Alharmal (28) 15 11 2015 العدد الثامن والعشرون من الحرمل

Page 1

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬ ‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬ت الثاني ‪2015‬‬

‫‪AL harmal‬‬

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬ ‫‪ Her‬الرق��ة يف ع�ين العاصف��ة الروس��ية‬ ‫‪Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 28‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫الطريان الروس��ي يرتكب جمازر وحشية جديدة يف عدد من املدن السورية‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫ت��اج القيص��ر ال حيمي��ه‬ ‫م��ن وج��ع ال��رأس‪!..‬‬

‫بسام البليبل‬

‫ديرالزور ‪-‬جمزرة البوكمال‬ ‫الرقة ‪ -‬تدمري اجلسر القديم‬

‫درعا ‪ -‬قصف الطريان الروسي‬

‫الوعر‪ ..‬مظاهرات غاضبة منددة باحلصار ومطالبات مستمرة لتأمني اخلبز‬

‫الواقع الطيب يف دير الزور بني سندان داعش ومطرقة النظام‬ ‫من روسيا املغبونة إىل روسيا املخدوعة ماذا سيكتب التاريخ عن حربها املقدسة؟!‬

‫هجم��ات باريس ُت ّ‬ ‫نح��ي اخلالفات‬ ‫الروس��ية األمريكي��ة على مصري‬ ‫األسد يف فيينا‪..‬‬

‫إنطالق مؤمتر قمة العشرين‬

‫لوران��س فابي��وس‪ :‬كي��ف ميكنن��ا تعزي��ز‬ ‫التنس��ق الدولي يف مكافح��ة تنظيم الدولة‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫ـى آخــر بعــد اعتــداءات باريــس‪ ،‬كــا‬ ‫ال شــك أن مؤمتــر فيينــا أخــذ معنـ ً‬ ‫قالــت وزيــرة خارجيــة االتحــاد األوريب فدريــكا موغريينــي‪ ،‬ألنــه ليــس مثــة‬ ‫مصادفــة يف السياســة ال يكــون قــد تــم التخطيــط لهــا مــن قبــل‪.‬‬ ‫وقــد بــدأ االجتــاع املوســع لــوزراء خارجيــة وممثلــن عــن عرشيــن دولــة يف‬ ‫فيينــا لبحــث األزمــة الســورية‪ ،‬فيــا خيّمــت هجــات باريــس عــى أجــواء‬ ‫االجتــاع وألقــت ظاللهــا عــى املحادثــات والترصيحــات‪ ،‬كــا جــاء عــى لســان‬ ‫وزيــر الخارجيــة الفرنــي لــوران فابيــوس لــدى وصولــه إىل فيينــا بــأن «أحــد‬ ‫أهــداف االجتــاع اليــوم يف فيينــا‪ ،‬هــو تحديــدا ً أن نــرى بشــكل ملمــوس‪ ،‬كيف‬ ‫ميكننــا تعزيــز التنســيق الــدويل يف مجــال مكافحــة تنظيــم الدولــة اإلســامية»‪،‬‬ ‫فيــا ن ّحــت روســيا والواليــات املتحــدة خالفاتهــم يف شــأن مصــر األســد جانبـاً‬ ‫للتعبــر عــن التضامــن مــع فرنســا‪ ،‬وتعهدتــا مبحاربــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫ومل يخــرج املؤمتــر عــن توقعــات الســفري األمريــي الســابق يف ســوريا روبــرت‬ ‫فــورد‪ ،‬الــذي قــال‪« :‬إن مفاوضــات فيينــا مل تحقــق أي نجــاح أو تنهــي الحــرب‪،‬‬ ‫وهــي مبنيــة متامـاً عــى «اسـراتيجية األمــل» فقــط»‪.‬‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫مــن املتوقــع أن يكــون ملــف اإلرهــاب حــارضا ً بقــوة يف قمــة العرشيــن‬ ‫املقامــة يف مدينــة أنطاليــا الرتكيــة‪ ،‬والتــي ســيرتأس جلســاتها كافــة الرئيــس‬ ‫الــريك رجــب طيــب أردوغــان‪ ،‬خصوصـاً بعــد أن رضبــت مجموعــات إرهابيــة‬ ‫مواقــع مدنيــة عــدة يف قلــب باريــس العاصمــة الفرنســية‪ ،‬والتــي نجــم‬ ‫عنهــا أكــر مــن ‪ 130‬قتي ـاً ومئــات الجرحــى‪ ،‬كــا ســتكون األزمــة الســورية‬ ‫وتداعياتهــا‪ ،‬وملــف الالجئــن يف ســلم أولويــات املؤمتــر‪ ،‬ضمــن توقعــات تشــر‬ ‫إىل أن دول العرشيــن ومــن ســيحرض القمــة مــن الــدول األخــرى‪ ،‬ســيكون‬ ‫لهــم دور أســايس يف وضــع مخرجــات حلــول ألزمــات منطقــة الــرق األوســط‪،‬‬ ‫خصوصـاً مــا يتعلــق بامللــف الســوري‪ ،‬وتداعياتــه املتعلقــة باإلرهــاب‪ ،‬وأزمــة‬ ‫تدفــق الالجئــن إىل أوربــا‪.‬‬

‫مــن روســيا القيرصيــة التــي رعــت اتفاقيــة ســايكس بيكــو‬ ‫‪ 1916‬وصادقــت عــى اقتســام الهــال الخصيــب‪ ،‬وتفاهــات‬ ‫االنتــداب عــى ســوريا والعـراق بــن فرنســا وبريطانيــا‪ ،‬إىل روســيا‬ ‫االتحاديــة ‪ 2015‬التــي أعلنــت نفســها دولــة منتدبــة مــن خــال‬ ‫إقــدام الكرميلــن عــى منــح الرئيــس فالدميــر بوتــن تفويضــاً‬ ‫بنــر قــوات عســكرية يف ســوريا‪.‬‬ ‫ومبباركــة النظــام الســوري‪ ،‬وإغضــاء الواليــات املتحــدة‪ ،‬والتنســيق‬ ‫مــع تــل أبيــب وطهـران‪ ،‬شـ ّنت املقاتــات الروســية يف ‪2015/9/30‬‬ ‫أوىل غاراتهــا الجويــة يف ســوريا‪ ،‬عــى مــا زعمــت أنهــا مواقــع‬ ‫لجامعــات إرهابيــة‪ ،‬يف اســتعراض أهــوج للقــوة العســكرية‪ ،‬التــي‬ ‫تبــن أن أهدافهــا األساســية كل مــن يحمــل الســاح ضــد بشــار‬ ‫األســد‪ ،‬وال ســيام قــوى املعارضــة الســورية املعتدلــة‪ ،‬وكتائــب‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬دون اســتثناء للمدنيــن‪ ،‬والبنــى التحتيــة املدنيــة‪،‬‬ ‫فيــا يدخــل يف شــمول جرائــم الحــرب‪ ،‬والجرائــم ضــد اإلنســانية‪.‬‬ ‫وبــازدراء شــديد للقوانــن الناظمــة لحاميــة ضحايــا الحــرب‪،‬‬ ‫واتفاقيــات حاميــة املدنيــن الدوليــة ـ الهــاي ‪ 1907‬ـ جنيــف‬ ‫الرابعــة ‪ .1949‬والربوتوكــول اإلضــايف لعــام ‪.1977‬‬ ‫ودون أيــة خشــية مــن اإلحالــة إىل محاكــم الجــزاء الدوليــة‪،‬‬ ‫معقــدة الــروط‪ ،‬والتــي متلــك روســيا أحــد مفاتيــح تعطيلهــا‪.‬‬ ‫ودون أي اعتبــار للعواقــب الدوليــة واإلقليميــة‪ ،‬باعتبــار أن العــامل‬ ‫كلّــه يســاهم يف الفــوىض الســورية‪ ،‬واســتجالب عنــارص ال ـراع‬ ‫إىل أرضهــا‪.‬‬ ‫ومبجافــاة وقحــة للقيــم األخالقيــة التــي تديــن تأييــد رئيــس قاتــل‬ ‫لشعبه ‪.‬‬ ‫ظــن بوتــن‪ ،‬مــع فائــض القــوة التــي بيــده‪ ،‬والقواعــد الجويــة‬ ‫والبحريــة التــي أقامهــا يف الســاحل الســوري يف غفلــة مــن العــامل‪،‬‬ ‫أنــه يســتطيع اســتدامة مرابطــة القوات الروســية يف امليــاه الدافئة‪،‬‬ ‫وتثبيــت حضــوره الطويــل يف ســوريا‪ ،‬وتعزيــز هيمنتــه ونفــوذه يف‬ ‫املنطقــة‪ .‬وأنــه يســتطيع تغيــر قواعــد ال ـراع‪ ،‬وترجيــح مي ـزان‬ ‫القــوى عــى األرض لصالــح النظــام‪.‬‬ ‫ولكــن مــا لبــث خــال شــهر ونصــف مــن حملتــه العســكرية أن‬ ‫تبـ ّـن لــه أنــه واهــم‪ ،‬وأن النظــام الســوري املتهالــك لــن يســتطيع‬ ‫تحقيــق أيــة مكاســب عــى األرض‪ ،‬وأ ّن الحــرب يف ســوريا لــن‬ ‫تُحســم بالرضبــات الجويــة‪.‬‬ ‫وأن النظــام فاقــد الرشعيــة ال يســتطيع أن يُعطــي لروســيا‬ ‫رشعيــة التواجــد العســكري عــى األرض الســورية‪ ،‬وأ ّن الــروس يف‬ ‫خطوتهــم هــذه كمــن ربــط نفســه بســفينة تغــرق‪ ،‬كــا وصفهــا‬ ‫وزيــر الدفــاع األمريــي أشــتون كارتــر‪.‬‬ ‫وأ ّن هــذا التدخــل األخــرق يف ســوريا ســيزيد مــن عزلــة روســيا‬ ‫وأعبائهــا‪ ،‬واالنتقــادات املوجهــة لســلوكها العســكري وسياســتها‬ ‫الخارجيــة‪ ،‬وأ ّن مصالحهــا لــن يُكتــب لهــا االســتقرار يف ســوريا‪،‬‬ ‫وعمــوم دول املنطقــة‪ ،‬مــع هــذا االســتعداء الصــارخ للشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫وأن الحــرب التــي بدأتهــا يف ســوريا قــد تتحــول إىل حرب اســتنزاف‬ ‫طويلــة األمــد‪ ،‬وقــد متتد نريانهــا إىل ســاحات املدن الروســية‪.‬‬ ‫لقــد حــذرت موســكو يف مطلــع عــام ‪ 2015‬مــن عواقــب املغامــرة‬ ‫باســتخدام القــوة عــى لســان وزيــر خارجيتهــا ســرجي الفــروف يف‬ ‫كلمــة ألقاهــا أمــام األكادمييــة الدبلوماســية الروســية‪ ،‬وهــا هــي‬ ‫اليــوم تقــع يف املحــذور الــذي بــدأ يُص ـ ّدع رأس القيــر بوتــن‪،‬‬ ‫الباحــث عــن العــاج يف اســتعجال الحلــول السياســية بعــد أن ولغ‬ ‫يف الــدم الســوري‪ ،‬وأصبــح جــزءا ً مــن املشــكلة وليــس جــزءا ً مــن‬ ‫الحــل‪ ،‬ألن مــن يرعــى القتــل ال ميكــن أن يكــون راعيـاً للســام‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الطريان الروسي يرتكب جمازر وحشية جديدة يف عدد من املدن السورية‬

‫ناش��طون يرصدون اس��تخدام الط�يران يف عملي��ات القصف قنابل حمرم��ة دوليًا‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫قصف الطريان الروسي ‪ -‬اجلسر القديم‬

‫قصف الطريان الروسي ملدينة الرقة ‪ -‬اجلسر اجلديد‬

‫الصــور التــي انتــرت عــى صفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي بشــاعة إجــرام األســد وبوتــن‪،‬‬ ‫وكانــت معظــم الجثــث محروقــة أو متفحمــة‪،‬‬ ‫وأكــد ناشــطون أن الطــران الــرويس يرتكــب‬ ‫جرامئــه الوحشــية باســتخدام األســلحة املحرمــة‬ ‫الدوليــة‪ ،‬وســط صمــت دويل عــن هــذا اإلجـرام‬ ‫الــذي يطــال املدنيــن يف كل األماكــن مــن‬ ‫ســوريا‪.‬‬

‫برامي��ل امل��وت م��ا زال��ت تنهم��ر عل��ى‬ ‫رؤوس املدني�ين‪.‬‬

‫مل يتوقــف الطـران الــرويس وطـران النظــام‬ ‫املجــرم عــن قصــف مناطــق املدنيــن يف‬ ‫معظــم املــدن والبلــدات الســورية عــى مــدى‬ ‫األســبوعني املاضيــن‪ ،‬موقعــاً مجــازر وحشــية‬ ‫جـراء اســتخدامه لقنابــل فوســفورية وعنقودية‬ ‫محرمــة دوليــاً‪ ،‬اســتخدمها بــكل وحشــية‬ ‫بالتزامــن مــع اســتمراره قصــف املناطــق‬ ‫الســورية بالرباميــل والحاويــات املتفجــرة‪.‬‬

‫جمازر مؤملة يف الرقة‬

‫يف الرقــة مل يتوقــف قصــف الط ـران للمدينــة‬ ‫وضواحيهــا منــذ بــدء الط ـران الــرويس حملتــه‬ ‫اإلجراميــة‪ ،‬التــي جــاءت لتثبيــت نظــام األســد‬ ‫بالحكــم ومؤازرتــه يف عمليــات القتــل والتدمــر‬ ‫وتهجــر الســكان التــي تســتهدف الشــعب‬ ‫الســوري منــذ انــدالع ثورتــه املباركــة‪ ،‬ويف بداية‬ ‫الشــهر الجــاري بــدأ بارتــكاب جرامئــه الوحشــية‬ ‫ضــد أهــايل الرقــة موقعــاً مئــات القتــى‬ ‫والجرحــى مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬كان أشــدها‬ ‫الغــارات التــي نفذهــا يف ‪ 2015/11/3‬وبلغــت‬ ‫أكــر مــن ‪ 30‬غــارة يف يــوم واحــد‪ ،‬ثــم تابــع‬ ‫قصفــه يف اليــوم الثــاين والــذي يليــه‪ ،‬وكانــت‬ ‫الحصيلــة أكــر مــن خمســن شــهيدا ً وع ـرات‬ ‫الجرحــى واملفقوديــن‪ ،‬واســتهدف خــال غارتــه‬

‫مواقــع عــدة أبرزهــا رضب جــر الرقــة القديــم‬ ‫والجــر الجديــد‪ ،‬وأحــدث فيهــا رضرا ً بالغ ـاً‪،‬‬ ‫كــا تــرر خــط ميــاه الــرب املــار فــوق‬ ‫الجــر القديــم‪ ،‬مــا أدى النقطــاع امليــاه عــن‬ ‫أهــايل الرقــة بالكامــل‪.‬‬ ‫استشــهاد عــرات العامــات فــوق جــر‬ ‫املنصــور «القديــم»‬ ‫نتيجــة كثافــة الطــران وغــزارة النــران التــي‬ ‫طالــت الرقــة‪ ،‬وقطــع الجــر يف الرضبــة األوىل‪،‬‬ ‫كان يتواجــد يف منطقــة الكــرات عــرات‬ ‫العامــات الزراعيــة‪ ،‬وأثنــاء القصــف املتواصــل‬ ‫وخشــيتهن مــن التعــرض للمــوت‪ ،‬ومحاولتهــن‬ ‫الوصــول إىل بيوتهــن يف حــي الرميلــة بالرقــة‪،‬‬ ‫حاولــن الذهــاب دون جــدوى لعــدم وجــود‬ ‫آليــة لنقلهــن‪ ،‬لكــن تطــوع ثالثــة شــبان مــن‬ ‫أهــايل املنطقــة لنقلهــن‪ ،‬وأثنــاء عبورهــم‬ ‫الجــر جــاءت الطائــرات وألقــت حممهــا‬ ‫باتجــاه الجــر يف غــارة ثانيــة‪ ،‬ووقعــن مــا بــن‬ ‫شــهيدات وجريحــات‪ ،‬وبينــت الصــور التــي‬ ‫انتــرت عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي‬ ‫فظاعــة إج ـرام الط ـران الــرويس يف اســتخدامه‬ ‫األســلحة املحرمــة دولي ـاً‪ ،‬حيــث كانــت أغلــب‬ ‫الجثــث متفحمــة أو مقطعــة إىل أشــاء متناثرة‪.‬‬

‫يف اليــوم الثــاين بــادر عــال مؤسســة ميــاه االقتصاديــة‪.‬‬ ‫الــرب مــن إصــاح األرضار التــي أصابــت جمزرة وحش��ية يف مدين��ة البوكمال‬ ‫الخــط الرئيــي مليــاه الــرب‪ ،‬حيــث اســتبدلت يف دير الزور‬ ‫األنابيــب املحطمــة بأنابيــب جديــدة‪ ،‬وعــادت‬ ‫امليــاه إىل الرقــة مــن جديــد‪.‬‬ ‫يف الوقــت الــذي كانــت طائــرات النظــام‬ ‫والط ـران الــرويس تنفــذ غاراتهــا عــى مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬قــام عنــارص التنظيــم بالتضييــق عــى‬ ‫أهــايل املدينــة ومنعهــم مــن التواصــل مــع‬ ‫أهلهــم يف الخــارج‪ ،‬واعتقــال عــدد مــن الشــباب‬ ‫والنســاء يف حمــات متتاليــة طالــت عمــوم‬ ‫محــات االنرتنيــت‪ ،‬كــا منعــوا ســكان املدينــة‬ ‫مــن النــزوح منهــا‪ ،‬خصوصــاً فئــة الشــباب‪،‬‬ ‫وخلــت الشــوارع مــن املــارة‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫ســاع صفــارات االنــذار واإلســعاف‪ ،‬ومنــع أكــر مــن ‪ 55‬شــهيدا ً وقعــوا يف مجــزرة وحشــية‬ ‫االقــراب مــن أماكــن القصــف‪ ،‬وشــهدت ارتكبهــا الطــران الــرويس يف ســوق شــعبي‬ ‫أســواق مدينــة الرقــة يف اليــوم التــايل لعمليــات مبنطقــة الطويبــة إحــدى ضواحــي مدينــة‬ ‫القصــف ارتفاعــاً كبــرا ً يف اســعار املــواد البوكــال‪ ،‬ففــي الغــارة األوىل أوقــع الع ـرات‬ ‫التموينيــة واالســتهالكية‪ ،‬ونقــص حــاد يف بــن قتيــل وجريــح‪ ،‬وعندمــا فــزع األهــايل‬ ‫عــدد مــن املــواد األساســية كالخضــار والســكر النتشــال الضحايــا باغتهــم الطــران برضبــة‬ ‫والشــاي واللحــوم واأللبــان يف ظــل شــح املــوارد ثانيــة‪ ،‬يف منظــر وحــي أعــاد إىل األذهــان‬ ‫املاليــة وانعــدام فــرص العمــل منــذ ســيطرة جرائــم الحــرب التــي ارتكبهــا النازيــون يف‬ ‫تنظيــم الدولــة عــى مقــدرات املحافظــة الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬حيــث أظهــرت‬

‫بلــغ عــدد الرباميــل املتفجــرة التــي ألقاهــا‬ ‫الط ـران املروحــي عــى مدينــة داريــا يف يــوم‬ ‫األربعــاء ‪ 2015/11/10‬أكــر مــن ‪ 30‬برميــاً‪،‬‬ ‫فيــا أحصــت الشــبكة يف تقريرهــا الــذي يوثــق‬ ‫عــدد الرباميــل املتفجــرة التــي ألقتهــا قــوات‬ ‫النظــام يف ســوريا خــال شــهر ترشيــن األول‬ ‫املــايض‪ ،‬ونرشتــه عــى موقعهــا اإللكــروين‪،‬‬ ‫وأكــد أن النظــام ألقــى ‪ 1438‬برميــاً متفجــرا ً‬ ‫عــى عــدد مــن املحافظــات الســورية‪ ،‬وكان‬ ‫نصيــب محافظــة ريــف دمشــق الحصــة‬ ‫األكــر مــن الرباميــل التــي طالــت مــدن‬ ‫وبلــدات املحافظــة الخارجــة عــن ســيطرته‪،‬‬ ‫وبلــغ عددهــا ‪ 947‬برميــاً متفجــرا ً‪ .‬وجــاءت‬ ‫درعــا يف املرتبــة الثانيــة‪ ،‬حيــث ألقــى الط ـران‬ ‫املروحــي عليهــا ‪ 196‬برميــاً متفجــرا ً‪ ،‬ثــم‬ ‫حــاة ‪ 62‬برميـاً متفجـرا ً‪ ،‬ومحافظــة القنيطــرة‬ ‫‪ 61‬برميــاً‪ ،‬ثــم إدلــب ‪ 54‬برميــاً‪ ،‬وحلــب‬ ‫‪ 49‬برميــاً‪ ،‬وحمــص ‪ 39‬برميــاً‪ ،‬ودمشــق ‪26‬‬ ‫برميــاً‪ ،‬وأخــرا ً الالذقيــة ‪ 4‬براميــل متفجــرة‪.‬‬ ‫وتســببت هــذه الرباميــل بقتــل ‪ 69‬شــخصاً‬ ‫بينهــم تســعة أطفــال ومثــان ســيدات‪ .‬وجــاءت‬ ‫ردا ً عــى إعــان الســفري الــرويس يف األمــم‬ ‫املتحــدة فيتــايل تشــوركني‪ ،‬الــذي أعلــن عــن‬ ‫ن ّيــة النظــام الســوري التوقــف عــن رمــي‬ ‫الرباميــل املتفجــرة عــى املناطــق الخاضعــة‬ ‫لســيطرة قــوات املعارضــة‪ ،‬يف معــرض رده عــى‬ ‫محاولــة فرنســا إلصــدار قــرار مــن مجلــس‬ ‫األمــن يديــن النظــام املجــرم ج ـراء اســتهدافه‬ ‫املدنيــن بالرباميــل املتفجــرة‪.‬‬

‫بعد حترير مورك الثوار حيررون حواجز العبود‬ ‫عبيدة أبو خزمية ‪ -‬محاة‬ ‫مــا زال التقــدم لصالــح الثــوار يف غــزوة‬ ‫حــاة مســتمرا ً‪ ،‬وتحقيــق مكاســب كبــرة عــى‬ ‫حســاب تراجــع قــوات النظــام‪ ،‬التــي تكبــدت‬ ‫خســائر كبــرة يف صفــوف قواتــه وميلشــياته‬ ‫يف ظــل تخبــط كبــر يف صفــوف مؤيديــه جـراء‬ ‫وصــول عــرات القتــى بشــكل يومــي مــن‬ ‫النظــام إىل مشــفى حــاة الوطنــي‪.‬‬ ‫أفــاد مســؤول املكتــب اإلعالمــي لجبهــة شــام‬ ‫عــن قيــام الثــوار بهجــوم واســع وكبــر ضمــن‬ ‫معركــة أطلقــوا عليهــا اســم غــزوة اللــه غالــب‬ ‫وتهــدف لتحريــر قريــة املغــر وتــل الصخــر‬ ‫وصوامــع كفرنبــودة بريــف حــاة الشــايل‪،‬‬ ‫مبينــاً أن الفصائــل املشــاركة يف العمــل هــي‬ ‫كل مــن جبهــة الشــام وحركــة أح ـرار الشــام‬ ‫اإلســامية وتجمــع العــزة وجيــش الســنة‬ ‫قطــاع حمتــة وحركــة فجــر الشــام اإلســامية‬ ‫وفيلــق الشــام‪ ،‬مضيفــاً أن الثــوار اســتطاعوا‬ ‫بعــد متهيــد قــوي جــدا ً باملدفعيــة الثقيلــة‬ ‫والدبابــات ومدافــع الهــاون وجهنــم مــن‬ ‫تدمــر القــوة املحيطــة بهــذه الحواجــز وليبــدأ‬ ‫الثــوار باالقتحــام‪.‬‬ ‫وأكــد املصــدر أن الثــوار بعــد ســاعتني مــن‬ ‫بــدء االقتحــام متكنــوا مــن تحريــر كل مــن‬

‫الصوامــع وتــل الصخــر ويف قريــة املغــر‬ ‫متكــن الثــوار مــن اخــراق صفــوف العــدو‬ ‫وتحريــر أج ـزاء واســعة منهــا إال أن القصــف‬ ‫العنيــف مــن قبــل الطـران الــرويس والقصــف‬ ‫الصاروخــي واملدفعــي املتواصــل أجــر الثــوار‬ ‫عــى االنســحاب حفاظ ـاً عــى أرواحهــم ومــا‬ ‫زالــت االشــتباكات مســتمرة حتــى اللحظــة‬ ‫لتصبــح املغــرة منطقــة اشــتباكات وهــدف‬ ‫نــاري لــكال الطرفــن‪.‬‬

‫وأكــد مســؤول املكتــب اإلعالمــي عــى‬ ‫اســتمرار عمليــات التمهيــد التــي تســتهدف‬ ‫أماكــن متركــز قــوات النظــام يف املغــر بهــدف‬ ‫إعــادة تحريرهــا بالكامــل وتضييــق الخنــاق‬ ‫عــى قــوات النظــام يف كرنــاز والســقيلبية‬ ‫والحامميــات‪ ،‬مشـرا ً إىل أن الثــوار متكنــوا مــن‬ ‫تدمــر دبابــة يف املغــر واغتنــام كميــة مــن‬ ‫األســلحة الخفيفــة واملتوســطة‪.‬‬ ‫وقــال الناشــط امليــداين حيــان املحمــد أنــه‬

‫يف األثنــاء التــي كانــت تــدور فيهــا املعــارك‬ ‫عــى محــور املغــر كانــت هنالــك أيضـاً تــدور‬ ‫جنــويب مــورك الهــدف منهــا تحريــر حواجــز‬ ‫تجمــع العبــود االس ـراتيجية الواقعــة جنــويب‬ ‫مــورك مبينــاً أن فصيــل جنــد األقــى هــو‬ ‫الــذي يعمــل عــى هــذا املحــور‪.‬‬ ‫وأضــاف املحمــد أنــه بعــد اشــتباكات عنيفــة‬ ‫والتمهيــد مبختلــف أنــواع األســلحة متكنــوا‬ ‫مــن الســيطرة عــى حاجــز العبــود واملداجــن‬

‫وجنــوب النقطــة الرابعــة وضهــرة العبــود‬ ‫وبنــاء الرسياتــل وجنــوب حاجــز العبــود‪،‬‬ ‫مؤكــدا ً أن مــورك أصبحــت األن محــررة‬ ‫بالكامــل وأصبــح الطريــق أمــام الثــوار‬ ‫مفتوح ـاً إىل صــوران التــي تعــد خ ـزان بــري‬ ‫لقــوات النظــام‪.‬‬ ‫وأكــد املحمــد أن الثــوار متكنــوا مــن تدمــر‬ ‫ســيارة زيــل عــى حاجــز العبــود وتدمــر‬ ‫ثــاث ســيارات أثنــاء هــروب قــوات النظــام‬ ‫مــن منطقــة العبــود عــى طريــق مــورك‬ ‫صــوران كــا متكــن الثــوار مــن اغتنــام ثــاث‬ ‫دبابــات وعربتــي يب م يب وتــم أرس ‪ 9‬عنــارص‬ ‫مــن قــوات النظــام وقتــل عــدد أخــر وقــال‬ ‫املحمــد أن الطــران الحــريب واملروحــي مل‬ ‫يكــن يفــارق األجــواء فــكان يقصــف تــارة‬ ‫مناطــق االشــتباكات وتــارة البلــدات والقــرى‬ ‫والتجمعــات‪ ،‬حيــث شــن الطــران الحــريب‬ ‫الــرويس غــارات عــى مــورك واللطامنــة‬ ‫وكفرزيتــا بريــف حــاة الشــايل‪ ،‬كــا شــن‬ ‫أيضـاً غــارات عــى قــرى الجابريــة وكفرنبــودة‬ ‫مــا أدى إىل دمــار هائــل يف البنيــة التحتيــة‬ ‫وتعرضــت كل مــن قريــة البدريــة وشــرمغار‬ ‫والحمــرا بجبــل شحشــبو بريــف حــاة‬ ‫الشــايل لقصــف مــن حاجــز جوريــن‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫وف��د أمم��ي ي��زور ح��ي الوع��ر وس��كان مه�ين يناش��دون الس��يارات لنقله��م إىل أماك��ن آمن��ة‬ ‫يعرب الدالي ‪ -‬حمص‬

‫وفــد أممــي تابــع للمكتــب الســيايس يف‬ ‫األمــم املتحــدة دخــل حــي الوعــر املحــارص‬ ‫ضــم مديــرة مكتــب ديســمتورا الســيدة‬ ‫«خولــة مطــر» باإلضافــة للســيد «يعقــوب‬ ‫الحلــو» ســفري األمــم املتحــدة وبعــض‬ ‫املعاونــن واملرافقــن‪ ،‬وقــد زار الوفــد مكتــب‬ ‫مجلــس محافظــة حمــص يف الحــي‪ ،‬وقابــل‬ ‫رؤســاء املكاتــب مــن مختلــف الرشائــح يف‬ ‫الحــي‪ ،‬وقــد قــدم املجلــس تقاريــر كاملــة‬ ‫عــن وضــع الحــي املعيــي والخدمــي والطبــي‬ ‫والصحــي‪.‬‬ ‫أفــاد محمــد الحمــي مراســل مركــز حمــص‬ ‫اإلعالمــي يف الحــي أن الوفــد عــر عــن تقصــر‬ ‫األمــم املتحــدة يف مســاعدة أهــايل حمــص‪،‬‬ ‫وأن مهامهــم مل تكلــل جميعهــا بالنجــاح‪،‬‬ ‫مضيفــاً أن الوفــد ألتقــى أيضــاً القــادة‬ ‫العســكريني يف الحــي مــع لجنــة املفاوضــات‬ ‫التــي ناقشــت مــع الوفــد أهــم األســباب التــي‬ ‫تعيــق االتفــاق بــن الطرفــن‪ ،‬واالنتهــاكات‬ ‫التــي تقــوم بهــا امليليشــيات التابعــة للنظــام‬ ‫عــى أطــراف الحــي‪.‬‬ ‫وقالــت خولــة مطــر يف ترصيــح صحفــي‪ :‬إن‬ ‫هــدف الزيــارة هــي متابعــة للخطــة التــي‬ ‫أطلقهــا دميســتورا‪ ،‬والتــي تهــدف لتحــرك‬ ‫رسيــع لحــل ســيايس لألزمــة الســورية‪ ،‬ووضــع‬ ‫خطــط عــى األرض تعــزز فكــرة دميســتورا‬

‫محص ‪ -‬آخر التطورات‬

‫س��وريا ‪ -‬مح��ص‬

‫حمص‬

‫كإبـرام هــدن واتفاقيــات‪ ،‬ولكــن املطلــوب‬ ‫هــو وجــود حــل إليقــاف إطــاق النــار يف‬ ‫كل ســورية‪ ،‬وأنهــم بصــدد تفعيــل العمــل‬ ‫الســيايس لــي يثبتــوا ملجموعــة العمــل يف‬ ‫فيينــا أنهــم فعــا بــدأوا بحســن النوايــا‬ ‫لبــدء عمــل جــدي بعمليــة حــل ســيايس‪.‬‬ ‫هــذه الزيــارة كانــت الثانيــة مــن نوعهــا‬ ‫فقــد زار وفــد مشــابه الحــي منــذ بضعــة‬ ‫أشــهر يف نهايــة آب املــايض‪ ،‬وكان يضــم‬

‫أيضــا خولــة مطــر وأمــر نــدا املستشــار‬ ‫العســكري وقــد اجتمعــوا مــع جميــع‬ ‫رشائــح الحــي‪ ،‬وشــهد الحــي بعدهــا‬ ‫تصعيــد عســكري وحصــار غــذايئ خانــق‪.‬‬ ‫فيــا أطلــق أهــايل مهــن نــدا ًء إىل‬ ‫الســيارات يف الشــال الســوري مــن أجــل‬ ‫التوجــه إىل القريــة ومســاعدتهم مــن أجــل‬ ‫النــزوح‪ ،‬فمنطقــة مهــن منطقــة صحراويــة‬ ‫بعيــدة عــن الطــرق الرئيســية وبســبب‬

‫املعــارك يف املنطقــة معظــم الطــرق‬ ‫مقطوعــة فأصبحــت الســيارات قليلــة‬ ‫وعــدد العوائــل التــي تريــد النــزوح كبــر‬ ‫جــدا ً‪ ،‬وال يوجــد ســيارات ولذالــك يســرون‬ ‫عــى األقــدام يف الصحـراء وعــى الطرقــات‬ ‫متجهــن مــن القريتــن إىل الشــال‬ ‫الســوري‪ ،‬وبلــغ عــدد األرس التــي نزحــت‬ ‫حتــى اآلن ‪ 13‬ألــف عائلــة مــن أصــل ‪30‬‬ ‫ألــف أرسة‪.‬‬

‫واصــل الطـران الــرويس قصفــه للريــف الرشقــي‬ ‫فاســتهدف بعــدة صواريــخ أحــد معامــل غســيل‬ ‫الفوســفات يف منطقــة الصوانــة غــريب تدمــر‪ ،‬مــا‬ ‫أدى إىل إحــداث أرضار كبــرة يف معــدات املعمــل‬ ‫وآلياتــه؛ كــا اســتهدف أيضــاً محطــة كهربــاء‬ ‫الجديــدة عــى طريــق عــام تدمر‪-‬دمشــق والواقعة‬ ‫بالقــرب مــن منطقــة الســكري‪ ،‬وتســبب القصــف‬ ‫بتدمــر بســيط ببعــض معــدات وتجهيــزات‬ ‫املحطــة؛ أ ّمــا يف الريــف الشــايل فقــد اســتهدفت‬ ‫مدينــة الحولــة وبلــدة الغنطــو وقريــة تريمعلــة‬ ‫بقذائــف ‪ 57‬مــم والرشاشــات الثقيلــة؛ كــا‬ ‫دارت اشــتباكات متقطعــة بالرشاشــات املتوســطة‬ ‫يف الثغــور األماميــة لجبهــة حــوش حجــو‪ ،‬و تــم‬ ‫إعطــاب تركــس عــى بــاب الفرقــة األوســط عــى‬ ‫أيــدي الثــوار يف تريمعلــة‪ .‬أيض ـاً شــهد حــي الوعــر‬ ‫مظاهــرة لليــوم الثــاين تنديــدا ً بأزمــة الخبــز‪.‬‬ ‫إنســانياً‪ :‬تســتمر معانــاة نازحــي ريــف حمــص‬ ‫الرشقــي والشــايل الذيــن يعيشــون أوضــاع‬ ‫مأســاوية خاصــة أنهــم عــى أبــواب الشــتاء وهــم‬ ‫بــا مــأوى وال أي يشء مــن مقومــات الحيــاة أمــام‬ ‫مــرأى ومســمع املجتمــع الــدويل؛ وال تـزال معانــاة‬ ‫ســكان حــي الوعــر مــن الحصــار املطبــق وأزمــة‬ ‫لكافــة املــواد األساســية أهمهــا الخبــز وحليــب‬ ‫األطفــال مســتمرة‪.‬‬ ‫حمص ‪ -‬الحرمل‬

‫الوعر جوع وحصار خانق‪..‬‬

‫مظاه��رات غاضب��ة من��ددة باحلص��ار ومطالب��ات مس��تمرة لتأم�ين اخلب��ز‬

‫مح��ص ‪ -‬ح��ي الوع��ر‬

‫مهند بكور ‪ -‬حمص‬ ‫خرجــت مظاهــرات غاضبــة يف حــي‬ ‫الوعــر املحــارص يف التاســع مــن نوفمــر مــن‬ ‫الشــهر الجــاري‪ ،‬تنــدد باســتمرار الحصــار‬ ‫عــى الحــي‪ ،‬وفقــدان بعــض املــواد الغذائيــة‬ ‫وخاص ـ ًة مــادة «الخُبــز»‪.‬‬ ‫أفــادت الناشــطة اإلعالميــة «غــرام» أن‬ ‫قــوات النظــام تســمح بعــض األحيــان‬ ‫بـــدخول املــواد الغذائيــة بنســبة قليلــة‬

‫جــدا ً ال تكفــي الحــي املكتــظ بالســكان‪،‬‬ ‫وأعــداد كبــرة مــن النازحــن مــن أحيــاء‬ ‫حمــص القدميــة‪ ،‬ويــأيت ذلــك مــع اســتمرار‬ ‫القصــف اليومــي بكافــة األســلحة املتاحــة‬ ‫لــدى النظــام منهــا «الصواريــخ وأســطوانات‬ ‫وقذائــف املدفعيــة والهــاون والشــيلكا‬ ‫والفوزديــكا وال ‪ »14.5‬إضافــة لرصــاص‬ ‫القنــاص الــذي ال يهــدأ عــى مــدار الســاعة‪.‬‬ ‫حــي الوعــر يف األســابيع املاضيــة‬ ‫وشــهد ُّ‬ ‫مجــازر مروعــة بـــحق األهــايل ال ُعــزل‬

‫وخاصــ ًة «األطفــال» وكان أبــرز تلــك‬ ‫املجــازر مجــزرة «حديقــة األلعــاب» وقــد‬ ‫أفــاد ذات املصــدر أن عــدد شــهداء املجــزرة‬ ‫وصــل إىل ‪ 23‬شــهيدا ً جلّهــم مــن األطفــال‪،‬‬ ‫ونتــج عــن هــذه املجــازر إصابــات خطــرة ال‬ ‫ميكــن معالجتهــا‪ ،‬ويف ظــل الحصــار الخانــق‬ ‫ونــزوح أغلــب األطبــاء وانعــدام املعــدات‬ ‫واملســتلزمات الطبيــة وتعطــل العديــد منها‪،‬‬ ‫بســبب عــدم توفــر مختصــن للصيانــة أدى‬ ‫إىل مشــاكل يف املشــفى امليــداين للحــي‪،‬‬ ‫وهــذا مــا دفــع بعــض األهــايل مجربيــن‬ ‫الخــروج إىل األحيــاء املحتلــة لتلقــي العــاج‪،‬‬ ‫فواجههــم النظــام باعتقــاالت تعســفية نجــا‬ ‫منهــا األقليــة‪ ،‬كــا عــاىن معظــم املصابــن‬ ‫مــن ظــروف صحيــة قاتلــة‪ ،‬نظ ـرا ً لبقائهــم‬ ‫يف الحــي وخوفهــم مــن االعتقــال‪.‬‬ ‫ومــع تواجــد نســبة كبــرة مــن املعاقــن‬ ‫وكــا أفــاد املكتــب الطبــي «لحــي الوعــر»‬ ‫أنــه يوجــد داخــل الحــي املحــارص الكثــر‬ ‫مــن املعاقــن منهــم مــن بــرت أطرافهــم‬ ‫العلويــة والســفلية وخاصـ ًة األطفــال‪ ،‬وأشــار‬ ‫املكتــب إىل أن األطفــال الذيــن هــم بحاجــة‬ ‫ماســة إىل «الحليــب ‪ ،‬األدويــة» التــي فقدت‬ ‫بشــكل شــبه تــام مــن الصيدليــات العامــة‬

‫والخاصــة‪ ،‬وبالنســبة ملــرىض األمــراض‬ ‫املزمنــة‪ ،‬هنــاك مصابــن مبــرض الرسطــان‬ ‫عانــوا بشــدة مــن األمل بســبب فقــدان‬ ‫الجرعــات الكيامويــة‪.‬‬ ‫صمــود الحــي أذهــل العــامل فرغــم كل‬ ‫الخطــط الفاشــلة التــي اســتخدمها النظــام‬ ‫مــازال األمــل يتجــدد كل يــوم رغــم‪ ،‬فقــد‬ ‫تعايــش الســكان مــع هــذه األوضــاع‬ ‫الصعبــة‪ ،‬واســتمرت حياتهــم الطبيعــة‪ ،‬رغــم‬ ‫كل مــا يحصــل‪ ،‬والجميــع يســعى لتأمــن‬ ‫قــوت يومهــم مــع انعــدام فــرص العمــل‪،‬‬ ‫والتــي باتــت شــبه مســتحيلة‪ ،‬ويقــول‬ ‫«خالــد»‪« :‬هنــا يف حــي الوعــر هنــاك أعــداد‬ ‫كبــرة مــن الشــباب يعانــون مــن البطالــة‬ ‫بســبب عــدم توفــر فــرص العمــل‪ ،‬فمــن‬ ‫أراد العمــل مبتجــر مل يســتطع ذلــك ألن‬ ‫املحــات التجاريــة خاليــة وال يوجــد مــا‬ ‫يبــاع ويشــرى‪.‬‬ ‫ويف ظــل هــذا الوضــع يقــوم بعــض التجــار‬ ‫بـــاحتكار املــواد الغذائيــة وبيعهــا بأســعار‬ ‫باهظــة جــدا ً وتختلــف األســعار مــن تاجــر‬ ‫إىل آخــر‪ ،‬وهــذه بعــض األســعار لبعــض‬ ‫املــواد‪ ،‬والجديــر بالذكــر أن أغلبهــا غــر‬ ‫متوفــر‬

‫«ســعر كيلــو الســكر ل ‪ 2000‬ل‪.‬س‪،‬‬ ‫كيلــو الســمنة ‪1800‬ل‪.‬س‪ ،‬كيلــو الشــاي‬ ‫‪2000‬ل‪.‬س‪ ،‬لــر الزيــت ‪3000‬ل‪.‬س‪،‬‬ ‫كيلــو الربغــل ‪500‬ل‪.‬س‪ ،‬كيلــو املعكرونــة‬ ‫‪1000‬ل‪.‬س‪ ،‬كيلــو الطحــن ‪2000‬ل‪.‬س‪،‬‬ ‫وربطــة الخبــز ‪100‬ل‪.‬س إن وجــدت»‪،‬‬ ‫وهــذا مــع فقــدان مســتمر ملــواد التنظيــف‬ ‫وتخــوف األهــايل مــن األمــراض املعديــة‬ ‫كالجــرب والقمــل‪.‬‬ ‫بعــد فشــل النظــام املتكــرر التقــدم نحــو‬ ‫الحــي بشــتى الوســائل العســكرية يســتخدم‬ ‫هــذه املــرة‪ ،‬خطــة مروعــة ينفذهــا النظــام‬ ‫لرتكيــع الحــي الصامــد حيــث قــام بـــ منــع‬ ‫إدخــال «الخبــز»‪ ،‬فاضطــر ذلــك بعــض‬ ‫نســاء الحــي للذهــاب للفــرن اآليل‪ ،‬الــذي‬ ‫يقــع تحــت ســيطرة النظــام للحصــول عــى‬ ‫«الخبــز» فواجههــم عنــارص النظــام بـ»توبيخ‬ ‫وتحقــر وشــتائم وتوقيفهــم لســاعات‬ ‫طويلــة»‪ ،‬وإعطــاء األقليــة منهــم «ربطــة‬ ‫الخبــز» بأســعار باهظــة جــدا ً‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫تســبب بغضــب عــارم ســاد شــوارع الحــي‬ ‫اســتدعى خروجهــم مبظاهــرات تنــدد‬ ‫بفقــدان «الخبــز» واســتمرار الحصــار‬ ‫الخانــق‪.‬‬

‫‫النظ��ام يس��تعيد مط��ار كوي��رس العس��كري‬

‫قصف متواصل لطريان النظام على مناطق درعا احملررة‬

‫تحريــره مــن قــوات النظــام‪ ،‬واستشــهد عــى‬ ‫أبــواب املطــار وأســواره عـرات املقاتلــن مــن‬ ‫كتائــب الجيــش الحــر‪.‬‬ ‫بعــد احتــال تنظيــم داعــش ملــدن ريــف‬ ‫حلــب الرشقــي بدايــة عــام ‪ 2014‬قاتــل الثــوار‬ ‫املحارصيــن للمطــار‪ ،‬ولتتمكــن قــوات النظــام‬ ‫يــوم الثالثــاء ‪ 2015-11-10‬مــن فــك الحصــار‬ ‫والوصــول إىل داخــل املطــار‪.‬‬

‫ويف ظــل هــذا القصــف املتواصــل للمناطــق‬ ‫الخاضعــة لســيطرة قــوى املعارضــة‪ ،‬تســوء أوضــاع‬ ‫الســكان اإلنســانية‪ ،‬فقــد شــهدت مــدن وبلــدات‬ ‫محافظــة درعــا انقطاع ـاً للتيــار الكهربــايئ معظــم‬ ‫أوقــات اليــوم‪ ،‬وقطــع االتصــاالت األرضيــة والخلوية‪،‬‬ ‫وانقطــاع ميــاه الــرب أيض ـاً عــن األهــايل‪ ،‬وهنــاك‬ ‫نقــص كبــر يف املــواد الغذائيــة واملحروقــات ومــادة‬ ‫حليــب األطفــال الرضــع‪ ،‬وإغــاق تــام ألغلــب‬ ‫املشــايف امليدانيــة‪.‬‬ ‫درعا ـ الحرمل‬

‫متكنــت قــوات النظــام مــن فــك الحصــار‬ ‫عــن مطــار كويــرس العســكري يف ريــف حلــب‬ ‫الرشقــي بعــد معــارك وهميــة مــع تنظيــم‬ ‫الدولــة انســحب عــى إثرهــا التنظيــم مــن‬ ‫محيــط املطــار‪.‬‬ ‫مطــار كويــرس والــذي يبعــد عــن مدينــة‬ ‫البــاب قرابــة ‪ 27‬كيلــو مــرا ً حــارصه الثــوار‬ ‫نهايــة عــام ‪ 2012‬وخاضــوا عــى أبوابــه‬ ‫اشــتباكات عنيفــة وعــدة معــارك ملحاولــة‬

‫حلب ‪ -‬الحرمل‬

‫حل��ب ‪ -‬كوي��رس‬

‫قــام الطـران الحــريب املجــرم بشــن غــارات جويــة‬ ‫عــى مــدن وبلــدات محافظــة درعــا‪ ،‬فقــد اســتهدف‬ ‫انخــل بغــارة جويــة مــن قبــل الطــران الحــريب‬ ‫الــرويس‪ ،‬كــا قامــت عصابــات األســد املجرمــة‬ ‫باســتهداف مــدن وبلــدات محافظــة درعــا باملدفعية‬ ‫الثقيلــة وبقذائــف الهــاون وراجــات الصواريــخ‪،‬‬ ‫وتركــز القصــف يف محيــط ووســط بلــدات جاســم‬ ‫ودرعــا البلــد وانخــل وزمريــن والشــيخ مســكني‪ ،‬مــا‬ ‫أدى لســقوط الع ـرات مــن الشــهداء والجرحــى‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الط�يران الفرنس��ي يقص��ف مواق��ع النف��ط يف دي��ر ال��زور‬

‫جبه��ة مط��ار ديرال��زور تع��ود اىل‬ ‫الواجه��ة م��ن جديد‬ ‫دير الزور ـ الحرمل‬

‫عــادت جبهــة املطــار العســكري يف‬ ‫ديرالــزور لالشــتعال مــن جديد حيــث دارت‬ ‫اليــوم وأمــس معــارك عنيفــة بــن داعــش‬ ‫وقــوات األســد اســتخدمت فيهــا األســلحة‬ ‫الثقيلــة واملتوســطة يف عــدة محــاور مبحيــط‬ ‫املطــار تركــزت عنــد كل مــن محــور مـزارع‬ ‫الدغيــم ومعمــل الرساميــك يف الجهتــن‬ ‫الرشقيــة والشــالية للمطــار‪.‬‬ ‫املعــارك اليــوم ارتفعــت حدتهــا بشــكل أكرب‬ ‫مــن اليــوم الســابق حيــث فجــرت داعــش‬ ‫عربــة مفخخــة محملــة بثامنيــة أطنــان‬ ‫مــن املتفجـرات اســتهدفت فيهــا تجمعــات‬ ‫لقــوات األســد يف الجهــة الرشقيــة مــن‬ ‫املطــار واســتهدفت املطــار بعـرات قذائف‬ ‫الهــاون فيــا رد النظــام بشــن عــدة غــارات‬ ‫جويــة اســتهدفت مــن خاللهــا كل مــن‬ ‫محيــط مطــار ديــر الــزور وحــي الصناعــة‬ ‫وحــي الحويقــة يف مدينــة ديــر الــزور وشــن‬ ‫غــارة أخــرى اســتهدفت دوار الحلبيــة‬ ‫أوقعــت شــهيدا ً مدني ـاً وعــدة جرحــى‪ ،‬ومل‬ ‫تــرد أي معلومــات حــول الخســائر البرشيــة‬ ‫بصفــوف داعــش أو قــوات األســد خــال‬ ‫املعــارك الجاريــة‪.‬‬ ‫داعــش تكثّــف االعتقــاالت التعســفية ضــد‬ ‫أهــايل ديرالــزور‬ ‫صعــدت داعــش مــن وتــرة حمــات‬

‫اإلعتقــاالت و املداهــات يف محافظــة‬ ‫ديرالــزور وريفهــا خــال األيــام القليلــة‬ ‫املاضيــة‪ ،‬حيــث قــام التنظيــم منــذ ثالثــة‬ ‫أيــام بشــن حمــات دهــم واعتقــال شــملت‬ ‫مناطــق «الصبحــة والدحلــة وجديــد‬ ‫البــكارة» كــا تــم اعتقــال العديــد مــن‬ ‫املــا ّرة إضافــة لعــدد مــن عــال محطــة‬ ‫التصفيــة‪ ،‬يف الوقــت ذاتــه كانــت هنــاك‬ ‫حمــات اعتقــال يف منطقــة الصالحيــة‬ ‫بهــدف إخضــاع املعتقلــن لــدورة رشعيــة يف‬ ‫أحــد مســاجد املنطقــة وهــو مــا حــدث يف‬ ‫مدينــة موحســن أيضــاً‪.‬‬ ‫وكذلــك شــن التنظيــم حملــة مداهــات‬ ‫طالــت العديــد مــن مقاهــي اإلنرتنــت يف‬ ‫بلــدة الشــحيل يف ريــف ديرالــزور الرشقــي‬ ‫واعتقــال العديــد مــن الشــبان دون توجيــه‬ ‫أي تهــم لهــم‪.‬‬ ‫واليــوم قامــت داعــش باعتقــال عــدد مــن‬ ‫الشــباب يف مدينــة البوكــال بتهمــة قيامهم‬ ‫بحلــق ذقونهــم كــا قامــت باعتقــال ثــاث‬ ‫نســاء يف بلــدة صبيخــان يف الريــف الرشقــي‬ ‫لديرالــزور‪.‬‬ ‫حمــات االعتقــال تن ّوعــت بــن اعتقــال‬ ‫عشــوايئ للــا ّرة واعتقــال ألشــخاص معينــن‬ ‫بنــا ًء عــى بالغــات وصلــت للتنظيــم وبــن‬ ‫تهــمٍ تعســفي ٍة كــا حصــل يف مدينــة‬ ‫البوكــال‪.‬‬

‫دير الزور ـ الحرمل‬ ‫قصــف الطـران الفرنــي يــوم األحــد بتاريــخ‬ ‫‪ 2015/11/8‬منشــأة نفطيــة لتنظيــم «داعــش»‬ ‫يف مدينــة ديــر الــزور كــا أعلــن وزيــر الدفــاع‬ ‫الفرنــي جــان ايــف لودريــان يف العاصمــة‬ ‫الســنغالية داكار بــأن الغــارات اســتهدفت‬ ‫مواقــع لتنظيــم داعــش يســتخدمها بشــكل‬ ‫مســتمر‪.‬‬ ‫وقــال الوزيــر الفرنــي‪ ،‬يف ترصيــح صحفــي‬ ‫عــى هامــش منتــدى دويل يف داكار حــول‬ ‫الســام واألمــن يف أفريقيــا‪« :‬يف ســوريا تدخلنــا‬ ‫مســاء أمــس عــر رضبــات جويــة عــى نقطــة‬ ‫تســليم النفــط يف ضواحــي ديــر الــزور عــى‬ ‫الحــدود بــن العــراق وســوريا»‪.‬‬ ‫وهــي الرضبــة الفرنســية الثالثــة يف ســوريا‬ ‫منــذ ق ـرار الرئيــس الفرنــي فرنســوا هوالنــد‬

‫بــدء عمليــات بريــة ضــد تنظيــم «داعــش»‬ ‫يف مطلــع ســبتمرب املــايض‪ ،‬واســتهدفت أول‬ ‫رضبتــن معســكرات تدريــب يتواجــد فيهــا‬ ‫مقاتلــون أجانــب تشــتبه باريــس أنهــم كانــوا‬ ‫يعــدون اعتــداءات يف فرنســا‪.‬‬ ‫وســعت هــذه املــرة‬ ‫وقــال لودريــان‪ :‬إن فرنســا َّ‬ ‫نطــاق عملياتهــا إىل مراكــز مختلفــة حيــث‬ ‫«يتــم أخــذ النفــط لنقلــه إىل مــكان آخــر‬ ‫ويســتخدمه التنظيــم مــن أجــل آلياتــه‪.‬‬ ‫وكان الرئيــس هوالنــد مهــد الطريــق أمــام‬ ‫توســيع الرضبــات ضــد تنظيــم «داعــش» عــر‬ ‫إعالنــه أنــه يريــد رضب «معســكرات التدريــب‬ ‫وكل األماكــن التــي ميكــن أن يهــدد فيهــا‬ ‫اإلرهــاب أراضينــا»‪ .‬وأعلــن آنــذاك عــن نــر‬ ‫حاملــة الطائ ـرات الفرنســية «شــارل ديغــول»‬ ‫يف املنطقــة بهــدف زيــادة قــدرات الرضبــات‬

‫للجيــش الفرنــي يف العــراق وســوريا‪.‬‬ ‫وأكــد لودريــان أن الرضبــات الفرنســية وبينهــا‬ ‫رضبــة األحــد نفــذت عــى أســاس معلومــات‬ ‫جمعهــا الفرنســيون خــال عمليــات طائــرات‬ ‫مــن غــر طيــار رصــدت مواقــع التنظيــم ومــا‬ ‫يقــوم بــه‪.‬‬

‫ح��وادث متفرق��ة خ�لال يوم�ين ماضي�ين‬ ‫‪ - 1‬قصــف مــن الط ـران الحــريب يطــال أحيــاء‬ ‫املدينــة ومحيــط املطــار‬ ‫‪ - 2‬ديرالزور ‪:‬‬ ‫استشــهاد امــرأة أمــس برصــاص قنــاص تبــع‬ ‫لقــوات األســد يف حــي العــال داخــل مدينــة‬ ‫ديرالــزور‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اعتقــاالت يف صفــوف الشــباب يف ‫البوكــال‬‬ ‫تشــنها داع ـش‬ بحجــة مخالفــة الــزي الرشعــي‬ ‫وحلــق الذقــن‪.‬‬ ‫‪ - 4‬‫ديرالزور‬‪:‬الطــران الحــريب املجــرم يشــن‬ ‫ثــاث غــارات عــى املدينــة فيــا شــن أكــر‬ ‫مــن ســت غــارات يف محيــط املطــار العســكري‬ ‫‪- 5‬‏ديرالــزور‬ صبيخان‪:‬تنظيــم ‫‏داعــش‬ يبقــي‬ ‫عــى صالــة أنرتنيــت واحــدة يف القرية ويشــرط‬ ‫عــى مــن يدخــل الصالــة تســجيل اســمه واســم‬ ‫مــن يريــد أن يتواصــل معــه‬ ‫‪ - 6‬ريــف ‫ديرالــزور‬ صبيخان‪:‬تنظيــم ‫‏داعــش‬‬ ‫يعتقــل ثــاث نســاء يف القريــة داخــل صالــة‬

‫اإلنرتنيــت بســبب عــدم تســجيل البيانــات قبــل‬ ‫اســتعامل الجــوال‬ ‫‪ - 7‬ريــف ‫‏ديرالــزور‬ ‪ -‬البوكــال‪ :‬جهــاز الحســبة‬ ‫التابــع لتنظيــم ‫‏داعـش‬ يشــن حملــة اعتقــاالت‬ ‫بأســواق املدينــة طالــت عــددا ً مــن األشــخاص‬ ‫الذيــن يقومــون بحلــق ذقونهــم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬ريــف ديرالــزو ‬ر ‪ -‬أبــو حــام‪ :‬تنظيــم‬ ‫‫‏داعـش‬ يبلــغ أهــايل القريــة الســاح بعــودة مــا‬ ‫تبقــى مــن أهــايل القريــة املنفيــن منهــا بوقـ ٍ‬ ‫ـت‬ ‫قريــب‪.‬‬ ‫‪ - 9‬ريــف ديرالــزور‬ ‪ -‬املطــار العســكري‪:‬‬ ‫ســقوط عــدد مــن القتــى مــن امليليشــيات‬ ‫التابعــة لقــوات النظــام يف املعــارك األخــرة‬ ‫مبحيــط املطــار العســكري‪. .‬‬ ‫‪ 10‬ريــف ‫‏ديرالــزور‬ الرشقــي‪ :‬تنظيــم ‫‏داع ـش‬‬‫يقــوم برجــم امــرأة مــن العشــارة يف بلــدة‬ ‫بقــرص فوقــاين وذلــك بتهمــة الزنــا بحســب‬ ‫ماقالــه عنارصالتنظيــم يف البيــان ‪.‬‬

‫داعش تعزل دير الزور عن العامل‬ ‫بــدأت داعــش منــذ فــرة حملــة ممنهجــة‬ ‫لقطــع اإلنرتنــت بالكامــل عــن مدينــة ديــر‬ ‫الــزور وريفهــا بشــكل تدريجــي وصــوالً إىل‬ ‫قطعــه بشــكل نهــايئ وعــزل املحافظــة كليــاً‬ ‫عــن العــامل الخارجــي‪ ،‬حيــث بــدأت الحملــة‬ ‫عــر منــع نــوارش اإلنرتنــت يف املنــازل ومنــع‬ ‫بــث اإلنرتنــت مــن املقاهــي إىل خارجهــا وحرص‬ ‫الخدمــة داخــل مقاهــي اإلنرتنــت فقــط‪.‬‬ ‫اآلن بــدأ التنظيــم بإغــاق عــدة مقاهــي إنرتنت‬ ‫يف املحافظــة وذلــك بنيــة إغــاق الجميــع الحقـاً‬ ‫وإنهــاء الخدمــة باملحافظــة بشــكل تــام وتعــود‬ ‫أســباب هــذه الحملــة التــي تقــوم بهــا داعــش‬ ‫إىل خشــيتها مــن أي تحــركات عســكرية مرتقبــة‬ ‫خــارج أو باتجــاه املحافظــة ضــد التنظيــم‬ ‫وبهــدف منــع األهــايل مــن معرفــة مــا يــدور‬ ‫خــارج املحافظــة‪.‬‬

‫الواق��ع الط�بي يف دي��ر ال��زور ب�ين س��ندان داع��ش ومطرق��ة النظ��ام‬ ‫دير الزور ـ الحرمل‬ ‫مــع بدايــة الثــورة الســورية انخــرط‬ ‫األطبــاء يف هــذه الثــورة حالهــم حــال باقــي‬ ‫فئــات املجتمــع‪ ،‬حيــث عانــوا يف ديــر الــزور‬ ‫منــذ بدايــة الثــورة مــن مامرســات النظــام‬ ‫وانتهاكاتــه الــذي عمــل عــى التضييــق عليهــم‬ ‫بشــكل كبــر وذلــك نظ ـرا ً للمشــاركة الف ّعالــة‬ ‫والــدور الكبــر الــذي قامــوا بــه يف الثــورة‪،‬‬ ‫بــدءا ً مــن مشــاركتهم يف التظاهــر الســلمي‬ ‫إىل عــاج جرحــى إىل أنشــطة ثوريــة أخــرى‪.‬‬ ‫وبعــد تحــول الثــورة مــن الســلمية إىل املســلحة‬ ‫انقســم األطبــاء اىل قســمني‪:‬‬ ‫القســم األول‪ :‬بقــي ينشــط يف مجــال الثــورة‬ ‫ووهــب نفســه يف خدمتهــا عــن طريــق‬ ‫معالجــة جرحــى الثــوار واملدنيــن وإدارة‬ ‫املشــايف امليدانيــة وتدريــب الشــباب عــى‬ ‫العمــل الطبــي وغــره مــن النشــاطات التــي‬ ‫قامــوا فيهــا خدمــة للثــورة وهــم قلــة قليلــة‪.‬‬ ‫أمــا القســم الثــاين‪ ،‬وهــو القســم األكــر مــن‬ ‫األطبــاء فــكان عــى عكــس القســم األول حيــث‬ ‫تركــوا الثــورة ملصريهــا وانســحبوا منهــا متفرغني‬ ‫إىل حياتهــم الشــخصية‪ ،‬ه ّمهــم فقــط جنــي‬ ‫املــال دون اك ـراث ملصــر الجرحــى واملصابــن‬ ‫الذيــن كانــوا بأمــس الحاجــة لهــم‪ ،‬كل هــذا‬ ‫شــكّل واقعــاً طبيــاً ســيئاً يف املدينــة متمثــاً‬ ‫بنقــص الكــوادر الطبيــة مــن أطبــاء وممرضــن‬ ‫يف جميــع االختصاصــات خصوصــا ”العظميــة –‬ ‫الجراحــة” إىل جانــب نقــص كبــر يف املعــدات‬ ‫الطبيــة بســبب اســتهداف النظــام الســوري‬

‫للمشــايف امليدانيــة والنقــاط الطيبــة‪.‬‬ ‫وبعــد دخــول داعــش إىل محافظــة ديــر الــزور‬ ‫وســيطرتها عــى املناطــق املحــررة مــن قــوات‬ ‫األســد‪ ،‬تحــ ّول الوضــع الط ّبــي يف املدينــة إىل‬ ‫وضــع أســوأ مــا كان عليــه يف الســابق‪.‬‬ ‫فمنــذ أن ســيطرت داعــش عــى ديــر الــزور‬ ‫بــدأت بانتهــاج سياســة ومنهجيــة للتضييــق‬ ‫عــى عمــل االطبــاء بــدأت بق ـرارات جائــرة مل‬ ‫يكــن الهــدف منهــا إال اإلرضار بالقطــاع الصحــي‬ ‫يف املحافظــة‪ ،‬فقــد قامــت داعــش بإغــاق‬ ‫عــدد مــن النقــاط الطبيــة واملشــايف امليدانيــة‬ ‫بحجــة تلقيهــا دعـاً مــن «منظــات كافــرة» أو‬ ‫االئتــاف الوطنــي‪ ،‬ثــم فرضــت داعــش دورات‬

‫رشعيــة عــى جميــع الكــوادر الطبيــة املتبقيــة‬ ‫يف املحافظــة كــا أغلقــت جميــع العيــادات‬ ‫التــي يــرف عليهــا أطبــاء ذكــور‪ ،‬وكذلــك منــع‬ ‫أي طبيبــة مــن معالجــة الرجــال‪ ،‬ومصــادرة‬ ‫ممتلــكات األطبــاء املتواجديــن خــارج مناطــق‬ ‫ســيطرة التنظيــم‪.‬‬ ‫ســ ّن التنظيــم قوانــن جديــدة‪ ،‬ومنهــا عــى‬ ‫األطبــاء االلتــزام بــدوام مجــاين يف املراكــز‬ ‫التــي يــرف عليهــا‪ ،‬وتحديــد أجــور املعاينــات‬ ‫والعمليــات الجراحيــة‪ ،‬ونتيجــة للمضايقــات‬ ‫املســتمرة التــي تفرضهــا داعــش عــى مهنــة‬ ‫الطــب يف محافظــة ديــر الــزور قــرر العديــد‬ ‫مــن األطبــاء الهجــرة إىل خــارج مناطــق ســيطرة‬

‫التنظيــم‪ ،‬وإىل خــارج البــاد مــا أدى إىل‬ ‫ازديــاد التدهــور يف الواقــع الصحــي للمحافظــة‪،‬‬ ‫خصوصــاً يف املناطــق الريفيــة النائيــة عــن‬ ‫املــدن والبلــدات الرئيســية يف املحافظــة‪.‬‬ ‫فعــى ســبيل املثــال املنطقــة الواقعة بــن مدينة‬ ‫الشــدادي جنــوب الحســكة ومدينــة البصــرة يف‬ ‫ريــف ديــر الــزور الرشقــي هــي منطقــة خاليــة‬ ‫متامــاً مــن أي طبيــب أو طبيبــة يف اختصــاص‬ ‫التوليــد والنســائية بعــد منــع داعــش للطبيــب‬ ‫الوحيــد املتواجــد باملنطقــة وهجــرة الطبيبــة‬ ‫الروســية «ســيفتالنا نيكــوالي» التــي كانــت‬ ‫تقيــم يف بلــدة الصــور‪ ،‬حيــث هاجــرت إىل‬ ‫أوروبــا خوف ـاً مــن بطــش داعــش‪.‬‬

‫ال يقــل الواقــع الصحــي يف املناطــق الواقعــة‬ ‫تحــت ســيطرة قــوات األســد يف املدينــة‬ ‫ســوءا ً عــن نظــره يف املناطــق الواقعــة تحــت‬ ‫ســيطرة داعــش‪ ،‬فــكان حصــار داعــش لألحيــاء‬ ‫الخاضعــة لســيطرة النظــام ومضايقــات النظــام‬ ‫لألطبــاء ســبباً يف خــروج الكثــر مــن األطبــاء‬ ‫مــن داخــل مدينــة ديــر الــزور وانتقالهــم إىل‬ ‫العاصمــة دمشــق ومناطــق أخــرى‪ ،‬ليشــكل كل‬ ‫ذلــك واقع ـاً أقــرب للــكاريث تعيشــه محافظــة‬ ‫ديــر الــزور يف هــذا املجــال كــا ش ـكّل خط ـرا ً‬ ‫عــى مصــر محافظــة بأكملهــا وســط تجاهــل‬ ‫إعالمــي ودويل كبــر‪ ،‬وعــدم تســليط أي ضــوء‬ ‫عــى هــذا املوضــوع‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫روسيا والصراع السوري!! سوريا ليست الشيشان‬ ‫الناشط ابراهيم االدلبي‬ ‫مــع تدهــور الوضــع العســكري‬ ‫وســيطرة الثــوار عــى مناطــق واســعة‬ ‫مــن ســوريا وطــرد قــوات النظــام إىل‬ ‫الخطــوط الحمــراء التــي رســمت دوليــاً‬ ‫يف شــال ســوريا‪ ،‬اســتعانت قــوات النظام‬ ‫بدايــة بقــوة تنظيــم الدولــة داعــش مــن‬ ‫خــال الســاح لهــا بالتقــدم بريــف‬ ‫حلــب الشــايل ضاغطــة عــى الجيــش‬ ‫الحــر والثــوار إلجبارهــم عــن التوقــف‬ ‫بالزحــف باتجــاه ريــف حــاه والالذقيــة‪،‬‬ ‫حيــث متكنــت بدايــة مــن ذلــك‪ ،‬ورسعــان‬ ‫مــا قلــب «الحــر» الطاولــة عــى تنظيــم‬ ‫الدولــة داعــش‪ ،‬واســتطاع صــد هجومهــا‬ ‫عــى مــارع وأم حــوش وتلــة تاللــن‬ ‫مكبــدا ً التنظيــم خســائر فادحــة يف ظـ ّـل‬ ‫غيــاب طــران التحالــف عــن املنطقــة‪،‬‬ ‫رسعــان مــا أجــر األســد اىل االســتنجاد‬ ‫بحليفــه روســيا مــن خــال اتفاقيــات‬ ‫دفــاع مشــرك قدميــة يف عهــد األســد األب‪،‬‬ ‫وخصوصــاً بعــد أن أدرك األســد أنــه يف‬ ‫مــأزق‪ ،‬وأن الحشــد اإلي ـراين وحــزب اللــه‬ ‫لــن يفــي بســد الجبهــات التــي فتحــت‬ ‫عليــه‪.‬‬ ‫يف بدايــة األمــر متكنــت روســيا مــن متريــر‬ ‫مــروع التدخــل يف ســوريا عــر مجلــس‬ ‫األمــن مبظلــة محاربــة اإلرهــاب املتمثــل‬ ‫بتنظيــم الدولــة «داعــش»‪ ،‬وحصلــت‬

‫عــى الضــوء األخــر‪ ،‬وبــدأت عملياتها يف‬ ‫ســوريا مســتهدفة مقـرات عســكرية تابعة‬ ‫للجيــش الســوري الحــر يف ريــف حــاة‪،‬‬ ‫وكان النصيــب األكــر لتجمــع العــزة الــذي‬ ‫اســتهدف مقــره يف الرابــع مــن هــذا‬ ‫الشــهر بأكــر مــن تســعة صواريــخ أدت‬ ‫إىل دمــار املقــر بشــكل كامــل عــى حــد‬ ‫قــول الناطــق اإلعالمــي باســم تجمــع‬ ‫العــزة عبــادة الحمــوي والــذي أشــار إىل‬ ‫أن املقــر قصــف عــى فرتتــن يف الصبــاح‪،‬‬ ‫وبعــد منتصــف الليــل مــن قبــل الطـران‬ ‫الــرويس ورسعــان مــا أعلنــت وزارة الدفــاع‬ ‫الروســية عــى أنهــا اســتهدفت مناطــق‬ ‫تتبــع لتنظيــم الدولــة يف ريــف حــاة‬ ‫إىل أن عبــادة الحمــوي أكــد وبالدليــل‬ ‫القاطــع أن املقــر الــذي اســتهدف هــو‬ ‫مقرهــم مــن خــال عمليــة مطابقــة‬ ‫الفيديــو الــذي بثتــه وزارة الدفــاع‬ ‫الروســية امللتقــط مــن كامـرات املراقبــة‪.‬‬

‫هــذا التدخــل كان دفعــة معنويــة‬ ‫لعنــارص النظــام للتقــدم بريــف حلــب‬ ‫الشــايل والغــريب‪ ،‬ففــي ترصيــح «لبوتــن»‬ ‫قــال إن الجيــش الســوري الحــر غــر‬ ‫موجــود‪ ،‬هــو عبــارة عــن وهــم‪ ،‬فجــاء‬ ‫الــرد الرسيــع مــن قبــل الجيــش الســوري‬ ‫الحــر يف معــارك ريــف حــاة‪ ،‬حيــث‬ ‫حاولــت قــوات النظــام التقــدم عــى‬ ‫محوريــن األول كفرزيتــا والثــاين مــورك‬ ‫للوصــول إىل خــان شــيخون إال أن قــوات‬ ‫الحــر متكنــت مــن إعطــاب ‪ 13‬عــر‬ ‫آليــة يف اليــوم األول‪ ،‬ويف اليــوم الثــاين‬ ‫أربــع آليــات وطائرتــن مروحيتــن ويف‬ ‫اليــوم الثالــث تســع آليــات مــا اضطــر‬ ‫روســيا لتكثيــف غاراتهــا مســتهدفة‬ ‫نقــاط أخــرى للجيــش الحــر يف الشــال‪،‬‬ ‫حيــث طالــت غــارة جويــة معســكر‬ ‫تدريــب للــواء صقــور الجبــل‪ ،‬وتــاه‬ ‫اســتهداف ملقــرات جبهــة شــام ومقــر‬

‫الفرقــة ‪ 13‬يف خــان شــيخون‪ ،‬إضافــة إىل‬ ‫نقطــة عســكرية للفرقــة ‪ 101‬مشــاة يف‬ ‫مــورك‪ ،‬هــذه الغــارات كانــت ســبباً يف‬ ‫جعــل الجيــش الحــر يعلــن النفــر العــام‪،‬‬ ‫وتشــكيل غــرف عمليــات طارئــة لصــد‬ ‫هــذه الهجمــة الرشســة‪ ،‬والقيــام بعــدة‬ ‫هجــات عكســية بريــف حــاة موقعــاً‬ ‫عــددا ً مــن القتــى والجرحــي يف صفــوف‬ ‫قــوات النظــام وإعطــاب آليــات روســية‪،‬‬ ‫فقــد تــم توثيــق ‪ 38‬آليــة مدمــرة لقــوات‬ ‫النظــام يف ريــف حــاة فقــط بصواريــخ‬ ‫مضــادة للــدروع‪ ،‬التــي تــم تزويــد الثــوار‬ ‫بهــا مــن أصدقــاء الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫بــدأت هنــا قــوات النظــام بالرتاجــع بعــد‬ ‫أن أدركــت خســارتها‪ ،‬وهنــا بــدأت روســيا‬ ‫بتغيــر سياســتها باتجــاه األهــداف التــي‬ ‫تســتهدفها يف ســوريا حتــى وصلــت إىل‬ ‫أن يقــول «الفــروف»‪ :‬روســيا مســتعدة‬ ‫للتنســيق مــع الجيــش الحــر‪ ،‬وتأمــن‬ ‫غطــاء جــوي لــه حتــى يتقــدم عــى‬ ‫تنظيــم الدولــة‪.‬‬ ‫ظــن الجميــع أن دخــول روســيا يف‬ ‫املعادلــة الســورية ســرجح كفــة النظــام‬ ‫رسعــت مــن إضعــاف‬ ‫إال أن الحقيقــة ّ‬ ‫النظــام مــن خــال زجــه مبعــارك خــارسة‪،‬‬ ‫حتــى أن روســيا مل تعــد تفكــر يف تك ـرار‬ ‫حــرب الشيشــان يف ســوريا ألنهــا تعلــم‬ ‫النتيجــة مســبقاً‪.‬‬

‫أكثر من ‪ 15‬شهيداً وعشرات اجلرحى يف جمازر الطريان الروسي‪ ،‬ومعارك حامسة تلوح يف األفق بريف درعا‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬ ‫تواصــل قــوات النظــام الســوري‬ ‫وحلفائهــا ارتــكاب املجــازر يف مناطــق‬ ‫محافظــة درعــا‪ ،‬حيــث ســقط أكــر مــن‬ ‫‪ 15‬شــهيدا ً خــال يومــن جراء اســتهداف‬ ‫مدنهــم وبلداتهــم بالقصــف العنيــف‬ ‫بالطــران الحــريب والســاح الثقيــل‪.‬‬ ‫وشــهدت بلــدة الغريــة الرشقيــة يف ريف‬ ‫درعــا الرشقــي مجــزرة مروعــة يــوم‬ ‫الخميــس‪ ،‬عندمــا اســتهدف الطــران‬ ‫الحــريب الــرويس بــر مــاء يف البلــدة‬ ‫تجمــع األهــايل لتعبئــة امليــاه ملنازلهــم‪،‬‬ ‫مــا أســفر عــن ارتقــاء ‪ 7‬شــهداء وجــرح‬ ‫‪ 11‬شــخصاً جــراح معظمهــم خطــرة‬ ‫وفقــاً لـ»إيــاد زرزور» إعالمــي الدفــاع‬ ‫املــدين الســوري مركــز ‪.3‬‬ ‫وبــن زرزور بــأن اســتهداف البــر تــم‬ ‫عنــد الســاعة العــارشة والربــع مــن‬ ‫صبــاح يــوم الخميــس ‪ 12‬مــن الشــهر‬ ‫الجــاري حيــث ارتقــى ‪ 3‬شــهداء مبــارشة‪،‬‬ ‫وبعــد وصــول عنــارص الدفــاع املــدين‬

‫الســوري واملدنيــن إىل مــكان الحــادث‬ ‫إلســعاف الجرحــى تــم اســتهداف‬ ‫التجمــع مبــارشة براجــات الصورايــخ‬ ‫بشــكل عنيــف ومكثــف‪ ،‬األمر الــذي أدى‬ ‫لســقوط عــدد كبــر مــن الجرحــى الذيــن‬ ‫استشــهد عــدد منهــم الحقــاً؛ نتيجــة‬ ‫لخطــورة إصابتهــم ومــن بــن الجرحــى‬ ‫عنــر مــن الدفــاع املــدين‪ ،‬وأشــار إىل أن‬ ‫عنــارص الدفــاع املــدين واجهــوا صعوبــة‬ ‫كبــرة يف إخــاء الجرحــى وإســعافهم‬ ‫لعــدم توفــر اآلليــات واملعــدات الالزمــة‬ ‫لذلــك وخاصــة مــع اســتمرار النظــام‬ ‫باســتهداف مــكان الحادثــة‪.‬‬ ‫وأمــا مهــد الثــورة درعــا البلــد فقــد‬

‫تعرضــت الســتهداف مبــارش بصواريــخ‬ ‫أرض أرض نــوع «فيــل» أســفر عــن‬ ‫استشــهاد ثالثــة أشــخاص وجــرح‬ ‫عــدد مــن املدنيــن مــن بينهــم أطفــال‬ ‫ونســاء‪ ،‬فيــا اســتهدف جامــع طريــق‬ ‫الســد بصواريــخ غــراد‪ ،‬حيــث تزامــن‬ ‫القصــف مــع خــروج املصلــن مــن صــاة‬ ‫الجمعــة مــا أســفر عــن ســقوط عــدد‬ ‫مــن الجرحــى تــم إســعافهم إىل املشــايف‬ ‫امليدانيــة لتلقــي العــاج‪ ،‬وبعضهــم‬ ‫إصاباتهــم خطــرة‪.‬‬ ‫ويتعــرض الريــف الشــايل والشــايل‬ ‫الغــريب إىل قصــف همجــي مــن قبــل‬ ‫قــوات األســد واملليشــيات اإليرانيــة‬

‫جمل��ة م��دارس نين��وى العراقي��ة الس��نوية‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫صــدر العــدد األول مــن مجلــة مــدارس نينــوى‬ ‫العراقيــة‪ ،‬وهــو العــدد الســنوي األول ‪2015-2014‬‬ ‫وتجتمــع فيــه املعرفــة مــع اإللفــة‪ ،‬حيث تجــد بحوث‬ ‫األســاتذة القيّمــة‪ ،‬مــع كتابــات الطلبــة مــن مختلــف‬ ‫األعــار واملســتويات الدراســية‪ ،‬بحيــث يشــكل هــذا‬ ‫العــدد إضافــة تربويّــة‪ ،‬ومعرفيّــة للطــاب العــرب‬ ‫يف تركيــا‪ ،‬باإلضافــة إىل األســاتذة واملدرســن العــرب‪،‬‬ ‫ولعــل هــذا العــدد يحــض املــدارس العربيــة األخــرى‪،‬‬ ‫للتعبــر عــن نفســها ومنهجهــا‪ ،‬وعــن مواهــب طالبها‬ ‫مبثــل هــذا النشــاط الرتبــوي والعلمــي غــر املســبوق‬ ‫لــدى املــدارس العربيــة األخــرى‪.‬‬ ‫ويقــول ناهــض الرمضــاين يف إفتتاحيــة املجلــة‪:‬‬ ‫حينــا فتحــت مدرســة نينــوى العراقيــة أبوابهــا‬

‫للتالميــذ يف مدينــة أورفــا الرتكيــة‪ ،‬كنــا نــدرك أننــا‬ ‫نواجــه تجربــة جديــدة لكننــا مل نتخيــل متامـاً حجــم‬ ‫املســؤولية‪ ..‬كنــا نحــرص متامـاً عــى الظهــور بأفضــل‬ ‫مظهــر شــكالً وانضباط ـاً وســلوكاً‪ ،‬ألننــا أدركنــا أننــا‬ ‫ويف هــذا املــكان المنثــل أنفســنا فحســب‪ ،‬بــل منثــل‬ ‫العــراق كل العــراق أمــام أنضــار اآلخريــن‪ ،‬وأن‬ ‫اي ســلون ســلبي يصــدر عــن أحدنــا ســيكون لــه‬ ‫انعــكاس كبــر عــى صــورة الشــعب العراقــي ككل‪..‬‬ ‫وإن أي هفــوة لتلميــذ لــن تكــون مجــرد هفــوة‬ ‫عابــرة‪ ،‬بــل ســتكون يف أذهــان اآلخريــن صــورة‬ ‫منطيــة عــن العراقيــن‪.‬‬ ‫لعــل إصــدار مجلــة مــدارس نينــوى العراقيــة ســيكون‬ ‫مقدمــة إلصــدار صحيفــة وازنــة تكــون منــرا ً جديــدا ً‬ ‫للســوريني والعراقيــن ‪.‬‬

‫واللبنانيــة املدعومــة بالطــران الــرويس‬ ‫الــذي اســتهدف مــدن الشــيخ مســكني‬ ‫وأنخــل وجاســم وســملني ونــوى والحــارة‬ ‫بعــدد مــن الغــارات الجويــة اســتخدم‬ ‫فيهــا صواريــخ فراغيــة أســفرت عــن‬ ‫ســقوط عــدد مــن الشــهداء والجرحــى‬ ‫وإلحــاق دمــار كبــر يف املنــازل والبنيــة‬ ‫األساســية يف املــدن والبلدات املســتهدفة‪.‬‬ ‫ويــأيت هــذا التصعيــد متزامن ـاً مــع ورود‬ ‫أنبــاء عــن حشــود كبــرة لقــوات األســد‬ ‫يف مدينــة الصنمــن وإزرع يف ريــف درعــا‬ ‫الرشقــي مدعومــة مبدرعــات وآليــات‪ ،‬يف‬ ‫محاولــة الســتعادة املناطــق اإلسـراتيجية‬ ‫التــي خرستهــا لصالــح قــوات املعارضــة‬ ‫يف ريفــي درعــا والقنيطــرة‪ ،‬وخاصــة‬ ‫مثلــث املــوت االسـراتيجي الــذي يربــط‬ ‫بــن ريــف درعــا الشــايل الغــريب وريــف‬ ‫القنيطــرة وريــف دمشــق الغــريب‪،‬‬ ‫باملقابــل تواصــل قــوات النظــام تعزيــز‬ ‫أماكنهــا وتحصينهــا واالســتعداد ملعركــة‬ ‫حاســمة تلــوح يف األفــق خــال الفــرة‬ ‫القصــرة القادمــة‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫ن�يران التط��رف ُتي��ق‬ ‫باملرتددي��ن‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫الحصيلــة األوليــة لتفجــرات باريــس اإلرهابية تجاوزت‬ ‫املائــة وســتني قتي ـاً وأكــر مــن مئتــي جريــح‪ ،‬املــؤرشات‬ ‫األوليــة ألحــداث باريــس تؤكــد أن منفــذي العمليــة قامــوا‬ ‫بعملياتهــم الهجوميــة مبنتهــى الرسعــة والدقــة‪ ،‬واختــاروا‬ ‫أماكــن مزدحمــة مــن العاصمــة الفرنســية‪ ،‬ليحدثــوا أث ـرا ً‬ ‫أكــر يف القتــل والرعــب‪.‬‬ ‫عمليــة باريــس مل تكــن األوىل ولــن تكــون األخــرة‪ ،‬فقــد‬ ‫ســبقها قبــل يومــن تفجــرات بــرج الرباجنــة يف معقــل‬ ‫حــزب اللــه اللبنــاين يف الضاحيــة الجنوبيــة لبــروت‪،‬‬ ‫وقبلهــا تفجــر طائــرة الــركاب الروســية يف ســيناء‪ ،‬وأيض ـاً‬ ‫تفجــر طائــرة روســية أخــرى يف جنــوب الســودان‪ ،‬وقبــل‬ ‫هــذه وتلــك هجــوم شــاريل ايبــدو‪ ،‬وكلّهــا محصلــة مؤملــة‬ ‫نتيجــة التعاطــي الســلبي مــع اإلرهــاب وصانعيــه‪.‬‬ ‫املقدمــة الخاطئــة تقــود إىل نتائــج خاطئــة‪ ،‬هكــذا أراد‬ ‫الغــرب وعــى رأســه أمريــكا‪ ،‬أن تكــون مقدمتهــم خاطئــة‪،‬‬ ‫وهــم يلعبــون أدوارا ً ســلبياً يف تعاطيهــم مــع مفــرزات‬ ‫األزمــة يف ســوريا والعــراق‪ ،‬أمريــكا املــرددة‪ ،‬أمريــكا‬ ‫الجبانــة‪ ،‬التــي أخــذت دور النعامــة التــي تدفــن رأســها‬ ‫أمــام األخطــار املحدقــة بهــا‪ ،‬وبالغــرب املتعــايل عــى‬ ‫جــراح الشــعبني الســوري والعراقــي‪ ،‬أمريــكا برتددهــا‬ ‫أفســحت املجــال لصانعــي اإلرهــاب التمــدد عــى راحتهم‪،‬‬ ‫وأن يحفظــوا عروشــهم‪ ،‬وميعنــوا يف قتــل شــعوبهم بطــرق‬ ‫شــتى‪.‬‬ ‫منــذ أكــر مــن ســنة ونصــف تقريب ـاً التقــت يب صحافيــة‬ ‫مــن بلجيــكا وســألتني عــن الغــرب وتعاطيــه مــع األزمــة‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وكانــت أمريــكا قــد بــدأت حديثــاً بتشــكيل‬ ‫التحالــف الــدويل ضــد اإلرهــاب‪ ،‬قلــت لهــا حرفيــاً إذا‬ ‫كانــت أمريــكا جــادة يف محاربــة اإلرهــاب فعليهــا أوالً‬ ‫أس اإلرهــاب‪ ،‬واســتمعت إ ّيل متصنعــة‬ ‫القضــاء عــى ّ‬ ‫أس اإلرهــاب الحقيقــي يف ســوريا هــو‬ ‫البالهــة‪ ،‬وقلــت‪ّ :‬‬ ‫بشــار األســد ونظامــه‪ ،‬وقبلهــا أخطــأت أمريــكا وهــي‬ ‫تقــف موقــف املتفــرج مــن أحــداث إنهــاء االعتصــات‬ ‫الســلمية يف الرمــادي‪ ،‬وكيــف ســاعدت عــى تفريــخ‬ ‫اإلرهــاب هنــاك عندمــا أطلــق املالــي املتطرفــن مــن‬ ‫ســجون العـراق‪ ،‬وكيــف ُولــدت جيــوش الحشــد الشــعبي‬ ‫الطائفيــة التــي احتلــت مواقــع الدولــة وغ ّيبــت دورهــا‬ ‫الحقيقــي يف التعاطــي مــع األزمــة‪ ،‬وكيــف اســتطاعت‬ ‫هــذه الفئــات الضالــة أن توقــظ النائــم منــذ أكــر مــن‬ ‫أربعــة عــر قرنــاً‪ ،‬وتشــعل حربــاً طائفيــة بــن فئــات‬ ‫املســلمني وطوائفهــم‪ ،‬وهــي تــدرك أن البــاد واملنطقــة‬ ‫تســر نحــو الهاويــة‪ ،‬وأن النــار التــي ســاعدت يف إرضامهــا‬ ‫ســتأيت عــى األخــر واليابــس‪ ،‬ومتتــد لتطــال مــن دفنــوا‬ ‫رؤوســهم يف الرمــال وهــم ينظــرون إىل الشــعبني العراقــي‬ ‫والســوري‪ ،‬وهــم يُقتلــون تحــت رايــة محاربــة اإلرهــاب‬ ‫املضللــة لشــعوب األرض كلّهــا‪.‬‬ ‫مــاذا تنتظــر أمريــكا ومــن ورائهــا الغــرب املتعــايل‪ ،‬وهــم‬ ‫يشــاهدون الشــعب الســوري‪ ،‬وهــو يُقتــل عــى أيــدي‬ ‫صانــع اإلرهــاب األســد وزبانيتــه‪ ،‬ومــن يدعمــه مــن‬ ‫الــروس واإليرانيــن‪ ،‬وألويــة القتــل الطائفيــة؟! ومــاذا‬ ‫ينتظــرون مــن العراقــي الــذي يُقتــل عــى أيــدي الحشــد‬ ‫الطائفــي ومــن يقــف خلفــه؟! وإذا مــا ظلّــوا يتعاطــون‬ ‫مــع أزمتنــا بهــذا األفــق الضيــق‪ ،‬ســتأكلهم نــران التطــرف‬ ‫التــي يدفعــون النــاس إليهــا دفعـاً‪ ،‬واأليــام ُحبــى بأحــداث‬ ‫مرعبــة ســيكون مثنهــا باهظ ـاً‪ ،‬ســيكون هنــاك قتــل كثــر‬ ‫وتضييــق عــى الحريــات يف كل بقــاع الدنيــا‪ ،‬وأخــى مــا‬ ‫أخشــاه أن يُعــاد تأهيــل املســتبد الطاغيــة مــن جديــد يف‬ ‫مقابــل مزيــد مــن دمــاء األبريــاء‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫داعش ح ّوَلت حتى غرف ضخ املياه إىل معتقالت وأماكن للتعذيب‪ ..‬واالقرتاب من القرآن متنعه سالسل احلقد واإلذالل!‬

‫ما ُ‬ ‫زلت أنام مكبّل اليدين والقدمني‬

‫حازم الحسين *‬

‫والصيــام يومــن يف األســبوع‪ ،‬كان يــأيت مــن‬ ‫التحقيــق‪ ،‬ال يتحــدث بــأي حــرف‪ .‬يف اليــوم‬ ‫الثــاين يخــرين بــأن ِصبيـ ًة مــن التنظيــم أهانــوه‬ ‫بعــد «إفحامهــم» باألحاديــث واآليــات‪ ،‬أوصــاين‬ ‫قبــل خروجــي بيــوم‪« :‬إذا جــى يــوم وطلعــت‬ ‫وصــل ألهــي ســامي‪ ،‬وألبــو شــيامء‬ ‫يــا حــازم‪ّ ،‬‬ ‫(أحــد رشعيــي التنظيــم) عــن مــكان اعتقــايل‪،‬‬ ‫عــى أن ينظــر اللــه بوجهــي ويف ـ ّرج عنــي»‪،‬‬ ‫وإىل يومنــا هــذا مل يف ـ ّرج اللــه عنــه‪.‬‬

‫عامان وأنا أنام مكبل اليدين والقدمني‪،‬‬ ‫حيرسين أحدهم خلف األبواب‪ ،‬يتلصص‬ ‫ثقب ال يتجاوز‬ ‫النظر بني ٍ‬ ‫حني وآخر من ٍ‬ ‫قطره بؤب َؤ العني‪.‬‬ ‫أترق��ب َ‬ ‫لي��ل الثالث��اء املق��دس يف حلق��ة‬ ‫ُ‬ ‫التحقي��ق األس��بوعية‪ ،‬وأي��اً كان��ت‬ ‫ُ‬ ‫طريق��ة التحقي��ق أو أث�� ُر النتائ��ج عل��ى‬ ‫يهم�ني بع��د‬ ‫تهم�ني‪ ،‬م��ا ّ‬ ‫مص�يري فإنه��ا ال ّ‬ ‫تبل�� ٍد يف العق��ل واجلس��د‪ ،‬ه��و اإلحس��اس‬ ‫بكون��ي بش��راً‪ ،‬حيوان��اً‪ ،‬أو ج ّن��اً‪ ،‬ب ّ‬ ‫��أي ش��يء‬ ‫جيربن��ي عل��ى مراجع��ة التفك�ير مبس��ألة‬ ‫وج��ودي عل��ى ه��ذه األرض‪َ .‬‬ ‫كان ش��عو ٌر‬ ‫بالراح��ة الداخلي��ة ينتاب�ني ح�ين أمس��ع‬ ‫أس��ئلة احملق��ق تنه��ال عل ّ��ي‪ ،‬واأل ُ‬ ‫مل النات��ج‬ ‫��دات عل��ى ظه��ري ُت ُ‬ ‫��رك ال��دم يف‬ ‫ع��ن جل ٍ‬ ‫عروق��ي‪ ،‬خيدرن��ي الحق��اً‪ ،‬ويأخذن��ي إىل‬ ‫��وم عمي��ق لطامل��ا ُح ِرم��ت من��ه‪.‬‬ ‫ن ٍ‬

‫التحقيق‬

‫ٌ‬ ‫رحلة إىل اجملهول‬

‫فوهــة املســدس الحلزونيــة‪ ،‬وصديقــي حســان‬ ‫الــذي كان ينتظــر محبوبتــه يف زاويــة الحــي‪،‬‬ ‫آخــر مشـ ٍ‬ ‫ـهد التقطتــه عينــي قبــل استســامي‬ ‫دون مقاومــة ألربعــة مق ّنعــن مســلحني‪.‬‬ ‫يف رحلــ ٍة للغيــاب طالــت شــهرا ً ِ‬ ‫عــت‬ ‫وض ُ‬ ‫بينهــم ورأيس بــن قدمــي‪ ،‬يف معاملــ ٍة فائقــة‬ ‫االحــرام‪ .‬رغــم ظــام الليــل والعصبــة التــي‬ ‫لفــت عينــي‪ ،‬ووســط هــذا الخــوف واالرتبــاك‪،‬‬ ‫إال أننــي أعــرف أيــن ذهبنــا يف املحطــة األوىل‬ ‫وكل أغني ـ ٍة‬ ‫والثانيــة والثالثــة حيــث املســتقر‪ّ .‬‬ ‫ثوريــ ٍة مــن َ‬ ‫تلــك التــي تتغنــى بلــواء أحفــاد‬ ‫الرســول‪ ،‬وحكاياتهــم بــن بعضهــم البعــض‬ ‫عــن الفديــة والــرؤوس التــي ق ُِطعــت ســابقاً‪،‬‬ ‫وعــن مطــاردات «التنظيــم» لهــم‪ ،‬وعــن أنهــم‬ ‫مجموعــ ٌة مســتقلة تعمــل مــن أجــل املــال‬ ‫حينـاً‪ ،‬وأنهــم خاليــا «األحفــاد» حينـاً آخــر‪ .‬كلّها‬ ‫محــاوالتٌ تكللــت بالنجــاح يف عقولهــم عــى‬ ‫بــاط أمريهــم «أبــو لقــان»‪ ،‬وبــا َءت بالفشــل‬ ‫عنــدي وعنــده‪ ،‬هــو ذيكٌ بقــدر مــا كانــت‬ ‫حاشــيته غبيــة‪ .‬وأنــا أيضــاً ال أنــى شــوارع‬ ‫مدينتــي‪ ،‬أو مقــار «دولتهــم»‪ ،‬ولســت مبســتوى‬ ‫غبائهــم الــذي وصــل إىل درجـ ِة أنهــم ح ّدثــوين‬ ‫عــن قصصهــم حــن يطاردهــم تنظيــم الدولــة‬ ‫ٍ‬ ‫وقــت كنــت‬ ‫وســط إطــاقٍ نــا ٍر متبــادل‪ ،‬يف‬ ‫أجلــس عــى قبضــة اتصــال‪ ،‬وأســمع صوتهــا‬ ‫املنخفــض حــن يتحــدث أحدهــم مــع اآلخــر‪.‬‬

‫ليالي الظالم‬

‫لليــوم الســابع عــى التــوايل‪ُ ،‬ربِطــت قدمــاي‬ ‫بأربعــة سالســل حديديــة بطــول ‪ ٣٠‬ســم مثبتــة‬ ‫عــى الحائــط‪ ،‬وأربعـ ِة أقفــا ٍل حديديــة‪ ،‬ويــداي‬ ‫بكلبشــات‪ ،‬وثــاث بطانيــات‪ ،‬ومصحــف‪،‬‬ ‫وصنــدوق النتخابــات مجلــس املحافظــة مــي ٍء‬ ‫باملــاء‪ ،‬إضاف ـ ًة إىل علب ـ ٍة فارغــة للتبــول فيهــا‪.‬‬ ‫ممنــو ٌع عــي كل يشء‪ ،‬وجبــة طعــامٍ يوميــة‬ ‫فقــط‪ ،‬كانــت غالبـاً علبــة حمــص ورغيــف خبــز‬ ‫ـمح يل بالذهــاب إىل الحــام‬ ‫وبعــض التمــر‪ .‬يُسـ ُ‬ ‫مــر ًة واحــدة يومي ـاً‪ ،‬وحتــى اليــوم ال أدري مــا‬ ‫الغايــة مــن وجــود مصحـ ٍ‬ ‫ـف وال أســتطيع فتحه‪،‬‬ ‫ومــا ٍء للوضــوء وأنــا ال أســتطيع الوقــوف‪ ،‬كانــت‬ ‫الصــاة دون وضــو ٍء وأنــا مســتلقٍ عــى جنبــي‬ ‫وال أعــرف اتجــاه القبلــة‪ ،‬هــذا عندمــا حاولــت‬ ‫إقنــاع أحــد املنتســبني حديث ـاً للتنظيــم بأننــي‬ ‫مســلم وأعــرف الصــاة‪ ،‬وســ َط دهشــته بــأن‬ ‫هنــاك مــن يحفــظ آيـ ٍ‬ ‫ـات مــن القــرآن ويعــرف‬ ‫الصــاة يف ســجونهم‪ ،‬وكان دومــاً يــرر ذلــك‬ ‫كاذب ألن «الدولــة» ال تظلــم أحــدا ً‪ ،‬وأن‬ ‫بأننــي ٌ‬ ‫مــن أفتــى باعتقــايل يُؤ َج ـ ُر مرتــن‪ ،‬األوىل عــن‬

‫ـاب يف فتــواه‪.‬‬ ‫اجتهــاده‪ ،‬والثانيــة إن أصـ َ‬

‫املنفردة‬

‫ـت كاألعمــى‪ ،‬يقبــض عــى يســاري «أبــو‬ ‫دخلـ ُ‬ ‫حمــزة» الســ ّجان‪ ،‬ارتطــ َم وجهــي بأحدهــم‬ ‫(عرفتــه الحق ـاً)‪ .‬أجلســني وبــدأ بعمليــة ربــط‬ ‫الجنازيــر والكلبشــات‪ ،‬ثــم قــال‪« :‬افتــح عينيــك‬ ‫بعــد خروجــي»‪.‬‬ ‫كانــت غرفــ ًة بطــول مثانيــة أمتــار وعــرض‬ ‫أربعــة‪ ،‬يتوســطها لوحــة تحكــمٍ الكرتونيــة‬ ‫ملضخــة نفــط بــر «العكــريش»‪ ،‬وممـ ٌر مبســافة‬ ‫ـت عــى أحــد كابــات‬ ‫مــر يحيطهــا‪ ،‬وأنــا مثبـ ٌ‬ ‫التوتــر العــايل‪ .‬انتابنــي شــعو ٌر بالفــرح قلي ـاً‪،‬‬ ‫مــكا ٌن جديــد ومعــامل جديــدة غــر الجــدران‬ ‫األربعــة‪ ،‬إضافـ ًة إىل شـ ّباك يف أعــى الغرفــة أرى‬ ‫منــه نــور الشــمس‪ ،‬بعــد حرمــان لســبعة أيــام‬ ‫يف غرفــة بأربعــة جــدران فقــط‪ ،‬وال يش َء آخــر‪.‬‬

‫يوميات‬

‫كريهــة جــدا ً‪.‬‬ ‫يف ليلــ ٍة ظلــاء كانــت األخــرة يل ولــه‪ ،‬تــم‬ ‫ٍ‬ ‫شــخص عراقــي ال أعــرف‬ ‫وضعــه بينــي وبــن‬ ‫اســمه يف ســيارة جيــب‪ .‬كان يرتجــف بشــكلٍ‬ ‫مخيــف‪ ،‬مل أكــن أعــرف مصــره حينهــا‪ ،‬لكنــه‬ ‫ٍ‬ ‫ســاعات قليلــة تفصلــه عــن‬ ‫كان يعــرف أ ّن‬ ‫موتــه املنتظــر‪ ،‬وهــذا مــا حصـ َـل فعـاً صبيحــة‬ ‫إطــاق رساحــي‪ ،‬حيــث أُ ِ‬ ‫عــد َم يف ســاحة‬ ‫املحافظــة‪ ،‬بطلقــ ٍة بالــرأس‪.‬‬ ‫طلــق رساحــه معــي‪ ،‬كان رجــاً‬ ‫العراقــي أُ َ‬ ‫خمســينياً مــن تنظيــم دولــة العـراق يف بغــداد‪،‬‬ ‫ـرب مــن هنــاك بعــد أن ك ُِشــف أمــره ليلتحق‬ ‫هـ َ‬ ‫بالتنظيــم يف ســوريا‪ ،‬وكان مصــره االعتقــال‬ ‫لـــخمس ٍة وأربعــن يومــاً بعــد دخولــه تــل‬ ‫أبيــض بســاعات‪ ،‬وكان بحوزتــه ثالثــون ألــف‬ ‫يــورو كدعــمٍ مــن مجموعــة عراقيــن للتنظيــم‬ ‫ر يف‬ ‫يف ســوريا‪ .‬اتُهِــم بانتحــال شــخصية عنــ ٍ‬ ‫تبــن أليب لقــان أن‬ ‫التنظيــم‪ ،‬لكــن بعــد أن ّ‬ ‫الرجــل كان صادقــاً‪ ،‬وأنــه فعــاً مــن تنظيــم‬ ‫دولــة الع ـراق‪ ،‬تــم رفضــه يف ســوريا بحجــة أن‬ ‫التنظيــم ال يحتــاج رجــاالً هنــا‪ ،‬وطُـ ِر َد إىل تركيــا‬ ‫واســتوىل أبــو لقــان عــى أموالــه‪.‬‬

‫كان التحقيــق يــدور يف كل يشء حــول القضيــة‬ ‫األساســية‪ ،‬لكــن املحقــق ال يتطــرق إىل مــا‬ ‫يريــد‪ ،‬يـ ُ‬ ‫ـرك الســجني يسرتســل يف كالمــه‪ ،‬حتــى‬ ‫يصطــاده بكلمــ ٍة عاثــرة ال يعرفهــا املحقــق‪،‬‬ ‫ليبحــث عــن ت ُ َهــمٍ جديــدة ومعلومـ ٍ‬ ‫ـات يجهلهــا‬ ‫عــن الســجني‪ ،‬أو عــن فريس ـ ٍة أخــرى‪.‬‬ ‫ـت حــذرا ً جــدا ً‪ ،‬أنتظـ ُر اللكمـ َة عــى وجهــي‬ ‫كنـ ُ‬ ‫قبــل اإلجابــة عــى يشء‪َ .‬عجِــ َز أبــو لقــان‬ ‫وحاشــيته عــن اصطيــا ِد يش ٍء منــي‪ ،‬حتــى مــن‬ ‫حســايب الفيــس بــوك والســكايب‪ ،‬بعــد تأمينــي‬ ‫للحســابات يف وقـ ٍ‬ ‫ـت ســابق‪ ،‬حيــث أنهــا ت ُغلَــق‬ ‫ملجــرد تغيــر املوقــع‪ ،‬وال ميكــن اســردادها إال‬ ‫مــن املوقــع املحــدد الــذي هــو منــزيل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي وانهــال باألســئلة عــن‬ ‫حــاول‬ ‫االلتفــاف عــ َّ‬ ‫مــكان إقامــة خالــد الحــاج صالــح‪ ،‬وعــن‬ ‫أســباب اتهــامِ خالــد للتنظيــم بخطــف شــقيقه‬ ‫األصغــر فـراس‪ ،‬وعــن ممــويل حملــة «علمنــا»‪،‬‬ ‫أجيــب ببالهــ ٍة أننــي ال أعــرف عــن‬ ‫وكنــت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مــن يتحــدث‪ ،‬وال أعــرف هــؤالء األشــخاص‬ ‫ـت فيــه بعضـاً مــن‬ ‫إطالقـاً‪ .‬حتــى جــا َء يــو ٌم رأيـ ُ‬ ‫عنــارص التنظيــم املنتســبني حديثــاً يتــوددون‬ ‫إ ّيل ويحدثوننــي بلطــف‪ ،‬ويقولــون إنهــم عــى‬ ‫اطــا ٍع مبلفــي‪ ،‬وإن التنظيــم ال يظلــم أحــدا ً‪،‬‬ ‫وإنهــم مارســوا ضغوطــاً عــى «أبــو لقــان»‬ ‫أي تهمــ ٍة‬ ‫إلخــاء ســبييل بعــد عــدم إثبــات ّ‬ ‫ي‪ ،‬وال حتــى زلــة لســان‪.‬‬ ‫عــ ّ‬

‫ٌ‬ ‫حرية مشروطة‬

‫اســتيقظت يف الثانيــة بعــد منتصــف الليــل‬ ‫ُ‬ ‫عــى أصــوات أقفــال األبــواب التــي فُ ِت َحــت‪،‬‬ ‫أبــو حمــزة السـ ّجان‪« :‬أمــي عــى التحقيــق»!‬ ‫دخلــت بهــدوء‪ ،‬أجلســوين‪ ،‬وبــدأ أبــو لقــان‬ ‫قائــاً‪« :‬راح نطالعــك‪ ،‬بعــد مــا توقــع عــى‬ ‫هالورقــة»‪ ،‬وأمــر بإزالــة العصبــة عــن عينــي‪،‬‬ ‫وبــدأتُ اقــرأ‪:‬‬ ‫ال أتفــوه بحـ ٍ‬ ‫ـرف واحــد عــن مــكان اعتقــايل‪ ،‬وال‬ ‫عــن الجهــة التــي اعتقلتنــي‪.‬‬ ‫أي مــن املعتقلــن‪( ،‬قاصديــن‬ ‫ال أتصــل بــذوي ٍّ‬ ‫فيهــا أبــو عبــد الرحمــن)‪.‬‬ ‫أي أحــد‪ ،‬وتحديــدا ً «بنــي‬ ‫ال أسـ ُ‬ ‫ـتقبل يف منــزيل ّ‬ ‫علــان وصبيــة الجــوالين»‪.‬‬ ‫باح‬ ‫ّ‬ ‫وأي إخــا ٍل بأحــد هــذه الــروط‪ ،‬ســيُ ُ‬ ‫دمــي‪.‬‬ ‫مل أشــعر بالــرد حينهــا‪ ،‬لكــن «عقيــل» جعلنــي‬ ‫أرتجــف مثلــه بشــعو ٍر ال إرادي‪ ،‬حتــى دخلــت‬ ‫بنــا الســيارة إىل مبنــى املحافظــة الخلفــي‪،‬‬ ‫وقــادين أحــد العنــارص إىل البوابــة ودفعنــي‬ ‫ـت‬ ‫قائـاً‪« :‬عــى أهلــك وال تديــر وجهــك»‪ .‬وقفـ ُ‬ ‫وتابعــت املســر وأنــا ُّ‬ ‫أفــك عصبتــي‬ ‫للحظــة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عــن رأيس‪ ،‬أضــوا ُء املدينــة الصفــراء وســاح ُة‬ ‫ـت‬ ‫املحافظــة‪ ،‬شــوار ُع خاليـ ٌة مــن كل يشء‪ .‬تابعـ ُ‬ ‫مســري إىل بائــع التبــغ عنــد «د ّوار الســاعة»‬ ‫ـهيق مــن‬ ‫وطلبــت منــه علبــة «وينســتون»‪ .‬شـ ٌ‬ ‫الســيجارة التــي أحــب بعــد انقطــا ٍع لشــهر‬ ‫كا َن يلزمــه فنجــان قهــو ٍة محـ َّـى تحــت عريشــة‬ ‫العنــب يف منزلنــا‪ ،‬لكــن جلــويس عــى الرصيــف‬ ‫قــرب حاويــة قاممــة أبعـ َد رائحـ َة القهــوة عني‪،‬‬

‫وأبعـ َد منــزيل ســفر مئــة عــام‪ .‬مل تعــد قدمــاي‬ ‫قادرتــان عــى حمــي تلــك املســافة حتــى‬ ‫أدركنــي صاحــب التبــغ وعــرض املســاعدة‪،‬‬ ‫ألعــو َد بعدهــا إىل صحــويت وأتابــع مســري‪،‬‬ ‫وأقيــس بعــد النظــر يف الطرقــات والســاء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ر عــى مســافة‬ ‫ـ‬ ‫يقت‬ ‫ـري‬ ‫ـ‬ ‫نظ‬ ‫ـدى‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫أن‬ ‫بعــد‬ ‫ُ‬ ‫مرتيــن أو أقــل‪.‬‬ ‫مل أكــن أعلــم مــا حــل مبدينتــي وأهلهــا خــال‬ ‫رحلــة الغيــاب هــذه‪ ،‬لكــن الرصاصــات التــي‬ ‫اخرتقــت جمجمــة صديقــي «مهنــد حبايبنــا»‬ ‫كانــت أول حديــث دار بينــي وبــن أخــي‬ ‫األصغــر أحمــد حــن ســألته عــن أخينــا أيهــم‪.‬‬ ‫ر ّد قائــاً أن أيهــم قــد خــرج اىل تركيــا‪ ،‬هــو‬ ‫وكل أصدقائــه‪ ،‬بعــد مقتــل مهنــد يف قريــة‬ ‫الفخيخــة غــريب الرقــة برصاصتــن بالــرأس‪ .‬مـ ّر‬ ‫خــر مقتــل مهنــد مــرور الك ـرام دون أي أثــر‬ ‫عــي‪ ،‬وكأنــه خــرج مــع أخــي وأصحابــه إىل‬ ‫غائــب هــو كغــره مــن الغائبــن بــن‬ ‫تركيــا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مه ّجــر وصامــد‪ .‬مل يكــن مقتــل مهنــد آخــر‬ ‫حديــث‪ ،‬حيــث تابــع أخــي يف اليــوم التــايل‬ ‫قائــاً إن اشــتباكات متقطعــة اندلعــت بــن‬ ‫«الدولــة» وكتائــب الجيــش الحــر يف ريفــي‬ ‫ادلــب وحلــب‪ ،‬مضيفــاً أن معــارك مشــابهة‬ ‫دارت يف بلــدة تــل الســمن شــال الرقــة بــن‬ ‫داعــش ولــواء «الجهــاد يف ســبيل اللــه» التابــع‬ ‫للجيــش الحــر انتهــت بســقوط عـرات القتــى‬ ‫والجرحــى‪ ،‬وانســحاب األخــر إىل بلــدة رصيــن‬ ‫يف أقــى الشــال الغــريب للجزيــرة الســورية‪.‬‬ ‫بهــذه االحاديــث يبــدأ يومــي‪ ،‬وينتهــي ليــي‬ ‫بحديـ ٍ‬ ‫ـث عــن مفاوضــات بــن أهــي وعنــارص‬ ‫الدولــة عــى فديــة قدرهــا مئتــي ألــف لــرة‬ ‫ســورية قبــل قطــع عنقــي‪ ،‬وكنــت دومــاً‬ ‫أتســاءل ببالهــة إن كانــوا قــد خطفــوا كلبــاً‬ ‫حتــى أكــون رخيصــاً إىل هــذا الحــد!! املبلــغ‬ ‫كلــه ال يســاوي ألــف دوالر‪ ،‬فيجيــب أخــي‬ ‫عــى ســخافتي‪« :‬يــا أخــي املفاوضــات كانــت‬ ‫عبــارة عــن اســتفزاز ألعصابنــا‪ .‬كانــوا يفاوضــون‬ ‫دقيقــة‪ ،‬ثــم يغيبــون أســبوعاً‪ ،‬وهكــذا‪.»..‬‬ ‫ـت للجميــع عــن‬ ‫بعــد خروجــي بيومــن تحدثـ ُ‬ ‫الجهــة التــي اعتقلتنــي وعــن مــكان االعتقــال‪،‬‬ ‫وأرســلت ســاماً لعائلــة أيب عبــد الرحمــن‬ ‫ُ‬ ‫واســتقبلت يف‬ ‫لكننــي مل أصــل إىل أيب شــيامء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ـت بقدمــي إىل‬ ‫منــزيل كل بنــي علــان‪ ،‬وذهبـ ُ‬ ‫صبيــة الجــوالين يف مقــام أويــس القــرين‪ ،‬بعــد‬ ‫ي‪.‬‬ ‫رفضهــم زيــاريت «خوف ـاً» ع ـ ّ‬ ‫ـت‬ ‫كنــت أعلــم أن دمــي قــد أ ُهـ ِـد َر ســوا َء أخللـ ُ‬ ‫بالــروط أم ال‪ ،‬أنــا الزائـ ُر الوحيــد الــذي خــرج‪،‬‬ ‫وأنــا الــذي انتظــرتُ رصاصــ ًة طائشــة مــن‬ ‫شــخص ال أعرفــه طيلــة أشــهر‪ ،‬حتــى مغــادريت‬ ‫األخــرة للمدينــة‪ .‬منــذ عــامٍ وعــرة أشــه ٍر وأنــا‬ ‫هنــا وهنــاك‪ ،‬أرى مــن كان يُفــرض أن أمــوت‬ ‫قبلهــم وقــد ماتــوا قبــي‪ ،‬وخ ُِط َفــت أجســادهم‬ ‫أي أثــر‪ ..‬إىل األبــد!‬ ‫حرق ـاً دون ّ‬ ‫ـت أنام مك ّبــل اليديــن والقدمني‬ ‫ـ‬ ‫زل‬ ‫عامــان‪ ،‬ومــا ُ‬ ‫دون قيــو ٍد أو سالســل حديديــة‪ ،‬مــا زالت عيون‬ ‫الس ـ ّجان تراقبنــي بــن الحــن واآلخــر‪ ،‬القلـ ُـق‬ ‫ُ‬ ‫واألرق والليــل الطويــل‪ ،‬الوحــدة‪ ،‬وفــأ ٌر تس ـلّل‬ ‫ـئ بنــومٍ عميــقٍ يخنقنــي‪ .‬مــا‬ ‫بــن ضلوعــي و َه ِنـ َ‬ ‫ز َال صــوت أيب عبــد الرحمــن يقــرأ القــرآن ليـاً‬ ‫وعويــل «املرتديــن» يؤملنــي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عــى مســامعي‪،‬‬ ‫ـت أفكــر‪ :‬مــن هــم؟ ومــن هنــاك؟ هــل‬ ‫مــا زلـ ُ‬ ‫فــراس وإبراهيــم ومحمــد نــور وعبــد اإللــه‬ ‫وكل مــن ُسِقــوا‪ ..‬هنــاك؟ وهــل أهـ ُـل مدينتــي‬ ‫هنــاك؟ هــل َ‬ ‫ذاك الســجن الكبــر بخــر؟‬ ‫لســت بخــر‪ ،‬ومل أغــادر زنزانتــي منــذ‬ ‫أنــا‬ ‫ُ‬ ‫وتركــت أهلهــا‪.‬‬ ‫غــادرتُ مدينتــي‬ ‫ُ‬

‫ـب مــا‬ ‫ُ‬ ‫أجلــس أكــر مــن عرشيــن ســاع ًة أراقـ ُ‬ ‫حــويل‪ ،‬ال أتكلــم‪ ،‬ال أتحــرك‪ ،‬ال أفعل شــيئاً‪ ،‬ليس‬ ‫ي‬ ‫هنــاك يش ٌء أكــر مــن أن أحــاول تحريــك ف ـ ّ‬ ‫بــن الحــن واآلخــر‪ ،‬أو أســم َع أزيــز الهــدوء‪ ،‬أو‬ ‫عويـ َـل ومناجــاة املعتقلــن يف حلقــات التعذيب‬ ‫التــي تــأيت أصواتهــا مــن بعيــد‪ .‬مل أعــد أشــعر‬ ‫بــيء إطالقــاً‪ ،‬أنتظــر الــايشء‪ .‬أتقلــب ميينــاً‬ ‫ويســارا ً بحركــة محــدودة ال تشــمل القدمــن‬ ‫ٍ‬ ‫محــاوالت بائســ ٍة للنــوم يف ســاعات‬ ‫يف عــدة‬ ‫الفجــر املتأخــرة‪ ،‬ال أكا ُد أغفــو قليــاً حتــى‬ ‫أســتيق َظ عــى دغدغــة فــأ ٍر َد َخـ َـل تحــت ثيــايب‬ ‫ـرج برسعـ ٍة مــن عنقــي‬ ‫وتجـ َّو َل يف صــدري‪ ،‬ليخـ َ‬ ‫العســاف «أبــو عبــد الرحمــن»‪،‬‬ ‫مــرورا ً عــى وجهــي‪ ،‬كنــت أرتعــش قرفــاً يف عبــد اللــه ّ‬ ‫رجــل خمســيني‪ ،‬كان محققــاً يف الهيئــة‬ ‫ٌ‬ ‫بدايــة األمــر‪ ،‬ثــم أصبــح األمــر مســلياً عنــدي‪،‬‬ ‫الرشعيــة بالرقــة‪ ،‬وأحــد دعــاة املدينــة‪ .‬اعتُقــل‬ ‫ـت أحيان ـاً أنتظــر قدومــه!!‬ ‫حتــى أننــي كنـ ُ‬ ‫عــى يــد املخابــرات الجويــة والعســكرية‬ ‫يف دمشــق عــدة مــرات بتهمــة «الســلفية»‪،‬‬ ‫شركا ُء املوت‬ ‫خطفــه التنظيــم مــن عــى دراجتــه الناريــة‬ ‫ـطل أبيــض مــيء بالبــول‬ ‫يف زاويــة الغرفــة سـ ٌ‬ ‫أمــام مقــر الهيئــة الرشعيــة يف امللعــب البلــدي‬ ‫غامــقِ اللــون يعــود للســجني الســابق الــذي‬ ‫وســط املدينــة ثــاين أيــام عيــد األضحــى‪ ،‬دون‬ ‫ارتطــم وجهــي بوجهــه‪ ،‬كان يدعــى «عقيــل»‪،‬‬ ‫توجيــه أي تهمــ ٍة لــه‪.‬‬ ‫ـرض مــن عنــارص تنظيــم الدولــة ات ُهــم‬ ‫وهــو ممـ ٌ‬ ‫دخــل إىل الغرفــة املجــاورة‪ ،‬وهــي لوحــة‬ ‫بالعاملــة لصالــح تركيــا‪ ،‬ومل يســعف عنـرا ً مــن‬ ‫تحكــمٍ أخــرى مفصولــة عــن غرفتــي بواســطة‬ ‫التنظيــم إىل تركيــا إال وتــويف العنــر‪ .‬اتُهــم‬ ‫بــاب خشــبي مدعــم بقضبــان حديديــة‪ ،‬لكنهــا‬ ‫بقتلهــم عمــدا ً وبيــع أعضائهــم حســب روايــات‬ ‫مل متنــع التواصــل بيننــا يف األيــام الســبعة‬ ‫مريــض ِكىل أو مــا شــابه‪ ،‬مــا‬ ‫عنارصهــم‪ ،‬كان‬ ‫َ‬ ‫قليــل الــكالم‪،‬‬ ‫ٍ األخــرة يل هنــاك‪ .‬كان هادئــاً َ‬ ‫يجعلــه يتبــول كثــرا ً ببــو ٍل غامــق ورائحــة‬ ‫يقــي معظــم وقتــه يف قـراءة القــرآن والصــاة‪ * ،‬ناشط ثوري من ال ّرقة‪ .‬يقيم حالياً يف تركيا‪ ،‬ويُنشر املقال باالتفاق مع موقع اجلمهورية‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أسعد فخري‬

‫‪7‬‬

‫املذحبة املفتوحة‪« !..‬فئران املخابر‪ ،‬وجتارب الفوضى اخلالقة» ‪/ 3 /‬‬

‫مثــة العديــد مــن املفارقــات الالفتــة التــي‬ ‫أمعنــت يف إشــاعة مفاعيــل صاخبــة لتأثيــث‬ ‫الوجــوه املتعــددة لنظريــة «التدمــر البنــاء»‪،‬‬ ‫والتــي تــم مــن خاللهــا صياغــة أســس أكــر‬ ‫جاذبيــة لرتويــج‪ ،‬وتســويق مهــات مســتحدثة‬ ‫اشــتغلت عــى أبعــاد جديــدة يف إطــار أنســاق‬ ‫أتــون الحــرب الفكريــة‪ ،‬والثقافيــة الناعمتــن‬ ‫داخــل دوائــر صناعــة القــرار يف البيــت‬ ‫األبيــض إبــان حكــم «جــورج بــوش االبــن»‪،‬‬ ‫وفريــق أمنــه القومــي الــذي اســتطاع تقديــم‬ ‫منــوذج فريــد مــن نوعــه يقــوم عــى عســكرة‬ ‫املعايــر الفكريــة‪ ،‬والثقافيــة‪ ،‬وتفعيلهــا‬ ‫تحــت مســميات عديــدة تتفــق‪ ،‬ومــا يعنيــه‬ ‫اصطــاح أمــراء «النيوكونــز» الــذي أهــدرت‬ ‫عــى تطلعاتــه القــذرة العديــد مــن مراكــز‬ ‫البحــوث االستشــارية أوقاتــاً مضنيــة لرســم‬ ‫مالمحــه‪ ،‬وتأثيــث معايــر تفعيلــه داخــل‬ ‫مختــرات «التدمــر البنــاء»‪ ،‬ســعياً منهــا‬ ‫إليجــاد مقاربــات موضوعيــة ت ُســوق قبــول‬ ‫نظريــة املحافظــن الجــدد داخــل التجمعــات‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬والثقافيــة‪ ،‬والفكريــة يف الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬وال يفوتنــا يف هــذا الجانب‬ ‫املهــم مــن رسديــة «النيوكونــز» الجهــد الــذي‬ ‫بذلتــه داخــل أوســاط الــرأي العــام األمريــي‬ ‫مــن اجــل إيصــال الرئيــس «رونالد ريغــان» إىل‬ ‫البيــت األبيــض مســتثمرين اإلهانــة التاريخيــة‬ ‫التــي تعرضــت لهــا الواليــات املتحــدة مبــا‬ ‫يخــص قضيــة رهائــن الســفارة األمريكيــة يف‬ ‫طه ـران‪ ،‬وذلــك مــا ســاهم يف حرمــان الرئيــس‬ ‫«جيمــي كارتــر» مــن الفــوز بواليــة ثانيــة‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ أمنــاط عســكرة الفكــر ومرجعيــات‬ ‫«النيوكونــز»‪:‬‬ ‫إن حالــة االنحطــاط االســتثنائية يف السياســة‬ ‫األمريكيــة الخارجيــة تجــاه شــعوب الــرق‬ ‫األوســط بــدأت تظهــر بصــورة جليــة بعــد‬ ‫هجــات «‪ /11‬أيلــول»‪ ،‬والتــي تعــود يف‬

‫مضامينهــا القــذرة والهدامــة إىل جملــة‬ ‫مــن التحــوالت الصادمــة التــي تزعمتهــا‬ ‫فرقــة «النيوكونــز»‪ ،‬وأبــدت أمــام تفعيلهــا‬ ‫مســاحة واســعة مــن التحليــل‪ ،‬والحذاقــة‬ ‫املؤامراتيــة مــا دفــع العديــد مــن املراكــز‬ ‫البحثيــة العســكرية الســتثامر التحصيــات‬ ‫التــي أورثتهــا معايــر اإلمرباطوريــة الفكريــة‬ ‫لوصايــا «برنــارد لويــس» التــي مهــدت الطــرق‬ ‫القاتلــة لعســكرة الفكــر عــر كتابــه «مســتقيل‬ ‫الــرق األوســط» الصــادر يف العــام ‪1997‬‬ ‫ومقالــة مهمــة لــه بعنــوان «عــودة اإلســام»‬ ‫تــم اســتثامرها يف وقــت الحــق‪ ،‬واالشــتغال‬ ‫عــى مضامينهــا الرئيســية لتتحــول مــن بعــد‬ ‫ذلــك إىل كتــاب أصــدره «برنــارد لويــس»‬ ‫تحــت عنــوان «أزمــة اإلســام» يف الوقــت الــذي‬ ‫ُعــدت تلــك املرجعيــات مــن املناهــل األساســية‬ ‫لعســكرة الفكــر ملــا لهــا مــن األهميــة مبــكان‬ ‫عنــد العديــد مــن املجتهديــن الجــدد داخــل‬ ‫فريــق «النيوكونــز» الــذي تعاضــد يف اتجاهــات‬ ‫مختلفــة‪ ،‬ومؤتلفــة لتلميــع وإضــاءة الجوانــب‬ ‫الخالقــة يف املــوروث الفكــري لـ»برنــارد‬ ‫لويــس» الــذي اســتطرد يف وصفــه والثنــاء‬

‫عليــه نائــب وزيــر الدفــاع األمريــي «بــول‬ ‫وولفــو فيتــز» الــذي يعــد مــن أهــم أعمــدة‬ ‫عصابــة «النيوكونــز» إبــان حكــم جــورج‬ ‫بــوش االبــن قائــاً‪« :‬اســتطاع برنــارد لويــس‬ ‫أن يضــع عالقــات الــرق األوســط يف ســياقها‬ ‫الرحــب مبوضوعيــة‪ ،‬وأصالــة لقــد َعلَّمنــا‬ ‫برنــارد لويــس كيــف نفهــم التاريــخ املهــم‬ ‫وامل ُ َركَّــب للــرق األوســط‪ ،‬وكيــف نهتــدي‬ ‫بــه لتحديــد وجهتنــا التاليــة لبنــاء عــامل أفضــل‬ ‫لألجيــال القادمــة‪ ،‬وكيــف نشــعل الحــرب‬ ‫عــى اإلرهــاب يف األوقــات املناســبة» دون أن‬ ‫ينــى القيمــة الكبــرة لنبــوءات برنــارد لويــس‬ ‫مدبجــاً صفــات العرفــان لجهــوده يف تفكيــك‬ ‫لغــز التوحــش يف اإلســام‪ ،‬واســتحالة التعايــش‬ ‫معــه يف إطــار العقليــة الجهاديــة التــي‬ ‫تعصــف مبكوناتــه البنيويــة‪ ،‬مشــيدا ً بالخامتــة‬ ‫التــي ذيــل بهــا برنــارد لويــس كتابــه «أزمــة‬ ‫اإلســام» وهــو يقــول‪« :‬إن اإلرهــاب اإلســامي‬ ‫ســيتصاعد بعــد هجــات ‪ /11‬أيلــول ولــن‬ ‫يقتــر عــى أمريــكا‪ ،‬فأوربــا الغربيــة أصبحــت‬ ‫مقـرا ً لطوائــف إســامية كبــرة‪ ،‬ورسيعــة النمــو‬ ‫كــا ســيصطدم تنظيــم القاعــدة‪ ،‬والجامعــات‬

‫املرتبطــة بــه إن عاجــاً أم آجــاً بالجــران‬ ‫اآلخريــن للعــامل اإلســامي‪ ،‬روســيا والصــن‬ ‫والهنــد الذيــن قــد يكونــون أقــل اندفاعـاً مــن‬ ‫األمريكيــن يف اســتخدام قوتهــم ضد املســلمني‪،‬‬ ‫ومقدســاتهم‪ ،‬فــإذا كانــت حســابات األصوليــن‬ ‫دقيقــة‪ ،‬ونجحــوا يف حربهــم فــإن مســتقبالً‬ ‫مظلـاً ينتظــر العــامل وال ســيام يف أنحائــه التــي‬ ‫تديــن باإلســام»‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك القيمــة الفكريــة الهدامــة‬ ‫التــي مل تعــد خافيــة عــى أحــد‪ ،‬وقــد أورثهــا‬ ‫«برنــارد لويــس» عــى هيئــة وصايــا‪ ،‬ومنهــج‬ ‫للتفكــر يف معضــات اإلرهــاب الــذي يواجــه‬ ‫العــامل الحــر‪ ،‬وعــى رأســه الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬حيــث شــكلت تلــك الوصايــا يف‬ ‫أبعادهــا املختلفــة األســس التفعيليــة التــي‬ ‫قامــت عليهــا عقليــة عصابــة «النيوكونــز»‪،‬‬ ‫والتــي اشــتغلت يف الخفــاء عــى اســتثامر‬ ‫األبعــاد الفكريــة لوصايــاه‪ ،‬وتحويلهــا مــن بعــد‬ ‫ذلــك إىل إجرائيــة ذات أبعــاد عســكرية تقــوم‬ ‫عــى القــوة‪ ،‬والخديعــة وفق حــروب اســتباقية‬ ‫ســتكون حصــة األســد فيها مــن نصيــب البلدان‬ ‫العربيــة كمرحلــة أوليــة‪ ،‬حيــث بــدأت تظهــر‬ ‫يف الصحــف األمريكيــة العديــد مــن املقــاالت‬ ‫التــي تختــص مبــروع َسـيّاف الــرق األوســط‬ ‫الكبــر «برنــارد لويــس» عــى هيئــة مقــاالت‬ ‫مذيلــة مبصــورات جغرافيــة ترســم مالمــح‬ ‫خطــة جديــدة لتقســيم الــرق األوســط‬ ‫وفقــاً لخرائــط «برنــارد لويــس»‪ ،‬وتقســيامته‬ ‫مــع إضافــات طفيفــة عــى بعــض املقايســات‬ ‫اإلجرائيــة‪ ،‬والتصويبــات الجغرافيــة التــي كان‬ ‫ســباقاً يف نرشهــا العقيــد املتقاعــد يف الجيــش‬ ‫األمريــي «رالــف بيــرز» يف املجلــة العســكرية‬ ‫األمريكيــة «آرمــد فورســس» يونيــو ‪2006‬‬ ‫وهــو يف الحقيقــة مل يقــدم جديــدا ً يخالــف‬ ‫خطــط برنــارد لويــس ســوى املقدمــة التــي‬ ‫افتتــح بهــا حقــده عــى إدارة جــورج بــوش‬ ‫االبــن‪ ،‬وعتبــه الشــديد عليهــا لعــدم قيامهــا‬

‫بتقســيم العـراق بعــد احتاللــه بيــد أن «رالــف‬ ‫بيــرز» توســع يف خطابــه عــن املوضــوع ذاتــه‬ ‫عــى صفحــات كتــاب أصــدره تحــت عنــوان‪:‬‬ ‫«ال تــرك القتــال أبــدا ً» وذلــك مــا أقــدم عليــه‬ ‫أيضــاً يف مقــاالت عديــدة عــى صفحــات‬ ‫مجــات‪ ،‬وجرائــد عســكرية حرصيــاً الســيد‬ ‫«اليــوت كوهــن» مستشــار وزيــر الدفــاع‬ ‫«رامســفيلد» ونائــب مســؤولة األمــن القومــي‬ ‫يف البيــت األبيــض «كونداليـزا رايــس» محاولــة‬ ‫منــه لتأثيــث القيــم العســكرية ذات الطابــع‬ ‫الفكــري‪ ،‬وتفعيــل جدواهــا اإلجرائيــة‪ ،‬وقــد‬ ‫نــر هــذا األخــر عــددا ً مــن الكتــب التــي‬ ‫كان مــن أهمهــا كتــاب أصــدره يف العــام ‪،2002‬‬ ‫تحــت عنــوان «القيــادة العليــا الجيــش ورجــال‬ ‫الدولــة والزعامــة يف الحــرب» وضمنــه العديــد‬ ‫مــن اجتهاداتــه العســكرية القــذرة ذات الطابع‬ ‫التحفيــزي لشــن الحــروب وإيقــاظ كاريزمــا‬ ‫القائــد الــذي ميثــل اللــه عــى األرض‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الــذي اتفقــت العديــد مــن املراجــع عــى أن‬ ‫كتــاب «صــدام الحضــارات» الــذي ألفــه عمــدة‬ ‫عصابــة «النيوكونــز» صامويــل هنتجتــون قــد‬ ‫اســتمد أغلــب أفــكاره مــن وصايــا «برنــارد‬ ‫لويــس» وتحصيــات مثــار مخيلتــه االســترشافية‬ ‫مبــا يخــص تقســيم كعكــة الــرق األوســط‬ ‫وإنضــاج حــروب الــدم الالهوتيــة يف بقاعــه‬ ‫دون أن يفوتنــا ذكــر رسديــة «أمــر الظــام»‬ ‫ريتشــارد بــرل صاحــب الحظــوة األكــر يف‬ ‫دفــع إدارة جــورج بــوش االبــن لغــزو الع ـراق‬ ‫وإشــعال الحــروب الطائفيــة فيــه‪.‬‬ ‫لقــد أثبتــت العديــد مــن الوقائــع ومبــا ال يقبــل‬ ‫الشــك أن أغلــب املشــتغلني عــى مــروع‬ ‫«برنــارد لويــس» يف غالبيتهــم مــن العســكريني‬ ‫الذيــن تربطهــم عالقــات وشــيجة مــع رشكات‬ ‫تصنيــع الســاح ورشكات اســتخراج النفــط‬ ‫ومؤسســات البنــاء العمــراين الضخمــة يف‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة والبلــدان الغربيــة‬ ‫وعــى رأســها فرنســا وبريطانيــة العظمــى‪.‬‬

‫األحزاب السياسية‪ ..‬آخر ما حيتاجه الوطن اجلريح‬ ‫وليد أبو فاس‬ ‫*حــزب ســيايس ســوري نشــأ يف قلــب‬ ‫املأســاة‪ ،‬مثلــه مثــل الكثــر مــن األح ـزاب‬ ‫والتج ّمعــات والتيّــارات والكتــل‪ .‬بُذلــت‬ ‫يف التحضــر لــه ويف تأسيســه ويف إطالقــه‬ ‫أمــوال وجهــود‪ ،‬لــو ُوضعــت يف ُمنشــأة‬ ‫تنمويّــة لكانــت نتيجتهــا العــرات أو‬ ‫املئــات مــن مرشوعــات االكتفــاء الــذايت‬ ‫ردون املحتاجــون إىل‬ ‫التــي يحتاجهــا املــ ّ‬ ‫لقمــة الطعــام أكــر مــن حاجتهــم لســاع‬ ‫الشــعارات والبيانــات وأخبــار النــدوات‬ ‫السياســية‪ .‬ولــو أنفقــت عــى مؤسســة‬ ‫تعليميــة‪ ،‬لكانــت مثرتهــا عـرات املــدارس‬ ‫أو املعاهــد التــي تعــن أبناءنــا عــى‬ ‫مواجهــة تحديــات مســتقبلهم القــايس‪،‬‬ ‫أكــر مــا يعينهــم كونهــم أعضاء مؤسســن‬ ‫أو فاعلــن أو أنصــارا ً يف حــزب ســيايس‪.‬‬ ‫ولــو أنفقــت تلــك الجهــود واألمــوال عــى‬ ‫منظمــة صح ّيــة لكانــت كافيــة لتغطيــة‬ ‫عــاج اآلالف مــن املــرىض والجرحــى‬ ‫املصابــن بالرباميــل املتف ّجــرة والســيارات‬ ‫املفخخــة‪ .‬ولــو تــم رصدهــا ملســاعدة‬ ‫جمعيــة للرعايــة االجتامعيــة‪ ،‬لكانــت‬ ‫كافيــة إلنقــاذ مســتقبل عــرات اآلالف‬ ‫مــن أطفــال األســواق الذيــن اضطــروا‬

‫لبيــع الســجائر وعلــب البســكوت وحمــل‬ ‫األمتعــة ملســاعدة أرسهــم يف تغطيــة بعض‬ ‫تكاليــف الحيــاة البائســة التــي يعيشــونها‪.‬‬ ‫ـق عــى نفســه‬ ‫الحــزب الزاهــر العامــر‪ ،‬انشـ ّ‬ ‫لــكل منهــا‬ ‫وأصبــح حزبــن متنافســن‪ّ ،‬‬ ‫أيديولوجيتــه وشــعاراته واســراتيجياته‬ ‫ورؤيتــه ورســالته وأهدافــه الوطنيــة‬ ‫الســامية‪ ،‬التــي (كان ومــا يــزال) يســعى‬

‫لتحقيقهــا‪ .‬وكل حــزب مــن الحزبــن‬ ‫الزاهريــن العامريــن‪ ،‬يســعى لكســب‬ ‫زبائــن (أعضــاء حزبيــن) مــن بــن أعضــاء‬ ‫الحــزب املنشــق! ال ليزيــد عــدد أعضائــه‬ ‫رد النــاس عــن الحــزب‬ ‫وحســب‪ ،‬وإمنــا ليـ ّ‬ ‫اآلخــر‪.‬‬ ‫لســت م ّمــن يبكــون عــى األطــال ألشــغل‬ ‫القــارئ بالحديــث عــن األهــداف الوطنيــة‬

‫التــي أراد تحقيقهــا مــن ســهروا الليــايل‬ ‫وعقــدوا النــدوات وورش العمــل وســافروا‬ ‫إىل دول كثــرة ليتعلّمــوا مــن تجــارب مــن‬ ‫ســبقوهم مــن مؤســي األحــزاب ومــن‬ ‫قادتهــا‪ ،‬ومــن املنشــقّني عنهــا مــا يصلّــح‬ ‫لهــم ولحزبهــم ولبلدهــم ومــا ال يصلــح‪.‬‬ ‫ثــم وضعــوا عــى قاعــدة تلــك الجهــود‬ ‫رؤى‪ ،‬و ُرســموا عــى هــدى الــرؤى خططـا ً‪،‬‬ ‫ورفعــوا بعــد رســم الخطــط شــعارات‬ ‫وطنيّــة واقعيــة‪ ،‬هدفهــا خدمــة املواطــن‪،‬‬ ‫وحاميــة الوطــن‪ .‬غــر أن خنــادق السياســة‬ ‫كل تلــك الجهــود يف‬ ‫الســحيقة ابتلعــت ّ‬ ‫لحظــة جنــون مجــرم طغــى عــى العقــول‬ ‫عــا كان‬ ‫واملــروءات‪ ،‬فعميــت البصائــر ّ‬ ‫مــن رؤى‪ ،‬وألقــت األهــواء وراء الظُهــور مــا‬ ‫كان مــن خطــط‪ ،‬وداســت األقــدام عــى مــا‬ ‫كان مــن شــعارات‪.‬‬ ‫* إحــدى املؤسســات الغربيــة تعمــل عــى‬ ‫مســاعدة الســوريني يف تركيــا‪ ،‬ال تســمح‬ ‫بحديــث يف السياســة يف مكاتبهــا‪ ،‬وال تقبــل‬ ‫معلّــم موســيقا يعلّــم األطفــال ألحــان‬ ‫أغنيــة سياســية‪ ،‬بــل وال تســمح ألحــد‬ ‫يعمــل يف مكاتبهــا‪ ،‬أن يكتــب يف الصحافــة‬ ‫يف موضوعــات سياســية‪ .‬وأكــر مــن ذلــك‬ ‫هــي ال تــوزّع البطانيــات عــى الفق ـراء يف‬

‫الشــتاء‪ ،‬وال مــراوح التهويــة يف الصيــف‪،‬‬ ‫وال شــأن لهــا بتوزيــع لحــوم األضاحــي أو‬ ‫السـاّت الغذائيــة‪ .‬وال تقبــل أن تكــون لهــا‬ ‫كل ه ّمهــا مســألتان‬ ‫وإنــا ّ‬ ‫دعايــة إعالميــة‪ّ ،‬‬ ‫هــا التدريــب والتنميــة‪ :‬األوىل هــي‬ ‫تدريــب الســوريني عــى املهــارات التــي‬ ‫يحتاجونهــا ويقــدرون عليهــا ليعيشــوا‬ ‫بجهدهــم وتعاونهــم موفــوري الكرامــة‪،‬‬ ‫والثانيــة هــي مســاعدة هــؤالء النــاس‬ ‫عــى تنميــة أنفســهم وأرسهــم فيقيمــوا‬ ‫املشــاريع االســتثامرية‪ ،‬وينشــئوا املــدارس‬ ‫واملعاهــد واملصانــع واملــزارع التــي‬ ‫تحســن مــن واقــع حياتهــم إىل املســتوى‬ ‫ّ‬ ‫الــذي يجعلهــم مطمئنــن إىل مســتقبلهم‬ ‫ومســتقبل أبنائهــم‪ .‬يف حواراتنــا مــع أهــل‬ ‫الخــرة العمليّــة واالختصــاص العلمــي‪ ،‬يف‬ ‫مواجهــة الكــوارث الكــرى‪ ،‬مــن الســوريني‬ ‫وغــر الســوريني‪ ،‬مل أســمع مــن أحــد‬ ‫نصيحــة واحــدة‪ ،‬بــأن أعمــل عــى مواجهــة‬ ‫الكارثــة الكــرى التــي يعيشــها الســوريون‪،‬‬ ‫مــن خــال األحــزاب السياســية‪..‬‬ ‫لــدى الســوريني إمكانــات هائلــة لــو تــم‬ ‫توظيفهــا يف تضميــد جراحــات الوطــن‬ ‫النازفــة‪ ،‬ملــا كان لكثــر مــن املؤسســات‬ ‫الغربيــة مــ ّرر للوجــود‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫رعد أطلي‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫من وأد مدنيّة الثورة‪..‬؟!‬ ‫فــر باتــت الســاح ًة القتاليــة يف عطــش شــديد‬ ‫لعقيــدة تقاتــل مــن أجلهــا‪ ،‬ونتيجــة الرشذمــة‬ ‫والحاجــة الحامئيــة للجامعــات وعمــق الـراث‬ ‫الدينــي للمنطقــة كانــت هنــاك عقيــدة يتبناها‬ ‫اإلســاميون (وليــس املقصــود هنــا العقيــدة‬ ‫املرتكــزة عــى قيمتــي الشــهادة والجهــاد‪،‬‬ ‫ألنــه مــن املمكــن التوفيــق بينهــا وبــن‬ ‫الشــعارات املدنيــة‪ ،‬ولكــن املقصــود مــن أجــل‬ ‫مــاذا الجهــاد والشــهادة)‪ ،‬ويف ظــل االنهزاميــة‬ ‫للنخــب املدنيــة نشــطت منــذ اللحظــات‬ ‫األوىل يف فــرة النضــال املســلح نخــب تتبنــى‬ ‫التيــار الدينــي تحمــل عقيــدة تعبويــة هائلــة‬ ‫تحلــم ببنــاء ”الدولــة الطاهــرة” وحاملــة ثانيــة‬ ‫يف أصقــاع مختلفــة وصلــت لرومــا‪ ،‬تلــك‬ ‫النخــب كانــت نابهــة حــارضة واعيــة ملــا تريــد‬ ‫ومســتعدة للتواجــد الفيزيــايئ يف كل ســاحة‬ ‫قتاليــة وهــم ليســوا قــادة عســكريني‪ ،‬بــل‬ ‫قــادة اسـراتيجيني مــن أمثــال املحيســني وأبــو‬ ‫عمــر الشيشــاين وأبــو خالــد الســوري وحتــى‬ ‫الجــوالين والبغــدادي‪ ،‬ولعــل الرضبــة التــي‬ ‫تعرضــت لهــا أحــرار الشــام بخســارة أهــم‬ ‫قيادييهــا نتيجــة العمليــة التــي نفــذت ضــد‬ ‫الحركــة يف ريــف إدلــب وبقاءهــا متامســكة‬ ‫خــر دليــل عــى أهميــة تواجــد القائــد‬ ‫االسـراتيجي بــن املقاتلــن وعــى مــرأى منهــم‪،‬‬ ‫األمــر الــذي مينــح فرصــة للمقاتــل بإعــادة‬ ‫إنتــاج ثورتــه يف كل لحظــة نتيجــة التعاطــي‬ ‫اليومــي مــع كلــات القائــد‪ ،‬ومينــح رقابــة‬ ‫مبــارشة لذلــك القائــد عــى باقــي القــادة‬ ‫وطريقــة ترصفهــم يف أرض املعركــة‪ ،‬ويحفــظ‬ ‫نســيج الفصيــل مــن التفــكك‪.‬‬ ‫األمــر الثــاين وقــد تــم ذكــره ســابقاً يتعلــق‬ ‫بتمســك نخــب التيــار املــدين بشــعار الســلمية‪،‬‬ ‫األمــر الــذي ســهل انهزاميتهــم عليهــم ودفعهــم‬ ‫ألعــال مدنيــة وبــرر للبعــض االســتمتاع مبزايــا‬ ‫الشــخصيات السياســية العامــة مــن عضــو‬

‫عندمــا تندلــع الثــورة املســلحة ضــد نظــام‬ ‫مســتبد تكــون نوعــاً مــن الحــروب األهليــة‪،‬‬ ‫حيــث أن املؤيديــن للمســتبد هــم مــن أبنــاء‬ ‫البلــد‪ ،‬والثــوار هــم حتـاً أبنــاء البلــد‪ ،‬وال تكون‬ ‫تلــك الحــروب عادلــة يف التــوازن منــذ اللحظــة‬ ‫األوىل‪ ،‬فقــوى الديكتاتــور متتلــك التفــوق‬ ‫الكمــي والنوعــي يف العــدة والعتــاد‪ ،‬وحتــى يف‬ ‫تعــداد العنــارص املســلحة ألن الجيــش بطبيعــة‬ ‫الحــال يكــون تابعــاً للديكتاتــور‪ ،‬ولــوال تلــك‬ ‫التبعيــة يف األصــل ملــا متكــن مــن اســتبداده‪ ،‬وال‬ ‫يــوازن الكفــة يف هــذه الحــرب ســوى التعبئــة‬ ‫املعنويــة مــن ناحيــة الثــوار‪ ،‬وخاصــة الحضــور‬ ‫الفيزيولوجــي للقائــد عــى األرض‪ ،‬يضــاف‬ ‫إىل ذلــك الحاضــن الشــعبي الــذي يؤ ّمــن‬ ‫باحتضانــه للثــورة عنــارص جديــدة يف العمــل‬ ‫املســلح ذات قيمــة مضافــة نتيجــة أن هــذه‬ ‫الحــرب تكــون حــرب مــدن ال يســتطيع الجيــش‬ ‫النظامــي التفــوق فيهــا مقابــل العنــارص املليئــة‬ ‫حامسـاً ومنتميــة ملناطــق املعــارك حيــث تتقــن‬ ‫التحــرك فيهــا برسعــة وثقــة‪.‬‬ ‫وحــول الثــورة الســورية فقــد دخلــت الحقبــة‬ ‫املســلحة وهــي غنيــة ومعبــأة معنوي ـاً نتيجــة‬ ‫شــهور عـ ّدة مــن النضــال الســلمي والتضحيــات‬ ‫الكبــرة التــي قدمهــا الســوريون‪ ،‬وكانــت‬ ‫شــعاراتها التــي عملــت عــى هــذه التعبئــة‬ ‫تتمثــل بالحريــة والكرامــة واملســاواة وحتــى‬ ‫التعدديــة واملواطنــة‪ ،‬إذا ً ملــا هــذه االنتكاســة‬ ‫التــي أصابــت هــذا التيــار الــذي كان ماليــن‬ ‫الســوريني ممــن نزلــوا للشــوارع مســتعدين‬ ‫للمــوت مــن أجــل تحقيــق شــعاراته‪ ،‬هنــاك‬ ‫العديــد مــن األســباب التــي مــن شــأنها رشح‬ ‫تراجــع التيــار املــدين الليــرايل أو العلــاين‬ ‫مقابــل التيــار الدينــي‪ ،‬ولكــن قــد يكــون يف‬ ‫مقدمتهــا أمــران رئيســيان‪:‬‬ ‫األول هــو غيــاب القائــد الشــخيص يف ميــدان‬

‫الســاح لهــذه‬ ‫ا لتيــا ر ا ت ‪،‬‬ ‫ألن الحضــور‬ ‫ا لفيز يو لو جــي‬ ‫للقائــد‪ ،‬واملقصــود‬ ‫هنــا ليــس القائــد‬ ‫الــذي يقــود العمليــات‬ ‫وإمنــا‬ ‫العســكرية‪،‬‬ ‫القائــد االسـراتيجي الواعــي‬ ‫واملــدرك واملؤمــن‬

‫بدايــة العمــل املســلح للتواجــد عــى األرض‪،‬‬ ‫مــا دفــع القيــادات الشــبابية الجديــدة‬ ‫التــي تنتمــي لهــذا التيــار ألن تنقســم إىل‬ ‫قســمني‪ ،‬األول تبنــى الطابــع االنهزامــي‬ ‫للنخــب السياســية للتيــار املــدين‪،‬‬ ‫وحــارب الثــورة املســلحة‬ ‫مصطفـاً يف خنــدق التبــايك‬ ‫عــى الســلمية ومنقطعــاً‬ ‫بشــكل كامــل حتــى عــن‬ ‫تــراث املنطقــة‪ ،‬والقســم‬ ‫الثــاين الــذي أغــرق يف‬

‫بأهــداف الثــورة والقــادر عــى جعــل كل لحظة‬ ‫يف الثــورة هــي اللحظــة األوىل‪ ،‬حيــث يعيــد‬ ‫بتواجــده وكلامتــه مبادئهــا المعــة براقــة مهــا‬ ‫عالهــا غبــار الرتاجــع أو االنتــكاس‪ ،‬كان هــؤالء‬ ‫القــادة متواجديــن يف الفــرة الســلمية‪ ،‬ومنهــم‬ ‫تشــكلت التنســيقيات‪ ،‬ومــع دخــول الثــورة‬ ‫املســلحة ترشذمــت التنســيقيات واختــار‬ ‫معظمهــا األعــال ذات الطابــع املــدين كاإلغاثــة‬ ‫والخدمــات وغريهــا مبتعديــن عــن العمــل‬ ‫العســكري‪ ،‬ناهيــك عــن أن النخــب التــي‬ ‫متثــل هــذا التيــار إمــا تــم اغتيالهــا كالشــهيد‬ ‫مشــعل متــو أو صدمتهــا الثــورة وانكفــأت عــى‬ ‫نفســها أو كانــت مواقفهــا مذبذبــة مل تنقذهــا‬ ‫مــن براثــن الديكتاتــور‪ ،‬أو أنهــا بقيــت خــارج‬ ‫الحــدود رغــم الفرصــة التــي ســنحت لهــا يف‬

‫الــراث ملرحلــة االرتــداد لــه ومحاولــة ال‬ ‫بعثــه بــل اســتحضاره‪ ،‬وذلــك طبيعــي يف بيئــة‬ ‫رصاع مســلح يحتــاج إىل عقيــدة قويــة متكــن‬ ‫حاملهــا مــن إقحــام نفســه يف عمليــة قتاليــة‬ ‫ال ميلــك فيهــا مــن الســاح الفعــال عــر مــا‬ ‫ميلــك عــدوه‪ ،‬وهنــاك قســم ثالــث مــن النخــب‬ ‫الشــبابية متســك بالقيــم املدنيــة مــا زال إىل‬ ‫اآلن يقــاوم مــن أجلهــا لكــن بأعــداد قليلــة‬ ‫وإمكانيــات ضعيفــة وغــر مؤثــر ‪-‬وال يســمح‬ ‫لــه أن يؤثــر يف العنــارص املقاتلــة‪ -‬ومعظمهــم‬ ‫إمــا ُه ِّجــر أو يدافــع إىل اليــوم تحــت خطــر‬ ‫التصفيــة أو التهجــر‪ ،‬ونتيجــة غيــاب القائــد‬ ‫القــادر عــى تحويــل شــعارات الثــورة املدنيــة‬ ‫لعقيــدة مــن خــال جوالتــه بــن املقاتلــن‬ ‫ورفــع عيــار الحــاس الثــوري لديهــم كلــا‬

‫د‪ .‬محمد حاج بكري‬

‫االس��تبداد والتق��دم احلدي��ث ‪ /‬الربوتوك��ول اخلام��س ‪/‬‬

‫ش��رح الربوتوك��ول‪ :‬حكوم��ة‬ ‫مركزي��ة قوي��ة بإج��راءات بوليس��ية‬ ‫بع��د تفش��ي الفس��اد يف اجملتم��ع‪ ،‬تنظي��م‬ ‫وظيف��ي للوظائ��ف احلكومي��ة واحلي��اة‬ ‫االجتماعي��ة‪ ،‬تفكي��ك النظ��ام االجتماع��ي‪،‬‬ ‫إث��ارة األحق��اد يف اجملتم��ع‪ ،‬احت��كار مطل��ق‬ ‫ل��رأس امل��ال المت�لاك الق��وة السياس��ية‬ ‫واملالي��ة‪.‬‬ ‫األس��د أص��ل األس��تبداد واالس��تبداد‬ ‫أص��ل الفس��اد وه��و بي��ت ال��داء لكاف��ة‬ ‫األم��راض والعل��ل وجمتم��ع يتحك��م في��ه‬ ‫االس��تبداد يتح��ول إىل جمتم��ع خام��ل‬ ‫معط��ل مرتاج��ع يف كاف��ة مراف��ق احلي��اة‬ ‫ووجوهه��ا يس��وده التخلف ويس��يطر عليه‬ ‫االحن��راف وتنعدم في��ه الفضيلة والقيم‪.‬‬ ‫األس��د داء عض��ال فت��اك أصي��ب ب��ه‬ ‫الس��وريني فم��ارس أس��وأ أن��واع اإلدارة‬ ‫السياس��ية وأكثره��ا خطراً على اإلنس��ان‬ ‫وتأخ�يراً للتق��دم والعم��ران ومتزيق��اً‬ ‫للوط��ن فتص��رف حس��ب نزوات��ه وأهوائ��ه‬ ‫مبص�ير الن��اس‪ ،‬ومل تراع كرامة إلنس��ان‬ ‫أو حري��ة لدي��ن‪.‬‬ ‫ه��و وحاش��يته وحكومت��ه الفاس��دة الظامل��ة‬ ‫ه��ي املقص��ودة واملعني��ة وبفس��ادها يفس��د‬ ‫اجملتم��ع ف�لا يكفي إذا أردنا العمل أن نبدأ‬ ‫بالفرد واجملتمع أو ً‬ ‫ال يف حني أن احلاكم‬ ‫وحاش��يته يعيش��ون حال��ة اس��تبداد وفس��اد‬ ‫مطلقة ال بد أن نوجه خططنا وحتركنا‬ ‫إىل اجل��ذور األساس��ية وبالتحدي��د‬ ‫احلاك��م وحاش��يته نالح��ظ أن املواط��ن‬ ‫الس��وري قب��ل الث��ورة الس��ورية املبارك��ة‬

‫متي��ز غالب��اً بالس��لبية املطلق��ة والتش��اؤم‬ ‫والقل��ق وع��دم االس��تقرار ف�لا وج��ود‬ ‫للطاق��ة البن��اءة أو اإلبداع��ات اخلالق��ة‬ ‫وهك��ذا حرم��ت الب�لاد م��ن عط��اءات أبنائها‬ ‫فاألسد بأساليبه املتشددة القمعية وآرائه‬ ‫الفاسدة قتل حوافز األفراد وطموحاتهم‪،‬‬ ‫وح�� ّول س��ورية إىل جث��ة هام��دة ين��ال‬ ‫منه��ا العق��اب وتنهش��ها الذئ��اب ويهدده��ا‬ ‫األغ��راب‪ ،‬ف�لا تك��ون هن��اك حري��ة ال��رأي‬ ‫بطغي��ان األفع��ال فال��ذي يتاب��ع نقاش��ات‬ ‫األس��د ويس��مع آراءه وخطابات��ه يف وس��ائل‬ ‫اإلع�لام جي��د أنه��ا ال حتم��ل يف مضمونه��ا‬ ‫إال الدع��وة إىل اإلنتق��ام والث��أر والتش��ويه‬ ‫وترديد أفكار وش��عارات استهلكت وطوتها‬ ‫عق��ود وجتاوزه��ا الزمن وال تكون نتائجها‬ ‫على األرض إال تكراراً للتسلطية وفرض‬ ‫آرائه��ا وش��عاراتها املعني��ة‪ ،‬الس��لطة يف‬ ‫س��وريا تتنع��م بالدكتاتوري��ة واالس��تبداد‬ ‫وتهل��ل هل��ا فرح��اً رغ��م كل م��ا تكتش��فه‬ ‫م��ن ع��ورات األداء السياس��ي واألم�ني يف‬ ‫الب�لاد ألن القائم�ين عل��ى صناع��ة الق��رار‬ ‫يدرك��ون ّ‬ ‫أن الطري��ق األس��هل للطع��ن‬ ‫يف أي عم��ل وط�ني سياس��ي أو حقوق��ي أو‬ ‫اقتص��ادي ه��و أن تنس��به ف��وراً إىل املؤام��رة‬ ‫اخلارجي��ة أو العمال��ة جلهة امربيالية أو‬ ‫اس��تعمارية أو خدم��ة ملص��احل الغرب على‬ ‫حس��اب املصلح��ة الوطني��ة‪.‬‬ ‫التقري��ر فرص��ة ذهبي��ة لألف��رع األمني��ة‬ ‫عن طريق خمربيها املنتش��رين يف البيوت‬ ‫واحل��ارات والش��وارع لك��ي خت��رج غضبه��ا‬ ‫مل��ن يتعرض��ون لسياس��تها وانتهاكاته��ا‬

‫وحق��وق اإلنس��ان‪ ،‬وكل فئ��ات اجملتم��ع‬ ‫الوطني��ة الذي��ن س��يتحولون عل��ى الف��ور‬ ‫إىل خون��ة ومتآمري��ن‪ ،‬ه��ذه اإلتهام��ات‬ ‫الس��خيفة الرخيص��ة ال�تي أدمنه��ا األس��د‬ ‫يف س��وريا‪.‬‬ ‫يف بلد عريق كس��ورية حياكم املدنيون‬ ‫أم��ام القض��اء العس��كري وحيرم��ون مهم��ا‬ ‫كان��ت انتماءاته��م السياس��ية م��ن املث��ول‬ ‫أم��ام قض��اء مدن��ي ف�لا جيوز احلدي��ث أبداً‬ ‫ع��ن حري��ة ال��رأي والتعبري‪.‬‬ ‫يف س��ورية متن��ع القن��وات الفضائي��ة م��ن‬ ‫الص��دور‪ ،‬وم��ن ح��ق امت�لاك التصاري��ح‬ ‫ليض��ع األس��د واس��تبداده مقصل��ة ف��وق‬ ‫األلسن وليحاكم اجلميع بتهم سياسية‬ ‫وترتك��ز يف تش��ريعاته العقوب��ات الس��البة‬ ‫للحري��ة يف قضاي��ا النش��ر ويراق��ب األم��ن‬ ‫مقاه��ي اإلنرتن��ت وختض��ع اجلمعي��ات‬ ‫والنقاب��ات لقوان�ين عل��ى ه��واه ومزاج��ه‬ ‫ويط��وق احل��رس اجلامع��ات ويتغلغ��ل‬ ‫األم��ن ب�ين الط�لاب باس��م احت��اد الطلب��ة‬ ‫ويعي��ش مئ��ات اآلالف م��ن املعتقل�ين يف‬ ‫س��جون حت��ت األرض ب�لا حماكم��ة‬ ‫ُ‬ ‫ويطف فيه الصحفيون وتغلق الصحف‬ ‫واجمل�لات فه��ل هن��اك س��يطرة أكث��ر م��ن‬ ‫ذل��ك؟!! ومركزي��ة يف الدني��ا تضاه��ي‬ ‫األس��د‪ ،‬هن��ا يف التحدي��د أص��ل اخلل��ل‬ ‫يف س��وريا أن��ه األس��د ال��ذي أب��اح الباط��ل‬ ‫والظل��م واإلجح��اف والتس��لط والتف��رد‬ ‫باحلكم‪ ،‬وكل القيم السلبية يف السياسة‬ ‫مدعومة بتش��ريعات ولوائح وتراث فقهي‬ ‫وقانون��ي ك ّون��ه عل��ى مدار مخس�ين عاماً‪،‬‬

‫وهك��ذا كان اإلل��زام السياس��ي يف رأي��ه‬ ‫ليصب��ح ّ‬ ‫ظ��ل اهلل عل��ى األرض وليقن��ع‬ ‫الناس بأن ظلمه على س��وئه أقل ش��راً من‬ ‫انهي��ار اجملتم��ع‪ ،‬وم��ن ه��ذا املنط��ق اس��تمر‬ ‫األس��د يف طغيان��ه واس��تبداده فع��اث يف‬ ‫األرض فس��اداً وس��لب الن��اس حرياته��م‪،‬‬ ‫تل��ك احلري��ة ال�تي وهبه��م إياه��ا اهلل ع��ز‬ ‫وج��ل‪ ،‬وال حي��ق ألي بش��ر مهم��ا كان أن‬ ‫ينتزعه��ا منه��م أو جي��رؤ أن يلمس��ها‪.‬‬ ‫ف��رض األس��د اس��تبداده وتعام��ل م��ع‬ ‫ثقاف��ة الرف��ض لآلخ��ر‪ ،‬معتم��داً عل��ى‬ ‫سلطة جاهلة‪ ،‬سر كيانها ودميومتها يف‬ ‫ضع��ف تعليمه��ا وس��ذاجة طروحاته��ا ل��ذا‬ ‫فإن��ه ارتب��ط ارتباط��اً وثيق��اً بتكمي��م أف��واه‬ ‫املفكرين‪ ،‬وزجهم يف املعتقالت والس��جون‬ ‫أو نفيه��م خ��ارج البالد‪ ،‬وعم��ل جاهداً على‬ ‫إبعاد الفكر فاختار منه ما يوافق مصاحله‬ ‫واملع��ارض ل��ه تهدي��د لقي��م اجملتم��ع‬ ‫وثواب��ت الدي��ن فع��اش الس��وري حالة هدر‬ ‫ورع��ب إلنس��انيته وقه��ر تراكم��ي وحالة‬ ‫دم��ار نفس��ي وفت��ور عقل��ي وضم��ن ع��دد‬ ‫هائ��ل م��ن ص��ور االحب��اط واالنفع��االت‬ ‫غ�ير الواعي��ة‪ ،‬وع��دم وع��ي بالرتك��ة‬ ‫الثقيل��ة الس��تبداد األس��د وحت��ت ذريع��ة‬ ‫وج��ود قوانني وأنظمة كلها تتناقض مع‬ ‫مب��ادئ احلري��ة متك��ن م��ن مص��ادرة ح��ق‬ ‫األغلبي��ة ألنه��ا يف نظ��ره غ�ير واعية وغري‬ ‫مدرك��ة للعم��ل السياس��ي‪ ،‬حقيق��ة مل‬ ‫يكن معظم الش��عب الس��وري يرى األش��ياء‬ ‫على حقيقتها وبالتالي مل يعطها حجمها‬ ‫احلقيق��ي وكان ي��رى األش��ياء بعي��ون‬

‫يف ائتــاف أو وزيــر يف حكومــة‪ ،‬ولكــن هــذه‬ ‫الســلمية التــي يتــم التبــايك عليهــا إىل اليــوم‬ ‫هــل فعـاً كانــت ناجعــة‪ ،‬وهــل ميكــن تقزيــم‬ ‫االنتفاضــة التــي يحمــل أبناؤهــا الســاح‬ ‫بعبــارة ”االنحــدار للحــرب األهليــة”‪ ،‬هــل‬ ‫العنــف يف صــدد الدفــاع عــن النفــس هــو‬ ‫حالــة ال مدنيــة‪ ،‬كيــف ذلــك وهــو أســاس‬ ‫الفكــرة املدنيــة‪ ،‬أال تقــوم الدولــة يف أســها عــى‬ ‫احتــكار العنــف‪ ،‬وتســميه العنــف املــروع‪،‬‬ ‫فــاذا إذا خرجــت الدولــة عــن أطــر مرشوعيــة‬ ‫عنفهــا‪ ،‬بــل ووصلــت للعنــف العــاري كــا يف‬ ‫حــال الديكتاتوريــة األســدية‪ ،‬مــا الحــل حينهــا؟‬ ‫أال تنتقــل مرشوعيــة العنــف للمجتمــع الــذي‬ ‫قــد يحمــل عنــارصه الســاح للحــد مــن دلــك‬ ‫العنــف العــاري وإعادتــه إلطــاره الرشعــي؟‬ ‫ولكــن طريقــة التعامــل مــع هــذا الســاح هــي‬ ‫مــا يحــدده القــادة االس ـراتيجيون املتواجــدون‬ ‫بشــخوصهم عــى األرض‪ ،‬واملســتعدون للمــوت‬ ‫عــى الحواجــز وتحــت الرباميــل‪ ،‬والجــوع‬ ‫والعطــش والــرد مــع املقاتلــن ليشــكلوا مث ـاً‬ ‫عليــا لهــم وترســم كلامتهــم عــن الحريــة‬ ‫والعدالــة واملواطنــة والدميقراطيــة عقيــد ًة‬ ‫ميــوت هــؤالء املقاتلــون مــن أجلهــا‪ ،‬ويف حــال‬ ‫غيابهــم فــا يكــون الســاح هــو املســؤول عــن‬ ‫التدهــور بــل هــم املســؤولون‪.‬‬ ‫مل يخنــق حضــور قــادة التيــار الدينــي مدنيــة‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬وإمنــا غيــاب قــادة التيــار‬ ‫املــدين مــن خنقهــا‪ ،‬هــي محاولــة وأد تقــوم‬ ‫بهــا النخــب املدنيــة البنتهــم‪ ،‬واليــوم لــن‬ ‫يتمكــن مــن تصــ ّدر الحديــث عــن مدنيــة‬ ‫الثــورة طيلــة الفــرة الســابقة مــن تحقيــق‬ ‫ذلــك املــروع ألنــه يحتــاج إىل قــادة‬ ‫اســراتيجيني عــى األرض‪ ،‬األمــر الــذي بــات‬ ‫مســتحيالً لهــم وعليهــم‪ .‬الــرط التاريخــي‬ ‫لقــادة تفرزهــا مدنيــة املجتمــع الســوري هــو‬ ‫مــا يجــب الرهــان عليــه‪.‬‬ ‫غ�يره م��ن الفس��اد السياس��ي والوصول إىل‬ ‫س��دة احلك��م قس��راً وقه��راً و زوال س��يادة‬ ‫القان��ون ومن��ع املش��اركة السياس��ية‬ ‫ومركزي��ة الق��رار واحلك��م والقض��اء‬ ‫عل��ى أه��ل العل��م واملعرف��ة والوطني��ة‬ ‫داخ��ل الدول��ة وتب�ني اخلي��ارات األمني��ة‬ ‫البوليس��ية وقم��ع حري��ة ال��رأي‪ ،‬وهك��ذا‬ ‫ختلخل��ت البني��ة االجتماعي��ة الس��ورية‬ ‫ضم��ن منظوم��ة رمسه��ا األس��د باس��تبداد‬ ‫وتس��لط وهمجي��ة عجيب��ة وغريب��ة‬ ‫وأصب��ح الس��وري أس�يراً لالس��تبداد‪ ،‬وم��ن‬ ‫أي��ن ألس�ير االس��تبداد أن يك��ون صاح��ب‬ ‫م��روءة وش��هامة وه��و ممل��وك ويعي��ش‬ ‫ال نظ��ام يف حيات��ه أو أخالق��ه ق��د يصب��ح‬ ‫غنياً فيضحي شجاعاً كرمياً وقد ميسي‬ ‫فق�يراً فيبي��ت جبان��اً خسيس��اً وهك��ذا كل‬ ‫حيات��ه فوض��ى ال ترتي��ب فيه��ا فه��و يتبعه��ا‬ ‫ب�لا وجه��ة فق��د أفس��د اس��تبداد األس��د‬ ‫أخ�لاق الس��وريني وأرغ��م حت��ى األخي��ار‬ ‫منه��م عل��ى الري��اء والنفاق وأعان األش��رار‬ ‫عل��ى الغ��ي والتج�بر‪ ،‬آمن�ين م��ن احلس��اب‪،‬‬ ‫ف�لا اع�تراض وال انتق��اد‪ ،‬وتبق��ى أعم��ال‬ ‫الش��ر مس��تورة يلقي عليها االس��تبداد رداء‬ ‫خ��وف الن��اس م��ن الش��هادة وق��ول احل��ق‪،‬‬ ‫فكان س��وء الظن باآلخرين وفقدان الثقة‬ ‫ب�ين أعض��اء اجملتم��ع بعضه��م ببع��ض‬ ‫والتخوي��ن الدائ��م م��ع الش��ك القات��ل حت��ى‬ ‫يف األس��رة الواح��دة‪.‬‬ ‫لقد كان حس��ب ونس��ب األس��د يف س��وريا‪:‬‬ ‫أن��ا الش��ر وأبي الظلم وأمي اإلس��اءة وأخي‬ ‫الغ��در وأخ�تي الدع��ارة وعم��ي الض��رر‬ ‫وخال��ي الفس��اد واب�ني وري��ث الع��رش‬ ‫وعش�يرتي حصان��ي ووط�ني اخل��راب‪ ،‬أم��ا‬ ‫دي�ني وش��ريف امل��ال امل��ال امل��ال‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪9‬‬

‫أبواق التشريف‬ ‫تخامــرين رغبــة شــديدة يف تعلــم العــزف‬ ‫عــى البــوق منــذ صغــري‪ ،‬غــر أن تلــك‬ ‫الرغبــة اصطدمــت بحاجــز كبــر يف الصغــر‬ ‫وهــي إصابتــي بالربــو لســبب ال يعلمــه إال‬ ‫مــن عــاش يف مدينتــي حمــص الســورية‪،‬‬ ‫التــي يحدهــا مــن الغــرب مصفــاة عجــوز‬ ‫لتكريــر النفــط ومــن الجنــوب معمــل‬ ‫أشــيب للســاد اآلزويت ومــن الــرق معامــل‬ ‫الفوســفات ومــن الشــال مدينــة ملوثــة‬ ‫النهــر ومدمــرة األحيــاء تســمى «حــاة»‪.‬‬ ‫ثــم إننــي حاولــت أن أعالــج ذلــك املــرض‬ ‫الــذي يســبب ضيــق الصــدر وصعوبــة يف‬ ‫التنفــس بعــدة طــرق ومل أتــرك ابــن ســينا‬ ‫لينعــم يف قــره وال ابــن حيــان لريتــاح يف‬ ‫ســباته وال ابــن النفيــس ليهــدأ يف رقدتــه‬ ‫األبديــة‪ ،‬والحقــت أبــا بكــر ال ـرازي وقــرأت‬ ‫كتابــه العظيــم «الحــاوي» الــذي درس يف‬ ‫كليــة الطــب يف باريــس حتــى عــام ‪1394‬‬ ‫عــي أجــد عالجــا ملشــكلتي‪ ،‬وحفظــت‬ ‫ّ‬ ‫الكثــر مــن وصفــات عــاج وجــع القلــب‬ ‫والــرأس والبطــن وتــديل البواســر وأســباب‬ ‫تكــون الغــازات والنفخــات‪ ،‬وأدركــت أن‬ ‫مقولــة جدنــا أبــو بكــر الــرازي‪« :‬إذا كان‬ ‫يف اســتطاعتك أن تعالــج بالغــذاء فابتعــد‬ ‫عــن األدويــة‪ ،‬وإذا أمكنــك أن تعالــج بعقــار‬

‫واحــد فتجنــب األدويــة املركبــة» صحيحــة‬ ‫متامــا‪ ،‬فحاولــت اتباعهــا غــر أن تلــك الفــرة‬ ‫مــن تاريــخ بلــدي كانــت مليئــة باملصاعــب‬ ‫فقـ ّـل الغــذاء وبــات حلـاً أن يــأكل املواطــن‬ ‫مــوزة أو تفاحــة‪ ،‬وطبعـاً يعــرف الجميــع أن‬ ‫ذلــك حــدث بســبب الحصــار االقتصــادي‬ ‫الــذي فرضــه الغــرب الكافــر بقيــادة انكلــرا‬ ‫ورئيســة وزرائهــا «مارغريــت تاتــر» ضــد‬ ‫مواقــف الصمــود ومجابهــة اإلمربياليــة‬ ‫والرأســالية العامليــة التــي تبناهــا قائــد‬ ‫بلــدي حينــذاك «حافــظ األســد» ولــو أدت‬ ‫ملوتنــا جوعــاً واختناقــاً ولكــن بكرامــة‬ ‫وجبهــة مرفوعــة عــى الــرأس وآمنــة عــى‬ ‫الجــوالن املحتــل‪.‬‬ ‫فشــلت محــاواليت كلهــا يف تلقــي العــاج‬ ‫العــريب القديــم وأعــذر أجــدادي عــى‬ ‫ذلــك قبــل أن ألجــأ للطــب الحديــث‪ ،‬حــن‬ ‫ســمعت أن الغــرب الكافــر املتآمــر دامئــا‬ ‫عــى عروبتنــا وأوطاننــا وصدورنــا قــد نجــح‬ ‫بإنتــاج دواء مهــدئ لهــذا الــداء فاســرحت‬ ‫قليــاً بعــد أن أمنــت طريقــة مــا لتهريــب‬ ‫األدويــة يل مــن الخــارج‪ ،‬ألن دخولهــا للبلــد‬ ‫كان ممنوع ـاً‪ ،‬رمبــا كان املنــع رضوري ـاً يك ال‬ ‫تتفتــت جبهــة التصــدي للصهيونيــة العامليــة‬ ‫واملؤامــرات الكونيــة التــي مــا زلنــا نعــاين‬

‫منهــا حتــى اآلن كــا يقولــون‪.‬‬ ‫غــر أن حلمــي يف العــزف عــى البــوق‬ ‫قــد تحطــم مجــددا ً حــن انتــرت‬ ‫ظاهــرة التبويــق لصالــح األنظمــة العربيــة‬ ‫املتســاقطة بفعــل الربيــع العــريب‪ ،‬فصــار‬ ‫كل منــارص لتلــك األنظمــة وخــارج عــى‬ ‫محطــة تلفــزة مــا ليســاند ديكتاتــورا ً يســمى‬ ‫بالبــوق‪ ،‬وال أدري فعـاً ســبب تلــك املقاربــة‬

‫ألننــي أجــد يف البــوق آلــة موســيقية رائعــة‬ ‫الصــوت ومثــرة للوجــدان‪ ،‬غــر أن البعــض‬ ‫قــال يل أن ذلــك يعــزى الســتخدامها عــادة‬ ‫يف حفــات الترشيــف التــي تقــام الســتقبال‬ ‫الرؤســاء‪.‬‬ ‫اآلن وبينــا مــا زلــت أتلقــى عالجــاً للربــو‬ ‫بســبب تلــوث بــادي وعالجــاً للقلــب‬ ‫بســبب خــويف الشــديد قرابــة ثالثــن عامــاً‬ ‫مــن اقــراف أي خطــأ قــد يوهــن نفســية‬ ‫األمــة العربيــة‪ ،‬وقــد يتســبب يل بالســجن‬ ‫والتعذيــب ألكــون عــرة لــكل مــن ال يعتــر‪،‬‬ ‫وبينــا أمتاثــل للشــفاء مــن أم ـراض الغــدة‬ ‫الدرقيــة واختــال الهرمونــات الناجــم عــن‬ ‫العصبيــة الشــديدة املزمنــة والكبــت القهــري‬ ‫الــذي يــازم عــادة كل مــن يضطــر لتحمــل‬ ‫رفســات املخربيــن وصفعــات رجــال البوليس‬ ‫املالئكيــن يف بــاد التصــدي للصهيونيــة‬ ‫واإلمربياليــة حــن ينجــز عرضــاً مرسحيــاً‬ ‫تتخللــه كلــات ككلمــة حريــة أو تعبــر‬ ‫غريــب كتعبــر «كرامــة املواطــن»‪ ،‬أغلــق‬ ‫التلفــاز يف غرفتــي األوربيــة املتآمــرة يك ال‬ ‫أســمع وأرى أي بــوق ميجــد حــذاء قائــد‬ ‫قاتــل كالعــادة عــى كل محطــات التبويــق‬ ‫والتطبيــل التــي تقلــب الحقائــق رأســاً‬ ‫عــى عقــب‪ ،‬فتصبــح الهزائــم انتصــارات‬

‫غطفان غنوم‬ ‫والنكســات أعيــادا ً‪ ،‬والخــراب حــركات‬ ‫تصحيحيــة‪ ،‬واملــوت استشــهادا ً‪ ،‬ويصبــح‬ ‫حلــم املواطــن «أن تعــود أختــه الســاعة‬ ‫الثالثــة ليــاً بأمــان للمنــزل»‬ ‫أتــرك كل ذلــك خلفــي وأنــزل ألمتــى يف‬ ‫حديقــة خــراء لالستشــفاء يف بلــد أوريب‬ ‫عــى عكازيــن‪ ،‬بجانــب ســيدة أوربيــة بلغت‬ ‫مــن العمــر الثامنــن‪ ،‬فتســألني عــن عمــري‬ ‫وأجيــب بأنــه مــا يقــارب نصــف عمرهــا‪،‬‬ ‫بينــا يعــزف عــى ناصيــة الشــارع املقابــل‬ ‫لنــا فرقــة كاملــة مــن موســيقيي األبــواق‬ ‫الرائعــن‪ ،‬أبــواق الجــال والفــرح حــن‬ ‫يعلــن الوقــت حلــول الربيــع مــع ظهــور أول‬ ‫الزهــور‪.‬‬

‫م��ن روس��يا املغبون��ة إىل روس��يا املخدوع��ة‬ ‫للتذكري ‬ ‫الغ�بن‪ :‬كانــت روســيا طرفـاً ثالثـاً يف اقتســام‬ ‫غنائــم الحــرب العامليــة األوىل يف تقاســم‬ ‫أمــاك مــراث الدولــة العثامنيــة مــن خــال‬ ‫اتفاقيــة ســايكس بيكــو‪ ،‬إال أن الدهــاة‬ ‫(اإلنكليــز) أخرجوهــا مــن دون أي حصــة‬ ‫بعــد أن أوصلــوا لينــن إىل روســيا إلشــعال‬ ‫فتيــل الثــورة البلشــفية‪ ،‬وإشــغالها مبشــاكلها‬ ‫الداخليــة فســحبت قواتهــا مــن كل الجبهات‪،‬‬ ‫وســقط بذلــك حلــم القيــارصة بالوصــول إىل‬ ‫امليــاه الدافئــة‪ ،‬بريطانيــا اســتأثرت بالحصــة‬ ‫والنصيــب األكــر مــن املــراث وألقــت بعــض‬ ‫مــن الفتــات لفرنســا كســوريا ولبنــان وثــاث‬ ‫دول يف الشــال االفريقــي‪.‬‬ ‫اخلديع��ة‪ :‬بعــد انهيــار دول املحــور وانتصار‬ ‫الحلفــاء يف الحــرب العامليــة الثانيــة اجتمــع‬ ‫القــادة الثــاث الكبــار (روزفلــت –ســتالني –‬ ‫ترششــل)‪ ،‬زعــاء القــوى العظمــى (أمريــكا –‬ ‫روســيا –بريطانيــا) يف منتجــع يالطــا ‪ 4‬شــباط‬ ‫‪ 1945‬لغايــة رســم خارطــة جيوسياســية‬ ‫ألوربــا ويعتــر أهــم املؤمت ـرات السياســية يف‬ ‫العــر الحديــث اســتطاع روزفلــت بدهــاء‬ ‫إقنــاع ســتالني االكتفــاء بــدول رشقــي أوربــا‬ ‫لصــون حــدوده مــن أي اعتــداء مســتقبيل‬ ‫كــا حــدث يف حــروب ســابقة (نابليــون –‬ ‫والحربــن العامليتــن) والوعــد مبســاعدته يف‬ ‫حــرب ضــد اليابــان الســرجاع األرايض التــي‬ ‫خرستهــا روســيا عــام ‪ .1905‬أكل ســتالني‬ ‫الطعــم وغــض النظــر عــن امليــاه الدافئــة‪،‬‬ ‫وأســ ِقطَ الحلــم الــرويس بخديعــة الحلــم‬ ‫مــرة أخــرى‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاع املاكــر* حافــظ االســد دغدغــة‬ ‫مشــاعر الــروس مــن خــال معاهــدة‬ ‫الصداقــة والتعــاون والدفــاع املشــرك املوقعة‬ ‫بــن النظامــن مبوجبهــا منحــت تســهيالت‬ ‫لألســطول الــرويس وأشــيدت أول قاعــدة‬ ‫بحريــة يف املتوســط يف طرطــوس‪ ،‬فتحقــق‬ ‫بعــض مــن الحلــم‪ ،‬ولــو يف حــده األدىن‬ ‫مكتفي ـاً مبيــاه (معتدلــة)‪ ،‬وغــض الغــرب أو‬ ‫باألحــرى منظومــة الحلــف األطلــي النظــر‬

‫ماذا سيكتب التاريخ عن اآلن ؟‬

‫كــون بوابــات العبــور تحــت مناظرهــا‬ ‫الكاشــفة عــى الســفوح املطلــة عــى كل‬ ‫مــن مضيقــي البوســفور والدردنيــل‪ .‬جــاءت‬ ‫املعاهــدة إبــان أحــداث ‪ 1982 1979-‬ورمبــا‬ ‫كانــت ســندا ً لســحق تلــك املحاولــة اإلخوانية‬ ‫لقلــب نظــام الحكــم بقــوة الســاح التــي‬ ‫بدأهــا اإلخــوان باغتيــاالت طائفيــة (علــاء‬ ‫وضبــاط كالدكتــور محمــود شــحادة ومجــزرة‬ ‫مدرســة املدفعيــة)‪ ،‬وختمهــا حافــظ األســد‬ ‫مبجــزرة حــاة‪.‬‬ ‫لقــد اســتوعب حافــظ الــدرس جيــدا ً‬ ‫فالالعــب املاكــر هــو مــن يســتطيع البقــاء‬ ‫أطــول مــدة يف اللعبــة (حســب توصيــف‬ ‫مايلــز كوبالنــد مهنــدس االنقالبــات يف ســوريا‬ ‫ومــر)‪ .‬لقــد اســتقوى باملعاهــدة ليقينــه‬ ‫باســتامتة روســيا بالدفــاع عــن مكســبها‬ ‫وليقينــه أن الحــروب بــن الــدول العظمــى‪،‬‬ ‫ولــت إىل غــر رجعــة والــروس ســيتدخلون‬ ‫إلنقــاذه‪ ،‬مهــا كانــت التضحيــات والغــرب‬ ‫لــن يتحــرك‪ ،‬وقــد حالفــه الغبــاء الســيايس‬ ‫لحركــة الطليعــة اإلســامية ومــن كان ورائهــا‬ ‫لتناســيهم تجربتهــم الســابقة عــام ‪1964‬‬ ‫فالســوريون وإن كانــت غالبيتهــم مســلمون‬ ‫إال أنهــم ليســوا (إســامويني) فافتقــرت‬ ‫محاولتهــم للحاضنــة الجامهرييــة فاســتطاع‬ ‫حافــظ األســد وأدهــا مــن دون مســاعدة‬ ‫وهــا هــو ذا وريثــه يــرث مفاعيــل تلــك‬ ‫املعاهــدة‪.‬‬ ‫اآلن‪...‬؟‬ ‫يعتقــد بعضهــم أن روســيا ُو ِرطَــت كخصم يف‬ ‫تدخلهــا يف ســوريا لكــن هــذا التنســيق بينهــا‬ ‫وبــن إرسائيــل وبعــد مباركــة اإلنكليــز ينفي‬ ‫ذلــك يف املــدى املنظــور ويبــدو أنهــا مفوضــة‬ ‫كرشيــك لتنفيــذ الخيــارات املرســومة لســوريا‬ ‫بشــكل خــاص ويف املنطقــة بشــكل عــام‪ .‬إن‬ ‫املنعطــف الرابــع يف التاريــخ (الحــادي عــر‬ ‫مــن أيلــول )‪ ،‬وحــد الجهــود بــن القــوى‬ ‫العامليــة املعنيــة ملحاربــة التطــرف (امل َُص َنــع)‬ ‫خــال العقــود املاضيــة‪ ،‬والتــي كانــت الحرب‬ ‫اللبنانيــة وثــورة الخمينــي مدخلــن ملــا ن ـراه‬

‫اليــوم مــن فــرز دينــي وطائفــي ومذهبــي‪،‬‬ ‫وباألخــص بــن الشــيعة والســنة‪ ،‬وليــس مــن‬ ‫متييــز بــن إرهــاب الجامعــات املتطرفــة مــن‬ ‫كال املذهبــن‪ ،‬فــا ننــى أن أول األجســاد‬ ‫املفخخــة كان شــيعياً (حادثــة املارينــز يف‬ ‫بــروت ‪ .)1983‬إن روســيا قــد تكــون معنيــة‬ ‫أكــر مــن أوروبــا وأمريــكا لكونهــا عــى‬ ‫تخــوم دول ال تخلــو مــن متطرفــن‪ ،‬والدليــل‬ ‫متطوعــي دول القوقــاز والتــر يف صفــوف‬ ‫كل مــن داعــش والنــرة ولــو أن بعضهــم‬ ‫فربكــة روســية (كالكتيبــة الشيشــانية) التــي‬ ‫اختطفــت املطرانــن واختفــت‪ .‬مــن هنــا‬ ‫نــرى أن مناطــق إدلــب وتواجــد النــرة‬ ‫لهــا الحصــة األكــر مــن القصــف الــرويس‪.‬‬ ‫قــد يســقط اعتقــادي هــذا فيــا اذا فشــلت‬ ‫الجهــود الدبلوماســية (لقــاءات فيينــا)‬ ‫وتوجهــت أمريــكا جديـاً إىل تزويــد املعارضــة‬ ‫بالصواريــخ املتطــورة املضــادة للطــران‪.‬‬ ‫احتماالت‪:‬‬ ‫إن الرهــان الــرويس عــى إنهــاء الدولــة‬ ‫اإلســامية هــو باالعتــاد عــى جيــوش لــدول‬ ‫عربيــة وإســامية فالخــراء العســكريون‬ ‫يؤكــدون اســتحالة تحقيــق النــر مــن دون‬ ‫قــوة عــى األرض‪ ،‬وهــي ليســت يف وارد‬ ‫املغامــرة بــأي جنــدي عــى األرض‪ ،‬والخيــار‬ ‫هــو عــى ثــاث دول ســتدفع بالرغــم عنهــا‬ ‫لهــذه الحــرب (األردن وتركيــا ومــر) فمــر‬ ‫واألردن معنيتــان وبشــكل جــدي وبرتهيــب‬ ‫مــن شــعار الدولــة اإلســامية (باقيــة‬ ‫وتتمــدد)‪ ،‬أمــا الســعودية ودول الخليــج‬ ‫ســيكون دورهــا بدفــع فواتــر العمليــة‪،‬‬ ‫وتركيــا فإغرائهــا ســيكون بــرأس حــزب‬ ‫العــال الكردســتاين مقابــل رأس الدولــة‬ ‫اإلســامية‪ .‬قــد يكــون هــذا االحتــال األول‬ ‫للمحافظــة عــى ســوريا دولــة موحــدة‪ .‬أمــا‬ ‫يف حــال الفشــل فستســعى روســيا اىل متكــن‬ ‫النظــام بإنــزال خســائر بقــوى املعارضــة‬ ‫دون التعــرض لداعــش بشــكل جــدي‪ ،‬كــا‬ ‫ن ـراه اآلن فالدولــة اإلســامية هــي الذريعــة‬ ‫الوجيهــة إلعــان التقســيم ســتكون عــى‬

‫ركائــز متينــة مدعومــة بتواجــد رويس قــوي‬ ‫رغــم هشاشــة البنيــة الطائفيــة فقــد ورث‬ ‫حافــظ األســد الفــرز القبــي والتاميــز العائــي‬ ‫حتــى يف الطائفــة العلويــة الكرميــة‪ .‬وهــو‬ ‫االحتــال الثــاين وكال االحتاملــن وارديــن يف‬ ‫حــال اعتربنــا أن توافقــاً وتفاهــاً أمريكيــاً‬ ‫روســياً قامئـاً‪ ،‬أمــا إذا كان خــاف ذلــك يعنــي‬ ‫أن التاريــخ ســيكتب هــذه املــرة أن روســيا‬ ‫اســتعاضت امليــاه الدافئــة (بدمــاء الســوريني‬ ‫الســاخنة)** ورمبــا ســيكتب مــن روســيا‬ ‫املخدوعــة إىل روســيا املخادعــة‪.‬‬ ‫روسيا وحربها املقدسة‬ ‫كمســيحي وإميــاين ال يقــل عــن إميــان‬ ‫مرتبوليــت موســكو وهــو ال يقــل عنــي‬ ‫(خطيئــة) والدليــل الصــاة الربانيــة التــي‬ ‫علمنــا إياهــا الســيد املســيح بالطلــب يف كل‬ ‫لحظــة للــرب لــه كل املجــد مبغفــرة خطايانــا‪.‬‬ ‫لســت يف صــدد تلقينــه درســاً يف الديانــة‬ ‫وإمنــا ألذكــره بنفاقــه فأيــن كان يــوم هجــر‬ ‫ألفــان وخمســائة عائلــة مــن املوصــل عــام‬ ‫‪ 2008‬وبعــد أن فخخــت بيــوت بعضهــم؟‬ ‫وأيــن كان يــوم ذبــح الرهبــان يف املوصــل؟‬ ‫وأيــن كان يــوم اختطــف وقتــل املطـران فــرج‬ ‫رحــو ومثــل بجثتــه؟ أيــن كان يــوم مجــزرة‬ ‫كنيســة النجــاة؟ مل يســمع ومل يســتجب ألنــة‬ ‫املــاك الطفــل آدم وثالوثــه كفــى كفــى‬ ‫كفــى‪ ،‬بينــا نـراه يســتجيب الســتغاثة قاتــل‬ ‫أطفــال ســوريا‪ ،‬ويقــدس الدفــاع عــن الظــامل‪،‬‬ ‫متناســياً أنــه كرجــل ديــن مســيحي عليــه‬ ‫أن يكــون صــوت املقهوريــن واملضطهديــن‬ ‫صــوت اليتامــى والثــكاىل واألرامــل؟ إن‬ ‫املســيحية ديــن يف الدنيــا وليســت دينــاً‬ ‫ودنيــا كــا يقــول العالمــة املطــران جــورج‬ ‫خــر تــرى االســترصاخ أرواح مثانيــة وأربعــن‬ ‫طف ـاً قضــوا تحــت القصــف الــرويس ضمــر‬ ‫املرتوبوليــت؟ وعــن هــذه أيضــاً ســيكتب‬ ‫التاريــخ روســيا املفاوضــة‬ ‫أن االســاء الثامنيــة والثالثــن (املرسبــة)‬ ‫املقرتحــة مــن قبــل روســيا مــع احرتامنــا‬ ‫لهــا ال متثــل يف أغلبهــا إال نفســها وروســيا‬

‫يوخنا أوديشو دبرزانا‬ ‫والنظــام وبعضهــا مــن النظــام مــع النظــام‬ ‫ضــد النظــام فبعضهــم ُح ِمــل عــى أثنياتهــم‬ ‫ودياناتهــم ومذاهبهــم دون علــم مرجعياتــه‬ ‫وآخــرون ن ُِســبوا ملؤسســات سياســية ال وجــود‬ ‫لهــا إال يف ذهــن مــن يدعــون متثيلهــا‪ .‬إذا كان‬ ‫حريــاً بروســيا أن تحــرم عقــول الســوريني‬ ‫عــى أقــل تقديــر فاملثــل الســوري يقــول‬ ‫(حارتنــا ضيقــة نعــرف بعضنــا‪ )...‬وقــد‬ ‫يكتــب التاريــخ يوماًوينعتهــا باملســتهرتة‬ ‫فالسياســة ليســت مصالح ـاً دامئــة فقــط بــل‬ ‫هنــاك مبــادئ وقيــم أخالقيــة أيضــاً‪.‬‬ ‫مسك الختام‬ ‫يحــرين قولــن للســيد املســيح ((طــوىب‬ ‫لصانعــي الســام فأنهــم ابنــاء اللــه يدعــون))‬ ‫مــت‪..(( 9-5‬فالويــل ملــن تــأيت عــى يــده‬ ‫العــرات ))لــو‪17‬‬ ‫كل مــا نتمنــاه ان يعــود الســام اىل وطــن‬ ‫الســنابل والزيتــون وأن تعــود ســوريا بيتــاً‬ ‫للجميــع دعامئــه العــدل واملســاواة وســقفه‬ ‫الحريــة ليعيــش‬ ‫أبنائها بالعز والكرامة‬ ‫اهلوامش‬ ‫*‪ -‬نعت��ه باملاك��ر دلي��ل خبث��ه ومراوغت��ه‬ ‫الالع��ب م��ع ال��كل والالع��ب عل��ى ال��كل‬ ‫والنتيجة( س��قوط )وه��ذا مايتجلى اليوم‬ ‫فالده��اة العق�لاء‬ ‫اصح��اب البص�يرة يبن��ون االوط��ان أم��ا‬ ‫اخلبث��اء يس��قطونها لق��د خ��رب االنس��ان‬ ‫وكم��ل أبنه على‬ ‫عل��ى م��دى اربع�ين عاماً ً‬ ‫البني��ان‬ ‫** أقتب��اس م��ن جمل��ة احلرم��ل‬ ‫السورية ميكن مطالعتها على الفيسبوك‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ش��يء م��ن األزم��ة املعرفي��ة يف الثقاف��ة العربي��ة ورؤي��ة أول ّي��ة لتجاوزه��ا‬ ‫أو ًال‪ :‬اللغة‪..‬‬ ‫الثــورة ليســت فقــط إســقاط نظــام ســيايس‬ ‫وإطاحــة بحاكــم‪ .‬هــي ثــورة يف العقــل ويف‬ ‫منظومــة التفكــر‪ .‬ســوف أحــاول هنــا عــر‬ ‫موضوعــات أربــع مهمــة تقديــم رؤيــة فكريــة‬ ‫تنويريــة يف مجــال الرتبيــة والتعليــم متعلّقــة‬ ‫مبكونــات املعرفــة األساســية التــي عــى الرتبيــة‬ ‫والتعليــم إظهــار العنايــة بهــا وتجــاوز أزمتهــا؛‬ ‫فمــروع ال ّنهضــة والحريــة مرتبــط بالتّعليــم‬ ‫والتّفكــر والثّقافــة‪ ،‬وال بــ ّد أن يكــون حــارضا ً‬ ‫بقــوة‪ ،‬خصوصــا بعــد ثــورات الربيــع العــريب‪.‬‬ ‫وعليــه أن يتابــع ســره الــذي بــدأه منــذ نهايــة‬ ‫القــرن التّاســع عــر‪ ،‬وح ّقــق فيــه‪ ،‬يف أكــر مــن‬ ‫فــرة‪ ،‬بعــض اإلنجــاز ٍ‬ ‫ات املعرفيّــ ًة امللحوظــة؛‬ ‫ٍ‬ ‫لك ّنــه تعــر‪ ،‬ألنــه ظـ ّـل يواجــه مطبّــات كثــرة‪،‬‬ ‫بفعــل عوامــل خارجيّــة كاالســتعامر والعــدوان‪،‬‬ ‫وعوامــل داخل ّيــة كاالســتبداد والطغيــان‬ ‫والفرقــة‪ ،‬اســتطاع التّغلّــب عــى بعضهــا‪،‬‬ ‫وظلّــت مط ّبــات كثــرة خطــرة راســخة يف‬ ‫الواقــع‪ ،‬تعرقــل املــروع وتوجهاتــه املعرف ّيــة‬ ‫مبــآزق وأزمــات قويّــة‪ ،‬عــى ال ّرغــم مــن كــرة‬ ‫املســاعي العاملــة عــى تخطّيهــا‪.‬‬ ‫بنيــت هــذه الرؤيــة الناقــدة لواقــع أزمــة‬

‫املعرفــة العرب ّيــة الحــارضة يف التّعليــم والتّفكري‪،‬‬ ‫اعتــادا ً عــى تجربــة عمل ّيــة شــخص ّية يف التّعلّم‬ ‫والتّعليــم؛ وتســعى إىل ربــط أزمتنــا املعرفيّــة‬ ‫الحــارضة يف واقعنــا العــر ّيب بغيــاب املك ّونــات‬ ‫األساسـيّة األربعــة‪ ،‬التــي نعتقــد بدورهــا الكبــر‬ ‫يف تكويــن هويّــة املعرفــة‪ ،‬خصوصــاً‪ ،‬هويتنــا‬ ‫العرب ّيــة املعــارصة‪ ،‬ويف إزاحــة ثقــل الجهــل عن‬ ‫الواقــع املعــر ّيف العــر ّيب الحــا ّيل؛ وهــي‪ :‬اللغــة‪،‬‬ ‫والتّاريــخ‪ ،‬وطالقــة التّفكــر‪ ،‬ووعــي الوطــن‬ ‫والهويّــة الوطن ّيــة‪ .‬لك ـ ْن تجــدر اإلشــارة‪ ،‬هنــا‪،‬‬ ‫إىل أن هــذه الورقــة ال تلغــي أو تســتخف‬ ‫بالـ ّرؤى الكثــرة التــي تســعى إىل النقــد والبنــاء؛‬ ‫فهنــاك وعــي لــكل الطّاقــات اإليجابيّــة التــي‬ ‫يختزنهــا مــروع ال ّنهضــة العــر ّيب وإنســانه يف‬ ‫صناعــة املعرفــة‪ ،‬وإ ّن مــا نفعلــه هــو اجتهــا ٌد‬ ‫ـي عــى رؤي ـ ٍة نقديّــة وق ـراءة مــن داخــل‬ ‫مبنـ ّ‬ ‫ـوي يف اقـراح حلــول تفيــد املربــن‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫الت‬ ‫ـال‬ ‫املجـ ّ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بشــكلٍ‬ ‫أي موقــعٍ كانــوا‪ ،‬وهــم‬ ‫خــاص‪ ،‬يف ّ‬ ‫يع ـ ّدون اإلنســان إىل الحيــاة؛ لــي يفســحوا يف‬ ‫مســاحة معرفتــه واســعاً‪ ،‬ويتغلّبــوا عــى أزمــة‬ ‫املعرفــة يف مــروع نهضتنــا‪.‬‬ ‫بدايــة ال بــ ّد أن نســأل عــن معنــى مفــردة‬ ‫ـح االكتفــاء بتعريــف املعرفــة‬ ‫املعرفــة؛ فهــل يصـ ُّ‬

‫أنّهــا املعلومــات أو العلــوم؟ ونجيــب‪ :‬تتش ـكّل‬ ‫املعرفــة مــن عمل ّيــة ســعي اإلنســان إىل فهــم‬ ‫ذاتــه واآلخريــن‪ ،‬وإىل فهــم الواقــع والعــامل‬ ‫والوجــود‪ ،‬كــا تنمــو فيهــا‪ .‬ومتثّــل املعرفــة‪،‬‬ ‫بهــذا التّو ّجــه‪ ،‬نظــرة اإلنســان إىل الوجــود‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وبالتّحديــد‪ ،‬يف ضــوء نتائــج رصاعــه ال ّداخــ ّ‬ ‫والخارجــي؛ لذلــك ال تقتــر املعرفــة عــى‬ ‫ّ‬ ‫ـدريس‪ ،‬بــل‬ ‫ـ‬ ‫امل‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫باملعن‬ ‫ـوم‬ ‫ـ‬ ‫العل‬ ‫أو‬ ‫ـات‪،‬‬ ‫املعلومـ‬ ‫ّ‬ ‫تتع ّداهــا إىل الــ ّرأي ووجهــة ال ّنظــر والخــرة‬ ‫والقيــم؛ لــي تش ـكّل أســاس التّفكــر والتّف ّكــر‪،‬‬ ‫ومنطلــق األعــال واألقــوال واألفعــال‪ ،‬وجوهــر‬ ‫اإلنتــاج واملواقــف واإلبداعــات‪ .‬ثــ ّم نعطــف‬ ‫عــى هــذا ونســأل‪ :‬إىل أيّــة درجــة تســهم‬ ‫الحالــة التّعلّميّــة يف عمــوم واقعنــا العــر ّيب‪،‬‬ ‫مبختلــف أشــكالها ومراحلهــا وأماكنهــا يف‬ ‫تكويــن معرفــ ٍة ناضجــ ٍة ب ّنــاء ٍة راقيــة‪ ،‬تطــ ّور‬ ‫الواقــع واملجتمــع واألفــراد؟‬ ‫إ ّن مالحظــة املعــاين املرتبطــة مبفهــوم املعرفة يف‬ ‫حــارض واقعنــا العــر ّيب وفحصهــا بعــن التّأ ّمــل‪،‬‬ ‫يجعلنــا نــرى حالهــا يف كثــر مــن املواقــع شــبيها‬ ‫بزبــد البحــر الطــايف عــى ســطح امليــاه تتناقلــه‬ ‫األمــواج بعيــدا ً عــن األعــاق؛ إذ يبتعـ ّد أغلــب‬ ‫ـي عــن معالجــة جوهــر الهمــوم‬ ‫خطابهــا الثّقاقـ ّ‬

‫وأصــل املشــاكل وأســباب األزمــات التــي تحيــط‬ ‫بنــا‪ ،‬وتبــدو متخ ّبطــة يف دوامــة فــوىض؛ فهــي‪،‬‬ ‫بعا ّمــ ٍة‪ ،‬اســتريا ٌد حــر ّيف عــام لــرؤى وثقافــات‬ ‫أخــرى متق ّدمــة‪ ،‬قلّــا ترتبــط بســياقنا الخــاص‬ ‫ٌ‬ ‫اســتهالك‬ ‫الــذي يصــارع ظلمــة الجهــل‪ ،‬أو‬ ‫ـزي محمــوم رسيــع‪ ،‬يقيّــد اإلنســان مبنطــق‬ ‫غريـ ّ‬ ‫ـحاب‪ ،‬تباركــه بعــض‬ ‫ـ‬ ‫انس‬ ‫أو‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫والبضاع‬ ‫ـلعة‬ ‫السـ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الصوف ّية‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـلبي‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫نو‬ ‫إىل‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ّقاف‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫الجه‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صعــب تشــت ّد فيــه‬ ‫ع‬ ‫واقــ‬ ‫يفرضهــا‬ ‫الواهمــة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الهزائــم؛ فيأخذنــا بعيــدا ً عــن الفعــل‪ ،‬وعــن‬ ‫إنتــاج الحلــول الواقع ّيــة العمل ّيــة األصيلــة‪،‬‬ ‫ـراع يف حبــك عالقــة‬ ‫التــي تفــرض الكفــاح والـ ّ‬ ‫اإلنســان بواقعــه‪ ،‬أو يقــ ّدم أشــكاالً ثابتــة‬ ‫األســايس‬ ‫جاهــزة‪ ،‬تفتقــر‪ ،‬غالبــاً‪ ،‬إىل الجوهــر‬ ‫ّ‬ ‫للمعرفــة‪ ،‬وهــو حيويّــة ال ّنمــ ّو والتّطــ ّور‪ ،‬مبــا‬ ‫يســهم يف تكويــن الحــارض واملســتقبل‪.‬‬ ‫وميكــن القــول‪ :‬إ ّن حــال املعرفــة يف جــز ٍء واسـ ٍع‬ ‫تســتحق أن نفكّــر بهــا‪ ،‬لــي ال‬ ‫مــن الواقــع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تعرقــل مــروع نهضتنــا‪ ،‬وتســتوجب التّغيــر‬ ‫وإعــادة ال ّنظــر يف طبيعتهــا‪ ،‬ويف أدوات إنتاجهــا‬ ‫وٍأســاليبها وأشــكالها ومق ّدماتهــا‪ .‬ســنحاول‬ ‫بالتّفســر إبــراز أهم ّيــة اللغــة والتّاريــخ‬ ‫والتّفكــر الطليــق ووعــي الوطــن يف تشــكيل‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫معرفــة تدعــم مــروع ال ّنهضــة‪ ،‬وتتخطّــى‬ ‫بعــض األزمــة؛ وقــد اخرتنــا اللغــة ألنّهــا رشيــان‬ ‫املعرفــة‪ ،‬واخرتنــا التّاريــخ ألنّــه وعاؤهــا‪،‬‬ ‫والتّفكــر الطّليــق؛ ألنّــه آفاقهــا الخّالقــة‪ ،‬التــي‬ ‫يتحــ ّرر فيهــا اإلبــداع‪ ،‬واخرتنــا‪ ،‬أخــرا ً‪ ،‬وعــي‬ ‫الوطــن؛ ألنّــه الهويّــة التــي تحضــن املعرفــة‪.‬‬ ‫وســوف نقــدم الحقــاً إشــارة لــكل موضوعــة‬ ‫مــن هــذه املوضوعــات‪.‬‬ ‫ومــن املفيــد أن نختــم موضــوع اللغــة بســؤال‬ ‫يدعــو املربــن واملثقفــن واملعنــن باألمــر إىل‬ ‫ـوي العــر ّيب يف ضــوء املتغريات‬ ‫تأ ّمــل واقعنــا اللغـ ّ‬ ‫وأجــواء الثــورة‪ ،‬فالواقــع اللغــوي ال ينفصــل‬ ‫عــن اإلنســان وعــن التّفكــر ونقــده وإصالحــه‬ ‫وتطويــر معرفتــه‪ :‬كيــف نســتطيع أن نواكــب‬ ‫الثــورة والعــامل الجديــد بثــورة معرفيــة ولغويــة؛‬ ‫فنجعــل اللغــة أداة فاعلــة تســهم بشــكل جيــد‬ ‫يف تكويــن الوعــي والتّفكــر والتواصــل‪ ،‬ويف‬ ‫ـي؟ وكيــف نرقيهــا كغايــة‬ ‫الس ـ ّمو بال ـذّوق الف ّنـ ّ‬ ‫ف ّن ّيــة إبداع ّيــة تحــايك قيــم الجــال ومثلــه؟‬

‫س��وريا‪ -‬مص��ر ومقوم��ات إدارة الت��وازن اإلقليم��ي الصع��ب‬ ‫ليســت مؤهلــة ال تاريخي ـاً وال جغرافي ـاً لهــذا‪.‬‬ ‫وأمــا عــن العروبــة فنحــن نعيــش مرحلــة‬ ‫حديثــة أخــذت فيهــا العروبــة أبعــادا ً جديــدة‬ ‫واختلفــت متامــاً عــا كانــت عليــه يف‬ ‫الخمســينات والســتينات‪ ،‬وال ميكــن العــودة‬ ‫إىل الــوراء‪ ،‬والســييس ليــس بعبــد النــارص‪،‬‬ ‫ومرحلتنــا ال ميكــن أن تعالجهــا ترصيحــات‬ ‫جهوريــة رنانــة‪ ،‬وأغــانٍ وطنيــة تــروي عاطفيــة‬ ‫االنتــاء لــدى الشــعوب الجديــدة التكويــن‪،‬‬ ‫كــا كان الحــال‪.‬‬ ‫إن مــر غــر قــادرة عــى إعطــاء ســوريا‬ ‫اســتقرارا ً‪ ،‬ألن ال أحــد باســتطاعته أن يعطــي‬ ‫مــا ال ميلــك‪ .‬الق ـرار املــري مرهــون‪ ،‬فكيــف‬ ‫يعالــج أمـراض ســوريا؟ اإلخــوان بقيــادة مــريس‬ ‫ذهبــوا ملجــاري امليــاه القطريــة الرتكيــة وذابــوا‬ ‫وغــر فقــط‬ ‫فيهــا للنخــاع وتالهــم الســييس‪ّ ،‬‬ ‫املجــرى القطــري مبيــاه الســعودية معاديــاً‬ ‫املحــور اإلخــواين‪ ،‬إنــه حاليـاً ال ميلــك إمكانيــات‬ ‫إقنــاع الســعودية بــأال تتخــذ أي ق ـرار مــري‬ ‫بــدالً عنــه‪ ،‬فهــو ال يختلــف عــن مــريس هنــا‬ ‫بــيء‪ ،‬حيــث أنــه يــرى بــأن مــر مــن دون‬ ‫التمويــل ال تســتحمل أزماتهــا وقــد تنفجــر يف‬ ‫أي لحظــة‪ ،‬مــن هنــا كانــت رضورة الحضــن‬ ‫الســعودي ودعــم الســعودية االقتصــادي بــأي‬ ‫مثــن‪ .‬هــل كان أمــام الســييس خيــار آخــر؟‬

‫مــن غــر املنطقــي أن تســقط طائــرة يف‬ ‫الســاء املرصيــة وهــي ليــس بهــا أي خلــل‬ ‫تقنــي‪ ،‬والطائــرة الروســية مل يكــن بهــا خلــل‬ ‫تقنــي‪ ،‬ولــذا ال ميكــن عــدم اإلشــارة إىل عالقــة‬ ‫هــذا الحــادث مبــا يجــري يف املنطقــة ‪..‬‬ ‫ليــس بوســع مــر اآلن الحيادية ومســك الحبل‬ ‫مــن كل األطــراف‪ ،‬وهــذا ألســباب تاريخيــة‬ ‫وجغرافيــة مرتبطــة مبــر‪ ،‬وهــذا كذلــك‬ ‫ألن مــر ليســت ســوريا‪ ،‬فســوريا ألســباب‬ ‫تاريخيــة وجغرافيــة وســكانية ومصرييــة فيــا‬ ‫يخصهــا ملزمــة بالحياديــة التامــة إقليميـاً وأمــا‬ ‫الرصاعــات األكــر‪ ،‬أي الدوليــة‪ ،‬فليــس لســوريا‬ ‫أن تتدخــل بهــا ألن توازنهــا الداخــي ال يســمح‬ ‫لهــا بهــذا‪ ،‬فــإن انتــرت قــوى مــا عــى أخــرى‬ ‫يف الــراع عــى ســوريا‪ ،‬ســيكون هــذا قــرارا ً‬ ‫ليــس ســورياً‪ ،‬بــل مصــدره تصــارع تلــك القــوى‬ ‫العظمــى فيــا بينهــا‪ .‬طبعــاً ال نتحــدث عــن‬ ‫ســوريا اآلن‪ ،‬ألنهــا حاليـاً خرجــت عــن مســارها‬ ‫اآلمــن‪ ،‬بــل نتحــدث عــن ســوريا التــي كانــت‬ ‫قبــل اســتالم األســد االبــن الســلطة‪ ..‬ســوريا‬ ‫التــي مل تنحــاز لقــوة إقليميــة عــى حســاب‬ ‫األخــرى‪ ،‬وإن تــم هــذا ســيكون حينــذاك‬ ‫ليــس بقرارهــا‪ ،‬أي هنــاك فكــرة «ال مســؤولية‬ ‫تامــة» لســوريا مربئــة لهــا ومعلومــة لألط ـراف‬ ‫املتنازعــة يف هــذا الــرق املضطــرب ‪..‬‬ ‫ســوريا فقــط بــن كل دول املنطقــة متلــك‬ ‫إمكانيــات ومقومــات هــذا التــوازن الصعــب‪،‬‬ ‫هل كان أمام السيسي خيار آخر؟‬ ‫هــذا التــوازن الــذيك هــو اختصــاص ســوريا‬ ‫التاريخــي‪ ،‬ولكنــه ليــس دور مــر التــي لهــا‬ ‫دور آخــر‪ ..‬ليــس دورهــا‪ ،‬مــر دورهــا إحــداث حتــاً روســيا مل تراهــن يومــاً عــى مــر‬ ‫الســام وإن كان رئيســها الســييس‪ ..‬عــى ســبيل‬ ‫املثــال مــن غــر املمكــن أن متــول الســعودية‬ ‫مــر وترتكهــا طليقــة حــرة التــرف وحــرة‬ ‫الرؤيــة فيــا يخــص حــل األزمــة الســورية‬ ‫واختيــارات البديــل‪ ..‬كــا ال ميكــن أن تتخــى‬ ‫الســعودية عــن مــر‪ ،‬وكذلــك حالي ـاً ال متلــك‬ ‫مــر تــرف التدخــل بأزمــات اآلخريــن‪ ..‬متام ـاً‬ ‫كــا ال ميكــن لحســن نــر اللــه أو لحــاس‬ ‫قبــول املــال اإليــراين والتــزام خــط محايــد‬ ‫وحــر برؤيــة الحــل الســوري‪ ..‬مــن هنــا محــور‬ ‫القاهــرة الســوري ولــد ميتــاً ألن القاهــرة‬

‫كحليــف رئيــي بــل كحليــف جــزيئ فقــط‪.‬‬ ‫بالتــايل االختيــار الصعــب مــا بــن موســكو‬ ‫والريــاض انفــرض عــى الســييس‪ ،‬والــذي جعلــه‬ ‫يختــار الحضــن العــريب واملــال العــريب‪ ،‬يف‬ ‫الواقــع هــو مل يختــار بــل فــرض عليــه اختيــاره‬ ‫ألن روســيا ال متلــك إمكانيــات خــوض حــرب‬ ‫نفــوذ عــى مــر‪ ،‬وتاريخيــاً مل تبحــث عــن‬ ‫هــذا الــدور هنــاك‪ ،‬وال حتــى يف مرحلــة عبــد‬ ‫النــارص ومتثيليــة دول عــدم االنحيــاز‪.‬‬ ‫مل تتمكــن روســيا مــن الحضــور يف أي دولــة‬ ‫إقليميــة أخــرى كــا كانــت ومــا تــزال يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬بالتــايل ســوريا أكــر أساســية مــن مــر‬ ‫بالنســبة لروســيا‪ ،‬وروســيا لــن تســتثمر يف رصاع‬ ‫ليــس أولويـاً وحيويـاً بالنســبة لهــا اآلن‪ ،‬وهــذا‬ ‫ال عالقــة لــه مبشــيئة الســييس بــل مبشــيئة‬ ‫اســراتيجية روســية‪.‬‬ ‫الســعودية تحــاول التوســع مبــر يف حربهــا‬ ‫مــع إيـران‪ ،‬ولكــن مبــر الضعيفــة لــن تتوســع‪،‬‬ ‫مبــر املجــردة مــن دورهــا األســايس الحاضــن‬ ‫للــدول العربيــة‪ ،‬حيــث أن الحاضــن والكبــر‬ ‫يجــب أن يكــون فــوق الخالفــات‪ ،‬ومــر‬ ‫ليســت فــوق الخالفــات العربيــة‪ ،‬كيــف وهــي‬ ‫تحــت هيمنــة الســعودية‪..‬؟!‬ ‫الســعودية أخــذت هــذا الــدور القيــادي‬ ‫للعروبــة منــذ مــدة‪ ،‬وهــي مؤهلــة لــه حيــث‬ ‫مــن ميلــك االقتصــاد ميلــك القــرار‪ ،‬والحظنــاه‬ ‫يف فرضهــا التفاقيــات الطائــف يف لبنــان‪،‬‬ ‫وكذلــك تقاســات العــراق وغــره‪ .‬بهــذه‬ ‫الطريقــة املبــارشة الواضحــة تقــرر الســعودية‬ ‫التدخــل بحريــة بــكل شــؤون العــامل العــريب‪،‬‬

‫وحتـاً هــذا التدخــل يــرره الـراع الســعودي‬ ‫اإليــراين‪ ،‬إذ أن املســألة فيــا يخــص اململكــة‬ ‫مســألة حيويــة كــا هــو الحــال بالنســبة‬ ‫لروســيا‪« ..‬أحــارب أدافــع أم أنتهــي وأنهــزم»‪،‬‬ ‫دون املواجهــة والتصــدي إليــران ســتكون‬ ‫بخطــر‪.‬‬ ‫لكــن الســعودية إىل اآلن مل يقوهــا رشاء‬ ‫القــرارات املرصيــة‪ ،‬بــل مــر كاليمــن‬ ‫معيقــن جديــاً لرفــع مســتوى نفوذهــا‪ ،‬لقــد‬ ‫كبــدت مــر النفــوذ الســعودي ومل تعــززه‬ ‫كــا كانــت تتوقــع الســعودية‪ ،‬كــا كبــدت‬ ‫اتفاقيــات الطائــف يف لبنــان النفــوذ الســعودي‬ ‫يف لبنــان ومل تعــززه‪ ،‬لرمبــا ألن أســلوب تحــرك‬ ‫الســعودية بامللفــات اإلقليميــة أســلوب مبــارش‬ ‫جــدا ً‪ ،‬وال يأخــذ بعــن االعتبــار كل الجوانــب‬ ‫والخصوصيــات وبالتــايل هــو أحــادي الرؤيــة‪..‬‬ ‫مــر اليــوم يف ورطــة وســتحتاج ملعجــزة‬ ‫للخــروج مــن أزمتهــا فــا سياســة مــن دون‬ ‫اقتصــاد‪ ،‬ســتحتاج أكــر للــال الســعودي‪،‬‬ ‫ولكــن كل ينابيــع النفــط واملــال لــن تحــل‬ ‫النفــق الــذي دخلــت فيــه‪ ..‬فيــا تــرى كيــف‬ ‫للســعودية الخــروج مــن هــذا املــأزق دون‬ ‫تغيــر عميــق يف أســلوبها إلدارة البقــاء‬ ‫والنفــوذ؟ عندمــا كان يقــول البعــض إن ســوريا‬ ‫كانــت مــن أقــل الــدول قروضـاً‪ ،‬ال بــد أن نفهــم‬ ‫ملــاذا ومــاذا يعنــي هــذا؟‬ ‫هنــا طبعــاً الــكالم عــن الســيادة الوطنيــة‬ ‫هــو مجــرد نفــاق إعالمــي كبــر‪ ،‬إذ أن‬ ‫الــدول الصغــرة املتواجــدة يف هــذا الــرق‬ ‫الالمتــوازن واملتصــارع ال متلــك ســيادة‪ ،‬بــل‬ ‫مصريهــا االنصيــاع وإدارة التوازنــات الداخليــة‬ ‫والخارجيــة بدقــة‪ .‬أحــد أخطــاء األســد االبــن‬ ‫قبــل الدخــول بالــراع املســلح مــع الشــارع‬ ‫هــو ســوء إدارة التــوازن الداخــي والخارجــي‪،‬‬ ‫وكان والــده بشــكل مختلــف جــدا ً يديــر جيــدا ً‬ ‫التــوازن الخارجــي عــى حســاب التــوازن‬ ‫الداخــي‪ ،‬وكانــت كذلــك مرحلــة والــده فيــا‬ ‫يخــص دول العــامل الثالــث تتقبــل مــا ال تتقبلــه‬ ‫املرحلــة اليــوم مــن عنــف وظلــم واســتبداد‪..‬‬ ‫إن الــذي فهمــه حافــظ أســد هــو أن مســألة‬ ‫بقــاء ســوريا كدولــة قويــة متعلــق بربــط‬

‫لمى األتاسي‬ ‫الخيــوط دون االنصيــاع التــام ألي مــن الــدول‬ ‫القويــة اإلقليميــة‪ ،‬بالتــايل هــو تعاقــد مــع‬ ‫إيــران‪ ،‬ولكــن مل يســلمها رقبتــه كــا فعــل‬ ‫ابنــه‪ ،‬وتعاقــد يف الوقــت ذاتــه مــع الســعودية‬ ‫بــود شــديد دون انصيــاع لهــا مــا كان إيجابيـاً‬ ‫لهــدوء الــرق وتوازنــه‪ ،‬إذ كان دور ســوريا‬ ‫هنــا حاممــة الســام بــن املحوريــن وتخفيــف‬ ‫حــدة الـراع فيــا بينهــم‪ .‬مــن جهــة أخــرى مل‬ ‫يغضــب حافــظ األســد إرسائيــل وخــدم تركيــا‬ ‫وقــدم «الهدايــا الالمجانيــة» للجميــع مقابــل‬ ‫رشاء دور محــوري إقليمــي لســوريا‪ ،‬مــن هنــا‬ ‫كان ال بــد لــه أن يكــون قليــل املطالبــة مادي ـاً‬ ‫مبســاعدات وقــروض‪ ،‬وال مجــال للمقارنــة هنــا‬ ‫بدرجــة قــروض لبنــان ومــر واألردن‪ ،‬ســوريا‬ ‫كانــت مــن أقــل الــدول قروضـاً ألن دور ســوريا‬ ‫الجيوســيايس يقتــي هــذا‪.‬‬ ‫طبعــاً علينــا اآلن أن نعــي أ ّن خلــل التــوازن‬ ‫الداخــي الــذي أحدثــه ســوء اإلدارة للبــاد‬ ‫عــى مــدى خمســة عــر عامــاً مــن قبــل‬ ‫بشــار األســد وإدارتــه‪ ،‬تزامــن مــع خلــل بــإدارة‬ ‫السياســة الخارجيــة لســوريا كذلــك‪ ،‬مــا‬ ‫أدى إىل أن يقــف املواطــن الســوري عاريــاً‬ ‫فق ـرا ً مخــدرا ً ومنهــكاً يف موقــف يجــرده مــن‬ ‫وطنيتــه أينــا وقــف‪ ،‬ففــي كل املواقــف ويف‬ ‫كل االصطفافــات اإلقليميــة حاليــاً للمعارضــة‬ ‫وللنظــام انحيــاز لالســوريا وتجــرد منهــا‪ .‬ولكــن‬ ‫ال عتــب عــى مواطــن مجــرد مــن كل يش‬ ‫حتــى مــن أوراقــه الثبوتيــة وال عتــب عليــه إن‬ ‫أصبحــت ســوريته ثانويــة أمــام بقائــه حيــاً‪.‬‬


‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طارق عبد الغفور‬

‫بثــت قنــاة الحــدث قبــل أيــام قليلــة‬ ‫خــرا ً عــن اجتــاع نتنياهــو وأوبامــا يف‬ ‫البيــت األبيــض‪ ،‬أخــذ الحديــث فيــه عــن‬ ‫ســورية حي ـزا ً كب ـرا ً‪ ،‬وكان أه ـ ّم مــا فيــه‬ ‫هــو طلبــه مــن الســيد أوبامــا أن يعمــل‬ ‫هــذا عــى أن يكــون لألســد دو ٌر يف أيــة‬ ‫مرحلــة انتقاليــة قادمــة يجــري العمــل‬ ‫عليهــا يف ســورية‪.‬‬ ‫الخــر مل يتــ َّم الرتكيــز عليــه‪ ،‬ومل تبثّــه‬ ‫أيــة قنــاة تلفزيونيــة أخــرى عــى مــا‬ ‫أعلــم‪ ،‬خــال ‪ BBC‬ومل يلفــت اهتــام‬ ‫الفيســبوكيني إذ مل أَفلــح يف العثــور عــى‬ ‫أي تعليــق عليــه‪.‬‬ ‫هــل ميكــن أن يكــون الخــر غـ َر صحيــح؟‬ ‫أنــا شــخصياً ال أعتقــد ذلــك ألن املواقــف‬ ‫اإلرسائيليــة فيــا يتعلّــق بالكارثــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وهــي املعلنــة عــى لســان‬ ‫بعــض العســكريني‪ ،‬وبعــض املعلقــن‬ ‫تصــب كلّهــا يف‬ ‫السياســيني يف إرسائيــل‬ ‫ّ‬ ‫صالــح األســد عــى خلفيــة أ ّن «الشــيطان‬ ‫الــذي تعرفــه خــ ٌر مــن الــذي تجهلــه»‬ ‫تدعــم فرضيــة صحــة الخــر‪.‬‬ ‫وعــى هــذه الفرضيــة تثــور تســاؤالت‬ ‫عديــدة‪ :‬هــل كان الطلــب اإلرسائيــي‬ ‫مفاجئ ـاً؟ وملــاذا كشــف نتنياهــو النقــاب‬ ‫عــن دعمــه لألســد اآلن؟ وهــل شــكّل‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫بــدأت أعــال البحــث والتنقيــب‬ ‫عــن النفــط والغــاز يف ســورية عــام‬ ‫‪ .1933‬ويف عــام ‪ 1956‬تــم أول تدفــق‬ ‫تجــاري مــن النفــط يف تركيــب كراتشــوك‪،‬‬ ‫وبــدأ إنتــاج النفــط يف ســورية يف أيــار‬ ‫مــن عــام ‪ 1968‬بوصــول أول برميــل مــن‬ ‫النفــط إىل مينــاء طرطــوس‪ .‬ويف قطــاع‬ ‫الغــاز بــدأت الرشكــة الســورية للنفــط‬ ‫باســتثامر الغــاز املرافــق لتوليــد الطاقــة‬ ‫الكهربائيــة منــذ عــام ‪ .1975‬وابتــدا ًء مــن‬ ‫عــام ‪ 1984‬اكتشــف النفــط الخفيــف‬ ‫يف ديــر الــزور بعــد أن كانــت معظــم‬ ‫االكتشــافات قبــل عــام ‪ 1984‬مــن النفــط‬ ‫الثقيــل يف محافظــة الحســكة (حقــول‬ ‫الرميــان املعروفــة)‪ .‬فحتــى عــام ‪٢٠١١‬م‬ ‫كان إنتــاج النفــط بحــدود ‪ ٣٨٠‬ألــف‬ ‫برميــل يومي ـاً‪ ،‬وإنتــاج الغــاز ‪ ٣٠‬مليــون‬ ‫مــر مكعــب مــن الغــاز يوميــاً حســب‬ ‫ترصيحــات رســمية لصحيفــة الوطــن‪.‬‬ ‫هــذه األرقــام املتوفــرة ولكــن‪ ،‬ودامئــاً‬ ‫كانــت األيــدي تقــف حائ ـاً دون معرفــة‬ ‫املزيــد عــن حجــم التصديــر‪ ،‬املــردود‬ ‫املــايل أو العائــد مــن تصديــر النفــط‬ ‫ودوره يف االقتصــاد الوطنــي!!!‬ ‫النفــط ليــس نتــاج جهــد إنســاين‪ ،‬بــل‬ ‫نتــاج جهــد الطبيعــة املجــاين‪ ،‬امل ُهــدى‬ ‫للبــر‪ .‬وأن يكــون بالصدفــة نفــط يف‬ ‫بلــد مــا‪ ،‬هــذا يعنــي أن البلــد ميكــن أن‬ ‫يعــوض الكثــر مــن نقــص يف مقدراتــه‬ ‫املاديــة يف الطبيعــة‪ ،‬وأن مســتقبالً واعــدا ً‬ ‫ينتظــر هــذا البلــد لتوفــر هــذه الــروة‬ ‫فيــه‪.‬‬ ‫قــدر الشــعب الســوري‪ ،‬أن يصــادف‬ ‫اكتشــاف هــذه النعمــة الطبيعيــة مــع‬ ‫قــدر آخــر‪ ،‬صــار نقمــة عليهــا وعــى‬ ‫نفطهــا‪ ،‬عائلــة األســد التــي مل تدخــر‬ ‫جهــدا ً يف وضــع كل مقــدرات البــاد‬ ‫تحــت ترصفهــا ومــن بينهــا ثــروة النفــط‪،‬‬ ‫الــذي مل نـ َر منــه شــيئاً عــى مــدى عقــود‪،‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫نقطة أول السطر‬

‫عندما ال تعود مفيداً‬ ‫هــذا الكشــف‪ ،‬وذاك الطلــب مفاجــأ ًة‬ ‫لــإدارة األمريكيــة؟ واألكــر أهميــة مــن‬ ‫ذلــك‪ ،‬هــل كان طلبــاً ارسائيليــاً أم هــو‬ ‫إمــا ٌء عليهــا؟‬ ‫يف محاولــة لإلجابــة عــن هــذه االســئلة‬ ‫فقــد كنــت وال زلــت أعتقــد أن اإلدارة‬ ‫األمريكيــة هــي العامــل األســاس يف إطالــة‬ ‫أمــد األزمــة الســورية‪ ،‬بهــدف تحطيــم‬ ‫ســورية بــرا ً وحجــرا ً بحيــث ينــرف‬ ‫اهتاممهــا كدولــة وكشــعب عــى إعــادة‬ ‫ٍ‬ ‫أســس جديــد ٍة سياســياً‬ ‫اإلعــار عــى‬ ‫واقتصادي ـاً واجتامعي ـاً وثقافي ـاً‪ ،‬وبحيــث‬ ‫يشــغلها هــذا الهــ ّم عــن االلتفــات إىل‬ ‫إرسائيــل مبــا هــي عــد ٌو إذا بقيــت عــدوا ً‪،‬‬ ‫ويف هــذا تلتقــي املصلحتــان األمريكيــة‬ ‫واإلرسائيليــة‪ ،‬إن مل تكونــا يف األصــل‬ ‫مصلحــة واحــدة‪ ،‬وأنــا هنــا أرفــض نظريــة‬ ‫تفتيــت ســورية وتقســيمها‪ ،‬منطلقـاً مــن‬ ‫أن شــعبها كفيــل بإحبــاط هـ ٍ‬ ‫ـدف كهــذا‪،‬‬ ‫وأ ّن لــه الكلمــة األوىل واألخــرة يف هــذا‬ ‫ـوى كثــر ًة‬ ‫األمــر‪ ،‬عــى الرغــم مــن أ ّن قـ ً‬ ‫تعمــل عــى هــذا التفتيــت والتقســيم‬ ‫ـوى داخليــة محســوبة عــى هــذا‬ ‫منهــا قـ ً‬ ‫الوطــن –إن بعلــمٍ أو بغــر علــم‪ -‬وتلــك‬ ‫الطّا ّمــة الكــرى‪ ،‬وإذن فلســت أظــ ّن أن‬ ‫طلــب نتنياهــو جــاء مفاجئــاً للســيد‬

‫أوبامــا‪.‬‬ ‫وملــاذا يذهــب نتنياهــو بعيــدا ً يف‬ ‫الكشــف عــن دعمــه لألســد علنــاً غــر‬ ‫عابــئ بتأثــر ذلــك عــى موقــع األخــر‬ ‫ورشكائــه يف املقاومــة واملامنعــة؟ ذلــك أن‬ ‫زيــارة األول إىل موســكو‪ ،‬ومــا نتــج عنهــا‬ ‫مــن ترصيحــات حــول التنســيق الــرويس‬ ‫اإلرسائيــي يف العمــل عــى الســاحة‬ ‫الســورية الــذي دخــل حيــز الفعــل‬ ‫وبخاصــة يف مجــال العمليــات الجويــة‬ ‫وآخرهــا مــا كان مــن قصــف درعــا‪ ،‬يظـ ّـل‬ ‫يف إطــار «غــر املبــارش»‪ ،‬وينقلــه الطلــب‬ ‫مــن الســيد أوبامــا إىل اإلطــار األكــر‬ ‫مبــارشةً‪ .‬وأرجــو أن يقتنــع القــارئ معــي‬ ‫بفكــرة بســيطة وهــي أنــك ال تكشــف‬ ‫عمــاءك إال إذا تيقنــت أنــه مل يعــد‬ ‫هنــاك مجــال لالســتفادة منهــم يف تنفيــذ‬ ‫مخططاتــك‪ ،‬وعليــه فإننــي أعتقــد أن‬ ‫نتنياهــو مبــا ميلــك مــن معلومــات دقيقــة‬ ‫مــن أصدقــاء األســد‪ ،‬وهــم الــروس‪ ،‬وممن‬ ‫يُفــرض أنهــم خصومــه وهــم األمريــكان‬ ‫عــن وضعــه وعــا ســتؤول اليــه نهايتــه‬ ‫أصبــح متيقنـاً مــن أنــه مل ي ُعــد «مفيــدا ً»‪،‬‬ ‫وأن كل املنــاورات االمريكيــة والروســية‬ ‫العســكرية بدمويتهــا لــن تُفلــح يف‬ ‫إبقائــه عــى رأس الســلطة يف ســورية‪،‬‬

‫بــل إننــي أعتقــد أن نتنياهــو ســاهم‬ ‫قبــل‬ ‫بطلبــه هــذا مــن أوبامــا ومــن ُ‬ ‫باإلعــان عــن التنســيق مــع موســكو كــا‬ ‫ســلف‪ ،‬يف التعجيــل بنهايتــه‪.‬‬ ‫وصحيــح أن الســيد أوبامــا صــار يف‬ ‫نهايــة واليتــه الثانيــة‪ ،‬مــا يجعلــه أكــر‬ ‫اســتعدادا ً ملقاومــة الطلبــات اإلرسائيليــة‪،‬‬ ‫إال أن ذلــك فيــا أرى يبقــى عــى‬ ‫املســتوى الشــخيص‪ ،‬واللــويب الصهيــوين‬ ‫معــروف بدعمــه التقليــدي للحــزب‬ ‫الدميقراطــي‪ ،‬وال أظــن أن الســيد أوبامــا‬ ‫ســيغامر بتقويــض هــذا الدعــم مــا قــد‬ ‫يســهم يف خســارة الحــزب لالنتخابــات‬ ‫القادمــة‪ ،‬وســيتحمل أوبامــا وزر ذلــك‪،‬‬ ‫ومــن هنــا أعتقــد أن مــا قدمــه نتنياهــو‬ ‫مل يكــن طلب ـاً‪ ،‬بــل كان أكــر مــن ذلــك‪،‬‬ ‫وبدأنــا نــرى أثــره يف ترصيحــات كــري‬ ‫األخــرة التــي ال ت ِعــد بــيء ملمــوس يف‬ ‫جولــة فيينــا القادمــة‪.‬‬ ‫وســواء كان طلبــاً مــا قدمــه نتنياهــو‬ ‫أم إمــا ًء‪ ،‬فــإن الكلمــة الفصــل لــن‬ ‫تخــرج مــن املكتــب البيضــاوي‪ ،‬بــل‬ ‫مــن الســاحات التــي يُــراق فيهــا الــدم‬ ‫الســوري‪ ،‬وهــي التــي ســتعجل يف‬ ‫الخــاص ممــن مل يعــد مفيــدا ً‪.‬‬

‫األيدي األمينة‪!..‬‬

‫تحــت مصطلــح (النفــط يف أيـ ٍـد أمينــة)‪.‬‬ ‫الســؤال كان ممنوعــاً عــن النفــط‪،‬‬ ‫وممنــوع الســؤال أيضــاً عــن طبيعــة‬ ‫هــذه األيــدي األمينــة‪ ،‬وهــل هــذه اليــد‬ ‫األمينــة‪ ،‬أمينــة فعـاً لدرجــة أن الشــعب‬ ‫ال يجــب أن يعلــم عنهــا شــيئاً؟!! هنــا‬ ‫يقودنــا التســاؤل إىل منطــق الجــواب‪،‬‬ ‫هــل الشــعب الســوري ليــس أمينــاً؟!!‬ ‫ولهــذا يجــب أن ال يعلــم شــيئاً عــن‬ ‫النفــط!! وال ميكنــه مجــرد التفكــر بهــذه‬ ‫اليــد األمينــة التــي ألقــت القبــض عــى‬ ‫إحــدى أهــم مقــدرات البــاد‪ ،‬ثــروة‬ ‫النفــط والغــاز؟!‬ ‫قــال أحــد االقتصاديــن‪« :‬اإلنســان كائــن‬ ‫اقتصــادي»‪ .‬هــذا التعبــر يختــر طريقــة‬ ‫التفكــر لــدى اإلنســان العــادي واملتعلــم‬ ‫عــى ٍ‬ ‫حــد ســواء‪ ،‬مبعنــى أنــه ال ميكــن‬ ‫إال أن يفكــر بشــكل اقتصــادي‪ ،‬وليــس‬ ‫بشــكل آخــر مهــا حاولنــا إقناعــه‪.‬‬ ‫اقتصــادي‪ ،‬يعنــي منفعــي‪ ،‬أو مصلحــي‬ ‫بغــض النظــر عــن الجهــة التــي ملصلحتهــا‬ ‫يتجــه هــذا التفكــر‪ ،‬ولهــذا بقــي‬ ‫اإلنســان الســوري يتســاءل إىل اليــوم‪ ،‬إىل‬ ‫أيــن ذهبــت األيــدي األمينــة بهــذا النفــط‬ ‫والغــاز الســوريني عــى مــدى عقــود؟!‬ ‫إن الحديــث عــن االقتصــاد عمومــاً يف‬ ‫عهــد آل األســد ذو شــجون‪ ،‬وتحديــدا ً‬ ‫النفــط والغــاز الســوريني‪ .‬وتلــك األيــادي‬ ‫التــي تلطخــت بالنفــط‪ ،‬اليــوم تتلطــخ‬ ‫بالدمــاء‪ ،‬وتســتخدم مــا رسقتــه مــن‬ ‫أمــوال الشــعب الســوري لقتلــه‪ .‬إن‬ ‫أكــر مــا يعاديــه الطغــاة هــي األرقــام‬

‫التــي تكشــف وتفضــح رسقاتهــم‪ ،‬ولهــذا‬ ‫يحاولــون أن يُظهــروا أرقامــاً مــزورة‪،‬‬ ‫تتناســب مــع مســتوى نهبهــم القتصادات‬ ‫بالدهــم‪ .‬حتــى يومنــا هــذا‪ ،‬بقيــت أرقــام‬ ‫كثــرة طــي الكتــان‪ ،‬ومل تُعلــن بصــدق‬ ‫وشــفافية للشــعب الســوري‪.‬‬ ‫محافظــة الحســكة‪ ،‬موطــن النفــط‬ ‫الســوري األول كانــت ومــا زالــت إىل مــا‬ ‫قبــل الثــورة تفتقــر إىل أيــة مقومــات‬ ‫اقتصاديــة تنهــض بهــا مــن مفهــوم‬ ‫املناطــق النائيــة‪ ،‬وظلّــت تنــوس بــن‬ ‫تــدين دخــل الفــرد والبطالــة‪ ،‬والصحــة‬ ‫والتعليــم!! وبقيــت رهينــة املحاصيــل‬ ‫الزراعيــة وصدفــة األمطــار فيهــا‪ ،‬إىل‬ ‫أن حــدث مــا حــدث فيهــا مــن تهجــر‬ ‫ألغلــب شــبابها طلبــاً للــرزق يف باقــي‬ ‫أصقــاع الوطــن وخارجــه‪.‬‬ ‫النفــط والغــاز‪ ،‬كان ميكــن أن يكونــا‬ ‫رافــدا ً مهـاً وإضافيـاً لالقتصــاد الوطنــي‪،‬‬ ‫إضافــة ملــا تتمتــع بــه ســوريا مــن تنــوع‬ ‫يف زراعاتهــا وغناهــا بالــروة الحيوانيــة‪،‬‬ ‫يف الوقــت الــذي مل يكــن حينهــا تعــداد‬ ‫ســكان ســوريا يتجــاوز العــرة ماليــن‬ ‫نســمة‪ .‬لقــد أرسف النظــام يف رسقــة‬ ‫وتبذيــر الــروات الوطنيــة عــى أفــراد‬ ‫العائلــة الحاكمــة واملقربــن منهــا‪ .‬مــن‬ ‫م ّنــا ال يذكــر قصــة حافــظ االســد مــع‬ ‫أخيــه رفعــت األســد ونهبــه للخزينــة‬ ‫الســورية كــرط للخــروج مــن البــاد؟!‬ ‫وكذلــك اإلشــكال الــذي حصــل بــن‬ ‫الحكومــة الســورية وحكومــة فرنســا‬ ‫بعــد الحــادث الــذي أودى بحيــاة باســل‬

‫‪11‬‬

‫األســد‪ ،‬حينهــا رفضــت فرنســا إعــادة‬ ‫مــا ميلكــه باســل األســد مــن رصيــد يف‬ ‫بنوكهــا‪ ،‬لعــدم وجــود وريــث لــه‪ ،‬ليُحــل‬ ‫الخــاف بطريقــة رسيــة مل نعلــم عــى‬ ‫إثرهــا‪ ،‬كــم مــن األمــوال ذهبــت‪ ،‬وكــم‬ ‫عــادت لتــودع يف بنــوك أخــرى؟!‬ ‫أي اقتصــاد ال يحتمــل الفســاد‪ ،‬ألن‬ ‫التالعــب بالقوانــن ممكــن لفــرة معينــة‪،‬‬ ‫ولكــن ال ميكــن القفــز عليهــا باعتبارهــا‬ ‫لعبــة حبــال مشــدودة‪ .‬للقوانــن منطقهــا‬ ‫الحيــادي وامل ُلــزم ألتباعهــا‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫أوصــل النظــام البــاد إليــه مــن بــاء؟!‬ ‫إن امتــاك النفــط يشء جيــد‪ ،‬ولكــن‬ ‫األفضــل اســتثامره بشــكل أمثــل‪ ،‬مــن‬ ‫خــال إنشــاء صناعــة نفطيــة متكاملــة‪،‬‬ ‫وليــس توفــر البنزيــن والديــزل وبعــض‬ ‫املشــتقات األخــرى‪ .‬كــا هــو معلــوم‬ ‫أن النفــط يحتــوي عــى أكــر مــن‬ ‫‪ ٤٠٠‬عنــر كيميــايئ‪ ،‬ولكــن ليــس يف‬ ‫ســوريا عــى مــدى أربعــن عام ـاً ســوى‬ ‫محطتــن لتكريــر النفــط‪ ،‬وظيفتهــا توفــر‬ ‫املشــتقات األساســية املذكــورة آنفــاً! ومل‬ ‫يكــن هــم النظــام وأزالمــه ســوى متريــره‬ ‫عــر الجغرافيــة الســورية إىل موانــئ‬ ‫التصديــر‪ ،‬ليتحــول إىل أرصــدة يف بنــوك‬ ‫الغــرب‪.‬‬ ‫شــخص واحــد فقــط‪ ،‬عضــو مجلــس‬ ‫الشــعب‪ ،‬تجــرأ وســأل عــن مصــر مــوارد‬ ‫النفــط والغــاز الســوريني‪ ،‬ولكــن بعــد‬ ‫اســراحة املجلــس‪ ،‬عــاد األعضــاء ومل‬ ‫يعــد إىل كرســيه يف املجلــس!! إنــه اللغــز‬ ‫الــذي لــن يعرفــه الشــعب الســوري‪ ،‬ألن‬ ‫اللصــوص كانــوا بارعــن يف إخفــاء األرقــام‬ ‫الحقيقيــة عــن حجــم اإلنتــاج والتصديــر‪،‬‬ ‫واملــردود املــايل وأيــن أودعــت هــذه‬ ‫األرصــدة؟! لقــد اســتطاعت األيــدي‬ ‫األمينــة أن تكــون آمنــة عــى أمــوال‬ ‫شــعبنا‪ ،‬ولكــن دون أن يعــرف عنهــا‬ ‫شــيئاً!!‬

‫السياس��ة والث��ورة‬ ‫معبد الحسون‬ ‫تعــرف السياســة يف عاملنــا الحديــث بأنهــا املامرســة‬ ‫الشــمولية التــي تهــدف إىل تحقق أكمل وأبلــغ املتاحات‪،‬‬ ‫نظريـاً وعمليـاً‪ ،‬والتــي تعــود بالفائــدة املاديــة‪ ،‬العينيــة‪،‬‬ ‫عــى عمــوم جمهــور الشــعب‪ ،‬وتحقــق أو تســعى إىل‬ ‫تحقيــق وتوطيــد كينونــة مســتقلة للكيــان الســيايس‬ ‫الــذي يخضــع لهــا (وال تخضــع هــي لــه) ليمثــل كليــة‬ ‫مصلحتهــا العليــا‪ ..‬كينونــة تتمثــل حاجــات الحــارض‬ ‫ومتثلهــا مطلبي ـاً‪ ،‬وتتأمــل حاجــات املســتقبل وتحرصهــا‬ ‫لتضمــن أعــى رشوطهــا وممكناتهــا‪ ،‬متهيــدا ً لتحقيقهــا‪.‬‬ ‫بهــذا املعنــى ال تعــدو السياســة أن تكــون شــيئني اثنني ال‬ ‫ثالــث لهــا‪ِ :‬علـاً‪ ،‬أو فرعـاً مــن فــروع العلــم‪ ،‬ووظيفـ ًة‬ ‫تســعى مــن خــال تطبيقاتهــا ومامرســاتها العمليــة إىل‬ ‫توظيــف العلــم للصعــود بالواقــع اإلنســاين‪ ..‬والعلــم يف‬ ‫رشطــه يحتــاج إىل املعرفــة‪ ،‬ال غــر‪ ..‬والوظيفــة يف رشطهــا‬ ‫اإلجـرايئ تحتــاج إىل أدواتهــا املاديــة املســتندة إىل الخربة‪،‬‬ ‫والتــي يســتعني بهــا املوظــف إلنجــاز مهمتــه كــا ينبغــي‬ ‫وبالشــكل املطلــوب عــى أكمــل وجــه‪ ..‬هــذا التعريــف‬ ‫ســوف يحيــل بالــرورة إىل لبــس محتــم‪ :‬مــا هــي‬ ‫العالقــة الرابطــة بــن السياســة و»التحكــم والســيطرة»‪..‬؟‬ ‫وبتعبــر أدق‪ ،‬مــا هــي العالقــة بــن السياســة والســلطة‪،‬‬ ‫وأيهــا يســتعني باآلخــر ويعمــل لــه‪..‬؟‬ ‫للجــواب عــى هــذا الســؤال ال بــد مــن االعـراف مســبقاً‬ ‫بــأن التعريــف الســابق ال يغطــي إال مفهــوم السياســة‬ ‫باملعنــى الحديــث املعــارص‪ ..‬أي السياســة كــا متثلــت‬ ‫الحداثــة والدميقراطيــة فهــاً ومامرســة لــدى األمــم‬ ‫املتقدمــة املعــارصة‪ ،‬وأن السياســة مل تكــن بهــذا املعنــى‬ ‫وهــذا املفهــوم لــدى األقــوام القدميــة والعــامل القديــم‪..‬‬ ‫لقــد كانــت السياســة تخضــع دامئــا ملفهــوم املصلحــة‬ ‫املبــارشة‪ :‬الغنيمــة واالســتئثار والكســب‪ ،‬واالســتيالء‬ ‫عــى األرايض املجــاورة وإشــباع غريــزة التوســع وأورام‬ ‫تحقيــق الوجــود والــذات األنانيــة‪ ،‬ونــر الدعــوة‬ ‫وفــرض الرســالة وإجبــار القــوى املغايــرة عــى مــا ت ـراه‬ ‫حقـاً مطلقـاً‪ .‬بــل أكــر مــن ذلــك‪ ،‬ورمبــا يف عهــود أبعــد‬ ‫غــورا ً يف التاريــخ كانــت السياســة امتثــاالً إلرادة املقــدس‬ ‫والحــق املطلــق الخالــص‪ ،‬ويف أحيــان كانــت اســتجابة‬ ‫إللهامــات آلهــة أســطورية وتحــت دفــع وتأثــر منامــات‬ ‫ورؤى وإغــراءات منجمــن تلهــم القــادة واألباطــرة‬ ‫والفاتحــن‪ ..‬بهــذا املعنــى فــإن السياســة عاشــت ردح ـاً‬ ‫طوي ـاً مــن التاريــخ بوصفهــا (موظف ـاً) يعمــل لحســاب‬ ‫أهــل السياســة املالكــن للــدول واألمــم واإلمرباطوريــات‪..‬‬ ‫فهــي يف أحســن تعريفاتهــا القدميــة مل تتع ـ َد أن تكــون‬ ‫قنــاة موصلــة إىل الهــدف املنشــود‪ ..‬أمــا عــامل اليــوم‬ ‫املعــارص‪ ،‬املنفصــل بالكليــة عــن القديــم‪ ،‬فقــد قلــب‬ ‫هــذا التعريــف رأسـاً عــى عقــب‪ ،‬فجعــل السياســة هــي‬ ‫املالــك ولهــا املرجــع األول واألخــر‪ ،‬وجعــل الجميــع‬ ‫ـــــ األمــة بأرسهــا ـــــ يعمــل لحســابها‪ ،‬ويف خدمتهــا‪..‬‬ ‫السياســة إذن هــي العقــل الــكيل املخضــع لألفــراد‬ ‫والجامعــات والــدول واملؤسســات‪ ،‬وليــس العكــس‪..‬‬ ‫فرئيــس الواليــات املتحــدة‪ ،‬مثــاً‪ ،‬ومجلســا شــيوخها‬ ‫ونوابهــا‪ ،‬وبرملانــات الــدول املتحــرة كلهــا وأحزابهــا‪،‬‬ ‫وكل مــا يعمــل تحــت مســمى السياســة فيهــا يعمــل‬ ‫(موظفـاً مأجــورا ً) تحــت إرادة السياســة‪ ،‬وليــس العكــس‬ ‫كــا كان عليــه الحــال يف (القديــم) املــايض‪..‬‬ ‫فشــل األداء الســيايس املحبــط الــذي تنطــع إلدارة‬ ‫السياســات فــرة عمــر الثــورة كلــه‪ ،‬ميكــن اســتجالؤه‬ ‫وفهمــه بوصفــه أداء يرتــد إىل (القديــم) وينتمــي إليــه‪..‬‬ ‫وإدارة األزمــة ليســت مرشوطــة بتحســن (لغــة الخطــاب‬ ‫الســيايس) وتغيــر عناوينــه اللغويــة‪ ..‬إال إذا كان بعضنــا‬ ‫مــا يــزال يعتقــد بــأن اللغــة وحدهــا هــي القــادرة‬ ‫عــى تغيــر الواقــع‪ ،‬وأن الواقــع ســوف ينفعــل ويتبــدل‬ ‫تغي ـرا ً وتأث ـرا ً بتحســن لغــة هــذا البيــان الصــادر عــن‬ ‫هــذا التجمــع ومببــادئ هــذا الحــزب وهــذا التكتــل‪،‬‬ ‫وباأللفــاظ الصــادرة مــن خطــة مــروع هــذا الفصيــل‬ ‫أو ذاك‪..‬‬


‫‪12‬‬ ‫هل يغادر احلب البالد‪..‬؟!‬ ‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ق��راءة يف جمموع��ة «احل��ب ال يغ��ادر الب�لاد» للش��اعر املغ�يرة اهلوي��دي أغ��رق عم��داً‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫مجموعــة نصــوص شــعرية ونرثيّــة‬ ‫توزّعــت يف تســعة أبــواب هــي‪« :‬يف الوحــدة‬ ‫وعــن‪ ،‬رؤى محنطــة‪ ،‬واألم‪ ،‬الحــب ال يغــادر‬ ‫البــاد‪ ،‬يف مديــح جســدها‪ ،‬دمشــق الهامــش‬ ‫واملــن‪ ،‬وطــن وعلــم ومقــرة‪« -‬حفــر عــى‬ ‫الزنــك»‪ ،‬الحــرب ال تقــول الحقيقــة كاملــة‪،‬‬ ‫أوراق عــى طاولــة مواطــن مفقــود‪.‬‬ ‫تعـ ّـر نصــوص الديــوان عــن تجربــة الشــاعر‬ ‫ورؤيتــه الخاصــة تجــاه مــا حــدث ويحــدث‬ ‫يف ســورية‪ .‬والحــرب الظاملــة التــي تفتــك‬ ‫مبفــردات الوطــن‪ ،‬وتســحق تفاصيلــه‬ ‫الحبيبــة ليكــون الغيــاب والفقــد الشــاخصة‬ ‫إيــاب ال يجــيء‪.‬‬ ‫الوحيــدة عــى طريــق‬ ‫ٍ‬ ‫تشــكل الذاكــرة املحــور الرئيــس الــذي‬ ‫تنتظــم عليــه نصــوص الديــوان لتعيــد تأثيث‬ ‫املعنــى مبــا يتّفــق واللحظــة الراهنــة التــي‬ ‫تســتلزم إعــادة قـراءة وتأويــل الذاكــرة وفهم‬ ‫اإلنســان يف رصاعــه اليومــي واملســتمر مــع‬ ‫القــوى التــي تحــاول ســحقه وهــدم حقيقتــه‬ ‫التــي تك ّونــه‪ .‬هــي مواجهــة الشــاعر للمــوت‬ ‫والفقــد والقهــر اليومــي‪ ،‬ومحاولــة جــا ّدة‬ ‫لتثبيــت املــكان يف زمــن ينــزاح بعيــدا ً إىل‬ ‫لحظــات ماضويّــة مغرقــة يف العــدم‪.‬‬ ‫عــن املجموعــة‪ ،‬كتبــت الشــاعرة الســورية‬ ‫رسى علــوش‪« :‬كتــب املغــرة الهويــدي‬ ‫مــن دون أن يتصنــع يف اللغــة أو يلجــأ‬ ‫إىل نحتهــا وتركيبهــا يك يحــدث إعجــازا ً أو‬ ‫يصنــع ابتــكارا ً لغويـاً مــا‪ .‬الصــور الصغــرة ال‬ ‫تعنيــه وال يشــتغل عليهــا ليــرز قدرتــه عــى‬ ‫الكتابــة‪ ،‬هــو معنــي بالصــورة الكليــة التــي‬

‫يرســمها‪ ،‬وبتحويــل الكلــات العاديــة التــي‬ ‫يســتخدمها الجميــع إىل مشــهد مكتمــل‬ ‫يصيبنــا بالدهشــة حــن ننظــر إليــه ككل‬ ‫متوحــد ويربكنــا حــن نغــوص يف تفاصيلــه‬ ‫محاولــن أن نكتشــف كيــف أصبــح العــادي‬ ‫غــر عــادي بهــذه البســاطة‪ ،‬وكأن الكاتــب‬ ‫هنــا يــر بــكل الرباعــة املمكنــة أن يرينــا‬ ‫أن العــادي ميكــن أن يكــون أجمــل إذا مــا‬ ‫اســتطعنا أن نجعلــه جــزءا ً مــن الــروح‬ ‫الكليــة‪ ،‬متامـاً كــا جعلنــا نــرى كيــف ميكــن‬ ‫أن تصبــح األشــياء اليوميــة والصغــرة يف‬ ‫حياتنــا أكــر أهميــة مــن القضايــا الكــرى‬ ‫واألحــام البعيــدة التــي نلهــث وراءهــا وال‬ ‫تلحــق خطانــا بهــا‪ .‬التنــوع اللغوي هنــا ليس‬ ‫مهــا إذا مــا قــورن بالكثافــة العاطفيــة التــي‬ ‫ميتلكهــا املغــرة هنــا وبخصوصيــة املفــردة‬ ‫وبيئتهــا املكانيــة والعاطفيــة التــي ميكــن‬ ‫ببســاطة أن نكتشــف أهميتهــا يف تكويــن‬ ‫الــروح التــي ميتلكهــا املغــرة ويكتــب بهــا‪.‬‬ ‫يشــتغل الكاتــب عــى نصــه بحرفــة دارس‬ ‫يعــرف كيــف يطلــق العنــان ملوهبتــه‪،‬‬ ‫وكيــف يطوعهــا مــن دون أن يلجمهــا‬ ‫فيخــرج النــص مــن بــن يديــه نه ـرا ً يعانــق‬ ‫ضفافــه وال يفيــض عليهــا‪ .‬كالعديــد مــن‬ ‫ســابقيه يســتخدم املغــرة يف بعــض نصوصــه‬ ‫القصــة القرآنيــة‪ ،‬لكنــه ال يكتــب عنهــا وال‬ ‫يحولهــا إىل قصيــدة وال يســتخدم شــخوصها‪،‬‬ ‫بــل يدخــل فيهــا لتصبــح حكايتــه أو حكايــة‬ ‫كل غريــب ســاق لــه القــدر بــرا ً مــا ليســقط‬ ‫فيهــا‪ ،‬ومــا زال يحــاول أال يفعــل‪ .‬وكالحيــاة‬ ‫الشــخصية‪ ،‬يصبــح التاريخ والسياســة واألدب‬ ‫واملــوت أكــر مــن مجــرد ثقافــة ميتلكهــا‬

‫اإلنســان؛ بــل يحتاجهــا أيضــا ليســتطيع أن‬ ‫يحمــي نفســه مــن ســطوتها وينجــو»‪.‬‬ ‫مــن مقــال للشــاعر باســم القاســم‪ ،‬يقــول‬ ‫فيــه‪« :‬مــن املمكــن أن املتابعــة يف قــراءة‬ ‫مجموعــة «الحــب ال يغــادر البــاد» قــد‬ ‫تفــي بنــا إىل مــآالت فلســفية وفكريــة متت‬ ‫مناقشــتها يف النــص وتفكيكهــا والبنــاء عــى‬ ‫أنقاضهــا أيض ـاً‪ ،‬فهنــاك لوغــوس أعــى متــت‬ ‫مناقشــته بــل ومواجهتــه أيضــاً يف أنســاق‬ ‫متعــددة ضمــن األنســاق التــي حاولــت‬ ‫برتاتبيــة عناوينهــا اإليحــاء برتابــط بنيــوي‬ ‫وبنــايئ‪ ،‬ليكــون عنــوان املجموعــة مبثابــة‬ ‫حــوض داليل تصــب فيــه فيبــدو العنــوان‬ ‫(الحــب ال يغــادر البــاد) توقيعــاً للكتــاب‬ ‫أكــر مــن كونــه نص ـاً مفتاحي ـاً للمجموعــة‬ ‫الشــعرية‪.‬‬ ‫«الحــب ال يغــادر البــاد» توقيع ـاً للأمخــوذ‬ ‫منــا ونريــد أن نســرده لنهجــوه مــرة بعــد‬ ‫مــرة ومــن ثــم نصالحــه بكلمــة أحبــك»‪.‬‬ ‫ومــن مقــال للكاتبــة مربوكــة عــي «تونــس»‪:‬‬ ‫«مثــة يشء هنــا يف هــذا الكتــاب يأخــذك‬ ‫إىل الداخــل لتغــوص يف اللغــة‪ ،‬اللغــة التــي‬ ‫مل تكــن غــر دالّــة بســخريتها املوجعــة‬ ‫وتشــابيهها واســتعاراتها وغموضهــا وصورهــا‬ ‫الشــعرية منهــا والفكريــة وحتــى الفلســفية؛‬ ‫ترشــدك إىل معنــى الرعــب‪ ،‬الرعــب الــذي‬ ‫يتجســد يف هــذا الفقــد والغيــاب‪ ،‬اللذيــن‬ ‫ينهشــان قلــب كل ســوري»‪.‬‬ ‫مــن بــاب «الحــرب ال تقــول الحقيقــة‬ ‫كاملــة» نقــرأ‪:‬‬ ‫«معلّق عىل األسالك الشائكة‬ ‫كأنّ الوطن جهة الريح منذ يومني‬

‫* أحمد رضا ملياني‬

‫ثم إذا تش ّبثت بالحديد الناتئ‬ ‫ّ‬ ‫ورحــت أكتــب تاريخــي الشــخيص بالغبــار‬ ‫والصــدى‬ ‫تغي اتجاه الريح‬ ‫َّ‬ ‫وطرت…‬ ‫ُ‬ ‫كأنّ الوطن هو الفراغ‬ ‫ـم إذا تخلّيــت عــن فكــرة األوطــان الثابتــة‬ ‫ثـ ّ‬ ‫رصت الريــح…‬ ‫ُ‬ ‫أجــ ّرح نفــي كلّــا مــررت باألســاك‬ ‫الشــائكة»‪.‬‬ ‫املغ�يرة اهلوي��دي ‪ -‬كات��ب وش��اعر س��وري‪،‬‬ ‫ماجس��تري يف النق��د العرب��ي احلدي��ث‪.‬‬

‫* شاعر جزائري‬

‫هل مات النشمي؟‬ ‫كان ذلــك منــذ فــرة ليســت بالبعيــدة‪،‬‬ ‫ك ّنــا مجموعــة مــن املدرســن أمــام أجهــزة‬ ‫الكومبيوتــر يف ورشــة عمــل‪ ،‬وبعــد انتهــاء‬ ‫الــرح النظــري أســند إلينــا املحــارض مهمــة‬ ‫للتطبيــق‪ ،‬فقــال جــاري عــى الطاولــة مبتسـاً‪:‬‬ ‫«ماوســاتكم يــا النشــامى»‪.‬‬ ‫يف اســتدعاء واضــح للتعبــر البــدوي األثــرل‪:‬‬ ‫«ظهورهــن يــا النشــامى» مــا اســتدعى مقارنــة‬ ‫ســاخرة بــن فــأرة الحاســوب التــي باتــت أليفــة‬ ‫لــدى رشائــح واســعة وبــن خيــول الـراري التــي‬ ‫صالــت وجالــت يف ســاحات الحــروب وفيــايف‬ ‫الصح ـراء‪.‬‬ ‫ال شـ ّـك أ ّن املقارنــة ليســت يف صالــح الخيــول‬ ‫التــي أبعــدت مــن ســاحات الفعــل الحقيقيــة‬ ‫إىل مســابقات ال َجــال «املزايــن» ومســابقات‬ ‫الرياضــة‪ ،‬بعدمــا أقصتهــا خيــول الحداثــة‬ ‫املعدنيــة «الســيارة ـ الدبابــة» فيــا تفشــت‬ ‫ف ـران الحواســيب يف عاملنــا الــذي بــات أصغــر‬ ‫مــا نظــ ّن‪ ،‬ومل تعــد خيولنــا املطهمــة تصــول‬ ‫وتجــول إال يف املسلســات التاريخيــة ومثيالتهــا‬ ‫البدويــة‪ ،‬التــي نقيــم فيهــا أيــام رمضــان التــي‬ ‫تحولــت بهمــة اإلعــام إىل قطعــة مــن التاريــخ‪،‬‬ ‫لــوال نــرات األخبــار ومباريــات الكــرة التــي‬ ‫تعيدنــا مرغمــن إىل القــرن الحــادي والعرشيــن‪.‬‬ ‫وعــى الرغــم مــن أن القبيلــة مل تفنهــا عــوادي‬ ‫الدهــر‪ ،‬وحشــود النظريــات؛ إال إ ّن نظامهــا‬ ‫االجتامعــي خضــع لتعديــات فرضتهــا التحوالت‬ ‫الكــرى نحــو الدولــة‪.‬‬ ‫وبالتأكيــد فــإ ّن دولــة مــا بعــد االســتقالل كانــت‬ ‫ابنــة الحداثــة التــي مل تتخلّــق يف رحــم الواقــع‬ ‫العــريب‪ ،‬بــل جــاءت مســتقطرة مــن واقــع آخــر‬ ‫نضجــت فيــه عــى نــار هادئــة‪ ،‬وبالتــايل فــإ ّن‬ ‫بناهــا التحتيــة مل تتربعــم عــى جــذع القيــم‬

‫الســالفة‪ ،‬بقــدر مــا أقصتهــا إىل حــن‪.‬‬ ‫كان «النشــمي» عــاد القبيلــة‪ ،‬والنمــوذج‬ ‫األســمى يف تراتبيــة القيــم البدويــة التــي تدعــو‬ ‫إىل الفروســية والشــجاعة وإغاثــة امللهــوف‪،‬‬ ‫مقابــل القيــم املنبــوذة املحمولــة عىل شــخصية‪:‬‬ ‫«العفــن ـ النــذل ـ الهامــل‪ »...‬إىل غــر ذلــك‬ ‫مــن الصفــات‪ .‬كان النشــمي ال يقبــل اإلهانــة‪،‬‬ ‫وال يــرىض العــار‪ ،‬وال يألــف املذلــة‪ ،‬يذبــح ناقتــه‬ ‫لضيفــه‪ ،‬وميــوت ألجــل وعــد قطعــه‪ ،‬ويشــعل‬ ‫نــاره ليـاً للطارقــن‪ ..‬إىل غــر ذلــك مــن الصفات‬ ‫التــي أنضجهــا املطبــخ الشــعري بحســب عبــد‬ ‫اللــه الغذامــي يف كتابــه النقــد الثقــايف‪.‬‬ ‫فيــا كان‪« :‬العفــن ـ النــذل ـ الهامــل‪ »...‬يتحــى‬ ‫بواقعيــة مل تهيمــن عليهــا اســتثارات العاطفــة‬ ‫العابــرة‪ .‬كان رصاعــاً هادئــاً بــن قيــم تجــد‬ ‫منبتهــا الخصــب يف الباديــة وظــروف حياتهــا‬ ‫املنغلقــة عــى املضــارب والقبيلــة‪.‬‬ ‫ومل ينتصــف القــرن العرشيــن حتــى تحلــت‬ ‫البــاد العربيــة باالســتقالل «شــبه الكامــل»‬ ‫ودخــل العــرب يف منظومــات جديــدة‪ ،‬حاولــت‬ ‫أن تقطــع مــع النســق الثقــايف الســابق أو‬ ‫أن تهادنــه‪ ،‬وبــات الدولــة األم الــرؤوم لــكل‬ ‫أبنائهــا‪ ،‬فأعطــت وعاقبــت ومنعــت ومنحــت‪،‬‬ ‫وغــاب النشــمي الــذي اســتهلكت أدواره‬ ‫مجموعــة مــن الدوائــر األخــرى‪ ،‬فالقبيلــة مل‬ ‫تعــد بحاجــة إىل فرســانها بعــد أن تكفلــت‬ ‫الدولــة بحاميــة املجتمــع كلــه‪ ،‬ومل تعــد بحاجــة‬ ‫إىل موقــد النــران ومغيــث امللهــوف بعــد أن‬ ‫قدمــت للجميــع أســباب العيــش بالعمــل يف‬ ‫مؤسســاتها‪ .‬ومل يعــد يف وســع النشــمي إال أن‬ ‫يكــون موظفـاً يف الدولــة الناشــئة‪ ،‬متســاوياً مــع‬ ‫اآلخريــن‪ ،‬الدولــة التــي ّأسســت ملفهــوم جديــد‬ ‫للشــخصية املثاليــة‪ ،‬هــي‪« :‬املواطــن الصالــح»‬ ‫الــذي يتفــاىن يف عملــه بــدأب‪« :‬ال يتأخــر عــن‬

‫الــدوام ـ يســتمع إىل رؤســائه ويطيــع ـ يعمــل يف‬ ‫انتظــام»‪ ،‬املواطــن الصالــح الــذي متاهــى باآللــة‪،‬‬ ‫يف مقابــل النشــمي الــذي متاهــى بالحصــان‪.‬‬ ‫ويف مقابلــة بــن الرجــل اآللــة والفــارس‬ ‫املتوثــب‪ ،‬كان منــوذج النشــمي يرتاجــع شــيئاً‬ ‫فشــيئاً مــن فضــاء الحيــاة العربيــة‪ ،‬لصالــح‬ ‫منــاذج جديــدة قامــت عــى أكتافهــا الدولــة‬ ‫الوطنيــة‪ .‬جــاءت الحداثــة الغربيــة لتط ـ ّوع كل‬ ‫مــا حولهــا البتــكارات العقــل األوريب‪ ،‬فط ّوعــت‬ ‫الطبيعــة الهائجــة‪ ،‬وقلّمــت أظفــار األنهــار‬ ‫الصاخبــة وســجنتها خلــف الســدود‪ ،‬وط ّوعــت‬ ‫طبائــع الحيــوان املختلفــة ملقتــى حاجــة‬ ‫التكاثــر البــري الرهيــب يف املدينــة‪ ،‬وط ّوعــت‬ ‫الوقــت الــذي صــار فيــه الليــل نهــارا ً والنهــار‬ ‫ليــاً‪ ،‬كــا اســتطاعت الحداثــة ذاتهــا تدجــن‬ ‫األف ـراد الذيــن باتــوا أشــبه بـ»براغــي» تحــرس‬ ‫بعــن ســاهرة آلــة الحداثــة الهــادرة‪ ،‬يف شــبه‬ ‫تعميــة لــدور الفــرد يف املجتمــع‪.‬‬ ‫ومل تكــد مروحــة الحداثــة املســتوردة بشــفراتها‬ ‫الثــاث ‪-‬والتعبــر لريجيــس دوبريــه‪« : -‬الحــزب‬ ‫ـ الجريــدة ـ املدرســة» تــدور يف فضــاء الواقــع‬ ‫العــريب القــايس‪ ،‬حتــى وجــد النشــمي ذاتــه‬ ‫غريبـاً عــن الواقــع الجديــد املســتورد‪ ،‬فالنشــمي‬ ‫وبحكــم تكوينــه ال طاقــة لــه عــى «مـ ّر التعلّم»‬ ‫الــذي ألفتــه املدينــة العربيــة منذ نشــأتها األوىل‬ ‫خــارج الجزيــرة العربيــة‪ ،‬وبالتــايل فقــد خــرج‬ ‫مــن صفــوف املتعلمــن الذيــن حفظــوا وبصمــوا‬ ‫وكتبــوا إجابــات رائعــة رسعــان مــا نســوها‪ ،‬يك‬ ‫يســلكوا يف وظائــف «املــري» التــي شــكلت‬ ‫لهــم أمانــاً وســرا ً‪ ،‬ويف املقابــل فــإن الحيــاة‬ ‫السياســية العربيــة بعــد االســتقالل مل تشــهد‬ ‫حـراكاً تتبــادل فيهــا األحـزاب الســلطة‪ ،‬ومل تكــن‬ ‫الصحافــة العربيــة بدورهــا رائدا ً إىل تشــكيل رأي‬ ‫عــام معــارض يف الغالــب‪ ،‬وهكــذا كان النشــمي‬

‫أغرق من غري ذنب‬ ‫قتل أستبيح‬ ‫يرتامي بني املاء والرمل‬ ‫تراه العيون كصنم‬ ‫هم اثم الحياة‬ ‫هم للنار حطب‬ ‫قتلوين وأنا براءة‬ ‫طهر حني التقيت بالبحر‬ ‫وله عفة واحتشام‬ ‫تأدب معي‬ ‫وقال للرمل إحتوايه‬ ‫العرب العد لهم‬ ‫ماتو بغلطة وفحش‬ ‫أمي تنعي برغاء‬ ‫وتدعو االله‬ ‫تبث الشكوي واألحزان‬ ‫متزق قلب أمي‬ ‫ضاع أيب وتشتت‬ ‫وإخوايت أضاعوا الطريق‬ ‫ويل للعرب ويل لهم‬ ‫البحر أرحم منهم‬ ‫والرمل صار يحيك عنهم‬ ‫وأنا أنا كفرت بهم‬ ‫أنا مت والعار لكم‬

‫إىل ّ‬ ‫الشهيد الفارس‬

‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫بعيــدا ً عــن مروحــة الحداثــة العربيــة كثــرة‬ ‫األعطــال‪ ،‬التــي وجــدت بعــض األحيــان قطــع‬ ‫تبديــل طارئــة يف دكاكــن الصيانــة العربيــة التــي‬ ‫حاولــت ترميــم الواقــع العــريب بــرؤى مخلصــة‪،‬‬ ‫ولكنهــا مل تكــن مخلِّصــة عــى أيــة حــال‪.‬‬ ‫فقوانــن الدولــة الحديثــة ودســاتريها‬ ‫«الواقعيــة» مل تل ـغِ أبــدا ً أع ـراف القبيلــة التــي‬ ‫ظلّــت مزروعــة يف فضــاء الثقافــة الشــفوية‪،‬‬ ‫كان النشــمي ينظــر إىل فــوق حــن يتذكــر‬ ‫أعــراف القبيلــة فيظنهــا انطبعــت مكتوبــة‬ ‫عــى صفحــات الســاء الصافيــة‪ ،‬وحــن جــاءت‬ ‫الحداثــة صنعــت عقدهــا االجتامعــي األريض‬ ‫الــذي اتــكأ عليــه املواطــن الصالــح‪ ،‬وحقيقــة‬ ‫األمــر أن املواطــن الصالــح وقــع ضحيــة رصاع‬ ‫مــع العــرف والقانــون‪ُ ،‬عــرف يقيــم يف جيناتنــا‬ ‫الوراثيــة‪ ،‬وقوانــن ميكــن التحايــل عليهــا‪.‬‬ ‫وألن القبيلــة مل متــت‪ ،‬والحداثــة مل تثمــر‪ ،‬فقــد‬ ‫ظـ ّـل وريــث النشــمي «املواطــن الصالــح» يحـ ّن‬ ‫إىل أيــام القبيلــة‪ ،‬برغــم هديــر الحداثــة‪ .‬التــي‬ ‫شــكلت واقعــاً ســميكاً آلالت ال متلــك غــر‬ ‫الطاعــة و الــدوران ‪ ،‬يخــرج عليهــا بــن الحــن‬ ‫واآلخــر أف ـراد ناقمــون‪ ،‬تلمــع أســاؤهم عــى‬ ‫أعــواد املشــانق ومنصــات التتويــج‪.‬‬

‫كُ ْن َت وال زل َّْت الفارس‬ ‫الذّي يَخْاف َُك القاتلون‬ ‫ت َ ْح ِم ُل عىل ظهرك شهداء‬ ‫واليوم نَ ْح ِم َلك شهيدا ً‬ ‫نَ ْع ٌش نرثناه بالياسمني‬ ‫َ‬ ‫بدمك أرض الياسمني‬ ‫تَ ْعطرتْ‬ ‫َ‬ ‫ُخيف القاتلني‬ ‫بابتسامتك الرقيقة ت ُ‬ ‫بثباتْ ُص ّم َ‬ ‫ُخيف القاتلني‬ ‫ودك ت ُ‬ ‫ال ي ّز ُال َ‬ ‫أثرك حارضا ً فينا‬ ‫َ‬ ‫صورتك بيننا‬ ‫و ال ت ّزال‬ ‫الصيف‬ ‫ْ‬ ‫فهل ت َ ُعو ُد إلينا يف آخر ّ‬ ‫مع طيور الس ََّمء‬ ‫مع موج البحر‬ ‫وتركت أحبابك‬ ‫رحلت‪،‬‬ ‫كَ َي َف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ــف‬ ‫يبحثــو َن‬ ‫عنــك بــن الحــارات كَ َي َ‬ ‫َــت ‪..‬؟‬ ‫رحل ْ‬ ‫يف ســكني غدرهــم قتلــوك ومل يــدروا أنّهــم‬ ‫قتلــوا أنفســهم فيك‬ ‫أيُّها الفارس املغوار‬ ‫َ‬ ‫صدرك وسام‬ ‫تَ ْح ِم ُل عىل‬ ‫مل يحمله إِلَّ الشّ هيد الع ّزيز‬ ‫سال ٌم لـرو ٍح ُولِدَتْ ‪ ..‬وعاشَ ْت‬ ‫‪ ..‬و رحل َْت ُح َّر ًة جميل ًة‬ ‫ُلت الله أكرب عليهم‬ ‫ق َ‬ ‫ُ‬ ‫ونقــول حســبي اللــه ونعــم الوكيــل‬ ‫عليهــم‬

‫محمد حسين‬


‫حرمل الثقافة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫غريب الدار‬

‫األمل‪..‬‬ ‫‪1‬‬ ‫قفــل عائــدا ً إىل منزلــه وامل ـرارة تعتــر‬ ‫قلبــه‪ ،‬دلــف إىل غرفتــه‪ ،‬ثــم ألقــى‬ ‫بجســده عــى رسيــره‪ ..‬لكنــه أحــس‬ ‫كأنــه يهــوي إىل بطــن وا ٍد ســحيق ال‬ ‫قـرارة لــه‪ ..‬مـ ّد يديــه إىل األعــى متمنيـاً‬ ‫أن تســتطيل يــداه ليتشــبّث بــأي يشء‬ ‫يرفعــه بــدالً مــن التواصــل بالســقوط‪.‬‬ ‫ملــاذا يشــعر بالوحــدة والغربــة رغــم‬ ‫أنــه مــزروع بــن أهلــه ومعارفــه؟!‬ ‫وهــذا مــا زاد يف معاناتــه‪ ..‬مل يتاملــك‬ ‫نفســه مــن إطــاق العديــد مــن‬ ‫الزفــرات الحــارة املنبعثــة مــن جــوف‬ ‫يشــتعل بــا هــوادة‪ ..‬أغمــض عينيــه‬ ‫ومــن بــن جفونــه املتعبــة انفلتــت‬ ‫الدمــوع متدحرجــة رغــاً عنــه‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫يتغــر النــاس؟! أليــس الحــب‬ ‫ملــاذا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫موجــودا يف كل قلــب كــا يحــس هــو؟!‬ ‫الصــدق‪ ،‬الوفــاء‪ ،‬اإليثــار‪ ،‬اإلخــاص‪،‬‬ ‫لطاملــا آمــن بــكل هــذه القيــم‪ ،‬وانطلــق‬

‫يف الحيــاة متســلّحاً بهــا ناســياً أو‬ ‫متجاهــاً أن هنــاك يف الطــرف اآلخــر‬ ‫مــن يقبــع يف دواخلــه الكــره والخــداع‪،‬‬ ‫معششــاً يف جوانبــه الريــاء والحســد‬ ‫كعنكبــوت أســود كريــه‪.‬‬ ‫عــامل قائــم عــى املتناقضــات‪ ،‬ويســتمد‬ ‫اســتمراريته مــن التضــاد‪ ..‬مــن‬ ‫يســتمر؟ ومــن سيســقط؟ كل لــه دور‬ ‫يف االنتصــار والســقوط‪ ..‬والزمــن غــر‬ ‫محــ ّدد واملــكان‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫عــاد بذاكرتــه إىل املايض البعيــد القريب‬ ‫مســرجعاً مــا اســتطاع مــن املحطــات‬ ‫واملواقــف يف رحلــة حياتــه املثــرة التــي‬ ‫تــراوح بــن العــرات والقيــام‪ ،‬بــن‬ ‫الفشــل والنجــاح‪ ..‬محطــات متنــى لــو‬ ‫كان مبقــدوره أن يتجاوزهــا‪ ،‬وأخــرى‬ ‫يتمنــى لــو مل يغادرهــا‪ .‬قلــب مرهــف‬ ‫حســاس‪ ،‬كثــرا ً مــا حاســب نفســه‬ ‫ّ‬ ‫عــى هفــوات ارتكبهــا يف ســاعة غفلــة‪،‬‬ ‫ومحاســبة الــذات دليــل عــى نقــاء‬

‫الرسيــرة وصفــاء النفــس‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫انتفــض مــن رسيــره واقفــاً‪ .‬مســح‬ ‫عيونــه بكفيــه ثــم خطــا بثبــات وقــوة‬ ‫نحــو رشفــة الغرفــة‪ .‬نظــر إىل األفــق‬ ‫البعيــد املتمــ ّوج بالنــور‪ ،‬وكأنــه يــرى‬ ‫هــذه اللوحــة الســاوية البديعــة ألول‬ ‫مــرة‪ ..‬يــا إلهــي‪ ،‬مــا أروع الحيــاة!‬ ‫لــوال األمل ملــا أحسســنا بلــذة الراحــة‪،‬‬ ‫ولــوال الغــدر ملــا شــعرنا بلــذة الوفــاء‪،‬‬ ‫ولــوال الكراهيــة ملــا تذوقنــا للحــب‬ ‫معنــى وال شــعرنا بنبــل معانيــه‪ .‬يف‬ ‫هــذه اللحظــات املفصليــة تغلغــل فيــه‬ ‫إحســاس بقدرتــه عــى املتابعــة واملــي‬ ‫مبــا يؤمــن بــه‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫مــا قيمــة اإلنســان أن يعيــش يف‬ ‫خــرة‪،‬‬ ‫هــذه الحيــاة بــدون مبــادئ ّ‬ ‫وقيــم نبيلــة‪ ،‬ودون مواقــف رجوليــة‬ ‫وإنســانية‪ ..‬هــذه هــي الحيــاة الح ّقــة‪،‬‬ ‫ولــكل يشء مثنــه‪.‬‬

‫قصف العقول‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫تن ّفــس بعمــق وبهــدوء متنــا ٍه‪ ،‬وشــعر‬ ‫بقــوة تــري يف عروقــه‪ ،‬وتتغلغــل يف‬ ‫كل مســاماته‪ ..‬مــد يديــه بنشــوة نحــو‬ ‫وأحــس‬ ‫األفــق الواســع املمتــد أمامــه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بنفســه يرتفــع ليــذوب متالشــياً مــع‬ ‫ألوانــه الذهبيــة ليصبــح واألفــق شــيئاً‬ ‫واحــدا ً‪.‬‬

‫ُ‬ ‫اللــيل وما وســق‬ ‫محمد عبد اهلل الهادي‬

‫أصخــت الســمع‪ ،‬خطــوات ثقيلــة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫منتظمــة‪ ،‬غــر معتــادة‪ ،‬عــى درجــات‬ ‫الســلم الخارجــي يف صمــت الليــل‬ ‫توقفــت عنــد عتبــة‬ ‫انتهــت‪،‬‬ ‫البــارد‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫البــاب متامـاً‪ ،‬حدثتنــي نفــي متســائلة‪:‬‬ ‫تُرى من هـو؟!‪.‬‬ ‫كانــت الســاعة تقــرب مــن العــارشة‪،‬‬ ‫بــدتْ الشــوارع ســاكنة يف ليــل الشــتاء‬ ‫الثقيــل‪ ،‬كنــت أُهيــئ نفــي للفــراش‪،‬‬ ‫بعدمــا انتهيــت مــن عـــدة أمــور‬ ‫ـت طعــام العشــاء‬ ‫معتــادة‪ ،‬فلقــد تناولـ ُ‬ ‫مــع زوجتــي‪ :‬خب ـزا ً وجبن ـاً أبيــض‪ ،‬ثــم‬ ‫ـت هــي‬ ‫ـفت كوبـاً مــن الشــاي‪ .‬اكتفـ ْ‬ ‫رشـ ُ‬ ‫بنصــف كــوب مــن اللــن‪ ،‬وخلفتنــي‬ ‫ألــوك الطعــام ببــطء وأزدرده بصعوبــة‪،‬‬ ‫ـبكت‬ ‫وأرشــف الشــاي برصيــر واضــح‪ .‬شـ ْ‬ ‫أصابعهــا ومطتهــا وشــدتها و»طرقعتها»‪،‬‬ ‫ـت ومل تخــف‬ ‫ـت شــفتيها‪ ،‬تثاءبـ ْ‬ ‫مصمصـ ْ‬ ‫تثاؤبهــا بكفِّهــا وهــي تدلــف يف بطــن‬ ‫ـت يف النوم رسيعــاً‪..‬‬ ‫البطانيــة‪ ،‬ثــم دخلـ ْ‬ ‫مل أســتطع متابعــة املسلســل التليفزيوين‬ ‫اقتحمــت مخيلتــي أفــكار‬ ‫الســخيف‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫رماديــة ملشــاكل وظيفيــة وماديــة‬ ‫ورحــت‬ ‫تناولــت الصحيفــة‬ ‫متشــابكة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أقلــب أوراقهــا مـ َّرة أخــرى‪ :‬رفــع بدايــة‬ ‫املربــوط‪ ..‬النظــر يف هيــكل األجــور‪..‬‬ ‫زيــادة متوقعــة يف أجــور املوظفــن‪،..‬‬ ‫ـت عــى حــل الكلــات املتقاطعــة‬ ‫عكفـ ُ‬ ‫ظللــت‬ ‫لعينــي‪،‬‬ ‫علَّهــا تجلــب النــوم‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫حائ ـرا ً أمــام كلمــة رأســية مــن خمســة‬ ‫حــروف مبعنــى يقــض املضاجــع ليــاً‪،‬‬ ‫ـمعت طرقـاً عــى البــاب‪ ،‬ثــاث‬ ‫آنئـــذ سـ ُ‬ ‫ـت مــن‬ ‫ـ‬ ‫أدرك‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫منتظم‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫دقَّــات متتالي‬ ‫ُ‬ ‫ســاعها أن الطــارق ليــس بغريــب‪ ،‬بــل‬ ‫رمبــا اعتـــاد زيــاريت كل يــوم يف نفـــس‬ ‫فتحــت البـــاب‬ ‫املوعـــد‪ ،‬رغــم هـــذا‬ ‫ُ‬ ‫متوجسـاً‪..‬‬ ‫ـ «مسـاء الخـري»‪.‬‬ ‫بــادرين بصوتــه األجــش العميــق‪ ،‬مل‬ ‫أســتطع تبيــان ملمـــحه بوضــوح تحــت‬ ‫ـت‬ ‫الضــوء الهـــش ملصبــاح الــدرج‪ ،‬أدركــ ُ‬ ‫ألول وهلـــة مــدى ضخامــة هيكلــه‬ ‫الجســاين العمــاق‪..‬‬ ‫انتزعنــي مــن ل َّجــة حــريت عندمــا‬ ‫تســاءل‪:‬‬

‫ـ «أنــت الســـيد أفنـــدي حســونة‬ ‫ا ملوظــف ؟ » ‪.‬‬ ‫أومأتُ برأيس عالمة اإليجاب‪.‬‬ ‫ـ «جئـــتك برســالة تحمـــل أمـ ـرا ً مه ـاً‬ ‫لــك»‪.‬‬ ‫وقلــت لــه أدعـــوه‬ ‫اجعــت قليـــاً‬ ‫تر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للدخـــول‪:‬‬ ‫ـ «نفضـل يا سـيدي»‪.‬‬ ‫مل أكــن أتوقــع زيــارة أحـــد يف هــذا‬ ‫الوقــت املتأخــر مــن ليــل الشــتاء‪،‬‬ ‫كان الطقــس بــاردا ً‪ ،‬والهــواء املشــبع‬ ‫بالرطوبــة ســاكناً‪ ،‬الزائــر يتدثــر ـ بامتــاء‬ ‫جســمه ـ مبعطــف ثقيــل داكــن اللــون‪،‬‬ ‫تذكــرتُ أنــه مل يصافحنــي فقـــد كان‬ ‫ـدس كفّيــه يف جيبــي معطفــه وال زال‪،‬‬ ‫يـ ُّ‬ ‫النــوم الــذي دعـــوته مؤمــاً لريفــرف‬ ‫بأجنحتــه حــول رأيس فـــ َّر طائــرا ً‪،‬‬ ‫لســعتني الــرودة وأنــا أقلــب صفحــات‬ ‫رأيس باحثــاً فيهــا عــن ماهيــة زائـــر‬ ‫الليـــل هـــذا!!‪ ،‬بــاءتْ محاولتي بالفشــل‬ ‫رغــم يقينــي الصــادق بأننــي أطالــع‬ ‫حدقــت‬ ‫هــذا الوجــه وأراه كل مســاء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ـت عينــاي بعينيــه‪ ،‬كانتــا‬ ‫يف وجهــه‪ ،‬التقـ ْ‬ ‫متســعتني وال ترمشــان‪ ،‬أدرتُ وجهــي‬ ‫وأبعـــدتُ ناظــري برسعــة حتــى ال‬ ‫تأخـــذه الظنــون‪ ،‬ال يــي وجهــه بتعبــر‬ ‫مــا‪ ،‬ســوى ذلــك القنــاع الصـــارم‪ ،‬الــذي‬ ‫يطالعنــي أحيانــاً خلــف الدوســيهات‬ ‫واألوراق القدميــة يف األرشــيف أو‬ ‫الحجــرات العتيقــة بزخــم روائحهــا‬ ‫الراكـــدة يف املصـــالح الحكوميــة‪..‬‬ ‫تناولــت علـــبة‬ ‫مــاذا يُخفــي وراءه؟!‬ ‫ُ‬ ‫ـت‬ ‫ـدمت لــه لفافــة‪ ،‬وملحـ ُ‬ ‫ســجائري وقــ ُ‬ ‫شــبكة األخاديــد الكثــرة املتشــابكة‬

‫‪13‬‬

‫عــي صفحــة وجهــه املغضــن‪ ،‬قــدرتُ‬ ‫ـ عــي ســبيل املبالغــة ـ أن الرجــل‬ ‫البـــد أن عمــره تجــاوز أربعــة آالف‬ ‫عــام‪ ،‬رمبــا أكــر قليــاً‪ ،‬أرى هـــذا‬ ‫العمــر واضحــاً جليـــاً عــي شــعريات‬ ‫لحيتــه الكثَّــة‪ ،‬وشــعر رأســـه الطويــل‬ ‫املهـــوش واملفضــض باملشــيب‪ ،‬اعتـــذر‬ ‫عــن التدخــن‪ ،‬لكننــي كنــت أمتنــى أن‬ ‫يعتـــذر عــن إقالقــي يف هــذه الســاعة‬ ‫مــن الليـــل‪ ،‬مل يخــرج كفَّيـــه مــن جيبي‬ ‫وســدتُ رأيس عــي مســند‬ ‫معطفــه‪َّ ،‬‬ ‫ـت لــه‪:‬‬ ‫املقعـــد‪ ،‬وقلـ ُ‬ ‫ـ «مرحبــا»‪.‬‬ ‫شــفتي بــا‬ ‫أحسســت أن الكلمــة بــن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫مدلـــول‪ ،‬ســوى رنينهــا الهالمــي يف هــذا‬ ‫الســكون املشــبع بالرطوبــة‪ ،‬أيــة رســالة‬ ‫تلــك التــي يحملهــا يل؟ أي أمــر مهــم‬ ‫هــذا الــذي قــال بــه؟‪ ..‬كانــت عالمــات‬ ‫االســتفهام تكــر رويــدا ً رويــدا ً بــن‬ ‫تضاريــس رأيس‪ ،‬ال أعــرف ملــاذا كنــت‬ ‫ووقفــت‬ ‫نهضــت‬ ‫مرتبــكاً بــا قصــد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـت له وهو يشــملني‬ ‫بجــوار املقعـــد‪ ،‬قلـ ُ‬ ‫يف محيــط نظرتــه‪:‬‬ ‫ـ «الطقـس بارد‪ ..‬أليس كذلك؟»‪.‬‬ ‫كنــت تواقــاً لكــر حـــ َّدة الصمــت‬ ‫والتوجــس بإجابــة حميميــة منــه‪ ،‬لكنــه‬ ‫مل يفعـــل‪ ،‬أومــأ برأســه فقــط‪ ،‬مل يتكلــم‪،‬‬ ‫ـت وكأننــي أخاطب‬ ‫مل يُخــرج كفَّيـــه‪ ،‬قلـ ُ‬ ‫نفيس بوجـــل‪:‬‬ ‫ـ «لنــرب شــاياً ســاخناً يخفــف مــن‬ ‫وقــع البـــرد‪ ..‬األفضــل أن نحتــي‬ ‫الشــاي»‪.‬‬ ‫ـت أفكــر يف إيقــاظ زوجتــي‬ ‫عندئــذ كنـ ُ‬ ‫ـت‪ ،‬ألننــي‬ ‫لتصنــع الشــاي‪ ،‬لكننــي عدلـ ُ‬

‫أعــرف أن صــوت الطبــل البلــدي أو‬ ‫حتــى «مزيكــة حســب اللــه»‪ ،‬لــن‬ ‫تحــرك منهــا اآلن ســاكناً‪ ،‬لكــن الزائــر‬ ‫هـــ َّز رأســه بتــؤدة هــ َّزات رافضــة‬ ‫أراحتنــي مــن هــم إعـــداد الشــاي‪،‬‬ ‫وملحــت ألول مــ َّرة أنــه كان يهـــز‬ ‫ُ‬ ‫قدميــه هــ َّزات متتاليــة‪ ،‬مســتفزة‪،‬‬ ‫متوتــرة‪ ،‬رتيبــة‪ ،‬عصبـــية‪.‬‬ ‫هــب‬ ‫وكــا جــاء بغــر توقــع‪ ،‬فجــأة َّ‬ ‫فوقفــت أمامــه‪،‬‬ ‫واقفــاً بغــر توقــع‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أخــرج كفــاً مــن جيــب املعطــف‬ ‫ـت‬ ‫قابض ـ ًة عــي رســالة مطويــة‪ ،‬تنفسـ ُ‬ ‫الصعــداء وهــو يضعهــا عــى املنضــدة‪،‬‬ ‫ويف صمــت مــى ناحيــة البــاب‪ ،‬أردتُ‬ ‫ســؤاله‪ ،‬مــات الســؤال يف حلقومــي‪،‬‬ ‫خــرج مــن البــاب‪ ،‬ناديتــه وقــد واتتنــي‬ ‫الشــجاعة‪:‬‬ ‫ـ «سيـــدي‪ ..‬سيـــدي‪ ..‬انتظــر مــن‬ ‫فضلــك‪ ..‬مل تدخــن لفافــة أو تــرب‬ ‫كأســاً مــن الشــاي‪ ..‬مل تقـــل شيـــئاً‪..‬‬ ‫سيـــدي انتظــر‪ ..‬سيـــدي»‪.‬‬ ‫كان مرسعــاً وأنــا أخطــو وراءه عــى‬ ‫الــدرج‪ ،‬يف الشــارع املظلــم البــارد‪،‬‬ ‫اختفــى ذائبـــاً يف ظلمـــة الليـــل‪..‬‬ ‫عــدتُ وقـــد اســتبدتْ يب بعــض‬ ‫اضطربــت‬ ‫الهواجــس والوســاوس‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫أفــكاري‪ ،‬عــدتُ للحجــرة أبحــثُ عــن‬ ‫الرســالة املطويــة التــي تركهــا‪ ،‬مل أجدهــا‬ ‫بحثــت‬ ‫يف موضعهــا فــوق املنضــدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عنهــا عــي املقـــاعد‪ ،‬أســفلها‪ ،‬يف األركان‪،‬‬ ‫مضت‬ ‫قلبــت الغرفــة رأسـاً عــى عقــب‪ْ ،‬‬ ‫ســاعات مــن البحــث دون جــدوى‪ ،‬مل‬ ‫ـت متامـاً‪..‬‬ ‫أعــر عليهــا‪ ،‬كانــت قـــد اختفـ ْ‬ ‫مضيــت مهمومــاً للفــراش‪ ،‬هــززتُ‬ ‫ُ‬ ‫زوجتــي علَّهــا تســتيقظ وتشــاركني‬ ‫املســألة‪ ،‬اســتدارتْ عــى جنبهــا اآلخــر‬ ‫وعــا شــخريها فجــأة‪ ،‬كانــت تــزوم‬ ‫بكلــات مبهمــة‪ ،‬حســدتها وهــي اآلن‬ ‫«تشــارك املالئكــة وجبــة األرز باللــن»‪.‬‬ ‫***‬ ‫الفــي مــن‬ ‫أطــل ضــوء الفجـــر‬ ‫مل َّــا َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ـت‬ ‫ـت أننــي قضيـ ُ‬ ‫فتحــات النافــذة‪ ،‬تبينـ ُ‬ ‫ـي‪ ،‬أحدق يف ال‬ ‫ـ‬ ‫عين‬ ‫الليـــل بطولــه فاتحـاً َّ‬ ‫يشء‪ ،‬تحــت وهــج املصبــاح‪ ،‬لقد اعتـــاد‬ ‫القلــق أن يــزورين كل ليـــلة‪ ..‬كل ليـــلة‪..‬‬

‫ســألت عبــودي الصغــر القــادم لتــوه مــن الرقــة‪ ،‬عــر‬ ‫رحلــة التهريــب الطويلــة واملذلّــة‪ ،‬أنــت بــأي صــف يــا‬ ‫عبــودي‪ ،‬فقــال‪« :‬أنــا صــف رابــع لكــن مــن ســنتني مــا رحــت‬ ‫ع املدرســة!»‬ ‫طبع ـاً عبــودي يعتــر أن الســنوات التــي مل يذهــب فيهــا إىل‬ ‫املدرســة ســنوات نجــاح‪ ،‬وهــو يســتطيع أن ينــال الشــهادات‬ ‫بخيالــه الصغــر‪ ،‬رغــم عــدم ذهابــه إىل املدرســة! مثلــه يف ذلــك‬ ‫مثــل بعــض ناشــطينا‪ ،‬الــذي يكيلــون ألنفســهم أرفــع شــهادات‬ ‫التبجيــل والرتقيــات الكاذبــة!‬ ‫أعــداد هائلــة مــن طالبنــا حرمــوا نعمــة التعليــم‪ ،‬ســواء بإغالق‬ ‫داعــش للمــدارس باعتبارهــا رجــس مــن عمــل الشــيطان‪،‬‬ ‫والتعليــم فيهــا كفــر ور ّدة‪ ،‬واألوالد‪ -‬بــدالً مــن التعليــم حســب‬ ‫زعمهــم‪ -‬يجــب أن يلبســوا املتفج ـرات وميوتــوا لنــر مبــادئ‬ ‫التنظيــم املســتويل عــى الديــن والدنيــا‪ ،‬بقــوة البــارودة‬ ‫الروســية‪ ،‬واألحزمــة املتفجــرة!‬ ‫أمــا النظــام فقــد بــارش عمليــات تدمــر التعليــم منــذ اللحظات‬ ‫األوىل برباعــة شــيطانية‪ ،‬وجعــل املــدارس أهدافــاً مميــزة‬ ‫لرباميلــه‪ ،‬فهــو يريــد قصــف عقــول الســوريني! فليــس الدمــار‬ ‫حــل يف ســورية هــو دمــار البيــوت فقــط‪ ،‬وإمنــا كان‬ ‫الــذي ّ‬ ‫هنــاك دمــار آخــر أكــر خطــورة‪ ،‬هــو دمــار املســتقبل الــذي‬ ‫أنجــزه النظــام بدمــار املــدارس والجامعــات‪ ،‬كان النظــام يعمل‬ ‫عــى تخريــب التعليــم عــر نصــف قــرن مــن هيمنــة أفــكاره‬ ‫التســلطية‪ ،‬ولكنــه اليــوم يعمــل عــى إزالــة التعليــم كليـاً بهدم‬ ‫املــدارس‪ ،‬وقتــل املدرســن واســتهداف أي تجمــع تعليمــي‬ ‫مهــا صغــر عــدده وقـ ّـل شــأنه‪ ،‬فالنظــام ال يريــد قتــل النــاس‬ ‫ودمــار بيوتهــم فقــط‪ ،‬بــل يريــد أيض ـاً‪ ،‬التمــدد يف قصفــه إىل‬ ‫قصــف املســتقبل‪ ،‬وتدمــره‪ ،‬وذلــك بتدمــر التعليــم‪ ،‬الــذي قــد‬ ‫يعــاود الســوريون مبعونتــه بنــاء حيــاة جديــدة بعــد ســقوط‬ ‫النظــام الحتمــي!‬ ‫كان النظــام التعليمــي يقــوم عــى املحابــاة واالســتثناءات‪،‬‬ ‫التــي تكللــت يف الثامنينــات باســتثناء املظليــن مــن أي رشط‬ ‫للدخــول إىل الجامعــات‪ ،‬ولــو كان مجموعهــم ‪، 240/96‬‬ ‫ناهيــك عــن الوســاطات والغــش واملحســوبيات التــي تعمــل‬ ‫عــى إنجــاح أوالد املســؤولني آلي ـاً ومنحهــم أعــى الدرجــات‪،‬‬ ‫وال اســتثني هنــا بشــار أســد نفســه‪ ،‬الــذي تعلّــم يف مــدارس‬ ‫النظــام‪ ،‬واشــكك حتــى بقدرتــه عــى الكتابــة واإلمــاء‪ ،‬فهــو‬ ‫قــد نجــح عــر كل املراحــل دون امتحانــات! وهــل كان هنــاك‬ ‫مــن يجــرؤ عــى اجبــاره عــى كتابــة وظيفــة بيتيــة واحــدة؟‬ ‫ومــا أكذوبــة ذهابــه للدراســة يف لنــدن إال أُكذوبــة ســياحية‬ ‫لتبييــض فشــل تعليمــه وضعــف إمكاناتــه التعليميــة والعقلية‪،‬‬ ‫التــي تجلــت واضحــة يف حكمتــه البلهــاء يف إدارة األحــداث يف‬ ‫ســورية منــذ اللحظــة األوىل حتــى اليــوم!‬ ‫املــدارس التــي نجــت مــن القصــف والدمــار‪ ،‬تغــص اليــوم‬ ‫بالالجئــن‪ ،‬وال مــكان للعمليــة التعليميــة فيهــا‪ ،‬واملعلمــون‬ ‫تحولــوا إىل فاريــن ومعتقلــن والجئــن وعاطلــن عــن العمــل‪،‬‬ ‫وهــذا فتــح بابــاً للنظــام وللتنظيــات املتطرفــة للتــزود‬ ‫باملقاتلــن إلبقــاء ســعري الحــرب متقــدا ً ليدمــر مــا نجــا حتــى‬ ‫اآلن مــن ســورية!‬ ‫وتقاريــر منظــات حقــوق اإلنســان تتحــدث عــن أرقــام‬ ‫مه ّولــة لعــدد الطــاب املترسبــن مــن املــدارس والعاطلــن عــن‬ ‫التعليــم‪ ،‬فمــن أصــل ‪ 550‬ألــف طالــب ســوري يف تركيــا‪ -‬مثـاً‪-‬‬ ‫مل يلتحــق ‪ 400‬ألــف طالــب منهــم باملــدارس! ناهيــك عــن‬ ‫التــرب يف بقيــة املهاجــر‪.‬‬ ‫ويف الداخــل الســوري ينتــر النجــاح اآليل يف صفــوف مــدارس‬ ‫النظــام ويف املــدارس الخاصــة التــي يرتــزق منهــا الشــبيحة‪،‬‬ ‫وتنتــر مكاتــب بيــع الشــهادات بــكل أنواعهــا حتــى الجامعية‬ ‫منهــا‪ ،‬ولــو كان الزبــون أم ّيــاً ال يجيــد القــراءة وال الكتابــة‪،‬‬ ‫والدفــع حســب املجمــوع ودرجــة التفــوق املطلوبــة مــن قبــل‬ ‫الزبــون املرتــاح مالي ـاً!‬ ‫إعــادة أطفالنــا إىل التعليــم واجــب أخالقــي ووطنــي‪ ،‬وتعليــم‬ ‫رف‬ ‫طفــل واحــد القـراءة والكتابــة والعلــوم إنجــاز عظيــم ومـ ّ‬ ‫ملــن يقــوم بــه‪ ،‬فقصــف العقــول أخطــر بكثــر مــن قصــف‬ ‫البيــوت التــي ميكــن إعــادة بنائهــا‪ ،‬أمــا العقــول الجاهلــة فهــي‬ ‫مصــدر تخريــب متجــدد ال ميكــن الســيطرة عليــه!‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫ثالثي��ات الكرام��ة‬ ‫(مح��ص العاصمة الش��ماء)‬

‫شعر‪ :‬عصام حقي‬ ‫حمص وه ّبت‬ ‫‪ -1‬وقفت عىل أطاللها ٌ‬ ‫تستعد لرحلة العمر الجديد ْة‬ ‫نهضت وباسم الله‪ ،‬سيف الله‬ ‫ْ‬ ‫ميتشق الحسام ليعلن (الحمص) الوليد ْة‬ ‫صبوا عليها الحقد لكن مل تلن‬ ‫يوما كام شاءت مخيل ٌة حقود ْة‬ ‫‪......................‬‬ ‫‪ -2‬النرص صنع ُتها‪ ،‬فحيث النرص‬ ‫تكل‬ ‫متيض كالسيول الجارفات وال ُّ‬ ‫كرست قيودا مل تزل آثارها‬ ‫يبل‬ ‫تدمي القلوب بألف جرح ال ُّ‬ ‫بئس األمانُ به الرؤوس خفيض ٌة‬ ‫بئس الحياة رغيفها قه ٌر ُّ‬ ‫وذل‬ ‫‪......................‬‬ ‫‪ -3‬حمص التي لعنت طغا ًة مجرم َني‬ ‫وشمرت عن فجرها يك تثأرا‬ ‫أ ّم العواصم رق ًة وصالبة‬ ‫رسمت لنا املعراج حتى نعربا‬ ‫لن يكتب التاريخ حرفا أخرضا‬ ‫إن مل تكن حمص املداد األحمرا‬ ‫‪.....................‬‬ ‫‪ّ -4‬‬ ‫خط الزمان عىل الجبني شموخها‬ ‫السفاح ما ّ‬ ‫خط الزمانُ‬ ‫هل ميسح‬ ‫ُ‬ ‫كم مجرم َني تعاوروا ميامسها‬ ‫د ِفنوا‪ ،‬وعاش الحق واألوطانُ‬ ‫دحروا وظل (الوعر) عنوانا لها‬ ‫بدم الشهادة د ّون العنوانُ‬ ‫‪.................‬‬ ‫‪ -5‬قد حلّقت صعدا فكانت كلام‬ ‫ِ‬ ‫هوت البيوت ترسخت أوتادُها‬ ‫وتخضّ ب العايص بعطر دمائها‬ ‫ملا افتداها بالدما أوالدها‬ ‫رت‬ ‫وسطّ ْ‬ ‫سقطت جميع الرتهات ُ‬ ‫يف رأس قامئة العال أمجادها‬ ‫‪....................‬‬ ‫‪ -6‬بالعنفوان تباركت ساحاتها‬ ‫وبلحمها انترصت عىل الجال ِد‬ ‫الغاب ميدان السباع فإن قضوا‬ ‫عزوا‪ ،‬وكان العار (للصياد)ِ‬ ‫بوابة اآليت مرشعة لها‬ ‫وسيزحف األبطال يف امليعا ِد‬ ‫‪...................‬‬ ‫‪ -7‬هي وردة العايص ومن ألوانها‬ ‫اقتبس الجامل تعانُق األلوانِ‬ ‫قصص اإلباء مع الفداء تضافرت‬ ‫يك تُستعاد كرامة اإلنسانِ‬ ‫املجد أهداها جميع سامته‬ ‫وقالدة الثوار والشجعانِ ‪!...‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫هك��ذا ق��ال الغي��اب‬ ‫وها أنا وحيد ٌة اآلن‬ ‫بيني وبينك جسو ٌر‬ ‫عب والعتب ‪..‬‬ ‫من التَ ِ‬ ‫أقط ُعها ووج ُهك مناريت البعيدة‬ ‫وجس ُدك مرفئي‬ ‫وحني أكا ُد أملسك‬ ‫الحرب يدي‬ ‫تحض ُن‬ ‫ُ‬ ‫أصل إليك‬ ‫وتغرقني قبل أن َ‬ ‫***‬ ‫مضَ ت ساعاتٌ طويل ٌة‬ ‫أكتب اآلن‬ ‫وأنا‬ ‫ُ‬ ‫أختنق قبل أن َ‬ ‫مضت ساعاتٌ طويل ٌة‬ ‫ككل الغرقى الّذين قضوا‬ ‫وحايل ّ‬ ‫ومل تستطع قلوبُهم إنقاذهم‬ ‫وأكتب اآلن‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫عذاب أن أحيا دونك‬ ‫ٌ‬

‫كل امللح‬ ‫وعذاب أكرث أن يعج َز ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عن تسكني جروحي ‪..‬‬ ‫****‬ ‫ُ‬ ‫أغرق‬ ‫كنت ُ‬ ‫أغرق‬ ‫ُ‬ ‫يل‬ ‫وكلّام أفل َ​َت ُ‬ ‫الليل بر َد ُه ع ّ‬ ‫أقول اسمك‪ ..‬رصخ َة نجاةٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫جديد‬ ‫فريميني عىل شمس يومِ‬ ‫أفرح فيه بالدفء‬ ‫وبالسكينة‬ ‫وأفرح ّأن نجوت من جديد‬ ‫ُ‬ ‫يوماً واحدا ً‬ ‫أشه ُد فيه ّأن أحبّك‪..‬‬ ‫***‬ ‫أيّها البعي ُد القريب‪..‬‬ ‫ها أنا اآلن‬

‫شعر‪ :‬منار شلهوب‬

‫أستعذب الحز َن َبك‬ ‫ُ‬ ‫أشتعل ألجلك‬ ‫َ‬ ‫ويسعدين أن‬ ‫كإحدى سجائرك‬ ‫ويسعدين أن أكون رمادا ً ح ّرا ً‬ ‫يط ُري بخفّة نحو البالد البعيدة‬ ‫ويلقاك ‪..‬‬ ‫****‬ ‫وها أنا اآلن أدي ُر ظهري للحرب‬ ‫ثقوب الرصاص يف ساعدي‬ ‫ُ‬ ‫أتجاهل َ‬ ‫ح َني ُ‬ ‫أعزف َلك‬ ‫وأُهل ُّل فقط للضوء املارق منها‬ ‫كام جاء يف وصاياك ‪..‬‬ ‫***‬ ‫ومبلئ صويت أغ ّني‬ ‫ومبلئ صويت أرص ُخ‬ ‫سكت ح ّوامات الطائرات‬ ‫وأُ ُ‬

‫اهلاربون من املوت اىل املوت‬ ‫أيها القبطان يا أمرا ً مطاع‬ ‫يا سيد البحر‪ ..‬يا قلباً حجر‬ ‫يا نارش املوت يف هذا الرشاع‬ ‫يا خاليص يا سبيالً ال مفر‬ ‫احرشين يف هذا القطيع‬ ‫فوق مركبك الوضيع‬ ‫بني كوم من برش‬ ‫ِ‬ ‫وامض يب كيفام جرت القالع‬ ‫وكيفام شاء القدر‬ ‫فليس يل سوى حزين متاع‬ ‫وما بصدري من ضجر‬ ‫اخرت يل ما شئت عنواناً واسام‬ ‫ا ًرسم عىل خدي وشام‬ ‫زد عىل هذي القوائم‬ ‫موتاً مضافاً‪ ..‬زدين رقام‬ ‫أراها نظرتك الحقرية تزدريني‬

‫ولسانك القذع يشتمني‬ ‫وهذا السب يعنيني‬ ‫فألوذ يف صمتي ويشغلني‬ ‫بأي بر سوف تلقيني‬ ‫وهل سأنجو من الخطر‬

‫شعر‪ :‬عبود العثمان‬

‫الق يب أيها األفاق يف أي ميناء تراه‬ ‫فليس مثة من خيار‬ ‫وطني الذي ضاق يب ذرعاً‬ ‫فكيف ال دول الجوار‬ ‫أنا من بالد الذبح يف ع ّز النهار‬ ‫من بالد من مل ميت فيها‪ ...‬احترض‬ ‫سأنزوي متكورا ً جسدي العليل‬ ‫كل خوف بعد الذي يف بلدي يهون‬ ‫أرنو إىل طفل هزيل‬ ‫كل ألوان العذاب‬ ‫تحنو عليه األم يسألها‬ ‫كل أشكال الخراب‬ ‫إىل أين يا أمي الرحيل؟‬ ‫كل طيش‪ ..‬كل مس من جنون‬ ‫أ َّواه من هذا السفر‬ ‫وإذا سئلت عني من يكون؟‬ ‫فتجيب كالبلهاء تصطنع ابتسامة‪..‬‬ ‫قل جاء من بلد حزينه‬ ‫انظر إىل هذي النوارس‬ ‫ألقى بنفسه فوق ألواح السفينه‬ ‫إنها شبه الحاممة‬ ‫الذ يف صمت عجيب‬ ‫انظر إىل زرقة املاء الجميله‬ ‫كزرقة عيني ابنتي التي ذهبت قتيله مل يل ٌوح بالوداع‪...‬‬ ‫أيها القبطان يا أمرا ً مطاع‬ ‫وتكف دمعاً عىل الخد انحدر‬ ‫ّ‬

‫فتى املعتقل (‪)6‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومغزل ورقاع‬ ‫إبرة‬

‫شعر‪ :‬ديمة محمود‬ ‫قل لهم كيف تنظرون إىل آدميّ ِتكم‬ ‫رضبون عرا ًة يف الزنزان ِة وخارجها‬ ‫وأنت تُ َ‬ ‫ٍ‬ ‫مشــهد‬ ‫ابيــج عــى أجســا ِدكم يف‬ ‫ترقــص الكر ُ‬ ‫مرسحــي‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫يغمس آدم ّيتكم يف وحل ّ‬ ‫الذل والبهيم ّي ِة‬ ‫سادي ٌة موغل ٌة يف اإلعياء والبالهة‬ ‫تخصف بها جسدك‬ ‫رصتَ تبحثُ عن رقع ٍة‬ ‫ُ‬ ‫جمعت الرقاع واحد ًة واحدة‬ ‫َ‬ ‫وبحثت عن إبر ٍة لتخيطَها‬ ‫مل ِ‬ ‫تجد اإلبرة وال ال ّرقاع‬ ‫رسقها ثل ٌة من رفاق السجن‬ ‫مزجت خيبتَك وانكسارك وبكيت‬ ‫َ‬ ‫ظل العا ُر محفورا ً عىل جب ِني س ّجانِك‬ ‫ّ‬ ‫ينقش ُه بيديه و حم ِقه‬ ‫وإمعانِه يف عبودي ِته لس ّي ِده هو‬ ‫ال َ‬ ‫سيدك أنت‬ ‫كل لحظة‬ ‫عا ٌر يقتات منه ّ‬ ‫سوط و ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫رباعي‬ ‫سلك‬ ‫يجرتّه مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫صار السو ُط إبر ًة‬ ‫وصار ُ‬ ‫السلك الرباعي مغزالً‬ ‫والس ّجان املطيع العاري من ضمريه‬ ‫ُ‬ ‫ليل نهار‬ ‫يغزل رقاع عارِه َ‬ ‫أنت أيها املارد‬ ‫أما َ‬ ‫فال تزال تغزل وبكل األلوان‬ ‫شاالت العزة املتجذِّر ِة‬ ‫كل كرة دمِ من ِ‬ ‫جسدك الق ّديس‬ ‫يف ّ‬

‫سوري يف حمطة قطار‬ ‫هادي جلو مرعي‬ ‫لهــم الحــق أن ينزعجــوا يــا حبيبتــي‪،‬‬ ‫فمــن لــه القــدرة عــى تحمــل هموم ليســت‬ ‫همومــه‪ ،‬نحــن جئنــا من بــاد بعيــدة نحمل‬ ‫يف حقائبنــا همومنــا وأوجاعنــا‪ ،‬والنــاس لهــم‬ ‫همــوم وأوجــاع وحاجــات ومشــاكل تكــر‬ ‫وتقــل لكنهــم ال يتوقعــون مثــل مصائبنــا‪،‬‬ ‫وال يريــدون تحملهــا والتفكــر بهــا‪ ،‬ولكننــا‬ ‫كــا تريــن رصنــا واقعـاً مـرا ً فرضتــه األقــدار‬ ‫عليهــم كــا فرضــت علينــا األقــدار أن‬ ‫نعيــش الحــرب والفرقــة والهــروب بعيــدا ً‬ ‫عــن األهــل والصحــاب‪ .‬فصــار كل واحــد م ّنــا‬ ‫يف أرض‪ ،‬أو كــا يقــول إخوتنــا العراقيــون‪،‬‬ ‫كل واحــد تحــت نجمــة‪ ،‬أي إنــه يف مــكان‬ ‫بعيــد عــن اآلخــر‪ ،‬وقــد تفرقنــا ومل يعــد‬ ‫مــن أمــل كبــر يف أن نعــود إىل ســوريا‬ ‫التــي مزقتهــا الحــرب ودمرتهــا القنابــل‪ ،‬وال‬ ‫يبــدو مــن أفــق للحــل‪ .‬فالعــامل مجمــع عــى‬ ‫تصفيــة حســاباته عــى تلــك األرض التــي‬ ‫تركناهــا خلفنــا‪ ،‬ونحــن نحلــم بالياســمني‬ ‫والعنــب واألزاهــر الذابلــة واملبتلــة بدمــوع‬ ‫الســاء‪ ،‬وهــي تبــي عذاباتنــا‪.‬‬

‫يف محطــة القطــار كــا ترين آالف الســوريني‬ ‫يتناوبــون الصــر وينتظــرون لحظــة مــا‬ ‫تنفــرج فيهــا الهمــوم وتنتهــي العذابــات‬ ‫لعلنــا أن نحــر يف قطــار ذاهــب إىل‬ ‫النمســا‪ ،‬ومــا أدراك يــا حبيبتــي مــا النمســا؟‬ ‫هــي الحلــم األخــر بالنســبة لنــا‪ ،‬والرغبــة‬ ‫املوغلــة يف التحــدي لــو قيّــض لنــا الوصــول‬ ‫إليهــا‪ ،‬وصحيــح متام ـاً إننــي أشــعر ببعــض‬ ‫اليــأس وأنــت محبطــة وقلقــة وجائعــة‪ ،‬وقد‬ ‫أرهقتــك األيــام وســاعات الســفر الطويلــة‬ ‫والتنقــل مشــياً عــى األقــدام مــن بلــد إىل‬ ‫آخــر‪ ،‬لكــن خيارنــا الوحيــد هــو الصمــود‪،‬‬ ‫فــا بــد أن يســتجيب املســؤولون لضغوطنــا‪،‬‬ ‫ومــع تكاثــر الالجئــن ســوف تضغــط دول‬ ‫االتحــاد األوريب عــى بعضهــا‪ ،‬ويجــدون‬ ‫لنــا حـاً مــا‪ ،‬هــو مــن شــأنهم‪ ،‬ومــن شــأننا‬ ‫اإلنتظــار املــر والطويــل الــذي ال بــد منــه‪،‬‬ ‫وال تراجــع عنــه‪.‬‬ ‫ال تخــي شــيئاً يــا حبيبتــي‪ ،‬فإغــاق املحطــة‬ ‫مؤقــت وهــو نــوع مــن الضغــط ميارســه‬ ‫رئيــس الــوزراء الســلوفيني ليحصــل عــى‬ ‫تنــازالت مــن املستشــارة األملانيــة أنجيــا‬

‫مــركل‪ ،‬ورشكائهــا الغربيــن‪ ،‬ســلوفينيا ال‬ ‫متتلــك القــدرات الالزمــة إليــواء الالجئــن‪،‬‬ ‫وتعلــم جيــدا ً إن الوجهــة واملقصــد بالنســبة‬ ‫لهــوالء القادمــن مــن البعيــد هــي أوربــا‬ ‫الغنيــة‪ ،‬وليســت دول كبلغاريــا‪ ،‬أو هنغاريــا‪،‬‬ ‫أو جمهوريــة الــرب‪ ،‬وأنــا متيقــن إننــا‬ ‫ســنمر ونعــر الحــدود وحينهــا ســآخذك‬ ‫يف جولــة يف فيينــا‪ ،‬وأغنــي معــك أغنيــة‬ ‫أســمهان‪ ،‬ليــايل األنــس يف فيينــا‪ ،‬ســأغنيها‬ ‫لــك اآلن‪.‬‬ ‫ليــايل األنــس يف فيينــا نســيمها مــن هــوا‬

‫الج ّنــة‬ ‫نغــم يف الج ـ ّو لــه رنّــة ســمعها الطــر بــى‬ ‫وغ ّنــى‬ ‫ما بني رنني الكاس ورنّة األلحان‬ ‫أدي القوام ميّاس يعاصف األغصان‬ ‫‪.........‬‬ ‫دي ليلــة األنــس يف فيينــا نســيمها مــن هــوا‬ ‫الج ّنــة‬ ‫نغــم يف الج ـ ّو لــه رنّــة ســمعها الطــر بــى‬ ‫وغ ّنــى‬ ‫• املرصد العراقي للحريات الصحفية‬


‫حرمل املنوعات‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫آرام كربيت‬ ‫الحقيقــة أشــفقت عــى ســمري‪ ،‬ألن‬ ‫مكانــه ليــس يف هــذه املؤسســة القــذرة‪.‬‬ ‫تطــوع يف الرشطــة فأخــذوه إىل هــذا املــكان‬ ‫أو املوقــع‪ .‬ورمبــا عمــل واســطة ليدخــل إىل‬ ‫هــذا املــكان‪ ،‬فلقــاء واحــد ليــس مــؤرشا ً عــى‬ ‫معرفــة التكويــن النفــي إلنســان عــاش يف ظل‬ ‫نظــام وســخ‪ ،‬ورئيــس نظــام متفســخ‪ ،‬عمــل‬ ‫عــى تدمــر الدولــة واملجتمــع بشــكل ممنهــج‪،‬‬ ‫وحــ ّول ســورية إىل مصــح كبــر مثــل عقلــه‬ ‫امللتــوي‪.‬‬ ‫دخلــت إىل غرفــة العقيــد يف مبنــى األمــن‬ ‫الســيايس يف الحســكة‪ .‬رحــب يب‪ .‬كان بــه خ ّفــة‪.‬‬ ‫ورمبــا ضحــك يف رسه مــن شــكيل‪ ،‬وزين بحــدود‬ ‫األربعــن كيلــو غرامـاً‪ ،‬ووجهــي ذابــل‪ ،‬ومتعب‪،‬‬ ‫ورمبــا كان ســعيدا ً أن نظامــه يدمــر معارضيــه‪،‬‬ ‫ويحولهــم إىل مجــرد هيــاكل عظميــة‪.‬‬ ‫كنــت أرغــب يف قــرارة نفــي أن أذلّهــم يف‬ ‫عقــر دارهــم‪ .‬مل يكــن هنــاك أي يشء أخــاف‬ ‫منــه‪ .‬لقــد خــرت عمــري وشــبايب‪ ،‬ولــن‬ ‫يصفّــوين‪ ،‬وإذا صفّــوين ال يهمنــي‪ .‬كنــت‬ ‫مصمــاً‪ ،‬أن ألعــب معهــم وعليهــم‪ ،‬وعــى‬ ‫عقولهــم الصغــرة‪.‬‬ ‫قال يل‪:‬‬ ‫ـ تفضل‪.‬‬ ‫جلســت عــى كــريس يف مواجهتــه‪ .‬تحدثنــا عــن‬ ‫ســجن تدمــر‪ ،‬أســاليب التعذيــب‪ ،‬عــن حيــايت‬ ‫بعــد الســجن‪ ،‬وعــدم قــدريت عــى معرفــة مــا‬ ‫حــدث ويحــدث للبلــد‪ ،‬ثــم تطرقنــا للحديــث‬

‫الحرمل‪ -‬خاص‬ ‫ال شــك بــأن الســوريني قــد القــوا مــن‬ ‫الشــعب والحكومــة الرتكيــة‪ ،‬ألطــف اســتقبال‪،‬‬ ‫قاطعــن بهــذا االســتقبال عقــودا ً طويلــة مــن‬ ‫العزلــة بــن البلديــن وبــن الشــعبني‪ ،‬التــي‬ ‫كرســها نظــام األســد األب‪ ،‬ومــن قبلــه األنظمــة‬ ‫العســكرية الســورية املتناغمــة مــع النظــم‬ ‫العســكرية التــي حكمــت تركيــا وأخذتهــا‬ ‫بعزلــة عــن محيطهــا العــريب واإلســامي‪.‬‬ ‫لكــن الســوريني اليــوم يعانــون الكثــر مــن‬ ‫املتاعــب بعــد إغــاق الحــدود‪ ،‬وعــدم قدرتهــم‬ ‫عــى رؤيــة أهاليهــم‪ ،‬وانقطــاع الزيــارات لهــم‪،‬‬ ‫خاصــة وأن مــن يدخــل عــر الحــدود الرتكيــة‬ ‫الســورية‪ ،‬يحتــاج إىل الكثــر مــن املــال الــذي‬ ‫يدفعــه للمهربــن‪ ،‬وإىل تحمــل أيــام طويلــة من‬ ‫االنتظــار واملــي يف الجبــال والســهول‪ ،‬ويقطــع‬ ‫امل ـزارع والحفــر العميقــة‪ ،‬ويفقــد الكثــر مــن‬ ‫أغراضــه‪ ،‬ناهيــك عــن فقــدان الكثــر مــن أفـراد‬ ‫العائــات لذويهــم‪ ،‬وخاصــة مــن األطفــال‬ ‫واملــرىض‪ ،‬وهــذا أمــر غــر الئــق أبــدا ً بالعالقــة‬ ‫مــع الدولــة الرتكيــة املعروفــة باح ـرام حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬واحــرام القانــون الــدويل‪ ،‬والتــي‬ ‫ت ّكــن الكثــر مــن التقديــر لتضحيــات الشــعب‬ ‫الســوري الــذي ضحــى بالكثــر مــن أجــل طلــب‬ ‫الحريــة والكرامــة!‬ ‫وبعــد أن خــر الســوريون الكثري مــن أمالكهم‪،‬‬ ‫وتهدمــت بيوتهــم وفقــدوا أوراقهــم الثبوتيــة‪،‬‬

‫‪15‬‬

‫وداعا يا نهر اخلابور ـ ‪ 6‬ـ‬ ‫ً‬ ‫عــن االعتقــال‪ ،‬وأســلوبه والضبّــاط الذيــن‬ ‫حققــوا معــي‪ ،‬ذكــرت عــي محســن‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫ـ إنه رئيس الفرع‪ ،‬قلت له‪:‬‬ ‫ـ إننــي أعرفــه‪ ،‬حقــق معــي قبــل ثالثــة عــر‬ ‫عامـاً‪ ،‬وقتهــا كان برتبــة رائــد‪ .‬ابتســم ثــم قــال‪:‬‬ ‫ـ إذا رأيته هل تعرفه؟‬ ‫ـ ممكن‪.‬‬ ‫مــن خــال الحديــث معــه شــعرت أين أمــام‬ ‫بغــل حقيقــي‪ ،‬ال يفقــه أي يشء‪ .‬أعــرف‪،‬‬ ‫إن الضبّــاط يف هــذه األجهــزة مرنــن جــدا ً‬ ‫يتحركــون تبع ـاً لقــدرة القــادم إليهــم‪ .‬تحــدث‬ ‫معــي كــا تحــدث املــازم أول ســمري‪ ،‬أ ّن البلــد‬ ‫يف حالــة تغيــر ونريــد مــن الجميــع املســاهمة‬ ‫يف تدعيــم هــذا التغيــر‪ .‬قلــت يف نفــي‪:‬‬ ‫ـ املســطرة ذاتهــا‪ ،‬العقــل واحــد‪ .‬يتحركــون عــر‬ ‫التلقــن‪ .‬ال يعرفــون غــر هــذا الــكالم الفــارغ‪.‬‬ ‫إن النظــام األوامــري هــو هــو‪ .‬قلــت لــه‪:‬‬ ‫ـ أنــت تتحــدث مثــل ســمري‪ ،‬الــذي اســتقبلني‬ ‫قبــل قليــل برفقــة املســاعد أول‪ ،‬أن هنــاك‬ ‫تغيـرا ً كبـرا ً‪ ،‬قلــت لــه وأقــول لــك األن‪ ،‬البلــد‬ ‫عــى كــف عفريــت‪ ،‬بحاجــة إىل انفراج ســيايس‬ ‫حقيقــي‪ .‬املجتمــع مشــحون بــكل أنــواع‬ ‫الكبــت‪ ،‬ال تقــل يل أن هنــاك تغيــر‪ ،‬وتريــدون‬ ‫النــاس‪ ،‬املجتمــع كلــه يعطيكــم الــوالء عــر‬ ‫أجهزتكــم‪ ،‬هــذا لــن يحــل مشــكلة‪ .‬إذا انفجــر‬ ‫هــذا البلــد لــن تذهبــوا وحدكــم‪ ،‬ســتأخذونا‬ ‫معكــم‪ .‬ســنذهب جميعــاً إىل الهاويــة‪ .‬راح‬ ‫يضحــك بشــكل هســتريي‪ ،‬ال أعــرف إن‬ ‫كان يســخر أم يضحــك أم كان خائفــاً‪ .‬رفــع‬

‫الســاعة‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫ـ ســيدي لــدي ســجني قــادم مــن تدمــر‪ ،‬يقــول‬ ‫أنــه يعرفــك وحققــت معــه عندمــا كنــت‬ ‫رائــدا ً‪ ،‬هــل أرســله لــك؟‬ ‫أطبــق الســاعة‪ ،‬ونفــش ريشــه كأنــه حقــق‬ ‫إنجــازا ً عــر حديثــه مــع معلمــه‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫ـ سيادة العميد يريد أن يلتقي بك‪.‬‬ ‫جــاء املــازم أول ســمري بلطفــه املعهــود وســار‬ ‫يب إىل غرفــة رئيــس الفــرع‪ ،‬مبجــرد أن فتــح‬ ‫البــاب وقــف العميــد مــن وراء مكتبــه‪ ،‬وجــاء‬ ‫ي وقبلنــي ورحــب يب بطريقتهــم‬ ‫إ ّيل‪ ،‬وسـلّم عـ ّ‬ ‫التمثيليــة املعهــودة‪ .‬قــال يل‪:‬‬

‫ـ الحمد لله عىل السالمة‪ ،‬كيفك؟‬ ‫ـ الحمد لله بخري‪ .‬كيفك أنت؟‬ ‫ـ بخري‪ .‬أين قضيت سجنك؟‬ ‫ـ يف ســجن عــدرا وتدمــر‪ .‬أضفــت‪ ،‬قلــت لــه‪،‬‬ ‫تغــرت كثــرا ً‪ ،‬شــعرك أصبــح أبيــض اللــون‪،‬‬ ‫كنــت شــاباً‪ ،‬أصبحــت كهــاً؟ قــال‪:‬‬ ‫ـ وأنت تغريت كثريا ً‪ .‬قلت‪:‬‬ ‫تغي كثريا ً‪ ،‬كل واحد يف موقعه‪.‬‬ ‫ـ كالنا ّ‬ ‫ـ ال تفلســف األمــور‪ ،‬وتبطــن الــكالم‪ .‬تفضــل‬ ‫أجلــس‪.‬‬ ‫عــاد إىل مقعــده الوثــر وطاولتــه الكبــرة‪.‬‬ ‫كانــت الغرفــة الكبــرة ديوانــاً كبــرا ً غاصــاً‬ ‫بعــدد كبــر مــن الضيــوف‪ ،‬قضــاة‪ ،‬مــدراء‬ ‫دوائــر‪ ،‬نســاء‪ ،‬والقهــوة املــرة والحلــوة تــدور‬ ‫بينهــم عــر حاجــب األمــر‪ .‬قدمنــي لضيوفــه‪،‬‬ ‫قــال لهــم بفخــر‪ ،‬إنــه اعتقلنــي‪ ،‬وحقــق معــي‬ ‫يف فــرع القامشــي‪ ،‬وإننــي خرجــت مــن‬ ‫الســجن قبــل بضعــة أيــام‪ ،‬بعــد ســجن ثالثــة‬ ‫عــر عامــاً‪.‬‬ ‫جلســت بينهــم‪ ،‬بيّــد أين كنــت غائبــاً عنهــم‪.‬‬ ‫أحاديثهــم فارغــة‪ ،‬تافهــة‪ ،‬عــن املــال والتجــارة‪.‬‬ ‫إحــدى النســوة تكلمــت كالمــاً غريبــاً‪ ،‬أن‬ ‫العميــد رسق منهــا عــرة ماليــن لــرة‪ ،‬وأن‬ ‫هنــاك عاهــرة قامــت بذلــك‪ ،‬بابتزازهــا‪ .‬تطــور‬ ‫الحديــث بينهــا وبينــه‪ ،‬هــو ينفــي‪ ،‬وهــي‬ ‫تؤكــد‪ .‬مل أكــن أســتطيع اإلصغــاء‪ ،‬كنــت متعبـاً‪،‬‬ ‫األصــوات العاليــة كانــت تســبب يل ضغطــاً‬ ‫نفســياً وجســدياً‪ ،‬ألننــا يف ســجن تدمــر عشــنا‬ ‫عزلــة قاتلــة‪ ،‬مل نســمع أي صــوت‪ ،‬ومل يكــن‬

‫مســموح لنــا بالحديــث بالصــوت الطبيعــي‪،‬‬ ‫كــا كنــت أتكلــم بصعوبــة بالغــة ألن الحبــال‬ ‫الصوتيــة لــدي كانــت قــد تهدلــت‪ ،‬ومل يكــن‬ ‫باإلمــكان إعادتهــا إىل طبيعتهــا يف فــرة زمنيــة‬ ‫قصــرة‪ .‬أصبــت بالصــداع والتعــب مــن كل مــا‬ ‫دار حــويل‪ .‬أحاديــث ســخيفة‪ ،‬أنــاس أســخف‪.‬‬ ‫كنــت بينهــم كاليتيــم عــى مائــدة اللئــام‪،‬‬ ‫أســمع مواضيــع تافهــة ال عالقــة يل بهــا‪ ،‬وال‬ ‫تعنينــي‪ .‬بقيــت يف مــكاين مجــرا ً أن ينتهــي‬ ‫األمــر وأعــود إىل البيــت‪ .‬قلــت للعميــد عــي‬ ‫محســن بعــد ســاعتني مــن الجلــوس بينهــم وال‬ ‫أعــرف ملــاذا أبقــاين‪:‬‬ ‫ـ ســأذهب إىل البيــت‪ ،‬أنــا متعــب وال أســتطيع‬ ‫أن أبقــى هنــا‪ .‬قــال‪:‬‬ ‫ـ حسناً‪ ،‬اذهب األن‪ ،‬سنستدعيك مرة ثانية‪.‬‬ ‫خرجــت مــن املبغــى‪ ،‬خجـاً مــن نفــي وزمني‬ ‫وبلــدي ووطنــي‪ ،‬وخنــوع شــعبي وصمتــه‬ ‫وانفصالــه عــن واقعــه وزمانــه‪ ،‬يجــر ذاتــه‬ ‫كل ثانيــة‪ .‬لقــد تصالــح مــع الــذل والخ ـراب‪،‬‬ ‫وأضحــى منتجــاً لهــا بعــد أن تحولــت إىل‬ ‫ثقافــة ميارســها يومي ـاً‪ ،‬أصبــح جــزءا ً ال يتجــزء‪،‬‬ ‫بــل فاع ـاً كب ـرا ً يف إنتــاج الفســاد ومامرســته‪،‬‬ ‫تحــول إىل جــزء منــه‪.‬‬ ‫عــدت إىل البيــت‪ ،‬والحــزن يــأكل لحمــي‬ ‫وعظامــي مــن هــذا الواقــع املقــرف‪ .‬نظــام‬ ‫حريــص عــى بقائــه عــى جثــة املجتمــع‪ ،‬نظــام‬ ‫احتــال‪ ،‬أســوأ احتــال مــ ّر عــى التاريــخ‪،‬‬ ‫ميــارس ســاديته عــى املجتمــع‪ ،‬يتفنــن يف‬ ‫تعذيبــه‪ ،‬تخريــب كل مــا يقــع يف طريقــه‪.‬‬

‫الس��وريون يف تركي��ا‪ ..‬مصاع��ب وأمني��ات!‬ ‫التــي يتاجــر النظــام بإعطائهــا للمواطنــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬ويســتغلهم أبشــع اســتغالل باملــال‪،‬‬ ‫وباالعتقــال املــؤدي إىل التعذيــب‪ ،‬الــذي يصــل‬ ‫إىل املــوت يف كثــر مــن األحيــان‪ ،‬يجــد الســوري‬ ‫نفســه ضعيــف القــدرة والحيلــة‪ ،‬وغــر مقبــول‬ ‫يف ســوق العمــل الرتكيــة‪ ،‬رغــم الوعــود الكثــرة‬ ‫التــي برشنــا بهــا املســؤولون األتــراك يف‬ ‫خطاباتهــم املتعاطفــة مــع الســوريني‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا يجعــل الســوري املحتــاج للقمــة الخبــز‪،‬‬ ‫وألجــر البيــت الــذي يســكنه‪ ،‬يعمــل بأبخــس‬ ‫األمثــان‪ ،‬وباســتغالل غــر مراقــب‪ ،‬وغــر خاضــع‬ ‫للقانــون‪ ،‬يصــل يف بعــض األحيــان إىل عــدم‬ ‫دفــع األجــر اليومــي‪ ،‬أو الشــهري‪ ،‬للعامــل‬ ‫الســوري مــن قبــل بعــض أصحــاب العمــل‬ ‫ضعيفــي النفــوس‪.‬‬ ‫وأصبــح معظــم الســوريني عالــة عــى أقاربهــم‪،‬‬ ‫ومعارفهــم الذيــن يعملــون يف الخليــج العــريب‪،‬‬ ‫أو يف غــره ويعيشــون عــى التحويــات‬ ‫املاليــة إىل تركيــا‪ ،‬والعجيــب أننــا نجــد املزيــد‬ ‫مــن املصاعــب والعراقيــل الســتالم حوالــة‬ ‫ماليــة مهــا كانــت صغــرة‪ ،‬ويحتــاج األمــر‬ ‫إىل زيــارات متعــددة إىل البنــوك‪ ،‬ومكاتــب‬ ‫التحويــل‪ ،‬التــي تبتكــر املزيــد مــن العراقيــل‬ ‫والعقبــات‪ ،‬وتحــول دون وصــول املــال إىل‬ ‫املحتاجــن الذيــن يرصفونــه يف الســوق الرتكيــة‪،‬‬ ‫وهــذه املبالــغ تقــدر مباليــن الــدوالرات‬

‫شــهرياً‪ ،‬ناهيــك عــن كــون الســوري ال يســتطيع‬ ‫اســتالم أي مبلــغ بالكملــك الــريك الــذي ميتلكــه‬ ‫كبديــل عــن أوراقــه املفقــودة يف طريــق‬ ‫اللجــوء الطويــل والخطــر‪ ،‬مــا يجعلــه عرضــة‬ ‫لالســتغالل واالبت ـزاز مــن قبــل رشكات تحويــل‬ ‫األمــوال!‬ ‫حتــى املهاجريــن بالطــرق النظاميــة‪ ،‬والخارجني‬ ‫مــن تركيــا‪ ،‬صــاروا يحتاجــون إىل إجــراءات‬ ‫معقــدة وغــر مرتابطــة‪ ،‬كأن تأخــذ موافقــة‬ ‫أمنيــة مــن الواليــة التــي تعيــش فيهــا‪ ،‬وهــذا ال‬ ‫يعنــي أن توافــق إدارة املطــار عــى خروجــك!‬ ‫يف تناقــض تــام وغــر مفهــوم‪ ،‬ويف إرصار عــى‬ ‫إبقــاء العائــات املســافرة‪ ،‬واملهاجــرة تنــام يف‬ ‫املطــارات‪ ،‬بانتظــار إجــراءات غامضــة‪ ،‬وغــر‬ ‫مفهومــة وحجــج كثــرة‪ ،‬منهــا عــدم دخــول‬ ‫املوافقــة إىل «السســتم»‪ ،‬أو عــدم وجــود إجـراء‬ ‫إضــايف غــر معلــن عنــه‪ ،‬كل ذلــك مبزاجيــة‬ ‫بعــض موظفــي املطــارات‪ ،‬غــر املنســجمة مــع‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫نظــام دولــة القانــون الرتكيــة‪ ،‬التــي أعجــب بهــا‬ ‫الســوريون كث ـرا ً وحافظــت عــى الكثــر مــن‬ ‫حقوقهــم!‬ ‫أمــا مســألة التعليــم ملئــات األلــوف مــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬فهــي مــا تــزال عشــوائية‪ ،‬وغــر‬ ‫منظمــة‪ ،‬وتتدخــل فيهــا منظــات ذات أهــداف‬ ‫غــر نظيفــة ســواء كانــت ذات واجهــة دين ّيــة‬ ‫أو مدن ّيــة‪ ،‬والكثــر مــن إدارات املــدارس غــر‬ ‫متمكّنــة وترســل الدولــة الرتكيــة مدراء شــكليني‬ ‫للمــدارس‪ ،‬ناهيــك عــن افتقــاد املدارس ألبســط‬ ‫وســائل اإليضــاح مثــل املجهــر‪ ،‬أو الخريطــة‪،‬‬ ‫أو غريهــا مــن األدوات التــي متــأ مخابــر‬ ‫ومســتودعات املــدارس الرتكيــة‪ ،‬وال يســمح‬ ‫للطالــب الســوري يف بعــض املــدارس بدخولهــا‬ ‫والتعلــم منهــا‪ ،‬ولــو مــن بعــد انـراف الطــاب‬ ‫األتــراك!‬ ‫والشــهادة الثانويــة التــي اعتمدتهــا الحكومــة‬ ‫الرتكيــة للطــاب الســوريني‪ ،‬مل تعــرف بهــا‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ SAYI:28 YIL: 2015 )2) -‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫بعــض الجامعــات الرتكيــة‪ ،‬وطلبــت كل‬ ‫الجامعــات فحــوص إضافيــة بعــد الشــهادة‬ ‫الثانويــة (فاقــدة القيمــة)‪ ،‬يتطلــب الخضــوع‬ ‫لهــذه االمتحانــات بــن ســتة أشــهر وســنة‬ ‫مثــل فحــص (‪ )yös‬أو (‪ )sat‬مــا يضيــع عــى‬ ‫الطــاب ســنة إضافيــة مــن حياتهــم الدراســية‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل قلّــة األعــداد املقبولــة مــن‬ ‫الطــاب الســوريني‪ ،‬وخاصــة يف جامعــة حـران‪،‬‬ ‫يف أورفــا التــي يقطنهــا مئــات ألــوف الســوريني‪،‬‬ ‫ومل تقبــل تلــك الجامعــة إال بضــع عـرات مــن‬ ‫الطــاب‪ ،‬بــكل أســف‪ ،‬رغــم ســعتها وإمكاناتهــا‬ ‫الكبــرة‪ ،‬واملشــهود لهــا يف اختصاصــات كثــرة!‬ ‫لقــد اســتفاد الســوريون كث ـرا ً مــن وجودهــم‬ ‫يف تركيــا‪ ،‬وهــم ينتظــرون املعاملــة التــي‬ ‫تليــق بدولــة متطــورة مثــل تركيــا‪ ،‬بحيــث‬ ‫يكــون الالجــئ آمن ـاً عــى نفســه مــن تغ ـرات‬ ‫األنظمــة والقوانــن‪ ،‬ومزاجيــة البعــض املتقلّبــة‪،‬‬ ‫ويف ظــروف انتفــاء فــرص العمــل النظامــي‬ ‫والقانــوين‪ ،‬يصبــح الســوري فريســة لبعــض‬ ‫أربــاب العمــل غــر املهتمــن بسياســة الدولــة‬ ‫الرتكيــة تجــاه الســوريني‪ ،‬خاصــة وأن الســوريني‬ ‫يتطلعــون إىل انتهــاء الحــرب‪ ،‬وإعــادة إعــار‬ ‫ســورية مبســاعدة الشــعب والحكومــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫وعــر رشكاتهــم الكبــرة‪ ،‬والتــي يشــهد تطــور‬ ‫تركيــا وصناعاتهــا عــى نجاحهــا الكبــر يف‬ ‫العمــل واملنافســة والجــودة‪.‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬تشرين الثاني ‪2015‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عمر محدي‪ ..‬رحيل القناديل والنوارس‬

‫نبي��ذ «روحان��ي»‬

‫فهد الحسن‬

‫لقــد شــكل رحيــل الفنــان التشــكييل واإلنســان‬ ‫واملثقــف الســوري والعاملــي عمــر حمدي‪..‬غيابـاً حقيقياً‬ ‫عــن املشــهد الثقــايف‪ ،‬وكان حضــوره فيــه مدعــاة للفخــر‬ ‫بهامــة كبــرة أغنــت بوجودهــا ذلــك املشــهد وفتحــت‬ ‫األبــواب عــى نتــاج شــديد ال ـراء والتميــز‪ ،‬لــه أثــره يف‬ ‫توضيــح فكــرة املراقبــن واملتابعــن لتجربتــه وصداهــا‬ ‫يف تكويــن انطبــاع عــام عــن غنــى الفــن التشــكييل‬ ‫الســوري وقدرتــه عــى مواكبــة التطــور الــذي يطــرأ‬ ‫باســتمرار عــى نســيج العمليــة اإلبداعيــة‪ ،‬مبــا تحفــل به‬ ‫مــن ارتقــاء عــى املســتويني التقنــي والجــايل‪ .‬وبالتــايل‬ ‫الفكــري والثقــايف‪ ،‬ومــا يؤثــر عــى الجانــب االجتامعــي‬ ‫كونــه وســيلة تثويــر وتطويــر للمجتمــع اإلنســاين برمتــه‪.‬‬ ‫لقــد أثــرى عمــر حمــدي الوســط التشــكييل الســوري‬ ‫بأعــال شــديدة الـراء‪ ،‬وكانــت عواملها تغــوص يف أعامق‬ ‫النفــس البرشيــة‪ ،‬ممثلــة بشــخوص مســكونة بقدريتهــا‬ ‫املرتبطــة ببيئــة تظللهــا خيمــة تــدل عليهــا وتتامهــى‬ ‫مــع رشوطهــا‪ ،‬لتنعكــس يف وجــدان عمــر حمــدي فضــا ًء‬ ‫محمـاً بســر تفاصيلهــا النفســية واالجتامعيــة‪ ،‬ومــن ثم‬ ‫تحميلهــا كل مــا يعرتيهــا مــن حــزن أو فــرح أو انكســار‪،‬‬ ‫أو لوعــة وحرمــان‪ .‬وكان كل هــذا يرتجمــه عمــر بريشــة‬ ‫ماهــرة‪ ،‬حاذقــة ومتمكنــة‪ ،‬عــر أســلوب تعبــري يجســد‬ ‫فيــه إمكاناتــه الكبــرة يف الرســم والترشيــح واختيــار‬ ‫املشــهد مبهــارة فائقــة‪ ،‬وكان تركيــزه العــام عــى حركــة‬

‫اليديــن لــدى شــخوصه (البانتوميــم) يعطــي للوحــة‬ ‫متيـزا ً ملفتـاً‪ ،‬ويغنيهــا مــن جانــب آخــر خلفيــة اللوحــة‬ ‫ذات البعــد التجريــدي مــن حيــث اتســاق املســاحات‬ ‫اللونيــة وثرائهــا الواضــح‪ ،‬واندماجهــا مــع البعــد النفــي‬ ‫ﻷعــاق العنــارص البرشيــة التــي يرصدهــا بدقــة عاليــة‪،‬‬ ‫أمــا النســاء التــي ضمنهــا هــذه التجربــة املميــزة آنــذاك‬ ‫لعمــر فكانــت توزعهــا خصائــص ومميــزات ترثيهــا‬ ‫أكــر‪ ،‬فهــي تحمــل مالمــح البيئــة والفلكلــور الجــزراوي‬ ‫املتفــرد‪ .‬كذلــك تجمــع بــن األنوثــة الفطريــة الطاغيــة‪،‬‬ ‫والبعــد النفــي الــذي نحيــاه‪ .‬لتظهــر كرنفــاالً مــوىش‬ ‫بحضــور آرس لعــوامل مدهشــة‪ ،‬تتنــاول اإلنســان محفوفـاً‬ ‫ببيئــة قاســية‪ ،‬وعنــارص االنتــاء إىل عــوامل تنســكب‬

‫منهــا أعــذب األجــواء التــي نفذهــا عمــر باحــراف‪،‬‬ ‫وأودع فيهــا شــغاف قلبــه‪ ،‬وانتامئــه إىل هــذه العــوامل‬ ‫وتجســيد اعتيــاده عليهــا‪ .‬لتخــرج يف النهايــة تغلفهــا‬ ‫الدهشــة واالنشــداد إليهــا كجــاذب ســحري يثــر الكثــر‬ ‫مــن اإلعجــاب والتســاؤل حــول تجربــة تشــكيلية‬ ‫فريــدة‪ ،‬تقــدم نفســها مكتملــة األبعــاد‪ ،‬وتضــع صاحبهــا‬ ‫يف مصــاف أكــر األكادمييــن‪ ،‬وهــو الــذي دلــف إىل هــذه‬ ‫العــوامل بتجربــة شــخصية بعيــدا ً عــن أيــة أكادمييــات‪،‬‬ ‫وهــذا يســجل لعمــر الــذي اجتهــد وتفــاىن يك يصقــل‬ ‫تجربتــه ومينحهــا اســتحقاقها لتظهــر كــا أراد لهــا‪،‬‬ ‫وليوصــل مــن خاللهــا انتــاءه إىل حيــاة مــن عــاش‬ ‫معهــم‪ ،‬وارتباطــه الوثيــق بعواملهــم‪ ،‬وقدرتــه عــى نقــل‬ ‫معاناتهــم بكثــر مــن الثقــة واالقتــدار والتمــرس‪ ،‬ومــن‬ ‫ناحيــة أخــرى بنبــل شــديد مل يغمــز مــن قناتهــم‪ ،‬فــكان‬ ‫حضورهــم يف لوحاتــه نبيــاً أيضــاً ومكابــرا ً‪ ،‬رغــم كل‬ ‫الج ـراح واملكابــدات‪ .‬وهنــا نشــيد بالوعــي االجتامعــي‬ ‫املتقــدم الــذي متثلــه الراحــل الكبــر عمــر حمــدي‪،‬‬ ‫واســتطاع مــن خاللــه أن يبنــي عــوامل حاملــة‪ ،‬مدججــة‬ ‫برعشــات اللــون الــذي تتآخــى فيــه كل التونــات‪،‬‬ ‫وتتداخــل بــكل خصائصهــا البرصيــة‪ ،‬وتناقضاتهــا‪،‬‬ ‫لتنســج يف النهايــة عاملــاً فريــدا ً ممهــورا ً بأســلوبية‬ ‫خاصــة تــدل عــى عمــر حمــدي‪ ،‬وتشــر إىل قدرتــه‬ ‫الفائقــة عــى بنــاء جســد تشــكييل باهــر دون أن يقــع‬ ‫يف مصيــدة الرتابــة وتك ـرار الــذات‪.‬‬

‫جائ��زة دولي��ة للمرتج��م الفلس��طيين الس��وري ص��احل علمان��ي‬ ‫يشــكل صالــح علــاين عالمــة فارقة يف الثقافــة العربية‪ ،‬حيث أمـ َّد هذه الثقافة وأفــادت األجيــال القصصيــة والروائيــة الســورية مــن جهــوده كث ـرا ً‪ ،‬بــل تــكاد‬ ‫بأكــر مــن مئــة كتــاب مرتجــم عــن اللغــة االســبانية بذوقــه الرفيــع واختياراتــه بصــات صالــح علــاين املرتجمــة تبــدو واضحــة يف نصــوص أدبيــة ســورية كثــرة‪.‬‬ ‫الذكيــة‪ ،‬وتشــهد لــه الســاحة الثقافيــة الســورية بالعمــل عــى إمدادهــا بــروح وقــد أعلنــت «مدرســة طليطلــة للمرتجمــن» عــن منــح جائزتهــا الســنوية للرتجمة‪،‬‬ ‫يف دورتهــا األوىل للمرتجــم الفلســطيني‪ -‬الســوري صالح علــاين (‪.)1949‬‬ ‫اســبانية حداثيــة ومتطــورة‪،‬‬ ‫ويف اتصــال مــع «العــريب الجديــد»‪ ،‬أعــرب مديــر املدرســة‪ ،‬لويــس ميغيــل برييــز‬ ‫كانيــادا‪ ،‬عــن ســعادته بذهــاب الجائــزة إىل «أحــد أهــم املرتجمــن العــرب‪ ،‬تقديـرا ً‬ ‫لــه عــى إســهامه الكبــر يف حقــل الرتجمــة مــن اإلســبانية إىل العربيــة»‪.‬‬ ‫وقــال كانيــادا‪ ،‬إن منــح الجائــزة التــي أنشــأتها «جامعـ ُة كاســتيا المنتشــا املركزية»‪،‬‬ ‫عــر مدرســته‪ ،‬إىل «رجــل تر َجـ َم مــا ينيــف عــن ‪ 106‬كتــب مــن روائــع آداب اللغــة‬ ‫االســبانية ليمنــح يف الوقــت نفســه‪ ،‬الجائــز َة والقامئــن عليهــا‪ ،‬مصداقي ـ ًة ورصيــدا ً‬ ‫للمســتقبل»‪ ،‬معتـرا ً أن «علــاين قـ ّدم مــا مل يق ّدمــه غــره يف مجالــه‪ ،‬وهــو اســم‬ ‫املتوســط»‪.‬‬ ‫يحظــى باحـرام الجميــع‪ ،‬عــى ضفّتــي ّ‬ ‫مــن املزمــع أن يحــر علــاين املقيــم يف بالنســيا إىل طليطلــة‪ ،‬يــوم األربعــاء‬ ‫القــادم (‪ 11‬ترشيــن الثــاين‪ /‬نوفمــر)‪ ،‬ليتسـلّم ميداليــة الجائــزة مــع شــهادة‬ ‫عــى شــكل رقعــة جلْــد‪ ،‬عــى خشــبة «املــرح األحمــر» يف املدينــة‪،‬‬ ‫بحضــور مئــات املدعويــن‪.‬‬ ‫يُذكــر أ ّن علــاين‪ ،‬املولــود يف حمــص‪ ،‬نقــل أكــر مــن ‪ 100‬عمــل عــن‬ ‫اإلســبانية إىل العربيــة‪ ،‬أبرزهــا «مئــة عــام مــن العزلــة» و»الحــب‬ ‫يف زمــن الكول ـرا» و»الج ـرال يف متاهتــه» لـــلكولومبي غابرييــل‬ ‫غارســيا ماركيــز‪ ،‬و»حفلــة التيــس» و»يف امتــداح الخالــة» لـــ‬ ‫يوســا‪ ،‬و»كل األســاء» و»انقطاعــات املــوت»‬ ‫ماريــو بارغــاس ّ‬ ‫لـــ جوزيــه ســاراماغو‪.‬‬

‫مازن عليوي‬ ‫مل يخطــر عــى بــال مــن أطلقــوا عــى املرشوبــات الكحوليــة‬ ‫اســم «مرشوبــات روحيــة» أنــه ســيأيت يــوم يصــل فيــه ســدة‬ ‫الرئاســة يف إيــران شــخص تتقــارب كنيتــه لفظــاً مــع صفــة‬ ‫تلــك املرشوبــات اســمه حســن روحــاين‪ ،‬ليطلــب عــن طريــق‬ ‫جامعــة الربوتوكــول الخاصــة بــه تعديــل تقليــد قــر األليزيــه‬ ‫يف العاصمــة الفرنســية باريــس وعــدم وضــع املرشوبــات‬ ‫الروحيــة أو «الروحانيــة» عــى مأدبــة الغــداء التــي يفــرض‬ ‫أن تقــام عــى «رشف» روحــاين و»رشف» وفــده املرافــق لــه‬ ‫خــال زيارتهــم الرســمية لباريــس التــي مــن املقــرر أن تبــدأ يف‬ ‫‪ 16‬نوفمــر ‪ -‬ترشيــن الثــاين الجــاري‪ ،‬غــر أن رد إدارة املراســم‬ ‫الفرنســية كان صاعقـاً لـ»روحــاين» إذ رفضــت الطلــب‪ ،‬فتقاليد‬ ‫الجمهوريــة الفرنســية وبروتوكــول األليزيــه مقدســة لديهــا‪،‬‬ ‫والخيــار األنســب إذا ً إلغــاء املأدبــة‪ ،‬فـ»النبيــذ» أهــم مــن‬ ‫«روحــاين ووفــده»‪.‬‬ ‫وعــى اعتبــار أن روحــاين وجامعتــه مــن أتبــاع الــويل الفقيــه‬ ‫انطلقــوا مــن مبــدأ دينــي يف رفــض الجلــوس عــى طاولــة‬ ‫تقــدم فيهــا املرشوبــات «الروحانيــة»‪ ،‬فاملنطــق يقــول إن مــن‬ ‫يتمســك بالديــن يجــب أن يتمســك بــه يف مختلــف الجوانــب‬ ‫وليــس مــن زاويــة النبيــذ فقــط‪ ،‬فكيــف يــرىض مــن يرفــض‬ ‫مجالســة نبيــذ باريــس بإرســال مقاتــي الحــرس الثــوري‬ ‫واألســلحة إلراقــة دم «املســلمني» يف ســورية يوميــاً؟ وكيــف‬ ‫يدعــم مــن يعــرض عــى نبيــذ األليزيــه الحوثيــن يف اليمــن‬ ‫برجالــه وســاحه للبطــش بالبــر «املســلمني» وتدمــر البــاد؟‬ ‫متجاه ـاً مــن أجــل مطامــع ملوثــة أحاديــث الرســول صــى‬ ‫اللــه عليــه وســلم الــذي نهــى عــن ذلــك‪ ،‬ليؤكــد اإليرانيــون‬ ‫بأفعالهــم أنهــم بعيــدون عــن جوهــر اإلســام الــذي يتظاهرون‬ ‫ـال َر ُسـ ُ‬ ‫ـال‪ :‬قَـ َ‬ ‫ض اللَّ ـ ُه َع ْن ـ ُه قَـ َ‬ ‫ـول اللَّ ـ ِه‬ ‫بــه‪ .‬ف َع ـ ْن أَ ِب ُه َريْ ـ َر َة َر ِ َ‬ ‫َصـ َّـى اللَّـ ُه َعلَ ْيـ ِه َو َسـلَّ َم‪« :‬الْ ُم ْسـلِ ُم أَ ُخــو الْ ُم ْسـلِمِ َل يَظْلِ ُمـ ُه َو َل‬ ‫يَ ْخ ُذلُ ـ ُه َولَ يَ ْح ِق ـ ُر ُه التَّ ْق ـ َوى َها ُه َنــا» َويُ ِش ـ ُر إِ َل َص ـ ْد ِر ِه �ثَـ َـاثَ‬ ‫َمـ َّر ٍ‬ ‫ـر أَ ْن يَ ْح ِقـ َر أَ َخــا ُه الْ ُم ْسـلِ َم ك ُُّل‬ ‫ات‪ِ « ،‬ب َح ْسـ ِ‬ ‫ـب ا ْمـرِئٍ ِمــن الـ َّ ِّ‬ ‫الْ ُم ْس ـلِمِ َعـ َـى الْ ُم ْس ـلِمِ َح ـ َرا ٌم َد ُم ـ ُه َو َمالُ ـ ُه َو ِع ْرضُ ـهُ»‪ .‬أخرجــه‬ ‫أحمــد ومســلم والبيهقــي‪.‬‬ ‫كذلــك‪ ،‬كيــف يبيــح مــن يقــف ضــد النبيــذ الفرنــي‬ ‫لوكالــة أنبائــه الرســمية «املســاة فــارس» ‪ -‬بنــاء عــى حلــم‬ ‫مالليــه اإلمرباطــوري ‪ -‬الشــاتة مــن شــهداء دولــة اإلمــارات‬ ‫«املســلمني» عــر اإلســاءة إليهــم برســم كاريكاتــري مســتفز؟‬ ‫والرســول صــى اللــه عليــه وســلم يقــول‪« :‬ال ت ُظهــر الشَّ ــاتة‬ ‫بأخيــك ف ُيعافيــه اللــه ويَبتليـ َـك»‪ .‬مــا يدعــم فكــرة أن ساســة‬ ‫إي ـران ال يعرفــون أو يعرتفــون بأخ ـ ّوة اإلســام‪ ،‬بــل باملصلحــة‬ ‫املفضيــة إىل الطمــوح التوســعي املوهــوم‪.‬‬ ‫رفــض نبيــذ باريــس يف حقيقــة األمــر لــن يقنــع أحــدا ً أن‬ ‫ساســة طهـران متدينــون ومتمســكون بإســامهم‪ ،‬ألنــه يفضــح‬ ‫تناقضاتهــم الدينيــة‪ ،‬فمــن يثملــون نشــوة وهــم يبيــدون‬ ‫املســلمني أو يســهمون يف إبادتهــم‪ ،‬لــن يصــح إســامهم‬ ‫باالعــراض عــى زجاجــات نبيــذ يف مأدبــة غــداء باريســية‪.‬‬ ‫ومضــة ختــام‪ :‬قــال اللــه تعــاىل‪َ ( :‬و َمــن يَ ْقتُـ ْـل ُم ْؤ ِم ًنــا ُّمتَ َع ِّم ـ ًدا‬ ‫ـب اللَّـ ُه َعلَ ْيـ ِه َولَ َع َنـ ُه َوأَ َعـ َّد‬ ‫فَ َجـ َزآ ُؤ ُه َج َه َّنـ ُم خَالِـ ًدا ِفي َهــا َوغ َِضـ َ‬ ‫لَـ ُه َعذَابًــا َع ِظيـ ًـا) ســورة النســاء‪ ،‬اآليــة‪.93 :‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫السنة الثانية ‪ /‬العدد الثامن والعشرون ‪ 15 /‬ت الثاني ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.