Alharmal (23) 01 09 2015 العدد 23 من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫الســنة األولــى ‪ /‬العــدد الثالــث والعشــرون ‪ 01 /‬أيلــول ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 23‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫تغريبة احلرية واملوت‪!..‬‬

‫سوريا مأساة العصر‪ ،‬وعجز دولي عن حل سياسي مرتقب لألزمة السورية‬

‫ّ‬ ‫والرق��ة‪..‬؟!‬ ‫م��ا ب�ين أس��طورة داب��ق وهرجم��دون‬ ‫مارع ليست عني العرب «كوباني»‬

‫وتنظيم الدولة ُيفش��ل أ ّية بوادر ملنطقة آمنة يف مشال سوريا‬ ‫العثور على جثث أكثر من ‪ 70‬مهاجراً يعتقد أنهم سوريون يف شاحنة مغلقة يف النمسا‬ ‫عالقة وطيدة بني النظام وداعش‬ ‫تفاصي��ل عن جت��ارة النفط بني األطراف املتنازعة ومجاعات ال والء هلا إال للمال‬

‫أم عم��ر‪ُ ..‬تعي��ل أس��رتها بصناع��ة أصن��اف املون��ة‬ ‫( عمر الرمضان ) ‪..‬‬

‫أح��د أب��رز املتفوّق�ين يف مدرس��ة نين��وى ‪ /‬أورف��ا‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫اهلجرة من املوت إىل املوت‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫م��ارع ليس��ت عني الع��رب «كوبان��ي» وتنظيم الدولة ُيفش��ل أ ّي��ة بوادر العث��ور عل��ى جثث أكثر م��ن ‪ 70‬مهاجراً يعتقد‬ ‫أنه��م س��وريون يف ش��احنة مغلق��ة يف النمس��ا‬ ‫ملنطقة آمنة يف مشال س��وريا‬ ‫حلب ـ إبراهيم اإلدلبي‬

‫لعـ ّـل مــروع املنطقــة اآلمنــة التــي تســعى‬ ‫تركيــا إلنشــائها يف شــال ســوريا ال تـزال أحالمـاً‬ ‫وأوهامــاً حتــى اآلن يف ظــل غيــاب دعــم‬ ‫حقيقــي جــوي وعســكري لفصائــل الثــوار يف‬ ‫ريــف حلــب الشــايل ضمــن مواجهاتهــم ضــد‬ ‫تنظيــم الدولــة الــذي أدرك متامــاً أن مــارع ال‬ ‫تشــبه بــأي شــكل مــن األشــكال مدينــة عــن‬ ‫عــرب «كوبــاين»‪ ،‬وبــأن التحالــف لــن يحــ ّول‬ ‫مــارع ملقــرة لعنــارص التنظيــم وآلياتــه عــى‬ ‫غــرار مــا حــدث يف عــن عــرب‪ ،‬مــا دفــع‬ ‫التنظيــم لتوجيــه قوتــه إىل هنــاك محــاوالً‬ ‫التقــدم بــأرسع وقــت ممكــن قبــل اتخــاذ أيــة‬ ‫إجـراءات جديــة مــن تركيــا للتدخــل يف ســوريا‪،‬‬ ‫والتــي يراهــا التنظيــم مجــرد ترصيحــات‬ ‫إعالميــة ال أكــر‪.‬‬ ‫ويشــهد ريــف حلــب الشــايل معــارك مســتمرة‬ ‫منــذ مــدة بــن فصائــل الثــوار ضــد تنظيــم‬ ‫الدولــة‪ ،‬خــر خاللهــا الطرفــان الكثــر مــن‬ ‫املقاتلــن واملعــدات دون أن تحســم املعركــة‬ ‫لصالــح أي طــرف بعــد‪ ،‬فرغــم تركيــز الثــوار‬ ‫عــى إبعــاد تنظيــم الدولــة عــن الريــف‬ ‫الشــايل الحلبــي بالكامــل إال أن التنظيــم يبــدو‬ ‫أنــه مســتميت يف الوصــول إىل بلــدة مــارع‪ ،‬ومــا‬ ‫بعدهــا‪ ،‬وهــذا مــا يجعلــه يســتخدم مختلــف‬ ‫األســاليب مــن تعزيــزات عســكرية وخاليــا‬ ‫نامئــة ومفخخــات يف حربــه التــي أنهكــت‬ ‫الثــوار وأجربتهــم عــى الرتاجــع مــن العديــد‬ ‫مــن القــرى هنــاك يف معــارك كــر وفــر ال تـزال‬ ‫مســتمرة حتــى الســاعة‪.‬‬ ‫يــوم الخميــس ‪ 2015/8/27‬دارت اشــتباكات‬ ‫عنيفــة بــن الثــوار مــن غرفــة عمليــات فتــح‬ ‫حلــب وفصائــل أخــرى ضــد تنظيــم الدولــة‬ ‫عــى محــاور «مــارع وحربــل وصنــدف وتاللــن‬ ‫وحــوار النهــر واســنبل» بالقــرب مــن مــارع‬ ‫و»ودلحــة وحرجلــة» بالقــرب مــن الحــدود‬ ‫الســورية الرتكيــة شــايل حلــب تزامنــت‬ ‫مــع قصــف مدفعــي وبراجــات الصواريــخ‬

‫والدبابــات مــن قبــل تنظيــم الدولــة رد الثــوار‬ ‫بقصــف مامثــل ضمــن املواجهــات القامئــة بــن‬ ‫الطرفــن‪ ،‬ليقــوم تنظيــم الدولــة بعدهــا بتفجــر‬ ‫ســيارة مفخخــة يف بلــدة «مــارع» ويبــدأ تقدمه‬ ‫متمكنــاً مــن الســيطرة عــى كل مــن بلــدات‬ ‫«حربــل وصنــدف ودلحــة وصوامــع مــارع‬ ‫وأج ـزاء مــن قريــة حرجلــة» مــع تراجــع كبــر‬ ‫لفصائــل الثــوار هنــاك بالتزامــن مــع غــارات‬ ‫شـ ّنها التحالــف الــدويل اســتهدفت عــدة نقــاط‬ ‫لتنظيــم الدولــة يف قريــة دلحــة عــى الحــدود‬ ‫الرتكيــة بعــد ســيطرة التنظيــم عليهــا‪.‬‬ ‫بعــد تقــدم تنظيــم الدولــة يف الريــف الشــايل‬ ‫أصبحــت مدينــة مــارع محــارصة مــن ثــاث‬ ‫جهــات «الرشقيــة والشــالية والجنوبيــة» ومل‬ ‫يبــق لهــا طريــق إمــداد ســوى مــن الجهــة‬ ‫َ‬ ‫الغريبــة باتجــاه مدينــة «تــل رفعــت»‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي زاد يف صعوبــة موقــف الثــوار هنــاك‪،‬‬ ‫ومــع ذلــك مل يتوقــف التنظيــم عــن هجمتــه‬ ‫الرشســة‪ ،‬حيــث متكــن عنــارصه مــن الســيطرة‬ ‫ليـاً عــى قريــة حرجلــة بشــكل كامــل‪ ،‬يف حــن‬ ‫قــام الثــوار بشــن هجــوم معاكــس شــال بلــدة‬ ‫مــارع متمكنــن مــن اســتعادة الســيطرة عــى‬ ‫قريــة صنــدف‪.‬‬ ‫ســيارات التنظيــم املفخخــة نشــطت يف األيــام‬ ‫األخــرة وهاجمــت مواقــع الثــوار مــن مختلــف‬ ‫االتجاهــات فبعضهــا مــن أصــاب الهــدف‪،‬‬ ‫وبعضهــا مــا تــم تفجــره قبــل الوصــول‪ ،‬كــا‬ ‫حصــل مــع الثــوار املتمركزيــن عــى حاجــز‬

‫«جــارز»‪ ،‬والذيــن متكنــوا مــن تفجــر مفخخــة‬ ‫للتنظيــم يف الليلــة ذاتهــا‪ ،‬قبــل وصولهــا إليهــم‪،‬‬ ‫ومــع فجــر يــوم الســبت بــدأ الثــوار بشــن‬ ‫هجــوم عــى تنظيــم الدولــة مــن محــور‬ ‫«دلحــة» بهــدف اســتعادة الســيطرة عليهــا‪،‬‬ ‫ومتكنــوا مــن تدمــر جرافــة للتنظيــم بعــد‬ ‫اســتهدافها بصــاروخ تــاو دون إحــراز أي‬ ‫تقــدم يذكــر عــى ذلــك املحــور‪ ،‬كــا شــن‬ ‫الثــوار هجومــاً عنيفــاً عــى تنظيــم الدولــة‬ ‫عــى محــوري «تاللــن» الواقعــة شــايل مــارع‬ ‫و»حربــل» جنــوب مــارع محققــن تقدمــاً‬ ‫بســيطاً رد عليــه التنظيــم بإرســال ســيارة‬ ‫مفخخــة باتجــاه محــور «حربــل» إال أن الثــوار‬ ‫متكنــوا مــن تفجريهــا أيضــاً قبــل أن تصــل‬ ‫إليهــم‪.‬‬ ‫مــع حصــار مــارع مــن ثــاث جهــات‪ ،‬ومــع‬ ‫الثبــات الــذي يحققــه تنظيــم الدولــة‪ ،‬طالــب‬ ‫الثــوار املتمركزيــن عــى جبهــات ريــف حلــب‬ ‫الشــايل مــن باقــي الفصائــل يف الداخــل إرســال‬ ‫املزيــد مــن التعزي ـزات وأرتــال الدعــم بهــدف‬ ‫صــد تقــدم التنظيــم واســتعادة مــا خــروه‬ ‫مؤخــرا ً‪ ،‬وأرســلت بعــض الفصائــل إمــدادات‬ ‫عســكرية مــن بينهــا رتــل يتبــع للــواء حلــب‬ ‫املدينــة باتجــاه قريــة «حربــل» إال أن التنظيــم‬ ‫ويف كمــن لــه متكــن مــن أرس قائــد لــواء حلــب‬ ‫املدينــة العســكري «ســيف أبــو ذكــور» لتبــدأ‬ ‫مفاوضــات بينــه وبــن الثــوار عــى عمليــة‬ ‫تبــادل أرسى‪.‬‬ ‫الجديــر بالذكــر أن تنظيــم الدولــة يحــاول‬ ‫أن يرســم حــدود دولتــه املفرتضــة‪ ،‬رافضــاً‬ ‫أن يكــون نهــر الفــرات هــو الخــط األحمــر‬ ‫املمنــوع تجــاوزه‪ ،‬وم ـرا ً عــى الوصــول حتــى‬ ‫حــدود بلــدة عفريــن يف ريــف حلــب الشــايل‬ ‫لتكــون تلــك املنطقــة منفــذه الوحيــد إىل تركيــا‬ ‫بعــد أن خــر منافــذ ســابقة لــه يف ريــف‬ ‫حلــب الرشقــي وريــف الرقــة الشــايل لصالــح‬ ‫الوحــدات الكرديــة التــي تعيــش حالــة هــدوء‬ ‫تــام عــى تلــك الجبهــات مــع تنظيــم الدولــة‪.‬‬

‫اهلجرة إىل الطعام‪!..‬‬

‫ديرالزور ‪ -‬محمد علوش‬

‫مل يحقــق الصحفيــون يف أمل ديــر الــزور‪،‬‬ ‫األزل‬ ‫التــي تحتضــن بقايــا الفـرات‪ ..‬زوجهــا ّ‬ ‫املريض!‬ ‫أال يعلــم مــن ال يعلــم‪ ..‬مــاذا يجــري يف‬ ‫ديــر الــزور؟!‬ ‫هــل يلتفــت الشــعب املرهــق ملهاتــرات‬ ‫التيــارات السياســية أو للتنديــد بالصمــت‬ ‫(الخــاق)؟!‬ ‫ّ‬ ‫الــدويل‬ ‫ال‪ ..‬تجــري املقاربــة عــى طريــق الخــروج‬ ‫مــن مدينــة ديــر الــزور‪ ،‬الــذي تغــرت‬ ‫مالمحــه‪ ،‬بالحقائــب الفاقعــة اللــون‬ ‫وســط شــحوب االســفلت‪ .‬تــرك الخارجــون‬ ‫مــن ديــر الــزور متاعهــم عــى الطرقــات‪،‬‬ ‫بــل وتــرك البعــض ذويهــم جثثــا ً‪ ،‬بقبــور‬ ‫«شــكليّة» عــى الطريــق‪ ،‬مــا أظنهــم خــارت‬ ‫قواهــم مــن ثقــل الحقيبــة‪ ،‬أو مــن ثقــل‬ ‫الجثــة‪ ،‬وإمنــا خــارت لهفتهــم للحيــاة‪،‬‬

‫وخــار‪ ..‬مــا هــو أيض ـا ً لهفــة للمزيــد‪ ،‬وإمنــا‬ ‫ل ُيخرســوا ضامئرهــم وســط رصاخ أطفالهــم‬ ‫املســتفز‪ .‬نعــم إىل الطعــام أهــي هاجــروا‪،‬‬ ‫ومل تنحــنِ رؤوســهم‪ ،‬ومل يزدهــم نهمهــم إال‬ ‫عـ ّزة فهــم ليســوا األوغــاد‪ .‬أيهــا املســتجريون‬ ‫مــن الرمضــاء بالنــار‪ ....‬يف النــار طعــام!!‬ ‫هــذا وقــد تــم اكتشــاف طــوق ثالــث‬ ‫يحــارص قاطنــي مدينــة ديــر الــزور‪..‬‬ ‫ال طعــام‪ ،‬وال ماء‪ ،‬وال كهربــاء‪ ،‬وال مواصالت‪،‬‬ ‫وكثــر مــن الــذل‪ ،‬وكثــر مــن العــذاب‬ ‫هــذا بعــض الحصــار‪ .‬ال ابتســامات وهــذا‬ ‫بعضــه اآلخــر‪ ،‬هــل خــر أحدكــم صعوبــة‬ ‫أن شــفاهه ابتســامة!!؟؟ الحصــار هــو أن‬ ‫يُحــارص وجهــك الحــر‪ ،‬واألهــم هــو أن‬ ‫تجــر الهــواء‪ ،‬وتستنشــق زفــرك املســتعمل‪،‬‬ ‫أن متــأ جــوف عينيــك مبــاء يغــي‪ ،‬وترتعــش‬ ‫شــفاهك املتشــققة‪ .‬هــو أن تحــارص‬ ‫الغضــب يف داخلــك‪ ،‬وترسبــه قلي ـاً‪ ..‬قلي ـاً‬

‫مــن بــن حاجبيــك دون أن تن ّفــذ انفجــارات‬ ‫هســتريية‪.‬‬ ‫ليــس وصولــك مرحلــة الهســترييا بحــد‬ ‫ذاتــه‪ ،‬إن كنــت محــارصا ً‪ ،‬هــو الكارثــة‪..‬‬ ‫الكارثــة أن تثــور‪ ،‬وتــرخ‪ ،‬وتعتقــد أنهــا‬ ‫العتبــة الح ّديــة ملــا يجــري لــك‪ ،‬ثــم ال‬ ‫يحــدث شــيئ!!‬ ‫أبكتنــي واللــه باألمــس‪ ،‬فتــاة قالــت إنهــا‬ ‫اســتفاقت يف الفجــر‪ ،‬وفيهــا أملّ مــن بعــض‬ ‫شــؤونها النســائية‪ ،‬وليــس لديهــا دواء أو‬ ‫أدىن مســتلزمات النظافــة‪ ،‬والصحــة‪ ،‬قامــت‬ ‫تريــد املــاء لتزيــل بعــض حقدهــا عــى‬ ‫جســدها‪ ،‬وا ّدعــت أنهــا ال تعلــم بخــزان‬ ‫ـب‬ ‫امليــاه الفــارغ‪ ...‬لتفاجئهــا أمهــا وهــي تكـ ُّ‬ ‫عليهــا ســطول املــاء‪ ،‬يف وســط دقائــق مــن‬ ‫البــكاء الهســتريي‪ ،‬ثــم الصمــت املطبــق‪...‬‬ ‫وهــل اشــنع مــن الصمــت؟؟! حيــي‬ ‫أخيتــي وليتطهــر األنجــاس‪.‬‬

‫النمســا ‪ -‬الشاحنة التي عرث بداخلها عىل جثث املهاجرين‬

‫الحرمل ـ وكاالت‬

‫أعلنــت رشطــة النمســا‪ ،‬الخميــس‬ ‫‪ ،2015/8/27‬العثــور عــى جثــث عــدد كبــر‬ ‫مــن املهاجريــن داخــل شــاحنة متوقفــة عــى‬ ‫جانــب طريــق رسيــع يف منطقــة «نوي ســيدل»‬ ‫و»بارنــدورف»‪ ،‬مبقاطعــة بورجنالنــد جنــوب‬ ‫رشق النمســا‪ ،‬ورجحــت الرشطــة النمســاوية‪،‬‬ ‫أن يكــون القســم األكــر مــن املهاجريــن‬ ‫الذيــن عــر عــى جثثهــم يف الشــاحنة املرتوكــة‬ ‫لســوريني‪ ،‬بينهــم أربعــة أطفــال‪.‬‬ ‫وقــال املتحــدث باســم الرشطــة النمســاوية‬ ‫هانــس بيــر دونســكوزيل «بــن ‪ 71‬شــخصاً‬ ‫هنــاك ‪ 59‬رج ـاً ومثــاين نســاء وأربعــة أطفــال‪،‬‬ ‫إحداهــن يف ســنتها األوىل أو الثانيــة»‪ ،‬موضح ـاً‬ ‫أنــه تــم العثــور عــى وثائــق ســفر ســورية‬ ‫بحوزتهــم‪ ،‬لذلــك يرجــح أن يكونــوا مــن‬ ‫الالجئــن الســوريني‪.‬‬ ‫وعــى خلفيــة الحادثــة‪ ،‬اعتقلــت الرشطــة‬ ‫الهنغاريــة ثالثــة أشــخاص عــى عالقــة بحادثــة‬ ‫وفــاة املهاجريــن‪ .‬وقالــت حكومــة النمســا إن‬ ‫عــدد الجثــث يف شــاحنة املهاجريــن التــي عــر‬ ‫عليهــا بلــغ أكــر مــن ‪ 70‬جثــة‪.‬‬ ‫وقالــت الوزيــرة النمســاوية ميــكل ليتــر إن‬ ‫«هــذه املأســاة أثــرت فينــا جميعــاً بعمــق‪،‬‬ ‫املتاجــرون بالبــر هــم مجرمــون‪ .‬كل مــن ال‬ ‫إعالن مجاين‬

‫ي ـزال يعتقــد أنهــم لطفــاء يرغبــون باملســاعدة‬ ‫يحتــاج للمســاعدة»‪.‬‬ ‫وظهــرت يف وكاالت األنبــاء صــورة شــاحنة‬ ‫بيضــاء اللــون تحمــل صندوقـاً مغلقـاً مخصصـاً‬ ‫لنقــل اللحــوم‪ ،‬وهــي مركونــة عــى جنــب‬ ‫طريــق رسيــع‪ .‬ووفــق مــا أوردتــه صحيفــة‬ ‫«كرونــن تســايتونج» النمســاوية‪ ،‬عــى‬ ‫موقعهــا االلكــروين‪ ،‬فــإن الشــاحنة املذكــورة‬ ‫كانــت تحــوي مهاجريــن غــر رشعيــن بينهــم‬ ‫عــرة أطفــال‪ ،‬ومل يســتجب الســائق لنــداءات‬ ‫املهاجريــن لــه بالتوقــف‪ ،‬حيــث اتخــذ طريقــه‬ ‫مبــارشة مــن الحــدود الرصبيــة إىل النمســا دون‬ ‫انقطــاع‪ ،‬مشــرة إىل أن الوفــاة حصلــت بســبب‬ ‫االختنــاق‪ ،‬دون أن تــورد الصحيفــة مصــدر‬ ‫معلوماتهــا‪.‬‬ ‫واعتــرت املستشــارة األملانيــة‪ ،‬أنجيــا مــركل‪،‬‬ ‫الخميــس‪ ،‬أن العثــور عــى الجثــث الجديــدة يف‬ ‫النمســا يعتــر تحذي ـرا ً ألوروبــا‪ ،‬وأن عليهــا أن‬ ‫تعالــج أزمــة املهاجريــن‪ .‬وقالــت مــركل‪ ،‬يف‬ ‫قمــة مــع قــادة دول غــرب البلقــان يف فيينــا‪:‬‬ ‫«لقــد صدمنــا جميعـاً باألنبــاء الفظيعــة بشــأن‬ ‫العثــور عــى مــا يصــل إىل ‪ 50‬شــخصاً فارقــوا‬ ‫الحيــاة‪ ،‬رغــم أن هــؤالء األشــخاص كانــوا‬ ‫قادمــن للحصــول عــى األمــان‪ .‬إنــه تحذيــر‬ ‫لــي نبــدأ العمــل ونحــل هــذه املشــكلة‬ ‫ونبــدي تضامنــاً»‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫تغريبة احلرية واملوت‪!..‬‬

‫س��وريا مأس��اة العص��ر‪ ،‬وعج��ز دول��ي ع��ن ح��ل سياس��ي مرتق��ب لألزم��ة الس��ورية‬

‫تحولــت مأســاة املهاجريــن الســوريني إىل‬ ‫قضيــة شــغلت العــامل مبــا تحملــه مــن معانــاة‬ ‫وعذابــات ومــرارة‪ ،‬تصــل يف أحيــان عديــدة‬ ‫إىل املــوت املحتــم‪ ،‬وال تخلــو مــن عمليــات‬ ‫نهــب وســلب ونصــب واحتيــال‪ ،‬تطــال معظــم‬ ‫طالبــي الهجــرة يف أكــر املــدن والبلــدان التــي‬ ‫ميــرون بهــا يف طريقهــم إىل أرض امليعــاد‪.‬‬ ‫الجنــة املوعــودة أو أرض امليعــاد كــا يطلــق‬ ‫عليهــا الســوريون‪ ،‬هــي أملانيــا بالدرجــة األوىل‪،‬‬ ‫وتــأيت بعدهــا الــدول االســكندينافية‪ ،‬ثــم‬ ‫النمســا وبلجيــكا وفرنســا وبولنــدا‪ ،‬بينــا تظــل‬ ‫بريطانيــا وأمريــكا وكنــدا حلــاً عصيــاً عــى‬ ‫الســوريني‪ ،‬رغــم تعهــد بعــض هــذه الــدول‬ ‫باســتقبال بضــع مئــات مــن الســوريني ممــن‬ ‫تقدمــوا بطلبــات لجــوء إىل األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫مــا الــذي يحــدث للســوريني يف مســالك‬ ‫هجرتهــم؟ وكيــف تتــم عمليــات تهريبهــم إىل‬ ‫أوربــا بطــرق غــر رشعيــة؟ وملــاذا تقــل فــرص‬ ‫الهجــرة بطــرق رشعيــة؟ وهــل طــرق أوربــا‬ ‫أو الجنــة املوعــودة معبــدة بالزهــور؟ ومــاذا‬ ‫يدفــع الســوري يف الطريــق ليصــل إىل أرض‬ ‫الحريــة؟ وهــل يدفــع مــا تبقــى مــن مالــه‪،‬‬ ‫أم يضيــف إىل ذلــك عرقــه ودمــه‪ ،‬وكرامتــه يف‬ ‫بعــض األحيــان؟‬ ‫القصــة تبــدأ يف تركيــا‪ ،‬هنــاك يف اســتنبول‪ ،‬أو‬ ‫جنــاق قلعــة أو إزمــر أو بــودروم أو مرســن‪،‬‬ ‫أو رمبــا تبــدأ الحكايــة مــن شــانيل أورفــا‪ ،‬أو‬ ‫كلــس عندمــا يضــع الســوري أول قــدم لــه يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬فحكايــة الهجــرة يحملهــا معــه قبــل أن‬ ‫يصــل إليهــا‪ ،‬رغــم أن الكثــر مــن الســوريني قــد‬ ‫ألفــوا العيــش يف تركيــا‪ ،‬لكــن حلــم الهجــرة مل‬ ‫يعــد مقتـرا ً عــى جيــل الشــباب‪ ،‬بــل تجــاوزه‬ ‫ليصــل إىل النســاء واألطفــال والشــيوخ‪.‬‬ ‫تغريبــة املهاجريــن‪ ..‬البدايــة وحلــم الحريــة‬ ‫املتجــدد‬ ‫تنتــر يف مــدن اســتنبول وإزمــر ومرســن عــى‬ ‫وجــه التحديــد مكاتــب إيــداع املبالــغ الضامنــة‬ ‫للمهاجــر واملهــرب‪ ،‬ويف أغلــب األحيــان ميلكهــا‬ ‫ســوريون برشاكــة مــع مواطنــن أتــراك‪ ،‬ويف‬ ‫هــذه املكاتــب يتــم إيــداع املبالــغ املتفــق‬ ‫عليهــا يف عمليــات التهريــب‪ ،‬التــي تتــم جــوا ً‬ ‫مــن اســطنبول‪ ،‬أو بح ـرا ً عــر الســفن الكبــرة‬ ‫أو اليخــوت‪ ،‬أو البلــم‪ ،‬أو ب ـرا ً عــر الحــدود مــا‬ ‫بــن تركيــا واليونــان أو بــن تركيــا وبلغاريــا‪،‬‬ ‫واألخــرة محفوفــة باملخاطــر‪.‬‬ ‫عمليــة التهريــب جــوا ً باهظــة التكاليــف‪،‬‬ ‫وتصــل تكلفــة نقــل املهاجــر مــن اســطنبول‬ ‫إىل الســويد إىل نحــو ‪ 12‬ألــف يــورو‪ ،‬وعــرة‬ ‫آالف يــورو إىل أملانيــا‪ ،‬ومثانيــة آالف يــورو‬ ‫إىل النمســا‪ ،‬وتبــدأ العمليــة بتزويــد املهاجــر‬ ‫ٍ‬ ‫مســتوف لــكل رشوط‬ ‫بجــواز ســفر أوريب‪،‬‬ ‫الســفر‪ ،‬ومــن املمكــن أن تفشــل عمليــة‬ ‫التهريــب عــدة مــرات‪ ،‬ورمبــا تنجــح مــن‬ ‫املحاولــة األوىل‪ ،‬طبعــاً مكتــب اإليــداع هــو‬ ‫املســؤول عــن حقــوق املهاجــر واملهــرب‪ ،‬فبعــد‬ ‫أن يــودع املهاجــر املبلــغ املــايل املتفــق عليــه‬ ‫يف املكتــب‪ ،‬ال يتــم ســحبه مــن قبــل املهــرب‬ ‫إال بعــد أن يصــل املهاجــر إىل مقصــده‪ ،‬وهــي‬

‫عمليــة فنيــة معقــدة‪ ،‬رمبــا تنتهــي بالنصــب‬ ‫واالحتيــال كــا حــدث يف مكتــب اإليــداع الــذي‬ ‫ميلكــه الســوري الحلبــي جــال ‪ .‬س‪.‬‬ ‫وجــال هــذا قــام بجمــع مبلــغ قــدره خمســة‬ ‫ماليــن دوالر مــن الراغبــن يف الهجــرة مــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬ومببالــغ تبــدأ مــن ‪ 800‬دوالر‬ ‫وتنتهــي بحــوايل ‪ 12‬ألــف يــورو‪ ،‬عــر مكتبــه‬ ‫الرئيــي يف اســطنبول ومكتبيــه الفرعيــن يف‬ ‫إزمــر ومرســن‪ ،‬وبعــد شــهر ونيــف‪ ،‬اكتشــف‬ ‫النــاس الخديعــة‪ ،‬بعــد أن أغلــق املكاتــب وفـ ّر‬ ‫صاحبهــا باملاليــن الخمســة‪.‬‬ ‫البحر‪ ..‬طريق املوت أو اخلالص‪..‬‬ ‫أمــا الطــرق البحريــة‪ ،‬فتبــدأ مــن اســطنبول أو‬ ‫جنــاق قلعــة‪ ،‬أو إزمــر أو بــودروم‪ ،‬حســب مــا‬ ‫أفادنــا بــه الســوري أ ‪ .‬ح وهــو أحــد الوســطاء‬ ‫مــا بــن املهاجريــن واملهربــن‪ ،‬ويقــول‪ :‬الطريــق‬ ‫البحــري هــو األكــر أمانـاً‪ ،‬ويتــم النقل بالســفن‬ ‫الكبــرة أو اليخــوت الســياحية‪ ،‬وتكلفتــه تصــل‬ ‫إىل ‪ 2600‬دوالر‪ ،‬وأغلــب األحيــان تتــم مــا‬ ‫بــن جنــاق قلعــة إىل جزيــرة صغــرة بالقــرب‬ ‫مــن أثينــا العاصمــة اليونانيــة‪ ،‬وهــي مريحــة‬ ‫ويســتغرق التحضــر لهــا عــدة أيــام‪ ،‬وتبــدأ‬ ‫الرحلــة صباحــاً‪ ،‬مســتغرقة نهــارا ً عــى وجــه‬ ‫التقريــب‪ ،‬وهــي مضمونــة بنســب عاليــة‪،‬‬ ‫وهــي األكــر أمان ـاً‪.‬‬

‫البلم‪ ..‬بلم احلرية واملوت‬ ‫أو بلــم املــوت‪ ،‬كــا درج الســوريون عــى‬ ‫تســميته‪ ،‬وهــو األكــر شــيوعاً‪ ،‬لكلفتــه‬ ‫املتدنيــة‪ ،‬التــي تصــل إىل حــدود ‪ 800‬دوالر‬ ‫يف الحــد األعــى‪ ،‬ويف الحــد األدىن تصــل إىل‬ ‫‪ 200‬دوالر تقريبــاً‪ ،‬ورمبــا يف بعــض األحيــان‬ ‫يســعفك الحــظ وتكــون ربــان الرحلــة بعــد‬ ‫فــرة تدريبيــة متتــد أســبوعاً‪ ،‬وتكــون الرحلــة‬ ‫باملجــان‪ ،‬ويف معظــم األحيــان تكــون نقطتــي‬ ‫االنطــاق مــن بــودروم أو إزمــر باتجــاه‬ ‫الجــزر اليونانيــة (ســاموس ـ نيمــوس ـ كــوس‬ ‫ـ كالينــوس)‪ .‬ويقــول أ ‪ .‬م‪ :‬رحلــة البلــم‬ ‫محفوفــة باملخاطــر‪ ،‬وهــي غــر مضمونــة‬ ‫األمــان‪ ،‬ورمبــا يتعــرض الــركاب للمــوت غرق ـاً‬ ‫يف حالــة انقــاب املركــب نتيجــة ارتفــاع مــوج‬ ‫البحــر‪ ،‬أو العواصــف‪ ،‬وهــي كثــرة جــدا ً‪ ،‬رغــم‬ ‫أن املهربــن يختــارون الوقــت األنســب للنقــل‪،‬‬ ‫وهنــاك قصــص كثــرة عــن تعــرض املهاجريــن‬ ‫للقرصنــة مــن قبــل عصابــات امللثمــن‪ ،‬وهــي‬ ‫منتــرة يف بحــر إيجــه‪ ،‬ومعظمهــا يتــم يف‬

‫امليــاه اإلقليميــة الرتكيــة‪ ،‬وهــؤالء القراصنــة‬ ‫يرصــدون القــوارب التــي تقــرب مــن حــدود‬ ‫امليــاه اإلقليميــة اليونانيــة‪ ،‬وقبــل أن تدخلهــا‪،‬‬ ‫يتــم تطويــق املركــب‪ ،‬ومــن ثــم إجـراء عمليــة‬ ‫تفتيــش للــركاب‪ ،‬يتــم مــن خاللهــا ســلبهم كل‬ ‫مــا ميلكونــه مــن مــال أو نفيــس‪ ،‬واالعتــداء‬ ‫عليهــم بالــرب والشــتم‪ ،‬وإجـراءات التفتيــش‬ ‫تشــمل النســاء‪ ،‬وال تســتثني حتــى األطفــال‪،‬‬ ‫وتنتهــي العمليــة بطلــب االســتغاثة مــن خفــر‬ ‫الســواحل الــريك إلنقــاذ ركاب البلــم مــن‬ ‫الغــرق‪ ،‬بعــد أن مزقــه امللثمــون بالســكاكني‪.‬‬ ‫والبلــم ليــس جديــدا ً عــى الســوريني‪ ،‬مــا عــدا‬ ‫اإلضافــات الجديــدة يف الشــكل واملحــرك‪ ،‬فقــد‬ ‫شــهدت ميــاه املتوســط هجــرة للســوريني إىل‬ ‫أوروبــا عقــب الحــرب العامليــة األوىل‪ ،‬مــن‬ ‫أشــكالها طــوف يشــبه البلــم‪ ،‬لكنــه دون‬ ‫محــرك‪ ،‬وتســتخدم املجاذيــف عوضــاً عنــه‪.‬‬ ‫ويف ســخرية مــ ّرة‪ ،‬أطلــق الســوري ســامر ‪.‬‬ ‫إ تعريفــاً للبلــم يتلخــص بالعبــارات التاليــة‪،‬‬ ‫البلــم‪ :‬البــاء تعنــي بـ ّر األمــان‪ ،‬والــام ملّ الشــمل‬ ‫يف ديــار املهجــر‪ ،‬وامليــم مــوت بطــيء وهــادئ‬ ‫يف ديــار الغربــة‪ .‬ويف لحظــة تحـ ٍـد مــع الــذات‬ ‫قــرر الشــاب الســوري هشــام معضــاين ‪24‬‬ ‫عامــاً‪ ،‬الســباحة مــن الشــاطئ الــريك باتجــاه‬ ‫الجــزر اليونانيــة‪ ،‬حامــاً معــه جــواز ســفر‬ ‫وقلــم ليــزر وهاتــف محمــول‪ ،‬رغــم أنــه مل‬ ‫يجــرب الســباحة يف البحــر إال مــرات قليلــة‪،‬‬ ‫عاقــدا ً العــزم عــى أن ســباحة ‪ 5‬كيلومــرات‪،‬‬ ‫كانــت كافيــة لوضــع قدمــه األوىل يف أوروبــا‪،‬‬ ‫وهــي الطريقــة الوحيــدة بالنســبة إليــه‬ ‫للوصــول إىل بــاد الحريــة‪ ،‬ألنــه باختصــار ال‬ ‫ميلــك مــاالً ليدفعــه للمهربــن‪.‬‬ ‫ويعتــر املعضــاين أول ســوري يعــر امليــاه‬ ‫الرتكيــة ســباحة إىل الجــزر اليونانيــة‪ ،‬وحســب‬ ‫األخبــار ومــا يــرد يف وســائل التواصــل‬ ‫االجتامعــي‪ ،‬فقــد تجــاوز عــدد الســوريني‬ ‫الخمســة ممــن وصلــوا إىل الجــزر اليونانيــة‬ ‫ســباحة‪.‬‬ ‫من حكايا املوت‪..‬‬ ‫ينقــل لنــا الســوري محمــد املدفــع‪ ،‬مــدرس‬ ‫اللغــة الفرنســية‪ ،‬املقيــم يف بلجيــكا حاليــاً‪،‬‬ ‫رســالة ابنتــه التــي نجــت بأعجوبــة مــن املــوت‪،‬‬ ‫تقــول‪« :‬مرحبــا بابــا‪ ..‬شــلونك»‬ ‫هــذه وصلتــي إىل جزيــرة اســمها ســاموس‪،‬‬ ‫نصحونــا بهــا‪ ،‬أخــذوا لنــا الصــور واإلج ـراءات‬ ‫مــن أجــل ترحيلنــا ألثينــا‪ ..‬طبع ـاً نجونــا مــن‬ ‫الغــرق بأعجوبــة مــن أول نصــف ســاعة‬ ‫طلــع «البلــم مغشــوش»‪ ،‬زوده املهــرب بليــر‬ ‫ونصــف بنزيــن‪ ،‬وقــال لنــا تصلــون بعــد أربعــن‬ ‫دقيقــة‪ ،‬وصلنــا بعــد مثــان ســاعات عانينــا‪..‬‬ ‫عانينــا «اللــه كاتــب لنــا عمــر»‪ ،‬اســتخدمنا‬ ‫املجاذيــف‪ ،‬حقيبتــي راحــت بالبحــر‪ ،‬البلــم‬ ‫امتــأ باملــاء‪ ،‬الصيــاح‪ ..‬الدنيــا‪ ..‬جــاء خفــر‬ ‫الســواحل بعــد صياحنــا أنقذونــا‪ ..‬طبعــاً إىل‬ ‫اآلن أرتجــف‪ ،‬وصــار معــي اختنــاق وأعطــوين‬ ‫عالجـاً‪ ..‬طبعـاً بــدأت أفــام الرعــب مــن إزمــر‪،‬‬ ‫كنــا مثــل الغنــم‪ ،‬كان تهريبنــا بشــاحنات غنــم‬ ‫«مكربســن» بهــا مــن كراجــات مهجــورة يف‬ ‫الغابــات‪ ،‬وصلنــا الســاعة العــارشة‪ ..‬لكنــي‬ ‫إىل اآلن أرتجــف‪ ،‬ال أعــرف‪ ..‬مصدومــة أننــي‬ ‫وصلــت حيــة‪ ،‬أغلبنــا ضاعــت حقائبهــم‪ ،‬اللــه‬ ‫ســر هاتفــي وجــوازي وضعتهــم بحقيبــة عــى‬ ‫حلقــي‪ ،‬واآلن حالتــي يــرىث لهــا‪ ،‬بعــد قليــل‬ ‫نأخــذ بطاقــة الرتحيــل ونطلــع إىل أثينــا‪ ،‬طبع ـاً‬ ‫أنقذونــا خفــر الســواحل مــن «نــص املــي»‬ ‫بعدمــا تعطــل البلــم‪ ،‬وخلــص أملنــا بالحيــاة‪،‬‬ ‫وأن البلــم مــا عــاد يشــتغل‪« ..‬والحمــد للــه‬ ‫طلعــت طيبــة»‪.‬‬ ‫ومــن الســاحل اإلفريقــي‪ ،‬املمتــد مــن مــر إىل‬

‫ليبيــا وتونــس ثــم إىل الجزائــر‪ ،‬تنطلــق رحــات‬ ‫يوميــة‪ ،‬تحمــل آالف املهاجريــن الســوريني‬ ‫والعراقيــن واألفارقــة‪ ،‬واألفغــان باتجــاه القــارة‬ ‫العجــوز‪ ،‬ضمــن مراكــب بدائيــة‪ ،‬ال تقــوى عــى‬ ‫حمــل هــذه األعــداد الكبــرة‪ ،‬غالب ـاً مــا تكــون‬ ‫عرضــة للغــرق‪ ،‬مــا يــؤدي إىل وفــاة املئــات‬ ‫يوميـاً‪ ،‬وتنتــر ســفن االنقــاذ التابعــة لالتحــاد‬ ‫األوريب يف البحــر املتوســط يف محــاوالت جــادة‬ ‫إلنقــاذ املهاجريــن‪ ،‬وتظهــر عــى صفحــات‬ ‫التواصــل االجتامعــي أخبــار انطــاق الرحــات‬ ‫وتعميــم أرقــام هواتــف خفــر الســواحل‬ ‫الرتكيــة واليونانيــة واإليطاليــة واملالطيــة يف‬ ‫محاولــة يائســة مــن املهاجريــن وذويهــم‬ ‫إلنقــاذ مــا ميكــن إنقــاذه‪ ،‬وترتكــز عــى الســاحل‬ ‫الليبــي يف مــدن زوارة وصرباتــة وطرابلــس وبني‬ ‫غــازي وزلتــن وغريهــا عمليــات االتجــار بالبرش‪،‬‬ ‫وتلتقــط مراكــب اإلنقــاذ عــرات نــداءات‬ ‫االســتغاثة يوميــاً‪ ،‬وتؤكــد معظمهــا خطــورة‬ ‫عمــل هــذه املراكــب‪ ،‬وعــدم قدرتهــا عــى‬ ‫تحمــل مثــل هــذه الحمــوالت الكبــرة‪.‬‬ ‫حمطات اهلجرة‪..‬‬ ‫بعــد الوصــول إىل الجــزر اليونانيــة يتــم االنتقال‬ ‫إىل أثينــا جــوا ً أو بحــرا ً‪ ،‬وتقــوم الســلطات‬ ‫اليونانيــة مبنــح املهاجــر الخارتــا‪ ،‬التــي مبوجبهــا‬ ‫يتــم التنقــل يف اليونــان ملــدة ســتة أشــهر ثــم‬

‫االنتقــال إىل مقدونيــا‪ ،‬العــرة األوىل يف وجــه‬ ‫الســوريني أو املهاجريــن بشــكل عــام‪ ،‬فقــد‬ ‫شــهدت هــذا الشــهر إجـراءات متشــددة للحــد‬ ‫مــن الهجــرة عــر أراضيهــا‪ ،‬وصلــت إىل حــدود‬ ‫تطبيــق قانــون الطــوارئ عــى الحــدود اليونانية‬ ‫املقدونيــة‪ ،‬وتدخــل الجيــش املقــدوين‪ ،‬الــذي‬ ‫اســتخدم القنابــل املســيلة للدمــوع‪ ،‬والطلقــات‬ ‫املطاطيــة‪ ،‬وإقامــة الحواجــز واألســاك أمــام‬ ‫املهاجريــن يف مشــاهد إنســانية أقلقــت العــامل‬ ‫بــأرسه تجــاه مــا يحصــل عــى أرايض مقدونيــا‪،‬‬ ‫التــي وقفــت ســدا ً منيعـاً يف وجــه الفاريــن مــن‬ ‫املــوت والحاملــن بالوصــول إىل أرض الحريــة‬ ‫مــن خــال اســتخدامها للقــوة املفرطــة‪ ،‬لكــن‬ ‫يف النهايــة انتــرت إرادة املهاجريــن أمــام‬ ‫القــوة املفرطــة‪ ،‬واســتطاعوا الحصــول عــى‬ ‫مــررات املــرور عــر مقدونيــا‪ ،‬واالنتقــال‬ ‫بعدهــا إىل رصبيــا‪ ،‬التــي تعــد مــن أكــر‬ ‫الــدول التــي ســاعدت املهاجريــن الســوريني‬ ‫يف تغريبتهــم القرسيــة‪ ،‬ومل تقــف يف يــوم مــن‬ ‫األيــام بوجههــم‪ ،‬بــل شــاركتهم أملهــم وحلمهــم‬

‫يوسف دعيس‬

‫بالحريــة والخــاص‪.‬‬ ‫أملانيا تلغي العمل باتفاقية دبلن‪..‬‬ ‫يف خطــوة إنســانية متقدمــة‪ ،‬ألغــت أملانيــا‬ ‫تطبيــق معاهــدة دبلــن بالنســبة لالجئــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬التــي تنــص بنودهــا عــى إعادتهــم‬ ‫إىل أول بلــد أورويب دخلــوا إليــه‪ ،‬إثــر توافــد‬ ‫اآلالف مــن املهاجريــن بــرا ً مــن اليونــان إىل‬ ‫مقدونيــا يف طريقهــم إىل الــدول األوروبيــة‪.‬‬ ‫ويــأيت هــذا القـرار الــذي دخــل حيــز التنفيــذ يف‬ ‫الـــحادي والعرشيــن مــن شــهر آب املنــرم‪ ،‬يف‬ ‫الوقــت الــذي دعــت فيــه املستشــارة األملانيــة‬ ‫أنغيــا مــركل والرئيــس الفرنــي فرانســوا‬ ‫هوالنــد إىل إصــاح نظــام اللجــوء يف دول‬ ‫االتحــاد األورويب‪.‬‬

‫وتعــد قضيــة إعــادة الالجئــن إىل الــدول التــي‬ ‫بصمــوا فيهــا‪ ،‬أو تــم أخــذ بصامتهــم فيهــا‬ ‫بالقــوة يف دول مقدونيــا وبلغاريــا وهنغاريــا‬ ‫مــن أبــرز املشــكالت التــي تواجــه الالجئــن‪،‬‬ ‫ودفعــت بعضهــم إىل محاولــة االنتحــار‪ ،‬نظ ـرا ً‬ ‫لســوء أوضــاع الالجئــن يف هــذه الــدول‪.‬‬ ‫هــذا هــو حــال الســوريني‪ ،‬وهــم يفــرون‬ ‫مــن مــوت محتــم تحــت الرباميــل املتفجــرة‬ ‫والصواريــخ الفراغيــة‪ ،‬إىل مــوت يف عــرض‬ ‫البحــر‪ ،‬وإىل مــوت وذل وقهــر عــى حــدود‬ ‫حــل يف األفــق ملأســاتهم‪ ،‬مأســاة‬ ‫الــدول‪ ،‬وال ّ‬ ‫العــر التــي تجــاوز ضحاياهــا أكــر مــن‬ ‫نصــف مليــون‪ ،‬وأكــر مــن عــرة ماليــن بــن‬ ‫مهجــر ونــازح‪ ،‬وعجــز دويل عــن حلهــا‪ ،‬فهــل‬ ‫نــرى يف األشــهر القليلــة القادمــة بصيــص أمــل‬ ‫يف نفــق قاتــل امتــد ظالمــه لســنوات خمــس‬ ‫أتــت عــى البــر والحجــر؟!‬ ‫أرقام ووقائع‪..‬‬ ‫* تشري اإلحصائيات الرسمية اليونانية إىل أن‬ ‫عدد املهاجرين الذين وصولوا إىل جزر بحر إيجه‬ ‫اليونانية منذ بداية العام الحايل ‪ 2015‬بلغ أكرث من ‪ 160‬ألف‬ ‫مهاجر أغلبهم من سوريا ثم العراق وأفغانستان وعدد قليل‬ ‫من الصومال واألفارقة‪.‬‬ ‫* أعلنت وزارة الخارجية األمريكية أن الواليات املتحدة‬ ‫ستستضيف عام ‪ 2016‬ما بني خمسة آالف ومثانية آالف الجئ‬ ‫سوري وأنها تدرس ‪ 15‬ألف طلب لجوء قُدمت إليها عرب األمم‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫* قدمت الواليات املتحدة أربعة مليارات دوالر من‬ ‫املساعدات اإلنسانية لالجئني والنازحني السوريني منذ بدء‬ ‫الحرب األهلية يف سوريا يف آذار‪ /‬مارس ‪.2011‬‬ ‫* تخطى عدد الالجئني السوريني عتبة األربعة ماليني يعيش‬ ‫غالبيتهم ضمن خط الفقر‪ ،‬ويحلم بعضهم باالستقرار يف‬ ‫أوروبا بعد فقدان األمل بالحلول السياسية والعودة الرسيعة‬ ‫إىل الوطن‪ ،‬ويقيم القسم األكرب من هؤالء الالجئني يف تركيا‬ ‫ولبنان‪ ،‬وتوقعت املفوضية العليا لشؤون الالجئني التابعة‬ ‫لألمم املتحدة يف حال استمرار حركة الفرار من سوريا أن يصل‬ ‫بحلول نهاية العام إىل ‪ 4،5‬مليوناً‪ ،‬يُضاف إليهم حوايل ‪7،6‬‬ ‫ماليني نازح داخل سوريا‪.‬‬ ‫* بعد موافقة سلوفاكيا عىل استقبال ‪ 200‬عائلة سورية‬ ‫مسيحية‪ ،‬وموافقة التشيك عىل استقبال ‪ 70‬عائلة مسيحية‬ ‫أخرى‪ ،‬قامت الحكومة البولندية باملوافقة عىل‬ ‫استقبال ‪ 50‬عائلة سورية ومن املسيحيني حرصا ً‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫اإلعالم يف وجه النظام‪!..‬‬

‫يف أحلــك وأشــد الظــروف قســوة وقــوة‪،‬‬ ‫تركوهــا وحيــدة تصــارع املــوت والحيــاة‪،‬‬ ‫وتعايــش الحــرب بــكل تفاصيلهــا وأكــر‬ ‫أســاليبها دموي ـةً‪ ،‬ســورية التــي كانــت تفتخــر‬ ‫بشــبابها واملتميــزة بــأن نســبة الشــباب فيهــا‬ ‫كانــت هــي الغالبــة‪ ،‬وأنهــا متلــك مــن أصحــاب‬ ‫الخ ـرات والشــهادات مــا ميكنهــا يف املســتقبل‬ ‫أن تكــون يف الصــدارة‪ ،‬وأنهــم هــم مــن‬ ‫ســيقودونها للنجــاح‪ ،‬وســتكون هــي حارضهــم‬ ‫ومســتقبلهم‪ ،‬يف أول محنــة تقــع بهــا يرتكونهــا‬ ‫متناســن أن لهــا الفضــل فيــا هــم عليــه‪ ،‬لذلك‬

‫كان ال بــد لهــا مــن النهــوض مــن جديــد‪ ،‬وعدم‬ ‫االستســام فــا زال هنــاك شــباب ال يرضــون أن‬ ‫تــذل وتهــان‪ ،‬فعملــوا عــى تطويــر أنفســهم‬ ‫وقدراتهــم يف أغلــب املجــاالت والنواحــي مــن‬ ‫أجــل أن يكونــوا كفــؤا ً ملرحلــة صعبــة تحتــاج‬ ‫ملــن يكــون أه ـاً لهــا‪ ،‬املجــال اإلعالمــي يعتــر‬ ‫يف ظــل الحــرب الدائــرة مــن أهــم املجــاالت‬ ‫التــي يجــب أن تكــون موجــودة بحيــث يغطــي‬ ‫جميــع األحــداث واملناطــق‪ ،‬فهــو يعتــر أقــوى‬ ‫ســاح يســتخدم ضمــن املعــارك‪ ،‬ولــه تأثــر‬ ‫قــوي عــى مجــرى املعركــة‪ ،‬وكيفيــة إبــراز‬

‫الزبداني ميدانيًا‪..‬‬

‫ريف دمشق ‪ -‬فارس العربي‬ ‫عــاد مسلســل القصــف اليومــي إىل الزبــداين‬ ‫إبّــان انتهــاء الهدنــة املزعومــة يف متــام الســاعة‬ ‫السادســة صباحــاً واســتهدفت البلــدة مبئــات‬ ‫القذائــف وعــرات الصواريــخ إضافــة إىل ‪20‬‬ ‫برميــل متفجــر ألقاهــا الط ـران املروحــي‪ ،‬كــا‬ ‫اســتهدف الطــران الحــريب الجبــل الرشقــي‬ ‫خــال ســاعات النهــار بالصواريــخ‪ ،‬ودارت‬ ‫اشــتباكات عنيفــة عــى أكــر مــن محــور يف‬ ‫املدينــة‪ ،‬كان أشــدها عــى محــور الهــدى حيــث‬ ‫اســتطاع الثــوار قتــل عــدد مــن ميليشــيا حــزب‬ ‫الــات اإلرهــايب موقعــن بينهــم أيضــاً عــددا ً‬ ‫مــن الجرحــى‪.‬‬ ‫وتــم اســتهداف الجبــل الرشقــي بغــارة مــن‬ ‫الطــران املروحــي بالرباميــل املتفجــرة‪.‬‬ ‫ويف مضايا‪:‬‬ ‫كانــت لهــا حصــة مشــابهة‪ ،‬ولكنهــا اســتهدفت‬ ‫ـب النظــام الغاشــم‬ ‫أكــر بالقصــف‪ ،‬حيــث يصـ ّ‬ ‫جــام غضبــه عليهــا ويســتهدف املدنيــن هنــاك‬ ‫بجبنــه وقلــة حيلتــه أمــام أبنــاء األرض‪ ،‬فقــد‬ ‫ش ـ ّن الط ـران املروحــي غــار ًة عليهــا بربميلــن‬ ‫متفجريــن‪ ،‬وتعرضــت لقصــف مدفعــي مــن‬ ‫مدافــع األتــايس وآيــة الكــريس والنقطــة الثالثــة‬ ‫مــع اســتمرار متواصــل لعمليــات القنــص‬ ‫واطــاق النــار العشــوايئ يف ظــل وجــود أكــر‬ ‫مــن خمســن ألــف مــدين تــم تجميعهــم يف‬ ‫هــذه البلــدة الصغــرة يف ظــل ظــروف معيشــية‬ ‫واقتصاديــة تصعــب عــى الوصــف وتنعــدم‬

‫صــورة التقــدم والســيطرة بطريقــة تحبــط‬ ‫مــن معنويــات الطــرف اآلخــر‪ ،‬فبتلــك العدســة‬ ‫الصغــرة التــي يحملهــا اإلعالمــي ســتكون هــي‬ ‫الشــاهدة عــى مــا يحصــل ويجــري‪ ،‬خاصــة‬ ‫أنــه يف الوقــت الراهــن ميكــن إظهــار كافــة‬ ‫التفاصيــل واألحــداث ونرشهــا عــن طريــق‬ ‫وســائل التواصــل االجتامعــي املتعــددة‪.‬‬ ‫ومــن هــذا املنطلــق فقــد أقيمــت يف مدينــة‬ ‫حلــب دورة برعايــة مــن اتحــاد اإلعالميــن يف‬ ‫حلــب ورابطــة تكاتــف اإلعالميــة تقــوم عــى‬ ‫أســاس تحضــر وتدريــب الكــوادر اإلعالميــة‬ ‫وترفــع مــن مســتواهم اإلعالمــي عــن طريــق‬ ‫إعطــاء أســس وقواعــد التصويــر الفوتوغــرايف‬ ‫ومــن ثــم اختبــار لهــم ضمــن التصويــر‬ ‫وأنواعهــا لـــ‪ 36‬متــدرب‪.‬‬ ‫ويف تصري��ح م��ن الصحف��ي عم��ر احلل�بي‪:‬‬ ‫أكــد عــى أن الــدورة كانــت للتطويــر املهــارات‬ ‫لــدى الشــباب واإلنــاث الذيــن التحقــوا‬ ‫بالــدورة‪ ،‬والبــدء معهــم مــن النقــاط األساســية‬ ‫بالتصويــر ضمــن مراحــل تتناســب مــع‬ ‫القواعــد التــي أعطاهــم إياهــا ضمــن الــدورة‪،‬‬ ‫وأن التصويــر الصحفــي أو الصحافــة املصــورة‬ ‫تعتمــد عــى اقتنــاص الفــرص بالدرجــة األوىل‬ ‫وعــى رسعــة املصــور ونباهتــه‪ ،‬وإمكانيــة يف‬ ‫معرفــة اللقطــات امللفتــة والجذابــة‪ ،‬ويف نهايــة‬

‫االختبــار قمنــا بتقديــم شــهادة للناجحــن يف‬ ‫الــدورة‪.‬‬ ‫أح��د املتدرب�ين يف ال��دورة أك��د قائ�لا‪ً:‬‬ ‫نتيجــة للحاجــة التــي يتطلبهــا الوضــع الــذي‬ ‫نعيشــه واملــوت والقصــف الــذي مــا زال‬ ‫يعصــف مبدينتــي حلــب كان ال بــد مــن تطويــر‬ ‫مهاراتنــا يف التصويــر ألن نكــون الصــوت الــذي‬ ‫يصــل للخــارج‪ ،‬فأنــا بــدأت بالتصويــر ضمــن‬ ‫لقطــات ليســت احرتافيــة‪ ،‬ومــن أجــل االرتقــاء‬ ‫بنفــي كان ال بــد مــن العمــل عــى رفــع‬ ‫مســتوانا ضمــن الــدورة التــي أقيمــت‪ ،‬وأخذنــا‬ ‫قواعــد التصويــر باللقطــات البعيــدة والقريبــة‪،‬‬ ‫وأســلوب اســتخدام الكامــرات االحرتافيــة‪،‬‬ ‫ووجــدت فرق ـاً بعدمــا أخذنــا نقــاط اســتفدت‬

‫منهــا‪ ،‬وســأطبقها عــى األرض‪.‬‬ ‫يف النهايــة ال بــد للكلمــة والصــورة مــن صــدى‬ ‫وتأثــر عــى أرض الواقــع مهــا حــاول النظــام‬ ‫تغييــب جرامئــه وإنكارهــا‪ ،‬وســتكون تلــك‬ ‫الصــورة‪ ،‬أو ذاك املقطــع املصــور شــاهدا ً عــى‬ ‫أفظــع جرائــم العــر املرتكبــة بحــق أبريــاء‪،‬‬ ‫وبصمــود وهمــة شــباب آثــروا النهــوض وأن‬ ‫يكونــوا هــم مــرآة الحقيقــة‪ ،‬مرصيــن عــى‬ ‫إب ـراز كافــة جوانبهــا‪ ،‬وإظهارهــا للعــامل النائــم‬ ‫الرافــض لتلــك الحقيقــة‪ ،‬هــم ســيبقون كذلــك‬ ‫دون أي خــوف أو تــردد‪.‬‬

‫تقرير وتصوير‪ :‬عمر عرب‬

‫ملتق��ى تش��اوري أله��ل مدين��ة ت��ل أبي��ض‪..‬‬

‫فيهــا أهــم رضوريــات الحيــاة وأبســطها‪.‬‬ ‫وحتــى هــذه اللحظــات تتعــرض بلــدة مضايــا‬ ‫لقصــف مــن األتــايس بقذائــف الهــاون‪ ،‬ولســان‬ ‫حــال أهلهــا «اللهــم هــذا حالنــا ال يخفــى‬ ‫عليــك فغـ ّـره إىل أحســن حــال‪ ،‬وعـ ِ‬ ‫ـاف جرحانــا‬ ‫وتقبــل شــهداءنا وانرصنــا عــى املعتديــن»‪.‬‬ ‫وأكــد النظــام املجــرم أنــه كــا عهدنــاه ال عهـ َد‬ ‫لــه‪ ،‬فهاهــو ينقــض الهدنــة الثانيــة مــن جديــد‬ ‫ويســتأنف أعاملــه القــذرة بحــق املدينــة‬ ‫الصامــدة ومــا حولهــا‪.‬‬

‫إسماعيل خليل الحسن‬ ‫نظّــم ملتقــى أهــايل تــل أبيــض لقــا ًء تشــاورياً‬ ‫خــال الفــرة ‪ 2015/8/21‬يف مدينــة (أورفــا ‪-‬‬ ‫تركيــا) ويف مدينــة (تــل أبيــض – ســوريا) يف‬ ‫نفــس الوقــت‪ .‬شــارك يف املؤمتــر شــخصيات‬ ‫مــن املجتمــع املحــي ملدينــة تــل أبيــض مــن‬ ‫املســتقلني‪ ،‬وكذلــك شــاركت شــخصيات ممثلــة‬ ‫عــن منظــات املجتمــع املــدين‪ ،‬ومــن املجلــس‬ ‫املحــي وبعــض الشــخصيات الحزبيــة‪ ،‬بلــغ عــدد‬ ‫املشــاركني يف أورفــا ‪ 37‬شــخصاً ويف تــل أبيــض ‪12‬‬ ‫شــخصاً‪ ،‬تــم إلقــاء ثــاث كلــات يف بدايــة اللقــاء‬ ‫تناولــت الكلمــة األوىل رضورة تشــكيل جســم يف‬ ‫تــل أبيــض متمثــاً بامللتقــى‪ ،‬وتناولــت الكلمــة‬ ‫الثانيــة واقــع تــل أبيــض واملراحــل التــي مــرت‬ ‫بهــا املدينــة‪ ،‬بينــا قدمــت الكلمــة الثالثــة تصــورا ً‬ ‫عامــاً عــن برنامــج العمــل ورضورة املؤمتــر‪.‬‬ ‫تــم عقــد هــذا اللقــاء بنــاء عــى الــرورة التــي‬ ‫يفرضهــا واقــع مدينــة تــل أبيــض خصوصــاً‪،‬‬ ‫وواقــع ســوريا عمومــاً‪ ،‬ومــن أهــم مــا يســعى‬ ‫إليــه تحقيــق توافــق بــن مكونــات أهــايل‬ ‫املدينــة والعمــل عــى إعــادة إحيــاء املدينــة‪ ،‬وكان‬ ‫الحضــور ممثـاً لــكل املكونــات مــن كــرد وعــرب‬ ‫وتركــان‪ ،‬وكانــت الغايــة تفعيــل العمــل املشــرك‬ ‫بــن هــذه املكونــات للوصــول إىل عمــل مشــرك‬ ‫بينهــم جميعـاً بحيــث نحقــق متثيــل كل الجهــات‪،‬‬ ‫تــوزع املشــاركون يف النقــاش حــول محــاور اللقــاء‬ ‫املطروحــة يف ورقــة العمــل قبــل املؤمتــر‪ ،‬وتــم‬ ‫تنــاول كل نقطــة‪ ،‬والنقــاش حولهــا يف الجلســة‬

‫العامــة‪ ،‬والجلســة الخاصــة‪ ،‬التــي تضمنــت فقــط‬ ‫ممثــي تــل أبيــض‪ .‬كان النقــاش إيجابيــاً‪ ،‬وتــم‬ ‫اغنــاء اللقــاء باقرتاحــات عمليــة مــن املشــاركني‪،‬‬ ‫وأبــدى الجميــع رغبتــه يف الوصــول إىل نتائــج‬ ‫حقيقيــة ملــا يتــم طرحــه‪ .‬ويف ضــوء النقاشــات‬ ‫التــي جــرت أكــد الجميــع عــى رضورة العمل عىل‬ ‫ورقــة العمــل املطروحــة كاملــة‪ ،‬كــا أكــدوا عــى‬ ‫مســألة أن تــل أبيــض مدينــة ســورية‪ ،‬وشــعبها‬ ‫ســوري‪ ،‬وال خــاف بــن مكوناتــه‪ ،‬ورضورة وأد‬ ‫أي فتنــة قــد يتــم العمــل عليهــا مســتقبالً‪ ،‬لذلــك‬ ‫أبــدت أغلــب اآلراء رضورة تشــكيل لجنــة تفــاوض‬ ‫مــن شــخصيات تــل أبيــض تعمــل مــن اليــوم‬ ‫عــى إعــادة اللحمــة والتوافــق بــن كل املكونــات‬ ‫واألطـراف‪ ،‬كــا أكــد الجميــع عــى رضورة العمــل‬ ‫املــدين يف املدينــة وأهميتــه‪ ،‬وتدريــب كــوادر مــن‬ ‫نفــس أماكــن العمــل‪ .‬كــا أبــدى الجميــع تعاونــه‬ ‫واســتعداده للتعــاون وتوســيع شــبكة العمــل‬ ‫التــي تــم طرحهــا كلجــان عمــل تنفيذيــة‪ .‬وأملــح‬ ‫املشــاركون إىل أن مســألة تفريــغ املدينــة مــن‬ ‫الســاح مهمــة ولكنهــا ليســت عائقـاً‪ ،‬ورضورة أن‬ ‫تســمح الجهــات املســيطرة بدايــة بحريــة العمــل‬ ‫املــدين والخدمــي للمدينــة‪ ،‬وتــأيت الحقــاً نقــاط‬ ‫إبعــاد القــوى املســلحة عــن املدينــة والتمركــز‬ ‫يف محيطهــا‪ ،‬كان اللقــاء مثم ـرا ً‪ ،‬وعــر املشــاركون‬ ‫عــن تفاعلهــم وتعاونهــم‪ ،‬وإبــراز طبيعــة تــل‬ ‫أبيــض التوافقيــة‪ ،‬وخاصــة بــن كل املكونــات‪.‬‬ ‫وجاءت نتائج اللقاء لتؤكد‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬التوافــق عــى النقــاط املطروحــة للحــوار‬

‫وهــي التاليــة‪:‬‬ ‫‪ .1‬املطالبــة بجعــل تــل أبيــض منطقــة منزوعــة‬ ‫الســاح وبضامنــات دوليــة‪.‬‬ ‫‪ .2‬تشــكيل املنظــات املدنيــة بالتوافــق بــن‬ ‫جميــع املكونــات بــا تد ّخــل أو ضغــوط مــن أي‬ ‫طــرف عســكرياً كان أم دوليــاً‪.‬‬ ‫‪ .3‬التعايــش بــن املكونــات كافــة بحقــوق كاملــة‬ ‫غــر منقوصــة‪ ،‬والتعويــض عــى املترضريــن ورد‬ ‫املظــامل إىل أهلهــا‪.‬‬ ‫‪ .4‬تأســيس هيئــة مدنيــة إلدارة البوابــة الحدودية‪،‬‬ ‫وتحديــد أوجــه رصفهــا بقــرار مــن املجلــس‬ ‫املحــي املنتخــب أو املتوافــق عليــه‪.‬‬ ‫‪ .5‬عــودة املهجريــن إىل بيوتهــم واعتبــار أي‬ ‫تهجــر يف املســتقبل عمــاً عدوانيــاً‪.‬‬ ‫‪ .6‬بنــاء بنيــة تحتيــة جديــدة مــن رصف صحــي‬ ‫ودوائــر خدميــة ومــدارس ومستشــفيات‪.‬‬ ‫‪ .7‬منظومــة أمنيــة متكاملــة مــن رشطــة وقضــاء‬ ‫وأمــن جنــايئ للحفــاظ عــى األمــن والســلم‬ ‫األهــي‪ ،‬ومكافحــة الجرميــة‪ ،‬ووقــف االعتقــال‬ ‫التعســفي‪ ،‬ومحاســبة الجنــاة واملســيئني ضمــن‬ ‫معايــر العدالــة االنتقاليــة‪.‬‬ ‫‪ .8‬تــل أبيــض جــزء مــن الـراب الســوري والدولــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وشــعبها ضــد أي دعــوى تقســيمية‪.‬‬ ‫‪ .9‬ضــان حريــة العمــل االقتصــادي وحريــة‬ ‫النشــاط املــدين والســيايس واإلعالمــي‪.‬‬ ‫‪ .10‬دعــوة املنظــات اإلنســانية والداعمــة‬ ‫للنشــاط االجتامعــي واالقتصــادي رشيطــة أال‬ ‫تخــدم أجنــدات أيديولوجيــة وسياســية‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أم عم��ر‪ ..‬معيل��ة أس��رتها بصناع��ة أصن��اف املون��ة‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬ ‫وجــدت أم عمــر نفســها مســؤولة عــن تأمــن‬ ‫معيشــة أرستهــا املكونــة مــن ســبعة أشــخاص‪ ،‬وذلــك‬ ‫بعــد استشــهاد زوجهــا أبــو عمــر جـراء إصابتــه بشــظايا‬ ‫قذيفــة مدفعيــة أطلقتهــا قــوات األســد عــى األحيــاء‬ ‫املحــررة يف مدينــة درعــا‪.‬‬ ‫لكــن املعانــاة كــرت وتفاقمــت إثــر استشــهاد ابنهــا‬ ‫البكــر عمــر بعــد ثالثــة أشــهر مــن استشــهاد والــده‪،‬‬ ‫جـراء اســتهداف منزلهــم بصــاروخ فراغــي مــن الطـران‬ ‫الحــريب‪ ،‬أســفر عــن استشــهاد عمــر وتدمــر كامــل‬ ‫للمنــزل الــذي تحــول إىل كومــة مــن الــركام املتهالــك‪.‬‬ ‫وبــات عــى أم عمــر أن تكابــر عــى حزنهــا وأملهــا‬ ‫لتأمــن معيشــة البقيــة‪ ،‬وخاصــة أمــام تنكــر الهيئــات‬ ‫واملنظــات املعنيــة بشــؤون األيتــام وأرس الشــهداء‪.‬‬ ‫تقــول أم عمــر‪« :‬طرقنــا عــدة أبــواب ملســاعدة األرسة‬ ‫لكــن الجميــع وجــد بأننــا ال نســتحق اإلعانــة أو‬ ‫املســاعدة‪ .‬إذا مل نســتحقها نحــن فمــن يســتحقها إذا ً؟!‪،‬‬ ‫ال يوجــد عدالــة بأبســط األمــور كل يشء تدخــل بــه‬ ‫املحســوبيات والعالقــات االجتامعيــة «القرابــة»‪ ،‬ومــع‬ ‫ذلــك علينــا أن نســعى بأنفســنا حفاظـاً عــى كرامتنــا»‪.‬‬ ‫وتضيــف «بعــد تفكــر عميــق واستشــارات مــع بعــض‬ ‫األصدقــاء واألقــارب عرضــوا عــي العمــل يف املنــزل‬ ‫بـ»املونــة» والتــي أتقــن صناعتهــا منذ الصغــر‪ ،‬وبالفعل‬ ‫تــم تأمــن مبلــغ مــايل ال بــأس بــه كبدايــة للمــروع‬ ‫الصغــر‪ ،‬حيــث قمــت بــراء بعــض األواين املنزليــة‬ ‫التــي تتطلبهــا صناعــة املونــة واتفقــت مــع بعــض‬ ‫املحــال التجاريــة لـراء املنتجــات وبيعهــا مــن قبلهــم‬ ‫للمســتهلك باإلضافــة إىل االتفــاق مــع بعــض املزارعــن‬

‫عبدالسالم السالمة‬

‫كتــب عليهــا «يوجــد جميــد وكشــك وألبــان للبيــع»‪.‬‬ ‫تتنــوع صــور الصمــود والتعايــش مــع الواقــع املــؤمل‬ ‫لألهــايل الصامديــن يف املناطــق املحــررة يف محافظــة‬ ‫درعــا‪ ،‬ولعـ ّـل املــرأة وحدهــا تســطر بصربهــا وتحملهــا‬ ‫أحــرف األســاطري التــي ســتكتب يوم ـاً مــا عــن ثــورة‬ ‫شــعب تآمــرت قــوى الظــام عليهــا‪.‬‬

‫تنظيم داعش وسياسة الدروع البشرية‬ ‫منبج ـ أبو الرباء الشامي‬ ‫خــال املعــارك التــي خاضهــا الثــوار ضــد النظــام‬ ‫يف أكــر مــن معركــة‪ ،‬ويف عــدد مــن املــدن والبلــدات‪،‬‬ ‫ســجلت حــاالت كثــرة التخــاذ جنــود النظــام للمدنيــن‬ ‫مــن أهــايل املــدن والبلــدات_ التــي يحــاول الثــوار‬ ‫تحريــر _ دروعــاً برشيــة‪ ،‬وكان مــن نتائــج هــذه‬ ‫الطريقــة القــذرة‪ ،‬أن ســقط العديــد مــن املدنيــن‬ ‫شــهداء وكثـرا ً مــا كان مقاتلــو الجيــش الحــر يرتاجعــون‬ ‫عــن االقتحــام خشــية إلحــاق األذى باملدنيــن‪.‬‬ ‫اليــوم يلجــأ تنظيــم داعــش إىل السياســة نفســها‪ ،‬ويــزج‬ ‫باملدنيــن رغــاً عنهــم‪ ،‬ويرغمهــم عــى أن يكونــو‬ ‫دروع ـاً برشيــة يف كثــر مــن الجبهــات دون أي اعتبــار‬ ‫أخالقــي أو إنســاين أو وازع دينــي‪ ،‬وقــد تــم توثيــق‬ ‫العديــد مــن هــذه الحــاالت يف مدينــة عــن العــرب_‬ ‫كوبــاين وبلــدة رصيــن ومدينــة منبــج‪ ،‬وكان مــن نتائــج‬ ‫هــذه السياســة الرعنــاء‪ ،‬أن ســقط الكثــر مــن املدنيــن‬ ‫ضحايــا يف الكثــر مــن الجبهــات‪ ،‬وآخرهــا قبــل أيــام‬ ‫وقعــت يف منبــج‪ ،‬حيــث جلــب التنظيــم عــددا ً مــن‬ ‫الشــباب الذيــن تــم اعتقالهــم ألســباب شــتى‪ ،‬منهــا‬ ‫عــدم إطالــة اللحيــة‪ ،‬ومنهــم بســبب ضيــق البنطــال‬ ‫حســب وصفهــم‪ ،‬ومنهــم بســبب الحالقــة عــى‬

‫حسين الحمدو الخطاب‬ ‫بلــدة عريقــة القــدم ســميت بذلــك نســبة‬ ‫لحاكمهــا الرومــاين «جــورج نــاز» حيــث كان‬ ‫أهلهــا نصــارى إىل أن جــاءت الفتوحــات‬ ‫اإلســامية‪ ،‬ودليــل ذلــك وجــود مدافــن الســوس‬ ‫إىل غــرب القريــة‪.‬‬ ‫تقــع هــذه املدينــة بريــف إدلــب الرشقــي‬ ‫الجنــويب‪ ،‬عــى ظهــر تلّــة وتبعــد عــن مركــز‬ ‫املدينــة بـــ‪ 36‬كــم‪ ،‬تحيــط بهــا أشــجار الزيتــون‬ ‫مــن كل األطــراف ويشــتهر ســكانها عــى‬ ‫مســتوى ســوريا برتبيــة «النحــل وتجــارة‬ ‫العســل»‪ ،‬ومــن أهــم معاملهــا التاريخيــة «قــر‬ ‫البنــات والقلعــة الصغــرة»‪ ،‬يبلــغ عــدد ســكانها‬ ‫‪ 22‬ألــف نســمة‪ ،‬يعمــل أغلبهــم يف الزراعــة‬

‫الطريقــة الغربيــة (الكافــرة)‪.‬‬ ‫جلبهــم إىل الطــرف الغــريب مــن املدينــة‪ ،‬وأمرهــم‬ ‫بحفــر الحفــر والخنــادق مــع ابتعــاد عنــارص التنظيــم‬ ‫عــن هــؤالء الشــباب‪ ،‬وكان نتيجتهــا أن تــم اســتهدافهم‬ ‫مــن قبــل طائــرات التحالــف التــي اعتربتهــم صيــدا ً‬ ‫مثينــاً‪ ،‬وعــى إثــر اســتهدافهم ســقط العديــد منهــم‪،‬‬ ‫بينــا ســلِ َم عنــارص التنظيــم مــن الغــارة‪ ،‬ومــن بــن‬ ‫هــذه األســاء رجــل يدعــى حجــي الجعــري‪ ،‬لديــه‬ ‫جرافــة للحفــر (تركــس) يعمــل عليهــا‪ ،‬فــا كان مــن‬ ‫عنــارص التنظيــم إال أن جلبــوه رغـاً عنــه للعمــل عــى‬ ‫املشــاركة يف حفــر الخنــادق‪ ،‬وتســوية التحصينــات‪ ،‬التي‬ ‫يعمــل عليهــا التنظيــم إىل الغــرب مــن مدينــة منبــج‬ ‫منــذ مــدة _ بســبب تخوفــه مــن أعــال عســكرية‬ ‫تســتهدفه يف معاقلــه يف الفــرة القادمــة _ ســقط هــذا‬ ‫الرجــل الخمســيني ودمــرت آليتــه بعــد أن اســتهدفته‬ ‫الغــارة الجويــة‪ ،‬يف الوقــت الــذي جعلــه التنظيــم هدفـاً‬ ‫عســكرياً رخيــص الثمــن‪ .‬وكــر أمثــال هــؤالء ســقطوا يف‬ ‫رصيــن وغريهــا‪ ،‬يرغمهــم التنظيــم عــى العمــل بالقــوة‪،‬‬ ‫ومنهــم مــن حالفــه الحــظ وأخطأتــه الغــارات‪ ،‬وبعدهــا‬ ‫ف ـ ّر هارب ـاً خــارج الحــدود الوهميــة للتنظيــم‪.‬‬ ‫تقديـرات غــر رســمية مــن خــال النشــطاء يف املنطقــة‪،‬‬

‫الحرملي‬ ‫االقتت��ال يف ّ‬ ‫جل��ة امل��وت‪..‬‬ ‫جن��ون أم احنط��اط؟‬

‫وباعــة الحليــب لتأمــن املــواد األوليــة املطلوبــة»‪.‬‬ ‫وتشــر أم عمــر إىل الصعوبــات التــي تواجــه عملهــا‬ ‫اليــوم قائلــة‪« :‬مــا يــزال القصــف اليومــي يشــكل‬ ‫الخطــر األكــر عــى حياتنــا وعملنــا‪ ،‬فقــوات النظــام‬ ‫ال تتوقــف عــن اســتهدافنا بشــتى أصنــاف األســلحة‪،‬‬ ‫وخاصــة الرباميــل املتفجــرة والصواريــخ الفراغيــة‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل غــاء مشــتقات الوقــود وخاصــة الغــاز‬ ‫الــذي وصــل مثــن جــرة الغــاز إىل ‪ 12‬ألــف لــرة‬ ‫ســورية‪ ،‬كــا أن انقطــاع الكهربــاء ألســابيع ع ـ ّدة أدى‬ ‫إىل تلــف بعــض املنتجــات التــي تحتــاج إىل ثالجــة‬ ‫للحفــاظ عليهــا وخاصــة األلبــان ومشــتقاتها‪ ،‬ومــن‬ ‫دون أن ننــى غــاء امليــاه والتــي باتــت هــي األخــرى‬ ‫هاجســاً يوميــاً لــأرس يف درعــا»‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك تواصــل أم عمــر تحديهــا وعملهــا للحفــاظ‬ ‫عــى زبائنهــا ومصــدر رزق أرستهــا الوحيــد «منــذ‬ ‫الصبــاح الباكــر يبــدأ عمــي حســب طلبيــات الزبــون‪،‬‬ ‫فااللتــزام مبوعــد التســليم أمــر رضوري للحفــاظ‬ ‫عــى الزبائــن‪ ،‬حيــث يتــم تأمــن الحليــب وتجهيــزه‬ ‫مبســاعدة ابنتــي باإلضافــة إىل تأمــن الخضــار مــن قبــل‬ ‫املزارعــن حســب الطلبــات التــي نتفــق عليهــا يوميـاً»‪.‬‬ ‫تســعى أم عمــر لتوســيع تجارتهــا الصغــرة‪ ،‬ولكــن‬ ‫يبقــى الوضــع مرهون ـاً ومرتبط ـاً بــرأس املــال والوضــع‬ ‫األمنــي الــذي يشــكل الهاجــس األكــر‪ ،‬حيــث تتفاقــم‬ ‫املخاطــر األمنيــة عــى الرغــم مــن النــزوح مــن منــزل‬ ‫آلخــر ومــن حــي آلخــر‪ ،‬حتــى أجــرت عــى االســتقرار‬ ‫يف مزرعــة مجــاورة ملدينــة درعــا‪ ،‬تســتدل عليهــا مــن‬ ‫لوحــة صغــرة وضعتهــا عــى الطريــق املجــاور للمزرعة‬

‫‪5‬‬

‫أكــدت أن التنظيــم اعتقــل املئــات مــن الشــباب وزجهم‬ ‫يف حربــه العبثيــة‪ ،‬ليســقطوا دون ذنــب‪ ،‬ســوى أنهــم‬ ‫تواجــدوا يف املــكان الصحيــح وتــم اعتقالهــم بتهمــة‬ ‫أو دونهــا‪ .‬هــي سياســة متبعــة لــدى التنظيــم‪ ،‬تهجــر‬ ‫شــباب املنطقــة لريكبــوا قــوارب املــوت‪ ،‬فــإن بقــوا‪ ،‬فهــم‬ ‫أمــوات إىل أجــل مســمى مــا دام التنظيــم موجــودا ً يف‬ ‫مناطقهــم‪ ،‬رغــم أن املــؤرشات تشــر إىل أفــول نجمــه يف‬ ‫بعــض املناطــق‪ ،‬وســقوط هيبــة املــوت بعــد أن أصبــح‬ ‫النــاس أمواتـاً وهــم أحيــاء يتنفســون‪.‬‬

‫رد‪ ،‬واملــآيس‬ ‫بعــد شــاالت الدمــاء‪ ،‬وبعــد ال ّدمــار‪ ،‬والتـ ّ‬ ‫التــي تجــاوزت صورهــا صــور املنطــق فأوغلــت فيــا ال‬ ‫ـوي أن يتخ ّيلــه‪ ،‬فض ـاً عــن أن يتق ّبلــه‪..‬‬ ‫ميكــن لعقــل سـ ّ‬ ‫بعــد كل هــذا‪ ،‬مــا ن ـزال نــدور حــول الســؤال املمجــوج‬ ‫املمقــوت املقــرِف‪ :‬ملــاذا ال نتّفــق!‬ ‫آالف الصفحــات كُتبــت‪ ،‬وماليــن الصيحــات أُطلقــت‪،‬‬ ‫تســأل عــن أســباب الخالفــات بــن السياســيني وبــن‬ ‫العســكريني‪ ،‬وبــن العاملــن يف املــدارس والروضــات‪،‬‬ ‫والعاملــن عــى تأمــن الدراســات الجامعيــة ألبنائنــا‪ ..‬بــل‬ ‫وصــل األمــر إىل املنافســة‪ ،‬والــراع أحيانــاً عــى توزيــع‬ ‫والسـ ّـات الغذائيــة عــى املنكوبــن املرشديــن‬ ‫البطانيــات ّ‬ ‫مــن بيوتهــم‪..‬‬ ‫أي جنــون أعظــم مــن جنــون العاقــل الراشــد الــذي يعــرف‬ ‫أن أبســط قواعــد املنطــق الســليم هــي يف التعــاون عــى‬ ‫تجــاوز املحــن الطارئــة‪ ،‬ثــم يعمــل جاهــدا ً عــى التف ـ ّرد‬ ‫واملنافســة والـراع مــع اآلخريــن الــذي يعملــون يف املجال‬ ‫الــذي هــو فيــه‪ ..‬مــن أجــل أن ال يبقــي منهــم أحــدا ً يواجــه‬ ‫التحـ ّدي ســواه هــو؟‪ .‬هــل هنــاك عقــل ســليم عــى وجــه‬ ‫األرض يقبــل هــذا؟‪ .‬هــل أوصلتنــا أســئلتنا وتســاؤالتنا إىل‬ ‫أن مــا نفعلــه يف أنفســنا ليــس وراءه جنــون مطْبــق أو‬ ‫غبــاء مســتحكم؟‪.‬‬ ‫إذا مل يكن هذا جنوناً وال غباء‪ ،‬فام هو؟‬ ‫الخســة والنذالــة واألنانيــة انحدرت‬ ‫هــل هــو مســتوى مــن ّ‬ ‫إليــه النفــوس فعميــت معــه العيــون فــا عــادت تــرى مــا‬ ‫يجــري‪ ،‬وعميــت معــه البصائــر فــا تــدرك املصــر فيــا‬ ‫يجــري؟‬ ‫أن يعمــد أحــد مــن النــاس إىل االســتحواذ برغيــف خبــز‪،‬‬ ‫ويــرك مــن حولــه يتضــورون جوع ـاً‪ ،‬أمــر يقبلــه العقــل‪،‬‬ ‫وإن كانــت النفــس تأنفــه‪ .‬وأن يســعى أحد لل ّنجاة بنفســه‪،‬‬ ‫ويــرك مــن حولــه يغرقــون‪ ،‬وهــو قــادر عــى إنقاذهــم‬ ‫أمــر ميكــن للعقــل أن يتخيلــه بحكــم حالــة االضطــراب‬ ‫التــي تفقــد اإلنســان رشــده فــا يعــود يــرى ســوى نفســه‪.‬‬ ‫ـن‪ ،‬أي عقــل يقبــل أن يقتتــل النــاس فيــا بينهــم مــن‬ ‫لكـ ْ‬ ‫أجــل أن يواجــه كل واحــد فيهــم املــوت وحــده؟‬ ‫رس اللوثــة‬ ‫هــل يجــب علينــا أن نفحــص عقولنــا لنعــرف ّ‬ ‫التــي أصابتهــا‪ ،‬أم يجــب أن نفحــص نفوســنا‪ ،‬قبــل ذلــك‪،‬‬ ‫لنــدرك مــدى االنحطــاط الــذي وصلــت إليــه وهــل تتقاتــل‬ ‫مــن أجــل الفــوز مبواجهــة املــوت؟‪ .‬ال نلــوم أحــدا ً‪ ،‬مهــا‬ ‫فعــل بنــا‪ ،‬غــر أنفســنا‪ ..‬كل الدنيــا أعــداء ملــن هــو عــد ّو‬ ‫نفســه‪.‬‬

‫مدين��ة جرجن��از عس��ل الث��ورة‬ ‫وخاصــ ًة القمــح‪.‬‬ ‫ُعرفــت هــذه املدينــة مبعارضتهــا لنظــام األســد‬ ‫األب مــن الثامنينيــات وكان مــن أبــرز املعارضني‬ ‫يف تلــك األيــام «د‪ .‬محمــود الســيد دغيــم»‬ ‫واعتُقــل مــن أبنائهــا مــا يقــارب العــرة‬ ‫معارضــن كان مــن أبرزهــم الشــيخ «حســن‬ ‫بكــور الدغيــم»‪.‬‬ ‫ويف عهــد نظــام األســد االبــن كانــت «جرجنــاز»‬ ‫مــن أوائــل املــدن التــي ثــارت بوجهه وشــاركت‬ ‫يف املظاهــرات الســورية الســلمية‪ ،‬واشــتهرت‬ ‫مبظاهراتهــا الجياشــة‪ ،‬ومتيــزت بأغنيهــا الثوريــة‬ ‫التــي كان يقودهــا املنشــد رائــد الحامــض ومــن‬ ‫أشــهرها «ســاقط ســاقط يــا بشــار»‪.‬‬ ‫كان لهــذه املدينــة نصيــب مــن قذائــف‬

‫املدفعيــة ودبابــات النظــام التــي كانــت تقبــع‬ ‫بــوادي «الضيــف» غــريب املدينــة ومــن طائراتــه‬ ‫وحواماتــه التــي ألقــت عــرات الرباميــل‬ ‫املتفجــرة عليهــا‪ ،‬والتــي دمــرت وهجــرت‬ ‫أغلــب ســكان املدينــة‪.‬‬ ‫كانــت جرجنــاز مــن أوائــل املــدن التــي‬ ‫شــاركت يف العمــل املســلح‪ ،‬حيــث وصــل‬ ‫عــدد الثــوار فيهــا إىل مــا يقــارب ‪ 800‬مجاهــد‪،‬‬ ‫وكان عرســهم عندمــا شــاركوا يف القضــاء عــى‬ ‫«الكابــوس» الــذي كان يكتــم عــى أنفــاس‬ ‫مدينتهــم «وادي الضيــف»‪ ،‬وحــرروه مــن‬ ‫قــوات النظــام يف شــهر شــباط مــن هــذا العــام‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫بلــغ عــدد شــهداء مدينــة جرجنــاز حتــى هــذا أ‬ ‫صيــب منهــم املئــات أثنــاء القصــف عــى املدينــة مســتمرة يف تقديــم أبنائهــا شــهداء‬ ‫َ‬ ‫اليــوم ‪ 180‬شــخص أغلبهــم مــن الثــوار‪ ،‬فيــا املدينــة ومــن خــال املعــارك‪ ،‬ومــا زالــت هــذه حتــى إســقاط نظــام بشــار األســد‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مدين��ة اس��كندرون الرتكية وحالة إنس��انية معدومة لالجئني الس��وريني‬ ‫تقــع مدينــة اســكندرون الرتكيــة يف محافظــة‬ ‫هاتــاي (أنطاكيــا) الحدوديــة مــع ســوريا وتقــع‬ ‫عــى البحــر األبيض املتوســط‪.‬‬ ‫تبعــد عــن معــر بــاب الهــوى ‪ 100‬كــم وعــن‬ ‫مدينــة أنطاكيــا ‪ 60‬كــم ‪...‬‬ ‫يقطنهــا كإحصائيــة أوليــة حــوايل ‪ 22‬ألــف‬ ‫الجــئ ســوري أغلبهــم نزحــوا مــن محافظــة‬ ‫ادلــب وحــاه وحلــب‪ ،‬ولألســف منــذ بدايــة‬ ‫الثــورة الســورية املباركــة فــإن املدينــة مه ّمشــة‬ ‫بشــكل كبــر مــن اإلغاثــة اإلنســانية والتعليــم‬ ‫والطبابــة باملقارنــة ملــا يقــدم للمــدن الرتكيــة‬ ‫األخــرى‪.‬‬ ‫كذلــك اليوجــد فيهــا مــن يخــدم الالجئــن‬ ‫وال أيتــام الشــهداء مــن املنظــات الدوليــة‬ ‫والرتكيــة والســورية ‪ ...‬ويقتــر العمــل االغــايث‬ ‫فيهــا عــى جمعيتــن اثنتــن‪ ،‬جمعيــة يــارن (‬ ‫‪ ) Yaren‬الرتكيــة ومنظمــة شــهيد إدلــب (معــرة‬ ‫النعــان)‪ ..‬وعمــل هاتــن الجمعيتــن ال يغطــي‬ ‫أغلــب فئــات النازحــن‪ ،‬فمنظمــة شــهيد إدلــب‬ ‫(معــرة النعــان) بالتعــاون مــع جمعيــة الــر‬ ‫يف املعــرة ترعــى عوائــل الشــهداء واملعتقلــن‬

‫وبعــض الجرحــى ومــن يــأيت مــن ســوريا‪ ،‬والتي‬ ‫بدورهــا تعمــل يف محافظــة ادلــب وتشــتيك‬ ‫مــن شــح يف املســاعدات وتكــون أغلــب هــذه‬ ‫املســاعدات موجهــة للداخــل الســوري مــع أنها‬ ‫اســتطاعت كفالــة نحــو ‪ 25‬يتيــم ســوري إىل‬ ‫حــن كتابــة هــذا املقــال وعــى بعــض الســلل‬ ‫الغذائيــة وكســوة منــزل بالكامــل‪ ...‬أمــا يــارن‬ ‫فإنهــا تقــدم لبعــض عوائــل الشــهداء وبعــض‬ ‫املترضريــن ‪ ...‬وإن جمعيــة ‪ IHH‬الكبــرة قــد‬ ‫تشــعر بعــدم وجودهــا‪ .‬ويقتــر عملهــا عــى‬ ‫ف ـرات متباعــدة جــدا ً وعــى أرقــام مخجلــة‪.‬‬ ‫تــم مناشــدة الحكومــة الرتكيــة واملنظــات‬ ‫وإعالمهــم بواقــع الحــال عــن طريــق التعامــل‬ ‫مــع مكتــب العالقــات الســورية الرتكيــة الــذي‬ ‫أنشــئ حديثــاً‪ ..‬ومل متــض فــرة وجيــزة حتــى‬ ‫أغلــق هــذا املكتــب بســبب عــدم التفاهــم‬ ‫وعــدم تقديــم يشء مــن القائــم مقــام أو الــوايل‬ ‫‪...‬‬ ‫باإلضافــة إىل أن الالجئــن الســوريني أنشــأوا‬ ‫رابطــة ملســاعدة اإلخــوة الســوريني‪ ،‬وهــي‬ ‫رابطــة الشــباب الســوري الحــر لحــل مشــاكل‬

‫الســوريني واليصــال معاناتهــم للمســؤولني ‪...‬‬ ‫ولكــن بــدون أي جــدوى‪.‬‬ ‫أمــا مــن الناحيــة التعليميــة فكانــت املــدارس‬ ‫تعــاين مــن قلــة الدعــم لهــا بشــكل ملحــوظ‬ ‫وعددهــا حــوايل ‪ 4‬مــدارس‪ ،‬فلجــأت تلــك‬ ‫املــدارس‪ ،‬لتســديد إيجــار املبــاين وأجــور‬ ‫املعلمــن‪ ،‬إىل أخــذ أقســاط رمزيــة مــن الطــاب‬ ‫مــا عــدا أوالد الشــهداء ‪ ..‬إىل أن تــم حــل تلــك‬ ‫األزمــة بتوفــر رواتــب للمدرســن عــن طريــق‬ ‫األمــم املتحــدة وبتأمــن مبــاين للمــدارس عــن‬ ‫طريــق وزارة التعليــم الرتكيــة (طبعــاً منــذ‬ ‫بدايــة العــام الــدرايس لعــام ‪) 2016 – 2015‬‬ ‫ويــكاد يكــون العامــل الطبــي مهمشــاً لعــدم‬ ‫فــرز البلديــة أو لجــان املســؤولني يف تركيــا‬ ‫ملرتجــم للمــرىض الســوريني للتفاهــم مــع‬ ‫األطبــاء عــى وضعهــم الصحــي ‪..‬‬ ‫لألســف إىل اآلن مل يتــم النظــر مــن طــرف‬ ‫الجمعيــات الســورية املهتمــة بالالجئــن‬ ‫الســوريني يف تركيــا إىل تلــك املدينــة التــي فيهــا‬ ‫نســبة كبــرة مــن الالجئــن‪ ..‬مــع ارتفــاع أســعار‬ ‫اإليجــارات واملعيشــة فيهــا مثلهــا مثــل باقــي‬

‫عالقة وطيدة بني النظام وداعش‬ ‫تفاصي��ل ع��ن جتارة النفط بني األط��راف املتنازعة ومجاع��ات ال والء هلا إال للمال‬ ‫الحرمل ـ حمص ـ خاص‬ ‫كثــرا ً مــا تناقلــت مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي أخبــارا ً عــن أن تنظيــم الدولــة‬ ‫داعــش عميــل للنظــام وأنــه عــى عالقــة‬ ‫مقربــة مــن النظــام الســوري إال أنــه مل‬ ‫يظهــر أمــر جــي يوضــح ذالــك إال مؤخ ـرا ً‪،‬‬ ‫تجــى مــن خــال تجــارة النفــط يف ريــف‬ ‫ّ‬ ‫حــاة الرشقــي بالتعــاون مــع األفــرع‬ ‫األمنيــة وعنــارص التنظيــم‪ ،‬والتــي تتــم مــع‬ ‫شــخصيات محســوبة عــى الشــبيحة مــن‬ ‫صفــوف النظــام‪ ،‬وعــى أعــى مســتويات‬ ‫يف صــورة ال تبعــد الشــبهة عــن التنظيــم‬ ‫يف تفاصيلهــا فحتــى األســعار يكــون للنظــام‬ ‫فيهــا حســومات قــد تصــل إىل ‪ 15%‬مــن‬ ‫ســعر املحروقــات‪ ،‬وتتــم الصفقــات عالنيــة‬ ‫يف مضافــات املســؤولني وعــى مســتويات‬ ‫عاليــة‪.‬‬ ‫ومــن أجــل تفاصيــل أكــر حــول هــذا‬ ‫املوضــوع‪ ،‬بدأنــا تحقيقنــا بجمــع معلومــات‬ ‫اســتغرق منــا شــهورا ً مــن خــال مرافقــات‬ ‫بعــض ســارسة النفــط دون اإلعــان عــن‬ ‫هويتنــا‪ ،‬ووصلنــا إىل حضــور مفاوضــات‪،‬‬ ‫وعقــد صفقــات متــت يف منــزل أحمــد‬ ‫درويــش عضــو مجلــس الشــعب وابــن‬ ‫قريــة الخويــن مــن ريــف حــاة الرشقــي‬ ‫التابعــة ملدينــة الســلمية‪ ،‬وقائــد مركــز‬ ‫الدفــاع الوطنــي يف الســلمية‪ ،‬حيــث متــت‬ ‫الصفقــة بينــه وبــن تنظيــم الدولــة مــن‬ ‫جهــة وبحضــور تجــار وســارسة النفــط وتــم‬ ‫دفــع املبلــغ بأرقــام خياليــة‪ ،‬مــن خــال وزن‬ ‫املصــاري مبيـزان بــدايئ‪ ،‬وتحميــل األمــوال يف‬ ‫أكيــاس نايلــون مــن حجــم كبــر يف منظــر‬ ‫مرعــب‪ ،‬يبــن عــى وجــه الدقــة حجــم‬ ‫املكاســب املاليــة التــي يجنيهــا التنظيــم مــن‬ ‫بيــع النفــط للنظــام وبعــد انتهــاء الصفقــة‬ ‫ركــب عنــارص النظــام مدرعاتهــم وانطلقــوا‬ ‫نحــو الســلمية‪ ،‬وركــب عنــارص التنظيــم‬ ‫مركباتهــم وتوجهــوا نحــو الرقــة لنتابــع نحــن‬ ‫مــع جامعــة أحمــد درويــش ومنهــم حســن‬ ‫حمــرة بــن قريــة جنــان يف ريــف حــاة‬ ‫الجنــويب ومســؤول مركــز الدفــاع الوطنــي‬ ‫فيهــا واملســؤول املبــارش عــن توزيــع النفــط‬ ‫عــى قــرى ريــف حــاة وحمــص الشــايل‬ ‫مــن خــال رشــاوى للحواجــز األمنيــة‬ ‫املنتــرة هنــاك‪.‬‬ ‫ومــن خــال مرافقتنــا ألحــد ســائقي‬

‫الصهاريــج اكتشــفنا تفاصيــل أكــر حــول‬ ‫هــذا املوضــوع حيــث تقســم املنطقــة‬ ‫بــن عنــارص فــرع األمــن الجــوي وفــرع‬ ‫األمــن العســكري‪ ،‬وكل جامعــة لهــا طــرق‬ ‫مخصصــة للنقــل وال تتجــاوز كل جامعــة‬ ‫طــرق الجامعــة األخــرى ألن املصــر ســوف‬ ‫يكــون االعتقــال‪ ،‬ومصــادرة الحمولــة ألنهــم‬ ‫يف حالــة حــرب أشــبه بعمليــات املافيــات‬ ‫العامليــة‪ ،‬ونشــاط هــؤالء ال يقتــر عــى‬ ‫النفــط وحســب فهــم يقومــون بتهريــب كل‬ ‫يشء لصالــح الثــورة أو التجــار اآلخريــن مــن‬ ‫أدويــة ومــواد غذائيــة وحتــى أســلحة بغــض‬ ‫النظــر عــن مصدرهــا‪ ،‬وإىل مــن تذهــب‬ ‫وهمهــم الوحيــد فيهــا يكــون املــال حتــى‬ ‫أنهــم ال يتوقفــون عــن شــتم النظام الســوري‬ ‫وشــخص رئيســه‪ ،‬وشــتم الثــورة ورموزهــا‬ ‫أيضــاً‪ ،‬يف تعبــر منهــم عــن عــدم والئهــم‬ ‫ألحــد‪ ،‬وأن والءهــم الوحيــد هــو للــال‪،‬‬ ‫وقــد وصلــوا إىل مرحلــة مــن التمــرد عــى‬ ‫الطرفــن‪ ،‬وقــد شــكلوا مــن حولهــم جامعــة‬ ‫مســلحة يصــل عددهــا إىل آالف املقاتلــن‬ ‫املســلحني واملمولــن عــى أعــى مســتوى‬ ‫مــن عائــدات تجــارة النفــط ليبقــى الرابــط‬ ‫الوحيــد ومصــدر قوتهــم أنهــم صلــة الوصــل‬ ‫الوحيــدة بــن النظــام وتنظيــم داعــش‪.‬‬ ‫لكــن ومــن خــال حديــث لنــا مــع أحــد‬ ‫هــؤالء التجــار وهــو مارديــن الشــيخ ابــن‬ ‫مدينــة الرســن املقــرب مــن خــرو شــعيلة‬ ‫قائــد ميليشــيا الدفــاع الوطنــي يف ريــف‬ ‫حــاة الجنــويب واملحســوب عــى إيــران‬ ‫مبــارشة مــن خــال منحــه وســام عقيــد‬ ‫رشف مــن خامنئــي إي ـران يف بدايــة الثــورة‪،‬‬ ‫وقــد شــكل األخــر ميليشــيا ضخمــة مســلحة‬ ‫تنفــذ مصالــح النظــام يف الريــف ومســؤولة‬ ‫عــن ضبــط األمــن بحســب تعبــر مارديــن‪،‬‬ ‫وأن النظــام قــام بســحب عــدد ضخــم مــن‬ ‫قواتــه مــن املنطقــة ليحــل محلهــا عنــارص‬ ‫خــرو شــعيلة مــا منحــه ســلطة ونفــوذا ً‬ ‫كبرييــن اســتغلهام قريبــه مارديــن يف تســيري‬ ‫تجارتــه‪.‬‬ ‫مارديــن عــاد وحدثنــا عــن كل التفاصيــل‬ ‫التــي ذكرناهــا ســابقاً عــن مصــدر النفــط‬ ‫وطريقــة عقــد الصفقــات ومــن املســؤول‬ ‫الكبــر‪ ،‬وكيــف تتفــرع عنــه عصابات بشــكل‬ ‫رهيــب جــدا ً؟ وأخربنــا أيضــا أن النظــام‬ ‫لــي يضمــن ســيطرته عــى املوقــف كل‬

‫الشبيح أحمد محمد درويش املبارك‬ ‫شيخ عشرية بني عز‬

‫حــن وآخــر وبعــد أن يتمــرد عليــه عنــارص‬ ‫هــذه العصابــة يقــوم بتصفيتهــم كــا فعــل‬ ‫بقــدري جــدوع وهــو ابــن عشــرة النعيــم يف‬ ‫الريــف الجنــويب‪ ،‬وكان هــو املســؤول املبــارش‬ ‫عــن التواصــل مــع داعــش إال أنــه متــرد عــى‬ ‫النظــام وقطــع مخصصــات قــرى النظــام‬ ‫ليبيعهــا لقــرى املعارضــة طمعـاً بســعر أكــر‪،‬‬ ‫فقــام النظــام بــزرع لغــم لــه عــى طريــق‬ ‫حــاة تــل الــذرة وقــام بقتلــه يف عمليــة‬ ‫تبناهــا عالنيــة حســن حمــرة ليحــل محلــه‬ ‫هــو يف إعــان رصيــح أنــه هــو مــن يريــده‬ ‫النظــام أن يبقــى لــي يضمــن مصالحــه‬ ‫ومــن يعارضــه مصــره املــوت‪.‬‬ ‫أيضــا يف تفاصيــل أخــرى تثبــت تــورط تنظيم‬ ‫داعــش مــع النظــام أن ســعر النفــط يكــون‬ ‫لصالــح النظــام أقــل مــن األســعار األخــرى‬ ‫بنســبة ‪ 15%‬عــن باقــي األســعار مقابــل‬ ‫ضــان نقــل املحروقــات وعــدم التعــرض لها‪،‬‬ ‫أمــا عــن املســؤولني عــن هــذه العمليــة مــن‬ ‫طــرف التنظيــم فلــم نتمكــن مــن معرفــة‬ ‫أي أســاء ألنهــم جميعــاً بأســاء وهميــة‬ ‫وملثمــن كأيب الــراء املهاجــر وأيب حيــان‬ ‫األنصــاري‪ ،‬إال أنهــم أمــراء مناطــق تابعــة‬ ‫للتنظيــم وقــرى منتــرة يف املنطقــة بــن‬ ‫الرقــة والســلمية حتــى أن عمليــات البيــع‬ ‫وال ـراء تتــم مــع تجــار الســاحل الســوري‪،‬‬ ‫وهنــاك عقــد تجميــع يف بانيــاس يــوزع مــن‬ ‫خاللهــا عــى باقــي الســاحل‪.‬‬

‫املــدن الرتكيــة ‪..‬‬ ‫نناشــد اإلخــوة الســوريني واألتــراك النظــر‬ ‫إىل املعانــاة التــي يعانيهــا الالجئــون يف هــذه‬ ‫املدينــة إذ أن املــدن املجــاورة لهــا مــن كريخــان‬ ‫إىل الريحانيــة وعنتــاب لــكل عائلــة ســورية‬ ‫لهــا بطاقــة إغاثيــة يضــاف إليهــا شــهريا مبلــغ‬ ‫معــن كمعونــة دامئــة ‪..‬‬ ‫والنظر إليها كحالة إنسانية مستعجلة‪.‬‬

‫أليــة استفســارات أو أيــة أســئلة ميكــن‬ ‫التواصــل مــع اإلخــوة يف منظمــة شــهيد ادلــب‬ ‫(معــرة النعــان)‬ ‫‪abonasersyria@gmail.com‬‬ ‫طارق زياد الحرايك ‪05393974155‬‬ ‫مدير منظمة شهيد ادلب (معرة النعامن)‬ ‫رئيــس جمعيــة الــر والخدمــات االجتامعيــة يف‬ ‫معــرة النعــان‬

‫شروط تعجيزية جديدة‬ ‫للمسافرين السوريني إىل تركيا‬

‫وكاالت‬ ‫عقبــات كبــرة أمــام الســوري‪ ،‬ورشوط‬ ‫تعجيزيــة تصــل إىل النيــل مــن كرامتــه‬ ‫اإلنســانية يف كل طلــب ويف كل طريــق وعنــد‬ ‫كل منعطــف‪ ،‬لقــد تحــول الســوري إىل فريســة‬ ‫يجــب النيــل منهــا مــن كل بريوقراطيــي الــدول‬ ‫وجيوشــها‪ ،‬كل يــوم نســمع بطلبــات جديــدة‬ ‫ومبالــغ كبــرة يجــب عــى الســوري أن يدفعهــا‬ ‫وكأن املواطــن الســوري الهــارب مــن املــوت‪،‬‬ ‫قــد خــرج مــن الفــردوس ومــن أرض الذهــب‬ ‫واألملــاس وليــس مــن ديــار الرباميــل املتفجــرة‬ ‫والتعذيــب حتــى املــوت‪.‬‬ ‫وباإلضافــة إىل نهــب املهربــن والتشــكيك بــكل‬ ‫نوايــا الســوري املســافر‪ ،‬فقــد نــرت اإلدارة‬ ‫املدنيــة الخاصــة مبعــر بــاب الهــوى الحــدودي‬ ‫مــع تركيــا الــروط الجديــدة التــي فرضتهــا‬ ‫الســلطات الرتكيــة عــى الســوريني الراغبــن‬ ‫بالســفر إىل أي دولــة مــرورا ً برتكيــا‪ ،‬بعــد أن‬ ‫كانــت أوقفــت قبــل أيــام الســاح ملثــل هــذه‬ ‫الحــاالت بالعبــور‪.‬‬ ‫وبحســب التعميــم الــذي نرشتــه إدارة الجانــب‬ ‫الســوري مــن املعــر أمــس‪ /‬الجمعــة‪ ،‬الرابــع‬ ‫عــر مــن آب‪-‬أغســطس‪ ،‬فــإن عــى الراغبــن‬ ‫بالســفر عــر تركيــا تقديــم مجموعــة مــن‬ ‫الثبوتيــات الخاصــة باملســافر للحصــول عــى‬ ‫موافقــة الجانــب الــريك باجتيــاز املعــر‪.‬‬ ‫ومتثلــت هــذه الثبوتيــات بصــورة للصفحتــن‬ ‫األوىل والثانيــة مــن جــواز الســفر‪ ،‬وصــورة عــن‬ ‫اإلقامــة أو الفيـزا للدولــة التــي يرغــب املســافر‬ ‫بالذهــاب إليهــا‪ ،‬وصــورة عــن بطاقــة الطائــرة‪،‬‬ ‫وصــورة عــن صفحــة جــواز الســفر املوجــود‬

‫عليهــا ختــم آخــر دخــول مــن تركيــا‪.‬‬ ‫وتشــرط الســلطات الرتكيــة‪ ،‬بحســب التعميــم‪،‬‬ ‫عــى الســوري تقديــم كفيــل مقيــم داخــل‬ ‫تركيــا يضمــن أن يغــادر املســافر األرايض‬ ‫الرتكيــة خــال مــدة ال تتجــاوز أســبوعاً واحــدا ً‪،‬‬ ‫إضافــة إىل دفــع مبلــغ ‪ 150‬دوالرا ً أمريكيــاُ‬ ‫إلدارة املعــر مــن الجانــب الــريك‪ ،‬كتأمــن‬ ‫يؤكــد فيــه عــى خروجــه مــن تركيــا‪ ،‬يســرده‬ ‫بعــد ‪ 15‬يومــاً‪.‬‬ ‫ويف حــال مل يغــادر املســافر الســوري األرايض‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬فــإن لرتكيــا الحــق بخصــم مبلــغ‬ ‫التأمــن ومحاســبة الكفيــل قضائيــاً‪.‬‬ ‫وكانــت إدارة الجانــب الســوري مــن معــر‬ ‫بــاب الســامة الحــدودي مــع تركيــا يف ريــف‬ ‫حلــب الشــايل‪ ،‬أصــدرت يف العــارش مــن آب‪-‬‬ ‫أغســطس الجــاري‪ ،‬تعميــاً يقــي بإيقــاف‬ ‫الســاح للســوريني الراغبــن بالســفر عــن‬ ‫طريــق تركيــا مــن دخــول األرايض الرتكيــة‪.‬‬ ‫وقــال التعميــم الــذي نرشتــه إدارة املعــر‬ ‫إن الجانــب الــريك هــو مــن أوقــف هــذه‬ ‫اإلجــراءات‪ ،‬والــذي كان يســمح للســوريني‬ ‫الذيــن ميتلكــون إثبات ـاً بــأن دخولهــم لــأرايض‬ ‫الرتكيــة هــو بداعــي الســفر إىل دولــة أخــرى‪،‬‬ ‫باجتيــاز املعابــر الحدوديــة‪ ،‬إال أن هــذا‬ ‫االســتثناء توقــف اليــوم وحتــى إشــعار آخــر‪.‬‬ ‫ويســتمر إغــاق املعابــر الحدوديــة مــع تركيــا‬ ‫يف وجــه املغادريــن مــن ســوريا إىل تركيــا‬ ‫للشــهر الســادس عــى التــوايل‪ ،‬وتســتثني‬ ‫الســلطات الرتكيــة الحــاالت اإلســعافية واملــرىض‬ ‫الذيــن يحصلــون عــى إحالــة مــن إحــدى‬ ‫املستشــفيات املعتمــدة‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬

‫الربوتوكول األول‬ ‫املبدأ األساسي‪ :‬احلق يكمن يف القوة‬ ‫رشح الربوتوكــول‪ :‬النظــام البــري يخضــع‬ ‫للقــوة‪ ،‬الحريــة السياســية ال وجــود لهــا‬ ‫بــل توجــد غايــات سياســية‪ ،‬الســيطرة عــى‬ ‫االقتصــاد‪ ،‬الجامهــر عميــاء يقودهــا محدثــو‬ ‫النعمــة املفتقــرون للحساســية السياســية‪،‬‬ ‫القــوة والنفــاق يوصــان إىل الهــدف واإلرهــاب‬ ‫يــؤدي إىل الخنــوع‪ ،‬الجشــع والرغبــات املاديــة‬ ‫تكتــم أنفــاس املبــادرة‪.‬‬ ‫آمــن حافــظ األســد منــذ البدايــة بــأن الحــق‬ ‫يكمــن يف القــوة‪ ،‬فســيطر بعــد تنفيــذ حركتــه‬ ‫التصحيحيــة املشــؤومة عــام ‪ 1970‬ســيطرة‬ ‫تامــة عــى الجيــش الســوري بــكل قطاعاتــه‬ ‫وأســلحته‪ ،‬وعــى رأســها القــوى الجويــة‪،‬‬ ‫إضافــة إىل الركيــزة الطائفيــة‪ ،‬وحزبيــة البعــث‪،‬‬ ‫ووفــق يف ربطهــا ببعــض مــن خــال توحيــد‬ ‫مراكــز النفــوذ فيهــا (ضبــاط بعثيــون أكرثهــم‬ ‫مــن الطائفــة العلويــة) باإلضافــة إىل ديناميــات‬ ‫اجتامعيــة متنوعــة داخــل الجيــش يتقاســم‬ ‫معظمهــا جــذورا ً وتوجهــات متشــابهة‪ ،‬وكانــت‬ ‫تضــم بدايــة علويــن مــن الالذقيــة‪ ،‬ودروزا ً‬ ‫مــن جبــل العــرب‪ ،‬وســنة مــن منطقــة حــوران‬ ‫وديــر الــزور ومــن بلــدات ريفيــة متعــددة‪،‬‬ ‫وكانــوا جميعــاً مــن أصــول ريفيــة مغــرة‬ ‫متهيــدا ً لخنــق الحيــاة يف املدينــة ومتلكهــا‬ ‫باعتبارهــا الخـزان الثقــايف والســيايس والفكــري‬ ‫واالقتصــادي‪ ،‬فشــجع الهجــرة الريفيــة ووســع‬ ‫الضواحــي ونســج عالقــات مــع التجــار ورجــال‬ ‫األعــال وأفهمهــم أن أعاملهــم تزدهــر إذا‬ ‫أمنــوا لــه الــوالء‪ ،‬وابتعــدوا عــن املجــال‬ ‫الســيايس‪ ،‬مثــل دمشــق التــي اســتكانت‬ ‫لســلطانه‪ ،‬وصــارت أســهل قيــادة مــن املــدن‬ ‫التــي ظلّــت بناهــا االجتامعيــة متامســكة‪،‬‬ ‫وخــر دليــل تجربــة حــاه التــي انتقــل فيهــا‬ ‫إىل خيــار التدمــر‪ ،‬حيــث أعطــت مجــزرة‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫قــال صديقــي‪ :‬أنــا مقتنــع بــأن السياســة‬ ‫ليســت دامئـاً أمـراً معقــداً‪ ،‬وأن الدخــول إليهــا‬ ‫أم ـ ٌر يس ـرٌ‪ ،‬ورمبــا أراد البعــض وصفهــا كذلــك‬ ‫لينفــرد بســاحتها أو ليكــون املتنافســون يف‬ ‫حلبتهــا أقـ ّـل مــا ميكــن حتــى تكــون املغانــم‬ ‫أكــر وأكــر مــا ميكــن‪.‬‬ ‫تلــك التــي نســميها سياســة – ودون‬ ‫الدخــول يف متاهــة التعريــف والتحديــد‪،‬‬ ‫ويف مــا إذا كانــت عل ـاً أو فن ـاً‪ -‬ال بــدّ تُعنــى‬ ‫بالتعامــل مــع الوقائــع عــى األرض‪ ،‬ســوا ًء‬ ‫املخطــط لهــا مســبقاً‪ ،‬أو املســتجدة بــا ســابق‬ ‫تخطيــط‪ ،‬وإنّ طــرح األســئلة حــول هــذه‬ ‫الوقائــع واجــراح األجوبــة عليهــا ابتــدا ًء‪ ،‬أو‬ ‫انتظــار تلــك األجوبــة م ّمــن ميلكهــا يشــكل يف‬ ‫مــا أرى جــزءاً هامــاً منهــا‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬يف الحــق‪ ،‬فــإن املشــاهد لشاشــة‬ ‫التلفــاز أو املتتبــع لصفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي عــى الشــبكة العنكبوتيــة‪ ،‬يشــعر‬ ‫بالــدّ وار عندمــا يداهمــه ســيل أخبــار الكــوارث‬ ‫ـب عــى أغلــب أجـزاء الوطــن العــريب‬ ‫التــي تُصـ ّ‬ ‫صب ـاً‪ ،‬وأنــه أمــام هــذا الســيل ال ميلــك إال أن‬ ‫يحوقــل‪ ،‬ويســرجع‪ ،‬ويطــرح أســئل ًة تحــوم يف‬ ‫ـح سياســياً‪ -‬باعتبــار مــا ُذكــر آنفـاً‪.‬‬ ‫ذهنــه فيصبـ َ‬ ‫واســتطرد‪ :‬خُــذ مثــاً‪ ،‬أنــا أفهــم أن يكــون‬ ‫اليمــن الحديقــ َة الخلفيــة للســعودية‪ ،‬فــا‬ ‫َ‬ ‫ينــال مــن جدّ يــة االهتــام‬ ‫غرابــ َة يف أن‬ ‫والتعامــل مــا رأينــاه مــن عاصفــة الحــزم‬ ‫وإعــادة األمــل‪ ،‬ولكنــي ال أســتطيع أن أفهــم‪،‬‬

‫‪7‬‬

‫األسد وبروتوكوالت حكماء صهيون‬ ‫حــاه وغريهــا باإلضافــة إىل حمــات االعتقــال‬ ‫والترشيــد والقتــل هالــة لجيــش األســد‪،‬‬ ‫وأجهزتــه األمنيــة‪ ،‬وعنفهــا الضــارب‪ ،‬الــذي‬ ‫ال يعفــي أي أحــد‪ .‬والســتكامل قــوة األســد‬ ‫وتثبيتــه لســلطته‪ ،‬واصــل توســيع القطــاع‬ ‫العــام‪ ،‬واســتقطاب املوالــن‪ ،‬وتركيــز أعاملهــم‬ ‫وإقامتهــم يف املــدن لتوســيع قاعدتــه‪ ،‬وخاصــة‬ ‫يف املــدن الرئيســية‪ ،‬فتحكمــت باملصالــح‬ ‫العامــة‪ ،‬وخدمــات املواطنــن‪ ،‬ومبــوازاة ذلــك‪،‬‬ ‫ســيطر األســد عــى األحــزاب السياســية مــن‬ ‫خــال اســتيعابها‪ ،‬والتســبب يف انقســامات يف‬ ‫صفوفهــا‪ ،‬فأنشــأ الجبهــة الوطنيــة التقدميــة‬ ‫عــام ‪ 1972‬ضامــاً إليهــا أحزابــاً شــيوعية‬ ‫وقوميــة واشــراكية‪ ،‬بقيــت واجهــة دون‬ ‫مشــاركة فعليــة يف صنــع القــرار‪ ،‬وشــكلت‬ ‫تغطيــة لسياســات األســد‪ ،‬وكذلــك قــام‬ ‫باإلمســاك واالســتيالء عــى النقابــات العامليــة‪،‬‬ ‫منســباً حــوايل ‪ 98%‬مــن عــال القطــاع العــام‬ ‫إليهــا ليضيفهــا إىل قامئــة املوالــن‪ ،‬أمــا القضــاء‬ ‫فقــد أفقــده مصداقيتــه‪ ،‬وفــرض املحاكــم‬ ‫االســتثنائية والعســكرية‪ ،‬واملحاكــات عــى‬ ‫أســاس قانــون الطــوارئ‪ ،‬واألحــكام العرفيــة‪،‬‬ ‫فهمــش ســلطته العادلــة‪ ،‬وحطــم مصداقيــة‬ ‫العــدل‪ ،‬هــذه العوامــل أدت بــه إىل تخطــي‪،‬‬ ‫مــع مــرور الوقــت‪ ،‬الشــكل الــذي اتخــذه‬ ‫األســد منــذ اســتيالئه عــى الســلطة عــى أنــه‬ ‫حكــم عســكري ليصبــح حكــاً ذا عقائديــة‬ ‫عســكرية‪ ،‬متســلحاً بتحالفــات وامتــدادات‬ ‫ضمــن طبقــات اجتامعيــة‪ ،‬ورشائــح مــن‬ ‫مناطــق مختلفــة صعــدت معــه‪ ،‬واســتفادت‬ ‫منــه‪ ،‬وكونــت مواقــع نفــوذ وجــاه وتأثــر‪،‬‬ ‫ليــس مــن الســهل إزاحتهــا عنــه لتحالفهــا مــع‬ ‫بعضهــا ودفاعهــا عــن مصالحهــا املشــركة‪ ،‬رغم‬ ‫التنافــس والتنافــر‪ ،‬وباملحصلــة أصبــح املجتمــع‬ ‫الســوري مطوع ـاً لصالــح قائــد واحــد‪ ،‬تصــول‬ ‫وتجــول فيــه عصابــات الفســاد والســطو‪ ،‬وهي‬ ‫األســس الرضوريــة لتثبيــت الســلطة‪ ،‬واملواقــع‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬أي أنــه ال مشــكلة مــع الفســاد‬

‫طاملــا أظهــر القامئــون عليــه والءهــم لألســد‪،‬‬ ‫وهــذا يعنــي أن الفســاد شــبكة مــن شــبكات‬ ‫األســد‪ ،‬ووســيلة لالســتقطاب ملختلــف فئــات‬ ‫املجتمــع‪.‬‬ ‫أهــم مظاهــر القــوة يف حكــم األســد ذلــك‬ ‫املزيــج بــن الشــخصنة التــي يتمحــور حولهــا‬ ‫أي إنجــاز ملصلحتــه‪ ،‬وأي تراجــع يعتــر تقدمـاً‪،‬‬ ‫واملأسســة لــأدوات القمعيــة والرقابيــة‪ ،‬التــي‬ ‫تديــر شــؤون البــاد والعبــاد ليدمــج بــن‬ ‫الكاريزمــا والتنظيــم‪ ،‬ففــي التنظيــم أســس‬ ‫األســد أجهــزة ومراكــز قــوى تأمتــر بأمــره‬ ‫مبــارشة عــر املخلصــن املزروعــن فيهــا‬ ‫واملتخاصمــن فيــا بينهــم‪ ،‬بحيــث تعــددت‬ ‫األجهــزة األمنيــة املتنافســة‪ ،‬واخرتقــت كل‬ ‫نواحــي املجتمــع‪ ،‬ثــم أصبــح جميعهــا يراقــب‬ ‫بعضــه البعــض‪ ،‬أي أن كل مراقــب مراقــب‪،‬‬ ‫ومتــارس هــذه األجهــزة العنــف مــن خــال‬ ‫اكتســاح حيــاة املواطنــن الخاصــة‪ ،‬والتعاطــي‬ ‫مــع حياتهــم اليوميــة‪ ،‬والــزج بهم يف الســجون‪،‬‬ ‫أو إرســالهم إىل القبــور‪ ،‬إذا اقتــى األمــر‪،‬‬ ‫ونجــح هــذا الجــو مــن الرعــب والتســلط مــع‬ ‫الوقــت يف تحويــل العنــف إىل يشء طبيعــي يف‬ ‫حيــاة املجتمــع الســوري‪ ،‬فيكفــي أن يخــاف‬ ‫النــاس مــن بعضهــم البعــض‪ ،‬ويراقبــوا ذويهــم‬ ‫وأهلهــم‪ ،‬وتقمــع آراؤهــم‪ ،‬ويقدمــوا التقاريــر‬ ‫لــي يســتتب األمــر لهــذه األجهــزة‪ ،‬وتطمــن‬ ‫إىل ســيطرتها‪ ،‬إضافــة إىل أن الحــزب مبــوازاة‬ ‫الجيــش والبريوقراطيــة والقــوى املخابراتيــة‬ ‫املختلفــة شــكل أداة أخــرى لألســد‪ ،‬فمــن خالل‬ ‫منظامتــه الشــعبية التــي تضــم االتحــادات‬ ‫النقابيــة والشــبابية والنســائية والفالحيــة‪،‬‬ ‫وحتــى األطفــال‪ ،‬وإيــاء فروعــه يف املحافظــات‬ ‫مهمــة مراقبــة املــدارس ومناهجهــا‪ ،‬واإلعــام‬ ‫العــام وبرامجــه‪ ،‬وتقديــم املنــح وتوفــر فــرص‬ ‫العمــل‪ ،‬ســيطر عــى الحيــاة العامــة ليزيــد‬ ‫قيمــة مضافــة إىل حكــم األســد‪ .‬أما عــى صعيد‬ ‫الكاريزمــا والشــخصنة‪ ،‬فقــد ظهــر األســد‬ ‫قائــدا ً للمجتمــع والدولــة ووســيلة إلقنــاع‬

‫النــاس مبــا ينبغــي االقتنــاع بــه‪ ،‬فأحــاط نفســه‬ ‫بألقــاب ونرشهــا تحــت صــوره املنتــرة يف كل‬ ‫أنحــاء الوطــن‪ ،‬وخلــق واقعــاً ألــزم الجميــع‬ ‫بتصديقــه‪ ،‬فاألســد هــو القائــد الرمــز‪ ،‬املفــدى‬ ‫الخالــد املخلــد‪ ،‬بطــل الترشينــن‪ ،‬هــو صــاح‬ ‫الديــن‪ ،‬ويوســف العظمــة‪ ،‬وإبراهيــم وهنانــو‪،‬‬ ‫وهــو بــاين ســورية الحديثــة‪ ،‬الــذي أ ّمــن لهــا‬ ‫االســتقرار والتقــدم‪ ،‬وحولهــا إىل قــوة عظمــى‪،‬‬ ‫وحامــي لبنــان مــن التقســيم‪ ،‬ومنــع إرسائيــل‬ ‫مــن القضــاء عــى الفلســطينيني‪ ،‬ووقــف ســدا ً‬ ‫يف وجــه املؤامــرات التــي حاكتهــا اإلمربياليــة‬ ‫العامليــة ضــد الشــعب والدولــة‪ ،‬هكــذا أظهــر‬ ‫نفســه‪ ،‬وهكــذا هــي امللصقــات والهتافــات‪ ،‬أي‬ ‫الوصــول بالشــعب إىل مرحلــة عبــادة األســد‪،‬‬ ‫وتطويــع النــاس‪ ،‬وفــرض مناقبيــة عليهــم‪،‬‬ ‫تجعلهــم يترصفــون كأنهــم يعبــدون قائدهــم‬ ‫ضمــن فلســفة التــرف‪ ،‬وكأنهــا قناعة راســخة‪،‬‬ ‫والهــدف مســخ العقليــة الســورية التــي ميكــن‬ ‫أن تفكــر بــأن األســد هــدف إىل محــارصة‬ ‫املواطنــن‪ ،‬ونــزع الروابــط فيــا بينهــم‪ ،‬ودمــر‬ ‫املجتمــع وفتــت حالتــه االجتامعيــة‪.‬‬ ‫كان األســد مقتنعــاً بأنــه بسياســة الحديــد‬ ‫والنــار‪ ،‬وكــم األفــواه‪ ،‬وتكبيــل األيدي ســيتمكن‬ ‫مــن الســيطرة وإخضــاع الشــعب‪ ،‬وبــأن‬ ‫الحريــة السياســية ال وجــود لهــا‪ ،‬إال مــن خــال‬ ‫فكــره ومنطلقاتــه‪ ،‬وفكــر الحــزب الــذي يديــره‬ ‫كرشكــة خاصــة‪ ،‬وأن جامهــر الشــعب ال ت ُوجــه‬ ‫إال عــن طريــق دغدغــة مشــاعرها وعواطفهــا‪،‬‬ ‫وجعلهــا يف حالــة تحفيــز دائــم ضــد مواجهــة‬ ‫وهميــة غــر معروفــة‪ ،‬مؤامــرة كونيــة‪ ،‬فخلــق‬ ‫تصــورا ً وقناعــة لــدى املجتمــع بــأن حياتهــم‬ ‫مســتهدفة‪ ،‬وأمنهــم كذلــك‪ ،‬فــكل مــا يقولــه‬ ‫القائــد هــو الحقيقــة والصــواب‪ ،‬وجـ ّرم القانون‬ ‫الســوري نقــد رئيــس الجمهوريــة مهــا كانــت‬ ‫أفعالــه وقراراتــه وأقوالــه‪ ،‬باإلضافــة إىل قناعــة‬ ‫األســد بــأن مصلحــة حكمــه مــن الناحيــة‬ ‫االقتصاديــة يجــب أن تقــاد بخلــق طبقــة‬ ‫تجاريــة مــن محــديث النعمــة‪ ،‬الذيــن يفتقــرون‬

‫إىل الحساســية السياســية‪ ،‬فأوجــد طبقــة قويــة‬ ‫ومتمولــة مــن بــن رجالــه واملوالــن لــه لتحــل‬ ‫محــل الربجوازيــة الســورية القدميــة‪ ،‬وهكــذا‬ ‫كان تــزاوج رأس املــال والســلطة يف عــره‪،‬‬ ‫وأصبــح مــع عائلتــه واملقربــن منــه يديــرون‬ ‫مفاصــل االقتصــاد‪ ،‬ويتحكمــون يف األعــال‬ ‫كبريهــا وصغريهــا حتــى ظهــر مــا يســمى‬ ‫باقتصــاد (الرمرمــة) نســبة إىل رامــي مخلــوف‬ ‫ابــن خــال بشــار األســد وقبلــه أبيــه محمــد‬ ‫مخلــوف‪.‬‬ ‫بــدا الوضــع يف ســورية عــى هيئــة ثقافــة‬ ‫الغالــب عــى املغلــوب‪ ،‬وبحكــم القــوة يقبــل‬ ‫املغلــوب تلــك الثقافــة‪ ،‬ألنــه ال يســتطيع‬ ‫مقاومتهــا أو االعــراض عليهــا‪ ،‬هــذه الثقافــة‬ ‫املفروضــة‪ ،‬عــززت العالقــة بــن مكونــات‬ ‫االســتبداد‪ ،‬وهــي الجيــش واألمــن وحــزب‬ ‫البعــث واألحــزاب امللحقــة بــه ليتمكنــوا‬ ‫مــن الســيطرة بشــكل مطلــق عــى الدولــة‬ ‫واملجتمــع بقيــادة األســد‪ ،‬وليصبــح الشــعب‬ ‫مقتات ـاً عــى فتــات املزايــا‪ ،‬والتعــود عــى أنــه‬ ‫ال يــرى‪ ،‬وال يســمع‪ ،‬وال يتكلــم‪ ،‬وتــم حــذف‬ ‫كل مكونــات الثقافــة الســورية األصيلــة فــا‬ ‫وجــود إال لثقافــة األمــن والجيــش والحــزب‬ ‫التــي تــؤدي بــك يف النهايــة إىل ثقافــة عــي‬ ‫الديــك والحاصــودي‪.‬‬ ‫هكــذا صــاغ األســد حكمــه بالقــوة‪ ،‬انطالقــاً‬ ‫مــن شــخصه إىل حكــم العائلــة‪ ،‬ثــم الطائفــة‬ ‫واســتيعابها يف مواقــع الســلطة‪ ،‬إىل املرتزقــة‬ ‫مــن األعــوان واألتبــاع مــن مكونــات الشــعب‬ ‫عــن طريــق تســهيل أعــال النهــب والرسقــة‬ ‫لهــم مــا دامــوا يعلنــون والءهــم والتزامهــم‬ ‫وطاعتهــم‪ ،‬ليطبــق عــى املجتمــع الســوري‬ ‫بقبضــة حديديــة‪ ،‬وليكــون اإلرهــاب عنوانــه‬ ‫إلســكات أي صــوت معــارض‪ ،‬مســتخدماً القــوة‬ ‫والنفــاق والعنــف والريــاء والرشــوة والخيانــة‪،‬‬ ‫وليصبــح كل ســوري محــارصا ً كيفــا اتجــه يف‬ ‫الشــارع يف املدرســة يف الجامعــة وحتــى يف‬ ‫منزلــه وفراشــه‪.‬‬

‫من وحي لطفي بوشناق‬

‫إذا كان املوقــف الســعودي مــن بقــاء بشــار‬ ‫األســد أو رحيلــه عــن املشــهد الســوري ثابت ـاً‬ ‫راً عــى الرحيــل‪ ،‬وهــو نقيــض املوقــف‬ ‫ُمــ ّ‬ ‫الــرويس‪ ،‬وال ميـ َّـل وزيـرا خارجيــة البلديــن مــن‬ ‫تكـرار موقفيهــا هذيــن‪ ،‬ملــاذا توقــع الريــاض‬ ‫عقــوداً مبليــارات الــدوالرات مــع موســكو‬ ‫إلقامــة مشــاريع ضخمــة ليــس لهــا صفــة‬ ‫االســتعجال‪ ،‬كبنــاء مفاعــات نوويــة تُنتــج‬ ‫الكهربــاء؟ وملــاذا ال ترتيــث الريــاض يف دعــم‬ ‫االقتصــاد الــرويس املخنــوق إىل أن تتلمــس‬ ‫تغي ـراً حقيقي ـاً يف موقــف موســكو يُقــال إنــه‬ ‫يلــوح يف األفــق‪ ،‬مــا دامــت السياســة مصالــح‬ ‫دامئــة؟‬ ‫وخــذ مثـاً آخــر‪ :‬يقولــون إنــك إذا أردت أن‬ ‫تُ يــت قضيــة مــا‪ ،‬فأ ِحلهــا إىل لجــان تدرســها‪.‬‬

‫وإذا كان بيــان جنيــف يف األصــل بيانـاً هُالميـاً‬ ‫مل يقــرب بوضــوح مــن أصــل األزمــة الســورية‪،‬‬ ‫ومل يضــع آليــة محــددة لتنفيــذ بنــوده‪ ،‬وتــرك‬ ‫ترتيبهــا وصياغــ َة بعضهــا مائعــاً ورمــاه إىل‬ ‫مفاوضــات جــرت وتجــري عليــه يف جنيــف ‪1‬‬ ‫و‪ 2‬ثــم يف موســكو ‪ 1‬و‪ 2‬فــا خرجــت بطائــل‬ ‫ّــض‬ ‫ثــم رمبــا إىل جنيــف ‪ 3‬وموســكو‪ 4‬لتتمخ َ‬ ‫إن متخّضــت عــن اللجــان األربــع حســب‬ ‫فــأي إثبــات أوضــح‬ ‫مقرتحــات دميســتورا‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫مــن هــذا عــى خبــث هــذا الرجــل وخبــث‬ ‫مــن يقــف وراءه وســو ِء طويتــه وطويتهــم‬ ‫واســتهانته واســتهانتهم بعذابــات الشــعب‬ ‫الســوري ومعاناتــه مــع براميــل املــوت يف كل‬ ‫يــوم؟‬ ‫وخــذ مث ـاً آخــر‪ :‬إخواننــا األت ـراك‪ ،‬ونحــن‬

‫ضيوفهــم وممتنــون لهــم‪ ،‬فقــد قدمــوا لنــا مــا‬ ‫مل تقدمــه أي ـ ُة دولــة عربيــة‪ ،‬وليــس مطلوب ـاً‬ ‫منهــم أن يضعــوا مصلحتنــا فــوق مصالحهــم‪،‬‬ ‫لكنــي أســأل ملــاذا رفعــوا ســقف خطوطهــم‬ ‫الحمــراء‪ ،‬التــي خرقهــا النظــام خطــاً بعــد‬ ‫آخــر كــا فعــل بخطــوط أوبامــا‪ ،‬وهــم ال‬ ‫شــكَّ يعرفــون ونحــن نــرى أن الخــط األحمــر‬ ‫الوحيــد الــذي ال ميكــن تجــاوزه – حتــى اآلن‬ ‫عــى األقــل – هــو خــط املمنــوع األمريــي‪،‬‬ ‫وهــذا مــا تثبتــه الترصيحــات املتناقضــة‬ ‫للمســؤولني األت ـراك تأكيــداً واألمريــكان نفي ـاً‪،‬‬ ‫حــول املنطقــة العازلــة التــي قــد تنفــع خطــط‬ ‫تركيــا االســراتيجية يف منــع اتصــال «مناطــق‬ ‫األكــراد» ببعضهــا‪ ،‬لكنهــا ليســت للســوريني‬ ‫ســوى ألهيــ ٍة تدفــع باملأســاة الســورية اىل‬

‫أمــد جديــد‪ .‬وهنــا أســأل اإلدارة األمريكيــة‬ ‫التــي أرى وبقناعــة تامــة أنهــا هــي العــدو‬ ‫األول للثــورة الســورية‪ ،‬والداعــم األول‬ ‫لدراكــوال ســورية‪ ،‬وأن مــا يجــري إن هــو إال‬ ‫مــن تدبريهــا‪ ،‬مــاذا يتبقــى مــن حج ـ ٍة لعــدم‬ ‫تزويــد الجيــش الحــر‪ ،‬وفصائــل املعارضــة‬ ‫الســورية التــي تقاتــل النظــام باألســلحة‬ ‫النوعيــة املطلوبــة بعــد أن أصبحــت دبابــات‬ ‫ابرامــز ومدرعــات همفــي بيــد داعــش عــى‬ ‫يــد املالــي منــذ ســقوط املوصــل؟‬ ‫صمــت صديقــي برهــة ثــم أضــاف‪ :‬بــدأت‬ ‫باإلقليــم ومل أبــدأ بالداخل املشـ ّوه‪ ،‬الــذي تبدو‬ ‫فيــه األمــور كــا يف املرايــا املق ّعــرة‪ ،‬فاألســئلة‬ ‫عـ ّـا يجــري فيــه ال تنتهــي عنــد صمـ ِ‬ ‫ـت الــذي‬ ‫ألــوف جيشــه عــى الغــارات‬ ‫اســتعرض مــ ّر ًة‬ ‫َ‬ ‫التــي يشــنها النظــام عــى «عاصمتــه»‪ ،‬هــل‬ ‫حقـاً أن دوره مل يـ ِ‬ ‫ـأت بعــد‪ ،‬وأنــه ينتظــر انهيار‬ ‫النظــام بــدل أن يســاهم يف التعجيــل بانهيــاره‬ ‫كــا يريــد داعمــوه؟ وأيــة ملهــا ٍة هــي أكــر‬ ‫ســواداً مــن أن يشــرط‪ ،‬مــن أعلــن عــن قبــول‬ ‫طلبــات االنتســاب إىل جيشــه‪ ،‬الــذي يريــده‬ ‫نــوا ًة للجيــش الوطنــي الجديــد يف طالــب‬ ‫االنتســاب أالّ يكــون مجاه ـراً باملعــايص؟‬ ‫ســكت صديقــي وتن ّهــد وملعــت عينــاه‬ ‫وقــال‪ :‬األســئلة أكــر مــن أن تُعــدّ ‪ ،‬وصديقــي‬ ‫لطفــي بوشــناق مواطــن حائــر ينتظــر مــن‬ ‫املســؤولني جوابـاً‪ ،‬أقــول لــه‪ :‬هنــاك الكثــر مــن‬ ‫األســئلة امل ُـ ّرة التــي تحمــل يف طياتهــا اإلجابــة‬ ‫عليهــا‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫السياسة حرب بوسائل ناعمة‬

‫خلف الجربوع‬ ‫مجــزرة دومــا التــي تزامنــت مــع مــرور‬ ‫عامــن عــى مجــزرة الكيــاوي‪ ،‬التــي ارتكبهــا‬ ‫النظــام بحــق املدنيــن يف ريــف دمشــق‪،‬‬ ‫أعــادت خلــط أوراق اللعبــة مــن جديــد‬ ‫يف ســورية‪ ،‬وبنــا ًء عــى مواقــف األطــراف‬ ‫الســورية والدوليــة مــن هــذه املجــزرة‪ ،‬ميكــن‬ ‫رصــد توجهــات الحــل الســيايس وآفــاق إمكانية‬ ‫نجاحــه‪ ،‬ال لفــرادة املجــزرة ووحشــيتها‪ ،‬بــل‬ ‫لتوقيتهــا أوالً‪ ،‬ألن هنــاك مئــات املجــازر التــي‬ ‫ارتكبــت بوحشــية ال ميكــن وصفهــا خــال‬ ‫الســنوات املنرصمــة (كمجــزرة الحولــة)‪ ،‬وثانيـاً‬ ‫ملرتكبهــا‪ ،‬ألن الجهــود الدوليــة الضاغطــة عــى‬ ‫جميــع األطـراف الســورية بقيــول حــل ســيايس‬ ‫يكــون األســد أحــد أطرافــه يجعــل منهــا رشيكاً‬ ‫لــه‪ ،‬ألن صمتهــا اســتمرار مبنــح القاتــل رخصــة‬ ‫قتــل املدنيــن‪ ،‬ويضعهــم أمــام مســؤوليات‬ ‫أخالقيــة وقانونيــة تجــاه مجتمعاتهــم أوالً‪.‬‬ ‫مــن هــذه املقدمــة يكتســب موقــف االئتــاف‬ ‫مــن املجــزرة وتداعياتهــا أهميــة اســتثنائية‪،‬‬ ‫ألنــه بــدا يف اآلونــة األخــرة مطلوب ـاً كرشيــك‬ ‫يف إنجــاح الحــل الســيايس‪ ،‬لكــن مــا ال شــك‬ ‫فيــه أن ترصيحــات الســيد خالــد خوجــه رئيــس‬ ‫االئتــاف لحيثيــات املشــهد العــام‪ ،‬وتجاهلــه‬ ‫ملقــرح منــذر اقبيــق بتجميــد نشــاط االئتــاف‬ ‫واتصاالتــه الدبلوماســية مــع األطـراف الدوليــة‪،‬‬ ‫يف ســياق ما يســمى بالحل الســلمي يف ســورية‪،‬‬ ‫يــدل عــى مراهقــة سياســية تُفــوت أهــم‬ ‫فرصــة سياســية منــذ تأســيس االئتــاف عــى‬ ‫أنقــاض املجلــس الوطنــي‪ ،‬واســتمرار إعــادة‬ ‫إنتــاج الفشــل يف إدارة سياســة الثــورة‪ ،‬وتأكيــدا ً‬ ‫للمجتمــع الــدويل عــى أن هــذه املؤسســة غــر‬ ‫جديــرة بالرشاكــة‪ ،‬وال ميكــن أن تكــون بديــاً‬ ‫عــن نظــام فاشــل وإرهــايب‪ ،‬لفقدانهــا لحاملهــا‬ ‫ولبيئتهــا التــي تزعــم متثيلهــا‪.‬‬

‫يبــدو أن إرصار الســيد خالــد خوجــه‪ ،‬وبعــض‬ ‫الــركاء والداعمــن‪ ،‬عــى إبقــاء االئتــاف يف‬ ‫موقــع الصفــر الســلبي يف املعادلــة الســورية‬ ‫هدفـاً‪ ،‬ألن تحولــه إىل رقــم إيجــايب يف املعادلــة‬ ‫يــر مبصالــح هــؤالء‪ ،‬وإن هــذا اإلرصار بتجاهل‬ ‫هــذا االقـراح الــذي ســانده وتبنــاه الكثــر مــن‬ ‫شــخصيات االئتــاف والكتــل املشــكلة لــه‬ ‫والتــي قــد تتجــاوز الـــ‪ 50‬عضــوا ً ائتالفيـاً‪ ،‬يصب‬ ‫يف خانــة املصالــح غــر الســورية‪ ،‬حيــث أنــه‬ ‫مــن خــال النقاشــات واإلمييــات املتبادلــة يف‬ ‫مــا بــن األعضــاء‪ ،‬والكتــل حــول مقــرح الســيد‬ ‫منــذر اقبيــق متيــل معظــم اآلراء حــول تبنيــه‪،‬‬ ‫حيــث أنــه ورد بامييــل د‪ .‬نــر الحريــري‬ ‫املوقــف التــايل‪ ..« :‬فإننــي أضــم صــويت إىل‬ ‫صــوت الشــيخ معــاذ الخطيــب‪ ،‬ودعــوة الزميــل‬ ‫منــذر اقبيــق يف رضورة مقاطعــة كل اللقــاءات‬ ‫الرســمية مــع األطــراف التــي لهــا عالقــة‬ ‫باملوضــوع الســوري والتــي تغمــض أبصارهــا‬ ‫عــن دمــاء املدنيــن من شــعبنا الذبيح‪ ،‬ويشــمل‬ ‫ذلــك أيــة اجتامعــات يف جنيــف الشــهر القــادم‪،‬‬ ‫وأطالــب االئتــاف الوطنــي لقــوى الثــورة‬

‫واملعارضــة الســورية أن يتخــذ موقف ـاً جريئ ـاً‪،‬‬ ‫ويعلــن تعليــق كافــة االتصــاالت والنشــاطات‬ ‫واللقــاءات الدبلوماســية التــي تنــدرج ضمــن‬ ‫مســار الحــل الســيايس إىل أن يتــم تحــرك دويل‬ ‫جــاد وفــوري إليقــاف جرائــم الحــرب وجرائــم‬ ‫اإلبــادة الجامعيــة التــي يقــوم بهــا النظــام‬ ‫الســوري ضــد الشــعب الســوري»‪.‬‬ ‫وورد أيضــاً يف إمييــل آخــر لعبــد اللــه فهــد‪:‬‬ ‫«‪..‬إذا كان تعطيــل االئتــاف هــو الحــل فــا‬ ‫بــأس ولكــن بعــد طــرح عــدة حلــول مــن بينهــا‬ ‫هــذا األمــر»‪ ،‬وقــد ُعــزز هــذا الــرأي يف بيــان‬ ‫تيــار املســتقبل مــن خــال البيــان الــذي أرســله‬ ‫نذيــر الحكيــم لالئتــاف»‪..‬‬ ‫إن تيــار املســتقبل الوطنــي يطالــب االئتــاف‬ ‫الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة وكل القــوى‬ ‫السياســية يف املعارضــة الرشيفــة تعليــق كل‬ ‫االتصــاالت واللقــاءات الديبلوماســية التــي‬ ‫تنــدرج ضمــن مســار الحــل الســيايس مــا مل يتــم‬ ‫ذلــك التجــاوب مــن املجتمــع الــدويل‪ ،‬وتكثيــف‬ ‫الجهــود لتقديــم هــذا النظــام القاتــل ليمثــل‬

‫أمــام محاكــم جرائــم الحــرب ملــا ارتكبــه مــن‬ ‫مجــازر ضــد شــعبنا ترقــى إىل درجــة جرائــم‬ ‫إبــادة ضــد اإلنســانية‪.‬‬ ‫وإننــا نتوقــع مــن جميــع األطـراف يف املعارضــة‬ ‫العســكرية والسياســية ومؤسســات املجتمــع‬ ‫املــدين أن يكونــوا مــع شــعبنا قــوالً وعمــاً»‪،‬‬ ‫والجديــر بالذكــر إن فرســان مــن مؤمتــر‬ ‫القاهــرة‪ 2‬قــد تبنــوا مقــرح اقبيــق وطالبــوا‬ ‫االئتــاف مبوقــف أكــر جذريــة عــى لســان‬ ‫رئيــس الكتلــة الدميوقراطيــة يف االئتــاف‬ ‫الوطنــي االســتاذ فايــز ســارة‪« :‬تؤيــد الكتلــة‬ ‫الدميقراطيــة يف االئتــاف الوطنــي مقــرح‬ ‫األخ منــذر آقبيــق‪ ،‬وتدعــو الهيئــة السياســية‬ ‫لالئتــاف الوطنــي للبحــث يف الخطــوات‬ ‫العمليــة والتنفيذيــة ملضمــون االقــراح مبــا‬ ‫يلبــي حاجــة الشــعب الســوري وثورتــه‬ ‫املجيــدة يف العمــل عــى انتصــار الــدم الســوري‬ ‫عــى الجــاد ودفــع العــامل الصامــت واملتخــاذل‬ ‫التخــاذ موقــف قــوي وفعــال لوقــف ســفك‬ ‫دمــاء شــعبنا وقتــل الســوريني‪.‬‬ ‫ان االئتــاف مدعــو بوصفــه ممثــل الشــعب‬ ‫الســوري إىل اتخــاذ قـرارات حاســمة يف مواجهة‬ ‫إرهــاب النظــام وعلينــا أن ندعــو العــامل إىل‬ ‫اتخــاذ موقــف مــن هــذا اإلرهــاب عــى نحــو‬ ‫مــا اتخــذ مــن موقــف يف مواجهــة داعــش‬ ‫وأخواتــه‪ ،‬والتــي مل تبلــغ فاتــورة إرهابهــا قــدرا ً‬ ‫مامث ـاً ملــن نتــج عــن إرهــاب النظــام يف قتــل‬ ‫الســوريني وقــد اقــرب عــدد شــهداء الشــعب‬ ‫الســوري مــن مليــون ضحيــة»‪..‬‬ ‫اعتقــد أن مقــرح الســيد منذر اقبيــق وإضافاته‬ ‫«‪ ..‬إن تجميــد مســار الحــل الســيايس‪ ،‬أي‬ ‫العمليــة الســلمية يف هــذه املرحلــة هــو ليــس‬ ‫عزوفـاً عــن مامرســة السياســة وإمنــا هــو عمــل‬ ‫ســيايس بحــد ذاتــه‪ ،‬حيــث أن العملية الســلمية‬ ‫تحتــاج إىل طرفــن مقتنعــن بهــا وبجدواهــا يف‬

‫حقــن الدمــاء‪ ،‬وال يوجــد طــرف آخــر يف هــذا‬ ‫الوقــت‪ ،‬مجــازر األســد‪ ،‬وخطابــه األخــر يــدالن‬ ‫عــى ذلــك‪ ،‬فــا الداعــي للــكالم حــول الســام‬ ‫والعــدو ال يتكلــم وال يفعــل ســوى الحــرب‪،‬‬ ‫هــذا ينــدرج يف إطــار املواقــف املجانيــة التــي ال‬ ‫داعــي ملنحهــا يف هــذه املرحلــة»‪ .‬والــذي كــا‬ ‫لحظنــا عينــة ممــن تبنــاه‪ ،‬أنــه فعــل ســيايس‬ ‫ينفــي كل االرتيابــات التــي ســاورت الخوجــه‬ ‫وفريقــه حــول نوايــا محليــة ودوليــة لتفكيــك‬ ‫االئتــاف‪ ،‬وإنشــاء بديــل عنــه‪ ،‬وقــد عــر عضــو‬ ‫االئتــاف الســيد حســن العبــد اللــه عــن ذلــك‬ ‫«‪ ..‬ومــا عالقــة نســف االئتــاف بق ـرار تجميــد‬ ‫املشــورات واالتصــاالت مــع العــامل الــذي مل ولن‬ ‫ينتــر لشــعبنا وإذا كان التجميــد وموقفنــا‬ ‫مــن هــذه الجرميــة ســوف ينســف االئتــاف‬ ‫فليذهــب االئتــاف اىل الجحيــم ‪ ،‬وكفــى باللــه‬ ‫عليكــم»‪.‬‬ ‫إن مقــرح الســيد اقبيــق وتطويــره‪ ،‬يعيــد‬ ‫لالئتــاف اإلعتبــار يف متثيلــه لقــوى الثــورة‪،‬‬ ‫ويجعــل منــه الرقــم األصعــب‪ ،‬والرشيــك الــذي‬ ‫ال ميكــن تجــاوزه يف رســم مســتقبل ســورية‪،‬‬ ‫وســيجرب القــوى الدوليــة أن تعيــد جســاباتها‪،‬‬ ‫ألنهــا تــدرك أن أيــة عمليــة سياســية مــن دون‬ ‫االئتــاف ال جــدوى منهــا‪.‬‬ ‫لكــن الســيد خوجــه وفريقــه وداعميــه‪،‬‬ ‫واســتمرارهم بالوهــم مــن أجــل الحفــاظ عــى‬ ‫مواقــع شــكلية يف اللوحــة الســورية‪ ،‬قــد يكــون‬ ‫الســبب األهــم لتفــكك االئتــاف ونشــوء كتلــة‬ ‫تزيحــه مــن اللوحــة الســورية‪ ،‬لذلــك أجــد مــن‬ ‫الــروري أن يتقــدم خطــوة إىل األمــام ويتبنــى‬ ‫مقــرح الســيد اقبيــق وتطويــره إىل لحظــة‬ ‫قلــب الطاولــة‪ ،‬أو يجــر الالعبيــن يف الســاحة‬ ‫الســورية‪ ،‬عــى إعــادة وضــع العربــة أمــام‬ ‫الحصــان‪ ،‬وتذليــل كل الصعوبــات الجــراح‬ ‫حلــول يكــون األســد ونظامــه خــارج ســياقاتها‪.‬‬

‫أين ثورة السوريني؟!‬

‫أحمد محمد نور العجيلي‬

‫هــل فعـاً كانــت هنــاك ثــورة يف ســورية‬ ‫؟! هــل قصــد الســوريون بثورتهــم تخريــب‬ ‫مدنهــم وتدمريهــا‪ ،‬واملســاهمة يف تخريــب‬ ‫اقتصادهــم القومــي؟! هــل فعــاً كان‬ ‫ماليــن الســوريني خونــة ويقبضــون مثــن‬ ‫خيانتهــم! أيُعقــل أن تكــون الثــورة التــي‬ ‫آمــن بهــا الســوريون وســالت دماؤهــم عــى‬ ‫مذبحهــا هــي هــذه التــي نراهــا اليــوم؟!‬ ‫ماليــن امل ُه ّجريــن املوزعــن عــى دول‬ ‫الجــوار؟ مئــات اآلالف ينتظــرون دورهــم‬ ‫يك يقفــزوا يف ذاك القــارب الهــارب إىل‬ ‫بــاد «الكفــار» عــى أن يتنعمــوا بالهــدوء‬ ‫واألمــان مــن نــران الحــرب املســتعرة يف‬ ‫ديارهــم!‬ ‫تســاؤالت ال يفتــأ الســوريون يثريونهــا يف‬ ‫أحاديثهــم‪ ،‬وكتاباتهــم؛ بــل كثــر مــن غــر‬ ‫الســوريني يتســاءل عــن حقيقــة مــا جــرى‪،‬‬ ‫ويجــري اليــوم يف تلــك البقعــة التــي كان‬ ‫اســمها يومــاً «ســورية»‪.‬‬ ‫ولكــن‪ ،‬أال تكمــن اإلجابــات عــن هــذه‬ ‫التســاؤالت يف دواخلنــا نحــن الســوريني؟!‬ ‫ألســنا نحــن الشــعب الــذي يب ّجــل املوظــف‬ ‫الحكومــي املرتــي‪ ،‬بينــا نحتقــر ونحقّــر‬ ‫املوظــف النزيــه وننعتــه بـــ» األبلــه»؟! أمل‬ ‫يصــي ســيادته يف معظــم مســاجد ســورية‪،‬‬ ‫ويف كل مــرة تتســابق األكــف للمباركــة‬ ‫بكــف الرئيــس الشــاب املثقــف الفهيــم؟!‬ ‫ّ‬ ‫أمل يكــن أولئــك مــن أبنــاء الشــعب‪ ،‬أمل‬ ‫يخــرج علينــا أحدهــم بأعــى صوتــه تحــت‬ ‫قبــة «بيــت الشــعب» مادحــاً ســيادته‪،‬‬

‫وقيادتــه التــي تصلــح لقيــادة العــامل؟! أمل‬ ‫يكــن ضبــاط وعنــارص فــروع األمــن واملــرور‬ ‫والجيــش وســائر أجهــزة الحكــم جــزءا ً مــن‬ ‫هــذا الشــعب؛ وهــم ذاتهــم أصبحــوا فيــا‬ ‫بعــد لصوصــاً وأحــرارا ً وأحفــادا ً لصحابــة‬ ‫رســول اللــه (ص) وأنصــارا ً وفاتحــن‬ ‫ودواعــش؟! أليــس جيــل الشــباب الــذي‬ ‫آمــن بالثــورة وأهدافهــا‪ ،‬وحمــل شــعاراتها‬ ‫كحملــه للصليــب املتحطــم عــى أيــدي‬ ‫دواعــش الرقــة يومــاً‪ ،‬هــو ذاتــه الجيــل‬ ‫الــذي نشــأ يف بيئــة ثقافيــة تتخــذ شــعار‬ ‫«ميــي الحيــط ويقــول يــارب ســرك»‪،‬‬ ‫وهــو ذاتــه الجيــل الــذي حفــظ عــن ظهــر‬ ‫قلــب مقولــة الكبــار «ألــف أم تبــي وال‬ ‫أمــي تبــي»؛ نعــم نحــن الجيــل الــذي نشــأ‬ ‫عــى جملــة مــن القيــم واملبــادئ املغلوطــة‬ ‫التــي شــكلت الناظــم الحقيقــي لوعينــا‪،‬‬ ‫نحــن مــن آمــن مبقولــة « رضب الحكومــة‬ ‫رشف ال تنكــر عينــك»‪ ،‬ونحــن مــن حفــظ‬ ‫وعمــل مبقولــة « عصفــور باليــد أحســن‬ ‫مــن عــرة عالشــجرة» ؛ نحــن مــن اتخــذ‬ ‫شــعار «البــاب ايل يجيــك منــه ريــح س ـ ّده‬ ‫واســريح»‪ .‬ونحــن وحدنــا مل نلتــزم مقولــة‬ ‫«أنــا وأخــوي عــى ابــن عمــي وأنــا وابــن‬ ‫عمــي عالغريــب» فقــد ذبحنــا األخ وابــن‬ ‫العــم‪ ،‬وجلبنــا الغريــب وزوجنــاه ورضينــا‬ ‫بــه جــادا ً لنــا‪.‬‬ ‫كثــر مــن األمثــال واملقــوالت الشــعبية‬ ‫التــي نشــأ‪ ،‬وترعــرع جيــل الشــباب‬ ‫يف ظلهــا هــي التــي شــكلت الالوعــي‬ ‫الجمعــي للســوريني؛ لــذا قــد يلحــظ املتابــع‬ ‫ملجريــات األحــداث يف ســورية أنّ النظــام مل‬

‫يكــن وحــده املشــكلة‪ ،‬فالق ـراءة الرسيعــة‬ ‫لواقــع طــريف النـزاع تثبــت تشــتت جمهــور‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وترشذمــه‪ ،‬يف حــن تجــد أن‬ ‫جمهــور املــواالة ال ي ـزال متشــبثاً مبقوالتــه‪،‬‬ ‫وغــر قابــل ملناقشــتها أو الحيــاد عنهــا‪ .‬هــذا‬ ‫الثبــات طبعــاً مــر ّده أســباب كثــرة ليــس‬ ‫املقــام هنــا لذكرهــا‪.‬‬ ‫وهــذا يعيدنــا إىل الســؤال األهــم‪ ،‬هــل‬ ‫فعــاً قــام الســوريون بثــورة؟‬ ‫الثــورة ت ُعـ ّـر عــن التغيــر الكامــل لجميــع‬ ‫مؤسســات النظــام الســابق بغيــة تحقيــق‬ ‫نظــام ســيايس نزيــه وعــادل‪ ،‬يوفــر الحقــوق‬ ‫الكاملــة والحريــة والنهضــة للمجتمــع‪.‬‬

‫وهــي مبعنــى أو بآخــر تعـ ّـر عــن هــدم كل‬ ‫مــا ميــت للنظــام الســابق بصلــة‪ ،‬وإعــادة‬ ‫بنــاء املجتمــع عــى أســس وقيــم آمــن‬ ‫بهــا الشــعب‪ ،‬يتمحــور يف معظمهــا حــول‬ ‫العدالــة والنزاهــة والكرامــة والحريــة؛‬ ‫فــإذا مــا قــرأ الســوريون بحيــاد واقــع‬ ‫ثورتهــم الراهــن‪ ،‬هــل ســيجدون فعـاً ثــورة‬ ‫تســتحق كل هــذه الدمــاء والتضحيــات؟!‬ ‫حــن يتخــى الســوريون فعـاً عــن تلــك‬ ‫املقــوالت النــي شــكلت وعيهــم وثقافتهــم‪،‬‬ ‫وحــن تحـ ّـل ثقافــة جديــدة بــدالً عــن تلــك‬ ‫التــي يجــب هدمهــا؛ حينــذاك ســيحقق‬ ‫الســوريون حلمهــم دون الحاجــة ألصدقــاء‬

‫ســورية أو حلفــاء الشــعب املزعومــن‪ .‬مــامل‬ ‫يتحقــق الهــدم الحقيقــي للقيــم واملبــادئ‬ ‫التــي ترســخت يف أذهــان الســوريني لعقــود‪،‬‬ ‫وبنــاء ثقافــة جديــدة تقــدم حريــة اإلنســان‬ ‫وكرامتــه‪ ،‬لــن يتغــر واقــع الســوريني وال‬ ‫بقيــة العــرب عموم ـاً‪.‬‬ ‫فالتغيــر ال يكمــن يف قطــع رأس بشــار‪،‬‬ ‫ومــن ثــ ّم الركــوع بــن يــدي البغــدادي‬ ‫وتقبيــل لحيتــه‪ .‬ال ميكــن للتغيــر أن يتحقــق‬ ‫يف تبديــل مالبــس الجيــش الســوري‪،‬‬ ‫وارتــداء الــزي األفغــاين‪ .‬فالبنــاء املتهالــك‬ ‫ســيتداعى عنــد أول ريــح تعصــف بــه إذا‬ ‫اقتــر تجديــده عــى الطــاء باأللــوان‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫راشد الصطوف‬ ‫إن املدخــل الســابق املتعلــق بالذهنيــة‬ ‫العربيــة واالســامية بعنــارصه الثــاث (الثنائيــة‬ ‫املانويــة‪ ،‬نظريــة املؤامــرة‪ ،‬الفهــم الخارجــي‬ ‫للوطنيــة) – والــذي نــر يف عــدد ســابق مــن‬ ‫الحرمــل ‪ -‬يشــكل األرضيــة املناســبة لفهــم‬ ‫االتهامــات املتبادلــة بــن جميــع األطــراف‬ ‫حــول الســلطة وحلفائهــا والثــورة وأصدقائهــا‪.‬‬ ‫وحــول داعــش ومــن صنعهــا أو عــزز صنعهــا‪،‬‬ ‫ومــن اســتغلها ألهدافــه الخاصــة ‪....‬الــخ‪ .‬إال‬ ‫أن ذلــك ال يكفــي لتفســر كل يشء ألن مثــة‬ ‫أســبابا أخــرى لســوء الفهــم املقيــم لداعــش‬ ‫وأمثالهــا يعــود يف جــزء منــه إىل أن املحصلــة‬ ‫العامــة لســلوك داعــش واتجــاه رضباتهــا يف‬ ‫ســورية عــى األقــل وحتــى وقــت متأخــر‬ ‫كانــت ضــد الفصائــل األخــرى أكــر مــا كانــت‬ ‫ضــد الســلطة‪ .‬األمــر الــذي ألحــق رضرا ً ســاحقاً‬ ‫بالفصائــل املذكــورة‪ ،‬وأراح الســلطة منهــا‪ ،‬ال بل‬ ‫شــكل أيضـاً التغطيــة األهــم واألنجح ملامرســات‬ ‫الســلطة القمعيــة املدمــرة ذات الطابــع‬ ‫البهيمــي ضــد الشــعب الســوري عــى كل‬ ‫املســتويات‪ ،‬ويف كل الحقــول‪ ،‬ولذلــك فــإن مــن‬ ‫املفهــوم أن تتبــادر إىل الذهــن مســألة وجــود‬ ‫عالقــة مــا بــن الســلطة أو حلفائهــا وداعــش‪،‬‬ ‫ليــس هــذا فحســب بــل إن إخــاء ســبيل‬ ‫اإلســاميني املتطرفــن العائديــن مــن القتــال‬ ‫يف الع ـراق ضــد حكومتــه وضــد أمريــكا وضــد‬ ‫الشــيعة أيض ـاً‪ .‬ونقــول إن إخــاء ســبيلهم مــن‬ ‫الســجون الســورية الــذي بــدأ يف ‪2011/5/30‬‬ ‫والــذي اســتمر شــهورا ً عديــدة والــذي شــمل‬ ‫أشــهر القــادة املتطرفــن بــكل الفصائــل عــى‬ ‫األرض مبــن يف ذلــك بعــض قــادة داعــش (بــدءا‬ ‫مــن زه ـران علــوش ‪ 2011/6/5‬وانتهــاء بآخــر‬ ‫قيــادي منهــم مــرورا ً بحســان عبــود وأيب عيــى‬ ‫‪ )........‬جعــل األنظــار كلهــا يف الخــارج والداخل‬ ‫تتجــه إىل املغــزى التآمــري لهــذا الفعــل ومــا‬ ‫زاد يف الطــن بلــه إطــاق املالــي يف العــراق‬ ‫رساح مــا يقــارب ‪ 2000‬مــن عتــاة التطــرف‬ ‫اإلســامي الذيــن توجــه قســم منهــم إىل ســورية‬ ‫قبــل اســتدارة داعــش إىل الع ـراق يف حزي ـران‬ ‫‪ ،2014‬وهــو مــا يجعــل الســلطة الســورية‬ ‫وســلطة املالــي مســؤولة عــن صعــود داعــش‪..‬‬ ‫عــى املقلــب اآلخــر كانــت الســلطة وحلفاؤهــا‬ ‫وخصوصــاً حــزب اللــه تشــر بإصبــع االتهــام‬ ‫الدائــم إىل أمريــكا والصهيونيــة وإرسائيــل‬ ‫وبعــض العــرب بوصفهــا صانعــة داعــش‪ .‬وقــد‬ ‫اســتمر ذلــك حتــى وقــت قريــب عندمــا حــاول‬ ‫نــر اللــه وضــع األمــر يف نصــاب آخــر الحسـاً‬ ‫الكثــر مــن بصاقــه الســابق الــكاذب‪ .‬معتــرا ً‬ ‫أن داعــش وأمثالهــا مــن جامعــات الفكــر‬ ‫التكفــري‪ ،‬وهــم نتــاج الفكــر الوهــايب الســلفي‬ ‫التكفــري الســعودي ‪....‬الــخ مؤكــدا ً يف ذلــك‬ ‫عــى دور الثقافــة أي الديــن والعقيــدة وليــس‬ ‫الوضــع االقتصــادي واالجتامعــي يف ظهــور‬ ‫وصعــود الجامعــات املذكــورة معتــرا ً بحــق‬ ‫إىل حــد كبــر هــذه املــرة أنهــا األخطــر عــى‬ ‫املنطقــة وشــعوبها وعــى البرشيــة بشــكل عــام‬ ‫مبــا يف ذلــك الســعودية نفســها‪ .‬ولقــد دفــع يف‬ ‫هــذه الحــال إىل الخلــف كل اتهاماتــه الســابقة‬ ‫والكاذبــة دون أن يتخــى عنهــا كلي ـاً ألنــه مــا‬ ‫زال يســتخدم بهــذا القــدر أو ذاك املاكينــة‬ ‫الســابقة عــن أمريــكا والصهيونيــة وإرسائيــل‪.‬‬ ‫ومؤكــدا ً عــى أن الجامعــات املذكــورة ال عالقــة‬ ‫لهــا بإســام محمــد الرســول بــل مبحمــد بــن‬ ‫عبــد الوهــاب‪ .‬واآلن وانطالقــاً مــن املدخــل‬ ‫الســابق‪ ،‬وبعيــدا ً عــن كل اله ـراء الــذي انهمــر‬ ‫وال يــزال حــول الوضــع يف ســورية واملنطقــة‬ ‫وحــول داعــش وأمثالهــا مــن قبــل كل األطـراف‬ ‫بوســعنا القــول مثــة أســباب حقيقيــة تاريخيــة‬ ‫وراهنــة للظواهــر التــي نعيشــها والتــي يجــب‬ ‫تحليلهــا بســلوك فكــري وعمــي حازمــن دون‬

‫‪9‬‬

‫قراءة يف مقدمات الوضع الراهن‬

‫أي محابــاة للــذات أو رىض عنهــا أو ترحيــل‬ ‫بؤســها لتعليقــه عــى مشــاجب اآلخريــن أو‬ ‫التعامــل بطريقــة دبلوماســية مائعــة مــع‬ ‫قضيــة بهــذه الدرجــة مــن الخطــورة‪ ،‬ويف‬ ‫مامرســة مثــل هــذا الفعــل الــذي نطالــب‬ ‫بــه نجــرؤ عــى القــول‪ :‬إن مــن بــن األســباب‬ ‫الحقيقيــة ملــا وصلنــا إليــه أو التــي ميكــن أن‬ ‫تكــون قــد ســاهمت فيــه عــى األقــل‪ .‬العنــارص‬ ‫التاليــة‪:‬‬ ‫‪ 1‬مثــة نســغ أصيــل ورمبــا حتــى جوهــري يف‬‫النــص اإلســامي يف يــرب املدينــة‪ ،‬وبخاصــة يف‬ ‫طــوره الثــاين بعــد غــزوة الخنــدق يــرع كل‬ ‫األبــواب أمــام التطــرف الــذايت ضــد اآلخــر أيــا‬ ‫يكــن ذلــك اآلخــر والــذي هــو يف نهايــة املطــاف‬ ‫وســائر البــر غــر املســلمني‪ .‬ولقــد تكفــل‬ ‫هــذا النســغ يف املنعطفــات التاريخيــة الحرجــة‬ ‫بالتغطيــة عــى ســائر الوجــوه اإلســامية‬ ‫وبخاصــة عــى اإلســام املــي وأجربهــا عــى‬ ‫التــواري إىل الخلــف حتــى إشــعار آخــر‪،‬‬ ‫ودفــع بــدالً مــن ذلــك إىل املقدمــة الطــور‬ ‫املذكــور أعــاه‪ ،‬واألمثلــة عــى ذلــك كثــرة‬ ‫بــدءا ً مــن القصــاص مــن القبائــل اليهوديــة‬ ‫الثــاث بذريعــة تآمرهــا وصــوالً إىل العــر‬ ‫الحــارض بقاعدتــه وطالبانــه وداعشــه ونرصتــه‬ ‫‪...‬الــخ‪ .‬مــرورا ً بابــن تيميــة وغــره يف مراحــل‬ ‫مواجهــة املغــول والصليبيــن بــل وســائر‬ ‫التيــارات اإلســامية غــر الســنية التــي مل تقــر‬ ‫هــي األخــرى أبــدا يف مواجهــة التيــار الســني‬ ‫الســائد وغــر الســائد بالقــدر نفســه‪ .‬األمــر‬ ‫الــذي يســمح بالقــول ‪ :‬ســيكون مــن الخطــأ‬ ‫الفــادح إنــكار النســغ املذكــور لــدى اإلســام‬ ‫بشــكل عــام ضــد اآلخــر الخارجــي‪ .‬بــل لــدى‬ ‫تياراتــه املتصارعــة حتــى املــوت أحيانــاً فيــا‬ ‫بينهــا داخلي ـاً مثلــه يف ذلــك‪ ،‬أي اإلســام‪ ،‬مثــل‬ ‫ديانــات أخــرى عاشــت الوضــع نفســه إىل حــد‬ ‫كبــر‪ ،‬وهــي واقعــة تفقــأ العــن إىل حــد يســمح‬ ‫لنــا بالقــول مــرة أخــرى‪ :‬إن معظــم الذرائــع‬ ‫التــي قدمــت عــر التاريــخ لتفســر مــا حــدث‬ ‫أو للدفــاع عنــه ال تعــدو أن تكــون تربيــرات‬ ‫متهافتــة‪ .‬نقــول ذلــك عــى الرغــم مــن قناعتنــا‬ ‫التامــة بــأن النســغ العــدواين املذكــور يتكاثــر‬ ‫كالفطــر يف ظــروف تاريخيــة خاصــة اقتصاديــة‬ ‫اجتامعيــة سياســية داخليــة وخارجيــة يف‬ ‫حــن يبقــى هاجع ـاً إىل حــد كبــر يف الــروط‬ ‫الطبيعيــة العاديــة ‪.‬‬ ‫‪ 2‬ضيــاع تــراث النهضــة العربيــة واإلســامية‬‫التــي قادهــا رجــال بــارزون أمثــال الطهطــاوي‬ ‫وعــي مبــارك واألفغــاين ومحمــد عبــده‬ ‫والكواكبــي وخــر الديــن التونــي‪ ..‬الــخ بــل‬ ‫والتقهقــر الشــديد واملخيــف عــن ذلــك األمــر‬ ‫الــذي يعنــي أننــا اليــوم أبعــد مبــا ال يقــاس عــن‬ ‫اإلصــاح اإلســامي والنهضــة مــا كنــا عليــه‬ ‫يف أواخــر القــرن التاســع عــر وبدايــة القــرن‬ ‫العرشيــن‪ .‬ومــا مل يســتطع املســلمون اســتعادة‬ ‫اإلصــاح املذكــور والدفــع بــه إىل األمــام بــكل‬ ‫اســتقامة وجــرأة نحــو القبــول بالقيم اإلنســانية‬ ‫العليــا التــي وصلــت إليهــا البرشيــة فــا خــر‬ ‫يرجــى مــن كل اللغــو الفكــري والســيايس‬ ‫والدبلومــايس الــذي نســمعه مــن الــدول‬ ‫واملؤسســات التمثيليــة والجامعــات واملؤمتـرات‬

‫والنــدوات ‪...‬الــخ‪ .‬ولعــل املثــال األبــرز عــى‬ ‫هــذا اللغــو هــو منطــق األزهــر املتهافــت يف‬ ‫مواجهــة التكفرييــن وحربهــم ضــد العــامل‪.‬‬ ‫هــذا املنطــق الــذي يكشــف وقــوف الطرفــن‬ ‫عــى قاعــدة ايديولوجيــة عنرصيــة واحــدة مــع‬ ‫االختــاف وإن شــئت الكثــر منــه يف الوســائل‬ ‫واألســاليب والكيفيــات التــي تتعلــق بالعنــف‬ ‫العنــري ومامرســته وبخاصــة فيــا يتعلــق‬ ‫بالظــرف الــذي يســمح بــه وصاحــب الحــق‬ ‫يف ذلــك واملــدى الــذي ميكــن الذهــاب إليــه‬ ‫واألســباب التــي ترشعــه ‪...‬الــخ‪.‬‬ ‫‪3‬إن املحصلــة العامــة ملــا ســمي بالصحــوة‬‫اإلســامية كانــت حتــى اآلن مــا عــدا بعــض‬ ‫االســتثناءات املعروفــة للجميــع وهــي ذات‬ ‫أهميــة‪ ،‬لصالــح الفصائــل اإلســامية السياســية‬ ‫وبخاصــة منهــا تلــك املتطرفــة عقيدياً ومامرســة‬ ‫والتــي عــى رأســها الفصائــل الجهاديــة‬ ‫التكفرييــة بــل وتلــك التيــارات الدعويــة‬ ‫الســلفية الحنبليــة‪ .‬واألمثلــة عــى ذلــك ال‬ ‫تحــى نظري ـاً وعملي ـاً‪ ،‬بــدءا ً مــن أفغانســتان‬ ‫وباكســتان وصــوالً حتــى املغــرب مــرورا ً بــكل‬ ‫مــكان تقريبــاً مبــا يف ذلــك أوســاط املســلمني‬ ‫يف أوروبــا وأمريــكا وأســراليا إىل حــد يبــدو‬ ‫فيــه أن الصحــوة املذكــورة ليســت إال الوجــه‬ ‫النقيــض لوجــه النهضــة واإلصــاح الســابقني‪.‬‬ ‫األمــر الــذي يجعلنــا نعــول باهتــام بالــغ عــى‬ ‫مــا أســميناه اســتثناءات هامــة ومنهــا التجربــة‬ ‫اإلســامية الرتكيــة والتونســية واألندونيســية‬ ‫واملاليزيــة بــل‪ ،‬وحتــى عــى تجربــة بعــض‬ ‫االتجاهــات اإلخوانيــة يف كل مــكان‪.‬‬ ‫‪ 4‬هنــاك بالطبــع مــا يســمى الوجــدان‬‫الجمعــي للشــعوب واالثنيــات والطوائــف‬ ‫الناشــئ عــن الرصاعــات التاريخيــة واالضطهــاد‬ ‫متعــدد األشــكال واملضامــن واملــآيس التــي‬ ‫ترتبــت عــى ذلــك مــا يشــكل مجتمعــاً‬ ‫اإلرث األســود واالحتقــان الجاهــز لتزكيــة‬ ‫كل أنــواع الرصاعــات الراهنــة التــي تحكــم‬ ‫يف الكثــر مــن األحيــان بشــعارات تاريخيــة‬ ‫تجــاوز عمرهــا الزمنــي مــا ينــوف عــى عــرة‬ ‫قــرون والالفــت للنظــر القــدرة الفائقــة لهــذا‬ ‫الوجــدان عــى الرغــم مــن تقــادم الزمــن عــى‬ ‫الحشــد املتطــرف حتــى املــوت‪ ،‬وكأنــه ابــن‬ ‫الســاعة الراهنــة واألمثلــة عــى ذلــك أكــر مــن‬ ‫أن تحــى األمــر الــذي يفــرض عــى الباحــث‬ ‫إذا أراد أن يكــون موضوعيــاً أن يفتــش عــى‬ ‫هــذا العامــل الوجــداين التاريخــي مــن بــن‬ ‫عوامــل أخــرى حقيقيــة راهنــة لتفســر الـراع‬ ‫القاتــل بــن الهويــات عــى اختالفهــا بــدءا ً مــن‬ ‫القبيلــة الهوتــو والتوتــي يف أفريقيــا والعقيــدة‬ ‫والديــن يف بورمــا والقوميــة والديــن يف البلقــان‬ ‫والديــن واملذهــب والطائفــة عندنــا يف الــرق‬ ‫األوســط‪ ....‬الــخ‬ ‫‪ 5‬الــرط التاريخــي الراهــن ملجتمعاتنــا‬‫العربيــة واإلســامية بــدءا ً مــن التخلــف العــام‬ ‫عــى كل الصعــد االقتصاديــة واالجتامعيــة‬ ‫والسياســية والثقافيــة والتعليميــة مبــا يف ذلــك‬ ‫الطابــع العنــري والتمييــزي الحــاد يف الكثــر‬ ‫مــن مضامــن الربامــج التعليميــة عــى كل‬ ‫املســتويات بــدءا ً مــن األرسة وانتهــاء بالجامعــة‬ ‫وانتهــاء بالفقــر والتهميــش واإلقصــاء وانســداد‬ ‫اآلفــاق أمــام فئــات اجتامعيــة واســعة وأمــام‬

‫أجيــال عمريــة وبخاصــة أمــام الشــباب الصاعــد‬ ‫مــرورا ً بطبيعــة األنظمــة السياســية وبخاصــة‬ ‫منهــا تلــك األنظمــة االســتبدادية بنمطيهــا‬ ‫القديــم والشــمويل املعــارص‪ .‬وليــس جديــدا ً‬ ‫القــول إن االســتبداد هــو الحاضنــة الفظيعــة‬ ‫لــكل أشــكال الفســاد والتطــرف وعــدم‬ ‫املســاواة والتمييــز والعنرصيــة وانحطــاط‬ ‫القيــم واألخــاق والعلــم بــل والنــزول باإلنســان‬ ‫إىل منزلــة الحيــوان عــر انتــزاع جوهــره منــه‬ ‫والــذي هــو الحريــة والكرامــة‪ .‬وعنــد هــذا‬ ‫الحــد يصــح القــول إن العــن ال تخطــئ هــذه‬ ‫املظاهــر يف مجتمعاتنــا وال غرابــة يف هــذه‬ ‫الحــال أن يشــكل هــذا الــرط باإلضافــة إىل كل‬ ‫مــا ســبق خزانـاً مشــتعالً لــكل أفــكار التطــرف‬ ‫الدينــي والقومــي والطائفــي واملذهبــي‬ ‫والقبــي واالثنــي‪ .‬فاإلنســان يف نهايــة املطــاف‬ ‫يبحــث عــن تحقيــق وجــوده وعندمــا تكــون‬ ‫الــروط التاريخيــة والراهنــة كــا ذكرنــا فــإن‬ ‫هــذا التحقــق يتخــذ أشــكاالً مرضيّــة خطــرة‬ ‫عــى قاعــدة تكامــل وتفاعــل العوامــل املذكورة‬ ‫والتــي مل تذكــر بعــد‪.‬‬ ‫‪ 6‬ضعــف االندمــاج الوطنــي وهشاشــة‬‫النســيج املحــي لشــعوبنا وقــوة التيــارات‬ ‫األمميــة مــا فــوق الوطنيــة والقوميــة ومــا‬ ‫دونهــا أيضـاً‪ .‬األمــر الــذي يلعــب دورا ً هامـاً يف‬ ‫مــا أرشنــا إليــه حيــث تعلــق الهويــة الوطنيــة‬ ‫حتــى إشــعار آخــر وتصبــح املجتمعــات والدول‬ ‫نهب ـاً للتيــارات املذكــورة وبخاصــة يف ظــل مــا‬ ‫أســميناه باملقدمــة غيــاب الجانــب االيجــايب يف‬ ‫مفهــوم الوطنيــة والــذي هــو البنــاء املجتمعــي‬ ‫الداخــي والحضــور الطاغــي للمفهــوم بوصفــه‬ ‫اســتدارة نحــو الخــارج امللعــون بــكل اللغــات‪.‬‬ ‫إن غيــاب الدولــة واألمــة وغيــاب املواطنــة‬ ‫املتســاوية الناشــئة عنهــا واملؤسســة لهــا‪،‬‬ ‫واالختــاط املدمــر بينهــا وبــن الديــن يقــدم‬ ‫الــزاد الوفــر للتطــرف واالنشــقاق واالنقســام‬ ‫والــراع القاتــل بغــض النظــر عــن وجهــة‬ ‫هــذا التطــرف وهــذا الــراع الــذي يشــكل‬ ‫الســياق التاريخــي املختلــف يف الزمــان واملــكان‬ ‫تجســيداته املختلفــة‪.‬‬ ‫‪ 7‬إن الحــروب والثــورات والرصاعــات والــدول‬‫املارقــة أو املخفقــة أو املســتبدة أو غيابهــا بــل‬ ‫وحتــى ضعفهــا املديــد كافيــة لــوالدة الفســحة‬ ‫التاريخيــة املناســبة لنمــو التيــارات املتطرفــة‬ ‫واستئســادها‪ .‬واألمثلــة عــى ذلــك كثــرة تبــدأ‬ ‫مــن البلقــان وال تنتهــي يف أفغانســتان مــرورا‬ ‫بالصومــال وليبيــا وســورية ولبنــان والعــراق‬ ‫واليمــن ‪....‬الــخ‬ ‫‪ 8‬ومــن األســباب املســاعدة عــى التطــرف‬‫التدخــل الرشقــي والغــريب عــى حــد ســواء يف‬ ‫شــؤون بالدنــا بغــض النظــر عــن رضورتــه أو‬ ‫صوابــه أو خطئــه‪ ..‬ويشــكل املثــال األفغــاين‬ ‫أفضــل دليــل عــى ذلــك‪ .‬إذ أدى التدخــل‬ ‫الســوفيتي إىل تفجــر مقاومــة محليــة تحولــت‬ ‫بفعــل عوامــل عديــدة الحق ـاً إىل أســوأ أنــواع‬ ‫التطــرف والعدوانيــة ليــس ضــد الســوفييت‬ ‫املهزومــن بــل ضــد الحلفــاء الســابقني بــدءا ً من‬ ‫أمريــكا وانتهــاء بباكســتان مــرورا ً بالســعودية‬ ‫نفســها‪ .‬األمــر الــذي أدى إىل تدخــل غــريب‬ ‫لتــدارك الوليــد الــذي ســاهم يف اســتيالده إن مل‬

‫نقــل اســتئصاله‪.‬‬ ‫ويف الســياق نفســه ولــد التدخــل األمريــي‬ ‫يف العــراق‪ .‬أو عــى األصــح ســاهم يف تعزيــز‬ ‫املنهــج التكفــري الجهــادي املتطــرف يف‬ ‫املنطقــة ويف الع ـراق خاصــة‪ .‬ويجيــئ التدخــل‬ ‫األمريــي اليــوم يف العـراق ويف ســورية بالشــكل‬ ‫الــذي هــو عليــه‪ ،‬وعــى الرغــم مــن رضورتــه‬ ‫وإن يكــن بشــكل أكــر تكامــاً‪ .‬نقــول جــاء‬ ‫ليصــب الزيــت عــى النــار يف الكثــر مــن‬ ‫األوســاط الدينيــة والشــعبية إىل حــد أعــاد فيــه‬ ‫إىل األذهــان والواجهــة الحــروب الصليبيــة‪.‬‬ ‫وســوف يحتــاج األمــر إىل كثــر مــن الــذكاء‬ ‫والجهــد وأشــكال التحالــف ورمبــا الزمــن يك‬ ‫يســتقيم التدخــل املذكــور‪ .‬ويك يوضــع عــى‬ ‫الســكة التــي تفــي إىل تحقيــق الهــدف الــذي‬ ‫هــو ليــس أقــل مــن اإلطاحــة باالســتبداد ودحر‬ ‫التطــرف املجنــون‪.‬‬ ‫‪ 9‬وغــر بعيــد عــا ســبق يشــكل التمــدد‬‫االمرباطــوري الفــاريس اإلسالموشــيعي‬ ‫باألشــكال التــي يتخذهــا أحــد أهــم األســباب‬ ‫املســاعدة لتفاقــم ظاهــرة التطــرف التكفــري‬ ‫عــى الضفتــن وبخاصــة عــى الضفــة الســنية‬ ‫وذلــك لســبب بســيط هــو الهيمنــة الفارســية‬ ‫اإلمرباطوريــة الواقعيــة عــى عــدد مــن‬ ‫الســاحات العربيــة والدعــوة إىل توســيعها‬ ‫جهــارا ً نهــارا ً بــدون أي وازع بــدءا ً مــن ع ـراق‬ ‫مــا بعــد صــدام وصــوالً إىل اليمــن مــرورا ً‬ ‫بســورية ولبنــان والخليــج وحتــى الســعودية‬ ‫األمــر الــذي يجعــل اإلســام الســني وبخاصــة‬ ‫املتطــرف منــه يف غايــة االحتقــان والغضــب‬ ‫والعدوانيــة وصــوالً إىل تصويــر الوضــع برمتــه‬ ‫عــى قاعــدة املؤامــرة األمريكيــة اإلرسائيليــة‬ ‫الفارســية اإلسالموشــيعية‪.‬‬ ‫وحتــى اآلن مل تفلــح عــى مــا يبــدو كل‬ ‫الوســائل لنــزع فتيــل هــذا االحتقــان الــذي‬ ‫ينــذر بحــرب شــيعية ســنية أشــد خطــورة مــا‬ ‫جــرى ويجــري حتــى اليــوم‪.‬‬ ‫‪ 10‬وســوف يكــون التحليــل ناقصــاً إىل حــد‬‫كبــر إذا مل نــر إىل الــدور الخطــر الــذي لعبته‬ ‫وال ت ـزال بغــض الــدول العربيــة واإلقليميــة يف‬ ‫تفاقــم الوضــع يف ســورية بــدءا ً مــن إيــران‬ ‫وانتهــاء برتكيــا مــرورا ً بقطــر والع ـراق ‪....‬الــخ‬ ‫وكذلــك األمــر يف الدعــم املتعــدد الوجــوه مــن‬ ‫قبــل التيــار الســلفي الدعــوي والجهــادي عــر‬ ‫األفــراد واملؤسســات والجمعيــات الخرييــة‬ ‫والبنــوك وبــكل الوســائل األخــرى املمكنــة‪.‬‬ ‫نقــول دعــم هــذا التيــار املتطــرف التكفــري‬ ‫فكريــاً ومعنويــاً وسياســياً وماليــاً وتنظيميــاً‬ ‫وجســدياً وتقنيــاً وهــو األمــر الــذي مل يعــد‬ ‫باإلمــكان التغطيــة عليــه وبخاصــة عندمــا‬ ‫يصــل األمــر إىل الدعــم الفنــي الــذي تشــهد‬ ‫عليــه أفــام الفيديــو الداعشــية‪.‬‬ ‫‪ 11‬وأخــرا ً إذا نزلنــا إىل األرض يف ســورية‬‫فــإن بوســعنا أن نضيــف إىل كل مــا ســبق‬ ‫العديــد مــن األســباب الداخليــة التــي تفــر‬ ‫الوضــع الراهــن بــكل مــا فيــه مبــا يف ذلــك‬ ‫ظاهــرة التطــرف التكفــري الوحــي ومــن بــن‬ ‫هــذه األســباب اإلنقســام العمــودي للمجتمــع‪،‬‬ ‫والوضــع الجيوســيايس واالس ـراتيجي للمنطقــة‬ ‫ويف القلــب منهــا ســورية والقمــع الســلطوي‬ ‫البهيمــي والطابــع الطائفــي الســافر لهــذا‬ ‫القمــع وإنــكار اآلخــر وحقوقــه بشــكل مطلــق‪،‬‬ ‫األســد أو ال أحــد األســد‪ ،‬وحجــم الدمــار‬ ‫واملــوت والعــذاب الهائــل واالنفــات مــن كل‬ ‫األعــراف والقوانــن واملواثيــق واســتعامل كل‬ ‫وســائل الدمــار دون اي ظــل مــن أي وازع ‪....‬‬ ‫الــخ‪ .‬وانســداد األفــق واســتنقاع الوضــع حتــى‬ ‫وقــت قريــب عــى األقــل وعجــز املجتمــع‬ ‫الــدويل عــن فــرض أي يشء ذي معنــى ناهيــك‬ ‫عــن الحــل الســيايس الــذي يدعــو إليــه ليــل‬ ‫نهــار‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تفسريات غري ّ‬ ‫حمية‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫هنــاك لحظــات فارقــة متــ ّر يف تاريــخ‬ ‫البرشيــة‪ ،‬ال تؤثّــر عــى تاريــخ أمــة واحــدة‬ ‫فقــط‪ ،‬بــل يتخطّــى تأثريهــا حــدود األ ّمــة إىل‬ ‫مســار البرشيّــة‪ ،‬ومنهــا مــا يحــدث اآلن بيــد‬ ‫قــوى العــامل الحليفــة لنظــام بشــار والداعمــة‬ ‫لبقائــه ودوام اســتبداده ملحاربــة الشــعب‬ ‫الســوري واالنحيــاز ضــد ثورتــه مــن أجــل‬ ‫الحريــة والكرامــة‪ ،‬فيرتافــق صعــود اإلرادة‬ ‫الشــعبية للتحــ ّرر مــع ســقوط املنظومــة‬

‫الحضاريــة الغرب ّيــة املتجليــة يف املواقــف‬ ‫الدوليــة الهشّ ــة والعاجــزة عــن حــل األزمــات‬ ‫الكبــرة‪ ،‬هنــاك صعــود القــوى الفاعلــة‬ ‫مــن أجــل التّغيــر‪ ،‬يقابلــه فشــل ســيايس‬ ‫وأخالقــي ملنظومــة عامليــة مهيمنــة‪.‬‬ ‫ترتبــط اللحظــة باملوقــف وتجلياتــه‪ ...‬وقد‬ ‫انكشــفت الحقيقــة يف املواقــف الدوليــة‪،‬‬ ‫وبــان التزييــف‪ ،‬مؤسســات العــامل الدوليــة‬ ‫التــي ت ّدعــي الحــرص عــى حقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫تفعــل ذلــك مبــا يخــدم طرفـاً وغاية سياسـ ّية‪،‬‬ ‫يصــب يف جوهــر مصلحــة الشــعوب‬ ‫ال مبــا‬ ‫ّ‬ ‫املكافحــة مــن أجــل الحريــة والعــدل‪،‬‬ ‫انحــطّ النفــاق الســيايس حتــى االبتــذال يف‬ ‫أحــدث املواقــف الدوليــة التــي تتدخــل‬ ‫فيهــا اســتخبارات الــدول الكــرى لتســيري‬ ‫الق ـرارات مبــا يناســب األطــاع العســكرية‪،‬‬ ‫عاكســاً ذهنيــة الحضــارة الغربيــة التــي‬ ‫وصلــت ذروة اســتهتارها بالكرامــة اإلنســانية‬ ‫للشــعوب‪ ،‬عندمــا عقــد مجلــس األمــن‬ ‫الــدويل جلســة تاريخيــة مــن أجــل حقــوق‬ ‫املثليــن الذيــن تالحقهــم داعــش نتيجــة‬ ‫شــذوذهم الجنــي‪ ،‬يف حــن أغمــض عينيــه‬ ‫عــا تتعــرض لــه جامعــات شــعبية كثــرة‬ ‫مــن اإلبــادة والقتــل يف دومــا وغريهــا مــن‬ ‫مــدن ســورية وأريافهــا خصوصــاً يف ريــف‬

‫معبد الحسون‬ ‫املــكان‪ ،‬يف التشــكل األول ملفهــوم الوطــن يف خامــة‬ ‫العقــل األوىل للعــريب منــذ مــا قبــل اإلســام‪ ،‬مل يكــن‬ ‫هــو ركــن (الوطــن) األول الــذي يقــوم عليــه كامــل‬ ‫ويتأصــل‪ ،‬بــل لقــد‬ ‫املفهــوم يف الذهنيــة العامــة‬ ‫َّ‬ ‫تشــارك املــكان مــع الــكأل‪ ..‬أي عشــب املرعــى ألغنامــه‬ ‫وجاملــه‪ ..‬فــكان الــكأل‪ ،‬بوصفــه رديــف لقمــة العيــش‬ ‫التســاهل يف البحــث‬ ‫ُ‬ ‫ولزميهــا األســايس‪ ،‬والــذي كان‬ ‫ـاهل يف الحيــاة نفســها‪ ،‬يتقــدم‬ ‫عنــه دوم ـاً يعنــي التسـ َ‬ ‫ر ُه ويُضْ طــ ُّره إىل‬ ‫عــى الحاجــة إىل املــكان‪ ..‬مــا يقــ ُ‬ ‫التنــازل عــن املــكان ـ إذا مــا اقتضتــه الــرورة تحــت‬ ‫ضغــط االختيــار بينهــا ـ لصالــح البحــث عــن العشــب‬ ‫واملرعــى‪ ،‬أي انتجــاع الــكأل‪ ..‬إن كأل املرعــى الــذي هــو‬ ‫فرصــة العيــش املبذولــة تحــت رشط التعــب والتنقــل‬ ‫الدائــب واملســتمر‪ ،‬هــو األكــر إتاحــة الســتمرار الحيــاة‪،‬‬ ‫فهــو ليــس أول الحاجــات األساســية فحســب‪ ،‬بــل هــو‬ ‫مــادة التفــاوض بــن الحيــاة والهــاك الحتمــي‪..‬‬ ‫مــن هنــا كان املــكان هــو وعــاء اإلقامــة ـ املؤقتــة يف‬ ‫الــروح والعقــل بالعالقــات‬ ‫الغالــب ـ والــذي يُشــ ِب ُع‬ ‫َ‬ ‫االجتامعيــة الطارئــة أو الدامئــة‪ ،‬ويغذي غريــزة التواصل‬ ‫كل‬ ‫تيــح اســتفراغ ِّ‬ ‫مــع أقربــاء وأصدقــاء وأحبــاب‪ ،‬ويُ ُ‬ ‫الطاقــات واإلمكانــات الفرديــة الكامنــة يف الفــرد لصالــح‬ ‫املــكان‪ ،‬أو العكــس‪ ..‬امتصــاص مــا ينطــوي عليــه املــكان‬ ‫مــن عالقــة‪ :‬تجــارة‪ ،‬علــوم‪ ،‬طقــوس دينيــة‪ ،‬ثقافــات‬ ‫متنوعــة وفنــون‪ ،‬مفاخــر ومخــازي‪ ،‬عالقــات اجتامعيــة‬ ‫مختلفــة مــن زواج وإصهــار‪ ،‬وارتباطــات مختلفــة مــن‬ ‫أخــذ وتــرك‪ ..‬إن املــكان هــو وعــاء قائــم عــى تبادليتــن‪:‬‬ ‫األخــذ واملناولــة مــن جهــة‪ ،‬والتلقــي مــن جهــة أخــرى‪،‬‬ ‫ولهــذا كان شــغف الوجــدان بــه‪ ،‬وارتبــاط العاطفــة‬ ‫والعقــل أكــر صميميــة إنســانية مــن قرينــه املــازم لــه‪:‬‬ ‫أعنــي انتجــاع الــكأل‪ ،‬والــذي هــو قريــن طلــب الــرزق‬ ‫اليــوم‪ ..‬مــن هنــا تنشــأ العالقــة بــن التوأمــن بوصفهــا‬ ‫ُوب نحتاجــه حاجــة عضويــة‬ ‫عالقــة ضديــة بــن َســل ٍ‬ ‫ـاب نحتاجــه‬ ‫ال غنــى عنهــا‪ ،‬كالطعــام وال ـراب‪ ،‬وإيجـ ٍ‬ ‫بوصفــه حاجــة اجتامعيــة تلبــي عطــش االجتــاع لــدى‬ ‫املــرء‪ ،‬وانســياقاته املرتاكبــة عــى بعضهــا واملتوالــدة‬ ‫مــن بعضهــا‪ ..‬لــن نكــون بحاجــة إىل االستشــهاد بالكثــر‬ ‫مــن األمثلــة‪ ..‬يكفينــا فقــط أن نتذكــر يف املــايض‬ ‫ذلــك الشــاعر الجاهــي القديــم‪ ،‬الــذي خلَّــده العــرب‬ ‫ورفعــوه إىل مصــاف أصحــاب املعلقــات الخالــدة‪ُ :‬عبيــد‬

‫دمشــق يف الفــرة املرافقــة النعقــاد الجلســة‪،‬‬ ‫مــن حــرب إبــادة بالصواريــخ والرباميــل‬ ‫والســاح التدمــري‪.‬‬ ‫اجتمــع مجلــس األمــن ضــد إرهــاب‬ ‫داعــش يف موضــوع الشــواذ‪ ،‬ومل يجتمــع ضــد‬ ‫إرهــاب نظــام لشــعبه ملصلحــة مئــات اآلالف‬ ‫مــن شــعب تنقطــع رؤوس أبنائــه أمــام‬ ‫اإلعــام وتتحــول األجســاد إىل أشــاء‪ ،‬تكلّــم‬ ‫يف قضايــا املثليــن وشــن هجومــه‪ ،‬وســكت‬ ‫عــن اإلرهــاب األوســع الضالــع يف جرائــم‬ ‫اإلبــادة وهــ ّد املــدن وقتــل مئــات اآلالف‬ ‫وجــرح املاليــن وتهجــر شــعب‪ ،‬وتحويــل‬ ‫مــدن ســوريا وقراهــا إىل أســوأ أماكــن يف‬ ‫العــامل‪ .‬أماكــن للمــوت‪ ،‬مجلــس األمــن‬ ‫قلــق مــن فظائــع داعــش يف املثليــن؛ لكنــه‬ ‫ليــس قلقـاً مــن جرائــم إيـران وأتباعهــا مــن‬ ‫أنظمــة وميليشــيات طائف ّيــة إرهاب ّيــة تعيــث‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬ليــس قلقـاً مــن قتــل املاليــن يف‬ ‫ســوريا والعــراق‪ ..‬لكنــه قلــق عــى قضايــا‬ ‫جزئ ّيــة يهـ ّول فيهــا‪ ،‬ليحـ ّول األنظــار أمـاً يف‬ ‫وأد الثــورة بتهمــة اإلرهــاب الــذي اخــرع‬ ‫دواعشــه‪ ،‬ليلهــث وراء حلــول تســوية تبقــي‬ ‫أنظمــة القتــل وتعيــد تســويقها سياســياً‬ ‫كبديــل إلرهــاب داعــش‪.‬‬ ‫لحظــة وموقــف تاريخــي‪ ،‬ويرتبــط بــه‬

‫روابــط كثــرة منهــا الثــورة املضــادة التــي‬ ‫تتخــذ شــعار محاربــة اإلرهــاب واإلســام‬ ‫الســيايس ملحاربــة الثــورة والجهــاد الوطنــي‪،‬‬ ‫وينــدرج تحتهــا مثقفــون وأســاء سياســية‬ ‫وإعالميــة المعــة‪ ،‬ووســائل إعالميــة ت ّدعــي‬ ‫دعــم الثــورة؛ لكنهــا يف األســاس تعمــل‬ ‫مــع دول وأنظمــة اســتخبارات‪ ،‬وترعاهــا‬ ‫دول عربيــة وغــر عربيــة لهــا والءات‬ ‫لــدول النفــوذ العاملــي‪ ،‬وتســهم يف الفتنــة‪،‬‬ ‫ويف املقابــل هنــاك لحظــة ثانيــة وموقــف‬ ‫تاريخــي متمثّــل يف الثــورة عــى الطغيــان‬ ‫والقهــر ومــا يرتبــط بهــا مــن تضحيــات ومــا‬ ‫تقــع فيــه مــن عــرات ومطبــات تســعى‬ ‫للخــروج منهــا ومــن الكارثــة الوطنيــة‬ ‫املخطــط لهــا‪ ،‬ملواكبــة الثــورة ومرشوعهــا‬ ‫التحــرري‪ ،‬ومــا فيــه مــن مكونــات اجتامعيــة‬ ‫وفكريــة وإعالميــة وظــروف صعبــة ورشوط‬ ‫متويــل قاهــرة وواقــع ســيايس متــرذم مل‬ ‫يحســم خياراتــه‪.‬‬ ‫التاريــخ ال يتوقــف عــن مســره‪ ،‬ومثلــا‬ ‫تنحــدر كل االمرباطوريــات يف مســار التاريــخ‬ ‫بــدءا ً مــن لحظــة تــؤرخ النهيارهــا‪ ،‬فــإن‬ ‫اللحظــة اآلن تــؤرخ إلرهاصــات للــراع‬ ‫األشــد القــادم وللتغيــر العاملــي‪ ،‬حكومــات‬ ‫أوربــا تعــاين مــن أزمــات اقتصاديــة حــادة‬

‫بــدأت تهــز كياناتهــا‪ ،‬ســتدفع مثــن التغيــر‬ ‫التاريخــي القــادم مــن اقتصادهــا املتــأزّم‪،‬‬ ‫وينعكــس عــى منوهــا وعــى الســر‬ ‫الدميقراطــي والحريــات واألمــن االجتامعــي‬ ‫والســيايس‪ ،‬ولــن ميــر األمــر بســهولة ســيؤث ّر‬ ‫عــى الواقــع العاملــي ورمبــا عــى مجــرى‬ ‫الحــروب‪ ،‬وهــذا يســتوجب إعــادة النظــر‬ ‫يف أشــكال التعــاون ويف تســيري العمليــة‬ ‫السياســية التــي تقودهــا التحالفــات الدولية‪.‬‬ ‫العمليــة السياســية رضوريــة لكنهــا‬ ‫تســتوجب التفكــر الثــوري املالئــم للظــرف‬ ‫بــدل الرتقيــع والتســوية املنهزمــة‪ ،‬العمليــة‬ ‫السياســية تفــرض أن يتحــول التعامــل‬ ‫الســيايس مــن إطــار مهنــة وطبقــة تتصــارع‬ ‫لالســتيالء عــى الســلطة إىل عمــل ضمــن‬ ‫مــروع وطنــي ثــوري واقعــي يحمــل‬ ‫للنــاس حلــوالً واقعيــة ملآســيهم الوطنيــة‪،‬‬ ‫ضمــن ضامنــات دوليــة عادلــة‪ ،‬ليــس‬ ‫مجــرد تطمينــات لفظيــة وتحايــل وصفقــات‬ ‫تســوية تصــب يف مصلحــة الــدول عــى‬ ‫حســاب مصلحــة الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫الحــرب واالقتصــاد هــا اللــذان يغــران‬ ‫التاريــخ‪ ،‬وكل مــن يســتغل األزمــات‬ ‫ومفاصــل التغيــر ملصلحــة عرقلــة التغيــر‪،‬‬ ‫يســحقه التاريــخ‪.‬‬

‫املكان‪ ..‬وانتجاع الكأل‬

‫بــن األبــرص‪ ..‬والــذي يســتهل معلقتــه بذكــر تســعة‬ ‫أماكــن يف بيتــن ونصــف مــن الشــعر‪..‬‬ ‫ُوب)‬ ‫ْحوب) = فـ(ال ُقطَـبياتُ ) فـ(ال َذن ُ‬ ‫أقف َر من أهله ( َمل ُ‬ ‫فـ(القليب)‬ ‫فـ(راكس) فـ(ث ُ َعيلِباتٌ )= فـ(ذاتُ ِفرقنيِ)‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فـ( َعردةٌ) فـ(قفا ِح ْبٍ)= ‪..................‬‬ ‫وحــن ألجأتــه الحاجــة والــرورة الشــعرية إىل أن يتم َم‬ ‫ـب إىل قلبــه‪ ،‬قفــل خامتــة‬ ‫البيــت بغــر اســم مــكانٍ حبيـ ٍ‬ ‫البيــت بحشــو ٍة متممــة واضطراريــة‪ ،‬بقولــه‪ :‬ليــس بهــا‬ ‫ـب‪..‬‬ ‫منهـ ُم ُعريـ ُ‬ ‫املرويــات والرسديــات متــر عــر خطــوط الذكريــات‬ ‫التــي يحملهــا الســوري اليــوم‪ ،‬مثلــا يحمــل الوطــن‬ ‫معــه أينــا حـ َّـل أو ترحــل‪ ،‬وكلــا انتجــع الــكأل بحث ـاً‬ ‫عــن لقمــة العيــش‪ ،‬ونجــا بنفســه مــن املــوت‪ ،‬وابتــدا ًء‬ ‫مــن دمشــق وغوطتيهــا‪ ،‬مــرورا ً بحمــص وحــاة وحلــب‬ ‫والرقــة وديــر الــزور والحســكة‪ ..‬والتــي يحملهــا معــه‬ ‫بــن ضلوعــه‪ ،‬شــأنها شــأن حقيبــة الســفر‪ ..‬وبــن خيــط‬ ‫(العــود األبــدي الدائــم لألشــياء) الــذي حدثنــا عنــه‬ ‫الفيلســوف األملــاين «نيتشــه»‪ ،‬دون أن نفقــه كثــرا ً‬ ‫وقتهــا مــاذا كان يعنــي بـ»عــوده األبــدي»‪ ،‬مثــة متالزمــة‬ ‫ت ُحيــل ذلــك الطَـ ْر َق املســتمر عــى ســمت خـ ٍ‬ ‫ـب‬ ‫ـط حبيـ ٍ‬ ‫يبتــدئُ مــن دمشــق وينتهــي بالحســكة‪ ،‬إىل متالزمــة‬ ‫جديــدة‪ ،‬تبــدأ مــن شــواطئ أزمــر الرتكيــة‪ ،‬وصــوالً‬ ‫نحــو اليونــان فمقدونيــا فرصبيــا فأملانيــا‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫هوالنــدا والســويد‪ ،‬وانســياحاً يف أجـزاء القــارة األوربيــة‬

‫ومدنِهــا وأجزائهــا املكانيــة‪ ..‬مســتعيضة عــن مــكان‬ ‫مبــكان‪ ،‬وبصــورة اســتفزازية ت ُحيــل الصــور الالشــعورية‬ ‫ـوب والقطبيـ ِ‬ ‫ـوب‬ ‫ـات والذنـ َ‬ ‫التــي كانــت يف املــايض‪ :‬ملحـ َ‬ ‫ٍ‬ ‫وثعيلبــات وذاتَ فرقــن والقليــب إحالــ ًة‬ ‫وراكــس‬ ‫َ‬ ‫تســتبدلها يف الشــعور املبــارش بدمشــق وحمــص وحــاة‬ ‫والقلمــون وحلــب وإدلــب وســهل الغــاب والقلمــون‬ ‫ومــدن خــط الفـرات والشــال‪ ،‬مبــدن جديــدة وأماكــن‬ ‫جديــدة ســوف نتعــرف عليهــا‪ ،‬عــى رغبــة منــا أو‬ ‫كراهــة‪ ،‬بحيــث سنســمع ونتعــرف عــى هامبــورغ‬ ‫وهانوفــر وسالســبورغ وفيينــا وأمســردام وغريهــا مــن‬ ‫املــدن و(األماكــن) األخــرى‪..‬‬ ‫قلــت بــأن العالقــة بــن املــكان وانتجــاع الــكأل هــي‬ ‫ُ‬ ‫عالقــة تقــوم عــى الضديــة‪ ،‬فبينــا تنتهــي الحاجــة إىل‬ ‫الــكأل واملرعــى‪ ،‬وبالتــايل إىل الطعــام والــراب‪ ،‬كأيــة‬ ‫ـام والخــاء‪ ..‬تســتمر‬ ‫حاجــة عضويــة لحظيــة‪ ،‬عنــد ال َحـ َّ‬ ‫الــرورة الحياتيــة التــي يحملهــا املــكان بســبب‬ ‫تراكــم الخــرات وتشــعب العالقــات‪ ،‬وتجــدد العاطفــة‬ ‫وكل مكتنـزات الوعــي وتراكــم‬ ‫واملعتقــدات والقناعــات‪ِّ ،‬‬ ‫خرباتــه القدميــة والجديــدة‪ ،‬الســالفة واآلنفــة‪ ..‬إن‬ ‫املــكان هــو خزانــة الحضــارة ومســتودعها‪ ،‬ومبــا أنــه‬ ‫هــو الــذي يؤمــن ويعطــي «لقمــة العيــش» ويوفــر‬ ‫ـر أو أحجــم‬ ‫(كَأل املرعــى)‪ ..‬حتــى إذا مــا امتنــع أو قَـ َّ َ‬ ‫عــن العطــاء متام ـاً أو تح ـ َّول إىل جحيــم حيــايت تركنــاه‬ ‫إىل مــكان آخــر‪ ،‬فهــو إذن يلعــب الدوريــن املتضاديــن‬

‫يف وقــت واحــد‪ ،‬ولكــن ليــس يف الصــورة الرتاتبيــة‪،‬‬ ‫بــل بالصــورة التعويضيــة‪ ..‬أي إن الضديــن املتنافســن‪:‬‬ ‫حاجتنــا الحضاريــة الشــاملة إىل املــكان‪ ،‬وحاجتنــا‬ ‫اللحظيــة العضويــة (والتــي يشــرك فيهــا اإلنســانُ‬ ‫والحيــوانُ ) إىل الطعــام واملرعــى‪ ،‬أي انتجــاع الــكأل‪،‬‬ ‫كل منهــا اآلخــر بنقصــه‪ ..‬وهكــذا ال يقــو ُم‬ ‫يُ َعــو ُِض ٌّ‬ ‫التنافــس بينهــا عــى مبــدأ إزاحــة اآلخــر واســتئصاله‬ ‫مــن الوجــود‪ ،‬بــل بالعكــس‪ ،‬إمنــا يقــوم عــى تعويـ ِ‬ ‫ـض‬ ‫غرميِ ـ ِه واســتكامله‪ ..‬بحيــث يســتمران يف الوجــو ِد مع ـاً‬ ‫كأي غرميــن أو ضديــن ال وجــود ألحدهــا إال باســتمرار‬ ‫اآلخــر‪..‬‬ ‫املــكانُ يحــد ُد الكــونَ ويجعلُـ ُه قابـاً للتعريــف‪ ،‬فهــو مل‬ ‫يعــد فراغـاَ مخيفـاً ال اســم لــه‪ ،‬بــل يقســمه إىل أجـزاء‪،‬‬ ‫ويعطــي لــكل جــزء تســميته الخاصــة بــه‪ ،‬فتغــدو‬ ‫الصحــراء الكــرى امل ُتألِّفــة مــن كثبــان رمليــة هائلــة‬ ‫وواســعة متتــد أمــام النظــر آلالف الكيلومــرات‪ ،‬تغــدو‬ ‫(ال َّدخــول) و( َحومــل) التــي نبــي فيهــا وعليهــا مــن‬ ‫ـب ومنــز ٍل أقــام ذات زمــن بينهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫ذكــرى حبيـ ٍ‬ ‫تنشــطر الصحــراء إىل أماكنهــا‪ ،‬أو مســمياتها‪ ،‬مثلــا‬ ‫ينشــطر العــامل الواســع اليــوم إىل عــدد غــر حــري‬ ‫مــن الجزئيــات واملســميات التــي ت َُسـ َّمى بلـ ٍ‬ ‫ـدات ومدنـاً‬ ‫وت ُشَ ــك ُّل دوالً‪ ..‬ال تبــدأ بدمشــق وال تنتهــي بربلــن‪..‬‬ ‫حيــث يبــدأ دور الخــرة اإلنســانية يف إعــادة فــرز‬ ‫مســتحقات مفهــوم الوطــن وإعــادة تقييمهــا والبــدء‬ ‫بتصنيفهــا مــن جديــد‪ ..‬وهــذه عمليــة تقومييــة عقليــة‬ ‫ونفســية جديــدة‪ ،‬قــد تنتهــي عنــد البعــض إىل أن يُ َعـ ِّو َم‬ ‫موطــن املــكان الجديــد‪ ،‬وموطــن انتجــاع الــكأل الجديــد‬ ‫ر البعــض‬ ‫ليصبــح هــو‬ ‫َ‬ ‫(الوطــن الجديــد)‪ ،‬بينــا يُــ ُّ‬ ‫ـن انتجــاع‬ ‫اآلخــر بعنــا ٍد عــى أن املــكان القديــم وموطـ َ‬ ‫الثابــت الــذي ال‬ ‫الــكأل الثابــت يف املــايض هــو وط ُنــ ُه‬ ‫ُ‬ ‫تنــازل عنــه وال مزحــل‪ ..‬وتبــدأ املقاومــة العنيــدة‬ ‫بــن ضديــن متجاذبــن‪ ،‬يف حــدود الحــرة الوجوديــة‬ ‫للوصــول إىل حــلٍ ينهــي ضديــة ال ـراع األبــدي‪ ،‬كــا‬ ‫يصفــه عنــرة العبــي‪:‬‬ ‫كيــف املـزا ُر وقــد تربـ َع أهلُهــا = بـ( ُع َنيزت َـنِ)‪ ..‬وأهلُنــا‬ ‫بـ(الغَيلمِ )؟‬ ‫والتــي التصـ ُـل إىل نهايــة ذلــك ال ـراع وال تنتهــي عنــد‬ ‫غايـ ٍ‬ ‫ر التصارعيــة وت ُـ َذ ِّو ُب الضديــة يف (وطــنٍ‬ ‫ـات تختـ ُ‬ ‫نهــا ٍّيئ وأخــر)‪ ،‬يجمــع املــكان ومنتجــع الــكأل يف وطــنٍ‬ ‫واحـ ٍـد ونهــا ٍيئ‪ ..‬للمــرة األخــرة وإىل األبــد‪..‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محمد الحاج صالح‬

‫داب��ق وهرجم��دون ّ‬ ‫والرق��ة‬

‫بــن غطــاء األســطورة وغطــاء األســطورة األخــرى‬ ‫تســيل دمــاء كثــرةٌ‪ ،‬والواقــع يقــول إن ســيل الدمــاء‬ ‫ال عالقــة لــه باألســاطري‪ ،‬وإمنــا هــو تطاحــ ُن املشــاريع‬ ‫وخطــط الــدول والتيــارات‪.‬‬ ‫دابق‬ ‫يعتقــد الجهاديــون أن معركــة فاصلــة بــن جيــوش الكفر‬ ‫وبــن جيــوش اإلميــان ســتحدث يف «دابــق»‪ .‬املعركــة‬ ‫ســتكون رهيبــة وســتمالً الجثــث الــراري‪ ،‬وســينترص‬ ‫املســلمون يف النهايــة‪« .‬دابــق» بلــدة صغــرة يف ريــف‬ ‫حلــب‪ ،‬تبعــد ‪ 70‬كــم عــن حلــب‪ ،‬و‪ 15‬كيلومــرا ً عــن‬ ‫الحــدود الرتكيــة‪ .‬يســتند الســلفيون الجهاديــون يف هــذا‬ ‫األمــر عــى حديــث ورد يف صحيــح مســلم‪ .‬ويقولــون‬ ‫إن عديــد الــدول التــي ســتحارب املســلمني هــو ‪80‬‬ ‫دولــة‪ .‬ولذلــك كانــوا يحصــون كــم مــن الــدول دخــل يف‬ ‫التحالــف ِمصداق ـاً للمعركــة اآلتيــة وال بــد يف نظرهــم‪.‬‬ ‫«اآلن وصــل العــدد يف ســوريا والعـراق ‪ 62‬دولــة وبقــي‬ ‫‪ 18‬دولــة واملوعــد دابــق»‪ .‬وأمراؤهــم يح ّمســون جن َدهم‬ ‫بهــذا الحديــث عندمــا تحــدث معــارك يف ريــف حلــب‬ ‫الشــايل بينهــم وبــن الجيــش الحــر مثــاً‪ ،‬ويقولــون‬ ‫لهــم إنهــم جنــد اإلســام املذكــورون يف الحديــث «مــا‬ ‫يحــدث يف عــن اإلســام (كوبــاين) املجــاورة لدابــق ليــس‬ ‫شــيئاً عبطيـاً‪ ،‬بــل مخطــط لــه منــذ قــرون‪ .‬برشنــا بهــذه‬ ‫املعركــة املصطفــى‪ ،‬وســتنزل ‪ 80‬دولــة صليبيــة ال محــال‬ ‫وســنهزمهم»‪ .‬وال بــد مــن تدقيــق أن الجيــش املقابــل‬ ‫جيــش مؤلــف مــن مســلمني‪ ،‬وأن جيــوش التحالــف‬ ‫ليســت عــى األرض‪ ،‬وأنهــا لــن تكــون عــى األرض عــى‬ ‫األرجــح‪ .‬تفك ـ ٌر مركــب عــى اليقــن املوجــود يف كتــب‬ ‫قدميــة‪ ،‬وال عالقــة لــه بالواقــع بتات ـاً‪.‬‬ ‫هرجمدون‬ ‫يعتقــد املســيحيون املتعصبــون وجــزء مــن اليهــود أن‬ ‫معركــة ســتحصل يف آخــر الزمــان‪ ،‬يتجابــه فيهــا الكفــر‬ ‫واإلميــان يف مجــدون الواقعــة يف فلســطني‪ ،‬وســيظهر‬ ‫«املس ـيّا» ليحســم املعركــة و يقــود النــر‪ .‬وهــم بهــذا‬

‫محمد صبحي‬ ‫تلــك الرصخــة التــي ســمعها‪ ،‬ومل يســتفد منهــا‬ ‫النظــام الســوري عــى مــا يبــدو‪ ،‬حــن أطلقهــا (ســمري‬ ‫قصــر) ذلــك الصــوت الطامــح إىل دميقراطيــة ســوريا‪،‬‬ ‫يتبعهــا صممنــا العــريب‪ ،‬ليعــود علينــا بعائــدات مــن‬ ‫االنكســار والــذل تــارة‪ ،‬أو الضيــاع القاتــل تــارة أخــرى‪،‬‬ ‫فقــد فاجأنــا التغيــر العــريب بأحالفــه العاليــة ووجدنــا‬ ‫أنفســنا نحــن «الســوريني» غارقــن يف مســتنقع الدمــاء‬ ‫واملــوت الرخيــص‪ ،‬وأي مــوت‪..‬‬ ‫دأبــت شــعارات «الكفــاح املســلح» وقبــل (عــر‬ ‫التكنولوجيــا) املتطــورة‪ ،‬عــى تثبيــت االنتصــار ألحــد‬ ‫األطــراف حــن يكــون رصاع اإلرادات يف األوج‪ ،‬لكــن‬ ‫وشــاية األحــداث يف قضيــة الربيــع العــريب تنبــئ‬ ‫مبجريــات ذات طبيعــة مختلفــة يف املبنــى واملعنــى‪،‬‬ ‫فالصفــة االنفجاريــة يف إحــدى أهــم حــاالت الربيــع‬ ‫العــريب (ثــورة ســوريا) مل تكــن مفاجئــة وهــدارة بالقــدر‬ ‫الــكاف‪ ،‬إن كان لألصدقــاء أو الخصــوم عــى حــد ســواء‪،‬‬ ‫ومل متــأ الســاحات إال تدرجــاً‪ ،‬عــى عكــس التجليــات‬ ‫االلكرتونيــة لهــا‪ ،‬فمــن كان منــا ال يســتطيع النضــال‬ ‫والنــزول إىل الســاحات تعبــرا ً عــن نهائيــة الهــدف‪،‬‬ ‫كان لديــه الخيــار بــأن يســتخدم تقنيــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي وحيثــا وجــد يف بقــاع املعمــورة الواســعة‬ ‫وكانــت الثــورة ثــورة افرتاضيــة بامتيــاز‪.‬‬ ‫باملقابــل اختلــس إعالميــو الثــورة عــى األرض ويف‬ ‫األزقــة واألحيــاء تصاويرهــم القصــرة والطويلــة منهــا‪،‬‬ ‫والتــي غالبـاً مــا كانــت مبالغاتهــم فيهــا تذهــب إىل حــد‬ ‫املجــاراة إلعــام النظــام الســوري يف امتهانــه الــكاذب‬ ‫بنقــل الصــورة‪ ،‬ومامرســة التضليــل اإلعالمــي لعقــود‬ ‫طويلــة‪.‬‬ ‫مــا زاد الطــن بلــة أيضــاً‪ ،‬أن جامهــر الثــورة باتــت‬ ‫منفعلــة يف شــعار واحــد ووحيــد وتريــد اســقاط النظــام‬ ‫لكــن الســؤال الــذي بــات دون إجابــة كيــف‪ ..‬ومتــى؟؟‬ ‫فضــل ناشــطو «الفيــس بــوك» وهــو مــا درج عــى‬

‫يعتمــدون عــى مــا جــاء يف «العهــد القديــم»‪« .‬بهــذا‬ ‫املعنــى تحــدث الرئيــس األمريــي ريغــان عــام ‪ 1980‬يف‬ ‫مقابلــة متلفــزة‪( :‬إننــا قــد نكــون الجيــل الــذي سيشــهد‬ ‫معركــة هرمجــدون)‪ .‬معلومــ ٌة هــي آراء املســيحيني‬ ‫املتعصبــن الذيــن دعمــوا بــوش األب واإلبــن‪ ،‬ومعلومـ ٌة‬ ‫أراؤهــم عــن الــر وعــن الخــر و «مــن ليــس معنــا‬ ‫فهــو ضدنــا»‪ .‬وهــم بهــذا تطابقــوا مــع بــن الدن يف‬ ‫«الفســطاطني» فســطاط الخــر واإلميــان وفســطاط الــر‬ ‫والكفــر‪.‬‬ ‫الواقع‬ ‫الواقــع املــادي غــر ذلــك ومخالــف متامــاً‪« .‬دابــق»‬ ‫اآلن تدخــل يف املنطقــة اآلمنــة التــي يســعى األتــراك‬ ‫إىل تطبيقهــا‪ ،‬وفيهــا القليــل القليــل مــن الجهاديــن‬ ‫املحتاريــن أيــن يتو ّجهــون‪ .‬و «دابق» ليســت اسـراتيجية‬ ‫ألي مــن املتقاتلــن وال حتــى لداعــش‪،‬‬ ‫وال أهميــة لهــا ّ‬ ‫وجيــوش «الكفــر» لــن تنــزل إىل األرض‪ .‬يتضــح اآلن‬ ‫جل ّيـاً أيضـاً أن التغذيــة الدينيــة مــا هــي غــر جــزء مــن‬ ‫الدعايــة والتعبئــة والتحريــض وإ ْن آمــ َن بهــا البعــض‬ ‫إميانـاً أعمــى‪ ،‬وهــي ال تلبــث مــع مــرور الوقــت ورصاع‬ ‫ـب ال ســند لهــا يف‬ ‫القــوى أن تتبـ ّـن عــى حقيقتهــا‪ .‬رغائـ ٌ‬ ‫الواقــع‪ ،‬ســوى العــداء املتمكــن مــن األط ـراف وتصــادم‬ ‫ـوي‬ ‫ـوس دنيـ ٌّ‬ ‫مشــاريعها‪ .‬وهــو مــا يعنــي أن الـراع ملمـ ٌ‬ ‫تاريخــي‪ ،‬وليــس الديــن إال غطــاء بدليــل االتــكاء عــى‬ ‫ـت يف مــكان ويف زمــان غــر املــكان‬ ‫نصــوص دنييــة ِقيلـ ْ‬ ‫وغــر الزمــان‪ .‬وهــي نصــوص مثــل كل النصــوص الدينيــة‬ ‫يحلــو للمؤمنــن بهــا أ ْن يســحبوها عــى امتــداد التاريــخ‬ ‫عــى الرغــم مــن أن الواقــع ومجــرى التاريــخ الحقيقــي‬ ‫ينفيهــا وال يدعمهــا بــيء‪.‬‬ ‫الرق��ة هرجم��ون وداب��ق املصغرت�ين والواقعي��ة‬ ‫ســيدرك املتتبــع الحصيــف أن الهــدف مــن الفعاليــات‬ ‫العســكرية للتحالــف الــذي تقــوده الواليــات املتحــدة‬ ‫هــو الرقــة‪ ،‬وأن الواقــع يجــري عــى األرض وعــاده‬ ‫طائـرات وأســلحة وجهــود برشيــة كبــرة‪ .‬بينــا األســاطري‬ ‫أي أنهــا ال‬ ‫واألوهــام تجــري يف حــر متج ّمــد يف كتـ ٍ‬ ‫ـب‪ْ ،‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫حتالف اإلخوان وأحرار الشام‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫تحــدث وال تجــري‪.‬‬ ‫اآلن يقاتــل الجيــش الحــر دون ضجيــج وبإســناد مــن‬ ‫التحالــف والكــرد يف «تــل الســمن»‪ .‬أي عــى بعــد‬ ‫‪ 30‬كيلومــرا ً فقــط مــن الرقــة‪ .‬اآلن ي ْنفتــح ريــف‬ ‫الرقــة أمــام الجيــش الحــر‪ ،‬ويتوقّــع أن ينضــم كثــرون‬ ‫لــه‪ .‬واآلن يُنتظــر أن تتقــ ّوض دفاعــات داعــش‪ .‬هــي‬ ‫أص ـاً بــدأت تتق ـ ّوض‪ ،‬فقــد بــدأ الجهاديــون األجانــب‬ ‫بتهريــب عائالتهــم إىل املوصــل والديــر وتدمــر‪ ،‬وقــد‬ ‫جــرى يف ‪ 2015/7/27‬اشــتباك دامٍ بــن أنصــار رقاويــن‬ ‫وبــن مجاهديــن أجانــب بســبب محاولــة األنصــار منــع‬ ‫املهاجريــن مــن الهــروب بعائالتهــم ‪.‬‬ ‫هنــا يف الرقــة ســتجري قريبـاً «دابــق» مصغــرة تتناســب‬ ‫مــع الواقــع والوقائــع ال مــع النصــوص والرغائــب‪ ،‬ألنــه‬ ‫فضـاً عــن مــا يريــده ســوريو الجزيــرة مــن طــرد داعــش‬ ‫وتحريــر بلدهــم‪ ،‬فــإن الرئيــس األمريــي «أوبامــا»‬ ‫يريــد أن يقــول إن اس ـراتيجيته التفاوضيــة مــع إي ـران‪،‬‬ ‫واســراتيجيته يف القضــاء عــى داعــش بأيــدي محلّيــة‬ ‫وبدعــم مــن التحالــف جويـاً ولوجســتياً ناجحـ ٌة وتكفــي‪.‬‬ ‫أوبامــا والغــرب والعــرب املتحالفــون وأخــرا ً تركيــاً‬ ‫يريــدون تحريــر عاصمــة الخالفــة ألنهــا تشــكل رضيــة‬ ‫كبــرة للجهاديــة اإلســامية‪ ،‬والنــر فيهــا مضمــون‬ ‫ويــكاد يكــون ســهالً‪ .‬إنــه النــر املعنــوي واملــادي‬ ‫الكبــر دون أمثــان كبــرة مــن املتحالفــن‪.‬‬ ‫وهنــا يف الرقــة الواقــ ُع والتاريــ ُخ ال يف الكتــب وال يف‬ ‫«دابــق» وال «هرمجــدون»‪.‬‬

‫عسكر على مني؟!‬ ‫تســميتهم (تنســيقيات) الخــروج مــن دائــرة الخطــر‬ ‫املحتــدم ومغــادرة الداخــل اســتجابة إلغــراء خــارج‬ ‫الحــدود وإن كانــت (االســتثناءات) موجــودة لبعــض‬ ‫مــن بقــي يكافــح وتأخــر يف هــذا الخيــار لكــن حالــة‬ ‫إفــراغ الداخــل مــن النشــطاء كانــت ســائدة‪.‬‬ ‫كل هــذه التفاصيــل جعلــت مــن جمهــور الثــورة‬ ‫ومؤيديهــا جمهــورا ً مشــتتاً ال روابــط فيــه وبــات مصــر‬ ‫الثــورة مرتبطــاً مبصــر جمهورهــا‪ ،‬فانفصلــت الــرؤى‬ ‫وكان التشــظي يباعــد مــا بــن دوائــر التأثــر يف التأكيــد‬ ‫واإلرصار عــى أهــداف الثــورة إىل حــد التنافــر‪ ،‬وصــار‬ ‫االبتعــاد عــن الســلمية معــادل اللجــوء إىل الســاح‬ ‫والبحــث عــن خيــارات تعمــم الفــوىض إلربــاك النظــام‬ ‫وجعلــه يعجــز عــن إدارة البــاد‪.‬‬ ‫إذا كان مــروع الثــورة اســتهداف النظــام ليســقط‪،‬‬ ‫فمــن يصــون الدولــة الســورية ومينعهــا مــن الســقوط‪.‬‬ ‫حــدد النظــام خياراتــه النهائيــة بحالــة مــن التامهــي يف‬ ‫الشــدة واإلدعــاء بينــه وبــن ســوريا‪ ،‬وكان إنــذاره بهــذا‬ ‫الخصــوص فجـاً ومقذعـاً يف أن ســقوطه ســيكون مبثابــة‬ ‫إحـراق للبــاد (بـرا ً وحجـرا ً)‪ ،‬لكــن املؤســف باألمــر أن‬ ‫مــن ورط نفســه بشــعارات التغيــر والثــورة ودون وعــي‬ ‫وإدراك مــا يرتتــب عــى ذلــك الهــدف مــن انضبــاط‬ ‫ومثابــرة ودأب تحــول شــيئاً فشــيئاً عــن هــذه املســارات‬ ‫ليــرك الطريــق خاليــاً أمــام جمــوح العســكر اليائــس‬ ‫واملبــارش‪ ،‬ورسعــان مــا تخلّــت البندقيــة عــن شــعار‬ ‫إســقاط النظــام لتلهــو بعبثهــا ودون أن تــدرك بشــعار‬ ‫إســقاط الدولــة‪ ،‬وإذا كان إعالميــو الثــورة شــابهوا‬ ‫إعالميــي النظــام فــإن عســكر الثــورة ال يقلــون بشــاعة‬ ‫عــن عســكر النظــام خاصــة وأنهــم مل يحصنــوا الســاحة‬ ‫الســورية مــن تأث ـرات فصائــل كانــت ترتبــص بالثــورة‬ ‫لتحــول ســوريا إىل ســاحة مــن التوحــش ويغــدو الســاح‬ ‫الحكــم األبــرز لــكل القضايــا مــا تخصــص منهــا ومــا‬ ‫تعمــم‪ ،‬فصــار املواطــن وصيانــة حقــه يف العيــش الكريــم‬ ‫آخــر اهتامماتهــا إن وجــد‪ ،‬ليغــدو حمــل الســاح غايــة‬

‫‪11‬‬

‫مدمــرة يف حــد ذاتــه‪.‬‬ ‫إذا كان تطبيــق حــاالت مــن الوجــود القــري عــى‬ ‫املجتمــع‪ ،‬وبقــوة الســاح قــد أصبــح واقع ـاً‪ ،‬فــإن هــذا‬ ‫التعــدد يف مصــادر العنــف ســيبقي البــاب مفتوحـاً عــى‬ ‫تناقضــات تجعــل مــن كل األطــراف تتصــارع إلثبــات‬ ‫إرادة كل منهــا‪ ،‬وهــي النتيجــة الفاجعــة لــكل الســوريني‬ ‫وآمالهــم يف العيــش املشــرك‪.‬‬ ‫إن الدعــوة إىل تحييــد الســاح مبــا فيهــا (ســاح النظــام)‪،‬‬ ‫أو أي ســاح ميكــن أن يعتــدي عــى الســيادة الســورية‬ ‫مــن خــارج الحــدود والعــودة إىل الكفــاح الســلمي‬ ‫مــن أجــل الحريــة والدميقراطيــة‪ ،‬ليــس تضحيــة بآمــال‬ ‫الســوريني أو تعدي ـاً عــى ثورتهــم كــا يزعــم البعــض‪،‬‬ ‫وإمنــا هــي عــودة إىل وســائل أكــر نجاعــة وأقــل كلفــة‪،‬‬ ‫مبــا يعنيــه اســتعادة املنــارصة مــن الــرأي العــام العاملــي‬ ‫الــذي فقدنــاه بســبب توصيــف الثــورة كمنتــج لإلرهــاب‬ ‫(روايــة النظــام) واســتعادته لتأييــد مطالــب الســوريني يف‬ ‫إنهــاء االســتبداد بــكل أشــكاله‪ ،‬وتأكيــدا ً لحقنــا يف العيش‬ ‫ضمــن دولــة الحــق والقانــون بســام وأمــان‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫يوجــب وضــع الحالــة الســورية بــكل تعقيداتهــا أمــام‬ ‫حزمــة دوليــة ملكافحــة كل حــاالت التوحــش الســائدة‬ ‫يف ســوريا والعــامل‪ ،‬ولينحــر وجــود الســاح يف مهمــة‬ ‫واحــدة ووحيــدة‪ ،‬تتمثــل يف حفــظ األمــن‪ ،‬وتثبيــت‬ ‫العدالــة واملســاواة لــكل الســوريني عــى اختــاف‬ ‫مشــاربهم يف دولتهــم الجديــدة‪ ،‬وكل دعــوى خــارج‬ ‫ذلــك الســتخدام الســاح هــو منطــق مخالــف للعــر‪،‬‬ ‫ويتعــارض مــع حــق الشــعوب يف تقريــر مصريهــا‪.‬‬

‫مظاهرات حامة ‪2011‬‬

‫األخبــار املتواتــرة عــن تحالــف اإلخــوان املســلمني الســوريني‬ ‫مــع حركــة أح ـرار الشــام‪ ،‬تــأيت بعــد اعتــاد تركيــا عــى أح ـرار‬ ‫الشــام إلدارة املنطقــة العازلــة شــال حلــب وإدلــب‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل اعتــاد مشــايخ تابعــن لإلخــوان‪ ،‬أو يــدورون يف فلكهــم‪،‬‬ ‫العملــة الرتكيــة بــدالً مــن اللــرة الســورية للمســاهمة بإســقاط‬ ‫النظــام اقتصادي ـاً‪ ،‬كــا تقــول قنــاة حلــب اليــوم‪ ،‬وغريهــا مــن‬ ‫األقنيــة ذات املــزاج اإلخــواين‪.‬‬ ‫ناهيــك عــن التنظـرات اإلخوانيــة املســتمرة عــن إحيــاء الدولــة‬ ‫العثامنيــة‪ ،‬واالنضــام إليهــا يف محاولــة إلعــادة الزمــن عــى‬ ‫عقبيــه‪ ،‬وملعانــدة الواقــع واملســتقبل‪ ،‬ونكايــة بثــارات مرتاكمــة‬ ‫مــع الغــرب!‬ ‫ال شــك بــأن حركــة اإلخــوان املســلمني‪ ،‬مــن أهــم القــوى‬ ‫السياســية املنظَّمــة يف صفــوف املعارضة الســورية‪ ،‬إذ اســتطاعت‬ ‫مــع حــزب الشــعب‪ ،‬الســيطرة عــى معظــم مفاصــل االئتــاف‬ ‫الوطنــي‪.‬‬ ‫وال شــك بــأن حركــة أحــرار الشــام تنظيــم جهــادي منظَّــم‪،‬‬ ‫وض ّحــى بالكثــر يف مقاتلــة النظــام‪ ،‬وحتــى يف مقاتلــة داعــش‪،‬‬ ‫رغــم كل املقاربــات الدينيــة‪ ،‬والعقائديــة التــي تجمــع التنظيمني‪،‬‬ ‫وحركــة أحـرار الشــام يف طبعتهــا األوىل التــي احتلــت الرقــة بعــد‬ ‫تحريرهــا‪ ،‬كانــت تكّفــر باســتحياء‪ ،‬وكانــت تعتــر الدميقراطيــة‬ ‫كفــرا ً‪ ،‬وكانــت محاكمهــا الدينيــة تتســلح باللّحــى‪ ،‬وبأقــوال‬ ‫األمئــة والفقهــاء الذيــن شــاءت إرادة اللــه أن يكونــوا مــن املــوىت‬ ‫قبــل خمســة قــرون أو أكــر‪ ،‬يف محاولــة ملعانــدة خلــق اللــه‬ ‫وإرادتــه ســبحانه وتعــاىل بجريــان الزمــن إىل األمــام‪ ،‬وليــس إىل‬ ‫رون!‬ ‫الخلــف كــا ي ـ ّ‬ ‫لكــن الحركــة تغــرت كثـرا ً‪ ،‬وخلعــت الكثــر مــن مظاهــر تطرفها‬ ‫إىل درجــة متقدمــة‪ ،‬وذلــك يف إعــان والئهــا للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫واعتزامهــا بنــاء نــواة لجيــش ســوري جديــد‪ ،‬كــا ذكــرت مصــادر‬ ‫إخباريــة متعــددة‪.‬‬ ‫لعــل مــا يجمــع اإلخــوان‪ ،‬وحركــة أحــرار الشــام‪ ،‬هــو القــوة‬ ‫ّ‬ ‫والتنظيــم والســعي إلقامــة دولــة دينيــة‪ ،‬ورمبــا إحيــاء الدولــة‬ ‫العثامنيــة التــي يكيلــون لهــا املدائــح‪ ،‬ويصفونهــا بدولــة‬ ‫الخالفــة‪ ،‬ناســن بأنهــا أصبحــت اليــوم ديناصــورا ً منقرضــاً‪ ،‬وال‬ ‫ســبيل إىل إحيــاء املــوىت إال يف يــوم القيامــة‪ ..‬متام ـاً كــا تســعى‬ ‫فصائــل دينيــة أخــرى إىل تفصيــل دول خالفــة عــى مقاييســها‪،‬‬ ‫ناســفة بــإرادة النــاس عــرض الحائــط‪ ،‬باعتبــار أن البــر حســب‬ ‫وإل فســيكون‬ ‫منظورهــم‪ ،‬يجــب أن يخضعــوا ألهــل الغلبــة‪ّ ،‬‬ ‫الذبــح‪ ،‬والتهجــر نصيبهــم الــذي ينتظرهــم‪ ،‬إن مل يخضعــوا‬ ‫ويذلّــوا ل َح َملــة الســاح!‬ ‫إن تنظيــم اإلخــوان املســلمني هــو تنظيــم دينــي‪ ،‬يســعى إلقامــة‬ ‫دولــة ذات لــون طائفــي ســني‪ ،‬مزيّــن بزركشــات غربيــة أو‬ ‫تركيــة‪ ،‬أو غريهــا مــن الزركشــات البالســتيكية التــي تســتعمل‬ ‫ملــرة واحــدة‪ ،‬قبــل االســتيالء عــى الحكــم‪ ،‬الحكــم الــذي تنتظــر‬ ‫حركــة اإلخــوان االســتيالء عليــه‪ ،‬منــذ أكــر مــن قــرن‪ ،‬وقــد‬ ‫تعبــت نخبهــا كثـرا ً‪ ،‬وهــي تنتظــر لحظــة الغلبــة التــي ســتفرض‬ ‫فيهــا تصوراتهــا‪ ،‬وعقدهــا املتأتيــة مــن حرمــان عمــره قــرن‬ ‫كامــل‪ ،‬قضــوه وهــم يتمثلــون أنفســهم قــادة لألمــة اإلســامية‬ ‫مبئــات ماليينهــا!‬ ‫الحلــم اإلخــواين اليــوم حلــم حقيقــي‪ ،‬ومدعــوم مــن دول‪،‬‬ ‫ومــن قــوى عســكرية عــى األرض‪ ،‬وذات إرادة وتنظيــم‬ ‫وحنكــة‪ ،‬باإلضافــة إىل الحنكــة السياســية التــي ميتلكهــا اإلخــوان‬ ‫املســلمون‪ ،‬يف تحطيــم الخصــوم والحلفــاء‪ ،‬عــى حـ ٍّد ســواء‪ ،‬ومــا‬ ‫تجربــة تحطيــم االئتــاف‪ ،‬والتبــايك عليــه إال مثــال مــن أمثلــة‬ ‫ميكافيليــة‪ ،‬تنتهجهــا التنظيــات الالهثــة للحكــم‪ ،‬ولالســتيالء‬ ‫عــى املنافــع واملجــد والغلبــة!‬ ‫هــل نحــن مقدمــون عــى دولــة إخوانيــة دينيــة ذات تنظيــم‬ ‫طائفــي؟ وتشــبه الدولــة اإليرانيــة التــي تعــد مثــاالً لنخــب‬ ‫دينيــة كثــرة غــر اإلخــوان‪ ،‬فظــروف اليــأس‪ ،‬وظــروف الدمــار‬ ‫والضيــاع التــي يعيشــها الشــعب الســوري اليــوم‪ ،‬قــد تدفــع إىل‬ ‫مثــل هــذه الدولــة املنبثقــة مــن قلــب القــرون القدميــة‪ ،‬والتــي‬ ‫تعانــد الواقــع ومتطلباتــه‪ ،‬وتعانــد العــامل باعتبــاره دار ضــال‬ ‫يجــب تقوميــه وإعادتــه إىل جــادة الصــواب؟‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وداعًا يا نهر اخلابور‬

‫آرام كرابيت‬ ‫الضفــاف جافــة‪ ،‬ونهــر الخابــور جــاف‬ ‫والحيــاة جافــة والحــرارة الفحــة‪ ،‬مشــينا‬ ‫الهوينــا‪ ،‬أنــا وضيــاء وموريــس‪ ،‬يف ظــال‬ ‫الليــل الهامــس‪ .‬ابتعدنــا عــن الطريــق املكلــل‬ ‫بالســيارات والنــاس‪ ،‬أخذنــا املنعطــف الــذي‬ ‫يبعدنــا عــن البيــوت والحركــة‪ .‬كنــت مذهــوالً‪،‬‬ ‫أعيــش يف ذاكــريت‪ ،‬والتيــه يأخــذين مــن يــدي‪،‬‬ ‫وتلــك الذاكــرة ال تكــف عــن االســتيقاظ‪،‬‬ ‫تنهــض يف طــرح األســئلة التــي تقبــع يف املــايض‪.‬‬ ‫ال يشء بــاق عــى حالــه‪ ،‬الوجــوه واملدينــة‬ ‫والخابــور‪ ،‬واألشــجار والزمــن‪ .‬كانــا‪ ،‬موريــس‬ ‫وضيــاء يتبــادالن الحديــث‪ ،‬بقيــت متأخــرا ً‬ ‫عنهــا‪ ،‬عــن الركــب‪ ،‬أنظــر إليهــا مــن الخلــف‪،‬‬ ‫أقــول لنفــي‪ :‬يــا إلهــي كــم تغ ـرا‪ .‬بالتأكيــد‪،‬‬ ‫تغريهــا ال يقــارن يب‪ .‬فأنــا صديــق الذاكــرة‪،‬‬ ‫أقبــع داخلهــا‪ ،‬ال أريــد أن أودع املــايض‪ ،‬شــهوة‬ ‫الطفولــة والشــباب وزهــوة العمــر الراحــل‪.‬‬ ‫مل أتقبــل أن أعيــش يف الحــارض‪ ،‬مل أهضــم‬ ‫التبــدالت التــي طــرأت عــي وعــى املــكان‬ ‫والنــاس‪ .‬بقيــت داخــل الشــوق لرائحــة الـراب‬ ‫القديــم‪ ،‬لرائحــة الخابــور وزلــه وأشــنياته‪،‬‬ ‫لتلــك الجنبــات‪ ،‬للــروايب الزاهــرة‪ ،‬للمراعــي‬ ‫والبســاتني‪ ،‬لرائحــة الخيــار الطــازج والبنــدورة‬ ‫البلديــة وأشــجار الصنوبــر والــرو والكينــا‪،‬‬ ‫لــأرض املنســبطة‪ ،‬املنبهقــة مــن قلــب الرهــوان‬ ‫العظيــم‪ ،‬الخابــور‪ ،‬الــذي يفتــح عــى الســهول‬ ‫والقــرى والبيــوت الريفيــة املتناثــرة‪.‬‬ ‫كنــت أمــي وراءهــا حزين ـاً‪ ،‬موجوع ـاً‪ ،‬وكانــا‬ ‫غارقــن يف حديثهــا‪ .‬تركتهــا‪ ،‬يكمــان مــا‬ ‫يريــدان إكاملــه‪ ،‬وتركــت نفــي تتســلق تــال‬ ‫املشــاعر املرتاكمــة يف ذايت‪ .‬أعلــم‪ ،‬أن مــا بيننــا‪،‬‬ ‫مســافات طويلــة ال ترممهــا األيــام والســنني‬ ‫والحيــاة‪ ،‬ومهــا تكلمــت ســأبقى أنــا‪ ،‬ذلــك‬ ‫الكائــن‪ ،‬املنطــوي عــى نفــي‪ ،‬ال ميكــن للبــوح‬

‫ُحلم‬

‫عــا يف داخــي‪ ،‬ملعرفتــي أن مــا مهمومـاً‪ ،‬متعبـاً‪ .‬تغــرت اهتامماتــه‪ ،‬نظرتــه إىل‬ ‫أن يفصــح ّ‬ ‫ســأقوله ال يهــم أي إنســان‪ .‬كنــت أعيــش زمنـاً الحيــاة‪ .‬مل أعــد أرى يف عينيــه ذلــك الربيــق‪،‬‬ ‫وىل ومل يعــد‪ ،‬وال يقبــل عقــي أن يــودع ذلــك ذلــك األمــل‪.‬‬ ‫الزمــن الــري‪ ،‬زمنــي أنــا‪ .‬لقــد فــكك الســجن‬ ‫ذاكــريت وأعــاد تركيبهــا مــن جديــد‪ .‬ففــي هــذه مل تكــن هــذه األشــياء الســبب األول لالنفصــال‬ ‫املقارنــة‪ ،‬كنــت مهزومــاً‪ ،‬أمــام زمنــن مل أكــن عــن املــكان‪ ،‬إمنــا الوجــوه‪ .‬مل أعــد أنســجم‬ ‫فيهــا أو بينهــا أو عــى مفرتقهــا‪ .‬يشء طافــح مــع الوجــه القديــم للنــاس‪ ،‬هــذه أصبحــت‬ ‫كان يصعــد مــن داخــي‪ ،‬نــار حم ـراء مشــتعلة لــدي مشــكلة كبــرة‪ ،‬كلــا أرى أحدهــم أبــدأ‬ ‫املقارنــة بــن الحــارض‪ ،‬وقبــل ثالثــة عــرة‬ ‫دامئــة التوهــج‪.‬‬ ‫عامـاً‪ .‬فخــال هــذه املــدة الطويلــة مل أ َر وجهـاً‬ ‫أحــن للعــودة إىل البيــت‪ ،‬أن أبقــى وحــدي‪ ،‬آخــر ســوى وجــه زمــايئ وأصدقــايئ يف الســجن‪.‬‬ ‫أن أبقــى مــع ذلــك الكائــن املمــزق بــن ذات كل الوجــوه كانــت متشــابهة‪ ،‬دون بريــق‪ ،‬دون‬ ‫قدميــة‪ ،‬وذات ليــس لهــا مرقــد أو موطــأ قــدم‪ .‬حيــاة‪ ،‬دون تجــدد‪ .‬نكــرر بعضنــا عــى مــدار‬ ‫أرصخ‪ ،‬وأبــي‪ ،‬أرضب الجــدران‪ ،‬أقــول الكارثــة الســاعة والوقــت‪ ،‬نخــر مــن ذواتنــا ذوات‪،‬‬ ‫ليســت يف املقــدرة عــى التحمــل‪ ،‬إمنــا‪ ،‬للعالقــة نتحــول إىل قديــم دون إرادة منــا‪.‬‬ ‫مــع الزمــن اآلخــر الــذي لــن أنســجم معــه‪ .‬عندمــا خرجــت‪ ،‬رأيــت كومــات أطفــال صغــار‪،‬‬ ‫أنظــر إىل أيب‪ ،‬أمــي‪ ،‬النــاس‪ ،‬أراهــم أشــباحاً‪ ،‬مل أرهــم مــن قبــل‪ ،‬ومل أســتطع أن أركــز وجــه‬ ‫يتكلمــون معــي‪ ،‬وعقــي يرحــل يب إىل البعيــد‪ .‬أحدهــم يف ذاكــريت أو أحفــظ أســاءهم‪ ،‬كأن‬ ‫ضيــاء‪ ،‬كان صديقـاً‪ ،‬عازبـاً‪ ،‬كنــا نضحــك ومنــرح‪ ،‬عقــي ال يريــد أن يتقبــل الحــارض أو التغيــر‪.‬‬ ‫أحالمنــا واســعة‪ ،‬كبــرة‪ ،‬رأيتــه أبـاً ألربعــة أوالد‪ ،‬كنــت أســتغرب جــدا ً مــن ضحــك بعضهــم أو‬

‫هدى اشتي‬

‫صبــاح شــتوي جــاف وبــارد جــدا ً ‪ ..‬أكاد أتقصــف وأتكــر‬ ‫إىل أجـزاء وأنــا أنتظــر واقفــة عــى ناصيــة ذلــك الطريــق ‪ ..‬أمتطى‬ ‫وأنكمــش داخــل ثيــايب الســميكة عـ ّـي أحصــل عــى ح ـرارة مــا‪،‬‬ ‫ألحــق بأشــعة الشــمس التــي تظهــر وتغيــب مــن بــن الغيــوم‬ ‫العابــرة لتطـ ّـل بــدون دفء يُذكــر‪ ..‬أنكمــش أكــر‪ ،‬مل أعــد أحــس‬ ‫بجســدي الــذي طاملــا تج ّمــد‪ ،‬وأســتذكر كالم أمــي الــذي طاملــا‬ ‫تــردد عــى مســامعها مــن قبــي‪« :‬الجــازة ســرة يــا أمــي»‪.‬‬ ‫يلفحنــي ريــح غــريب بــارد جــريء‪ ،‬يصفعنــي بتجـ ّرد متقصــدا ً أن‬ ‫يعيــدين مــن حيــث أتيــت وكأنــه متآمــر مــع آالمــي ومحــاوالً‬ ‫إرغامــي عــى التخــاذل أمــام قـراري الــذي مل يعــد يحمــل جــدالً‬ ‫أو تأجي ـاً‪ ..‬فقــد نضــج األمل ‪..‬‬ ‫ال لــن أعــود‪ ..‬وكلــا فكّــرت بالعــودة يخ ّيــل إ ّيل أننــي كــا‬ ‫ســلحفاة أظناهــا بــرد قوقعتهــا وأظنتهــا محــاوالت الخــروج منهــا‬ ‫‪..‬‬ ‫ال‪ ..‬لــن أعــود إىل أي يشء‪ ..‬لــن أعــود إىل أزقة من الخــواء أرهقني‬ ‫الســر فيهــا طيلــة أعــوام وأوصــدت فيهــا كل أبــواب حلمــي‬ ‫وأمســيت فيهــا ورقــة تتقلــب يف فصــول رغبــات اآلخريــن‪..‬‬ ‫مــن األفــق الهــارب يطـ ّـل البــاص متهادي ـاً بــن حقــول حم ـراء‬ ‫تســتعد لربيــعٍ بــدأ يفــرش أخــره كزغــب عصفــور حديــث‬ ‫الظهــور للحيــاة‪ ،‬ومــن الجهــة األخــرى أملحــه يركــض نحــوي‬ ‫محــاوالً أن يصــل إ ّيل ‪ ..‬أســمع رصاخــه وتوســاته وينادينــي أ ّن‬ ‫انتظــري ‪ ..‬عــودي ‪ ..‬أســد أذ ّين‪ ،‬يعرتينــي الف ـرار النــزق‪ ..‬أركــض‬ ‫وأركــض وال أصــل‪ ..‬جســدي ثقيــل وقدمــاي متعبتــان‪ ،‬تدفعنــي‬ ‫قــوة الرغبــة باالنعتــاق مــن فوهــات كل البنــادق املرشعــة‪..‬‬ ‫أتعـ ّـر بحجــارة مــا‪ ..‬أســقط‪.‬‬ ‫أحسســت بيــد تشــ ُّد عــى يــدي ويــد متســح عــى شــعري‬ ‫ووجهــي املتعــ ّرق‪ ..‬فتحــت عينــي فوجدتــه بجانبــي عــى‬ ‫رسيرينــا وأنــا أكاد أتج ّمــد مــن الــرد‪.‬‬ ‫ ما الذي حصل يل؟‬‫ حبيبتــي ‪ ..‬ال بــد أن النافــذة كانــت مفتوحــة طيلــة الليــل‬‫فأصابــك الــرد بنوبــة مــن الحمــى وفقـ ِ‬ ‫ـدت الوعــي ودخلــت يف‬ ‫هذيــان أرهقــك‪.‬‬

‫التفــات البعــض اآلخــر‪.‬‬ ‫شــعرت أننــي وحيــد‪ .‬ال يشء يرمــم وحــديت‪،‬‬ ‫ال صديــق وال أخ أو أخــت أو أب أو أم‪ .‬كان‬ ‫الســجن رحمــة‪ ،‬ســرا ً‪ ،‬مينحنــا األمــل بالزمــن‬ ‫القــادم‪ ،‬بالجديــد‪ ،‬بالجــال‪ ،‬باملــرأة التــي‬ ‫حلمنــا بهــا‪ ،‬باملواصفــات التــي نحتناهــا‬ ‫يف ذاكرتنــا‪ .‬وعندمــا أصبحــت مــع الفــراغ‬ ‫املفتــوح‪ ،‬مل أعــد أرى إال نفــي يف رصاع مــع‬ ‫هــذا العــامل الواســع‪ ،‬الالمتناهــي‪ .‬خرجــت مــن‬ ‫ذلــك املــكان الضيــق الــذي ال يتجــاوز األمتــار‬ ‫القليلــة إىل العــامل الرحــب‪ .‬شــعرت بالخــواء‪،‬‬ ‫بأننــي صغــر أمــام هــذا الكــم الهائــل مــن‬ ‫الفضــاء املفتــوح‪ .‬شــعرت بالغربــة القاتلــة‪،‬‬ ‫بــأن الجــدارن املفارقــة يل مل تعــد موجــودة‪،‬‬ ‫مثــل مولــود‪ .‬جــاء إىل مــكان ليــس بإرادتــه‬ ‫ويخــرج منــه ليــس بإرادتــه‪ .‬رأيــت هــذا‬ ‫الفضــاء الواســع‪ ،‬بح ـرا ً‪ ،‬محيط ـاً‪ ،‬وأنــا وحــدي‬ ‫أســبح دون قــارب أو دفــة أو خشــبة أتكــئ‬ ‫عليهــا ألنتقــل مــن ضفــة إىل أخــرى‪ ،‬ورمبــا ال‬ ‫توجــد ضفــة أو أرض أو بقايــا عشــب‪ ،‬ســأبقى‬

‫قصة قصرية‪ :‬غرفة العمر‬ ‫منور فيصل الناجي‬ ‫حمــل ســليم معاملتــه التــي‬ ‫تحــوي عــرات األوراق‪ ،‬وملصــق‬ ‫عليهــا مئــات الطوابــع‪ ،‬ودخــل بها إىل‬ ‫مجلــس املدينــة يك يحظــى مبوافقــة‬ ‫رئيــس املجلــس لبنــاء غرفــة أحالمــه‪.‬‬ ‫يف الطابــق األول دخــل غرفــة‬ ‫ا الســتعالما ت ‪.‬‬ ‫ لــو ســمحت يــا أســتاذ معاملتــي‬‫هــذه تحتــاج موافقــة مــن أجــل‬ ‫الحصــول عــى رخصــة بنــاء‪.‬‬ ‫املوظــف‪ :‬اذهــب إىل الطابــق الثــاين‬ ‫أول مكتــب مــن جهــة اليمــن عنــد‬ ‫األســتاذ عاصــم‪..‬‬ ‫صعــد إىل الطابــق الثــاين واضعــاً‬ ‫حلمــه الكبــر نصــب عينيــه‪ ،‬طــرق‬ ‫البــاب مســتأذناً بالدخــول‬ ‫ أأنت األستاذ عاصم؟‬‫ نعم هو أنا‪.‬‬‫ معاملتــي هــذه تحتــاج لتوقيــع‬‫ســيادتك املوقــرة‪.‬‬ ‫ ضعها عىل الطاولة واذهب‪.‬‬‫ إىل متى يا أستاذ؟‬‫ إىل أن تكتمل!‬‫عــاد ســليم بخيبــة أمــل‪ ،‬يجــب أن‬ ‫تبنــى الغرفــة‪ ،‬فخطيبتــه لــن تنتظــر‬ ‫أكــر مــن ذلــك‪ ،‬وأبوهــا لــن يســمح‬ ‫لــه بالدخــول إىل املنــزل أبــدا ً فــكالم‬ ‫النــاس قــد كــر‪.‬‬ ‫ماذا يفعل فالحظ ال يسانده أبدا ً‪.‬‬ ‫يف اليــوم التــايل عــاد ســليم إىل‬

‫املجلــس مبكـرا ً‪ ،‬وصــل قبــل أن تفتــح‬ ‫أبــواب الدائــرة‪ ،‬جلــس عــى زاويــة‬ ‫درج البــاب منتظــرا ً‪.‬‬ ‫أىت أحد املوظفني‪...‬‬ ‫نظــر إليــه ســليم‪ ،‬إنــه ليــس األســتاذ‬ ‫عاصــم‬ ‫وصل إليه املوظف قائالً‪..‬‬ ‫ من أنت وماذا تريد؟‬‫ أنــا أحــد املراجعــن ولــدي معاملــة‬‫عنــد األســتاذ عاصــم‪.‬‬ ‫ ومن أنت؟ قال متسائالً‬‫ أنا مستخدم اإلدارة‬‫ وما موضوع معاملتك؟‬‫ معاملة رخصة بناء‪.‬‬‫ وماذا قال لك األستاذ عاصم؟‬‫ قــال يل عندمــا تكتمــل ارجــع‬‫وخذهــا‪.‬‬ ‫ ومــاذا فهمــت مــن عبــارة عندمــا‬‫تكتمــل؟‬ ‫ عندما يكملها بالتواقيع!‬‫أجاب املستخدم ضاحكاً‬ ‫ التواقيــع بحاجــة إىل (معلــوم) مــن‬‫أجــل أن تكتمــل!‬ ‫أدخــل ســليم يــده يف جيبــه وأخــرج‬ ‫مــا تبقــى مــن نقــود بعــد أن قــام‬ ‫ب ـراء مــواد البنــاء الباهظــة الثمــن‪.‬‬ ‫ هــذا مــا تبقــى مــن املــال يــا أخــي‬‫هــل يســتويف الطلــب‬ ‫ نعــم يســتويف‪ ..‬اجلــس مكانــك وال‬‫تتحــرك حتــى أعــود‪.‬‬

‫انتظــر ســليم طويــاً واألحــام‬ ‫تطــارده‪ ،‬غرفــة جميلــة مطليــة‬ ‫باللــون األبيــض تغطــي نوافذهــا‬ ‫الســتائر املزركشــة‪ ،‬خطيبتــه التــي‬ ‫أتعبهــا يــأس االنتظــار‪ ..‬وتخيــل‬ ‫العــرس الــذي ســيقام مبناســبة زواجــه‬ ‫ومل ّــة األهــل واألقــارب واألصدقــاء‪.‬‬ ‫وبــن كل حلــم وآخــر ميــ ّر طيــف‬ ‫املســتخدم أمامــه حامــاً املعاملــة‬ ‫موقعــة‪.‬‬ ‫عاد املستخدم‪:‬‬ ‫ برشاك يا أخي هل انتهت؟‬‫ نعم‪ ..‬انتهت وبإمكانك البناء‪.‬‬‫أخــذ ســليم معاملتــه وهــو ينظــر‬ ‫إليهــا ويحاكيهــا‬ ‫ أأنــت حلمــي‪ ،‬أأنــت مــن سيســعد‬‫حيــايت!‬ ‫وصــل ســليم قريتــه‪ ،‬جمــع عــال‬ ‫البنــاء وبــدأوا العمــل‬ ‫قــ ّدم ســليم جميــع أنــواع األطعمــة‬ ‫والحلويــات فرحــاً وابتهاجــاً‬ ‫برسعتهــم‪ ،‬وإكاملهــم بنــاء الغرفــة‪.‬‬ ‫جلــس أمــام الغرفــة تحــت ظــال‬ ‫شــجرة التــن التــي غرســها بيــده‬ ‫والفرحــة ال تفارقــه‪.‬‬ ‫انتهى من أصعب خطوة يف حياته!‬ ‫ومــا هــي إال لحظــات مــن الفــرح‪،‬‬ ‫حتــى اشــتد القصــف الهمجــي عــى‬ ‫القريــة! ســقطت قذيفــة عــى غرفــة‬ ‫األحــام فأردتهــا حطامــاً‪ ،‬مهدمــة‬ ‫بالكامــل وتهدمــت معهــا األحــام‪....‬‬

‫يف هــذا اليــم الــذي يقذفنــي هنــا وهنــاك‪ .‬إنــه‬ ‫تشــتت للــذات والذاكــرة واملــكان والبقــاء‪.‬‬ ‫قلــت لضيــاء‪ ،‬ســأرحل‪ ،‬ال أســتطيع املكــوث‬ ‫هنــا‪ ،‬ليــس لــدي القــدرة عــى هضــم ذايت يف‬ ‫هــذا املــكان الضيــق بالرغــم مــن وســعه‪.‬‬ ‫ـ وإىل أين تريد الرحيل؟‬ ‫ـ ال أعــرف‪ .‬املــكان يريــد أن ميزقنــي‪ .‬إن هــواي‬ ‫مل يعــد هنــا‪ .‬الغربــة التــي يف أعامقــي قاتلــة‪،‬‬ ‫األرس يكبلنــي‪ .‬رمبــا ليــس لــدي قــدرة عــى‬ ‫فكفكــة العبــارات‪ ،‬لكنــه رصاع غريــب‪.‬‬ ‫ـ حســناً‪ ،‬غــدا ً‪ ،‬ســنذهب معــاً إىل الهجــرة‬ ‫والجــوازات‪ ،‬ونــرى مــاذا ميكننــا فعلــه‪.‬‬ ‫يف صبــاح اليــوم الثــاين ذهبنــا إىل الدائــرة‪،‬‬ ‫دخلناهــا‪ ،‬حياهــم صديقــي‪ ،‬وردوا عليــه بــكل‬ ‫ود واحــرام ملعرفتهــم بــه شــخصياً‪.‬‬ ‫ـ مــا هــي األوراق املطلوبــة إلخــراج جــواز‬ ‫ســفر؟‬ ‫ـ ملن؟‬ ‫ـ لصديقي‪ .‬وأشار إيل‪.‬‬ ‫ـ هل هويتك معك؟‬ ‫ـ نعم؟‬ ‫أخــذ هويتــي‪ ،‬ودقــق يف إضبــاريت‪ ،‬ووقــف‬ ‫ينظــر إيل ضيــاء‪.‬‬ ‫ـ إنــه موظــف‪ ،‬ال يحــق لــه الحصــول عــى‬ ‫جــواز الســفر‪.‬‬ ‫ـ وما هو الحل؟‬ ‫ـ إن تجلــب لنــا بـراءة ذمــة مــن الدائــرة التــي‬ ‫يعمــل فيهــا‪.‬‬ ‫ـ أنــا ســجني ســيايس ســابق‪ .‬ســجنت ثالثــة‬ ‫عــرة عامــاً‪.‬‬ ‫وقــف ينظــر إيل‪ ،‬وعينــاه تــكادان تطــران يف‬ ‫الهــواء مــن شــدة االســتغراب‪ .‬تلعثــم‪ ،‬نظــر إىل‬ ‫ضيــاء مســتغرباً‪ ،‬ثــم التفــت إيل مــرة أخــرى‪،‬‬ ‫وكأنــه أمــام وبــاء‬ ‫ـ سجني سابق؟‬

‫‪ -‬النيل ‪-‬‬

‫( شعر ‪ :‬عصام ح ّقي )‬

‫نسي ٌم يُبارينا لش ّم ورود ِه‬ ‫ِ‬ ‫أناشيد الشذا ‪،‬ونشيدهِ‬ ‫وعزف‬ ‫وسا َر بأطياف الجامل بري ُدنا‬ ‫ليهدي عنوا َن الهوى لربيدهِ‬ ‫َ‬ ‫النيل يجري يف الكنان ِة ناثرا ً‬ ‫هو ُ‬ ‫ربيعاً يضاهي الكو َن زه ُر خدود ِه‬ ‫نسامئُه البيضا ُء ت ُغري بغفو ٍة‬ ‫وحلمٍ بديعٍ يف ظال ِل برود ِه‬ ‫وسح ُر الليايل يف احتفال نجو ِم ِه‬ ‫يداعب أوتا َر الضيا ِء بعيد ِه‬ ‫َْ‬ ‫‪............................‬‬ ‫ِ‬ ‫الضفاف حروفَنا‬ ‫تلَ ْونا عىل تلك‬ ‫تضو ُع أريجاً يف ملا ُه ِ‬ ‫وجيدهِ‬ ‫حملْنا له عذ َْب الفر ِ‬ ‫ات قصيد ًة‬ ‫تذوب قوافيها بحلو قصيد ِه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تختال كلّام‬ ‫احت أقاحي الشامِ‬ ‫ور ْ‬ ‫تندّتْ طيوباً من رذاذ وريد ِه‬ ‫الحب نسقي عطاشَ نا‬ ‫أتينا وجن َد ِّ‬ ‫ف ُع ْدنا سكارى من ُمدامِ جنود ِه‬ ‫‪...........................‬‬ ‫رص الحيا َة ونبضَ ها‬ ‫فيا واهباً م َ‬ ‫ثوب البها ِء لغيدهِ‬ ‫ويا ناسجاً َ‬ ‫أرخت ضفائ َر حس ِنها‬ ‫ويا هب ًة‬ ‫ْ‬ ‫عىل ضفّتي ِه تستح ُّم بجودهِ‬ ‫هنا كان مج ُد الناهل َني رحي َق ُه‬ ‫ومج ُد ُالىل شادوا عري َن أسود ِه‬ ‫عجائب‬ ‫رصح‬ ‫ٍ‬ ‫هنا وطّ َد األهرا ُم َ‬ ‫رس خلو ِد ِه‬ ‫سيبقى عىل األيّام َّ‬ ‫‪..........................‬‬ ‫هنا (فادخلوها آمن َني) ونيلُها‬ ‫يطيح بفرعون وكل عبيده‬ ‫ُ‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وحيدات‬

‫قصص قصرية جدا‬ ‫ّ‬ ‫تـحـدي‬ ‫‪-1‬‬

‫محمود عادل بادنجكي‬

‫رمـقـْتـُ ُه بـنـظـرة حـِ ٍ‬ ‫قـد‪ ..‬فـبـادلـنـي الـنـظـرة ذاتـهـا‪ ..‬كـِلـْ ُت لـه أنـواع الـشـتـائـم‪ ..‬فـر ّدهـا‬ ‫ـت ُمـسـ ّدســـي‪ ..‬صـ ّوبـتـُـ ُه نـحــ َو ُه‪ ..‬فـأخـــرج بـالـتـزامـُــن مـُسـ ّدســـه‪..‬‬ ‫بـمـثـلـهـــا‪ ..‬أخـرجــ ُ‬ ‫ـت رصـاصـة فـي‬ ‫ـت الـلـــه أكـبـــر‪ ..‬فـصـرخ الـلـــه أكـبـر ‪..‬أطـلـقــ ُ‬ ‫وصـ ّوبـــه نـحـــوي‪. .‬صـرخــ ُ‬ ‫وجـهـه‪ ..‬فـانـكـســـرتْ الـمـرآة‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -2‬مؤامرة‬

‫أ ّول مــن أمــس‪ ،‬كنــت ألعــب ال ّدحــى مــع أوالد حــاريت‪ ..‬ومســاء البارحــة ُعــدتُ مــن رحلــة‬ ‫مدرسـيّة مــع زمــايئ يف الصـ ّـف‪ ،‬ل ّونــت فيهــا ذاكــريت بزرقــة البحــر‪ ..‬كــا تقاســمت الســعادة‬ ‫ـي ذوبانـاً بأقـراص الحــاوة التــي قتـّــرتها عــى شــقيقتي الصغــرى ‪ -‬قبــل ســاعات‬ ‫ُمغمضـاً عينـ ّ‬ ‫فقــط ‪ -‬يف باحــة دارنــا‪ ،‬تحــت يفء شــجرة الك ّبــاد الوارفــة‪ .‬فكيــف يزعــم املتآمــرون حــويل‪..‬‬ ‫ـقي الصغــر حفيــدي‪ ،‬يتواطــأ معهــم‪ ..‬وينادينــي‪ ..‬يــا جـ ّدي‪.‬‬ ‫أنّنــي أكربهــم سـ ّناً؟؟ حتّــى الشـ ّ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -3‬إدمـان‬

‫عـنـدمـــا جـ ّربـهـــا لـلـمــ ّرة األولـــى‪ ..‬بـعـــد وسـوســـة صـديـــق الـحـــارة‪ ..‬شـعــ َر بـنـشـــوة‬ ‫اجـتـاحـــت كـيـانـــه‪ ..‬لـــم يـسـتـطـــع مـعـهـــا إمـســـاك نـفـســـه عـــن الـرقـــص‪ ..‬و الـغـنـاء‬ ‫بـصــ ٍ‬ ‫ـوت م ُـرتـفـــع‪ ..‬وســـط الـمـــا ّرة‪ ..‬والـمـتـطـفـلـيـــن‪ ..‬عـلـــى األرصـفـــة و الـش ُـ ُرفـــات!!‬ ‫بـــا دعـــوة‪ ..‬أصـبـــح يـرتـــاد تـلـك األمـاكـــن الـمـمـنـوعـــة‪ ..‬وحـتـى بـعـد إطـــاق سـراحـه‬ ‫مـــن م ُـعـتـقـلـــه‪ ..‬كـــان أ ّول عـمـل يـقـوم بـه‪ ..‬هـو الـعـــودة إلـى تـلـك الـمـنـاطـق‪ ..‬الـتـي‬ ‫تـخـــرج مـنـهـــا الـم ُـظـاهـرات‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -4‬مـربّـى الـورد‪ /‬واقـعـيّـة‬

‫عـــادت مـــن الـســـوق م ُـحـم ّـلـــة بـكـيـــس كـبـيـر مـــن الـــورد الـمـوسـمـــي الـم ُـخـص ّـص‪..‬‬ ‫ـت أصـواتـاً‬ ‫لـعـمـــل مـرب ّـــى الـــورد‪ ..‬مـؤونـة تـكـفـــي الـعـائـلـــة لـبـقـي ّـة الـعـــام‪ ..‬س َـمـِع َــ ْ‬ ‫صـــادرة مـــن الـشـــارع‪ ..‬أخـــذت كـيـــس الـــورد‪ ..‬ثـ ّم راحـــت ت ُـزغـرد مـــع جـاراتـهـــا عـلـى‬ ‫الـشـرفـــات‪ ..‬و ُرحـْـ َن يـنـثـُــرن الـــورد‪ ..‬فـــوق جـنـــازة الـشـهـيـد‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -5‬هـدم‬

‫الــرس الصغــر‪ ..‬يف تلــك اآللــة الهائلــة‪ ..‬يــؤ ّدي واجبــه باطمئنــان‪ ..‬يَس ـ َبح مرتــاح البــال يف‬ ‫زيــت يُزلِقــه يف احتكاكــه بــن تــروس أصغــر وأكــر‪ .‬ضجيــج الحركــة املســتدامة منــذ الصبــاح‪..‬‬ ‫وأصــوات شـاّل الزيــت‪ ..‬تُغرقــه يف حركــة تسـخّن محيطــه‪ ..‬حـ ّد الغليــان‪ .‬يف لحظــة اسـراحة‬ ‫ـب أحدثــه انفجــار ُم ـ َد ٍّو‪ ..‬ليكتشــف أنّــه ال يعــدو‬ ‫تلصــص مــن ثقـ ٍ‬ ‫قرسيّــة لآللــة الضخمــة‪ّ ..‬‬ ‫أن يكــون إالّ قطعــة صغــرة مــن (بلــدوزر) هائــل‪ ..‬يقــوم بهــدم (املخرطــة) التــي ُص ِنــع فيهــا‬ ‫هــذا الــرس البائــس‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ -6‬مـوعـد هـام‬ ‫تـابـَعـــه‪ ..‬خـطـــوة خـطـــوة‪ ..‬ولـمـّــا حـــان وقـــت دخـولـــه‪ ..‬اخـتـطـفـه‪ ..‬وزجـّـــه فـي قـبـ ٍو‬ ‫تـحـــت األرض‪ ..‬لـــم يـأبـــه لـتـوسـّالتـــه‪ ..‬أ ّن الـنـــاس بـانـتـظـــاره‪ ..‬ولـمـّــا ألـِــف الـعـتـمـة‪..‬‬ ‫ـاب مـهـتـرئـة‪.‬‬ ‫ألـفـــى إلـــى جـانـبـــه‪ ..‬أعـيـــادا ً سـابـقـــة مـكـبـّلـــة‪ ..‬عـلـيَـهـا ثـيــ ٌ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -7‬انتخابات‬

‫ودس يف كفــن الشــهيد‪ ..‬اســم‬ ‫غلبــه الخــوف فقــرر الذهــاب إىل الصناديــق‪ ..‬فتــح أحدهــا‪ّ ..‬‬ ‫الســفاح‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -8‬ألـعـاب خـفّـة‬

‫فـــي يـــده قـبـّعـــة سـاحـر‪ ..‬فـي يـــده األخـرى نـار‪ ..‬تـكـــاد تـنـتـشـر فـــي جـسـده‪ ..‬أدخـل‬ ‫الـنـــار فـــي الـقـبـّعـة‪ ..‬فـأخـــرج مـنـهـا بـغـداديّــاً يـتـمـ ّدد‪ ..‬بـسـيــ ٍ‬ ‫ـف يـقـطـر دمـاً‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -9‬بـطـولـة‬

‫سـمـــع مـــن رفـاقـــه دعـــوة إلـــى الـنـفـيـــر الـعـــام‪ ..‬ه ُـــرع إلـــى سـالحـــه‪ ..‬أخـرجـــه مـــن‬ ‫جـعـبـتـــه‪ ..‬وضـعـــه فـــي آلـ ّيـة الـرمـــي‪ ..‬ووجـّهـه إلـــى مـجـمـوعـة الـقـتـــال‪ ..‬ثـ ّم أطـلـق‬ ‫عـشــرات (الـاليـكـــات)‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -10‬مـروَحـة‬

‫ـب مـروحـتـهـــا (األصـلـي ّـة)‪..‬الـتـي مـا تـفـتـأ تـذكـــر ألحـفـادهـا عـن مـتـانـتـهـا‪..‬وعـن‬ ‫ت ُـحــ ّ‬ ‫تـمـل مـن تحـذيـر األوالد‬ ‫دورهـــا فـــي ر ّد قـيـــظ مـواسـم الـصـيـف الـحـا ّرة أيـّام زمـــان!! ال ّ‬ ‫واألحـفـــاد مـــن لـمـــس الـمـروحـة‪ ..‬فـهـي وحـدهـــا الـمـُخـ ّولـة‪ ..‬بـكـبـــس أزرارهـا‪ ..‬بـعـد‬ ‫الـمـرحـــوم زوجـهـــا‪ .‬لـقـد انـتـهـى عـمـر الـمـروحـة هـــذا الـيـوم‪ ..‬بـعـدمـا انـهـار عـلـيـهـا‬ ‫سـقـــف الـبـيـت‪..‬إثـــر قـذيـفـة ضـلـّت طـريـقـهـا عـن الـعـــد ّو‪ ..‬فـتـهـشـّمـت الـمـروحـة‪..‬‬ ‫الـمـُحـتـضـَنـــة مـن صـاحـبـتـهـا‪ ..‬الـمـُضـ ّرجـــة‪ ..‬بـدمـهـا الـمـسـفـوك‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫ـت دمعي‪،‬‬ ‫يــا حــريت عــى املناديــل التــي رشبـ ْ‬ ‫عــى مراســيل الهــوى التــي راحــت إليــه ومل‬ ‫ترجــع‪ ،‬يــا حــريت عــى كل حبــلٍ رميتــه يف‬ ‫دربــه قبــل الحــرب‪ ،‬ومل يلتفــت صــويب‪.‬‬ ‫كان يكفــي أن تومــئ الحــرب‪ ،‬ويــروح إليهــا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وعطــش كثــر‪،‬‬ ‫ويعــود منهــا بعــكّا ٍز فخــم‪،‬‬ ‫وظهــ ٍر رخــ ٍو ينادينــي ألســنده بيــدي‬ ‫مــا أبهــى هــذه الحــرب التــي أهدتنــي إيــاه‬ ‫ـب!‬ ‫جاه ـزا ً للحـ ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫النســاء الوحيــدات أديّــن صــاة الفجــر يف‬ ‫الخيمــة املكتظّــة‪ ،‬وتأهــن للخــروج‪ .‬ارتديــن‬ ‫العبــاءات الســوداء الطويلــة‪ ،‬وعقــدن بإحــكامٍ‬ ‫مناديــل الــرأس الكالحــة‪ ،‬وحملــن أطفالهــن‬ ‫ٍ‬ ‫مرسعــات‪ ،‬كرتــلٍ‬ ‫عــى صدورهــن‪ ،‬وانطلقــن‬ ‫مــن الح ّجــاج الكئيبــن الطالبــن رحمــة اللــه‬ ‫وغفرانــه‪.‬‬ ‫ميشــن وميشــن‪ ،‬ويرفعــن أذيــال العبــاءات يك‬ ‫ال يتعـ ّـر خطو ّهــن‪ ،‬فيــا مــا ي ـزال أطفالهــن‬ ‫عــى صدورهــن يســبحون يف مــدن النــوم‪.‬‬ ‫ـهري بتاريــخ اليــوم‬ ‫ـج شـ ّ‬ ‫ميشــن وميشــن يف حـ ٍّ‬ ‫األول مــن كل شــهر قاصـ ٍ‬ ‫ـدات حــرم الكنيســة‪.‬‬ ‫لهــن قبتهــا الصفــراء‬ ‫مــن بعيــد تــراءى‬ ‫ّ‬ ‫كالذهــب العتيــق‪ ،‬وينصــن لرنــن أجراســها‬ ‫أســاعهن يومــاً قبــل هــذي‬ ‫الــذي مل ينقــر‬ ‫ّ‬ ‫الحــرب‪.‬‬ ‫كــن ســيخربن جــال هــذا الذهــب‬ ‫كيــف ّ‬ ‫العتيــق‪ ،‬وشــجن هــذه األجــراس‪ ،‬وعذوبــة‬ ‫ـن‬ ‫هــذا الطريــق العســر؛ لــو مل تكــن تنتظرهـ ّ‬ ‫يف نهايتــه ســال اإلغاثــة؟! ســال اإلغاثــة التــي‬ ‫أرســلتها املنظــات اإلنســانية إىل منكــويب‬

‫ديمة محمود‬

‫الحــرب‪ ،‬ليتـ ّم توزيعهــا يف حــرم الكنيســة لــكل‬ ‫إنســانٍ منكــوب أيّــاً كان دينــه‪...‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تســتعري األرملــة الشــابة ثوبــاً أســود‪،‬‬ ‫وتســتدين خمســن لــرة تســافر بهــا مــن‬ ‫قريتهــا إىل املدينــة لتقبــض ديّــة زوجهــا‪،‬‬ ‫وتعــود بــاألكل والحلــوى لصغارهــا ـ زوجهــا‬ ‫الشــهي ٌد يف جيــش الدفــاع الوطنــي‪ .‬قتلــه‬ ‫إخــوة الوطــن حــن كان بــدوره ذاهبـاً لقتلهــم‬ ‫طمعــاً بــاألكل والحلــوى لصغــاره‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫أودعــت ابنتهــا يف امليتــم‪ .‬ابنتهــا التــي ســيزهر‬ ‫يف صدرهــا الر ّمــان‪ ،‬وســتقع يف الحــب‪ ،‬وتصحو‬ ‫يف جــوف الليــل وتتن ّهــد‪ :‬عمريجــف قلبــي يــا‬ ‫أمــي‪...‬‬ ‫وال تســمعها أمهــا؛ أمهــا املســافرة يف مهمــ ٍة‬ ‫وطنيــة لصالــح جيــش الدفــاع الوطنــي‬ ‫‪5‬‬ ‫تقــول الطبيبــة‪ :‬مــن ثقــل شــوقي للحيــاة كنت‬ ‫أريــد لــه أن يد ّخــر مــن أمــه رشــفة أوكســجني‬ ‫نق ّيــة‪ .‬رشــفة تعــن رئتيــه الضعيفتــن عــى‬ ‫املــواء‪ .‬مــن ثقــل شــوقي للحيــاة كنــت أُبطــئ‬ ‫رسة هــذا الوليــد الــذي قــدم أمــس‬ ‫يف قطــع ّ‬ ‫إىل عاملنــا األصفــر‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫[ســخني مقــدار ملعقتــي طعــام مــن زيــت‬ ‫الزيتــون‪ ،‬ومســدي فــروة رأســك بــه قليــاً‬ ‫دون أن تغفــي عــن أي جــزء منهــا‪ ،‬ثــم بلّــي‬ ‫منشــف ًة باملــاء الســاخن ولفّيهــا حــول رأســك‬ ‫عــى شــكل عاممــة‪ ،‬وعندمــا تــرد بلّليهــا مــن‬ ‫جديــد باملــاء الســاخن مرتــن أو ثــاث حتــى‬ ‫كل الزيــت‪ .‬بعدهــا اغســي‬ ‫متتــص الفــروة ّ‬

‫‪13‬‬

‫نجاة عبد الصمد‬

‫رأســك بالشــامبو‪ ،‬واشــطفيه جيــدا ً‪ .‬تفيــد‬ ‫هــذه الوصفــة للشــعر املتقصــف والهــش‪].‬‬ ‫(يظننــي الطبيــب ال أعــرف منافــع زيــت‬ ‫الزيتــون‪ .‬أذكــر حقــل الزيتــون‪ ،‬أذكــر بِركــة‬ ‫الزيــت يف املعــرة‪ .‬مل أكــن أيامهــا أغمــس‬ ‫الزعــر باملــاء‪ ،‬ومل أكــن أشــحذ حليــب‬ ‫األطفــال‪ ،‬كان الحليــب يفيــض يف صــدري‪ ،‬ومل‬ ‫يكــن شــعري يتســاقط‪ ،‬ومل أكــن أحتــاج هــذه‬ ‫الوصفــة الوقحــة‪)...‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يف فيــض الوقــت تنقــع قصاصــة الجريــدة‪ .‬يف‬ ‫القصاصــة خــر قديـ ٌم عــن بنــك نطـ ٍ‬ ‫ـاف لرجا ٍل‬ ‫كاملــن يســتعدون للذهــاب إىل الحــرب‪.‬‬ ‫بإصبــعٍ خــدران تحــرك املنقــوع يف مائــه‬ ‫الفاتــر‪ٍ .‬‬ ‫بيــد موتــور ٍة ترفــع الــكأس‪ .‬تــزدرد‬ ‫املــاء العكــر‪ .‬تنطــر انســيابه امل ـ ّر إىل جوفهــا‬ ‫الخــاوي‪ .‬بيدهــا األخــرى تتحســس بطنهــا‬ ‫ينتفــخ بجنـ ٍن ســيولد يف مدينــة األرامــل بعــد‬ ‫انتهــاء الحــرب‪ .‬الحــرب التــي مل يعــد مــن‬ ‫رجالهــا الكاملــن أحــد‪.‬‬

‫فــتــى الــمـعـتـقــل (‪ - )٣‬الــقـطـار‬

‫ِ‬ ‫احــك لــهــم عــن‬ ‫ذلــك الـقطـار الــ ُمــتــهالــك‬ ‫ذي الــقـضبانِ الــهـرِمـة‬ ‫الـمـعــقــوفـ ِة مـن األطـراف‬ ‫والـمـتـآكـلـ ِة مـن الـمـنـتـصـف‬ ‫الـمـعـجـونـ ِة بـالـتّـعب والـشّ ـقـاء‬ ‫بـالـسـياط‬ ‫الـ ُمـكــب ّـلـة‬ ‫ّ‬ ‫والـ ُمـمـلـلّحـة بـِنـزعـات‬ ‫االحـتـضـار‬ ‫حـدثــهـم عـن‪:‬‬ ‫طـريـقـ ِة نومـِك‬ ‫األسـطوري‬ ‫فـي الـمـهـجـعِ‬ ‫ّ‬ ‫الس ِ‬ ‫ـقـف الـمـص ّمـت‬ ‫ذي ّ‬ ‫بـعـيـنـيـه الـغـائـرتني‬ ‫الـمـحـ ّدقـتني بـال هـوادة‬ ‫فـي أوج الـعـتـمـة‬ ‫الـسـواد‬ ‫تـعـصـران ّ‬ ‫تـسـتـجـديـان قـطر َة ضـوء‬ ‫تـسـتـجـيـران بـالـشـقـوق‬ ‫عـلّـهـا تـبـتـلـ ُعــهـا‬ ‫جـدرانُـه خـرساء‬ ‫إال ّمـن كـ ّو ٍة شقـيّـة‬ ‫تـحـمـل ِش َ‬ ‫ـبـاك الـعـنـاكـب‬ ‫الـسـراديـب‬ ‫وظُـلـمـة ّ‬ ‫الـمـحـيـطـة‬ ‫بــمـهـاجـع الــمـوت‬ ‫قـل لـهـم كـيـف كـانـت‬ ‫ْ‬ ‫أقـصـى أمـانـيـك‬ ‫أن التـنـا َم بـجـوار الـحـ ّمـام‬ ‫مـنـتـنِ الـرائـحــة‬ ‫الـمـتـكـ ّوم مـشـمـئـ ّزا مـن نـفـسـه‬ ‫فـي طـرف ذلـك الـقـبـر‬

‫فـشـلـت كـثـيـرا ً‬ ‫َ‬ ‫وانـتـصـرت مر ًة واحـدة‬ ‫ال أنـسـاهـا‬ ‫قـفـزتـَـك الـمـسـتديرة‬ ‫حـيـنـمـا أ ّديـت الـمـسـاج‬ ‫لـذلك الـسـ ّجـانِ الـلّـعـيـن‬ ‫حـ ّدثـهـم عـن‪:‬‬ ‫الــتـنــاوب عـىل الـنـوم‬ ‫ِ‬ ‫خــمسـ ٌة وأربـعـون لـيـالً‬ ‫نـائـمـون‬ ‫يـجلـسـون الـقـرفـصـا َء‬ ‫فـي الـقـطـار‬ ‫وخـمـسـ ٌة وأربـعـون‬ ‫واقـفـون يـنـتـظـرون‬ ‫دورهـم يف الـمـحطّـة الـمقـبلـة‬ ‫لـيـتـبـادلـوا بـالطـات الـحـجـر‬ ‫بـعـد أن يـتـوق ّــف الـفـجـر‪،‬‬ ‫ذاهـالً فـزِعـاً‬ ‫مـقـطـوع األنـفـاس‬ ‫مـن هـول مـشـهـد الـحشـر‬ ‫قـبـل األوان‬ ‫سـقـطـت‬ ‫أذكـ ُر كـيـف‬ ‫َ‬ ‫مـر ٍ‬ ‫ات ومـرات‬ ‫هـويـت خـائـرا ً‬ ‫َ‬ ‫فـارغـاً‬

‫ال تـلـوي عـلـى نـوم‬ ‫فـي أسـبـوعـك األول‬ ‫فـي ذلـك الـمـكـان‬ ‫ارتـطـمـت باألرض الـحـجـريـّة‬ ‫فـاسـتـيـقـظ الـعـنـكـبـوت‬ ‫حـيـن اهـتـزت شـبـاكـه‬ ‫وسـجـانُـك مـازال جـاثـيـاً‬ ‫عـنـد حـذاء سـي ّــده‬ ‫يـطـلـق سـهـام ضَ ـحـكـه‬ ‫كـل سـقـوط‬ ‫مـع ّ‬ ‫تـقـف تـنـتـظـر‬ ‫هـا أنـت ُ‬ ‫دورا ً فـي الـمـحـطــة‬ ‫عـاجـزا ً عـن الـنـوم ُوقـوفاً‬ ‫ومـازال االرتـطـا ُم يـعـاودك‬ ‫يَــلُــوح الـقـطـار مـتـرنّـحـاً‬ ‫لـلـصـعـود‬ ‫تـهـب ذابـالً‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫نـحـو الـخـالص‬ ‫بـال مـقـعـ َد‬ ‫وبال نـوافـذ‬ ‫تـجـلـس الـقرفصاء‬ ‫تـمــتـطـي الـصـراط‬ ‫حـقـائـب‬ ‫بـال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وبـنـصف بـرزح‬ ‫مـنـطـلـقـاً إلـى جـهـ ّنـم‬ ‫كل لـحـظـة‬ ‫تـجـتـ ُّر الـقـطـار ّ‬ ‫فَـيـقـتـاتـك هـو‬ ‫يـقـتـنـص نـو َمـك‬ ‫يـسـتـلـب األبـجـديـ َة‬ ‫ُ‬ ‫الـفـطـريّـ َة لِسـكـونـك‬ ‫يـسـتـأصـل شـأفـ َة خـلـوتـك‬ ‫مـع ُحـلُـمـك‬ ‫ـلـبــل يــلـُـوح فـي‬ ‫وال‪ ..‬بُ َ‬ ‫الـكـ ّوة أو مـن بـيـن الـقـضـبـان!‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املفكر القلق‪»1« ..‬‬ ‫«تعقيب�ًا عل��ى ح��وار املفك��ر الس��وري د‪ .‬طي��ب تيزي�ني»‬ ‫مــا الشــك فيه أن «مقاربــة الراهن‪ ،‬وتفكيك‬ ‫مرجعيتــه» عوامــل أساســية‪ ،‬وجوهريــة‬ ‫أرادهــا املفكــر الســوري د‪ .‬طيــب تيزينــي‬ ‫نــواة كاشــفة للحوامــل الفكريــة‪ ،‬والسياســية‬ ‫داخــل حواريتــه املســهبة عــى صفحــات‬ ‫مجلــة «الجديــد» الســورية يف «عددهــا‬ ‫الســابع أغســطس ‪ 2015‬الصــادرة مــن لنــدن»‬ ‫ضمــن ســياق الفــت يعيــد إىل أذهاننــا رحلــة‬ ‫حفريــات خطــاب الفكــر العــريب يف ســتينيات‪،‬‬ ‫وســبعينيات القــرن املــايض‪ ،‬وأدوات اجتهاداتــه‬ ‫يف تقــري أنســاق الــراث العــريب‪ ،‬واإلســامي‪،‬‬ ‫والطــرق اآلمنــة للوصــول إىل النهضــة العربيــة‬ ‫املنشــودة‪ ،‬وتفعيــل أبعــاد حضورهــا العقــاين‬ ‫دون أي مقاربــة ملموســة لرباهــن تنهــض مــن‬ ‫الواقــع وتنجــب أدوات بحثهــا‪ ،‬وأســاليب حلول‬ ‫مشــكالتها يف اإلجابــة عــن مخاضــات أســئلتها‬ ‫الوجوديــة الكــرى‪.‬‬ ‫رمبــا ال نجــد جديــدا ً يف أجوبــة «د‪ .‬تيزينــي»‬ ‫الفكريــة‪ ،‬والسياســية تجــاه األســئلة الرثيــة‪،‬‬ ‫والعميقــة التــي أثارهــا الحــوار ســوى توصيــف‬ ‫غامــض لحــراك مواكبــة تحــوالت الحــدث‬ ‫الســوري‪ ،‬وتجلياتــه يف إطــار الشــمولية‬ ‫الواســعة التــي ترصــد حــراك احرتابــات‬ ‫املشــهد العــريب‪ ،‬وصــور القتــل‪ ،‬والدمــار التــي‬ ‫تشــهدها بلــدان الربيــع العــريب‪ ،‬أو «بلــدان‬ ‫الربيــع الدميقراطــي»‪ ،‬كــا يــروق للمفكــر‬ ‫«تيزينــي» تســميتها مســتندا ً يف ذلــك عــى‬ ‫رؤيتــه «القدميــة ‪ /‬الجديــدة» يف تنــاول‬

‫صبحي دسوقي‬ ‫ما يشبه املقدمة‪:‬‬ ‫بــى إن روحــي ترتعــش وهــي تــرى‬ ‫مــا تبقــى فيهــا مــن إنســانية وكرامــة يف كــف‬ ‫مخلــوق يقبــض بثقــة عــى حجــر يرمــي بــه‬ ‫الطغــاة‪.‬‬ ‫وأنــا مث ـاً مقهــور وال أملــك ســوى قهــري‬ ‫فأضاعفــه‪...‬‬ ‫وأدرك أننــا مقبلــون عــى الكثــر مــن‬ ‫الفواجــع‪ ،‬وأن رؤوســنا تدنــو مــن املقصلــة‪.‬‬ ‫ورغــم هــذا ال أيــأس ألنني أراهــم يرتاكضون‬ ‫ويختفــون وراء آلياتهــم املدرعــة هرب ـاً مــن‬ ‫حجــر يحملــه شــيخ أو طفــل أو امــرأة‪.‬‬ ‫وأنــا عــى ســبيل املثــال أعلــن أننــي أكــره‬ ‫إرسائيــل وأمريــكا وإيـران وأن حقــدي عليهــم‬ ‫يتعاظــم وســأعمل مــا حييــت عــى توريثــه‬ ‫لألجيــال القادمــة‪.‬‬ ‫‪----------‬‬‫وهــا أنــذا أســتلقي يف الحفــرة التــي‬ ‫قدمــي‬ ‫أعدوهــا يل عــى عجــلٍ ‪ ،‬أمــ ُّد‬ ‫ّ‬ ‫فتصطدمــان بالحائــط‪ ،‬أحــرك رأيس قليــاً‪،‬‬ ‫أنهضــه إىل الخلــف فريتطــم بالحائــط الغــريب‪،‬‬ ‫أمتلمــل يف رقــديت وأحــاول جاهــدا ً التخلــص‬ ‫مــن الثــوب األبيــض الــذي لفــوين بــه فأفشــل‪،‬‬ ‫ـدي يك أبعــث الــدفء فيهــا‪،‬‬ ‫أحــرك أصابــع يـ ّ‬ ‫شــامتاً مــن حفــر يل هــذه الحفــرة الضيقــة‬ ‫وجاهــد يك تــأيت عــى مقــايس‪ ،‬وكأن األرض‬ ‫الرحبــة قــد ضاقــت ومــا عــادت تفســح يل‬ ‫يف داخلهــا مــرا ً إضافي ـاً‪ ،‬وحتــى لــو قســموه‬ ‫طــوالً وعرضــاً فهــو يكفينــي‪ ،‬ويــريض‬ ‫استســامي لهــذا الوضــع الــذي أفقــت‬ ‫فوجدتنــي عليــه‪ ،‬وقــد اســتغرق منــي الكثــر‬ ‫مــن الوقــت يك أكتشــف موقعــي‪ ،‬وأســتوعب‬ ‫مــا حــدث يل بعــد محاولتــي ربــط األحــداث‬ ‫املاضيــة بحــارضي‪ ،‬وأصــل إىل قناعــة أننــي‬ ‫كنــت أبلــه فيــا مــى مــن حيــايت حــن مل‬ ‫أفطــن إىل التحضــرات التــي ُهيئــت مــن‬

‫املعضــات‪ ،‬واإلشــكاليات وفــق منظومــة مــن‬ ‫املعايــر الفكريــة‪ ،‬والسياســية التــي مــا زال‬ ‫يراهــا «مفكرنــا» مثــار جــدال ميكــن التحصــل‬ ‫مــن خاللــه عــى نتائــج تســاعد يف ردم الهــوة‬ ‫الفاصلــة بــن مناظــر الرؤيــة‪ ،‬وتحقيقهــا‬ ‫كمامرســة فعالــة داخــل اختالطــات الحــدث‪،‬‬ ‫وتعقيداتــه‪ ،‬بيــد أن املتتبــع لتقرياتــه املتنوعــة‪،‬‬ ‫واملفتوحــة عــى اإلطالقيــة‪ ،‬والتحــول‪ ،‬واإلبــدال‬ ‫يف الســنوات الســابقة لثــورة الســوريني ســوف‬ ‫ال يحتــاج الكثــر مــن الجهــد‪ ،‬واإلمعــان لتبــن‬ ‫ســياقات أنســاقه املعرفيــة املغلقــة‪ ،‬وأدوات‬ ‫اشــتغاله التــي بقيــت حبيســة قلــق ينصــب‬ ‫يف مرتكــزه األســايس عــى التحليــل‪ ،‬والتفكيــك‬ ‫دون اســتنباط بعينــه يحــدد مالمــح املعايــر‬ ‫الفكريــة التــي ال تخلــو مــن فائــض التفاصيــل‪،‬‬ ‫وترهــل الرشوحــات اللتــن أرادهــا «د‪.‬‬ ‫تيزينــي» منصــة‪ ،‬ومنطلقـاً جوهريـاً يحــايك مــن‬ ‫خاللهــا مفاصــل ســرة االســتبداد‪ ،‬والدولــة‬ ‫األمنيــة‪ ،‬ومتواليــات حضورهــا كمعــوق صلــب‬ ‫أمــام رغبــة التغيــر‪ ،‬والوصــول إىل األهــداف‬ ‫املرجــوة للنهضــة‪.‬‬ ‫ولــي نحــدد املالمــح األساســية ملاهيــة حواريــة‬ ‫املفكــر «تيزينــي» آثرنــا محاكاتهــا مــن جوانــب‬ ‫متعــددة‪ ،‬تســاعدنا عــى اســتنباط التغــرات‬ ‫التــي أحدثتهــا الثــورات العربيــة بصــورة‬ ‫عامــة‪ ،‬والتحــوالت الجاريــة يف الثــورة الســورية‬ ‫بصــورة خاصــة مــن خــال التوقــف مطــوالً‬ ‫عنــد العديــد مــن النقــاط املفصليــة لســياقات‬

‫الحواريــة‪.‬‬ ‫‪1‬ـ «مــن ال ـراث إىل الثــورة أم مــن ال ـراث إىل‬ ‫النهضــة» ؟‬ ‫لقــد تضمنــت حواريــة «د‪ .‬تيزينــي» العديــد‬ ‫مــن النقــاط واملفاصــل الالفتــة يف ســياق‬ ‫اســتخدامها‪ ،‬والتأكيــد عــى مضامينهــا‪،‬‬ ‫وأهدافهــا‪ ،‬وفــق منظومــة أنســاق أجوبتــه‬ ‫املســتفيضة مبــا يخــص منهجيــات البحــث‬ ‫والتقــري لديــه‪ ،‬ومبــا ينســجم ورضورات‬ ‫اكتشــاف مكونــات رؤيــة املفكــر «تيزينــي»‬ ‫وأبعــاد تحصيالتــه الفكريــة‪ ،‬والسياســية‬ ‫التــي مــا انفكــت تنعكــس بصــورة أو بأخــرى‬ ‫عــى مشــهد قرائيــة صارمــة أحدثهــا مرشوعــه‬ ‫املســتفيض «مــن الــراث إىل الثــورة» يف‬ ‫ســبعينيات القــرن املــايض‪ ،‬والــذي كان منطلقـاً‬ ‫أساســياً‪ ،‬وقيمــة اســتنتاجيه لقــراءة منهجيــة‪،‬‬ ‫وجدليــة فَ ّعلــت أطــر حفريــات البحــث يف‬ ‫ماهيــة الفكــر العــريب‪ ،‬واإلســامي‪ ،‬ووثقــت‬ ‫أصالتــه ضمــن ســياقه التاريخــي‪ ،‬وهــي يف‬ ‫حقيقــة األمــر محاولــة جــادة مــن املفكــر‬ ‫طيــب تيزينــي الســتبعاد القطيعــة التاريخيــة‬ ‫مــع الفكــر داخــل منــط التحــوالت التــي ترافــق‬ ‫أنســاقه التاريخيــة‪ ،‬وحركيــة ظهوراتهــا‪ ،‬لكــن‬ ‫التحــوالت التــي وقــع يف أتونهــا مفكرنــا «طيــب‬ ‫تيزينــي» مؤخ ـرا ً دفعتــه إىل مراجعــة صادمــة‬ ‫تحصــل عليهــا‪ ،‬وفــق‬ ‫لجملــة مــن املعايــر التــي ّ‬ ‫مقومــات كتابــه «مــن الـراث إىل الثــورة» مبدياً‬ ‫قلقــه‪ ،‬وحريتــه أمــام مفهــوم الثــورة‪ ،‬وإمكانيــة‬

‫حصولهــا‪ ،‬وذلــك كان ســبباً أساســياً‪ ،‬وجوهري ـاً‬ ‫يف اســتبعاد حصــول الثــورة انطالقـاً مــن الـراث‬ ‫فـراح يدبــج العديد مــن املفهومــات االجتهادية‬ ‫مطلقــاً العنــان الســهابات فكريــة اســتغرقت‬ ‫منــه الكثــر مــن الجهــد وفــق مقاربــة إبداليــة‬ ‫جديــدة ملرشوعــة املســتحدث‪ ،‬ليصبــح تحــت‬ ‫عنــوان «مــن الــراث إىل النهضــة»‪ ،‬موضحــاً‬ ‫أســباب ذلــك اإلبــدال يف حــواره الهــام مــع‬ ‫«إبراهيــم العريــس» عــى صفحــات جريــدة‬ ‫الحيــاة «ابريــل ‪ »2006‬حيــث قــال‪« :‬انطلقــت‬ ‫مــن الواقــع إىل الكتــاب ثــم مــن الكتــاب إىل‬ ‫الواقــع‪ ،‬وفهمــت أن مــروع الثــورة ذاتــه بــات‬ ‫يعيــش اختناقــاً قاتــاً‪ ،‬ومــن خــال قــراءايت‬ ‫الدؤوبــة يف الفكريــن العــريب‪ ،‬واألوريب أدركــت‬ ‫أن البديــل املناســب للثــورة‪ ،‬ومرشوعهــا هــو‬ ‫مفهــوم النهضــة ومرشوعهــا»‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك حالــة القلــق‪ ،‬والــردد عنــد‬ ‫«طيــب تيزينــي» ونلمــس يف اآلن ذاتــه اختــاط‬ ‫املعايــر‪ ،‬والخطــط التــي بنــى عليهــا مرشوعــه‬ ‫املفاهيمــي‪ ،‬ومشــاغل أدواتــه السوســيوـ‬ ‫تاريخيــة‪ ،‬والتــي أدركــت مــن خــال مفاعيلهــا‬ ‫البحثيــة أن الثــورة تعــاين اختناقـاً لكــن الثــورة‬ ‫حصلــت يف ســورية‪ ،‬وبلــدان عربيــة أخــرى‪،‬‬ ‫وقــد كان حصولهــا مفارقــة اســراتيجية‬ ‫أيقظــت التنــن التنويــري النائــم يف قمقمــه‬ ‫ليشــهد جســامة الضيــاع‪ ،‬والتيــه اللذيــن‬ ‫اســتغرقا تأمالتــه لعقــود عديــدة‪ ،‬وليــدرك مــن‬ ‫جديــد األزمــة التــي تفتــك بأدواتــه وحفريــات‬ ‫تقرياتــه التــي كانــت تغــرق يف غيــاب املقــدرة‬ ‫عــى اســتنباط املعايــر‪ ،‬وتشــوف القيمــة‬ ‫الحقيقيــة ألدوات االشــتغال التــي تنبثــق مــن‬

‫ماهيــة املــروع الفكــري وليــس مــن خارجــه‬ ‫التنظــري‪.‬‬ ‫تلــك سـ ّنة التحــوالت االجتامعيــة والسياســة يف‬ ‫مفكــرة الســياق التاريخــي لحيــاة األمــم‪ ،‬وألن‬ ‫الطريــق إىل النهضــة ال بــد أن ميــر مبنعطــف‬ ‫التغيــر أوالً يف الوقــت الــذي ال ميكــن للنهضــة‬ ‫أن تســتقيم إال بعــد اقتالع ُم َع ّوقاتهــا‪ ،‬وتجريف‬ ‫العقبــات التــي تحــول دون تحقيقهــا‪.‬‬ ‫والســؤال امللــح هنــا‪ :‬هــل ســيعود مفكرنــا «د‪.‬‬ ‫طيــب تيزينــي» إىل مربعــه األول ليعيــد النظــر‬ ‫يف اطروحاتــه املتحولــة‪ ،‬ويختــار عنوانـاً جديــدا ً‬ ‫ملــروع مســتحدث يراعــي فيــه إمكانيــة‬ ‫حصــول الثــورات‪ ،‬ويــدرك أن مــن كان يعــاين‬ ‫اختناقــاً هــي أدوات املفكــر‪ ،‬وتجلياتــه التــي‬ ‫مل تقــرأ جيــدا ً ســياق حواملهــا االجتامعيــة‬ ‫وال اللحظــة الغامضــة التــي أشــعلت الثــورات‬ ‫وشــكلت منعطفــاً جذريــاً يف القــراءات‬ ‫الخاطئــة‪.‬‬

‫أسعد فخري‬

‫الـقـتلة‬ ‫أجــل إيصــايل إىل هنــا‪.‬‬ ‫زمــن طــال‪ ،‬وأنــا أتجــول فــوق األرض‬ ‫محــاوالً إثبــات كينونتــي‪ ،‬كانــت الدنيــا تفتــح‬ ‫ذراعيهــا فأغــرف مــن لحظــات الســعادة‬ ‫التــي تهبهــا يل‪ ،‬ث ـ ّم أمــي يف معانــايت م ـرا ً‬ ‫عــى تجــاوز واقعــي املــادي البســيط حامل ـاً‬ ‫بتغيــره‪ ،‬وتأمــن املســببات التــي متكننــي مــن‬ ‫التعامــل مــع الحيــاة ببســاطة‪.‬‬ ‫امتــاك العلــم واملــال هــا هــديف األســمى‪،‬‬ ‫وقــد ســعيت إليهــا بــكل مــا أوتيــت مــن‬ ‫قــدرة‪ ،‬ســهرت الليــايل حتــى متكنــت مــن‬ ‫الحصــول عــى شــهادة تؤهلنــي التعامــل مــع‬ ‫مجتمعــي بطريقــة مميــزة‪ ،‬وفـــرضت عــى‬ ‫ي الســعي بعدها‬ ‫اآلخريــن احرتامــي‪ ،‬وكان عـ ّ‬ ‫المتــاك املــال الــذي يحقــق يل املزيــد مــن‬ ‫االحــرام ويشــكل مانعـاً أمــام املنغصــات التي‬ ‫تظهــر مــن هنــا وهنــاك‪.‬‬ ‫أحببــت الحيــاة بــكل مســامايت‪ ،‬عشــقت‬ ‫الهــواء والشــجر والطيــور‪ ،‬ومــا تركــت وســيلة‬ ‫تقربنــي مــن الســعادة إال وســعيت إىل‬ ‫الوصــول إليهــا‪ ،‬وإجبــار لحظــات الفــرح يك‬ ‫تكــون مبتنــاويل‪.‬‬ ‫كنــت يف ســباق محمــوم مــع الزمــن‪،‬‬ ‫وترســخت قناعتــي أنّ الســنني ومهــا طالــت‬ ‫لــن تكفــي عطــي الرتشــاف املزيــد منهــا‪.‬‬ ‫ومــرارا ً طويــت األحــزان التــي تداهمنــي‬ ‫ووضعتهــا يف مغلــف ثـ ّم ألقيــت بهــا يف در ٍج‬ ‫محكــم اإلقفــال‪ ،‬شــاطباً إيــاه مــن ذاكــريت‬ ‫ومستســلامً للحظــات الحيــاة العذبــة‪.‬‬ ‫ـي هــذه الحفــرة‬ ‫لكننــي اآلن مقي ـ ٌد هنــا طـ َّ‬ ‫البالغــة الضيــق‪ ،‬وأحــس أنفــايس تــردد يف‬ ‫صــدري باضطــراب‪.‬‬ ‫أي نهايــة هــذه التــي وصلــت إليهــا‪ ،‬ومن‬ ‫ ُّ‬‫رســمها يف غفلــة منــي وأوقعنــي فيهــا‪..‬؟؟؟!!‬ ‫كل القــوة التــي ملكتهــا‪ ،‬والتــي‬ ‫آخــذا ً منــي ّ‬ ‫كل الــرور‬ ‫كانــت كفيلــة بتخليــي مــن ّ‬ ‫املتوقعــة‪.‬‬

‫الجحيــم الــذي قــرأت عنــه كثــرا ً‪ ،‬وتخيلــت‬ ‫تفاصيلــه تتضــاءل أمــام حالتــي هــذه‪،‬‬ ‫وحاجتــي إىل هــواء وأصدقــاء‪ ،‬ورؤيــة الليــل‬ ‫وهــو يزحــف بطيئــاً إىل املدينــة‪ ،‬فيطوقهــا‬ ‫بظــام أحــن وأرق مــن الظــام الــذي‬ ‫يتملكنــي هنــا‪.‬‬ ‫أنــات بطيئــة مــع حرشجــة تخــرج مــن‬ ‫صــدري وأضغــط عليهــا محــاوالً كبتهــا‪،‬‬ ‫ومنعهــا مــن التســلل خارجــاً يك ال يســمعها‬ ‫أحدهــم فيــدرك مــدى ضعفــي ويشــمت يب‪.‬‬ ‫الجــدار الــذي عملــت طويـاً عــى تحصينــه‪،‬‬ ‫يرتاخــى خلفــي ويفقــد متاســكه‪ ،‬فأســتدير يف‬ ‫يــدي‬ ‫محاولــة التقــاء طعنــة غــادرة‪ ،‬أمــ ُّد‬ ‫ّ‬

‫ألدافــع عــن وجــودي‪ ،‬ألجــأ إىل الجــدار‪،‬‬ ‫فيفاجئنــي رحيلــه‪ ،‬وأســقط يف قــاع ســحيق‪.‬‬ ‫تتــرب إىل داخــي الكآبــة وأســرخي‬ ‫محــاوالً تذكــر مــا حــدث يل‪ ،‬والتــي جــاءت‬ ‫تتويجــاً لغدرهـــــــم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫جديــد وحيــدا ً‪،‬‬ ‫وهاأنــا أجــد نفــي مــن‬ ‫أصغــي إىل وقــع خطــا األحبــة املبتعــدة‪،‬‬ ‫فتأخــذين أشــواقي إليهــم‪ ،‬وأمكــث يف‬ ‫شــفتي يك يرتفــع نــدايئ‪،‬‬ ‫قوقعتــي‪ ،‬أحــرك‬ ‫ّ‬ ‫ويصغــوا إىل توســايت وأنينــي ويســارعوا إىل‬ ‫نجــديت‪ ،‬والجلــوس ملؤانســتي والحديــث‬ ‫معــي حــول همومهــم كــا تعــودوا دومــاً‬ ‫وســأصغي لهــم بلهفــة تفــوق مــا تعــودوا‪.‬‬ ‫ولكــن ال أحــد‪ ،‬ال صــوت وال ضــوء وال يشء إال‬ ‫الحجــارة والرتاب‪.‬‬ ‫شــعرت بالفــراغ ‪ ،‬ثــ ًم تســلل الخــوف إ ّيل‬ ‫وبــدأت أفكــر باملــوت‪ ،‬وأنّ ال أحــد يعيــش‬ ‫إىل األبــد‪.‬‬ ‫تحركــت حــوايس يف بحثهــا عمــن يســاعدين‬ ‫يف عزلتــي‪ ،‬ومــدرك بشــكل متأخــ ٍر أنهــم‬ ‫ســيغلقون أبوابـــهم مبتاريــس قويــة يك ال تجد‬ ‫روحــي طريقهــا إىل البيــت‪.‬‬ ‫أدري أنهــم جميعــاً ســاهموا يف نهايتــي‬ ‫وتغافلــوا عــن حاميتــي‪ ،‬تاركــن لهــم إمكانيــة‬ ‫الوصــول إ ّيل‪ ،‬ووقفــت أعــزل يف مواجهتهــم‪.‬‬ ‫جــاؤوا بكرثتهــم وأســلحتهم‪ ،‬وس ـ ّدوا األبــواب‬ ‫ي وانفــردوا يب‪ ،‬متنيــت لــو يرتكــون يل‬ ‫عــ ّ‬ ‫الفرصــة للهــرب أو حتــى مقاومتهــم‪ ،‬لكنهــم‬ ‫تراكضــوا نحــوي‪ ،‬وفتحــوا نــران حقدهــم‪،‬‬ ‫صــدى‬ ‫فاستســلمت لهــا‪ ،‬وكنــت أســمع‬ ‫ً‬ ‫لرصخــات ابنتــي التــي أســكتت بعــد حــن‪.‬‬ ‫وعندمــا تخلــت الجــدران عنــي‪ ،‬وهــرب‬ ‫الســقف مــن فوقــي‪ ،‬ومــادت األرض مــن‬ ‫ـي‪ ،‬خرجــت لعنتــي إليهــم‪ ،‬تلقوها‬ ‫تحــت قدمـ ّ‬ ‫بابتســامات وهمهــات غامضــة وســارعوا إىل‬ ‫كل األشــياء التــي‬ ‫إســكايت‪ ،‬وفــرت مــن حــويل ّ‬ ‫ادخرتهــا يك أتقــي بهــا ســقوطي‪.‬‬

‫كنــت وحــدي وكانــت الوجــوه والبنــادق‬ ‫ورصخــات الحقــد أمامــي‪ ،‬وفوقــي‪ ،‬ومــن‬ ‫حــويل‪ ،‬عجــزت ذراعــاي عــن مقاومتهــم‪،‬‬ ‫وضعفــت قدمــاي فتهاويــت‪ ،‬وكانــت األرض‬ ‫تفتــح يل ذراعيهــا وهــي تقهقــه فرحــ ًة‬ ‫بوقوعــي فوقهــا‪.‬‬ ‫يــا إلهــي كيــف غفلــت عنهــم؟! وتركــت‬ ‫لهــم إمكانيــة االنفـراد يب؟!‪ ..‬وملــاذا مل أتوقــع‬ ‫تخــي األحبــة عنــي‪..‬؟!‪.‬‬ ‫تضيــق أنفــايس وأقــرب مــن االختنــاق‪،‬‬ ‫ي فأجمــع قــواي‪ ،‬وأدفــع‬ ‫رعــب يهبــط عــ ً‬ ‫ـدي مــن قــدرة عــى‬ ‫ذراعــي بــكل مــا تبقــى لـ ّ‬ ‫الفعــل‪ ،‬فتمزقــان كفنــي‪ ،‬تعرتضهــا الصخــور‬ ‫وتحــد مــن اندفاعهــا‪ ،‬فأعــاود محاولتــي‬ ‫وأنجــح يف اقتحــام الصخــور والعــوارض‬ ‫اإلســمنتية وطبقــات الــراب‪ ،‬ومتــي‬ ‫ذراعــاي يف ارتفاعهــا وانطالقهــا نحــو‬ ‫األعــى ‪ ،‬تتمكنــان بعــد جهــد مــن التخلــص‬ ‫مــن األتربــة التــي تعلــو القــر‪ ،‬وتواصــان‬ ‫ارتفاعهــا‪ ،‬تتحــوالن إىل ســارية‪ ،‬تواصــل‬ ‫اندفاعهــا باتجــاه الســاء الشــاهقة‪ ،‬أوجــه‬ ‫ـدي باتجــاه املدينــة‪ ،‬تشــران إىل وســطها‪،‬‬ ‫يـ ّ‬ ‫وإىل األبنيــة الشــاهقة االرتفــاع‪ ،‬وإىل القــر‬ ‫األبيــض الكبــر‪ ،‬وتســتقران باتجــاه متثــال‬ ‫يرمــز إىل يشء يتمســكون بــه ويحرمــون عــى‬ ‫اآلخريــن حتــى الحلــم بــه‪.‬‬ ‫أرى بوضــوح ومــن داخــل قــري مــدى‬ ‫هشاشــته‪ ،‬وتآكلــه وأكاد أرى قــرب وقوعــه‬ ‫وانهيــاره‪ ،‬فتنطلــق رصختــي لتمــزق ليــل‬ ‫املديـــنة‪ ،‬وتوقظهــا مــن ســباتها‪:‬‬ ‫ أيها ال‪ ..‬ق‪ ..‬ت‪ ..‬ل‪ ..‬ة‬‫عينــي عائــدا ً إىل مــويت‪ ،‬فريكــض‬ ‫وأغمــض‬ ‫ّ‬ ‫األطفــال والنســاء والشــيوخ إىل الســاحة‪،‬‬ ‫ويعلقــون أبصارهــم حيــث أشــر‪ ،‬وتتعــاىل‬ ‫صيحاتهــم‪:‬‬ ‫‪ -‬أيها ال‪.....‬‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪15‬‬

‫الرئي��س األمريك��ي أوباما يك� ّرم دينا قتابي ( عمر الرمضان ) ‪ ..‬أحد أبرز املتفوّقني يف مدرسة نينوى ‪ /‬أورفا‬

‫إحدى املخرتع��ات الس��وريات‪ ...‬وأعماهلا تعترب‬ ‫م��ن أهم املخرتع��ات احلديثة يف أمريكا!‬

‫ وكاالت‬‫الربوفيســورة دينــا قتــايب مــن مواليــد‬ ‫دمشــق‪ ، 1971‬حــازت دينــا قتــايب عــى‬ ‫درجــة البكالوريــوس مــن جامعــة دمشــق‬ ‫عــام ‪ 1995‬وماجســتري العلــوم والدكتــوراه يف‬ ‫علــوم الكمبيوتــر مــن معهــد ماساتشوســتس‬ ‫للتكنولوجيــا يف عــام ‪ 1998‬و‪ 2003‬عــى‬ ‫التــوايل‪ .‬يف عــام ‪ ،2003‬انضمــت إىل أهــم معهد‬ ‫للعلــوم والتكنولوجيــا يف أمريــكا (‪ )MIT‬حيــث‬ ‫تتــوىل حاليــاً لقــب أســتاذ يف قســم الهندســة‬ ‫الكهربائيــة وعلــوم الحاســوب‪ .‬وهــي املديــر‬ ‫املشــارك ملركــز ‪ MIT‬للشــبكات الالســلكية‬ ‫والحوســبة املتنقلــة والباحــث الرئيــي يف‬ ‫مختــر علــوم الحاســوب والــذكاء االصطناعــي‪.‬‬ ‫* يف عــام ‪ ،2013‬فــازت دينــا قتــايب بجائــزة‬ ‫هوبــر مــوراي نعمــة‪ ،‬االعــراف لتميزهــا‬ ‫كشــابة وكمهنيــة يف علــوم الكمبيوتــر‪.‬‬ ‫* يف عــام ‪ ،2012‬تــم اختيــار عملهــا عــى‬

‫متناثــر تحويــل فوريــر كواحــد مــن أكــر ‪10‬‬ ‫اخرتاقــات تكنولوجيــة يف العــام مــن قبــل‬ ‫مجلــة تكنولوجــي ريفيــو‪.‬‬ ‫* يف ســبتمرب ‪ ،2013‬حــازت قتــايب عــى منحــة‬ ‫مــاك آرثــر «منحــة العبقريــة» لعملهــا‪.‬‬ ‫* يف ‪ 2013‬أيضــا أصبحــت زميـاً يف رابطــة آالت‬ ‫الحوسبة‪.‬‬ ‫* يف عــام ‪ ،2014‬مبناســبة االحتفــال بالذكــرى‬ ‫الـــ‪ 50‬ملــروع مــاك‪ ،‬تــم اختيــار عملهــا عــى‬ ‫رؤيــة األشــعة الســينية كواحــدة من «خمســون‬ ‫طريقــة أحــدث معهــد ‪ MIT‬تحــوالً يف علــوم‬ ‫الكمبيوتــر»‬ ‫* أشــاد الرئيــس األمريــي بــاراك أوبامــا بجهــاز‬ ‫«الزمــرد» تتبــع الحركــة الــذي اخرتعتــه دينــا‬ ‫قتــايب مــع مجموعــة مــن الباحثــن طــاب‬ ‫الدراســات العليــا يف معهــد ‪ MIT‬حيــث‬ ‫دعاهــم لتقديــم عــرض لــه يف البيــت االبيــض‪.‬‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫* بداي��ة ‪ « ..‬عم��ر « كي��ف تل ّقي��ت خ�بر‬ ‫جناح��ك م��ن ال��دور األ ّول؟‬ ‫ألن مل أكــن‬ ‫** حقيقــة ش ـكّل األمــر صدمــة يل ّ‬ ‫أتوقّــع أن يكــون معـ ّديل بهــذا الشــكل ‪ ،‬خــاب‬ ‫كل حــال ‪.‬‬ ‫ظ ّنــي‪ ..‬ولكــن الحمــد للــه عــى ّ‬ ‫* يف ( ثانويّ��ة نين��وى العراق ّي��ة بأورف��ا)‬ ‫الدراس��ي كام ً‬ ‫�لا ‪ ..‬م��ا‬ ‫قضي��ت الع��ام‬ ‫ّ‬ ‫أب��رز ّ‬ ‫احملط��ات ال�تي اس�ترعت انتباه��ك يف‬ ‫املدرس��ة؟‬ ‫** يف اعتقــادي ال يوجــد يشء كمحطّــات يف‬ ‫اإلعــدادي )البكالوريــا)‪،‬‬ ‫الصــف الســادس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـكل‬ ‫فكلّــه متّصــل‪ ،‬بــل هــو محطّــة واحــدة‪ ،‬فـ ّ‬ ‫حصــة دراسـيّة مضــت يف تلــك الســنة‬ ‫يــوم ّ‬ ‫وكل ّ‬ ‫كان لهــا أثــر عــى النتيجــة يف النهايــة ‪.‬‬ ‫أي ّ‬ ‫* للدراس��ة يف ّ‬ ‫ص��ف م��ن الصف��وف‬ ‫مصاع��ب صغ�يرة أو كب�يرة ‪ ..‬كي��ف‬ ‫جت��اوزت وزم�لاؤك مث��ل ه��ذه املصاع��ب؟‬ ‫ـي‬ ‫** بصعوبــة بالغــة‪ ..‬فقــد كان الضغــط النفـ ّ‬ ‫كبــرا‪ ً،‬مــع أ ّن الظــروف كانــت ج ّيــدة جــدا ً‪،‬‬ ‫ولكــن ال ميكــن إهــال حقيقــة أ ّن هــذه الســنة‬ ‫ـكل‬ ‫هــي التــي ســتح ّدد مســتقبل الطالــب‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـر واحــد‬ ‫يشء يعتمــد عــى أرقــام وأحيان ـاً ُعـ ْ‬ ‫يغــر حياتــك‪ ،‬وقــد ســبّب هــذا األمــر‬ ‫ّ‬ ‫ربــا ّ‬ ‫قلق ـاً كب ـرا ً لــدى جميــع الطــاب ‪.‬‬ ‫* عم��ر مه ّن��د الرمض��ان « س ّ‬ ‫��وري األص��ل‪،‬‬ ‫ترك��ي اإلقام��ة‪ ..‬م��ا‬ ‫عراق��ي اجلنس�� ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التأثريات اليت أدّى إليها هذا الوضع الذي‬ ‫عش��ته عل��ى دراس��تك وتف ّوق��ك؟‬ ‫** هــذا كان أصعــب يشء يف حيــايت‪ ،‬فقــد‬ ‫ولــدت يف مدينــة املوصــل العراق ّيــة وترعرعــت‬ ‫ســت ســنني‪ ،‬ثــ ّم تو ّجهــت إىل ســورية‬ ‫هنــاك ّ‬ ‫بعــد الحــرب‪ ،‬وهنــاك عشــت يف مدينــة الرقــة‬

‫مســقط رأس والــدي‪ ،‬ثــ ّم بعــد تســع ســنني‬ ‫عــدت إىل العـراق بســبب الثــورة التــي حدثــت‬ ‫يف ســورية‪ ،‬وبعدهــا بســنتني اضطــررت للرحيــل‬ ‫إىل تركيــا بســبب االوضــاع األمنيّــة‪ ،‬لقــد كان‬ ‫أم ـرا ً صعب ـاً‪ ..‬فقــد شــاءت األقــدار ان أولــد يف‬ ‫مركــز النزاعــات يف الــرق األوســط ‪ ،‬فأنــا دون‬ ‫كل بلــد عشــت فيهــا‪،‬‬ ‫زمــايئ كلّهــم غريــب يف ّ‬ ‫شــق طريقــي‬ ‫وكان هــذا ســبباً إلرصاري عــى ّ‬ ‫يف هــذه الحيــاة‪ ،‬ألعــود يوم ـاً إىل ذاك الوطــن‬ ‫ليــس ســورية أو العــراق بــل الوطــن العــريب‬ ‫بأكملــه‪.‬‬ ‫* ( مدرس��ة نين��وى) كان��ت يف عامه��ا‬ ‫األ ّول يف تركي��ا‪ّ ،‬‬ ‫ه�لا حتدّث��ت لن��ا ع��ن‬ ‫مدرس��تك‪ ،‬ومش��اركاتك يف نش��اطاتها؟‬ ‫** لقــد كانــت تجربــة فريــدة وخصوصــاً أ ّن‬ ‫املدرســة بكوادرهــا وطالبهــا كانــت بيتـاً آخر يل‪،‬‬ ‫وك ّنــا عائلــة واحــدة نظ ـرا ً للظــروف املتشــابهة‬ ‫التــي جمعتنــا والتــي ســاهمت يف تقريبنــا مــن‬ ‫خــاص كنــت أمتتّــع‬ ‫بعضنــا البعــض‪ ،‬وبشــكل‬ ‫ّ‬ ‫برياضــة كــرة السـلّة مــع زمــايئ‪ ..‬كانــت أيّامـاً‬ ‫جميلــة وســتبقى يف الذاكــرة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫* يف مدرس��ة نين��وى ص��رت بعي��دا ع��ن‬ ‫زمالئ��ك ورفقائ��ك وأس��اتذك ومدرس��تك‬ ‫ومدينت��ك يف الع��راق‪ ..‬كي��ف اس��تطعت‬ ‫خل��ق ج�� ّو اس��تطعت م��ن خالل��ه حتقي��ق‬ ‫تف ّوق��ك وجناح��ك؟‬ ‫** لقــد تعــ ّودت عــى كــوين مغرتبــاً‪ ،‬وهــذا‬ ‫ليــس ســبباً للتكاســل‪ ،‬فعــى قــدر أهــل العــزم‬ ‫تــأيت العزائــم ولــو كان األمــر ســهالً ملــا كان‬ ‫أي معنــى ‪.‬‬ ‫للنجــاح ّ‬ ‫* م��ا أب��رز الصعوب��ات ال�تي واجهه��ا‬ ‫الط�لاب يف ه��ذا الع��ام؟ وم��اذا تنص��ح‬ ‫رفق��اءك لتجاوزه��ا الع��ام الق��ادم؟‬

‫لعــل أبــرز الصعوبــات التــي واجهناهــا‬ ‫** ّ‬ ‫كطــاب كانــت التغـ ّـر الكبــر الــذي حصــل يف‬ ‫فــرة قصــرة جــ ّدا‪ ً،‬فأنــا شــخص ّياً قبــل شــهر‬ ‫ايس مل يخطــر‬ ‫واحــد مــن بدايــة العــام الــدر ّ‬ ‫عــى بــايل نهائيّــاً ّأن ســأكمل دراســتي يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬وأحصــل عــى الشــهادة هنــاك‪ ،‬كان أمـرا ً‬ ‫مفاجئـاً‪ ،‬و نحــن كطــاب واجهنــا صعوبــات يف‬ ‫االنطــاق باملنهــاج‪ ،‬ولكــن رسعــان ماتيّــرت‬ ‫ايس بنتيجــة‬ ‫األمــور‪ ..‬وأنهينــا العــام الــدر ّ‬ ‫إيجاب ّيــة مقارنــة بالوقائــع والظــروف‪..‬‬ ‫توج��ه كلم��ة ملدرس��تك‬ ‫* ميكن��ك أن ّ‬ ‫ومد ّرس��يك وزمالئ��ك ‪ ..‬م��اذا تق��ول؟‬ ‫** أو ّد شــكر كادر املدرســة بأكملــه عــى‬ ‫جميــع جهودهــم خــال الســنة الدراســيّة‪،‬‬ ‫ـاص ملديــر املدرســة «األســتاذ ناهــض‬ ‫وشــكر خـ ّ‬ ‫الرمضــاين» وأمت ّنــى لجميــع زمــايئ النجــاح يف‬ ‫املســتقبل‪..‬‬

‫اإلسالم ّ‬ ‫قدم للحضارة البشرية العلماء الكبار‪ ،‬والتطرف مرض يرفضه الدين اإلسالمي!‬

‫ناظ��ر)‬ ‫الس��نة العاملي��ة للض��وء‪ ...‬تك�� ّرم اب��ن اهليث��م بع��د أل��ف س��نة عل��ى كت��اب (املَ ِ‬

‫الحرمل‪ -‬وكاالت‪:‬‬ ‫مبناســبة إعــان منظمــة الـ(يونســكو) العام‬ ‫‪ 2015‬ســنة عامل ّيــة للضــوء‪ ،‬مل يجــد منظّمــو‬ ‫ذلــك الحــدث عامل ـاً يفــوق يف أهميتــه العــامل‬ ‫العــريب ابــن الهيثــم‪ ،‬يف علــوم الضــوء‪ .‬وبــذا‪،‬‬ ‫جــرى اختيــاره ليكــون أيقونــة «الســنة العامليّــة‬ ‫للضــوء» مــع التشــديد عــى أنهــا تتزامــن مــع‬ ‫ذكــرى مــرور ألــف ســنة عــى إنجــازه األهــم يف‬ ‫علــم الرؤيــة والبرصيّــات‪« :‬كتــاب امل ِ‬ ‫َناظــر»‪.‬‬ ‫ولتكريــم ذلــك العــامل العــريب الفــذ‪ ،‬تتشــارك‬ ‫منظمــة الـ(يونيســكو) و(الســنة العامل ّيــة‬ ‫للضــوء‪ )2015 -‬ومنظمــة «ألــف اخــراع‬ ‫واخـراع» و«مركــز امللــك عبــد العزيــز للثقافــة‬ ‫العامل ّيــة»‪ ،‬يف اطــاق حملــة تربويّــة دول ّيــة‬ ‫إلحيــاء ذكـراه واإلضــاءة عــى أهميــة إنجازاتــه‬ ‫علميّ ـاً حــول الضــوء ومــا يرتبــط بــه‪ .‬وأُطلِــق‬ ‫عــى تلــك الحملــة عنــوان «ألــف اخــراع‬ ‫واخــراع وعالَــم ابــن الهيثــم»‪.‬‬ ‫و(ألــف اخــراع واخــراع)‪( ،‬وتكتــب أيضــاً‬ ‫«‪ 1001‬اخ ـراع») هــي منظمــة دول ّيــة تربويــة‬ ‫تقــ ّدم الجوائــز‪ ،‬وتعنــى بنــر املعرفــة حــول‬ ‫تاريــخ العلــوم والتكنولوجيــا يف الحضــارة‬ ‫اإلســام ّية يف عرصهــا الذهبــي‪ .‬ويــرف‬ ‫عــى أعــال تلــك املنظمــة مــا يزيــد عــى‬

‫مئــة أكادميــي مــن دول مختلفــة‪ ،‬ويرأســها‬ ‫مؤسســها أحمــد َســليم‪ .‬ويقــوم «فريــق عمــل‬ ‫ّ‬ ‫ابــن الهيثــم»‪ ،‬وهــو فريــق متخصــص عــايل‬ ‫املســتوى‪ ،‬بتحضــر معــرض إلحيــاء ذكــرى‬ ‫ابــن الهيثــم‪ ،‬ترافقــه نشــاطات متن ّوعــة‪ .‬ومــن‬ ‫املقــ ّرر أن يبــدأ املعــرض يف ‪ 14‬أيلــول ‪،2015‬‬ ‫يف املقــر العــام ملنظمــة الـ«يونســكو»‪ .‬ويحمــل‬ ‫املعــرض عنــوان‪« :‬العــر الذهبــي اإلســامي‬ ‫للعلــوم يف مجتمــع املعرفــة»‪.‬‬

‫ويتخلــل املعــرض محــارضات يلقيهــا خ ـراء يف‬ ‫العلــوم والتاريــخ‪ .‬وقــال الســيد أحمــد شــعالن‬ ‫رئيــس الهيئــة الوطنيــة للعلــوم والبحــوث‪:‬‬ ‫املتوقّــع أن يســاهم ذلــك العمــل الثقــايف يف‬ ‫إنعــاش ذاكــرة الجمهــور الواســع وقــادة الفكــر‬ ‫والسياســة واالجتــاع واالقتصــاد وغريهــم‪،‬‬ ‫بشــأن زمــن عــريب وإســامي كان زاخــرا ً‬ ‫باكتشــافات واخرتاعــات مدهشــة‪ ،‬أنجزهــا‬ ‫أفـراد ك ّرســوا أنفســهم وحيواتهــم للعلــم‪ ،‬وكانوا‬ ‫ينتمــون إىل مختلــف الثقافــات والديانــات‪،‬‬ ‫بــل أنهــم صنعــوا وســاهموا وشــهدوا‪ ،‬وصــول‬ ‫الحضــارة اإلســام ّية إىل أوجهــا‪ ،‬كــا اســتفادوا‬ ‫مــن إنجازاتهــا عــر تاريخهــا املديــد‪ .‬إذ امتــد‬ ‫إشــعاع تلــك النهضــة إىل مســاحة شاســعة مــن‬ ‫كوكــب األرض‪ ،‬مــن إســبانيا يف الغــرب األورويب‬

‫حتــى الصــن‪ ،‬واســتفادت منهــا األذهــان‬ ‫املتنــ ّورة مــن شــتى الثقافــات والديانــات‪.‬‬ ‫وكذلــك بنــت معارفهــا اســتنادا ً إىل مــا وصلهــا‬ ‫مــن علــوم وإنجــازات الحضــارات القدميــة‪،‬‬ ‫إضافــة إىل تأث ّرهــا القــوي بعــر اإلســام‬ ‫الذهبــي‪ .‬وأوصــل ذلــك التفاعــل شــعوب‬ ‫كثــرة إىل الدخــول يف حــال نوعيّــة مــن إعــاء‬ ‫شــأن العلــوم‪ ،‬مــا نجــم عنــه فــورات مــن‬ ‫االكتشــافات التــي تركــت تأثــرا ً هائــاً وغــر‬ ‫متوقعــاً يف مســرة البــر‪.‬‬ ‫والعال واملتحدّي‬ ‫اإلنسان‬ ‫ِ‬ ‫ولِـ َد ابــن الهيثــم عــام ‪ 965‬ميالديــة يف البــرة‬ ‫بجنــوب العــراق‪ ،‬يف مرحلــة خالفــة عرفــت‬ ‫بالعــر الذهبــي للحضــارة اإلســام ّية‪ .‬إذ‬ ‫شــهدت تلــك الفــرة قفــزات مدهشــة مــن‬ ‫التطــ ّور يف العلــوم والتكنولوجيــا‪ .‬وتــويف يف‬ ‫القاهــرة قرابــة العــام ‪1040‬م‪ ،‬تــاركاً بصامتــه‬ ‫النــرة يف كثــر مــن األبــواب العلميــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يعتــر ابــن الهيثــم مــن أعظــم علــاء العــرب يف‬ ‫البرصيّــات والرياضيــات والطبيعيــات والطــب‬ ‫والفلســفة‪ ،‬وكان مــن بــن العلــاء الســ ّباقني‬ ‫إىل دراســة صفــات الضــوء وميكانيك ّيــة عمليــة‬ ‫الرؤيــة‪ .‬وأعطــى براهــن اختباريــة عــن‬ ‫نظرياتــه وأفــكاره‪ .‬إذ متيــزت أعاملــه برتكيــزه‬ ‫عــى الرباهــن والدالئــل‪ .‬واشــتهر عنــه قولــه‪:‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫«اذا كان هــدف العالِــم هــو تعلّــم‬ ‫الحقيقــة‪ ،‬فــا بــد لــه أن يجعــل نفســه‬ ‫عــدوا ً لــكل مــا يقــرأه»‪ .‬وكان املعنــى‬ ‫املقصــود مــن تلــك الكلــات هــو‬ ‫رضورة القيــام بتجــارب الختبــار‬ ‫النصــوص املكتوبــة واألفــكار‬ ‫املطروحــة‪ ،‬بــدالً مــن قبــول األشــياء‬ ‫بعقليــة التســليم باألشــياء ووصفهــا‬ ‫بأنهــا حقيقيّــة‪ ،‬مــن دون تبــر واختبار‪.‬‬ ‫ومتاهــى أســلوبه يف البحــث املســتند إىل‬ ‫االختبــار للتح ّقــق مــن النظريّــات واألفــكار‬ ‫واملقــوالت‪ ،‬مــع مــا بــات يعــرف باألســلوب‬ ‫العلمــي العــري يف البحــث‪ .‬وأث ّــرت‬ ‫أفــكاره يف البرصيّــات التــي نرشهــا يف‬ ‫«كتــاب امل ِ‬ ‫َناظــر»‪ ،‬يف نهضــة العلــوم‬ ‫يف أوروبــا يف مــا بــات يعــرف‬ ‫بعــر النهضــة‪ .‬وحتــى يومنــا هــذا‬ ‫ال زال كثــرون مــن الجيــل املخــرم مــن‬ ‫املتخصصــن يف العلــوم يف أوروبــا‪ ،‬يعتــرون ابن‬ ‫ّ‬ ‫الهيثــم محطــة محوريّــة يف تاريــخ البرصيّــات‪،‬‬ ‫بــل يصفونــه بـــ«األب الحقيقــي للبرصيّــات‬ ‫الحديثــة»‪.‬‬ ‫يشــتمل «كتــاب امل ِ‬ ‫َناظــر» عــى بحــوث يف‬ ‫الضــوء والرؤيــة‪ ،‬وترشيــح العــن‪ ،‬وبحــوث يف‬ ‫تكبــر العدســات مهــدت الســتعامل العدســات‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪YIL: 2015 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:23‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫يف إصــاح عيــوب العــن‪ ،‬وأحــدث الكتــاب‬ ‫انقالب ـاً يف علــم البرصيّــات‪ ،‬وكان لــه أثــر كبــر‬ ‫يف معــارف الغرب ّيــن مــن أمثــال روجــر بيكــون‬ ‫وكيبلــر‪ ،‬وظلــوا يعتمــدون عليــه لقــرون عـ ّدة‪.‬‬ ‫وترجــم إىل الالتين ّيــة مـ ّرات ومـ ّرات يف القــرون‬ ‫الوســطى‪.‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫فات��ر مث��ل م��اء‬ ‫الظه�يرة‬

‫إبراهيم الجرادي‬

‫عل��ي) لعيس��ى الش��يخ حس��ن‬ ‫بع��د انتظ��ار س��نوات اجلمر(م�� ّروا ّ‬ ‫صــدر للشــاعر الســوري عيــى الشــيخ حســن‪،‬‬ ‫ي)‬ ‫مجموعــة شــعرية جديــدة حملــت عنــوان‪( :‬مـ ّروا عـ ّ‬ ‫عــن دار نينــوى‪ ،‬بعــد انتظــار ســنوات النضــج والتخمــر‬ ‫واالنتشــاء يف التجربــة التــي امتــدت أكــر مــن عرشيــن‬ ‫ســنة بــن الشــعر والنــر والكتابــة الصحفيــة والنقديــة‪،‬‬ ‫وبــن الحيــاة الشــخصية‪ ،‬التــي وزعهــا الشــاعر بــن‬ ‫ســوريا وقطــر‪ ،‬حيــث الرتكيــز األســايس هــو عــى الكتابــة‬ ‫الشــعرية واالشــتغال عليهــا‪ ،‬وكانــت آخرهــا طباعــة‬ ‫ي»‪.‬‬ ‫كتابــه الشــعري «مــ ّروا عــ ّ‬ ‫املجموعــة يف معظمهــا نصــوص طويلــة مفتوحــة ومــن‬ ‫نصوصهــا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫انتظرتــك‪ /‬قلــت‪ :‬بــادي نهــا ٌر حزيــ ٌن مــن‬ ‫«وأمــس‬ ‫ـص أمهلنــي ألقــول لـ ِ‬ ‫ـك‪ /‬كنــت‬ ‫األغنيــات الطريــق‪ /‬إىل النـ ّ‬ ‫قريبـاً مــن البيــت‪ /‬لك ّننــي أتحــاىش اللقــاء‪ /‬طيــور دمــي‬ ‫ي صباحـ ِ‬ ‫ـك‪ /‬أنجــو‬ ‫نقــرت يف ارتبــاك ضلوعــي‪ /‬أعي ـ ُد ع ـ ّ‬ ‫ـب‪ /‬إال التفاتــة قلبــي إىل ظــل أحزانــك‬ ‫بنفــي مــن الحـ ّ‬ ‫ـب‪ /‬يغســلني باملســاء القليــل‪ /‬ويرمــي‬ ‫العامــرة‪ /‬هــو القلـ ُ‬ ‫عــى ورديت ذاكــرة»‪.‬‬

‫ي» ال ‪ 3‬ـ أمويون يف حلم عبايس ‪ 2005‬دمشق ـ دار الينابيع‬ ‫وكتبــت صحيفــة العــرب الدوليــة‪ :‬نــص «مــر ّوا ع ـ ّ‬ ‫يحمــل حدث ـاً بعينــه أو موضوع ـاً بذاتــه أو حتــى فكــرة ‪4‬ـ كأ ّن الريح ‪ 2006‬دمشق ـ دار عالء الدين‬ ‫واحــدة بنفســها‪ ،‬مثــة مكونــات مــن كل هــذا وذاك‪،‬‬ ‫تتجمــع يف مجــرى واحــد ليتشــكل املعنــى العام تنكشــف‬ ‫املســاحات والهويــات الشــعرية‪ ،‬كل واحــدة بحضورهــا‬ ‫ومقرتحاتهــا‪ ،‬مضيفــة إىل النــص بهــاء جامليــاً يجعــل‬ ‫القــارئ يعيــد القـراءة مــن جديــد‪ ،‬لتبــدأ رحلــة التنقيــب‬ ‫عــن مكامــن جامليــة أخــرى‪ ،‬أكــر ملعان ـاً وإرشاق ـاً‪:‬‬ ‫«كنــا كربنــا فــاذت بنــا الذكريــاتُ ‪ /‬وحطّــت عــى حزننــا‬ ‫النــص ليــا‪/‬‬ ‫شــجرا وطيــورا‪ /‬وكان املغنــي يعــود إىل‬ ‫ّ‬ ‫فنغمــض عــن الســؤال عــن الكهــف‪ /‬والوقــت‪ /‬واألغنية‪/.‬‬ ‫كان الطريــق تلعثــم‪ /‬صــار غريبــا‪ /‬فلذنــا بــه‪ /‬ال لنسـ َر‪/‬‬ ‫ولكــن لنســأل أيــن املغنــي‪ /‬وأيــن خطــاه‪ /‬التــي ألجأتنــا‬ ‫إىل فســحة النــاي‪ /‬نشــقى بهــا»‪.‬‬ ‫يذكــر بــأن الشــاعر مــن مواليــد محافظــة الحســكة‬ ‫الســورية ولــه اصــدارات متعــددة منهــا‪:‬‬ ‫‪ 1‬أناشيد مبللة بالحزن ‪ 1998‬دمشق ـ دار الجندي‬‫‪ 2‬ـ يا جبال أ ّويب معه ‪ 2001‬الشارقة‬

‫منظم��ات مدني��ة تركية تدعو حلل عاجل ملش��اكل الس��وريني يف إزمري‬ ‫وكالة األناضول‬ ‫دعــت منظــات مدنيــة يف واليــة إزمــر الرتكيــة‪،‬‬ ‫الجهــات املعنيــة إىل إيجــاد حــل رسيــع‪ ،‬ملشــاكل‬ ‫الســوريني الذيــن يتوافــدون إىل الواليــة بغيــة التســلل‬ ‫منهــا إىل اليونــان‪ ،‬ومــن هنــاك إىل بقيــة الــدول‬ ‫األوروبيــة‪.‬‬ ‫وأوضــح «جــم تــرزي» رئيــس جمعيــة «جــر التضامــن‬ ‫بــن الشــعوب»‪ ،‬يف بيــان صحفــي‪ ،‬باســم ‪ 11‬منظمــة‬ ‫مدنيــة‪ ،‬تــاه أمــام مســجد «جــوراق قــايب» يف منطقــة‬ ‫باســانة‪ ،‬أن الســوريني الذيــن يفــدون إىل الواليــة للعبور‬ ‫إىل أوروبــا بحث ـاً عــن حيــاة أفضــل‪ ،‬ميكثــون يف ظــروف‬ ‫صعبــة‪ ،‬ويواجهــون مأســاة إنســانية يف إزمــر‪ ،‬داعيــاً‬ ‫البلديــة ومســؤويل الواليــة وإدارة الطــوارئ والكــوارث‬ ‫إىل إيجــاد حــل عاجــل‪.‬‬ ‫ولفــت تــرزي إىل زيــادة أعداد الســوريني الذين يفرتشــون‬ ‫الشــوارع والحدائــق وباحــات املســاجد‪ ،‬يف أرجــاء إزمــر‬ ‫(املطلــة عــى بحــر إيجــه غــريب تركيــا)‪ ،‬مــع مــرور كل‬ ‫يــوم‪ ،‬وتفاقــم املشــاكل التــي يعانــون منهــا‪.‬‬ ‫وذكــر رئيــس الجمعيــة أنهــم أجــروا مســحاً ميدانيــاً‬ ‫ألوضــاع الســوريني يف منطقــة باســانة وفحوصــات‬ ‫صحيــة لهــم‪ ،‬عــر فريــق مكــون مــن ‪ 20‬شــخصاً‪ ،‬حيــث‬ ‫تبــن أن العديــد منهــم يواجهــون مشــاكل صحيــة‬ ‫خطــرة‪.‬‬

‫وأردف تــرزي‪ ،‬أن الســوريني يعانــون مــن الجــوع‬ ‫والعطــش واألمــراض‪ ،‬مؤكــدا ً رضورة تدخــل الجهــات‬ ‫املعنيــة برسعــة لتأمــن مــأوى لهــم‪ ،‬داعيــاً إىل إعــادة‬ ‫فتــح أرض املعــارض أمــام الســوريني للمكــوث فيهــا‬ ‫واالســتفادة مــن حديقتهــا‪ .‬وأضــاف أن الكثــر مــن‬ ‫الوافديــن الســوريني‪ ،‬محرومــون مــن الخدمــات‬ ‫األساســية‪ ،‬مثــل دورات امليــاه‪ ،‬وإمكانيــة االســتحامم‪.‬‬

‫وبـ ّـن تــرزي أن األطفــال يشــكلون ربــع الســوريني الذيــن‬ ‫يعيشــون يف الشــوارع‪ ،‬حيــث يعانــون مــن التهابــات‬ ‫املجــاري التنفســية‪ ،‬واإلســهال‪ ،‬والقمــل‪ ،‬والجــرب‪،‬‬ ‫فض ـاً عــن أم ـراض مزمنــة لــدى البالغــن مثــل الســكر‪،‬‬ ‫والقلــب‪ ،‬وضغــط الــدم‪ .‬كــا أشــار رئيــس الجمعيــة إىل‬ ‫وجــود أطفــال مل يتلقــوا أي لقاحــات‪ ،‬ونســاء حوامــل مل‬ ‫يخضعــن ألي فحوصــات طبيــة‪.‬‬

‫إىل (‪).......‬‬ ‫وتقولني يل‪:‬‬ ‫أنت مرتبك!‬ ‫مل تكن هكذا!!‬ ‫مل تكن فاترا ً مثل ماء الظهرية‬ ‫كال وال باردا ً مثل ماء الشتاء‬ ‫وما كنت يوماً حريصاً‬ ‫عىل املاء يف نبعه!‬ ‫أنت مرتبك‬ ‫وتراين عىل وحشة مثلام ال أراك!‬ ‫ويف شعرك‪ ،‬اآلن‪ ،‬صوت غريب‪:‬‬ ‫فحيح أفا ٍع وسابلة كارهون‬ ‫يقيمون أفراحهم يف العزاء!‬ ‫كأنك ترشب من برئهم‬ ‫وتبني بيوتاً لهم يف العراء!‬ ‫كأن الحكاية‪ ،‬أبعد مام أرى‬ ‫وأبعد مام رأيت‪..‬‬ ‫أأهلك غابوا مع الريح‬ ‫مل يسندوا أبدا ً أبدا ً دارهم!‬ ‫ودارك مطفأة مثل فانوسهم؟‬ ‫والطغاة عىل بعد مرتين منك‬ ‫والعلوج عىل بعد شربين منك؟!‬ ‫ال تخف!‬ ‫فالطغاة إذا ربحوا‪ ......‬خرسوا‬ ‫والعلوج ستميض إىل وكرها كالذئاب‪..‬‬ ‫وتقولني يل‪..‬‬ ‫وتقولني يل‪:‬‬ ‫مل يحن بعد شأن التدبر يف شأننا‬ ‫وتقولني شيئاً غريباً عن الجسد املرتخي مثل‬ ‫أعضائه‬ ‫وتقولني يل‪:‬‬ ‫مل تكن هكذا‪..‬‬ ‫أنت مرتبك‪..‬؟‬ ‫‪...............................‬؛؛؛‬ ‫‪ ......‬سوف أترك نرثي هنا كاليتيم‬ ‫وأميض إىل شوكهم حافياً‪..‬‬ ‫إن شعري وقلبي هناك‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الثالث والعشرون ‪ 01 /‬أيلول ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.