بــات مــن الجــي أن ضبابيــة املصالــح والتدخــات اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة باتــت تتكشــف ســياقاتها العامــة‪ ،‬وتُــرز‬ ‫للمراقبــن خطــو َط التناقضــات والتوافقــات فيــا بينهــا يف‬ ‫أنســاق تتجاذبهــا ثالثــة مشــاريع‪ ،‬ترتــد مآالتهــا إىل أطـراف‬ ‫ثالثــة‪ ،‬والتــي ســوف ترتبــط عضوي ـاً مبجاالتهــا الثالثــة‪:‬‬ ‫الطــرف األول الــريك‪ :‬حيــث ســيكون مجالــه الحيــوي‬ ‫محافظــات حلــب وإدلــب وريــف حــاة الغــريب والشــايل‬ ‫وشــال الســاحل الســوري (منطقــة جبــل األكــراد)‪.‬‬ ‫الطــرف الثــاين الخليجــي ‪/‬األردين‪ /‬الغــريب‪ :‬ومجالــه الحيــوي‬ ‫ســيكون املنطقــة الرشقيــة مبحافظاتهــا الثــاث‪ :‬الرقــة ـ ديــر‬ ‫الــزور ـ الحســكة‪ ،‬عــدا عــن املنطقــة الجنوبيــة مبحافظاتهــا‬ ‫الثــاث‪ ،‬مــع تســهيالت لــأردن‪ ،‬وتوســيع تفويضهــا يف إدارة‬

‫سياســات الفــراغ التمثيــي يف املرحلــة املقبلــة‪ ،‬ويلحــق‬ ‫باملنطقــة الجنوبيــة ريــف العاصمــة‪ ،‬مــع اإلبقــاء لحمــص‬ ‫عــى وضعيــة خاصــة‪ :‬املدينــة رشاكــة بــن الطرفــن الثــاين‬ ‫والثالــث‪ ،‬والباديــة منطقــة تــوازع نفــوذ بــن املنطقــة‬ ‫الرشقيــة وحمــص املحافظــة‪.‬‬ ‫الطــرف الثالــث اإليـراين الــرويس‪ ،‬وممثلهــم الطبيعــي بقايــا‬ ‫نظــام األســد ورمــوزه الباهتــة التــي يعمــل عىل ضــخ الحياة‬ ‫يف رشايينهــا وإنعاشــها مــن أجــل اســتمرارها وظيفيـاً لتمثيل‬ ‫وإنابــة الــدور الــرويس اإليــراين يف املنطقــة‪ ،‬وتخصيصــه‬ ‫مبجــال أو طيــف إقليمــي كجــزء مــن ورقــة تنازلــه األخــرة‬ ‫يف آخــر ورقــة حــل تفــاويض‪ ..‬ومجالــه الحيــوي الطبيعــي‬ ‫ســيكون الســاحل مبحافظتيــه مــع جــزء مــن حمــص‪.‬‬ ‫تفريــغ الكانتونــات الكرديــة املتنــازع عليهــا يف املجــال‬ ‫الحيــوي لرتكيــا (عفريــن ـ عــن العــرب ـ بعــض مناطــق‬ ‫ريــف إدلــب)‪ ،‬وتجميعهــا يف الرشيــط املمتــد مــن رشقــي‬ ‫تــل أبيــض وصــوالً إىل آخــر محافظــة الحســكة‪ ،‬ومنحهــم‬ ‫منطقــة محليــة اإلدارة الذاتيــة يف هــذا الرشيــط‪ ،‬وبتوافــق‬ ‫غــريب‪ /‬تــريك محــدود مبواثيــق صارمــة‪ ،‬ونقــاط حمــر متفــق‬ ‫عليهــا مــع حكومــة كردســتان الع ـراق‪.‬‬ ‫التشــارك األمريــي ـ الــريك يف املســألة الســورية كان‪،‬‬ ‫وســيبقى إىل أمــد الحــق‪ ،‬يف النقــاط واملبــادئ التاليــة‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ تــرك الحرائــق تشــتعل حتــى مدياتهــا القصــوى‪،‬‬ ‫والعمــل عــى توجيههــا التوجيــه املطلــوب لخدمــة هــذه‬ ‫االســراتيجية العليــا‪ ،‬شــبه النهائيــة‪ 2 .‬ـ التعامــل مــع‬ ‫الحريــق الســوري مببــدأ التخامــد الطبيعــي للنــار‪ ،‬وتحولهــا‬ ‫إىل رمــاد بحكــم منطــق األشــياء‪ ،‬ثــم صوغهــا جغرافيــاً‬ ‫وبرشيــاً مــن بقايــا هــذا الرمــاد‪ ..‬والبــأس مــن إضفــاء‬

‫بعــض السياســات املوحيــة بــأن الجميــع يقــوم بواجباتــه‬ ‫األخالقيــة‪ ،‬ومــا يفــرض أن يعمــل عليــه إجرائيــاً‪ ،‬ولــو يف‬ ‫الحــدود الدنيــا‪ ،‬قــدر اإلمــكان واملتــاح‪ ..‬عــى األقــل مــن‬ ‫زاويــة تحســن الصــورة اإلعالميــة يف نظــر الجمهــور املتابــع‬ ‫واملراقــب‪ .‬تفصيــل منطقــة الشــال‪ ،‬والشــال‪ /‬رشق‬ ‫الســوري‪ ..‬ومنطقــة الشــال‪ ،‬والشــال‪ /‬غــرب الســوري‬ ‫مبنطــق اســتقالل املصالــح‪ ..‬وعــى مبــدأ املجــال الحيــوي‬ ‫الطبيعــي الــذي ســيكون شــبيهاً ـ يف حــدود التشــبيه ـ‬ ‫بهونــغ كونــغ قبــل اســتقاللها عــن بريطانيــا وعودتهــا إىل‬ ‫الصــن األم‪ ،‬أو قريبـاً مــن النمــوذج الــريب بعــد اســتقالل‬ ‫جمهورياتــه عــن بلغــراد‪.‬‬ ‫بقــي أن نؤكــد عــى ثــاث نقــاط‪ ..‬األوىل‪ :‬أن داعــش كانــت‬ ‫اآللــة الوظيفيــة الطبيعيــة التــي شــاركت يف صناعتهــا‬ ‫األط ـراف الثالثــة مــن أجــل تســهيل تليــن وحراثــة األرض‬ ‫الســورية والوصــول بهــذه النتيجــة دون مواجهــة قــوة‬ ‫تصــدي‪ ،‬وعطالــة مقاومــة مــن قبــل الثــورة الســورية‬ ‫والثــوار‪ .‬فهــي الفاعــل األســايس يف تهجــر وتفريــغ أماكــن‬ ‫جغرافيــة عــى حســاب مــلء جغرافيــا أخــرى‪ ،‬وتقليــص‬ ‫قــوى وتقليــم أظفارهــا أو إزالتهــا واســتئصالها حسـاً ملبــدأ‬ ‫إشــعال الحرائــق وتركهــا تنطفــئ بقانــون اســتفراغ كامــل‬ ‫قواهــا الطبيعيــة‪ ،‬وذلــك حتــى تصبــح عجينــة املــكان‬ ‫والزمــان والســكان جاهــزة للصياغــة بالقالــب املثــايل‬ ‫املطلــوب صياغتــه‪ ..‬عــى املبــدأ ذاتــه‪ ،‬ســيتم تقليــص قوتهــا‬ ‫متهيــدا ً لنقلهــا إىل مواضــع حريــق آخــر (إن مل يتــم القضــاء‬ ‫عليهــا نهائيـاً) أو إخراجهــا مــن مــرح الحــدث اتفاقـاً بــن‬ ‫األط ـراف الثالثــة التــي عملــت رشاك ـ ًة عــى صناعتهــا مــن‬ ‫أجــل هــذه الغايــة‪..‬‬

‫الثانيــة‪ :‬املتوقــع أن مــا يســمى باالئتــاف الوطنــي (بوصفــه‬ ‫رمزيــاً ممثــاً لقــوى الثــورة واملعارضــة عــى املســتوى‬ ‫الــدويل) ســوف يتــم إخراجــه مــن حالــة املــوت الرسيــري‬ ‫وثالجــة املــوىت التــي وضــع فيهــا وتجمــدت أوضاعــه فيهــا‬ ‫منــذ زمــن طويــل‪ ،‬وذلــك بغيــة تذويبــه كبقايــا محلــول‬ ‫كيــاوي فــور الدخــول يف مراحــل هــذه االســراتيجية‬ ‫الجديــدة وخواتيمهــا‪ ..‬واملرجــح أن يكــون البديــل عنــه‬ ‫ثالثــة أجســام (أو ثالثــة ائتالفــات) سياســية‪ ،‬تكــون ممثلــة‬ ‫لــكل مجــال حيــوي مــن املجــاالت الثالثــة التــي ذكرتهــا‪..‬‬ ‫أمــا الحكومــة املؤقتــة‪ ،‬فعــى األرجــح أن يتــم اإلبقــاء عليهــا‬ ‫موحــدة شــكلياً‪ ،‬ولكــن دون فاعليــة أو فعــل حقيقــي عــى‬ ‫األرض‪ ،‬مــع اتــكال املناطــق ـ يف الشــق التنفيــذي ـ عــى‬ ‫األرض‪ ،‬عــى مجالســها املحليــة وممثليهــا يف كل منطقــة‪،‬‬ ‫ودون االعتــاد أو الرجــوع إىل الحكومــة أو االعتــاد عليهــا‬ ‫إال يف نطاقــات ضيقــة‪.‬‬ ‫الثالثــة‪ :‬أن الثــورة الســورية مســتمرة‪ ،‬وســتبقى حيــة رغــم‬ ‫كل هــذا التفصيــل الســابق‪ ..‬فهــي إن زلزلــت كل قواعــد‬ ‫املجتمــع القديــم وصدعتــه‪ :‬الســلطة الدكتاتوريــة‪ ،‬ثوابــت‬ ‫الثقافــة والبنــى الفوقيــة املتكلســة منــذ قرابــة قــرن مــن‬ ‫الزمــن‪ ،‬وبنــى إنتــاج تحتيــة تــكاد تنتمــي إىل املــايض بــكل‬ ‫تفاصيلهــا‪ ..‬فــإن البنــاء الجديــد لســوريا الجديــدة مــا يـزال‬ ‫رهنـاً بنضــج وتنامــي الوعــي الثــوري واملــدين الدميقراطــي‪،‬‬ ‫والحــدايث العــري‪ ،‬مشــفوعاً بنضــج العالقــة السياســية‬ ‫املتطــورة للشــعب الســوري وقدرتــه عــى توليــد شــبكة‬ ‫متطــورة ومنظومــة كاملــة مهيــأة إلحــداث التغيري الســيايس‬ ‫والثقــايف واالقتصــادي التــي تحســن ق ـراءة رشوط املرحلــة‬ ‫بشــكل مضطــرد‪ ،‬والبنــاء عليــه بالشــكل املطلــوب‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫كيف نستطيع إصالح مؤسسات الثورة‪ ،‬اليت تبدأ أو ً‬ ‫ال بإصالح االئتالف الوطين لقوى الثورة واملعارضة السورية‪ ،‬يف هذا املوجز الذي‬ ‫مت تلخيصه من دراسة معمقة تتضمن مشروعاً إصالحياً لالئتالف‪ ،‬نتلمس من خالله قراءة جدية للسياسي واملفكر ميشيل كيلو‪..‬‬

‫ميشيل كيلو‬ ‫مأسســة قيــادة االئتــاف تبــدأ بإعــادة هيكلتهــا‪،‬‬ ‫ليقــود أعضــاء الهيئــة الرئاســية مكاتــب متخصصــة‬ ‫متكاملــة املهــام‪ ،‬لديهــا موازنــات ويشــتغل فيهــا موظفون‬ ‫متفرغــون‪ ،‬عــى أن يكــون كل مكتب وموظفيه مســؤولني‬ ‫أمــام هيئــة الرئاســة‪ ،‬التــي تعمــل كفريــق واحــد‪ ،‬وهيئــة‬ ‫االئتــاف العامــة‪ :‬مرجعيــة الجميــع وصاحبــة القــرار‬ ‫الفصــل يف كل األمــور‪ ،‬لذلــك يزودهــا رئيــس االئتــاف‬ ‫بتقاريــر نصــف شــهرية حــول مــا يســتجد مــن أحــداث‬ ‫ومعلومــات‪ ،‬ومــا تنــوي هيئــة الرئاســة فعلــه وتخطــط‬ ‫لــه مــن مشــاريع وتدابــر وزيــارات‪ ،‬وتواجهــه الثــورة مــن‬ ‫مشــكالت وتنجــزه مــن نجاحــات‪ ،‬وتقيمــه مــن عالقــات‪.‬‬ ‫ومأسســة قواعــده مــن خــال تجديــد ربعهــا كل ســنة‪،‬‬ ‫باالنتخــاب الحــر والــري واملبــارش والعــام‪ ،‬بحيــث‬ ‫ميــي عضــو االئتــاف أربعــة أعــوام فيــه‪ ،‬شــأنه يف ذلــك‬ ‫شــأن أي عضــو برملــان منتخــب‪ .‬إىل هــذا‪ ،‬ومــن أجــل‬ ‫تعميــم منافــع مبــدأ املشــاركة‪ ،‬ستشــكل الرئاســة «هيئــة‬ ‫استشــارية وطنيــة» تضــم مســؤولني ســابقني وحاليــن‬ ‫يف املجلــس الوطنــي واالئتــاف‪ ،‬إىل جانــب أهــل خــرة‬ ‫وتاريــخ مــن اختصاصــات وأدوار متنوعــة‪ ،‬يختارهــم‬ ‫مــن خارجــه‪ .‬ال تكتمــل مأسســة االئتــاف ويســتكمل‬ ‫عمــل هيئاتــه دون مدونــة تنظيميــة‪ /‬سياســية ميثاقيــة‬ ‫تشــجع تشــكيل محوريــن أو تياريــن داخلــه‪ :‬حاكــم‬ ‫ومعــارض‪ ،‬ميارســان فيــه حيــاة برملانيــة منتظمــة تضــع‬ ‫حــدا ً النقســاماته إىل شــلل وكتــل صغــرة تشــل حركتــه‪،‬‬ ‫وتجعــل منــه مــكان عمــل وطنــي ال دور فيــه لرصاعــات‬ ‫تعطيليــة‪ ،‬يكــون والء محوريــه للشــعب والثــورة وليــس‬ ‫ألطـراف خارجيــة‪ ،‬وتتعــن مواقفهــا ومصالحهــا بداللــة‬ ‫مبادئــه امليثاقيــة التوافقيــة‪ ،‬ومــا ينبثــق عنهــا مــن‬ ‫سياســات ومصالــح مشــركة يتــم تطويرهــا بالتشــاور‬ ‫والحــوار يف الهيئتــن الرئاســية واالستشــارية‪ ،‬وعــى‬ ‫الصعيــد الوطنــي العــام وصعيــد هيئتــه العامــة‪ ،‬فتتقلــص‬ ‫بذلــك قــدرة تكتالتهــا عــى رؤيــة االئتــاف وعالقاتــه‬ ‫الداخليــة والخارجيــة يف ضــوء مصالحهــا الضيقــة‪ ،‬التــي‬ ‫تأخــذ بالــرورة شــكالً انقســامياً ترتجمــه رصاعــات‬ ‫تســتنزف االئتــاف وقدرتــه عــى الحركــة ومواجهــة‬ ‫مهامــه‪ ،‬ومتنــع االئتالفيــن مــن أخــذ مواقفهــم يف حاضنــة‬ ‫مــا يجمعهــم مــن مشــركات معطلــة‪ ،‬وتجعلهــم عاجزيــن‬ ‫عــن إصــاح أحوالــه وتطويــر وظائفــه وإنجــاز العمــل‬ ‫الوطنــي الــذي عليهــم القيــام بــه‪ ،‬والخــروج مــن دائــرة‬ ‫خالفــات تحكــم قبضتهــا عليهــم‪ ،‬وتحــول بينهــم وبــن‬ ‫امتــاك دعــم شــعبي وصدقيــة سياســية‪ ،‬وتقــف وراء‬ ‫تدهــور مكانتهــم وفاعليتهــم‪ ،‬التــي حولــت االئتــاف‬ ‫إىل عــبء ثقيــل وال نفــع فيــه للشــعب والثــورة‪ .‬إىل مــا‬ ‫تقــدم‪ ،‬ستؤســس الرئاســة هيئــات وطنيــة تعنــى بشــؤون‬ ‫املهجريــن واملرشديــن‪ ،‬وأخــرى تهتــم بحقــوق اإلنســان‬ ‫وتعمــل لوقــف انتهاكهــا ومحاســبة مرتكبيهــا‪ ،‬وثالثــة‬ ‫تتابــع ثــروات الســوريني املرسوقــة وتعمــل الســتعادتها‬ ‫إىل صاحبهــا األصــي‪ :‬الشــعب الســوري‪ ،‬ورابعــة تــرف‬ ‫عــى أعــال تجاريــة وتنمويــة متشــعبة تتكفــل بتمويــل‬ ‫االئتــاف وتأمــن مبالــغ تعــزز اســتقالليته وتخفــف‬ ‫ضغــوط الخــارج عليــه‪ .‬هــذه املؤسســات ســتدار جميعهــا‬ ‫تحــت إرشاف أعضــاء االئتــاف‪ ،‬الذيــن ســيعملون فيهــا‬ ‫بــدوام كامــل وســيقيمون حيــث توجــد‪ ،‬عــى أن يحــروا‬ ‫إىل مقــر االئتــاف يف املوعــد الشــهري الجتــاع الهيئــة‬ ‫العامــة‪ ،‬الــذي ســينتظم انعقــاده الــدوري مهــا كانــت‬ ‫الظــروف والعقبــات‪ ،‬خــارج فنــادق النجــوم‪.‬‬

‫ميث��اق وطين مبوافق��ة مجيع القوى‬ ‫‪_1‬التوصــل إىل ميثــاق وطنــي مبوافقــة جميــع القــوى‬ ‫التــي أســهمت يف إطــاق ودعــم ثــورة الحريــة ومتســكت‬ ‫بطابعهــا الدميقراطــي‪ ،‬سياســية كانــت أم مدنيــة أم‬ ‫عســكرية‪ ،‬وبلــورة تصــور جامــع بجهودهــا املشــركة حول‬

‫مقرتحات إلصالح االئتالف‬ ‫الحــل الســيايس وســبل تحقيقــه‪ ،‬لســد ثغــرات كثــرة‬ ‫تقــوض عالقــات املكونــات الوطنيــة املناضلــة ببعضهــا‪،‬‬ ‫ومتكــن النظــام وبعــض الخــارج مــن اســتغالل انعــدام‬ ‫التواصــل بينهــا إلضعافهــا وفــك عالقاتهــا مــع املقاومــة‪.‬‬ ‫بعــد قرابــة أربعــة أعــوام مــن الثــورة‪ ،‬مــن العــار أن ال‬ ‫يكــون هنــاك أي حــوار بــن أطرافهــا يف الداخــل والخــارج‪،‬‬ ‫وأن يقتــر التخاطــب بينهــا عــى االتهامــات والشــتائم‪.‬‬

‫ضم منتسبني ميثلون عددياً ونوعياً‬ ‫خمتلف اجلماعات الوطنية‬

‫‪_2‬سيوســع االئتــاف صفوفــه يك تضــم منتســبني ميثلــون‬ ‫عدديــاً ونوعيــاً مختلــف مكونــات الجامعــة الوطنيــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وخاصــة مــن اســتبعد مــن مؤسســات العمــل‬ ‫الوطنــي بذريعــة انتامئــه للنظــام أو تأييــده لــه‪ ،‬وأنــه‬ ‫ال جــدوى مــن التواصــل معــه أو مــن محاولــة إقناعــه‬ ‫بالعمــل يف إطــار الثــورة ولصالــح التغيــر‪ .‬لقــد بلغــت‬ ‫إبــادة الشــعب الســوري طــورا ً متقدم ـاً‪ ،‬ومتــت بأيــدي‬ ‫الســوريني أنفســهم غالبـاً‪ ،‬فليــس مــن املعقــول أو املقبول‬ ‫أن تســتمر املذبحــة التــي يتبــن كل يــوم أن أحــدا ً ال‬ ‫يفيــد منهــا غــر قبضــة مــن املجرمــن والقتلــة املمســكني‬ ‫بالســلطة مــن أرسة األســد وبطانتهــا‪ ،‬وتيــار متشــدد‬

‫متطــرف يشــك يف كونــه مــن صنائعهــم‪ .‬لتتغــر فقــط‬ ‫العالقــة مــع هــؤالء الذيــن أبعــدوا عــن الثــورة أو أبعــدوا‬ ‫أنفســهم عنهــا‪ ،‬بــل ســيتغري كذلــك خطــاب االئتــاف‬ ‫والجيــش الحــر‪ ،‬وســتتغري طــرق تعاملهــا مــع إخــوة‬ ‫لنــا يعنــي كســبهم التعجيــل يف انتصــار الثــورة‪ ،‬وإنقــاذ‬ ‫شــعبنا مــن هــاك محتــم وحــرب بــا نهايــة‪ .‬ســنخاطب‬ ‫هــؤالء‪ ،‬فــإن رفضــوا لــن نخــر شــيئاً‪ ،‬وســيخرسون هــم‬ ‫كل يشء‪ ،‬وإن توافقــوا معنــا أغلقنــا بــاب التالعــب الــدويل‬ ‫والســلطوي بنــا‪ ،‬وحلنــا دون تقديــم حجــج يتــذرع بهــا‬ ‫املجرمــون إلطالــة الحــرب ضــد شــعبنا‪.‬‬

‫جيش وطين مهين‬ ‫يضم تشكيالت حمرتفة‬

‫‪_3‬يعنــي قيــام جيــش وطنــي حــر تأســيس جيــش مهنــي‬ ‫يضــم تشــكيالت محرتفــة ينضــوي يف صفوفهــا املقاتلــون‬ ‫واملقاومــون‪ ،‬ومــن يقبلــون الخضــوع إلمــرة قياداتهــا‬ ‫والعمــل تحــت إرشافهــا أو بالتنســيق معهــا‪ .‬ويعنــي‬ ‫كذلــك أن صفوفــه ســتبقى مفتوحــة أمــام الراغبــن مــن‬ ‫جيــش النظــام يف االنضــام إليــه واالندمــاج يف تشــكيالته‪.‬‬ ‫مثــل هــذا الجيــش‪ ،‬يجــب أن يكــون قــادرا ً عــى تجنيــد‬ ‫معظــم مقاتليــه مــن الشــبان‪ ،‬وأن تكــون لــه قيــادات‬ ‫مرجعيتهــا ليســت مدنيــة أو ثوريــة‪ ،‬بــل رئاســة األركان‪،‬‬ ‫وأن تتبــع وحداتــه وتشــكيالته لــوزارة الدفــاع‪ ،‬وتقــاد‬ ‫مــن رئاســة أركان تتكــون مــن رئيــس وقــادة اإلدارات‬ ‫املختلفــة‪ ،‬وقــادة الجبهــات الذيــن ســيكونون نوابــاً‬ ‫محليــن أو شــخصيني لرئيــس األركان‪ .‬لــن يكــون هنــاك‬ ‫بعــد قيــام الجيــش أعطيــات لهــذا أو ذاك‪ ،‬أو مخصصــات‬ ‫كيفيــة تتالعــب بهــا األهــواء ومجريــات املعــارك املزعومة‬ ‫أو الصحيحــة‪ ،‬بــل ســيكون هنــاك موازنــة لــوزارة الدفــاع‪،‬‬ ‫التــي ســتعطي الجبهــات مخصصــات طويلــة األمــد‪،‬‬ ‫وفــق قواعــد عســكرية ميليهــا دورهــا يف القتــال ومــا‬

‫تواجهــه مــن تحديــات‪ ،‬وماليــة تنظمهــا قواعــد محاســبية‬ ‫دقيقــة‪ .‬ستشــري الجبهــات بقســم مــن موازناتهــا‬ ‫الســنوية مــا يلــزم إلدامــة معاركهــا وتقديــم الرواتــب‬ ‫والخدمــات ملقاتليهــا‪ ،‬مبــا يف ذلــك تعويضــات ورواتــب‬ ‫تقاعديــة للشــهداء والجرحــى‪ ،‬وســتمتلك مؤسســات‬ ‫ٍ‬ ‫مشــاف‬ ‫خدميــة متتلكهــا عــادة الجيــوش املهنيــة مــن‬ ‫ومســتوصفات ومؤسســات اســتهالكية واســراحات‪...‬‬ ‫الــخ‪ .‬ال داعــي للقــول إن املوازنــة العامــة ســتخضع لرقابــة‬ ‫ماليــة مســتقلة‪ ،‬وســترصف طبقــاً ألصــول محاســبية‬ ‫حصينــة ضــد الفســاد والهــدر واالعتباطيــة‪.‬‬ ‫أمــا اس ـراتيجية الجيــش القتاليــة‪ ،‬فلــن تقــوم بعــد اآلن‬ ‫عــى حــرب املــدن‪ ،‬بــل عــى حــرب الحركــة وقطــع طــرق‬ ‫اإلمــداد واملواصــات‪ ،‬وســيكون هدفهــا اتخــاذ كل مــا هــو‬ ‫رضوري مــن تدابــر واســتعدادات ملنــع إنــزال الهزميــة‬ ‫باملقاومــة يف مرحلــة أوىل‪ ،‬وتنميــة قــدرات الجيــش‬ ‫وعديــده يف الوقــت نفســه لقلــب نهــايئ يف موازيــن‬ ‫القــوى ضــد النظــام‪ ،‬وبــدء حمــات عســكرية كــرى‬ ‫تغطــي معظــم أرايض بالدنــا يف وقــت واحــد يف مرحلــة‬ ‫تاليــة‪ ،‬يتــم خاللهــا تفكيــك جيــش النظــام والتعــاون مــع‬ ‫وحداتــه التــي ســتقلع عــن مقاتلــة الجيــش الحــر وتبــدي‬ ‫اســتعدادها لالنضــام إليــه‪.‬‬

‫محالت منظمة لكسب الرأي العام العاملي‬ ‫‪_4‬ســيقوم إعــام االئتــاف بحمــات منظمــة لكســب‬ ‫الــرأي العــام العاملــي‪ ،‬بجهــود مكاتبــه يف الداخــل‬ ‫وبلــدان اللجــوء ولوبيــات أجنبيــة متخصصــة تعمــل‬ ‫يف الخــارج‪ ،‬وسيســتخدم انتهــاكات حقــوق اإلنســان‬ ‫وجرائــم الحــرب والجرائــم ضــد اإلنســانية واالنتهــاكات‬ ‫الفاضحــة للمواثيــق والعهــود الدوليــة مــن أجــل تعريــة‬ ‫النظــام والدفــاع عــن دميقراطيــة الثــورة‪ ،‬وحــق الشــعب‬ ‫يف تقريــر مصــره‪ .‬وسيســتعني اإلعــام بالدوائــر والجهــات‬ ‫املعنيــة بهــذه الحقــوق ليعــد محاكمــة شــعبية دوليــة‬ ‫تشــارك فيهــا شــخصيات رمزيــة دينيــة ودنيويــة معروفــة‬ ‫ومحرتمــة عامليــاً‪ ،‬متهيــدا ً لتقديــم بشــار األســد إىل‬ ‫محكمــة مجرمــي الحــرب يف الهــاي‪ .‬وسيشــن االئتــاف‬ ‫يف الوقــت نفســه حملــة منظمــة ال هــوادة فيهــا لتوعيــة‬ ‫الشــعب بسياســاته وبرهانــات الثــورة األصليــة‪ ،‬ومبخاطــر‬ ‫النزعــات التكفرييــة واملتطرفــة عــى وحــدة شــعبنا‬ ‫ودولتنــا واســتقالل وســيادة وطننــا‪.‬‬

‫عالقات برملانية منظمة وقانونية‬ ‫بني االئتالف واحلكومة املؤقتة‬

‫‪_5‬ســيقيم االئتــاف عالقــات برملانيــة منظمــة وقانونيــة‬ ‫مــع الحكومــة املؤقتة‪ ،‬وســيرشف عــى أعاملهــا يف املجالني‬ ‫الخارجــي والداخــي‪ ،‬وســيتعامل معهــا بوصفهــا جهــازا ً‬ ‫وطنيــاً مــن الــروري أن يكــون حســن اإلدارة واألداء‪،‬‬ ‫ومرجعيــة تنفيذيــة موثوقــة للســوريات والســوريني‪،‬‬ ‫مكلفــة برعايتهــم وحــل مشــكالتهم وتزويدهــم مبــا‬ ‫يحتاجــون إليــه مــن عــون وتعليــم وعــاج وســكن‪ ،‬دون‬ ‫أن يرصفهــا اهتاممهــا بالشــؤون اليوميــة عــن إعــادة‬ ‫بنــاء الوطــن وإعــداده الســتقبال الســوريني يف ديارهــم‪،‬‬

‫وإخراجهــم مــن بــؤس حالهــم الراهنــة يف املهاجــر‪.‬‬ ‫‪_6‬ســيويل االئتــاف اهتامم ـاً خاص ـاً ومرك ـزا ً لتنظيــات‬ ‫املجتمــع املــدين املختلفــة داخــل وخــارج الوطــن‪،‬‬ ‫وســيتعامل معهــا كطــرف أصيــل يف الثــورة مــن الــروري‬ ‫أن يكــون ممثــاً بعدالــة يف مؤسســاته السياســية‬ ‫والعســكرية واالعالميــة والثقافيــة واإلغاثيــة‪ ،‬ال ســيام‬ ‫وأن هــذه التنظيــات ســتقوم مبهمــة عــى قــدر اســتثنايئ‬ ‫مــن األهميــة‪ ،‬هــي تطويــر وتنفيــذ أنشــطة سياســية‬ ‫ومجتمعيــة وإعالميــة وثقافيــة وإغاثيــة مبدعــة يف أماكــن‬ ‫وجــود الســوريني‪ ،‬مــن شــأنها تعزيــز لحمــة مجتمعهــم‪،‬‬ ‫ومســاعدة املهجريــن واملرشديــن وأرس الشــهداء‬ ‫والجرحــى واملعتقلــن عــى تجــاوز مصاعبهــم‪ ،‬والعنايــة‬ ‫بأرسهــم وأطفالهــم‪ .‬لــن يفعــل االئتــاف شــيئاً دون‬ ‫التعــاون مــع ممثــي املجتمــع املــدين وأخــذ مشــورتهم‪،‬‬ ‫واإلفــادة مــن خرباتهــم وقدراتهــم‪.‬‬ ‫‪_7‬لــن ينجــح االئتــاف يف إنجــاز هــذا الربنامــج دون‬ ‫إصــاح يبــدل دوره وبنيتــه وأداءه‪ ،‬ويقربــه مــن الصــورة‬ ‫التــي كانــت عليهــا منظمــة التحريــر الفلســطينية‪ ،‬ســواء‬ ‫مــن حيــث وحدتهــا وديناميتهــا‪ ،‬أم تشــعب أنشــطتها‪،‬‬ ‫أم إمســاكها بقضيتهــا ومتســكها باســتقاللية قرارهــا‪ ،‬أم‬ ‫مشــاركة مكوناتهــا الجامعيــة يف خياراتهــا‪ ،‬أم فاعليتهــا‬ ‫االقتصاديــة واملاليــة‪ ،‬أم قدرتهــا عــى تعبئــة شــعبها‬ ‫املبعــر واملشــتت وتحملهــا املســؤولية عنــه يف جميــع‬ ‫مناحــي حياتــه‪ ،‬أم متســكها بحقوقهــا دون تنــازل عــن‬ ‫أي منهــا‪ ،‬أم مرونتهــا يف اســتعامل أوراقهــا وجرأتهــا عــى‬ ‫الدخــول يف عالقــات مــع خصومهــا لتطويعهــم ووضعهــم‬ ‫يف خدمــة قضيتهــا‪،.‬‬ ‫وأخــرا االنســجام بــن تنــوع مكوناتهــا وبــن التزامهــا‬ ‫بتوافــق وطنــي دائــم‪ ،‬جعــل معارضتهــا الداخليــة مصــدر‬ ‫إثـراء لخطهــا العــام الــذي أقرته مجالســها الوطنيــة‪ ،‬وأداة‬ ‫ضغــط عــى خصومهــا مكنتهــا مــن صياغــة خــط وحــد‬ ‫أطيافهــا املختلفــة يف الدفــاع عــن مصالحهــا وأهدافهــا‬ ‫العليــا‪ ،‬رغــم خالفاتهــا االيديولوجيــة‪ ،‬التــي بقيــت خاصــة‬ ‫بــكل منهــا‪.‬‬ ‫‪_8‬يف السياســة العامــة‪ ،‬ســيكون هنــاك تحــول يف سياســة‬ ‫االئتــاف نحــو عالقــات متوازنــة وقامئــة عــى ثوابــت‬ ‫الثــورة ومطالــب الشــعب مــع أطـراف املعضلة الســورية‪،‬‬ ‫وتحالــف مــع الــدول العربيــة واألجنبيــة‪ ،‬التــي تعطــي‬ ‫األولويــة لذهــاب األســد إىل الحــرب ضــد اإلرهــاب‪ ،‬وهــي‬ ‫فرنســا وتركيــا واململكــة العربيــة الســعودية وبلــدان‬ ‫الخليــج‪ ،‬مــا يحتــم إقامــة أوثــق العالقــات معهــا‪،‬‬ ‫واإلفــادة منهــا للضغــط عــى أمــركا‪ :‬الدولــة التــي أدارت‬ ‫أزمتنــا طــوال فــرة مــا بعــد الثــورة‪ ،‬واســتخدمتنا لتصفيــة‬ ‫حســاباتها مــع روســيا وإي ـران‪ ،‬وانتهجــت سياســات غــر‬ ‫عادلــة أو مــرددة تجاهنــا‪ ،‬إمــا بســبب ســوء تقديــر‪ ،‬أو‬ ‫ضعــف وعــزوف عــن االنخـراط يف حــرب‪ ،‬أو خــوف مــن‬ ‫روســيا وإي ـران أو‪ ..‬الــخ‪ ،‬ولــو كانــت صادقــة يف دعمهــا‬ ‫لنــا لدعمــت توجهنــا التحالفــي الجديــد‪ ،‬ولســعدت‬ ‫باســتعدادنا لتخفيــف أعبائهــا ولخــوض معركــة ميكــن‬ ‫أن تفيــد منهــا‪ ،‬وإال فإننــا لــن نخــر حليفـاً وداعـاً ألن‬ ‫أمــركا ليســت حليفنــا‪ ،‬وإن كان مــن االنتحــار تحويلهــا‬ ‫إىل خصــم‪ ،‬ألننــا ســنفقد عندئــذ كل يشء وســنهزم رش‬ ‫هزميــة‪ ،‬وســنضع أنفســنا خــارج الخطــوط الحمـراء التــي‬ ‫حددتهــا للــراع‪ ،‬ويحتمــل كثــرا ً أن تكــون هزميتنــا‬ ‫واحــدا ً مــن ممنوعاتهــا‪.‬‬ ‫‪_9‬هــل ســنكون قادريــن عــى إنجــاز هــذه املهمــة؟‬ ‫جــوايب نعــم‪ ،‬إن كنــا حق ـاً مــن طينــة الثــوار‪ ،‬وأخلصنــا‬ ‫العمــل‪ ،‬وعرفنــا كيــف نجعــل مــن أنفســنا بديـاً للنظــام‬ ‫مقنعــاً عامليــاً‪ ،‬وأخرجنــا االئتــاف مــن دائــرة تســيطر‬ ‫عليهــا خالفاتنــا وانقســاماتنا إىل رحــاب القضيــة الوطنيــة‪،‬‬ ‫التــي يتوقــف اســتمراره عــى نجاحــه يف أن يكــون‬ ‫أداة وحاضنــة لهــا‪ ،‬واقعيــة الحســابات قاطعــة اإلرادة‪،‬‬ ‫مصممــة عــى نيــل الحريــة لشــعب ســورية الواحــد‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫مصطفى الجرف‬ ‫املحمــوالت األخالقيــة واأليديولوجيــة الكثيفــة‬ ‫التــي تغطــي مفهومــن متداولــن بكــرة هــذه‬ ‫األيــام كالطائفــة والطائفيــة‪ ،‬مــع مــا تحدثــه‬ ‫هــذه املحمــوالت مــن تأثــر نفــي قــوي ين ّفــر‬ ‫منهــا‪ ،‬تخفــي تحتهــا الحقيقــة السوســيولوجية‬ ‫والتاريخيــة للظاهــرة املهمــة اللتــن يعــر عنهــا‬ ‫هــذان املفهومــان‪.‬‬ ‫إن النفــور األخالقــي الــذي تثــره ظاهــرة‬ ‫اجتامعيــة وسياســية مــن هــذا النــوع مفهــوم‬ ‫ومــروع متامــاً؛ مــن الطبيعــي أن ينفــر عامــة‬ ‫النــاس مــن الظواهــر التــي تقســم مجتمعهــم‪،‬‬ ‫وتفــي بــن الجامعــات األهليــة مشــاعر‬ ‫الكراهيــة‪ ،‬وقــد تــودي بــه‪ ،‬رمبــا‪ ،‬إىل حــرب‬ ‫أهليــة رضوس ميكــن تنتهــي إىل خرابــه متامــاً‪.‬‬ ‫ولكــن إذا كان مــن املمكــن التعاطــف مــع هــذه‬ ‫املعــاين األخالقيــة البســيطة وتفهــم رضورتهــا‪،‬‬ ‫فــإن األمــر مختلــف متام ـاً ومعقــد للغايــة مــع‬ ‫املعــاين األيديولوجيــة‪ .‬بشــكل أســايس‪ ،‬تنتمــي‬ ‫مصطلحــات الطائفــة والطائفيــة السياســية‪،‬‬ ‫كــا تســتعمل بكــرة يف األدبيــات السياســية‬ ‫عندنــا‪ ،‬ال إىل علــم االجتــاع أو علــم االجتــاع‬ ‫الســيايس‪ ،‬وال علــم األنرثوبولوجيــا‪ ،‬وال أي «علــم»‬ ‫إنســاين آخــر‪ ،‬بــل تنتمــي أساسـاً إىل األيديولوجيــا‬ ‫الحداثويــة التــي انتــرت لدينــا بكثافــة‪ ،‬وتب ّنتهــا‬ ‫بنســخها املختلفــة أغلــب األنتلجنســيا املحليــة‬ ‫لدينــا‪ ،‬واعتمــدت عليهــا يف تفســر الظواهــر‬ ‫االجتامعيــة‪ .‬تنظــر هــذه األيديولوجيــا إىل مثــل‬ ‫هــذه الظواهــر عــى أنهــا ظواهــر تعــر عــن‬ ‫التخلــف الــذي يشــكل مفهومـاً مركزيـاً يف هــذه‬ ‫األيديولوجيــا‪ ،‬وبحســبها تنتمــي الطوائــف‪ ،‬مثــل‬

‫الطائفة‪ ،‬األمة‪.‬‬

‫القبائــل والعشــائر أيضــاً‪ ،‬إىل العصــور القدميــة‪،‬‬ ‫عصــور مــا قبــل الدولــة الحديثــة؛ وهــي بذلــك‬ ‫ظواهــر خارجيــة ال تنتمــي إىل املنطــق الداخــي‬ ‫للحداثــة‪ ،‬وال ميكــن فهــم الطائفيــة مثــاً مــن‬ ‫خــال هــذه األيديولوجيــا إال بوصفهــا تالعبــاً‬ ‫رشيـرا ً مــن الخــارج بالغرائــز البدائيــة الالعقالنيــة‬ ‫لهــذه الجامعــات األهليــة القدميــة املتخلفــة‪.‬‬ ‫ومــن خــال هــذه األيديولوجيــا أيضــاً ميكــن‬ ‫اختصــار الــراع الجــاري يف ســوريا ببســاطة‪،‬‬ ‫وباالســتناد إىل مفهــوم الطائفيــة الــذي يركّــز‬ ‫عــى االختــاف الدينــي املذهبــي‪ ،‬عــى أنــه‬ ‫مجــرد امتــداد (أو ارتــداد) للــراع الدينــي‬ ‫القديــم بــن عــي ومعاويــة‪ ،‬تغذّيــه وتشــجعه‬ ‫ومت ّولــه أطــراف خارجيــة رشيــرة ذات أهــداف‬ ‫مشــبوهة‪ .‬وهكــذا يقاتــل العلويــون دفاع ـاً عــن‬ ‫دينهــم الــذي ال يعــرف معظمهــم أي يشء عــن‬ ‫أرساره الباطنيــة‪ ،‬أبنــاء الس ـ ّنة الذيــن يخوضــون‬ ‫جهــادا ً مقدســاً مــن أجــل أن يعيــدوا العلويــن‬ ‫إىل الديــن الحنيــف! أنــا أرى بالعكــس أن هــذا‬ ‫رصاع ســيايس حديــث متامــاً‪ ،‬ويجــب وصفــه‬ ‫فقــط بلغــة الحداثــة ومفاهيمهــا ومصطلحاتهــا‪،‬‬ ‫وأفضــل عوضـاً عــن مفهــوم الطائفــة أن أســتخدم‬ ‫مفهــوم الجامعــة اإلثنيــة بحســب التعريــف‬ ‫الــذي يــورده لــه عاملــا االجتــاع أنثــوين ســميث‬ ‫وإريــك كاوفــان‪« :‬اإلثنيــة هــي مجموعــة مــن‬ ‫الســكان ذات اســم‪ ،‬وذات أســاطري عــن ســلف‬ ‫مشــرك‪ ،‬وذكريــات وثقافــة مشــركة‪ .‬تج ّمــع مــن‬ ‫النــاس لديهــم وطــن‪ ،‬ومشــاعر مــن التضامــن‬ ‫االجتامعــي»‪ .‬وبشــكل مامثــل فــإن الفئــات‬ ‫اإلثنيــة هــي‪« :‬جامعــات لهــا (عــى مــا يفــرض)‬ ‫ـلف أو ســالة نســب مشــركة‪ ،‬ويرافقهــا دامئـاً‬ ‫سـ ٌ‬

‫د‪.‬محمد حاج بكري‬ ‫إىل مــن ال يـزال ينبــض يف عروقهــم دم الثــورة وتتحــرك يف‬ ‫نفوســهم روحهــا‪ ،‬إىل مــن ال يزالــوا يؤمنــون أن دم الشــهداء‬ ‫مــا زال يطالــب بحقــه واألرواح الذكيــة التــي أزهقهــا هــذا‬ ‫النظــام الفــايش الغــادر لــكل قيــم األديــان الســاوية ترفــرف‬ ‫فوقنــا وتســألنا أيــن انتــم مــن الغايــة التــي قاتلنــا مــن أجلهــا‪.‬‬ ‫أفيقــوا لنســرد الــروح التــي نرجــو أن تغــر ســوريا والعــامل‬ ‫أجمــع روح الســوري الســاعي إىل الحريــة والكرامــة والعدالــة‬ ‫واملســاواة لنحقــق للشــعب الــذي وقــف معنــا وضحــى بــكل‬ ‫مــا ميلــك لنســتعيد لــه حقــه وحقنــا لنــرك معاركنــا وخالفاتنــا‬ ‫الداخليــة التــي أصبحــت القاســم املشــرك للثــوار مــن أجــل‬ ‫خيــارات وهميــة وبســيطة‪ ،‬تعالــوا لنقــول جميعــا لــن ننــى‬ ‫ثورتنــا ولــن نغفــل عــن أهدافنــا ولــن نخــون شــهداءنا‪ ،‬ولــن‬ ‫ننــى أعداءنــا الحقيقيــن الذيــن مازالــوا محتفظــن بقســم‬ ‫مــن رصيدهــم ولــن ننــى تحدياتنــا الحقيقيــة يف اســتكامل‬ ‫التغيــر والتطهــر والتحريــر والبنــاء والتعمــر وســنحدد‬ ‫هدفنــا بحيــاة ســورية حــرة كرميــة تنعــم باملســاواة وتتجمــل‬ ‫بالوطنيــة واإلخــاء والتكاتــف فــان معركتنــا مــع األســد ورمــوز‬ ‫فســاده واســتبداده وحزبــه مل تحقــق هدفهــا بعــد ومازلنــا‬ ‫عــى الطريــق ومهمتنــا األوىل أن نقتلــع جذورهــم مــن أرض‬ ‫ســوريا سياســيا واجتامعيــا واقتصادي ـاً وثقافي ـاً‬ ‫يجــب أن نســتفيد مــن أخطائنــا‪ ،‬وان يتكاتــف الشــباب‬ ‫ويحملــوا رايــة الثــورة ليعــروا عــن أحالمهــا مســتعينني‬ ‫بحكمــة الكبــار املخلصــن األوفيــاء فــان انقســامهم وترشذمهــم‬ ‫ودخولهــم يف رصاعــات وســجاالت هــو احــد ســيناريوهات‬ ‫التــآكل‬ ‫إن شــبابنا اليــوم يتكلمــون بثالثــة ألســنة‪ ،‬اللســان الشــخيص‬ ‫ومحبــة الــذات واألنانيــة واللســان الحــزيب التقليــدي ذي‬ ‫األفــق الضيــق واللســان الثــوري املشــرك الضائــع بــن هويــات‬ ‫متعــددة متناســن أن عليهــم أن يقدمــوا الهويــة الثوريــة‬ ‫الســورية عــى ســائر الهويــات املفرقــة واملشــتتة وإال ضاعــت‬ ‫الثــورة‪.‬‬ ‫حتــى نقــوم ثورتنــا يجــب أن نلتفــت إىل ســوريا وماهيــة‬ ‫ســوريا وهويــة ســوريا وأهــل ســوريا ومكانة ســوريا ومســتقبل‬ ‫ســوريا وتاريــخ ســوريا وخطــاب ســوريا ولغــة ســوريا وانتــاء‬ ‫ســوريا وانتامئنــا لســوريا‬ ‫إن االئتــاف والحكومــة واملؤسســات والدســتور والنظــام‬

‫تقريبــاً معــانٍ عــن وطــن األســاف‪ ،‬وعالمــات‬ ‫مميــزة عــى شــكل حاجــز ثقــايف»‪ .‬إن هــذا‬ ‫املفهــوم الــذي يتجــاوز التعريــف الدينــي‬ ‫للطائفــة‪ ،‬يعــر بشــكل أفضــل بكثــر عــن التاميــز‬ ‫بــن الجامعــات‪ ،‬وعــن كــون منطقتنــا مؤلفــة‬ ‫فعــاً مــن «شــعوب» متعــددة‪ ،‬وليــس مجــرد‬ ‫طوائــف دينيــة مختلفــة‪ ،‬وإن كنــت سأســتمر‬ ‫يف هــذا املقــال باســتعامل مصطلــح الطائفيــة‪،‬‬ ‫فإننــي أســتعمله دامئــاً مبعنــى اإلثنيــة حســب‬ ‫التعريــف الســابق‪.‬‬ ‫ال ـراع األهــي الجــاري يف ســوريا ليــس جديــدا ً‬ ‫يف املــرق العــريب‪ ،‬ولكنــه ليــس قدمي ـاً أيض ـاً إىل‬ ‫الدرجــة التــي يــراه فيهــا العقــل االســترشاقي‬ ‫الغــريب الــذي اســتعريت منــه أيديولوجيــا‬ ‫الحداثــة‪ .‬إنــه ليــس ســمة جوهريــة ثابتــة لعالقة‬ ‫جامعــات رشقيــة قدميــة‪ ،‬تتنــازع فيــا بينهــا منــذ‬ ‫قــرون عديــدة بســبب خالفــات عقائديــة مريــرة‬ ‫حــول الطريــق الصحيــح املوصــل إىل الجنــة‪.‬‬ ‫وليــس أيضــاً عالقــة ثــأر أبــدي بــن قبيلتــن‬ ‫تحمــان تاريخــاً طويــاً مــن الحقــد الدفــن‬ ‫والكراهيــة املشــركة‪ .‬يوضــح أســامة مقــديس‬ ‫يف دراســته املهمــة عــن الحــرب األهليــة يف‬ ‫لبنــان عــام ‪ ،1860‬وهــي أول حــرب طائفيــة‬ ‫كبــرة شــهدها املــرق العــريب‪ ،‬كيــف أن تلــك‬ ‫الحــرب الوحشــية التــي دارت بــن املوارنــة‬ ‫والــدروز يف جبــل لبنــان‪ ،‬حدثــت بعــد تفــكك‬ ‫وانهيــار النظــام الســيايس التقليــدي القديــم‬ ‫الــذي كان يقســم املجتمــع املحــي إىل طبقتــن‬ ‫محددتــن مــن حيــث املكانــة والــدور والوظيفــة‪،‬‬ ‫ومنفصلتــن عــن بعضهــا بعض ـاً بشــكل كامــل؛‬ ‫طبقــة الخاصــة التــي متلــك الســلطة السياســية‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫والثقافيــة‪ ،‬وهــي طبقــة متامســكة متجانســة إىل‬ ‫حــد كبــر مــع أنهــا مؤلفة مــن أفـراد ينتمــون إىل‬ ‫مذاهــب دينيــة مختلفــة‪ .‬وطبقــة «الج ّهــال»‪ ،‬أي‬ ‫طبقــة العــوام مــن الفالحــن والتجــار والحرفيــن‬ ‫املحكومــن‪ ،‬الذيــن كانــوا يعيشــون طريقــة‬ ‫حيــاة متشــابهة متامـاً‪ ،‬وســلامً واحــدا ً مــن القيــم‬ ‫االجتامعيــة واألخالقيــة‪ ،‬ويشــركون يف الــوالء‬ ‫لحكــم طبقــة الخاصــة‪ ،‬رغــم كونهــم هــم أيض ـاً‬ ‫ينتمــون إىل مذاهــب دينيــة مختلفــة‪ .‬بحســب‬ ‫هــذه الدراســة‪ ،‬فــإن مــا ســ ّبب فــرز املجتمــع‬ ‫املشــرك إىل «طائفتــن» متاميزتــن بينهــا حــدود‬ ‫اجتامعيــة وسياســية قاطعــة‪ ،‬هــو دخــول أفــكار‬ ‫الحداثــة الغربيــة‪ ،‬مثــل املفهــوم الحديــث عــن‬ ‫األمــة املتجانســة املوحــدة‪ ،‬واملفهــوم الحديــث‬ ‫عــن الدولــة التــي يجــب أن تكــون ممثّلــة لهــذه‬ ‫األمــة ومعـ ّـرة عــن إرادتهــا‪ .‬هــذه األفــكار التــي‬ ‫دخلــت إىل املــرق مــع التغلغــل االســتعامري‬ ‫الغــريب يف جســد اإلمرباطوريــة العثامنيــة منــذ‬ ‫القــرن الثامــن عــر‪ ،‬والــذي فــرض إرادتــه‬ ‫عليهــا عليــه يف منتصــف القــرن التاســع عــر‪،‬‬ ‫وأجربهــا إعــادة بنــاء اإلمرباطوريــة مبــا ينســجم‬ ‫مــع املفاهيــم الغربيــة الحديثــة ضمــن خطــة‬ ‫اإلصــاح الشــاملة التــي عرفــت بالتنظيــات‪ .‬يف‬ ‫هــذا املــروع التحديثــي الكبــر‪ ،‬ومــع وصــول‬ ‫هــذه األفــكار الجديــدة إىل الرشائــح الشــعبية‬ ‫عــن طريــق البعثــات التبشــرية خصوص ـاً‪ ،‬ومــع‬ ‫اهتــام القنصليــات األوربيــة بتصنيــف الســكان‬ ‫املحليــن وفرزهــم إىل فئــات لــكل منهــا خصائــص‬ ‫وصفــات انرثوبولوجيــة ثابتــة؛ فئــات ت ـ ّم النظــر‬ ‫والتعامــل معهــا كأقــارب وأصدقــاء‪ ،‬وفئــات أخرى‬ ‫كغربــاء وأعــداء‪ ،‬حســب هــذه الخصائــص التــي‬

‫ثورتنا والطريق اىل النصر‬

‫الســيايس والكتائــب واأللويــة والقــوى الفاعلــة عــى األرض‬ ‫هــي جــزء مــن كل‪ ،‬وطغيــان الجــزء عــى الــكل هزميــة وخيبــة‬ ‫أن الــكل هــو الدولــة واملجتمــع والداخــل والخــارج والسياســة‬ ‫واالقتصــاد واالجتــاع والثقافــة والهويــة والتنميــة ومل الشــمل‬ ‫ال الن ـزاع ومــن كان قــادرا عــى خــوض معركــة التجميــع وان‬ ‫يكــون الجميــع للجميــع فليتقــدم وليحرســه اللــه والجميــع‬ ‫إن ثورتنــا تشــكو الشــعب املنــي ووطننــا ســوريا الحبيبــة‬ ‫تســتغيث إنهــا الفتنــة مــاذا فعلتــم بثورتنــا ال تلومــوا الثــورة‬ ‫ولومــوا أنفســكم أيــن املخــرج وأيــن الحــل وأيــن املســتقبل‬ ‫كيــف نصحــح مســارنا مــا هــي الربامــج واالسـراتيجيات التــي‬ ‫ميكننــا ان نقــوم بهــا لحاميــة هــذه الثــورة وتحقيــق مطالبهــا‬ ‫وأهدافهــا وغاياتهــا وآمالهــا‬ ‫لننطلــق مــن حاميــة الوطــن الن حاميــة الوطــن هــو الــرورة‬ ‫الالزمــة لحاميــة هــذه الثــورة التــي تعــر عــن جيــل جديــد‬ ‫ومســتقبل جديــد لســوريا فالثــورة قامــت لتعــر عــن كل‬ ‫املعــاين التــي تتعلــق بكرامــة اإلنســان ومكانــة األوطــان‬ ‫وقــدرات الكيــان عــى الحفــاظ عــى هــذه الثــورة بــكل مــا‬ ‫تحملــه مــن مســالك النهــوض لهــذا الوطــن ولتحقيــق كرامــة‬ ‫اإلنســان ومكانــة املواطــن‬ ‫إن الثــورة يــا أهــل ســوريا تنــادي عــى كل مــن وقــف‬ ‫بالســاحات واألحيــاء يعــر بالهتافــات والشــعارات لريســم‬ ‫الطريــق ملــن ســيأيت ويتصــدر املشــهد الســيايس بخطــة عمــل‬ ‫واضحــة هادفــة تؤكــد أن جامعيــة النــاس يف املظاهــرات‬ ‫ومياديــن القتــال هــي مــن جعــل الثــورة تنتــر يف املــكان‬ ‫والزمــان فقــد حملهــا املواطــن اإلنســان الــذي مل يعــد يــرىض‬ ‫إال أن يكــون كرميــا مكرمــا وقــدم الغــايل والنفيــس يف ســبيل‬ ‫مســتقبل أفضــل وأمــل فســيح ليحقــق كل املعــاين التــي‬ ‫تتعلــق بالوطــن الجديــد‬ ‫إن ســاحات املتظاهريــن وثوارنــا األحــرار يؤصلــون معنــى‬ ‫خريطــة النهــوض التــي متكننــا مــن التعامــل مــع كل هــذا‬ ‫الــذي أصــاب الثــورة خــال مــا يقــارب األربــع ســنوات الن‬ ‫مــأزق الثــورة وضعنــا فيــه النظــام التســلطي قبــل املعارضــة‬ ‫واملعارضــة قبــل هــذا النظــام واألمــر يســتوجب منــا ثــاث‬ ‫مســارات لنؤســس لعمــل يحقــق أهدافنــا وطموحاتنــا ففــي‬ ‫البدايــة يجــب أن يكــون مــن هــم يف ســلطة الثــورة ميلكــون‬ ‫االسـراتيجيات وصياغــة وصناعــة السياســات واســتثامر ســاحة‬ ‫القـرارات وصنــع كل مــا يرتجم ذلك إىل وســائل واليــات أي أنها‬

‫الســلطة التــي متتلــك كل الســاحات التــي ميكــن أن تســتثمر‬ ‫يف بنــاء بنيــة تحتيــة للوصــول إىل تحقيــق أهــداف ومبــادئ‬ ‫وأســس الثــورة ضمــن توافــق واتفــاق وتعاقــد مجتمعــي‬ ‫رصــن ومكــن وان نقــدم رؤيــة جديــدة للشــعب الســوري يف‬ ‫عمليــة البنــاء املجتمعيــة والوطنيــة وان نســتفيد مــن الخـرات‬ ‫والكفــاءات املوجــودة وليــس املســتورة واملجهولــة الهويــة يف‬ ‫رســم صــورة جديــدة لبنــاء وطــن واحــد تجمعــه مصالــح‬ ‫واحــدة وهــذا ليــس كالمــا إنشــائياً ولكــن عندمــا تتوفــر النيــة‬ ‫الصادقــة والهمــة العاليــة تجعــل مــن حاميــة الثــورة والوطــن‬ ‫معــا هدفــا وغايــة البــد ان نعمــل لبلوغهــا يتحقــق كل يشء‬ ‫مــن جهــة أخــرى يجــب ضبــط العالقــة بــن الســلطات التــي‬ ‫قامــت يف الثــورة واملؤسســات وتعزيــز ارتباطهــا بأهــل ســوريا‬ ‫بالداخــل املحــرر ويجــب أن تتحــول إىل مامرســة فعليــة يف دنيا‬ ‫النــاس وواقعهــم ولعــل الـراع املريــب بــن هــذه املؤسســات‬ ‫والســلطات يــدل عــى هشاشــة القامئني عليهــا وعــى ان الثورة‬ ‫اكــر منهــم بكثــر باإلضافــة إىل عــدم إحساســهم باملســؤولية‬ ‫الوطنيــة امللقــاة عــى عاتــق عمــل هــذه املؤسســات بحيــث‬ ‫أضحــى األمــر مدعــاة للســخرية والتنــدر مــن قبــل الشــعب‬ ‫الســوري فيجــب العمــل عــى تغيــر واضــح يف بنيتهــا لتحقيــق‬ ‫انتقــال ســيايس ومؤســي ومجتمعــي يعيــد العمــل لصالــح‬ ‫الوطــن فيحميــه والثــورة فيصونهــا باإلضافــة إىل أنــه يجــب‬ ‫تفعيــل وزارة العــدل والجهــاز القضــايئ وبدايــة يجــب أن‬ ‫يحاســب كل مــن تالعــب مبصــر الثــورة ســواء مــن الناحيــة‬ ‫السياســية أو العســكرية أو املاديــة واألشــخاص حســب قناعتي‬ ‫الشــخصية معروفــن للقــايص والــداين يف الثــورة الســورية فــإذا‬ ‫كانــوا وطنيــن ومخلصــن فــا مانــع مــن امتثالهــم للقضــاء‬ ‫حتــى ينظــر بأمرهــم ويقدمــوا دفوعهــم ويثبتــوا براءتهــم‬ ‫يف حــال كانــوا أبريــاء أمــام الشــعب ويكونــوا قــدوة ومثــال‬ ‫يحتــذى بــه يف االمتثــال للقانــون ألنهــم ســيقدمون للقضــاء‬ ‫آجــاً أم عاجــا وعــى ســبيل املثــال للحــر مــن وقــف يف‬ ‫وجــه معــارك الســاحل وإضعــاف هــذه الجبهــة مــع أنهــا مــن‬ ‫أهــم مفاتيــح النــر بالثــورة الســورية‬ ‫إن التغــول يف أي ســلطة عــى أخــرى مرفــوض رفضــا تامــا وان‬ ‫مــد ســاحة العمــل مــن جانــب ســلطات ليــس لهــا أن تعمــل‬ ‫يف السياســة هــو عمــل مــردود وكل يف اختصاصــه‬ ‫األمــر الثالــث أهميــة املشــاركة الشــعبية والجامهرييــة يف إطار‬ ‫يحقــق الفاعليــة املطلوبــة لتحقيــق أهــداف ومطالــب الثــورة‬

‫‪7‬‬

‫وضعهــا األوروبيــون مســبقاً‪ ،‬وبشــكل متنــوع‬ ‫بحســب املصالــح املتضاربــة بــن األوربيــن‬ ‫املتنافســن عــى تقاســم الوراثــة العثامنيــة‪.‬‬ ‫ضمــن ذلــك الســياق الكبــر كلّــه‪ ،‬ميكــن القــول‬ ‫بــأن الطائفــة الدينيــة قــد «تق ّمصــت» دور األمــة‬ ‫مبعنــى مــن املعــاين‪ ،‬وباتــت تطمــح إىل االســتيالء‬ ‫وحدهــا عــى مــروع الدولــة الحديثــة الــذي‬ ‫كان قيــد التشــكّل‪ ،‬وطــرد الجامعــات املختلفــة‬ ‫مــن أرض ذلــك املــروع الجديــد‪ ،‬أو حتــى‬ ‫إبادتهــم‪ ،‬إذا مل ميكــن إخضاعهــم إلرادة الطائفــة‪-‬‬ ‫األمــة بشــكل كامــل‪.‬‬ ‫الســياق الســوري الحــايل لل ـراع ليــس مختلف ـاً‬ ‫يف الجوهــر عــن الســياق الــذي ســبق ذكــره‪،‬‬ ‫واإلطــار النظــري الــذي تــم عرضــه باختصــار‬ ‫هــو اإلطــار الصالــح باعتقــادي لتكويــن فهــم‬ ‫صحيــح لــه‪ :‬إنــه رصاع ســيايس حديــث بشــكل‬ ‫كامــل للســيطرة عــى الدولــة الحديثــة التــي‬ ‫انهــار نظامهــا الســيايس القديــم‪ ،‬أو عــى أج ـزاء‬ ‫منهــا‪ .‬يف هــذا الــراع تأخــذ النخــب املحليــة‬ ‫للجامعــات اإلثنيــة دور األحــزاب السياســية‬ ‫الحديثــة‪ ،‬وتتق ّمــص الجامعــات األهليــة القدميــة‬ ‫دور األمــة الحديثــة‪ .‬ويتــم تحشــيد العامــة حــول‬ ‫هــذا الحــزب أو ذاك‪ ،‬إمــا مــن أجــل االنتصــار‬ ‫لألمــة املظلومــة‪ ،‬أو مــن أجــل الدفــاع عــن األمــة‬ ‫صاحبــة االمتيــازات‪ ،‬التــي يهــدد املظلومــون‬ ‫بســحقها وإبادتهــا‪ ،‬أو بــكل بســاطة مــن أجــل أن‬ ‫تكــون لــكل أمــة مــن هــذه الجامعــات دولتهــا‬ ‫الخاصــة التــي تعــر عــن إرادتهــا‪ .‬إن كل مــا‬ ‫يجــري يحــدث وفــق املنطــق العقــاين الصــارم‬ ‫إىل حــد قاتــل للحداثــة الغربيــة!‬

‫وان إعــادة ارتبــاط هــذا الشــعب بثورتــه عمــل مجتمعــي دائم‬ ‫ومســتمر ويجــب أن يشــكل هدفــا اس ـراتيجيا هــذا الشــعب‬ ‫الــذي احتضــن الثــورة البــد أن نســتعيده لثورتــه ونســتعيد‬ ‫ثورتــه لــه وان يكــون حضــور هــذا الشــعب يف األفعــال‬ ‫واألقــوال عمــل جوهــري واسـراتيجي يشــكل برشاكتــه عنــوان‬ ‫فعاليتــه كامــل هــذه املســارات يجــب ان يقــوم بهــا مــن يعون‬ ‫أهــداف الثــورة ومطالبهــا وينشــطون ويخلصــون مــن اجلهــا‬ ‫فالثــورة ليســت ثــورة الشــعب بكاملــه ولكــن ثــورة األح ـرار‬ ‫مــن شــعب ســوريا ومــن ثــم فأهــل ســوريا الذيــن أعنيهــم‬ ‫هــم أحــرار هــذا الشــعب واملطالبــون بالتغيــر الســيايس‬ ‫والحضــاري لتحقيــق أهــداف الثــورة وشــتان بــن املطالــب‬ ‫واألهــداف فاألهــداف هــي االحريــة والكرامــة والعدالــة‬ ‫االجتامعيــة أمــا املطالــب فهــي إســقاط النظــام وتبــدأ أساسـاً‬ ‫مــن إســقاط النظــام الســيايس الســابق بأركانــه ورمــوزه التــي‬ ‫تآكلــت يف ظلهــا قواعــد وأســس النمــوذج الحضــاري الســوري‬ ‫ولكــن يظــل تحقيــق أهــداف الثــورة يتطلــب العمــل أكــر مــن‬ ‫ذلــك بكثــر وان كان البــد وان يرتكــن إليــه أي يتطلــب العمــل‬ ‫لتغيــر مــا أضحــت عليــه منظومــة قيــم املجتمــع الســوري‬ ‫فمــرور نصــف قــرن قــد وســم هــذه املنظومــة مبــا مل يكــن‬ ‫فيهــا وإذا كانــت الثــورة قــد أحيــت األمــل مــن جديــد فانــه‬ ‫مــازال يف ســوريا مخــزون حضاريــا يكشــف عــن نفســه يف‬ ‫لحظــات التغيــر الجذريــة‬ ‫لتحقيــق مــا ورد أعــاه نحــذر مــن االعتــاد عــى بعــض‬ ‫النخــب الفكريــة والسياســية التــي مازالــت أســرة املنظومــة‬ ‫التقليديــة للسياســة الــذي يركــز عــى العلــوي فقــط بــل‬ ‫وينطلــق منــه باعتبــاره ذي األولويــة ومنــه تتحــدد بقيــة‬ ‫األمــور فتتشــكل دون النظــر يف مــا ميكــن أن يحدثــه الســفيل‬ ‫مــن انقــاب ومــا يصــدر عنــه مــن معوقــات تجعــل مــن هــذا‬ ‫العلــوي شــكل بــدون روح كذلــك يف الحديــث العلــوي هــو‬ ‫حديــث الســلطة والقــوة مبفهومهــا التقليــدي أيضــا كــا أن‬ ‫بعــض النــاس ميارســون ســلطتهم كــا يريــدون يف ظــل منــاخ‬ ‫الحريــة الطاغــي اآلن ناســية أو متناســية أو جاهلــة أو غــر‬ ‫واعيــة أن حريــة بــدون رادع أخالقــي هــي فــوىض وان عــدم‬ ‫التمييــز يف املطالــب بــن مــا هــو آين ومــا هــو آجــل إمنــا ميثــل‬ ‫انتهازيــة ونفعيــة ضيقــة وان تحقيــق املطالــب يقتــي تنظيــم‬ ‫الجامعــات املختلفــة مهنيــة وغريهــا وتدعيمهــا وان ال تكــون‬ ‫عــى حســاب الثــورة واملجتمــع‬

‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫نجيب أبو فخر‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫الخــاص الســوري وخيارات الحســم‬

‫بعــد أن آلــت املعطيــات يف الحالــة الســوريّة إىل‬ ‫درجــة مــن التعقيــد التــي يصعــب معهــا الوصــول إىل‬ ‫تصـ ّور واضــح حــول الكيفيــة التــي قــد تخــرج فيهــا ســوريا‬ ‫مــن واقعهــا الــذي يتغــر يوم ـاً بعــد يــوم‪ ،‬أصبــح الثبــات‬ ‫عــى تصــ ّور واحــد للنهايــة يعتــر رضبــاً مــن الوهــم‪ ،‬أو‬ ‫حتــى مــن الغبــاء‪ ،‬وخصوصـاً مــع وجــود مرشوعــات كبــرة‬ ‫تتصــارع بــكل مــا أوتيــت مــن قــوة لتضمــن أن ت ُحســم‬ ‫كل األمــور ملصلحتهــا‪ ،‬أو مبــا يتناســب مــع رؤيتهــا‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي يقودنــا إىل نــوع مــن التصنيــف لهــذه املرشوعــات‪،‬‬ ‫حســب ماهيتهــا أوالً‪ ،‬ومــن ثــم حســب الجهــات التــي‬ ‫تقــف وراءهــا ثانيــاً‪ ،‬وحســب فاعليتهــا عــى األرض مــن‬ ‫حيــث القــدرة عــى إحــداث تغيــر واضــح وحقيقــي‪،‬‬ ‫ثالثـاً‪ ..‬وإذا كنــا نتوخــى الدقــة فعلينــا أن ال نغفــل التفــوق‬ ‫الــذي متلكــه املرشوعــات املســلحة التــي تحظــى بالدعــم‬ ‫الــدويل األكــر‪ ،‬وليــس املقصــود بالدعــم الــدويل األكــر هــو‬ ‫توافــق مجموعــة دول عــى دعمــه‪ ..‬ألنــه مــن املمكــن‬ ‫لدولــة واحــدة أن تصــب دعــاً للجهــة التــي تســاندها‬ ‫يعــادل أضعــاف مــا يقدمــه املجتمــع الــدويل برمتــه لباقــي‬ ‫املرشوعــات‪ ..‬ومثالنــا هــو الدعــم الــرويس ملــروع بقــاء‬ ‫النظــام مثــاً‪ ،‬بالشــكل الــذي يحفــظ للــروس مكانتهــم‬ ‫املميــزة عــى شــاطئ املتوســط ضمــن حالــة الـراع الدولية‬ ‫عــى مــا يســمى (الحـزام األورايس)‪ ،‬وكذلــك الدعــم اإليـراين‬ ‫للنظــام بالطريقــة التــي تضمــن املزيــد مــن متــدد مــروع‬ ‫الهــال الشــيعي لــه‪ ،‬وباآلليــة التــي تحفــظ إليـران مكانتهــا‬ ‫ووزنهــا عــى طــاوالت التفــاوض العامليــة مبــا يتعلــق بامللــف‬ ‫النــووي الخــاص بالحلــم اإليــراين‪ .‬ومــع هذيــن املثالــن‬ ‫نكــون بشــكل غــر مبــارش قــد أبرزنــا املــروع األول‬ ‫(بقــاء النظــام) الــذي يحتــل الصــدارة يف العالقــات الدوليــة‬ ‫املمتــدة بــن إي ـران وروســيا والصــن والعديــد مــن الــدول‬ ‫العربيــة ليطــال كل منظومــة دول الربيكــس التــي تنظــر‬ ‫للمســألة الســورية أنهــا ملــف اختبــاري هــام لقدرتهــا‬ ‫عــى التعــاون والتحــدي يف هــذا العــامل امل ُقـ ِـدم عــى إعــادة‬ ‫تشــكيل واضحــة‪.‬‬ ‫ومــن هنــا ميكننــا التوصــل إىل مس ـلّمة حقيقيــة مفادهــا‬ ‫أن املشــاريع األقــوى املطروحــة هــي الناتجــة عــن تفاعــل‬ ‫القــوى الخارجيــة بالشــكل املــؤدي للمزيــد مــن القــدرة‬ ‫عــى التحكــم بالتاريــخ واملســتقبل‪ ..‬وال تنطبــق هــذه‬ ‫املس ـلّمة أبــدا ً عــى مــا يســمى بـــ(دول أصدقــاء الشــعب‬ ‫الســوري) التــي عقــدت مؤمتراتهــا تحــت رايــة نــرة‬ ‫الثــورة‪ ..‬ألنهــا كانــت يف هــذا املســلك إمنــا تراعــي مصالحهــا‬ ‫الدبلوماســية بامتــاك أوراق ضغــط قابلــة للبيــع واملســاومة‬ ‫يف املجتمــع الــدويل‪ ،‬أكــر بكثــر مــا كانــت تهتــم اللتزامهــا‬ ‫امل ُ َعنــ َون بنــرة الشــعب الســوري‪ ،‬حيــث مل تنفــذ منــه‬ ‫ســوى مــا يتعلــق ببعــض االلتزامــات اإلنســانية التــي ال‬ ‫ميكــن أن تســاهم بتغيــر موازيــن القــوى عــى األرض أبــدا ً‪،‬‬ ‫إمنــا ينطبــق فقــط عــى القــوى الدوليــة املؤثــرة فعــا عــى‬ ‫الســاحة‪ ..‬فبينــا ميكننــا مبــارشة وضــع روســيا والصــن‬ ‫وإي ـران مــع الــدول الداعمــة ملــروع بقــاء النظــام ولــكل‬ ‫املشــاريع التــي مــن شــأنها تكريــس بقائــه‪ ..‬ميكننــا باملقابــل‬ ‫وضــع الواليــات املتحــدة وفرنســا وتركيــا والســعودية وقطــر‬ ‫بــن الــدول التــي تدعــم املشــاريع التــي وإن اختلفــت‬ ‫دوافعهــا ورؤيتهــا ووســائلها‪ ،‬إال أنهــا متفقــة عــى وجــوب‬ ‫إســقاط النظــام األمنــي املســتبد يف دمشــق‪ ،‬وال ميكننــا‬ ‫هنــا أن نغفــل دور إرسائيــل املتحكــم الخفــي بالكثــر مــن‬ ‫امللفــات املتشــابكة يف الشــال والجنــوب‪ ،‬والتــي تَســتخدم‬ ‫نفوذهــا يف الغالــب لخلــط األوراق وإعــادة اللعــب مجــددا ً‬ ‫عــى قواعــد جديــدة تختلــف عــن ســابقاتها يف كل مــرة ‪.‬‬ ‫وبينــا فشــل الســوريون املــرة تلــو األخــرى يف االتفــاق عىل‬ ‫مــروع دقيــق موحــد ملســتقبل ســوريا‪ ،‬وآثــر كل سياســيي‬ ‫الثــورة أن يتلطّــوا خلــف شــعارات وعناويــن فضفاضــة‬ ‫ومبهمــة وتحتمــل الكثــر مــن التأويــل والتحريــف‪ ،‬دون‬ ‫التكلــف بالتعــرض للتفاصيــل أو اآلليــات التــي مــن شــأنها‬ ‫حشــد املزيــد مــن التأييــد الشــعبي ملــروع التغيــر‪ ،‬ظهــر‬ ‫يف الســاحة الســورية مرشوعــات دينيــة (ال ســورية) تحــاول‬ ‫إلبــاس املســتقبل الســوري أثوابــاً مل تنســج يف بيئتهــا‪ ،‬إال‬ ‫أن موادهــا األوليــة قــد تكــون متوفــرة بكــرة فيهــا ويف‬

‫كل مــكان‪ ،‬وألن هــذه املرشوعــات بــدأت يف التســلل‬ ‫إىل الذهنيــة الشــعبية الســورية‪ ،‬ومتــت إدارتهــا بعنايــة‬ ‫واهتــام‪ ،‬كان مــن الســهل لهــا أن تتفــوق وتأخــذ الحيــز‬ ‫األكــر مــن التأثــر عــى األرض وخصوص ـاً يف جــو انعــدام‬ ‫الثقــة مــع كل مــن فرضــوا أنفســهم قياديــن سياســيني عــى‬ ‫ظهــر الثــورة‪ ..‬ســوا ًء يف املجلــس الوطنــي أو يف االئتــاف‬ ‫اللذيــن ورثــا الفكــر العاجــز مــن ديناصــورات إعــان‬ ‫دمشــق‪ .‬والقصــة بــدأت حــن اســتحوذ اإلخــوان املســلمني‬ ‫عــى الدعــم‪ ،‬وبــدأت الجهــات التــي ادعــت حرصهــا عــى‬ ‫متويــل الثــورة‪ ،‬بربــط الدعــم باالتجــاه الدينــي للقــوة‬ ‫الفاعلــة‪ ..‬فجنحــوا بالثــورة باتجــاه األســلمة‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫تــم تكريســه يف كل مــكان‪ ،‬وكان أول الترصيــح فيــه حــن‬ ‫أكــد مؤمتــر حــزب اإلصــاح الــذي انعقــد يف غــازي عينتــاب‬ ‫يف بدايــات ‪ 2012‬بحضــور أكــر مــن ‪ 200‬ناشــط وقائــد‬ ‫ميــداين عــى (إســامية الثــورة) يف بنــده األول مــن مقــررات‬ ‫املؤمتــر‪ ..‬مــن هنــا بــدأت تخلــع الثــورة يف ســوريا ثوبهــا‬ ‫املــدين وترتــدي ثوبهــا الدينــي بأيــدي أبنــاء ســوريا الذيــن‬ ‫لطــاب الحريــة إىل‬ ‫تحــول معظــم قادتهــم مــن ممثلــن ّ‬ ‫أط ـراف يف ال ـراع عــى الســلطة ضمــن أجنــدات دوليــة‬ ‫مختلفــة‪.‬‬ ‫مل يكتــب إلســامية الثــورة العمــر الطويــل‪ ،‬حيــث انتقــل‬ ‫الداعمــون خــال نفــس العــام لرفــع شــعارات تنحــو‬ ‫منحــى (تســنني الثــورة) بعــد أن أعلــن مجلــس اإلفتــاء‬ ‫العاملــي خــال اجتامعــه يف مــر تأييــده للثــورة يف ســوريا‬ ‫وإعالنــه الجهــاد املقــدس عــى أرضهــا‪ ..‬وكانــت آنــذاك‬ ‫جبهــة النــرة هــي الفصيــل العســكري الوحيــد الــذي‬ ‫يقاتــل ألجــل الديــن بشــكل ال مواربــة فيــه فيــا كان حــزب‬ ‫التحريــر الــذي أســس الجبهــة اإلســامية املوحــدة هــو‬ ‫الوحيــد الــذي يعمــل يف السياســة يف ســبيل إنشــاء دولــة‬ ‫الخالفــة عــى منهــاج النبــوة‪ ..‬لكــن بعــد ذلــك أصبحــت‬ ‫الحامســة الدينيــة يف أشــدها وتكاثــرت الفصائــل اإلســامية‬ ‫الســنية بشــكل مضاعــف واختلفــت تبعياتهــا‪ ،‬ورسعــان‬ ‫مــا انعكــس اختــاف التبعيــات عــى أرض الواقــع‪ ،‬حيــث‬ ‫بــدأت الخالفــات العســكرية تقــع بــن الفصائــل ذاتهــا التــي‬ ‫تجاهــر يف العلــن تأييدهــا املتطابــق ملســرة الحريــة فيــا‬ ‫تفضــح خالفاتهــم يف الــر الحقيقــة النابعــة مــن اختالفــات‬ ‫الجهــات املمولــة لهــم‪ .‬لكــن مــع كل هــذا مل مينــع أبــدا ً‬ ‫اســتغالل جهــات دوليــة كثــرة لهــذا الظــرف والعمــل عــى‬ ‫تكريــس بــروز مــروع دولــة الخالفــة عــى منهــاج النبــوة‬ ‫كمــروع واضــح املعــامل ومتامســك ولــه شــعبية واســعة‬ ‫ليطــرح نفســه بدي ـاً عــن النظــام يف دمشــق‪ ،‬ال بــل وعــن‬ ‫كل األنظمــة يف العــامل الثالــث وحتــى ضمــن كل الحــزام‬ ‫األورايس‪ ،‬فوصلنــا إىل مرحلــة قــد ال تكــون نهائيــة‪ ،‬وهــي‬ ‫دعوشــة الثــورة!!‪ .‬الدولــة اإلســامية يف العــراق والشــام‬ ‫حظيــت بدعــم دويل كبــر‪ ،‬وتكتــم دويل أكــر‪ ،‬وكأنهــا‬ ‫كانــت املــروع الوحيــد املتوافــق عليــه دوليـاً‪ ،‬إذ يصعــب‬ ‫عــى اإلنســان البســيط تصديــق عجــز املجتمــع الــدويل‬ ‫عــن تتبــع ‪ 3000‬ســيارة داعشــية مصنعــة يف مصنــع عاملــي‬ ‫معــروف جــدا ً مبقــاس واحــد ومبواصفات (خاصــة)!! هذا إذا‬ ‫مل ندخــل بتســاؤالتنا نحــو أدلــة أخــرى‪ !!..‬رمبــا كان املجتمع‬ ‫الــدويل بحاجــة إىل رائــز محــدد ليحــدث تغيـرات جذريــة‬

‫يف خرائــط املنطقــة‪ ،‬ألن دور داعــش فعليـاً‪ ،‬مل يتعـ َد كونهــا‬ ‫الذريعــة التــي متــرر عليهــا كل خيــارات التفتيــت للمنطقــة‬ ‫برمتهــا عــى اعتبــار مــن يؤيدهــا مــن جهــة‪ ،‬ومــن ليــس‬ ‫لديــه القــدرة عــى تحملّهــا يف الجهــة املقابلــة ‪..‬‬ ‫عنــد هــذا املفــرق أعلــن يف كواليــس السياســة وبإخ ـراج‬ ‫إرسائيــي كامــل عــن مــروع تقســيم ســوريا إىل ســوريتني‪،‬‬ ‫ســوريا الصغــرى التــي تضــم ســوريا الغربيــة بحــدود‬ ‫مــن غــريب إدلــب إىل غــريب حمــص إىل دمشــق مــع كل‬ ‫منطقــة الســاحل الســوري‪ ،‬وســوريا الكــرى التــي تضــم‬ ‫كل املناطــق رشقــي هــذا التحديــد‪ ،‬دون الخــوض يف مصــر‬ ‫الجنــوب الســوري الــذي يتنازعــه اليــوم النفــوذ الســعودي‬ ‫واإلرسائيــي ومل يتقــرر مصــره حســب هــذه النظريــة‬ ‫بشــكل واضــح أو مبعنــى آخــر‪ ..‬مل تعلــن النوايــا تجاهــه‬ ‫يلــق اهتاممــاً‬ ‫حتــى الســاعة‪ .‬ومــع أن هــذا املــروع مل َ‬ ‫إعالمي ـاً كافي ـاً‪ ،‬إال أنــه يلقــى كل االهتــام امليــداين الــذي‬ ‫تفضحــه خرائــط األعــال العســكرية التــي تحــدث وكأنهــا‬ ‫فعـاً تجــري ضمــن خطــوط ترســيم حــدود منســجمة مــع‬ ‫هــذا املــروع ليــس إال‪..‬‬ ‫يف املقابــل يطــرح األوربيــون ويدعمهــم األمريكيــون يف هذا‬ ‫الطــرح‪ ،‬مــروع تقســيم مــن نــوع آخــر‪ ،‬وهــو التقســيم‬ ‫الدميغ ـرايف‪ ..‬أو اإلثنــي‪ ..‬بحيــث تخــرج علينــا دولــة كرديــة‬ ‫يف الشــال متتــد حتــى أقــى الشــال الرشقــي‪ ،‬ودولــة‬ ‫علويــة تقريبـاً بنفــس حــدود ســوريا الصغــرى يف املــروع‬ ‫الســابق باســتثناء دمشــق لكــن مــع ضــم جــزء كبــر مــن‬ ‫طرابلــس اللبنانيــة‪ ،‬ودولــة درزيــة يف الجنــوب متتــد مــن‬ ‫جنــوب معــر التنــف عــى الحــدود العراقيــة لتشــمل كل‬ ‫الباديــة ضمــن حضــن الحــدود األردنيــة‪ ،‬ومتتــد غرب ـاً مــن‬ ‫جنــوب تــل دكــوة يف ريــف دمشــق الجنــويب إىل ريــف‬ ‫القنيطــرة لتالقــي الجــوالن وتتعمــق شــاالً باتجــاه جبــل‬ ‫لبنــان يف حــن متتــد جنوبـاً مــن (الديرعيل) يف ريف دمشــق‬ ‫إىل غــريب (بــرى الشــام) يف ريــف درعــا بخــط مســتقيم‬ ‫إىل حــدود اململكــة األردنيــة التــي ســتقضم جــزءا ً مــن‬ ‫محافظــة (درعــا) وتضمــه إليهــا يف الرتســيم الجديــد‪ ..‬وبــن‬ ‫هــذه الــدول الثــاث الكرديــة والعلويــة والدرزيــة تتمــدد‬ ‫الدولــة الســنية التــي يــرى األوربيــون أن عــى ســكانها حــل‬ ‫خالفاتهــم ضمنهــا عــى شــكل الدولــة القــادم إن كانــت‬ ‫دولــة خالفــة أو دولــة اعتــدال إســامي أو غريهــا دون‬ ‫القــدرة عــى فــرض ذلــك عــى باقــي املكونــات الســورية‪..‬‬ ‫ويف حــن تدعــم الســعودية أيضــاً هــذا الخيــار‪ ،‬وتحــاول‬ ‫جاهــدة بســط نفوذهــا يف الجنــوب وحتــى يف الوســط‬ ‫الــدرزي بواســطة أذرع لبنانيــة وعشــائرية لهــا يف املنطقــة‪،‬‬ ‫تشــاركها إرسائيــل هــذا الســعي لكــن بذريعــة حقهــا يف‬ ‫ضــان حــدود آمنــة‪ ،‬ويف هــذا اإلتجــاه فــإن إرسائيــل اليــوم‬ ‫تح ـ ّرك ومت ـ ّول كل الفصائــل العســكرية التــي ترابــط عــى‬ ‫حدودهــا وبعمــق ال يقــل عــن خمســة عــر كيلــو م ـرا ً‬ ‫وقــد يزيــد عــن الثالثــن كيلــو مـرا ً‪ ،‬ألنهــا األكــر درايــة أن‬ ‫أمنهــا ال ينتظــر مــا ســتؤول إليــه األوضــاع يف ســوريا وال‬ ‫ميكــن أن ينتظــر اتفــاق املجتمــع الــدويل‪ ،‬لذلــك قــررت أن‬ ‫تضمــن لنفســها حــدودا ً آمنــة وتضــع عليهــا حرسـاً مطيعـاً‬ ‫يحمــل الــوالء الــذي صنعتــه واعتادتــه طيلــة عقــود مــن‬ ‫حكــم نظــام دمشــق‪ .‬وألن األت ـراك يعلمــون علــم اليقــن‬

‫أن أي مســاس بوحــدة ســوريا ســينعكس تشــظياً وتفتيت ـاً‬ ‫لكامــل دول املنطقــة‪ ،‬وألنهــم يدركــون يف ق ـرارة أنفســهم‬ ‫ وبنــا ًء عــى معلومــات أكيــدة توفــرت لهــم ‪ -‬أن تركيــا‬‫هــي الهــدف الرئيــي مــن تداعيــات تقســيم ســوريا‪ ،‬فإنهــا‬ ‫تقــف اليــوم وحيــدة يف مواجهــة مــروع تقســيم ســوريا‪،‬‬ ‫وهــي تــدرك أن متــدد دولــة كردســتان العــراق لتشــمل‬ ‫(كردســتان ســوريا) ال يعنــي إال إنجــاز الخطوتــن األوليتــن‬ ‫اللتــن تســبقان املطالبــة بضــم (كردســتان تركيــا) لهــا يف‬ ‫الوقــت الــذي يزيــد عــدد األك ـراد يف تركيــا عــن عرشيــن‬ ‫مليــون نســمة مــن مجمــل عــدد ســكانها‪ ،‬وتعــرف أيض ـاً‬ ‫أن خطــر نشــوء دولــة علويــة يف الجنــوب الغــريب ســيحمل‬ ‫النتيجــة ذاتهــا بســبب التداخــل الدميغــرايف بــن علويــي‬ ‫ســوريا وعلويــي تركيــا التــي تضــم أكــر مــن ‪ 12‬مليــون‬ ‫علــوي أيض ـاً معظمهــم مــن العلويــن الكــرد‪ ..‬إنهــا تعــرف‬ ‫بدقــة أن لعبــة تقســيم ســوريا إن أنجــزت ســتكون مبثابــة‬ ‫انهيــار حجــر الدومينــو األول الــذي ســيؤدي النهيــار كامــل‬ ‫املصفوفــة وتفتيــت كامــل املنطقــة‪ ،‬ويف مقدمتهــا تركيــا‬ ‫صاحبــة الحلــم الكبــر يف أن تكــون دولــة عظمــى يف غضــون‬ ‫ســنوات‪ ،‬وتســعى لتفعيــل املصالحــات الداخليــة ضمــن‬ ‫هــذا األمــل ‪ ،‬وتنتظــر موعــد انضاممهــا لالتحــاد األوريب‬ ‫يف نهايــة ‪ 2015‬كفرصــة أخــرة متنحهــا هــي لألوربيــن‬ ‫يف تجميــع الجهــود‪ ،‬قبــل أن تبــدأ بتغيــر اســراتيجيتها‬ ‫التعاونيــة إىل اإلس ـراتيجية التنافســية‪ ..‬كل هــذا ســيتهاوى‬ ‫عنــد تركيــا إذا مــا تــم تقســيم ســوريا‪ ،‬لهــذا ســمحت‬ ‫للتقــارب الــريك اإليـراين أن يحــدث مؤخـرا ً‪ ،‬وفتحــت البــاب‬ ‫للرئيــس الــرويس بوتــن ملناقشــة قضايــا مصلحيــة تتعلــق‬ ‫بحاميــة نفــوذ كل منهــا يف املنطقــة برمتهــا‪ ،‬وكان مــن‬ ‫ضمنهــا صيانــة وحــدة ســوريا‪ .‬ومــع أن اللقــاء مــع الرئيــس‬ ‫الــرويس مل ينتــج عنــه الكثــر‪ ،‬إال أن التقــارب اإلي ـراين كان‬ ‫ملصلحــة تركيــا حــن أعلــن الوزيــر اإلي ـراين رغبــة أن تســر‬ ‫إيـران وفقـاً للتجربــة الرتكيــة وفـَـتَ َح البــاب واســعاً باتجــاه‬ ‫التعــاون معهــا يف كل املجــاالت‪ .‬ومــا يثبــت أن تركيــا جــادة‬ ‫يف مقاومــة مــروع التقســيم هــو مــا قامــت بــه باألمــس‬ ‫مــن قصــف مكثــف عــى مواقــع عســكرية لحــزب العــال‬ ‫الكردســتاين الــذي قــال بأنه كان يعــد العدة ملنــارصة األكراد‬ ‫يف كوبــاين‪ ،‬لكــن مل يكــن خافيـاً عــى األتـراك رضورة الربــط‬ ‫بــن الزيــارات املكثفــة للمســؤولني األوربيــن واألمريكيــن‬ ‫للمناطــق الكرديــة يف شــال رشقــي ســوريا وبــن التحــرك‬ ‫العســكري املفاجــيء – لكــن املُراقَــب – لحــزب العــال‬ ‫الكردســتاين يف تركيــا يف ذات اإلتجــاه‪.‬‬ ‫مــن كل مــا ســبق نســتنتج أن مــا يســمى باملبــادرة‬ ‫الروســية ليــس إال مســعى لتكريــس خيارهــا يف املــروع‬ ‫األول‪ ،‬مــع علــم روســيا أن ال أحــد مــن املدعويــن أو مــن‬ ‫رافــي الدعــوة‪ ،‬قــادر عــى التحكــم بقطعــة ســاح واحــدة‬ ‫عــى األرض‪ ،‬لكــن الــروس يريــدون مــن كل األمــر‪ ،‬ورقــة‬ ‫ضغــط ال أكــر قــد تســتخدم يف زمــن مــا لنــرة مرشوعهــا‬ ‫يف املنطقــة‪ .‬ومــن كل مــا ســبق نجــد أن كل قصائــد‬ ‫السياســيني الســوريني والناشــطني الذيــن ينــادون بوحــدة‬ ‫ســوريا مــن وراء الحــدود‪ ،‬ال ثقــل لهــا إال يف ضامئــر أنصــار‬ ‫الســام الذيــن ال يؤمنــون بالســاح طريقــاً لالســتقرار‪ ،‬يف‬ ‫الوقــت الــذي يســتغل حملــة الســاح تخــاذل هــؤالء‪،‬‬ ‫ويرســمون بفوهــات البنــادق مســتقبالً ســيفرضونه عــى‬ ‫الجميــع‪ ،‬حســب مــا تــؤول إليــه رصاعــات القــوى الكــرى‬ ‫املتحكمــة يف املنطقــة‪ ..‬ومــن كل مــا ســبق نجــد أن‬ ‫مــروع األمريــكان يف (اليــوم التــايل) ومــروع األوربيــن‬ ‫يف (تحالــف قرطبــة) واســتثامر الفرنســيني يف (الدميقراطيني)‬ ‫ومــروع الســعودية يف توحيــد كتائــب الجنــوب (املحاولــة‬ ‫الثالثــة عــرة) وغريهــا مــن املشــاريع الجــادة شــكالً‪ ،‬قــد ال‬ ‫يكتــب لهــا التنفيــذ عــى ِ‬ ‫أرض واق ـعٍ ال يجمــع بــن هــؤالء‬ ‫جميع ـاً جغرافي ـاً‪ .‬وخصوص ـاً أن الجميــع يعلــم أن النظــام‬ ‫يف دمشــق ال يـزال يفكــر يف غرفــة واحــدة‪ ،‬وميتلــك القــدرة‬ ‫عــى التنفيــذ يف كل أرجــاء ســوريا بنفــس الطريقــة والدقــة‬ ‫ـي‬ ‫‪ ،‬بينــا خــذل أنصــار الثــورة ثورتهــم وأصبحــوا يف كل حـ ّ‬ ‫مــن أحيــاء ســوريا متنابذيــن متنافســن ومتصارعــن عــى‬ ‫ســلطة واهيــة لــن تــدوم ألحــد يف الزمــن الــذي تتقاطــع‬ ‫فيــه مصالــح كل العــامل يف أن يــُفـــني الســوريون بعضهــم‬ ‫بعض ـاً‪.‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫الرقة‪ :‬من ثالوث استعمار إىل ثالوث مستعمرين‬

‫ياسين الحاج صالح‬

‫مــن قــوات حفــظ النظــام لتجمــع أمــام‬ ‫الســفارة الليببــة تضامن ـاً مــع ثــورة الليبيــن‪:‬‬ ‫متشــوا مــن هــون‪ ،‬والــا أفلــت عليكــم‬ ‫هالشــوايا ياكلوكــن (يأكلونكــم)! يشــغل‬ ‫الشــوايا‪ ،‬وهــو مــا ينطبــق عــى عمــوم‬ ‫ســكان الرقــة‪ ،‬موقعــاً ال يضارعــه موقــع يف‬ ‫النظــرة الســلبية والتحقرييــة‪ ،‬أســهمت فيــه‬ ‫صناعــة الدرامــا التلفزيونيــة الســورية أيضــا‪.‬‬ ‫هنــاك مســتويات مــن املامرســات العنرصيــة‬ ‫والتمييزيــة يف ســورية‪ ،‬تقــع وطــأة مضاعفــة‬ ‫منهــا عــى الشــوايا بوصفهــم ريفيــن بخاصة‪،‬‬ ‫ونســبة الفقــر واألميــة عاليــة يف أوســاطهم‪.‬‬ ‫وتســتبطن قطاعــات واســعة مــن الرقاويــن‬ ‫هــذه املشــاعر الســلبية تجــاه النفــس‪ ،‬فــا‬ ‫تطــور ثقــة مشــركة‪ ،‬وقلــا يجــري التعــاون‬ ‫بــن منحدريــن مــن املنطقــة يف عمــل‬ ‫مشــرك‪ .‬هــذا ملمــح نفــي اجتامعــي عــام‬ ‫يف ســورية‪ ،‬لكنــه مكثــف يف الرقــة أكــر‬ ‫مــن غريهــا‪ .‬وهــو نــر مســتمر لالســتعامر‬ ‫األســدي الــذي اعتمــد سياســة «فــرق تســد»‬ ‫مثــل كل اســتعامر‪.‬‬

‫تكثفــت يف الرقــة‪ ،‬أكــر مــن غريهــا مــن‬ ‫املــدن الســورية‪ ،‬عنــارص العالقة االســتعامرية‬ ‫التــي تقــوم عليهــا الدولــة األســدية‪ :‬عنــر‬ ‫الســيطرة السياســية املبنيــة عــى اإلكــراه‪،‬‬ ‫وعنــر نهــب املــوارد العامــة والخاصــة‪ ،‬ثــم‬ ‫التعــايل واالحتقــار شــبه العنــري للســكان‬ ‫املحليــن‪.‬‬ ‫ال تســجل الرقــة فرقــاً عــن غريهــا مــن‬ ‫األرجــاء الســورية بخصــوص العنــر األول‪.‬‬ ‫ال ريــب أنهــا نالــت نصيبــاً مــن التعنيــف‬ ‫أيــام حافــظ األســد أقــل مــن حــاه‪ ،‬أقــل‬ ‫مــن حلــب وإدلــب أيضــا‪ .‬لكنهــا تشــارك‬ ‫ســورية كلهــا يف املعانــاة مــن عنــف منتــر‬ ‫لــه خصيصتــان‪ :‬إنــه فائــض جــدا عــن أي‬ ‫رضورات أمنيــة حــارضة‪ ،‬وذو طابــع اســتباقي‬ ‫وترويعــي موجــه نحــو تلقــن املحكومــن‬ ‫دروســاً ال ينســونها‪ ،‬وتاليــاً ضــان احتــال‬ ‫املســتقبل والتحكــم بــه؛ ثــم اق ـران العنــف‬ ‫بالكراهيــة واإلذالل‪ ،‬وصفتــه املشــخصة‪ ،‬أو‬ ‫تــدين مســتوى التجريــد والقانــون فيــه‪.‬‬ ‫العنــف األســدي ليــس عقابيــاً‪ ،‬يســتهدف‬ ‫أفعــاالً مخلــة بقواعــد مقــررة قــام بهــا الرق��ة م��ن مدين��ة تنم��و‬ ‫(األفعــال) أفــراد‪ ،‬ويتناســب مــع جســامة إىل حط��ام مدين��ة‪...‬‬ ‫هــذه األفعــال دون أن ميــس الكرامــة‬ ‫اإلنســانية للمعاقبــن‪ ،‬بــل هــو عنــف ومثلــا هــو الحــال يف املركــب االســتعامري‬ ‫انتقامــي‪ ،‬يطــال كيــان املعنفــن الجســدي التقليــدي‪ ،‬فــإن يف ازدراء الســكان املحليــن‬ ‫مــا يبيــح اســتغاللهم وتعنيفهــم‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫واملعنــوي‪ ،‬ويحــرص عــى إهانتهــم‪.‬‬ ‫القتــل عنــد اللــزوم‪.‬‬ ‫الرق��ة واجلزي��رة تتمي��ز ويف كل ذلــك‪ ،‬يف العنــف والنهــب‬ ‫بأنه��ا مواض��ع نه��ب منظ��م االســتعامريني بخاصــة‪ ،‬للنظــام أعــوان‬ ‫محليــون مــن بعثيــن وشــيوخ عشــائر‬ ‫لكــن الرقــة‪ ،‬ومنطقــة الجزيــرة ككل‪ ،‬تتميــز ومتكســبني متنوعــن‪ .‬هــذه نقطــة أساســية‪.‬‬ ‫عــن مناطــق ســورية األخــرى بأنهــا موضــع مــا كان ممكنـاً لالســتعامر األســدي أن يحقــق‬ ‫نهــب منظــم‪ ،‬وبأشــكاله األكــر بدائيــة‪ .‬يــأيت هــذا القــدر مــن التحكــم باملجتمــع دون‬ ‫إىل املدينــة ضبــاط مخابــرات ومحافظــون‪ ،‬التمفصــل مــع أوضــاع عشــائرية‪ ،‬ودون‬ ‫ويخرجــون منهــا بعــد ســنوات فاحــي الرثاء‪ .‬التمهيــد البعثــي الــذي ركبــت عليــه ســلطة‬ ‫يســتولون عــى أمــاك عامــة كانــت «أممت» االحتــال املخابــرايت الحقــاً‪.‬‬ ‫يف حركــة اإلصــاح الزراعــي يف النصــف الثــاين لكــن فــوق هــذه الثالــوث االســتعامري‬ ‫مــن ســتينات القــرن العرشيــن‪ ،‬أو يشــاركون تشــكل الرقــة مســاحة تقاطــع ثالــوث‬ ‫أصحــاب أمــاك يف محاصيلهــم‪ ،‬أو يجــرون اســتعامري آخــر‪ ،‬أو باألحــرى ثالــوث‬ ‫أقنيــة ميــاه خاصــة مــن بحــرة الســد إىل مســتعمر ين ‪.‬‬ ‫أراض اســتأثروا بهــا‪ ،‬أو يزرعــون الباديــة ببذار أول الثالــوث هــو املســتعمر األســدي نفســه‬ ‫مــن غريهــم وحصــاد عــى حســاب غريهــم‪ .‬الــذي يواصــل اليــوم قصــف املدينــة بالطريان‬ ‫بطلهــم األشــهر هــو محمــد ســلامن الــذي بصــورة تذكــر متامــا بقصــف إرسائيــل مواقــع‬ ‫حكــم الرقــة يف مثانينــات القــرن العرشيــن‪ ،‬ســورية حتــى عــام ‪ ، 1974‬وقــت أخــذ‬ ‫وكان يطلــق عليــه لقــب الــوايل‪ .‬وســع قــره االنتــداب األســدي يظهــر انضباطــاً الفتــاً‪،‬‬ ‫عــى حســاب ثانويــة الرشــيد‪ ،‬كــرى مــدراس مل تعــرض مثلــه حتــى مــر واألردن بعــد‬ ‫الرقــة‪ ،‬وكان يعتقــل بتهمــة بعــث العــراق عقدهــا معاهــديت ســام مــع إرسائيــل‪ .‬يف‬ ‫رفاقــه البعثيــن الــذي ال يــرىض عنهــم‪ ،‬ويف واحــدة مــن أكــر مجــازر النظــام‪ ،‬وقــع يــوم‬ ‫ظلــه تحولــت الرقــة مــن مدينــة تنمــو إىل ‪ 25‬ترشيــن الثــاين املــايض نحــو ‪ 220‬شــهيدا‬ ‫حطــام مدينــة‪ ،‬تتوســع يف كل االتجاهــات بــا مــن الســكان املدنيــن إثــر قصــف الط ـران‬ ‫نظــام‪ ،‬يتدهــور كل يشء فيهــا‪ .‬جــرت ترقيتــه األســدي مواقــع يف املدينــة‪.‬‬ ‫يف املقــام الثــاين هنــاك داعــش التــي هــي‬ ‫بعــد ذلــك إىل وزيــر إعــام‪.‬‬ ‫لكــن النهــب أوســع مــن أن يقتــر عــى اســتعامر اســتيطاين بــكل معنــى الكلمــة‪،‬‬ ‫لــص كبــر واحــد‪ .‬أجهــزة األمــن وشــعبة يســتويل عــى املــوارد العامــة‪ ،‬ويعمــل عــى‬ ‫التجنيــد العامــة هــا بصــورة خاصــة مراكــز التطهــر العرقــي وإعــادة التشــكيل الدميغرايف‬ ‫نهــب عــام بدرجــة تتناســب مــع الطابــع للمنطقــة‪ ،‬مبــا يشــمله ذلــك أيضــاً مــن‬ ‫اإلكراهــي لهذيــن الجهازيــن‪ .‬ومحصلــة اســتيالء عــى امللكيــات ومصــادرة للمســاكن‬ ‫النهــب طــوال عقــود الحكــم األســدي وإســكان دواعــش وافديــن مــن شــتى أصقــاع‬ ‫ليســت إفقــار املنطقــة وتدهورهــا‪ ،‬بــل العــامل يف بيــوت الســكان املحليــن املنفيــن‪،‬‬ ‫«كرســحتها» وحطمــت مجتمعهــا‪ .‬تخلــف وذلــك عــى النمــط اإلرسائيــي املعلــوم‪.‬‬ ‫الرقــة والجزيــرة مصنــوع سياســياً‪ ،‬عــر هــذه يعتمــد االســتعامر الداعــي فائضـاً مــن مــن‬ ‫العالقــة االســتعامرية‪ ،‬وليــس خصيصــة ذاتيــة العنــف مثــل النظــام األســدي‪ ،‬لكن مــع صفة‬ ‫مشــهدية للعنــف الداعــي‪ ،‬رمبــا مــن بــاب‬ ‫للمنطقــة‪.‬‬ ‫والعنــر الثالــث يف املركــب االســتعامري التأســيس وإرســاء مداميــك هــذا الكيــان‬ ‫هــو التعــايل عــى ســكان املنطقــة والتعامــل االســتعامري عــى إرهــاب الســكان وكــر‬ ‫معهــم باحتقــار‪ .‬اشــتهرت قبــل أقــل مــن عينهــم‪ .‬يشء يشــبه يف مفعولــه املأمــول‬ ‫‪ 4‬أعــوام عبــارة تهديديــة قالهــا ضابــط «اســتقبال» الســجناء الجــدد بالتعذيــب يف‬

‫ســجن تدمــر يف عقــدي القــرن العرشيــن‬ ‫األخرييــن‪ ،‬وســجن صيدنايــا يف عهــد بشــار‪.‬‬ ‫يشــبه أيضــاً مجــازر إرسائيــل يف ســنوات‬ ‫التأســيس‪.‬‬ ‫ويــوزع كيــان داعــش الســكان الواقعــن‬ ‫تحــت ســلطته إىل ثالثــة طبقــات‪:‬‬ ‫«املهاجريــن»‪ ،‬ولهــم الســيادة والســلطة‬ ‫العليــا‪ ،‬وهــم يســتأثرون بنفــاذ امتيــازي‬ ‫إىل املــوارد العامــة والخاصــة‪ ،‬ويخصــون‬ ‫أنفســهم بأفضــل املســاكن والخدمــات‬ ‫والحاميــات؛ ثــم األنصــار‪ ،‬وهــم األتبــاع‬ ‫املحليــون الذيــن يســتخدمهم املســتعمرون‬ ‫لتنفيــذ مخططاتهــم يف الســيطرة والتحكــم‬ ‫بالعمــوم‪ ،‬ثــم «عامــة املســلمني» يف القــاع‪،‬‬ ‫الجمهــرات التــي تحكــم وتنهــب وتحتقــر‬ ‫وتراقــب وتعنــف‪.‬‬

‫داع��ش اس��تخدم اإلس�لام‬ ‫والنظام االسدي استخدم‬ ‫العروبة ايديولوجيا‪..‬‬ ‫أمــا غــر املســلمني فمكانهــم تحــت القــاع‪،‬‬ ‫عبيــد أو مــا يف حكمهــم‪ .‬املســلمون غــر‬ ‫الســنيني يبــادون ببســاطة‪.‬‬ ‫ال يشء مــن ذلــك مختلــف عــن النســق‬ ‫االســتعامري الــذي تشــغله يف األعــى النخبــة‬ ‫االســتعامرية‪ ،‬ثــم املتعاونــون معهــا مــن‬ ‫الســكان املحليــن للبلــد املحتــل‪ ،‬ثــم عمــوم‬ ‫الشــعب املســتعمر‪.‬‬ ‫ومــا ســهل الســتعامر داعــش أن يفــرض‬ ‫ســلطته يف الرقــة مــا تحقــق مــن تجويــف‬ ‫ســيايس ومعنــوي واجتامعــي للمجتمعــات‬ ‫املحليــة يف املحافظــة عــر عقــود الحكــم‬ ‫األســدي‪ ،‬ثــم التمفصــل مــع روابــط العشــرة‬ ‫مثــل االســتعامر األســدي‪ ،‬وبالطبــع اســتخدام‬ ‫اإلســام كإيديولوجيــة حكــم مثلــا اســتخدم‬ ‫النظــام األســدي العروبــة‪.‬‬ ‫وليــس اإلســام غــر مصــدر للتربيــرات‬ ‫الرشعيــة لهــذا الصنــف املتوحــش مــن‬ ‫االســتعامر الــذي يجــرد الســكان مــن‬ ‫دينهــم‪ ،‬مثلــا جــردت «الرســالة التحضرييــة»‬ ‫للمســتعمرين األوربيــن ســكان املســتعمرات‬ ‫مــن القيمــة باســم التقــدم والحضــارة‪ .‬تقــوم‬ ‫ســلطة داعــش عــى فصــل متطــرف لإلســام‬ ‫عــن املســلمني‪ ،‬أو نــزع ملكيتهــم لدينهــم‪،‬‬ ‫واســتخدامه أداة للرتهيــب املــادي واملعنــوي‬ ‫للجامعــة املحليــة‪ ،‬وهــذا مثلــا امتلــك‬ ‫املســتعمر األســدي العروبــة والوطنيــة‬ ‫للتحكــم مبصــر الســوريني ووضعهــم يف‬ ‫موضــع املتهمــن بقوميتهــم ووطنيتهــم‪.‬‬ ‫غــرض املســتعمرين الدواعــش تجريــد‬ ‫املحكومــن مــن الرشعيــة ملصلحــة حاكميهــم‪،‬‬ ‫وحرمانهــم مــن أي بعــد روحــي يف حياتهــم‬ ‫االجتامعيــة‪ ،‬فضـاً عــن قطــع روابطهــم مــع‬ ‫غريهــا مــن املســلمني يف العــامل‪.‬‬ ‫الطــرف الثالــث يف ثالــوت املســتعمرين‬ ‫هــو القــوة األمريكيــة وأتباعهــا اإلقليميــن‬ ‫والدوليــن‪ ،‬وهــم يواصلــون منــذ نحــو ثالثــة‬ ‫شــهور ونصــف حملــة عــى داعــش تطــال‬ ‫مواقــع يف الرقــة بــن حــن وآخــر‪ ،‬لكــن يبــدو‬ ‫أن خطتهــم تســتهدف أساســاً طــرد داعــش‬ ‫مــن العــراق‪ ،‬وحرصهــا يف ســورية‪ ،‬وذلــك‬ ‫حاميــة للبــرول يف العـراق ومــا وراء العـراق‪،‬‬ ‫والحيلولــة دون وقــوع هــذه الــروة يف يــد‬ ‫داعــش‪.‬‬ ‫العنــف األمــريك ال ي ـزال عــى درجــة كبــرة‬ ‫نســبياً مــن التجريــد‪ ،‬محصــور باســتخدام‬ ‫الطــران والصواريــخ بعيــدة املــدى‪ .‬لكــن‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫‪2015‬‬ ‫عــام االحتــواء‬ ‫الشاوي الضليل‬

‫يبــدو أن األمريكيــن الذيــن يعملــون عمليــاً‬ ‫كقــوة طــران للنظــام األســدي‪ ،‬يريــدون‬ ‫تحويــل مــا بقــي مــن الجيــش الحــر إىل‬ ‫قــوة بريــة لحربهــم ضــد داعــش‪ ،‬أو بنــاء‬ ‫قــوة مرتزقــة تتبــع خطتهــم يف الحــرب ضــد‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬ورمبــا بالتنســيق مــع املســتعمر‬ ‫األســدي‪.‬‬ ‫لكــن نتائــج التدبــر األمــريك ليســت مجــردة‬ ‫أبــدا‪ .‬لقــد هندســت‪ ،‬ورمبــا بتأثــر إرسائيــي‪،‬‬ ‫تدمــر البلــد‪ ،‬ومحصلــة سياســتها هــي‬ ‫متديــد االنتــداب األســدي وجعــل ســورية‬ ‫ســاحة حــرب ال تنتهــي يف مواجهــة داعــش‬ ‫التــي يقــول األمريكيــون إنهــم ال يســتطيعون‬ ‫القضــاء عليهــا‪ ،‬وغرضهــم هــو تحجيمهــا‪.‬‬ ‫التحجيــم يعنــي العمــل املســتمر مــن أجــل‬ ‫بنــاء قــوى محليــة تواجــه داعــش التــي‬ ‫تبنــى بدورهــا قــوى محليــة ملواجهــة مــن‬ ‫يواجهونهــا‪ ،‬بينــا يحافــظ النظــام األســدي‬ ‫عــى ســيطرته يف مواقــع تحكمــه الحاليــة يف‬ ‫البلــد أو يوســعها مبقــدار ملصلحــة‪...‬‬

‫نتائ��ج التدب�ير االمريك��ي‬ ‫هندس��ت تدم�ير البلد‪..‬‬

‫إيـران‪ .‬وهــي بدورهــا قــوة توســعية شــديدة‬ ‫القســوة‪ ،‬ال تخفــي مطامحهــا التوســعية‬ ‫وإرادة تثبيــت هــذه املطامــح بالقــوة‬ ‫العســكرية والســيطرة االقتصاديــة والتحويــل‬ ‫املذهبــي بقــدر اإلمــكان‪.‬‬ ‫كانــت الرقــة يف غنــى عــن هــذا الــرف‬ ‫املميــت‪ :‬مســاحة تقطــع ثالثــة اســتعامرات‬ ‫بعــد أن كانــت‪ ،‬طــوال عقــود‪ ،‬البــؤرة التــي‬ ‫تكثــف فيهــا ثالــوث االســتعامر األســدي‪.‬‬ ‫لكــن الواقــع واقــع‪ ،‬ويجعــل التحــرر عمــا‬ ‫معضــا بالــغ املشــقة‪ ،‬لكنــه يلُــزم أيضــا‬ ‫بالجذريــة يف مواجهــة الــرط االســتعامري يف‬ ‫كل تجلياتــه وأبعــاده‪ .‬جذريــة التحــرر العــام‪،‬‬ ‫الســيايس واالجتامعــي والفكــري والقيمــي‪،‬‬ ‫مبــا يف ذلــك تحــرر النســاء وتحــرر رشائــح‬ ‫املجتمــع األشــد فقــرا ً‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬ويف مواجهــة ثالثــة مســتعمرين‪ ،‬الثقافة‬ ‫ميــدان الكفــاح األســايس‪ ،‬املعرفــة والفــن‬ ‫والجــال واألخالقيــات والحقــوق‪ .‬والسياســة‬ ‫وبنــاء القــوى املؤثــرة وكســب أصدقــاء‬ ‫وتحييــد أعــداء وتســويات مرحليــة‪ ...‬هــي‬ ‫ميــدان الكفــاح األنســب يف مواجهــة عدوين‪.‬‬ ‫لكــن وقــت حمــل الســاح ومقاومــة‬ ‫االســتعامر بالقــوة آت مــن كل بــد‪ ،‬وهــو‬ ‫أجــدى يف مواجهــة مســتعمر واحــد‪ ،‬وإن‬ ‫يكــن رشعيــاً يف كل وقــت‪.‬‬ ‫الـراع طويــل‪ ،‬لكــن بدايتــه اليــوم‪ ،‬وإعــداد‬ ‫جيــل مــن الواقعــن تحــت االحتــال ومــن‬ ‫املهجريــن مــن أجــل التحرير واجــب اآلن ويف‬ ‫كل وقــت‪ .‬واملعركــة ســورية يف كل أطوارهــا‪،‬‬ ‫والرقــة جــزء منهــا فحســب‪ .‬ليــس يف النزعــة‬ ‫املحليــة الرقاويــة‪ ،‬أو أي نزعــة محليــة‪ ،‬مــا‬ ‫هــو تحــرري أو ثــوري‪ .‬وإن كانــت مقاومــة‬ ‫التمييــز واجبــة دومــاً‪ ،‬فــإن االنحصــار يف‬ ‫نطــاق محــي إضعــاف للنفــس‪ ،‬وحرمــان مــن‬ ‫جبهــة رشكاء أوســع يف ســورية كلهــا‪.‬‬

‫التفاهــات الرتكيــة األمريكيــة‪ ،‬منحــت تركيــا مزايــا‬ ‫جديــدة‪ ،‬بوصفهــا أحــد أبــرز الالعبــن يف املنطقــة‪،‬‬ ‫وهــذه التفاهــات أجــرت معظــم الالعبــن عــى‬ ‫تقديــم تنــازالت‪ ،‬أو إعــادة ترتيــب أولويــات ســلم‬ ‫املصالــح‪ ،‬باإلضافــة للمزايــا التــي تحظــى بهــا‬ ‫بوصفهــا متلــك أوراقــاً كثــرة ومؤثــرة يف الســاحة‬ ‫الســورية‪ ،‬إذ أثبتــت أنهــا قــادرة عــى اللعــب بهــذه‬ ‫األوراق يف الزمــان واملــكان الــذي ترغــب‪ ،‬مــع‬ ‫احتفاظهــا بكامــل لياقتهــا واســتعدادها ملواجهــة‬ ‫النتائــج (كوبــاين‪ ،‬نبــل والزهــراء‪ ،‬كســب)‪ ،‬وتاركــة‬ ‫لبعــض مؤسســاتها التــي تبــدو مســتقلة اللعــب يف‬ ‫مســاحات غــر مراقبــة‪ ،‬مــا دامــت تخــدم ثوابتهــا‬ ‫االســراتيجية‪ ،‬هــذا عــى مســتوى اللعــب داخــل‬ ‫ســورية‪.‬‬ ‫أمــا عــى مســتوى الداخــل الــريك‪ ،‬اســتطاعت أن‬ ‫تجعــل مــن معظــم مواطنيهــا مســاند وظهــر لهــذه‬ ‫السياســية‪ ،‬وإقناعــه بــأن القضية الســورية هي شــأن‬ ‫داخــي تــريك‪ ،‬وأن أي تنــازل تــريك لصالــح أجنــدات‬ ‫دوليــة أو إقليميــة‪ ،‬عامــل تهديــد وتفكيــك لوحــدة‬ ‫الدولــة الرتكيــة‪ ،‬لذلــك أعطــت األوامــر والتعليــات‬ ‫ملعظــم مؤسســاتها‪ ،‬لتكريــس هــذه القناعــة‪ ،‬بعــد‬ ‫األحــداث املؤســفة التــي رافقــت بدايــة معركــة‬ ‫كوبــاين واالضطرابــات التــي نشــأت يف مــدن تركيــة‪.‬‬ ‫ورافــق ويرافــق هــذا املســتوى‪ ،‬طغيــان الحضــور‬ ‫الــريك عــى مســتوى مؤسســات الثــورة وتفريعاتهــا‬ ‫األخــرى‪ ،‬وهــذا الحضــور الطاغــي تجــى يف تســمية‬ ‫رئيــس االئتــاف ورئيــس الحكومــة املؤقتــة‪ ،‬وأن‬ ‫هــذا الطغيــان يف الحضــور‪ ،‬كان نتيجــة لعمــل‬ ‫منظــم ودؤوب طــوال أعــوام الثــورة التــي كادت‬ ‫أن تنهــي عامهــا الرابــع‪ ،‬وهــي اآلن تعــزز هــذا‬ ‫الحضــور‪ ،‬باعتامدهــا عــى آليــات مطــورة يف سياســة‬ ‫احتــواء ال تنفــي مــن حســاباتها أبســط االحتــاالت‪،‬‬ ‫مــن احتــال تفــكك االئتــاف إىل كتلــه‪ ،‬إىل البدائــل‪،‬‬ ‫وتوحيــد مؤسســاتها الخرييــة العاملــة يف املجــال‬ ‫اإلنســاين واإلغــايث‪ ،‬وجعلهــا املرجعيــة ألي عمــل‬ ‫عــى أراضيهــا وتحــت رقابتهــا وإرشافهــا املبــارش‪،‬‬ ‫ودعمهــا املبــارش للتكوينــات السياســية والتجمعــات‬ ‫االقتصاديــة الناشــئة‪ ،‬وحتــى منظــات املجتمــع‬ ‫املــدين (أحــد رشوط وجودهــا‪ ،‬وجــود دولــة ضامنــة‬ ‫الســتقالل عملهــا) العاملــة عــى أراضيهــا تتقــدم‬ ‫تركيــا كدولــة راعيــة‪ ،‬وكبديــل عــن الدولــة الســورية‬ ‫التــي مل يعــد لهــا وجــود‪.‬‬ ‫إن القوانــن والقــرارات التنفيذيــة فيــا يتعلــق‬ ‫بتنظيــم حيــاة «الضيــوف الســوريني» يف األرايض‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬هــي تعديــات لالئحــة التنفيذيــة لقانــون‬ ‫الالجئــن الــريك التــي صــدرت بعــد األيــام األوىل‬ ‫النطالقــة الثــورة الســورية ‪ 2011‬والتــي اعتــر‬ ‫فيهــا الســوريون مجــرد ضيــوف يف تركيــا‪ ،‬والتــي‬ ‫أفقدتهــم الكثــر مــن الحقــوق التــي يتمتــع بهــا‬ ‫الالجــئ واملصانــة يف رشعــة االمــم املتحــدة وحقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬وأنهــا «التعديــات» جــاءت لســد هــذه‬ ‫الثغ ـرات‪ ،‬وأحــد املداخــل الفعالــة لتكريــس آليــات‬ ‫االحتــواء‪ ،‬والتــي تعطــي نتائــج ملموســة وفعالــة‬ ‫تؤثــر وبشــكل مبــارش عــى حيــاة الســوريني يف تركيا‪،‬‬ ‫وتنقلهــم ملرتبــة بــن منزلتــن (ضيــف‪ /‬الجــئ)‪،‬‬ ‫وتعطيهــم حقــوق يف العمــل والتعلــم واالجتــاع‬ ‫والتنقل‪..‬الــخ‪ ،‬وهــذا التأثــر يجعــل مــن تركيــا‬ ‫الراعــي واملؤثــر الف ّعــال لحركــة الســوريني فيهــا أو‬ ‫العابريــن منهــا‪.‬‬ ‫أعتقــد أن نجــاح اســراتيجية االحتــواء الــريك‬ ‫ألدوات اللعــب يف ســورية‪ ،‬هــو إدراك تركيــا ملخاطــر‬ ‫وصعوبــات اللعــب مــع الكبــار‪ ،‬ومواجهــة خططهــم‬ ‫البديلــة لتحجيــم هــذا االحتــواء أو تحويلــه ملصاعب‬ ‫سياســية داخليــة وأعبــاء عــى االقتصــاد الــريك‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫الجيش الثالث إلـى الرائع أردوغــــان‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬

‫(‪)1‬‬

‫الثلــج‪ ,‬هــذا املكـ ّون الطبيعــي‪ ,‬كــم لــه مــن‬ ‫معــانٍ وصــور وآثار يف نفس اإلنســان ســواء عىل‬ ‫الصعيــد الــذايت أو الجامعــي! يــرب بــه املثــل‬ ‫بالنقــاء والطهــر؛ مــن مأثــور الدعــاء «اللهــ ّم‬ ‫اغســلني مــن خطايــاي بالثلــج واملــاء والــرد»‪.‬‬ ‫كــا يذكّــر املغــرب بحنــان األم وعطفهــا‪ :‬يــا‬ ‫ـي أيــا َم تقــي الليــل يف‬ ‫ثلـ ُ‬ ‫ـج‪ ,‬قــد ذكّرتنــي أمـ ّ‬ ‫ـي‬ ‫ه ّمــي مشــغوف ًة تَحتــا ُر يف ض ّمــي تحنــو علــ ّ‬ ‫مخافـــ َة الـــر ِد‪ ،‬ذكــره يثــر يف نفــس البعــض‬ ‫الشــعور بالــرد‪ ,‬فــراه يفــرك يديــه طلبــاً‬ ‫للــدفء‪ ,‬وذكريــات املوقــد واملدفــأة وأحاديــث‬ ‫الشــتاء‪ ,‬وهنــاك مــن يذكّــره باألوقــات‬ ‫الحميميــة التــي ال تُنــى‪ ,‬واللعــب والتقــاذف‬ ‫بكراتــه املصاحبــة بضحــكات الفــرح واألصــوات‬ ‫العاليــة‪ ,‬وصنــع التامثيــل ووضــع عليهــا مــا‬ ‫يثــر البهجــة‪ ,‬والتقــاط الصــور التذكاريــة‪..‬‬ ‫وأشــياء أخــرى كثــرة‪ ,‬كلهــا مصاحبــة لقــدوم‬ ‫هــذا الضيــف امل ُـــنتظر بشــغف‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫أمــا عــى صعيــد مختلــف‪ ,‬وبالخصــوص فيــا‬ ‫يتعلّــق بالغــزوات والحــروب‪ ,‬فهنــا حديــث‬ ‫آخــر‪ ..‬باإلضافــة للجيشــن املتحاربــن‪ ,‬فالثلــج‬ ‫يُـــعترب جيشـاً ثالثـاً يحــارب عــى كال الجبهتــن‪.‬‬ ‫وتــدن‬ ‫ّ‬ ‫فالطقــس الشــتوي بثلوجــه وأمطــاره‬ ‫درجــات حرارتــه‪ ,‬يكــون ســبباً معيق ـاً لحركــة‬ ‫اآلليــات واإلمــدادات مبختلــف أنواعهــا‪,‬‬ ‫ـدن‬ ‫باإلضافــة إىل كــرة األعطــال‪ ,‬أضــف إليهــا تـ ّ‬ ‫الــروح املعنويــة عنــد املتحاربــن مــا يؤث ّــر‬ ‫ســلباً عــى الطرفــن املتقاتلــن‪ .‬ومــن األمثلــة‬ ‫التاريخيــة عــى ذلــك‪ :‬غــزو نابليــون لروســيا‬ ‫عــام ‪1812‬م‪ ,‬والحــرب العامليــة األوىل عــام‬ ‫‪1914‬م‪ ,‬وغــزو هتلر لروســيا بالعملية امل ُـــسامة‬ ‫(بارباروســا)‪ ,‬عــام ‪1942‬م‪ ,‬وكل هــذه األحــداث‬ ‫املهمــة بالتاريــخ‪ ,‬كان للطقــس الشــتوي‪,‬‬ ‫باإلضافــة لعوامــل أخــرى الكلمــة الفيصــل‪.‬‬

‫(‪)3‬‬

‫كــا اتُّخــذ مــن موســم الثلــوج ألعاب ـاً أوملبيــة‬ ‫شــتوية برياضــات متــارس عــى الثلــج أو‬ ‫الجليــد‪ ,‬بحــدث ريــايض عاملــي يُـــقام كل أربــع‬ ‫ســنوات‪ .‬وباملقابــل‪ ,‬هنــاك مــن يــرب بــه‬ ‫املثــل بــرودة األعصــاب أو تجلّــد األحاســيس‬ ‫أو الشــحوب األقــرب للمــوت‪ .‬ويف األمثــال‬ ‫الشــعبية يُـــقال‪« :‬غــدا ً يــذوب الثلــج‪ِ ,‬ويْبــان‬ ‫املــرج» لبيــان الحقيقــة‪.‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ويف هــذه األوقــات املأســاوية التــي متــر‬ ‫عــى مــن شُ ـ ـ ّرد مــن بــر مبختلــف األعــار‪,‬‬ ‫مــن شُ ـــرد قهـرا ً و قســرا ً مــن منــزل كان آمنـاً‬ ‫مبختلــف املقاييــس‪ ,‬إىل مــا يُـــس ّمى ـ ظلــاً ـ‬ ‫مبخيّــم وهــو أقــرب للعـ ـراء‪ ,‬الذيــن يفرتشــون‬ ‫الثلــج غصب ـاً وليــس حبّ ـاً‪ ,‬ويلتحفــون الســاء‬ ‫مرغمــن‪ ,‬ال عاشــقني! وهــذه األم التــي تســـعى‬ ‫جاهــدة باحتضــان فلــذات أكبادهــا يف محاولــة‬ ‫مــن أحضانهــا البــاردة أص ـاً لبــثّ بعض ـاً مــن‬ ‫الــدفء يف أوصــال شــبه متج ّمــدة‪ .‬وحتــى‬ ‫الحيــوان الــذي مــات واقف ـاً متجمــدا ً‪ .‬وصــور‬ ‫ســوريالية مرعبــة ال حــر لهــا‪ .‬كيــف يُـــنظر‬ ‫للثلــج عندهــم؟ ومــاذا يقــال لألخـ ّوة املزعومــة‬ ‫ـ عنــد البعــض ـ التــي اقتحمهــا الثلــج وأصابهــا‬ ‫بالجمــود؟ أصحــاب الشــعارات التــي حشــوا‬ ‫أدمغتنــا بهــا صغــارا ً‪ ,‬وأُرغــم الكبــار كمــدا ً عــى‬ ‫ترديدهــا ألســباب كثــرة‪ ,‬لكنهــا كانــت كالثلــج‬ ‫بــاردة ال حــرارة فيهــا‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫هل ميحو الثلج آثار دماء الضحايا؟‬

‫بالعطف واملاء والدواء والطعام‪....‬‬ ‫هو قوس قزح الذي عربتم تحت بهائه‬ ‫ساملني ‪..‬مغردين ‪..‬كأرساب اليامم ‪...‬‬ ‫النــدي عــى حقــول‬ ‫هــو دفقــة الفجــر‬ ‫ّ‬ ‫األنــام‪..‬‬ ‫وهو الذي تأبط كتاب اإلله باليمني‪...‬‬ ‫وكتاب االنسانية بالشامل‪...‬‬ ‫أردوغــان ‪..‬أصغــى لــكالم اللــه املقــدس‬ ‫حيــث قــال‪:‬‬ ‫((وقــل اعملــوا فســرى اللــه عملكــم‬ ‫ورســوله واملؤمنــون))‬ ‫فعمل ‪...‬ول ّبى بخشوع ٍنداء الرحمــــن ‪..‬‬ ‫أردوغان ‪....‬أنشودة مقدسة ‪...‬‬ ‫تعزفهــا حناجــر الســوريني الفاريــن مــن‬ ‫الظلــم والطغيــان‪...‬‬ ‫يف كل زمان وكل مكان ‪...‬‬ ‫وشمس تركيا التي أرشقت عىل العامل‪...‬‬ ‫بالعدل ‪...‬والتطور ‪...‬واإلميان ‪...‬‬ ‫يا صفحات الغروب ‪...‬‬ ‫اسرتسيل ‪...‬وامتدي من أقايص السامء‬ ‫إىل شفاه األرض‪...‬‬ ‫اغمرينــي ‪..‬واغمــري الكــون بأبهــى وأشــجى‬ ‫األلــوان ‪...‬‬ ‫ألجدل من خيوطك الذهبية‪..‬‬ ‫قصائد تصدح باسم أردوغان‪...‬‬ ‫لتكــون عناويــن النشــوة للهامئــن عــى مــر‬ ‫الزمــان ‪...‬‬ ‫إن كان (جلجامش ) بطالً اسطوريا ً‪...‬‬ ‫فأردوغان بطالً ملحمياً حقيقيا ً‬ ‫فاق األساطري بعطاء ٍ‪....‬‬ ‫االنس والجان ‪...‬‬ ‫يحا ُر بوصفه ُ‬ ‫هو الزهرة التي تلدها تالل الثلج مرة‬ ‫كل مئة عام ‪.....‬‬ ‫هو بصمة القرن املتفردة‬ ‫حيث يلد التاريخ أبطاله ‪....‬‬ ‫مرة واحدة كل قرنٍ من الزمان ‪...‬‬ ‫ـ أتســأليني يــا صفحــة الغــروب ملــاذا هــذا‬ ‫البــوح‪...‬؟‬ ‫ٌ‪...‬وطيب‪...‬أردوغان ‪.‬‬ ‫ـ ألنه ‪...‬رجب‬ ‫ٌ‬

‫هناك‪ ...‬عىل قبة السامء‬ ‫حيث يأتلق األفق بالبنفسج واالقحوان‪...‬‬ ‫تتجــى صفحــة الغــروب بالبهــاء‬ ‫وا ألرجــوا ن ‪. . .‬‬ ‫التي يسكب اإلله عليها ألوان الدهشة‪..‬‬ ‫هي صفحة اشتعال النور والنار‬ ‫يف موقد القدرة اإللهية‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بحروف ذهبية‬ ‫فيها تتجىل املوهبة‬ ‫صفحــة ٌيشــكلها اإللــه للمبدعــن‪..‬‬ ‫وا ملتأملــن ‪. . .‬‬ ‫لينهلوا من ألوانها اشتعال قصائدهم‪...‬‬ ‫هــي الصفحــة األســمى التــي يقرأهــا اإللــه‬ ‫قبــل البــر‪...‬‬ ‫يرى فيها املبدع ما ال يراه اآلخرون‪...‬‬ ‫ينقش عليها رؤاه بريشة الروح‪...‬‬ ‫يف غياب العقل وحضوره‪...‬‬ ‫ــل الــروح مــن الجســد لتحلــق يف‬ ‫تَ ْن َس ُّ‬ ‫األعــايل‪...‬‬ ‫تاركة الجسد يرتعش يف الال مكان‪...‬‬ ‫كــدوران موالنــا (جــال الديــن) حــول‬ ‫الــذات اإللهيــة‪...‬‬ ‫عىل مهد تلك الصفحة‪..‬‬ ‫تلد النطف رؤاها املستحيلة‪...‬‬ ‫هناك‪ ..‬تصغي لصهيل الخيول‬ ‫التي عربت هضاب التاريخ‪...‬‬ ‫وتسمع صليل سيوف الفاتحني‪....‬‬ ‫الذيــن طهــروا البرشيــة مــن رجــس‬ ‫الظــام‪...‬‬ ‫عىل صفحات الغروب تلك‪...‬‬ ‫تتجىل لك صور األبطال‪....‬‬ ‫الذين يبسمل التاريخ بهم صفحاته‪....‬‬ ‫ليقرأها عىل مسامع األجيال‪....‬‬ ‫عىل هذه الصفحات‪....‬‬ ‫رأيت الغيم ينقشع‪.....‬‬ ‫ُ‬ ‫ليكشف يل بكل وضوح‪...‬‬ ‫َ‬ ‫عن فارس شهم فاقت بطوالته‪...‬‬ ‫كل ذي راية‪ ...‬وصولجان‬ ‫َ‬ ‫فاحتفــى التأريــخ بســجله العابــق بــكل‬ ‫أمــان‪...‬‬ ‫إنها صورة أردوغان‪......‬‬ ‫حاك ٌم تريكٌ سيشا ُر إليه بالبنان‬ ‫اتسع قلبه الحتضان املرشدين الجائعني‪...‬‬ ‫فوزية المرعي‬ ‫وفتح لهم بوابات الحدود‪...‬‬ ‫ليعربوها بسالم وأمان‪...‬‬ ‫متحدياً بفأس قراره كل طغيان‪...‬‬ ‫‪işaret olsun..‬‬ ‫أيها السوريون‪...‬‬ ‫‪Gılgamış belki de‬‬ ‫امهروا صدور أطفالكم بصور أردوغان‪...‬‬ ‫‪efsanevi bir kahraman‬‬ ‫واجعلوهــا وش ـاً ســومريا ً يباهــي النجــوم ‪Ama sebatkar ve hakiki bir‬‬ ‫…‪kahramandır Erdoğan‬‬ ‫واألقــار‪..‬‬ ‫‪Mertliği ile aştı efsaneleri‬‬ ‫ومنارات عىل املرافئ والخلجان‪...‬‬ ‫‪Onu tanımlamakta‬‬ ‫وعنونوا متامئهم أنه أنقذهم‪...‬‬ ‫‪tahayyür etmekte cin ve‬‬ ‫حني عربوا الحدود هامئني‪..‬‬ ‫…‪insan‬‬ ‫بال جوازات أو عنوان‪...‬‬ ‫‪O kar tepelerinin‬‬ ‫ليكتبوه قصائد حب وفخر وأمان‪...‬‬ ‫‪doğurduğu bir çiçektir‬‬ ‫حني يكربون‪...‬‬ ‫‪Her yüz yılda bir çıkan..‬‬ ‫ويجسده بريشة الروح كل فنان‪...‬‬ ‫‪Tarih kahramanlarını‬‬ ‫ويعزفــه عــى قيثــارة الكــون كل صــوت‬ ‫‪doğurur‬‬ ‫شــجي‬ ‫‪Zamanın her yüz yıllık‬‬ ‫…‪diliminde‬‬ ‫بأعذب األلحان‪....‬‬ ‫‪Ey gün batımı bana tüm‬‬ ‫هــو مــن رشع قلبــه باتســاع املــدى‬ ‫‪bu bağırış ve haykırışların‬‬ ‫واألكــوان‪...‬‬ ‫‪ne olduğunu mu‬‬ ‫فغــردوا لــه مــلء حناجركــم بالوفــاء‬ ‫?‪soruyorsun‬‬ ‫واالمتنــان‪...‬‬ ‫‪O…Recep….Tayyip…..‬‬ ‫هــو خيمــة الــدفء التــي امتــدت مــن‬ ‫‪Erdoğan’dır.‬‬ ‫الحــدود اىل الحــدود‪...‬‬ ‫هو منهل الخري الذي تدفق وغمركم‬ ‫‪FUZYEA ALMARİE‬‬

‫‪MUHTEŞEM ERDOĞAN’A‬‬ ‫… ‪Ey Suriyeliler‬‬ ‫‪Çocuklarınızın göğsünü‬‬ ‫‪Erdoğan’ın resmiyle‬‬ ‫…‪damgalayın‬‬ ‫‪yıldızların ve hilalin gurur‬‬ ‫‪duyacağı sümer dövmesi‬‬ ‫‪gibi..‬‬ ‫‪Yuvalara ve meskenlere‬‬ ‫‪minareler diksinler‬‬ ‫‪Mahyalar assınlar üzerinde‬‬ ‫‪onları kurtardığını yazan..‬‬ ‫‪Sınırları geçtiklerinde‬‬ ‫‪pasaportsuz ve kimliksiz‬‬ ‫‪olarak‬‬ ‫…‪Ve tekbir getirdiklerinde‬‬ ‫‪Bu anı tüm sanatçılar‬‬ ‫‪ruhlarının fırçalarıyla‬‬ ‫‪somutlaştırır‬‬ ‫‪Kainatın gitarında hoş‬‬ ‫‪melodilerle çalınır‬‬ ‫…‪Ve en güzel bestelerle‬‬ ‫‪O kalbini evrenleri alacak‬‬ ‫‪şekilde açandır‬‬ ‫‪Hançelereniz vefa ve‬‬ ‫‪minnetle dolu olarak ona‬‬ ‫‪ses verin‬‬ ‫‪O sıcacık bir çadırdır‬‬ ‫‪sınırdan sınıra uzanan‬‬ ‫‪O sizi örten ve akıp duran‬‬ ‫‪bir hayır kaynağıdır‬‬ ‫‪Şefkat, su, ilaç ve yemek‬‬ ‫…‪dağıtan‬‬ ‫‪O parıltısı altından‬‬ ‫‪geçtiğiniz bir gök kuşağıdır‬‬ ‫…‪Güvenle… şakıyarak‬‬ ‫‪Güvercin sürüleri gibi‬‬ ‫‪O tüm varlıkların üzerine‬‬ ‫‪doğan ılık bir fecirdir‬‬ ‫‪Allah’ın kitabını sağ eline‬‬ ‫‪İnsanlığın kitabını sol eline‬‬ ‫…‪alan kişidir‬‬ ‫‪Erdoğan… Allah’ın‬‬ ‫‪mukaddes ayetine kulak‬‬ ‫‪verdi‬‬ ‫‪“Deki çalışın, Allah, Resulü‬‬ ‫‪ve müminler yaptıklarınızı‬‬ ‫”‪görecektir‬‬ ‫‪Çalıştı.. Ve Rahman’ın‬‬ ‫‪çağrısına huşuyla karşılık‬‬ ‫‪verdi‬‬ ‫‪Erdoğan… Kutsal bir‬‬ ‫‪şarkıdır ki‬‬ ‫‪Zulüm ve tuğyandan‬‬ ‫‪kurtulan Suriyeliler‬‬ ‫‪mırıldanır,‬‬ ‫‪Her zaman ve her‬‬ ‫…‪mekanda‬‬ ‫‪Cihanın üzerine doğan‬‬ ‫‪Türkiye güneşi‬‬ ‫…‪Adaletle… İlerlemeyle‬‬ ‫…‪İmanla‬‬ ‫‪Ey günbatımının‬‬ ‫…‪vecihleri‬‬ ‫‪Devam et… Ve semanın‬‬ ‫‪en uzak yerlerinden yayıl‬‬ ‫…‪Yeryüzünün dudaklarına‬‬ ‫‪En parlak ve ışıltılı‬‬ ‫‪renklerle ört beni ve kainatı‬‬ ‫‪Ta ki öreyim o altın iplerinle‬‬ ‫‪Erdoğan’ın adını terennüm‬‬ ‫‪edecek kasideyi..‬‬ ‫‪Zaman geçse de üzerinden‬‬ ‫‪yolunu kaybetmişlere bir‬‬

‫‪Burada… Gök kubbede‬‬ ‫‪Ufkun menekşe ve‬‬ ‫‪kasımpatılarla ışıldadığı‬‬ ‫‪Günbatımının erguvanlarla‬‬ ‫‪parladığı‬‬ ‫‪Allah’ın üzerine ihtişamın‬‬ ‫‪renklerini döktüğü‬‬ ‫‪Ateş ve nurun şulelerinin‬‬ ‫‪vechidir o…….‬‬ ‫…‪İlahi kudret potasında‬‬ ‫‪Orada mevhibeler altın‬‬ ‫‪harflerle yazılır,‬‬ ‫‪Allah’ın düşünürler ve‬‬ ‫‪sanatkarlar için yarattığı‬‬ ‫…‪sayfaya‬‬ ‫‪Ta ki kasidelerinin ateşinin‬‬ ‫‪rengini oradan alsınlar‬‬ ‫…‪diye‬‬ ‫‪O Allah’ın beşerden‬‬ ‫‪önce okuduğu en yüce‬‬ ‫…‪sayfadır‬‬ ‫‪Sanatkar onda‬‬ ‫‪başkalarının göremediğini‬‬ ‫‪görür..‬‬ ‫‪Oraya rüyasını ruh‬‬ ‫…‪fırçasıyla nakşeder‬‬ ‫‪Aklın gıyabında veya‬‬ ‫…‪huzurunda‬‬ ‫‪Ruh yücelere ulaşsın diye‬‬ ‫…‪bedenden sıyrılır‬‬ ‫‪Mekansızlığa doğru‬‬ ‫‪dalgalansın diye terk eder‬‬ ‫‪cesedi‬‬ ‫)‪Mevlana (Celalettin Rumi‬‬ ‫‪nın İlahi zatın çevresinde‬‬ ‫…‪döndüğü gibi‬‬ ‫‪Bu sayfanın beşiğinde‬‬ ‫‪Nutfe imkansız rüyasına‬‬ ‫…‪doğar‬‬ ‫‪Burada. Atların kişnemeleri‬‬ ‫‪duyulur‬‬ ‫…‪Tarihin vadilerini geçen‬‬ ‫‪Ve fatihlerin kılıçlarının‬‬ ‫‪şakırdamaları duyulur‬‬ ‫‪Beşeriyeti zulmün kirinden‬‬ ‫…‪arındıran‬‬ ‫‪O Günbatımının‬‬ ‫‪sayfalarının üzerinde,‬‬ ‫‪Kahramanların suretleri‬‬ ‫…‪tecelli eder sana‬‬ ‫‪Nesillerin kulaklarına‬‬ ‫‪okunsun diye‬‬ ‫…‪Bu sayfalar‬‬ ‫‪Bulutları gördüm,‬‬ ‫‪toplaşıyorladı‬‬ ‫‪Bana apaçık görünsün diye‬‬ ‫‪Mert süvari ki kahramanlığı‬‬ ‫‪Her sancaktarınki ve topuz‬‬ ‫‪sahibini aşmış….‬‬ ‫‪Tarih, güvenle kutlar onun‬‬ ‫‪parlak sicilini‬‬ ‫‪İşte Erdoğan’ın suretidir‬‬ ‫‪o….‬‬ ‫‪O parmakla gösterilecek‬‬ ‫‪Türk İdareci‬‬ ‫‪Kalbi evsiz açları‬‬ ‫‪kucaklayacak denli geniş‬‬ ‫‪Onlara sınırların kapılarını‬‬ ‫…‪açan‬‬ ‫‪Oradan emniyet ve güven‬‬ ‫‪içinde geçsinler diye..‬‬ ‫‪Tüm zalimlere iradesinin‬‬ ‫… ‪balyozuyla karşı duran‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫* سمير الفيل‬

‫قصة قصرية‬

‫متلكنــي الرعــب والبيــت يهتــز‪ ،‬كانــت الســاعة تشــر إىل‬ ‫السادســة وخمــس دقائــق صباحـاً‪ ،‬إذ أن العقربــن توقفــا عــن‬ ‫الــدوران‪ .‬ثبــت نظــري إىل الســقف‪ ،‬فاكتشــفت رشخـاً بســيطاً‪،‬‬ ‫تســاقطت منــه أتربــة قدميــة‪ ،‬أمــا الجــدار املواجــه يل فقــد بــدا‬ ‫مختلف ـاً‪ ،‬إذ انحرفــت الصــورة املعلقــة عــن وضعهــا املألــوف‪،‬‬ ‫فظهــرت مائلــة‪.‬‬ ‫الكهربــاء انقطعــت لدقائــق‪ ،‬وملــا عــادت فتحــت الراديــو‪،‬‬ ‫وســمعت املذيــع يذكــر إن الزلـزال الــذي رضب املنطقــة بقــوة‬ ‫‪ 6‬ريخــر‪ ،‬مركــزه منتصــف البحــر األحمــر‪ ،‬وإن الوضــع آمــن‬ ‫بوجــه عــام‪.‬‬ ‫هرولــت إىل النافــذة‪ ،‬فوجــدت أغلــب الشــبابيك قــد فتحــت‬ ‫ضلفهــا‪ ،‬وبــان أصحابهــا منكــويش الشــعر‪ ،‬يســألون عــا حــدث‪.‬‬ ‫النســوة هــرول أغلبهــن إىل الشــوارع‪ ،‬أســفل البيــوت خوفــاً‬ ‫عــى حياتهــن‪ ،‬الفتيــات ظهــرن بــا مســاحيق تجميــل‪ ،‬أو‬ ‫مالبــس أنيقــة تظهــر جاملهــن‪.‬‬ ‫الرجــال راحــوا يصــدرون تحذيراتهــم للصبيــة واألطفــال‪،‬‬ ‫ويأخــذون بأيــدي العجائــز؛ إلخــاء الطوابــق العليــا تحســباً‬ ‫لتكــرار الهــزة‪ ،‬وانهيــار األســقف والجــدران‪.‬‬ ‫وحــدي بقيــت مســلامً أمــري للــه‪ .‬مل يكــن لــدي أي رغبــة يف‬ ‫الف ـرار‪ .‬الحقيقــة إننــي وجدتهــا فرصــة للتخلــص مــن حظــي‬ ‫العاثــر يف الحيــاة‪ .‬ســوف أتــرك الدنيــا الغــادرة‪ ،‬رمبــا يكــون‬ ‫نصيبــي أوفــر يف حيــوات قادمــة‪ .‬الــيء الــذي حــز يف نفــي‬ ‫أننــي تركــت صــورة أمــي مائلــة‪ ،‬جريــت ناحيتهــا وأعدتهــا إىل‬ ‫وضعهــا الطبيعــي‪.‬‬ ‫أرشقــت الدنيــا بابتســامتها‪ ،‬دنــت منــي يف امتنــان‪ ،‬شــعرت‬ ‫بنظرتهــا الطيبــة تحتوينــي‪ ،‬متســح عنــي عنــاء الســنوات‬ ‫املاضيــة‪ ،‬أحسســت بحنانهــا القديــم يغطينــي‪ ،‬فجثــوت عــى‬ ‫ركبتــي‪ ،‬مــدت يدهــا‪ ،‬ومســحت شــعر رأيس‪ ،‬ضحكــت‪ ،‬وهــي‬ ‫تعاتبنــي‪ :‬شــعرك أب ّيــض؟‬ ‫رددت عىل الفور‪ :‬الدنيا فعلت معي هذا‪.‬‬

‫الحظــت أن شــعرها كان مختفيــاً خلــف «قرطــة» بيضــاء‪ ،‬ال‬ ‫تظهــر ســوى مقاصيــص فاحمــة الســواد‪ ،‬ســألتني‪ :‬أيــن زوجتــك‬ ‫وأبنــاؤك؟؟‬ ‫ـت للحظــة‪ ،‬قلــت باقتضــاب‪ :‬هجرتنــي «نرسيــن»‪ ،‬وأخذت‬ ‫صمـ ّ‬ ‫معهــا األوالد والبنات‪.‬‬ ‫بانــت الحــرة يف صوتهــا‪ ،‬عاتبتنــي‪ :‬مــا زلــت عصبيـاً‪ ،‬وعصبيتك‬ ‫تغطــي عــى طيبتك‪.‬‬

‫رشدت قليـاً‪ ،‬وعــادت لإلطــار بنفــس نظرتهــا الطيبــة‪ ،‬املصوبــة‬ ‫بإحــكام نحــوي‪ .‬نظــرة تجمــع الطيبــة بالتوجــس‪.‬‬ ‫قبــل أن ينقلوهــا ملستشــفى األمـراض النفســية‪ ،‬ظلّــت تــرخ‪،‬‬ ‫وهــي تشــر للجــدار الــذي تخــرج منــه كالب مســعورة‪ .‬كانــت‬

‫قوس قزح‬ ‫تبــي‪ ،‬وهــي تســد أذنيهــا؛ ألن النبــاح يرعبهــا‪.‬‬ ‫قــال أيب وهــو يدفــع بهــا لعربــة املستشــفى‪ :‬اطلعــي‪ ،‬أســبوع‬ ‫أو أســبوعان وتعوديــن أحســن مــا كنــت‪.‬‬ ‫ظلــت لســنوات‪ ،‬وكلــا زرناهــا ظلّــت تنظــر بحــذر ناحيــة‬ ‫الجــدران خلفهــا‪ ،‬تأمــر أيب أن يطــرد الــكالب قبــل أن تهاجمهــا‪،‬‬ ‫وتعــض جســمها‪ ،‬فيســيل الــدم‪ ،‬ويغــرق املــكان‪.‬‬ ‫اليــوم الــذي عــادت فيــه‪ ،‬كانــت داخــل تابــوت‪ ،‬أعــادت‬ ‫خــااليت غســلها‪ ،‬وشــيع جثامنهــا مــن املســجد القريــب بعــد‬ ‫صــاة الظهــر‪.‬‬ ‫اللحظــة التــي اختلســتها للنظــر إليهــا‪ ،‬بــان ازرقــاق مــا يف‬ ‫وجههــا‪ ،‬وكان شــعرها الغزيــر قــد غ ـزاه الشــيب‪ ،‬لكــن نظــرة‬ ‫رضــا كانــت تشــيع يف مالمحهــا‪.‬‬ ‫هــي اآلن تســكن مطمئنــة يف الصــورة‪ ،‬وأنــا وحــدي‪ ،‬بعــد‬ ‫هجـران زوجتــي واألطفــال‪ .‬كنــت بحاجــة إىل زلـزال ‪ 6‬ريخــر؛‬ ‫يك أتزلــزل بالبــكاء‪ .‬ارتجفــت‪ ،‬وكيــاين كلــه يهتــز‪ ،‬ودموعــي‬ ‫تنهمــر؛ ألطلــب منهــا أن تبقــى معــي بعــض الوقــت‪ .‬ســمعت‬ ‫صوتهــا الرقيــق يهمــس يف أذين‪ :‬متاســك‪ ،‬أنــت زينــة الرجــال‪.‬‬ ‫فكــرت أن ألقــي بنفــي مــن النافــذة‪ .‬هــذا الحــل عمــي‬ ‫ورسيــع‪ ،‬ويحــل كثــرا ً مــن املشــكالت املســتعصية‪.‬‬ ‫يدهــا قبضــت عــى معصمــي‪ ،‬وجدتهــا أقــوى مــن كل الرجــال‬ ‫الذيــن عرفتهــم‪ :‬اصعــد فــوق أحزانــك‪ ،‬متاســك يــا بني‪ ،‬متاســك‪.‬‬ ‫مســحت خيــط الدمــوع‪ ،‬وبقيــت عــى حافــة اليــأس مــرددا ً‪.‬‬ ‫أخــذت يــدي‪ ،‬فكــت أصابعــي‪« :‬آدي البيضــة‪ ،‬وآدي الــي‬ ‫ســلقها‪ ،‬وآدي الــي حمرهــا‪ ،‬وآدي الــي أكلهــا‪ ،‬تاخــد الســكينة‬ ‫وال املقــص؟»‬ ‫انتشــيت بالضحــك‪ ،‬وهــي مل متهلنــي‪ ،‬إذ أخــذت وجهــي بــن‬ ‫كفيهــا‪ ،‬فشــعرت براحــة عميقــة تســكن روحــي‪ ،‬حدثتهــا‬ ‫بــإرصار‪ ،‬مل أعهــده يف نفــي‪ :‬ســوف أعــر املحنــة يــا أمــي!‬

‫على أعمدةِ ال ُغ ْرَبة نجاة عبد الصمد أم وليد‬ ‫حمزة رستناوي‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وحكايــات‬ ‫روايــات‬ ‫شــخص‬ ‫ــص‬ ‫َ‬ ‫ِ ْف الغُربــ ِة أتق َّم ُ‬ ‫منســية ْ‬ ‫يل‪.‬‬ ‫سأف ِّو ُض أ ْمرِي وأكاب ُد‬ ‫ْ‬ ‫مجرى َم ْن سلكوا قب ْ‬ ‫ـدي‪ ,‬عادتك ـ ْم بي ـ ُع رقيــقِ الــدا ِر وإقطــا ُع‬ ‫ِمــن بعـ َ‬ ‫َم ـزارايتْ‪.‬‬ ‫َّمت َ‬ ‫أنوف متاثيلٍ آله ٍة‬ ‫حط ُ‬ ‫َّعت مآذ َن ملْ‬ ‫قط ُ‬ ‫ْ‬ ‫تشهق يوماً لحيايتْ‬ ‫وبرتتُ مذاك َري اآلله ِة امل َنسيَّة ْ‬ ‫الشعب بال غاية ْ‬ ‫ضت‬ ‫ح َّر ُ‬ ‫َ‬ ‫عودي‪.‬‬ ‫السفنِ املعقور ِة‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫أرسلت ورا َء ُّ‬ ‫ـت ِطبــا َع ال ّدميقراطيـ ِ‬ ‫ـات‬ ‫ـت القبـ َ‬ ‫ـض‪ ..‬وأعدمـ ُ‬ ‫ألقيـ ُ‬ ‫عــى مشــنق ٍة ال ُهدنــة ْ‬ ‫يف مرحل ـ ِة اإلعــدا ِد ليــومِ رحيــلِ امل َنســي ِني تناب ـ َذ‬ ‫ـي‬ ‫قلبـ ْ‬ ‫األنخاب ِ‬ ‫وسجن ْه‬ ‫وتذكّرتُ ُم ِريْ َد‬ ‫ِ‬ ‫أرسل يف طلبي!‬ ‫أقوى رجلٍ يف العا ِمل َ‬ ‫ْ‬ ‫َحالــف َمحظيّ ٍ‬ ‫ــات‬ ‫َّــت ُملــوكاً أطفــاالً وت‬ ‫َ‬ ‫وتخيل ُ‬ ‫وأمــورا ً لــ ْن تحــدثَ‬ ‫هارب!‬ ‫أو إمكان َّي َة ن ٍ‬ ‫رص ْ‬ ‫فصــل بــ َن‬ ‫وتركــت لجــوءا ً يَ ُ‬ ‫لكتــي‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫هامــت َم ْم ْ‬ ‫وبينــي!‬ ‫َحالف شَ خ َْص َن ٍة‬ ‫عاقرتُ ت َ‬ ‫وتركت امل ِ‬ ‫َحظ ّي ِ‬ ‫ات عىل أعمد ِة األذكا ْر‬ ‫ُ‬ ‫أغثني‬ ‫يا َّ‬ ‫رب الدا ِر ْ‬ ‫وأعد ْين ما دو َن األهلِ إىل نافذ ِة الروح ِ‬ ‫أعد ْين شَ ٍ‬ ‫الناس‬ ‫تالت يف صيغ ِة أ ٍّم لعمومِ ْ‬ ‫اس‬ ‫بني‬ ‫وسواس اآلله ِة ال َخ َّن ْ‬ ‫َ‬ ‫َج ِّن ْ‬ ‫ِ‬ ‫حفيف ال ّج ِّن إىل األجداثْ ‪.‬‬ ‫ثدي‬ ‫ألقمني َ‬ ‫ْ‬

‫زوجــي طيّــب‪ .‬كان وعــدين أن يدلّلنــي‪ ،‬ومل‬ ‫يلحــق‪ .‬خطفــه املســلحون مــن مــكان عملــه‬ ‫يف املخفــر ليقايضــوه بأرساهــم أو بفديــ ٍة‬ ‫أثقــل حتــى مــن غيابــه أو ــــ ال ســمح اللــه ــــ‬ ‫رئيســه أخربنــا أ ّن املخفــر لــن يســتطيع‬ ‫موتــه‪ُ .‬‬ ‫فكاكــه‪ .‬وأعلــن أخــوه أنــه ال ميلــك مــا يفـ ّـك‬ ‫بــه أخــاه‪ ،‬وليــس لديــه ال الخبــز وال الطحــن‬ ‫الــكايف لقبيلــة صغارنــا‪ .‬يــا إلهــي كــم رصنــا‬ ‫قســاة!‬ ‫لجــأت رضيت بأوالدهــا إىل أهلهــا‪ ،‬وبعــد يومني‬ ‫أعــاد أهلهــا أوالدهــا إلينــا‪ .‬جــاؤوا جائعني‪ ،‬ومل‬ ‫ٍ‬ ‫رضيــت أن‬ ‫مضــض‬ ‫يســتقبلهم عمهــم‪ .‬عــى‬ ‫ُ‬ ‫أســكنهم مــع صغــاري‪ .‬يــا إلهــي كــم رصنــا‬ ‫قســاة‪.‬‬ ‫مل أكــن خــرت تنظيــف البيــوت الرثيّــة مــن‬ ‫قبــل‪ .‬رصت أســافر كل يــومٍ يف هــذا الطريــق‬ ‫الطويــل مــن الحســينية حيــث نســكن تحــت‬ ‫رحمــة املســلحني‪ ،‬إىل جرمانــا حيــث ســطوة‬ ‫النظــام‪ .‬أرتعــب مــن حواجــز املســلحني ومــن‬ ‫حواجــز النظــام‪ .‬ويلهــج صــدري بالصــاة‬ ‫يك ال يخطفنــي أحدهــم فألقــى أشــنع مــن‬ ‫مصــر زوجــي‪ ،‬وأســتقتل يك تــرىض صاحبــة‬ ‫البيــت عــن أدايئ‪ ،‬ويك ال ترجــف الصحــون‬ ‫بــن أصابعــي وأنــا أُنشــفّها‪ ،‬ويك ال تســقط‬ ‫املزهريــات الثمينــة مــن يــدي يف رشودي‪،‬‬ ‫ويك ال يصــدق وعيــد حــايت‪ ،‬وال تأكلنــي‬ ‫ألســنة جـراين حــن أتأ ّخــر عــن البيــت حتــى‬ ‫املغيــب‪( :‬ويعنــي شــو عــم تشــتغيل بجرمانــا‪،‬‬ ‫رئيســة بلديــة أم رئيســة اتحــاد نســايئ‪...‬؟!)‪.‬‬ ‫يــا إلهــي كــم رصنــا قســاة!‬ ‫ال تصــر حــايت عــى شــقاوة أبنــايئ يف غيــايب‪،‬‬ ‫تقــول‪ :‬اقعــدي يف بيتــك يــا فاجــرة‪ ،‬واللــه‬

‫‪11‬‬

‫كفيــل بأرزاقنــا‪ ،‬أقــول البــن زوجــي عنــد‬ ‫ٌ‬ ‫الفجــر‪ :‬قــم معــي يــا مــازن‪ ،‬قــم لنــري إىل‬ ‫أرزاقنــا يــا بنــي‪ .‬وال يفيــق مــازن‪ .‬وتصيــح‬ ‫حــايت‪ :‬اتركيــه ينــام‪ .‬وينتظــرون كلهــم‬ ‫عــوديت مــن عمــي ليأكلــوا مــا أجلــب‬ ‫معــي إىل البيــت‪ ،‬وأطلــب منهــم أن يؤ ّدمــوا‬ ‫بالنعمــة‪ ،‬وأعــرف أنهــم ال يشــبعون‪ ،‬وأرى‬ ‫كــم رصنــا قســاة‪.‬‬ ‫مل يعــد زوجــي ومل يهــدأ القصــف فــوق‬ ‫الحســينية‪ ،‬واحــرق بيتــي‪ ،‬وحملــت أوالدنــا‬ ‫محل‬ ‫الثامنيــة إىل جرمانــا اآلمنــة‪ ،‬أســكنتهم يف ّ‬ ‫عصــرٍ للفواكــه هاجــر أصحابــه‪ :‬واجهتــه‬ ‫مــران‪ ،‬وطولــه ثالثــة أمتــار وخلفــه حــا ٌم‬ ‫ضيــق‪ ،‬ومجــى صغــر‪ .‬أجرتــه ‪ 13000‬لرية كل‬ ‫شــهر‪ ،‬وأربعــة آالف لــرة للــاء والكهربــاء‪،‬‬ ‫وفوقهــا ســبعة آالف لــرة للسمســار الوكيــل‬ ‫لهــذا (البيــت)‪ ،‬يســتلمها مق ّدمـاً ويرتكنــا عــى‬ ‫صقيــع األرض‪ ،‬بــا تدفئــة وبــا بطانيــات‪ .‬يــا‬ ‫إلهــي كــم رصنــا قســاة‪.‬‬ ‫ــــ يــا اللــه مــا أجمــل عينيــك يــا أم وليــد‪...‬‬ ‫تقاطعنــي صاحبــة البيــت التــي أروي لهــا‬ ‫حكايتــي!‬ ‫يــا إلهــي مــا أشــد كرمــك! يــا إلهــي؛ كثـ ٌر هذا‬ ‫ـي‪« :‬عينــاي أنــا‪ ،‬جميلتان؟!»‬ ‫الفــرح اآلدمـ ّ‬ ‫يــا إلهــي اآلن يصــر األىس أقــل‪ ،‬اآلن ينبــت‬ ‫النــور يف قلبــي‪ .‬اآلن أســامح القســاة كلهــم‪،‬‬ ‫اآلن دمعــي أقــل‪ .‬اآلن‪ ،‬حــن أســمع بــرا ً‬ ‫بعينــي!‬ ‫يتغــ ّزل‬ ‫ّ‬ ‫أخ ـرا ســمعتها مــن أحــد مــا‪ ،‬حتــى لــو كان‬ ‫امــرأة! خمــس وأربعــون ســنة‪ ،‬مل يقــل يل‬ ‫زوجــي وال رجـ ٌـل غريــب‪ :‬عيونــك حلويــن يــا‬ ‫بنــت‪.‬‬

‫* كاتب مصري‬

‫ُ‬ ‫آية الروح‪..‬‬

‫ياسر األطرش‬

‫يا آية الروح ال أحزا َن تكفيني ‬ ‫ولو جميع عيون الخَلق تبكيني‬ ‫معتكف ‬ ‫والحق‬ ‫رس يف قبضتي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ال ُّ‬ ‫الظل يف طيّات تكويني‬ ‫يف غاية ِّ‬ ‫والشمس تلك التي تبدو‪ ..‬مضلّل ًة‬ ‫فقد تخفّى سناها يف رشاييني‬ ‫ُّ‬ ‫أنسل ُمنع ِتقاً من نفح ٍة عربتْ‬ ‫ما فوق قدسية الزيتون والت ِني‬ ‫من ج َّبتي تطلع األقامر مبدر ًة‬ ‫أغمض متيس كالعراج ِني‬ ‫وحني ُ‬ ‫أميش عىل األرض لك ْن ليس تحملني‬ ‫فخطوة الضوء ال متيش عىل الط ِني‬ ‫لت‬ ‫مذ أن عربتُ جدار الوقت‪ ،‬ما ح ِف ْ‬ ‫َ‬ ‫روحي‬ ‫بأيلول مييض أو بترشينِ‬ ‫ككل الناس‪ ،‬لكن‪ ..‬ال‬ ‫أنا ُولدتُ ّ‬ ‫أموت‪ ،‬حتى متوتَ اليا ُء يف الس ِني‬ ‫الغيب من وجعي‬ ‫كل ُمنسد ٍل يف‬ ‫يا َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال تهبط َّن عىل أشالء مسك ِني‬ ‫خل السعادة لألطفال تغمره ْم‬ ‫ِّ‬ ‫كل س ّك ِني‬ ‫وازرع بحقل عيوين َّ‬ ‫مدى للحزنِ ‪ ،‬أنجم ُه‬ ‫ُ‬ ‫سأستحيل ً‬ ‫ُز ْه ٌر‪ ،‬ومنها رجو ٌم للشياط ِني‬ ‫ِ‬ ‫بالجنات‪ ،‬أزرعها‬ ‫أنا املدجج‬ ‫أفيض قلوباً للبسات ِني‬ ‫حتى َ‬ ‫أمتص كل خطايا الخلق يف رئتي‬ ‫ُّ‬ ‫الحب ممزوجاً بنرسينِ‬ ‫وأزفر َّ‬ ‫وإذ أرى طفل ًة يف الصني حافي ًة‬ ‫يحفى فؤادي‪ ،‬كأين والد الص ِني‬

‫هل الفن مسؤولية؟؟‬ ‫فهد الحسن‬ ‫يتســاءل الكثــرون‪ :‬إذا كان الفــن حاجــة‬ ‫اجتامعيــة ملحــة يف بنــاء األف ـراد واملجتمعــات‪..‬‬ ‫فهــل تصبــح هــذه الحاجــة مســؤولة ومتالزمــة‬ ‫مــع تــوق اإلنســان إىل جــدار نفــي يغنــي‬ ‫أعامقــه وينمــي مهاراتــه ويفتــح آفاقــه عــى‬ ‫حقيقــة األشــياء وجوهرهــا؟‪.‬‬ ‫وهــذا يقودنــا إىل حاجــات البرشيــة األوىل‪،‬‬ ‫فاإلنســان البــدايئ احتــاج اىل النــار لــي تدفئــه‪،‬‬ ‫وليســتنري بهــا وكذلــك ليطهــو عليهــا غــذاءه‪.‬‬ ‫وقــد تنامــت هــذه االحتياجــات وتنوعــت إىل أن‬ ‫وصلــت إىل مرحلــة مــا بعــد الرفاهيــة يف عاملنــا‬ ‫املعــارص‪ ،‬أي تجــاوزت دور الحاجــة لتصــب يف‬ ‫خانــة املتعــة واللــذة‪.‬‬ ‫والفــن ﻻ يبتعــد كثــرا ً عــن هــذا املفهــوم‪،‬‬ ‫فســكان كهــوف الكامــرا لجــأوا إىل الرســم‬ ‫لالســتدالل عــى معــاين األشــياء مبــا يخــدم‬ ‫حاجاتهــم وبــات رضورة مالزمــة للحيــاة‬ ‫وجــزءا ً مــن منظومــة متكاملــة تداخلــت فيهــا‬ ‫البيولوجيــا واالنرتبولوجيــا والســيكولوجيا وعلــم‬ ‫الطبيعــة والتاريــخ‪.‬‬ ‫ومــع تطــور الحيــاة التــي حرقــت مراحــل عمرها‬ ‫آالف الســنني‪ ،‬ومــع ولــوج العــامل إىل عصــور‬ ‫متعاقبــة أهمهــا عــر النهضــة األورويب يف القــرن‬ ‫الســادس عــر ومــا تــاه مــن ثــورات صناعيــة‬ ‫وطفــرات يف العلــوم اإلنســانية والتكنولوجيــة‬ ‫كان الفــن فيهــا محــورا ً أساســياً وعمــودا ً فقري ـاً‬ ‫الرتقــاء الحضــارات والتعبــر عــن مكنوناتهــا‬ ‫ورصاعاتهــا وإفرازاتهــا‪.‬‬ ‫ولعــل القــرن العرشيــن كان أهــم املفاصــل‬ ‫التاريخيــة يف حيــاة األمــم مــن حيــث وضــوح‬ ‫الرؤيــة الفكريــة فيــه وتنوعهــا‪ .‬وبالتــايل‬ ‫احتــدام ال ـراع بــن مذاهبــه وتوجهاتــه‪ ،‬وهــذا‬ ‫ال ينفصــل البتــة عــن الرصاعــات السياســية‬ ‫والفكريــة املتناطحــة أصـاً‪ ،‬والتــي طفــا رصاعهــا‬ ‫عــى الســطح‪ ،‬وباتــت األيديولوجيــات هــي‬ ‫املحــرك األســايس لهــا‪.‬‬ ‫ونظــرا ً لتامهــي اإلبــداع مــع األيديولوجيــة‬ ‫كمســارين متالزمــن‪ ،‬كانــت ســاحة اإلبــداع‬ ‫حلبــة مفتوحــة لتالقــح األفــكار واألســاليب‬ ‫والتيــارات الفنيــة التــي تطــورت آلياتهــا وطــرز‬ ‫تعبريهــا‪ ،‬وحــدث تحــوالت كبــرة مــن حيــث‬ ‫الــرؤى الفكريــة‪ ،‬فتحــول دور اللوحــة الســائد يف‬ ‫العصــور الوســطى مــن متجيــد الكنيســة وتبنــي‬ ‫توجهاتهــا وبرامجهــا الظالميــة إىل دور التغنــي‬ ‫بالطبيعــة ومشــاهدها املتنوعــة‪ ،‬وكانــت مرحلــة‬ ‫(الباربيــزون) هــي األكــر تألقــاً وحضــورا ً‪ ،‬ثــم‬ ‫تطــورت الفنــون ونحــت منحــى أكــر جديــة‬ ‫والتصاقــاً بهمــوم النــاس ومعاناتهــم‪ ،‬وتعاظــم‬ ‫هــذا الــدور كثــرا ً وبــات شــعور الفنــان أكــر‬ ‫وعيــاً يف وجدانــه وعقلــه‪.‬‬ ‫وقــد تحــول دور اللوحــة مــن الطابــع التزيينــي‬ ‫والجــايل وفــن الصالونــات ومناجــاة الجــال‬ ‫وتنميقــه إىل فــن مســؤول تعنيــه األحــداث‬ ‫والتطــورات السياســية واالجتامعيــة وتصــب يف‬ ‫بوتقــة إبداعــه ويف صلــب فكــره‪.‬‬ ‫ولعــل مــن املفيــد القــول إن هــذا اإلحســاس‬ ‫العــايل مبســؤولية الفــن وتأثــره قــد شــمل كل‬ ‫صنــوف اإلبــداع‪ ،‬فتكامــل الــدور املنــاط بــه‬ ‫وكان الزدهــار األدب واملوســيقى وســائر الفنــون‬ ‫األخــرى دعــم هــذه النظــرة وســاهم يف ظهــور‬ ‫تيــارات تثويريــة خالقــة وضعــت يف حســبانها‬ ‫تــوق الشــعوب إىل الحريــة واملســاواة‪ ،‬ورغبــة‬ ‫اإلنســان يف نيــل حقوقــه املســلوبة‪ ،‬وصــار‬ ‫للفــن مســؤولية جســيمة يف تبنــي هــذه الرؤيــا‪،‬‬ ‫وبــات دوره أكــر حضــورا ً يف صناعــة فكــر جديــد‬ ‫أساســه اإلنســان ومحــوره أهدافــه الســامية‬ ‫يف حيــاة حــرة يغيــب عنهــا القهــر واالســتالب‪،‬‬ ‫ويحــل محلهــا عــامل نقــي ميجــد اإلنســان ويســمو‬ ‫بتطلعاتــه‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ياسني الحاج صالح والصندوق األسود‬ ‫أسعد فخري‬ ‫مــا مــن مثقــف اســتطاع أن يقــدم نفســه إىل املشــهدين‬ ‫الســيايس والفكــري الســوريني وهــو يحمــل يف رأســه صــورة‬ ‫واضحــة عــن عقــد اجتامعــي يحقــق للســوريني تحــوالً‬ ‫حقيقيـاً نحــو مجتمــع تنظمــه الحيــاة الحــرة والكرميــة‪ ،‬كــا‬ ‫قــدم نفســه املعــارض الســوري الهــام ياســن الحــاج صالــح‬ ‫متقريــاً دؤوبــاً يتفحــص بإمعــان حــاذق التحــوالت التــي‬ ‫مــرت عــى ســوريا منــذ صعــود البعــث العتيــد اىل الســلطة‬ ‫عــام ‪ 1963‬وحتــى يومنــا هــذا‪.‬‬ ‫وبتقديرنــا أن كتابــه (ســوريا مــن الظــل ـ نظ ـرات يف داخــل‬ ‫الصنــدوق األســود ـ الصــادر عــام ‪ 2010‬بطبعتــه األوىل ـ‬ ‫جــدار للنــر والتوزيــع) هــو إشــارة هامــة ومميــزة يف تنــاول‬ ‫املعادلــة الصعبــة يف الشــأن الســوري املركــب بطبيعتــه‪.‬‬ ‫صحيــح أن مجمــوع املقــاالت التــي ضمهــا كتــاب الصنــدوق‬ ‫األســود ترجــع إىل فــرة ســبقت الثــورة الســورية لكننــا يف‬ ‫العــودة إليهــا رمبــا نســتطيع معرفــة وإدراك تقريــات ياســن‬ ‫الحــاج صالــح والقبــض عــى خيــوط رؤيتــه التــي كانــت غــر‬ ‫منفكــة يف تحرياتهــا الســتطالع جملــة مــن املســائل الهامــة‬ ‫والجوهريــة يف مشــهد ال ـراع الســيايس الســوري‪ ،‬واألبعــاد‬ ‫التــي مكنــت النظــام الدكتاتــوري مــن البقــاء يف اســتقراره‬ ‫اآلمــن طــوال نصــف قــرن مــن الزمــان‪.‬‬ ‫كــا يبــدو أن الكاتــب أراد مــن جمــع نثــار مقــاالت متعــددة‬ ‫التوجهــات‪ ،‬واألهــداف أن تكــون معلــاً تنظرييــاً داخــل‬ ‫ســنوات العهــد الجديــد لألســد االبــن وهــو مل يدخــر جهــدا ً‬ ‫يف ربطهــا مــع ســياقات حكــم األســد األب واللذيــن اعتمــدا‬ ‫يف أجندتهــا عــى مقولتــن متقاربتــن يف الســلوك والفعــل‬ ‫(الحركــة التصحيحيــة) ســياق لحكــم األســد األب و(التطويــر‬ ‫والتحديــث) ســياق منتظــم لحكــم األســد االبــن حيــث‬ ‫اصطلــح «الحــاج صالــح» عــى تســميتها برسديــة حكــم‬ ‫آل األســد يف تــوارث الســلطة واإلمعــان الشــديد للتمســك‬ ‫بهــا وفــق شــعارات باهتــة مل تقــدم مــا يحقــق حضورهــا‬ ‫وفاعليتهــا خــال فــرة حكميهــا‪.‬‬ ‫أجــدين منحــازا ً إىل خيــار ياســن الحــاج صالــح يف قــراره‬ ‫الجــريء بالتفــرغ وبصــورة ال تقبــل الــردد يف االشــتغال عــى‬ ‫الشــأن الداخــي الســوري عــى الرغــم مــن إمكانــات الكاتــب‬ ‫املعرفيــة الالفتــة وقدرتــه عــى تنــاول مجموعــة مــن القضايــا‬ ‫الهامــة واملختلفــة سياســياً وفكريـاً‪ ،‬وهــذا اإلرصار والتمســك‬ ‫يعيــد إىل الذهــن مقولــة رســول حمزاتــوف الشــهريةـ (العــامل‬ ‫يبــدأ مــن عتبــة بيتــي) ولرمبــا يكــون الدافــع األكــر أهميــة‬ ‫يف هــذا الخصــوص أن «الحــاج صالــح» أدرك مبك ـرا ً ضحالــة‬ ‫ونــدرة مــا يقــال يف شــأن البــاد الداخــي نتيجــة األوضــاع‬ ‫األمنيــة القابضــة عــى رقــاب العبــاد‪ ،‬حيــث مل يتشــكل الكــم‬ ‫الرتاكمــي االنتقــادي والتقوميــي‪ ،‬وحســب قــول الكاتــب (لــو‬ ‫كان لدينــا تراكــم كتــايب نقــدي بأقــام ســوريني عــن شــؤون‬ ‫البلــد السياســية واالجتامعيــة والثقافيــة‪ .‬أمــا كان هــذا ينتــج‬ ‫لنــا أفق ـاً أوســع يف الكتابــة والتفكــر؟‪ .‬كنــا ســنطور موقف ـاً‬ ‫نقديــاً مزدوجــاً حيــال النظــام وخرافاتــه‪ ،‬وكان مــن شــأن‬ ‫ذلــك أن ميكننــا مــن تطويــر رسديــة أكــر غنــى وقابليــة‬ ‫للتعميــم) ص‪.9‬‬ ‫ذلــك مــا يجعلنــا نلتفــت إىل أبعــاد أهميــة نثار تلــك املقاالت‬ ‫التــي ضمهــا كتــاب الصنــدوق األســود مثابريــن عىل اكتشــاف‬ ‫كنــه متوالياتهــا املنتظمــة يف بعديهــا التاريخــي والســيايس‪،‬‬ ‫فهــي ترســم صــورة الراهــن الســيايس مشــفوعاً بروابــط‬ ‫االنتــاء والتوالــد املســتمد مــن املــايض العتيــد للدكتاتــور‬ ‫األب‪ ،‬وذلــك مــا حقــق لكتــاب الصنــدوق األســود حضــورا ً‬ ‫وأهميــة بالغتــن جعلتنــا نتحصــل منــه عــى مفصلــن‬ ‫أساســيني‪:‬‬ ‫‪1‬ـ ادراك البعــد املعــريف لعقليــة الكاتــب‪ ،‬وبالتــايل مالمســة‬ ‫جوهــر وآليــة املنهــج الفكــري الــذي اســتخدمه لتقديــم‬ ‫العالقــات الداخليــة الســورية سياســياً واجتامعيــاً وثقافيــاً‬ ‫مــن خــال ترشيــح وتحليــل مجموعــة مــن الظواهــر البــارزة‬ ‫يف املشــهد الســيايس الســوري‪.‬‬ ‫‪2‬ـ معرفــة مــدى اســترشاف الكاتــب وترجيــح احتامالتــه‬ ‫املختلفــة‪ ،‬وانعكاســها عــى التطــورات التــي وصلــت إليهــا‬ ‫الحالــة الســورية‪ ،‬يف الوقــت الــذي مل نجــد فيــه صعوبــة‬ ‫يف اكتشــاف الخلفيــات السياســية التــي أحكــم اغالقهــا‬

‫بالتابوهــات األمنيــة‪ ،‬وأصبحــت مــن املســلامت الكــرى‬ ‫للصنــدوق األســود‪.‬‬ ‫بتقديرنــا أن فاعليــة األدوات األوليــة التــي اســتنهضت حالــة‬ ‫التنــاول النقــدي للمشــهد الســوري داخــل الصنــدوق األســود‬ ‫مبختلــف أبعــاده السياســية واالجتامعيــة وكانــت عامـاً فاعالً‬ ‫ومؤثـرا ً يف إبـراز حقيقــة ومصداقيــة التداخــات التــي قدمهــا‬ ‫الكاتــب عــى الرغــم مــن حجــم الوصــف الهائــل الــذي‬ ‫اســتطرد يف تنــاول التفاصيــل السياســية الســورية‪ ،‬لكنهــا‬ ‫كانــت رصــدا ً مكينــاً لتبــن حالــة االنهيــار الــكاريث الــذي‬ ‫وصلــت إليــه الســلطة وغالمهــا الضلّيــل (حــزب البعــث)‬ ‫وتقري ـاً حصيف ـاً ملحــاوالت العقليــة االســتبدادية القلقــة يف‬ ‫إعــادة االعتبــار لكيانهــا بأشــكال مختلفــة‪ ،‬ومواربــة عــر‬ ‫إطــاق شــعارات تجــاوزت فيهــا حركــة التصحيــح إىل مرحلــة‬ ‫جديــدة أكــر زيف ـاً ومك ـرا ً مــن خــال التطويــر والتحديــث‪،‬‬ ‫لتبقــى األمــور غامئــة ومــرددة مخلّفـ ًة الويــات الكــرى التي‬ ‫أشــار إليهــا الصنــدوق األســود يف أكــر مــن مــكان ومفصــل‪.‬‬ ‫ضــم كتــاب الصنــدوق األســود مــا بــن دفتيــه أكــر مــن‬ ‫خمســة وعرشيــن مقــاالً اســتهلت أصواتهــا مبقدمــة الفتــة‬ ‫بـ ّـن مــن خاللهــا الكاتــب حرصــه الشــديد عــى رصــد املشــهد‬ ‫الســيايس بحذاقــة‪ ،‬ودربــة‪ ،‬ودرايــة حيــث جــاء ترتيــب‬ ‫املقــاالت بالتتــايل مقرونــة بوقائعهــا الزمانيــة ومبــا يخــدم‬ ‫األفــق الــكاريث الــذي رصدتــه‪.‬‬ ‫يف مقالتــه األوىل‪( :‬عقــد مــع ســوريا) آثــر الكاتــب أن يوقــع‬ ‫عقــدا ً اجتامعيــاً مــع ســوريا مؤكــدا ً رهانــه الحــذر عــى‬ ‫مرحلــة التحديــث والتطويــر التــي اســتكمل فيهــا األســد‬ ‫االبــن مرحلــة أبيــه بوجههــا اآلخــر مؤكــدا ً عــى (أن رهــان‬ ‫املجتمعــات الحيــة يف عرصنــا هــو تحويــل التغيــر إىل‬ ‫مؤسســة اجتامعيــة ثابتــة‪ ،‬مشــكلة ســوريا مشــكلة سياســية‬ ‫وحلهــا بالسياســة وال حــل غــر ســيايس لهــا) ص‪.14‬‬ ‫أمــا مقالتــه الثانيــة‪( :‬جــدل الحضــور والغيــاب) فــإن الكاتــب‬ ‫ينظــر إىل تلــك القضيــة مــن زاويــة مختلفــة‪ ،‬وقــد تكــون‬ ‫أحــد أهــم املســائل االشــكالية يف تنــاول املشــهد الســيايس‬ ‫الســوري‪ ،‬وهــي غيــاب األحــزاب السياســية عــن املشــهد‪،‬‬ ‫وظهــور املثقفــن‪ ،‬والذيــن كانــوا مــن أوائــل املبادريــن يف‬ ‫الخــروج عــى نظــام الطاعــة مقاربــة مــع صمتهــم املعهــود‬ ‫مــن خــال بياناتهــم املتعــددة التــي كان آخرهــا بيــان ربيــع‬ ‫دمشــق والــذي متكــن النظــام مــن القضــاء عــى حراكــه‪.‬‬ ‫(ال توجــد األحــزاب السياســية حــن ت ُطــرد السياســة مــن‬ ‫املجتمــع كأنهــا روح رشيــرة) ص‪.19‬‬ ‫يف موضــع آخــر مــن املقالــة يحــدد الكاتــب وبصــورة الفتــة‬ ‫حضــور املثقفــن الســوريني (لعلنــا نــدرك إذن أن صــدارة‬ ‫املثقفــن تعــود اىل غيــاب األحــزاب السياســية) ص‪.19‬‬ ‫أمــا مقالتــه الثالثــة‪( :‬بعــض جوانــب إشــكالية املجتمــع املدين‬ ‫يف ســوريا) فإنهــا تعيــد إىل األذهــان إشــكالية الفهــم القــارص‬ ‫للســلطة تجــاه منــط التحــوالت التــي تجــري يف املجتمــع‬ ‫الســوري وفــق إجادتهــا الباذخــة يف اســتالب النــاس وقهرهــا‬ ‫إىل درجــة املــوات الســيايس وتعطيــل مقدراتهــم (إن مــن‬ ‫يــزرع االســتالب واليــأس يحصــد الدمــار ســواء بانفجــار‬ ‫قــدري ال يبقــي وال يــذر أم باستســام قــدري ليــس أقــل‬ ‫انتاجــاً للخــراب وهــو درس جديــر بنــا أن ال ننســاه وإال‬ ‫حكــم علينــا أن نعيــده‪ ،‬فالدمــار العــام الــذي شــهدنا منوذجـاً‬ ‫عنــه يف ســوريا بــن ‪1979‬ـ ‪ )1982‬ص‪ 26‬وهنــا يشــر الكاتــب‬ ‫إىل رصاع الســلطة املســلح مــع اإلخــوان املســلمني آنــذاك‪.‬‬ ‫أمــا مقالتــه الرابعــة‪( :‬طبائــع العم ـران وصناعــة الواقــع يف‬ ‫الدولــة الحزبيــة) فإنــه يشــر بوضــوح وبــأدوات منهجيــة‬ ‫صارمــة إىل تقــري الظواهــر‪ ،‬والتحــوالت يف املشــهد الســيايس‬ ‫مبينــاً ماهيــة العالقــة بــن الســلطة وحزبهــا‪ ،‬مســتندا ً يف‬ ‫ذلــك عــى وثائــق صــادرة عــن القيــادة القطريــة للحــزب‬ ‫حيــث أخضعهــا الكاتــب للتحليــل والربــط كاشــفاً عــن‬ ‫جملــة مــن املعــادالت السياســية التــي ترتهــن إىل الربــاط‬ ‫املقــدس واملصــري بــن الســلطة وحزبهــا العتيــد‪.‬‬ ‫يف مقالتــه الخامســة‪( :‬ريــاض ســيف واالصــاح الســيايس)‬ ‫يؤكــد الكاتــب أن عــام ‪ 1980‬كان عــام املــؤرشات التــي‬ ‫أظهــرت بعــدا ً جديــدا ً يف نشــوء فســاد مختلــف هــذه املــرة‬ ‫(نشــأ فســاد مــن طـراز جديــد أكــر عريـاً وفظاظــة يتوســل‬ ‫االســتيالء واالنت ـزاع والخــوات واألتــاوات والنهــب والغنيمــة‬

‫دون أن يتجــرأ أحــد عــى اعــراض ســبيله) ص‪42‬‬ ‫أمــا مــا أرادت قولــه واالشــارة إليــه مقالتــه السادســة بعنــوان‬ ‫(يف الســنة الحاديــة واألربعــن) فهــي جملــة مــن القضايــا‬ ‫الســاخنة التــي شــابت تطــور عالقــة حــزب البعــث بســلطته‪،‬‬ ‫وهنــا بيــت القصيــد الــذي أراده الكاتــب مفتاحــاً لتنــاول‬ ‫قضيــة مــن هــذا النــوع ليحــدد مــن خاللهــا حالــة التعاضــد‬ ‫الرثيــة بــن الحــزب وســلطته ويســتجيل عربهــا أبعــادا ً‬ ‫جديــدة ملفهومــي الحريــة واالســتقرار (ليــس االســتقرار شــيئاً‬ ‫ال قيمــة لــه بالطبــع‪ ،‬لكنــه مختلــف عــن الحريــة مــن حيــث‬ ‫املبــدأ‪ ،‬وقــد كان عمليــاً ضدهــا فاالســتقرار الــذي خربتــه‬ ‫ســوريا خــال مرحلــة مــا بعــد ‪ 1970‬هــو اســتقرار جهــازي‬ ‫وليــس مؤسســياً ركيزتــه القــوة وليــس القانــون واإلدارة‬ ‫املشــخصة‪ ،‬وليــس القاعــدة العامــة املســتقرة‪ ،‬ولذلــك كان‬ ‫اســتقرارا ً لنظــام الحكــم وليــس للمجتمــع الســوري) ص‪55‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك أهميــة الفصــل بــن مفهومــن غــر مؤتلفــن‬ ‫يف ســياق املشــهد الســيايس الســوري ونــدرك أيضــاً أن مــا‬ ‫يدعــى بالجبهــة الوطنيــة التقدميــة التــي كــا يقــول عنهــا‬ ‫الكاتــب أنهــا كانــت (جهــاز املــوت الســيايس وليــس الحيــاة‬ ‫السياســية وقــد كانــت عــى الــدوام الغطــاء الرشعــي لن ـزاع‬ ‫سياســة األحــزاب املشــاركة فيهــا وتعطيــل أي دور عــام‬ ‫مســتقل لهــا) ص‪55‬‬ ‫أمــا مقالتــه الســابعة (ســوريا أمــام املنعطــف‪ ..‬مــن هنــا‬ ‫اىل أيــن) فإنهــا ترصــد حالــة مهمــة وغايــة يف األهميــة مــن‬ ‫خــال دعــوة الكاتــب للتخلــص مــن أتــون األزمــات املتتاليــة‬ ‫داخــل املشــهد الســيايس حيــث أن املطلــوب هــو (الخــروج‬ ‫مــن املــأزق بأعــى درجــة مــن التامســك) ص‪ 84‬وذلــك‬ ‫لتجــاوز األخطــار التــي لــو حصلــت لخلفــت خرابــاً يعــم‬ ‫الجميــع‪.‬‬ ‫يف مقالتيــه الثامنــة والتاســعة‪( :‬العقــد االجتامعــي البعثــي‬ ‫وتناقضاتــه) و(سياســة العــزل الســيايس والجيــي) يتوقــف‬ ‫الكاتــب مطــوالً عنــد العقــد االجتامعــي ليســتخلص مجموعة‬ ‫مــن القضايــا الهامــة التــي تخــص آليــة حــزب البعــث‬ ‫وتركيبتــه العقائديــة امللتبســة‪ ،‬وذلــك للخــروج مــن مأزقــه‬ ‫التاريخــي دون أن يــدرك أنــه كحــزب وحالــة عقائديــة قــد‬ ‫بــاع نفســه للســلطة الحاكمــة دون أن يعلــم أيــة كارثيــة‬ ‫حلــت بــه مــن خــال بيعتــه األبديــة حيــث تحــول بعــد‬ ‫شــطب املــادة الثامنــة مــن الدســتور حزبـاً ال يختلــف كثـرا ً‬ ‫عــن أي منظمــة شــعبية تابعــة للســلطة‪.‬‬ ‫أمــا سياســة العــزل االجتامعــي فهــي بتقديرنــا لهــا مــن‬ ‫تحصــل الكاتــب يف تحليلــه الالفــت‬ ‫األهميــة مــا لهــا حيــت ّ‬ ‫ورصــده الحــاذق عــى نتيجــة مفادهــا أن حالــة التغييــب‬ ‫التــي مارســتها الســلطة يف فــرة ســابقة تــم تجــاوز خطوطهــا‬ ‫الحمـراء مــن خــال االحتجاجــات عــى الغــاء تكَفــل الدولــة‬ ‫باســتيعاب خريجــي كليــة الهندســة داخــل مؤسســاتها مــا‬ ‫أحــدث ح ـراكاً طالبي ـاً مه ـاً يف زمــن كــم االفــواه مــن قبــل‬ ‫الســلطة االســتبدادية‪.‬‬ ‫يف املقالــة العــارشة‪( :‬أخطــاء تطبيــق يف املــايض وانتخابــات‬ ‫حــرة يف املســتقبل) يحقــق الكاتــب حضــورا ً اســترشافياً مهـاً‬ ‫حــن يرصــد الترصيحــات القلقــة لــرأس النظــام بشــار األســد‬ ‫مبــا يخــص مســألة جوهريــة تســتند اىل مفصلــن األول أنــه مل‬ ‫يتنكــر ألخطــاء وتجــاوزات اســتخدمت عــر قانــون الطــوارئ‬ ‫يف املــايض‪ ،‬أمــا املفصــل اآلخــر فيــا إذا كان الرئيــس يقبــل‬ ‫لــو طلــب منــه التخــي عــن منصبــه‪ ،‬فــرد الرئيــس بالقــول‬ ‫أنــه يقــدر يوم ـاً ســيأيت قــد يتخــى فيــه عــن منصبــه لكــن‬ ‫عــر صنــدوق االقـراع‪ ،‬وأنــه ســيكون مرتاحـاً حيــت ال يكــون‬ ‫يف قــر الشــعب‪.‬‬ ‫هنــا يســترشف ياســن الحــاج صالــح مــا وصلــت إليــه‬ ‫حــال البــاد اليــوم مــن خــال حــذره الشــديد مــن تلــك‬ ‫الترصيحــات قائـاً‪( :‬مــا الــذي يضمــن أال يتكــرر االســتخدام‬ ‫الخاطــئ لحالــة الطــوارئ وأن يبقــى الرئيــس متمســكاً‬ ‫مبنصبــه) ص‪.98‬‬ ‫أمــا مقالتــه الحاديــة عــر‪( :‬ســنوات األســد الثــاين) فــإن‬ ‫الكاتــب يتقــرى فيهــا مــدى تَح ّكــم النظــام الســيايس بــروط‬ ‫وجــوده التاريخــي ملتفتــاً إىل اســتذكار ربيــع دمشــق يف‬ ‫الذكــرى الســنوية االوىل العتقــال ريــاض ســيف‪ ،‬وهــو يؤكــد‬ ‫(هنــا انتهــى ربيــع دمشــق‪ ،‬أقــرب نقطــة مــن الدميقراطيــة‬

‫بلغتهــا ســوريا منــذ أزيــد مــن ‪ 42‬عام ـاً) ص‪.104‬‬ ‫يف مقالتــه الثالثــة عــر (قانــون األحـزاب‪ ،‬وتحريــر السياســة‬ ‫يف ســوريا) يرصــد الكاتــب إشــكالية الدســتور الســوري‬ ‫وتفصيالتــه التــي جــاءت حك ـرا ً عــى مقــاس النظــام‪ ،‬ومــا‬ ‫يخــدم اســتبداده‪( :‬فالهــدف األول واألخــر للمبدأ الدســتوري‬ ‫هــو حاميــة الحريــة مــن عــدوان الســلطة) ص‪.142‬‬ ‫لقــد كانــت مقالتــه الرابعــة عــر (لخــر هــذا الوطــن) عرضاً‬ ‫لبعــض تجــارب الكاتــب الشــخصية مبــا يخــص حــب الوطــن‬ ‫وخدمتــه لكــن مــن وجهــة نظــر األجهــزة األمنيــة التــي‬ ‫كان يُســتدعى إليهــا مشــرا ً إىل أن تلــك األجهــزة تحــاول‪،‬‬ ‫وعــى الــدوام الطلــب إىل مخالفيهــم بالــرأي أن يتحولــوا إىل‬ ‫مخربيــن لصالحهــا تحــت مــا يدعــى لخــر هــذا الوطــن‪.‬‬ ‫أمــا مقالتيــه الخامســة عــر والسادســة عرش(عــى رشف‬ ‫حالــة الطــوارئ ـ ودســتور الســلطة الخالــدة) فانهــا أثريــا‬ ‫املشــهد الســيايس وتفصيالتــه عــر التقــي الحريــف مــن‬ ‫الكاتــب ورصــده لحالــة الــردي واالنهيــار اللتــن ســتجلبان‬ ‫الويــل للبــاد والعبــاد‪.‬‬ ‫يف مقالتــه الســابعة عــر (ســوريا حــزب البعــث ونظــام‬ ‫الحــزب الواحــد) فقــد اســتطاع الكاتــب تكثيــف جملــة‬ ‫اشــكاليات عالقــة الحــزب بالســلطة عــر افرتاضــه التــايل‪:‬‬ ‫(يفــرض أن يكــون لحــزب البعــث مشــكالت ذاتيــة وهــو‬ ‫افــراض يف غــر محلــه ‪ .‬إذ ليــس للحــزب القائــد للدولــة‬ ‫واملجتمــع مشــكالت ذاتيــة ألنــه ليــس ذاتــاً مســتقلة وال‬ ‫إرادة مســتقلة وال وعيـاً مســتقالً عــن الســلطة التــي تحكــم‬ ‫باســمه أو تســتخدمه أداة لحكمهــا) ص‪.153‬‬ ‫هنــا نــدرك بعــدا ً إضافيــاً لتحليليــة الكاتــب عــر مقاليــه‬ ‫الثامــن عــر والتاســع عــر‪( :‬شــعارات حــرب يف شــوارع‬ ‫املدينــة ـ وكالم عــن هيبــة الدولــة) حيــث يعرضــان وصف ـاً‬ ‫مهــا للمشــهد املخاب ـرايت واألمنــي داخــل املشــهد الســيايس‬ ‫الســوري‪ ،‬حيــث يتبــدى مشــهد التشــبيح والغلــو ســاطعاً‬ ‫مــن خــال الشــعارات التــي ترفــع يف املس ـرات مــا يدفــع‬ ‫للغثيــان‪.‬‬ ‫مــن جديــد يعــود ياســن الحــاج صالــح وعــر مقــاالت ثالثــة‪:‬‬ ‫(حــزب البعــث أســر الســلطة ـ مؤمتــر حــزب البعــث العــارش‬ ‫ـ البعثيــة الســورية) ليؤكــد عــى ماهيــة الحــزب وتحولــه إىل‬ ‫عــبء ثقيــل عــى أكتــاف الســلطة وأجهزتهــا األمنيــة‪.‬‬ ‫يف مقالتــه الثالثــة والعرشيــن‪( :‬حقائــق وزيــر الحقيقــة‬ ‫البعثــي) يتعــرض فيهــا الكاتــب إىل التلفيقــات واالتهامــات‬ ‫التــي يشــر بهــا إىل تحــول مثقفــي ســوريا ممــن ينــرون‬ ‫مقاالتهــم يف صحــف ومجــات خــارج البــاد إىل عمــاء‬ ‫ومأجوريــن‪.‬‬ ‫أمــا مقالتــه الرابعــة والعــرون (سياســة الفــرط والبعــرة)‬ ‫فهــي تأكيــد جديــد مــن الكاتــب عــى املشــهد القمعــي‬ ‫الــذي ُيــارس عــى نشــطاء ومثقفــي ســوريا‪.‬‬ ‫مبــا يخــص تســمية األشــياء بغــر أســائها فقــد خصهــا‬ ‫الكاتــب مبقاليــه األخرييــن (تســمية األشــياء بغــر أســائها‬ ‫ـ وفحــص الضمــر الوطنــي) لنســتخلص منهــا قضيــة هامــة‬ ‫حســب مقولــة الكاتــب البارعــة يف عمليــة التعاضــد املركــب‬ ‫بــن اإلعــام والجهــات األمنيــة‪( :‬وظيفــة األول هــي تســمية‬ ‫األشــياء بغــر أســائها ووظيفــة الثــاين منــع تســمية األشــياء‬ ‫بأســائها) ص‪ .221‬أمــا يخــص الضمــر الوطنــي الســوري فإن‬ ‫الكاتــب يذهــب يف الظــن إىل أن البــاد (إذا انفتحــت آفاقهــا‬ ‫عــى املجهــول ووجــد حــزب البعــث نفســه يف املجتمــع ال يف‬ ‫الســلطة ـ مــا نســبة أعضــاء الحــزب الذيــن ســيبقون بعثيــن‬ ‫وكــم هــم الذيــن ســيلتحقون بروابطهــم األهليــة أو يرتكــز‬ ‫جهدهــم عــى اســتعادة امتيــازات جائــرة ونفــوذ غــر رشعــي‬ ‫واســتثناءات غــر قانونيــة) ص‪228‬‬ ‫ذلــك هــو الالفــت واملهــم يف تقريــات ياســن الحــاج صالــح‬ ‫وكأنــه كان يســترشف مــا يجــري اليــوم بعــد قيــام الثــورة‬ ‫الســورية ومــا حــل بهــا مــن ويــات‪.‬‬ ‫مــن هنــا نقــول‪ :‬إن ياســن الحــاج صالــح قــد أكــد حضــوره‬ ‫الســيايس املدهــش قبــل الثــورة وبعدهــا مخالفــاً مقولــة‬ ‫الشــاعر الكبــر محمــود درويــش حــن يقــول (يحــارصين‬ ‫واقــع ال أجيــد قراءتــه) مؤكــدا ً ذلــك عــر اســتطاعته فــك‬ ‫مغاليــق الصنــدوق األســود لنظــام مســتبد وهــو يقــول‪:‬‬ ‫يحــارصين واقــع أجــدت قراءتــه‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ابتسام إبراهيم تريسي‬ ‫‪ ...‬مل يكــن صعب ـاً عــى أيب وحيــد أن يــدرك‬ ‫ّأن جــادة يف العــودة ألنّــه خالــف الــرط يف أن‬ ‫أكــون وحــدي معــه يف ســيارته التــي ســتقلني‬ ‫إىل تركيــا‪ ..‬فقــد دفعــت للوســيط ســبعة آالف‬ ‫لــرة أجــرة الرحلــة يك ال يكــون فيهــا ركّاب‬ ‫غــري!‬ ‫وكان واضحـاً مــن ر ّده أنّــه غــر جــاد يف إعــاديت‬ ‫إىل البيــت! وقــد ســارع إلرضــايئ بالجلــوس يف‬ ‫املقعــد األمامــي‪ ،‬وفتــح النافــذة ألين أتضايــق‬ ‫مــن التدخــن‪ ..‬ومل أكــن يف تلــك اللحظــة‬ ‫التــي أبديــت فيهــا ضيق ـاً مضاعف ـاً مــن رفقــة‬ ‫خمســة شــباب احتلــوا املقاعــد الخلفيــة يف‬ ‫ســيارة «الرسفيــس» أعلــم أ ّن برفقتــي خمســة‬ ‫مــن شــباب الجيــش الحــر! حرصــوا يف البدايــة‬ ‫عــى إضفــاء جــ ّو مــن املــرح بتبــادل بعــض‬ ‫املــزاح حــول زوجاتهــم أو مالحظــات عابــرة‬ ‫حــول النســاء وحكمهــن الــذي ال يقــارن بحكــم‬ ‫الديكتاتــور!‬ ‫انطلقنــا مــن قريــة كوريــن يف التاســعة والربــع‬ ‫صباحــاً يف جــ ّو مييــل إىل الــرودة بعــد ليلــة‬ ‫عاصفــة أغــرق املطــر خاللهــا الحقــول‪ ،‬وتــرك‬ ‫مياهــه يف حفــر واســعة داللــة عــى اســتمرارية‬ ‫وجــوده‪ ،‬وكانــت أوراق الكــرز الصف ـراء ودوايل‬ ‫العنــب قــد تســاقطت يف معركــة قاســية مــع‬ ‫الريــاح ليــاً‪ ،‬ومــأت الطرقــات املســفلتة‪،‬‬ ‫مح ّملــة بطــن تركتــه أقــدام الرعــاة والفالحــن‬ ‫القاصديــن بســاتني الزيتــون الــذي بقــي صامــدا ً‬ ‫بخرضتــه العجيبــة تنضــح زيت ـاً مضيئ ـاً‪.‬‬ ‫الطريــق الزراعــي الضيّــق اتّســع بنســات‬ ‫خريــف عابقــة بزخــات مطــر صباحــي‪ ،‬ل ّونــت‬ ‫وجــه الحقــول بحميميــة يعرفهــا الذاهبــون‬ ‫إىل قطــاف الزيتــون فيتهيــؤون لهــا مبالبــس‬ ‫ســميكة صارخــة األلــوان تحــايك ربيعــاً ال‬ ‫يفــارق تلــك املناطــق بدليــل العشــب النامــي‬ ‫عــى أطــراف الحقــول!‬ ‫مــن كوريــن إىل وســط املســطومة قطــع «أبــو‬ ‫وحيــد» الطريــق الرئيــس بــا مبــاالة إىل شــارع‬ ‫فرعــي‪ ..‬غــر عابــئ بحواجــز الجيــش الســابقة‬ ‫والالحقــة!‬ ‫رسمــن كانــت نامئــة عــى وجــع يف الوقــت‬ ‫الــذي عربنــا فيــه مــن أراضيهــا يف طريقنــا إىل‬ ‫ســهول فســيحة باغتنــي فيهــا منظــر مل أره منــذ‬ ‫عــرات الســنني‪ ..‬حقــول واســعة مزروعــة‬ ‫بالقطــن!‪ ..‬القطــن‪ !..‬مــ ّر زمــن طويــل عــى‬ ‫اندثــاره ورحيلــه عــن مــزارع حلــب‪ ..‬حلــب‬ ‫التــي اشــتهرت مبهرجــان القطــن الســنوي الذي‬ ‫كانــت تنتخــب فيــه أجمــل فتياتهــا ملكــة‬ ‫بــكل‬ ‫جــال القطــن‪ ..‬ملكــة عــى البيــاض ّ‬ ‫تجلياتــه ونقائــه وصفائــه‪ .‬القطــن! مـ ّرة أخــرى‬ ‫ـي بعــد طــول غيــاب‪ ..‬مـزارع امتـ ّد‬ ‫يغــازل عينـ ّ‬ ‫فيهــا األخــر حاضن ـاً زه ـرات زاهيــة البيــاض‬ ‫تع ـ ّد بــدفء قــادم!‪..‬‬ ‫إنّهــا ب ّنــش‪ ..‬وصلناهــا يف وقــت قصــر‪ ..‬أبــو‬ ‫وحيــد أبــدى مالحظــة تــدل عــى أنّــه غــر ر ٍ‬ ‫اض‬ ‫عــن أداء أهــل املدينــة‪ ..‬عــى ذمتــه أ ّن أهلهــا‬ ‫قــد دبّــروا أمورهــم مــع الجيــش‪ ،‬يخرجــون‬ ‫يف مظاهــرات والجيــش يتجنــب قصفهــم‪..‬‬ ‫أراين املدينــة‪ ،‬وقــال‪« :‬انظــري ال يوجــد أثــار‬ ‫للدمــار»‪.‬‬ ‫لهجــة «أبــو وحيــد» كانــت تحتمــل التأويــل‬ ‫عــى وجهــن فهــو مل يُبـ ِـد لومـاً واضحـاً‪ ،‬لك ّنــه مل‬ ‫يُظهــر ارتياحــه ملحافظــة املدينــة عىل ســلميتها‪،‬‬ ‫فرمبــا رأى يف الســلمية يف هــذا التوقيــت حيــادا ً‬ ‫غــر محبــب وابتعــادا ً عــن الثــورة!‬ ‫حــن وصلنــا «تفتنــاز» بــدا واضحــاً أ ّن أبــا‬ ‫وحيــد يفتخــر بالكــم الكبــر آلثــار الدمــار‪،‬‬ ‫والخســائر التــي كبّدهــا الثــوار لجيــش‬ ‫الديكتاتــور‪ ..‬مل يكــن أحــد مــن الثــوار أو أفـراد‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬يأبــه لكــون تلــك األمــوال التــي‬ ‫تهــدر يف القصــف هــي أمــوال الشــعب فهــم‬

‫بداية الرحلة‬

‫حرمل الثقافة‬

‫غريب الدار‬

‫‪2‬‬

‫اآلن داخــل املعركــة‪ ،‬مــا يعنيهــم فقــط إســقاط‬ ‫الديكتاتــور‪ ،‬وثقتهــم مبقدرتهــم عــى إســقاط‬ ‫كل يشء بعــده! واســتعادة الوطــن معــاىف‬ ‫ّ‬ ‫بتضميــد جراحــه وبنائــه مــن جديــد‪.‬‬ ‫الشــباب تنــدروا كثــرا ً بأمــر حصــويل عــى‬ ‫جرعــة مــاء‪ ،‬فقــد عطشــت‪ ،‬ومل يجــدوا يف‬ ‫تلــك املــدن بقاليــة نســتطيع الحصــول منهــا‬ ‫عــى كأس مــاء! كانــوا يعدوننــي بالحصــول‬ ‫عليــه مــن «الدانــا» وكنــت أظ ّنهــم ميزحــون‪،‬‬ ‫فألهــل الدانــا قصــة يعرفهــا الســوريون جميعـاً‪،‬‬ ‫وهــي أ ّن ضيوفــاً حلّــوا بالبلــدة‪ ،‬وأ ّن املختــار‬ ‫كل واحــد منهــم‬ ‫طلــب مــن أهلهــا أن يُحــر ّ‬ ‫للضيــوف مــا تيــر لــه مــن بيتــه‪ .‬وأ ّن أهــل‬ ‫الدانــا جميعــاً _لبخلهــم_ حــن وصلــوا إىل‬ ‫كل‬ ‫بيوتهــم‪ ،‬احتــاروا فيــا ســيأخذونه‪ ،‬وف ّكــر ٌ‬ ‫منهــم أ ّن جــاره ســيأخذ طعام ـاً‪ ،‬وينــى املــاء!‬ ‫وعندمــا وصلــوا بيــت املختــار اكتشــفوا أ ّن‬ ‫أحــدا ً مل يحــر طعام ـاً‪ ،‬وامتــأ البيــت بقــدور‬ ‫املــاء!‬ ‫ليســت طرفــة يف الحقيقــة‪ ،‬فحــن وصلنــا‬ ‫«الدانــا» اســتطعنا الحصــول عــى زجاجــة‬ ‫كاملــة!‪.‬‬ ‫ـرى أخــرى‪ ..‬مل أكــن أســمع‬ ‫كلــي‪ ،‬حزانــو‪ ..‬وقـ ً‬ ‫باســمها قبــل الثــورة‪ ،‬وال أعــرف أنّهــا تقــع يف‬ ‫محافظــة إدلــب!‬ ‫بعــد أن غادرنــا رسمــدا‪ ،‬ورسنــا عــى الطريــق‬ ‫الرئيــس املحــرر‪ ،‬رأيــت آثــار املعــارك‪ ،‬معــارك‬ ‫التحريــر التــي قــام بهــا أبطــال الجيــش الحــر‬ ‫لتحريــر املعــر والســيطرة عليــه‪ .‬مل يكــن‬ ‫كل مــا رأيتــه مفاجئــاً‪ ،‬فقــد ســبق ورأيتــه يف‬ ‫ّ‬ ‫التلفزيــون‪ .‬مــا فاجئنــي حقّــا حديــث «أبــو‬ ‫وحيــد» عــن قريــة مل تكــن عــى طريقنــا‪،‬‬ ‫لك ّنــه وعــدين أن يأخــذين إليهــا يف املســتقبل‬ ‫إن وجــدت الوقــت «آطمــة» _التــي مل أســمع‬ ‫بهــا مــن قبــل_ قريــة عــى الحــدود فيهــا‬ ‫الكثــر مــن النازحــن الذيــن يرفضــون دخــول‬ ‫األرايض الرتكيــة‪ ،‬ويرفضــون العــودة إىل منازلهــم‬ ‫ألنهــم _عــى ذمــة أيب وحيــد_ مســتفيدون مــن‬ ‫املعونــات التــي تصلهــم مــن الجيــش الحــر يف‬ ‫أحــب أن أســمع مــا‬ ‫الطــرف الــريك! مل أكــن‬ ‫ّ‬ ‫يخــدش تصــورايت عــن الثــورة وأهلهــا‪ ،‬لكـ ّن أبــا‬ ‫وحيــد أىب إالّ أن يشـ ّوه الصــورة التــي يف ذهنــي‬ ‫بحجــة قــول الحقيقــة!‬ ‫املمتــع يف حديــث مرافقــي‪ ،‬أنّــه فاجــأين قبــل‬ ‫وصولنــا إىل نقطــة الحــدود الرتكيــة بحديــث‬ ‫غايــة يف األهميــة عــن إبراهيــم هنانــو! الثائــر‬ ‫الــذي بحثــت يف حياتــه وكتبــت عنــه يف روايتــي‬ ‫جبــل الســاق‪ ..‬فوجئــت ّأن مل أكــن أعــرف‬ ‫كل يشء‪ ،‬رمبــا مل أعــرف إال شــذرات عــن‬ ‫عنــه ّ‬ ‫حياتــه‪..‬‬ ‫أشــار أبــو وحيــد إىل جبــال عــى يســارنا‪ ،‬وقــال‬ ‫يل‪ :‬هنــا «املشــنقة» قضيــت يف هــذا املــكان‬ ‫عرشيــن يوم ـاً بعــد عــوديت مــن لبنــان‪ ،‬كنــت‬ ‫خائفــاً مــن االعتقــال‪ ،‬ومل أتّخــذ قــراري بعــد‬ ‫باالنضــام إىل الثــورة‪ ..‬جئــت إىل هنــا تيمنــاً‬ ‫بإبراهيــم هنانــو‪ ،‬لــذت بــه مــن مخــاويف‪..‬‬ ‫الزعيــم كان يجلــس هنــا أثنــاء الثــورة أيامــاً‬ ‫تطــول أو تقــر بحســب القضايــا املعروضــة‬ ‫عليــه للحكــم فيهــا‪ ،‬كان قائــد الثــورة وقاضيهــا‪.‬‬ ‫هنــا نصــب مشــنقته‪ ..‬هنــا كان ينفّــذ حكــم‬ ‫اإلعــدام بالخونــة والجواســيس الذيــن يســيئون‬ ‫للثــورة‪ ..‬لــو كان لديــك الوقــت ألخذتــك إىل‬ ‫املــكان‪..‬‬ ‫شــباب الجيــش الحــر عنــد املعــر رفضــوا أن‬ ‫يدخــل الشــباب املرافقــون يل إىل الجانــب الرتيك‬ ‫ألنّهــم ال يحملــون البطاقــة املدنيــة! _عــى‬ ‫الرغــم مــن أنّنــا أخربناهــم أنّهــم منشــقون‪ ،‬وال‬ ‫يوجــد معهــم «هويــات» وليــس «هوايــا» كــا‬ ‫يجمعهــا جميــع أف ـراد الجيــش عــى الحواجــز‬ ‫النظامــي والحــر!_ وأنزلوهــم يف ضيافتهــم‪.‬‬

‫يا ليل الظلم متى غده؟!‬

‫ضبــاط األمــن األتــراك‪ ،‬مل‬ ‫يســمحوا أليب وحيد بإيصايل‬ ‫إىل املعــر‪ ،‬فركبــت ســيارة‬ ‫تركيــة عــرت يب إىل الجانب‬ ‫اآلخــر مــن الحــدود‪ ،‬وهناك‬ ‫اكتشــفت أن أبــا وحيــد‬ ‫وضــع يف الســيارة حقائــب‬ ‫إضافيــة ليســت يل! بعــد‬ ‫ســاعات مــن وصــويل إىل‬ ‫الريحانيــة‪ ،‬جــاء شــاب‬ ‫يطلــب الحقائــب‪ ..‬ثــ ّم‬ ‫م ـ ّر شــباب الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫وشــكروين عــى متريــر‬ ‫حقائبهــم معــي!‬

‫إبراهيم العلوش‬

‫فتوى القتل‪:‬‬

‫حــول بشــاعة القتــل مــن‬ ‫الطرفــن هــذا مــا تحدثــت‬ ‫عنــه مــع الشــباب يف الطريــق إىل تركيــا‪ .‬ال‬ ‫أســتطيع تســميتهم بأســاء وهميــة وال أريــد‬ ‫أن أذكرهــم كأرقــام فقــد كانــوا يحملــون عيونـاً‬ ‫تضــج بالحيــاة واإلميــان بعدالــة القضيــة التــي‬ ‫يدافعــون عنهــا مــا يجعلهــم أكــر ثباتــاً‬ ‫ورســوخاً يف الذاكــرة مــن مجــرد اســم أو رقــم!‬ ‫أحدهــم كان ضابــط مخابــرات يف األمــن‬ ‫العســكري‪ ،‬انشــق منــذ خمســة أشــهر‪ ،‬كان‬ ‫مــرا ً يف حديثــه عــى عــدم التســامح مــع‬ ‫الطــرف اآلخــر أثنــاء املعــارك‪ ،‬فهــو إ ّمــا قاتــل‬ ‫أو مقتــول‪ ،‬وال مجــال إطالقـاً لــأرس أو التفكــر‬ ‫فيــه‪ ،‬األرسى برأيــه عــبء عــى املقاتلــن‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل احتــال حــدوث خيانــة‪ .‬وكان‬ ‫يــردف دامئـاً حديثــه بعبــارة «أنــا رأيــت‪ ،‬كنــت‬ ‫بينهــم‪ ،‬وأعــرف كيــف يتعاملــون مــع النــاس»‪.‬‬ ‫الن قليـاً حــن قلــت له «قد ال يتســنى للشــاب‬ ‫الــذي قتلتــه للتــ ّو أن ينشــق كــا فعلــت‬ ‫أنــت‪ ،‬فالرشــاش مو ّجــه إىل ظهــره‪ ..‬إن مل ينفــذ‬ ‫كل النــاس عــى ســوية‬ ‫األوامــر يُقتــل‪ ..‬وليــس ّ‬ ‫كل النــاس‬ ‫واحــدة مــن الشــجاعة كــا ليــس ّ‬ ‫عــى ســوية واحــدة مــن التفكــر‪ ..‬يعنــي أنــا‬ ‫ال أســتطيع أن أتق ّبــل أن تقتــل شــخصاً رفــع‬ ‫يديــه وقــال لــك‪« :‬أنــا أستســلم‪ ،‬أنــا منشــق»‪..‬‬ ‫واللــه قلبــي يتفطّــر عــى هــؤالء‬ ‫قــال يل‪« :‬يــا خالتــي إن مل أقتلــه قتلنــي‪ ..‬ال‬ ‫مجــال للعواطــف يف املعركــة‪ ،‬إن أردنــا النــر‬ ‫علينــا التخلــص مــن إنســانيتنا»‪.‬‬ ‫قلــت‪ :‬إن أردت النــر عليــك أن تكــون إنســاناً‬ ‫بالدرجــة األوىل‪.‬‬ ‫قــال‪ :‬إنســاناً مغف ـاً أتــرك الفرصــة لعــدوي يك‬ ‫يقتلنــي‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هل شققت صدره لتعرف أنّه كاذب؟‬ ‫قــال‪ :‬ال أســتطيع إئتامنــه عــى روحــي‪،‬‬ ‫حــوادث كثــرة صــارت معنــا‪ ..‬بعــد إعطائنــا‬ ‫األمــان لبعــض الجنــود غــدروا بنــا!‬ ‫تدخــل أبــو وحيــد قائ ـاً‪« :‬هــل تعرفــن صقــر‬ ‫الجبــل؟ لقــد قتــل لوحــده يف معركــة هنــا قرب‬ ‫تفتنــاز خمســة عــر ضابطـاً وعســكرياً‪ ،‬وقتلــه‬ ‫جنــدي تظاهــر باملــوت‪ ،‬جنــدي صغــر مــن‬ ‫دون رتبــة‪ ..‬عســكري يقــوم بخدمتــه اإللزامية‪..‬‬ ‫أنــت تقولــن «إنّنــا ال يجــب أن نقتــل هــؤالء‬ ‫العســاكر‪ ،‬فهــم مجبــورون» مــا رأيــك إذن‬ ‫أن نرتكهــم ليقتلــوا قياديــي جيشــنا؟ هنــاك‬ ‫شــخص آخــر تركنــاه ينفــد بروحــه‪ ،‬بعــد ربــع‬ ‫ســاعة فقــط وصــل خاللهــا إىل قطعتــه‪ ،‬وأخــر‬ ‫عنــا‪ ،‬فقصفــوا املــكان‪ ..‬ال ميكننــا أثنــاء املعركــة‬ ‫أن نقــوم _كــا تطلبــن_ مبقاضــاة ومحاكمــة‬ ‫الجنــود لنعــرف مــن ســنقتل ومــن ســنبقي‪ ،‬ث ّم‬ ‫إنّــك قلـ ِ‬ ‫ـت «هــل شــققت صــدره؟» يــا أختــي‬ ‫نحــن مل نشـ ّـق صــدره‪ ،‬وال علــم لنــا مبــا خفــي‬ ‫يف النفــوس‪ ،‬العلــم عنــد اللــه‪ ،‬لك ّننــا بعــد ســنة‬ ‫وســبعة أشــهر مــن الثــورة ال ميكننــا _وهــذا‬ ‫القتــل والعنــف مــن حولنــا وهــذه الوحشــية‬

‫‪13‬‬

‫التــي نقابــل بهــا_‬ ‫أن نفكّــر يف محاكمــة جنــدي مل يتســع لــه‬ ‫الوقــت لينشــق‪ ،‬أو مل تســعفه شــجاعته ليفعل!‬ ‫نحــن أيضـاً محكومــون بظــروف املعركــة‪ .‬أثنــاء‬ ‫القتــال ال مجــال للتفكــر والعقــل‪ ،‬هنــاك وقائع‬ ‫تفــرض علينــا التــرف الرسيــع‪ ،‬ال أ ّدعــي أنّــه‬ ‫التــرف الســليم والصحيــح‪ ،‬لكــن هــذا مــا‬ ‫تفــرزه املعركــة‪.‬‬ ‫قلــت‪ :‬هــذا لضعــف القيــادة أو انعدامهــا‬ ‫لــو أنكــم منضــوون تحــت قيــادة واحــدة‬ ‫ملــا حــدث ذلــك‪ ،‬أل ّن مــن مهــام القيــادة أن‬ ‫توفــر محاكــات عادلــة لــأرسى خاصــة‬ ‫هــؤالء الذيــن يستســلمون‪ ،‬ويلقــون ســاحهم‪،‬‬ ‫ويؤكــدون أنّهــم مل يقتلــوا أحــدا ً بــل أطلقــوا‬ ‫يف الهــواء!‬ ‫قال شاب كان يجلس يف الخلف‪:‬‬ ‫ـ يــا خالتــي نحــن ســألنا مشــايخ‪ ،‬وهــم الذيــن‬ ‫أفتــوا لنــا مبــا نقــوم بــه‪.‬‬ ‫قلــت‪ :‬ال إفتــاء يف مثــل هــذه الحاالت‪ ،‬اســتفتِ‬ ‫قلبــك وعقلــك‪ ،‬وال رأي للمشــايخ‪ ..‬أصــا‬ ‫املشــايخ هــم أصــل البــاء ابتــداء بالبوطــي‬ ‫وانتهــاء بحســون امللعــون‪..‬‬ ‫ضحك الشباب‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫«لــه يــا خالتــي هــذا يعنــي أنّــك ض ـ ّد رجــال‬ ‫الديــن؟»‬ ‫قلــت‪ :‬لســت ضدهــم يف الترشيــع الخــاص‬ ‫بأمــور الديــن‪ ،‬لكــن ليرتكــوا السياســة ألهلهــا‪،‬‬ ‫وليبتعــدوا عــن عقــول الثــوار ألنّهــم يســاعدون‬ ‫يف تدمريهــا وتدمــر البلــد‪.‬‬ ‫قــال شــاب يجلــس وراء «أبــو وحيــد» مبــا‬ ‫يجعلنــي أراه بوضــوح إن التفــت خلفــي‪:‬‬ ‫طيب يا خالتي ما رأيك باملخربين؟‬ ‫قلــت برسعــة‪ :‬هــؤالء يســتحقون القتــل مــن‬ ‫دون محاكمــة‪.‬‬ ‫ضحكــوا جميعــاً‪ ،‬وقالــوا بنفــس واحــد‪ :‬هــا‬ ‫أنــت تفتــن‪.‬‬ ‫قلــت لهــم مازحــة‪ :‬فتــوى املــرأة تختلــف‪ ،‬لــو‬ ‫أ ّن النســاء ه ـ ّن مــن يــدرن األزمــة يف ســوريا‬ ‫ملــا ســالت نقطــة دم‪.‬‬ ‫غلبنــي أحــد الشــباب بقولــه‪ :‬يف هــذه جانبــك‬ ‫الصــواب يــا خالتــي‪ ،‬أل ّن مــن يديــر األزمــة‬ ‫يف ســوريا أم الديكتاتــور وزوجتــه وعشــيقاته‬ ‫ِ‬ ‫نســيت؟ هــو يف الكواليــس وبثينــة‬ ‫أم أنّــك‬ ‫شــعبان تتصــدر الشاشــات‪ ..‬وبعدهــا فضيحــة‬ ‫البنــات الــي حواليــه‪..‬‬ ‫توصلــت مــع الشــباب التفــاق يف النهايــة أ ّن‬ ‫الطيــار والفســفوس ورامــي القذائــف وقائــد‬ ‫الكتائــب قتلهــم واجــب مــن دون محاكمــة‪،‬‬ ‫واقتنعــوا معــي بعــدم قتــل الجنــود‪ ..‬لك ّنهــم مل‬ ‫يعــدوين بــأن ميلكــوا أنفســهم ســاعة املعركــة‪،‬‬ ‫ـكل معركــة ظروفهــا!‬ ‫فلـ ّ‬

‫السبت‪/ 7 /‬ترشين األول ‪2012/‬‬

‫متــى ســرتوون مــن دمنــا‪ ،‬متــى ستشــبع‬ ‫غرائزكــم املراهقــة مــن العبــث بنــا‪ ،‬متــى‬ ‫ســتنتهي أكــداس التاريــخ املتعفنــة‪ ،‬التــي‬ ‫متــأ رؤوســكم وضامئركــم امليتــة‪ ،‬متــى‬ ‫ســينتهي هــذا الليــل الطويــل مــن البــؤس‪،‬‬ ‫ومــن التــرد؟‬ ‫هــذه البــاد متــور بنــا‪ ،‬وتهتــز بعنــف‪ ،‬مثــل‬ ‫مريــض داهمتــه نوبــة أمل مفاجــئ‪ ،‬مل تعــد‬ ‫األرض تســتقر تحــت أقدامنــا‪ ،‬والســاء مل‬ ‫تعــد قــادرة عــى الهــدوء‪ ،‬وال عــى املطــر‪،‬‬ ‫وال عــى التزيــن بالنجــوم وبالكواكــب‪،‬‬ ‫صــارت مثلنــا أســرة للطائــرات التــي‬ ‫تداهــم بيوتنــا‪ ،‬وتروعنــا‪ ،‬وتدمــر أســباب‬ ‫الحيــاة حولنــا‪ ،‬لقــد أرســلها طاغيــة يتشــبه‬ ‫بعظمــة اللــه وقدرتــه وجربوتــه‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫أن يبيدنــا ويــأيت بخلــق غرينــا‪ ...‬فجاءتنــا‬ ‫جحافــل الجــراد أفواجــاً ال ينتهــي معينهــا‪،‬‬ ‫وال ينتهــي جشــعها‪ ،‬وال ينتهــي غرورهــا وال‬ ‫شــغفها بالتدمــر وبالخــراب الــذي رشدنــا‬ ‫يف بــاد اللــه‪ ،‬التــي كانــت واســعة وضاقــت‬ ‫بوجوهنــا املعذبــة‪..‬‬ ‫هــل نقــف يف مفــارق الطــرق‪ ،‬ونستســلم‬ ‫لدموعنــا ولحزننــا‪ ،‬أم نلقــي بأنفســنا‪،‬‬ ‫وبأطفالنــا طعامــا للضــواري الســارحة يف‬ ‫الــراري‪ ،‬وعــى الحواجــز الوحشــية‪...‬‬ ‫أمل تشــبعوا مــن التنكيــل بنــا‪ ،‬أمل تقتنعــوا‬ ‫بأنفســكم‪ ،‬وبقدراتكــم‪ ،‬وبأســلحتكم التــي‬ ‫تختبئــون خلفهــا‪ ،‬ألــن تعــودوا ب ـرا مثلنــا‪،‬‬ ‫ونتحــدث ســوية عــى طاولــة مقهــى‪ ،‬أو يف‬ ‫مــكان عابــر ونتبــادل املالحظــات‪ ،‬واآلراء‬ ‫حــول موتنــا وموتكــم‪ ،‬حــول معتقلينــا‬ ‫ومخطوفينــا‪ ،‬ومعتقليكــم ومخطوفيكــم‪،‬‬ ‫ألــن تعــود الحيــاة إىل غــر مجاريهــا املدمــاة‬ ‫بيننــا؟‪..‬‬ ‫لــن ينفعكــم غروركــم‪ ،‬ولــن ينفعكــم‬ ‫ترشدنــا‪ ،‬ولــن تؤويكــم بيوتنــا املهجــورة‪،‬‬ ‫ســوف تــرخ بكــم أواخــر الليــايل وتــروع‬ ‫أطفالكــم‪ ،‬ســوف تقــذف بكــم مــن‬ ‫رشفاتهــا‪ ،‬مطالبــة بعودتنــا‪ ،‬لــن تنفــع معهــا‬ ‫أكاذيبكــم‪ ،‬وال أســلحتكم‪ ،‬وال ادعاءاتكــم‬ ‫بالــوكاالت اإللهيــة التــي كتبهــا لكــم رجــال‬ ‫مهووســون بالتاريــخ املنــن‪ ،‬وباملذابــح‪،‬‬ ‫وبالدمــاء وباألكاذيــب التــي لــن تنطــي‬ ‫علينــا ولــو إىل حــن!!‬ ‫ســنعود إىل بالدنــا‪ ،‬وســنعود إىل بيوتنــا‪،‬‬ ‫واىل أرستنــا املحرتقــة‪ ،‬وســتعود أغــراض‬ ‫بيوتنــا املنهوبــة‪ ..‬ولــن تنفعكــم ادعاءاتكــم‬ ‫الكاذبــة‪ ...‬هــذا الليــل الطويــل ســينجيل‬ ‫حتــاً‪ ،‬وســيأيت مزينــاً بالصبــاح الربيعــي‬ ‫املــرق‪ ،‬وســتنجيل عــن وجوهنــا آثاركــم‪،‬‬ ‫فــا يغرنكــم اســوداد الليــل‪ ،‬وال غيــاب‬ ‫النجــوم‪ ،‬فاللــه خالــق الســموات واألرض‪،‬‬ ‫وخالــق زينتهــا‪ ،‬وخالــق أبنــاء ســورية الذيــن‬ ‫يحبونهــا‪ ..‬وطــارد أرشارهــا‪ ،‬وشــياطينها‬ ‫املغرتيــن بالظــام الكثيــف والبــارد الــذي‬ ‫ســنصرب عليــه‪ ..‬ألننــا نحــب بالدنــا الجميلــة!!‬

‫‪14‬‬

‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫حدث في زمن األسد األول‪...‬‬

‫(‪)2‬‬

‫أنا واألسد يف زنزانة واحدة!!؟‬

‫نبيل الفواز‬ ‫لســت أدري هــل بــات األســد قــدري! أم هــو‬ ‫قــدر هــذا الوطــن الحزيــن واملقهــور؟ أم اجتمعــا‬ ‫معــاً لريســا يف األفــق مالمــح قامتــة ملســتقبل‬ ‫وطــن أدخــل قــرا ً يف نفــق مظلــم‪ ,‬لتمتــد‬ ‫مســرة آالمــه لنصــف قــرن مــن الزمــن‪ .‬أحمــد‬ ‫اللــه أن األســد مل يكــن عنوانــاً لربجــي الفلــي‬ ‫ســاعة الــوالدة‪ .‬صدق ـاً أقــول‪ ,‬مــا عرفــت نفــي‬ ‫إال مقاوم ـاً لهــذا النظــام منــذ البدايــة والزلــت‪,‬‬ ‫فوزيــر دفــاع النكســة والهزميــة عــام ‪ 1967‬بــات‬ ‫حاكـاً للبــاد‪ .‬وحــن خرجنــا من جامعة دمشــق‬ ‫صبيحــة الســادس عــر مــن ترشيــن الثــاين عــام‬ ‫‪ 1970‬كانــت شــعاراتنا تنــدد باالنقــاب املشــبوه‬ ‫وجرناالتــه الخونــة‪ ,‬واســتمرت مقاومتنــا لــه‬ ‫ســاعات طويلــة انتهــت بتكريــس واقــع جديــد‬ ‫عنوانــه (مرحلــة آل األســد) وإىل مــا شــاء اللــه‪.‬‬ ‫أذكــر ليلــة اعتقــايل يف أواخــر شــهر آذار عــام‬ ‫‪ ,1980‬عــى الطريــق الــدويل دمشــق ‪ -‬حلــب‪,‬‬ ‫وبالتحديــد قــرب مدينــة النبــك‪ ,‬التــي اقتــدت‬ ‫إليهــا مــن قبــل مفــرزة أمــن الدولــة‪ ,‬متهيــدا ً‬ ‫لنقــي إىل مدينــة دمشــق‪ ,‬كــوين كنــت مطلوب ـاً‬ ‫مــن قبــل فــرع أمــن الدولــة (الخطيــب) يسء‬ ‫الصيــت‪ ,‬والــذي كان يرأســه املجــرم محمــد‬ ‫ناصيــف‪ ,‬وكان برتبــة مقــدم آنــذاك‪ ,‬وحــن‬ ‫أطلــق رساحــي بعــد أكــر مــن خمســة عــر‬ ‫عامــاً أمــى برتبــة لــواء‪ ,‬وكان فرعــه األمنــي‬ ‫األكــر ســطوة ودمويــة يف مدينــة دمشــق‪ ,‬بــل‬ ‫ميكــن القــول إنــه كان الحاكــم الفعــي ملدينــة‬ ‫دمشــق وهــو يتقلــد اآلن منصب ـاً سياســياً رفيع ـاً‬ ‫يف قــر املهاجريــن الرئــايس وكــر األســد‪.‬‬ ‫لقــد متلكنــي شــعور خــاص آنــذاك بــأن مرحلــة‬ ‫مقاومــة األســد يف الشــارع قــد انتهــت بالنســبة‬ ‫يل‪ ,‬وأن هنــاك مرحلــة جديــدة عنوانهــا (مقاومــة‬ ‫الجــاد)‪ ,‬هــذه املرحلــة التــي تتطلــب الصمــود‬ ‫والصــر عــى االبتــاء‪ ,‬وحاميــة اآلخــر الحــر يك‬ ‫يســتمر يف نضالــه يف الخــارج مبواجهــة هــذا‬ ‫النظــام املجــرم‪.‬‬ ‫مــى العــام األول عــى اعتقــايل متنقــاً بــن‬ ‫فــرع الخطيــب وفــرع الحلبــوين ليســتقر بنــا‬ ‫املطــاف يف املربــع األمنــي يف فــرع التحقيــق‬ ‫ قبــو الســجن الجنــويب‪ .‬واســتمرت عمليــة‬‫التخزيــن دون محاكمــة‪ ,‬أو بــوادر إلطــاق‬ ‫الــراح‪ .‬كان املعتقــل يغــص بالســجناء دومــاً‬ ‫عــى مــدار العــام‪ ،‬واالزدحــام كان هائـاً بحيــث‬ ‫كان مــن الصعــب توفــر مســاحة للنــوم‪ ،‬وســط‬ ‫رشوط قاســية وغــر صحيــة عــى اإلطــاق‪,‬‬ ‫وعنايــة طبيــة تــكاد ال تذكــر بالنســبة للموقوفني‪،‬‬ ‫ويف غرفــة يف قبــو املعتقــل الجنــويب كنــا مجموعة‬ ‫مــن املعتقلــن مــن كافــة األطيــاف السياســية‪،‬‬ ‫إســامية ويســارية بــل وحتــى نقابيــة‪.‬‬ ‫كان عددنــا يقــارب الـــ‪ 25‬معتقـاً عــى العمــوم‬

‫ضمــن مســاحة ال تتجــاوز الـــ‪ 20‬مــرا ً مربعــاً‪،‬‬ ‫وملحــق بهــا غرفــة أصغــر تحتــوي عــى حــام‬ ‫ودورة ميــاه وفســحة إلعــداد الطعــام‪ .‬كان‬ ‫همنــا األســاس الحفــاظ عــى النظافــة يف العنــر‬ ‫وتأمــن الغــذاء والــدواء ملجموعتنــا عــر زيــارات‬ ‫األهــل أو فاتــورة مشــريات الســجن مــن أموالنــا‬ ‫الخاصــة (وهــي طريقــة لرسقــة مــال الســجناء‬ ‫بالتالعــب باألســعار)‪.‬‬ ‫كان التقليــد املتبــع لــدى إدارة أمــن الدولــة هــو‬ ‫جلــب املعتقلــن مــن الفــروع يف املحافظــات يف‬ ‫يــوم محــدد مــن األســبوع وهــو يــوم األربعــاء‪,‬‬ ‫الســتكامل التحقيــق معهــم‪ ,‬ثــم ترحيلهــم يــوم‬ ‫االثنــن التــايل إىل ســجن تدمــر الرهيــب‪ ,‬إىل‬ ‫مصــر أســود ال تحمــد عواقبــه‪.‬‬ ‫كانــت عمليــة إحضــار املعتقلــن‪ ,‬تتــم وســط‬ ‫رشوط ال إنســانية‪ ،‬محنيــي الظهــور يف مقاعــد‬ ‫الحافــات التــي تقلهــم لتســتمر عمليــة الجلــد‬ ‫والــرب والرفــس مــن قبــل الجالديــن الذيــن‬ ‫يرافقونهــم طــوال مســافة الرحلــة‪ ،‬فكانــوا‬ ‫يصلــون إلينــا منهكــن وعطــى وجائعــن‬ ‫والدمــاء تغطــي أغلبهــم‪ .‬وكان نصيبنــا يف العنــر‬ ‫مــن كل قافلــة للموقوفــن يزيــد عــن خمســة‬ ‫أشــخاص وأغلبهــم صغــار يف الســن‪ ,‬ترســلهم‬ ‫إلينــا إدارة الســجن حيــث نقــوم برعايتهــم‬ ‫وإطعامهــم لحــن ترحيلهــم الحقــاً‪.‬‬ ‫كان التقليــد املتبــع لدينــا وعــى امتــداد أعــوام‬ ‫هــو اســتقبال املوقوفــن الجــدد عنــد بــاب‬ ‫العنــر وإدخالهــم إىل الحــام‪ ،‬حيــث يتــوىل أحــد‬ ‫الشــباب أمرهــم‪ ،‬وهــو طالــب طــب يف جامعــة‬ ‫دمشــق‪ ،‬وكان عــى أبــواب تخــرج واعتقــل‬ ‫ضمــن مجموعتنــا وباإلمــكان ذكــر اســمه فهــو‬ ‫يتواجــد اآلن بعيــدا ً عــن ســطوة النظــام ويقيــم‬ ‫يف فرنســا منــذ ‪ 30‬عام ـاً‪ ،‬حيــث تابــع تحصيلــه‬ ‫العلمــي وهــو الدكتــور (غــزوان عــدي)‪ ،‬وأصبــح‬ ‫مــن األطبــاء املشــهورين هنــاك يف اختصاصــه‬ ‫(الغــدد الصــم)‪.‬‬ ‫كان الدكتــور غــزوان ومنــذ وصــول املعتقــل‬ ‫يقــوم بفحــص شــامل لــه‪ ،‬ويقــرر حالتــه‬ ‫وعالجــه مــن األدويــة املتوفــرة لدينــا‪ .‬وأكــر مــا‬ ‫كنــا نخشــاه آنــذاك مــرض الجــرب أو األم ـراض‬ ‫املعديــة‪ ،‬فكنــا نؤمــن لهــم اللبــاس الجديــد مــا‬ ‫هــو متوفــر لدينــا مــن زيــارات األهــل وكذلــك‬ ‫أدوات الحالقــة ومســتلزمات النــوم وأغلبهــم‬ ‫كانــوا شــبه عــراة ومــرىض ومنهكــن جســدياً‪.‬‬ ‫رغــم كل هــذه االجــراءات واالحتياطــات‪،‬‬ ‫تعرضنــا أكــر مــن مــرة لإلصابــة بالجــرب بفعــل‬ ‫القادمــن إلينــا‪ ،‬ويف خريــف العــام ‪1981‬م‪،‬‬ ‫انتقلــت إلينــا عــدوى الجــرب أنــا ومجموعــة‬ ‫مــن الشــباب‪ ،‬وكان عددنــا خمســة فقــررت‬ ‫إدارة الســجن عزلنــا حيــث نقلنــا إىل مــكان يف‬ ‫القبــو واســمه (عنــر املزدوجــات)‪ ،‬ويتكــون مــن‬

‫أربــع غــرف صغــرة زائــد حــام ومطبــخ ودورة‬ ‫ميــاه‪ ،‬وكان مخصص ـاً لتوقيــف املعتقلــن األكــر‬ ‫أهميــة أو العتبــارات أمنيــة‪ ،‬بــل وحتــى لتنفيــذ‬ ‫العقوبــات بحــق عنــارص أمــن الدولــة املعاقبــن‬ ‫ألســباب وظيفيــة‪.‬‬ ‫قــام كل منــا بنقــل متاعــه الخــاص عــى وجــه‬ ‫الرسعــة اىل «عنــر املزدوجــات»‪ ،‬حيــث أودعنــا‬ ‫يف الغرفــة الثالثــة وبدأنــا عــى الفــور بإجـراءات‬ ‫املعالجــة والنظافــة للتخلــص مــن هــذا املــرض‬ ‫املزعــج وآثــاره‪ ،‬وكان بــاب املزدوجــة مقفــاً يف‬ ‫البدايــة عــى مجموعتنــا ويفتــح ثــاث مــرات‬ ‫فقــط يف اليــوم‪.‬‬ ‫ثــم انتهــى هــذا االجـراء بعــد عــدة أيــام ليصــار‬ ‫إىل فتــح البــاب لنــا عــى مــدار اليــوم‪.‬‬ ‫كانــت املفاجــأة لنــا هــي وجــود شــخص داخــل‬ ‫العنــر ذي صول ـ ٍة وجولــة‪ ،‬وكنــا نســمع صوتــه‬ ‫يهــدر يف املمــر وتعليامتــه إىل الســجناء اآلخريــن‬ ‫ال تنتهــي‪ .‬التقينــا بــه يف اليــوم التــايل وجهــاً‬ ‫لوجــه بعــد فــرة الغــداء‪ ،‬وكنــا نحتــي أكــواب‬ ‫الشــاي الســاخن‪ ،‬حيــث تــم التعــارف بيننــا‬ ‫كــا هــي العــادة يف املعتقــات وقــدم لنــا‬ ‫نفســه بأنــه «أبــو فـراس» ابــن إســاعيل األســد‬ ‫الشــقيق األكــر لحافــظ وجميــل ورفعــت وأنــه‬ ‫تقلــد عــدة مناصــب يف دولــة عمــه‪ ،‬كان آخرهــا‬ ‫تعيينــه ملحق ـاً يف الســفارة الســورية يف بلغاريــا‬ ‫(علمنــا مــن بعــض املعتقلــن يف العنــر أنــه كان‬ ‫يقــوم بعمليــات مشــبوهة ونشــاطه األكــر كان‬ ‫يف الســوق الســوداء رصافــة وتهريــب ومــواد‬ ‫ممنوعــة وغريهــا)‪ ،‬وعنــد عودتــه إىل ســورية‬ ‫يف مطلــع الثامنينــات عمــد اىل بيــع كميــات‬ ‫كبــرة مــن األســلحة والذخائــر مــن مســتودعات‬ ‫الجيــش الســوري لتنظيــم الطليعــة املقاتلــة‬ ‫(وهــو تنظيــم انشــق عــن جامعــة االخــوان‬ ‫املســلمني آنــذاك)‪ ،‬والتــي كانــت تخــوض رصاعـاً‬ ‫دمويـاً مســلحاً يف ســورية مبواجهــة نظــام األســد‬ ‫املجــرم‪ ،‬وحســبام علمــت أن عمــه رفعــت‬ ‫أراد حرقــه جــراء مــا أقــدم عليــه‪ ،‬ولكــن تــم‬ ‫الصفــح عنــه مــع توصيــة خاصــة بحرمانــه مــن‬ ‫الزيــارة أو إدخــال أيــة مســاعدة لــه مــن قبــل‬ ‫عائلتــه‪ ،‬وأن يتــم التحقيــق معــه فقــط مــن قبــل‬ ‫اللــواء املجــرم «عــي دوبــا» مديــر املخابــرات‬ ‫العســكرية آنــذاك‪ ،‬وهــذا األمــر كان ينطبــق‬ ‫عــى جميــع أف ـراد عائلــة األســد وأبنــاء مدينــة‬ ‫القرداحــة حــرا ً‪ .‬كذلــك قدمنــا أنفســنا إليــه‬ ‫بوصفنــا معارضــن سياســيني لنظــام عمــه حافظ‪.‬‬ ‫ال أخفيكــم رسا ً‪ ،‬بأننــا شــعرنا كمجموعــة بالضيــق‬ ‫واالمتهــان لوجودنــا مــع مثــل هــذا الرجــل‬ ‫الفاســد‪ ،‬وخاصــة ســلوكه املشــن‪ ،‬وغــر االنســاين‬ ‫تجــاه باقــي املوقوفــن‪ ،‬لقــد كان آمــرا ً ناهيــاً‬ ‫إضافــة إىل كونــه عالــة عــى الغــر‪ ،‬فنحــن كان‬ ‫جوهــر موقفنــا أن املعتقــل إنســان أوالً وأخ ـرا ً‬

‫بــرف النظــر عــن جنســه أو لونــه أو جرمــه وأن‬ ‫الســجناء هــم يف صــف واحــد مبواجهــة الجــاد‪،‬‬ ‫وهــذا مــامل يكــن يدركــه ابــن االســد اللعــن‪.‬‬ ‫كان بقيــة املعتقلــن يف املزدوجــات ينتمــون‬ ‫ملجموعتــن‪ ،‬مجموعــة دينيــة‪ ،‬وتضــم طيــارا ً‬ ‫مدنيــاً مــن حلــب وتاجــرا ً دمشــقياً‪ ،‬واثنــان‬ ‫مــن الشــباب صغــار الســن مــن مدينــة حمــص‬ ‫إضافــة إىل شــخص فلســطيني كانــت تهمتــه‬ ‫التحضــر واإلعــداد الغتيــال «هــري كســنجر»‬ ‫وزيــر خارجيــة أمريــكا عــى طريــق مطــار‬ ‫دمشــق الــدويل خــال زياراتــه املكوكية لدمشــق‬ ‫لتأمــن وإنجــاح اتفاقيــة وقــف إطــاق النــار بــن‬ ‫النظــام والعــدو االرسائيــي‪ .‬كان اســمه «أبــو‬ ‫الفــدا» وهــو شــاب فلســطيني يف بدايــة عقــده‬ ‫الرابــع‪ ،‬وينتمــي إىل مجموعــة انشــقت عــن‬ ‫«وديــع حــداد» أحــد قــادة الجبهــة الشــعبية‬ ‫لتحريــر فلســطني‪ ،‬وكان قــد مــى عــى اعتقالــه‬ ‫عــدة ســنوات‪ ،‬وكان مــن أكــر الشــباب الثــوري‬ ‫الفلســطيني نقــا ًء وصالبــة وإنســانية يف التعامــل‬ ‫مــع املعتقلــن لقــد كان مثــار اح ـرام وتقديــر‪.‬‬ ‫أمــا املجموعــة األخــرى فكانــت مكونــة مــن‬ ‫خمســة شــباب عراقيــن هربــوا إىل ســورية أثنــاء‬ ‫أدائهــم الخدمــة العســكرية يف الجيــش العراقــي‬ ‫يف فــرة الحــرب العراقيــة اإليرانيــة فاقتيــدوا إىل‬ ‫املعتقــات هكــذا هــي (إغاثــة امللهــوف) لــدى‬ ‫آل األســد‪ .‬كانــوا بؤســاء ومتعبــن وبســطاء‬ ‫وأذالء وتعرضــوا حســبام قالــوا لنــا للمزيــد مــن‬ ‫اإلهانــات مــن قبــل أجهــزة األمــن الســورية‬ ‫حيثــا حلــوا يف ســورية يف حــن كانــوا يعتقــدون‬ ‫أنهــم ســيكونون موضــع ترحيــب مــن قبــل‬ ‫نظــام األســد املعــادي للنظــام العراقــي آنــذاك‪.‬‬ ‫مثــة أمــر أقلقنــا نحــن كمجموعــة وهــي طريقــة‬ ‫تعامــل أبــو فــراس معهــم‪ ،‬فهــم يعــدون لــه‬ ‫الطعــام ويغســلون ثيابــه بــل ويقــوم أحدهــم‬ ‫بإجــراء مســاج لــه يوميــاً بعــد الرياضــة‬ ‫الصباحيــة‪ ،‬كانــوا خدمــاً لــه بامتيــاز يذلهــم‬ ‫يوميــاً وهــم ســاكتون ال حــول لهــم وال قــوة‪،‬‬ ‫فهــذا الرجــل التافــه ينتمــي إىل عائلــة الضبــاع‬ ‫حــكام ســورية‪ ،‬كانــت القطيعــة بيننــا وبينــه‬ ‫تــزداد يومي ـاً‪ ،‬لحــن حضــور أحــد الشــباب ذات‬ ‫يــوم قادمـاً مــن غرفــة الحــام منفعـاً‪ ،‬وأخربنــا‬ ‫أنــه شــاهد» أبــو فـراس» يـزاول رياضــة املالكمــة‬ ‫هنــاك مســتعيناً مبعتقــل عراقــي حولــه إىل كيــس‬ ‫رمــي يتلقــى الرضبــات‪.‬‬ ‫كان الوقــت صباحـاً عــى مــا أذكــر حــن تداولنــا‬ ‫يف األمــر بيننــا كمجموعــة واســتقر قرارنــا عــى‬ ‫التصــدي لهــذا املجــرم الســادي «أبــو فــراس»‬ ‫وإيقافــه عنــد حــده مهــا كلــف األمــر فنحــن‬ ‫وإن كنــا معتقلــن فإننــا مــا نــزال منثــل حالــة‬ ‫رفــض لألســد ونظامــه يف الخــارج‪ ،‬فهــل يعقــل‬ ‫أن نســكت ونغــض الطــرف عــن مامرســات ال‬

‫إنســانية مجرمــة ألزالمــه‪ ،‬ونحــن يف املعتقــل‬ ‫بعــد معاناتنــا مــن بطشــه وظلمــه؟‪ .‬كلفــت أنــا‬ ‫وأحــد الشــباب مــن املجموعــة بالذهــاب إليــه‬ ‫وتحذيــره والطلــب إليــه أن يكــف عــن معاملــة‬ ‫أي معتقــل بطريقــة ال إنســانية وإال فســيكون‬ ‫الصــدام بيننــا (يف هــذه املناســبة‪ ،‬اعتــذر للقــارئ‬ ‫عــن ذكــر أســاء املجموعــة ألنهــم موجــودون يف‬ ‫مناطــق النظــام)‪ .‬وبالفعــل ذهبنــا عــى الفور إىل‬ ‫غرفتــه‪ ،‬ومتــت املكاشــفة بيننــا وأبلغنــاه بحــزم‬ ‫أننــا نرفــض وبقــوة ســلوكه الهمجــي وطريقتــه‬ ‫يف التعامــل مــع املعتقلــن‪ .‬اســتمع إلينــا صاغ ـرا ً‬ ‫معتــذرا ً وتعهــد لنــا بالعــدول عــن ذلــك الســلوك‬ ‫وبالفعــل بــدأ ســلوكه ينحــو منحــى مغايــرا ً‬ ‫للســابق‪ .‬وشــكرنا اإلخــوة العراقيــن عــى‬ ‫موقفنــا وكانــوا ســعداء بهــذا التغيــر يف التعامــل‬ ‫معهــم‪ ,‬حتــى جــاء القــدر وتــم ترحيلــه إىل إدارة‬ ‫املخاب ـرات العســكرية بعــد عــدة أيــام حســبام‬ ‫علمنــا مــن عنــارص الســجن الذيــن أبــدوا ارتياحـاً‬ ‫لرحيلــه حتــى أن أحدهــم وهــو ضابــط صــف‬ ‫علــوي مــن آل معــا كان األكــر ســعادة لرحيلــه‪,‬‬ ‫ومل نســمع عنــه شــيئاً بعــد ذلــك لعنــه اللــه حيـاً‬ ‫أو ميت ـاً‪.‬‬ ‫دامئـاً يف حياتنــا هنالــك تضــاد‪ ,‬بــن الخــر والــر‪،‬‬ ‫بــن الصالــح والطالــح بــن املســتبد واملظلــوم‬ ‫بــن األســود واألبيــض ويف أغلــب األرس‪ ،‬يف عاملنــا‪،‬‬ ‫هنالــك أم حنــون وأب قــاس‪ ،‬ولــد رشيــر وآخــر‬ ‫طيــب‪ ،‬ابنــة فاضلــة وأخــرى ماجنــة‪ ،‬هــذا‬ ‫التضــاد قائــم وال يــزال باســتثناء عائلــة األســد‬ ‫يف الحالــة الســورية فمنــذ مجــيء هــذه العائلــة‬ ‫الوبــاء والبــاء مــا عرفنــا منهــا إال الســوء‪ ،‬عائلــة‬ ‫ســاتها وســرورتها القتــل واملجــازر والخيانــة‬ ‫والنهــب واللصوصيــة والفتنــة‪ ،‬وقــس عــى ذلــك‪.‬‬ ‫مــن مورثــات نقلــت إىل األرسة الفاســدة بــدءا ً‬ ‫«بالعميــل الخائــن عميــد العائلــة ســليامن األســد‬ ‫وصــوالً إىل األوالد فاألحفــاد‪ ،‬سلســلة طويلــة‬ ‫ألفــراد عائلــة دخلــت التاريــخ‪ ،‬بــل مزبلــة‬ ‫التاريــخ مــن أوســع األبــواب‪ ،‬بــل وتصدرتــه‪ ،‬ومل‬ ‫يقتــر األمــر عــى هــذه العائلــة فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫وتعدتهــا هــذه املورثــات الفاســدة إىل األنســباء‬ ‫كآل مخلــوف واألخــرس‪ ،‬واألقربــاء كآل شــاليش‬ ‫ونجيــب وغريهــم‪ .‬فقــد امتــدت اليهــم جينــات‬ ‫امللعــون ســليامن األســد فســحقاً لهــم‪.‬‬ ‫يف حيــايت كلهــا مــا عــرف الكــره إىل قلبــي ســبيالً‬ ‫ألن الحقــد أو الكــره موجــه يسء يف الحيــاة ويف‬ ‫السياســة إال يف حالــة آل األســد فلقــد بــات‬ ‫الحقــد مرشوعــاً‪.‬‬ ‫لقــد صــر الشــعب الســوري طويــاً حتــى‬ ‫جــاءت ثــورة الكرامــة لتعيــد لهــذا الشــعب‬ ‫دوره ومكانتــه بــن الشــعوب فهــم أبنــاء‬ ‫الشــام النشــامى األقــرب إىل اللــه‪ ,‬رجــال األرض‬ ‫وســقفهم الســاء‪.‬‬

‫الســوريون يســاعدون يف بناء منطقــة (‪ GAP‬غاب) الرتكية‬ ‫نتيجــة القصــف الوحــي لطــران النظــام الســوري‪ ،‬وألعــال الفــوىض‬ ‫والتطــرف املتولــدة عــن غيــاب الدولــة‪ ،‬لجــأ مئــات آالف الســوريني إىل تركيــا‪،‬‬ ‫ومثلهــم إىل البلــدان العربيــة األخــرى‪ ..‬مثــل لبنــان واألردن والع ـراق ومختلــف‬ ‫البلــدان العربيــة والعامليــة‪..‬‬ ‫ويف منطقــة جنــوب رشق تركيــا املســاة منطقــة (‪ GAP‬غــاب ) ســكن الالجئــون‬ ‫يف املخيــات ويف القــرى ويف املــدن وخاصــة يف مدينــة أورفــا وضواحيهــا‪..‬‬ ‫وعــى اعتبــار مدينــة أورفــا‪ ،‬كانــت صاحبــة تاريــخ عريــق يف التنــوع العرقــي‬ ‫والدينــي‪ ،‬فهــا هــي ســتصبح مدينــة متعــددة الثقافــات‪ ،‬ومتعــددة األذواق‪،‬‬ ‫ومتعــددة أســاليب الحيــاة األخــرى‪ ..‬مــن لبــاس وطعــام وطــرق العيــش األخــرى‬ ‫نتيجــة تدفــق الســوريني إليهــا‪..‬‬ ‫هاهــم الســوريون‪ ،‬ومــن مختلــف املنابــت‪ ،‬ومــن مختلــف املــدن الســورية‬ ‫ينتــرون يف املشــاغل واملطاعــم والورشــات األورفليــة‪ ،‬فقامئــة األطعمــة صــارت‬ ‫أكــر تنوعــا يف املطاعــم‪ ،‬والصناعــات الغذائيــة تعــددت فنونهــا‪ ،‬ودخلــت أذواق‬

‫الســوريني‪ ،‬وأمزجتهــم‪ ،‬يف رشاكــة مــع املــزاج األورفــي العريــق‪ ،‬وشــاركت‬ ‫النســاء الســوريات يف رفــد املحــات واملطاعــم باألطعمــة املصنوعــة يف البيــوت‪،‬‬ ‫كاملربيــات والجــن والحلويــات و حتــى أنــواع الخبــز التــي استحســنها األت ـراك‪،‬‬ ‫ودخلــوا يف رشاكات تجاريــة مــع الص ّنــاع الســوريني إلنتــاج املزيــد مــن أنــواع‬ ‫الخبــز الســوري ذي الســاكة الرقيقــة‪ ،‬والقليــل الحري ـرات الغذائيــة!‬ ‫ويف الورشــات تجــد الح ّجــار الحلبــي وقــد أضفــى ذوقــا عريقــا عــى املبــاين‬ ‫واملســاجد الجديــدة‪ ،‬وهــو يتواجــد شــيئا فشــيئا يف مختلــف الورشــات‪ ،‬التــي‬ ‫متتلــئ بهــا املــدن والقــرى الرتكيــة!‬ ‫وكذلــك يف أعــال البــاط والس ـراميك‪ ،‬ومختلــف أنــواع الديكــورات الداخليــة‪،‬‬ ‫التــي يعمــل فيهــا الســوريون‪ ،‬والتــي صــارت أكــر انتشــارا ً‪ ،‬وبــأذواق تتغــر‬ ‫وتتشــارك باألجمــل‪ ،‬وباألفضــل‪ ،‬لــريض أذواق املســتهلكني املتغــرة‪ ،‬مــع موجــة‬ ‫التنــوع الحيــوي التــي تتكفــل األيــدي العاملــة الســورية باملشــاركة بــه!‬ ‫لكــن العامــل الســوري‪ ،‬والفنــي الســوري‪ ،‬كث ـرا ً مــا يجــد نفســه خــارج قامئــة‬

‫االعتبــار‪ ،‬وخــارج الحاميــة‪ ،‬ناهيــك عــن كونــه خــارج قامئــة التشــجيع‪ ،‬مــا‬ ‫يجعــل هــذه الــروح الجديــدة أقــل انتشــارا ً‪ ،‬وترتاجــع الثقافــة الجديــدة لصالــح‬ ‫الثبــات‪ ،‬وعــدم التطــور‪ ،‬الــذي يعتــاد عليــه الحــريف املتكلســة مواهبــه‪ ،‬والــذي‬ ‫يحــارب الجديــد بــكل مــا أويت مــن عزميــة ومــن أســلحة مختلفــة‪..‬‬ ‫ندعــو األخــوة التجــار وأصحــاب املصانــع األتـراك‪ ،‬وندعــو املســؤولني األتـراك يف‬ ‫مختلــف الجهــات الرســمية‪ ،‬وخاصــة يف أورفــا‪ ،‬إىل دعــم األيــدي الفنيــة الســورية‬ ‫الجديــدة‪ ،‬وحاميتهــا بقوانــن ال تقبــل ظلمهــم‪ ،‬وال اســتغاللهم‪ ،‬الــذي يصــل‬ ‫إىل حــد تجاهــل إنســانيتهم مــن قبــل البعــض‪ ،‬وإىل اســتغالل حاجتهــم بشــكل‬ ‫غــر عــادل‪ ،‬مــا مينــع االســتفادة مــن إبداعاتهــم املشــهود لهــا‪ ،‬حتــى مــن قبــل‬ ‫أصحــاب األعــال األت ـراك أنفســهم!!‬ ‫فهــل سنشــهد تطــورا جديــدا‪ ،‬وتشــاركا ثقافيــا وبرشيــا‪ ،‬بــن ســكان املنطقــة‬ ‫وبــن العاملــن والفنيــن الســوريني‪ ،‬لتغيــر وجــه منطقــة (‪ GAP‬الغــاب) التــي‬ ‫يعوزهــا الكثــر للّحــاق بركــب التطــور يف املــدن الرتكيــة األخــرى‪ ،‬التــي تنعــم‬ ‫باالزدهــار وبالتنــوع الخــاق!!‬

15

‫حرمل املنوعات‬

2015 ‫ كانون الثاني‬15 / ‫ العدد الثامن‬/ ‫السنة األولى‬

SURİYELİ YAZARLAR

‫ال أعرف هل ينبغي وضع أدبيات للحروب‬

Savaşın edebiyatı yapılmalı mıdır, bilmiyorum. TYB İstanbul şubesi kaç gündür savaşın edebiyatı üzerine Konferanslar, paneller düzenliyor. Koca koca yazarlar, akademisyenler arkalarında logolar, sponsorlar eşliğinde dinleyicilere savaşın edebiyatını anlatıyorlar.

Savaştan uzak bir cenahta olununca edebiyatı da yapılıyormuş.

‫إدارة جامعة (حران) بخصوص تعلم اللغة الرتكية‬ ‫ يف مدينة‬tyb ‫نعم هناك أدبيات للحرب فرع‬ /900/ ‫اسطنبول ولعدة أيام تم تنظيم لقاءات واجتامعات فبادرت إدارة الجامعة عىل تحديد مبلغ‬ ‫لكبار الكتاب واألكادمييني وهم يضعون من خلفهم يورو غافلني عن طلب املبلغ باللرية الرتكية مام أثار‬ .‫حنقه‬ ‫الشعارات و االعالنات وكذلك الداعمني للمؤمتر‬ ‫أما نحن فقد بادرنا إىل متكينهم من إجراء الدورة‬ ‫يرشحون أدبيات الحرب بعيدا ً عن الحرب وهم‬ .)‫مثناً لذلك (الدعاء لله فقط‬ .)ً‫يعملون (للموت أدبا‬ ‫أما خالل األسبوع الثاين فقد دعانا مدير منطقة‬ ‫يف اآلن ذاته نجد أن كتاب املنطقة الرشقية‬ ‫الخليلية السيد (يوسف ضياء جلبك كايا) ملأدبة‬ ‫(التنظيم الوحيد) فرع أورفا مل يبادر إىل وضع‬ ‫عشاء وحرض مأدبة العشاء السيد (عز الدين‬ ‫أدبيات للحرب وعىل العكس من ذلك فقد قام‬ ‫كجك) وايل أورفا واستمع إىل الكتاب السوريني‬ ‫الفرع ذاته بتقديم مساعدات لألدباء السوريني‬ ‫وشكرنا عىل مساهمتنا يف مساعدتهم وعىل إجراء‬ ‫ممن تواجدوا يف مدينة أورفا وقد تم تقديم كل‬ ‫دورة اللغة الرتكية وبادر مشكورا ً إىل استئجار مقر‬ ‫املساعدات يف إطار اإلخوة اإلسالمية واملحبة‬ ‫ مظهرا ً روح‬،‫للجريدة وطباعتها ملدة سنة كاملة‬ ‫اإلنسانية ففتحنا أذرعنا ملجموعة من الكتاب‬ ‫فكان أغلبهم من الرقة وحلب من أشهر األكادمييني اإلخوة بيننا نحن الكتاب العرب السوريني واألتراك‬ ‫ فقد أكد‬،‫وخالل لقاءات التعارف بيننا وبني الكتاب‬ .ً‫السوريني وقد بلغ عددهم عرشين كاتبا‬ ‫وعىل الرغم من أننا لسنا جمعية خريية فقد بادرنا السيد وايل أورفا للسيد بسام البليبل رئيس مجلس‬ ٍ ‫ودون استعداد‬ ‫إدارة الحرمل وعضو نقابة املحامني بالرقة بطباعة‬ ‫كاف وال منلك أي مقدرات خاصة‬ ‫كتاب أشعار لألطفال عىل نفقة الوالية وتوزيعه يف‬ ‫) طلبنا‬tyb( ‫إال أننا وكون الكتاب السوريني الفرع‬ .‫مخيامت اللجوء السورية‬ ‫منهم وضع الئحة بكل طلباتهم العامة مبا يسهل‬ ‫ووعد أيضاً بالقيام بإيجاد مخيم خاص بالعازبني‬ .‫لهم ظروف عملهم‬ .‫وقد التقينا يف مقرنا يف الرضوانية ليلة يوم الجمعة من الالجئني السوريني‬ ‫لقد أسعدنا ما تم تقدميه من مساعدة إلخواننا‬ ‫حيث التقينا كادر جريدة الحرمل التي تصدر يف‬ ‫األدباء السوريني ونظرنا إىل الله سبحانه وتعاىل أن‬ ‫تركيا وكان معهم العدد األول من جريدتهم التي‬ ‫ ومن املشاكل التي عرضت علينا من ينهي الحرب القذرة يف بالدهم وكلنا أمل أن تنتهي‬.‫تصدر يف أورفا‬ ‫ويعودون إىل بالدهم متمنني أن يسندوا ظهورهم‬ ،‫قبلهم أنهم جميعاً يطالبون بتعلم اللغة الرتكية‬ .‫عىل جدار يف وطنهم‬ ‫وذلك دفعنا إىل مشاركتهم يف جريدة الحرمل‬ ‫بصفحة خاصة باللغة الرتكية مام استدعى دعوة‬ faslında çocuk edebiyatı ‫السيد (يوسف ضياء جليك) لكادر الجريدة إىل‬ alanında kitaplar yazan ‫مكتبه حيث أكد رضورة مساعدتهم ودعمهم يف أي‬ ve aynı zamanda Rakka ‫عمل مشرتك بني الكتاب السوريني واألتراك يف ذلك‬ Baro başkan yardımcısı ‫الوقت كنا قد بدأنا بالدرس األول منم اللغة الرتكية‬ Bessam Beyin kitaplarını .‫معهم من خالل كادر مختص‬ basıp Suriyelilerin kaldığı ‫حيث تم تجهيز اتفاق (بروتوكول) بني مدير‬ kamplarda dağıtacaklarını ‫منطقة الخليلية وجامعة اسطنبول قسم اللغات‬ söyledi. Yine kamplarda ‫للعمل املشرتك حيث قدم لإلخوة الكتاب السوريني‬ kalan bekârların yerlerinin ‫نسخة من كتاب تعلم الرتكية ويف نهاية الدورة‬ kalmadığını öğrenen valimiz ‫إمتام‬ ‫سيصار إىل منح اإلخوة السوريني شهادات‬ İzzettin Küçük Bey, bu ‫(دورة اللغة الرتكية) ونحن نعلم جيدا ً أن الكتاب‬ yerlerle de ilgileneceğini ‫السوريني ليسوا بحاجة إىل املعرفة والثقافة بل كل‬ söyledi. Bu kadar yıkım, göz .‫ما يحتاجونه تعلم لغتنا الرتكية‬ yaşı içerisinde bu Suriyeli ‫يف هذا املقام نشكر الدكتور املساعد مدير مركز‬ yazarların mutluluğunu ‫املساعدة‬ ‫اللغات السيد محمد بالجن يلامز عىل‬ görünce biz de mutlu olduk .‫الكرمية‬ ve memleketlerinde devam ‫يف األسبوع األول انسجم الكتاب السوريون ضمن‬ eden kirli savaşın bir an önce ‫ ونتيجة ارتياحهم ملا قدمنا فقد خصصوا‬،‫الدورة‬ bitmesi için Allah’ımıza dua ‫ ويف نفس الوقت‬،‫لنا صفحتني من جريدة الحرمل‬ ettik. ‫نرشوا ترجمة لفعالياتنا وباألخص ما تم ترجمته‬ Bütün bunlarla Suriyeli ‫ وكان‬،)‫إىل اللغة العربية ونرش يف جريدة (مليات‬ yazarlar savaşın bir an önce ‫املقال بعنوان (مروان وأطفال الحرب) ويف االسبوع‬ bitmesi ve memleketlerinde ‫الثاين من الدورة صدر العدد الثاين من مجلة‬ sırtlarını dayayacakları bir ‫الحرمل حيث كتب فيها أحد محرريها أنه قد راجع‬ duvarın varlığını özlüyorlar.

Eyyup Azlal

gazetesinin ilk sayısını da getirmişlerdi. Toplantı, daha doğrusu muhabbetimiz sonucunda bu yazarlara ilk etapta Türkçeyi öğretecektik. Çünkü uyum sorunu en çok dil problemiyle oluşuyordu.

Daha sonra onların çıkardığı gazete olan Al-Harmal’ın bir sayfasını biz üstlenecektik.

O akşam “şaire çıktıysa adım, bu şehri terk ederim” diyen Haliliye kaymakamı Yusuf Ziya Çelikkaya Oysa Türkiye Yazarlar beyi de Yazarlar Birliğine Birliğinin “Şark davet etmiştik. Kıymetli Cephesindeki” tek birliği olan dostumuz Yusuf Ziya bey, Urfa Şubesi olarak Savaş Suriyeli Yazarlar ve Türkiye edebiyatı yapmıyor bilakis Yazarlar Birliğinin ortaklaşa Suriye’de yaşanan kirli yapacağı her türlü etkinliği savaşın neticesinde ülkemize himaye edeceğini söylemesi sığınan Suriyeli yazarlara üzerine biz de ertesi gün ilk yardımda bulunuyoruz. Bu dersimize başlamıştık. Birlik yardımı da İslam’ın uhuvvet olarak aldığımız bir karara yani kardeşlik hukuku atfen Haliliye Kaymakamlığı çerçevesinde yürütüyoruz. ve İstanbul Üniversitesi Dil Çoğu Rakka ve bazıları Merkezi ile işbirliği protokolü da Halep’ten olmak hazırladık. Bunun neticesinde üzere yaklaşık 20 yazar, İ.Ü. Dil merkezinden akademisyene kucak açmış Yabancılar için Türkçe durumdayız. kitabı ve diğer materyalleri Haliliye Kaymakamlığı Bu dostlarımızla ilgili önce tarafından satın alınarak ne yapabiliriz diye düşündük. kursiyerlerimize teslim edildi. Öncelikle bir yardım cemiyeti İ.Ü Dil Merkezinin müfredatı olmamamıza rağmen kendi doğrultusunda verdiğimiz imkânlarımızla ve insanî Türkçe kursu bitiminde Dil değerler ölçüsünde birçok Merkezi, bir sınav yapacak yardım faaliyetine giriştik. Bu ve sınav sonucunda başarılı yardım faaliyetleri sonucu kursiyerlere birer sertifika olarak tanıştığımız Suriyeli verecek. Tabi Suriyeli yazarları TYB Urfa şubesine yazarların belgeye değil davet ettik. Davet ederken bilgiye, Türkçeyi öğrenecek de bizden hangi taleplerde kadar bilgiye ihtiyaçları bulunacaksanız öncelik vardı. Bu ilgisinden ve sırasına koyarak taleplerinizi alakasından dolayı İ.Ü. Dil iletiniz dediydik. merkezi başkanı Yrd. Doç.

Dr. Mehmet Yalçın Yılmaz Bir Cuma akşamı Rızvaniye hocamıza da teşekkür Medresesindeki yerimizde etmeliyiz. onlarla ilk toplantımızı yaptık.

Suriyeli Yazarların Ülkemizde Suriyeli yazarlarımız da ilk çıkardığı Al-Harmal hafta da kursumuza intibak

HUZURA VARIŞ Yum avuçlarını Huzur düşmesin Yedi kat göğe ulaşsın sesin Yedi kat yere saba nefesin Yedi kıt›aya meltem olsun Yum gözlerini Dua niyetine Huzur sinsin içine Tohuma dursun yine Dört mevsim bahar olsun um ağzını Her yer sussun

Twitter.com/AlharmalJournal Alharmal.journal@gmail.com

Kursumuzun ikinci haftasında Haliliye Kaymakamı Yusuf Ziya Çelikkaya bey bizleri nezih bir mekanda akşam yemeğinde ağırladı. Yemeğe Şanlıurfa Valimiz İzettin Küçük beyin de geleceğini söylediydi. Vali İzettin Küçük Bey de yemek sonunda Suriyeli Yazarları dinledi.

Türkçe kursundan dolayı bize teşekkür etti. Ayrıca İlin en büyük mülki amiri olarak Suriyeli Yazarların çıkardığı Al-Harmal gazetesinin bir yıllık finansmanını üstleneceğini söyledi.

Bununla da yetinmedi Suriyeli Yazarların Urfa’daki merkezinin bir yıllık kirasını karşılayacağını söyledi.

Daha Suriyeli Yazarların talepleri yokken kıymetli valimiz bu kadirşinaslığını gösterdi. Daha sonra Suriyeli yazarların tanışma

‫محمد أويماك‬

MEHMET OYMAK

Yüreğinin sesi duyulsun Çocuklar huzura uyusun Sevgiyle dolsun gönüller Yum parmaklarını Yazsın kalem Selama dursun alem Anlamını bulsun «Kelam» İnsanlığa deva olsun Yum yumruğunu Şerre Barış gelsin beşere Düşmanlık gömülsün yere

Facebook.com/AlharmalJournal

sağladılar. Ayrıca Al-Harmal gazetesinin bir sayfasını bizim için ayırdılar. Aynı zamanda Milat gazetesindeki yazılarımızdan “Mervan ve Onlar Savaşın Çocukları” adlı yazıyı Arapçaya çevirerek Al-Harmal gazetesinde yayınladılar. Özellikle kursun ikinci haftasına girerken Al-Harmal’da “Suriyeli yazarlar Türkçe öğreniyorlar” yazısında bir anekdot ilgimi çekmişti.

Bizden sitayişle bahseden Suriyeli yazarlar, daha önce bölge üniversitelerinden birine gidip Türkçe öğrenmek istediklerini söylemişler. Üniversite yönetimi de Türkçe öğrenmeleri için kendilerinden 900 Euroluk para talep etmişler. Türk Lirası da değil! Biz ise onlardan para değil dua talep ettik.

‫أيوب أضالل‬

İnsanlığa bayram olsun.

‫ليك يُسمع صوت قلبك‬ ‫ليك يتعلم األطفال الهدوء والسالم‬ ‫ليك متتلئ قلوبهم بالحب‬ ‫اقبض أصابعك‬ ‫ليكتب القلم‬ ‫ليك يقف العامل ألجل السالم‬ ‫ليك يجد القلم معناه‬ ‫ليك يكون من أجل اإلنسانية‬ ‫اقبض يدك للرش‬ ‫ليك يصل السالم للبرشية‬ ‫ليك تخمد العدوانية‬ ‫ليك يكون عبدا ً لإلنسانية‬

‫اقبض يديك‬ ‫اقبض يديك‬

‫ليك ال تُسقط السالم‬ ‫حتى يصل صوتك لسبع سموات‬ ‫حتى يصل نسيم نفسك إىل سبعة أطباق تحت‬ ‫األرض‬ ‫ليك تكون عرب ًة وآي ًة يف سبع قارات‬ ‫اغمض عينيك‬ ‫بنية دعائك‬ ‫حتى يدخل الرسور إىل داخلك‬ ‫للسامح للبذور مرة أخرى‬ ً‫حتى تكون فصولك األربعة ربيعا‬ ‫اصمت‬ ‫ليك يصمت كل املكان‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرقة لكل الس��وريني‬ ‫ يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬:‫ مدي��ر التحري��ر‬- ‫ ماج��د رش��يد العوي��د‬:‫ رئي��س التحري��ر‬- ‫ بس��ام البليب��ل‬:‫رئي��س جمل��س اإلدارة‬ ‫ للتواصل عرب تويرت‬.‫ إياس احملمد‬- ‫ حممد صلييب‬-‫ عروة املهاوش‬- ‫ إبراهيم العلوش‬- ‫ خلف اجلربوع‬- ‫ أسعد فخري‬:‫هيئة التحرير‬ .‫ مصطفى سليمان‬- ‫عبدالرمحن اهلويدي‬ ‫للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete

Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB: 00905459679973 SAYI:3 YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ : ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33

‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫زاويـة حـرة‬ ‫الخروج من الوضع الراهن؟!‬ ‫بسام البليبل‬

‫املمثلة العاملية أنجلينا جولي تتبنى طفالً ســورياً‬ ‫قامــت املمثلــة العامليــة «أنجلينــا جــويل»‪،‬‬ ‫بتبنــي طفــل ســوري اســمه «مــوىس» كانــت قد‬ ‫تعرفــت عليــه خــال إحــدى زياراتهــا إىل مخيم‬ ‫لالجئــن الســويني يف تركيــا‪ .‬وكان «مــوىس»‬ ‫يعيــش يف مخيــم «التنــوز» لالجئــن يف هاتــاي‬ ‫الرتكيــة حيــث تــويف والــده خــال الثــورة‬ ‫الســورية منــذ نحــو أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫وأفــاد مســؤول اإلغاثــة يف املخيــم الــريك‪ ،‬أن‬ ‫ســفرية النوايــا الحســنة يف األمــم املتحــدة‬ ‫«جــويل» تعرفــت عــى هــذا الطفــل مــن‬ ‫املرتجمــة الخاصــة بهــا‪ ،‬وعندمــا رآهــا مــوىس‬ ‫ألول مــرة كان يبتســم بســعادة كبــرة‪ ،‬ولكنهــا‬

‫مل تســتطع أن تســيطر عــى دموعهــا‪ ،‬وقبــل أن العربيــة قوانــن ومراســيم متنــع الســوريني مــن الدخــول إىل أراضيهــم‪.‬‬ ‫تصــل إليــه تقــدم إليهــا وعانقهــا‪ ،‬وهــي كانــت‬ ‫حنونــة وعاطفيــة معــه للغايــة‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫أضحــك الجميــع رغــم تأثرهــم»‪.‬‬ ‫يُذكــر أن «مــوىس» ســينضم ألبنــاء «جــويل»‬ ‫و»بـراد بيــت» الســتة وهــم مادوكــس ‪ 13‬عاماً‪،‬‬ ‫باكــس ‪ ،11‬وزهــرة التــي تبنتهــا مــن «إثيوبيــا»‬ ‫‪ 9‬ســنوات‪ ،‬وشــيلوه ‪ 8‬ســنوات والتــوأم فيفــان‬ ‫ونوكــس البالغــان مــن العمــر ‪ 5‬ســنوات‪.‬‬ ‫وتــأيت هــذه البــادرة الطيبــة مــن الفنانــة جــويل‬ ‫يف ظــل غيــاب الدعــم العــريب والــدويل عــن‬ ‫الالجئــن الســوريني‪ ،‬وإصــدار عــدد مــن الــدول‬

‫معركــة جنــاق قلعــة غــرت مســار التاريــخ‬

‫‪Çanakkale savaşı tarihin akışını değiştirdi‬‬

‫ي��ع نص��ر جن��اق قلع��ة ال ميكن��ه فه��م تركي��ا‬ ‫أردوغ��ان‪ :‬م��ن مل ِ‬ ‫‪Cumhurbaşkanı Erdoğan: Çanakkale›yi anlamayan‬‬ ‫‪Türkiye›yi asla anlayamaz‬‬

‫قــال الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان‪« :‬إن‬ ‫انتصــارات جنــاق قلعــة‪ ،‬ليســت ن ـرا ً لقــوم‪ ،‬أو إثنيــة‬ ‫بعينهــا‪ ،‬وإمنــا نــر لــكل تركيــا‪ ،‬وجميــع الشــعوب‬ ‫الشــقيقة والصديقــة‪».‬‬ ‫جــاء ذلــك خــال الكلمــة التــي ألقاهــا يف االحتفــال‬ ‫الجامهــري يف الذكــرى الثامنــة والتســعني ملعركــة جناق‬ ‫قلعــة البحريــة‪ ،‬التــي دحــر فيهــا الجيــش العثــاين‬ ‫قــوات الحلفــاء عــن األرايض الرتكيــة يف عــام ‪ 1915‬إبــان‬ ‫الحــرب العامليــة األوىل‪.‬‬ ‫وأضــاف أردوغــان‪« :‬إن الــذي مل يـعِ هــذا النــر بعمــق‪،‬‬ ‫ال ميكــن أن يــدرك معــاين البــذل والعطــاء الــذي ميثلــه‪،‬‬ ‫وال التضامــن واإلخــوة التــي أبرزهــا بــن أبنــاء الشــعب‪،‬‬ ‫وبالتــايل ســيصعب عليــه فهــم هــذا الوطــن‪ ،‬وشــعبه‬ ‫واإلخــوة التــي تجمــع أبنــاءه‪».‬‬ ‫وأوضــح أن شــهداء معركــة جنــاق قلعــة ميثلــون هويــة‬ ‫الشــعب الــريك‪ ،‬وهــذا النــر ســطر ملحمــة غــرت‬ ‫مســار التاريــخ‪ ،‬وصــاغ تعريفـاً ملفهــوم الشــعب واألمــة‬ ‫لدينــا‪.‬‬ ‫ودعــا أردوغــان إىل اســتخالص الــدروس‪ ،‬والعــر مــن‬ ‫املناســبة العظيمــة‪ ،‬لتعزيــز اإلخــوة بــن أبنــاء الشــعب‬ ‫واالنطــاق نحــو املســتقبل كشــعب واحــد‪ ،‬يجمعــه‬ ‫وطــن واحــد‪ ،‬ودولــة واحــدة‪ ،‬تحــت رايــة واحــدة‪.‬‬ ‫ويصطــف عــى ثــرى جنــاق قلعــة‪ ..‬األلــوف مــن‬ ‫شــواهد القبــور التــي تضــم جثامــن الجنــود الذيــن‬ ‫قضــوا يف املعركــة‪ ،‬ونقــرأ عــى شــواهد القبــور أســاء‬

‫جنــود قدمــوا مــن أســراليا ونيوزيلنــدا ليحاربــوا يف‬ ‫ركاب بريطانيــا التــي خاضــت تلــك الحــرب متحالفــة‬ ‫مــع فرنســا وروســيا‪ ،‬فيــا نقــرأ عــى القبــور يف الجهــة‬ ‫املقابلــة أســاء شــهداء أتــراك وعــرب جــاء أصحابهــا‬ ‫مــن حلــب ودمشــق وبغــداد والقــدس والرقــة ملحاربــة‬ ‫الغــزاة القادمــن مــن وراء البحــار‪.‬‬ ‫تعتــر تركيــا يــوم التاســع مــن آب مــن كل عــام يوم ـاً‬ ‫وطنيــاً‪ ،‬فيــا تعتــر دول الحلفــاء يــوم الخامــس‬ ‫والعرشيــن مــن نيســان يومــاً للذكــرى‪ ،‬وقــد أقــام‬ ‫كل منهــا ن ُ​ُصبــاً تذكاريــة لجنودهــا يزورهــا ممثلوهــا‬ ‫بانتظــام‪ ،‬ففــي عــام ‪ 2005‬عندمــا حلّــت الذكــرى‬ ‫التســعون للمعركــة‪ ،‬اجتمعــت يف شــبه جزيــرة غاليبــويل‬ ‫وفــود ترأســها رئيــس الــوزراء األســرايل ونظريتــه‬ ‫النيوزيلنديــة واألمــر تشــارلز ويل العهــد الربيطــاين‪،‬‬ ‫وحــر املناســبة رئيــس الــوزراء الــريك رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان‪.‬‬ ‫يذكــر أن مســاهمة الجنــود العــرب يف تلــك املعركــة‬ ‫الطاحنــة بقيــت طــي النســيان‪ ،‬وغــاب ذكــر الضبــاط‬ ‫العــرب الذيــن خدمــوا يف «جنــاق قلعــة» وغريهــا مــن‬ ‫مواقــع املعــارك يف الحــرب العامليــة األوىل عــن التاريــخ‬ ‫العســكري‪.‬‬ ‫وتظهــر يف الصــورة املأخــوذة يف مقابــر شــهداء جنــاق‬ ‫قلعــة صــور لقبــور شــهداء استشــهدوا يف املعركــة مــن‬ ‫حلــب وحــاة والرقــة والقــدس وغــزة‪..‬‬ ‫هنيئــا للشــعب الــريك بــكل مكوناتــه انتصــاره التاريخي‬ ‫الكبــر يف هــذه امللحمــة البطوليــة‪.‬‬

‫لقــد اســتمدت المعارضــة – وال ســيما معارضــة‬ ‫الخــارج – شــرعيتها مــن امتطائهــا مــا صدحــت بــه‬ ‫حناجــر الثــوار‪ ،‬وضجــت بــه لهواتهــم مــن شــعارات‪.‬‬ ‫وعلــى مــدى أربــع ســنوات ظــل مقيــاس والء‬ ‫المعارضــة مرتبطــا ً بمــدى االنحيــاز والتمســك‬ ‫بالعبــارات العاطفيــة التــي مــأت جــدران ســورية‪،‬‬ ‫وارتفعــت فــي الفتــات المظاهــرات الحاشــدة‪.‬‬ ‫وظــ َّل مقيــاس الثوريــة منحصــراً فــي مقولــة أنّ‬ ‫الثــوري مــن يقــول ال‪ ،‬وظــل األوصيــاء الرســوليون‬ ‫علــى الثــورة يرفضــون أن يتشــارك معهــم اآلخــرون‬ ‫هــذه الشــرعية لمجــرد أنهــم يختلفــون معهــم فــي‬ ‫الــرأي فــي كيفيــة الوصــول إلــى أهــداف الثــورة‪،‬‬ ‫رغــم االتفــاق علــى األهــداف النهائيــة‪.‬‬ ‫األمــر الــذي حــول الهويــة الثوريــة إلــى «ســرير‬ ‫بروكســت» الــذي يشــترط أن يكــون مقيــاس كل مــن‬ ‫يزعــم أنــه مــع الثــورة علــى مقــاس هــذا الســرير‪،‬‬ ‫حتــى لــو اقتضــى األمــر بتــر أطرافــه‪ ،‬أو مــط جســده‪،‬‬ ‫وهــذا مــا انعكــس عجــزاً فــي اتخــاذ قــرارات جريئــة‬ ‫وحاســمة فــي تحديــد مســار الثــورة‪ ،‬واالنتقــال بهــا من‬ ‫الرؤيــة العاطفيــة إلــى الرؤيــة العقليــة‪ ،‬ومــن االرتجال‬ ‫إلــى التخطيــط‪ ،‬ومــن المســايرة إلــى المبــادرة‪ ،‬ومــن‬ ‫االنقيــاد إلــى القيــادة الحقيقيــة والفاعلــة‪.‬‬ ‫كمــا ســاهم هــذا األمــر فــي إصابة الثــورة بــكل أدوائها‬ ‫ـراخ‪،‬‬ ‫الحاليــة‪ ،‬مــن شــرذمة‪ ،‬وترهــل‪ ،‬وتعــارض‪ ،‬وتـ ٍ‬ ‫وانفضــاض فــي الدعــم العربــي والدولــي‪ ،‬وفقــدان‬ ‫الثقــة الشــعبية بالمتصدريــن لقيــادة المعارضــة‪ ،‬ونفور‬ ‫جماهيــري منهــا‪ ،‬فشــلت المعارضــة فــي تبديــده‪،‬‬ ‫وإعــادة اجتــذاب الجماهيــر إليهــا مــر ًة أخــرى‪.‬‬ ‫إنّ فشــل المعارضــة الخارجيــة المتمثلــة باالئتــاف –‬ ‫رغــم تعاقــب قيــادات مختلفــة علــى رئاســته – ناج ـ ٌم‬ ‫عــن تغييــر فــي الشــكل دون المضمــون‪ ،‬وتغييــر فــي‬ ‫األشــخاص دون تغييــر فــي النهــج‪ ،‬واالرتهــان لنمطية‬ ‫الواقــع دون التفكيــر بالتحــرر مــن هــذه الســلطة‪،‬‬ ‫وتكويــن رؤيــة جديــدة مختلفــة فــي إطــار نســق مــن‬ ‫القيــم اإليجابيــة والثوريــة التــي يتفــق عليهــا الجميــع‪.‬‬ ‫لقــد حدثــت تحــوالت كبيــرة منــذ انطــاق الثــورة‬ ‫الســورية التــي بــدأت ســلمية‪ ،‬وانتهــت حرب ـا ً متعــددة‬ ‫الدوافــع واألشــكال‪ ،‬مثلمــا حدثــت تحــوالت فــي‬ ‫السياســة اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬وتدخــل قــوى خارجيــة‬ ‫ســاهم فــي إطالــة عمــر النظــام‪ ،‬وانعكــس قتــاً‪،‬‬ ‫واختفــا ًء قســرياً‪ ،‬واعتقــاالً‪ ،‬وتهجيــراً‪ ،‬وتدميــراً ليــس‬ ‫لــه مثيــل فــي العصــر الحديــث‪ ،‬األمــر الــذي يقتضــي‬ ‫مــن قيــادات المعارضــة التفكيــر الجــاد والجــريء‬ ‫باســتراتيجيات جديــدة تأخــذ بعيــن االعتبــار قبــل أي‬ ‫اعتبــار آخــر صيانــة حــق الحيــاة للمواطــن الســوري‬ ‫ألنّ منــاط اإلنســانية أال يتــم التضحيــة بإنســان مــن‬ ‫أجــل أيــة غايــة‪ ،‬وألنّ النصــر األكبــر للثــورة أن‬ ‫تكــون مــادة للحيــاة‪ ،‬وليســت ســبيالً إلــى المــوت‪.‬‬ ‫وإذا لــم تــرع الثــورة‪ ،‬وقياداتهــا المختلفــة‪ ،‬واقــع‬ ‫الشــعب الــذي قامــت مــن أجلــه‪ ،‬بعــد أربــع ســنوات‬ ‫مريــرة أتــت علــى البشــر والحجــر‪ ،‬وانطالقـا ً مــن أنّ‬ ‫الثــورة هــي الخــروج مــن الوضــع الراهــن وتغييــره‪،‬‬ ‫فإننــا قــد نحتــاج إلــى ثــورة علــى الثــورة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا الكائ��ن خل��ف بلدي��ة أورف��ا‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثامن ‪ 15 /‬كانون الثاني ‪2015‬‬