Alharmal (26) 15 10 2015 العدد 26 من مجلة الحرمل

Page 1

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬ت األول ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 26‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫بإسناد جوي روسي قوات النظام حتاول اقتحام ريف محص واشتباكات عنيفة مع الثوار‬

‫قصف مخبز تري معلة‬

‫نفــذ الطـران الــرويس اليــوم ‪ 2015/10/15‬عــددا ً مــن الغــارات الجويــة اســتهدف خاللهــا‬ ‫مناطــق ريــف حمــص الشــايل وأوقــع العــرات مــا بــن شــهيد وجريــح مــن املدنيــن‬ ‫العــزل‪ ،‬بالتزامــن مــع حــدوث اشــتباكات عنيفــة بــن الثــوار وقــوات النظــام املدعومــة‬ ‫بإســناد جــوي‪ ،‬التــي تحــاول اقتحــام الريــف الشــايل ملدينــة حمــص‪.‬‬ ‫يف الغــارات األوىل تعــرض للقصــف مخبــز يف وســط بلــدة تــر معلــة‪ ،‬مــا أدى الستشــهاد‬ ‫عــرة مدنيــن عــى األقــل‪ ،‬ووقــوع عــدد مــن اإلصابــات‪ ،‬كــا شــن الطـران الــرويس ســت‬ ‫غــارات جويــة عــى مدينــة تلبيســة‪ ،‬بالتزامــن مــع محــاوالت عنيفــة لقــوات النظــام القتحــام‬ ‫الريــف الشــايل لحمــص مــن جهــة سنســيل وتــر معلــة‪ ،‬وحــدوث اشــتباكات عنيفــة بــن‬ ‫الثــوار وقــوات النظــام التــي تســاندها امليليشــيات الطائفيــة يف محيــط بلــدة الــدار الكبــرة‪،‬‬ ‫فيــا قصفــت قــوات النظــام املتمركــزة وســط الكليــة الحربيــة بصواريــخ أرض أرض مناطــق‬ ‫ريــف حمــص الشــايل‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق نفــت حركــة أحـرار الشــام األنبــاء حــول توقيــع اتفاقيــة هدنــة مــع قــوات‬ ‫النظــام يف منطقــة الحولــة‪.‬‬

‫الط�يران الروس��ي والفرنس��ي يس��تهدف أط��راف الرقة‬

‫ل��واء ث��وار الرق��ة يع��د الع��دة لتحري��ر مدين��ة الرق��ة م��ن داع��ش‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫واصــل الط ـران الــرويس اســتهداف أط ـراف مدينــة‬ ‫الرقــة بعــدد مــن الغــارات الجويــة‪ ،‬وقصــف عــددا ً مــن‬ ‫املواقــع التابعــة لتنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع قيــام الطـران الفرنــي بتنفيــذ عــدد مــن‬ ‫الهجــات الجويــة عــى مواقــع التنظيــم يف محيــط الرقة‪،‬‬ ‫أدت لوقــوع انفجــارات قويــة مل يشــهد مثلهــا أهــل‬ ‫الرقــة ســابقاً‪ ،‬وســط حالــة مــن الهلــع والخــوف‪ ،‬وســاع‬ ‫صفــارات اإلنــذار‪ ،‬وانقطــاع التيــار الكهربــايئ بالكامــل‬ ‫عــن مدينــة الرقــة‪ ،‬وانقطــاع امليــاه يف عــدد مــن أحيائهــا‪.‬‬ ‫ونفــت وزارة الدفــاع الفرنســية وجــود أي تنســيق مــع‬ ‫الــروس يف الطلعــات الجويــة‪ ،‬التــي جــاءت متعاقبــة‪،‬‬ ‫ويفصــل بينهــا ســاعات قليلــة‪.‬‬ ‫وإثــر العمليــات العســكرية التــي نفذتهــا القــوات‬ ‫الروســية يف ســوريا‪ ،‬قــام الطــران الحــريب األمريــي‬ ‫بإلقــاء حاويــات‪ ،‬تحتــوي عــى أســلحة وذخائــر‪ ،‬يتجــاوز‬ ‫وزنهــا ‪ 50‬طن ـاً‪ ،‬يف املناطــق التــي تســيطر عليهــا قــوات‬ ‫بــركان الفــرات شــال ســوريا‪ ،‬يف خطــوة اعتربهــا‬ ‫محللــون عســكريون أنهــا يف إطــار خطــة عســكرية‬ ‫لتحريــر مدينــة الرقــة‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق قــال قائــد لــواء ثــوار الرقــة ملوقــع‬

‫الرقــة بوســت‪ :‬تحريــر الرقــة بالنســبة لنــا‬ ‫ســيكون خطــوة يف مســار الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫والتــي تهــدف إىل بنــاء ســورية املدنيــة‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬وإننــا مــا زلنــا عــى عهدنــا‬ ‫األول يــوم خرجنــا يف الثــورة‪ ،‬وعندمــا حملنــا‬ ‫الســاح لحاميــة املتظاهريــن املناديــن‬ ‫بالحريــة والعدالــة واملســاواة‪.‬‬ ‫وأشــار يف املقابلــة التــي أجراهــا املوقــع معــه‬ ‫إىل أن لــواء ثــوار الرقــة ســاعد يف تشــكيل‬ ‫جيــش عشــائر الرقــة الــذي تــم تشــكيله بجهــود أبنــاء‬ ‫العشــائر بعــد التشــاور فيــا بينهــم‪ ،‬وقــال‪ :‬نحــن نعتــره‬ ‫رديفـاً للــواء ثــوار الرقــة وجــزءا ً مــن جبهــة ثــوار الرقــة‪،‬‬ ‫ولــه مهــام مســاندة لــه‪ ،‬وال يوجــد أيــة جهــة خارجيــة‬ ‫داعمــة لــه‪ ،‬وإمنــا تــم تشــكيله مــن أبنــاء عشــائر الرقــة‬ ‫اســتجابة لواجبهــم الوطنــي‪ ،‬وتعــداده يف تزايــد يومــي‪،‬‬ ‫وكانــت انطالقتــه بحــوايل ‪ ٢٠٠٠‬مقاتــل‪.‬‬ ‫ووجــه يف نهايــة املقابلــة رســالة إىل أهــل الرقــة‪ ،‬قائ ـاً‪:‬‬ ‫رســالتنا ألهلنــا وإخوتنــا يف الرقــة هــي أننــا كــا‬ ‫عهدمتونــا‪ ،‬هدفنــا تحريركــم وحاميتكــم مــن أي ظلــم‬ ‫وأي عــدوان‪ ،‬ولــن نكــون منتقمــن‪ ،‬ولــن نثــأر مــن أحــد‪،‬‬ ‫أنتــم أهلنــا وإخوتنــا‪ ،‬وســتبقون كذلــك‪ ،‬ومــن واجبنــا‬

‫أن نحميكــم ونحفــظ كرامتكــم وحقوقكــم‪ ،‬وأمــا مــن‬ ‫تــورط مــع عصابــة داعــش فإننــا نتمنــى أن ينســحب‬ ‫مــن صفوفهــا ويعلــن براءتــه منهــا قبــل فــوات األوان‬ ‫وخــران األمــان‪ ،‬وأن ال ينــارص الغريــب عــى أهلــه‬ ‫وبلــده‪.‬‬ ‫ومــن الجديــر بالذكــر أن لــواء ثــوار الرقــة يعــد مــن‬ ‫أكــر الفصائــل الثوريــة التــي تصــدت لقــوات داعــش‬ ‫بــدءا ً مــن قتالــه مــع قــوات التنظيــم يف الرقــة‪ ،‬وانتهــاء‬ ‫مبعــارك عــن العــرب وتــل أبيــض‪ ،‬ومناطــق ريــف‬ ‫الرقــة الشــايل‪ ،‬ويعــول أهــل الرقــة الكثــر مــن األمــاين‬ ‫ويتطلعــون للخــاص مــن داعــش وتوحشــها يف الرقــة‬ ‫مــن خــال قــوات لــواء ثــوار الرقــة التــي تعــد العــدة‬ ‫لقتــال التنظيــم وتحريــر الرقــة يف القريــب العاجــل‪.‬‬

‫ه��ل ق��ررت اجلمعي��ات اإلغاثي��ة التخل��ي ع��ن الس��وريني؟‬

‫مأس��اة إغ�لاق املش��فى الكوي�تي يف أورف��ا الرتكي��ة‬ ‫احلرمل ‪ -‬خاص‬

‫الالجئــون الســوريون الذيــن يبلــغ تعدادهــم حــوايل خمســائة ألــف يف مدينــة أورفا‬ ‫وضواحيهــا‪ ،‬أصيبــوا بخيبــة أمــل كبــرة‪ ،‬بســبب إغــاق املشــفى الكويتــي الســوري يف‬ ‫(حيــايت ح ـران) يف أورفــا‪ ،‬ومنــذ الصبــاح الباكــر تــرى املــرىض مــن النســاء واألطفــال‬ ‫والرجــال وكبــار الســن‪ ،‬يتوافــدون إىل املشــفى فيتفاجــؤون بأبوابــه املغلقــة‪ ،‬وتــكاد‬ ‫تالمــس املـرارة يف وجوههــم والخيبــة والقنــوط‪ ،‬مــن توقــف املســاعدة الكويتيــة التــي‬ ‫كانــت رائــدة‪ ،‬ومهمــة ّللجئــن الســوريني يف مدينــة أورفــا وضواحيهــا‪.‬‬ ‫املشــفى كان مجه ـزا ً بكامــل األدوات واللــوازم الطبيــة‪ ،‬وكان يتوافــد اليــه املئــات كل‬ ‫يــوم رغــم صغــر حجمــه‪ ،‬فالالجــئ يجــد فيــه الطبيــب الســوري الــذي يفهــم أمراضــه‬ ‫ولغتــه وطريقــة معاملتــه‪ ،‬بينــا يصعــب التواصــل مــع الطبيــب الــريك يف املشــايف‬ ‫الرتكيــة بســبب اللغــة‪ ،‬والحاجــة إىل مرتجــم مأجــور وغــر مضمــون دامئـاً‪ ،‬ناهيــك عــن‬ ‫الشــك بقدراتــه عــى توصيــل الشــكوى املرضيــة إىل الطبيــب‪.‬‬ ‫كان املشــفى يتألــف مــن عيــادات نســائية وأطفــال وأذنيــة وعينيــة وأســنان وجلديــة‬ ‫وداخليــة وقلبيــة وجراحــة بوليــة ويقــدم خدماتــه بالتعــاون مــع املؤسســة الكويتيــة‪:‬‬ ‫جمعيــة إعانــة املــرىض الدوليــة ‪iphs‬‬ ‫الالجئــون الســوريون يف أورفــا يهيبــون بالســفارة الكويتيــة يف تركيــا‪ ،‬وبالحكومــة‬

‫الكويتيــة الشــقيقة‪ ،‬وبالحكومــة الســورية املؤقتــة‪ ،‬وبالجمعيــات اإلغاثيــة الكويتيــة‬ ‫التــي تســاعد الســوريني إعــادة فتــح هــذا املشــفى لخدمــة الالجئــن الســوريني الذيــن‬ ‫تتدهــور أحوالهــم وتنضــب مســاعداتهم يومــاً بعــد يــوم ويفتقــدون إىل أبســط‬ ‫مقومــات العيــش‪.‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫إفتتاحية العدد‬ ‫هل يدفع التدخل الروس��ي‬ ‫باجتاه بناء سوريا جديدة؟‬ ‫ماجد رشيد العويد‬ ‫كــر النــواح مؤخـرا ً عــى تفجــر قــوس النرص التدمــري‪ ،‬وكاد‬ ‫املعنيــون مــن أهــل الفيــس بــوك‪ ،‬وغــره مــن وســائل االتصــال‬ ‫الحديثــة نســيان الثــورة الســورية‪ ،‬ومــا لهــا مــن اســتحقاقات‬ ‫أهــم بكثــر مــن اآلثــار يف العــامل كلــه‪ .‬ال أحــد يشــك يف أهميــة‬ ‫األثــر التاريخــي يف أي ركــن مــن هــذا العــامل الواســع‪ ،‬ومنــه‬ ‫تنبــع أهميــة قــوس النــر‪ .‬غــر أن الــذي يجــري يف ســوريا‬ ‫يتجــاوز منتجــاً برشيــاً مــن آالف الســنني‪ ،‬وميكــن إعادتــه‬ ‫وترميمــه وفق ـاً للصــور املتوفــرة عنــه‪.‬‬ ‫يف ســوريا اليــوم‪ ،‬وبعــد مقتــل أكــر مــن ثالمثائــة ألــف إنســان‬ ‫وترشيــد املاليــن‪ ،‬ســعي حثيــث باتجــاه صوملتهــا وتــرك الحــرب‬ ‫تصــول وتجــول يف ربوعهــا‪ ،‬وهــذا بــدأ مــع التدخــل الــرويس‬ ‫وقــد يتبعــه تدخــل صينــي‪ ،‬وســواء كانــت الغايــة مــن التدخــل‬ ‫حاميــة النظــام أو حاميــة مصالــح الــدول املتدخلــة‪ ،‬فــإن األرض‬ ‫الســورية تفقــد األمــل‪ ،‬يف املــدى املنظــور‪ ،‬بحــل ســيايس يعيــد‬ ‫مللمتهــا‪ ،‬ومــداواة جراحهــا‪ .‬لــن أنــى أيضـاً احتــال أن التفجــر‬ ‫تــ ّم بأمــر ممــن انســحب مــن تدمــر مخليــاً املــكان لتنظيــم‬ ‫الدولــة ليقــول‪ :‬لــن تنتــروا أبــدا ً‪ ،‬وســوف أدمــر تاريخكــم‬ ‫مثلــا فعلــت بحارضكــم‪.‬‬ ‫أيضــاً‪ ،‬مل يكــن التدخــل الــرويس بعيــدا ً عــن موافقــة اإلدارة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬ويف أســوأ األحــوال هنــاك غــض طــرف مــن قبــل‬ ‫أمريــكا‪ ،‬فروســيا ليســت أكــر مــن بيــدق يف رقعــة الشــطرنج‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬وميكــن هنــا تلخيــص النوايــا األمريكيــة بالقــول إنــه‬ ‫يجــب تصفيــة الحســابات عــى األرض الســورية التــي صــارت‬ ‫حاضنــة لــكل أشــكال التطــرف‪ ،‬ومجمع ـاً للــدول ذات النزعــة‬ ‫الشــمولية مــن إيـران اىل روســيا‪ ،‬وبــن هاتــن الدولتــن إشــغال‬ ‫املحيــط العــريب بحــروب أخــرى تســتنزف مقدراتهــا كــا هــو‬ ‫الحــال اآلن يف اليمــن الــذي انشــغلت بــه دول الخليــج عــى‬ ‫حســاب االهتــام بامللــف الســوري‪.‬‬ ‫غــر أن مــا ميكــن تل ّمســه مــن التدخــل الــرويس‪ ،‬خــارج‬ ‫مســألة امليــاه الدافئــة والقواعــد العســكرية والغــاز‪ ،‬يتمثــل‬ ‫ابتــداء بحاميــة الطائفــة العلويــة مــن انتقــام يجــد مربراتــه يف‬ ‫الســنوات املاضيــة مــن عمــر الثــورة وفيــه نــزع للحجــة التــي‬ ‫زرعهــا النظــام بذهــن الطائفــة حــول انتقــام رشس مــن أصوليني‬ ‫ســنيني‪ ،‬إىل جانــب أمــر قــد يبــدو للوهلــة األوىل غــر منطقــي‬ ‫ويتمثــل يف إزالــة األســد عنــد نضــوج الحــال الســيايس‪ .‬فروســيا‬ ‫كدولــة لــن يكــون األســد مهـاً عندهــا‪ ،‬وإن كانــت تراهــن عــى‬ ‫دور مــا للجيــش واألمــن‪ ،‬فالغايــة األخــرة مصالحهــا‪ ،‬وعــدم‬ ‫خروجهــا مــن ســوريا وتركهــا ألمريــكا‪.‬‬ ‫هــذا كلــه ال يلغــي أن التدخــل الــرويس ال ميكــن وصفــه بغــر‬ ‫االعتــداء الســافر مثلــه مثــل التدخــل اإليــراين‪ ،‬وإن اختلفــت‬ ‫غايتــا التدخــل يف بعــض األهــداف إال أنهــا تتفقــان عــى‬ ‫إنهــاء الكيــان الســوري القائــم منــذ مــا بعــد الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة‪ .‬ومثلــا اســتطاعت الكتائــب املعارضــة متريــغ الوجــه‬ ‫اإليــراين بالوحــل ســتعمل كذلــك مــع الــروس‪ .‬فهــل متلــك‬ ‫الثــورة الســورية القــدرة عــى إنشــاء كيــان ســوري بديــل يبقيهــا‬ ‫موحــدة وعــى غــر أسســها العتيقــة‪ ،‬وينجيهــا مــن الصوملــة؟‬ ‫ولعــل الكلمــة األخــرة تتمثــل بالقــول إن األثــر الــذي تطبعــه‬ ‫الثــورة الســورية عــى جبــن العــامل هــو يف تحويــل االســتبداد‬ ‫ورعاتــه إىل مجــرد آثــار بائســة يقرأهــا الرتاثيــون يف قابــل األيــام‪.‬‬ ‫ولعلهــا تقــول ببنــاء دولــة وطنيــة جديــدة تختلــف عــن تلــك‬ ‫التــي قامــت بعــد االســتقالل‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عدوان روس��ي على س��وريا ومالحم بطولية ألبناء املنطقة الوسطى‬ ‫الناشط عبيدة أبو خزيمة‬ ‫تطــورات كبــرة ومتســارعة يشــهدها الريــف‬ ‫الحمــوي بعــد محاولــة قــوات النظــام التقــدم‬ ‫باتجــاه املناطــق الواقعــة خــارج ســيطرتها مــن‬ ‫عــدة محــاور بالتزامــن مــع القصــف مــن قبــل‬ ‫الطـران الــرويس والســوري عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫وحســب مــا أفــاد بــه الناشــط حيــان املحمــد‬ ‫بــأن قــوات النظــام حاولــت التقــدم إىل كفــر‬ ‫نبــودة بعــد التمهيــد املدفعــي الكثيــف‪ ،‬مــا‬ ‫أدى إىل وقــوع عــدد كبــر مــن اإلصابــات يف‬ ‫صفــوف املدنيــن‪ ،‬وتــم نقــل املصابــن إىل‬ ‫املشــايف امليدانيــة لتلقــي اإلســعافات‪ ،‬كــا‬ ‫تعرضــت مدينــة كفــر زيتــا واللطامنــة والصيــاد‬ ‫لقصــف عنيــف مــن الطـران الــرويس والحــريب‬ ‫الســوري باإلضافــة إىل مختلــف أنــواع القذائــف‬ ‫املدفعيــة‪ ،‬مضيفـاً أن قريتــي الجابريــة والتوبــة‬ ‫تعرضتــا لقصــف براجــات الصواريــخ مــن‬ ‫قــوات النظــام املتمركــزة يف جبل زيــن العابدين‬ ‫يف ريــف حــاة الشــايل لتشــهد هــذه املناطــق‬ ‫التــي تتعــرض للقصــف املتواصــل‪ ،‬حركــة نــزوح‬ ‫قويــة جــدا ً‪ ،‬بالتــوازي مــع اشــتباكات عنيفــة‬ ‫بــن الثــوار وقــوات النظــام‪.‬‬ ‫وأكــد حيــان املحمــد أن كتائــب الثــوار متكنــت‬ ‫مــن تدمــر نحــو ‪ 22‬دبابــة و ‪ 4‬عربــات يب م‬ ‫يب توزعــت عــى نقــاط االشــتباكات املختلفــة‪،‬‬ ‫إضافــة إىل عــدد كبــر مــن األســلحة الثقيلــة‬ ‫وســيارات النقــل العســكرية ضمــن معركــة‬ ‫أطلقــوا عليهــا‪ ،‬معركــة الدفــاع عــن األمــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬مشـرا ً أن هــذه املعركــة‪ ،‬هــي األوىل‬ ‫التــي تخوضهــا قــوات النظــام بقيــادة ضبــاط‬ ‫روس وقــوات ســورية ومبســاندة امليليشــيات‬ ‫الشــيعية‪.‬‬

‫وتحــدث الناشــط مصطفــى أبــو عــرب عــن‬ ‫خســائر قــوات النظــام‪ ،‬قائـاً‪ :‬توزعــت خســائر‬ ‫النظــام عــى جبهــات الريــف الحمــوي‬ ‫املشــتعلة التــي متتــد ألكــر مــن ‪ 20‬كــم عــى‬ ‫الشــكل التــايل‪ :‬تدمــر دبابتــن وعربــة يب م‬ ‫يب ورشــاش ‪ 14,5‬مــم وســيارة نقــل عســكرية‬ ‫يف قريــة معــان بريــف حــاة الرشقــي‪ ،‬التــي‬ ‫حاولــت مســبقاً قــوات النظــام التقــدم منهــا‬ ‫باتجــاه الريــف الشــايل‪ ،‬وتدمــر دبابتــن‬ ‫وعربتــي يب م يب وســيارة وقاعــدة كورنيــت‬ ‫عــى حاجــز املصاصنــة بريــف حــاة الشــايل‪،‬‬ ‫كــا متكــن الثــوار مــن تدمــر خمــس دبابــات‪،‬‬ ‫واغتنــام دبابــة عــى جبهــة لطمــن بريــف‬ ‫حــاة الشــايل‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه أضــاف أبــو عــرب أن الثــوار‬

‫متكنــوا مــن تدمــر دبابتــن حاولتــا التقــدم إىل‬ ‫قريــة الصيــاد بريــف حــاة الشــايل‪ ،‬وتدمــر‬ ‫دبابــة ومدفــع ‪ 57‬مــم ورشــاش ‪ 14,5‬مــم عــى‬ ‫جبهــة املغــر وتدمــر مدفــع ‪ 23‬مم عــى جبهة‬ ‫صوامــع املغــر‪ ،‬إضافــة إىل تدمــر عــدد مــن‬ ‫األبنيــة التــي كانــت تتحصــن فيهــا عصابــات‬ ‫األســد والــروس عــى جبهــة املغــر بريــف حامة‬ ‫الشــايل‪ ،‬مش ـرا ً إىل أن جبهــة مــورك كان لهــا‬ ‫النصيــب األكــر مــن عــدد الدبابــات املدمــرة‬ ‫حيــث متكــن الثــوار مــن تدمــر مثــاين دبابــات‬ ‫واغتنــام ثــاث دبابــات وتدمــر عربــة يب م يب‬ ‫وأيضــاً تدمــر دبابــة عــى تــل الصــوان رشق‬ ‫مــورك ومــن ثــم تحريــر هــذا التــل‪.‬‬ ‫وتحــدث أبــو عــرب عــن جبهــة معركبــة‪ ،‬قائـاً‪:‬‬ ‫تــم تدمــر عربــة يب أم يب ودبابــة وقاعــدة‬

‫كورنيــت وســيارة عــى هــذه الجبهــة‪ ،‬وتدمــر‬ ‫ســيارة ذخــرة عــى طريــق كرنــاز الحامميــات‬ ‫وتدمــر مدفــع ‪ 57‬مــم لقــوات النظــام عــى‬ ‫تــل عثــان‪ ،‬مضيفــاً أن عمليــات التدمــر‬ ‫ترافقــت مــع حــدوث اشــتباكات عنيفــة بــن‬ ‫الثــوار وقــوات النظــام عــى كافــة الجبهــات‬ ‫مــع قصــف قــوات النظــام ملناطــق االشــتباكات‬ ‫بالط ـران واملدفعيــة‪ ،‬وأشــار إىل ســقوط عــدد‬ ‫كبــر مــن جنــود قــوات النظــام بــن قتيــل‬ ‫وجريــح عــى كافــة الجبهــات املشــتعلة بريــف‬ ‫حــاة الشــايل‪ ،‬وبذلــك ينقلــب الســحر عــى‬ ‫الســاحر‪ ،‬حيــث كان النظــام يعتقــد أن ريــف‬ ‫حــاة الشــايل ســيكون لقمــة ســائغة‪.‬‬ ‫وأشــار القيــادي العســكري يف الجيــش الحــر‬ ‫أبــو الحمــزة إىل أن الثــوار أعــ ّدوا العــ ّدة‬

‫لهــذه املعركــة الكبــرة التــي ســتحدد مصــر‬ ‫ريــف حــاة الشــايل‪ ،‬وبــأن كالً مــن الثــوار‬ ‫والنظــام يــدرك أهميــة هــذه املناطــق حيــث‬ ‫أن أهميتهــا ترتكــز للنظــام مــن أجــل تأمــن‬ ‫الطريــق للوصــول إىل ريــف إدلــب الواقــع‬ ‫عــى الطريــق الــدويل بــن حــاة وحلــب‪،‬‬ ‫كــا أنهــا تقــوم بتأمــن الطريــق للوصــول إىل‬ ‫قــرى وبلــدات ســهل الغــاب التــي ســيطرت‬ ‫عليهــا املعارضــة منــذ عــ ّدة أشــهر‪ ،‬فيــا‬ ‫تكمــن أهميتهــا للثــوار بحســب أبــو الحمــزة‪،‬‬ ‫يف الحفــاظ عــى وجودهــم بريــف حــاة‬ ‫الشــايل‪ ،‬مــن أجــل عمليــات الوصــول األســهل‬ ‫إىل نقــاط متركــز النظــام‪ ،‬وإليقــاف أرتــال‬ ‫النظــام التــي يقــوم بإرســالها إىل إدلــب وحلــب‬ ‫عــن طريــق ريــف حــاة‪ ،‬كــا أن ســيطرة‬ ‫الثــوار وقطعهــم للطريــق الــدويل بــن حــاة‬ ‫وحلــب يقــوم بشــل حركــة النظــام يف الجهــة‬ ‫الشــالية لســوريا بشــكل كامــل‪ ،‬والــذي مــن‬ ‫الواجــب الحفــاظ عليــه مهــا كلّــف الثمــن‪.‬‬ ‫وأضــاف بــأن مشــاركة القــوات الروســية بريّ ـاً‬ ‫وجويّــاً ســيكون لــه طابــع جديــد يف معــارك‬ ‫النظــام حديثــاً‪ ،‬ولكــن لــن يكــون عــى قــدر‬ ‫مــن قــوة وخــرة املقاتلــن الثــوار بســبب‬ ‫علمهــم بتضاريــس املنطقــة ومواجهــة النظــام‬ ‫وميليشــاته عــى مــدى ســنوات‪ ،‬وبــأن سياســة‬ ‫األرض املحروقــة التــي يتبعهــا النظــام يف‬ ‫معركتــه اآلن لــن تفلــح يف إفســاح املجــال‬ ‫لتقدمــه يف الريــف الشــايل‪ ،‬يف الوقــت الــذي‬ ‫يعتمــد بــه املقاتلــون عــى نظــام القتــال‬ ‫يف خنــادق وحفــر لعلمهــم بــأن املقاتــات‬ ‫الروســية ســتكون املشــارك األول يف معــارك‬ ‫النظــام ضــد الثــوار‪.‬‬

‫االحتالل الروس��ي يس��تهدف معارضي النظام النازي‪ ،‬ويس��تعرض قواته بصواريخ تنطلق من حبر قزوين‬ ‫ويسقط بعضها يف إيران!!‬

‫روسيا تكثف ضرباتها اجلوية على معارضي األسد‬ ‫بريوت‪/‬موسكو (رويرتز) –‬ ‫قالــت روســيا يــوم الســبت ‪2015/10/10‬‬ ‫إنهــا كثفــت حملتهــا الجويــة عىل متشــددي‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية يف ســوريا‪ ،‬بينــا‬ ‫قــال مراقبــون محليــون إن بعــض الرضبــات‬ ‫الجويــة اســتهدفت مناطــق يف غــرب ســوريا‬ ‫حيــث ال يتواجــد التنظيــم املتشــدد بشــكل‬ ‫يذكــر‪.‬‬ ‫وبــدأت روســيا حليفــة املجــرم بشــار األســد‬ ‫القصــف يف ســوريا يــوم ‪ 30‬ســبتمرب أيلــول‪،‬‬ ‫وقالــت إنهــا تســتهدف مقاتــي التنظيــم‬ ‫املتشــدد وجامعــات املعارضــة األخــرى‪.‬‬ ‫وزادت الحملــة الجويــة الروســية مــن تــورط‬ ‫موســكو يف ال ـراع الســوري املســتمر منــذ‬ ‫مــا يربــو عــى أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫وقــال مقاتلــو املعارضــة ودول غربيــة إن‬ ‫الحملــة الجويــة الروســية التــي تصاحبهــا‬ ‫هجــات بريــة لقــوات مواليــة للحكومــة‬ ‫الســورية تســتهدف يف األســاس جامعــات‬ ‫املعارضــة التــي ال تربطهــا صــات بالدولــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬ومــن بينهــا جامعــات دربــت‬ ‫الواليــات املتحــدة أفرادهــا‪.‬‬ ‫وقالــت وزارة الدفــاع األمريكيــة (البنتاجون)‬ ‫إن مســؤولني عســكريني مــن الواليــات‬ ‫املتحــدة وروســيا عقــدوا مؤمتـرا ً عــر دائــرة‬ ‫تلفزيونيــة ملــدة ‪ 90‬دقيقــة يــوم الســبت‬ ‫ملناقشــة إجـراء عمليــات جويــة آمنــة فــوق‬ ‫ســوريا‪.‬‬ ‫وكانــت وزارة الدفــاع قالــت يف الســابق‬

‫إن طائــرة أمريكيــة واحــدة عــى األقــل‬ ‫اضطــرت بالفعــل إىل تغيــر مســارها لتجنب‬ ‫مواجهــة عــن قــرب مــع طائــرات روســية‪.‬‬ ‫وقالــت الــوزارة يف بيــان صــدر يــوم الســبت‬ ‫‪« 2015/10/10‬كانــت املناقشــات فنيــة‬ ‫وتركــزت بدقــة عــى تنفيــذ إجــراءات‬ ‫ســامة محــددة‪ ..‬وتــم إح ـراز تقــدم خــال‬ ‫املحادثــات واتفقــت الواليــات املتحــدة‬ ‫عــى إج ـراء مناقشــة أخــرى مــع روســيا يف‬ ‫املســتقبل القريــب‪».‬‬ ‫ونقلــت وكاالت أنبــاء روســية عــن ممثــل‬ ‫لــوزارة الدفــاع الروســية قولــه يــوم الســبت‬ ‫إن روســيا كثفــت حملتهــا يف األربــع‬ ‫والعرشيــن ســاعة املنرصمــة إذ شــنت ‪64‬‬ ‫طلعــة جويــة أصابــت ‪ 55‬هدفــاً‪.‬‬ ‫ووصــف ممثــل الــوزارة امليجــر جــرال‬ ‫إيجــور كوناشــينكوف األهــداف بأنهــا‬ ‫خاضعــة لســيطرة الدولــة اإلســامية‬ ‫وأشــار أيضــاً إىل أنهــا تابعــة «للمســلحني»‬ ‫و»اإلرهابيــن»‪.‬‬ ‫وقــال إن األهــداف شــملت مراكــز للقيــادة‬ ‫والســيطرة ومســتودعات أســلحة وقواعــد‬ ‫تدريــب يف محافظــات الرقــة وحــاة‬ ‫ودمشــق وحلــب‪.‬‬ ‫والرقــة معقــل الدولــة اإلســامية يف‬ ‫رشق ســوريا بينــا يضعــف وجودهــا يف‬ ‫املحافظــات الثــاث األخــرى التــي تقــع يف‬ ‫غــرب البــاد‪.‬‬ ‫لكــن متشــددي الدولــة اإلســامية تقدمــوا‬

‫صــوب حلــب يف األيــام األخــرة وانتزعــوا‬ ‫الســيطرة عــى قــرى يف املحافظــة مــن‬ ‫معارضــن منافســن‪.‬‬ ‫وقــال كوناشــينكوف إن أحــد األهــداف‬ ‫التــي اســتهدفتها الرضبــات قــرب حلــب‬ ‫كانــت قاعــدة مســترتة للعربــات العســكرية‬ ‫التــي قــال إنهــا تلقــت رضبــة مبــارشة مــن‬ ‫قاذفــة طــراز ســوخوي‪-24‬إم‪.‬‬ ‫وأضــاف يف ترصيحــات نرشتهــا وكالــة‬ ‫إنرتفاكــس الروســية لألنبــاء أن أكــر مــن‬ ‫عــر عربــات دمــرت بينهــا دبابتــان‬ ‫وخمــس عربــات لنقــل املشــاة‪.‬‬ ‫وذكــر املرصــد الســوري أن الرضبــات‬ ‫الروســية قصفــت مناطــق شــالية مبحافظــة‬ ‫الالذقيــة املعقــل الســاحيل للطائفــة العلويــة‬ ‫التــي ينتمــي إليهــا األســد وكذلــك مناطــق‬ ‫شــالية مبحافظــة حــاة إىل الــرق‪ .‬ومل تــرد‬ ‫معلومــات فوريــة عــن ســقوط ضحايــا‪.‬‬ ‫ويقــول املرصــد إن الدولــة اإلســامية ليــس‬ ‫لهــا وجــود حقيقــي يف هــذه املناطــق‪ .‬لكــن‬ ‫يوجــد يف شــال ســوريا مقاتلــون آخــرون‬ ‫كالشيشــان قــد تريــد روســيا التخلــص‬ ‫منهــم‪.‬‬ ‫وأفــاد التلفزيــون الرســمي الســوري املــروج‬ ‫لالحتــال الــرويس يف نبــأ عاجــل بــأن‬ ‫الهجــات التــي نفذتهــا القــوات الحكومــة‬ ‫يف املنطقــة أســفرت عــن ســقوط عــدد مــن‬ ‫«اإلرهابيــن» بــن قتيــل وجريــح‪ .‬وتصــف‬ ‫وســائل اإلعــام الســورية مقاتــي املعارضــة‬

‫باإلرهابيــن‪.‬‬ ‫وقــال املرصــد إن انفجــارا ً كبريا ً وقــع يف مبنى‬ ‫عــى مشــارف مدينــة البــاب التــي تخضــع‬ ‫لســيطرة الدولــة اإلســامية وتقــع يف شــال‬ ‫ســوريا‪ .‬مضيفــاً أنــه مل يتضــح عــى الفــور‬ ‫ســبب االنفجــار يف املبنــى الــذي اســتخدمه‬ ‫التنظيــم املتشــدد لتخزيــن املتفج ـرات‪.‬‬ ‫وذكــر املرصــد الــذي يتابــع الــراع مــن‬ ‫خــال مصــادر عــى األرض أن قــوات‬ ‫الحكومــة الســورية مدعومــة بفصائــل‬ ‫مســلحة انتزعــت الســيطرة عــى قريــة‬ ‫عطشــان مــن مقاتــي املعارضــة يف محافظــة‬ ‫حــاة بعــد رضبــات جويــة روســية يف‬ ‫املناطــق املحيطــة‪ .‬وتقــع قريــة عطشــان إىل‬ ‫الــرق مــن الطريــق الرسيــع الــذي يربــط‬ ‫الشــال والجنــوب وميــر عــر املــدن الغربيــة‬ ‫الكــرى يف ســوريا‪ .‬وتركــز الرضبــات الجويــة‬

‫الروســية عــى القــرى واملــدن املحيطــة‬ ‫بالطريــق‪.‬‬ ‫وذكــر تلفزيــون النظــام الســوري الرســمي‬ ‫يف نبــأ عاجــل أن الجيــش انتــزع الســيطرة‬ ‫عــى القريــة‪.‬‬ ‫وقالــت منظمــة هيومــن رايتــس ووتــش‬ ‫يف وقــت متأخــر مــن مســاء الجمعــة إن‬ ‫الرضبــات الجويــة األوىل التــي شــنتها روســيا‬ ‫الشــهر املــايض عــى شــال حمــص أســفرت‬ ‫عــن مقتــل ‪ 17‬مدني ـاً عــى األقــل‪ ،‬ويجــب‬ ‫التحقيــق بشــأنها لرصــد أي انتهــاكات‬ ‫محتملــة لقوانــن الحــرب‪.‬‬ ‫وقــال الرئيــس الــرويس املجــرم فالدميــر‬ ‫بوتــن املتحمــس لالحتــال واملــروج لــه‪،‬‬ ‫إن التقاريــر التــي تفيــد مبقتــل مدنيــن‬ ‫يف الرضبــات الجويــة الروســية «هجــوم‬ ‫إعالمــي!»‪.‬‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الط�يران الروس��ي يش��ارك النظ��ام‬ ‫يف قتل الس��وريني‬

‫مهند البكور ـ الحولة ـ حمص‬ ‫أعلنــت املعارضــة املســلحة ريــف حمــص‬ ‫الشــايل محــررا ً بالكامــل منــذ العــام الثــاين‬ ‫لـــلثورة‪ ،‬حيــث تــ ّم إخــراج قــوات النظــام‬ ‫الســوري إىل أط ـراف املنطقــة بقــوة الســاح‪،‬‬ ‫وعــى مــدى أربعــة أعــوام ونصــف العــام‬ ‫قامــت قــوات النظــام بقصــف قــرى ومــدن‬ ‫الريــف الحمــي بكافــة أنــواع األســلحة‬ ‫املتاحـ ِة لديهــا وهــذا مــا ســبب دمــارا ً هائـاً‬ ‫يف البُنيتــة التحتيــة‪ ،‬وعــى خلفيــة األحــداث‬ ‫التــي جــرت مؤخــرا ً بريــف حمــص مــن‬ ‫توحيــد للفصائــل املقاتلــة تحــت مســمى‬ ‫«جيــش التوحيــد» وقيــام الجيــش بتحريــر‬ ‫عــدد مــن الحواجــز يف الجهــة الغربيــة ملدينــة‬ ‫تلبيســة وهــي «حاجــز الديــك‪ -‬حاجــز حــوش‬ ‫الزبالــة»‪ ،‬بالتــوازي فقــد النظــام عــددا ً مــن‬ ‫املــدن والحواجــز الهامــة يف عمــوم ســوريا‪.‬‬ ‫فوجــئ أهــايل ريــف حمــص حــدوث عــدة‬ ‫انفجــارات عنيفــة هــ ّزت مــدن الريــف‬ ‫محدثــة دمــارا ً هائــاً‪ ،‬ومخلفــة ســحباً مــن‬ ‫الدخــان األســود‪ ،‬مل يشــهدوا مثلهــا ســابقاً‬ ‫جــراء قصــف النظــام‪ ،‬ومل يتأخــر اكتشــاف‬ ‫األمــر‪ ،‬وتبــن الحقيقــة‪ ،‬التــي أظهرتهــا تقاريــر‬ ‫وزارة الدفــاع الروســية‪ ،‬والصــور واألخبــار‬ ‫التــي بثتهــا وســائل اإلعــام املختلفــة‪ ،‬والتــي‬ ‫تؤكــد أنهــا غــارات للطــران الحــريب الــرويس‬ ‫مــن نــوع ســيخوي ‪ 34‬وهــي مــن الطــراز‬ ‫الحديــث الــذي يتميــز بالرسعــة ودقــة‬ ‫األهــداف‪.‬‬ ‫التدخــل الــرويس يف ســوريا بهــذه القــوة‬ ‫يظهــر فشــل نظــام األســد يف اســتعادة املواقع‬ ‫التــي خرسهــا ســابقاً‪ ،‬وعــدم قدرتــه عــى‬ ‫الحفــاظ عــى املصالــح الروســية يف ســوريا‪،‬‬ ‫ويــأيت ذلــك يف ظــل الخالفــات والتوتــر الــذي‬ ‫خلفتــه األزمــة الســورية بــن ميليشــيا الدفــاع‬ ‫الوطنــي وامليليشــيا اإليرانيــة‪ ،‬حيــث أن‬ ‫إيـران تســعى لبســط ســيطرتها عــى مناطــق‬ ‫واســعة يف ســوريا‪ ،‬وهــذا مــا زاد مــن تخــوف‬ ‫روســيا مــن التوغــل اإلي ـراين يف ســوريا‪.‬‬ ‫ملاذا ُحمص أوالً وتلبيسة بالتحديد‪..‬‬ ‫تلبيســة كان تاريخهــا حافــاً باالنتصــارات‪،‬‬ ‫وكبــدت النظــام خســائر فادحــة عــى مــدى‬ ‫الخمســة أعــوام املاضيــة‪ ،‬وحــاول النظــام‬ ‫مؤخـرا ً اســتعادة الســيطرة عــى املدينــة مــن‬ ‫خــال تســلل بعــض عنــارصه مــن الجبهــة‬ ‫الغربيــة‪ ،‬وهنــاك كانــت مذبحتهــم حيــث‬ ‫قتــل مــا ال يقــل عــن ‪ 50‬عنــرا ً للنظــام‪،‬‬ ‫وكــا ســقط عــدد مــن الشــهداء كان أغلبهــم‬ ‫مــن قــادة لفيلــق حمــص‪ ،‬ومــن ضمــن‬

‫هــؤالء الشــهداء اإلعالمــي محمــد قيســون‬ ‫مديــر شــبكة تلبيســة مبــارش‪.‬‬ ‫والجديــر بالذكــر أن جثــان الشــهيد مــا زال‬ ‫بحــوزة قــوات النظــام بالتزامــن مــع تلــك‬ ‫االشــتباكات‪ ،‬وقيــام قــوات النظــام املتمركــزة‬ ‫بحاجــز ملّــوك بقصــف تلبيســة بكافــة أنــواع‬ ‫األســلحة‪ ،‬اســتطاع عــدد مــن الجنــود الف ـرار‬ ‫وانضاممهــم لصفــوف الجيــش الحــر معلنــن‬ ‫انشــقاقهم عــن النظــام‪.‬‬ ‫عنــد هــذه االنتصــارات وقفــت قــوات‬ ‫النظــام عاجــزة عــن التقــدم‪ ،‬خصوص ـاً بعــد‬ ‫الخســارات املتتاليــة لوحداتــه يف الشــال‬ ‫الســوري‪ ،‬مــا أدى بالنظــام الطلــب املبــارش‬ ‫مــن حلفائــه الــروس واإليرانيــن ملؤازرتــه يف‬ ‫حربــه املســتمرة عــى شــعبه وأهلــه‪ ،‬حيــث‬ ‫بــدأت أوالً توجيــه الرضبــات الروســية بأعنف‬ ‫الغــارات عــى تلبيســة والرســن والحولــة‬ ‫كــرى مــدن الريــف الحمــي التــي تقــع‬ ‫تحــت ســيطرة الجيــش الحــر‪.‬‬ ‫قــام الطــران الــرويس بتوجيــه عــدد مــن‬ ‫الغــارات يف مناطــق ســورية عــ ّدة دون‬ ‫ســابق إنــذار‪ ،‬مــا ســبب ضجــ ًة يف وســائل‬ ‫اإلعــام‪ ،‬حيــث تـ ّم توجيــه عــدد مــن األســئلة‬ ‫للحكومــة الروســية ووزارة الدفــاع عــن‬ ‫أســباب الرضبــة الروســية لســوريا وحمــص‬ ‫كهــدف أول‪ ،‬وكان ردهــم‪ :‬نحــن يف ســوريا‬ ‫نــرب «تنظيــم داعــش»‪ ،‬وال نســعى مــن‬ ‫خــال قيامنــا بهــذه العمليــة إلضعــاف‬ ‫املعارضــة‪ ،‬فيــا أكــدت تقاريــر الناشــطني‪،‬‬ ‫ووســائل اإلعــام املعارضــة لنظــام األســد بــأن‬ ‫األماكــن التــي طالهــا القصــف الــرويس هــي‬ ‫مناطــق ال تحتــوي عــى فصائــل مقاتلــة مــن‬ ‫الحــر أو النــرة أو داعــش إمنــا هــي «مراكــز‬ ‫لتوزيــع الخبــز ومناطــق مدنيــة فيهــا أســواق‬ ‫ومحــال تجاريــة‪ ،‬كــا أنــه ال يوجــد يف حمــص‬ ‫وريفهــا أي تواجــد لتنظيــم داعــش‪ ،‬الــذي‬ ‫يســيطر عــى بعــض املناطــق يف الريــف‬ ‫الرشقــي لحمــص وهــي مدينتــي «تدمــر‬ ‫والقريتــن»‪.‬‬ ‫وحســب التقاريــر اإلخباريــة‪ ،‬ومراكــز البحــث‬ ‫أن أســباب التدخــل الــرويس يف ســوريا‪ ،‬يعــود‬ ‫لتخوفهــا مــن بســط ســيطرة اإليرانيــن عــى‬ ‫مناطــق ســيطرة النظــام يف حال ســقوطه‪ ،‬كام‬ ‫تســعى للحفــاظ عــى مصالحهــا يف ســوريا‪،‬‬ ‫وقــد رصح أحــد الدبلوماســيني الــروس‪ ،‬قائـاً‪:‬‬ ‫«دخلنــا إىل ســوريا بهــدف إنقــاذ مــا تبقــى‬ ‫مــن نظــام األســد وحاميــة األقليــات العلويــة‬ ‫واملســيحية مــن التنظيــات املتطرفــة»‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا يؤكــد أن النظــام كان عــى بعــد لحظــات‬ ‫مــن ســقوطه‪.‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫‪3‬‬

‫هيئ��ات ومكاتب إغاثية تعلق أعماهلا خوفًا من الطريان الروس��ي‬ ‫اس��تهداف س��وق اخلضار الوحيد وجلنة خبز تلبيس��ة يف الريف احلمصي‬

‫حمص ـ يعرب الدالي‬ ‫بــدأت روســيا بتنفيــذ غــارات جويــة بحجــة‬ ‫اســتهداف تنظيــم الدولــة داعــش إال أن أهدافهــا‬ ‫أتــت مغايــرة متامــاً للعنــوان‪ ،‬فكانــت أبــرز‬ ‫أهدافهــا تجمعــات ســكنية‪ ،‬ومــدن تخضــع‬ ‫لســيطرة املعارضــة املعتدلــة مــا انعكــس‬ ‫ســلباً عــى واقــع حيــاة الســكان الســيئ أساسـاً‪،‬‬ ‫وكانــت آخــر هــذه الصــور الســلبية تعليــق‬ ‫الكثــر مــن الجمعيــات واملكاتــب اإلغاثيــة‬ ‫ألعاملهــا إىل إشــعار آخــر‪ ،‬خوفـاً مــن اســتهداف‬ ‫الطـران الــرويس لهــم ولتجمعــات الســكان أثنــاء‬ ‫العمــل‪.‬‬ ‫مكتــب رعايــة الطفــل واألمومــة وذوي‬ ‫االحتياجــات الخاصــة واحــدة مــن هــذه‬ ‫املؤسســات العاملــة يف الريــف الشــايل مــن‬ ‫حمــص مدينــة الرســن‪ ،‬التقينــا مها أيــوب مديرة‬ ‫املكتــب وأخربتنــا أنهــم يخافــون مــن اســتغالل‬ ‫الطـران تجمــع النــاس‪ ،‬وارتــكاب مجــزرة بحــق‬ ‫الســكان‪ ،‬خصوصـاً وأن الطـران الــرويس قصــف‬ ‫تجمعــات ســكانية واضحــة عمــدا ً يف تلبيســة‬ ‫والرســن وغرناطــة وقتــل حتــى األن ‪ 45‬مدني ـاً‬

‫يف صــور ال يخفــي بهــا إجرامــه‪ ،‬لذلــك قمنــا‬ ‫بتغيــر مواعيــد اســتقبالنا للســكان واســتغالل‬ ‫أوقــات الصبــاح الباكــر وســاعات الليــل‪ ،‬ونرشنــا‬ ‫إعالنــات بالتعــاون مــع الســكان مــن أجــل ذلك‪،‬‬ ‫مضيفــة أن هــذه الخطــوة ال تجنبنــا خطــر‬ ‫الــروس فهــم ال وقــت محــدد إلجرامهــم لكننــا‬ ‫نأخــذ باألســباب‪ ،‬وليلــة البارحــة قصــف الطـران‬ ‫حينــا‪ ،‬وهــو منطقــة مدنيــة ســقطت الصواريــخ‬ ‫عــى مســافة قريبــة م ّنــا وأنــا اآلن أخــاف عــى‬ ‫نفــي وأرسيت باإلضافــة إىل خــويف عــى أهــل‬ ‫مدينتــي‪ ،‬ليســت فقــط وحدهــا الجمعيــات مــن‬ ‫تأثــر بغــارات الــروس بــل كل جوانــب الحيــاة‬ ‫البائســة أصـاً والتــي مل يكــن ينقصهــا إال طـران‬ ‫الــروس لتــزداد قســاوة‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل‪ ،‬مــا تــزال األيــام تكشــف‬ ‫حجــم اإلجــرام الــرويس‪ ،‬وحقيقــة األهــداف‬ ‫التــي قصفهــا الــروس‪ ،‬ومــن بــن األهــداف‬ ‫ســوق خضــار تجمــع فيهــا محاصيــل الريــف‬ ‫الزراعيــة‪ ،‬ويتــم توزيعهــا باإلضافــة إىل مبنــى‬ ‫لجنــة الخبــز يف مدينــة تلبيســة‪.‬‬ ‫وبحســب مــا تحــدث بــه مصطفــى‪ ،‬ناشــط‬

‫إعالمــي مــن تلبيســة بــأن القصــف الــرويس‬ ‫أســفر عــن قتــل قســم كبــر مــن اللجنــة‬ ‫املســؤولة عــن تأمــن وإدارة عمليــة خبــز‬ ‫تلبيســة بعــد قصــف مقرهــا‪ ،‬وهــذا مــا انعكــس‬ ‫عــى تأمــن الخبــز ألكــر مــن ‪ 45‬ألــف نســمة‪،‬‬ ‫وهــذه اللجنــة تعتــر األنجــح مــن نوعهــا يف‬ ‫الريــف فلــم نســمع يومــاً عــن أزمــة خبــز يف‬ ‫تلبيســة لتــأيت غــارات الــروس وتغــر ذلــك‪،‬‬ ‫كــا أن الغــارات عــى الريــف اســتهدفت‬ ‫ســوق خضــار والطــرق التــي يتــم التحــرك بهــا‪،‬‬ ‫والســوق يضمــن خطــة اكتفــاء ذايت يؤمــن‬ ‫خرضتــه للريــف الحمــي‪ ،‬فالخضــار تجمــع مــن‬ ‫الحقــول وتــوزع عــى األســواق املحليــة بالرغــم‬ ‫مــن قلتهــا وســوء أنواعهــا بســبب ظــروف‬ ‫الزراعــة يف ظــل الحصــار إال أنهــا كانــت تســد‬ ‫حاجــة الســكان‪ ،‬لتــأيت غــارات الــروس وتعــدم‬ ‫الحيــاة هنــاك‪ ،‬فاليــوم محــات ريــف حمــص‬ ‫تــكاد خاليــة مــن املحاصيــل الزراعيــة‪ ،‬يف خطــوة‬ ‫روســية ينظــر إليهــا أهــل حمــص بأنهــا عدوانيــة‬ ‫وتهــدف لتجويــع ســكان الريــف وزيــادة‬ ‫معاناتــه اإلنســانية‪.‬‬

‫إع��ادة إحي��اء احلي��اة القانوني��ة يف مح��ص‬ ‫الحرمل ـ حمص ـ خاص‬ ‫بعــد توقــف املحاكــم عــن العمــل‬ ‫وحــرق أغلــب الســجالت يف ريــف حمــص‪،‬‬ ‫وبعــد اعتقــال عــدد مــن املحامــن والقضــاة‬ ‫عــزم آخــرون عــى الهجــرة خــارج ســوريا‪،‬‬ ‫وعــى مــدى ثالثــة أعــوام نهضــت العديــد‬ ‫مــن الحــركات ســاعي ًة إلعــادة إحيــاء تلــك‬ ‫املحاكــم‪ ،‬وبعــد اجتامعــات وتنســيق بــن‬ ‫محامــي وقضــاة حمــص وريفهــا تــم االتفــاق‬ ‫عــى تأســيس مؤسســة فاعلــة تهتــم بتوثيــق‬ ‫الوفيــات واألحــوال الشــخصية ومختلــف‬ ‫العقــود وتأســيس قســم للتوثيــق املــدين‪.‬‬ ‫تــ ّم تأســيس رابطــة املحامــن الســوريني‬ ‫األح ـرار يف تركيــا بتاريــخ ‪ 1/1/2014‬واإلعــان‬ ‫عــن افتتــاح أفــرع يف مختلــف املحافظــات‬ ‫الســورية‪ ،‬وتــم افتتــاح فــر ٍع بريــف حمــص‬ ‫بعــد عــام مــن بــدء العمــل‪ ،‬وكــا أفادنــا «أبــو‬ ‫عدنــان» مديــر فــرع حمــص لـ»الحرمــل» إن‬ ‫الرابطــة تضــم أكــر مــن ‪ 25‬مــن املحامــن‬

‫األســاتذة والقضــاة ولهــا مراكــز يف العديــد مــن‬ ‫املــدن الكــرى بريــف حمــص منهــا‪« :‬الحولــة‪،‬‬ ‫تلبيســة‪ ،‬الرســن‪ ،‬الزعفرانــة»‪.‬‬ ‫وتابــع «أبــو عدنــان» قائ ـاً‪ :‬إن الرابطــة تهتــم‬ ‫بتوثيــق العقــود املختلفــة كالــزواج وبيــع‬ ‫األرايض وتوثيــق جرائــم النظــام‪ ،‬كــا قامــت‬ ‫الرابطــة بإحــداث «دور للتحكيــم» يف مناطــق‬ ‫انتشــارها‪ ،‬وتضــم دور التحكيــم عــددا ً مــن‬ ‫املحامــن األســاتذة والرشعيــن وتهتــم بتوثيــق‬

‫الوفيــات والــوالدات وعقــود الــزواج وحــل‬ ‫الخالفــات بــن األهــايل‪ ،‬وبعــد عــام مــن‬ ‫العمــل أعــدت الرابطــة مؤمتـرا ً ســمي «املؤمتــر‬ ‫الســنوي األول»‪ ،‬رشح فيــه القامئــون عــى‬ ‫العمــل مــا قدمــوه‪ ،‬وبينــوا مــا تــ ّم توثيقــه‬ ‫مــن جرائــم بحــق املدنيــن‪ ،‬كــا أنهــم وجهــوا‬ ‫رســال ًة للمحامــن والحقوقيــن‪ ،‬يدعونهــم مــن‬ ‫خاللهــا للتوحيــد مــن أجــل بنــاء مســتقبل‬ ‫مــرق‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تركي��ا تعل��ن احل��داد ثالثة أيام‪ ...‬والش��عب الس��وري يتضامن مع الش��عب الرتكي ضد اهلجم��ة اإلرهابية يف أنقره‬

‫تفج�يرات أنق��ره‪ ...‬واش��تباه بأع��وان اجمل��رم بش��ار األس��د!‬

‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬

‫ه ـ ّزت االنفجــارات التــي حصلــت يف أنقــره‬ ‫العاصمــة الرتكيــة مختلــف األوســاط الســورية‪،‬‬ ‫ودعــت الفعاليــات الســورية املختلفــة للتضامــن‬ ‫مــع الشــعب الــريك الــذي يتعــرض ملحنــة‬ ‫اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬خاصــة وأن الشــعب الــريك‬ ‫اســتقبل الســوريني بالحفــاوة والتكريــم الــذي‬ ‫فــاق الكثــر مــن الــدول العربيــة‪.‬‬ ‫وتداولــت األوســاط العامليــة االشــتباه بعالقــة‬ ‫مخابــرات الطاغيــة األســد بالضلــوع يف هــذه‬ ‫الجرميــة النكــراء‪ ،‬يف محاولــة منــه لتصديــر‬ ‫الحقــد واإلرهــاب ولالنتقــام مــن كل املســاندين‬ ‫للثــورة الســورية‪ ،‬ومــن الذيــن اســتقبلوا‬ ‫الســوريني الفاريــن مــن براميلــه ومــن معتقالتــه‪.‬‬ ‫هــذا وقــد أعلنــت الحكومــة الرتكيــة الحــداد‬ ‫ملــدة ثالثــة أيــام حزنــاً عــى الشــهداء الذيــن‬ ‫وصــل عددهــم إىل مــا يقــارب املئــة وع ـرات‬ ‫الجرحــى!‬ ‫وكان تفجــر رسوج يف أورفــا‪ ،‬الــذي خلــف ‪33‬‬ ‫قتيــاً‪ ،‬وقبلــه تفجــر الريحانيــة يف ‪ ،2013‬قــد‬ ‫فتحــا الطريــق للحديــث عــن الخطــة الرتكيــة‬ ‫للتدخــل يف ســورية‪ ،‬ورمبــا تكــون تأثــرات‬ ‫تفجــرات أنقــره فرصــة لخــروج حــكام تركيــا‬ ‫عــن الســبات الــذي بــات يطبــع ســلوكهم إزاء‬ ‫التطــورات الســورية‪ ،‬والحملــة الروســية ــــ‬ ‫الســورية النظاميــة عــى الشــال‪ ،‬والتي يســتفيد‬ ‫منهــا تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش» بشــكل‬ ‫رئيــي‪.‬‬ ‫ورضبــت تفجــرات أنقــره حشــدا ً شــعبياً‬ ‫ملجموعــة مــن منظــات املجتمــع املــدين‬ ‫املعارضــة واملواليــة لحــزب الشــعوب الدميقراطي‬ ‫(ذو الغالبــة الكرديــة)‪ ،‬الداعيــة إىل الســام‬ ‫ووقــف القتــال بــن أنقــرة وحــزب العــال‬ ‫الكردســتاين‪ ،‬وذلــك بحضــور نــواب عــن حــزب‬ ‫الشــعب الجمهــوري (أكــر أحــزاب املعارضــة)‬ ‫ونــواب عــن الشــعوب الدميقراطــي‪ ،‬مــا‬ ‫يفتــح األبــواب‪ ،‬مــرة أخــرى‪ ،‬أمــام التســاؤالت‬ ‫حــول اإلجــراءات التــي ســتتخذها الحكومــة‪،‬‬ ‫ســواء عــى املســتوى الداخــي مــع اقــراب‬ ‫موعــد االنتخابــات الربملانيــة‪ ،‬أو عــى املســتوى‬ ‫الخارجــي املتعلــق باألزمــة الســورية‪ ،‬والحــرب‬

‫عــى «داعــش»‪ ،‬يف ظــل التدخــل الــرويس األخــر‬ ‫والتوتــر الــذي رافقــه بــن حلــف شــال األطليس‬ ‫وتركيــا مــن جهــة‪ ،‬وموســكو مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬ ‫وبحســب وزارة الداخليــة الرتكيــة‪ ،‬فقــد أســفر‬ ‫هجــوم أنقــره‪ ،‬عــن مقتــل ‪ 125‬شــخصاً وإصابــة‬ ‫حــوايل ‪ 200‬آخريــن‪ ،‬عــر تفجــر مــزدوج رضب‬ ‫ســاحة الصحيــة يف العاصمــة بالقــرب مــن‬ ‫محطــة القطــارات‪ ،‬حيــث يشــر الكثــر مــن‬ ‫املراقبــن إىل التشــابه بينــه‪ ،‬وبــن تفجــر رسوج‬ ‫الــذي نتــج عــن عمليــة انتحاريــة قــام بهــا أحــد‬ ‫العنــارص التابعــة لـ»داعــش»‪ ،‬وأســفر أيضـاً عــن‬ ‫مقتــل ‪ 33‬وجــرح مــا يقــارب مائــة آخريــن‪.‬‬ ‫واندلعــت اشــتباكات بــن قــوات الرشطــة الرتكيــة‬ ‫التــي توجهــت إىل مــكان االنفجــار وبعــض‬ ‫املتظاهريــن املتواجديــن هنــاك‪ ،‬الذيــن اتهمــوا‬ ‫الرشطــة بالتقصــر وتأخــر قــدوم ســيارات‬ ‫اإلســعاف‪ ،‬مــا دفــع الرشطــة إىل اســتخدام‬ ‫قنابــل الغــاز لتفريــق املتظاهريــن‪.‬‬ ‫بــدوره‪ ،‬يؤكــد أســتاذ العالقــات الدوليــة‬ ‫والباحــث يف «الوقــف الــريك لألبحــاث السياســية‬ ‫واالقتصاديــة»‪ ،‬نهــاد عــي اوزجــان‪ ،‬أن قامئــة‬ ‫املشــتبهني بتنفيــذ الهجــوم طويلــة‪« ،‬إن نظرنــا‬ ‫إىل هويــة املســتهدفني يف املجــرزة‪ ،‬فــإن األمــر‬ ‫ســيبدو أكــر وضوحــاً‪ ،‬وهــو اســتهداف أكــر‬ ‫الحــركات حساســية يف تركيــا‪ ،‬وبالتــايل تعميــق‬ ‫الــروخ والتصدعــات التــي يعــاين منهــا املجتمــع‬ ‫الــريك أساســاً‪ ،‬بســبب الحــرب بــن الدولــة‬ ‫الرتكيــة وحــزب العــال الكردســتاين‪ ،‬وقــد‬ ‫تكــون داعــش أيضــاً‪ ،‬ومــن املمكــن أن تكــون‬ ‫اســتخبارات تابعــة لدولــة أجنبيــة‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫ميكــن وضــع املخابــرات الســورية عــى رأس‬ ‫القامئــة»‪ ،‬مضيف ـاً‪« :‬لكــن املخيــف هــذه املــرة‪،‬‬ ‫وهــو أال يكــون تفجــر أنقــره ســوى البدايــة»‪.‬‬ ‫بجميــع األحــوال‪ ،‬لــن ميــر هجــوم أنقــره‬ ‫بســهولة‪ ،‬ســواء عــى املســتوى الداخــي مــع‬ ‫اق ـراب موعــد االنتخابــات الربملانيــة العامــة يف‬ ‫مطلــع نوفمرب‪/‬ترشيــن الثــاين املقبــل‪ ،‬أو عــى‬ ‫املســتوى الخارجــي‪.‬‬ ‫داخليـاً‪ ،‬مــن املتوقــع أن تقــوم مختلــف األطراف‬ ‫باســتغالل الحادثــة يف الحمــات االنتخابيــة‪ ،‬إذ‬ ‫ســتكون الحادثــة بالنســبة للشــعوب الدميقراطي‬

‫وســيلة للهجــوم عــى الحكومــة‪ ،‬مــع توجيــه‬ ‫زعيــم «الشــعوب الدميقراطــي» صــاح الديــن‬ ‫دمريتــاش انتقــادات شــديدة للدولــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫قائ ـاً إن «هــذا الهجــوم ليــس موجه ـاً لدولتنــا‬ ‫وأمتنــا معـاً‪ ،‬بــل هــي عمليــة قامــت بهــا الدولــة‬ ‫ضــد الشــعب»‪.‬‬ ‫أمــا عــى الجانــب الحكومــي‪ ،‬وبعدمــا أعلــن‬ ‫رئيــس الــوزراء أحمــد داود أوغلــو عــن وقفــه‬ ‫للنشــاطات الجامهرييــة االنتخابيــة التابعــة‬ ‫لحزبــه «العدالــة والتنميــة» ملــدة ثالثــة أيــام‪،‬‬ ‫دان الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان‬ ‫التفجــر‪ ،‬واضع ـاً مــا حصــل يف ســياق «الهجمــة‬ ‫اإلرهابيــة» التــي تتعــرض لهــا الدولــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫مبــا يف ذلــك الهجــات التــي ينفذهــا حــزب‬ ‫العــال الكردســتاين‪ ،‬قائـاً «أديــن هــذا الهجــوم‬ ‫املقيــت الــذي يســتهدف وحدتنــا واالســتقرار‬ ‫يف بالدنــا‪ ،‬حيــث ال يوجــد فــرق بــن الهجــات‬ ‫التــي اســتهدفت يف وقــت ســابق قــوات الجيــش‬ ‫والرشطــة وحــاة القــرى وموظفــي الدولــة‬ ‫ومواطنيهــا األبريــاء‪ ،‬وتلــك التــي حصلــت اليــوم‬ ‫يف مدينــة أنقــره»‪ .‬ورأى أن «الهــدف مــن وراء‬ ‫هجــوم أنقــره‪ ،‬هــو اإليقــاع بــن أجـزاء املجتمــع‬ ‫املختلفــة‪ ،‬لذلــك عــى الجميــع أن يتــرف‬ ‫مبســؤولية وحــذر‪ ،‬وأنــا أدعــو الجميــع إىل‬ ‫الوقــوف يف وجــه اإلرهــاب وليــس إىل جانبــه»‪،‬‬ ‫يف إشــارة إىل حــزب الشــعوب الدميقراطــي الــذي‬ ‫تتهمــه الحكومــة مبســاندة العــال الكردســتاين‪.‬‬ ‫يــأيت هــذا بينــا اتهمــت جريــدة «ينــي شــفق»‬ ‫املواليــة للحكومــة حــزب العــال الكردســتاين‬ ‫بالوقــوف وراء التفجــر‪ ،‬معتمــدة عــى أحــد‬

‫الحســابات التابعــة للعــال الكردســتاين عــى‬ ‫موقــع التواصــل االجتامعــي «تويــر»‪ ،‬باســم‬ ‫«بــر أوزان أبتــال»‪ ،‬يحــذر فيــه مــن احتــال‬ ‫وقــوع تفجــر مشــابه للــذي حــدث يف رسوج‬ ‫عــر تغريــدة قــال فيهــا‪« :‬إن أكــر االحتــاالت‬ ‫املرعبــة‪ ،‬أن يكــون هنــاك رسوج اثنــان‪ ،‬وإن‬ ‫حــدث أي تفجــر ســيفتح البــاب لحــدوث‬ ‫مجــزرة‪ ،‬إن هــذا احتــال كبــر‪ ،‬وإن كانــت‬ ‫التظاهــرة قانونيــة‪ ،‬فإنهــا قــد تكــون وســيلة‬ ‫للقيــام مبجــزرة سياســية‪ ،‬مــا يرفــع احتــال‬ ‫حــدوث مثــل هكــذا هجــوم»‪ .‬وأنهــى الحســاب‬ ‫ـت يــوم غــد‪،‬‬ ‫بتغريــدة قــال فيهــا‪« :‬إن حصــل ومـ ُّ‬ ‫ســيقولون إنــه مل يحــب هــذه البــاد قــط‪ ،‬لكنــي‬ ‫أحببــت هــذه البــاد كث ـرا ً مــن إدرنــة (أقــى‬ ‫غــرب تركيــا) إىل أردهــان (أقــى الــرق)»‪.‬‬ ‫وبعــد أيــام مــن حديــث مســؤويل الشــعوب‬ ‫الدميقراطــي عــن اق ـراب إعــان وقــف إطــاق‬ ‫النــار بــن الكردســتاين والحكومــة الرتكيــة‪ ،‬مــع‬ ‫التأكيــد أنــه ال يوجــد أي معلومــات مؤكــدة‬ ‫عــن األمــر‪ ،‬وتأكيــد داود أوغلــو أن العمليــات‬ ‫الرتكيــة ضــد «اإلرهــاب» ستســتمر لحــن إعــان‬ ‫التنظيــم تــرك الســاح‪ ،‬ســارع اتحــاد املجتمعــات‬ ‫الكردســتانية (املظلــة التــي تعمــل تحــت لوائهــا‬ ‫جميــع التنظيــات التابعــة للعامل الكردســتاين)‪،‬‬ ‫بعــد ســاعات مــن تفجــر أنقــره‪ ،‬إلعــان وقــف‬ ‫إطــاق النــار مجــددا ً مــن جانــب واحــد‪ ،‬فيــا‬ ‫بــدا مســاندة لحــزب الشــعوب الدميقراطــي يف‬ ‫االنتخابــات املقبلــة‪ ،‬عــر تفويــت الفرصــة عــى‬ ‫باقــي األحــزاب السياســية باســتخدام عمليــات‬ ‫الكردســتاين ضــد قــوات األمــن الرتكيــة‪ ،‬كوســيلة‬

‫مـــــدينة السفرية أم الشهداء‬ ‫حسين الخطاب‬

‫التسمية والتاريخ‪:‬‬ ‫اســم الســفرية هــو بالواقــع تعريــب لكلمــة شــرتا‬ ‫الرسيانيــة والتــي تعنــي الجميلــة‪ .‬وأيضـاً هــي كلمــة‬ ‫مبعنــى بركــة املــاء البــارد‪ ،‬والســفرية معناهــا أكــر‬ ‫قطعــة يف القــادة التــي تكــون يف الوســط تســمى‬ ‫الســفرية‪.‬‬ ‫تعتــر مدينــة الســفرية مــن املــدن التاريخيــة‪ ،‬وتثبــت‬ ‫الوقائــع التاريخيــة أن منطقــة الســفرية ُســكنت‬ ‫منــذ عهــود قدميــة‪ ،‬وقــد تكــون موغلــة يف القــدم‪،‬‬ ‫وهــي ترتبــع جامثــة عىل أنقـــاض مـديـنـــة «حـثـيـــة‬ ‫آشـــورية» مركـــزها يف جوف تـــل كبري تحيــط املدينة‬ ‫الحاليــة بــه كإحاطــة الســوار باملعصــم‪ ،‬وتعــود نشــأة‬ ‫هــذه املدينــة إىل القــرن الخامــس عــر قبــل امليــاد‪،‬‬ ‫ويطلــق عليهــا «‪ ،»SIPVR‬وتــدل الدراســات عــى‬ ‫أنهــا كانــت قدمي ـاً مم ـرا ً للقوافــل التجاريــة‪.‬‬ ‫املوقع اجلغرايف‪:‬‬ ‫مدينــة الســفرية تابعــة ملحافظــة حلــب‪ ،‬وتقــع عــى‬ ‫مســافة ‪ 25‬كــم جنــوب رشق حلــب‪ .‬بلــغ عــدد‬ ‫ســكانها يف ســنة ‪ 2011‬حــوايل ‪ 120,000‬نســمة‪،‬‬ ‫وتعــد بذلــك واحــدة مــن أكــر مــدن محافظــة‬ ‫حلــب‪ ،‬ويتبــع لهــا مــا يقــارب ‪ 360‬قريــة وبلــدة‪.‬‬ ‫أهم ما تشتهر به‪..‬‬ ‫يعمــل معظــم أهــايل الســفرية بالزراعــة‪ ،‬وقــد‬ ‫اكتســبوا خــرة يف هــذا املجــال نتيجــة للعمــل‬ ‫الطويــل‪ .‬تعتــر زراعــة البنــدورة إحــدى الزراعــات‬

‫الرائــدة يف منطقــة الســفرية‪ ،‬وهــي أهــم الخضــار‬ ‫التــي تدخــل يف الوجبــة اليوميــة عــى مــدار العــام‬ ‫لذلــك أقامــت غرفــة زراعــة حلــب بالتعــاون مــع‬ ‫كليــة الزراعــة املهرجــان األول لزراعــة البنــدورة يف‬ ‫الســفرية يف العــام ‪2009‬م‪ ،‬وإضافــة إىل البنــدورة‬ ‫هنــاك الباذنجــان والكوســا والقــرع والخيــار‬ ‫والحبــوب كالقمــح والشــعري‪ ،‬والــذرة الصفــراء‬ ‫والقطــن‪.‬‬ ‫تاريخ السفرية الثوري‪:‬‬ ‫كان لهــذه املدينــة تاريــخ ضــد نظــام األســد األب يف‬ ‫الثامنينــات‪ ،‬حيــث خــرج العديــد مــن ســكانها ضــد‬ ‫هــذا النظــام‪ ،‬ومــن أشــهر األحــداث التــي حصلــت‬ ‫فيهــا قصــة النقيــب إبراهيــم اليوســف وزوجتــه‬ ‫عزيــزة جلــود التــي اعتقلهــا النظــام بعــد أن اختبــأت‬ ‫فيهــا‪ ،‬وقتــل النظــام صاحــب املنــزل‪ ،‬كــا اعتقــل‬ ‫العديــد مــن الشــباب مــن بينهــم حســن الدحــدوح‬ ‫وكامــل الحــاج جنيــد‪.‬‬ ‫ويف عهــد نظــام األســد كان لهــذه املدينــة حضــور‬ ‫متميــز‪ ،‬وأهميــة كــرى بالنســبة للمــدن األخــرى‬ ‫لوقوعهــا بالقــرب مــن مؤسســة معامــل الدفــاع‬ ‫التــي تعــد ثــاين أكــر معمــل كيــاوي يف ســوريا‪،‬‬ ‫اعتقــل النظــام مــن أبنائهــا الع ـرات أثنــاء قيامهــم‬ ‫باملظاهــرات الســلمية‪ ،‬ويف شــهر أيلــول مــن عــام‬ ‫‪ 2012‬بــدأ النظــام بقصــف هــذه املدينــة باملدفعيــة‬ ‫الثقيلــة املتمركــزة يف معامــل الدفــاع‪ ،‬والطــران‬ ‫الحــريب لريتكــب بحــق ســكانها مجــازر كبــرة‪ ،‬ويقتــل‬

‫املئــات مــن أهلهــا لتتحــول الثــورة إىل مســلحة جـراء‬ ‫هــذه املجــازر‪ ،‬ومــع بدايــة عــام ‪ 2013‬خــرج أكــر‬ ‫مــن ‪ 1000‬مجاهــد مــن هــذه املدينــة لقتــال قــوات‬ ‫النظــام‪ ،‬والدفــاع عــن أهلهــا مــن خــال قطــع طريــق‬ ‫خنــارص ليســتمر القتــال لعــرة أشــهر‪ ،‬كبــدوا النظام‬ ‫خاللهــا أكــر مــن ‪ 1000‬جنــدي مــن قواتــه‪ ،‬ومــن‬ ‫أهــم هــذه املعــارك‪ ،‬معــارك تحريــر مدينــة خنــارص‬ ‫وقريــة القبتــن أكــر مــن مــرة‪.‬‬ ‫يف شــهر ترشيــن أول مــن عــام ‪ 2013‬شــهدت‬ ‫مدينــة الســفرية حملــة عنيفــة مــن قبــل قــوات‬ ‫إيرانيــة وحــزب اللــه بقيــادة املجــرم ســهيل حســن‬ ‫اســتمرت ‪ 27‬يومـاً قبــل أن تســقط بيــد النظــام‪ ،‬وثــق‬ ‫ناشــطون خــال هــذه الحملــة ســقوط أكــر مــن‬ ‫‪ 420‬برميــاً متفجــرا ً رماهــا الطــران الحــريب عــى‬ ‫هــذه املدينــة‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 100‬صــاروخ فراغــي مــن‬ ‫الط ـران الحــريب‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 100‬صــاروخ مــن نــوع‬ ‫فيــل‪ ،‬إضافــة إىل قذائــف املدفعيــة والدبابــات التــي‬ ‫ال تعــد وال تحــى‪ ،‬والصواريــخ الحراريــة التــي كان‬ ‫النظــام يســتهدف أي آليــة كانــت تحــاول الدخــول‬ ‫والخــروج إىل املدينــة‪ ،‬ودمــر النظــام خــال هــذه‬ ‫الحملــة أكــر مــن ‪ 70%‬مــن بنــاء املدينــة وقتــل‬ ‫العــرات مــن أهلهــا‪ ،‬ورشد جميــع ســكانها دون‬ ‫اســتثناء‪ ،‬وصــل عــدد الشــهداء يف مدينــة الســفرية‬ ‫إىل أكــر مــن ‪ 1500‬شــهيد مــن بينهــم ‪ 450‬مقات ـاً‬ ‫والباقــي مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬وأكــر مــن ‪10000‬‬ ‫إصابــة‪.‬‬

‫للهجــوم عــى الشــعوب الدميقراطــي‪ ،‬واتهامــه‬ ‫مبســاندة العمليــات العســكرية‪.‬‬ ‫وأعلنــت رئاســة «اتحــاد املجتمعــات‬ ‫الكردســتاين»‪ ،‬تحــت ضغــط الرضبــات القويــة‬ ‫التــي وجهتهــا لهــا الحكومــة الرتكيــة‪ ،‬ســواء‬ ‫داخــل املــدن الرتكيــة أو األريــاف أو يف معاقــل‬ ‫الحــزب يف شــال العــراق‪ ،‬عــن وقــف إطــاق‬ ‫النــار مــن جانــب واحــد‪ ،‬مــع االحتفــاظ بالوضــع‬ ‫الحــايل وبحــق الدفــاع عــن النفــس‪ ،‬يف حــال‬ ‫تعرضــت ألي هجــوم مــن قبــل قــوات األمــن‬ ‫الرتكيــة‪.‬‬ ‫مــن املنتظــر أن يكــون التفجــر الحــايل يف حــال‬ ‫ثبتــت مســؤولية «داعــش» عنــه‪ ،‬فرصــة أخــرى‬ ‫للضغــط عــى املجتمــع الــدويل والحلفاء‪ ،‬لحشــد‬ ‫التأييــد للتدخــل الــريك ــــ العــريب يف ســورية‪،‬‬ ‫وتوجيــه رضبــات لـ»داعــش» بهــدف إبعــاده‬ ‫عــن الحــدود الرتكيــة‪ ،‬وإقامــة املنطقــة اآلمنــة‬ ‫يف ريــف حلــب الشــايل الرشقــي‪ ،‬والــذي شــهد‬ ‫تقدمــاً واضحــا للتنظيــم عــى حســاب فصائــل‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬عــى خلفيــة التدخــل الــرويس‬ ‫الهــادف إىل تعزيــز وضــع النظــام الســوري‪،‬‬ ‫وخصوصــاً أن بعــض الحلفــاء‪ ،‬كفرنســا‪ ،‬باتــوا‬ ‫يــرون إقامــة املنطقــة العازلــة وســيلة للتخفيــف‬ ‫مــن أزمــة الالجئــن التــي تجتــاح أوروبــا‪ ،‬وأيضـاً‬ ‫للوقــوف يف وجــه الدعــم الــرويس الواضــح‬ ‫للنظــام الســوري‪ ،‬واســتهداف قــوات املعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬األمــر الــذي اســتبقه الرئيــس الــرويس‬ ‫فالدميــر بوتــن بتقديــم العـزاء ألردوغــان‪ ،‬معـرا ً‬ ‫عــر املوقــع الرســمي للرئاســة الروســية‪ ،‬عــن‬ ‫اســتعداد موســكو للتعــاون مــع تركيــا يف مجــال‬ ‫مكافحــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫وبدورنــا نتوجــه بالعـزاء للشــعب الــريك ونأمــل‬ ‫أن تكــون هــذه الحادثــة هــي نهايــة العبــث‬ ‫االرهــايب الــذي تتعــرض لــه الدولــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫وبدايــة إلنهــاء حكــم الطاغيــة األســد الــذي‬ ‫صــدر مختلــف أنــواع االرهــاب إىل الــدول‬ ‫املجــاورة بعــد أن أعلــن أنــه ســيدمر ســورية‬ ‫كاملــة ومل يســلم منــه حتــى املؤيديــن الــذي‬ ‫استســلموا ألوامــره بغريــزة القطيــع التــي مل‬ ‫تحســب حســاباً لكرامــة الشــعب الســوري‬ ‫وملســتقبله ومســتقبل أبنائهــم!‬

‫محل��ة أمري��كا متواطئ��ة م��ع‬ ‫روس��يا يف الع��دوان عل��ى س��وريا‬ ‫انطلقــت مســاء الجمعــة ‪ 2015/10/2‬حملــة عــى موقــع التواصــل االجتامعــي‬ ‫تويــر وانســتغرام بعنــوان أمريــكا متواطئــة‪ ،‬وهدفــت إىل كشــف التواطــؤ األمريــي يف‬ ‫الجرائــم التــي ترتكبهــا كل مــن روســيا وإي ـران باإلضافــة للنظــام الســوري يف ســوريا‪،‬‬ ‫إضافــة إىل العديــد مــن األدوار التــي تواطــأت فيهــا أمريــكا مــع املجــرم‪ .‬نظــم الحملــة‬ ‫التــي اســتمرت لســاعتني فقــط مــن ‪ ١٠-٨‬مســا ًء بتوقيــت دمشــق تجمــع «نشــطاء‬ ‫هاشــتاج» الفاعــل عــى شــبكات التواصــل االجتامعــي‪ ،‬والــذي أطلــق حمــات مشــابهة‬ ‫خــال األشــهر املاضيــة‪ ،‬كان أبرزهــا حمــات «إيـران تحتــل ســوريا» «بشــار الكيــاوي»‪،‬‬ ‫وتعــرف «نشــطاء هاشــتاج» نفســها بأنهــا تجمــع عــام يضــم النشــطاء الســوريني‬ ‫والعــرب واألجانــب مــن مختلــف التوجهــات‪ .‬ويدعــم هــذا التجمــع وينشــئ كذلــك‬ ‫حمــات إعالميــة موجهــة لدعــم ثــورات الربيــع العــريب‪.‬‬ ‫أكــر مــن ‪ ٣٥‬ألــف تغريــدة ومنشــور مختلــف نــرت يف مواقــع التويــر وانســتغرام‪،‬‬ ‫منهــا‪« :‬أمريــكا رشيكــة يف ســفك الــدم الســوري عــى نحــو يتفــوق عــى روســيا‪ .‬قبلهــا‬ ‫دولــة الصهاينــة التــي تفضــل بقــاء بشــار‪ ،‬وتوجــه واشــنطن ومواقــف الغــرب‪ ،‬و»أمريكا‬ ‫رشيــك أســايس يف قتــل الشــعب الســوري مبنعهــا وصــول الســاح لهــم ليدافعــوا عــن‬ ‫أنفســهم مــن القتــل املبــارش مــن النظــام أو إيــران أو روســيا»‪ ،‬و»أمريــكا ليســت‬ ‫متواطئــة فقــط‪ ..‬أمريــكا عندمــا منعــت تســليح الجيــش الحــر‪ ..‬أصبحــت رشيكــة يف‬ ‫قتــل الشــعب الســوري!»‪ ،‬و»مــن مينــع ثوارنــا مــن وســائل الدفــاع عــن شــعبنا رشيك يف‬ ‫قتلنــا مــع بوتــن املجــرم»‪ ،‬و»أمريــكا املنافقــة تعيــق تســليح الشــعب الســوري بحجــة‬ ‫الفيتــو الــرويس يف مجلــس األمــن‪ ،‬وتســكت عــى قصــف بوتــن لســوريا دون فيتــو وال‬ ‫احتجــاج!!»‪ ،‬و»نــرت أمريــكا صواريــخ باتريــوت لحاميــة تركيــا مــن «صواريــخ ت ُطلــق‬ ‫مــن ســوريا» وســحبتها خوف ـاً عــى الصواريــخ مــن «صواريــخ ت ُطلــق مــن ســوريا!»‪،‬‬ ‫و»دفعــت أمريــكا روســيا لغــزو ســوريا لهدفــن‪ :‬اســتنزاف العــرب دون بــذل دم أو مــال‬ ‫أمريــي‪ ،‬وتحويــل يشء مــن غضبهــم عــى السياســات األمريكيــة رشقـاً»‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جي��ش النظ��ام يهاجم املناطق احملررة مدعومًا بإس��ناد جوي روس��ي‬ ‫احلرمل ‪ -‬خاص‬ ‫مل تنتظــر قــوات النظــام الســوري طويــاً‪ ،‬وبــارشت‬ ‫هجومهــا عــى معاقــل الثــوار يف املناطــق املحــررة‪،‬‬ ‫وبإســناد جــوي عنيــف‪ ،‬تصــدى لــه الثــوار‪ ،‬وأوقــع‬ ‫عــرات الضحايــا مــن قــوات النظــام املدعومــة مــن‬ ‫الــروس واإليرانيــن وامليليشــيات الطائفيــة‪ ،‬فــا إن بــدأ‬ ‫الط ـران الــرويس شــن غاراتــه الجويــة الغاشــمة‪ ،‬التــي‬ ‫شــملت مناطــق عــدة يف محافظتــي حمــص وحــاة‬ ‫وســط البــاد‪ ،‬ومحافظتــي حلــب وإدلــب شــاالً‪،‬‬ ‫اســتهدف خاللهــا مواقــع متوضــع قــوات الجيــش الحــر‬ ‫املعتدلــة‪ ،‬وعــددا ً مــن املناطــق املدنيــة‪ ،‬والتــي خلّفــت‬ ‫ضحايــا مــن املدنيــن العــزل بينهــم أطفــال ونســاء‪،‬‬ ‫يف املقابــل دمــر الثــوار عــرات الدبابــات واآلليــات‬ ‫املدرعــة‪ ،‬أثنــاء تصديهــم ألرتــال املدرعــات يف ريــف‬ ‫حمــص الشــايل وريــف حــاة‪ ،‬فيــا تناقلــت وســائل‬ ‫اإلعــام املختلفــة أنبــا ًء عــن إســقاط دفاعــات قــوى‬ ‫املعارضــة الجويــة أربــع طائــرات روســية‪.‬‬ ‫وقوبــل التدخــل الــرويس يف ســوريا بانتقــاد مبــارش مــن‬ ‫أمريــكا ودول الغــرب وحلــف الناتــو‪ ،‬يف الوقــت الــذي‬ ‫دافــع الرئيــس الــرويس بوتــن عــن العمليــات العســكرية‬ ‫التــي تنفذهــا روســيا يف ســوريا قائــاً‪ :‬إن الغــارات‬ ‫الجويــة تهــدف إىل توفــر اســتقرار الســلطة الرشعيــة‪،‬‬ ‫املمثلــة بالرئيــس الســوري بشــار األســد‪ ،‬مؤكــدا ً أنــه‬ ‫يســعى لتوفــر االســتقرار يف ســوريا متهيــدا ً للتوصــل إىل‬ ‫حــل ســيايس شــامل‪ ،‬نافي ـاً أن تكــون الغــارات الجويــة‬ ‫تســتهدف قــوات املعارضــة الســورية املعتدلــة‪.‬‬ ‫وأشــارت معظــم ترصيحــات املســؤولني الــروس إىل أن‬ ‫الغــارات تســتهدف مواقــع تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫ومعاقلهــا‪ ،‬فيــا أكــدت مصــادر املعارضــة الســورية أن‬ ‫هجــات الــروس تســتهدف قــوات الجيــش الســوري‬ ‫الحــر‪ ،‬وأكــد رئيــس االئتــاف الوطنــي الســوري املعارض‪،‬‬ ‫خالــد خوجــة‪ ،‬أن التدخــل العســكري الــرويس يف ســوريا‬ ‫يزعــزع اســتقرار املنطقــة‪ ،‬ويهــدد أمنهــا واألمــن العاملي‪.‬‬ ‫وقــال يف بيــان صحفــي صــادر عنــه‪« :‬الــروس مل يقصفــوا‬ ‫بعدوانهــم املدنيــن واألطفــال فحســب‪ ،‬ولكــن قصفــوا‬ ‫معهــم مبــادرة دي ميســتورا وكل مقاربــات الحــل‬

‫الهجــرة بكافــة أشــكالها وأســبابها‬ ‫مــرض اســتوطن بــن النــاس‪ ،‬وأخــذ‬ ‫حيـزا ً كبـرا ً مــن حياتهــم‪ ،‬خاصــة يف ظــل‬ ‫ٍ‬ ‫ظــروف تــزداد ســوءا ً يومــاً بعــد يــوم‪،‬‬ ‫هــذا ألن الــراع الــذي تعيشــه البــاد‬ ‫قــد أخــذ منحــى مغاي ـرا ً عــا كان قبــل‬ ‫لرتتفــع وتــرة االشــتباكات والقصــف‬ ‫والقتــل‪ ،‬وتدخــل عــى األرض ميليشــيات‬ ‫متعــددة تقاتــل إىل جانــب النظــام مــا‬ ‫يزيــد األمــر تعقيــدا ً‪.‬‬ ‫وتتعــدد أســباب الهجــرة بالنســبة للنــاس‪،‬‬ ‫لكــن يــأيت ضمــن أولوياتهــا البحــث عــن‬ ‫مصــدر رزق يك ميكنهــم مــن العيــش‬ ‫وتأمــن مســتلزماتهم الحياتيــة والتــي‬ ‫بــات مــن الصعــب تأمينهــا داخــل‬ ‫بلدهــم‪ ،‬حيــث أن االرتفــاع الجنــوين يف‬ ‫األســعار بــات يشــكل عائقـاً لديهــم‪ ،‬كــا‬ ‫أن تفاقــم الــراع املحتــدم دفــع كثــرا ً‬ ‫منهــم لــرك بالدهــم والهجــرة إمــا لــدول‬ ‫الجــوار أو الــدول األوربيــة طمع ـاً منهــم‬ ‫بحيــاة أفضــل هنــاك بعيــدا ً عــن االقتتــال‬ ‫واملشــاكل‪.‬‬ ‫فســوريا التــي كانــت تزخــر بنســبة‬ ‫كبــرة مــن الفئــة الشــبابية العاملــة فيهــا‬ ‫والداعمــة القتصادهــا باتــت اآلن تقــف‬ ‫عــى عتبــة االنهيــار االقتصــادي املتهــاوي‬ ‫شــيئاً فشــيئاً وباتــت مضطــرة لالســتعانة‬ ‫بحلفائهــا لســد الثغــرات لديهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫فقــدت البــاد عــددا ً كبــرا ً مــن تلــك‬ ‫الفئــة الشــبابية ســواء العاملــة أو املثقفة‪،‬‬

‫الحرملي‬ ‫بوت�ين الوج��ه القبي��ح‬ ‫للطاغي��ة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫الســيايس»‪ ،‬مشــرا ً إىل صعوبــة التوصــل إىل تســوية‬ ‫سياســية‪ ،‬يف ظــل اســتمرار «االحتاللــن الــرويس واإليـراين‬ ‫لســوريا»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪« :‬نظــام األســد انهــزم وانســحب مــن شــال‬ ‫البــاد وجنوبهــا وســلم املنطقــة الرشقيــة لداعــش‪،‬‬ ‫ثــم اســتجلب إيــران فانهزمــت أيضــاً بفعــل مقاومــة‬ ‫الســوريني والجيــش الحــر»‪ ،‬وتابــع‪« :‬مــع االنهيــار‬ ‫الرسيــع للنظــام‪ ،‬ونفــاد إمكاناتــه تواطــأ لجلــب املحتــل‬ ‫الــرويس‪ ،‬وهــو اآلن ال يســيطر إال عــى ســدس ســوريا‬ ‫فقــط»‪.‬‬ ‫واتهــم هشــام مــروة نائــب رئيــس االئتــاف الســوري‬ ‫املعــارض روســيا باالعتــداء عــى الشــعب الســوري‬ ‫مــن خــال الرضبــات الجويــة التــي اســتهدفت املدنيــن‬ ‫وأوقعــت ثالثــن ضحيــة‪ ،‬وقــال متوعــدا ً يف مقابلــة‬ ‫تلفزيونيــة لقنــاة الجزيــرة‪ :‬إن ســوريا لــن تكــون أوكرانيــا‬ ‫بالنســبة للــروس‪ ،‬بــل ســتكون مقــرة لهــم‪.‬‬ ‫وذكــرت مصــادر يف املعارضــة الســورية املســلحة أن‬ ‫طائ ـرات روســية ش ـ ّنت غــارات عــى كل مــن تلبيســة‬ ‫والرســن والزعفرانــة يف ريــف حمــص‪ ،‬واللطامنــة‬ ‫وكفرزيتــا يف ريــف حــاة‪ .‬جــاء ذلــك بعدمــا أعلنــت‬ ‫وزارة الدفــاع الروســية أنهــا بــدأت رضبــات جويــة‬ ‫تســتهدف تنظيــم الدولــة يف ســوريا‪ .‬ويف ســياق متصــل‬

‫قــال الرئيــس بوتــن إن العمليــات التــي تنفذهــا‬ ‫قــوات بــاده يف ســوريا ســتكون ضمــن أطــر محــدودة‪،‬‬ ‫وتســتهدف مــا أســاها الجامعــات اإلرهابيــة يف البــاد‪،‬‬ ‫وإنهــا ســتتم دون مشــاركة قــوات بريــة‪.‬‬ ‫وذكــرت وكالــة رويــرز إن قــوات األســد مدعومــة بقوات‬ ‫إيرانيــة ومقاتلــن مــن ميليشــيا حــزب اللــه متحالفــن‬ ‫معــه يســتعدون لهجــوم بــري عــى منطقــة حلــب بدعم‬ ‫جــوي رويس‪ ،‬جــاء ذلــك بنــاء عــى ترصيحــات مســؤولني‬ ‫يف أجهــزة النظــام‪ ،‬أكــدوا خاللهــا إن آالف الجنــود‬ ‫اإليرانيــن وصلــوا للمشــاركة يف الهجــوم الــري لدعــم‬ ‫بشــار األســد‪.‬‬ ‫وعــرت أنقــره عــن قلقهــا البالــغ مــن الرضبــات الجويــة‬ ‫الروســية التــي تســتهدف مناطــق الثــوار يف الشــال‬ ‫الســوري‪ .‬ويف الوقــت الــذي انشــغل فيــه الثــوار مبجابهــة‬ ‫أرتــال دبابــات ومدرعــات جيــش النظــام املدعومــة‬ ‫بإســناد جــوي عنيــف‪ ،‬اســتغلت قــوات داعــش املوقــف‬ ‫وهاجمــت مؤخــرة الجيــش الحــر يف مناطــق ريــف حلب‬ ‫الشــايل‪ ،‬واســتولت عــى عــدد مــن القــرى‪ ،‬ووصلــت‬ ‫إىل مشــارف الشــيخ نجــار‪ ،‬وتصــدى لهــا الثــوار ببســالة‬ ‫وأجربهــا عــى التوقــف‪ ،‬لكــن تنظيــم الدولــة أقــدم عــى‬ ‫االنســحاب مــن هــذه املواقــع‪ ،‬وأخالهــا لصالــح قــوات‬ ‫النظــام‪ ،‬لكــن الثــوار اســتعادوها فيــا بعــد‪.‬‬

‫عدوى اهلجرة‬ ‫عمر عرب ‪ -‬حلب‬

‫‪5‬‬

‫وتنتــر فيهــا نســبة كبــرة مــن البطالــة‬ ‫والتــي تجــاوزت ‪.3,75%‬‬ ‫يف بدايــة أحــداث الثــورة اعتقــد النــاس‬ ‫أن تلــك األحــداث والتغــرات ســتكون‬ ‫لفــرة محــددة ثــم ينتهــي كل يشء‬ ‫وتعــود األمــور لطبيعتهــا‪ ،‬وكان هنــاك‬ ‫عــدد ال بــأس بــه مــن الشــباب يقومــون‬ ‫بالســفر إىل دول الجــوار كرتكيــا ولبنــان‬ ‫والعمــل هنــاك‪ ،‬ثــم العــودة بعــد فــرة‬ ‫مــن الوقــت ظانــن منهــم أن ذلــك قــد‬ ‫يجــدي نفعــاً وأنــه رمبــا يســاعدهم يف‬ ‫الحيــاة‪ ،‬مــع العلــم أن ذاك الســفر ال‬ ‫يكــون مكلــاً بالنجــاح للجميــع فهنــاك‬ ‫كثــر ممــن تعــرض للــرب أو اإلهانــة‬ ‫يف مــكان عملــه أو مــكان إقامتــه عــداك‬ ‫عــن مــروف وخطــورة الطريــق الــذي‬ ‫ميــرون فيــه والــذي مل يعــد يشــكل خطـرا ً‬ ‫مقارنــة بالوقــت الحــايل‪ ،‬خاصــة مــع‬ ‫تســارع األحــداث والتطــورات املتالحقــة‬ ‫والتــي أصبحــت تشــكل هاجســاً‬ ‫لكثــر مــن النــاس دفعتهــم باملخاطــرة‬ ‫بأرواحهــم يف ســبيل الهجــرة ملــكان‬ ‫فيــه رزق وعمــل‪ ،‬مل ال ودخــل األرسة‬ ‫ال يتجــاوز العــرة آالف لــرة بينــا‬ ‫يجــب أن يكــون دخــل األرسة الصغــرة‬ ‫خمســون ألــف عــى أقــل احتــال‪،‬‬ ‫وهــذه التقديــرات ليســت خياليــة بــل‬ ‫أمــر واقــع وحقيقــة يعيشــها النــاس إمنــا‬ ‫الخيــال هــو يف األســعار التــي ارتفعــت‬ ‫وســيطرة تجــار األزمــة والســوق الســوداء‬ ‫عــى مفاصــل الحيــاة االقتصاديــة وجعــل‬

‫النــاس يعيشــون حلــم انخفــاض األســعار‪.‬‬ ‫مــن جانــب أخــر يــرى كثــر مــن النــاس‬ ‫أن بالدهــم مل تعــد صالحــة للعيــش ذلــك‬ ‫أن مــن تهــدم منزلــه وانقطعــت أســباب‬ ‫رزقــه‪ ،‬ومــن مــات أحــد أبنائــه أو أقاربــه‬ ‫ومل يعــد لديــه أحــد بــل عــى العكــس‬ ‫ال يــزال املــوت مخيــاً فــوق رؤوســهم‬ ‫بســبب القصــف الــذي مل يــرك حجــرا ً‬ ‫عــى حجــر وأزال كل أثــر يــدل ويســاعد‬ ‫النــاس عــى الحيــاة حتــى املــدارس‬ ‫واملستشــفيات آخــر أمــل للنــاس يف‬ ‫الحيــاة قصفــت‪ ،‬فبــات يســتغني عــن‬ ‫عمــره الباقــي‪ ،‬وكــا يقــال‪« :‬يضــع دمــه‬ ‫عــى كفــه» ويهاجــر ويقــول رمبــا املــوت‬ ‫هنــا ورمبــا هنــاك‪.‬‬ ‫كــا أن الهجــرة مل تقتــر عــا ضاقــت‬ ‫بهــم الحيــاة واضطــروا للهجــرة بــل‬ ‫تعدتهــم إىل الفئــة املثقفــة يف املجتمــع‬ ‫مــن أســاتذة وعلــاء وأطبــاء والذيــن‬ ‫يشــكل تناقصهــم تدهــورا ً يف أســس‬ ‫املجتمــع فهــم عمــوده الفقــري الــذي‬ ‫يســتند إليهــم ويعتمــد عليهــم‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫حــدث فعـاً وخاصــة يف املناطــق املحــررة‬ ‫التــي باتــت بأمــس الحاجــة إىل مجموعــة‬ ‫مــن األطبــاء املختصــن يف مختلــف‬ ‫املجــاالت والذيــن أصبــح وجودهــم‬ ‫نــادرا ً‪ ،‬والجديــر بالذكــر أن نقــص األطبــاء‬ ‫واملختصــن واملدرســن كان مــن أبــرز مــن‬ ‫جعــل بعــض املناطــق املحــررة مناطــق‬ ‫منكوبــة طبعــاً إضافــة إىل القصــف‬ ‫املتواصــل لهــا‪.‬‬

‫منــذ انــدالع الثــورة الســورية املباركــة‪ ،‬اختــارت روســيا طوعاً‬ ‫ال قــرا ً‪ ،‬الوقــوف مــع الظلــم واالســتبداد‪ ،‬ووضعــت بشــار‬ ‫األســد وطغمتــه املجرمــة بدي ـاً عــن إرادة الشــعب ومطالبــه‬ ‫يف الحريــة والكرامــة‪ ،‬واســتطاعت بالفيتــو الــذي متلكــه أن‬ ‫تعطــل كل الق ـرارات الســاعية إلدانــة النظــام الســوري‪ ،‬الــذي‬ ‫دمــر البــاد ورشد العبــاد‪ ،‬وكلــا الحــت ســاعة ســقوط النظــام‬ ‫املتهالــك‪ ،‬وضاقــت الحلقــة عــى عنقــه‪ ،‬بــرزت لنــا عضــات‬ ‫الــدب‪ ،‬وهــي تحــاول انقــاذه‪ ،‬يف موقــف يعيــد إىل األذهــان‬ ‫العقليــة الســتالينية التــي ض ّيقــت عــى الــروس‪ ،‬وجعلتهــم يف‬ ‫ســجن كبــر‪ ،‬تحــت شــعارات كاذبــة‪ ،‬عنوانهــا الحريــة‪ ،‬وداخلهــا‬ ‫مريــض ومشــوه يدعــو إىل عبــادة الطاغيــة وتكريــس صورتــه‬ ‫كمخلــص أوحــد ال يأتيــه الباطــل مــن شــال أو ميــن‪.‬‬ ‫ال يختلــف اثنــان يف توصيــف التدخــل الــرويس يف ســوريا‪ ،‬الــذي‬ ‫اســتدعى خاللــه كل قوتــه العســكرية إىل األجــواء الســورية‬ ‫وأرضهــا إال باالحتــال الغاشــم‪ ،‬املنــارص للطاغيــة‪ ،‬املجــرم الــذي‬ ‫اســتباح كل يشء‪ ،‬ورضب عــرض الحائــط بــكل أع ـراف الكــون‬ ‫وقوانينــه‪ ،‬ومل يوفــر جهــدا ً يف وأد مطالــب الشــعب الســوري‬ ‫املحقــة يف العيــش الحــر الكريــم‪ ،‬وبهــذا تتحقــق مقولــة‪:‬‬ ‫«املجــرم يحمــي مجرم ـاً»‪.‬‬ ‫اختــار بوتــن أن يكــون الوجــه القبيــح للســتالينية‪ ،‬بــدالً مــن‬ ‫وجــه باســرناك املــرق‪ ،‬أو تولســتوي املتحــرر مــن أدران‬ ‫اإلقطاعيــة البغيضــة‪ ،‬اختــار البســطار عوضــاً عــن غصــن‬ ‫الزيتــون‪ ،‬الــذي كان مــن املمكــن أن يعيــد األمــل للشــعب‬ ‫املظلــوم‪ ،‬لكــن كيــف نطلــب مــن بوتــن الــذي يســتحرض‬ ‫صــورة الطاغيــة يف كل ترصفاتــه أن يكــون نصـرا ً للحــق؟! بوتــن‬ ‫الــذي اختــار الحكمــة املضللــة‪ ،‬التــي أراد بهــا أن يوهــم العــامل‬ ‫بأنــه يحــارب اإلرهــاب كتفــاً بكتــف مــع التحالــف الــدويل‪،‬‬ ‫لكــن رسعــان مــا تبينــت دوافعــه وبواعــث إجرامــه يف قصفــه‬ ‫للمدنيــن العــزل‪ ،‬وأماكــن متوضــع وحــدات الجيــش الســوري‬ ‫الحــر‪ ،‬التــي يصفهــا الغــرب باالعتــدال‪.‬‬ ‫بوتــن يعيــد رســم معــامل الطاغيــة املســتبد واملجــرم‪ ،‬ويعيــد‬ ‫تأصيــل اإلج ـرام مــن جديــد يف صــورة أشــد وضوح ـاً للقبــح‪،‬‬ ‫يف صــورة تعيــد إىل األذهــان مالمــح دراكــوال‪ ،‬مصــاص الدمــاء‪،‬‬ ‫لكــن هــذه املــرة ليســت عــى حســاب أشــخاص بعينهــم‪ ،‬بــل‬ ‫عــى حســاب شــعب حــر خذلــه العــامل بالكامــل‪.‬‬

‫مطل��وب طبيب��ة أخصائي��ة نس��ائية‬ ‫للعم��ل يف عيادة خاص��ة يف ُعمان‪.‬‬ ‫إضافــة إىل ذلــك خــوف األهــايل عــى‬ ‫أبنائهــم مــن الخدمــة العســكرية أو‬ ‫أخذهــم لالحتيــاط‪ ،‬تلــك الخدمــة التــي‬ ‫يقــي أغلبهــم حياتهــم يف ســبيلها لتكــون‬ ‫نهايــة الغالبيــة املــوت‪ ،‬أمــر دفــع بهــم‬ ‫للفــرار هــم وأوالدهــم خــارج البــاد‬ ‫خوفــاً عــى حياتهــم‪ ،‬أي أن الهجــرة مل‬ ‫تقتــر عــى مناطــق الــراع وحســب‬ ‫إمنــا تعدتهــا ملناطــق النظــام اآلمنــة عــى‬ ‫حســب وصفــه‪.‬‬ ‫يف النهايــة الوطــن يقــول كــا بــاب‬ ‫الهجــرة مفتــوح بــاب العــودة إليــه‪،‬‬ ‫ومهــا طالــت األزمــة ال بــد لهــا مــن‬ ‫أن تنتهــي ويعــود كل يشء ألفضــل مــا‬ ‫كان عليــه‪ ،‬وعاج ـاً أم أج ـاً كــا اضطــر‬ ‫النــاس للهجــرة خــارج البــاد ســيضطرون‬ ‫للعــودة إليهــا الحقـاً‪ ،‬ألنــه مهــا قدمــت‬ ‫لهــم تلــك الــدول لــن تقــدم لهــم‬ ‫وتفيدهــم كبلدهــم الــذي تربــوا وعاشــوا‬ ‫فيــه‪.‬‬

‫براتب ‪ 2000‬ريال عماني‪.‬‬ ‫عل��ى أن تك��ون عمل��ت الث�لاث‬ ‫س��نوات األخ�يرة كأخصائي��ة‬ ‫نس��ائية‪.‬‬ ‫العي��اده تق��وم بتوف�ير الس��كن يف‬ ‫اإلم��ارات العربي��ة املتح��دة‬ ‫للتواصل واالستفسار‪:‬‬ ‫بريد الكرتوني‪:‬‬ ‫‪ferdawsalhassan@yahoo.com‬‬ ‫هاتف ‪ -‬واتس آب‪:‬‬ ‫‪009689526853900‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املذحبة املفتوحة‪!..‬‬ ‫«فئران املخابر‪ ،‬وجتارب الفوضى اخلالقة» ‪/1/‬‬ ‫أسعد فخري‬

‫يبــدو أن ازدحــام‪ ،‬وصخــب التحــوالت‬ ‫السياســية الجاريــة يف العــامل‪ ،‬واشــتداد‬ ‫الـراوة الدمويــة التــي تهيمــن عــى العديــد‬ ‫مــن امللفــات الســاخنة يف الــرق األوســط‬ ‫كانــت أحــد أهــم األســباب الجوهريــة التــي‬ ‫دفعــت بالعــدد األكــر مــن املتابعــن للشــأن‬ ‫الســيايس‪ ،‬واملنظريــن لــه إىل التغافــل عــن‬ ‫مرجعيــة ال بــ ّد مــن حضورهــا يف تقريهــم‬ ‫للتحــوالت املتســارعة عــى كل صعيــد‪ ،‬والتــي‬ ‫يتــم اســتثامر تحصيالتهــا مــن داخــل املفاصــل‬ ‫األساســية‪ ،‬واملباعــث «الجيوســراتيجية»‬ ‫ملنصــة انطالقــة نظريــة «الفــوىض الخالقــة»‬ ‫التــي ســوقتها إدارة األمــن القومــي إبــان حكم‬ ‫«جــورج بــوش االبــن» للواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة يف العــام ‪ ،2001‬والتــي مــا زالــت‬ ‫بتقديرنــا تشــكل حالــة مســتمرة‪ ،‬ومتجــددة‪،‬‬ ‫وإن اختلــف شــكلها أو تبدلــت صورتهــا‪ ،‬لكــن‬ ‫مضامينهــا مــا زالــت تالقــي الحضــور األهــم‬ ‫يف أولويــات هواجــس الحــكام املتعاقبــن‬ ‫عــى البيــت األبيــض‪ ،‬مســتدركني هنــا جانب ـاً‪،‬‬ ‫هــو غايــة يف األهميــة‪ ،‬قامــت عليــه نظريــة‬ ‫«الفــوىض الخالقــة» مــن خــال التوافــق‬ ‫الكبــر الــذي حققتــه داخــل الكونغــرس بــن‬ ‫الحامئــم‪ ،‬والصقــور‪ ،‬واإلجــاع القــوي عــى‬ ‫تفعيــل ذلــك املنهــج‪ ،‬واعتــاده كمنظومــة‬ ‫يتحقــق‪ ،‬مــن خاللهــا‪ ،‬البعــدان‪ ،‬االسـراتيجي‪،‬‬ ‫واألمنــي لسياســة الواليــات املتحــدة يف الرشق‬ ‫األوســط توازيــاً‪ ،‬وأنســاق تدابــر خلخلــة‬ ‫االســتقرار الــذي طغــى عــى مشــهد األنظمــة‬ ‫الحاكمــة يف املنطقــة العربيــة‪ ،‬بدافــع إيجــاد‬ ‫أنظمــة حكــم تحقــق الحريــة‪ ،‬والدميقراطيــة‬ ‫لشــعوبها‪ ،‬ومبــا ال يخالــف مصالــح أمريــكا‪،‬‬ ‫وأخواتهــا األوربيــات‪ ،‬ومــا يتفــق‪ ،‬ومصلحــة‬ ‫إرسائيــل بالدرجــة األوىل مــن خــال إيجــاد‬ ‫ح ـزام مشــتعل حولهــا يلتهــم بعضــه بعض ـاً‪،‬‬ ‫وذلــك مــا يحقــق لهــا الحصانــة املطلوبــة يف‬ ‫تدابــر أمنهــا‪ ،‬واســتقرارها‪ ،‬وتفعيــل أحالمهــا‬ ‫يف إقامــة مــروع إرسائيــل الكــرى داخــل‬ ‫محيــط عــريب هــش‪ ،‬ومرتهــل يقــوم عــى‬ ‫دويــات متناثــرة تغــرق يف احرتابــات طائفيــة‪،‬‬ ‫ومذهبيــة‪ ،‬وعرقيــة‪.‬‬ ‫ذلــك مــا يدفعنــا للخــوض يف مقاربــات‬ ‫متأنيــة نتحصــل مــن خاللهــا عــى إدراك‬ ‫اإلبعــاد التــي اســتلزمت وجــود نظريــة‬ ‫«الفــوىض الخالقــة»‪ ،‬ونتعــرف عــى مكوناتهــا‬ ‫الفكريــة‪ ،‬والسياســية كــا أننــا ســنلمس عــن‬ ‫قــرب الســبل‪ ،‬والدوافــع التــي ســاهمت يف‬ ‫إيجادهــا داخــل قامــوس السياســة األمريكيــة‪،‬‬ ‫ومــا هــي اآلثــار التــي أحدثهــا داخــل حيــوات‬ ‫املنظومــة اإلنســانية للشــعوب‪ ،‬واألمــم‪.‬‬

‫‪1‬ـ بنيــة الفــوىض الخالقــة وأبعــاد‬ ‫ظهوراتهــا السياســية‪:‬‬ ‫ال شــك أن مصطلــح «الفــوىض الخالقــة»‬ ‫دخــل القامــوس الســيايس‪ ،‬وتــم تفعيــل أطــره‬ ‫النظريــة‪ ،‬واملعرفيــة مــن قبــل مؤسســات‬ ‫أمريكيــة عديــدة يف العقديــن األخرييــن مــن‬ ‫القــرن املــايض‪ ،‬وقــد أحيــط بهالــة فكريــة من‬ ‫الدراســات امللتبســة‪ ،‬واالصطفافيــة ســاهمت‬ ‫هــي األخــرى بدخولــه إىل متاهــة التأويــل‪،‬‬ ‫حيــث مل يحــظَ باســتجابة مقنعــة‪ ،‬وفعالــة‬ ‫ضمــن أوســاط النخبــة املثقفــة داخــل أمريــكا‬ ‫أو خارجهــا‪ ،‬بيــد أنــه مل يكــن مــن الســهولة‬ ‫مبــكان قبــول مضامــن‪ ،‬ومتواليــات «الفــوىض»‬ ‫عــى أنهــا منصــة منطقيــة لتحصيــل انطالقــة‬ ‫خالقــة داخــل الســياقات التاريخيــة ملفهومــي‪،‬‬ ‫السياســة‪ ،‬وعلــم االجتــاع‪.‬‬ ‫مثــة مقاربــات عديــدة تثــر الدهشــة‪،‬‬

‫والذهــول حينــا نلمــس مكوناتهــا عــن كثــب‬ ‫مبــا يخــص التوضعــات‪ ،‬والجــذور األساســية‪،‬‬ ‫واملرجعيــة ملصطلــح «الفــوىض الخالقــة»‬ ‫حيــث تشــر العديــد مــن الدراســات املختلفة‪،‬‬ ‫واملتباينــة يف مناظريهــا‪ ،‬حالــة نشــوء ذلــك‬ ‫االصطــاح داخــل مرجعيــات الالهــوت‬ ‫املســيحي‪ ،‬وعلــوم الفيزيــاء‪ ،‬والطبيعــة‪،‬‬ ‫والعلــوم السياســية‪ ،‬وكذلــك علــوم االقتصــاد‪.‬‬ ‫كــا أنــه توضَّ ــع يف العديــد مــن املرجعيــات‬ ‫الفكريــة‪ ،‬يف حــ ٍن مــن ذلــك نجــد مجمــع‬ ‫القساوســة يف مدينــة «بنســلفانيا» األمريكيــة‬ ‫يؤكــد عــى أن الفــوىض الخالقــة اعتقــاد‬ ‫مســيحي رصف وكــا يقولــون «إن اإلنجيــل‬ ‫أخربهــم بــأن الكــون خلــق مــن فــوىض‪،‬‬ ‫وأنّ الــرب قــد اختــار الفــوىض ليخلــق منهــا‬ ‫الكــون‪ ،‬وعــى الرغــم مــن معرفتنــا لكيفيــة‬ ‫هــذا األمــر فإننــا متيقنــون أن الفــوىض كانــت‬ ‫خطــوة أساســية يف اســتقرار عمليــة الخلــق‪،‬‬ ‫وانتظامهــا»‪ ،‬وال يفوتنــا هنــا أن مجمــع‬ ‫القساوســة هــذا مــن أكــر‪ ،‬وأهــم «املؤيديــن‬ ‫لحركــة املســيحيني املتصهينــن»‪ ،‬وبتقديرنــا‬ ‫أن تلــك الطروحــات الالهوتيــة هــي األكــر‬ ‫مقاربــة مــع البعــد «األنطولوجــي» الــذي‬ ‫يقــوم عــى تحصيــات االنفجــار الكبــر الــذي‬ ‫تبنتــه العديــد مــن النظريــات العلميــة‪،‬‬ ‫وافرتضــت حدوثــه عــى اعتبــار أن االنفجــار‬ ‫الكــوين الكبــر أنتــج مقاربــات فوضويــة‬ ‫يف نثــاره‪ ،‬نتــج عنهــا مخرجــات خالقــة يف‬ ‫انتظامهــا‪ ،‬وتدابــر أدوارهــا املســتقرة‪ ،‬وذلــك‬ ‫كان جوهــرا ً حقيقيــاً يف رصانــة حــدود‬ ‫حركتهــا‪ ،‬ومــؤرشا ً هامـاً عــى معايري املســافات‬ ‫الحاذقــة بــن تخــوم الكواكــب والنجــوم‪.‬‬ ‫أمــا توضعــات «الفــوىض الخالقــة» داخــل‬ ‫أدبيــات املجمــع املاســوين فقــد جــاءت‬ ‫برصاحتهــا املطلقــة يف كتــاب «أطروحــة‬ ‫التدمــر الخــاق» للســويدي «شــو مبيــر»‬ ‫املتــوىف يف العــام ‪ 1950،‬والــذي يــدون مقولتــه‬ ‫يف املنافســة الهدامــة التــي تســتلهم من تأجيج‬ ‫ثــورة غــر منظمــة داخــل األشــياء الشــائخة‬ ‫مــا يدفــع عنارصهــا الســاكنة‪ ،‬واملســتقرة إىل‬ ‫حالــة مــن التجــدد الخــاق‪ ،‬وهــو يقــارب يف‬ ‫هــذا االجتهــاد أطروحــة املاســوين صاحــب‬ ‫الدرجــة ‪ 33‬يف الســدنة املاســونية الرتاتبيــة‬ ‫«آدم وايــز هاويــت» التــي يُ ِق ـ ُر مــن خاللهــا‪،‬‬ ‫بــأن إحــداث فــوىض عارمــة‪ ،‬وعنــف ال حــدود‬ ‫لهــا كفيــان بإنشــاء انتظــام مســتقر ينتــج‬ ‫عنــه حالــة خالقــة‪ ،‬كذلــك يذهــب األمريــي‬ ‫مــن أصــل يهــودي «صموئيــل هنتغتــون»‬ ‫إىل تحديــد املبــادئ الفيزيائيــة التــي تقــوم‬ ‫عــى نواظــم «الفــوىض الخالقــة» تحــت مــا‬ ‫يدعــوه «فجــوة االســتقرار» التــي يشــكل‬ ‫اتســاعها وتبــدل مقــدار قطرهــا حالــة التجــدد‬ ‫الالمنتظَــم الناجمــة عــن تفاعــات داخليــة‬ ‫ت ِ‬ ‫ُحــدثُ البعــد الخــاق مــن داخلهــا‪.‬‬ ‫ال شــك أن االلتبــاس الــذي يغــرق بــه منهــج‬ ‫«الفــوىض الخالقــة» يدفعنــا إىل جملــة مــن‬ ‫التســاؤالت امللحــة‪ ،‬والرضوريــة‪ ،‬والتــي‬

‫ت ُ َعــ ُد مــن وجهــة نظرنــا محاولــة اســتقرائية‬ ‫تســاعدنا يف الكشــف عــن جوانــب مهمــة‬ ‫مــن مراحــل تواجــد ذلــك املنهــج‪ ،‬وأبعــاد‬ ‫توضعاتــه داخــل امل ُشــ ِكالت التــي أورثــت‬ ‫املنطقــة العربيــة احرتابــات داميــة‪ ،‬كــا أننــا‬ ‫ســنالحظ عــن كثــب أبعــاد مفاعيلهــا التــي مــا‬ ‫انفكــت تفتــح أبــواب الجحيــم عــى مصاريعه‬ ‫دون التفاتــة إىل الثمــن الباهــظ الــذي تدفعــه‬ ‫شــعوب املنطقــة‪ ،‬والتــي تحولــت جـ ّراء ذلــك‬ ‫إىل ســاحة كبــرة ملذبحــة مفتوحــة اســتجلبت‬ ‫جزاريهــا مــن كل أصقــاع العــامل بحجــة نــرة‬ ‫الشــعوب املظلومــة وإعانــة املحكــوم عــى‬ ‫مقاتلــة حكامــه الطغــاة‪.‬‬ ‫لقــد أكــدت العديــد مــن الوقائــع‪ ،‬ومبــا ال‬ ‫يقبــل الشــك شــدة الحامســة التــي أبدتهــا‬ ‫الواليــات املتحــدة ملحاربــة اإلرهــاب يف كل‬ ‫مــكان مــن العــامل بعــد الهجــوم الــكاريث يف‬ ‫«‪ 11‬أيلــول» عــى أبــراج التجــارة العامليــة‪،‬‬ ‫والــذي اعتــره البيــت األبيــض آنــذاك هجومـاً‬ ‫خط ـرا ً تجــاوز يف تبعاتــه الخطــوط الحم ـراء‪،‬‬ ‫وشــكل تهديــدا ً رصيحــاً لألمــن القومــي‪،‬‬ ‫وإســراتيجية أمريــكا كقطــب أوحــد يتحكــم‬ ‫مبصائــر الشــعوب جميعهــا‪ ،‬وذلــك مــا دفــع‬ ‫الرئيــس «جــورج بــوش االبــن» إلطــاق‬ ‫ترصيحــه الشــهري أمــام الكونغــرس قائـاً‪« :‬إن‬ ‫أحــداث ‪ 11‬أيلــول كان وراءهــا قــوى الــر‬ ‫فــا بــد مــن محاربتهــا ألن اإلرهابيــن ميقتوننا‬ ‫متذرعــن بحجــة أننــا نعبــد الــرب بالطريقــة‬ ‫التــي نراهــا مناســبة»‪ .‬والجديــر بالذكــر هنــا‬ ‫أن مــا بــن كلــات ترصيــح بــوش االبــن مــا‬ ‫هــو أبعــد مــن إشــارة سياســية لبــدء مرحلــة‬ ‫جديــدة ســتلتزم بهــا الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫وت ُ َف ّعلهــا وفــق اســراتيجيات تقــوم عــى‬ ‫التحالفــات الكبــرة‪ ،‬والحشــد الواســع للبلــدان‬ ‫التــي تــدور يف فلكهــا يف الوقــت الــذي نلمــس‬ ‫عــن كثــب يف دواخــل ترصيحــه مقاربــات‬ ‫تســتمد فحواهــا مــن مرجعيــة دينيــة لفتــت‬ ‫إليهــا األنظــار منــذ ذلــك الحــن‪ ،‬وكشــفت‬ ‫عــن دالئــل واضحــة عــى اعتنــاق جــورج‬ ‫بــوش االبــن ملذهــب «امليثوديــة» الــذي يعترب‬ ‫مــن أهــم الحــركات اإلصالحيــة يف املذهــب‬ ‫الربوتســتانتي‪ ،‬وأكرثهــا تكريســاً ملفهومــي‬ ‫«الــر‪ ،‬والخــر»‪ ،‬اللذيــن اســتتب حضورهــا‬ ‫داخــل قامــوس السياســية األمريكيــة منــذ‬ ‫ذلــك الحــن‪ ،‬وأصبحــت مرجعيــة أساســية يف‬ ‫مفاعيــل قــرارات «بــوش االبــن» إىل درجــة‬ ‫دفعتــه للقــول لحظــة أعطــى إشــارة بــدء غزو‬ ‫العــراق‪« :‬لتبــدأ الحــرب عــى الــر فإننــي‬ ‫أســتمد القــوة والعــون مــن الــرب األعــى»‪ ،‬يف‬ ‫الوقــت الــذي ال يفوتنــا أن «بــوش االبــن» ُعـ َد‬ ‫الرئيــس املؤمــن مــن وجهــة نظــر املســيحيني‬ ‫املتصهينــن‪ ،‬والذيــن يشــكلون غالبيــة كبــرة‬ ‫داخــل اللــويب الصهيــوين‪ ،‬ويتقلــدون العديــد‬ ‫مــن املفاصــل الحساســة يف الكونغــرس‪ ،‬وإدارة‬ ‫موظفــي دائــرة األمــن القومــي‪ ،‬واملراكــز‬ ‫املختصــة بتقديــم الدراســات‪ ،‬واملشــاريع التي‬ ‫تخــص اســراتيجيات السياســة الخارجيــة‪،‬‬

‫والداخليــة للواليــات املتحــدة األمريكيــة‪.‬‬ ‫ــل جملــة املكونــات التــي تــوارت خلفهــا‬ ‫لَ َع َّ‬ ‫مذبحــة «الفــوىض الخالقــة» تعــود إىل‬ ‫مــروع كبــر اســتتبت مالمحــه عــر جلســة‬ ‫رسيــة للكونغــرس يف العــام «‪ ،»1983‬وحاكــت‬ ‫خيــوط اللعبــة فيــه ثلّــة مــن املفكريــن‪،‬‬ ‫والفقهــاء‪ ،‬والبحاثــة االســراتيجيني الذيــن‬ ‫يف غالبيتهــم مــن أصــول يهوديــة‪ ،‬أمــا‬ ‫القســم املتبقــي منهــم فهــم مــن الحركــة‬ ‫اإلصالحيــة الربوتســتانتية «امليثوديــة» أو‬ ‫كــا يُســ ّمون بـ»املســيحيني املتصهينــن»‪،‬‬ ‫طبقـاً ملــا اتفقــت عليــه العديــد مــن املراجــع‬ ‫التــي تعنــى بهــذا الشــأن حيــث نلحــظ يف‬ ‫اســتقراءاتهم حجــم الكارثيــة مــن خــال‬ ‫إحــكام قبضــة «امليثوديــن» التــي تهيمــن‬ ‫عــى أغلــب املعاهــد اإلســراتيجية‪ ،‬ومراكــز‬ ‫الدراســات االستشــارية‪ ،‬والبحثيــة يف الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬وتعــد تلــك املعاهــد‪،‬‬ ‫واملراكــز منهــاً تتــزود منــه الحكومــات‬ ‫املتعاقبــة عــى البيــت األبيــض نــواة قراراتهــا‬ ‫املصرييــة‪ ،‬واملتعلقــة تحديــدا ً ببعــدي «األمــن‬ ‫القومــي‪ ،‬واملصائــر اإلســراتيجية للسياســات‬ ‫الخارجيــة» حيــث نتعــرف عــن كثــب عــى‬ ‫بنــاة املجتمعــات الحــرة‪ ،‬ومهندســيها‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســهم املســترشق الربيطــاين مــن أصــل‬ ‫يهــودي «برنــارد لويــس» صاحــب مــروع‬ ‫«حــدود الــدم» الــذي تضمــن تقســيامً جديــدا ً‬ ‫للــرق األوســط عــر تحويلــه إىل دويــات‪،‬‬ ‫وكانتونــات متنافــرة‪ ،‬ومتصارعــة تقــوم عــى‬ ‫أســس الطائفيــة‪ ،‬واملذهبيــة‪ ،‬واألقواميــة‪،‬‬ ‫وقــد نــال مرشوعــه عــى إجــاع الكونغــرس‬ ‫يف جلســته الرسيــة كــا ذكرنــا أعــاه‪ ،‬ويعــد‬ ‫مرشوعــه «حــدود الــدم» النــواة الحقيقيــة‬ ‫ملنهــج الفــوىض الخالقــة‪ ،‬ومتوالياتــه التــي‬ ‫خصــت حــدود الــدم يف مســاحة جغرافيــة‬ ‫اســمها الــرق األوســط الكبــر كمرحلــة أوىل‬ ‫يتلوهــا مراحــل أخــرى تعتمــد عــى تحصيالت‬ ‫تجــارب فــران املخابــر‪ ،‬وتجديــد األســاليب‬ ‫املقرتحــة للمراحــل االختباريــة الالحقــة‪،‬‬ ‫كذلــك ننــوه هنــا إىل أطروحــة األمريــي‬ ‫«ريتشــارد بــرل» مــن أصــل يهــودي عــر‬ ‫مرشوعــه الــذي تضمــن الرشوحــات الكــرى‬ ‫لكتــاب برنــارد لويــس «حــدود الــدم» كان‬ ‫مــن أكــر املســوقني لتلــك التحريــات التــي‬ ‫جــاءت تحــت تســمية «االنقطــاع» مســتخدماً‬ ‫يف تقرياتــه منهــج «التحليــل النظمــي» الــذي‬ ‫يقــوم عــى جملــة مــن العنــارص املتداخلــة‪،‬‬ ‫واملشــتبكة بحيــث يصبــح هــذا التداخــل‪،‬‬ ‫واالشــتباك محصلــة إلنتــاج وظائــف بعينهــا‬ ‫تســتثمر حالــة اقتطــاع الزمــن مــن ســياقه‬ ‫التاريخــي‪ ،‬وفــق تأثيــث خــاق يتــم مــن‬ ‫خاللــه حــرق مراحــل عديــدة يف محطــة‬ ‫واحــدة يتحقــق مــن خاللهــا ترسيــع وتــرة‬ ‫التبــدل والتغيــر الخالقــن‪.‬‬ ‫أمــا حكايــة املنشــق الــرويس من أصــل يهودي‬ ‫«ناتــان شــارا نســي» فهــي رسديــة تســتحق‬ ‫توقفــات عديــدة ســنتعرض لهــا الحقــاً‬ ‫فهــذا الرجــل صاحــب حظــوة كبــرة ووازنــة‬ ‫داخــل اإلدارة األمريكيــة‪ ،‬ويعــد امل ُف ِعــل األول‬ ‫ملنهــج الفــوىض الخالقــة‪ ،‬واملدافــع الــرس‬ ‫عــن فكــرة الــرق األوســط الكبــر‪ ،‬كذلــك‬ ‫هــو «مايــكل ليديــن» الــذي اســتثمر لعبــة‬ ‫الفــوىض مــن خــال هيمنتــه عــى كل املنابــر‬ ‫الفكريــة داخــل املجموعــات االستشــارية‬ ‫التابعــة للبيــت األبيــض‪ ،‬وقــد اســتطاع خــال‬ ‫فــرة وجيــزة شــحن همــة البيــت األبيــض‬ ‫لتنفيــذ مرشوعهــم الخــاق تحــت مــا يدعــى‬ ‫«محاربــة اإلرهــاب يف كل مــكان» ‪.‬‬

‫ال تاري� َ‬ ‫�خ يف التاريخ‬ ‫الس��وري األح��دث‬

‫محمد الحاج صالح‬ ‫منــذ أواخــر خمســينيات القــرن املــايض‬ ‫«انتهــى» التاريــخ وأُغلــق يف ســورية‪ .‬ال‬ ‫إصــدارات لكتــب يف التاريــخ إال نــادرا ً‪،‬‬ ‫وعندمــا يصــدر كتاب أو دراســة فإنهــا تدور‬ ‫حــول ال ِقــدر وال تقربــه‪ ،‬أو يكــون موضوعها‬ ‫مجــرد تربيــر ومســاندة للحــكام بطريقــة‬ ‫مواربــة أو رصيحــة‪ .‬انســحب األمــر إىل‬ ‫كل الفنــون الكتابيــة واملرئيــة وحتــى الفــن‬ ‫التشــكييل‪ .‬مل يعــد لدينــا تاريــخ للمــدن‬ ‫وال للهيئــات وال لألحــزاب وال للطبقــات‬ ‫وال للتغــرات وال وال‪ .‬أغلــق تاريخنــا عــى‬ ‫حاكــم فــرد‪ ،‬صــوره يف كل مــكان وتاريخــه‬ ‫الغامــض هــو تاريــخ البلــد‪ ،‬وكل تاريــخ‬ ‫مكتــوب أو حتــى شــفاهي مشــكوك فيــه‬ ‫ويســتلزم متابعــة أمنيــة‪.‬‬ ‫واألمثلــة كثــرة هنــا ال تعــد وال تحــى‪،‬‬ ‫كتبــت‬ ‫فاملقاهــي يف املــدن الكــرى التــي‬ ‫ْ‬ ‫بصمــت جــزءا ً مــن تاريــخ البلــد وكانــت‬ ‫متنفســاً مــن االختنــاق‪ ،‬جــرت مراقبتهــا‬ ‫والتضيــق عليهــا‪.‬‬ ‫أمــا املناهــج الدراســية يف التاريــخ فكانــت‬ ‫يف قدميهــا تحتــوي عــى مــا ملخصــه كل‬ ‫تاريــخ العــرب عــال العــال‪ ،‬وإ ْن شــابته‬ ‫نقطــة ســوداء هنــا أو هنــاك‪ ،‬فيتــم تزيينهــا‬ ‫شــيئ‪ ،‬مثــل صفــن‬ ‫وجعلهــا تقريبــاً ال‬ ‫َ‬ ‫ومعركــة الجمــل ومثلــه كل الجانــب‬ ‫الدمــوي واالســتبدادي والتســلطي‪ .‬أمــا يف‬ ‫التاريــخ الحديــث ف ُيكثّــف متنــاوالً فقــط‬ ‫بطــوالت وحكمــة وجهــود الدكتاتــور‪ .‬ال‬ ‫يشء موضوعــي ال يشء انتقــادي أو ســلبي‪.‬‬ ‫يف كتــب التاريــخ الرتاثيــة العربيــة يجــد‬ ‫املــرء مســارب واتجاهــات غنيــة لكتابــة‬ ‫التاريــخ‪ .‬مل يغفــل الطــري وابــن األثــر‬ ‫وغريهــا وصــوالً إىل املقريــزي والجــريت‪،‬‬ ‫مل يغفلــوا جميعــاً تاريــخ النــاس واملــدن‬ ‫والتغ ـرات وحتــى تاريــخ النقــود‪ .‬والحــال‬ ‫مثلــا اكتشــفنا متأخريــن أهميــة «الــف‬ ‫ليلــة وليلــة» يف األدب والقــص والروايــة‪،‬‬ ‫فإننــا أمــام إعــادة اكتشــاف كيفيــة كتابــة‬ ‫التاريــخ وصنعــه‪.‬‬ ‫نحــن الســوريني يف وســط معمعــة وأزمــة‬ ‫وحــرب أهليــة وثــورة‪ ،‬علينــا أن نكتبهــا‬ ‫جميع ـاً‪ .‬نكتــب قصصنــا وقصــص معارفنــا‬ ‫ومصائرنــا ومصائــر معارفنــا‪ .‬مليــون روايــة‬ ‫ميكــن أن تكتــب‪ ،‬ومليــون فيلــم وفيديــو‬ ‫ميكــن أن تنتــج‪ ،‬وآالف املعــارض ميكــن أن‬ ‫تعــرض‪ ،‬وأكــداس مــن القصائــد ميكــن أن‬ ‫تكتــب‪.‬‬ ‫املاليــن م ّنــا كانــت مصائرهــم أعظــم وأنبــل‬ ‫وأكــر مــن األبطــال اإلغريقيــن‪ ،‬اآلالف م ّنــا‬ ‫تعذبــوا عذابـاً يهــون عنــده عــذاب املســيح‬ ‫ذاتــه‪ .‬لدينــا مليــون جلجلــة أعظــم مــن‬ ‫جلجلــة املســيح‪.‬‬ ‫فلنكتــب تاريخنــا‪ .‬قصص ـاً وشــعرا ً وســينام‬ ‫وتاريخــاً حقيقيــاً‪ ،‬يتنــاول تاريــخ مدننــا‬ ‫وطرقاتنــا وزراعتنــا وصناعاتنــا وأبطالنــا‬ ‫وعاداتنــا وتقاليدنــا وتاريــخ طبقاتنــا وكل‬ ‫يشء كل يشء قابــل ألن نؤرخــه‪.‬‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬ ‫عــى توجيــه نقــد أو شــبه نقــد مــع قلــة‬ ‫يجــب أن يكــون املجتمــع تحــت حاميــة قليلــة مــن املشــايخ والعلــاء الذيــن مل يســتطع‬ ‫الهيئــات الدينيــة‪ ،‬وتحــت إرشــاد أمئتهــم الســيطرة عليهــم‪ ،‬واســتمروا يف الحفــاظ عــى‬ ‫الروحيــن ويجــب أن ال تقــرب الحريــة مــن مبادئهــم ودينهــم وإخالصهــم للــه وللشــعب‪.‬‬ ‫مبــدأ املســاواة بــن البــر‪ ،‬وأن تنتــر التجــارة‬ ‫وحــب املــال عــى حــب اللــه والديــن وهكــذا‬ ‫ينــرف النــاس إىل مصالحهــم‪ .‬فاملضاربــة‬ ‫والتجــارة ســتخلق مجتمعــاً غليــظ القلــب‬ ‫كارهــاً للديــن والسياســة‪ ،‬وســتكون شــهوة‬ ‫الذهــب هــي الهــدف املنشــود‪.‬‬ ‫أســس حافــظ األســد مجتمعــاً مغلقــاً‪ ،‬حبــس‬ ‫نفســه‪ ،‬وخــاف مــن نــور الشــمس والعلــم‬ ‫واملعرفــة والحقيقــة إال ضمــن إطــار معــن‪،‬‬ ‫وأصبــح يخــوف شــعبه‪ ،‬واملجتمعــات األخــرى‪،‬‬ ‫يخــى مــن الكتــب العلميــة املوضوعيــة‬ ‫والفكريــة أو الدخــول يف نقــاش رصيــح حــول‬ ‫مســلامته ومقدســاته‪ ،‬ال يســتطيع التعامــل‬ ‫مــع النــاس باح ـرام‪ ،‬فهــو يفقــد ثقتــه بنفســه‪،‬‬ ‫ويــرى يف االختــاف تهديــدا ً لبقائــه‪ ،‬وهــذا يــدل الديــن مــن أدوات األســد الرئيســة لقمــع‬ ‫عــى نقــص كبــر يف قدراتــه العقليــة‪ ،‬وذكائــه املجتمــع‪ ،‬حيــث اعتــره العصــا التــي يــرب‬ ‫االجتامعــي‪ ،‬عشــق التخلــف حتــى النخــاع‪ ،‬بهــا أفــراد الشــعب لرتويضهــم وإبقائهــم‬ ‫ورأى يف الجهــل عل ـاً‪ ،‬ويف العلــم جه ـاً‪ ،‬أســس تحــت ســيطرته وإلخضاعهــم ملبــادئ القطيــع‬ ‫مجتمعــا يقــدس رأيــه‪ ،‬ويســحق اآلخــر‪ ،‬ويجعــل وإفشــال أي فرصــة ملحاولــة تكريــس القطيعــة‬ ‫مــن أدوات قمعــه أداة للقهــر‪ ،‬يحــاول دامئــاً بــن الفــرد وعقليــة األســد‪ ،‬فالديــن يف الحقيقــة‬ ‫قمــع االختــاف‪ ،‬وتقمــص الشــخصية العامــة بالنســبة للمجتمــع الســوري يكتســب قداســة‬ ‫يطمــس الــرأي الوطنــي ويحتقــره دون أي احرتام فيصبــح األفـراد مجــرد حـراس عليــه‪ ،‬ويســتطيع‬ ‫للطبيعــة اإلنســانية‪ ،‬وتحــت ذرائــع متعــددة رجــال الديــن بســهولة إقنــاع العامــة بــرورة‬ ‫كالحفــاظ عــى الهويــة والديــن‪ ،‬وهــي عبــارة اضطهــاد الفــرد‪ ،‬وذلــك مــن خــال توجيههــم‬ ‫عــن أعــذار واهيــة لتربيــر اســتبداده وتســلطه‪ ،‬بتفاســر وتأويــات دينيــة وأفــكار يلبســونها‬ ‫أهــان ورشد وهجــر وزج يف الســجون العلــاء لبــاس الديــن لذلــك ســعى األســد إىل اســتغالل‬ ‫واملفكريــن والفالســفة واملثقفــن‪ ،‬بينــا كــرم «رجــال الديــن» إلخضــاع املجتمــع ألحكامــه‬ ‫رجــال الديــن‪ ،‬وأطلــق عليهــم ألقــاب متعــددة وتســهيالً لقمــع املتمرديــن‪ .‬لقــد التقــت مصالــح‬ ‫كاإلصالحيــن أو الوســطيني أو املعتدلــن بســبب األســد وطبقتــه الفاســدة مــع الطبقــة الدينيــة‬ ‫أفكارهــم التــي تصــب فيــا يريــد الحاكــم الفاســدة وي َدعمهــا طبقــة رأســالية منتفعــة‬ ‫إيصالــه إىل املجتمــع مــن إطــراء لشــخصه تريــد الحفــاظ عــى مصالحهــا بــأي مثــن‪ ،‬وتتفــق‬ ‫وترويــج ألفــكاره وإكســابها الرشعيــة الدينيــة هــذه التوليفــة عــى تدمــر شــعوبها وقهرهــا‪،‬‬ ‫بينــا ســمى املفكريــن واملثقفــن املناوئــن لــه ونهــب ثرواتهــا ومقدراتهــا وإذاللهــا وإبقائهــا‬ ‫بالخونــة والعمــاء لشــذوذهم عــن املجتمــع مقهــورة وجاهلــة وفقــرة تحــت قبضــة فاســدة‬ ‫وتبنيهــم ألفــكار مضــادة ألفــكاره‪ ،‬وقدرتهــم قاتلــة‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫مهاتــر محمــد‪ ،‬أردوغــان‪ ،‬بوتــن‪ ،‬أشــخاص‬ ‫ارتبطــت نجاحــات بالدهــم االقتصاديــة‬ ‫املتمثلــة برفــع مســتوى املعيشــة لهــذه‬ ‫الشــعوب بأســائهم إىل درجــة صــاروا مــن‬ ‫خاللهــا مرضبـاً للمثــل واملقارنــة مــع مــا كانــت‬ ‫عليــه بالدهــم قبــل النهضــة االقتصاديــة‪.‬‬ ‫ولكــن إذا نظرنــا إىل هــذه اإلنجــازات مــن‬ ‫وجهــة نظــر اقتصاديــة علميــة‪ ،‬وتحليــل‬ ‫منطقــي‪ ،‬نجــد أن بعضهــم يســتحق تســميته‬ ‫باملنقــذ لبــاده‪ ،‬وأنــه اســتطاع وضعهــا عــى‬ ‫ســكة التطــور االقتصــادي الصحيــح‪ ،‬ويحــق‬ ‫لــه ولشــعبه االفتخــار بهــذا اإلنجــاز حقـاً‪ ،‬ألنــه‬ ‫بُنــي بفكــر علمــي‪ ،‬وعــى أســاس اقتصــادي‬ ‫صحيــح‪ ،‬دون كــذب ودجــل‪ ،‬فامليزيــا مهاتــر‬ ‫محمــد‪ ،‬البلــد الــذي كان حتــى وقــت قريــب‬ ‫يحتــل أواخــر قامئــة الــدول اآلســيوية الناميــة‬ ‫مــن حيــث مســتوى املعيشــة ودخــل الفــرد‬ ‫ونســبة البطالــة وقــوة العملــة املحليــة‪،‬‬ ‫اســتطاع أن يحتــل مرك ـزا ً مرموق ـاً بــن الــدول‬ ‫اآلســيوية خــال فــرة زمنيــة مثــرة لإلعجــاب‬ ‫مــن االقتصاديــن يف الــرق والغــرب‪ ،‬وال بــد‬ ‫مــن اإلشــارة إىل أن ماليزيــا تفتقــر إىل املــوارد‬ ‫النفطيــة واملعــادن‪ ،‬وهــي مؤلفــة مــن عــدد‬ ‫مــن الجــزر املوزعــة يف محيــط واســع جغرافيـاً‪،‬‬ ‫وهــذه عوامــل كلهــا تشــكل عائقــاً أمــام‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪7‬‬

‫الربوتوكول الرابع‬ ‫تدمري الدين‬ ‫وهكــذا أوجــد األســد علــاء ديــن اشــراهم‬ ‫ورباهــم يف كنفــه يك يهتفــوا باســمه ويســبحوا‬ ‫بحمــده ليـاً ونهــارا ً‪ ،‬مطلبهــم األســايس الحفــاظ‬ ‫عليــه وعــدم الخــروج عــن طاعتــه مــن أجــل‬ ‫االســتقرار‪ ،‬ودفــع عمليــة اإلنتــاج‪ ،‬ورفــع‬ ‫مســتوى الدخــل‪ ،‬وتحقيــق التنميــة وبنــاء‬ ‫اإلنســان‪ ،‬شــعارات كاذبــة واهيــة‪ ،‬داعــن لــه‬ ‫دومــاً بالنــر املبــن واالســتمرار يف الحكــم‬ ‫جيـاً بعــد جيــل ألنــه يف رأيهــم مؤيــد مــن قبــل‬ ‫الحــق ســبحانه وتعــاىل‪.‬‬ ‫عمــد األســد إىل تأميــم املؤسســة الدينيــة‪،‬‬ ‫وذلــك عــن طريــق التقــرب مــن تياراتهــا‬ ‫ونجــح يف اســتخدام كفتــارو لتثبيــت رشعيــة‬ ‫دينيــة عــى حكمــه بعــد أن أصبــح الحكــم‬ ‫عســكرياً اســتفرد بــه‪ ،‬ومــن حولــه ضبــاط األمــن‬ ‫واملخاب ـرات مــن طائفتــه‪ ،‬وكان األســد يعلــم أن‬ ‫وضعــه غــر طبيعــي إذ كيــف يحكــم األكرثيــة‬ ‫وهــو مــن طائفــة قليلــة العــدد لذلــك كان ال‬ ‫بــد مــن االســتعانة باملشــايخ الذيــن ينافقــون‬ ‫لــه‪ ،‬ويحملــون صورتــه‪ ،‬فعــن قس ـاً منهــم يف‬ ‫مناصــب كمنصــب وزيــر األوقــاف باإلضافــة إىل‬ ‫جوقــة مــن الرجــال يســيطرون عــى الســاحة‬ ‫الدينيــة وال ينطقــون ســوى بتعظيــم القائــد‬ ‫وتأليــه كل حــرف يقولــه لدرجــة تصويــره أنــه‬ ‫معصــوم عــن الخطــأ‪ ،‬والدعــاء بتثبيــت حكمــه‬ ‫عقــب كل صــاة‪ ،‬ورغــم توجيــه التحذيــر لرجــال‬ ‫الديــن بعــدم الدخــول إىل الســاحة السياســية‬ ‫إال أنــه مل مينعهــم‪ ،‬وعــر قاعدتهــم الشــعبية‬ ‫العريضــة البســيطة‪ ،‬مــن دعــم مرشــحي مجلــس‬ ‫الشــعب مــن أتبــاع البعــث‪ ،‬وتأييــد قراراتــه‬ ‫وآرائــه وصوابيتهــا يف كل محفــل واجتــاع‪.‬‬ ‫باملحصلــة تــم احتــواء القطــاع الدينــي‬ ‫وأصبحــت وزارة األوقــاف ومديرياتهــا املنتــرة‬ ‫يف كل املحافظــات أشــبه مبلحقيــات ألفــرع‬ ‫األمــن عــن طريــق تقديــم التقاريــر املتواصلــة‪،‬‬ ‫والتــي تشــمل كل شــاردة وواردة يف القطــاع‬ ‫الدينــي إىل األفــرع األمنيــة بحيــث ال تــرى إال‬ ‫مــن يهتــف بحيــاة القائــد ويتشــدق بأفــكار‬ ‫البعــث‪ ،‬وغيــب الصــوت اآلخــر إمــا بالســجن أو‬

‫اإلبعــاد أو القتــل‪ ،‬وهــذا مــا حصــل مــع العديــد‬ ‫مــن علــاء الديــن أصحــاب املبــدأ والعقيــدة‪،‬‬ ‫مــن أمثــال الشــيخ عبــد الســتار عــروط وعمــر‬ ‫زهــر الفــول وممــدوح جولحــة‪.‬‬ ‫كانــت منظومــة األســد يف ســورية معقــدة‬ ‫ومركبــة وقــد ارتكــزت إىل بنــى تقليديــة رجعيــة‬ ‫يف جوهرهــا رغــم تدثرهــا بلبــاس العــر‬ ‫وتقنعهــا بقنــاع الليرباليــة والعلامنيــة‪ ،‬ارتكــز‬ ‫األســد إىل منظومــة العالقــات البدائيــة بــن‬ ‫رجــال الديــن والحاكــم‪ ،‬وأدار حكمــه بنــاء‬ ‫عــى تفــرد بالســلطة يقــوم عــى املناطقيــة‬ ‫والقبليــة والطائفيــة والتوزعــات الدينيــة‬ ‫والعرقيــة‪ ،‬وجعــل مــن التحالفــات مــع رأس‬ ‫املــال وبرجوازيــات املــدن ورجــال الديــن ســمة‬ ‫لحكمــه‪ ،‬وأساسـاً إلدارة النظــام‪ ،‬فــكان اســتخدام‬ ‫األســد لقوالــب عرصيــة كالجمهوريــة والربملــان‬ ‫والدميقراطيــة والحــزب العلــاين وســواها مــن‬ ‫أدوات الحكــم وقوالبــه لتغطيــة مضامــن مــا‬ ‫قبــل الحداثــة‪ ،‬وهــي مــن أهــم األســباب التــي‬ ‫كرســت حكمــه‪.‬‬ ‫فكــرة األســد األساســية بالنســبة للديــن‪ ،‬هــي‬ ‫فصــل الديــن عــن الدولــة ألنهــا تالئــم وضعــه‬ ‫كواحــد مــن أبنــاء األقليــات التــي مل تصــل أبــدا ً‬ ‫إىل الحكــم‪ ،‬مثانــون باملئــة مــن ســكان ســورية‬ ‫مــن املســلمني الســنة خــال أربعــة عــر قرن ـاً‬ ‫مــن التاريــخ اإلســامي‪ ،‬لكنــه صنــع ذلــك يف‬ ‫إطــار تطبيقــه للسياســة والحكــم‪ ،‬فقــد أقحــم‬ ‫العســكر يف السياســة عــى نحــو غــر مســبوق‪،‬‬ ‫واســتقطب طائفتــه للتطــوع يف ســلك الجيــش‬ ‫واألمــن دون ســواهم‪ ،‬وتبنــى سياســة وقحــة يف‬ ‫توزيــع شــكيل لحقائــب الــوزارات بــن الطوائــف‬ ‫واألديــان واملناطــق‪ ،‬والتــي كانــت تنطبــق عــى‬ ‫القيــادة القطريــة أيضــاً‪ ،‬واســتقطب رجــال‬ ‫الديــن ودمجهــم يف منظومــة حكمــه‪ ،‬وســخر‬ ‫شــيوخ العشــائر يف البنيــة املعقــدة ذاتهــا‪ ،‬وأنشــأ‬ ‫حلفــه املتــن مــع طبقــة التجــار وأصحــاب املــال‬ ‫مــا مكنــه وزاد مــن ســيطرته عــى االقتصــاد‪.‬‬ ‫دأب حافــظ األســد عــى أداء صلــوات العيــد‪،‬‬ ‫وحضــور احتفــاالت ليلــة القــدر لســنوات‬

‫طويلــة‪ ،‬وتابــع وريثــه التقليــد ذاتــه‪ ،‬وكان‬ ‫األســد يــدرك متامــاً أن غالبيــة ســكان ســورية‬ ‫مــن الســنة‪ ،‬فــكان يــؤدي الصــاة أمــام كامـرات‬ ‫التلفــاز عــى طريقــة أهــل الســنة‪ ،‬وكانــت‬ ‫هــذه الحركــة تهــدف إىل خلــق قبــول أكــر لــه‬ ‫بــن صفــوف الســنة‪ ،‬وال ســيام بعــد مجــزرة‬ ‫حــاة‪ ،‬إدراكاً منــه بأنــه وإن كان قــد متكــن مــن‬ ‫إحــكام قبضتــه عــى رقابهــم مــن خــال الجيــش‬ ‫وأجهــزة األمــن التــي تعــد أنفاســهم إال أنهــم‬ ‫الخطــر الحقيقــي والوحيــد الــذي يهــدد حكمــه‬ ‫العائــي الطائفــي يف أي ثــورة أو احتجاجــات‪،‬‬ ‫كان يــدرك أنهــا قادمــة ال محالــة وإال مــا هــي‬ ‫حاجتــه لــكل هــذه األعــداد مــن الجيــش واألمن‬ ‫مــن أبنــاء طائفتــه؟‬ ‫يف ظــل هكــذا فســاد دينــي وأخالقــي يف املجتمع‬ ‫كان هــم النــاس االن ـراف إىل الدنيــا والســعي‬ ‫وراء املــال الــذي أصبــح هاجــس املجتمــع عــن‬ ‫طريــق الفســاد املتــاح مــن قبــل األســد وأعوانــه‪،‬‬ ‫وبــدأ املجتمــع الســوري يفتقــد أوارص الرحمــة‬ ‫واملــودة واألخــاق التــي كان يتمتــع بهــا وتتســم‬ ‫بهــا عاداتــه وتقاليــده وحياتــه‪.‬‬ ‫عندمــا ســئل عبــد الحليــم خــدام عــن عالقــة‬ ‫حافــظ األســد بالديــن أجــاب‪« :‬كان من يجالســه‬ ‫يعتقــد أنــه خريــج األزهــر‪ ،‬كــا كانــت عالقتــه‬ ‫برجــال الديــن واســعة‪ ،‬فقــد كان يدعمهــم‬ ‫ويســاندهم‪ ،‬لكــن املامرســة مل تكــن تتفــق مــع‬ ‫ذلــك‪ ،‬ودعمــه لهــم كان لتغطيــة أمــور أخــرى‬ ‫ميارســها يف الخفــاء وبالفعــل فجميــع رجــال‬ ‫الديــن كانــوا يقفــون عــى املنابــر ويدعــون‬ ‫لــه بــدوام الصحــة وطــول العمــر‪ ،‬كانــوا مجــرد‬ ‫منافقــن إال قلّــة قليلــة أبــوا واســتنكروا وفضلــوا‬ ‫النــأي بالنفــس بــدالً مــن االش ـراك يف املعصيــة‬ ‫والكفــر»‪.‬‬ ‫ســؤال آخــر وجــه إىل عبــد الحليــم خــدام‪ ،‬كيــف‬ ‫كانــت عالقــة األســد بالتدين كمامرســة؟‬ ‫فأجــاب‪« :‬كان يقصــد املســجد للصــاة يف‬ ‫املناســبات وأعيــاد املســلمني وباســتثناء ذلــك‬ ‫ال يشء‪ ،‬كان يصــي فقــط يف املناســبات وأمــام‬ ‫التلفزيــون»‪.‬‬

‫القائد أم الشعب؟!‬ ‫التطــور‪.‬‬ ‫يشء طبيعــي أن تتطــور الشــعوب وتنمــو‬ ‫اقتصادياتهــا‪ ،‬ويرتفــع مســتوى معيشــتها‪،‬‬ ‫وهــذا مــن بديهيــات الحيــاة االجتامعيــة‪،‬‬ ‫ولكــن مــن غــر الطبيعــي أن تبقــى الشــعوب‬ ‫ع ـرات الســنني تــرزح تحــت الفقــر والفســاد‬ ‫والبطالــة واألمــراض والجهــل‪ ،‬إال إذا كانــت‬ ‫القيــادة السياســية فاســدة إىل درجــة كبــرة‪.‬‬ ‫كذلــك‪ ،‬يحــق الردوغــان وشــعبه أن يفتخــر‬ ‫بإنجازاتــه مــع شــعبه‪ ،‬ألن تركيــا كانــت يف‬ ‫وضــع مشــابه لروســيا قبــل مجــيء أردوغــان‬ ‫إىل الحكــم‪ ،‬حيــث كانــت تركيــا تــرزح تحــت‬ ‫ضغــط ديــون ضخمة للبنــوك الدوليــة‪ ،‬واقتصاد‬ ‫عاجــز‪ ،‬ونســبة بطالــة وهجــرة مســتمرة‬ ‫بأعــداد كبــرة إىل أوروبــا مــن شــبابها‪ ،‬واللــرة‬ ‫الرتكيــة تصطــف أصفارهــا خلــف رقــم واحــد‬ ‫تســمى مليــون‪ ،‬مــا أتــاح منوهــا لحكامهــا أن‬ ‫يزيلــوا األصفــار‪ ،‬ويبقــى الرقــم واحــد مشــرا ً‬ ‫لقــوة اقتصادهــا النامــي‪ ،‬مــع فائــض يقــارب‬ ‫الرتيليــون دوالر‪ ،‬وســداد كامــل ديونهــا للبنــوك‬ ‫األجنبيــة‪.‬‬ ‫أن تحقــق دولــة تركيــا بقيــادة شــخص‬ ‫أردوغــان هــذا التقــدم االقتصــادي‪ ،‬فإنــه بــا‬ ‫شــك يعتــر إنجــازا ً اقتصاديــاً كبــرا ً‪ ،‬اعرتفــت‬ ‫بــه كل الجهــات االقتصاديــة العامليــة‪ .‬وهنــا ال‬ ‫بــد مــن اإلشــارة إىل متاثــل الوضــع بــن الحالــة‬

‫املاليزيــة والرتكيــة مــع بعــض امليــزات التــي‬ ‫تتمتــع بهــا تركيــا عــن ماليزيــا مــن حيــث‬ ‫املوقــع الجغــرايف والزراعــة املتنوعــة وقربهــا‬ ‫مــن القــارة األوروبيــة‪ ،‬ومــرور األخــرة بأزمــة‬ ‫اقتصاديــة خانقــة عــى مــدى عــر ســنوات‬ ‫تقريب ـاً‪ ،‬مــا أجــر الكثــر مــن رجــال األعــال‬ ‫األوروبيــن التوجــه واالســتثامر يف تركيــا لتوفــر‬ ‫اليــد العاملــة الرخيصــة واملاهــرة فيهــا‪.‬‬ ‫لكــن‪ ،‬هــل تنطبــق الحالــة الروســية عــى‬ ‫الحالتــن الســابقتني ماليزيــا وتركيــا؟ هــل‬ ‫حدثــت هنــاك معجــزة اقتصاديــة؟؟!‬ ‫معلــوم للمطلعــن والعارفــن بطبيعــة روســيا‬ ‫الجغرافيــة بأنهــا أكــر دولــة يف العــامل مســاحة‪،‬‬ ‫وأغناهــا عــى اإلطــاق برثواتهــا الطبيعيــة‪،‬‬ ‫ابتــدا ًء بالنفــط والغــاز واألملــاس والذهــب‬ ‫والحديــد والنحــاس والغابــات التــي متثــل‬ ‫عرشيــن باملئــة مــن غابــات الكــرة االرضيــة‪،‬‬ ‫مــرورا ً بقامئــة مندلييــف كاملــة مــن املعــادن‬ ‫وأشــباه املعــادن‪ .‬إال أن الحالــة االقتصاديــة قبل‬ ‫مجــيء بوتــن‪ ،‬كانــت فعـاً منهــارة متامـاً‪ ،‬ليس‬ ‫ألن روســيا فقــرة مبواردهــا‪ ،‬بــل ألن الفســاد‬ ‫املســترشي‪ ،‬وســوء اســتغالل املــوارد فيهــا هــو‬ ‫الســبب الرئيــس يف وضعهــا االقتصــادي‪.‬‬ ‫ماذا فعل بوتني فعالً؟؟!‬ ‫معــروف أنــه رجــل مخابــرايت‪ ،‬وجــاء مبباركــة‬ ‫رجــال األعــال الســبعة الكبــار‪ ،‬ومبوافقــة‬

‫معتــوه روســيا والســيئ الصيــت والســكري‬ ‫يلتســن‪ ،‬وقــد عــرف بوتــن بحنكتــه وذكائــه‪،‬‬ ‫إن مــن أىت بــه إىل الســلطة يف روســيا‪ ،‬ميكنهــم‬ ‫أن يزيحــوه عنهــا متــى شــاؤوا‪ ،‬ولهــذا أول مــا‬ ‫بــدأ بــه هــو التخلــص مــن هــؤالء الســبعة‪،‬‬ ‫فــزج بعضهــم يف الســجن بتهــم جاهــزة‬ ‫كالتهــرب الرضيبــي‪ ،‬والتعــدي عــى املــال‬ ‫العــام مثــل خودركوفســي‪ ،‬وفعــاً‪ ،‬اســتطاع‬ ‫هــؤالء الســبعة الكبــار اســتغالل االنهيــار‬ ‫والفــوىض االقتصاديــة‪ ،‬وخصخصــة املنشــآت‬ ‫العامــة‪ ،‬وصالتهــم املشــبوهة مــع الرئيــس‬ ‫الســابق يلتســن أن يتحولــوا مــن أنــاس عاديــن‬ ‫إىل مليارديــرات تديــر االقتصــادي مبجملــه‪،‬‬ ‫فمنهــم مــن هــرب إىل أوروبــا‪ ،‬ومتــت مصــادرة‬ ‫ممتلكاتهــم‪ ،‬أو انصــاع لبوتــن‪.‬‬ ‫عــرف بوتــن أن القضــاء عــى املفســدين‬ ‫الكبــار‪ ،‬وحــر املافيــات عــى جميــع األصعــدة‬ ‫ووضعهــا تحــت املراقبــة‪ ،‬كاف ألن يجعــل‬ ‫العجلــة االقتصاديــة تــدور بشــكل أفضــل‪،‬‬ ‫وهكــذا زاد إنتــاج النفــط والغــاز وتوســع‬ ‫بتصديــره إىل أوروبــا املحتاجــة للمــوارد‬ ‫الطبيعيــة‪ ،‬وكذلــك تصديــر املعــادن واألخشــاب‬ ‫بكميــات كبــرة إلظهــار نفســه بأنــه املخلــص‬ ‫لروســيا مــن االنهيــار الكامــل‪ ،‬بعــد عقــود مــن‬ ‫التدهــور االقتصــادي‪.‬‬ ‫هــل حدثــت املعجــزة البوتينيــة االقتصاديــة يف‬

‫روســيا؟؟!‬ ‫بالطبــع‪ ،‬يجــب االعــراف أن بوتــن حقــق‬ ‫وضعــاً أمنيــاً أفضــل‪ ،‬وتــم إقنــاع بعــض‬ ‫املســتثمرين وممثــي الــركات الغربيــة‬ ‫الكــرى بنقــل صناعاتهــم إىل روســيا خــال فــرة‬ ‫حكمــه األوىل‪ ،‬وزاد إنتــاج القمــح مــن أربعــن‬ ‫مليــون طــن إىل حــدود املائــة مليــون طــن‪،‬‬ ‫واكتفــت روســيا ذاتيـاً ببعــض املــواد الغذائيــة‪،‬‬ ‫بــل وتحولــت إىل مصــدرة للقمــح‪ ،‬وهــذا ليــس‬ ‫بفضــل بوتــن‪ ،‬إمنــا ملســاحات روســيا الشاســعة‬ ‫والقابلــة للزراعــة‪ ،‬خصوصــاً تلــك املســاة‬ ‫األرض الســوداء‪ ،‬واملمتــدة مــن غــرب روســيا‬ ‫إىل وســط غربهــا إىل الجنــوب‪.‬‬ ‫والدليــل عــى أن فقاعــة نهضــة بوتــن كــا‬ ‫يســميها املعجبــون بــه‪ ،‬هــو االنهيــار املــايل‬ ‫الــذي أصــاب اقتصادهــا القائــم عــى تصديــر‬ ‫النفــط والغــاز وانخفــاض قيمــة العملــة‬ ‫الروســية مــن ثالثــن روبــل للــدوالر إىل مــا‬ ‫يقــارب الســبعني روبــل للــدوالر الواحــد‪،‬‬ ‫وإفــاس أكــر مــن مائــة وخمســن مؤسســة‬ ‫ماليــة وإنتاجيــة كبــرة‪ .‬بــا شــك إ ّن كل مــا‬ ‫أنجــزه بوتــن‪ ،‬يتمثــل بأنــه حجــم املافيــات‪،‬‬ ‫وســيطر عــى كل مناحــي الحيــاة السياســية‬ ‫واملنظــات االجتامعيــة‪ ،‬وأعــاد النظــام‬ ‫الشــمويل الشــيوعي‪ ،‬ولكــن بطريقــة أخــرى‬ ‫ميكــن تســميتها رأســاكية‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫معبد الحسون‬ ‫تناولــت عــراتُ الصحــف والتعليقــات‬ ‫ْ‬ ‫يبــق‬ ‫خطــة دميســتورا األخــرة‪ ،‬حتــى أنــه مل َ‬ ‫لقائــل أن يقــول فيهــا زيــادة عــى مــا قيــل‬ ‫أيــة إضافــة أو تعليــق‪ ،‬ولكــن مــن املهــم‬ ‫جــدا ً القــول بــأن أهــم جملــة تعريفيــة‬ ‫ســابرة ومشــخصة للحالــة الســورية‪ ،‬قــد‬ ‫مــ ّرت بســام ودون التوقــف عنــد مدلوالتهــا‬ ‫كثــرا ً‪ ..‬فدميســتورا يُ َعــ ِّر ُف الحالــة الســورية‬ ‫منــذ الســطر األول يف إحاطتــه بــأن مــا يجــري‬ ‫ـح أنــه مل‬ ‫يف ســوريا هو(حــرب أهليــة)‪ ..‬صحيـ ٌ‬ ‫يســتخدم تعبري»حــرب أهليــة طائفيــة»‪ ،‬لكــن‬ ‫فحــوى الســياق االصطالحــي الــذي ع ـ َّرف بــه‬ ‫مــا يحــدث ووصفــه‪ ،‬يســمح لنــا أن نفهــم‬ ‫بــأن الســوريني مــا هــم أكــر مــن مجموعــات‬ ‫طوائــف وإثنيــات أقواميــة تتقاتــل فيــا بينهــا‪،‬‬ ‫وتخــوض رصاع ـاً مــن أجــل طوائفهــا‪ ،‬وبدفــع‬ ‫مــن مرجعياتهــا‪..‬‬ ‫وليســتعمل‬ ‫ْ‬ ‫الرجــل مــا يحلــو لــه‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ليصــف‬ ‫ْ‬ ‫اللغــة التــي يريــد يف وصفــه‪ ،‬فهــذا شــأنه‬ ‫ومنتهــى تصوراتــه عــن املوضــوع‪ ،‬غــر أن‬ ‫الــذي يعنينــي يف لغــة الوصــف التــي بنــى‬ ‫عليهــا الحق ـاً كل وصفتــه‪ ،‬تشــخيصاً وتلخيص ـاً‬ ‫ملــا حــدث ويحــدث‪ ،‬وكامــل مقتــى العــاج‬ ‫لســوريا املريضــة‪ ،‬وكــا عاينهــا الرجــل ملــدة‬ ‫تقــارب العامــن‪ ،‬هــي الثقافــة التــي يحــرص‬ ‫الغــرب بشــدة عــى أن يتبناهــا ويجعلهــا رائــزة‬ ‫القيــاس بالتقابــل واملــوازاة الضديــة‪ ،‬مــا بــن‬ ‫ســوريني متحاربــن وبــن العــامل املتدخــل فيــا‬ ‫بينهــم‪ ..‬كل دولــة حســب موقعهــا ومســتوى‬ ‫تدخلهــا ووضــوح مصالحهــا ودرجــة انحيازهــا‬ ‫لفئــة دون فئــة‪..‬‬ ‫ســورياً‪ ..‬هنالــك حــرب‪ ..‬وهــي حــرب أهليــة‬ ‫بــن طوائــف‪ ..‬واملنظــور يجــب أن يبــدأ مــن‬ ‫هــذه النقطــة املركزيــة لــي يرســم الدائــرة‪،‬‬ ‫والدائــرة هــي ســوريا وأهلُهــا الذيــن يحــاول‬ ‫ٍ‬ ‫طــرف فيهــم أن يجتــث اآلخــر‪ ..‬والحــل‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫الــدويل يجــب أن ينطلــق مــن معالجــات مــا‬

‫محمد صبحي‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املوتى ال يدفنون مرتني‬ ‫تحتويــه الدائــرة التــي رســمها مســار تعريــف‬ ‫دميســتورا لألزمــة الدوليــة غــر املســبوقة (إال‬ ‫يف أمثلــة وحــاالت دوليــة شــديدة النــدرة‪،‬‬ ‫وهــي عمومــاً تشــبهها بالتقاطعــات وليــس‬ ‫باملشــهد العــام)‪..‬‬ ‫قانونيـاً (وفلســفياً) ســوف يذهــب بنــا تعريف‬ ‫دميســتورا ووصفــه الخارجــي ملــا يحــدث عــى‬ ‫األرض الســورية إىل نتيجــة مفادهــا أن هنالــك‬ ‫طرفــن يعمــان عــى جانبــي بــؤرة النــار هــذه‪:‬‬ ‫األخيــار الخارجيــن املتحرضيــن الذيــن يبذلــون‬ ‫الحلــول ويســعون إليهــا‪ ،‬واألرشار الداخليــن‬ ‫املتوحشــن الذيــن يَقتلــون ويُقتَلــون‪ ..‬أو‬ ‫املتدخلــن الذيــن يشــتغلون عــى إطفــاء‬ ‫الحرائــق وكبــح هياجــات (الحــرب األهليــة)‬ ‫ـ حســب دميســتورا ـ ومرضمــي نــا َر هــذه‬ ‫الحــرب األهليــة‪ ،‬والذيــن هــم بالــرورة أهــل‬ ‫ســوريا وشــعبها‪..‬‬ ‫نحــن نعلــم مســبقاً أن املعرفــة ال تتأســس إال‬ ‫عــى مصطلحاتهــا العلميــة اليقينيــة‪ ،‬فــكل‬ ‫مصطلــح علمــي يعنــي فيــا يعنيــه مجلــدا ً‬ ‫مــن املعــارف أو مجلــدات‪ ،‬وعــرة مصطلحات‬ ‫معرفيــة أو خمســون أو مائــة تشــكل ثقافــة‬ ‫حضــارة كاملــة بقضهــا وقضيضهــا‪ ..‬فــإذا‬ ‫توافقنــا‪ ،‬نحــن الســوريني‪ ،‬مــع دميســتورا عــى‬ ‫أن‪« :‬مــا يجــري يف ســوريا هــو حــرب أهليــة‬ ‫بــن ســوريني» نكــون قــد توافقنــا معــه عــى‬ ‫املصطلــح‪ ،‬وبالتــايل عــى التوصيــف‪ ..‬وبالتــايل‬ ‫ـ وهــو األهــم ـ عــى إســقاط منظورنــا الثقــايف‬ ‫والســيايس ملــا يجــري عــى األرض الســورية‪،‬‬ ‫وتبنينــا وجهــة النظــر األخــرى املخالفــة‪..‬‬ ‫ومــرة أخــرى‪ ،‬قانونيـاً (وفلســفياً) يجــب علينــا‬ ‫أن نتصــور الســوريني مجــرد طوائــف‪ ،‬ســنة‬ ‫وعلويــن ودروز ومســيحيني وإســاعيليني‬ ‫ويزيديــن‪ ،‬وعربــاً وأكــرادا ً وتركــا َن وأرمــ َن‪..‬‬ ‫وهــذه املســميات هــي لصاقات تعريفيــة مبواد‬ ‫ســورية تصــف ماهيــات وخصائــص فيزيائيــة‬ ‫وكيميائيــة ملجموعــات مــن النــاس‪ ..‬فكــا‬

‫أن الحديــد والنحــاس والقصديــر يُ َعــ َّر ُف يف‬ ‫الطبيعــة مباهيتــه ومبــا ميتــاز بــه مــن خصائــص‬ ‫وصفــات تفاعليــة تعطيــه كامــل ميزاتــه‬ ‫وقيمتــه ودرجــة تأثــره‪ ،‬كذلــك هــي هــذه‬ ‫الطوائــف لهــا‪ ..‬هــي األخــرى لهــا خصائــص‬ ‫طبيعيــة كيميائيــة وفيزيائيــة وبيولوجيــة‬ ‫اتصفــت بهــا‪ ،‬وتكونــت منــذ تشــكلها األول‪،‬‬ ‫ومنــذ أن ظهــرت إىل الوجــود كمجموعــات‬ ‫أقواميــة حيــة اكتســبت املصطلــح‪ ،‬واحتــازت‬ ‫كامــل خصائصــه‪..‬‬ ‫وال أريــد أن أدخــل يف مجــادالت مــع هذا الهبل‬ ‫والخبــل واإلســفاف الوضيــع يف التصــورات‪،‬‬ ‫فحتــى املجانــن لهــم الحــق بــأن يهــذوا مبــا‬ ‫شــاؤوا وشــاء لهــم جنونهــم مــن ترهــات‬ ‫وتفاهــات‪ ،‬كــا أننــي ال أريــد أن أنتقــص‪ ،‬عــى‬ ‫املســتوى الشــخيص‪ ،‬مــن قــدر مبعــوث دويل‪،‬‬ ‫هــو موظــف مكلــف رســمياً مــن قبــل األمــن‬ ‫العــام لألمــم املتحــدة بالقيــام مبهمــة رســمية‬ ‫ال أكــر‪ ،‬لكننــي أود أن أؤكــد عــى طبيعــة‬ ‫التصــورات ومضامــن الخلفيــة الثقافيــة التــي‬ ‫ال يســتطيع الغــرب‪ ،‬أو هــو ال يريــد وال يجــد‬ ‫رغبــة‪ ،‬أن يتقابــل ثقافيــاً يف مواجهتهــا مــع‬ ‫جريانــه (األوبــاش الهمــج)‪ ،‬ســكان الحــارات‬ ‫الرشقيــة والجنوبيــة مــن املتوســط‪ ..‬لهــذا‬ ‫الســبب املعــوق يف فهــم الثقافتــن املتقابلتــن‪،‬‬ ‫مل يســتطع الغــرب أن يقــرأ املشــهد الــذي كان‬ ‫يتشــكل مــن مظاه ـرات ســلمية مؤلفــة مــن‬ ‫مئــات آالف النــاس وماليينهــا‪ ،‬ومــن نقــاط‬ ‫تظاهــر تجــاوزت الثامنــن نقطــة تظاهــر‬ ‫شــملت الغالبيــة الســاحقة مــن الســوريني‪،‬‬ ‫وعــى امتــداد مســاحة الوطــن الســوري مــن‬ ‫درعــا والســويداء جنوبــاً وحتــى القامشــي‬ ‫شــاالً ورشقــاً‪ ..‬والذيــن ظلّــت حناجرهــم‬ ‫تصــدح بعبــارات «الشــعب الســوري واحــد»‪،‬‬ ‫وتلهــج يف التأكيــد عــى مضامــن الحريــة‬ ‫والدميقراطيــة ورحيــل الطاغيــة املســتبد‪ ..‬ال‪..‬‬ ‫فهــذا كلــه مل يكــن يعنــي شــيئاً‪ ،‬وليســت كل‬ ‫هــذه املاليــن والجمــوع التــي زحفــت عــر‬

‫ســاحات الوطــن ألكــر مــن مثانيــة أشــهر‪ ،‬وهي‬ ‫تتلقــى الرصــاص الحــي مــن جنــود الدكتاتــور‬ ‫البائــس‪ ،‬ورجــال مخابراتــه األشــقياء‪ ،‬ليــس‬ ‫كل هــؤالء ســوى رغــوة زبــد أخفــت تحتهــا‬ ‫أشــباح الحــرب األهليــة الطائفيــة وشــياطينها‪..‬‬ ‫ومــا هــؤالء‪ ،‬آخــر األمــر‪ ،‬ســوى ســنة وعلويــن‬ ‫ومســيحيني ودروز وعــرب وأكــراد وبقيــة‬ ‫التنضيــدة املعروفــة‪ ..‬ولقــد قــرروا‪ ،‬بحكــم‬ ‫أنهــم أرشار بالفطــرة‪ ،‬أن يخوضــوا حربهــم‬ ‫الطائفيــة البغيضــة ضــد بعضهــم‪ ،‬وأن يذبــح‬ ‫بعضهــم بعضــاً‪ ..‬وكــا أن الحديــد والنحــاس‬ ‫والقصديــر ليــس مــن ذنبهــم أنهــم وجــدوا يف‬ ‫الطبيعــة بخصائصهــم التــي وجــدوا عليهــا‪ ،‬وال‬ ‫يســتطيعون لهــا دفعـاً وال تغيـرا ً‪ ..‬كذلــك فــإن‬ ‫اللــه ـ خالــق الطبيعــة ـ خلــق الســنة مباهيــات‬ ‫ومواصفــات تختلــف عــن الــدروز‪ ،‬واملســيحيني‬ ‫بصفــات مخربيــة فيزيائيــة ال تتطابــق وال‬ ‫تتفاعــل مــع األكــراد‪ ،‬والعلويــن يختلفــون‬ ‫يف املاهيــة عــن اإلســاعيليني كــا يختلــف‬ ‫الخشــب عــن الزئبــق‪..‬‬ ‫أهــل (الحــرب األهليــة الطائفيــة) إذن‪،‬‬ ‫ويف مــروع الحــل النهــايئ الــذي يقرتحــه‬ ‫دميســتورا معــززا ً بثقافــة مجتمــع دويل يريــد‬ ‫الخــر والصــاح واملصالحــة للســوريني‪ ،‬يــرى أن‬ ‫الســوريني قــد قتلــوا بعضهــم وخطفوا وســجنوا‬ ‫وعذبــوا وانتهكــوا أعراضــاً و ُه ِّجــروا باملاليــن‬ ‫و َدفَ َنــوا بعضهــم و ُد ِف ُنــوا‪ ،‬ومــا عــى الحضــارة‬ ‫الرحيمــة والثقافــة اإلنســانية الشــفيقة‪ ،‬وأهــل‬ ‫مجلــس األمــن ومبــادئ حقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫وفــض النزاعــات بــن البــر والحاميــة والحرص‬ ‫عــى الســلم البــري واألهــي يف هــذا الكــون‬ ‫إال أن يتدخلــوا مبــروع‪ ،‬أو بإحاطــة‪ ،‬أو بفكــرة‬ ‫مقرتحــة‪ ،‬تنــزع مــن أجســاد هــؤالء الســوريني‬ ‫الشــياطني (كــا كان املســيح يُخــرج الشــياطني‬ ‫مــن أجســاد امللبوســن)‪ ..‬والتــي تؤجــج‬ ‫ُســعا َرهم وداعشــيتهم وجنونهــم‪ ،‬وأن تنــزع‬ ‫فتيــل انفجارهــم الــذايت وانتحارهــم الطبيعــي‪،‬‬

‫وت َ َكبْ ُك ِبهِــم يف الهاويــة كقانــون حتمــي مــن‬ ‫قوانــن الطبيعــة‪..‬‬ ‫فقــط يف هــذه البــاد‪ ..‬حينــا تثــور الشــعوب‬ ‫عــى طغاتهــا وجالديهــا‪ ،‬يســتطيع العــامل أن‬ ‫يجعـ َـل عــد َد اإلرهابيــن‪ ،‬بــن ليلــة وضحاهــا‪،‬‬ ‫أكــر مــن عــدد الشــعب والســكان األصليــن‪،‬‬ ‫ولعــل قائــاً يتســاءل‪ :‬ومتــى كانــت اللغــة‬ ‫وطرائــق صياغتهــا ـ يف اقـراح خطــة دميســتورا‬ ‫للحــل‪ ،‬أم يف غريهــا ـ لهــا مــن الحساســية‪،‬‬ ‫بحيــث أنهــا ت ُ َبــ ِّد ُل واقعــاً أو تــرف ركيــز ًة‬ ‫راســخة‪ ،‬أو تخمــش جلــ َد الحــدث خمشــاً‬ ‫خفيفــاً يؤثــر يف شــكل التاريــخ العــام؟‪ ..‬وإذ‬ ‫يكفينــي تصــورا ً اآلن أن أتخيــل ـ عــى ســبيل‬ ‫ـت بــن أيــدي الكســايئ‬ ‫املثــال ال غــرـ لــو ُو ِض َعـ ْ‬ ‫والفـ َّراء وســيبويه‪ ،‬أغنيــة محمــد عبــد الوهاب‪:‬‬ ‫«جايــن الدنيــا منعــرف ليــه‪ ،‬وال رايحــن فــن‪،‬‬ ‫وال عايزيــن إيــه»‪ ..‬وطلبنــا منهــم صوغهــا يف‬ ‫أمثــل صيغــة لغويــة كــا يــرون كــال ِ‬ ‫الصحــة‬ ‫ومتــام جــال البيــان‪ ..‬رمبــا ألعــادوا صياغتهــا‬ ‫املناســبة بحيــث تصبــح أغنيــة «مــن غــر‬ ‫ليــه»‪( :‬جئنــا إىل هــذه الدنيــا ال نــدري ملــاذا‪..‬‬ ‫وال ذاهبــن إىل أيــن‪ ..‬وال نــدري مــاذا)‪..‬‬ ‫بقيــت كلــات األغنيــة‪ ..‬لكــن األغنيــة نفســها‬ ‫تكــون قــد تبخــرت وتبــددت يف الهــواء‪ ..‬متامـاً‪..‬‬ ‫ومثــل تصــور دميســتورا للمعضلــة الســورية‪،‬‬ ‫وتوصيفــه وتعريفــه لهــا بأنهــا رصاع طوائــف‬ ‫متقاتلــة‪ ،‬إذ مثــة تغــر طفيــف يف تركيــز بــؤرة‬ ‫صياغــات اللغــة‪ ،‬وحرفهــا قليــاً مبــا ينبنــي‬ ‫عليهــا مــن احتــاالت تصنــع الحــل األخــر‪،‬‬ ‫كفيــل بــأن يبقــي عــى الحــل‬ ‫ٌ‬ ‫وهــذا وحــده‬ ‫(إن كان مثــة حــل)‪ ،‬لكنــه ســوف يذهــب‬ ‫بســوريا التــي نريدهــا ونتصورهــا‪ ،‬مــرة واحــدة‬ ‫وإىل األبــد‪ ..‬فــإذا ُدفــن مــوىت ســوريا عــى يــد‬ ‫عائلــة األســد خــال نصــف القــرن املــايض‪،‬‬ ‫فليــس مرجوحــاً أو واردا ً أن يُدفنــوا‪ ،‬وتدفــن‬ ‫معهــم بلدهــم ســوريا‪ ،‬خــال تصــور الحــل‬ ‫النهــايئ للمجتمــع الــدويل وخطتــه‪ ..‬دفنـاً ثانيـاً‬ ‫وللمــرة الثانيــة‪..‬‬

‫شيطنة الرتاث اإلسالمي (‪)1‬‬

‫اعتنــت «ســلطة األســدين» عــى نحــو مكــن‬ ‫ومســتمر بالجامعــات اإلســامية‪ ،‬يف مالحقتهــا هــذه‬ ‫الجامعــات ومعرفــة دقائــق األمــور عنهــا‪ ،‬فهــل كان‬ ‫هــذا األمــر بريئ ـاً؟‬ ‫وهــل كان ســعي النظــام ودفعــه بــيء مــن املغــاالة‬ ‫إىل تأصيــل بعــض الجامعــات والحــركات اإلســامية‪،‬‬ ‫ومقابلتهــا باضطهــا ٍد ومتابع ـ ٍة شــديدين عفوي ـاً؟‬ ‫امتــاز الســلوك األمنــي يف ســوريا بقليــل مــن‬ ‫املهنيــة وكثــر مــن التجــاوزات القانونيــة‪ ،‬فكانــت‬ ‫حالــة إطــاق اليــد لعنــارص اســتخبارات مكشــوفة‬ ‫الهويــة واالنتــاء‪ ،‬األثــر األســوأ يف بنــاء املؤسســة‬ ‫األمنيــة وعميــق أهدافهــا‪ ،‬وكان ســلوكها العــام‬ ‫يوصــف بجملــة مــن اإلج ـراءات الســلوكية العنيفــة‬ ‫واملتغولــة مفتوحــة الحســاب‪ ،‬وهــي الحالــة التــي‬ ‫تــم تغطيتهــا مــن خــال التطبيــق املســتمر والطويــل‬ ‫لقانــون الطــوارئ الــذي اســتمر عقــودا ً‪ ،‬وال يُفهــ ُم‬ ‫الهــدف مــن هــذا اإلرصار عــى التمســك بحالــة‬ ‫«األحــكام العرفيــة» وعــدم إلغائهــا إال يف ســياق‬ ‫احــرازي وســلطاين يقــوم عــى تأســيس مقاومــة‬ ‫ســلبية ملنظومــات التكفــر والهجــرة‪ ،‬فالنظــام‬ ‫ســاهم يف حقــن «املصــل و»املصــل املضــاد»‪ ،‬وبرمــج‬ ‫أجهزتــه األمنيــة بذلــك لتشــكل ضامنــه يف عــدم‬ ‫ترويــج ومامرســة العنــف مــن اإلســاميني إال يف‬ ‫نطــاق مســموح بــه‪ ،‬وهــو األمــر املضمــر واملض َّمــن‬ ‫يف فكــرة الدفــع القــري نحــو تأصيلــه لحالــة مــن‬ ‫الوعــي واملامرســة اإلســامية العنيفــة‪ ،‬وتعاطيــه مــع‬ ‫نظريــات التكفــر لــدى الجامعــات اإلســامية‪ ،‬وفهمــه‬ ‫ســعي تلــك الجامعــات إىل تطبيــق رشع اللــه‪ ،‬ليــس‬ ‫بالتســامح والدعــوة‪ ،‬وإمنــا باســتخدام القــوة والعنــف‬

‫وســيلة لتمكــن هــذا الــرع اإللهــي أينــا اســتطاعوا‪،‬‬ ‫وهــو ســلوك «إلغــايئ» بذريعــة مكافحــة اإلرهــاب‪،‬‬ ‫ومنــط مقابــل ميارســه النظــام الســوري يــؤول إىل‬ ‫اســتخدام منقطــع النظــر للجامعــات اإلســامية‬ ‫باالفــراق عــن عــدم اســتيعابها ثقافيــاً‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫اقتــى تحويلهــا إىل مكبــوت عصــايب يحــاول انتهــاز‬ ‫أيــة فرصــة ســانحة للتعبــر عــن نفســه‪ ،‬بالوقــت‬ ‫الــذي يســتمر فيــه النظــام بتربيراتــه التــي تبنــى عــى‬ ‫تحليــات يف النهــج والتوجــه ملــا ميكــن أن يؤديــه هــذا‬ ‫(النمــط الجهــادي) مــن مناهضــة وتدمــر لبنيــات‬ ‫حديثــة يف الفكــر والسياســة تقــوم عــى مؤسســات‬ ‫ترشيعيــة وقانونيــة يف املجتمــع‪ ،‬أو تســاهم يف‬ ‫تكريــس التطبيقــات الحديثــة ملفهــوم الدولــة وهــو‬ ‫األمــر الــذي اســتخدمته ووظفتــه أجهــزة النظــام يف‬ ‫محاولــة بارعــة البتــاع الثــورة الســورية وأدواتهــا‬ ‫الســلمية يف ســوريا وتحويلهــا إىل ثــورة جهاديــة‬ ‫مســلحة اعتــادا ً عــى تأصيــل دعــايئ يرتكــز عــى‬ ‫مأثوراتنــا الدينيــة مفــاده بــأن إعــدادات القــوة ضــد‬ ‫األعــداء هــي املقدمــة للتمكــن والخالفــة اإلســامية‪،‬‬ ‫ليــس يف ســوريا فقــط وإمنــا يف كل أصقــاع األرض‪.‬‬ ‫أطلــق النظــام ســجناء إســاميني كان يحتجزهــم‬ ‫ويــدرك جيــدا ً مشــاريعهم الجهاديــة فهــم أمــراء‬ ‫حــرب ومجاهديــن وســلفيني احتجزهــم بعــد االتفــاق‬ ‫األمنــي لــدول جــوار العـراق‪ ،‬فســاهم ذلــك يف تحويل‬ ‫الثــورة الســورية مــن ثــورة للحقــوق املفقــودة‬ ‫والحريــات الغائبــة نــادى بهــا الســوريون‪ ،‬إىل ثــورة‬ ‫تعمــم الفــوىض باســتخدام الســاح لينتهــي بنــا األمــر‬ ‫إدارة هــذه الفــوىض املتوحشــة يف املناطــق التــي‬ ‫ينســحب منهــا النظــام طوعـاً أو كرهـاً عــر جهاديــن‬ ‫وانغامســيني محليــن ومســتوردين (مهاجريــن)‬

‫مســتفيدين مــن اإلحيــاء الرسيــع للذاكــرة الســورية‬ ‫املشــبعة بالخــوف مــن أي جديــد‪ ،‬وتقويــض النظــام‬ ‫املزمــن لــإرادة العامــة لــدى الســوريني‪ ،‬وكان النظــام‬ ‫املســتفيد األكــر سياســياً‪ ،‬ورمبــا ال نبالــغ إن قلنــا أنــه‬ ‫كان يهــدف إىل إيصــال املجتمــع الســوري ملحاكمــة‬ ‫مــا يجــري «داخليـاً» فتكــون املفاضلــة لصالــح نظــام‬ ‫كان يديــر ســوريا بتســلط وقهــر مزمــن وشــديد‪ ،‬لكــن‬ ‫التوحــش الجهــادي القــادم ليــس بأفضــل منــه وال‬ ‫يعمــل مبنطــق الدولــة الحديثــة ولديــه مــن أســاليب‬ ‫التوحــش مــا يجعــل النظــام مقدمــاً عليــه‪ ،‬أمــا‬ ‫«خارجي ـاً» فقــد نجــح النظــام بالتحايــل عــى الــرأي‬ ‫العــام اإلقليمــي والــدويل‪ ،‬فهــو املكافــح لإلرهــاب‬ ‫العاملــي الــذي أصبحــت ســوريا أهــم بــؤرة لــه يف‬ ‫الــرق األوســط‪.‬‬ ‫عــا جــرى يف‬ ‫ال‬ ‫ً‬ ‫مســؤو‬ ‫ويجعلــه‬ ‫النظــام‬ ‫مــا يجــ ِّرم‬ ‫ّ‬ ‫ســورية‪ ،‬هــو عــدم اســتيعابه املبكــر ألمنــاط الفكــر‬ ‫اإلســامي الســلفية يف ســوريا‪ ،‬وعــدم تفكيكــه‬ ‫املوجــب ليــس لهــا وإمنــا للعنــف الــذي تنتجــه‪،‬‬ ‫ليمـ َّر أمرهــا بســام يف املجتمــع عــر األقنيــة الوطنيــة‬ ‫الســورية ومؤسســاتها التــي كان يجــب أن تعمــل‬ ‫يف التطبيــع الثقــايف واالجتامعــي للــراث اإلســامي‪،‬‬ ‫كــا أفــرز نكرانهــا آليــات تحريضيــة وعنفيــة‪ ،‬ســاهم‬ ‫النظــام يف تكريســها بآليــات املالحقــة واالعتقــال‬ ‫والعنــف ضدهــا‪ ،‬ووضعهــا موضــع األنشــطة املح َّرمــة‪،‬‬ ‫عــر افتعالــه لسلســلة طويلــة مــن العنــف الشــديد‬ ‫والعنــف املضــاد‪ ،‬عــرت عنهــا حلقــات مرتابطــة‪،‬‬ ‫أهمهــا الســلوكية األمن ّيــة املنفلتــة مــن كل عقــال‪،‬‬ ‫مــا عــدا عقــال الــوالء واملعيــار املــزدوج يف تطبيقــات‬ ‫القانــون‪ ،‬إىل عــدم اســتقاللية القضــاء والجيــش‬ ‫كمؤسســات وطنيــة فاعلــة‪.‬‬

‫‪www.raqqapost.com‬‬ ‫الرق��ة بوس��ت موق��ع إخب��اري سياس��ي ‪ ،‬يرتب��ط باحل��دث‬ ‫السوري يف جممل تنويعاته املدنية والعسكرية والثقافية‬ ‫‪ ،‬عل��ى األرض الس��ورية ويف دول اللج��وء والش��تات ‪،‬‬ ‫ويطمح أن يواكب احلدث الثوري والتشظي الذي ط َّوح‬ ‫بس��وريا القدمي��ة ‪ ..‬س��وريا النظ��ام الش��مولي الديكتاتوري‬ ‫العائل��ي والفئ��وي الضي��ق ‪ ،‬الدم��وي واملتخل��ف ‪ ،‬وال��ذي‬ ‫ج��ذر حال��ة تارخيي��ة عاش��ها الس��وريون ‪ ،‬وأن يس��اهم‬ ‫يف تأس��يس س��وريا اجلدي��دة ‪ ..‬س��وريا املتنوع��ة املدني��ة‬ ‫الدميقراطي��ة احلداثي��ة ‪ ..‬وال�تي تس��عى لك��ي خت��رج م��ن‬ ‫بني الركام وقوة العطالة اليت تسعى إىل تدمريها يومياً‬ ‫‪ ،‬لتكون مثرة نافعة لش��عبها أو ً‬ ‫ال ‪،‬ولإلنس��انية واحلضارة‬ ‫احلديث��ة مجع��اء ثاني��اً‪..‬‬

‫مبارك إنطالقة موقع الرقة بوست‬ ‫ٌ‬ ‫صوت إعالمي جديد للرقة‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪9‬‬

‫أيقون��ات الث��ورة الس��ورية ب�ين الكلم��ة والس�لاح‬

‫ابتسام تريسي‬ ‫لــن ينــى الشــعب الســوري وعــى مــدى‬ ‫أجيــال طويلــة ورود غيــاث مطــر التــي كانــت‬ ‫رمــزا ً لســلمية املظاهــرات الســورية‪ ،‬غيــاث‬ ‫الــذي ق ـ ّدم بيــده زجاجــات املــاء البــارد مــع‬ ‫وردة للجنــود الذيــن هاجمــوا املظاهــرات‬ ‫وأطلقــوا النــار عــى زمالئــه وكان مصــره القتــل‬ ‫تحــت التعذيــب يف معتقــات األســد بعــد‬ ‫رص املتظاهــرون‬ ‫أربعــة أيــام مــن اعتقالــه‪ ..‬وأ ّ‬ ‫عــى متابعــة نهجــه يف التظاهــر الســلمي‪.‬‬ ‫والثــورة تدخــل عامهــا الخامــس ســتبقى صــورة‬

‫أحمــد البيــايس ماثلــة يف أذهــان النــاس حــن‬ ‫أخــرج هويتــه مــن جيبــه وقــال «أنا مــن البيضا‬ ‫وهــذه الســاحة ورايئ هــي ســاحة البيضــا» يف‬ ‫فيديــو قريــة البيضــا الشــهري الــذي داس فيــه‬ ‫جنــود األســد عــى رقــاب النــاس ورؤوســهم‪،‬‬ ‫وهــم مقيــدون ومرميــون يف الســاحة وا ّدعــوا‬ ‫براءتهــم مــن الفعــل وأنّــه مفــرك‪.‬‬ ‫واألشــهر بــن أيقونــات الثــورة «محمــد عبــد‬ ‫الوهــاب» الــذي ظهــر يف فيديــو يقــول «داس‬ ‫عــى رايس وقــي «يــا حيــوان» أنــا إنســان‬ ‫ومــاين حيــوان وهــا العــامل كلهــا مثــي»‪.‬‬ ‫كانــت حــرب الســوريني مــع النظــام حــرب‬ ‫كلمــة مقابــل رصاصــة‪ ،‬حــرب األغنيــة واللحــن‬ ‫والالفتــة والصــورة‪ .‬الحــرب التــي وعــى النظــام‬ ‫خطورتهــا منــذ البدايــة فأطلــق الرصــاص‬ ‫الحــي عــى املتظاهريــن‪ ،‬واعتقــل وقتــل‬ ‫تحــت التعذيــب كل ناشــط ســلمي وامتــأت‬ ‫املعتقــات باألطبــاء والعاملــن باإلغاثــة‬ ‫واملفكريــن والكتــاب والفنانــن الذيــن قتــل‬ ‫منهــم عــددا ً كبــرا ً تحــت التعذيــب‪.‬‬ ‫مل يكــن إبراهيــم القاشــوش مطــرب املظاهـرات‬ ‫الســلمية يف مدينــة حــاة وحــده مــن غ ّنــى‬ ‫أغــاين تطالــب برحيــل األســد وتســخر منــه‪،‬‬ ‫وكان مصــره اقتــاع حنجرتــه ورميــه يف نهــر‬ ‫العــايص‪ ،‬بــل أيضــاً يف جــارة حــاة حمــص‬ ‫عاصمــة الثــورة تــرك عبــد الباســط الســاروت‬

‫ملعبــه وهجــر كــرة القــدم ألجــل عيــون الثــورة‬ ‫وأصبــح مطربهــا وقائــد املظاهــرات فيهــا‪..‬‬ ‫كل مدينــة ســورية قاشوش ـاً‬ ‫وكالفطــر نبــت يف ّ‬ ‫يطالــب برحيــل األســد وإســقاط النظــام‪.‬‬ ‫وإىل مدينــة ابــن الوليــد عاد باســل شــحادة من‬ ‫بــاد العــم ســام وتــرك دراســته ليخــرج فيلمــه‬ ‫األول واألخــر عــن الثــورة التــي قتــل ألجلهــا‬ ‫و ُمنــع أهلــه مــن إقامــة مجلــس ع ـزاء لــه‪.‬‬ ‫مل تحافــظ الثــورة الســورية عــى هــذا النهــج‬ ‫مــن الســلمية وكانــت بدايــات االنشــقاق يف‬ ‫الجيــش تؤســس للوجــود العســكري الــذي‬ ‫ســيقوم بحاميــة املدنيــن‪ ،‬والــذي افتتحــه‬ ‫العقيــد ريــاض األســعد الــذي تعــرض إىل‬ ‫محاولتــي اغتيــال نجحــت إحداهــا ببــر‬ ‫ســاقه‪ ..‬واملقــدم حســن الهرمــوش الــذي‬ ‫ســلمته تركيــا للنظــام وال يعــرف مصــره حتــى‬ ‫اآلن!‬ ‫مل تخــرج شــعارات الثــورة الســلمية عــن إطــار‬ ‫املطالبــة بإســقاط النظــام فــرة طويلــة ثــ ّم‬ ‫صــارت تطالــب بإســقاط رأس النظــام‪ ..‬وملــا‬ ‫ســدت املنافــذ كلهــا يف وجــه الســوريني مل‬ ‫يحيــدوا عــن شــعار «يــا اللــه مــا لنــا غــرك يــا‬ ‫اللــه» مقابــل شــعار الجيــش الســوري األســدي‬ ‫«األســد أو نحــرق البلــد» مل يكــن هــذا مجــرد‬ ‫شــعار بــل حقيقــة واقعــة طبّقهــا الجنــود يف‬

‫خريف األمم املتحدة‬

‫خالد خليل‬ ‫قبــل أيــام معــدودة مـ ّرت ســبعون ســنة‬ ‫عــى تأســيس منظمــة األمــم املتحــدة‪،‬‬ ‫وال تــزال أنظــار شــعوب العــامل ترتقــب‬ ‫«تحقيــق الســلم واألمــن الدوليــن» الهــدف‬ ‫الــذي رفعتــه املنظمــة أثنــاء تأسيســها‬ ‫عقــب الحــرب العامليــة الثانيــة عــام‬ ‫‪١٩٤٥‬م‪.‬‬ ‫ســبعة عقــود مضــت‪ ،‬والعــامل يعيــش‬ ‫رشيعــة الغــاب؛ حــروب إبــادة وفقــر‬ ‫ومجاعــة واســتئثار ‪ 1%‬واحــد مــن مائــة‬ ‫فقــط مــن ســكان العــامل بنصــف ثرواتــه‪.‬‬ ‫وهــذا األمــر نتيجــة طبيعية الفتقــاد العدالة‬ ‫عــى األرض فــا يســمى باألمــم املتحــدة ما‬ ‫هــي إال «عصابــة» دول الحلفــاء املنتــرة‬ ‫يف الحــرب العامليــة الثانيــة أسســتها عــى‬ ‫أنقــاض عصبــة األمــم حينهــا‪.‬‬ ‫فشل األمم املتحدة‬ ‫يعــود فشــل األمــم املتحــدة لتح ّولهــا إىل‬ ‫أداة طيعــة بيــد القــوى الخمــس العظمــى‬ ‫دامئــة العضويــة يف مجلــس األمــن للهيمنــة‬ ‫عــى مفاصــل اللعبــة الدوليــة وتســيري قـرار‬ ‫املجتمــع الــدويل وفقــاً ملصالــح الكبــار ال‬ ‫ســيام رشطــي العــامل (العــم ســام)‪.‬‬ ‫وتفريــغ مؤسســاتها الدوليــة مــن محتواهــا‬ ‫وإبعادهــا عــن دورهــا الحقيقــي يف تحقيق‬ ‫الســام العاملــي وفــض الن ـزاع‪ .‬لهــذا يــرى‬ ‫العــامل بــأرسه املذبحــة الســورية التــي‬ ‫يرتكبهــا نظــام بشــار األســد بحــق الشــعب‬ ‫الســوري منــذ أكــر مــن أربــع ســنوات‬ ‫بث ـاً حي ـاً ومبــارشا ً عــر شاشــات وكامــرات‬ ‫اإلعــام‪ ،‬بينــا ال يــزال القاتــل طليقــاً‪،‬‬ ‫ويلقــى تشــجيعاً بســبب مراوغــة املجتمــع‬ ‫الــدويل الصامــت إزاء هــذه الجرائــم التــي‬ ‫ُوصفــت بأنهــا جرائــم ضــد اإلنســانية‬ ‫وإبــادة برشيــة‪ ،‬اســتخدم خاللهــا األســلحة‬ ‫املحرمــة ضــد املدنيــن العــزل مـرات عــدة‪.‬‬ ‫ففــي صيــف عــام ‪٢٠١٣‬م اســتخدم نظــام‬

‫كل مــكان مــروا فيــه‪ ،‬ث ـ ّم قــام الط ـران بــأداء‬ ‫ّ‬ ‫املهمــة التــي عجــز الجيــش عــن فرضهــا يف‬ ‫أنحــاء ســوريا املحـ ّررة بقــوة أبنائهــا وإرادتهــم‬ ‫الحــرة‪.‬‬ ‫مل يكــن هنــاك بــد مــن تحــ ّول الثــورة إىل‬ ‫الســاح‪ ،‬فمنــذ بدايــة املظاه ـرات كان النظــام‬ ‫يــدس عنــارصه بــن املتظاهريــن ليطلقــوا‬ ‫الرصــاص‪ ،‬ويرمــوا األســلحة ويتهمــوا بهــا‬ ‫املتظاهريــن‪ ،‬سياســة تطــورت فيــا بعــد إىل‬ ‫قتــل الجنــود ورمــي املــدن املؤيــدة بقذائــف‬ ‫الهــاون واال ّدعــاء أ ّن الثــوار يقومــون بذلــك‪..‬‬ ‫كــا قــال رشيــف شــحادة بــوق النظــام «لــن‬ ‫نفعــل شــيئاً فقــط ســنخلط األوراق ببعضهــا»‬ ‫وهــذا مــا قــام بــه النظــام فيــا بعــد عندمــا‬ ‫بــدأ زحــف الفصائــل اإلســامية ومــ ّزق علــم‬ ‫الثــورة وخرجــت الرايــات الســود لتحــارب‬ ‫الرايــات الصفــر (رايــات حــزب اللــه الــذي‬ ‫يقاتــل الســوريني عــى األرض الســورية)‪،‬‬ ‫وتح ّولــت الحــرب إىل حــرب طائفيــة بامتيــاز‬ ‫ذات طابــع دينــي وماتــت الثــورة املدنيــة‬ ‫مبظاهراتهــا وشــعاراتها وعلــم اســتقاللها‪ .‬ثــ ّم‬ ‫كــرت الرايــات وتناســلت الكتائــب وأصبحــت‬ ‫كالفطــر الســام تســيطر عــى املناطــق املحــررة‪،‬‬ ‫وأخطرهــا كان تنظيــم الدولــة اإلســامية يف‬ ‫العــراق والشــام «داعــش»‪ ،‬وســاد شــعار‬ ‫«قائدنــا لألبــد ســيدنا محمــد» الشــعار الــذي‬

‫صبــغ الثــورة بالصبغــة اإلســامية البحتــة‬ ‫وجعــل الفرصــة متاحــة للغــرب للصيــد يف‬ ‫امليــاه العكــرة‪ ..‬ومتخضــت عــن هــذه الصبغــة‬ ‫«مرسحيــة» مقتــل الصحفيــن يف فرنســا التــي‬ ‫حشــد لهــا رؤســاء وقــادة العــامل مظاهــرة مل‬ ‫تحــدث يف تاريــخ محاربــة اإلرهــاب العاملــي!‬ ‫إنّهــم يخلقــون اإلرهابيــن ليجــدوا مــررا ً لقتــل‬ ‫الســوريني ومحــو تاريخهــم‪ ..‬مــن يســتطيع‬ ‫أن يلــوم محمــد عبــد الوهــاب الــذي حمــل‬ ‫الســاح يف وجــه النظــام؟ صاحــب عبــارة «أنــا‬ ‫إنســان» لكنــه عــى الرغــم مــن حملــه للســاح‬ ‫حافــظ عــى ســامة تفكــره واعتدالــه‪ ،‬فقــد‬ ‫قــال عبــارة أخــرى حــن رأى مــا يحــدث عــى‬ ‫األرض «أنــا لســت كاف ـرا ً والعــامل كلهــا مثــي»‪.‬‬ ‫وذلــك يف مواجهــة حملــة التكفــر التــي تقــوم‬ ‫بهــا بعــض الفصائــل للنــاس إليجــاد ذريعــة‬ ‫لتصفيتهــم جســدياً!‬ ‫مــن يلــوم عبــد الباســط عــى ترصيحاتــه بعــد‬ ‫خروجــه مــن حصــار حمــص ال يــدرك جيــدا ً‬ ‫طبيعــة مــا يحــدث عــى األرض يف الداخــل‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫يحتــاج الســوريون إىل زمــن طويــل وصــر‬ ‫يضاهــي صــر أيــوب‪ ،‬يك يتخلصــوا مــن قصــف‬ ‫طــران األســد والتحالــف والــروس لتبقــى‬ ‫أيقوناتهــم مضيئــة‪ ،‬ويتخلّصــوا مــن التأث ـرات‬ ‫الســلبية للســاح‪.‬‬

‫األســد األســلحة الكيميائيــة ضــد املدنيــن‬ ‫يف الغوطــة الرشقيــة بالتزامــن مــع وجــود‬ ‫رئيــس بعثــة املفتشــن الدوليــة يف فنــدق‬ ‫فورســيزون‪ ،‬وســط العاصمــة‪ ،‬عــى بعــد‬ ‫بضعــة كيلومــرات عــن مــكان الجرميــة‪،‬‬ ‫مــع ذلــك اكتفــت األمــم املتحــدة بإرســال‬ ‫لجنــة تحقيــق للتأكــد مــن صحــة اســتخدام‬ ‫الســاح الكيميــايئ فقــط‪ ،‬وليــس مــن‬ ‫ينــس‬ ‫صالحياتهــا تحديــد الفاعــل‪ ،‬كــا مل َ‬ ‫أمينهــا العــام أن يعــر عــن قلقــه مامرس ـاً‬ ‫عادتــه التــي باتــت محــط تنــد ٍر واســتهزاء‬ ‫عامليــاً‪ .‬واســتكملت املنظمــة الدوليــة‬ ‫مشــاركتها يف الجرميــة عــر إبــرام صفقــة‬ ‫تقــي بتســليم نظــام األســد الرتســانة‬ ‫الكيميائيــة مقابــل إفالتــه مــن العقــاب من‬ ‫دون أي اعتبــار ألرواح الضحايــا وأغلبهــم‬ ‫مــن األطفــال والنســاء‪.‬‬ ‫ال شــك تتحمــل األمــم املتحــدة املنــاط‬ ‫بهــا تحقيــق الســام وفــض الن ـزاع‪ ،‬الجــزء‬ ‫األكــر مــن مأســاة الســوريني فلــم تقــف‬

‫عــى الحيــاد‪ ،‬بــل مارســت دورا ً موارب ـاً يف‬ ‫تشــجيع واســتمرار املذبحــة‪ .‬وال يخجــل‬ ‫مســؤولوها بوصفهــا بالكارثــة اإلنســانية‬ ‫األفظــع بالعــامل «مأســاة العــر»‪.‬‬ ‫شريعة الغاب‬ ‫والســؤال الــذي يطــرح نفســه إذا كان‬ ‫القتــل واإلبــادة الجامعيــة أمــرا ً مرشوعــاً‬ ‫كــا يحــدث يف ســوريا فــا هــي دواعــي‬ ‫بقــاء مؤسســة تدعــي أنهــا منصــة قانونيــة‬ ‫عامليــة؟‬ ‫عــى مــدى خمــس ســنوات منــذ انطــاق‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬والنظــام يطلــق العنــان‬ ‫لقــوات الجيــش وميليشــياته املحليــة‬ ‫واألجنبيــة لقتــل الشــعب املنتفــض فأرقــام‬ ‫الضحايــا كارثيــة‪ .‬مل يتمكــن مجلــس األمــن‬ ‫مــن صياغــة موقــف مشــرك حيــال ســوريا‬ ‫أو التدخــل العســكري ‪-‬وفــق البند الســابع‪-‬‬ ‫لوقــف حــام الــدم وتدفــق الالجئــن‪ ،‬ألن‬ ‫هنــاك التقــاء ملصالــح القــوى العظمــى يف‬

‫مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫تقــف مبــادئ حقــوق اإلنســان التــي أقرتهــا‬ ‫األمــم املتحــدة حجــرة عــرة ‪-‬إىل حــد مــا‪-‬‬ ‫أمــام تســلط دول الفيتــو الخمــس وتخفــف‬ ‫مــن هيمنتهــا عــى املؤسســة الدوليــة‪،‬‬ ‫وحــاة حقــوق اإلنســان هــم أحـرار العــامل‬ ‫يف كل بقــاع املعمــورة‪ ،‬إال أن دورهــم شــبه‬ ‫مغيــب مبــا يخــص الثــورة الســورية ال ســيام‬ ‫يف العامــن األخرييــن‪ .‬وذلــك بفعــل ماكينــة‬ ‫إعالميــة عامليــة متــارس دورا ً تعتيميـاً‪ ،‬وهنــا‬ ‫أقتبــس قــول أشــهر إعالميــي العــرب يــري‬ ‫فــودة‪« :‬حينــا يتحــول األبيــض إىل رمــادي‪،‬‬ ‫ويتحــول الرمــادي إىل أســود‪ ،‬ويتحــول‬ ‫األســود إىل عــدوان‪ ،‬فتــش عــن اإلعــام»!‬ ‫وهــذا هــو التفســر الحقيقــي إلغفــال‬ ‫املجتمــع الــدويل لثــورة الســوريني‬ ‫واختزالهــا واســتبدالها بعنــوان «محاربــة‬ ‫اإلرهــاب» وتصويــر األمــر عــى أنــه محــض‬ ‫إرهــاب ال أكــر‪ ،‬وكأن الســوريني انتفضــوا‬ ‫يف ثــورة ‪-‬قــل نظريهــا يف العــر الحديــث‪-‬‬ ‫إطالــة عمــر الحــرب‪.‬‬ ‫ولكــن مــن بــاب رفــع العتــب‪ ،‬أرســلت ليتســلحوا ويصبحــوا إرهابيــن والجئــن‬ ‫األمــم املتحــدة ثــاث بعثــات اثنتــان ليهــددوا الســلم واألمــن العامليــن‪ ،‬ففــي‬ ‫منهــا فشــلتا يف إحــراز أي تقــدم حيــث األمــر كل العجــب!‬ ‫اضطــر مندوبــان لالســتقالة بســبب حالــة‬ ‫االســتعصاء يف القضيــة الســورية وال يــزال املنظمة الدولية على احملك‬ ‫الثالــث يــراوح مكانــه‪ .‬خرجــت البعثــات إذا كانــت الحــرب العامليــة الثانيــة أســفرت‬ ‫مببــادئ «جنيــف ‪ »1‬عــام ‪ ٢٠١٢‬تفــي عــن والدة األمــم املتحــدة إيذانــاً بــوالدة‬ ‫النتقــال ســيايس عــر تشــكيل هيئــة حكــم نهــج عاملــي جديــد وقتهــا‪ .‬يــرى مراقبــون‬ ‫انتقــايل‪ ،‬مبــادئ يراهــا ذو الشــأن ال تســاوي يف حالــة االســتعصاء يف القضيــة الســورية‬ ‫الحــر الــذي كتــب بــه‪ .‬ألن «أكبــاش» وعجــز املجتمــع الــدويل املســاند لبشــار يف‬ ‫مجلــس األمــن مل تقــض مضجعهــم رؤيــة كــر صمــود الســوريني‪ ،‬أن الربيع الســوري‬ ‫الــدم الســوري املـراق‪ ،‬وال رغبــة لديهــم يف ســيزيل خريــف األمــم املتحــدة ويكنــس‬ ‫أوراقهــا املتســاقطة ليفــي إىل انبــاج‬ ‫إنهــاء الحــرب‪.‬‬ ‫مــع العلــم أن املجلــس ذاتــه نجــح يف ربيــع عاملــي يبــر بــوالدة مؤسســة دوليــة‬ ‫نــزع ترســانة األســلحة الكيميائيــة مــن يــد حقيقيــة ترعــى شــؤون العــامل بالتســاوي‬ ‫النظــام وفــق تفاهــم رويس ‪ -‬أمريــي‪ ،‬كــا يكــون فيهــا صــوت الشــعوب أعــى مــن‬ ‫نجــح يف التوصــل إىل االتفــاق النــووي مــع حكامهــا‪ ،‬بــدالً مــن تفضيــل مصالــح خمــس‬ ‫اي ـران وفق ـاً لرغبــة الخمســة زائــد واحــد‪ .‬دول عــى حســاب دول وشــعوب العــامل‬ ‫األخــرى‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أزم��ة النخب��ة السياس��ية م��ع الق��وى الش��بابية‬ ‫أحمد الرمح‬ ‫ال شــك أن لــكل حركــة تاريخيــة مؤثــرة‬ ‫يف املجتمــع ارهاصاتهــا؛ ولــو تحدثنــا عــن‬ ‫األمنــوذج الســوري‪ ،‬لوجدنــا أن إرهاصاتــه‬ ‫كثــرة؛ ومــن الطبيعــي أن تكــون تلكــم‬ ‫اإلرهاصــات صناعــة نخبويــة يف عرصنــا‪،‬‬ ‫ولكنهــا لألســف مل تكــن ذات تأثــر يف‬ ‫املجتمــع؛ لذلــك مل تســتطع أن تجعــل لهــا‬ ‫حاضنــة اجتامعيــة؛ تحملهــا لتمنحهــا قــوة‬ ‫التأثــر فتحــدث التغــر‪.‬‬ ‫بــدأت تلــك اإلرهاصــات (ســورياً) بربيــع‬ ‫دمشــق مطلــع عــام ‪ 2000‬ثــم تتابعــت‬ ‫بتأســيس لجــان إحيــاء املجتمــع املــدين نهايــة‬ ‫عــام‪ 2003‬حتــى جــاءت لحظــة املطالبــة‬ ‫بالتغيــر واإلصــاح مــن خــال إعــان دمشــق‬ ‫منتصــف عــام ‪.2005‬‬ ‫وملــا وجــد الســوريون أن التوانســة واملرصيــن‬ ‫قــد تحقــق لهــم التغيــر يف فــرة قياســية؛‬ ‫تولــدت لديهــم إرادة الفعــل واألمــل بالتغيــر؛‬ ‫وبــدأت بــوادر الحــراك املطالبــة بالتغيــر‬ ‫تظهــر يف املجتمــع‪ ،‬وتنــازع ذلــك الحــراك‬ ‫فريقــان‪ :‬النخبــة السياســية والقــوى الشــبابية‪:‬‬ ‫أمــا النخبــة فكانــت مطالبهــا واضحــة؛ إذ أنهــا‬ ‫تريــد حريــة سياســية؛ لتــارس دورا ً سياســياً‬ ‫يحقــق بعــض تطلعاتهــا‪.‬‬ ‫وأمــا القــوى الشــبابية فلــم تكــن لهــا مطالــب‬ ‫جــل مطالبهــا؛ متثلــت‬ ‫سياســية بدايــةً؟ إمنــا ُّ‬ ‫بتحقيــق العدالــة االجتامعيــة نتيجــة ملــا‬ ‫قاســوه مــن تهميــش وبطالــة وإهــال مــن‬ ‫قبــل النظــام‪.‬‬ ‫وأيــاً كانــت تلــك الدوافــع واملحرضــات‬ ‫الثوريــة‪ ،‬إال أن قانــون حركــة التاريخ؛ والســنن‬ ‫اإللهيــة؛ تؤكــد أن االســتبداد يف الوطــن العــريب‬ ‫عمومــاً وســوريا خصوصــاً؛ اســتكمل دورتــه‬

‫التاريخيــة‪ ،‬وال بــد أن يقــع التغيــر‪.‬‬ ‫وعندمــا نبحــث عــن الدوافــع الحقيقيــة‬ ‫لهــذا التغيــر ســنجد أنهــا متوفــرة‪ ،‬وباعثــة‬ ‫لــه‪ ،‬فغيــاب العدالــة االجتامعيــة والفســاد‬ ‫االقتصــادي وصــوالً إىل احتــكار التمثيــل‬ ‫الســيايس؛ وانعــدام الحريــات بــكل أشــكالها؛‬ ‫إضافــة إىل ذلــك تغــول طائفــي حاقــد؛ جعــل‬ ‫الحالــة الســورية تختلــف عــن حــاالت الربيــع‬ ‫العــريب؛ والســنة اإللهيــة تقــول‪ :‬حيثــا وجــد‬ ‫االســتبداد ال بــد أن يتواجــد الفســاد‪ ،‬ليشــكل‬ ‫طغيانــاً؛ فيتولــد االنفجــار‪.‬‬ ‫إذن ال بــد لحركــة التاريــخ أن تــرك ســكونها؛‬ ‫وال بــد لســنة اللــه ســبحانه وتعــاىل أن تفعــل‬ ‫فعلهــا؛ واملهــم أن العلــة الغائيــة الباعثــة عــى‬ ‫الفعــل الثــوري؛ أصبحــت متوفــرة؛ نتيجــة‬ ‫فحــش االســتبداد األســدي عــى مــدار نصــف‬ ‫قــرن؟!‪.‬‬ ‫عقبات يف طريق الثورة‪:‬‬ ‫تعرضــت الثــورة الســورية لعقبــات كثــرة‬ ‫منهــا مــا هــو ذايت ومنهــا مــا هــو موضوعــي؛‬ ‫جعلهــا تتأخــر يف الوصــول إىل هدفهــا؛ حتــى‬ ‫تحولــت تلــك العقبــات مــن مشــكالت إىل‬ ‫إشــكاليات؛ منهــا‪ :‬حداثــة التجربــة السياســية‬ ‫لعــدم وجــود تاريــخ ثــوري ممكن أن تســتقي‬ ‫منــه حراكهــا‪ .‬وعــدم وجــود وعــي ســيايس‬ ‫ٍ‬ ‫كاف لــدى القــوى الشــبابية؛ دفعهــا لعــدم‬ ‫االكــراث بــدور القيــادة السياســية ورضورتــه‪.‬‬ ‫ناهيــك عــن خــذالن املجتمــع الــدويل للثــورة؛‬ ‫وعــدم قيامــه بواجباتــه؟‪.‬‬ ‫ومــن تلــك العقبــات تباطــؤ النخــب يف‬ ‫قدرتهــا عــى قيــادة الحـراك الشــعبي؛ ومــدى‬ ‫جهوزيتهــا حتــى تكــون ضمــر تلــك الجمــوع‪،‬‬ ‫لتحقيــق تلــك القيــم املتمثلــة بالحريــة‬ ‫والدميقراطيــة والعدالــة االجتامعيــة‪ ،‬ووضــع‬

‫خارطــة طريــق واضحــة تصــل بالثــورة إىل‬ ‫أهدافهــا‪.‬‬ ‫هــذا الســلوك الســلحفايئ؛ دفــع بالفعــل‬ ‫الثــوري الشــبايب إىل تجــاوز التمثيــل الســيايس‬ ‫لــه‪ ،‬مــا أدى إىل الوقــوع يف أخطــاء؛ كانــت‬ ‫أكــر مــن أن يتجاوزهــا التمثيــل الســيايس؟‪.‬‬ ‫فاندفــع الشــباب الثــوري مطالبــاً مبعادلــة‬ ‫صفريــة تجــاه النظــام‪ ،‬ومل يعــد يقبــل حتــى‬ ‫بالتفــاوض مــع هكــذا نظــام؛ أجــرم تجــاه‬ ‫أبنــاء الوطــن بأســلوب وحــي رمبــا مل يعــرف‬ ‫لــه التاريــخ نظ ـرا ً‪.‬‬ ‫كان مــن الواجــب عــى النخــب السياســية أن‬ ‫تقــوم برتجمــة شــعارات الثــورة؛ لتضعهــا يف‬ ‫ســياقها الثــوري؛ حتــى ال ت ُســتغل ملرشوعــات‬ ‫أخــرى غــر وطنيــة؛ فشــعارات الحريــة‬ ‫والكرامــة؛ لــو تــم تحويلهــا مــن قبــل النخبــة‬ ‫إىل ثقافــات راســخة يف عقــل الشــباب الثــوري؛‬ ‫محــددة التعريــف؛ وطنيــة املطلــب؛ مــا‬ ‫تــم اختطــاف الثــورة وال الســطو عليهــا؛ وال‬ ‫االنقــاب عليهــا؟!‪.‬‬ ‫كان ال بــد مــن تأســيس ثقــايف يف عقليــة‬ ‫الشــباب الثــوري لتلكــم الشــعارات؛ حتــى‬ ‫ال تســتغل أو تســتخدم خــارج مقاصدهــا‬ ‫الثوريــة وبعيــدا ً عــن الحالــة الوطنيــة‪.‬‬ ‫هذه األسباب مجتمعة‪:‬‬ ‫جعلــت النخــب السياســية مشوشــة التفكــر‬ ‫ومرتبكــة يف فعلهــا‪ ،‬تجــاه الحــراك الــذي‬ ‫اتســع حتــى عــ َّم ســوريا كلهــا؛ ولعــل مــن‬ ‫أســباب ذلــك االرتبــاك؛ أن تلــك النخــب؛‬ ‫مل تســتطع أن تنتقــل بالرسعــة املطلوبــة‬ ‫مــن العقليــة املطالبــة باإلصــاح الســيايس‬ ‫التدريجــي بوجــود النظــام؛ إىل العقليــة‬ ‫تلــح بهــا‬ ‫السياســية الثوريــة؛ التــي كانــت ُّ‬ ‫القــوى الشــبابية؛ فســوريا متتلــك كفــاءات‬

‫سياســية ولكــن تلــك الكفــاءات ال متتلــك‬ ‫سياســات؟!‪.‬‬ ‫هنــا وقــع طــاق بائــن مــا بــن النخبــة‬ ‫السياســية والقــوى الشــبابية؛ إذ أنَّ املمثــل‬ ‫الســيايس للحــراك الثــوري الــذي بــدأ‬ ‫باملجلــس الوطنــي وصــوالً إىل االئتــاف؛ غــرق‬ ‫يف مشــاكله ورصاعاتــه الداخليــة؛ وانشــغل‬ ‫بهــا عــن أداء واجبــه التاريخــي تجــاه الحـراك‬ ‫الثــوري بــكل أشــكاله‪ .‬حتــى وقــع طــاق‬ ‫بائــن بينونــة كــرى مــا بــن الشــارع الثــوري‬ ‫واالئتــاف؟!‪.‬‬ ‫أصبــح االنحيــاز إىل العســكرة رشا ً ال بــد منــه؛‬ ‫ولكــن تنــاىس مــن آمــن بذلــك الحــل؛ أن‬ ‫القــوى اإلقليميــة والدوليــة ليســت جمعيــة‬ ‫خرييــة؛ تقــدم خدماتهــا للثــورة الســورية‬ ‫وأجرهــا عــى اللــه‪ ،‬إمنــا لهــا مصالــح ومطامــع‬ ‫ملــا يشــكله موقــع ســوريا الجيوســيايس؛‬ ‫فاســتطاعت تلــك القــوى؛ أن تتالعــب‬ ‫بالعســكرة؛ لتحــول الحالة الســورية إىل ســاحة‬ ‫مراهنــات ورصاعــات خدمــ ًة ملصالحهــا‪.‬‬ ‫هــذه اإلشــكالية أدت إىل نتائــج مأســاوية عــى‬ ‫رأســها عــدم تشــكيل جســم عســكري موحــد؛‬ ‫يقــود العســكرة الثوريــة‪ ،‬موحــدا ً لســلوكها‬ ‫وضابط ـاً ألدائهــا امليــداين‪.‬‬ ‫العفويــة السياســية التــي قامــت بهــا النخبــة؛‬ ‫أدت إىل فــوىض عســكرية؛ نتــج عنهــا ســطو‬ ‫عــى الثــورة مــن قبــل تنظيــات متشــددة؛‬ ‫حرفتهــا عــن مســارها؛ وابتعــدت بهــا عــن‬ ‫أهدافهــا؛ فاملشــكلة ال تكمــن بالعســكرة‬ ‫فقــط؛ فالتاريــخ مــيء بالتجــارب الثوريــة‬ ‫املســلحة‪ ،‬ولكــن اإلشــكالية بتبــدل األهــداف‬ ‫الثوريــة وتغريهــا؟‪.‬‬ ‫ثورة تتبعها ثورات‪:‬‬ ‫مهمــة الثــورة يف التغيــر مهمــة صعبــة‬

‫ومعقــدة؛ ألن وظيفتهــا ال تتوقــف عنــد‬ ‫إســقاط النظــام املســتبد؛ إمنــا إســقاطه يع ـ ُد‬ ‫الخطــوة األوىل باتجــاه ثــورات تغــر منطيــة‬ ‫التفكــر الجمعــي‪ ،‬فالثــورة يف علــم االجتــاع‬ ‫الســلويك هــي تحــول عميــق يف ثقافــة ومعنــى‬ ‫الحيــاة وطرائــق التفكــر والتقــدم نحــو‬ ‫مــروع تنمــوي حضــاري؟‪.‬‬ ‫وهــذا يعنــي أن الثــورة هــي عمليــة تغيــر‬ ‫ح َّديــة يف ثقافــة املجتمــع وســلوكه نحــو‬ ‫مســتوى أرقــى وأفضــل؛ مــن خــال ثقافــة‬ ‫التشــاركية املجتمعيــة بــن كل أبنائــه‪ .‬وبالتايل‬ ‫فــإن التغيــر الســيايس مدخــل إلنجــاز تغيــر‬ ‫ثقــايف وحضــاري وتنمــوي‪.‬‬ ‫إن مســتقبل الربيــع العــريب عموم ـاً والثــورة‬ ‫الســورية خصوصــاً؛ ذاهــب إىل االنتصــار‬ ‫املحتــوم‪ ،‬وبنــاء دولــة مدنيــة تعدديــة‬ ‫دميقراطيــة‪ ،‬وهــذه ليســت أمــانٍ ؟‪.‬‬ ‫فاالنتصــار قــادم دون شـ ٍ‬ ‫ـك؛ فمــن ف َّجــر الثــورة‬ ‫هــ ُم الشــباب؛ ومــن أبــرز ســاتهم العنــاد؛‬ ‫وقــد عانــوا مــن النظــام مــا مل يعانيــه جيــل‬ ‫آخــر‪ ،‬ومل يتنازلــوا! وهــم ماضــون باتجــاه‬ ‫هدفهــم مهــا كانــت التضحيــات؟‪.‬‬ ‫وأمــا الدمــار والخــراب وســواهام؛ فهــذه‬ ‫دورة الثــورات التاريخيــة الطبيعيــة؟! فأوروبــا‬ ‫أقــرب مثــال لنــا؟ عانــت مــن الخــراب‬ ‫والدمــار أكــر مــا نعــاين؛ وخــرت يف‬ ‫حربيــن عامليتــن أكــر مــا خرسنــا‪ ،‬لتصــل‬ ‫بعــد ذلــك إىل حالــة حضاريــة ميكــن أن تكــون‬ ‫األرقــى حقوقيـاً وحضاريـاً وأخالقيـاً‪ ،‬فالحكــم‬ ‫عــى حركــة تاريخيــة كالثــورات أثنــاء دورتهــا‬ ‫حكــم جائــر؛ وغــر دقيــق‪ ،‬واألمــور بنتائجهــا؛‬ ‫واألعــال مبقاصدهــا؛ ويف النهايــة ال بــد أن‬ ‫يســتجيب القــدر‪.‬‬ ‫كاتب وباحث سوري‬

‫ما بني أصدقاء سورية وأعداِئها‪ ..‬هل يسقط الفارس‪..‬؟!‬ ‫هائل حلمي سرور‬ ‫جنيــف واحــد‪ ..‬جنيــف اثنــن‪ ..‬جنيــف ثالثة‪..‬‬ ‫باريــس واحــد‪ ..‬باريــس اثنــن‪ ..‬القاهــرة واحــد‪..‬‬ ‫القاهــرة اثنــن‪ ..‬موســكو واحــد‪ ..‬موســكو‬ ‫اثنــن‪ ..‬أصدقــاء ســورية‪ ..‬أعــداء ســورية‪..‬‬ ‫معارضــة الداخــل‪ ..‬معارضــة الخــارج‪ ..‬وطــن بال‬ ‫حــدود‪ ..‬شــعب بــا وجــود‪ ..‬لقــاءات وفــود قمة‬ ‫الدوحــة‪ ،‬قمــة الربــاط‪ ،‬قمــة الكويــت‪ ،‬جامعــة‬ ‫الــدول العــر‪ ..‬نبيــل العــر‪ ...‬املبعــو كــويف املبعــو‬ ‫األخ‪ ..‬املبعــو دميــس تــور ا‪ ..‬فريــق التحقيــق‬ ‫الــداب ي ‪ ..1‬الــداب ي ‪ ..2‬مشــنقة الجــدل‬ ‫الدوليــة‪ ..‬عقــوق اإلنســان‪ ..‬الحمــم املتحــدة‪..‬‬ ‫مــا زالــت الحــرب قامئــة ومــا زالــت الجرميــة‬ ‫تُرتكــب‪ ..‬مــا زالــت صناعــة القاتــل تُطبــع‬ ‫كالعملــة دون رصيــد‪ ..‬مــا زالــت الحقائــق‬ ‫تُــزور‪ ..‬مــا زالــت حكايــة الجــاد تتوغــل‬ ‫لتخــرق أدمغــة األطفــال لتخــر حمــزة وحســن‬ ‫وعمــر وعــي أن دراكــوال العــرب قــادم ليمتــص‬ ‫دماءكــم فكونــوا مطاعــن‪.‬‬ ‫مــا زالــت األكذوبــة حقيقــة‪ ..‬أن أصدقــاء‬ ‫ســورية قادمــون ينتعلــون حقائــب مليئــة‬ ‫بالهدايــا وقليــل مــن التنــازالت‪ ..‬أيهــا الشــعب‬ ‫خــذ أنــت مــا تريــد وأعطنــا مــا نريــد‪ ..‬لــن‬ ‫نطلــب املزيــد‪ ..‬أيهــا الشــعب دعــك مــن‬ ‫املطالــب ومــن الطحالــب ومــن كلمــة حريــة‪..‬‬ ‫تعــال لنتفــق امنحنــا الحــدود وخــذ أنــت‬ ‫الوجــود وحقيبــة املاليــة وحقيبــة الشــباب‬ ‫والرياضــة وحقيبــة فــارس ونجــود‪..‬‬ ‫دعــك مــن الدميقراطيــة ومــن الشــعارات املــن‬ ‫فلوطيــة وتعــال ألحضــان امليتافيزيقيــة أنــت‬ ‫شــعب تعشــق الخيــال والقفــز مــا وراء الجبال‪..‬‬ ‫دعــك مــن حقيقــة الجــاد‪ ..‬ملــاذا تبحــث عــن‬

‫مصــدره عــن معقلــه عــن مفاعلــه النــووي‪..‬‬ ‫أيهــا الشــعب اتــرك كل يشء يف مكانــه وال‬ ‫تقــرب أكــر‪..‬‬ ‫أيهــا الشــعب ال تــدع اللعبــة السياســية معلقــة‬ ‫برقــاب أطفالــك‪ ..‬كل مــا جــرى مــن مجــازر‬ ‫ودمــار كان بســببك وكان جديــر بــك أن ال تضــع‬ ‫اللعبــة السياســية بــن أيــدي أطفالــك فوقعــت‬ ‫الطّامــة وبــات األمــر واقعــة‪.‬‬ ‫أيهــا الوفــود الوافــدة مــن معارضــة داخلــة‬ ‫وخارجــة هيــا أعلمونــا مــاذا أحرضتــم يف‬ ‫كراســاتكم هــل مــا زلتــم تحتفظــون بالقســم‬ ‫«الشــعب يريــد إســقاط النظــام» أم أن‬ ‫املتغــرات الدوليــة جعلتكــم تبدلونــه بقســم‬ ‫جديــد «النظــام يريــد إســقاط الشــعب» وملَ ال‬ ‫ألســتم رشكاء يف انتحــال صفــة ممثــل الشــعب‪،‬‬ ‫مــن أنتــم؟ كيــف اقتحمتــم ثورتنــا؟ مــن صـ ّوت‬ ‫لكــم؟ مــن منحكــم الثقــة؟‬

‫خمــس ســنوات مضــت وأنتــم توهمــون‬ ‫الجميــع أنكــم املمثــل الوحيــد لشــعب بــات‬ ‫يلفظكــم مــن شــعاراته‪ ،‬مــاذا قدمتــم لــه ســوى‬ ‫العــار ورسقــة أمــوال أعطيــت لكــم هبــة مــن‬ ‫أجــل انتحــال صفــة ممثــل دون متثيــل ال غرابــة‬ ‫يف األمــر فأنتــم جــزء مــن املشــكلة ولســتم‬ ‫جــزءا ً مــن الحــل مــن انتحــل صفــة فهــذا جــرم‬ ‫ومــن انتحــل صفــة املمثــل الرشعــي ومل يعمــل‬ ‫بهــا حقيقــة هــي أعظــم مــن يعاقــب عليهــا‬ ‫القانــون بالســجن املؤبــد‪.‬‬ ‫النظــام ُهيئــت لــه كل ظــروف القتــل مــن أجــل‬ ‫أن يقتــل‪ ،‬وأنتــم أيتهــا املعارضــة ُهيئــت لـ ِ‬ ‫ـك كل‬ ‫ظــروف الرسقــة مــن أجــل رسقتنــا وفعلـ ِ‬ ‫ـت‪.‬‬ ‫النظــام خلــق بــؤرا ً إجراميــة إضافيــة للدفــاع‬ ‫عــن قذارتــه واإلبقــاء عــى مســتنقعه ليوحــي‬ ‫للجميــع عــى أنــه بحــرة خاليــة مــن التلــوث‬ ‫ِ‬ ‫كنــت أيتهــا املعارضــة‬ ‫واإلشــعاع‪ ،‬يف حــن‬

‫تبحثــن عــن مصــادر التســويق مــن أجــل‬ ‫ترويــج ثورتنــا لتحصلــن عــى املزيــد مــن‬ ‫الهبــات والعطايــا مــن هنــا وهنــاك بحجــة أنهــا‬ ‫ثــورة تحتــاج للدعــم الخارجــي ماديـاً وعســكرياً‬ ‫فوزعتــم الغنائــم وأقمتــم الوالئــم ونفذتــم بــأن‬ ‫فرقتــم جيشــنا الوطنــي الحــر‪.‬‬ ‫كلكــم رشكاء يف الجرميــة بــا اســتثناء النظــام‬ ‫وأنتــم واملجتمــع الــدويل‪ .‬اتضحــت معــامل‬ ‫اللعبــة السياســية‪ .‬أصبحتــم ُدعابــة ونكتــة متــت‬ ‫صناعتهــا محليــاً باألمــس‪ .‬اســتحرضتني تلــك‬ ‫النكتــة ألضعهــا عالمــة اســتفهام وتعجــب بــن‬ ‫أيديكــم النكتــة بقالبهــا الســيايس‪:‬‬ ‫«اثنــان مــن معارضــة الداخــل‪ ،‬الداخــل أقصــد‬ ‫مــن هــم يف قبضــة النظــام يف الوقــت الــذي‬ ‫يناشــدون للخــاص مــن هــذا النظــام‪ ،‬والخــارج‬ ‫ذهبــا ليحــرا فيلــم كوبــوي وقبــل نهايــة‬ ‫الفيلــم بربــع ســاعة يشــرط معــارض الداخــل‬

‫عــى الخــارج‪:‬‬ ‫معــارض الداخــل‪ :‬بتشــارط إنــو البطــل راح‬ ‫يوقــع مــن عــى الحصــان‪.‬‬ ‫معــارض الخــارج‪ :‬شــو عــم تحــي يــا زملــة‪،‬‬ ‫البطــل بــدو يوقــع مســتحيل‪.‬‬ ‫معــارض الداخــل‪ :‬طيــب بتشــارط مــن ‪100‬‬ ‫يــورو ل ‪ 100‬يــورو‪.‬‬ ‫معــارض الخــارج‪ :‬شــو رصت عــم تحــي باليــورو‬ ‫واللــه بيطلعلــك ليــش أل‬ ‫معــارض الداخــل‪ :‬مــا يف حــدا أحســن مــن حــدا‬ ‫انتــو بتقبضــوا بالــدوالر ونحــن باليــورو‬ ‫عــاد االثنــن ملتابعــة أحــداث الفيلــم وبالفعــل‬ ‫قبــل نهايتــه بربــع ســاعة يســقط البطــل عــن‬ ‫الحصــان لريبــح أحدهــا الــرط‪ .‬ليعــود كل‬ ‫منهــا ملنزلــه‪ ،‬وقبــل أن يصــل معــارض الداخــل‬ ‫لبيتــه بــدأ ضمــره يؤنبــه (يُحــدث نفســه‬ ‫حــرام الزم رجــع الــرط ألين حــرت الفيلــم‬ ‫مــن قبــل) وبلمــح البــر يصــل ملنــزل صديقــه‬ ‫ليخــره‪..‬‬ ‫معــارض الداخــل‪ :‬صديقــي هــي ‪ 100‬يــورو‬ ‫وأرجــوك مــا تواخــذين‪.‬‬ ‫معــارض الخــارج‪ :‬شــو هــاد وعــى شــو عــم‬ ‫تعتــذر‪.‬‬ ‫معــارض الداخــل‪ :‬برصاحــة أنــا حــارض الفيلــم‬ ‫مــن قبــل‪.‬‬ ‫معــارض الخــارج‪ :‬غريــب وأنــا كــان حــارضو‬ ‫مــن قبــل بــس مــا بعــرف إنــو البطــل بيوقــع‬ ‫مرتــن‪.‬‬ ‫الســؤال الــذي يطــرح نفســه مــن هــو البطــل‪،‬‬ ‫وهــل صانعــوا أفــام الكابــوي كانــوا عــى علــم‬ ‫بســقوطه مرتــن أمــا أن الخدعــة الســنيامئية‬ ‫خدعــت الجميــع؟‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طارق عبد الغفور‬

‫أجــدين مســوقاً إىل الحديــث مــرة‬ ‫أخــرى عــن «الكارثــة الســورية»‪ ،‬ودور‬ ‫اإلدارة األمريكيــة يف إدامتهــا‪ ،‬وأجــدين‬ ‫ال أســتطيع التخــي عــن فكــرة أن هــذه‬ ‫املؤامــرة هــي‪ ،‬تخطيطــاً وتنفيــذا ً‪ ،‬مــن‬ ‫صنعهــا وإن اختلفــت أدوات التنفيــذ‪.‬‬ ‫يف املؤمتــر الصحفــي الــذي عقــده‬ ‫أوبامــا يف البيــت األبيــض يف الثــاين مــن‬ ‫الشــهر الجــاري‪ ،‬قــ ّدم عرضــاً ملجريــات‬ ‫«الكارثــة»‪ ،‬وكأنــه عضــو يف ائتــاف‬ ‫قــوى الثــورة واملعارضــة‪ ،‬وقــال جملتــن‬ ‫تلخّصــان وتكشــفان موقــف إدارتــه‬ ‫املخــزي واملشــن منهــا‪ ،‬أوالهــا‪ :‬أن‬ ‫املناقشــات التــي يجريهــا مــع الــروس‬ ‫بعــد غزوهــم ســورية هــي تقنيــة بحتــة‬ ‫لضــان عــدم اشــتباك طائ ـرات الطرفــن‬ ‫يف زحمــة األجــواء الســورية‪ ،‬انتهــت إىل‬ ‫تقديــم البنتاغــون عرض ـاً لتقاســم الجــو‬ ‫الســوري زمانيــاً ومكانيــاً مــع الــروس‪،‬‬ ‫مــا يعنــي أنــه ليــس مهتـاً بغــر ســامة‬ ‫طياريــه وطائراتــه‪ ،‬وأنــه لــن يحــاول ثنــي‬ ‫الــروس عــن مقامرتهــم القاتلــة ضــد‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬وأنــه لــن يتعامــل‬ ‫مــع األمــر عــى أنــه غــزو خارجــي ُمبديـاً‬ ‫«الشــاتة»‪ ،‬ألن الــروس دخلــوا املســتنقع‬ ‫وأنهــم ســوف يبقــون فيــه زمنــاً‪.‬‬ ‫وثانيتهــا‪ :‬أنــه ســيأيت وقــت يــدرك فيــه‬ ‫الســيد بوتــن أن مــن مصلحتــه الســعي‬ ‫إىل تســوية سياســية وســوف ندعمــه يف‬ ‫ذلــك‪ ،‬مــا يعنــي أن عــى الســيد بوتــن‬ ‫أداء مهمــة معينــة ســوف يــرك الســاح‬ ‫بعــده وينخــرط يف إيجــاد تســوية‬ ‫سياســية مــع الرشيــك أوبامــا عندمــا‬ ‫يحــن وقــت «اإلدراك»‪.‬‬ ‫إن نظــرة غــر متفحصــة عــى املشــهد‬ ‫الســوري‪ ،‬ومــا يجــري فيــه اآلن‪ ،‬يدعــم‬ ‫فيــا أرى نظريــة املؤامــرة‪ .‬فمعلــوم أن‬

‫نقطة أول السطر‬

‫املهمة القذرة‬ ‫موقــف اإلدارة األمريكيــة وتابعيهــا مــن‬ ‫«أصدقــاء» الشــعب الســوري املتعلــق‬ ‫مبوقــع األســد يف الســلطة قــد انتقــل مــن‬ ‫املطالبــة برحيلــه إىل القبــول ببقائــه فــرة‬ ‫زمنيــة غــر محــددة وخاضعــة للتفــاوض‬ ‫بحســب وزيــر الخارجيــة األمريــي‪،‬‬ ‫مــع العــزف عــى وتــر أن ال مــكان لــه‬ ‫يف مســتقبل ســورية‪ -‬الحــظ الربــط‬ ‫بــن الالمحــدود واملســتقبل‪ -‬ومل تكــن‬ ‫املطالبــة األمريكيــة برحيــل األســد جــاد ًة‬ ‫باألســاس إذا اســتذكرنا الطلــب نفســه‬ ‫الــذي ُو ّجــه إىل الرئيــس مبــارك ملحــاً‬ ‫عــى كلمــة اآلن التــي تعنــي اآلن! كــا‬ ‫قــال البيــت األبيــض وقتهــا‪ ،‬وهــي كلمــة‬ ‫خــا منهــا طلبــه مــن األســد‪.‬‬ ‫ومعلــو ٌم باملقابــل موقــف إدارة أوبامــا‬ ‫مــن املعارضــة املســلحة‪ ،‬الــذي مل يكــن‬ ‫يومــاً موقفــاً داعــاً‪ ،‬فمــن الســخرية‬ ‫واالســتهزاء بتجمــع «الحرفيــن» –‬ ‫واللفــظ يل‪ -‬الــذي يريــد إزاحــة األســد‪،‬‬ ‫إىل دعمهــم بالســاح غــر الفتــاك‪ ،‬إىل‬ ‫مزحــة برنامــج تدريــب خمســن مقاتــل‬ ‫ســنوياً لقتــال داعــش فقــط‪ ،‬وهــو برنامج‬ ‫س ـلّم أوبامــا بفشــله‪ ،‬وبــأن وجهــة نظــر‬ ‫املتدربــن فيــه كانــت منطقيــة وصحيحــة‬ ‫أكــر مــن وجهــة نظــر إدارتــه‪ .‬وقــد كان‬ ‫الفتـاً وموحيـاً تهـ ّرب أوبامــا مــن اإلجابــة‬ ‫عــى الســؤال املهــم جــدا ً الــذي ُو ّجــه‬ ‫إليــه‪ ،‬حــول التــزام الجيــش األمريــي‬ ‫بحاميــة املجموعــات الحليفــة مــن‬ ‫الهجــوم الــرويس‪.‬‬ ‫ومعلــو ٌم أن املعارضــة املقاتلــة عىل األرض‬ ‫مرشذمــة‪ -‬وذلــك نتيجــة طبيعيــة لتعــدد‬ ‫والءاتهــا‪ -‬وال تريــد أن تتوحــد أمــام خطــر‬ ‫اإلبــادة حتــى يف هــذه الظــروف القاســية‪،‬‬ ‫وهــي تواجــه الــروس‪ ،‬والنظــام‪ ،‬وداعــش‬ ‫التــي تحقــق تقدم ـاً و»تتمــدد» بعــد أن‬

‫جــاء الــروس ليحاربوهــا فحاربــوا مــن‬ ‫يحاربهــا‪.‬‬ ‫ومعلــو ٌم أن املعارضــة السياســية مفككـ ٌة‬ ‫هــي األخــرى‪ ،‬فاملؤتلفــون يرفضــون بقــاء‬ ‫األســد‪ -‬يف العلــن‪ -‬ويرفضــون التدخــل‬ ‫الــرويس‪ ،‬حتــى أنهــم رشبــوا حليــب‬ ‫الســباع‪ ،‬كــا يقــول إخواننــا اللبنانيــون‪،‬‬ ‫وطلبــوا عقــد اجتــاع للجامعــة العربيــة‬ ‫لبحــث هــذا التدخــل!!! والتنســيقيون‬ ‫يرحبــون بــه وهــم الذيــن كانــت حجتهــم‬ ‫لشــق صفــوف املعارضــة‬ ‫التضليليــة‬ ‫ّ‬ ‫السياســية منــذ البدايــة‪ ،‬أنهــم يرفضــون‬ ‫التدخــل الخارجــي‪ ،‬ورمبــا ال يُعتــر‬ ‫التدخــل الــرويس عندهــم خارجيــاً ألن‬ ‫الحــروف التــي تُشــكل اســمي الدولتــن‬ ‫هــي نفســها مــع «خربطــة يف التموضع»‪.‬‬ ‫وهنــاك أشــقا ٌء عــرب ال ميلّــون مــن النفخ‬ ‫يف القربــة املثقوبــة‪ ،‬ذهبــوا إىل موســكو‬ ‫ليقولــوا إنهــم يريــدون حــاً ال تريــده‬ ‫هــي‪ ،‬وليؤكــدوا حرصهــم الشــديد عــى‬ ‫إقامــة أطيــب العالقــات معهــا‪.‬‬ ‫وهنــاك «أصدقــاء» أوربيــون يعتزمــون‬ ‫التقــدم إىل مجلــس األمــن مبــروع قـرار‬ ‫مينــع النظــام الســوري مــن اســتعامل‬ ‫الرباميــل املتف ّجــرة بعــد أربــع ســنوات‪،‬‬ ‫هــي فــرة كافيــة للدراســة‪ ،‬والتمحيــص‪،‬‬ ‫والتدقيــق‪ ،‬والتحقــق مــن أن هــذه‬ ‫الرباميــل تُلحــق «أرضارا ً» باملدنيــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬وال اعتبــار للفيتــو الــرويس‪.‬‬ ‫املســر أوبامــا ال يريــد رحيــل األســد‪ ،‬بــل‬ ‫يريــد بقــاءه عــى رأس نظــام متهالــك‬ ‫وبلــد مد ّمــر متفقـاً يف هــذا مــع الــروس‪،‬‬ ‫واإلرسائيليــن الذيــن يقفــون‪ ،‬ويدعمونــه‬ ‫بقــوة كــا كشــفته الصحافــة اإلرسائيليــة‬ ‫أخــرا ً‪ ،‬ومبــا أن وجــود أيــة معارضــة‬ ‫مقاتلــة ترفــض بقــاء األســد‪ ،‬ولــو ليــوم‬ ‫واحــد أمــ ٌر يُعرقــل مخطــط اإلدارة‬

‫األمريكيــة‪ ،‬فــا بُ ـ ّد مــن إزاحتهــا‪ ،‬وهــذا‬ ‫هــو كُ ْن ـ ُه مــا أعلنتــه موســكو قبــل فــرة‬ ‫مــن أن البيــت األبيــض يقــرب مــن‬ ‫املوقــف الــرويس يف رؤيتــه للتســوية‬ ‫السياســية يف ســورية‪ ،‬وأوبامــا الــذي‬ ‫ال يريــد‪ ،‬وإن كان يســتطيع أن يقلــب‬ ‫لهــذه املعارضــة الرافضــة ظهــ َر املجــ ّن‪،‬‬ ‫لحســابات تتعلــق أساســاً بحلفائــه‬ ‫اإلقليميــن العــرب واألتــراك‪ ،‬فــا بــأس‬ ‫مــن أن يُكلّــف الــدب الــرويس بهــذه‬ ‫املهمــة‪.‬‬ ‫وروســيا التــي كانــت واضحــ ًة منــذ‬ ‫البدايــة يف موقفهــا مــن الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫تريــد أن يبقــى عميلهــا األســد ونظامــه‪،‬‬ ‫ألنــه األكــر مصداقيــ ًة يف الحفــاظ عــى‬ ‫املصالــح الروســية‪ ،‬وتريــد أن تظهــر‬ ‫كقطــب منافــس ألمريــكا التــي تــدرك‬ ‫جيــدا ً أن ذلــك لــن يكــون‪ ،‬ألنــه يفتقر إىل‬ ‫العوامــل املوضوعيــة لتحققــه‪ ،‬وبخاص ـ ٍة‬ ‫العامــل االقتصــادي‪ ،‬فــا خـ َ‬ ‫ـوف إذن مــن‬ ‫أن يســتعرض الــدب الــرويس عضالتــه‪ ،‬وال‬ ‫مخاطــرة يف ذلــك‪.‬‬ ‫بوتــن إذن مل يُفاجــئ أوبامــا يف دخولــه‬ ‫ســورية‪ ،‬بــل دخلهــا مبباركــة منــه‪ ،‬وبعــد‬ ‫أن ينجــز مهمتــه القــذرة بالنيابــة ســيعلن‬ ‫أنــه أدرك اآلن‪ ..‬أن الوقــت قــد حــان‬ ‫للتســوية السياســية كــا يريــد أوبامــا‪.‬‬ ‫هــذه هــي املؤامــرة التــي أوقعــت‬ ‫املعارضــة‪ ،‬بغبائهــا الســيايس املطلــق‬ ‫نفســها وشــعبنا فيهــا‪ .‬والســؤال‪ :‬هــل‬ ‫فــات أوان التصــدي لهــا؟‬ ‫أنــه مل يفُــت بعــد إذا عــاد الجميــع إىل‬ ‫شــعارات الثــورة األوىل وإىل هدفهــا األول‬ ‫وهــو بنــاء ســورية مدنيــة دميقراطيــة‪،‬‬ ‫يخضــع فيهــا جميــع أبنائهــا للقانــون‬ ‫ويتســاوون أمامــه‪ ،‬وإذا طُويــت كل‬ ‫الشــعارات املســتف ّزة األخــرى‪.‬‬

‫حروب عاملية‪ ،‬وحروب طواحني‪!..‬‬

‫عبد السالم السالمة‬ ‫مل يكــن غريبــاً أن تقاتــل روســيا إىل جانــب بشــار‬ ‫األســد‪ ،‬وهــي التــي أعلنــت مســؤوليتها عــن الدفــاع عنــه‪.‬‬ ‫وليــس غريب ـاً أن ت ـراوغ الواليــات املتحــدة األمريكيــة يف‬ ‫دعمهــا للشــعب الســوري الــذي أعلنــت صداقتهــا لــه‪.‬‬ ‫املعلَــن يف السياســة العامليــة أن بوتــن‪ ،‬القيــر الــرويس‬ ‫الجديــد‪ ،‬لــه مصالحــه الحيويــة يف ســوريا‪ .‬وهــو مســتعد‬ ‫للدفــاع عنهــا بــكل ق ّوتــه‪ .‬وأوبامــا‪ ،‬الحائــز عــى جائــزة‬ ‫نوبــل للســام‪ ،‬حريــص عــى اســتمرار السياســة العامليــة‬ ‫(الســلمية) للواليــات املتحــدة‪ ،‬للحفــاظ عــى اســتحقاق‬ ‫هــذه الجائــزة‪.‬‬ ‫هــذه السياســات أصبــح الــكالم فيهــا مكــرورا ً ممجوج ـاً‪،‬‬ ‫ولــو كانــت صادقـ ًة ملــا كان مثــة مــا يدفــع للحديــث فيهــا‬ ‫وعنهــا‪ ،‬إالّ أنهــا ال متثّــل مــن الحقيقــة ســوى غطائهــا‬ ‫الزائــف امل ـراوغ‪.‬‬ ‫السياســة الدوليّــة‬ ‫ركيزتــان أساســيتان تقــوم عليهــا ّ‬

‫الســلوك البــري‪ ،‬منــذ عهــد‬ ‫املعــارصة‪ ،‬بــل يقــوم عليهــا ّ‬ ‫ابنــي آدم عليــه الســام‪ ،‬وإىل أن ينتهــي وجــود الجنــس‬ ‫البــري بفعــل إفســاده يف األرض‪ .‬هاتــان الركيزتــان هــا‬ ‫املبــدأ واملصلحــة‪ .‬أ ّمــا املبــدأ‪ ،‬الــذي يتّفــق عليــه أوبامــا‬ ‫وبوتــن‪ ،‬ومــن جــاؤوا قبلهــا‪ ،‬ومــن ســيأتون بعدهــا‪،‬‬ ‫فهــو أنّهــم جميعــاً َســ َدنَه لدولــة (إرسائيــل)‪ ،‬وليســوا‬ ‫مجـ ّرد أصدقــاء أو حلفــاء أو رشكاء‪ .‬والترصيحــات العلنيّــة‬ ‫منهــا دليــل‪ ،‬والواقــع العمــي يف سياســات روســيا‬ ‫الســدانة تســتوجب منهــا‬ ‫وأمريــكا دليــل آخــر‪ .‬هــذه ّ‬ ‫التضحيــة (املق ّدســة) تعبّــدا ً مرغوبــاً أو التزامــاً واجبــاً‪.‬‬ ‫فكيــف عندمــا يصاحــب هــذه الســدانة تحقيــق مصالــح‬ ‫اس ـراتيجية هائلــة بــدالً مــن التضحيــة؟ هنــا يصبــح مــن‬ ‫الغبــاء أن نفــرض غــر مــا ن ـراه يف واقــع الحــال‪.‬‬ ‫أمــن دولــة (إرسائيــل) كان يقــوم عــى ثــاث ركائــز‬ ‫أساســية‪ :‬األوىل هــي الفــارق الكبــر يف الســاح وكفــاءة‬ ‫الجهــاز العســكري بينهــا وبــن الــدول العربيــة‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي جعلهــا تطلــق عــى جيشــها صفــة (الجيــش الــذي‬ ‫ال يُق َهــر)‪ ،‬والثانيــة هــي الهيمنــة عــى القــرار العاملــي‪،‬‬ ‫الســدنة‬ ‫وتوجيهــه لدعمهــا‪ ،‬مــن خــال الهيمنــة عــى ّ‬ ‫امللتزمــن ‪-‬املســتفيدين مــن هــذا االلتــزام‪ ،‬والركيــزة‬ ‫الثالثــة هــي انعــدام إرادة القتــال عنــد الحــكام العــرب‬ ‫الذيــن صــار حالهــم كــا قــال الفــرزدق‪:‬‬ ‫ولــو كان عبــد اللــه مــوىل َه َجوتُــهُ** ولكــ ّن عبــد اللــه‬ ‫مــوىل مواليــا‪.‬‬ ‫وكيف يقاتل عب ُد ِ‬ ‫العبد س ّي َد س ّيده؟‬ ‫عندمــا جــاء الربيــع العــريب تزعزعــت إحــدى هــذه‬ ‫الركائــز ركيــزة الحـكّام عبيــد العبيــد‪ .‬والتقنيــات املتطــورة‬ ‫التــي أتاحتهــا ثــورة االتصــاالت واملعلومــات لــكّل مــن‬ ‫يهتــم بهــا‪ ،‬جعلــت ركيــزة فــارق اإلمكانــات العســكرية‬

‫‪11‬‬

‫الســدنة العامليــن‪ ،‬وهــذا‬ ‫يتضــاءل‪ .‬ومل يبــق ســوى ركيــزة ّ‬ ‫مــا ينبغــي اســتثامره بأقــى مــا ميكــن‪ ،‬وبــأرسع مــا ميكــن‬ ‫قبــل فــوات األوان‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك أن الهــدف مــن مجــيء طائ ـرات بوتــن‬ ‫قبــل مجــيء جنــوده الــذي يبــدو أنــه لــن يتأخــر كث ـرا ً‪،‬‬ ‫إنّ ــا هــو لتدمــر مــا عجــزت عــن تدمــره براميــل بشــار‬ ‫األســد يف ســوريا‪ ،‬وهــذا هــو بالضّ بــط مــا يحتاجــه أمــن‬ ‫(إرسائيــل)‪ .‬ثــم بعــد ذلــك‪ ،‬يتــم التفاهــم بــن بوتــن‬ ‫وأوبامــا عــى تقاســم املصالــح الكبــرة التــي أتاحهــا‬ ‫التدمــر الهائــل ليــس يف ســوريا وحدهــا‪ ،‬وإمنــا يف كل‬ ‫الــدول التــي ســقطت دكتاتورياتهــا‪ ،‬أو التــي مل تســقط‬ ‫بعــد‪.‬‬ ‫هــذه هــي اسـراتيجية بوتــن وأوبامــا‪ .‬فــا الــذي تفعلــه‬ ‫املعارضــة الســورية ملواجهــة هــذه االس ـراتيجية؟ هنــا ال‬ ‫يحتــاج األمــر إىل إســهاب يف التحليــل‪ ،‬وإمنــا يكفــي مثــال‬ ‫واحــد لنعــرف نحــن الســوريني كــم يجــب علينــا مــن‬ ‫التضحيــات وكــم يلزمنــا مــن الوعــي واإلخــاص حتــى‬ ‫نتمكــن مــن التخلّــص مــن براميــل بشــار األســد وطائـرات‬ ‫بوتــن‪ :‬أحــد األصدقــاء الخبثــاء نصحنــي أن أقـ ّدم أوراقــي‬ ‫للرتشّ ــح ملنصــب وزيــر يف إحــدى الــوزارات التــي ال وزيــر‬ ‫لهــا يف حكومــة املعارضــة املؤقتــة‪ .‬أعجبتنــي الفكــرة‪،‬‬ ‫ي رشطــن أساســيني للمنصــب‬ ‫ولك ـ ّن صديقــي اشــرط ع ـ ّ‬ ‫العظيــم‪ :‬أن أكــون مــن كتلــة سياســية محـ ّددة‪ ،‬وأن أغـ ّـر‬ ‫دينــي‪ ،‬ألن الوزيــر يجــب أن يكــون مــن كتلــة سياســية‬ ‫محــددة‪ ،‬ومــن أتبــاع ديانــة مح ـ ّددة !!‪.‬‬ ‫رد العبــاد‬ ‫اســراتيجيات عامليــة تد ّمــر البــاد وتــ ّ‬ ‫خدمــة ملبــادئ دينيّــة وتحقيق ـاً ملصالــح عامليــة‪ ،‬تقابلهــا‬ ‫اسـراتيجيات (وطنيــة) تشــرط إخـراج النــاس مــن دينهــم‬ ‫للوصــول إىل املناصــب (الوطنيّــة) التافهــة‪.‬‬

‫روس��يا والبح��ار الدافئة!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫مل تجــد روســيا غــر بحــار الــدم الســوري الدافئــة لتغمــس‬ ‫رجل ّيهــا فيهــا‪ ،‬لقــد أحرقــت أفغانســتان أملهــا يف الوصــول إىل‬ ‫البحــار الدافئــة‪ ،‬ومــن قبلهــا حرمتهــا الدولــة العثامنيــة مــن‬ ‫الوصــول إىل البحــار الدافئــة‪ ،‬وهزمتهــا يف حــروب البلقــان التــي‬ ‫دمــرت اإلمرباطوريــة الروســية‪ ،‬وســلمتها للبالشــفة الذيــن عاثــوا‬ ‫فيهــا تعذيب ـاً واســتبدادا ً ثوري ـاً!‬ ‫هــا هــي األســاطيل الروســية تصــل الشــواطئ الســورية‪ ،‬بعدمــا‬ ‫م ّهــدت لهــا الفيتــوات الروســية يف مجلــس األمــن‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫ومــا ت ـزال‪ ،‬حريصــة عــى حاميــة الطاغيــة وأفعالــه اإلجراميــة!‬ ‫وهــا هــي اإلمرباطوريــة الروســية تســتعرض عضالتهــا‪ ،‬بقصــف‬ ‫الســوريني مــن بوارجهــا يف بحــر قزويــن‪ ،‬وتعــر صواريخهــا‬ ‫املجــال الجــوي اإلي ـراين‪ ،‬والعراقــي للوصــول إىل املحتجــن ضــد‬ ‫الظلــم وضــد االســتبداد!‬ ‫لكــن االســتعراض املأســاوي تحــول إىل مهزلــة‪ ،‬عندمــا ســقطت‬ ‫صواريخــه فــوق إيــران املتآمــرة عــى الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫واملســاندة للظلــم والقهــر يف حصــاد أحقــاد تاريخيــة باليــة!‬ ‫كان الــروس عازمــن عــى الربهــان للغــرب‪ ،‬بــأن الــدرع الصاروخي‬ ‫ليــس لــه قيمــة‪ ،‬وهــا هــي صواريخهــم تعــر القــارات‪ ،‬وتصــل‬ ‫إىل أهدافهــا االس ـراتيجية يف مســاندة الطغــاة يف ســورية‪ ،‬لكــن‬ ‫الجيــش املهلهــل واملدمــن عــى الفــودكا والهزائــم‪ ،‬أســقط‬ ‫صواريخــه فــوق إيـران يف منظــر كاريكاتــوري يجمــع بــن امللهــاة‬ ‫واملأســاة!!‬ ‫رون عــى أكذوبــة التفــوق‪ ،‬بعــد انهيــار االتحــاد‬ ‫الــروس يــ ّ‬ ‫الســوفيتي‪ ،‬رغــم أن اقتصادهــم ال يختلــف اليــوم عــن اقتصــاد‬ ‫أيّــة دولــة ريعيّــة مــن دول البــرول والغــاز‪ ،‬التــي تعتــاش عــى‬ ‫الــروات الطبيعيــة‪ ،‬واألوهــام التاريخيــة‪ ،‬واألحــام الواهيــة‪ ،‬وغــر‬ ‫املبنيــة عــى أســاس علمــي‪ ،‬وعمــي‪ ،‬يدعــم مكانتهــا بــن دول‬ ‫العــامل!‬ ‫فاالقتصــاد الــرويس اليــوم يعتمــد يف ‪ 70%‬مــن إيراداتــه عــى‬ ‫البــرول والغــاز‪ ،‬وفيــا تبقــى يعتمــد عــى تصديــر العواهــر‪،‬‬ ‫واألســلحة التــي صــارت باليــة يف ســوق الســاح العاملــي املتجــدد‬ ‫كل يــوم!‬ ‫مل يجــد الــروس غــر بحــار دمــاء الشــهداء الســوريني ليغمســوا‬ ‫أرجلهــم فيهــا‪ ،‬مل يجــدوا غــر الطاغيــة ليضمــن بقاءهــم يف‬ ‫الشــواطئ الســورية الدافئــة‪ ،‬جــاؤوا بآلياتهــم الثقيلــة‪ ،‬وبطائراتهم‬ ‫وبأكاذيــب محلليهــم‪ ،‬وبلــؤم ساســتهم ليحتلــوا بالدنــا!‬ ‫اإليرانيــون وجــدوا مــن يريحهــم قلي ـاً مــن الهزائــم املتالحقــة‬ ‫فالــدب الــرويس‬ ‫التــي تكبدوهــا عــى أيــادي الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دخــل املســتنقع الدامــي‪ ،‬ومــا يـزال يتباهــى بفائــض القــوة التــي‬ ‫تجــره إىل أعــاق املأســاة التــي تنتظــره‪ ،‬فالروليــت القاتــل الــذي‬ ‫يلعبونــه اليــوم مــع اإليرانيــن ضــد الشــعب الســوري لــن ينجــوا‬ ‫منــه‪ ،‬مهــا كان رصيدهــم مــن القــوة‪ ،‬ومــن االقتصــاد‪ ،‬ومــن‬ ‫الرجــال املنذوريــن للمــوت املحتــم عــى األرض الســورية!‬ ‫منــذ خمســائة ســنة كانــت الكنيســة الروســية تحلــم باحتــال‬ ‫اســطنبول‪ ،‬وج ّعلهــا عاصمــة لروســيا‪ ،‬وهــا هــي الكنيســة‬ ‫الروســية تبــارك ط ـران الــروس‪ ،‬وتجعــل حربــه حرب ـاً مقدســة‬ ‫ضــد الشــعب الســوري األعــزل‪ ،‬واملثخــن بالجــراح!‬ ‫وقبــل مئــة عــام خدعــت هــذه الكنيســة الشــعب األرمنــي‬ ‫والرسيــاين واآلشــوري يف تركيــا‪ ،‬وأغرتهــم بدعــم الجيوش الروســية‪،‬‬ ‫ووعدتهــم باالنفصــال عــن تركيــا‪ ،‬وخذلتهــم‪ ،‬وتركتهــم ملصريهــم‬ ‫املأســاوي األســود‪ ،‬بســبب هــذه األكاذيــب املقدســة!‬ ‫ولعـ َّـل املحتمــن باالحتــال الــرويس اليــوم‪ ،‬يســرجعون سالســل‬ ‫الفشــل والخــداع املقــدس‪ ،‬وغــر املقــدس الــذي خاضتــه روســيا‪،‬‬ ‫عــر تاريخهــا الفاشــل يف البقــاء كقــوة عظمــى‪ ،‬والفاشــل يف‬ ‫االلتحــاق بركــب العلــم الحديــث والصناعــة الحديثــة‪ ،‬والحكــم‬ ‫الرشــيد غــر املســتبد‪ ،‬فمنــذ عــر بطــرس األكــر كان الفشــل‬ ‫الــرويس متالحقــاً‪ ،‬وكان الخــداع الــرويس متالحقــاً‪ ،‬وكانــت‬ ‫الهزائــم بانتظــار الــروس املخادعــن بلــؤم وبوحشــية‪ ،‬ولــن يكــون‬ ‫مصــر وجودهــم يف ســورية أحســن مــن مصريهــم يف أفغانســتان‪،‬‬ ‫أو يف البلقــان‪ ،‬أو يف البحــار الدافئــة التــي يدمنــون عــى طلبهــا‬ ‫كإدمانهــم عــى الفــودكا!‬ ‫دمــاء الشــهداء الســوريني ليســت بحــارا ً رخيصــة‪ ،‬وليــس اإلبحــار‬ ‫عــى أمواجهــا ســهالً‪ ،‬وســورية ليســت مجــرد بــاد بــا شــعب‪،‬‬ ‫وإن اســتوىل عــى جــزء منهــا الخونــة‪ ،‬والحاقــدون وجمعــوا‬ ‫عليهــا مجرمــي العــامل‪ ..‬ســورية للســوريني بــادا ً ح ـ ّرة‪ ،‬وعزيــزة‪،‬‬ ‫وكرميــة‪ ،‬مهــا طــال زمــن الظلــم واالحتــال!!‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫عقلي��ة البلطج��ة وزع��ران باري��س‬ ‫أحمد صالل‬

‫الشــعارات جوفــاء بــا مامرســة وتطبيــق‬ ‫حقيقــي‪ ،‬والتطبيــل هــو نفســه ألفـراد اختلفت‬ ‫املســميات بينهــم‪.‬‬ ‫البلطجــة األخــرة ليســت جديــدة عــي‪،‬‬ ‫وســبقها حــاالت بلطجــة كثــرة‪ ،‬واســتعملت‬ ‫حقــي القانــوين بحاميــة نفــي عــر تســجيل‬ ‫مــا دار عــى هاتفــي‪ ،‬القديــم منــه والحديــث‪،‬‬ ‫ولكنــي ســأختار تجنــب اســتعامل حقــي‬ ‫القانــوين باالســتعانة بالقضــاء الفرنــي‪ ،‬احرتامـاً‬ ‫للصــورة العامــة لســورية والســوريني أمــام‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬ألنــه لــدي حيــز كبــر مــن االح ـرام‬ ‫ملهنتــي ولوســيلة اإلعــام التــي أشــتغل بهــا‪،‬‬ ‫عــى الرغــم مــن أهميــة اســتدعاء الوافــد‬ ‫الحديــث مــن صبيــان «تيــار الوعــد» ملحاكمته‪،‬‬ ‫لكــن هــذا األمــر‪ ،‬يضعنــي بكفــة مــع شــخص‬ ‫ال يســتحق أكــر مــن التجاهــل‪ ،‬فكيــف ممــن‬ ‫يفــرض أنــه زميــل باملهنــة يتوعــد ويهــدد‬ ‫ويشــتم بألفــاظ تســتحي الذاكــرة مــن مجــرد‬ ‫اســتدعائها؟‪.‬‬

‫«الشــبيح قبــل الثــورة شــبيح بعــد الثــورة»‪،‬‬ ‫أقولهــا متح ـرا ً وآســفاً‪ ،‬ال متشــدقاً ومتفاخ ـرا ً‪،‬‬ ‫رغــم اتفاقــي مــع هــذا الطــرح‪.‬‬ ‫ـت لهــا منــذ فــرة‬ ‫قضيــة التشــبيح التــي تعرضـ ُ‬ ‫وجيــزة يف باريــس‪ ،‬نتيجــة ملقــاالت رأي نُـ ِ‬ ‫ـرتْ‬ ‫يف صحيفــة «أورينــت نــت»‪ ،‬وال تعــر ســوى‬ ‫عــن أفــكاري‪ ،‬وال تعــر بالــرورة عــن موقــف‬ ‫جت‬ ‫القنــاة حيــال هــذه الشــخصية أو تلــك‪ ،‬أز َع ْ‬ ‫أحــد صبيــان مــا يُســمى بـ»تيــار الوعــد»‬ ‫الوافــد حديثـاً إىل العاصمــة الفرنســية‪ ،‬باريــس‪.‬‬ ‫الشــخص الوافــد يُفــرض أنــه كاتــب وصحفــي‪،‬‬ ‫وصاحــب تاريــخ كــا يُطلــق عــى نفســه‪ ،‬إالَّ‬ ‫أنَّـ ُه اختــار أســلوباً يشــابه ويطابــق مــا يقــوم به‬ ‫الشــبيحة منــذ خمــس ســنوات‪ ،‬حيــث اختــار‬ ‫ســبي وشــتمي وتهديــدي لفظيـاً وماديـاً‪ ،‬ملجــرد‬ ‫إبــداء رأيــي املهنــي حيــال قضيــة عامــة‪.‬‬ ‫البلطجــة األخــرة‪ ،‬تفتــح البــاب عــى مرصاعيــه‬ ‫حيــال أزمــة أخالقيــة تعيشــها الكثــر مــن‬ ‫الوجــوه السياســية واإلعالميــة والثقافيــة بعــد‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬نتيجــة ملامرســات مشــابهة مــا ينبغــي عــى الســوريني إدراكــه مــن هــذه‬ ‫نعيشــها منــذ عقــود‪ ،‬ويبــدو أن الكثــر م ّنــا مل الحــوادث البلطجيــة‪ ،‬أنــه يتوجــب عليهــم‬ ‫الحــذر مــن «عقليــة البلطجــة» لــدى الكثــر‬ ‫يتخلــص منهــا متام ـاً بعــد‪.‬‬ ‫مــن التيــارات واألحــزاب الوليــدة‪ ،‬لــي ال‬ ‫فالكثــر ممــن تصــدح حناجرهــم بالشــعارات تخطــف بالدنــا مــن عقليــة بلطجــة قدميــة إىل‬ ‫ليـاً ونهــارا ً‪ ،‬يرتنحــون أمــام أول اختبــار جـ ِّدي‪ ،‬عقليــة بلطجــة جديــدة‪.‬‬ ‫ـت فاعلــة لــدى‬ ‫عــى ســبيل املثــال‪ ،‬عضــو أمانــة عامــة باملجلس «عقليــة البلطجــة» إذا ً مــا زالـ ْ‬ ‫الوطنــي الســوري وأحــد كــوادر إعــان دمشــق الكثــر مــن الوجــوه السياســية والثقافيــة‬ ‫مــن املنتســبني لحــزب الشــعب الدميقراطــي‪ ،‬واإلعالميــة‪ ،‬حيــث أ َّن عــدم تطويــر الــذات‬ ‫اغتنــم تواجــدي يف ســاحة التظاهــر بباريــس‪ ،‬واالجتهــاد عليهــا أخالقيــاً‪ ،‬يجعــل منهــم‬ ‫ي‪ ،‬ردا ً عــى مقال غوغــاء‪ ،‬وال فــرق بينهــم وبــن الزعـران‪ ،‬وأنــا ال‬ ‫ليــارس سياســية البلطجــة عـ ّ‬ ‫رأي حيــال «إعــان دمشــق»‪ .‬فــا الفــرق هنــا أريــد االنــزالق إىل منــوذج الغوغــاء‪ ،‬فمقيــايس‬ ‫بــن حــزب البعــث وبلطجيتــه وحــزب الشــعب كرامــة الســوري الــذي يحفــظ كرامــة أخيــه‬ ‫وبلطجيتــه‪ ،‬الحــزب اختــار أن يعــود لعــادات باملواطنــة‪ ،‬وتحديــدا ً أمــام الــرأي العــام يف‬ ‫شــقيقه حــزب البعــث‪ ،‬القدميــة الحديثــة الــدول التــي نزحنــا إليهــا قـرا ً‪ ،‬نتيجــة الظــرف‬ ‫املبنيــة عــى الزعرنــة والبطجيــة‪ ،‬وتبقــى الســيايس الراهــن‪.‬‬

‫سفيان ياسين‬ ‫يجــري التعامــل بســخرية وخ ّفــة مــع دور‬ ‫الدافــع الجنــي يف قــدرة داعــش عــى تجنيــد‬ ‫الشــبان والفتيــات مــن مختلــف بلــدان العــامل‪.‬‬ ‫يفاجئنــا الواقــع باســتمرار بأننــا مل نفهــم شــغل‬ ‫داعــش وديناميــات عملهــا‪ ،‬إ ْذ يف الوقــت الــذي‬ ‫يســخر الســاخرون مــن حوريــات وغلــان‬ ‫هنــاك يف الجنــة‪ ،‬فــإن داعــش متنــح ملنتســبيها‬ ‫تحقيــق جــزء رمــزي مــن عــامل وملــذات الجنــة‬ ‫عــى األرض‪ .‬مــن قبــل فعلهــا الحشّ اشــون‬ ‫اإلســاعيليون الذيــن انتــروا واســتولوا رسيعـاً‬ ‫عــى مناطــق شاســعة يف عــر الســلجوقيني‬ ‫الســنة‪ .‬ومثلهــم مثــل داعــش أســس‬ ‫الحشاشــون دولــة هالميــة ضمــن دول‪ ،‬وامتــد‬ ‫توســعهم مــن شوشــان وطوبــس يف رشق إيـران‬ ‫إىل غــرب ســورية‪ .‬كالهــا الحشاشــون وداعــش‬ ‫يتشــابهون بالطريقــة االنفجاريــة لتمــ ّدد‬ ‫قوتهــم‪ .‬وقــد اســتخدم الحشاشــون طريقــة‬ ‫االغتيــاالت السياســية إلرهــاب الخصــوم مثلهــم‬ ‫مثــل داعــش‪ ،‬وســ ّموا مجموعاتهــم التــي‬ ‫تقــوم باالغتيــاالت بالفدائيــن‪ ،‬كــا اســتخدموا‬ ‫الجنــس يف كســب األتبــاع‪ .‬ينقــل الرحالــة‬ ‫«ماركــو بولــو» أن شــيخ الجبــل «الحســن‬ ‫الصبــاح» كان يــأيت باملتح ّمســن للدعــوة يف‬ ‫مجموعــات ويأمــر بتخديرهــم رسا ً‪ ،‬ثــم يُنقلــون‬ ‫تعــج بالفتيــات وبــكل مــا ميكــن‬ ‫إىل حدائــق ّ‬ ‫أن يجلــب اللــذة‪ ،‬ويقضــون فــرة قصــرة يف‬ ‫الجنــس واللــذة‪ ،‬ثــم يخــ ّدرون وينقلــون إىل‬ ‫الخــارج‪ ،‬ويُخــرون أنهــم كانــوا يف الجنــة‪،‬‬ ‫وأنهــم ســيعودون إليهــا إذا مــا نفــذوا مهــات‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قراءة يف كتاب (جتارب ست ثورات عاملية) للكاتب منري شفيق‬ ‫خلف الخلف‬

‫التحضـرات التــي تســبق القيــام بعمــل مــا‪،‬‬ ‫هــي جــزء أســايس مــن العمــل‪ ،‬وعــى قــدر هذا‬ ‫العمــل وأهميتــه تكــون التحض ـرات‪ ،‬وإذا مــا‬ ‫اســقطنا هــذه القاعــدة الطبيعيــة عــى الثــورة‬ ‫الســورية فــاذا ســنجد مــن تلــك التحضـرات؟‬ ‫يخــرين أحــد الرســامني السياســيني الــذي أمــى‬ ‫ســنني مــن عمــره يف أقبيــة ســجون النظــام‪،‬‬ ‫وبعــد أن خــرج منهــا مصابـاً بإعاقــة دامئــة‪ ،‬أنــه‬ ‫ال يصــدق مــا يـراه بعينيــه مــن خــروج الشــباب‬ ‫يف الشــوارع للمطالبــة بإســقاط النظــام‪ ،‬بــل مل‬ ‫يخطــر ببالــه يومـاً أن هــذا ســيحدث يف ســوريا‪،‬‬ ‫هــذا جــزء مــن التحضـرات!‬ ‫كتــاب تجــارب ســت ثــورات عامليــة هــو جــزء‬ ‫مــن تلــك التحضــرات التــي فــات أوانهــا‬ ‫بالنســبة للثــورة الســورية‪ ،‬لكــن مــن املمكــن‬ ‫االســتفادة مــن بعــض النقــاط التــي يرسدهــا‬ ‫الكاتــب‪ ،‬وبعــض املفاهيــم والنتائــج التــي‬ ‫نتجــت عــن تلــك الثــورات‪.‬‬ ‫يبــدأ الكاتــب بتعريــف مبســط للثــورة‪ ،‬أو‬ ‫التغيــر الثــوري الــذي يبــدل مــن حــال إىل‬ ‫حــال‪ ،‬ال بــد مــن أن يحمــل هدفــاً عــادالً‪ ،‬أو‬ ‫قضيــة عادلــة‪ ،‬مثــل مقاومــة احتــال أجنبــي‬ ‫أو اســتعامر‪ ،‬أو نظــام فاســد‪ ،‬أو حالــة طغيــان‬ ‫ممتــزج بالفســاد والتبعيــة‪ ،‬أو االنحـراف الحــاد‬ ‫عــن اإلرادة الشــعبية أو العامــة‪ ،‬أو مثــل أن‬ ‫يحمــل قضيــة توحيــد لألمــة وانهاضهــا‪ ،‬أو‬ ‫تخليصهــا مــن فــوىض وفــن وســفك دمــاء‪.‬‬ ‫إذا ً قضيــة البحــث عــن العدالــة هــي املحــرك‬ ‫وهــي الهــدف الــذي تســعى الثــورة إىل‬ ‫تحقيقــه‪ ،‬العــدل مبفهومــة العــام‪ ،‬وليــس بفهــم‬ ‫أشــخاص أو جامعــات معينــة‪ .‬ثــم ينتقــل‬ ‫الكاتــب إىل األســاليب واالســراتيجيات التــي‬ ‫ســلكتها تلــك الثــورات للوصــول إىل تحقيــق‬ ‫أهدافهــا‪ ،‬حيــث أن كل ثــورة متيــزت بأســلوبها‬ ‫الخــاص الــذي ميزهــا عــن غريهــا‪ ،‬ومــن هــذه‬

‫األســاليب‪:‬‬ ‫‪ -١‬الثــورة الشــعبية الســلمية العامــة‪ ،‬ومثالهــا‬ ‫ثــوريت تونــس ومــر‪.‬‬ ‫‪ -٢‬الثــورة أو االنتفاضــة املســلحة الشــعبية‬ ‫العامــة‪ ،‬التــي تحســم الوضــع ببضعــة أيــام‪،‬‬ ‫مثــل ثــورة أكتوبــر يف روســيا ‪1917‬م‪ ،‬والثــورة‬ ‫الفرنســية ‪1789‬م‪.‬‬ ‫‪ -٣‬الثــورة املســلحة طويلــة األمــد‪ ،‬تنــزل مــن‬ ‫الجبــال أو تخــرج مــن الصحــراء‪ ،‬أو الغابــات‬ ‫وتكتســح العاصمــة‪ ،‬بالقــوة يف الغالــب‪ ،‬كــا يف‬ ‫حالــة الثــورة الكوبيــة ‪1959-1958‬م‪.‬‬ ‫‪ -٤‬األســلوب الــذي تبــدأ فيــه حركــة مقاومــة‬ ‫ضــد االحتــال أو االســتعامر‪ ،‬ثــم تتحــول إىل‬ ‫ثــورة شــعبية مســلحة تســتويل عــى الســلطة‪،‬‬ ‫كــا حــدث يف فيتنــام ‪1945‬م‪.‬‬ ‫‪ -٥‬الثــورة التــي تعتمــد عــى الحــرب الشــعبية‬ ‫الطويلــة األمــد‪ ،‬والتــي متــر مبرحلــة أو مراحــل‬ ‫مقاومــة الغــزو الخارجــي‪ ،‬ثــم تنتقــل إىل حــرب‬ ‫أهليــة‪ ،‬مثــل الثــورة الصينيــة ‪1949-1929‬م‪.‬‬ ‫‪ -٦‬ثــورات التغ ـرات التــي تحــدث مــن أعــى‬ ‫هــرم يف الســلطة‪ ،‬وتأخــذ يف مــا بعــد دعــاً‬ ‫شــعبياً وتحــدث تغيــرا ً نوعيــاً‪ ،‬كــا يف ثــورة‬ ‫يوليــو يف مــر ‪1952‬م‪.‬‬ ‫‪ -٧‬وهنــاك ثــورات انبثقــت مــن الربملــان‬ ‫وتحولــت إىل ثــورات مســلحة وعنيفــة كثــورة‬ ‫كروميــل يف إنكلــرا‪ ،‬والثــورة األمريكيــة‪.‬‬ ‫هــذه رمبــا هــي الخطــوط العريضــة لألســاليب‬ ‫الثوريــة التــي طبقتهــا أهــم الثــورات العامليــة‪،‬‬

‫فــإذا مــا أردنــا أن نســقط هــذه األســاليب عــى‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬فــا هــو األســلوب الــذي‬ ‫ســلكته ثورتنــا املباركــة مــن هــذه األســاليب؟‬ ‫بق ـراءة واقــع الثــورة الســورية املســتمرة‪ ،‬ومبــا‬ ‫أنهــا مل تنت ـ ِه إىل اآلن‪ ،‬ســنحاول رسد األســاليب‬ ‫التــي ســلكتها والتــي مــن املتوقــع أن تســلكها‪،‬‬ ‫ســنخرج بثــورة مل يشــهدها التاريــخ مــن‬ ‫قبــل‪ ،‬ولــن يشــهدها‪ ،‬ثــورة خرجــت عــن كل‬ ‫املقاييــس وكل األســاليب‪ ،‬جمعــت أســاليب‬ ‫مــن ســبقها مــن الثــورات وأضافــت عليهــا‬ ‫أســلوبها الخــاص‪ ،‬فهــي ثــورة تونســية مرصيــة‪،‬‬ ‫روســية فرنســية‪ ،‬كوبيــة فيتناميــة‪ ،‬صينيــة‬ ‫أمريكيــة‪ ،‬واألهــم أنهــا ثــورة ســورية‪.‬‬ ‫فمــن ناحيــة الهــدف الــذي تســعى إليــه فهــو‬ ‫العدالــة‪ ،‬ومــن ناحيــة الوضــع الــذي كان قامئـاً‬ ‫قبــل الثــورة فهــو وجــود نظــام فاســد ثــم‬ ‫أصبــح طغيان ـاً ممزوج ـاً بتبعيــة للخــارج‪ ،‬ثــم‬ ‫أصبــح مقاومــة احتــال أجنبــي‪ ،‬ثــم ســيصبح‬ ‫قضيــة توحيــد أمــة‪ ،‬ثــم محاولــة لوقــف‬ ‫الحــرب األهليــة وســفك الدمــاء‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق باألســلوب الــذي بــدأت بــه‪،‬‬ ‫فهــو الثــورة الشــعبية الســلمية‪ ،‬ثــم الشــعبية‬ ‫املســلحة‪ ،‬ثــم املســلحة طويلــة األمــد‪ ،‬ثــم‬ ‫حركــة مقاومــة احتــال واســتعامر‪ ،‬ثــم حــرب‬ ‫أهليــة‪ ،‬ثــم مقاومــة الجامعــات االنفصاليــة‪،‬‬ ‫وقــد تتحــول إىل حــرب مقدســة‪.‬‬ ‫يف الثــورة الســورية مل يخــرج الثــوار مــن‬ ‫الجبــال أو الصح ـراء‪ ،‬بــل خرجــوا مــن الشــارع‬ ‫مــن قلــب املــدن‪ ،‬مل يخــرج الرجــال وحدهــم‪،‬‬ ‫بــل خــرج الصغــر والكبــر‪ ،‬الرجــل واملــرأة‪،‬‬ ‫املثقفــون والبســطاء‪.‬‬ ‫كل الثــورات كان لهــا نهايــة‪ ،‬حزينــة كانــت‬ ‫أم ســعيدة‪ ،‬طالــت مدتهــا أو قــرت‪ ،‬لكنهــا‬ ‫بقيــت محافظــة عــى األهــداف التــي خرجــت‬ ‫مــن أجلهــا قــدر املســتطاع‪ ،‬وال زالــت الثــورة‬ ‫الســورية تبحــث عــن نهايتهــا الســعيدة‪.‬‬

‫داعش واجلنس ّ‬ ‫واجلنة على األرض‬

‫االغتيــاالت املكلّفــن بهــا‪ .‬ومثلهــم مثــل داعــش‬ ‫أتقنــوا اللغــات والتخفــي والتنكــر واالندســاس‬ ‫واالنغــاس‪ .‬ورغــم أن روايــة ماركــو بولــو‬ ‫انْتُقــدت‪ ،‬إال أن موطــن الحشــيش (إيــران‬ ‫وأفغانســتان) وتواتــر املعلومــات عــن طرائــق‬ ‫االغتيــاالت وظروفهــا تجعــل املــرء يصــدق‪.‬‬ ‫يلعــب الجنــس دورا ً مركزي ـاً يف قــدرة داعــش‬ ‫عــى جــذب الشــباب‪ ،‬إضافــة إىل الســلطة‬ ‫واملــال‪ .‬معلــوم مــا هــي أحــام وطموحــات‬ ‫الشــباب يف فــورة النشــاط الجنــي‪ ،‬وداعــش‬ ‫ال تحتــاج إىل جهــد كبــر مــن أجــل إلهــاب‬ ‫مخيلــة الشــباب بحوريــات الجنــة‪ ،‬فاإلســاميون‬ ‫اآلخــرون كفوهــا املؤونــة‪ .‬يف مقابلــة أجراهــا‬ ‫أحــد املراكــز اإلعالميــة التابعــة لداعــش يف‬

‫الرقــة مــع أحــد املجاهديــن مــن شــال‬ ‫أفريقيــا‪ ،‬زعــم املجاهــد أنــه استُشــه َد‪ ،‬ولكنــه‬ ‫عــاد مــن املــوت لحكمــة مــن رب العاملــن‪ ،‬رمبا‬ ‫لــروي مــا شــاهد‪ .‬قــال املجاهــد وهــو يبتســم‬ ‫ابتســامة غريبــة أنــه رأى الحوريــات ينزلــن مــن‬ ‫الســاء جميــات جميــات‪ ،‬وتختــار كل واحــدة‬ ‫منهــن شــهيدا ً ويصعــدن بهــم إىل الســاء‪ .‬أمــا‬ ‫حوريتــه هــو فكانــت جميلــة جميلــة‪ ،‬وتلبــس‬ ‫مــا يشــف عــن صدرهــا‪ .‬صدرهــا جميــل‬ ‫جميــل‪ ،‬وراح يتلفــت حولــه جميــل جميــل‬ ‫جســدها‪ .‬وقــال إنــه رأى يف وجههــا الجميــل‬ ‫الجميــل الخيبــة ألنهــا مل تســتطع أن تأخــذه‬ ‫معهــا‪ .‬وختــم بأنــه متأكــد أن اللــه ســرزقه‬ ‫مــا إن يشــفى بأكــر مــن فتــاة جميلــة جميلــة‬

‫ســب ّيات أو زوجــات‪.‬‬ ‫الجديــد لــدى داعــش هــو «إنـزال» قطعــة مــن‬ ‫الجنــة إىل األرض‪ ،‬وإتاحــة مامرســة الجنــس يف‬ ‫جنــس‬ ‫الدنيــا دون شــعور بالذنــب والنــدم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫حــال‪ .‬فالســبايا مــا هــن إال كيــس جنــس‪،‬‬ ‫يتناقلوهــن بينهــم بيعـاً ورشاء مثــل أي ســلعة‪،‬‬ ‫وهــم ال يحتاجــون يك ينكحوهــن لــزواج أو‬ ‫عقــد ســوى عقــد ال ـراء‪ .‬ويف إصــدار لداعــش‬ ‫يف الرقــة أيض ـاً يتحــدث أحــد املجاهديــن مــن‬ ‫الجزيــرة العربيــة ضاحــكاً عــن نعمــة الســبي‬ ‫وبيــع النســاء‪.‬‬ ‫ليســوا كثرييــن مــن يعرفــون أن الســبي طــال‬ ‫مســلامت ســنيات‪ ،‬وليــس فقــط مــن أديــان‬ ‫أو طوائــف أخــرى‪ ،‬فالنســاء املنحــدرات‬ ‫مــن عائــات لهــا موقــف مــن داعــش ميكــن‬ ‫بســهولة مــ ّد ُشعــة الســبي لتنالهــن‪.‬‬ ‫وهنــاك الكثــر مــن القصــص تتــوارد مــن‬ ‫الرقــة أن عائــات أجــرت عــى تزويــج بناتهــا‬ ‫ملجاهديــن أجانــب‪ ،‬أو أغريــت باملــال‪ .‬وهنــاك‬ ‫عائــات معروفــة ارتــأى أهــل الحــل والعقــد يف‬ ‫داعــش أن تتصاهــر!‬ ‫تص ـ ّوروا شــباباً وشــابات محرومــن ومكبوتــن‪،‬‬ ‫تتوفــر لهــم رشوط مامرســة الجنــس دون‬ ‫تبعــات مــن أي نــوع‪ ،‬هــل ســرفضون! هنــاك‬ ‫فقــط مــن أوربــا أكــر مــن ســبعامئة امــرأة‬ ‫وفتــاة يتقلّــن مــن فــراش شــهيد إىل فــراش‬ ‫شــهيد‪ ،‬ومــن فـراش مجاهــد انتقــل وســافر إىل‬ ‫فـراش مجاهــد مقيــم‪ .‬هــذا عــدا عــن الفتيــات‬ ‫والنســاء املحليــات ومــن خــارج أوربــا‪.‬‬ ‫هــذه شــهادة فتــاة إيزيديــة عــن الجنــس‬

‫الداعــي‪َ .‬ســ ُبوها يف ســنجار ونقلوهــا إىل‬ ‫الرقــة‪:‬‬ ‫«‪ ...‬كان قويــاً جــدا ً‪ .‬حملنــي كطفــل وألقــاين‬ ‫باملغطــس الــذي تصطـ ّـف عــى أطرافــه علــب‬ ‫وقنــاين كثــرة‪ .‬هنــا أيضــاً أضويــة مبهــر ٌة‬ ‫وكمريتــان‪ ...‬خلــط أنواع ـاً كثــرة مــن الشــامبو‬ ‫لدرجــة غطــت الرغــوة حتــى أرضيــة الحــام‪.‬‬ ‫ـت أن أغــرق نفــي عندمــا خــرج قلي ـاً‪،‬‬ ‫حاولـ ُ‬ ‫ولكنــه عــاد بســوط نــال بــه مــن جســدي‬ ‫العــاري يف كل مــكان‪ ،‬ثــم لفّنــي مبنشــفة‬ ‫وحملنــي إىل غرفــة ذات رسيــر عريــض‪ ،‬وهنــا‬ ‫أيضــاً كانــت كامــرات عــدة وأضــواء‪ .‬ألقــاين‬ ‫وســط الرسيــر‪ ،‬وألبســني ثيابــاً داخليــة مــن‬ ‫الكيــس‪ .‬وبــدأ يصــي‪ .‬وبعــد أن أنهــى صالتــه‪،‬‬ ‫وبــدأ بضبــط الكام ـرات وهــو يتمتــم بأغنيــة‬ ‫«راب» ويرتاقــص‪ ،‬متنقــا بــن الكمــرات‬ ‫وأجهــزة اإلضــاءة‪ .‬نــزع ثيابــه‪...‬‬ ‫‪ ....‬ربــط يــدي إىل جانبــي الرسيــر‪ ،‬وكذلــك‬ ‫ســاقي‪ ،‬واعتــاين‪ .‬أغمــي عــي‪ ،‬وكنــت أصحــو‬ ‫وأحــس أن أنفاســه وأســنانه هــي‬ ‫أحيانــاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التــي تغتصبنــي أكــر مــا اغتصبنــي مــن‬ ‫بــن ســاقي‪ .‬ال أعــرف كــم مــى مــن الوقــت‪.‬‬ ‫وعندمــا اســتيقظت رأيتــه ميشــط عاري ـاً أمــام‬ ‫املــرآة واملــاء يســيل منــه‪ .‬كان دمــي يغطــي‬ ‫أغطيــة الرسيــر وســاقي‪ .‬حملنــي مــرة أخــرى‬ ‫كخرقــة‪ ،‬وألقــاين يف املغطــس‪ .‬ثالثــة أيــام وهــو‬ ‫يصــي‪ ،‬ويجلــدين‪ ،‬ويصــورين‪ ،‬ويغتصبنــي‪ .‬يف‬ ‫اليــوم الرابــع أســقاين كأس مــاء وراقبنــي وأنــا‬ ‫اتخ ـ ّدر وأغيــب‪ .‬فقــط ســمعت صــوت البــاب‬ ‫الخارجــي وهــو يغلــق»‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫آرام كربيت‬ ‫كنــت األخ الكبــر يف العائلــة‪ ،‬يرعــى‬ ‫ويســاعد أبــاه يف املــروف والرتبيــة واالهتــام‬ ‫والرعايــة بــأوالده‪ ،‬عــى حســاب حياتــه‬ ‫الشــخصية ومســتقبله واســتقالله‪ .‬أي أن يحــرق‬ ‫عمــره مــن أجــل أن يقــف غــره عــى املنصــة‪،‬‬ ‫مبعنــى أن يــرك حريتــه ودراســته واحتياجاتــه‬ ‫الشــخصية ويضعهــا يف مســار وتلبيــة احتياجات‬ ‫ـدي‪،‬‬ ‫حيــاة اآلخريــن‪ .‬أحيانـاً كثــرة أنظــر إىل والـ ّ‬ ‫أقــول يف نفــي‪:‬‬ ‫كيــف يســتطيعان مامرســة حياتهــا كرجــل‬ ‫وامــرأة بشــكل طبيعــي يف ظــل هــذا الكــم‬ ‫الهائــل مــن الشــباب والبنــات يف بيــت صغــر‬ ‫وبســيط‪ .‬واألنــى مــن ذلــك أن والــدي عاتبنــي‬ ‫عندمــا خرجــت مــن الســجن‪ ،‬قــال يل‪:‬‬ ‫ـ لقــد هربــت مــن مســؤولية البيــت واألرسة‪،‬‬ ‫وذهبــت إىل الســجن‪ ،‬وتركــت كل يشء عــي‪.‬‬ ‫لقــد كان حمــي ثقي ـاً‪.‬‬ ‫وقفــت أنظــر إليــه‪ ،‬إىل الكــم الهائــل مــن ثقافة‬ ‫الــرق يف عقلــه‪ .‬أن يــرى أننــي ذهبــت إىل‬ ‫الســجن بــإراديت‪ ،‬وإننــي مســؤول عــن عــذايب‬ ‫وقمعــي وضيــاع ســنني عمــري ومســتقبيل‪.‬‬ ‫قلــت لــه‪:‬‬ ‫ـ إذا ً‪ ،‬أنــت تعــرين بســجني‪ ،‬فــا بــال‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬الحمقــى وأتبــاع الســلطة واملتزلفــون‬ ‫واملهزومــون واملســتلبون‪ .‬ثــم أنــت مــن‬ ‫قــرر إنجــاب عــدد كبــر مــن األطفــال‪ .‬أنــت‬ ‫املســؤول عــن قــرارك ورغباتــك‪ .‬مل أطلــب‬ ‫منــك أن تنجــب يل الكثــر مــن األخــوات‪ .‬هــذا‬ ‫ق ـرارك وق ـرار أمــي‪ ،‬أو باألحــرى ق ـرارك أنــت‪،‬‬

‫وداعًا يا نهر اخلابور ـ ‪ 4‬ـ‬

‫ألنــك تعتــر نفســك ديــكاً وتريــد أن يكــون لــك‬ ‫الكثــر مــن األتبــاع‪ ،‬أليــس هــذا هــو الــرق‬ ‫وأمراضــه؟‬ ‫كنــت أجلــس يف غرفــة النــوم املرتبــة‪ ،‬الرسيــر‬ ‫املرتــب‪ ،‬التناســق بــن األلــوان‪ ،‬كل قطعــة يف‬ ‫مكانهــا الصحيــح‪ .‬لقــد منعــت والــديت أي كائــن‬ ‫يدخــل الغرفــة‪ ،‬اعتربتــه غرفــة عــريس وزواجــي‪.‬‬ ‫اعتربتنــي موجــودا ً‪ ،‬أمــارس الحيــاة الطبيعيــة‬ ‫يف البيــت‪ ،‬وشــجرة باســقة تطــل عــى غرفــة‬ ‫األحــام لكائــن مل يكــن موجــودا ً‪ ،‬تداعــب‬ ‫الغرفــة بظاللهــا الرقيقــة‪.‬‬ ‫كنــت أســتلقي عــى الرسيــر ضج ـرا ً‪ ،‬أنظــر إىل‬ ‫ملبــة النيــون‪ ،‬يجتاحنــي كــم هائــل مــن الفـراغ‬ ‫واألمل‪ ،‬إننــي وحيــد يف هــذا املــكان الجميــل‪،‬‬ ‫ألن قســوة الزمــن‪ ،‬غربتــي عــن نفــي‪ ،‬غربــة‬ ‫الزمــن عنــي‪ .‬أقــف مــرات‪ ،‬وأجلــس عــى‬ ‫الكــريس مــرات ثــم اســتلقي عــى الرسيــر‬

‫كأننــي أعــوض مــا فاتنــي مــن آلــق وجــال‪.‬‬ ‫كان الرسيــر مفص ـاً‪ ،‬اختارتــه والــديت بنفســها‪،‬‬ ‫أســود اللــون‪ ،‬فرشــه أبيــض نقــي‪ ،‬املــرآة يف‬ ‫الواجهــة‪ .‬أجلــس عليــه وأنظــر إىل وجهــي‬ ‫الشــاحب‪ ،‬م ـرارة الزمــن قابعــة عليــه‪ .‬جلبــت‬ ‫صــوري القدميــة وقارنتهــا بالصــورة التــي عــى‬ ‫املــرآة‪ ،‬وجهــي الجديــد‪ ،‬املشــوه‪ .‬أحــزن عــى‬ ‫األيــام التــي رسقهــا املــارق‪ ،‬املشــوه حافــظ‬ ‫األســد‪ .‬أدور وأتــأوه‪ ،‬أرضب الجــدار‪ .‬قلــت‬ ‫لنفــي‪:‬‬ ‫ـ ملــن أحاكــم أو أرمــي ســبب مــا يحــدث‪.‬‬ ‫القــوة جــزء مــن الوقاحــة‪ ،‬أو يتامثــان‪ .‬كالهــا‬ ‫صنعهــا تاريــخ البرشيــة‪ ،‬كالهــا أداة بيــد‬ ‫أرذل أنــواع البــر‪ .‬هــل أحاكــم الوقاحــة أم‬ ‫القــوة؟ أم كالهــا‪ ،‬وإذا حاكمتهــا وجدانيـاً مــا‬ ‫هــي الفائــدة التــي أجنيهــا مــن هــذا؟ كنــت‬ ‫أمتنــى لــو أن اإلنســان يعيــش مــع الطبيعــة‬

‫بعيــدا ً عــن الجــدران القاســية التــي اخرتعهــا‬ ‫ليقــزم نفســه ووجــوده‪ .‬لقــد بنــى حضارتــه مبــا‬ ‫يضمــن خــراب حياتــه‪ .‬فاألمنيــات جــزء مــن‬ ‫رغبــات اإلنســان املهــزوم‪.‬‬ ‫أقــف يف مــكاين وحيــدا ً‪ ،‬أتخيــل زوجتــي‬ ‫وأطفــايل معــي‪ ،‬إىل جانبــي‪ ،‬نلعــب معــاً أو‬ ‫نســمع املوســيقى أو نركــض وراء بعضنــا أو‬ ‫أعلمهــم دروســهم‪ .‬اســتبدلت وجــوه أخــوايت‬ ‫وأخــي بعائلتــي التــي مل تنشــأ‪ .‬صنعهــا خيــايل‬ ‫الجــارف‪ ،‬أضــع يف كل مــكان كائنــاً مــن روح‬ ‫وجســد‪ ،‬يتحــرك‪ ،‬ألداعــب الوحشــة والفــراغ‪.‬‬ ‫أســمع صــوت نفــي يرتــد عــي‪ ،‬أتأمــل وأرصــد‬ ‫الخيبــة‪.‬‬ ‫أجلــس أمــام التلفــاز‪ ،‬أدخــل غرفــة االســتقبال‪،‬‬ ‫تأتينــي أصــوات الراحلــن مــن أخــوايت وأخــي‪،‬‬ ‫بعرثتهــم األيــام والســنني وكل واحــد يف مــكان‬ ‫مــن هــذا العــامل‪ .‬الكــم الهائــل مــن الفـراغ كان‬ ‫يخاطبنــي عــر صمتــه القاتــل‪ .‬أدخــل الحــام‪،‬‬ ‫أقــول‪:‬‬ ‫ـ تغــر كل يشء‪ .‬املــكان حيــادي‪ ،‬أثــول‪ ،‬صامــت‬ ‫ال يــرد عــى خلجــات قلبــي‪ .‬أحتــاج إىل كل‬ ‫يشء‪ ،‬إىل كــم هائــل مــن الذكريــات التــي‬ ‫تحتــاج أن ترمــم‪ .‬أنظــر إىل الهاتــف‪ ،‬أراقبــه‪،‬‬ ‫عـ ّـل صوت ـاً حنون ـاً يــأيت مــن مــكان مــا يرفــق‬ ‫يب‪ ،‬بوحــديت‪ ،‬أن ينتشــلني مــن حالــة االرتبــاك‪،‬‬ ‫اإلربــاك الــذي أنــا فيــه يأخــذين إليه‪ .‬كنــت أرى‬ ‫فيــه صــوت أنفــاس امــرأة مثــي تبحــث عــن‬ ‫إنســان ال مــكان لــه يف هــذه الغربــة‪ ،‬مهمش ـاً‬ ‫يريــد أن يثبــت قدميــه يف هــذه األرض‪ .‬شــعرت‬ ‫إننــي بــا جــذور وأن األرض قبــل الســجن‬

‫مختلفــة متام ـاً عــا هــي عليــه بعــد الســجن‪،‬‬ ‫وأن لــون البيــوت لهــا وقــع خــاص يف النفــس‬ ‫قبــل الســجن عــا هــي بعــده‪ .‬يشــعر الســجني‬ ‫أن األرض ال أرض‪ ،‬وقدمــاه ليســت عليهــا‪ ،‬وأنــه‬ ‫عائــم يف مــكان ال يحملــه‪ ،‬إنــه تائــه يبحــث‬ ‫عــن يشء مــا ال يعرفــه‪ ،‬عــن وجــوده الضائــع‪،‬‬ ‫عــن وجــوه غائبــة‪ .‬يتحــول إىل إنســان طائــش‪،‬‬ ‫كل االتجاهــات غريبــة عنــه وال يعــرف أيــن‬ ‫هــو‪ ،‬وال يعــرف أيــن هــو موقعــه‪ .‬الوجــوه‬ ‫القدميــة ال وجــوه‪ ،‬ينكرهــا ويريــد أن يتحــرر‬ ‫منهــا‪ ،‬كأنهــم صــدى وجــع لــه‪ .‬وحدهــا املــرأة‬ ‫كحقيقــة موضوعيــة ال تتبــدل‪ ،‬إنهــا كامنــة يف‬ ‫الالشــعور‪ ،‬وحدهــا ميكــن أن تبــدد الغربــة‬ ‫وتحــول الجفــاف إىل نبــع حنــان‪ ،‬بيــد أيــن هــي‬ ‫يف هــذه الفــرة؟ كيــف ميكننــا أنــا وهــي أن‬ ‫نلتقــي ونحــول هــذا اليبــاب إىل أرض خ ـراء‪،‬‬ ‫أجنحــة عصافــر وبحــار ترقــص يف الســاء‪.‬‬ ‫يف اليــوم الســادس أو الســابع اتصــل األمــن‬ ‫الســيايس بوالــدي‪ ،‬حيــث مل أكــن يف البيــت‪.‬‬ ‫قال يل‪:‬‬ ‫ـ اتصلــوا بــك‪ ،‬يريــدون منــك أن تذهــب إليهــم‬ ‫غــدا الســاعة الســابعة مســا ًء‪ .‬أرجــوك يــا آرام‬ ‫أن تكــون متعاون ـاً معهــم‪ ،‬أن ال تكــون قاســياً‬ ‫يف ردودك‪ .‬كــن لطيفـاً حتــى ال يــؤذوك‪ .‬أعــرف‬ ‫أنــك شــجاع‪ ،‬بيــد أن الشــجاعة مــع الوحــوش‬ ‫ليســت شــجاعة‪ ،‬إنهــا تهــور‪ .‬باللــه عليــك يــا‬ ‫ابنــي ال تحــرق قلبينــا‪ ،‬أنــا وأمــك‪ .‬أن ال يعيدوك‬ ‫إىل الســجن مــرة ثانيــة‪ .‬إنهــم وحــوش‪ ،‬تذكــر‬ ‫ذلــك‪ .‬هــذه املــرة ســيقتلوك‪.‬‬

‫«ال أتأمل»‬

‫كوخ ست احلسن‬ ‫* شريف صالح‬

‫‪13‬‬

‫قصة قصرية‬

‫الغزيــر‪.‬‬ ‫يل أن‬ ‫رأيتهــا مــن بعيــد وهــي تــرش امليــاه عــى‬ ‫ناولتنــي الكــوز مــرة أخــرى وأشــارت إ ّ‬ ‫رست‬ ‫الــراب الجــاف أمــام الكــوخ املطــل عــى النيــل‪.‬‬ ‫أســقي نبتــة «ســت الحســن» هنــاك‪ُ ..‬‬ ‫حســبام أشــارت وقطعــت مســافة ليســت‬ ‫كان الكــوخ مصنوعـا ً مــن أعــواد الغــاب ولحــاء‬ ‫طويلــة وال قصــرة إىل أن ظهــرت يل درجــات‬ ‫األشــجار ومطليــا ً بطبقــة جافــة مــن الطــن‬ ‫ســامل خرســانية‪ ..‬كأنهــا مدخــل بيــت مهجــور‬ ‫والتــن‪ .‬أمامــه باحــة مســورة تظللهــا نباتــات‬ ‫مــن زمــن بعيــد‪ ..‬ومــن ثقــب بــن تلــك‬ ‫ســت الحســن التــي تســلقت الجــدران وكســت‬ ‫الدرجــات الخرســانية متــددت نبتــة صغــرة ال‬ ‫الكــوخ كلــه بأزهارهــا البنفســجية الصغــرة‪.‬‬ ‫تزيــد عــن ثالثــة أشــبار‪ .‬كان ورقهــا األخــر‬ ‫خمنت أن الفتاة وحدها يف الكوخ‪.‬‬ ‫الــذي يشــبه ورق امللوخيــة ذابــاً ومغــرا ً‪،‬‬ ‫كنت أسري متعبا ً‪ ،‬أتصبب عرقا ً‪ .‬قلت لها‪:‬‬ ‫فرحــت أصــب املــاء أحممهــا وأغســل أعوادهــا‬ ‫«اسقيني»‬ ‫الغضــة‪.‬‬ ‫توقفت عن الكنس ونظرت إيل‪.‬‬ ‫ال أدري كــم مــرة كنــت أعــود إىل الفتــاة فتمــأ‬ ‫تركــت مقشــة النخــل مــن يدهــا ثــم غابــت‬ ‫الكــوز بابتســامة خفيفــة‪ ،‬ثــم أمــي إىل النبتــة‬ ‫يف الداخــل‪ .‬كان صــوت محمــد قنديــل يغنــي‬ ‫وأعــاود رش امليــاه مــن أعــى‪ ..‬ومــن أســفل‪..‬‬ ‫«ســاح يــا أهــل الســاح‪ ..‬لــوم الهوى جــارح»‪.‬‬ ‫رمبــا ثــاث أو أربــع مــرات‪ .‬يف املــرة األوىل‬ ‫ظــال أشــجار الصفصــاف بامتــداد النهــر‬ ‫انتبهــت إىل صــوت أســمهان تغنــي يف الراديــو‬ ‫والنســيم ورائحــة الــراب املبلــول وغنــاء محمــد‬ ‫الصغــر‪« :‬نــادي وردك ياخــويل‪ ..‬اوعــى يجرحــك‬ ‫قنديــل‪ ..‬كل هــذا جعلنــي أشــعر كأننــي أقــف‬ ‫شــوكه واســهر عليــه»‪ ..‬ويف املــرة الثانيــة كان‬ ‫عــى بــاب جنــة اللــه‪ ..‬وددت لــو أنــام إىل األبــد‬ ‫عبــد الوهــاب يغنــي وقبــل أن أنتبــه إىل األغنيــة‬ ‫أمــام الكــوخ!‬ ‫خفضــت الفتــاة صــوت الراديــو وقالــت يل‪ :‬لــو‬ ‫عــادت الفتــاة ويف يدهــا كــوز مــن األملنيــوم‪.‬‬ ‫أزهــرت النبتــة‪ ..‬ميكننــا أن نبنــي كوخـا ً جديــدا ً‬ ‫ناولتنــي الكــوز فرشبــت وتركــت املــاء يبلــل‬ ‫هنــاك»‪ ..‬ويف رابــع أو خامــس مــرة قالــت يل‬ ‫فمــي وصــدري‪ ،‬وحــن رفعــت رأيس يك أشــكرها‬ ‫إنهــا متعبــة ومل تعــد تقــوى عــى مــلء الكــوز‬ ‫رأيتهــا تبتســم وتتأملنــي بعينــن خرضاويــن‪.‬‬ ‫يل‪.‬‬ ‫مضيــت يف طريقــي مســافة ال أتذكرهــا ثــم‬ ‫ُ‬ ‫كانــت مســتلقية عــى الرسيــر وهــي تتطلــع‬ ‫وجدتنــي أعــدو عائــدا ً نحــو الكــوخ‪ ،‬ورأتنــي‬ ‫إىل الخــارج عــر النافــذة‪ .‬ثــم التفتــت نحــوي‬ ‫الفتــاة مــن نافذتــه املفتوحــة قادم ـا ً نحوهــا‪..‬‬ ‫وســألتني‪:‬‬ ‫فابتســمت ولوحــت يل‪.‬‬ ‫«هل أزهرت النبتة؟»‬ ‫«توقعت عودتك»‬ ‫ارتويــت وتركــت مــا تبقــى مــن املــاء يفيــض عــى‬ ‫«ما زلت أرويها»‬ ‫كان البــاب مواربــا ً فدخلــت‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وقفــت أمامــي‪ ،‬ال جســدي‪.‬‬ ‫يف‪:‬‬ ‫يبــدو عليهــا الخــوف أو الضيــق مــن دخــويل دون «اسقيني ثانية»‬ ‫اعتدلت يف فراشها وهي تحدق ّ‬ ‫تناولــت منــي الكــوز ومألتــه يل أكــر مــن مــرة‪« ،‬شعرك شاب كثريا ً منذ رأيتك أول مرة!»‬ ‫اســتئذان‪ .‬ابتســامتها اتســعت أكــر‪.‬‬ ‫«اسقيني»‬ ‫حتــى كاد وجههــا يالمــس وجهــي ورأيــت ذلــك‬ ‫مــدت يدهــا ببســاطة يف قعــر الزيــر ومــأت كــوز الزغــب الخفيــف عــى حــواف شــفتيها‪ .‬اســتدارت‬ ‫* كاتب مصري‬ ‫األملونيــوم املربــوط يف سلســلة معدنيــة‪.‬‬ ‫مبتعــدة وهــي تفــك املنديــل عــن شــعرها األشــقر‬

‫منار شلهوب‬ ‫جرح قلبي‬ ‫أُخ ّبئ َ‬ ‫أش ُّد أصابعي عليه‬ ‫وبال مباالة‬ ‫أتأ ّمل كل الضامدات أمامي‬ ‫ٍ‬ ‫خافت‪:‬‬ ‫وأمتت ُم بوجعٍ‬ ‫أنا ال أتألّم‪..‬‬ ‫وأكمــل كتابــة قصيــدة كاملــة‬ ‫لــك‬ ‫بقلب مكسور‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫**‬ ‫أي ضامدة هذه‬ ‫التي توقف نزيف الفراق؟‬ ‫أي جبرية تستطيع‬ ‫ُّ‬ ‫احتضــان أيامــي القادمــة‬ ‫دونــك بحنــان؟‬ ‫أي إبرة قادرة‬ ‫ّ‬ ‫أن تصلني بك من جديد‪..‬‬ ‫وتقطّــب جرحــاً ميتــد مــن‬ ‫قلبــي‬ ‫عــى عــرض الكــون الــذي كان‬ ‫يكــر‬ ‫قلت‪ :‬أح ّبك‪..‬‬ ‫كلام ُ‬ ‫***‬ ‫وأكتب عن الفراق اآليت‬ ‫ُ‬ ‫ال محالة‪..‬‬ ‫أبيك وأرتجف أمام كل باب‬ ‫وكأن سألقاه بوجهي‬ ‫ّ‬ ‫ينتظرين ال محالة‪..‬‬ ‫**‬ ‫أتذكّر بحزن عميق‬ ‫يدك التي رفعتني يوماً‬ ‫ألكــون مــن مخلوقــات الفــرح‬ ‫والضــوء والجنــون‬ ‫وغابت دون أن تنقذين‪..‬‬

‫فعــدتُ مخلوقــ ًة طائعــ ًة‬ ‫للحــزن والرتابــة‪..‬‬ ‫***‬ ‫وأعرتف بحزن أيضاً‬ ‫أين مصاب ٌة بالشلل‬ ‫كام لغتي‪..‬‬ ‫كام اسمي‬ ‫كــا هــذي الحــرب الرابضــة‬ ‫خلــف نوافــذي‬ ‫لك ّني ال أتأمل‪..‬‬ ‫َ‬ ‫الذهــول‬ ‫فقــط ‪ ..‬أُســلّم‬ ‫جســد ي‬ ‫فيقضمه‬ ‫وال أومــي لــه أين بحاجــة‬ ‫أطــرايف‪..‬‬ ‫****‬ ‫حــن تصــر الكتابــة عنــك‬ ‫وإليــك‬ ‫انضامماً للحرب‬ ‫تصبح اللغة سيفي‬ ‫ُ‬ ‫أقتل به ويقتلني‬ ‫الذي ُ‬ ‫فأحبــك ألنــك الســام‬ ‫و ا لطأم نينــة ‪. .‬‬ ‫وأكرهــك ألنــك الخــوف‬ ‫وا ملــوت‬ ‫يف آن‪..‬‬ ‫أل ّن انكسارايت بك انتصارات‬ ‫فــكل هزميــة للكــره والضعــف‬ ‫والحقد‬ ‫هي انتصار للحب‬ ‫وكل هزمية للحب الكبري‪..‬‬ ‫هــي انتصــار لحــزن أكــر‬ ‫بعــدك‪ ..‬أعــود إليــه‬ ‫لرتتفــع بيارقــه عــى مــا تبقــى‬ ‫مــن قلبــي مجــددا ً‪..‬‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫احلضرة‪!..‬‬ ‫أسامة العمري ‪ -‬السعودية‬ ‫وصــوتُ الشَّ ــيخ سـ ِعيد يكـ ِ‬ ‫ـر رت َابــة امل َو ِقــف‪ ..‬بصوتِــه‬ ‫األ ّم‪ :‬يـــا ُمحمد‪ ..‬برسعة‪ ..‬الله يخليك‪..‬‬ ‫الجل ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ُمحمد‪ :‬حارض‪ ..‬حارض‪.‬‬ ‫وإن كان يش ٌء يف البالد بأرسها‬ ‫األم‪ :‬مش تتأخر‬ ‫مح ّمد‪ِ :‬‬ ‫حاض والله‬ ‫يلمح‬ ‫إذا غبت عن عيني بعيني ُ‬ ‫الشفــة تنــــادي‪ :..‬مامــا‪ ..‬مامــا‪ ..‬األ ْحبــاب فإن شئت ِصلني وإن شئت ال تصل‬ ‫يَاســمني يف ّ‬ ‫وصلــوا‪..‬‬ ‫يصلح‬ ‫فلست أرى قلبي لغريك‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عل الباب‪..‬‬ ‫األ ّم‪ :‬طَارق‪ ....‬استقبل األحبَاب َ‬ ‫ِ‬ ‫يتقــدم الشــيخ ِعمــران الحضُ ــور بــــوقَار‪ ..‬فيقابِلــه وقفْــت مع ُهــم وأنــا أتأ َّمــل حركاتهــم ومتايلَهــم مــع‬ ‫بأصواتهــم قُــــرباً‬ ‫طــارق‪ُ ،‬مصا ِفحــا الشَّ ــيخ‪ ،‬يحتضــن يديْــه بــن كفَّيــه‪ ،‬الذِّكــر والتســبيح‪ ...‬وهــم يبْتهلــون ْ‬ ‫ـف الشِّ ــيخ ِعمـران وهو‬ ‫بسعــة‪ ..‬ويقـ َـرب وتبتُّــا إىل اللــه‪ ..‬كان صـ ْوت كـ ِّ‬ ‫يُســارع إىل تقْبيلهــا‪ ..‬ينزعهــا الشــيخ ُ‬ ‫امســة‬ ‫منــه ليســأله هامســاً‪َ :‬جاهزيــن‪..‬؟!‬ ‫يص ِّفــق ُمحدث ـاً نوع ـاً مــن اإلي َقــاع يُــــورث ال َح َ‬ ‫أصواتهــم أكـ َـر مــع علُّــــو‬ ‫أؤمــأ طَــارق برأســه قائـاً‪ :‬نعم‪ ..‬يــا موالنا َجا ْهــــزين‪ ..‬يف َصــوت األح َبــاب فرتت ِفــع ْ‬ ‫تص ِفيقــه بش ـكْل تدريجــي‪ ،‬وفجــأة‪ ...‬صمــت ال َجميــع‬ ‫ال َحمــد لله‪.‬‬ ‫«الصالــون» ح ْيــث لثــوان‪ ،‬ثـ َّم بــدأ َصــوت الشّ ــيخ ع ْمـران يهمــس خافتـاً‬ ‫دلــف الشَّ ــيخ ِعم ـران إىل غُــــرفة َّ‬ ‫األرض بسـ َّجادة ك ِبــرة ســ ّبوح قــ ّدوس‪ ..‬ســ ّبوح قــ ّدوس‪ ..‬ســ ّبوح قــ ّدوس‪..‬‬ ‫فَــــرغت ِمــن ال َكـرايس وفُرِشــت ُ‬ ‫كل‬ ‫ووزعــت مراتــب إســفنج عــى شــكل مربّــع‪ ..‬جلــس وبــدأ الحضــور يتشــاركون معــه التَّســبيح‪ ،‬ومــع ِّ‬ ‫الشــيخ ِعم ـران أوالً ثــم تبعــه األحبــاب واحــدا ً تلــو مــرة يعلــو الصــوت ويشــتد بشــكل ت ْدريجي‪ ..‬سـبّوح‪..‬‬ ‫اآلخــر‪ ..‬ســبقَهم يف ال ُجلــوس الشــيخ «ســعيد» املقــرئ قــ ّدوس‪ ..‬ســبّوح‪ ..‬قــ ّدوس‪ ..‬ســبّوح‪ ..‬قــ ّدوس‪ ..‬بــدأ‬ ‫بأجســادهم إىل األ َمــام وإىل الخلــف‪،‬‬ ‫مبســجد «أحمــد البــدوي» بزيــه املميّــز القفطــان األ ْحبــاب َييلــون َ‬ ‫كل م ـ ّرة تشــت ُّد حركت ِهــم انفعــاالً ويعلُــو صوت ُهــم‬ ‫الك ْحــي وال ِعاممــة البيضــاء مــع الطُّربــوش األحمــر ويف ّ‬ ‫والشــال ال ّنحــايس بنقُوشــه الزرقــاء‪ ..‬وتبعــه كل مــن ص ْدحــاً وأنــا أواكــب حركَاتهــم‪ُ ..‬مســتدعيا ذاكِــــريت‪،‬‬ ‫األســتاذ «ناجــي» مــدرس أول رياضيــات‪ ..‬وعــم عندمــا كنــت أجــاور أيب يف الحــرة وعمــري مل يتجــاوز‬ ‫«يــري» امليكانيــي‪ ..‬و»فــؤاد» الطالــب الجامعــي‪ ..‬الســنوات العــر‪ .‬كان يغفــل عنــى يف حــرة الذكــر‬ ‫واألســطي «ميمــي» س ـ ّواق النقــل‪ ..‬والســيد «شــاكر» فأمســك بجالبيتــه وهــو يتاميــل‪ُ ..‬مغمضــا عين ْيــه‪،‬‬ ‫الضائــب ببذلتــه األنيقــة وســاعته ذات وصــوت الشّ ــيخ «ســعيد» يصــدح يف الغرفــة‪ ..‬شــادياً‪..‬‬ ‫مديــر عــام َّ‬ ‫السلســة الذهبيــة‪ ..‬كان لفيفــاً‬ ‫غريــب املشَ ــارب ال ‪ ..‬كانــت ُّدموعــه ترتقــ َرق يف عي َنيــه دون أن ت ِفيــض‬ ‫َ‬ ‫تســتطيع أن تتخيَّــل أن يجتمعــوا ســويّاَ يف مــكانٍ آخــر تخونــه بعــض العــرات تــيء وجهــه‪ ،‬كان جســ ُمه‬ ‫يهت ـ ّز‪ ..‬كمــن ينفــض عــن نفســه عالئــق الدنيــا يف كل‬ ‫ـرة»‪!..‬‬ ‫إال ِفــــي «ال َحـ ْ‬ ‫تســبيحة يرددهــا‪ ،‬كأمنــا ذهبــت روحــه إىل عــامل آخــر‪..‬‬ ‫يشء ما يقلّب أفئدتهم إىل وجهه واحدة‪.‬‬ ‫جلــس الشّ ــيخ ِعم ـران يف م ْنتصــف الغُــــرفة وتن ْحنــح أتع َّجــب ملــاذا وحــده مــن يتأثــر بهــذا الشــكل؟!‪َ ..‬مــا‬ ‫الــذي يبكيــه‪..‬؟ فالجميــع يف حالــة اندمــاج كامــل‪،‬‬ ‫ثــم قــال‪:‬‬ ‫جلســات الذِّكــر هــذه؟‬ ‫الســادة األح َبــاب‪ ..‬ال َيــــوم ن ْجتمــع يف بيــت لكنهــم واعــــون‪ ،!..‬مــا َجــدوى َ‬ ‫أيّهــا َّ‬ ‫املرحــوم الشــيخ «فــؤاد املــري»‪ ..‬وهــو ِ‬ ‫واحــد مــن أنا ال أشعر بيشء‪ُ ..‬مج ّرد ذكر من ِّجد بِـــه الله!‬ ‫مــا زلــت أذْكــر أن شــغَفي «بالبســطامي» و»ابــن‬ ‫األح َبــاب لــه أفضَ ــال كثــرة يف م َجــال ال َّدعــوة‪..‬‬ ‫عشيــن عامــاً عــريب» و»الحــاج» و»الحســن البــري «و»الغ ـزايل»‬ ‫الشــيخ «فــؤاد املــري» أعرفُــه منــذ ْ‬ ‫ع ْندمــا َجــاء مــن ال ِعـــراق‪ ..‬وانضـ َّم للطَّريقَـــة‪ ...‬ومنـ ُذ و»الجيــاين» زاد رقعــة الحــرة يف ذهنــي‪ ،‬مــن‬ ‫أصحــاب علــمٍ حقيقــي؟ أم‬ ‫«حــرة» يشَ ــارك هــؤالء‪..‬؟! هــل هــم‬ ‫كل‬ ‫ذلِــك الوقْــت ولــه بَــــركة ِف ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـي يتجــاو ُز‬ ‫ِفي َهــا‪..‬‬ ‫أصحـ ُ‬ ‫ـاب ب ْدعــة‪..‬؟ هــل ل َديهــم علْــــم خفـ ّ‬ ‫ووســط عقولنــا؟ أم هـــــم ِ‬ ‫باطنيــة؟ مل تنتشــلنى قــراءاىت إىل‬ ‫نُــــريد اليَــوم أن ن ْحيــي ذكْــــراه‪ ..‬يف بي ِتــه َ‬ ‫شــط األمــان بــل خاضــت يب إىل لجــج الحــرة وتنكــرت‬ ‫عائلتــه وأوالده‪..‬‬ ‫يل؟‬ ‫يا طَارق‪ ..‬يا ُمحمد‪ ..‬يا ع ْمرو‪ ..‬تفضَّ لوا معنا‪..‬‬ ‫كنــت أ َحــاول ت َجاهــل نِــــداءات أ ِّمــي املتكـ ِّررة‪ ..‬لكــن‬ ‫عل كَان ِ‬ ‫الخــاف الدائــم بي ِنــي وبي َنه عــى َهــــذه ال ّنقطة‪..‬‬ ‫إرصارهــا وطـ ْرق «محمــد» لبــاب غُــــرفتي أجـ َـرين َ‬ ‫يتمســك ب ِق ـراءة‬ ‫االســتجابَة با ْمتثــال الحضُ ــور يف مع َّيــــة األح َباب‪..‬‬ ‫أمتســك ب ِق ـراءة ال ِعلــم‪ ..‬وهـُـــو َّ‬ ‫أنــا ّ‬ ‫ْ‬ ‫بــدأ الشَّ ْيــــخ ع ْمــ ـران‪ ..‬ب ِقـــ ـراءة ُجـــزء يس ـرٍ مــن الـ ُّروح‪ ،‬هــو ال يفهــم فلسـفَة «ابْــن عــريب»‪ ،‬وال دعــاوى‬ ‫ومســح عــى وجهــه‪ ..‬اإلل َحــاد التــي ســيق «الحــاج» بســببها إىل الشَّ ــنق‪ ..‬كل‬ ‫(يــس)‪ ..‬ثــم نفــثَ يف كفَّيــه َ‬ ‫وطلــب مــن الشــيخ «ســعيد» أن يبــدأ «الحــرة»‪ ..‬مــا يعرفــه أنَّــه يخَاطــب ربَّــه‪ ..‬يتقـ َّرب إليــه‪..‬‬ ‫موقــن إنــه مذْنــب معاقــر للذنــوب فــا ملجــأ منــه‬ ‫بتخفيــف أضــواء الغرفــة‪..‬‬ ‫فقــام «طــارق»‬ ‫ِّ‬ ‫حــي‪ ..‬إال إليــه؟ ال يري ـ ُد إالَّ رضَ ــاه‪ ..‬يرفُــض أن يف َهــم غيْــــر‬ ‫حــي‪ ..‬قيّــوم‪ّ ..‬‬ ‫وبــدأ الحضُ ــور يف التمتَمــة‪ّ ..‬‬ ‫حي‪ ..‬ق ّيــــوم‪ ..‬ذلــك‪ ..‬يــ َرى ال ِعلــ َم الــذى أكْ ِنــ َز ُه هــ َو ِعلــ ُم الظّاهــ ِر‬ ‫ـوم‪..‬‬ ‫حي‪ ..‬ق ّيـــ‬ ‫ّ‬ ‫ق ّيــــوم‪ ..‬حــي‪ ..‬ق ّيــــوم‪ّ ..‬‬ ‫ـى هو‬ ‫ـي‪ ..‬ق ّيــــوم‪!...‬‬ ‫الــذى يشْ ـر ُِك فيــه الجميـ ُع بينــا ال ِعلْـ ُم الحقيقـ ّ‬ ‫حـ ّ‬ ‫ـن‬ ‫بصوته ال َّرخيم‪ ..‬برت ِديد‪:‬‬ ‫ال ِعلْ ـ ُم الــذى يفيـ ُ‬ ‫ـص مـ ْ‬ ‫ـض اللــه ب ـ ِه عــى مــن اختَـ ّ‬ ‫وانطلق الشَّ يخ سعيد َ‬ ‫ـر عليـ ِه ال ِجـ ُ‬ ‫نحن‬ ‫وكان قلبي خالياً قبل ح ِّبكم‬ ‫ـدال ُ‬ ‫ي عندمــا أُكْـ ِ ُ‬ ‫ِعبــا ِده‪ ،‬كانَ يـ ُر ّد عـ ّ‬ ‫ـن ينـ َ‬ ‫ـال امل ُشــاه َد َة‬ ‫وكان بذكر الخلق يلْهو‬ ‫ـاب أقْــوال‪ ،‬لـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـاب أ ْحــوال‪ ،‬ال أصحـ ُ‬ ‫وميزح أ ْربـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـرك امل ُجا َهـ َدة‪ .‬مــا إنْ أ ِ‬ ‫ـن تـ َ‬ ‫خاط ُبـ ُه بال ِعلْــمِ وامل ْن ِطــقِ‬ ‫حــي‪ ..‬ق ّيــوم‪ ...‬مـ ْ‬ ‫والحضــور يرت ِّلــون بتتَابــع منتَظــم‪ّ ..‬‬ ‫ّإل ويُ ِ‬ ‫ـر‬ ‫حــي‪ ..‬قيّــوم‪..‬‬ ‫ر ِعلْ َمـ َـك ليص ّدقَـ َـك ال ّنــاس‪ ،‬انـ ُ ْ‬ ‫قاط ُعنــى ال تنـ ْ‬ ‫حــي‪ ..‬قيّــوم‪ّ ...‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ــك ليص ّدق َ‬ ‫بالصــدح بآبيَــات علْ َم َ‬ ‫للحديــث بيننــا أشْ ــواط؛‬ ‫ُــك اللــه‪ ،‬كان‬ ‫ث ـ ّم يعلُــو ص ـ ْوت الشَّ ــيخ «ســعيد» ّ‬ ‫ِ‬ ‫يسـ َعى إىل اللــه بطريقتــه‪ ..‬فال ِو ْجهـ ُة واحــد ٌة وإن‬ ‫ـب اإللَهــي‪:‬‬ ‫كلّنــا ْ‬ ‫الحـ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ـق‬ ‫فلام دعا قلبي هواك أجابه‬ ‫الســالكني‪ ،‬مل أفُـــ ْ‬ ‫السـبُ ُل وتتعـدّدتْ طـ ُر ُق ّ‬ ‫اختلفــت ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـرة‪ ..‬والت َفــات الشَّ ــيخ‬ ‫ـ‬ ‫الح‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫هاي‬ ‫ن‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫إل‬ ‫ّ‬ ‫ـايت‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫تأ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫يربح‬ ‫فنانك‬ ‫عن‬ ‫أراه‬ ‫فلست‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُرميت بب ِني منك إن كنت كاذباً‬ ‫عم ـران إ ّيل مخاطبــا‪:‬‬ ‫إذا كُنت يف الدنيا بغريك أفرح ‪ -‬أمــا وإنَّــك أكثَــــر أبنــاء املرحــومِ حضــورا ً معــه وأنــا‬ ‫واألصــوات كشــي ِخ الطريقــة‪ ..‬أسـ َ‬ ‫ـألك ال َع ْهــد!‬ ‫بــدأ الحضــور «يســكرون» بالذِّكــر اإللهــي ْ‬ ‫أي ع ْه ٍد يا شَ ْيخ؟!‬ ‫ـي‪ ...‬فقلت‪ّ :‬‬ ‫ـي‪ ..‬ق ّيــوم‪ ...‬حـ ّ‬ ‫ـي‪ ...‬ق ّيــوم‪ ..‬حـ ّ‬ ‫تتــواىل برت َابــة‪ ..‬حـ ّ‬ ‫الشَّ ــيخ‪ :‬أن ِ‬ ‫عــى خُطــى امل َر ُحــوم يف ُحضــور‬ ‫متــي َ‬ ‫ق ّيــوم‪.‬‬ ‫قــام الشّ ــيخ ِعمـران مــن م ْجلســه‪ ،‬ووقَــف مــع وقو ِفــه جلســات الذّكــر‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫زالــت الحــر ُة‬ ‫ســكت! وقــد ْأســ ِقط يف يــدي‪ ..‬فــا‬ ‫ـي‪..‬‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫كل األحبَــاب‪ْ ..‬‬ ‫وأصبــح ص ْد ُحهــم أعـ َـى‪ ..‬وأ َ‬ ‫رسع‪ ..‬حـ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـب قلبــي‪ ..‬ومل ي ُع ـ ْد هنـ َ‬ ‫ـاك مـــن يُثلــج صــدري‬ ‫ـي‪ ..‬قيّــوم‪...‬‬ ‫ت ُخاطـ ُ‬ ‫قيّــوم‪ ..‬حـ ّ‬ ‫أصواتهــم باإلجابــة‪.‬‬ ‫وبــات ضَ ــوء الغُرفــة الخَافــت يهتـ ّز مــع قـ ّوة ْ‬

‫فــتــى الــمـعـتـقــل‬ ‫(‪ )٤‬تـرنــيمـ��ة الـجـ��وع‬ ‫هــواء‬ ‫أعادوهـم بـال عـالج!‬

‫األسـيـ ُر الـفـتـى‬ ‫الـفـتـي‬ ‫الـفـتى‬ ‫ّ‬ ‫الـثـقـوب تـمألُ الـوعـاء‬ ‫ُ‬ ‫والـوعا ُء اسـتـحـال إلـى‬ ‫خـِرقــة‬ ‫ِ‬ ‫والـخرقـ ُة تـوشـك عـىل‬ ‫الـبـِلـى‬ ‫ووخـ ُز الـدبـابـيـس‬ ‫يـهـلـهـل‬ ‫ُ‬ ‫ال يـزال‬ ‫َمـعـدت َـك‬ ‫مـا األمـر!‬ ‫الـجـو ُع إثـ َر الـجـوع!‬ ‫أهو الـجـو ُع الـكـافـر؟!‬ ‫أم أنـه الـكـفـ ُر الـبـواح!‬

‫ِ‬ ‫الـمـرض تــنـفـ ُذ‬ ‫رائحـ ُة‬ ‫مـن فـُتـات الـطـعـام‬ ‫ِ‬ ‫الـمـوت‬ ‫وحـرشجـاتُ‬ ‫كـل‬ ‫تــتـرنـح فـي ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لـقـمـ ٍة عـفـنـة‬ ‫وأكـلـ ٍة فـاسـدة‬ ‫رقـصـ ُة الـمـوت‬ ‫تَـلـوح بـيـن كِـسـر ِ‬ ‫ات‬ ‫الـخــبـ ِز الـمـتـعـفّن‬ ‫حـبـاتُ الـبـرغـل ال َحـ ِمـض‬ ‫تـتـمـاهـى مـع جـوفـك‬ ‫تـرقـص تـارةً‪ ،‬وتـهـوي تـارة‬ ‫ُ‬ ‫فـي آنـيـ ٍة قـذرة‬ ‫يـصـ ّم َـك صـراخُـهـا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نـفـسهـا‬ ‫تـتـقـيـأ َ‬ ‫وهـي تـجـتـ ُّر مـع هذا كـلـه‬ ‫جـبـروتَ الـمـكـان‬ ‫وبـؤسـه وغـابـي ّــتـه‬ ‫َ‬

‫بــطـاطـا عـفــنـة‬ ‫وخــبـ ٌز يـابــس‬ ‫وحــسـا ٌء خـبــأت َـه‬ ‫يـومــيـن وثــالثـة‬ ‫لــتـحـل ربـا َط جـوعـك‬ ‫َّ‬ ‫تـ ّبـاً لـه‪ ،‬إلـى الـيـوم‬ ‫مـا زال طـعـ ُمــه فـي فـمـك!!‬

‫صـراصـيـ ٌر‪ ،‬وقـمـل‬ ‫ديـدانٌ‪ ،‬وحــرشاتٌ‬ ‫تـعـرفـهـا‪ ،‬وال تـعـرفـهـا‬ ‫تــسلـقـت جـسـ َمـك الـواهـن‬ ‫كـم‬ ‫ْ‬ ‫ظــنـنــت مـِرارا ً‬ ‫حـتى‬ ‫َ‬ ‫أنـها طـعـا ٌم مـن سـمـاء الـلـّه‬ ‫أرسـلـه لـك‬ ‫لـتـقـذفَـه فـي زاويـة‬ ‫ِخـرقـ ِتـك الـ ُمحـاصـرة‬

‫حمـيض الــهـباء‬ ‫وبـرغـل‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ســ ّمـم رفـاقَـك‬ ‫حـيـن أكـلـوه‬ ‫سـرداب مـقـيـت‬ ‫ذات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بـعـد سـاعـات مـن صـراخـهـم‬ ‫واسـتـغـاثـ ِتـهـم‬ ‫خـارج الــمهـجع‬ ‫جـ ّروهـم‬ ‫َ‬ ‫كـوابـل ولـكَـمـات‬ ‫َ‬ ‫وأثـخـنـوهـم‬ ‫جـعـلـوهـم كــر ِ‬ ‫ات دمـاء‬ ‫تـتـدحـرج يـمـنـ ًة ويـسـرة‬ ‫ُ‬ ‫ألنـهـم اشتـكـوا آالم َمـعـداتـهم‬ ‫الـطـبــيــب‬ ‫ولـم أخـبـرهـم‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بـأنـهـم أمـواتٌ‬ ‫ال مـسـمـومـون فـقـط‬ ‫ضـربـوا الـطـبــيـب‬ ‫وأعادوهـم بـال حـيـاةٍ‬ ‫وبـال مـوت‬ ‫جـثـثـاً تـلـتـقـ ُط قـطـرات‬

‫لـن أنـسـى رفـيـق َـك الـجائع‪،‬‬ ‫حـيـنـمـا اسـتحالـت كـيـنـونــتُـه‬ ‫نـحـو الـمـوت‬ ‫اعـي الـرصصـو ِر‬ ‫وأمـسـك ذر ْ‬ ‫بـيـديـه‬ ‫أرجـحـ ُه قـلـيـالً‬ ‫حـمـلـقـت إلـى مـا خـلـف الـجـدار‬ ‫َ‬ ‫هـ ّز رأسـه‪ ،‬وقـال لـك‬ ‫رقـص ُة الـمـوت‬

‫ديمة محمود‬ ‫ودا ُع الـحـيـاة‬ ‫فـلـيـرقـصـهـا عـنـا‬ ‫نـحـن مـن سـنـمـوت هـنـا‬ ‫دون رقـصة‬ ‫ودون أن يـبـكـيـنا أحـد‬ ‫الـتـفـت لـصـرصـوره‬ ‫يـقـضـ ُم شـفـتـيـه‬ ‫ويـؤرجـ ُحـه‬ ‫تـفـضـل‪ ،‬يـقـول‬ ‫ْ‬ ‫نـظــفـتُـه‬ ‫ال يـنـتـظـ ُر جـواب َـك‬ ‫يـأكـلُـه‪ ،‬ويـمـضـغ عـىل مـهـل!‬ ‫أي اشـمـئـزا ٍز وتـقـ ّز ٍز هـذا!‬ ‫ُّ‬ ‫رأسك وتـشـعـر بـه‬ ‫يـدور‬ ‫ُ‬ ‫كـالـبـالـون‬ ‫خـلــيـ ٌط مـن‬ ‫غـثـيـانٍ ورغـبـ ٍة بــالـمـوت‬ ‫يـُحـكـمـان سـيـطـرتـَهـمـا‬ ‫عـلـى بـقـايـا دمـاغـك‬ ‫تـتـقـيّأُ وتـفـقـ ُد الـوعـي لـثـوانٍ‬ ‫فـي الـمـ ّرة الـخـامـسـة‬ ‫تـعـتـا ُد الـمـشـهـد‪..‬‬ ‫أي فـر ٍح كـان يـعـبـثُ بـك‬ ‫ُّ‬ ‫عـندما تـلـتـقـ ُط معــدت ُك‬ ‫أقـصـ ُد ِخـرقـتـَك الـمـثـقّـبة‬ ‫ذ ّر ٍ‬ ‫ات كـالـطـعـام‬ ‫بـأي لـونٍ أو مذاقٍ أو رائحــة!‬ ‫ّ‬ ‫جــنـو ٌن مـا‪ ،‬يـنـتـابُـك‬ ‫بـعـد أربـعـ ِة أيـامٍ من‬ ‫الـصـوم الـقـسـري‬ ‫ال تـتـردد‬ ‫اآلن‪ ،‬ولـيـس فـي ٍ‬ ‫وقـت آخـر‬ ‫فـي نـحـت مـقـطـوعـ ٍة‬ ‫لـتـرنــيمـ ِة أنـيـن‬ ‫ِخـرقـتـِك الـمـثـقـَبـة‪،‬‬ ‫بـطـ ِنـك الـجـائـع‬ ‫الـذي مـا زال صـريـ ُره‬ ‫يــتـرد ُد فـي أذنــيك…‬ ‫حتى الـلحـظـة!!‬ ‫َ‬ ‫ْـتـبـاركـك اآلحـاد‪..‬‬ ‫ول‬

‫قصص قصرية جداً‬ ‫محمود عادل بادنجكي‬ ‫ا ‪ -‬هاتف‬

‫أريض‪ُ ..‬هرعــت‬ ‫ر ّن جــرس هاتــف‬ ‫ّ‬ ‫إىل الغرفــة األخــرى‪َ ..‬ويْحــي‪ ..‬لدينــا‬ ‫يف املنــزل عــ ّدة هواتــف محمولــة‪..‬‬ ‫تتبــق هنــاك حاجــة لجهــاز مــا‬ ‫ومل‬ ‫ّ‬ ‫عــا َد مجديــاً‪ ...‬متلّكتنــي الحــرة‪..‬‬ ‫حتّــى ملحــت حــرف (جــ ٍّر) يختبــئ‬ ‫خلــف الســتارة‪ ..‬أمســكته‪ ..‬وضعتــه‬ ‫يف منتصــف الجملــة فزالــت حــريت‪:‬‬ ‫«هاتــف مــن أريض»‪.‬‬

‫‪ - 2‬قمار‬

‫أخــرج مــا يف جيبــه‪ ..‬هنــاك مــا يس ـ ّد‬ ‫عــض عــى نقــوده‬ ‫الرمــق أيّامــاً‪ّ ..‬‬ ‫بالنواجــذ‪ ..‬ث ـ ّم شــبك أيــدي أرستــه إىل‬ ‫يديــه‪ ..‬وألقــوا بأنفســهم يف اليــ ّم‪.‬‬

‫‪ - 3‬كرسي‬

‫طالبــوه بالكــريس‪ ..‬فتكــرم عــى‬ ‫الشــعب بــآالف الكــرايس املتحركــة‪.‬‬

‫‪ - 4‬فـي آلـة الـزمـن‬

‫ضـغـــط عـلـــى لـوحـــة الـمـفـاتـيـــح‬ ‫مـوج ّـهـــاً الـمـركـبـــة نـحـــو تـاريـــخ‬

‫الـحـضـــارة الـتـــي كـانـــت‪ ..‬بـرحـلـــة حـمـّــودة» أتـلـهـّــف لـضـمـّــه إلـــى‬ ‫غـيـــر قـابـلـــة لـلـرجـــوع‪ ..‬وأدار صـــدري‪ ..‬فـأجـدنـــي أعـانـــق شـاشـــة‬ ‫الـعـجـلـــة‪ ..‬تـرجـّــل مـنـهـــا مـزهـ ـ ّوا ً (الـالبـتـــوب)‪.‬‬ ‫بـعـودتـــه الـمـظـفـّــرة‪ ..‬هـمـــس‬ ‫‪ - 8‬وخـزة‬ ‫مـرافـقـــه فـي أذنـه‪« :‬مـــوالي‪ ..‬يـبـدو شـعـــر بـوخـــزة مـؤلـمـــة‪ ..‬ذهـــب‬ ‫أنـّنـا عـدنـا إلـى الـجـاهـلـيـّة األولـى»‪ .‬إلـــى مـحــ ّـل الـحـذّاء‪ ..‬وقـــال لـه‪ :‬مـن‬ ‫فـضـلـــك‪ ..‬أريـد لـه نـصـف نـعـل مـن‬ ‫‪ - 5‬ألـعـاب خـفـّة‬ ‫فـــي يـــده قـب ّـعـــة سـاحـر‪ ..‬فـــي يـده جـلـــد الـحـمـيـــر‪ ..‬ثـ ـ ّم وضـــع أمـــام‬ ‫األخـــرى نـــار‪ ..‬تـكـــاد تـنـتـشـــر فـــي الـحـ ـذّاء‪ ..‬ضـمـيـــره الـمـهـتـــرئ‪.‬‬ ‫جـسـده‪ ..‬أدخـل الـنـار فـي الـقـبـّعـة‪..‬‬ ‫‪ - 9‬تـعـ ّثـُر‬ ‫فـأخـــرج مـنـهـــا بـغـــداديّاً يـتـمــ ّدد‪ ..‬خـرج الشـعـب مـطـالـبـاً (بـالـحـريـّة)‪..‬‬ ‫بـسـيــ ٍ‬ ‫ـف يـقـطـــر دمـاً‪.‬‬ ‫تـعـثـّــرت فـي طـريـقـهـا إلـيـهـم‪ ..‬ثـ ّم‬ ‫أعـادت تـرتـيـب نـفـسـهـا‪ ..‬فـوقـعـت‬ ‫‪ - 6‬معرض رسم‬ ‫بثيابهــم الزاهيــة‪ ..‬يضــع األطفــال بني أيـديـهـــم (حـيـرة)‪.‬‬ ‫الرتــوش األخــرة عــى رســوماتهم‪..‬‬ ‫‪ - 10‬صليـب اإلذعـان‬ ‫صليــب عريــض يتّســع لركبتــن‬ ‫قــام طيــار باملهمــة‪ ..‬وأكمــل ألــوان عــى‬ ‫ٍ‬ ‫اللوحــات‪ ..‬باألحمــر القــاين‪.‬‬ ‫الســجود‪..‬‬ ‫جاثيتــن‪ ..‬أجلســوه بوضع ّيــة ّ‬ ‫ودقــوا املســامري يف بطــن قدميــه‪.‬‬ ‫‪ - 7‬عـنـاق‬ ‫كـــل يـــوم أسـهـــر مـــع حـفـيـــدي‪ ..‬فتحــوا ذراعيــه‪ ..‬وث ّبتــوا بظهــر كفيــه‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫أرقـبـــه يـنـمـــو‪ ..‬يـــزداد تـعـلـّقـاً بـي‪ ..‬مســارين‪ ..‬وبقيــت رأســه مرفوعــة‪.‬‬ ‫أداعـبـــه فـيـــر ّد‪« :‬حـبـّـيـــك‪ ..‬د ّدي‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫جائزة نوبل حترم أدونيس من الفوز بها بسبب موقفه املساند للظلم واالستبداد‬ ‫واملستش��ارة األملاني��ة م�يركل كان��ت إح��دى املرش��حات للف��وز بنوب��ل‬ ‫ترك��ي وس��ويدي وأمريك��ي يفوزون جبائ��زة نوب��ل للكيمياء لع��ام ‪2015‬‬

‫احتفال يف خميم جيالن بينار‬

‫رويرتز ‪ -‬الحرمل‪:‬‬

‫ابتسام شاكوش‬

‫بعــد جهــود حثيثــة‪ ،‬وصــر طويــل‪ ،‬ومبســاعدة ودعــم‬ ‫مــن إخوتنــا أعضــاء اتحــاد كتــاب ســوريا يف الكويــت‪،‬‬ ‫جــرى ترتيــب برنامــج العمــل يف املركــز الثقــايف الســوري‬ ‫داخــل مخيــم جيــان بينــار‪ ،‬أوىل الخطــوات كانــت‬ ‫تشــكيل أرسة املركــز مــن مجموعــة أدبــاء ومعلمــن‬ ‫تربويــن‪ ،‬يدركــون أبعــاد الثقافــة ويعملــون بدافــع‬ ‫ذايت انطالق ـاً مــن موهبــة وهوايــة‪ ،‬يــرون واقــع الحيــاة‬ ‫وينظــرون بأمــل اىل املســتقبل‪ ،‬يف محاولــة لبنــاء جيــل‬ ‫متعلــم مثقــف‪ ،‬معتمديــن عــى املمكــن مــن القــدرات‬ ‫واألدوات‪..‬‬ ‫رشيحــة مــن األطفــال هــم خــارج املــدارس بســبب‬ ‫ظــروف الحــرب والنــزوح‪ ،‬أعامرهــم ال تناســب الدخــول‬ ‫للصــف األول مــع أبنــاء الســت ســنوات‪ ،‬هــؤالء األطفــال‪،‬‬ ‫ويف جــو املخيــم املغلــق‪ ،‬ال يجــدون مــا يشــغل وقتهــم‬ ‫ويســتهلك طاقاتهــم وحيويــة مراهقتهــم ســوى التجــوال‬ ‫بــن الخيــام‪ ،‬هــؤالء الفتيــان كل واحــد منهــم مــروع‬ ‫ملجــرم‪ ،‬اذا مل نلتفــت اليهــم ونكألهــم بالرعايــة والعنايــة‪،‬‬ ‫وندفــع بهــم إىل الطريــق الســليم الــذي يضمــن لهــم‬ ‫مســتقبالً آمنــاً‪ ،‬وعلــاً يقيهــم رش الجهــل واألميــة‬ ‫والف ـراغ‪ ،‬يقيهــم رش أنفســهم ويقــي املجتمــع رشهــم‪.‬‬ ‫مركزنــا الثقــايف حمــل عــى عاتقــه هــم هــؤالء الفتيــان‪،‬‬ ‫فباإلضافــة إىل األمســيات األدبيــة والثقافيــة‪ ،‬ودورات‬ ‫التدريــب عــى األجنــاس األدبيــة‪ ،‬ودورة محــو األميــة‬ ‫الدينيــة واألخالقيــة‪ ،‬والتــي تابعهــا (‪ )1200‬طفــل وطفلة‪،‬‬ ‫أنشــأنا دورة يف محــو األميــة خاصــة بهــم‪ ،‬علمناهــم‬

‫‪15‬‬

‫القــراءة والكتابــة والعمليــات األساســية يف الحســاب‪،‬‬ ‫وألحقناهــم باملــدارس مبــا يتناســب مــع أعامرهــم‬ ‫ومســتوى تحصيلهــم العلمــي مــن هــذه الــدورة‪ ،‬قدمنــا‬ ‫لهــم مــن بــاب التشــجيع‪ ،‬املــواد القرطاســية والهدايــا‬ ‫التشــجيعية عقــب املذاك ـرات واالختبــارات‪ ،‬ثــم قدمنــا‬ ‫مالبــس وأحذيــة مبناســبة العيــد‪.‬‬ ‫يــوم الخميــس املــايض الثامــن مــن ترشيــن أول ‪2015‬‬ ‫أقمنــا احتفــاالً مبناســبة تخريــج الــدورة األوىل‪ ،‬دعونــا‬ ‫إليــه مجموعــة مــن األصدقــاء األتــراك نذكــر منهــم‬ ‫مديــر اآلفــاد يف مخيمنــا‪ ،‬والشــيخ بهجــت مديــر اآلي‬ ‫هاهــا يف واليــة أورفــا‪ ،‬وأحــر معــه بعــض أصدقائــه‬ ‫وجلــب هدايــا للخريجــن‪ ،‬ومبالــغ ماليــة مكافــأة لهــم‪،‬‬ ‫وتشــجيعاً لغريهــم عــى االلتحــاق بدوراتنــا‪ ،‬التــي‬ ‫ســتتواىل طاملــا بقــي يف املخيــم طفــل خــارج املــدارس‪.‬‬ ‫العقبــات التــي واجهــت مرشوعنــا تتلخــص يف ضيــق‬ ‫املــكان‪ ،‬ومعارضــة األهــل لتعليــم أوالدهــم‪ ،‬معظــم‬ ‫اآلبــاء يريــدون دفــع هــؤالء الفتيــان للعمــل يف مجــاالت‬ ‫ال تناســب قدراتهــم‪ ،‬وال تحفــظ كرامتهــم‪ ،‬يحصلــون‬ ‫منهــا عــى مبالــغ يســددونها مثنــا لســكائر األب‪..‬‬ ‫نحــن اآلن يف بدايــة دورة جديــدة‪ ،‬مــع فتيــان جــدد‪،‬‬ ‫نشــكر كل مــن ســاعدنا ودعمنــا يف مرشوعنــا هــذا‪،‬‬ ‫ونناشــد اآلبــاء واألمهــات‪ ،‬اتقــوا اللــه يف أبنائكــم‪،‬‬ ‫تعليمهــم يف هــذه املرحلــة مــن العمــر أهــم مــن‬ ‫ســكائركم‪ ،‬أهــم مــن ترفكــم‪ ،‬هــؤالء مســتقبل ســوريا‪،‬‬ ‫ال تزرعوهــم ألغامـاً يف دروبكــم ال تعرفــون متــى تنفجــر‬ ‫فتدمركــم‪ ،‬ثقــوا أنكــم ســتكونون الضحيــة األوىل‪...‬‬

‫نــال الــريك عزيــز ســنجار‬ ‫جائــزة نوبــل للكيميــاء‪ ،‬وكانــت‬ ‫املستشــارة األملانيــة مــركل قــد‬ ‫ُر ِشــحت لهــا بســبب موقفهــا‬ ‫االنســاين مــن الالجئــن الســوريني‪،‬‬ ‫وقــد تــم اســتبعاد ربيــب الطاغيــة‬ ‫أدونيــس مــن الجائــزة بســبب‬ ‫إرصاره عــى دعــم الظلــم والقتــل‬ ‫والتدمــر ضــد الشــعب الســوري بحجــة‬ ‫أنــه خــرج مــن املســاجد لالحتجــاج عــى‬ ‫التعذيــب حتــى املــوت!‬ ‫فقــد آلــت جائــزة نوبــل للكيميــاء‬ ‫لعــام ‪ 2015‬إىل الــريك عزيــز ســنجار‬ ‫والســويدي تومــاس لينــدال واألمريــي‬ ‫بــاول مودريتــش‪ ،‬وفــق مــا أعلنــت‬ ‫األكادمييــة الســويدية امللكيــة للعلــوم‪.‬‬ ‫وجائــزة نوبــل يف الكيميــاء‪ ،‬وذلــك‬ ‫إلســهاماتهم يف وضــع خريطــة لكيفيــة‬ ‫قيــام الخاليــا بإصــاح تلــف الحمــض‬ ‫النــووي (دي ان ايــه)‪.‬‬ ‫وقالــت األكادمييــة امللكيــة الســويدية‬ ‫للعلــوم يف حيثيــات منــح الجائــزة‬ ‫البالغــة مثانيــة ماليــن كرونــة ســويدية‬ ‫(‪ 969‬ألــف دوالر) «قدمــت جهودهــم‬ ‫معرفــة أساســية لكيفيــة وظائــف‬ ‫الخليــة الحيــة وهــو مــا يســتخدم عــى‬ ‫ســبيل املثــال يف ابتــكار عالجــات حديثــة‬ ‫للرسطــان»‪.‬‬ ‫وجائــزة نوبــل يف الكيميــاء هــي ثالــث‬

‫جوائــز نوبــل التــي أعلنــت لهــذا العــام‪.‬‬ ‫ومنحــت الجائــزة ألول مــرة عــام ‪1901‬‬ ‫تكرميــاً لإلنجــازات التــي تتحقــق يف‬ ‫مجــاالت العلــوم واآلداب والســام‬ ‫وفقــاً لوصيــة الفريــد نوبــل مخــرع‬ ‫الديناميــت‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن املــري أحمــد زويــل‬ ‫كان أحــد الفائزيــن بهــذه الجائــزة‬ ‫العامليــة‪ ،‬وكانــت مــاري كــوري أول‬ ‫امــرأة تفــوز بجائــزة نوبــل عــام ‪،1903‬‬ ‫وذلــك ألبحاثهــا يف مجــال اإلشــعاع‪ .‬كــا‬ ‫أنهــا أول مــن يفــوز بالجائــزة مرتــن‪،‬‬ ‫الكتشــافها الراديــوم والبولونيــوم‪.‬‬ ‫وذكــر الضابــط املتقاعــد‪ ،‬طاهــر ســنجار‪،‬‬ ‫عــن طفولــة أخيــه عزيــز‪ ،‬الــذي تحــدث‬ ‫لبعــض املواقــع الرتكيــة عــن أوضــاع‬ ‫أرستــه يف ذلــك الحــن‪ ،‬قائــاً إنهــم ‪8‬‬ ‫أخــوة وأخــوات‪ ،‬نشــأوا يف مارديــن‬ ‫جنــويب تركيــا‪ ،‬ألم ذكيــة ال تعــرف القراءة‬ ‫والكتابــة‪ ،‬وأب مجتهــد يف عملــه‪ ،‬نجحــا‬ ‫يف تعليــم جميــع أبنائهــم‪ ،‬الذيــن أصبــح‬ ‫بينهــم املهنــدس‪ ،‬والجــرال‪ ،‬باإلضافــة‬

‫إىل عزيــز‪ ،‬الــذي حــاز عــى جائــزة‬ ‫نوبــل للكيميــاء للعــام الجــاري‪.‬‬ ‫وأضــاف طاهــر‪ ،‬إن أخــاه عزيــز‬ ‫حافــظ دامئــاً عــى املركــز األول‬ ‫خــال ســنوات دراســته‪ ،‬وحتــى‬ ‫تخرجــه مــن كليــة الطــب‪ ،‬وكان‬ ‫يتمنــى دامئــاً أن يصبــح عاملــاً‪،‬‬ ‫حتــى أنــه رفــض عرضــاً‪ ،‬بــأن‬ ‫يصبــح حــارس مرمــى املنتخــب‬ ‫الــريك لكــرة القــدم‪.‬‬ ‫وحــول أصــول العائلــة‪ ،‬قــال طاهــر‬ ‫«البعــض يقــول إننــا عــرب‪ ،‬والبعــض‬ ‫اآلخــر يقــول إننــا أكــراد‪ ،‬إال أننــا مــن‬ ‫أتــراك األوجــوز القادمــن مــن آســيا‬ ‫الوســطى»‪ ،‬حســبام نقلــت وكالــة األنبــاء‬ ‫«األناضــول»‪.‬‬ ‫وبــدوره تحــ ّدث عبــد الغنــي ســنجار‬ ‫ابــن أخ العــامل الــريك عــن املعانــاة التــي‬ ‫كان يعانيهــا عمــه يف منطقــة الكهربــاء‬ ‫مقطوعــة فيهــا أغلــب األوقــات‪ ،‬فــكان‬ ‫يضطــر للدراســة عــى ضــوء الشــموع‪.‬‬ ‫مــن «ســافور» كانــت البدايــة عــى ضوء‬ ‫شــمعة يف ذاك البيــت الريفــي املتواضــع‬ ‫الــذي انطلــق منــه عزيــز ســنجار نحــو‬ ‫تحقيــق حلمــه العلمــي‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫جائــزة نوبــل للكيميــاء التــي حصــل‬ ‫عليهــا مؤخ ـرا ً مــع عاملــن آخريــن‪.‬‬ ‫وقــد هنــأ الرئيــس الــريك رجــب طيــب‬ ‫اردوغــان العــامل عزيــز ســنجار بالجائــزة‬ ‫يف اتصــال هاتفــي‪.‬‬

‫تنوي��ه‪ :‬س��قط س��هواً إس��م الكاتب��ة الرتكي��ة غربت ش��كري آيانا ع��ن مقابلتها املنش��ورة بالعدد رق��م ‪ 25‬واملعنونة‪ :‬منظم��ة ‪ RET‬الس��وريات أخوات لن��ا دون متييز‪ ..‬لذا إقتض��ى التنويه‬

‫املس��رح يف حمافظ��ة الرق��ة ‪ /1/‬ب�ين ‪ 1970‬و ‪2010‬‬

‫صبحي دسوقي‬ ‫بــدءا ً مــن عــام ‪ 1970‬حقــق املــرح يف الرقــة قفزة‬ ‫نوعيــة مــن خــال إدخالــه التقنيــات الجديــدة‪ ،‬ورفــد‬ ‫الحركــة املرسحيــة بالوجــوه الشــابة املثقفــة التــي‬ ‫اطلعــت عــى التجــارب املرسحيــة يف املحافظــات‬ ‫األخــرى واســتفادت منهــا‪ .‬وتــم وضــع أولويــات‬ ‫العمــل املرسحــي املتكامــل وتنظيــم عالقــات املمثلــن‬ ‫بالفرقــة‪ ،‬وتنظيــم العــروض وإيجــاد شــعور احــرام‬ ‫املــرح مــن قبــل الجمهــور‪ .‬وشــهدت هــذه الفــرة‬ ‫عطــا ًء متبــادالً بــن مــن يقــدم عــى املــرح ورواد‬ ‫الصالــة بعيــدا ً عــن حفــات املناســبات واالرتجــال‪،‬‬ ‫وظهــرت املواســم املنتظمــة للعــروض وبــدأ االهتــام‬ ‫بنوعيــة النصــوص وبــذل الجهــد يف اإلخـراج والتمثيــل‬ ‫واالعتــاد عــى التقنيــات املرسحيــة الحديثــة‪،‬‬ ‫وااللتــزام بأخالقيــات املمثــل وراء الكواليــس ومــع‬ ‫الجمهــور‪ .‬وتركــزت العنايــة بالعــرض املرسحــي وظهــر‬ ‫االحــرام املتبــادل بــن املعطــي واملتلقــي وكــرت‬ ‫الفــرق‪ ،‬وتزايــد عــدد املهتمــن باملــرح مخرجــن‬ ‫وممثلــن‪ .‬اســتمر بعضهــم يف خــط مـــتألق وصاعــد‬ ‫يف حــن اعتــزل بعضهــم اآلخــر العمــل املرسحــي‬ ‫مؤثريــن عليــه جوانــب أخــرى يف الحيــاة‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ فــرق اتحــاد الشــبيبة‪ :‬الحديــث عــن فرق الشــبيبة‬ ‫املرسحيــة يدفعنــا لوضــع ورقــة عمــل ألعــال الفــرق‬ ‫ثــم رســم الخــط التصاعــدي الــذي مــرت بــه‪ .‬تكونــت‬ ‫الفــرق املرسحيــة الشــبيبية عــى امتــداد ســنوات‬ ‫طويلــة‪ ،‬وحققــت تواجــدا ً لعــدد مــن املمثلــن‬ ‫واملخرجــن‪ ،‬وحملــت طموحهــا بــأن تكــون البديــل‬ ‫اإليجــايب للفــرق التجاريــة التــي تــزور املحافظــة‪.‬‬

‫وكان هاجــس املشــتغلني بهــذه الفــرق تقديــم‬ ‫أعــال مرسحيــة تنســجم مــع الواقــع وتحمــل يف‬ ‫داخلهــا إرشاقــة الحــارض‪ .‬وجســدت هــذه الفــرق مــن‬ ‫خــال أعاملهــا االحباطــات املتالحقــة التــي تواجــه‬ ‫اإلنســان العــريب والحصــار الداخــي والخارجــي الــذي‬ ‫يتعــرض لــه مــع رســمها إمكانيــة الخــاص والتفــاؤل‬ ‫باملســتقبل‪ .‬وعرضــت املشــاكل املســتمدة مــن‬ ‫البيئــة بقوالــب مرسحيــة جــادة كشــفت العالقــات‬ ‫االجتامعيــة واإلنســانية‪ ،‬وكان آلثــار نكســة حزي ـران‬ ‫نصيبــاً كبــرا ً مــن هــذه األعــال‪ ،‬فقــد عرضــت‬ ‫الحــروب بأهوالهــا ثــم الصمــود والشــهادة يف ســبيل‬ ‫الوطــن‪ .‬وجــاءت البســاطة يف العــرض املرسحــي‬ ‫لتضيــف جامهرييــة متزايــدة لهــذه العــروض‪ .‬وكانــت‬ ‫النصــوص املقدمــة يف غالبيتهــا جــادة وملتزمــة‪،‬‬ ‫تحمــل حــرارة البيئــة ومعاناتهــا‪ .‬الفــرق املرسحيــة‬ ‫الشــبيبية ظاهــرة إيجابيــة أبــرزت دور املــرح الجــاد‬

‫الجامهــري الــذي يهــدف إىل القضــاء عــى هيمنــة‬ ‫املــرح التجــاري االســتهاليك والحــد مــن انتشــاره‬ ‫وبالتــايل تخليــص املشــاهدين مــن ســمومه املختفيــة‬ ‫وراء األلبســة الرباقــة (الرقــص والغنــاء)‪ .‬فــرق الهــواة‬ ‫الشــبيبية رفــدت الحركــة املرسحيــة باملحافظــة‬ ‫بطاقــات وإمكانيــات شــابة رائعــة ولــو تــم االتفــاق‬ ‫بــن هــذه الفــرق عــى تشــكيل فرقــة فنيــة شــبيبية‬ ‫واحــدة متثــل محافظــة الرقــة يف املهرجانــات ألمكــن‬ ‫تحقيــق حضــور بــارز لهــا‪.‬‬ ‫آ ـ فــرع الشــبيبة ‪ :‬قــدم فــرع الشــبيبة عــددا ً مــن‬ ‫املرسحيــات منهــا‪:‬‬ ‫‪ .1‬الــراط تأليــف وليــد إخــايص إخــراج محمــد‬ ‫الشــيخ عرضــت يف مهرجــان الشــبيبة املركــزي‪1981‬‬ ‫‪ .2‬حريــة املــوت تأليــف فايــز خضــور إخـراج محمــد‬ ‫الشــيخ شــاركت يف مهرجــان الشــبيبة بالثــورة والرقــة‬ ‫‪1982‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪ .3‬زمــان أول تحــول مــن الحكايــا الشــعبية إخــراج‬ ‫محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1982‬‬ ‫‪ .4‬ليلــة ســفر الســيد أبــو صالــح تأليــف وإخــراج‬ ‫محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1983‬‬ ‫‪ .5‬مغامــرة رأس اململــوك جابــر تأليــف ســعد اللــه‬ ‫ونــوس إخـراج محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة واملركــز‬ ‫الثقــايف ‪1984‬‬ ‫‪ .6‬أوبريــت وضاحــة تأليــف وإخ ـراج محمــد الشــيخ‬ ‫شــبيبة الثــورة ‪ 1984‬املوســيقى واأللحــان الفنــان‬ ‫مــوىس الخــر غنــاء أحمــد الحــاج إســاعيل‪ -‬غاليــة‬ ‫محمــد‪.‬‬ ‫‪ .7‬أوبريــت نجــود وليــايل العاشــقني تأليــف وإخ ـراج‬ ‫محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪ 1985‬غنــاء أحمــد‬ ‫الحــاج إســاعيل ‪ -‬غاليــة محمــد‪.‬‬ ‫‪ .8‬الوحــش تأليــف خالــد محــي الديــن الربادعــي‬ ‫إخــراج محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1986‬‬ ‫‪ .9‬أوبريــت ريــم الــر تأليــف وإخـراج محمــد الشــيخ‬ ‫شــبيبة الثــورة ‪ .10 1987‬املناحــة تأليــف وإخــراج‬ ‫محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1985‬‬ ‫‪ .11‬أوبريــت الليــايل املــاح تأليــف وإخ ـراج محمــد‬ ‫الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1986‬‬ ‫‪ .12‬املخاتــر تأليــف مصطفــى حقــي إخ ـراج محمــد‬ ‫الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪1994‬‬ ‫‪ .13‬الغريــب والســلطان تأليــف رشــاد أبــو شــاور‬ ‫إخ ـراج محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة ‪ 1997‬عرضــت‬ ‫باملهرجــان املرسحــي املركــزي‬ ‫‪ .14‬مالئكــة مدينــة شــامش تأليــف منــر الحافــظ‬ ‫إخـراج محمــد الشــيخ شــبيبة الثــورة واملركــز الثقــايف‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬رئي��س التحري��ر‪ :‬ماج��د رش��يد العوي��د ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعيس للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئة التحرير‪ :‬حممد احلاج صاحل‪ ،‬خلف اجلربوع‪ ،‬أسعد فخري‪ ،‬إبراهيم العلوش‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد احملت��وى الف�ني‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاي��ن‪ :‬عبدالرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪YIL: 2015 )2) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬

‫‪00905393102133‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫‪SAYI:26‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪1999‬‬ ‫‪ .15‬مقتــل يف الحاكميــة تأليــف منــر الحافــظ إخـراج‬ ‫محمــد الشــيخ املركــز الثقــايف عرضــت يف املهرجــان‬ ‫املرسحــي األول للثقافــة بالثــورة ‪2002‬‬ ‫‪ .16‬املنبــوذ تأليــف وإخ ـراج محمــد الشــيخ شــبيبة‬ ‫الثــورة ‪2003‬‬ ‫رابطــة املدينــة‪ :‬عــام ‪ 1970‬تأسســت فرقــة مرسحيــة‬ ‫شــبيبية تابعــة لرابطــة املدينــة وقدمــت عرضهــا‬ ‫املرسحــي األول (موظــف نشــيط تأليــف األســتاذ‬ ‫مصطفــى حقــي وإخراجــه واعتــرت هــذه املرسحيــة‬ ‫نقطــة انطالقــة هامــة لهــذه الفرقــة‪ ،‬وتالهــا‬ ‫العــرض املرسحــي (الوقــوف يف منتصــف الحفــرة)‬ ‫تأليــف األســتاذ ســامي حمــزة وإخــراج األســتاذ‬ ‫مصطفــى حقــي‪ .‬وعــام ‪ 1971‬قدمــت مرسحيــة‬ ‫(فنــدق الســعادة) تأليــف األســتاذ مصطفــى حقــي‬ ‫وإخراجــه‪ ،‬وقــد توقــف الفنــان األســتاذ (مصطفــى‬ ‫حقــي) عــن مواصلــة رحلتــه الفنيــة مــع اإلخــراج‬ ‫والتمثيــل‪ ،‬لكنــه واصــل التأليــف املرسحــي وصــدرت‬ ‫مرسحيتـــــه (عــودة راحــل) عــام ‪ 1987‬عــن دار‬ ‫الحــوار ـ الالذقيــة‪ .‬وعــام ‪ 1972‬قــدم فــرع اتحــاد‬ ‫شــبيبة الثــورة مرسحيــة (املطــر يف خامــس الفصــول)‬ ‫تأليــف وإخــراج ســامي حمــزة‪ .‬وقــد حــاز الفنــان‬ ‫(حمــود الصطــاف) عــى جائــزة أفضــل ممثــل يف‬ ‫مهرجــان الهــواة املرسحــي عــى مســتوى القطــر‪.‬‬ ‫وعــام ‪ 1973‬قدمــت الفرقــة مرسحيــة (ســهرة عــى‬ ‫هامــش حزيــران) تأليــف ريــاض عصمــت‪ ،‬إعــداد‬ ‫وإخــراج ســامي حمــزة‪.‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬تشرين األول ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫القوة الغبية والقوة‬ ‫الذكية‬ ‫سياسات عدوة للشعب‬ ‫السوري‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫أعداد‬

‫نجاة عبد الصمد‬ ‫رب‪ ،‬سامحوين يا أوالد‪ ...‬بندوراية سامر أكرب من بندوراية معني‪»...‬‬ ‫«سامحني يا ّ‬ ‫ـدي املفــروش غــر بعيــد‬ ‫ـس اللــن شــبعانني مضــوا مع ـاً بعــد الغــداء صــوب ت ـاّت ال ـراب النـ ّ‬ ‫يف منامهــا الرق ـراق‪ ،‬يف فضــاء الــدار‪ ،‬تحــت العريشــة‪ ،‬كانــت تلـ ّـف عرائـ َ‬ ‫ـري‬ ‫ـت عرائــس متســاوية‪ ،‬مغ ّمس ـ ٌة بالزيــت‪.‬‬ ‫بأصابعهــا الرشــيقة العــرة‪ .‬سـ ُّ‬ ‫ـري ألحمــد‪ ،‬ويف يــد معــن غصــن غــا ٍر بـ ٍّ‬ ‫عــن الخيمــة‪ :‬يف يــد ســامر غصـ ُن غــا ٍر بـ ٍّ‬ ‫صــوب ركــن الخيمــة تعــ ّد فطــور األوالد ٍ‬ ‫ـري ألمــل‪ ،‬ويف يدهــا املحظوظــة بكامــل أصابعهــا‬ ‫صحــت نشــوانة‪ .‬مضــت‬ ‫بيــد متينــ ٍة مل ملنــى‪ ،‬ويف يــد ســهى غصــن غــا ٍر بـ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫تش ـذّب منهــا قذيفــة الشــهر املــايض ســوى إصبعــن‪ :‬حبــة بنــدورة‪ :‬لســامر‪ .‬حبــة تحتضــن طيــف يــد أيب ســامر التــي تداعــب عنقهــا باشــتهاء كانــت مــن قبــل تصـ ّده‪:‬‬ ‫طلب أو رجاء»‬ ‫بنــدورة‪ :‬ملعــن‪ .‬حبــة بنــدورة‪ :‬لســهى‪.‬‬ ‫«ال يُرفَض لشهيد ٌ‬

‫الديوان الش��عري األول ضفائر روح للشاعرة دمية حممود‬

‫رسومات للحب واحلياة‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫صــدر عــن دار األدهــم للنــر‬ ‫والتوزيــع‪ ،‬مــر ـ القاهــرة‪ ،‬الديــوان‬ ‫الشــعري األول «ضفائــر روح» للشــاعرة‬ ‫دميــة محمــود عــار‪ ،‬وهــو مجموعــة‬ ‫نصــاً شــعريّاً متثــل‬ ‫مــن ســتة وعرشيــن ّ‬ ‫بدايــة عــودة اللتحامهــا بالشــعر بعــد‬ ‫انقطــاع‪ ،‬وتقــول عــن ديوانهــا‪ :‬نصــوص‬ ‫الديــوان هــي مــرآة حقيقيــة ألبجديــايت‬ ‫يف تحقيــق الكينونــة القوميــة‪ ،‬وذلــك مــن‬ ‫خــال مــا ترســمه معظــم النصــوص‪ ،‬إن‬ ‫مل تكــن جميعهــا عــن تصــوري الحقيقــي‬ ‫املجــرد لآلخــر اإلنســان والكــون‪ ،‬وللــذات‬ ‫ذايت التــي وإن كانــت كامنــة فقــد بعــث‬ ‫صوت َهــا الشــعر وضجــت ســطوره بهــا بعــد‬

‫أن تخمــرت ونضجــت يف مراحــل مختلفــة‪.‬‬ ‫«دميــة محمــود عــار»‪ ،‬شــاعرة وكاتبــة‬ ‫مرصيــة‪ ،‬مــن مواليــد عــام ‪ 1972‬تحمــل‬ ‫شــهادة بكالوريــوس علــوم ‪ -‬حاســبات‬ ‫وإحصــاء منــذ عــام ‪ 1993‬مــن جامعــة‬ ‫امللــك عبــد العزيــز بجــدة‪ ،‬عملــت‬ ‫لســنوات معيــدة يف كليــة الرتبيــة للبنــات‬ ‫يف مدينــة أبهــا الســعودية بأقســام‬ ‫الحاســب اآليل والرياضيــات واإلحصــاء‪.‬‬ ‫لهــا العديــد مــن النصــوص الشــعرية‬ ‫والنرثيــة املنشــورة يف عــدة مواقــع‬ ‫وصحــف ومجــات ورقيــة وإلكرتونيــة‪.‬‬ ‫مــن نــص «لــن أتوقــف» اخرتنــا هــذا‬ ‫املقطــع‪:‬‬

‫سأقار ُع املوتَ بالحياة‬ ‫والكر َه بالحب‬ ‫واألنياب بالقبالت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وأتبادل الغزل‬ ‫سأج ّد ُد ريقي‬ ‫وأع ُّد العشاق‬ ‫******‬ ‫سأرقص كثريا ً‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫رقصات جديدة‬ ‫وأتعل ُم‬ ‫سأغ ّني وأغ ّني‬ ‫سأتد ّر ُب عىل العـود‬ ‫وأقتني جيتارا ً‬ ‫وأنتظم يف دروس الـبَـ ْزق‬ ‫وأم ّر ُر أنفايس يف الـنـاي‬

‫تشريح الثورة‬ ‫وفاء شهاب الدين‬ ‫كتــاب صــادر عــن مؤسســة كلمــة‬ ‫اإلماراتيــة التابعــة لهيئــة أبوظبــي‬ ‫للســياحة والثقافــة‪ .‬تأليــف‪ :‬كريــن‬ ‫برينــن ومــن ترجمــة ســمري الجلبــي‪،‬‬ ‫مجموعــة النيــل العربيــة مــوزع‬ ‫رئيــي معتمــد‪.‬‬ ‫أفضــل وأشــهر كتــب املــؤرخ‬ ‫واألكادميــي األمريــي كريــن برينــن‪،‬‬ ‫الــذي حــاول يف هــذا الكتــاب تأســيس‬ ‫منــط تتبعــه معظــم الثــورات‪ .‬وقــد‬ ‫درس أربــع ثــورات كــرى‪ :‬الثــورة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬الثــورة الفرنســية‪ ،‬الثــورة‬ ‫الروســية‪ ،‬والحــرب األهليــة يف إنكلـرا‪.‬‬ ‫يحلــل مؤلــف الكتــاب ميــول مجتمــع‬

‫يســبق ثــورة كــرى‪ ،‬وهــو يــرى أنــه‬ ‫يجمــع بــن التوتــرات االجتامعيــة‬ ‫والسياســية بســبب التدهــور‬ ‫التدريجــي لقيــم املجتمــع‪ .‬إن‬ ‫فكرتــه عــن الثــورة هــي أنهــا عمليــة‬ ‫قلــب الســلطة مــا يــؤدي إىل تــويل‬ ‫املتطرفــن الســلطة‪ ،‬ثــم تهــدأ األمــور‪.‬‬ ‫وقــد شــ ّبه الثــورة بحمــى ترتفــع‬ ‫بســبب شــكاوى أفــراد شــعب مــا‪.‬‬ ‫ومــن أعــراض هــذه الحمــى انهيــار‬ ‫هيــكل الســلطة‪ .‬تســتعر الحمــى ثــم‬ ‫يصبــح واضحـاً أن النــاس ال يتحملــون‬ ‫تلــك الحمــى وتحــل ســلطة أفضــل‬ ‫محـ ّـل هــذا االهتيــاج ويصبــح النــاس‬ ‫أســعد‪.‬‬

‫مث ّــة مــن يــرى أن روســيا االتحاديــة‪ ،‬ويف ٍ‬ ‫تحــد صــارخ‬ ‫للهيمنــة األمريكيــة األحاديــة تعمــل عــى اســتعادة مكانتهــا‬ ‫العامليــة‪ ،‬وإرســاء دورهــا كقــوة عظمــى ينبغــي عــدم‬ ‫تجاهلهــا مــن اآلخريــن‪ ،‬بــل والعمــل عــى كــر هــذه‬ ‫الهيمنــة‪ ،‬والعــودة إىل امللعــب الــدويل كالعــب فاعــل يف‬ ‫الخريطــة الجيوسياســية العامليــة واملؤسســات الدوليــة‪.‬‬ ‫ومثّــة مــن يستشــهد عــى ذلــك بتدخــل روســيا يف أوســيتيا‬ ‫الجنوبيــة وأبخازيــا‪ ،‬وكذلــك عمليتهــا العســكرية الناجحــة يف‬ ‫شــبه جزيــرة القــرم‪ ،‬ودورهــا الراجــح واملعطــل يف مجلــس‬ ‫األمــن‪ ،‬إضافــة إىل العديــد مــن املواقــف التــي عــرت عــن‬ ‫قوتهــا الدبلوماســية‪ ،‬بغــض النظــر عــن موافقتهــا للقواعــد‬ ‫األخالقيــة والقوانــن الدوليــة‪ ،‬وصــوالً إىل التدخــل العســكري‬ ‫الــرويس املفاجــئ والرسيــع يف ســوريا‪ ،‬والــذي يشــكل مــع‬ ‫التدخــل اإليـراين احتــاالً مزدوجـاً لــأرايض الســورية‪ ،‬ينبغــي‬ ‫أن يواجــه مبوقــف دويل رادع‪ ،‬وبعواقــب دبلوماســية‪ ،‬وحتــى‬ ‫عســكرية إذا اقتــى األمــر لحاميــة الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫ووحــدة ترابــه الوطنــي‪.‬‬ ‫وإ ّن املشــهد الســيايس الــذي يُعطــي هــذا االنطبــاع ال يعــر‬ ‫عــن حقيقــة القــوة الروســية العائــدة إىل الســاحة الدوليــة‬ ‫باإلرغــام‪ ،‬بــل إن قــوة روســيا االتحاديــة الحقيقيــة هــي مــا‬ ‫تجــى يف انســحاب بوارجهــا العســكرية عــى عجــل‪ ،‬بعــد‬ ‫ّ‬ ‫املجــزرة الكيامويــة يف الغوطــة الرشقيــة ‪ 2013/8/21‬وإثــر‬ ‫تحــرك البــوارج وحامــات الطائــرات األمريكيــة إىل البحــر‬ ‫األحمــر ورشق املتوســط‪ ،‬واإلعــان عــن توجيــه رضبــة إىل‬ ‫ســوريا‪ ،‬ومبــادرة روســيا إىل التفــاوض نيابــة عــن النظــام‬ ‫الســوري يف تســليم وتدمــر ســاحه الكيــاوي‪.‬‬ ‫عــر الفــروف عــن حقيقــة القــوة الروســية مبواجهــة‬ ‫وقــد ّ‬ ‫اإلرادة األمريكيــة بالقــول‪« :‬إن روســيا ليســت لديهــا الن ّيــة‬ ‫للدخــول يف رصاع عســكري حــول ســوريا»‪.‬‬ ‫ال شــك أن أمريــكا ال متانــع مــن تــورط روســيا يف ســوريا‪،‬‬ ‫وانســياقها يف رصاع مركــب ومعقــد قــد ميتــد إىل ســنوات‪،‬‬ ‫وإظهارهــا مبظهــر العــدو للشــعب الســوري وحقــه يف‬ ‫تقريــر مصــره‪ ،‬وتعرضهــا لإلبهــاظ االقتصــادي‪ ،‬والعواقــب‬ ‫الدبلوماســية والعســكرية الخطــرة التــي قــد تتجــاوز تورطهــا‬ ‫يف أفغانســتان‪.‬‬ ‫إن الــدور الــرويس يف ســوريا ال يتعلــق بقــوة روســيا‪ ،‬وإمنــا‬ ‫بحســن قراءتهــا لألهــداف األمريكيــة الحاليــة يف الــرق‬ ‫األوســط‪ ،‬وإدراكهــا أن اإلدارة األمريكيــة ال ترغــب بــدور لــه‬ ‫طابــع عســكري يف ســوريا حتــى اآلن عــى أقــل تقديــر‪ ،‬طاملــا‬ ‫أن مصالحهــا متحققــة مــن خــال سياســة «القيــادة مــن‬ ‫الخلــف»‪ ،‬و»القــوة الذكيــة»‪ ،‬ومبــدأ «األهــم فاملهــم»‪.‬‬ ‫ولكــن الســؤال الــذي ينتظــر الجــواب هــو إىل متــى يتحمــل‬ ‫العــامل أخالقيـاً وسياســياً وقانونيـاً هــذا التدمــر املمنهــج مــن‬ ‫قبــل النظــام‪ ،‬وهــذا االحتــال العســكري اإليــراين الــرويس‬ ‫املــزدوج لســوريا؟! وكيــف ســيربر أصدقــاء الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫والالعبــون اإلقليميــون صمتهــم وتهميشــهم جــ ّراء هــذا‬ ‫االحتــال الــرويس اإلي ـراين‪ ،‬وكيــف ســيقبلون عــى أنفســهم‬ ‫إذا اســتمروا يف صمتهــم وســلبيتهم حكــم التاريــخ؟!‬ ‫أمــا الشــعب الســوري فإنــه مـ ٍ‬ ‫ـاض إىل قــدره مبــا ميلــك مــن‬ ‫قــوة اإلرادة والتصميــم‪ ،‬وحــق الشــعوب يف تقريــر مصريهــا‪،‬‬ ‫وحتميــة التغيــر‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السادس والعشرون ‪ 15 /‬ت األول ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.