Alharmal (31) 01 01 2016 العدد 31 من مجلة الحرمل

Page 1

‫ا‬ ‫ل‬ ‫ش‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫ه‬ ‫ي‬ ‫د‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أف��ق مس��دود لطفول��ة دون تعلي��م‪!..‬‬ ‫صفحة رقم (‪)6‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 31‬‬

‫‪1‬‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ج‬

‫يا‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫جل‬ ‫ر‬ ‫ف‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫قوات محاية الشعب تفرض حصاراً على نقاط متركز جيش العشائر وجبهة ثوار الرقة‬ ‫الط�يران الروس��ي يرتك��ب جم��زرة يف الرق��ة وطائ��رات التحال��ف تقص��ف الري��ف الش��مالي‬

‫ذرور احلرمل‬ ‫ع��ام جدي��د وترحي��ل‬ ‫األزم��ة الس��ور ّية‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫عام ‪ 2015‬عام النزيف الس��وري وأكثر من ‪ 55‬ألف قتيل‬ ‫الحرمل ـ وكاالت‬

‫ذكــر تقريــر أعــده املرصــد‬ ‫الســوري لحقــوق اإلنســان أنّ عــدد‬ ‫الضحايــا الذيــن ســقطوا يف ســوريا‬ ‫عــام ‪ 2015‬تجــاوز ‪ 55‬ألــف شــخص يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬وكانــت حصيلــة القتــى مــن‬ ‫األطفــال أكــر مــن ‪ 2500‬طفــل‪.‬‬ ‫وأشــار املرصــد يف تقريــره إىل أن هــذه‬ ‫الحصيلــة مــن القتــى ترتفــع إىل‬ ‫أكــر مــن ‪ 260‬ألفــاً‪ ،‬وهــي إجــايل‬ ‫عــدد القتــى منــذ بدايــة النــزاع يف‬ ‫آذار ‪ ،2011‬وأكرثيــة القتــى هــم مــن‬ ‫املقاتلــن‪ ،‬منهــم ‪ 7798‬مــن الفصائــل‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وأكــر مــن ‪ 16‬ألــف‬ ‫جهــادي مــن تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫وجبهــة النــرة‪ ،‬الفــرع الســوري‬

‫لتنظيــم القاعــدة‪ ،‬أو امليليشــيات التــي‬ ‫تقاتــل قــوات الرئيــس بشــار األســد‪.‬‬ ‫وقــد لقــي أكــر مــن ‪ 17‬ألفـاً باإلجامل‬ ‫مرصعهــم يف صفــوف النظــام‪ ،‬منهــم‬ ‫أكــر مــن ‪ 8800‬جنــدي ونحــو ‪ 7‬االف‬ ‫مــن عنــارص امليليشــيات املواليــة‬ ‫للرئيــس الســوري بشــار االســد‪ ،‬و‪378‬‬ ‫عنـرا ً مــن حــزب اللــه اللبنــاين الــذي‬ ‫يقاتــل إىل جانــب القــوات الســورية‪.‬‬ ‫ومنــذ بدايــة الن ـزاع الــذي بــدأ لــدى‬ ‫قمــع املظاهــرات الســلمية‪ ،‬وتطــور‬ ‫إىل حــرب مدمــرة شــارك فيهــا عــدد‬ ‫كبــر مــن األطـراف والقــوى األجنبيــة‪،‬‬ ‫أعلــن املرصــد مقتــل أكــر مــن ‪260‬‬ ‫ألفـاً بينهــم أكــر مــن ‪ 75‬ألــف مــدين‪.‬‬ ‫ومل يتمكــن املرصــد مــن تحديــد‬

‫هويــة أو انتــاء ‪ 3,191‬جثــة‪.‬‬ ‫وقالــت نــايف بيــاي املفــوض الســامي‬ ‫لحقــوق اإلنســان يف األمــم املتحــدة يف‬ ‫ترصيــح لهــا‪« :‬هنــاك حــاالت موثقــة‬ ‫ألطفــال عذبــوا وأعدمــوا‪ ،‬وملذابــح‬ ‫طالــت عوائــل بأرسهــا‪ ،‬مــا يشــر‬ ‫إىل الطبيعــة الوحشــية التــي أخــذ‬ ‫يتســم بهــا هــذا النــزاع»‪ ،‬مضيفــة‬ ‫أن الــدول ذات التأثــر ميكنهــا‪ ،‬لــو‬ ‫تحركــت بشــكل جامعــي‪ ،‬أن تفعــل‬ ‫الكثــر إلنهــاء الــراع رسيعــاً‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم إنقــاذ أرواح أعــداد ال تحــى مــن‬ ‫األرواح‪.‬‬ ‫وتظــل أرقــام املرصــد الســوري‬ ‫ضعيفــة‪ ،‬وال تســتند إىل املصداقيــة‬ ‫التامــة بالنســبة ألعــداد القتــى نتيجــة‬

‫الــراع الدائــر يف ســوريا‪ ،‬والتــي‬ ‫يعتقــد أن أعدادهــا تجــاوزت ‪500‬‬ ‫ألــف قتيــل‪ ،‬خصوصــاً يف مناطــق‬ ‫النــزاع التــي تخضــع ســيطرتها‬ ‫لتنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‪،‬‬ ‫يف ريــف حلــب وريــف حمــص‬ ‫والرقــة وديــر الــزور والحســكة‪،‬‬ ‫والتــي يدفــع فيهــا فاتــورة الــدم‬ ‫الكــرى الســكان املدنيــون الذيــن‬ ‫تطالهــم نـران قصــف طـران النظــام‪،‬‬ ‫وطــران التحالــف الــدويل‪ ،‬والطــران‬ ‫الــرويس املجــرم‪ ،‬إضافــة إىل مــا يالقيــه‬ ‫املدنيــون مــن إعدامــات واغتيــاالت‬ ‫وعمليــات قتــل منظمــة متــارس مــن‬ ‫قبــل تنظيــم داعــش وجبهــة النــرة‬ ‫وقــوات حاميــة الشــعب الكرديــة‪.‬‬

‫كلّــا مـ ّر عــام جديــد عــى الثــورة الســوريّة‪ ،‬ابتعــدت عــن هدفهــا‬ ‫األســاس بفعــل حلــول ملتبســة‪ ،‬مختلــف عــى مضمونهــا‪ ،‬وال ميكــن‬ ‫تنفيذهــا‪ ،‬وتســتدعي حلــوالً جديــدة تولــد إشــكاالت أخــرى تضــاف‬ ‫إىل املضامــن اإلشــكالية يف الحلــول الســابقة‪ ،‬كسلســلة الشــيطان التــي‬ ‫ال تنتهــي‪.‬‬ ‫األمــر الــذي جعــل مــن َمقَاتــل الســوريني‪ ،‬ومهاجرهــم‪ ،‬وعذاباتهــم‪،‬‬ ‫وصمــة عــار يف جبــن اإلنســانية‪ ،‬ورمــزا ً صارخــاً لبــؤس املدنيــة‪،‬‬ ‫واملؤسســات الدوليــة‪ ،‬ومــوت الضمــر العاملــي‪.‬‬ ‫ولّــا كان القـرار ‪ 2254‬الصــادر عــن مجلــس األمــن يف فــرة الرئاســة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬وبرؤيــة الثوابــت الروســية‪ ،‬آخــر الحلــول املطروحــة لحــل‬ ‫األزمــة الســورية يف نهايــة عــام ‪ 2015‬املنــرم‪ ،‬فقــد قــام برتحيــل‬ ‫كافــة االلتباســات والخالفــات إىل عــام جديــد‪ ،‬كــا هــو حــال‬ ‫القـرارات والبيانــات الرئاســية التــي بلغــت مثانيــة عــر قـرارا ً وبيانـاً‪،‬‬ ‫مل تكــن أكــر مــن متنيــات‪ ،‬وتعبــر عــن القلــق‪ ،‬لرفــع العتــب عــن‬ ‫هــذه املؤسســات الدوليــة التــي أصبحــت بعجزهــا وتالعــب الخمســة‬ ‫الكبــار بهــا‪ ،‬لــزوم مــا ال يلــزم‪ ،‬كــا هــو حــال جامعــة الــدول العربيــة‪.‬‬ ‫لقــد ربــط القــرار ‪ 2254‬العمليــة السياســية بوقــف إطــاق النــار‪،‬‬ ‫دون أن يكــون هنــاك موعــد محــدد‪ ،‬أو جــدول زمنــي لهــذا الوقــف‪،‬‬ ‫وحيــث أن العمليــة السياســية مل تبــدأ‪ ،‬فقــد كانــت روســيا أول مــن‬ ‫خــرق هــذا القـرار باســتمرار عملياتهــا العســكرية التــي أودت بــآالف‬ ‫املدنيــن الســوريني‪ ،‬والــذي بلــغ مجمــوع عديدهــم يف عــام ‪2015‬‬ ‫أكــر مــن خمســة وخمســن ألــف شــهيد‪ ،‬مل يكونــوا يف نظــر املجتمــع‬ ‫الغــريب أكــر مــن رقــم إحصــايئ يضــاف إىل أرقــام الســنوات األربــع‬ ‫املاضيــة‪.‬‬ ‫إ ّن العبــارات الفضفاضــة وغــر امللزمــة‪ ،‬للق ـرارات األمميــة املتكــررة‪،‬‬ ‫وضعــف الكيــان الســيايس العــريب وجامعتــه املرتهلــة‪ ،‬وتحييــد تركيــا‬ ‫بإلجائهــا إىل داخــل حدودهــا‪ ،‬وخضــوع الق ـرار األوريب ـ إذا أحســنا‬ ‫الظــن بــه ـ إىل اإلرادة األمريكيــة املنرصفــة بكليتهــا إىل تبــادل األدوار‬ ‫مــع روســيا يف سياســة اإلخضــاع واإلقنــاع املرتاوحــة بــن القــوة‬ ‫الروســية الغاشــمة‪ ،‬والتضليــل اإلعالمــي والدبلومــايس األمريــي‪ ،‬كل‬ ‫ذلــك مــن شــأنه أن يســاهم يف اســتمرار النــزف الســوري عىل مســتوى‬ ‫الــدم والهجــرة‪ ،‬وترحيــل األزمــة إىل أعــوام قادمــة‪ ،‬وعــى املعارضــة‬ ‫وقــوى الثــورة أن ال تكــون طرف ـاً منقــادا ً‪ ،‬وخاضع ـاً لسياســة أهــون‬ ‫الرشيــن‪ ،‬ألن قيامهــا باملفاوضــات باســم الثــورة‪ ،‬يوجــب عليهــا رفــض‬ ‫اإلمــاءات الروســية‪ ،‬والتســويف األمريــي‪ ،‬وعــدم الخضــوع للضغــط‬ ‫الــدويل‪ ،‬بالقــول أنكــم ال متثلــون كل الشــعب الســوري‪ ،‬وأ ّن محاربــة‬ ‫اإلرهــاب أوىل مــن محاربــة النظــام‪ ،‬والتمثــل مبــا قالــه ديغــول ردا ً‬ ‫عــى تشــكيك الربيطانيــن أنّــه ال ميثــل ســوى نصــف الفرنســيني‪ :‬أنــا‬ ‫أقــاوم النازيــة إىل جانــب إنكلـرا‪ ،‬وأنــا أتحــدث باســم فرنســا‪ ،‬ولســت‬ ‫مســؤوالً أمــام أحــد غريهــا‪.‬‬ ‫وإذا كان الق ـرار الــدويل ال بــد مــن اتخــاذه وفــق اإلرادة األمريكيــة‬ ‫الروســية‪ ،‬دون األخــذ بعــن االعتبــار مطالــب الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫فليتخــذوه مبفردهــم‪ ،‬وليتحملــوا مســؤوليته األخالقيــة والسياســية‬ ‫والقانونيــة‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الط�يران الروس��ي يرتك��ب جم��زرة يف الرق��ة وطائ��رات التحال��ف تقص��ف الري��ف الش��مالي‬ ‫ق��وات محاي��ة الش��عب تف��رض حص��اراً عل��ى نق��اط متركز جي��ش العش��ائر وجبه��ة ث��وار الرقة‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬

‫غي��اب ألخب��ار الرق��ة ع��ن وس��ائل‬ ‫شــهدت مدينــة الرقــة يــوم ‪ 2015/12/26‬اإلع�لام العربي��ة والعاملية‪..‬‬

‫أعنــف الغــارات التــي طالــت األحيــاء املدنيــة‬ ‫اآلهلــة بالســكان املدنيــن العــزل‪ ،‬فقــد تعــرض‬ ‫شــارع ‪ 23‬شــباط والشــوارع املتفرعــة عنــه‬ ‫لغــارة جويــة للطــران الــرويس ليــاً‪ ،‬مــا أدى‬ ‫الستشــهاد نحــو عــرة مدنيــن‪ ،‬وإصابــة‬ ‫العــرات‪ ،‬وإحــداث دمــار هائــل يف أول‬ ‫الشــارع مــن جهــة حديقــة الرشــيد‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫تقاطعــه مــع شــارعي تــل أبيــض والــوادي‪ ،‬وقــد‬

‫تــم انتشــال أربــع جثــث مــن موقــع الحــادث‪،‬‬ ‫واســتمرت الحرائــق إىل صبــاح اليــوم الــذي تــى‬ ‫عمليــة القصــف‪.‬‬ ‫يف يــوم ‪ 2015/12/27‬اســتمر قصــف الطــران‬ ‫الــرويس عــى مناطــق املدنيــن‪ ،‬وتــم الرتكيــز‬ ‫عــى قصــف مدينــة الطبقــة‪ ،‬فيــا أشــارت‬ ‫املعلومــات الــواردة مــن هنــاك أن إحــدى‬ ‫الغــارات اســتهدفت حاجــزا ً لتنظيــم الدولــة‬ ‫بالقــرب مــن ســد الفــرات‪ ،‬وال أنبــاء مؤكــدة‬ ‫عــن عــدد القتــى والشــهداء واملصابــن‪ ،‬فيــا‬ ‫واصلــت طائــرات مــن دون طيــار تابعــة‬ ‫للتحالــف الــدويل قصــف عــدد مــن املواقــع‬ ‫يف قريــة رطلــة نحــو ‪10‬كــم رشق الرقــة‪،‬‬ ‫واســتهداف ســيارة يف مدينــة الرقــة‪ ،‬بالتزامــن‬ ‫مــع ســاع دوي انفجــارات مــن الجهــة‬ ‫الشــالية للمدينــة‪.‬‬

‫وتغيــب أخبــار قصــف محافظــة عــن وســائل‬ ‫اإلعــام العربيــة واألجنبيــة‪ ،‬خصوصــاً التــي‬ ‫تســتهدف املدنيــن العــزل‪ ،‬وتدرجهــا عــدد مــن‬ ‫املحطــات اإلخباريــة يف البيانــات والترصيحــات‬ ‫التــي تصنفهــا ضمــن األهــداف التابعــة‬ ‫لتنظيــم الدولــة «داعــش»‪ ،‬علــاً أن معظــم‬ ‫الضحايــا مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬كــا حــدث يف‬ ‫مســتهل الشــهر الجــاري عندمــا قتلــت طائـرات‬

‫العــدوان الــرويس عائلــة كاملــة يف مســاكن‬ ‫محطــة القطــار مبدينــة الرقــة‪ ،‬وعنــارص فــوج‬ ‫إطفــاء الرقــة‪ ،‬وأخـرا ً ضحايــا شــارع ‪ 23‬شــباط‪،‬‬ ‫حيــث أفادنــا أحــد ســكان الحــي يف وصفــه‬ ‫لعمليــة القصــف‪ ،‬فيقــول‪ :‬اســتيقظنا عــى‬ ‫أصــوات مدمــرة‪ ،‬وعشــنا ليلــة مــن الرعــب‬ ‫الحقيقــي‪ ،‬والحمــد للــه أن القصــف حــدث‬ ‫لي ـاً‪ ،‬ولــو حــدث نهــارا ً لــكان عــدد الضحايــا‬ ‫باملئــات ألن املنطقــة مــن أكــر مناطــق مدينــة‬ ‫الرقــة ازدحامــاً‪.‬‬

‫توت��ر وص��راع يف منطق��ة ت��ل‬ ‫أبي��ض احلدودي��ة‪..‬‬ ‫التوتــرات شــال الرقــة وتحديــدا ً يف منطقــة‬ ‫تــل أبيــض التــي تســيطر عليهــا وحــدات‬ ‫حاميــة الشــعب الكرديــة‪ ،‬مــا زالــت مســتمرة‪،‬‬

‫خصوصــاً بعــد تعــرض أحــد حواجــز لــواء‬ ‫ثــوار الرقــة لهجــوم مــن قبــل عنــارص هــذه‬ ‫الوحــدات‪ ،‬والــذي أدى الستشــهاد عنــر مــن‬ ‫جبهــة ثــوار الرقــة‪ ،‬رسعــان مــا أصــدر جيــش‬ ‫العشــائر املتمركــز يف املنطقــة بيانــاً يطالــب‬ ‫بتســليم الجنــاة للعدالــة‪ ،‬ومطالبــة املجتمــع‬ ‫الــدويل وقــوى التحالــف الــدويل بالتدخــل‪،‬‬ ‫وتســليم إدارة مدينــة تــل أبيــض للمدنيــن‪،‬‬ ‫وتقديــم الســاح والعتــاد لقــوى عشــائر الرقــة‬ ‫وجبهــة ثــوار الرقــة‪ ،‬ودعمهــا لتحريــر مدينــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬وعــى خلفيــة هــذا البيــان طالبــت‬ ‫قــوات حاميــة الشــعب الكرديــة بتســليم عــدد‬ ‫مــن رجــاالت عشــائر املنطقــة‪ ،‬متهمــة إياهــم‬ ‫بالتعامــل مــع داعــش ومواالتهــا‪ ،‬األحــداث‬ ‫املتســارعة‪ ،‬أدت لخــروج مظاهـرات ســلمية يف‬ ‫مناطــق عــدة مــن الريــف الشــايل أكربهــا يف‬ ‫بلــدة عــي باجليــة تؤيــد بيــان العشــائر األخــر‬ ‫الــذي أعلــن خاللــه مجلــس العشــائر أنــه بـراء‬ ‫مــن أي شــخص يتعامــل مــع تنظيــم داعــش‬ ‫أو يواليــه‪ ،‬وتطالــب بفــك الحصــار ورفعــه‬ ‫عــن مــدن وقــرى وبلــدات منطقــة تــل أبيــض‪،‬‬ ‫وتؤكــد وقــوف العشــائر يف وجــه اإلرهــاب‬ ‫وصانعيــه‪ ،‬وتنــدد أعــال التهجــر القــري‪،‬‬ ‫واألعــال العنفيــة لقــوى وحــدات حاميــة‬ ‫الشــعب واألســايش‪ ،‬التــي متــارس عــى أبنــاء‬ ‫املنطقــة مــن العــرب والرتكــان‪.‬‬ ‫وتشــر األخبــار الــواردة مــن منطقــة عــن‬ ‫عيــى إىل أن قــوات حاميــة الشــعب الكرديــة‬ ‫نفــذت حصــارا ً عــى املنطقــة ومنعــت دخــول‬ ‫املــواد األساســية إليهــا‪ ،‬خصوصـاً مــادة الطحني‪،‬‬ ‫مــا أدى لتوقــف عــدد مــن املخابــز عــن العمل‪،‬‬ ‫مــا جعــل املنطقــة بالكامــل تواجــه حصــارا ً‬ ‫مزدوجــاً مــن قبــل تنظيــم الدولــة «داعــش»‬ ‫مــن جهــة الجنــوب‪ ،‬وقــوات حاميــة الشــعب‬ ‫مــن الشــال‪.‬‬ ‫اســتمرت طائــرات التحالــف الــدويل بقصــف‬ ‫منطقــة شــال الرقــة‪ ،‬وصــوالً إىل منطقــة‬ ‫كبــش وحزميــة وتــل الســمن‪ ،‬ويف يــوم األربعــاء‬ ‫‪ 2015/12/30‬حاولــت مجموعــة تابعــة‬

‫لتنظيــم ‫‏»داعـش‬» بالتســلل إىل مناطــق ســيطرة‬ ‫جبهــة ثــوار الرقــة‪ ،‬ودارت اشــتباكات عنيفــة‬ ‫هنــاك‪ ،‬وقــع خاللهــا عــدد مــن القتــى بــن‬ ‫صفــوف املتســللني‪ ،‬وعــى إثرهــا تــم انســحاب‬ ‫املتســللني بشــكل كامــل مــن املنطقــة‪،‬‬ ‫وشــهدت املنطقــة خاللهــا طلعــات متواصلــة‬ ‫لطــران التحالــف الــدويل حلّــق خاللهــا يف‬ ‫ســاء الريــف الشــايل ملحافظــة ‫الرقــة‬‪،‬‬ ‫وتحديــدا ً يف منطقــة عــن عيــى‪ ،‬ومســاكن‬ ‫اللــواء ‪ 93‬الــذي تتحصــن فيهــا فلــول تنظيــم‬ ‫«داعــش» بعــد الهجــوم الــذي شــنته األخــرة‪،‬‬

‫ألــف لــرة‪ ،‬كــا أصــدر التنظيــم قــرارا ً مبنــع‬ ‫ذبــح النعــاج مــا أدى الرتفــاع بأســعار اللحــوم‪،‬‬ ‫ووصــل إىل حــدود ‪ 3000‬لــرة للكيلــو الواحــد‪،‬‬ ‫والفــروج ‪ 900‬لــرة‪ ،‬وارتفعــت أســعار الخضــار‬ ‫بشــكل غــر مســبوق‪ ،‬حيــث وصــل ســعر كيلــو‬ ‫البنــدورة إىل ‪ 450‬لــرة ســورية‪ ،‬والكوســا ‪1000‬‬ ‫لــرة‪ ،‬فيــا ارتفــع ســعر الشــاي ليصــل ســعر‬ ‫الكيلــو إىل حــدود ‪ 2700‬لــرة‪ ،‬والســكر نحــو‬ ‫‪ 500‬لــرة‪ .‬وأيضــاً التضييــق عــى أصحــاب‬ ‫محــات االنرتنيــت‪ ،‬ومنــع بيــع الدشــات‪،‬‬ ‫وأعــال الصيانــة املتعلقــة بهــا‪.‬‬

‫كــا أقدمــت مجموعــة مــن تنظيــم «داعــش»‬ ‫بهجــوم نفــذه انغامســيون عــى مبنــى لقــوات‬ ‫األســايش يف مدينــة تــل أبيــض‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫تفجــر مفخختــن يف بلــدة عــن عيــى‪‬‬‬‬‬‬ .‬‬

‫أبــرز األحــداث يف الرقــة‪ ،‬مــا أقدمــت عليــه‬ ‫داعــش بإعدامهــا الناشــط إســاعيل املــوىس‪،‬‬ ‫وزوجــة عمــه عــى خلفيــة اتهامهــا بالتخابــر‬ ‫مــع جهــات خارجيــة‪ ،‬وعالقــة املــوىس بحملــة‬ ‫الرقــة تذبــح بصمــت‪ ،‬وكان التنظيــم قــد أعــدم‬ ‫أبــاه منــذ أربعــة أشــهر تقريبـاً‪ ،‬واغتيــال أخيــه‬ ‫أحمــد املــوىس يف مدينــة إدلــب خــال الشــهر‬ ‫الجــاري‪ ،‬وتؤكــد األنبــاء الــواردة مــن مدينــة‬ ‫الرقــة أن األهــايل يعيشــون بعزلــة حقيقــة‬ ‫عــن العــامل‪ ،‬ويتخذهــم تنظيــم الدولــة دروع ـاً‬ ‫برشيــة‪ ،‬وهــم أشــبه مــا يكونــون بإقامــة‬ ‫جربيــة أو أرسى لــدى التنظيــم‪ ،‬الــذي يقــوم‬ ‫مبنعهــم مــن الخــروج مــن املدينــة مهــا كانــت‬ ‫األســباب‪ ،‬حتــى للمــرىض واملســنني الذيــن‬ ‫يحتاجــون للعــاج والــدواء‪ ،‬يف ظــل خــروج‬ ‫أكــر املشــايف عــن الخدمــة‪ ،‬ونــدرة يف الــدواء‪،‬‬ ‫وســبل العــاج األخــرى‪.‬‬

‫أه��ل الرق��ة دروع بش��رية وداع��ش‬ ‫متنعه��م من مغادرة املدينة‪..‬‬

‫الوضــع اإلنســاين يف مدينــة الرقــة مأســاوي‬ ‫يف ظــل مامرســات تنظيــم الدولــة «داعــش»‪،‬‬ ‫والقصــف املتواصــل للط ـران الــرويس والنظــام‬ ‫والتحالــف الــدويل‪ ،‬ومــا زالــت ســبل العيــش‬ ‫الكرميــة مبنــأى حقيقــي عــن أبنــاء الرقــة‪،‬‬ ‫حيــث شــهدت أســواق الرقــة ارتفاعــاً‬ ‫بأســعار املــواد والســلع األساســية‪ ،‬ونــدرة يف‬ ‫املحروقــات‪ ،‬ووســائل التدفئــة‪ ،‬وتخطــى ســعر‬ ‫ليــر املــازوت حــدود ‪ 200‬لــرة‪ ،‬فيــا تجــاوزت‬ ‫قيمــة طــن الحطــب لتصــل إىل حــدود ‪50‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫دي��ر ال��زور ب�ين إج��رام النظ��ام وعس��ف داع��ش‬ ‫دير الزور ـ الحرمل‬ ‫شــن تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫خــال األيــام املاضيــة حملــة إعدامــات كبــرة‬ ‫طالــت مــا يقــارب ‪ 18‬شــخصاً مــن أبنــاء‬ ‫محافظــة ديــر الــزور بتهــم مختلفــة‪ ،‬وقــال‬ ‫شــهود عيــان إن اإلعدامــات تركــزت يف ريــف‬ ‫ديــر الــزور الرشقــي‪ ،‬فقــد أعــدم التنظيــم ‪14‬‬ ‫شــاباً يف قريــة جديــد عكيــدات‪ ،‬واثنــن آخريــن‬ ‫يف قريــة الدحلــة بالريــف الرشقــي تحــت ذرائــع‬ ‫مختلفــة‪ ،‬منهــا الــردة والتعامــل مــع الصحــوات‬ ‫(الجيــش الحــر) ومحاربــة الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫وأضافــوا أن عمليــات اإلعــدام متــت يف قــرى‬ ‫مختلفــة مــن ديــر الــزور‪ ،‬واختلفــت كذلــك‬ ‫طــرق القتــل‪ ،‬فمنهــم مــن قتــل بالســيف ومنهم‬ ‫مــن قتــل بالرصــاص‪ ،‬موضحــن أن جميــع مــن‬ ‫تــم إعدامهــم كانــوا معتقلــن لــدى التنظيــم‪،‬‬

‫واصــل ط ـران التحالــف الــدويل‬ ‫تحليقــه يف ســاء ريــف ديــر‬ ‫الــزور الرشقــي‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫خــروج تعزيـزات لقــوات النظــام مــن معســكر‬ ‫الطالئــع بحــي الجــورة قوامهــا ســياريت زيــل‬ ‫وأنــر مليئــة بالعنــارص باتجــاه جبهــات القتــال‬ ‫باملدينــة ومحيــط مطــار ديــر الــزور العســكري‪،‬‬ ‫واســتنفار كبــر لشــبيحة النظــام وقــد شــوهدوا‬ ‫بالشــوارع وهــم يرتاكضــون ويتصلــون عــى‬ ‫بعضهــم البعــض مــن أجــل مــؤازرة قــوات‬ ‫النظــام وصــد الهجــوم العنيــف الــذي ينفــذه‬ ‫تنظيــم داعــش بجبهــات القتــال باملدينــة‬ ‫ومحيــط املطــار العســكري‪.‬‬ ‫هــذا وقــد هــدأت حــدة االشــتباكات كثــرا ً‬ ‫بجبهــات القتــال باملدينــة وأصبحــت متقطعــة‪،‬‬ ‫وال ي ـزال ط ـران النظــام الحــريب يقــوم بتنفيــذ‬ ‫العديــد مــن الغــارات عــى أحيــاء املدينــة‬ ‫املحــررة واملضــادات األرضيــة لتنظيــم داعــش‬ ‫تتصــدى لهــا‪.‬‬ ‫كــا تواصلــت االشــتباكات العنيفــة بــن‬ ‫تنظيــم داعــش وقــوات النظــام مبختلــف‬ ‫جبهــات القتــال باملدينــة‪ ،‬واســتخدم الطرفــان‬ ‫كافــة األســلحة الخفيفــة واملتوســطة والثقيلــة‪،‬‬ ‫وأصــوات االنفجــارات الضخمــة هــزت املنطقة‪،‬‬ ‫وقامــت قــوات النظــام بقصــف أحيــاء مدينــة‬ ‫ديــر الــزور املحــررة والواقعــة تحــت ســيطرة‬ ‫تنظيــم داعــش بشــكل عنيــف‪ ،‬واســتهدفت‬ ‫قــوات النظــام املدينــة بأكــر مــن ‪ 30‬غــارة‪،‬‬ ‫يف الوقــت ذاتــه اســتهدف «داعــش» نقــاط‬ ‫النظــام باملدفعيــة امليدانيــة‪ ،‬وقــوات النظــام‬ ‫تــرد باســتهداف املدينــة براجــات الصواريــخ‬ ‫بشــكل عنيــف وعشــوايئ‪ ،‬ووقــوع عــرات‬ ‫القتــى مــن الطرفــن‪ ،‬كــا اســتهدف تنظيــم‬

‫وتتفــاوت مــدة االعتقــال مــن شــخص آلخــر‪.‬‬ ‫وتــأيت عمليــات اإلعــدام هــذه بهــدف «إرهــاب‬ ‫أهــايل املحافظــة» بحســب ناشــطني مــن‬ ‫املحافظــة‪ ،‬بعــد ظهــور بــوادر الح ـراك الثــوري‬ ‫الســلمي ضــد التنظيــم مــع رفــع أعالم الثــورة يف‬ ‫مــدن وقــرى ريــف املحافظــة‪..‬‬ ‫أحمــد‪ ،‬مــن مدينــة املياديــن‪ ،‬أكــد أن التنظيــم‬

‫يهــدف مــن عمليــات اإلعــدام املكثفــة إىل‬ ‫التأكيــد عــى أنــه املســيطر والحاكــم يف هــذه‬ ‫املنطقــة ولســوق األهــايل لحظــرة طاعــة‬ ‫التنظيــم‪.‬‬ ‫كــا قامــت «داعــش» بإعــدام «ســعيد خاشــع‬ ‫يحيــى» يف مدينــة املياديــن‪ ،‬وذلــك بتهمــة الردة‪،‬‬ ‫وإبــاغ ذوي الشــاب «عبــد الحميد أحمــد العبد‬

‫الحنــان» مــن أبنــاء قريــة البوعمــرو بريــف ديــر‬ ‫الــزور الرشقــي بأنــه قــد تــم إعدامــه بتهمــة‬ ‫التعامــل مــع قــوات النظــام‪ .‬وإبــاغ ذوي عبــد‬ ‫الحميــد البكــر مــن املياديــن بأنــه أعدمــه قبــل‬ ‫أيــام بتهمــة الــردة‪ ،‬وهــو مــن عنــارص لــواء درع‬ ‫األمــة‪ .‬كــا قــام عنــارص التنظيــم بذبــح عنــارص‬ ‫للنظــام‪ ،‬منهــم ضبــاط يف املدينــة‪ ،‬وتعليــق‬

‫رؤوســهم يف عــدة نقــاط منهــا الكنامــات‬ ‫وغســان عبــود‪.‬‬ ‫الجديــر بالذكــر أن ديــر الــزور تشــهد عمليــات‬ ‫اعتقــال مكثــف مــن قبــل التنظيــم طالــت‬ ‫العــرات مــن املدنيــن بتهــم مختلفــة‪،‬‬ ‫وفــرض دورات رشعيــة عــى نســبة كبــرة مــن‬ ‫املدنيــن‪ ،‬تزامنـاً مــع عــودة اإلنرتنــت إىل معظــم‬ ‫أرجــاء املحافظــة بعــد ســاح التنظيــم بفتــح‬ ‫الصــاالت العامــة‪ ،‬كــا تعتــزم داعــش إقامــة‬ ‫دورة رشعيــة لــكل ســكان بلــدة الصــور يف ريــف‬ ‫ديــر الــزور وإجبارهــم عــى توبــة جامعيــة‪.‬‬ ‫وديــوان التعليــم يفتــح بــاب التســجيل للتقــدم‬ ‫المتحانــات الشــهادة الثانويــة بفرعيهــا األديب‬ ‫والعلمــي‪ .‬ويفــرض لبــس الــدرع عــى صغــار‬ ‫العمــر مــن اإلنــاث مــن عمــر العــر ســنوات يف‬ ‫ريــف ديــر الــزور‪.‬‬

‫داعــش منــذ قرابــة أحــد عــر شــهرا ً بســبب‬ ‫توقــف نصــف األفــران عــن العمــل‪ ،‬نتيجــة‬ ‫لتوقــف تزويــد النظــام لبعــض األف ـران مبــادة‬ ‫املــازوت املدعــوم منــذ حــوايل األســبوع‪.‬‬ ‫ووصــل ســعر ربطــة الخبــز والتــي يبلــغ‬ ‫وزنهــا حــوايل كيلــو ونصــف وتحتــوي عــى‬ ‫عــرة أرغفــة إىل ‪ 100‬لــرة يف األفــران‬ ‫املدعومــة‪ ،‬ويتوجــب عــى أصحــاب األفــران‬ ‫غــر املدعومــة مــن الدولــة رشاء املــازوت‬ ‫مــن الســوق الســوداء وبســعر ‪ 900‬لــرة‬ ‫للــر ويتــم بيــع ربطــة الخبــز بهــذه األف ـران‪،‬‬ ‫والتــي يبلــغ وزنهــا حــوايل كيلــو ونصــف‬ ‫وتحتــوي عــرة أرغفــة بســعر ‪ 200‬لــرة‪،‬‬ ‫واألف ـران متوقفــة منــذ أســبوع لعــدم رغبــة‬ ‫أصحابهــا العمــل ورشاء املــازوت مــن الســوق‬ ‫الســوداء بســعر مرتفــع ولعــدم جنــي األربــاح‬ ‫الكافيــة التــي تغطــي نفقــات أفرانهــم بســبب‬ ‫التكلفــة املرتفعــة إلنتــاج رغيــف الخبــز‬ ‫وبيــع الخبــز بســعر أعــى مــن ســعر األف ـران‬ ‫املدعومــة‪ ،‬وتوجــه األهــايل لـراء الخبــز مــن‬ ‫األفــران املدعومــة ذات الســعر األرخــص‬ ‫لضيــق األحــوال‪ ،‬ولعــدم قــدرة أصحــاب هــذه‬ ‫األفـران عــى تأمــن املــازوت لقلتــه باألســواق‬ ‫وفقدانــه أحيانـاً‪ ،‬وبســبب توقــف األفـران غري‬ ‫املدعومــة عــن العمــل ازداد االزدحــام كث ـرا ً‬ ‫عــى األف ـران العاملــة «املدعومــة»‪ ،‬وحــدث‬ ‫نقــص كبــر مبــادة الخبــز‪ ،‬فــأدى ذلــك لعــدم‬ ‫مقــدرة الكثــر مــن األهــايل املحارصيــن عــى‬ ‫تأمــن خبزهــم اليومــي‪.‬‬ ‫يف محيــط املطــار العســكري‪.‬‬ ‫وأكــر مــا يرهــق األهــايل هــو توقــف عمــل‬ ‫اجلورة والقصور حتتضران‪ ..‬جميــع األفـران يــوم الجمعــة عــدا فــرن الجاز‬ ‫والــذي يعمــل فقــط لقطــع الجيــش وخاصــة‬ ‫ارتفعــت أســعار الخبــز يف بعــض األفــران األهــايل الذيــن ال يتمكنــون مــن الحصــول‬ ‫العاملــة يف أحيــاء الجــورة والقصــور الواقعــة عــى الخبــز يــوم الخميــس فينقطعــون مــن‬ ‫تحــت ســيطرة النظــام واملحــارصة مــن تنظيــم الخبــز ملــدة يومــن‪.‬‬

‫الط�يران احلرب��ي يقص��ف دير ال��زور وريفها واش��تباكات‬ ‫مس��تمرة على أطراف املدينة وحميط املطار العس��كري‪..‬‬

‫داعــش تحصينــات النظــام بأربــع مفخخــات يف‬ ‫مناطــق الصناعــة والحويقــة وواحــدة بالقــرب‬ ‫مــن املطــار القديــم‪ .‬وشــهدت جبهــات القتــال‬ ‫تقدم ـاً لتنظيــم داعــش عــى حســاب النظــام‪،‬‬ ‫واغتنــام العديــد مــن مدرعاتــه‪ ،‬وأرس عــددا ً‬ ‫مــن جنــود النظــام‪ .‬بالتزامــن مــع اســتهداف‬

‫مشــفى الزرقــاوي يف حــي الشــيخ ياســن بغــارة‬ ‫مــن الطــران املجــرم‪ ،‬ووقــوع العديــد مــن‬ ‫اإلصابــات بــن املدنيــن‪ .‬ومــا تـزال االشــتباكات‬ ‫مســتمرة بــن قــوات األســد ومقاتــي داعــش‬ ‫عــى أكــر مــن قطــاع عــى جبهــة مطــار ديــر‬ ‫الــزور العســكري‪ ،‬وأصــوات انفجــارات تُســمع‬

‫تفج�يرات انتحاري��ة يف مدين��ة القامش��لي الس��ورية وداع��ش تتبن��ى‬ ‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬

‫هـ ّزت خمســة تفجـرات‪ ،‬بعضهــا انتحارية‪،‬‬ ‫مســاء األربعــاء ‪ ،2015/12/30‬مدينــة‬ ‫القامشــي التابعــة ملحافظــة الحســكة شــال‬ ‫رشق ســورية‪ ،‬موقعــة ‪ 19‬قتيــاً وعــرات‬ ‫الجرحــى يف حصيلــة أوليــة قابلــة لالرتفــاع‪.‬‬ ‫فجــر ثالثــة انتحاريــن أنفســهم يف مطاعــم‬ ‫ومقــا ٍه يف مدينــة القامشــي مــا أســفر‬ ‫عــن ســقوط عــدد مــن القتــى والجرحــى‪،‬‬ ‫وحســب املعلومــات الــواردة مــن مدينــة‬ ‫القامشــي بــأن االنتحاريــن اســتهدفوا‬ ‫مطعــم «غابرييــل» ومقهــى «ميامــي»‬

‫يف الحــي الوســطي‪ ،‬ومــن املعــروف عــن‬ ‫منطقتــي التفجــرات أنهــا ذات أغلبيــة‬ ‫مســيحية‪ ،‬فيــا فجــر االنتحــاري الثالــث‬ ‫نفســه يف مطعــم «مســايا» الواقــع يف الحــي‬ ‫الغــريب‪ ،‬والقريــب مــن مقــر للوحــدات‬ ‫الكرديــة‪.‬‬ ‫وقــد تبنــى تنظيــم «داعــش» العمليــات‬ ‫االنتحاريــة الثــاث‪ ،‬حســب مــا ذكرتــه‬ ‫وكالــة «أعــاق» التــي تتبــع تنظيــم الدولــة‬ ‫«داعــش»‪ ،‬وذكــرت يف أخبارهــا العاجلــة‪:‬‬ ‫«مقتــل وجــرح العـرات بهجــات لتنظيــم‬ ‫الدولــة يف القامشــي شــال رشق ســوريا»‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫األم��م املتح��دة تعتم��د ق��راراً ثالثي �ًا دراس��ة أمريكي��ة «داع��ش» خس��ر الكثري م��ن األراضي‬ ‫اليت احتلها‬ ‫مقدمًا من اإلمارات والسعودية وقطر‬ ‫إياس محمد‬ ‫يف أواخــر عــام ‪ 2015‬رغــم نجاحــات التنظيم‬ ‫الدعائيــة واإلعالميــة املتطرفــة يف أرجــاء أوربــا‬ ‫والعــامل وعــر االعتــداءات اإلرهابيــة يف باريــس‬ ‫وغريهــا ‪ ،‬إال أن التنظيــم فقــد الســيطرة عــى‬ ‫الكثــر مــن األرايض التــي كان يحتلهــا يف العراق‬ ‫وســوريا خــال عــام ‪ 2015‬وجــاء هــذا بحســب‬ ‫خ ـراء أمريكيــن بدراســة أعدهــا بــأن تنظيــم‬ ‫داعــش خــر حــوايل ‪ 14%‬مــن األرايض التــي‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫أعلنــت الجمعيــة العامــة لألمــم املتحــدة‪،‬‬ ‫عــن اعتامدهــا للقــرار الثــايث الــذي قدمتــه‬ ‫إليهــا دول “اإلمــارات والســعودية وقطــر”‬ ‫بشــأن املســألة الســورية‪ ،‬والــذي ســبق أن‬ ‫وافقــت عليــه ‪ 106‬دول يف العــامل‪ ،‬ورفضتــه‬ ‫‪ 13‬دولــة‪ ،‬فيــا امتنعــت ‪ 34‬دولــة أخــرى عــن‬ ‫التصويــت عليــه‪.‬‬ ‫وقــال املنــدوب الســعودي يف األمــم املتحــدة‬ ‫“عبداللــه املعلمــي”‪ ،‬إن القــرار يدعــو إلدانــة‬ ‫األعــال والجرائــم غــر اإلنســانية التــي يرتكبهــا‬

‫النظــام الســوري بحــق املدنيــن العــزل‪ ،‬وقــد‬ ‫جوبــه مبعارضــة شــديدة مــن قبــل “ســوريا‬ ‫وإيــران وكوريــا الشــالية‪ ،‬وروســيا‪ ،‬والصــن‪،‬‬ ‫وكوبــا‪ ،‬ونيكاراغــوا”‪.‬‬ ‫وكان الق ـرار قــد دعــا الق ـرار لاللت ـزام بإيجــاد‬ ‫حــل ســيايس لألزمــة وتطبيــق بيــان “جنيــف”‬ ‫وإطــاق عمليــة سياســية بقيــادة ســورية‬ ‫تــؤدي إىل تحــول ســيايس يلبــي التطلعــات‬ ‫املرشوعــة للشــعب الســوري مــن خــال‬ ‫هيئــة حكــم انتقاليــة شــاملة ذات صالحيــات‬ ‫تنفيذيــة كاملــة‪.‬‬

‫ منظمة العفو الدولية ترصد بعض جرائم االحتالل الروسي يف سورية‬‫ تقري��ر املنظم��ة ميه��د العتب��ار بوت�ين ش��ريكاً يف جرائ��م احل��رب م��ع األس��د‬‫وملقاضاتهم��ا يف حمكم��ة الع��دل الدولي��ة‬

‫موقع منظمة العفو الدولية‪:‬‬

‫يف تقريــر موجــز جديــد نُــر بتاريــخ‬ ‫‪ ،2015/12/23‬قالــت منظمــة العفــو الدوليــة‬ ‫إن الرضبــات الجويــة الروســية أســفرت عــن‬ ‫مقتــل مئــات املدنيــن وتســببت بدمــار هائــل‬ ‫يف مناطــق ســكنية‪ ،‬حيــث أصابــت منــازل‬ ‫ومســجدا ً وســوقاً مكتظــة بالنــاس‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫مرافــق طبيــة‪ ،‬وذلــك يف منــط هجــات يُظهــر‬ ‫أدلــة عــى وقــوع انتهــاكات للقانــون الــدويل‬ ‫اإلنســاين‪.‬‬ ‫إن التقريــر املوجــز املعنــون بـــــ»مل يتــم تدمري‬ ‫أهــداف مدنيــة»‪ ،‬كشــف النقــاب عــن بيانــات‬ ‫روســيا بشــأن رضباتهــا يف ســوريا «يُــرز الثمــن‬ ‫الباهــظ الــذي دفعــه املدنيــون للهجــات‬ ‫الروســية املشــتبه بهــا يف شــتى أنحــاء البــاد‪.‬‬ ‫ويركــز التقريــر عــى ســت هجــات يف‬ ‫محافظــات حمــص وإدلــب وحلــب يف الفــرة‬ ‫بــن ســبتمرب‪/‬أيلول ونوفمرب‪/‬ترشيــن الثــاين‬ ‫‪ ،2015‬أســفرت عــن مقتــل مــا ال يقــل عــن‬ ‫‪ 200‬مــدين ونحــو ‪ 12‬مقاتـاً‪ .‬ويتضمــن التقريــر‬ ‫أدلــة تشــر إىل أن الســلطات الروســية رمبــا‬ ‫تكــون قــد كذبــت بُغيــة التغطيــة عــى األرضار‬ ‫املدنيــة التــي لحقــت مبســجد نتيجــة لرضبــة‬ ‫جويــة‪ ،‬ومبشــفى ميــداين نتيجــة لرضبــة أخــرى‪.‬‬ ‫كــا أنــه يوثــق أدلــة تشــر إىل اســتخدام‬ ‫روســيا للذخائــر العنقوديــة املحظــورة دوليــاً‬ ‫والقنابــل غــر املو ّجهــة يف مناطــق ســكنية‬ ‫مكتظــة بالســكان‪.‬‬ ‫يبــدو أن بعــض الرضبــات الجويــة الروســية‬ ‫قــد أصابــت مدنيــن أو أهدافـاً مدنيــة بشــكل‬ ‫مبــارش‪ ،‬حيــث قُصفــت مناطــق ســكنية‪ ،‬دون‬ ‫أدلــة عــى وجــود أهــداف عســكرية‪ ،‬وحتــى‬ ‫مرافــق طبيــة‪ ،‬مــا أســفر عــن وقــوع قتــى‬ ‫وجرحــى يف صفــوف املدنيــن‪.‬‬ ‫فيليب لوثر‪ ،‬مدير برنامج الشرق‬ ‫األوس��ط ومش��ال أفريقي��ا يف منظم��ة‬ ‫العف��و الدولي��ة‬ ‫وقــال فيليــب لوثــر‪ ،‬مديــر برنامــج الــرق‬

‫احتلهــا يف ســوريا والعـراق منــذ شــهر حزيـران‬ ‫‪ 2014‬ولغايــة نهايــة عــام ‪. 2015‬‬ ‫وتشــر الدراســة إىل أن مــن بــن األرايض التــي‬ ‫خرسهــا التنظيــم مدينــة تــل ابيــض ومدينــة‬ ‫تكريــت العراقيــة إىل جانــب مصــايف النفــط يف‬ ‫بلــدة بيجــي العراقيــة أيض ـاً ‪.‬‬ ‫وأيضــاً جــزء كبــر مــن األوتســراد الواصــل‬ ‫بــن الرقــة واملوصــل مــا تســبب مبصاعــب‬

‫لوجســتية للتنظيــم ‪.‬‬ ‫وذكــر خـراء املعهــد األمريــي ( أي ـ أج ـ أس)‬ ‫جينيــس بــأن األكــراد يف ســوريا متكنــوا مــن‬ ‫زيــادة األرايض التــي يســيطرون عليهــا بنســبة‬ ‫ثالثــة أضعــاف ويف غضــون ذلــك تســتعد جبهــة‬ ‫ثــوار الرقــة للبــدء يف معركــة تحريــر الرقــة‬ ‫مــن داعــش وأيضــاً الجيــش العراقــي يحــر‬ ‫إلقتحــام الرمــادي‪.‬‬

‫األوســط وشــال أفريقيــا يف منظمــة العفــو‬ ‫الدوليــة‪« :‬يبــدو أن بعــض الرضبــات الجويــة‬ ‫الروســية قــد أصابــت مدنيــن أو أهدافـاً مدنية‬ ‫بشــكل مبــارش‪ ،‬حيــث قُصفــت مناطــق ســكنية‪،‬‬ ‫مــن دون أدلــة عــى وجــود أهــداف عســكرية‪،‬‬ ‫وحتــى مرافــق طبيــة‪ ،‬مــا أســفر عــن وقــوع‬ ‫قتــى وجرحــى يف صفــوف املدنيــن‪ .‬وإن مثــل‬ ‫هــذه الرضبــات رمبــا تصــل إىل حــد جرائــم‬ ‫الحــرب‪».‬‬ ‫وأضــاف لوثــر‪« :‬ومــن املهــم للغايــة أن‬ ‫يتــم إجــراء تحقيقــات مســتقلة ومحايــدة يف‬ ‫االنتهــاكات املشــتبه بهــا‪».‬‬ ‫وقــد أ َّدعــت الســلطات الروســية أن‬ ‫قواتهــا املســلحة ال تــرب ســوى األهــداف‬ ‫«اإلرهابيــة»‪ .‬وعقــب وقــوع بعــض الهجــات‪،‬‬ ‫ر َّدت عــى األنبــاء املتعلقــة بحــدوث وفيــات يف‬ ‫صفــوف املدنيــن بنفــي أنهــا قتلــت مدنيــن‪،‬‬ ‫وعقــب هجــات أخــرى الذتْ بالصمــت بــكل‬ ‫بســاطة‪.‬‬ ‫وأجــرت منظمــة العفــو الدوليــة مقابــات مــع‬ ‫شــهود عيــان وناجــن مــن الهجــات‪ ،‬فضــاً‬ ‫عــن فحــص األدلــة املتوفــرة يف مقاطــع الفيديــو‬ ‫والصــور التــي التقطــت يف أعقــاب الهجــات‪،‬‬ ‫وأيَّدهــا تحليــل خ ـراء األســلحة‪ .‬وتــم تحديــد‬ ‫الهجــات بأنهــا رضبــات جويــة روســية مشــتبه‬ ‫بهــا عــن طريــق مقارنــة تفاصيــل كل هجــوم‬ ‫ببيانــات وزارة الدفــاع الروســية التــي أعلنــت‬ ‫عــن رضب أهــداف «إرهابيــة»‪ ،‬أو التفاصيــل‬ ‫املتعلقــة بطبيعــة الهجــوم يف إفــادات الشــهود‪.‬‬ ‫وتُبـ ِّـن البحــوث التــي أجرتهــا املنظمــة يف تلــك‬ ‫الرضبــات أنــه مل تكــن هنالــك أي أهــداف‬ ‫عســكرية أو مقاتلــن يف املحيــط املبــارش‬ ‫للمناطــق التــي ُضبــت‪ .‬وهــذا يشــر إىل أن‬ ‫الهجــات رمبــا تكــون قــد شــكلت انتهــاكاً‬ ‫للقانــون الــدويل اإلنســاين‪ ،‬ورمبــا تشــكل يف‬ ‫بعــض الظــروف جرائــم حــرب‪.‬‬ ‫ويف واحــدة مــن الهجــات األشــد فتــكاً التــي‬ ‫وث ّقهــا التقريــر املوجــز‪ ،‬أُطلقــت ثالثــة صواريخ‬

‫سوريا‪..‬‬ ‫ع��دم اعرتاف روس��يا مبقتل مدني�ين أمر خمجل‬ ‫وقــال شــاهد محــي‪ ،‬أكَّــد أن املنطقــة‬ ‫التــي ُضبــت كانــت ســكنية‪ ،‬وأنــه مل يكــن‬ ‫بالقــرب منهــا أيــة قواعــد عســكرية أليــة‬ ‫جامعــات مســلحة‪ ،‬وأضــاف‪« :‬لقــد بــدت‬ ‫تلــك الرضبــة مختلفــة جــدا ً عــن غريهــا مــن‬ ‫الرضبــات الجويــة‪ ..‬حيــث اهت ـ ّزت األرض كأن‬ ‫زل ـزاالً رضبهــا‪ ..‬لقــد كان ذلــك التدمــر أســوأ‬ ‫مــا رأيــت‪ ..‬فقــد قُتلــت أم وطفالهــا يف أحــد‬ ‫املنــازل‪ ،‬كــا قتــل زوجــان يف منــزل آخــر‪ .‬وكان‬ ‫الشــاب والفتــاة قــد تزوجــا قبــل أســبوع مــن‬ ‫وقــوع الهجــوم‪».‬‬ ‫كم��ا أصاب��ت الضرب��ات اجلوي��ة‬ ‫الروس��ية املش��تبه به��ا بع��ض املش��ايف‪ .‬وم��ن‬ ‫املع��روف أن املراف��ق الطبي��ة حتظ��ى‬ ‫حبماي��ة خاص��ة مبوج��ب القان��ون الدولي‬ ‫اإلنس��اني‪ ،‬وإن اهلج��وم عليه��ا ميك��ن أن‬ ‫يص��ل إىل ح��د جرمي��ة احل��رب‪ .‬وق��ال‬ ‫ش��اهد عل��ى هج��وم وق��ع عل��ى بع��د بض��ع‬ ‫أمتار فقط من املشفى امليداني يف سرمني‬ ‫بإدل��ب إن اهلج��وم ُنف��ذ م��ن قب��ل طائ��رة‬ ‫أخ��رى أكث��ر تط��وراً ألن��ه مل ي َ��ر الطائ��رة‬ ‫ومل يسمع صوتها قبل إسقاط الصواريخ‪.‬‬ ‫إن رد فعــل الســلطات الروســية عــى هجــوم‬ ‫شُ ــن عــى مســجد عمــر بــن الخطــاب بوســط‬ ‫جــر الشــغور يف محافظــة إدلــب يف ‪1‬‬ ‫أكتوبر‪/‬ترشيــن األول‪ ،‬إمنــا يثــر أســئلة خطــرة‬ ‫بشــأن التكتيــكات التــي ميكــن أن تســتخدمها‬ ‫هــذه الســلطات إلضعــاف االنتقــادات املوجهــة‬ ‫لعملياتهــا‪ .‬وعقــب ورود أنبــاء وصــور للمســجد‬ ‫املد ّمــر‪ ،‬ردت الســلطات الروســية عــى ذلــك‬ ‫بالقــول إنهــا عبــارة عــن «خديعــة»‪ ،‬وق َّدمــت‬ ‫صــورا ً لألقــار االصطناعيــة إلظهــار أن املســجد‬ ‫ال يــزال قامئــاً ومل يُصــب بأيــة أرضار‪ .‬بيــد أن‬ ‫املســجد الــذي ظهــر يف الصــورة كان مختلفــاً‬ ‫عــن املســجد الــذي ُدمــر يف الهجــوم‪.‬‬

‫عــى ســوق مزدحــم يف وســط أريحــا مبحافظــة‬ ‫إدلــب‪ ،‬أســفرت عــن مقتــل ‪ 49‬مدنيـاً‪ .‬ووصــف‬ ‫شــهود كيــف تح ـ َّول ســوق األحــد الــذي يُعــج‬ ‫بالحركــة إىل مــرح ملذبحــة يف ثــوانٍ ‪.‬‬ ‫وقــال محمــد قــرايب الغــزال‪ ،‬وهــو ناشــط‬ ‫إعالمــي محــي‪« :‬يف غضــون لحظــات قليلــة‪،‬‬ ‫كان النــاس يرصخــون‪ ،‬وكانــت رائحــة االحـراق‬ ‫متــأ الهــواء‪ ،‬وع َّمــت الفــوىض‪ .‬كانــت هنــاك‬ ‫مدرســة ابتدائيــة يف الجــوار‪ ،‬وكان األطفــال‬ ‫يرتاكضــون وقــد متلَّكهــم الرعــب‪ ...‬والجثــث‬ ‫متناثــرة يف كل مــكان‪ ،‬مقطوعــة الــرؤوس‬ ‫ومشــ َّوهة األعضــاء‪».‬‬ ‫يف غض��ون حلظ��ات قليل��ة‪ ،‬كان‬ ‫الن��اس يصرخ��ون‪ ،‬وكان��ت رائح��ة‬ ‫وعم��ت الفوض��ى‪.‬‬ ‫االح�تراق مت�لأ اهل��واء‪َّ ،‬‬ ‫وقــال إنــه رأى امــرأة جالســة وهــي تنتحــب‬ ‫إىل جــوار ‪ 40‬جثــة مصفوفــة يف طابــور‪.‬‬ ‫وكانــت املــرأة قــد فقــدت زوجهــا وأطفالهــا‬ ‫الثالثــة‪ ،‬وكان أطفالهــا موضوعــن يف أكيــاس‪،‬‬ ‫باملعنــى الحــريف‪ .‬وحتــى هــذا اليــوم‪ ،‬ال‬ ‫أســتطيع أن أنــى ذلــك املشــهد‪ .‬ويف هجــوم‬ ‫رويس مشــتبه بــه قُتــل ‪ 46‬مدنيــاً‪ ،‬بينهــم ‪32‬‬ ‫طفــاً و‪ 11‬امــرأة‪ ،‬ممــن كانــوا يلتمســون‬ ‫ملجــأ يف طابــق التســوية ملبنــى ســكني طلب ـاً‬ ‫للســامة‪ ،‬يف ‪ 15‬أكتوبر‪/‬ترشيــن األول يف‬ ‫الغنطــو مبحافظــة حمــص‪ .‬وت ُظهــر مقاطــع‬ ‫فيديــو التُقطــت عقــب الهجــوم عــدم توفــر‬ ‫أدلــة عــى أي وجــود عســكري‪ .‬وقــال خــراء‬ ‫األســلحة الذيــن قامــوا بتحليــل الهجــوم إن‬ ‫طبيعــة الدمــار تشــر إىل احتــال اســتخدام‬ ‫املتفجــرات الحراريــة (املعروفــة أيضــاً باســم‬ ‫«القنابــل الفراغيــة») وهــي نــوع مــن األســلحة‬ ‫التــي ميكــن أن تُحــدث أرضارا ً عشــوائية بشــكل‬ ‫خــاص إذا اســتُخدمت بالقــرب مــن املدنيــن‪.‬‬ ‫ويف هجــوم آخــر قُتــل خمســة مدنيــن و ُدمــر‬ ‫‪ 12‬منــزالً‪ ،‬عندمــا ســقط صــاروخ كــروز رويس‬ ‫أُطلــق مــن البحــر عــى مبــان ســكنية يف دارة وقــال فيليــب لوثــر‪« :‬إن الســلطات الروســية‪،‬‬ ‫عــزة مبحافظــة حلــب يف ‪ 7‬أكتوبر‪/‬ترشيــن بتقدميهــا صــورة التقطتهــا األقــار االصطناعيــة‬ ‫ملســجد ســليم واالدعــاء بأنهــا أظهــرت مســجدا ً‬ ‫األول‪.‬‬

‫آخــر كان قــد ُدمــر‪ ،‬فإنهــا تكون قد اســتخدمت‬ ‫خدعــة يف محاولــة لتفــادي االنتقــاد والتدقيــق‬ ‫يف أفعالهــا يف ســوريا‪ .‬إن مثــل هــذا الســلوك‬ ‫ال يعــزز الثقــة يف اســتعدادها للتحقيــق يف‬ ‫االنتهــاكات بنوايــا طيبــة‪ .‬وإن وزارة الدفــاع‬ ‫الروســية يجــب أن تكــون أكــر شــفافية وأن‬ ‫تفصــح عــن أهــداف هجامتهــا مــن أجــل‬ ‫تيســر إمكانيــة تقييــم مــا إذا كانــت تتقيــد‬ ‫بالتزاماتهــا مبوجــب القانــون الــدويل اإلنســاين‬ ‫أم ال‪».‬‬ ‫ومنــذ إســقاط الطائــرة الروســية املقاتلــة مــن‬ ‫قبــل ســاح الجــو الــريك يف ‪ 24‬نوفمرب‪/‬ترشيــن‬ ‫الثــاين‪ ،‬كشــفت وزارة الدفــاع الروســية عــن‬ ‫معلومــات أقــل مــن ذي قبــل بشــأن حملتهــا‬ ‫يف ســوريا‪.‬‬ ‫كــا قامــت منظمــة العفــو الدوليــة بجمــع‬ ‫أدلــة شــملت صــورا ً فوتوغرافيــة ومقاطــع‬ ‫فيديــو تشــر إىل أن الــروس اســتخدموا قنابــل‬ ‫غــر مو َّجهــة يف مناطــق ســكنية مكتظــة‬ ‫بالســكان‪ ،‬باإلضافــة إىل ذخائــر عنقوديــة فتاكــة‬ ‫محظــورة دوليــاً‪.‬‬ ‫إن الذخائــر العنقوديــة تعتــر أســلحة عشــوائية‬ ‫بطبيعتهــا‪ ،‬وبالتــايل ينبغــي عــدم اســتخدامها يف‬ ‫أيــة ظــروف‪ .‬إذ أن كل قنبلــة عنقوديــة تنــر‬ ‫عــرات القنيبــات الصغــرة عــى مســاحة‬ ‫أكــر مــن مســاحة ملعــب كــرة القــدم‪ .‬ونظ ـرا ً‬ ‫الرتفــاع معــدالت عــدم انفجارهــا‪ ،‬فإنها تشــكل‬ ‫خطــرا ً عــى حيــاة املدنيــن لســنوات قادمــة‪.‬‬ ‫وإن االســتخدام املتكــرر للقنابــل غــر املوجهــة‬ ‫بالقــرب مــن املناطــق املدنيــة املكتظــة‬ ‫بالســكان مــن شــأنه أن يشــكل انتهــاكاً ملبــدأ‬ ‫حظــر الهجــات العشــوائية‪.‬‬ ‫وخلــص فيليــب لوثــر إىل القــول‪« :‬إنــه يتعــن‬ ‫عــى روســيا وضــع حــد الســتخدام الهجــات‬ ‫العشــوائية وغريهــا مــن الهجــات غــر‬ ‫القانونيــة‪ ،‬ووقــف اســتخدام جميــع أنــواع‬ ‫الذخائــر العنقوديــة وإســقاط القنابــل غــر‬ ‫املوجهــة عــى املناطــق املدنيــة‪».‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ق��وات األس��د تغت��ال احلض��ارة ع�بر اس��تهدافها قلع��ة بص��رى‬ ‫األثري��ة بالربامي��ل املتفج��رة‬ ‫درعا ‪ -‬سارة الحوراني‬

‫يواصــل النظــام الســوري ارتــكاب‬ ‫مجــازره البشــعة بحــق البــر والحجــر‬ ‫يف محافظــة درعــا‪ ،‬فلــم يشــبع مــن‬ ‫ســفك دمــاء أهلهــا؛ بــل يســعى إىل طمــس حضارتهــا‬ ‫عــر اســتهداف أهــم األوابــد األثريــة يف املحافظــة‪،‬‬ ‫حيــث أقــدم يف الـــثاين والعرشيــن مــن الشــهر الجــاري‬ ‫عــى اســتهداف قلعــة بــرى األثريــة بربميلــن‬ ‫متفجريــن ألحقــا دمــارا ً واســعاً يف القلعــة‪.‬‬ ‫وأعلنــت دائــرة أثــار بــرى الشــام يف بيــان صــادر‬ ‫عنهــا‪« :‬بــأن الرباميــل املتفجــرة أدت إىل انهيــار الجــدار‬ ‫الواقــع بــن الربجــن الثــاين والخامــس الغــريب يف القلعــة‬ ‫بشــكل كامــل‪ ،‬وكذلــك إحــداث حفــرة عميقــة أمــام‬ ‫بــاب متحــف التقاليــد الشــعبية‪ ،‬وكــر يف حجــارة‬ ‫أرضيــة الــرج الثــاين وتصــدع القناطــر الجداريــة أمــام‬ ‫الــرج الثــاين‪ ،‬وانهيــار قســم منهــا وبعضهــا اآلخــر يف‬ ‫حالــة خطــرة ومهــددة باالنهيــار»‪.‬‬ ‫كــا بــن البيــان الصــادر عــن دائــرة اآلثــار يف مدينــة‬ ‫بــرى يف ريــف درعــا الرشقــي‪« :‬بــأن الرباميــل املتفجرة‬ ‫أدت أيضـاً إىل تصدعــات خطــرة يف أرضيــة املمــر الواقع‬ ‫بــن الربجــن الثــاين والخامــس وتصدعــات وشــقوق يف‬ ‫الــرج الخامــس مــن األســفل وحتــى أعــى الــرج األمــر‬ ‫الــذي يهــدد بانهيــاره‪ ،‬كذلــك إحــداث حفــرة عميقــة‬ ‫ج ـراء ســقوط الربميــل الثــاين وإحــداث حفــرة عميقــة‬ ‫جــدا ً يف أرضيــة الباحــة الســاوية املطلــة عــى املــرح‬ ‫الرومــاين مــن الجهــة الغربيــة‪ ،‬وتدمــر وانهيــار مدخــل‬ ‫الباحــة الســاوية مــن الجهــة الجنوبيــة والواصــل بــن‬ ‫الطبقــة األوىل والثانيــة»‪.‬‬

‫الحرملي‬ ‫رس��الة إىل اهليئ��ة العام��ة‬ ‫للمفاوض��ات‬

‫كــا أســفر اســتهداف القلعــة بالرباميــل املتفجــرة عــن‬ ‫ســقوط خمســة أعمــدة حجريــة محيطــة بالباحــة‬ ‫الســاوية الغربيــة باإلضافــة إىل تــرر لحــق بالقنطــرة‬ ‫الثالثيــة املعقــودة باملدخــل الجنــويب للباحــة الســاوية‪،‬‬ ‫وباتــت مهــدة باالنهيــار يف أي وقــت‪ ،‬باإلضافــة إىل دمــار‬ ‫الجــدار الــذي تســتند عليــه القنطــرة الثالثيــة بشــكل‬ ‫كامــل»‪ .‬بحســب بيــان دائــرة اآلثــار يف مدينــة بــرى‬ ‫الشــام والتــي مــا تــزال عاجــزة عــن تقييــم األرضار‬ ‫التــي وقعــت يف املمـرات الداخليــة‪ ،‬ويف الطبقــة الثانيــة‬ ‫نتيجــة انســدادها بالحجــارة الضخمــة‪.‬‬ ‫وكانــت قــوات النظــام قــد اتخــذت مــن القلعــة األثريــة‬ ‫مقـرا ً رئيســياً عــى مــدار ‪ 4‬ســنوات قبــل تحريرهــا العام‬ ‫املــايض‪ ،‬حيــث كانــت القلعــة مركــزا ً هامــاً إلطــاق‬ ‫الصواريــخ الحراريــة‪ ،‬وقذائــف الهــاون وانتشــار القناصة‬ ‫والرشاشــات الثقيلــة عــى ابراجهــا والتــي أســفرت عــن‬

‫ســقوط شــهداء وجرحــى مــن أهــايل املدينــة عــى أيــدي‬ ‫قــوات األســد‪ ،‬ومل يكــن اســتهداف األوابــد األثريــة أمـرا ً‬ ‫جديــدا ً عــى قــوات النظــام التــي اســتهدفت يف وقــت‬ ‫ســابق رسيــر بنــت امللــك‪ ،‬والــذي ســقط ج ـراء ذلــك‬ ‫بعــد اســتهدافه بالدبابــات أواخــر عــام ‪ 2012‬م‪.‬‬ ‫وتوجهــت دائــرة آثــار مدينــة بــرى ملنظمــة اليونســكو‬ ‫الدوليــة بكتابــن األول عبــارة عــن دعــوة للمنظمــة‬ ‫للتعــاون مــع الدائــرة مــن أجــل حاميــة الـراث اإلنســاين‬ ‫يف املدينــة‪ ،‬والثــاين يتضــن دعــوة لالطــاع عــى آثــار‬ ‫املدينــة والوقــوف عــى الدمــار الــذي أصــاب أجــزاء‬ ‫منهــا مــن قبــل قــوات األســد‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن «دائــرة آثــار بــرى» أنشــئت بعــد تحريــر‬ ‫املدينــة مــن قــوات النظــام يف شــهر آذار املــايض‪،‬‬ ‫ومهمتهــا توثيــق وترميــم املعــامل األثريــة يف املدينــة‬ ‫األثريــة الهامــة‪.‬‬

‫تصعي��د عس��كري يف ري��ف مح��ص الش��مالي‬ ‫انتب��اه‪ ..‬انتب��اه ط�يران مروح��ي يف األج��واء‬ ‫انتب��اه‪ ...‬انتب��اه ط�يران حرب��ي يف األج��واء‬ ‫حمص ‪ -‬خاص‬ ‫هذه العبارات استيقظ عليها أهالي‬ ‫ريف محص الشمالي عرب مكربات‬ ‫الصوت‪ ،‬ليبدأ يوم جديد من إجرام‬ ‫النظام ضد املسلمني السنة احملاصرين يف ريف‬ ‫محص الشمالي‪ .‬كانت احلولة مسرحاً لغارات‬ ‫اإلجرام األسدي على املدنيني‪ ،‬حيث قامت‬ ‫الطائرات خبمس غارات‪ ،‬راح ضحيتها شهداء‬ ‫وجرحى من املدنيني‪.‬‬ ‫تــر معلــة اآلمنــة ســابقاً تحولــت إىل مرمــى للرباميــل‬ ‫بشــكل يومــي مــن مروحيات اإلجـرام‪ ،‬حيث اســتهدفت‬ ‫الطائـرات املروحيــة بالرباميــل األحيــاء املدنيــة‪ ،‬مــا أدى‬ ‫إىل دمــار كبــر يف منــازل املدنيــن‪ ،‬كــا قامــت قــوات‬ ‫النظــام املتمركــزة يف معســكر ملــوك باســتهداف مدينــة‬ ‫تلبيســة باملدافــع مــا أدى إىل دمــار يف األبنيــة‪ ،‬فيــا‬ ‫شــهدت كافــة الجبهــات اشــتباكات متقطعــة‪ ،‬بالتزامــن‬ ‫مــع هــدوء عــى عــدد مــن الجبهــات األخــرى‪ ،‬كــا‬ ‫يســتمر الغــاء الفاحــش بكافــة املــواد‪ ،‬وأبرزهــا مــادة‬ ‫الخبــز يف ظــل عــدم وجــود فــرص عمــل‪ ،‬واعتــاد‬ ‫معظــم األهــايل يف معيشــتهم عــى املســاعدات اإلغاثيــة‪،‬‬ ‫وعــى اصحــاب الخــر‪.‬‬ ‫ويشــهد ريــف حمــص الشــايل مؤخــرا ً تصعيــدا ً‬ ‫عســكرياً مــن قبــل قــوات األســد‪ ،‬املدعومــة بســاج‬ ‫الجــو الــرويس والســوري‪ ،‬كثافــة الغــارات الجويــة التــي‬ ‫تســتهدف مــدن الريــف‪ ،‬دفعــت قــوات املعارضــة‬ ‫الســورية إىل الــرد بكثافــة عــر قصفهــا للقــرى املواليــة‬ ‫للنظــام‪.‬‬ ‫خــال األيــام القليلــة املاضيــة شــنت طائ ـرات النظــام‬ ‫أكــر مــن ‪ 50‬غــارة جويــة اســتهدفت مــدن تلبيســة‬

‫‪5‬‬

‫والرســن وتــر معلــة والحولــة وباقــي مــدن وقــرى ريف‬ ‫حمــص الشــايل‪ ،‬ويف كثــر مــن األحيــان كانــت تنفــذ يف‬ ‫اليــوم الواحــد عــى نفــس املدينــة مــن ‪ 12 – 8‬غــارة‪،‬‬ ‫مــا أدى لســقوط ضحايــا‪ ،‬وحــدوث دمــار واســع يف‬ ‫البنــى التحتيــة واألبنيــة الســكنية‪.‬‬ ‫وأفــاد «أبــو عاصــم»‪ ،‬أحــد ســكان منطقــة الحولــة‪،‬‬ ‫قائــاً‪« :‬قــوات النظــام وقبــل بــدء مــا يســمى وقــف‬ ‫إطــاق النــار‪ ،‬تقصــف مــدن حمــص بكثافــة مســتمرة‪،‬‬ ‫ويف الحولــة يوميــا تنفــذ أكــر مــن ‪ 10‬غــارات تســتهدف‬ ‫منــازل املدنيــن‪ ،‬والجرحــى كلهــم مــن النســاء واألطفال‪،‬‬ ‫وذوي االحتياجــات الخاصــة‪ ،‬الذيــن ال يســتطيعون‬ ‫حمــل أنفســهم‪ ،‬فكيــف يحملــون الســاح»‪.‬‬ ‫كــا أفــاد مكتــب التوثيــق يف املشــفى امليــداين بــأن‬ ‫أغلــب الشــهداء مــن النســاء‪ ،‬فيــا اســتطعنا انتشــال‬ ‫جثــة امــرأة مــن تحــت األنقــاض‪ ،‬كانــت مجــرد أشــاء‪،‬‬ ‫ورأينــا ذلــك يف كل مــن مدينتــي الحولــة والرســن‪،‬‬ ‫وهنــاك إصابــات خطــرة جــدا ً أدت إىل بــر أطــراف»‪.‬‬ ‫أمــا فصائــل املعارضــة املســلحة‪ ،‬فقــد كثّفــت مــن‬ ‫اســتهداف القــرى والبلــدات املواليــة للنظــام يف ريــف‬

‫حمــص الشــايل‪ ،‬حيــث اســتهدفت حركــة أحـرار الشــام‬ ‫يف الحولــة قــرى الشــنية ومرميــن والقبــو‪ ،‬فيــا رد فيلــق‬ ‫الشــام بقصــف قريــة الغــور املواليــة‪ ،‬وحاجــز مؤسســة‬ ‫امليــاه‪ ،‬وقــد ارتقــى مقاتلــون مــن فيلــق الشــام ممث ـاً‬ ‫بلــواء األنصــار أثنــاء املعــارك الدائــرة بالقــرب مــن قريــة‬ ‫الغــور املواليــة‪ ،‬وأفــاد أحــد املقاتلــن يف ترصيــح أنهــم‬ ‫مســتعدون للــرد بأيــة لحظــة تقصــف بهــا قــرى ريــف‬ ‫حمــص‪ ،‬مضيفــاً أن مقاتــي املعارضــة قامــوا بتثبيــت‬ ‫مدافــع الهــاون وعــدد مــن الصواريــخ لــدك معاقــل‬ ‫األســد يف حــال نفــذ الطــران الحــريب أي غــارة عــى‬ ‫مناطــق ريــف حمــص‪.‬‬ ‫ونــر فيلــق الشــام تســجيالً مصــورا ً يظهــر تدمــر‬ ‫«دبابــة» لقــوات األســد عــى جبهــة تريمعلــة التــي‬ ‫أصبحــت مدينــة أشــباح وال يســمع فيهــا ســوى صفــر‬ ‫الرباميــل وأزيــز الرصــاص‪ ،‬وقــال الرائــد «أنــور الحســن»‬ ‫ملوقــع الســورية نــت‪ ،‬وهــو قائــد لــواء أبنــاء الوليــد‬ ‫العامــل يف الرســن مــع الفصائــل األخــرى املشــاركة يف‬ ‫اســتهداف القــرى املواليــة‪ :‬اتبعنــا أســلوب القصــف‬ ‫عــى القــرى املواليــة القريبــة املنتــرة يف الريــف كورقة‬ ‫ضغــط مــن أجــل إجبــار النظــام عــى إيقــاف القصــف‬ ‫عــى مــدن الريــف الثائــر‪ ،‬مضيف ـاً أن قــوات املعارضــة‬ ‫تســتخدم يف هجومهــا قذائــف الهــاون والصواريــخ‬ ‫محليــة الصنــع‪ ،‬مؤكــدا ً حــرص قــوات املعارضــة عــى‬ ‫اســتهداف املناطــق التــي يتواجــد فيهــا مقاتلــو النظــام‪،‬‬ ‫وال يتــم اســتهداف املدنيــن بتاتـاً‪ ،‬الفتـاً إىل أن عمليــات‬ ‫اســتهداف القــرى املواليــة مســتمرة‪ ،‬مــع اســتمرار‬ ‫قصــف قــوات النظــام للمناطــق املحــارصة يف ريــف‬ ‫حمــص‪.‬‬ ‫مــن الجديــر بالذكــر أن جــزءا ً كبـرا ً مــن قــوات النظــام‬ ‫وامليليشــيات املســاندة لــه‪ ،‬تتمركــز يف قــرى عــدة مــن‬ ‫ريــف حمــص‪ ،‬أبرزهــا جبوريــن وكفرنــان وغــور العــايص‬ ‫والكــم والنجمــة وقبيبــات ومرميــن‪ ،‬إضافــة إىل قــرى‬ ‫أخــرى يف ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬وهــي متثــل طوقــاً‬ ‫عســكرياً لقــوات النظــام‪.‬‬

‫يوسف دعيس‬

‫رئي��س وأعض��اء اهليئ��ة العام��ة‬ ‫للمفاوض��ات‪ ،‬م��ع حف��ظ األلق��اب‪..‬‬

‫بعــد أن منحكــم ممثلــو املعارضــة الســورية مــن‬ ‫الساســة ورجــال الفكــر والعســكر حــق متثيــل الشــعب‬ ‫الســوري يف التفــاوض مــع النظــام الســوري املدعــوم‬ ‫مــن روســيا وإي ـران وإرسائيــل‪ ،‬وبعــد أن زودكــم منســقو‬ ‫وداعمــو الشــعب الســوري‪ ،‬والخــراء بالتفــاوض مــن‬ ‫األصدقــاء‪ ،‬بالخــرات الالزمــة للتفــاوض مــع النظــام‬ ‫وأركانــه‪ ،‬نأمــل أن تكونــوا عنــد حســن ظــن الشــعب‬ ‫الســوري بكــم‪ ،‬وأن ترتفعــوا عــن الخالفــات الجانبيــة‪،‬‬ ‫وأن ال تقعــوا يف املطبــات التــي هيأهــا لكــم رأس النظــام‬ ‫وأعوانــه‪ ،‬فليــس مــن املعقــول أن تختلفــوا قبــل بــدء‬ ‫املفاوضــات عــى التعزيــة بقائــد جيــش اإلســام‪ ،‬ودمــه مل‬ ‫يجــف بعــد‪ ،‬وليــس مــن الالئــق أن تختلفــوا عــى أعــداد‬ ‫ممثليكــم‪ ،‬مؤثريــن مبــدأ املحاصصــة بــن الكتــل والدكاكني‬ ‫السياســية‪ ،‬التــي أعلنــت وصايتهــا عــى الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫قبــل أي يشء يجــب أن تكــون ملفــات الشــهداء حــارضة‪،‬‬ ‫وأن ال تنســوا أن أعدادهــم تجــاوزت النصــف مليــون‬ ‫شــهيد‪ ،‬وأ ّن أوليــاء الــدم مــن األيتــام واألرامــل وأشــقاء‬ ‫الشــهداء‪ ،‬وأمهــات وآبــاء الشــهداء‪ ،‬واألصدقــاء والج ـران‪،‬‬ ‫يريدونهــم أحيــاء بينهــم‪ ،‬أمــا كيــف؟ فهــذه مســألة غــر‬ ‫قابلــة للتأويــل وأنتــم الراســخون يف العلــم واملعرفــة‪ ،‬وال‬ ‫تنســوا أيضـاً أن يكــون ملــف املعتقلــن حــارضا ً بقــوة هــو‬ ‫اآلخــر فــا زال الشــعب الســوري‪ ،‬يســمع آهاتهــم وأنّاتهــم‬ ‫ورصخاتهــم‪ ،‬وهــم يتلقــون الــرب والتنكيــل عــى‬ ‫أجســادهم‪ ،‬التــي مــا عرفــت ســوى األمل والقهــر والدمــوع‪.‬‬ ‫ال تنســوا إخــويت ملــف املهجريــن والنازحــن قه ـرا ً وص ـرا ً‬ ‫مــن بيوتهــم‪ ،‬ال تنســوا األجســاد الغضــة وهــي تواجــه‬ ‫العواصــف والــرد والجــوع‪ ،‬وباملــرة ال تنســوا مــن ُهــدرت‬ ‫كرامتهــم يف بالدهــم ويف دول الجــوار الصديقــة والشــقيقة‬ ‫والعــدوة‪ ،‬ال تنســوا أن مــن خــرج يف ســوريا ليواجــه األســد‬ ‫وجيشــه وأمنــه وشــبيحته‪ ،‬إمنــا خــرج مــن أجــل الحريــة‬ ‫والكرامــة‪.‬‬ ‫أيهــا اإلخــوة‪ ..‬إن حملتــم هــذه امللفــات يف أذهانكــم‬ ‫وعقولكــم وقبــل كل يشء يف قلوبكــم‪ ،‬وإن تحليتــم‬ ‫بالصــدق‪ ،‬والثقــة بالنفــس‪ ،‬وتوكلتــم عــى اللــه مبــا هــو‬ ‫خــر‪ ،‬فســتكونون بحــق نِعــم املمثلــن الحقيقيــن للشــعب‬ ‫الســوري املظلــوم واملقهــور‪ ،‬وتذكــروا أنكــم تفاوضــون‬ ‫نظامـاً ظاملـاً أرعــن‪ ،‬وضــع ثقلــه يف تنفيــذ شــعاره «األســد‬ ‫أو نحــرق البلــد»‪.‬‬ ‫نريــد ســاماً‪ ..‬نريــد عــدالً‪ ..‬نريــد حريــة‪ ..‬نريــد كرامــة‪،‬‬ ‫وصدقــوين هــذا ليــس بكثــر‪ ،‬أمــام مــا دفعــه الســوريون‬ ‫مــن دم ودمــوع وقهــر‪ ،‬وهــم يواجهــون العســف والظلــم‪،‬‬ ‫اللهــم فاشــهد‪..‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أفق مسدود لطفولة دون تعليم‪!..‬‬ ‫عبد القادر ليال‬ ‫منــذ بدايــة الثــورة الســورية وإىل‬ ‫هــذه اللحظــة‪ ،‬مل يختلــف محللــو السياســة‬ ‫واملفكــرون واملنظــرون عــى أن النظام اســتطاع‬ ‫أن يحــ ّول األرض الســورية إىل ســاحة معركــة‬ ‫شــاملة‪ ،‬مســتخدماً جميــع األســلحة ضــد‬ ‫الشــعب الســوري الثائــر عليــه‪ ،‬التــي تبــدأ مــن‬ ‫األســلحة التقليديــة إىل املحرمــة دوليـاً‪ ،‬لتصبــح‬ ‫ســورية أمنوذجــاً لكــوارث العــر‪.‬‬ ‫وقــد طالــت رحــى الحــرب األبنيــة املدرســية‬ ‫التــي مل يســتثنها القصــف الجــوي والرباميــل‬ ‫املتفجــرة‪ ،‬والتــي كثـرا ً مــا تهدمــت عــى رؤوس‬ ‫التالميــذ واملعلمــن‪ ،‬وقــد تــم تحويــل قســم‬ ‫منهــا إىل ثكنــات عســكرية لجنــود النظــام‪،‬‬ ‫ومليشــياته‪.‬‬

‫تدم�ير ‪ 3000‬مدرس��ة بش��كل‬ ‫كام��ل و ‪ 2400‬بش��كل جزئ��ي‬

‫ويف هــذا الشــأن قــال صنــدوق األمــم املتحــدة‬ ‫للطفولــة أن أكــر مــن ‪ 3000‬مدرســة قــد‬ ‫ُدمــرت بالكامــل‪ ،‬يف حــن تــررت أكــر مــن‬ ‫‪ 2400‬مدرســة بشــكل جــزيئ‪.‬‬ ‫ثالثــة ماليــن طفــل محــروم مــن التعليــم‪،‬‬ ‫وأكــر مــن عــرة آالف طفــل قتلهــم النظــام‬ ‫خــال الحــرب‪ ،‬ورمبــا يكــون العــدد أكــر مــن‬ ‫ذلــك بكثــر‪.‬‬ ‫وأمــام وحشــية النظــام مل يكــن هناك مــن خيار‬ ‫أمــام الســكان يف املناطــق الخارجــة عن ســلطته‬ ‫إال اللجــوء إىل دول الجــوار‪ ،‬وخاصــة أن هــذه‬ ‫املناطــق هــي األكــر تــررا ً حيــث تبلــغ فيهــا‬ ‫نســبة الفقــر ‪ 8.5%‬حســب وكالــة األونــروا‪،‬‬ ‫يرتكــزون يف الرقــة وديــر الــزور وحلــب وإدلــب‪.‬‬ ‫ويقــدر عــدد الالجئــن يف تركيــا مبليونــن الجــئ‬ ‫وحســب تقريــر هيومــن رايتــس ووتــش‪،‬‬ ‫فــإن أربعامئــة ألــف طفــل ســوري يف تركيــا‬ ‫مــن دون تعليــم مــن إجــايل ‪ 708000‬طفــل‬ ‫يف عمــر الدراســة‪ .‬أمــا يف مخيــات اللجــوء‬ ‫فنســبة االلتحــاق باملراكــز التعليميــة تقــارب‬ ‫‪ 90%‬مــن األطفــال يف ســن التعليــم‪.‬‬ ‫أمــا الســوريون خــارج املخيــات الذيــن‬ ‫يعيشــون يف املــدن الرتكيــة‪ ،‬فــإن نســبة‬ ‫االلتحــاق بالتعليــم ال تتجــاوز ‪ 25%‬كأحســن‬ ‫تقديــر‪ ،‬إذ أن هنــاك ‪ 75%‬مــن األطفــال خــارج‬ ‫التعليــم حســب نفــس املصــدر‪ ،‬وهــذا يعتــر‬ ‫مــؤرشا ً خطــرا ً حيــث يتعــرض جيــل كامــل‬ ‫لخطــر الجهــل مــع انعــدام األمــل يف مســتقبل‬ ‫حقيقــي لهــم‪ ،‬مــا يعنــي تفــي األميــة وغيــاب‬ ‫املعرفــة والوعــي‪ ،‬بعــد أن دفــع األهــايل‬ ‫بأطفالهــم إىل ســوق العمــل بــدالً مــن التعليــم‪،‬‬ ‫وذلــك بســبب تــدين الدخــل وارتفــاع تكاليــف‬ ‫املعيشــة‪ ،‬فاســتعانوا بأطفالهــم مــا أدى إىل‬ ‫انتشــار ظاهــرة خطــرة وهــي عاملــة األطفــال‪.‬‬ ‫كــا أن قســاً مــن األهــايل اضطرتهــم ســوء‬ ‫حالتهــم املعيشــية إىل تزويــج بناتهــم املبكــر‪،‬‬ ‫ويف مرحلــة الطفولــة لنكــون أمــام ظاهــرة‬ ‫وهــي زواج األطفــال‪ ،‬أمــا الخطــر األكــر‬ ‫وفهــو أن عــدم اســتيعاب األطفــال يف مراكــز‬

‫التعليــم ســيدفعهم إىل االلتحــاق باملجموعــات‬ ‫العســكرية مــا يهــدد املجتمــع بانتشــار‬ ‫التطــرف والجهــل والعنــف املنظــم‪ ،‬واالعتيــاد‬ ‫عــى اســتعامل القــوة‪ ،‬واســتغالل غيــاب‬ ‫القانــون‪ .‬علـاً بــأن الحكومــة الرتكيــة وحســب‬ ‫مــا رصحــت بــه أنهــا أنفقــت عــى قطــاع‬ ‫تعليــم الالجئــن للعــام ‪2015-2014‬م مبلــغ‬ ‫‪ 252‬مليــون دوالر‪.‬‬ ‫حاولــت مجلــة الحرمــل أن تجــري اســتطالعاً‬ ‫يف واليــة أورفــا للوقــوف عــى هــذه الظاهــرة‬ ‫وأســبابها‪ ،‬إذ يبلــغ عــدد الالجئــن املســجلني‬ ‫رســمياً يف واليــة أورفــا ‪ 170000‬الجــئ‪ ،‬أمــا‬ ‫عــدد املراكــز التعليميــة لجميــع املراحــل‬ ‫حــوايل ‪ 12‬مركـزا ً ومدرســة‪ ،‬ويتقــاىض العاملــون‬ ‫يف القطــاع التعليمــي أجــورا ً متدنيــة ال تكفــي‬ ‫لســد الرمــق‪ ،‬وتــرف الحكومــة الرتكيــة عــى‬ ‫املــدارس بتعيــن مديــر تــريك لــكل مدرســة‬ ‫أو مركــز‪ ،‬وبدورهــا مديريــة الرتبيــة الرتكيــة‬ ‫مســؤولة عــن تعيــن املعلمــن وفصلهــم‬ ‫واإلرشاف والرقابــة عــى العمليــة الرتبويــة‪ ،‬إال‬ ‫أن هنــاك بعــض املشــاكل تحصــل بســبب بعــد‬ ‫املســؤول الــريك عــن واقــع التعليــم الســوري‬ ‫وخلفيــات املعلمــن ونوعيــة الشــهادة‪ ،‬حيــث‬ ‫يتــم التعيــن أحيانـاً بشــهادات مــزورة مشـراة‬ ‫مــن كلــس أو غريهــا حيــث مــا عليــك إال دفــع‬ ‫‪ 200‬لــرة تركيــة لتصبــح مجــازا ً باللغــة العربيــة‬ ‫أو يف الرياضيــات أو بغريهــا مــن املــواد‪ ،‬بينــا‬ ‫أن املعلــم الحقيقــي قــد رصف شــطرا ً كبــرا ً‬ ‫مــن حياتــه للحصــول عــى الشــهادة التــي‬ ‫يتــم رشاؤهــا ببســاطة خــال ســاعات قليلــة‬ ‫مــن املزوريــن الســوريني! ناهيــك عــن إضاعــة‬ ‫الفرصــة أمــام املجــاز الحقيقــي صاحــب الخــرة‬ ‫مــا يــر بالعمليــة التعليميــة!‬ ‫أو يتــم تعيــن أشــخاص غــر أكفــاء‪ ،‬حيــث‬ ‫تلعــب الوســاطة واملحســوبية والشــللية دورا ً‬ ‫أساســياً‪ ،‬وهــذا مــا يزيــد مــن معانــاة األطفــال‬ ‫حيــث يحرمــون مــن كادر تعليمــي كــفء‬ ‫وجديــر بالتعيــن‪.‬‬ ‫إضافــة لتــدين أجــور املعلمــن مــا يدفعهــم‬ ‫للهجــرة إىل أوروبــا تاركــن طالبهــم يف وســط‬ ‫املرحلــة الدراســية‪ ،‬وهــذا يخلــق حالــة إربــاك‬ ‫لــدى األطفــال مــن تكــرار تبــدل املعلمــن‬ ‫لنفــس املــادة عــدة مــرات خــال الفصــل‬ ‫الــدرايس الواحــد‪.‬‬ ‫وتوجــد كتــل ذات توجــه ايديولوجــي وســيايس‬ ‫معــن ضمــن املؤسســة التعليميــة لالجئــن‬ ‫تفــرض عــى الطــاب واملعلمــن طبيعــة‬ ‫أفكارهــا مــن ناحيــة تحديــد الســلوك واللبــاس‪،‬‬

‫والتدخــل بالخصوصيــات الشــخصية مــع عــدم‬ ‫مراعــاة التنــوع الثقــايف الســوري‪ ،‬وهــؤالء‬ ‫نافــذون ولهــم اليــد الطــوىل إلمكاناتهــم املاديــة‬ ‫الكبــرة‪.‬‬ ‫أمــا ســبب إحجــام األهــايل عــن إرســال أبنائهــم‬ ‫إىل املــدارس واملراكــز التعليميــة‪ ،‬فقــد التقــت‬ ‫الحرمــل بعــدة أرس وأشــخاص الجئــن يف واليــة‬ ‫أورفــا الرتكيــة‪:‬‬

‫يغســل األطبــاق بــدوام ‪ 12‬ســاعة يوميـاً مقابــل‬ ‫‪ 15‬لــرة تركيــة‪ ،‬وغيــاث ‪ 14‬عامــاً يعمــل يف‬ ‫مغســلة ســيارات وفهــد ‪ 12‬عام ـاً أجــر ف ـران‪،‬‬ ‫إذا أرســلتهم للتعليــم فمــن يعيــل هــذه األرسة؟‬ ‫اتركهــا عــى ربــك‪ .‬إن شــاء اللــه نرجــع إىل‬ ‫الرقــة‪ ،‬وهنــاك ســأعلمهم‪ ،‬ولكــن اآلن الوقــت‬ ‫صعــب‪ ،‬فاليــوم الــذي ال يذهبــون فيــه إىل‬ ‫العمــل نبقــى بــا طعــام عــدا عــن إيجــار‬ ‫البيــت وفواتــر الكهربــاء واملــاء‪ ،‬ونحــن ليــس‬ ‫لنــا معيــل إال اللــه وهــؤالء األطفــال!»‪.‬‬ ‫أبــو إبراهيــم مــن ريــف ديــر الــزور يف أواســط‬ ‫األربعينيــات مــن العمــر يقــول ذهبــت إىل‬ ‫املدرســة‪ ،‬وقالــوا يل بــأن التعليــم مجــاين‪ ،‬ولكــن‬ ‫عليــك دفــع أجــور املواصــات البالغــة ‪ 50‬لــرة‬ ‫تــريك عــن كل طفــل شــهرياً‪.‬‬ ‫وأنــا عنــدي ســتة أطفــال بجميــع مراحــل‬ ‫الدراســة فمــن أيــن يل أن أدفــع ‪ 300‬لــرة‬ ‫تركيــة شــهرياً‪ ،‬أنــا زهقــت مــن تكاليــف الخبــز‬ ‫والشــاي‪ ،‬ولوال أن يل أخ يف الســعودية يرســل يل‬ ‫القليــل مــن املــال لكانــت حالتنــا ال يعلمهــا إال‬ ‫اللــه‪ ،‬إن شــاء اللــه ســرجع قريب ـاً إىل ســورية‬ ‫ويعــودون إىل مدارســهم!‬

‫أم حاتــم ســيدة مــن الرقــة استشــهد زوجهــا‪،‬‬ ‫وتــرك لهــا ســبعة أطفــال‪ ،‬أكربهــم يف السادســة‬ ‫عــر مــن عمــره‪ ،‬ســألناها عــن ســبب عــدم‬ ‫إرســال أطفالهــا إىل املراكــز التعليميــة قالــت‪:‬‬ ‫«نحــن أرسة ليــس لنــا معيــل يقــدم لنــا‬ ‫رضورات الحيــاة‪ ،‬ابنــي األكــر يعمــل يف مطعــم‬

‫عمــر طفــل يف الخامســة عــر مــن عمــره مــن‬ ‫ريــف حلــب يعمــل يف مقهــى حتــى ســاعة‬ ‫متأخــرة مــن الليــل حيــث يقــوم بتخديــم‬ ‫األراكيــل ســألناه‪:‬‬ ‫ هل ذهبت إىل املدرسة؟‬‫‪ -‬يف ســورية نعــم‪ ،‬ولكــن منــذ ثــاث ســنوات‬

‫أم ح��امت‪ :‬إذا أرس��لت أوالدي إىل‬ ‫املدرس��ة فم��ن يعي��ل ه��ذه األس��رة؟‬

‫أب��و عم��ر‪ :‬أخس��ر اب�ني م��ا يف‬ ‫مشكلة ما عاد تفرق معي! فأنا‬ ‫خس��رت بي�تي وأهل��ي ووط�ني‪،‬‬ ‫ه��ل وقف��ت عل��ى عم��ر؟!‬

‫ونحــن يف أورفــا مل أذهــب!‬ ‫ ملاذا مل تذهب؟‬‫ ومــاذا أســتفيد مــن املدرســة غــر الحــي‪ ،‬هنــا‬‫آخــذ ‪ 20‬لــرة باليــوم عــدا اإلكراميــات!‬ ‫طلبــت منــه رقــم جــوال والــده فأعطــاين إيــاه‪،‬‬ ‫اتصلــت بالوالــد وســألته‪:‬‬ ‫ملــاذا مل ترســل ابنــك إىل املدرســة‪ ،‬فقــال يل بــأن‬ ‫ابنــه ال يصلــح للعلــم‪ ،‬قلــت لــه ولكــن ال يوجــد‬ ‫أحــد ال يصلــح للعلــم‪ ،‬فأنــت ســتخرس ابنــك اذا‬ ‫اســتمر يف عملــه باملقهــى حتــى ســاعة متأخــرة‬ ‫مــن الليــل‪ ،‬فقــال بيــأس وأىس‪ :‬أخــره مــا يف‬ ‫مشــكلة مــا عــاد تفــرق معــي! فأنــا خــرت‬

‫بيتــي وأهــي ووطنــي‪ ،‬هــل وقفــت عــى عمــر؟!‬ ‫أمــا الطفــل محمــد فعندمــا ســألته بــأي صــف‬ ‫أنــت؟ قــال‪:‬‬ ‫ يف الصف الثالث‬‫ يف أي مدرسة؟‬‫ لســت يف املدرســة‪ ،‬ولكــن لــو كنــت تلميــذا ً‬‫لكنــت اآلن يف الصــف الثالــث!‬ ‫محمــد هــذا أمنوذجــاً ألطفــال ال يعرفــون‬ ‫املــدارس‪ ،‬وال التعليــم‪ ،‬ومل يدخلــوا يف حياتهــم‬ ‫غرفــة صــف‪.‬‬ ‫تركتــه يركــض خلــف عربتــه يف البــازار باحثــاً‬ ‫عــن حمولــة متســوق جديــد!‬ ‫هنــاك حكمــة صينيــة تقــول‪« :‬إذا كنــت تخطــط‬ ‫لعــام قــادم‪ ،‬فعليــك أن تــزرع رزا ً‪ ،‬وأمــا إذا‬ ‫كنــت تخطــط لعــر ســنوات‪ ،‬فعليــك بزراعــة‬ ‫األشــجار‪ ..‬أمــا إذا كنــت تخطــط للمســتقبل‬ ‫الالمحــدود فــا بــد أن تعلــم أطفــاالً»‪.‬‬ ‫هــؤالء األطفــال هــم زادنــا للمســتقبل‪ ،‬فبهــم‬ ‫نبنــي األوطــان‪ ،‬وبهــم نصنــع املســتقبل الــذي‬ ‫نريــده لوطننــا‪ ،‬وإال فالكارثــة بانتظارنــا‪.‬‬


‫حرمل االقتصاد‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫كيل��و بن��دورة ب�ين نظري��ة القيم��ة وأش��ياء ُأخ��رى‪!..‬‬

‫د‪ .‬عبــد القــادر العلــي‬ ‫ننــزل إىل الســوق عــادة كل يــوم للتســوق‬ ‫مــن مختلــف املنتجــات‪ .‬ندفــع النقــود ونعــود‬ ‫محملــن باألكيــاس إىل بيوتنــا‪ ،‬ونحــن عــى‬ ‫يقــن أننــا نعــرف مــاذا دفعنــا ومــاذا أخذنــا‪،‬‬ ‫وأن أمورنــا متــام‪ ،‬مل نخــدع أحــدا ً‪ ،‬ومل يخدعنــا‬ ‫أحــد‪.‬‬ ‫بالتأكيــد‪ ،‬إننــا لــن نراجــع بعــد كل عمليــة‬ ‫رشاء كيلــو بنــدورة‪ ،‬نظريــة القيمــة عنــد‬ ‫ماركــس‪ ،‬وقصــة الدبــوس‪ ،‬لنعــرف‪ :‬هــل نحــن‬ ‫بهــذه العمليــة الرشائيــة خُدعنــا أم ال؟ وأن مــا‬ ‫دفعنــاه مــن قيمــة نقديــة تعــادل تكاليــف‬ ‫البنــدورة مــع هامــش ربحــي‪ ،‬أم أننــا دفعنــا‬ ‫مقابــل الكيلــو نقــودا ً أكــر مــن تكاليفــه‬ ‫بكثــر؟!‬ ‫هــذا مجــرد مثــال بســيط حــول القيمــة‪.‬‬ ‫ولكــن مــاذا عــن تكاليــف حياتنــا اليوميــة‬ ‫بشــكل عــام؟ املــاء والكهربــاء؟ عــن الخدمــات‬ ‫األخــرى التــي تقدمهــا الدولــة ملواطنيهــا‬ ‫عمومــاً؟ ابتــدا ًء مبجــرور امليــاه إىل التعليــم‬ ‫والطبابــة املجانيــة التــي يفتخــر بهــا النظــام‬ ‫عــى مــدى عقــود؟!!‬ ‫هنــا ال بــد مــن الوقــوف عــى الوضــع‬ ‫االقتصــادي بشــكل عــام‪ ،‬وعــى الجزئيــات‬ ‫بشــكل خــاص‪ .‬ألن مبــدأ التحليــل االقتصــادي‪،‬‬ ‫هــو ما ميكنــه أن يوضــح الصورة لنــا كمواطنني‬ ‫كيــف وملــاذا وأيــن تذهــب القيــم الحقيقيــة‬ ‫لإلنتــاج الــكيل للمجتمــع؟ ومــا قيمــة مــا‬ ‫يُعــاد للمواطــن منهــا؟ ومــا يذهــب إىل جيــب‬ ‫النظــام عــى شــكل رسقــات قانونيــة‪ ،‬محميــة‬ ‫بأرقــام مــزورة ال عالقــة لهــا بالواقــع‪.‬‬ ‫إن انعــدام الشــفافية االقتصاديــة حــول الدخل‬ ‫القومــي‪ ،‬ومخصصــات امليزانيــة‪ ،‬وأوجــه‬

‫رصفهــا‪ ،‬هــي أهــم دليــل عــى أن األمــور‬ ‫ليســت بخــر‪ ،‬وعالمــة شــك كبــرة حــول مــا‬ ‫يدخــل إىل خزينــة الدولــة‪ ،‬ومــا يخــرج منهــا‪،‬‬ ‫وخاصــة النســب مــن هــذه امليزانيــة إىل أي‬ ‫جهــة توجهــت؟‬ ‫كــم ســمعنا‪ ،‬أن نســبة كبــرة مــن امليزانيــة‬ ‫تذهــب إىل الدفــاع‪ ،‬وكــم ك ّنــا مقتنعــن أن‬ ‫ليــس مــن حــق املواطــن الســؤال عــن أوجــه‬ ‫رصفهــا؟ هــل فعـاً كانــت تذهــب إىل الدفــاع‪،‬‬ ‫أم أنهــا كانــت تذهــب ألجهــزة األمــن العديدة‬ ‫املنتــرة يف كل مدينــة وناحيــة وقريــة‪ ،‬ومل‬ ‫يبـ َـق إال أن يضــع النظــام رجــل األمــن يف كل‬ ‫بيــت!!‬ ‫وبالعــودة إىل مفهــوم القيمــة‪ ،‬فهــل كان‬ ‫املواطــن فع ـاً يحصــل عــى خدمــات تــوازي‬ ‫مــا يدفعــه لدولتــه مــن خدمــات ومنتجــات؟‬ ‫ال يعــرف الفــاح الســوري قيمــة الطــن الواحد‬ ‫مــن القمــح‪ ،‬وال ســعر الطــن مــن القطــن يف‬ ‫الســوق العامليــة‪ ،‬وال يعــرف تكاليــف تعليــم‬ ‫الطالــب يف الجامعــات الســورية‪ ،‬وال تكاليــف‬

‫عــاج املواطــن الســوري خــال العــام‪ .‬كل مــا‬ ‫يعرفــه أن التعليــم مجانيـاً‪ ،‬والطبابــة مجانيــة‪.‬‬ ‫هنــا ال بــد مــن التنويــه إىل يشء مهــم‪ ،‬وهــو‬ ‫أن الدولــة تلعــب دور رشكات التأمــن عــى‬ ‫صعيــدي التعليــم والصحــة‪ .‬وكلنــا يعلــم كــم‬ ‫هــي مربحــة مــن هــذه الناحيــة للضامــن‬ ‫واملتكفــل بالتعليــم والطبابــة! مل يســمح‬ ‫النظــام خــال كل فــرة حكمــه بإنشــاء رشكات‬ ‫التأمــن الخاصــة إال مؤخــرا ً‪ ،‬ولبعــض أزالمــه‬ ‫تحديــدا ً وبعــدد محــدود جــدا ً‪ ،‬ورمبــا لرامــي‬ ‫مخلــوف بأســاء مختلفــة‪ ،‬أخطبــوط االقتصــاد‬ ‫الســوري‪ .‬هــذا التمويــه وهــذه الضبابيــة التــي‬ ‫تخيــم عــى كل جوانــب حياتنــا االقتصاديــة‪،‬‬ ‫جعلــت مــن املواطــن كمــن يلعــب لعبــة‬ ‫«الغميضــة» مــع النظــام‪ ،‬ومل تُعصــب ســوى‬ ‫عينــي املواطــن‪ ،‬يف حــن كان النظــام يفتــح‬ ‫عينيــه عــى كل شــاردة وواردة‪.‬‬ ‫مل يكــن املــروع الرائــد يف حــوض الفــرات‬ ‫والبالــغ مســاحته ‪ 20‬ألــف هكتــار رائــدا ً‬ ‫أبــدا ً‪ ،‬كــا كان يحلــو للنظــام تســميته‪ ،‬وعــى‬

‫‪7‬‬

‫واألســمدة إىل أضعــاف مضاعفــة ليعــوض‬ ‫رسقاتــه الســابقة ‪.‬‬ ‫ال يعلــم املواطــن الســوري‪ ،‬وخاصــة الفالح‪ ،‬أن‬ ‫الدولــة يجــب أن تتكفــل بقســم مــن تكاليــف‬ ‫اإلنتــاج‪ ،‬وتســمح لــه ببيــع منتجاتــه لجهــة‬ ‫خاصــة أو حكوميــة‪ ،‬ويجهــل أيضـاً أن القيمــة‬ ‫التــي كانــت تفرضهــا الدولــة عــى القمــح‬ ‫والقطــن تحديــدا ً‪ ،‬مــا هــي إال الشــكل األوضح‬ ‫لرسقــة الدولــة ملواطنيهــا‪ .‬ولــو كان للفــاح‬ ‫الخيــار بــن جهتــن عــى األقــل ومتنافســتني‪،‬‬ ‫لــكان حالــه أفضــل‪ ،‬بــل وصــل الحــد يف بعــض‬ ‫الســنني إىل أن مــن ينقــل قمحــه إىل مــكان‬ ‫آخــر يعتــر مــن املهربــات بعــد جمــع املوســم‬ ‫مــدى أكــر مــن ثالثــن عامــاً‪ ،‬كان املــروع بقليــل ‪.‬‬ ‫واملشــاريع األخــرى التــي تجــاوزت مســاحتها‬ ‫‪ 107‬آالف هكتــار املرويــة بالراحــة األكــر مل يهنــأ الســوريون بقمحهــم وال بخبزهــم‪ ،‬ومل‬ ‫يأمنــوا عــى مســتوى معيشــتهم يومـاً مــا‪ .‬كل‬ ‫مثاليــة لرسقــة منتجاتهــا‪.‬‬ ‫لــو تعرفــت عــى أحــد مــدراء املــروع الرائــد مــا كان يعلمــه أن القيمــة التــي تضعهــا الدولة‬ ‫لعرفــت إىل أيــن كانــت تذهــب منتجاتــه مــن ألتعابــه وانتظــار موســمه هــي مجهولــة لــه‪،‬‬ ‫الفواكــه خاصــة‪ ،‬وعندمــا بدأ موظفــو املرشوع ولكــن مــاذا كان عليــه فعلــه أمــام طغمــة‬ ‫بالعــزوف عــن العمــل براتــب شــهري تــدىن اقتصاديــة مســترشية يف كل مســامات حياتــه‬ ‫اإلنتــاج إىل درجــة أنــه مل يعــوض تكاليفــه‪ ،‬ومعيشــته؟‬ ‫مــا اضطــر النظــام إىل توزيــع املــروع وأر ٍ‬ ‫اض كان النظــام يتبجــح مبجانيــة التعليــم والطبابة‪،‬‬ ‫أخــرى عــى الفالحــن‪ ،‬ومــن ضمنهــم أعضــاء وكان لســان حــال مريديــه يكــرر هــذه املقولــة‬ ‫يف حــزب البعــث‪ ،‬وأجهزتــه األمنيــة ومســؤولني كل يــوم‪ ،‬مذكريــن املواطــن الســوري بــأن‬ ‫ليــس لهــم عالقــة بالزراعــة بــأي حــال مــن هــذه الخدمــات يف باقــي الــدول مدفوعــة‬ ‫األحــوال ليعيــدوا بيــع األرايض لفالحــن األجــر ومكلفــة‪ ،‬وأن النظــام يقدمهــا ملواطنيــه‬ ‫مجانـاً‪ ،‬وباملقابــل‪ ،‬مل يذكــر النظــام وال أتباعــه‪،‬‬ ‫آخريــن‪.‬‬ ‫عندمــا تخـ ّـى النظــام عــن املــروع وتحويلــه مــا هــي القيمــة املدفوعــة مــن قبــل املواطــن‬ ‫إىل ملكيــة نصــف خاصــة‪ ،‬بحيــث ميكــن قمح ـاً وقطن ـاً وغريهــا مــن القيَــم؟!‬ ‫للفــاح العمــل بأرضــه‪ ،‬ولكــن ال يحــق لــه وهكــذا بقيــت العالقــة بــن املواطــن الســوري‬ ‫بيعهــا أو بنــاء بيــت فيهــا مــا زاد يف متاعــب والنظــام غامئــة دون مــؤرشات عــى أي مفــرق‬ ‫الفــاح أكــر‪ ،‬وخاصــة حــن رفــع أســعار املــواد مــن مفــارق القيمــة والتكاليــف ‪.‬‬

‫لعن��ة احلرائ��ق باحملروق��ات املك��ررة بدائي��ًا تط��ارد الس��وريني‬ ‫إبراهيم اإلسماعيل ‪ -‬ريف ادلب‬ ‫تنظــر إىل صغريهــا بحرقــة تدمــي‬ ‫العيــون‪« ،‬أم عــي» زوجــة الشــهيد الــذي‬ ‫تــرك خلفــه أربعــة أوالد‪ ،‬يبلــغ أصغرهــم‬ ‫الســنة الواحــدة مــن العمــر‪ ،‬احرتقــت‬ ‫املدفــأة ووقــع جــزء مــن النفــط املشــعل‬ ‫للمدفــأة عــى الصغــر مــا أدى إىل إصابتــه‬ ‫بحــروق مــن الدرجــة الثانيــة يف الوجــه‬ ‫واليديــن‪.‬‬ ‫تــروي أم عــي قصتهــا بحرقــة متــأ الصــدر‬ ‫وعيــون اغرورقــت بدموعهــا الدافئــة‪:‬‬ ‫«غــاء األســعار يف بدايــة فصــل الشــتاء‬ ‫ي أن اشــري‬ ‫جعــل مــن املســتحيل عــ ّ‬ ‫املــازوت للتدفئــة أو حطباً إلشــعال املدفأة‪،‬‬ ‫مل يبــق أمامــي إال أن أحــر النفــط غــر‬ ‫املكــرر‪ ،‬والــذي يشــتعل برسعــة كبــرة‪ ،‬ويف‬ ‫حــال ارتفــاع درجــة حـرارة املدفأة يشــتعل‬ ‫الوعــاء الخــاص بــه»‪.‬‬ ‫مــع بدايــة املســاء أشــعلت املدفــأة‪ ،‬وبعــد‬ ‫فــرة خرجــت مــن الغرفــة لتعــد العشــاء‬ ‫لصغارهــا‪ ،‬وبعــد برهــة وجــدت النــران‬ ‫تلتهــم غرفــة أوالدهــا‪ ،‬دخلــت مرسعــة‬ ‫لتجــد املنــزل قــد اشــتعل نــارا ً‪ ،‬والصغــر‬ ‫يــرخ مــن أمل الحريــق الــذي كــوى‬ ‫جســده النحيــل الصغــر‪.‬‬ ‫أرسعــت بــه للخــارج لتجــد املســعفني‪،‬‬ ‫وقــد هرعــوا بعــد رؤيــة الدخــان يتصاعــد‬ ‫مــن املنــزل‪ ،‬وعلــت أصــوات أطفالهــا‬ ‫اليتامــى الخائفــن‪ ،‬بســبب قلّــة األدويــة يف‬ ‫املشــايف امليدانيــة والنقــاط الطبيــة‪ ،‬منعهــا‬

‫وصاحــب معمــل تكريــر يف ريــف إدلــب‬ ‫يقــول‪« :‬نشــري «الفيــول» مــن املركبــات‬ ‫والصهاريــج الخاصــة بنقلــه‪ ،‬والتــي تعمــل‬ ‫عــى جلبــه مــن مناطــق ريــف حلــب‬ ‫الرشقــي والحقــول يف املنطقــة الرشقيــة‬ ‫ونقــوم بتكريــره عــن طريــق معامــل‬ ‫محليــة الصنــع وطريــق بدائيــة يف تكريــره‪،‬‬ ‫بالطبــع عمليــة تكريــره خطــرة جــدا ً‪،‬‬ ‫ونتعــرض لحرائــق عــدة إضافــة إىل خطــر‬ ‫القصــف‪ ،‬ولكنهــا الطريقــة الوحيــدة‬ ‫لتأمــن املحروقــات للمناطــق املحــررة‬ ‫يف ظــل االحتــكار الكبــر الــذي يقــوم بــه‬ ‫النظــام لهــذه املــواد»‪.‬‬

‫ذلــك مــن تقديــم العــاج الــروري لطفلها‬ ‫الصغــر مــا دفعهــا إىل الســفر إىل املشــايف‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وتأمــن عــاج وعمليــات تجميليــة‬ ‫لطفلهــا‪.‬‬ ‫الســبب األول الــذي أدى إىل هــذا الحريــق‬ ‫هــو مــادة «الفيــول» أو النفــط الخــام‬ ‫الــذي يبــاع بكــرة يف املناطــق املحــررة‪،‬‬ ‫والــذي يتميــز بانخفــاض أســعاره مــا‬ ‫يدفــع الفقــراء ممــن ال يســتطيعون‬ ‫تحمــل التكاليــف الباهظــة لـراء املــازوت‬ ‫النظامــي املســتخدم للتدفئــة ســابقاً‪.‬‬ ‫تتميــز هــذه املــادة برسعــة اشــتعالها‬

‫واســتجابتها ألقــل شــعلة صغــرة متــر‬ ‫بجانبهــا‪ ،‬كــا تزيــد نســبة املــواد‬ ‫الكيميائيــة الرسيعــة االشــتعال خطــر‬ ‫تواجــده يف املنــازل إضافــة إىل الغــازات‬ ‫املنبعثــة منــه‪ ،‬والتــي تنعكــس ســلباً عــى‬ ‫األطفــال الصغــار حديثــي الــوالدة وعــى‬ ‫صحتهــم ‪.‬‬ ‫«أم احمــد» والــدة الطفــل الصغــر أحمــد‬ ‫يف حديثهــا‪:‬‬ ‫«عنــد اشــتعاله يطلــق النفــط رائحــة‬ ‫كريهــة جــدا ً‪ ،‬كام يســبب الســعال الشــديد‬ ‫لنــا نحــن الكبــار‪ ،‬وصغــري يســعل بشــكل‬

‫مســتمر‪ ،‬ويف ظــل هــذا الــرد العنيــف‬ ‫ال أســتطيع إبعــاده عــن املدفــأة‪ ،‬وال‬ ‫أجــد ح ـاً إال أن أشــعل نــران املدفــأة يك‬ ‫نســتطيع تحمــل عواصف الشــتاء البــاردة»‬ ‫تتــوزع معامــل التكريــر يف ريــف إدلــب‬ ‫بشــكل كبــر‪ ،‬والتــي تنتــج العديــد مــن‬ ‫األنــواع الخاصــة باملحروقــات‪ ،‬منهــا الخاص‬ ‫بالتدفئــة‪ ،‬وبعضهــا اآلخــر يســتخدم‬ ‫للمركبــات التــي تســتطيع الســر عليــه‬ ‫وتقــدر عــى إحراقــه داخــل محركاتهــا‪.‬‬ ‫ويف حديــث آخــر مــع الســيد «أبــو‬ ‫خالــد» أحــد املنتجــن لهــذه املــواد‪،‬‬

‫أســعار الحطــب املســتخدم يف التدفئــة‬ ‫مرتفعــة جــدا ً‪ ،‬األمــر الــذي مينــع العديــد‬ ‫مــن أهــايل الريــف مــن الحصــول عليــه‪،‬‬ ‫فســعر يبلــغ ‪ 20‬ألف ـاً للطــن الواحــد هــو‬ ‫مبلــغ كبــر عــى معظــم العوائــل الريفيــة‪،‬‬ ‫والتــي ال يتجــاوز دخــل األرسة يف الشــهر‬ ‫الواحــد عــرة آالف لــرة ســورية‪.‬‬ ‫يســتمر العمــل بهــذه املــواد املؤذيــة‬ ‫بالرغــم مــن العديــد مــن الحــوادث التــي‬ ‫حدثــت يف شــتاء ســابق مــر عــى املناطــق‬ ‫املحــررة‪ ،‬وذلــك ألنــه الســبيل الوحيــد‬ ‫لتأمــن الــدفء لألطفــال الصغــار‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل إشــعال أكيــاس النايلــون والبالســتيك‬ ‫واألحذيــة الباليــة‪ ،‬والتــي تحتــاج إىل‬ ‫رشح أطــول عــن املســاوئ التــي يحدثهــا‬ ‫إشــعالها يف مناطــق ضيقــة ومغلقــة‪..‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫«برابرة الشمال»‬ ‫يقظ��ة ال��دب الروس��ي يف ك��روم الش��رق األوس��ط ‪/2/‬‬ ‫قــد يكــون مــن املفيــد هنــا اســتحضار‬ ‫رسديــة التاريــخ املــايض لدولــة بعينهــا بــات‬ ‫وجودهــا يف التحــوالت الجاريــة داخــل‬ ‫االحرتابــات‪ ،‬واملنازعــات يف أماكــن عديــدة مــن‬ ‫العــامل مؤثـرا ً إىل درجــة الفتــة‪ ،‬وصادمــة يقــارب‬ ‫يف مفاعيلــه مــا يســمى بـ»الــدور العميــق»‬ ‫للتدخــل‪ ،‬وهــذا مــا يؤكــد أهميــة اســتذكار‬ ‫رسديــة تكــ ّون دولــة مثــل روســيا‪ ،‬ومنــاء‬ ‫أهدافهــا االسـراتيجة‪ ،‬والجيوسياســية‪ ،‬ومصالــح‬ ‫أمنهــا القومــي الكــرى إذ تعــد روســيا «االتحــاد‬ ‫الســوفيتي» ســابقاً الدولــة التــي اســتطاعت‬ ‫قبــل‪ ،‬وخــال الحــرب العامليــة األوىل‪ ،‬ومــن‬ ‫بعدهــا أن تَحــوط قس ـاً كب ـرا ً مــن حدودهــا‬ ‫بحديقــة خلفيــة مــن الــدول الواهنــة اقتصاديـاً‬ ‫وعســكرياً جــراء الحــروب والنزاعــات التــي‬ ‫كانــت تســود العــامل ومتغرياتــه إبــان تلــك‬ ‫الفــرة الحرجــة‪ ،‬وذلــك مــا حقــق لهــا ســيطرة‬ ‫واســعة مل تكلفهــا إال اســتخدام سياســة القضــم‬ ‫املمنهــج والهيمنــة املريعــة كــا مل تســتطعه‬ ‫دولــة مــن قبــل يف تحقيــق ذلــك اإلقــدام‬ ‫املغامــر‪ ،‬فَ ُنثــا ُر األقاليــم الجغرافيــة املفيــدة‬ ‫بالنســبة لروســيا مــن الناحيــة االســراتيجية‪،‬‬ ‫حقــق لهــا وضمــن فــرة وجيــزة مــن الزمــن‬ ‫متــددا ً جغرافيـاً كبـرا ً بــدأ مــن ســاحل املحيــط‬ ‫الهــادي يف الــرق إىل أواســط أوربــا يف الغــرب‪،‬‬ ‫كــا أنهــا أوجــدت وفــق سياســة التهــام الجــوار‬ ‫والوصايــة الناعمــة خطوطــاً آمنــة هــي مــن‬ ‫تقــوم بحراســتها نحــو مناجــم املحيــط القطبــي‬ ‫يف الشــال التــي تحتــوي عــى ثــروات هائلــة‬ ‫مــن النفــط والغــاز يف الوقــت الــذي حولتــه إىل‬ ‫حــدود مفتوحــة عــى بحــر قزويــن‪.‬‬ ‫مل تتوقــف روســيا عــن قضــم األرايض املحيطــة‬ ‫بحدودهــا وإلحاقهــا بســياجها الفــوالذي عــى‬ ‫الرغــم مــن تحولهــا إىل دولــة قطبيــة عظمــى‬ ‫تدعــى «االتحــاد الســوفيتي» أمــام القطــب‬ ‫اآلخــر «الواليــات املتحــدة األمريكيــة»‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــا دفــع األمريــكان واألوربيــون إىل التعجيــل‬ ‫بعقــد اتفاقيــة «يالطــا» عــى ضفــاف البحــر‬

‫أسعد فخري‬

‫مؤمتــر يالطــا‪ :‬روزفلــت وترششــل وســتالني‬

‫األســود يف العــام «‪ ،»1945‬والتــي وضعــت‬ ‫حــدا ً لتمــدد االتحــاد الســوفيتي عــى األرايض‬ ‫املجــاورة لحــدوده املتغــرة باســتمرار‪ ،‬كــا‬ ‫أنهــا أوقفــت آلــة القضــم الجبــارة التــي‬ ‫ظــل يســتخدمها الســوفيت بعــد انتصارهــم‬ ‫ّ‬ ‫الســاحق عــى أملانيــا النازيــة بجــدارة جعلــت‬ ‫مــن الجيــش األحمــر مثــاالً للقــوة والجــروت‬ ‫والرهبــة‪ ،‬وذلــك مــا مكَّــن الســوفيت مــن‬ ‫تقاســم النفــوذ يف العــامل مــع الــدول التــي‬ ‫خرجــت منتــرة يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ترســيم خرائــط مــا بعــد الحــرب العامليــة‬ ‫الثانيــة‪:‬‬

‫مل تكــن اتفاقيتــا «يالطــا وبوتســدام» بعــد‬ ‫انتهــاء الحــرب العامليــة الثانيــة إال إعالنــاً‬ ‫رصيحــاً لبــدء الحــرب البــاردة بــن الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة واالتحــاد الســوفيتي عــر‬ ‫حلفــي «وارســو واألطلــي»‪ ،‬وتفعيــل ســباق‬ ‫التســلح بينهــا‪ ،‬وإشــاعة حــروب اإلنابــة يف‬ ‫العديــد مــن مناطــق التوتــر يف العــامل‪ ،‬كــا أن‬ ‫تلــك االتفاقيــات تلفــت إىل عقليــة «الغنيمــة»‬ ‫التــي متكنــت مــن رؤوس الــدول املنتــرة‬ ‫يف الحــرب‪ ،‬وأمعنــت يف توجهاتهــا املثــرة‬ ‫القتســام العــامل بعيــدا ً عــن املواثيــق اإلنســانية‬ ‫والحقوقيــة التــي تحفــظ كرامــة البــر‬

‫والحجــر‪ ،‬فأملانيــا املهزومــة يف الحــرب الثانيــة‬ ‫تــم تقاســمها مناصفــة بــن الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة التــي نالــت غربهــا واالتحــاد‬ ‫الســوفيتي الــذي اســتوىل عــى رشقهــا‪ ،‬إضافــة‬ ‫قســمت يوغســافيا‬ ‫إىل املقايضــة املريعــة التــي َّ‬ ‫عــى طاولــة تفاهــات القطبــن‪ ،‬حيــث نالــت‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة نســبة ‪ 25%‬منهــا‪،‬‬ ‫ومــا تبقــى التهمتــه آلــة الســوفيت وجبــة‬ ‫دســمة شــجعت «ســتالني» عــى إبــداء الرغبــة‬ ‫يف التهــام اليونــان مناصفــة مــع الواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬وبهــذا تكــون اتفاقيتــا «بوتســدام‬ ‫ويالطــا» مــن أقــذر االتفاقيــات الكــرى يف‬

‫القــرن العرشيــن املنــرم التــي أبرِمــت بــن‬ ‫دولتــن عــى حســاب الــدول األخــرى التــي‬ ‫تــم اقتســامها بهمجيــة عقليــة غنائــم الحــرب‬ ‫وويالتهــا‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك أن عقليــة «الغنيمــة» التــي‬ ‫مــا زالــت حتــى يومنــا هــذا تُعــ ُّد القاســم‬ ‫املشــرك الــذي يجمــع الــدول القويــة ويفرقهــا‪،‬‬ ‫إن كان يف ســاحات الحــروب أو فــوق طاولــة‬ ‫املفاوضــات أو مــن تحتهــا‪ ،‬وفــق شــعار جديــد‬ ‫يتــم تداولــه ورشعنــة أهدافــه ومراميــه منــذ‬ ‫انتهــاء الحــرب البــاردة بــن الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة واالتحــاد الســوفيتي الســابق تحــت‬ ‫يافطــة جديــدة اســمها «املصالــح االس ـراتيجة‬ ‫واحتياجــات حاميــة األمــن القومــي للــدول»‪،‬‬ ‫بيــد أن األمــر يف صورتــه الجديــدة هنــا ال‬ ‫يختلــف عــا كان متــداوالً وفــق منظــور‬ ‫الغنيمــة االس ـراتيجة ســوى أنــه الوجــه اآلخــر‬ ‫للعملــة ذاتهــا مضاف ـاً إليهــا املالحــق الرسيــة‬ ‫لالتفاقــات عــى العكــس متامــاً مــا كان‬ ‫متعــارف عليــه يف اتفاقيــات غنائــم مــا بعــد‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬والتــي كانــت تتــم‬ ‫بصــورة معلنــة ورصيحــة وموثقــة دون اللجــوء‬ ‫إىل التخفــي وراء األبــواب املواربــة أو اللقــاءات‬ ‫املنفــردة التــي يتــم االشــتغال عليهــا‪ ،‬كــا هــو‬ ‫الحــال داخــل كــروم الــرق األوســط الداميــة‬ ‫دون رادع وال معيــار أخالقــي يحــدد أهدافهــا‬ ‫القريبــة والبعيــدة‪.‬‬

‫ص��راع اإلمرباطوري��ات وحام��ل احلقيب��ة‬ ‫عصام حقي‬ ‫كــا حمــل طــوين بلــر رئيــس وزراء‬ ‫بريطانيــا األســبق حقيبــة بــوش‪ ،‬وتبعــه يف‬ ‫كل خطــوة مــن خطواتــه القــذرة وخاصــة يف‬ ‫حربــه الهمجيــة عــى أفغانســتان‪ ،‬والع ـراق‪،‬‬ ‫وبســط ســيطرته عليهــا‪ ،‬وارتــكاب الجرائــم‬ ‫وقتــل املاليــن فيهــا‪ ،‬ثــم تســليم املفتــاح‬ ‫العراقــي للحليــف اإليـراين يف مرسحيــة هزليــة‬ ‫واضحــة املعــامل ومحــددة الفصــول‪ ،‬يحمــل‬ ‫الغــرب اليــوم بقيــادة أوبامــا حقيبــة بوتــن يف‬ ‫مرسحيــة هزليــة أخــرى تالقــت فيهــا مصالــح‬ ‫الجميــع بعمليــة مرســومة عــى الــراب‬ ‫الســوري تحــت عنــوان ‪ -‬محاربــة اإلرهــاب ‪-‬‬ ‫لتنفيــذ برنامجهــم املســمى (الــرق األوســط‬ ‫الكبــر ثــم الــرق األوســط الجديــد) ‪.‬‬ ‫لقــد بــدأت تتوضــح مالمــح هــذا املخطــط‬ ‫حــن قــرر مهندســو خريطــة الطريــق أن‬ ‫يختلقــوا أزمــة مــا ‪ -‬ســتتحول الحقــاً إىل‬ ‫كارثــة ‪ -‬وأطلقــوا عليهــا تســمية (الفــوىض‬ ‫الخالقــة)‪ ،‬وأدركــوا أن نجــاح هــذه الخريطــة‬ ‫عــى أرض الواقــع لــن يتحقــق إال بانهيــار‬ ‫ذلــك الجــدار الفاصــل بــن إي ـران واملنطقــة‬ ‫العربيــة‪ ،‬وبالتــايل إيقــاظ فتنــة طائفيــة نامئــة‬

‫منــذ قــرون‪ ،‬وعملــوا كل مــا بوســعهم لهــدم‬ ‫الجــدار ‪ -‬وال يهمنــا هنــا كثـرا ً نوعيــة الجــدار‬ ‫أو القامئــن عليــه‪ ،‬بقــدر مــا يهمنــا أنــه كان‪،‬‬ ‫وبشــكل مــن األشــكال‪ ،‬حائــاً دون تدفــق‬ ‫الســيل املســتنقع خلفــه بإشــكاالته الحاقــدة‬ ‫قوميــاً وطائفيــاً ومذهبيــاً نحــو املنطقــة‪،‬‬ ‫انطالقــاً مــن ســورية‪ ،‬بجعلهــا منطقــة نــزاع‬ ‫طويــل األمــد‪ ،‬وبــؤرة حريــق يؤججــون نارهــا‬ ‫كلــا أوشــكت أن تنطفــئ ‪.‬‬ ‫أجــل‪ ،‬تدفقــت امليــاه اآلســنة‪ ،‬باعثــة روائحهــا‬ ‫الكريهــة إىل كل املنطقــة العربيــة‪ ،‬وراحــت‬ ‫تحــاول وضــع اللبنــة األوىل للحلــم الفــاريس‬ ‫القديــم‪ ،‬واملــروع اإليــراين القومــي‪ ،‬لرفــع‬ ‫رصح اإلمرباطوريــة الكرسويــة ثانيــة ‪،‬‬ ‫والحــؤول دون ‪-‬حتــى التفكــر‪ -‬بــأي مــروع‬ ‫آخــر مبواجهتهــم‪.‬‬ ‫لكــن أرشعــة ســفنهم الغازيــة املدفوعــة برياح‬ ‫عامليــة (رشقيــة وغربيــة ) متزقــت ‪-‬أو كادت‪-‬‬ ‫عــى صخــرة الصمــود األســطوري للشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬مــا اضطرهــم يف نهايــة األمــر إىل‬ ‫اإلذعــان لتدخــل الوكيــل الــرويس‪ ،‬بعــد انهيــار‬ ‫القــوى الغاشــمة اإليرانيــة وتالمذتهــا املطيعني‬ ‫يف حــزب اللــه اللبنــاين وتكــر حرابهــم تحــت‬ ‫أقــدام الثائريــن األح ـرار ‪.‬‬

‫جــاء التدخــل الــرويس إذا ً ملحاربــة اإلرهــاب‬ ‫ظاهــرا ً ومحاربــة بــل قتــل الشــعب تحــت‬ ‫ذلــك الشــعار باطن ـاً‪ .‬ومــن جهــة أخــرى كان‬ ‫هــدف الــروس وقــف امتــداد النفــوذ اإليـراين‬ ‫إىل املناطــق التــي ينــوون الهيمنــة عليــه‬ ‫واملخطــط لهــا منــذ زمــن بعيــد‪ ،‬لتســاعدهم‬ ‫عــى الخــروج مــن نفــق العزلــة‪ ،‬والعقوبــات‬ ‫الدوليــة التــي فرضــت عليهــم يف أعقــاب‬ ‫األزمــة األوكرانيــة الشــهرية ‪.‬‬ ‫إذ ال ميكــن لروســيا ‪-‬يف ظــل هــذا التداخــل‬ ‫الهائــل لــأذرع الدوليــة يف ســورية‪ -‬أن تســمح‬ ‫بتمريــر أي مــروع عــريب أو إقليمــي عــر‬ ‫التضاريــس الســورية دون أن يكــون لهــا‬ ‫وجــود فاعــل مؤثــر فيهــا‪ ،‬فســورية بالنســبة‬ ‫لهــا هــي املمــر الرئيــس والحيــوي نحــو امليــاه‬ ‫الدافئــة يف رشق املتوســط مــن جهــة‪ ،‬وهــي‬ ‫الســجادة الجميلــة املنبســطة انحــدارا ً نحــو‬ ‫بحــر العــرب واملحيــط الهنــدي مــن جهــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬ورمبــا لــن تتوافــر لهــا يف املســتقبل‬ ‫ظــروف مناســبة أكــر مــن الظــروف الحاليــة‬ ‫كبدايــة الطريــق لبنــاء رصح إمرباطوريــة‬ ‫قيرصيــة مــن جديــد‪ ،‬وإضفــاء هيبــة االتحــاد‬ ‫الســوڤييتي الســابق عليــه ‪.‬‬ ‫وهنــا بالضبــط تشــكلت ظــال مخــاوف‬

‫إيرانيــة نتيجــة تصــادم الحلمــن القدميــن‪:‬‬ ‫فقيــر يحلــم بالوصــول إىل املحيــط الهنــدي‪،‬‬ ‫وكــرى يحلــم بالرتبــع عــى شــواطئ‬ ‫املتوســط ‪.‬‬ ‫هكــذا بــدت آثار الفوىض الخالقــة األمريكية‬ ‫والغربيــة بإطــاق يــد الالعبــن العابثــن يف‬ ‫معركــة مل تحســب اإلدارة األمريكيــة حســابها‬ ‫جيــدا ً لتشــكل لهــا وألوبامــا شــخصيا أزمــة‬ ‫تحــره يف عنــق الزجاجــة‪ ،‬وبــؤرة رعــب‬ ‫بــات الخــروج منهــا مطمحــاً كبــرا ً لــه‪ ،‬بــل‬ ‫بــات يتمنــى انتهــاء واليتــه الرئاســية الثانيــة‬ ‫ومغــادرة البيــت األبيــض مــن البــاب الخلفــي‬ ‫الصغــر‪ ،‬واالســراحة مــن أعبــاء حقيبــة‬

‫بوتــن التــي أنقضــت ظهــره‪ ،‬ســيغادر أوبامــا‬ ‫املحافــل السياســية الرســمية‪ .‬وقــد تــرك يف‬ ‫ســجيل رئاســته انتكاســات للشــعوب قــد ال‬ ‫تقــل آثارهــا عــن آثــار هريوشــيام وناغــازيك‬ ‫يف شــكل جرميــة أمريكيــة متكــررة لكــن عــى‬ ‫األرض الســورية هــذه املــرة ‪.‬‬ ‫لــن يلــ ّوح أحــرار ســورية ألوبامــا بأيديهــم‬ ‫تلويحــة الــوداع‪ ،‬ولــن يجثــو أحــد منهــم‬ ‫عــى ركبتيــه مستســلامً للفــوىض التــي أعلنهــا‬ ‫العــدو األمريــي‪ ،‬وال لحــرب اإلبــادة التــي‬ ‫ولــغ فيهــا العــدو الــرويس‪ ،‬واثقــن أن تحريــر‬ ‫ســورية لــن يكــون إال بقـرار الشــعب وإرادته‬ ‫بــإذن اللــه‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪9‬‬

‫سوريا‪ ..‬حلم الدميقرطية واحلرية‬ ‫عندمــا ســئل الســلفي قائــد جيــش‬ ‫اإلســام زهـران علــوش عــن اختطــاف رزان‬ ‫زيتونــة‪ ،‬وعــن إمكانيــة إخراجهــا‪ ،‬أجــاب‬ ‫مبــا يعنــي بــأنّ املســألة قضائيــة لديهــم‪،‬‬ ‫وبأنهــا متهمــة بأســباب خارجيــة‪ ،‬وأضــاف‬ ‫بأنــه يســتغرب أن يُســأل عنهــا‪ ،‬وهنــاك‬ ‫الكثــر مــن النســاء املســلامت يف ســجون‬ ‫النظــام يتعذبــن‪ ،‬وكان الجــواب مبثابــة‬ ‫اعــراف رصيــح منــه بأنــه اختطفهــا ألنهــا‬ ‫غــر مســلمة ســنية‪ ،‬رافض ـاً أن يقــف معــه‬ ‫يف صفــوف املعارضــة أي شــخص توجهــه ال‬ ‫إســامي‪ ،‬وكأن رزان مل تكــن معارضــة لهــذا‬ ‫النظــام قبلــه‪ .‬وكالمــه كان واضح ـاً ال لبــس‬ ‫فيــه‪ ..‬أصـاً املرحــوم كان ســلفياً جهادياً‪ ،‬مبا‬ ‫يعنــي أن أي التبــاس فيــا يخــص مــروع‬ ‫الدولــة اإلســامية لديــه غــر موجــود‪ ،‬فهــو‬ ‫يقــود جيــش إســامي ســلفي التوجــه‪ ،‬لــي‬ ‫يتوجــه بنــا لدولــة إســامية‪.‬‬ ‫النســاء املعارضــات العلامنيــات غــر‬ ‫اإلســاميات كــرزان زيتونــة يشــكلّن خط ـرا ً‬ ‫عــى اإلمــارة املنشــودة أكــر مــن النظــام‪.‬‬ ‫أمتــن‬ ‫مل أفــرح يف حيــايت ملــوت أحــد‪ ،‬ومل‬ ‫َ‬

‫املــوت ألحــد‪ ،‬وال حتــى أل لّــد أعــدايئ ففــي‬ ‫املــوت خشــوع وحــزن‪ ،‬ولكــن عندمــا أرى‬ ‫الرثــاء الــذي كتبــه يف زه ـران علــوش مــن‬ ‫توســمنا فيــه انفتــاح ذهنــي ووســطية‪ ،‬أي‬ ‫الشــيخ معــاذ الخطيــب الــذي يعتــر نفســه‬ ‫منــذ البارحــة وريــث الخالفــة العلوشــية‪،‬‬ ‫وعندمــا أرى عــرة آالف ســلفي ســوري‪،‬‬ ‫ومــن أصحــاب املهادنــة مــع مــروع‬ ‫اإلمــارة يباركــون كالم الشــيخ معــاذ‪ ،‬أحــزن‬ ‫لحــال الســوريني‪ ،‬فاللــه يرحــم ويحســن‬ ‫ويغفــر للشــيخ علــوش‪ ،‬ولكــن صدمتنــا‬ ‫كبــرة فحتــى مــن ك ّنــا نظنــه معتــدالً‪،‬‬ ‫كالشــيخ معــاذ الخطيــب اتضــح أنــه رشيــك‬ ‫يف مــروع اإلمــارة‪..‬‬ ‫فيــا يتــم اتهــام الــروس بقتــل زهــران‬ ‫علــوش‪ ،‬ال ميكننــا أن ننفــي احتــال أن‬ ‫الطــرف اآلخــر صديقــه الــذي اغتالــه‪ ،‬فهــو‬ ‫كان يشــكل عقبــة يف فريــق اتفــاق دويل‪.‬‬ ‫يقــول البعــض ستشــتعل ســوريا أكــر‪،‬‬ ‫وتســتمر الحــرب ملــدة أطــول بســبب‬ ‫استشــهاد زهــران علــوش‪ ،‬ولكــن ال يشء‬ ‫يوقــف املــروع الجهــادي‪ ،‬ال استشــهاد‬

‫قائدهــم‪ ،‬وال أي اتفاقيــة يتظاهــرون فيهــا‬ ‫بالقبــول بالوســطية أو الهدنــة‪ ..‬وعلــوش‬ ‫وغــره ال ميلكــون ســلطة القبــول بالتنــازل‬ ‫عــن املــروع اإلســامي عــى األرض‪..‬‬ ‫ـن عــى األرض ميــي يف مــروع واضــح‬ ‫مـ ْ‬ ‫املعــامل‪ ،‬ويطلــب مــن املعارضــة العمــل‬ ‫ألجلــه فقــط‪ ،‬وبكافــة الســبل واملــروع‬ ‫هــو الدولــة اإلســامية‪ ،‬وال دور آخــر ألي‬ ‫معــارض ممــن نــرى يف الريــاض واســتنبول‬ ‫إال خدمتــه‪.‬‬ ‫هــؤالء ككل اإلســاميني ومعــاريض‬ ‫البــرودوالر كغليــون وحجــاب وصــرا‪ ،‬أي‬ ‫مــن أنشــدوا شــعرهم يف بالط أمـراء النفطـ‪،‬‬ ‫هــؤالء يريــدون حــرب مســتمرة حتــى‬ ‫الفنــاء أو الكــريس االنقــايب‪ ،‬ألنهــم مل يعــوا‬ ‫إىل حــد اآلن بــأن هــدف الثــورة كان عمليــة‬ ‫تغيــر نحــو الدميقراطيــة‪ ،‬وليــس كــريس أو‬ ‫انقــاب مــن عــى دبابــة‪ ..‬التغيــر الــذي‬ ‫كنــا نتحــدث عنــه حتــى مــا قبــل الثــورة‬ ‫ال يســعون إليــه أبــدا ً‪ ،‬بــل هــم يريــدون‬ ‫ترســيخ أســلوب النظــام بالحكــم‪ ،‬ومقارنــة‬

‫بالضبــاط البعثيــن‪ ،‬هــم ال يختلفــون عنهــم‬ ‫بــيء‪ .‬الثــورة تســعى للتغيــر‪ ،‬ولكــن مــا‬ ‫هــو هــذا التغيــر الــذي يريــد إحداثــه‬ ‫جيــش اإلســام‪ ،‬ونحــو مــاذا وبــأي نــوع‬ ‫مــن التغيــر يعدنــا االئتــاف ومــن حولــه؟‬ ‫العــرة التــي يجــب أن نعيهــا هــو أن‬ ‫قطــر والســعودية وأردوغــان ال ميولــون وال‬ ‫يدعمــون أي ثــورة ال إســامية يف ســوريا‪،‬‬ ‫وبأنهــم ســيعملون عــى عرقلــة أي مســار‬ ‫لحــل ســلمي يضمــن وحــدة ســوريا‪ ،‬إن مل‬ ‫يفرضــوا رشوطهــم وأزالمهــم‪ ..‬وإال فهــم‬ ‫مســتمرون بدعــم املــروع اإلســامي‬ ‫الجهــادي حتــى النــر أو التقســيم‪..‬‬ ‫املعارضــة املدعومــة مــن قبلهــم أثبتــت لنــا‬ ‫بوضــوح بأنهــا ترفــض التعاطــي أو العمــل‬ ‫بنديــة مــع أي معــارض دميقراطــي علــاين‪،‬‬ ‫وعــى العلــاين الــذي يقــف معهــم أن‬ ‫ينصــاع ملرشوعهــم‪ ،‬وأن يقبــل بــه وإال فلــن‬ ‫تــرىض عنــه الســعودية وقطــر وأردوغــان‪...‬‬ ‫يــذوب الثلــج ويظهــر املــرج‪ ..‬كل يــوم‬ ‫يتوضــح لنــا أكــر حجــم الكــذب الــذي‬ ‫أحيطــت بــه كلمــة دميقراطية يف قاموســهم‪،‬‬

‫لمى األتاسي‬ ‫وميــاه ســوريا تكــذب كل الغطاســن‬ ‫الكاذبــن بشــعاراتهم‪ ..‬نحــن ننشــد ثــورة‬ ‫حقــوق جديــدة ال تنــازل عــن حقــوق‬ ‫حصلــت عليهــا جداتنــا وأجدادنــا‪ ،‬ونرفــض‬ ‫أن نفــرط بهــا‪ ..‬نحــن كنــا نطالــب النظــام‬ ‫بأكــر‪ ،‬وإذا باملعارضــة تريــد أن تنــزع مــن‬ ‫يدينــا مــا منلــك‪ ..‬عجبـاً للتقدميــن املصفقني‬ ‫للمــروع اإلســامي‪ ..‬عجباً لنســاء متنازالت‬ ‫عــن حقوقهــن‪ ،‬وعــن رجــال معارضــة‬ ‫متربئــن مــن تاريــخ نضالهــم مــن ســنوات‬ ‫اعتقالهــم مــن أناشــيد الحريــة‪..‬‬

‫بني الثريا والثرى!‬ ‫عمــر شــحرور‬ ‫يف األزمــة الرتكيــة الروســية‪ ..‬مــن‬ ‫ســيخرس أكــر؟ مــا هــو وجــه املقارنــات بــن‬ ‫روســيا وتركيــا والحكــم فيهــا؟‬ ‫لقــد عشــت بعض ـاً مــن عمــري يف روســيا‪..‬‬ ‫وبعضــاً أكــر يف تركســتان (بــاد مــا وراء‬ ‫النهــر) وعامــن اآلن وأنــا يف تركيــا‪ ..‬أجريــت‬ ‫عمليتــن جراحيتــن‪ ..‬يف الركبــة وللقلــب‪..‬‬ ‫لذلــك أكتــب مــن مشــاهدة عيانيــة‬ ‫ملفارقــات عشــتها بــن روســيا ومســتعمراتها‬ ‫وتاريخهــا‪ ..‬وبــن تركيــا وماضيهــا وحارضهــا‬ ‫الجميــل ومســتقبلها الواعــد إن شــاء اللــه‪.‬‬ ‫ال شــك أن الشــعوب هــي التــي تدفــع مثــن‬ ‫أخطــاء قادتهــا‪ ..‬خاصــة إذا كانــوا مجرمــن‬ ‫ديكتاتوريــن ومــرىض أو معتوهــن ومجانــن‬ ‫أمثــال نــرون وهتلــر وموســوليني!‬ ‫مــاذا أخطــأت القيــادة الرتكيــة يف إســقاط‬ ‫الطائــرة الروســية التــي دخلــت األجــواء‬ ‫الرتكيــة‪..‬؟؟‬ ‫مــاذا تفعــل روســيا يف ســوريا وعــى‬ ‫الحــدود الرتكيــة‪..‬؟؟‬ ‫تركيــا دافعــت عــن حقهــا يف ســائها وأرضها‬ ‫ويف أهلهــا (ونحــن الســوريون جميعهــم‬ ‫أهــل تركيــا)‪ ..‬بينــا روســيا أتــت لتدافــع‬ ‫عــن مجــرم وقاتــل للشــعب الســوري‪..‬‬ ‫ومتــارس القتــل للمدنيــن والتدمــر‬ ‫للمنشــآت الطبيــة والحياتيــة والســكنية‪..‬‬ ‫فالجرائــم الروســية ضــد الشــعوب قامئــة‬ ‫منــذ عقــود‪ ..‬وليــس جديــد العــدوان عــى‬ ‫ســوريا وقــدوم الجيــش الــرويس لحاميــة‬ ‫أكــر مجــرم يف القــرن بشــار أســد مــن‬ ‫الســقوط!‬ ‫الــروس يرتكبــون الجرائــم بحاميتهــم لــكل‬ ‫الطغــاة يف العــامل ومنهــم أســد وســييس‬ ‫وقــوات ال ب ك ك بواجهتهــم الســورية‬ ‫وحــدات الحاميــة الكرديــة االنفصاليــة‪..‬‬ ‫ملاذا تفعل ذلك القيادة الروسية؟‬ ‫ألنهــا قيــادة ديكتاتوريــة فاســدة متــارس‬ ‫اللصوصيــة والقمــع والقتــل والتدمــر يف‬ ‫روســيا ثــم يف كل مــكان وحيــث ال يســتطيع‬

‫املحليــة الســيئة املســممة‪.‬‬ ‫تصــدر تركيــا مــواد غذائيــة ومــواد صناعيــة‬ ‫مبــا فيهــا القطــارات إىل العــامل بينــا روســيا‬ ‫تســتورد معظــم موادهــا وصــوالً للجرابــات‬ ‫النســائية والشــوكوال والجــن وغريهــا الكثــر‪.‬‬ ‫تركيــا انتقلــت يف عهــد أردوغــان إىل دولــة‬ ‫تقدمــة صناعيـاً وتجاريـاً وسياســياً وأصبحت‬ ‫مــن الــدول العرشيــن األقــوى‪ ..‬بينــا روســيا‬ ‫يرتاجــع دورهــا رغــم كونهــا أكــر الــدول‬ ‫تصدي ـرا ً للنفــط والغــاز واملــواد الخــام‪.‬‬

‫الغــرب أو ال يريــد قمعهــا! كــا جــرى يف‬ ‫جورجيــا وأوكرانيــا!‬ ‫بوتــن يفقــر الشــعب الــرويس الــذي يجــب‬ ‫أن يكــون مــن أغنــى شــعوب األرض حيــث‬ ‫متوســط دخــل الفــرد الــرويس ال يتجــاوز‬ ‫‪ 5000‬دوالر ســنوياً يف دولــة تصــدر كل يــوم‬ ‫‪ 10‬مليــون برميــل نفــط فقــط عــدا الغــاز‬ ‫والحديــد واألخشــاب والعاهــرات‪..‬‬ ‫بينــا تركيــا تصــدر املنتوجــات املصنعــة مــن‬ ‫غذائيــة وغريهــا إىل ‪ 180‬دولــة ومتوســط‬ ‫دخــل الفــرد فيهــا يتجــاوز ‪ 11000‬دوالر‬ ‫أكــر مــن الضعــف الــذي يحصــل عليــه‬ ‫الــرويس‪..‬‬ ‫تركيــا فيهــا انتخابــات حــرة نزيهــة وشــفافة‬ ‫ودميقراطيــة وشــعبها ميــارس حقــه االنتخــايب‬ ‫بنســبة ‪ 90%‬بينــا بوتــن يعــن رئيســاً‬ ‫للبــاد ثــم يعزلــه‪ ..‬ومجلــس الدومــا ليــس‬ ‫أكــر مــن مجلــس للغنــم مثــل الــذي لــدى‬ ‫جميــع الــدول الديكتاتوريــة‪.‬‬ ‫بوتــن يقتــل معارضيــه ويدمــر البــاد التــي‬ ‫اســتعمروها عندمــا طالبــت باالســتقالل كــا‬ ‫يف شيشــانيا‪ ..‬بينــا تركيــا تحقــق الســام مع‬ ‫األكــراد ويتــم التحــاور معهــم مــن أجــل‬ ‫إحقــاق الســلم األهــي ويدخــل الربملــان‬ ‫حــزب كــردي وتنــر التنميــة الشــاملة يف‬

‫الشــعب بهــا مــن خــال إنجــازات قــل‬ ‫نظريهــا عامليـاً وهــذا بجهــد وعــرق الشــعب‬ ‫الــريك وبتوجيــه مــن قيادتــه‪ ..‬بينــا بوتــن‬ ‫وأركان حكمــه أتــوا مــن أقبيــة املخابــرات‬ ‫الســيئة الصيــت ذات التاريــخ القــذر‪ ..‬وأيضاً‬ ‫مــن شــوارع روســيا الوســخة التــي أفــرزت‬ ‫قــادة املافيــا الروســية األكــر وحشــية يف‬ ‫التاريــخ والتــي مل تلتــزم حتــى بقواعــد‬ ‫العصابــات املافياويــة‪ ..‬حكــم روســيا اليــوم‬ ‫هــو عبــارة عــن الجمــع املرعــب الرشيــر‬ ‫لجهــازي املخابــرات واملافيــا الروســية‪.‬‬ ‫تركيــا تدعــم الثــورة الســورية وفصائلهــا‬ ‫وتقــدم املليــارات ملســاعدة النازحــن‬ ‫الســوريني والعراقيــن وغريهــم وتنــر‬ ‫يف العــامل قيــم الحريــة والعدالــة وتبنــي‬ ‫الجامعــات واملشــايف واملــدارس والطــرق‬ ‫وأيضـاً املســاجد يف العــامل وتقــول (ال ينقــص‬ ‫مــال مــن صدقــة)‪ ..‬بينــا روســيا تصــدر‬ ‫األســلحة والعاه ـرات (مــن الفقــر وبســببه)‬ ‫وتقيــم املحطــات النوويــة وتدعــم كل‬ ‫الديكتاتوريــات يف العــامل وتســاند الطغــاة‬ ‫باألســلحة واملــال عــى حســاب الشــعب‬ ‫كل البــاد‪.‬‬ ‫الــرويس الفقــر وتســتورد كل يشء حتــى‬ ‫القيــادة الرتكيــة أتــت مــن رحــم الشــعب الفــودكا الجيــدة تســتوردها مــن أمريــكا‬ ‫مــن خدمتــه خــال عقــود واكتســبت ثقــة وفلنــدا بينــا يــرب الــروس الفــودكا‬

‫روســيا دولــة عســكرتارية ‪ -‬مخابراتيــة‬ ‫ مافياويــة ومــا يرتتــب عــى ذلــك مــن‬‫فســاد وإفســاد للحيــاة مبختلــف أشــكالها‬ ‫مبــا فيهــا الحيــاة السياســية والثقافيــة‬ ‫(مخالفــة التظاهــر ‪ 10000‬دوالر أمريــي‬ ‫للفــرد‪ ،‬قتــل املعارضــن ‪ -‬انتخابــات‬ ‫صوريــة ‪ -‬تزايــد العنرصيــة والنازيــة ‪-‬‬ ‫تجــارة الدعــارة واملخــدرات‪ ..)..‬بينــا تركيــا‬ ‫دولــة حــرة دميقراطيــة تســود فيهــا قيــم‬ ‫العدالــة ورئيــس منتخــب بنســبة ‪ 52%‬يف‬ ‫ظــل خدمــات طبيــة وتعليميــة مجانيــة‬ ‫يف كل تركيــا وطبقــت ذلــك عــى الالجئــن‬ ‫الســوريني وغريهــم‪.‬‬ ‫بوتــن قتــل الجـرال الكســندر ليبــد املرشــح‬ ‫لرئاســة روســيا خلف ـاً لبوريــس يلتســن ثــم‬ ‫أخــرا ً اغتــال بوريــس نيمتســوف قــرب‬ ‫الكرملــن يف رســالة لجميــع املعارضــن بــأن‬ ‫يغلقــوا أفواههــم‪..‬‬ ‫بينــا أردوغــان يدافــع عــن نفســه أمــام‬ ‫معارضيــه الذيــن يتهمونــه مبامرســة‬ ‫الديكتاتوريــة السياســية ويــرك للقضــاء‬ ‫الفصــل يف النزاعــات والتــي تخــص أرستــه‬ ‫دون تدخــل منــه يف الوقــت الــذي يعيــش‬ ‫إخوتــه وإىل يومنــا هــذا مــن أعاملهــم‬ ‫الخاصــة دون أي فائــدة تلقوهــا بســبب‬ ‫وجــود أردوغــان يف ســدة الحكــم خــال ‪13‬‬ ‫عامــاً‪.‬‬ ‫كثــرة هــي املفارقــات‪ ...‬بــن الرثيــا وبــن‬ ‫الــرى! وبــن أردوغــان وذاك ال بوتــن!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪/‬سيناريو رقم ‪/1‬‬

‫عمــر المحمــد العــرودي‬ ‫يبدو أن املرحلة الجديدة‬ ‫(مشــوار األلــف ميــل) قــد بــدأت فبعــد‬ ‫قــرار مجلــس األمــن باألمــس الجمعــة يف‬ ‫‪ 18/12/2015‬وإذ يشــر إىل مطالبتــه بــأن‬ ‫تتخــذ جميــع األطـراف كل الخطــوات املالمئــة‬ ‫لحاميــة املدنيــن‪ ،‬مبــن فيهــم أفـراد الجامعات‬ ‫العرقيــة والدينيــة واملذهبيــة‪ ،‬وإذ يؤكــد يف‬ ‫هــذا الصــدد أن الســلطات الســورية تتحمــل‬ ‫املســؤولية الرئيســية عــن حاميــة ســكانها‪.‬‬ ‫وإذ يكــرر التأكيــد عــى أنــه مــا مــن حــل‬ ‫دائــم لألزمــة الراهنــة يف ســورية إال مــن خالل‬ ‫عمليــة سياســية جامعــة بقيــادة ســورية تلبــي‬ ‫التطلعــات املرشوعــة للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫بهــدف التنفيــذ الكامــل لبيــان جنيــف املــؤرخ‬ ‫‪ 30‬حزيران‪/‬يونيــه ‪ ،2012‬الــذي أيــده الق ـرار‬ ‫‪ ،)2013( 2118‬وذلــك بســبل منهــا إنشــاء‬ ‫هيئــة حكــم انتقاليــة جامعــة تخـ َّول ســلطات‬ ‫تنفيذيــة كاملــة‪ ،‬وتعتمــد يف تشــكيلها عــى‬ ‫املوافقــة املتبادلــة‪ ،‬مــع كفالــة اســتمرارية‬ ‫املؤسســات الحكوميــة‪،‬‬ ‫وإذ يشــجع‪ ،‬يف هــذا الصــدد‪ ،‬الجهــود‬ ‫الدبلوماســية التــي يبذلهــا الفريــق الــدويل‬ ‫لدعــم ســورية (الفريــق الــدويل) للمســاعدة‬ ‫عــى إنهــاء النــزاع يف ســورية‪،‬‬ ‫وإذ يثنــي عــى الت ـزام الفريــق الــدويل‪ ،‬عــى‬ ‫النحــو الــوارد يف البيــان املشــرك عــن نتائــج‬ ‫املحادثــات املتعــددة األطـراف بشــأن ســورية‬ ‫الصــادر يف فيينــا بتاريــخ ‪ 30‬ترشيــن األول‪/‬‬ ‫أكتوبــر ‪ 2015‬وبيــان الفريــق الــدويل املــؤرخ‬ ‫‪ 14‬ترشيــن الثاين‪/‬نوفمــر ‪( 2015‬املشــار‬

‫إليهــا فيــا يــي بـ»بيــاين فيينــا»)‪ ،‬بكفالــة‬ ‫االنتقــال الســيايس تحــت قيــادة ســورية ويف‬ ‫ظــل عمليــة ميتلــك الســوريون زمامهــا‪ ،‬عــى‬ ‫أســاس مجمــل مــا جــاء يف بيــان جنيــف‪،‬‬ ‫وإذ يشــدد عــى الحاجــة امللحــة ألن تعمــل‬ ‫جميــع األطــراف يف ســورية بشــكل حثيــث‬ ‫وب ّنــاء يف ســبيل تحقيــق هــذا الهــدف‪،‬‬ ‫وإذ يحــث جميــع األطــراف يف العمليــة‬ ‫السياســية التــي تتــوىل األمــم املتحدة تيســرها‬ ‫عــى االلتـزام باملبــادئ التــي حددهــا الفريــق‬ ‫الــدويل‪ ،‬مبــا يف ذلــك االلتـزام بوحــدة ســورية‬ ‫واســتقاللها وســامتها اإلقليميــة وطابعهــا غــر‬ ‫الطائفــي‪ ،‬وكفالــة اســتمرارية املؤسســات‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬وحاميــة حقــوق جميع الســوريني‪،‬‬ ‫بغــض النظــر عــن العــرق أو املذهــب الديني‪،‬‬ ‫وضــان وصــول املســاعدات اإلنســانية إىل‬ ‫جميــع أنحــاء البلــد‪،‬‬ ‫وإذ يضــع يف اعتبــاره الهــدف املتمثــل يف جمع‬

‫أوســع نطــاق ممكــن مــن أطيــاف املعارضــة‪،‬‬ ‫باختيــار الســوريني‪ ،‬الذيــن ســيقررون مــن‬ ‫ميثلهــم يف املفاوضــات ويحــددون مواقفهــم‬ ‫التفاوضيــة‪ ،‬وذلــك حتــى يتســنى للعمليــة‬ ‫السياســية أن تنطلــق‪ ،‬وإذ يحيــط علــا‬ ‫باالجتامعــات التــي عقــدت يف موســكو‬ ‫والقاهــرة ومبــا اتخــذ مــن مبــادرات أخــرى‬ ‫تحقيقــا لهــذه الغايــة‪ ،‬وإذ يالحــظ عــى وجــه‬ ‫الخصــوص جــدوى اجتــاع الريــاض‪ ،‬املعقــود‬ ‫يف الفــرة مــن ‪ 9‬إىل ‪ 11‬كانــون األول‪/‬ديســمرب‬ ‫‪ ،2015‬الــذي تســهم نتائجــه يف التمهيــد‬ ‫لعقــد مفاوضــات تحــت رعايــة األمــم‬ ‫املتحــدة بشــأن التوصــل إىل تســوية سياســية‬ ‫للن ـزاع‪ ،‬وفقــا لبيــان جنيــف و ”بيــاين فيينــا“‪،‬‬ ‫وإذ يتطلــع إىل قيــام املبعــوث الخــاص لألمــن‬ ‫العــام إىل ســورية بوضــع اللمســات األخــرة‬ ‫عــى الجهــود املبذولــة تحقيقــا لهــذه الغايــة‪،‬‬ ‫‪- 1‬يؤكــد مــن جديــد تأييــده لبيــان جنيــف‬

‫من األسد إىل بوتني‪ ..‬اخلوف من املساجد‪..‬؟!‬ ‫إدلب ‪ ( -‬إ ‪ -‬إسماعيل )‬ ‫بــدأت الحكايــة يف الخامــس عــر مــن‬ ‫آذار مــن العــام ‪ 2011‬مــن أحــد املســاجد يف‬ ‫مدينــة دمشــق لتنتــر إىل مســاجد املــدن‬ ‫األخــرى تباعــاً ومــن دون ســابق إنــذار أو‬ ‫دعــوة أو تنســيق‪.‬‬ ‫اعتــر األســد املســاجد عــدوه األول‪ ،‬وكانــت‬ ‫طلعــات جنــوده اليوميــة باتجــاه املســاجد‬ ‫واعتقــال املصلــن يف بدايــة الثــورة‪ ،‬فكانــت‬ ‫مداهمــة املســجد العمــري يف درعــا أوىل‬ ‫األعــال املخزيــة التــي أتخذهــا ورصح‬ ‫لإلعــام بــأن اإلرهابيــن حولــوه إىل خليــة‬ ‫إرهابيــة‪.‬‬ ‫اســتمر خــوف األســد مــن املــآذن واملســاجد‬ ‫حتــى اليــوم‪ ،‬فكانــت عــدوه األول ويــوم‬ ‫الجمعــة حــرا ً كان اليــوم األكــر قلقــاً‬ ‫لديــه‪.‬‬ ‫مــع اشــتداد وتــرة الحــرب يف ســوريا‪،‬‬ ‫وتحويــل األســد أرض الياســمني إىل ســاحة‬ ‫حــرب عامليــة تفتــك بأطفــال جلدتــه‬ ‫األبريــاء‪ ،‬زادت حصــة املســاجد مــن القصف‬ ‫والتدمــر عــن ســابق األوان‪ ،‬واســتمر النظــام‬ ‫بتدنيــس حرمتهــا إىل يومنــا الحــايل‪.‬‬ ‫جامــع خالــد بــن الوليــد يف مدينــة حمــص‬ ‫كان أكــر شــاهد عــى الحقــد الدفــن‬ ‫والخــوف املشــبع يف نفــس األســد‪ ،‬قصــف‬ ‫املســجد‪ ،‬وهــدم الرضيــح‪ ،‬كان مــن أكــر‬ ‫األعــال البطوليــة التــي قامــوا بهــا وافتخــروا‬ ‫بقيامهــم بهــا وســط اعالمهــم الفاســد‪.‬‬ ‫«حمزة» ‪ 28‬عاماً من مدينة حمص‪:‬‬ ‫«كان مســجد خالــد بــن الوليــد مــن أشــهر‬ ‫معــامل املدينــة وكان مقصــد العديــد مــن‬

‫النــاس يف باقــي املحافظــات‪ ،‬هدمــه األســد‬ ‫بــرودة كاملــة وألقــى اللــوم عــى الثــوار‬ ‫يف عملــه التخريبــي‪ ،‬فهــو يعتــر املســاجد‬ ‫منبــع الثــورة ضــد حكمــه ويعمــل عــى‬ ‫وأدهــا يف كل يــوم»‪.‬‬ ‫هــذا الخــوف الدفــن دفــع األســد إىل تدمــر‬ ‫أكــر مــن ‪ 80‬باملئــة مــن املســاجد املنتــرة‬ ‫يف البــاد يف األريــاف ويف املــدن‪ ،‬الجامــع‬ ‫األمــوي يف مدينــة حلــب غــدا ركامــاً بعــد‬ ‫أن كان مرجعــاً تاريخيــاً ورمــزا ً كبــرا ً عــى‬ ‫عظمــة مــن عاشــوا هنــا منــذ ســنني‪.‬‬ ‫تتعــدد األســاء ويطــول الذكــر حــن يتعلــق‬ ‫األمــر باملســاجد الســورية وهــدم املــآذن‪،‬‬ ‫جامــع اإلميــان يف بلــدة الحامديــة بقــي ملــدة‬ ‫تزيــد عــن الثــاث ســنوات خــارة لجنــود‬ ‫األســد‪ ،‬ومركــزا ً للعــب القــار والســكر‬ ‫وارتــكاب الفواحــش‪ ،‬فبعــد تحريــر القريــة‬ ‫يف العــام املــايض وجــد الثــوار الحقــد واضحـاً‬ ‫عــى جــدران املســجد مــن كتابــات وأعــال‬ ‫وتحويــر داخــل املســجد‪.‬‬ ‫يف كل بلــدة حكايــة ملســجد مهــدم‪ ،‬ويف‬ ‫كل مدينــة خســارة لرمــز دينــي قديــم‪،‬‬ ‫كل هــذه الخســائر ســببها طاغيــة مريــض‬ ‫يخــاف مــن حــروف أربعــة طــوال حياتــه‬ ‫وهــي «مســجد»‪.‬‬ ‫انتقــل خــوف األســد بالوراثــة إىل بوتــن‬ ‫خليفتــه البشــع‪ ،‬والــذي ارتكــب املجــازر‬ ‫الكثــرة منــذ بدايــة التدخــل الــرويس وحتــى‬ ‫اليــوم‪.‬‬ ‫كانــت أوىل الرضبــات الجويــة للطــران‬ ‫الــرويس ملســجد عمــر بــن الخطــاب الواقــع‬

‫يف مدينــة جــر الشــغور والــذي راح ضحيــة‬ ‫القصــف الــذي طالــه عــددا ً مــن الشــهداء‬ ‫والجرحــى مــن أبنــاء املدينــة‪.‬‬ ‫تتابعــت األحــداث وأصبــح اســتهداف‬ ‫املســاجد عمــاً يوميــاً مــن قبــل الطــران‬ ‫الــرويس يف أغلــب املناطــق يف ريــف إدلــب‬ ‫بشــكل عــام‪.‬‬ ‫هــذا وقــد نــرت وكاالت إخباريــة مقاطــع‬ ‫مصــورة مــن قبــل طــران االســتطالع‬ ‫الــرويس والتــي تظهــر تحــركات لعــدد مــن‬ ‫الســيارات حــول أحــد املســاجد يف ريــف‬ ‫حلــب ورصحــت بــأن املســجد يعتــر كتجمع‬ ‫للتخطيــط للعمليــات العســكرية مــن قبــل‬ ‫تنظيــم الدولــة إال أن الحقيقــة التــي مل‬ ‫تعــرض‪ ،‬هــي التحذيــر الواضــح الــذي أوصله‬ ‫األســد لبوتــن حــول اســتهداف املســاجد‬ ‫وحثــه عــى اســتهدافها وتهدميهــا‪.‬‬ ‫آخــر الرضبــات الروســية اســتهدفت مســجدا ً‬ ‫يف ريــف جــر الشــغور بالقــرب مــن جبــل‬ ‫الرتكــان أدى إىل تهديــم املســجد عــى‬ ‫رؤوس مــن فيــه‪ ،‬وكانــت الحصيلــة مقتــل‬ ‫رجــل يبلــغ مــن العمــر قرابــة الســبعني‬ ‫عام ـاً أثنــاء تأديــة الصــاة داخــل املســجد‪.‬‬ ‫تســتمر الرضبــات الروســية باســتهداف‬ ‫العديــد مــن املناطــق املحــررة يف كل يــوم‬ ‫وتوقــع مجــازر عــدة كانــت آخرهــا مجــزرة‬ ‫مدينــة إدلــب والتــي راح ضحيتهــا ‪92‬‬ ‫شــهيدا ً مــن املدنيــن واألعــداد تــزداد يف‬ ‫كل يــوم عــن ســابقه يف خطــة مــن الطـران‬ ‫الــرويس لهــدم مــا اســتطاع يف حربــه داخــل‬ ‫األجــواء الســورية‪.‬‬

‫املــؤرخ ‪ 30‬حزيران‪/‬يونيــه ‪ ،2012‬ويؤيــد‬ ‫’’بيــاين فيينــا‘‘ يف إطــار الســعي إىل كفالــة‬ ‫التنفيــذ الكامــل لبيــان جنيــف‪ ،‬كأســاس‬ ‫النتقــال ســيايس بقيــادة ســورية ويف ظــل‬ ‫عمليــة ميتلــك الســوريون زمامهــا مــن أجــل‬ ‫إنهــاء النــزاع يف ســورية‪ ،‬ويشــدد عــى أن‬ ‫الشــعب الســوري هــو مــن ســيقرر مســتقبل‬ ‫ســورية؛ الــذي يــرك كل االحتــاالت مفتوحــة‬ ‫هــل تتمكــن األمــم املحتــدة مــن ايجــاد‬ ‫منفــذ حــل لوقــف إطــاق النــار ‪،‬وكلنــا نتذكــر‬ ‫مندوبيهــا الذي تســاقطوا وانســحبوا وتراجعوا‬ ‫واحــد تلــو اآلخــر أمــام مالقــوه بســورية‬ ‫وابتــداء مــن مصطفــى الــديب الســوداين‬ ‫الجنســية الــذي التقيتــه شــخصيا أنا يف ســوريا‬ ‫وقلــت لــه مــاذا تفعــل هنــا أجــاب جئــت‬ ‫أراقــب مــا الــذي يحــدث ومــن انتهينــا حتــى‬ ‫جــاءت قذيفــة عــى ســيارته التــي كنــا نقــف‬ ‫بالقــرب منهــا حتــى تركهــا وغــادر بســيارة‬

‫أخــرى ‪،‬والســؤال هــل ســيدخل دميســتورا‬ ‫أيضــا لرياقــب ويحــدد مــن يــرب مــن هــل‬ ‫ســنعود للمربــع األول يف بدايــة ‪ 2012‬علــا‬ ‫رمبــا يكــون يشء مــن رضب الخيــال إذا توقــف‬ ‫القتــال بهــذه الرسعــة ‪ ،‬ولكــن كيــف تكــون‬ ‫هــذه املرحلــة االنتقاليــة متــى تبــدأ هــل‬ ‫تبــدأ يف ينايــر كــا يقــول القــرار اعتقــد أن‬ ‫املهمــة مســتحيلة الحــل لــو كان ذلــك مبدئيــا‬ ‫‪،‬وكأن نالحــظ باألمــس لقــاء املؤمتــر الصحفــي‬ ‫الــذي جمــع بوزيــري الخارجيــة األمــريك‬ ‫والــرويس‪ .‬كــراع رمينوتــات فــاألول يقــول‬ ‫ال مــكان لألســد يف ســوريا بينــا يــرد األخــر‬ ‫يقــول مصــر األســد الشــعب يقــرره‪ ،‬بالرغــم‬ ‫مــن أن فحــوى القــرار الــذي تــم االتفــاق‬ ‫عليــه بينهــم مــن أول رشوطــه بــه هنــاك‬ ‫حكومــة هيئــة انتقاليــة ممثلــة مــن املعارضــة‬ ‫والنظــام هــي تحكــم الفــرة االنتقاليــة‬ ‫والتــي تضــع الدســتور الحقــا خــال الفــرة‬ ‫املنصــوص عليهــا ‪18‬شــهرا‪.‬ولكن نحتــاج إىل‬ ‫ابــداع ســيايس وشــخصية سياســية مثــل أنــور‬ ‫الســادات الرئيــس املــري الــذي كان بطــل‬ ‫اتفاقيــة كامــب ديفيــد يف ‪ 26‬مــارس‪/‬آذار‬ ‫‪1979‬م ‪ 27 -‬ربيــع الثــاين ‪1399‬هـــ‪.‬‬ ‫والتــي اعتــرت أول خــرق للموقــف العــريب‬ ‫الرافــض للتعامــل مــع دولــة إرسائيــل‪ ،‬والتــي‬ ‫تعهــد مبوجبهــا الطرفــان املوقعــان بإنهــاء‬ ‫حالــة الحــرب وإقامــة عالقــات وديــة بينهــا‬ ‫متهيــدا لتســوية‪ ،‬كــا انســحبت إرسائيــل مــن‬ ‫ســيناء التــي احتلتهــا عــام ‪ .1967‬وكانــت‬ ‫معاهــدة الســام بــن مــر وإرسائيــل‬ ‫ذاك املفــاوض البطــل الــذي فعــل مــامل يفعلــه‬ ‫أكــر القــادة العــرب بالعــر الحديــث‪.‬‬

‫كذب��ة داع��ش ب�ين تس��لط املس��تبد‬ ‫محمــد عدنان وحمارب��ة اإلره��اب‬ ‫إذا كنــت أيهــا العــامل تريدنــا أن نصــدق‬ ‫أننــا داعــش فإننــا لــن نصــدق هــذه الكذبــة‬ ‫ألننــا نعــرف أنفســنا ومــن كان يثــق بنفســه لــن‬ ‫يتمكــن اآلخــر مــن فــرض أكاذيبــه عليــه‪ ،‬داعــش‬ ‫التــي مــن أجلهــا اســتبيح دم الســوريني ليكونــوا‬ ‫قرابــن لحريــة اإلنســانية والجنــس البــري بعــد‬ ‫أن تســلط عليــه وحوشــه‪.‬‬ ‫وإذا كانــت هــذه االســتباحة تحديــاً لعرقنــا‬ ‫الراقــي كســوريني‪ ،‬جعــل اللــه والتاريــخ أرضهــم‬ ‫مهــد الحضــارات‪ ،‬وجعلهــم مصــدرا ً للكلمــة‬ ‫والعلــم والحكمــة ليتصــدر رجالهــا عظــاء‬ ‫التاريــخ‪ .‬فإننــا قبلنــا التحــدي لنؤكــد لنســل بنــي‬ ‫البــر بأننــا ال زلنــا أســياد عــر النــور وأنكــم‬ ‫ال زلتــم ومهــا بلغتــم مــن العلــم والحضــارة‬ ‫املاديــة أســياد عــر الظــام‪.‬‬ ‫النــور ليــس الشــمس نهــارا ً وال القمــر ليـاً‪ ،‬النــور‬ ‫هــو اللــه املتمثــل باألخــاق والضمــر النابــع مــن‬ ‫داخــل الــذات اإلنســانية لتشــع قي ـاً ال تســقط‬ ‫األخــاق أمــام املصالــح الزائلــة‪.‬‬ ‫إننــا كشــعب ســوري ســنكون االختبــار األصعــب‬ ‫للعــامل‪ ،‬ومــا يدعيــه فالعدالــة كل ال تتجــزأ‬ ‫واإلنســانية كل ال تتجــزأ‪ ،‬وال ميكــن حكــم العــامل‬ ‫إال بضبــط هــذا امليـزان‪ ،‬إنــه التحــدي األكــر أمام‬ ‫مــن ظــن أنــه قــادر بعلمــه ومادياتــه أن يحكــم‬ ‫العــامل‪ ،‬طاملــا ظــن بــأن املراهنــة عــى الطغــاة‬ ‫واملســتبدين لتحقيــق املصالــح فــإن عدالتــه‬ ‫تكــون قــد تجــزأت‪ ،‬وبالتــايل اختــل ميــزان‬ ‫الحكــم وســقطت اإلنســانية‪.‬‬ ‫إن ســقوط اإلنســانية بغيــاب وتجزئــة العدالــة‬ ‫وتصنيــف البــر باالعتقــاد بــأن الدمــاء مختلفــة‬ ‫لهــو دليــل قاطــع عــى أن العــامل مهــا بلــغ مــن‬ ‫العلــم والحضــارة املاديــة ســيبقى يعيــش الظــام‪،‬‬

‫وال شــك بــأن العــامل الحــر املتمثــل بأمريــكا‬ ‫والغــرب كامـاً يعيــش هــذه املعضلة ألنه اســتمر‬ ‫يف بنــاء مخططاتــه ومشــاريعه العامليــة الطويلــة‬ ‫األجــل عــى إســقاط العدالــة أمــام املصالــح التــي‬ ‫حت ـاً ســتبقى مؤقتــه بغيــاب العدالــة‪.‬‬ ‫مــن هنــا فــإن دعوتنــا للعــامل الحــر املتمثــل‬ ‫بالواليــات املتحــدة األمريكيــة وأوروبــا بإعــادة‬ ‫النظــر يف مي ـزان الحكــم واســتثامر مــا امتلكتــه‬ ‫مــن قــوة لتحكــم العــامل والرتبــع عــى عــرش‬ ‫القطــب األوحــد‪ ،‬وللخــروج مــن ظــام الــذات‬ ‫الناتجــة عــن إســقاط األخــاق والضمــر وتجزئــة‬ ‫العدالــة ليدخــل واألمــم كلهــا معــه يف عــر‬ ‫يكــون فيــه أســياد النــور والحضــارة معــاً‪.‬‬ ‫وهنــا نقــول وتعــرف بــأن العــامل مقبــل عــى‬ ‫ثــورة علميــة تكنولوجيــة هائلــة ســتتجاوز‬ ‫مرحلــة اكتشــاف الخارطــة الجينيــة للجنــس‬ ‫البــري‪ ،‬ومل يعــد هــذا العــامل يحتمــل وجــود‬ ‫الــروة بــن أيــدي عقــول غــر قــادرة عــى‬ ‫تحويلهــا خـرات تخــدم البرشيــة جمعــاء‪ .‬ونعلــم‬ ‫يقينــا بأننــا كســوريني‪ ،‬ومــا يحصــل لدينــا نحــن‬ ‫جــزء مــن املــروع الــذي ســيتجاوز ســوريا‬ ‫ومنطقــة الوطــن العــريب والــرق األوســط ليصــل‬ ‫إىل أقــايص الصــن وأفريقيــا‪ .‬ونعلــم بــأن العــامل‬ ‫ســيتغري جيوسياســياً واقتصاديــاً‪ ،‬ونعلــم بــأن‬ ‫التغيــر ســيكون كــا التســونامي بالــغ مــداه‬ ‫لــن يعيقــه شــعارات عاطفيــة أو دينيــة أو‬ ‫قوميــة‪ ،‬ونعلــم أنــه علينــا أن نكــون مــن ضمــن‬ ‫املنظومــة االقتصاديــة العامليــة للعــر القــادم‪،‬‬ ‫عــر القطــب األوحــد لنكــون داخــل املركــب ال‬ ‫خارجــه‪ ،‬ونأمــل أن يحقــق مي ـزان الحكــم لهــذا‬ ‫العــامل مــا بــن العدالــة واإلنســانية‪ .‬وأن يســقط‬ ‫الطغــاة واملســتبدون مصــدر اإلرهــاب والتطــرف‪،‬‬ ‫ومصــدرا ً لعــدم اســتقرار العــامل‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ش��يء م��ن األزمة املعرفي��ة يف الثقافة العربي��ة ورؤية أول ّي��ة لتجاوزها‬

‫رابع�ّ�ا ‪ -‬وع��ي الوط��ن واهلو ّي��ة الوطن ّي��ة‪:‬‬ ‫تلعــب بعــض املالمــح الواهمــة لصــورة الوطــن‬ ‫أثرهــا يف تشــكيل أزمــة معرفيّــة يف الواقــع العــر ّيب‪،‬‬ ‫وتظهــر واضحــ ًة يف رسعــة اســتجابة مســاحة واســعة‬ ‫مــن مجتمعاتنــا العرب ّيــة ملحــ ّر ٍك مــن ال ّدعــوات‬ ‫الطّائف ّيــة أو املذهب ّيــة أو اإلقليم ّيــة أو العشــائريّة‬ ‫أو العرق ّيــة أو املناطق ّيــة أو الشّ ــلل ّية‪ .‬وتعمــل هــذه‬ ‫املحـ ّركات الخبيثــة بنشــاط عــى متزيــق وحــدة الوطــن‬ ‫ومجتمعــه‪ ،‬وعــى تقطيــع شــبكة العالقــات املختلفــة‬ ‫التــي تحكــم بنــاءه‪ .‬كــا تظهــر هــذه املالمــح واضحــة‬ ‫يف الطّبيعــة املشوشــة لصــورة الوطــن التــي تســتجيب‬ ‫ـي‪.‬‬ ‫لهــا األذهــان‪ ،‬ويف واقــع حضورهــا العم ـ ّ‬ ‫ي التّطبيقـ ّ‬ ‫ـي ال يتحـ ّدد‪ ،‬فقــط‪ ،‬يف إطار‬ ‫ونشــر إىل أن الوعــي الوطنـ ّ‬ ‫إظهــار التّفاخــر بالوطــن‪ ،‬وإنشــاد القصائــد الوطن ّيــة‬ ‫ـي باألمجــاد الفائتــة‪ ،‬ورفــع العلــم‬ ‫والحامس ـ ّية‪ ،‬والتّغ ّنـ ّ‬ ‫بالــرورة‪ ،‬رفــع‬ ‫الوطنــي‪،‬‬ ‫الوطنــي‪ ،‬وليــس الوعــي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الّشــعارات‪ ،‬ومامرســة الطّقــوس الشّ ــكل ّية‪ ،‬واإلحســاس‬ ‫العاطفــي للــوالء‪ ،‬أو الشّ ــعور بالفوق ّيــة‪.‬‬ ‫عصــب‬ ‫بالتّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫والســعي إىل‬ ‫ّ‬ ‫ولعــل فكــرة رفــض العــدوان واالحتــال ّ‬ ‫الوطنــي‪،‬‬ ‫تحريــر األرض‪ ،‬أساســيّ ٌة يف حضــور الوعــي‬ ‫ّ‬ ‫لك ّنهــا تظـ ّـل جــزءا ً مــن منظومــة عنــارص كثــرة‪ ،‬تســهم‬ ‫ـي الواســعة‪.‬‬ ‫يف بنــاء صــورة الوعــي الوطنـ ّ‬ ‫ونشــر إىل أنّنــا ال نقصــد‪ ،‬هنــا‪ ،‬مبفهــوم وعــي الوطــن‪،‬‬ ‫مصطلــح املواطنــة‪ ،‬مبعنــى الرابطــة القانونيــة بــن‬ ‫الفــرد والدولــة‪ ،‬الــذي شــاع تداولــه يف اآلونــة األخــرة‪،‬‬ ‫عــى ال ّرغــم مــن أهم ّيتــه الكــرى يف منظومــة وعــي‬ ‫الوطــن؛ ألنّــه أقــرب‪ ،‬برأينــا‪ ،‬إىل املنظومــة القانونيــة‬ ‫والحقوق ّيــة واملدن ّيــة‪ ،‬التــي لهــا وجهــات أشــمل وأبعــد‪.‬‬ ‫الصبــور‬ ‫يتمثّــل الوعــي‬ ‫ي ّ‬ ‫الوطنــي يف ّ‬ ‫الســعي العمــ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـي‬ ‫ال ّناضــج لتجــاوز حالــة التّخلّــف الحضـ ّ‬ ‫ـاري االجتامعـ ّ‬ ‫واالقتصــادي والقيمــي لأل ّمــة‪ ،‬يف مناخهــا‬ ‫ــيايس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والس ّ‬ ‫العــر ّيب الواســع املتنــ ّوع‪ .‬وهنــا نســأل أال تــؤ ّدي‬ ‫منظومــة االســتبداد وحــاالت التّبعيّــة الثقافيّــة‬ ‫والسياســ ّية للــ ّدول الكــرى املهيمنــة إىل‬ ‫واالقتصاديّــة ّ‬ ‫تشــويه صــورة الوطــن يف أذهــان العــرب وإىل تشــويه‬ ‫العالقــة بــن املواطــن ووطنــه؟‬ ‫إن وعــي الوطــن والهويّــة املتمثّــل يف انتامء اإلنســان إىل‬ ‫أبنــاء الوطــن ضمــن قيــم الحريّــة والكرامــة والعدالــة‬ ‫والوحــدة‪ ،‬ال يــأيت وليــد لحظتــه‪ ،‬بــل يعــود إىل تراكــم‬ ‫يحصلهــا منــذ‬ ‫الخــرة الرتبويــة التــي أخــذ اإلنســان ّ‬ ‫الطّفولــة؛ فيتعلّــم حــب وطنــه والوفــاء ألرضــه ولغتــه‬ ‫ـي يف إطــار الجامعــة الكــرى املنتمــي‬ ‫وتراثــه التّاريخـ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إليهــا‪ ،‬تاريخــاً وثقافــة ولغــة ومصــرا ووجدانــاً‪ ،‬ال يف‬

‫حميــد العســكر‬

‫حــدود العائلــة والعشــرة والطّائفــة واملذهــب والقطــر‪،‬‬ ‫منتق ـاً إىل وعيــه ال ّناضــج بحقوقــه (الحريّــة‪ ،‬العدالــة‪،‬‬ ‫الكرامــة) وواجباتــه (إدراك حاجــات الوطــن يف مــروع‬ ‫ال ّنهضــة واملشــاركة األصيلــة يف العمــل عليهــا وحفــظ‬ ‫وحدتــه وإنجازاتــه) لتنميتهــا الحضاريّــة وال ّدفــاع‬ ‫عــن حريّتهــا وكرامتهــا بالوســائل املختلفــة‪ ،‬مــن علــم‬ ‫ومعرفــة ومــال وتعــاون وخدمــة وعمــل منظّم‪...‬إلــخ‪.‬‬ ‫ثــ ّم يــأيت إىل االنفتــاح املتّــزن املــدروس عــى العــامل‪،‬‬ ‫وعــى ثقافاتــه وحضاراتــه املختلفــة جــزءا ً يُكمــل‬ ‫ـي‪ ،‬مبــا يق ّدمــه مــن حــوا ٍر ب ّنــاء‪،‬‬ ‫منظومــة الوعــي الوطنـ ّ‬ ‫يغنــي التّجربــة الحضاريّــة اإلنســانيّة يف مــروع ال ّنهضة‬ ‫العــر ّيب‪ .‬وتجــدر اإلشــارة هنــا إىل خطــورة االكتفــاء‬ ‫العاطفــي االنفعــا ّيل يف تشــكيل الوعــي‬ ‫باالنحيــاز‬ ‫ّ‬ ‫الوطنــي؛ ألنّــه يظــل وليــد الحالــة االنفعال ّيــة املؤقتــة‬ ‫الطّارئــة‪ ،‬وال يصنــع وعي ـاً ناضج ـاً متامســكاً‪.‬‬ ‫الوطنــي عــى تشــكيل‬ ‫ويجــب أن يتأســس الوعــي‬ ‫ّ‬ ‫مجموعــة هويّــات معرف ّيــة ناضجــة‪:‬‬ ‫‪ 1‬وعــي الهويــة الوجدانيّــة واإلبداعيّــة (إطــاق‬‫ـاري‬ ‫التّفكــر العــر ّيب وطاقــة القيــم نحــو اإلبــداع الحضـ ّ‬ ‫مبختلــف أشــكاله الوجدانيّــة والف ّنيّــة‪ ،‬ونحــو بنــاء‬ ‫الفكــر الح ـ ّر‪ ،‬مبؤسســاته املختلفــة وبأف ـراده األح ـرار‪،‬‬ ‫ومبنظومــة قيمــه ومبادئــه األصيلــة‪ ،‬املرتبطــة بالواقــع‬ ‫وخدمتــه‪.).‬‬ ‫‪ 2‬وعــي الهويّــة اللغويّــة (العمــل عــى اســتعامل اللغة‬‫الصحيــح اســتهالكاً وإنتاجـاً وإبداعـاً؛‬ ‫العرب ّيــة بالشّ ــكل ّ‬ ‫ألنّهــا الهويّــة الوجدان ّيــة والثّقاف ّيــة والحضاريّــة لأل ّمــة‪.‬‬ ‫وبالطبــع ال يعنــي هــذا إقصــاء اللهجــات الدارجــة أو‬ ‫الخاصــة يف‬ ‫إلغــاء حقــوق األقليــات باســتخدام لغاتهــم‬ ‫ّ‬ ‫نطــاق تداولهــم االجتامعــي‪.).‬‬ ‫والسياســيّة‬ ‫‪ 3‬وعــي الهويّــة التّاريخيّــة الحضاريّــة ّ‬‫(رفــض بنــاء الوطــن عــى األشــاء‪ ،‬وعــى الدعــوات‬ ‫الطّائفيّــة واملذهبيّــة واإلقليميّــة والعشــائريّة والعرقيّــة‬ ‫والشّ ــلل ّية‪ ،‬والعمــل بــإرادة عــى تحقيــق الحريّــة‬ ‫الحقيقــي)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫والعدالــة‪ ،‬وعــى حفــظ ّ‬ ‫الســلم األهــ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 4‬وعــي الهويّــة الجغراف ّيــة والبيئ ّيــة (إدراك الحــق‬‫التّاريخــي والقانــو ّين يف امتــاك األرض العرب ّيــة‪ ،‬كاملــة‬ ‫حـ ّرة‪ ،‬وهــي األماكــن التــي عــاش فيهــا اآلبــاء واألجــداد‬ ‫الســنني‪ ،‬والعمــل عــى تحســينها‬ ‫منــذ مئــات إىل أالف ّ‬ ‫وتجميلهــا وحاميتهــا بحاميــة مائهــا وترابهــا وهوائهــا‪،‬‬ ‫ث ـ ّم العمــل عــى حفــظ ثرواتهــا الباطنيّــة والخارجيّــة‬ ‫واســتثامرها بحريّــة وعدالــة‪.).‬‬ ‫‪ 5-‬وعــي الهويّــة الحقوقيّــة (إدراك منظومــة حقوقــه‬

‫الــكل يدعــي محاربــة داعــش‪ ،‬أقصــد دوليــاً‪ ،‬وقــد‬ ‫تناســوا وتعمــدوا بــأن داعــش باقيــة مــا دام نظــام اإلجـرام‬ ‫بــاقٍ ‪ ،‬نظــام األســد املغــذي والصانــع والداعــم لهــذا الفصيــل‬ ‫الــذي خــرب ودمــر وقتــل وحــارب الثــورة الســورية وقتــل‬ ‫أحــرار الثــورة والنشــطاء‪ ،‬وحــارب الجيــش الحــر بكافــة‬ ‫فصائلــه‪.‬‬ ‫مــن يعلــم حقيقــة قيــادات داعــش البعثيــة العراقيــة‬ ‫وعاملتهــم لنظــام مــايل طه ـران‪ ،‬ونظــام املالــي الطائفــي‪،‬‬ ‫حيــث أخــرج قياداتهــم مــن ســجونه وزودهــم مبعــدات‬ ‫وآليــات وأمــوال تعجــز عنهــا بعــض الــدول‪ ،‬وطبعـاً بإيعــاز‬ ‫مــن إي ـران‪ ،‬حفاظ ـاً عــى نظــام األســد‪ ،‬الراعــي والحــارس‬ ‫األمــن ملشــاريع إيــران‪ ،‬ومصالحهــا ونفوذهــا يف املنطقــة‪،‬‬ ‫والهيمنــة عليهــا‪ ،‬اســتكامالً لفكــرة الهــال الشــيعي‪ ،‬وطريــق‬ ‫القــدس ميــر مــن كربــاء‪ ،‬وتجــدد فكــرة املــرور للقــدس‬ ‫لــدى حســن زمــرة وحزبــه الصفيوصهيــوين‪ ،‬وطريــق القدس‬ ‫ميــر مــن الســيدة زينــب والقلمــون والقصــر وريــف حلــب‬ ‫وإدلــب‪.‬‬ ‫تناغمــت اســراتيجية إيــران وأذرعهــا واســتقدامها‬ ‫مليلشــياتها مــن الع ـراق بفصائــل عــدة منهــا النجبــاء وأبــو‬ ‫الفضــل العبــاس وجيــش املهــدي وعصائــب أهــل الباطــل‬ ‫ولــواء فاطميــون ولــواء زينبيــون وكثــر مــن مرتزقــة هـزارة‬

‫نقطة أول السطر‬

‫يف التجدي��د الدي�ني‬ ‫معبد الحسون‬ ‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫الســيادة‬ ‫الوطن ّيــة يف املشــاركة يف صنــع الق ـرارات‪ ،‬ويف ّ‬ ‫والكرامــة والحريّــة والعدالــة‪.)...‬‬ ‫‪ 6‬وعــي هويّــة الواجبــات والخدمــة (االنخــراط‬‫ـي العــام‪ ،‬العمــل عــى‬ ‫واملشــاركة يف الشّ ــأن االجتامعـ ّ‬ ‫خلــق التّقــارب الفاعــل بــن الفئــات االجتامع ّيــة‪ ،‬بغــض‬ ‫ال ّنظــر عــن االختالفــات والخالفــات‪ ،‬باإلضافــة إىل العمل‬ ‫االجتامعــي‬ ‫عــي‪ ،‬وتحقيــق التّشــارك‬ ‫ّ‬ ‫ّوعــي والتّط ّو ّ‬ ‫الط ّ‬ ‫العــادل ال ّناضــج يف بنــاء طّموحــات الجامعــة‪ ،‬والتّعــاون‬ ‫يف تنفيذهــا‪ ،‬ويف بنــاء ال ّنهضــة والتّنميــة‪.)...‬‬ ‫ولعلّــه مــن املفيــد أن نوجــز كالمنــا يف وعــي الوطــن‬ ‫ـوي التّغلّــب‬ ‫بســؤا ٍل مهــم‪ :‬كيــف يســتطيع ال ّنظــام ّ‬ ‫التبـ ّ‬ ‫ـي‬ ‫عــى تبعــات االســتبداد والفرقــة وتشــكيل وعــي وطنـ ّ‬ ‫يتأســس عــى قيــم الحريّــة والكرامــة والوحــدة‬ ‫ناضــج ّ‬ ‫وحــب الوطــن واالفتخــار باالنتــاء إليــه؟‬ ‫وميكــن‪ ،‬أخــرا ً‪ ،‬بعــد الوقفــة القصــرة‪ ،‬التــي كشــفنا‬ ‫فيهــا رؤيتنــا ومــا اقرتحنــاه‪ ،‬أن نختــم بســؤال يثــر‬ ‫املزيــد مــن تأ ّمــل حــال املعرفــة ومــروع النهضــة‬ ‫العــر ّيب‪ .‬وهــو‪ :‬كيــف نســتطيع ال ّنهــوض مبرشوعنــا‬ ‫الحضــاري والتّصــدي لالنكســارات املتالحقــة؟ وكيــف‬ ‫ّ‬ ‫ميكــن توجيــه مســاقات املعرفــة املختلفــة نحــو صيــغ‬ ‫التّجديــد والتّطويــر؟ نفتــح بــاب الحــوار واالقــراح‬ ‫والجــدل‪ ...‬وخصوصــاً بعــد هبــوب زمــن الثــورات‬ ‫العربيــة التــي تجعلنــا وجهــا لوجــه أمــام حتميــة تثويــر‬ ‫أفكارنــا ورؤانــا‪...‬‬ ‫املراجع‪:‬‬ ‫‪ 1‬ابــن منظــور‪ ،‬لســان العــرب‪ ،‬املجلّــد الخامــس عــر‪،‬‬‫دار بــروت للطّباعــة وال ّنــر‪.‬‬ ‫‪ 2‬األســد‪ ،‬نــارص ال ّديــن «ال ميكــن فصــل اللغــة عــن‬‫الفكــر»‪ ،‬جريــدة الــ ّرأي األردنيّــة‪ 18 ،‬كانــون األ ّول‪،‬‬ ‫‪ ،2003‬العــدد‪ ،12143‬ص‪.).36‬‬ ‫‪ 3‬حبــش‪ ،‬زينــب‪ ،‬التّفكــر اإلبداعــي‪ ،2005 ،‬وزارة‬‫الرتبيــة والتعليــم فلســطني‬ ‫ـاري القديــم‪،-2‬‬ ‫‪ 4‬داوود‪ ،‬أحمــد‪ ،‬تاريــخ ســوريا الحضـ ّ‬‫ـرق للطّباعــة وال ّنــر‪ ،‬دمشــق‪.2004 ،‬‬ ‫ط‪ ،1‬دار الـ ّ‬

‫داعش سليلة النظام السوري‬ ‫أفغانســتان وباكســتان وشــيعة بعــض دول الخليــج أيضــاً‪.‬‬ ‫وال ننــى حــزب ‪ pkk‬الكــردي و ‪ pyd‬ودعــم إيــران لهــم‬ ‫ماليــاً ولوجســتياً وبرشيــاً‪ ،‬وأخــرا ً جــاءت روســيا املنقــذ‬ ‫لنظــام بشــار‪ ،‬خشــية ســقوطه بعــد فشــل إيـران يف ســوريا‬ ‫وعــدم قدرتهــا عــى املســاعدة يف إبقــاء نظــام األســد املجرم‪،‬‬ ‫جــاءت روســيا بعدتهــا وعديدهــا وطريانهــا وغواصاتهــا‬ ‫وصواريخهــا بحجــة محاربــة اإلرهــاب املتمثــل بتنظيــم‬ ‫داعــش‪ ،‬عل ـاً أنهــم مل يســتهدفوا‪ ،‬ولــن يســتهدفوا داعــش‬ ‫مطلقـاً‪ ،‬ألنهــم هــم مــن صنــع داعــش واحتضنــوه وزرعــوه‬ ‫يف الجســم الجغ ـرايف الســوري‪ ،‬ويك يصبــح شــاعة وحجــة‬ ‫وحصــان ميتطيــه أصحــاب فكــرة مــن صنــع داعــش‪ ،‬وذلــك‬ ‫كلــه حفاظ ـاً عــى بقــاء نظــام اإلج ـرام األســدي‪ ،‬وهيمنــة‬ ‫إيـران ومصالحهــا ومشــاريعها‪ ،‬ومــن فوقهــم الــدب الــرويس‬ ‫يهيمــن ويســيطر ويــأكل الكعكــة لوحــده‪ ،‬ويعطــي فتات ـاً‬ ‫بســيطة لرشكائــه‪ ،‬وإلنشــاء دويلــة علويــة يف الســاحل‬ ‫الســوري املتوســطي‪ ،‬ومتكــن األكــراد بالشــال‪ ،‬وإنشــاء‬ ‫كانتــون كــردي مســتقل‪ ،‬وصــوالً إىل املتوســط‪ ،‬ليصبحــوا أداة‬ ‫ضغــط عــى الجــارة تركيــا ومحارصتهــا جيوسياســياً وجغرافياً‬ ‫واقتصاديـاً‪ ،‬وال يكــون لهــا نفــوذ داخــل ســوريا يعكــر صفــو‬ ‫الرشاكــة الروســية اإليرانيــة ورضب عــدة عصافــر بحجــر‬ ‫واحــد‪ ،‬فــكان ال بــد مــن اســتخدام شــاعة‪ ،‬هــي داعــش‬ ‫وادعــاء محاربتهــا‪ ،‬وكــون املجتمــع الــدويل يف تناغــم‬

‫‪11‬‬

‫حقيقــي مبحــور محاربــة داعــش‪.‬‬ ‫وألن داعــش أداة‪ ،‬واألحــزاب الكرديــة االنفصاليــة أيضــاً‬ ‫أداة ومطيــة لتنفيــذ أجنــدات روســيا وإيــران‪ ،‬فيجــب أن‬ ‫تكــون األولويــة إلســقاط نظــام األســد‪ ،‬ومقدمــة عــى فكــرة‬ ‫محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬ألن أســاس اإلرهــاب وداعــش هــو نظــام‬ ‫األســد املجــرم‪ ،‬فيجــب اســقاطه أوالً‪ ،‬وعندهــا ســتزول‬ ‫داعــش واإلرهــاب مع ـاً‪.‬‬ ‫الــكل شــارك يف قتــل الســوريني وأجــرم بحقهــم‪ ،‬وال أســتثني‬ ‫أحــدا ً‪ ،‬أوالً الــدول الداعمــة والصديقــة للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫التــي مل تســتطع إقامــة منطقــة آمنــة‪ ،‬وعــدم تزويــد الثــوار‬ ‫مبضــادات طــران وأســلحة نوعيــة يدافعــون بهــا عــن‬ ‫األبريــاء واملدنيــن وعمــوم الشــعب الســوري املظلــوم‪،‬‬ ‫ونظــام اإلجــرام األســدي الطائفــي وإيــران وميليشــياتها‬ ‫الشــيعية العراقيــة واللبنانيــة واالفغانيــة… الــخ…‬ ‫داعــش أجرمــت كثــرا ً بحــق الثــورة الســورية وأحرارهــا‪،‬‬ ‫وقامــت بتصفيــة النشــطاء وكتــاب الكلمــة والــرأي‬ ‫واإلعالميــن وفــرق اإلغاثــة‪ ،‬وأيضــاً روســيا القيرصيــة‬ ‫وعنجهيــة بوتــن الــذي أمعــن بالقتــل واإلجــرام‪ ..‬كلهــم‬ ‫شــاركوا يف عمليــات قتــل الســوريني‪ ،‬ودمــار ســوريا ومعانــاة‬ ‫شــعبها‪ ،‬وكان اللــه يف عــون الشــعب الســوري املظلــوم الــذي‬ ‫يــرزح بــن القتــل والدمــار والتكفــر والنــزوح واللجــوء‪.‬‬

‫ألي شـ ٍ‬ ‫ـديد‪،‬‬ ‫لقــد أدركــت املســيحية بعــد ٍ‬ ‫وعقــو ٍد مــن االختبــارات‪ ،‬املريــرة والشــديدة‬ ‫التطاحــن والتباغــض‪ ،‬أنَّ كل مــا ِ‬ ‫لحــق بالديــن‬ ‫املســيحي مــن ســو ِء ســمع ٍة ُمشـتَ َه َرة إمنــا جــاء مــن‬ ‫ر مســيحيون»؛ عملــوا‬ ‫التاريــخ الــذي اجرتحــه «ب ـ ٌ‬ ‫ن عليهــا‪ ،‬ال مــن املســيحية‬ ‫عــى أن يكونــوا قيوم ـ َ‬ ‫قيامــا ً بذاتهــا‪ ،‬ومــن هــذا املدخــل بــات االعتقــاد‬ ‫بــأن التجديــد الدينــي‪ ،‬هــو فرصــة التنويــر التــي‬ ‫ضيعهــا علــاء املســلمني واملشــتغلني يف حقــل‬ ‫التفكــر اإلســامي عامـةً‪ ،‬ألنهــم مل يدركــوا القانــون‬ ‫العــام واملبــدأ األســاس الــذي يحكــم الديــن‪،‬‬ ‫أي ديــنٍ كان‪ ،‬وهــو انفصالــه عــن (املحايثــة)‬ ‫َّ‬ ‫واالرتقــا ُء بــه نحــو التعــايل؛ فدائــرة الديــن هــي‬ ‫دائــرة املتعــايل‪ ،‬فــإذا هبــط إىل مســتوى املجــاورة‬ ‫واملحايثــة تحــول إىل مجــرد إيديولوجيــا‪ ،‬أو فكــرة‬ ‫ــل عــى أنســنتها طويــاً عــى امتــداد‬ ‫برشيــة ُع ِم َ‬ ‫الزمــن‪ ،‬فكــرة تزاحــم بقيــة اإليديولوجيــات األخــرى‬ ‫لتحتلهــا أو لتصادقهــا أو لتتســابق معهــا؛ هــذا هــو‬ ‫مفتــاح التجــدد واالنبعــاث الدينــي‪ ،‬فــإن أدلجــة‬ ‫الديــن والهبــوط بــه مــن درجــة التعــايل‪ ،‬يف الرؤيــا‬ ‫املطلقــة والشــاملة للكــون‪ ،‬ســتحيلُه إىل مجــرد رأي‬ ‫مــن بــن اآلراء ال أكــر‪ ..‬وهــذا مــا مل ينتبــه إليــه‬ ‫علــاء املســلمني ومل يعــروه التفاتــا ً أو يشــتغلوا‬ ‫عــى تظهــره بــروز ووضــوح حاســمني‪.‬‬ ‫يفقــد الديــن درجــة مــن روحانيتــه وشــفافية‬ ‫ِبلَّ ْو َرتـ ِه الناظــرة إىل العــامل بإطالقيــة ال تحديــد لهــا‪،‬‬ ‫كلــا تـ َّم ضـ ُخ جرعــة مــن الوقــود املــادي والدنيوي‬ ‫فيــه‪ ،‬ألن جرعــات الدنيــوي واألريض الزائــدة فيــه‬ ‫ســوف تحيلــه إىل السياســة‪ ،‬ويف أحســن األحــوال‬ ‫إىل املعــارف والعلــوم البرشيــة الدنيويــة‪ ..‬وهــو‬ ‫ظــن الكثــ ُر مــن علامئنــا ومفكرينــا خــال‬ ‫أمــ ٌر َّ‬ ‫قــرن مــى‪ ،‬أنــه يشء بهيــج ودعايــة مستســهلة‬ ‫ســوف ُيت َدحــون عليهــا‪ ،‬وســوف متن ُحهــم ـ أو‬ ‫متنــح الديــن بجهدهــم هــذا واجتهادهــم ـ ميــزة‬ ‫ُ‬ ‫دعويــة وترويجيــة مــن بــاب تحســن الصــورة‬ ‫والســمعة التــي قــد تعــود فوائدهــا عليهــم أو عــى‬ ‫الديــن ذاتــه‪ ،‬ذاهلــن عــن مبــدأ أن الديــن متعـ ٍ‬ ‫ـال‬ ‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ــن بالتحســ ِ‬ ‫بذاتــه‪،‬‬ ‫مكتــف مبطلقيتــه‪ ،‬ال يَ ْح ُس ُ‬ ‫يقبــح بالتقبيــح‪ ،‬فواحديــة الديــن غــر قابلــة‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫للقســمة وال للمكاثــرة والتنقــص والزيــادة‪ ،‬أســوة‬ ‫باإليديولوجيــات البرشيــة‪ ..‬واســتنزالُهُ‪ ،‬كجوهــر‬ ‫ٍ‬ ‫مكتــف بذاتــه‪ ،‬إىل املحايثــة‪ ..‬إىل حيــثُ‬ ‫ْــوي‬ ‫ُعل ٍ‬ ‫األريض والدنيــوي‪ ..‬وهــو مــا يجعلــه قابـاً للقســمة‬ ‫والتزيــد‪ ،‬األمــر الــذي نبّــه القــرانُ إليــه بالقــول‪:‬‬ ‫الذيــن جعلــوا‬ ‫(كــا أنزلنــا عــى املقتســ ِمني *‬ ‫َ‬ ‫القــرآنَ ِع ِضــن)ـ (الحجــرـ‪ 90‬ـ‪ ..)91‬وكلمــة ِع ِضــن‬ ‫التــي ت ُ َذكِّـ ُر بالعضويــة تعني أجـزا ًء متفرقــة مبعرثة‪،‬‬ ‫أي قابلــة لألخــذ والــرد‪ ،‬والقبــول أو الرفــض‪ ..‬ف َج ْع ُل‬ ‫القــرآنَ ِع ِضينـا ً يعنــي جعلَــه أشــيا َء قابلــة للتفاضــل‬ ‫والتاميــز‪ ،‬وهــذا هــو بالــذات مــا يهبــط بــه إىل‬ ‫مجــرد تاريــخ وحاجــة ضمــن املتحــوالت واملتغــرات‬ ‫البرشيــة‪..‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طرق خفيف على الباب‬

‫املرآة‬ ‫مصطفى تاج الدين الموسى‬ ‫هنــاك‪ ..‬عــى زاوي ـ ٍة مهجــورة ٍمــن هــذا‬ ‫ر قديــم ٌال يــزال منتصبــاً‬ ‫الزمــن‪ ،‬مث َّــة قــ ٌ‬ ‫عــى أرضــه كشــبح ٍ مســجون منــذ ٍ‬ ‫أمــد‬ ‫بعيــد داخــل قــارورة ٍمرم َّيــة يف بحــ ٍر مــن‬ ‫النســيان‪.‬‬ ‫تلــك املــرآة الكبــرة واملخلوقــة منــذ عصــور‪،‬‬ ‫واملعلقــة عــى أحــد الجــدران يف بهــو هــذا‬ ‫القــر‪ ..‬انســدلت عــى زجاجهــا ســتائ ٌر‬ ‫ســميكة مــن الوحشــة‪ ،‬هــذه الوحشــة‬ ‫املعتمــة التــي داهمتهــا إثــر الغيــاب‬ ‫املفاجــئ لصديقهــا الغــراب‪ ،‬غيابــه الــذي‬ ‫لــوث قلبهــا بخــوف ٍغامــض‪ ،‬صديقهــا‬ ‫الغـراب والــذي ــــ كعادتــه منــذ ســنوات ــــ‬ ‫يحــطّ بدايــة كل ليــل ٍعــى كتــف القــر‪،‬‬ ‫ليســي أشــياءه املهجــورة بنعيقــه‪ ،‬وكان قــد‬ ‫ورث هوايتــه هــذه عــن أجــداده‪.‬‬ ‫ضــو ٌء شــاحب للقمــر كان يتســلل بخجــل‬ ‫ٍمــن النافــذة ليتناثــر يف بهــو القــر كيفــا‬ ‫اتفــق‪ .‬وكأنّــه يرمــي ســاماً كئيبــاً عــى‬ ‫األثــاث العتيــق‪.‬‬ ‫م ـ َّرت الســاعات ببــط ٍء عــى مزاجهــا حتــى‬ ‫منتصــف الليــل‪ ،‬واملــرآة ترمــق الفــراغ‬ ‫وتتثــاءب مبلــل ٍلســاعات وهــي تنتظــر‬ ‫باشــتياق غرابهــا العزيــز‪ ..‬الــذي مل ِ‬ ‫يــأت‬ ‫بعــد‪.‬‬ ‫رسهــا‪ ،‬ثــم ــــ علّهــا ترتــاح مــن‬ ‫تنهــدت يف ِّ‬ ‫وطــأة امللــل ــــ تسـلّت بــأن مشــت بهــدو ٍء‬ ‫يف ذاكرتهــا عــى ملخــص ٍمقتضــب لتاريخهــا‬ ‫ٍ‬ ‫وكرشيــط ســيناميئ‪ ..‬موجــ ٌز‬ ‫الطويــل‪،‬‬ ‫للذكريــات دار يف خيالهــا‪.‬‬

‫بعــد برهــة‪ ..‬ســالت عــى زجاجهــا دمعتــان‪،‬‬ ‫رسهــا كل‬ ‫بكــت بصمــت وهــي تحســد يف ِّ‬ ‫البــر‪ ،‬الذيــن توقفــوا أمامهــا عــر العصــور‬ ‫املاضيــة‪ ..‬ليتأملــوا أنفســهم بهــا‪.‬‬ ‫تأوهــت‪ ..‬فهــي رغــم عمرهــا الطويــل‪ ،‬إال‬ ‫أنهــا مل تشــاهد نفســها وال مــ َّرة‪.‬‬ ‫مت ّنــت بحــرة لــو أنَّهــا تعــر عــى يش ٍء مــا‪..‬‬ ‫إن نظــرت فيــه تــرى نفســها‪ ،‬فتكتشــف‬ ‫حالهــا وتعــرف مالمحهــا وتشــاهد تفاصيلها‪.‬‬ ‫وعــى هــذه األمنيــة ومبـرارة‪ ..‬ذرفــت املــرآة‬ ‫كثـرا ً مــن دمــوع حزنهــا األخــرس يف وحشــة‬ ‫هــذا الليــل‪.‬‬ ‫يف ســائه األخــرة‪ ،‬كان اللــه يراقبهــا‪..‬‬ ‫فأشــفق عــى آالمهــا‪ ..‬عندئـ ٍـذ‪ ،‬بعــث مبــاك‬ ‫املــوت إليهــا لينقذهــا مــن هــذه اآلالم‪..‬‬ ‫هبــط مــاك املــوت بهــدو ٍء عــى بهــو‬ ‫القــر‪ ،‬ليتلــوث رداء أبديتــه بقليــلٍ مــن‬ ‫الغبــار‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بصمــت بــارد بضــع خطــوات‪ ،‬ثــم‬ ‫مــى‬ ‫توقّــف أمــام املــرآة ونظــر فيهــا‪ ..‬مل يشــاهد‬ ‫نفســه عــى زجاجهــا‪ ،‬مل يهتــم أبــدا ً وكأنّــه‬ ‫معتــا ٌد عــى هــذا األمــر‪.‬‬ ‫املــرآة‪ ..‬هــي أيضـاً نظــرت يف مــاك املــوت‪،‬‬ ‫مســتعينة ً بالضــوء الشــاحب للقمــر‪.‬‬ ‫ـرح هائــل‬ ‫أقــل مــن دقيقــة فقــط‪ ،‬ثــم‪ ..‬فـ ٌ‬ ‫حــل عليهــا‪،‬‬ ‫بحجــم تاريخهــا الصامــت‪َّ ..‬‬ ‫فه ّزهــا مــن أعامقهــا‪ ..‬متلكتهــا نشــوة ٌعارمــة‬ ‫وهــي تشــهق بســعادة‪.‬‬ ‫هنــاك‪ ..‬يف مــاك املــوت‪ ،‬شــاهدت نفســها ــ‬ ‫وكأنّــه مرآتهــا ــــ بوضو ٍح تــام‪......‬‬

‫محاسن سبع العرب‬

‫كان ابنــي الوحيــد‪ ..‬ولكنــه ِ‬ ‫أخـــذ إىل الحرب‪..‬‬ ‫مل أكــن أملــك ســواه‪ ..‬وبضــع دجاجــات‪..‬‬ ‫ـدي صغــر‪.‬‬ ‫و َجــ ٌ‬ ‫قضيــت مســاءات الوحــدة وأنــا أحيــك لــه‬ ‫مالبــس الشــتاء‪ ..‬أحيانــا‪ ..‬أرسع يف العمــل‪ ..‬يك‬ ‫تكــون أشــياؤه مهيــأة‪ ..‬وكأنــه ســيعود يف الغــد‪..‬‬ ‫وأحيانــا أخــرى‪ ..‬أتباطــأ متعمــدة‪ ..‬رمبــا ألين‬ ‫يف قــرارة نفــي وبقلــب األم الــذي ال يكــذب‬ ‫أبــدا ً‪ ..‬أعلــم أنــه ســيتأخر‪ ..‬كثـرا ً‪ ..‬أو أنــه رمبــا‪..‬‬ ‫لــن يعــود أبــدا ً‪ ..‬فحــن أكــون قــد قاربــت عــى‬ ‫االنتهــاء مــن حياكــة القطعــة التــي يف يــدي‪..‬‬ ‫أعــود وأنســل خيوطهــا ثــم أبــدأ بالعمــل مــن‬ ‫جديــد‪ ..‬وبالرغــم مــن ذلــك‪ ..‬كنــت أنتظــره‪.‬‬ ‫قبــل حلــول الشــتاء مــن كل عــام‪ ..‬أحيــك لــه‬ ‫مالبــس الشــتاء كاملــة‪ ..‬ومــا أن ينقــي الشــتاء‬ ‫وهــو مل يعــد بعــد‪ ..‬حتــى أطويهــا وأضعهــا‬ ‫عــى رف خشــبي يف خزانتــه‪ ..‬وهــا هــو الشــتاء‬ ‫الثالــث الــذي ميــر يب مــن دونــه‪ ..‬ورف الخزانــة‬ ‫قــد امتــأ مبالبــس صوفيــة مل تلبــس قــط‪..‬‬ ‫هــا هــو الشــتاء يــأيت بلونــه األبيــض‪ ..‬وحزنــه‬ ‫القديــم‪ ..‬وهــا أنــا أدمــن الجلــوس كل مســاء‬ ‫أمــام املدفــأة‪ ..‬وبجــواري ســلة قــش مليئــة‬ ‫بالصــوف‪ ..‬وبــن أصابعــي ســنارتني أحيــك متزقنــا دقــات الســاعة وهــي متــي الهوينــى‪..‬‬ ‫بهــا شــاال ًالبنــي املمعــن يف الغيــاب‪ ..‬ســيكون وكأنهــا تــدوس بــكل خطــوة تخطوهــا عــى‬ ‫أعصابنــا املتأججــة املســتثارة‪ ..‬نرغــب أحيان ـاً‪..‬‬ ‫أرجوانيــاً هــذا العــام‪..‬‬ ‫يف أن نلقــي بتلــك الســاعة يف أقــرب نهــر يك‬ ‫ـ «ســيكون بحوزتــه مالبــس شــتوية كثــرة يجرفهــا التيــار ونتخلــص مــن تلــك الدقــات‬ ‫الروتينيــة التــي مــا دأبــت تطــرق أدمغتنــا‪.‬‬ ‫عندمــا ســيأيت»‪..‬‬ ‫كــدت أنهــي مــا بيــدي‪ ..‬حــن ســمعت طرقــا‬ ‫ابتســمت لهــذا الخاطــر الــذي مــر ببــايل‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ثــم تذكــرتُ فجــأة أمـرا ً‪ ..‬فقلــت محدثــة نفــي خفيفــاً عــى البــاب‪ ..‬مــرت لحظــات قبــل أن‬ ‫يتكــرر الطــرق مــرة ثانيــة‪ ..‬وضعــت مــا بيــدي‪..‬‬ ‫بصــوت مرتفــع‪:‬‬ ‫ـ «يجــب أن تكــون مالبــس الشــتاء لهــذا العــام اســتندت عــى ركبتــي‪ ..‬اتجهــت إىل البــاب‬ ‫أكــر مــن مالبــس الســنة املاضيــة‪ ..‬إذ أنــه وفتحتــه‪ ..‬مل يكــن مثــة أحــد‪ ..‬ســوى الريــح‬ ‫تصفــق هنــا وهنــاك‪ ..‬كان ال َجـــدي متكومـاً عىل‬ ‫ســيكون أطــول قليــاً وأكــر امتــاء»‪..‬‬ ‫أســدلت جفنــي‪ ..‬وأخــذت أتخيــل كيــف نفســه ملتصقــاً بالجــدار يحــاول أن يســتمد‬ ‫ســيكون ابنــي وهــو يف هــذه الســن‪ ..‬تابعــت منــه بعــض الــدفء‪ ..‬والدجاجــات راقــدات‬ ‫وقــد عــادت االبتســامة إىل شــفتي‪:‬‬ ‫ـ «يف شــهر شــباط مــن هــذا العــام‪ ..‬س ُيـــتم‬ ‫الثالثــة والعرشيــن مــن عمــره‪ ..‬بالتأكيد ســيبدو‬ ‫رجـاً يافعـاً عريــض املنكبــن‪ ..‬إال أنــه ال بــد قــد‬ ‫احتفــظ مبالمحــه ذاتهــا‪ ..‬إذ أن ثــاث ســنوات ال‬ ‫تغــر مــن مالمــح املــرء الكثــر»‪.‬‬ ‫تنهــدت بعمــق حــن نطقــت بـ(ثــاث‬ ‫ســنوات)‪ ..‬تذكــرت آخــر عبــارة قالهــا يل وهــو‬ ‫يودعنــي‪« ..‬ســأغيب شــهرين أو ثالثــة يــا‬ ‫أمــي‪»..‬‬ ‫شــعرت بنــار تكــوي فــؤادي وبحرقــة يف جــويف‪..‬‬ ‫ازدردت ريقــي فشــعرت بــه الذعــاً‪ ..‬مل أكــن‬ ‫أتخيــل أن غيابــه ســيطول إىل هــذا الحــد‪..‬‬ ‫مــا أصعــب أن يطــول انتظارنــا لســنوات‪ ..‬وكــم‬ ‫هــي ســاعات االنتظــار قاســية‪ ..‬حــن نتوســل‬ ‫الوقــت يك ميــي ليصــل مــا بعــده‪ ..‬أن نراقــب‬ ‫قــرص الشــمس مــن لحظــة بزوغــه للحظــة‬ ‫غروبــه‪ ..‬يك نســتطيع أن نقــول ألنفســنا املنهكة‪:‬‬ ‫ـ «هــا هــو يــوم جديــد قــد أىت‪ ..‬وأمامنــا متســع‬ ‫مــن الوقــت لننتظــر‪ ..‬أمامنــا العمــر بأكملــه‬ ‫لننتظــر»‪.‬‬

‫فتى املعتقل ‪« ..‬على لسان أمه»‬ ‫ما بني محبسني‬ ‫أقل من عام‬ ‫استودعتك مرتني يف ِّ‬ ‫وما بني رمضانني‬ ‫محجري‬ ‫ذقت بُع َدك‪ ،‬وأنت هاهنا يف‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وما بني مغادر ِة األعياد القدمية‬ ‫وإقبال العيد الجديد‬ ‫تهت ّز أركاين ويستع ُر أملي‬ ‫وأنتزع الحيا َة انتزاعاً‬ ‫من بني أنفايس الرديئة‬ ‫كل يومٍ مثامنئة م ّرة‬ ‫وأُذبح يف ِّ‬ ‫مائتان عند الرشوق‬ ‫ومائتان عند الغروب‬ ‫ليل‬ ‫وأربعامئة ت َْصع ُني ً‬

‫متيش إىل الوراء بوج ٍه مستدي ٍر نحو األمام‬ ‫فأتج ّرع نومي حنظالً مغروزا ً بالشوك‬ ‫وتظ ُّن نفسها هنا‬ ‫***‬ ‫وهي قد وصلت إىل أبعد من هناك‬ ‫هل تُراك تأكل أو تنام؟‬ ‫يف الخلف‬ ‫كيف لعي ِن َك أن تغفو؟‬ ‫ِ‬ ‫خــب ***‬ ‫ألســت جديــرا ً باللهــ ِو‬ ‫وص ِ‬ ‫والعبــث ّ‬ ‫وسالسل وظالم دائم!‬ ‫ُ‬ ‫قضبا ٌن‬ ‫الحيــاة!‬ ‫ٍ‬ ‫وأبواب مغلقة!‬ ‫نواف ُذ صغري ٌة‬ ‫أي حرسة عاثت بقلبك يا صغريي‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫وأي ٍ‬ ‫ثاين أكسيد كربون تدا َولَه تسعون شخصاً!‬ ‫انسل من غابات املجهول‬ ‫بؤس ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫وتعذيب وجوع!‬ ‫إذالل‬ ‫فأخذك إىل تلك الدهاليز املقفرة‬ ‫ٌ‬ ‫ولدي‪...‬‬ ‫الل كون‬ ‫ال ّرابض ِة عىل تخوم ّ‬ ‫الليل عىل وساديت وال أغفو‬ ‫يغفو ُ‬ ‫املسكون ِة بال ّديناصورات املهرتئ ِة البالية‬ ‫أنتظر ِديَ َم السامء علّها تهطل‬ ‫امللثّم ِة بقضبان الفزع‬ ‫يف غفل ٍة من هذا العا ِمل املعربد‬ ‫واملد ّجج ِة بسالسل الذّعر‬

‫عــى البيــض يف قنهــن‪ ..‬فأغلقــت البــاب وعــدت‬ ‫إىل مقعــدي‪.‬‬ ‫تكــرر الطــرق يف مســاء اليــوم التــايل‪ ..‬طرقات‬ ‫خفيفــة جــدا ً‪ ..‬متامــاً كصــوت قبلــة أم عــى‬ ‫جبهــة صغريهــا النائــم‪ ..‬تأخذهــا بخفــة ولطــف‬ ‫يك ال توقظــه‪ ..‬إال أننــي كنــت أســمعها جيــدا ً‪..‬‬ ‫وكأن كل أصــوات العــامل كانــت تخبــو‪ ..‬ويتجــى‬ ‫لســمعي ذاك الصــوت صافيــاً ال يعكــره يشء‪..‬‬ ‫وللمــرة الثانيــة‪ ..‬مل يكــن مثــة أحــد عــى البــاب‪..‬‬ ‫طــوال األيــام التاليــة‪ ..‬تكــرر الطــرق بشــكل‬ ‫يومــي حتــى ألفتــه‪ ..‬وغــدا جــزءا ً مــن مســاءات‬ ‫وحــديت‪ ..‬جــزءا ً مــن الشــتاء‪ ..‬أو مــن االنتظــار‪..‬‬ ‫مل أعــد أفكــر فيمــن هــو الطــارق‪ ..‬كان كل‬ ‫تفكــري محصــورا ً يف أين هــل سأســمعه هــذه‬ ‫الليلــة أم ال؟ هــل ســيأيت يف موعــده أم ســيتأخر؟‬ ‫أصابعــي كل مســاء‪ ..‬تعبــث بخيــوط‬ ‫الصــوف‪ ..‬وأذنــاي مرهفتــان بشــدة‪ ..‬ومــا أن‬ ‫أســمعه‪ ..‬حتــى تــري الطأمنينــة يف نفــي‪..‬‬ ‫وكأن أحدهــم قــد نفــذ وعــده يل بالحضــور‪..‬‬ ‫اعتدتــه واعتــدت ســاعه‪ ..‬وكأين عــى موعــد‬ ‫معــه كل مســاء‪ ..‬ومبــرور األيــام‪ ..‬تشــكل يف‬ ‫داخــي يقــن بــأن هــذا الصــوت ال بــد مرســل‬ ‫مــن عنــد ابنــي‪ ..‬هــي رســالة يُحـ ِّمــــلها ابنــي‬ ‫لريــاح الشــتاء‪ ..‬إذ أن النتظارهــا املــذاق‬ ‫نفســه‪ ..‬ذات الحرقــة واللوعــة‪ ..‬وذات الفرحــة‬ ‫والغبطــة‪ ..‬غــدا مؤملـاً جــدا ً أن ميــر عــي مســاء‬ ‫ال أســمع فيــه ذاك الصــوت‪ ..‬رصت أنتظــره‬ ‫متامــاً كــا انتظــرت ابنــي طــوال األعــوام‬ ‫التــي مضــت‪ ..‬وأغــدو بعــد ســاعه يف غايــة‬ ‫الســعادة‪ ..‬وكأين احتضنــت ابنــي للتــو‪ ..‬غــدوت‬ ‫أكتفــي فقــط بــأن أســمع تلــك الطرقــات‪ ..‬مــن‬ ‫غــر أن اتحــرك مــن مــكاين‪ ..‬وكأين رصت أخــاف‬ ‫إن اكتشــفت الطــارق أن ال يعــود مــرة أخــرى‪..‬‬ ‫عنــد انقضــاء شــتاء ذلــك العــام‪ ..‬توقــف‬ ‫الطــرق عــى البــاب‪ ..‬متامــاً مــع عــودة‬ ‫املحاربــن‪ ..‬فعرفــت حينهــا أن ابنــي قــد مــات‪..‬‬

‫ديمة محمود‬

‫يتوزع نبضه بني ذ ّرات الهواء‬ ‫املتب ّج ِح باإلنسان ّية‬ ‫كل محبس‬ ‫املمت ّدة بيني وبني ِّ‬ ‫الثّ ِمل بدمه‬ ‫تدثّرتُ بدمعي‬ ‫واملتاجر بكرام ِة اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫بأنياب هذا األىس املجلجِل‬ ‫وتعثت‬ ‫يف نخاس ٍة إثر نخاسة‬ ‫ِ‬ ‫بهذا الزلزال الذي قتل أقحواين‬ ‫ويف مهان ٍة ليس لها مثيل‬ ‫ٍ‬ ‫نجــات وال‬ ‫والتحفــت بحــرا ً رسمديّــاً بــا‬ ‫***‬ ‫ُ‬ ‫قلبــي املتســاق ُط عــى أرصفــ ِة الحــزن منــذ قمــر‬ ‫يتّيك ُء عىل مو ٍج من الّليلِ املتتايل‬ ‫عــام‬ ‫بال فجر وال شقشقات‬ ‫اعو ّجت أطر ُاف أجزائه‬ ‫عيني وأض ُّمك لصدري‬ ‫مــا عــادت أجــزاؤه قــادر ًة عــى التّالقــي‬ ‫َ‬ ‫ألغمض َّ‬ ‫ِ‬ ‫ويرسي نبيض يف نبضك‬ ‫وااللتصــاق‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأمسح دم َعك علّك تشعر يب قربك‬ ‫وظل مبعرثا ً مفتّتاً مرتحالً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بعض حزنك يف وجه القضبان‬ ‫بني أكوان املحابس أو محابس األكوان‬ ‫وينثني ُ‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪13‬‬

‫غريب الدار‬

‫آية‬ ‫حسن البقالي‬ ‫يجلــس ســامي لصــق الحائــط الــذي مــا زال‬ ‫يحتفــظ بفجاجــة اإلســمنت‪ ..‬لــوح الخشــب فــوق‬ ‫الصنــدوق البالســتييك األســود‪ ،‬وفوقــه مصفوفــة‬ ‫الفطائــر التــي خرجــت للتــو مــن الفــرن‪.‬‬ ‫مل يبــع شــيئاً بعــد‪ ..‬والزقــاق يبــدو خالي ـاً بشــكل‬ ‫يدعــو إىل اإلرتيــاب يف أن ســحابة ماطــرة قــد متــر‬ ‫مــن هنــاك‪..‬‬ ‫عاكــف عــى أوراقــه يعيــد حســاب الدراهــم التــي‬ ‫متكــن مــن جمعهــا حتــى اآلن‪ ،‬ويفكــر فيهــا‪..‬‬ ‫يف النحيفة ذات العينني اآلرستني‬ ‫الرقيقة كنسمة‬ ‫والحزينة كيوم حداد‬ ‫آيــة التــي تــدرس معــه يف الفصــل‪ ،‬وال تلعــب أبــدا ً‬ ‫مــع اآلخريــن‪ ..‬تظــل صامتــة حتــى يخــال البعــض‬ ‫أنهــا يف غيبوبــة‪ ،‬لكــن مــا إن يُنــا َدى عــى اســمها‬ ‫طلــب منهــا املشــاركة يف الــدرس حتــى ترســل‬ ‫ويُ َ‬ ‫رسب عصافــر ملونــ ٍة لتأثيــث‬ ‫إجاباتهــا الدقيقــة‪َ ،‬‬ ‫الفضــاء باصطفــاق األجنحــة‪ .‬ويف فــرة االســراحة‪،‬‬ ‫حــن يرشع الجميــع يف الركــض والتنطط والشــجار‪،‬‬ ‫تلجــأ آيــة إىل ركــن قــي وتكتفــي باملتابعــة‪.‬‬ ‫يف مثــل هــذه األوقــات يســتبد بهــا حــزن شــديد‬ ‫الـراوة‪ ،‬ويبــدأ يف قضــم حبــة الــروح دون هوادة‪..‬‬ ‫أحيان ـاً تتمكــن مــن تــايف غاراتــه‪ ،‬وتــرح بعيــدا ً‬ ‫خلــف األوالد تشــاركهم اللعــب‪ ..‬تجــري أرسع‬ ‫منهــم وأبعــد‪ ،‬وتقفــز أعــى فتشــع مــن قســاتها‬ ‫فرحــة نديــة‪ ..‬ورمبــا انســاقت خلــف خياالتهــا‬ ‫ملســافات شاســعة‪ ،‬مارســت فيهــا ألعاب ـاً رأتهــا يف‬ ‫التلفزيــون أو ُحــي لهــا عنهــا‪ ..‬صعبــة وخطــرة‬ ‫كتســلق الجبــال أو القفــز مــن شــاهق‪..‬‬ ‫لكنها ال تلعب أبدا ً‪..‬‬ ‫لكنها أبدا ً حزينة‪..‬‬ ‫يحــدث أن يلتفــت ســامي ناحيتهــا فيجدهــا‬ ‫تحضنــه بنظــرة شــبيهة بأنــة نــاي‪ ..‬للــدفء‬ ‫والوجــع‪ ..‬نظــرة ال يــدرك كنههــا فيشــيح عنهــا‬ ‫باتجــاه اآلخريــن‪..‬‬ ‫وظلت آية كاهنة للظل‪..‬‬

‫وحيــدة وحزينــة وشــفافة حــد الرهبــة‪ ..‬الــكل‬ ‫عــى مســافة مــن عاملهــا‪ ..‬والــكل دون نباهتهــا‪..‬‬ ‫قال األستاذ‪:‬‬ ‫ قومي يا آية‪.‬‬‫يف درس حــول البيئــة‪ ،‬فصــل مرسحــي مــرع عــى‬ ‫الوجدان‪..‬‬ ‫قومــي يــا آيــة‪ ..‬ستشــخصني دور النبتــة‬ ‫ ‬‫الربيــة‪ ..‬وأنــت يــا ســامي تشــخص دور الشــاعر‪..‬‬ ‫«أيتها النبتة املتوحدة‬ ‫كم أنت بالغة الهشاشة والجامل‬ ‫وكم تبدو حيايت بدونك‬ ‫فاقدة لكل بهاء»‬ ‫خاطــب ســامي آيــة بهــذا املقطــع الشــعري يغطــي‬ ‫طيفهــا بعينــن طفوليتــن‪ ،‬حــن ملــح ســلة كــرز‬ ‫تنــزح مــن مخبــأٍ رسي ألحــراش الــكالم وتفــرش‬ ‫خديهــا‪ ،‬وهــز جســدها النحيــل بعــض اضط ـراب‪..‬‬ ‫أدرك حينهــا مــا ظــل مســتغلقاً عــى عمــره القصــر‬ ‫مــن قبــل‪ ..‬وأحــس اتجاههــا بحــب دافــق غلــف‬ ‫اللحظــة بألــف زنبقــة ووهــج نــار لطيفــة‪ ..‬ألفــى‬ ‫نفســه فجــأة يحــب صوتهــا كــا يحــب صمتهــا‬ ‫الطويــل‪ ،‬ويحــب شــفافية الحــزن يف حركاتهــا‬ ‫وســح َر عينيهــا ‪ ..‬ويحــب الفصــل والدراســة‬ ‫واألســتاذ والطريــق التــي توصلــه إىل هنــاك‪..‬‬ ‫ويحــب فعــاً تلــك النبتــة الربيــة املتخيلــة التــي‬ ‫وجــدت تجســيدها الحــق يف نبتــة رائعــة مــن لحــم‬ ‫ودم وحــزن‪..‬‬ ‫ويف فرتة االسرتاحة‪..‬‬ ‫حــن كان اآلخــرون يتقافــزون ويلعبــون‪ ،‬حضــن‬ ‫الركــن القــي زوج حــام تظللهــا غاممــة زرقــاء‬ ‫مــن هديــل‪.‬‬ ‫ لكن‪ ..‬ملَ أنت حزينة بهذا الشكل يا آية؟‬‫ ألين سأموت يا سامي!‬‫ وأفقدك؟ كام فقدت أيب؟ ملاذا؟؟‬‫آيــة تحمــل قلبــاً عليــاً‪ ..‬وأي مجهــود جســدي‬ ‫يعرضهــا للمــوت‪..‬‬

‫لذلك فقدت مرح األطفال وصاحبت الحزن‪..‬‬ ‫ولذلك صار سامي حزيناً بدوره‪..‬‬ ‫يفكــر يف املــرض واملــوت وعصافــر الجنــة‪« ..‬عندمــا‬ ‫ميــوت اإلنســان طفــاً يدخــل إىل الجنــة دون‬ ‫حســاب‪ ..‬ويصبــح عصفــورا ً مــن عصافريهــا امللونــة‪،‬‬ ‫يحلــق حيثــا يشــاء»‪ ..‬ثــم يذكــر أبــاه الــذي راح‪،‬‬ ‫ذات مســاء خريفــي وتــرك الــدار تتأرجــح بــن‬ ‫العــوز والفقــد‪..‬‬ ‫ال يريد أن يفقدها أيضاً‪..‬‬ ‫تلــك النبتــة الربيــة التــي أكل الكــرز مــن خديهــا‪..‬‬ ‫ال يريدهــا أن متــوت‪ ..‬هــي نفســها ذكــرت أن‬ ‫هنــاك أم ـاً يف الحصــول عــى مصاريــف العمليــة‬ ‫مــن بعــض املحســنني‪ ،‬أو معظمهــا عــى األقــل‪..‬‬ ‫وســتجري العمليــة قريبــاً‪ ،‬وتعــود مبُهــر نابــض‬ ‫مــكان القلــب‪ ،‬وشــمس متوهجــة عــى األســارير‪.‬‬ ‫وهرع إىل الدار‪:‬‬ ‫ أمي‪ ..‬هايت الفطائر يك أبيعها‪.‬‬‫فكــرة قدميــة عرضتهــا أمــه عليــه ليعينهــا عــى‬ ‫األعبــاء‪ ،‬لكنــه رفــض متعلــاً بالدراســة ومــررات‬ ‫أخــرى مل تقنعــه‪..‬‬ ‫يجلــس اآلن لصــق الحائــط الــذي مــا زال يحتفــظ‬ ‫بفجاجــة اإلســمنت‪ ..‬يوقــع نظــرة عابــرة عــى‬ ‫اللــوح الــذي أوشــكت فطائــره عــى النفــاد‪ ،‬ويتأكد‬ ‫مــرة أخــرة مــن املبلــغ الــذي متكــن مــن جمعــه‪..‬‬ ‫داخلــه بعــض ارتيــاح واســتحرض القــادة الفضيــة‬ ‫التــي رآهــا عنــد بائــع التحــف واملســكوكات‪،‬‬ ‫بقلبهــا الناصــع القــوي والنابــض بالجــال‪..‬‬ ‫سيشــري لهــا القلــب الفــي‪ ..‬تعلقــه عــى صدرها‬ ‫قبــل دخــول غرفــة العمليــات‪ ..‬ويكــون هــو‬ ‫بالخــارج نهبــاً ألســئلة القلــق وحمــى اإلنتظــار‪..‬‬ ‫تحســس املبلــغ الراقــد داخــل الجيــب بيــد‪،‬‬ ‫وباألخــرى داعــب طيــف دمعــة مه َرقــة‪..‬‬ ‫«يا رب‪..‬‬ ‫أقبــل أن أبيــع الفطائــر طــول حيــايت‪ ..‬فقــط اشــفِ‬ ‫آية‪..‬‬ ‫يا رب‪»..‬‬

‫مل يكن غيمة فأختذه شتائي‬ ‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫وقــال‪« :‬أضئنــا؛ هــا تــرى النصــوص تتفاقــم‬ ‫عــن ليــلٍ وركــوة ودم‪ ،‬ج ّمــع مــن النجــم مــا‬ ‫يكفــي لنــار‪ ،‬وانــر مــن الــورد مــا يكفــي ملذبحــة‪،‬‬ ‫ســيذكرنا قومنــا إذا جــ ّد ج ّدهــم‪ ،‬تقــ ّدم؛ فكــا‬ ‫تــراين أجهــش بكــم‪ ،‬القمصــان يف يــدي بيضــاء‪،‬‬ ‫والوعــد عــى مقبــض ســيف‪ ،‬تعــال؛ وشــاركني‬ ‫مقامــي‪ ،‬لــك منــا مــا لألمــاين‪ ،‬ولنــا منــا مــا تنتــج‬ ‫الغيــوم يف الربيــع»‪.‬‬ ‫ث ـ ّم حطّــت يــده عــى كتفــي‪ ،‬ونظــر يف البعيــد‪،‬‬ ‫وبعــر النــار الواهنــة يف موقــد الصمــت‪ ،‬وكتــب‬ ‫يف الفضــاء بخـ ٍ‬ ‫ـط واضــح اســتعاره مــن جمــر ٍة يف‬ ‫طــرف عــود‪ ،‬كتــب‪« :‬بــادي» وأثــث مــا بيننــا‬ ‫بحــزن دامــع‪ ،‬حتــى س ـ ّولت يل نفــي أن أســأل‪،‬‬ ‫واملقــام عزيــز‪ ،‬وفــاض الصمــت‪ ،‬حتــى أن الجمــر‬ ‫ســال‪ ،‬واملوقــد اســتحال أخــر‪.‬‬ ‫وقــال‪« :‬إذا كلمتــك املــرايث‪ ،‬وعاتبتــك يف الــدار‬ ‫واألرواح‪ ،‬فاصطــر‪ ،‬فــا املــرايث إال نــداء قنــوط‪،‬‬ ‫احبــس بــكاءك عــن األهــل والــدار‪ ،‬البــكاء نــزوة‬ ‫الحــزن يف غفلــة عــن العابــر‪ ،‬خــذ مــن األمــل مــا‬ ‫يوقــظ مدينــة‪ ،‬ومــن الحــزن مــا يش ـيّع صاحب ـاً‪،‬‬ ‫امل ـرايث تــكاءة العاجــز‪ ،‬وبشــارة النــادب»‪.‬‬ ‫كان غيمــة‪ ،‬قيــل مل يكــن‪ ،‬وكان قمــرا ً وشــاهدته‬ ‫مرتــن‪ ،‬يــوم ودعــت طفولتــي ذات يــوم‪ ،‬وهــا‬ ‫كل‬ ‫أراه اليــوم‪ ،‬وقيــل بــل شــاهدته دامئــاً‪ ،‬وراء ّ‬ ‫محنــة‪ ،‬يشـ ّد إزارك‪ ،‬ومينحــك بعــض األمــل وكثــرا ً‬

‫أكســر املــوت األصفــر‪ ،‬ودرب الشــهداء املعبّــد‬ ‫يف الشــال مــن الوجــع‪ ،‬لعــي أيضء إن أ ّجلــت‬ ‫دمعتــن ألمنــح طفــي ضحكــة مــزورة‪ ،‬أو ضحكــة‬ ‫مــن القلــب‪ ،‬لعــي أكتــب مث ـاً‪« :‬يل بــا ٌد لســت‬ ‫اب‬ ‫فيهــا‪ /‬يك أســميها بــادي‪ .‬يل بــا ٌد مــن تــر ٍ‬ ‫ومــط‪ /‬وجنــونٍ يرتــدي الرعــ َد إذا جــاء الشــتاء‪/‬‬ ‫وأكــف ل ّوحــت يل‪ /‬يل‬ ‫وعصافــ َر وخبــ ٍز وقمــر‪/‬‬ ‫ٍّ‬ ‫بــا ٌد مشــتهاةٌ‪ /‬كلّــا أزهــر حــزنٌ ‪ ..‬فــوق رشفتهــا‪..‬‬ ‫أنــادي‪ /‬يــا بــادي‪ .‬أتنــاىس أنهــا ليســت بــادي‪/‬‬ ‫ـف‪ ..‬وأدنيهــا قلي ـاً‪ /‬ثــم‬ ‫أخطــف اليــاء مــن الصـ ّ‬ ‫أقرؤهــا‪ ..‬بــادي»‪.‬‬ ‫كان يهـ ّز راســه‪ ،‬فيمطــر‪ ،‬ومل يكــن غيمــة فأتخــذه‬ ‫شــتايئ‪ ،‬و كان عــى بعــد قم ـ ٍر مــن ليــل الفتنــة‪،‬‬ ‫ثــم إن القبائــل ائتــزرت بالــدم‪ ،‬فــا عــدت‬ ‫أرى منــه إالّ قوســاً بعيــدا ً يــذوب يف الظلــات‪،‬‬ ‫وبقيــة مــن صوتــه ليســت صــدى وليســت‬ ‫صوتــاً ‪ »:‬ج ّمــع مــن النجــم مــا يكفــي لنــار» ‪،‬‬ ‫وكان الشــهداء يصعــدون‪ ،‬حتــى امتــأت الســاء‬ ‫بالنجــوم‪ ،‬وســمعت صوتــه مــن بعيــد‪ »:‬هــذه‬ ‫مأدبــة الســوريني» ‪ ،‬وكــدت أن أقــول بــ ٍخ بــ ٍخ‪.‬‬ ‫ومتثلــت ‪ »:‬ســأل النــاس املغ ّنــي‪ /‬بعدمــا اختــار‬ ‫الســكوت‪ /‬كيــف أغمضــت عــن املــوىت ومل تنبــس‬ ‫بلحــنِ ‪ /‬يــا شــقي الحــرف هــا نحــن منــوت»‪.‬‬ ‫مــن الحــزن‪.‬‬ ‫***‬ ‫لعــي اليــوم أيضء‪ ،‬فأكتــب وأكتــب‪ ،‬عــن الشــجر‬ ‫الــذي ذوى‪ ،‬وعــن الرباعــم التــي ســقطت‪ ،‬عــن ثم كان ليل‪.‬‬

‫آالم شخصية‬

‫إبراهيم العلوش‬ ‫أن متــرض وأنــت غريــب‪ ،‬وبعيــد وضائــع‪ ،‬أن متــرض‬ ‫وأنــت عابــر لبــاد ال تعرفــك وال تعرفهــا‪ ،‬أن متــرض وأنــت‬ ‫نهــب للهواجــس والتصــورات والتخوفــات‪ ،‬عندهــا تتضاعــف‬ ‫آالمــك وتتزايــد غربتــك ويصبــح العــامل بعيــدا ً عنــك‪ ،‬شــديد‬ ‫البعــد!‬ ‫تختلــط أوجاعــك بأوجــاع مدينتــك التــي غادرتهــا ذات ليــل‬ ‫هاربـاً مــن خفافيــش الظــام‪ ،‬ومــن القصــف املجنــون لنظــام‬ ‫فــايش‪ ،‬حـ ّول البــاد إىل ورقــة قــار يتاجــر بهــا مــع مجرمــي‬ ‫العــامل‪ ،‬غــر آبــه مبصــر البــاد وال مبصــر أهلهــا‪ ،‬لقــد ح ـ ّول‬ ‫ســورية إىل طاولــة قــار كبــرة تجتــذب مختلــف أنــواع‬ ‫املجرمــن والســفلة!‬ ‫وســط آالمــك تطــل عليــك حديقــة الرشــيد واملبــاين املدمــرة‬ ‫حولهــا‪ ،‬لقــد جــاء الــروس ليجربــوا جنونهــم ببالدنــا‪ ،‬وليمحوا‬ ‫ذكرياتنــا ونحــن نعــر مــن حديقــة الرشــيد إىل دوار الخــر‪،‬‬ ‫وليجتثــوا آثــار خطواتنــا ونحــن نعــر الشــارع إىل أماكــن‬ ‫عملنــا‪ ،‬وإىل روضــات أطفالنــا‪ ،‬وإىل لقــاء أصدقائنــا‪ ،‬مــن‬ ‫حديقــة الرشــيد إىل دوار الخــر إىل دوار الســاعة‪ ،‬ماريــن‬ ‫باملقاهــي التــي ُد ّمــرت بالقصــف اليومــي!‬ ‫هــزة االنفجــار تختلــط برجفــان الكريــب‪ ،‬النــاس يرتاكضــون‬ ‫يف الرقــة هاربــن مــن الشــظايا‪ ،‬وأنــا أرتجــف بعمــق مــع‬ ‫الكريــب الــذي يقلــد حادثــة االنفجــار مــع فــارق األرضار‬ ‫والضحايــا‪..‬‬ ‫الــروس يحاولــون محــو معــامل املدينــة كمقدمــة إلرعــاب‬ ‫أهلهــا بحجــة أن الرقــة مســكونة بخفافيــش الظــام‪ ،‬الــروس‬ ‫يجربــون جنونهــم ويحاولــون إعــادة التاريــخ مــن جديــد‬ ‫ناســن بأنهــم خــروا يف كل الدمــار الــذي ألحقــوه يف‬ ‫البلــدان األخــرى‪..‬‬ ‫الرقــة مــا تــزال مرتاميــة األطــراف وعص ّيــة عــى الدمــار‪،‬‬ ‫وعصيّــة عــى خفافيــش الظــام الذيــن خرجــوا مــن‬ ‫مســتنقعات التاريــخ القديــم‪ ،‬فجــاؤوا غريبــن وكريهــن‪،‬‬ ‫فيهــم رائحــة القبــور املنتنــة‪ ،‬وفيهــم مهزلــة التاريــخ القديــم‬ ‫الــذي مل يعــد صالحــاً لهــذا العــر‪ ،‬إنهــم يعانــدون إرادة‬ ‫اللــه بــاإلرصار عــى إعــادة الزمــن إىل الخلــف‪ ،‬يحاولــون‬ ‫إرجــاع الشــمس مــن الغــرب إىل الــرق‪ ،‬إنهــم ديناصــورات‬ ‫األزمــان املنقرضــة التــي مل تنفعهــا ضخامتهــا وال تاريخهــا‬ ‫الســحيق!‬ ‫مــا قيمــة آالم مرضــك والبــاد كلهــا متأملــة وخائفــة وضائعــة‪،‬‬ ‫مــا قيمــة هواجســك وهواجــس البــاد صــارت جبــاالً‪ ،‬لكنــك‬ ‫ال تســتطيع التحــرر مــن الرجفــة العميقــة العنيفــة التــي‬ ‫تنتابــك كل حــن وتضعــك يف مهــب الغربــة والخــوف مــن‬ ‫املجهــول!‬


‫‪14‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الرمز يف الفن التشكيلي‪ ..‬وظيفته‪ ،‬دالالته‪..‬؟‬ ‫فهــد الحســن‬ ‫دأبــت التجــارب اإلبداعيــة عــى اختــاف‬ ‫عنارصهــا وأدواتهــا عــل تنــاول الرمــز يف‬ ‫توجههــا اإلبداعــي‪ ..‬وملــا كان الفــن التشــكييل‬ ‫أقنوم ـاً مهــا مــن هــذه األقانيــم‪ ،‬فقــد غــاص‬ ‫بــدوره يف الرمــز‪ ،‬وأخــذ عنــه دالالتــه الرمزيــة‬ ‫وحملهــا رؤاه العريضــة لتكــون شــاهدا ً عــى‬ ‫غنــاه واتســاع رقعتــه البرصيــة التــي تجســد‬ ‫فكــرا َ ومفاهيــم تســتند إىل جانــب فكــري‬ ‫يســتحرض الرمــز كداللــة حســية يســتفيد‬ ‫منهــا مــن خــال ســاتها وخصائصهــا التــي‬ ‫اتســمت بهــا عــر ســنني طويلــة‪ .‬هــذا مــن‬ ‫جهــة‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى تتكــئ عــى إرث‬ ‫ثقــايف بــري فيتوحــدان فيهــا لتخــرج مصاغــة‬ ‫بــروح جامليــة شــديدة الـراء والغنــى‪ ،‬وإذا مــا‬ ‫أردنــا أن نســر أغــوار الرمــز ودالالتــه يف الفــن‬ ‫التشــكييل املعــارص علينــا أن نحــر أهــم‬ ‫الرمــوز التــي تضمنتهــا التجــارب التشــكيلية‬ ‫واألثــر الــذي تركتــه يف ذهنيــة املتلقــي‪ ،‬ومــا‬ ‫تبــع ذلــك مــن إيصــال رســالة خاصــة إليــه‬ ‫فيهــا جانــب تثويــري يعتمــد داللــة الرمــز‪،‬‬ ‫ويؤســس عليهــا رؤيتــه الخاصــة مــن الحيــاة‬ ‫وحوادثهــا وفلســفتها‪.‬‬ ‫لقــد بــرز الرمــز يف الفــن منــذ األزل كتعبــر عن‬

‫حاجــات اإلنســان اليوميــة البســيطة‪ ،‬وكانــت‬ ‫رســوم كهــوف التامـرا‪ .‬أول رمــوز ترســم لتلبيــة‬ ‫احتياجــات اإلنســان األول‪ ،‬وكانــت بدي ـاً عــن‬ ‫اللغــة ووســيلة تخاطــب وتعــرف عــى األشــياء‬ ‫املحيطــة بعواملــه‪ ،‬ومــع مــرور الزمــن تطــور‬ ‫الرمــز ليحمــل أبعــادا ً ميثولوجيــة ونفســية‪،‬‬

‫ثــم حمــل مفاهيــم سياســية ارتبطــت بشــغف‬ ‫اإلنســان إىل الحريــة والعدالــة االجتامعيــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬وحاجتــه إىل الدميقراطيــة والتعبــر‬ ‫عــن مكنونــات ذاتــه وأحالمــه بعيــدا ً عــن‬ ‫الرقابــة والتســلط‪ ،‬ولعــل مــن أهــم الرمــوز‬ ‫التــي دأب الفنانــون التشــكيليون عــى تناولهــا‬ ‫يف أعاملهــم‪ .‬املــرأة كرمــز ميثولوجــي وعنــر‬ ‫اجتامعــي يرمــز إىل الخصــب والعاطفــة‬ ‫والحنــان‪ ،‬فكانــت املــرأة هنــا تتخطــى‬ ‫رشوطهــا البيولوجيــة‪ ،‬وليتســع دورهــا لتكــون‬ ‫الوطــن والحريــة والنــاء والخصــب واألرض‬ ‫والوطــن الســليب‪...‬الخ‪ .‬كذلــك كان هنــاك‬ ‫مــن الرمــوز‪ :‬األشــجار والحصــان والحــام‬ ‫والســهول والجســد الرجــويل املمهــور بالقــوة‬ ‫واملنعــة والصالبــة‪ .‬يف حــن اتــكأت بعــض‬ ‫التجــارب التشــكيلية بقــوة عــى األســاطري‬ ‫وامليثولوجيــا واســتمدت منهــا الكثــر مــن‬ ‫العنــارص التــي وظفتهــا توظيفــاً بارعــاً‬ ‫لخدمــة أفكارهــا وتوجهاتهــا ومنهــا اإلنســان‬ ‫املجنــح وعنــارص األســاطري الغنيــة بغرائبيتهــا‬ ‫والشــمس والقمــر واألفــاك والبحــار والســاء‬ ‫والنجــوم‪ ،‬والقصــص التــي توثــق أحداثــاً‬ ‫معينــة بإرثهــا الفلســفي العميــق‪ ،‬وهنــا نذكــر‬ ‫بعــض الفنانــن واملشــاهري الذيــن اعتمــدوا‬

‫الرمــز كداللــة تشــكيلية يف أعاملهــم‪ ،‬وخلــدوه‬ ‫يف تجاربهــم الفنيــة‪ ،‬ومنهــم ســلفادور دايل‬ ‫ويوجــن دوالكــروا ورامربانــت وفرنشيســكو‬ ‫غويــا وبابلــو بيكاســو وجــورج بـراك ومودليــاين‬ ‫وبيســارو وشــاجال وفرانســيس بيكــون‪ .‬وعــى‬ ‫املســتوى العــريب‪ :‬ســليامن منصــور ومتــام‬ ‫األكحــل ومصطفــى الحــاج ويوســف عبــد‬

‫لــي وخزميــة علــواين ومحمــود حــاد وســيف‬ ‫وانــي ورافــع النــارصي وفريــد بلكاهيــه‬ ‫وســعيد الصــكار وأدهــم إســاعيل وبرهــان‬ ‫قصــاب بــايش وضيــاء العــزاوي‪ ..‬وغريهــم‬ ‫ممــن أخلــص ملســألة الرمــز يف أعاملــه الفنيــة‪،‬‬ ‫ومنحهــا القــدرة عــى إيصــال أفــكاره بــكل‬ ‫جــدارة واقتــدار‪.‬‬

‫جمموع��ة الني��ل تص��در «اتب��ع خط��وات األرن��ب يف مدخ��ل عل��م الفلس��فة احلديث��ة‪»..‬‬ ‫وفاء شهاب الدين‬ ‫صــدر حديثــاً عــن مجموعــة النيــل‬ ‫العربيــة للنــر والتوزيــع بالقاهــرة الطبعــة‬ ‫العربيــة لكتــاب «مدخــل إىل علــم الفلســفة‬ ‫الحديثــة‪ ..‬اتبــع خطــوات األرنــب» تأليــف‬ ‫فيليــب هيبــل وترجمــة رانيــا خليــف‪.‬‬ ‫قــال أرســطو‪« :‬إن الفلســفة تبــدأ‬ ‫بالتعجــب»‪ ..‬ذلــك التعجــب الطفــويل كــا‬ ‫يزعــم الكثــرون‪ ،‬ولكــن ال ميكــن لهــذا‬ ‫الزعــم أن يكــون حقيق ّيـاً إال إذا كنــا نقصــد‬ ‫بالفلســفة ذلــك املعنــى الــذي رمــى إليــه‬ ‫قدمــاء اإلغريــق‪ ،‬فاألطفــال باحثــون منــذ‬ ‫نعومــة أظفارهــم‪ ،‬ولكنهــم ليســوا فالســفة‪.‬‬ ‫وتفســر ذلــك أن فضولهــم الطفــويل يتجــه‬ ‫نحــو العلــوم الطبيعيــة‪ ..‬فاألطفــال يريــدون‬ ‫أن يعرفــوا كيــف يســر العــامل؛ فيســألون‬ ‫عــن الســبب يف حلــول الظــام‪ ،‬أو أيــن‬ ‫تذهــب الريــاح عندمــا يســكن رصيرهــا؟!‪.‬‬ ‫كل ذلــك‪ ،‬حتــى‬ ‫إنهــم يحاولــون أن يعرفــوا َّ‬ ‫قبــل أن يســألوا عــن وجــود اللــه أو عــن‬ ‫معنــى العدالــة‪ .‬ويف حــن تبحــث العلــوم‬ ‫الطبيعيــة عــن الســبب والعلــة‪ ،‬مثــل «ملــاذا‬ ‫يســقط الحجــر عــى األرض؟» أو «ملــاذا‬ ‫تنقســم الخاليــا؟»‪ ،‬فــإن الفلســفة تســأل‬ ‫عــن املاهيــة‪« :‬مــا هــي العلــة؟» أو «مــا‬ ‫هــي الحيــاة؟»؛ حيــث يســأل الفالســفة عــن‬ ‫جوهــر األشــياء وكُ ْنههــا‪.‬‬ ‫فالفلســفة باملفهــوم الحــايل هــي علــم‬

‫املصطلحــات أو «فئــات التفكــر»‪ ،‬وتحديــدا ً‬ ‫تلــك الفئــات العامــة الشــاملة التــي ال‬ ‫نســتطيع أن نفهــم شــيئاً مــن دونهــا‪ ،‬مثــل‪:‬‬ ‫(املــكان والزمــان ـ اللغــة ـ الحكمــة ـ املعنى‬ ‫ـ الحقيقــة ـ املعرفــة ـ الســبب ـ الــيء ـ‬ ‫الحــدث ـ الوعــي ـ الخــر والــر ـ اإلدراك‬ ‫ـ الســلوك والتــرف ـ الشــعور والعاطفــة ـ‬ ‫اإلنســان ـ العدالــة ـ الجامل‪...‬إلــخ)‪.‬‬ ‫أمــا علــاء الطبيعــة فهــم مثــل األطفــال‬ ‫يحاولــون أن يعرفــوا الســبب يف حــدوث‬ ‫يش ٍء أو ظاهــر ٍة مــا‪ ،‬بينــا يذهــب الفالســفة‬ ‫بفضولهــم يك يتناولــوا ماهيــة كل يش ٍء أو‬ ‫وهــذا يطــرح تســاؤالت حــول علــم الجــال‬ ‫أمــ ٍر يف حياتنــا اليوميــة‪.‬‬ ‫الفلســفي منهــا‪ :‬مــا هــو الجــال؟ و مــا هــو‬ ‫ومــا أفــرد فيــه فصــاً ماتعــاً َع ْنونــه الفن؟‬ ‫باملتعــة‪ :‬فــن الجــال‬ ‫ظــل هنــاك ارتبــاط وثيــق بــن االثنــن‬ ‫ّ‬ ‫وطــرح مــن خاللــه تســاؤالت حــول ماه ّيــة‬ ‫الجــال وبــادئ ذي بــدء تطــ ّرق إىل علــم لفــرة طويلــة‪ ،‬فقــد ظــل الفنانــون يصنعــون‬ ‫الجــال الفلســفي ووضّ ــح بقصــده بأنــه أعــاالً تخاطــب الحــواس بصــورة إيجابيــة‬ ‫فصــل حتــى عرصنــا الحديــث‪ :‬مثــل متاثيــل الرخــام‬ ‫علــم الجــال والفــن‪ ،‬ولكنــه فضّ ــل ْ‬ ‫الجــال والشــهوة واملتعــة مــن ناحيــة الرشــيقة‪ ،‬والســيمفونيات التــي تدغــدغ‬ ‫والفــن واإلبــداع مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬وهــذا اآلذان والقصــور الفخمــة وحــركات الرقــص‬ ‫الخليــط تناولــه (ســقراط) يف شــخصية السلســة‪ ،‬أمــا اليــوم فالجــال منفصــل عــن‬ ‫(إيــروس)‪ :‬إلــه الحــب والرغبــة‪ ،‬وحــول الفــن‪ ،‬فالتصويــر الفوتوغــرايف للموضــة‬ ‫تأثــر (إيــروس) يف حيــاة النــاس‪ ،‬أو بتعبــر والتصميــم وموســيقى البــوب مازالــوا‬ ‫أدق‪ :‬حيــاة الرجــل‪ ،‬وفقـاً ملــا رآه (ســقراط) يخاطبــون حاســة الجــال لدينــا بصــورة‬ ‫فــإن بداخــل كل رجــل (إيــروس)‪ ،‬أو شــغف مبــارشة‪ ،‬لكــن الكثــر مــن أعــال الفــن مل‬ ‫بالجــال‪ :‬ويبــدأ هــذا الشــغف بحــب تعــد كذلــك‪.‬‬ ‫األطفــال الجميلــن ثــم يتحــول إىل حــس‬ ‫جــايل تجــاه األشــياء واألفعــال‪ ،‬وعــدد قليل‬ ‫مــن النــاس يتط ـ ّور إىل شــغف باملعرفــة أو‬ ‫بالفلســفة‪ ،‬وبالتــايل فــإن التأمــل باعتبــاره‬ ‫عالمــة مــن عالمــات النضــج الفكــري يشء‬ ‫يتميــز بــه الجميــع ولكنــه يقتــر عــى‬ ‫أولئــك الذواقــة أصحــاب الــذوق الرفيــع‪.‬‬ ‫بالفصــل بــن الجــال والفــن‬ ‫يــرى هيبــل‬ ‫ْ‬ ‫ويؤكــد ذلــك بقولــه‪ :‬هنــاك فنــون غــر‬ ‫جميلــة‪ ،‬وهنــاك جــال ليــس فنــاً‪ ،‬مثــل‬ ‫جــال الطبيعــة‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محمد صالح عويد‬ ‫يف الليــايل القمــراء وهــو يختــي بنفســ ِه‬ ‫يتســلل االبــ ُن البكــر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويصطهــج روحيــاً‪،‬‬ ‫بــاب‬ ‫ــص‬ ‫بهــدو ِء ِهــ ّرة‪ ،‬أو خفّــ ِة لِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫يفتــح َ‬ ‫الســيارة الواقفــة أمــام البيــت الطينــي الكبــر‬ ‫بقري ـ ٍة منفي ـ ٍة وادعــة‪ ،‬يـ ُ‬ ‫ـرك البــاب موارب ـاً يك‬ ‫ال يســتيقظ األب عــى صــوت صفــقِ البــاب‪،‬‬ ‫ـؤش عــى‬ ‫يُشـغّل الراديــو ويبحــثُ عــر إبــر ِة املـ ِّ‬ ‫إذاعــة صــوت الباديــة مــن بغــداد‪ ،‬وينتظــر‬ ‫أغــاين الريــف وامل ُغنيــات الرائعــات اللــوايت‬ ‫يُبهرنـ ُه بصوتهــن الرخيــم املؤثــر لتخــومِ ال ُبــكا ِء‬ ‫ٍ‬ ‫بصمــت‪.‬‬ ‫يف الصبــاح الباكــر وحــن ركــب األب بجــوار ِه ‪،‬‬ ‫حــاول االبــن يــرب «مرش» لتشــتغل الســيارة‪،‬‬ ‫ولكــن عبثــاً‪ ،‬مــرة اثنتــان للمــرة الرابعــة ثــم‬ ‫نــزل االبــن وقلب ـ ُه وشــاربي ِه الغضّ ــن يرتعشــان‬ ‫خوف ـاً مــن أبيــه الــذي بــدأ يُدمـ ِـدم‪ ،‬بشــتائم ‪:‬‬ ‫أعــرف يــا ابــن الكلــب أن بنزيــن الســيارة قــد‬ ‫نفــد منهــا بســبب تشــغيلك للراديــو بعــد أن‬ ‫ينــام الجميــع لتســتمع ألغــاين الريــف!‬ ‫يفتــح غطــاء امل ُح ـ ّرك ويبحــث‪ ،‬ثــم يكتشــف‬ ‫أن البنزيــن قــد نفــد فيذهــب ليجلــب خ ـزان‬ ‫احتياطــي معــدين قديــم مغلــق بإحــكام‬ ‫يتســع لعرشيــن لــرا ً يُفرغــ ُه يف خــزان وقــود‬ ‫الســيارة‪ ،‬ويرميــه فارغــاً بصنــدوق الســيارة‬ ‫ريثــا يصلــوا ألول محطــة بنزيــن‪ ،‬االبــن‬ ‫البِكــر الــذي يقــوم بــدور وكيــل أعــال أبيــه‬ ‫خاصــاً للســيارة‪ ،‬ومرافقــاً شــخصياً‪،‬‬ ‫وســائقاً ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يــؤدي دور أبي ـه كقائــد لقطيــع األرسة الكبــرة‬ ‫نســبيّاً يف حــاالت غياب ـ ِه ألم ـ ٍر مــا يف محــاوالت‬ ‫تُثــر ضحــكات االســتهزاء مــن إخوتــ ِه البق ّيــة‬ ‫وأخواتــه‪ ،‬وتدفعهــم للتنـ ُّدر يف ســهرات طويلــة‬

‫‪15‬‬

‫سرية متداولة عن الرحيل‬

‫تســتمر أحيانــاً لشــتاءات‪ ،‬خصوصــاً حــن‬ ‫يتــول إدارة مصلحــة حراثــة األرض بأوائــل‬ ‫ّ‬ ‫الخريــف أو مواســم البــذار بأواخــر ِه‪ ،‬أو يتابــع‬ ‫مهــات الحصــاد وتفاصيلــ ِه وتوريــد املوســم‬ ‫للم ـرا أو األقطــان للمحلجــة البعيــدة‪ ،‬ويتــوىل‬ ‫قبــض الفواتــر ودفــع الرشــاوى‪ ،‬ويقــوم أحيانـاً‬ ‫بالتس ـ ّوق الجامعــي لعمــوم األرسة مــا يدفــع‬ ‫لتم ـ ّرد الكثــر مــن أرست ـ ِه عــى قرارات ـ ِه‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي ال ميكــن أن يحــدث أبــدا ً ولــو همسـاً أو‬ ‫إشــاح ِة وجـ ٍه عابــس بحضــور األب‪ ،‬وكان كاتــم‬ ‫أرسار مرعبــة لــأب‪ ،‬ويعــرف أشــيا ًء أخــرى‬ ‫أن تبــ ُد تســوء أبيــ ِه‪ ،‬وأمــ ِه‪ ،‬ورضاتِهــا الثــاث‬ ‫األخريــات واآلخريــن مــن أرستـ ِه ومــن ينظــرون‬ ‫لــأب كجبــلٍ صلــب ال يتفتــت‪ ،‬أو تتخللــ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ثغــراتٌ طينيــة هشّ ــة‪ ،‬ضعيفــة‪.‬‬ ‫كان يف زيــارات رسيّــة يحفظهــا متامــاً يُرافــق‬ ‫األب يف غــزوات مســائية تطــول أحيانــاً وهــو‬ ‫يبقــى بتوجيــه حــازم مــن أبيــه بــأن يبقــى‬

‫بالســيارة وال يُفارقهــا‪ ،‬يف عتمــة طــرق املدينــة‬ ‫يبقــى خات ـاً بســيارت ِه‪ ،‬حبيس ـاً ال يجــرؤ عــى‬ ‫مغادرتهــا أو االستفســار‪ ،‬ولكنــه يعــرف مــن‬ ‫خــال ملحــات مــا بعينهــا أن أبيــه يف غــزوة‬ ‫أنثويــة رسيّــة محفوفــة بالغوايــة و ُمغ ّمســة‬ ‫بالرذيلــة متامــاً‪ ،‬ليــس أهــم املالمــح وأعــراض‬ ‫الغــزوة النســائية خــروج والــده تــايل الليــل‬ ‫ـش بعباءت ـ ِه كأن ـ ُه خــاض‬ ‫ُمنهــكاً‪ُ ،‬متع ّرق ـاً‪ ،‬يرتعـ ُ‬ ‫ســباق اخ ـراق ضاحيــة بســنين ِه التــي قاربــت‬ ‫الخمســن‪ ،‬يأمــر ُه بتشــغيل الســيارة والتحــ ّرك‬ ‫إشــارة مــن أصابع ـ ِه دون أي كلمــة عــى غــر‬ ‫عادتــ ِه!؟‬ ‫هــل صحيــح أن املــايض أجمــل بكثــر مــن‬ ‫املســتقبل الــذي يُفــرض بـ ِه أن يرتقــي بحياتنــا‬ ‫نحــو الــذرى التــي يســتحقها اإلنســان ولــو‬ ‫ِبخُطــى وئيــدة‪ ،‬مل يكــن يف األفــق مــا يُثــر‬ ‫االهتــام‪ ،‬أو التفــاؤل مبــا ينتظــره البــر‬ ‫بعمــوم أحشــاء الحيــاة ودروب الحيــاة العاريــة‬

‫خشــية أن تكــون تلــك ال ـذُرى التــي ننتظرهــا‬ ‫تقبــع يف قعــر الهاويــة املعتمــة‪.‬‬ ‫حــن هاجمــت ريــاح التغيــر للنهوض باإلنســان‬ ‫مــن براثــن رمــاد الــذل‪ ،‬والخضــوع يف زرائــب‬ ‫الفســاد والقهــر تزلزلــت حيــاة األرسة‪ ،‬وتعرضــوا‬ ‫للتشــظّي عــر الــدروب واملدائــن املحــارصة‪،‬‬ ‫ــت‪ ،‬كان األب ‪-‬‬ ‫وضاقــت بهــم األرض مبــا َر ُح َب ْ‬ ‫ـول‬ ‫الج ـ ّد قــد قــارب التســعني مــن عمــر ِه‪ ،‬وتـ ّ‬ ‫األبنــا ُء واألحفــاد إدارة الكثــر مــن األمــور التــي‬ ‫كانــت تُعتــر ُمح ّرمــة عليهــم وهــي ِحكـرا ً عــى‬ ‫ســلط ِة األب الــذي ال زال حــن يجلــس بتثاقــلٍ‬ ‫وارتعاشــات أواخــر العمــر‪ ،‬تجدهــم يعتدلــون‬ ‫يف جلســاتهم وجــاً مــن عــود ِة صالبتــ ِه‬ ‫وقســوت ِه‪ ،‬وحكمــه األوحــد عــى كل تفاصيــل‬ ‫حياتهــم دون أن يجــرؤوا عــى االعـراض‪ ،‬ســوى‬ ‫حركــة وحيــدة وحدتهــم مواربــة ودون اتفــاق‬ ‫ُمســبق‪.‬‬ ‫ينفضّ ــوا صامتــن‪ُ ،‬مطأطئــي الــرؤوس‪ ،‬باتجاهات‬

‫مختلفــة يف القريــة التــي انتــرت بكرثتهــم عــر‬ ‫عقــود متالحقــة‪ ،‬وحــن اقرتبــت ذئــاب املعــارك‬ ‫واالعتقــاالت مــن تخــوم املــكان كان ال بــد مــن‬ ‫الهــروب‪ ،‬كان أكرثهــم حزنـاً وذبــوالً هــو األب ‪-‬‬ ‫الجــد الــذي وجــد قبيلــة مــن األبنــاء واألحفــاد‬ ‫يتناثــرون يف األصقــاع عــى غــر ُهــدى لينجــوا‬ ‫الجميــع بأعراضهــم وأطفالهــم‪ ،‬وأرواحهــم‪.‬‬ ‫الوحيــد الــذي رفــض أن يُغــادر تخــوم قريتــه‬ ‫هــو الشــيخ الجليــل الــذي وقــف ُمت ِكئــاً‬ ‫عــل عــكاز ِه‪ ،‬يلتفــون حولــ ِه بوجــلٍ وحــرة‬ ‫لوصولهــم لهــذه الحالــة‪ ،‬ينظــرون هــذا الجبــل‬ ‫يــأىب أن ينخلــع مــن جــذور ِه الغارقــة بــا قـرار‬ ‫يف عمــق الزمــن واألرض‪.‬‬ ‫توقعــوا منــه أن مينعهــم‪ ،‬وميتنــع عــن بيــع‬ ‫األرض وأشــياءه امل ُقربــة‪ ،‬يتمســك بهــا ويحــرص‬ ‫عليهــا أميــا حــرص‪ ،‬لكنهــم ســقطوا يف فخــاخ‬ ‫الدمـعِ والحــزن والصدمــة‪ ،‬والذهــول‪ ،‬حــن بــاع‬ ‫أغــى أشــياء ُه وأخــرج لهــم مدخرات ـ ِه العتيقــة‬ ‫وخاطبهــم مــن بــن الدمــعِ والحــر ِة واألىس‪:‬‬ ‫اذهبــوا بخــر‪ ،‬وانتــروا بــاألرض كطيــو ٍر ح ـ ّرة‬ ‫كارسة‪ ،‬فُـرادى يك ال يقضمكــم القــدر جامعــات‪،‬‬ ‫وال تلتفتــوا‪ ،‬ربيتكــم لتنهلــوا وتغرفــوا مــن‬ ‫غديــر الحيــاة كــا متنيــت لكــم بصمتــي‬ ‫واشــتهيت‪ ،‬اذهبــوا ولتحميكــم الســاء فأنتــم‬ ‫تســتحقون وأنــا هنــا اتركــوين مثــل شــاخصات‬ ‫الطريــق‪ ،‬مثــل منــار ٍة يتيمــة يف عتمــة الليــلِ‬ ‫تــدل الحائريــن‪ ،‬التائهــن‪ ،‬حــن عــود ٍة‪.‬‬ ‫مل يكــن األبنــاء يعرفــون بعــد مــا تفعلــه‬ ‫املخاطــر التــي تتهددهــم فجــأة‪ ،‬بقلــوب آبائهم‬ ‫وأمهاتهــم مل يق ـ ّدروا مــن قبــل كيــف تنحنــي‬ ‫جبــال األهــل لتظللهــم وت ُذلــل لهــم دروب‬ ‫الســامة‪.‬‬

‫اإلع�لان ع��ن والدة ملتقى ح��ران األدبي يف مدين��ة أورفا‬ ‫ملتق��ى ح��ران إط��ار جام��ع وال يعترب الثقاف��ة بديلة عن السياس��ة‬ ‫الحرمل ـ خاص‬

‫أعلــن مجموعــة مــن األدبــاء واملفكريــن‬ ‫واملهتمــن باللغــة العربيــة مــن األتــراك‬ ‫والعــرب واألك ـراد عــن تأســيس منتــدى ح ـران‬ ‫األديب‪ ،‬وذلــك بعــد جلســتي عمــل جمعتهــم‬ ‫يف االحتفــال العاملــي للغــة العربيــة‪ ،‬الــذي‬ ‫أقيــم يف جامعــة حــران بتاريــخ ‪2015/12/22‬‬

‫بالتعــاون مــع كليــة اإللهيــات يف جامعــة حـران‬ ‫يف مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪.‬‬ ‫وقــال املقــرر العــام للملتقــى الدكتــور رمضــان‬ ‫عمــر‪« :‬إن هــذه الفعاليــة تســاهم يف بنــاء‬ ‫منظومــة قيميــة ثقافيــة تشــارك يف رفــد املكون‬ ‫الثقــايف عــى الســاحتني العربيــة والرتكيــة‪،‬‬ ‫مشــرا ً إىل التنــوع العرقــي واللغــوي الــذي‬ ‫تتمتــع بــه منطقــة حــران التاريخيــة»‪.‬‬ ‫وأشــار الدكتــور جــال قنــر‪ ،‬نائــب املقــرر‬ ‫العــام يف ســياق حديثــه للحرمــل أن امللتقــى‬ ‫عبــارة عــن تجمــع ثقــايف أديب مســتقل‪ ،‬يُعنــى‬ ‫بــاألدب خصوصــاً‪ ،‬والفكــر عمومــاً‪ ،‬بعيــدا ً‬ ‫عــن األيديولوجيــات والتنظــرات السياســية‪،‬‬ ‫واالنتــاءات العرقيــة أو املذهبيــة‪ ،‬وهــو يؤمــن‬ ‫مببــادئ الحريــة والعدالــة‪.‬‬ ‫وحــول فكــرة تشــكيل هــذا الجســم الثقــايف‪،‬‬ ‫يقــول قنــر‪ :‬بــدأت فكــرة تشــكيل جســم ثقــايف‬ ‫يجمــع املواهــب واملبدعــن واألقــام األدبيــة‬ ‫التــي اجتمعــت لظــروف سياســية واقتصادية يف‬ ‫منطقــة حـران ذات الداللــة األدبيــة والتاريخيــة‬ ‫الغنيــة‪ ،‬وبالفعــل رأت هــذه الفكــرة النــور عىل‬

‫يــد بعــض األدبــاء مــن فلســطني ومــر واليمــن‬ ‫وتركيــا والســوريني‪ ،‬طبعــاً ممــن يقطنــون يف‬ ‫أورفــا واســتانبول‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق باألهــداف التــي يســعى إليهــا‬ ‫امللتقــى‪ ،‬أضــاف قنــر قائــاً‪ :‬يهــدف امللتقــى‬ ‫بالدرجــة األوىل إلبــراز الهويــة الثقافيــة‬ ‫العربيــة واإلســامية‪ ،‬وبنــاء جســور للتواصــل‬ ‫مــع الثقافــات األخــرى‪ ،‬كالرتكيــة والكرديــة‪،‬‬ ‫إضافــة إىل إشــهار عامليــة األدب‪ ،‬وامللتقــى أيضـاً‬ ‫يحــاول إعــادة التمثيــل الثقــايف للماليــن مــن‬ ‫العــرب يف منطقــة حــران‪.‬‬ ‫ويختتــم الدكتــور جــال قنــر حديثــه بالقــول‪:‬‬ ‫إن ملتقــى حـران األديب ال يعتــر الثقافــة بديلــة‬ ‫عــن السياســة يف هــذه املنطقــة‪ ،‬إمنــا رافــدة‬ ‫لفكــر اإلنســان الفاعــل يف النشــاط الســيايس‬ ‫مــن خــال مــا تقدمــه مــن تقــارب فكــري‬ ‫وتبــادل معــريف‪ ،‬ورؤيــة شــاملة لألحــداث‬ ‫بعيــدة األفــق‪.‬‬ ‫شــارك يف الفعاليــة د‪ .‬حكمــت رأس دامــر‬ ‫ـ عميــد كليــة اإللهيــات يف جامعــة حــران‪ ،‬تشــه‪ ،‬د‪ .‬صالــح تــور‪ ،‬وهــم أســاتذة محــارضون كــا شــارك ثلّــة مــن الشــعراء بإلقــاء عــدد مــن‬ ‫ونائبــه د‪ .‬عطــا اللــه ياركجــي‪ ،‬د‪ .‬جنيــد جــوك وشــعراء يتحدثــون العربيــة والرتكيــة والكرديــة‪ ،‬القصائــد الشــعرية بهــذه املناســبة‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ SAYI:31 YIL: 2016 )2) -‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪16‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫شعب سورية واملتنيب‬

‫اغتي��ال ناج��ي اجل��رف حماول��ة لقت��ل الكلم��ة احل��رة‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫أقــدم مجهولــون عــى ارتــكاب جرميــة نكــراء‬ ‫أودت بحيــاة الناشــط والصحــايف ناجــي الجــرف‬ ‫يف مدينــة غــازي عينتــاب الرتكيــة نهــار يــوم‬ ‫‪ 2015/12/27‬وســط ذهــول ودهشــة مقربــن مــن‬ ‫أوســاط قــوة الثــورة واملعارضــة الســورية‪.‬‬ ‫وتفيــد املعلومــات املتوفــرة‪ ،‬أن شــخصاً ملث ـاً أقــدم‬ ‫عــى اغتيــال الجــرف يف وضــح النهــار بواســطة‬ ‫مســدس كاتــم للصــوت‪ ،‬والذ بالفـرار بعــد أن أوقعــه‬ ‫شــهيدا ً برصاصــة اســتقرت يف الــرأس‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫منطقــة أغــور بــازا وســط مدينــة عينتــاب‪ ،‬واســتقل‬ ‫ســيارة كانــت بانتظــاره قريب ـاً مــن موقــع الحادثــة‪.‬‬ ‫وتــم إســعاف الجــرف عــى الفــور إىل مشــفى آراليــك‪،‬‬ ‫حيــث فــارق الحيــاة يف غرفة العناية املشــددة‪ ،‬وســط‬ ‫أنبــاء غــر مؤكــدة عــن متكــن الســلطات الرتكيــة مــن‬ ‫إلقــاء القبــض عــى الفاعــل‪.‬‬

‫وقــد اتهــم ناشــطون تنظيــم الدولــة اإلســامية داعش‬ ‫باغتيــال الجــرف‪ ،‬عــى خلفيــة متابعتــه ألخبــار‬ ‫داعــش وجرامئهــا انطالقـاً مــن عملــه كصحــايف‪ ،‬يــرأس‬ ‫تحريــر صحيفــة «حنطــة» املعارضــة‪ ،‬وهــو مــن أهــم‬ ‫مــدريب صحافــة املواطــن‪ ،‬حيــث قــام بتدريــب مئــات‬ ‫الناشــطني الســوريني منــذ انطالقــة الثورة الســورية يف‬ ‫ربيــع عــام ‪ 2011‬كــا أنــه صاحــب الفيلــم الوثائقــي‬ ‫«داعــش يف حلــب»‪ ،‬والــذي عرضتــه قنــاة العربيــة‪.‬‬ ‫و»داعــش يف حلــب» فيلــم توثيقــي النتهــاكات داعش‬ ‫يف حلــب مــا بــن ‪ 2013‬و‪ ،2014‬وبعــد عرضــه انتــر‬ ‫عــى وســائل التواصــل االجتامعــي بشــكل كبــر‪،‬‬ ‫وح ّقــق خــال يومــن مــن عرضــه‪ ،‬حــوايل ‪ 12‬مليــون‬ ‫مشــاهدة عــى موقــع يوتيــوب‪ ،‬كــا حقــق عـرات‬ ‫اآلالف مــن املشــاركات عــى موقــع الفيســبوك‪ ،‬ولــه‬ ‫فيلــم وثائقــي آخــر بعنــوان «واليــة الرقــة»‪ ،‬يوثــق‬ ‫أيضـاً لجرائــم وانتهــاكات «داعــش» يف مدينــة الرقــة‪.‬‬

‫وناجــي الجــرف مــن مواليــد ‪ 1977‬مدينــة الســلمية‬ ‫الســورية‪ ،‬وهــو أب لطفلتــن‪ ،‬وكان قــد حصــل‬ ‫مؤخ ـرا ً عــى املوافقــة عــى طلــب لجــوء إىل فرنســا‬ ‫مــع عائلتــه‪ ،‬وكان مــن املتوقــع أن يغــادر تركيــا‬ ‫خــال أيــام‪ ،‬كــا ُعــرف الجــرف يف أوســاط الناشــطني‬ ‫الســوريني بلقــب «الخــال»‪ ،‬وكان يحظــى مبحبــة‬ ‫وشــعبية واســعة بــن أوســاط املعارضــة الســورية‪،‬‬ ‫ويتميــز بطروحاتــه الجريئــة ضــد نظــام األســد‬ ‫وتنظيــم «داعــش»‪.‬‬ ‫يذكــر أن داعــش تبنــى يف شــهر ترشيــن الثــاين املــايض‬ ‫ذبــح الناشــط الســوري إبراهيــم عبــد القــادر يف‬ ‫مدينــة شــانيل أورفــا الرتكيــة‪ ،‬مــع صديقــه الناشــط‬ ‫فـراس حــادي‪ ،‬حيــث تــم العثــور عليهــا مقطوعــي‬ ‫الــرأس‪ ،‬وعبــد القــادر واحــد مــن أعضــاء فريــق‬ ‫«الرقــة تذبــح بصمــت» التــي توثــق لجرائــم داعــش‬ ‫يف الرقــة‪.‬‬

‫هل حيمل عام ‪ 2016‬جديداً ألطفال سوريا‪..‬؟‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫مل يلتقــط أحــ ٌد بعــد أنفاســه‪ ،‬إثــر مؤمتــري الريــاض الــذي أنتــج‬ ‫وحــدة شــبه كاملــة لفصائــل املعارضــة السياســية والعســكرية‪ ،‬ونيويــورك‬ ‫الــذي أنتــج قـرار مجلــس األمــن الــدويل رقــم ‪ 2254‬بشــأن خارطــة الطريــق‬ ‫التــي يُفــرض أنهــا س ـتُنهي األزمــة الســورية‪ ،‬حتــى بــدأت القــوى املعاديــة‬ ‫للشــعب الســوري وثورتــه بوضــع العــي يف الدواليــب‪.‬‬ ‫وهــذه القــوى املعاديــة تضــم كل أولئــك الذيــن ال يريــدون وقــف نزيــف‬ ‫دمــه‪ ،‬وأولئــك الذيــن يــرون أن يقــف النزيــف بعــد استســامه إلرادتهــم‬ ‫ورفعــه الرايــة البيضــاء‪ ،‬كائنـاً مــن كانــوا‪ ،‬وكائنـاً مــا كان الــرداء الــذي يلفــون‬ ‫بــه مواقفهــم العمليــة الراميــة إىل ذلــك‪.‬‬ ‫يقولــون‪« :‬اســمع كالمــك يعجبنــي وأشــوف فعايلــك اســتعجب»‪ ،‬ينطبــق‬ ‫ذلــك متام ـاً عــى مــا ن ـراه مــن أقــوال وأفعــال كل الذيــن يلوصــون يف ِق ـ ْد ِر‬ ‫املأســاة الســورية‪.‬‬ ‫الــروس يســتخدمون قنابــل غــر موجهــة حســب منظمــة العفــو‬ ‫الدوليــة‪ ،‬أي أنهــا قنابــل عشــوائية ال تــدري عــى مــن تســقط‪ ،‬كرباميــل‬ ‫النظــام املتفجــرة‪ ،‬ويقتلــون قيــادات الفصائــل العســكرية‪ ،‬رمبــا ملســاعدة‬ ‫املعارضــة‪ ،‬ولتســهيل تشــكيل وفدهــا املفــاوض‪ ،‬كــا يقــول الفــروف وكأن‬ ‫الحــل الســيايس يقــف بالبــاب بانتظــاره!! ورمبــا لتقليــص أعــداد املرشــحني‬ ‫املحتملــن لعضويتــه‪ ،‬عــى افــراض أن إزالتهــم جميعــاً أمــ ٌر مســتحيل‪،‬‬ ‫ويدّعــون بصفاقــة فاقــت الحــدود أنهــم يســتهدفون داعــش غــر عابئــن‬ ‫بتكذيــب الصــور التــي تلتقطهــا طائراتهــم واقامرهــم الصناعيــة نفســها‪،‬‬ ‫الدعاءاتهــم هــذه‪ ،‬وللخـراب والدمــار الــذي يحدثونــه يف مناطــق ال داعــش‬ ‫فيهــا‪.‬‬ ‫ـس النظــام الســوري‬ ‫واإلدارة األمريكيــة التــي تتهــم عــى لســان كــري رئيـ َ‬ ‫بقتــل مئــات اآلالف مــن شــعبه بالغــازات الســامة‪ ،‬وبالرباميــل املتفجــرة‪،‬‬ ‫والــذي يقــول يف ترصيــح نُــر يف النيويــورك‪ :‬إن فكــرة أن طبيــب العيــون‬ ‫ـي فكــر ٌة ُمهينــة‬ ‫هــو الشــخص الوحيــد الــذي يســتطيع أن يحكــم ســورية لَهـ َ‬ ‫للســوريني‪ .‬ويقــول أيضـاً‪ :‬إذا أردنــا أن نوقــف الحــرب يف ســورية‪ ،‬وإذا أردنــا‬ ‫أن نحــارب داعــش‪ ،‬ونوقــف متــدد اإلرهــاب‪ ،‬فعلينــا أن نعالــج مشــكلة‬ ‫األســد اآلن‪ ..‬وهــذا ال يعنــي أننــا نريــد تغيــر النظــام يف ســورية‪ ،‬ولكــن‬ ‫األســد الــذي هــو مغناطيــس اإلرهابيــن يجــب أن يرحــل‪ ،‬وال ميكــن تصــور‬ ‫بقــاءه يف مســتقبل البلــد عــى املــدى البعيــد‪.‬‬ ‫كيــف ميكــن أن نبتلــع ترصيحــات كــري هــذه‪ ،‬وهــو الــذي يعــرف جيــدا ً‬ ‫فصــل النظــام عــى مقاســه‬ ‫أن النظــام واألســد يش ٌء واحــد‪ ،‬ألن األســد األب ّ‬ ‫وعائلتــه‪ ،‬ويعــرف أن النظــام يش ٌء ومؤسســات الدولــة يش ٌء آخــر‪ ،‬ولكنــه‬ ‫يتحايــل لتزيــن موقــف إدارتــه املشــن الــذي فضحــه بنفســه يف مقابلتــه‬ ‫مــع قنــاة روســيا ‪ 24‬عندمــا قــال‪ :‬إن ملوســكو وواشــنطن األهــداف نفســها يف‬ ‫ســورية‪ ،‬نعــم تدمــر ســورية ب ـرا ً وحج ـرا ً هــو هدفهــا املشــرك‪ ،‬أو عــى‬ ‫األقــل هــو هــدف واشــنطن بيـ ٍـد روســية‪ ،‬وإال فــا معنــى أن يقــف متفرجـاً‬ ‫عــى رشيكــه الــرويس‪ ،‬وهــو يبحــث عــن داعــش يف األســواق التجاريــة يف‬ ‫الرقــة ودومــا‪ ،‬ثــم يعلــن أنــه لــن يســتطيع التعــاون معــه مــا مل يغـ ّـر طريقــة‬ ‫تعاطيــه مــع األزمــة الســورية‪ ،‬ثــم يُثنــي تقريــر مخابـرايت أمريــي عــى مــا‬ ‫تقــوم بــه روســيا يف ســورية‪ ،‬وأنهــا اســتطاعت تحقيــق هدفهــا االسـراتيجي‬ ‫يف متكــن األســد وتحســن وضعــه‪ ،‬وأنهــا ميكــن أن تســتمر بحربهــا يف ســورية‬ ‫عــى هــذه الوتــرة لســنوات‪ .‬أيـ ُة ملهــا ٍة ســوداء تلــك التــي يعرضهــا الــركا ُء‬ ‫عــى املــرح الســوري؟‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬فقــد تُفهــم هــذه امللهــاة‪ ،‬وت ُفهــم الدوافــع وراء أدوار‬ ‫الــركاء فيهــا‪ ،‬ولكــن كيــف تُفهــم ترصيحــات ومواقــف أعضــاء يف الهيئــة‬ ‫العليــا للمفاوضــات التــي أنتجهــا مؤمتــر الريــاض؟ يجــب أن نعــرف قب ـاً‬ ‫ـاؤالت ومالحظـ ٍ‬ ‫بــأن فــرة التحضــر لــه مل تكــن واضحــة املعــامل‪ ،‬وأن تسـ ٍ‬ ‫ـات‬ ‫مرشوعـ ًة ت ُطــرح حولهــا‪ ،‬أهمهــا أن قــوى املعارضــة مل يكــن لهــا ي ٌد فيهــا‪ ،‬وأن‬ ‫املعايــر التــي جــرى عــى أساســها توجيــه الدعــوات للفصائــل ولألشــخاص مل‬ ‫تكــن معلنــة‪ ،‬ومل تكــن معلن ـ ًة أيض ـاً‪ ،‬ال املــداوالت التــي جــرت يف املؤمتــر‬ ‫وأنتجــت الهيئــة العليــا للمفاوضــات‪ ،‬وال األســس واملعايــر التــي جــاءت‬ ‫بأســاء أعضــاء هــذه الهيئــة‪ .‬الواضــح فقــط أن تلــك املــداوالت واألســس‬ ‫مل تكــن شــفّافة بدليــل أنهــا جــاءت بأشــخاص بــدأوا بــذ ّر قــرن الخــاف‬ ‫بانتقــادات تخلــو مــن اللياقــة‪ ،‬حــول بيــان أصــدره رئيســها نعــى فيــه قائــد‬ ‫جيــش اإلســام الــذي اغتالــه العــدو الــرويس‪ ،‬والــذي كان زميــاً يقتــي‬ ‫واجــب الزمالــة عــى األقــل أن يُنعــى ال أن يب ّكــت ناعيــه!‬ ‫لقــد قلنــا يف مقــال ســابق‪ :‬إننــا نســتطيع أن نتجــاوز املرحلــة الخطــرة‪،‬‬ ‫التــي ســنم ُّر بهــا بعــد مؤمتــر الريــاض‪ ،‬اذا اســتطعنا أن نتابــع الســر عــى‬ ‫طريــق إنهــاء التــرذم‪ ،‬وإذا وثقنــا يف أنفســنا‪ ،‬ويف أننــا نُحســن التخطيــط‬ ‫والتدبــر‪ ،‬ولكــن مــا يجــري اآلن يف ســورية مــن اتفاقــات مشــبوهة األطـراف‬ ‫واألهــداف‪ ،‬يُشــر إىل أننــا مل نتعلــم‪ ،‬وأخــى أن أقــول إننــا لــن نتعلــم‪ ،‬وإننــا‬ ‫نقــف عــى أرضيــة رخــوة يف مــا نقــوم بــه‪ ،‬وإننــا ال نحســن التدبــر‪.‬‬ ‫ورحــم اللــه أبــا الطيــب املتنبــي‪ ..‬كأنــه يخاطــب شــعبنا بقولــه‪ :‬وســوى‬ ‫متيــل‪.‬‬ ‫الــروم خلــف ظهــرك رو ٌم‪ ..‬فعــى أي جانبيــك ُ‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬ ‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬ ‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.