Alharmal (27) 01 11 2015

Page 1

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬ت الثاني ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫دوم��ا حت��ت الن��ار واحلص��ار‬

‫‪sayı 27‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ش��هداء الكلم��ة‬ ‫فارس احلمادى‬

‫إبراهيم عبدالقادر‬

‫جبهة ثوار الرقة تعلن حمافظة الرقة منطقة عسكرية بالكامل‬ ‫أب��و عيس��ى‪ :‬س��اعة الصف��ر لتحري��ر الرق��ة من داع��ش قريب��ة جداً‬ ‫أعلــن أبــو عيــى قائــد جبهــة ثــوار الرقــة يــوم الخميــس‬ ‫‪ 2015/10/29‬أن محافظــة الرقــة منطقــة عســكرية بالكامــل‪،‬‬ ‫واإلعــان عــن ســاعة الصفــر لتحريــر محافظــة الرقــة مــن ســيطرة‬ ‫تنظيــم «داعــش» ســتكون قريبــة جــدا ً‪.‬‬ ‫وأوضــح أبــو عيــى يف بيــان مصــور نرشتــه عــدد مــن املواقــع‬ ‫اإللكرتونيــة ومواقــع التواصــل االجتامعــي‪ ،‬وجــاء أوالً عــى صفحــة‬ ‫لــواء ثــوار الرقــة أن لحظــة التحريــر قريبــة جــدا ً‪ ،‬وقــال مخاطب ـاً‬ ‫أهــل الرقــة‪ :‬يــا أهلنــا يف محافظــة الرقــة‪ ،‬لقــد حملنــا الســاح‬ ‫لحمياتكــم وتحريركــم‪ ،‬وعاهدنــا اللــه وعاهدناكــم عــى ذلــك‪،‬‬ ‫وأخذنــا هــذه املســؤولية عــى عاتقنــا‪ ،‬واعتربناهــا فرض ـاً وواجب ـاً‬ ‫علينــا‪ ،‬واليــوم نُعلــن أن الوقــت قــد حــان لتحريركــم مــن ظلــم‬ ‫واضطهــاد داعــش‪ ،‬وســنقف بوجــه كل مــن يريــد أن يذلكــم‬ ‫ويســتعبدكم‪ ،‬وســنعلن ســاعة الصفــر قريبــاً ملعركــة التحريــر مــن الظلــم واالضطهــاد‪.‬‬ ‫وأضــاف أبــو عيــى يف بيانــه‪ ،‬قائـاً‪ :‬نعلمكــم أنكــم انتظرتــم هــذه الســاعة كثـرا ً‪ ،‬أنتــم والســوريون والعــامل‪ ،‬وســتكون هــذه املعركــة تاريخيــة ومصرييــة للرقــة أوالً ولســوريا‬ ‫ثانيـاً‪ ،‬وســيصل صداهــا للعــامل كلــه‪ ،‬وليثبــت أبطــال جبهــة ثــوار الرقــة أنهــم أهــل لهــذه املهمــة التاريخيــة‪ ،‬وأن أرواح ودمــاء رجــال الرقــة رخيصــة ألجــل عـ ّزة وكرامــة‬ ‫أهلهــم‪ ،‬وســنثبت لشــعبنا العظيــم أننــا أبنــاؤه بحــق‪ ،‬وســيكتب التاريــخ ذلــك‪ ،‬وسيشــهد أهلنــا والعــامل بهــذا‪.‬‬ ‫وأكــد قائــد جبهــة ثــوار الرقــة يف كلمتــه أن الرقــة اعتبــارا ً مــن هــذا اليــوم هــي منطقــة عســكرية بالكامــل‪ ،‬وقــال‪ :‬نعلــن أن محافظــة الرقــة منطقــة عســكرية‪ ،‬لــذا يتوجــب‬ ‫عــى أهلنــا عــدم التواجــد يف األماكــن التــي يتواجــد فيهــا عنــارص داعــش‪ ،‬وذلــك حفاظـاً عــى حياتهــم وســامتهم‪.‬‬ ‫وأضــاف أبــو عيــى‪ :‬إننــا نعطــي مهلــة أخــرة للذيــن انتســبوا وتقربــوا لتنظيــم داعــش أن يرتكــوه ضمــن مهلــة قدرهــا خمســة أيــام مــن تاريخــه‪ ،‬قبــل أن يفــوت األوان‪،‬‬ ‫وال ينفــع النــدم‪ ،‬وليتذكــر مــن ُغــرر بهــم معركــة تحريــر تــل أبيــض كيــف تخـ ّـى عنهــم املرتزقــة وولــوا هاربــن‪.‬‬ ‫وطالــب يف ختــام كلمتــه أهــايل الرقــة أن يتعاونــوا مــع جبهــة ثــوار الرقــة‪ ،‬وقــال‪ :‬كونــوا عــى ثقــة مــا قلنــاه‪ ،‬ولنكــن ســندا ً وعون ـاً لبعضنــا‪ ،‬لنتخلــص مــن االســتبداد‬ ‫املتمثــل بنظــام األســد‪ ،‬واإلرهــاب املتمثــل بداعــش‪ ،‬ونبنــي وطننــا عــى أســس الحريــة والكرامــة‪.‬‬

‫األسد‪ ..‬بوتني‪ ..‬لقاء بارد يف أجواء ساخنة!‬

‫بابتســامات باهتــة‪ ،‬ومصافحــة تتصنــع الح ـرارة‪ ،‬وبغيــاب املظاهــر الربوتوكوليــة الرئاســية‪ ،‬اســتقبل الرئيــس فالدمــر بوتــن الثالثــاء ‪2015/10/20‬‬ ‫رأس النظــام الســوري بشــار األســد يف أول زيــارة خارجيــة لــه منــذ انــدالع الثــورة الســورية عــام ‪ 2011‬وبعــد ثالثــة أســابيع عــى بــدء الظربــات الجويــة‬ ‫الروســية يف ســوريا‪.‬‬ ‫التتمة صفحة ‪15‬‬

‫تل أبيض‪ ..‬من احلاكمية الداعشية إىل احلاكمية الكردية!‬ ‫انطالقـاً مــن ســعي «حــزب االتحــاد الدميوقراطــي»‪ PYD‬إىل إقامــة حكــم ذايت يف شــال ســوريا‪ ،‬التــي يقســمها إىل ثــاث مقاطعــات هــي‪ :‬الجزيــرة‬ ‫«روج آفــا» وعــن العــرب «كوبــاين» باإلضافــة إىل مقاطعــة عفريــن‪ ،‬فقــد أصــدر‪ .‬يف وقــت ســابق مــن هــذا العــام‪ ،‬بعــد تحريــر تــل أبيــض‪.‬‬ ‫التتمة صفحة ‪15‬‬

‫ذرور احلرمل‬ ‫الكورد‪ ..‬وتنازع اهلويات‪!..‬‬

‫بسام البليبل‬

‫يف خضــم ثــورة عارمــة حافلــة مبخاضــات التغيــر‪ ،‬وحلــم التحــول‬ ‫ظــل تباينــات حــادة يف املصالــح اإلقليميــة والدوليــة‪،‬‬ ‫الدميقراطــي‪ ،‬ويف ّ‬ ‫ومؤامـرات النظــام لاللتفــاف عــى الثــورة الســورية مــن خــال العمل عىل‬ ‫مواجهتهــا بخطــر التفــكك العرقــي واملذهبــي‪ ،‬مثــة أصــوات انطلقــت مــن‬ ‫عمــق الفــوىض الســورية‪ ،‬وال ســيام عنــد بعــض أبنــاء املكــون الكــوردي‪،‬‬ ‫تنــادي بالحكــم الــذايت وتعمــل عليــه‪ ،‬متهيــدا ً للدولــة الكرديــة‪ ،‬مقابــل‬ ‫أصــوات كرديــة أخــرى ســاندت الثــورة‪ ،‬وانحــازت النتامئهــا الوطنــي‪،‬‬ ‫رافضــة سياســة اغتنــام الفــرص لفــرض املــروع القومــي‪.‬‬ ‫ال ريــب أن مســتقبل أكــراد ســوريا مرتبــط بشــكل عضــوي مبســتقبل‬ ‫ســوريا الجديــدة‪ ،‬كدولــة مواطنــة وقانــون‪ ،‬يتمتــع فيهــا الجميــع بالحقوق‬ ‫املدنيــة والسياســية ذاتهــا‪ ،‬مــن غــر متييــز يف العــرق أو اللغــة أو الديــن‪،‬‬ ‫مثلــا أن مســتقبلهم مرتبــط بانحيازهــم إىل انتامئهــم الوطنــي دون‬ ‫االفتئــات عــى مــا هــو قومــي‪ ،‬ودورهــم الفاعــل كعامــل توحيــد ال‬ ‫تفرقــة‪ ،‬وإدراكهــم العميــق أن اغتنــام الفــرص يف ظـ ّـل الفــوىض‪ ،‬وتكريــد‬ ‫أســاء املــدن والقــرى‪ ،‬وانتهــاز مــا تســمح بــه املتغــرات الدوليــة‪،‬‬ ‫لــن يخلــق للكــورد مرتكــزات واقعيــة‪ ،‬وضامنــات دســتورية وقانونيــة‬ ‫لحلمهــم القومــي مســتقبالً‪ ،‬بقــدر مــا يخلــق رشخ ـاً يف الهويــة الوطنيــة‬ ‫الجامعــة التــي كان أك ـراد ســوريا جــزءا ً مــن تاريخهــا النضــايل والثقــايف‬ ‫واالجتامعــي‪.‬‬ ‫لقــد عــاىن أك ـراد ســوريا‪ ،‬شــأنهم شــأن كل مكونــات املجتمــع الســوري‬ ‫يف النصــف قــرن املــايض مــن افتئــات النظــام عــى حقــوق املواطنــة‪،‬‬ ‫والتشــويه املســتمر للهويــات واختزالهــا‪ ،‬واالنتقــاص منهــا‪ ،‬بــل وإلغائهــا‪،‬‬ ‫ومــا قيــام الثــورة إال الســتعادة الهويــة الوطنيــة‪ ،‬واملواطنيــة الكاملــة لــكل‬ ‫مكونــات املجتمــع الســوري‪.‬‬ ‫ال شــك أن مخــاوف الكــورد الســوريني ومــا يتنازعهــم مــن انتــاءات‬ ‫وهويــات ودعــاوة تـراوح بــن إقليــم كــردي انفصــايل يف ســوريا‪ ،‬وأحــام‬ ‫إقامــة وطــن كــردي‪ ،‬والقــراءات الخاطئــة مــن بعــض القــوى الكرديــة‬ ‫لواقــع الفــوىض‪ ،‬والســلوكات السياســية العســكرية اإليرانيــة والروســية‪،‬‬ ‫والترصيحــات األمريكيــة بدعــم الفصائــل الكرديــة‪ ،‬وحاميــة األقليــات‬ ‫الســورية قــد انعكــس تشــتتاً وعــدم وضــوح رؤيــة‪ ،‬وغيــاب يف تصــور‬ ‫ســيايس واضــح‪.‬‬ ‫ولكــن ســتبقى مصلحــة الكــورد الســوريني‪ ،‬وكافــة املكونــات األخــرى‬ ‫اإلثنيــة والطائفيــة واملذهبيــة‪ ..‬يف أن تســاهم يف تحويــل هــذا التعــدد‬ ‫والتنــوع إىل ثــروة وطنيــة‪ ،‬ونهضــة اجتامعيــة‪ ،‬واحتشــاد منظــم يف‬ ‫وجــه آلــة القتــل األســدية‪ ،‬والقــوى املتجحفلــة معهــا مــن شـذّاذ اآلفــاق‬ ‫واملرتزقــة‪ ،‬واملقامريــن السياســيني‪ ،‬مــن أجــل ســوريا جديــدة لــكل‬ ‫الســوريني‪ ،‬تُبنــى عــى الدميقراطيــة وحكــم القانــون‪ ،‬وحقــوق اإلنســان‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫داع��ش تف��رض منهاجها الدراس��ي يف امليادي��ن بدير الزور‬

‫صرخة من الرقة‪..‬‬ ‫داعش وتعذيب املدنيني‬ ‫يعرب الدالي‬

‫الحرمل‬ ‫قــام تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫بافتتــاح مــدارس يف مدينــة املياديــن يف ريــف‬ ‫ديــر الــزور الرشقــي حيــث يتــم التدريــس‬ ‫مبناهــج خاصــة بالتنظيــم وبعــد إخضــاع‬ ‫املعلمــن لــدورة رشعيــة مدتهــا شــهران‪،‬‬ ‫ورشوط آخــرى فرضهــا التنظيــم عــى الطــاب‬ ‫واألهــايل حيــث دعــا األهــايل يف املياديــن إىل‬ ‫إرســال أطفالهــم إىل هــذه املــدارس التــي قــام‬ ‫بافتتاحهــا مؤخـرا ً يف املدينــة متوعــدا ً باعتقــال‬ ‫وتغريــم اآلبــاء الذيــن يرفضــون إرســال‬

‫أطفالهــم إىل املــدارس‪.‬‬ ‫باإلضافــة إىل ذلــك اشــرط التنظيــم أن تكــون‬ ‫مالبــس الطــاب «الباكســتانية» كــا فــرض‬ ‫أيضــاً مبلــغ ‪ 2‬دوالر أمريــي كرســم شــهري‬ ‫لعمليــة التعليــم يف املــدارس‪ ،‬وســيتم تعليــم‬ ‫البنــات بشــكل منفصــل وبــإرشاف معلــات‬ ‫تــم إخضاعهــن لــدورات رشعيــة منــذ شــهرين‬ ‫يف جامــع الروضــة يف املياديــن بــإرشاف أحــد‬ ‫مســؤويل التنظيــم املدعــو «أبــو الفــداء‬ ‫التونــي»‪ ،‬عل ـاً أن تعليــم البنــات وبحســب‬ ‫القــرار للصــف الرابــع فقــط‪.‬‬

‫وقــام التنظيــم بتحديــد رواتــب املدرســن‬ ‫بـــ‪ 35‬دينــار فــي مــن العملــة التــي أصدرهــا‬ ‫التنظيــم مــن أجــل إجبــار النــاس عــى التــداول‬ ‫بعملتــه الجديــدة فقــط‪.‬‬ ‫الجديــر بالذكــر أن التنظيــم مل يصــدر أي قـرار‬ ‫بشــأن التعليــم للمرحلتــن اإلعداديــة والثانوية‬ ‫حيــث اقتــر األمــر عــى املرحلــة االبتدائيــة‬ ‫فقــط‪ ،‬كــا يواصــل تتبــع حركــة املدرســن‪،‬‬ ‫ويعتقــل مــن يقــوم بتدريــس مناهــج دراســية‬ ‫تخالــف مناهجــه‪.‬‬ ‫ومــن جانــب آخــر فــرض التنظيــم رضيبــة‬ ‫‪ 100‬لــرة ســورية عــى كل دونــم مــن‬ ‫األرايض الزراعيــة التــي يعمــل فيهــا األهــايل‬ ‫والتــي تعــود ملكيتهــا للنظــام وتقــدر بــآالف‬ ‫الهكتــارات ولقــد أوقــف التنظيــم رواتــب‬ ‫عــال محطــات امليــاه ومعظــم الدوائــر‬ ‫اآلخــرى يف ريــف ديــر الــزور الرشقــي حيــث‬ ‫أن التنظيــم وعــد النــاس بتســليمهم جــزءا ً‬ ‫مــن الرواتــب أو إعطائهــم رواتبهــم بالعملــة‬ ‫الخاصــة بالتنظيــم‪.‬‬

‫ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺍﻋﺶ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ‬ ‫ﺑﺤﻖ ﺍﻤﻟﺪﻧﻴﻦﻴ ﻲﻓ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ‬ ‫ﺗﻮﺍﺟﺪﻩ ﻋﻰﻠ ﺍﻷ‌ﺭﺍﻲﺿ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ‪ ،‬ﻭﻭﻓﻘﺎً ﻟﺤﻤﻠﺔ‬ ‫«ﺮﺻﺧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺔ» ﻓﻘﺪ ﺷﻤﻠﺖ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ‬ ‫ﻣﺎﺭﺳﻬﺎ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺍﻋﺶ ﻋﺪﺩﺍ ً ﻛﺒﺮﻴا ً ﻣﻦ ﺍﻤﻟﺠﺎﻻ‌ﺕ‪،‬‬ ‫ﺣﻴﺚ ﺷﻤﻠﺖ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺑﺤﻖ ﺍﻹ‌ﻋﻼ‌ﻣﻴﻦﻴ‬ ‫ﻭﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺍﻤﻟﺪﻧﻴﻦﻴ‪ ،‬ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻦﻴ ﻲﻓ ﻛﺘﺎﺋﺐ ﺍﻤﻟﻌﺎﺭﺿﺔ‪ ،‬إ‌ﺿﺎﻓﺔ ﺇﻰﻟ‬ ‫ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺑﺤﻖ ﺍﻷ‌ﻗﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺑﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ﺍﻤﻟﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﻄﻔﻞ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﻤﺗﻜﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﺴﺠﻦﻴ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺬﻱ‬ ‫ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭﻣﺎ ﻳﺪﻭﺭ ﻲﻓ‬ ‫ﺳﺠﻮﻥ ﺩﺍﻋﺶ‪.‬‬ ‫ﻳﻘﻮﻝ «ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺑﻮ ﺍﺳﻼ‌ﻡ» ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﺣﻤﻠﺔ‬ ‫«ﺮﺻﺧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺔ»‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﺍ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ‬ ‫ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺘﻘالً ﻟﺪﻯ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺍﻋﺶ‪« :‬ﻟﻘﺪ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻋﻰﻠ ﺟﺴﻢ ﻫﺬﺍ‬ ‫ﺍﻟﺸﺎﺏ‪ ،‬وﺗﻢ ﺗﻌﺬﻳﺒﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﻋﺐ‪ ،‬ﺟﺴﺪﻩ‬ ‫ﻣﻠﻄﺦ ﺑﺎﻟﻌﻼ‌ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ‪ ،‬إﻥ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺩﺍﻋﺶ‬ ‫ﻳﻮﺍﺯﻱ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍألﺳﺪﻳﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻟﻠﻤﻌﺘﻘﻠﻦﻴ»‪.‬‬ ‫ﻭﻳﻀﻴﻒ «ﺃﺑﻮ ﺍﺳﻼ‌ﻡ» ﻟﻘﺪ ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺠﻦﻴ‬ ‫ﻭﺃﺧﺮﺒﻲﻧ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻤﻟﻌﺘﻘﻠﻦﻴ‪ ،‬ﻳﻀﻌﻮﻥ‬ ‫ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻢ ﻲﻓ ﺯﻧﺰﺍﻧﺎﺕ ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ ﻻ‌ ﻳﺰﻳﺪ ﻃﻮﻟﻬﺎ‬ ‫ﻋﻦ ﻣﺮﺘﻳﻦ‪ ،‬ﺑﻌﺮﺽ ﻣﺮﺘ ﻭﺍﺣﺪ‪ ،‬وﻲﻓ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﻣﺮﺣﺎﺽ‪،‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺃﻛﺮﺜ ﻣﻦ ﺳﺠﻦﻴ ﻲﻓ ﻣﻨﻔﺮﺩﺓ‬ ‫ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺬﻳﺒﻬﻢ ﺑﺄﺑﺸﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ»‪.‬‬ ‫ﻭﻳﻨﻘﻞ ﻋﻀﻮ ﺮﺻﺧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦﻴ ﻗﺎﺋﻼ‌‪:‬‬ ‫«ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﻭﺟﺒﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻲﻓ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻰﻠ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ‬ ‫ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻦﻴ‪ ،‬ﻲﻓ ﺣﻦﻴ يــوزع ألﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨﻄﺮﻴﺓ‬ ‫ﻧﺼﻒ ﻭﺟﺒﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻻ‌ ﻭﺟﺒﺎﺕ ﻟﻬﻢ»‪.‬‬ ‫ﻭﻋﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﺠﻮﻥ ﺩﺍﻋﺶ ﻗﺎﻝ‪:‬‬ ‫«ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻨﺎﺮﺻ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﺍﻋﺶ «ﺑﺸﺒﺢ» ﺍﻟﺴﺠﻦﻴ‬ ‫ﻤﻟﺪﺓ ﻋﺪﺓ أﻳﺎﻡ‪ ،‬ﻗﺪ ﺗﺼﻞ ﻟﻌﺮﺸﺓ أﻳﺎﻡ ﻲﻓ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻻ‌‬ ‫ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻷ‌ﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻳﺎﺭﺳﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺑﺤﻖ‬

‫ﺍﻤﻟﺪﻧﻴﻦﻴ ﺍﻤﻟﻌﺘﻘﻠﻦﻴ ﻟﺪﻳﻪ‪ ،‬ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺑﺄﻡ ﻋﻴﻨﻲ‬ ‫ﺭﺟﺎﻻ‌ً ﻳﺘﻘﻴﺌﻮﻥ ﻋﻰﻠ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ‪ ،‬ﻭﻳﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻳﻬذﻭﻥ‬ ‫ﺑﺎﻟﻼ‌ﻭﻋﻲ ﺟﺮﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻼ‌ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ»‪.‬‬ ‫ﻭﺧﺘﻢ ﺣﺪﻳﺜﻪ قائــاً‪« :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﻴﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﻞ‪،‬‬ ‫ﻧﺤﺲ ﺑﻪ‪ ،‬ﻟﻴﺄﻲﺗ ﺍﻟﺴﺠﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻴﺎﻓﻌﻮﻥ‪ ،‬ﻭﺟﻠّﻬﻢ ﻣﻦ‬ ‫ﺣﺪﻳﺜﻲ ﺍﻟﺴﻦ‪ ،‬ﻭﻳﺸﻐﻠﻮﻥ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﻔﻴﺪﻳﻮ‬ ‫ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ‬ ‫ّ‬ ‫مــن ﺇﺻﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‪ ،‬ﻣﻦ ﺣﺮﻕ؛ ﻭﺫﺑﺢ؛‬ ‫ﻭﺇﻏﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺳﻴﺲ‪ ،‬ﻭﺍﻤﻟﺮﺗﺪﻳﻦ؛‬ ‫ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭ‪ ،‬ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﺳﻴﺄﻲﺗ ﺩﻭﺭﻛﻢ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻤﻟﺜﻞ‬ ‫ﻫﺬﺍ‪ ،‬ﻭﻳﻘﺼﺪﻭﻥ ﺍﻹ‌ﻋﺪﺍﻡ‪ ،‬ﺇﻰﻟ ﺃﻥ ﺟﺎﺀ ﻓﺮﺝ ﺍﻟﻠﻪ‬ ‫ﻲﻠ‪ ،‬ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺳﺠﻨﻬﻢ ﻣﺴﺘﺬﻛﺮﺍ ً ﻣﺎ ﺣﺼﻞ‬ ‫ﻋ َّ‬ ‫ﻣﻌﻲ ﻋﻨﺪﻫﻢ‪ ،‬ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺎً ﻤﻟﺎ ﺣﺪﺙ ﻲﻟ ﻲﻓ ﺍﻋﺘﻘﺎﻲﻟ‬ ‫ﺍﻷ‌ﻭﻝ ﺑﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻲﻓ ﻣﻌﺘﻘﻼ‌ﺕ ﻗﻮﺍﺕ‬ ‫ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ»‪.‬‬ ‫ﻳﺸﺎﺭ ﺍﻰﻟ ﺃﻥ «ﺣﻤﻠﺔ ﺮﺻﺧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﺔ» ﺃﻃﻠﻘﻬﺎ‬ ‫ﻨﺎﺷﻄﻮﻥ ﻲﻓ ﺍﻟﺮﻗﺔ‪ ،‬ﻭﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻗﺪ‬ ‫ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻰﻠ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻ‌ﺟﺘﺎﻤﻋﻲ ﻟﻨﺮﺸ‬ ‫ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ‪ ،‬ﻣﺎﻤ ﺣﻔﺰ ﻧﺎشــطي ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻋﻰﻠ ﺍﺗﺨﺎﺫ‬ ‫ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ذاتهــا يف ﻧﺮﺸ ﻣﺎﻤﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ‬ ‫ﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ ﻲﻓ ﺣﻖ ﺍﻤﻟﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﻭﺍﻷ‌ﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻢﻟ ﺗﺴﻠﻢ‬ ‫ﻣﻦ ﺃﺫﺍﻫﻢ‪.‬‬

‫اجلي��ش احل��ر أملن��ا الوحي��د‪ ...‬محل��ة أطلق��ت لتس��ليط الض��وء عل��ى تضحي��ات اجلي��ش احل��ر‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬ ‫أطلقــت الهيئــة الســورية لإلعــام‬ ‫بالتعــاون مــع الهيئــات واملنظــات‬ ‫الثوريــة يف املنطقــة الجنوبيــة حملــة‬ ‫إعالميــة تحــت عنــوان «الجيــش الحــر‬ ‫أملنــا الوحيــد» لدعــم الجيــش الحــر‪،‬‬ ‫وتســليط الضــوء عــى التضحيــات‬ ‫الجســام التــي قدمهــا ومــا زال يقدمهــا‬ ‫حتــى اللحظــة‪.‬‬ ‫وتهــدف الحملــة إىل إيصــال رســالة إىل‬ ‫العــامل مفادهــا بــأن الجيــش الحــر املمثــل‬ ‫الرشعــي للثــورة الســورية والشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وتذكــره بــأن الشــعب الســوري‬ ‫عــى امتــداد األرض الســورية مل يهتــف إال‬ ‫للجيــش الســوري الحــر الــذي دافــع ويدافــع‬ ‫بــكل مــا ميلــك مــن وســائل عــن الشــعب‬ ‫األعــزل ضــد أقــوى وأعتــى قــوى اإلجــرام‬ ‫يف العــامل املتمثلــة بنظــام األســد وحلفائــه‬ ‫اإليرانيــن وميليشــيا حــزب اللــه وروســيا‬ ‫وفقـاً «ألبــو املجــد الزعبــي» منســق الحملــة‪.‬‬ ‫وأضــاف الزعبــي بــأن «الحملــة التــي بــدأت‬ ‫يف ‪ 21‬وانتهــت يف ‪ 24‬مــن شــهر ترشيــن‬ ‫األول الجــاري تــأيت يف ظــل العــدوان الــرويس‬ ‫الغاشــم عــى ســوريا وشــعبها مبســاندة‬ ‫القــوى األجنبيــة عــى األرض الســورية‬ ‫املتمثلــة بامليليشــيات اإليرانيــة واللبنانيــة‬ ‫والعراقيــة واملرتزقــة مــن كل بقــاع األرض‬

‫جلبهــا نظــام األســد لقتــل الســوريني‪ ،‬بشــتى‬ ‫أصنــاف األســلحة مــن براميــل متفجــرة‬ ‫وصواريــخ الســكود واألســلحة املحرمــة دوليـاً‬ ‫عــى مــرأى ومســمع مــن العــامل أجمــع»‪.‬‬ ‫وأشــار املنســق إىل أن «الحملــة تهــدف أيضـاً‬ ‫إىل تذكــر العــامل بــأن الثــورة الســورية‪ ،‬والتــي‬ ‫خرجــت تهتف بالحريــة والدميقراطيــة حاملة‬ ‫أغصــان الزيتــون والــورود مل ولــن تذهــب‬ ‫إىل التطــرف‪ ،‬وهــي مصممــة أكــر مــن ذي‬ ‫قبــل إىل الوصــول لهدفهــا املتمثــل بجعــل‬ ‫ســوريا بلــدا ً حــرا ً وكرميــاً يضمــن الحقــوق‬ ‫لــكل الشــعب الســوري الــذي بــات أكــر مــن‬ ‫نصفــه بــن الجــئ ونــازح وشــهيد ومعتقــل»‪.‬‬ ‫ولفــت الزعبــي إىل أن «الحملــة تــأيت بعــد‬ ‫اتهــام أطــراف عامليــة الثــورة الســورية‬ ‫بالتطــرف‪ ،‬مــع علمهــم ودرايتهــم بــأن‬

‫داعــش عرابهــا بشــار األســد‪ ،‬وهــو مــن صنــع‬ ‫اإلرهــاب واملنظــات املتطرفــة يف املنطقــة‬ ‫كالعــراق ولبنــان منــذ ســنوات ماضيــة»‪،‬‬ ‫منوهـاً إىل أن العاملــن عــى الحملــة يريــدون‬ ‫إيصــال رســالة نيابــة عــن الشــعب الســوري‬ ‫بــأن ســوريا ال يوجــد فيهــا قــوى وطنيــة متثــل‬ ‫الشــعب إال الجيــش الســوري الحــر وبأنــه‬ ‫منــذ البدايــة منــح الشــعب الســوري الجيــش‬ ‫الحــر وســام رشف حاميــة الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وعــى الرغــم مــن كل املــآيس والقتــل اليومــي‬ ‫الــذي يتعــرض لــه مــن قبــل قــوات األســد‬ ‫وحلفائهــا فأنهــم مــا يزالــون يســعون إىل‬ ‫تحقيــق أهــداف الثــورة الســورية»‪.‬‬ ‫وقــال أبــو املجــد‪« :‬إن الحملــة كانــت عبــارة‬ ‫عــن رســالة ودعــوة لــكل املجتمعــات الحــرة‬ ‫للتعــرف عــى البطــوالت التــي يقدمهــا‬

‫الجيــش الحــر‪ ،‬والــذي يخــوض رغــم إمكانياته‬ ‫املحــدودة حربــاً عامليــة تشــارك فيهــا دول‬ ‫عظمــى‪ ،‬حيــث القــت الحملــة أصــداء جيــدة‬ ‫داخــل ســوريا وخارجها ألن الشــعب الســوري‬ ‫يرغــب يف إيصــال رســالة للعــامل بأنــه أتخــذ‬ ‫قـراره‪ ،‬ولــن يــرىض بوجــود قــوى عــى األرض‬ ‫إال الجيــش الحــر»‪.‬‬ ‫وأوضــح الزعبــي بــأن «الحملــة ال تكفــي يف‬ ‫ظــل الظــروف الراهنــة‪ ،‬وتــأيت يف إطــار الدعم‬ ‫املعنــوي للمرابطــن عــى الثغــور مــن عنــارص‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬داعيــاً الــدول الصديقــة‬ ‫للشــعب الســوري أن تفــي بأقــل التزاماتهــا‬ ‫يف تقديــم الدعــم والســاح النوعــي للجيــش‬ ‫الحــر الــذي يتصــدى للطــران واملدرعــات‬ ‫بســاح فــردي‪ ،‬وأن يســاهم املجتمــع الــدويل‬

‫بإعــادة الشــعب املــرد إىل‬ ‫منازلــه بعــد إزاحــة نظــام األســد‬ ‫عــن حكــم ســوريا»‪.‬‬ ‫وبــن املنســق بــأن «الحملــة مل‬ ‫تشــمل املنطقــة الجنوبيــة فقــط‪،‬‬ ‫كــون الجيــش الســوري الحــر‬ ‫ليــس ملــكاً ألبنــاء الجنــوب‪،‬‬ ‫والحديــث عــن الجيــش الحــر‬ ‫يشــمل األبطــال الذيــن عاشــوا‬ ‫شــهورا ً طويلــة يف أحيــاء حمــص‬ ‫القدميــة يدافعــون عــن النســاء‬ ‫واألطفــال والشــيوخ‪ ،‬وعــن‬ ‫الجيــش الحــر يف إدلــب الــذي منــح أهلهــا‬ ‫الحريــة‪ ،‬ويف الســاحل الــذي يســطر أروع‬ ‫املالحــم يف عقــر دار األســد‪ ،‬ويف حــاة يخوض‬ ‫أرشس املعــارك ضــد جحافــل األســد وحلفائــه‪،‬‬ ‫وكذلــك يف الغوطــة وجنــوب دمشــق الذيــن‬ ‫أوجعــوا بشــار األســد ونظامــه‪ ،‬وأيضــاً‬ ‫املنطقــة الرشقيــة والرقــة والحســكة‪ ،‬الــذي‬ ‫حــرر مناطــق شاســعة قبــل ابتالعهــا مــن‬ ‫قبــل حلفــاء األســد «داعــش»‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن الحملــة تضمنــت عــرض أفــام‬ ‫وثائقيــة وميدانيــة لقــادة مــن الجيــش الحــر‬ ‫استشــهدوا أثنــاء املعــارك التــي خاضهــا‬ ‫الجيــش الحــر ضــد قــوات األســد باإلضافــة‬ ‫إىل برامــج إذاعيــة وحواريــة اســتضيف فيهــا‬ ‫شــخصيات قياديــة مــن الجيــش الحــر‪.‬‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫ب��وادر عم��ل عس��كري يف الرق��ة‬

‫راصد املوت‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الرقة تذبح بصمت‬ ‫تتســارع وتــرة األحــداث املرتبطــة ببــدء‬ ‫العمــل العســكري املرتقــب تجــاه مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬والــذي أعلنــت اإلدارة األمريكيــة يف‬ ‫وقــت ســابق عــن نيتهــا دعمــه‪ ،‬حيــث أرشفــت‬ ‫عــى تشــكيل تحالــف عســكري جديــد مــن‬ ‫الفصائــل املناوئــة لتنظيــم داعــش تحــت‬ ‫مســمى «قــوات ســوريا الدميقراطيــة» مطلــع‬ ‫الشــهر الجــاري‪ ،‬وســارعت إىل تقديــم بعــض‬ ‫العتــاد والذخــرة لهــذه القــوات عــر مظــات‬ ‫ألقتهــا الطائــرات األمريكيــة يف ريــف الرقــة‬ ‫الشــايل‪.‬‬ ‫وينضــوي تحــت لــواء التحالــف املذكــور‬ ‫مجموعــة مــن كتائــب الجيــش الحــر العاملــة‬ ‫باملنطقــة الشــالية وكل مــن غرفــة بــركان‬ ‫الفـرات وقــوات الصناديــد واملجلــس العســكري‬ ‫الرسيــاين‪ ،‬باإلضافــة إىل وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب والتــي تشــكل القــوة الضاربــة يف هــذا‬ ‫التحالــف‪.‬‬ ‫يهــدف التشــكيل الجديــد إىل قتــال تنظيــم‬ ‫داعــش وإخراجــه مــن معقلــه الرئيــي يف‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬وقــد بــدأت عمليــة تدريــب‬ ‫القــوات واســتقدام تعزيــزات إضافيــة مــن‬ ‫منطقــة الجزيــرة‪ ،‬فضـاً عــن تكثيــف اللقــاءات‬ ‫واالجتامعــات لقــادة الفصائــل العســكرية‬ ‫خــال األيــام القليلــة املاضيــة مــن أجــل‬ ‫اإلعــداد لغرفــة العمليــات التــي ســوف تــرف‬ ‫عــى ســر املعــارك‪ ،‬وتفيــد األنبــاء أن بدايــة‬ ‫العمــل العســكري باتــت وشــيكة ومل يبــق لهــا‬ ‫ســوى بضعــة أيــام فقــط‪.‬‬

‫وعــى املقلــب اآلخــر يحــاول التنظيــم جاهــدا ً‬ ‫رفــع معنويــات مقاتليــه عــر تنفيــذ بعــض‬ ‫العلميــات يف الشــال‪ ،‬مــن خــال اخــراق‬ ‫الخطــوط وتفجــر الســيارات املفخخــة‪ ،‬كــا‬ ‫يســعى إىل إحاطــة املدينــة مــن جميــع الجهات‬ ‫عــر مجموعــة مــن التحصينــات‪ ،‬وخاصــة يف‬ ‫الجهــات التــي يتوقــع قــدوم القــوات املهاجمــة‬ ‫منهــا‪.‬‬ ‫وقــد رشع التنظيــم يف تعزيــز التحصينــات يف‬ ‫األط ـراف الشــالية للرقــة‪ ،‬حيــث أقــام ثالثــة‬ ‫خنــادق بعــرض وعمــق ثالثــة أمتــار‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل ســاترين ترابيــن وحقــل لأللغــام‪ .‬كــا‬ ‫عمــد التنظيــم إىل نــر الحواجــز والدوريــات‬ ‫املتنقلــة يف كافــة أرجــاء املنطقــة والتــي تغــر‬ ‫مواقعهــا بشــكل مســتمر تفاديــاً لرضبــات‬ ‫الطــران الحــريب‪.‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى فقــد أغلــق التنظيــم مدينــة‬ ‫الرقــة يف وجــه حركــة املدنيــن‪ ،‬فالطريــق‬ ‫باتجــاه مناطــق ســيطرة النظــام مغلــق بســبب‬ ‫االشــتباكات عــى طريــق «الرقــة – ســلمية»‬

‫اشتباكات عنيفة بني احلر والنظام‬

‫حســب زعــم التنظيــم‪ ،‬كــا أن الطريــق باتجــاه‬ ‫ريــف حلــب الشــايل مغلــق أيضــاً بســبب‬ ‫األعــال العســكرية التــي يقــوم بهــا التنظيــم‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق فقــد ذكــر مراســل «الرقــة‬ ‫تذبــح بصمــت» أن املعلومــات تفيــد بــأن‬ ‫التنظيــم هــو مــن أصــدر األوامــر بالحــد مــن‬ ‫حركــة الشــبان والعائــات‪ ،‬وخصوصـاً ملــن تقــل‬ ‫أعامرهــم عــن األربعــن عامـاً‪ ،‬يف خطــوة يرجــح‬ ‫أن تكــون مرتبطــة مبوضــوع التجنيــد اإلجبــاري‬ ‫الــذي يــردد عنــارص التنظيــم بأنــه بــات قريبـاً‪.‬‬ ‫ويعــزز فكــرة اقــراب العمــل العســكري‬ ‫الغــارات األخــرة التــي يشــنها الطـران الــرويس‬ ‫عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬والتــي تســتهدف بصــورة‬ ‫أساســية املدنيــن واألحيــاء التــي يقطنــون فيهــا‬ ‫وتهــدف إىل التعجيــل يف إخــاء املدينــة مــن‬ ‫الســكان‪ .‬حيــث يبــدو أن مهمــة إخــاء املدينــة‬ ‫قــد أوكلــت للــروس لتتفــرغ قــوات التحالــف‬ ‫الــدويل ملحاربــة التنظيــم داخــل الرقــة بعــد‬ ‫خــروج املدنيــن منهــا مثــل مــا حــدث إبــان‬ ‫معركــة عــن العــرب (كوبــاين)‪.‬‬

‫مهند بكور ‪ -‬حمص‬ ‫يف ظــل التحليــق املكثــف للطـران الحــريب‬ ‫ســواء كان تابعــاً لســاح الجــو الســوري أو‬ ‫الــرويس يف ســاء ســوريا عامــة‪ ،‬ويف ســاء‬ ‫حمــص خاصــة‪ ،‬يقــوم «عامــر» مبتابعــة‬ ‫الطائـرات الحربيــة أو املروحيــة منــذ خروجهــا‬ ‫مــن املطــار‪ ،‬وحتــى عودتهــا‪ ،‬ويحــذر املناطــق‬ ‫التــي يتجــه إليهــا الطــران لتنفيــذ غاراتــه‪،‬‬ ‫وقتــل أكــر عــدد مــن األهــايل‪.‬‬ ‫«يقــول أحمــد» أحــد أعضــاء مرصــد ‪ 44‬يف‬ ‫الحولــة إن الطــران الحــريب ال يســتهدف‬ ‫بغاراتــه أماكــن لتنظيــم الدولــة اإلســامية‪،‬‬ ‫كــا يزعــم النظــام والعــدو الــرويس‪ ،‬وذلــك‬ ‫لخلــو ريــف حمــص مــن عنــارص التنظيــم إال‬ ‫ان النظــام يشــن أعنــف الغــارات عــى مواقــع‬ ‫املدنيــن‪.‬‬ ‫كعادتــه «عامــر» عضــو مرصــد الحولــة الــذي‬ ‫يراقــب بــدوره حواجــز النظــام ويرتقــب‬ ‫تحــركات اآلليــات العســكرية يف حال اســتعدت‬ ‫لقصــف منطقــة الحولــة‪ ،‬حيــث يقــوم بتنبيــه‬ ‫املقاتلــن واملدنيــن مــن أجــل إخــاء الشــوارع‬ ‫والســاحات مــن املــارة‪ ،‬وقــد قلّــت اإلصابــات‬ ‫كث ـرا ً بعــد انطــاق عمــل املرصــد‪ ،‬الــذي بــدأ‬ ‫منــذ ســنتني تقريب ـاً‪.‬‬ ‫كــا قامــت طائــرات النظــام بإلقــاء الرباميــل وكــا يراقــب املرصــد تحــركات الطائــرات‬ ‫الحربيــة واملروحيــة مبســاعدة مجموعــة مــن‬ ‫املتفجــرة عــى قريــة لحايــا املحــررة‪.‬‬ ‫وأضــاف الصالــح أن الطــران الــرويس قــام املتطوعــن املنترشيــن يف مناطــق واســعة‬ ‫بعــدد مــن الغــارات عــى كل مــن قــرى الزيــارة مــن ســهل الحولــة‪ ،‬ويقــوم املرصــد مبســاعدة‬ ‫واملنصــورة وتــل واســط والقاهــرة يف ريــف‬ ‫حــاة الغــريب بالتزامــن مــع قصــف صاروخــي‬ ‫مــن معســكر جوريــن اســتهدف بلــدة قســطون‬ ‫بســهل الغــاب‪.‬‬ ‫أمــا عــن أهميــة معركبــة ولحايــا‪ ،‬فقــد قــال‬ ‫الصالــح‪ :‬مــن خــال ســيطرة الثــوار عليهــا‬ ‫ســيضيقون الخنــاق عــى قــوات النطــام يف الحرمل ‪ -‬حمص‬ ‫مــورك‪ ،‬ويقطعــون طريــق إمدادهــم‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫مثانيــة أيــام مل يعــرف فيهــا أهــايل ريــف‬ ‫تصبــح مــورك ســاقطة عســكرياً‪ ،‬مــا يجعــل حمــص طعــم الراحــة جــ ّراء القصــف مبئــات‬ ‫جميــع طــرق اإلمــداد إىل مــورك تحــت مرمــى القذائــف والصواريــخ إىل جانــب عــرات‬ ‫أســلحة الثــوار‪.‬‬ ‫الرباميــل والصواريــخ الفراغيــة التــي تســقط‬ ‫يف ســياق آخــر أفــادت مواقــع مؤيــدة لتنظيــم كل يــوم‪ ،‬والتــي أدت إىل وقــوع الضحايــا بــن‬ ‫الدولــة عــن متكنهــم مــن الســيطرة عــى صفــوف املدنيــن‪ ،‬ويف ظــل هــذه األوضــاع‪،‬‬ ‫مثانيــة حواجــز عــى طريــق أثريــا خنــارص بعــد يــزداد الوضــع الطبــي ســوءا ً مــع مــرور كل يــوم‬ ‫عمليتــن استشــهاديتني‪ ،‬وقطــع طريــق إمــداد يف ظــل هــذه الحملــة العســكرية التــي تســتمر‬ ‫النظــام مــن حمــص وحــاة إىل حلــب‪ ،‬ومتكــن لليــوم الثامــن عــى التــوايل حيــث ســقط خاللها‬ ‫مقاتلــو التنظيــم مــن تدمــر ثــاث دبابــات أكــر مــن ‪ 180‬شــهيدا ً إضافــة لنحــو ‪ 700‬جريــح‬ ‫واغتنــام اثنتــن وعربــة مدرعــة وقتــل عــدد معظمهــم يف حــاالت خطــرة‪.‬‬ ‫مــن قــوات النظــام‪.‬‬ ‫توقــف الدعــم مــن قبــل الحكومــة الســورية‬

‫وتنظيم الدولة يقطع طريق إمداد النظام يف منطقة خناصر‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫أعلــن جيــش الفتــح بتاريــخ ‪2014/10/22‬‬ ‫عــن بــدء معركــة تحريــر حــاة يف حــن واصــل‬ ‫جيــش الفتــح اســتهداف مواقــع قــوات النظــام‬ ‫يف الحمــرا وعطشــان ومعــان وقريــة ســكيك‬ ‫وتــل ســكيك وبتمهيــد مدفعــي إيذان ـاً للبــدء‬ ‫بعمليــة االقتحــام يف حــن تعالــت نــداءات‬ ‫االســتغاثة مــن قبــل قــوات النظــام بطلــب‬ ‫املــؤازرة واإلمــداد‪ ،‬وســيارات اإلســعاف لنقــل‬ ‫جرحــى قــوات النظــام‪ .‬بحســب املرصــد ‪80‬‬ ‫املتواجــد يف ريــف حــاة الشــايل والراصــد‬ ‫لتحــركات قــوات النظــام عــى قبضاتــه‬ ‫الالســلكية‪.‬‬ ‫وقــال أبــو خالــد عضــو املكتــب اإلعالمــي‬ ‫ألجنــاد الشــام أنــه متكنــت كتائــب الثــوار مــن‬ ‫التقــدم إىل عــدد مــن النقــاط االســراتيجية‬ ‫أهمهــا تــل الضليــل االســراتيجي بالنســبة‬ ‫للحم ـرا‪ ،‬وأضــاف أبــو خالــد اســتدعت قــوات‬ ‫النظــام الطائ ـرات الروســية للحــد مــن تقــدم‬ ‫الثــوار وشــنت عــدد مــن الغــارات عــى‬ ‫جبهــات القتــال بطائــرات نــوع ســيخوي ‪30‬‬ ‫وبقذائــف عنقوديــة شــديدة االنفجــار‪ ،‬وتــم‬ ‫اســتخدام هــذا النــوع مــن الطائــرات نتيجــة‬ ‫الطــروف الجويــة كــا تــم اســتهداف عــدد‬

‫مــن قــرى منطقــة الحمـرا بالقذائــف املدفعيــة‬ ‫كقريــة عرفــة‪ ،‬وأشــار أبــو خالــد أنــه يف ريــف‬ ‫حــاة الغــريب متكــن الثــوار مــن اغتنــام دبابــة‬ ‫عــى جبهــة املنصــورة بســهل الغــاب يف اليــوم‬ ‫األول مــن اإلعــان عــن املعركــة‪.‬‬ ‫يتحــدث محمــد الصالــح (ناشــط ميــداين)‪،‬‬ ‫قائــاً‪ :‬يف ريــف حــاة‪ ،‬اســتمر الثــوار يف‬ ‫معركتهــم وانتقــل القتــال إىل جبهــات ريــف‬ ‫حــاة الشــايل إىل مــورك ولحايــا ومعركبــة‬ ‫ليتمكــن الثــوار مــن تحريــر كل مــن معركبــة‬ ‫ولحايــا بعــد اشــتباكات عنيفــة دارت بني كتائب‬ ‫الثــوار وقــوات النظــام‪ ،‬ويضيــف الصالــح متكــن‬ ‫الثــوار مــن تدمــر دبابــة عــى إحــدى النقــاط‬ ‫يف مــورك وتدمــر مدفــع ‪ 23‬واغتنــام دبابــة يت‬ ‫‪ 72‬وتركــس عــى جبهــة لحايــا وقُتــل ضابطــان‬ ‫وعــدد مــن الجنــود‪.‬‬ ‫وأشــار الصالــح أن كتائــب الثــوار قامــت بــدك‬ ‫حاجــز زلــن بريــف حــاة الشــايل مبختلــف‬ ‫أنــواع األســلحة الثقيلــة‪ ،‬وجــرت هــذه األحداث‬ ‫يف ظـ ّـل قصــف الط ـران الحــريب الــرويس عــى‬ ‫مدينــة اللطامنــة وكفرزيتــا بالتزامــن مــع‬ ‫قصفهــم أيضـاً براجــات الصواريــخ مــن أماكــن‬ ‫متركــز قــوات النظــام يف معــردس وبريــدج‬

‫جمزرة حبق املدنيني يف مدينة تلبيس��ة راح ضحيتها ‪ 17‬ش��هيداً بريف محص الش��مالي‬ ‫ارتكــب الطـران الــرويس مجــزرة بحــق املدنيــن يف ريــف حمــص الشــايل مبدينــة تلبيســة راح ضحيتهــا أكــر مــن ‪ 17‬شــهيدا ً بينهــم خمــس نســاء‬ ‫ومثانيــة أطفــال وع ـرات الجرحــى إثــر اســتهدافها بأكــر مــن عــر غــارات جويــة‪ ،‬بالتزامــن مــع حملــة النظــام الربيــة التــي يشــنها عــى ريــف‬ ‫حمــص الشــايل وعــدم تقدمــه عــى أي محــور‪ ،‬بــل عــى العكــس مــن ذلــك فقــد تكبــد خســائر برشيــة وعســكرية كبــرة‪.‬‬ ‫كــا اســتهدف طـران النظــام الحــريب واملروحــي مــدن الرســن والحولــة وتلــدو والغنطــو وتريمعلــة بالرباميــل املتفجــرة يف ظــل الحصــار الخانــق الــذي‬ ‫يشــهده الريــف الشــايل مــع نــزوح ‪ 30‬ألفـاً مــن أهــايل الريــف الشــايل إىل القــرى املجــاورة الزعفرانــة واملكرميــة وغرناطــة‪ ،‬وعجــز املجالــس املحليــة‬ ‫عــى تقديــم أي مســاعدات بســبب الحصــار الــذي تفرضــه قــوات النظــام‪.‬‬ ‫حيــث دارت اشــتباكات ردا ً عــى املجــزرة عــى جبهــات الــدار الكبــرة وتريمعلــة بــن كتائــب الثــوار وقــوات النظــام منعـاً لتقــدم قــوات النظــام إىل‬ ‫داخــل الريــف الشــايل والتصــدي لــه‪.‬‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫‪3‬‬

‫املقاتلــن خــال املعــارك واالشــتباكات‪،‬‬ ‫حيــث يقــوم بالتنســيق بــن املقاتلــن وغــرف‬ ‫العمليــات وبــن النقــاط الطبيــة واملشــفى‬ ‫امليــداين يف حــال نقصهــم بعــض مــواد‬ ‫اإلســعافات األوليــة‪ ،‬وللمرصــد أعــال واســعة‬ ‫أخــرى‪ ،‬فنظ ـرا ً لوقوعــه يف مــكان مرتفــع فهــو‬ ‫يرصــد الحولــة كاملــة حيــث يقــوم بتحديــد‬ ‫مــكان ســقوط القذائــف والصواريــخ والرباميل‪،‬‬ ‫ويرســل اإلحداثيــات إىل فــرق الدفــاع الوطنــي‬ ‫واإلســعاف لتتجــه اىل املــكان وإنقــاذ األهــايل‪.‬‬ ‫بعــد انتهــاء اليــوم يقــوم عامــر ورفاقــه مــن‬ ‫تقســيم الحولــة لقطاعــات لتســهيل العمــل‬ ‫فيــا بينهــم جــراء الضغــط الهائــل الــذي‬ ‫يقــع عــى عاتــق املرصــد‪ ،‬وقــد وجــه «اتحــاد‬ ‫تنســيقيات الثــورة» ســؤال ألحــد أهــايل‬ ‫الحولــة‪ :‬مــاذا يوفــر املرصــد؟ وهــل يعمــل‬ ‫عــى مــدار ‪ 24‬ســاعة أم ال؟‬ ‫يقــول «أبــو جابــر»‪ :‬املرصــد لــه أهميــة كبــرة‬ ‫حيــث أنــه يخفــف كثـرا ً عــن أهــايل املنطقــة‪،‬‬ ‫ويعمــل عــى مــدار اليــوم ألن حركــة الط ـران‬ ‫ال تهــدأ يف ســاء ســوريا‪ ،‬وقذائــف النظــام‬ ‫وصواريخــه تســتهدف األماكــن املكتظــة‬ ‫بالســكان‪ ،‬ويرســل تنبيــه إىل أهــايل الحــي‬ ‫الــذي مــن املتوقــع اســتهدافه‪ ،‬وهنــا تنخفــض‬ ‫نســبة احتــاالت تعــرض األهــايل إلصابــات‬ ‫مبــارشة إىل نســب متدنيــة جــدا ً قــد تصــل إىل‬ ‫نســبة ‪.30%‬‬

‫أحوال مرتدية ملشايف محص‬

‫واالئتــاف الوطنــي واملنظــات اإلنســانية كان‬ ‫ســبباً يف تــردي الحالــة الطبيــة‪ ،‬حيــث تعــاين‬ ‫مشــايف حمــص وريفهــا مــن نقــص يف املــواد‬ ‫الطبيــة األساســية منها «الشــاش ‪ -‬الســرومات»‪،‬‬ ‫وكــا تعــاين مشــايف ريــف حمــص مــن تعطــل‬ ‫لــأدوات واملســتلزمات الطبيــة بشــكل مســتمر‪،‬‬ ‫وتوقــف معظمهــا عــن العمــل بســبب عــدم‬ ‫توفــر الصيانــة لخلــو املنطقــة مــن املختصــن يف‬ ‫صيانــة تلــك األدوات‪ ،‬وتفتقــر املشــايف لجهــاز‬ ‫التحكــم الــذي يســتخدم لتنظيــم دقــات القلب‪،‬‬ ‫وأجهــزة الصــدم التــي تســتخدم لنشــيط القلــب‬

‫والعديــد مــن األجهــزة املتنوعــة‪.‬‬ ‫وقــد ســألنا أحــد العاملــن يف مشــفى الحولــة‬ ‫امليــداين عـ ّـا يقــدم املشــفى للمصابــن وخاصــة‬ ‫الذيــن تكــون إصاباتهــم يف الــرأس أثنــاء املعــارك‬ ‫بــن املعارضــة املســلحة وجيــش األســد‪ ،‬يقــول‬ ‫«أبــو خالــد»‪ :‬نحــن ال نســتطيع تقديــم الرعايــة‬ ‫الطبيــة الكاملــة‪ ،‬خصوصـاً للمصابــن يف منطقــة‬ ‫الــرأس حيــث تكــون إصابتهــم بليغــة وأغلبهــم‬ ‫يصلــون إلينــا بعــد تعرضهــم لطلــق نــاري‬ ‫إمــا ج ـراء القنــص أو خــال االشــتباكات عــى‬ ‫مســافات قريبــة‪ ،‬ونحــن هنــا نعجــز عــن إنقــاذ‬ ‫حياتهــم نتيجــة تدهــور الوضــع الصحــي‪ ،‬ويتــم‬ ‫نقــل أغلبهــم إىل مشــايف مجــاورة‪ ،‬ويصعــب‬ ‫إخراجهــم إىل خــارج حمــص بســبب شــدة‬ ‫الحصــار املفــروض عــى املنطقــة‪ ،‬وهنــاك‬ ‫العديــد مــن املصابــن يدخلــون يف حالــة‬ ‫غيبوبــة ونحــن نقــف عاجزيــن ونــرك أمرهــم‬ ‫للــه ع ـ ّز وجــل‪.‬‬ ‫وقــد وجــه ناشــطون واطبــاء يف ريــف حمــص‬ ‫نــداء اســتغاثة يطالــب جميــع الهيئــات اإلغاثيــة‬ ‫واملنظامــات الدوليــة وجميــع التشــكيالت‬ ‫املعارضــة لنظــام األســد التوجــه بتقديــم الدعــم‬ ‫الطبــي الــازم ملشــايف حمــص‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪ 17‬دولة حول العامل تفتح أبوابها للسوريني الراغبني يف اهلجرة‬ ‫عقــد رئيــس املفوضيــة العليــا لالجئــن التابعــة لألمــم املتحــدة انطونيــو غوترييــس مؤمتـرا ً صحفيـاً يف جنيــف يف ختــام اجتــاع للجنــة التنفيذيــة‬ ‫للمفوضيــة أعلــن فيــه أن ‪ 17‬دولــة وافقــت عــى فتــح أبوابهــا أمــام الالجئــن الســوريني الراغبــن يف الهجــرة»‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬أن «هذه البلدان ميكن أن تستقبل أكرث من عرشة آالف الجئ يرغبون يف مستقبل أفضل»‪.‬‬ ‫ومــن بــن هــذه الــدول الراغبــة يف املشــاركة يف برنامــج إعــادة متركــز الالجئــن الســوريني جــاءت املكســيك للمــرة األوىل‪ .‬والبلــدان الـــ‪ 17‬هــي‬ ‫اس ـراليا والنمســا وكنــدا وفنلنــدا وأملانيــا واملجــر ولوكســمبورغ وهولنــدا ونيوزيلنــدا والرنويــج واســبانيا والســويد وســويرسا والدامنــرك وفرنســا‬ ‫والواليــات املتحــدة واملكســيك‪.‬‬ ‫وأكدت املفوضية بأن املكسيك ستكون مساهمتها مقترصة يف الوقت الحارض عىل تقديم دعم مادي‪.‬‬ ‫كــا تنــاول اجتــاع املفوضيــة الوضــع اإلنســاين يف ســورية وتداعياتــه وانتهــى إىل توجيــه نــداء للقيــام بتحــرك دويل عاجــل لتخفيــف العــبء‬ ‫االقتصــادي واالجتامعــي الــذي تتحملــه الــدول املجــاورة لســورية التــي بلــغ عــدد الالجئــن لديهــا نحــو مليونــن‪ ،‬وهــذه الــدول هــي الع ـراق‬ ‫واألردن ولبنــان وتركيــا ومــر‪.‬‬ ‫شــارك يف االجتــاع وزراء خارجيــة العـراق واألردن وتركيــا والقائــم بالعالقــات الخارجيــة يف إقليــم كردســتان العـراق ووزيــر الشــؤون االجتامعيــة‬ ‫اللبنــاين ونائــب وزيــر الخارجيــة املــري كــا شــارك ممثلــون عــن ‪ 135‬دولــة وســبع منظــات حكوميــة والبنــك الــدويل وتســع وكاالت تابعــة‬ ‫لألمــم املتحــدة و‪ 29‬منظمــة غــر حكوميــة‪.‬‬

‫“داع��ش” يزي��ل أقف��اص التعزي��ر احلديدي��ة يف ال ّرق��ة‬ ‫وكاالت‬ ‫بــدأ تنظيــم «داعــش» خــال األيــام القليلــة‬ ‫املاضيــة‪ ،‬بإزالــة األقفــاص الحديديــة املنتــرة‬ ‫يف مدينــة الرقــة وريفهــا‪ ،‬والتــي كان يعاقــب‬ ‫التنظيــم املتجاوزيــن بالحبــس فيهــا عــى مــرأى‬ ‫ومســمع جميــع املــارة‪.‬‬ ‫وقــال ناشــطو حملــة «الرقــة تذبــح بصمــت»‬ ‫إن كث ـرا ً مــن أهــايل املدينــة أبــدوا ارتياحهــم‬ ‫لهــذه الخطــوة‪ ،‬حيــث كانــت تشــكل هــذه‬ ‫األقفــاص مصــدر رعــب لهــم‪ ،‬وأشــار أحــد‬ ‫املدنيــن إىل عــدم ارتياحــه مــن منظــر هــذه‬ ‫األقفــاص «وكأنــك يف ســرك أو حديقــة حيــوان‪،‬‬ ‫فهنــاك إنســان يجلــس بقفــص للفرجــة‪ ،‬واآلن‬ ‫بعدمــا أزيلــت هــذه األقفــاص أســأل مــاذا‬ ‫ســيكون مصــر أصحــاب العقوبــات الخفيفــة‬ ‫كــا يحلــو لهــم تســميتها»‪.‬‬ ‫وكان التنظيــم بــدأ يف شــهر أيلول‪/‬ســبتمرب مــن‬ ‫العــام الحــايل‪ ،‬بنــر أقفاصــه الحديديــة يف‬ ‫مدينــة الرقــة وريفهــا‪ ،‬ليتبــن أن الهــدف منهــا‬ ‫هــو وضــع املخالفــن بالعقوبــات الخفيفــة مثل‬ ‫التدخــن والتشــبه بالنســاء وحلــق الذقــن دون‬ ‫قبضــة اليــد وبعــض املخالفــات األخــرى التــي‬ ‫ابتدعهــا التنظيــم للزيــادة يف االذالل (للرعــاع)‬ ‫كــا يس ـ ّمي املدنيــن تحــت ســيطرته‪.‬‬ ‫وتزامنــت عمليــة إزالــة التنظيــم لهــذه‬

‫األقفــاص مــع اشــتداد معاركــه عــى أكــر مــن‬ ‫جبهــة وبخاصــة جبهــة الســاء املفتوحــة لــكل‬ ‫جيــوش العــامل والضحايــا عــى الغالــب مدنيون‪،‬‬ ‫بحســب حملــة «الرقــة تذبــح بصمــت»‪.‬‬ ‫ويعــ ّول أهــايل املدينــة عــى هــذه الخطــوة‬ ‫مــن منظــور إيجــايب وســلبي‪ ،‬فكــا تبــن لنــا‬ ‫مــن بعــض اآلراء أنــه ومــع اشــتداد معــارك‬ ‫التنظيــم‪ ،‬فإنّــه ألغــى العقوبــات الخفيفــة مثــل‬ ‫التدخــن وعــدم إطالــة اللحيــة‪ ،‬وبــدأ عنــارصه‬ ‫بــرك املدنيــن بحالهــم وعــدم التدقيــق بشــدة‬ ‫وقســوة مبالــغ فيهــا كــا يف الســابق‪.‬‬

‫تــم مؤخ ـرا ً اإلعــان عــن إنشــاء منصــة الرقــة‬ ‫مــن خــال عمليــات االقــراع الدميقراطــي‪ ،‬وتــم‬ ‫تســمية أعضــاء لجــان املنصــة عــى الشــكل التــايل‪:‬‬ ‫اللجنــة الوطنيــة‪ ،‬مــن شــخصني‪ ،‬وســبعة أشــخاص‬ ‫للجنــة التنفيذيــة واملتابعــة‪ ،‬ولجنــة استشــارية مــن‬ ‫خمســة أشــخاص‪ ،‬وحظيــت جميــع اللجــان بتمثيــل‬ ‫نســايئ‪.‬‬ ‫وحــول تشــكيل منصــة الرقــة‪ ،‬قــال رينــاس‬ ‫ســينو‪ ،‬املديــر املشــارك يف مركــز املجتمــع املــدين‬ ‫والدميقراطيــة‪ :‬بدايــة يجــب أن نوضــح أنــه واجهتنا‬ ‫مجموعــة مــن املشــاكل يف طريــق الوصــول إىل‬ ‫إعــان منصــة الرقــة‪ ،‬مــن هــذه املشــاكل وضــع‬ ‫الرقــة التــي تعــاين مــن وزر ســيطرة داعــش عليهــا‬ ‫واســتقرار أغلــب النشــطاء واملنظــات املدنيــة يف‬ ‫تركيــا‪ ،‬وتوزعــم بــن عــدة مــدن وأيضـاً ســوء الفهــم‬ ‫الــذي رافــق بدايــة املشــاورات مــع مجموعــات‬ ‫مختلفــة مــن النشــطاء املدنيــن يضــاف اليهــا حالــة‬ ‫القلــق وغيــاب الثقــة التــي تســود املنــاخ الســيايس‬ ‫الســوري العــام نتيجــة فشــل جميــع املشــاريع‬ ‫الســابقة يف الوصــول إىل أهدافهــا‪ ،‬خصوصــاً‬ ‫السياســية منهــا‪ ،‬وشــعور غالبيــة الســوريني‬ ‫بحالــة عــدم الجــدوى واإلحبــاط مــن املبــادرات‬ ‫املطروحــة‪ ،‬التــي تهــدف إىل إيجــاد حــل جــذري‬ ‫للوضــع الســوري الراهــن‪.‬‬ ‫وتابــع ســينو‪ :‬نتوقــع أن يســاهم إعــان منصــة‬

‫الرقــة يف زيــادة التنســيق بــن مختلــف القــوة‬ ‫املدنيــة‪ ،‬وإيجــاد آليــات عمــل مشــرك تســاهم‬ ‫يف تجميــع الطاقــات ضمــن هيكليــة واحــدة مــن‬ ‫أجــل الوصــول إىل وضــع رؤيــة مشــركة للحــل يف‬ ‫ســوريا انطالق ـاً مــن واقــع محافظــة الرقــة‪ ،‬إذا مــا‬ ‫أخدنــا ظــروف كل محافظــة بعــن االعتبــار‪ ،‬كــا‬ ‫نتوقــع أن يكــون هنــاك تضمــن أكــر لصــوت الرقــة‬ ‫يف أي عمليــة تفاوضيــة تتعلــق مبســتقبل ســوريا‬ ‫باإلضافــة إىل أنــه نتوقــع أن يســاعد املــروع عــى‬ ‫تطويــر املنظــات مــن خــال انخراطهــا ضمــن‬ ‫هــذا املــروع‪ ،‬كــا أنــه لدينــا مــروع متعلــق‬ ‫بتنميــة قــدرات املنظــات التــي ســوف تنخــرط‬ ‫ضمــن املنصــات بهــدف زيــادة فعاليتهــا عــى‬ ‫املســتوين املحــي والوطنــي‪.‬‬ ‫املنصــة إىل بنــاء تحالــف لتقديــم خدمات‬ ‫ال تســعى ّ‬ ‫إغاثيــة أو صحيــة أو خدميــة‪ ،‬رغــم أهميــة هــذه‬ ‫املنصــة عــى الــدور الســيايس‬ ‫القطاعــات‪ ،‬إمنــا تركّــز ّ‬ ‫للمجتمــع املــدين‪ ،‬وعــى دورهــا يف مرحلــة االنتقــال‬ ‫الســيايس‪ ،‬التــي مــن شــانها أن ترســم مالمــح‬

‫خس��ائر إي��ران أكث��ر م��ن ‪ 400‬قتي��ل‬ ‫منه��م جن��راالت كب��ار‪ ..‬وملي��ارات‬ ‫ال��دوالرات‪ ،‬باإلضاف��ة إىل انهي��ار‬ ‫مسعته��ا واكتس��اب الكراهي��ة!‬

‫ومــن هنــا تبــدأ مخــاوف أخــرى قــد تكــون‬ ‫عــر‬ ‫أكــر ســلبية مــن منظــر األقفــاص‪ ،‬فقــد ّ‬ ‫البعــض عــن مخاوفهــم‪ ،‬مــن أنّــه مــع انعــدام‬ ‫العقوبــات الخفيفــة قــد تصبــح جميــع‬ ‫العقوبــات ثقيلــة وقــد يتعــن عــى أصحــاب‬ ‫العقوبــات الخفيفــة أن يخضعــوا لعقوبــات‬ ‫أكــر قســوة وأكــر مبالغــة مــن عقوبــة‬ ‫القفــص الحديــدي ومــن هنــا نتســاءل‪ ،‬مــا‬ ‫مصــر أصحــاب األج ـرام الخفيفــة ومــاذا بعــد وكالة األناضول‬ ‫يــرى مراقبــون أن عــدد قتــى العســكريني‬ ‫القفــص‪ ،‬وهــل ســيزجون يف أتــون املعــارك أم‬ ‫ســيجربون عــى تنفيــذ عمليــات أم غــر ذلــك؟! وعنــارص امليليشــيات اإليرانيــة التــي تقاتــل إىل‬ ‫جانــب قــوات نظــام بشــار األســد منــذ بــدء‬ ‫األزمــة الســورية عــام ‪ ،2011‬فــاق ‪ 400‬قتيــل‪.‬‬ ‫ويعتقــد املراقبــون أن الهــدف مــن وصــف‬ ‫وســائل اإلعــام يف إي ـران القتــى اإليرانيــن بـــ‬ ‫«املتطوعــن»‪ ،‬وقتــى عنــارص الحــرس الثــوري‬ ‫بـــ «املتقاعديــن» و «العســكريني القدامــى»‪،‬‬ ‫و»املستشــارين» هــو دحــض االتهامــات‬ ‫املوجهــة ضــد طهـران يف دعــم األســد عســكرياً‪،‬‬ ‫حيــث تنفــي إيـران تلــك االتهامــات قائلــة أنهم‬ ‫«مقاتلــون متطوعــون» بإرادتهــم الشــخصية‪.‬‬ ‫وكانــت الوكالــة الرســمية اإليرانيــة «إرنــا»‬ ‫أعلنــت يف ‪ 15‬حزي ـران‪ /‬يونيــو املــايض‪ ،‬تعليق ـاً‬ ‫مســتقبل البــاد‪ ،‬كــا أ ّن ّ‬ ‫املنصــة تســعى إىل أن عــى إحــدى الصــور «أن ‪ 400‬إي ـراين قتلــوا يف‬ ‫ـات‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫املفاوض‬ ‫يف‬ ‫ـاس‬ ‫تكــون قنــاة ناقلــة ألصــوات النـ‬ ‫ســوريا» يف الوقــت الــذي مل تُــد ِل أي جهــة‬ ‫يف محاولــة تكفــل تضمــن هــذه األصــوات‪،‬‬ ‫رســمية إيرانيــة أخــرى مبعلومــات عــن عــدد‬ ‫ووضــع مطالــب املواطنــن الســوريني عــى طاولــة‬ ‫القتــى اإليرانيــن يف ســوريا التــي دخلــت‬ ‫املفاوضــات‪ ،‬والضغــط عــى صنــاع القـرار املحليــن‬ ‫والدوليــن ألخــذ هــذه املطالــب عــى محمــل الجد‪ ،‬أزمتهــا عامهــا الخامــس‪.‬‬ ‫املنصــة لتقديــم حلــول وتوصيــات مــن وتصــف وكالــة إرنــا‪ ،‬القتــى اإليرانيــن يف‬ ‫كــا تبــادر ّ‬ ‫أجــل التفكــر خــارج الصنــدوق‪ ،‬وإيجــاد حلــول ســوريا‪ ،‬بـــ «الشــهداء املدافعــن عــن مرقــد‬ ‫تدفــع بالعمليــة السياســية يف ســوريا نحــو األمــام‪ .‬الســيدة زينــب» الكائــن يف العاصمــة الســورية‬ ‫واختتــم رينــاس ســينو حديثــه بالقــول‪ :‬ليــس مــن دمشــق‪ ،‬ومل تشــمل تلــك األرقــام القتــى‬ ‫املنصــة تشــكيل جســم تجميعــي يتحــول اإليرانيــن يف العــراق‪ ،‬الذيــن تصفهــم وســائل‬ ‫أهــداف ّ‬ ‫إىل‬ ‫تســعى‬ ‫وال‬ ‫أصحابــه‪،‬‬ ‫أكتــاف‬ ‫عــى‬ ‫إىل عــبء‬ ‫اإلعــام اإليرانيــة بـــ «الشــهداء املدافعــن عــن‬ ‫أن تتحــول إىل أداة لجلــب التمويــل واملكاســب مرقــد اإلمامــن»‪.‬‬ ‫األخــرى‪ ،‬إمنــا تركــز أكــر عــى آليــات التعــاون ومتكــن مراســل األناضــول مــن الوصــول إىل‬ ‫والتشــبيك بــن املنظــات‪ ،‬لتكــون قــادرة عــى أســاء ‪ 300‬قتيــل مــن قــوات الحــرس الثــوري‬ ‫إيصــال أصــوات النــاس‪ ،‬وأكــر قــدرة عــى طــرح‬ ‫بينهــم مقاتلــون أفغــان وباكســتانيون‪ ،‬أرســلتهم‬ ‫حلــول وبنــاء ملفــات متعلقــة بالوضــع الســوري‪..‬‬ ‫طه ـران للقتــال يف ســوريا‪ ،‬مــن بينهــم ‪ 26‬مــن‬ ‫مثــل ملفــي نقــل الســلطة وإيقــاف القصــف‪،‬‬ ‫وملــف املعتقلــن‪ ،‬وغــر ذلــك الكثــر مــن امللفــات‪ .‬أصحــاب الرتــب الرفعيــة‪ ،‬وذلــك اســتنادا ً‬

‫اإلعالن عن إنشاء منصة الرقة‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫االحتالل اإليراني لسورية يدفع أمثاناً باهضة!‬

‫إىل معلومــات جمعهــا املراســل مــن مواقــع‬ ‫ووســائل إعــام إيرانيــة‪.‬‬ ‫وأشــار املراســل أن قــوات الحــرس الثــوري‬ ‫اإليــراين املتواجديــن يف ســوريا‪ ،‬تتكــون مــن‬ ‫ميليشــيات إيرانيــة‪ ،‬وألويــة «فاطميــون»‬ ‫األفغانيــة‪ ،‬وألويــة «زينبيــون» الباكســتانية‪،‬‬ ‫مشــرا ً أن عــدد مقاتــي ميليشــيا فاطميــون‬ ‫يبلــغ قرابــة ‪ 4500‬مقاتــل‪ ،‬حيــث قتــل منهــم‬ ‫نحــو ‪ 100‬عنــر‪ ،‬بينهــم قائــد امليليشــات‬ ‫«عــى رضــا توســي» يف آذار‪ /‬مــارس املــايض يف‬ ‫ســوريا‪.‬‬ ‫وأوضــح املراســل أن مــن بــن قتــى أصحــاب‬ ‫الرتــب مثانيــة جـراالت‪ ،‬أبرزهــم اللواء «حســن‬ ‫همــداين» الــذي كان يشــغل منصــب مســاعد‬ ‫قائــد جيــش القــدس «قاســم ســليامين»‪ ،‬حيــث‬ ‫قتــل يف محافظــة حلــب الســورية يف التاســع‬ ‫مــن ترشيــن األول‪ /‬أكتوبــر الجــاري‪.‬‬ ‫ومــن بــن قتــى أصحــاب الرتــب الرفيعــة مــن‬ ‫الحــرس الثــوري اإلي ـراين يف ســوريا «إســاعيل‬ ‫حيــدري»‪ ،‬و «حســن شــاتريي» و»عبــد اللــه‬ ‫إســكندري» و»جبــار دريســاوي» و»محمــد‬ ‫جــايل» و»حميــد طبطبــايئ ميهــر» و «أمــر‬ ‫رضــا عــي زادة» و «داد اللــه شــيباين» و «عباس‬ ‫عبداللهــي» و «رضــا حســن موقدديــم» و‬ ‫«محمــد عــي اللــه دادي»‪.‬‬ ‫وكان القيــادي الســابق يف الحــرس الثــوري‬ ‫اإليــراين‪ ،‬وعضــو لجنــة السياســة الخارجيــة‬ ‫والدفــاع الوطنــي يف الربملــان اإليــراين «جــواد‬ ‫كرميــي مقــديس» قــال لوكالــة إرنــا الرســمية‪،‬‬ ‫عــام ‪« ،2013‬إن إي ـران لهــا مئــات الفصائــل يف‬ ‫ســوريا»‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ش��اهدة م��ن قلب امل��وت الداعش��ي‪ :‬ماذا يع�ني أن تك��ون صحفيا يف‬ ‫مدين��ة يس��يطر عليها داعش!‬ ‫العرب الدولية ‪ -‬وكاالت‬

‫تــروي الصحفيــة املوصليــة شــيامء جــال قصــة‬ ‫الرعــب التــي عايشــتها مــع تنظيــم داعــش خــال‬ ‫وجودهــا يف املوصــل مــرورا ً برحلــة املــوت إىل‬ ‫أنقــرة واألهــوال التــي رافقتهــا‪ ،‬وهــي لســان حــال‬ ‫جميــع الصحفيــن الذيــن أعلــن داعــش الحــرب‬ ‫ضدهم‪ ،‬لقتل الكلمة قبل خروجها‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫أنقــرة ال تبــدو كلمــة انتهــاكات املصطلــح املناســب‬ ‫ملــا ميارســه تنظيــم داعــش ضــد الصحفيــن يف‬ ‫رع‬ ‫األماكــن التــي يســيطر عليهــا‪ ،‬وهــي حــرب يـ ّ‬ ‫فيهــا التنظيــم اســتعامل كل األســلحة ملواجهــة‬ ‫القلــم والكلمــة معـاً‪ ،‬حتــى قبــل أن تتوجــه ضــده‪.‬‬ ‫وتتواتــر أنبــاء اختطــاف أو إعــدام أحــد الصحفيــن‪،‬‬ ‫بشــكل شــبه يومــي مــن مدينــة املوصــل العراقيــة‪،‬‬ ‫منــذ ســيطرة داعــش عليهــا يف العــارش مــن يونيــو ‪،2014‬‬ ‫بينــا يعيــش بقيــة الصحفيــن املتخفــن جحيــم الرعــب‬ ‫املتواصــل يف كل لحظــة‪ ،‬وهــو مــا عايشــته الصحفيــة‬ ‫شــيامء جــال طــوال عــام كامــل يف مدينتهــا‪ ،‬ومــا‬ ‫رافقهــا مــن كوابيــس فوهــات البنــادق املوجهــة نحوهــا‬ ‫والرجــم بالحجــارة والرمــي مــن فــوق أســطح البنايــات‪.‬‬ ‫شــيامء غــادرت املوصــل‪ ،‬وســلكت طريــق املــوت لتصــل‬ ‫إىل تركيــا‪ ،‬لتصــف للعــامل مــاذا يعنــي أن تكــون صحفيـاً‬ ‫يف مدينــة يســيطر عليهــا متطرفــو داعــش؟ وتبــدو يف‬ ‫حديثهــا الــذي نقلــه موقــع نقــاش‪ ،‬محــارصة متامــاً‬ ‫بذكريــات ســ ّنة الرعــب كــا تســميها‪ ،‬ومــا يعيشــه‬ ‫الســكان هنــاك مــن مصاعــب وأهــوال بانتظــار أن تصــل‬ ‫إليهــم النجــدة‪ ،‬ســواء كانــت عراقيــة أم دوليــة‪.‬‬ ‫وأكــدت شــيامء أن املوصــل مل تســقط بأيــدي داعــش‬ ‫يف العــارش مــن يونيــو ‪ 2014‬بــل قبلهــا مبــدة طويلــة‪،‬‬ ‫مشــرة إىل أنــه ومــن خــال عملهــا يف قســمي إعــام‬ ‫محافظــة نينــوى وتحريــر األخبــار يف قنــاة ســا املوصــل‬ ‫الفضائيــة الحكوميــة‪ ،‬كانــت تــرد إليهــا الكثــر مــن‬ ‫املعلومــات أو تصبــح هــي أحيان ـاً شــاهد عيــان بشــأن‬ ‫تفجــرات واغتيــاالت وابتــزاز يومــي مصــدره عنــارص‬ ‫داعــش وضحيتــه أهــايل املوصــل بــكل أطيافهــم‬ ‫ورشائحهــم وســط عجــز تــام مــن قبــل قــوات األمــن‬ ‫العراقيــة‪.‬‬ ‫وتذكــر بوضــوح أنــه يف صبــاح يــوم الخميــس‪ ،‬الـــ‪ 05‬مــن‬ ‫يونيــو ‪ ،2014‬شــهدت املوصــل عاصفــة رمليــة مل تشــهد‬ ‫لهــا مثيــاً مــن قبــل‪ ،‬ومــدى الرؤيــة مل يكــن يتجــاوز‬ ‫أمتــارا ً عــدة وخــال ذلــك كان مقاتلــو داعــش يتســللون‬ ‫إىل أحيــاء املدينــة الغربيــة مثــل «مشــرفة و‪ 17‬متــوز»‪.‬‬ ‫وأرســل عنــارص داعــش يف بدايــة ســيطرتهم عــى املدينــة‬ ‫تطمينــات للصحفيــن بأنهــم ســيكونون يف أمــان‪ ،‬لكــن‬ ‫غالبيــة الصحفيــن غــادروا املدينــة مــع حــوايل مليــون‬ ‫ونصــف مليــون شــخص تركــوا محافظــة نينــوى‪ ،‬يف أكــر‬ ‫موجــة نــزوح تشــهدها املدينــة‪ .‬فيــا بقيــت شــيامء‬ ‫متخفيــة عــن األنظــار وتنتقــل مــن منــزل إىل آخــر‪ ،‬إثــر‬ ‫حملــة اعتقــاالت واســعة طالــت الصحفيــن وأســفرت‬

‫عــن قتــل العديــد منهــم‪ ،‬ومنهــم زمالئهــا يف قنــاة ســا‬ ‫املوصــل‪ ،‬يف حــن أجــر آخــرون مــن املوظفــن عــى‬ ‫إعــان التوبــة أمــام قــاض يف املحكمــة الرشعيــة‪.‬‬ ‫وعــادت مدينــة املوصــل قرونــاً إىل الــوراء‪ ،‬بســبب‬ ‫إجــراءات التنظيــم املتطــرف‪ ،‬وذلــك بســن إجــراءات‬ ‫تعســفية منهــا مثـاً منــع املــرأة مــن العمــل أو الخــروج‬ ‫مــن غــر محــرم مــع إلغــاء املحاكــم وكليــات الحقــوق‬ ‫والفنــون الجميلــة والقاعــات الفنيــة ودور املــرح‬ ‫والســينام‪ ،‬لكــن أكــر القوانــن التعســفية والرجعيــة‬ ‫كانــت أكرثهــا فائــدة لشــيامء ورمبــا أســهمت يف إنقاذهــا‬ ‫مــن مــوت محقــق وهــو فرض الخــار عــى املــرأة‪ .‬وكان‬ ‫هــذا طــوق نجاتهــا الحقيقــي عندمــا غــادرت املوصــل‬ ‫بهويــة مــزورة يف الثامــن والعرشيــن مــن شــهر يونيــو‬ ‫‪ .2015‬وكان ذلــك بعــد اعتقــال التنظيــم لـــ‪ 11‬صحفي ـاً‬ ‫وموظفـاً مــن قنــاة ســا املوصــل (أربعــة منهــم مــا زالــوا‬ ‫مجهــويل املصــر)‪.‬‬ ‫وبــدأت رحلــت شــيامء مــع خمــس نســاء أخريــات‪،‬‬ ‫تفاوضــن مــع أحــد املهربــن لتأمــن وصولهــن إىل تركيــا‬ ‫مقابــل (‪ 900‬دوالر) عــن كل واحــدة منهــن مدعيــات‬ ‫حاجتهــن املاســة إىل عالجــات طبيــة غــر متوافــرة يف‬ ‫املوصــل‪.‬‬ ‫وقضــت شــيامء مــع مرافقاتهــا الخمــس رحلتهــا إىل ريف‬ ‫حلــب ويف الطريــق أوقفتهــن نقطــة تفتيــش لداعــش‬ ‫دقــق عنارصهــا يف بطاقــات الهويــة الخاصــة بالراكبــات‪،‬‬ ‫وتذكــر الصحفيــة املوصليــة أن جميــع عنــارص نقطــة‬ ‫التفتيــش كانــوا مــن غــر العــرب وبينهــم رجــال شــقر‪.‬‬ ‫وترســخ يف ذهنهــا مشــاهدات الطريــق إىل ريــف حلــب‪،‬‬ ‫مــن عنــارص لحــزب العــال الكــردي أو مقاتلــن مــن‬ ‫فصائــل أخــرى مســلحة مل تســتطع أن تحــدد هوياتهــا‬ ‫وكيــف أنهــا دخلــت إىل مناطــق كانــت آثــار املعــارك‬ ‫باديــة عــى أبنيتهــا املدمــرة والحفــر عميقــة يف كل‬ ‫مــكان‪ .‬وأضافــت «شــاهدت عــى جانــب أحــد الطــرق‬ ‫جثــث ثالثــة شــبان ســوريني قــال ســائقنا إنــه وقــع‬ ‫إعدامهــم مــن قبــل داعــش وتركــوا عــى قارعــة الطريــق‬ ‫لــي يصبحــوا عــرة لآلخريــن»‪.‬‬ ‫وعنــد الواحــدة مــن بعــد منتصــف الليــل وصلــوا أقــى‬

‫الشــال الغــريب إىل الحــدود مــع تركيــا‪ ،‬حيــث‬ ‫ســوريي‬ ‫تركهــم الســائق هنــاك مــع مرشــديْن‬ ‫ْ‬ ‫أكمــا معهــن مشــياً عــى األقــدام طريقــاً وعــرا ً‬ ‫جــدا ً ميــر بــن جبلــن‪.‬‬ ‫وتذكــر شــيامء‪ ،‬أنهــا كانــا يحثاننــا عــى اإلرساع‬ ‫باســتمرار لــي نجتــاز الحــدود الرتكيــة قبــل طلــوع‬ ‫الفجــر وإال فســنعتقل أو نقتــل جميع ـاً مــن قبــل‬ ‫الجيــش الــريك»‪ ،‬وهــذا يعنــي أن مرحلــة جديــدة‬ ‫مــن املخاطــر كان عليهــم أن يخوضوهــا وإىل أبعــد‬ ‫نقطــة رعــب‪.‬‬ ‫وتصــف نوبــة الهســترييا التــي انتابتهــا وجعلتهــا‬ ‫تتقلــب وســط دهشــة مــن حولهــا يف الجانــب‬ ‫الــريك‪ ،‬حيــث تقــول «كنــت مثــل يشء وصــل حــد‬ ‫االنفجــار‪ ،‬غضبـاً وحزنـاً وخوفـاً وشــوقاً إىل أوالدي‪..‬‬ ‫اختلطــت كلهــا وأخــذت مثــل األســاك الشــائكة متــزق‬ ‫روحــي»‪ ،‬وهــو مــا جعلهــا تنــزع النقــاب وتلقــي ثوبهــا‬ ‫الفضفــاض وكفيهــا ثــم دفنــت رأســها يف حجــر رفيقــة‬ ‫لهــا وأخــذت تهتــز باكيــة‪ .‬وال تســتطيع أن تنــى كيــف‬ ‫فوجــئ املرشــدان بشــكلها الجديــد بقميــص وبنطلــون‬ ‫كاوبــوي وترسيحــة شــعرها وطالبهــا عــى الفــور أحــد‬ ‫املرشــدين مببلــغ إضــايف لقناعتــه التامــة مــن أنهــا‬ ‫إيزيديــة (ســبية) وهاربــة مــن أحــد عنــارص داعــش‪ ،‬ومل‬ ‫يرتاجــع عــن ذلــك إال بعــد أن قــرأت لــه بعــض اآليــات‬ ‫القرآنيــة واألحاديــث النبويــة التــي أثبتــت مــن خاللهــا‬ ‫أنهــا مســلمة‪.‬‬ ‫وقبيــل رشوق الشــمس وصلــت مدينــة أنطاكيــا وهنــاك‬ ‫تفــرق الجميــع‪ .‬وشــدت شــيامء قبضتهــا كمــن حقــق‬ ‫انتصــارا ً كبــرا ً «كنــت أريــد ســاعتها أن أركــض وأن‬ ‫أحتضــن النــاس مــن حــويل‪ ..‬أن أفعــل أي يشء أعــر بــه‬ ‫عــن فرحتــي بنجــايت مــن املــوت املحقــق ومــن حيــاة‬ ‫ي أن أعيشــها دامئـاً‬ ‫يف ظــل الخــوف مــن داعــش كان عـ ّ‬ ‫بشــخصية غــري وليســت أنــا»‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫ي��د اإلره��اب اجملرم��ة‬ ‫تض��رب يف أورف��ا‪!..‬‬ ‫فوجئنــا صبــاح يــوم الجمعــة ‪ 2015/10/30‬بخــر اغتيــال‬ ‫الزميلــن الصحفيــن إبراهيــم عبــد القــادر وفــارس الحــادي‪،‬‬ ‫العاملــن يف «صحيفــة عــن عــى الوطــن»‪ ،‬حيــث تــم العثــور‬ ‫عليهــا مذبوحــن يف شــقة وســط مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪،‬‬ ‫وســط ذهــول الجميــع‪ ،‬ويف ظــروف غامضــة‪ ،‬وتكهنــات تحــاول‬ ‫اإلمســاك بطــرف األحــداث املتســارعة‪ ،‬وقراءتهــا بعــن فاحصــة‪.‬‬ ‫نعــم‪ ..‬يــد اإلجـرام هــذه املــرة طالــت أصحــاب الكلمــة الحــرة‪،‬‬ ‫كــا قتلــت مــن قبــل الشــجر والبــر‪ ،‬ودمــرت البــاد‪ ،‬وعاثــت‬ ‫بهــا فســادا ً وإجرام ـاً‪ ،‬وهــي اليــوم باغتيالهــا للزميلــن توغــل‬ ‫أكــر بدمــاء الســوريني األبريــاء دون وازع مــن ضمــر أو ديــن‬ ‫أو أخــاق أو قيــم‪.‬‬ ‫ال يُعــرف إىل حينــه أســباب الحادثــة‪ ،‬إمنــا مجــرد قـراءة بســيطة‬ ‫ملواقــف الشــهيدين املناوئــة للنظــام املجــرم‪ ،‬وعملهــا الــدؤوب‬ ‫لتعريــة الواقــع وفضــح اإلرهــاب وآلتــه اإلجراميــة‪ ،‬تؤكــد بــأن‬ ‫يــد اإلرهــاب تريــد إســكات الكلمــة الحــرة‪ ،‬والصــوت الحــر‪،‬‬ ‫تريــد أن تغتــال الحقيقــة‪ ،‬وكل مــن يجــري خلفهــا‪.‬‬ ‫إبراهيــم عبــد القــادر‪ ،‬البــاز الفـرايت‪ ،‬كــا يحلــو لــه أن يناديــه‬ ‫رفاقــه‪ ،‬كان يرفــض الهجــرة واللجــوء إىل أوربــا‪ ،‬رغــم كل‬ ‫املغريــات‪ ،‬آثــر أن يعمــل علنـاً وبقــوة واندفــاع لنقــل الحقيقــة‬ ‫والوقائــع بصــدق‪ ،‬بــل كان رافضــاً مجــرد التفكــر بالهجــرة‪..‬‬ ‫البــاز كان يريــد العــودة إىل الرقــة بشــغف العاشــقني‪ ،‬لك ّنــه‬ ‫هــذه املــرة رحــل جســدا ً وتــرك لروحــه أن تعــود إىل الرقــة‪،‬‬ ‫التــي لــن تكــون عامــرة إلّ بأهلهــا‪ ،‬كــا كان يحلــم ويريــد‪..‬‬ ‫الســلطات الرتكيــة ســارعت إىل مــكان الحــادث‪ ،‬وهــي ســاعية‬ ‫بجــد لكشــف مالبســات الحــادث املفجــع‪ ،‬وهــو مــا نأمــل‬ ‫أن يتــم بالرسعــة القصــوى‪ ،‬وضبــط الفاعلــن وإيقــاع أقــى‬ ‫العقوبــات القانونيــة بحقهــم‪ ،‬لريتــدع غريهــم ممــن تســول لهــم‬ ‫نفوســهم املريضــة إيقــاع األذى بأصحــاب الصــوت الحــر‪.‬‬ ‫يف األمــس القريــب هنــاك مــن يحــاول أن يعطــل أي عمــل‬ ‫إيجــايب للرقــة‪ ،‬فكثــر مــن القــوى تحــاول تعطيــل تشــكيل‬ ‫مجلــس محــي للرقــة ينظــر يف شــؤون النــاس‪ ،‬وهيئــة سياســية‬ ‫وازنــة تقــود البلــد إىل بـ ّر األمــان‪ ،‬ومتنــع الناشــطني مــن العمــل‬ ‫يف املنظــات املدنيــة‪ ،‬والســؤال الــذي يطــرح نفســه‪ :‬مــن يقــف‬ ‫وراء كل هــذا‪ ،‬ومــن مينــع الرقاويــن يف أن يكونــوا يــدا ً واحــدة‬ ‫مــن أجــل بلدهــم والتخلــص مــن االحتــاالت التــي تجثــم عــى‬ ‫رقــاب العبــاد يف كل مــكان مــن ســوريا؟!‪.‬‬ ‫الع ـزاء للصديــق والزميــل أحمــد عبــد القــادر‪ ،‬شــقيق الشــهيد‬ ‫إبراهيــم‪ ،‬رئيــس مجلــس إدارة «عــن عــى الوطــن»‪ ،‬وآلل‬ ‫الشــهيد فــارس الحــادي‪ ،‬وجميــع العاملــن يف مؤسســة «عــن‬ ‫عــى الوطــن»‪ ،‬ولعمــوم أهلنــا يف الرقــة الحبيبــة‪ ،‬ونســأل اللــه‬ ‫العــي القديــر أن يتقبلهــا مــن الشــهداء ويجعــل مثواهــا‬ ‫الجنــة‪ ،‬وال حــول وال قــوة إال باللــه‪.‬‬

‫الحرملي‬

‫«مؤمتر أدب الطفل»‪ :‬وغياب البعد الرتبوي يف أدب األطفال‬ ‫مسقط – وكاالت‬ ‫وســط تجاهــل للبعــد الرتبــوي يف أدب األطفال‬ ‫نشــهد غيابــاً واســعاً لكتــاب األطفــال الذيــن‬ ‫يســاعدون الطفــل الســوري عــى اســتيعاب‬ ‫الواقــع املــر واملوحــش‪ ،‬الــذي يعانــون منه ســواء‬ ‫يف الداخــل الــذي يتعرض الســوريون فيــه للتنكل‬ ‫عــى حواجــز النظــام أمــام أطفالهــم‪ ،‬بــل مــع‬ ‫أطفالهــم‪ ،‬أو يف املناطــق التــي تتعــرض للقصــف‬ ‫اليومــي‪ ،‬أو يف املهاجــر التــي تحيــل حياتهــم إىل‬ ‫بحــر مــن املـرارة‪ ،‬لقــد تــرك الكتــاب الســوريون‬ ‫األطفــال للجحيــم‪ ،‬ومل يؤازروهــم بأغنيــة‪ ،‬أو‬ ‫بحكايــة تبعــث عــى األمــل‪ ،‬وتبعدهــم عــن‬ ‫العقــد النفســية التــي تتكالــب عــى أرواحهــم‬ ‫املخنوقــة بــاألمل‪.‬‬ ‫يف مســقط تنــاول املؤمتــر مشــاكل الكتابــة‬ ‫للطفــل‪ ،‬فرغــم األشــواط التــي قطعتهــا فنــون‬

‫الــرد‪ ،‬تجريب ـاً وتنظ ـرا ً‪ ،‬ال زال الــرد‬ ‫املو ّجــه إىل الطفــل يف العــامل العــريب‬ ‫يـراوح مكانــه‪ ،‬لعــل مــن أســباب ذلــك‬ ‫عــزوف الكتّــاب الذيــن اســتوعبوا‬ ‫هــذه التطــ ّورات عــن التوجــه إىل‬ ‫الطفــل‪ .‬ومــن خــال عالقــة املؤلّفــن‬ ‫بالطفــل ميكننــا أن نفهــم عالقــة كل‬ ‫املنظومــة الثقافيــة بــه‪.‬‬ ‫مالحظــات يســتدعيها مؤمتــر «أدب‬ ‫الطفــل مــن الـراث إىل الحداثــة» الذي‬ ‫انطلــق ‪ 2015/10/20‬يف العاصمــة ال ُعامنيــة‬ ‫مســقط مبشــاركة ‪ 18‬باحثـاً‪ .‬مــن العنــوان نفهــم‬ ‫محاولــة إعــادة النظــر إىل أدب الطفــل مــن زوايــا‬ ‫متعــددة‪ ،‬حداثيــة أساسـاً‪ ،‬لكــن ذلــك انحــر يف‬ ‫البعــد التكنولوجــي مــن الحداثــة‪.‬‬ ‫وكــا يف معظــم التنــاول العــريب لقضايــا الطفــل‪،‬‬

‫غلــب البعــد الرتبــوي يف األدب عــى كل نقاش ما‬ ‫يشــر إىل هامشــية الجوانــب الفنيــة والجامليــة‪.‬‬ ‫وهــو مــا نلمســه يف كلمــة االفتتــاح التــي ألقتهــا‬ ‫عزيــزة بنــت عبــد اللــه الطائيــة‪ ،‬املســؤولة يف‬ ‫وزارة الرتبيــة العامنيــة‪ ،‬حيــث قالــت «يســعى‬ ‫املؤمتــر إىل أن يحــر بيننــا أطفالنــا لــي نؤهلَهــم‬ ‫لخـ ِ‬ ‫ـوض غــا ِر املســتقبلِ»‪.‬‬

‫يحــاول املؤمتــر‪ ،‬بحســبها‪ ،‬درس وســائل‬ ‫تعبــر األطفــال عــن أنفســهم بالجنــس‬ ‫األديب‪ ،‬كــا يهــدف إىل إبــراز قيمــة‬ ‫املطالعــة والقــراءة املبكــرة يف حيــاة‬ ‫الطفولــة‪ ،‬والســعي إىل تنســيق جهــود‬ ‫تثقيــف الطفــل العــريب نحــو «خطــة‬ ‫وطنيــة شــاملة»‪ ،‬وهــي مواضيــع عــى‬ ‫أهميتهــا غــر متصلــة مبــارشة مبــا‬ ‫يكتــب للطفــل يف إطــار األدب‪.‬‬ ‫محــاور املؤمت ـ ِر األربعــة هــي «ال ـراثُ‬ ‫أدب الطفــلِ يف عــا ٍمل‬ ‫وأدب الطفــل»‪ ،‬و»مسـ ُ‬ ‫ـتقبل ِ‬ ‫ُ‬ ‫اث يف الفنــونِ املوجه ـةِ‬ ‫متغــر» و»اســتلها ُم ال ـر ِ‬ ‫أدب الطفــل»‪.‬‬ ‫ـارب يف ِ‬ ‫للطفــل» و»تجـ ُ‬ ‫الجلســة األوىل‪ :‬شــارك فيهــا إبراهيــم ســند‬ ‫ومحمــد جهــان ونــور الديــن الهاشــمي ومحمــد‬ ‫ســامي عــديل إبراهيــم القــايض ومحمــد بــن‬

‫خميــس البوســعيدي وحميــد النوفــي‪.‬‬ ‫أمــا الجلســة الثانيــة التــي ناقشــت محــور‬ ‫«مســتقبل أدب الطفــل يف عــامل متغــر»‬ ‫فاشــتملت عــى محضــارات لـ»عــي عبــد‬ ‫القــادر الحــادي وســعاد مســكني ورحمــة اللــه‬ ‫أوريــي وجميلــة الجعــدي ونــوال بنــت محمــد‬ ‫الحوســني وأمامــة اللواتيــة»‪.‬‬ ‫كــا عــرف اليــوم األول أيضــاً‪ ،‬ثــاث حلقــات‬ ‫عمــل مــع األطفــال؛ هــي «اســراتيجيات رسد‬ ‫القصــة‪ :‬أســلوب القصــة يف قلــم الطفــل»‬ ‫و»قصــة وألــوان» و»لنكتــب معــاً»‪.‬‬ ‫ويذكــر بــأن الباحثــن واملنظمــن قــد تجاهلــوا‬ ‫مأســاة األطفــال املهجريــن والذيــن يعيشــون‬ ‫تحــت القصــف والتنكيــل والتهجــر وخاصــة‬ ‫الســوريني منهــم‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ذئاب يف عامل البشر‬ ‫عبـد العظيـم إسـماعيـل‬

‫‪1‬‬ ‫يتوهــم كل مــن يص ّدقهــم بأنهــم ســيقدمون يد‬ ‫رسعون يف إنهــاء‬ ‫املســاعدة إىل شــعوبهم‪ ،‬أو ســي ّ‬ ‫معاناتهــم‪ ،‬ملــاذا االســتغراب؟! ألن لهــم اليــد‬ ‫الطــوىل يف مأســاتهم‪ ،‬وألنهــم يف كل موقــف‬ ‫يُظهــرون وجهــاً يتناســب والحالــة املســتج ّدة‬ ‫التــي تخــدم مصالحهــم‪ ،‬ولــو ُرفعــت هــذه‬ ‫األقنعــة لبــان الوجــه الحقيقــي املقيــت لهــم‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كل الطغــاة عــى مــ ّر العصــور ميتلكــون‬ ‫النظــرة نفســها حــول ذاتهــم اإللهيــة التــي‬ ‫ال تقبــل النقــد أو املراجعــة أو الوقــوع يف‬ ‫الخطــأ‪ ،‬وكأنهــم أس الحيــاة ومركــز الكــون‪،‬‬ ‫كــا يخلعــون عــى أنفســهم األلقــاب التــي ال‬ ‫تطلــق إال عــى الخالــق‪ ،‬ويســاعدهم عــى هــذا‬ ‫�ثُلّــة مــن بطانــة فاســدة منافقــة خبيثــة‪.‬‬

‫هــم قتلــة‪ ،‬مصاصــو دمــاء لشــعوبهم‪،‬‬ ‫ولشــعوب أخــرى‪ ..‬طغــاة عاثــوا يف األرض‬ ‫فســادا ً‪ .‬كــم نُكبــت البرشيــة باســتبدادهم‬ ‫وديكتاتوريتهــم؟ أصحــاب شــخصيات تســلطية‪،‬‬ ‫مييلــون إىل العقــاب الشــديد‪ ،‬مســيطرة عليهــم‬ ‫لغــة القــوة والعنــف والخشــونة املفرطــة حتــى‬ ‫مــع أقــرب النــاس إن لــزم االمــر‪ .‬ميثّلــون منــاذج‬ ‫للــر فريــدة وجنــون للعظمــة متم ّيــز‪ ،‬حتــى‬ ‫لــو كانــت ابتســاماتهم بعــرض وجوههــم‪،‬‬ ‫مغلّفــة باإلنســانية‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫صــور لنــاذج مــن املــايض إىل الحــارض عــى‬ ‫ســبيل املثــال وليــس الحــر‪:‬‬ ‫اإلمرباطــور الرومــاين (كاليجــوال)‪ :‬منــوذج‬‫للــر وجنــون العظمــة‪ ،‬مــن أقوالــه التــي‬ ‫ـأحل‬ ‫تنبــىء عنــه «ال أرتــاح إالّ بــن املــوىت»‪« ،‬سـ ّ‬ ‫أنــا محــل الطاعــون»‪.‬‬

‫دفاعًا عن شريعة الغابة‪!..‬‬

‫إسماعيل خليل الحسن‬

‫يحكــم الغابــة دســتور التــوازن الطبيعــي‬ ‫فــا تســتطيع الحيوانــات تدمــر البيئــة وال‬ ‫تســتطيع الغابــة خنــق الحيــاة فلــوال القــوارض‬ ‫التــي تحــد مــن زحــف النبــات النعدمــت بيئــة‬ ‫الحيــوان‪ .‬والقــوارض ال تســتطيع للنبــات هــاكاً‬ ‫ألن يف الغابــة أصنافـاً كثــرة تفرتســها وتحــد من‬ ‫تكاثرهــا‪ ،‬وحتــى ال تنقــرض القــوارض‪ ،‬هنالــك‬ ‫مــن يفــرس آكالتهــا لكــن ليــس إىل درجــة‬ ‫إبــادة الجنــس‪ .‬كل ذلــك يف تسلســل هرمــي‬ ‫(إلهــي) مرتــب بعنايــة ليــس فيــه طغيــان إال يف‬ ‫حــدود مــا يســمح بــه القانــون‪ ،‬قانــون التــوازن‬ ‫الطبيعــي‪..‬‬ ‫يــأكل القــوي فريســته وعندمــا يشــبع يــرك‬ ‫مــا تب ّقــى ملــن هــو أقــل منــه قــوة‪ ،‬إن قوانــن‬ ‫اللعبــة واضحــة ومكشــوفة حيــث ال يســتطيع‬ ‫الضعيــف املنفــرد البقــاء طويـاً‪ ،‬ألنــه ســيكون‬ ‫طعامــاً مناســباً لألقــوى‪ ،‬وال يســتطيع القــوي‬ ‫املتجـ ّـر إفنــاء مــن هــو أقــل قــوة واســتحكاماً‬ ‫منــه‪ ،‬طاملــا أن قانــون الــرورة يفــرض وجوده‪.‬‬ ‫يزهــق القوي روح فريســته خدمة الســتمراريته‬ ‫يف الحيــاة‪ ،‬وال يقتــل ألجــل القتــل وحــده‪ ،‬فــا‬ ‫يــرف بــل يقتــل بحــدود الــرورة‪ ،‬وال يتلــذذ‬ ‫بتعذيــب الفريســة حيــث ال أدوات تعذيــب‬ ‫لديــه ســوى أنيابــه الحــادة املصممــة بدقــة‬ ‫لهــدف محــدد هــو الذبــح الرسيــع أو الرحيــم‪.‬‬ ‫فهــل مــا يحكــم البــر اليــوم هــو أقــل عدالــة‬ ‫إ ْن مل يكــن أكــر ظلـاً؟‬ ‫إن البــر هــم ســادة إبــادة الجنــس حيــث‬ ‫أن أصنافــاً كثــرة مــن النــاس قــد انقرضــت‪.‬‬ ‫فاإلنســان األمــن واإلنســان الصــادق واإلنســان‬ ‫العــادل والــذي يُؤثــر غــره عــى نفســه‬ ‫والوطنــي والحليــم والكريــم والنبيــل وصاحــب‬

‫• هادي جلو مرعي‬

‫يتواصــل مسلســل القتــل يف العــراق‬ ‫وســوريا وبنســب مختلفــة يف بلــدان‬ ‫عربيــة ورشق أوســطية عديــدة ومنــذ‬ ‫ســنوات طالــت وامتــدت وتســبب‬ ‫الــراع خاللهــا بقتــل آالف مــن األبريــاء‬ ‫واملقاتلــن الذيــن ينتمــون إىل مكونــات‬ ‫دينيــة وعرقيــة متنوعــة‪ ،‬وصــارت آلــة‬ ‫القتــل تحصــد املزيــد مــن األرواح مــع مــا‬ ‫يرافــق ذلــك مــن تدمــر للبنيــان وخ ـراب‬ ‫للبنــى التحتيــة‪ ،‬ووقــف لحركــة االقتصــاد‬ ‫والحيــاة والعمــران‪ ،‬كــا حصــل يف مــدن‬ ‫عراقيــة عــدة وســورية مل يبــق فيهــا مــن‬ ‫أثــر لإلنســان وللحيــاة بأشــكالها املختلفــة‬

‫املــروءة‪ ،‬إ ّن كل حامــي هــذه الصفــات أصبــح‬ ‫وجودهــم نــادرا ً‪.‬‬ ‫ال يشــبع القــوي وال يــرك ملــن هــو أقــل منــه‬ ‫ق ـ ّوة فضلــة مــن طعــام أو شــيئاً مــن حقــوق‪.‬‬ ‫يتســلّط الضعيــف مبكــره ودهائــه ويتحكّــم‬ ‫وأقرانــه مــن التافهــن برقــاب العبــاد وال يبقــي‬ ‫حلقــات وســطى فإمــا طغــاة متجـ ّـرون وإمــا‬ ‫ضعــاف بائســون‪.‬‬ ‫فهــل مــا هــو فطــري أفضــل مــا هــو عقــي‬ ‫حســب مقولــة وول ديورانــت؟‬ ‫كنــا نتحلّــق حــول مواقــد الشــتاء فيح ّدثنــا‬ ‫كبــار الســ ّن عــن رجــال أشــداء امتطــوا‬ ‫صهــوة املغامــرة‪ ،‬فيحلــم أحدنــا أن يكــون‬ ‫ذلــك اإلنســان أو بعضــاً منــه‪ ،‬إنهــم رجــال‬ ‫عــر الفروســ ّية بــكل نبالتــه وعنفوانــه‪ .‬أ ّمــا‬ ‫يف عرصنــا هــذا حيــث االســتهالك الهائــل‬ ‫والنوعــي‪ ،‬فــا حديــث إال عــن ذلــك البــري‬ ‫الــذي اختلــس وأثــرى وتس ـلّط وتجـ ّـر وصعــد‬ ‫مــن أســفل درجــات السـلّم االجتامعــي بتزلّفــه‬ ‫وحذلقتــه وبيعــه لكرامتــه اإلنســانيّة‪.‬‬ ‫البرشيّــة جنــس‪ ،‬لكــن اإلنســانيّة صفــة لهــا‬ ‫تـ ّ‬ ‫ـدل عــى مرحلــة خطاهــا البــر نحــو م ـراقٍ‬ ‫وســاوات‪ .‬يطمــح البــري ألن يكــون إنســاناً‪،‬‬ ‫ويهبــط اإلنســان ليســتحيل برشيّــاً‪ ،‬والبــري‬ ‫يتقهقــر إىل الحيوان ّيــة‪ ،‬لكــن دون تــوازن‪ .‬إنّــه‬ ‫يغــادر الرشيعــة الطبيع ّيــة ليفــرض رشيعتــه‬ ‫هــو‪ ،‬فتصبــح رشيعــة الغــاب وقتئــذ مطمح ـاً‬ ‫يصعــب نوالــه‪ ،‬ومطلب ـاً متقدم ـاً عــى مــا هــو‬ ‫واقعــي‪ ،‬حيــث البقــاء ليــس لألصلــح واألقــوى‬ ‫واألغلــب‪ ،‬بــل للمســتقوي واملتغلّــب والوصــويل‬ ‫الــذي يهلــك الــزرع والــرع خدمــة ألغراضــه‬ ‫الدونيــة فيفنــى اإلنســان ويتــاىش املــكان‬ ‫ومتحــى األوطــان‪.‬‬

‫ (نــرون)‪ :‬راوده خيالــه الســقيم أن يعيــد‬‫بنــاء رومــا‪ ،‬فأحرقهــا وتربّــع عــى بــرج مرتفــع‬ ‫يتسـ ّـى مبنظــر الحريــق‪ ،‬وهــو يعــزف ويغ ّنــي‬ ‫أشــعار هومــروس‪.‬‬ ‫ (ســتالني)‪ :‬كان يصــدر ق ـرارات إعــدام ملجــرد‬‫الشــك والتخمــن‪ .‬يُذكــر أنــه يف ليلــة واحــدة‬ ‫(‪ 8‬ديســمرب ‪ )1938‬وقّــع قامئــة بإعــدام ثالثــن‬ ‫ألــف إنســان‪ ،‬ثــم قــام ملشــاهدة فيلــم (الرجــال‬ ‫الســعداء)‪ .‬مــن أقوالــه «إذا مــات شــخص فهــي‬ ‫مأســاة‪ ،‬أ ّمــا إذا مــات مليــون فهــي مجــرد‬ ‫إحصائيــة»‪.‬‬ ‫ (هتلــر)‪ :‬كلّفــت أحالمــه البرشيــة يف الحــرب‬‫العامليــة الثانيــة أكــر مــن ســتني مليــون إنســان‬ ‫بــن عســكري ومــدين ناهيــك عــن الدمــار‪..‬‬ ‫ (فرانكــو) ديكتاتــور وطاغيــة اســبانيا‪ :‬عندمــا‬‫حــره املــوت‪ ،‬طلــب منــه القســيس أن يعفــو‬ ‫عــن خصومــه‪ ،‬فهمــس الجـرال يف أذنــه قائـاً‪:‬‬

‫أحمد صالل‬

‫ص ّدقنــي‪ ،‬ال أحتــاج إىل ذلــك‪..‬‬ ‫فقــد نلــت منهــم جميعـاً‪.‬‬ ‫قامئــة مرعبــة مل تنتــه‪ِ،‬‬ ‫ولــن تنتهــي‪ ..‬وال تــزال‬ ‫متواصلــة إىل يومنــا هــذا‪..‬‬ ‫يســمع العــامل‪ ،‬فينــ ّددون‬ ‫ويســتنكرون ويشــجبون‪،‬‬ ‫أ ّمــا إن اقتضــت مصلحتهــم‬ ‫ســيتد خّلو ن ‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مــا يجــرح املشــاعر‬ ‫ويدميهــا‪ ،‬أن كل الطغــاة يف‬ ‫أغلــب املناســبات يوضــع‬ ‫لهــم األطفــال يف مق ّدمــة‬ ‫مســتقبليهم وهــم يحملــون لهــم الــورود‬ ‫والحامئــم‪ ،‬لتمــر يــد القاتــل متســح برفــق عــى‬ ‫رؤوســهم مرتافقــة مــع تكشــرة ذئــب مبســوح‬

‫إنســاين‪.‬‬ ‫أال يتّعضــون مــن مصــر ســابقيهم؟! أم‬ ‫يتص ـ ّورون أنهــم جنــس مــن الطغــاة مع ّدلــن‬ ‫ال يقهــرون؟!‪.‬‬

‫خيبة أمل بوتني يف اجتماع باريس‬

‫يف زيارتــه األخــرة للعاصمــة الفرنســية‪،‬‬ ‫باريــس‪ ،‬أمــى الرئيــس الــرويس فالدميــر بوتــن‬ ‫ســاعات طويلــة يف مبنــى الخارجيــة الفرنســية‬ ‫يف اجتــاع ضــم باإلضافــة للفرنســيني والــروس‬ ‫األملــان كطــرف ثالــث‪ ،‬يف محاولــة لتنشــيط‬ ‫العالقــة مــع دول االتحــاد األوريب حيــال األزمــة‬ ‫األوكرانيــة وامللــف الســوري‪ ،‬الــذي يعتــره‬ ‫بوتــن مــن أولويــات السياســة الخارجيــة‬ ‫لروســيا اليــوم‪.‬‬ ‫أمــام مبنــى الخارجيــة الفرنســية‪ ،‬كان يف‬ ‫انتظــار بوتــن وقفــة احتجاجيــة نظمهــا‬ ‫ســوريون وأوكرانيــون احتجاجـاً عــى العمليــات‬ ‫القتاليــة التــي يشــنها الــروس يف كل مــن ســوريا‬ ‫وأوكرانيــا‪ .‬الترصيحــات الفرنســية التــي أعقبــت‬ ‫االجتــاع بقيــت عــى موقفهــا الرافــض لبقــاء‬ ‫األســد‪ ،‬املوقــف الفرنــي مل يتغــر‪ ،‬يبحــث‬ ‫عــن بنــاء أغلبيــة سياســية جديــدة يف ســوريا‬ ‫مــن دون األســد وضــد داعــش‪ ،‬الترصيحــات‬ ‫الروســية املقتضبــة والدبلوماســية الخجلــة يف‬ ‫نربتهــا‪ ،‬هــي األخــرى مــؤرشات عــى أن ال يشء‬ ‫مــن طلبــات الــروس حيــال امللــف الســوري‪،‬‬ ‫القــت القبــول لــدى األوربيــن بالعمــوم‬ ‫والفرنســيني تحديــدا ً‪.‬‬ ‫جــاء بوتــن إىل باريــس عقــب بــدء عملياتــه‬ ‫العســكرية يف ســوريا‪ ،‬باحثــاً عــن أفضــل مــا‬ ‫ميكــن الوصــول إليــه حيــال امللــف األوكــراين‬ ‫مــن بوابــة امللــف الســوري‪ ،‬لكــن يبــدو هــذه‬ ‫املســاومة مل تجــد آذانــاً صاغيــة‪ .‬ويف رأيــه أن‬ ‫مــا يقــوم بــه مــن أعــال عســكرية يف ســوريا‪،‬‬ ‫هــو بدايــة تســوية للن ـزاع يف أوكرانيــا‪.‬‬ ‫وأشــارت مصــادر ديبلوماســية أن جولــة‬ ‫املباحثــات مل تتمخــض عــن أي يشء يخــص‬

‫مبــادئ للتســوية يف أوكرانيــا‪ ،‬كذلــك الحــال مل‬ ‫تتطــرق املباحثــات للتوافقــات حيــال امللــف‬ ‫الســوري‪ .‬وعلــم أيضــاً أن األوربيــن أبلغــوا‬ ‫بوتــن بــرورة إيجــاد حــل ســيايس بــدالً عــن‬ ‫فــرد العضــات العســكرية التــي تقــوم بــه‬ ‫روســيا مبــا يخــص امللفــات املشــتعلة يف كل مــن‬ ‫أوكرانيــا وســوريا‪.‬‬ ‫ويلفــت املراقبــون السياســيون يف كل مــن‬ ‫باريــس وموســكو‪ ،‬النظــر إىل أن الزيــارة األخــرة‬ ‫لبوتــن إىل باريــس‪ ،‬وإن كانــت تخــص تبــادل‬ ‫اآلراء حيــال األزمــة األوكرانيــة وتطرقــت‪،‬‬ ‫أيضــاً‪ ،‬للشــأن الســوري‪ .‬ولكــن أهميتهــا‬ ‫بالنســبة لبوتــن تتجــاوز ذلــك بكثــر‪ ،‬الرئيــس‬ ‫الــرويس يبحــث عــن عــودة عالقاتــه مــع‬ ‫االتحــاد األوريب‪ ،‬التقــارب الــرويس مــع حــدوده‬ ‫الجنوبيــة مل يعــد يعــول عليــه‪ ،‬والتحالــف مــع‬ ‫الصــن قــد يعــول عليــه اقتصادي ـاً‪ ،‬ولكــن كــا‬ ‫يبــدو ال ميكــن التعويــل عليــه سياســياً‪.‬‬ ‫إذا كان الرئيــس الــرويس يبحــث عــن بصيــص‬ ‫نــور يف آخــر النفــق العســكري‪ ،‬يبــدو املوقــف‬ ‫األوريب بالتعميــم والفرنــي بالتخصيــص‪ ،‬يبحث‬ ‫عــن تســويات سياســية تفــي إىل رحيــل األســد‬ ‫عــن الســلطة‪ ،‬كذلــك الحــال باألزمــة األوكرانية‪،‬‬ ‫األوربيــون يبحثــون عــن اتفاقيــة للســام‪ ،‬ومل‬

‫تجــد املواقــف الروســية تفهـاً لــدى األوربيــن‪،‬‬ ‫وبقيــت األزمــة يف أوكرانيــا وامللــف الســوري‪،‬‬ ‫مســائل خالفيــة جوهريــة سيســتمر الخــاف‬ ‫بشــأنها‪.‬‬ ‫ويبــدو أن السياســة الروســية مبــا يخــص‬ ‫تعاملهــا مــع األزمــة األوكرانيــة‪ ،‬وفــرد العضالت‬ ‫العســكرية مبــا يخــص امللــف الســوري ودعــم‬ ‫روســيا غــر املحــدود للنظــام‪ ،‬ال يضــع الــروس‬ ‫يف اختبــار صعــب مــع األمريــكان فحســب‪،‬‬ ‫وإمنــا اختبــار العالقــات الصعــب سيشــمل‬ ‫األوربيــن‪ ،‬أيضــاً‪ ،‬وفرنســا ســتكون يف ريــادة‬ ‫الــدول األوربيــة يف االختبــار الصعــب للعالقات‪.‬‬ ‫ويبــدو مــن مواقــف بوتــن إرصاره عــى نهجــه‬ ‫يف سياســته الخارجيــة‪ ،‬وأضــاف الكرملــن‬ ‫ملشــاكله الخارجيــة مــع الغــرب‪ ،‬واملتجســدة‬ ‫ســابقاً بنــر الــدرع الصاروخيــة ومعاهــدة‬ ‫التس ـلّح التقليديــة وتوســع األطلــي‪ ،‬مشــاكل‬ ‫جديــدة‪ ،‬تتجســد يف مســائل خالفيــة حــول‬ ‫األزمــة األوكرانيــة وامللــف الســوري‪.‬‬ ‫يبــدو أن عــودة العالقــات الروســية مــع أوربــا‬ ‫لحالــة التكافــؤ والنديــة‪ ،‬لــن يكــون مصريهــا‬ ‫التحقــق‪ ،‬حيــث أبــدى األوربيــون يف اجتــاع‬ ‫باريــس األخــر‪ ،‬خيبــة أمــل مــن ترصفــات‬ ‫الــروس وسياســة فــرد العضــات العســكرية‪.‬‬

‫حريق يف اإلقليم‬ ‫التــي كانــت تضــج هنــا وهنــاك وترســم‬ ‫معــامل أمــل ذوى وانتهــى ومل يعــد لــه مــن‬ ‫وجــود‪.‬‬ ‫حــن يتواصــل القتــل والتهجــر ويــر‬ ‫املتحاربــون عــى الوصــول إىل نقطــة‬ ‫الهاويــة فإنهــم يفتحــون البــاب عــى‬ ‫مرصاعيــه ملزيــد مــن الكــوارث التــي‬ ‫تدمــر حيــاة النــاس العاديــن فيكــون الثــأر‬ ‫والهمجيــة ســبيالً لتحقيــق األهــداف غــر‬ ‫املرشوعــة مــع إن كل مــا يفعلــه هــؤالء‬ ‫يتحــول إىل املرشوعيــة لغيــاب القانــون‬ ‫وضيــاع فــرص التفاهــم وبنــاء مشــاريع‬ ‫الوعــي لــدى املجموعــات البرشيــة التــي مل‬ ‫تعــد تبحــث عــن الحيــاة واألمــل وصناعــة‬

‫الغــد‪ ،‬بــل تركــز فقــط عــى اســتمرارها يف‬ ‫حيــاة ضائعــة ال خيــار لهــا فيهــا وتدفــع‬ ‫أمثانــا ً مضاعفــة نتيجــة التخــوف مــن‬ ‫األحــداث القادمــة واملصــر املجهــول‬ ‫للمنطقــة‪.‬‬ ‫يف أثنــاء الــراع الطائفــي بعــد العــام‬ ‫‪ 2003‬قتــل آالف مــن العراقيــن‪ ،‬ونــزح‬ ‫ماليــن عــن قراهــم ومدنهــم‪ ،‬وجــرى‬ ‫تغيــر دميوغرافيــة البــاد إىل شــكل‬ ‫مختلــف‪ ،‬حيــث تــم تهجــر األرس التــي‬ ‫تنتمــي ألقليــة يف منطقــة أكرثيــة مخالفــة‬ ‫دينيـا ً‪ ،‬وصــارت األعبــاء االقتصاديــة ترتاكــم‬ ‫عــى املــدن التــي اســتقبلت املهجريــن‪،‬‬

‫وتطلــب ذلــك توفــر فــرص عمــل غــر‬ ‫محــدودة مــع ضعــف يف االقتصــاد وغيــاب‬ ‫للتخطيــط‪ ،‬بينــا اســتمر نــزف األمــوال‬ ‫الطائلــة عــى املشــاريع الوهميــة‪ ،‬وتلــك‬ ‫التــي تــرق مــن قبــل املفســدين مــن‬ ‫املســؤولني ومــن يتعــاون معهــم‪ ،‬بينــا‬ ‫عجــزت الحكومــات املتعاقبــة عــن فعــل‬ ‫يشء ينقــذ مــا تبقــى مــن كيــان الدولــة‪.‬‬ ‫العــراق بحاجــة إىل تخطيــط متــوازن‬ ‫وعــدم االكتفــاء بالتنظــر والحديــث عــن‬ ‫إصالحــات وإعــادة هيكلــة وهــو مــا قــد‬ ‫ال يتحقــق يف الفــرة املقبلــة ومل يتوفــر يف‬ ‫الفــرة املاضيــة‪ ،‬بينــا يطالــب بــه النــاس‬ ‫ويتظاهــرون مــن أجلــه يف مناســبات‬

‫مختلفــة مل تكــن كافيــة لوقــف التدهــور‬ ‫وتعديــل املســار بشــكل‪ ،‬أو بآخــر‪.‬‬ ‫املنطقــة كلهــا تغــي‪ ،‬وال يبــدو مــن‬ ‫أفــق لحــل املشــاكل ووقــف الرصاعــات‬ ‫امللتهبــة‪ ،‬ونحــن يف الواقــع نســتعد‬ ‫ملراحــل قادمــة أكــر ســوءا ً مــا ســبق وال‬ ‫فرصــة للتخلــص مــن ذلــك إال بالتضامــن‬ ‫والتعــاون والتنــازل واحــرام اآلخــر‪ ،‬وال‬ ‫نعلــم متــى ســيتوفر االســتعداد لــدى‬ ‫الجميــع ليتوافقــوا‪ ،‬فاإلقصــاء والتهميــش‬ ‫ورفــض اآلخــر عناويــن عريضــة ملســتقبل‬ ‫مجهــول‪.‬‬ ‫• املرصد العراقي للحريات الصحفية‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫شيطنة الرتاث اإلسالمي‬ ‫الس��ؤال ال��ذي حيت��اج لإلجاب��ة‪:‬‬ ‫محمد صبحي‬ ‫إىل أي مــدى كان النظــام الســوري يعمــل‬ ‫عــى تقويــة حلقــات اإلرهــاب الجهــادي يف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬ووصلهــا ببعضهــا البعــض؟‬ ‫وهــل كان ذلــك آليــة دفاعيــة لتصديــر‬ ‫مشــكالته وأزماتــه مــع اإلســاميني؟ أم أن‬ ‫ذلــك الــدور أنيــط بــه مــن حلفــاء دوليــن؟‬ ‫فتقاطعــت املصالــح بينــه وبــن مــن يعمــل‬ ‫عــى إيجــاد تلــك السلســلة حــن بــدأت‬ ‫بأفغانســتان‪ ،‬واســتقر بهــا املطــاف يف ســوريا‪.‬‬ ‫بــدأت قصــة اللجــوء إىل العنــف يف ســورية‬ ‫عندمــا تــم تطعيــم حــزب البعث بعســكريني‬ ‫ســمي‬ ‫ضبــاط وقيامهــم تاليــاً بانقــاب مــا‬ ‫َّ‬ ‫(ثــورة الثامــن مــن آذار) ثــم االلتفــات إىل‬ ‫تصفيــة الخصــوم السياســيني ‪ ،‬وقمــع التمــرد‬ ‫«األخــواين» يف حــاه وحلــب ودمشــق وديــر‬ ‫الــزور ومعاملــة الســجناء والســكان بطــرق‬ ‫وحشــية راح ضحيتهــا عــرات األلــوف‬ ‫وامتــد تلــك الوحشــية لتقــوم بإعــدام اآلالف‬ ‫يف ســجن تدمــر رميــاً بالرصــاص ‪ ،‬كل هــذا‬ ‫القمــع وتحــت ظــل مــا يســمى بحالــة‬ ‫«األحــكام العرفيــة» يف ســوريا أسســت‬ ‫لنــدوب وجــروح عميقــة يف الذاكرة الســورية‪،‬‬ ‫غــر قابلــة لالندمــال‪ ،‬ثــم ميــي األمــر‬ ‫ليفاجــئ الســوريون بــأرسع عمليــة تعديــل‬ ‫يف الدســتور لتوليــة األســد «اإلبــن» وتوريــث‬ ‫الســلطة ‪ ،‬ليفاجــئ الســوريون بخــرق آخــر‬ ‫عــى املســتوى القانــوين والحقوقــي ‪ ،‬عندمــا‬

‫تقــام معســكرات للجهاديــن الذيــن ينــوون‬ ‫مقاومــة األمريــي يف الع ـراق ‪ ،‬بعــد ســقوط‬ ‫بغــداد –بالرغــم مــن أن النظــام أرشف‬ ‫عــى احتضــان املعارضــة العراقيــة ومحاولــة‬ ‫توليتــه الســلطة لهــا‪ -‬وهنــا املفارقــة الكــرى‬ ‫‪ ،‬وبالوقــت الــذي كان فيــه صــدام حســن‬ ‫ونظامــه عــدو األمــس ‪ ،‬أصبــح ودون‬ ‫مقدمــات الزعيــم العــريب الــذي يتحتــم عــى‬ ‫العــرب الســوريني الثــأر لــه وللعـراق املحتــل‬ ‫‪ ،‬مــن خــال االلتحــاق باملقاومــة العراقيــة ‪،‬‬ ‫فأصبــح النظــام الســوري وبشــكل مفاجــئ‬ ‫متباكيــاً عــى العــراق ‪ ،‬متجــاوزا ً مــا دأب‬ ‫عــى مقارعتــه يف العــراق لســنني طــوال ‪،‬‬ ‫وقــد تــم طيــه وتجــاوزه بــن ليلــة وضحاهــا‬ ‫‪ ،‬فأطلــق األســد االبــن مبــادرة جهاديــة‬ ‫يف العــراق‪ ،‬ومبفارقــة عجيبــة ‪ ،‬فمــن كان‬ ‫اعتبــاره لــدى النظــام خطــرا ً عــى الدولــة‬ ‫الســورية واملجتمــع الــدويل‪ ،‬مــن (ســلفيني‬ ‫جهاديــن) أصبحــوا اآلن يتدربــون لــدى‬ ‫النظــام (معســكر املعــرة) وتحــت مــرأى‬ ‫وعيــون أجهزتــه بذريعــة (قومية‪/‬جهاديــة)‬ ‫عابــرة للحــدود نــر ًة للعــراق وفلســطني‪،‬‬ ‫لكــن األســد «االبــن» كان حــذرا ً مــن أن‬ ‫يضطلــع رســمياً بــدور خليفــة املســلمني يف‬ ‫بغــداد وحامــي الديــار الشــامية يف ســوريا‪،‬‬ ‫وفلســطني‪ ،‬ولبنــان‪ ،‬وظــل يســتخدم خطــاب‬ ‫املقاومــة واملامنعــة‪ ،‬مبزيــد مــن الجعجعــة‬ ‫اإلعالميــة‪ ،‬فــكان االنزيــاح األكــر يف الوعــي‬ ‫الثقــايف الســوري‪ ،‬لتكريــس نســق جهــادي‬

‫وتكفــري‪ ،‬مــوا ٍز للقاعــدة مبســمى (املامنعــة‬ ‫واملقاومــة)‪.‬‬ ‫تعتــر خطــوة «الســر الجهــادي» التــي‬ ‫انتهجهــا النظــام الســوري يف أوســاط‬ ‫الســوريني عقــب ســقوط بغــداد‪ ،‬وروج لهــا‬ ‫إعالميـاً عــى أنهــا مرشوعــه املقــاوم للوجــود‬ ‫األمريــي يف العـراق تأسيســا واعيــا ومرشوطا‬ ‫ملقابلــة مــروع الفــوىض البنــاءة يف منتصــف‬ ‫الطريــق مــع قــوى العوملــة التــي أصبحــت‬ ‫تســتحكم شــيئا فشــيئا‪ ،‬مــا قــد يفــرض‬ ‫وكالتــه كأحــد الالعبــن يف مــروع الــرق‬ ‫األوســط الجديــد ‪ ،‬فهــل النظــام الســوري‬ ‫مؤهــل إلدارة أعقــد ملــف جهــادي يف هــذه‬ ‫املنطقــة؟‬ ‫رسعــان مــا تلقفــت املجاميــع اإلســامية‬ ‫رغبــة النظــام يف رعايــة الجهــادي اإلســامي‬ ‫يف العــراق ‪،‬فاســتثمرت هــذه الخطــوة‪،‬‬ ‫وطفقــت تبنــي عليهــا بغريــزة املندفــع‬ ‫الــذي يريــد أن يحقــق وجــودا كان ممنوعــا‬ ‫عليــه‪ ،‬ودون املراجعــة أو االنتبــاه للمصائــد‬ ‫واملكائــد للفــخ الــذي نصبتــه لهــم أجهــزة‬ ‫النظــام األمنيــة ‪ ،‬فأحــدث ذلــك انطباعــاً‬ ‫لــدى املراقبــن واملتابعــن مــن أن الذئــب‬ ‫صــار صديقــا للحمــل وأن النظــام صــار‬ ‫يدعــم مشــاريعاً للجهــاد اإلســامي يف العـراق‬ ‫ورمبــا لبنــان (شــاكر العبــي) وظهــوره‬ ‫املفاجــئ بعــد أن كان محتجــزا يف أقبيــة‬ ‫النظــام الســوري‪ ،‬وافتعالــه ملعركــة مخيــم‬ ‫نهــر البــارد ‪ ،‬ويبــدو أنــه التقــاء متحالــف‬ ‫ومــروط بــن األجهــزة األمنيــة الســورية‬ ‫‪ ،‬وزعيــم التنظيــم الجهــادي عــرت عنــه‬ ‫الرغبــة يف تنفيــذ مشــاريع جهاديــة ونقلهــا‬ ‫خــارج ســوريا‪ ،‬اربــاكاً لدولــة لبنــان ولجيشــها‬ ‫حديــث التكويــن‪.‬‬

‫حــدث أن أصحــاب املشــاريع الجهاديــة‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وقبــل وقــوع الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫يســتثنون النظــام الســوري مــن األعــال‬ ‫الجهاديــة املقدســة آنــذاك وظلــت هــذه‬ ‫املشــاريع تتقــارب وتبتعــد مــن حــدود‬ ‫ســوريا حســب مصلحــة النظــام يف ذلــك‪،‬‬ ‫وهــي حالــة عرفــان بالجميــل ‪ ،‬الــذي تقدمــه‬ ‫أجهــزة النظــام تبعــا للتســهيالت اللوجســتية‬ ‫يف مســألة العبــور وترشــيد التمركــز يف دول‬ ‫الجــوار الســوري‪ ،‬وهــي اآلليــة التــي بقيــت‬ ‫نشــط ًة يف قاعــدة العــراق متخــذة مــن‬ ‫املناطــق «الســنيَّة» مجــاالً لرتكيــز عملياتهــا‬ ‫ومناوراتهــا بالرغــم مــن ظهــور الصحــوات‬ ‫ضدهــا‪ ،‬لتتوافــق يف ذلــك املصلحــة اإليرانيــة‬ ‫مــع مصلحــة النظــام الســوري يف وضــع‬ ‫املكــون الســني موضــع املشــاغلة واإلدانــة‬ ‫مبوضــوع اإلرهــاب الــدويل‪ ،‬الــذي نتــج عــن‬ ‫نشــاط قاعــدة العــراق وتوظيــف امليــل‬ ‫الســ ِّني إىل العنــف الجهــادي‪ ،‬مدعومــاً‬ ‫مبجاميــع ســورية انجذبــت أو انضمــت إىل‬

‫‪7‬‬

‫هــذا املنــاخ الجديــد‪.‬‬ ‫عــادت قاعــدة العــراق إىل الكمــون مــن‬ ‫جديــد‪ ،‬وبعــد أن شــارك النظــام الســوري‪ ،‬يف‬ ‫االتفــاق األمنــي لــدول جــوار العـراق‪ ،‬تزامــن‬ ‫ذلــك مــع اغتيــال أبــو القعقــاع (محمــود‬ ‫قــول اغــايس) الخطيــب يف مســجد الرحمــن‬ ‫بحلــب‪ ،‬والــذي كان يلهــب املصلــن حامســة‪،‬‬ ‫إذ تذهــب املعلومــات املرسبــة ‪ ،‬أنــه كان‬ ‫مرتبطــا بشــخصية أمنيــة رفيعــة املســتوى‬ ‫يف النظــام الســوري ‪ ،‬مــا يفــر الوضــع‬ ‫الحــرج للنظــام بعــد أن أدرجــه األمريــكان‬ ‫عــى الئحــة املطلوبــن يف ســوريا‪ ،‬فــإىل أي‬ ‫مــدى كان اغتيالــه محــض صدفــة‪ ،‬تزامنــت‬ ‫مــع إطــاق النــار عليــه مــن أحــد أنصــاره‬ ‫بدعــوى أنــه «منافــق وعميــل»‪.‬‬ ‫ثــم جــاءت خطــوة اعتقــال كل األنصــار‬ ‫الذيــن أرســلهم أبــو القعقــاع إىل قاعــدة‬ ‫الجهــاد يف العــراق‪ ،‬وانتهــى بهــم املطــاف‬ ‫إىل ســجن صيدنايــا‪ ،‬ليخرجــوا كأم ـراء حــرب‬ ‫إبــان تســليح الثــورة الســورية‪.‬‬

‫فوض��ى التس��ميات ‪..‬حن��و مي��زان دقي��ق للش��هادة!‬ ‫حمزة رستناوي‬ ‫هــل كان باســل حافــظ األســد شــهيدا ً؟‬ ‫وهــل كان هــال األســد شــهيدا ً؟! حســناً‪..‬‬ ‫ســنمتنع عــن الضحــك! وســننتقل إىل‬ ‫أســامة بــن الدن‪ ،‬فهــل مــات أســامة بــن‬ ‫الدن شــهيدا ً؟ وهــل مــات أبــو مصعــب‬ ‫الزرقــاوي شــهيدا ً؟! بالتأكيــد يوجــد املاليــن‬ ‫مــن املســلمني الســنة يعتقــدون يف ذلــك‬ ‫اعتقــادا ً جازمــاً! لكونهــا وفقــا لهــم‬ ‫(جاهــدا يف ســبيل اللــه إلقامــة رشيعــة اللــه‪،‬‬ ‫وقاتــا أعــداء اإلســام الصليبــن واليهــود‬ ‫والروافــض‪ ..‬الــخ) ولكــن وباملقابــل يوجــد‬ ‫ماليــن البــر حــول العــامل مبــن فيهــم‬ ‫مســلمني يصفــون بــن الدن والزرقــاوي‬ ‫باإلرهــاب‪ ،‬وقــد شــعروا بالســعادة الغامــرة‬ ‫لقتلهــا‪ .‬لننتقــل اآلن اىل الحــدث الســوري‪،‬‬ ‫فمنــذ بدايــة الثــورة كان النظــام الســوري‬ ‫يصــف قتــاه بالشــهداء ومي ّجدهــم ويعلّــق‬ ‫نعوتهــم مدبّجــة باآليــات القرآنيــة‪،‬‬ ‫وفقــاً ملراســيم الدفــن اإلســامي الخاصــة‬ ‫يغســل وال‬ ‫بالشــهداء (حيــث الشــهيد ال ّ‬ ‫يك ّفــن عــى ســبيل املثــال) وكذلــك كانــت‬ ‫فصائــل الجيــش الحــر والفصائــل الســ ّنية‬ ‫تصــف قتالهــا بالشــهداء ومت ّجدهــم وتقيــم‬ ‫لهــم املراســيم والشــعائر الخاصــة بالشــهداء‪،‬‬ ‫وكذلــك نفــس األمــر عنــد قتــى املليشــيات‬ ‫الشــيعية وحــزب اللــه‪ ..‬وأكــر مــن ذلــك‬ ‫كانــت داعــش تنعــي قتالهــا يف مواجهــة‬ ‫شــقيقتها جبهــة النــرة تحــت ُمســ ّمى‬ ‫الشــهداء‪ ،‬لكونهــم يقاتلــون مــن يصفونهــم‬ ‫باملرت ّديــن‪ ،‬وكذلــك كانــت جبهــة النــرة‬ ‫تنعــي قتالهــا يف مواجهــة شــقيقتها داعــش‬ ‫بالشــهداء لكونهــم يقاتلــون مــن يصفونهــم‬ ‫بالخــوارج! وكالهــا ينتميــان إىل الفئويــة‬ ‫العقائديــة اإلســامية الســ ِّنية نفســها‪،‬‬

‫وكالهــا يقصــدان إقامــة «دولــة الخالفــة‬ ‫اإلســامية وتحكيــم رشع اللــه يف النــاس»!!‬ ‫مــن هــو الشــهيد؟ مــا معيــار تصنيــف‬ ‫قتيــل معـ ّـن بكونــه شــهيدا ً أم غــر شــهيد؟!‬ ‫–وربــا غالبيتنــا‪ -‬املعايــر‬ ‫ســيجيب أحدهــم ّ‬ ‫هــي مــن كتــاب اللــه وســ َّنة الرســول‪،‬‬ ‫وسيستشــهد بآيــات وأحاديــث منســوبة‬ ‫كل فئويِّــة إســامية‬ ‫للنبــي‪ ،‬ولكــن للمفارقــة ّ‬ ‫ســتحتكر توصيــف الشــهادة لقتالهــا فقــط‪،‬‬ ‫وســتحجب هــذا الوصــف عــن قتــى‬ ‫اآلخريــن ‪-‬وهــم مســلمون مثلهــم‪ -‬وكل‬ ‫ربــا بنفــس‬ ‫فئويــة إســام ّية ستستشــهد ّ‬ ‫اآليــات ونفــس األحاديــث يف التدليــل عــى‬ ‫صــواب حكمهــا!‬ ‫ملاذا ُس ّمي الشهيد شهيداً؟‬ ‫ســنقرتح ثــاث إجابــات وفقــاً ملرجعيــة‬ ‫اإلميــان اإلســامي‪ ،‬وســنعقّب عليهــا تباع ـاً‪:‬‬ ‫اإلجابــة األوىل‪ :‬أفــاد الحنفيــ ُة والشَّ ــافعي ُة‬‫أن الشــهي َد ســمي شــهيدا ً؛ ذلــك أن اللــه‬ ‫تعــاىل ورســوله ‪-‬صــى اللــه عليــه وســلم‪-‬‬ ‫ومالئكتــه يشــهدون لــه بالجنــة (ابــن‬ ‫عابديــن‪ /‬الــدر املختــار ‪)848 /1‬‬ ‫نقــول‪ :‬هــذا مــن أخبــار الغيــب وهــو غــر‬ ‫قابــل للتحقّــق يف الحيــاة الدنيــا‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫فهــو معيــار ال يصلــح لتوصيــف شــهيد‬ ‫مخصــوص‪.‬‬ ‫اإلجابــة الثانيــة‪ :‬علَّــل الشــيخ صالــح آل‬‫الشــيخ أنَّ التســمية عائــد ٌة لكــون الشــهيد‬ ‫يشــهد بدمــه أنــه مــن الصادقــن‪ ،‬فكــا‬ ‫أن الشــهود يف توثيــق الحقــوق يُثبتــون مــا‬ ‫ـب عــى الشــهاد ِة بتوقي ـعٍ خـ ٍ‬ ‫ـاص بهــم؛‬ ‫كُ ِتـ َ‬ ‫أو حتــى ببصمتهــم؛ فــإن الشــهيد يوقــع‬ ‫عــى صدقــه مــع اللــه بدمــه‪ ،‬فدمــه شــهي ٌد‬ ‫عــى حبــه لربــه‪ ،‬وداللــ ُة إيثــار ِه مــا عنــد‬

‫اللــه عــى مــا عنــده (ملــاذا س ـ ِّمي الشــهيد‬ ‫شــهيدا ً؟ محمــد األســطل – شــبكة األلوكــة)‪.‬‬ ‫نقــول‪ :‬معيــار الصــدق وتعميــده بالــدم‪،‬‬ ‫ال يكفــي لتوصيــف مــوت شــخص مــا‬ ‫بكونــه شــهيدا ً مبرجعيــة عمــوم النــاس عــر‬ ‫العصــور‪ ،‬فــاآلالف املؤلّفــة مــن املســلمني‬ ‫الس ـ ّنة الذيــن يقاتلــون يف داعــش وتنظيــم‬ ‫القاعــدة هــم يقاتلــون صادقــن ويع ّمــدون‬ ‫إخالصهــم بالــدم مبــا قــد يصــل لدرجــة‬ ‫تفجــر أنفســهم يف قتــال مــن يُســ ّمونهم‬ ‫كفّــارا ً ومرت ّديــن وروافــض‪ ،‬وكذلــك اآلالف‬ ‫املؤلفــة مــن املســلمني الشــيعة الذيــن‬ ‫يقاتلــون مــع حــزب اللــه واملليشــيات‬ ‫الشــيعية هــم يقاتلــون صادقــن ويع ّمــدون‬ ‫إخالصهــم بالــدم! يقاتلــون َمــن يُســمونهم‬ ‫كفــارا ً أو نواصــب‪ ..‬وتاريخيــاً ال ننــى‬ ‫شــجاعة طيــاري الكاميــكازي اليابانيــن‪ ..‬أو‬ ‫شــجاعة الجنــود النازيــن يف الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة‪ ،‬فالصــدق واإلخــاص لعقيــدة أو‬ ‫فكــرة مــا ليــس مبعيــار ص ّحتهــا وهــو ليــس‬ ‫مبحــل تقديــر لهــذا الشــخص‪ ،‬الكثــرون‬ ‫ّ‬ ‫يقاتلــون وميوتــون يف ســبيل عقائــد عنرصيــة‬ ‫تــرر القتــل وســفك دم األبريــاء!‬ ‫اإلجابــة الثالثــة‪ :‬نســوقها عــى لســان‬‫حديــث منســوب للنبــي الكريــم «ثــم إن‬ ‫الشــهي َد يُبعــث يــوم القيامــة ولــه شــاه ٌد‬ ‫بقتلــه‪ ،‬وهــو دمــه؛ ألنــه يُبعــث و ُجرحــه‬ ‫يتفجــر دمــاً‪ ،‬اللــون لــون الــدم‪ ،‬والريــح‬ ‫ريــح املســك»‪.‬‬ ‫نقــول‪ :‬هــذا مــن أخبــار الغيــب‪ ،‬وهــو غــر‬ ‫قابــل للتحقــق مبقيــاس عمــوم النــاس عــر‬ ‫ـف قتــاه بالشــهداء‬ ‫العصــور‪ ،‬وكل مــن يصـ ُ‬ ‫ينســب هــذا الحديــث لنفســه حرصيّــاً‬ ‫دومنــا اآلخريــن‪.‬‬ ‫ســنقرتح التعريــف التــايل للشــهيد‪ ،‬بكونــه‬

‫مــن ميــوت يف ســبيل أولويــات الحيــاة‬ ‫والعــدل والح ّريــة‪ ،‬وهــي أولويــات يق ّرهــا‬ ‫عمــوم النــاس عــر العصــور مــن مختلــف‬ ‫العقائــد والثقافــات‪ ،‬وهــي أولويــات عليهــا‬ ‫تقــوم الحيــاة وتنمــو بهــا‪ ،‬إن هــذا الشــكل‬ ‫للمــوت امل ُس ـ َّمى شــهادة ليــس بحكــر عــى‬ ‫عقيــدة معينــة أو قوميــة أو فــرد معــن‪،‬‬ ‫بــل هــو شــكل نجــده عنــد الجميــع بشــكل‬ ‫أو بآخــر‪ ..‬أحيانــاً تحــت ُمســ ّمى يف ســبيل‬ ‫اللــه‪ ..‬يف ســبيل الوطــن‪ ..‬يف ســبيل اإلنســان‪..‬‬ ‫الدفــاع عــن النفــس‪ ..‬ردع الظلم‪..‬الــخ‪.‬‬ ‫وهــذا معيــار قابــل للتحقــق‪ُ ..‬مشــرك‪..‬‬ ‫والشــهيد وفقــاً لهــذا االعتبــار‪ ..‬ال يــؤذي‬ ‫أحــدا ً يف شــهادته‪ ..‬وال يــررا ظلــاً يقــ ُع‬ ‫بحــق طــرف آخــر‪ .‬والشــهادة وفقــاً لهــذا‬ ‫ّ‬ ‫االعتبــار‪ ..‬ال تتعــارض مــع مفهــوم اإلميــان‬ ‫اإلســامي‪ ..‬وال تتعــارض كذلــك مــع الوعــد‬ ‫األخــروي للشــهداء املؤمنــن والثــواب‪ ..‬بــل‬ ‫إنّ هكــذا فهــم ومفهــوم للشــهادة يعــزز‬ ‫البعــد الحيــوي والثــوري يف اإلميــان‪.‬‬ ‫دخــل شــهداء الثــورة الســورية إىل الجنــة‪،‬‬ ‫فوجــدوا شــهداء الجيــش العــريب الســوري‬ ‫هنــاك قبلهــم! تفاجئــوا بهــم!‬ ‫قــال شــهداء الثــورة الســورية‪ :‬ملــاذا أنتــم‬ ‫هنــا؟‬ ‫قــال شــهداء الجيــش العــريب الســوري‪ :‬نحــن‬ ‫استشــهدنا يف ســبيل اللــه ويف ســبيل الوطــن‬ ‫ووحــدة الــراب الســوري‪ ،‬ولكــن ملــاذا أنتــم‬ ‫أيهــا اإلرهابيــون هنــا؟‬ ‫قــال شــهداء الثــورة الســورية بــل نحــن‬ ‫مــن مــات يف ســبيل اللــه ويف ســبيل الحريــة‬ ‫ولتطبيــق رشع اللــه وليــس أنتــم يــا عبيــد‬ ‫األســد!‬ ‫بعــد ذلــك نظــر كالهــا إىل الشــعب‬ ‫الســوري فلــم يجــداه يف الجنــة‪ ،‬وللمفاجئــة‬

‫وجــدوا الشــعب الســوري كلــه يف النــار!‬ ‫اســتغربوا ذلــك؟!‬ ‫وســألوا الشــعب الســوري‪ ،‬ملــاذا أنــت يــا‬ ‫شــعبنا العظيــم يف النــار؟ قــال الشــعب‬ ‫الســوري‪ :‬لقــد كفّرمتونــا باللــه والوطــن وكل‬ ‫يشء‪.‬‬ ‫«النــص الســابق هــو لنكتــة ســورية‬ ‫متد ا ولــة »‬ ‫ مــن يؤمــن بكــون الجنــة هــي فقــط‬‫للمســلمني عــى طريقــة داعــش‪ ...‬فهــو‬ ‫ليــس بشــهيد وليــس يف ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫مــن يؤمــن بكــون الجنــة هــي فقــط‬‫للمســلمني عــى طريقــة الســلفية الجهادية‪..‬‬ ‫فهــو ليــس بشــهيد وليــس يف ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫ مــن يؤمــن بكــون الجنــة هــي فقــط‬‫للمســلمني عــى طريقــة شــيعة ويل الفقيــه‬ ‫أو الشــيعة اإلماميــة‪ ..‬فهــو ليــس بشــهيد‬ ‫وليــس يف ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫ مــن يؤمــن بكــون الجنــة هــي فقــط‬‫للمســلمني‪ ..‬فهــو ليــس بشــهيد وليــس يف‬ ‫ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫ مــن يؤمــن بكــون الجنــة هــي فقــط‬‫لليهــود أو للمســيحيني فقــط‪ ..‬فهــو ليــس‬ ‫بشــهيد وليــس يف ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫ مــن يقاتــل يف ســبيل إقامــة رشيعــة‬‫ترشعــن الســبي أو الجزيــة أو تفــرض‬ ‫النقــاب عــى النســاء مثــاً‪ ..‬فهــو ليــس‬ ‫بشــهيد وليــس يف ســبيل اللــه‪.‬‬ ‫غنــي عــن العاملــن‪ ..‬وعندمــا‬ ‫اللــه تعــاىل‬ ‫ّ‬ ‫نجــد اقتتــاالً أو فعــل قتــل أمامنــا‪ ..‬نحــن ال‬ ‫نســأل عــن مصالــح اللــه يف هــذا االقتتــال‬ ‫والقتــل! بــل نســأل عــن مصالــح املتصارعــن‬ ‫وعــن مصالــح القاتــل يف ذلــك‪.‬‬ ‫اللــه محبــة‪ ..‬اللــه عــدل‪ ..‬اللــه رحمــة‪..‬‬ ‫بســم اللــه الرحمــن الرحيــم‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املذحبة املفتوحة‪!..‬‬ ‫أسعد فخري‬ ‫يُ َعــد معهــد «أمريــكان أنرتبرايــز» يف‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة أهــم الحصــون‬ ‫القــذرة‪ ،‬والهدامــة‪ ،‬وأخطــر املختـرات الكارثيــة‬ ‫التــي ســاهمت يف تفعيــل‪ ،‬وتطويــر فكــرة‬ ‫«الفــوىض الخالقــة»‪ ،‬وتداعياتهــا عــى منطقــة‬ ‫الــرق األوســط تحديــدا ً‪ ،‬وذلــك مــا منحــه‬ ‫دع ـاً خاص ـاً‪ ،‬وأولويــة مــن اللــويب الصهيــوين‪،‬‬ ‫واإلدارات املتعاقبــة عــى البيــت األبيــض‪ ،‬وميزه‬ ‫يف اآلن ذاتــه عــن باقــي معاهــد املختــرات‬ ‫اإلســراتيجية داخــل معــركات صناعــة قــرار‬ ‫السياســة الخارجيــة للواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة يف الوقــت الــذي طــور «أمريــكان‬ ‫أنرتبرايــز» مــن اســتثامر أدواتــه ليكــون‬ ‫املرجعيــة األكــر حذاقــة يف تأثيــث مفهــوم‬ ‫«التدمــر البنــاء» الــذي يعــد الوجــه اآلخــر‬ ‫لنظريــة «الفــوىض الخالقــة»‪ ،‬والــذي اســتمد‬ ‫معايــر تفعيلــه مــن رؤيــة وصايــا «حــدود‬ ‫الــدم» لربنــار لويــس و»ناتــان شارانســي»‬ ‫صاحــب كتــاب «قضيــة الدميقراطيــة» الــذي‬ ‫أوجــد معايــر القســمة وخصائصهــا وفــق‬ ‫حــدود فاصلــة بــن مفهومــي «الخــر والــر»‪،‬‬ ‫ورشوط االنتــاء لــكل منهــا‪ ،‬مؤث ـرا ً أن تكــون‬ ‫حصيلــة وصايــا تأمالتــه األساســية والجوهريــة‬ ‫مبعث ـاً خفي ـاً يشــكل الســياقات األكــر حيويــة‬ ‫يف تفعيــل نظريــة «إرسائيــل الكــرى» حيــث‬ ‫ُعــ َّد هــذا الكتــاب مبثابــة «إنجيــل» للبيــت‬ ‫األبيــض إبــان واليــة جــورج بــوش االبــن الــذي‬ ‫ر عــى اصطحابــه أينــا حــل‪ ،‬ورحــل‬ ‫كان يُ ـ ُّ‬ ‫كتميمــة تَـ ُر ُّد عــن أمريــكا البــاء‪ ،‬وتفتــح نوافــذ‬ ‫العقــل االســراتيجي عــى محاربــة محــاور‬ ‫الــر يف كل أصقــاع الدنيــا‪.‬‬ ‫‪2‬ـ حدود الدم‪ ،‬وقضية الدميقراطية‪:‬‬ ‫يف التقريــات األوليــة ملعايــر «ناتــان‬ ‫شارانســي»‪ ،‬ووصايــا «حــدود الــدم» لربنــارد‬ ‫لويــس‪ ،‬تتــاىش فروقــات االختــاف بينهــا‬ ‫إن كان يف األهــداف أو الغايــات إىل درجــة‬ ‫كبــرة‪ ،‬حيــث يتكامــل كل منهــا مــع اآلخــر‪،‬‬ ‫ويتفقــان يف املحصلــة عــى تأثيــث األوجــه‬ ‫املتنافــرة تحــت معايــر مؤتلفــة‪ ،‬ومتامهيــة‬ ‫يف أبعادهــا اإلســراتيجية مبــا يخــدم األمــن‬

‫«فئ��ران املخاب��ر‪ ،‬وجت��ارب الفوض��ى اخلالق��ة» ‪/2/‬‬

‫القومــي للواليــات املتحــدة األمريكيــة يف‬ ‫مواجهــة اإلرهــاب‪ ،‬وتفعيــل نظريــة «القــرن‬ ‫األمريــي» مــن جهــة‪ ،‬وتحصــن إرسائيــل أمنيـاً‬ ‫مــن جهــة أخــرى داخــل محيطهــا املشــتعل‪،‬‬ ‫وبذلــك نتحصــل عــى معايــر مشــركة تحقــق‬ ‫ألمريــكا‪ ،‬وإرسائيــل حضــورا ً فاعــاً داخــل‬ ‫نظريــة «التدمــر البنــاء» وفقـاً‪ ،‬واألدوار املركبــة‬ ‫لــكل منهــا‪.‬‬ ‫إن القاســم املشــرك بــن رؤيتــي «شارانســي‪،‬‬ ‫وبرنــار لويــس» هــي النظــرة االســتعالئية‬ ‫الخاليــة مــن البعــد اإلنســاين تجــاه شــعوب‬ ‫الــرق األوســط‪ ،‬وكأن تلــك الشــعوب مجــرد‬ ‫رعــاع‪ ،‬وبهائــم باســتثناء إرسائيــل الدميقراطيــة‬ ‫عــى حــد زعمهــا‪ ،‬فتلــك الشــعوب كــا‬ ‫يراهــا «شارانســي» هــي مجــرد تجمعــات‬ ‫ســكانية ألقليــات‪ ،‬وأكرثيــات دينيــة‪ ،‬وعرقيــة‬ ‫تحمــل يف رؤوســها مرياثــاً تاريخيــاً صارخــاً‬ ‫مــن العــداء‪ ،‬والثأريــة تجــاه بعضهــا البعــض‪،‬‬ ‫وهــي عاجــزة أيضـاً عــن العيــش ســوية داخــل‬

‫كيانــات وطنيــة‪ ،‬ودميقراطيــة‪ ،‬ســتحتاج مــن‬ ‫العــامل الحــر عــى حــد تعبــره مجهــودا ً كب ـرا ً‬ ‫للســيطرة عــى تطلعاتهــا الدينيــة‪ ،‬والقوميــة‬ ‫التــي تشــكل خطـرا ً كبـرا ً إذا مــا تركت وشــأنها‪،‬‬ ‫لــذا ال بــد عــى العــامل الحــر بقيــادة الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة اتخــاذ‪ ،‬وتفعيــل تدابــر‬ ‫خطــوات اســتباقية لتفكيــك تلــك الكيانــات‪،‬‬ ‫وتفتيتهــا إن اســتدعت الحاجــة عــر وســائط‬ ‫مختلفــة‪ ،‬وفعالــة تحقــق األهــداف املنشــودة‬ ‫لنظريــة العــامل الحــر وأنســاقها العومليــة‪،‬‬ ‫كذلــك يوافقــه النظــرة أيضــاً يف هــذا اإلطــار‬ ‫«برنــارد لويــس» الــذي يدبــج رسديــة حاقــدة‪،‬‬ ‫ويكثــف ســموم العــداء والفتنــة بــن ســطورها‬ ‫قائــاً‪ :‬إن العــرب‪ ،‬واملســلمني قــوم فاســدون‬ ‫مفســدون فوضويــون ال ميكــن تفعيــل الحالــة‬ ‫الحضاريــة يف رؤوســهم الصدئــة وإذا تركــوا‬ ‫ألنفســهم فســوف يفاجئــون العــامل املتحــر‬ ‫مبوجــات إرهابيــة تدمــر الحضــارة‪ ،‬وتقــوض‬ ‫املجتمعــات‪ ،‬ولذلــك فــإن الحــل الســليم‬ ‫واألكــر فائــدة للتعامــل مــع ذلــك البــاء هــو‬

‫إعــادة احتــال بلدانهــم واســتعامرها‪ ،‬وتدمــر‬ ‫ثقافتهــم الدينيــة‪ ،‬ومــا تبقــى مــن تاريخهــم‪،‬‬ ‫ودفــع العوامــل الجديــرة بتغييبهــم إىل درجــة‬ ‫الفنــاء‪ ،‬واالنقــراض‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك عــن كثــب األبعــاد القــذرة‬ ‫ملــروع «التدمــر البنــاء» الــذي يغيــب‬ ‫عنــه الــوازع األخالقــي‪ ،‬والقيمــة اإلنســانية‬ ‫مــا يســاهم بدرجــة كبــرة يف فتــح األبــواب‬ ‫املوصــدة‪ ،‬وإغ ـراق املنطقــة يف نزيــف دمــوي‬ ‫ســيكون مــن الصعــب إيقافــه‪ ،‬وذلك ما ســيوفر‬ ‫الفرصــة الذهبيــة لتقاســم كعكــة الــرق‬ ‫األوســط الكبــر مبــا يتفــق‪ ،‬واسـراتيجيات األمن‬ ‫القومــي األمريــي‪ ،‬واملصالــح الكــرى لدولــة‬ ‫إرسائيــل دون منــازع مــع محاولــة حــث البعض‬ ‫مــن الــدول األوربيــة األخــرى للتداخــل يف هــذا‬ ‫الشــأن وفــق مصالحهــا اإلســراتيجية عــر‬ ‫رشاكات مختلفــة‪ ،‬ومتعــددة تســهم يف إدارة‬ ‫تفعيــل منهــج «التدمــر البنــاء»‪ ،‬واســتثامر‬ ‫تحصيالتــه عــى كل صعيــد مــا ســيحقق عــى‬ ‫املــدى املنظــور متواليــات إســراتيجية تنضــج‬

‫ِحلفـاً‪ ،‬واســعاً تكــون مهمتــه األساســية تفتيــت‬ ‫الــدول العربيــة كمرحلــة أوىل تحــت شــعار‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬والحريــة‪ ،‬ومحاربــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫إن أهــم الجوانــب املريعــة يف نظريــة «التدمــر‬ ‫البنــاء» وفــق رؤيــة «شارانســي» هــي املقاربــة‬ ‫التــي تقــوم عــى مبــدأ الفــرز‪ ،‬واالنتــاء‬ ‫اللذيــن يتــم مــن خاللهــا تصنيــف الــدول‪،‬‬ ‫واملجتمعــات وفــق معياريــن‪ :‬مجتمعــات‬ ‫«حــرة»‪ ،‬ومجتمعــات «الخــوف» معتـرا ً يف هذا‬ ‫الجانــب جميــع الــدول العربيــة بــا اســتثناء‬ ‫كيانــات مقموعــة تــرزح تحــت نــر مجتمعــات‬ ‫الخــوف‪ ،‬مــا يســتدعي عــى حــد تعبــره‬ ‫إيجــاد الســبل والطرائــق التفكيكيــة لتحويــل‬ ‫تلــك البلــدان مــن حالــة الخــوف‪ ،‬والســكون‬ ‫إىل حالــة جديــدة مــن العالقــات الحــرة‪،‬‬ ‫والدميقراطيــة‪ ،‬مؤكــدا ً عــى أن نــر الحريــة‪،‬‬ ‫والدميقراطيــة داخــل تلــك البلــدان رضورة‬ ‫أخالقيــة تفرضهــا املبــادئ اإلنســانية‪ ،‬والقيــم‬ ‫التحرريــة‪ ،‬والتــي ينــاط بالعــامل الحــر تفعيلهــا‪،‬‬ ‫وتنشــيط إجرائيــة حاميــة الــدول املتداخلــة‬ ‫يف تأجيجهــا وصناعتهــا‪ ،‬وذلــك مــا ســيحقق‬ ‫أطــوارا ً متباينــة ال تعــود بالفائــدة عــى‬ ‫مجتمعــات الخــوف‪ ،‬وحســب وإمنــا ســينعكس‬ ‫ذلــك التحصيــل عــى البلــدان الحــرة‪ ،‬ويحمــي‬ ‫أمنهــا واســتقراها‪ ،‬ويســهم يف حضــور الواليــات‬ ‫املتحــدة بصــورة فعالــة يدفعهــا نحــو أدوار‬ ‫أكــر قــوة‪ ،‬وفاعليــة يف حاميــة العــامل الحــر‪،‬‬ ‫وقيمــه الخالقــة‪ ،‬والدفــاع عنــه ب ـراوة‪ ،‬مــا‬ ‫يســاهم يف بنــاء حلــف يواجــه اإلرهــاب‬ ‫القــادم مــن الــرق األوســط‪ ،‬وتدمــر تطلعاتــه‬ ‫الهدامــة‪ ،‬والتوحشــية وفــق إسـراتيجية مفيــدة‬ ‫تقــوم عــى تفعيــل مــدروس‪ ،‬ومتناغــم يعتمــد‬ ‫التدخــات الناعمــة كمرحلــة أوليــة‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫تســعري حــروب اإلنابــة داخــل تلــك البلــدان‬ ‫كمرحلــة الحقــة يتــم مــن خاللهــا تقــي‬ ‫النتائــج املرجــوة مــع اإلبقــاء عــى الخيــارات‬ ‫املفتوحــة مبــا يف ذلــك التدخــل العســكري‬ ‫املبــارش لتحقيــق الدميقراطيــة‪ ،‬والحريــة‪،‬‬ ‫وإخــراج تلــك الشــعوب مــن عنــق زجاجــة‬ ‫الخــوف وتســهيل انتامئهــا إىل نــادي العــامل‬ ‫الحــر‪.‬‬

‫اإلرهاب‪ ..‬اسرتاتيجية لقمع الشعوب‬ ‫عبد السالم السالمة‬ ‫أصدقــاء الشــعب الســوري مختلفــون مــع‬ ‫أصدقــاء بشــار األســد‪ ،‬عــى أولويــة األهــداف‬ ‫التــي يجــب عليهــم أن يعملــوا عــى تحقيقهــا‪:‬‬ ‫تحقيــق الحــل الســيايس الــذي يضمــن عــدم‬ ‫اســتمرار بشــار األســد عــى راس الســلطة يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬أم القضــاء عــى (داعــش) واملنظــات‬ ‫اإلرهابيــة يف ســوريا واملنطقــة!‬ ‫بعيــدا ً عــن الحديــث يف مصداقيــة مفهــوم‬ ‫(الصداقــة) عنــد مــن س ـ ّموا أنفســهم أصدقــاء‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬أو أصدقــاء نظــام بشــار‬ ‫األســد‪ ،‬وتطابقــه مــع الواقــع‪ ،‬فهــذا كـ ُـر فيــه‬ ‫الحديــث‪ ،‬إالّ أن واقــع االختــاف العاملــي حــول‬ ‫األولويــة يف جهــود حــل املســألة الســورية‬ ‫أصبــح بحاجــة إىل يشء مــن التوضيــح‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬قبــل خمــس وعرشيــن ســنة‪ ،‬أجريــت‬ ‫انتخابــات ترشيعيــة يف الجزائــر‪ ،‬وســقط‬ ‫مرشّ ــحو الحــزب الحاكــم‪ ،‬حــزب جبهــة التحرير‬ ‫الوطنــي‪ ،‬وفــاز مرشــحو الجبهــة اإلســامية‬ ‫لإلنقــاذ‪ ،‬الذيــن اختارهــم الناخــب الجزائــري ملا‬ ‫أتيــح لــه أن يختــار ممثليــه بح ّريــة‪ .‬إالّ أنــه بعد‬ ‫االنتخابــات تدخــل الجيــش العتقــال ممثّــي‬ ‫الشــعب‪ ،‬وتثبيــت حكــم جبهــة التحريــر‪،‬‬ ‫وكانــت الذريعــة هــي قيــام أعــال إرهابيــة‬ ‫ضــد رجــاالت مــن األمــن والجيــش يف البدايــة‬

‫ثــم ضــد شــخصيات وطنيــة ودينيــة ثــم جرائــم‬ ‫وحشــية اســتهدفت قــرى كاملــة وأحيــاء كاملــة‬ ‫يف املــدن ســكانها مــن أنصــار الجبهــة اإلســامية‬ ‫تبــن بعــد اســتتباب األمــن‬ ‫لإلنقــاذ‪ .‬لقــد ّ‬ ‫وانتهــاء األعــال اإلجراميــة أن خالــد نــزار‪،‬‬ ‫وزيــر الدفــاع الجزائــري آنــذاك هــو الــذي‬ ‫كان وراء تشــكيل هــذه املجموعــات اإلرهابيــة‬ ‫ألجــل تدمــر الجبهــة اإلســامية‪ .‬كان يديــر‬ ‫الحــرب عــى األعــال اإلرهابيــة مــن مكتبــه‬ ‫يف النهــار‪ ،‬فيــا كان يصــدر أوامــره لتنفيــذ‬ ‫األعــال اإلرهابيــة مــن بيتــه يف الليــل‪ .‬لقــد‬ ‫نجحــت خطــة خالــد ن ـزار يف إفشــال التغيــر‬ ‫الســيايس يف الجزائــر باســتخدام اســراتيجية‬

‫املقاتلــة بـ(املجموعــات القــذرة) مــن املجرمــن‬ ‫الذيــن ألبســهم لحــى تبـ ّـن أنــه تــم اســتريادها‬ ‫مــن فرنســا خص ّيصـاً لهــذه الغايــة‪ .‬ومل يُكشُ ــف‬ ‫حتــى اآلن إن كانــت اشــريت بأمــوال الشــعب‬ ‫الجزائــري‪ ،‬أم ت ّربعــت بهــا الحكومــة الجزائريــة‬ ‫التــي أعلنــت آنــذاك رعبهــا مــن وصــول‬ ‫اإلســاميني إىل الحكــم يف الجزائــر!‬ ‫ثانيـاً‪ :‬بعــد أن دخــل الجنــود األمريــكان بغــداد‪،‬‬ ‫بحجــة إســقاط الدكتاتــور صــدام حســن‪،‬‬ ‫فنهبوهــا‪ ،‬وأنهبــوا الباقــي ملجموعــات مــن‬ ‫اللصــوص ونــزالء الســجون الســابقني‪ ،‬قامــت‬ ‫ضدهــم مقاومــة وطنيــة تركّــزت يف املناطــق‬ ‫الســ ّنية يف بغــداد‪ ،‬ويف املحافظــات العراقيــة‬

‫الســن ّية‪ .‬بعــد أن أقلقــت هــذه املقاومــة‬ ‫املحتــل األمريــي‪ ،‬وبــدأت صــور التوابيــت‬ ‫ّ‬ ‫تنتــر يف وســائل اإلعــام‪ ،‬وبعــد أن فشــل‬ ‫ســجن (أبــو غريــب) بــكل وحشــية اإلجــرام‬ ‫الــذي كان املعتقلــون ي ُعذَّبــون فيــه‪ ،‬بعــد أن‬ ‫كل هــذا‪ ،‬بــدأت اســراتيجية الــراع‬ ‫فشــل ّ‬ ‫الطائفــي بــن السـ ّنة املقاوِمــن لالحتــال‪ ،‬وبــن‬ ‫الشــيعة الخاضعــن إلرادة املــايل اإليرانيــن‪.‬‬ ‫وبعــد أن فشــلت هــذه االس ـراتيجية أيض ـاً يف‬ ‫َحــرف أنظــار املقاومــة العراقيــة عــن الوجــود‬ ‫األمريــي يف العــراق‪ ،‬عندهــا جــاءت (الدولــة‬ ‫اإلســامية يف العــراق) لتكــر ظهــر هــذه‬ ‫املقاومــة عمليّــاً‪ ،‬مــع رفــع شــعارات إقامــة‬ ‫رشع اللــه يف العـراق!‪ .‬لقــد ح ّقــق األمريكيــون‬ ‫مبتغاهــم‪ .‬وانتهــى الحديــث عــن يشء اســمه‬ ‫جرميــة االحتــال األمريــي للعــراق‪.‬‬ ‫ثالثــاً‪ :‬بعــد أن دخلــت القــوات األمريكيــة‬ ‫الصومــال يف عــام ‪ 1992‬بحجــة (إطعــام أهلهــا‬ ‫ثــم الخــروج منهــا)‪ ،‬كــا أعلــن جــورج بــوش‬ ‫األب‪ ،‬الرئيــس األمريــي آنــذاك‪ .‬بعــد ذلــك‬ ‫الدخــول وظهــور املقاومــة الوطنيــة التــي‬ ‫أظهــرت القنــوات التلفزيونيــة كيــف قامــت‬ ‫مجموعــات منهــا بســحل الجنــود األمريكيــن‬ ‫الذيــن كانــت تأرسهــم أو تقتلهــم‪ ،‬عنــد ذلــك‬ ‫مل يكــن مــن مفــ ّر أمــام األمريكيــن ســوى‬

‫االنســحاب مــن الصومــال‪ ،‬ولكــن مل يلبــث‬ ‫األمــر طويـاً حتــى ظهــرت املنظــات اإلرهابية‬ ‫التــي وصلــت مــن القـ ّوة إىل حــد االســتيالء عىل‬ ‫بواخــر تجاريــة ضخمــة‪ ،‬بــل وبــوارج عســكرية‬ ‫أمريكيــة وغــر أمريكيــة بــزوارق صيد الســمك‪،‬‬ ‫األمــر الــذي أعطــى املــرر الــدويل إلنقــاذ العــامل‬ ‫مــن هــؤالء القراصنــة اإلرهابيــن‪ ..‬وهكــذا‬ ‫عــادت الصومــال لتقــ ّدم مراســم االحــرام‬ ‫والتبجيــل للعــم ســام!‬ ‫قامئــة التوظيــف القــذر للمجموعــات القــذرة‬ ‫مــن أجــل إخــاد نــداءات الح ّريــة حــول‬ ‫العــامل طويلــة طويلــة‪ .‬ومــا يجــري يف ســوريا‬ ‫اليــوم ليــس ســوى إضافــات تكتيكيــة نوعيّــة‬ ‫لتحقيــق نجــاح هــذه االســراتيجية‪ .‬لقــد‬ ‫نجحــت داعــش يف إعاقــة املقاومــة الســورية‪،‬‬ ‫ولك ّنهــا فشــلت يف تحطيمهــا‪ ،‬ألن الثّــوار يف‬ ‫ســوريا باتــوا يدركــون بعــد أربــع ســنوات مــن‬ ‫املقاومــة أنهــم ال يقاتلــون ضــد بشــار األســد‬ ‫وضــد داعــش يف وقــت واحــد وحســب‪ ،‬وإمنــا‬ ‫هــم يقاتلــون مــن يريــد تدمــر ســوريا مبخلبــن‬ ‫قذريــن هــا بشــار األســد وداعــش‪ .‬أصدقــاء‬ ‫الشــعب الســوري وأصدقــاء بشّ ــار األســد يف‬ ‫حــرة حقيقيــة‪ ،‬هــي أن اســراتيجية املنظمــة‬ ‫اإلرهابيــة أصبحــت واضحــة جليّــة‪ ،‬وليســت‬ ‫لديهــم حتــى اآلن اســراتيجية بديلــة لهــا‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫اخلطوة األوىل‪..‬؟!‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫ال يـزال «أصدقاؤنــا» يف اإلدارة األمريكية‬ ‫يتحفوننــا بآرائهــم الف ّجــة‪ ،‬التــي منهــا أن‬ ‫القضــاء عــى داعــش سيســتغرق وقتــا ً‬ ‫يُقدرونــه مــن ثــاث إىل خمــس ســنني‬ ‫رصح بــه أحــد قادتهم العســكريني‬ ‫حســبام ّ‬ ‫مؤخـرا ً‪ .‬ونحــن مدينــون لــه بالشــكر عــى‬ ‫أنــه أنقــص املــدة بعــد أن كانــت حســب‬ ‫آخريــن مــن زمــاء لــه يف اإلدارة مــن عــر‬ ‫إىل خمــس عــرة ســنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شــك يقصــد القضــاء عليهــا‬ ‫هــو ال‬ ‫عســكريا ً‪ ،‬وأريــد هنــا أن أزيــد فأقــول‪ :‬إن‬ ‫ظــل دعمكــم العســكري يف هــذا الجهــد‬ ‫ّ‬ ‫عــى هــذه الوتــرة‪ ،‬فــإن املــدة ستســتغرق‬ ‫مــن ثالثــن إىل أربعــن ســنة عــى األقــل‪.‬‬ ‫لكــن القضــاء عــى داعــش عســكريا ً ليــس‬ ‫مهــاً كــا القضــا ُء عليهــا فكريــا ّ‪ ،‬ذلــك‬ ‫أنهــا ميكــن إذا قُتلــت عســكريا ً وظلّــت‬ ‫حيــ ًة فكريــا ً مــ ّر ًة ومــ ّرات‪ ،‬وإن كنــت‬ ‫أشـ ّـك شــخصيا ً يف كونهــا تحمــل فك ـرا ً مــا‪،‬‬ ‫إذ ال ميكــن أن توســم بالفكــر عمليــة إفراغ‬ ‫حقـ ٍ‬ ‫ـد ال ميكــن وصفــه عــى آثــار حضـ ٍ‬ ‫ـارات‬ ‫ســادت ثــم بــادت يعتربهــا العــاملُ كلّــه‬ ‫ملــكا ً لــه ال لدولــ ٍة مــا‪ ،‬ناهيــك عــن أن‬ ‫تكــون ملــكا ً لنظــام بعينــه‪.‬‬ ‫وغــر قابــلٍ للشـ ّـك كــون قيــادات داعــش‬ ‫العليــا –إن مل تكــن كلّهــا فجلّهــا‪ -‬مــن‬ ‫ضبــاط عراقيــن ســابقني اعتقلهــم‬ ‫األمريكيــون يف ســجن «بــوكا» ثــم‬ ‫أخرجوهــم مشــ ّوهني نفســيا ً بعــد أن‬ ‫تع ّرضــوا لش ـتّى انــواع التعذيــب واملهانــة‪.‬‬ ‫وتشــر األحــداث املتالحقــة بوضــوح ٍ‬ ‫كاف‬ ‫إىل أن هــذا التنظيــم هــو أدا ٌة تســتخدمها‬ ‫قــوى صــارت هــي األخــرى تشــر إىل‬ ‫ً‬

‫خلف الخلف‬

‫قبــل البــدء بــرد األســباب التــي أدت إىل‬ ‫انــدالع الثورتــن الفرنســية والســورية‪ ،‬ال‬ ‫بــد مــن اإلطــاع عــى البيئــة السياســية‬ ‫واالقتصاديــة والفكريــة التــي كانــت ســائدة‬ ‫يف الفــرة مــا قبــل الثــورة‪ ،‬فمــن خــال‬ ‫معرفــة هــذه األمــور نســتطيع أن نســتنتج‬ ‫األســباب التــي دفعــت الشــعبني الســوري‬ ‫بثورتيهــا‪.‬‬ ‫للقيــام‬ ‫والفرنــي‬ ‫يف مقدمــة كتــاب «تشــكيل العقــل الحديــث»‬ ‫للكاتــب كريــن برينتــون‪ ،‬ترجمــة شــوقي‬ ‫جــال‪ ،‬الصــادر عــن سلســة عــامل املعرفــة‪،‬‬ ‫يــورد الكاتــب آراء وأفــكار بعــض املعلقــن‬ ‫والنقــاد لــرأي الكاتــب فيلكــي روكان يف‬ ‫كتابــه «الــروح الثوريــة قبــل الثــورة الفرنســية‬ ‫(‪ ،)١٧٨٩-١٧١٥‬حيــث اتفــق أكرثهــم عــى‬

‫‪9‬‬

‫نفســها ليــس عــى قاعــدة «يــكاد امل ُريــب‬ ‫أن يقــول خــذوين» بــل عــى أنــه أنــا‬ ‫املريــب ولســت أعبــأ بكــم إن أخذمتــوين‬ ‫أم ال‪ ،‬وأُشــر هنــا إىل اإلدارة االمريكيــة‬ ‫اســتنادا ً ملســؤولني كبــار فيهــا ســابقني‬ ‫وحاليــن‪.‬‬ ‫وهزميــة داعــش فكريـا ً ليســت أمـرا ً منوطا ً‬ ‫بــاإلدارة األمريكيــة‪ ،‬وال بأيــة قــوة عامليــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬بــل هــي مهمــة الفكــر اإلســامي‬ ‫واملفكريــن اإلســاميني –مــع تحفظــي عــى‬ ‫الصفــة‪ -‬فاملفكــر مطلقــا ً‪ ،‬مجالــه جانــب‬ ‫متعلــق باإلســام تاريخــا ً أو‬ ‫مــن الفكــر‬ ‫ٌ‬ ‫ســر ًة أو فقهــا ً أو غريهــا الكثــر‪ ،‬ونقــول‬ ‫لــكل مــن يُعــرب عــن اعتقــاده بــأن‬ ‫املعركــة مــع داعــش ســتطول‪ :‬أن نعــم‪،‬‬

‫ولكنــك تقــول حقـا ً وتريــد بــه باطـاً‪ ،‬ذلك‬ ‫أن معــارك الفكــر تســتغرق وقتــا ً أطــول‬ ‫مــن معــارك الســاح‪ ،‬إال أنــه ال تـراق فيهــا‬ ‫الدمــاء بــل الحــر وســاحتها هــي الحريــة‬ ‫املطلقــة‪ .‬وهنــا نشــر إىل مــا حــدا إىل‬ ‫كتابــة هــذه الســطور‪ ،‬وهــو مقــال مثقـ ٍ‬ ‫ـف‬ ‫وناشـ ٍ‬ ‫ـط ثــوري –وهــو الــذي أطلــق الصفــة‬ ‫عــى نفســه– يُشــيد فيــه بتطــور الخطــاب‬ ‫الســيايس ألح ـرار الشــام بنــا ًء عــى مقــال‬ ‫نُــر يف جريدتــن غربيتــن‪ ،‬وبيــان يتنصــل‬ ‫مــن املســؤولية عــن قصــف الســفارة‬ ‫الروســية يف دمشــق‪.‬‬ ‫وأعتقــد يقينــا ً أنــه ليســت هنــاك مــن‬ ‫الفصائــل التــي تلحــق باســمها صفــة‬ ‫اإلســامية مــن تؤمــن بالحريــة يف تنــاول‬

‫املســائل الفكريــة‪ ،‬بــل إنهــا وباســتغالل‬ ‫انتهــازي مكشــوف للمشــاعر الدينية‪ ،‬تضع‬ ‫الديــن ســيفا ً ترفعــه يف وجــه املطالبــن‬ ‫باملواطنــة ســقفا ً يُظـ ّـل جميــع أبنــاء الوطن‬ ‫الواحــد‪ ،‬وتقســمهم إىل فســطاطني للكفــر‬ ‫واإلميــان‪ُ ،‬متّخــذة مرتكــزا ً لهــا ال الكتــاب‬ ‫وال الســنة الصحيحــة‪ ،‬بــل أقــوال أطلقــت‬ ‫عليهــم ألقابــا ً كالفقهــاء واألمئــة وعلــاء‬ ‫األمــة‪ ،‬وأطلقــت عــى آرائهــم صفــة‬ ‫األحــكام التــي قــال بعــض أصحابهــا إنهــا‬ ‫تتغــر بتغــر الزمــان واملــكان‪ ،‬لكــن هــؤالء‬ ‫امللكيــن أكــر مــن امللــك ال يريدونهــا أن‬ ‫تتغــر ال بتغــر األزمنــة وال بتغــر األمكنــة‪،‬‬ ‫فصــار فكــ ُر داعــش ليــس حــرا ً عليهــا‪،‬‬ ‫بــل تتبنــاه فصائــل «إســامية» كثــرة مــع‬

‫اختالفهــا يف توقيــت أو طريقــة إظهــاره‪.‬‬ ‫ـاب ســيايس‬ ‫هــذه الفصائــل ليــس لهــا خطـ ٌ‬ ‫والقــارئ ملقــال املســؤول يف أح ـرار الشــام‬ ‫يف الواشــنطن بوســت والتلغـراف يجــد أنــه‬ ‫كان خطابـا ً دينيـا ً ال سياســيا ً هــدم يف آخره‬ ‫مــا بنــاه يف أولــه‪ .‬والقــارئ لبيــان جنــد‬ ‫األقــى املُعلــنِ انســحابَهم مــن جيــش‬ ‫الفتــح يف هــذه الظــروف يجــد عجبـا ً ليــس‬ ‫أقـ َّـل أنهــم أوســدوا األمــور كلَّهــا إىل «علامء‬ ‫األمــة»‪ ،‬وأنهــم لــن يقطعــوا أمـرا ً مــن دون‬ ‫ح هــؤالء العلــاء وإرشــادهم‪.‬‬ ‫نص ـ ِ‬ ‫هنــا‪ ،‬فــإن الخطوة األوىل يف مســرة محاربة‬ ‫ُــف املثقفــون‬ ‫«الفكر»الداعــي أن يك ّ‬ ‫والناشــطون الثوريــون عــن متلّــق الفصائــل‬ ‫«اإلســامية»‪ ،‬وعن اإلشــادة بتطــور خطابها‬ ‫الســيايس غــر املســبوق‪ ،‬وأن يعملــوا عــى‬ ‫حـ ّ‬ ‫ـث هــذه الفصائــل عــى قـراءة تاريخنــا‬ ‫الحديــث لينظــروا كيــف خرجــت جامهــر‬ ‫املســلمني مــن الجامــع األمــوي يف حلــب‪،‬‬ ‫وهــي تهتــف ال الــه إال اللــه ســليم جنــرت‬ ‫حبيــب اللــه‪ ،‬وهــو الوزيــر املســيحي‬ ‫الــذي عــارض اتفاقيــة مــع االنتــداب‪،‬‬ ‫تــرأس فــارس الخــوري الــوزارة‬ ‫وكيــف‬ ‫َ‬ ‫أربــع م ـرات‪ ،‬وكيــف كان وهــو املســيحي‬ ‫وزي ـرا ً لألوقــاف اإلســامية‪ ،‬وكيــف اختــار‬ ‫أبنــاء حــوران هــاين الســامل املســيحي‬ ‫لرئاســة امليتــم اإلســامي يف درعــا‪ ،‬متغلب ـا ً‬ ‫عــى الشــيخ أحمــد الجنــادي أحــد أقطــاب‬ ‫اإلخــوان املســلمني فيهــا؟!‪.‬‬ ‫هــذه الــروح هــي التــي يجــب أن نعــود‬ ‫إليهــا‪ ،‬فــإذا عدنــا أقفلنــا املنافــذ يف وجــه‬ ‫الذيــن يريــدون متزيــق بالدنا وشــعبنا‪ ،‬وإال‬ ‫الســم بأيدينــا يف‬ ‫فإننــا نحــن الذيــن نضــع ّ‬ ‫مــا نحســبه دس ـاً‪.‬‬

‫مقارنة بني ثورتني ‪ ..‬الثورة السورية ‪ -‬الثورة الفرنسية‬ ‫من حيث أسباب اندالع كل منهما‬ ‫أننــا إذا أردنــا فعـاً أن نفهــم أســباب انــدالع‬ ‫الثــورة الفرنســية‪ ،‬فليــس لنــا أن نرجــع إىل‬ ‫أعــال الفالســفة الذيــن كانــوا يف نهايــة‬ ‫املطــاف يتعاملــون مــع كلــات وألفــاظ‬ ‫فقــط‪ ،‬خصوصــاً وأن جمهــرة الفرنســيني‬ ‫مــن عامــة النــاس مل يعــوا مــا تتضمنــه تلــك‬ ‫الكلــات الضخمــة الرفيعــة‪ ،‬وإمنــا علينــا أن‬ ‫نراجــع ســجالت الحيــاة اليوميــة والحيــاة‬ ‫االقتصاديــة عــى وجــه الخصــوص‪ ،‬فهنــاك‬ ‫نجــد العلــة الحقيقيــة التــي حركــت وأثــارت‬ ‫عامــة النــاس‪.‬‬ ‫وخالصــة مــا يتوصــل إليــه الكاتــب روكان‪،‬‬ ‫قضيــة مفادهــا أن مــا حفــز الشــعب‬ ‫الفرنــي حقــاً ضــد ســلطته الرشعيــة مل‬ ‫يكــن أفــكارا ً عــن حقوقهــم وعــن العدالــة‬ ‫واملســاواة‪ ،‬ومل يكــن أفــكار الفالســفة مــن‬ ‫أمثــال فولتــر وروســو ومونتســكيو‪ ،‬وســلفهم‬ ‫اإلنكليــزي العظيــم جــون لــوك الــذي القــت‬ ‫أفــكاره ذيوعــاً ونجاحــاً خــارج بــاده بــن‬ ‫الفرنســيني عــى مــدى جيلــن‪ ،‬وإمنــا الــذي‬ ‫حفــز الفرنســيني إىل الثــورة هــو مظــامل فعليــة‬ ‫صارخــة‪ ،‬ومعانــاة حقيقيــة واقعيــة‪ ،‬وحرمــان‬ ‫مؤكــد‪.‬‬ ‫وقــال روكان‪ :‬لقــد ثــار الفرنســيون حــن‬ ‫عــض الجــوع بطونهــم وخــوت أكيــاس‬ ‫ّ‬ ‫نقودهــم‪ ،‬وألقــوا مبســؤولية ضائقتهــم عــى‬ ‫عاتــق حكومتهــم‪.‬‬ ‫ولكــن مل ميـ ِ‬ ‫ـض هــذا الــرأي دون اعــراض مــن‬ ‫جانــب القائلــن بــأن الفرنســيني حركتهــم‬ ‫أمــور أســمى‪ ،‬أمــور مــن نــوع األفــكار التــي‬ ‫أجملهــا الشــعار الشــهري «حريــة‪ ،‬إخــاء‪،‬‬

‫مســاواة»‪ ،‬وهــو الشــعار الــذي صــار رمــزا ً‬ ‫للثــورة الفرنســية فيــا بعــد‪.‬‬ ‫هــذه أســباب انــدالع ثــورة مــن أعظــم‬ ‫الثــورات العامليــة والتــي كانــت بدايــة لظهــور‬ ‫عــامل جديــد‪ ،‬حيــث تعتــر أو ثــورة ليرباليــة‬ ‫يف التاريــخ‪ ،‬والتــي قدمــت إنجــازات ليــس‬ ‫للفرنســيني فحســب بــل للعــامل بــأرسه‪.‬‬ ‫هــذا مــا يخــص مــا وجدتــه حــول أســباب‬ ‫انــدالع الثــورة الفرنســية مــن خــال البحــث‬ ‫يف الكتــب واملواقــع عــى صفحــة االنرتنــت‪،‬‬

‫وبنفــس األســلوب حاولــت البحــث عــن‬ ‫أســباب انــدالع الثــورة الســورية فوجــدت‬ ‫معظــم الذيــن تكلمــوا يف هــذا املوضــوع‬ ‫كانــت آراءهــم وأفكارهــم تــدور حــول مــا‬ ‫ســبق وذكرتــه يف البدايــة‪ ،‬حــول مســألة‬ ‫النظــر يف البيئــة السياســية واالقتصاديــة‬ ‫والثقافيــة التــي كانــت ســائدة مــا قبــل‬ ‫انطــاق رشارة الثــورة يف درعــا‪.‬‬ ‫‪-‬البيئــة الثقافيــة والفكريــة‪ :‬أردت أن أبــدأ‬

‫بهــذا الجانــب العتقــادي بأهميتــه الكبــرة‬ ‫مقارنــة بباقــي الجوانــب‪ ،‬وهنــا رجعــت إىل‬ ‫مــا قالــه برهــان غليــون يف حــواره مــع لــؤي‬ ‫حســن يف كتــاب النخبــة والشــعب الصــادر‬ ‫عــام ‪٢٠١٠‬م‪ ،‬ردا ً عــى ســؤال لــؤي حســن‬ ‫عــن دور النخبــة يف تكويــن املجتمــع‪ ،‬فــكان‬ ‫رأي غليــون كاآليت‪:‬‬ ‫«كــا هــو واضــح اآلن‪ ،‬ليــس يف املجتمعــات‬ ‫العربيــة أي ديناميكيــة حقيقيــة لتكويــن‬ ‫نخبــة باملعنــى الفعــي للكلمــة‪ ،‬وإمنــا ديــدان‬

‫تنخــر يف مجتمــع تحــول هــو نفســه إىل‬ ‫جثــة هامــدة‪ ،‬فمــع تفــكك النخبــة الثقافيــة‬ ‫أو انهيــار رشوط تجديدهــا بانهيــار الحلــم‬ ‫التحديثــي والتغيــري‪ ،‬فقــد املجتمــع أســاس‬ ‫التواصــل واإلتســاق داخلــه وبــن أطرافــه‪.‬‬ ‫ومل يظهــر يف املقابــل أي نخبــة بديلــة‬ ‫تحــل محلهــا‪ ،‬ال انطالق ـاً مــن نضــوج طبقــة‬ ‫اجتامعيــة‪ ،‬وتعبــرا ً عــن نزوعهــا لقيــادة‬ ‫املجتمــع وفــرض رؤيتهــا ومصالحهــا عليــه‪،‬‬

‫وال انطالقـاً مــن نشــوء طبقــة تقنوبريقراطيــة‬ ‫تعــر عــن الحـراك االجتامعــي وتعكــس قــوة‬ ‫الدولــة املركزيــة‪ ،‬أو منطــق إعــادة إنتاجهــا‪،‬‬ ‫وال تأسيســاً عــى مقاومــة ناجحــة لنظــم‬ ‫الهيمنــة والســيطرة الوحشــية القامئــة «‪.‬‬ ‫هــذا كالم مــن يعتــر اآلن أحــد مفكــري‬ ‫ورمــوز الثــورة الســورية!!‬ ‫إذا ً مل يكــن لغليــون ولــؤي حســن وأدونيــس‬ ‫وحســن عبــد العظيــم وأحمــد برقــاوي‪ ،‬أي‬ ‫دور يف تغذيــة الــروح الثوريــة مــا قبــل الثــورة‬ ‫لــدى الشــعب الســوري‪ ،‬ومل تكــن أفكارهــم‬ ‫وآراؤهــم قاعــدة ومنطلــق اســتند عليهــا‬ ‫الثــوار يف ثورتهــم‪.‬‬ ‫البيئــة السياســية واالقتصاديــة متيــزت‬‫بانعــدام الحيــاة السياســية وتأليــه الحاكــم‪،‬‬ ‫مبعنــى أنــه ليــس هنــاك رأي للشــعب يف‬ ‫أوضاعــه املختلفــة يف قيــادة البــاد وتوجيههــا‪،‬‬ ‫وعــى الصعيــد االقتصــادي فقــد تدهــور‬ ‫االقتصــاد وانتــر الفقــر‪ ،‬وانقســم املجتمــع‬ ‫إىل طبقتــن‪ ،‬قلــة مــن النــاس متتلــك كل يشء‪،‬‬ ‫وطبقــة وهــم معظــم الشــعب ال ميلــك إال‬ ‫الــيء القليــل‪ ،‬وباملختــر هنــاك عائلــة‬ ‫واحــدة أصبحــت محــور الحيــاة السياســية‬ ‫واالقتصاديــة وهــي عائلــة األســد‪.‬‬ ‫يف ظــل هــذه األوضــاع انتــر الفســاد‬ ‫والظلــم وانعدمــت العدالــة‪ ،‬وشــعر املواطــن‬ ‫الســوري بانتهــاك كرامتــه‪ ،‬وإذاللــه مــن قبــل‬ ‫الســلطة الحاكمــة‪ ،‬هنــا يكمــن رس الثــورة‪،‬‬ ‫ومــن خــال شــعارها «املــوت وال املذلــة‬ ‫«‪ ،‬كانــت ثــورة الحريــة والكرامــة‪ ،‬وليســت‬ ‫ثــورة الخبــز‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫رعد أطلي‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ث��ورة الش��باب عل��ى الكه��ول‪ ...‬ث��ورة اجملتم��ع عل��ى الدول��ة‬

‫إن األســئلة التــي تتزاحــم يف فكــر الســوريني‬ ‫عموم ـاً وعــى مختلــف مســتوياتهم واألســباب‬ ‫واالســتنتاجات التــي يخرجــون بهــا إىل اليــوم‬ ‫بعيــدا ً عــن مــدى عمقهــا أو ســطحيتها تــدور‬ ‫حــول تأخــر الحــل يف الثــورة الســورية‪ ،‬وعــادة‬ ‫مــا يتــم التعليل بتــرذم املعارضة واالســتقطاب‬ ‫اإليديولوجــي الحــاد لــدى مختلــف الفرقــاء‬ ‫وتدفــق املــال الســيايس والتناحــر العقائــدي‬ ‫بــن القــوى السياســية‪ ،‬إال أن عبــارة متلــك‬ ‫ألقــاً ســحرياً عنــد تلــك القــوى هــي التــي‬ ‫يتفــق عليهــا الجميــع مختلفــن يف االجتــاع‬ ‫حولهــا «املــروع الوطنــي»! إذا ً مــا هــو هــذا‬ ‫املــروع الوطنــي املو ّحــد املفــ ّرق الــذي ال‬ ‫يختلــف اثنــان عــى النطــق بــه وال يتفقــان‬ ‫عــى تنفيــذه‪ ،‬وهــل هــو حلــم متخيــل فــرداين‬ ‫لــدى كل شــخص أو جامعــة‪ ،‬أم أن هنــاك فعـاً‬ ‫مرشوعـاً جامعـاً ملختلــف األفـراد‪ ،‬مــع التأكيــد‬ ‫عــى (األفـراد)‪ ،‬ضمــن إطــار الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫إن هكــذا مــروع ال يســتمد أهليتــه إال مــن‬ ‫خــال كونــه قــد تداعــى الثــوار للمطالبــة بــه‬ ‫يف املرحلــة العفويــة غــر املخططــة للثــورة‪ ،‬أي‬ ‫يف بدايتهــا‪ ،‬والتــي تكــون فيهــا الثــورة يف قمــة‬ ‫شــعبيتها ال رقابــة فيهــا عــى أية شــعارات ميكن‬ ‫أن يســهل املــوت ألجلهــا‪ ،‬ولكــن هــل هنــاك‬ ‫تصنيــف تنــدرج تحتــه الثــورة الســورية تجعــل‬ ‫مــن الســهل تأطــر تلــك الشــعارات يف مــروع‬ ‫معــن والتزامهــا بقواعــد محــددة أفرزتهــا‬ ‫تجــارب ســابقة؟ مــن املســلَّم بــه أن التاريــخ‬ ‫والتجــارب ال ميكــن أن تكــرر نفســها‪ ،‬وأن‬ ‫للشــعوب خصوصيتهــا التــي تفــرز ديناميــات‬ ‫ثقافتهــا وتعاطيهــا مــع تلــك الثقافــة‪ ،‬إال أن‬ ‫ثــورات التاريــخ الحديــث عمومــاً ميكــن أن‬ ‫تنــدرج حســب مشــاريعها إىل ثالثــة تصنيفــات‪،‬‬ ‫وتختلــف الحواضــن والحوامــل ملشــاريع تلــك‬ ‫الثــورات باختــاف املشــاريع ذاتهــا‪:‬‬ ‫ ثــورات تحرريــة‪ :‬وهــي الثــورات التــي‬‫انتفضــت ضــد املحتــل‪ ،‬مثــل ثــورات الشــعوب‬ ‫التــي كانــت تحــت الوصايــة واالنتــداب بــن‬ ‫الحربــن العامليتــن ومــا ســبقهام‪ ،‬ويكــون‬ ‫مــروع تلــك الثــورات واضحــاً وهــو طــرد‬ ‫املحتــل‪ ،‬ويكــون الحامــل الســيايس والفكــري‬ ‫لتلــك الثــورات مكونــاً مــن نخــب ثقافيــة‬ ‫وسياســية وحتــى أهليــة مــن زعــاء ووجــوه يف‬ ‫البلــد املحتــل‪ ،‬وبذلــك ال تؤثــر طبيعــة املجتمــع‬ ‫يف شــكل املــروع‪ ،‬والحاضــن الشــعبي لــه‬ ‫مكــون مــن مختلــف طبقــات الشــعب التــي ال‬

‫تقبــل بوجــود املحتــل ألســباب مختلفــة‪.‬‬ ‫ ثــورات إيديولوجيــة‪ :‬هــي ثــورات انتفضــت‬‫ضــد أنظمــة محليــة مســتبدة وكانــت تحمــل‬ ‫مرشوعــاً إيديولوجيــاً تــراه الخــاص للدولــة‬ ‫واملجتمــع وتســعى لتعميمــه عــى كليهــا مثل‬ ‫الثــورة البلشــفية يف روســيا واإلســامية يف إيـران‬ ‫والشــيوعية يف كوبــا وغريهــا‪ ،‬وتشــكل النخــب‬ ‫املؤمنــة بتلــك اإليديولوجيــا الحامــل الســيايس‬ ‫والفكــري لتلــك الثــورات‪ ،‬ويكــون التصنيــف‬ ‫نابعـاً مــن االلتـزام الحــريف بتلــك اإليديولوجيــا‪،‬‬ ‫أمــا الحاضــن الشــعبي لهــا فيختلــف حســب‬ ‫مالمســة اإليديولوجيــا ملصالحــه املاديــة‬ ‫والوجدانيــة‪.‬‬ ‫ ثــورات مطلبيــة‪ :‬هــي الثــورات التــي انطلقت‬‫أيضــاً ضــد االســتبداد عــى شــكل انفجــار‬ ‫اجتامعــي يحمــل يف صيحاتــه مطالــب محــددة‬ ‫تحســن مــن حياتــه وتنهــي الحيــف الــذي‬ ‫يتعــرض لــه‪ ،‬وتســعى لخلــق فضــاءات تنمويــة‪،‬‬ ‫وقــد اتســمت معظمهــا بنزعــات ليرباليــة‪ ،‬مثــل‬ ‫ثــورات أوروبــا الغربيــة مبختلــف أشــكالها‪،‬‬ ‫وقــد شــكلت الطبقــة الربجوازيــة الوطنيــة فيهــا‬ ‫حامـاً سياســياً وفكريـاً الســتقالليتها االقتصادية‬ ‫عــن الدولــة حينهــا ولطموحهــا يف زيــادة تلــك‬ ‫االســتقاللية مــن خــال تكويــن نفــوذ لهــا يف‬ ‫الدولــة وزيــادة نفوذهــا يف املجتمــع‪ ،‬وهنــا‬ ‫تختلــط مفاهيــم التصنيــف يف البعــد والقــرب‬ ‫مــن الثــورة بســبب انفتــاح الفضــاءات فيهــا‪،‬‬ ‫ويتكــون الحاضــن الشــعبي لتلــك الثــورة مــن‬ ‫مختلــف البنــى الجمعيــة للمجتمــع والتــي‬ ‫مــن املمكــن أن تعيــد الثــورة بناءهــا مــن‬ ‫خــال االصطفــاف خلــف الشــعارات املطلبيــة‪،‬‬ ‫وبذلــك تكــ ِّون بنــى جمعيــة جديــدة تكــون‬ ‫مشــتقة مــن الفــرد وليــس العكــس‪.‬‬ ‫وطبيعــة الثــورة الســورية يف مرحلتهــا العفويــة‬ ‫ميكــن أن تضعهــا تحــت التصنيــف الثالــث‪،‬‬ ‫ففــي بدايــة الثــورة ورغــم أنهــا انطلقــت‬ ‫مــن بيئــة مجتمعيــة أهليــة مؤهلــة لثــورات‬ ‫إيديولوجيــة‪ ،‬إال أنهــا رسعــان مــا تعممــت‬ ‫عــى مختلــف الجغرافيــا االجتامعيــة الســورية‬ ‫لتغــدو ثــورة مطلبيــة رفــع شــعاراتها التنمويــة‬ ‫أفــراد ســوريون مختلفــو االنتــاءات والبنــى‬ ‫تلخصــت بثــاث كلــات‪ :‬حريــة «تنميــة‬ ‫سياســية» كرامــة «تنميــة اقتصاديــة» مســاواة‬ ‫«تنميــة اجتامعيــة»**‪ ،‬وكان ال بـ ّد مــن برنامــج‬ ‫ســيايس للثــورة لــي يؤطرهــا ويقودهــا إىل‬ ‫تحقيــق شــعاراتها‪ ،‬وكــا أســلفنا فــإن الحامــل‬ ‫الســيايس لهــذه الثــورات عــادة مــا يكــون مكوناً‬

‫مــن الربجوازيــة الوطنيــة‪ ،‬إال أن النظام الســوري‬ ‫جــرف تلــك الطبقــة وســحقها وأعــاد إنتــاج‬ ‫طبقــة برجوازيــة جديــدة مرتبطــة بالدولــة***‪،‬‬ ‫تابعــة لهــا غــر قــادرة عــى االنفصــال عنهــا‪،‬‬ ‫ورغــم أن النظــام البعثــي اشـرايك اإليديولوجيــا‬ ‫ميتلــك الذريعــة يف االســتغناء عــن تلــك‬ ‫الطبقــة‪ ،‬ولكــن أوتوقراطيــة النظــام وتفكــره‬ ‫يف دميومتــه ســلط ًة دفعتــه لخلــق تلــك‬ ‫الطبقــة ليتمكــن مــن إعــادة إنتــاج نفســه‬ ‫ضمــن أي متغــر مقفــاً البــاب أمــام تشــكل‬ ‫طبقــة برجوازيــة وطنيــة لرمبــا أفرزتهــا حتميــة‬ ‫تاريخيــة مــا‪ .‬إذا ً الثــورة الســورية تفقــد عنـرا ً‬ ‫أساســياً يف مجتمعهــا التــي انتفضــت فيــه‬ ‫مؤه ـاً ألن يكــون حام ـاً سياســياً لهــا‪ ،‬ناهيــك‬ ‫عــن أن البديــل الــذي تنطّــع ليكــون حامــاً‬ ‫للثــورة هــو إمــا نتــاج تـراث ســيايس يزيــد عــن‬ ‫الثالثــن عامــاً ناضــل فيهــا مــن أجــل إحــال‬ ‫«إيديولوجيــة مــا عــى الدولــة ومــن ثــم حلهــا‬ ‫يف املجتمــع»‪ ،‬أو نتــاج مجتمــع أهــي مؤدلــج‬ ‫عموم ـاً ضمــن البنيــة الجمعيــة التــي ينتمــي‬ ‫إليهــا مــن طائفــة أو عــرق أو ديــن‪ ،‬أي أنــه‬ ‫حامــل يولــد ارتــدادا ً عــن أهــداف الثــورة يف‬ ‫األصــل‪ ،‬وقــد شــهد املجتمــع الســوري عــى‬ ‫هــذا االرتــداد وتحولــت ثورتــه مــن ثــورة‬ ‫مطلبيــة إىل ثــورات إيديولوجيــة‪ ،‬ومل تعــد ثــورة‬ ‫ســوريا بقــدر مــا باتــت رصاعـاً عقائديـاً دمويـاً‬ ‫عــى أرض ســوريا‪.‬‬ ‫لكــن هــل الثــورة الســورية تنتمــي للتصنيــف‬ ‫الثالــث فعــاً؟ أم أن العــامل اليــوم يعيــش‬ ‫مرحلــة أخــرى جديــدة تقــود إىل ســياق‬ ‫مختلــف بنيويــاً وتاريخيــاً؟ إن الربجوازيــة‬ ‫الوطنيــة يف أوروبــا كانــت حامــاً رضوريــاً‬ ‫وحتميــاً لثــورات أوروبــا الغربيــة (الليرباليــة)‬ ‫ألنهــا يف األصــل إفــراز تغــرِ يف الوحــدة‬ ‫السياســية‪/‬االجتامعية األوروبيــة اإلقطاعيــة‬ ‫الناتجــة عــن نشــوء مجتمــع املواطنــن يف‬ ‫املــدن الحــرة الناتــج بــدوره عــن الــدور‬ ‫البــارز لدخــول اآللــة إىل االقتصــاد األورويب‬ ‫والــذي أفــرز الثــورة الصناعيــة‪ ،‬أي أن الثــورات‬ ‫حينهــا نتجــت عــن ظــرف تاريخــي خــاص بهــا‪،‬‬ ‫واليــوم هنــاك ظــرف تاريخــي جديــد ناتــج عــن‬ ‫الــدور البــارز للحاســوب الــذي أدى إىل الثــورة‬ ‫التكنولوجيــة التــي أدت إىل هــذا الدفــق‬ ‫املعلومــايت الهائــل واملتبــادل بــن مختلــف‬ ‫األفـراد‪ ،‬واألفـراد حـرا ً‪ ،‬يف العــامل‪ .‬والــذي رفــع‬ ‫مــن ســوية الوعــي لــدى الشــباب‪ ،‬الرشيحــة‬ ‫املؤهلــة لتبنــي الطفــرة التكنولوجيــة‪ ،‬وبــدأت‬

‫الثــورة‪ ،‬ثــورة املجتمــع املــدين‪.‬‬ ‫الثــورة الســورية ال ميكــن درســها يف ســياق‬ ‫منفصــل عــن مجريــات األحــداث يف العــامل‪،‬‬ ‫هــي جــزء مــن ثــورة عامليــة ينتفــض فيهــا‬ ‫املجتمــع عــى الدولــة يف مختلــف أنحــاء‬ ‫املعمــورة‪ ،‬وتفــرض طبيعــة الدولــة والســلطة يف‬ ‫كل إطــار جغـرايف طبيعــة الحـراك وخصوصيته‪،‬‬ ‫كــا تفــرض ســلبيات املعركــة وإيجابياتهــا‪،‬‬ ‫هــي ثــورة املجتمــع املــدين مبختلــف مفاهيمــه‪،‬‬ ‫وليــس املفهــوم األخري لــه باختصــاره باملنظامت‬ ‫غــر الحكوميــة التــي تســعى ملشــاركة أكــر‬ ‫للفــرد يف الق ـرار وتخفيــف مــن تأثــر الدولــة‬ ‫املبــارش عليــه‪ ،‬بــل هــو مفهــوم متغــر كــا‬ ‫عرفــه د‪.‬عزمــي بشــارة يف كتابــه «املجتمــع‬ ‫املــدين‪ ،‬دراســة نقديــة»‪ ،‬مفهــوم متغــر يجيــب‬ ‫عــى أســئلة وحاجــات جديــدة تــأيت يف ســياق‬ ‫متغــر تاريخيـاً وبنيويـاً‪ ،‬لكنــه بعمومــه يتعلــق‬ ‫بطبيعــة الوحــدة السياســية‪ /‬االجتامعيــة‬ ‫لإلطــار الجغ ـرايف الــذي ينشــط فيــه‪ ،‬ويســعى‬ ‫مبختلــف مفاهيمــه إىل التقــدم والتطــور يف‬ ‫ســياقني رئيســيني «الحريــة واملســاواة»‪ ،‬وبذلــك‬ ‫فــإن ثــورة املجتمــع املــدين يف ســوريا يجــب أن‬ ‫تســعى ألمريــن اثنــن‪ ،‬إنهــاء االســتبداد ورضب‬ ‫البنــى الجمعيــة التقليديــة التــي تذيــب الفــرد‬ ‫فيهــا‪ ،‬أي الســعي لدمقرطــة الدولــة‪ .‬يف حــن‬ ‫أن ثــورة املجتمــع املــدين يف الواليــات املتحــدة‬ ‫أخــذت منحــى آخــر يحاول مــن أن يضيــق دور‬ ‫الســوق يف الحيــز العــام وعــزل املجتمــع املــدين‬ ‫ليــس عــن الدولــة فقــط وإمنــا عــن االقتصــاد‪،‬‬ ‫لذلــك انطلقــت عــام ‪ 2011‬حركــة احتلــوا وول‬ ‫ســريت‪ ،‬والتــي ســعت أيضــاً لوضــع نظــم‬ ‫سياســية جديــدة يف عملهــا متثــل بالدميقراطيــة‬ ‫املبــارشة مــكان الدميقراطيــة التمثيليــة‪ ،‬حتــى‬ ‫أنهــا فرضــت الجمعيــة العامــة**** يف عمليــة‬ ‫صنــع الق ـرار‪.‬‬ ‫إن الثــورة الســورية هــي جــزء مــن ثــورة‬ ‫عامليــة‪ ،‬ثــورة املجتمــع املــدين عــى الدولــة‬ ‫الســاعي لتضييــق صالحياتهــا‪ ،‬ثــورة الشــباب‬ ‫عــى الكهــول‪ ،‬كان لتلــك الثــورة إرهاصاتهــا‬ ‫يف الثــورة الربتقاليــة يف أوكرانيــا والخــراء يف‬ ‫إيــران وعضويتهــا يف ثــورات الربيــع العــريب‬ ‫التــي باتــت بدورهــا محفــزا ً الحتجاجــات‬ ‫الصــن***** وإســبانيا وانكلــرا والواليــات‬ ‫املتحــدة والتــي دعــت عــر حركــة «احتلــوا‬ ‫وول ســريت» إىل الثــورة العامليــة فاســتجابت‬ ‫‪ 1500‬مدينــة يف العــامل وشــهدت مواجهــات‬ ‫عديــدة أكرثهــا عنفــاً يف رومــا‪ ،‬ولذلــك فــإن‬

‫هــذا التصنيــف الجديــد للثــورات يظهــر أن‬ ‫الثــورة الســورية مل تفقــد حاملهــا‪ ،‬ولكنهــا‬ ‫أُقص َيــت عنــه‪ ،‬الحامــل الســيايس والفكــري‬ ‫للثــورة الســورية ليــس طبقــة بعينهــا بــل هــي‬ ‫رشيحــة عمريــة‪ ،‬النخــب الشــبابية التــي يجــب‬ ‫أن تعيــد مــروع الثــورة يف إطــار األهــداف‬ ‫الثالثــة بإنهــاء الديكتاتوريــة وتفكيــك البنــى‬ ‫الجمعيــة التقليديــة‪ ،‬وإعــادة تركيــب بنــى‬ ‫أخــرى متاميــزة ناتجــة عــن األفـراد وليســوا هم‬ ‫ناتجــون عنهــا‪ ،‬والســعي الحثيــث لدمقرطــة‬ ‫الدولــة‪ ،‬وعــى الشــباب أن يعــوا متامــاً أن‬ ‫إقصاءهــم متعمــد ألن الــذي يســعى إلطفــاء‬ ‫الثــورة ليــس نظــام األســد بعينــه‪ ،‬ولكــن كل‬ ‫الكهــول الذيــن يخافــون عــى دولهــم مقابــل‬ ‫مجتمعاتنــا‪ .‬وعندمــا يعــي شــباب ســوريا‬ ‫الــدور التاريخــي املنــوط بهــم حينهــا فقــط‬ ‫ميكــن للمــروع الوطنــي الجامــع أن يــرى‬ ‫النــور عــى يــد حاملــه الســيايس الشــبايب‬ ‫وحاضنــه املجتمعــي املــدين‪.‬‬ ‫اهلوامش‪:‬‬ ‫*اعتمدت املقالة يف تحليلها‬ ‫بشكل كبري عىل كتاب الدكتور‬ ‫عزمي بشارة «املجتمع املدين‪،‬‬ ‫دراسة نقدية»‬ ‫** الشعارات متداخلة يف أهدافها‬ ‫التنموية فالكرامة عىل سبيل‬ ‫املثال تحتاج تنمية سياسية أيضاً‬ ‫لكن التصنيف جاء عىل األشد‬ ‫تداخالً بني الشعار والهدف‬ ‫*** نظام البعث ال ميكن أن‬ ‫ينطبق عليه تعريف الدولة إال يف‬ ‫حالة احتكار العنف‪ ،‬واملقصود‬ ‫بالدولة هنا هي الدولة‪ /‬السلطة‪.‬‬ ‫**** الجمعية العامة مفهوم‬ ‫سيايس أثيني حيث كانت تتشكل‬ ‫من مجموع املواطنني األثينيني‬ ‫(املعرتف بهم مواطنون) الذين‬ ‫يصوتون يف عملية دميقراطية‬ ‫مبارشة‪ ،‬وقد طبقها أعضاء حركة‬ ‫«احتلوا وول سرتيت» رافضني‬ ‫الدميقراطية التمثيلية لحساب‬ ‫الدميقراطية املبارشة‪.‬‬ ‫***** االحتجاجات الصينية‬ ‫سميت بثورة الياسمني تيمناً‬ ‫بالثورة التونسية‪.‬‬

‫التحرك العماني‪ ..‬كلمة السر للحل يف سورية‪..‬؟!‬ ‫ريزان حدو‬ ‫حــوايل الخمــس ســنوات والشــعب الســوري‬ ‫يعــاين مــن ويــات حــرب أذاقتهــم آالم النــزوح‬ ‫واللجــوء والجــوع والحصــار والخ ـراب واملــوت‬ ‫بكافــة أشــكاله‪ ،‬خمــس ســنوات ومل يستشــعروا‬ ‫بارقــة أمــل بقــرب الخــاص‪.‬‬ ‫ومــن بعيــد جــاءت زيــارة يوســف بــن علــوي‬ ‫وزيــر الخارجيــة العــاين لدمشــق لتمنــح‬ ‫الســوريني شــعورا ً بوجــود أمــل بقــرب انتهــاء‬ ‫معاناتهــم‪ .‬فلــاذا نجحــت عــان يف منــح‬ ‫الســوريني هــذا الشــعور يف حــن فشــلت األمــم‬ ‫املتحــدة ودول إقليميــة ودوليــة بذلــك؟!‬ ‫ســلطنة عــان تلــك الدولــة التــي يــرب فيهــا‬ ‫املثــل يف التســامح املذهبــي‪ ،‬والتعايــش بــن‬ ‫كافــة الطوائــف‪ ،‬ويرجــع املراقبــون ذلــك كــون‬ ‫املذهــب الحاكــم يف الســلطنة ليــس املذهــب‬ ‫الســني وال املذهــب الشــيعي‪ ،‬وخصوصــاً يف‬ ‫ظـ ّـل الشــحن الطائفــي الــذي تشــهده املنطقــة‬ ‫مؤخــرا ً إمنــا املذهــب اإلبــايض هــو الحاكــم‪،‬‬

‫ويشــهد لــه إنصافــه بــن جميــع املواطنــن‪،‬‬ ‫فمثــا واليــة الخابــورة تجمــع بــن املذاهــب‬ ‫اإلباضيــة والســنية والشــيعة وكلهــم تحــت‬ ‫مظلــة اإلســام‪ ،‬ال حقــد وال شــحناء بينهــم‪،‬‬ ‫وهــذا يعمــم عــى كافــة مــدن الســلطنة‪.‬‬ ‫لذلــك تعتــر عــان خــارج الــراع الطائفــي‬ ‫الســني الشــيعي‪ ،‬وهــذا مــا أهلّهــا النتهــاج‬ ‫الدبلوماســية الناعمــة يف املنطقــة وإقامتهــا‬ ‫لتــوازن دبلومــايس فريــد بــن عالقتهــا القويــة‬ ‫مــع إيـران ومــع محيطهــا الخليجــي يف الوقــت‬ ‫ذاتــه‪.‬‬ ‫تتميــز السياســة الخارجيــة يف ســلطنة عــان‬ ‫بالحياديــة عــى املســتوى الــدويل‪ ،‬مــا وفــر لها‬ ‫املنــاخ املالئــم للبنــاء والتطويــر عــى املســتوى‬ ‫الداخــي وقــد نجحــت بذلــك بالفعــل‪،‬‬ ‫فقــد ابتعــدت الســلطنة بقيــادة الســلطان‬ ‫قابــوس بــن ســعيد عــن املهات ـرات السياســية‬ ‫والرصاعــات والتكتــات مــا أهلهــا لتلعــب‬ ‫دور صلــة الوصــل بــن املتخاصمــن‪ ،‬ورجــل‬

‫اإلطفــاء بــن املتحاربــن وحققــت الكثــر مــن‬ ‫النجاحــات يف عــدة ملفــات إقليميــة ودوليــة‬ ‫ومنهــا عــى ســبيل املثــال‪:‬‬ ‫‪ 1‬نجاحهــا يف إطــاق البحــارة الربيطانيــن‬‫الذيــن ألقــت عليهــم طهــران القبــض عــام‬ ‫‪.2007‬‬ ‫‪ 2‬اإلفــراج عــن ثالثــة أمريكيــن اعتقلــوا يف‬‫طهــران بتهمــة التجســس لصالــح واشــنطن‬ ‫عــام ‪.2011‬‬ ‫‪ 3‬نجاحهــا يف ضبــط األوضــاع‪ ،‬وتخفيــف‬‫االحتقــان الــذي وصــل إىل حــد االقتتــال‬ ‫الطائفــي يف مدينــة غردايــة الجزائريــة بــن‬ ‫األمازيــغ (مذهبهــم اإلبــايض)‪ ،‬وبــن العــرب‬ ‫(مذهبهــم املالــي)‪.‬‬ ‫‪ 4‬الســلطان قابــوس يعتــر الع ـراب الحقيقــي‬‫لالتفــاق النــووي اإليــراين األمريــي‪ ،‬حيــث‬ ‫اســتضافت مســقط عــدة اجتامعــات رسيــة‬ ‫بدايــة‪ ،‬ومــن ثــم علنيــة بــن الدبلوماســيني‬ ‫األمريــكان واإليرانيــن‪.‬‬

‫‪ 5‬تحييــد الســلطنة عــن الــراع اإليــراين‬‫الســعودي الجــاري عــى أرض اليمــن‪ ،‬وذلــك‬ ‫بحفاظهــا بشــكل ملفــت ومحــر عــى عالقــات‬ ‫مميــزة مــع ســائر األطــراف املتحاربــة‪ ،‬فمــن‬ ‫جهــة فالرئيــس اليمنــي عبــد ربــه منصــور‬ ‫هــادي يديــن ل ُعــان يف إخراجــه مــن الحصــار‬ ‫الــذي فــرض عليــه يف صنعــاء ونقله عرب مســقط‬ ‫إىل العاصمــة الســعودية الريــاض‪ ،‬ومــن جهــة‬ ‫أخــرى تعتــر عــان الدولــة الخليجيــة الوحيــدة‬ ‫التــي مل تغلــق ســفارتها يف صنعــاء بعــد ســيطرة‬ ‫أنصــار اللــه الحوثيــن عليهــا بــل وأكــر مــن‬ ‫ذلــك ُعــان تســتقبل اليــوم مئــات الجرحــى‬ ‫الحوثيــن الذيــن يتلقــون العــاج‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫أهلهــا لتكــون صلــة الوصــل بــن كافــة األطراف‬ ‫املتحاربــة‪ ،‬وتجـ ّـى ذلــك يف نجاحهــا يف تســليم‬ ‫جثــان الطيــار املغــريب الــذي أســقطت طائرتــه‬ ‫يف صعــدة معقــل أنصــار اللــه الحوثيــن‪.‬‬ ‫ومــا ســبق نكتشــف أن التحــرك العــاين كلمة‬ ‫الــر املســتخدمة للولــوج يف الحــل‪ ،‬وخــال‬

‫الســنوات الخمــس مــن األزمــة الســورية كان‬ ‫هــذا التحــرك العــاين املعلــن األول تجــاه‬ ‫دمشــق‪ ،‬ومــا ســبقه مــن حــراك دبلومــايس‬ ‫يف موســكو يعنــي أن برمجــة الحــل لألزمــة‬ ‫الســورية قــد تــم وضعــه دوليــا‪ ً،‬وحــان وقــت‬ ‫إدخــال كلمــة الــر للولــوج إىل برنامــج الحــل‪،‬‬ ‫وهنــا كانــت زيــارة وزيــر الخارجيــة العــاين‬ ‫بــن علــوي املعلنــة إىل دمشــق‪ ،‬ومــن هنــا أىت‬ ‫تفــاؤل الســوريني بقــرب انتهــاء أزمتهــم‪.‬‬ ‫وللتاريخ بقية‪...‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫هــي الجــزء الشــايل الرشقــي مــن‬ ‫ســورية الحديثــة‪ ،‬مــا بعــد نهــر الف ـرات‪،‬‬ ‫الغنيــة مبواردهــا البرشيــة واملاديــة‬ ‫واملائيــة‪ ،‬والتــي طاملــا رفــدت االقتصــاد‬ ‫الســوري بــكل احتياجاتــه مــن القمــح‬ ‫والقطــن واللحــوم واأللبــان‪ .‬إنهــا مكتفيــة‬ ‫ذاتيــاً باملعايــر االقتصاديــة‪ ،‬وقــادرة‬ ‫عــى أن تعتمــد عــى هــذه املــوارد لــي‬ ‫تحــدث تنميــة حقيقيــة إذا مــا نظرنــا إىل‬ ‫الفــرة التــي حكــم فيهــا حــزب البعــث‪،‬‬ ‫أو لنقــل حكــم آل االســد اذا مــا توخينــا‬ ‫الدقــة يف التعبــر‪.‬‬ ‫ومــن ناحيــة اقتصاديــة رصفــة‪ ،‬إذا مــا‬ ‫توفــرت هــذه املقومــات املذكــورة آنف ـاً‪،‬‬ ‫فإنهــا تشــكل أساسـاً متينـاً لرفــع مســتوى‬ ‫املعيشــة ورفــع درجــة التنميــة الزراعيــة‪،‬‬ ‫ومــا يتبعهــا مــن الصناعــات التــي تشــكل‬ ‫رافــدا ً لتشــغيل القــوى العاملــة‪ ،‬التــي‬ ‫بدورهــا تزيــد مــن تطــور باقــي الجوانــب‬ ‫االقتصاديــة األخــرى‪ ،‬كالرتبيــة الحيوانيــة‬ ‫ومــا ينتــج عنهــا مــن صناعــات تحويليــة‬ ‫غذائيــة أخــرى‪ ،‬وهكــذا دواليــك‪.‬‬ ‫ال يوجــد يف االقتصــادات الحديثــة يشء‬ ‫اســمه زراعــة فقــط‪ ،‬وال صناعــة فقــط‬ ‫تخــدم مجالهــا الــرف‪ .‬بــل هــذه تجارب‬ ‫البلــدان التــي قطعــت شــوطاً بعيــدا ً‬ ‫يف الزراعــة وتنميــة القطــاع الحيــواين‬ ‫بحيــث أصبحــت دولــة بحجــم هوالنــدا‬ ‫أو الدامنــارك‪ ،‬مــن الــدول املتطــورة يف‬ ‫مجــايل الزراعــة والرتبيــة الحيوانيــة ثانيـاً‪،‬‬ ‫ليؤســس هــذان الجانبــان لبقيــة قطاعات‬ ‫االقتصــاد الوطنــي لهــذه البلــدان ‪.‬‬ ‫وعــودا ً عــى ماكانــت عليــه‪ ،‬أو ملــا‬ ‫آلــت إليــه هــذه القطاعــات يف جزيرتنــا‬

‫بهنان يامين‬

‫نقطة أول السطر‬

‫اجلزيرة السورية‬ ‫الســورية خــال نصــف قــرن!؟ ومــع‬ ‫وجــود ســد الفــرات الــذي يــروي ‪٦٠٠‬‬ ‫الــف هكتــار مــن األرايض الزراعيــة‬ ‫الخصبــة يف املــروع الرائــد‪ ،‬إال ان‬ ‫الواقــع‪ ،‬كان مــن يسء إىل أســوأ‪ ،‬منــذ‬ ‫تأســيس ســد الفــرات‪ ،‬وبدايــة تطبيــق‬ ‫الخطــة الزراعيــة التــي كانــت الكارثــة‬ ‫االقتصاديــة عــى املنطقــة برمتهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫اطلــق بعــض املعلقــن عــى املــروع‪،‬‬ ‫أنــه مقــرة االقتصــاد الســوري‪ ،‬وهــذا كان‬ ‫حقيقــة‪.‬‬ ‫كانــت زراعــة الــرز يف حــوض الفــرات‪،‬‬ ‫أوىل نتائــج الفشــل لهــذه الخطــة‪ ،‬التــي‬ ‫حولــت هــذه األرايض إىل أر ٍ‬ ‫اض ســبخة‬ ‫ومالحــة غــر صالحــة لزراعــة أي يشء‬ ‫وإىل االن‪ .‬ثــم زراعــة أشــجار الحــور التــي‬ ‫أدت إىل نفــس النتيجــة‪ ،‬إضافــة إىل ســوء‬ ‫الترصيــف يف كثــر مــن مناطــق املــروع‬ ‫بســبب أن هــذه األقنيــة ترابيــة‪ ،‬حتــى‬ ‫أصبحــت املدينــة املبنيــة أصــاً فــوق‬ ‫طبقــة رمليــة‪ ،‬ويف رسيــر النهــر تعــوم‬ ‫عــى بحــر مــن املــاء ألنهــا محاطــة‬ ‫بأقنيــة الترصيــف هــذه‪.‬‬ ‫بعــد أربعــن عامـاً مــن حكــم آل األســد‪،‬‬ ‫بقيــت مناطــق الجزيــرة الســورية تســمى‬ ‫مناطــق نائيــة!!! أي أنهــا تفتقــر أليــة‬ ‫مــوارد وبعيــدة‪ ،‬ويف نفــس الوقــت‪ ،‬كان‬ ‫أزالم النظــام وأجهزتــه األمنيــة يســمونها‬ ‫الخليــج يف ســورية‪ ،‬كنايــة عــن غناهــا‬ ‫ومقارنتهــا ببلــدان الخليــج‪ .‬نعــم كانــت‬ ‫يف الواقــع كذلــك‪ ،‬غنيــة ولكــن ليــس‬ ‫ألهلهــا‪ ،‬بــل ملــن قــدم اليهــا لينهبهــا بــا‬ ‫قيــود‪ ،‬بــا رقيــب وال حســيب وأبناؤهــا‬ ‫عاطلــون عــن العمــل يبحثــون عــن‬ ‫لقمــة العيــش يف لبنــان ودمشــق وحلــب‬

‫وغريهــا مــن األماكــن!!‬ ‫كان بنــاء معمــي الســكر يف الرقــة وديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬هــا كل مــا قدمــه حكــم آل‬ ‫االســد ملنطقــة الجزيــرة لتنميتهــا‪ ،‬ومل‬ ‫يكــن ذلــك رغبــة منهــم‪ ،‬بــل فرضتــه‬ ‫ظــروف الزراعــة‪ ،‬أمــا كل مــا يخــص‬ ‫صناعــات الحبــوب واألقطــان بقيــت يف‬ ‫حلــب وغريهــا مــن املناطــق‪ .‬مل يكــن‬ ‫يف نيــة النظــام أبــدا ً‪ ،‬انشــاء أيــة قاعــدة‬ ‫صناعيــة أو خطــة تنمويــة تســتوعب‬ ‫الزيــادة الســكانية يف املنطقــة‪ ،‬وال حتــى‬ ‫مواكبــة هــذه الزيــادة والتأســيس لهــا‬ ‫تعليميــا بتأســيس الجامعــات واملعاهــد‬ ‫لرفــع املســتوى التعليمــي يف الجزيــرة إال‬ ‫بفتــح بعــض الكليــات مؤخـرا ً‪ ،‬وبالنتيجــة‬ ‫تــرك املنطقــة ترفــل بأعــداد هائلــة‬ ‫مــن األميــن والعاطلــن عــن العمــل‪،‬‬ ‫ولكنهــم‪ ،‬أي آل األســد دعمــوا املنطقــة‬ ‫ببنــاء الجوامــع والبنــاء الــذي يعرفــه‬ ‫أهــل الرقــة يف مقــرة أويــس القــرين‪،‬‬ ‫الــذي تحــول إىل مركــز للتشــييع يف‬ ‫الرقــة وريفهــا‪ ،‬وكان هــذا املركــز الدينــي‬ ‫الطائفــي‪ ،‬أحــد أهــم منج ـزات عهــد آل‬ ‫األســد يف التنميــة‪ ،‬ولســان حالنــا يقــول‬ ‫بوجــود داعــش‪ :‬هــذا ماجنــاه علينــا‬ ‫األســد‪ ،‬ومــا جنينــا عــى احــد !!!‬ ‫ال ميكــن القتصــادي أن يقــول‪ ،‬دون‬ ‫التنميــة املســتدامة‪ ،‬بإمــكان أي بلــد‬ ‫أن ينهــض مــن تخلفــه‪ .‬إنهــا آخــر مــا‬ ‫توصــل لــه علــم االقتصــاد الحديــث‪،‬‬ ‫وهــذا مــا فعلتــه العديــد مــن الــدول‪،‬‬ ‫يف جميــع القــارات‪ .‬حيــث وضعــت‬ ‫خطط ـاً للتطويــر تشــمل جميــع جوانــب‬ ‫حيــاة املجتمــع‪ ،‬ابتــدا ًء باملــوارد البرشيــة‬ ‫واملاديــة والبيئيــة‪ ،‬وانتهــاء بالســياحة‬

‫وامليــاه واألجــواء‪ ،‬وهــذا مــا جعــل مــن‬ ‫بعــض البلــدان معجــزات اقتصاديــة‪،‬‬ ‫حققــت خاللهــا قفـزات‪ ،‬نقلــت املجتمــع‬ ‫مــن حــال إىل حــال‪ ،‬وتركيــا أحــد هــذه‬ ‫النــاذج‪ ،‬عــداك عــن كوريــا الجنوبيــة‬ ‫وماليزيــا والنمــور الســبعة اآلســيوية‬ ‫واألمثلــة كثــرة‪.‬‬ ‫أ ّمــا مــا حــدث ملحافظــة الحســكة‬ ‫وريفهــا‪ ،‬فهــو ليــس أقــل مــن جرميــة‬ ‫بحــق اإلنســانية‪ ،‬جرميــة جعلــت مــن‬ ‫املحافظــة أمنوذجــاً فريــدا ً للفشــل‬ ‫لهــذا النظــام فيهــا‪ ،‬تلــك املدينــة التــي‬ ‫ال تغيــب عــن عينيــك فيهــا حقــول‬ ‫القمــح املذهبــة‪ ،‬ويف النتيجــة تــم‬ ‫نهبهــا وإفقارهــا إىل حــد ترشيــد قســم‬ ‫كبــر مــن شــبابها للبحــث عــن لقمــة‬ ‫العيــش‪ .‬ليــس ألن املنطقــة فقــرة‪ ،‬بــل‬ ‫ألن االســتنزاف للميــاه الجوفيــة بشــكل‬ ‫غــر مــدروس‪ ،‬حولهــا إىل منطقــة جافــة‪،‬‬ ‫أو شــبه صحراويــة‪ ،‬عــداك عــن فســاد‬ ‫املســؤولني فيهــا واعتامدهــم أســلوب‬ ‫النهــب دون التعويــض عــى أهلهــا ولــو‬ ‫بالقــدر اليســر مــن االهتــام بهــا‪.‬‬ ‫مل يكــن النظــام يفكــر يومــاً اقتصاديــاً‪،‬‬ ‫ولكنــه أفلــح يف التفكــر نهبــاً‪ ،‬وهــذا‬ ‫األســلوب بــرر لــه تســمية الجزيــرة بــكل‬ ‫خرياتهــا‪ ،‬منطقــة نائيــة‪ .‬ورغــم كل مــا‬ ‫حــدث ويحــدث للجزيــرة مــن تخريــب‬ ‫ونهــب وتدمــر خــال خمــس ســنوات‬ ‫مــن الحــرب‪ ،‬مــا زالــت مصــدر الــرزق‬ ‫االســايس مــن القمــح والقطــن واللحــوم‬ ‫والنفــط ألهلهــا وللشــعب الســوري مبــا‬ ‫فيهــا القســم املؤيــد‪ .‬حفــظ اللــه جزيرتنــا‬ ‫بأهلهــا وشــبابها ملســتقبل أفضــل ‪.‬‬

‫األس��د ونهـ��اية املغـ��امرة التـدميـ��رية‬

‫« إننــي أحمــل النظــام مســؤولية مــا يحــدث‪ ،‬كونــه‬ ‫مل يتحـ َـل بالحكمــة الالزمــة ملنــع شــال الــدم هــذا «‪.‬‬ ‫مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم‬ ‫مطران أبرشية حلب للرسيان األورثوذكس‬ ‫آخر ترصيح له عىل الـ يب‪.‬يب‪.‬يس العربية‬ ‫كشــفت هــذه الرصخــة املتأملــة واملدويــة‬ ‫والجريئــة‪ ،‬التــي أطلقهــا نيافــة املطــران املســكوين‪،‬‬ ‫مــار غريغوريــوس يوحنــا ابراهيــم‪ ،‬مســؤولية هــذا‬ ‫النظــام عــن كل جرائــم الحــرب التــي شــهدتها الســاحة‬ ‫الســورية‪ ،‬مســتبقاً الجميــع بإدانــة هــذا النظــام وحربــه‬ ‫الطائفيــة‪ .‬ومل تكــن هــذه الرصخــة املدويــة هــي‬ ‫وحدهــا التــي تديــن حــرب النظــام الطائفيــة‪ ،‬بــل احتوى‬ ‫هــذا الترصيــح رفــع شــعار دولــة املواطنــة‪ ،‬وهو الشــعار‬ ‫ذاتــه الــذي رفعــه نيافتــه يف مؤمتــر طه ـران للمعارضــة‬ ‫املدجنــة‪ ،‬وهــو مــا مل يعجــب النظــام حيــث كانــت‬ ‫خارطــة الطريــق‪ ،‬ذات النقــاط األربعــة‪ ،‬التــي طرحهــا‬ ‫املط ـران يوحنــا إبراهيــم يف ذاك املؤمتــر‪ ،‬كحــل ســيايس‪.‬‬ ‫مل يتحمــل النظــام املواقــف الوطنيــة هــذه للمطــران‬ ‫يوحنــا إبراهيــم فعمــل عــى خطفــه‪.‬‬ ‫كشــف نيافتــه بشــكل مســبق بــأن النظــام يذهــب إىل‬ ‫املجهــول‪ ،‬وإىل مغامــرة لــن توصــل البلــد إال إىل الدمــار‪،‬‬ ‫ولقــد كان ذا بعــد نظــر‪ ،‬حيــث تكشــفت األيــام بــأن هذا‬ ‫النظــام قــد أوصــل البلــد فعـاً إىل ذلــك‪ .‬بدايــة املغامــرة‬ ‫كانــت رضوخــه إىل أجهزتــه األمنيــة التــي اعتقــدت بأنهــا‬ ‫ســوف تهــزم الشــعب بالقمــع والعســف‪ ،‬مزينــة لــه‬ ‫وللكثرييــن‪ ،‬بــأن الحــل ممكــن أن يكــون شــبيهاً بحلــول‬ ‫نهايــة ســبعينات القــرن املنــرم وبدايــة مثانيناتــه‪،‬‬ ‫حيــث تــم تدمــر املــدن دون أن يتحــدث عنهــا أحــد‪.‬‬ ‫نســيت األجهــزة األمنيــة هــذه‪ ،‬التــي ترهلــت مبــرور‬ ‫الســنني‪ ،‬بــأن هنــاك أكــر مــن ربــع قــرن مــن الزمــن‬ ‫مــا بــن الحقبتــن الزمنتــن‪ ،‬ومــع هــذه الفــرة الزمنيــة‬ ‫كان هنــاك يشء اســمه الثــورة التقنيــة التــي تنقــل‬

‫املعلومــة‪ ،‬وتفتــح األذهــان عــى مــا يحــدث يف العــامل‬ ‫قاطبــة‪ ،‬لتخلــق نــوع مــن الوعــي الهيــويل والعفــوي‬ ‫لــدى الجامهــر‪.‬‬ ‫مــع انكشــاف عــدم وجــود الجيــش‪ ،‬وانف ـراط عقــده‬ ‫بانشــقاق املوالــن للشــعب والوطــن‪ ،‬ضباطــاً وصــف‬ ‫ضبــاط وجنــودا ً‪ ،‬ليبقــى فقــط فيــه مــن كان والؤه‬ ‫للنظــام والطائفــة‪ ،‬والتــي كانــت عبــارة عــن كتائــب‬ ‫متفرقــة‪ .‬ولقــد فشــلت هــذه الكتائــب وشــبيحتها‬ ‫بقمــع ثــورة الشــعب الســوري‪ ،‬مــا دفعهــا إىل املزيــد‬ ‫مــن املغامــرة والتشــنج الطائفــي‪ ،‬وعــدم اســتامعه إىل‬ ‫املبــادرات الوطنيــة التــي طرحتهــا القــوى الدميوقراطيــة‪،‬‬ ‫بــل كان الصــوت الوحيــد الــذي اســتمع لــه‪ ،‬هــو صــوت‬ ‫التطــرف الشــيعوي اإليـراين‪ ،‬حيــث زينــوا لــه االســتنجاد‬ ‫باآلخــر‪ ،‬املتشــنج طائفي ـاً‪ ،‬بأنــه ســيهزم الشــعب‪ ،‬فــكان‬ ‫التدخــل اإليــراين‪ ،‬بحرســه الثــوري‪ ،‬وحالشــه اللبنــاين‬ ‫والعراقــي‪ ،‬واملليشــيات العراقية والباكســتانية واألفغانية‪،‬‬ ‫بأنــه خشــبة النجــاة‪ ،‬وليســتيقظ عــى هــول الكارثــة‬ ‫التــي جــر نفســه إليهــا‪ ،‬حيــث أصبــح التحكــم اإلي ـراين‬ ‫مبفاصــل الحكــم يف ســورية طاغيــاً‪ ،‬حيــث دفعــت‬ ‫القــوى اإليرانيــة باملجــازر التــي ارتكبوهــا‪ ،‬إىل تحويــل‬ ‫ال ـراع مــن رصاع وطنــي إىل رصاع طائفــي‪ ،‬وانطلقــت‬ ‫التفس ـرات الطائفيــة عمليــات إنتقــام ملقامــات دينيــة‬ ‫عمرهــا التاريخــي يصــل إىل ‪ 1400‬عــام‪.‬‬ ‫هــذه املغامــرة أدت إىل دفــع إيـران إىل تدمــر املــدن‬ ‫الســورية‪ ،‬حمــص وريفهــا‪ ،‬دمشــق وريفهــا‪ ،‬حلــب‬ ‫وريفهــا‪ ،‬حــاة وريفهــا‪ ،‬ادلــب وريفهــا‪ ،‬فقــط الســاحل‬ ‫كان الوحيــد الــذي نجــا مــن الدمــار‪ ،‬ولكنــه كان يومي ـاً‬ ‫يخــر العــرات مــن أبنــاء الســاحل‪ ،‬والــذي دفــع‬ ‫العديــد مــن األهــايل إىل التملمــل مــن هــذا الوضــع‪.‬‬ ‫جــاءت معركــة الزبــداين ومضايــا‪ ،‬وعــدم قــدرة حــزب‬ ‫اللــه واإليرانيــن والنظــام عــى االنتصــار فيهــا‪ ،‬ال بــل‬ ‫كانــت نتيجــة القتــال هــي هزميــة نكـراء‪ ،‬حيــث كانــت‬ ‫التوابيــت الصفــراء اللــون تنقــل‪ ،‬وبشــكل يومــي‪ ،‬إىل‬

‫‪11‬‬

‫املناطــق الشــيعية مــن لبنــان‪ ،‬بالعــرات‪ ،‬مــا دفــع‬ ‫باإليرانيــن إىل محاولــة يائســة‪ ،‬لخــداع الثــوار املقاتلــن‬ ‫يف الزبــداين‪ ،‬بهدنــة فشــلت عــدة مــرات‪ ،‬وحــاول‬ ‫مــن خاللهــا اإليرانيــون إجــراء عمليــة ترانســفري‪ ،‬مــا‬ ‫بــن أهــايل الزبــداين – مضايــا‪ ،‬وأهــايل كفريــا الفوعــا‪،‬‬ ‫لتشــكيل كوريــدور شــيعوي مالصــق للبقــاع اللبنــاين ذي‬ ‫األغلبيــة الشــيعية‪.‬‬ ‫دفــع النظــام مبغامرتــه‪ ،‬للتمســك بالســلطة‪ ،‬رافضـاً كل‬ ‫الحلــول‪ ،‬إىل لعــب ورقــة اإلرهــاب‪ ،‬فكانــت ورقــة داعش‬ ‫العراقيــة‪ ،‬واحتاللهــا جــزءا ً هام ـاً مــن الع ـراق وســورية‬ ‫تحــت حاميــة اللــه‪ .‬صحيــح خلقــت هــذه الظاهــرة‬ ‫معادلــة سياســية‪ :‬األنظمــة االســتبدادية الطائفيــة أو‬ ‫اإلرهــاب الداعــي‪ ،‬ولكــن هــذه املعادلــة كانــت لصغــار‬ ‫العقــول‪ ،‬ألنهــا تحــول كل الشــعب الســوري بــكل‬ ‫مكوناتــه إىل إرهــاب‪ ،‬والحقيقــة أن دويــات البعــث‪ ،‬يف‬ ‫العــراق وســورية‪ ،‬والنظــام الطائفــي يف بغــداد‪ ،‬الــذي‬ ‫ورث البعــث‪ ،‬هــم مــن مارســوا إرهــاب الدولــة عــى‬ ‫الشــعب‪.‬‬ ‫انتهكــت الحــدود الســورية الربيــة والجويــة والبحريــة‪،‬‬ ‫ونتيجــة فشــل الحــل اإليــراين‪ ،‬أراد األســد بغبائــه‬ ‫الســيايس أن يدفــع املغامــرة إىل بعدهــا األخــر‪ ،‬بعــد أن‬ ‫رهــن البلــد يف بدايــة املغامــرة إىل اإليــراين ويف نهايــة‬ ‫املغامــرة‪ ،‬إىل املغامــرة الروســية‪ ،‬التــي قــد تزيــد مــن‬ ‫دمــار البلــد‪ ،‬ولقــد كان مديفيديــف‪ ،‬رئيــس وزراء‬ ‫روســيا‪ ،‬البيــدق يف يــد بوتــن‪ ،‬رصيحـاً بقولــه «يف حربنــا‬ ‫يف ســورية نحــن ال ندافــع عــن نظــام األســد‪ ،‬بــل عــن‬ ‫مصالحنــا القوميــة واالقتصاديــة»‪ .‬مــن هنــا فــإن نهايــة‬ ‫املغامــرة األســدية ســتنتهي باالحتــال الــرويس لســورية‪،‬‬ ‫ولكــن هــذا االحتــال ســيكون نهايــة لألســد ولحلفائــه‬ ‫مــن روس وإيرانيــن‪.‬‬ ‫إن العــدوان الــرويس عــى ســورية هــو نهايــة مغامــرة‬ ‫األســد‪ ،‬الــذي مل يعــرف كيــف يتصالــح مــع شــعبه ومنــذ‬ ‫بدايــة الثــورة‪ ،‬وينقــذ البلــد مــن الدمــار والتدمــر‪.‬‬

‫سوريا املفيدة‪..‬‬ ‫وروسيا الضارة‬ ‫معبد الحسون‬ ‫لســت أدري مــن كان أول مــن اخــرع هــذا املصطلــح‪ ،‬ســوريا‬ ‫املفيــدة‪ ،‬وال مــاذا يعنــي‪ ..‬ولســت شــغوفاً وال متشــوقاً ألعلــم‪..‬‬ ‫فهــو بالتأكيــد مصطلــح يفتقــر إىل الــذكاء واملعنــى العميــق‪ ..‬لكــن‬ ‫املظنــون بــه أن روســيا والــروس الجــدد ســاهموا يف نحتــه كمشــتق‬ ‫لغــوي ســيايس‪ ،‬إمــا اخرتاعــاً أو تــداوالً أو تحبيــذا ً وحامســة يف‬ ‫الرتويــج التجــاري لهــذا املصطلــح الغبــي‪ ..‬عــى بالهتــه‪..‬‬ ‫الــذي يعنينــي أكــر يف هــذا املقــام هــو مصطلــح روســيا الضــارة‪..‬‬ ‫وهــو شــقيقه التــوأم‪ ،‬وأخــوه باملشــاكلة والطبــاق اللغويــن‪..‬‬ ‫واملشــكلة يف روســيا الضــارة‪ ،‬ملــن مل يســمع بروســيا الضــارة (وملــن‬ ‫ال يعــرف روســيا املعرفــة اليقينيــة الوثـــقى)‪ ،‬أنهــا الــيء الوحيــد‬ ‫يف هــذا الكــون الــذي يــر نفســه دون غــره‪ ،‬بــل أكــر مــا يــر‬ ‫غــره‪ ..‬فروســيا املســيحية االرثوذوكســية يف عهــد القيــارصة كانــت‬ ‫تحســد الغــرب األورويب‪ ،‬حفــدة الصليبيــن‪ ،‬وســالة كل الحامقــات‬ ‫والنفايــات الروحيــة التــي أنتجهــا العــامل القديــم‪ ..‬تحســده‬ ‫وتحتقــره يف الوقــت نفســه‪ ،‬وتتمنــى لــه «الهدايــة» و»الــرر»‬ ‫يف وقــت واحــد‪ ..‬ال ألنهــم رومــان بنــاة كنيســة بطــرس الحــواري‬ ‫تحســدهم‪ ،‬وال ألنهــم صليبيــون‪ ،‬وال ألنهــم كاثوليــك يصطفــون‬ ‫خلــف يســوع (أو مــن ينــوب عنــه مــن البابــاوات) يف كل حروبــه‬ ‫ضــد «الرشيــر» أو الشــيطان‪ ،‬بــل ألن الفكــرة املتقــدة والعبقريــة‬ ‫التــي انقدحــت يف العقــل الــرويس مل يعرفهــا الغــرب‪ ،‬وال كان‬ ‫لــه ســابق معرفــة اعتقاديــة بهــا‪ ..‬هــذه الفكــرة التــي تلبســت‬ ‫روســيا (كــا تتلبــس الشــياطني الخنازيـ َر‪ ،‬عــى رأي ديستويفســي)‬ ‫هــي التــي ســتقود خطاهــا يف القــرن التاســع عــر (قــرن بطــرس‬ ‫األكــر) والعرشيــن (قــرن ســتالني الضــار لنفســه ولشــعبه) والواحد‬ ‫والعرشيــن (قــرن بوتــن)‪..‬‬ ‫قليلــون اليــوم مــن يتباهــون بأمراضهــم‪ ..‬وأقــل منهــم مــن‬ ‫يلتمســون افتخــارا ً بخبثهــم وخســتهم‪ ،‬ويعدونهــا تســتوجب‬ ‫اإلطــراء واملديــح‪ .‬إن هنالــك دوالً وحضــارات وعــوامل قــد زالــت‬ ‫وانتهــت (وهــي ترفــض رفضــاً قاطعــاً فكــرة أنهــا زالــت وملــا‬ ‫يعــد لهــا مــن وجــود)‪ ،‬وتــر عــى أن تســتبقي بعــض آثارهــا‬ ‫الزائلــة كشـ ٍ‬ ‫ـاهد عــى وجودهــا‪ ..‬ال لتســخر مــن النــاس والحيــاة‪،‬‬ ‫وال لتســخر مــن نفســها‪ ..‬بــل ألنهــا ترغــب بذلــك النــوع مــن‬ ‫الذهــاب إىل الطبيــب لالســتقصاء والشــكوى عــن مــرض موهــوم‬ ‫مخــرع فينــا ال وجــود لــه‪ ..‬ال لــيء‪ ،‬ولكــن لنربهــن للطبيــب‬ ‫أننــا نؤمــن بالطــب رمبــا مثلــه وأكــر منــه‪ ،‬ولســنا ممــن يؤمــن‬ ‫بالدجــل والخرافــات‪ ..‬هــل يف هــذا رش وخبــث نفــس؟ لنســأل‬ ‫بوتــن وخامنئــي وبشــار األســد والج ـراالت املحيطــن بهــم هــذا‬ ‫الســؤال‪ ،‬ثــم لنقــرر بعدهــا‪ :‬هــل هــم أقــل مــن كــورش العظيــم‬ ‫أم أكــر ترفعـاً وعظمــة منــه‪..‬؟ وهــل نحــن نضــارع هيبــة بطــرس‬ ‫األكــر أم نفوقهــا ونتحداهــا‪..‬؟‬ ‫ال مجــال لالع ـراف‪ ،‬نحــن بوتــن وخامنئــي واألســد‪ ،‬بأننــا أرشار‪،‬‬ ‫فــإن االعــراف نــوع مــن الضعــف واالســتخذاء الــذي ال يليــق‪،‬‬ ‫ثــم مــن ناحيــة أخــرى‪ :‬ملــن نعــرف‪..‬؟ للســوريني؟ لألمريــكان‬ ‫واألوربيــن‪..‬؟ لألتــراك والخليجيــن‪..‬؟ لهيئــة األمــم املتحــدة‬ ‫ومجلــس األمــن‪..‬؟ أكــر مــن نصــف شــعوب األرض اليــوم ال تجــد‬ ‫مــن االح ـرام وال يقــدم لهــا أكــر مــا تجــده الشــمبانزي الهامئــة‬ ‫يف الغابــات ويقــدم لهــا (لــوال مواثيــق حقــوق اإلنســان املكبلــة‬ ‫واللعينــة‪ ،‬والتــي أعطــت ماللــه للــه‪ ،‬لكنهــا مل ِ‬ ‫تعــط مالقيــر‬ ‫لقيــر)‪ ..‬إال إن االعـراف ألمثــال هــؤالء يشــبه الذهــاب إىل كاهــن‬ ‫كنيســة لالعـراف بالخطايــا أمامــه وأنــت تستشــعر روائــح الخطايــا‬ ‫التــي تطفــو عــى ســطح روح ذلــك الكاهــن ونفســه كــا تطفــو‬ ‫القــاذورات‪ ..‬فلــاذا االعـراف إذن‪..‬؟ إنــك حــن تنــادي الشــيطان‪:‬‬ ‫يــا شــيطان‪ ..‬فأنــت بذلــك توقعــه يف الحــرة‪ ..‬فهــل أنــت تناديــه أم‬ ‫تشــتمه‪..‬؟ أال فليعلمــن الجميــع بــأن الحــرة هــي رأس الفضائــل‬ ‫يف هــذا العــامل‪ ،‬وأنهــا (حســبام جــاء يف رؤيــا القديــس يوحنــا)‬ ‫فاتــرة‪ ..‬ال حــارة وال بــاردة‪ ..‬ولقــد قررنــا أن نرفــع ســيف قيــر‬ ‫وســيف املهــدي املنتظــر يف وجــه القديــس يوحنــا‪ ،‬وأن نؤســس‬ ‫أحالمـاً وأحالفـاً فاتــرة‪ ..‬ال حــارة وال بــاردة‪ ..‬وباملناســبة‪ ،‬فــإن كثـرا ً‬ ‫مــن فصائــل الحــرات املنقرضــة يف هــذا العــامل أو هــي عــى‬ ‫وشــك االنقــراض تســتطيع أن تؤســس لعــامل الغــد حلفــاً يقــوم‬ ‫عــى نفــس املبــادئ دون أن يعرتضهــا أحــد‪ ،‬ودون أن يشــتيك منهــا‬ ‫أحــد‪ ..‬فلــاذا تكــر الشــكوى منــا ويســتعر هــذا الضجيــج حولنــا‬ ‫نحــن بالــذات‪..‬؟‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫َّ‬ ‫الرقــــة اجلديدة‬

‫المغيرة الهويدي‬ ‫الرقّـ ُة املــكان‪ ،‬نــو ُن ال ّنهــى‪ ...‬ونحــن هنــاك‬ ‫حصــص الوقــت عــى‬ ‫يف الالمــكان‪ ،‬نــوزّع‬ ‫َ‬ ‫الصــر يف‬ ‫الرتقّــب واالنتظــار‪ ،‬نفــرغ حقائــب ّ‬ ‫غـ ٍ‬ ‫ـرف تضيــق بنــا‪ ،‬ونــرك حقائبنــا خلــف البــاب‬ ‫لتلويحــة تــأيت عــى درب اإليــاب‪.‬‬ ‫ال ّرقــة املــكان‪ ،‬ونحــن يف الالمــكان‪ ....‬ننبــت‬ ‫وقــت لنغيــب يف زحــامٍ ال‬ ‫كالحرمــل‪ ،‬يأخذنــا‬ ‫ٌ‬ ‫نجــف يف‬ ‫يشــبهنا‪ ،‬نزهــو مبطــ ٍر ال مييّزنــا‪ ،‬ثــم ّ‬ ‫ٍ‬ ‫شــمس طارئــة بــن غيمتــن‪ ،‬نؤ ّجلنــا‬ ‫فرجــة‬ ‫ملواســم قادمــة تعرفنــا ونعرفهــا‪ ،‬لحصــة مــن‬ ‫الوقــت يف جيــوب املــكان‪ٍ ،‬‬ ‫ليــد ســتجمعنا‪،‬‬ ‫وحضــنٍ من ّيــزه برائحــة القمــح والشــاي واأللفة!‬ ‫أن نكــون هنــاك حيــث ال يشء يشــبهنا‪ ،‬وج ـ ٌع‬ ‫يفتــح بــاب الحنــن ويوصــد نوافــذ الفــرح‬ ‫الحقيقــي‪ ،‬لك ّننــا ســنعود يومــاً‪ ...‬ســنعود؛‬ ‫أل ّن ال ّرقــة تحتاجنــا ليســتقيم التعريــف‪ ،‬أل ّن‬ ‫الّرقــة تحتاجنــا لنمســح الغبــار عــن تفاصيلهــا‬ ‫املل ّونــة‪ ،‬لنزيــل عــن اليومــي والهامــي ســواد‬ ‫اللحظــة التــي ال بــ ّد ســتزول‪.‬‬ ‫كنــت أفكّــر بهــذا الشــتات الــذي نعيشــه‪،‬‬ ‫عــن الوجــع الــذي يج ّربنــا‪ ،‬عــن مـ ٍ‬ ‫ـوت يتفنــن‬ ‫باخـراع أســبابه‪ ،‬عــن الخــوف والقلــق اليومــي‪،‬‬ ‫عــن الحــرب التــي تــدور يف عظامنــا‪ ،‬عــن‬

‫ديمة محمود‬

‫القتــل والتعذيــب والخطــف واألرس‪ ،‬عــن‬ ‫الجــوع واملــرض والجهــل‪ ،‬عــن املــوت والحنــن‬ ‫املزيّــف!‬ ‫لسـ ٍ‬ ‫ـنوات وأنــا أمتهــن الحنــن‪ ،‬أمـ ّرن الذاكــرة يك‬ ‫ال يصيــب مفاصلهــا صــدأ النســيان‪ ،‬أتحســس‬ ‫مالمــح إخــويت يف الكلمــة‪ ،‬أشــ ّم حضــن أ ّمــي‬ ‫يف ســياقات لغويّــة‪ ،‬أملــس بــؤس املدينــة يف‬ ‫قصائــد عــن حنــن كاذب!‬ ‫كيف للحنني أن يكون مزيّفاً وكاذباً؟‬ ‫عندمــا نتمنــى الرجــوع إىل الــوراء لنعيــش‬ ‫ماغربلــه الوقــت فبــات جمي ـاً‪ ،‬ويغيــب عــن‬ ‫أذهاننــا أننــا يف النهايــة ضحايــا ذلــك املــايض‬ ‫ٍ‬ ‫التباســات‬ ‫القبيــح‪ ،‬املــايض الــذي أحــدث‬ ‫خطــرة بــن العــام والخــاص‪ ،‬بــن الحقيقــي‬ ‫واملزيّــف‪ ،‬بــن العــادة ورضورة انتهاكهــا‪ ،‬بــن‬ ‫املقــ ّدس ورشوحاتــه التكفرييّــة‪ ،‬بــن مــا كنــا‬ ‫عليــه ومــا يجــب أن نعــود بــه إىل املــكان‪.‬‬ ‫ســنعود‪ ،‬ولكــن‪ ...‬ليــس إىل ال ّرقــة التــي كانــت‪،‬‬

‫بــل إىل ال ّرقــة التــي يجــب أن تكــون‪ ،‬إىل ال ّرقــة‬ ‫التــي تســتحق بنــا أن تكــون أفضــل بكثــر مــن‬ ‫ســابق عهدنــا بهــا!‬ ‫أؤســس هــذه الفكــرة وفق ـاً ملعطيــات واقعنــا‬ ‫البائــس والظــروف القاهــرة التــي تشــهدها‬ ‫البــاد ومــا يرتتــب عــى الحــروب الكثــرة التــي‬ ‫تــدار فيهــا مــن نتائــج مأســاوية‪ ،‬ولك ـ ّن األمــل‬ ‫يبقــى فيــا ســتعطينا إيــاه التجربــة املريــرة‬ ‫مــن خ ـر ٍ‬ ‫ات ال ب ـ ّد لهــا مــن أن تعــود بالنفــع‬ ‫علينــا وعــى الرقــة إذا أصغينــا للحــارض‪ ،‬وعملنا‬ ‫عــى االســتفادة مــا نحــن فيــه ملســتقبل ٍ‬ ‫آت ال‬ ‫محالــة‪.‬‬ ‫لســت هنــا لــرح الطــرق والوســائل التــي‬ ‫يجــب اســتثامرها لتغيــر الغــد‪ ،‬بالقــدر الــذي‬ ‫أجــدين فيــه معنيــاً بــرورة التأكيــد عــى‬ ‫تهذيــب الحنــن بوصفــه شــعورا ً خطــرا ً قــد‬ ‫يــودي بنــا إىل هاويــة اليــأس وجلــد الــذات ومــا‬ ‫يرتتــب عليــه مــن عدائ ّيــة تلقــي بنــا يف مهــاوي‬

‫االنغــاق‪ ،‬والدخــول يف ســلطة ماضويــة ليســت‬ ‫أقـ ّـل جاهليــة مــن الجاهل ّيــة!‬ ‫وأنــا أرى أبنــاء الرقــة يف الالمــكان‪ ،‬أعيد تصحيح‬ ‫العبــارة قاصــدا ً تجــاوز الحنــن ألقــول‪ :‬وأنــا أرى‬ ‫كل مــكان رغــم البــؤس والقهــر‪،‬‬ ‫أبنــاء الرقــة يف ّ‬ ‫كل مــكان‬ ‫كل طريــق شــعلة‪ ،‬ويف ِّ‬ ‫أقــول‪ :‬أرى يف ّ‬ ‫نافــذة مضــاءة للــدرس والبحــث وانتهــاك‬ ‫املــايض املشــبع برائحــة املــوت واإلهــال‪.‬‬ ‫كل مــكان‪ ،‬عقــول تتفتّــح وتنفتــح‬ ‫هنالــك يف ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وبجــد‬ ‫بصمــت‬ ‫عــى تجــارب اآلخــر‪ ،‬تعمــل‬ ‫ومثابــرة لتحقــق نفســها‪ ،‬لتقــول إنّهــا تســتحق‬ ‫الحيــاة الحــ ّرة التــي خــرج مــن أجلهــا‪ .‬أرى‬ ‫شــاباً يعــزف يف حديقــة يف النمســا‪ ،‬وآخــر‬ ‫انضــم ملعهــد موســيقي يف هولنــدا‪ ،‬وفتــاة‬ ‫التحقــت بــدورة لإلعــام الصحفــي يف قطــر‪،‬‬ ‫أرى رقاويَّـاً يديــر نقاشـاً حــول رضورة االنفتــاح‬ ‫عــى اآلخــر‪ ،‬أرى شــباباً‬ ‫يحــرون لفحــص‬ ‫ّ‬ ‫القبــول يف مختلــف الجامعــات األوروبيــة‪ ،‬أرى‬ ‫شــعرا جديــدا ً‪ ،‬روايـ ٍ‬ ‫ـات بــرؤى مغايــرة للســائد‬ ‫واملألــوف‪ ،‬أســمع أصواتــاً ترفــض العنــف‬ ‫أنصــت أحاديــث عــن العــارة‬ ‫والطائفيــة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫األوربيــة والتأثــر املتبــادل بــن الحضــارات‬ ‫العربيــة واألوروبيــة‪ ،‬أملــس وعيــاً جديــدا ً‬ ‫يتشــكّل يف عقــول أبنــاء ال ّرقــة يف املنــايف‪.‬‬ ‫كل محاولــة جــا ّدة‬ ‫أشــ ّم رائحــة األمــل يف ّ‬

‫فتى املعتقل (‪)٥‬‬ ‫شعوٌر بالقرف‬

‫ح ّدثهــم عــن ذلــك العجــوز‬ ‫ُم ِ‬ ‫نهــك القــوى‬ ‫مرتامي األطراف‬ ‫ذائب الخاليا‬ ‫ِ‬ ‫مفتّت اإلحساس‬ ‫متقطّعِ الوجود‬ ‫مبعرثِ الجسد‬ ‫ُمب ّدد الكينونة‬ ‫الذي ما عاد قادرا ً عىل‬ ‫الوقوف وال الحركة‬ ‫وال السمع وال الرؤية‬ ‫وال اليقظة وال النوم‬ ‫وال التفكري وال الكالم‬ ‫ال يشء ال يشء‬ ‫أنفاســه تحبــو تــار ًة‬ ‫وغــدت‬ ‫ُ‬ ‫وترتاجــ ُع تــارة‬ ‫وترتن ُّح تارات‬ ‫أنفاســه لتقــوم فــا‬ ‫تتســ ّن ُد‬ ‫ُ‬ ‫تلبــثُ أن تقــع‬ ‫لتالمــس رشايي َنــه الكائنــ َة يف‬ ‫َ‬ ‫طبقــ ِة اللحــمِ الرقيقــ ِة‬ ‫تلبس عظامه‬ ‫التي بالكاد ُ‬ ‫ـض‬ ‫أنفاســه تركـ ُ‬ ‫يف أحيــان أخــرى ُ‬ ‫برسعــة‬ ‫ِ‬ ‫والسقوط‬ ‫بني محاول ِة القيامِ‬ ‫فام تلبثُ أن تهوي‬ ‫ترتط ـ ُم بشــد ٍة بعظا ِمــه النحيل ـ ِة‬ ‫املتآكلــة‬ ‫ّــل‬ ‫األنفــاس املحطّمــة تتخل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ها مــد ًة‬ ‫ِ‬ ‫كل خليــ ٍة خاليــا‬ ‫جــوف ِّ‬ ‫يف‬ ‫جســ ِمه الواهــنِ‬ ‫صــوت االرتطــام يــر ُّن يف أذنيــك‬ ‫أنــت‬ ‫ـش‬ ‫ال يســم ُعه هــو ألنــه صــار يعيـ ُ‬ ‫ميتاً‬ ‫حي‬ ‫أو أنه ميوتُ بينكم وهو ّ‬

‫كل‬ ‫إنــه مــا فتــئ يحتــر َّ‬ ‫د قيقتــن‬ ‫رغ َم أنه بني جنبي القرب‬ ‫صار العجو ُز ب َني بني‬ ‫ليس ميتاً وليس حيّاً‬ ‫سري ُه يف الطريقِ املتع ّرج‬ ‫بني الحيا ِة واملوت أضناه‬ ‫حي‬ ‫جعله أشال ًء لشبه كائنٍ ّ‬ ‫حي‬ ‫لكنه غ ُري كائن وغ ُري ّ‬ ‫اوح‬ ‫إنّه هال ٌم لفحي ٍح ير ُ‬ ‫بني اللّد ِغ واالضمحالل‬ ‫أتذكّ ُر كيف استغاث بك‬ ‫َ‬ ‫ويقــي‬ ‫لتمســك لــه الوعــا َء‬ ‫َ‬ ‫حا جتَــه‬ ‫َ‬ ‫لينــرف‬ ‫تشــاغلت عنــه مــ ّر ًة‬ ‫َ‬ ‫عنــك‬ ‫وألح‬ ‫فلم ْ‬ ‫يفعل ّ‬ ‫وتظاهــرتَ بالنــوم مـ ّر ًة لينـ َ‬ ‫ـرف‬ ‫عنــك‬ ‫وألح‬ ‫فلم ْ‬ ‫يفعل ّ‬ ‫وآثرت األن َني مر ٍ‬ ‫ات‬ ‫ورصخــت مــن آال ِمــك علّــه‬ ‫ُ‬ ‫ينــرف عنــك‬ ‫وألح‬ ‫فلم ْ‬ ‫يفعل ّ‬ ‫تذْك ُر أنت؟‬ ‫أنا أذكر‪..‬‬ ‫رأســك حــول ِ‬ ‫نفســه واختـ ّـل‬ ‫دار ُ‬ ‫اتزانُــك‬ ‫ومتايلت بك األحجا ُر املرصوف ُة‬ ‫ْ‬

‫يف ِ‬ ‫أرض املكان امل ُتغ ّول‬ ‫شعرتَ باشمئزا ٍز وتّق ّزز‬ ‫ِ‬ ‫أي ٍ‬ ‫كريات د ِمك‬ ‫قرف رسى يف‬ ‫ُّ‬ ‫كريّ ًة كريّة‬ ‫وأي رعش ٍة ه ّزت أطرافَك‬ ‫ُّ‬ ‫ـت رغبتَــك يف التقيؤ مــر ٍ‬ ‫ات‬ ‫صارعـ َ‬ ‫ومرات‬ ‫فغلبتَها أحياناً‬ ‫لكنها غلبتْك أحياناً أكرث‬ ‫فتقيأتْ !‬ ‫متلكتْك الرغب ُة بالخالص‬ ‫مت‬ ‫متنيت لو أنك ّ‬ ‫َ‬ ‫مت‬ ‫ث ّم ُعدت ث ّم ّ‬ ‫ألف مر ّة‬ ‫ومت َ‬ ‫ثم ُعدت ّ‬ ‫دون أن تتلوثَ َ‬ ‫يداك ببوله‬ ‫ـت حتــى اليــوم مســكو ٌن‬ ‫وهــا أنـ َ‬ ‫بالوسـ ِ‬ ‫ـواس‬ ‫كل ســاع ٍة‬ ‫ال تـز ُال تغسـ ُـل يديـ َـك َّ‬ ‫أو ســاعتني‬ ‫القــرف مــن قـطـــراتٍ‬ ‫ُ‬ ‫أيعرتيــك‬ ‫بولِــه‬ ‫مازلــت متيقّنــاً مــن‬ ‫التــي‬ ‫َ‬ ‫و جو د هــا‬ ‫يف راحتي َ‬ ‫يديك وبني أصاب ِعك‬ ‫أنياب البؤس تتم ّدد‬ ‫ُ‬ ‫يغرز أظفاره يف بيت العنكبوت‬ ‫املعشّ ش عند الك ّوة السوداء‬ ‫ُ‬ ‫رفاق مهج ِعك كلُّهم َهرِمون‬ ‫كلُّهم منهكون وعاجزون‬ ‫واقتاتــت عليهــم‬ ‫أكلَهــم املــرض‬ ‫ْ‬ ‫الســياط‬ ‫تج ّرعوا قُيوحها والصديد‬ ‫مل تُبقِ منهم إال الفتات‬ ‫وأنــت يف أعي ِنهــم األقــوى رغــم‬ ‫خــ َورك واألنــن‬ ‫يستغيثون بك لقضاء حاجاتهم‬ ‫وغــاب عنهــم أنــك تشــع ُر‬ ‫با لقــرف !‬

‫للخــروج مــن صناديــق االنغــاق التــي كنــا‬ ‫شــباب‬ ‫نعيــش فيهــا‪ ،‬واألمثلــة كثــرة عــن‬ ‫ٍ‬ ‫ـوي‬ ‫رقــاوي يؤســس ملســتقبلٍ قــادم‪ ،‬لحضــو ٍر قـ ّ‬ ‫يف املجــاالت الثقافيــة واالقتصاديــة والعلميــة‬ ‫مبــر ويــروي‬ ‫والسياســية إلــخ‪ ...‬وهــذا أمــ ٌر ّ‬ ‫القلــب باألمــل‪.‬‬ ‫ال ّرقــة املــكان‪ ،‬والالمــكان هــو العــامل الــذي‬ ‫أجربنــا عــى الخــروج إليــه‪ ،‬ويف املصيبــة ضــوء‬ ‫نفــعٍ ال بــ ّد مــن اســتثامره‪ ،‬عندمــا نكمــل‬ ‫خروجنــا واعــن متامـاً لــرورة تهذيــب الحنــن‪،‬‬ ‫قاصديــن االنفتــاح واالســتفادة مــن جميــع‬ ‫التجــارب املطروحــة أمامنــا مجانــاً‪.‬‬ ‫وإن طــال الوقــت فاإليــاب ممكــ ٌن‪ ،‬ورغــم‬ ‫مــرارة اللحظــة التــي ال بــد ســنق ّيدها يف‬ ‫أرشــيف لنلتفــت ملســتقبل ســيأيت مختلفًــاً‬ ‫اجتامعيّـاً وثقافيّـاً واقتصاديّـاً وعلميّـاً وسياسـيّاً‪.‬‬ ‫وعندمــا ســنعود إىل ال ّرقــة املــكان‪ ،‬ســنعود‬ ‫بتجاربنــا؛ أل ّن الرقــة تســتحق‪ ،‬وألن مــن بقــي‬ ‫هنــاك يســتحق الحيــاة الح ـ ّرة الكرميــة‪ ،‬وألننــا‬ ‫ســنلتقي يومــاً هنــاك ونحــن نعرفنــا ج ّيــدا‪،‬‬ ‫نصــوغ تعريفنــا بثقــة العــارف‪ ،‬منــي يف‬ ‫ـاب‬ ‫شــوارع أجمــل وعــى شــفاهنا ابتســامة لشـ ٍ‬ ‫يعــزف عنــد بوابــة حديقــة الرشــيد‪ ،‬ولفتــا ٍة‬ ‫افتتحــت معرضهــا الفنــي يف الهــواء الطّلــق‬ ‫إكرامــاً الرقــة الجديــدة!‬

‫مواسم‬

‫محاسن سبع العرب‬ ‫ـت إىل هــذه الدنيــا وأمنيــة والــديت بــأداء فريضــة‬ ‫مــذ وعيـ ُ‬ ‫الحــج تطــرق أســاعي يف كل موســم لــه‪ ،‬وقبلــه بأشــهر‪..‬‬ ‫وبعــده بعــدة أشــهر أخــرى‪.‬‬ ‫فهــي ال تلبــث أن تعــرض أمنيتهــا تلــك عــى جميــع موائدنــا‬ ‫الخاليــة إال منهــا‪ ،‬ويف كل زيــارة تقــوم بهــا لتوديــع إحــدى‬ ‫صاحباتهــا الذاهبــات إىل هنــاك‪ ..‬تعــود والغبطــة تطــل مــن‬ ‫عينيهــا‪ ..‬وأكاد أرى بعــض حســد بــريء يشــوبها‪ ،‬وكأنــه‬ ‫قــد آن لــكل األمــاين واألحــام أن تتحقــق إال لتلــك األمنيــة‬ ‫اليتيمــة والتــي قــد ك ُــــتب لهــا أن تبقــى معلقــة كتلفريــك‬ ‫معطــل يف منتصــف الطريــق‪ ،‬فــا أمــي بقــادرة عــى أن‬ ‫تتنــازل عنهــا‪ ..‬وال األمنيــة بقــادرة عــى منــح بصيــص مــن‬ ‫األمــل لتلــك العجــوز البائســة‪.‬‬ ‫كان مــا يقــف عائقــاً يف طريــق تلــك األمنيــة للوصــول‬ ‫ـح املــادة‪ ..‬أو‬ ‫إىل حيــز الحقيقــة هــو قلــة ذات اليــد‪ ..‬أو شـ ّ‬ ‫مبعنــى أبســط‪ ..‬الفقــر‪.‬‬ ‫فقبــل موســم الحــج مــن كل عــام تبــدأ والــديت بادخــار‬ ‫مــا يفيــض عــن حاجتنــا ـ نحــن العائلــة املكونــة مــن تســعة‬ ‫أفـراد ـ لتغطــي بــه بالــكاد قعــر حصالــة خبأتهــا منذ ســنوات‬ ‫باليــة لهــذا الغــرض بالتحديــد‪ ..‬إال أنــه وبــدوران أيــام الســنة‬ ‫فإنهــا تطحــن تحــت تروســها مــا ادخرتــه‪ ،‬فمــرة لــزواج أخــي‬ ‫البكــر‪ ..‬وأخــرى لعمليــة جراحيــة عاجلــة أليب‪ ..‬وثالثــة لســداد‬ ‫ـت أرى ـ أنــا شــخصياً ـ أنــه مــن‬ ‫بعــض ديــون مرتاكمــة‪ .‬وكنـ ُ‬ ‫املمكــن أن أرى بيضــة الديــك قبــل أن أرى أمــي ُمـ ْحـر َمـــة!‬ ‫ومــا فتــأت تلــك الرغبــة تتجــذر يف نفــس والــديت مبــرور‬ ‫األيــام‪ ..‬وصعوبــة الذهــاب إىل هنــاك تــزداد‪ ..‬فــا كانــت‬ ‫تحتاجــه منــذ عــر ســنوات ألداء فريضــة الحــج أصبحــت‬ ‫تحتــاج ألضعافــه اآلن‪.‬‬ ‫ذات صبــاح‪ ..‬أدخلــت والــديت يف حصالتهــا مبلغ ـاً بســيطاً‬ ‫مــن املــال ال يســاوي مثــن وجبــة طعــام واحــدة عــى طريــق‬

‫الحــج‪ ،‬وأقســمت أمــام الجميــع أن هــذا املبلــغ لــن يخــرج‬ ‫إال للذهــاب إىل الحــج‪ ،‬وكطفــل يتلــذذ بجمــع فتــات املــال‬ ‫ليبتــاع لعبــة أعجبتــه يف دكان األلعــاب؛ غــدت والــديت تقــر‬ ‫علينــا وعــى نفســها أكــر لتدخــر مبلغ ـاً مــن املــال يخولهــا‬ ‫ألداء فريضــة الحــج‪.‬‬ ‫كنــا أشــد فق ـرا ً وتقت ـرا ً مــن أن منســك أيدينــا عــن ملــذات‬ ‫هــذه الدنيــا‪ ..‬فــا يتوفــر لنــا بالــكاد كنــا نقيــم بــه أودنــا‪.‬‬ ‫أطفــاالً ُســـذجاً نلتــف حولهــا حينــا كانــت والــديت تبــدأ‬ ‫بقــص حكايــة النــوم‪ ..‬قبــل أن نفتــح أفواهنــا طلب ـاً لوجبــة‬ ‫العشــاء‪ ،‬وعندمــا تكتفــي بــأن تــوزع علينــا يف وجبــة الغــداء‬ ‫(عرائس ـاً مــن الزعــر) كانــت تقــول لنــا مبتســمة‪:‬‬ ‫ـ عندمــا ســأذهب إىل الحــج‪ ..‬ســآيت لكــم معــي بطعــام‬ ‫كثييــر‪.‬‬ ‫ونحلــم نحــن األطفــال بكلمــة (كثييــر) وكأنهــا جبــال مــن‬ ‫اللحــوم أو الحلــوى‪ .‬ثــم نعــب كأس مــاء لنــزدرد بــه كــرة‬ ‫خبــز جافــة غمســت عــى عجلــة بالزعــر فلــم تلتقــط منــه‬ ‫إال النــزر اليســر‪.‬‬ ‫حدثنــا أطفــال الحــارة عــا ســتجلبه لنــا أمــي مــن هنــاك‪..‬‬ ‫ونقلنــا لهــم أحاديثهــا بحذافريهــا‪ ..‬ثــم أنهــا كانــت قــد‬ ‫وعدتنــا بــأن تحمــل مــن كل منــا ثــاث دعــوات لتتــرع‬ ‫بهــا إىل اللــه ـ تعــاىل ـ حينــا تصــل إىل بيتــه‪ ،‬وأعطتنــا مهلــة‬ ‫ـ طويلــة جــدا ً ـ لنفكــر ونختــار عــى مهــل‪ .‬ومــن الطرافــة‬ ‫ـمت أمــا ّين تلــك مــع أحــد أصحــايب فأعطيتــه منهــا‬ ‫أننــي اقتسـ ُ‬ ‫الثلــث‪.‬‬ ‫ثم أنه بعد سنتني ونيف‪..‬‬ ‫أصيبــت والــديت بـ(الزهاميــر) وتوفيــت بعــد أشــهر قليلــة‪..‬‬ ‫فاضطررنــا لفتــح حصالتهــا وكان مــا تحويــه بالــكاد يكفــي‬ ‫ل ـراء ثــوب نكفنهــا بــه‪ ..‬وأجــرة ننقدهــا لحفــار القبــور‪.‬‬ ‫كانــت مواكــب النــاس تســر إىل الحــج‪ ..‬حينــا رسنــا‬ ‫مبوكــب والــديت إىل مقــرة الفقــراء‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حسن البقالي‬

‫غريب الدار‬

‫حكاية قتل آخر لألب‬ ‫‪1‬‬

‫يف البداية يكون األب‪..‬‬ ‫ثــم تكــون اللطمــة‪ ..‬نظـرات امــرأة مفزوعــة وعاجــزة ‪..‬‬ ‫صيحــة جبــل يخرتقــه قطــار عابــث‪ ..‬دهشــة طائــر حلــق‬ ‫أعــى مــا توقــع‪ ..‬اإلرتــداد الصامــت لبــاب خشــبي‬ ‫مشــبع باملــاء‪ ،‬والحركــة الالواعيــة ليــد الطفــل باتجــاه‬ ‫الخــد املوجــوع‪..‬‬ ‫كنــت أعتقــد يف وقــت مــا أن جســدي حقــل‪ ،‬ودمــي‬ ‫ورشــة لحياكــة الدمــى واللعــب الجميلــة‪ ،‬وأنــه يكفــي‬ ‫أن أحــك أنفــي قليــاً‪ ،‬يك تنهمــر مــن فتحتيــه دفعــة‬ ‫واحــدة‪ ،‬مبحركاتهــا التــي ال تهــدأ‪ ،‬مبوســيقاها وملمســها‬ ‫الصقيــل‪( .‬هــذه اآلليــة‪ :‬تحقيــق الحلــم بواســطة عمليــة‬ ‫حــك بســيطة لألنــف‪ ،‬مل تكــن –دون شــك‪ -‬لتتأســس‬ ‫لــدي كقناعــة طفليــة لــوال أين ســمعت الحكايتــن‬ ‫التاليتــن‪ :‬عــاء الديــن ومصباحــه العجيــب‪ ،‬وجــودر‬ ‫الصيــاد مــع الكيــس الســحري‪ ،‬هديــة املغــريب إليــه‪).‬‬ ‫لعبــت معهــا كثـرا ً‪ ،‬حادثتهــا وأمنــت بعضهــا يف حضنــي‬ ‫مثلــا هدهــدين بعضهــا اآلخــر‪ ..‬عشــنا لحظــات ســعادة‬ ‫حقيقيــة‪ ،‬لكنــه‪ ،‬هــو الــذي وجــد هــذه العــادة يف غايــة‬ ‫الســوء ومقدمــة لجنــون الحــق‪ ،‬فاجــأين بلطمــة مــن‬ ‫كفــه العريضــة «أال تــرى املخــاط الــذي يزدهــي بــه‬ ‫قميصــك أيهــا القــذر؟»‪ ..‬غــارت لعبــي يف مهــوى مــا‬ ‫وتــراءت يل بضــع نجــات بيضــاء‪ ،‬لكنــي قــدرت أنــه‬ ‫أعــرف منــي باألمــور وأنــه‪ ،‬دون شــك‪ ،‬عــى حــق (كنــت‬ ‫مزكومـاً وأنفــي يرشــح باســتمرار)‪ ..‬توقفــت عــن البــكاء‪،‬‬ ‫وتوقفــت أيضــاً عــن الحلــم بلعــب ســوداء جميلــة‬ ‫تســقط مــن أنفــي وتالعبنــي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ثم رأيتها‪.‬‬ ‫باألحمــر الفاقــع فــوق الشــفتني‪ ،‬وطرقعــة اللبــان التــي‬ ‫تتــوج‪ ،‬كرضبــة طبــل‪ ،‬تلــك الحركــة البطيئــة والفاجــرة‬ ‫للفــك الســفيل‪ ،‬املرتاوحــة بــن االنف ـراج واإلطبــاق عــى‬ ‫الفــك اآلخــر‪ .‬تذكــرت راوي الحلقــة يحــي عــن أقــدم‬ ‫عاهــرة يف تاريــخ البرشيــة‪ :‬امــرأة مــن ســالة العاملقــة‪،‬‬ ‫تنطــح برأســها الســحاب ولهــا ابــن يدعــى عنــاق ابــن‬ ‫عــوج‪.‬‬ ‫كان قــد ســجن كفــك الصغــرة يف كفــه‪ ،‬تنتظــران‪ ،‬يف‬

‫الغالــب‪ ،‬مقــدم الحافلــة‪ ،‬أو هــذا مــا زعمــه آنــذاك‬ ‫تربيــرا ً لبقائكــا هنــاك‪ ،‬يف مواجهــة املــرأة‪ ..‬مل تــدرك‬ ‫بوضــوح –يف ســنك تلــك‪ -‬رس حركاتــه‪ ،‬والبســات‬ ‫املتكــررة وغــر املــررة‪ ،‬املرتســمة عــى الوجــه –ظاهرياً‪-‬‬ ‫مــن أجلــك‪ ،‬فيــا هــي تتجــاوز ســحنتك الهشــة طلب ـاً‬ ‫الســتجابة ســهلة‪ ..‬أحسســت بــأن كفــك العرقانــة ترغــب‬ ‫يف التخلــص مــن ربقــة الكــف الضاغطــة‪ ،‬وبــأن لهجــة‬ ‫ال ـراوي مل تكــن بريئــة‪ ،‬وهــي تتحــدث عــن اضطجــاع‬ ‫العمالقــة التــي يتوســد رأســها مدينــة وتكبــس مؤخرتهــا‬ ‫عــى مدينــة أخــرى‪ ،‬فيــا العمــاق ضجيعهــا‪ ،‬األطــول‬ ‫منهــا –عــى األرجــح‪ -‬يلقــي بذنبــه عــى مدينــة ثالثــة‪..‬‬ ‫بعــد ذلــك ستتســارع األحــداث بشــكل يقصيهــا عــن‬ ‫مســتوى إدراكك‪ ،‬يلغيهــا متامــاً ليبقــى الســؤال‪« :‬مــا‬ ‫الــذي وقــع؟» يجلجــل داخلــك منقوعــاً يف صــدى‬ ‫اللطمــة املفاجئــة (هــل الفجــاءة ســمة لصيقــة بفعــل‬ ‫اللطــم؟)‪ .‬رفعــت يــدك تســتقرئ األثــر‪ ،‬لكنــك مل تعــر‬ ‫عــى يشء‪ ،‬فأيقنــت بــأن اللطمــة كانــت فعــاً فعــاً‬ ‫فع ـاً عــى خــد أبيــك‪ ..‬لطمــة كالنــذر‪ ،‬تنتظــره هنــاك‪،‬‬ ‫عــى الرصيــف مــن عــرات الســنني متســرة خلــف‬ ‫مظهــر أنثــوي بــاذخ‪« ..‬ســأقتل أمــك الفاجــرة وأدفنــك‬ ‫هنــا تحــت الرسيــر» يتوعــد أمــي التــي ال تقــدر عــى‬ ‫الــرد‪« ..‬أمنــح وجهــك املســلوخ للــكالب وآيت بامــرأة يف‬ ‫ســن ابنتــك»‪ ..‬لكنــه مل يفعــل شــيئاً ذلــك اليــوم‪ ،‬عــى‬ ‫الرصيــف‪ ..‬صــار ضئيــاً قميئــا وهــو يتوجــه نحــوي‪،‬‬ ‫بينــا عــادت األخــرى‪ ،‬بعــد شــتيمة مبحوحــة وســوقية‬ ‫إىل طرقعــة اللبــان‪ .‬مل ميســك كفــي‪ ،‬بــل دفعنــي حتــى‬ ‫كاد يلقينــي أرضــاً «زد آ الحــار‪ ،‬زد لداركــم‪».‬‬ ‫عندما عدنا علمت أمي أن شيئاً حدث‪ ،‬قالت‪:‬‬ ‫ أرى وميضاً غريباً يف عينيك‪.‬‬‫فقلت‪:‬‬ ‫ ذلك ألين قررت أن أصري رجالً‪.‬‬‫ تصري رجالً؟ كيف؟‬‫ بأال أسمح له بأن يرضبني بعد اآلن‪.‬‬‫صاحــت صيحــة مكتومــة‪ ،‬ورمــت بأصابعهــا إىل‬ ‫فمــي تــود إســكايت‪ ،‬لكنــي تابعــت بنفــس النــرة التــي‬ ‫مل تعهدهــا‪:‬‬ ‫ هــل تدريــن؟ ميكــن أن أحميــك منــه أيضـاً‪ ،‬يكفــي‬‫أن تريــدي ذلــك‪.‬‬

‫كنــت أود أن أســتمر يف الحديــث يومـاً كامـاً‪ ،‬أصــف‬ ‫لهــا اللطمــة التــي تلقاهــا مبئــات الطــرق‪ ،‬وأقــول لهــا‬ ‫إنــه ال يســتحق كل خوفنــا‪ ..‬حملقــت يف ذاهلــة‪ ،‬ولعلهــا‬ ‫تذكــرت أشــياء كثــرة وخمنــت أشــياء أخــرى‪ ،‬ثــم‬ ‫أجهشــت بالبــكاء‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫أيب اآلن رجــل عجــوز‪ ..‬ال يغــادر املنــزل أبــدا ً وال‬ ‫يعــرف أن يل خمــس روايــات مطبوعــة ومؤلفــن يف‬ ‫األنطروبولوجيــا أنتقــد فيهــا الخــط الرتاجعــي للتاريــخ‬ ‫بانتقالــه مــن شــكل املجتمــع األمــويس اىل املجتمــع‬ ‫األبيــي كمرحلــة أقــل نضجـاً ومجــال أوســع للمركبــات‬ ‫النفســية والصدمــات‪.‬‬ ‫كنــت أدركــت ملــاذا عرفــت األقــوام البدائيــة أكــر‬ ‫قــدر مــن الســواء النفــي‪ ،‬وملــاذا كان رضوريـاً أن يقتــل‬ ‫أوديــب أبــاه‪ ،‬وأن حكايــة جــودر ليســت مجــرد كيــس‬ ‫لألطعمــة‪ ،‬وجلــد األحـزان ال بــد أن يتــآكل مثلــا تتــآكل‬ ‫اآلن حيــاة الرجــل‪ .‬صغــت شــعارا ً تصــدر جميــع روايــايت‪:‬‬ ‫«أيهــا االبــن‪ ،‬ليــس مــن الــروري أن يكــون لــك أب‬ ‫«صــار مــع تواتــر األعــال النقطــة الخالفيــة األساســية‬ ‫بينــي وبــن النقــاد‪« :‬ملــاذا تــر عــى ســجن عاملــك‬ ‫التخييــي يف هــذا اإلطــار والكتابــة دامئــاً عــن أطفــال‬ ‫يولــدون مــن غــر آبــاء؟» أقــول‪« :‬إنهــا تزهــر مــن جديــد‬ ‫أشــجار التفــاح الــري»‪ ،‬وأتحســس الروايــة مــرة أخــرى‪،‬‬ ‫بحــب‪ ،‬أعيــد قــراءة بعــض صفحاتهــا‪ ،‬روايــة الكاتــب‬ ‫الــكاريث الجميــل ذي األصــل الرومــاين فرجيــل تانــاس‪:‬‬ ‫«أنجبــت ماريــة طفــاً يف فضــاء للســحر‪ ،‬ميــوت‬ ‫فيــه األشــخاص ثــم يقومــون مــن موتهــم نافضــن عــن‬ ‫أجســادهم الوحــل العالــق‪ ،‬ومكتفــن بالعبــارة التاليــة‬ ‫كتعقيــب عــادي عــى «حــدث عــادي»‪:‬‬ ‫ املوت‪ ،‬إنها توسخ‪.‬‬‫أنجبــت ماريــة طفـاً حملــت بــه مــن ذئــب بــري‪..‬‬ ‫أو لعلــه هــوى بــكل بســاطة مــن بطــن جــواد راكــض‪،‬‬ ‫حشــيت بأجــداث املــوىت وخيطــت‪..‬‬ ‫أنجبت مارية طفالً أسمته أورالندو‪orlando‬‬ ‫كان اسم أورالندو غريباً‪..‬‬ ‫ومل يكن ألورالندو أب‪».‬‬

‫احلصائد ّ‬ ‫ُ‬ ‫املعلقة‬

‫إليها عش��تار يف القرن الواحد والعش��رين‬ ‫شاهر خضرة‬ ‫‪1‬‬‫َّيت تحت جفونِها‬ ‫صل ُ‬ ‫بعباء ٍة من ْ‬ ‫خوف‬ ‫يت‬ ‫حتى ا َّم َح ُ‬ ‫صيف‬ ‫ورصتُ غيم َة ْ‬ ‫أمطرتُ نفْيس فوق ما ِء خيالهاِ‬ ‫فتشكَّال أُفُقاً ضبا َّيب ال ُبخا ْر‬ ‫أمواج دف ٍء‬ ‫َ‬ ‫قوس ألوانٍ قُ َز ْح‬ ‫َ‬ ‫عودا ً طريَّاً أخرضا ً يهذي بنا ْر‬ ‫رش‬ ‫هي َ‬ ‫خلف عينيها كآالف الكثافة يف الب ْ‬ ‫الليل يحس ُبني النها ْر ‪.‬‬ ‫وأنا كأ َّن َ‬ ‫***‬ ‫‪2‬‬‫ِ‬ ‫يوماً صعدتُ تسلّالً ألراك يف ليل الخيا ِل‬ ‫خلف ِسرتٍ يختف َني‬ ‫كانت نجو ٌم َ‬ ‫هجست أن َِّك بينه َّن‬ ‫ُ‬ ‫طرقِ‬ ‫وكنت جنحاً يف‬ ‫ج‬ ‫العرو‬ ‫يف‬ ‫مررتُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫الهوا ْء‬ ‫كل آثار الفرا ِغ‬ ‫يش ُّم قلبي ّ‬ ‫لعل عي َن ِك أسقط َْت يل دمع ًة ألب َِّل ريقي‬ ‫َّ‬ ‫يف السف ْر‬ ‫أو نظر ًة يك أقتفي ُه ُد َب األث َ ْر‬ ‫بعض رؤيا حا ٍمل والنو ُم ما ْء‬ ‫أو َ‬ ‫كل املعامل يف الفضا ْء‬ ‫َّلت ُّ‬ ‫كام‬ ‫ِ‬ ‫القلوب تشك ْ‬

‫ُ‬ ‫خلف‬ ‫والنيازك‬ ‫لتنبض‬ ‫أشعلت آهاتِها َ‬ ‫ليالً َ‬ ‫ْ‬ ‫امل ُحا ِل‬ ‫ريب عالئ ُم أنّها م ّرتْ به َّن قُ َب ْي َل‬ ‫هذي بال ٍ‬ ‫نو ْم‬ ‫شبي َه ما م ّرتْ عىل أطراف روحي ذات‬ ‫يو ْم‬ ‫تابعت من بر ٍج إىل بر ٍج إىل جوف الضيا ْء‬ ‫ُ‬ ‫شاهدتُها ‪..‬‬ ‫كانت عىل ٍ‬ ‫عرش كموديلٍ لف ّنانِ السام ْء‬ ‫ْ‬ ‫ش َّع ْت كمرآ ٍة لرؤيا «طائر السيمورغْ»‬ ‫ألل ُه يرس ُم كونَ ُه من كونِها‬ ‫ـح من بحري ِة عينها ‪،‬‬ ‫ألل ُه َ ْيتَ ُ‬ ‫الس ْح ِر التي يف لونِها‬ ‫من خلط ِة ِّ‬ ‫يحس بأنّني يف مرس ِمه‬ ‫هو مل َّ‬ ‫أغمضت عيناً لتخفيني‬ ‫هي‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫باح‬ ‫ّ‬ ‫س ُح ٍّب ال يُ ُ‬ ‫كأن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫تبوح فبي َنها ولبينها ‪.‬‬ ‫إ َّمـا َ‬ ‫يا يل !‪. . .‬‬ ‫ٍ‬ ‫سأهب ُط والسالملُ‬ ‫يابسات كالخطر‬ ‫يستباح‬ ‫درجاتُها ْ‬ ‫النت كدمعٍ‬ ‫ُ‬ ‫فرصتُ أسم ُع يف شعوري َر ْم َش عينيها ‪..‬‬ ‫كام يهمي املط ْر ‪.‬‬ ‫اتسعت‬ ‫((رؤيا إذا‬ ‫ْ‬ ‫تضيق عبار ُة الرايئ))‬ ‫ُ‬ ‫ويصحو كفر ٍاش‬ ‫دونَه والضوء ٌ‬ ‫توق يف البرص!‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫آمنت يف نينا َر ِ‬ ‫بعدك ‪..‬‬ ‫***‬ ‫هكذا ُ‬ ‫تساقيني الحياة ‪:‬‬ ‫يف الخمو ِر البابل ّي ِة‬ ‫والدمو ُع دمو ُع عشتا ٍر‬ ‫‪3‬‬‫لت اإللهة وهي تبيك‬ ‫الصبح يا روحي‬ ‫كل الكونِ هذا‬ ‫الكو ُن ُّ‬ ‫تخيّ ُ‬ ‫َ‬ ‫كل تاريخ البكاء عن الحجار ِة‬ ‫ألحس َّ‬ ‫تح ّو َل كرم ًة‬ ‫كنت ُ‬ ‫ِ‬ ‫والزمان‬ ‫رص يل عناقي َد الغواية يف‬ ‫ُ‬ ‫والشمس تع ُ‬ ‫ِ‬ ‫وحملت وج َه ِك كالشقائق باقةً‬ ‫الدنا ْن‬ ‫ُ‬ ‫بلّلتُها مبياه دجل َة‬ ‫الكو ُن صار زجاج ًة من خمر‬ ‫صار لو ُن املاء أحمر‬ ‫صار معطّرا بشفاه أنثى‬ ‫لست أدري من شفا ِه ِك أو تل ّو َن من‬ ‫كأس ُه‬ ‫ُ‬ ‫صار إبريقي يق ُّبل َ‬ ‫خدود األُقحوان ؟‪.‬‬ ‫كل أضالع الزجاج‬ ‫ضمً يحطِّ ُم َّ‬ ‫ويض ُّمها َّ‬ ‫لعلّها عشتا ُر تغسل جرح متّو ٍز ل ُيبعثَ‬ ‫بصدرها‬ ‫والعر ُاق مي ُّد يل روحاً ألبعثَ‬ ‫شفتي ذائب َة الجِنا ْن‬ ‫لتص َري يف‬ ‫َّ‬ ‫هذه أنت عىل منضدة املاء‬ ‫ِبت حتى ب ُِّت أشع ُر‬ ‫ورش ُ‬ ‫ت ُساقيني الحيا َة‬ ‫أ َّن آما َد اتِّسا ِع الكون يف قلبي تدو ُر ‪..‬‬ ‫ُّ‬ ‫أدق كأيس يف أصابعها وأسك ُر‬ ‫ولست أجز ُم هل أنا سكرا ْن ؟‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يرشب‬ ‫يرشب خمرا ً مثل من‬ ‫ليس من‬ ‫مثل الخيط‬ ‫شفتي ُ‬ ‫أو أ ّن إس َمك م َّر يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫قلب امرأ ٍة آله ٍة ‪ ..‬عطشان‬ ‫الزمان‬ ‫فتوقات‬ ‫من‬ ‫قلبي‬ ‫َ‬ ‫كا َن يُخي ُط َ‬ ‫عيناك نهران من الشعر ‪..‬‬ ‫ل ُيعي َده لربيعه ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عينيك تخل ُد‬ ‫أساطريي يف‬ ‫الحروف‬ ‫فس ِك ْرتُ من طعمِ‬ ‫َ‬ ‫س ِك ْرتُ حتى رصتُ أمضغ لفظ إس ِم ِك بني سوف أميض أصنع ال ُفل َْك عىل عي ِن ِك‬ ‫يك أبح َر فيها ‪..‬‬ ‫ريقي واللسان‬ ‫يف رياح املو ِج يف الطوفان‬ ‫سم ِك من حلُمٍ ليجل َو ليلَه ؟‪.‬‬ ‫م ْن تُرى ّ‬ ‫وحي حتى وإ ْن حطَّ َم ِت اإلعصا ُر فُل ِْك‬ ‫هل كان‬ ‫ُ‬ ‫يحدس أن تكوين للنبوء ِة َ‬ ‫ِ‬ ‫صدرك سوف يُنجيني كلو ٍح من‬ ‫ضل ُع‬ ‫إرشاقٍ ‪،‬‬ ‫حنان ْ ‪.‬‬ ‫تكوين يف رؤى الشاع ِر روحاً وأغان‬

‫غ��وّار‪ ،‬وعل��ي دوب��ا‪،‬‬ ‫وأدوني��س!‬

‫إبراهيم العلوش‬

‫ثــاث شــخصيات أنتجهــا النظــام خــال فــرة حكــم البعــث‪،‬‬ ‫وأنضجهــا إبّــان حكــم حافــظ أســد‪ ،‬هــذه الشــخصيات تتبايــن يف‬ ‫مواقعهــا‪ ،‬ويف وظائفهــا‪ ،‬ولكنهــا متلــك هدف ـاً واحــدا ً هــو احتقــار‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬واملســاهمة بإعــداد املحرقــة التــي أشــعلها‬ ‫املجــرم بشــار‪ ،‬والدفــاع عنهــا بــكل مــا أوتــوا مــن أبعــاد شــعبوية‬ ‫وأمنيــة و ثقافيــة!‬ ‫فغــ ّوار كان شــخصية إعالميــة مه ّمــة‪ ،‬اســتعمل كل جامهرييتــه‬ ‫للحشــد مــع الجرميــة ســواء جرميــة الثامنينــات الكــرى‪ ،‬أم هــذه‬ ‫املحرقــة التــي مــا ت ـزال مســتعرة إىل اليــوم‪ ،‬ورمبــا إىل زمــن قــد‬ ‫يطــول!‬ ‫مل يكتــف غ ـ ّوار بالتســبب بقتــل نهــاد قلعــي الصانــع الحقيقــي‬ ‫لــه‪ ،‬بــل اســتمر باملشــاهدة الســلبية ملوتــه البطــيء الــذي كان لــه‬ ‫أثــر تأديبــي كبــر‪ ،‬عــى كل مــن يفكــر بانتقــاد النظــام‪ ،‬بينــا مـ ّن‬ ‫يهــرج أمــام حافــظ أســد‪ ،‬ويتالعــب مبشــاعر الجمهــور‪ ،‬كغ ـ ّوار‪،‬‬ ‫فكانــت لــه املكافــآت الفاحشــة‪ ،‬والحضــور اإلعالمــي املفتــوح‪،‬‬ ‫مهــا كانــت تفاهــة أعاملــه التــي يشــرك بهــا!‬ ‫ويف املحرقــة الســورية الحاليــة كانــت مهمــة غـ ّوار الرئيســية هــي‬ ‫الرتويــج لحــزب اللــه‪ ،‬واالحتــال اإليـراين منطلقــا مــن كونــه‪ ،‬كــا‬ ‫يقــول‪ ،‬أن أمــه مــن جنــوب لبنــان‪ ،‬وبالتــايل يحــق لــه الرتويــج‬ ‫لقتــل الســوريني‪ ،‬مــن قبــل أخوالــه الذيــن يعيثــون إجرامــا باملــدن‬ ‫والبلــدات الســورية‪ ،‬اعتبــارا ً مــن القصــر‪ ،‬وليــس انتهــا ًء بالزبــداين‬ ‫التــي مــا تـزال تتحداهــم!‬ ‫أمــا عــي دوبــا فأحــد الركائــز األمنيــة التــي امتهنــت القتــل‬ ‫والتعذيــب‪ ،‬و كان املســؤول األكــر عــن معتقــي الثامنينــات‬ ‫الذيــن اختفــى منهــم اآلالف‪ ،‬وســاهم بتغييــب جيــل كامــل مــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬هــم شــباب جيــل الثامنينــات الذيــن غابــوا يف غياهــب‬ ‫معتقالتــه الوحشــية ســنني طويلــة‪ ،‬وكذلــك انكســار بقيــة‬ ‫الشــباب الســوري يف الثامنينــات‪ ،‬مــن جــراء هــذه االعتقــاالت‬ ‫التعســفية والوحشــية‪ ،‬التــي مل يســتطيعوا أن يفعلــوا جرائهــا شــيئاً‬ ‫فاع ـاً ينقــذ كرامــة الســوريني املغيبــن‪ ،‬وكرامــة الشــعب الــذي‬ ‫تحــول إىل معتقلــن مــع وقــف التنفيــذ‪ ،‬أو باألصــح صــاروا ســكاناً‬ ‫يف بلــد مينحهــم االقامــة الجربيــة بــا اعــراف بإنســانيتهم‪ ،‬بــا‬ ‫حريــة تعبــر‪ ،‬وبــا عجلــة اقتصاديــة تحفــظ كراماتهــم‪ ،‬وكرامــات‬ ‫أفـراد أرسهــم الذيــن أُجــروا عــى الهتــاف يف كل املناســبات التــي‬ ‫يرتئيهــا عــي دوبــا‪ ،‬وزبانيتــه‪ ،‬بأنهــا مناســبات وطنيــة وقوميــة!!‬ ‫فــاز عــي دوبــا باالســتيالء عــى طــرق التهريــب مــن لبنــان‪ ،‬والرثاء‬ ‫الفاحــش مــن وراء نهــب الســوريني‪ ،‬ســواء بإذاللهــم أو بإفالســهم‪،‬‬ ‫وإبــان هــذه املحرقــة‪ ،‬قــام عــي دوبــا بإعــادة هندســة املعتقــات‬ ‫والتعذيــب‪ ،‬ودفــع إىل قتــل نحــو خمســن ألــف ســوري تحــت‬ ‫التعذيــب‪ ،‬الــذي اكتســب خرباتــه خــال خدمتــه للمجــرم األب!‬ ‫أمــا أدونيــس صاحــب البعــد الثقــايف والدعايــة الخارجيــة‪ ،‬والــذي‬ ‫كان يعمــل مرتجــاً ومرافقــاً المــرأة حافــظ أســد يف جوالتهــا‬ ‫األوربيــة يف الســبعينات‪ ،‬فــكان أيضـاً صاحــب البعــد الغنــويص يف‬ ‫وجــود النظــام وتربيــر جرامئــه‪ ،‬فقــد نشــأ يف عائلــة تحــرف الرتبية‬ ‫الغنوصيــة الطائفيــة‪ ،‬وذلــك عــى عكــس مــا يدعيــه بأنــه أيّــد‬ ‫بشــار أســد يف قتــل الســورييني دفاع ـاً عــن العلامنيــة والتحــر!‬ ‫فهــو أول مــن نظــم مط ّولــة يف الخمينــي يف بدايــة صعــوده‪،‬‬ ‫وجعلــه املســيح املنتظــر‪ .‬ومــن أجــل املــال والعالقــات العامــة‬ ‫التــي يعتــاش منهــا‪ ،‬فقــد نظــم قصيــدة يف مــدح محمــد بــن عبــد‬ ‫الوهــاب!‬ ‫واليــوم‪ ..‬كال الفكريــن اللّذيــن قــام مبدحهــا أدونيــس يحتق ـران‬ ‫وكل‬ ‫معــه الشــعب الســوري‪ ،‬ويبيحــان معــه قتــل الســوريني‪ّ ،‬‬ ‫انطالق ـاً مــن كراهيتــه الخاصــة وأســبابه املعلنــة‪ ،‬وغــر املعلنــة!‬ ‫مل يدافــع أي مــن املجرمــن الثالثــة‪ ،‬غـ ّوار‪ ،‬وعــي دوبــا‪ ،‬وأدونيــس‪،‬‬ ‫ولــو بكلمــة لحاميــة الشــعب الســوري‪ ،‬وأقــول الشــعب الســوري‬ ‫بــكل أبعــاده‪ ،‬مبــا فيــه البعــد العلــوي‪ ،‬الــذي تــورط الكثــر مــن‬ ‫رص الثالثــة مــع‬ ‫رجالــه‪ ،‬وضباطــه مــع بشــار أســد وبجرامئــه‪ ،‬وأ ّ‬ ‫غريهــم مــن املجرمــن‪ ،‬عــى الدفــاع عــن الجرميــة‪ ،‬واملســاهمة‬ ‫بتأجيجهــا بــكل مــا متلكــه أنفســهم الحاقــدة مــن غــلٍ وســوا ٍد ال‬ ‫تنتهــي أبعــاده‪.‬‬ ‫فهــل نســتطيع فهــم هــذه الشــخصيات وأفعالهــا‪ ،‬ومــا ف ّرختــه‬ ‫مــن مريديــن‪ ،‬وشــبيحة‪ ،‬مــن أجــل ان نفهــم عقليــة هــذا النظــام‬ ‫اإلجرامــي ومنابــع اســتمراره باملحرقــة الســورية؟‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وداعا يا نهر اخلابور ـ ‪ 5‬ـ‬ ‫ً‬ ‫آرام كرابيت‬ ‫نظــرت إىل وجهــي والــدي الســبعيني‪ ،‬مل أشــفق‬ ‫عليــه‪ .‬مل أشــعر أن هنــاك أي يشء يســتحق أن‬ ‫أصمــت مــن أجلــه‪ .‬وأن حالــة االنفصــال بينــي وبــن‬ ‫ـف مــن‬ ‫أيب وأمــي والنــاس قــد قطعــت نهائيـا ً‪ .‬مل أشـ َ‬ ‫هــذا املــرض أبــدا ً‪ .‬إنهــا الحيــاة‪ ،‬كل واحــد مســؤول‬ ‫عــن مصــره وقناعاتــه‪ ،‬جنونــه أو فرحــه‪ ،‬هروبــه‬ ‫أو وقوفــه عــى أرض صلبــة أو رخــوة‪ .‬أعــرف أن يف‬ ‫داخــي كــم هائــل مــن الشــجاعة والهزميــة‪ ،‬الخــوف‬ ‫وجنــون التمــرد عــى نفــي وزمنــي‪ .‬قلــت لــه‪:‬‬ ‫ـ ال تخــف‪ .‬لــن يفعلــوا شــيئا ً هــذه األيــام‪ .‬أظافرهــم‬ ‫مقصوصــة هــذه الفــرة إىل حــن‪ .‬لــن ينالــوا منــي‬ ‫وســأنتقم منهــم يف عقــر دارهــم‪ .‬لــن أنكــس رأيس‬ ‫بيدهــم‪ .‬أعــرف اللعبــة‪ .‬أعــرف أنهــم أدوات‪ ،‬مجــرد‬ ‫يشء يتحــرك بإشــارات ورمــوز‪ .‬إنهــم جبنــاء مــن‬ ‫رئيــس الدولــة إىل أصغــر عضــو فيهــا‪ .‬إن حافــظ‬ ‫األســد رجــل رذيــل ذليــل‪ ،‬ضعيــف وجبــان‪ ،‬حمــى‬ ‫نفســه مــن النــاس واملجتمــع عــر قــوة الســلطة‬ ‫وطائفتــه‪ .‬إنــه أداة بيــد الواليــات املتحــدة األمريكيــة‬ ‫يف ضبــط ســورية واملجتمــع الســوري‪.‬‬ ‫ذهبــت إىل هنــاك‪ ،‬إىل مبنــى األمــن الســيايس‪،‬‬ ‫حيــث الحــارس واقفــا ً يف قولبتــه‪ .‬رميــت عليــه‬ ‫ي‪ ،‬قلــت‪ ،‬أن معلمــك يريــدين‪ .‬قــال‪،‬‬ ‫التحيــة فــرد عـ ّ‬ ‫انتظــر‪ .‬اتصــل بأســياده‪ ،‬طلبــوا منــه أن يســمح يل‬ ‫بالدخــول‪ .‬ذهبــت إىل الديــوان‪ ،‬اســتقبلني املســاعد‬ ‫أول‪ ،‬وطلــب منــي الجلــوس مبنتهــى الرقــة واللطــف‪.‬‬ ‫طلــب يل كأس شــاي‪ ،‬وقــال يل‪:‬‬ ‫ـ أرجو منك االنتظار قليالً‪ ،‬املعلم مشغول األن‪.‬‬ ‫رأيــت كــم هائــل مــن املراجعــن‪ ،‬مــن وجهــاء املدينــة‪.‬‬ ‫األمــر‪ ،‬وزمل األمــر‪ ،‬تحولــوا إىل عشــرة واحــدة‪ ،‬عامئــون‬ ‫فــوق املجتمــع‪ .‬مصالحهــم متشــابكة يف نهبــه ورسقتــه‪.‬‬ ‫دخــت مــن الفرجــة‪ .‬شــعرت أننــي يف مبغــى‪ ،‬يف وكــر‬ ‫دعــارة‪ ،‬كل واحــد يدخــل إىل العاهــرة ينقطهــا مــاالً‪،‬‬ ‫يضاجعهــا أو يضاجعــوه‪ ،‬يف هــذه العالقــة ليــس مه ـاً‬

‫مــن هــو الذكــر ومــن هــي األثنــى‪ ،‬مــن هــو الفحــل أو‬ ‫الديــوث‪ .‬كالهــا‪ ،‬لديــه إرادة أن ميــارس هــذه اللعبــة‬ ‫القــذرة‪ ،‬أن يتحــوال إىل مجــرد أدوات رخيصــة يف لعبــة‬ ‫كبــرة‪ .‬فحــول مخصيــة يف متزيــق املجتمــع والدولــة‬ ‫وتحويــل البــاد إىل مبغــى كبــر‪ ،‬ســوق للنخاســة‪.‬‬ ‫مكثــت هنــاك ســاعة‪ ،‬بيــد أنهــم مل ينــادوا عــي‪.‬‬ ‫خرجــت مــن املبنــى وذهبــت إىل البيــت‪ ،‬قلــت يف‬ ‫نفــي‪:‬‬

‫سوريا‪ ..‬وجع وطن!‬

‫عبد الكريم البليخ‬ ‫الحديــث عــن ســورية‪ ..‬وجــع وطــن‪،‬‬ ‫يحمــل يف طياتــه مزيــدا ً مــن األحـزان واآلالم‪،‬‬ ‫والتــي ال ميكــن أن نغفــل عــن تذكرهــا‪ ،‬ألنــه‬ ‫ال ميكــن بحــال تناســيها‪ .‬فهــي تظــل تعــر‬ ‫قلوبنــا‪ ،‬وتزيــد مــن معاناتنــا‪ ،‬وبصــور ٍة‬ ‫خاصــة‪ ،‬بالنســبة ملــن صــاروا اليــوم خــارج‬ ‫البلــد مه ّجريــن يبحثــون عــن وطــن! انّــه‬ ‫الوطــن‪ ،‬وال يشء ســواه‪.‬‬ ‫الوطــن الــذي فقدنــا ترابــه‪ ،‬وأرضــه‪ ،‬وكل مــا‬ ‫هــو جميــل يف ذاكرتنــا‪ ،‬نحــن الســوريني‪ ،‬وإن‬ ‫أصابهــا العطــب بعــد مــا أصابنــا مــن إذالل‬ ‫وتطهــر إىل مــا نحــن عليــه مــن وهــم كبــر‪،‬‬ ‫وأحجيــة أريــد منهــا أن نصبــح يف عــداد‬ ‫األمــوات‪ ،‬نغتســل بأحــام الوطــن الــذي‬ ‫يعيــش يف قلوبنــا‪ ،‬ويف أحــداق عيوننــا‪.‬‬ ‫فــإىل متــى ســنظل هكــذا مه ّجريــن بعيديــن‬ ‫عــن األهــل واألح ّبــة‪ ،‬الذيــن هــم يف املقابــل‪،‬‬ ‫صــاروا يعيشــون مــرارة اإلقامــة الجربيــة يف‬ ‫الوطــن بعيــدا ً عــن أبنائهــم وأحفادهــم‪ ،‬وعن‬ ‫رائحــة كل مــا ميكــن أن يثــر اهتاممهم‪ ،‬ســواء‬ ‫أكان ذلــك عــر الشــوق والحــب والكينونــة‬ ‫التــي بــدت‪ ،‬وكــا هــو واضــح‪ ،‬ترحــل بعيــدا ً‬ ‫وتحــط حيــث ال وطــن‪ ،‬وال حيــاة‪ ،‬عــى الرغم‬ ‫مــن مفرحاتهــا املتوافــرة يف بــاد االغــراب‪،‬‬ ‫وبكــرة ألنهــا ال تســاوي شــيئاً حيــال الواقــع‬ ‫املــؤيس الــذي يواكــب حــارض امله ّجريــن‬ ‫الســوريني الذيــن فقــدوا أغــى مــا ميلكــون‪،‬‬ ‫ومــا ميكــن أن يكــون ذا مكانــة يف قلوبهــم‬ ‫مهــا توافــرت لهــم أيــام الراحــة والســعادة‪،‬‬ ‫فســتظل يلزمهــا اإلحســاس بالوطــن الــذي‬ ‫هــو الحيــاة واألمــل!‪.‬‬

‫ـ نســوا أننــي عندهــم‪ .‬يبــدو لديهــم صفقــة أهــم من‬ ‫وجــود كائــن مثــي‪ ،‬مجــرد رقــم ال قيمــة لــه‪ .‬شــغلهم‬ ‫يتطلــب أن يســتدعوين كنــوع مــن واجــب عابــر‪.‬‬ ‫معرفتــي بأســاليب األمــن أعطتنــي مناعــة يف معرفــة‬ ‫كيفيــة إدارة هــذه الدولــة‪ .‬التســيب والفــوىض مل‬ ‫يكــن يف الدوائــر العاديــة وإمنــا يف جميــع أجهــزة‬ ‫النظــام والدولــة‪ ،‬مبــا فيهــا أجهزتــه األكــر تأثــرا ً عــى‬ ‫مصالحــه‪.‬‬ ‫يف اليــوم الثــاين اســتدعوين مــرة ثانيــة‪ .‬ذهبــت إليهــم‪،‬‬ ‫جلســت برفقــة شــاب وســيم‪ ،‬لطيــف املعــر‪ ،‬اســمه‬ ‫ســمري املــري برتبــة مــازم أول‪ .‬كان يتكلــم معــي‬ ‫ويبتســم بشــكل دائــم‪ :‬قلــت لــه‪:‬‬ ‫ـ ملــاذا أنــت هنــا؟ هــذا ليــس مكانــك‪ .‬يبــدو أنــك‬ ‫إنســان رائــع‪ ،‬ويف داخلــك قيــم الخــر واملحبــة‬ ‫والطيبــة! قــال‪:‬‬ ‫ـ البلــد مقبــل عــى تغــرات كبــرة ونريــد مــن‬ ‫الجميــع أن يتعاونــوا معنــا لنبنــي هــذا البلــد‪ .‬قلــت‬ ‫لــه‪:‬‬ ‫ـ تتكلــم مثلهــم متامـا ً‪ ،‬املدرســة ذاتهــا‪ .‬لــن يتغــر أي‬ ‫يشء‪ ،‬تريــدون تحويــل املجتمــع كلــه إىل مخربيــن‬ ‫لتجلســوا عــى جثتــه كموميــاء محنطــة‪ .‬التغيــر‬ ‫يــا أخ ســمري ال يكــون بهــذا الشــكل‪ .‬التغيــر يبــدأ‬ ‫مــن مؤسســات الدولــة‪ ،‬تفعيلهــا‪ ،‬تفعيــل الدســتور‪،‬‬ ‫الربملــان‪ ،‬الحيــاة السياســية‪ ،‬العــودة للمواطــن‪،‬‬ ‫احرتامــه وإعــادة االعتبــار لــه دون تهميــش أو‬ ‫احتقــار‪.‬‬ ‫يل ككائــن‬ ‫كان برفقتــه مســاعد أول‪ ،‬كانــا ينظــران إ ّ‬ ‫غريــب حــطّ عليهــم بشــكل مفاجــئ‪ .‬يتكلــم بكلــات‬ ‫كأنهــا ألغــاز‪ ،‬ورمبــا مل يفهــا عــي‪ .‬صمتــا‪ ،‬مل يــردا عــي‪.‬‬ ‫كان يف يــده ســمري جريــدة نســيت اســمها‪ ،‬رمبــا كان‬ ‫اســمها املحــرر‪ ،‬يحررهــا رجــل ســوري مقيــم يف أمريــكا‪،‬‬ ‫يبــدو عــى صلــة بأجهــزة املخاب ـرات‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫ـ اقــرأ هــذه الجريــدة‪ ،‬ســرى أننــا يف الطريــق الســليم‪.‬‬ ‫قلت ‪:‬‬

‫ـ لســت بحاجــة إىل جريــدة يك أعــرف مــا يحــدث يف‬ ‫وطنــي وبلــدي‪ .‬هنــاك طريــق واحــد ميكنــه أن يخرجنــا‬ ‫مــن هــذه املتاهــة‪ ،‬هــو تفعيــل الدســتور ومؤسســات‬ ‫الدولــة‪.‬‬ ‫بقيــت أتحــدث مــع ســمري واملســاعد الغبــي ســاعتني‪،‬‬ ‫كل واحــد يحــاول أن يجــر اآلخــر إىل موقعــه‪ ،‬مــدركا ً‬ ‫مــن التجربــة يف الســجن أن الحديــث مــع رجــل أمــن‬ ‫رضب مــن العبــث‪ ،‬كال الطرفــن‪ ،‬أنــا وهــم عــى مســافة‬ ‫بعيــدة‪ ،‬متفارقــن‪ ،‬فرجــل األمــن لديــه مهمــة واحــدة‬ ‫هــي تحويــل املجتمــع إىل مجــرد مدجنــة‪ ،‬وينفــذ مــا‬ ‫يطلــب منــه رؤســاؤه‪ ،‬ال يهمــه السياســة والحديــث‬ ‫فيهــا‪ ،‬يســاير املتحــدث ليجلبــه إىل خندقــه‪ ،‬أي يحولــه‬ ‫إىل مخــر‪ .‬كان لــدي حصانــة نفســية مــن التجربــة‬ ‫والخــرة‪ ،‬أن هــذه األمعــات مجــرد أكيــاس فارغــة‪،‬‬ ‫ليــس لديهــم أي قيمــة ذاتيــة أو إنســانية‪ .‬إنهــم مجــرد‬ ‫خــواء يف خــواء مــن رئيــس أكــر مؤسســة مخابــرات‬ ‫يف الواليــات املتحــدة إىل روســيا أو الصــن‪ ،‬كلهــم‬ ‫متشــابهني‪ ،‬مجــرد أدوات صغــرة رخيصــة‪ .‬مســنن يف‬ ‫مســنن‪ ،‬ينفــذ مــا يطلــب منــه‪ .‬إنهــم مــن أحــط أنــواع‬ ‫الكائنــات يف هــذا الكــون‪ .‬حتــى الفريوســات أقــل‬ ‫قــذارة منهــم‪ .‬كل رجــل مرتبــط مبؤسســة أمــن ينفــذ‬ ‫مــا يطلــب منــه دون أي ســؤال أو رد فعــل‪ ،‬مجــرد‬ ‫روبــوت‪.‬‬ ‫مل أكــن أعــرف بالضبــط مــا حــدث يف ســورية بعــد‬ ‫مــوت حافــظ األســد‪ ،‬كيــف جــرى تتويــج بشــار‪ ،‬ومــن‬ ‫هــم املســاهمون يف وضعــه يف منصبــه‪ .‬كنــت يف ســجن‬ ‫تدمــر‪ ،‬يف عزلــة كاملــة عــن العــامل‪ .‬قــال يل املــازم أول‬ ‫ســمري‪:‬‬ ‫ـ بعــد قليــل ســتدخل إىل غرفــة ســيادة العقيــد‪ ،‬نائــب‬ ‫رئيــس الفــرع‪ ،‬يريــد أن ي ـراك‪ .‬أمتنــى أن تكــون لين ـا ً‪.‬‬ ‫قلــت لــه‪:‬‬ ‫ـ أنا لني جدا ً‪ ،‬أمل ت َر ذلك؟‬ ‫ضحك‪ ،‬برقة‪.‬‬ ‫ـ أي لني يا رجل‪ .‬أنت أصلب من الصخر‪.‬‬

‫والســؤال عــن الوطــن الــذي اغتصــب‪،‬‬ ‫كــا هــو حــال املــرأة التــي تنازعهــا رجــال‬ ‫واغتصبوهــا عنــوةً‪ ،‬مــاذا عســاها أن تفعــل‪،‬‬ ‫وهــذا مــا يحفــر يف وجدانهــا‪ ،‬ويف ذاكرتهــا‬ ‫وعواطفهــا النبيلــة الكراهيــة والســخط‬ ‫والحقــد الدفــن ملجــرد تذكرهــا وقــع‬ ‫االغتصــاب وســاعة حدوثــه‪.‬‬ ‫يســأل أحدهــم‪ ،‬ممــن نلتقيهــم‪ ،‬وهــل مــن‬ ‫املمكــن أن نقــارن مــا يجــري عــى أرض‬ ‫الوطــن‪ ،‬مبــا تصورونــه اليــوم‪ ،‬أنتــم يامعــر‬ ‫حملــة الرســالة‪ ،‬ر ّواد الفكــر والقلــم‪ ،‬مــن‬ ‫أفــكار وآراء ميكــن أن تعكــس الصــورة‬ ‫الحقيقــة ملــا يجــري مــن صــور عديــدة ال‬ ‫ميكــن بحــال إيجازهــا‪ ،‬عــى وجــه التحقيــق‪.‬‬

‫ال شــك أنــه تشــبيه ســخيف‪ ،‬ولكــن مــن‬ ‫املمكــن أن يكــون هنــاك وجــه تقــارب فيــا‬ ‫يحــدث ومــا زال‪ ،‬واملاكينــة التــي تطحــن‬ ‫كل مــا ميكــن أن يجعــل منهــا أداة لهــرس‬ ‫كل مــا يقــع تحــت حلزونهــا بعيــدا ً عــن أي‬ ‫عواطــف‪ ،‬أو مشــاعر وأحاســيس‪ .‬وهــذا مــا‬ ‫نقــرأه اليــوم يف دفاتــر الوطــن‪ ،‬ومــا أصــاب‬ ‫أهلــه مــن دمــار وخـراب مل يعــد مبقــدور مــن‬ ‫يحمــل رايــة القلــم أن يقــدر عــى تصويرهــا‪،‬‬ ‫ـاً كبــرا ً ال ميكــن أن ينجــح يف‬ ‫ألنهــا صــارت هـ ّ‬ ‫الوصــول إىل حــل‪ ،‬أو إعــادة النظــر فيــه مهــا‬ ‫حاولنــا إســقاط ذلــك عــى مــا يجــري عــى‬ ‫األرض الســورية‪ ،‬ومدنهــا وقراهــا ومــا خلفتــه‬ ‫آلــة الدمــار مــن خـراب مــن الصعــب ترميمه‬

‫أو إعادتــه إىل مــا كان عليــه قبــل انطــاق‬ ‫ال ـرارة التــي أرضمــت النــار يف كل مــكان‪..‬‬ ‫فــأي وطــن‪ ،‬وأي مواطــن ميكنــه أن يــريث‬ ‫حــال مــا يجــري اليــوم‪ ،‬بعــد أن دق الخـراب‬ ‫يف كيــان املــدن‪ ،‬وأهلــك النســل والحــرث!‪.‬‬ ‫ومــا ميكــن أن نقولــه اليــوم‪ ،‬يف هــذا‬ ‫االســتعراض‪ ،‬يســتدعي م ّنــا أن نقــف وبصدق‬ ‫مــع أنفســنا‪ ،‬مســتعرضني ألــوان الصــور‬ ‫التــي‪ ،‬وكــا ذكــرت‪ ،‬أوغلــت جرحــاً عميقــاً‬ ‫يف الذاكــرة‪ ،‬وهــا هــي النتائــج نســتخلصها‬ ‫تباعــاً‪ ،‬متاشــياً مــع مــا يجــري عــى األرض‬ ‫التــي كانــت تــريض أهلهــا‪ ،‬وتغنيهــم عــن‬ ‫جريانهــم‪.‬‬ ‫ســوريا بلــد األصالــة‪ ..‬إنهــا عشــق أبــدي‬

‫يســتظل بظلــه أهلهــا الطيبــون الذيــن‬ ‫ع ّمروهــا بســواعدهم الفتيــة‪ .‬أشــادوا األبنيــة‪،‬‬ ‫وبنــوا الجســور‪ ،‬ومــدوا الطــرق‪ ،‬وأقامــوا‬ ‫وحصنــوا املـزارع‪ ،‬وطـ ّوروا الزراعــة‪،‬‬ ‫املصانــع‪ّ ،‬‬ ‫النــرة الطــرق املظلمــة‪.‬‬ ‫وأنــاروا بعقولهــم ّ‬ ‫إنــه الشــعب الســوري األيب الــذي ه ّجــر‬ ‫مــن أرضــه وأذاقــوه أنــواع العــذاب‪ ..‬انّــه‬ ‫الشــعب املجتهــد‪ ،‬الغيــور املتابــع‪ .‬الشــعب‬ ‫الــذي يعــرف كيــف يصطــاد الســمكة ويأكلها‬ ‫بطريقــة عفويــة ســاحرة ال ميكــن بــأي حــال‬ ‫أن يــر عمــر أو زيــد مــن النــاس‪.‬‬ ‫املواطــن الســوري‪ ،‬األشــم‪ .‬صاحــب العزميــة‬ ‫والوجــدان والحكمــة‪ .‬الشــجاع والحكيــم يف‬ ‫ترصفاتــه‪ ،‬ويف عزميتــه‪ ،‬ويف روحــه الصادقــة‬ ‫الربيئــة املتواضعــة‪ ،‬ويف عاطفتــه‪ ،‬ويف خدماته‬ ‫التــي يشــهد عليــه كل مــن عرفــه أو ســمع‬ ‫بــه وشــاهده‪.‬‬ ‫وهــذا هــو حظّــه‪ ،‬ولألســف‪ ،‬مــن قيادتــه‬ ‫التــي ألبســته ثــوب التهجــر والبعــد عــن‬ ‫لحافــه ووســادته!‪.‬‬ ‫مــا العمــل؟ فقــد هــرب مــن القتــل والدمــار‬ ‫متدث ـرا ً ببعــض مــا بقــي عــى أن تــرد عنــه‬ ‫بــرد الشــتاء القــارس الــذي ال يرحــم‪ ،‬والتــزم‬ ‫الصمــت هاربـاً مــن واقــع ســيئ ال ميكــن لــه‬ ‫أن يعيــد لــه األمــل‪ ،‬بــل أنــه ال زال يشــكل‬ ‫عنوانــاً عريضــاً لبكائيــة ال ميكــن تعطــل‬ ‫ذاكرتــه عــن اســتحضارها‪ ،‬أو تطبــق جفونــه‬ ‫عــن تســاقط الدمــوع أمل ـاً ملــا حــدث!‬ ‫إنــه الوطــن‪ ،‬الــذي يُبــي العــامل‪ .‬نعــم‪ ،‬إنــه‬ ‫وجــع وطــن‪!!..‬‬ ‫صحايف سوري مقيم يف النمسا‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪15‬‬

‫قضي��ة فلس��طني ومس��تقبل املش��روع الوط�ني‪ :‬يف اهلوي��ة األس��د‪ ..‬بوت�ين‪ ..‬لق��اء ب��ارد يف أجواء‬ ‫واملقاوم��ة والقان��ون الدولي‬ ‫ساخنة!‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫الحرمل وكاالت‬ ‫يــأيت هــذا الكتــاب الصــادر عــن املركــز‬ ‫العــريب لألبحــاث ودراســة السياســات‪ ،‬الدوحة‪،‬‬ ‫حصيلــة للدراســات والبحــوث التــي قُدمــت يف‬ ‫املؤمتــر الســنوي ملراكــز األبحــاث يف املنطقــة‬ ‫العربيــة الــذي نظمــه املركــز يف الدوحــة يف‬ ‫كانــون األول‪/‬ديســمرب ‪ ،2013‬تحــت عنــوان‪:‬‬ ‫«قضيــة فلســطني ومســتقبل املــروع الوطنــي‬ ‫الفلســطيني»‪ .‬انطلــق د‪.‬عزمــي بشــارة يف‬ ‫املحــارضة االفتتاحيــة األوىل والتــي جــاءت‬ ‫بعنــوان‪« :‬املــروع الوطنــي الفلســطيني‪:‬‬ ‫أفــكار وأســئلة يف املــآزق واآلفــاق»‪ ،‬مــن‬ ‫التداخــل بــن الســيايس واألكادميــي يف أي مؤمتر‬ ‫ــا أ ّن املؤمتــر‬ ‫مفص ً‬ ‫أكادميــي عــن فلســطني‪ّ ،‬‬ ‫بطابعــه األكادميــي املتقاطــع مــع الســيايس‬ ‫هــو مبنزلــة جمــع بــن الواقــع واألمــل‪ .‬فيــا‬ ‫وضّ ــح ريتشــارد فولــك‪ ،‬يف مقالتــه‪« :‬املتخيــل‬ ‫الفلســطيني الناشــئ»‪ ،‬حــول مقــرر األمــم‬ ‫املتحــدة الخــاص لحقــوق اإلنســان يف األرايض‬ ‫الفلســطينية‪ ،‬تصــوره بالقــول‪ ،‬إن املعركــة‬ ‫املقبلــة هــي «معركــة الرشعيــة»‪ ،‬خصوصــا بعد‬ ‫تراجــع خيــاري الكفــاح املســلح واملفاوضــات‪.‬‬ ‫بيولوجي��ا الس��لوك الدي�ني‪ :‬اجل��ذور‬ ‫التطوري��ة لإلمي��ان والدي��ن‬ ‫صــدر هــذا الكتــاب عــن املركــز القومــي‬ ‫للرتجمــة‪ ،‬القاهــرة‪ .‬وهــو مــن تحريــر‪ :‬جــي‪.‬ر‪.‬‬ ‫فريمــان‪ ،‬وترجمــة‪ :‬شــاكر عبدالحميــد‪ .‬يشــرك‬ ‫املســاهمون يف هــذا الكتــاب يف اعتقادهــم‬ ‫بــأن عاملنــا منقســم عــى نحــو خطــر بســبب‬ ‫الفــروق الدينيــة الكثــرة فيــه‪ ،‬وأيضــا لحقيقــة‬ ‫أن الديــن مل يعــد مبفــرده وال حتــى العلــم‬ ‫مبفــرده ميكنــه أن يقيــم جــرا ً يصــل بــن‬ ‫أط ـراف هــذا االنقســام ويقــوم بــرأب الصــدع‬ ‫القائــم بينهــا‪ ،‬ويأمــل املســاهمون يف أن يقدم‬ ‫هــذا الجهــد املشــرك بــن العلــوم البيولوجيــة‬ ‫الســلوكية والدينيــة محاولــة مــن أجــل تجســر‬ ‫هــذا االنقســام الدينــي‪.‬‬

‫ــر يف العــامل العــر ّيب‬ ‫بحســب املؤلــف‪ ،‬مل يُ ِ ْ‬ ‫ي‪ ،‬كــا أنــه مل‬ ‫عــى اإلطــاق ّ‬ ‫أي شــغف عقــ ّ‬ ‫أيديولوجــي‪ .‬ويعــود‬ ‫أي إغــواء‬ ‫ميــارس البتّــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الســبب‪ ،‬يف رأي بعضهــم‪ ،‬إىل مــا اقتضــاه‬ ‫ـدي مغايــر‬ ‫ـفي‪ ،‬فهــو مقتـ ً‬ ‫ـى نقـ ّ‬ ‫مســعاه الفلسـ ّ‬ ‫ـفي الســائد‪ .‬كذلــك يتيــح الكتــاب‬ ‫للــرأي الفلسـ ّ‬ ‫إمعــان النظــر يف فكــر هايدغــر للفكــر العــر ّيب‪.‬‬

‫املتوســطة الحجــم تنرشهــا مجلــة أســطور‬ ‫عــى نحــ ٍو مســتقل عــن أعدادهــا‪ ،‬وتغطّــي‬ ‫موضو ًعــا تاريخ ًيــا معي ًنــا متعلّقًــا بواقعــة‪،‬‬ ‫أو وثيقــة‪ ،‬أو مخطوطــة‪ ،‬ومــا شــابه ذلــك‪.‬‬ ‫الكتــاب هــو محاولــة لالقــراب مــن جامعــة‬ ‫املرشــدية وعقائدهــا ومصائــر دعاتهــا‪ ،‬اســتنا ًدا‬ ‫إىل التاريــخ الشــفوي‪ ،‬وإىل روايــات كثــرة‬

‫احلديث اىل العدو‬ ‫يتمحــور هــذا الكتــاب الصــادر عــن دار جداول‬ ‫للنــر والرتجمــة‪ ،‬بــروت‪ ،‬بالتعــاون مــع‬ ‫مؤمنــون بــا حــدود للمؤلــف ســكوت أت ـران‪،‬‬ ‫حــول اإلميــان بــيء مهــم يتجــاوز مصالــح‬ ‫األف ـراد وعائالتهــم املبــارشة‪ .‬ويحــاول اإلجابــة‬ ‫عــى ســؤال‪ :‬ملــاذا يؤمــن النــاس بقضيــة؟‬ ‫وملــاذا ميــوت البعــض ويقتــل مــن أجلهــا؟‬ ‫يرمــي هــذا العمــل حــول كيفيــة مواجهــة‬ ‫اإلرهــاب وكيفيــة التعامــل مــع النزاعــات التــي‬ ‫تبــدو مســتعصية ظاهريًــا‪ ،‬إىل تقديــم رؤيــة‬ ‫أشــمل ألصــل الديــن وتطــوره وأوبئــة الحــرب‬ ‫وظهــور الحضــارات وخلــق مفهــوم البرشيــة‬ ‫وحــدود العقــل‪.‬‬

‫اختربهــا الكاتــب بنفســه‪ .‬ويُعـ ُّد هــذا الكتــاب‬ ‫مســاهم ًة يف إعــادة اكتشــاف الجبــل العلــوي‬ ‫يف ســورية يف ضــوء وقائــع التاريــخ القريــب‬ ‫واملد ّونــات السياســية واملذكـرات التــي تناولت‬ ‫ســورية يف عهــد االنتــداب الفرنــي ويف حقبــة‬ ‫االســتقالل‪.‬‬

‫بابتســامات باهتــة‪ ،‬ومصافحــة تتصنــع‬ ‫الحــرارة‪ ،‬وبغيــاب املظاهــر الربوتوكوليــة‬ ‫الرئاســية‪ ،‬اســتقبل الرئيــس فالدمــر بوتــن‬ ‫الثالثــاء ‪ 2015/10/20‬رأس النظــام الســوري‬ ‫بشــار األســد يف أول زيــارة خارجيــة لــه منــذ‬ ‫انــدالع الثــورة الســورية عــام ‪ 2011‬وبعــد‬ ‫ثالثــة أســابيع عــى بــدء الظربــات الجويــة‬ ‫الروســية يف ســوريا‪.‬‬ ‫وعن تســجيل لـ»يس‪ .‬أن‪ .‬أن «أن روســيا عاملت‬ ‫بشــار األســد بصفتــه موظفـاً صغـرا ً ومل يعامــل‬ ‫كرئيــس دولــة»‪ .‬فاملرتجــم مل يجلــس بــن بويــن‬ ‫واألســد كــا هــي العــادة بــن رؤوســاء الــدول‪،‬‬ ‫بــل جلــس املرتجــم بجانــب بوتــن‪.‬‬ ‫وقــد حــر األســد اللقــاء بــدون وزيــر‬ ‫خارجيتــه‪ ،‬وهــذا انتهــاك للربوتوكــول كــون‬ ‫الفــروف وزيــر خارجيــة روســيا كان حــارضا ً‪،‬‬ ‫باإلضافــة لعــدم حضــور أي طــرف عســكري‬ ‫ســوري بوجــود وزيــر الدفــاع الــرويس‪.‬‬ ‫كــا خلــت القاعــة مــن العلــم الســوري مــع‬ ‫وجــود العلــم الــرويس‪ ،‬ومل يعقــب اللقــاء أي‬

‫تل أبيض‪ ..‬من احلاكمية الداعشية‬ ‫إىلاحلاكميةالكردية!‬

‫كت��اب املرش��دية يف حميطه��ا العل��وي‬ ‫وأجواؤه��ا السياس��ية واالجتماعية (‪1923‬‬ ‫هايدغر والفكر العربي‬ ‫صــدر هــذا الكتــاب عــن املركــز العــريب ‪)1946 -‬‬ ‫لألبحــاث ودراســة السياســات‪ ،‬الدوحــة‪.‬‬ ‫للباحــث مشــر عــون‪ ،‬وترجــم الكتــاب إىل جــاء هــذا الكتــاب الصــادر عــن املركــز العــريب‬ ‫العربيــة إيــي نجــم‪ .‬ميعــن الكاتــب النظــر يف لألبحــاث ودراســة السياســات‪ ،‬الدوحــة‪.‬‬ ‫املســاهمة اإليجابيّــة ملــروع مارتــن هايدغــر للكاتــب واملــؤرخ عبداللــه ح ّنــا‪ ،‬ضمــن سلســة‬ ‫(‪ ،)-1976 1889‬بخاصــة أن فكــر هايدغــر‪« ،‬دفاتــر أســطور»؛ وهــي نــوع مــن الكراســات‬

‫املرأة واحلدوتة‬ ‫صــدرت هــذه الدراســة حديثًــا عــن دار العــن‬ ‫للنــر‪ ،‬القاهــرة‪ ،‬والتــي تتنــاول اإلبــداع‬ ‫الحــكايئ الشــعبي للمــرأة املرصيــة‪ ،‬جمعهــا‬ ‫ودرســها الدكتــور خالــد أبــو الليــل‪ ،‬وقــدم‬ ‫لهــا الدكتــور أحمــد مــريس‪ ،‬أســتاذ األدب‬ ‫الشــعبي يف جامعــة القاهــرة‪ .‬ويقــدم الباحــث‬ ‫يف كتابــه املــرأة عــى أنهــا املبدعــة ملعظــم‬ ‫أشــكال املأثــورات الشــعبية والحافظــة لهــا‬ ‫أيضً ــا‪ ،‬إذ تزخــر حياتهــا بأشــكال متنوعــة مــن‬ ‫اإلبــداع‪ ،‬مــا جعلهــا قــادرة عــى أداء أدوارهــا‬ ‫املتعــددة‪ ،‬فعــرت عــن مشــاعرها ورؤيتهــا‬ ‫لنفســها ولدورهــا يف الحيــاة‪ ،‬مــن خــال‬ ‫الحواديــت التــي كانــت تحكيهــا ومــا زالــت‬ ‫تفعــل ذلــك ألبنائهــا وأحفادهــا‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫انطالقـاً مــن ســعي «حــزب االتحــاد الدميوقراطــي»‪ PYD‬إىل إقامــة حكــم ذايت يف شــال ســوريا‪،‬‬ ‫التــي يقســمها إىل ثــاث مقاطعــات هــي‪ :‬الجزيــرة «روج آفــا» وعــن العــرب «كوبــاين» باإلضافــة‬ ‫إىل مقاطعــة عفريــن‪ ،‬فقــد أصــدر‪ .‬يف وقــت ســابق مــن هــذا العــام‪ ،‬بعــد تحريــر تــل أبيــض‪.‬‬ ‫مبشــاركة مــا يســمى «مجلــس األخــوة والتعايــش املشــرك» يف رأس العــن املعــن مــن قبلــه‪ ،‬بيانـاً‬ ‫أعلــن فيــه ضــم مدينــة تــل أبيــض الســورية إىل اإلدارة الذاتيــة الكرديــة‪ ،‬وإلحاقهــا مبــا يســميها‬ ‫مقاطعــة «روج آفــا» أي الجزيــرة‪.‬‬ ‫وبتاريــخ ‪ /21‬ترشيــن األول‪ 2015/‬أصــدر حــزب االتحــاد الدميقراطــي بيان ـاً الحق ـاً قــال فيــه‪ :‬إ ّن‬ ‫مجلــس أعيــان تــل أبيــض قــد وافــق األربعــاء عــى ضــم املدينــة إىل «اإلدارة الذاتيــة التابعــة‬ ‫لــإدارة الذاتيــة يف مقاطعــة كوبــاين»‪.‬‬ ‫ويف أجــواء مــن القلــق التــي تثريهــا املكاســب التــي يحققهــا ‪ pyd‬عــى األرض والتــي قــد تثــر‬ ‫نزعــات انفصاليــة لــدى األقليــة الكرديــة‪ ،‬ينفــي الحــزب الكــردي أي نوايــا إلنشــاء دولــة كرديــة‬ ‫مســتقلة شــال ســوريا‪.‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ -‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫هيئ��ة التحري��ر‪ :‬حمم��د احل��اج ص��احل‪ ،‬أس��عد فخ��ري‪ ،‬إبراهي��م العل��وش‪ ،‬معب��د احلس��ون‪ ،‬عب��د الفت��اح ال��راكان‬ ‫احملتوى الفين‪ :‬مصطفى س��ليمان‪ -‬ديزاين‪ :‬عبد الرمحن اهلويدي للتواصل عرب تويرت‬ ‫عالقات عامة‪ :‬حممد صلييب ‪ -‬مصور‪ :‬إياس احملمد‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬ ‫‪SAYI:27 YIL: 2015 )2) - İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬

‫‪00905316201958‬‬

‫‪MOB:‬‬

‫مؤمتــر صحفــي ســوى ترصيــح مقتضــب لناطــق‬ ‫رويس‪.‬‬ ‫وقــد تراوحــت اآلراء حــول هــذه الزيــارة بــن‬ ‫مــن يــرى أنهــا محاولــة إلضفــاء الرشعيــة عــى‬ ‫رئاســة األســد‪ ،‬وآخــر يــرى أنهــا عمليــة دعائيــة‬ ‫ملوســكو بعــد انســداد األفــق بتحقيــق انتصــار‬ ‫ميــداين لصالــح النظــام‪ ،‬فيــا يــرى البعــض‬ ‫اآلخــر أنــه ميكــن اختصــار أهــداف هــذه‬ ‫الزيــارة بإبــاغ األســد رســالة روســية رصيحــة‪،‬‬ ‫أن العمليــة السياســية قــد بــدأت‪ ،‬وأنــه ليــس‬ ‫عــى بشــار األســد التصلــب مبواقفــه لجهــة‬ ‫العمليــة السياســية اعتــادا ً عــى حســم‬ ‫عســكري مبســاعدة الــروس‪.‬‬ ‫فقــد قــال بوتــن بحســب بيــان صــادر عــن‬ ‫الكرملــن‪« :‬نحــن مســتعدون للمســاهمة‬ ‫ليــس فقــط باألعــال العســكرية يف مكافحــة‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬وإمنــا أيضـاً يف عمليــة سياســية»‪ ،‬وقد‬ ‫وضعــت هــذه الجملــة األخــرة يف فــم األســد‬ ‫الــذي أكــد‪ ..« :‬أن أي عمــل عســكري يفــرض‬ ‫أن تليــه أعــال سياســية»‪ .‬األمــر الــذي ميكــن‬ ‫أن يوضــح الهــدف الرئيــي مــن الزيــارة‪.‬‬

‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫رحي��ل الفن��ان عم��ر مح��دي «مالف��ا»‬

‫إهان��ة املثق��ف ومقته‬ ‫محمد الحاج صالح‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫تــويف الفنــان الســوري عمــر حمــدي‬ ‫«مالفــا» يف مدينــة فيينــا‪ ،‬العاصمــة‬ ‫النمســاوية‪ ،‬يــوم ‪ 18‬ترشيــن األول‬ ‫‪ 2015‬بعــد رصاع طويــل مــع املــرض‪،‬‬ ‫عــن عمــر ناهــز الرابعــة والســتني عامـاً‪.‬‬ ‫وتعــد تجربــة الفنــان «مالفــا» مــن‬ ‫التجــارب الهامــة عامليــاً‪ ،‬وتــرك بصمــة‬

‫خــال مســرته الفنيــة عامليــاً‪ ،‬وبــدأ‬ ‫واقعيــاً مبوضوعــات بيئيــة‪ ،‬جســدت‬ ‫الباديــة الســورية بــكل مفرداتهــا‪ ،‬مضيفـاً‬ ‫إليهــا حســاً ذاتيــاً متصوفــاً‪ ،‬وانتقــل إىل‬ ‫عــامل التجريــد‪ ،‬مجســدا ً قيــم الضــوء‪،‬‬ ‫وجاملياتــه‪.‬‬ ‫ولــد الفنــان «مالفــا» يف قريــة «تــل‬ ‫نايــف» التابعــة ملحافظــة الحســكة‪،‬‬

‫شــال رشق ســوريا عــام ‪ .1951‬مــارس‬ ‫الفــن منــذ الطفولــة‪ ،‬ودرســه دراســة‬ ‫خاصــة‪ ،‬و ُعــن مدرسـاً للفنــون يف ســوريا‬ ‫عــام ‪ .1970‬ثــم عمــل رســاماً وغرافيكي ـاً‬ ‫يف الصحــف ويف مديريــة الكتــب‬ ‫املدرســية يف ســوريا ‪ .1978-1971‬بعــد‬ ‫ذل ســافر إىل فيينــا عــام ‪ 1978‬وتفــرغ‬ ‫للعمــل الفنــي‪ .‬كتــب يف النقــد الفنــي‪،‬‬

‫ولــه محــاوالت شــعرية‪ ،‬وهــو عضــو يف‬ ‫االتحــاد العــام للفنانــن النمســاويني‬ ‫واليونســكو‪ .‬عضــو يف الكونســتيلر‬ ‫هــاوس يف فيينــا‪ .‬وتــرأس لجنــة التحكيــم‬ ‫يف غالــري آرت فــوروم للفــن الــدويل‬ ‫املعــارص بفيينــا‪ ،‬وأعاملــه مقتنــاة مــن‬ ‫قبــل تجــار الفــن ‪ ،‬وصــاالت العــرض‪،‬‬ ‫ومتاحــف وبنــوك ووزارات ثقافــة‪.‬‬

‫الفنان عامر السبيعي يف ذ ّمة اهلل‬ ‫تــويف الفنــان الســوري عامــر الســبيعي‪ ،‬مســاء االثنــن‬ ‫‪ 20‬ترشيــن األول ‪ ،2015‬إثــر أزمــة قلبيــة حــادة يف أحــد‬ ‫املشــايف املرصيــة مبدينــة اإلســكندرية‪ ،‬التــي اســتقر فيهــا‬ ‫بعــد خروجــه مــن ســوريا‪ ،‬إثــر وقوفــه مــع الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬ومعارضتــه للنظــام الســوري‪ ،‬وانتصــاره‬ ‫للحريــة والكرامــة‪.‬‬ ‫عامــر الســبيعي مــن الفنانــن الــذي ورثــوا الفــن‪ ،‬فهــو‬ ‫نجــل املمثــل رفيــق ســبيعي‪ ،‬واألخ األكــر للمخــرج‬ ‫والفنــان ســيف الديــن ســبيعي‪ ،‬ولعــب الكثــر مــن‬

‫األدوار الفنيــة الهامــة‪.‬‬ ‫ويف لقــاء ســابق أجرتــه صحيفــة «الحرمــل» معــه‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫كلــا مضــت األيــام والشــهور والســنني‪ ،‬كلــا زاد إمياننــا‬ ‫وإرصارنــا عــى تحقيــق النــر‪ ،‬وإحقــاق الحــق‪ ،‬ودحــر‬ ‫الغــزاة والنيــل مــن الخونــة‪ ،‬وعــى رأســهم األســد‬ ‫ونظامــه‪ ،‬وأنــا باســم الشــعب الســوري البطــل أشــد‬ ‫عــى أيــدي أبطــال الجيــش الحــر‪ ،‬وأبــارك لهــم وقفتهــم‬ ‫الشــجاعة‪ ،‬وأقــول باســمهم ال وقــف للقتــال مــا دام هــذا‬ ‫النظــام قابع ـاً عــى صدورنــا‪ ،‬ولــن نتخــى عــن نضالنــا‬

‫إال بتحريــر األرض مــن النظــام األســدي ومــايل طه ـران‬ ‫املجــوس وخادمهــم املخلــص حســن نــر الــات‪ ،‬ولــن‬ ‫تثنينــا الســنون بــل نحــن ماضــون إمــا الشــهادة أو‬ ‫النــر‪..‬‬

‫مستقبل سوريا‪!..‬‬

‫توفيق الحالق‬

‫الذي��ن اجتمع��وا يف فيين��ا حت��اوروا ح��ول مس��تقبل س��وريا يف غي��اب الس��وريني!! ومس��تقبل س��وريا يف عقوهل��م االس��تعمارية ه��و‪ :‬دولة هزيل��ة حتكمها‬ ‫موس��كو وتس��تنزف خرياته��ا‪ ،‬وتض��م دوي�لات طائفي��ة تتب��ع أنظم��ة طائفي��ة تتقات��ل فيم��ا بينه��ا عل��ى أرض س��وريا وبدم��اء س��ورية كلم��ا رأت تل��ك‬ ‫األنظمة مصلحة هلا يف ذلك‪ .‬ولعل اجملتمعون كلهم مل يتعرفوا بعد على تاريخ سوريا ونزعة السوريني إىل احلرية مهما واجهوا من قمع وقتل‬ ‫وج��وع‪ .‬سيفش��ل اجتم��اع فيين��ا وكل اجتم��اع ال يل�بي طم��وح الس��وريني للحري��ة والعدالة بعيداً عن االس��تعمار واهليمنة مهم��ا طال الزمن‪.‬‬

‫بي��ان خبصوص اإلج��راءات االنفرادي��ة من ط��رف ‪ PYD‬يف تل أبيض‬ ‫أصــدرت مجموعــة مــن املراكــز واملنظــات‬ ‫املدنيــة وعــدد كبــر مــن النشــطاء والقــوى الثوريــة‬ ‫والسياســية‪ ،‬بيانـاً بخصــوص اإلجـراءات االنفراديــة مــن‬ ‫طــرف ‪ PYD‬يف مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬وإلحاقهــا بكانتــون‬ ‫عــن العــرب «كوبــاين»‪ ،‬نــر عــى صفحــة آفــاز‪،‬‬ ‫نــددوا فيــه باإلجـراءات التــي متــت مــن طــرف واحــد‪،‬‬ ‫دون الرجــوع إىل قــوى الثــورة واملعارضــة الســورية‪.‬‬ ‫وجاء نص البيان عىل الشكل التايل‪:‬‬ ‫انفــردت ميليشــيا مــا ت ُســمى «وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب» اليــوم ‪ 21‬ترشيــن األول ‪ 2015‬بخطــوة‬ ‫جديــدة يف مســار خلــق كيــان إداري ميتــد عــى طــول‬ ‫َّلــت بإلحــاق جــزء‬ ‫الحــدود الســورية الشــالية؛ متث ْ‬ ‫مــن تــل أبيــض‪ ،‬يف محافظــة الرقــة‪ ،‬ببلــدة رأس العــن‬ ‫التابعــة ملحافظــة الحســكة رشق ـاً وإلحــاق جــزء آخــر‬ ‫ببلــدة عــن العــرب يف ريــف حلــب غرب ـاً يف محاولــة‬ ‫لتغيــر هويــة املنطقــة إداريــاً وسياســياً وســكانياً‪.‬‬ ‫إن تغيــر التبعيــة اإلداريــة ملنطقــة تــل أبيــض‪ ،‬بعــد‬ ‫اكتســابها بالقــوة‪ ،‬هــو إجــراء قصــر النظــر ويهــدد‬ ‫وحــدة الــراب الوطنــي الســوري ووحــدة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وهــو إجــراء باطــل ومرفــوض جملــة‬ ‫وتفصي ـاً‪ ،‬ولــن يكتســب قبــوالً أو رشعيــة مــا دام قــد‬ ‫فُــرض مــن طــرف واحــد وباالســتقواء بقــوى أجنبيــة‪.‬‬

‫كــا أن محاولــة اختــاق واقــع إداري وســيايس‪ ،‬يُنكــر‬ ‫وقائــع التاريــخ والجغرافيــا والتــوزع الســكاين بذريعــة‬ ‫محاربــة تنظيــم داعــش اإلرهــايب‪ ،‬هــي مســعى دينء‬ ‫وانتهازيــة سياســة تســتثمر يف عذابات الســوريني وحرية‬ ‫بعضهــم إزاء التحديــات الحاليــة وأولويــات كفاحهــم‬ ‫ضــد إرهــاب كتائــب األســد‪ ،‬وإرهــاب التنظيــات‬ ‫الجهاديــة التكفرييــة امل ُمثــل يف تنظيــم داعــش‪ .‬ولــذا‬ ‫فإن تســلق فاشــية جديــدة‪ُ ،‬ممثلــة مبليشــيات وحدات‬ ‫حاميــة الشــعب متعــددة الجنســيات‪ ،‬عــى جــراح‬ ‫الوطــن الســوري لــن يكــون إال تحدي ـاً ُمضاف ـاً يجــب‬ ‫عــى الســوريني مجابهتــه ومقاتلتــه اآلن أو بعــد حــن‪.‬‬ ‫ـت الواليــات املتحــدة‪ ،‬التــي تقــود التحالــف‬ ‫لقــد تبنـ ْ‬ ‫الــدويل‪ ،‬يف حربهــا عــى اإلرهــاب بســورية مقاربــة‬ ‫خاطئــة يف تعوميهــا تنظيــاً إرهابيــاً ملقاتلــة تنظيــم‬ ‫إرهــايب آخــر كانــت قــد خلقتــه سياســاتها املتخبطــة‬ ‫قبــل عقــد يف العــراق؛ مقاربــة تتجاهــل طبيعــة‬ ‫املجتمــع املحــي يف املنطقــة وثقافتــه كــا تتجاهــل‬ ‫تطلعــات الســوريني وقيــم الثــورة التــي ضحــوا مــن‬ ‫أجلهــا‪ .‬وإن إنشــاءها لتحالفــات محليــة تكتيكيــة بــن‬ ‫مجموعــات مســلحة متنافــرة يف والءاتهــا وسياســاتها‬ ‫وأهدافهــا‪ ،‬ويــي برغبتهــا يف تلغيــم املجتمــع الســوري‬ ‫باألحقــاد وزرع بــذور رصاعــات قادمــة ال محالــة‪.‬‬

‫إننــا نتوجــه بفهمنــا هــذا إىل كل الوطنيــن الســوريني‬ ‫عــى مختلــف توجهاتهــم السياســية والفكريــة ومــن‬ ‫أي منبــت طائفــي أو عرقــي كان مــن أجــل أن يرفعــوا‬ ‫الصــوت عاليــاً برفــض هــذه السياســة االنتهازيــة‬ ‫مــن قبــل ميليشــيا وحــدات حاميــة الشــعب صونــاً‬ ‫ملســتقبل ســورية شــعباً وكيانـاً ونزعـاً لفتيــل رصاعــات‬ ‫تشــعلها مامرســات هــذه امليليشــيا اليــوم‪.‬‬ ‫كــا نتوجــه بــه إىل كتائــب الجيــش الحــر املتحالفــة‬ ‫مــع هــذه امليلشــيا لتنبيههــا إىل مســؤوليتها التاريخيــة‬ ‫يف االنخــراط بسياســات تخالــف إرادة الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬بــل هــي سياســات تقــوي شــوكة وعصبيــة‬ ‫امللتحقــن مبــروع داعــش‪ ،‬ســواء مــن كانــت‬ ‫ـن دفعهــم العمــى‬ ‫االنتهازيــة واملصلحــة دافعهــم أو َمـ ْ‬ ‫والجهــل السياســيني إليــه‪ .‬إننــا ندعوكــم إىل مراجعــة‬ ‫مواقفكــم مــن هــذا املســار الخاطــئ‪ ،‬فالغفلــة‬ ‫واالنصيــاع لوقائــع القــوة الظرفيــة لــن تنجيكــم مــن‬ ‫عاقبــة اللــوم واملحاســبة‪.‬‬ ‫يؤمــن موقعــو هــذا البيــان أن إرادة أهلنــا يف تــل‬ ‫أبيــض‪ ،‬كــا يف كل بقعــة مــن ســورية‪ ،‬قــادرة عــى‬ ‫كســب الرهــان أخ ـرا ً مهــا كــر املتكالبــون وتنازعــت‬ ‫الفاشــيات وتطــاول أصحــاب املشــاريع الصغــرة‪ ،‬فــكل‬ ‫إىل زوال‪ .‬عاشــت ســورية حــرة أبيــة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫القــول أنَّ املثقــف يف كل‬ ‫ال يحتــاج إىل إثبــات‬ ‫البــاد العربيــة تعــرض باســتمرار لإلهانــة والكــره‬ ‫مــن جمهــور عريــض‪ .‬يبــدو أنّ معــاداة املثقــف ذات‬ ‫جــذور ضاربــة يف مجتمعاتنــا‪ ،‬بغــض النظــر إذا مــا‬ ‫املعــن مســتحقا ً أم ال‪.‬‬ ‫كان املثقــف‬ ‫ّ‬ ‫توفــر الثــورة الســورية وجمهورهــا مــادة غزيــرة‬ ‫دالــة عــى مــا نزعــم‪ .‬وهــي مــادة فيهــا مــن التجنــي‬ ‫ـت «دميقراطيــة»‬ ‫والتنطــع والرثثــرة الكثــر‪ .‬ولقــد لعبـ ْ‬ ‫وســائل االتصــال الحديثــة املنفلتــة(!) دورا ً كبــرا ً يف‬ ‫هــذا األمــر‪ .‬إ ْذ دخلهــا البــر مــن كل املســتويات‪.‬‬ ‫يكفــي أن ّ‬ ‫تفــك الحــرف وتعــرف كيفيــة اســتخدام‬ ‫الفيســبوك يك تجــد الفرصــة ألن تهــن وتشــتم‬ ‫وتبهــدل فيلســوفا ً مثـاً‪ ،‬ولــن تطالـ َـك مســاءلة جديــة‬ ‫أو لــوم مــن املجتمــع إال فيــا نــدر‪.‬‬ ‫يريــد الجمهــور العريــض املؤيــد للثــورة مثقفــن‬ ‫يتطابقــون بآرائهــم معــه‪ .‬مــا يُـراد مــن املثقــف هنــا‬ ‫يقــع عــى الضــد مــن طبيعــة و»وظيفــة» املثقــف‪.‬‬ ‫فاملثقــف املثقــف ذو عقليــة انتقاديــة ال يهتــم‬ ‫بظواهــر األشــياء بقــدر مــا يهتــم ببواطنهــا ومــا‬ ‫وراءهــا وتحليلههــا وتركيبهــا والنظــر مــن خاللهــا‪،‬‬ ‫ومحاولــة تدجينــه‪ ،‬والطلــب منــه أن ينســجم مــع‬ ‫التيــار هــو قتــل لــه‪ ،‬وإعــدام للفائــدة التنويريــة‬ ‫املرجــوة منــه‪.‬‬ ‫أصــل هــذه النظــرة املهينــة ســيايس أوالً ورجعــي‬ ‫ثاني ـا ً‪ .‬كلنــا يذكــر كــم بذلــت ســلطات األســدين يف‬ ‫الشــغل عــى اســتتباع املثقفــن‪ ،‬ومــن مل يســتط ْع‬ ‫اســتتباعه أبعــدوه‪ ،‬إن بالســجن أو بتدمــر حياتــه‬ ‫ومنعــه مــن التأثــر‪ .‬نســبة كبــرة مــن املعتقلــن يف‬ ‫عهــد األســدين كانــوا مــن املثقفــن‪ .‬وحتــى يف الثــورة‬ ‫ال يوجــد أي دليــل عــى أن النافذيــن يف قطاعــات‬ ‫الثــورة العســكرية والسياســية يرغبــون بالســاح‬ ‫للعمــل الثقــايف والفنــي‪ .‬بــل وأكــر فالفصائــل‬ ‫اإلســامية هــي يف الحقيقــة عــدوة للثقافــة والفــن‪.‬‬ ‫فلنتصــو ْر أن مفكـرا ً أو فيلســوفا ً أو فنانـا ً مرسحيـا ً أو‬ ‫تشــكيليا ً أو نحات ـا ً أراد أن ينشــط ويعمــل يف العلــن‬ ‫ـبات‬ ‫يف منطقــة يســيطر عليهــا إســاميون لديهــم ِحسـ ٌ‬ ‫وهيئــات رشعيــة‪ ،‬مــا الــذي ســيحصل لــه؟‬ ‫األنــى هــو أن حتــى املثقفــن املؤيديــن بقــوة للثورة‪،‬‬ ‫وعددهــم ليــس قليـاً‪ ،‬ت ُجــر ُد ضدهــم حمــات بــكل‬ ‫مــا يف كلمــة حملــة مــن معنــى‪ .‬والســبب هــو عــاد ًة‬ ‫القيــام بوظيفــة املثقــف واالنســجام مــع طبيعتــه‪،‬‬ ‫أي النقــد والترشيــح والتحليــل الــذي ميــس ســلطة‬ ‫ْ‬ ‫ثوريــة مــا‪ ،‬وعــادة مــا تكــون هــذه إســامية‪.‬‬ ‫أصبــح دارج ـا ً إىل حــد امللــل أن يُقــال عــن املثقــف‬ ‫أنــه «ينظّــر» وأنــه «عـ ّـاك» وأنــه «صاحــب كالم» أو‬ ‫أنــه «ص ّفــاف حــي»‪ .‬ولكــن هــذا صحيــح‪ .‬وهــذا هــو‬ ‫عمــل املثقــف‪ .‬إنــه منتــج للــكالم‪ .‬املثقــف مصنــع‬ ‫كالم‪ ،‬مقــاالً أو مرسحــا ً أو فلــاً أو لوحــة أو حتــى‬ ‫كالمـا ً شــفهيا ً وليــس شــيئا ً آخــر‪ .‬املشــكل أن الجمهور‬ ‫العريــض يفقــد التمييــز يف األزمــات ويــرع بكيــل‬ ‫الزبيــب والزبــل بزنبيــل واحــد‪ ،‬ال يفــرق بــن مثقــف‬ ‫ومثقــف‪.‬‬ ‫كل الســلطات يف التاريــخ رغبــت يف وضــع املثقــف‬ ‫تحــت إبطهــا مبــا فيهــا الســلطات الثوريــة‪ .‬عــى‬ ‫الرغــم مــن أن املثقــف بالنســبة للثــورات كان دامئ ـا ً‬ ‫هــو منبــع وصائــغ رغبــة الثــوار يف التغيــر قبــل‬ ‫الــروع‪.‬‬ ‫أخــرا ً عندمــا تهــان الثقافــة واملثقــف طبع ـا ً يطفــو‬ ‫عــى الســطح الجاهــل واملتنطــع واألمــي وهــذا‬ ‫يناســب أي ســلطة اســتبدادية أو تســلط أعمــى‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05393102133( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد السابع والعشرون ‪ 01 /‬ت الثاني ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.