Alharmal (10) 15 02 2015 العدد العاشر من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬ ‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬

‫من مجزرة حماة‬ ‫الكربى إىل‬

‫مجازر دوما‬

‫ماجد رشيد العويد‬ ‫شــكّلت مجــزرة حــاة الكــرى يف ‪2‬‬ ‫شــباط ‪ 1982‬الذاكــرة الباطنيــة للســوريني‬ ‫ينتهــي عندهــا كل تطلــع لهــم نحــو الحريــة‪،‬‬ ‫ويتوقــف عندهــا كل أمــل باملــرور بحــاة إىل‬ ‫دمشــق‪ ،‬فحــاة القدميــة العريقــة اختفــى‬ ‫يف بحــر أســابيع أكــر مــن ثلثيهــا‪ ،‬واستشــهد‬ ‫مــن أهلهــا مــا بــن ‪ 25‬و ‪ 30‬ألــف إنســان‪،‬‬ ‫لتصبــح‪ ،‬بعــد املجــزرة‪ ،‬وبعــد حصــار وعــز ٍل‬ ‫عــن العــامل مدينــ َة األمل الســوري‪ ،‬والدالــة‬ ‫عــى القهــر املقيــم‪ ،‬وعــى نفــاق العــامل الــذي‬ ‫ظــل مســتمرا ً بعــد انــدالع الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫ومهادنــاً نظــام اإلرهــاب املافيــوي‪.‬‬ ‫غــر أن جــرح حــاة النــازف تســلل دمــه إىل‬ ‫عــروق املحافظــات الســورية‪ ،‬فــإذا بــه يثــور‬ ‫يف كل قريــة ومدينــة ومحافظــة‪.‬‬ ‫يف ‪ 15‬ـ ‪ 3‬ـ ‪ 2011‬قامــت الثــورة الســورية‬ ‫العظيمــة‪ .‬بــدأت بأطفــال درعــا‪ ،‬ومل تقــف‬ ‫عنــد نســاء ســورية‪ .‬يريــد الــدم الحمــوي قول‬ ‫كلمتــه فكانــت الثــورة الســورية املباركــة‪.‬‬ ‫غــر أن مــا حــدث يف عمــوم ســوريا فــاق‬ ‫بكثــر مــا حــدث يف حــاة ولهــا‪ .‬حمــص‬ ‫ُد ّمــرت وكذلــك مــدن ســوريا أخــرى‪ .‬ومــا‬ ‫يجــري اآلن يف دومــا ترجمــة كاملــة ونهائيــة‬ ‫لحقــد يرتبــط بلغــة االســتبداد‪ ،‬وبنــاء‬ ‫التحالفــات عــى أســس مذهبيــة‪ ،‬ويرتبــط‬ ‫بكــريس مشــغول بالــدم أكــر مــن ارتباطــه‬ ‫بوطــن يقــوم عــى املــودة والتســامح‪.‬‬ ‫فدومــا التــي اســتعصت عــى األســد‪ ،‬وصمــد‬ ‫ثوارهــا بوجهــه‪ ،‬ومل يتمكــن مــن اقتحامهــا‬ ‫رغــم الســنني الطويلــة مــن الحصــار‪ ،‬أكــدت‬ ‫مــن جديــد أن ال جــدوى مــن محــاوالت‬ ‫االلتفــاف عــى الثــورة وإجهاضهــا‪ ،‬وأن‬ ‫الكلمــة الفصــل للشــعب الســوري الــذي‬ ‫اهتــدى ببوصلــة الــدم الحمــوي الــذي راكــم‬ ‫عــر العقــود املاضيــة رغبتــه األصيلــة بحريتــه‬ ‫وكرامتــه‪ ،‬وأن األســد لــن يكــون جــزءا ً مــن‬ ‫الحــل‪.‬‬ ‫وإذا كانــت ســوريا اليــوم تبــدو مقطعــة‬ ‫األوصــال بــن النظــام‪ ،‬والجامعــات املتطرفــة‪،‬‬ ‫والجيــش الحــر‪ ،‬فألنهــا تقــوم بكنــس العفــن‬ ‫املرتاكــم عــر أكــر مــن خمســن ســنة‪ ،‬وألن‬ ‫الثــورة الســورية تختلــف عــن مثيالتهــا‬ ‫العربيــة يف أنهــا ثــورة مبرحلــة واحــدة‪ ،‬وأمــا‬ ‫عمرهــا املديــد‪ ،‬فألنهــا تعمــل عــى اقتــاع‬ ‫جــذر االســتبداد الــذي متكــن مــن الســوريني‬ ‫بالــدم الــذي أراقــه‪ ،‬والــذي ينقلــب عليــه‬ ‫اليــوم‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫خنساوات سورية أمهات الشهداء‬

‫عطاءات التنضب حتى يف دول النزوح‬

‫طاملــا قدمــت األم الســورية كل‬ ‫طاقاتهــا‪ ،‬لوطنهــا ومجتمعهــا‪ ،‬وتضحيــات‬ ‫يعجــز عــن بعضهــا‪ ،‬رجــال كــر‪ ،‬رغــم متيــز‬ ‫الرجــال بالقــوة العضليــة‪ ،‬إال أن املــرأة‬ ‫لديهــا صــر وجلــد‪ ،‬خصهــا اللــه ســبحانه‬ ‫وتعــاىل بــه‪ ،‬شــاركت يف الحــروب مــن بدئهــا‬ ‫يف التاريــخ‪ ،‬إىل يومنــا هــذا‪ ،‬وكان لهــا دورا ً‬ ‫مؤثــرا ً يف الثــورة الســورية‪ ،‬التــي انتفضــت‬

‫بوجــه حاكمهــا بشــار األســد وأعوانــه‪ ،‬فهــا‬ ‫هــي خنســاء ديــر الــزور التــي قدمــت ســتة‬ ‫شــهداء مــن أبنائهــا‪ ،‬ففــي البدايــة استشــهد‬ ‫أبناؤهــا األربعــة‪ ،‬والتحــق الخامــس بالجيــش‬ ‫الحــر‪ ،‬وبقــي لديهــا أصغرهــم‪ ،‬نظــرت وهــي‬ ‫تــودع خامــس أبنائهــا‪ ،‬وقالــت بحــزم‪ :‬خــذ‬ ‫أخيــك معــك‪ ،‬فــإن كتبــت لكــم الحيــاة‬ ‫عدتــم إيل‪ ،‬وإال ال يعــودن إيل أحدكــم دون‬ ‫أخيــه‪.‬‬ ‫قصــص ال تعــد وال تحــى عــن أمهــات‬ ‫ســورية‪ ،‬وزوجــات قدمــن للوطــن فلــذات‬ ‫أكبادهــن وأزواجهــن قرابــن عــى مذابــح‬ ‫الحريــة‪ ،‬تابعــت املــرأة عطاءاتهــا حتــى يف‬ ‫دول النــزوح واالغــراب رغــم كل الظــروف‬ ‫الصعبــة‪ ،‬بــل شــبه املســتحيلة للعيــش ضمــن‬ ‫أقــل الــروط للحيــاة املســتقرة ماديــاً‪.‬‬ ‫يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬بــرزت‬ ‫أنشــطة عـ ّدة لســوريات حاولــن طــرق أبواب‬ ‫الحيــاة بطريقــة صحيحــة‪ ،‬تعــود بالخــر عــى‬ ‫عوائلهــن‪ ،‬وتكفيهــن مذلــة الســؤال‪ ،‬ومــن‬ ‫هــذه النشــاطات افتتــاح معــرض ملنظمــة‬ ‫تجمــع نســاء ســوريا مــن أجــل الســام‬ ‫يــوم االثنــن الواقــع يف ‪ 2015/2/9‬يف قاعــة‬ ‫املعــارض يف مبنــى بلديــة أورفــا الكــرى‪،‬‬ ‫تضمــن مشــغوالت يدويــة‪ ،‬وألبســة‪ ،‬وتصنيــع‬ ‫وتعليــب املــواد الغذائيــة‪.‬‬ ‫تحدثــت الســيدة «فلــك الحســن» رئيســة‬ ‫املنظمــة‪ ،‬معرفــة باملنظمــة وكيفيــة‬ ‫تأسيســها‪ :‬تجمــع نســاء ســوريا مــن أجــل‬ ‫الســام منظمــة نســائية تعنــى بالشــأن‬ ‫االجتامعــي‪ ،‬واملــرأة الســورية‪ ،‬ورمبــا يكــون‬ ‫معرضنــا اليــوم هــو أحــد املشــاريع الهامــة‬ ‫التــي قمنــا بالعمــل بهــا لتفعيــل دور املــرأة‬ ‫يف بــاد اللجــوء‪ ،‬وتظاهــرة مــن هــذا النــوع‬ ‫مــن املؤكــد أنهــا ســتعطينا األمــل والدافــع‪،‬‬ ‫للتفكــر مبشــاريع أخــرى تعــود بالفائــدة‬ ‫عــى املــرأة والعائلــة الســورية‪ ،‬التــي تعــاين‬

‫مــن فاقــة العيــش‪ ،‬ومســتلزمات الحيــاة يف‬ ‫اللجــوء الــذي طــال أمــده‪.‬‬ ‫وتضيــف قائلــة‪ :‬كــا تــرون املعــرض يحتــوي‬ ‫عــى العديــد مــن النوافــذ املخصصــة مثــل‬ ‫الســوق الغذائيــة‪ ،‬وفيــه جميــع أنــواع‬ ‫املأكــوالت الســورية‪ ،‬وقــد ســاعدتنا يف هــذا‬ ‫املجــال منظمــة (‪ .)IMC‬إضافــة إىل الســوق‬ ‫املختصــة بالخياطــة‪ ،‬الــذي يعتــر الجانــب‬

‫الســوري يف مدينــة أورفــا أجابــت الســيدة‬ ‫فلــك‪ :‬بالنظــر إىل القوانــن الرتكيــة التــي ال‬ ‫تســمح للرجــل الــريك بتعــدد الزوجــات‪،‬‬ ‫ومشــكلة تثبيــت الــزواج يف تلــك الحالــة‪،‬‬ ‫وســاعنا للعديــد مــن القصــص املؤســفة‬ ‫التــي حصلــت لألخــوات الســوريات‪ ،‬فقــد‬ ‫قمنــا بزيــارات عديــدة لألحيــاء التــي تقطنهــا‬ ‫العائــات الســورية‪ ،‬والتقينــا بالكثــر منهــم‪،‬‬

‫األهــم مــن عملنــا‪ ،‬وتضــم ورشــة الخياطــة‬ ‫العديــد مــن النســاء والشــباب‪ ،‬ونعمــل‬ ‫مــن خاللهــا عــى تقديــم العــون ألخواتنــا‬ ‫الســوريات‪ ،‬إضافــة ألعاملنــا الســابقة‬ ‫وورشــنا‪ .‬لدينــا اليــوم ســوق األعــال‬ ‫اليدويــة‪ ،‬قمنــا بــه مبشــاركة مــع منتــدى‬ ‫الخابــور املــدين لكنــه مل يســتمر معنــا يف‬ ‫التعــاون‪ ،‬رمبــا نتيجــة ظــروف خاصــة ميــر‬ ‫بهــا املنتــدى‪ ،‬لكننــا أكملنــا املــروع بشــكل‬ ‫فــردي وخــاص‪.‬‬ ‫وردا ً عــى ســؤالنا عــن املبــادرات التــي‬ ‫قامــت بهــا املنظمــة فيــا يخــص الالجــئ‬

‫وســاعدناهم يف تذليــل الكثــر مــن العقبــات‬ ‫فيــا يخــص زواج القــارصات‪ ،‬وتوثيــق هــذه‬ ‫الحــاالت ضمــن قيــود رســمية‪ ،‬ووجدنــا‬ ‫تجاوبــاً وتفهــاً مــن الجانــب الــريك مــا‬ ‫دفعنــا للطلــب مــن املعنيــن بإيجــاد آليــة‬ ‫لحفــظ حقــوق الســوريات املتزوجــات مــن‬ ‫األتــراك‪ ،‬شــكلنا حملــة مــن ‪ 25‬متطوعــاً‬ ‫ومتطوعــة‪ ،‬وكانــت مهمتهــا زيــارة العائــات‬ ‫الســورية يف مناطــق ســكنهم‪ ،‬لتوعيتهــم‬ ‫وتقديــم النصــح حــول زواج القــارصات‬ ‫واملشــاكل التــي ســيتعرضون لهــا يف حــال‬ ‫حــدوث مثــل تلــك الحــاالت‪.‬‬

‫ملاذا الثوار يرفضون تنظيم داعش؟!‬ ‫منــذ بدايــة الثــورة الســورية خــرج الشــعب‬ ‫الســوري ضــد النظــام الحاكــم‪ ،‬ولديــه مطالــب محــددة‬ ‫متثلــت بإســقاط النظــام والحريــة والكرامــة‪ ،‬وبنــاء‬ ‫دولــة دميوقراطيــة تقــوم عــى احـرام اإلنســان‪ ،‬وتقويــة‬ ‫مبــادئ الحريــة‪ ،‬وصــون كرامــة االنســان‪.‬‬ ‫لكــن بعــد ظهــور الجامعــات االســامية املتشــددة‬ ‫واملتمثلــة بـ»جبهــة النــرة – تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫اســتغل النظام الســوري موضــوع املتشــددين ليظهرهم‬ ‫أمــام العــامل أنهــم املعارضــة الســورية املســلحة‪ ،‬وأن مــا‬ ‫يف ســورية ليــس ثــورة شــعبية‪ ،‬غــر أن العــامل كشــف‬ ‫لعبــة االســد القــذرة‪ ،‬وعــرف أن النــاس البســيطة التــي‬ ‫طالبــت بالحريــة والدميوقراطيــة ال متثلهــا داعــش وال‬ ‫غريهــا‪.‬‬ ‫بعــد الســنة الثالثــة للثــورة بــدأت حركــة النشــاط املدين‬ ‫تختفــي بشــكل تدريجــي بعدمــا كانــت قويــة بســبب‬ ‫انتهــاكات هــذه الجامعــات‪ ،‬حيــث كانــت تدخــل‬ ‫املناطــق املحــررة مــن النظــام‪ ،‬وتقــوم مبحاربــة وتكفــر‬ ‫الفصائــل املعارضــة لألســد حتــى دون أدلــة رشعيــة‪،‬‬ ‫وأيضـاً بــدأت باعتقــال نشــطاء الثــورة‪ ،‬وحــاالت خطف‬

‫وتهجــر قــري‪،‬‬ ‫وحتــى إعدامات‬ ‫ميدانيــة‪ ،‬وأي‬ ‫شــخص يعــارض‬ ‫مــر و ع‬ ‫« ا لخال فــة‬ ‫اإلســامية»‪.‬‬ ‫يف مدينــة الرقــة‬ ‫بعــد ســيطرة‬ ‫الجيــش الحــر‬ ‫عــى املدينــة‪،‬‬ ‫كانــت الرقــة‬ ‫تعيــش مرحلــة‬ ‫ســوريا الحــرة املســتقبلية‪ ،‬عاشــتها بشــكل حقيقــي‬ ‫ثالثــة أشــهر‪ ،‬لكــن بعــد دخــول املتشــددين أصبحــت‬ ‫األمــور ســيئة للغايــة‪ ،‬وبــدأت بالتســلط واالســتبداد‬ ‫عــى أهــايل املدينــة‪ ،‬حيــث رشعــت باعتقــال غالبيــة‬ ‫مــن شــاركوا يف الثــورة‪ ،‬جيــش حــر‪ ،‬حــراك مــدين‪،‬‬ ‫مثقفــن نشــطاء إعالميــن أو حتــى نشــطاء مدنيــن‪،‬‬ ‫وســجل أكــر مــن ‪ 1200‬حالــة اعتقــال مــن الرقــة‬

‫وحدهــا‪.‬‬ ‫طبعاً عدا عن‬ ‫السجناء من املدن‬ ‫األخرى‪ ،‬وصحفيني‬ ‫أجانب‪ ،‬ومنهم‬ ‫الصحفيني الفرنسيني‬ ‫األربعة الذين تم‬ ‫اإلفراج عنهم مؤخرا ً‪،‬‬ ‫وقيامها بتهجري‬ ‫جميع الطوائف من‬ ‫غري املسلمني السنة‪.‬‬ ‫واألمر املعروف‬ ‫أن غالبية الشعب‬ ‫السوري مسلم‪ ،‬لكن يرفض بشكل قاطع ترصفات‬ ‫داعش ألنها ال متت لإلسالم بصلة مام شكل حاجزا ً‬ ‫يف نفوس املدنيني من مقاطع الفيديو التي تبثها عىل‬ ‫اليوتيوب‪ ،‬أو حتى أمامهم بشكل مبارش‪.‬‬ ‫يقــول حــازم حســن ‪ 26‬عامــاً مــن مدينــة الرقــة‪:‬‬ ‫داعــش هــي الوجــه اآلخــر إلرهــاب وإجــرام نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬ويضيــف قائ ـاً‪ :‬ال فــرق بــن إرهــاب وإج ـرام‬

‫عروة المهاوش‬

‫كذلــك التعــاون بيننــا وبــن (مركــز املجتمــع‬ ‫املــدين الدميقراطــي) فيــا يخــص األطفــال‬ ‫الذيــن يغــرر بهــم للقتال مــع بعــض الفصائل‬ ‫داخــل ســوريا‪ ،‬وقــد زرنــا أكــر مــن ‪ 90‬عائلة‪،‬‬ ‫وقدمنــا لهــم بعــض الحلــول ملســاعدتهم عىل‬ ‫اســرجاع أطفالهــم مــن ســاحات القتــال‪ .‬كــا‬ ‫نتعــاون مــع املنظــات الرتكيــة والســورية‬ ‫عــى الســواء يف تدريــب كادرنــا لتقديــم‬ ‫أقــى مــا ميكننــا مــن املســاعدات للعائــات‬ ‫الســورية يف مدينــة أورفــا‪.‬‬ ‫رغــم عملنــا التطوعــي املجــاين إال أننــا‬ ‫نشــعر بتقصرينــا نحــو أهلنــا‪ ،‬ونعمــل عــى‬ ‫تقديــم كل مــا ميكننــا ملســاعدتهم‪ ،‬وتدريــب‬ ‫األخــوات الســوريات عــى املهــن التــي تخــص‬ ‫املــرأة الســورية‪ ،‬لرفــد ســوق العمــل بكــوادر‬ ‫وأيــد عاملــة ســورية خبــرة‪ ،‬مــا يســاعد‬ ‫تلــك العوائــل عــى العيــش الكريــم‪.‬‬ ‫نحــن يف منظمــة تجمــع نســاء ســوريا مــن‬ ‫أجــل الســام نضــع كل طاقاتنــا وكادرنــا‬ ‫املؤلــف مــن ‪ 50‬متطوعــاً ومتطوعــة‪ ،‬يف‬ ‫خدمــة أهلنــا‪ ،‬وتذليــل العقبــات بعيــدا ً عــن‬ ‫األجنــدات السياســية‪.‬‬ ‫وإجابــة عــى ســؤالنا حــول العمــل اإلغــايث‬ ‫للمنظمــة أجابــت قائلــة‪ :‬لدينــا العديــد‬ ‫مــن املشــاريع يف هــذا املجــال‪ ،‬ونعمــل‬ ‫عليــه بشــكل جــاد مــن خــال تواصلنــا مــع‬ ‫املنظــات اإلغاثيــة وتقديــم البيانــات لهــم‪،‬‬ ‫وذلــك بعــد أن رأينــا توزيــع غــر عــادل‬ ‫يف املخصصــات والســال الغذائيــة والدعــم‬ ‫اإلغــايث‪.‬‬ ‫هــذه إضــاءة رسيعــة حــول نشــاط منظمــة‬ ‫تجمــع نســاء ســوريا مــن أجــل الســام‪،‬‬ ‫لعلّهــا تكــون فاتحــة خــر يف مجــال عمــل‬ ‫الســوريات ودفعهــن إىل ســوق العمــل‪،‬‬ ‫بالتــوازي مــع مســاعدة األرس الفقــرة‬ ‫املحتاجــة‪ ،‬والتــي ال متتلــك مصــدرا ً للــرزق‪،‬‬ ‫أو معيــاً ينتشــلها مــن واقعهــا املــؤمل‪.‬‬

‫زيد الفارس‬ ‫األســد وداعــش‪ ،‬األول بحجــة وجــود إرهابيــن يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬واآلخــر بحجــة الديــن أو كــا يقــول عنــارص‬ ‫داعــش «علامنيــن كفــرة»‪ ،‬لكــن املعــروف عــن الديــن‬ ‫اإلســامي أنــه ديــن تســامح وكلمــة طيبــة‪ ،‬وليــس دينـاً‬ ‫متطرفــاً‪.‬‬ ‫فقــد ارتكبــوا جرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬وكان آخرهــا يف‬ ‫قريــة الشــعيطات يف مدينــة ديــر الــزور شــايل رشق‬ ‫ســوريا‪ ،‬حيــث أعدمــوا بــدم بــارد أكــر مــن ‪800‬‬ ‫شــخص‪ ،‬وهــم مــن أبنــاء القريــة فقــط ألنهــم حاولــوا‬ ‫طــرد داعــش مــن منطقتهــم‪ .‬ببســاطة النــاس ال تقبلهم‬ ‫وال تقبــل طريقتهــم‪.‬‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى نقــول مــن أيــن جــاءت داعــش‪،‬‬ ‫ولعــي أقــول مــن بنائهــا إســاماً افرتاضيــاً أخــذت‬ ‫تعتمــده‪.‬‬ ‫االســئلة كثــرة لكــن اإلجابــة واحــدة وبســيطة‪ ،‬داعــش‬ ‫قامــت عــى إرهــاب الشــعب الســوري‪ ،‬كــا يقصــف‬ ‫النظــام األحيــاء الســكنية ويقتــل املدنيــن‪ ،‬لكــن داعــش‬ ‫لهــا طريقتهــا الخاصــة‪ ،‬كــا النظــام لديــه طــرق خاصــة‬ ‫بإرهــاب الســوريني‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫حكايات اللجوء‪ ..‬وطن يف خيمة أم خيمة يف وطن !‬

‫عبدالقادر أحمد‬

‫يف مخيــم بــاب الســامة مثــة بــاب للجحيم‪ ،‬بــاب الوجع‬ ‫الســوري النــازف‪ ،‬هــؤالء النازحــون مــن حلــب وأريافهــا‪،‬‬ ‫الذيــن تركــوا وراءهــم بــاب الفــرج‪ ،‬وبــاب النــر‪ ،‬وبــاب‬ ‫يبــق يف وجههــم إالّ بــاب الســامة ومخيمــه‪،‬‬ ‫املقــام‪ ،‬مل َ‬ ‫حيــث محطتهــم األخــرة يف رحلــة املــوت والعــذاب‪.‬‬ ‫عنــد وصــويل إىل املخيــم‪ ،‬كانــت الســاء ملبــدة بالغيــوم‬ ‫وتباشــر الخــر بــدأت بالســقوط‪ ،‬إال أن ذلــك كان وبــاالً‬ ‫عــى أهــل املخيــم‪ ،‬حيــث تغــرق أغلــب الخيــام الواقعــة‬ ‫يف منخفــض األرض‪ ،‬أو تســحبها الســيول لتكــون أثـرا ً بعــد‬ ‫عــن‪ ،‬ولتطــوف البقيــة الباقيــة مــن حطــام مــا ميلكونــه‬ ‫عــى ســطح امليــاه كســفينة منكوبــة تتقاذفهــا ريــح عاتيــة‪.‬‬ ‫أمــا التنقــل بــن الخيــام‪ ،‬فهــو أشــبه بركــوب األمــواج‪،‬‬ ‫ولكنهــا أمــواج مــن وحــل‪ ،‬إن تجاوزتهــا وأنــت تغــوص إىل‬ ‫ركبتيــك‪ ،‬فالبــد أن تكــون مــن املحظوظــن‪ .‬كان الظــام‬ ‫يطبــق عــى املخيــم‪ ،‬والريــح تعصــف‪ ،‬فتهتــز أركان الخيــام‬ ‫الباليــة‪ ،‬التــي طــال مكــوث ســاكنيها‪ ،‬وطالــت معهــا‬ ‫مأســاتهم‪ ،‬فكانــوا ضيوفـاً ثقــاالً عليهــا‪ ،‬وكانــت ثقيلــة عــى‬ ‫قلوبهــم‪.‬‬ ‫***‬ ‫عنــد حلــول الغســق‪ ،‬حيــث ال كهربــاء إالّ مــن مولــدة‬ ‫وحيــدة‪ ،‬ال تــرى غــر وجــوه شــاحبة‪ ،‬وأم تــرخ عــى‬ ‫أطفالهــا لتأويهــم قبــل أن يحــل الظــام‪ ،‬ومثــة بقايــا أســال‬ ‫منشــورة عــى حبــال الخيــام‪ ..‬أبــو محمــد ميتلــك املولــدة‪،‬‬ ‫ويبيــع الكهربــاء ملــن اســتطاع إىل ذلــك مــاالً‪ ،‬حتــى يف‬ ‫مآســينا داخــل املخيــات‪ ،‬هنــاك مــن يســتثمر أموالــه‬ ‫مــن خاللنــا‪ ،‬هكــذا قــال يل مضيفــي «أبــو حســن» وهــو‬ ‫ميــج لفافــة التبــغ الرديئــة‪ ،‬دخلــت برفقتــه إىل خيمتــه‪،‬‬ ‫اســتقبلتنا زوجتــه برتحــاب أهــل الريــف عندمــا يأتيهــم‬ ‫زائــر مــن املدينــة‪.‬‬ ‫أم حســن امــرأة يف أواســط العرشينيــات‪ ،‬أم لطفلــن‪،‬‬ ‫الصغــر ولــد يف املخيــم‪ ،‬تقــول‪ :‬واللــه يــا اســتاذ ال نعــرف‬ ‫أيــن نســجله‪ ،‬ومــاذا ســنكتب يف شــهادة ميــاده‪ ،‬هــل ولــد‬ ‫يف حلــب أم يف املخيــم؟‬ ‫قلت‪ :‬ال‪ ..‬اكتبوا ولد حيث ولدت سوريا الجديدة‪.‬‬ ‫***‬ ‫عــى أطــراف املخيــم أكــوام مــن الحجــارة‪ ،‬قالــوا إنهــا‬ ‫لرصــف طرقــات املخيــم‪ ،‬إىل جانــب أكــوام الحجــارة عــدة‬ ‫«كرفانــات» مبنيــة عــى شــكل صنــدوق مفتــوح‪ ،‬أنيقــة‬ ‫املظهــر‪ ،‬نظيفــة ومرتبــة عــى عكــس مــا وجدنــاه يف بنــاء‬ ‫الخيــام املتناثــرة‪ ،‬مكتــوب عليهــا «مســتوصف» هديــة مــن‬ ‫الهــال األحمــر القطــري هــي وأكــوام الحجــارة‪.‬‬ ‫يشــغل شــابان متــوردان إحــدى الكرافانــات املحكمــة‬ ‫اإلغــاق‪ ،‬أحدهــا يربــط شــعره عــى شــكل ذيــل‪ ،‬يحمــان‬ ‫أجهــزة كمبيوتــر محمولــة‪ ،‬وهواتــف جوالــة غاليــة الثمــن‪،‬‬ ‫فــوق رأســيهام مكيــف حــار‪ ،‬بعــد الســام ع ّرفــا عــن‬ ‫نفســيهام قائلــن إنهــا إعالميــان تابعــان للهــال األحمــر‬ ‫القطــري‪ ،‬وهــا هنــا لتغطيــة أعــال الــردم والرصــف‬ ‫وتوثيقهــا‪ ،‬وكان مجمــوع مــا أهــدروه مــن كهربــاء مولــدة‬ ‫املســتوصف يكفــي إلنــارة نصــف املخيــم بالكهربــاء‪ ،‬أمــا‬ ‫عالقتهــا بالثــورة‪ ،‬فالحظــت أنهــا انقطعــت منــذ أول‬ ‫دوالر تلقفتــه أكفهــم‪ ،‬وهــا غــر مســتعدين لكتابــة حرف‬ ‫واحــد دون أن يقبضــوا مثنــه‪ ،‬وعــن مشــاركتهام يف الثــورة‪،‬‬ ‫يذكــر أحدهــا حادثــة حصلــت معــه‪ ،‬جعلتــه يهــرب بعــد‬ ‫أن أصبــح طريــدا ً لألجهــزة األمنيــة‪ ،‬تلــك الحادثــة أعــادت‬ ‫إنتاجــه كثــوري عابــر للحــدود‪ ،‬وقابــل للتصديــر‪ ،‬هــي‬ ‫حادثــة تعــود إىل بدايــات عمــر الثــورة‪ ،‬فعرفــت أنهــا‬ ‫غــادرا ميدانهــا منــذ بداياتهــا‪.‬‬ ‫***‬ ‫تناولنــا العشــاء يف خيمــة «أبــو فــؤاد»‪ ،‬وهــو رشطــي‬ ‫منشــق مــن ســهل الغــاب‪ ،‬روى لنــا قصــة انشــقاقه‪،‬‬ ‫التــي بــدأت مــع أحــداث درعــا وريــف دمشــق‪ ،‬وكيــف‬ ‫كان عنــارص األمــن العســكري ينفــذون عمليــات الفربكــة‪،‬‬ ‫حــول املتظاهريــن املســلحني الذيــن يقتلــون رجــال األمــن‪،‬‬ ‫وخشــيت أن يقتلــوين‪ ،‬ويتهمــوا املتظاهريــن بالقتــل‪ ،‬كــا‬ ‫حــدث ألحــد زمالئــه‪.‬‬ ‫قطــع حديثــه أصــوات زغاريــد نســوة‪ ،‬وهــرج ومــرج‬

‫يف الجــوار‪ ،‬خرجنــا نســتطلع األمــر‪ ،‬كان عرســاً البنــة أم‬ ‫ســعيد التــي تزوجــت مــن ابــن أم خليــل‪ ،‬هــذا العــرس‬ ‫البســيط كان نتــاج خطبــة طويلــة‪ ،‬بــدأت قبــل الثــورة يف‬ ‫حــي هنانــو‪ ،‬واســتمر حبهــا إىل حيــث حيــاة اللجــوء يف‬ ‫املخيــم‪.‬‬ ‫كان العروســان يتأمــان العــودة إىل ديارهــم‪ ،‬حيــث بنــى‬ ‫العريــس لعروســه دارا ً مــن غرفتــن‪ ،‬أفنــى فيهــا عرقــه‬ ‫وجهــده ومالــه لتكــون عــش الزوجيــة‪ ،‬لكــن الحــرب طالت‬ ‫وطالــت‪ .‬كــر العروســان‪ ،‬فقــررا الــزواج يف خيمــة ليكــون‬ ‫عمودهــا شــاهدا ً هــو اآلخــر عــى قصــة حبهــا‪.‬‬ ‫باركنــا ألم ســعيد زواج ابنتهــا‪ ،‬وردت قائلــة‪ :‬صحيــح أننــا‬ ‫أقمنــا العــرس يف املخيــم‪ ،‬ولكنــي مل أحــرم ابنتــي مــن يشء‪،‬‬ ‫واللــه العظيــم أنفقــت عــى حفــل زواجهــا ســبعة آالف‬ ‫لــرة عــدا ً ونقــدا ً‪ ،‬أجــور الكوافــرة أم عبــدو وأجــرة ثــوب‬ ‫العــرس الــذي طلبنــاه مــن مدينــة اعــزاز‪ ،‬وأيضــاً لــزوم‬ ‫الضيافــة مــن الحلويــات والســكاكر‪ ،‬يــا أخــي مــا حــدا‬ ‫آخــذ معــو يش‪ ،‬املهــم بيّضــت وجــه البنــت أمــام أهــل‬ ‫زوجهــا والضيــوف‪ ،‬كانــت الســعادة باديــة عــى وجههــا‪،‬‬ ‫وتــكاد تطــر مــن الفــرح‪.‬‬ ‫تركتهــا وهــي تعيــد قصــة اآلالف الســبعة لبقيــة النســوة‬ ‫اللــوايت تحلقــن حولهــا‪ ،‬ع ّمــت الفرحــة كل أركان املخيــم‪،‬‬ ‫حتــى «أبــو فهــد» تــرع هــذه الليلــة بخيمتــه للعروســن‪،‬‬ ‫التــي كانــت تعــد مــن أفضــل الخيــام‪ ،‬رحبــة ومبنيــة عــى‬ ‫مرتفــع‪ ،‬داخلهــا مغلــف بقــاش مزركــش‪ ،‬ويف صدرهــا‬ ‫ُعلقــت ســجادة عليهــا صــورة الكعبــة املرشفــة‪.‬‬ ‫أمــا أبــو محمــد صاحــب املولــدة‪ ،‬فقــد أهــدى للعروســن‬ ‫خــط كهربــاء يكفــي إلنــارة خمســة مصابيــح طــوال هــذه‬ ‫الليلــة دون مقابــل‪.‬‬

‫مبأســاتكم‪ ،‬واملجــرم مــن ورطكــم وهــرب الجئـاً إىل أوروبــا‬ ‫باســمكم‪ ،‬املجــرم مــن التقــط صــورا ً لترشدكــم ليبيعهــا‬ ‫ملــن يدفــع دون أن يــرف لــه جفــن عــى معاناتكــم‪ ...‬كلنــا‬ ‫مجرمــون بحقكــم إذ تخلينــا عنكــم وتركناكــم فريســة‬ ‫الجــوع والــرد والتــرد‪!.‬‬

‫***‬

‫أبــو حســن قابلتــه عنــد بــاب املخيــم وأنــا يف طريــق‬ ‫العــودة‪ .‬رجــل يف الســتينيات مــن العمــر‪ ،‬محنــي الظهــر‪،‬‬ ‫يرتــدي كالبيــة نظيفــة‪ ،‬وحــذاء المعــاً‪ ،‬ويلــف رأســه‬ ‫مبنديــل أبيــض‪.‬‬ ‫كانت التجاعيد غائرة يف وجهه بقساوة‪:‬‬ ‫ إىل أين السفر يا مهون؟‬‫ إىل حلب إذا ربك يرس‪ ،‬مشواري األسبوعي‬‫_ إىل حي الشعار‪..‬‬ ‫هــذا الرجــل مــن عامــن يواظــب عــى مشــواره‪ ،‬يتفقــد‬ ‫الجــدران‪ ،‬يلثــم األســوار‪ ،‬ميــي بالحــي‪ ،‬كعصفــور غريــب‬ ‫يتفقــد عشــه‪ ،‬يشــم يف الحــارات رائحــة األهــل والج ـران‪،‬‬ ‫مل يبــق يف الحــي إال أبــو جمعــة _حفــار القبــور_ ينتظــر‬ ‫كل يــوم زائ ـرا ً جديــدا ً تكــون وصيتــه أن يــوارى يف ت ـراب‬ ‫حلــب‪ ،‬األرض التــي هجرهــا حيـاً‪ ،‬يريــد العــودة إليهــا‪ ،‬ولــو‬ ‫بالكفــن ألنــه يــدرك أن أرضــه حنونــة عــى عظامــه‪ ،‬يريــد‬ ‫أن يــوارى يف مقــرة الشــعار‪.‬‬ ‫أبــو حســن أخــرين أنــه يبيــع جــزءا ً مــن حصتــه الغذائيــة‬ ‫ليؤمــن أجــور الطريــق‪ ،‬منــذ عامــن عــى هــذه الحــال‪.‬‬ ‫_ أمل تتعب من هذا املشوار األسبوعي؟؟‬ ‫_ ال أبــدا ً‪ ،‬هنــاك حيــث أم حســن‪ ..‬وحســن‪ ..‬استشــهدا‪..‬‬ ‫وفاضــت روحاهــا يف يــوم دامٍ شــنه علينــا طـران األســد‪،‬‬ ‫وكان نصيــب بيتنــا إحــدى صواريخــه‪ ،‬ويف اليــوم التــايل‪،‬‬ ‫أخــذت مــن تبقــى مــن األرسة‪ ،‬ونزحــت إىل الريــف‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم إىل املخيــم‪ ،‬كــون مخيــم بــاب الســامة ضمــن األرايض‬ ‫الســورية‪ ،‬مــن هنــا تجــد أغلــب ســاكنيه مــن يــردد إىل‬ ‫بيتــه أو لزيــارة مــن تبقــى مــن أهلــه‪.‬‬ ‫عــى األقــل يشــعرون أنهــم مــا زالــوا ضمــن حــدود‬ ‫وطنهــم‪ ،‬هــؤالء الالجئــون أو النازحــون يف املخيــات ال‬ ‫جــرم لهــم إال أنهــم ســوريون بســطاء وفقــراء‪.‬‬ ‫مــن يف املخيــات هــم أهلنــا‪ ،‬هــم عزنــا‪ ،‬هــم إخوتنــا‬ ‫الصابــرون رغــم املعانــاة‪ ،‬القانعــون رغــم القلــة‪ ،‬الدافئــون‬ ‫بقلوبهــم املفعمــة بالــو ّد رغــم الــرد القــارس‪.‬‬ ‫مــا رأيــت يف املخيــم‪ ...‬رأيــت ســوريا التــي تشــبهني بعــد‬ ‫أن كان الوطــن هــو الخيمــة‪ ،‬هــل يــا تــرى ســتتحول‬ ‫الخيمــة إىل وطــن؟؟!‬

‫***‬ ‫يف صبــاح اليــوم التــايل اســتيقظنا باكـرا ً عــى رصاخ الصبيــة‬ ‫وصخبهــم‪ .‬يف إحــدى زوايــا املخيــم‪ ،‬وقــف بائــع خضــار‬ ‫يف أواســط الثالثينــات ينــادي عــى بضاعتــه‪ ،‬قــال لنــا‪:‬‬ ‫تجــاوزت مــدة إقامتــي يف املخيــم خمســة عــر شــهرا ً‪،‬‬ ‫كنــت ســابقاً صاحــب ورشــة ألعــال الديكــور والدهــان‪،‬‬ ‫تركــت عمــي بعــد أن بــدأت الرباميــل بالســقوط عــى‬ ‫رؤوس النــاس وبيوتهــم‪ ،‬يــا أســتاذ‪ ..‬النــاس تريــد ســقفاً‬ ‫يقيهــا الحــر والــرد‪ ،‬هــل مــن مجنــون يفكــر بديكــور‬ ‫لبيتــه‪ ،‬لقــد ضاقــت يب الحــال‪ ،‬وأنــا أعيــل أرسة مــن ســبعة‬ ‫أف ـراد بينهــم أمــي‪.‬‬ ‫كــم أحــن لعمــي وأصدقــايئ‪ ،‬أحيانــاً أمتــدد يف الخيمــة‪،‬‬ ‫وأرى ســقفها كــم هــو بشــع أمــام األســقف التــي أنفذهــا‪،‬‬ ‫وأحيانــاً أرســم يف الســاء أعــاالً بعــد أن يئســت مــن‬ ‫العــودة إىل بيوتنــا وأصدقائنــا‪ ..‬يــا أســتاذ كرمــى للــه‬ ‫***‬ ‫أخــرين هــل ســنبقى هنــا طويــاً؟‬ ‫يف الفنــاء الغــريب للمخيــم ســاحة كبــرة يقابلهــا هنــكار‬ ‫مل أجــد جوابـاً لســؤاله‪ ،‬أشــحت بوجهــي عنــه‪ ،‬وقلــت‪ :‬ال‪ ..‬الجــارك ســابقاً‪ ،‬وبجانبــه عربــة كبــرة تجرهــا قاطــرة‬ ‫لــن تبقــى طويـاً‪ ،‬لــن تبقــى أكــر مــا بقيــت‪.‬‬ ‫مكتــوب عليهــا‪( :‬هديــة مــن الشــعب الســعودي)‪ ،‬بجانــب‬ ‫ذلــك الفنــاء بضــع رجــال يتحلقــون حــول النــار‪ ،‬هــم‬ ‫***‬ ‫يعتّقــون الشــاي عــى الجمــر‪.‬‬ ‫كان الســكان عائديــن مــن توزيــع حصــة غذائيــة يبــدو ألقيــت عليهــم التحيــة‪ ،‬قــام أبــو جابــر عن كرســيه وأفســح‬ ‫أنهــا أســبوعية‪ ،‬بعضهــم يحملهــا عــى رأســه وآخــر عــى يل املجال ألشــاركهم جلســتهم‪.‬‬ ‫كتفــه‪ ،‬والبعــض اآلخــر يســحبها كــا يســحب أذيــال أبــو جابــر شــاب ثالثينــي أســمر الســحنة‪ ،‬طويــل القامــة‪،‬‬ ‫الخيبــة‪.‬‬ ‫غليــظ الشــاربني‪ ،‬وعــى كفــه األيــر وشــم أزرق‪ ...‬أنــا‬ ‫اســتوقفتني امــرأة يف أواســط الخمســينيات عندمــا بــدوت واللــه مــا أتيــت إىل هنــا مــن أجــل حيــايت‪ ،‬فاألعــار بيــد‬ ‫لهــا غريبــاً عــن املخيــم‪ ،‬فظنــت أين منــدوب إلحــدى اللــه‪ ...‬وأنــا مــن اآلخــر ال تهمنــي الثــورة‪ ،‬وال يهمنــي‬ ‫املنظــات أو مرســل مــن االئتــاف‪ ،‬وشــكت يل الظلــم يف النظــام‪ ،‬فخــار يكــر بعضــه‪ ،‬كل همــي هالحيوانــات‬ ‫التوزيــع وأردفــت‪ :‬حتــى هنــا يا أســتاذ ( يف خيــار وفقوس) الربيئــة وأشــار إىل قــن الحــام املكتــظ بالطيــور!‬ ‫وظلــم يف التوزيــع‪ ،‬مث ـاً خيمــة أبــو عــاء‪ ،‬كــون أوالده يف واللــه يــا أخــي أفزعهــا أزيــز الرصــاص ودوي القذائــف‪ ،‬مل‬ ‫الجيــش الحــر املســيطر عــى املنطقــة فقــد أخــذ حصــة تعــد قــادرة عــى الط ـران مــن الخــوف‪ ،‬طيــوري تحــب‬ ‫كبــرة مــن الفــول والــرز بينــا نحــن الذيــن ال حــول لنــا الســام والهــدوء‪ ..‬ولكــن مل يبــق لهــا أرض‪ ،‬وال فضــاء‬ ‫يــا دوب أخذنــا مــا يســد الرمــق! أليــس هــذا ظلـاً باللــه تحلــق بــه‪ ،‬لــذا قــررت‪ ،‬وألجلهــا فقــط أن أغــادر املدينــة‬ ‫عليــك يــا أســتاذ؟ أليــس ظل ـاً؟!‬ ‫إىل املخيــم‪ ،‬ولــو ســمح يل األتــراك لكنــت اآلن أكــش‬ ‫قلــت لهــا‪ :‬الظلــم أن تبقــي هنــا‪ ،‬الظلــم ألَّ تعــودي إىل طيــوري يف إحــدى املــدن الرتكيــة!!‬ ‫بيتــك! أنتــم ظُلمتــم كثـرا ً عندمــا هجركــم النظــام املجــرم واللــه يــا معلــم كلفتنــي أجــور نقلهــا ‪ 20‬ألــف لــرة‪،‬‬ ‫مــن بيوتكــم‪ ،‬أمــا الظلــم األكــر فهــو يف تخلينــا عنكــم‪ ،‬أخذهــا منــي صاحــب «الســوزويك» حتــى وصلــت بهــا إىل‬ ‫وترككــم عــى هــذه الحالــة هــو الجرميــة الكبــرة بحــق هنــا‪ ،‬ننتظــر حتــى تضــع الحــرب أوزارهــا‪ ،‬ألعــود بهــا إىل‬ ‫كل الســوريني!‬ ‫ســطح بيتــي يف حــي امليــر‪ ،‬حيــث عاشــت وتعلمــت‬ ‫صحيــح املجــرم هــو مــن قصــف بيوتكــم وهجركــم‪ ،‬ولكــن الطــران هنــاك‪.‬‬ ‫أيض ـاً املجــرم هــو مــن رسق قوتكــم‪ ،‬واملجــرم مــن تاجــر‬

‫‪3‬‬

‫أنــا يف الحقيقــة ال يهمنــي مــن املنتــر‪ ،‬املهــم يــا معلــم‬ ‫تعــود هــذه الطيــور إىل ديارهــا‪ ،‬واللــه حــرام هــذي‬ ‫حيوانــات مــا لهــا ذنــب‪ ،‬والتفــت إىل القــن يطقطــق لهــا‬ ‫بلســانه‪ ،‬ويرمــي لهــا حبيبــات كانــت يف يــده!!‬ ‫يــا أبــا جابــر‪ :‬إنهــا الحــرب التــي أتــت عــى البــر‬ ‫والحجــر‪ ،‬أنــا وأنــت وطيــورك وطيــور ســوريا كلهــا كانــت‬ ‫مــن مجمــل ضحاياهــا! حتــى العصافــر غــادرت ســاء‬ ‫ســوريا‪ ،‬مل يبــق فيهــا ســوى الغربــان تنعــق يف ســائها‪ ،‬أنــا‬ ‫منــذ فــرة طويلــة مل أســمع زقزقــة العصافــر عــى شــجرة‬ ‫البيــت التــي طاملــا اســتيقظت عــى ألحانهــا‪ ،‬إنهــا الحــرب‬ ‫يــا أبــا جابــر‪ ..‬إنهــا الحــرب‪.‬‬ ‫***‬ ‫أمــام رسادق كبــر كان أبــو عبــد اللــه يحــث النســوة عــى‬ ‫ضــب أطفالهــن الحفــاة واإلقــال مــن ثرثرتهــن!‬ ‫أبــو عبــد اللــه شــيخ يف الســبعني مــن عمــره‪ ،‬ظهــره محنــي‬ ‫نصــف انحنــاءة‪ ،‬ويــداه ترتجفــان‪ ،‬وهــو يحمــل عصــاً‬ ‫يهــش بهــا عــى األوالد املشاكســن!‬ ‫رسد يل قصتــه املؤملــة التــي تشــبه آالم حلــب‪ ..‬تشــبه حــي‬ ‫امليــر‪ ،‬ومســاكن هنانــو‪ ،‬تشــبه الشــعار وصــاح الديــن‪!..‬‬ ‫قــال إنــه اعتقــل أيــام اإلخــوان املســلمني ملــدة ســنة عــى‬ ‫الشــبهة‪ ،‬وملــا وصلــه الــدور بالتحقيــق‪ ،‬كان قــد أمــى‬ ‫ســبعة أشــهر يف أقبيــة الجالديــن يف فــرع أمــن الدولــة‪،‬‬ ‫وبعــد اســتجوابه بخمســة أشــهر أطلــق رساحــه مــع عاهــة‬ ‫دامئــة بقدمــه وظهــره!‬ ‫ومــا إن انطلقــت الثــورة حتــى دفــع بأبنائــه الخمســة‬ ‫للمشــاركة فيهــا ألنــه أدرك بأنهــا لحظــة الخــاص ألبنائــه‬ ‫وأبنــاء ســوريا مــن هــذا النظــام املتوحــش!‬ ‫يقــول‪ :‬اعتقــل النظــام أحــد أبنــايئ عــى خلفيــة نشــاطه‬ ‫الثــوري‪ ،‬وانقطعــت أخبــاره ـ بعــد فــرة قصــرة‪ ،‬تعرفنــا‬ ‫عــى جثتــه يف الطبابــة الرشعيــة‪ ،‬كانــت مشــوهة مــن‬ ‫رأســه حتــى قدميــه‪ ،‬كانــت جثــة مدمــاة‪ ..‬أدمــت قلبــي‬ ‫وعينيــي‪!!!...‬‬ ‫دفعــت بأبنــايئ األربعــة املتبقــن لإللتحــاق بالجيــش الحــر‪،‬‬ ‫ليــس فقــط ثــأرا ً ألخيهــم‪ ،‬وإمنــا لقناعتــي أن االنعتــاق مــن‬ ‫هــؤالء املجرمــن ال ميكــن أن ميــر دون رصاع مريــر ومــؤمل‪،‬‬ ‫استشــهد ابنــي الثــاين عــى جبهــة العامريــة‪ ،‬أمــا أنــا‬ ‫فأخــذت النســاء واألطفــال ورحلــت بهــم إىل هنــا حيــث‬ ‫ترانــا!‬ ‫حرقــت مراكبــي أنــا وأوالدي‪ ،‬وأنــا الرجــل الوحيــد بــن‬ ‫نســاء وأطفــال أبنــايئ الشــهداء واملقاتلــن‪ ،‬ويشــهد اللــه‬ ‫ي‪ ..‬إذا قُــي عــى الجيــش الحــر‪ ..‬ســأدفع بهــم للقتــال‬ ‫عـ َّ‬ ‫مــع الشــيطان ضــد هــذا النظــام‪ ،‬ليقــول العــامل ع َّنــا مــا‬ ‫يشــاء‪ ..‬إرهابيــن‪ ..‬متطرفــن‪ ..‬أو أي يشء !!‬ ‫مل يعــد يهمنــي هــذا العــامل‪ ،‬الــذي مل يســمع رصاخنــا‪،‬‬ ‫وظلمنــا‪ ،‬وأملنــا‪ ،‬مل يعــد مهــاً بتاتــاً بالنســبة يل‪ ..‬كيــف‬ ‫يجــب أن يـراين العــامل الــذي أدار ظهــره لنــا‪ ،‬لســنا معنيــن‬ ‫بــه فنحــن إمــا أن نهــزم هــذا النظــام الفاجــر الــذي جلــب‬ ‫كل حثــاالت األرض لقتلنــا أو ليوارينــا يف قــر أنــا وأوالدي‪..‬‬ ‫وذلــك أنبــل‪ ،‬وأرشف لنــا مــن أن نعــود لحظريتــه‪.‬‬ ‫كان أبــو عبــد اللــه يعتــر مــن األمل والحــزن‪ ..‬يتابــع قائـاً‪:‬‬ ‫كــم أنــا حزيــن عــى مــايض ســوريا مــع هــؤالء املجرمــن‪،‬‬ ‫وحزيــن أكــر عــى مســتقبلها إذا مل ندمــر هــؤالء الطغــاة!‬ ‫أمتنــى مــن اللــه أن ميـ ّد بعمــري‪ ،‬وأرى رايات النــر تخفق‬ ‫يف شــوارع حلــب‪ ،‬وحمــص‪ ،‬ودمشــق‪ ،‬أمتنــى أن أعــود إىل‬ ‫ـدي الشــهيدين‪،‬‬ ‫بيتــي مــع أرسيت وأحفــادي ألزور قــر ولـ ّ‬ ‫وأنــر عــى قربيهــا الــورد والدمــوع‪ ،‬حتــى البــكاء عــى‬ ‫قربيهــا ُحرمــت منــه‪.‬‬ ‫أمتنــى‪ ..‬ولــو أن أمنيــايت هــذه أشــبه باملعج ـزات‪ ..‬أمتنــى‪،‬‬ ‫كل ليلــة‪ ،‬أن ينــام ســكان املخيــم‪ ،‬عــى أمــل أن تــرق‬ ‫عليــه شــمس الغــد بفــرج قريــب حامــاً معــه البــرى‬ ‫بعودتهــم‪.‬‬ ‫وميــي النهــار‪ ..‬ويحــل الظــام‪ ..‬ينامــون‪ ..‬ويحلمــون‬ ‫بالصبــح مــرة أخــرى ذلــك الصبــح الــذي ســيحملهم إىل‬ ‫ديارهــم‪ ..‬كــم هــذا الصبــح بعيــد‪..‬؟‬ ‫مالحظــة‪ :‬الشــخصيات الــواردة هــي شــخصيات حقيقيــة‬ ‫مــن لحــم ودم‪ ،‬شــخصيات مــن رشف وعنفــوان‪ ..‬حولتهــم‬ ‫وحشــية النظــام إىل الجئــن عــى ضفــاف الوطــن‪ ،‬هــذه‬ ‫الشــخصيات هــي ســوريا الحقيقيــة‪ ..‬ودون مكيــاج‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫بقرار من الرئيس الرتكي «رجب طيب اردوغان»‬ ‫منح العالم السوري جمال أبو الورد الجنسية الرتكية‬

‫جــال أبــو الــورد البالــغ مــن العمــر ‪ 44‬عامـاً‪ ،‬ســوري الجنســية مــن ريــف إدلــب‪ ،‬عــامل مبجــال الرياضيــات‪ ،‬ومشــهور بتطويــر قوانــن‬ ‫وقواعــد رياضيــة خوارزميــة جديــدة‪ ،‬اســتطاع الحصــول عــى الجنســية الرتكيــة مــع عائلتــه تقدي ـرا ً مــن الرئيــس الــريك رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان للعلــم والعلــاء‪.‬‬ ‫وكان اســم العــامل الســوري أبــو الــورد‪ ،‬ونظرياتــه الجديــدة‪ ،‬التــي دخلــت مؤخـرا ً يف مناهــج التدريــس الســورية للمراحــل االبتدائيــة‪ ،‬وكان‬ ‫مــن املقــرر دراســة اعتامدهــا يف املــدارس والجامعــات الســورية‪ ،‬لكــن الحــرب وظروفهــا أجــرت العــامل الســوري عــى مغــادرة البــاد‪ ،‬وبذلــك‬ ‫يكــون مرشوعــه قــد توقــف عــن العمــل ضمــن األرايض الســورية‪ ،‬لكــن هــذا مل مينعــه مــن االســتمرار يف البحــث والدراســة واســتنباط‬ ‫العديــد مــن القوانــن‪ ،‬والتــي تعتــر امتــدادا ً ملكتشــفات مشــاهري العلــاء العــرب‪ ،‬أمثــال الخوارزمــي‪ ،‬والتــي تعتمــد عــى رفــع مســتوى‬ ‫الطالــب الذهنــي‪ ،‬كــا ميكــن اعتامدهــا مبرحلــة التعليــم الثانــوي بحســب العديــد مــن الخـراء‪.‬‬ ‫يــأيت منــح الجنســية أليب الــورد بعــد منــح الجنســية الرتكيــة أيضـاً ملوهبــة أخــرى‪ ،‬هــو عــازف البيانــو الســوري املوهــوب تامبــي أســعد‪ ،‬حيث‬ ‫تــم تكرميــه ومنحــه الجنســية الرتكيــة‪ ،‬والجديــر بالذكــر أن الســلطات الرتكيــة يحــق لهــا منــح الجنســيات‪ ،‬وبشــكل خــاص لرجــال األعــال‬ ‫واملســتمرثين‪ ،‬والفنانــن‪ ،‬واالقتصاديــن واملفكريــن‪ ،‬ومــن يســاهم يف تطويــر الزراعــة والتجــارة والصناعــة والفــن والرياضــة وألصحــاب‬ ‫القــدرات العلميــة الخاصــة واالبتــكارات الهامــة‪.‬‬

‫منــح من الحكومة الرتكية لطالب الجامعات وخدمات إغاثية وصحية‬ ‫والحكومــة الســورية املؤقتة مع ائتالفها تنام يف العســل‬

‫أعلنــت هيئــة املنــح الرتكيــة عــن رشوط تقديــم‬ ‫الطلبــات الدراســية للطلبــة األجانــب الراغبــن يف الدراســة‬ ‫بالجامعــات الرتكيــة لعــام ‪ 2015‬بــدءا ً مــن األول مــن شــهر‬ ‫شــباط وملــدة شــهر واحــد‪ ،‬حيــث يحصــل الطالــب عــى‬ ‫الســكن املجــاين‪ ،‬إضافــة اىل التأمــن الصحــي الشــامل‬ ‫واملجــاين‪ ،‬ومنحــة ســنة كاملــة لدراســة اللغــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫وبطاقــة مدعومــة للتنقــل‪ ،‬ومــن ميـزات هــذه املنــح أيضـاً‬ ‫املرتــب الشــهري الــذي ســيحصل عليــه الطالــب‪ ،‬حيــث‬ ‫ذكــرت الهيئــة أن طالــب البكالوريــوس ســيحصل عــى ‪250‬‬ ‫دوالرا ً شــهرياً‪ ،‬واملاجســتري عــى ‪ 360‬دوالرا ً‪ ،‬والدكتــوراه‬ ‫‪ 500‬دوالر‪ ،‬بينــا ســيحصل طــاب األبحــاث العلميــة عــى‬ ‫‪ 900‬دوالر يف الشــهر‪.‬‬ ‫يســتفيد الطــاب الســوريني مــن هــذا التشــجيع والحوافــز‬ ‫يف حــال توافــر الــروط‪ ،‬التــي حددتهــا الهيئــة لطــاب‬ ‫البكالوريــوس بالــروط التاليــة‪ :‬يجــب أن يكــون املتقــدم‬ ‫مــن مواليــد عــام ‪ 1993‬فــا فــوق‪ ،‬وأن ال يقــل مجمــوع‬ ‫عالماتــه عــن ‪ ،%70‬فيــا حــددت الهيئــة لطــاب الطــب‬ ‫الحصــول عــى ‪ %90‬مــن املجمــوع العــام‪ .‬وفيــا يخــص‬ ‫منحــة طــاب الدراســات العليــا يجــب أن ال يقــل مجمــوع‬ ‫الطالــب عــن ‪ ،%75‬وأن يكــون املتقــدم مــن مواليــد ‪1984‬‬ ‫فــا فــوق لطــاب املاجســتري‪ ،‬والدكتــوراه مــن عــام ‪1979‬‬ ‫فــا فــوق‪ ،‬بينــا حــدد املواليــد لطــاب األبحــاث العلميــة‬ ‫مــن مواليــد ‪ 1969‬فــا فــوق‪.‬‬ ‫ووضعــت الهيئــة رشوطـاً أخــرى هــي‪ :‬يجــب عــى املتقــدم‬ ‫أال يكــون مواطنـاً تركيـاً‪ ،‬أو صاحــب جنســية مزدوجــة‪ ،‬وأن‬ ‫يكــون املرشــح قــد أكمــل دراســته الثانويــة؛ بالنســبة لطالب‬ ‫البكالوريــوس بدرجــة جيــد يف مــدارس تعــادل مــدارس‬

‫«اختبــار الحاجــز»‪ ،‬وبعــد إمتــام التســجيل ال يحــق للطالــب‬ ‫إج ـراء أي تعديــل‪ .‬ويتــم منــح طلبــة البكالوريــوس الذيــن‬ ‫مل يكملــوا دراســاتهم يف املوعــد املحــدد ‪-‬عــدا الســنة‬ ‫التحضرييــة‪ -‬مــدة إضافيــة مجموعهــا ســنتني‪.‬‬ ‫ويف حــال فشــل الطالــب يف إنهــاء دراســته ‪-‬رغــم إعطائــه‬ ‫املــدة اإلضافيــة‪ -‬فإنــه ســيتم إلغــاء منحتــه الدراســية‪ ،‬وبعد‬ ‫القبــول األويل ســوف يتــم دعــوة الطــاب ملقابلــة شــخصية‪،‬‬ ‫كــا حــددت الهيئــة عــددا ً مــن الوثائــق املطلــوب تقدميهــا‬

‫الثانويــة يف تركيــا‪ ،‬وأال يكــون قــد تــرك دراســته عقــب‬ ‫حصولــه عــى الثانويــة العامــة لفــرة تتجــاوز الســنتني‪ ،‬وأال‬ ‫يكــون عمــره قــد تجــاوز ســن ‪ 25‬عام ـاً‪.‬‬ ‫إكــال املرشــح دراســته الجامعيــة والتــي مدتهــا أربــع‬ ‫ســنوات عــى أقــل تقديــر بالنســبة لطــاب املاجســتري‬ ‫والدكتــوراه وأال يكــون قــد تعــدى عمــره ســن ‪ 40‬عامــاً‪،‬‬ ‫إضافــة إىل إتقانــه إحــدى اللغــات الثــاث‪ ،‬الرتكيــة‪،‬‬ ‫واإلنكليزيــة‪ ،‬والفرنســية‪ ،‬وأن يكــون املتقــدم خاليــاً مــن‬ ‫األمــراض املعديــة (كاأليــدز‪ ،‬أو التهــاب الكبــد الوبــايئ وهي‪:‬‬ ‫والفــرويس)‪ ،‬وأن يلــم املتقــدم بــروط التســجيل واملوافقــة‬ ‫يف الجامعــات الرتكيــة والنجــاح يف االختبــار املســمى أوالً‪ :‬مرشحو البكالوريوس‬ ‫‪ -1‬استامرة املراجعة للحصول عىل املنحة الدراسية‪.‬‬

‫‪ -2‬نسختان من شهادة التخرج‪.‬‬ ‫‪ -3‬نســختان مــن الشــهادة التــي تبــن الدرجــات التــي‬ ‫حصــل عليهــا أثنــاء دراســته للثانويــة‪.‬‬ ‫‪ -4‬تقرير طبي‪.‬‬ ‫‪ -5‬صور شخصية‪.‬‬ ‫‪ -6‬صورة عن جواز السفر‬ ‫‪ -7‬الشــهادة الصــادرة مــن مركــز تعليــم اللغــة الرتكيــة‬ ‫التابعــة لجامعــة «أنقــرة» (إن وجــدت)‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مرشحو الدراسات العليا (املاجستري والدكتوراه)‬ ‫‪ -1‬استامرة املراجعة للحصول عىل املنحة الدراسية‬ ‫‪ -2‬نســختان مــن شــهادة التخــرج (يجــب عــى املرشــح أن‬ ‫يحــر الشــهادة األصليــة عنــد قدومــه إىل تركيــا)‪.‬‬ ‫‪ -3‬نســختان مــن الشــهادة التــي تبــن الدرجــات التــي‬ ‫حصــل عليهــا أثنــاء دراســته الثانويــة‪.‬‬ ‫‪ -4‬نسختان من السرية الذاتية‪.‬‬ ‫‪ -5‬نســختان مــن كتــب التوصيــة (يجــب أن تؤخــذ مــن‬ ‫أســتاذين مختلفــن)‪.‬‬ ‫‪ -6‬تقرير طبي‪.‬‬ ‫‪ -7‬صور شخصية‪.‬‬ ‫‪ -8‬صــورة عــن جــواز الســفر (الصفحــة التــي توجــد عليهــا‬ ‫الصــورة الشــخصية لحاملــه‪ ،‬والصفحــات املكتوبــة)‪.‬‬ ‫‪ -9‬الشــهادة الصــادرة مــن مركــز تعليــم اللغــة الرتكيــة‬ ‫التابعــة لجامعــة أنقــرة (إن وجــدت)‪.‬‬ ‫وطــاب البحــوث العلميــة بنفــس الــروط مــع بعــض‬ ‫التعديــات البســيطة‪ ،‬كل هــذا االهتــام مــن الجانــب‬ ‫الــريك تقدمــه الحكومــة الرتكيــة مجان ـاً لألخــوة الســوريني‬ ‫طالبــي العلــم‪ ،‬فيــا تتأخــر كثــرا ً مؤسســات املعارضــة‬ ‫الســورية يف تقديــم أي عــون يذكــر ومســتمر للطــاب‬ ‫الســوريني مبختلــف مراحلهــم الدراســية‪.‬‬

‫وزارة العمــل الرتكيــة تعلــن عن قرارات جديــدة بخصوص إذن العمل للســوريني‬ ‫ترك برس‬

‫الســوريّني‬ ‫يف إطــار تحســن ظــروف العمــل لالجئــن ّ‬ ‫املوجوديــن داخــل األرايض الرتكيــة‪ ،‬أعلنــت وزارة العمــل‬ ‫والشّ ــؤون االجتامعيــة الرتكيــة عــن حزمــة قـرار ٍ‬ ‫ات جديــدة‬ ‫ـص كيفيــة تشــغيل الســوريّني وال ّنســب املســموح بهــا‬ ‫تخـ ّ‬ ‫مؤسســة أو ورشــة عمــل‪ ،‬باإلضافــة إىل الوســائل‬ ‫يف ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫التــي مت ّكــن الالجئــن مــن الحصــول عــى إجــازات عمــلٍ‬ ‫نظاميــة‪.‬‬ ‫الصــدد أوضــح وزيــر العمــل والشّ ــؤون‬ ‫هــذا‬ ‫ويف‬ ‫ّ‬ ‫االجتامعيــة «فــاروق تشــيليك» أنّــه ال ميكــن أن يتجــاوز‬ ‫أي ورشــة عمــل كانــت‪ ،‬نســبة‬ ‫عــدد العاملــن الســوريّني يف ّ‬ ‫‪ 10‬باملئــة مــن إجــايل عــدد العـ ّـال الذيــن يعملــون فيهــا‪،‬‬ ‫الســوريّني‬ ‫كــا لــن يُســمح ألصحــاب العمــل بتشــغيل ّ‬ ‫تقــل عــن الحــد األدىن املمنــوح للمواطنــن‬ ‫برواتــب ّ‬

‫األتــراك والــذي يبلــغ ‪ 864‬لــرة تركيــة‪.‬‬ ‫الســوريّني ومنحهــم‬ ‫وأضــاف تشــيليك بــأ ّن اســتخدام ّ‬ ‫فــرص عمــل‪ ،‬لــن يــؤ ّدي إىل زيــادة البطالــة يف تركيــا‪،‬‬ ‫حيــث ذكــر بــأ ّن تركيــا لديهــا مــا يقــارب ‪ 100‬ألــف‬ ‫وظيفــة عمــل شــاغرة يف مختلــف القطاعــات الطّبيــة‬ ‫والهندســية واألعــال اليدويــة وقطــاع اإلنشــاءات‪ ،‬حيــث‬ ‫جــاءت ترصيحاتــه هــذه ر ّدا ً عــى ا ّدعــاءات بعــض أحـزاب‬ ‫الســوريّني‬ ‫املعارضــة ال ّداخليــة التــي تفيــد بــأ ّن اســتخدام ّ‬ ‫ســوف يقلّــل فــرص املواطنــن األت ـراك يف الحصــول عــى‬ ‫العمــل‪.‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار أوضــح تشــيليك أ ّن الــوزارة قامــت بتقييــم‬ ‫مفصل‪،‬‬ ‫حاجــة املحافظــات الرتكيــة لأليــدي العاملــة بشــكلٍ ّ‬ ‫قبــل إصــدار هــذه الحزمــة‪ ،‬حيــث أفــاد بــأ ّن القــرارات‬ ‫الجديــدة لــن تشــمل كافّــة املحافظــات‪ ،‬وأنّــه ســيت ّم منــع‬

‫الســوريّني مــن العمــل يف بعــض املحافظــات الرتكيــة التــي‬ ‫ّ‬ ‫الســوريّة عــى غ ـرار محافظــة‬ ‫ال تحتــاج لأليــدي العاملــة ّ‬ ‫«أنطاليــا» التــي متتلــك االكتفــاء الـذّايت يف هــذا الخصــوص‪،‬‬ ‫الصــدد‪« :‬إ ّن القـرار الجديــد لــن‬ ‫فقــد قــال الوزيــر يف هــذا ّ‬ ‫يع ّمــم عــى كافّــة املحافظــات الرتكيــة‪ ،‬وســنطبّق الحزمــة‬ ‫الجديــدة يف املحافظــات التــي تحتــاج إىل أيــدي عاملــة‬ ‫إضافيــة‪ .‬فعــى ســبيل املثــال هنــاك ‪ 10‬آالف فرصــة عمــل‬ ‫الســوريّني يف ‪ 5‬آالف‬ ‫يف العاصمــة أنقــرة‪ ،‬وســيت ّم اســتخدام ّ‬ ‫فرصــة عمــل فقــط»‪.‬‬ ‫كــا شــ ّدد تشــيليك خــال ترصيحاتــه بــأ ّن الحزمــة‬ ‫الجديــد ال ت ُع ـ ّد مبثابــة قانــون‪ ،‬إنّ ــا هــي حزمــة ق ـرار ٍ‬ ‫ات‬ ‫صــادرة عــن رئاســة مجلــس الــوزراء‪ ،‬وذلــك بهــدف منــع‬ ‫الســوريّني بالطّــرق غــر القانونيــة وإخضاعهــم‬ ‫تشــغيل ّ‬ ‫لرقابــة ال ّدولــة‪.‬‬

‫ويف نهايــة حديثــه أوضــح الوزيــر تشــيليك أ ّن فــرص العمل‬ ‫الســوريّني ســوف تُنظّــم‬ ‫املمنوحــة لألطبــاء واملهندســن ّ‬ ‫املتخصصــة‪.‬‬ ‫وفــق البيانــات التــي ســتق ّدمها الــوزارات‬ ‫ّ‬ ‫الســوريّني إجــازات عمــل‪ ،‬وفــق‬ ‫هــذا وســيت ّم منــح ّ‬ ‫ـروط املطلوبــة منهــم أثنــاء التّقـ ّدم بطلــب إذن العمــل‬ ‫الـ ّ‬ ‫املختصــة‪ ،‬بحيــث ســيت ّم االنتفــاع مــن كافّــة‬ ‫مــن الجهــات‬ ‫ّ‬ ‫حــق‬ ‫الحقــوق املمنوحــة للمواطنــن األتــراك باســتثناء ّ‬ ‫الرتشّ ــح وحــق التّصويــت يف االنتخابــات الرتكيــة‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫حــق الخدمــة العســكرية‪.‬‬ ‫إىل ّ‬ ‫الجديــر بالذّكــر أ ّن مســ ّودات القــرارات املقرتحــة قــد‬ ‫وقّعــت مــن قبــل مجلــس الــوزراء‪ ،‬و ُر ِفعــت إىل الربملــان‬ ‫الــريك للمصادقــة عليهــا‪ ،‬ويشــمل القــرار الــذي ينتظــر‬ ‫ّ‬ ‫موافقــة الربملــان الــريك عليــه‪ ،‬منــح الطّــاب األجانــب‬ ‫رخــص عمــل يف تركيــا‪.‬‬


‫حرمل الرأي‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫مراجعات إسالمية ـ ‪ 1‬ـ‬ ‫معبد الحسون‬ ‫قبــل البــدء يف أيــة مراجعــة إســامية عامــة البــد‬ ‫يل أن أســجل مالحظــة هامــة‪ :‬وهــي أن كل الرســاالت‬ ‫الروحيــة والفلســفية والفكريــة الكــرى التــي أث ّــرت‬ ‫يف مســرة اإلنســان‪ ،‬وتحكمــت مبصــر صريورتــه عــر‬ ‫التاريــخ كانــت تنقســم إىل مرحلتــن مميزتــن‪ :‬األوىل‬ ‫هــي فيــض الرســالة عىل النــاس جميعـاً‪ ..‬ومبا يتناســب‬ ‫ـض يــكاىف ُء‬ ‫ومقــدار طاقتهــا الروحيــة الخاصــة بهــا‪ ..‬فيـ ٌ‬ ‫تســاويه وإغداقــ ُه مســتوى التعــايل الــذي تبلغــه‬ ‫(رســالية الرســالة) مــع مســتوى تعــايل جمهورهــا‬ ‫املتلقــي لهــا‪ ..‬بحيــث تذهــب بالتلقــي واملناولــة يف‬ ‫كميــة الــروح والفكــرة املتوازعــة عــى النــاس جميع ـاً‬ ‫إىل أقــى مــا ميكــن أن ت ُتــاح لهــا فرصــة‪..‬‬ ‫أمــا املرحلــة الثانيــة فإنهــا ســوف تتميــز بالعكــس‪..‬‬ ‫باحتــكار الــروح أو الفكــرة لصالــح فئــة دون بقيــة‬ ‫النــاس (العاملــن باملصطلــح القــرآين‪ ،‬واألمــم باملصطلــح‬ ‫اإلنجيــي)‪ ،‬ومــن أجــل غــرض مخصــوص بالفئــة‬ ‫امل ْحتَ ِكــرة‪ ..‬ويتناســب طــردا ً مقــدار انتفــاع الفئــات‬ ‫املحت ِكــرة للفكــرة مــع مــا ميكــن أن تعــود بــه عــى‬ ‫تلــك الفئــات مــن فوائــد أو مثــرات ال عالقــة لهــا‬ ‫بهــدف الفكــرة أو جوهرهــا‪ ،‬وال عالقــة لهــا (برســالية‬ ‫الرســالة)‪..‬‬ ‫إن املســافة بــن الفكــرة الروحيــة وحاملهــا تنتفــي‬ ‫يف املرحلــة األوىل‪ ،‬فتصبــح الرســالة هــي َح َملَتَهــا‬ ‫ذات َهــم‪ ،‬وليســت شــيئاً آخــر قاب ـاً للتعريــف‪ ..‬أمــا يف‬ ‫املرحلــة الثانيــة فــإن املســافة تنفصــل‪ ،‬وتأخــذ شــوطاً‬ ‫يف التوســع املضطــرد يتناســب مــع الغــرض املغايــر‬ ‫للفكــرة‪ ..‬وكلــا اتســعت األغ ـراض اتســعت املســافة‪،‬‬ ‫وكلــا تعــددت األغــراض تعــددت الطــرق‪ ..‬يــكاد‬ ‫يكــون هــذا القانــون ثابتــاً يف كل الرســاالت الدينيــة‬ ‫التــي عرفتهــا البرشيــة‪ ..‬ال تشــذ عنــه رســالة وال‬ ‫يُســتثنى بــأي قاعــدة شــذوذ تخــرق التامثــل الــذي‬ ‫يــكا ُد يكــون متطابق ـاً يف كل األمثلــة‪ ..‬ويظــل املثــال‬ ‫يستنسـ ُخ نفســه يف الحالــن ويف املثالــن مهــا تعددت‬ ‫وتنوعــت الرســاالت‪ ،‬ومهــا باعــدت بينهــا األزمــان‬ ‫والظــروف‪ ،‬وتخالفــت مــن حيــث الطبائــع واختــاف‬ ‫الشــعوب واألشــخاص‪..‬‬ ‫ً‬ ‫املســألة إذن تشــبه كثــرا ـ مــن حيــث التمثيــل‬ ‫والتشــبيه ـ مشــهد االنقالبــات العســكرية عــى‬ ‫الســلطات الرشعيــة‪ ..‬فهــل ميكننــا أن نجــازف بالقــول‬ ‫أن مــا تحقــق خــال املائــة عــام املنرصمــة يف الــدول‬ ‫اإلســامية‪ ،‬عــى يــد قــادة أح ـزاب اإلســام الســيايس‬ ‫والعلــاء املســلمني‪ ..‬ثــم الجمعيــات والنــوادي‬ ‫ووســائل اإلعــام املكتوبــة والفضائيــات التلفزيونيــة‬ ‫وباقــي املرئيــات املشــاهدة‪ ..‬كان شــيئاً يشــبه اإلنقالب‬ ‫عــى اإلســام نفســه كرســالة‪..‬؟؟‬ ‫ليــس الجــواب بـ»نعــم» هــو الجــواب الصحيــح‪ ،‬ألن‬ ‫التعميــم بحــد ذاتــه ليــس خصيصــة علميــة ممتدحــة‪،‬‬ ‫مثلــا أن التشــميل العــام يف الــرأي ال يصح عــاد ًة إال يف‬ ‫الرباهــن التجريبيــة التــي خضعــت الختبــارات مطلقــة‬ ‫النتائــج‪ ،‬وال تحتمــل الخطــأ‪ ..‬يجــب البــدء بالرتكيــز‬ ‫عــى املفاهيــم األوليــة البســيطة داخــل دائــرة النــص‬ ‫الدينــي التــي ثبتهــا اإلســام‪ ،‬والتــي تنطــوي عــى أكــر‬ ‫مــن ازدواجيــة يف علــة فهمهــا ومدلوالتهــا‪ ،‬وغمــوض‬ ‫دورهــا الوظيفــي بــن مــا هــو (معتقــد وعقيــدة)‬ ‫وبــن مــا هــو (مشــرع ورشيعــة) وبــن مــا هــو‬ ‫(شــأن دنيــوي) ال رأي رصيح ـاً للديــن فيــه‪ ..‬ولســوف‬ ‫أبــدأ يف هــذا املقــال بتخصيــص مصطلحــي «الدولــة»‬ ‫و»الجامعــة» يف بحثــي عــن املدلوليــة‪ ،‬كــا أنتجتهــا‬ ‫اللغــة‪ ،‬وكــا تــم اســتقراره يف نفــوس النــاس جميع ـاً‬ ‫بوصفــه الحاصــل النهــايئ ملــا فهمــوه ومــا درجــوا عــى‬ ‫االعتقــاد بــه‪ ،‬ومــا اختــروه يف تجاربهــم ومســالكهم‬ ‫كمفهــوم نهــايئ‪..‬‬ ‫(الدولــة والجامعــة) مصطلحــان مــن أكــر‬ ‫املصطلحــات اإلســامية الرائجــة اليــوم‪ ،‬والتــي تــم‬ ‫انتزاعهــا ـ لغــرض مــا ـ وتطويبهــا‪ ،‬مــن أجــل التأثــر‬

‫عــى جمهــور إســامي معــن‪ ،‬والحفــر الذهنــي الــذي‬ ‫يســيطر عــى أكــر مــن مســاحة الذاكــرة الســطحية‬ ‫العامــة ليمتــد إىل املخيــال الالشــعوري الــذي يتحكــم‬ ‫مبقــاود التفكــر وآلياتــه‪ ..‬وبغيــة التأثــر يف الجمهــور‬ ‫العــام الــذي ســوف يُفــي تراكمي ـاً إىل التحــول‪ ،‬عــن‬ ‫طريــق وســائط التحشــيد املتنوعــة‪ ،‬إىل مؤسســة أو‬ ‫حــزب ســيايس أو تيــار قــادر عــى التعاطــي والتفاعــل‬ ‫يف األوســاط الشــعبية املتدينــة‪ ،‬بغيــة انتـزاع مكســب‬ ‫مــا مــن خاللــه‪ ،‬أو تحقيــق انتصــار وبــروز دور يف‬ ‫اإلطــار العــام لســياق األحــداث‪..‬‬

‫يعــد مثــة خيــارات أخــرى إال أن يقــي أحــد الطرفــن‬ ‫عــى اآلخــر‪ ..‬إمــا الســلطة الزبرييــة أو الســلطة‬ ‫أي مــن املســلمني‪ ،‬ال ســابقاً‬ ‫االمويــة‪ ..‬ومل يكــن بإمــكان ٍ‬ ‫وال حتــى الحقـاً يف عرصنــا الحــارض‪ ،‬أن يقطــع برشعيــة‬ ‫أي مــن الخليفتــن مــن وجهــة نظــر محــض دينيــة‪:‬‬ ‫الخالفــة الزبرييــة أم الخالفــة األمويــة‪ ..‬كــا تعايــش‬ ‫املســلمون مــرة ثانيــة مــع مبــدأ تعــدد الخالفــات‬ ‫يف زمــن واحــد حينــا نشــأت‪ ،‬إىل جانــب الخالفــة‬ ‫العباســية‪ ،‬الخالفــة األمويــة يف األندلــس‪ ،‬والتــي امتدت‬ ‫قريب ـاً مــن مثانيــة قــرون‪ ..‬ومــع ذلــك مل يخطــر ببــال‬

‫الدولة االسالمية‪:‬‬ ‫مل يقــم حتــى يومنــا هــذا أي مــن املشــتغلني يف الشــأن‬ ‫العــام اإلســامي‪ ،‬بحقليــه الفكــري والســيايس‪ ،‬عــى‬ ‫تعريــف الدولــة ورشح ماهيتهــا‪ ..‬عــى األقــل مــن‬ ‫وجهــة النظــر اإلســامية‪ ..‬ولقــد يســعني الجــزم بــأن‬ ‫النبــي والصحابــة لــو ذُكــر أمامهــم مصطلــح (الدولــة‬ ‫اإلســامية) ملــا فهمــوا مــا املقصــود منــه بالضبــط‪ ،‬وملــا‬ ‫اســتقر يف وعيهــم كــا اســتقر يف وعينــا اليــوم‪ ..‬لقــد‬ ‫ظــل مفهــوم الدولــة يرتجــح بــن مفهــوم املؤسســة‬ ‫التــي تحتكــر كامــل الســلطات واإلدارات‪ ،‬وبــن مفهوم‬ ‫كل مــا ميكــن أن ينتــج‬ ‫اإلدارة الشــاملة ملجتمــع مــا‪ُّ ..‬‬ ‫عــن مشــتمل أدبيــات الفكــر اإلســامي املعــارص أن‬ ‫الدولــة هــي الســلطة ذاتهــا‪ ..‬وأنهــا الجهــاز األقلــوي‬ ‫الــذي يتحكــم باألكرثيــة العامــة مــن الشــعب بوصفهــا‬ ‫ال (تعــرف) أو (ال تقــدر) أو (ال تســتطيع) أن تحكــم‬ ‫نفســها إال مــن خــال رجــال الدولــة اإلســامية‪ ،‬والذين‬ ‫يتامهــون يف املفهــوم مــع القامئــن عــى الســلطة مــن‬ ‫املســلمني‪ ..‬وهــو باملصطلــح املختــر‪ :‬رجــال الحــل‬ ‫والعقــد الذيــن يقــف عــى رأســهم ـ رمزي ـاً أو فعلي ـاً‬ ‫ـ أمــر املؤمنــن أو الخليفــة‪ ..‬وهنــا ال بــد أن تحرضنــا‬ ‫بعــض أســئلة رشو ٍد ال نــرى أن النــص الدينــي باملجمــل‬ ‫ميكنــه أن يجيــب عليهــا اإلجابــة القاطعــة‪ :‬هــل‬ ‫الخالفــة اإلســامية هــي فريضــة رشعيــة؟ وهــل هــي‬ ‫واجبــة؟‪ ..‬هــل هــي ســنة محبــذة ومســتحبة؟ وهــل‬ ‫يجــوز أن تتعــدد وتكــر يف أكــر مــن مــكان مــن أرض‬ ‫املســلمني؟‪ ..‬وســوف أســجل بدايــة بعــض مالحظــات‬ ‫أوليــة كمدخــل ينــر لنــا طبيعــة املشــكلة‪..‬‬ ‫ـ املســلمون تعايشــوا مــع مبــدأ وجود ســلطتني يف أكرث‬ ‫مــن لحظــة مــن لحظــات التاريــخ‪ ..‬فلقــد أعلــن (عبــد‬ ‫اللــه بــن الزبــر) نفســه خليفــة عــى جميــع املســلمني‬ ‫مبجــرد ســاعه بوفــاة معاويــة بــن أيب ســفيان‪..‬‬ ‫واســتمر البيــت األمــوي يف اختيــار خلفائــه ـ خلفــاء‬ ‫املســلمني ـ بالتزامــن والتجــاور مــع أرض الخالفــة التــي‬ ‫اســتوىل عليهــا عبــد اللــه بــن الزبــر‪ ،‬والتــي اشــتملت‬ ‫عــى الحجــاز وبعــض العــراق‪ ،‬والتــي امتــدت إىل‬ ‫قريــب مــن ســبع ســنوات‪ ..‬مل مينعــه وجــود يزيــد‬ ‫بــن معاويــة‪ ،‬ومعاويــة الثــاين بــن يزيــد‪ ،‬ومــروان بــن‬ ‫الحكــم‪ ،‬وعبــد امللــك بــن مــروان‪ ،‬إىل جــواره كخلفــاء‪،‬‬ ‫بــل كان الحاصــل أن القوتــن املتصادمتــن تبتغيــان‬ ‫الوصــول إىل االنفــراد بالســلطة السياســية‪ ،‬حينــا مل‬

‫أي مــن العلــاء أو الفقهــاء أو الدعــاة أو أهــل الفقــه‬ ‫والفهــم الترشيعــي‪ ،‬حتــى أن يتســاءل أو يطــرح عــى‬ ‫نفســه مبــدأ رشعيــة تعــدد الخالفــات حتــى فــرة‬ ‫قريبــة‪ ،‬ثــم متــت القســمة بتثليــث الخالفــة حينــا‬ ‫ظهــرت الحقــاً الخالفــة الفاطميــة يف مــر وشــال‬ ‫افريقيــا‪ ،‬فتزامنــت وتعايشــت الخالفــات الثــاث‬ ‫بإق ـرار مــن خــواص وعمــوم املســلمني لعــدة قــرون‪..‬‬ ‫ـ أكــر مــن ذلــك أن املســلمني مل يشــرطوا أن يكــون‬ ‫الخليفــة خــر املســلمني‪ ،‬بــل وال أن يكــون مــن أهــل‬ ‫الســنة والجامعــة‪ ..‬فلقــد عرفــوا الخليفــة الفاســق‬ ‫الداعــر والزنديــق (يف شــخص الوليــد بــن يزيــد)‬ ‫وقبلــوا بالخليفــة الصبــي غــر البالــغ (املقتــدر‬ ‫العبــايس مل يكــن قــد تجــاوز الثانيــة عــر حــن بويــع‬ ‫خليفــة عــى املســلمني) والخليفــة املرجــىء وصاحــب‬ ‫العقيديــة الجربيــة املناقضــة لعقيــدة أهــل الســنة‬ ‫والجامعــة كالخليفــة (مــروان بــن محمــد) آخــر خليفة‬ ‫أمــوي‪ ،‬والــذي يلقــب بالجعــدي نســبة إىل أســتاذه‬ ‫ومعلمــه الجعــد بــن درهــم الــذي يعــد رأس الجربيــة‬ ‫و ُم َنظّرهــا األكــر‪ ..‬كــا قبلــوا بــأن يكــون الخليفــة مــن‬ ‫أهــل الطوائــف الضالــة والفــرق الكافــرة ـ يف نظــر أهل‬ ‫الســنة والجامعــة ـ حيــث تواتــر عــى منصــب الخليفة‬ ‫ثالثــة خلفــاء مــن املعتزلــة (وهــم أكــر جبهــات الفرق‬ ‫الضالــة التــي اهتــم أهــل الســنة والجامعــة بحربهــا‪:‬‬ ‫هجومــاً ودفاعــاً) حكمــوا الخالفــة واألمــة اإلســامية‬ ‫ألكــر مــن ثالثــن عامــاً‪ ،‬وهــم املأمــون واملعتصــم‬ ‫والواثــق‪ .‬واملختلــف طائفيـاً‪ ،‬كالفاطميــن الذيــن كانــوا‬ ‫مــن غــاة الشــيعة‪ ،‬والذيــن حكمــوا جغرافيــة كبــرة‬ ‫وهامــة مــن قلــب العــامل االســامي‪ :‬مــر وشــال‬ ‫افريقيــا وجــزءا ً مــن بــاد الشــام قريب ـاً مــن مائتــن‬ ‫وســبعني عام ـاً (‪ 909‬ـ ‪1171‬م)‪ ..‬كــا أنهــم مل ينكــروا‬ ‫ســلطان املــرأة عليهــم‪ ،‬فظهــرت شــجرة الــدر ســلطانة‬ ‫عــى مــر‪ ،‬وكانــت الســيدة (والــدة الخليفــة املقتــدر‬ ‫الــذي كان صبيـاً أثنــاء مبايعتــه بالخالفــة) هــي الحاكم‬ ‫الفعــي وصاحــب األمــر والنهــي مبعرفــة وإقـرار خاصة‬ ‫املســلمني وعامتهــم ملــا يزيــد عــن عــرة أعــوام‪ ..‬كــا‬ ‫أقــروا ســلطان العبيــد (كافــور األخشــيدي واملامليــك)‬ ‫الذيــن حكمــوا مــر والشــام حتــى وقــت متأخــر مــن‬ ‫التاريــخ‪ ..‬وأقــروا وبايعــوا املختلــف قومي ـاً مــن غــر‬ ‫العــرب كالعثامنيــن وااليوبيــن والزنكيــن والســاجقة‬ ‫والبويهيــن وكثرييــن غريهــم‪.‬‬

‫الحرملي‬

‫‪5‬‬

‫صمت العالم‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫مل تفاجئنــي البتــة ترصيــح ســتيفان دي مســتورا املبعــوث‬ ‫األممــي إىل ســوريا‪ ،‬عندمــا قــال مؤخ ـرا ً‪ :‬إن األســد جــزء مــن‬ ‫الحــل يف ســورياً‪ ،‬ومل أعــر اهتامم ـاً لتفســر الفرنســيني‪ ،‬الــذي‬ ‫جــاء تعقيبـاً عــى كالم دي مســتورا‪ ،‬والــذي يشــر إىل أن العالقة‬ ‫الوحيــدة التــي تربــط األســد يف الحــل بســوريا هــي رحيلــه‪.‬‬ ‫مل تعــد ترصيحــات أصدقــاء ســوريا تثــر حامســتي‪ ،‬وال تدعــوين‬ ‫مقــوالت اليانــي املتحــر والعاشــق للحريــة إىل التفــاؤل‬ ‫بخصــوص رحيــل األســد‪ ،‬وال تقربنــي مــن الحريــة الخطــوط‬ ‫الحمـراء التــي رســمتها الذئــاب لألســد املرتبــص بنــا موتـاً وقتـاً‬ ‫وتدم ـرا ً‪ ،‬مل تعــد ترصيحــات الجامعــة العربيــة املانعــة للخــر‬ ‫تؤجــج يف داخــي مقولــة بــاد العــرب أوطــاين‪ ،‬ومل يعــد قلــق‬ ‫بــان يؤرقنــي ليــاً‪ ،‬ومل تعــد أخبــار املتســلقني وتجــار الــدم‬ ‫الســوري تتصــدر أحاديــث الســهرات‪.‬‬ ‫قبــل أن نخــرج عــى اســتحياء كبــر مندديــن بجرائــم األســد‬ ‫التــي ترتكــب بحــق أهلنــا يف دومــا‪ ،‬كان معظــم الســوريني‬ ‫قــد خرجــوا إلســقاط النظــام‪ ،‬وبعدهــا خرجنــا متضامنــن مــع‬ ‫أهلنــا يف قريــة الخنســاء مبحافظــة الحســكة‪ ،‬ومــن قبــل خرجنــا‬ ‫تضامنـاً مــع أهلنــا يف الرقــة وديــر الــزور وحلب وحمــص ودرعا‪،‬‬ ‫وخرجنـاً أيضـاً ضــد الرباميــل املتفجــرة‪ ،‬والكيــاوي‪ ،‬والعاصفــة‬ ‫زينــة‪ ،‬وأســقطنا االئتــاف بعــد أن كان ممثلنــا الوحيــد‪ ،‬وطالبنــا‬ ‫بإســقاط الحكومــة املؤقتــة بعــد أن أشــهرت إفالســها املــادي‬ ‫واملعنــوي‪ ،‬كــا أســقطنا بأدبياتنــا وحــدة التنســيق والدعــم‬ ‫بعــد أن وزعــت عــى مخيــات اللجــوء املحروقــات املغشوشــة‬ ‫التــي أحدثــت حرائــق بــن ظه ـراين أهلنــا يف مخيــات الــرد‬ ‫والجــوع‪.‬‬ ‫يبــدو أنــه كلــا زاد تصلبنــا يف إســقاط النظــام واملطالبــة‬ ‫بالحريــة والكرامــة‪ ،‬يــزداد قلــق العــامل الحــر‪ ،‬علينــا وليــس‬ ‫معنــا‪ ،‬ويتصاعــد معــه تغــول النظــام الفاجــر بقتلنــا وتهجرينــا‪،‬‬ ‫وتدمرينــا‪ ،‬يبــدو أن ال أحــد يريــد لنــا الحريــة وال الكرامــة‪،‬‬ ‫فالعــامل الحــر مل يعــد آبهــاً بإســقاط ملؤسســات الثــورة التــي‬ ‫أردنــا لهــا أن تكــون بنــا ًء حصين ـاً وبدي ـاً للنظــام البائــد‪ ،‬بيــد‬ ‫أننــا كلــا رفعنــا صوتنــا عاليـاً يف أي اتجــاه ازداد معــدل القتــل‬ ‫والتدمــر مقابــل تراجــع معــدالت الشــجب واالســتنكار‪.‬‬ ‫الســوريون ميتلكــون القــدرة عــى اســترشاف املســتقبل‪ ،‬وهــذا‬ ‫ليــس محــض صدفــة‪ ،‬ومل يـ ِ‬ ‫ـأت مــن ف ـراغ‪ ،‬فقــد قالــوا مبك ـرا ً‬ ‫«مــا لنــا غــرك يــا اللــه» مبجــرد ســاعهم تنديــد النظــام‬ ‫العاملــي لجرائــم النظــام املرتكبــة بحــق الشــعب األعــزل‪ ،‬الــذي‬ ‫اكتفــى باملطالبــة‪ ،‬وهــو يف موقــع املتفــرج الســاكت عــن الحــق‪.‬‬ ‫مل تنتــر إرادة العــامل الحــر ملطالــب الشــعب الســوري يف‬ ‫الحريــة والكرامــة‪ ،‬فلــم نســمع هديــر الطائ ـرات مدوي ـاً‪ ،‬وال‬ ‫ردودا ً تزلــزل األرض مــن تحــت قدمــي األســد وزبانيتــه‪ ،‬ألن‬ ‫أعــن العــامل مل تصدمهــا دمــاء األبريــاء املســفوحة يف كل أصقــاع‬ ‫البــاد الســورية‪ ،‬ومل تســتيقظ معهــا الضامئــر الحــرة أمــام‬ ‫منظــر أجســاد األطفــال املحرتقــة يف الغوطــة‪.‬‬ ‫وعــى حــن غــرة اســتيقظ العــامل عــى غــول اإلرهــاب‪ ،‬وأراد‬ ‫لألســد أن يكــون رشيكاً لــه يف محاربته‪ ،‬وليذهب الســوريون إىل‬ ‫الجحيــم‪ ،‬هكــذا أرادوا لــه مــن البدايــة‪ ،‬منــذ أن تهيــأ الجميــع‬ ‫لرؤيــة الــدم والقتــل والتدمــر‪ ،‬دون أن يــرف لهــم جفــن‪ ،‬هــم‬ ‫مســتعدون ألي طــارئ‪ ،‬فقبــل أن يعلــن دي مســتورا أن األســد‬ ‫جــزء مــن الحــل يف ســوريا‪ ،‬كان النظــام األســدي الــذي فــاق‬ ‫ـام‬ ‫إجرامــه كل تصــور قــد اســتعد مبك ـرا ً لتكريــس نفســه كحـ ٍ‬ ‫للحمــى‪ ،‬واملحــارب األول لإلرهــاب‪ ،‬فلــاذا االســتغراب؟! وكــا‬ ‫هــم مســتعدون لقتلنــا‪ ،‬فنحــن أيض ـاً مــا زلنــا نــردد‪ :‬يــا اللــه‬ ‫مالنــا غــرك يــا اللــه‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫أحمد العجيلي‬

‫أســابيع قليلــة تفصــل الســوريني عــن‬ ‫ذكــرى قيامتهــم التاريخيــة‪ ،‬لتدخــل املحنــة‬ ‫الســورية ســنتها الخامســة‪ ،‬وتطــوي صفحــة‬ ‫ســنوات أربــع مل يشــهد العــامل مأســاة متاثلهــا‬ ‫منــذ نهايــة الحربــن العامليتــن‪.‬‬ ‫لقــد بــات توصيــف املأســاة ومعانــاة املاليــن‬ ‫أم ـرا ً اعتيادي ـاً‪ ،‬وقــد يــرى البعــض أنــه صــار‬ ‫ممجوجــاً‪ ،‬وال طائــل مــن إعــادة نــر تلــك‬ ‫املقــاالت التــي ترســم مالمــح تلــك املذبحــة‬ ‫البرشيــة‪ .‬فرمبــا يكــون قتــل صحفيــي «شــارل‬ ‫إيبــدو»‪ ،‬أو حــرق الطيــار األردين عــى‬ ‫يــد داعــش حدثــاً أكــر أهميــة مــن قتــل‬ ‫ماليــن الســوريني‪ ،‬وترشيدهــم؛ ورمبــا قــد‬ ‫يجــد آخــرون أن التحليــل الســيكولوجي‬ ‫لشــخصية الكساســبة‪ ،‬وهــو يستشــعر تلــك‬ ‫النــار املضطرمــة حولــه أم ـرا ً يســتحق العنــاء‬ ‫والبحــث‪ ،‬وحدثــاً ال بــد مــن الغــوص يف‬ ‫أعامقــه وتفنيــد مدلوالتــه‪ ،‬بــدالً عــن حديـ ٍ‬ ‫ـث‬ ‫ال جديــد فيــه‪ ،‬يتكــرر مــع كل نــرة أخبــار‪،‬‬ ‫ر أيضــاً‬ ‫علــاً أ ّن أولئــك الســوريني هــم بــ ٌ‬ ‫تقــل فتــكاً عــن‬ ‫وتحرقهــم نــران شــتى ال ّ‬ ‫ســعري نــار الكساســبة املغــدور‪.‬‬ ‫مل يعــد مجديـاً الحديــث عــن الصواريــخ‬ ‫ٍ‬ ‫عائــات بأكملهــا يف‬ ‫الفراغيــة التــي أحرقــت‬ ‫دومــا‪ ،‬كــا أ ّن براميــل املــوت التــي ســقطت‪،‬‬ ‫وتســقط بشــكل شــبه دائــم عــى حلــب‪،‬‬ ‫والوعــر يف حمــص‪ ،‬وكفــر نبــل واللطامنــة‪،‬‬ ‫ومــا تخلّفــه أصبــح أمــرا ً اعتياديــاً ال جديــد‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫قوّة العدالة أم عدالة القوّة‪!!!..‬‬

‫فيــه‪ ،‬وخــر إبــادة عائــات بأكملهــا وزوال‬ ‫مــدن عــن الخارطــة‪ ،‬وتغيــر دميغرافيــة مــدن‬ ‫أخــرى أضحــى حدثــاً مســتقرا ً يف الالوعــي‬ ‫الجمعــي عنــد هــذا العــامل املتحــر؛ هــذا‬ ‫العــامل الــذي مل يأبــه لــكل معانــاة الســوريني‬ ‫ومحنتهــم‪ ،‬ومل يســمع ســوى نــداءات‬ ‫«كوبــاين»‪ ،‬وهــي تســتغيث مــن داعــش؛‬ ‫هــذا العــامل الــذي مل يشــعر بحســيس النــار‬ ‫إال حــن اقرتبــت مــن البدلــة الربتقاليــة التــي‬ ‫ســرت جســد الكساســبة قبــل أن تتامهــى‬ ‫مــع جســده يف مشــهد ال يقّــل إيالمــاً عــن‬ ‫غــره مــن مشــاهد املــوت الســوري اليومــي؛‬ ‫تلــك النــار التــي مل يتوقــف العــامل عــن النفــخ‬ ‫فيهــا لعلهــا تحــرق مزيــدا ً مــن الســوريني‪،‬‬

‫تلــك النــار التــي أشــعلت جــذوة الشــهامة يف‬ ‫رأس العاهــل األردين فقــرر أن ميتشــق ســيفه‪،‬‬ ‫وميتطــي صهــوة طياراتــه ليخــوض انتقامــاً‬ ‫داميـاً مــن داعــش التــي أحرقــت «ابنــه» عــى‬ ‫حــ ّد تعبــره‪ ،‬يف حــن مل تــر طائراتــه وهــي‬ ‫تحلّــق فــوق الزعــري جثــث الســوريني التــي‬ ‫غطاهــا ثلــج «زينــة» و»هــدى» وغريهــا مــن‬ ‫العواصــف‪.‬‬ ‫مــرارا ً وتكــرارا ً نــردد ويــردد الســوريون‬ ‫قاطبــةً‪ :‬إننــا نديــن القتــل‪ .‬نديــن قتــل‬ ‫الكساســبة‪ ،‬ونديــن اغتصــاب القــرى الســورية‬ ‫جميعهــا ال عــن العــرب فقــط؛ إذ صــار مــن‬ ‫املفــروض عــى الضحيــة أن تتعاطــف مــع‬ ‫أيــة ضحيــة أخــرى تتعــرض الضطهــاد مامثــل‬

‫ســواء مــن األســد الــكاذب يف علامنيتــه‬ ‫املفرتضــة‪ ،‬أم مــن داعــش التــي تســتلب رايــة‬ ‫أي عــد ٍل هــذا الــذي يتكلــم عنــه‬ ‫اإلســام! ّ‬ ‫العــامل املتحــر؟! أيــة مــروء ٍة أو شــهامة‬ ‫يتحــدث عنهــا أصحابهــا‪ ،‬وهــم ال يــرون يف‬ ‫قتــل الســوريني جرميــ ًة تســتحق إدانتهــا‬ ‫ومعاقبــة مرتكبيهــا! رحــم اللــه جـران خليــل‬ ‫ج ـران الــذي عايــش فســاد الضمــر اإلنســاين‬ ‫فوصفــه‪:‬‬ ‫والعدل يف األرض يبيك الجن لو سمعوا‬ ‫به‪ ،‬ويستضحك األموات لو نظروا‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫فــقـاتل الجـسم مـقتـول بــفعلتـه ‬ ‫وقاتــل الــروح ال تــدري بــه البرش‬ ‫ ‬ ‫يبــدو أ ّن رصخــات الثــكاىل واليتامــى يف‬ ‫ـدى يف مســامع مــن‬ ‫ســورية لــن تجــد لهــا صـ ً‬ ‫ميتلــك القــدرة عــى إنهــاء معاناتهــم‪ ،‬كــا أ ّن‬ ‫اســتغاثات الســوريني الواقعــن بــن نــار األســد‬ ‫وبراميلــه التــي تفوقــه غبــا ًء‪ ،‬وبــن رمضــاء‬ ‫لــف لفّهــا مــن «الخنازيــر»‬ ‫داعــش ومــن ّ‬ ‫التــي رسقــت ثــورة الســوريني‪.‬‬ ‫(والتوصيــف هنــا لجــورج أورويــل يف روايتــه‬ ‫«مزرعــة الحيوانــات»‪ ،‬التــي يصــف فيهــا‬ ‫كيــف تثــور الحيوانــات‪ ،‬ومــن ثــ ّم تــأيت‬ ‫الخنازيــر وتــرق هــذه الثــورة‪ .‬وكأين بــه‬ ‫يحــايك ثــورة الســوريني ومــا فعلتــه داعــش‬ ‫وغريهــا)‪.‬‬ ‫يبــدو أن مثــل هذه النداءات واالســتغاثات‬ ‫لــن تجــدي نفع ـاً يف عــا ٍمل يثــور لقتــل طيــارٍ‪،‬‬

‫وينــى قتـ ُـل طياريــن آخريــن ملئــات اآلالف‬ ‫مــن املدنيــن األبريــاء‪ .‬فقــد أصبــح معلوم ـاً‬ ‫أ ّن تلــك الحجــج لــن تفيدنــا شــيئاً‪ ،‬وأ ّن التبــايك‬ ‫عــى ٍ‬ ‫بلــد مل نصنــه لــن يعيدنــا أو يعيــده‬ ‫«فحــق القــوي معــز ٌز معضــود» كــا‬ ‫إلينــا؛‬ ‫ّ‬ ‫قــال الــزركيل يومــاً‪ .‬لــذا فقــد أصبــح لزامــاً‬ ‫عــى الســوريني أن يكونــوا أقويــاء يك يحصلــوا‬ ‫عــى حقوقهــم‪ ،‬ويتمكنــوا مــن إخــاد هــذه‬ ‫النــار التــي أتــت عــى كل يشء يف ســورية‪ ،‬ومل‬ ‫ر أو حجــر‪.‬‬ ‫تبــق عــى ب ـ ٍ‬ ‫ولكــن كيــف ميكــن لنــا أن نصبــح أقويــاء‪،‬‬ ‫وأن نأخــذ حقوقنــا دون انتظــار منحــة مــن‬ ‫أحــد أو هبــة‪ ،‬فالحــق يؤخــذ عنــو ًة ال يوهــب‬ ‫مــن أحــد‪ .‬الســبل كثــرة للوصــول إىل تلــك‬ ‫القــوة‪ ،‬ولكــن يلزمهــا أن يعــود الســوريون‬ ‫ســرتهم األوىل‪ ،‬وينطلقــوا مــن الشــعارات‬ ‫ذاتهــا التــي صدحــت بهــا حناجرهــم يف‬ ‫مسـراتهم الســلمية‪ ،‬ال بـ ّد مــن إعــادة الكـ ّرة‬ ‫مــرة ثانيــة‪ ،‬وال ب ـ ّد مــن تج ّنــب تلــك الحفــر‬ ‫التــي وقعنــا بهــا يف طريــق ثورتنــا‪ .‬مــا مل منتلك‬ ‫زمــام املبــادرة‪ ،‬ونفيــد مــن أخطائنــا الســالفة‪،‬‬ ‫ومــا مل منتلــك قــوة التصميــم واإلرادة عــى‬ ‫بنــاء ســورية م ّوحــدة لــكل الســوريني‪ ،‬لــن‬ ‫نتمكــن مــن النهــوض مــرة أخــرى‪ ،‬ومــن‬ ‫يجـ ُد رغبـ ًة يف قـرارة نفســه اللتهــام جــز ٍء مــن‬ ‫الكعكــة ســيجد نفســه يوم ـاً مــا عبــدا ً مــن‬ ‫جديــد‪ ،‬ولكــن قــد يكــون الذئــب هــذه املـ ّرة‬ ‫أشـ ّد فتــكاً‪ ،‬وأكــر رضاوة يف افرتاســه لقطيعــه‪.‬‬

‫مؤتمري موسكو والقاهرة ما بني التشاور والتحاور‬ ‫بهنان يامين‬ ‫شــهدت األيــام العــرة األخــرة مــن شــهر كانــون‬ ‫الثــاين املنــرم ‪ ،2014‬انعقــاد مؤمتريــن األول يف القاهــرة‬ ‫والثــاين يف موســكو‪ .‬املؤمتــر األول كان مــن املفــرض بــه أن‬ ‫يكــون مؤمتـرا ً تشــاورياً مــا بــن قــوى املعارضــة يف الخــارج‬ ‫والداخــل مــن أجــل‪ ،‬إن مل يكــن أن تتوحــد‪ ،‬فعــى األقــل‬ ‫مــن أجــل أن تتوصــل إىل رأي موحــد للحــل الســيايس‬ ‫لألزمــة الســورية‪ ،‬كــا يحلــو للبعــض أن يســميها‪ ،‬وفشــلوا‪.‬‬ ‫أمــا املؤمتــر الثــاين املعــروف مبنتــدى موســكو‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫التحــاور مــا بــن بعــض رمــوز املعارضــة والنظــام‪ ،‬اســتنادا ً‬ ‫إىل مبــادئ جنيــف‪ 1‬وفشــل أيضـاً‪ ،‬ويف الحقيقــة هــو مؤمتــر‬ ‫ولــد ميت ـاً ألنــه ســمي تشــاورياً‪.‬‬ ‫وأســباب فشــل كال املؤمتريــن‪ ،‬رغــم بيانــات حفــظ مــاء‬ ‫الوجــه‪ ،‬كانــت العقليــة اإلقصائيــة‪ ،‬والنظــرة املتعاليــة‪.‬‬ ‫ففشــل مؤمتــر القاهــرة جــاء نتيجــة النظــرة الفوقيــة‬ ‫لهيئــة التنســيق‪ ،‬بقيــادة حســن عبــد العظيــم الــذي يــرى‬ ‫مســبقاً‪ ،‬هــو وهيثــم املنــاع‪ ،‬بــأن كل قــوى املعارضــة يجــب‬ ‫أن تنضــوي تحــت عبــاءة الهيئــة وتذهــب إىل موســكو يف‬ ‫ظلهــا‪ ،‬وتــرف بطريقــة أقصــت كل املعارضــة‪ ،‬وصــادرت‬ ‫رأيهــا ومل تعمــل عــى توحيدهــا‪ ،‬فليــس مــن املقبــول‬ ‫شــطب أي قــوى سياســية كانــت حتــى لــو اختلفنــا معهــا‬ ‫مئــة باملئــة‪ ،‬فــإذا كان لهــا تواجــد عــى الســاحة السياســية‬ ‫الســورية‪ ،‬وخاصــة ســاحة املعارضــة منهــا‪ ،‬فيجــب إن مل‬ ‫تتمثــل‪ ،‬فعــى األقــل يُســتمع إىل وجهــة نظرهــا‪ ،‬علينــا أن‬ ‫نكــون عقالنيــن‪ ،‬ونعــرف بــأن التدخــل املــري يف الشــأن‬ ‫الســوري كان واضحــاً‪ ،‬ورغــم أهميــة مــر يف املســاهمة‬ ‫بالحــل‪ ،‬فهــو تدخــل مرفــوض جملــة وتفصي ـاً‪.‬‬ ‫منــذ البدايــة‪ ،‬طالبــت الســلطة املرصيــة بإقصــاء جامعــة‬ ‫اإلخــوان املســلمني وإعــان دمشــق‪ ،‬ورغــم االختــاف مــع‬ ‫فكــر اإلخــوان املســلمني‪ ،‬فليــس مــن املقبــول أن يقصــوا‬ ‫مــن التواجــد عــى الســاحة السياســية الســورية‪ ،‬وإن منعــوا‬ ‫فقــوى املعارضــة ال تختلــف بذلــك عــن النظــام االســتبدادي‬ ‫الــذي دمــر الحيــاة السياســية ملــدة نصــف قــرن مــن الزمــن‬

‫وأكــر‪ ،‬أضــف إىل ذلــك أن مــر فرضــت قيــودا ً عــى‬ ‫دخــول الســوريني‪ ،‬فالســوري بحاجــة إىل موافقــة أمنيــة‬ ‫قبــل ولوجــه املطــارات املرصيــة‪.‬‬ ‫ونتيجــة للعالقــة التاريخيــة والعاطفيــة التــي تربــط حــزب‬ ‫االتحــاد االشـرايك الدميوقراطــي‪ ،‬ذا الهــوى النــارصي مبــر‪،‬‬ ‫وهــذا الحــزب هــو املهيمــن عــى هيئــة التنســيق الوطنــي‪،‬‬ ‫فلقــد تــرف األســتاذ حســن عبــد العظيــم‪ ،‬ومــن معــه‬ ‫كأنهــم هــم أصحــاب الق ـرار‪ ،‬وعــى اآلخريــن أن يبصمــوا‬ ‫عــى مــا يقــرروه هــم وبعــض «املعارضــن» الجــدد‬ ‫الخارجــن للتــو مــن عبــاءة النظــام‪ .‬ورغــم البيــان الخجــول‬ ‫الــذي يدعــو إىل عقــد مؤمتــر توحيــدي لقــوى املعارضــة يف‬ ‫الربيــع القــادم‪ ،‬فباملعيــار الســيايس فــإن مؤمتــر القاهــرة قــد‬ ‫فشــل فش ـاً ذريع ـاً‪ ،‬ومــن هنــا رفــض العديــد مــن القــوى‬ ‫التوقيــع عــى هــذا البيــان‪.‬‬

‫أمــا مؤمتــر موســكو‪ ،‬فهــو مولــود مل ي ـ َر النــور ألنــه ولــد‬ ‫ميت ـاً‪ ،‬ومــن قتــل هــذا املؤمتــر كان بالدرجــة األوىل النظــام‬ ‫االســتبدادي‪ ،‬وبالدرجــة الثانيــة كانــت حكومــة روســيا‬ ‫االتحاديــة‪ ،‬التــي مل تســتطع أن تقــف عــى الحيــاد وبالتــايل‬ ‫بقيــت عــى تحالفهــا القــوي مــع النظــام األســدي‪ .‬أمــا‬ ‫املدعــوون‪ ،‬الذيــن ســميوا‪ ،‬بشــخصيات معارضــة‪ ،‬فكانــوا‬ ‫الشــاهد الــذي مل يــر شــيئاً‪ ،‬وخرجــوا ببنــود يخجــل منهــا‬ ‫حتــى املبتــدئ بالعمــل الســيايس‪ ،‬فهــذه البنــود هــي كمــن‬ ‫يشــحذ الحــل‪ ،‬ومــن هنــا كانــت مرفوضــة مــن كل القــوى‪،‬‬ ‫ومل تنفــع تطمينــات ماجــد حبــو بــيء‪ .‬أهــم ســبب لهــذا‬ ‫الفشــل هــو أن النظــام هــو الــذي قــرر الئحــة الشــخصيات‬ ‫املدعــوة إىل منتــدى موســكو‪ ،‬مــن خــال إرصاره أن تكــون‬ ‫الدعــوات موجهــة ألشــخاص وليــس لتنظيــات وتحالفــات‬ ‫سياســية‪ ،‬أي االســتمرار بسياســته التــي ال تعــرف بالقــوى‬

‫السياســية األخــرى‪ ،‬رغــم ضعفهــا الــذي ســببه هــو بالــذات‪،‬‬ ‫فهــي متواجــدة عــى الســاحة السياســية الســورية‪ ،‬وهــي‬ ‫التــي مــن املمكــن أن تفــاوض النظــام ال أن تحــاوره‪،‬‬ ‫فالشــعب الســوري الــذي دفــع غالي ـاً مثــن هــذه الحــرب‬ ‫الــذي أجــره النظــام عــى دخولهــا‪ ،‬لــن يقبــل بــأي حــل‬ ‫ســيايس إال بعــد إقصــاء النظــام وأجهزتــه األمنيــة‪ .‬ومــن‬ ‫تشــكيلة وفــد النظــام تعــرف عــدم جديــة النظــام األمنــي‬ ‫األســدي‪ ،‬ألنــه كان مــن موظفــي وزارة الخارجيــة مــن‬ ‫الصــف الثــاين‪.‬‬ ‫أمــا املعارضــون‪ ،‬فلقــد كان أكــر مــن نصفهــم غــر‬ ‫معارضــن‪ ،‬ونذكــر منهــم عــى ســبيل املثــال ال الحــر‬ ‫قــدري جميــل باشــا‪ ،‬نائــب رئيــس الــوزراء املقــال‪ ،‬وهــو‬ ‫املقــاول لــدى موســكو‪ ،‬وفاتــح جامــوس الــذي ال ميثــل إال‬ ‫نفســه‪ ،‬الــذي مل يعــد يعــرف بــه رفاقــه يف منظمــة العمــل‬ ‫الشــيوعي نتيجــة مواقفــه الطائفيــة يف تأييــد وتربيــر‬ ‫مواقــف النظــام املعتمــد بشــكل أســايس عــى الطائفيــة‬ ‫واملذهبيــة‪ ،‬أمــا أبجــر ملــول فمــن ميثــل‪ ،‬فمجمــل الشــعب‬ ‫الرسيــاين اآلشــوري ال يعــرف بــه وهــو الــذي ذهــب إىل‬ ‫املشــاركة يف تبييــض صفحــة النظــام عــر مشــاركته بوفــد‬ ‫مؤيــدي النظــام مــن املهاجريــن الســوريني يف الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة‪.‬‬ ‫فشــل كال املؤمتريــن يجــب أن يفتــح أعــن الجميــع‪،‬‬ ‫واملعارضــن منهــم بشــكل خــاص‪ ،‬بــأن النظــام لــن يغــر‬ ‫موقفــه ألنــه يعتــر نفســه منت ـرا ً عــى الشــعب‪ ،‬وعــى‬ ‫الجميــع (املعارضــن) أن يقدمــوا التنــازالت الواحــد لآلخــر‬ ‫للتوافــق عــى برنامــج حــد أدىن ســيايس يشــكل حــاً‬ ‫ســلمياً للثــورة الســورية‪ .‬ومــن هنــا فــإن عــى مؤمتــر‬ ‫الربيــع للمعارضــة‪ ،‬أن يخــرج بربنامــج كهــذا‪ ،‬بعيــدا ً عــن‬ ‫الرنجســيات الحزبيــة والشــخصية‪ ،‬ألنهــم إن أرادوا النجــاح‬ ‫يف قيــادة الشــعب الســوري فعليهــم أن يكونــوا واقعيــن‪،‬‬ ‫ومــن هــم عــى األرض لــن يقبلــوا بعــد اآلن عقليــة الحــزب‬ ‫القائــد‪ ،‬الــذي خــرج الشــعب الســوري مــن أجــل تحطيمهــا‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬

‫يــوم ال ينفــع مــال وال بنــون‪ ،‬يــوم يحاســب كل ظــامل عــا‬ ‫ظلــم‪ ،‬ويؤخــذ حــق املظلــوم يــوم الحســاب العظيــم يــوم‬ ‫الحــق والعــدل نرجــو ونأمــل مــن اللــه عــز وجــل أن يجعلنــا‬ ‫مــن الصادقــن املؤمنــن الطالبــن لآلخــرة الزاهديــن يف الدنيــا‬ ‫فالظلــم ظلــات يــوم القيامــة رمبــا تكــون هــذه املقالــة مجــرد‬ ‫حلــم يف الســابق‪ ،‬ولكــن والحمــد اللــه أصبحــت أقــرب إىل‬ ‫الواقــع‪ ،‬وان طــال الزمــن وغــدا ً لناظــره قريــب‪.‬‬ ‫القايض‪ :‬ما هو اسمك وما هو عملك؟‬ ‫املتهــم‪ :‬اســمي بشــار حافــظ األســد وأنــا رئيــس الجمهوريــة‬ ‫العربيــة الســورية وكنــت مرشــحاً لرئاســة العــامل أجمــع وفق ـاً‬ ‫لرؤيــة أعضــاء مجلــس الشــعب خاصتــي‪.‬‬ ‫القايض‪ :‬كيف استلمت الحكم يف سوريا؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ورثــت الحكــم عــن والــدي القائــد املفــدى حافــظ‬ ‫األســد‪.‬‬ ‫القايض‪ :‬أمل يختارك الشعب؟‬ ‫املتهــم‪ :‬شــعب أي شــعب؟ إنهــم مجموعــة مــن الجهلــة‬ ‫والغوغائيــن‪ ،‬وال يعرفــون مصالحهــم‪ ،‬نــاس خنوعــن‬ ‫مستســلمني جســد بــا عقــل يحــب أن يســاق ويقــاد ال يعــرف‬ ‫القيــادة وال يفكــر يف السياســة‬ ‫القــايض‪ :‬مــا هــو األســلوب الــذي اتبعتــه حتــى أوصلــت‬ ‫الشــعب إىل هــذه املرحلــة؟‬ ‫املتهــم‪( :‬ضاحــكاً) لســت أنــا مــن أســكته‪ ،‬بــل العلــاء‬ ‫واملشــايخ هــم مــن أقنعــوه مــن خــال خطبهــم يــوم الجمعــة‬ ‫يف املســاجد‪ ،‬ومــن خــال املــدارس الرشعيــة‪ ،‬ووزارة األوقــاف‪،‬‬ ‫واملعاهــد الدينيــة‪ ،‬أن ال يناقــش وال يجــادل أو يطالــب بــأي‬ ‫حــق‪ ،‬وأ ّن طاعــة الحاكــم وعــدم الخــروج عليــه هــو أمــر إلهي‪،‬‬ ‫وأ ّن الدميوقراطيــة وحريــة الــرأي كفــر وضالل وتشــبيه بالغرب‪،‬‬ ‫وأنّــه يجــب الصــر عــى ظلــم الحاكــم وتفقــره وتجهيلــه‬ ‫للشــعب‪ ،‬واذا متــرد أحــد أو عــا صوتــه كانــوا يقدمــون لنــا‬ ‫التقاريــر يف األفــرع األمنيــة ويتســابقون لكســب ودنــا وتوزيــع‬ ‫ابتســاماتنا عليهــم حقيقــة كانــوا مخلصــن وأمنــاء يف تأديــة‬ ‫واجبهــم الوطنــي حتــى اليــوم‪ ،‬انظــر إليهــم مــاذا يفعلــون مــع‬ ‫مــن يدعــون أنّهــم ثــوار يتســابقون إىل الــروة والســلطة وإىل‬ ‫تجزيــئ املجــزأ‪ ،‬لقــد كانــوا ومــا زالــوا عــى قــدر كبــر مــن‬ ‫الوفــاء ملــا تربــوا عليــه وآمنــوا بــه‪ ،‬لقــد أرســلنا قس ـاً منهــم‬ ‫يف مهــات‪ ،‬وســيتابعون عملهــم ألننــا عــى ثقــة كبــرة يف‬ ‫إخالصهــم باإلضافــة إىل أننــي حولــت معظــم الشــعب فكري ـاً‬ ‫إىل االهتــام بالرياضــة حتــى أصبحــت كــرة القــدم معبودتهــم‪،‬‬ ‫وشــغلهم الشــاغل‪ ،‬وكذلــك الرقــص والغنــاء‪ ،‬فحفلــة واحــدة‬ ‫مــن عــي الديــك حتــى يف أيــام ثورتهــم تجذبهــم ملتابعتهــا‬ ‫أكــر مــن مجــزرة الكيــاوي التــي نفذتهــا يف الغوطــة‪ ،‬كــا‬ ‫قمــت بإثــارة النعـرات الطائفيــة واملذهبيــة واالنشــقاقات بــن‬ ‫املواطنــن وهكــذا وصــل الشــعب إىل مــا وصــل إليــه‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬لقــد تحدثــت كثـرا ً عــن التحديــث والتطويــر ملــاذا مل‬ ‫تنجــز أي يشء منهــم؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي أنــا يف هــذا املوضــوع كان حديثــي للغــرب أمــا‬ ‫الشــعب فهــم بالنســبة لنــا مجموعــة مــن الرعــاع والهمــج أي‬ ‫خــدم وعبيــد ال يعرفــون إال الطاعــة‪ ،‬وكلمــة نعــم ســيدي‪ ،‬وال‬ ‫يقــادون إال بالســوط والعصــا وال يهمهــم إال أن يعيشــوا وكفــى‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬بعــد أن اســتلمت الحكــم مــن أبيــك مــا هــي‬ ‫اإلجــراءات التــي اتبعتهــا؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي القــايض والــدي مدرســة كبــرة مل أخــرع شــيئاً‬ ‫فقــد كان بحكمتــه وعبقريتــه يعــرف مــا ســتؤول إليــه األمــور‬ ‫وكان عــي أنــا فقــط تكملــة مشــواره وفــق اآليت‪:‬‬ ‫_ الحفاظ عىل السجون واملعتقالت وتطويرها‬ ‫_ زيــادة عــدد الســجناء من العلــاء واألحرار وذوي الشــهادات‬ ‫وخاصــة أصحــاب الســمعة الحســنة حتــى ال يصبحــوا قــدوة يف‬ ‫املجتمــع وفصلهــم مــن وظائفهــم بقــوة القانون‪.‬‬ ‫_ متابعة استخدام املشايخ ورجال الدين يف تخدير الشعب‬ ‫_ تهجــن كل مــن يف نيتــه املعارضــة يف الداخــل بوســائل‬ ‫متعــددة (مــال _ ســلطة _ جــاه _ قمــع)‬ ‫_ اســتمرار االدعــاء بأننــي أحكــم باســم اإلســام وأصــي أمــام‬ ‫النــاس يف العيــد (دون وضــوء)‪ ،‬وتوزيــع الجوائــز عــى حفظــة‬ ‫القــرآن وإقامــة الوالئــم للعلــاء يف رمضــان‬ ‫_ اتهام املعارضة بالوالء لألجنبي والعاملة للكفار‬ ‫_ اتهام اإلسالميني باإلرهاب وبأنهم مارقون وخوارج وكفار‬ ‫_ اســتخدام الطائفــة التــي أنتمــي إليهــا اســتخداماً جيــدا ً‪،‬‬ ‫وخاصــة أن معظمهــم مــن الحمقــى والجهــاء‬ ‫_ خلق الفنت بشكل متواصل بني الطوائف جميعها‬ ‫_ تعديــل الدســتور كــا أبتغــي وأشــتهي للبقــاء يف الحكــم‬ ‫وحتــى أهيــئ وريثــي حافــظ الثــاين‬ ‫_ احتــكار االقتصــاد واملــال بشــخيص وشــخص عائلتــي‬ ‫وحاشــيتي وعــى رأســهم خــايل محمــد مخلــوف وأوالده‬ ‫_ نــر الفســق والفجــور يف املجتمــع حتــى تصبــح املخــازي‬

‫محاكمة األسد‬

‫مفاخــر لــدى الشــعب‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬هــل تضمــن بهــذه األعــال أن تبقــى يف الحكــم‬ ‫وتــورث ابنــك؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي القــايض يف املقــام األول الشــعب هــو الــذي‬ ‫يريــد أن أبقــى يف الحكــم وســيعتربك كافـرا ً لهــذا الســؤال فهــي‬ ‫عقيدتــه التــي يعيــش مــن أجلهــا أمل تســمع هتافهــم ميــأ‬ ‫الشــوارع (حلــك يــا اللــه حلــك تحــط األســد محلــك) (األســد‬ ‫أو نحــرق البلــد) (األســد لألبــد) باإلضافــة إىل األســباب التاليــة‪:‬‬ ‫_ أما بقايئ يف الحكم أو الفوىض والتدخل األجنبي‪.‬‬ ‫_ أما بقايئ يف الحكم أو اإلرهاب والدمار والقاعدة‪.‬‬ ‫_ أما بقايئ يف الحكم أو االستعامر يستويل عىل السلطة‪.‬‬ ‫_ أمــا بقــايئ يف الحكــم أو تنتهــي مســرة التطويــر والتحديــث‬ ‫واإلصالحــات مــن تنميــة ودفــاع‪.‬‬ ‫القايض‪ :‬لقد ادعيت أنك ضد إرسائيل فهل حاربتها يوماً؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي القــايض إن حــرب إرسائيــل والدفــاع عــن‬ ‫األقــى واملقدســات هــي وســيلة إلســكات الشــعب وتلهيتــه‬ ‫وأســلوب جيــد للرسقــة والنهــب لالقتصــاد وخاصــة البــرول‪،‬‬ ‫وهــي غطــاء رشعــي فأنــا يف حقيقــة األمــر تابــع إلرسائيــل‪ ،‬وال‬ ‫تهمنــي كل املقدســات املوجــودة يف الدنيــا‪ ،‬إ ّن اهتاممــي فقــط‬ ‫يف الكــريس والحكــم مهــا كانــت الظــروف‪ ،‬والحقيقــة إ ّن‬ ‫الشــعب تــم تخديــره بالخطــب الرنانــة والشــعارات الواهيــة‬ ‫(نحتفــظ بحــق الــرد يف الزمــان واملــكان املناســبني)‬ ‫القــايض‪ :‬أفهــم مــن كالمــك أنــك بعيــد متام ـاً عــن اإلســام؟‬ ‫فالديــن ال يأمــر بالقتــل والرسقــة وإهانــة النــاس‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي القــايض مل يكــن أمامــي خيــار ففكــرة تخديــر‬ ‫الشــعب باملقــدس واســتخدام الديــن لتحقيــق أغـراض الحكــم‪،‬‬ ‫كل حــكام الوطــن العــريب ميارســونه‪ ،‬وهــو قاســم مشــرك‬ ‫بيننــا‪ ،‬وهــذا األســلوب ســخر لنــا العامــة مــن النــاس فبإمكانــك‬ ‫أن تــزج خصومــك يف الســجون‪ ،‬وأن تقتــل وتغتصــب وتحــرق‬ ‫وتــرد املاليــن بحجــة الخــروج عــى الحاكــم وإحــداث الفتنــة‬ ‫فاإلســام ســخرناه لخدمتنــا وســاعدنا العلــاء واملشــايخ‪،‬‬ ‫وجعلنــاه مــررا ً لكافــة أعاملنــا املشــينة والهمجيــة‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬هــل قمــت بــأي إصــاح يف املجتمــع لتطبيــق الحــق‬ ‫بــن املواطنــن؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي القــايض إ ّن املعــارض واملتهــم ال يحاكــم بــل‬ ‫يقتــل أو يســجن أو ينفــى دون محاكمــة‪ ،‬واذا قــدم للمحاكمــة‬ ‫فمــن الناحيــة الشــكلية فقــط‪ ،‬إننــا نطبــق العدالــة عــى‬ ‫الفقـراء والعامــة فقــط فمــن جــاع ورسق يســجن حتــى ســبع‬ ‫ســنوات‪ ،‬أمــا املســؤولون ومعظمهــم مــن أقربــايئ وحاشــيتي‬ ‫أمثــال ذو الهمــة شــاليش وبهجــت ســليامن وعــي مملــوك‬ ‫ومــن يتبــع لهــم وألمثالهــم فهــم معــذورون وال يحاكمــون‪،‬‬ ‫أمــا باقــي املســؤولني طاملــا اتســموا بالــوالء والتبعيــة‪ ،‬فنحــن‬ ‫والقانــون نحميهــم‪ ،‬أمــا مــن عمــل بجــد ورشف فمــواد كثــرة‬ ‫يف القانــون تخولنــا حــق محاســبته ورصفــه مــن الخدمــة‬ ‫فسياســتنا العامــة أن يكــون املجتمــع فاســد حتــى يخــاف أكــر‬ ‫وتســهل قيادتــه‬ ‫القايض‪ :‬ملاذا منعت املعارضة السلمية يف بداية الثورة؟‬ ‫املتهــم‪ :‬يف الواقــع إن املعارضــة الســلمية هــي مــن ألــد أعــدايئ‬ ‫فأنــا أريدهــا مســلحة وأرغمتهــا أن تكــون مســلحة حتــى‬ ‫تتحــول إىل مجموعــات إرهابيــة‪ ،‬وألين أعــرف أ ّن قسـاً منهــم‬ ‫ســيرسقون ويرهبــون النــاس فيبتعــدون عــن البيئــة الحاضنــة‬ ‫لهــم‪ ،‬ويصبــح قتلهــم غــر مأســوف عليــه‪ ،‬فأقــوم بســحقهم‬ ‫ليكونــوا عــرة لآلخريــن‪ ،‬وأن أحصــل عــى أكــر قــدر مــن‬ ‫الرشعيــة بدعــوة محاربــة اإلرهــاب حتــى ال تتحــرك منظــات‬ ‫حقــوق اإلنســان واألمــم املتحــدة والعــامل ضــدي‪ ،‬لذلــك تـراين‬ ‫ســيدي القــايض أمنــع أي فكــر حــر أو كتــاب أو جريــدة ميــس‬ ‫بتقاليدنــا وعاداتنــا حتــى القــرآن لــو اســتطعنا ترتيلــه لفعلنــا‬ ‫فــا نســمح لغرينــا بالظهــور ألنــه يشــكل خطـرا ً علينــا‪ ،‬وحتــى‬ ‫الحديــث النبــوي ال نســمح لــه إال بحــدود مدحنــا والثنــاء‬ ‫عــى أفعالنــا‪ ،‬وعلامئنــا متفهمــون لذلــك‪ ،‬فكلهــم أحمــد‬ ‫حســون يف ترتيــب الحديــث وفصاحــة اللســان لخدمتنــا‪ ،‬لقــد‬ ‫عانينــا ســيدي القــايض مــن مشــاكل كثــرة بفعــل التطــور‬ ‫التكنولوجــي‪ ،‬وعــدم ســيطرتنا عــى اإلعــام الوافــد عــر‬ ‫الفضائيــات واالنرتنــت فأصبحنــا مقيديــن وخفــت ســلطتنا‬ ‫عــى هــؤالء النعــاج‪ ،‬فقــد بــدأت تظهــر خبايــا مؤامراتنــا عــى‬ ‫الديــن واإلســام والشــعب‪ ،‬وحتــى علامئنــا أصبحــوا يف خطــر‪،‬‬ ‫وذهبــت هيبتهــم وقداســتهم مــن طــرف الشــباب املطلــع‪،‬‬ ‫فاصبحــوا يجادلــون املشــايخ الذيــن جعلنــا عليهــم قدســية‬ ‫منــذ وقــت طويــل لألســف الشــديد‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬ملــاذا اســتخدمت الجيــش ضــد الشــعب مــع إنــه‬ ‫مؤســس لحاميــة الوطــن وليــس لحاميــة كرســيك؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي مثــي مثــل الحــكام العــرب‪ ،‬الجيــش ال‬ ‫يســتخدم للحــرب ضــد األعــداء ولحاميــة الوطــن‪ ،‬بــل لحاميــة‬ ‫كـرايس الحكــم‪ ،‬وقــادة الجيــوش والضبــاط معظمهــم أصحــاب‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫مصالــح ونفــوذ وتجــارة ورؤوس أمــوال‪ ،‬وهــم مســتفيدون‬ ‫مــن وجودنــا‪ ،‬ونحــن كذلــك مــع العلــم أننــا ال نســعى لتطويــر‬ ‫الســاح وإشــادة املصانــع الحربيــة بــل ســاحنا نوجهــه إىل‬ ‫صــدور أبنائنــا ومواطنينــا باإلضافــة إىل أن معظــم الضبــاط يف‬ ‫الجيــش مــن طائفتــي وأقنعتهــم أ ّن وجــودي مــن وجودهــم‪،‬‬ ‫والعكــس صحيــح‪ ،‬ومصريهــم ومصري أهلهــم وأموالهــم مرهون‬ ‫ببقــايئ عــى كــريس الحكــم وإال ســيقتلون ويــردون‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬يبــدو أنــك ال تحــرم حقــوق اإلنســان واملعاهــدات‬ ‫الدوليــة التــي وقعــت عليهــا‪.‬‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي نحــن نحكــم شــعباً ال يفهــم إال لغــة الجلــد‬ ‫والســوط والخــوف‪ ،‬شــعب ألــف االســتبداد واالســتعباد‬ ‫والفســاد‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬أنــت تقتــل الشــعب بإبــادة جامعيــة ملــاذا كل هــذه‬ ‫الجرائــم؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي أنــا القائــد األعــى للقــوات املســلحة‪ ،‬وحامــي‬ ‫الدولــة‪ ،‬وهــذا واجبــي يف الدســتور‪ ،‬ومحاربــة أعــداء الثــورة‬ ‫التــي قــام بهــا والــدي مــن عنــارص القاعــدة والخونــة املرتزقــة‬ ‫واجــب مقــدس‪ ،‬وأي جامعــة ال تعتقــد عقيــديت الدينيــة‬ ‫واملذهبيــة وال تشــاركني فكــري الســيايس فإنهــا جرميــة تــؤدي‬ ‫إقامــة الحــد عليهــم فأمــا املــوت أو ينفــوا مــن األرض‪ ،‬والعصــا‬ ‫ملــن عصــا‪ ،‬فعليــك أن تصــر كشــعب حتــى لــو رضبنــاك‬ ‫بالســوط‪ ،‬وأكلنــا مالــك واغتصبنــا عرضــك‪ ،‬وفعلنــا يف أهلــك‬ ‫مــا نشــاء‪ ،‬وإن خرجــت مــن دائــرة اإلميــان والســلف الصالــح‬ ‫فتصبــح فاســق مرتــد‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬هــل قمــت بتوزيــع ولــو جــزء مــن الــروة الوطنيــة‬ ‫عــى الشــعب؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ســيدي لــو قمــت بذلــك ألصبــح الشــعب يشــعر‬ ‫باألمــن والرخــاء‪ ،‬وبعــد ذلــك يطالــب بالدميوقراطيــة والكرامــة‬ ‫واالنتخابــات الحــرة‪ ،‬وبالتــايل ال وجــود يل يف الحكــم‪ ،‬لذلــك‬ ‫كان مــن الواجــب أن منلــك االقتصــاد واملــال والتجــارة وكافــة‬ ‫الــروات‪ ،‬فهــذه السياســة ورثتهــا عــن أيب‪ ،‬فنحــن منلــك البــاد‬ ‫فــوق األرض وتحتهــا‪ ،‬ونــوزع بعــض االمتيــازات عــى مــن هــم‬ ‫يف خدمتنــا مــن مطربــن وعلــاء ورجــال الديــن وصحفيــن‪..‬‬ ‫القايض‪ :‬إذا ّ أنت تدمر بلدا ً وتقتل شعباً من أجل كريس‬ ‫املتهــم‪ :‬نحــن نعتقــد أ ّن ال قيمــة للبلــد والشــعب بعــد‬ ‫ســقوطنا‬ ‫القــايض‪ :‬لــو منحتــك فرصــة أخــرى للحكــم هــل بإمكانــك أن‬ ‫تبــدأ حيــاة جديــدة مــع شــعبك؟‬ ‫املتهــم‪ :‬واللــه لــو أعطيتنــي مئــات الســنني ملــا تقدمــت خطــوة‬ ‫فأنــا مخلــوق مثــل أيب أعشــق الســلطة واملــال واالســتبداد‪ ،‬أنــا‬ ‫أحــب شــعبي فقــط عندمــا يكــون تحــت قدمــي‪ ،‬فــا تحــاول‬ ‫القايض‪ :‬ملاذا تعيش حالة الطوارئ مع شعبك؟‬ ‫املتهــم‪ :‬حتــى ال يتنفــس نســيم الحريــة‪ ،‬ويشــعر بالكرامــة‬ ‫واألمــان‪ ،‬وحتــى تكــون أفعالنــا مــررة‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬البــاد مليئــة بالخـرات‪ ،‬فلــاذا كل هــذه االنتهــاكات‬ ‫لحقــوق الشــعب؟‬ ‫املتهــم‪ :‬حقــوق اإلنســان ليســت مــن مبادئنــا وقيمنــا‪ ،‬فهــي‬ ‫صناعــة غربيــة‪ ،‬وأنــا وزمــايئ الحــكام نتنافــس يف قهــر‬ ‫الشــعوب واذاللهــا‪ ،‬فنحــن الســادة‪ ،‬وهــم عبيــد لنــا‪ ،‬والعبــد‬ ‫ال يفهــم إال لغــة القــوة‪ ،‬ونحــن ال نحــب النقــاش‪ ،‬بــل التلقــن‪،‬‬ ‫وال الجــدال‪ ،‬بــل الســمع والطاعــة‪ ،‬هكــذا تعودنــا‪ ،‬أمل تســمع‬ ‫ســيدي القــايض بســجن تدمــر وصيدنايــا واألمــن الســيايس‬ ‫والعســكري وأمــن الدولــة واملخابـرات الجويــة وغريهــا الكثــر‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬ملــاذا تســيطر عــى وســائل اإلعــام وهــي ملــك‬ ‫للشــعب؟‬ ‫املتهــم‪ :‬ال ســيدي فهــي ملــي أنــا ويف خدمتــي‪ ،‬بــل كل مــا‬ ‫يف البــاد مملكتــي وتحــت رحمتــي ومل تكــن يوم ـاً للشــعب‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬إذا أنتــم متارســون الوصايــة عــى شــعوبكم‪ ،‬هــل هــي‬ ‫قــارصة ال تعــرف مصلحتهــا؟‬ ‫املتهــم‪ :‬نعــم ســيدي‪ ..‬الشــعوب ال تفقــه إال لغــة واحــدة‪،‬‬ ‫لغــة الســوط‪ ،‬فنحــن الحــكام نحكــم بأمــر مــن اللــه هــذه‬ ‫الشــعوب‪ ،‬فديننــا دينهــا‪ ،‬ومذهبنــا مذهبهــا‪ ،‬وفهمنــا فهمهــا‪،‬‬ ‫لذلــك منعنــا مــن دخــول الوطــن أي كتــاب أو إنجــاز علمــي‬ ‫أو إنســاين يخالــف مــا نعتقــد‪ ،‬ولــن تجــد كتــب دينيــة أو‬ ‫سياســية أو اقتصاديــة أو مــا شــاء لــك تخالــف مــا نؤمــن بــه‪،‬‬ ‫فنحــن ال نســمح ملواطنينــا بالحريــة واالختيــارات حتــى ال‬ ‫تفســد أفكارهــم التــي جعلناهــم يؤمنــوا بهــا‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬كيــف تالعبتــم باملقدســات والنصــوص الدينيــة؟ إىل‬ ‫أي مرحلــة مــن الســفاهة وصلتــم؟‬ ‫املتهــم‪ :‬نعــم ســيدي‪ ..‬انظــر يف كتبنــا تــرى التقديــس للعلــاء‬ ‫واملشــايخ أكــر مــن التقديــس للمبــادئ والقيــم التــي أتــت بها‬ ‫النصــوص الدينيــة‪ ،‬فــكل مــا يقــدس الحاكــم بلغنــاه للشــعب‬ ‫عــن طريــق اإلعــام وأمئــة املســاجد والدعايــة أمــا تناقضاتنــا‬ ‫وإخفاقاتنــا وســلبياتنا فــإن كتبهــا املعارضــون لنــا فهــي غــر‬

‫‪7‬‬

‫معروفــة وال تنــر للعامــة‪ ،‬ولــوال االنرتنــت وبعــض الفضائيــات‬ ‫واملشــاغبني ملــا ظهــر شــيئاً منهــا‪ ،‬لقــد كشــفنا الغــرب الكافــر‬ ‫بهــذه التكنولوجيــا املتطــورة ولألســف الشــديد غزانــا مــن‬ ‫الفضــاء وكشــف عيوبنــا فانظــر مــا آلــت إليــه األمــور‪ ،‬وهاهــم‬ ‫بعــض رفــاق الــدرب قــد ســقطوا أمثــال مبــارك والقــذايف‬ ‫وبــن عــي‪ ،‬وكل ذلــك بفعــل التكنولوجيــا والعلــم‪ ،‬وأنــا اآلن‬ ‫بــن يديــك فنحــن مل نكــن نعلــم أنــه ســيأيت يــوم تظهــر فيــه‬ ‫الشــمس وينبثــق نهــار جديــد‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬كيــف فرقتــم األمــة وزرعتــم الفتنــة بــن أبنــاء‬ ‫الجســد الواحــد؟‬ ‫املتهــم‪ :‬أي حاكــم ظــامل ومســتبد حتــى يســتقر حكمــه البــد‬ ‫أن يــرب فئــات املجتمــع ببعضهــا البعــض ويــزرع الفــن‬ ‫بينهــم ألن يف وحدتهــم خطــر علينــا وعــى ملكنــا فنحــن إن مل‬ ‫نجــد عــدوا ً خارجيـاً نخلــق عــدوا ً داخليـاً يتلهــى بــه الشــعب‬ ‫مثــل شــاعة اإلرهــاب‪ ،‬ومــن طبعنــا أننــا نحــب الرصاعــات‬ ‫والحــروب والدمــاء‪ ،‬ونحــب العيــش يف املســتنقعات والظــام‬ ‫الدامــس‪ ،‬ونكــره وســائل اإلعــام التــي ال متجدنــا‪ ،‬وحقــوق‬ ‫اإلنســان والغــرب الكافــر‪ ،‬ألننــا نريــد أن نعيــش مبفهومنــا‪،‬‬ ‫وفرعــون قــدوة لنــا‪ ،‬وقــد تفوقنــا عليــه بكثــر‪ ،‬ومذهبنــا‬ ‫األســايس هــو التقيــة‪ ،‬فنحــن املقدســون‪ ،‬واملجــد لنــا‪ ،‬ونحــن ال‬ ‫ننطــق عــن الهــوى‪ ،‬وأفعالنــا كلهــا مــررة بالديــن‪.‬‬ ‫القــايض‪ :‬أنتــم اليــوم يف قبضــة العــدل اإللهــي (وال تحســن‬ ‫اللــه غافــل عــا يعمــل الظاملــون إمنــا يؤخرهــم ليــوم تشــخص‬ ‫فيــه القلــوب واألبصــار) (إن الظلــم ظلــات يــوم القيامــة)‪.‬‬ ‫إ ّن محكمــة العــدل اإللهــي ال يظلــم عندهــا أحــد‪ ،‬وهــي‬ ‫تقتــص للمظلــوم مــن الظــامل‪ ،‬وســتحاكمون عــى كل جرامئكــم‬ ‫مــن رسقــة ونهــب وإهانــة لهــذا الشــعب واســتغالل للديــن‬ ‫اإلســامي الحنيــف‪ ،‬وعــى تجهيلكــم لوطنكــم‪ ،‬حيــث أضحــى‬ ‫يف مؤخــرة الشــعوب‪ .‬الدفــاع‪ :‬ســيدي القــايض إ ّن املســؤولية‬ ‫مشــركة بــن الحاكــم واملحكــوم‪ ،‬فأيــن إرادة الشــعب‪،‬ـ فــا‬ ‫ميكــن أن يكــون لشــعب حــي محــب للحريــة واملســاواة‬ ‫والعدالــة أن يــرىض بحكــم كهــذا‪ ،‬فالشــعوب مل تطالــب‬ ‫بحقوقهــا بــل حتــى مل تعــرف حقهــا الدســتوري وصالحيتهــا‬ ‫الرشعيــة يف محاســبة الحــكام وتغيريهــم إن هــم طغــوا‬ ‫وتجــاوزوا الحــد لذلــك أقــرح مــا يــي‪:‬‬ ‫_ محاكمــة العلــاء ورجــال الديــن الذيــن كانــوا الســبب‬ ‫الرئيــي يف تنويــم الشــعب وتخديــره وإعطــاء القداســة‬ ‫والرشعيــة للحاكــم‪.‬‬ ‫_ محاكمــة رجــال اإلعــام والصحافــة الذيــن مارســوا التدليــس‬ ‫وقلــب الحقائــق ومل يكشــفوا عيــوب النظــام‪.‬‬ ‫_ محاكمــة املعارضــة السياســية التــي هجنهــا النظــام وســخرها‬ ‫ملصلحتــه وأفعالهــم تــدل عليهــم باإلضافــة إىل مامرســتها‬ ‫النفــاق مــن أجــل االســرزاق الســلطوي واملــادي حتــى أثنــاء‬ ‫الثــورة‪.‬‬ ‫_ محاكمــة الشــعراء واألدبــاء والكتــاب والفنانــن الذيــن مل‬ ‫ميارســوا إال املــدح والتضليــل اإلعالمــي‪.‬‬ ‫_ محاكمــة القضــاة الذيــن مل ينشــقوا عــن النظــام‪ ،‬ومل يطلبــوا‬ ‫العــدل للشــعب‪ ،‬وحكمــوا بأمــر الحاكــم‪.‬‬ ‫_ محاكمــة قســم مــن الشــعب الــذي كان ميــارس سياســة‬ ‫النعامــة املســكينة حتــى هــذه اللحظــة‪ ،‬وسياســة النفــاق‬ ‫مــع الحــكام‪ ،‬وريض بالــذل والقهــر والجــوع والجهــل‪ ،‬فهــو‬ ‫الشــاهد عــى هــذه الجرائــم‪ ،‬ألنــه مل يحــرك ســاكناً‪ ،‬فــا‬ ‫ميكــن أن يكــون الحاكــم مســؤوالً عــن هــذه الجرائــم لوحــده‪،‬‬ ‫بــل املســؤولية الكــرى تقــع عــى عاتــق الجــزء املتبقــي مــن‬ ‫الشــعب‪ ،‬فشــعب مشــبع بالكرامــة والحريــة ال يقبــل هــذا‬ ‫النمــط مــن الحكــم والحــكام‪ ،‬وال يقبــل الضيــم‪ ،‬وال الطغــاة‬ ‫واملســتبدين‪ ،‬وزيــادة عــى ذلــك فالحاكــم مل يـ ِ‬ ‫ـأت مــن القمــر‪،‬‬ ‫بــل هــذا الجــزء الخنــوع مــن الشــعب رباهــم وغــرس فيهــم‬ ‫حــب االســتبداد والظلــم‪ ،‬لذلــك أرى عــدم التــرع بالنظــر‬ ‫يف الحكــم نظ ـرا ً لتشــعب الجرميــة واملالبســات املحيطــة بهــا‪،‬‬ ‫وال بــد أن تــدرس أســبابها حتــى ال تتكــرر‪ ،‬وأن نأخــذ العــرة‬ ‫للمســتقبل‪ ،‬وأن نــريب األجيــال القادمــة عــى حقــوق اإلنســان‬ ‫وكرامتــه‪ ،‬وعــى الحــوار والنقــاش‪ ،‬واحــرام الــرأي اآلخــر‪،‬‬ ‫ال التلقــن واإلكــراه‪ ،‬وأن نســعى للســام واملحبــة والتعــاون‬ ‫والتكامــل يف وطننــا‪ ،‬ويجــب أن نضــع أسس ـاً جديــدة للحكــم‬ ‫لبنــاء مســتقبل زاهــر لألجيــال القادمــة‪.‬‬ ‫يجــب أن ال تتكــرر هــذه املخلوقــات املمســوخة واملشــوهة‬ ‫يف حيــاة البرشيــة مســتقبالً‪ ،‬وذلــك بقتــل فريوســاتها مــن‬ ‫الظهــور ومســبباتها‪ ،‬فاألهــم هــو تلقيــح األجيــال ضــد الفســاد‬ ‫واالســتبداد واالســتعباد‪.‬‬ ‫القايض‪ :‬رفعت الجلسة للمداولة‪.‬‬ ‫مــا أطلبــه أن يتأمــل القــارئ ويعمــل عقلــه فيــا نحــن فيــه‬ ‫مــن مصائــب اليــوم فاللــه عــز وجــل يقــول (إن اللــه ال يغــر‬ ‫مــا يف قــوم حتــى يغــروا مــا يف أنفســهم) صــدق اللــه العظيــم‪.‬‬


‫‪8‬‬ ‫خطــابُ الخــراب‪ :‬كثــراً مــن العاطفــة‪ ..‬قليـاً مــن العقل‬ ‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫حمزة رستناوي‬

‫«يُحــى عــن رجــلٍ كان اســم ُه سوفســطا‪ ،‬وأنــه كا َن‬ ‫وشــيعته يُنكــرون الحقائــق كلهــا»‬ ‫ابن تيمية‪ -‬كتاب الصفديّة‬ ‫*كثــرا ً مــا نغــرق يف التفاصيــل‪ ،‬وتفاصيــل التفاصيــل‪،‬‬ ‫إســقاط طائــرة هنــا‪ ،‬واختطــاف شــخص هنــاك وترصيح‬ ‫صحفــي‪ ..‬الــخ مبــا يأخذنــا بعيــدا ً عــن فهــم الظواهــر‪،‬‬ ‫ومحاولــة إيجــاد عالقــات مقوننــة تفــر مــا يجــري‬ ‫وربــا كانــت املقولــة الشــهرية‬ ‫حولنــا مــن أحــداث‪َّ ،‬‬ ‫(ال علــم إال بالكليــات) تؤكــد ذلــك‪ ،‬وكذلــك كث ـرا ً مــا‬ ‫يأخذنــا الحــاس لشــخص مــا‪ ،‬أو تتحكّــم بنــا ردود‬ ‫األفعــال تجــاه حــدث معــن‪ ،‬ومــن ث ـ ّم نتّخــذ موقف ـاً‬ ‫انفعاليــاً أقــرب إىل االنتقــام‪ ،‬أو نستســلم لألحــام‬ ‫واألمنيــات بعيــدة املنــال (التفكــر الرغبــوي)‪.‬‬ ‫مــا نحتاجــه هــو تنميــة مهــارات التفكــر النقــدي‪،‬‬ ‫والتأســيس لعقالنيّــة متوازنــة يف الثقافــة العربيــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬وتنميــة البعــد املنطــق يف التفكــر‪ ،‬ســواء‬ ‫أكان مبعنــاه الخــاص كاملنطــق الصــوري‪ ،‬أو مبعنــاه‬ ‫العــام كمنهــج البحــث العلمــي والتفكــر الســليم‪،‬‬ ‫فاملنطــق بشــكل عــام يــدرس القواعــد العامــة للتفكــر‬ ‫(الصحيــح) وال يهتــم كثــرا ً بالجزئيــات لنفســها‪ ..‬هــو‬ ‫يســعى للبحــث وتطبيــق صيــغ قانونيــة عامــة تســلك‬ ‫الجزئيــات‪ ،‬وهــذا مــا أظ ّنــه مفيــدا ً مــن جهــة تقديــم‬ ‫مقاربــة عامــة لقضيــة اســتهلكتها األحــداث والتفاصيــل‬ ‫كث ـرا ً‪ ،‬مبــا قــد يحجــب الصــورة الكلّيــة عــن أذهاننــا‪.‬‬ ‫*مييــز أرســطو يف تصنيفــه للقياســات بــن أربعــة أنــواع‬ ‫هــي‪:‬‬ ‫‪-1‬الربهاين‬ ‫‪ -2‬الجديل‪ /‬الخطايب‬ ‫‪ -3‬الشعري‬ ‫‪ –4‬السفسطايئ أو ال ّجدايل‪.‬‬ ‫ـنفصل قليـاً يف هــذه ال ُعجالــة يف موضــوع الخطاب‪/‬‬ ‫وسـ ِّ‬ ‫القيــاس السفســطايئ أو الجــدايل‪ ،‬وهــو تعريفـاً القيــاس‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫املركَّــب مــن الوهميَّــات‪ ،‬والغــرض منــه تغليــط الخصم‪،‬‬ ‫ويــراءى هــذا الخطــاب عــى أنّــ ُه برهــاين أو جــديل‪/‬‬ ‫خطــايب وال يكــون كذلــك (ابــن ســينا‪ ،‬كتــاب النجــاة)‪،‬‬ ‫وســنقوم اآلن بعــرض العديــد مــن منــاذج امل ُغالطــة مــع‬ ‫التمثيــل لهــا بشــواهد قــد تكــون مفيــدة مــن الحالــة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫*مغالطة عدم التالزم ‪non-sequitur fallacy‬‬ ‫وهــي صفــة مشــركة بــن كل املغالطــات املنطقيــة‪،‬‬ ‫حيــث نجــد عــدم تــازم ســببي بــن املق ِّدمــات‬ ‫والنتائــج‪ ،‬فاالرتبــاط ال يعنــي بالــرورة الســببيَّة‬ ‫‪Correlation does not imply causation‬‬ ‫(فالن علوي‪ ..‬إذا ً هو ُمجرم وش ِّبيح)‬ ‫الخطــأ املنطقــي ناتــج عــن اعتــاد ُمقدمــة كــرى‬ ‫(كل علــوي هــو‬ ‫خاطئــة‪ ،‬هــي القضيــة الكليــة املوجبــة ّ‬ ‫كل علــوي هــو شــبِّيح)‬ ‫مجــرم ‪ّ -‬‬ ‫(فالن من دوما‪ ..‬إذا ً هو سلفي وإرهايب)‬ ‫الخطــأ املنطقــي ناتــج عــن اعتــاد مقدمــة كــرى‬ ‫خاطئــة‪ ،‬هــي القضيــة الكليــة املوجبــة (كل دومــاين‬ ‫هــو ســلفي – كل دومــاين هــو إرهــايب)‬ ‫*مغالطــة الح ّجــة الدائريــة ‪Circular Reasoning‬‬ ‫‪fallacy‬‬ ‫وهــي اســتخدام النتيجــة كأحــد املعطيــات يف الوصــول‬ ‫إىل النتيجــة نفســها‪ ،‬وعــاد ًة مــا تُصــاغ النتيجــة بطريقــة‬ ‫ال تبــدو مشــابهة لل ُمعطــى مــن الوهلــة األوىل‪.‬‬ ‫باســم‪ :‬ســوريا مهــد الحضــارات ألنهــا بلــد عريــق يف‬ ‫التاريــخ‬ ‫*مغالطــة ُح ّجــة مــن جهــل ‪argument from‬‬ ‫‪ignorance fallacy‬‬ ‫هــي انتقــاد صحــة أمــر مــا لعــدم وجــود أدلــه تثبــت‬ ‫عــدم صحتــه‪.‬‬ ‫باســم‪ :‬القــوات الحكوميــة الســورية أبــدا ً مل تســتخدم‬ ‫غــاز الكلــور يف قصــف مدينــة كفرزيتــا‪ ،‬وال توجــد أدلّــة‬ ‫موثوقــة بــن أيدينــا تؤكّــد هــذه االفـراءات‪.‬‬

‫فعــدم توفــر أدلّــة موث ّقــة ال يعنــي بالــرورة بــراءة‬ ‫القــوات الحكوميــة مــن قصــف املدينــة بغــاز الكلــور‪،‬‬ ‫فقــد يكــون جمــع األدلــة‪ ،‬وتحليلهــا غــر ممكــن‪،‬‬ ‫وصعــب يف ظــروف الحــرب‪ ،‬وقــد تتوفــر هكــذا أدلّــة‬ ‫بعــد شــهر أو ســنة‪ ..‬الــخ‪ ،‬ويســتخدم هــذه املغالطــة‬ ‫أحيان ـاً لنقــل عــبء اإلثِبــات مــن صاحــب الحجــة إىل‬ ‫الطــرف اآلخــر‪.‬‬ ‫*مغالطة االتصال ‪false continuum fallacy‬‬ ‫وهــي االعتقــاد بأنّـ ُه ال ميكــن التميــز بــن طرفــن لعــدم‬ ‫وجــود َحـ ّْد فاصــل وواضــح بينهــا‬ ‫باسم‪ :‬الطقس حار‬ ‫ربــاب‪ :‬مــا دمنــا نقيــس درجــة حـرارة الجــو بالدرجــات‪،‬‬ ‫فــا يوجــد طقــس بــارد أو طقــس حــار‪ ،‬فالــرودة‬ ‫والح ـرارة هــي درجــات يف النهايــة‪.‬‬ ‫ومثــال آخــر ذو صلــة بالثــورة‪ /‬الحــرب األهليــة‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫باســم‪ :‬لقــد ارتكبــت املعارضــة املســلحة مجــازر‬ ‫وجرائــم ضــد اإلنســانية ينــدى لهــا الجبــن‪.‬‬ ‫ربــاب‪ :‬بالتأكيــد لقــد حدثــت حــاالت انتقــام ضــد‬ ‫عائــات مواليــة للنظــام‪ ،‬وذهــب ضحيّتهــا عــدد‬ ‫متفــاوت مــن النــاس‪ ،‬ولكــن ال ميكننــا أن ِ‬ ‫نصفُهــا‬ ‫باملجــازر أو بالجرائــم ضــ ّد اإلنســانية‪.‬‬ ‫ووجــه امل ُغالطــة هــو أنّــه بغــض النظــر عــن التعريــف‬ ‫القانــوين للمجــزرة أو الجرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬فاملجزرة‬ ‫هــي يف النهايــة تراكــم عــددي لحــاالت القتــل‪.‬‬ ‫*مغالطــة التقســيم الخاطــئ ‪False dichotomy‬‬ ‫‪fallacy‬‬ ‫وهــي تقليــص عــدد االحتــاالت إىل احتاملــن فقــط‪،‬‬ ‫فهــي إىل حـ ٍـد مــا عكــس مغالطــة االتصــال‪ ،‬وتســتخدم‬ ‫هــذه املغالطــة أحيانــاً إلجبــار الخصــم عــى اختيــار‬ ‫عــدة اختيــارات ُمنتقــاة وإيهامــه بعــدم وجــود‬ ‫اختيــارات أخــرى‪ ،‬وتســتخدم هــذه املغالطــة كثــرا ً‬ ‫لتوجيــه التصويــت عنــد تصميــم اســتطالعات الــرأي يف‬

‫الربامــج التلفزيونيــة‪ ،‬ومواقــع النــت‪.‬‬ ‫باســم‪ :‬إمــا أن تكــون معنــا أي مــع الدولــة الســورية أو‬ ‫مــع اإلرهابيــن‬ ‫لقــد جــرى إهــال خيــارات أخــرى‪ ،‬فليــس بالــرورة‬ ‫كل مــن يعــارض النظــام الســوري هــو مــع (اإلرهابيني)‪.‬‬ ‫رباب‪َ :‬‬ ‫عليك أن تختار بني اإلسالم والعلامنية‪.‬‬ ‫فقــد جــرى إهــال خيــارات أخــرى كأن تكــون مســلامً‬ ‫ـت دينـاً‪.‬‬ ‫علامنيـاً‪ ،‬حيــث أن العلامنيــة ِب َحـ ِّد ذاتهــا ليسـ ْ‬ ‫*مغالطــة االحتــكام إىل التجربة الشــخصية ‪Anecdotal‬‬ ‫‪fallacy‬‬ ‫عــادة مــا يتذكــر الشــخص التجــارب الداعمــة ألفــكاره‪،‬‬ ‫أو التجــارب الشــاذة عــن العــرف والعــادة‪ .‬وتحــدث‬ ‫هــذه املغالطــة عنــد اســتخدام تجربــة شــخص ِّية أو‬ ‫مثــال معــزول كقرينــة إثبــات‪ ،‬ومــن ثـ ّم تعميــم هــذه‬ ‫الخــرة أو املثــال‪.‬‬ ‫(إنّهــم يقتلوننــا عــى الهويّــة‪ ،‬لقــد قتلــوا أخــي فقــط‬ ‫ألنّــه علــوي)‬ ‫(إنّهــم يقتلوننــا عــى الهويّــة‪ ،‬لقــد قتلــوا أخــي فقــط‬ ‫ألنّــه س ـ ّني)‬ ‫فالـراوي هنــا يعــرض لتجربــة شــخصية‪ ،‬وهــذه التجربة‬ ‫ال تكفــي – وحدهــا‪ -‬للتعميــم واالســتنتاج أ َّن أخــو ُه‬ ‫قــد قُتــل فقــط ألنّــه علــوي أو ألنّــه ســ ّني‪ ،‬أو أنّهــم‬ ‫(أي‪ :‬الطــرف اآلخــر) يقتلــون العلويــن أو الس ـ َّنة عــى‬ ‫الهويّــة‪.‬‬ ‫*مغالطة الق ّناص ‪Texas Sharpshooter fallacy‬‬ ‫وهــي انتقــاء البيانــات التــي تدعــم ال ُحجــة‪ ،‬مــع‬ ‫تجاهــل البيانــات التــي ال تدعــم الحجــة‪ ،‬كالــذي يرمــي‬ ‫الجــدار بالبندقيــة ثــم يرســم نقطــة الهــدف عــى موقع‬ ‫الرصاصــة‪ ،‬ثــم يدعــي بأنــه ق َّنــاص‪ .‬ومثالهــا وســائل‬ ‫اإلعــام الحكوميــة يف بدايــة الثــورة الســورية كانــت‬ ‫تنفــي وجــود مظاهـرات يف مدينــة ُمعينــة عقــب صــاة‬ ‫الجمعــة‪ ،‬عــر تصويــر أماكــن هادئــة أخــرى يف املدينــة‬ ‫ذاتهــا تظهــر الحيــاة االعتياديــة‪.‬‬

‫مالحظات حول تعديل املناهج الدراســية يف ثورتنا الســورية‬ ‫عمر شحرور‬

‫الســابق‪ ،‬وأن يتجــرد املؤلــف واملدقــق‬ ‫مــن آرائــه املســبقة‪ ،‬وأحكامــه الجاهــزة‪،‬‬ ‫ويعمــل عــى تقديــم املعلومــة الصحيحــة‬ ‫يف إطــار نســبية املعلومــة يف اإلطــار العــام‪،‬‬ ‫وتغرياتهــا يف الزمــان واملــكان دون املســاس‬ ‫بالثوابــت الكونيــة اإللهيــة‪.‬‬ ‫‪ – 3‬أن يعتمــد عــى املراجــع والكتــب‬ ‫واملصــادر واألبحــاث (يف اســتقصاء املعلومــة‬ ‫أو الحــدث) ذات املصداقيــة العلميــة‪،‬‬

‫واملســلمني بشــكل خــاص‪.‬‬ ‫‪ – 4‬أن تكــون املفاهيــم واملصطلحــات‬ ‫واملســلامت‪ ،‬وخاصــة ذات الــدالالت‬ ‫العامــة مــن حيــث مرجعياتهــا‪ ...‬أن تكــون‬ ‫متوافقــة مــع العقيــدة اإلســامية‪ ،‬وخاضعــة‬ ‫للتدقيــق العلمــي الرصــن وللمقاربــة‬ ‫والتقاطــع والتبــر‪.‬‬ ‫‪ – 5‬أن تخضــع الظواهــر العامــة‪ ،‬واألحداث‬ ‫التاريخيــة األساســية إىل منظومــة معرفيــة‪،‬‬

‫تعديــل املناهــج يجــب (عــى‬ ‫عجالــة) أن يتوافــق مــع املعايــر التاليــة‪،‬‬ ‫ويأخــذ بعــن االعتبــار الخصائــص الدينيــة‬ ‫والثقافيــة واالجتامعيــة للشــعب الســوري‬ ‫مبكوناتــه املختلقــة يف إطــار الحضــارة‬ ‫اإلســامية العظيمــة التــي شــارك يف بنائهــا‬ ‫جميــع شــعوب وقوميــات وأتبــاع األديــان‬ ‫املختلقــة‪ ..‬لــذا نــرى االنطــاق مــن البدايــة‬ ‫وفــق مــا يــي‪:‬‬ ‫‪ – 1‬أن ال يتعــارض جميــع مــا يــرد يف‬ ‫كل الكتــب مــع وحدانيــة اللــه وقدراتــه‬ ‫(الكليــات اإللهيــة)‪ ،‬ومــع الديــن اإلســامي‬ ‫الحنيــف‪ ،‬كــا يجــب أن ال يســاء لألديــان‬ ‫جميعهــا‪ ،‬وأن توصــف بالعموميــات‪ ،‬ومبــا‬ ‫ميثــل قاســاً مشــركاً بينهــا‪ ،‬حيــث يؤكــد‬ ‫معظــم العلــاء أن االكتشــافات الحديثــة‬ ‫ال تتعــارض مــع الديــن يف كلياتــه واألصــول‪،‬‬ ‫وال قــي جزئياتــه‪ ،‬وال يف الفــروع ومنهــا‬ ‫املقاصــد وغريهــا‪.‬‬ ‫‪ – 2‬أن يعتمــد عــى املعايــر العامليــة‬ ‫التــي تؤكــد موضوعيــة العلــم وحياديتــه واملشــهود لهــا بالرصانــة والحصافــة‪ ،‬تعتمــد عــى تحليــل الظاهــرة أو الحــدث‪،‬‬ ‫يف البحــث يف ظواهــر األشــياء وبواطنهــا‪ ،‬وأن يتأكــد مــن أنهــا ال تعــادي اللــه‪ ،‬وإعــادة تركيبــه‪ ،‬ويف االتجاهــن‪ ،‬والتأكــد‬ ‫والتــي ال تتعــارض مــع مــا ورد يف البنــد والديــن بشــكل أســايس وعــام‪ ،‬وال اإلســام مــن صحتــه دون حــدوث خلــل أو تعــارض‬

‫يــؤدي إىل انهيــار البنيــة التــي قــام عليهــا‪.‬‬ ‫‪ – 6‬يف املصطلحــات واملفاهيــم ذات‬ ‫اإلشــكالية الدالليــة أو التفســرية أو‬ ‫الخالفيــة‪ ،‬والتــي ال نســتطيع التوصــل إىل‬ ‫اتفــاق علمــي بشــأنها‪ ،‬يستحســن وضعهــا‬ ‫يف اإلطــار العــام دون تحديــد‪ ،‬وذلــك‬ ‫لالبتعــاد عــن الوقــوع يف الخطــأ أو الشــك‬ ‫والريبــة‪ ،‬الــذي كان ميكــن لتحديــد ذلــك‬ ‫أن يثــره‪ ،‬وتــرك ذلــك إىل مســتقبل األيــام‬ ‫وتطــور العلــوم وتقدمهــا‪.‬‬ ‫‪ – 7‬أن تكــون املعلومــات العلميــة‬ ‫والتاريخيــة املقدمــة للطالــب موثقــة‬ ‫املصــدر الــذي ال يشــك فيــه صحتــه ودقتــه‬ ‫إال بالحــدود املتعــارف عليهــا بــن العلــاء‪..‬‬ ‫وأن تكــون هــذه املعلومــة غــر متعارضــة‬ ‫مــع مــا تقدمــه وســائل االتصــال الحديثــة‪،‬‬ ‫ومراكــز األبحــاث الحديثــة يف شــكل‬ ‫ومضمــون املعلومــة وحــدود تحركهــا‪.‬‬ ‫‪ – 8‬أن يتــم الربــط العلمــي للحــدث‬ ‫التاريخــي والعلمــي بــن العــام والخــاص‬ ‫دون تعــارض أو تناقــض يف عمليــة متوافقــة‬ ‫بينهــا دون إلغــاء متــدد أحدهــا عــى‬ ‫حســاب اآلخــر دون املســاس بجوهــره‪ ،‬كــا‬ ‫يجــب الربــط بينهــا وفــق آليــة الرؤيــة‬

‫العلميــة للتاريــخ التــي تؤكــد أن محــور‬ ‫تطــور الحيــاة والنــاس‪ ،‬يعــود إىل القــدرات‬ ‫اإللهيــة الكونيــة‪ ،‬وخيــارات النــاس األح ـرار‬ ‫يف بنــاء مســتقبل خــر‪ ،‬وذلــك يف الربــط‬ ‫بــن العلــم النافــع‪ ،‬والعمــل الصالــح‪.‬‬ ‫‪ – 9‬أن يتــم تحديــد األســاس يف الــرؤى‬ ‫جميعهــا مــن منظومــة معرفيــة تعتمــد‬ ‫عــى مرجعيــة أساســية هــي الحضــارة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬واألســس التــي بنيــت عليهــا‪ ،‬ويف‬ ‫ســبيل بنــاء إنســان مؤمــن باللــه متعلــم‬ ‫ومتحــرر مــن العبوديــة‪ ،‬ومــن الظلــم‬ ‫والظــام يســتطيع االعتــاد عــى اللــه وعىل‬ ‫كفاءتــه الشــخصية وجــده وعملــه‪ ..‬هــذا‬ ‫الفــرد الواعــي ألمــور دينــه ودنيــاه‪ ،‬وقــادر‬ ‫بقــوة اإلميــان والعلــم عــى تطويــر معارفــه‬ ‫العلميــة‪ ،‬وخرباتــه الحياتيــة‪ ،‬ووضعهــا يف‬ ‫خدمــة شــعبنا الســوري واملســلمني وكل‬ ‫النــاس‪ ..‬ومبــا يجعــل منــه مواطن ـاً صالح ـاً‬ ‫منتجـاً للخــر عــر وســائل العمــل الرشيفــة‪،‬‬ ‫وباالســتفادة مــا وصــل إليــه العلــم يف‬ ‫تقدمــه وتطــوره‪ ،‬وبذلــك نحقــق مشــاركتنا‬ ‫الفعالــة يف الحيــاة البرشيــة يف مراعــاة تامــة‬ ‫لألديــان والقوانــن واألعــراف اإلنســانية‬ ‫ومبــا يحقــق الســلم والســام لــكل النــاس‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫طارق عبد الغفور‬

‫ما فعلناه بها ‪ ..‬وما فعلوه!‬

‫يف حفــل اســتقبال أقيــم عــى رشف الســلطان العثــاين‬ ‫عبــد العزيــز يف باريــس‪ ،‬تحلّــق بعــض الحضــور حــول وزيــر‬ ‫خارجيتــه‪ ،‬فــؤاد باشــا الــذي كان يرافقــه يف جولتــه األوربيــة‪،‬‬ ‫يف أواخــر ســتينيات القــرن التاســع عــر‪ ،‬وســألوه ‪ :‬مــا هــي‬ ‫أعظــم إمرباطوريــة يف العــامل؟ أجــاب فــؤاد باشــا بــا تــردد‪:‬‬ ‫إنهــا اإلمرباطوريــة العثامنيــة‪ .‬أصيــب املتحلقــون حولــه‬ ‫بالدهشــة‪ ،‬وســألوه مــرة أخــرى‪ :‬وكيــف ذاك؟ فأجــاب‪ :‬ألنهــا‬ ‫عــى الرغــم مــن كل مــل فعلنــاه بهــا‪ ،‬ومــا فعلتمــوه بهــا‪،‬‬ ‫فإنهــا مــا زالــت تقــف عــى قدميهــا‪.‬‬ ‫يف ذلــك الوقــت‪ ،‬وعــى مســاحة القــرن التاســع عــر كلــه‪،‬‬ ‫كانــت اإلمرباطوريــة العثامنيــة تتلقــى الرضبــة تلــو األخــرى‬ ‫عــى جبهــات القتــال‬ ‫الخارجيــة‪ ،‬لســنا يف معــرض‬ ‫تفصيلهــا هنــا‪ ،‬وال تفصيــل‬ ‫انعــكاس ذلــك عــى‬ ‫أوضاعهــا الداخليــة‪ ،‬بــل إننــا‬ ‫نركــز عــى اإلجابــة النابضــة‬ ‫صدقــاً‪ ،‬وأملــاً‪ ،‬وحقيقــة‪،‬‬ ‫والتــي لخصــت بدقــة‬ ‫شــديدة األســباب‪ ،‬التــي‬ ‫أدت يف النهايــة إىل انهيــار‬ ‫اإلمرباطوريــة العثامنيــة‪.‬‬ ‫لقــد قــدم يف إجابتــه مــا‬ ‫فعلــه العثامنيــون أنفســهم‪،‬‬ ‫مــا فعلــه الداخــل العثــاين‬ ‫بدولتــه‪ ،‬عــى مــا فعلــه الخــارج‪ ،‬مــا فعلتــه القــوى األوربيــة‬ ‫املرتبصــة بالرجــل املريــض‪.‬‬ ‫ولســنا ندعــي أن ســورية هــي أعظــم إمرباطوريــة يف العــامل‪،‬‬ ‫إال أنهــا وطننــا‪ ،‬ومــن حقهــا علينــا‪ ،‬أال نعــدل بهــا مكانـاً آخــر‪.‬‬ ‫ولنــرك مــا «فعلــوه بهــا»‪ ،‬مــا فعلــه اآلخــرون بهــا‪ ،‬ونبــدأ مبــا‬ ‫فعلنــاه بهــا‪ ،‬مــا فعلنــاه نحــن الســوريني بهــا‪ ،‬مــا فعلــه رأس‬ ‫هــذا البلــد بهــا‪.‬‬ ‫وكأننــا نقــرأ يف روايــة‪ ،‬مــن روايــات مدرســة الالمعقــول التــي‬ ‫ظهــرت يف ســتينيات القــرن املــايض‪ ،‬أو نشــاهد فيلــاً أو‬ ‫مرسحيــة مــن أفالمهــا أو مرسحياتهــا‪ ،‬رأس هــذا البلــد الــذي‬ ‫يحــار املــرء يف الصفــة التــي يطلقهــا عليــه‪ ،‬عدلــه بنفســه‪ ،‬بــل‬ ‫فضــل نفســه عليــه‪ ،‬وقــد فعلهــا أبــوه مــن قبلــه‪ ،‬فألحقــه‬ ‫بنفســه‪ ،‬فاختــزل إىل أن صــار «ســورية األســد»‪ ،‬شــعار أطلقتــه‬ ‫ثلّــة مــن املطبلــن املزمريــن‪ ،‬لقــاء منافــع شــخصية أغدقهــا‬ ‫عليهــم‪ ،‬أطلــق يدهــم يف كل مــا أرادوا‪ ،‬إال أن تصــل إىل مقامــه‪.‬‬ ‫وارتضــوا بذلــك فســبحوا بحمــده ورفعــوه إىل مرتبــة فــوق‬ ‫البــر‪ .‬ثــم جــاء االبــن ليجدهــم عــى مــا اعتــادوا عليــه‪ ،‬بــل‬ ‫زادوا يف أن جعلــوه بلــدا ً صغ ـرا ً عــى مقاســه‪.‬‬ ‫هــذا الــرأس رفــع منــذ البدايــة شــعارا ً تحذيريــاً عظيــاً يف‬ ‫عقابيلــه «األســد أو نحــرق البلــد»‪ ،‬مــا كان لعاقــل أن يصــدق‬ ‫أن شــعارا ً‪ ،‬كهــذا ميكــن أن ينفــذ‪ ،‬مــا كان لعاقــل أن يصــدق‬ ‫أن رئيسـاً مؤمتنـاً عــى بلــد وشــعب‪ ،‬ميكــن أن يخــون أمانتــه‪،‬‬ ‫ظننــا أنــه إمنــا ُرفــع ل ُيخيــف‪ ،‬أمل يقــل الحكــاء مــن قبــل‪:‬‬ ‫ه ـ ّدد بســيف الســلطان‪ ..‬وال تــرب بــه؟‬ ‫اســرجع البعــض مــا فعلــه أبــوه يف بدايــة مثانينــات القــرن‬ ‫املــايض‪ ،‬إال أنهــم أملــوا أنــه بتغــر الظــروف وبتطــور وســائل‬ ‫اإلعــام‪ ،‬فــإن التاريــخ لــن يعيــد نفســه‪ ،‬فتبــن أن ذلــك كان‬ ‫تصــورا ً ســاذجاً‪ ،‬وأن التاريــخ أعــاد نفســه‪ ،‬عــى يــد االبــن‬ ‫بأقبــح مــا كان عليــه يف عهــد األب‪ ،‬نفــذ شــعاره فحــرق‬ ‫البلــد فعــاً‪ ،‬د ّمــر مدنــه‪ ،‬وقــراه الكبــرة والصغــرة‪ ،‬وقتــل‬ ‫الشــعب فيــه‪ ،‬ال نقــول شــعبه‪ ..‬ألنــه بالتأكيــد ليــس كذلــك‪،‬‬ ‫ومل يــرف لــه جفــن‪ ،‬ومــن مل يقتلــه رشده ليحيــا حيــاة‪ ،‬رمبــا‬ ‫كان املــوت أرحــم منهــا‪.‬‬ ‫هــذا الرئيــس يــرر مــا فعلــه تربيــرا ً مضحــكاً مبكيــاً‪ ،‬يصــم‬ ‫الشــعب بأنــه إرهــايب‪ ،‬ويحكــم عــى مجتمعــه بأنــه يشــهد‬ ‫الص ُعــد‪ ،‬وبالتــايل فــإن الجهــد املبــذول عــى‬ ‫فشـاً عــى كافــة ُ‬ ‫مــدى ســنوات حكمــه‪ ،‬التــي هــي امتــداد لســنوات حكــم‬ ‫أبيــه‪ ،‬والتــي قاربــت مبجموعهــا النصــف قــرن لتصنيــع شــعب‬ ‫عــى هواهــا‪ ،‬قــد أمثــر خيبــة كبــرة‪ ،‬وأىت بنتائــج عكســية‪،‬‬ ‫فأنتــج اإلرهــاب‪ ،‬والفشــل املجتمعــي‪ ،‬فالحل «الحصيــف» إذا ً‪..‬‬ ‫أن يجتــث هــذا الشــعب اإلرهــايب‪ ،‬وأن يُبــاد هــذا املجتمــع‬ ‫الفاشــل‪ .‬أي ال معقــول هــذا‪ ..‬الــذي رســمته مخيلــة أدبــاء‪،‬‬ ‫وجســده ديكتاتــور وابنــه عــى مــدى‬ ‫وفنانــن القــرن املــايض‪ّ ،‬‬ ‫نصــف قــرن‪ ،‬تجــاوزت وحشــية آخــره‪ ،‬وحشــي َة أولــه مبــا ال‬

‫يقــاس‪ .‬مل يــرك رأس البلــد ســاحاً مل يســتخدمه ضــد شــعب‬ ‫البلــد اإلرهــايب‪ ،‬خــا الســاح النــووي‪ ،‬الــذي مل يكــن ميتلكــه‬ ‫فاســتعاض عنــه بســاح الحصــار والجــوع‪ .‬هــل ميــاري أحــد‬ ‫بعــد‪ ..‬يف أن مجــرد تفضيــل حاكــم لنفســه‪ ،‬ال عــى بــر بلــده‪،‬‬ ‫بــل عــى حجــره‪ ،‬ألمــر ال يدعــو بقــوة إىل الشــك بقــوة يف‬ ‫ســامة عقلــه فقــط بــل يقــرره؟‬ ‫ذلــك كان بعــض مــا فعلــه رأس البلــد بــه‪ ،‬فــاذا فعلــت بــه‬ ‫املعارضــة؟ قــام الشــعب يف وجــه ظاملــه مطالبـاً‪ ،‬مبــا هــو حقــه‬ ‫الطبيعــي‪ :‬الحريــة والكرامــة‪ .‬وكانــت قيــادات حراكــه األوىل‬ ‫«منــه وفيــه» شــبان ينســقون فيــا بينهــم‪ ،‬عــى صفحــات‬ ‫التواصــل االجتامعــي ببســاطة ثوريــة حقيقيــة‪ ،‬فيح ّركــون‬ ‫الجمــوع‪.‬‬ ‫تكالبــت عــى ذلــك الح ـراك الثــوري قــوى متعــددة‪ ،‬وأنتــج‬

‫تكالبهــا تالشــياً لقياداتــه الثوريــة النقيــة رافعــ ِة الشــعارات‬ ‫التجميعيــة‪ ،‬وانحرافــاً لبوصلــة الحــراك باتجــاه العســكرة‪،‬‬ ‫وبــروزا ً لكيانــات عســكرية متعــددة‪ ،‬ذوات أجنــدات خاصــة‬ ‫غـ ّـرت شــعارات الح ـراك‪ ،‬فأنزلــت تلــك التــي كانــت تجمــع‬ ‫الشــعب الواحــد‪ ،‬ورفعــت بــدالً منهــا شــعارات مذهبيــة‪،‬‬ ‫وطائفيــة تفرقــه‪ .‬ولعلنــا نذكــر يف بدايــة هــذا االنحـراف وهــذا‬ ‫التــايش وهــذا الــروز املقابــات التــي أجراهــا اإلعالمــي تيســر‬ ‫علــوين عــى قنــاة الجزيــرة‪ ،‬مــع قيــادات الكيانــات الجديــدة‬ ‫وتركيــزه فيهــا عــى مــا تـراه يف شــكل النظــام الجديــد ووضــع‬ ‫األقليــات فيــه‪ ،‬وهــو التعبــر األبــرز الــذي يــي باألجنــدات‬ ‫الخاصــة لهــذه الكيانــات العســكرية‪ .‬وأكــر مــا يلفــت النظــر‬ ‫فيهــا‪ ،‬أنهــا ويف اســتغالل مفضــوح للديــن‪ ،‬تلصــق بأســائها‬ ‫صفــة اإلســامية رصاحــة أو توريــة (واســتثني هنــا فصيلــن‬ ‫مل يكونــا قــد بــرزا بعــد‪ ،‬هــا الدولــة اإلســامية‪ ،‬وجبهــة‬ ‫النــرة‪ ،‬اللذيــن زاودا فيــا بعــد يف هــذا االســتغالل وحققــا‬ ‫فيــه انتصــارا ً) فاملفــرض إذن أنهــا تســتقي مــن منهــل واحــد‪،‬‬ ‫لكــن هــذا املنهــل الواحــد مل يكــن يجمعهــا‪ ،‬خُلقــت كيانــات‬ ‫منفصلــة وأرصت عــى أن تبقــى كذلــك‪ ،‬معا َرضـ ٌة عســكرية‪ ،‬ال‬ ‫تريــد أن يتوحــد ســاحها أمــام مــن تعارضــه!! معارِضـ ًة بذلــك‬ ‫أبســط قواعــد املنطــق العســكري‪ ،‬وأكــر مــن ذلــك‪ ،‬غــرت‬ ‫هــذه املعارضــة العســكرية يف أحيــان كثــرة‪ ،‬وجهــة بندقيتهــا‬ ‫فتحاربــت فيــا بينهــا‪ ،‬وأوهنــت قواهــا وتركهــا املنخرطــون‬ ‫فيهــا ليلتحقــوا بذينــك الفصيلــن‪ ،‬اللذيــن ال عالقــة ألجنداتهــا‬ ‫الخاصــة بأهــداف املعارضــة‪ ،‬وأكــر مــن ذلــك‪ ،‬أغلــب الكيانات‬ ‫املنضويــة تحــت لــواء الجيــش الحــر‪ ،‬نــادرا ً مــا كانــت تأمتــر‬ ‫بأوامــره‪ ،‬وتعمــل ضمــن خططــه‪ ،‬وأكــر مــن ذلــك‪ ،‬مــا أن‬ ‫تحقــق بعــض الكيانــات انتصــارا ً مــا‪ ،‬أو تقدمـاً مــا‪ ،‬يف منطقــة‬ ‫مــا‪ ،‬حتــى تقــوم كيانــات أخــرى‪ ،‬تعمــل يف املنطقــة نفســها‬ ‫باإلعــان عــن تشــكيل كيــان جديــد‪ ،‬يزيــد التــرذم ترشذم ـاً‬ ‫واالنقســام انقســاماً‪.‬‬ ‫كيانــات مســلحة تنبــت كالفطــور‪ ،‬مل تــرك اســم صحــايب‬ ‫إال واســتحرضته مــن أدراج التاريــخ‪ ،‬ليكــون عونــاً لهــا عــى‬ ‫القبــول‪ ،‬يقــول املشــتغلون بالتوثيــق إنهــا تجــاوزت الثالثــة‬ ‫آالف‪ ،‬ومــا زالــت تتوالــد‪ ،‬وأكــر مــن ذلــك‪ ،‬رهــن الكثــر‬ ‫مــن هــذه الكيانــات اســتقالل قــراره لداعميــه الخارجيــن‪،‬‬ ‫مــا أثــر عــى العمليــات التــي تقــوم بهــا‪ ،‬فصــارت كأنهــا‬ ‫اســتعراضات قــد ال تبــدأ يف وقــت مناســب‪ ،‬وقــد ال تنتهــي يف‬ ‫وقــت مناســب‪ ،‬وتثــر مــن عالمــات االســتفهام الكثــر‪ ،‬وفتــح‬ ‫جبهــة كســب والســاحل‪ ،‬أســطع مثــال عــى ذلــك‪ ،‬وأكــر مــن‬ ‫ذلــك‪ ،‬عمليــات الكيانــات العســكرية تحولــت يف مجملهــا إىل‬ ‫كــر وفــر‪ ،‬يف حــرب مواقــع ميتلــك النظــام فيهــا قــوة ناريــة‬ ‫أكــر عــى األرض‪ ،‬ويف الســاء التــي متطــر الصواريــخ والرباميــل‬ ‫و»أدوات الطهــي» (بحســب خفــة دم املعتــوه يف لقائــه األخــر‬ ‫مــع ال يب يب يس) وال ميلــك اإلنســان هنــا إال أن ينحنــي إجــاالً‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫لشــجاعة املقاتلــن واستبســالهم يف االحتفــاظ مبواقعهــم‪.‬‬ ‫هــذا بعــض مــن حــال معارضتنــا العســكرية‪ ،‬فــا حــال‬ ‫معارضتنــا السياســية؟‬ ‫هــذه املعارضــة مل تكــن نتاج ـاً للح ـراك الثــوري‪ .‬لقــد جــاءت‬ ‫ـكل‬ ‫مــن خارجــه‪ ،‬وهــذه الحقيقــة يجــب أن يُعــرف بهــا‪ .‬ت َشـ َ‬ ‫املجلــس الوطنــي وكان معظــم أعضائــه‪ ،‬إن مل يكــن كلهــم‪،‬‬ ‫مــن الذيــن كانــوا يراقبــون الحــراك ومل يشــاركوا يف صنعــه‪،‬‬ ‫ومــا يحســب للحــراك‪ ،‬ولشــبان تنســيقياته األنقيــاء أنهــم‬ ‫اعرتفــوا بــه وخصصــوا لــه يــوم جمعــة «املجلــس الوطنــي‬ ‫ميثلنــي»‪ .‬هــم الذيــن دعمــوه وهــو مل يدعمهــم‪ ،‬وبدعمهــم‬ ‫هــذا رســخوا شــخصيته االعتباريــة التــي اعــرف بهــا الخــارج‬ ‫‪ .‬ثــم تغــرت هيئتــه‪ ،‬كانــت مجلســاً بعــدد قليــل فصــارت‬ ‫ائتالف ـاً بعــدد أكــر مغلق ـاً‪ ،‬وكأنــه األكادمييــة الفرنســية‪ ،‬دون‬ ‫أن يتغــر أســلوب العمــل‪ ،‬بــل‬ ‫شــهد تراجعــاً محبطــاً يف كل‬ ‫مجاالتــه عــى قلتهــا‪.‬‬ ‫هــذه املعارضــة‪ ..‬دخلــت‬ ‫يف حــرب شــبه معلنــة بــن‬ ‫مكوناتهــا‪ ،‬معارضــة الداخــل‬ ‫تهاجــم معارضــة الخــارج‪،‬‬ ‫وتنفــي أن تكــون األخــرة‬ ‫هــي املمثــل الوحيــد للشــعب‪،‬‬ ‫وتتمســك بالوصــول إىل حــل‬ ‫ســلمي لـ»األزمــة» الســورية دون‬ ‫تدخــل خارجــي‪ ،‬تتهــم معارضــة‬ ‫الخــارج باســتدعائه‪ ،‬وهــي تعلــم‬ ‫أن تدخــاً كهــذا ال يــأيت «غــب‬ ‫الطلــب» وهــي تغــض الطــرف‪ ،‬عــن تدخــل خارجــي إي ـراين‪،‬‬ ‫ورويس‪ ،‬تلمســه بيدهــا وتـراه بعينهــا‪ ،‬بــل إنهــا تصــف الــروس‬ ‫بأنهــم «أصدقاؤنــا»‪ ،‬وهــي تتوســل حــاً‪ ،‬مبشــاركة النظــام‪،‬‬ ‫وتعلــم يقينـاً أنــه ال يريــده وال يســعى إليــه‪ ،‬ولــو أراده لنجــح‬ ‫مؤمتــر الحــوار األول يف متــوز ‪ 2011‬الــذي ترأســه الــرع‪.‬‬ ‫مــاذا اســتطاعت املعارضــة فعلــه‪ ،‬وبخاصــة معارضــة الخــارج؟‬ ‫أو نبــدأ مبــا مل تســتطع فعلــه؟ مــع إننــا لــن ندعــي القــدرة‬ ‫عــى إحصــاء هــذا أو ذاك‪ .‬مل تســتطع إال أن تكســب اعرتاف ـاً‬ ‫شــكلياً خاليـاً مــن أي مضمــون‪ ،‬أو أنــه أُعطــي لهــا ترضيــة مــن‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬أو مــا ُســمي بأصدقــاء ســورية‪ .‬مل تســتطع‪،‬‬ ‫وأزعــم أنهــا مل تبــذل جهــدا ً‪ ،‬يف أن تُصــدر جــوازات ســفر‬ ‫للســوريني املرشديــن خــارج بالدهــم‪ ،‬أو أن تجــدد جوازاتهــم‬ ‫املنتهيــة‪ ،‬بــل انقلــب هــذا األمــر إىل فضيحــة‪ ،‬مل يكــن لهــا‬ ‫حضــور يف أي بلــد لجــأ إليــه الســوريون‪ ،‬مل تســتطع أن تصــدر‬ ‫صحيفــة‪ ،‬أو أن تنشــئ محطــة إذاعيــة‪ ،‬أو قنــاة تلفزيونيــة‬ ‫فضائيــة‪ ،‬تتوجــه مــن خاللهــا إىل العــامل الخارجــي‪ ،‬وإىل الغــرب‬ ‫وعواصمــه املؤثــرة خصوصــاً لــرح قضيــة الثــورة الســورية‬ ‫وعدالتهــا‪ ،‬وحتــى إىل الشــعبني اإليــراين‪ ،‬والــرويس‪ ،‬لكشــف‬ ‫موقــف نظاميهــا املخــزي‪ ،‬ودورهــا يف التنكيــل بالشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬ومل تســتطع أن يكــون لهــا حضــور عــى مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي يف الشــبكة العنكبوتيــة‪ ،‬وهــو أمــر قــام‬ ‫بــه أفــراد ناشــطون ومجموعــات مجتمــع مــدين ناشــطة‪،‬‬ ‫واألمثلــة عــى ذلــك كثــرة‪ ،‬نكتفــي منهــا مبثلــن متفاوتــن‬ ‫بشــكل هائــل يف القــدرات املاديــة‪ ،‬مؤسســة أورينــت‪ ،‬ونصــف‬ ‫شــهرية الحرمــل‪ ،‬مل تســتطع أن تقــدم إغاثة حقيقيــة للنازحني‪،‬‬ ‫يف الداخــل واملهجريــن يف الخــارج‪ ،‬وال عــى أي صعيــد صحيـاً‬ ‫كان أو اجتامعيـاً أوتعليميـاً‪ ،‬والجهــد الكبــر يف هــذه املجــاالت‬ ‫تقــوم بــه منظــات إغاثــة دوليــة أو غــر حكوميــة‪.‬‬ ‫ذلــك بعــض مــا مل تســتطع املعارضــة‪ ،‬فعلــه فهــو أيضــا كثــر‪،‬‬ ‫اســتطاعت أن تنصــب رئيس ـاً جديــدا ً يف كل ســتة أشــهر (كان‬ ‫األجــدى أن يكــون يف كل شــهر‪ ،‬حتــى يتــاح لــكل األعضــاء‬ ‫الوصــول إىل منصــب الرئاســة)‪ ،‬واســتطاعت أن تصــدر قـرارات‬ ‫مرتجلــة ثــم تعــود عنهــا‪ ،‬واســتطاعت أن تقيــل حكومــة‬ ‫مؤقتــة ثــم تعيــد تشــكيلها‪ ،‬واســتطاعت أن تقيــم ســفارات‬ ‫يف دول بالغــة األهميــة‪ ،‬مثــل بولونيــا ورومانيــا والدامنــرك‪،‬‬ ‫واســتطاعت أن تنــر غســيل بعــض أعضائهــا‪ ،‬واســتطاعت‬ ‫أن تتــرف باألمــوال التــي تلقتهــا دون رقابــة محاســبية‪،‬‬ ‫واســتطاعت أن تذهــب إىل جنيــف‪ ،2‬وأن ال تذهــب إىل‬ ‫موســكو والناتــج واحــد‪.‬‬ ‫اســتطاعت فعــل الكثــر مــن هــذه الشــاكلة‪ ،‬وأعتقــد أن فــؤاد‬ ‫باشــا‪ ،‬لــو كان حيــاً وســأله املتحلقــون حولــه‪ ،‬عــا فعلتــه‬ ‫املعارضــة‪ ،‬لــكان أحجــم عــن ذكــر أكــر أفعالهــا‪ ،‬ألن التأثـرات‬ ‫الســلبية‪ ،‬ملــا فعلتــه عــى مســار الثــورة الســورية‪ ،‬كان وبكلمــة‬ ‫واحــدة‪ ..‬كارثيـاً!!‬

‫‪9‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫تحالف احتواء‬ ‫الفوضى‪!..‬‬ ‫الشاوي الضليل‬ ‫أعتقد أن قرارات الكونغرس األمرييك‪ ،‬الســاح‬ ‫باســتخدام قــوات بريــة يف محاربــة داعــش‪ ،‬تعتــر‬ ‫تعدي ـاً الفت ـاً للنظــر يف االس ـراتيجية‪ ،‬التــي أعلــن‬ ‫عنهــا مــن أجــل محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬عــى الرغــم مــن‬ ‫أن تفس ـرات الســيد أوبامــا لهــذا الق ـرار وحرصهــا‬ ‫مبهــام خاصــة ميكــن للجيــش األمريــي القيــام بهــا‬ ‫بشــكل عاجــل وطــارئ‪ ،‬ضــد مواقــع معينــة‪ ،‬وأن‬ ‫ليــس مــن مهــام القــوات األمريكيــة الربيــة تحريــر‬ ‫هــذه املواقــع‪ ،‬كــا أ ّن إرســال مدربــن عســكريني‬ ‫وتقنيــن‪ ،‬لتدريــب وتأســيس نــواة جيــش ســوري‪،‬‬ ‫مــع إغفــال تحديــد أهــداف هــذا التأســيس‪ ،‬أو‬ ‫العقيــدة القتاليــة التــي ســيتمثلها هــذا الجيــش‪ ،‬إال‬ ‫مــن بعــض الصفــات الغامضــة واملرنــة‪ ،‬كاالعتــدال‪،‬‬ ‫ويبــدو ذلــك مقصــودا ً‪ ،‬ألن االعتــدال كمفهــوم‬ ‫يحمــل يف طياتــه مرونــة القبــول‪ ،‬واالنصيــاع‬ ‫لقــرارات الداعــم‪ ،‬وإنخفــاض إمكانيــة املواجهــة‪،‬‬ ‫وبالتــايل مجــرد أداة تنفيذيــة الحق ـاً‪.‬‬ ‫ومبــا أن الســيد دي ميســتورا قــد أعلــن رصاحـ ًة «إن‬ ‫األســد جــزء مــن الحــل يف ســورية»‪ ،‬وأن «نتائــج‬ ‫األعــال العســكرية عــى األرض متحولــة ومتبدلــة‪،‬‬ ‫مــرة لهــذا الفريــق ومــرة لــذاك»‪ ،‬أعتقــد أن هــذا‬ ‫الترصيــح هــو إعــان رصيــح عــن فشــل مبادرتــه‪،‬‬ ‫كــا فشــلت كل املحــاوالت مــن أجــل مبــادرة حــل‬ ‫ســيايس ممكــن يف ســورية يكــون األســد طرفـاً فيهــا‪.‬‬ ‫أعتقــد أن الفــوىض غــر املنضبطــة التــي متيــز‬ ‫الحالــة الســورية‪ ،‬وفقــدان أمريــكا (الالعــب‬ ‫األســايس) الســيطرة عــى بعــض الخيــوط فيهــا‪،‬‬ ‫بســبب طموحــات روســيا (بوتــن) وبعــض الــدول‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬بــدأت أمريــكا تعيــد ترتيــب االحتــاالت‬ ‫املمكنــة‪ ،‬مــن خــال الحلفــاء (تركيــا‪ ،‬قطــر‪،‬‬ ‫الســعودية‪ ،‬إرسائيــل‪ ،)..‬ملواجهــة طموحــات روســيا‬ ‫وإيــران‪ ،‬ومــا معــارك درعــا والجنــوب‪ ،‬وقصــف‬ ‫دمشــق إال مقدمــات ميدانيــة ملواجهــة هــذا‬ ‫الطمــوح‪ ،‬وإيقــاف متــدد إيـران العلنــي عــى حدود‬ ‫إرسائيــل الشــالية (إرسائيــل لــن تســمح بوجــود‬ ‫جنــوب ســوري تديــره إيـران مهــا كانــت املصالــح‬ ‫املشــركة بينهــا‪ ،‬ألن هــذا الوجــود يهــدد الــدور‬ ‫االس ـراتيجي إلرسائيــل يف املنطقــة‪ ،‬ورمبــا وجودهــا‬ ‫كدولــة)‪ ،‬كــا أن أمريــكا ومــن خــال الحلفــاء‬ ‫أيضـاً‪ ،‬بــدأت تــروج الحتــال ممكــن‪ ،‬احتــال نــزع‬ ‫صفــة اإلرهــاب عــن جبهــة النــرة‪ ،‬واالعـراف بهــا‬ ‫كفصيــل معــارض ســوري‪ ،‬ضمــن رشوط أعلــن منهــا‬ ‫فــك بيعــة النــرة وأمريهــا الجــوالين مــع تنظيــم‬ ‫القاعــدة‪ ،‬وتحالفهــا مــع قــوى عســكرية إســامية‬ ‫تــرى أمريــكا والحلفــاء أنهــا معتدلــة يف إطــار جبهــة‬ ‫عســكرية موحــدة تديرهــا قيــادة مركزيــة مختلطــة‪،‬‬ ‫وهــذا االحتــال أصبــح ممكن ـاً أو يف طــور االنجــاز‬ ‫النهــايئ‪.‬‬ ‫رمبــا هــذه العجالــة ال تســمح بســوق مقدمــات‬ ‫وشــواهد أكــر‪ ،‬لكــن مــا تقــدم أعتقــد أنــه‬ ‫تكتيــكات فرعيــة السـراتيجية أمريكيــة بُنيــت عــى‬ ‫اإلحتــاالت ونف ّيهــا‪ ،‬وأن إحتــال اإلحتــواء هــو‬ ‫أقــرب االحتــاالت املمكنــة‪ ،‬كبديــل عــن املواجهــة‬ ‫املعلنــة مــن أجــل تدمــر اإلرهــاب والتطــرف‪ ،‬أن‬ ‫املقدمــات الســابقة هــي رســائل تهديــد تحمــل‬ ‫إمكانيتــن (إمــا‪ ،‬أو)‪.‬‬ ‫إمــا‪ :‬تدمــر مــا تبقــى مــن ســورية بــر وحجــر‪،‬‬ ‫وإدخــال مناطــق جديــدة يف دوامــة الفــوىض‬ ‫كاألردن وبعــض دول الخليــج‪ ،‬ورمبــا حــروب ممكنة‬ ‫تكــون روســيا وإيــران طرفــا فيهــا‪.‬‬ ‫أو‪ :‬القبــول والتســليم برئاســة أمريــكا‪ ،‬كمديــر‬ ‫للفــوىض‪ ،‬والقبــول بخارطــة املصالــح التــي رســمتها‬ ‫أمريــكا‪ ،‬وآليــات التوزيــع والحاميــة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫أجمل نساء األرض‬

‫ابتسام تريسي‬

‫الرتكيــات كـ ّن مقيــاس الجــال عندنــا قبــل أن يبــدأ الغــزو‬ ‫الدرامــي لشاشــاتنا مــن قبــل املسلســات الرتكيــة‪ ،‬فكنــا‬ ‫حــن نريــد وصــف امــرأة جميلــة بيضــاء‪ ،‬وجســدها ممتلــئ‬ ‫ربــا كان ذلــك ألنّنــا نقيــس عــى‬ ‫نقــول‪« :‬إنّهــا تركيــة»‪ّ .‬‬ ‫ســيدتني تركيتــن تزوجتــا رجلــن مــن بلدنــا‪ ،‬واســتق ّرتا فيــه‪.‬‬ ‫كان ذلــك أيضــاً قبــل النــزوح‪ ،‬أ ّمــا بعــده فقــد انقلبــت‬ ‫املقاييــس متامــاً‪ .‬مل تكــن الرتكيــات اللــوايت التقيــت بهــ ّن‬ ‫يف انطاكيــة أو اســتنبول ميلكــن ذلــك الجــال األســطوري‬ ‫لنســاء الحكايــات‪ ،‬بــل كــ ّن عاديــات جــدا ً مــن حيــث‬ ‫الشــكل‪ ،‬لك ّنهــن كـ ّن ميلكــن مقــدرة عجيبــة عــى التواصــل‬ ‫الروحــي‪ ،‬ورسقــة االنتبــاه واالهتــام‪.‬‬ ‫تعرفــت عــى «عمــران» مبحــض الصدفــة‪ ،‬وهــي منتجــة‬ ‫ســينامئية كانــت تبحــث عــن ســوريني لتصنــع فيلـاً عنهــم‬ ‫يف بــاد النــزوح‪ .‬مل تكــن تعــ ّرف مــن العربيــة الكثــر‪ ،‬ومل‬ ‫أكــن أعــرف شــيئاً مــن الرتكيــة‪ ،‬لكننــا اســتطعنا عــى مــدار‬ ‫يــوم كامــل مــن العمــل يف «قــر يلــدز‪ ،‬مــكان تصويــر‬ ‫الفيلــم» أن نتفاهــم بطريقتنــا الخاصــة‪ .‬كانــت تكلّمنــي‬ ‫باللغــة الرتكيــة‪ ،‬وأرد عليهــا بالعربيــة‪ ،‬كل م ّنــا تحــاول‬ ‫أن ترفــق كلامتهــا بإشــارات مــن اليديــن‪ ،‬واســتخدام كل‬ ‫عضــات الوجــه إليصــال مــا تقــول لألخــرى‪ .‬كان مشــهدا ً‬ ‫أغــرب مــن الفيلــم نفســه‪ .‬مل تكــن «عمـران» املــرأة الرتكيــة‬ ‫الوحيــدة التــي تواصلــت معهــا يف اســتنبول‪.‬‬ ‫اســتنبول مملكــة الســحر التــي عــرتُ إليهــا مــن قصــة‬ ‫الحضــارة‪ ،‬وكتــب التاريــخ‪ ،‬وروايــات أورهــان بامــوك‪..‬‬ ‫ربــا‬ ‫والتــي رشبــت روحــي جــال طبيعتهــا ح ـ ّد العشــق‪ّ ..‬‬ ‫أحببتهــا هكــذا ألنّهــا تشــبه بلــديت بهوائهــا النقــي وطبيعتهــا‬ ‫وكأن‬ ‫وخرضتهــا‪ .‬وألنّهــا أشــعرتني بالــدفء والحميميــة ّ‬ ‫ولــدت هنــا‪ ،‬مــع جهــي التــام للغــة أهلهــا‪.‬‬ ‫ليســت املـ ّرة األوىل التــي أزور فيهــا اســتنبول‪ ،‬فقــد ســكنتني‬ ‫منــذ ســنوات حــن كتبــت روايتــي «املعـراج»‪ .‬تجولــت مــع‬ ‫«يوســف» بطــل الروايــة يف حاراتهــا وأزقتهــا‪ ،‬وزرت جوامعها‬ ‫ومقابرهــا‪ ..‬وعــرت معــه «البوغــاز» مــن «اون قابــاين» إىل‬

‫«اســكودار»‪ .‬اســتنبول كانــت مدينــة الحلــم التــي مل أشــعر‬ ‫كأن أعرفهــا منــذ أول‬ ‫فيهــا بالغربــة‪ ,‬وتآلفــت مــع األمكنــة ّ‬ ‫حجــر وضعــت عــى تاللهــا‪.‬‬ ‫يف زيــاريت األوىل لهــا‪ ،‬مل أتــرف كســائحة‪ ..‬بــل رحــت‬ ‫أحبــو عــى طرقاتهــا أستكشــف الجــال الدفــن يف حجــارة‬ ‫األرصفــة وفــن العــارة الرائــع‪ .‬لكــ ّن نســاءها نســفن‬ ‫مخططــايت كلّهــا واســتحوذن عــى اهتاممــي‪.‬‬ ‫عندمــا وصلــت ســاحة تقســيم‪ ،‬كانــت واحــدة مــن تلــك‬ ‫النســاء الجميــات تفــرش زاويــة الســاحة‪ ،‬وأمامهــا كيــس‬ ‫مــن الخــام‪ ،‬مــيء بطعــام الحــام‪ ،‬تبيــع الــكأس منــه بلــرة‪.‬‬ ‫انحنيــت وأخــذت منهــا كأس الحبــوب‪ ..‬والتقطــت لهــا‬ ‫صــورة! ســيدة ســبعينية‪ ،‬ترتــدي ثوبـاً ريفيـاً أزهــاره امللونــة‬ ‫الناعمــة تــي بذلــك االندمــاج بــن املــرأة والطبيعــة الــذي‬ ‫تعــرف بــه الريفيــات يف كل بــاد الشــام‪ .‬فــوق ثوبهــا ارتــدت‬ ‫جاكيــت مــن الصــوف األبيــض مشــغول باليــد‪ ،‬ووضعــت‬ ‫عــى رأســها إيشــارب ملــون‪ ،‬مزيّــن بالكروشــيه‪ .‬تفاهمنــا‬ ‫باالبتســامة واإلشــارة‪ .‬هــي تكلمــت بالرتكيــة وأنــا بالعربيــة‪،‬‬ ‫ومل نجــد مشــكلة يف التفاهــم!‬ ‫الســيدة الثانيــة كانــت داخــل «شــادر» الــورد يف الســاحة‬ ‫نفســها‪ .‬وســط مهرجــان مــن الزهــور والروائــح واأللــوان‪.‬‬ ‫مل يكــن شــكل الســيجارة بــن شــفتيها والدخــان املتصاعــد‬ ‫منهــا عــى شــكل غيمــة منســجامً مــع منظــر الــورد! كأنّهــا‬ ‫تعمــدت أن تخفــي أنوثتهــا مــع أنّهــا تتعامــل مــع أرق مــا‬ ‫خلــق اللــه عــى األرض‪ .‬فللزهــور حساســية مفرطــة ليــس‬ ‫ســهالً التعامــل معهــا وفهــم احتياجاتهــا وأجوائهــا الخاصــة‪.‬‬ ‫يف منتصــف الشــارع أثنــاء عــوديت‪ .‬اســتوقفتني امــرأة‬ ‫جالســة عــى الرصيــف وأمامهــا أكيــاس مــن الخــام‪ ،‬مليئــة‬ ‫بالخزامــى! عــى فــم الكيــس املفتــوح تربعــت أكيــاس‬ ‫صغــرة مــن النايلــون والقــاش مربوطــة بعنايــة‪.‬‬ ‫الفنــدر‪ ..‬كانــت املــرأة تهمــس بصــوت مبحــوح خجــول‪،‬‬ ‫وتحــاول رشح فوائــد زهرتهــا مســتعينة بعــدد مــن الكلــات‬ ‫األجنبيــة التــي تبــدو غريبــة جــدا ً حينــا تنطقهــا‪ .‬مــددت‬

‫يــدي آلخــذ كيــس خزامــى فاصطدمــت نظ ـرايت بوجههــا‪..‬‬ ‫بالتحديــد عينيهــا‪ .‬إنّهــا هــي‪ ..‬ال ميكــن أن أكــون مخطئــة‪.‬‬ ‫هــي خزامــى التــي أحبّهــا يوســف حــن مـ ّر برتكيــا‪ ،‬خزامــى‬ ‫الزهــرة التــي فــاح عطرهــا ببــاد الشــام‪ ،‬وانتقلــت مــع‬ ‫العثامنيــن إىل اســتنبول‪ .‬كانــت جالســة أمامــي ويدهــا‬ ‫ممــدودة بحفنــة خزامــى يف كيــس نقــش عليــه اســمها‬ ‫بأحــرف بنفســجية‪ .‬مــن قــال إن التاريــخ ليــس مجموعــة‬ ‫مصادفــات!‬ ‫تابعــت ســري يف الشــارع عائــدة إىل الســاحة‪ ،‬مل أعــد أرى‬ ‫تفاصيــل املــكان‪ ،‬كنــت مشــغولة عنهــا مبــا تركتــه خزامــى‬ ‫يف روحــي‪ ..‬لقــد ه ّزتنــي بقــوة هــذه املصادفــة‪ ،‬مــع يقينــي‬ ‫أنّهــا وبســبب الفــرق بــن زمنــي الــذي أعيشــه وزمــن‬ ‫الروايــة ال ميكــن أن تكــون هــي حقيقــة!‪.‬‬ ‫كــا ال ميكــن أن تكــون تلــك املــرأة التــي تبيــع قواريــر‬ ‫املــاء عربيــة مــن ريــف بلــدي‪ .‬الســيدة الريفيــة الجميلــة‬ ‫ســمعتني أتكلــم العربيــة‪ ،‬فنادتنــي «اشــري منــي مــاء‬ ‫يــا أختــي» جمــدت مبــكاين‪ ،‬كان قلبــي يخفــق بشــدة «يــا‬ ‫أختــي»! لفــظ دافــئ وحميــم جــدا ً افتقدتــه منــذ زمــن‪..‬‬ ‫أيعقــل أن تخلــق الصــدف إخــوة لــك يف الغربــة‪ ،‬يتحدثــون‬ ‫لغتــك‪ ،‬وينادونــك بأجمــل لقــب «أخ» آآآآخ‪.‬‬ ‫أخرجنــي مــن حالــة الذهــول صوتهــا الضخــم الــذي مــأ‬ ‫الشــارع‪ ..‬مســحت الدمــوع العالقــة بأهــدايب‪ ،‬وتطلعــت‬ ‫صوبهــا‪ .‬امــرأة طويلــة‪ ،‬ترتــدي بنطــال جينــز‪ ،‬تتطلــع‬ ‫بالنــاس بنظــرة قويــة‪ ،‬وتصيــح بأعــى صوتهــا‪ .‬إنّهــا بائعــة‬ ‫أوراق اليانصيــب‪ .‬صوتهــا بقــوة خيــول تركــض يف بريــة ال‬ ‫نهايــة لهــا‪ ،‬لــه رنــة نــاي‪ ،‬وضخامــة مكــر صــوت مئذنــة‪،‬‬ ‫تبيــع الحــظ للمهووســن باملقامــرة بقروشــهم التــي يف‬ ‫ربــا ال تــدرك‬ ‫جيوبهــم ّ‬ ‫لعــل الغيــب يأتيهــم بأضعافهــا! ّ‬ ‫أنّهــا مصــدر تعاســة الكثرييــن كــا أنهــا مصــدر ســعادة‬ ‫شــخص واحــد ســيأخذ الورقــة الرابحــة‪ .‬وقــد ال تكــون تلــك‬ ‫األفــكار قــد راودتهــا مطلقـاً أثنــاء عملهــا‪ ..‬فمثلهــا مكانهــم‬ ‫يف دار األوب ـرا‪ ،‬أو عــى األقــل يف مــرح يســتوعب صوتهــا‬

‫درة املشتهى‬ ‫إسماعيل خليل الحسن‬ ‫ مازلــت قــادرا ً عــى قــول كلــات الحــب‪ ،‬إ ّن قلبــي مــا‬‫زال شــابا أيتهــا املتحديــة واملمتنعــة لكــن الراغبــة أيضــاً‪,‬‬ ‫إ ّن قلبــي التعــس مــازال قــادرا ً عــى إســعادك وإســعاد‬ ‫العـرات بــل األلــوف‪ ،‬ولــن تثنينــي ســخرياتك مــن خريــف‬ ‫عمــري‪ ،‬فــازال قلبــي يرتعــش للجــال‪.‬‬ ‫ ملاذا أحببتني دون األخريات؟‬‫ تلــك رعشــة رست لتنــزل عــى قلبــي فينتفــض (كــا‬‫العصفــور بللــه القط ـ ُر)‪ ،‬ولــن أبحــث يف تعرجــات دماغــي‬ ‫عــن تفســر لهــذه ال ّرعشــة‪ ،‬أل ّن الحــب ال يُفلســف‪ ،‬وإ ّن‬ ‫أفســد أنــواع الحــب ذلــك الــذي نقــوم بتفســره‪.‬‬ ‫ أنــا أســعد بكلامتــك‪ ،‬وأنتظــر كل جملــة تكتبهــا ثم ترتســم‬‫عــى شاشــتي‪ ,‬لكننــي ال أســتطيع أن أســمي هــذا حباً‪.‬‬ ‫ فلتكــن عالقتنــا حــب مــن طــريف وصداقــة مــن طرفــك‪.‬‬‫وســوف أمتّعــك بكلــايت طاملــا تســنح لنــا الكهربــاء‬ ‫وذبذبــات الشــبكة العنكبوتيــة‪.‬‬ ‫ حــب وتغ ـ ّزل كــا تريــد لــن أمنــع عنــك شــيئاً طاملــا أنــا‬‫مســتمتعة‪.‬‬ ‫ وأنــت (طنــي) كــا تريديــن فلــن يثنينــي ذلــك عــن‬‫كتابــة كلمــة واحــدة لــك كل يــوم حتّــى ال تنعمــن لحظــة‬ ‫بالغفلــة عنــي‪.‬‬ ‫ هــا هــا‪ ...‬أنــا أشــفق عليــك مــن هــذه املكابــدة‪ ..‬مــن‬‫حــب واحــدة تفصلهــا عنــك تلــك املســافات الشاســعة وال‬ ‫تعــرف عنهــا شــيئاً‪.‬‬ ‫ ال أريد أن أعرف شيئاً‪ ،‬تكفيني تلك الرعشة‪.‬‬‫ رمبــا مل أكــن جميلــة‪ ،‬ومل أكــن شــابة مبــا يكفــي ألن تتعلّــق‬‫يب‪ ،‬والربوفايــل الــذي تــراه عــى رأس صفحتــي مجــ ّرد‬ ‫خدعــة‪.‬‬ ‫‪ -‬حتــى لــو كنــت ذك ـرا ً يتخ ّفــى يف إهــاب امــرأة ليتصيــد‬

‫املقالــب‪ ..‬فلــن يصدمنــي ذلــك‪ ,‬يكفينــي أن قلبــي نبــض‬ ‫مــن تحــت هــذا الدمــار للحظــة‪ ،‬وســوف أحظــرك‪ ،‬وأمــي‬ ‫غــر مبــال‪.‬‬ ‫ آه ال تذكــرين مبأســاتكم إنهــا ســبب تعاســتي‪ ،‬ويســعدين‬‫إذا كانــت كلــات الحــب التــي ترســلها يل تبلســم شــيئاً مــن‬ ‫جراحــك‪.‬‬ ‫ ال أريــد إشــفاقاً نحــن لســنا مبســاكني‪ ,‬ولدينــا إرصار عــى‬‫الحيــاة رغــم الحمــم‪ ،‬واملــوت الــذي يحيــط بنــا‪ ,‬فرتينــا‬ ‫نبتســم ونرتــب لبعضنــا املقالــب ونج ـرّ الذكريــات‪ ،‬ونــأكل‬ ‫األطعمــة التــي نشــتهيها رغــم دوامــة األســعار املتصاعــدة‪.‬‬ ‫ إنــك تبكينــي بهــذه الكلــات‪ ،‬وأنــا عاجــزة عــن‬‫مســا عد تكم ‪.‬‬ ‫ ال تح ّمــي نفســك عبئـاً مل تســاهمي بصنعــه‪ ،‬فالعــامل كلّــه‬‫عاجــز عــن مســاعدتنا‪.‬‬ ‫ كم بقي لك من الوقت؟‬‫ مــؤرش البطاريّــة يقــول إن ربــع ســاعة تفصلهــا عــن الخــور‬‫والتــايش‪ ,‬وال يبــدو أن الكهربــاء ســتؤنس وحشــتنا هــذه‬ ‫الليلــة‪.‬‬ ‫ كيف تعيشون بال كهرباء؟ ال أكاد أتخيل ذلك!‬‫ ليــس الكهربــاء وحدهــا بــل أكــر مق ّومــات الحيــاة‪ ،‬ولكننــا‬‫مازلنــا عــى قيــد الحيــاة‪.‬‬ ‫ أوه هذا فظيع!!‬‫ ما هي آخر كلمة تقولينها يل قبل أن أودعك؟‬‫ ال يكفــي الوقــت لديــك ألخـ ّط جملــة واحــدة‪ ،‬فأنــا أكتــب‬‫وأمســح حتــى أرســل لــك جملــة مفيــدة‪.‬‬ ‫ ملــاذا جملــة مفيــدة‪ ,‬اكتبيهــا عــى ســجيتك وأرســليها بــكل‬‫أخطائهــا‪ ،‬فالشــخبطة أحيانـاً أكــر فائــدة‪.‬‬ ‫ ها ها‪ ...‬اكتب أنت آخر كلمة يل‪.‬‬‫ أنــا ال أفكــر كثــرا ً حتــى لــو اضطــررت أن تقرأيهــا‬‫باملقلــوب‪ :‬كــبــــحــــأ‬

‫وإمكانياتهــا!‬ ‫حــن وصلــت الزقــاق الــذي فيــه بيــت صديقتــي‪ ..‬التقيــت‬ ‫باملــرأة األجمــل بــن نســاء اســتنبول‪ ،‬كانــت تنتظــرين أمــام‬ ‫بــاب بيتهــا‪ .‬امــرأة يف التســعني مــن عمرهــا‪ ،‬تجلــس عــى‬ ‫درجــات بــاب البيــت‪ ،‬ظهرهــا محنــي‪ ،‬وبيديهــا املليئــة‬ ‫بتجاعيــد ناعمــة‪ ..‬متســك كتابـاً ونظراتهــا غارقــة فيــه‪ .‬نعــم‬ ‫كانــت متســك كتابـاً! اقرتبــت منهــا بهــدوء‪ ..‬مل ترفــع رأســها‪.‬‬ ‫خطفــت نظــرة إىل الكتــاب‪ ،‬وخفــق قلبــي بش ـ ّدة‪ .‬الكتــاب‬ ‫كان لتعليــم اللغــة العربيــة لــأوالد الصغــار‪ ..‬الصفحــة فيهــا‬ ‫رســوم ملونــة وكلــات بســيطة‪.‬‬ ‫حــن شــعرت بــأين أطلــت الوقــوف أمامهــا‪ ،‬رفعــت رأســها‬ ‫وتطلعــت يف وجهــي‪ ،‬شـ ّعت ابتســامتها‪ ،‬وكأنّهــا ابتســامة أم‬ ‫محمــد جــارة ســتي يف الالذقيــة‪ ،‬وأم حســن املــرأة الريفيــة‬ ‫التــي كانــت تــأيت لعندنــا مــن قريــة «عــن الســودا» وتجلــب‬ ‫لنــا الخبيــزة الطريــة‪.‬‬ ‫ابتســامة املرأة الســورية «زهــرة» معظم الســوريني يتذكرون‬ ‫زهــرة‪ ،‬الســيدة التــي ظهــرت عــى الفضائيــة الســورية‬ ‫بربنامــج «خــرين يــا طــر» والتــي ضاعــت مــن أهلهــا حــن‬ ‫كانــت طفلــة ومشــت مســافات طويلــة‪ ،‬ووصلــت إىل تركيــا‪،‬‬ ‫وهنــاك تبنتهــا ســيدة تركيــة وعاشــت حتــى أصبحــت يف‬ ‫الثانيــة والتســعني مــن عمرهــا حــن‪ ،‬وعــر الربنامــج‪ ،‬بحثــت‬ ‫عــن أهلهــا‪ ..‬لك ّنهــا مل تجــد منهــم أحــدا ً‪ ،‬لقــد ماتــوا جميعـاً‬ ‫ومل يتبــق ســوى أحفــاد إخوتهــا الذكــور‪ .‬زهــرة يف التســعني‬ ‫مــن عمرهــا كان عليهــا أن تتعلّــم العربيــة لتتفاهــم مــع‬ ‫مــن تبقــى مــن عائلتهــا‪ .‬العربيــة لغــة أهلهــا وأحبتهــا‪،‬‬ ‫والبلــد الــذي ولــدت فيــه‪.‬‬ ‫مــن ذاكــريت خرجــت كل النســاء الســوريات الجميــات‪..‬‬ ‫وقفــن أمامــي‪ ..‬ضحكــن مــن املــوت‪ ،‬زرعــن األرض‪ ،‬ع ّمــرن‬ ‫البيــوت‪ ،‬غرســن األشــجار والــورد‪ ،‬نظّفــن الشــوارع‪ ،‬وأحطــن‬ ‫القبــور بالشــاهدات والريحــان‪.‬‬ ‫النســاء األجمــل هـ ّن اللــوايت ســيبنني ســوريا‪ ،‬ويعــدن إليهــا‬ ‫الحيــاة‪ ،‬ويخرجنهــا مــن رمادهــا‪.‬‬

‫حزمة النور‬ ‫* يوسف القط‬ ‫يف البدء ‪..‬‬ ‫كانــت هنــاك حزمــة مــن النــور‪ ..‬فجــأة توهجــت مــن ال‬ ‫مــكان‪..‬‬ ‫يف أول األمــر ارتعشــت ارتعاشــة هائلــة‪ ..‬ثــم ثبتــت إىل‬ ‫حــن‪ ،‬قبــل أن تعــود إىل االرتعــاش مــن جديــد‪ ،‬ارتعاشــات‬ ‫متواليــة‪ ..‬مجنونــة‪ ،‬ومــرت فــرة طويلــة مــن الوقــت‪..‬‬ ‫كانــت قــد ازدادت توهجــاً‪ ،‬وكانــت يف خــال ذلــك‪،‬‬ ‫تخطــو خطــوات إىل األمــام‪ ..‬إىل األمــام يف شــكل دائــرة‪..‬‬ ‫بعــد أن تــم لهــا مــا أرادت‪ ،‬تقيــأت مــن مــكان الفــم فيهــا‬ ‫شــعاع طويــل‪ ..‬مل يلبــث أن خــرج منــه شــعاع صغــر‪ ،‬ومــا‬ ‫بــن الومضــة واألخــرى‪ ،‬كان يخــرج مــن أحشــاء االبــن ابنـاً‬ ‫صغ ـرا ً‪ ..‬حتــى غمــرت األرض حزمــة كبــرة مــن األشــعة‪،‬‬ ‫رســمت عليهــا أشــكال غــر معقولــة الجــال‪ ..‬ومــرت‬ ‫فــرة طويلــة مــن الوقــت‪..‬‬ ‫ابتــدأت تتوهــج‪ ،‬ثــم تخبــو‪« ..‬جســم النــور» تتوهــج ثــم‬ ‫تخبــو‪..‬‬ ‫‪ ..‬النــور‪ ،‬وبطنهــا ينتفــخ ويتضخــم‪ ،‬وقــد راح الشــعاع‬ ‫يبتلــع أبنــاءه‪ ..‬وأحفــاده‪ ..‬وأحفــاد أحفــاده‪ ..‬ومــا أن الكل‬ ‫يف كيانــه رسى‪ ،‬حتــى فتحــت األم فمهــا الواســع‪ ،‬العميــق‬ ‫الغــور‪ ،‬وراحــت تشــفط لســانها الطويــل‪..‬‬ ‫«الجســم املشــع» بطنهــا انتفــخ‪ ،‬وتضخــم‪ ..‬بجــوار‬ ‫املجــرى الــذي جــف منــه املــاء‪ .‬انفصــل عنهــا جســم‬ ‫آخــر مشــع‪ ..‬وســارت شــوطاً‪ ،‬وقــد عــاد جسســاً مــن‬ ‫جديــد‪ .‬الكــرى وهجهــا أقــوى‪ ..‬أكــر طغيانـاً مــن الوهــج‬ ‫الضعيــف‪ ،‬وبــن كل مســافة‪ ،‬واألخــرى كان ينفصــل جــزء‬ ‫مــن املتأخــرة ليلحــق باملتقدمــة‪ ،‬وينضــم إليهــا‪ ،‬فيزيدهــا‬ ‫وهج ـاً وبريق ـاً‪..‬‬ ‫املتأخــرة تــزداد نحــوالً‪ ،‬تــزداد هــزاالً‪ ..‬املتقدمــة تــزداد‬ ‫جرمـاً‪ ،‬تــزداد رســوخاًـ وثباتـاًـ بعــد أن تــم لهــا مــا أرادتـــ‬

‫الكربىـــ تقيــأت مــن مــكان الفــم فيهــا شــعاعاً طويـاً‪ ،‬راح‬ ‫يتكــور عــى نفســه ويقفــز‪ ،‬مــن األبنــاء واألحفــاد وأحفــاد‬ ‫األحفــاد‪ ،‬غمــرت األرض حزمــة كبــرة مــن األشــعة‪..‬‬ ‫وابتــدأت كتلــة النــور تــأكل نفســها‪ ..‬تتوهــج‪ ،‬ثــم تخبــو‪..‬‬ ‫تتوهــج ثــم تخبــو‪..‬‬ ‫وهــي تلملــم نفســها‪ ،‬وقــد ابتــدأ الشــعاع األب يبتلــع‬ ‫أبنــاءه‪ ..‬وأحفــاده‪ ،‬وأحفــاد أحفــاده‪ ،‬ومــا أن رسى الــكل يف‬ ‫كيانــه‪ ،‬حتــى فتحــت الكتلــة األم فمهــا الواســع‪ ..‬العميــق‪،‬‬ ‫وراحــت تشــفط لســانها الطويــل‪ ..‬كتلــة النــور‪ ..‬بطنهــا‬ ‫انتفــخ‪ ..‬وتضخــم‪ ..‬ومل تلبــث أن انفصلــت عنهــا كتلــة‬ ‫أخــرى أصغــر‪.‬‬

‫* كاتب مصري طليعي راحل‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫الرواية السورية والثورة ـ ‪1‬‬ ‫أسعد فخري‬

‫قــد يكــون مــن املبَ ِكــر الحديــث عــن روايــة ســورية‬ ‫ناضجــة حققــت ارتقــا ًء الفت ـاً يف مشــهد الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫واســتلهمت أبعادهــا ومراميهــا دون أن تخــرج عــن معايــر‬ ‫الكتابــة وفــق مقــدرات الجنــس األديب الــذي تنتمــي إليــه‪.‬‬ ‫إن الكتابــة عــن حــدث ســاخن ال تســتدعي الخفــة يف‬ ‫التســلل إىل مضامينــه الكبــرة التــي مل تســتقر بعــد‪،‬‬ ‫واالكتفــاء بالتعبــر عنــه يف إطــار تأريخــي صــادم يف الوقــت‬ ‫الــذي كان ال بــد عــى العديــد مــن األعــال الروائيــة التــي‬ ‫واكبــت تحــوالت الثــورة الســورية أن تركــن إىل حالــة مــن‬ ‫االنتظــار والتأمــل والــروي‪ ،‬مخافــة أن تذهــب رسودهــا‬ ‫الروائيــة إىل نفــق الروايــة التســجيلية أو الوثائقيــة‪.‬‬ ‫وهنــا ال بــد أن نتســاءل‪ ،‬هــل اســتطاع الروائيــون املتعجلون‪،‬‬ ‫التقــاط ماهيــة الثــورة الســورية وأبعــاد صريورتهــا داخــل‬ ‫أعاملهــم دون أن يســقطوا يف أفخــاخ التأريــخ‪ ،‬والهــذر‬ ‫القلــق عــر ســياقات ال تخلــو مــن الفجاجــة والتقريريــة؟‪.‬‬ ‫مثــة أعــال عديــدة تناولــت تحــوالت الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫ووقائــع أحداثهــا الداميــة‪ ،‬لكنهــا انكبــت يف أغلبهــا عــى‬ ‫مخــارج ال تنبــئ عــن روايــة ســورية ســيكون لهــا الحضــور‬ ‫الالئــق يف القــادم مــن األيــام إن اســتمرت تلــك األعــال أو‬ ‫غريهــا عــى تأثيــث الــرود الروائيــة بالطريقــة ذاتهــا التــي‬ ‫نشــهدها اليــوم‪ ،‬والثــورة مل تحــط رحالهــا الداميــة بعــد‪.‬‬ ‫إن أغلــب األعــال الروائيــة الســورية التــي عنيــت بالثــورة‬ ‫حققــت حضــورا ً راهنــاً ليــس إال‪ ،‬وهــذا مــا ال نســتطيع‬ ‫نكرانــه وتجــاوزه‪ ،‬وذلــك مــا يدفعنــا للتوقــف مطــوالً أمــام‬ ‫البعــض منهــا كنــاذج عــن االنهيــار املريــع الــذي طــال‬ ‫الــرود الروائيــة الســورية انطالق ـاً مــن مرتك ـزات أساســية‬ ‫عديــدة مــن أهمهــا حضــور حالــة التعبــر الحــرة‪ ،‬وغيــاب‬ ‫الرقيــب والتابــو‪ ،‬الــذي دفــع بالعديــد مــن األعــال الروائيــة‬ ‫للتعبــر عــن كبــوات راكمتهــا الســنوات الطــوال مــن املنــع‬ ‫واملصــادرة للحريــات العامــة والخاصــة‪ ،‬وذلــك مــا شــكل‬ ‫مهــازا ً حقيقيـاً لرتحيــل القيــم الروائيــة األصيلــة إىل خــارج‬ ‫لعبــة التعبــر‪ ،‬وت َو ُســم كتابــة أمعنــت يف الســرية واملبــارشة‬ ‫والذاتيــة‪ ،‬وهــذا مــا َس ـ ّوق حكايــات روائيــة غــر ناضجــة‪،‬‬ ‫وأشــار بصــورة أو بأخــرى إىل ضحالــة يف فهــم املعــادل‬

‫املوضوعــي للكتابــة عــن الثــورات الكــرى والتحــوالت التــي‬ ‫تحدثهــا يف الثوابــت الســائدة‪ ،‬حيــث كنــا نلحــظ مــن خــال‬ ‫تقريهــا أن مثــة حالــة مــن الثأريــة يف ســلوك املــرودات‬ ‫الروائيــة دون أدىن حيــز لألبعــاد االنســانية التــي تخــص‬ ‫األدب قبــل غــره‪ ،‬ولنتحصــل يف كل عمــل روايئ عــى مـراث‬ ‫خطــر مــن الــرود األخالقيــة التــي لــو اســتمرت يف بــث‬ ‫مفاعيلهــا الحقــاً لذهبــت الروايــة الســورية إىل الهاويــة‪.‬‬ ‫يضــاف إىل ذلــك أن كاريزمــا املــرودات الروائيــة دخلــت‬ ‫يف أتــون االنفعــال وتأثيــث ردود الفعــل عــى مــا يجــري‬ ‫يف الثــورة الســورية تحــت ذرائــع مواربــة ال ترســم بعــدا ً‬ ‫إبداعي ـاً‪ ،‬بقــدر مــا متيــط اللثــام عــن دوافــع ليســت مــن‬ ‫هواجــس الروايــة وتأمالتهــا‪ ،‬وإمنــا هــي حالــة يتــم مــن‬ ‫خاللهــا تكريــس البيانــات السياســية املبــارشة‪ ،‬والتي شــكلت‬ ‫حشــوا ً داخــل تلــك األعــال الروائيــة‪ ،‬مــا أضعــف مــن‬ ‫مقدراتهــا الفنيــة‪ ،‬وقدرتهــا عــى إحـراز املــكان الالئــق بهــا‪.‬‬ ‫إن العديــد مــن األعــال الروائيــة اســتفادت‪ ،‬وبصــورة‬ ‫الفتــة مــن إثـراء متونهــا الروائيــة باســتخدام مشــاهد القتــل‬ ‫والتدمــر‪ ،‬والكثــر مــن حــاالت االعتقــال والتعذيــب التــي‬ ‫يقــوم بهــا النظــام جــوار ســفر إىل روايــة تواكــب الثــورة‬ ‫وتعــر عنهــا‪ ،‬وذلــك مــا ســاهم يف بــروز أســاء روائيــة‬

‫جديــدة مل يتفــق بعــد عــى أنهــم روائيــون تكالبــوا عــى‬ ‫املشــهد الــروايئ الســوري‪ ،‬وأصبحــوا قــاب قوســن أو أدىن‬ ‫مــن تحصيــل شــهرة مل يتحصــل عليهــا مــن قبلهــم شــيوخ‬ ‫الروايــة الســورية بحجــة أن مــا يكتبونــه أدب ثورجــي‬ ‫وشــبايب‪ ،‬وأن للثــورة أدباءهــا‪ ،‬وكأن األدب ومنــه الروايــة‬ ‫حالــة مــن النشــاط الثــوري الــذي يعــادل يف مقامــه‬ ‫وأهدافــه نشــاطاً إغاثي ـاً أو كتابــة معتقــل ملذكراتــه خــال‬ ‫أيــام عديــدات داخــل ســجون النظــام يدبــج فيهــا حكايــة‬ ‫عــا تعــرض لــه‪ ،‬ودون أدىن رادع يضــع عنوانــاً‬ ‫طويلــة ّ‬ ‫ملذكراتــه‪ ،‬وميهرهــا بخاتــم الروايــة الســورية‪ ،‬والتــي مل‬ ‫ُوســم بهــا العديــد مــن األعــال الروائيــة الســورية الهامــة‬ ‫ت َ‬ ‫إال بشــق األنفــس‪ ،‬وكأن الروايــة عنــد هــؤالء الكتاتيــب هــي‬ ‫حالــة مــن الوجدانيــات والخواطــر العابــرة‪ ،‬أو لرمبــا تكــون‬ ‫يف أبعــد حدودهــا رســائل بــن عاشــقني أبعدتهــا الحــرب‬ ‫عــن بعضهــا فراحــا يتناجيــان‪.‬‬ ‫ذلــك مــا يجعلنــا نقلــق عــى مســتقبل الروايــة الســورية‪،‬‬ ‫ويدفعنــا لتوجــس الخطــر القــادم الــذي ســيبقي الروايــة‬ ‫الســورية حبيســة التوثيــق والتســجيلية‪ ،‬بعيــدا ً عــن‬ ‫ُمــدركات علــوم الــرد واالجتهــاد عــى بنــاء شــخصية روائية‬ ‫قــادرة عــى التنامــي مــن داخــل مكوناتهــا الرسديــة التــي‬ ‫تشــكل املعيــار الحقيقــي لقيامــة تلــك الشــخصية الروايــة‪،‬‬ ‫أو انكفائهــا‪ ،‬يف الوقــت الــذي نجــد العديــد مــن املنظــات‬ ‫أو مؤسســات الجوائــز األدبيــة التــي تطمــح إىل تســويق‬ ‫نفســها سياســياً‪ ،‬تندفــع دون هــوادة إىل منــح مكانــة أدبيــة‬ ‫ألعــال روائيــة ال تســتحقها‪.‬‬ ‫رمبــا يكــون ذلــك الشــاغل مــن أهــم األســباب التــي تجعلنــا‬ ‫نعــود إىل إصــدارات الروايــة الســورية مــا قبــل الثــورة‬ ‫لنتقــرى بعــن فاحصــة بعــض األعــال الروائيــة التــي‬ ‫تنبــأت بالثــورة الســورية عــى الرغــم مــن حالــة غيــاب‬ ‫الحريــات التــي كانــت ســمة النظــام‪ ،‬وأدوات اشــتغاله يف‬ ‫الغــاء ومصــادرة الحالــة االبداعيــة ومواجهتهــا‪ ،‬حيــث نجــد‬ ‫العديــد مــن األعــال الروائيــة التــي اشــتغلت عــى مفاعيــل‬ ‫اســترشاف قيــام الثــورة عــر رسود مجازيــة أو مبــارشة أو‬ ‫رمزيــة أمثــال‪ :‬ممــدح عـزام يف روايتــه (قــر املطــر)‪ ،‬وفــواز‬ ‫حــداد مــن خــال روايتــه الهامــة (الســوريون األعــداء)‪،‬‬ ‫كذلــك هــو عدنــان فــرزات يف روايتــه (جمــر النكايــات)‪،‬‬ ‫وروايــة (القوقعــة) ملصطفــى خليفــة‪ ،‬وروايتــي روز ياســن‬ ‫(نيغاتيــف‪ ،‬وبروفــا)‪ ،‬إضافــة إىل روايــة (الغلــس) ملاجــد‬ ‫رشــيد العويــد التــي كانــت لرمبــا الروايــة الوحيــدة التــي‬ ‫أشــارت رصاحــة عــر إســقاط تاريخــي ملــا يجــري اآلن‬ ‫يف ســوريا مــن حــروب أهليــة وطائفيــة مركبــة األبعــاد‬ ‫واألهــداف‪ ،‬ســوف ال تبقــي وال تــذر‪ ،‬كذلــك هــي روايــة‬ ‫خالــد خليفــة (ال ســكاكني يف مطابــخ هــذه املدينــة)‪ ،‬والتــي‬ ‫تعرضــت إىل مفاصــل حقيقيــة يف تنــاول معطيــات قيــام‬ ‫الثــورة الســورية بعــن حاذقــة‪ ،‬كــا هــي العديــد مــن‬ ‫األعــال الروائيــة الســورية الهامــة األخــرى للروائيــة مهــا‬ ‫حســن يف (طبــول الحــرب)‪ ،‬التــي اســترشفت قيــام الثــورة‬ ‫دون أن تحيــد عــن مفاهيــم كتابــة الروايــة‪ ،‬وأسســها‬ ‫الرسديــة‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك الحــال التــي نحــن فيهــا داخــل مشــهد‬ ‫الروايــة الســورية التــي اشــتغلت عــى تشــوف‪ ،‬وإدراك مــا‬

‫ســتؤول اليــه أمــور البــاد والعبــاد مــن قبــل وقــوع الثــورة‪،‬‬ ‫لنتبــن مــن خــال ذلــك مــدى اإلخفــاق الــكاريث حــن‬ ‫املقاربــة بــن تلــك األعــال الروائيــة التــي ســبقت الثــورة‪،‬‬ ‫ومــا قدمتــه الروايــة الســورية الراهنــة مــن منجــز يلهــث‬ ‫خلــف أمجــاد لــن يدركهــا‪ ،‬وذلــك مــن خالل تســويق أســاء‬ ‫روائيــة مــا أنــزل اللــه بهــا مــن ســلطان‪ ،‬ثلــة مــن صيــادي‬ ‫الجوائــز لــن يكونــوا أبــدا ً مســتقبل الروايــة الســورية‪ ،‬التــي‬ ‫أثبتــت جدارتهــا وحضورهــا عــى الرغــم مــن كل التابوهــات‬ ‫واملحاذيــر التــي مارســها النظــام الدكتاتــوري ســابقاً‪ ،‬ولــن‬ ‫يكــون ذلــك الغــث الــذي تصــدر مشــهد الروايــة الســورية‬ ‫الراهــن ســوى زبــد بحــر الروايــة الســورية التــي تطــرد‬ ‫شــوائبها حــن يســتقيم األوان الــروايئ املخضــب بالخــرة‬ ‫والدربــة‪.‬‬ ‫لقــد جــرى نــوع مــن الخلخلــة الصارخــة البتســار شــكل‬ ‫جديــد للتعبــر عــن مواكبــة الثــورة التــي مل تحــط رحالهــا‬ ‫بعــد مــن خــال إقامــة حــدود هجينــة‪ ،‬وتقســيامت صادمــة‬ ‫أزيلــت مــن خاللهــا الحــدود الفاصلــة التي متيــز جنسـاً أدبياً‬ ‫عــن اآلخــر ومنهــا الروايــة التــي غــدت أشــبه بنــص مفتــوح‪،‬‬ ‫مــرع األبــواب يجمــع بــن ســطوره حــاالت متنوعــة‪،‬‬ ‫ومختلفــة مــن الشــخصيات الروائيــة الواهنــة‪ ،‬واألحــداث‬ ‫والوقائــع املكرورتــن‪ ،‬وبقايــا نثــار مــن اإلنشــاء الكتــايب‬ ‫الــذي يكــرس الواقعــة‪ ،‬أو الحادثــة الترسيديــة‪ ،‬بعيــدا ً‬ ‫عــن مفارقــات متاهيهــا ضمــن أبعــاد الشــخصية الروائيــة‪،‬‬ ‫ومفاعيلهــا الرسديــة‪ ،‬مســتغرقاً يف وصــف تلك الحالــة‪ ،‬وليس‬ ‫التعبــر عنهــا مقاربــة وقيــم الروايــة وتناوالتهــا األســلوبية‬ ‫إىل درجــة النقــل التوصيفــي املبــارش‪ ،‬مســتبعدا ً األســس‪،‬‬ ‫واالشــراطات الترسيديــة التــي تعــد الهاجــس األول لــدى‬ ‫الــروايئ حــن ينكــب عــى بنــاء العــارة الروائيــة‪ ،‬وتأثيــث‬ ‫مفاصلهــا األساســية‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك ماهيــة البعــد الصــادم الــذي تخلفــه هكــذا‬ ‫أعــال مســتجدة داخــل املشــهد الــروايئ الســوري‪ ،‬حيــث‬ ‫استســهل العديــد مــن الكتــاب الثورجيــن هــذا النــوع‬ ‫الرخيــص مــن الكتابــة اآلبقــة‪ ،‬والتــي مل تقــدم يف منجزهــا إال‬ ‫العـرات والســقطات‪ ،‬ولتصبــح الروايــة الســورية عــن الثورة‪،‬‬ ‫وتطلعاتهــا الكــرى بــا حــدود‪ ،‬وال معايــر‪ ،‬وال مرجعيــات‬ ‫تخــص علــوم الــرد الــروايئ‪ ،‬وكأن الحديــث عــن وقائــع‬ ‫باهتــة وبــاردة هــا جــواز ســفر نحــو قيــم (الجدانوفيــة)‬ ‫إبــان الثــورة الروســية‪ ،‬والــذي يقــوم عــى اش ـراط بغيــض‪،‬‬ ‫وملتبــس يف معنــاه‪ ،‬وأهدافــه حــن يعتــر أي جدانــوف‬ ‫أن األدب العظيــم مــا هــو إال ذلــك األدب الــذي يكــرس‬ ‫جهــدا ً خاصــاً يصــف مــن خاللــه الثــورة وتحوالتهــا غــر‬ ‫آبــه بحــدود ورشوط علــوم التعبــر وتقســيامتها‪ ،‬وذلــك مــا‬ ‫خلــف لنــا أدبـاً عــن تحــوالت الثــورة الروســية جلــه يغــرق‬ ‫يف الشــعاراتية والوهــن‪ ،‬رسعــان مــا لفــه النســيان‪ ،‬ودفــن يف‬ ‫مقابــر األدب الراهنــي الرخيــص واملبتــذل‪.‬‬ ‫تبقــى ثنائيــة األدب والثــورة مهمــة شــائكة ومركبــة تحتــاج‬ ‫إىل الكثــر مــن الجــرأة والتــؤدة يف اآلن ذاتــه‪ ،‬لكــن مــا‬ ‫تحصلنــا عليــه مــن أعــال روائيــة تنطــق باســم الثــورة التــي‬ ‫مل تكتمــل بعــد‪ ،‬فهــو كثــر جــدا ً‪ ،‬يحتــاج منــا العديــد مــن‬ ‫التقريــات النقديــة لهــذه الظاهــرة‪ ،‬التــي جلبــت لنــا وبــا ًء‬ ‫سنســتغرق وقت ـاً طوي ـاً للتخلــص مــن مخلفاتــه‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫إن العديــد مــن األعــال الروائيــة الثورجيــة آثــرت أن‬ ‫متــد عنقهــا مــن داخــل أتــون الحــرب وتقــدم تجاربهــا‬ ‫الروائيــة عــى اســتحياء مثــل‪ :‬روايــة (ياســمينة يف الحــرب)‬ ‫لقيــس الدمشــقي‪ ،‬ويبــدو أنهــا روايتــه األوىل‪ ،‬كذلــك هــي‬ ‫روايــة دينــا نرسينــي (أمــل)‪ ،‬وروايــة أخــرى لهــا بعنــوان‬ ‫(ياســمني)‪ ،‬وروايــة مأمــون ســليامن (ثــورة يف ميالنــو)‪،‬‬ ‫وهنالــك العديــد مــن األعــال الروائيــة التــي انصــب‬ ‫اهتاممهــا عــى اســتخدام البعــد الســري‪ ،‬والــذايت يف التعبــر‬ ‫عــن تجاربهــا الضحلــة‪ ،‬بعيــدا ً عــن إدراك مــاذا تعنــي كلمــة‬ ‫حريــة التعبــر يف الكتابــة الروائيــة‪ ،‬وهــذا مــا ســاعد عــى‬ ‫منــو ذلــك النبــات الشــيطاين الــذي يعتــاش عــى ضفــاف‬ ‫الينابيــع واألنهــار‪ ،‬عــر انتهــاج التوصيــف البحــت‪ ،‬والــذي‬ ‫ال يســتلهم مــن الثــورة ســوى دمائهــا ليســوق نفســه داخــل‬ ‫اللعبــة الروائيــة‪ ،‬الهثـاً خلــف رغبــة ماجنــة إليجــاد حيــز يف‬ ‫مشــهد الروايــة الســورية الحصــن‪.‬‬ ‫لكــن تبقــى تلــك التجــارب الواهنــة عــى تخــوم املشــهد‬ ‫الــروايئ عــى الرغــم مــن محاوالتهــا العديــدة طــرق أبــواب‬ ‫أمجــاد روائيــة واهيــة‪ ،‬رسعــان مــا تــزول‪ ،‬وتلتهمهــا ريــح‬ ‫املشــهد الــروايئ الســوري األصيــل يف أوانــه املرتقــب‪.‬‬ ‫أمــا مــا تحصلنــا عليــه مــن روايــات لهــا تجــارب مهمــة يف‬ ‫الروايــة الســورية‪ ،‬فقــد كان الفت ـاً يف تنــاول ماهيــة الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬واســتلهام قيمهــا دون أن تتخلــص تلــك املنجـزات‬ ‫الروائيــة مــن أبعــاد مثاقيــل باهظــة يف بنــاء الشــخصيات‬ ‫الروائيــة‪ ،‬وذلــك مــا دفــع الكثــر منهــا إىل حافــة الذاتيــة‪،‬‬ ‫واالعتــاد عــى أدق التفاصيــل الســرية لبنــاء شــخصية‬ ‫روائيــة‪ ،‬ســتبقى هــي األخــرى مــدار مفاعيــل بنيــة هشــة‪،‬‬ ‫تتخلــق مــن أجــل وصــف الــذات دون التعبــر عنهــا‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــا يحــدث رشخ ـاً يف عامرتهــا الروائيــة‪ ،‬وقــد وقــع العديــد‬ ‫مــن الروائيــن الســوريني يف أفخــاخ تلــك املعضلــة‪ ،‬التــي‬ ‫يلجــأ إليهــا البعــض منهــم لســد ثغـرات داخــل مــن العمــل‬ ‫الــروايئ مــن خــال َســوقِ جملــة مــن الوقائــع املشــهدية‬ ‫للحــرب‪ ،‬وقصــص اللجــوء كــا هــي روايــة الســوري عبــد‬ ‫الباقــي يوســف (هولــر حبيبتــي)‪ ،‬حيــث اســتخدم العديــد‬ ‫مــن الصــور التــي ترســم الحيــاة يف كردســتان‪ ،‬واإلشــادة‬ ‫بتاريــخ أربيــل عــر النــزوح الكبــر ألكــراد ســوريا إىل‬

‫كردســتان‪ ،‬وتعــرض مــن خاللهــا لحيــاة النــاس داخــل مخيــم‬ ‫(دوميــز) لالجئــن الســوريني‪ ،‬كذلــك هــي روايــة (رمــش‬ ‫إيــل) لفخــر الديــن الفيــاض‪ ،‬والتــي فائــزت باملرتبــة األوىل‬ ‫يف مســابقة جائــزة املزرعــة لعــام ‪ 2014‬حيــث غرقــت هــي‬ ‫األخــرى يف رحلــة طويلــة‪ ،‬بــدأت مــن أعتــاب قريــة جنوبيــة‬ ‫يف لبنــان اســمها رمــش إيــل لتحــط رحالهــا أخـرا ً يف مدينــة‬ ‫الالذقيــة الســورية‪ ،‬عــر تلــك الرحلــة قــدم لنــا الــروايئ فخــر‬ ‫الديــن الفيــاض‪ ،‬وهــو مــن أصــول فلســطينية عمـاً جميـاً‬ ‫وملحمي ـاً‪ ،‬لكــن دون أن يتخــى عــن حشــد ســرته الذاتيــة‬ ‫بــن مفاصــل الروايــة‪ ،‬ممعنـاً يف إيجــاد رشاكــة حقيقيــة ملــا‬ ‫يجــري للشــعب الســوري‪ ،‬ومــا حصــل للشــعب الفلســطيني‬ ‫مــع اختــاف العــدو داخــل تلــك املقاربــة‪ ،‬فإرسائيــل عــدو‬ ‫خارجــي ســلب األرض الفلســطينية‪ ،‬وهجــر‪ ،‬وقتــل شــعبها‪،‬‬ ‫وحولــه إىل الجئــن يف كل أصقــاع الدنيــا‪ ،‬أما عدو الســوريني‪،‬‬ ‫فهــو نظــام رشد شــعبه وقتلهــم باملدافــع والطائـرات‪ ،‬ناســياً‬ ‫الــروايئ هنــا املقاربــة األهــم‪ ،‬وهــي تهجــر وقتــل الشــعب‬ ‫الســوري بأيــاد ســورية‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫املوتُ يقرعُ باكراً‬ ‫علي حافظ‬

‫ْ‬ ‫ظهرت هناك ذباب ٌة بأزيز َ‬ ‫أزرق‬ ‫وبين»‬ ‫«غري‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫مستقر ما بني الضياء ِ‬ ‫ُ‬ ‫أستطع بع ُد أن أرى‪.‬‬ ‫ثم‬ ‫اختفت النوافذ ومل ِ‬ ‫ِ‬ ‫إمييلي ديكنسون‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫ورد ٌة للوداعِ‪ ،‬للودا ِع فقط‬ ‫خلف الدهش ِة العابر ِة‬ ‫جدا ٌر من‬ ‫يقف َ‬ ‫العشب ُ‬ ‫ِ‬ ‫دن‬ ‫وتاري ٌخ ٌ‬ ‫طويل من الهمومِ مي ِّد ِ‬ ‫وقفت دو َن حاديها‪...‬‬ ‫فأنح ِني لقافل ِتي التي‬ ‫ْ‬ ‫‪.................‬‬ ‫أغوص‬ ‫بعمري الحزينِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كف عن الدورانِ‬ ‫ودمي الذي َّ‬ ‫ينتظ ُر عود َة الرو ِح إ َّيل‬ ‫مع ِ‬ ‫نصف شجر ٍة منحني ٍة‬ ‫وق َُّب ٍة تصع ُد الرمشَ نيِ‪..‬‬ ‫نافذت؛‬ ‫ساع ُة الزمنِ‬ ‫ْ‬ ‫مضت إىل ِ‬ ‫مو ِّدع ًة أنفاساً تركها القد ُر متيض وحيد ًة‬ ‫دونَ ا دق ٍ‬ ‫ّات جائع ٍة‪...‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫ِ‬ ‫متشابهةٌ‪ ،‬متشابه ٌة ج ّدا ً‬ ‫تواريخي‬ ‫ِ‬ ‫الجهات؛‬ ‫عناوي ِني الخاطئ ُة ترص ُد خوا َء‬ ‫ِ‬ ‫تصلح جهازا ً لتكييف املوىت‬ ‫وشواط ِئي ُ‬ ‫وتركيب ما تفك َّك م ْن هوا ٍء تعفّن ‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫‪.................‬‬ ‫ترتج مكتوف َة ِ‬ ‫ٌ‬ ‫األيدي‬ ‫ظالل تائه ٌة ُّ‬ ‫أما َم الظهري ِة املغادر ِة‬ ‫كب املؤ ِّذ ُن‬ ‫يُ ِّ ُّ‬ ‫تهت ٌّز السام ُء‬ ‫أنزلق يف ِ‬ ‫جوف السديمِ‬ ‫ُ‬ ‫بعض أنجمٍ تب ّد ُد غشاو َة امل َم ِّر الطويلِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫صوت من الفرا ِغ‬ ‫تبقي نقا َط َّ‬ ‫علمٍ لعودة ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫الفرق بني قاتلِ لوركا وغيفارا وحمزة الخطيب!‬ ‫خطوات بأدرا ِج الذاكرة؟ِ‬ ‫وقاتلِ‬ ‫ِ‬ ‫‪...............‬‬ ‫ال تنظ ُروا إ َّيل هكذا‬ ‫ضحكات الهسترييّ ِة‬ ‫ال تصغُوا إىل‬ ‫ِ‬ ‫ا ُصغُوا إىل الوجعِ الكامنِ ورا َءها‬ ‫ال تص ِّدقوها فهي تخد ُعك ْم‬ ‫املهرج داخيل‬ ‫ص ِّدقوا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫املطري‬ ‫العبث‬ ‫أصلح ملرس ِح‬ ‫ّ‬ ‫فهو ُ‬ ‫‪...............‬‬ ‫عذرا ً أيُّها اإلل ُه عىل الضجي ِج‬ ‫ِ‬ ‫فأنا مل ِ‬ ‫أستط ْع طر َد رو ِح الثورة َّيف‬ ‫تطل عىل رجلٍ اختا َر األبَ َد‬ ‫يك أسك َن شفاهاً ُّ‬ ‫د ْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫جسدي ُ‬ ‫خيوط رشنق ِت ِه؛‬ ‫يحرق آخ َر‬ ‫ِ‬ ‫بالخوف‬ ‫املكبل‬ ‫َ‬ ‫الشعب مب ِّددا ً لو َين‬ ‫ويس ُري مع‬ ‫ِ‬

‫موت مؤجل*‬ ‫لعله يشبه أيب‬ ‫أو طفالً يلهو وحيدا ً ثم أتاه اليقني‬ ‫يشاهد موت رفيقه‬ ‫وهو يثغو مثل الخراف‬ ‫قابضاً عىل لعبته املفضلة‬ ‫يبحث عن صدر أمه‬ ‫أو يد أبيه‬ ‫ال يجد أحدا ً منهام‬ ‫لذا‬ ‫ال يسعني إال أن أقول‪:‬‬ ‫نحن مرشوع موت مؤجل‬ ‫اليد التي صافحتك باألمس هي ذات اليد‬ ‫الباردة‬ ‫التي تربق يف الظالم وحيدة عىل الصدر‬ ‫والدمع الذى تذرفه ساخناً ال يعول عليه‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫أنــا قــد هيــتَ عانقنــى من دمشق إىل بغداد‬ ‫يضيق الكو ُن ىف عيني ِه‬ ‫يتسع املدى كونا‬ ‫ويصحب روحه حينا‬ ‫وذاكر ًة مهلهل ًة‬ ‫ستكشف دمع ًة ح َّرى‬ ‫يغاد ُر وجه مرآ ٍة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الحرف‬ ‫وينزف ىف ضجيج الليلِ جم َر‬ ‫ظل املسافاتِ‬ ‫يطفئ شوقَه املسكو َن ىف ِّ‬ ‫يجتاح أ َّولَها‬ ‫التى‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫سؤال ينتهى دوما‬ ‫َ‬ ‫شكوك الشاعر املسكني‬ ‫بغري إجاب ٍة تُقىص‬ ‫حني يتوه ىف مو ٍج‬ ‫يص ُري قصيد ًة ت ُ ْب َنى عىل رملٍ‬ ‫وتسكب ُج َّل نقمتها عىل ما ٍء يبعرثها‬ ‫ُ‬ ‫فـ َمن صاغ الطريق متاه ًة‬ ‫من شوه الجدران‬ ‫دبيب ال ُحلْمِ ؟‬ ‫أطلق ىف ُمحياها َ‬ ‫ِ‬ ‫إسفلت شارعنا‬ ‫كيف تفوح من‬ ‫مواقيت البشار ِة‬ ‫ُ‬ ‫ضحك ُة الثكىل ؟‬ ‫ملاذا يُكتب التاري ُخ إن ظل َّْت‬ ‫تُ َك َّر ُر ذاتها األخطا ُء؟‬ ‫رص‬ ‫فلْتب ْ‬ ‫الباب‬ ‫د ِع العينني عند ِ‬

‫نجاة عبد الصمد‬

‫سناء مصطفى‬

‫إبراهيم الرفيع‬

‫واغسل َ‬ ‫الصخرى‬ ‫قلبك‬ ‫َّ‬ ‫رت ِّْق ضحك َة الساقى‬ ‫وهيئ قل َب ُه صربا‬ ‫ْ‬ ‫وخب زوجة الدرويش لوالها‬ ‫ِّ‬ ‫ملا وطئت خطايا القومِ طينتَ ُه‬ ‫ىل إخوتَ ُه‬ ‫ملا وارى بجب وريده السف ِّ‬ ‫اب يطال ُع السوءاتِ‬ ‫وما انتظر الغر َ‬ ‫ِ‬ ‫املطوى منذ نعومة التاري ِخ‬ ‫رسه‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يكشف َّ‬ ‫حتى ضحك ِة الحمقى‬ ‫ولوالهــا لصـ َّـك البــاب ىف وجــه القصيــد ِة حــن‬ ‫ت ْدهم ـ ُه‬ ‫يت عانقنى‪.‬‬ ‫ولو قالت له ألْفاً ‪ :‬أنا قد ِه َ‬

‫ثكــىل دمشـــق وحزنهـــا يـــزداد‬ ‫من ذا يلــم الجــــرح يا بغـــــداد‬ ‫ ‬ ‫فالشعر يروى من بحــورك صــادقا‬ ‫والـلحـــن عــذب حــقه اإلنشــاد‬ ‫ ‬ ‫والروم تخىش أن تدوس حــمى لك ‬ ‫ذهــب الـرشـــيد فـصالت األوغاد‬ ‫ ‬ ‫والخيــــل بُل ٌْق ُس ّـيت يـوم اعتدى‬ ‫علــج فــردت كـــيـــده األجنــــاد‬ ‫ ‬ ‫نقفــور عـــاد مزمجـــرا ومعربـدا‬ ‫من للعــــراق اليــــوم يــا قُــــ ّواد‬ ‫ ‬ ‫أمــن املــروءة أن يضـــام رجــاله‬ ‫واملـــاجــدات بـأرضــه تـقــــتــاد‬ ‫ ‬ ‫والــشام تشـــيك حــزنها الترتـيض‬ ‫دار الـــســالم وأخــتهــــا تـنـقـاد‬ ‫ ‬ ‫باألمــس كـانــت أمــنـا عــربــية‬ ‫والـــيوم عـــجم أهـــلـــنا أنــداد‬ ‫ ‬ ‫وبنــو العــروبة الهثــون للهوهم‬ ‫ومــدينــة املــنـصـور كـــيف تباد‬ ‫ ‬ ‫كــل يســـري عىل خــطى زريابها‬ ‫أمــا الــديار فــمــا لـــها إمـــداد‬ ‫ ‬ ‫ردي إلــينا األمــس يامــهد العال‬ ‫فـقلـــوبــنا قــد مـســها اإلجــهاد‬ ‫ ‬

‫حتى لو كان قرن فول‬

‫أن��ا أذك��ر ه��ذه احلكاي��ة م��ن املرح��وم ج�� ّدي‪ .‬س��أرويها للس��وريني الذي��ن يش�ترون أغراضه��م م��ن (س��وق الس�� ّنة)‪:‬‬ ‫(يــا جــدي أنــا كنــت ولــد ســنة الــي جلــت‬ ‫فرنســا عــن بالدنــا‪ .‬بهذيــك الســنة نحنــا مــا زرعنــا‬ ‫فــول‪ .‬كنــت أمتــى أنــا واملرحومــة أمــي بالربيّــة‪،‬‬ ‫والطريــق خــايل مــن النــاس‪ .‬قالــت يل أمــي وقــت‬ ‫الــي شــفنا حقــل الفــول األخــر‪( :‬روح اقطفلــك‬ ‫الطري‪،‬‬ ‫كــم قــرن‪ ،)...‬وركضــت وأنا فرحــان بالفــول‬ ‫ّ‬ ‫أقــول لنفــي‪ :‬اآلن‪ ،‬قبــل أن آكل أول حبــة فــول‪،‬‬ ‫راح قــول مثــل مــا علّمتنــي أمــي‪( :‬خــر الســنة‬

‫*غيم*‬

‫ورزق جديــد‪ )...‬ومــا لحقــت أقطــف قرنــن حتــى فــول‪ ،‬حتــى لــو كان قــرن فــول!)‬ ‫هــدر صوتهــا‪( :‬اتــرك الفــول مــن ايــدك وتعــال‬ ‫لعنــدي‪ .)...‬ورميــت القرنــن الــي بإيــدي وركضــت كان��ت ه��ذه إح��دى األوراق ال�تي كتبه��ا‬ ‫«ذكري��ات هل��م يف بيوته��م»‪،‬‬ ‫لعندهــا لتالقينــي بالكــف القــوي عــى وجهــي‪ ...‬األوالد ع��ن‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫اللــه يســامحك يــا أمــي‪ ،‬شــو عملــت لترضبينــي؟ واختارته��ا املش��رفة لتحفظه��ا يف تقريره��ا‬ ‫جاوبتنــي‪ :‬كنــت أختــرك! ومــن إميتــا نــاكل مــن ع��ن ال��دورة التدريبي��ة ال�تي أجرته��ا منظم�� ٌة‬ ‫تعــب غرينــا؟! أنــا مــا علّمتــك أن الرسقــة ح ـرام؟! س��ويدية للمراهقني الس��وريني النازحني إىل‬ ‫كل يشء مــروق حـرام علينــا حتــى لــو كان قــرن ب�يروت‪.‬‬

‫قصائد قصرية‬ ‫*زبد الليل*‬

‫*حينما كذبت جدتي*‬

‫ما زلت أرتكب حامقة االنتظار‬ ‫ىف بيت العائلة نجلس نتذاكر أخبار موتانا‬ ‫مل أعد أصدق جديت حني تقول‪ :‬ال أحد‬ ‫بني القصائد كلمتي معلقة‬ ‫القريص واملعمول يتداول بيننا‬ ‫ميوت من الجوع‬ ‫وحرفك ال يبني‬ ‫تصنعه أمي من زبد الليل الفائض من‬ ‫ولقد عاينت ورأيت من ميوتون جوعاً‬ ‫فأنا ال أثق يف الغيم الذي يسكن عينيك‬ ‫حكايات‬ ‫وال أحد ميوت من القهر‬ ‫وال الحزن الذي ينزوي بني حاجبيك‬ ‫املوىت‬ ‫ولقد شاهدت ورأيت‬ ‫وال حتى األنني الذى مترره ألخريات ساذجات‪ ،‬هنا يرقد أيب‪ ،‬يجاوره عمي‬ ‫وال أحد ميوت من العشق‬ ‫مثيل‬ ‫وعمي اآلخر يرقد غري بعيد‬ ‫ولقد رأيت وسمعت عن خارسين كرث‪ ،‬مل‬ ‫يف آخر الليل كنت أختبىء منك‬ ‫وجدي قد سبقهم‬ ‫يقضوا إال كذبا‬ ‫أرواغك‬ ‫وكأنه يهيىء أماكن خالية ألرواحهم‬ ‫مل تقل يل أن‪:‬‬ ‫وأمازح الرش الذي نبت بقلبي‬ ‫مل أكن طفلة حينام ماتوا‬ ‫الدجالني يجاورون الساسة‬ ‫ملا قررت أن أعتزلك أنت والغرام‬ ‫غري أين شبت ملا المس جسدي شواهدهم‬ ‫واملوىت يجاورهم ماسحو األحذية‬ ‫سرية املوت والعشق يختلطان‬ ‫املنتصبة‬ ‫و(أولياء الله ال خوف عليهم وال هم‬ ‫بينهام برزخ‬ ‫كنت مثل القطة التي تعيش ىف أصيص الزرع‬ ‫يحزنون)‬ ‫ال أجرؤ عىل نبشه‬ ‫املشطوف‬ ‫والغاوون يف غيهم سادرون‬ ‫إنه حبيبى الذي يرقد منذ أمد‬ ‫تتحايل عىل الحياة‬ ‫والشعراء جلسوا عند مطايا السلطان‪،‬‬ ‫رائحته عالقة بثيايب‬ ‫تبص بعينيها كقنديل حائر‪ ،‬وحيدة‬

‫ينتظرون موسم العطايا‬ ‫وكبريهم يتوسد مطرقة إبراهيم‬ ‫ويعلن أن يوم الزينة‪ ،‬كلنا له محشورون‬ ‫وأن أتهيأ حتى‬ ‫أقصص رؤياى عىل بني وطني‬ ‫حني الصبح‪ ،‬وحني يؤبون‬ ‫وأتدثر بدماء أولئك الذين يحسنون الظن‬ ‫بالله‬ ‫وأكتب يف دفاتري أن الوطن‪ :‬ريحان أزهر‬ ‫وحيدا ً‬ ‫وأن البكاء سرية الحزن‬

‫بقلم ‪ /‬أميمة عز الدين‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫الروائية السورية لينا هويان الحسن‬

‫يف القائمة القصرية لجائزة البوكر العربية!‬

‫تــم يــوم الجمعــة املوافــق ‪ 13‬فربايــر‬ ‫‪ 2015‬اإلعــان عــن القامئــة القصــرة للروايــات‬ ‫املرشّ ــحة لنيــل الجائــزة العامليــة للروايــة‬ ‫العربيــة للعــام ‪ .2015‬اشــتملت القامئــة عــى‬ ‫ســت روايــات هــي‪« :‬حيــاة معلّقــة» للــروايئ‬ ‫عاطــف أبوســيف مــن فلســطني‪ ،‬دار األهليــة‪،‬‬ ‫و»طابــق ‪ »99‬للروائيــة جنــى فــواز الحســن‬ ‫مــن لبنــان‪ ،‬منشــورات ضفــاف‪ ،‬و»أملــاس‬ ‫ونســاء» للروائيــة لينــا هويــان الحســن‪ ،‬مــن‬ ‫ســوريا‪ ،‬دار اآلداب‪ ،‬و»شــوق الدرويــش»‬ ‫للــروايئ حمــور زيــادة‪ ،‬مــن الســودان‪ ،‬دار‬ ‫العــن‪ ،‬و»الطليــاين» للــروايئ شــكري املبخــوت‪،‬‬ ‫مــن تونــس‪ ،‬دار التنويــر تونــس‪ ،‬و»ممــر‬ ‫الصفصــاف» للــروايئ أحمــد املدينــي‪ ،‬مــن‬ ‫املغــرب‪ ،‬املركــز الثقــايف العــريب‪.‬‬ ‫تتجــى نجاحــات الروايــات الســت لهــذا‬ ‫العــام يف اســتطاعتها تقديــم عواملهــا عــر‬ ‫تقنيــات فعالــة كالعثــور عــى إيقــاع كتــا ّيب‬ ‫هــادئ لتاريــخ بالــغ الهــول والصخــب‪ ،‬كــا‬ ‫نــرى يف روايــة «طابــق ‪ ،»99‬تقديــم بانورامــا‬ ‫لحقبــة تاريخيــة متــوج باألســئلة يف إطــار فنــي‬ ‫يســتطيع أن يدهــش القــارئ ويحملــه عــى‬ ‫تصديقــه‪ ،‬كــا نــرى يف روايــة «الطليــاين»‪،‬‬ ‫قــدرة الــروايئ عــى إيجــاد معــادل فنــي‬ ‫للقســوة التــي ميارســها املجتمــع ضــد مكوناتــه‬ ‫األكــر ضعفـاً وفقـرا ً‪ ،‬ويف «ممــر الصفصــاف»‪،‬‬ ‫يتنــاول الكاتــب منمنــات النفــس البرشيــة‬ ‫يف رصاعهــا مــع رصامــة املقــدس‪ ،‬كــا هــو‬ ‫يف روايــة «شــوق الدرويــش»‪ ،‬حيــث ينجــح‬ ‫الــروايئ يف تحــدي الرسديــة املفــردة حــول‬ ‫قضيــة مــا بتقديــم النقيــض األكــر ث ـرا ًء ألنــه‬

‫أكــر دقــة يف إقناعنــا بتعــدد الروايــات داخــل‬ ‫املجتمــع موضــوع الروايــة‪ ،‬ويرســم الكاتــب‬ ‫يف «حيــاة معلقــة»‪ ،‬بــذكاء انصهــار شــخصيات‬ ‫مــن خلفيــات ثقافيــة متنافــرة بينــا تتامثــل‬ ‫داخــل اإلطــار الــروايئ كــا يف «أملاس ونســاء»‪.‬‬ ‫ملحوظــات حــول القامئــة القصــرة هــذا‬ ‫العــام‪:‬‬ ‫ســبق لجنــى فــواز الحســن أن وصلــت إىل‬ ‫القامئــة القصــرة للعــام ‪ 2013‬بروايتهــا «أنــا‪،‬‬ ‫هــي واألخريــات»‪.‬‬ ‫شــاركت لينــا هويــان الحســن يف ورشــة‬ ‫اإلبــداع «النــدوة» التــي تنظمهــا الجائــزة‬ ‫ســنوياً للكتــاب الشــباب املوهوبــن‪.‬‬ ‫تعــد روايــة «الطليــاين» لشــكري املبخــوت‬ ‫الروايــة األوىل لكاتبهــا‪.‬‬ ‫فــازت روايــة «شــوق الدرويــش» لحمــور‬ ‫زيــادة بجائــزة نجيــب محفــوظ التــي متنحهــا‬ ‫الجامعــة األمريكيــة بالقاهــرة مؤخــرا ً‪.‬‬ ‫تعتــر جنــى فــواز الحســن أصغــر كتــاب‬ ‫القامئــة القصــرة (‪ 30‬ســنة) وأحمــد املدينــي‬ ‫أكربهــم ســناً (‪ 67‬ســنة)‪.‬‬ ‫وكان اإلعــان عــن القامئــة القصــرة قــد جــرى‬ ‫اليــوم خــال مؤمتــر صحفــي ُعقــد يف فنــدق‬ ‫رويــال منصــور يف الــدار البيضــاء‪ ،‬املغــرب‪،‬‬ ‫بالتعــاون مــع وزارة الثقافــة املغربيــة ومعرض‬ ‫الــدار البيضــاء الــدويل للكتــاب‪ ،‬بحضــور لجنــة‬ ‫التحكيــم الخامســية‪ ،‬والتــي يرأســها الشــاعر‬ ‫والكاتــب الفلســطيني‪ ،‬مريــد الربغــويث‪.‬‬ ‫ويُشــار إىل أن القامئــة القصــرة للروايــات‬ ‫الســت قــد ا ُختــرت مــن بــن الروايــات‬ ‫الســت عــرة للقامئــة الطويلــة‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫أُعلنــت يف الشــهر املــايض‪ ،‬ينايــر ‪،2015‬‬

‫وهــي القامئــة التــي اختــرت مــن ‪ 180‬روايــة‬ ‫مرشــحة للجائــزة مــن ‪ 15‬بلــدا ً تــم نرشهــا‬ ‫خــال االثنــي عــر شــهرا ً الســابقة‪.‬‬ ‫وفيــا يــي أســاء لجنــة التحكيــم والتــي‬ ‫طــي الكتــان حتــى اليــوم‪ :‬مريــد‬ ‫ظلــت ّ‬ ‫الربغــويث‪ ،‬رئيســاً‪ ،‬مــع عضويــة كل مــن‪:‬‬ ‫برويــن حبيــب‪ ،‬الشــاعرة والناقــدة والخبــرة‬ ‫اإلعالميــة البحرينيــة‪ ،‬أميــن أحمــد الدســوقي‪،‬‬ ‫األكادميــي املــري‪ ،‬نجــم عبــد اللــه كاظــم‪،‬‬ ‫الناقــد واألكادميــي العراقــي‪ ،‬وكاورو ياماموتــو‪،‬‬ ‫األكادمييــة واملرتجمــة والباحثــة اليابانيــة‪.‬‬ ‫وعلّــق مريــد الربغــويث‪ ،‬رئيــس لجنــة التحكيم‪،‬‬ ‫قائــاً‪« :‬بقراءتنــا للامئــة والثامنــن روايــة‬ ‫املرشــحة للجائــزة هــذا العــام الحظــت لجنــة‬ ‫التحكيــم تشــابه الشــواغل املوضوعيــة يف‬ ‫هــذه الروايــات‪ .‬كان هدفنــا أن نتقــى قــدرة‬ ‫املؤلفــن عــى إيجــاد حلــول فنيــة خالقــة‬ ‫وزوايــا مبتكــرة لتنــاول تلــك الشــواغل‪ .‬وتــرى‬ ‫اللجنــة أن هــذا الحــرص الفنــي ينعكــس يف‬ ‫الروايــات الســت التــي تضمنتهــا القامئــة‬ ‫القصــرة لهــذا العــام‪».‬‬ ‫كــا علّــق يــارس ســليامن‪ ،‬رئيــس مجلــس‬ ‫أمنــاء الجائــزة‪ ،‬قائـاً‪« :‬القامئــة القصــرة لهــذه‬ ‫الــدورة تزخــر بكتابــات عاليــة يف تقنياتهــا‬ ‫وتصويــر شــخوصها‪ .‬تجــارب وأجــواء وأســاليب‬ ‫رسد مختلفــة متيــل إىل التلميــح أكــر مــن‬ ‫الترصيــح تســم روايــات هــذه الــدورة التــي‬ ‫تواصــل الخطــى إىل األمــام يف بنــاء أدب روايئ‬ ‫يصــل إىل دوائــر أوســع مــن قــراء األدب‬ ‫العــريب‪».‬‬ ‫يذكــر أن الجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة‬ ‫هــي جائــزة ســنوية تختــص مبجــال اإلبــداع‬

‫حرمل الثقافة ‪13‬‬ ‫غريب الدار‬

‫الــروايئ باللغــة العربيــة‪ .‬أُطلقــت الجائــزة‬ ‫يف أبوظبــي‪ ،‬اإلمــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬يف‬ ‫شــهر أبريــل مــن عــام ‪ .2007‬ترعــى الجائــزة‬ ‫«مؤسســة جائــزة بوكــر» يف لنــدن‪ ،‬بينــا‬ ‫تقــوم «هيئــة أبــو ظبــي للســياحة والثقافــة»‬ ‫يف اإلمــارات العربيــة املتحــدة بدعمهــا مالي ـاً‪.‬‬ ‫ويحصــل كل مــن املرشّ ــحني الســتة يف القامئــة‬ ‫القصــرة عــى ‪ 10.000‬دوالر أمريــي‪ ،‬كــا‬ ‫يحصــل الفائــز بالجائــزة عــى ‪ 50.000‬دوالر‬ ‫أمريــي إضافيــة‪.‬‬ ‫وقــد تحــ ّدد يــوم األربعــاء ‪ 6‬مايــو ‪2015‬‬ ‫لإلعــان عــن اســم الفائــز بالجائــزة العامليــة‬ ‫للروايــة العربيــة يف احتفــال يقــام يف أبوظبــي‬ ‫عشــيّة افتتــاح معــرض أبوظبــي الــدويل‬ ‫للكتــاب‪.‬‬ ‫تهــدف الجائــزة إىل الرتويــج للروايــة العربيــة‬ ‫عــى املســتوى العاملــي‪ ،‬ومــن هنــا تضمــن‬ ‫الجائــزة ترجمــة األعــال الفائــزة إىل اللغــة‬ ‫اإلنجليزيــة‪ .‬وقــد ت ُرجمــت حتــى اآلن أعــال‬ ‫كل مــن بهــاء طاهــر (‪ ،)2008‬ويوســف زيدان‬ ‫(‪ ،)2009‬وعبــده خــال (‪ )2010‬ومحمــد‬ ‫األشــعري ورجــاء العــامل (‪ ،)2011‬وســعود‬ ‫الســنعويس (‪.)2013‬‬ ‫ســتصدر روايــة «ســاق البامبــو» لســعود‬ ‫الســنعويس باإلنجليزيــة يف يونيــو ‪ 2015‬عــن‬ ‫دار بلومزبــري ‪ -‬مؤسســة قطــر للنــر‪ .‬وتــم‬ ‫اإلعــان عــن إصــدار الرتجمــة اإلنجليزيــة‬ ‫لروايــة «فرنكشــتاين يف بغــداد» ألحمــد‬ ‫ســعداوي الفائــزة بجائــزة عــام ‪ 2014‬يف‬ ‫خريــف ‪ 2016‬عــن دار وون ورلــد يف اململكــة‬ ‫املتحــدة ودار بنجويــن يف الواليــات املتحــدة‪.‬‬

‫فلسفة الفن املعاصر (‪)1‬‬ ‫_ مستقبل الفن والجمال _‬

‫فهد الحسن‬

‫(أنــا أعتقــد أن مبــدأ الفــن هــو الحيــاة نفســها‪ ،‬وأن للفــن‬ ‫مــا للحيــاة نفســها مــن جــد‪ ...‬وكل مــا أرمــي إليــه أن نقــرر‬ ‫هــذه الصفــة الجديــة للفــن)‬ ‫جان ماريو جويو‬ ‫_ إن مســتقبل الفــن والجــال حســب الفلســفة الرواقيــة‬ ‫(زينــون الرواقــي) أن نكــون شــديدي االنتبــاه إىل جــال‬ ‫الطبيعــة‪ ،‬وأن نهــوى ســحرها‪ ..‬وذهــب آخــرون إىل كثــر مــن‬ ‫املنطــق لدحــض تصــورات العلــم الحقـاً عــن الفــن‪ :‬لــي يصــل‬ ‫الفــن إىل متــام تفتحــه‪ ،‬وكــال منــوه ال بــد أن يكــون الفنــان‬ ‫محاط ـاً بجــو يقــدس الجــال كــا يقدســه هــو نفســه‪ ..‬وإذا‬ ‫اســتندنا عــى التاريــخ وامليثولوجيــا‪ ،‬فــإ ّن فهــم اليونانيــن للفــن‬ ‫انطلــق مــن نقــاوة الشــكل‪ ،‬وتناســب اﻷعضــاء وانســجامها‪،‬‬ ‫وجــال العــري بحــب بالــغ يصــل درجــة العبــادة‪.‬‬ ‫لقــد كان يف نظرهــم شــيئاً مقدسـاً‪ ..‬حتــى أن ســوفوكليس كان‬ ‫قبــل أن يغنــي النــاس نشــيد اآللهــة املظفــرة يخلــع ثيابــه‬ ‫ويرميهــا أمــام املذبــح‪.‬‬ ‫وإذا قارنــا حيــاة اليونانيــن مــع الحيــاة املعــارصة مــن خــال‬ ‫معطيــات علميــة دقيقــة‪ ،‬نتبــن أن القيــم الجامليــة يف إنســان‬ ‫هــذا العــر‪ ،‬بــدأت تختفــي وتــزول ملــا رافقهــا مــن تبــدالت‬ ‫فيزيولوجيــة (داخليـاً)‪ ،‬وســطوة العلــم والحضــارة وســيطرتهام‬ ‫(خارجيــا)‪ ..‬وهــذا مــا دعــا الفيلســوف الفرنــي ‪ -‬رينــان ‪ -‬إىل‬ ‫القــول‪ :‬ســيتبدد الجــال تقريبـاً بســيادة العلــم‪ ..‬وهنــاك علــم‬ ‫آخــر مؤثــر يف مســتقبل الفنــون‪ ،‬وهــو علــم اإلحصــاء الــذي‬ ‫يشــر يف هــذا العــر إىل جملــة مــن القضايــا الهامــة املتمثلــة‬ ‫يف أن قامــة اإلنســان آخــذة يف الهبــوط والتقــزم‪ ..‬وإن اآلفــات‬

‫واﻷمـراض آخــذة يف االزديــاد واالتســاع؛ ويعلــل ذلــك بالحضارة‬ ‫الصناعيــة التــي تأخــذ مــن الجســد اإلنســاين رونقــه واتســاق‬ ‫حركــة أعضائــه وجاملهــا‪ ..‬وتــرك لــه فقــر الــدم واﻷمــراض‬ ‫واﻷوبئــة‪ ..‬وهنــا ميكــن تحميــل املــدن بــطء النمــو يف جســد‬ ‫اإلنســان‪ ..‬حيــث يحتشــد فيهــا النــاس بطريقــة تحــد مــن‬ ‫قــدرة النفــس البرشيــة‪ ،‬وتجعــل قــدرات العقــل يف اإلبــداع‬ ‫متضائلــة وذاويــة‪ ..‬وأشــر هنــا إىل أن الدمــاغ البــري‪ ،‬هــو‬ ‫العنــر الفعــال والنشــيط‪ ..‬وبنشــاطه ســتزداد قدرتــه وطاقتــه‬ ‫عــى العطــاء يف جــو ديناميــي وحــريك‪ ..‬وبذلــك نضمــن‬ ‫اســتمرارية الفــن والبعــد عــن مكامــن الخطــر الــذي أشــار إليه‬ ‫الفيلســوف ‪-‬تــن ‪ -‬بقولــه‪( :‬لقــد فقــدت بضــم الفــاء ‪ -‬فينــوس‬ ‫الفخمــة الهادئــة‪ ..‬القويــة كالحصــان)‪ ..‬يف حــن ذهــب آخــرون‬ ‫إىل أن مســتقبل الفــن واســتمراريته غــر معرضــان للخطــر‬ ‫رغــم اعرتافهــم بــأن حركــة الجســد اإلنســاين فقــدت رشــاقتها‬ ‫وانســجامها ﻷن الجســم البــري مل يعــد قــادرا ً عــى‬ ‫إيجــاد ممي ـزات الجــال والشــعور بهــا‪ ..‬وســمي هــذا‬ ‫(بالجــال اﻷعظــم) أو ‪-‬الســكوين ‪ -‬الــذي ال ميكــن ﻷي‬ ‫مؤث ـرات أن تعــرض طريقــه‪ ..‬أو أن تحــد مــن قدرتــه‬ ‫عــى صنــع مالمــح الجــال‪ ..‬وهنــاك مــن يعــول عىل أن‬ ‫وجــه اإلنســان ميثــل قيمــة كبــرة يف التعبــر عــن مزايــاه‬ ‫الجامليــة‪ ..‬وأنــه مــا زال هــو اﻷجمــل يف اإلنســان يف‬ ‫عرصنــا‪ ..‬وبالتــايل فــإن مــا يحتويــه مــن منــو يف الجملــة‬ ‫العصبيــة والعقــل واألخــاق ســينعكس بشــكل أو بآخــر‬ ‫عــى وجــه اإلنســان ويســكن يف تالفيفــه‪ ..‬وهــذا مــا‬ ‫يفــر أن الجســم قــد أصبــح أقــل قــوة وجــاالً مــن‬ ‫أجســام أبطــال‪ -‬بوليكيــت ‪ -‬أو عاملقــة ‪-‬روبنــس ‪-‬‬

‫البدينــن‪ ..‬فــإن الوجــه يكــون قــد اكتــى جــاالً أرقــى وأرفــع‪.‬‬ ‫والخالصــة التــي نســتطيع أن نؤكدهــا هــي أن الفــن الحديــث‬ ‫والشــعر واإلبــداع عموم ـاً‪ ،‬يســتطيع االســتمرارية واإليغــال يف‬ ‫الحيــاة‪ ،‬واالرتــكاز عــى الفكــر الــذي مينــح املبــدع‪ ،‬دافعـاً مــن‬ ‫الحيويــة مــا يجعلــه دائــم العطــاء واملنــح‪ ..‬وهــذا يقودنــا إىل‬ ‫مالحظــة جوهريــة مفادهــا أن الرتكيــز عــى الــرأس البــري‬ ‫ودالالتــه يف آثــار العصــور املاضيــة‪ ،‬وهــذا العــر مبــا تؤكــده‬ ‫لنــا منحوتــات ‪-‬مايــكل انجلــو وبوجيــه ورودان‪ -‬وهــذا يدلنــا‬ ‫عــى أن للفــن حقيقــة مطلقــة ترجمهــا ولــع القدمــاء بالفــن‬ ‫(الســكوين)‪ ،‬وبقــي عــى الفــن الحديــث أن يحتضــن مــا‬ ‫ميكــن تســميته بـ(الفــن الحــريك) ملــا ينطــوي عليــه مــن حركــة‬ ‫وانســيابية وتعبــر‪..‬‬ ‫إن الفــن ينبــع يف تقدمــه مــن تطــور الجــال اإلنســاين‪ ..‬ولهــذا‬ ‫ميكننــا القــول أنــه ميــر مــن العينــن إىل الدمــاغ‪.‬‬

‫التاريخ‪ :‬بني العبادة‬ ‫والتدمري!‬

‫ابراهيم العلوش‬

‫التاريــخ قُوتُنــا اليومــي‪ ،‬نــرك الحــارض‪ ..‬ونرحــل‬ ‫يف غياهــب التاريــخ‪ ،‬نلتفــت إىل صغائــر التفاصيــل‬ ‫يف التاريــخ‪ ،‬ونحتقــر عظائــم األمــور يف الحــارض‪،‬‬ ‫نــأكل ونــرب ونتغنــى بالتاريــخ‪ ،‬يف كل بيــت‬ ‫صــف طويــل مــن كتــب التاريــخ‪ ،‬ويف رؤوســنا‬ ‫أكــوام مــن التاريــخ‪ ،‬عــن آبائنــا‪ ،‬وعــن أســافنا‪،‬‬ ‫وعــن حــوادث زيجاتهــم وبطوالتهــم املعالجــة‪،‬‬ ‫واملج ّملــة‪ ،‬واملضخّمــة‪ ،‬إىل حــدود األكاذيــب‬ ‫الرصيحــة‪ ،‬وخاصــة عندمــا يتعلــق التاريــخ‬ ‫باملقربــن إلينــا‪ ،‬وعندمــا تصــل تخومــه إىل ذواتنــا‬ ‫املتضخمــة إىل حــد التــورم!‬ ‫ومــع كل حبنــا للتاريــخ‪ ،‬وولعنــا بــه‪ ،‬فإننــا ال‬ ‫نتــورع عــن إطــاق النــار عليــه‪ ،‬أو تلغيمــه‬ ‫باملتفجـرات‪ ،‬ونطلــق صيحــات التكبــر عــى دمــار‬ ‫التاريــخ اآلخــر‪ ..‬تاريــخ اآلخــر الــذي ال نريــده‪،‬‬ ‫وال نطيقــه‪ ،‬وال نعــرف حتــى بوجــوده‪ ..‬فأنصــار‬ ‫التاريــخ القومــي يذيبــون باألســيد أنصــار التاريــخ‬ ‫االشــرايك‪ ،‬وأنصــار التاريــخ الدينــي املتطــرف‬ ‫يفجــرون تاريــخ مــن ال يجاريهــم يف تطرفهــم‬ ‫مــن املتدينــن‪ ،‬ويدمــرون تاريخهــم‪ ،‬ومســاجدهم‬ ‫القدميــة‪ ،‬وأرضحتهــم‪ ،‬ويقطعــون رؤوس ســادتهم‪،‬‬ ‫ومشــايخهم‪ ،‬متامــاً كــا يقــوم النظــام بتعذيــب‬ ‫املتدينــن حتــى املــوت‪ ،‬وبتعذيــب االشــراكيني‪،‬‬ ‫واملعارضــن لــه مــن مختلــف االتجاهــات‪،‬‬ ‫وإذاللهــم يف املعتقــات‪..‬‬ ‫القومــي الســوري توقفــت ســجالت التاريــخ عنــده‬ ‫قــرب عشــتار‪ ،‬وبعــل‪ ،‬وقدمــوس‪ ،‬وكل ســجل عــدا‬ ‫ســجالته بــا فائــدة بالنســبة إليــه!‬ ‫القومــي العــريب توقفــت ســجالت التاريــخ عنــده‬ ‫قــرب معركــة ذي قــار‪ ،‬وكل ســجل عــدا ســجالته‬ ‫بــا فائــدة بالنســبة إليــه!‬ ‫االشــرايك توقــف الزمــن عنــده قــرب كومونــة‬ ‫باريــس‪ ،‬وبالقــرب مــن قــر فيديــل كاســرو‬ ‫يف كوبــا‪ ،‬وكل ســجل عــدا ســجالته بــا فائــدة‬ ‫بالنســبة إليــه!‬ ‫املتطــرف اإلســامي توقــف الزمــن عنــده يف زمــن‬ ‫الخالفــة الراشــدة‪ ،‬وكل تاريــخ مــا عــداه‪ ،‬هــو تاريخ‬ ‫كفــر ور ِّدة مبــا فيهــا الخالفــة األمويــة‪ ،‬والخالفــة‬ ‫العباســية رغــم كل انجازاتهــا العظيمــة‪..‬‬ ‫ويســتثني املتطــرف محطــات تاريخيــة الس ـراحة‬ ‫الــركاب املســافرين إىل املــايض‪ ،‬والتــي يديرهــا‬ ‫ســيد قطــب ومريــدوه‪ ،‬ومــن بعــده اسـراحة ابــن‬ ‫تيميــة وغريهــا ممــن يقدســهم أهــل التكفــر‬ ‫والتدمــر!‬ ‫تاريــخ هــارون الرشــيد يُد َّمــر‪ ..‬رغــم أنــه أحــد‬ ‫أهــم الخلفــاء العباســيني‪ ،‬وقائــد أكــر إمرباطوريــة‬ ‫إســامية‪ ،‬مبنيــة عــى العلــم والقــوة واإلبــداع‬ ‫الــذي تفتخــر بــه كل األمــم اإلســامية‪ ،‬كــا تفتخــر‬ ‫بــه كل أمــم األرض‪ ،‬التــي شــهدت لــه بالتحــر‬ ‫وبالرفعــة!‬ ‫تاريــخ أيب الطيــب املتنبــي‪ ،‬وأيب العــاء املعــري‪،‬‬ ‫وأيب ف ـراس الحمــداين‪ ،‬يتــم تدمــره باملتفج ـرات!!‬ ‫لكــن هيهــات‪ ..‬ثــم هيهــات‪ ..‬أن يســتطيع أحــد‬ ‫اقتــاع أشــعارهم‪ ،‬وإبداعهــم مــن قلــوب‪ ،‬ومــن‬ ‫عقــول النــاس!‬ ‫طائــرات النظــام تقصــف التاريــخ يف الجامــع‬ ‫القديــم يف الرقــة‪ ،‬ويف جامــع زكريــا يف حلــب‪ ،‬ويف‬ ‫املــدن املنســية يف الشــال الســوري‪ ،‬ويف غوطــة‬ ‫دمشــق‪ ،‬وتقصــف التاريــخ لتدمــره مــع البــر‪،‬‬ ‫إلفــراغ ســورية مــن ناســها‪ ،‬ومــن ذكرياتهــا‪...‬‬ ‫ويعمــل عــى أال يبقــى إال تاريــخ الهمــج الذيــن‬ ‫يقودهــم مــن أجــل كتابــة اســمه‪ ،‬وأســاء‬ ‫مجانينــه‪ ،‬الذيــن يعبدونــه‪ ...‬عــى تاريــخ ســورية‪،‬‬ ‫وعــى حــارض ســورية‪ ،‬وعــى مســتقبل ســورية‪...‬‬ ‫لكــن هيهــات‪ ..‬ثــم هيهــات‪ ..‬أن يفــوزوا بأكــر مــن‬ ‫الهزميــة‪ ،‬التــي ســرميهم يف خرائــب التاريــخ!‬


‫‪14‬‬ ‫الغوطة الدمشقية هنا كانت بداية اإلجرام‬ ‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫وهناك سيكون نصراًللثورة ‪ ..‬اعتصام يف مدينة أورفا‬

‫أحــد عــر ألــف شــهيد بينهــم ‪1400‬‬ ‫طفــل‪ ،‬و‪ 8012‬امــرأة‪ ،‬و‪ 52‬إعالميـاً‪ ،‬وعــدد مــن‬ ‫املســعفني واألطبــاء‪ ،‬إضافــة إىل ‪ 47‬فلســطينياً‬ ‫ســورياً‪ ،‬ومقتــل ‪ 3300‬مواطــن ج ـراء القصــف‬ ‫عــى املنطقــة‪.‬‬

‫القطط والــكالب‪!..‬‬ ‫أي عــامل نعيــش فيــه‪ ،‬وهيــاكل أطفالنــا‬ ‫بعظامهــم الناتئــة‪ ،‬مــأت جرائــد الكــون‪ ،‬ومل‬ ‫يهتــز لهــا جفــن‪ ،‬أو يحــرك الضمــر العاملــي‪،‬‬ ‫الــذي يتحفنــا فقــط «بالقلــق»‪ ،‬بــان يك مــون‬ ‫«مثــاالً‪ ،‬بينــا مل يقلــق العــرب أبــدا ً‪ ،‬فقــط‬

‫بيان��ات اس��تنكار خجول��ة‪.‬‬

‫ترشيــن الثــاين مــن عــام ‪ 2012‬تاريــخ لــن‬ ‫ينســاه العــامل أجمــع‪ ،‬ولــن ينســاه الشــعب‬ ‫الســوري‪،‬‬ ‫الغوطــة حكايــة صمــود وأمل‪ ،‬حكايــة شــعب‬ ‫ليــس لــه خيــار ســوى املقاومــة والصمــود‪ ،‬يف‬ ‫وجــه كل أشــكال املــوت والدمــار‪ ،‬التــي خطــط‬ ‫لهــا األســد‪ ،‬إلركاع أهلــه وتجويعه‪ ،‬قبــل الحصار‬ ‫القاتــل‪ ،‬تــم قطــع كل خطــوط اإلمــداد‪ ،‬التــي‬ ‫تصــل الغوطــة باملناطــق الشــالية املحــررة ‪،‬‬ ‫قطعــت كل خطــوط اإلمــداد عــدا تلــك التــي‬ ‫تربــط الغوطــة مبناطــق ســيطرة النظــام‪ ،‬ليبــدأ‬ ‫قصفهــا بالطــران بشــكل جنــوين ومكثــف‪،‬‬ ‫وقــد تعــدت الغــارات ‪ 200‬غــارة خــال‬ ‫أســبوعني فقــط‪ ،‬عــدا املئــات مــن القذائــف‬ ‫الصاروخيــة واملدفعيــة والهــاون‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫للقنابــل الفراغيــة املحمولــة باملظــات‪ ،‬والتــي‬ ‫لهــا قــوة تدمرييــة كبــرة‪.‬‬ ‫الثانيــة والنصــف فجــرا ً‪ 2013/8/21‬منطقــة‬ ‫عــن ترمــا‪ ،‬وزملــكا الصامــدة كانتــا عــى موعــد‬ ‫مــع املــوت املطبــق‪ ،‬فقــد تــم قصفهــا بصاروخ‬ ‫أرض أرض محمــل بــرأس كيــاوي‪ ،‬راح ضحيتــه‬ ‫أكــر مــن ‪ 1400‬شــهيد‪ ،‬بينــا أصيــب أكــر‬ ‫مــن خمســة أالف مواطــن بحــاالت االختنــاق‬ ‫الشــديد والتســمم‪ ،‬معظمهــم مــن األطفــال‪،‬‬ ‫الذيــن مل تســتطع صدورهــم الصغــرة مقاومــة‬ ‫الســموم‪ ،‬كل هــذا يــأيت وفريــق التحقيــق‬ ‫الــدويل يرقــد يف فنــدق فخــم يف العاصمــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وال يبعــد عــن مــكان القصــف أكــر‬ ‫مــن مســافة أربعــة كيلــو م ـرات‪.‬‬ ‫املــوت جوعـاً‪ ..‬وفتــوى رشعيــة تجيــز أكل لحــم‬

‫معانــاة األطفــال والنســاء هــي األشــد قســوة‬ ‫يف ظــل الحصــار الخانــق‪ ،‬املــوت جوع ـاً‪ ،‬أكلــوا‬ ‫لحــوم القطــط‪ ،‬وعلــف الحيوانــات أيضــاً‪،‬‬ ‫يف محاولــة منهــم للبقــاء‪ ،‬ومل تســلم منهــم‬ ‫أوراق األشــجار‪ ،‬والبحــث عــن بقايــا طعــام يف‬ ‫القاممــة‪ ،‬يف حــال وجودهــا‪ ،‬رغــم ندرتهــا يف‬ ‫حينهــا‪.‬‬

‫األطفــال والنســاء‪ ،‬احرتقــت جثثهــم أمــام‬ ‫أنظــار املجتمــع الــدويل‪ ،‬ومــا زال البعــض‬ ‫منهــم تحــت األنقــاض حتــى يومنــا هــذا‪.‬‬ ‫نشطاء سوريون يعتصمون يف شانيل أورفا‬ ‫تضامناً مع أهلنا يف دوما‬ ‫فيــا ســكت العــامل عــن مجــزرة دومــا‪،‬‬ ‫وانتفــض لحــرق الطيــار األردين‪ ،‬بينــا رائحــة‬ ‫األشــاء املحروقــة ال زالــت يف أحيــاء دومــا‪،‬‬ ‫تداعــى نشــطاء ومثقفــو وأهــايل مــدن الجزيــرة‬ ‫الســورية العتصــام صامــت‪ ،‬يــوم الجمعــة‬ ‫‪ 2015/2/13‬يف مدينــة «شــانيل أورفــا الرتكيــة»‬ ‫تنديــدا ً باملجــازر التــي يرتكبهــا النظــام األســدي‬ ‫بحــق أهلنــا يف دومــا والغوطــة الرشقيــة‪،‬‬ ‫شــارك فيــه عــدد كبــر مــن النشــطاء الثوريــن‬ ‫والعاملــن يف الحقــل اإلعالمــي والثقــايف‬ ‫واالجتامعــي‪.‬‬

‫الفرات يبكي دوما‪..‬‬

‫دوما بعينيها تقاتل‪..‬‬

‫عاصمــة الريــف الدمشــقي‪ ،‬وتعتــر مــن أكــر‬ ‫مــدن ســوريا مســاحة وتعــدادا ً للســكان‪،‬‬ ‫أوىل املــدن التــي انتفضــت يف وجــه النظــام‪،‬‬ ‫وكان لهــا نصيــب كبــر مــن املجــازر املروعــة‪،‬‬ ‫وهــي تحــت الحصــار منــذ عامــن‪ ،‬ومل يشــفع‬ ‫لهــا ذلــك‪ ،‬فبعــد التهديــد مــن قبــل قــوات‬ ‫النظــام بإخــاء املدينــة‪ ،‬ورفــض أهاليهــا‪ ،‬تــم‬ ‫نصــب عــدد مــن قواعــد الصورايــخ فائقــة‬ ‫التدمــر «صواريــخ فيــل اإليرانيــة الصنــع»‬ ‫عــى مشــارف املدينــة‪ ،‬وتــم إطــاق بعضهــا‬ ‫عــى املدينــة بالتزامــن مــع الغــارات الجويــة‪،‬‬ ‫ومبشــاركة قــوات إيرانيــة‪ ،‬وكانــت مجــزرة‬ ‫«حموريــة»‪ ،‬هــي األعنــف‪ ،‬حــن قصفــت‬ ‫الطائ ـرات املصلــن أثنــاء خروجهــم مــن صــاة‬ ‫الجمعــة‪ ،‬مــا أدى إىل ســقوط نحــو ســبعني‬ ‫شــهيدا ً جلّهــم مــن الشــيوخ واألطفــال‪ ،‬لتبــدأ‬ ‫بعدهــا سلســة القصــف املســتمر بكافــة أنــواع‬ ‫األســلحة‪ ،‬كان أشــدها القنابــل الفراغيــة التــي‬ ‫دمــرت حي ـاً كام ـاً‪ ،‬معظــم قتــاه كانــوا مــن‬

‫ســاحة طوبجــي ميــدان «ســاحة املدفــع»‪،‬‬ ‫هــي ســاحة االعتصامــات‪ ،‬وســاحة الحريــة‬ ‫للســوريني األحــرار‪ ،‬وكان لجريــدة الحرمــل‬ ‫رشف الحضــور واملشــاركة بهــذه الفعاليــة‪،‬‬ ‫والتقــت عــددا ً مــن الحارضيــن‪ ،‬وحاورتهــم‬ ‫حــول أهميــة االعتصــام‪ ،‬وإمكانيــة تحريــك‬ ‫الــرأي العــام تجــاه الجرائــم البشــعة التــي‬ ‫يرتكبهــا النظــام املجــرم بحــق أهلنــا الســوريني‪.‬‬ ‫اإلعالمــي مــر حــاد األســعد‪« ،‬رئيــس مكتــب‬ ‫اإلعــام يف الكتلــة الوطنيــة الجامعــة»‪ ،‬وردا ً عىل‬ ‫ســؤالنا حــول ســبب اإلعتصــام‪ ،‬ورأيــه فيــا‬ ‫يجــري يف الســاحة الســورية مــن قتــل وحصــار‬

‫ممنهــج‪ ،‬قــال‪ :‬مــا يجــري يف دومــا هــو حــرب‬ ‫إبــادة يقــوم بهــا النظــام األســدي مبســاعدة‬ ‫مرتزقــة مــايل قــم‪ ،‬مســتخدماً الســاح الــرويس‪،‬‬ ‫وعــى املجتمــع الــدويل والجامعــة العربيــة‬ ‫التدخــل‪ ،‬ملنــع هــذه اإلبــادة الجامعيــة‪،‬‬ ‫وتقديــم بشــار األســد للمحاكــم الدوليــة‪ ،‬لينــال‬ ‫العقــاب العــادل عــى جرامئــه املرتكبــة ضــد‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬وتدمــر مــدن ســورية‪.‬‬ ‫الناشــط حســام الديــن الحمــدان «محامــي»‬ ‫أجابنــا‪ :‬نقــف اليــوم تنديــدا ً باملجــزرة املروعــة‬ ‫التــي قــام بهــا نظــام األســد‪ ،‬ونؤكــد وقوفنــا‬ ‫جنبــاً إىل جنــب نتــاىف كل خالفاتنــا حتــى‬ ‫إســقاط هــذا النظــام الفاجــر مــع عصابتــه‪،‬‬ ‫نحــن لــن ن ّعــول إال عــى أنفســنا فنحــن‬ ‫أصحــاب القضيــة‪.‬‬ ‫الســادة عــز الديــن مســحاوي‪ ،‬محمــد صبحــي‪،‬‬ ‫معبــد الحســون‪ ،‬كانــت كلمتهــم واحــدة‬ ‫قالــوا فيهــا‪ :‬كانــت وقفــة احتجاجيــة معــرة‬ ‫باملضمــون‪ ،‬ولكنهــا غــر كافيــة إلدانــة ســلوك‬

‫إجرامــي يشــبه ســلوك النظــام الســوري‪ ،‬إذ‬ ‫تعــدى فيــه كل مــا ميكــن وصفــه يف التاريــخ‪،‬‬ ‫وهــو ســلوك يشــبه كث ـرا ً مــن حيــث النتيجــة‬ ‫مــا يقــوم بــه تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫ومثيالتهــا‪ ،‬ونحــن نســتغرب إدانــة املجتمــع‬ ‫الــدويل لســلوك تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫اإلجرامــي‪ ،‬وال يتــم إدانــة ســلوك وإجــرام‬ ‫النظــام الســوري‪ ،‬نشــكر الجهــة املنظمــة لهــذا‬ ‫اإلحتجــاج ونقــول‪ :‬هــذا االحتجــاج لــن يضــع‬ ‫حــدا ً لجرائــم النظــام عــى الرغــم مــن اإلضــاءة‬ ‫الحضاريــة لهــذا الفعــل‪.‬‬ ‫الناشــط محمــد الحمــود البليبــل‪ ،‬يقــول‪:‬‬ ‫بالنســبة لنــا كناشــطني يف الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫نــرى أن مــن واجبنــا رفــع صوتنــا عاليــاً ملــا‬ ‫يحــدث مــن مجــازر بحــق اإلنســانية‪ ،‬وتدمــر‬ ‫املــدن الســورية‪ ،‬لذلــك نطالــب املجتمــع‬ ‫الــدويل والعــريب بالعمــل لوقــف تلــك املجــازر‬ ‫أوالً‪ ،‬وإحالــة مرتكبيهــا إىل محكمــة الجنايــات‬ ‫الدوليــة‪ ،‬ومحاكمتهــم كمجرمــي حــرب‪.‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫العرب والبحث عن السالم‬ ‫شكري قيربوغا‬

‫بعــد الحــرب العراقيــة عــام ‪ 2003‬اســتبعد‬ ‫العــرب الســنة مــن الحيــاة السياســية‪،‬‬ ‫واضطــروا ملواجهــة أصعــب الشــدائد واملظــامل‪،‬‬ ‫وتــى ذلــك يف عــام ‪ 2011‬املجــازر التــي قــام‬ ‫بهــا نظــام األســد يف ســوريا ضــد العــرب الســنة‪،‬‬ ‫بعدهــا أصبــح العــرب الجئــن ومهجريــن يف‬ ‫ديارهــم‪.‬‬ ‫اليــوم‪ ..‬الســوريون والعراقيــن الســنة املهجرون‬ ‫مــن ديارهــم لبلــدان الجــوار‪ ،‬تجــاوز عددهــم‬ ‫الســتة ماليــن‪ ،‬والكثــر منهــم مل يتبـ َـق لديهــم‬ ‫بيــت أو مســكن يف ديارهــم‪ ،‬فالرضبــات‬ ‫التــي قامــت بهــا األنظمــة الحاكمــة مل تهــدم‬ ‫املجمعــات الســكنية فقــط‪ ،‬بــل كانــت رضبــة‬ ‫كارثيــة ملســتقبل الســكان األصليــن باملنطقــة‬ ‫أال وهــم العــرب الســنة‪.‬‬ ‫يف هــذه األيــام بــدأ العــامل أجمــع يناقــش‬ ‫مســتقبل العــرب الســنة يف املنطقــة‪ ،‬يحــاول‬ ‫الســوريون والعراقيــون العــرب الســنة الذيــن‬ ‫يعيشــون يف ظــل القصــف تحديــد مســتقبلهم‪،‬‬ ‫يحاولــون الحفــاظ عــى لغتهــم وعاداتهــم‬ ‫وثقافتهــم يف الوقــت ذاتــه‪ ،‬يقومــون بــإدارة‬ ‫أنفســهم يف مناطقهــم‪ .‬يف أوقــات الحــرب يؤدي‬ ‫الحقــد والكراهيــة إىل ارتــكاب أخطــاء كثــرة‪،‬‬ ‫وخاصــة األشــخاص الذيــن يأتــون مــن الخــارج‪،‬‬ ‫الذيــن يشــكلون جامعــات إرهابيــة‪ ،‬ويزرعــون‬ ‫العدوانيــة والحقــد بــن العــرب‪ ،‬ويؤثــرون‬ ‫يف قضيــة العــرب الســنة‪ ،‬هــؤالء األشــخاص‬ ‫يدعــون بأنهــم ميثلــون الديــن اإلســامي‪ ،‬ولكــن‬ ‫أفعالهــم تثبــت عكــس ذلــك‪ ،‬وبالتــايل يؤثــرون‬ ‫عــى قضيــة العــرب الســنة‪.‬‬

‫‪çocuklarını büyütme‬‬ ‫‪davasıdır. İktidarın‬‬ ‫‪dışında değil diğerleriyle‬‬ ‫‪birlikte ortağı olmak‬‬ ‫‪istemektedirler. Bence‬‬ ‫‪bu kadar kan ve gözyaşı‬‬ ‫‪tüm bölge halkları için çok‬‬ ‫‪fazla. Yeniden bir dirilişin‬‬ ‫‪yaşanması ve herkesin‬‬ ‫‪barış içinde birlikte‬‬ ‫‪yaşamanın yollarını‬‬ ‫‪bulmak için daha fazla‬‬ ‫‪çaba içerisine girmesi‬‬ ‫‪gerekmektedir.‬‬ ‫يجــب عــى املجتمــع العريب أن يكونــوا يف صف‬ ‫واحــد‪ .‬يجــب عليهــم أن يحتضنــوا الفئــات‬ ‫املختلفــة‪ ،‬وأن يحرتمــوا آرائهــم‪ ،‬والدفــاع عــن‬ ‫حقوقهــم‪ ،‬لكــن يف األوقــات األخــرة ظهــرت‬ ‫جامعــات تقــوم بفعــل خالفــات بــن العــرب‬ ‫والفئــات األخــرى‪ ،‬يجــب عــى العــامل العــريب‬ ‫أن يكــون متيقظ ـاً حيــال هــذا املوضــوع‪.‬‬ ‫إن قضيــة العــرب ليســت مســألة بســيطة‪،‬‬ ‫إمنــا دعــوة للعيــش كمواطنــن لهــم حقــوق‬ ‫متســاوية عــى أرضهــم‪ ،‬وأن يربــوا أوالدهــم‬ ‫حســب عاداتهــم وتقاليدهــم‪ ،‬ويشــاركوا يف‬ ‫الســلطة‪ .‬ال أن يبقــوا خارجهــا‪ ،‬وبرأيــي كل‬ ‫هــذه الدمــاء والدمــوع كافيــة مــن أجــل أهــل‬ ‫هــذه املنطقــة‪ ،‬يجــب عليهــم أن يرصفــوا كل‬ ‫جهدهــم مــن أجــل إحيــاء هــذه املنطقــة‪ ،‬وأن‬ ‫يجــدوا طريقــاً مســتقيامً مــن أجــل العيــش‬ ‫بســام يف املنطقــة‪.‬‬

‫‪ARAPLARIN BARIŞ ARAYIŞI‬‬ ‫‪Her ne kadar İslami‬‬ ‫‪bir söylem kullansalar‬‬ ‫‪da gerçekleştirdikleri‬‬ ‫‪eylemlerle Arapların‬‬ ‫‪davasını etnik bir çizgiye‬‬ ‫‪çekme arayışında‬‬ ‫‪oldukları görülmektedir.‬‬ ‫‪Oysa, Arap ulusu bölgede‬‬ ‫‪birleştirici bir güç olarak‬‬ ‫‪ümmet anlayışıyla hareket‬‬ ‫‪etmesi gerekir. Aynı‬‬ ‫‪topraklarda yaşadığı tüm‬‬ ‫‪farklı grupları kucaklayıcı‬‬ ‫‪ve onların da haklarını‬‬ ‫‪savunan bir düşünce ve‬‬ ‫‪fikirle yola çıkmaktadır.‬‬ ‫‪Ancak son dönemde‬‬ ‫‪kimler tarafından‬‬ ‫‪yönetildiği belli olmayan‬‬ ‫‪bazı örgütler Araplar ile‬‬ ‫‪bölge halklarını birbirine‬‬ ‫‪kırdırmaya çalışmaktadır.‬‬ ‫‪Bu konuda da tüm Arap‬‬ ‫‪âleminin daha uyanık‬‬ ‫‪olması gerekir.‬‬ ‫‪Arapların davası, bir‬‬ ‫‪etnik mesele değildir.‬‬ ‫‪Yaşadıkları topraklarda‬‬ ‫‪eşit vatandaş olma,‬‬ ‫‪yönetime katılma ve kendi‬‬ ‫‪gelenek ve görenekleriyle‬‬

‫كان الصبــح ملبــدا ً بالغيــوم الســوداء‪ ،‬عندمــا‬ ‫اســتقليت البوملــان مــن حلــب إىل دمشــق بقصــد إنهــاء‬ ‫معاملــة إداريــة ظلّــت مؤجلــة أكــر مــن شــهر انتظــار‬ ‫ألن الطريــق مقطــوع بســبب الحصــار الــذي فرضــه‬ ‫نظــام املجــرم حافــظ األســد عــى مدينــة حــاه‪ ،‬يف ذلــك‬ ‫اليــوم كان املجــرم قــد فــك الحصــار‪ ،‬بعــد أن احتــل‬ ‫املدينــة واســتباح أهلهــا الطيبــن‪..‬‬ ‫مــا إن دارت عجــات العربــة وانطلقــت حتــى أدار‬ ‫الســائق (أبــو عبــدو كعكــة) مفتــاح مســجلة الســيارة‬ ‫ليصــدح صــوت فــروز الشــجي‪ ،‬ورحــت أســرق الســمع‬ ‫ألغانيهــا املحببــة عــى قلبــي يف وســط هــرج مــن‬ ‫الــركاب‪ ،‬وأحاديــث شــتى‪ ،‬يغلــب عليهــا ســؤال مقلــق‬ ‫لــدى الــكل (يــا تــرى الطريــق مفتــوح‪ ،‬وعــم ميــرروا‬ ‫النــاس بــدون مشــاكل)‪ ،‬وبقيــت الحالــة قرابــة ســاعتني‬ ‫حتــى وصلنــا إىل بلــدة صــوران شــال حــاه‪ ،‬حينهــا‬ ‫أغلــق أبــو عبــدو املذيــاع وراح ينظــر يف املــرآة‪ ،‬وراحــت‬ ‫عيونــه ترســل رســائل نقلهــا معاونــه الخلــوق الخــدوم‪،‬‬ ‫وبصــوت خافــت يقــول لــكل ركاب الحافلــة (اللــه‬ ‫يخليكــون ضلــوا بريكــن بكراســيكن وبــا عجقــة‪ ،‬خلينــا‬ ‫منــر بســام وبــا بهدلــة)‪.‬‬ ‫ســاد وجــوم عــى وجــوه الــكل‪ ،‬وســاد الصمــت‪ ،‬ومل‬ ‫يبـ َـق إال هديــر املحــرك‪ ،‬ونظـرات أبــو عبــدو املتفحصــة‬ ‫للــركاب‪ ،‬والطريــق ألكــر مــن نصــف ســاعة‪ ،‬خلتهــا‬ ‫دهـرا ً مــن الخــوف‪ ،‬حــن بــدأت الحافلــة بعبــور املدينــة‬ ‫مــن الشــال‪ ،‬راحــت النظ ـرات تتجــه صــوب النوافــذ‪،‬‬ ‫وقســات الوجــوه يعلوهــا الخــوف والرعــب والدهشــة‪،‬‬

‫ومثــل البقيــة رحــت أرقــب الشــارع مــن النافــذة‪..‬‬ ‫كل يشء مهــدم‪ ،‬بقــع مــن الــدم الجــاف عــى أط ـراف‬ ‫الطريــق‪ ،‬أثــاث املنــازل املكــرة بــن األنقــاض‪ ،‬هنــاك‬ ‫بعــض األبنيــة التــي مــا زالــت صامــدة‪ ،‬وقــد حولهــا‬ ‫رصــاص القتلــة إىل منخــل مــن الثقــوب‪ ،‬مئذنــة جامــع‬ ‫اتــكأت عــى كومــة مــن خ ـراب‪ .‬بعــد خمســائة مــر‬ ‫عــى ميــن الطريــق مســتودعات املؤسســة االســتهالكية‪،‬‬ ‫يقــف طابــور مــن البــر ليــس لــه نهايــة مطأطــئ‬ ‫الــرؤوس‪ ،‬ويقــف حولهــم طابــور مــن جنــود الطاغيــة‬ ‫يحملــون بواريــد القتــل ويوجهونهــا نحــو الســاء‪ ،‬وبــن‬ ‫لحظــة وأخــرى رشــقة مــن الرصــاص يعلنــون نرصهــم‬ ‫عــى أبنــاء جلدتهــم‪ .‬وجــوه الــركاب التصقــت بالنوافــذ‬ ‫تعلــن الدهشــة والخــوف‪ ،‬دمــوع النســوة صــارت‬ ‫تهطــل عــى الوجــوه الواجمــة‪ ،‬امــرأة يف وســط الحافلــة‬ ‫أجهشــت بالبــكاء‪ ،‬معــاون الحافلــة يركــض نحوهــا‬ ‫يحمــل ابريــق مــاء ومنشــفة‪ ،‬صــوت نســوة يرصخــن‬ ‫(ياخيتــي طــويل بالــك اللــه يخليــي)‪ ،‬والحافلــة تســر‬ ‫ببــطء شــديد‪ ،‬وكأنهــا تســر يف حقــل ألغــام‪ ،‬وبقيــت‬ ‫الحالــة عــى مــا هــي عليــه‪ ،‬قرابــة ســاعة‪ ،‬حتــى غادرنــا‬ ‫املدينــة املهزومــة‪ ،‬وأهلهــا املقهوريــن‪ ،‬وعــى أطــراف‬ ‫قريــة «بســرين»‪ ،‬أدار الســائق املســجلة‪ ،‬وعــى صــوت‬ ‫املقــرئ عبــد الباســط عبــد الصمــد (بســم اللــه الرحمــن‬ ‫الرحيــم‪ )...‬وراحــت الحافلــة تقطــع املســافة إىل دمشــق‪،‬‬ ‫والصمــت هــو ســيد املوقــف‪ ،‬إال مــن صــوت املقــرئ‪،‬‬ ‫وهــو يتلــو مــن القــرآن بأعــذب صــوت‪ ،‬وكأنــه يعلــن‬ ‫مــوت مدينــة كاملــة بأهلهــا‪....‬‬ ‫وبعــد قرابــة ثــاث ســاعات وصلنــا إىل حرســتا‪ ،‬لنجــد‬

‫‪Şükrü Kırboğa‬‬

‫‪geleceğine de vurulan bir‬‬ ‫‪darbe olmuştur.‬‬ ‫‪2003 Irak savaşı sonrası‬‬ ‫‪Bugünlerde tüm dünya‬‬ ‫‪Irak›ta iktidardan‬‬ ‫‪Sünni Arapların geleceğini‬‬ ‫‪dışlanan Sünni Araplar‬‬ ‫‪tartışmaya başlamıştır.‬‬ ‫‪büyük bir baskı ve‬‬ ‫‪Irak ve Suriye›de‬‬ ‫‪şiddetle karşı karşıya‬‬ ‫‪yaşamlarını bombalar‬‬ ‫‪kalmışlardır. Irak›ta‬‬ ‫‪ve silahların gölgesinde‬‬ ‫‪Sünni Araplara yönelik‬‬ ‫‪sürdürmek zorunda‬‬ ‫‪gerçekleştirilen şiddete‬‬ ‫‪kalan Arapların kendi‬‬ ‫‪2011 sonrası Esad‬‬ ‫‪geleceklerini belirleme‬‬ ‫‪rejiminin de Sünni‬‬ ‫‪mücadelesi yürüttükleri‬‬ ‫‪Araplara yönelik‬‬ ‫‪ortadadır. Diline,‬‬ ‫‪katliamları eklenince‬‬ ‫‪kültürüne ve geleneğine‬‬ ‫‪milyonlarca Arap kendi‬‬ ‫‪sahip çıkmaya çalışan‬‬ ‫‪yaşadıkları topraklarda‬‬ ‫‪Araplar aynı zamanda‬‬ ‫‪mülteci ve peşmurde‬‬ ‫‪bölgede de kendi kendini‬‬ ‫‪haline geldi. Bugün‬‬ ‫‪yönetmek için büyük bir‬‬ ‫‪Suriye ve Irak›taki‬‬ ‫‪savaşın içerisine girmiş‬‬ ‫‪topraklarını kaybeden‬‬ ‫‪bulunmaktadırlar. Yılların‬‬ ‫‪ve komşu ülkelerde bir‬‬ ‫‪vermiş olduğu kin ve‬‬ ‫‪lokma ekmeğe mahkûm‬‬ ‫‪düşmanlıklar savaşta‬‬ ‫‪edilen Sünni Arapların‬‬ ‫‪hataların da yaşanmasına‬‬ ‫‪sayısının 6 milyonun‬‬ ‫‪yol açmıştır. Özellikle‬‬ ‫‪üstünde olduğu sanılıyor.‬‬ ‫‪dışarıdan gelen ve‬‬ ‫‪Birçoğunun bir daha‬‬ ‫‪hangi ülkenin istihbarat‬‬ ‫‪geri dönebilecek bir yurt‬‬ ‫‪örgütüyle ilişkili olduğu‬‬ ‫‪ne de bir evi kalmıştır.‬‬ ‫‪bilinmeyen şahsiyet ve‬‬ ‫‪Rejim güçleri tarafından‬‬ ‫‪örgütler, Sünni Arap‬‬ ‫‪yakılan yerleşim‬‬ ‫‪davasını etnik temele‬‬ ‫‪birimleri, bölgenin asli‬‬ ‫‪sokmak istemektedirler.‬‬ ‫‪unsuru olan Arapların‬‬

‫خنجــر غــرز يف لجــة قلبــي وبقــي ينــزف قهــراً‬ ‫محمد حجي درويش‬

‫‪15‬‬

‫إعـــــالن‬

‫الطريــق قــد ســد بطابــور مــن الســيارات تجــاوز طولــه‬ ‫عــرة كيلــو مــرات‪ ،‬وعالئــم االضطــراب باديــة عــى‬ ‫الجميــع‪ ،‬والــكل يســأل نفــس الســؤال (أشــو يف ؟!!!)‪،‬‬ ‫هــذه املــرة مل يكــن الســؤال يــدل عــن االســتفهام‪،‬‬ ‫والــكل يســأل وكأنــه يتوقــع الــيء مــن األحــداث‪.‬‬ ‫وبعــد قرابــة أربــع ســاعات فتــح الطريــق‪ ،‬وراحــت‬ ‫الحافلــة تتجــه صــوب دمشــق‪ ،‬وكذلــك التصقــت الوجوه‬ ‫عــى النوافــذ تســتطلع الخــر‪ ...‬كل يشء طبيعــي‪ ،‬إال‬ ‫البــر‪ ،‬كانــت تســر مجموعــات مرتاصفــة‪ ،‬ويف أيديهــم‬ ‫أعــام وصــور للمجــرم‪ ،‬ولكنهــا محمولــة بصــورة توحــي‬ ‫أن حاملهــا قــد هــده التعــب‪ ...‬الوجــوه منكســة نحــو‬ ‫األرض‪ ،‬وعالمــات الــذل عــى محيــا الجميــع‪ ...‬الفــوىض‬ ‫هــي ســيدة املوقــف‪ ،‬عجقــة بالســيارات‪ ،‬والبــر‪،‬‬ ‫ليــس هنــاك أي يشء منتظــم‪ ،‬إال وجوهنــا املرتاصــة‬ ‫عــى النوافــذ تعلوهــا الدهشــة والســؤال‪ ...‬اســتغرقت‬ ‫الحافلــة قرابــة ســاعة إىل أن وصلنــا إىل ســاحة الربامكــة‪..‬‬ ‫كان النهــار قــد مــى والدوائــر الحكوميــة قــد أغلقــت‬ ‫أبوابهــا‪ ،‬ومل يكــن أمامــي إال أن أذهــب إىل بيــت عمتــي‬ ‫ألنــام إىل الغــد‪...‬‬ ‫حــن وصلــت إليهــم‪ ،‬وأول مــا فتــح البــاب ابــن عمتــي‬ ‫بادرتــه بالســؤال (أشــو يف بالشــام؟!!!)‪ ،‬فأجابنــي‬ ‫والســخرية عــى محيــاه‪( :‬مــا يف يش‪ ..‬احتفــاالت بالنرص‪..‬‬ ‫احتفــاالت ‪ 8‬آذار)‪( ،‬تعــال عجــل دخــول تفــرج عــى‬ ‫األخبــار)‪ ،‬حملــوا (الرئيــس) هــو وســيارته عــى األكتــاف‪،‬‬ ‫وعــم يصيحــوا (بالــروح بالــدم بفدييــك يــا حافــظ)‪...‬‬ ‫حينهــا أحسســت أن خنجـرا ً مســموماً قــد غــرز يف قلبــي‪،‬‬ ‫نكســت رأيس وصمــت‪...‬‬

‫ثقافي��ة ـ��ـ سياس��ية ـ��ـ نص��ف ش��هرية ـ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرقة لكل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬أسعد فخري ‪ -‬خلف اجلربوع ‪ -‬إبراهيم العلوش ‪ -‬عروة املهاوش‪ -‬حممد صلييب ‪ -‬إياس احملمد‪ .‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫عبدالرمحن اهلويدي ‪ -‬مصطفى سليمان‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete .‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪SAYI:3 YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ : ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB: 00905459679973 BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬

‫زاويـة حـرة‬ ‫األسد وإنكار الواقع‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬ ‫مــا أعجــب النفــاق الســيايس الغــريب الــذي نــام أربــع ســنوات‬ ‫عــى جرائــم النظــام يف ســوريا‪ ،‬واســتفاق فجــأ ًة عــى إنــكار األســد‬ ‫للواقــع يف ترصيحاتــه األخــرة للبــي يب يس‪ ،‬ونفيــه الســتعامل الرباميــل‬ ‫املتفجــرة‪..‬؟!‬ ‫فأيــن كان الصحــايف جوناثــان تيربمــان ووســيلته اإلعالميــة – شــؤون‬ ‫دوليــة – عندمــا قتــل النظــام الســوري أكــر مــن ألــف شــهيد بغــاز‬ ‫الســارين يف الغوطــة الرشقيــة؟!‬ ‫وأيــن كان جريمــي بويــن ومحطــة البــي يب يس حــن دمــرت الرباميــل‬ ‫املتفجــرة نصــف مدينــة حلــب‪ ،‬وأجهــزت عــى معاملهــا التاريخيــة‬ ‫املدرجــة يف قامئــة ال ـراث العاملــي؟!‬ ‫وأيــن كان ضمــر ســامنثا بــاور‪ ،‬الســفرية األمريكيــة يف مجلــس األمــن‬ ‫مــن أكــر مــن ‪ 55000‬صــورة لضحايــا التعذيــب والقتــل العمــد يف‬ ‫ســجون هــذا النظــام القاتــل؟!‬ ‫إن العــامل الغــريب مندهــش مــن إنــكار األســد للواقــع‪ ،‬وليــس مــن واقع‬ ‫القتــل الــذي أنكــره الغــرب بصمتــه‪ ،‬وقــد بلــغ عــدد ضحايــاه أكــر‬ ‫مــن مئتــي ألــف شــهيد ســوري دون أن تتحــرك مؤسســات عدالتــه‬ ‫الدوليــة‪ ،‬لتطبيــق الرشعــة الدوليــة‪ ،‬ومقتضيــات العدالــة اإلنســانية‪.‬‬ ‫لقــد رفــع النظــام الســوري منــذ األيــام األوىل للثــورة شــعار «األســد أو‬ ‫نحــرق البلــد»‪ ،‬وكان أمينـاً لهــذا الشــعار – قتـاً وتدمـرا ً – عــى مــدى‬ ‫الســنوات األربــع املاضيــة‪ ،‬فأيــن كان املجتمــع الــدويل مــن كل هــذا؟!‬ ‫أليــس تجاهــل االنتهــاكات‪ ،,‬واملامرســات الالإنســانية‪ ،‬ومــا نجــم عــن‬ ‫ذلــك عــن معانــاة ملاليــن الســوريني نوع ـاً مــن إنــكار الواقــع مــن‬ ‫قبــل الغــرب؟‬ ‫ليــس مثــة مــا يشــر إىل أ ّن األســد قــد غــر نظرتــه إىل الثــورة الســورية‬ ‫عــى أنهــا ثــورة حقــوق ومظلوميــات‪ ،‬فــكل مــا يقــوم بــه مــن إنــكار‬ ‫للواقــع التدمــري يــدور يف فلــك قناعتــه أنــه يواجــه أعــداء الداخــل‬ ‫والخــارج املنخرطــن يف مؤامــرة كونيــة إلســقاطه‪ ،‬وأنــه يخــوض معركة‬ ‫رشســة ضــد اإلرهــاب‪ ،‬وقــد ســاهم الغــرب يف تكويــن هــذه القناعــة‬ ‫عندمــا ســاهم بإطالــة أمــد األزمــة الســورية وخلــط أوراقهــا‪ ،‬بحيــث‬ ‫أصبــح الدفــاع عــن الحريــة والكرامــة واســرداد الحقــوق املســلوبة‬ ‫إرهابـاً‪ ،‬وأصبــح العــدوان عــى طــاب هــذه الحقــوق‪ ،‬واملــدن الثائــرة‬ ‫حقنـاً لإلرهــاب‪.‬‬ ‫إن التوظيــف الغــريب الخبيــث ملســمى اإلرهــاب‪ ،‬وتربيــر السياســات‬ ‫االســتعامرية مبواجهتــه‪ ،‬أعطــت مســوغاً قويــاً للدولــة الســلطوية‬ ‫إلحــكام قبضتهــا عــى الحريــات الفرديــة والجامعيــة وتربيــر سياســتها‬ ‫القمعيــة‪ ،‬واســتعامل القــوة املعـ ّراة مبواجهــة املعارضــة الوطنيــة ومــن‬ ‫يؤيدهــا‪ ،‬دون خــوف أو لــوم أو تدابــر عقابيــة رادعــة مــن الــدول‬ ‫ذات النفــوذ‪.‬‬ ‫وإىل أن تتوافــق اإلرادة الدوليــة والقــوى اإلقليميــة عــى موقف موحد‬ ‫اللوحة للفنان عنايت عطار‬ ‫وصــارم إزاء مــا يحــدث يف ســورية‪ ،‬ورضورة لجــم الحــرب املســتعرة‬ ‫فيهــا‪ ،‬ومــا ميكــن أن يهــدد األمــن والســلم الدوليــن‪ ،‬ويــأيت عــى مــا‬ ‫تبقــى يف ســورية مــن بــر وحجــر‪ ،‬ســيظل األســد منكـرا ً للواقــع‪ ،‬وغري‬ ‫جــاد يف أي حــل ســيايس‪ ،‬وســيظل يــردد‪« :‬مــن ال يحــارب لبقــايئ هــو‬ ‫عــدوي»‪ ،‬ألنــه ال يســتطيع أن يتصــور ســورية مــن دونــه‪.‬‬

‫األمم املتحدة تقرع ناقوس الخطر من أجل قضايا‬ ‫تدمري املواقع األثرية السورية‬ ‫أعلــن معهــد األمــم املتحــدة للتدريــب واألبحــاث‪،‬‬ ‫أن صــورا ً التقطتهــا األقــار الصناعيــة تظهــر أن ‪290‬‬ ‫موقعـاً تراثيـاً يف ســوريا‪ ،‬تاريخهــا ميتــد إىل فجــر الحضــارة‬ ‫تــررت مــن جــ ّراء الحــرب حتــى نهايــة عــام ‪2014‬م‪.‬‬ ‫وخلــص املعهــد مــن خــال صــور األقــار الصناعيــة‬ ‫املتاحــة إىل أن هنــاك ‪ 24‬موقعــاً دمــرت متامــاً‪ ،‬و‪189‬‬ ‫موقعـاً تــررت بشــدة أو بدرجــة متوســطة‪ ،‬و‪ 77‬موقعـاً‬ ‫رمبــا تكــون تــررت منــذ بــدء القتــال يف آذار‪ /‬مــارس‬ ‫‪ 2011‬وتشــمل تلــك املواقــع املســجد األمــوي الكبــر‬ ‫يف حلــب‪ ،‬الــذي تحولــت مبانيــه الخارجيــة ومآذنــه إىل‬ ‫أنقــاض‪ ،‬باإلضافــة إىل األرضار التــي لحقــت بســاحته‬ ‫الرئيســية‪ .‬وميكــن أن يكــون العــدد الحقيقــي للمواقــع‬ ‫املتــررة أعــى مــن ذلــك بكثــر إذ أن املعهــد مل يتمكــن‬ ‫مــن الحصــول عــى بيانــات مــن ســبع مناطــق أخــرى يف‬ ‫جميــع أنحــاء البــاد‪ .‬ووفقـاً إلينــار بجورغــو‪ ،‬مديــر هــذا‬ ‫املــروع يف معهــد األمــم املتحــدة للتدريــب والبحــث‪،‬‬

‫فــإن القتــال املســتمر يجعــل مــن املســتحيل الوصــول‬ ‫إىل املواقــع إلج ـراء تحقيــق أكــر تفصي ـاً‪ ،‬واصف ـاً الــرر‬ ‫الحــايل بالـ(مثــر للقلــق)‪ ،‬وداعيــاً إىل تصعيــد الجهــود‬ ‫الدوليــة لحاميــة الكنــوز الثقافيــة يف ســوريا‪ ،‬والتــي يعــود‬ ‫البعــض منهــا إىل ســبعة آالف ســنة‪ .‬فمن األســواق القدمية‬ ‫واملســاجد واملعابــد يف بــرى بالجنــوب إىل ســروس يف‬ ‫الشــال‪ ،‬يوضــح التقريــر الجديــد كيــف شــوه القصــف‬ ‫الجــوي‪ ،‬وعمليــات النهــب ملواقــع تضعهــا منظمــة‬ ‫األمــم املتحــدة للرتبيــة والعلــوم والثقافــة (اليونســكو)‬ ‫يف قامئــة الــراث العاملــي‪ ،‬ومعظمهــا يف مدينــة حلــب‬ ‫بشــال ســوريا‪ .‬وأوضــح إينــار بجورغــو‪ ،‬أن «املواقــع‬ ‫األكــر تــررا ً هــي حلــب ودمشــق والصالحيــة‪ ،‬وإيبــا‬ ‫وتدمــر‪ ..‬حيــث تســتعر الحــرب‪ .‬هنــاك أرضار جســيمة‬ ‫لألســف عــى مواقــع الـراث الثقــايف‪ .‬باإلضافــة إىل ذلــك‪،‬‬ ‫تــم نهــب الكثــر منهــا‪ .‬ويف مناطــق أخــرى شــهدنا أرضارا ً‬ ‫كبــرة يف املســاجد‪ ،‬واآلثــار القدميــة‪ ،‬مبــا فيهــا اآلثــار‬ ‫الرومانيــة والحصــون القدميــة‪ ،‬يف عــدة مواقــع‪ .‬ويبــدو‬

‫أيضـاً أن الحصــون القدميــة تســتخدم كمواقــع عســكرية‪.‬‬ ‫مــن الجديــر بالذكــر أن مواقــع محافظــات الرقــة وديــر‬ ‫الــزور والحســكة األثريــة قــد تعرضــت للرسقــة والنهــب‬ ‫وأعــال التنقيــب العشــوايئ‪ ،‬الــذي تــم خاللــه تجريــف‬ ‫املواقــع األثريــة باآلليــات الثقيلــة بحثــاً عــن الكنــوز‬ ‫املخبــأة يف هــذه املواقــع‪ ،‬كــا نالــت نصيبهــا مــن قصــف‬ ‫الطــران الهمجــي‪ .‬ووحدهــا محافظــة الرقــة قــد تــم‬ ‫نهــب متحفهــا األثــري بالكامــل‪ ،‬إضافــة إىل الســطو عــى‬ ‫القطــع النــادرة واملودعــة لــدى البنــك املركــزي يف الرقــة‪،‬‬ ‫ونهــب متحــف جعــر ومتحــف زالبــا‪ ،‬ومســتودعات‬ ‫هرقلــة األثريــة‪.‬‬ ‫كــا يذكــر أن عنــارص ومســؤولني كبــار لــدى النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬اســتغلوا ظــروف الحــرب التــي تشــهدها‬ ‫ســوريا‪ ،‬ويــروا عمليــات رسقــة اآلثــار واملتاجــرة بهــا‪،‬‬ ‫مســتفيدين مــن خربتهــم الطويلــة يف الفســاد وعمليــات‬ ‫الرشــوة وتســهيل النهــب املمنهــج آلثــار البلــد وتاريخــه‪.‬‬

‫قريباً‪ ..‬بني يدي القراء‬ ‫ملحق ‪ -‬خدمي ‪ -‬إجتماعي‬

‫دليل‬

‫الحرمل‬

‫يصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية‬

‫يوزع امللحق جماناً يف عموم شانلي أورفا‬ ‫لإلستفسار اإلتصال على الرقم التالي‪05389801445 :‬‬ ‫أو مراجعة مكتب اجمللة‪ :‬بقجة لوالر ‪ -‬مقابل ساحة‬ ‫طوجي ميدان (ساحة املدفع)‬

‫جملة احلرمل تدعو املؤسسات واألفراد إىل دعم استمراريتها وإستقالهلا‪ ،‬من خالل االشرتاك واإلعالن فيها‪ ،‬وذلك باإلتصال على هاتف اجمللة رقم‪ )05459679973( :‬أو مراجعة مقرها الكائن بقجة لوالر ‪ -‬مقابل ساحة طوجي‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد العاشر ‪ 15 /‬شباط ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.