Alharmal (25) 01 10 2015 العدد 25 من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬ت األول ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 25‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫م��ن داخ��ل امل��وت تول��د احلي��اة «العي��د بعي��ون األطف��ال»‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫اجملل��س الفيدرال��ي الروس��ي جيي��ز‬ ‫للجيش الروسي استخدام القوة يف سوريا‬ ‫الحرمل‬ ‫أجــاز املجلــس الفيــدرايل الــرويس باإلجــاع للجيــش الــرويس‪ ،‬القيــام‬ ‫مبهــام عســكرية خارجيــة‪ ،‬واملقصــود بهــا ســوريا تحديــدا ً‪ ،‬وجــاءت‬ ‫املوافقــة بنــا ًء عــى طلــب الرئيــس الــرويس بوتــن‪ ،‬والتــي جــاءت اســتجابة‬ ‫لطلــب األســد ملســاعدة عســكرية عاجلــة مــن موســكو‪ ،‬وأعلــن املجلــس‬ ‫إثــر موافقتــه اآلنفــة‪ ،‬أن اســتخدام القــوة العســكرية‪ ،‬يتعلــق باســتخدام‬ ‫الط ـران فقــط‪ ،‬وفــق إطــار زمنــي محــدد‪.‬‬ ‫يذكــر أن املجلــس الفيــدرايل الــرويس هــو الجهــة املخولــة دســتورياً‬ ‫باملوافقــة أو عدمهــا عــى طلــب رئيــس الدولــة باســتخدام القــوات‬ ‫املســلحة الروســية خــارج حــدود روســيا‪.‬‬ ‫مل تكتـ ِ‬ ‫ـف موســكو منــذ انــدالع الثــورة الســورية مبســاعدة النظــام الســوري‬ ‫إمــدادا ً وتســليحاً‪ ،‬بــل تخطــت ذلــك باســتخدامها الفيتــو مــرات عــدة‬ ‫ضــد إرادة الشــعب الســوري‪ ،‬ومطالبــه املحقــة بالحريــة والكرامــة‪ ،‬إضافــة‬ ‫لتزويــد النظــام باألســلحة الحديثــة التــي بــدأت تتدفــق مؤخــرا ً عــر‬ ‫مينــاء طرطــوس‪ ،‬ومشــاركة قواتهــا الربيــة والجويــة بشــكل مبــارش يف قتــل‬ ‫الســوريني يف كل بقــاع ســوريا‪.‬‬ ‫وتشــر التقاريــر الصحفيــة أن وزارة الدفــاع الروســية قــد أعلنــت ســابقاً‬ ‫عــن وجــود تنســيق عســكري مــع واشــنطن حــول الرضبــات الجويــة يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬كــا يســعى الرئيــس بوتــن خــال لقائــه مــع الرئيــس األمريــي‬ ‫أوبامــا عــى هامــش اجتــاع الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة‪ ،‬مناقشــة‬ ‫زيــادة دعمــه لنظــام بشــار الكيــاوي للتصــدي لإلرهــاب‪.‬‬

‫القم��ة الدولي��ة ملكافح��ة اإلرهاب‬ ‫أوبام��ا‪ :‬هزمي��ة اإلرهاب يف س��ورية‬ ‫مقرتنة برحيل األسد‬

‫‪ 20‬ش��هيداً جراء س��قوط ص��اروخ س��كود يف حديق��ة أطفال حبمص‬ ‫غ��ارة لط�يران التحال��ف حتي��ل ع��دداً م��ن ق��ادة داع��ش للمحاكم��ة‬ ‫وف��اة أمي��ن الطح��ري إث��ر اعتقال��ه م��ن قب��ل ق��وات محاي��ة الش��عب‬

‫ٌ‬ ‫كس��ر؟!‬ ‫مدين��ة س��ياجها م��ن ص��دور أبنائه��ا فكي��ف ُت‬ ‫ْ‬ ‫طريان النظام السوري يرتكب جمازر يف الرقة وحلب وإدلب ودرعا ودير الزور‬

‫الحرمل‬ ‫قــال الرئيــس األمريــي أوبامــا يف القمــة الدوليــة ملكافحــة اإلرهــاب‪،‬‬ ‫التــي تنعقــد عــى هامــش اجتــاع الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة إن‬ ‫هزميــة تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش» يف ســوريا لــن تكــون ممكنــة‬ ‫إال برحيــل األســد‪ ،‬وأن املرحلــة تحتــاج زعيـاً جديــدا ً‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة‬ ‫تشــكيل حكومــة تضــم جميــع فصائــل الشــعب الســوري‪ ،‬ولديهــا اإلمكانية‬ ‫لتوحيــد الصفــوف املتناحــرة‪.‬‬ ‫وأشــار أوبامــا خــال الكلمــة االفتتاحيــة التــي ألقاهــا أمــام ملــوك ورؤســاء‬ ‫نحــو ‪ 60‬دولــة وممثلــن عــن منظــات املجتمــع املــدين إىل أن تنظيــم‬ ‫داعــش خــر ثلــث األرايض التــي كان يســيطر عليهــا يف العــراق‪ ،‬وتــم‬ ‫عزلــه عــن جميــع املناطــق الحدوديــة تقريبــاً مــع تركيــا‪ ،‬مضيفــاً بــأن‬ ‫العمــل العســكري وحــده لــن يكــون ناجح ـاً وكافي ـاً‪ ،‬وأن عــى التحالــف‬ ‫معالجــة الظــروف التــي ســاهمت يف زيــادة التطــرف اإلســامي‪.‬‬ ‫وأكــد أوبامــا أن مسلســل مكافحــة الجامعــات اإلرهابيــة ســيكون طوي ـاً‬ ‫ومعقــدا ً‪ ،‬وأننــا مســتعدون للعمــل مــع جميــع الــدول مبــا فيهــا روســيا‬ ‫وإيـران للتوصــل إىل حــل ســيايس وبــدء مرحلــة انتقاليــة يف ســوريا‪ ،‬معربـاً‬ ‫عــن تفاؤلــه بــأن داعــش ســتعرف الهزميــة يف النهايــة ألنهــا ال تقــدم‬ ‫ألعضائهــا ســوى املعانــاة واملــوت‪.‬‬ ‫يذكــر بــأن املجتمــع الــدويل مــا زال ميــارس دوره الســلبي يف إدارة األزمــة‬ ‫الســورية ومخرجاتهــا‪ ،‬دون أن يفكــر جدي ـاً يف إيجــاد حلــول ناجعــة‪ ،‬يف‬ ‫مقدمتهــا رحيــل النظــام‪ ،‬وعــى رأســه بشــار الكيــاوي‪ ،‬الــذي أوغــل يف‬ ‫قتــل الســوريني مبشــاركة ومباركــة مــن الــروس واإليرانيــن‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طريان النظام السوري يرتكب جمازر يف الرقة وحلب وإدلب ودرعا ودير الزور وفاة أمين الطحري إثر اعتقاله‬ ‫‪ 20‬ش��هيداً ج��راء س��قوط ص��اروخ س��كود يف حديق��ة أطف��ال حبم��ص م��ن قب��ل ق��وات محاية الش��عب‬ ‫عــر غــارة متتاليــة‪ ،‬وحســب لجــان‬ ‫التنســيق املحليــة فقــد تابــع طـران‬ ‫األســد الحــريب شــن غاراتــه عــى‬ ‫مدينــة الرقــة لتصــل إىل اثنتــي‬ ‫عــر غــارة‪ .‬قصــف خاللهــا مناطــق‬ ‫شــارع ‪ ٢٣‬شــباط‪ ،‬محيــط مدرســة‬ ‫جــواد أنــزور‪ ،‬محيــط امللعــب‬ ‫البلــدي‪ ،‬مؤسســة األعــاف‪ ،‬املنطقــة‬ ‫الصناعيــة‪ ،‬ومحيــط مشــفى التوليد‪.‬‬ ‫واألنبــاء األوليــة تؤكــد وقــوع‬ ‫العديــد مــن الشــهداء والجرحــى‪.‬‬ ‫وأكــد شــهود عيــان مــن مدينــة‬ ‫الرقــة أن تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش» قــام بإغــاق محيــط‬ ‫امللعــب البلــدي‪ ،‬ومنــع مــرور‬ ‫الســيارات واملــارة هنــاك‪ ،‬فيــا‬ ‫شُ ــوهدت ســيارات اإلســعاف وهــي‬ ‫تنقــل الجرحــى واملصابــن‪ ،‬فيــا‬ ‫تعرضــت ســيارات الدفــاع املــدين‬ ‫لغــارة جويــة‪ ،‬أثنــاء محاولتهــم‬ ‫إخــاء الجرحــى واملصابــن والشــهداء‬ ‫مــن املوقــع املجــاور للملعــب البلــدي‬ ‫يف منطقــة الفــردوس‪ ،‬وقــد تعــرض‬ ‫العديــد مــن عنــارص الدفــاع املــدين‬ ‫إلصابــات بليغــة‪.‬‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫واصــل الطــران األســدي قصــف‬ ‫مدينــة الرقــة للمــرة الثانيــة عــى‬ ‫التــوايل‪ ،‬مــا أدى الستشــهاد وإصابــة‬ ‫عــدد كبــر مــن املدنيــن يف مواقــع‬ ‫مكتظــة بالســكان اآلمنــن‪ ،‬ففــي يــوم‬ ‫‪ 17‬أيلــول أغــار طــران النظــام عــى وحســب املعلومــات األوليــة الــواردة‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬وأصــاب عــددا ً مــن مــن الرقــة‪ ،‬التــي تؤكــد أن الطــران‬ ‫املواقــع يف قلــب املدينــة يف اثنتــي الحــريب الــذي نفــذ الغــارات الجويــة‬

‫عــى مدينــة الرقــة مــن‬ ‫الطــران الــرويس الحديــث‪،‬‬ ‫ويقــود الطائــرات طيــارون‬ ‫روس‪ ،‬يف إشــارة لتبييــض‬ ‫صــورة النظــام الســوري‬ ‫وتســويقه كفاعــل مؤثــر يف‬ ‫محاربــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫ويف يــوم ‪ 19‬أيلــول‬ ‫نفــذ الطــران األســدي ســبع غــارات‬ ‫متتاليــة عــى أحيــاء مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫مرتكبــاً مجــازر يف أحيــاء وشــوارع‬ ‫متتلــئ بالســكان املدنيــن‪ ،‬وطالــت‬ ‫الغــارات نزلــة الســاعة وحــي الرومانيــة‬ ‫واملشــلب‪ ،‬وأنبــاء مؤكــدة عــن استشــهاد‬ ‫مدنيــن بينهــم أطفــال ونســاء‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي كان طــران األســد‬ ‫املجــرم ينفــذ طلعاتــه الجويــة عــى‬ ‫مدينــة الرقــة أغــار عــى مدينــة حلــب‬ ‫وأوقــع مجــازر عديــدة‪ ،‬أشــدها إيالم ـاً‬ ‫مجــزرة حــي الشــعار التــي أمطرهــا‬ ‫بالصواريــخ والرباميــل املتفجــرة‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع قصــف مكثــف ملدينــة‬ ‫درعــا‪ ،‬حيــث أوقــع مجــازر كبــرة هناك‪،‬‬ ‫وارتقــى خاللهــا عـرات الشــهداء‪ ،‬كــا‬ ‫قصــف بالصواريــخ والرباميــل املتفجــرة‬ ‫عــددا ً مــن القــرى والبلــدات يف ريــف‬ ‫إدلــب يف الوقــت الــذي كان يوقــع هدنة‬ ‫لوقــف النــار يف محيــط بلديــة الفوعــة‬ ‫وكفريــا املواليتــن للنظــام‪ ،‬مقابــل‬

‫إيقــاف تحليــق الطــران يف إدلــب‬ ‫والزبــداين‪ ،‬وإخــاء املدنيــن مــن هــذه‬ ‫املواقــع‪ ،‬وتجنيبهــم النــزاع املســلح‪.‬‬ ‫ويف محافظــة ديــر الــزور قصــف طـران‬ ‫النظــام يف يــوم االثنــن ‪2015/9/28‬‬ ‫مدينــة املياديــن‪ ،‬وتحديــدا ً يف منطقــة‬ ‫الســوق املقبــي وســط املدينــة‪ ،‬بأربعــة‬ ‫صواريــخ دفعــة واحــدة‪ ،‬مــا أدى‬ ‫الستشــهاد العــرات مــن املدنيــن‬ ‫وإصابــة العــرات بجــروح مختلفــة‬ ‫بعضهــا حرجــة‪ ،‬واســتطاع األهــايل‬ ‫توثيــق استشــهاد نحــو ‪ 22‬شــهيدا ً‪،‬‬ ‫وعــرة شــهداء مجهــويل الهويــة‪.‬‬ ‫كــا اســتهدف النظــام املجــرم يــوم‬ ‫الســبت ‪ 2015/9/26‬ثالــث أيــام عيــد‬ ‫األضحــى بصــاروخ ســكود حديقــة‬ ‫أطفــال يف حــي الوعــر مبدينــة حمــص‪،‬‬ ‫مــا أدى الرتقــاء نحــو عرشيــن شــهيدا ً‬ ‫معظمهــم مــن األطفــال‪ ،‬وإصابــة أكــر‬ ‫مــن ‪ 100‬شــخص‪ ،‬وتــأيت هــذه املجــزرة‬ ‫يف إطــار إفــراغ أهــايل مدينــة حمــص‬ ‫مــن أهلهــا األساســيني‪.‬‬

‫تــويف الناشــط أميــن الطحــري يف مشــفى تــل أبيــض‪ ،‬الــذي نُقــل إليــه‬ ‫بعــد أن ســاءت حالتــه الصحيــة يف ســجن البوابــة الحدوديــة‪ ،‬وكانــت قــوات‬ ‫‪ YPG‬قــد اعتقلتــه بتاريــخ ‪ 2015/9/23‬ومصــادرة ســيارته‬ ‫والطحــري معــارض ســوري ضــد نظــام األســد‪ ،‬وهــو أحــد ثــوار الرقــة مــن‬ ‫منطقــة تــل أبيــض‪ ،‬شــارك يف الثــورة الســورية منــذ بداياتهــا يف الحــراك‬ ‫املــدين الســلمي‪ ،‬وقبــل تحريــر مدينــة تــل أبيــض قــام ببيــع قطعــة أرض‬ ‫الخاصــة وعــددا ً مــن اآلليــات الزراعيــة‪ ،‬وأنشــأ كتيبــة أح ـرار‬ ‫مــن أمالكــه‬ ‫ّ‬ ‫تــل أبيــض‪ ،‬وتتضمــن رسيّــة عســكرية مــن أكـراد منطقــة تــل أبيــض‪ ،‬وتتبــع‬ ‫كتيبــة أحـرار تــل أبيــض التــي كان يقودهــا بنفســه للجيــش الســوري الحـ ّر‪،‬‬ ‫وإثــر التطــورات الســلبية التــي أعقبــت تحريــر كامــل محافظــة الرقــة‪،‬‬ ‫وانحــراف مســار الثــورة قــام بتفكيــك الكتيبــة‪ ،‬والعــزوف عــن العمــل‬ ‫العســكري‪ ،‬واالكتفــاء باألعــال اإلنســانية‪.‬‬ ‫وحســه الوطنــي‪،‬‬ ‫ُعــرف أميــن الطحــري بســمعته الحســنة‪ ،‬وطيــب أخالقــه‪ّ ،‬‬ ‫وتفانيــه يف خدمــة بلــده‪ ،‬مــا دفــع تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫العتقالــه ثــاث مــرات‪ ،‬ومصــادرة ســاحه الخــاص‪ ،‬وذلــك بعــد ســيطرة‬ ‫التنظيــم عــى منطقــة تــل أبيــض‪.‬‬ ‫وحســب مــا تــردد عــن قــوات ‪ YPG‬أن أدويــة الطحــري كانــت معــه يف‬ ‫الســجن ولكنــه كان مرضبـاً عــن الطعــام‪ ،‬مــا أدى لتدهــور حالتــه الصحيــة‬ ‫يف الســجن‪ ،‬وتــ ّم نقلــه بوضــع ص ّحــي يسء إىل املشــفى‪ ،‬حيــث حدثــت‬ ‫الوفــاة‪.‬‬ ‫وذكــر مجموعــة مــن الناشــطني عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬أن‬ ‫ســبب الوفــاة يعــود ملنعــه مــن تلقــي عالجــه‪ ،‬كونــه مريــض بالســكري‬ ‫للضغــط عليــه أثنــاء اعتقالــه مــا أدى لتدهــور حالتــه الصحيّــة‪ ،‬ووفاتــه‬ ‫عــى الفــور‪ ،‬مطالبــن بتشــكيل لجنــة محايــدة للتحقيــق بأســباب وفاتــه‬ ‫واعتقالــه‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫مدين��ة س��ياجها م��ن ص��دور أبنائه��ا اهلدن��ة ولع��ب السياس��ة يف عي��ون أهال��ي ري��ف ادل��ب‬ ‫كس��ر؟!‬ ‫فكي��ف ُت‬ ‫ْ‬

‫الزبداني ـ شام العبد اهلل‬ ‫صمــو ٌد ج ّبــار عــى جميـ ْع األصعــد مــا زال‬ ‫يُ ّســجله أبنــاء األرض يف مدينـ ٍة صغرية اسـتُع ِمل‬ ‫فيهــا شــتى أشــكال الطغيــان‪..‬‬ ‫بعيــدا ً عــن الوضــع املعيــي يف الزبــداين‬ ‫الــذي بــاتَ الــكل يعرفُــه حيــث تنعــدم كافــة‬ ‫متطلبــات الحيــاة واملــواد التــي تــم متوينهــا‬ ‫مســبقاً شــارفت عــى النفــاد‪ ،‬فــاديت الســكر‬ ‫والــرز والطحــن األساســيات يف أي منــزل تنــدر‬ ‫اليــوم يف املدينــة‪ ،‬وترتكــز املعانــاة اليــوم عــى‬ ‫املصابــن والجرحــى جـراء املعــارك املســتمرة يف‬ ‫املدينــة‪..‬‬ ‫جرحــى‪ ،‬إصابــات‪ ،‬بــر أعضــاء‪ ..‬ليســت مجــرد‬ ‫أحسســنا بهــا فع ـاً‪ُ ،‬جـ َّـل املعانــاة‬ ‫كلــات لــو َ‬ ‫اليــوم يف املدينــة املحــارصة تقــع عــى الجرحــى‬ ‫الذيــن ال يقــوون عــى الحركــة لالنتقــال مــن‬ ‫مــكان اســتهداف الرباميــل والصواريــخ أو حتــى‬ ‫القذائــف إىل مــكانٍ أكــر أمانــاً ويقــع عــى‬ ‫عاتــق الطبيّــة يف املدينــة إســعافهم‪ ،‬ومتابعــة‬ ‫حاالتهــم تحــت ظــروف يصعــب وصفهــا‬ ‫تتكــرر يف جميــع املــدن الســورية املنكوبــة‪.‬‬ ‫يقــوم املرشفــون يف املشــفى امليــداين الوحيــد‬ ‫واملتنقــل بفعــل القصــف والط ـران بــن تــار ٍة‬ ‫وأخــرى بتدبــر أمــور الجرحــى‪ ،‬الذيــن تختلــف‬ ‫حاالتهــم بــن الخطــرة والطفيفــة‪ ،‬حيــث‬ ‫يســتعملون مــا تيــر لهــم مــن الشــاش املخــزن‬ ‫الــذي نفــدت كميتــه بســبب ارتفــاع عــدد‬ ‫الجرحــى مــا اضطرهــم الســتعامل القــاش‬ ‫واملــاء املغــي للضــادات بينــا يســتعملون‬ ‫الشــانات يف عمليــات فتــح البطــن‪ ،‬وتعــاين‬ ‫الطبيــة مــن ٍ‬ ‫نقــص حــاد يف مــواد التعقيــم‬ ‫واملــواد اإلســعافية وعــدد كبــر مــن الجرحــى‬ ‫تتــأزم حاالتهــم بســبب نقــص العنايــة الطبيــة‬

‫الالزمــة‪ ،‬وكان قــد وجــه مديــر املشــفى امليــداين‬ ‫عامــر برهــان يف ‪ 16‬مــن الشــهر الجــاري نــداء‬ ‫اســتغاثة قــال فيــه‪:‬‬ ‫«إن الهيئــة الطبيــة يف مدينــة الزبــداين توجــه‬ ‫نــداء اســتغاثة إنســاين عاجــل لجميــع الــدول‬ ‫واملنظــات اإلنســانية والطبيــة مــن أجــل‬ ‫حاميــة مــا تبقــى مــن املدنيــن واملصابــن‬ ‫والكــوادر الطبيــة الذيــن مــا زالــوا محارصيــن‬ ‫داخــل مدينــة الزبــداين التــي تشــهد معــارك‬ ‫عنيفــة يف ظــل غيــاب تــام لــكل مقومــات‬ ‫الحيــاة األساســية‪..‬‬ ‫كــا أن الهيئــة الطبيــة تح ّمــل املجتمــع الدويل‪،‬‬ ‫واملنظــات اإلنســانية والطبيــة مســؤولية مــا‬ ‫ســوف يحصــل للمحارصيــن املدنيــن يف مدينــة‬ ‫الزبــداين يف حــال اســتيالء االحتــال اإليــراين‬ ‫وحــزب اللــه وجيــش النظــام وميلشــياته عــى‬ ‫املدينــة‪ ،‬كــا تطلــب مــن املجتمــع الــدويل‬ ‫وجميــع الــدول واملنظــات الدوليــة تحمــل‬ ‫مســؤولياتها تجــاه املدنيــن وحاميتهــم وفــق‬ ‫االلتزامــات الدوليــة ومعاهــدة جنيــف وميثــاق‬ ‫حقــوق االنســان»‪.‬‬ ‫وختامــاً ال يعــرف أهــل الزبــداين مــا الذنــب‬ ‫الــذي اقرتفــه الســوريّون حتــى يــرون كل هــذا‬ ‫الخــذالن‪ ،‬مــا الجــرم الــذي ارتكبــوه عندمــا‬ ‫طالبــوا بحيــاة كرميــة بعيــدا ً عــن إجــرام‬ ‫عائلــة األســد التــي اســتملكت ســوريا وكأنهــا‬ ‫مزرعــة لهــم‪ ،‬ملــاذا تنظــر دول العــامل اإلســامي‬ ‫إىل معانــاة الســوريني وكأنهــا خــ ٌر عابــر‬ ‫يســتطيعون نســيانه مبجــرد تغيــر املحطــة‪،‬‬ ‫الســعودية تقــدم مليــون ريــال ألهــايل كل مــن‬ ‫قــى بحادثــة الرافعــة وبينهــم ‪ 15‬إيــراين‪..‬‬ ‫ألســنا بــرا ً مثلهــم وأشــكال موتنــا أفظــع!!‬ ‫ال نريــد إال إيقــاف القاتــل ويتوقــف القتــل‬ ‫وينجــي الحصــار‪.‬‬

‫إدلب ‪ -‬إبراهيم اإلدلبي‬ ‫أعلــن جيــش الفتــح‪ ،‬والــذي يضــم ضمــن‬ ‫تشــكيالته بعــض فصائــل القاعــدة يف صبــاح‬ ‫‪ 20‬ســبتمرب عــن بــدء الهدنــة الثالثــة بينهــم‬ ‫وبــن الوفــد اإليــراين وذلــك برعايــة تركيــة‪،‬‬ ‫حيــث عقــد اجتــاع ثالــث بــن األطــراف‬ ‫الثالثــة للوصــول إىل حــل حــول منطقتــي‬ ‫كفريــا والفوعــة املواليتــن لقــوات النظــام‬ ‫والتــي يوجــد فيهــا مقاتلــون مــن حــزب اللــه‬ ‫والحــرس الثــوري اإليــراين‪.‬‬ ‫وجــاء طلــب الهدنــة بعــد تقــدم ملحــوظ‬ ‫للثــوار عــى أطــراف البلدتــن‪ ،‬حيــث متكــن‬ ‫الثــوار مــن الســيطرة عــى مناطــق حساســة‬ ‫وكان أبرزهــا تلــة الخربــة ومــزارع ديــر‬ ‫الزغــب وقســم مــن منطقــة الصواغيــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫باســتخدام تســع ســيارات مفخخــة دكــت‬ ‫حواجــز قــوات النظــام وامليليشــيا املســاندة لهــا‬ ‫وأجربتهــم عــى الرتاجــع‪.‬‬ ‫كان اقتحــام قريتــي كفريــا والفوعــة قــاب‬ ‫قوســن أو أدىن‪ ،‬لكــن املراقــب للوضــع يعلــم‬ ‫أن هنــاك لعبــة سياســية تحــاك يف كواليــس‬ ‫مدينــة اســطنبول الرتكيــة‪ ،‬وكان مــن املتوقــع‬ ‫أن تعلــن الهدنــة يف صبــاح اليــوم التــايل لهــذا‬ ‫التقــدم‪ ،‬قرعــت طبــول الهدنــة منــذ فجــر يــوم‬ ‫األحــد‪ ،‬وجمــدت جبهــات القتــال بــن األطـراف‬ ‫املتنازعــة‪ ،‬ولكــن يف هــذه املــرة كانــت هنــاك‬ ‫رعايــة أمميــة للهدنــة حيــث وضــع ‪ 25‬بنــدا ً‬ ‫كان مــن أبرزهــا وقــف النــار ومنــع الطــران‬ ‫مــن التحليــق يف ســاء ريــف ادلــب الشــايل‬ ‫إضافــة إىل إخ ـراج املدنيــن مــن الفوعــة عــى‬ ‫مرحلتــن‪ ،‬وكذلــك األمــر يف الزبــداين مــع‬ ‫إطــاق رساح ‪ 500‬معتقــل مــن ســجن صيدنايــا‪.‬‬ ‫وهنــا بــدأت أبــواق القاعــدة بالخــروج‬ ‫يف نــدوات وحلقــات ولقــاءات تلفزيونيــة‬ ‫محســوبة عليهــا متهــد للهدنــة وتصفهــا بالنــر‬

‫التاريخــي‪ ،‬وأنهــا تفــوق يف أهميتهــا صلــح‬ ‫الحديبيــة عــى زمــن الرســول صــاة اللــه‬ ‫وســامه عليــه‪ ،‬وكان أبــرز هــذه األبــواق قــايض‬ ‫جيــش الفتــح «عبداللــه املحيســني» الــذي بــدأ‬ ‫يعــزف عــى وتــر العاطفــة اإلســامية‪ ،‬وإن‬ ‫امــرأة اســترصخت وا جيــش فتحــاه‪ ،‬وغريهــا‬ ‫مــن األقــوال التــي تداعــب العاطفــة‪ ،‬ويــأيت‬ ‫ذلــك يف إطــار تثبيــط الشــارع الرافــض للهدنــة‬ ‫وعمليــة اإلف ـراغ‪ ،‬ذلــك ألن الشــعب قــد وعــى‬ ‫إىل فكــرة القاعــدة‪ ،‬وهــي أرهبــة الثــورة وعــدم‬ ‫حفــظ حــق األقليــات‪ ،‬وتحويــل الثــورة مــن‬ ‫ثــورة شــعب إىل ثــورة طائفيــة هدفهــا األول‬ ‫هــو القضــاء عــى األقليــات‪ ،‬وقــد التمســنا‬ ‫ذلــك مــن حديــث املحيســني مــن خــال تكـرار‬ ‫كلمــة «الشــيعة» و»املجــوس»‪.‬‬ ‫وهــو يعلــم عــن اليقــن أن بكلامتــه هــذه قــد‬ ‫أعطــى األســد رشعيــة‪ ،‬وأيــد مــا يتــذرع بــه بــأن‬ ‫الثــورة‪ ،‬مــا هــي إال ثــورة عصابــات مســلحة‬ ‫وأن األســد جـ ّـل مــا يهمــه هــو الحفــاظ عــى‬

‫األقليــات مــن ســكني القاعــدة‪ ،‬وتجــى ذلــك يف‬ ‫رشط الوفــد املفــاوض نقــل املدنيــن وتجنيبهــم‬ ‫الحــرب‪.‬‬ ‫بعــد انقضــاء أربعــة أيــام عــى إعــان الهدنــة‪،‬‬ ‫ويف أول أيــام عيــد األضحــى املبــارك يف صبــاح‬ ‫يــوم الخميــس انقضــت طائــرة حربيــة عــى‬ ‫ملهــى لألطفــال يف قريــة كفرومــة بجبــل الزاوية‬ ‫حاصــدة أرواح ثالثــة عــر مدني ـاً جلّهــم مــن‬ ‫األطفــال‪ ،‬وتــاه يف اليــوم الثــاين غــارة أخــرى‬ ‫عــى قريــة تــل منــس بريــف معــرة النعــان‬ ‫حاصــدة أرواح ســتة مدنيــن‪ ،‬ويف اليــوم الثالــث‬ ‫مــن العيــد أغــار الطـران الحــريب بأربــع غــارات‬ ‫جويــة عــى مدينــة رساقــب مــا أدى إىل‬ ‫فــورة شــعبية كبــرة يف ريــف ادلــب تطالــب‬ ‫بإســقاط الهدنــة‪ ،‬واتهــام جيــش الفتــح بكافــة‬ ‫مكوناتــه بالخيانــة العظمــى‪ ،‬مل يكتمــل اليــوم‬ ‫الثالــث حتــى جــاء خــرق الهدنــة مــن قبــل‬ ‫قــوات النظــام باســتهدافهم بأربعــة براميــل‬ ‫متفجــرة لبلــدة تفتنــاز القريبــة مــن كفريــا‬ ‫والفوعــة موقعــة خمســة قتــى‪ ،‬وهنــا بــدأت‬ ‫املظاهــرات املطالبــة بالــرد الرسيــع‪ ،‬واالتهــام‬ ‫بالخيانــة‪ ،‬والتنديــد بترصفــات جيــش الفتــح‬ ‫غــر املســؤولة‪.‬‬ ‫جــاء الــرد الرسيــع مــن بعــض الفصائــل‬ ‫باســتهداف معاقــل قــوات النظــام وامليليشــيا‬ ‫املســانده لــه بأكــر مــن ‪ 50‬قذيفــة ليعــود‬ ‫الهــدوء مــن جديــد‪.‬‬ ‫مــا يــزال املفاوضــون مــن جيــش الفتــح‬ ‫باســطنبول ينتظــرون بيانـاً توضيحيـاً ملــا حصــل‬ ‫مــن خــرق متوقــع مــن قبــل مروحيــة ط ـران‬ ‫النظــام‪ ،‬وهكــذا يســتمر اللعــب الســيايس‬ ‫اإلخــواين يف أقبيــة اســطنبول بــدق مســامري يف‬ ‫نعــش الثــورة الســورية التــي كانــت ذات يــوم‬ ‫ثــورة شــعب‪.‬‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪3‬‬

‫م��ن داخ��ل امل��وت تول��د احلي��اة «العي��د بعي��ون األطفال»‬

‫تقرير وتصوير‪ :‬عمر عرب‬ ‫بــن الفرحــة والبهجــة بقــدوم العيد الذي‬ ‫يعتــر هديــة مــن اللــه تعــاىل والحــزن عــى‬ ‫فـراق األحبــة وعــى مــا آلــت إليــه أحوالهــم‬ ‫حــل العيــد‬ ‫اســتقبل أهــايل حلــب العيــد‪ّ ،‬‬ ‫عليهــم فلــم يجدهــم كــا هــم وال كــا‬ ‫عهدهــم‪ ،‬فتلــك األلفــة واملــودة واجتــاع‬ ‫األحبــة قــد غــاب‪ ،‬وتناثــرت تلــك املعــاين‬ ‫بــن أنــاس يعيشــون عــى ذكــرى أحبــاب‬ ‫وآخــرون يعيشــون مــن أجــل مــن بقــي‬ ‫مــن األحبــاب‪ ،‬دمــا ٌر وركام وحجــارة جــدرانٍ‬ ‫تحــي قصــص مــن كان يعيــش فيهــا‪ ،‬تحــي‬ ‫مــن قــد دفــن تحــت الــركام ومــن هجرهــا‬ ‫وســافر‪ ،‬مــن قــد أصبــح مهاجـرا ً أو الجئـاً أو‪..‬‬ ‫وبــن الهجــرة واللجــوء والحصــار واملــوت‬ ‫تحــت األنقــاض أو يف عــرض البحــر افــرق‬ ‫األحبــة وتباعــدوا ومل يعــد يبقــى منهــم إال‬

‫الذكــرى‪ ،‬لكــن كل ذلــك ال يعنــي أن الحيــاة‬ ‫قــد انتهــت وأن املــوت هــو نهايــة كل يشء‪،‬‬ ‫عــى العكــس فقــد حــاول أهــايل حلــب‬ ‫خلــق روح الحيــاة والفــرح ولــو مــن عمــق‬ ‫املــوت الــذي ال يفارقهــم‪ ،‬وتلــك العــادات‬ ‫والتقاليــد املتعــارف عليهــا لديهــم إبــراز‬ ‫ِ‬ ‫تختــف فحاولــوا‬ ‫وإعــان مظاهــر العيــد مل‬ ‫اخــراق ذاك الحــزن والخــوف وإبدالــه بنــوع‬ ‫مــن الفــرح والســعادة لتمتلــئ األســواق‬ ‫مبــا تشــتهي األنفــس مــن‬ ‫لبــاس وطعــامٍ‬ ‫ً‬ ‫وحلويــات‪ ،‬وألعــاب لألطفــال الذيــن هــم‬

‫باألســاس مــن يجســد معنــى العيــد بفرحهم‪.‬‬ ‫وكــون العيــد يحمــل يف طياتــه العديــد مــن‬ ‫معــاين الحــب والتســامح واإلخــاص وجمــع‬ ‫النــاس عــى بعضهــم البعــض كان ال بــد مــن‬ ‫وجــود التآلــف ومبــادرات لتحــدي املــوت‬ ‫عــن طريــق أنشــطة أقيمــت بالعيــد هدفــت‬ ‫إلدخــال الفرحــة إىل قلــوب األطفــال وإيقــاظ‬ ‫روح الســعادة ويشء مــن األمــان‪.‬‬ ‫مــن األنشــطة التــي أقيمــت يف حلــب وكان‬ ‫هدفهــا رســم البســمة عــى وجــوه األطفــال‬ ‫فريــق حلــم ســوري بالتعــاون مــع فريــق‬

‫صناع الفرح بدرعا‪..‬‬

‫جيازفون حبياتهم يف سبيل استعادة الطفولة‬

‫درعا‪ -‬سارة الحوراني‬

‫عــى الرغــم مــن الدمــار الهائــل الــذي‬ ‫لحــق باألحيــاء املحــررة مــن مدينــة درعــا‬ ‫«درعــا البلــد وطريــق الســد ومخيــم درعــا»‬ ‫وتعاظــم حالــة الحــزن جــراء فقــدان األهــايل‬ ‫ألحبتهــم بــن شــهيد ومعتقــل وجريــح ومهاجــر‬ ‫والجــئ‪ ،‬بقــي ثلــة مــن الشــباب يســعون إىل‬ ‫صناعــة الفــرح مهــا عظمــت املأســاة‪.‬‬ ‫أحمــد املســاملة مديــر مركــز براعــم العمــري‬ ‫بدرعــا الــذي يتحــدى كل صعوبــات الحــرب‬ ‫ليصنــع بســمة وضحكــة مــع أصدقائــه عــى‬ ‫شــفاه األطفــال يقــول‪« :‬مــع قــدوم العيــد وبدء‬ ‫العــام الــدرايس الجديــد‪ ،‬أقمنــا حفلــة ألطفــال‬ ‫املنطقــة يف محاولــة م ّنــا ملســاعدة األطفــال‬ ‫عــى اســتعادة الحــد األدىن مــن طفولتهــم التــي‬ ‫رسقتهــا الحــرب ومــا خلفتــه مــن قتــل وتدمــر‬ ‫ويتــم وتــرد»‪.‬‬ ‫وأضــاف املســاملة «عــى الرغــم مــن التحديــات‬ ‫واملخاطــر املحدقــة بنــا وخاصــة اســتهداف‬

‫العيد يف مخيم الريموك ‪ -‬دمشق‬

‫املنطقــة بالقصــف مــن قبــل قــوات النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬فرغبتنــا برســم بســمة عــى شــفاه‬ ‫األطفــال وإخراجهــم مــن األجــواء املؤملــة التــي‬ ‫يعيشــونها كانــت أكــر مــن كل تهديــد مهــا‬ ‫عظــم‪ ،‬فالطفولــة تســتحق أن نبــذل يف ســبيل‬ ‫حاميتهــا الغــايل والنفيــس»‪.‬‬ ‫الطفلــة بيــان فقــدت والدتهــا مؤخــرا ً وكان‬ ‫والدهــا قــد استشــهد يف بدايــة عــام ‪2013‬‬ ‫شــاركت يف الحفلــة‪ ،‬ومل تفارقهــا البســمة عــى‬ ‫الرغــم مــن األمل الكبــر الــذي تعيشــه تعــر‬ ‫عــن فرحتهــا مبشــاركتها قائلــة‪« :‬كانــت والــديت‬ ‫دامئـاً تشــجعني عــى اللعــب والق ـراءة وكتابــة‬ ‫الشــعر رحمهــا اللــه‪ ،‬واليــوم قبــل حضــوري‬ ‫إىل الحفلــة زرت قربهــا وتحدثــت إليهــا‪ ،‬وعــن‬ ‫م ـرارة العيــد بغيابهــا وغيــاب والــدي رحمهــا‬ ‫اللــه‪ ،‬لكنــي أدرك بأنهــا ســعيدة لتواجــدي يف‬ ‫الحفلــة مــع أصدقــايئ وصديقــايت»‪.‬‬ ‫أبــو محمــد كان مــن بــن الحضــور برفقــة‬ ‫صغــاره يقــول‪« :‬إنهــا خطــوة جيــدة مــن قبــل‬

‫الشــباب يف محاولــة منهــم لــزرع القليــل مــن‬ ‫الفــرح عــى الرغــم مــن األمل العظيــم الــذي‬ ‫يعتــر قلوبنــا عــى أحبتنــا الذيــن فارقناهــم‪،‬‬ ‫فــا بــد للحيــاة أن تســتمر‪ ،‬وأن يشــعر أطفالنــا‬ ‫بــأن هنــاك حيــاة غــر املــوت والقتــل والقصف‪،‬‬ ‫هنــاك طفولــة رسقــت مــن قبــل نظــام األســد‪،‬‬ ‫وعلينــا جميعـاً أن نحــاول اســتعادتها‪ ،‬ونتحــدى‬ ‫آلتــه العســكرية التــي ألحقــت الدمــار بالبــر‬ ‫والشــجر والحجــر‪ ،‬الفتـاً إىل أن ســعادته برؤيــة‬ ‫االبتســامة تعــود مــن جديــد عــى شــفاه‬ ‫األطفــال ال ميكــن أن تقــدر بثمــن وخاصــة أن‬ ‫معظــم األطفــال فقــدوا أحــد أقاربهــم وقــد‬ ‫يكــون والديهــم»‪.‬‬ ‫أوضــاع مأســاوية تعيشــها األحيــاء املحــررة يف‬ ‫مدينــة درعــا‪ ،‬وخاصــة املعيشــية والخدميــة‬ ‫يف ظــل اســتهدافها بالقصــف بشــتى أصنــاف‬ ‫األســلحة مــن قبــل قــوات النظــام‪ ،‬مــا دفــع‬ ‫بالعديــد مــن ســكان تلــك األحيــاء إىل النــزوح‬ ‫أو اللجــوء والتــرد يف مفــارق الحيــاة الصعبــة‪.‬‬

‫أمــل وســام حيــث أقامــوا نشــاط يف مدينــة‬ ‫حلــب لألطفــال تخللــه العديــد مــن الفقرات‬ ‫والنشــاطات الرتفيهيــة والتعليميــة ويف‬ ‫النهايــة قــدم لهــم مجموعــة مــن األلعــاب‬ ‫التــي كانــت مبثابــة الحافــز لالســتمرار بهكــذا‬ ‫نشــاطات بعيــدا ً عــن جــو الحــرب‪.‬‬ ‫ويف ترصيــح مــن أحــد القامئــن عــى‬ ‫االحتفــال باســم أيــويب أكــد عــى أن املرشوع‬ ‫هــدف إلخــراج األطفــال مــن جــو الحــرب‬ ‫عــن طريــق النشــاطات التــي أقيمــت يف‬ ‫منطقــة مؤهلــة برشيحــة األطفــال الفقــرة‬

‫التــي تحتــاج إىل الدعــم النفــي‪ ،‬وهــذا‬ ‫املــروع ليــس األول فقــد متــت إقامــة عــدة‬ ‫مشــاريع مشــابهة هدفهــا األســايس إدخــال‬ ‫وبعــث روح الفــرح لألطفــال‪.‬‬ ‫حلــب التــي مــا زالــت تتحــدى املــوت‬ ‫بابتســامة أطفالهــا وتتحــدى الصواريــخ‬ ‫بضحكتهــم مــا زالــت صامــدة وقــادرة عــى‬ ‫العيــش واملواجهــة‪ ،‬هــم يصارعــون املــوت‬ ‫بالحيــاة ومــن يحــاول قتــل االبتســامة‬ ‫ســيجد عوضــاً عنهــا ألــف ابتســامة‪.‬‬

‫غ��ارة لط�يران التحال��ف حتي��ل‬ ‫ع��دداً م��ن ق��ادة داع��ش للمحاكم��ة‬

‫ُعقــد اجتــاع ألبــرز قيــادات داعــش يف‬ ‫الرقــة مــع قيــادات قادمــة مــن العـراق بتاريــخ‬ ‫‪ 6‬مــن الشــهر الحــال يف مبنــى املحكمــة‬ ‫اإلســامية التابــع لتنظيــم داعــش والــذي كان‬ ‫ســابقاً مبنــى مديريــة املاليــة بالرقــة‪.‬‬ ‫االجتــاع أحاطــه التنظيــم بهالــة مــن الرسيــة‪،‬‬ ‫ومل يعلــم بــه إال القيــادات املدعــوة حتــى‬ ‫العنــارص الذيــن تولــوا أمــر حاميــة املقــر‬ ‫أخربهــم التنظيــم أن تواجدهــم نتيجــة لحـراس‬ ‫املســاجني يف املبنــى ومل يكــن لديهــم علــم‬ ‫باألشــخاص املوجوديــن حســب مــا نقــل لنــا‬ ‫مــن قبــل مصــدر مــن داخــل التنظيــم ‪.‬‬ ‫مراســل الرقــة تذبــح بصمــت مــن داخــل مدينة‬ ‫الرقــة اســتطاع الحصــول عــى معلومــات مــن‬ ‫داخــل التنظيــم أن ســبب عقــد االجتــاع يف‬ ‫املحكمــة اإلســامية نتيجــة وجــود عــدد كبــر‬ ‫مــن املســاجني مــا ســيحميه مــن غــارات‬ ‫التحالــف كــا أن الحركــة املســتمرة إىل داخــل‬ ‫املبنــى ســتبعد األنظــار عــن طبيعــة القيــادات‬ ‫املوجــودة داخــل املبنــى‪.‬‬ ‫طـران التحالــف نفــذ عــدة غــارات عــى املبنى‬ ‫ظهــر ذلــك اليــوم مســبباً دمــارا ً كبـرا ً يف املبنــى‬ ‫إضافــة ملقتــل عــدد كبــر مــن عنــارص التنظيــم‬ ‫قــارب العرشيــن عنــرا ً ومقتــل أبــو حمــزة‬ ‫املــري القــايض الرشعــي يف الرقــة وبــر ســاق‬ ‫أبــو عبداللــه األنبــاري إىل جانــب ‪ 9‬ســجناء‬ ‫قتلــوا كانــوا متواجديــن يف ســجن املبنــى‪.‬‬

‫التنظيــم وجــه أصابــع االتهــام إىل القيــادات‬ ‫التــي حــرت االجتــاع متهمهــم بترسيــب‬ ‫معلومــات االجتــاع مــا أدى الســتهدافه مــن‬ ‫قبــل ط ـران التحالــف حســب مــا جــاء عــى‬ ‫لســان مصــدر خــاص مــن داخــل التنظيــم‬ ‫اســتطاع مراســل الرقــة تذبــح بصمــت ســحب‬ ‫املعلومــات منــه دون كشــف هويتــه‪ ،‬حيــث‬ ‫قــال‪ :‬بعــد اســعاف الجرحــى حدثــت مشــادة‬ ‫كالميــة بــن الوفــد القــادم مــن العــراق مــع‬ ‫األمــراء يف مدينــة الرقــة نتيجــة وصــول خــر‬ ‫موعــد االجتــاع اىل طــران التحالــف‪.‬‬ ‫ويتابــع املصــدر‪ :‬التنظيــم فتــح تحقيقــاً يف‬ ‫األمــر ملعرفــة مــن رسب الخــر واعتقــل عــى‬ ‫إثرهــا شــخصيتني مــن العــراق وثــاث قــادة‬ ‫مــن الرقــة تــدور حولهــم الشــبهات بتعاملهــم‬ ‫مــع مصــادر خارجيــة وإعطــاء معلومــات لهــم‪،‬‬ ‫وال ي ـزال التحقيــق جاري ـاً للوصــول اىل نتيجــة‬ ‫نهائيــة ومعرفــة الفاعــل‪.‬‬ ‫ليســت هــي الحادثــة االوىل التــي يعتقــل بهــا‬ ‫التنظيــم قــادة لديــه بتهمــة التعامــل مــع‬ ‫دول خارجيــة‪ ،‬كــا أعــدم يف الســابق عــددا ً‬ ‫مــن قياداتــه يف الرقــة وديــر الــزور بتهمــة‬ ‫ترسيــب معلومــات كان منهــم أبــو عبــد اللــه‬ ‫الكويتــي وأبــو يوســف الكويتــي وأبــو مريــم‬ ‫التونــي الذيــن أعدمهــم نهايــة العــام ‪2014‬‬ ‫بتهمــة التعامــل مــع جهــاز اســتخبارات غــريب‬ ‫وترسيــب معلومــات مهمــة لهــم‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫احلولة‪ ..‬معاناة مستمرة‪!..‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املعارض��ة تنش��ئ معاهد للتعليم يف ريف محص الش��مالي‬ ‫الحرمل ‪ -‬حمص‬

‫حمص ـ مهند البكور‬ ‫ســ ّبب الحصــار املطبــق عــى منطقــة‬ ‫الحولــة بريــف حمــص شــحاً يف املــواد الغذائية‬ ‫والطبيــة‪ ،‬وذلــك بســبب إقامــة حواجــز للنظــام‬ ‫عــى أط ـراف املنطقــة وســيطرتها عــى عــدد‬ ‫مــن املواقــع اإلســراتيجية «كمشــفى تلــدو‬ ‫الوطنــي وحاجــز مؤسســة امليــاه‪.‬‬ ‫الحولــة والتــي تتألــف مــن مــدن «تلــدو –‬ ‫كفرالهــا ‪ -‬تلذهــب‪ -‬الطيبــة الغربيــة‪ -‬تجمــع‬ ‫الــرج» إضافــة لقــرى طلــف وعقــرب التــي‬ ‫تتبــع إداريــاً ملحافظــة حــاه تلــك املــدن‬ ‫محــارصة منــذ تاريــخ ‪ 25‬مايــو أيــار يف عــام‬ ‫‪ 2012‬يــوم ارتــكاب النظــام املجــزرة الشــهرية‬ ‫بحــق املدنيــن العــزل‪ ،‬ومنــذ ذاك الحــن تعــاين‬ ‫املنطقــة مــن شــح يف للمــواد األساســية كــادة‬ ‫الطحــن واملحروقــات التــي تصــل إىل املنطقــة‬ ‫عــر طــرق ترابيــة ذات خطــورة شــديدة‪،‬‬ ‫حيــث يصــل ســعر كيــس الطحــن البالــغ وزنــه‬ ‫‪ 50‬كــغ ‪ 9000‬لــرة ســورية‪ ،‬وكــا يصــل ســعر‬ ‫لــر الديــزل اىل مــا يقــارب ‪ 180‬ل‪.‬س ويتــم‬ ‫ادخالهــا مــن قــرى الريــف الشــايل ملحافظــة‬ ‫حمــص‪.‬‬ ‫يعــاين أطفــال املنطقــة مأســاة يف التعليــم‬ ‫التــي تتفاقــم يف املنطقــة‪ ،‬وذلــك بســبب‬

‫عــدم توفــر مناهــج ملراحــل التعليــم اإلعداديــة‬ ‫والثانويــة والتــي كان مــن املفــروض إدخــال‬ ‫أعــداد مــن املناهــج مــع الهــال‪ ،‬وحســب‬ ‫مصــدر مــن كادر التدريــس التابــع لحكومــة‬ ‫النظــام أن املناهــج التــي كان ســيتم إدخالهــا‬ ‫هــي ملراحــل التعليــم «االبتدائيــة واإلعداديــة‬ ‫والثانويــة» ومناهــج مرحلــة التعليــم الثانويــة‬ ‫األكــر نــدرة يف املنطقــة‪.‬‬ ‫وحســب رصــد وتحريــات مكاتــب وفعاليــات‬ ‫ثوريــة مســتقلة فــإن الحولــة يلزمهــا شــهريا‬ ‫أكــر مــن ‪ 15‬ألــف ســلة غذائيــة لتغطيــة‬ ‫احتياجــات أهــايل املنطقــة‪ ،‬علــاً أن عــدد‬ ‫الســلل الغذائيــة التــي أدخلهــا الهــال منــذ‬ ‫عــام تبلــغ ‪ 7000‬ســلة تــم توزيعهــا عــى أكــر‬ ‫العوائــل حاجــة داخــل الحولــة وريفهــا البالــغ‬ ‫عددهــم ‪ 75‬ألــف نســمة‪.‬‬ ‫وبالنســبة للوضــع الطبــي فإنــه يــزداد ســوءا ً‪،‬‬ ‫وذلــك بســبب انقطــاع الدعــم بشــكل تــام مــن‬ ‫املؤسســات والهيئــات واملنظــات املخصصــة‬ ‫لدعــم املشــايف حيــث يفتقــر املشــفى ألدىن‬ ‫املســتلزمات وأهمهــا لقاحــات األطفــال‬ ‫حديثــي الــوالدة‪ ،‬وحتــى عمــر الســنة‪ ،‬وكــا‬ ‫تفتقــر املنطقــة لحقــن «األنســلني» التــي‬ ‫يحتاجهــا مــرىض الســكري‬

‫افتتحــت معاهــد الســتقبال الطــاب مــن‬ ‫حامــي شــهادة الثانويــة العامــة بفــروع‬ ‫املختلفــة ضمــن مفاضلــة عــى ثالثــن فرعــاً‬ ‫تقريبــاً موزعــة عــى ثالثــة معاهــد يف مــدن‬ ‫الرســن وتلبيســة والحولــة‪،‬‬ ‫وبــدأ التســجيل يــوم الســبت ‪ 2015/9/5‬ملــن‬ ‫يرغــب يف التدريــس ضمــن هــذه املعاهــد مــن‬ ‫الحاصلــن عــى إجــازات جامعيــة‪ ،‬ولديهــم‬ ‫املقــدرة والكفــاءة عــى تدريــس املناهــج‬ ‫للطــاب باإلضافــة إىل تســجيل الطــاب الراغبــن‬ ‫يف الدراســة ضمنهــا مــن حامــي شــهادة الثانوية‬ ‫املمنوحــة منــذ عــام ‪ 2011‬وحتــى ‪2015‬‬ ‫وقــد القــت هــذه املعاهــد إقبــاالً عــى‬ ‫التســجيل‪ ،‬حيــث شــهدت توافــدا ً كبــرا ً مــن‬ ‫أبنــاء الريــف الحمــي ممــن حرمــوا حقهــم‬ ‫يف التعليــم بســبب الحــرب الدائــرة يف ســوريا‬ ‫عامــة وخــروج منطقــة الريــف عــن ســيطرة‬ ‫النظــام‪ ،‬واعتبارهــا منطقــة محظــورة وجميــع‬ ‫أهلهــا مطلوبــن لألفــرع األمنية‪ ،‬وال يســتطيعون‬ ‫الذهــاب إىل مناطــق النظــام التــي تحتــوي عــى‬ ‫الجامعــات واملعاهــد‪ ،‬وكان الحرمــان للطــاب‬ ‫واملدرســن معــاً لتــأيت هــذه الفرصــة وتفتــح‬ ‫األفــق أمــام الراغبــن يف إكــال تعليمهــم مــن‬

‫جهــة أو منــح فــرص عمــل للتدريــس لخريجــي‬ ‫الجامعــات مــن جهــة أخــرى‪ ،‬ومل يجــدوا مكانـاً‬ ‫ميارســون بــه التعليــم‪ ،‬وذلــك حســب مــا أخربنــا‬ ‫بــه عبــد املجيــد وهــو شــاب حاصــل عــى‬ ‫إجــازة يف األدب العــريب منــذ عــام ‪ 2008‬مل ينــل‬ ‫فرصــة للتدريــس يف زمــن النظــام‪ ،‬خصوصـاً وأن‬ ‫املوضــوع كان يحتــاج إىل محســوبيات ودفــع‬ ‫رشــاوى ماليــة مل يكــن يقــدر عــى دفعهــا‪ ،‬وبعد‬ ‫انــدالع الثــورة الســورية وتحريــر ريــف حمــص‪،‬‬ ‫جــاءت الفرصــة بعــد أربــع ســنوات‪ ،‬وبدأنــا‬ ‫نحصــد مثــار مــا ضحينــا مــن أجلــه بــكل مــا‬ ‫منلــك‪.‬‬ ‫وعــن ســؤالنا لــه كيف ســمع عــن هــذه املعاهد‬ ‫أجابنــا مــن خــال إعــان أصــدره مجلــس‬ ‫محافظــة حمــص عــى صفحــات الفيســبوك‪،‬‬ ‫التــي انتهــت مــن ورشــة عمــل إلعــداد هــذه‬ ‫املعاهــد بكوادرهــا التعليميــة والفنيــة‪ ،‬ضمــت‬ ‫مجموعــة مــن الفعاليــات املحليــة والرتبويــة‪،‬‬ ‫فبــدأ يســأل عــن املوضــوع الهتاممــه بــه مــن‬ ‫أجــل مــا ســبق‪ ،‬وبعــد فــرة شــهر تقريبـاً ســمع‬ ‫عــن مــكان التســجيل واألوراق املطلوبــة‪ ،‬وقــد‬ ‫أىت لــي يســجل كمــدرس يف هــذه املعاهــد‬ ‫وهــو ينتظــر بفــارغ الصــر انطالقهــا بــأرسع‬ ‫وقــت‪.‬‬

‫مشروع لشراء احلبوب يف ريف محص الشمالي‬ ‫(أن تصل متأخراً خري من أن ال تصل)‬ ‫حمص ـ يعرب الدالي‬ ‫انطالق ـاً مــن شــعار «خبزنــا مــن خرينــا»‬ ‫كان مــروع رشاء القمــح وتخزينــه‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم تحويلــه إىل دقيــق وتوزيعــه عــى‬ ‫املجالــس املحليــة واملخابــز لــي يصــار إىل‬ ‫خبــزه وتوزيعــه عــى الســكان يف فصــل‬ ‫الشــتاء‪ .‬لكــن يــأيت هــذا املــروع متأخــرا ً‬ ‫بعــد أكــر مــن أربعــة شــهور عــى فصــل‬ ‫الحصــاد والســبب كان الخــاف بــن‬ ‫الحكومــة املؤقتــة ووحــدة تنســيق الدعــم‪.‬‬ ‫مــن أجــل تفاصيــل أكــر حــول هــذه النقاط‬ ‫قمنــا بزيــارة الرشكــة الزراعيــة‪ ،‬والتقينــا‬ ‫املهنــدس أبــو خالــد كلــش‪ ،‬وهــو مديــر‬ ‫الرشكــة واملســؤول عــن املــروع وأخربنــا‬ ‫أنهــم يهدفــون مــن خاللــه إىل تدويــر‬ ‫القمــح ضمــن الريــف الشــايل مــن خــال‬ ‫رشائــه وتخزينــه لــي يصــار إىل طحنــه‬ ‫وتوزيعــه عــى املجالــس املحليــة واملخــازن‬ ‫يك يخبــز ويــوزع عــى الســكان‪.‬‬ ‫أمــا عــن آليــات العمــل‪ ،‬وتفاصيــل أكــر‬ ‫اصطحبنــا يف جولــة متحدثــاً عــن آليــات‬ ‫العمــل فبعــد اإلعــان عــن املــروع مــن‬ ‫خــال منابــر صــاة الجمعــة‪ ،‬ومواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي بــدأ املزارعــون‬ ‫بالتوافــد إىل مقــر املــروع‪ ،‬وبعــد وصــول‬ ‫الشــاحنات يتــم أخــذ عينــات مــن القمــح‬ ‫يك يتــم تصنيفــه ضمــن أنــواع األول والثــاين‬ ‫والثالــث والرابــع‪ ،‬وتحديــد الســعر املــوزع‬

‫مــن ‪ $ 212‬وحتــى ‪ $ 203‬للطــن الواحــد‬ ‫أي أن ســعر الكيلــو يصــل إىل ‪ 70‬لــرة‬ ‫ســوري بحســب ســعر رصف الــدوالر خاصــة‬ ‫وأن املبالــغ يســتلمها امل ـزارع مــن مكاتــب‬ ‫رصافــة تــم التعاقــد معهــا مبوجــب مناقصــة‪.‬‬ ‫كــا أنــه هنــاك لجــان تقــوم بالتجــوال يف‬ ‫الريــف الشــايل وزيــارة املــزارع والعــرض‬ ‫عــى املزارعــن رشاء القمــح منهــم‪.‬‬ ‫وحــول الكميــة‪ ،‬واملتوقــع رشاؤهــا وإقبــال‬ ‫املزارعــن عــى البيــع تحــدث املهنــدس أبــو‬ ‫خالــد عــن أنهــم جمعــوا حتــى اآلن‪ ،‬ومنــذ‬ ‫أربعــة أيــام فقــط ‪ 60‬طــن مــن أصــل ‪12‬‬

‫ألــف طــن مقارنــة باملســاحة املزروعــة‪،‬‬ ‫وحجــم اإلنتــاج يف الســنوات املاضيــة‬ ‫لكــن كان هنــاك جمعيــات أخــرى قامــت‬ ‫مبشــاريع مشــابهة‪ ،‬واشــرت قســاً مــن‬ ‫املحصــول باإلضافــة إىل بعــض التجــار الذيــن‬ ‫خزنــوا القمــح أيضــاً للربــح مــن ارتفــاع‬ ‫ســعره يف الســوق خــال فصــل الشــتاء‪.‬‬ ‫أمــا عــن رأي املزارعــن يف هــذه املــروع‬ ‫التقينــا بعــض منهــم كان هنــاك لألستفســار‬ ‫عــن املــروع واألســعار ولــي يطمــن عــن‬ ‫أن الدفــع نقــدا ً ومبــارش وهــو الهاجــس‬ ‫األكــر عنــد املزارعــن وســبب ترددهــم‬

‫فهنــاك كثــر مــن املشــاريع يف الســنوات‬ ‫الســابقة قامــت عليهــا جهــات أخــرى كانــت‬ ‫تتأخــر يف ســداد املبالــغ عــى املزارعــن‬ ‫الذيــن يعتــرون محصولهــم مصــدر‬ ‫عيشــهم الوحيــد وال ميكــن االنتظــار يف‬ ‫تأخــر ســدادهم‪ ،‬أمــا عــن أهميــة املــروع‬ ‫ونجاحــه فالجميــع يتمنــى ذالــك ألن‬ ‫املــروع يســتفاد مبــارشة منــه مــن خــال‬ ‫مثــن القمــح باإلضافــة إىل تأمــن الخبــز لهــم‬ ‫وألقربائهــم وأبنــاء مدنهــم خــال فصــل‬ ‫الشــتاء وأكــر عائــق يف تأمــن الخبــز هــو‬ ‫تهريــب القمــح خــارج الريــف يف ســنوات‬

‫طبعـاً قمنــا بزيــارة إىل أماكــن املعاهــد املعلنــة‪،‬‬ ‫وهــي عبــارة عــن مبــانٍ ألهــايل الرســن مؤلفــة‬ ‫مــن أكــر مــن طابــق لحاميتهــا مــن القصــف‬ ‫يف منطقــة خــارج املدينــة‪ ،‬وقــد قــام كادر مــن‬ ‫شــعبة الهــال العــريب الســوري بتجهيــزه مــن‬ ‫خــال إغــاق النوافــذ وســد الثغ ـرات يف البنــاء‬ ‫نتيجــة قصــف ســابق‪ ،‬إضافــة إىل تجهيزهــا‬ ‫باملقاعــد ولــوازم أخــرى يحتاجهــا الطــاب‬ ‫أثنــاء الدراســة يف صــورة قــد ال يســتطيع أن‬ ‫يتخيلهــا البعــض مــن البســاطة يف مــا أتاحتــه‬ ‫الظــروف لهــم كأمــر بديــل عــن الفـراغ الناجــم‬ ‫عــن الحــرب الدائــرة منــذ مــا يقــارب الخمــس‬ ‫ســنوات‪ ،‬يف خطــوة حضاريــة وإنســانية هدفهــا‬ ‫الرئيــس اســتهداف الطــاب ومنحهــم الفرصــة‬ ‫يف إكــال تحصيلهــم العلمــي‪.‬‬ ‫أيضـاً نظــر الكثــر مــن ســكان الريــف املعارضني‬ ‫لهــذه الخطــوة بأنــه مــن املبكــر املــي بهــا‪،‬‬ ‫ويجــب إعطــاء األولويــة لألمــور املعيشــية مــن‬ ‫تدبــر لــوازم الخبــز وامليــاه وخاصــة أن الريــف‬ ‫يعيــش ظــروف إنســانية صعبــة‪ ،‬إضافــة إىل أن‬ ‫املناطــق معرضــة للقصــف بشــكل يومــي ويف‬ ‫أي لحظــة ممكــن أن يقتحــم النظــام الريــف‪،‬‬ ‫ويعتقــل الشــباب الذيــن يعتربهــم إرهابيــن‪،‬‬ ‫ومرشوعهــم مــن مشــاريع املعارضــة‪.‬‬

‫ســابقة لكــن املــروع تأخــر يف فــرة قيامــه‬ ‫فــكان هنــاك قســم كبــر مــن املحاصيــل‬ ‫تــم بيعــه إىل جهــات اســتثامرية أخــرى قــد‬ ‫تقــوم بتهريبــه إىل النظــام طمعــاً باملــال‬ ‫وال أحــد ينكــر أن النظــام يســعى بشــتى‬ ‫الوســائل إىل محاربتنــا يف قــوت يومنــا ومنــع‬ ‫أي مــروع مشــابه مــن النجــاح‪.‬‬ ‫مــن هنــا انطلقنــا وعــن ســبب تأخــر قيــام‬ ‫املــروع بحثنــا مــن خــال ســؤال أحــد‬ ‫أعضــاء الحكومــة املؤقتــة يف غــازي عينتــاب‬ ‫الرتكيــة وأخربنــا أن الخــاف بــن الحكومــة‬ ‫املؤقتــة‪ ،‬ووحــدة تنســيق الدعــم انعكــس‬ ‫ســلباً عــى هــذا املــروع ومشــاريع أخــرى‪،‬‬ ‫والخــاف كان مــن أجــل مذك ـرات تفاهــم‪،‬‬ ‫ويف كثــر مــن األحيــان توجهــات سياســية‪،‬‬ ‫خاصــة وأن الجهــة املانحــة لهــذا املــروع‬ ‫هــو دولــة قطــر وســوف يكــون لنــا مــواد‬ ‫أخــرى نتحــدث فيهــا بالتفصيــل أكــر حــول‬ ‫هــذا الخــاف وانعكاســه عــى الداخــل‪.‬‬ ‫أخــرا ً أن تصــل متأخــرا ً خــر مــن أن ال‬ ‫تصــل‪ ،‬وســوف يعــود خــر هــذا املــروع‬ ‫عــى الســكان مــن خــال حــل ســبب‬ ‫األزمــة الحقيقــة يف تأمــن الخبــز‪ ،‬وهــو‬ ‫غيــاب الدقيــق ليبقــى الهاجــس األكــر مــن‬ ‫محاربــة النظــام يف قــوت يومنــا‪ ،‬ومســاعدة‬ ‫املعارضــة لــه يف تشــتتها وخالفاتــه باإلضافــة‬ ‫لضعــاف النفــوس الالهثــن خلــف املــال‬ ‫فعــى كــم جبهــة تقاتــل ثورتنــا؟؟!‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫النشاط الروسي يف ريف محص الشمالي‬ ‫حمص ‪ -‬الحرمل‬ ‫مل يعــد يخفــى عــى أحــد أن التدخــل الــرويس يف‬ ‫ســوريا نــرة للنظــام الســوري‪ ،‬وقــد أخــذ هــذا التدخل‬ ‫أشــكاالً مختلفــة مــن تســليح النظــام الســوري بالعتــاد‬ ‫العســكري‪ ،‬والخــرات االستشــارية‪ ،‬وحتــى الدعــم‬ ‫االقتصــادي‪ ،‬وإرســال املســاعدات اإلنســانية‪ ،‬واملواقــف‬ ‫السياســية‪ ،‬وغريهــا مــن أشــكال التــورط الســوري‬ ‫يف الحــرب التــي يقودهــا بشــار األســد ضــد الشــعب‬ ‫الســوري متمســكاً يف منصبــه كرئيــس للبــاد‪ ،‬تحــت‬ ‫شــعار األســد أو نحــرق البلــد‪.‬‬ ‫مؤخــرا ً بــدأ الحديــث عــن تغلغــل الجيــش الــرويس‬ ‫عالنيــة يف مناطــق دمشــق والســاحل الســوري يف‬ ‫صــورة وقحــة للعالقــة املشــبوهة بــن النظامــن الــرويس‬ ‫والســوري‪ ،‬وانطالقــاً مــن هــذا أخذنــا عــى عاتقنــا‬ ‫البحــث عــن بعــض صــور التدخــل الــرويس يف منطقــة‬ ‫ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬منطلقــن مــن امللفــات الرسيــة‬ ‫التــي ُسبــت لإلعــام يف عــام ‪ 2013‬عندمــا متكــن الثــوار‬ ‫مــن قتــل جـرال رويس يف منطقــة درعــا‪ ،‬ووجــدوا معــه‬ ‫ملفــات وخرائــط‪ ،‬مــن بينهــا خريطــة ملنطقــة ريــف‬ ‫حمــص الشــايل‪ ،‬وخاصــة شــال مدينــة الرســن‪ ،‬كانــت‬ ‫حينهــا الخريطــة تشــر إىل منطقــة جبليــة شــال املدينة‬ ‫تحتــوي عــى كتيبــة الهندســة أحــد أكــر مراكــز النظــام‬ ‫يف وســط ســوريا مــن منطقــة حمــص وحــاة وانطالقـاً‬ ‫مــن هــذا بحثنــا عــن وجــود الــروس يف املنطقــة‪.‬‬ ‫وجمعنــا شــهادات مختلفــة حــول هــذا تثبــت وجــود‬ ‫الــروس يف ريــف حمــص الشــايل بأشــكال مختلفــة‬ ‫فعندمــا ســألنا مقاتــي الجيــش الحــر املرابطــن عــى‬ ‫الجبهــة الشــالية مــن املدينــة تحدثــوا أنهــم غالبــاً‬ ‫مــا يســمعون ضباطــاً ســوريني يتحدثــون مــن خــال‬ ‫أجهــزة الالســليك عــن تحــركات الــروس‪ ،‬ووصــول خـراء‪،‬‬ ‫ورضورة تأمــن املنطقــة أو طلــب فريــق لنقلهــم‪ ،‬ومــا‬ ‫إىل ذالــك مــن األمــور التــي ترسبــت مــن خــال أجهــزة‬ ‫الالســليك حــول تحــرك الــروس كخــراء يف املنطقــة‪،‬‬ ‫وروايــات الجيــش الحــر تطابقــت مــع شــهادة بعــض‬ ‫الجنــود الذيــن انشــقوا عــن صفــوف النظــام مــن داخــل‬ ‫كتيبــة الهندســة‪ ،‬والتحقــوا يف الجيــش الحــر مؤخــرا ً‪،‬‬ ‫فقــد أخربونــا أنــه يف مطلــع كل شــهر كانــت تصــل‬ ‫وفــود ســيارات عســكرية ومدنيــة عبــارة عــن ســيارات‬ ‫دبلوماســية بداخلهــا أشــخاص ممنــوع عــى أحــد‬ ‫االقــراب منهــم إىل فريــق متخصــص مــن اختصــاص‬ ‫الهندســة يرافقهــم عنــارص وضبــاط مــن املخابــرات‬

‫حــر الورشــة مجموعــة مــن الشــباب‬ ‫متقاربــن عمري ـاً وثقافي ـاً مــن مناطــق‬ ‫متنوعــة مــن الداخــل الســوري إضافــة‬ ‫إىل عــدد مــن الناشــطني املتواجديــن‬ ‫بغــازي عينتــاب‪ .‬قدمــت الورشــة‬ ‫معلومــات مهمــة لهــم وســدت ثغــرة‬ ‫كبــرة موجــودة لــدى الناشــطني‬ ‫بالداخــل الســوري حــول مفاهيــم عامــة‬ ‫متعلقــة بالتنميــة السياســية واملدنيــة‪.‬‬ ‫حــاول القامئــون عىل الورشــة االســتفادة‬ ‫مــن هفــوات ورشــتهم الســابقة بتقليص‬ ‫املــادة النظريــة وترتيــب املواضيــع‬ ‫املقدمــة بطريقــة أكــر تفاعليــة‬

‫الحرملي‬ ‫اخلس��ران أو التغي�ير‬ ‫احلاد‬

‫العســكرية يف حمــص وحــاة يدخلــون إىل الجهــة‬ ‫الرشقيــة مــن كتيبــة الهندســة ويبقــوا هنــاك إىل عــدة‬ ‫أيــام‪ ،‬وأحيانـاً عــدة أســابيع‪ ،‬ثــم تــأيت شــاحنات مغلقــة‬ ‫تدخــل املنطقــة لفــرة ثــم تخــرج وال نعلــم مــاذا كان‬ ‫يحصــل هنــاك لكــن كنــا نــرى األشــخاص املرافقــن لهــذا‬ ‫املوكــب وهــم مــن جنســيات غــر عربيــة‪.‬‬ ‫طبعــا حديــث الجنــود لنــا تطابــق أيض ـاً مــع شــهادة‬ ‫أحــد ســكان املنطقــة وهــو كان قــد اعتقــل لســنوات‬ ‫طويلــة قبــل الثــورة يف أفــرع النظــام األمنيــة‪ ،‬والســبب‬ ‫أنــه كان يرعــى الغنــم يف منطقــة قريبــة مــن كتيبــة‬ ‫الهندســة‪ ،‬ويف يــوم مــن األيــام تحــدث ألصدقائــه‬ ‫أنــه داخــل الكتيبــة يوجــد نقطــة واســعة ال يوجــد‬ ‫فيهــا أعشــاب عــى خــاف املنطقــة كاملهــا وأنــه رأى‬ ‫هنــاك معســكرا ً وشــاحنات وجرافــات تقــوم بحفــر‬ ‫حفــر عميقــة ال يعلــم مــا هــي فقامــت قــوات النظــام‬ ‫باعتقالــه‪ ،‬والتحقيــق معــه‪ ،‬واتهمتــه الســلطات بأنــه تم‬ ‫إرســاله ليتجســس عــى املنطقــة‪ ،‬وكانــت التحقيقــات‬ ‫تصــب يف إذا مــا كان الراعــي يشــك يف أي نشــاط‬ ‫كيميــايئ يف املنطقــة‪.‬‬ ‫أمــا خــال الثــورة‪ ،‬فقــد أخــذ نشــاط الــروس يف املنطقــة‬ ‫شــكالً آخــر مــن خــال تحويــل املنطقــة الجبليــة هــذه‬ ‫إىل مدفــن للمــواد الكيميائيــة املســتخرجة مــن معامــل‬ ‫الدفــاع والبحــوث العلميــة يف منطقــة جرجســية وبـراق‬ ‫القريبــة مــن كتيبــة الهندســة‪ ،‬والتــي يتــم فيهــا تطويــر‬ ‫أســلحة بيولوجيــة باعــراف أحــد املوظفــن الذيــن‬ ‫انشــقوا عــن املعامــل‪ ،‬وأن األمــر كان يتــم بــإرشاف‬ ‫خــراء روس وإيرانيــن‪ ،‬وكان هنــاك ضمــن الجبــال‬ ‫بلوكســات ضخمــة‪ ،‬يتــم داخلهــا األبحــاث‪ ،‬هــذا قبــل‬ ‫الثــورة‪ ،‬وخــال الثــورة اســتامت النظــام لتعزيــز املنطقة‬ ‫أمنيــاً مــن خــال زرع صورايــخ وقطــع عســكرية يف‬ ‫قمــم الجبــال القريبــة مثــل جبــل معريــن وجبــل‬ ‫رسيحــن وجبــل البحــوث العلميــة نفســه باإلضافــة إىل‬

‫تعزيــز اللــواء ‪ 47‬القريــب منهــا أيض ـاً‪ ،‬والــذي يــرف‬ ‫عــى إدارتــه حاليــاً العقيــد رشف خــر للــه الشــيخ‬ ‫عــي وقــد منــح الرتبــة مــن خامنئــي إيــران يف عــام‬ ‫‪ 2010‬مــن بــن املمثلــن عــن الســنة يف حمــص وهــو‬ ‫مــن مدينــة الرســن وكان برتبــة مســاعد يف الجيــش‬ ‫الســوري‪ ،‬وتــم إحالتــه إىل التقاعــد‪ ،‬وبعــد فــرة ظهــر يف‬ ‫صــور مــع خامنئــي إيـران‪ ،‬وهــو مينحــه الرتبــة‪ ،‬وخــال‬ ‫الثــورة تحــول خــر للــه الشــيخ عــي إىل شــبيح بعــد أن‬ ‫أطلــق النــار عــى املظاه ـرات يف مدينــة الرســن‪ ،‬وقــام‬ ‫الثــوار بإح ـراق منزلــه‪ ،‬وطــرده خــارج املدينــة‪ ،‬فظهــر‬ ‫بعــد فــرة يف اللــواء ‪ 47‬كقائــد لــه برفقــة أربعــة ضبــاط‬ ‫إيرانيــن‪ ،‬وكان خــر للــه قائــد الدفــاع الوطنــي يف ريــف‬ ‫حــاة الجنــويب وقائــد لــواء الرضــا أكــر أوليــة الشــبيحة‬ ‫يف املنطقــة‪.‬‬ ‫أيض ـاً مــن صــور التدخــل الــرويس يف املنطقــة بحســب‬ ‫مــا تحــدث بــه الجنــود املنشــقون أن النظــام الســوري‬ ‫قــد اســتغنى عــن جامعــات القناصــة ضمــن الجيــش‪،‬‬ ‫وحولهــم إىل مشــاة وقــوات اقتحــام لكــن خــال املعركــة‬ ‫كان ســاح القناصــة مفعــاً وتدريجيــاً‪ ،‬وخاصــة يف‬ ‫الســنتني األخريتــن أصبحنــا نعلــم أنــه يف كل معركــة‬ ‫يكــون هنــاك قناصــة مــن جنســيات غــر عربيــة أبرزهــا‬ ‫الــروس املدربــن عــى أنــواع متطــورة منهــا الدوشــكة‬ ‫والقناصــات الديجتــال والليليــة ذات املســافات البعيدة‪،‬‬ ‫كــا أن كتيبــة الهندســة قــد وصــل إليهــا خ ـراء روس‬ ‫لتدريــب الجنــود عــى األســلحة الجديــدة التــي أرســلتها‬ ‫روســيا للنظــام‪ ،‬وخاصــة املعنيــة يف املراقبــة والتتبــع‬ ‫وأســلحة قطــع األهــداف عــى املدافــع مــن خــال‬ ‫أجهــزة الجــي يب أس‪.‬‬ ‫وأيضــاً تدريــب الجنــود عــى القنابــل واأللغــام‬ ‫الكيميائيــة والتــي اســتعملها النظــام مؤخـرا ً ضــد الثــوار‬ ‫عــى جبهــة الرســن الشــالية عندمــا فخــخ نفقـاً للثــوار‬ ‫بألغــام كيميائيــة تنفجــر عــن بعــد‪.‬‬

‫مواطن��ة تقي��م ورش��تها الثاني��ة للتنمي��ة السياس��ية واملدني��ة‬ ‫أقــام تيــار مواطنــة ورشــة تنميــة‬ ‫سياســية ومدنيــة مبدينــة غــازي‬ ‫عينتــاب بــدأت يــوم األربعــاء ‪-16‬‬ ‫‪ 2015-09‬وانتهــت يــوم االثنــن ‪-21‬‬ ‫‪ 2015-09‬تناولــت الورشــة مواضيــع‬ ‫سياســية معــارصة أهمهــا‪ :‬الهويــة‬ ‫الســورية‪ ،‬الثــورة والنظــام‪ ،‬العمــل‬ ‫املــدين والعمــل الســيايس‪ ،‬خيــارات‬ ‫الوصــول إىل خيــار ســيايس وإنهــاء‬ ‫الــراع‪ ،‬الثــورة يف ســورية‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫ومرونــة‪ .‬وقــال برهــان ناصيــف أحــد‬ ‫املدربــن أنــه ال ميكــن االســتغناء عــن‬ ‫املــادة النظريــة املهمــة جــدا ً لفهــم‬ ‫الوقــع الحــايل‪ ،‬لكنــه حــاول بهــذه‬ ‫الورشــة اعتــاد األســلوب التفاعــي‪،‬‬ ‫حيــث تــم إدخــال جانــب عمــي‬ ‫إضافــة إىل إرشاك املتدربــن بالتدريــب‬ ‫مــن خــال عــرض تجاربهــم املعيشــة أو‬ ‫رؤيتهــم وتوقعاتهــم للوضــع يف ســورية‪.‬‬ ‫وهــذا مــا أكــده أحــد منســقي الورشــة‬ ‫بــأن املدربــن بذلــوا جهــدا ً كبــرا ً‬ ‫مــن أجــل تبســيط بعــض املعلومــات‬ ‫محاولــن اســتخدام لغــة ســهلة واضحــة‬ ‫تقــرب مــن فكــر وثقافــة املتلقــي‪،‬‬ ‫وأضــاف أن التفاعــل االجتامعــي جيــد‬ ‫داخــل وخــارج القاعــة‪.‬‬ ‫وهــذا التفاعــل بــن املتدربــن أنفســهم‬ ‫أو مــع املدربــن هــو مــا ميــز الورشــة‬ ‫إضافــة إىل االهتــام الواضــح والرغبــة‬ ‫يف الحصــول عــى معلومــات وأفــكار‬ ‫أكــر‪ ،‬مســتفيدين مــن تجربــة املدربــن‬ ‫السياســية مــن جهــة‪ ،‬ومــن تجــارب‬ ‫اآلخريــن مبناطــق مختلفــة‪.‬‬ ‫تتفــق املتدربتــن ص‪.‬ع مــع ن‪.‬س‬

‫بالقــول إنــه لقــاء جميــل‪ ،‬وأغنــى‬ ‫معلوماتهــم‪ ،‬وقــدم لهــم أفــكارا ً مهمــة‬ ‫باملرحلــة الحاليــة بطريقــة جديــدة‪.‬‬ ‫أمــا املتــدرب م‪.‬ح فــكان لــه هــدف‬ ‫آخــر فهــو ســيحاول التعمــق باملواضيــع‬ ‫األساســية للورشــة ودراســتها بتفاصيــل‬ ‫أكــر مــن أجــل نقلهــا ألصدقائــه‬ ‫وملجموعــة أكــر مــن الناشــطني‬ ‫بالداخــل الســوري‪.‬‬

‫وتحــدث ربيــع ال ـراوي مديــر الورشــة‪،‬‬ ‫وأحــد أعضــاء تيــار مواطنــة عــن هــدف‬ ‫الورشــة الرئيــي قائ ـاً‪ :‬تســاعد الوشــة‬ ‫يف تأهيــل مجموعــة مــن الشــباب‬ ‫الســوري الناشــط سياســياً ومدنيــاً‪،‬‬ ‫ونــر شــبكات تواصــل بينهــم‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫تحقيــق هــدف تيــار مواطنــة بإقامــة‬ ‫شــبكة عالقــات بالداخــل مــع التأكيــد‬ ‫عــى تنميتهــا واســتمرارها‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد الحاج صالح‬ ‫مل يعــد للحديــث الرومانــي عــن الثــورة الســورية‬ ‫ومرشوعيتهــا وأحقيتهــا كثــ ُر معنــى‪.‬‬ ‫الواقــع يشــتغل ضدهــا‪ ،‬وقواهــا الفاعلــة أخطــأت أخطــاء‬ ‫كبــرة‪.‬‬ ‫مختــل وقــوى الثــورة املضــادة‬ ‫ٌ‬ ‫عــى األرض ميــزان القــوى‬ ‫تحــوز ن ـرا ً بعــد نــر عــى الرغــم مــن التضحيــات الهائلــة‬ ‫التــي هــي يف معظمهــا يف صفــوف املدنيــن‪.‬‬ ‫تتشــكل جبهـ ٌة عامليــة اآلن ضــد املتطرفــن اإلســاميني‪ ،‬داعــش‬ ‫والنــرة‪ ،‬ورمبــا أُلحــق بهــا أح ـرار الشــام وجيــش اإلســام يف‬ ‫املســتقبل‪ .‬هــذه الجبهــة التــي يقودهــا الــروس واألمريــكان‬ ‫تســعى إلدخــال نظــام األســد يف الحــرب عــى اإلرهــاب‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي سيش ـكّل خســارة تاريخيــة للثــورة‪.‬‬ ‫عــى األرض الســورية هنــاك أربــع قــوى لــن تخــرج نتائــج‬ ‫الـراع عــن التوازنــات بينهــا‪ ،‬وعــن مــدى حيــازة هــذه القــوى‬ ‫ملصــادر التمويــل الداخــي والدعــم الخارجــي‪ .‬ثالثــة مــن هــذه‬ ‫القــوى هــي يف موقــع العــداء للثــورة ومــا متثلــه مــن أهــداف‬ ‫يف الكرامــة والحريــة والدولــة املدنيــة الدميقراطيــة الواحــدة‪،‬‬ ‫وهــي‪ :‬النظــام‪ ،‬واإلســاميون املتطرفــون داعــش والنــرة‪،‬‬ ‫والتشــكيالت الكرديــة األقــوى ال‪ YPG‬وال‪.PYD‬‬ ‫مل يعــد رسا ً وال مجــر َد تك ّهنــات أن هــذه القــوى الثــاث تنهــب‬ ‫ثــروات ســورية مــن البــرول والحبــوب والقطــن والــروة‬ ‫الحيوانيــة «دون وجــع قلــب»‪ .‬وهــي جميعــاً وليــس فقــط‬ ‫داعــش تعتــر الــروات والنــاس غنائــم حــرب يحــق لهــا‬ ‫التــرف بهــا مثلــا ترغــب وتريــد‪ ،‬وملصالحهــا الخاصــة‪ .‬كــا‬ ‫أن النظــام والتشــكيالت الكرديــة يحصــان عــى دعــم كبــر‬ ‫مــن قــوى عظمــى وقــوى إقليميــة‪ ،‬دعـاً تــكاد ال تقــف أمامــه‬ ‫ـت‪.‬‬ ‫ثــور ٌة مهــا عظمـ ْ‬ ‫يف املقابــل نجــد أن قــوى الثــورة مرشذمــة وموزعــة‪ ،‬وقواهــا‬ ‫السياســية ال ســلطة لهــا عــى عســكرها‪ .‬وأحــرار الشــام‬ ‫والجيــش اإلســامي القويــان واملحســوبان عــى الجيــش الحــر‬ ‫ينوســان بــن موقعــن‪ .‬موقــع الســلفية املتطرفــة‪ ،‬والوطنيــة‬ ‫الســورية املغــدورة مــن قبلهــا أوالً‪ .‬ولــوال بعــض فصائــل‬ ‫الجيــش الحــر غــر اإلســامية يف درعــا وحلــب لــكان نعــي‬ ‫الجيــش الحــ ّر أقــرب إىل الواقــع‪ .‬كــا أن داعمــي الثــورة‬ ‫الســورية اإلقليميــن جبنــاء وتابعــون وال ميكــن أن يؤثــروا‬ ‫مبوازيــن القــوى‪.‬‬ ‫سـيُهزم املتطرفــون اإلســاميون أمــام جبهــة كهــذه‪ ،‬وســتنعكس‬ ‫هزميتهــم عــى اإلســاميني املعتدلــن‪ ،‬وبالتــايل عــى الثــورة‪.‬‬ ‫لــن ينتهــي اإلســاميون املتطرفــون وســتظل جذوتهم مشــتعلة‪،‬‬ ‫وســتظل صلتهــم بالثــورة الســورية موضــع تأليــب عــى الثورة‪.‬‬ ‫عاملنا غري عادل‪ .‬ظلم السوريني وثورتهم‪.‬‬ ‫يأمــل املتفائلــون أن تســتمر تأثــرات الثــورة وأن تنتــر يف‬ ‫النهايــة ولــو بعــد خمســن ســنة مثلــا كان األمــر بالنســبة‬ ‫للثــورة الفرنســية‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫إصرار على التعلم يف الرسنت‬ ‫حمص ـ الحرمل‬ ‫تعيــش مدينــة الرســن وســط ســوريا واقعـاً‬ ‫أســود يف كل جانــب‪ ،‬وخاصــة التعليمــي‪،‬‬ ‫فأطفــال املدينــة ميارســون حقهــم يف تلقــي‬ ‫العلــم يف أقبيــة تحــت األرض أو بيــوت غــر‬ ‫صالحــة للســكن أساسـاً‪ ،‬ويكــون شــكل املــكان‬ ‫أقــرب إىل كل يشء إال املدرســة‪ ،‬وبالرغــم‬ ‫مــن هــذا يبقــى التحــدي األكــر يف القصــف‬ ‫اليومــي الــذي تشــهده الرســن باإلضافــة إىل‬ ‫فقــر املعارضــة التــي عجــزت عــن إمدادهــم‬ ‫مبــا يلــزم‪.‬‬ ‫«الرســن مدينــة محــررة منــذ عــام ‪2012‬‬ ‫وتخضــع إىل إدارة املعارضــة الفقــرة املــال‪،‬‬ ‫وهــو مــا انعكــس ســلباً عــى الواقــع الخدمــي‬ ‫للســكان‪ ،‬باإلضافــة إىل ويــات القصــف‬ ‫والحصــار الــذي انهــك كل مقــدرات البلــد‪ ،‬وزاد‬ ‫العــبء عــى مــن يريــد أن يعمــل أو يتعلــم‪.‬‬ ‫وبالنســبة للتعليــم‪ ،‬وبعــد ســنتني عــى تحريــر‬ ‫الرســن قــرر بعــض املدرســن واملثقفــن‬ ‫والعاملــن يف املجــال الرتبــوي مــن أبنــاء‬ ‫الرســن الذيــن مل يفــروا خــارج املدينــة هرب ـاً‬ ‫مــن القصــف والواقــع املعيــي األســود‪ ،‬قــرروا‬ ‫بنــاء كيــان تربــوي جديــد‪ ،‬يخــدم الطالــب‬ ‫ويكــون بديــاً عــن الكيــان املدمــر انطالقــاً‬ ‫مــن شــعار (رمــد العــن أفضــل مــن عامهــا)‪،‬‬ ‫وبــدؤوا العمــل بــأن اختــاروا أقبيــة منــازل‪،‬‬ ‫ومنــازل تحــت األرض غــر مســكونة‪ ،‬ومل‬ ‫يلحــق بهــا دمــار واســع وحولوهــا إىل مــدارس‬ ‫وبــدؤوا بأرشــفة الطــاب وجمعهــم يف صفــوف‬ ‫وتجمعــات تعليميــة‪ ،‬وصــل عــدد املــدارس إىل‬ ‫‪ 28‬مدرســة وأكــر مــن ‪ 6‬آالف طالــب موزعــن‬ ‫عــى مراحــل دراســية متعــددة‪ ،‬كــا جمعــوا‬ ‫بعــض املدرســن الســابقني والشــباب الجامعيــن‬ ‫ووزعوهــم عــى شــعب‪ ،‬لــي يقدمــوا للطفــل‬ ‫بعضــاً مــن املعرفــة يف الرياضيــات واللغــة‬ ‫العربيــة واالنكليزيــة والرتبيــة الدينيــة»‪.‬‬ ‫هــذا مــا أخربنــا بــه األســتاذ شــاهر عبيــد مديــر‬ ‫مكتــب الرتبيــة يف املجلــس املحــي للمدينــة‪،‬‬ ‫وهــو مــرف تربــوي منــذ ســنوات طويلــة‬ ‫تنقــل بــن مــدراس الرســن وحمــص وســوريا‬ ‫عامــة‪ ،‬وأكمــل حدثيــه حــول مــا قدمتــه قــوى‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وعــى رأســها الحكومــة املؤقتــة‬

‫غالية قباني‪ -‬مدار اليوم‬ ‫مل أكــن اتوقــع وأنــا أبحــث عــن صــورة‬ ‫المــرأة ســورية معتقلــة تدعــى رشــا رشبجــي‬ ‫مــن داريــا بريــف دمشــق‪ ،‬لــي أنرشهــا‬ ‫ي محــرك‬ ‫مــع خــر يخصهــا‪ ،‬أن يقــرح عــ ّ‬ ‫البحــث غوغــل‪ ،‬صــورا ً ومعلومــات عــن رشــا‬ ‫رشبتجــي املخرجــة‪ ،‬األكــر شــهرة مــن األوىل‪،‬‬ ‫ثــم ألواجــه يف هــذا البحــث بتناقضــات كبــرة‬ ‫بــن الســم ّيتني‪ ،‬واختــاف جــذري يفضــح‬ ‫تفاصيــل مهمــة مــن تاريــخ ســوريا الحديــث‪،‬‬ ‫والــذي اتســم بفســاد مطلــق انفجــر قيحــه‬ ‫مثــل دملــة مزمنــة يف الســنوات االخــرة‪.‬‬ ‫الخــر األصــي الــذي كنــت أبحــث لــه عــن‬ ‫صــورة‪ ،‬يخــص امــرأة معتقلــة ضمــن حملــة‬ ‫أطلقتهــا ســامنثا بــاور‪ ،‬املندوبــة األمريكيــة‬ ‫الدامئــة يف األمــم املتحــدة‪ ،‬إلطــاق رساح ‪20‬‬ ‫معتقلــة مــن أجــل لفــت االنتبــاه إىل محنــة‬ ‫النســاء املســجونات ألســباب سياســية حــول‬ ‫العــامل‪ .‬وتزامــن إطــاق الحملــة مــع الذكــرى‬ ‫الســنوية العرشيــن إلعــان بكــن الخــاص‬ ‫بحقــوق املــرأة‪ ،‬والــذي وقعتــه ‪ 189‬دولــة يف‬ ‫‪.1995‬‬ ‫الشــبكة الســورية لحقــوق اإلنســان كانــت‬ ‫قــد رشــحت ثــاث نســاء ســوريات ســجينات‬

‫ومجلــس محافظــة حمــص‪ ،‬قائــاً‪ :‬نحــن‬ ‫نســعى مــن أجــل بنــاء املدرســة الثوريــة التــي‬ ‫تؤهــل الطفــل علميــاً‪ ،‬وتنميــه تربويــاً عــى‬ ‫قيــم الرتبيــة الثوريــة‪ ،‬وذلــك لبنــاء ســوريا‬ ‫املســتقبل أو املســاهمة يف ســوريا الثــورة‪،‬‬ ‫ونحــن ال نســعى يك نعيــد املــدارس التــي‬ ‫كرســت عبــادة األســد‪ ،‬وشــوهت قيــم ســوريا‬ ‫الحديثــة‪ ،‬التــي ترتكــز عــى تاريــخ عريــق‪،‬‬ ‫بــل سنســعى لبنــاء رصوح علميــة تبنــي جي ـاً‬ ‫رب مفهومــي الحريــة والكرامــة‬ ‫جديــدا ً تــ ّ‬ ‫ومعانيهــا الســامية‪ ،‬لكــن مل ترتــقِ الحكومــة‬ ‫املؤقتــة وخاصــة وزارة التعليــم فيهــا إىل هــذا‬ ‫املســتوى فهــي حتــى اآلن ليــس لديهــا خطــة‬ ‫عمــل‪ ،‬ومل تضــع خطوطــاً ونهجــاً ملســرتها‬ ‫التعليميــة‪ ،‬واكتفــت مبســاعدتنا باملشــاريع‬ ‫األقــرب إىل اإلغاثيــة كحقيبــة مدرســية لطفــل‬ ‫مــرة كل ثــاث ســنوات‪ ،‬وأمــور بســيطة أخــرى‪،‬‬ ‫ومؤخ ـرا ً بــدؤوا مبــروع تجهيــز مقاعــد لهــذه‬ ‫املــدارس أي أن طفلنــا ســوف يجلــس عــى‬ ‫مقعــد نظيــف يف غرفــة غــر مؤهلــة‪ ،‬فــأرض‬ ‫الصــف عبــارة عــن تــراب‪ ،‬وباحــة املدرســة‬ ‫تـراب‪ ،‬ويف الشــتاء يحتــاج الطالــب إىل معجــزة‬ ‫يك يصــل إىل مقعــده مــا يؤكــد حاجتنــا إىل بنــاء‬ ‫جيــد إذا دخــل إليــه يشــعر أنــه يف عــامل آخــر‬ ‫ميكنــه أن ينهــل العلــم بظــروف إنســانية‪.‬‬ ‫عــر ســنوات خمــس مــ ّرت مــا زال أطفالنــا‬ ‫األكــر شــجاعة‪ ،‬وهــم يتحــدون الرباميــل يف‬ ‫إرصارهــم عــى العلــم يف ظــروف صعبــة‪،‬‬ ‫ورغبتهــم يف أن يكونــوا جنــودا ً أو أطبــاء‪ ،‬أو‬ ‫سياســيني يســتطيعون اتخــاذ الق ـرار الصحيــح‪،‬‬ ‫الــذي مل يســتطع غريهــم اتخــاذه يف حاميــة‬ ‫الســوريني مــن إجــرام النظــام وزبانيتــه‪.‬‬ ‫هــذه كلــات ســمعناها مــن أحمــد يك نصمــت‬ ‫وال نكمــل بعدهــا أبــدا ً فرمبــا أحمــد تأثــر مبــا‬ ‫يــدور مــن حولــه‪ ،‬ومــا يقولــه أهلــه وقنــوات‬ ‫األخبــار‪ ،‬ومــا يشــاهده ومــا عانــاه مــن إصابــة‬ ‫يك يتحــول مــن طفــل إىل رجــل يســتحق أكــر‬ ‫مــن حقــه البســيط يف التعلــم‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫إىل أين يلجأ املنشقون عن النظام‪..‬؟!‬ ‫مهند البكور ‪ -‬حمص‬ ‫لجــأ املنشــقون عــن الجيــش النظامــي‬ ‫يف منطقــة «ســهل الحولــة» بريــف حمــص‬ ‫الشــايل إىل العمــل يف مهــن مختلفــة متامــاً‬ ‫عــن اختصاصهــم العســكري‪ ،‬يف ظــل الظــروف‬ ‫املعيشــية الصعبــة التــي ميــر بهــا املنشــقون‬ ‫وانعــدام الدعــم املقــدم لهــم‪ ،‬مــا اضطــر‬ ‫أعــدادا ً كبــرة منهــم إىل البحــث عــن أعــال‬ ‫تقيهــم رش العــوز واســتجداء غريهــم‪ ،‬فــكان‬ ‫رعــي األغنــام بالنســبة لبعضهــم أفضــل مــن‬ ‫انتظــار دعــم قيــادة األركان الــذي مل يصلهــم‬ ‫منــذ أكــر مــن عامــن ونصــف‪ ،‬ولــن يصــل‬ ‫عــى حــد تعبــر املنشــق «أبــو عدنــان»‪ ،‬مؤكدا ً‬ ‫أنــه انشــق عــن الجيــش النظامــي منــذ أربعــة‬ ‫أعــوام يف مدينــة «حمــص»‪ ،‬وخاطــر بحياتــه‬ ‫مــن أجــل أن يصــل إىل مدينتــه «الحولــة»‬ ‫ليقاتــل جيــش النظــام‪ ،‬ويدافــع عــن أرضــه‬ ‫وعرضــه‪ ،‬بحســب وصفــه‪ ،‬ويقــول‪« :‬متكنــت‬ ‫مــن الوصــول إىل الحولــة بعــد مخاطــرة كبــرة‬ ‫كاد يقبــض فيهــا عــي وكســائر املنشــقني عــن‬ ‫الجيــش األســدي يف الحولــة انضويــت تحــت‬ ‫قيــادة املجلــس العســكري يف الحولــة‪ ،‬متأم ـاً‬ ‫أن يوفــر يل املجلــس مــا يســد رمقــي عــى‬ ‫أقــل تقديــر‪ ،‬ويفرغنــي للعمــل املســلح الــذي‬ ‫أتقنــه‪ ،‬ولكــن ذلــك كان صعبـاً يف ظــل غيــاب‬ ‫الدعــم عــن املجلــس العســكري بشــكل شــبه‬ ‫تــام؛ فعــى مــدى ســنة ونصــف مل يحصــل مــن‬ ‫املجلــس العســكري ســوى عــى ‪ 10‬آالف لــرة‬ ‫عــى أربــع دفعــات‪.‬‬ ‫فــا كان مــن «أبــو عدنــان» بعــد أن ضاقــت‬ ‫بــه األحــوال‪ ،‬إال التوجــه إىل رعــي الغنــم عنــد‬ ‫أحــد أصحــاب املــوايش يف الحولــة‪ ،‬موضحـاً أنه‬ ‫يتلقــى أج ـرا ً قــدره ســبعة آالف لــرة شــهرياً‪،‬‬ ‫تســد حاجتــه مؤقت ـاً مقابــل رعيــه لألغنــام‪.‬‬ ‫وعــى درب «أبــو عدنــان» مــى املنشــق عــن‬ ‫األمــن العســكري «يــارس»‪ ،‬الــذي لجــأ إىل فتــح‬ ‫مطعــم لبيــع الفالفــل والحمــص يف «الحولــة»‪،‬‬ ‫موضحـاً أنــه يعمــل يف هــذه املهنــة منــذ ســنة‬ ‫وبضــع أشــهر‪ ،‬ومــا كان يل أن أفكــر بالعمــل‬ ‫لــوال أن ضاقــت يب األحــوال‪ ،‬ووصــل األمــر يب‬ ‫الســتعطاف الجمعيــات يف الحولــة للحصــول‬ ‫عــى بعــض الدعــم لكفايــة أطفــايل يف ظــل‬

‫هــذا الغــاء الــذي ال يرحــم»‪ ،‬عــى حــد وصف‬ ‫«يــارس»‪ ،‬ويتابــع‪ :‬أنــه منشــق عــن فــرع األمــن‬ ‫العســكري ومنــذ لحظــة انشــقاقه إىل هــذا‬ ‫الحــن وهــو يعــاين مــن ضائقــة شــديدة‪ ،‬الفتـاً‬ ‫إىل أنــه عــن يف اللجنــة األمنيــة التــي تأسســت‬ ‫يف «الحولــة»‪ ،‬واســتمر يف العمــل شــهورا ً عــدة‬ ‫ولكنــه مل يتلــق الدعــم‪ ،‬مــا دفعــه إىل تــرك‬ ‫العمــل يف اللجنــة والبحــث عــن عمــل إلطعــام‬ ‫أطفالــه ونفســه‪ ،‬فــا كان منــه إال أن افتتــح‬ ‫مطع ـاً لبيــع الفالفــل والحمــص‪.‬‬ ‫وهــذا الشــاب املجند “مالــك” يصف انشــقاقه‬ ‫مــن حاجــز األمــن العســكري يف مدينــة‬ ‫“إدلــب” قبــل أربعــة ســنني ونصــف‪ ،‬موضحـاً‬ ‫أنــه قطــع مســافة خمســة كيلــو مـرات تحــت‬ ‫القصــف حتــى وصــل مناطــق الثــوار القريبــة‪،‬‬ ‫وبــن مالــك أنــه مكــث يف إحــدى قــرى‬ ‫“إدلــب” حتــى توفــر طريــق إىل “حمــص”‬ ‫ليعــود بعدهــا إىل الحولــة‪.‬‬ ‫ويقــول “مالــك” أنــه يشــعر بالنــدم لعــدم‬ ‫بقائــه يف “إدلــب” إىل جانــب ثوارهــا‪ ،‬فــا‬ ‫وجــده هنــا هــو نســيان للمنشــقني مــن أي‬ ‫دعــم‪ ،‬حتــى الســاح‪ ،‬الفتـاً إىل أنــه اضطــر إىل‬ ‫تــرك بندقيتــه يف “إدلــب” لصعوبــة إدخالهــا‬ ‫يف ذلــك الحــن إىل “الحولــة”‪ ،‬متوقع ـاً بذلــك‬ ‫أن يســلح مــن قبــل املجلــس العســكري‪ ،‬إال أن‬ ‫هــذا مل يحــدث‪.‬‬ ‫ويبــدي “مالــك” امتعاضــه مــن أخــذ املقاتلــن‬ ‫املدنيــن دور العســكريني املنشــقني بصــورة‬ ‫واضحــة‪.‬‬ ‫ويــروي الرشطــي املنشــق “صالــح” أنه منشــق‬ ‫عــن قــوى األمــن الداخــي ويعمــل حاليــاً‬

‫عامـاً‪ ،‬موضحـاً أنــه مل يـ َر فائــدة مــن انتســابه‬ ‫ملخفــر املدينــة الثــوري‪ ،‬فدعمــه شــحيح‪ ،‬وكل‬ ‫أشــهر عــدة يتلقــى بعــض الدعــم‪ ،‬وغالبــاً‬ ‫مــا يكــون الدعــم ســاالً غذائيــة تقدمهــا‬ ‫الجمعيــات الخرييــة‪.‬‬ ‫ومل يـ َر “محمــد” ‪-‬رشطــي آخــر منشــق‪ -‬أفضل‬ ‫مــن العمــل بالزراعــة وتربيــة املــوايش ليقــي‬ ‫نفســه وعائلتــه الحاجــة‪ ،‬وبالفعــل يقــوم‬ ‫“محمــد” بحراثــة أرضــه يف “الحولــة” وزراعتها‬ ‫للســنة الثانيــة عــى التــوايل‪ ،‬إضافــة إىل تربيــة‬ ‫بعــض الدواجــن‪ ،‬ناســياً بذلــك كل مــا هــو‬ ‫متعلــق بالعمــل العســكري‪ ،‬قائــاً بجــرأة‪:‬‬ ‫“هــم أرادوا لنــا ذلــك عندمــا مل يدعمونــا”‪.‬‬ ‫وكان هــذا الواقــع الــذي يعيشــه املنشــقون يف‬ ‫“الحولــة”‬ ‫املنشــقون يف “الحولــة”‪ ،‬البالــغ عددهــم‬ ‫مثامنئــة منشــق‪ ،‬جلهــم عســكريون وأمنيــون‬ ‫وقــوى أمــن داخــي‪ ،‬كانــوا قــد خرجــوا يف‬ ‫تظاهــرات عــدة مبدينــة “الحولــة” طالبــوا‬ ‫فيهــا بحقوقهــم‪ ،‬التــي اتهمــوا املجلــس‬ ‫العســكري بتجاهلهــا‪ ،‬وحملــوه مســؤولية قلــة‬ ‫الدعــم وإهاملهــم‪ ،‬وتبديــة العنــارص املدنيــة‬ ‫عليهــم‪.‬‬ ‫ويف إثــر هــذه التظاهــرات شــكل املنشــقون‬ ‫تجمعــاً أطلقــوا عليــه “تجمــع املنشــقني‬ ‫األحـرار”‪ ،‬وطالبــوا الهيئــات املدنيــة واملجالــس‬ ‫املحليــة والعســكرية كافــة تقديــم الدعــم‬ ‫لهــم‪ ،‬ولكــن إىل اآلن مل يقــدم الدعــم الــكايف‬ ‫لهــم‪ ،‬وال زالــت محاوالتهــم للفــت األنظــار‬ ‫مســتمرة‪.‬‬

‫م��ا ب�ين رش��ا ورش��ا‪ ..‬فض��ح لتاري��خ س��وريا احلدي��ث‬ ‫يف معتقــات النظــام‪ ،‬وتــم اختــار الســجينة‬ ‫رشــا رشبجــي بينهــن‪ .‬وهــي أم ســورية مــن‬ ‫مواليــد ‪ 1982‬ومــن مدينــة داريــا بريــف‬ ‫دمشــق‪ ،‬اعتقلــت وهــي حامــل بتــوأم‪ ،‬مــع‬ ‫أبنائهــا الثالثــة وشــقيقتي زوجهــا يف مايــو‪/‬‬ ‫أيــار ‪ 2014‬مــن مركــز الهجــرة والجــوازات يف‬ ‫دمشــق‪ ،‬أثنــاء قيامهــم باســتصدار جــوازات‬ ‫الســفر‪« ،‬وتــم االعتقــال دون إبــداء األســباب‬ ‫أو إبــراز أي مذكــرة اعتقــال»‪ .‬وتــردد أن‬ ‫اعتقالهــا جــاء للضغــط عــى زوجهــا أســامة‬ ‫عبــار املطلــوب أمنيــاً لســلطات النظــام‬ ‫ليســلم نفســه‪.‬‬ ‫بحثــي عــن صــورة املعتقلــة وأيــة أخبــار‬ ‫إضافيــة تخصهــا‪ ،‬كان يقــودين دومــاً إىل‬ ‫رشــا رشبتجــي املخرجــة‪ ،‬بأخبــار‪ ،‬أبرزهــا‬ ‫«الخطوبــة التــي كانــت مقتــرة عــى‬ ‫العائلــة فقــط ومتــت يف دمشــق بتاريــخ ‪– 12‬‬ ‫‪ 2012 12‬مــن دون أي مظاهــر احتفاليــة»‪،‬‬‫ثــم الــزواج وأيــام العســل يف طرطــوس‪،‬‬ ‫مــع كلمتــن تكررتــا يف البحــث «ضابــط‬ ‫مخابـرات» كانتــا كافيتــان إلغـرايئ بفتــح أحــد‬ ‫الروابــط وقراءتــه‪.‬‬ ‫املخرجــة رشبتجــي اشــتهرت بأعاملهــا‬

‫الجريئــة وبأخبــار خالفاتهــا مــع أبيهــا الــذي‬ ‫مل يكــن راضيــاً عــن زواجهــا مــن مديــر‬ ‫تصويــر تلفزيــوين‪ ،‬لكــن بحثــي عــن معتقلــة‬ ‫داريــا نبهنــي «متأخ ـرا ً» إىل أن املخرجــة قــد‬ ‫انفصلــت عــن الــزوج الســابق وارتبطــت‬ ‫بغــره‪ .‬وكان األكــر إثــارة يف املوضــوع هــو‬ ‫أن الــزوج الجديــد يشــغل رتبــة «عميــد‬ ‫يف املخابــرات العســكرية»‪ .‬بــدا يل قبــل‬ ‫فتــح الروابــط أن أخبــار حياتهــا الشــخصية‬ ‫تداخلــت مــع خــر مسلســل جديــد تشــتغل‬ ‫عليــه املخرجــة يضــم شــخصية مخابراتيــة‪،‬‬ ‫إذ مــا الــذي ميكــن أن يربــط مخرجــة‬ ‫جــادة وجريئــة يف طرحهــا الدرامــي‪ ،‬برجــل‬ ‫مخابــرات إال الدرامــا التلفزيونيــة؟ وجــاءت‬ ‫تفاصيــل الخــر الــذي كشــف‪ ،‬بفضــل غوغــل‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬فالعريــس متــام نجــم الديــن‬ ‫مــا ألتبــس عـ ّ‬ ‫باإلضافــة لرتبتــه املخابراتيــة كعميــد‪ ،‬هــو‬ ‫شــقيق الفنانــة ســوزان نجــم الديــن التــي‬ ‫عــرف عنهــا تأييــد بشــار األســد ونظامــه‪،‬‬ ‫وهــو أيضــا شــقيق لــزوج ابنــة الدكتــورة‬ ‫بثينــة شــعبان مستشــارة الرئيــس الســوري‬ ‫للشــؤون اإلعالميــة والسياســية واملرتجمــة‬ ‫الشــخصية لألســد األب‪ .‬مــن دون أن ننــى‬ ‫أن والــد العميــد هــو نجــم الديــن الصالــح‬

‫عضــو مجلــس الشــعب الــذي اشــتهر مبواالتــه‬ ‫الشــديدة للنظــام وبقصائــده العصــاء التــي‬ ‫كان ينظمهــا لــه‪.‬‬ ‫وبرسعــة توضحــت يل تنويعــة مشــهدية‬ ‫عــن الفســاد يف ســوريا‪ ،‬تقــوم عــى ضفــرة‬ ‫عالقــات بــن أهــل السياســة واألمــن والفــن‪،‬‬ ‫بــدأت مالمحهــا قبــل عقديــن تقريبــاً‪،‬‬ ‫بســيطرة رجــال مــن النظــام أو مــن القريبــن‬ ‫منهــم‪ ،‬عــى االنتــاج التلفزيوين يف ســوريا‪ ،‬وما‬ ‫كان يرشــح مــن تحكــم رجــل أمــن معــروف‬ ‫بالفنانــن الذيــن كان بعضهــم دائــم الزيــارة‬ ‫ملكتبــه لرتتيــب أوضاعــه وقضــاء حاجاتــه‪.‬‬ ‫مل أكــن أعــرف بــزواج املخرجــة رشبتجــي‬ ‫برجــل االســتخبارات عندمــا تابعــت بانزعــاج‬ ‫بعــض املسلســات التــي أنتجــت يف ســوريا‬ ‫يف الســنوات األخــرة وتناولــت الوضــع القائــم‬ ‫بســذاجة مدسوســة لتســطيح مــا يحصــل‬ ‫يف الواقــع‪ ،‬ويف دمشــق تحديــدا ً‪ ،‬مــن خــال‬ ‫خلفيــة أصــوات انفجــار تســمع بينــا يعيــش‬ ‫أبطــال املسلســل ويسـ ّـرون حياتهــم اليوميــة‪.‬‬ ‫وكأن دمشــق معزولــة عــن ريفهــا الــذي‬ ‫يتعــرض للتجويــع واإلذالل واملــوت اليومــي‬ ‫برباميــل النظــام‪.‬‬ ‫ال عالقــة بــن رشــا رشبجــي ورشــا رشبتجــي‬

‫إال بحدثــن يلخصــان مــا يجــري اآلن يف‬ ‫ســوريا ويرتجــان االنقســام الحــاد داخــل‬ ‫املجتمــع الســوري منــذ آذار ‪ :2011‬اعتقــال‬ ‫األوىل وزواج الثانيــة‪ ،‬رشــا‪ ،‬ابنــة داريــا‬ ‫خــارصة دمشــق املحــارص أهلهــا بالجــوع‬ ‫وقصــف الطـران الحــريب‪ ،‬ورشــا‪ ،‬ابنة دمشــق‬ ‫املخرجــة املجتهــدة التــي عاشــت أخ ـرا ً دورا ً‬ ‫عكســته يف أعاملهــا عــن الفســاد يف املجتمــع‬ ‫الســوري والــذي كان لرجــال األمــن دومـاً دور‬ ‫أســايس فيــه‪ ،‬حتــى يف الدرامــا‪.‬‬ ‫رشــا رشبتجــي تزوجــت مبــن اعتقــل «رمزي ـاً‬ ‫وليــس بالــرورة شــخصياً» ســم ّيتها األخــرى‪،‬‬ ‫رشــا رشبجــي‪ ،‬التــي ال يعــرف مصريهــا حتــى‬ ‫اآلن يف ســجون النظــام برفقة أطفالهــا وبينهم‬ ‫توأمــان ولــدا يف الســجن‪ ،‬وال يعــرف مصــر‬ ‫زوجهــا الــذي تــردد أنــه غــرق يف البحــر‪ ،‬دون‬ ‫أي تأكيــد عــى صحــة هــذا الــكالم‪.‬‬ ‫عــى أيــة حــال‪ ،‬تصلــح تفاصيــل حيــاة رشــا‬ ‫املعتقلــة بامتيــاز لــي تســتفيد منهــا رشــا‬ ‫املخرجــة‪ .‬هــذا إن كان الــزواج الســعيد‬ ‫برشوطــه الســلطوية ال ي ـزال يســمح بتنــاول‬ ‫تفاصيــل مشــابهة كان تداولهــا ســبباً يف شــهرة‬ ‫الدرامــا الســورية‪ ،‬حتــى ثــورة اذار ‪2011‬‬ ‫التــي فضحــت كل مســتور‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬

‫ش��رح الربوتوك��ول‪ :‬بنــاء الســلطة والقــوة‬ ‫وإرهــاب النــاس‪ ،‬الحكــم ورأي الشــعب ال ميكــن‬ ‫أن يجتمعــان والدســتور وهمــي‪ ،‬املجاعــة وســوء‬ ‫الدخــل تغطيــان رأس املــال املهيمــن‪ ،‬تحريــك‬ ‫قــوى املجتمــع ضــد بعضهــا وخلــق الفتنــة‪،‬‬ ‫تقديــم الحاكــم نفســه كمخلــص للجامهــر‪ ،‬ال‬ ‫معنــى للمســاواة‪ ،‬عــدم التفكــر إال مــن خــال‬ ‫الحاكــم‪ ،‬خلــق الكراهيــة تجــاه الطبقــات‬ ‫الغنيــة عندمــا يــدرك الشــعب بــأن التنــازالت‬ ‫والتســاهالت باســم التحــرر يتخيــل بأنــه ســيد‬ ‫وبأنــه مشــارك بالحكــم‪.‬‬ ‫تبنــى األســد سياســة القــوة واإلرهــاب منــذ‬ ‫بدايــة حكمــه وتصفيتــه لرفــاق دربــه مــن‬ ‫صــاح جديــد ومحمــد عم ـران إىل أعــداد لســنا‬ ‫بصــدد ذكرهــا اآلن‪ ،‬وال ميكــن فصــل األســد عــن‬ ‫اإلرهــاب ضــد الخصــوم السياســيني واملعارضــن‬ ‫بشــكل عــام‪ .‬هــو إرهــاب مميــز بــكل املقاييــس‬ ‫إذ أننــا نعــرف جميعــاً مــدى قســوة األســاليب‬ ‫القمعيــة التــي مورســت يف ســورية باإلضافــة إىل‬ ‫أنــه إرهــاب مرشعــن ومحمــي بســلطات الدولــة‬ ‫الثــاث بــل حتــى ســلطتها الرابعــة التــي متــارس‬ ‫دورا ً ســلبياً مــن خــال تقديــم املــررات الالزمــة‬ ‫إلظهــار الجرائــم بوصفهــا واجب ـاً وطني ـاً فمــورس‬ ‫العنــف واإلعــدام والتهجــر واإلبــادة الجامعيــة‬ ‫وتوقيــف النــاس يف الســجون وأصبــح املجتمــع‬ ‫الســوري أســر الخــوف املمنهــج بــدون أن يتجــرأ‬ ‫أحــد عــى قــول الحقيقــة وأن يســمي األشــياء‬ ‫مبســمياتها خوفــاً مــن بطــش األجهــزة األمنيــة‬ ‫وقمعهــا‪ ،‬وذلــك يعــود لســبب فــرض الســيطرة‬ ‫املطلقــة عــى مقاليــد الحكــم واالســتمرار يف‬ ‫قيــادة البلــد ملصلحــة األســد وعائلتــه وطائفتــه‬ ‫التــي متلــك القــوة العســكرية والسياســية‬ ‫واالقتصاديــة وأجهــزة املخابـرات املصفيــة نفســياً‬ ‫أو جســدياً كل صاحــب رأي أو معــارض أو مفكــر‬ ‫يخــرج عــن نهــج األســد وسياســته‪ ،‬فــزرع الرعــب‬ ‫يف قلــوب النــاس لصالــح األســد وتــم إخضاعهــم‬

‫‪7‬‬

‫الربوتوكول الثالث‬ ‫بشــكل قــري لرشيعتــه‬ ‫الخاصــة وآرائــه ومعتقداتــه‬ ‫الدينيــة والسياســية واإلثنيــة‬ ‫واالقتصاديــة والثقافيــة‬ ‫واالجتامعيــة‪.‬‬ ‫كانــت سياســة اإلرهــاب يف ســورية متــارس باســم‬ ‫القوانــن التــي رشعتهــا عقليــة األســد وهــو‬ ‫الدفــاع عــن أمــن الوطــن واملواطــن والحقيقــة‬ ‫أنهــا متــارس هــذا العنــف الالمحــدود للدفــاع‬ ‫عــن ســلطتها الالرشعيــة وكان األســد يرفــع شــعار‬ ‫املؤامــرة الكونيــة كمطلــب وصنيعــة ليتمكــن من‬ ‫اســتخدام اإلرهــاب بتحقيــق أهدافه اإلسـراتيجية‬ ‫بعيــدة املــدى مــن أجــل تثبيــت الســيطرة عــى‬ ‫مقاليــد الحكــم أو تحقيــق أهــداف عىل املســتوى‬ ‫العاملــي وفــرض الهيمنــة فهــو يصنــع اإلرهــاب‬ ‫وميارســه يف الداخــل والخــارج لتحقيــق أهدافــه‪،‬‬ ‫وبنفــس الوقــت يســتخدمه ســاحاً ويدعــي بأنــه‬ ‫يحــارب اإلرهــاب لكــر إرادة الشــعب وســلبه‬ ‫الحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫إن اإلرهــاب الفكــري والجســدي قديم يف ســورية‬ ‫مــع ظهــور األســد واســتالمه الحكــم بانقــاب‬ ‫عســكري‪ ،‬ومنــذ ذلــك الحــن واملالحقــات والــزج‬ ‫يف الســجون والتعذيــب والنفــي واالغتيــال‬ ‫كوســائل إكـراه وعنــف قمــع بهــا أصحــاب اآلراء‬ ‫السياســية املخالفــة والرافضــة‪ ،‬لقــد التقــت‬ ‫أفــكار املنظــات اإلرهابيــة وأهــداف األســد‬ ‫باعتبــاره ال ميلــك رشعيــة دســتورية وأنــه اســتوىل‬ ‫عــى الســلطة بالعنــف ومهزلــة االســتفتاء‬ ‫وانتخــاب الرئيــس امللهــم القائــد الخالــد ونســبة‬ ‫‪ 99%‬إن هــي إال إحــدى وســائل اإلكــراه التــي‬ ‫فرضــت عــى الشــعب الســوري مبختلــف‬ ‫األســاليب القمعيــة إلدخــال الرعــب يف النفــوس‪.‬‬ ‫لقــد اســتوىل األســد عــى مقــدرات بلــد ذو‬ ‫حضــارة وثقافــة وتاريــخ عريــق ومؤسســات دولة‬ ‫تــدار بواســطة قوانــن وأنظمــة وأقــدم دســتور‬ ‫يف املنطقــة ســخرها ملصلحتــه وأســس دســتورا ً‬ ‫وقوانــن وأنظمــة جديــدة فاســدة يف الجوهــر‬

‫أساليب الغزو‬ ‫وبراقــة يف الشــكل الخارجــي ترســخ مــن هيمنتــه‬ ‫وســلطته‪ ،‬ومــارس العنــف باســمها تحــت مظلــة‬ ‫قانونــه ودســتوره الذيــن فرضهــم عــى املجتمــع‬ ‫الســوري‪ ،‬وقــد خــادع وكــذب واتبــع سياســة‬ ‫النفــاق‪ ،‬وكانــت مامرســاته العمليــة عــى أرض‬ ‫الواقــع تتناقــض حتــى مــع الدســتور والقانــون‬ ‫الــذي وضعــه بنفســه‪ ،‬وأهــم مبــادئ الحريــة‬ ‫والعدالــة واملســاواة وحقــوق اإلنســان وحريــة‬ ‫مامرســة العقائــد دون متييــز وحريــة التعبــر‬ ‫عــن الــرأي والكثــر مــن املبــادئ املتعلقــة‬ ‫بكرامــة الوطــن واملواطــن وتحريــر األرايض‬ ‫املحتلــة وحاميــة أمــن الوطــن وغريهــا الكثــر‬ ‫مــن العبــارات الرنانــة وصــوالً إىل مبــدأ االحتفــاظ‬ ‫بحــق الــرد وكأن هنــاك مــن مينعــه مــن الــرد‪،‬‬ ‫لقــد ســحقت كل هــذه القيــم وغريهــا بفعــل‬ ‫اإلكــراه واإلرهــاب والقــوة والبطــش والعنــف‬ ‫الجســدي والرتبــوي واملــدريس والســيايس‬ ‫واإلعالمــي ضــد مكونــات وطنيــة أصيلــة متجــذرة‬ ‫يف أرض الوطــن مــن آالف الســنني‪ ،‬لقــد كانــت‬ ‫أجهــزة املخابـرات األداة األكــر رعبـاً يف يد ســلطة‬ ‫األســد وإرهابهــا مــورس بشــكل عنيــف بحــق‬ ‫هــذا الشــعب األصيــل صاحــب األرض الحقيقــي‪،‬‬ ‫حقيقــة لقــد كــون األســد ســلطة إرهابيــة تنطبــق‬ ‫عليهــا كل الصفــات اإلجراميــة‪ ،‬فــارس أبشــع‬ ‫الجرائــم ومجــازر اإلبــادة واســتخدم األســلحة‬ ‫املحرمــة دوليــاً ورشد املاليــن وهجــر العقــول‬ ‫ومــأ الســجون وحــول حيــاة الســوريني إىل‬ ‫جحيــم حتــى أصبــح كل مواطــن ســوري يخــاف‬ ‫مــن ظلــه ومــن زوجتــه وأمــه وأبيــه مــن التفــوه‬ ‫ولــو بكلمــة واحــدة بحــق األســد وعائلتــه فامتــأ‬ ‫املجتمــع بالشــك واالنتهازيــة والوصوليــة‪ ،‬وأصبــح‬ ‫الــكل ضــد الــكل دون أن يعــرف أحــد ســبباً أو‬ ‫يــرى نتيجــة‪.‬‬ ‫كان ال بــد لألســد لفــرض املزيــد مــن الهيمنــة‬

‫أن يبقــي الشــعب يف حالــة‬ ‫مــن الحاجــة املاديــة والعــوز‬ ‫والفقــر رغــم أن ســورية‬ ‫مــن الــدول الغنيــة برثواتهــا‬ ‫املتعــددة‪ ،‬وقــد أعلــن رســمياً عنــد إعــداد الخطــة‬ ‫الخمســية العــارشة أن الفقـراء وصلــوا يف ســورية‬ ‫إىل ‪ 5.3‬مليــون شــخص أي أن معــدل الفقــر‬ ‫وقتهــا كان يصــل إىل ‪ 30%‬مــن ســكان ســورية‬ ‫يرتافــق مــع تــر ٍد يف البنــى التحتيــة والخدماتيــة‬ ‫واإلخفــاق املــدريس‪ ،‬وتــدين مســتوى التعليــم‬ ‫وانتشــار عاملــة األطفــال والتســول وانخفــاض‬ ‫مســتوى التنميــة االقتصاديــة وارتفــاع هائــل‬ ‫يف مســتوى البطالــة‪ ،‬وخاصــة عــى صعيــد‬ ‫الشــباب ليصــل إىل ‪ 21%‬مــن الطاقــة العاملــة‬ ‫يف ســورية وتفــي ظاهــرة الفســاد واملحســوبية‬ ‫يف كل مظاهــر الحيــاة السياســية واالقتصاديــة‬ ‫واالجتامعيــة‪ ..‬الــخ‬ ‫هــذه املصائــب مل نصــل إليهــا يف ســورية إال‬ ‫بنــا ًء عــى خطــة ممنهجــة ومدروســة مــن قبــل‬ ‫األســد وأتباعــه لتصبــح الوظيفــة نعمــة وعطــاء‪،‬‬ ‫وتأمــن فرصــة العمــل الــذي هــو حــق طبيعــي‬ ‫ألي مواطــن يف وطنــه منــة وصدقــة مــن القائــد‪،‬‬ ‫وليتســابق النــاس عــى العمــل وبــأي أجــر‬ ‫يف الــركات الخاصــة ألمثــال رامــي مخلــوف‬ ‫وشــاليش وغريهــم ولينحــر اهتــام الشــعب‬ ‫بتأمــن معيشــته وقــوت يومــه مبتعــدا ً عــن أي‬ ‫يشء آخــر‪.‬‬ ‫وهكــذا كان األســد يف ســورية معتمــدا ً يف حكمــه‬ ‫عــى الشــيطان‪ ،‬وليــس عــى اللــه‪ .‬فــا الفضيلــة‬ ‫تصبــح فضيلــة والرذيلــة رذيلــة وال الخــر خــرا ً‬ ‫وال الــر رشا ً وال الصالــح صالحــاً وال الطالــح‬ ‫طالحـاً وال الحــق حقـاً وال الباطــل باطـاً‪ .‬أصبــح‬ ‫كل ذلــك مــا يقولــه األســد ويجــب اإلميــان بــه‬ ‫حتــاً واالقتنــاع واالمتثــال ألوامــره فالحقيقــة‬ ‫ال تهــم عــى اإلطــاق‪ ،‬بــل يف الواقــع ال توجــد‬ ‫حقيقــة‪ ،‬وســواء وجــد القانــون أم مل يوجــد‬ ‫احــرم أم مل يحــرم ذلــك ليــس مهــاً‪ ،‬وهــو ال‬

‫يؤثــر يف النتيجــة النهائيــة وال حتــى يف الوســائل‬ ‫وحتــى لــو وصــل األمــر إىل االنهيــار والخــراب‬ ‫القتصــاد أو ثقافــة أو مؤسســات فهــو ليــس‬ ‫مهــاً مــا دام ســيعود باملكاســب عــى األســد‬ ‫وحاشــيته وبالبطــش واإلرهــاب والقمــع عــى‬ ‫كافــة املســتويات‪ ،‬أصبــح األســد الحاكــم القــادر‬ ‫عــى إقنــاع كل فــرد يف املجتمــع بأنــه يفهــم‬ ‫حاجياتــه ورغباتــه ويســعى لتحقيقهــا بالوســائل‬ ‫املرشوعــة مــع أنــه يف قــرارة نفســه ال يهتــم‬ ‫لهــذا كلــه فهــو يتفهمــه لــي يســطر عليــه‪،‬‬ ‫ويســألك عــن احتياجاتــك ليضغــط عليــك مــن‬ ‫خاللهــا ويف النهايــة ال يســعى إال إىل تحقيــق مــا‬ ‫يريــده هــو أو مــن يعمــل لحســابه‪ .‬وحقيقــة‬ ‫مل يكــن هنــاك فــارق بــن السياســة والحكــم‬ ‫مــن ناحيــة‪ ،‬والنصــب واالحتيــال مــن ناحيــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬وكان الحكــم عبــارة عــن خــداع وكــذب‬ ‫كثــر وفــرص مســتغلة وجمــع بــن التناقضــات‬ ‫وجــرأة عــى الــدم والقتــل فلــم يعــرف بديــن‬ ‫وال أخــاق وعــاش ضمــن الــرر واعتــره النجــاح‬ ‫الحقيقــي فانتــرت الكراهيــة والحقــد والبغضــاء‬ ‫والحــرة والحســد بــن الفقــراء واألغنيــاء بــن‬ ‫املوظــف والعاطــل عــن العمــل‪ ،‬بــن الطوائــف‬ ‫واألحـزاب الكرتونيــة التــي صنعهــا األســد وحتــى‬ ‫بــن رجــاالت األمــن أنفســهم ورؤســاء األجهــزة‬ ‫وكانــت القوانــن والدســاتري ليســت إال عقــدا ً‬ ‫رشعي ـاً لعالقــة غــر رشعيــة كعقــد عــريف لــزواج‬ ‫املتعــة أي يف املحصلــة مخالــب وأســنان تنشــبها‬ ‫يف جســد مــن يحــاول التمــرد ومغرمــة تغــرم فيها‬ ‫العصــاة وهــي اللعبــة التــي يتــم بهــا الســيطرة‬ ‫عــى الجامهــر العميــاء ويكــون الدســتور ســاحا‬ ‫كأي ســاح آخــر ال يســتفيد منــه إال مــن ميلكــه‪.‬‬ ‫باختصــار األســد وعائلتــه يقولــون للســوريني إمــا‬ ‫أن نحكمكــم ونقودكــم حيــث أردنــا ورغبنــا‪،‬‬ ‫وعليكــم أن تتحملــوا فســادنا وجربوتنــا وظلمنــا‬ ‫فتعيشــوا عبيــدا أذالء تحــت ســطوتنا أو نرتككــم‬ ‫جثــة هامــدة تعيشــون النزاعــات والحــروب‬ ‫والفقــر والتخلــف ونبقــى شــوكة يف ظهوركــم‪.‬‬

‫النظام املصريف السوري وصراع البقاء‬ ‫عبد الفتاح الراكان‬

‫منــذ مــا يقــارب الخمــس ســنوات مــن الرصاع‬ ‫املد ّمــر باإلضافــة إىل العقوبــات الدوليــة‪ ،‬نجــد‬ ‫أن االقتصــاد الســوري ميــر بحالــة مــن الفــوىض‬ ‫والعشــوائية أث ّــرت بشــكل كبــر يف السياســة‬ ‫النقديــة واملاليــة واالئتامنيــة‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬خالفًــا‬ ‫لــكل التوقعــات األمريكيــة واألوروبيــة‪ ،‬نالحــظ‬ ‫املصــارف الســورية نجــت إىل حــد كبــر مــن‬ ‫تلــك العاصفــة‪.‬‬ ‫عــى الرغــم مــن أ ّن البنــوك الســورية قــد تلقــت‬ ‫بالفعــل رضبــة قويــة‪ ،‬وعانــت مــن االنكــاش‬ ‫االقتصــادي والعقوبــات الدوليــة‪ ،‬ومــن غيــاب‬ ‫لكــن البنــوك‬ ‫االســتثامرات العامــة والخاصــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الســتة اململوكــة للنظــام مل توقــف احتكارهــا‬ ‫وعملياتهــا املرصفيــة‪.‬‬ ‫وباإلضافــة إىل ذلــك‪ 14 ،‬مــن املصــارف الخاصــة‪،‬‬ ‫وهــي فــروع للبنــوك اإلقليميــة العربيــة يف‬ ‫لبنــان‪ ،‬واألردن‪ ،‬وقطــر‪ ،‬واململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية‪ ،‬والكويــت‪ ،‬والبحريــن التــي تح ّملــت‬ ‫الدمــار املــادي لفروعهــا ومكاتبهــا يف املــدن‬ ‫التــي تعــاين مــن العنــف والرسقــة مــن ِقبــل‬ ‫العصابــات وميليشــيات كال الجانبــن املتحاربــن‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل عمليــات تفتيــش صارمــة مــن‬ ‫قبــل النظــام عــى العمــات األجنبيــة واختــاس‬ ‫مــن ِقبــل بعــض موظفيهــا‪ ،‬ونتيجــة لصعوبــة‬ ‫التخــارج مــن هــذا الوضــع االقتصــادي املتدهــور‬ ‫قــررت البقــاء لحــن حســم الــراع‪ ،‬وســتبقى‬ ‫عــى األرجــح لفــرة طويلــة‪.‬‬ ‫وإذا بحثنــا يف ســبب هــذه املرونــة يعيدنــا‬ ‫إىل التغيــرات الجذريــة يف القطــاع املــريف يف‬ ‫البــاد يف العقــد الــذي ســبق ثــورة عــام ‪2011‬‬ ‫واملتمثــل يف قــرار الحكومــة بتحريــر القطــاع‬

‫املــريف يف عــام ‪ 2003‬بعــد تســليم الســلطة‬ ‫إىل وريــث عــرش أبيــه بشــار األســد بعــد‬ ‫وفــاة والــده يف عــام ‪ ،2000‬يكــون النظــام‬ ‫بهــذا الوضــع قــد أنهــى‪ ،‬مــن الناحيــة الفنيــة‪،‬‬ ‫احتــكار الدولــة للنظــام املــايل الــذي يعــود‬ ‫تاريخــه إىل تأميــم املصــارف الخاصــة يف ســوريا‬ ‫يف ســتينيات القــرن املــايض‪ .‬وبالعــودة لنقطــة‬ ‫التحــول االقتصــادي كانــت هــذه اللحظــة‬ ‫الفاصلــة لالقتصــاد الســوري لتكــون بذلــك جــزءا ً‬ ‫مــن خطــة الحكومــة «ظاهري ـاً» للتحــرك نحــو‬ ‫اقتصــاد الســوق االجتامعــي‪ ،‬مــع رؤيــة تبنــي‬ ‫مبــادئ الســوق الرأســالية يف نهايــة األمــر‪.‬‬ ‫مل يكــن هــدف بشــار ســوى تجديــد العقــود‬ ‫الثالثــة مــن الهيــكل الشــعبي يف «النهــوض‬ ‫الســلطوي» إىل انتهــاج سياســات ماليــة‬ ‫واقتصاديــة ليرباليــة جديــدة‪ .‬الهــدف منهــا ليس‬ ‫تحويــل االقتصــاد الســوري إىل ســوق رأســايل‬ ‫مفتــوح كــا روج النظــام‪ ،‬ولكــن الهــدف‬ ‫الحقيقــي هــو تحويــل األصــول العامــة يف نهايــة‬ ‫املطــاف إىل شــبكة مــن الرأســاليني املقربــن‬ ‫مــن النظــام مــن خــال التخــي ظاهريــاً عــن‬ ‫السياســات االشــراكية يف عــر مــا بعــد‬ ‫الشــعبوية الــذي بلــغ ذروتــه مــع إنشــاء ســوق‬ ‫دمشــق لــأوراق املاليــة يف عــام ‪ .2009‬وبذلــك‬ ‫ارتفــع عــدد الــركات املدرجــة يف البورصــة منــذ‬ ‫ذلــك الوقــت‪ ،‬حتــى بعــد عــام ‪ ،2011‬وتضــم‬ ‫حالي ـاً ‪ 23‬رشكــة تغطــي قطاعــات مثــل وســائل‬ ‫النقــل‪ ،‬ووســائل اإلعــام‪ ،‬والصناعــة‪ ،‬والزراعــة‪،‬‬ ‫والخدمــات املرصفيــة والتأمــن‪.‬‬ ‫مل يكــن الهــدف مــن إصــاح النظــام املــايل هــو‬ ‫القضــاء عــى وجــود البنــوك العامــة يف البــاد‬

‫يف حــن أن هنــاك ســتة بنــوك مملوكــة للدولــة‪،‬‬ ‫لكــن املــرف التجــاري الســوري ال يـزال األكــر‬ ‫يف البــاد مــن حيــث األصــول والعمليــات‬ ‫والخدمــات‪ ،‬ويصــل رأس مــال البنــك إىل ‪7‬‬ ‫مليــارات لــرة ســورية (مــا يقــرب مــن ‪1.55‬‬ ‫مليــار دوالر يف قيمــة مــا قبــل الــراع التــي‬ ‫وصلــت إىل ‪ 45‬لــرة ســورية‪ /‬الــدوالر األمريــي)‬ ‫وهــو بذلــك يتجــاوز القيمــة املجمعــة مــن رأس‬ ‫املــال للمصــارف الخاصــة يف ســوريا‪ .‬ويعــود‬ ‫ذلــك إىل حــد كبــر إىل مركزيــة املعامــات‬ ‫والودائــع املاليــة الحكوميــة يف البنــك‪ ،‬واحتــكار‬ ‫البنــك التجــاري الســوري مليزانيــة وإيــرادات‬ ‫الدولــة الســورية مســتثنية بذلــك مشــاركة‬ ‫البنــوك الخاصــة والقطــاع الخــاص مــن املشــاركة‬ ‫يف مشــاريع التنميــة بالبــاد عــى جميــع‬ ‫األصعــدة‪.‬‬ ‫أعــاد النظــام املــريف الســوري الخــاص الــذي‬ ‫أنشــئ حديثـاً توزيــع حصــة الســوق االحتكاريــة‬ ‫مــن املصــارف العامــة مــع املقرضــن مــن‬ ‫القطــاع الخــاص‪ ،‬مــع الحفــاظ عــى درجــة مــن‬ ‫الحاميــة لتحافــظ البنــوك اململوكــة للدولــة‬ ‫عــى احتــكار الخدمــات املرصفيــة والنقديــة‪.‬‬ ‫وكان هــذا اإلج ـراء جــزءا ً مــا يطلــق «الطريــق‬ ‫الوســط» الــذي يســمح بتوســع ظاهــري للقطــاع‬ ‫الخــاص يف حــن إصــاح جوهــري للــركات‬ ‫املرصفيــة اململوكــة للدولــة‪.‬‬ ‫نتيجــ ًة لهــذه البيئــة املناســبة جذبــت البنــوك‬ ‫الخاصــة املزدهــرة رجــال األعــال مــن أصحــاب‬ ‫النفــوذ الســيايس‪ ،‬مبــن يف ذلــك العديــد‬ ‫مــن اللصــوص السياســيني الســابقني وكبــار‬ ‫مســؤويل األمــن املرتشــن‪ ،‬والــركاء الطبيعيــن‬

‫للمســتثمرين مــن املؤسســات األجنبيــة التــي‬ ‫طُلــب منهــا ملكيــة ســورية بنســبة ‪49%‬‬ ‫للحصــول عــى رخصــة العمــل حتــى عــام ‪.2010‬‬ ‫ومــن خــال اســتعراض شــامل لإلفصاحــات التــي‬ ‫قدمتهــا املصــارف الخاصــة املدرجــة يف ســوق‬ ‫دمشــق لــأوراق املاليــة تشــر إىل وجــود اتجــاه‬ ‫مامثــل‪ ،‬حيــث ميتلــك بعــض مــن رجــال األعــال‬ ‫الســوريني البارزيــن‪ ،‬وبعضهــم متّــت معاقبتــه‬ ‫بســبب دعمــه للنظــام الســوري‪ ،‬عــددا ً كبــرا ً‬ ‫مــن األســهم إىل جانــب كونهــم أعضــاء مبجالــس‬ ‫اإلدارة يف العديــد مــن البنــوك‪ .‬وهنــاك مــا ال‬ ‫يقــل عــن ‪ 23‬مــن املســتثمرين الذيــن تجــاوزت‬ ‫أســهم امللكيــة الخاصــة بهــم مليــون ســهم‪ .‬ومع‬ ‫أكــر مــن ‪ 36‬مليــون ســهم بشــكل إجــايل‪ ،‬فــإ ّن‬ ‫هــؤالء األف ـراد يشــكلون ‪ 4.5%‬عــى األقــل مــن‬ ‫األســهم الشــاملة للمصــارف الخاصــة و‪ 11%‬مــن‬ ‫ملكيــة األســهم الكليــة للمســتثمرين‪.‬‬ ‫هــذا هــو عـ َرض مــن أعـراض ظهــور جيــل جديد‬ ‫مــن اللصــوص «رجــال أعــال النظــام»‪ ،‬الذيــن‬ ‫تحولــت عالقتهــم مــع الدولــة مــن تحالــف األمر‬ ‫الواقــع منــذ وصــول بشــار األســد إىل الســلطة‬ ‫إىل العمــود الفقــري املــايل املركــزي للنظــام اآلن‪.‬‬ ‫ومــن خــال املشــاريع التجاريــة املشــركة وزواج‬ ‫املتعــة والســفاح بــن أفـراد الســلطة ولصوصهــا‪،‬‬ ‫نتــج عــن هــذا التحالــف هيمنــة اللصــوص مــن‬ ‫رجــال أعــال النظــام عــى القطاعــات املربحــة‪،‬‬ ‫مبــا يف ذلــك الطاقــة‪ ،‬والخدمــات املرصفيــة‬ ‫واملاليــة‪ ،‬والبنــاء‪ ،‬والســياحة‪ ،‬ومشــاريع البنيــة‬ ‫التحتيــة‪ ،‬وهــذا بــدوره ضمــن البقــاء االقتصــادي‬ ‫للنظــام الســوري‪.‬‬ ‫بالرغــم مــن كل الجهودهــم الراميــة إىل عــزل‬

‫النظــام الســوري‪ ،‬فرضــت الواليــات املتحــدة‬ ‫واالتحــاد األورويب عقوبــات عــى ع ـرات مــن‬ ‫رجــال األعــال اللذيــن ميثلــون واجهــة فاســدة‬ ‫للمســؤولني األمنيــن والسياســيني‪ ،‬وبعــض منهــم‬ ‫مــن حملــة األســهم وأعضــاء مجلــس اإلدارة‬ ‫لهــذه املصــارف الخاصــة‪ .‬وكان الهــدف مــن‬ ‫هــذه العقوبــات هــو قطــع العالقــات الوثيقــة‬ ‫بــن األعــال التجاريــة والتمويــات السياســة‬ ‫للنظــام‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬فشــلت هــذه السياســة إىل‬ ‫حــد كبــر ألن معظــم رجــال األعــال لديهــم‬ ‫اســتثامرات كبــرة داخــل البــاد تفــوق أصولهــم‬ ‫ومصالحهــم التجاريــة يف الخــارج‪ .‬وبذلــك‬ ‫أدت عالقتهــم الوثيقــة مــع النخبــة السياســية‬ ‫الحاكمــة إىل اإلســهام بشــكل كبــر يف بقــاء نظــام‬ ‫األســد‪.‬‬ ‫أكــر مــن أربــع ســنوات مــن العقوبــات الصارمة‬ ‫مل تــؤ ِد إىل تخــي كتلــة كبــرة مــن رجــال األعامل‬ ‫عــن النظــام الســوري‪ .‬يف حــن أ ّن البعــض قــرر‬ ‫لكــن‬ ‫تصفيــة اســتثامراته يف هــذه البنــوك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البعــض اآلخــر زادوا اســتثامراتهم عــى الرغــم‬ ‫مــن املخاطــر التشــغيلية واألمنيــة واملخاطــر‬ ‫املتعلقــة بســمعة البــاد‪ .‬وباإلضافــة إىل ذلــك‪،‬‬ ‫االســتثامرات الكبــرة التــي قامــوا بهــا‪ ،‬والحاجــة‬ ‫إىل خطــة إعــادة إعــار للبــاد بتمويــل خــاص‬ ‫وعاملــي بعــد انتهــاء الـراع ســتتجاوز توقعــات‬ ‫الخــروج مــن البــاد‪ .‬ومــن املفارقــات أن إعــادة‬ ‫بنــاء ســوريا يف املســتقبل قــد تكمــن بــن أيــدي‬ ‫هــؤالء املســتثمرين‪ ،‬إال إذا قــررت الحكومــة‬ ‫الجديــدة مصــادرة أصــول رجــال أعــال النظــام‬ ‫وتوجيــه رضبــة قويــة لهــذا القطيــع مــن‬ ‫اللصــوص‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫مازن عدي‬ ‫‪1‬ـ مدخل إىل فهم أزمة املعارضة‬ ‫السورية‪:‬‬ ‫يف املفهــوم؛ األنظمــة السياســية التــي ال‬ ‫تحــرم القانــون‪ ،‬ال تعــرف بوجــود معارضــة‬ ‫لهــا؛ اذ متنــع وجودهــا وال تعــرف برشعيتهــا ويف‬ ‫أحســن الحــاالت تقيــد نشــاطها‪ ،‬ومــن يخالفهــا‬ ‫الــرأي تعتربهــم أعــداء ومتآمريــن‪ .‬وبالتــايل‬ ‫يكــون ملصطلــح «املعارضــة» مفهــوم ملتبــس‪،‬‬ ‫ويف كثــر مــن الحــاالت وخــارج نطــاق األنظمــة‬ ‫الدميقراطيــة الــذي نشــأ يف ظلهــا مفهــوم‬ ‫املعارضــة‪ ،‬ال يصلــح هــذا املفهــوم للتعبــر عــن‬ ‫القــوى السياســية التــي تعمــل عــى إحــداث‬ ‫تغيــرات يف النظــام الســيايس القائــم أو التــي‬ ‫ترمــي إىل اســقاطه واســتبداله بآخــر‪ .‬ويتعقــد‬ ‫األمــر حــن تحصــل انتفاضــات شــعبية أو ثــورة‬ ‫كــا هــو الحــال يف ســوريا ليصبــح هــذا املفهــوم‬ ‫غــر قــادر عــى اإلحاطــة مبعطيــات الواقــع ألن‬ ‫جــدل التناقضــات يعيــد صياغــة االســتقطابات؛‬ ‫بــل تعقــد األمــر أكــر ملــا تحولــت الثــورة‬ ‫الســورية إىل مــا يســمى األزمــة أو القضيــة‬ ‫الســورية بأبعادهــا اإلقليميــة والدوليــة‪،‬‬ ‫وتحولــت الســاحة الســورية إىل ســاحة رصاع‬ ‫مفتوحــة عــى كل االحتــاالت‪.‬‬ ‫يف الصــرورة؛ املعارضــة السياســية يف ســوريا‬ ‫وأقولهــا تجــاوزا ً‪ -‬تبلــورت خــال الحقبــة‬‫األســدية (منــذ عــام ‪ )1970‬بالدرجــة األوىل مــن‬ ‫قــوى وتيــارات سياســية ذات توجــه قومــي أو‬ ‫اش ـرايك كان لهــا دور يف الحيــاة السياســية ويف‬ ‫املؤسســة العســكرية؛ قســم منهــا ســبق أن أيــد‬ ‫حافــظ األســد بعــد إمســاكه للســلطة وانقالبــه‬ ‫عــى حزبــه (البعــث العــريب االشـرايك) إذ خــرج‬ ‫مــن إطــار تحالفــه معــه (مــن موقــع اإللحــاق)‬ ‫وفــق صيغــة «الجبهــة الوطنيــة التقدميــة»‬ ‫وشــكل‪ ،‬بعــد سلســلة مــن الحــوارات‪ ،‬تحالف ـاً‬ ‫معارضــاً لسياســات األســد بــدءا ً مــن عــام‬ ‫‪ 1976‬عــام التدخــل الســوري املبــارش يف األزمــة‬ ‫اللبنانيــة‪ .‬أنتــج هــذا التحالــف اســراتيجيته‬ ‫لالنتقــال الســلمي إىل الدميقراطيــة عــام ‪1979‬‬ ‫بوثيقــة تأسيســية عرفــت مبيثــاق «التجمــع‬ ‫الوطنــي الدميقراطــي» الــذي ضــم عــددا ً مــن‬ ‫األحــزاب (حــزب االتحــاد االشــرايك‪ /‬جــال‬ ‫األتــايس‪ ،‬يوســف الصياصنــة والحــزب الشــيوعي‬ ‫الســوري‪ -‬املكتــب الســيايس‪ -‬فيــا بعــد أطلــق‬ ‫عليــه حــزب الشــعب الدميقراطــي الســوري‪/‬‬ ‫ريــاض الــرك‪ ،‬عمــر قشــاش‪ ،‬فايــز الفــواز‪.‬‬ ‫وحــزب العــال الثــوري‪ /‬ياســن الحافــظ‪ ،‬طارق‬ ‫أبــو الحســن‪ .‬وحركــة االشـراكيني العــرب‪ /‬أكــرم‬ ‫الحــوراين‪ ،‬عبــد الغنــي عيــاش‪ .‬وحــزب البعــث‬ ‫الدميقراطــي‪ /‬إبراهيــم ماخــوس‪ ،‬عقــاب يحــي)‬ ‫وبقــي «التجمــع» القطــب األهــم يف املعارضــة‬ ‫السياســية حتــى نهايــة حقبــة األســد األب‪،‬‬ ‫رغــم تعرضــه خاللهــا لضغوطــات واعتقــاالت‬ ‫طالــت مئــات مــن كــوادره ونشــطائه‪ ،‬وكذلــك‬ ‫طــال القمــع مجموعــات وحــركات سياســية‬ ‫أخــرى تعــارض األســد تعــود مبرجعياتهــا للفكــر‬ ‫القومــي أو االشـرايك مثــل جنــاح حــزب البعــث‬ ‫املــوايل لقيــادة حــزب البعــث العراقــي وحــزب‬ ‫العمــل الشــيوعي‪ /‬فاتــح جامــوس‪ ،‬أصــان عبــد‬ ‫الكريــم‪ ،‬أكــرم بنــي‪ .‬وقســم آخــر نشــأ مــن رحم‬ ‫التيــارات اإلســامية وبشــكل رئيــي مــن حركــة‬ ‫اإلخــوان املســلمني وأظهــر معارضتــه للنظــام‬ ‫مــن خــال اعرتاضــه عــى مــا يســمى الدســتور‬ ‫الدائــم عــام ‪ 1973‬وبعدهــا لجــوء (الطليعــة‬ ‫املقاتلــة) املنبثقــة عنــه إىل مامرســة العنــف‪.‬‬ ‫جــاء صعــود العمــل املعــارض ردا ً عــى تنامــي‬ ‫اســتبداد النظــام وقوننتــه واإلمعــان يف سياســات‬ ‫التمييــز والفســاد واإلفقــار (انحــدر ‪ 60%‬مــن‬ ‫الســكان تحــت خــط الفقــر) وفــق العمــل‬ ‫املمنهــج لنظــام حافــظ األســد يف إلغاء السياســة‬ ‫مــن املجتمــع واحتــكار الحقــل الســيايس‪ ،‬وبنــاء‬ ‫نظــام شــمويل يضاهــي يف قمعــه وجرامئــه أعتــى‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املعارضة السورية والتحديات الراهنة‬ ‫األنظمــة الشــمولية يف العــامل‪ ..‬وكان مــا حصــل‬ ‫يف ســوريا ومدينــة حــاة خصوصـاً خــال أعــوام‬ ‫‪ 1982-1979‬شــاهدا ً عــى جرائــم كــرى جــرى‬ ‫تعميمهــا بشــكل واســع مــن قبــل االبــن بشــار‬ ‫األســد وال يــزال ماضيــاً يف ســعيه املحمــوم‬ ‫بدعــم مــن حلفائــه للقضــاء عــى االنتفاضــة‬ ‫الشــعبية الكــرى منــذ آذار‪ 2011‬ولــو أدى‬ ‫ذلــك إىل ارتــكاب أشــنع الجرائــم وتدمــر البــاد‬ ‫وتهجــر معظــم الشــعب الســوري (حتــى اآلن‬ ‫جــرى ترحيــل وتهجــر نصــف الســكان داخــل‬ ‫ســوريا وخارجهــا وقتــل مئــات األلــوف)‪.‬‬ ‫قبــل الثــورة بلــغ العمــل الســيايس املعــارض‬ ‫يف عهــد بشــار األســد ذروتــه عــام ‪2005‬‬ ‫بتشــكيل تحالــف عريــض مــن قــوى سياســية‬ ‫يســارية وليرباليــة وإســامية وقوميــة مبــا فيهــا‬ ‫أحــزاب كرديــة ورسيانيــة توافــق عــى إعــان‬ ‫مبــادئ للتغيــر الدميقراطــي يف ســوريا أطلــق‬ ‫عليــه «إعــان دمشــق» والــذي عقــد مجلســه‬ ‫األول يف نهايــة عــام ‪ 2007‬وشــكل حالــة مــن‬ ‫التوافــق الســيايس الواســع النطــاق لســوريا‬ ‫املســتقبل معتمــدا ً ليــس فقــط عــى القــوى‬ ‫املعارضــة التــي أرشنــا إليهــا يف مرحلــة حافــظ‬ ‫األســد بــل أيض ـاً مــا أتاحتــه فســحة االنحســار‬ ‫املؤقــت آللــة القمــع‪ ،‬وتشــكل املنتديــات يف‬ ‫الســنوات األوىل لوراثــة بشــار الحكــم مــن‬ ‫أبيــه‪ ،‬وبالتــايل انــدراج قــوى جديــدة انبثقــت‬ ‫مــع ربيــع دمشــق وحــراك النخبــة الثقافيــة‬ ‫وتبلــور مجموعــات جديــدة ذات توجــه ليـرايل‬ ‫أو إســام دميقراطــي باإلضافــة ملشــاركة أو تأييــد‬ ‫اإلخــوان املســلمني‪.‬‬ ‫خــرج املجلــس الوطنــي إلعــان دمشــق‬ ‫بانتخــاب رئيــس للمجلــس‪ /‬د فــداء حــوراين‬ ‫وأمانــة عامــة برئاســة ‪/‬أ‪ .‬ريــاض ســيف‪.‬‬ ‫بعــد الثــورة تغــر مفهــوم املعارضــة ومل يعــد‬ ‫يصلــح ملعرفــة‪ ،‬وفهــم القــوى والحــركات التــي‬ ‫شــاركت بالثورة ألن خارطة القــوى واملجموعات‬ ‫والحــركات تداخلــت مــع التداخــل يف األنشــطة‬ ‫املدنيــة واإلعالميــة والسياســية والعســكرية‪،‬‬ ‫ومــا يصطلــح عليــه اليــوم باملعارضــة السياســية‬ ‫هــي الكيانــات السياســية التــي تتبنــى مطالــب‬ ‫الثــورة أو جــزءا ً منهــا ســواء القــوى التــي تقيــم‬ ‫قياداتهــا الرئيســية يف الخــارج والتــي تبنــت‬ ‫شــعار اســقاط النظــام وإقامــة نظــام تعــددي‬ ‫دميقراطــي مثــل القــوى املنضويــة يف إطــار‬ ‫«االئتــاف الوطنــي للمعارضــة وقــوى الثــورة»‬ ‫أو «املجلــس الوطنــي» أو «الكتلــة الوطنيــة‬ ‫الجامعــة» أو «املنــر الدميقراطــي»‪ ..‬أو تلــك‬ ‫التــي تقيــم قياداتهــا داخــل ســورية تحــت‬ ‫مراقبــة وقيــود النظــام كـ»هيئــة التنســيق‬ ‫الوطنيــة أو «تيــار بنــاء الدولــة» والتــي ال زالــت‬ ‫تطــرح برنامجــاً إصالحيــاً‪ ..‬وتشــكلت أيضــاً‬ ‫كيانــات اعتــرت نفســها كيانــات ثوريــة انبثقــت‬ ‫مــن التنســيقيات امليدانيــة واملجالــس املحليــة‬ ‫التــي كان لهــا دورا ً كبـرا ً يف مرحلــة املظاهـرات‬ ‫وحاميتهــا‪ ،‬ويف املرحلــة الســلمية والنشــاط‬ ‫اإلغــايث واإلعالمــي التــي رافقتهــا‪ ،‬وهــي بالتــايل‬ ‫تُ ــارس نشــاطاً سياســياً متداخــاً مــع أنشــطة‬ ‫مدنيــة (إغاثيــة أو خدميــة) وإعالميــة وأحيان ـاً‬ ‫عســكرية مــن خــال كتائــب محليــة كان‬ ‫ينضــوي معظمهــا تحــت الفتــة الجيــش الحــر‬ ‫واضطــر بعضهــا لتغيــر والءاتــه بســبب تجفيف‬ ‫منابــع الدعــم اللوجســتي‪ ،‬وطــرأت تحــوالت‬ ‫كثــرة يف تكوينــة هــذه الكيانــات مثــل لجــان‬ ‫التنســيق املحليــة أو هيئــة الثــورة؛ بعضهــا‬ ‫تقلــص وانتهــى أو انضــوى أو اندمــج مــع‬ ‫آخريــن أو نشــأت تشــكيالت جديــدة تحــاول أن‬ ‫تســتفيد مــن تجربــة الســنوات املاضيــة والتعــر‬ ‫الــذي أصــاب االئتــاف أو املجلــس الوطنــي‬ ‫وبعضهــا يطــرح مــروع إنقــاذي لتوحيــد قــوى‬ ‫الثــورة ومأسســتها كحركــة اإلنقــاذ الوطنــي أو‬ ‫يقــدم مرشوع ـاً جديــدا ً لتأســيس حــزب جديــد‬ ‫يتيــح لــه كـ»حــزب الجمهوريــة» العلــاين أو‬ ‫حــزب «وعــد» اإلســامي‪.‬‬

‫‪ -2‬يف أزمة املعارضة السورية‬ ‫والتحديات القائمة‪:‬‬ ‫لقــد طــرأت تحــوالت كــرى يف الخارطــة‬ ‫السياســية وجــرى فــرز ضمــن القــوى السياســية‬ ‫التقليديــة عــى أســاس املوقــف مــن الثــورة مبــا‬ ‫يف ذلــك داخــل أحــزاب «الجبهــة التقدميــة»‬ ‫إذ انســلخت مجموعــات قاعديــة كبــرة‬ ‫كانــت تنتمــي إىل حــزب البعــث أو الحــزب‬ ‫الشــيوعي املــوايل التحقــت بقــوى الثــورة‬ ‫وكذلــك االنشــقاقات يف الجهــاز الحكومــي‬ ‫ويف املؤسســة العســكرية‪ ،‬كــا مل تنــج معظــم‬ ‫األحــزاب السياســية التــي أعلنــت تأييدهــا‬ ‫وانخراطهــا يف الثــورة مــن مفاعيــل ومضاعفــات‬ ‫الحالــة الثوريــة وتجربــة الســنوات الفائتــة‬ ‫وحصلــت اســتقطابات وفــرز داخلهــا جوهــره‬ ‫التناقــض بــن البنيــة التقليديــة لهــذه األحـزاب‬ ‫وعــدم قدرتهــا عــى التكيــف مــع واقــع الثــورة‬ ‫كمؤسســات‪ ،‬وبــن كوادرهــا وجمهورهــا‬ ‫املنخــرط يف الثــورة والعمــل امليــداين املعــرض‬ ‫عــى أداء قياداتهــا وأســاليب عملهــا أو‬ ‫تحالفاتهــا (حــزب االتحــاد االشــرايك مثــاالً)‪.‬‬ ‫ووجــدت حركــة اإلخــوان املســلمني فرصتهــا‬ ‫إلعــادة ترتيــب بيتهــا الداخــي وإعــادة جــر‬ ‫الهــوة بينهــا وبــن جمهورهــا بعــد مرحلــة مــن‬ ‫القمــع املديــد‪ ،‬واســتثمرت شــبكتها الدوليــة‬ ‫وعالقاتهــا اإلقليميــة يف تقويــة نفوذهــا داخــل‬ ‫مؤسســات املجلــس الوطنــي واالئتــاف بعــد‬ ‫أن أعلنــت التزامهــا عــى الصعيــد النظــري‬ ‫مببــادئ التغيــر الدميقراطــي وقبولهــا بشــعار‬ ‫الدولــة املدنيــة‪ .‬كــا أدى حجــم الخســائر‬ ‫الكبــر يف القــوى املدنيــة إىل صعــود للتيــارات‬ ‫الســلفية التــي وجــدت رعايــة واحتضــان مــن‬ ‫دول وأوســاط خليجيــة‪ ،‬ومــع تخــي املجتمــع‬ ‫الــدويل عــن واجبــه بحاميــة املدنيــن‪ ،‬وتقاعســه‬ ‫يف إيجــاد حــل جــدي لألزمــة الســورية رغــم‬ ‫ارتــكاب النظــام ملجــاز جامعيــة مدانــة بــكل‬ ‫املعايــر واســتخدامه األســلحة املحرمــة دوليــاً‬ ‫مبــا فيهــا الســاح الكيــاوي‪.‬‬ ‫مــن املعــروف أن تفجــر انتفاضــة الشــعب‬ ‫الســوري يف آذار ‪ 2011‬ضــد النظــام الشــمويل‬ ‫لحكــم عائلــة األســد وتحولهــا إىل ثــورة جــاءت‬ ‫بتحريــض مبــارش مــن ريــاح الربيــع العــريب‪،‬‬ ‫وكان عامدهــا الفئــات االجتامعيــة املهمشــة‬ ‫ونخــب شــبابية حداثويــة حافظــت عــى‬ ‫طابعهــا الســلمي ألكــر مــن ســتة أشــهر‪ ،‬ثــم‬ ‫دفعــت األمــور باتجــاه مــن العســكرة‪ ،‬وطــرأت‬ ‫تحــوالت كبــرة يف بنيــة الكيانــات الشــعبية‬ ‫الثوريــة وازدادت ظاهــرة االنشــقاق مــن‬ ‫الجيــش أو عــدم التحــاق الشــبان بالخدمــة‬ ‫العســكرية‪ ،‬وتشــكل كتائــب مســلحة محليــة‬ ‫تحــت عنــوان الجيــش الحــر‪ ..‬ومــع تغــول‬ ‫النظــام يف ارتــكاب مجــازر ذات طابــع طائفــي‬ ‫(الحولــة‪ ،‬كــرم الزيتــون‪ )..‬ومــع إطــاق رساح‬ ‫مــا يزيــد عــن ‪ 500‬معتقــل جهــادي إســامي‬ ‫مــن ســجون النظــام ســبق لــه أن اســتقطبهم‬ ‫وجندهــم وأرســلهم للعــراق‪ ،‬كذلــك فعــل‬ ‫«املالــي» يف العــراق عندمــا أفلــت مئــات‬ ‫املعتقلــن مــن عنــارص القاعــدة وجــدت أرضيــة‬ ‫خصبــة للتطــرف ولدخــول منظــات جهاديــة‬ ‫تنتمــي للقاعــدة (جبهــة النــرة وتنظيــم الدولة‬ ‫االســامية‪/‬داعش) وكان يجــري كل ذلــك تحــت‬ ‫نظــر العــامل إن مل يكــن بتشــجيع مــن أجهــزة‬ ‫اســتخبارات دوليــة‪.‬‬ ‫اإلجـراءات التعســفية واالعتقــاالت التــي طالــت‬ ‫مــا يقــارب مليــون مواطــن ســوري لفــرات‬ ‫مؤقتــة أو مديــدة والتي شــملت معظــم مناطق‬ ‫ســوريا ومــع تصعيــد األســاليب الوحشــية يف‬ ‫التعذيــب‪ ،‬تســبب يف خســارة نخبــة شــبابية كان‬ ‫لهــا دور كبــر يف إطــاق االنتفاضــة الســورية‬ ‫ويف التعبــر الواضــح عــن طابــع توجهاتهــا‬ ‫املدنيــة والدميقراطيــة‪،‬‬ ‫(مثــال ‪ 11‬ألــف وثيقــة‪ /‬شــهادة عــن حــاالت‬ ‫املــوت تحــت التعذيــب وهــي تشــمل فقــط‬

‫ثــاث فــروع أمنيــة يف دمشــق وســجن صيدنايا)‬ ‫باإلضافــة إىل تكــرار املجــازر بحــق املدنيــن‬ ‫والقصــف املســتمر لألحيــاء الســكنية واملرافــق‬ ‫العامــة مــا أدى كل ذلــك إىل تغي ـرات كبــرة‬ ‫دميغرافيــة ويف الحواضــن االجتامعيــة‪.‬‬ ‫ميكــن تلخيــص أبــرز األزمــات والتحديــات التــي‬ ‫تواجههــا املعارضــة بالعناويــن التاليــة؛‬ ‫ تخــي املجتمــع الــدويل عــن حاميــة املدنيــن‬‫يف ســوريا رغــم اســتخدام النظــام لألســلحة‬ ‫الكيامويــة واالفتقــاد إىل حلفــاء داعمــن‬ ‫حقيقيــن ملــروع الثــورة بوجهــه املــدين‬ ‫الدميقراطــي‪.‬‬ ‫ ازديــاد حجــم التدخــات اإلقليميــة والدوليــة‬‫بســب أخطــاء املعارضــة أفقدهــا الكثــر مــن‬ ‫هامــش اســتقاللية الق ـرار‪.‬‬ ‫ تدويل املسألة السورية‪.‬‬‫تــرذم قواهــا واألداء الســيئ ملؤسســاتها وعــدم‬ ‫التخلــص مــن أمراضهــا الذاتيــة تختــر تجربــة‬ ‫الســنوات الســابقة‪.‬‬ ‫ أزمــة االرتبــاط مــع الداخــل وعجزهــا عــن‬‫تلبيــة الحــد األدىن مــن متطلباتــه مــا أفقدهــا‬ ‫الكثــر مــن مصداقيتهــا‪.‬‬ ‫ أزمــة الفجــوة الجيليــة نتيجــة القحــط‬‫الســيايس الــذي أصــاب املجتمــع الســوري خــال‬ ‫عقــود مــا خلــق فجــوة بــن جيــل املعارضــن‬ ‫السياســيني الــذي تصــدروا املشــهد الســيايس‬ ‫والذيــن يحملــون الكثــر مــن أم ـراض املــدارس‬ ‫السياســية وجيــل الشــباب الذيــن أطلقــوا‬ ‫الثــورة وقدمــوا ويقدمــون التضحيــات‪.‬‬ ‫ أزمــة قــراءة املوقــف الــدويل واإلقليمــي‬‫بشــكل دقيــق ورضورة بنــاء اســراتيجية عــى‬ ‫أســوأ االحتــاالت‪.‬‬ ‫ تحــدي املنظــات الجهاديــة والقــوى‬‫ا النفصا ليــة ‪.‬‬ ‫ تحــدي املشــاريع واملبــادرات الدوليــة التــي‬‫تســعى لفــرض صيــغ لحلــول مؤقتــة ال تلبــي‬ ‫الحــد األدىن مــن مطالــب الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫‪ -3‬يف البحث عن خمارج‪:‬‬ ‫هنــاك حالــة مخــاض عميقــة قامئــة يف أوســاط‬ ‫املعارضــة نحــو؛‬ ‫مســاعي توحيــد الجهــود والربامــج واملأسســة‬‫وانت ـزاع هامــش مــن الق ـرار يف صياغــة الواقــع‬ ‫الســوري‬ ‫ جــر الهــوة بــن التعبــرات السياســية مــع‬‫القــوى الفاعلــة والكامنــة يف الداخــل‪.‬‬ ‫توظيــف طاقــات املهجريــن قــرا ً‪ ،‬والذيــن‬ ‫بلغــوا مــا يزيــد عــى أربعــة مليــون والجاليــات‬ ‫الســورية القدميــة التــي تفوقهــم عــددا ً والتــي‬ ‫تفاعــل قســم منهــا مــع الحالــة الثوريــة يف‬ ‫ســوريا ومتتلــك نخــب منهــا طاقــات وكفــاءات‬ ‫كبــرة داخــل بلــدان االغـراب وعــى األخــص يف‬ ‫الغــرب (أوربــا وأمريــكا)‪.‬‬ ‫ خــوض معركــة الــرأي العــام وإبــراز عدالــة‬‫القضيــة‪.‬‬ ‫تواجــه املعارضــة الســورية بعــد مــي أربــع‬ ‫ســنوات مــن املحنــة الســورية التــي دفــع‬ ‫الشــعب الســوري أفــدح األمثــان يف زمننــا‬ ‫املعــارص مخاضـاً عسـرا ً عليهــا‪ :‬تقييــم التجربــة‬ ‫مبنظــور تاريخــي‪ ،‬توحيــد الجهــد‪ ،‬تغيــر‬ ‫املعــادالت يف الداخــل والعمــل مــن أجــل يكــون‬ ‫الشــعب الســوري رقـاً صعبـاً يف تقريــر مصــره‬ ‫ومســتقبله‪.‬‬ ‫هــل تبقــى يف حالــة انتظــار لفــرض حــل مــا؟‬ ‫أم تعمــل عــى احتــاالت أســوأ الظــروف‬ ‫وتبنــي اســراتيجية تعتمــد عــى الشــعب‬ ‫الســوري وحلفائــه مــن القــوى الدميقراطيــة يف‬ ‫املجتمعــات املدنيــة أمــام تغــول قــوى الــر يف‬ ‫العــامل واالنتهــاكات الصارخــة بحقــوق اإلنســان‬ ‫وصعــود اليمــن املتطــرف وأشــكال من الفاشــية‬ ‫الجديــدة‪.‬‬ ‫أســئلة كثــرة مطروحــة أمــام واقــع معقــد‬ ‫وعســر تواجهــه ســوريا كوطــن وشــعب‬ ‫ومســتقبل ‪.‬‬

‫اهلج��رة ب�ين الواق��ع‬ ‫واملتوق��ع‬ ‫خلف الخلف‬ ‫الصــورة التــي يرســمها املفكــر والباحــث‬ ‫(املفكــر بالهجــرة إىل اوربــا والباحــث عــن‬ ‫حيــاة جديــدة)‪ ،‬غالبــا مــا تكــون مرصعــة‬ ‫باألحــام واملغامــرات ‪ ،‬والرفاهيــة و الحيــاة‬ ‫العرصيــة ‪ ،‬بعيــدا عــن املــوت والــرد والجــوع‪،‬‬ ‫باإلضافــة لكونهــا فرصــة يجــب اســتغاللها ‪،‬‬ ‫فقــد فتحــت أوربــا ابوابهــا للســوريني ‪ ،‬بعــد‬ ‫أن كانــت موصــدة ‪ ،‬بــل كانــت حلــا صعــب‬ ‫املنــال ‪.‬‬ ‫هنــاك مــن يقــول أنــه يوجــد فــرق بــن‬ ‫املهاجــر والالجــئ ‪ ،‬وحتــى يف القانــون االوريب‬ ‫يوجــد ملثــل هــذه الحــاالت مــا يفــرق بــن‬ ‫الهجــرة واللجــوء ‪ ،‬فيقولــون أن املهاجــر‬ ‫مــن تــرك وطنــه وهاجــر إىل إحــدى الــدول‬ ‫األوربيــة بحثــا عــن حيــاة أفضــل ‪ ،‬مــع عــدم‬ ‫وجــود أي مهــدد لحياتــه يف وطنــه األصــي‬ ‫‪،‬ولكــن الرغبــة يف حيــاة أفضــل ‪ ،‬أمــا الالجــئ‬ ‫فهــو مــن قصــد إحــدى الــدول األوربيــة هربــا‬ ‫مــن املــوت ٱو مــا يهــدد حياتــه بالخطــر ‪،‬‬ ‫والحــروب الدائــرة يف بلــد القــادم إىل أوربــا‬ ‫تكــون كافيــة لينطبــق عليــه قانــون اللجــوء‪.‬‬ ‫بعــد أن تســتقر فكــرة اللجــوء إىل أوربــا يف‬ ‫فكــر الشــخص ‪ ،‬تبــدأ العمليــات الحســابية‬ ‫واملنطقيــة و قــد يلجــئ الشــخص ‪ ،‬إىل‬ ‫خبــر اقتصــادي لحســاب التكاليــف ونســبة‬ ‫املخاطــرة و العائــد مــن هــذا االســتثامر ‪،‬‬ ‫وهــل هــذا االســتثامر طويــل أم قصــر األمــد‬ ‫‪ ،‬وإن كنــت دامئــا اخــر اصدقــايئ بــأن الهجــرة‬ ‫إىل أوربــا هــي اســتثامر طويــل األمــد ‪ ،‬املهــم‬ ‫بعــد اج ـراء هــذه العمليــات ‪ ،‬يتــم االنتقــال‬ ‫إىل مرحلــة اتخــاذ القــرار ‪ ،‬فــإذا كان القــرار‬ ‫باملوفقــة ‪ ،‬تبــدأ عمليــة البحــث عــن التمويــل‬ ‫‪ ،‬وقــد تتعــدد مصــادر التمويــل وقــد يضطــر‬ ‫الشــخص اىل االســتدانه ‪ ،‬مــع اكتــال املبلــغ‬ ‫تبــدأ الرحلــة ‪.‬‬ ‫يقــول ابــن قيــم الجوزيــة يف كتابــه صيــد‬ ‫الخاطــر « الفكــرة كالطــر قيدهــا القلــم‬ ‫« ‪ ،‬لالســف غالــب املهاجريــن ال يكتبــون‬ ‫اهدافهــم التــي ينــوون تحقيقهــا مــن الهجــرة‬ ‫‪ ،‬واملــدة الزمنيــة التــي يحتاجهــا كل هــدف‬ ‫لــي يتحقــق ‪ ،‬بعــد الوصــول اىل اوربــا تضيــع‬ ‫عــى الطريــق كل األهــداف وكل املــررات‬ ‫التــي دفعتــه للهجــرة ‪ ،‬مقارنــة باملصاعــب‬ ‫التــي واجههــا والتــي يواجههــا يف الدولــة‬ ‫املســتضيفة‪ ،‬يشء مــن النــدم مــع قليــل مــن‬ ‫الــذل ‪ ،‬تختلــط االمــور ببعضهــا ‪ ،‬الســكن غــر‬ ‫مريــح‪ ،‬ازدحــام يف املــكان ‪ ،‬طوابــر مــن النــاس‬ ‫تقــف بانتظــار الطعــام ‪،‬كبــار وصغــار‪ ،‬نســاء‬ ‫ورجــال‪ ،‬ســود وبيــض ‪ ،‬عــرب وعجــم ‪ ،‬هنــا‬ ‫تبــدأ املراجعــات‪ ،‬ملــاذا؟ ومــا الســبب؟ وهــل‬ ‫هــذي هــي أوربــا التــي خاطرنــا بأرواحنــا مــن‬ ‫اجــل الوصــول إليهــا ؟‬ ‫لــي ال تقــع يف هــذا الصــدام ‪ ،‬أكتــب كل يشء‬ ‫‪ ،‬يك ال تنــى ملــاذا أتيــت ‪ ،‬ومــا هــو بانتظــارك‬ ‫‪ ،‬ومــاذا ســيحدث لــك ‪ ،‬ال تنــى الزمــن ‪ ،‬فهــو‬ ‫الــذي يقــودك إىل اهدافــك ‪.‬‬ ‫طبعــا التحــول الــذي يطــرأ عــى االهــداف مع‬ ‫مــرور الوقــت ‪ ،‬يشء البــد منــه ‪ ،‬فمــع تغــر‬ ‫املــكان وتغــر الظــروف ‪ ،‬تتغــر معهــا أشــياء‬ ‫كثــرة ‪ ،‬الهجــرة مــن غــر أهــداف ‪ ،‬هــي غــرة‬ ‫ال أكــر ‪ ،‬كثــر مــن املهاجريــن جــاءت بهــم‬ ‫الغــرة ‪ ،‬اللجــوء إىل أوربــا تحــول إىل رد فعــل‬ ‫ال فعــل ‪.‬‬ ‫األرامــل وااليتــام والفقـراء و املــرىض واملصابني‬ ‫مل يهاجــر منهــم أحــد ‪ ،‬وهــم الفئــة التــي‬ ‫ينطبــق عليهــا قانــون اللجــوء ‪ ،‬هاجــر مــن‬ ‫ميلــك املــال والصحــة و العلــم ‪ ،‬الصامــدون‬ ‫مــن بقــوا داخــل الوطــن ‪ ،‬فالوطــن لهــم ‪،‬‬ ‫حــال صمودهــم ‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طارق عبد الغفور‬

‫خيارات صعبة‬

‫كنــت مقتنعــاً دامئــاً بــأن موقــف اإلدارة‬ ‫األمريكيــة مــن األزمــة الســورية ‪-‬ولــن أقــول‬ ‫الثــورة‪ -‬مل يكــن مرتبــكاً وال مــرددا ً‪ ،‬بالرغــم‬ ‫مــن أننــا ال ن ـزال نســمع الكثــر مــن املحللــن‬ ‫السياســيني يصفونــه كذلــك‪ ،‬بــل هــو موقــف‬ ‫مــدروس ومخطــط لــه‪.‬‬ ‫وجــاءت ترصيحــات الرئيــس الفنلنــدي‬ ‫الســابق اهتيســاري يف مقابلــة إعالميــة حــول‬ ‫رفــض اإلدارة األمريكيــة‪ -‬وتابعتيهــا بريطانيــا‬ ‫وفرنســا‪ -‬لعــرض رويس بتنحــي األســد عــن‬ ‫الســلطة يف مرحلــة مــا بعــد بــدء املفاوضــات‬ ‫بــن النظــام واملعارضــة‪ ،‬بحجــة أن األســد‬ ‫سيســقط قريبـاً‪ ،‬لتزيــد مــن قناعتــي هــذه ألن‬ ‫ذلــك الرفــض الــذي مل يفهمــه الســفري الربيطــاين‬ ‫يف الريــاض مل يكــن إال ألن الغايــة املرتجــاة مــن‬ ‫حــرف الثــورة عــن مســارها وتحويلهــا اىل حــرب‬ ‫أهليــة تد ّمــر ســورية بـرا ً وحجـرا ً مل تكــن قــد‬ ‫تحققــت بعــد‪ ،‬يف العــام ‪.2012‬‬ ‫رمبــا كانــت املرحلــة الراهنــة أشـ َّد املراحــل‬ ‫إحباطـاً يف مســرة األزمــة الســورية حتــى اآلن‪،‬‬ ‫وقــد يكــون القــادم أعظــم‪ ،‬ذلــك أن املواقــف‬ ‫األخــرة لـ»نــواة كتلــة أصدقــاء ســورية» بــدءا ً‬ ‫بأمريــكا وانتهــا ًء برتكيــا‪ -‬وال يهــم هنــا النفــي‬ ‫الــريك‪ -‬الداعيــة إىل بقــاء األســد يف موقعــه‬ ‫لفــرة انتقاليــة غــر محــددة يســجل تحــوالً‬ ‫ال ميكــن وصفــه ضمــن املعطيــات الراهنــة‪،‬‬ ‫ومهــا حاولنــا تلطيفــه‪ ،‬إال بأنــه رضبــة أصابــت‬ ‫هــدف «الثــورة» الســورية يف التخلــص مــن‬ ‫األســد ونظامــه يف مقتــل‪ُ ،‬منيلــن أذن ـاً صــا َء‬ ‫وعين ـاً عميــا َء أك ـرَ مــن نصــف مليــون شــهيد‬ ‫وأضعــاف ذلــك مــن الجرحــى واملعتقلــن‬ ‫وماليــن املرشديــن الذيــن طــرق بعضُ هــم‬ ‫أبوابَهــم فق ّدمــوا لنــا ُســ َّم اســتنزاف ثروتنــا‬ ‫البرشيــة يف دســم قبولنــا كالجئــن‪ ،‬إذ كيــف‬ ‫ـرض‬ ‫ـرض ويــرك املـ َ‬ ‫ميكــن لعاقــل أن يُعالــج ال َعـ َ‬ ‫إذا مل يكــن الهــدف هــو مــا أرشنــا اليــه آنف ـاً؟‬ ‫الفشــل‬ ‫َ‬ ‫جــاءت هــذه املواقــف لتعلــن‬ ‫الذريــ َع لخيــارات القامئــن عــى «الثــورة»‬ ‫الســورية إن يف الداخــل وإن يف الخــارج خــال‬ ‫الســنوات األربــع املاضيــة منــذ أن ُسقــت‬ ‫الثــورة قصــدا ً و ُحرفــت عــن مســارها عمــدا ً‬ ‫لتصبــح حرب ـاً أهلي ـ ًة يتســاوى موقــف النظــام‬ ‫فيهــا مــع مواقــف نظرائــه أمـراء الحــروب مــن‬ ‫قــادة الجيــوش والكتائــب والفصائــل الذيــن‬ ‫ـوى إقليميــة تحركهــم‬ ‫س ـلّموا زمــام أمرهــم لقـ ً‬ ‫حســب مصالحهــا‪ ،‬تبعـاً لتقريــر األمــم املتحــدة‪.‬‬ ‫وهــذا الصمــت املخــزي للمؤتلفــن‬ ‫واملعارضــن‪ ،‬واألخــزى ألمــراء الحــروب‪،‬‬ ‫واألش ـ َّد خزي ـاً لـ»أشــقائنا» العــرب حيــال تلــك‬ ‫ـت ال ين ـ ُّم إال عــن معرفــة‬ ‫املواقــف‪ ،‬هــو صمـ ٌ‬ ‫يقينيــة عندهــم جميعــاً ألن أيديَهــم هــي‬ ‫التــي أوكــت وأفواههــم هــي التــي نفخــت‪،‬‬ ‫فصــار الحـ ّـل والعقــد يف مــا يتعلــق مبــا جــرى‬ ‫ويظــل‬ ‫ُّ‬ ‫ويجــري عــى الســاحة الســورية كان‬ ‫بيــد القــوى الخارجيــة فقــط‪ ،‬التــي ال مــكان‬ ‫ـب نفوســنا‬ ‫ملصالحنــا يف اهتامماتهــا والتــي تُلهـ ُ‬ ‫وكرامتنــا بســياط ترصيحــات ُمذّلــة ُمهينــة‬ ‫لــن يكــون آخرهــا اإلعــان عــن اتفــاق رويس‬ ‫إرسائيــي عــى سياســة مشــركة تجــاه ســورية‪،‬‬ ‫يــرح أمــن امل ُنســقني بــأن «أي‬ ‫ومــع ذلــك‬ ‫ُ‬ ‫وجــود عســكري رويس يف ســورية بالتنســيق‬ ‫مــع التحالــف املناهــض لإلرهــاب ســيكون‬ ‫دع ـاً لجهــود مكافحــة اإلرهــاب كــا ســيع ّزز‬ ‫الحـ ّـل الســيايس لألزمــة الســورية» فهــل صــارت‬ ‫إرسائيــل يــا هــذا ضمــن التحالــف املناهــض‬ ‫لإلرهــاب؟؟؟‬ ‫«أصدقــاء ســورية» الذيــن يتحدثــون عــن‬ ‫مرحلــة انتقاليــة ال ســقف زمني ـاً لهــا كذّابــون‬ ‫ومنافقــون‪ ،‬هــم يســتطيعون م ّدهــا إىل األمــد‬ ‫الــذي يريــدون‪ ،‬وإذا كانــوا يــرون األســد جــزءا ّ‬

‫مــن الحـ ّـل‪ ،‬ال مــن املشــكلة وطرفـاً رضوريـاً يف‬ ‫ـي قبــل انتهــاء‬ ‫الحــرب عــى داعــش‪ ،‬فلــن تنتهـ َ‬ ‫فــرة رئاســته الحاليــة وقــد يكــون ذلــك مدعــا ًة‬ ‫لدعــم ترشــحه ونجاحــه يف االنتخابــات القادمــة‬ ‫يف ‪.2021‬‬ ‫الثــورة‪ -‬األزمــة تجابــه أصعــب الخيــارات‬ ‫يف مســرتها‪ ،‬وال ُغــرم يف ذلــك يقــع عــى الذيــن‬ ‫انحرفــوا بهــا عــن شــعاراتها الجامعــة األوىل‬ ‫ســواء كانــوا مــن أمــراء الحــرب الحاملــن‬ ‫البندقيــ َة يف ميــدان القتــال أو مــن حامــي‬ ‫الكلمــة املتنطعــن لتمثيلهــا يف ميــدان‬ ‫السياســة‪ ،‬وقــد ارتكــب الطرفــان أخطــا ًء قاتلــة‬ ‫بحقهــا‪ .‬فهــي إمــا أن تســتمر يف قتــال النظــام‬ ‫وميليشــياته وداعــش وهــذا خيــا ٌر صعــب‬ ‫مــع وجــود القــرار يف يــد غريهــا‪ ،‬وســتواجه‬ ‫معــه القــوى الكــرى واإلقليميــة الداعمــة اآلن‬ ‫وتحــف بــه مخاطــر ج ّمــة‬ ‫للنظــام ورئيســه‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أشـ ّدها أن دمــاء الســوريني ستســتمر يف النــزف‬ ‫دون أن يُــرى ضــو ٌء يف آخــر النفــق‪ .‬وإمــا أن‬ ‫تُلقــي ســاحها وتدخــل يف متاهــة التفــاوض‬ ‫حــل ســيايس ال ســقف زمنيــاً للوصــول‬ ‫حــول ٍّ‬ ‫اليــه‪ ،‬وهــو خيــا ٌر ســداه ولحمتــه التنــازالت‬ ‫الكبــرة التــي ســتقدمها للنظــام مقابــل مــا‬ ‫ســيعطيه النظــام لهــا وهــو لــن يرقــى بالقطــع‬ ‫إىل مــا يطمــح إليــه الشــعب مــن تغيــر يضمــن‬ ‫معنــى للتضحيــات‬ ‫حريتــه وكرامتــه ويعطــي‬ ‫ً‬ ‫التــي ق ّدمهــا‪.‬‬ ‫هــذان خيــاران لهــا ثالــث هو خيــار العودة‬ ‫بالثــورة إىل الثــورة‪ .‬عــى الذيــن حرفوهــا تحــت‬ ‫يافطــة االئتــاف والتنســيق أن يق ـ ّروا بفشــلهم‬ ‫ويس ـلّموا بأخطائهــم‪ ،‬وأالّ يربروهــا وعليهــم أن‬ ‫يرشحــوا وبشــفافية كاملــة‪ ،‬تفاصيــل مــا حــدث‬ ‫أمــام الشــعب وأن يتح ّملــوا مســؤوليتهم عـ ّـا‬ ‫وصلــت إليــه األمــور‪ ،‬ثــم يخلــوا مكانهــم ملــن‬ ‫ال ي ّدعــي االمتــاك الحــري لتمثيــل الشــعب‪،‬‬ ‫وملــن ال يضــع مصلحــة حزبــه أو مصلحتــه‬ ‫الشــخصية فــوق مصلحــة الشــعب‪ .‬وعــى‬ ‫الذيــن حرفوهــا تحــت يافطــة اإلســام أن‬ ‫يعــودوا بهــا إىل بداياتهــا‪ ،‬وأن يكــون شــعارهم‬ ‫إقامــة دولــة الحــق والقانــون تحــت ســقف‬ ‫املواطنــة معيــارا ً وحيــدا ً يســاوي بــن مواطنيها‪،‬‬ ‫فهــم ليســوا أكــر إســاماً مــن املتنوريــن‬ ‫اإلســاميني يف بدايــات القــرن العرشيــن‪ ،‬وهــم‬ ‫بالقطــع ليســوا أكــر إســاماً مــن «وثيقــة‬ ‫املدينــة» التــي هجروهــا ليلحقــوا فقهــاء قــرون‬ ‫بعدهــا هــم أضيــق أفقــاً منهــا‪ ،‬عليهــم أن‬ ‫يعملــوا بالقاعــدة الفقهيــة املعروفــة‪ :‬در ُء‬ ‫املفاســد أوىل مــن جلــب املصالــح‪ ،‬عليهــم إن‬ ‫كانــوا حريصــن عــى اإلســام أن يســحبوه إىل‬ ‫القــرن الحــادي والعرشيــن‪ ،‬ال أن يعــودوا به إىل‬ ‫القــرن الســابع‪ ،‬فليــس املهــم أن تُرفــع الرايــة‬ ‫فقــط‪ ،‬كــا يقــول أحــد املتباكــن عــى شاشــة‬ ‫التلفــزة املســتثريين ملشــاعر العا ّمــة‪ ،‬بــل لعـ ّـل‬ ‫األكــر أهميــة متــى تُرفــع وكيــف تُرفــع ومــن‬ ‫يرفعهــا‪.‬‬ ‫عنــد ذلــك‪ ،‬ميكــن أن تعــود األزمــة لتكــون‬ ‫ثــورة‪ ،‬وعندهــا نســتطيع إجبــار اآلخريــن‬ ‫عــى احرتامهــا وعــى أن يكيفــوا سياســاتهم‪،‬‬ ‫واســراتيجياتهم‪ ،‬مــع حقيقــة أنهــا ثــورة‪ ،‬ال‬ ‫ميكــن نكـران أحقيتهــا وصدقيتهــا وأن أهدافهــا‬ ‫يجــب أن تتحقــق‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫هج��رة الس��وريني إىل أوررب��ا مأس��اة‪ ..‬وم��ن ذاق ع��رف!‬

‫عبد السالم السالمة‬ ‫البحــث عــن املســتقبل هــو أول مــا‬ ‫يجيبــك بــه الشــاب الــذي يلقــي بنفســه يف‬ ‫مخاطــر الــر والبحــر مــن أجــل الوصــول إىل‬ ‫شــاطئ األمــان يف إحــدى الــدول األوروبيــة‪،‬‬ ‫واألب الــذي ال يكفيــه هــم التــرد والحاجــة‬ ‫حتــى يرســل أبنــاءه وبناتــه ليخوضــوا اللجــج‬ ‫ويجتــازوا الشــعاب‪ ،‬وســط أشــكال املتاعــب‬ ‫وأصنــاف املخــاوف‪ ،‬واألم التــي متســك نزيــف‬ ‫قلبهــا بيديهــا وهــي تــودع قــ ّرة عيونهــا‬ ‫لتعيــش بعدهــم تبــي خوف ـاً عليهــم وحزن ـاً‬ ‫عــى نفســها‪..‬‬ ‫أي مســتقبل هــذا الــذي يريــده أبناؤنــا‬ ‫ألنفســهم ونريــده نحــن لهــم؟‬ ‫املــال؟‪ ..‬وهــل يكفــي مــال قــارون ليخمــد‬ ‫صيحــات األمل يف أعــاق قلبــك وأنــت تســمع‬ ‫آهــات أمــك املريضــة وهــي تكتــم آهاتهــا‬ ‫حتــى ال تســمعها؟ أو زفــرة أبيــك وهــو يســأل‬ ‫عــن أحوالــك وأنــت يف غربتــك؟‪..‬‬ ‫ســألوا ابنــة أوناســيس أغنــى أغنيــاء عــره‬ ‫بعــد أن فقــدت أباهــا وأخاهــا‪ ،‬وورثــت كل‬ ‫مــا كانــا ميلــكان عــا تشــعر بــه‪ ،‬فأجابــت‬ ‫والدمعــة تتلجلــج يف عينهــا‪« :‬رمبــا تظنــون‬ ‫أننــي أســعد النــاس ألننــي أغنــى النــاس!‪ ..‬ال‪،‬‬ ‫ال‪ .‬لــن تجــدوا مــن هــو أعــرف منــي باملــال‪،‬‬ ‫لقــد أشــقى املــال كثرييــن ولكنــه مل يســعد‬

‫أحــدا ً»‪.‬‬ ‫إذا مل يكن املال‪ ،‬فماذا؟‬ ‫الجنســية؟‪ .‬فهــل تســتحق الجنســية كل هــذه‬ ‫اآلالم فــوق اآلالم؟‪.‬‬ ‫وهــل ســتخفف الجنســية مــن اآلالم‬ ‫القادمــة‪ ،‬وهــي أســوأ وألعــن ألــف ألــف‬ ‫مــرة عندمــا تبقــى البــاد وليــس فيهــا ســوى‬ ‫الخــراب والعجــز واملــرض والحــزن واألمل‬ ‫والجهــل والتخلــف‪ .‬فيــا ميــوت الشــباب‬ ‫والحيويــة والعطــاء والصفــاء حزين ـاً كئيب ـاً يف‬ ‫ديــار االغــراب‪..‬‬ ‫أتصــدق أنــك ســتعود راغبــاً مختــارا ً لتبنــي‬ ‫بلــدك املدمــر بعــد أن تنــال جنســيتك‪،‬‬ ‫وقــد تركتهــا للدمــار والخــراب وفيهــا بقيــة‬ ‫مــن خــر‪ .‬إذا كنــت تصــدق هــذا فانظــر‬ ‫مصداقيتــه فيمــن ســبقوك ممــن فكّــروا‬ ‫مثلــك مــن شــعوب األرض‪ ،‬كــم تجــد فيهــم‬ ‫مــن يصــ ّدق حالــه بعــد أن حصــل عــى‬ ‫الجنســية أحالمــك الورديــة اليــوم‪.‬‬ ‫إذا مل تكــن هــذه وال تلــك فــاذا تريــد؟‬ ‫العلــم‪ ،‬الجــاه‪ ،‬الزعامــة؟؟‪ ،‬فــاذا يغنــي كل‬ ‫هــذا اله ـراء أمــام املــآيس التــي ترتكهــا وراءك‬ ‫لتعيــش هاجســك بــن جانحيــك ال تقــدر‬ ‫منهــا عــى فــكاك ليــاً أو نهــارا ً‪..‬‬ ‫بقــي أمــر آخــر رمبــا ال تحســب لــه أنــت‬

‫حســاباً أو تلقــي لــه بــاالً‪ ..‬أنــت ترحــل‬ ‫وتأخــذ معــك قيــل قيــم العطــاء يف حياتــك‬ ‫أرستــك‪ ،‬وتــرك وراءك ضعافــاً يحملــون كل‬ ‫قيــم الحاجــة‪ ..‬هــل فكــرت فيــا ســيفعله‬ ‫األتــراك مثــاً بعــد ســنتني أو ثــاث أو‬ ‫خمــس‪ ،‬عندمــا تتحــول تركيــا إىل دار ع َجــزة‬ ‫ملئــات اآلالف أو املاليــن مــن الســوريني‪..‬‬ ‫تخيّــل أمــك وأبــاك وعمتــك وخالتــك‪ ..‬تخيّــل‬ ‫كيــف ســتلقاهم عندمــا تعــود إليهــم بجــواز‬ ‫ســفرك األملــاين ويوروهاتــك املحــدودة التــي‬ ‫مل تعــد تكفيــك لتغطيــة مصاريفــك بعــد أن‬ ‫انخســفت حصتــك مــن الضــان أو راتبــك‬ ‫يف العمــل بســبب مئــات اآلالف مــن أمثالــك‬ ‫الســوريني‪.‬‬ ‫تحدثــت إليــك عــن ابنــة أوناســيس؟‪ .‬ومــا‬ ‫حاجتــي ألستشــهد بابنــة أوناســيس‪ ،‬وأنــا‬ ‫الــذي نبتــت لحيتــي يف الغربــة ثــم شــابت يف‬ ‫الغربــة‪ ،‬وبــدأت تتســاقط يف الغربــة؟‬ ‫واللــه الــذي ال إلــه إال هــو كانــت حفنــة مــاء‬ ‫عــى شــاطئ الفـرات أغــى عنــدي مــن أربــع‬ ‫شــهادات عليــا أحملهــا‪.‬‬ ‫عــش بــن أحضــان أبويــك وإخوتــك‬ ‫وأخواتــك‪ ..‬وكل مــن ورق الشــجر فإنــه أهــون‬ ‫مــن وجبــات الهامربغــر يف مطاعــم أوروبــا‪..‬‬ ‫ومــن ذاق عــرف‪.‬‬

‫بعد التورط يف خديعة اخلوارج‪..‬‬ ‫انش��قاقات بتنظي��م داع��ش إلخالل��ه بوع��وده‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬

‫تناولــت صحــف بريطانيــة وأمريكيــة شــؤوناً‬ ‫داخليــة لـــتنظيم الدولــة اإلســامية‪ ،‬وأشــار‬ ‫بعضهــا النشــقاقات مقاتلــن لعــدم حصولهــم‬ ‫عــى مــا وعدهــم بــه التنظيــم عنــد تجنيدهم‪،‬‬ ‫وأشــارت أخــرى إىل مواطــن ضعــف داخلــه‬ ‫بحســب مــا يرويــه بعــض املنشــقني‪.‬‬ ‫فقــد أشــارت صحيفــة اإلندبندنــت إىل أن‬ ‫العـرات مــن مقاتــي تنظيــم الدولــة انشــقوا‬ ‫عنــه لعــدم تحقيقــه وعــودا ً كان أطلقهــا لهــم‬ ‫عنــد تجنيدهــم‪ ،‬منهــا‪ :‬تزويدهــم بســلع‬ ‫وكامليــات وســيارات وغريهــا مــن امليــزات‬ ‫التشــجيعية‪.‬‬ ‫وأوضحــت الصحيفــة أن املركــز الدويل لدراســة‬ ‫التطــرف والعنــف الســيايس‪ ،‬ومقــره يف لنــدن‪،‬‬ ‫نــر تقري ـرا ً رشح فيــه األســباب التــي تدعــو‬ ‫مقاتــي تنظيــم الدولــة لالنشــقاق‪ ،‬والتــي‬ ‫بدورهــا تنعكــس ســلباً عــى قــدرة التنظيــم‬ ‫عــى تجنيــد مقاتلــن أجانــب‪.‬‬ ‫وتحــدث التقريــر عــن قصــص تخــص ‪ 58‬مــن‬ ‫املقاتلــن األجانــب املنشــقني الذيــن قدمــوا‬

‫مــن ‪ 17‬دولــة مختلفــة‪ ،‬وأشــار إىل أن الحيــاة‬ ‫القاســية الصعبــة املحبطــة يف كنــف التنظيــم‬ ‫كانــت مــن بــن األســباب التــي جعلتهــم‬ ‫ينشــقون‪.‬‬ ‫مواطن ضعف‪:‬‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬أشــارت صحيفــة الديــي تلغـراف‬ ‫إىل أن املقاتلــن املنشــقني عــن تنظيــم الدولــة‬ ‫يعرفــون مواطــن ضعفــه أكــر مــن غريهــم‪،‬‬ ‫وأوضحــت أن هــؤالء املنشــقني خاطــروا‬ ‫بحياتهــم للفـرار مــن صفــوف تنظيــم الدولــة‪،‬‬ ‫وأنــه ميكــن للــدول الســاعية إىل مواجهــة‬ ‫التنظيــم وإلحــاق الهزميــة بــه معرفــة املزيــد‬ ‫عنــه مــن خــال إجرائهــا مقابــات معهــم‪.‬‬ ‫وأوضحــت أن بعــض املنشــقني أفــادوا بأنــه إذا‬ ‫كان املجنــدون يشــعرون بالغربــة والعزلــة يف‬ ‫بريطانيــا‪ ،‬فإنهــم سيعيشــون األجــواء نفســها‬ ‫يف صفــوف تنظيــم الدولــة‪ ،‬وأن تنظيــم الدولــة‬ ‫يدعــو إىل الفــوىض يف األوســاط اإلســامية‬ ‫بعيــدا ً عــن أجــواء مجتمــع املدينــة الفاضلــة‬ ‫الــذي كان يغــري بــه املقاتلــن عنــد التجنيــد‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه‪ ،‬حــذرت مجلــة فوريــن‬

‫بوليــي األمريكيــة مــن نعــت أعضــاء يف‬ ‫تنظيــم الدولــة أنفســهم بالغربــاء‪ ،‬وأوضحــت‬ ‫أن الغربــاء هنــا تعنــي مــن تــرك قبيلتــه‬ ‫ووطنــه وهاجــر إىل بــاد بعيــدة مــن أجــل‬ ‫الدفــاع عــن اإلســام‪.‬‬ ‫وأضافــت أن املجاهديــن قدمــوا إىل ســوريا‬ ‫مــن بلــدان متعــددة مثــل روســيا والواليــات‬ ‫املتحــدة والفلبــن والصــن وأملانيــا وبلجيــكا‬ ‫والســودان والهنــد واليمــن ومناطــق أخــرى‬ ‫يف العــامل‪ ،‬وذلــك اســتعدادا للمعركــة الكــرى‬ ‫ضــد «الكفــار»‪ ،‬وأنهــم ســيبقون يف حالــة‬ ‫جهــاد ضدهــم إىل يــوم القيامــة‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن التنظيــم املتطــرف قــد أعــاد إحياء‬ ‫فكــر الخــوارج بتكفــر النــاس والتعســف‬ ‫بظلمهــم وبتهجريهــم واتهامهــم باالرتــداد‬ ‫والكفــر‪ ،‬مــا يســهل االســتيالء عــى أرزاقهــم‪،‬‬ ‫وتعــب حياتهــم‪ ،‬لتقاســمها كغنائــم‪ ،‬ناهيــك‬ ‫عــن قتــل واعتقــال الشــباب الناشــط وتلفيــق‬ ‫شــتى التهــم لهــم‪ ،‬مــن أجــل تســويغ التلــذذ‬ ‫بطــرق تعذيبهــم وقتلهــم يف طــرق تــوازي‬ ‫طــرق تعذيــب النظــام بالوحشــية والهمجيــة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫عندمــا تصــر األمــة لبــوة‪ ،‬ال ميكــن للحيوان‬ ‫الضــاري أن يفــرس أبناءهــا‪ ..‬األمهات والنســاء‬ ‫هــن مــن يجعــل األمــة لبــوة يف حــرب الحياة‪.‬‬ ‫عندمــا ال يبقــى للحيــاة مــكان إال يف غــار‬ ‫املعركــة وغم ـرات القتــال فــا مجــال للف ـرار‪،‬‬ ‫ال بــد مــن خــوض ال ـراع مــن أجــل البقــاء‪.‬‬ ‫الشــعب الســوري مظلــوم منكــوب لكنــه مل‬ ‫يفقــد اإلميــان والعزميــة‪ ،‬شــعب لــن يتوقــف‬ ‫عــن الحيــاة مهــا اشــتد حصــار القتــل‬ ‫والترشيــد‪.‬‬ ‫يربــط الغوغائيــون بــن الثــورة والخــراب‬ ‫فدمشــق أصبحــت نتيجــة الثــورة‪ ،‬ومــا تالهــا‬ ‫مــن حــرب‪ ،‬مدينــة منكوبــة غــر مالمئــة‬ ‫للعيــش والحيــاة‪ ،‬ومــن أســوأ املــدن للعيــش‬ ‫يف العــامل أمنـاً وصحــة وتعليـاً وثقافــة وبيئــة‬ ‫ـن للقــول وجــه أكــر واقعية‬ ‫وبنيــة تحتيــة؟ لكـ ّ‬ ‫يف هــذا الســياق؛ فهــل كانــت دمشــق وســوريا‬ ‫قبــل الثــورة دولــة ومؤسســات ووطــن وبلــد‬ ‫صالــح للحيــاة الكرميــة؟‪.‬‬ ‫شــهدت ســوريا حربــاً شّ ــنها النظــام منــذ‬ ‫عقــود وتجلــت بحــرب اإلبــادة يف الســنوات‬ ‫األربــع األخــرة‪ ،‬ماليــن مــن القتــى والجرحى‪،‬‬ ‫وماليــن مــن الالجئــن والنازحــن خــارج‬ ‫ســوريا وداخلهــا‪ ،‬ومئــات اآلالف يهاجــرون‬ ‫عــر البحــار والــراري إىل أوربــا‪ ،‬ومســاحة‬ ‫واســعة مــن ســوريا تد ّمــر عمرانيــاً ومدنيــاً‬ ‫وجغرافيــاً‪ ،‬ومــا زال العــامل يتعامــل مــع‬ ‫املأســاة الســورية عــى أنهــا لعبــة قــار أو‬ ‫يانصيــب‪ ،‬والفائــز الوحيــد يجــب أن يكــون‬ ‫نظــام الطاغيــة وطغمتــه‪ ،‬أمــا الشــعب‬ ‫فمصــره الهــاك وبعــض جوائــز ترضيــة‪،‬‬ ‫بالتزويــر والتلفيــق والتشــبيح‪ ،‬أو بالخديعــة‬ ‫واملكائــد‪ ،‬أو بالرتهيــب‪ ،‬املهــم أنْ يســتم ّر‬

‫عالء الدين حسو‬ ‫تحرضين حكاية الرأســايل الذي باع ســكان‬ ‫الغابــة قناعـاً واقيـاً مــن التلــوث‪ ،‬وأنــا اتابــع‬ ‫أخبــار قمــة واشــنطن يف مكافحــة التطــرف‬ ‫العنيــف «االســم الجديــد لإلرهــاب»‪ ،‬والتــي‬ ‫شــارك فيهــا ســتون دولــة مــن ضمنهــم دول‬ ‫أعضــاء يف الجامعــة العربيــة‪ .‬ممثلــة بأمينهــا‬ ‫العــام الدكتــور نبيــل العــريب‪ ،‬والــدول هــي‪:‬‬ ‫األردن‪ ،‬مــر‪ ،‬الســعودية‪ ،‬قطــر‪ ،‬اإلمــارات‬ ‫العربيــة املتحــدة‪ ،‬الجزائــر‪ ،‬تونــس‪.‬‬ ‫اتســمت هــذه القمــة بدعــوة قــادة‬ ‫(التوتــر) واألمئــة‪ ،‬إىل جانــب رئيــس‬ ‫االســتخبارات الــرويس (‪ )fsb‬خليفــة الــي‬ ‫جــي يب الروســية‪ .‬لتناقــش كيــف ميكــن‬ ‫مكافحــة التطــرف العنيــف؟ وكان الرتكيــز‬ ‫عــى التطــرف اإلســامي املتمثــل بتنظيــم‬ ‫الدولــة (داعــش) وطريقــة القضــاء عليــه‪.‬‬ ‫بعــد األحــداث التــي امتــدت إىل أوربــا‬ ‫وكانــت ذروتهــا حادثــة شــاريل ايبــدو يف‬ ‫باريــس‪.‬‬ ‫يف مقــال هــام وخطــر نــر يف مجلــة‬ ‫السياســة ‪ plotitico magazine‬لجميــس‬ ‫غالســان* صبــاح الجمعــة ‪ 20‬شــباط‬ ‫‪ 2015‬م‪ .‬تحــت عنــوان «أخــرا يأخــذ أوبامــا‬ ‫اإلســام املتطــرف عــى محمــل الجــد»‬ ‫(‪Finally, Obama’s Taking Radical‬‬ ‫‪ )Islam Seriously‬تحــدث فيــه كاتــب‬ ‫املقــال‪ ،‬بأنــه آن األوان لــي يتــم اتخــاذ‬ ‫اســراتيجية مشــابهة لإلســراتيجية التــي‬ ‫اتبعــت للقضــاء عــى املشــكلة الشــيوعية يف‬ ‫خمســينيات القــرن املــايض‪ .‬وأنــه يجــب أن‬ ‫تبــدأ حــرب فكريــة بالتــوازي مــع الحــرب‬ ‫العســكرية‪ .‬وهــذا مــا يتطلــب إيجــاد قــادة‬ ‫رأي –ال ســلطة‪ -‬أمثــال الكاتــب اليهــودي‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرب استنزاف من أجل احلياة‬

‫بقــاء النظــام‪ ،‬برأســه‪ ،‬أو مــن دون رأســه؛‬ ‫ألنــه صنيعــة الــدول الكــرى التــي ال يعنيهــا‬ ‫ســوى اســتثامر الشــعوب واألنظمــة ملــا‬ ‫يحقــق مصالحهــا ومكاســبها‪.‬‬ ‫ملــاذا يخــرج الســوريون للهجــرة بهــذا‬ ‫الشــكل املكثّــف املريــع‪ ،‬ويواجهــون ظــروف‬ ‫املــوت غرقـاً يف عــرض البحــار‪ ،‬وخنقـاً وذبحـاً‪،‬‬ ‫ويكونــون ضحيــة لعصابــات التهريــب‬ ‫وللسياســات األوربيــة العاجــزة عــن اســتيعاب‬ ‫مئــات مــن اآلالف‪ ،‬وال ينشــغل العــامل بحــل‬ ‫مشــكلتهم األساســية بــل ينشــغل مبحاربــة‬ ‫تنظيــم إرهــايب صنيعــة املصالــح الدوليــة؟‪.‬‬ ‫ملــاذا تبلــغ حالــة الفــوىض واالســتهتار‬ ‫باإلنســان غــر األورويب يف أنظمــة الــدول‬ ‫الغربيــة وحلفائهــا العــرب هــذا االنحطــاط‬ ‫يف التعاطــي مــع الالجئــن الســوريني يف كل‬ ‫مــكان‪ ،‬إىل درجــة التآمــر بــن أجهــزة أمنيــة‬ ‫واســتخباراتية دوليّــة وعصابــات التهريــب‬ ‫ملنــع الالجئــن مــن الوصــول إىل أوروبــا؟‪.‬‬

‫ملــاذا االنشــغال باملثليــن يف ســوريا‪ ،‬وإعــداد‬ ‫جلســة للدفــاع عــن املثليــن الذيــن قتلــت‬ ‫داعــش منهــم ثالثــن‪ ،‬وعــدم االكــراث مبقتــل‬ ‫مئــات اآلالف عــى يــد نظــام األســد وبنــزوح‬ ‫املاليــن‪ ،‬ومــن ثــم شــن حــرب عــى ســوريا‬ ‫باســم محاربــة تنظيــم إرهــايب وعــدم التدخــل‬ ‫إنســانياً وسياســياً وعســكرياً ضــد النظــام‬ ‫الســوري الــذي يبيــد بالتعــاون مــع رشكائــه‬ ‫وميليشــياته البــر والحجــر‪..‬؟‪.‬‬ ‫العمليــة السياس ـيّة الدائــرة دولي ـاً لعبــة‬ ‫تكســر لعظــام الثــورة الســوريّة ولشــعبها‪،‬‬ ‫احتيــال إلبقــاء النظــام وجيشــه وأمنــه‪،‬‬ ‫ومســاومة عــى رأســه بصفقــات لتحقيــق‬ ‫املكاســب‪.‬‬ ‫أصحــاب الق ـرار الــدويل يدركــون أن مأســاة‬ ‫ســوريا ســببها نظــام كامــل برأســه وجيشــه‬ ‫وأمنــه‪ ،‬وال يقتــر األمــر عــى املجــرم‪ ،‬وأنّ‬ ‫املأســاة الســورية حصلــت نتيجــة مافيــا األســد‬ ‫الطائفيــة وطغمتــه السياســية التــي أوجــدت‬

‫العســكر واألمــن لحاميتهــا ومحاربــة الشــعب‬ ‫وقمــع منــو أي عمــل أو رشكــة أو مؤسســة‬ ‫خــارج هيمنتهــم ونهبهــم‪ ،‬فــكل األعــال‬ ‫التــي انتعشــت جــاء انتعاشــها لغايــة ترســيخ‬ ‫نهــب طغمــة األســد‪ ،‬ال ملصلحــة ســوريا شــعباً‬ ‫وحضــارة ودولــة مؤسســات‪.‬‬ ‫تأســس يف ســوريا‬ ‫نظــام األســد الــذي ّ‬ ‫فكــر غــر وطنــي‪ ،‬فكــر متطــرف طائفــي‬ ‫شــعويب لعصابــات تتطـ ّوع مبــا يالئــم الظــرف‬ ‫والزمــان واملــكان خدمــة للــرأس املدبــر الــذي‬ ‫يســتخدم فلســطني واإلســام والعلامنيــة‬ ‫واملــال والسياســة والديــن بحســب الطلــب‪.‬‬ ‫إيــران وقــوى دوليــة كثــرة تدعــم نظــام‬ ‫بشــار وحتــى لــو تحــول بشــار لخطــر عليهــم‬ ‫فهــم ال يســتطيعون نســفه؛ ألنــه ســيفجر‬ ‫كل األلغــام املشــبوكة بــه وهــي كثــرة‪ ،‬ومــا‬ ‫يســمى بالحــل الســيايس‪ ،‬فهــو الحتــواء بشــار‬ ‫وتعديــل نظامــه وتدجــن الثــورة ملصلحــة‬ ‫القــوى الكــرى‪ ،‬لــي ال تخــرج املنطقــة عــن‬

‫ســيطرتهم املطلقــة‪.‬‬ ‫وباملقابــل؛ فقــد فشــلت املعارضــات‬ ‫الســورية يف إدارة العمل ّيــة السياســ ّية؛ ألنهــا‬ ‫مح ّملــة بالرواســب مــن عقليــة النظــام‬ ‫ومنظومتــه الطاغيــة وفكــر الطغمــة‪ ،‬وجــاء‬ ‫تعبريهــم الســيايس عــن املــروع الثــوري‬ ‫انصــب عــى تقاســم املصالــح‬ ‫ضعيفــاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بــن األحــزاب والكتــل والشــلل السياســية‬ ‫واملكونــات‪ ،‬عوضــاً عــن تعزيــز العمــل‬ ‫الوطنــي كمــروع تحــرري عــادل ملواجهــة‬ ‫الطغيــان وحلفائــه ضمــن رؤيــة سياســية‬ ‫وأخالقيــة وإعالميــة منهج ّيــة واضحــة‬ ‫وجامعــة ممســكة مببــادئ الثــورة يف الحريــة‬ ‫والكرامــة والعدالــة‪ ،‬تتخطّــى تحاصــص‬ ‫األقليــات واألكرثيــات‪ ،‬وتقبــل التع ّدديــة‪.‬‬ ‫وقــد بــدت املعارضــة يف عمــوم أدائهــا‬ ‫وأطيافهــا مثــل طغمــة سياســية طاغيــة‬ ‫رجعيّــة متشــبثة مبوقعهــا عاجــزة عــن متثيــل‬ ‫املــروع التحــرري النهضــوي الثــوري‪.‬‬ ‫ـن إرادة التغيــر تاريخيّــة‪ ،‬ولــن تعرقلهــا‬ ‫لكـ ّ‬ ‫عقليــة النخبــة السياســية املشــلولة‪ ،‬وال عملية‬ ‫التضليــل والخــداع‪ ،‬التــي ال تنطــي إال عــى‬ ‫األغبيــاء‪ ،‬أمــا الذيــن يسـ ّوغون لهــذه العمليــة؛‬ ‫فهــم جــزء مــن لعبــة الخــداع والتضليــل‪ ،‬أو‬ ‫أذنــاب وعبيــد‪ ،‬العمليــة السياســية والحــل‬ ‫الســيايس بــاألداء الحــايل‪ ،‬وباملنظــور الفوضوي‬ ‫الســطحي رضب مــن العبــث‪.‬‬ ‫الخســائر البرشيــة الجســيمة التــي قدمهــا‬ ‫الشــعب ليســت مــن أجــل الفـراغ أو لتسـ ّول‬ ‫صدقــة أو إلعــادة النظــر يف بقــاء الطاغيــة‬ ‫ونظامــه األمنــي والعســكري‪ ،‬أو لــي تســتبدل‬ ‫طاغيــة ونظــام طغمــة بعقــل فوضــوي‬ ‫وســيايس واهــن وانتهــازي‪ ،‬هــي التضحيــة يف‬ ‫ثــورة مــن أجــل حيــاة كرميــة‪.‬‬

‫م��اذا نفهم م��ن قمة واش��نطن ملكافحة التط��رف العنيف؟‬

‫ابراهــام بومــروغ الــذي وظفتــه وكالــة‬ ‫اإلعــام الغربيــة عــام ‪1952‬م لــرأس تحريــر‬ ‫مجلــة تواجــه مشــاكل الشــيوعية‪ ،‬وأمثــال‬ ‫اإلذاعــي الشــهري ادوارد مــورو الــذي لعــب‬ ‫دورا ً هامــاً يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪.‬‬ ‫وهــو مــا يتطابــق مــع رأي الكاتــب مايــكل‬ ‫انجياتييــف حــن كتــب مقــاالً قبــل أيــام يف‬ ‫مجلــة اطالنتيــك كمقدمــة لكتــاب ســرة‪،‬‬ ‫بعنــوان أوربــا بحاجــة إىل بطــل (‪the hero‬‬ ‫‪ .)Europe needed‬وأن العــامل اليــوم يفتقــد‬ ‫إىل قائــد حقيقــي يقــود العــامل‪ .‬وقــد بــدد‬ ‫الربيــع العــريب القــادة مثلــا الصــن تســجن‬ ‫قاداتهــا‪.‬‬ ‫جميــس غالســان‪ ،‬يؤكــد يف مقالــه بــأن‬ ‫الحــرب الفكريــة رضوريــة وهــي أشــد‬ ‫فعاليــة مــن الحــرب التقليديــة‪ ،‬وأن القــادة‬

‫هــذه املــرة ليســوا مــن الغــرب وإمنــا مــن‬ ‫املســلمني أنفســهم‪ ،‬ومــا عــى الغــرب إال‬ ‫املســاعدة‪ .‬فكــا اعتــرت النازيــة الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة هــي حــرب أيديولوجيــة بــن‬ ‫العــرق املتفــوق والعــرق الوضيــع‪ ،‬واعتــر‬ ‫الســوفيت الحــرب البــاردة هــي حــرب بــن‬ ‫البريوليتاريــا والربجوازيــة‪ ،‬ومــا نشــهده اليــوم‬ ‫هــو حــرب فكريــة بــن الفكــر املتطــرف‬ ‫والفكــر املعتــدل‪ .‬وأن املؤثــر الفعــال هــم‬ ‫قــادة مســلمون مركزهــم اليــوم يف الــرق‬ ‫األوســط‪.‬‬ ‫ويطــرح غالســان يف مقالــه بــأن الحــل ميكــن‬ ‫أن يتــم بتقويــض هــذا الفكــر املتطــرف عــر‬ ‫وســائل اإلعــام وخاصــة اليوتــوب عــر قــادة‬ ‫(رأي) مســلمة تفضــح انحرافــات املتطرفــن‪،‬‬ ‫وعــر جــذب الشــباب بالتوعيــة‪ ،‬خاصــة‬

‫املغــرب منهــم‪ ،‬الــذي وقــع فريســة يف يــد‬ ‫املتطرفــن الذيــن اســتغلوا الشــباب الباحثــن‬ ‫عــن معنــى لحياتهــم‪ ،‬وعــر اســتخدام نفــس‬ ‫الوســائل‪ ،‬مــن مرئيــة‪ ،‬وقوليــة‪ ،‬وشــفهية‪،‬‬ ‫التــي اســتخدمت يف خمســينيات القــرن‬ ‫املــايض ملكافحــة الشــيوعية‪ .‬ومــع الرتكيــز‬ ‫عــى روح املقاومــة عــر نــر صــور وأفــام‬ ‫تظهــر مقاومــة النــاس لداعــش ألن هنــاك‬ ‫فع ـاً مقاومــة حقيقيــة‪ ،‬وليــس صحيح ـاً مــا‬ ‫تبثــه وســائل التنظيــم‪ ،‬فهنــاك فئــات تقــاوم‬ ‫بجســارة‪.‬‬ ‫يشــر الكاتــب إىل أن القمــة جــاءت متأخــرة‬ ‫ســت ســنوات‪ ،‬وأن القاعــدة وداعش شــوهت‬ ‫ســيد قطــب مثلــا شــوه لينــن وســتالني‬ ‫ماركــس‪ ..‬وأن مثــة طــرق عديــدة للوصــول‬ ‫للســعادة وليــس كــا يعتقــد ســيد قطــب‬

‫بــأن هنــاك طريــق واحــد فقــط‪ .‬ويخلــص يف‬ ‫نهايــة املقــال بــرورة خــوض حــرب األفــكار‬ ‫ونحــن بحاجــة لقــادة لهــا‪ ،‬ويجــب أن تكــون‬ ‫مســلمة مــن نفــس املنطقــة‪.‬‬ ‫سنشــهد إذا ً حرب ـاً جديــدة‪ ،‬ســيقودها قــادة‬ ‫فكــر‪ ،‬بالتــوازي مــع قــادة الســاح‪ ،‬سنشــهد‬ ‫قريبــاً قــادة مســلمني فكريــاً يســتقبلهم‬ ‫أوبامــا بــدالً مــن قــادة الــدول‪ ،‬وقــد بــدأت‬ ‫بدعــوة أبطــال وأمئــة التغريــدات إىل هــذه‬ ‫القمــة‪ ،‬وهــذا مــا نفهمــه مــن قمــة واشــنطن‬ ‫وقــد حــرت التطــرف يف اإلســام فقــط‪،‬‬ ‫ولذلــك دعــت إليهــا أمئــة ومشــاهري (أبطــال)‬ ‫التغريــدات‪.‬‬ ‫املشــكلة أن الغــرب مــا زال ينظــر بأنــه‬ ‫طبيــب مــع أنــه هــو الــداء وهــو الفــروس‪،‬‬ ‫وأن العنــف وليــد الغــرب وأداتــه ويشــهد‬ ‫التاريــخ جرامئــه‪ ..‬وأنــه هــو ســبب وجــزء من‬ ‫املشــكلة ال الحــل‪ ،‬مثلــه مثــل كل الطغــاة‪..‬‬ ‫تقــول حكايــة الرأســايل‪ :‬بــأن الرأســايل‬ ‫عــرض عــى ســكان الغابــة رشاء أقنعــة‬ ‫مانعــة للتلــوث‪ ،‬رفــض الســكان بحجــة أن‬ ‫الغابــة نقيــة وال تلــوث فيهــا‪ ،‬ومل متــر أشــهر‬ ‫حتــى لوحــظ رشاء ذلــك الرأســايل قطعــة‬ ‫مــن األرض ونــزع األشــجار وبنــى مصنعــاً‬ ‫أطلــق أدخنــة ســوداء لوثــت الغابــة‪ ،‬فــأرسع‬ ‫الســكان إىل الرأســايل لــراء األقنعــة‬ ‫ملكافحــة التلــوث‪ ،‬فضحــك ودلهــم عــى‬ ‫املصنــع الــذي بنــاه يف الغابــة‪ ،‬والــذي كان‬ ‫ينتــج أقنعــة مانعــة للتلــوث‪.‬‬ ‫* جميــس غالســان‪ ،‬زميــل زائــر يف معهــد‬ ‫امــركان انرتبــراز‪ ،‬شــغل منصــب وكيــل وزارة‬ ‫الخارجيــة للدبلوماســية العامــة ورئيــس‬ ‫لهيئــة اإلذاعــة مجلــس محافظــي الواليــات‬ ‫األمريكيــة املتحــدة يف إدارة جــورج بــوش‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جورج كتن‬

‫حتول «املقاومة» إىل وحش قاتل‬

‫شــهدت منطقــة الــرق األوســط وشــال أفريقيــا‬ ‫نشــوء «مقاومــات وطنيــة مســلحة» ضــد محتــل أو‬ ‫مســتعمر أو نظــام مســتبد‪ ،‬لقيــت ترحيب ـاً يف أوســاط‬ ‫شــعبية انخرطــت يف صفوفهــا وأيدتهــا يف مواجهــة‬ ‫العــدو املشــرك‪ .‬إال أن معظــم حــركات املقاومــة‬ ‫الناشــئة منــذ نصــف القــرن املنــرم حتــى اآلن‬ ‫تحولــت بشــكل مأســاوي عــن أهدافهــا لتنهــش يف‬ ‫لحــم مجتمعاتهــا التــي أولتهــا ثقتهــا ودعمهــا فعملــت‬ ‫للهيمنــة عــى مقدراتهــا أو إعاقــة تقدمهــا وإخضاعهــا‬ ‫الحتكارهــا للســلطة والــروات‪.‬‬ ‫مــن أوضــح حــركات املقاومــة هــذه حــزب اللــه الــذي‬ ‫انطلــق مــن لبنــان ملقاومــة االحتــال اإلرسائيــي‬ ‫لجنوبــه‪ .‬وعندمــا انســحبت إرسائيــل كليـاً إىل الحــدود‬ ‫الدوليــة يف العــام ‪ ،2000‬رفــض نــزع ســاحه كــا رفــض‬ ‫انتشــار الجيــش اللبنــاين يف الجنــوب لحاميــة الحــدود‬ ‫وادعــى أنــه ســيحتفظ بســاحه طاملــا القــدس غــر‬ ‫محــررة‪ ،‬أي عمليـاً لألبــد! وانفــرد بقـرار الحرب والســلم‬ ‫املفــرض أنــه مســؤولية الحكومــة املنتخبــة وأدخــل‬ ‫لبنــان يف حــرب متــوز ‪ 2006‬الكارثيــة التــي أعلنهــا‬ ‫«نــرا ً إلهيــاً» رغــم خســائر لبنــان الفادحــة برشيــاً‬ ‫وماديـاً‪ .‬أصبــح بذلــك دولــة ضمــن الدولــة وشــكل حالة‬ ‫نــادرة‪ :‬جيشــان مســتقالن يف دولــة واحــدة‪ ،‬أحدهــا‬ ‫تابــع للحكومــة الرشعيــة واآلخــر يخضــع لدولــة إيـران‪.‬‬ ‫يف العــام ‪ 2008‬حــول الحــزب بنادقــه للداخــل اللبنــاين‬ ‫بعــد إغــاق الحــدود مــع إرسائيــل بقــرارات دوليــة‬ ‫وانتشــار الجيــش اللبنــاين يف الجنــوب‪ ،‬إذ شــن حملــة‬ ‫شــاملة ضــد الحكومــة اللبنانيــة املطالبــة بتجريــده‬ ‫مــن الســاح بعــد أن مل يعــد مــن يشء «ليقاومــه»‪.‬‬ ‫فســبب شــلالً يف وســط بــروت الســياحي والتجــاري‬ ‫ملــدة ســنة ونصــف وعطــل جلســات املجلــس النيــايب‪،‬‬ ‫ومنــع انتخــاب رئيــس جمهوريــة‪ ،‬وحــارص رساي‬ ‫الحكومــة‪ ،‬وحــاول إســقاطها وعندمــا فشــل جــرد‬ ‫ســاحه «املقــاوم» واحتــل بــروت الغربيــة يف ‪7‬‬ ‫أيــار ‪ 2008‬وحــرق مراكــز حزبيــة ومقــرات صحــف‬ ‫معارضــة لــه‪ ،‬وفــرض بالنهايــة اتفــاق الدوحــة كعقــد‬ ‫إذعــان‪ ،‬أعطــى للحــزب مــع أنصــاره حــق الفيتــو‬ ‫عــى ق ـرارات الحكومــة التــي أصبحــت رهينــة لســاح‬ ‫الحــزب املدعــي أنــه «مقــاوم»‪ .‬لكــن األكــر وحشــية‬ ‫فيــا ارتكبــه باســم «املقاومــة»‪ ،‬مــا يعرفــه الجميــع‬ ‫حالي ـاً مــن إرســال مســلحيه للقتــال إىل جنــب النظــام‬ ‫الدمــوي الســوري واملســاهمة يف املقتلــة التــي يقــوم‬ ‫بهــا ضــد الشــعب الســوري املنتفــض مــن أجــل حريتــه‪.‬‬ ‫وال تختلــف عــن حــزب اللــه الكثــر مــن الفصائــل‬ ‫الفلســطينية «املقاومــة»‪ ،‬فجبهــة أحمــد جربيــل‬ ‫«الشــعبية» املدعيــة للمقاومــة يف معظــم تاريخهــا‬

‫ديمة محمود‬ ‫مل تكــن مــ ّر ًة واحــد ًة ال وال مــرات تلــك التــي‬ ‫يرتســخ فيهــا يف ذهنــي أنــه مســتبد‪.‬‬ ‫صــورة املســتبد التــي عرفــت طريقهــا إىل ذهنــي‬ ‫ال ّنامــي‪ ،‬وعقــي الصغــر منــذ الطفولــة‪ ،‬ظـ ّـل النفــور‬ ‫هــو الحبــل الواصــل بينــي وبينهــا‪ ،‬ورغــم القســوة‬ ‫واملــرارة‪ ،‬لكنهــا أنضجتنــي باكــرا ً‪.‬‬ ‫ـاج قبــل الوقــت والتحــا ٌم باكـ ٌر بالحيــاة ومامرســة‬ ‫إنضـ ٌ‬ ‫طفليّــةٌ‪ ،‬مــا فتــئ ســاع ُدها يشــتد‪ ،‬ملقارعــة التيــار‬ ‫وارتطــا ٌم قبــل األوان مبســامري الحيــاة وأقطابهــا‬ ‫الســالبة‪ ،‬علنــاً وخلــف الكواليــس‪.‬‬ ‫مثــة مــا عشّ ــش يف دماغــي باكــرا ً واســتوطنه وبنــى‬ ‫أوكاره ودهاليــزه فيــه‪ ..‬ومل يخــرج‪ ،‬بــل مل يعــد قــادرا ً‬ ‫عــى الخــروج‪ .‬ومث ّــة مــار ٌد وليــد بــزغ مــن الرتبــة‬ ‫وارشأب برسعــة ومــا عــاد قــادرا ً عــى التّــواري أو‬ ‫ّ‬ ‫التلثّــم‪ .‬وبــدت طبيعتــه بــارز ًة بوضــوح منــذ مراحلــه‬ ‫األوىل فــارس مارديَّتــه رغــم حداثتــه وبدائيــة أدواته‪،‬‬ ‫رصت كينونتُــه عــى البقــاء والتلويــح مبوجوديّتــه‬ ‫وأ ّ‬ ‫وفعلــه وصريورتــه نحــو التجــذّر ومــا يريــد‪ ،‬وإن‬ ‫تفــاوت يف اعتالئــه مــا بــن املـ ّد والجــزر‪ .‬وبــدا واضحاً‬ ‫للكثرييــن وإن مل يدركــوا ماه ّيتــه لكنهــم فهمــوا أنــه‬

‫عملــت كمخلــب للنظــام القمعــي الســوري‪ .‬أمــا‬ ‫حــاس فبحجــة املقاومــة قامــت بانقــاب عــى ســلطة‬ ‫الرئيــس الفلســطيني الرشعيــة‪ ،‬وقتلــت العديــد مــن‬ ‫قيــادات وعنــارص فتــح يف القطــاع‪ ،‬ألقــت بعضهــم‬ ‫مــن رشفــات بنايــات عاليــة‪ ،‬واســتولت عــى الســلطة‬ ‫يف القطــاع‪ ،‬وتســببت بانقســام الحركــة الوطنيــة‬ ‫الفلســطينية‪ ،‬وتقســيم مــا تبقــى مــن فلســطني‬ ‫لدولتــن‪ ،‬دولــة حــاس يف غــزة‪ ،‬والســلطة الفلســطينية‬ ‫املعــرف بهــا دوليـاً يف الضفــة‪ .‬فصيــل آخــر «مقــاوم»‬ ‫خــرج مــن عبــاءة تنظيــم «فتــح االنتفاضــة» يف مخيــم‬ ‫النهــر البــارد باســم «فتــح اإلســام»‪ .‬يف بدايــة انطالقــه‬ ‫أُعلــن أنــه جــاء «ليقيــم الديــن ولريفــع رايــة ال اللــه إال‬ ‫اللــه فــوق ســاء فلســطني»‪ ،‬وبــدأ «التحريــر!» بقتــل‬ ‫عــرات الجنــود اللبنانيــن غــدرا ً وتفجــر املدنيــن‬ ‫اللبنانيــن األبريــاء‪.‬‬ ‫كذلــك املنظــات التــي ادعــت أنهــا قامــت ملقاومــة‬ ‫االحتــال األمــريك للعــراق تحولــت إىل منظــات‬ ‫إرهابيــة ترتكــب الجرائــم البشــعة ضــد املدنيــن‬ ‫بتفجرياتهــا العشــوائية التــي قتلــت مــن العراقيــن‬ ‫األبريــاء مئــات اآلالف‪ ،‬فيــا قتلــت مــن جنــود املحتــل‬ ‫بضعــة آالف‪ .‬كان قتــل املدنيــن فقــط إلثبــات أنــه‬ ‫ال يوجــد اســتقرار وأمــن وســام يف ظــل الوجــود‬ ‫األمــريك‪ ،‬بعمليــات بعضهــا قتــل متعمــد حســب‬ ‫الهويــة الطائفيــة‪ .‬اســتمرت املقتلــة رغــم أن األمــركان‬ ‫انســحبوا كليـاً مــن العـراق يف العــام ‪ ..2010‬وتحولــت‬ ‫«املقاومــة العراقيــة» إىل مــا يعــرف اآلن باســم داعــش‪،‬‬ ‫التنظيــم اإلرهــايب التكفــري الدمــوي الــذي يحتــل‬ ‫مســاحات شاســعة يف العـراق وســوريا‪ ،‬وال يـزال يدعــي‬ ‫«مقاومــة» الغــزو الصليبــي يف الوقــت الــذي يقتــل‬ ‫املدنيــن يف البلديــن‪.‬‬ ‫أمــا النمــوذج األوضــح خــارج املجــال العــريب فهــو‬ ‫الحــركات الجهاديــة اإلســاموية التــي تشــكلت‬ ‫لـ»مقاومــة» االحتــال الســوفييتي الفغانســتان‪ .‬وعندما‬ ‫انســحب الســوفييت تحولــت منظــات «املجاهديــن»‬ ‫املســلحة لقتــال بعضهــا بعضــاً بوحشــية منقطعــة‬ ‫النظــر لتحديــد مــن سيســيطر عــى العاصمــة كابــول‪،‬‬ ‫فاســتخدموا كافــة أســلحتهم يف رصاعهــم الدمــوي‪،‬‬ ‫وقتلــوا عــرات اآلالف مــن ســكانها‪ ،‬وكان دمــار‬ ‫املدينــة شــبه كامــل وآثــاره مــا زالــت إىل اآلن رغــم‬ ‫مــرور حــوايل ربــع قــرن عــى حــرب «املجاهديــن»‬ ‫املدمــرة‪ .‬مل تتوقــف الحــرب بــن أنقــاض كابــول إىل‬ ‫أن ســيطر عــى املدينــة فريــق مــن «مجاهــدي»‪،‬‬ ‫تنظيــم الطالبــان‪ ،‬وطــرد بقيــة األطـراف‪ ،‬ليقيــم حكمــه‬ ‫الوحــي عــى مــا تبقــى مــن بيــوت مهدمــة‪.‬‬ ‫وال تختلــف كثــرا ً املنظــات اإلســاموية يف ســوريا‬ ‫مــن داعــش ونــرة وأرضابهــا يف أنهــا ال تقيــم أي وزن‬

‫للشــعب والنــاس الذيــن ادعــت أنهــا أتــت لنرصتهــم‪،‬‬ ‫وأنهــا تقــاوم النظــام الــذي اضطهدهــم‪ ،‬فهــم آخــر‬ ‫مــن تهتــم بهــم يف حروبهــا املدمــرة التــي تنشــب يف‬ ‫أي وقــت بــن أطرافهــا املختلفــة‪ ،‬تســتخدمهم دريئــة‬ ‫تتخفــى خلفهــا وال يهمهــا أبــدا ً إن تدمــرت بيوتهــم‬ ‫ووســائل رزقهــم يف ســبيل مــا تدعيــه مــن تطبيــق‬ ‫للرشيعــة ولــو عــى قبورهــم‪ .‬كــا ال يختلــف النظــام‬ ‫الوحــي يف تدمــر املــدن عــى رؤوس املدنيــن األبريــاء‬ ‫متلطي ـاً خلــف إدعائــه أنــه نظــام «مقــاوم ومامنــع»‬ ‫للمؤامــرة الكونيــة!‬ ‫«ترششــحت» املقاومــة حتــى تــكاد تصبــح ممســحة‬ ‫باليــة‪ ،‬وفقــدت قيمتهــا الرمزيــة وكفــرت بهــا الغالبيــة‪،‬‬ ‫حتــى باتــت أعــداد كبــرة تتمنــى لــو أن االســتعامر‬ ‫يعــود لحكــم بالدهــا‪ ،‬فقــد كان أرحــم مــا ابتلــت‬ ‫بــه مــن «مقاومــن» عــى تعــدد أصنافهــم وأهدافهــم‬ ‫الخاصــة التــي ال تتفــق مــع أهــداف الشــعب يف‬ ‫الحريــة وإقامــة أنظمــة تعمــل يف خدمــة شــعوبها‬ ‫وتســتمد ســلطتها مــن ثقــة غالبيــة الشــعب بهــا‪.‬‬ ‫هــذا ال مينــع مــن وجــود بعــض املقاومــن يف التاريــخ‬ ‫الحديــث مل يســتغلوا قتالهــم للحصــول عــى مكاســب‬ ‫مقابلهــا‪ ،‬وأوضــح منــوذج‪ ،‬الثــوار الســوريون املقاومــون‬ ‫لالســتعامر الفرنــي‪ ،‬فلــم نســمع أبــدا ً أنهــم ســعوا‬ ‫لالســتيالء عــى الســلطة بقــوة ســاحهم‪ ،‬فالثائــر‬ ‫ســلطان باشــا األطــرش ورفاقــه عنــد جــاء املســتعمر‬ ‫رمــوا ســاحهم وعــادوا للعمــل يف حقولهــم‪ ،‬ومــن‬ ‫ســعى لــدور يف الشــأن العــام فعــن طريــق صناديــق‬ ‫االقــراع وبالوســائل الدميقراطيــة التــي بقيــت هــي‬ ‫األســاس رغــم بعــض االنقالبــات العســكرية إىل أن‬ ‫جــاء «البعــث» ليســحقها ويعــي حكــم البندقيــة عــى‬ ‫حكــم الشــعب‪.‬‬ ‫النــاس مــن تجربتهــا مل تعــد تــويل أيــة «مقاومــة»‬ ‫تأييدهــا إال بعــد التأكــد مــن أنهــا فعـاً ال قــوالً يهمهــا‬ ‫مصالــح الشــعب‪ ،‬وتعمــل مــن أجــل أهدافــه ويهمهــا‬ ‫بالدرجــة األوىل ســامته وأمانــه وتفعــل أي يشء‬ ‫ملنــع معاناتــه مــن الحــروب التــي تشــنها‪ .‬وأن هنــاك‬ ‫ضامنــات كافيــة أن «مقاومتهــا» للطغــاة أو لالحتــال‬ ‫تســتهدف يف النهايــة إرجــاع الســلطة للشــعب‪،‬‬ ‫وليــس االســتحواذ عليهــا بقــوة ســاحها‪ ،‬وإعــادة دورة‬ ‫االســتبداد والعنــف وحجــب الحريــات عــن النــاس‬ ‫الذيــن ادعــت أنهــا «قاومــت» مــن أجلهــم‪ .‬ثــم أنــه‬ ‫عندمــا تكــون الوســائل الســلمية فعالــة لوصــول النــاس‬ ‫ألهدافهــم لتأمــن مصلحتهــم يف حيــاة أفضــل‪ ،‬فــإن‬ ‫إعــان أيــة مقاومــة مســلحة يف أي بلــد دون الحاجــة‬ ‫إليهــا وصفــة لكارثــة تلحــق بالشــعب ملــا توفــره مــن‬ ‫فرصــة النتشــار اإلرهــاب األصــويل والفلتــان األمنــي‬ ‫والفــوىض والحــروب األهليــة املدمــرة‪.‬‬

‫والـمـستبد‬ ‫أنا‪ُ ...‬‬ ‫بــركا ٌن مــا‪ ،‬ال ميكــن بحــا ٍل بس ـ ُط اليــد فوقــه‪.‬‬ ‫الصقــل قــادين إىل مفهــوم املعــارك ودروب‬ ‫ُ‬ ‫هــذا‬ ‫كل الهيبــات‬ ‫عينــي َّ‬ ‫الرصاعــات باكــرا ً‪ ،‬حلحــل أمــام‬ ‫ّ‬ ‫كل‬ ‫كل الكبــار‪ .‬وتهلهلــت يف ذهنــي ُّ‬ ‫وص ّغــر يف نظــري ّ‬ ‫النظريــات واألســاطري‪ ،‬ســيّام أننــي بــذكايئ املتعــب‬ ‫اشــأززتُ مــن تلــك الرائحــ ِة العفنــة ال ّناشــبة يف‬ ‫الهـ ّوة مــا بــن التنظــر والواقــع‪ ،‬ومبــلء عينــي كنــت‬ ‫أرى الوجهــن الكاذبــن الناقضــن لبعضهــا اآلخــر‪،‬‬ ‫ــت‬ ‫ورمبــا كانــت وجوهــاً يف أحيــان كثــرة‪ .‬ونحيّ ُ‬ ‫املس ـلّامت واآلل ّيــة يف القبــول عــى نح ـ ٍو ال يقبــل إال‬ ‫بالفهــم والتحليــل واألخــذ والــر ّد‪.‬‬ ‫امتلكــت باكـرا ً مســاق َط متعــددة‪ ،‬وصــارت البانورامــا‬ ‫ـي يف الرؤيــة‪ .‬ومل يعــد مــن املمكــن‬ ‫منط ـاً هام ـاً لعينـ ّ‬ ‫بعــد هــذا االبتــكار الــذي هــرول إ َيل أن أتخــى‬ ‫عنــه لنمـ ٍ‬ ‫ـط آخــر مــن الرؤيــة أو أن أقـ َـف يف مــكان‬ ‫أريض مــوا ٍز للمشــهد‪ ،‬وال حتــى أن أركــض متجــاوز ًة‬ ‫ٍّ‬ ‫الضجيــج‪...‬‬ ‫ـت‬ ‫ـت يف سـ ٍّن صغــرة عــى أال أتأقلــم‪ ..‬وانتفضـ ُ‬ ‫تأقلمـ ُ‬ ‫منــذ الطفولــة بأســاليب مبتكــرة‪ ،‬كلــا تســتدعيها‬ ‫ي‪ ،‬وأدهــش‬ ‫ذاكــريت اآلن أذهــل أمــام جــرويت الطف ـ ّ‬ ‫كيــف كان يل ذلــك يف تلــك العمــر الصغــرة وذلــك‬

‫الزمــن الغابــر؟! وأفهــم متأخ ـرا ً ملــاذا وكيــف تفاقــم‬ ‫اســتبدا ُده‪ ..‬ورصت شــيطاناً أحمــر بثالثــة قــرون‬ ‫ٍ‬ ‫بــذات‬ ‫وعرشيــن مخلبــاً‪ ،‬ومــع ذلــك كلــه ظللــت‬ ‫واحــد ٍة ال تتجــزأ‪.‬‬ ‫إننــي اآلن فقــط أعــرف بــأن نيوتــن كان محقَــاً يف‬ ‫قانونــه الثالــث‪ ،‬وحتــى هــذا القانــون ليــس مس ـلّم ًة‬ ‫اجتامعــي كــا هــو‬ ‫واقعــي بامتيــاز‬ ‫بــل رجــ ٌع‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌّ‬ ‫فيزيــا ّيئ‪ ..‬وذلــك مــن واقــع خــويض الحيــايتّ الــذايتّ‬ ‫ِ‬ ‫مفــرط البــدء‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫روسيا إىل أين؟‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫التــورط الــرويس يف ســورية مل يكــن خافي ـاً عــى أحــد‪،‬‬ ‫وخاصــة عــى الســوريني الذيــن ذاقــوا املــوت الــرويس‪ ،‬بــكل‬ ‫تجلياتــه الصاروخيــة‪ ،‬والقياديــة‪ ،‬والدبلوماســية‪ ،‬الــروس‬ ‫تورطــوا يف الــدم الســوري منــذ اللحظــة األوىل النفجــار الثــورة‬ ‫الســورية ضــد الطغيــان‪ ،‬ووقفــوا بحــزم مــع االســتبداد وضــد‬ ‫إرادة الشــعب الســوري!‬ ‫مل نكــن نصــدق بعــض املعتقلــن السياســيني يف الثامنينــات‪،‬‬ ‫بأنهــم رأوا خـراء تعذيــب روس يف معتقــل تدمــر الصحـراوي‬ ‫الرهيــب‪ ،‬واعتربهــا البعــض مجــرد مبالغــات‪ .‬ولكــن املوقــف‬ ‫الــرويس حتــى اليــوم يــؤرش عــى تــورط وحــي يف العــداء‬ ‫ضــد الســوريني‪ ،‬وضــد حلــم الســوريني يف حيــاة كرميــة لهــم‪،‬‬ ‫وألبنائهــم‪ ،‬خاليــة مــن الظلــم والتعذيــب الجســدي والتحقــر‬ ‫العقــي!‬ ‫لقــد نشــأت أجيــال كثــرة مــن الســوريني عــى قـراءة األدب‬ ‫الــرويس‪ ،‬وتعاطفــوا مــع أبطالهــم الذيــن خاضــوا الحــرب‬ ‫العامليــة ضــد الطاغيــة هتلــر‪ ،‬الــذي حــاول احتــال روســيا‬ ‫ووضعهــا تحــت هيمنتــه‪ ،‬ودرس عــرات األلــوف مــن‬ ‫الســوريني يف جامعــات روســيا ودول أوربــا الرشقيــة التــي‬ ‫كانــت مجــرد معاهــد روســية وبلغــات مختلفــة!‬ ‫وتعــرف الشــعب الســوري عــى مختلــف الرشائــح الروســية‬ ‫مــن زوجــات الخريجــن اللــوايت كــن أمهــات ناجحــات‬ ‫ومؤدبــات‪ ،‬ويف تعاكــس تــام مــع عــرات ألــوف الفتيــات‬ ‫الروســيات اللــوايت دفعهــن النظــام الــرويس الجديــد لبيــع‬ ‫أجســادهن يف الكباريهــات ويف املواخــر الليليــة!‬ ‫روســيا مل تكــن بالنســبة للســورين رشيــرة كــا هــي اليــوم‪،‬‬ ‫فــاألدب الــرويس ن ـ ّور ذائقــة الكثــر مــن الســوريني‪ ،‬وكانــت‬ ‫روســيا بنظــر الســوريني أمــة عظيمــة ومحبــة للســام‪ ،‬أمــا‬ ‫اليــوم فروســيا تــر ّد الكيــل للشــعب الســوري‪ ،‬وتتعامــل‬ ‫معــه كشــعب همجــي‪ ،‬ومــع ســورية كأرض بــا شــعب‪ ،‬إال‬ ‫مــن خضــع إلرادة الدميــة البعثيــة األســدية‪ ،‬التــي أرهقــت‬ ‫ســورية‪ ،‬والشــعب الســوري بفســادها‪ ،‬وبغلــواء حقدهــا‬ ‫الــذي ال ينضــب!‬ ‫يف نفــس الوقــت الــذي يدعــم بوتــن االنفصاليــن يف أوكرانيــا‪،‬‬ ‫وميــزق وحــدة الــدول املحيطــة بروســيا‪ ،‬يقــول بــأن األســد‬ ‫رئيــس رشعــي ونحــن ندعــم الرشعيــة‪ ،‬متجاه ـاً بــأن هــذا‬ ‫الالرشعــي‪ ،‬قــد د ّمــر البــاد‪ ،‬وه ّجــر الشــعب‪ ،‬وانتهــك كرامــة‬ ‫املعارضــن لحكمــه‪ ،‬بشــكل وحــي‪ ،‬وهــا هــو يقــي حتــى‬ ‫عــى مؤيديــه الذيــن انســاقوا خلفــه بغريــزة القطيــع‪،‬‬ ‫املشــوبة بالجشــع!‬ ‫هــل يحــق لرئيــس يدعــي الرشعيــة أن يد ّمــر بــاده‪ ،‬هــل‬ ‫يحــق لــه تهجــر شــعبه؟؟‬ ‫إذا كان األمــر كذلــك فنحــن نســأل ملــاذا حــارب الــروس‬ ‫هتلــر؟ أمل يكــن رئيس ـاً رشعي ـاً ألملانيــا؟ أم أن الــروس الــذي‬ ‫بذلــوا أرواحهــم للدفــاع عــن كرامتهــم‪ ،‬وكرامــة بالدهــم‪،‬‬ ‫كانــوا مجــرد إرهابيــن كــا يصــف بوتــن الشــعب الســوري‬ ‫اليــوم‪ ،‬هــو ودميتــه‪ ،‬ودميــة إيــران‪ :‬بشــار األســد!‬ ‫نشــعر باالعتــزاز بــكل الســوريني الــذي ولــدوا ألمهــات‬ ‫روســيات‪ ،‬ونفخــر بهــم‪ ،‬فهــم ميثلــون مــع غريهــم مــن‬ ‫الســوريني متعــددي األصــول‪ ،‬ميثلــون العقليــة الســورية‬ ‫املنفتحــة عــى اآلخــر‪ ،‬وغــر املتعصبــة لجنــس أو لطائفــة أو‬ ‫لفئــة ذات عقــل محــدود!‬ ‫ولكننــا نشــعر بالغضــب‪ ،‬وبالحــزن لهــذا املوقــف الــرويس‬ ‫الــا أخالقــي والــذي يشــبه متامــاً موقــف بيــع الروســيات‬ ‫كرقيــق أبيــض مــن قبــل نظــام بوتــن نفســه!‬ ‫ليــس للغــزو الــرويس م ّنــا غــر العــداء‪ ،‬وغــر الدفــاع عــن‬ ‫كرامــة بالدنــا‪ ،‬بــكل مــا أويت شــعبنا الســوري مــن إمكانــات‬ ‫قليلــة‪ ،‬ليــس للــروس يف ســورية إال هزميــة منكــرة‪ ،‬تردعهــم‬ ‫عــن انتهــاك كرامــات الســوريني‪ ،‬وتوقفهــم عنــد حدهــم‪،‬‬ ‫وهــم يدعمــون التعذيــب‪ ،‬واالعتقــال‪ ،‬والخطــف‪ ،‬واالبت ـزاز‬ ‫وتهجــر النــاس مــن ديارهــم‪ ،‬الــذي يتــم مبعرفتهــم‪ ،‬وتحــت‬ ‫إرشافهــم‪ ،‬وبتشــجيع منهــم أيض ـاً!‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يف دار الرعاية االجتماعية‬

‫نجاة عبد الصمد‬ ‫‪1‬ـ رتــل رتــل األطفــال الطويــل يف الطريــق‬ ‫إىل املدرســة كل صبــاح‪ .‬كخيــط الحــزن عــى‬ ‫الطريــق‪ .‬مراييـ ٌـل بــذات الطــول‪ ،‬حقائــب بلــونٍ‬ ‫وحيــد‪ ،‬شــع ٌر ممشَّ ــط باهتــام‪ ،‬ومفـ ٌ‬ ‫ـروق إىل‬ ‫جهــة واحــدة‪ ،‬أيــا ٍد متســك أخواتهــا بوجــل‪ ،‬ال‬ ‫ـي‬ ‫تنحــرف الخطــى قيــد شــعر ٍة عــن خـ ٍّط وهمـ ّ‬ ‫عــى الرصيــف‪ ،‬وال تســر الخطــى أرسع مــن‬ ‫ـي يف الــرؤوس‪ .‬عــى الوجــوه أيضـاً‬ ‫عـ ّدا ٍد وهمـ ّ‬ ‫بســاتٌ باالتســاع ذاتــه‪ ،‬بالحــاس الرخــو‬ ‫ذاتــه‪ .‬تلــك هــي التعليــات قبــل الخــروج مــن‬ ‫دار الرعايــة االجتامعيــة ‪2013/10/3‬‬ ‫‪2‬ـ رميــا رجالهــا صغريتــان‪ .‬وجذعهــا طفــو ٌّيل‬ ‫نحيــل‪ .‬فــوق الجــذع عنـ ُـق يغــوص تحــت ٍ‬ ‫رأس‬ ‫كبــرٍ لصبيــ ٍة حاملــة‪ .‬يف وجههــا عينــان وســع‬ ‫املــدى‪ ،‬وضحكــ ٌة أوســع مــن هــذا املــدى‪،‬‬ ‫وطيبــ ٌة أوســع مــن هــذه الضحكــة‪ .‬وظــال‬ ‫ٍ‬ ‫تجاعيــد تفضــح أعــوام عمرهــا الثالثــن‪.‬‬ ‫شــع ُرها الليـ ُـل يعــر مــن منبتــه انحــدارا ً رسيعـاً‬ ‫صــوب منبــت رجليهــا الضعيفتــن واملنتهيتــن‬

‫بابــوج امــرأ ٍة أنيقــة‪.‬‬ ‫بقدمــي طفلــ ٍة تنتعــل‬ ‫َ‬ ‫عريــض وعــا ٍل‪ ،‬نســيجه مــن‬ ‫كعــب البابــوج‬ ‫ُ‬ ‫ـي عســي اللــون‪ ،‬مزيّــن بخــرزاتٍ‬ ‫جلـ ٍـد صناعـ ّ‬ ‫لهــا ألــوان الزهــور والشــجر‪ .‬تنبــق أصابــع‬ ‫رجليهــا مــن فتحــة البابــوج‪ .‬أظافرهــا مطليــة‬ ‫عــى املوضــة كل أظفـ ٍر بلــون أزهــى مــن لــون‬ ‫أخيــه‪ .‬تســر رميــا‪ .‬قدماهــا تتلمســان أرضــاً‬ ‫ال تســتطيعان االســتناد إليهــا ســوى بعكازتــن‬ ‫أطــول منهــا‪ ،‬وأكــر صالبــة‪ .‬ترفــع رميــا يديهــا‪،‬‬ ‫ينكشــف جلدهــا املوجــع البيــاض‪ ،‬تنفــرج‬ ‫أصابــع يديهــا العاريــة مــن خواتــم الزينــة‪،‬‬ ‫واملزيّنــة بأظافــر مطليــة أيضــاً عــى املوضــة‬ ‫بألــوان الزهــور والشــجر‪ ،‬تعــرض لوحتهــا التــي‬ ‫أنهــت تشــكيلها قبــل قليــل نقـاً عــن تشــكيلٍ‬ ‫زيتــي شــهري‪ :‬بجعتــان بيضــاوان تســبحان‬ ‫ٍّ‬ ‫متقابلتــن يف بحــر ٍة زرقــاء صافيــة‪ ،‬تحمــان‬ ‫ـب ظلّلتــه رميــا بأقــام‬ ‫بــن منقاريهــا رســم قلـ ٍ‬ ‫تلوينهــا الخشــبية الرخيصــة باللــون األحمــر‪.‬‬ ‫اللوحــة األصــل ذائعــة الصيــت‪ ،‬وتجــول يف بــاد‬ ‫اللــه‪ ،‬ولوحــة رميــا ســتنام عــى الجــدار الكئيــب‬

‫فــوق رسيرهــا‪ .‬ســتكون لوحــة رميــا خالــد ًة‬ ‫بالنســبة إليهــا فقــط‪ ،‬ومجهولــ ًة لنــا جميعــاً؛‬ ‫يعــض‬ ‫نحــن الذيــن مل نعــش يف امليتــم‪ ،‬ومل‬ ‫ّ‬ ‫أرجلنــا شــلل األطفــال‪2013/11/3 .‬‬ ‫‪3‬ـ ختيــارة بأمانــ ٍة أســلمت الختيــارة ذاكرتهــا‬ ‫ـي‪ ،‬وغــادرت عاملنــا الثقيــل هكــذا‬ ‫للزهاميــر البهـ ّ‬ ‫خفيفــ ًة ٍ‬ ‫صيــف وال شــتاء‪.‬‬ ‫كأرض ال يزورهــا‬ ‫ٌ‬ ‫تجلــس عــى رسيرهــا الحديــد‪ .‬تحــي عــدد‬ ‫الغيــوم الســارحة يف الســاء‪ ،‬وعــدد حبــات‬ ‫الزيتــون يف صحــن الفطــور‪ .‬وعــدد الســاعات‬ ‫حتــى موعــد الغــداء‪ .‬إن فــاض عنهــا الوقــت‬ ‫قــد تتف ّقــد أصابعهــا‪ ،‬أو تبحــث يف لثتهــا عــن‬ ‫أســنان باقيــة‪ ،‬أو تعـ ّد بالطــات املمــر‪ ،‬أو تــروح‬ ‫صــوب الشــباك تصغــي لدبيــب النمــل عــى‬ ‫ســور الــدار‪ .‬ثــم تعــود للجلــوس الصامــت يف‬ ‫رسيرهــا بيديــن متكتفتــن كالتالميــذ املؤدبــن‪.‬‬ ‫تقــول لزوارهــا الوهميــن كل يــوم‪ :‬أنــا بعافيــة‪.‬‬ ‫لكــن جــاريت هــذه تنــزف‪ .‬وتشــر بيديهــا إىل‬ ‫رسيــ ٍر فــارغ نزيــف جارتهــا مــا زال ميطــر يف‬ ‫عينيهــا‪ .‬عينيهــا اللتــن تحمــ ّران فجــأ ًة حــن‬

‫وأبواب ّ‬ ‫ٌ‬ ‫حمطمة‬ ‫قناديل مضيئة‬ ‫حيدر محمد هوري‬

‫عنه يف غفلة الضوء‬ ‫الريفــي البســيطُ‪،‬‬ ‫مــا زلــت أتذكــر (حمــو)‬ ‫ّ‬ ‫وقصتــ ُه مــع (عمــر آغــا) الــذي طلــب منــه‬ ‫أن يفتــح باب ـاً خشــبياً صغ ـرا ً يف بيتــه الطينــي‬ ‫رفــض (حمــو)‬ ‫الصغــرِ أمــام أهــل القريــ ِة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫البيــت‬ ‫ذلــك‪ ،‬فأمــر اآلغــا رجالــه باقتحــام‬ ‫ر البــاب وإرضام النــار بــكل مــا يخفيــه‬ ‫وكــ ِ‬ ‫(حمــو) وراءه‪ .‬مل يجــدوا شــيئاً مثينــاً بعــروا‬

‫نبوءة غريبة للشيطان‬ ‫مصطفى تاج الدين الموسى‬

‫ٌ‬ ‫سكينة ٌ‬ ‫وقلق و ضياٌء‬ ‫ال يش َء يحي ُط يب اآلن‪..‬‬ ‫إنّــه الّليــل‪ ،‬حيــثُ الســكين ُة القلقــ ُة والهــدو ُء‬ ‫الحـ ُ‬ ‫ـاذق‪ ،‬والّذاكــر ُة املتخم ـ ُة بخرائــب العــامل‪..‬‬ ‫إنّــه الّليـ ُـل‪ ،‬والقناديـ ُـل املوزّعـ ُة بعشــوائي ٍة عــى‬ ‫ِ‬ ‫واملســاجد‬ ‫مــا تبقّــى مــن جــدران البيــوت‬ ‫ِ‬ ‫والكنائــس‪ ..‬القناديــل التــي تــي ُء مــا تبقّــى‬ ‫ِ‬ ‫النفــوس‬ ‫مــن النوايــا والعواطــف تحــت ركامِ‬ ‫امله ّدمــ ِة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حييط بي األن‪..‬‬ ‫ال شي َء‬ ‫ســوى الضجــ ِر مــن حديــث أهــل القريــة‬ ‫املتكــر ِر عــن القناديــلِ بعــد أزمــ ِة الكهربــا ِء‬ ‫ِ‬ ‫البلــد‪ .‬ســمعتهم يصفونَهــا مبــا يبعــثُ يف‬ ‫يف‬ ‫نفوســهم الراحــ َة والطأمنينــة‪ ،‬أتذكّــر قــال‬ ‫أحدهــم‪:‬‬ ‫ القناديــل هــي تلــك املســاحة املرهونــة‬‫باألحــامِ واملثقلـ ُة بالهواجـ ِ‬ ‫ـس والدمـعِ وامللــح‪..‬‬ ‫َ‬ ‫أردف آخر‪:‬‬ ‫ يف زمــنٍ غابــرٍ‪ ،‬وعــى ق ّمــ ِة جبــلٍ مثقــلٍ‬‫ـر رجـ ٌـل كهـ ٌـل وكان‬ ‫بأشــجار األرز والصنوبــر تعـ ّ َ‬ ‫هائــلٍ‬ ‫حتّــى‬ ‫ٌ‬ ‫بيــده‬ ‫قنديــل تســبب بحريــقٍ‬ ‫امتــأت العيــون يف القــرى املحيطــة بالدخــان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والغمــوض‪.‬‬ ‫واملــوت‬ ‫قاطع ُه آخر‪:‬‬ ‫ أجــل ولقــد امتــأت الصــدو ُر حينهــا برائح ـ ِة‬‫ـري انفجـ َر بالتوسـ ِ‬ ‫ـات‬ ‫الجرميـ ِة‪ ،‬والصــدف البحـ ُّ‬ ‫والدعــا ِء للعابريــن إىل الحيــا ِة عــر البحـ ِر حتــى‬ ‫ال يحمــل وزرهــم‪.‬‬ ‫أمــا أنــا فــا يه ّمنــي أمــ ُر القناديــلِ مطفــأ ًة‬ ‫كانــت أم مضيئــةً‪ ،‬كونــوا كــا أنتــم‪ ،‬الهثــن‬ ‫خلــف الضيــا ِء والظــا ِل املوجعــ ِة‪ .‬أنــا أهتــ ُّم‬ ‫َ‬ ‫ـكل واحـ ٍـد م ّنــا‬ ‫باألبــواب املغلقــة واملوصــدة فلـ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ألحــد أن يقتحــ َم‬ ‫أســمح‬ ‫بابــه الخــاص ولــن‬ ‫َ‬ ‫بــا َيب املوصــد‪.‬‬

‫تشــران إىل مــكان الجــارة الغائبــة‪ ،‬ومتتلئــان‬ ‫بالدمــع حــن يزورهــا ابــن أخيهــا بعــد طــول‬ ‫غيــاب‪ ،‬وأيضــا حــن تنظــران إىل الجــدار‬ ‫املكتــوب عليــه رمــو ٌز عســر ٌة عــى عينيهــا‬ ‫اللتــن مل تــزورا املدرســة يومـاً‪ .‬رمــو ٌز خربشــتها‬ ‫الجــارة عــى الجــدار قبــل أن تغيــب‪« :‬ال‬ ‫تكــروا قلــوب الطيبــن»‪...‬‬ ‫‪2013/11/5‬‬ ‫ٌ‬ ‫صنــدوق خشــبي‬ ‫‪4‬ـ عبــر يف خزانــة عبــر‬ ‫صغــر مــن خشــب مثــن عليــه شــعار فنــدق‬ ‫فاخــر ‪ .‬ــــ مــن أيــن لــك هــذا يــا عبــر؟ ــــ هــو‬ ‫هديــة ابنــة خالتــي مــن أمريــكا‪ .‬تجيــب عبــر‬ ‫ـب شــائن‪ .‬وال‬ ‫بارتبــاك َمــن ضُ بــط يف اقـراف ذنـ ٍ‬ ‫تكــف عــن حضــن صندوقهــا‪ .‬ليــس لخشــب‬ ‫ّ‬ ‫الصنــدوق الثمــن عــ ٌن داخليــة تــرى مــا‬ ‫خ ّبأتــه عبــر فيــه (ربطــات شــعر مــن صـ ٍ‬ ‫ـوف‬ ‫شــبه تالــف‪ ،‬ودبابيــس شــع ٍر امنحــى طالؤهــا‬ ‫األســود‪ ،‬وصــورة لعائلتهــا الوحيــدة‪ :‬أمهــا‬ ‫وخالتهــا وابنتهــا‪ ،‬ومحرمـ ٌة ورقيــة ملونــة رأتهــا‬ ‫جــوار صحــن الفاكهــة اللذيــذة يف بيــت خالتهــا‬

‫كل يش ٍء‪ ..‬الفــأس ورســن الحــار ورسجــه‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ـواب فخاري ـ ٌة وآوانٍ مــن النحـ ِ‬ ‫ـاس وس ـ ّجاد ٌة‬ ‫خـ ٍ‬ ‫صغــرة للصــا ِة كانــت هدي ـ ًة مــن زوجت ـ ِه يف‬ ‫ـنابل قم ـ ٍح‬ ‫فــرة الخطوب ـ ِة‪ ،‬ومنجـ ٌـل صــدئٌ وسـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الزيــت‪،‬‬ ‫وقنديــل قديــ ٌم فيــه بعــض‬ ‫ٌ‬ ‫يابســ ٍة‬ ‫الزيــت الــذي نــره رجــال اآلغــا عــى َ‬ ‫تلــك‬ ‫قبــل إرضامِ النــا ِر بهــا‪.‬‬ ‫األشــيا ِء َ‬ ‫كان اآلغــا مســتغرقاً يف الضحـ ِ‬ ‫ـك‪ ،‬ومل ينتبــه إىل‬ ‫(حمــو) الــذي غافــل الجمي ـ َع ونحــر ُه بخنجــره‬ ‫الصغـرِ قبـ َـل أن يتحـ ّو َل إىل غيمـ ٍة ماطــر ٍة فــوق‬ ‫ذاك الحريــق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ـارج البيـ ِ‬ ‫ـت عندمــا اقتحمــو ُه وكــروا‬ ‫كنـ ُ‬ ‫ـت خـ َ‬ ‫قفــل البــاب املوصـ ِـد‪ ،‬وفضحــوا أمــام النـ ِ‬ ‫ـاس أمر‬ ‫كنــت أخفيهــا عنهــم‪ .‬أخــروا‬ ‫القناديــلِ التــي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجـرا َن عــن هاجــي الــريء بامتــاك النــو ِر يف‬ ‫قلــب ابنتهــمِ الجميل ـ ِة‪ ،‬وعــن شــغبي وطيــي‬ ‫وعــادات الطفولــ ِة‪ ،‬أخربوهــم كيــف أننــي‬ ‫منحــت كل نجمــ ٍة يف القريــ ِة اســاً لعابــر ٍة‬ ‫بقلبــي وألقابــاً تليــق برجــال القريــ ِة‪ ،‬لكنهــم‬ ‫مل يص ّدقــوين متامــاً يف أ ّن النهايــات تكمــن يف‬ ‫كشــف الحقائــق يف الظــامِ ‪ ..‬حتــاً كانــت‬ ‫قلوبهــم مطفــأ ًة عندمــا اقتحمــوا بيتــي‪.‬‬

‫عنهم‬ ‫عندمــا رجعــوا إىل بيوتهــم وجــدوا أبوابهــم‬ ‫محطمــة تتســلل منهــا الظـ ُ‬ ‫ـال واألرسا ُر‪ .‬نعــم‬ ‫لقــد رأيــت جميــع الحقائــق التــي أخفوهــا‪..‬‬ ‫ خالد العقيم الذي طلق ثالث مر ٍ‬‫ات‬ ‫ أحمــد الــذي رسق خامتــاً ذهبيــاً مــن بيــت‬‫أيب حســن‬ ‫ ليــى التــي تتنــاول حبوبـاً ملنـعِ الحمــلِ ألنهــا‬‫ال تريــد أن تنجــب أطفــاالً مــن مــوىس‬ ‫رسه يف رحم خديجة‬ ‫ خلف و ّ‬‫ُ‬ ‫ العادات الرسية للمراهق َني واملراهقات‬‫ِ‬ ‫العاشقات وهدايا العشاق‬ ‫ مرايا‬‫ الشــجرة التــي رســم عليهــا حســن حاممتــن‬‫وحرفــن‬ ‫ رائحة الخبز يف صدور الفقراء‬‫ الراعــي املشــلول ومعارشتــه للجحشــة‬‫العرجــاء‬ ‫نعــم لقــد رأيــت عمــق الحقيقــة يف عيونهــم‬ ‫وشــاهدت مــا مل أتصــوره وشــاهدوا أنفســهم‬ ‫ع ـرا ًة متام ـاً‪.‬‬ ‫تنهــش يف بعضهــا‬ ‫ُ‬ ‫فجــأة تحولــوا إىل ضبــا ٍع‬ ‫البعــض‪ .‬كانــت القناديــل تنــر الظــال‬ ‫والهيــاكل العظميــة يف أرجــاء الغــرف‪ .‬نســاء‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫رجــال بحجــم‬ ‫وأطفــال مشــ ّوهون‪..‬‬ ‫عاريــات‬ ‫الكــف‪ ..‬توابيــت‪ ..‬ونبــع مــن الزيــت حتــى ال‬ ‫القناديــل واألرسار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تنطفــئ تلــك‬ ‫وأنــا أراقــب وأحفــظ كل التفاصيــل والحقائــق‪.‬‬ ‫بــدأ الخــدر باالنتشــار يف كامــل جســدي تلــك‬ ‫األبــواب املحطمــة أثقلــت روحــي‪ ،‬وبــث يف‬ ‫ريــح‬ ‫وطنــاً مــن الوهــن والتعــب والجــراح‪ٌ ،‬‬ ‫مغـ ّر ٌة متــأ صــدري وامللوحــة يف فمــي شــديدة‬ ‫جــدا ً ســمعت أحدهــم يقــول‪:‬‬ ‫ دعه ملصريه فنحن ال نعرفه‪.‬‬‫الشــارع مزدح ـ ٌم باألصــداء والوجــوه العابســة‬ ‫والــرؤوس املقطوعــة واألشــاء‪ .‬مل أمتكــن مــن‬ ‫الصمــود كث ـرا ً‪ .‬رحــت أرتعــش بشــد ٍة وبــدأت‬ ‫الجــدران بالتداعــي والســقوط حتــى اصطفــى‬ ‫يف مســمعي‪ ،‬رغــم كل ذلــك الــدم واملــوت‪،‬‬ ‫أصــواتٌ تنــادي بالنــر والحريــة والخــاص‬ ‫وأصــواتٌ أخــرى تناشــدهم بالعفــو والغف ـران‪.‬‬ ‫يليــق بالضيــاء‬ ‫كان هــذا يف الّليــلِ ‪ ،‬فالليــل‬ ‫ُ‬ ‫كثــرا ً‪ ،‬ففــي العتــم ال نرتــب األحــا َم عــى‬ ‫هيئتهــا‪ ،‬إمنــا نرتبهــا كاألطفــا ِل ألنهــا مفاتيــح‬ ‫النفــوس القلقــة والقلــوب املوصــدة‪.‬‬

‫حــن كانــت يف البــاد وكانــت أمهــا حيّــة)‪.‬‬ ‫‪2013/11/8‬‬ ‫إنتــاج عــى األرض الفســيحة التابعــة لــدار‬ ‫ـي مسـ َّيج‪،‬‬ ‫الرعايــة االجتامعيــة بُنــي خـ ٌّم نظامـ ّ‬ ‫تقيــم فيــه دجاجــاتٌ كثــرة‪ ،‬تــأكل بقايــا طعــام‬ ‫النــزالء‪ ،‬وتكافئهــم بالبيــض البلــدي‪ .‬بفرمــانٍ‬ ‫لطيـ ٍ‬ ‫ـف مــن إدارة الجمعيــة ُمنحــت الدجاجات‬ ‫حـ َّـق التنفــس ســاعتني كل يــوم خــارج أســوار‬ ‫الخ ـ ّم‪ .‬بــدأت جوالتهــا املرحــة هــذه مــع أول‬ ‫أيــام الــدفء‪ .‬يــرح بهــا فتيــان الــدار وفــق‬ ‫ٍ‬ ‫كل منهــم‬ ‫مناوبــات يراعــي عمــ َر ٍّ‬ ‫جــدول‬ ‫ولياقتــه‪ ،‬والواجبــات املدرســية املطلوبــة منه يف‬ ‫اليــوم التــايل ملناوبتــه‪ .‬ال أحــد يعــرف بالتأكيــد‬ ‫كــم ســعدت الدجاجــات بســاعتي الحريــة‬ ‫انتفشــت ب(طرييّتهــا) (التعبــر‬ ‫هاتــن‪ ،‬وكــم‬ ‫ْ‬ ‫املــوازي لـــ‪ :‬إنســانيتها)‪ .‬إال أنهــا صــارت تبيــض‬ ‫أكــر مــن قبــل‪ ،‬مبــا يكفــي لفطــو ٍر مــن البيــض‬ ‫اللذيــذ لجميــع النــزالء كل ثالثــة أيــام‪ .‬وأيض ـاً‪:‬‬ ‫مل يتأفّــف الفتيــان مــن ســاعات مناوبتهــم‪ ،‬ومل‬ ‫املــدريس‪2014/4/1 .‬‬ ‫يرتاجــع أداؤهــم‬ ‫ّ‬

‫إن أخــذتُ هــذه الذكــرى القدميــة إىل‬ ‫الــراف‪ ،‬وأعطيتــه إياهــا‪ ،‬ســيرصفها يل إىل‬ ‫كل تعاســتها‬ ‫ألــف أغنيــة عراقيــة‪ ،‬متــارس ّ‬ ‫يف ربابــة واحــدة‪ ،‬إن أخذتهــا ــــ ذاتهــا ــــ إىل‬ ‫صيدليــة‪ ،‬ســيرصفها الصيــديل إىل ألــف حبــة‬ ‫فاشــلة لكآبــة عصيــة عــى الحبــوب‪.‬‬ ‫يف ذلــك اليــوم‪ ،‬بــن دمــوع أحدهــم والســائل‬ ‫كل الحيــاة‪.‬‬ ‫املنــوي لآلخريــن‪ ،‬ســوف تضيــع ُّ‬ ‫عــر ســاعة الهاتــف‪ ،‬مــن ملــلٍ كثيــف ه ّنــا‪،‬‬ ‫إىل هنــاك حيــث الخــوف مــن قذيفــة طائشــة‬ ‫ال ميــل منــه‪ ،‬أهمــس مخمــورا ً ألمــي بعتــب‬ ‫مخنــوق‪:‬‬ ‫ـــــ أكان مــن الــروري أن تقتحمــي صفــي‬ ‫ذلــك اليــوم؟‪ ..‬عليــك الــوردة يــا أمــي‪..‬‬ ‫بعــد شــتيمتي الحلــوة‪ ،‬تبــي أمــي عــى‬ ‫الهاتــف‪ ،‬تقســم إنهــا ذلــك اليــوم مل تـ ِ‬ ‫ـأت إىل‬ ‫مدرســتي‪.‬‬ ‫ال أنــا أحببتــه‪ ،‬وال هــو أحبنــي‪ ..‬شــاهدته كثـرا ً‬ ‫يف نــرة األخبــار املســائيّة آنــذاك‪ ،‬اســتقبل‪،‬‬ ‫ودع‪ ،‬اســتقبل‪ ،‬ودع‪ ..‬هــو شــاهدين مــرة‬ ‫ـتقبل وال‬ ‫واحــدة ــــ فقــط ــــ يف الصــف‪ ،‬ال أسـ ُ‬ ‫أودع أحــدا ً‪.‬‬ ‫عمومـاً‪ ،‬منــذ ذلــك الوقــت ال أثــق بـــ الشــامبو‬ ‫يف اإلعالنــات التجاريّــة عــى شاشــة التلفــاز‬ ‫الســوري‪ ،‬دامئ ـاً‪ ..‬فقاعاتــه عــى وجــه الطفــل‬ ‫تلهــو وهــو يضحــك‪ ،‬وعينــاه ال توجعانــه‪ ،‬ألــح‬ ‫عــى أمــي فتجلــب لنــا نفــس النــوع ــــ مــن‬ ‫املجمــع االســتهاليك‪ ،‬املمثــل الرشعــي الوحيــد‬ ‫للتلفــاز الســوري ــــ يف الحــام أدهــن وجهــي‬ ‫بهــذا النــوع‪ ،‬فتشــتعل نــران الحــروب يف‬ ‫عينــي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ســنوات وأنــا أجــرب أنــواع الشــامبو يف‬ ‫ربحــت‬ ‫اإلعالنــات التلفازيــة‪ ..‬يف النهايــة‬ ‫ُ‬ ‫نظــارات‪ ،‬وأطفــال تلــك اإلعالنــات ــــ أخمــن ــــ‬ ‫ربحــوا صــورا ً تذكاريــة ســوف تزيــن ألبوماتهــم‬ ‫العائليــة زمنــاً طويــاً‪.‬‬ ‫ـــــ لــو ِ‬ ‫أنــك مــا كنــت أمــي يــا أمــي ذلــك‬ ‫اليــوم‪..‬‬ ‫كل األيام‪..‬‬ ‫ـــ أنت دامئاً ابني يف ّ‬ ‫كان امللــل قــد فتــك بأرواحنــا أثنــاء درس‬ ‫القوميــة‪ ،‬لكــزين مــن الخلــف بـــ خــارصيت‬ ‫رجعــت قليــاً بــرأيس إليــه‪ ،‬أنــا‬ ‫فــاروق‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫الجالــس يف املقعــد قبــل األخــر‪( .‬املقاعــد‬ ‫كل صفــوف‬ ‫الخلفيــة ملــن ال يعــرف‪ ،‬هــي يف ّ‬

‫العــامل‪ ،‬املصــر الحتمــي ألي طويــل ونحيــل‪،‬‬ ‫وأبلــه)‪.‬‬ ‫ـــــ أنــا وهشــام وعمــر قررنــا أن منــارس العــادة‬ ‫الرسيــة‪ ..‬مــن ينتــي أوالً يكــون أكرثنــا رجولة‪..‬‬ ‫أ تســابقنا يــا خجــول؟‪.‬‬ ‫اســتفزين هــذا الحقــر‪ ،‬ال مرئي ـاً‪ ..‬بهــز الــرأس‬ ‫وقعنــا عــى االتفاقيــة‪ ..‬ورشعنــا‪ ،‬مــن تحــت‬ ‫ثيابنــاً يف الســباق‪.‬‬ ‫ثــوان قليلــة‪ ،‬ثــ ّم‪ ..‬فجــأةً‪ ،‬أمــي تقتحــم‬ ‫الصــف‪ ..‬تــرع حتــى املقعــد قبــل األخــر‬ ‫وتصفعنــي بلــؤم‪ .‬صفعــة قاســية‪ ..‬ال تنــى‪،‬‬ ‫محــال أن أنســاها‪ ،‬ال تشــبه بقيــة الصفعــات‪،‬‬ ‫تذكــرين بالحركــة التصحيحــة‪ ..‬وزن ضغطهــا‬ ‫عــى وجهــي كان ــــ تقريبـاً ــــ ‪ 1970‬كــغ‪ ،‬كــا‬ ‫شــعرتُ وقتهــا‪.‬‬ ‫انتــى اآلخــرون‪ ،‬يف الفرصــة تشــاجروا مــع‬ ‫كل يدعــي أن‬ ‫بعضهــم يف باحــة املدرســة‪ٌّ ،‬‬ ‫حليبــه جــاء أوالً‪ ..‬لكنهــم اتفقــوا أن بــكاء ذلــك‬ ‫اآلخــر‪ ،‬جــاء ثانيــاً‪.‬‬ ‫بكيــت كثــرا ً‪ ،‬مل أســتطع‬ ‫وحــدي يف الصــف‬ ‫ُ‬ ‫أن أكــون مثلــا تريــد أمــي‪ ،‬وال كــا يريــد‬ ‫اآلخــرون‪ ،‬أمتنــى يوم ـاً مــا أن أصــر كــا يريــد‬ ‫أي أحــد يف هــذا الكــون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـت‪ ،‬عندهــا‪..‬‬ ‫تعــب منــي البــكاء‪ ،‬فرحــل‪ ..‬التفـ ُ‬ ‫ومــن داخــل صورتــه املعلقــة عــى جــدار‬ ‫الصــف‪ ،‬شــاهدين الســيد الرئيــس‪ ،‬ابتســم يل‬ ‫بســخرية‪ ،‬وقــال‪:‬‬ ‫ـــــ هــم يصلحــون يف املســتقبل أن يكونــوا‬ ‫ضباطــاً‪ ..‬أنــت‪ ،‬مســتقبالً‪ ..‬لــن تكــون ســوى‬ ‫كاتــب يف أفضــل األحــوال‪.‬‬ ‫وفعالً‪ ،‬بعد ٍ‬ ‫عقد بال نيف‪ ..‬هذا ما حدث‪.‬‬ ‫قــدر الضبــاط‪ ،‬وقــدر الكتــاب‪ ..‬أو ميكــن‪،‬‬ ‫بحســب تحليــايت الغريبــة‪ ،‬يجــب أن يظــل‬ ‫للويســي ســكانها‪ ،‬وللعــرق‪ ..‬ســكان آخــرون‪.‬‬ ‫اقتحــام أمــي للصــف فهمنــاه‪ ،‬لكــن بقيــة‬ ‫األمهــات ــــ أم فــاروق وأم ماجــد وأم عمــر ــــ‬ ‫ملــاذا مل تقتحمــن الصــف لتزرعــن عــى وجــوه‬ ‫أصدقــايئ‪ ،‬حــركات تصحيحيــة؟‪.‬‬ ‫للتــو‪ ،‬كنــت أتجــول بــن األقنيــة التلفازيــة‪،‬‬ ‫علنــي أعــر عــى فيلــم ســيناميئ‪ ..‬فجــأ ًة‬ ‫شــاهدتُ طفــاً يلهــو يف الحــام‪ ،‬فقاعــات‬ ‫الشــامبو متــي عــى عينيــه وهــو يضحــك‬ ‫أي وجــع‪ ..‬راقبتــه وعينــاي تحرتقــان‬ ‫كأبلــه دون ّ‬ ‫ببــطء‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪13‬‬

‫أضم الليل احلنون وأبكي‪..‬‬ ‫آرام كربيت‬ ‫كنــت أضــم الليــل الحنــون والخابــور بــن‬ ‫ثنايــا صــدري‪ ،‬نبقــى هنــاك بالقــرب مــن األفــق‬ ‫نتقاســم األشــجان والــوداع‪ .‬كنــت كالبحــر‬ ‫يبــدو مــن الخــارج هادئــاً‪ ،‬متوازنــاً‪ ،‬بيــد أن‬ ‫موجــه كان متالطــاً يف داخــي‪ ،‬يأخــذين إىل‬ ‫األعــى‪ ،‬إىل الســاء ويرمينــي عــى الصخــور‬ ‫الحــادة‪ .‬مل أســتطع أن أقــف أو أجلــس‪ ،‬قلق ـاً‪،‬‬ ‫متوت ـرا ً‪ ،‬ال أعــرف مــاذا أريــد بالضبــط‪ .‬كنــت‬ ‫كنمــر يف قفــص ثــم أطلــق رساحــه يف هــذا‬ ‫الفضــاء الواســع‪ .‬مل يكــن املــكان يســعني كــا‬ ‫مل يكــن يريحنــي‪ .‬مضطرب ـاً‪ ،‬ســكراناً مــن هــذا‬ ‫الكــم الهائــل مــن هــذا الخــاء املفتــوح عــى‬ ‫كل األبعــاد‪.‬‬ ‫األعــوام الخمســة األخــرة يف ســجن تدمــر كنت‬ ‫محرومــاً مــن رفــع رأيس إىل األعــى‪ ،‬محرومــاً‬ ‫مــن رؤيــة الســاء والشــمس‪ ،‬مضطــرا ً أن‬ ‫يبقــى رأيس منكس ـاً‪ ،‬ذلي ـاً بيــد أذالء‪ ،‬وحــوش‪،‬‬ ‫عصابــة مجرمــة لهــا رشعيــة دوليــة يف متزيــق‬ ‫بلدنــا ومجتمعنــا‪ .‬ثــم‪ ،‬أرى نفــي يف البيــت‬ ‫حــرا ً‪ ،‬أنــام كــا أشــاء وأســتيقظ كــا أشــاء‬ ‫وأخــرج مــن البيــت إىل الســوق أو الشــارع‬ ‫وألتقــي بالنــاس‪ .‬رأيــت املــرأة ألول مــرة‪،‬‬ ‫رمبــا تعجــز الكلــات عــن وصــف أو رسد مــا‬ ‫جــال يف داخــي‪ ،‬بوجــود الضيــوف واألصدقــاء‬ ‫مل أكــن أســتطيع التعبــر عــن مكنونــايت‪،‬‬ ‫وعندمــا أختــي مــع نفــي‪ ،‬عندمــا أجلــس‬

‫وحيــدا ً‪ ،‬تبــدأ دموعــي تتســاقط مــن عينــي ال‬ ‫شــعورياً‪ ،‬أبــي بحرقــة وأمل‪ .‬لقــد نســيت شــكل‬ ‫املــرأة الخارجــي يف الســجن‪ ،‬لونتــه وزينتــه‬ ‫عــر فضــاء روحــي وعقــي‪ ،‬واليــوم أنــا وجــه‬ ‫لوجــه معهــا‪ .‬مل أكــن متزوجــاً‪ ،‬كــا مل يكــن‬ ‫يل حبيبــة أعــود إليهــا ألتواصــل معهــا‪ .‬كنــت‬ ‫وحيــدا ً‪ ،‬مكســورا ً‪ ،‬تنتابنــي رغبــات قاتلــة أن‬ ‫أكــون بصحبتهــا‪ ،‬أن أراهــا عاريــة أمامــي‪ ،‬أن‬ ‫أصــل إليهــا ألعــرف مــن أنــا وأيــن أكــون وأيــن‬ ‫ســأكون‪ .‬هــو اختبــار لقــدرة الكائــن عــى‬ ‫أخــذ اللــذة مــن هــذا الكــون‪ ،‬أو قمعــه وكبتــه‬ ‫تحــت ضغــط الوقائــع‪ .‬أرى الحيطــان النظيفــة‬ ‫ألول مــرة‪ ،‬ضــوء‪ ،‬ومــكان واســع يضمنــي‬ ‫وحــدي‪ .‬أمــي فيــه دون وجــود رشكاء معــي‬ ‫يقاســموين الطعــام والحــام والفـراغ أو وجــود‬ ‫إنســان مضطــرب نفســياً يخــرب يومــي بقلقــه‬ ‫أو خرابــه الداخــي‪ .‬أجلــس عــى الفــراش‬

‫الوثــر الــذي جهزتــه يل والــديت أثنــاء غيــايب‪.‬‬ ‫البيــت النظيــف‪ .‬هــذا االنقــاب بــكل يشء‪ ،‬من‬ ‫النقيــض إىل النقيــض وضعنــي يف حالــة ذهــول‬ ‫وضيــاع‪ .‬ال أعــرف مــن أيــن أبــدأ وإىل أيــن‬ ‫أذهــب‪ .‬كيــف ميكننــي أن أتأقلــم مــع الحيــاة‬ ‫والنــاس‪ ،‬العمــل‪ ،‬املــرأة‪ ،‬الوقائــع التــي تفرضهــا‬ ‫متطلبــات الحيــاة الجديــدة‪ .‬بقيــت مشــوش‬ ‫الذهــن‪ ،‬أرســم اآلمــال املهزومــة واألفــق‬ ‫البعيــد‪ .‬مل يكــن لــدي مــال‪ ،‬بيــت خــاص يب‪،‬‬ ‫مســتقبل‪ .‬باختصــار‪ ،‬أنــا مجــرد كائــن ضائــع ال‬ ‫يعــرف أيــن يرســو بــه املــكان والعــامل‪ ،‬وال إىل‬ ‫أيــن أذهــب‪ ،‬كســفينة تاهــت يف عــرض البحــار‪،‬‬ ‫ال أرض أو مينــاء يضــم جســدها‪ ،‬تبحــث عــن‬ ‫مــكان ترســو إليــه لرتتــاح مــن عنــاء الهزميــة‬ ‫والبعــد والســفر الطويــل‪.‬‬ ‫ألول مــرة أرى تلفزيونـاً جديــدا ً يف بيتنــا‪ ،‬ملونـاً‬ ‫وجميــاً‪ ،‬وفــوق الســطح دش‪ ،‬صحــن كبــر‪.‬‬ ‫ظننــت للوهلــة األوىل أنــه قمــر صناعــي‪.‬‬ ‫مل أكــن أعــرف مــا هــو الــدش‪ ،‬ومل أكــن قــد‬ ‫ســمعت بــه مــن قبــل‪ .‬اســتعنت بابنــة أختــي‬ ‫لتقلــب يل األقنيــة الفضائيــة‪ .‬مــا أثــار غرابتــي‪،‬‬ ‫قنــوات الجنــس‪ ،‬النصــف مشــفرة‪ .‬مــن خاللهــا‬ ‫رأيــت جســد املــرأة بعــد حرمــان طويــل امتــد‬ ‫إىل ثالثــة عــر عامــاً‪ ،‬رصاخ اآلهــات التــي‬ ‫كان يخــرج منهــا تو ّحــد برصاخــي‪ .‬شــعرت‬ ‫بوجــع الحيــاة‪ ،‬وجــع الســنني‪ ،‬وجــع الرغبــات‬ ‫املكبوتــة‪ ،‬وجــع الشــهوة الهاربــة‪ ،‬وجــع‬

‫الســجني املعــزول عــن لذائــذ الحيــاة‪ ،‬بعــده‬ ‫عــن دورة البقــاء‪ .‬عندمــا رأيــت املــرأة بعــد‬ ‫ســنوات طويلــة كــا خلقهــا اللــه‪ ،‬الطبيعــة‪،‬‬ ‫رصخــت بصــوت عــا ٍل مثــل قــط بــري‪ ،‬مثــل‬ ‫انكيــدو‪ ،‬عــاش توحشـاً منضبطـاً‪ ،‬كاذبـاً‪ ،‬مخافــة‬ ‫ردود الفعــل‪ .‬الضوابــط االجتامعيــة‪ ،‬القمــع‬ ‫املنظــم املركــون يف الالوعــي الــذي يســرنا‬ ‫ويجعلنــا مجــرد أدوات خاضعــة‪.‬‬ ‫فهــذا الكائــن املعــزول عــن العــامل‪ ،‬يحــاول أن‬ ‫ميــد خطــاه نحــو اآلخــر تحــت وقــع رضبــات‬ ‫الرغبــة وااللتحــام بــه‪ ،‬الشــبيه بــه‪.‬‬ ‫دخلــت الســجن شــاباً يف التاســعة والعرشيــن‬ ‫مــن العمــر وخرجــت كهــاً يف الثانيــة‬ ‫واألربعــن‪ .‬وفــرص االختيــار أضحــت قليلــة‪،‬‬ ‫خاصــة لرجــل لــه مـ ٍ‬ ‫ـاض‪ ،‬تحــت أنظــار نظــام‬ ‫قاتــل‪ ،‬يعــد عليــه أنفاســه‪ ،‬يحاربــه يف خبــزه‬ ‫وعملــه واختيــاره وشــبابه‪ .‬شــغفي كان ضاغطـاً‬ ‫أن أصــل إىل امــرأة ال لــون أو مقــاس لهــا بعــد‬ ‫أن أصبــح الواقــع حقيقــة‪ ،‬وال مفــر أو هــروب‬ ‫منــه‪ ،‬قلــت لنفــي‪:‬‬ ‫ـ مــن هــي املــرأة التــي ســتقبل يب؟ وهــل‬ ‫ســتقبل بظــرويف؟ وهــل ســتتفهم قلقــي‪،‬‬ ‫هواجــي وعزلتــي؟‬ ‫كنــت أرى جميــع النســاء جميــات‪ ،‬واقعــاً‬ ‫تحــت تأثــر الرغبــة الطاغيــة والحرمــان‬ ‫الطويــل‪ .‬هــذه الرغبــة التــي تعمــي القــدرات‬ ‫واملــدارك وتعطــل التفكــر‪ ،‬وتلهــب الخيــال‬

‫وتجنــح نحــو االرتقــاء أو الهبــوط‪ .‬تريــد‬ ‫الخــروج مــن مكامنهــا املجهولــة والتوحــد‬ ‫باآلخــر‪ .‬مل أكــن متوازن ـاً‪ ،‬بــل مخلخــل التــوازن‬ ‫يف هــذا الجانــب‪ ،‬كان هنــاك يشء جــارف‬ ‫يطلــب‪ ،‬مندفعــاً نحــو اللهــب دون معرفــة‬ ‫مــا مــدى تأثــر ذلــك عــى نفــي ومســتقبل‬ ‫عالقتــي مبــن ستشــاركني هــذه التجربــة‪ .‬إن‬ ‫هــذا الجانــب بالرغــم مــن أنــه يبــدو بســيطاً‪،‬‬ ‫عالقــة جســدية بــن اثنــن‪ ،‬بيــد أنــه األكــر‬ ‫غموضــاً لنــا‪ ،‬وصعوبــة معرفتــه‪ ،‬وال نعــرف‬ ‫تقديــره يف حقيقتــه‪ ،‬ومــدى اندغامنــا فيــه أو‬ ‫انفصالنــا عنــه‪ ،‬ومتــى نحقــق رشوطــه وتكاملــه‬ ‫أو انقســامه‪ .‬كنــت أرى يف كل امــرأة مــروع‬ ‫عشــق جــارح‪ ،‬تلبــي رشوط تفريــغ الطاقــة‬ ‫والرغبــة النامئــة منــذ عــرات الســنني‪.‬‬ ‫إن العالقــة مــع الجانــب اآلخــر املختلــف‬ ‫واملكمــل يكتنفــه الكثــر مــن التعقيــد واملنــع‬ ‫يف بيئــة رشقيــة‪ ،‬خاضعــة للثقافــة الدينيــة‪،‬‬ ‫الحــال والحــرام‪ .‬وكأنــه الزم عــى الفقــراء‬ ‫واملهمشــن أن يبقــوا أتقيــاء يلبــون رشوط‬ ‫اللــه يف تنفيــذ وصايــاه‪ .‬فالكثــر مثــي عــاش يف‬ ‫بيئــة اجتامعيــة‪ ،‬اآلبــاء فيهــا يأكلــون الحــرم‬ ‫واألبنــاء يرضســون‪ .‬أي‪ ،‬أن كل عائلــة‪ ،‬يف بيئــة‬ ‫جاهلــة تنجــب عــرات األطفــال‪ ،‬ألنانيــة‬ ‫األهــل‪ ،‬وغبائهــم وعــدم مســؤوليتهم يف أخــذ‬ ‫قـرارات خطــرة خاصــة فيــا يتعلــق باإلنجــاب‬ ‫والتوالــد الكثــر‪.‬‬

‫النقاب واإلبداع‬ ‫* محمد عبد اهلل الهادي‬ ‫ضبطــت نفــي متلبســاً بســؤال خبيــث‬ ‫وهــو كيــف ميكننــي وصــف امــرأة ـ أي امــرأة‬ ‫ـ يف عمــل قصــي أكتبــه‪ ..‬هــذا إذا حــدث ـ‬ ‫ال قــدر اللــه ـ وتنقبــت مــر كلهــا؟‪ ..‬هــذا إذا‬ ‫تحولــت كل النســاء املرصيــات كــا أرى ـ يف‬ ‫تطــور رسيــع ومتنامــي للظاهــرة ـ لخيــات‬ ‫ســوداء متحركــة؟‪.‬‬ ‫هــل أكتفــي باإلشــارة اإلبداعيــة لكونهــا يشء‬ ‫متحــرك‪ ..‬مجــرد يشء مخفــي وعــي عــي‬ ‫التمييــز‪ ،‬يشء ضئيــل أو كبــر‪ ..‬رسيــع أو‬ ‫بطــيء‪ ..‬أو هــل أكتفــي ـ مثـاً ـ برصــد درجــات‬ ‫الســواد يف قــاش الخيمــة املتحركــة‪ ..‬أو‬ ‫أتــرف بقلمــي فأقــول هــذه املــرأة‪ /‬الخيمــة‬ ‫تتمتــع بالــراء كونهــا مــن أقمشــة فاخــرة‬ ‫مســتوردة غاليــة الثمــن‪ ،‬أو أنهــا متواضعــة‬ ‫املســتوى كونهــا مــن أقمشــة شــعبية رخيصــة‬ ‫الثمــن؟‪ ..‬بالطبــع ســتختلف الخيــات املتحركة‬ ‫يف املناطــق الراقيــة عنهــا يف األحيــاء الشــعبية‪..‬‬ ‫ي أن أخمــن بعــد هــذا هــل هــذه املــرأة‬ ‫وع ـ َّ‬ ‫بيضــاء كاللــن الحليــب أو هــي ســوداء ســواد‬ ‫الزنــوج‪ ،‬وكيــف يكــون صوتهــا‪ ..‬مبعنــى هــل‬ ‫ميكننــي متييــز صوتهــا؟ ذلــك أنهــا لــن تكلمنــي‬ ‫مــن وراء خيمتهــا بصــوت رصيــح‪ ،‬ذلــك أن‬ ‫صوتهــا األنثــوي الناعــم كــا أوهموهــا ال بــد‬ ‫أنــه عــورة‪ ،‬ألنــه يتــأىت مــن جســدها العــورة‬ ‫الــذي ينبغــي عليهــا نفيــه كليــة عــن حــواس‬ ‫الغربــاء أمثــايل وذلــك بخيمــة مــن أعــى رأســها‬ ‫وحتــى أخمــص قدميهــا‪..‬‬ ‫وحتــى ال أسرتســل يف أســئلتي الخبيثــة‪ ،‬قلــت‬ ‫لنفــي‪ :‬مــا املشــكلة يــا أخــي؟‪ ..‬املبدعــون‬ ‫الخليجيــون يكتبــون قصصهــم ورواياتهــم يف‬ ‫مجتمعــات منقبــة دون مشــاكل إبداعيــة‬ ‫مــن أي نــوع‪ ،‬صحيــح أنهــم يف مراحــل التطــور‬ ‫األوىل‪ ،‬لكنهــم يكتبــون‪ ..‬لكــن األســئلة الخبيثــة‬ ‫عــادت تناوشــني عــن الروايــات الخليجيــة التي‬ ‫ذاع صيتهــا مؤخـرا ً‪ ،‬ليــس لكونهــا أعــاال أدبيــة‬ ‫فائقــة األدب‪ ،‬بــل لكونهــا أعــاال خاضــت‬ ‫بجــرأة يف العــوامل الرسيــة للنســاء الــايئ يفعلــن‬

‫مــا يــردن وراء الحوائــط‪ ،‬ومــا إن يظهــرن يف‬ ‫الشــوارع حتــى يتحولــن لخيــام موصــدة أمــام‬ ‫عــوامل الذكــور‪ ،‬وال يتحــررن إالَّ إذا غــادرن‬ ‫البــاد املنقبــة لبــاد أخــرى غــر منقبــة فينزعــن‬ ‫الخيــام يف أول مينــاء جــوي أو بحــري‪ ،‬ويزفــرن‬ ‫مــن جــوف أعامقهــن ألنهــن رصن مثــل كل‬ ‫النســاء مــن خلــق اللــه‪ ..‬وإن كانــت بعضهــن ـ‬ ‫ألســباب مختلفــة ـ يصحــن خيامهــن معهــن وال‬ ‫ينزعنهــا حتــى يف أصقــاع أوروبــا أو صقيعهــا‪..‬‬ ‫الروايــات التــي أرشنــا إليهــا تســتمد جرأتهــا‬ ‫وقيمتهــا مــن رصــد حيــاة املــرأة يف املجتمعــات‬ ‫املنقبــة‪ ،‬فيتعلــق اآلخــرون بالفضــول عــي‬ ‫الشــاطئ اآلخــر بــكل مــا يخــرج مشــوهاً مــن‬ ‫الخبيئــة أو الخبــاء‪ ..‬بــكل مــا يخــرج مــن تشــوه‬ ‫عــي كافــة املســتويات يف مجتمعــات مغلقــة‬ ‫أقــرب للبــداوة يف أمنــاط تفكريهــا الذكوريــة‬ ‫التــي تنظــر للمــرأة هنــاك عــي إنهــا مجــرد‬ ‫(ماعــون) للجنــس والحمــل والــوالدة رغــم‬ ‫اســتريادها لــكل التكنولوجيــات الحديثــة‬ ‫اعتــادا ً عــي الــروة النفطيــة‪..‬‬ ‫لكــن أن تتنقــب مــر ال قــدر اللــه!‪ ،‬فهــذا أمــر‬ ‫يدعــو لــكل األســئلة الخبيثــة والربيئة‪..‬‬ ‫فمــر التــي نشــأتُ فيهــا طفـاً وصبيـاً وشــاباً‬ ‫مل أرهــا عــي هــذه الصــورة املرتــدة للــوراء مــن‬ ‫قبــل‪ ،‬مــر كان بهــا ومــا ي ـزال أوب ـرا تعــرض‬

‫فنــا رفيع ـاً ‪ ،‬وكان صــاح جاهــن يحلــم بأوب ـرا‬ ‫يف كل قريــة‪ ،‬وكان بهــا فــن رائــع يف الســينام‬ ‫واملــرح‪ ،‬وكان بهــا إذاعــة وتليفزيــون وأم‬ ‫كلثــوم وعبــد الوهــاب وعبــد الحليــم وفايــزة‬ ‫وفريــد ووردة‪ ،‬وفيهــا جامعــات ومراكــز‬ ‫أبحــاث‪ ..‬وفيهــا أدب وأدبــاء ومجتمــع مــدين‬ ‫يســعى ملزيــد مــن التحــر واحـرام اإلنســان‪..‬‬ ‫فام الذي حدث لنا؟‬ ‫هــل هــي نكســة ‪ 67‬ومــا تالهــا مــن أحــداث يف‬ ‫الســبعينيات‪ ،‬بعــد أن خرجنــا باملاليــن للــدول‬ ‫النفطيــة؟ ملــاذا أصابنــا الضعــف واله ـزال عنــد‬ ‫مرحلــة التالقــي بهــذه املجتمعــات فبــدال مــن‬ ‫أن ننقــل لهــم مــا أحرزنــاه مــن تطــور وتقــدم‬ ‫نعــود مــن عندهــم بقيــم البــداوة املتخلفــة‬ ‫الذيــن يســعون هــم يف الــر والعلــن للتخلــص‬ ‫منهــا؟ ثــم مــا بالنــا نضفــي عليهــا اآلن ـ‬ ‫بواســطة جهابــذة الفتــاوى الفضائيــة ـ مزيــدا‬ ‫مــن القداســة الدينيــة لتصــر شــعائر مفروضــة‬ ‫نعاقــب عــي نســيانها يــوم العــرض عــي اللــه؟‬ ‫ثــم نــرك نســاءنا وبناتنــا لجامعــات التنقيــب‬ ‫املنظــم التــي تعمــل بــدأب وإرصار شــديدين‪،‬‬ ‫وأظــن أنهــا متــول مــن جهــات مشــبوهة ال‬ ‫يعلمهــا إال اللــه‪ ،‬ولــن يهــدأ لهــا بــال إالَّ بعــد أن‬ ‫تتنقــب مــر كلهــا وتصــر خيمــة كــرى تتعــر‬ ‫وتســقط عــي وجههــا عنــد أول مطــب‪.‬‬

‫عــدت مــن عمــي يومــا وجــدت زوجتــي‬ ‫تســتمع لرشيــط يدعــو للتنقيــب‪ ،‬والداعــي‬ ‫يقــول إن لديــه أكــر مــن ثالثــن ســببا رشعيــا‬ ‫للنقــاب‪ ..‬وســألتها عــن مصــدره فقالــت إن‬ ‫أحــدى زميالتهــا املنقبــات أعطتــه لهــا كــا‬ ‫أهــدت ـ هــذه الزميلــة ـ عــددا آخــر مــن نفــس‬ ‫الرشيــط لزميالتهــا األخريــات غــر املنقبــات‪.‬‬ ‫وعــادت األســئلة الخبيثــة تحــوم‪ ،‬مــن أيــن‬ ‫لهــذه املوظفــة البســيطة اقتنــاء هــذا العــدد‬ ‫مــن الرشائــط يك توزعهــا باملجــان‪ ،‬وملــاذا هــذا‬ ‫الــدأب يف اإلهــداء لغــر املنقبــات‪ ،‬هــل هــو‬ ‫واجــب دينــي سيســألن عليــه يــوم القيامــة؟‬ ‫وهــل هنــاك مزايــا ـ أي كان نوعهــا ملــن تتنقــب‬ ‫أو تدعــو إليــه مــن جهــة مــا ال أعرفهــا‪ ،‬وهــل‬ ‫يتقــاىض مشــايخ التنقيــب مثــاً منحــاً ماليــة‬ ‫أو عينيــة أو أي هبــات أخــرى مــن مصــادر‬ ‫مرصيــة أو غــر مرصيــة‪ ..‬أو خليجيــة بالتحديــد‬ ‫أم أنهــم يســعون للتنقيــب بــوازع دينــي‬ ‫واقتنــاع يخصهــم رغــم الفتــوى الرصيحــة مــن‬ ‫أصحــاب الشــأن بأنــه ليــس فريضــة أو ســنة ؟!‬ ‫وهــل هــم أكــر تقــوى وتدينــا مــن مشــايخنا‬ ‫الكبــار يف الخمســينيات والســتينيات قبــل‬ ‫ظهــور أمــوال الخليــج النفطيــة أو الفضائيــات‬ ‫املمولــة خليجيــاً؟ وملــاذا يختــص كثــر مــن‬ ‫رجــال الديــن الخليجيــن مــر ونســائها‬ ‫وبناتهــا أكــر مــا يختصــوا نســائهم وبناتهــم‬ ‫وبالدهــم ومشــاكلهم‪ ،‬وملــاذا يريــدون ملــر أن‬ ‫تكــون صــورة أخــرى مــن بالدهــم؟‪..‬‬ ‫يف قريتــي تتحجــب النســوة بطريقتهــن‬ ‫الفالحيــة الجميلــة‪« :‬القرطــة» أو «املنديــل أبو‬ ‫أويــه» املزيــن بالرتتــر وخــرج النجــف وتعلــوه‬ ‫طرحــة شــفافة مــن حريــر طبيعــي أو شــاش‪..‬‬ ‫أمــا البنــات فيلبســن مالبــس ملونــة تناســب‬ ‫املرحلــة العمريــة لهــن قبــل الــزواج‪ ..‬هــذه‬ ‫املالبــس يف الــدار والشــارع والســوق والحقــل‪.‬‬ ‫كان د ‪ .‬حســن كامــل بهــاء الديــن ـ وزيــر‬ ‫التعليــم الســابقـ يســتبعد املدرســات املنقبــات‬ ‫مــن التدريــس باملــدارس ألعــال إداريــة‬ ‫بــاإلدارات التعليميــة‪ ،‬إيل أن تــرك الــوزارة‬

‫فرتكــت الــوزارة الحبــل عــي الغــرب‪ ،‬واكتفــت‬ ‫بوضــع رأســها يف الرمــال‪..‬‬ ‫ُدرســات املنقبــات‬ ‫اآلن‪ :‬امتــأت املــدارس بامل َّ‬ ‫الــايئ ال يكتفــن بتوزيــع رشائــط التنقيــب‬ ‫املســجلة‪ ،‬بــل يعملــن بهمــة ال تفــر يف زرع‬ ‫النقــاب يف عقــول بناتنــا الصغ ـرات عــي إنــه‬ ‫فــرض وســنة وبالتــايل تخييمهــن وهــن مــا زلــن‬ ‫يف مراحــل التعليــم اإلعــدادي والثانــوي‪ ،‬رمبــا‬ ‫يحولــن حصــص العــريب والتاريــخ واإلنجليــزي‬ ‫لحصــص للتنقيــب‪ ،‬فــأول مـ ّرة أرى (تلميــذات‬ ‫منقبــات) باملــدارس الثانويــة رغــم إنــه يف‬ ‫التعليــم املــري هنــاك شــئ اســمه (االلت ـزام‬ ‫بالــزي املــدريس)‪ ..‬أيــن هــو الــزي املــدريس‬ ‫اللطيــف الــذي اعتادتــه أعيننــا‪ ..‬أيــن القميــص‬ ‫األبيــض واملريلــة الزرقــاء والحــذاء األســود؟‪..‬‬ ‫اللــه أعلــم‪ ..‬بنــات صغــرات منقبــات أو‬ ‫مرتديــات العبــاءات اإليرانيــة العراقيــة‬ ‫ويتنقلــن يف فنــاء املدرســة وبــن الفصــول‬ ‫كخيــام صغــرة متحركــة‪.‬‬ ‫(ال حظــوا انتشــار محــات هــذه النوعيــات مــن‬ ‫املالبــس يف مــر‪ ..‬إي أن املســألة دخلــت يف‬ ‫البزنــس)‪.‬‬ ‫إذن‪ ..‬أن تتنقــب مــر ال قــدر اللــه يف ظــل‬ ‫األوضــاع الحاليــة أمــر وارد‪.‬‬ ‫إذن ماذا يبقى يل كمبدع؟‬ ‫يبقــي يل أن أتعلــم كيــف أتــواءم مــع الوضــع‬ ‫التنقيبــي الجديــد‪ ،‬وأن أتعلــم مــن مبدعــي‬ ‫املجتمعــات املنقبــة كيــف أتنــاول املــرأة يف‬ ‫أعــايل القصصيــة القادمــة كــا تناولوهــا هــم‪..‬‬ ‫أن أكتــب عــن اكتشــاف الشــهوة واملتمــردات‬ ‫والســحاق والبغــاء‪ ،‬عندهــا ســترتجم أعــايل‬ ‫لــكل اللغــات الحيــة وامليتــة وســتحصد شــهرة‬ ‫عامليــة تؤهلهــا للدخــول يف قوائــم نوبــل‪ ..‬هــذا‬ ‫إذا اســتطاعت قريحتــي األدبيــة أن تتجــاوز‬ ‫حــدود الخيــام املتحركــة‪ ،‬وأن تجــد لبناتنــا‬ ‫ونســائنا الــايئ يختبــن ورائهــا مكانــا يف حـراك‬ ‫الحيــاة يف القــرن الحــادي والعرشيــن‪.‬‬

‫* كاتب مصري‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«جث��ة األس��د ال��ذي م��ا زال عل��ى قي��د احلي��اة»‬ ‫أسعد فخري‬ ‫لعـ ّـل كِتــاب الصحفــي األمريــي املخــرم‬ ‫«ريــز إرليــخ» الــذي جــاء تحــت عنــوان «داخل‬ ‫ســورية» والصــادر عــن الــدار العربيــة للعلــوم‪،‬‬ ‫ترجمــة «رامــي طوقــان» يف طبعتــه األوىل‬ ‫«‪ »2015‬مــن الكتــب التــي تســتحق االلتفــات‪،‬‬ ‫وتقــري مضامــن مــا تناولتــه مفاصلــه العديــدة‪،‬‬ ‫واملتنوعــة يف تغطيتهــا الواســعة‪ ،‬والتفصيليــة‬ ‫ملجمــل األحــداث التــي عاشــتها الثوريــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وذلــك مــن خــال رسديــة أمعنــت‬ ‫يف عــودات تاريخيــة إىل الوقائــع التــي أوصلــت‬ ‫العســكر‪ ،‬وغريهــم إىل رأس الســلطة منــذ‬ ‫اســتقالل البــاد‪ ،‬وخــروج الفرنســيني منهــا‪.‬‬ ‫قــدم للكتــاب املفكــر األمريــي الكبــر «نعــوم‬ ‫تشومســي» محــددا ً معايــر هامة يف اشــتغاالت‬ ‫«ريــز إرليــخ» وماهيــة أهدافــه‪ ،‬وتصوراتــه‬ ‫عــن الثــورة الســورية‪ ،‬واملــآالت التــي‪ ،‬وصلــت‬ ‫إليهــا‪ ،‬مضيفـاً يف هــذا الجانــب فهمــه العميــق‬ ‫ملــا أحدثتــه الثــورات العربيــة‪ ،‬وأبعــاد تصــوره‪،‬‬ ‫ورؤيتــه عنهــا‪ ،‬مقاربــاً موضوعــ ًة يف غايــة‬ ‫األهميــة تتعلــق بــاألدوار التــي لعبتهــا أمريــكا‪،‬‬ ‫والــدول الغربيــة مــن خلفهــا‪ ،‬عامــدا ً إىل لفــت‬ ‫األنظــار نحــو الــدور الــذي لعبتــه أمريــكا يف‬ ‫مــر بعــد خلــع الرئيــس حســني مبــارك‪،‬‬ ‫واســتمرار مخادعتهــا حــن تــم االنقــاب عــى‬ ‫الرئيــس املنتخــب محمــد مــريس‪ ،‬وصعــود‬ ‫الســييس رئيسـاً ملــر وفــق تحــوالت مدروســة‪،‬‬ ‫ُم َح ِ‬ ‫ــددا ً جملــة مــن املســائل التــي اشــتغلت‬ ‫عليهــا الواليــات املتحــدة األمريكيــة خدمــة‬ ‫ملصالحهــا‪ ،‬ومصالــح إرسائيــل بالدرجــة األوىل‪،‬‬ ‫دون أن تنفــك عــن منــارصة الدميقراطيــة التــي‬ ‫تخــدم أهدافهــا الحيويــة يف تســويق تدخلهــا‬ ‫امللتبــس نــرة للشــعوب املطالبــة بالحريــات‪،‬‬ ‫كــا يؤكــد «تشومســي» أن مــا حصــل يف‬ ‫الثــورة التونســية ليــس بعيــدا ً عــن لعبــة‬ ‫الفرنســيني‪ ،‬وإدارتهــم لدفــة ح ـراك الــرد عــى‬ ‫الثــورة‪ ،‬وتحوالتهــا قبــل أن يرحــل الدكتاتــور‬ ‫«بــن عــي» هاربــاً‪ ،‬حيــث كان أحــد الــوزراء‬ ‫الفرنســيني يف تونــس إبــان األحــداث‪ ،‬وذلــك مــا‬ ‫تســبب بإحـراج لفرنســا داخــل املحافــل الدولية‬ ‫حــن بــدأت تصــدر بياناتهــا التــي تحــرص عــى‬ ‫الدميقراطيــة وتحقيقهــا‪ ،‬كــا يتعــرض موســعاً‬ ‫إىل الثــورات الســورية‪ ،‬والليبيــة‪ ،‬واليمنيــة‬ ‫ٍ‬ ‫بعدئــذ إىل مقاربــة الثــورة الســورية‬ ‫ليخلــص‬ ‫كنــت عــى املســتوى الشــخيص‬ ‫قائــاً‪« :‬لقــد‬ ‫ُ‬ ‫متحمس ـاً للثــورة يف ســورية‪ ،‬لكــن ردة الفعــل‬

‫سردية «ريز إرليخ»‬

‫نعوم تشومسكي‬ ‫التــي قامــت بهــا القــوى األمنيــة‪ ،‬والعســكرية‬ ‫حولــت املطالــب التــي كانــت ســلمية يف‬ ‫املرحلــة األوىل مــن هــذه الثــورة إىل حــرب‬ ‫أهليــة دمويــة دمــرت‪ ،‬وال تـزال تدمــر املجتمــع‬ ‫الســوري بكاملــه» ص‪.5‬‬ ‫يُرجِــع املفكــر «تشومســي» تلــك التوتــرات‬ ‫الطائفيــة التــي نالــت مــن الثــورة الســورية‬ ‫إىل الغــزو األمريــي للع ـراق يف العــام «‪»2003‬‬ ‫والتخــي عنــه غارقــاً يف تجاذبــات طائفيــة‬ ‫عميقــة يف قدمهــا التاريخــي‪ ،‬واســتيقاظها‬ ‫يف حضــور راهــن سيســتمر طويــاً‪ ،‬فغــزو‬ ‫العــراق كان املســبب الرئيــس‪ ،‬وجهــة نظــر‬ ‫«تشومســي» يف تفاقــم التوتــر الطائفــي‬ ‫الــذي مــزق العــراق‪ ،‬وفجــر مــن االحرتابــات‬ ‫الطائفيــة فيهــا ليمتــد األمــر مــن بعــد ذلــك إىل‬ ‫ســائر أنحــاء املنطقــة مــع تأكيــده عــى أن مــا‬ ‫جــرى داخــل بلــدان الربيــع العــريب دون شــك‬ ‫لــه أهميتــه املثــرة‪ ،‬والتــي ســيكون لهــا بعــدا ً‬ ‫تاريخيــاً يف تحــوالت شــعوب املنطقــة عــى‬ ‫الرغــم مــن االنتكاســات التــي تعرضــت لهــا‬ ‫لكنهــا كــا يقــول تشومســي‪« :‬ســتكون دامئــة‪،‬‬ ‫ومــن املحتمــل أن تكــون مقدمــة للمزيــد مــن‬ ‫األحــداث واملكاســب» ص‪.6‬‬ ‫ال شــك أن اشــتغاالً حريفـاً تصــدى مــن خاللــه‬ ‫املخــرم االســتقصايئ «ريــز إرليــخ» عامــدا ً إىل‬ ‫رســم الخطــوط الجوهريــة لتحرياتــه داخــل‬ ‫متــون الرسديــة الســورية‪ ،‬مؤثــرا ً اســتلهام‬ ‫العديــد مــن مقارباتــه التحليليــة مــن داخــل‬ ‫االحــراب عــى األرض‪ ،‬ومقومــات وجــوده‬

‫إن كان عــى صعيــد النظــام أو عــى صعيــد‬ ‫معارضيــه‪ ،‬محققــاً مــن جــراء ذلــك شــكالً‬ ‫مــن أشــكال تفكيــك رسديــة الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وتقــري معطياتهــا بصــورة موضوعيــة‪ ،‬وحياديــة‬ ‫اســتطاعت أن تقــدم تصــورا ً مقنعـاً ملــا يجــري‪،‬‬ ‫وذلــك مــن خــال ربــط التحــوالت يف املشــهد‬ ‫الســوري‪ ،‬وإســراتيجية األقنعــة الزائفــة‬ ‫التــي تنتهجهــا الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪،‬‬ ‫والبلــدان األوربيــة مــن خلفهــا حيــث يقــدم‬ ‫«إرليــخ» كتلــة هائلــة مــن التفصيــات التــي‬ ‫تثبــت األدوار امللتبســة للبيــت األبيــض‪ ،‬مؤكــدا ً‬ ‫حالــة االنقســام التــي يعيشــها «الكونغــرس»‬ ‫ومجريــات االحــراب داخلــه بــن الحامئــم‪،‬‬ ‫والصقــور‪ ،‬ومواقفهــم املتناحــرة بشــأن الوضــع‬ ‫يف ســورية‪ ،‬والتجاذبــات اإلقليميــة‪ ،‬والدوليــة‬ ‫التــي تلــف مشــهد اســتمرارية القتــل‪ ،‬والتدمــر‬ ‫داخــل البــاد يف ظــل ســلطة دمويــة فقــدت‬ ‫رشعيتهــا‪ ،‬لكنهــا تســتمد بقاءهــا مــن اعتياشــها‬ ‫عــى تلــك التناقضــات التــي تغــرق فيهــا‬ ‫الــدول ذات املصلحــة‪ ،‬والتــي وجــدت ضالتهــا‬ ‫اإلس ـراتيجية ومقارباتهــا األمنيــة عــى حســاب‬ ‫شــعب أعــزل أراد تحقيــق مطالبــه املرشوعــة يف‬ ‫الحريــة‪ ،‬والكرامــة‪.‬‬ ‫إن املفارقــة الصادمــة التــي يصيغهــا «إرليــخ»‬ ‫عــى هيئــة ســؤال غامــض‪ ،‬يطرحــه‪ ،‬وهــو‬ ‫يــدرك جــادا ً أبعــاده ومراميــه حــن يقــول‪« :‬هل‬ ‫يقــدم فيلــم لورانــس العــرب معلومــة دقيقــة‬ ‫عــن الــرق األوســط»؟ ص‪19‬ـ ثــم يعــود يف‬ ‫مــكان آخــر مــن الســياق ذاتــه‪ ،‬مؤكــدا ً نظريــة‬

‫رغم الصمت الدولي عن جرائم التعذيب يف زنازين النظام السوري‪:‬‬ ‫إدانات واسعة ملقتل رسام كاريكاتري سوري حتت التعذيب‬ ‫تتواتــر األنبــاء التــي تؤكــد مقتــل الفنــان‬ ‫أكــرم رســان البالــغ مــن العمــر‪ 41‬عامــاً‪،‬‬ ‫بجرميــة تعذيــب بشــعة يف معتقــات النظــام‬ ‫املجــرم‪ ،‬ويذكــر بــأن النظــام مــارس االعتــداء‬ ‫عــى مختلــف فعاليــات املجتمــع الســورية‬ ‫الفنيــة واألدبيــة والفكريــة يف محاولــة يائســة‬ ‫لوقــف الحــراك الشــعبي املطالــب بالحريــة‬ ‫وبكــف أيــدي أجهــزة األمــن عــن رقــاب‬ ‫الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫وقــال املحامــي رديــف مصطفــى الناشــط‬ ‫الحقوقــي لـ»إيــاف»‪« :‬دون أدىن شــك أن قتــل‬ ‫رســام الكاركاتــر أكــرم رســان تحــت التعذيــب‬ ‫هــو جرميــة جديــدة ضــد اإلنســانية تضــاف إىل‬ ‫ســجل نظــام عصابــة القتــل واإلجـرام بدمشــق‬ ‫الحافــل بالجرائــم ضــد اإلنســانية وجرائــم‬ ‫الحــرب واالنتهــاكات املمنهجــة والواســعة‬ ‫النطــاق»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬هــذه الجرميــة مل تكــن األوىل ولــن‬

‫تكــون األخــرة مــع كل أســف وال ســبيل لنــا‬ ‫لوقــف مثــل هــذه االنتهــاكات إال مبناشــدة‬ ‫املجتمــع الــدويل لتحمــل مســؤولياته يف وقــف‬ ‫هــذه االنتهــاكات واالحتــكام إىل العدالــة‬ ‫التــي جســدها يف القانــون الــدويل اإلنســاين‬ ‫ونظــام رومــا األســايس يف عــدم تــرك املجرمــن‬ ‫يفلتــون مــن العقــاب وإعــال مبــدأ املحاســبة‬ ‫واملســاءلة ومحاكمــة كل مــن ارتكــب ويرتكــب‬ ‫جرائــم ضــد االنســانية يف ســوريا‪.‬‬ ‫وأكــد أن الجرميــة الوحشــية التــي نحــن‬ ‫بصددهــا هــي وصمــة عــار عــى جبــن‬ ‫اإلنســانية بوصفهــا جــزءا ً مــن مأســاة الشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫واعتــر وســيم أبــا زيــد عضــو تيــار التغيــر‬ ‫الوطنــي يف ترصيــح مامثــل أن هــذا مــا دأب‬ ‫عليــه النظــام األســدي منــذ اســتيالئه عــى‬ ‫الســلطة يف ســوريا‪ ،‬وهــو تغييــب كل العقــول‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬السياســية والفنيــة واألدبيــة واملدنيــة‪،‬‬

‫بالســجن أو التهجــر أو حتــى القتــل‪ ،‬وعــزز‬ ‫هــذا النهــج مــع بدايــة الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫باالعتقــال أو االعتــداء أو االغتيــال‪ ،‬كــا فعــل‬ ‫مــع باســل شــحادة وغيــاث مطــر ومعــن‬ ‫العــودات ومشــعل التمــو والقاشــوش وخالــد‬ ‫تاجــا وأكــرم رســان‪ ،‬وكــا اعتــدت وحوشــه‬ ‫املنفلتــة عــى عــي فــرزات رســام الكاريكاتــر‬ ‫املعــروف‪.‬‬ ‫وأشــار اىل أن النظــام مــا زال يعتقــل الكثــر‬ ‫مــن املبدعــن أمثــال زيك كورديلــو وعبــد‬ ‫العزيــز الخــر‪ ،‬هــذا النظــام ظالمــي جاهــل ال‬ ‫وطنــي‪ ،‬كــا مشــتقاته مــن داعــش وأخواتهــا‪،‬‬ ‫يعــادي رمــوز النــور والحضــارة والوطنيــة‪،‬‬ ‫ألنهــم خصومــه الحقيقيــون‪ .‬وأصــدرت منظمــة‬ ‫مراســلون بــا حــدود‪ ،‬التــي تعنــى بحريــة‬ ‫الصحافيــن‪ ،‬بيانــاً دانــت فيــه مقتــل أكــرم‬ ‫رســان‪.‬‬ ‫وكان رســان اعتُقــل مــن مــكان عملــه يف‬

‫حضــور لورانــس العــرب داخــل مناظــر رؤيــة‬ ‫األمريكيــن عموم ـاً حيــث يقولهــا مؤكــدا ً‪« :‬أن‬ ‫معظــم األمريكيــن يســتقون مــا يعرفونــه عــن‬ ‫الــرق األوســط مــن فيلــم «لورانــس العــرب»‬ ‫الــذي أنتــج يف العــام ‪ 1962‬وأنــا منهــم»‬ ‫ص‪ .19‬وتلــك حقيقــة نلمســها مــن خــال‬ ‫الحديــث املســهب‪ ،‬واالســتطراد التفصيــي‬ ‫الــذي يســتغرق «إرليــخ» وهــو يتحــدث‬ ‫بصــورة مدهشــة‪ ،‬وأخــاذة عــن بطــوالت رجــل‬ ‫االســتخبارات الربيطانيــة الكولونيــل تومــاس‬ ‫ادوارد املعــروف باســم «لورانــس العــرب»‬ ‫الــذي اســتطاع مــن وجهــة نظــر «إرليــخ» أن‬ ‫يؤســس أرضيــة قبــول لــدى العــرب التفاقيــة‬ ‫ســايكس وبيكــو‪ ،‬ووعــد بلفــور الحق ـاً بصــورة‬ ‫حاذقــة جعلتهــم يؤثــرون االحتــال الربيطــاين‬ ‫والفرنــي واإليطــايل بــدالً مــن االســتعامر‬ ‫العثــاين الــذي أنهكتــه الحــروب‪ ،‬واالنكســارات‬ ‫املتواليــة‪ ،‬وبتقديــري أن ذلــك كان أهــم‬ ‫األســباب التــي دفعــت «إرليــخ» لتبنــي هــذه‬ ‫الرؤيــة‪ ،‬والوصــول مــن خاللهــا إىل ترشيــح‬ ‫جثــة االســتعامر الــذي غــادر البــاد‪ ،‬وهــو‬ ‫يغرقهــا يف احرتابــات ال تعــد‪ ،‬وال تحــى‪ ،‬متامـاً‬ ‫كــا فعلــت أمريــكا حــن احتلــت العــراق‬ ‫تحــت حجــج مخادعــة وتركتــه عليـاً يغــرق يف‬ ‫أتــون حــروب مذهبيــة‪ ،‬وتبعيــة يهيمــن عليهــا‬ ‫البعــد الطائفــي قبــل أي إســراتيجية أخــرى‬ ‫بحيــث تحــول الــوالء للوطــن «العـراق» إىل والء‬ ‫مذهبــي‪ ،‬وطائفــي‪ ،‬وأصبــح ككــرة النــار تنتقــل‬ ‫مــن مــكان إىل آخــر لتعــم املنطقــة حالــة مــن‬ ‫عــدم االســتقرار‪ ،‬وفقــدان األمــن‪.‬‬ ‫مثــة العديــد مــن املقاربــات التحليليــة التــي‬ ‫يعقدهــا «إرليــخ» مبــا يتعلــق يف املســألة‬ ‫الكرديــة والعالقــة الحميمــة بــن النظــام‬ ‫وجمهوريــة املــايل يف طهــران دون أن يهمــل‬ ‫الــدور الطائفــي لهــا‪ ،‬وألبعادهــا اإلس ـراتيجية‬ ‫العميقــة‪ ،‬ولــي يدلــل عــى مقــدار عمقهــا‪،‬‬ ‫وحميميتهــا يســوق حادثــة جــرت يف طهــران‬ ‫عندمــا دعــت الحكومــة اإليرانيــة إىل مؤمتــر‬ ‫تحــت عنــوان «امللتقــى الــدويل للشــباب‬ ‫والصحــوة اإلســامية العاملــي» وقــد تجــاوز‬ ‫عــدد املدعويــن ألــف ناشــط يف هــذا املجــال‪،‬‬ ‫وبعــد الرتحيــب بالضيــوف تخلــل الكلمــة‬ ‫االفتتاحيــة للمؤمتــر إشــادة بثــورات الربيــع‬ ‫العــريب‪ ،‬بعيــدا ً عــن الثــورة الســورية التــي‬ ‫عدهــا الرئيــس اإليــراين آنــذاك بأنهــا ليســت‬

‫ثــورة بــل هــي مؤامــرة غربيــة‪ ،‬ال بــل كونيــة‬ ‫عــى نظــام املقاومــة يف دمشــق‪ ،‬والحقيقــة‬ ‫التــي يســوقها «إرليــخ» هنــا محاولــة مــن‬ ‫النظــام اإليـراين لتعبئــة الــرأي العــام عــى أن ما‬ ‫يجــري يف ســوريا هــو مؤامــرة عــى املقاومــة‪.‬‬ ‫ومــن املفارقــات األخــرى التــي يؤثــر ذكرهــا‬ ‫«إرليــخ» ويقبــس لهــا العديــد مــن األحــداث‬ ‫التاريخيــة التــي تتعلــق مبســألة اإلرهــاب‬ ‫وصــم بهــا املســلمون‬ ‫واملفخخــات التــي يُ َ‬ ‫املتشــددون عــادة مــن قبــل الــرأي العــام‬ ‫العاملــي‪ ،‬فإنــه يؤكــد عــى أن أول رجــل قــام‬ ‫بتفجــر نفســه بالقــرب مــن قيــر روســيا يف‬ ‫العــام «‪ »1881‬كان مســيحياً‪ ،‬وأن أول ســيارة‬ ‫مفخخــة تــم تفجريهــا يف العــام «‪ »1948‬أمــام‬ ‫مجموعــة مــن الجنــود الربيطانيــن بحجــة‬ ‫مقاومــة االحتــال الربيطــاين يف فلســطني قــام‬ ‫بهــا متطرفــون يهــود تحــت اســم منظمــة‬ ‫«شــترين» الصهيونيــة‪ ،‬والتــي كانــت أيض ـاً أول‬ ‫مجموعــة ترســل رســائل مفخخــة الغتيــال‬ ‫وزراء بريطانيــن‪.‬‬ ‫مثــة العديــد مــن اإلشــكاليات التــي وقــع‬ ‫بهــا املؤلــف‪ ،‬منهــا مــا يتعلــق بحديثــه عــن‬ ‫«الــدروز» حيــث اعتربهــم مجموعــة دينيــة‬ ‫انفصلــت عــن الطائفــة الشــيعية قبــل أكــر من‬ ‫ألــف ســنة‪ ،‬وبتقديــري أن األمــر هنــا يحتمــل‬ ‫العديــد مــن األوجــه‪ ،‬واملرجعيــات املتباينــة‬ ‫يف أصــول الديانــة التوحيديــة لــذا أجــدين غــر‬ ‫منحــاز إىل مــا تحصــل عليــه «إرليــخ» بهــذا‬ ‫الخصــوص‪ ،‬كــا أنــه يقــدم أرقامــاً ال تحــرص‬ ‫عــى الدقــة مبــا يتعلــق بأعــداد الشــهداء أو‬ ‫املعتقلــن لكــن «ريــز إرليــخ» يف الحقيقــة‬ ‫اســتطاع أن يقــدم صــورة شــاملة ملشــهد‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬وتحوالتهــا‪ ،‬واملــآالت التــي‬ ‫وصلــت إليهــا يف كثــر مــن الحصافــة‪ ،‬والدقــة‪،‬‬ ‫واملصداقيــة ودون أن ينفــك عــن تقديــم نفســه‬ ‫عــى أنــه لورانــس الســوريني الجديــد‪.‬‬

‫جريــدة الفــداء التــي تصــدر يف مدينــة حــاة‬ ‫(وســط ســوريا) بتاريــخ ‪.2-10-2012‬‬ ‫أقــارب رســام الكاريكاتــر رســان أفــادوا مبقتلــه‬ ‫تحــت التعذيــب يف أقبيــة أجهــزة األمــن التابعة‬ ‫لنظــام األســد منــذ ترشيــن األول ‪ ،2013‬أي‬ ‫بعــد اعتقالــه بنحــو عــام‪.‬‬ ‫وتــردد عــن أحــد املعتقلــن املفــرج عنهــم‬ ‫حديثــاً أن رســان قتــل قبــل عامــن ونصــف‬ ‫تحــت التعذيــب‪ ،‬بعــد تدهــور حالتــه الصحيــة‬ ‫ونقلــه إىل أحــد املشــايف‪ ،‬قبــل أن يقــي فيــه‪.‬‬ ‫و ُعــرف رســان املولــود يف بلــدة صــوران يف‬ ‫محافظــة حــاة مبعارضتــه لنظــام األســد‪،‬‬ ‫وانحيــازه إىل الثــورة منــذ أيامهــا األوىل‪.‬‬ ‫رســم رســان أكــر مــن ‪ 300‬صــورة كاريكاترييــة‬ ‫تنتقــد النظــام‪ ،‬وتعاملــه الدمــوي مــع‬ ‫الســوريني يف عــدة مواقــع وصحــف عربيــة‪،‬‬ ‫ورفــض الخــروج مــن بــاده رغــم تحذيــرات‬ ‫رفاقــه‪ ،‬حتــى اعتقلتــه املخابــرات العســكرية‬ ‫فــرع حــاة مــن مقــر عملــه يف جريــدة الفــداء‬ ‫الحكوميــة‪.‬‬ ‫وتنــاول رســان شــخص بشــار األســد يف أكــر‬

‫مــن لوحــة‪.‬‬ ‫ويــارس التعذيــب يف ســوريا بأبشــع صــوره‬ ‫ُ‬ ‫وبشــكل يومــي منــذ آذار ‪ ،2011‬فيــا وثقــت‬ ‫املنظــات والهيئــات الحقوقيــة آالف املعتقلــن‬ ‫الذيــن قضــوا تحــت التعذيــب يف ســجون نظــام‬ ‫األســد‪ ،‬وســط صمــت دويل وغيــاب اإلجـراءات‬ ‫التــي تجيــز محاســبته لتنفيــذه جرائــم حــرب‬ ‫وانتهاكــه حقــوق اإلنســان يف ســوريا‪.‬‬ ‫يذكــر أن الكاتــب الســوري إبراهيــم الخريــط‬ ‫وولديــه راين وســومر قتلــوا يف ســبتمرب ‪،٢٠١٢‬‬ ‫برصــاص القــوات النظاميــة يف مدينــة ديــر‬ ‫الــزور رشق ســورية‪ ،‬وبثــت صفحــة «أخبــار‬ ‫ديــر الــزور» عــى موقــع فيســبوك أن إبراهيــم‬ ‫الخريــط وولديــه قتلــوا يف «إعــدام ميــداين»‬ ‫نفذتــه القــوات النظاميــة‪ .‬كــا قُتــل بنفــس‬ ‫الظــروف والطريقــة الكاتــب محمــد رشــيد‬ ‫رويــي‪ ،‬الــذي و ُجــدت جثتــه محروقــة يف أحــد‬ ‫مبــاين ديــر الــزور‪.‬‬ ‫رحــم اللــه شــهداء الثــورة الســورية‪ ،‬والحريــة‬ ‫لــكل املعتقلــن املنســيني يف دهاليــز زنزانــات‬ ‫النظــام املجــرم‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪15‬‬

‫منظمة «‪ »RET‬السوريات أخوات لنا دون متييز‬ ‫حوار مع رئيسة مركز ويران شهري «السيدة نسرين أوزكان»‬ ‫يف خضــم املأســاة الســورية‪ ،‬وويالتهــا‪،‬‬ ‫ومعانــاة شــعبها املهجــر مــن مدنــه وقــراه‬ ‫هرب ـاً مــن املــوت ال بــد أن نجــد العديــد مــن‬ ‫املشــكالت التــي تكــون مبعــث أمل‪ ،‬ومصــدر‬ ‫حــزن ملــن نالهــم االبتعــاد عــن وطنهــم‪،‬‬ ‫وهــم يشــهدوا بــأم أعينهــم القتــل‪ ،‬والتدمــر‪،‬‬ ‫والخــراب الــذي أصــاب بلدانهــم‪.‬‬ ‫ذلــك مــا يجعــل للبعــد اإلنســاين حالــة خاصــة‬ ‫الظهــور‪ ،‬والتفعيــل عــر منــا ٍح مختلفــة‪،‬‬ ‫ومتنوعــة داخــل بلــدان اللجــوء حيــث نلمــس‬ ‫عــن قــرب تآخــي املســتضيفني مــع مــن‬ ‫أصابهــم التــرد والتهجــر‪ ،‬وذلــك مــا ظهــر‬ ‫بصــورة جليــة‪ ،‬وواضحــة عــر اإلخــوة األت ـراك‬ ‫الذيــن بذلــوا كل إمكانيــة متاحــة ملســاعدة‬ ‫إخوتهــم مــن الالجئــن الســوريني‪ ،‬كذلــك‬ ‫مــا قامــت بــه بعــض املنظــات اإلنســانية‬ ‫يف كل الواليــات الرتكيــة التــي تواجــد فيهــا‬ ‫الالجئــون الســوريون حيــث‪ ،‬وجدنــا الكثــر‬ ‫مــن الفعاليــات اإلنســانية التــي خففــت بعــض‬ ‫الصعوبــات يف املــأكل واملــرب تجــاه الالجئــن‪.‬‬ ‫واحــدة مــن تلــك املنظــات اإلنســانية‬ ‫العديــدة‪ ،‬هــي منظمــة «‪ »RET‬والتــي كان‬ ‫لهــا دور فعــال يف االهتــام بالالجئــن الســورين‬ ‫ومســاعدتهم‪ ،‬وهــي منظمــة عامليــة مقرهــا‬ ‫جنيــف‪ ،‬لهــا مكاتــب يف كل أنحــاء العــامل‪ ،‬ولهــا‬ ‫فــروع أيضــاً يف كل املــدن والبلــدات الرتكيــة‪،‬‬ ‫تقــدم العديد من املســاعدات املهنيــة‪ ،‬ودورات‬ ‫لتعليــم اللغــة الرتكيــة لإلنــاث بصــورة خاصــة‬ ‫كــا أنهــا تقــوم ببعــض األنشــطة‪ ،‬والفعاليــات‬ ‫ذات الطابــع اإلنســاين‪ ،‬واملــدين بعيــدا ً عــن‬ ‫أيــة أجنــدة سياســية أو أهــداف دينيــة أو‬ ‫قوميــة أو عنرصيــة مــن خــال عمــل مكتبهــا‬ ‫األســايس يف «شــانيل أورفــا» الــذي انتــرت‬ ‫لــه فــروع خاصــة بــه ضمــن املــدن الرتكيــة‬ ‫التابعــة لواليــة «شــانيل أورفــا» حيــث كان لنــا‬ ‫هــذا اللقــاء مــع رئيســة مكتــب «‪ »RET‬يف‬ ‫مدينــة «ويـران شــهري» الســيدة نرسيــن أوزكان‬ ‫لتحدثنــا عــا أنجزتــه مــن فعاليــات تجــاه‬ ‫الالجئــن الســوريني‪ ،‬ومــا قدمــت لهــم مــن‬ ‫مســاعدات تخللتهــا روح املــودة واإلنســانية‪،‬‬ ‫وهــي املشــهود لهــا مــن كل الســوريني يف‬

‫مدينــة «ويـران شــهري» بحســن معاملتهــا لهــم‪،‬‬ ‫وحرصهــا عــى تقديــم يــد العــون لهــم حتــى‬ ‫مــن خــارج املهــام املوكلــة إليهــا‪:‬‬ ‫* مــا هــي املهــام املنوطــة مبكتبكــم تجــاه‬ ‫الالجئــن الســوريني يف مدينــة «وي ـران شــهري»‬ ‫ومــا هــي أهــم املســائل التــي كان ملنظمــة‬ ‫«‪ »RET‬الــدور اإلنســاين الفعــال فيهــا؟‪.‬‬

‫**أريــد أن أقــول شــيئاً قبــل أن أجيــب عــى‬ ‫هــذا الســؤال املهــم بــكل رصاحــة‪ ،‬وشــفافية‬

‫أقــول إننــي مل أشــعر يوم ـاً مــن خــال عمــي‬ ‫يف هــذا املركــز أننــي أتعامــل مــع الجئــن أو‬ ‫ضيــوف كــا يســميهم البعــض‪ ،‬بــل كنــت‬ ‫ومــا زلــت أتعامــل مــع كل زائــرات املركــز‬ ‫أو العامــات فيــه عــى أنهــن أخــوات يل‪،‬‬ ‫واإلحســاس الــذي يالزمنــي دامئــاً أننــا أرسة‬ ‫واحــدة تربطنــا املحبــة‪ ،‬والتآخــي فهــم أخــوات‬ ‫يل‪ ،‬وأنــا أخــت لهــم‪ ،‬وأنــا فخــورة بهــذا العمــل‬ ‫اإلنســاين الــذي اســتطعت مــن خاللــه تلمــس‬ ‫مــا بدخــي مــن إنســانية‪ ،‬ومحبــة لــكل النــاس‬ ‫دون تفريــق أو متييــز‪ ،‬أمــا مــا يخــص إجابتــي‬ ‫عــى ســؤالك أســتطيع أن أعطيــك بعــض مالمح‬ ‫العمــل الــذي نقــوم بــه‪.‬‬ ‫لقــد تــم افتتــاح املركــز مــن قبــل منظمــة‬ ‫«‪ »RET‬أســوة بباقــي املــدن‪ ،‬واملحافظــات‬ ‫الرتكيــة منــذ أكــر مــن مثانيــة أشــهر‪ ،‬وهــي‬ ‫بطبيعــة عملهــا املختــص يف املجــاالت التــي‬ ‫تعنــى باملــرأةـ ومعالجــة اإلشــكاالت التــي‬ ‫تعــرض حياتهــا‪ ،‬وذلــك مــن خــال معطيــات‬ ‫عمليــة قــام بهــا املركــز الرئيــي للمنظمــة يف‬ ‫«شــانيل أورفــا» حيــث اســتطعنا بالتعــاون مــع‬ ‫املركــز الرئيــي مناقشــة العديــد مــن املســائل‬ ‫العمليــة التــي متكنــا مــن خاللهــا إيجــاد الطرق‬ ‫الســليمة إلقامــة عالقــة إنســانية مــع األخــوات‬ ‫الســوريات حيــث اعتمدنــا يف البــدء عــى فتــح‬ ‫دورات للغــة الرتكيــة تســتطيع مــن خاللهــا أي‬ ‫امــرأة ســورية ممــن تجــاوز عمرهــا ‪ /16/‬عامـاً‪،‬‬ ‫ومــا فــوق االلتحــاق بالــدورة وهــذا ما سيســهل‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫عــى املركــز التعــرف عــى امللتحقــات بالــدورة‪،‬‬ ‫ويقــرب إدارة املركــز منهــن‪ ،‬والتعــرف عــى‬ ‫الصعوبــات واملشــكالت التــي تعــرض حياتهــن‪،‬‬ ‫فاللغــة عامــل أســايس تســتطيع األخــوات مــن‬ ‫خاللهــا التعبــر عــا يالقيهــم مــن صعوبــات‪،‬‬ ‫ومشــاكل كــا أنهــا تســاعد عــى تســهيل‬ ‫عمليــة التلقــي داخــل الــدورات املهنيــة‬ ‫املختلفــة داخــل املركــز وقــد وجدنــا تجاوبــاً‬ ‫ملحوظـاً مــن األخــوات الســوريات‪ ،‬ملســنا مــن‬ ‫خاللــه أننــا نســر يف االتجــاه الصحيــح حيــث‬ ‫بلــغ عــدد األخــوات امللتحقــات بالــدورة األوىل‬ ‫أكــر مــن «‪ »250‬طالبــة كبدايــة أوليــة‪ ،‬وهــي‬ ‫يف طريقهــا إىل التوســع واالزديــاد‪.‬‬ ‫*بعــد االنتهــاء مــن دورة اللغــة الرتكيــة هــل‬ ‫تقومــون مبنــح شــهادة رســمية مصدقــة‬ ‫مــن الجهــات املختصــة للناجحــن يف تلــك‬ ‫الــدورات؟‪.‬‬ ‫**نعــم منظمتنــا متنــح شــهادة رســمية‬ ‫وأصوليــة ضمــن مســتويني «‪ »A2=A1‬فنحــن‬ ‫نعمــل يف هــذا اإلطــار بالتعــاون مــع وزاريت‬ ‫الرتبيــة الرتكيــة والســورية املؤقتــة ومنظمــة‬ ‫آفــاد‪ ،‬ونلفــت هنــا أن جميــع الــدورات النــي‬ ‫يقدمهــا املركــز مجانيــة‪.‬‬ ‫*مــا هــي الــدورات املهنيــة التــي تعملــون‬ ‫عليهــا ضمــن مركزكــم وهــل مــن رشوط‬ ‫لالنتســاب إليهــا؟‪.‬‬ ‫**الحقيقــة لدينــا دورات مهنيــة مختلفــة‪،‬‬ ‫ومتنوعــة تعنــى بالخياطــة النســائية‪،‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬حممد احلاج صاحل‪ ،‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‪ ،‬عروة املهاوش‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪YIL: 2015 )2) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:25‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫والتجميــل‪ ،‬وتصفيــف الشــعر ودورات يف‬ ‫الكومبيوتــر نــرك لألخــوات الســوريات حريــة‬ ‫االختيــار‪ ،‬وااللتحــاق بــأي منهــا‪ ،‬وقــد وجدنــا‬ ‫مــن املفيــد إلحــاق نســاء تركيــات بالــدورات‬ ‫املهنيــة مــع أخواتهــم الســوريات‪ ،‬وذلــك مــن‬ ‫أجــل أن يكــون هنــاك نــوع مــن االحتــكاك‬ ‫والتعــارف وإيجــاد نــوع مــن التــواد بينهــم‬ ‫حيــث نســتطيع مــن خــال هــذا االندمــاج‬ ‫إحيــاء اإلحســاس باألمــان بالنســبة لألخــوات‬ ‫الســوريات‪ ،‬وتحقيــق مقــدار كبــر مــن‬ ‫الثقــة فيــا بينهــم يف الوقــت الــذي نؤكــد أن‬ ‫ليــس مثــة رشوط بعينهــا تحتاجهــا األخــوات‬ ‫الســوريات أو الرتكيــات لاللتحــاق بكافــة‬ ‫الــدورات املهنيــة املتوفــرة يف مركزنــا‪.‬‬ ‫*كلمــة أخــرة تقولينهــا لألخــوات الســوريات‬ ‫املتواجــدات يف مدينــة وي ـران شــهري؟‪.‬‬ ‫**الكلمــة الوحيــدة واألساســية أننــي أدعــو‬ ‫كافــة األخــوات الســوريات لزيــارة مركزنــا‪،‬‬ ‫والتعــرف عــى عملنــا الــذي يقــوم عــى‬ ‫خدمتهــم والوقــوف معهــم يف محنتهــم‬ ‫ومنظمــة «‪ »RET‬التــي نعمــل مــن خاللهــا‬ ‫ســتكون يــد العــون لهــن جميع ـاً دون تفريــق‬ ‫فنحــن نعمــل لــكل النــاس خدمــة لإلنســان‪،‬‬ ‫ومســاعدته عــى تجــاوز محنتــه والشــكر‬ ‫الكبــر ملنظمتنــا‪ ،‬ولــكل العاملــن فيهــا يف كل‬ ‫أصقــاع العــامل كــا أخــص بالشــكر هنــا أخــوايت‬ ‫العامــات يف املركــز للجهــد واملســاعدة التــي‬ ‫يبذلونهــا بــكل صــدق وإنســانية‪.‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫بعي��داً ع��ن التعص��ب‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫انثياالت احلرب‪!..‬‬

‫*عاصف الخالدي‬ ‫يبــدو أن التحايــل ال ينفــع‪ .‬كــا أن القبــور‬ ‫العموديــة التــي تــم حفرهــا بــدالً مــن تلــك األفقيــة‬ ‫مل تنفــع هــي األخــرى‪ ،‬مل تنــم جــذور‪ ،‬ومل يتحــول‬ ‫أي مــن القتــى الذيــن أجــروا عــى الوقــوف‬ ‫داخــل قبورهــم إىل شــجرة!‪ .‬ال فائــدة مــن القبــور‬ ‫العموديــة‪ .‬صحــوت مــن نومــي مذعــورا ً‪ ،‬الشــمس‬ ‫شــتائية لطيفــة‪ ،‬كل يشء حــويل هــادئ‪ ،‬أمــا روحــي‬ ‫فكانــت تنتفــض‪ .‬دونــت الكلــات القليلــة التــي‬ ‫متتمــت بهــا يف ذعــري‪ :‬هيــكالن متعانقــان‪ .‬كانــت‬ ‫الصــورة تطغــى عــى خيــايل‪ .‬نفضتهــا مــن أمامــي‬ ‫ونهضــت‪.‬‬ ‫لقــد مـ ّرت اآلن أعــوام ســبعة‪ ،‬عــادت الحــرب تتبجح‬ ‫يف القــرب‪ ،‬تجــرف النــاس واألرض‪ ،‬عــادت امليديــا‬ ‫لتــرف عــى نقــل األحــداث‪ ،‬مســتخدمة ميثاقهــا‬

‫األخالقــي لتحــرس مكاســبها املاديــة‪ ،‬ولرتعــى أعيننــا‬ ‫التــي تجــوب يف حقــول املــوت‪ ،‬اســتطاعت برباعــة أن‬ ‫تتبــع ســرة الحــرب وانثياالتهــا حتــى أقــايص األرض‪،‬‬ ‫وال أتذكــر أين منــذ وعيــت عــى تضخــم امليديــا‬ ‫وانتشــارها أننــي ســمعت عــن خــر ســام واحــد يــأيت‬ ‫مــن أي جهــة مــن جهــات هــذه الكــرة األرضيــة‪ .‬يف‬ ‫الغالــب أســمع عــن جهــود الســام والخــر واألمــن‬ ‫مــن بــاب األمــل الــذي ســيدفع اإلنســان ملتابعــة‬ ‫األحــداث حتــى ميــوت متفرجــاً‪ ،‬أو حتــى متتــد‬ ‫الحــرب فتصلــه ليمــوت متَ َف َّرجــاً عليــه كضحيــة‪،‬‬ ‫هــذا إن واتتــه الفرصــة لِيُقتــل أمــام الكامــرا‪ .‬منــذ‬ ‫أربعــة أعــوام هجــرت كل أنــواع الشاشــات العتيقــة‬ ‫وتلــك الحديثــة‪ ،‬مكتفيـاً بالنصــوص املكتوبــة التــي مل‬ ‫أزل أغــذي بهــا ذاكــريت منــذ عرشيــن عام ـاً وقليــل‪.‬‬ ‫لكــن هــذا مل يحــمِ عينــي مــن أن تــرى مــا ال بــد‬ ‫أن ت ـراه‪ .‬البحــر يلفــظ كل مــا ال يســتطيع احتاملــه‪،‬‬ ‫قاممــة اإلنســان وســفنه التــي مل يــزل حطامهــا‬ ‫طافيــاً يف بحــر التاريــخ بعــد أن تعفــف البحــر‬ ‫الحقيقــي مــن حملهــا يف أحيــان كثــرة‪ ،‬كان البحــر‬ ‫يتكفــل غالب ـاً بإغ ـراق الســفن املبهرجــة واملغــرورة‬ ‫كالتايتانيــك وســفن األملــان يف أواخــر الحــرب العاملية‬ ‫الثانيــة‪ .‬لكــن شــواطئه اليــوم تلفــظ جثث ـاً ألطفــال‬ ‫ســوريني‪ ،‬كاملــة‪ ،‬مل تلمســها أســاك القــرش‪ ،‬ومل‬ ‫تفكــر الشــعب املرجانيــة بــأن تكبلهــا يف القــاع إىل‬ ‫األبــد‪ ،‬ألن البحــر رفــض أن يبتلعهــا!‪ .‬ذكرتنــي جثــث‬ ‫األطفــال الســوريني عــى شــواطئ املركزيــة األوروبيــة‬ ‫التــي تغاضــت سياســات قادتهــا عــن أربــاب املــوت‬ ‫يف الــرق لســنني طويلــة‪ ،‬ذكرتنــي بــأن البحــر ال‬

‫يريــد ابتــاع هــذا املــوت حتــى ال ميــوت‪ ،‬بــل إنــه‬ ‫يقــول لــأرض‪ :‬خــذي طينــك عنــي وابتلعيه بنفســك‪.‬‬ ‫بالعــودة للحلــم‪ ،‬اســتطاعت ذاكــريت أخــرا ً اســرجاع‬ ‫املــايض‪ ،‬ففــي عــام ‪ 1994‬تحديــدا ً قــرأت قصاصــة‬ ‫مــن صحيفــة‪ ،‬تظهــر ســاء سريبرينتشــا فيهــا حمـراء‬ ‫ويف املشــهد البعيــد عنــد شــجرة‪ ،‬ضبــاط ثالثــة‪،‬‬ ‫يقــف أمامهــا شــاب وفتــاة‪ ،‬يف مشــهد مكتــوب عــن‬ ‫عاشــقني‪ ،‬الشــاب بوســني والفتــاة رصبيــة‪ ،‬أبيــا بعــد‬ ‫القبــض عليهــا أثنــاء هروبهــا لعبــور الحــدود إال‬ ‫أن ميوتــا معـاً‪ ،‬قــام الضبــاط بدفنهــا ســوياً‪ ،‬دون أن‬ ‫يتــم تبــن الســبب‪ .‬الحق ـاً وبعــد مــا ســمي بانتهــاء‬ ‫الحــرب (آثــار الحــرب مل تنتــ ِه لليــوم)‪ ،‬بعــد ذلــك‬ ‫بســنوات‪ ،‬تــم اكتشــاف هيكلــن متعانقــن‪ ،‬وضمــن‬ ‫سلســلة املحاكــات العديــدة التــي اتخــذت يف أغلبها‬ ‫طابعــاً مــن غســل الخطايــا‪ ،‬يــر أحــد الضبــاط‬ ‫الصغــار يف اعــراف مســجل بأنــه مل يدفــن الجثتــن‬ ‫متعانقتــن‪ ،‬يــر بأنــه كان ضمــن القتلــة‪ ،‬لكنــه‬ ‫يرفــض أنــه قــام بدفنهــا مع ـاً متعانقتــن‪ .‬ال ميكــن‬ ‫الســاح للحــب بــأن يختلــط مــع املــوت فيفســده‪.‬‬ ‫للحــرب ابتــكارات مذهلــة تنثــال وترتاكــم يف ذاكــريت‪،‬‬ ‫أو يف ذاكــرة اإلنســان‪ .‬أولئــك الذيــن حملــوا موتهــم‬ ‫يف حقائبهــم وتركــوا ســوريا وذهبــوا ليموتــوا بعيــدا ً‪،‬‬ ‫عــى الشــاطئ وتحــت الشــمس‪ ،‬نكايــة يف القتلــة؟‪،‬‬ ‫نكايــة يف الوطــن؟!!‪ .‬هــا قــد نجــوا منــه أخــرا ً‪ ،‬كــا‬ ‫نجــا عاشــقان بحبهــا مــن الحيــاة‪ ،‬هــا هــم أطفــال‬ ‫ســوريا ميضــون إىل املســتقبل‪ ،‬بطفولتهــم‪ ،‬ميضــون‬ ‫إليــه أشــباحاً!‪.‬‬ ‫*روائي أردني‬

‫مل أكــن أنــوي الكتابــة أو الخــوض يف غــار نقــاش‬ ‫بيزنطــي حــول املســألة املتعلقــة مبنطقــة تــل أبيــض‪،‬‬ ‫فبمجــرد الدخــول يف هــذه املعمعــة تســتعر عليــك األقــام‬ ‫الحاقــدة‪ ،‬والشــخصيات املوتــورة‪ ،‬وتتهمــك أوالً بالخيانــة‬ ‫ـم عــدة‪ ،‬أهمهــا أنــك تنفــخ يف النــار‬ ‫التــي يتفــرع عنهــا تهـ ٌ‬ ‫لتأجيــج ال ـراع اإلثنــي‪ ،‬وليــس بعيــداً تهمــة الشــوفينية‪،‬‬ ‫وغريهــا مــن التهــم التــي ال تليــق مبتحاوريــن‪.‬‬ ‫كنــت إىل أمــد قريــب أحــاول تجنــب الكتابــة يف هــذا‬ ‫الشــأن‪ ،‬رغــم توفــر الن ّيــة ملقاربــة متوازنــة تحــاول أن‬ ‫ترســم حــدوداً عقالنيــة ملــا يجــري عــى األرض‪ ،‬لكــن‬ ‫األحــداث املتســارعة األخــرة التــي شــهدتها املنطقــة مــن‬ ‫اعتقــاالت وغريهــا‪ ،‬والتــي نفذتهــا وحدات حامية الشــعب‬ ‫الكرديــة‪ ،‬ذراع البيــدا العســكري‪ ،‬ونجــم عنهــا استشــهاد‬ ‫أميــن الطحــري‪ ،‬وهــو أحــد الشــخصيات املؤثــرة يف‬ ‫املشــهد الســيايس واالجتامعــي ملنطقــة تــل أبيــض‪ ،‬وقبلــه‬ ‫اعتقــال الناشــط املحامــي ســعد الشــويش‪ ،‬وهــو رئيــس‬ ‫املجلــس املحــي ملحافظــة الرقــة‪ ،‬وقبلــه أيضـاً العديــد مــن‬ ‫االنتهــاكات التــي تصــب يف خانــة التهجــر‪ ،‬كل ذلــك يدعــو‬ ‫إىل جملــة مــن التســاؤالت التــي تحتــاج مــن اإلخــوة‬ ‫األكــراد اإلجابــة عنهــا بــكل شــفافية‪ ،‬لــي نســتطيع‬ ‫الوصــول باملنطقــة إىل بــ ّر األمــان بعيــداً عــن التعصــب‬ ‫واإلقصــاء والتهميــش‪ ،‬ألن مــن الــرورة القصــوى أن يعــي‬ ‫اإلخــوة األكــراد‪ ،‬أنهــم بهــذه األفعــال ينقلــون أنفســهم‬ ‫مــن موقــع الضحيــة إىل موقــع الجــاد‪ ،‬وهــذا مــا يؤســس‬ ‫لحالــة مــن الفــوىض التــي تنعــش آمــال النظــام املجــرم يف‬ ‫مــد أذرعــه اإلجراميــة إىل منطقــة تــل أبيــض‪.‬‬ ‫مســتقبل تــل أبيــض‪ ،‬ضمــن مجموعــة التفاهــات التــي‬ ‫متــت بــن مكونــات املنطقــة‪ ،‬وآخرهــا املفاوضــات التــي‬ ‫متــت مبدينــة أضنــة برعايــة أمريكيــة وتركيــة‪ ،‬والتــي‬ ‫شــدّ دت عــى رضورة اإلفــراج عــن املعتقلــن كافــة‪،‬‬ ‫وعــودة املهجريــن مــن بيوتهــم وأراضيهــم‪ ،‬هــا هــي اليــوم‬ ‫تتهــاوى أمــام مشــهدية املــوت‪ ،‬وهــل ســتكون يف مهــب‬ ‫الريــح بعــد البيــان الــذي أصدرتــه الهيئــة السياســية‬ ‫ألهــايل تــل أبيــض املشــاركة يف املفاوضــات؟!‪.‬‬ ‫رغــم حالــة التشــاؤم واالنكســار التــي نعيشــها يف هــذه‬ ‫األيــام‪ ،‬ورغــم إدراكنــا لحجــم األمل واملعانــاة التــي عــاىن‬ ‫منهــا اإلخــوة األك ـراد ســابقاً مــن النظــام املجــرم‪ ،‬الــذي‬ ‫مل يفــرق بــن الكــردي والعــريب يف املســائل التــي تتعلــق‬ ‫بالحقــوق والحريــات وغريهــا مــن املطالــب املحقــة‪،‬‬ ‫نحتــاج إىل لغــة تعيدنــا إىل خنــدق واحــد مبواجهــة الظلــم‬ ‫بأشــكاله كافــة‪ ،‬وإىل حــوار متكامــل وجــدي يعتمــد العقل‬ ‫أوالً وعــدم إنــكار حقــوق اآلخريــن يف العيــش املشــرك‪،‬‬ ‫وإال عــى الدنيــا الســام‪ ،‬وحتــى ال تكــون كذلــك يجــب أن‬ ‫تتوفــر لجنــة تحقيــق محايــدة تحقــق يف حادثــة اعتقــال‬ ‫واستشــهاد الطحــري‪ ،‬وتبــن أســباب الوفــاة‪ ،‬ودوافــع‬ ‫االعتقــال بــكل شــفافية‪ ،‬لــي تعــود األمــور إىل نصابهــا‬ ‫الصحيــح‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الخامس والعشرون ‪ 01 /‬ت األول ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.