Alharmal (32) 15 01 2016 العدد 32 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫داعــش تعــدم خمســة‬ ‫ناشــطني يف الرقــة‬ ‫‪ ..‬صفحة ‪5‬‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 32‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫الرئيس أردوغان‪ :‬سنس��تمر يف اس��تقبال الالجئني‪ ،‬وس��تبقى تركيا تتخ��ذ موقف األنصار‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫الدهقان مات‪..‬؟!‬ ‫بسام البليبل‬

‫أكــد الرئيــس الــريك «رجــب طيــب أردوغــان»‬ ‫خــال كلمتــه التــي ألقاهــا يف افتتــاح ســد ‪99‬‬ ‫واملحطــة الكهرومائيــة بــأن بــاده ســتبقى متخــذة‬ ‫موقــف األنصــار فيــا يخــص الضيــوف الســوريني‪،‬‬ ‫وأنهــا ستســتمر يف اســتقبالهم مهــا بلــغ عددهــم‪،‬‬ ‫وقــال‪« :‬مل نفتــح أبوابنــا ملليــوين ونصــف املليــون‬

‫الجــئ فقــط‪ ،‬سنســتمر يف اســتقبال كل مــن يلجــأ‬ ‫إلينــا‪ ،‬ومهــا بلــغ عددهــم‪ ،‬أبوابنــا مفتوحــة لهــم‪،‬‬ ‫وسنســتمر يف أخــذ موقــف األنصــار بالنســبة إليهــم»‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل شــدد أحمــد داوود أوغلــو‪ ،‬رئيــس‬ ‫الــوزراء الــريك‪ ،‬عــى رضورة التمييــز بــن الالجئــن‬ ‫الســوريني «املظلومــن» وبــن مــن ميارســون اإلرهــاب‪.‬‬

‫الحرمل ـ وكاالت‬

‫وقــال أوغلــو‪« :‬إذا اعتربنــا جميــع الالجئــن الســوريني‬ ‫املظلومــن أنهــم عنــارص مــن داعــش ميارســون‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬ونظرنــا إليهــم عــى أنهــم تهديــد‪ ،‬وإذا‬ ‫اعتربنــا جميــع املســلمني يف العــامل تهديــدا ً محتمــاً‬ ‫فســنكون وقعنــا يف الفــخ الــذي يريــد لنــا اإلرهــاب‬ ‫أن نقــع فيــه»‪.‬‬

‫أهال��ي محص صغاراً وكباراً يتضامنون مع أهالي مضايا احملاصرة‬ ‫ه��ل س��تثمر التحركات الدولية ع��ن بدء حل الصراع يف س��وريا؟‬ ‫من��ح رخص عمل لألجانب اخلاضع�ين للحماية املؤقتة يف تركيا‬

‫مث ّــة مــن يتســاءل عــن الســبب الــذي تبــوأ فيــه بعــض‬ ‫دهاقــن النظــام الســوري الســابقني‪ ،‬األدوار الرئيســية يف هيئــة‬ ‫التفــاوض العليــا‪ ،‬وليــس هنــاك غــر ثالثــة احتــاالت لإلجابــة عــى‬ ‫هــذا الســؤال‪..‬‬ ‫أـ رغبــة املعارضــة يف إثبــات أنهــا غــر إقصائيــة‪ ،‬وأنهــا تشــاركية‪،‬‬ ‫ومنفتحــة عــى كل مــن مل تتلطــخ أياديــه بالــدم الســوري‪ ،‬وأنهــا‬ ‫تؤمــن بثقافــة التســامح‪.‬‬ ‫ولكــن ثقافــة التســامح تكــون يف العفــو والغف ـران عــن املســاهمة‬ ‫يف مســاندة نظــام تســلطي‪ ،‬ومشــاركته الحكــم‪ ،‬والقبــول بــه رشيــكاً‬ ‫يف املعارضــة بعــد تخليــه عــن النظــام‪ ،‬وليــس يف تبجيلــه‪ ،‬وإســناد‬ ‫األدوار الرئيســية إليــه‪ ،‬وتفويضــه يف صياغــة مســتقبل ســوريا‪ ،‬وقــد‬ ‫كان رشيــكاً لنظــام قاتــل أرسف يف تدمــر ســوريا وقتــل الســوريني‪،‬‬ ‫كــا لــو أننــا نثبــت مقولــة أن ال بديــل لــدى املعارضــة عــن النظــام‪.‬‬ ‫ب ـ أو أن املعارضــة تفتقــر إىل الكفــاءات القــادرة عــى تــويل‬ ‫هــذه املســؤولية‪ ،‬والقيــام مقــام الرياضَ ــن‪ ،‬حجــاب ونعســان آغــا‪،‬‬ ‫وســواهم مــن الحــرس القديــم‪ ،‬وبالتــايل عــى املعارضــة الســام‪.‬‬ ‫فــا دامــت عاجــزة عــن خــوض مفاوضــات سياســية لثــورة واضحــة‬ ‫األهــداف‪ ،‬فهــي عــن حكــم البلــد وإدارتــه أعجــز‪ ،‬وعليهــا أن تقــر‬ ‫بعجزهــا وأن تفســح املجــال لســواها‪ ،‬أو أن تأخــذ مبقولــة (أن‬ ‫الدهقــان مــات)‪ ،‬وتتــوىل زمــام األمــور بنفســها‪ ،‬ألن البلــد ال تقــوم‬ ‫عــى أشــخاص معدوديــن‪ ،‬وال متــوت مبوتهــم‪.‬‬ ‫ج ـ أو أن املعارضــة مجــرة عــى الرضــوخ إلمــاءات الريــاض‬ ‫وموســكو‪ ،...‬وأنهــا مضطــرة لوقــف النــزف والقتــل بقبــول التســوية‬ ‫السياســة املعــدة ســلفاً‪ ،‬وإرشاك الحــرس القديــم بــأدوار أساســية‪،‬‬ ‫تجعــل مــن قبولهــم بالخارطــة السياســية املرســومة دوليــاً قبــوالً‬ ‫موهــاً بالرضمــى‪ ،‬وليــس باإلمــاء الخارجــي‪ ،‬وتعطــي ألي حــل‬ ‫مرشوعيــة سياســية وأخالقيــة‪ ،‬وبالتــايل فــإن النظــام الــذي احتكــر‬ ‫حــارض ســوريا عــى مدى العقــود الخمســة الســابقة هو –ولألســف‪-‬‬ ‫مــن يســاهم يف رســم مســتقبل ســوريا مــن خــال رمــوز نظامــه‬ ‫الســابقني‪ ،‬الذيــن يســتطيعون قبــول التســويات الجائــرة بحكــم‬ ‫إســتعدادهم النفــي‪ ،‬ولكنهــم ال يســتطيعون إعطــاء الشــعب‬ ‫الســوري مــا يطمــح إليــه مــن دميوقراطيــة‪ ،‬وحريــة‪ ،‬وســيادة‬ ‫قانــون‪ ،‬ألنهــم ال ميتلكــون هــذه الثقافــة‪ ،‬وهــم الذيــن أمضــوا جـ ّـل‬ ‫حياتهــم يف ركاب النظــام‪ ،‬وترشبــوا أدبياتــه البعثيــة‪ ،‬واتبــاع أســاليبه‬ ‫املعروفــة للوصــول إىل الســلطة‪.‬‬ ‫وســيكون رهــان املرحلــة القادمــة مــن مســتقبل ســوريا –اعتــادا ً‬ ‫عــى مــا ســبق‪ -‬العمــل عــى اســتعادة األمــن والنظــام لبلــد غــارق‬ ‫يف الفــوىض‪ ،‬وليــس تطبيــق الدميوقراطيــة التــي لــن تجــد لهــا مكانـاً‬ ‫يف خضــم الــراع عــى األدوار السياســية‪ ،‬والتجاذبــات اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة عــى املصالــح والنفــوذ‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫منبــج مــا بيــن التحريــر والتدميــر‪!..‬‬ ‫منبج ـ أبو البراء الشامي‬ ‫تتســارع األحــداث عــى الســاحة الســورية‬ ‫بشــكل عــام‪ ،‬ومدينــة منبــج وريفهــا بشــكل‬ ‫خــاص‪ ،‬وكان التطــور األبــرز ســيطرة (قــوات‬ ‫ســوريا الدميوقراطيــة) عــى مســاحات شاســعة‬ ‫مــن جنــوب بلــدة رصيــن وصــوالً إىل الســيطرة‬ ‫الكاملــة عــى منشــأة ســد ترشيــن الكهرمائيــة‬ ‫االس ـراتيجية‪ ،‬بــل تعداهــا األمــر إىل الســيطرة‬ ‫عــى عــدد مــن القــرى‪ ،‬ومل يعــد يفصــل بينهــا‬ ‫وبــن مدينــة منبــج املعقــل األهــم لتنظيــم‬ ‫الدولــة يف املنطقــة ســوى ‪ 15‬كــم‪.‬‬ ‫إن أبــرز الغائبــن عــن ســاحة التطــورات‬ ‫املتالحقــة هــم أهــل مدينــة منبــج‪ ،‬ومحيطهــا‬ ‫الطبيعــي مــن أبنــاء مدينتــي جرابلــس والباب‪،‬‬ ‫ويعــود ســبب غيابهــم إىل اختــاف الــرؤى‬ ‫ووجهــات النظــر‪ ،‬مــا انعكــس عــى وضــع‬ ‫املدينــة‪ ،‬التــي يســيطر عليهــا تنظيــم الدولــة‪،‬‬ ‫والتــي تخطــط قــوات ســوريا الدميوقراطيــة‬ ‫للســيطرة عليهــا‪ ،‬ومل يعــد يخفــى عــى املتابــع‬ ‫للتطــورات‪ ،‬أن تتحــول املدينــة إىل ســاحة‬

‫حــرب حقيقيــة بــن طرفــن مهمــن بغيــاب‬ ‫بــارز ألبنــاء املدينــة‪.‬‬ ‫والالفــت أنهــا تتعــرض بشــكل يومــي للقصــف‬ ‫مــن الطــران الحــريب الــرويس تــارة‪ ،‬ومــن‬ ‫طــران التحالــف تــارة أخــرى‪ ،‬وكان أعنــف‬

‫قصــف تعرضــت لــه املدينــة منــذ بــدء‬ ‫الغــارات الروســية‪ ،‬عندمــا شــنت طائــرات‬ ‫حربيــة مل تعــرف هويتهــا أكــر مــن ‪ 14‬غــارة‬ ‫جويــة أدت إىل وقــوع شــهداء وجرحــى بــن‬ ‫املدنيــن‪ ،‬وتــم توثيــق استشــهاد عــدد مــن‬

‫تنظيــم الدولــة ٌمــر عــى البقــاء فيهــا مهــا‬ ‫كان الثمــن‪ ،‬والقــوات الدميوقراطيــة ٌمــرة‬ ‫عــى الســيطرة عليهــا رغــم التحذيــرات‬ ‫الصــادرة مــن تركيــا‪ ،‬بــأن هــذه املدينــة‬ ‫(منبــج) وصــوالً إىل جرابلــس خطــاٌ أحمــر!‬ ‫ســكان املدينــة فعليــا بــدأوا مبغــادرة املدينــة‬ ‫إىل األريــاف‪ ،‬املحطــة األكــر أمانـاً‪ ،‬رغــم منــع‬ ‫التنظيــم لهــذه الخطــوة‪ .‬الريــف رغــم هدوئــه‬ ‫بــدأ يعــاين مرارة هــذه التطــورات‪ ،‬التــي بدأت‬ ‫تقــض مضاجــع أهــل الريــف الــذي يتواجــد‬ ‫فيــه عنــارص التنظيــم‪ ،‬ويف خطــوة تــدل عــى‬ ‫خــوف التنظيــم‪ ،‬قــام مبنــع جميــع وســائل‬ ‫االتصــال واالنرتنــت يف القــرى التــي ال تــزال‬ ‫تحــت ســيطرته‪ ،‬وشــدد مــن رقابتــه عليهــا‪،‬‬ ‫وبــدأ التنظيــم حملــة موســعة يف األريــاف‬ ‫لتجنيــد الشــباب‪ ،‬ومحاولــة ضمهــم إىل صفوفه‬ ‫التــي تعــاين نقصـاً حــادا ً يف الكــوادر البرشيــة‪.‬‬ ‫مــا بــن إرصار املهاجمــن‪ ،‬وعــدم رغبــة‬ ‫األطفــال والنســاء‪.‬‬ ‫هــذا الوضــع ينــذر بكارثــة قــد تتعــرض لهــا املدافعــن باالنســحاب ومــا بــن خطــوط حمــر‬ ‫املدينــة مــا مل يتــم العمــل بشــكل رسيــع وتجاذبــات دوليــة‪ ،‬ينتظــر مدينــة منبــج مصــر‬ ‫مــن قبــل ثــوار املدينــة ونخبهــا السياســية مجهــول‪ ..‬والخــوف كل الخــوف أن تتحــول إىل‬ ‫كوبــاين أخــرى!!‬ ‫والعســكرية‪.‬‬

‫يف أول أي��ام الع��ام اجلدي��د ه��ل س��تثمر التح��ركات الدولية ع��ن بدء حل‬ ‫الصراع يف سوريا؟‬ ‫أكث��ر م��ن ‪ 200‬ش��هيد يف‬ ‫القص��ف الروس��ي‬ ‫إدلب ‪ -‬إبراهيم اإلسماعيل‬

‫مــع دخــول العــام الجديــد أيامــه األوىل‪،‬‬ ‫والتمنيــات الكثــرة التــي حملهــا الســوريون‬ ‫يف أنفســهم‪ ،‬والبشــارات التــي بــدأوا بتناقلهــا‬ ‫فيــا بينهــم عــن عــام جديــد قــد يكــون عــام‬ ‫نهايــة األزمــة الســورية‪ ،‬ونهايــة عهــد ظــامل‬ ‫صــال وجــال عــى مــر أربــع ســنوات مــن بدايــة‬ ‫الثــورة الســورية‪..‬‬ ‫عــام ‪ 2015‬كان عــام االنتصــارات بشــكل غــر‬ ‫مســبوق يف ظــل تحريــر العديــد مــن نقــاط‬ ‫تجمــع قــوات األســد يف محافظــة إدلــب‪ ،‬والتــي‬ ‫اســتطاع فيهــا الثــوار خــال العــام الفائــت‬ ‫تحريــر كافــة نقــاط تجمــع النظــام داخــل‬ ‫املحافظــة باســتثناء بلــديت كفريــا والفوعــة‬ ‫املواليتــن‪ ،‬ودخولهــا يف هدنــة مطولــة مقابــل‬ ‫ريــف دمشــق‪ ،‬وإيقــاف مسلســل القصــف‬ ‫العنيــف الــذي طــال املناطــق املحــارصة مــن‬ ‫قبــل النظــام هنــاك‪..‬‬ ‫بعــد مــرور عــرة أيــام عــن أول صافــرة‬ ‫أعلنــت دخــول العــام الجديــد يف العــامل كانــت‬ ‫صافــرة اإلنــذار ترتفــع يف كافــة املــدن الســورية‬ ‫لتعلــن عــن إقــاع الطائـرات الحربيــة الروســية‬ ‫لتبــدأ سلســلة املجــازر اليوميــة يف ريــف إدلــب‬ ‫ومدنــه املحــررة‪.‬‬ ‫‪ 100‬شــهيد وعـرات الجرحــى كانــت حصيلــة‬ ‫املجــزرة الكبــرة التــي أحدثهــا الطـران الــرويس‬ ‫يف مدينــة معــرة النعــان بعــد اســتهدافها‬ ‫لســوق شــعبي داخــل املدينــة‪ ،‬وقصــف مامثــل‬ ‫طــال العديــد مــن املــدن والبلــدات يف الريــف‬ ‫املحــرر نتــج عنــه شــهداء وجرحــى مــن‬ ‫املدنيــن‪.‬‬ ‫مل يقــف الحقــد عنــد هــذا الحــد بــل خــرج‬ ‫النظــام بصــو ٍر التقطــت للعقيــد «ســهيل‬ ‫الحســن» مــن داخــل مطــار حميميــم يف‬ ‫الالذقيــة وقــد ُوســم عــى صــدره بوســام‬ ‫الــرف والشــجاعة وبأنــه أشــجع قائــد‬ ‫عســكري يف الحــرب الســورية وعــى صعيــد‬

‫جيشــها الباســل‪..‬‬ ‫بالطبــع كان االحتفــال غــر مكتمــل مــن دون‬ ‫دمــاء األطفــال والنســاء األبريــاء‪ ،‬وال يحلــو‬ ‫إال بوجودهــا‪ ،‬أقلعــت عــدة طائــرات حربيــة‬ ‫روســية لتشــن غاراتهــا عــى املدنيــن يف بلــدة‬ ‫رسمــدا ومدينــة معــرة النعــان لتوقــع أكــر‬ ‫مــن خمســن شــهيدا ً مــن النســاء واألطفــال‬ ‫بينهــم أجنــة مل يولــدوا بعــد قتلــوا يف أحشــاء‬ ‫أمهاتهــم الشــهيدات أيضــاً‪.‬‬ ‫«مصطفــى غريــب» أحــد إعالميــي مدينــة‬ ‫معــرة النعــان يقــول يف حديثــه‪:‬‬ ‫«بدايــة الســنة الجديــدة كانــت بشــهيدين مــن‬ ‫أبنــاء جبــل الزاويــة يف أول دقيقــة مــن العــام‬ ‫الجديــد ليكونــا أول شــهيدين يف عــام ‪،2016‬‬ ‫وبعدهــا تتابعــت املجــازر وكــرت األعــداد‬ ‫لتبلــغ يف معــرة النعــان خــال العــرة أيــام‬ ‫األوىل مــن الســنة الجديــدة قرابــة ‪ 130‬شــهيدا ً‬ ‫مــن املدينــة ومــا حولهــا»‬ ‫يتابــع النــاس حياتهــم بصعوبــة وتــرد‬ ‫ونــزوح مــع ازديــاد وتــرة القصــف وارتفــاع‬ ‫عــدد املناطــق املســتهدفة‪ ،‬مــا دفــع الكثــر‬ ‫إىل التوجــه شــاالً باتجــاه الحــدود الســورية‬ ‫الرتكيــة ويف املخيــات‪ ،‬وذلــك بعــد عــدة‬ ‫رضبــات للطــران الــرويس اســتهدفت خيــاً‬ ‫للنازحــن يف ريــف إدلــب الجنــويب راح ضحيتهــا‬ ‫عــد ٌد مــن املدنيــن مــن أبنــاء ريــف حــاة‬ ‫هربــوا مــن النظــام وجنــده لتالحقهــم طائـرات‬ ‫حليفــه الــرويس‪..‬‬ ‫عــام جديــد امتــازت بدايتــه بدمويــة غــر‬ ‫مســبوقة‪ ،‬قــد تكــون مفتــاح عــام أســود‪،‬‬ ‫وأيــام قاســية ســتمر عــى اإلنســان الســوري يف‬ ‫كل يــوم وســاعة مــن حياتــه‪ ،‬إال أن ذلــك مل‬ ‫مينــع حياتــه أن تســتمر ويعيــش فيهــا حيــاة‬ ‫كرميــة مليئــة بالحريــة والكرامــة التــي ناضــل‬ ‫مــن أجلهــا خــال ســنوات مضــت ودفــع مثنهــا‬ ‫دمــاءه ودمــاء أبنائــه‪..‬‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫تثــر األحــداث املتســارعة يف ســوريا‬ ‫مخــاوف الســوريني تجــاه األخبــار املتضاربــة‬ ‫حــول املباحثــات املزمــع عقدهــا يف ‪ 25‬كانــون‬ ‫الثــاين الجــاري‪ ،‬والتــي جــاءت بعــد إصــدار‬ ‫مجلــس األمــن الــدويل لق ـراره ‪ 2254‬الخــاص‬ ‫بحــل النــزاع يف ســوريا‪ ،‬ففــي الوقــت الــذي‬ ‫أكــد فيــه رئيــس الــوزراء الســوري الســابق‬ ‫واملنســق العــام للهيئــة العليــا للمفاوضــات‬ ‫ريــاض حجــاب عقــب اجتامعــه مــع وزيــر‬ ‫الخارجيــة األملــاين فرانــك فالــر أن املعارضــة‬ ‫عــى أتــم االســتعداد للمشــاركة يف عمليــة‬ ‫سياســية رشيطــة أن تُفــي إىل إنشــاء هيئــة‬ ‫حكــم انتقــايل تتمتــع بالصالحيــات التنفيذيــة‬ ‫كافــة‪ ،‬وإقامــة نظــام تعــددي دون أن يكــون‬ ‫لبشــار األســد مــكان فيــه‪ ،‬ورضورة توفــر‬ ‫املنــاخ اآلمــن النطــاق املفاوضــات‪ ،‬خصوص ـاً‬ ‫فيــا يتعلــق بفــك الحصــار عــن املــدن‬ ‫واإلفــراج عــن املعتقلــن‪ ،‬ووقــف عمليــات‬ ‫القصــف ضــد املدنيــن‪ ،‬فيــا أبلــغ نظــام‬ ‫األســد املبعــوث األممــي ســيتفان دي مســتورا‬ ‫موافقتــه عــى حضــور اجتامعــات جنيــف يف‬ ‫الوقــت املحــدد عقــده‪ ،‬مطالب ـاً دي ميســتورا‬ ‫تقديــم قامئــة بأعضــاء وفــد املعارضــة املشــارك‬ ‫يف املؤمتــر‪ ،‬وأيضــا قامئــة أخــرى بأســاء‬ ‫التنظيــات اإلرهابيــة يف ســوريا‪.‬‬ ‫مــن جهتــه أكــد موفــد األمــم املتحــدة إىل‬ ‫ســوريا‪ ،‬ســتيفان دي ميســتورا‪ ،‬أنــه مــا زال‬ ‫يرغــب يف بــدء محادثــات الســام حــول‬ ‫ســوريا يف ‪ 25‬ينايــر الجــاري بجنيــف‪ ،‬وذلــك‬ ‫عقــب أول اجتــاع تحضــري يف جنيــف مــع‬ ‫ممثــي الــدول الخمــس دامئــة العضويــة يف‬ ‫مجلــس األمــن الــدويل‪ .‬وقــال ســتيفان دي‬ ‫ميســتورا للصحافيــن إن بعــض القضايــا ال‬ ‫تـزال تحتــاج إىل تســوية‪ .‬فيــا أصــدر يف وقــت‬ ‫الحــق بيان ـاً يقــول إن املســؤولني مــن القــوى‬ ‫دامئــة العضويــة يف مجلــس األمــن التابــع‬

‫لألمــم املتحــدة‪ ،‬اتفقــوا عــى الدفــع مــن أجــل‬ ‫الســاح «بوصــول دائــم ودون معوقــات إىل‬ ‫عــدد مــن املناطــق املحــارصة» يف ســوريا‪.‬‬ ‫ويــأيت هــذا بينــا أعلنــت فصائــل تنتمــي إىل‬ ‫املعارضــة الســورية املســلحة رفضهــا املشــاركة‬ ‫يف محادثــات الســام املقــررة هــذا الشــهر مــا‬ ‫مل تنفــذ البنــود اإلنســانية يف القــرار األخــر‬ ‫لألمــم املتحــدة لجهــة فــك الحصــار‪ ،‬وإيصــال‬ ‫املســاعدات‪ .‬وتبــدو املعارضــة الســورية حتــى‬ ‫اللحظــة مــرددة ومنقســمة حيــال الذهــاب‬ ‫إىل مفاوضــات الســام املرتقبــة‪.‬‬ ‫ويقــول معارضــون ســوريون إنــه ال يوجــد‬ ‫الحــد األدىن مــن املــؤرشات التــي تضمــن‬ ‫إمكانيــة تحقيــق اخـراق عــى صعيــد تشــكيل‬ ‫هيئــة حكــم انتقاليــة‪ ،‬أو إرســاء وقــف إلطــاق‬ ‫النــار‪ ،‬فيــا ربــط جيــش اإلســام مشــاركته‬ ‫يف محادثــات الســام بفــك الحصــار‪ ،‬وتنفيــذ‬ ‫البنــود اإلنســانية يف أحــدث قــرار لألمــم‬ ‫املتحــدة بشــأن الــراع‪.‬‬ ‫وذكــرت الجامعــات التــي تضــم فصيــل «جيش‬ ‫اإلســام»‪ ،‬البنديــن ‪ 12‬و‪ 13‬يف قــرار مجلــس‬ ‫األمــن‪ ،‬ويدعــوان األطـراف املتحاربــة للســاح‬ ‫بدخــول املســاعدات اإلنســانية إىل املحتاجــن‪،‬‬ ‫ووقــف أي هجــات عــى املدنيــن‪.‬‬ ‫ودعــت أيضــا «الهيئــة العليــا للمفاوضــات‬ ‫بجميــع مكوناتهــا مــن قــوى الثــورة للثبــات‬ ‫عــى موقفهــا الوطنــي املــرف الــذي يــأىب‬

‫الدخــول يف حلــول سياســية يتــم فرضهــا عــر‬ ‫جرائــم ومجــازر وانتهــاكات»‪.‬‬ ‫ومــن املفــرض أن يجلــس طرفــا الــراع‬ ‫الســوري إىل طاولــة املفاوضــات يف نفــس‬ ‫مبنــى األمــم املتحــدة الــذي شــهد الجولــة‬ ‫الســابقة منــذ عامــن‪ ،‬وذلــك يف موعــد‬ ‫مفــرض هــو الخامــس والعرشيــن مــن الشــهر‬ ‫الحــايل‪.‬‬ ‫وتتحــدث أوســاط املعارضــة الســورية عــن‬ ‫ضغــوط دوليــة وأمميــة لتقديــم تنــازالت‪ ،‬مــن‬ ‫شــأنها إطالــة أمــد ال ـراع الســوري‪ ،‬وترفــض‬ ‫مــا تقــول إنهــا محــاوالت تدخــل يقــف خلفهــا‬ ‫الــروس يف تشــكيل وفــد املعارضــة‪ ،‬وتطالــب‬ ‫املعارضــة أيض ـاً بضامنــات وخطــوات إلثبــات‬ ‫حســن نيــة نظــام األســد قبــل عقــد أيــة‬ ‫مفاوضــات‪ ،‬كإطــاق رساح الســجناء‪ ،‬ووصــول‬ ‫املســاعدات اإلنســانية إىل املناطــق املحــارصة‪.‬‬ ‫مــن طرفهــا‪ ،‬أكــدت الريــاض أن الخــاف مــع‬ ‫إيـران ال عالقــة لــه بعمليــة الســام يف ســوريا‪،‬‬ ‫ولــن يكــون لــه تأثــر عليهــا‪ ،‬لكــن طهــران‬ ‫لوحــت برصاحــة أن التطــورات األخــرة ســتؤثر‬ ‫عــى حــل القضيــة الســورية‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه‪ ،‬ويف موقــف الفــت رصح‬ ‫الرئيــس الــرويس بوتــن أن روســيا مســتعدة‬ ‫إلعطــاء اللجــوء لبشــار األســد‪ ،‬وذلــك أســهل‬ ‫عليهــا مــن منحهــا اللجــوء لألمريــي ســنودين‪،‬‬ ‫وإن كان األمــر مبك ـرا ً عــى ذلــك‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫أهال��ي مح��ص صغ��اراً وكب��اراً يتضامن��ون م��ع أهال��ي مضاي��ا احملاص��رة‬ ‫حمص ـ مهند البكور‬ ‫حصــار املــوت بــردا ً وجوع ـاً يقتــل ع ـرات األشــخاص‬ ‫يوميـاً يف مدينــة «مضايــا» بريــف العاصمة الســورية دمشــق‬ ‫وســط موجــة صقيــع تــرب أفــواه املجتمــع الــدويل‪.‬‬ ‫مدينــة مضايــا أو مــا بــات يعــرف اســمها حاليــاً مبدينــة‬ ‫«األشــباح» قــد خلــت شــوارعها مــن أي مظاهــر للحيــاة‪،‬‬ ‫هــذا فيــا باتــت الصــور املرسبــة مــن هنــاك تنتــر يوميـاً‬ ‫عــى صفحــات التواصــل االجتامعــي ألشــخاص تحولــت‬ ‫أجســادهم البرشيــة إىل هيــاكل عظميــة‪ ،‬تشــبه إىل حـ ٍـد كبري‬ ‫تلــك األجســاد التــي يكتشــفها علــاء اآلثــار يف تنقيباتهــم‬ ‫األثريــة‪.‬‬ ‫تدخــل مدينــة مضايــا يومهــا الـــ«‪ »200‬يف الحصــار املفــروض‬ ‫عليهــا مــن قبــل قــوات األســد وعنــارص مليشــيا حــزب‬ ‫اللــه‪ ،‬هــذا فيــا علــت أصــوات الناشــطني داخــل املدينــة‬ ‫مناشــدين األمــم املتحــدة اتخــاذ االجــراءات واملســاعي‬ ‫الالزمــة لفــك الحصــار عــن املدينــة‪ ،‬والــذي بــات يشــكل‬ ‫يف اســتمراريته كارثــة إنســانية ملــا يقــارب «‪ »٤٠٠٠٠‬مــدين‬ ‫يعيشــون داخــل املدينــة‪.‬‬ ‫وبعــد خذالنهــا مــن كافــة الجهــات اإلغاثيــة والعامليــة‬ ‫وحقــوق اإلنســان‪ ،‬خــرج أهــايل حمــص مبظاهـرات ووقفــات‬ ‫تضامنيــة مــع أهــايل مضايــا‪ ،‬حيــث رفــع أطفــال حــي الوعــر‬ ‫الحمــي الفتــات كتــب عليهــا «نناشــد ســكان املريــخ لفــك‬ ‫حصــار مضايــا»‪ ،‬فيــا خــرج أهــايل مدينــة الرســن مبظاهرات‬ ‫تنــدد بالحصــار وتطالــب بفــك حصــار مضايــا‪ ،‬ويف ترصيــح‬ ‫للناشــط اإلعالمــي «عمــرو الحمــي» للحرمــل قــال‪ :‬كل‬ ‫الصــور التــي خرجــت مــن تلــك املدينــة الصامــدة تشــبه مــا‬ ‫جــرى يف مدينــة حمــص القدميــة‪ ،‬وأناشــد املجتمــع الــدويل‬ ‫ومنظــات حقــوق اإلنســان الســعي لحــل هــذه الكارثــة‬ ‫بشــكل قطعــي‪ ،‬وإنهــاء حــاالت الحصــار التــي تشــهدها‬ ‫العديــد مــن املــدن الســورية‪ ،‬ألن املناظــر التــي خرجــت‬ ‫مــن مضايــا تؤكــد أن هــذه األوضــاع املأســاوية هــي وصمــة‬ ‫عــار عــى جبــن اإلنســانية‪ ،‬ونرجــو مــن منظــات حقــوق‬

‫اإلنســان العمــل عــى فــك الحصــار عــن تلــك املنطقــة‬ ‫املنكوبــة»‪.‬‬ ‫ويف ســياق املوضــوع‪ ،‬ونقــاً عــن املراكــز الطبيــة داخــل‬ ‫مدينــة «مضايــا»‪ ،‬والتــي تقــول أن هنــاك ع ـرات حــاالت‬ ‫اإلغــاء واإلعيــاء التــي تتوافــد للمركــز نتيجــة نقــص املــواد‬ ‫الغذائيــة‪ ،‬وســط عجــز املراكــز عــن تقديــم املســاعدة‬ ‫الفتقارهــا للمــواد الطبيــة الالزمــة للعــاج نتيجــة الحصــار‪.‬‬ ‫هــذا فيــا تناقــل ناشــطو املدينــة صــورا ً ألطفــال تــأكل مــا‬

‫تبقــى داخــل املدينــة مــن حشــائش ال تصلــح لالســتخدام‬ ‫اآلدمــي يف محاولــة يائســة مــن األهــايل لإلبقــاء عــى‬ ‫حياتهــم وحيــاة أبنائهــم‪.‬‬ ‫يشــار إىل أن نظــام األســد‪ ،‬وبجانبــه مليشــيا حــزب اللــه‪،‬‬ ‫وبرعايــة األمــم املتحــدة‪ ،‬فشــلوا يف تطبيــق العهــود‬ ‫واملواثيــق التــي كانــت ضمــن بنــود الهدنــة املتفــق عليهــا‬ ‫بــن ثــوار مدينــة الزبــداين ونظــام األســد‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫تنــص عــى «ادخــال املســاعدات الغذائيــة‪ ،‬وفتــح مم ـرات‬

‫إنســانية لألهــايل املحارصيــن»‪ .‬فيــا تشــهد أيض ـاً مدينــة‬ ‫ديــر الــزور حصــارا ً خانقـاً مــن قبــل قــوات النظــام األســدي‪،‬‬ ‫وتنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‪ ،‬ويعــاين األهــايل هنــاك‬ ‫مــن نقــص كبــر يف املــواد األساســية‪ ،‬وغــاء فاحــش يف املواد‬ ‫املتوفــرة‪ ،‬ال يســتطيع األهــايل دفــع أمثانها الباهظة‪ ،‬وتســعى‬ ‫املنظــات الحقوقيــة اإلنســانية لرفــع حــاالت الحصــار التــي‬ ‫تطــال املدنيــن يف كل املــدن الســورية‪ ،‬وســط صمــت عــريب‬ ‫وعاملــي تجــاه مــا يتعــرض لــه الســوريون مــن ظلــم وقهــر‪.‬‬

‫مــن هــو عامــل حمــص الشــيخ أبــو راتــب ريــف حمــص الشــمالي بــن‬ ‫الحصــار والجــوع‬ ‫الحمصــي؟‬ ‫حمص ‪ -‬الحرمل‬

‫محمــد حســن الســيد املظلــوم امللقــب‬ ‫بـ»أبــو راتــب الحمــي»‪ ،‬ولــد يف حمــص‬ ‫القدميــة‪ ،‬وهــو الولــد األكــر للشــيخ األديــب‬ ‫راتــب الســيد ‪-‬رحمــه اللــه‪ -‬جــده ألمــه‬ ‫الشــيخ أحمــد الكعكــة‪ ،‬شــيخ مشــايخ‬ ‫حمــص رحمــه اللــه‪ ،‬غــادرت أرستــه ســورية‬ ‫يف الثامنينــات‪ ،‬وســكنت اإلمــارات العربيــة‬ ‫املتحــدة‪ ،‬درس الطــب يف باكســتان ملــدة‬ ‫عامــن‪ ،‬ومل يكمــل بســبب وفــاة والــده‬

‫والتحاقــه بأرستــه يف الشــارقة‪ ،‬كونــه الولــد‬ ‫األكــر ألرستــه‪.‬‬ ‫انتقــل بعدهــا إىل الجامعــة األردنيــة‬ ‫لدراســة اللغــة العربيــة‪ ،‬وتخــرج مــن كليــة‬ ‫اآلداب‪ ،‬التقــى وتتلمــذ عــى يــد ثلّــة مــن‬ ‫العلــاء يف اململكــة العربيــة الســعودية‬ ‫واإلمــارات واألردن‪ ،‬عمــل الشــيخ أبــو راتــب‬ ‫يف مؤسســات حكوميــة ومؤسســات خاصــة‬ ‫كبــرة‪ ،‬وضمــن مراكــز مهمــة أهلتــه فيــا‬

‫بعــد لقيــادة مؤسســات مدنيــة وعســكرية‬ ‫يف ســورية‪ ،‬عــاد إىل ســورية قبــل الثــورة‬ ‫الســورية بأقــل مــن عــام ليســتقر يف حــي‬ ‫جــورة الشــياح‪.‬‬ ‫جمع ـاً‪،‬‬ ‫كان أبــو راتــب أخ ـاً أكــر للجميــع‪ّ ،‬‬ ‫خلوقــاً‪ ،‬صاحــب منهــ ٍج واســعٍ عريــض‪،‬‬ ‫كانــت بدايــة كلامتــه للشــباب يف حمــص‬ ‫القدميــة‪ ،‬وبعــد قيــام الثــورة الســورية شــكل‬ ‫وقــاد «لــواء الحــق»‪ ،‬ولقــب بعدهــا بشــيخ‬ ‫الحصــار‪.‬‬ ‫وبعــد خروجــه مــن حمــص إثــر اتفاقيــة‬ ‫عقدهــا الثــوار وقــوات األســد‪ ،‬خــرج مــع‬ ‫أهــايل حمــص القدميــة إىل ريــف حمــص‬ ‫الشــايل‪ ،‬وطــرح مبــادرة لتوحيــد الصــف‬ ‫تــم عــى إثرهــا دمــج كل مــن «حركــة أحـرار‬ ‫الشــام اإلســامية ولــواء الحــق «‪ ،‬واســتلم‬ ‫حينهــا إمــارة الحركــة يف حمــص التــي كانــت‬ ‫بيــد «عــار الخــر» أحــد أهــايل الحولــة‬ ‫والــذي اغتيــل بتاريــخ ‪ 14/10/2015‬خــال‬ ‫حملــة االغتيــاالت‪ .‬وقبــل استشــهاده رحمــه‬ ‫اللــه بأســبوع طــرح مبــادرة لــرص الصفــوف‬ ‫وتوحيــد كافــة الفصائــل‪ ،‬وشــدد عــى‬ ‫توحيــد الصــف ومل الشــمل‪ ،‬مؤيــدا ً أي فكــرة‬ ‫توحيديــة‪ ،‬وارتقــى رحمــه اللــه شــهيدا ً جميـاً‬ ‫إثــر اســتهداف ســيارته برصــاص مجهولــن يف‬ ‫قريــة الفرحانيــة ليكــون مــن القــادة اللذيــن‬ ‫كانــوا ومــا زالــوا شــوكة يف حلــق النظــام‬ ‫وليكتــب التاريــخ قصتــه بحــروف مــن ذهب‪.‬‬

‫حمص ‪ -‬الحرمل‬ ‫مــع اشــتداد الحصــار الخانــق عــى ريــف‬ ‫حمــص الشــايل‪ ،‬تســتمر قــوات النظــام‬ ‫بالتضييــق عــى أهــايل ريــف حمــص وخاصــة‬ ‫بعــد إغــاق أخــر منفــذ للريــف «تريمعلــة»‪،‬‬ ‫عقــب الحملــة العســكرية الرشســة املدعمــة‬ ‫بقــوات روســية‪ ،‬حيــث أســفرت الحملــة عــن‬ ‫تدمــر مــا يقــارب نصــف منــازل قريــة تريمعلة‪،‬‬ ‫ومجــزرة راح ضحيتهــا ‪ 150‬مدنيــاً بينهــم ‪55‬‬ ‫طفـاً‪ .‬قريــة تريمعلــة والتــي كانــت مــاذا ً آمنـاً‬ ‫يرتادهــا أهــايل حمــص‪ ،‬أصبحــت األن مرمــى‬ ‫يومــي للرباميــل املتفجــرة‪.‬‬ ‫دخــل ريــف حمــص شــتاء هــذا العــام يف حصار‬ ‫خانــق‪ ،‬وغــاء يف مــواد التدفئــة منهــا «املــازوت‬ ‫والحطــب»‪ ،‬ويحدثنــا «أبــو خالــد» أحــد‬ ‫مدنيــي منطقــة الحولــة قائ ـاً‪ :‬إننــا يف منطقــة‬ ‫الحولــة محــارصون منــذ تاريــخ ‪25/5/2012‬‬ ‫تحديــدا ً بعــد مجــزرة الحولــة الشــهرية‪ ،‬حــن‬ ‫نصبــت قــوات األســد مدعومــة مبليشــيا إيرانيــة‬ ‫حواجــز عــى مداخــل ومخــارج املنطقــة‪ ،‬وصــل‬ ‫عــدد تلــك الحواجــز إىل ‪ 50‬حاجــزا ً‪ ،‬إضافــة‬ ‫للقــرى املواليــة التــي تتموضــع عــى أطــراف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وقــد وصــل ســعر طــن الحطــب يف‬ ‫هــذه الســنة إىل «‪ 70.000‬ل‪.‬س»‪ ،‬فيــا يصــل‬ ‫ســعر لــر املــازوت إىل «‪ 375‬ل‪.‬س»‪.‬‬ ‫ويشــار إىل أن يف منطقــة الحولــة مــا يزيــد‬ ‫عــن ‪ 44‬جمعيــة ومؤسســة خرييــة تبــذل مــا‬ ‫بوســعها لتزويــد أكــر مــن ‪ 70‬ألــف نســمة‬

‫مبــادة الديــزل‪ ،‬لكــن انعــدام توفــر الدعــم‬ ‫هــو مــا يحــول بينهــم وبــن تغطيــة متطلبــات‬ ‫األهــايل‪.‬‬ ‫وقــد أفــاد «أحمــد»‪ ،‬وهــو رب أرسة مــن‬ ‫خمســة أطفــال‪ ،‬أكربهــم يبلــغ السادســة مــن‬ ‫العمــر‪ ،‬يقــول‪« :‬يــا أخــي متــل مــو شــايف‬ ‫حصــار‪ ،‬مــازوت مــا يف‪ ،‬وإذا يف حــق اللــر ‪375‬‬ ‫لــرة‪ ،‬واذا بــدك تشــتغل طــول اليــوم مــا بتطالع‬ ‫حــق ربطــة الخبــز واملازوتــات‪ ،‬ومقضينهــا‬ ‫برغــل ورز وفاصوليــا والحــال مســتورة والحمــد‬ ‫للــه‪ ،‬واللــه يرحمنــا»‪.‬‬ ‫ويقــول «أبــو ســامر» رب أرسة‪ ،‬وهــو مصــاب‬ ‫بطلــق نــاري يف ظهــره يف إحــدى املعــارك‪،‬‬ ‫وهــو اآلن ال يســتطيع الحركــة يقــول أبــو‬ ‫ســامر لـ»الحرمــل»‪ :‬أنــا وعائلتــي ليــس لنــا إال‬ ‫اللــه‪ ،‬ونقــول للعــامل أيهــا املســلمون نحــن ال‬ ‫منلــك مثــن لــر واحــد مــن املــازوت‪ ،‬وال حتــى‬ ‫مثــن ‪ 10‬كــغ مــن الحطــب نقــوم بجمــع قطــع‬ ‫البالســتيك و»األحذيــة» القدميــة‪ ،‬وبعــض‬ ‫األحيــان نحــرق ثيابنــا مــن أجــل تدفئــة‬ ‫أطفالنــا‪ ،‬وال نقــول ســوى «حســبنا اللــه ونعــم‬ ‫الوكيــل» وكّلنــا أمرنــا للــه‪.‬‬ ‫يف ريــف حمــص الشــايل حيــاة ميلؤهــا املــوت‬ ‫والقهــر والفقــر‪ ،‬وبعــد حصــار كان ومــا زال‬ ‫يختطــف البســمة مــن أوجــه أطفالنــا إال أن‬ ‫أهــايل منطقــة الحولــة يتحــدون الصعــاب‬ ‫بكلمــة تصــف مــا يأملــون بــه‪ ،‬قــال تعــاىل‬ ‫«وبــر الصابريــن»‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫افتتاح مدارس عربية لالجئين السوريين في مدينة أزمير‬ ‫منح ملئة طالب متضمنة رواتب وإقامة طوال مدة الدراسة الثانوية‬ ‫أزمري ـ الحرمل‬ ‫«أنــا كل يشء عندمــا أقــارن بالعــدم‪..‬‬ ‫ـت بــيء عندمــا أوضــع بجانــب‬ ‫ولكننــي لسـ ُ‬ ‫الالنهايــة»‪.‬‬ ‫«إن املعرفــة توجــه ســلوك اإلنســان نحــو‬ ‫الفضيلــة‪ ..‬وأن الجهــل رذيلــة»‪.‬‬ ‫ســأنطلق مــن فلســفة هاتــن القاعدتــن‬ ‫ألســأل مــن هــم معنيــون أصـاً بحــل املعضلــة‬ ‫الحقيقيــة التــي يعــاين منهــا الالجــئ الســوري‬ ‫خــارج حــدود الوطــن أال وهــي مســألة‬ ‫التعليــم‪ ..‬مــاذا فعلتــم مــن أجلهــم يــا عــرب؟‪..‬‬ ‫مــاذا أنجزتــم لحــل تلــك املعضلــة؟‬ ‫بعــد مــرور خمــس ســنوات مــن عمــر الثــورة‬ ‫الســورية مــا زال الطفــل الســوري املبعــد عــن‬ ‫وطنــه يحلــم بالتعليــم‪ ،‬وبإمتــام مــا أُخــذ منــه‬ ‫بالقــوة أال وهــو العلــم‪ ،‬وأصبــح الســوري الــذي‬ ‫يُعتقــد أنــه متشــب ٌع باملعرفــة واإلبــداع قــد فقد‬ ‫أهليتــه ورشعيتــه‪ ،‬وبــات قــاب قوســن أو أدىن‬ ‫مــن الســقوط يف مســتنقع الجهــل والرذيلــة‪.‬‬ ‫متناســياً ذاك الجالــس يف الظــل أن مــن تخـ ّـى‬ ‫عــن إعــادة النقــاط لحروفهــا هنــاك‪ ،‬هــو‬ ‫القــادر عــى إعادتهــا لــذاك الطفــل الســوري‬ ‫لقناعتــه أن األمــة اإلســامية تتجمــع عنــد‬ ‫الشــدائد لتمــد لــه يــد العــون واملســاعدة‪ .‬لهذا‬ ‫جــاء دور تركيــا ليعكــس تلــك الصورة ول ُيجســد‬ ‫دور األب الحريــص عــى تعليــم أبنائــه فقــررت‬

‫فتــح مــدارس عربيــة متضمن ـ ًة منهاج ـاً عربي ـاً‬ ‫ومدرســن عــرب لطــاب ســوريني وعــرب‪.‬‬ ‫وعــى أثــره حــدد موعــد اجتــاع بتاريــخ‬ ‫‪ 2016/1/5‬يف مدينــة أزمــر يف ثانويــة إمــام‬ ‫خطيــب للبنــات‪ .‬حــره كل مــن الســيد‬ ‫برهــان الديــن كونســيز أوغلــو رئيــس نــادي‬ ‫خريجــي مــدارس إمــام خطيــب‪ ،‬والســيد‬ ‫آيــدن يوزباســيد أوغلــو مســؤول غــرف الرتبيــة‬ ‫والتعليــم يف مدينــة أزمــر‪ ،‬والســيد بــال أوزان‬ ‫نائــب حــزب العدالــة والتنميــة يف مدينــة أزمري‪،‬‬ ‫والســيد ســافاك ياديغاربيغــون عضــو إداري‬ ‫لــدى حــزب العدالــة والتنميــة يف مدينــة أزمــر‪،‬‬ ‫كــا حــر االجتــاع مجموعــة مــن املدرســن‬

‫واملدرســات األتــراك ومثلهــم مــن املدرســن‬ ‫واملدرســات العــرب‪ ،‬والعراقــي الدكتــور مرتــى‬ ‫توزلــو محــارضا ً ومرتجــاً‪ ،‬وبحضــور الســيد‬ ‫هائــل حلمــي رسور ممث ـاً عــن مجلــس إدارة‬ ‫جمعيــة إغاثــة الالجئــن الســوريني يف مدينــة‬ ‫أزمــر‪.‬‬ ‫افتتــح الســيد برهــان الديــن حديثــه بالقــول‪:‬‬ ‫إننــا كجهــة حكوميــة كنــا ومــا زلنــا نســعى‬ ‫ملنــح الالجئــن الســوريني املقــرات الالزمــة‬ ‫للتعليــم‪ ،‬يُــدرس فيهــا املنهــاج العــريب بــكادر‬ ‫مــن املدرســن العــرب حتــى جــاءت ســاعة‬ ‫الصفــر‪ ،‬ومتــت املوافقــة بحمــد للــه‪ ،‬وأنــا مــن‬ ‫هنــا‪ ،‬وبصفتــي رئيــس نــادي خريجــي إمــام‬

‫خطيــب أريــد أن أقــدم مكرمــة للمــدارس‬ ‫العربيــة التــي ســتفتح قريبــاً‪ ،‬وجبــة غــذاء‬ ‫يوميــة للطــاب واملدرســن‪ .‬وســيتم تبنــي ‪50‬‬ ‫طالبــاً و‪ 50‬طالبــة مــن املرحلــة اإلعداديــة‪،‬‬ ‫وتحديــدا ً الصــف التاســع‪ ،‬متضمنــاً رواتــب‬ ‫مــع إقامــة مــع كافــة املصاريــف حتــى نهايــة‬ ‫املرحلــة الثانويــة‪.‬‬ ‫كــا أبــدى الســيد أيــدن مســؤول غــرف الرتبيــة‬ ‫والتعليــم ارتياحــه الســتصدار قــرار مبوجبــه‬ ‫ُينــح الالجئيــون الســوريون يف مدينــة أزمــر‬ ‫حــق افتتــاح مــدارس عربيــة‪ ،‬حيــث بـ ّـن بــأن‬ ‫الحكومــة الرتكيــة كانــت جــادة بفتــح تلــك‬ ‫املــدارس‪ ،‬وقــد جــاءت الفرصــة الالزمــة التخــاذ‬ ‫مثــل هــذا الق ـرار‪.‬‬ ‫وأضــاف الســيد بــال معــاون رئيــس حــزب‬ ‫العدالــة والتنميــة أن الحكومــة وضعت حســب‬ ‫أولوياتهــا حــل املشــاكل العالقــة التــي تخــص‬ ‫الالجئــن الســوريني‪ ،‬ومنهــا مشــكلة التعليــم‪،‬‬ ‫وأن الســنة الجديــدة ســتكون ســنة حاســمة‬ ‫لحــل كافــة املعوقــات التــي تخــص الســوريني‪.‬‬ ‫كــا أغنــى االجتــاع الحضــور النســايئ‬ ‫واملشــاركات التــي كانــت ملفتــة لالنتبــاه‪،‬‬ ‫منهــا املداخلــة التــي قدمتهــا الســيدة مريفــت‬ ‫إبراهيــم حلبــي عضــو مجلــس إدارة جمعيــة‬ ‫إغاثــة الالجئــن الســوريني‪ ،‬حيــث طرحــت عــى‬ ‫املعنيــن عــددا ً مــن الصعوبــات التــي كانــت‬

‫ومــا زلــت قبــل صــدور الق ـرار تعــرض طريــق‬ ‫الطلبــة الســوريني‪ ،‬الذيــن يريــدون إمتــام‬ ‫تعليمهــم حتــى ولــو يف املــدارس الرتكيــة‪ ،‬وأن‬ ‫املركزيــة خلقــت فجــوة بــن الطالــب ومديــر‬ ‫املدرســة‪ ،‬وأوضحــت أنــه بصــدور الق ـرار عــاد‬ ‫كل يشء إىل مكانــه الطبيعــي‪ ،‬وأن املنطقــة‬ ‫املكلفــة بإدارتهــا مــن قبــل الجمعيــة (برنوفــا ــ‬ ‫موالنــا) تعــج بالفــرح والســعادة عنــد ســاعهم‬ ‫خــر االفتتــاح‪.‬‬ ‫وأضــاف الســيد هائــل حلمــي رسور يف مداخلــة‬ ‫لــه بــأن مــن الواجــب علينــا أن نقــدم كل‬ ‫الشــكر واالمتنــان ملــا قدمتــه ومــا زالــت تقدمه‬ ‫تركيــا قيــادة وحكومــة وشــعباً‪ ،‬وأن مــا يجمعنــا‬ ‫كشــعبني مــن روابــط وثوابــت أكــر مــا‬ ‫يفرقنــا‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة متــازج وانخــراط‬ ‫الالجئــن الســوريني عامــة يف املجتمــع الــريك‪،‬‬ ‫وســيكتب التاريــخ يومــاً أن تركيــا اســتقبلت‬ ‫الالجئــن الســوريني‪ ،‬وفتحــت لهــم مــدارس‬ ‫عربيــة تُــدرِس منهاج ـاً عربي ـاً وأســاتذة عــرب‬ ‫يف حــن أن معظــم الــدول العربيــة رفضــت‬ ‫اســتقبالنا‪.‬‬ ‫ويف الختــام حــدد موعــد أقصــاه بعــد نهايــة‬ ‫العطلــة االنتصافيــة ليكــون بدايــة العــام‬ ‫الجديــد للطلبــة الســوريني يف مدينــة أزمــر‬ ‫ممثلــة يف أربعــة مناطــق كبــرة (برنوفــا ــــ‬ ‫كونــاك ــــ قرابــار ــــ بوجــا)‪.‬‬

‫دير الزور‪ ..‬حصار مزدوج وجماعة تنذر بكارثة إنسانية‪ !..‬تركي��ا تب��دأ مبن��ح رخ��ص عم��ل‬ ‫لألجان��ب اخلاضع�ين للحماية املؤقتة‬ ‫عروة المهاوش‬ ‫عــا ٌم كامــل مــى عــى الحصــار الخانــق‬ ‫الــذي رضبــه تنظيــم الدولــة اإلســامية عــى‬ ‫أحيــاء تســيطر عليهــا قــوات النظــام‪ ،‬وذلــك‬ ‫ردا ً عــى قيــام قــوات النظــام بالتمثيــل بجثــث‬ ‫عنــارص مــن التنظيــم‪ ،‬إثــر معركــة جــرت بينهام‬ ‫للســيطرة عــى جبــل يطــل عــى املدينــة حيــث‬ ‫تتمركــز عــى مرتفعاتــه مدافــع تتبــع للنظــام‬ ‫الســوري تقــوم بقصــف مواقــع لتنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪.‬‬ ‫تعــاين أحيــاء القصــور والجــورة‪ ،‬وجــزء مــن حي‬ ‫الصناعــة‪ ،‬إضافــة إىل الضاحيــة‪ ،‬وقريــة البغيليــة‬ ‫وعــدد كبــر مــن أج ـزاء املدينــة حصــارا ً كب ـرا ً‬ ‫فرضــة التنظيــم مانع ـاً دخــول املــواد الغذائيــة‬ ‫والطبيــة واملحروقــات‪ ،‬إضافــة إىل منــع الدخول‬ ‫والخــروج مــن وإىل املناطــق املحــارصة عــن‬ ‫طريــق تكثيــف الحواجــز‪ ،‬ونقــاط التفتيــش‬ ‫عــى كافــة املداخــل املحتمــل دخــول املواطنــن‬ ‫منهــا‪ ،‬فيــا قــدر عــدد املوظفــن املترضريــن‬ ‫مــن هــذا الحصــار بحــوايل عــرة آالف موظــف‬ ‫حرمــوا مــن رواتبهــم التــي كانــوا يقبضونهــا من‬ ‫املناطــق التــي تســيطر عليهــا قــوات النظــام‪.‬‬ ‫مل يؤثــر هــذا الحصــار عــى قــوات النظــام‬ ‫املوجــودة‪ ،‬وذلــك العتامدهــا عــى نقــل املــواد‬ ‫الغذائيــة جــوا ً‪ ،‬بينــا كان األثــر الكبــر عــى‬ ‫أكــر مــن ‪ 400‬ألــف مــدين‪ ،‬حــاول البعــض‬ ‫منهــم إدخــال بعــض املعونــات إىل داخــل‬ ‫املناطــق املحــارصة‪ ،‬وقــد وقــع الكثري منهــم بيد‬ ‫التنظيــم‪ ،‬فيــا نشــط تجــار الحــروب واألزمــات‬ ‫املقربيــون مــن قــوات النظــام بالعمــل عــى‬ ‫بيــع املــواد الغذائبــة بأســعار خياليــة لبعــض‬ ‫املواطنــن الذيــن لديهــم القــدرة عــى ال ـراء‬ ‫بينــا يبقــى العــدد الهائــل مــن املدنيــن بحالــة‬ ‫حصــار‪ ،‬وجــوع قــري ال يحتمــل بالتزامــن مــن‬ ‫انتشــار الكثــر مــن األمــراض‪ ،‬وزيــادة نســبة‬ ‫الوفيــات يف ظــل النقــص الهائــل بالكــوادر‬

‫الطبيــة واألدويــة داخــل األحيــاء املحــارصة‪.‬‬ ‫ال تقتــر معانــاة األهــايل عــى الحصــار فقــط‪،‬‬ ‫بــل تقــوم قــوات النظــام أيضــاً بالتضييــق‬ ‫عليهــم‪ ،‬وإجبــار الشــباب عــى االلتحــاق‬ ‫بالجيــش‪ ،‬وزجهــم عــى جبهــات القتــال فيــا‬ ‫يعيــش الباقــي وضعــاً إنســانياً ســيئاً جــدا ً‪.‬‬ ‫وقــد وجــه الكثــر مــن النشــطاء‪ ،‬واملدنيــن‬ ‫نــداءات اســتغاثة إىل هئيــة األمــم املتحــدة‬ ‫واملنظــات التــي تعنــى بحقــوق اإلنســان‬ ‫إلنقــاذ حيــاة مــا تبقــى مــن األهــايل املحارصين‬ ‫بعــد أن متكــن مــا يقــرب مــن ‪ 150‬ألف ـاً مــن‬ ‫امليســورين مادي ـاً الخــروج مــن تلــك املناطــق‬ ‫والهجــرة خــارج ســوريا‪.‬‬ ‫مصائــب ومعانــاة وقلّــة يف املــوارد املاليــة‪ ،‬إن مل‬ ‫نقــل ندرتهــا‪ ،‬تجعــل مــن أبســط األمــور حلـاً‬ ‫للكثــر مــن األهــايل لالســتمرار يف العيــش ريثــا‬

‫ينظــر العــامل إىل قضيتهــم‪ ،‬كــا فعــل أقــل‬ ‫مــا ميكــن بالنســبة ملدينــة مضايــا املحــارصة‪،‬‬ ‫وقبلهــا مخيــم الريمــوك‪ ،‬وبــن هــذا وذاك ال‬ ‫يتوقــف عــداد املــوت جوعــاً وقهــرا ً ملدينــة‬ ‫كانــت تزخــر بــكل أشــكال الحيــاة‪.‬‬

‫وكالة األناضول‬ ‫دخــل ق ـرار منــح تصاريــح عمــل لألجانــب‬ ‫الخاضعــن لـ»الحاميــة املؤقتــة» يف تركيــا‪ ،‬حيــز‬ ‫التنفيــذ مــع نــره يف الجريــدة الرســمية‪ ،‬يــوم‬ ‫الجمعــة ‪ ،2016/1/15‬حيــث مــن املنتظــر أن‬ ‫يســتفيد مــن القـرار عــدد كبــر مــن الســوريني‬ ‫املقيمــن عــى األرايض الرتكيــة‪.‬‬ ‫وبحســب القــرار‪ ،‬لــن يســتطيع األجانــب‬ ‫الخاضعيــون للحاميــة املؤقتــة يف تركيــا‪ ،‬العمــل‬ ‫دون الحصــول عــى ترصيــح رســمي مــن وزارة‬ ‫العمــل‪ ،‬وميكــن للمؤسســات أو الــركات‬ ‫الرتكيــة طلــب تصاريــح عمــل لألجانــب لديهــا‬ ‫رشيطــة عــدم تجــاوز عددهــم ‪ 10%‬مــن‬ ‫مجمــوع العاملــن األتــراك‪.‬‬ ‫ويتوجــب عــى أربــاب العمــل التقــدم بطلــب‬ ‫تصاريــح لألجانــب العاملــن لديهــم عــى‬ ‫أن يكــون قــد مــر عــى شــمولهم بقانــون‬ ‫«الحاميــة املؤقتــة» ســتة أشــهر‪.‬‬ ‫مــن جهــة أخــرى ســيعفى األجانــب العاملــون‬ ‫يف األعــال الزراعيــة املوســمية وتربيــة‬ ‫الحيوانــات مــن الحصــول عــى إذن عمــل‪ ،‬رشط‬ ‫مراجعتهــم لســلطات الواليــة املعنيــة للحصــول‬ ‫عــى اإلعفــاء‪ ،‬ليتــم الحقـاً إخطــار وزارة العمــل‬ ‫والضــان االجتامعــي‪.‬‬ ‫وال يشــمل الق ـرار‪ ،‬املهــن التــي تنــص القوانــن‬ ‫الرتكيــة عــى مزاولتهــا مــن قبــل املواطنــن‬ ‫األتــراك فقــط‪ ،‬كــا أن القــرار يضــع رشط‬ ‫الحصــول عــى رخصــة أوليــة مــن وزارة الصحــة‬

‫للعاملــن يف مجــال الصحــة‪ ،‬ورخصــة أوليــة‬ ‫مــن وزارة الرتبيــة أو التعليــم العــايل‪ ،‬للعاملــن‬ ‫يف مجــال التعليــم‪.‬‬ ‫ووفــق القـرار‪ ،‬متتلــك وزارة الداخليــة صالحيــة‬ ‫تجميــد منــح تصاريــح العمــل يف واليــات‬ ‫تحددهــا‪ ،‬ألســباب تتعلــق باألمــن العــام‪ ،‬أو‬ ‫الصحــة العامــة‪ ،‬ويف هــذه الحــال لــن يســمح‬ ‫بتمديــد التصاريــح يف تلــك الواليــات‪ ،‬مــع‬ ‫الســاح لحامليهــا مبزاولــة عملهــم حتــى انتهــاء‬ ‫صالحيــة الترصيــح‪.‬‬ ‫وينــص القــرار عــى أن الراتــب الشــهري‬ ‫لألجنبــي الخاضــع للحاميــة املؤقتــة لــن يقــل‬ ‫عــن الحــد األدىن لألجــور يف تركيــا (‪ 1300‬لــرة‬ ‫تركيــة= نحــو ‪ 420‬دوالر)‪.‬‬ ‫ويقــي «قانــون الحاميــة املؤقتــة» الصــادر‬ ‫مــن الربملــان الــريك يف نيســان‪/‬أبريل ‪2013‬‬ ‫والــذي أُقــرت تفاصيلــه بقـرار مجلــس الــوزراء‬ ‫يف أكتوبر‪/‬ترشيــن األول ‪ 2014‬بتأمــن الحاميــة‬ ‫لــكل مــن يه ّجــر مــن بــاده ويلجــأ إىل تركيــا‬ ‫أو الحــدود الرتكيــة لظــروف تهــدد حياتــه‬ ‫ومتنعــه مــن العــودة إىل بــاده ويشــمل زوجتــه‬ ‫وأوالده‪ ،‬كــا يقــي مبنــح الســلطات الرتكيــة‬ ‫حــق البقــاء لــه يف تركيــا إىل أن يقــرر بنفســه‬ ‫العــودة إىل بلــده دون أي إكــراه‪.‬‬ ‫وتكفــل الحكومــة للمشــمولني بالقانــون حــق‬ ‫التعليــم والرعايــة الصحيــة والحصــول عــى‬ ‫املســاعدات‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫داعشــي يعــدم أمــه يف الطبقــة والتنظيــم يعــدم‬ ‫خمســة ناشــطني يف الرقــة‬ ‫الرقة ـ الحرمل‬ ‫واصــل طـران التحالــف الــدويل قصفــه ملحيــط بلدة‬ ‫عــن عيــى شــال الرقــة‪ ،‬بالتزامن مــع وقوع اشــتباكات‬ ‫بــن عنــارص جبهــة ثــوار الرقــة وعنــارص تنظيــم داعــش‪،‬‬ ‫فيــا واصــل الطــران الحــريب قصفــه ملدينــة الرقــة يف‬ ‫غــارات متتاليــة عــى مــدى األيــام املاضيــة‪ ،‬وأوقــع‬ ‫املزيــد مــن الشــهداء والجرحــى املدنيــن يف مناطــق‬ ‫عــدة مــن محافظــة الرقــة‪ ،‬بينــا واصــل تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية تضييقــه عــى املدنيــن‪ ،‬وقيامــه بأفعــال‬ ‫شــنيعة أعــدم خاللهــا ســيدة يف مدينــة الطبقــة‪ ،‬حيــث‬ ‫نفــذ حكــم اإلعــدام بهــا ولدهــا‪ ،‬وإعــدام عــدد مــن‬ ‫الناشــطني بتهمــة التخابــر مــع الخــارج‪.‬‬ ‫يف اليــوم الثــاين مــن العــام الجديــد‪ ،‬وبعــد معــارك‬ ‫عنيفــة مــع تنظيــم داعــش‪ ،‬ســيطرت القــوات املشــركة‬ ‫عــى قريــة املســريحة يف ريــف بلــدة عــن عيــى‪ ،‬فيــا‬ ‫اســتهدف الطــران الحــريب نقطــة العكــريش النفطيــة‪،‬‬ ‫وحراقــات الفيــول املتواجــدة يف املنطقــة‪ ،‬مــا أدى‬ ‫الشــتعال الن ـران فيهــا‪ ،‬وتــواردت أنبــاء عــن استشــهاد‬ ‫الشــاب حــارث املصطفــى‪ ،‬الــذي قــى تحــت التعذيــب‬ ‫يف أقبيــة النظــام املجــرم بعــد اعتقــال دام أكــر مــن‬ ‫سنـــة‪ ،‬وهــو متــزوج ولديــه طفــل‪.‬‬ ‫ويف اليــوم الــذي تــاه‪ ،‬قــام طــران التحالــف الــدويل‬ ‫باســتهداف مواقــع تنظيــم داعــش يف ريــف بلــدة عــن‬ ‫عيــى‪ ،‬وواصــل الطــران الحــريب تحليقــه يف ســاء‬ ‫املدينــة بالتزامــن مــع تحليــق طائــريت اســتطالع‪ ،‬تــاه يف‬ ‫اليــوم الرابــع إقــدام تنظيــم داعــش عــى إعــدام عــدد‬ ‫مــن الشــباب يف مدينــة الرقــة‪ ،‬وهــم‪ :‬الشــهيد هائــل‬ ‫مــروان عبــد الــرزاق‪ ،‬الشــهيد مهيــار محمــود العثــان‪،‬‬ ‫الشــهيد أُيب محمــد عبــد الغنــي‪ ،‬واألخــوان‪ :‬الشــهيد‬ ‫عــار حمــود الجعفــر‪ ،‬والشــهيد فيصــل حمــود الجعفــر‪.‬‬ ‫وذلــك بتهمــة التخابــر مــع الخــارج‪.‬‬ ‫يف اليــوم الخامــس‪ ،‬هـ ّز انفجــار عنيــف الريــف الشــايل‬ ‫للمدينــة‪ ،‬فيــا عــر تنظيــم داعــش عــى جثــة (أبــو‬ ‫محمــد الجــزراوي) منــذ ثــاث أيــام يف منطقــة دبــي‬ ‫فــرج مقتــوالً بطلــق نــاري يف الــرأس داخــل ســيارته‪،‬‬ ‫والجــزراوي يشــغل منصــب مســؤول ديــوان الدعــوة‬

‫واملســاجد‪ ،‬كــا تــم إعــدام شــاب يف مدينــة الرقــة‬ ‫بتهمــة الــردة‪ .‬كــا جــرى تحريــر ‪ 5‬ﻗﺮى جديــدة مــن‬ ‫قبضــة داعــش‪ ،‬إضافــة إىل تحريــر ‪ 4‬ﻣﺰﺍﺭع صغــرة‬ ‫عــى الحــدود اإلداريــة التــي تفصــل الرقــة عــن حلــب‪،‬‬ ‫ومــن القــرى التــي تحــررت‪ ،‬القادريــة‪ ،‬عــي الشــمري‪،‬‬ ‫الحســينية‪ ،‬والطراكعــه‪.‬‬ ‫يف مســاء اليــوم الســادس‪ ،‬اســتهدف الطــران الحــريب‬ ‫مبنــى املؤسســة العامــة للميــاه وســط املدينــة بثــاث‬ ‫غــارات جويــة‪ ،‬واألنبــاء الــواردة مــن الرقــة تؤكــد تدمــر‬ ‫املبنــى بشــكل شــبه كامــل‪.‬‬ ‫مــن األحــداث املثــرة للدهشــة‪ ،‬ما وقــع يف اليوم الســابع‬ ‫مــن الشــهر الجــاري‪ ،‬حيــث أقــدم تنظيــم داعــش عــى‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫أسئلة مستفزة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬

‫إعــدام الســيدة لينــا قاســم‪ ،‬وهــي مــن جبلــة‪ ،‬ومقيمــة‬ ‫يف مدينــة الطبقــة‪ ،‬وتعمــل يف مديريــة االتصــاالت‪ ،‬وتــم‬ ‫تنفيــذ اإلعــدام ظه ـرا ً أمــام مبنــى الربيــد‪ ،‬دون معرفــة‬ ‫التهمــة التــي أعدمــت ألجلهــا واملثــر للدهشــة والســؤال‬ ‫أن ابنهــا مــن أقــدم عــى تنفيــذ حكــم اإلعــدام‪ ،‬يف‬ ‫منظــر بعيــد عــن اإلنســانية‪ ،‬وينســف كل القيــم الدينــة‬ ‫واالجتامعيــة واألخالقيــة‪ ،‬ويعيــد إىل األذهــان مشــاهد‬ ‫البــؤس واالنتقــام يف املجتمعــات البدائيــة‪ .‬يف الوقــت‬ ‫ذاتــه قــام الطـران الحــريب بتنفيــذ ثــاث غــارات جويــة‬ ‫عــى الريــف الشــايل للمدينــة‪.‬‬ ‫ويف الثامــن مــن الشــهر الحــايل‪ ،‬قتــل الط ـران الحــريب‬ ‫بغــارة جويــة مســتخدماً الصواريــخ عائلــة بالكامــل يف‬

‫العشــائر‪ ،‬وضــم أســلحته وذخريتــه وكل عائدياتــه لصالــح‬ ‫جبهــة ثــوار الرقــة‪.‬‬ ‫ويف اليــوم الــذي تــاه‪ ،‬أدى قصــف الطــران الحــريب‬ ‫إىل استشــهاد خمســة مدنيــن يف الغــارة الجويــة التــي‬ ‫اســتهدفت مزرعــة الشــفاكة‪ ،‬غــريب بلــدة عــن عيــى‪،‬‬ ‫وهــم خلــف العســكر وابنــاه االثنــان وابنتــه وابنــة‬ ‫أخيــه‪ ،‬وتــاه يف اليــوم التاســع‪ ،‬اســتهداف الطــران‬ ‫الحــريب لقريــة ســويدية كبــرة يف ريــف الطبقــة الشــايل‬ ‫بغــارة جويــة‪ ،‬وتنفيــذ ثــاث غــارات جويــة عــى املدينــة‬ ‫إحداهــا اســتهدفت مبنــى قــر الضيافــة‪ ،‬وغــارة أخــرى‬ ‫محيــط مبنــى املحافظــة‪ ،‬وســط مدينــة الرقــة‪ ،‬كــا‬ ‫اســتهدف الط ـران الحــريب الجهــة الغربيــة لبلــدة عــن‬

‫منطقــة حزميــة شــال مدينــة الرقــة‪ ،‬حيــث استشــهد‬ ‫مثانيــة أطفــال‪ ،‬وثــاث نســاء‪ ،‬ورجــل‪ ،‬فيــا شــن الطـران‬ ‫الحــريب ثــاث غــارات عــى بلــدة املنصــورة بريــف‬ ‫املدينــة الغــريب‪ ،‬مســتهدفاً حراقــات لتكريــر النفــط‪.‬‬ ‫ويف نفــس اليــوم أعلنــت جبهــة ثــوار الرقــة انضاممهــا إىل‬ ‫قــوات ســوريا الدميقراطيــة‪ ،‬ووفــق بيانهــا‪ ،‬أكــدت عــى‬ ‫ثوابــت الجبهــة يف محاربــة اإلرهــاب والتطــرف املتمثــل‬ ‫بتنظيــم داعــش وجبهــة النــرة‪ ،‬والتزامهــا بأهــداف‬ ‫ومبــادئ الثــورة الســورية‪ ،‬وإنهــاء نظــام االســتبداد‬ ‫املتمثــل بالنظــام األســدي‪ ،‬والســعي لقيــام دولــة ســورية‬ ‫حديثــة مبنيــة عــى أُســس الحريــة والعدالــة واملواطنــة‪،‬‬ ‫وكانــت الجبهــة قــد أعلنــت ســابقاً عــن حــل جيــش‬

‫عيــى شــايل الرقــة‪.‬‬ ‫يف العــارش مــن الشــهر الجــاري اســتهدفت طائــرات‬ ‫الغــدر مســا ًء مدينــة الرقــة‪ ،‬وتحديــدا ً يف املوقــع املجــاور‬ ‫لكافترييــا ومطعــم الســلطنة‪ ،‬جنــوب رشق حــي الثكنــة‪،‬‬ ‫وغــارة ثانيــة اســتهدفت مبنــى اتحــاد الفالحــن عــى‬ ‫مســافة قريبــة مــن موقــع الســلطنة‪ ،‬مــن جهــة الــرق‬ ‫لحــي الثكنــة‪ ،‬إضافــة الســتهداف قــر الضيافــة‪ ،‬وهــي‬ ‫مواقــع تقــع يف وســط املدينــة‪ .‬كــا اســتهدف الط ـران‬ ‫أيضــاً قريــة تــل الســمن بأربــع غــارات أســفرت عــن‬ ‫تدمــر ثالثــة منــازل عائــدة ملدنيــن‪ ،‬وال أنبــاء عــن عــدد‬ ‫الضحايــا‪ ،‬وال عــن تحديــد عائديــة الطائــرات‪ ،‬وعــى‬ ‫الغالــب تابعــة للتحالــف أو الط ـران الــرويس‪.‬‬ ‫وتظــل محافظــة الرقــة تعيــش تحــت وطــأة رحمــة‬ ‫الطــران الحــريب لقــوات التحالــف والــروس والنظــام‪،‬‬ ‫فيــا ميعــن تنظيــم داعــش بقتــل املدنيــن‪ ،‬ومصــادرة‬ ‫أمــاك النازحــن واملهجريــن قــرا ً‪ ،‬والتضييــق عــى‬ ‫الحريــات العامــة‪ ،‬ومنــع وســائل التواصــل االجتامعــي‪،‬‬ ‫وإغــاق محــات االنرتنيــت‪ ،‬ســوى الخاضعــة لرقابــة‬ ‫التنظيــم‪ ،‬وإغــاق محــات بيــع وتصليــح أجهــزة‬ ‫التلفزيــون ومســتقبالت البــث الفضــايئ‪ ،‬وســط حالــة‬ ‫مــن الهلــع والخــوف والرتقــب يعيشــها أبنــاء املحافظــة‪،‬‬ ‫يف ظــل غــاء فاحــش للمــواد األساســية‪ ،‬واملشــتقات‬ ‫النفطيــة‪ ،‬ونــدرة يف املــواد واملســتلزمات الطبيــة‪.‬‬

‫هــل إيـران قويــة إىل درجــة أنهــا تســتطيع احتجــاز زورقــن‬ ‫أمريكيــن يف الخليــج العــريب‪ ،‬وتــأرس عنارصهــا العــرة‪ ،‬غــر‬ ‫آبهــة بأمريــكا وتحالفاتهــا‪ ،‬وقوتهــا العســكرية املفرطــة؟‬ ‫هــذا الســؤال أعــادين إىل بدايــة تدخــل إيـران يف ســوريا وتحوله‬ ‫فيــا بعــد إىل احتــال ســافر‪ ،‬مســتفيدة مــن ضعــف النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬وتراجــع دوره إثــر االنهزامــات املتالحقــة أمــام تقــدم‬ ‫قــوات الجيــش الحــر‪ ،‬واســتغالل مــا رصح بــه الرئيــس املنغــويل‪،‬‬ ‫الــذي اعتــر كل مــن يقاتــل إىل جانبــه‪ ،‬هــو ســوري ألنــه يدافــع‬ ‫عنــه‪ ،‬وعــن زمرتــه مــن القتلــة الســفاحني‪ ،‬وراح يــوزع صكــوك‬ ‫امللكيــة عــى شــذاذ اآلفــاق مــن املرتزقــة واملأجوريــن‪.‬‬ ‫يف تلــك األيــام اعتقدنــا أن أمريــكا تســعى الســتنزاف إيــران‬ ‫مــن خــال تدخلهــا املبــارش يف ســوريا‪ ،‬وأنهــا أعطتهــا الضــوء‬ ‫األخــر للدخــول يف املســتنقع الســوري‪ ،‬وهــي تنتظــر أن‬ ‫تتهالــك وتتقطــع بهــا الســبل‪ ،‬وهــي تدفــع املــال‪ ،‬وتخــر‬ ‫الرجــال والعتــاد‪ ،‬لكــن مــا الــذي حصــل؟!‬ ‫هــل ربحــت إيـران يف ملفهــا النــووي‪ ،‬وهــي تفــاوض املجتمــع‬ ‫الــدويل‪ ،‬ممثــاً بالــدول الكــرى؟ هــل خــرت يف ســوريا؟‬ ‫وهــل انتهــت أســطورة أتباعهــا مــن الحوثيــن يف اليمــن‪،‬‬ ‫الــذي اســتعىص تاريخي ـاً عــى كل غ ـزاة األرض‪ ،‬وحــزب اللــه‪،‬‬ ‫ومرتزقتهــا مــن أتبــاع ويل الفقيــه يف العــراق‪ ،‬الــذي مــا زال‬ ‫يتخبــط يف مســتنقع كبــر مــن دمــاء أبنائــه؟ وهــل انتــر‬ ‫التحالــف العــريب الــذي تقــوده الســعودية يف اليمــن؟‬ ‫الحقائــق عــى األرض تؤكــد أن امليليشــيات الطائفيــة‪ ،‬وفلــول‬ ‫جيــش النظــام مــا زالــت متــارس القتــل بحــق الســوريني‪،‬‬ ‫وتحــارص املناطــق الخارجــة عــن ســيطرة النظــام‪ ،‬إن كان يف‬ ‫مضايــا أو الزبــداين أو الغوطــة الرشقيــة أو يف ديــر الــزور يف‬ ‫أقــى رشق ســوريا‪ ،‬والحقائــق أيضــاً تخربنــا أن حــزب اللــه‪،‬‬ ‫ورئيســه حســن زمــرة مــا زال ممســكاً بزمــام األمــور يف لبنــان‬ ‫املتداعــي‪ ،‬ومينعــه مــن اســتحقاقاته الدســتورية‪ ،‬ومــا زال‬ ‫الجــرال قاســم ســليامين يــوزع املهــام عــى أصحــاب األرض‬ ‫الذيــن ال ميلكــون منهــا شــيئاً‪ ،‬ومــا زالــت قــوات الحوثيــن‪،‬‬ ‫املدعومــة مــن إيـران‪ ،‬واملتحالفــة مــع جيــش املخلــوع اليمنــي‬ ‫عــي عبــد اللــه صالــح‪ ،‬تؤســس لدميومــة طويلــة‪ ،‬وتؤكــد أن‬ ‫بإمكانهــا أن تــرب الصواريــخ البالســتية باتجــاه الســعودية‪،‬‬ ‫طبع ـاً كل ذلــك يجــري مبباركــة ومســاندة روســية وإرسائيليــة‪.‬‬ ‫والحقائــق عــى األرض تؤكــد أن إيــران مــا زالــت تهــدد‬ ‫الســعودية‪ ،‬بعــد أن اعتــدت عــى ســفارتها وقنصليتهــا يف‬ ‫طهـران ومشــهد‪ ،‬وأنهــا جهــارا ً نهــارا ً أعلنــت عــى لســان أحــد‬ ‫قادتهــا أنهــا ســتقصف املكعــب األســود يف مكــة‪ ،‬وتقصــد‬ ‫الكعبــة املرشفــة‪ ،‬غــر مباليــة مبشــاعر املســلمني يف أصقــاع‬ ‫األرض‪ ،‬واألدهــى مــن كل ذلــك اســتهزاء مستشــار املرشــد‬ ‫اإلي ـراين األعــى بجيبــويت‪ ،‬التــي قطعــت عالقاتهــا مــع إي ـران‪،‬‬ ‫تضامن ـاً مــع الســعودية‪ ،‬والــذي ســتكون لــه عواقــب وخيمــة‬ ‫جــدا ً‪ ،‬إن ق ّيــض للجيبوتيــن دخــول ســاحات الوغــى‪!..‬‬ ‫وبينــا يعلــن الرئيــس األمريــي أوبامــا بــأن أمريــكا أقــوى‬ ‫دولــة عــى وجــه األرض‪ ،‬ولــن تســمح ألحــد باســتهدافها أو‬ ‫حلفائهــا‪ ،‬يعــر كــري وزيــر خارجيتــه عــن امتنانــه إليــران‬ ‫بعــد إفراجهــا عــن البحــارة األمريكيــن املحتجزيــن لديهــا‪ ،‬أو‬ ‫إن شــئت املأســورين لديهــا‪ ،‬وباملقابــل يعلــن الناطــق الرســمي‬ ‫باســم الحــرس الثــوري اإليــراين عــن اإلفــراج عــن البحــارة‬ ‫األمريكيــن املحتجزيــن‪ ،‬ويقــول‪ :‬البحــارة األمريكيــون دخلــوا‬ ‫امليــاه اإلقليميــة دون قصــد واعتــذروا‪ .‬وأيضــاً‪ :‬إن احتجــاز‬ ‫البحــارة هــو درس للســاعني إىل عقابهــا يف الكونغــرس‪.‬‬ ‫إيــران مل تكــن يف يــوم مــن األيــام مــن الــدول التــي تســعى‬ ‫المتــاك مــروع حضــاري‪ ،‬يؤســس لقيمــة إنســانية عليــا‪.‬‬ ‫إيـران تريــد أن تكــون دولــة مارقــة‪ ،‬دولــة معتديــة وآمثــة‪ ،‬دولة‬ ‫قراصنــة ومرتزقــة‪ ،‬دولــة عاصيــة ومتمــردة‪ ،‬دولــة مجوســية‬ ‫مجبولــة مــن الــدم والنــار‪ ،‬ومبثــل هــذه األفعــال الشــنيعة‪،‬‬ ‫تؤكــد وجودهــا عــى األرض‪ ،‬وتكتــب يف مدونــة التاريــخ ســجلها‬ ‫اإلجرامــي يف القتــل والعربــدة والبلطجــة‪ ،‬وهــي تســتفيد مــن‬ ‫تــردد أوبامــا‪ ،‬وتراجــع موقــف أمريــكا الغائــم يف تشــدقها‬ ‫الدائــم باالنتصــار لقضايــا الشــعوب يف الحريــة والدميقراطيــة‪،‬‬ ‫فهــل تكــون األيــام القادمــة حبــى مبوقــف أمــريك رادع إليـران‬ ‫املارقــة واملتمــردة‪ ،‬أم نــرك األمــر لجيبــويت؟!‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫آرام كرابيت‬ ‫الثــورات هــي مــن األحــداث الفاصلــة‬ ‫يف التاريــخ‪ ،‬تحــاول أن ترتــق جرحــه العميــق‪.‬‬ ‫إنهــا تزعــزع التاريــخ أو محاولــة تغيــر دمــه‬ ‫أو خمولــه‪ .‬هــي جنــن يف أحشــائه القدميــة‬ ‫يريــد أن يخــرج إىل الضــوء بــوالدة طبيعيــة‬ ‫أو عمليــة قيرصيــة‪ ،‬وأحيانــا ً كثــرة يخــرج‬ ‫املولــود ميتــا ً لعــدم اكتــال رشوط الحيــاة‬ ‫فيــه‪.‬‬ ‫عمليــاً‪ ،‬الثــورة فــن ديناميــي مــن أجــل‬ ‫دميومــة الحيــاة واالرتقــاء بهــا مــن رتابــة‬ ‫الحيــاة‪ ،‬الواقــع‪ ،‬وإيقاعــه القديــم‪ ،‬يجدلــه‬ ‫النــاس يف ال شــعورهم الجمعــي‪ ،‬لبنــاء‬ ‫منظومــة حياتيــه جديــدة‪ ،‬وواقــع جديــد‪.‬‬ ‫مــن أجــل قلــب املفاهيــم الســائدة رأســاً‬ ‫عــى عقــب وقلــع أو تكنيــس قــوى ماضويــة‬ ‫أضحــت عائقــاً أمــام تطــورات الحيــاة‪،‬‬ ‫واســتحقاقات الظــروف الداخليــة والخارجيــة‬ ‫يف الدولــة الواحــدة والشــعب الواحــد‪.‬‬ ‫تقــوم الثــورة عندمــا تنضــج أو تكتمــل‬ ‫الــروط املوضوعيــة والذاتيــة ألي مجتمــع‬ ‫أو واقــع اقتصــادي اجتامعــي مغلــق‪ .‬أي أن‬ ‫الثــورة هــي انقــاب عــى الوجــع االجتامعــي‬ ‫واإلنســاين املــأزوم‪ ،‬تفريــغ االحتقــان والضغط‬ ‫الــذي مارســته القــوى القدميــة عــى املجتمــع‪.‬‬ ‫يدفــع املجمــوع إىل الخــروج مــن الســائد إىل‬ ‫االنقــاب عليــه‪ ،‬كرفــض للظلــم واالنقســام‬ ‫االجتامعــي العمــودي واألفقــي‪.‬‬ ‫عملي ـاً‪ ،‬تعيــش الثــورة يف أحشــاء املجتمــع‪،‬‬

‫«برابرة الشمال»‬ ‫أسعد فخري‬ ‫لقــد أصبــح الــرق األوســط مراحـاً للعديــد‬ ‫مــن األهــداف اإلسـراتيجية التــي تعتمــد عىل‬ ‫عقليــة «الغنيمــة» واملحاصصــة‪ ،‬وتقاســم‬ ‫األدوار‪ ،‬واألجنــدات‪ ،‬انســجاماً ومالحــق‬ ‫االتفاقــات الرسيــة‪ ،‬والتفاهــات بــن العديــد‬ ‫مــن الــدول صاحبــة املصالــح القــذرة التــي‬ ‫أوجــدت تســويات «جيوسياســية» فيــا بينها‪،‬‬ ‫ووفــرت يف اآلن ذاتــه آليــة غامضــة لتقاســم‬ ‫النفــوذ‪ ،‬والحصــص يف معــرك التوتــرات‪،‬‬ ‫والنزاعــات داخــل أماكــن مختلفــة‪ ،‬وتحــت‬ ‫ذرائــع‪ ،‬ورسديــات متعــددة يــأيت يف مقدمتهــا‬ ‫الحــرب عــى اإلرهــاب‪ ،‬وتســويق حتميــة‬ ‫االنتصــار عليــه يف ظــل تعــر إســراتيجية‪،‬‬ ‫واضحــة املعــامل يغيــب عــن مقارباتهــا‪،‬‬ ‫ويتــاىش االلتفــات إىل الجوانــب التــي تتعلــق‬ ‫بحيــاة النــاس‪ ،‬ومصائــر األمثــان التــي ســينتج‬ ‫عنهــا تدمــر البلــدان‪ ،‬وقتــل األبريــاء‪ ،‬وتهجــر‬ ‫ماليــن البــر إىل كل أصقــاع املعمــورة‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ال��دب الروس��ي وحماول��ة اس��تعادة‬ ‫القطبي��ة‪:‬‬ ‫قــد يكــون مــن الســهل الدخــول يف حــرب مــا‪،‬‬ ‫لكــن مــن الصعوبــة مبــكان‪ ،‬ووفق ـاً للعديــد‬ ‫مــن تجــارب التدخــات العســكرية الخــروج‬ ‫منهــا بتحصيــل االنتصــار‪ ،‬خاصــة إذا مــا‬ ‫كانــت دوافــع الدخــول إىل تلــك الحــروب‬ ‫خاليــة مــن األبعــاد اإلســراتيجية‪ ،‬وتعتمــد‬ ‫بصــورة أساســية عــى ردود فعــل ثأريــة تجــاه‬ ‫مواقــف تتعلــق بالتوازنــات غــر املدروســة‪،‬‬ ‫وهــذا مــا يُع ـ ُّد يف العلــوم العســكرية «خط ـأً‬ ‫اســراتيجياً» يحمــل يف طياتــه العديــد مــن‬ ‫النتائــج العكســية عــى الطــرف املتدخــل‪.‬‬ ‫مــن هنــا نــدرك أهميــة وخطــورة الخطــوات‬ ‫العســكرية املبــارشة‪ ،‬وغــر املســبوقة للــدب‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الثورة ومسار احلرية‬ ‫يف بنيتــه الداخليــة مــدة طويلــة مــن الزمــن‪،‬‬ ‫كصــدام صامــت بــن القديــم والجديــد‪ ،‬بــن‬ ‫القــوى القدميــة التــي أضحــت عائقــاً‪ ،‬ليــاً‬ ‫عاجـزا ً أمــام االنفتــاح عــى مســارات الحريــة‬ ‫والــرورة‪ ،‬تدفعهــا القــوى االجتامعيــة‬ ‫الجديــدة للخــروج مــن الرحــم القديــم‬ ‫إلنتــاج واقــع اجتامعــي اقتصــادي ســيايس‬ ‫جديــد‪ .‬إذا ً‪ ،‬تقــوم الثــورة قبــل قيامهــا‬ ‫الفعــي بزمــن طويلــة‪ .‬تبقــى قلقــة‪ ،‬متوتــرة‪،‬‬ ‫لهــا مظاهــر تشــر إليهــا بشــكل صامــت مــن‬ ‫خــال الظلــم الــذي متارســه القــوى القدميــة‬ ‫عــر ايديولوجيتهــا وســجونها واقتصادهــا‬ ‫وأزماتهــا املســتمرة‪ ،‬وعــدم قدرتهــا عــى فتــح‬ ‫مســار جديــد‪ ،‬لبنــاء عــامل جديــد‪.‬‬ ‫رمبــا تصطــدم الثــورة بنكــوص أو تراجــع أو‬ ‫هزميــة‪ ،‬بيــد أنهــا تــريس واقع ـاً جديــدا ً عــى‬ ‫األرض ال ميكــن للقــوى القدميــة أن تنســاه أو‬ ‫تلغيــه أو تســر وفــق الــروط االجتامعيــة‬ ‫السياســية القدميــة مهــا حاولــت‪.‬‬ ‫ليــس بالــرورة أن تأخــذ الثــورة مســار‬ ‫االنفتــاح أو إلرســاء قيــم جديــدة‪ .‬ورمبــا تهــزم‬ ‫عــى كل املســتويات‪ ،‬بيــد أنهــا تــريس مفاهيم‬ ‫جديــدة وقيــم جديــدة وواقــع اجتامعــي‬ ‫جديــد‪ .‬إنــه صــدام انفجــاري عنيــف بــن‬ ‫قــوى اجتامعيــة قدميــة تريــد اإلبقــاء عــى‬ ‫مكانتهــا وتراتبيتهــا ومصالحهــا االقتصاديــة‬ ‫واالجتامعيــة والسياســية‪ ،‬وبــن قــوى جديــدة‬ ‫تريــد لهــا مكانــة تحــت الضــوء‪ .‬والتاريــخ‬ ‫يعلمنــا أنــه يســر إىل األمــام مهــا طــال‬

‫الزمــن‪ ،‬وال عــودة إىل الــوراء أبــدا ً‪.‬‬ ‫يف ال شــعور اإلنســان هاجــس االنتــاء إىل‬ ‫الحريــة والعدالــة‪ ،‬وقيــم املحبــة واملســاواة‬ ‫واإلخــاء‪ ،‬إىل الــراءة والحــق واألخــاق والقيــم‬ ‫والطبيعــة‪ .‬وال حريــة خــارج هــذا االنتــاء‬ ‫والنقــاء اإلنســاين‪ .‬لهــذا تقــوم الثــورات مــن‬ ‫أجــل أهــداف نبيلــة وغايــات رفيعــة‪ ،‬تطــرح‬ ‫أفــكارا ً ومفاهيــم متــس أســس حياتهــم‬ ‫وحاجاتهــم اليوميــة والوجوديــة‪ ،‬وتــدور‬ ‫حــول مــا ميــس قيـاً تحــاول اإلرتقــاء بالبــر‬ ‫إىل فضــاء جميــل‪ ،‬ورفضـاً لــكل أشــكال القهــر‬ ‫والظلــم والعبوديــة واالســتالب‪.‬‬ ‫ويدخــل يف هــذا الســياق العامــل الــذايت‪،‬‬ ‫مســاهامت الكتــاب واملفكريــن والفالســفة‬ ‫كرافعــة لهــذا الســمو الراقــي التــي تســعى‬ ‫لتحمــل معهــا القــوى املهمشــة تاريخيــاً‪،‬‬ ‫كالبســطاء والفالحــن والعــال والطبقــة‬ ‫الوســطى املكســورة‪ ،‬لرفعهــم واألخــذ بيدهــم‬ ‫لتكويــن عقــل جمعــي يســعى للعيــش‬ ‫املشــرك يف ظــل قيــم إنســانية رفيعــة‪ .‬لهــذا‬ ‫تشــكل أفكارهــم برنامــج عمــل ونرباســاً‬ ‫يــيء لهــم الطريــق‪ .‬فالعامــل الــذايت يلعــب‬ ‫دورا ً محوريــاً يف الولــوج يف بنيــة تكويــن‬ ‫اإلنســان وأخالقياتــه‪ ،‬وتقريبهــا مــن قانــون‬ ‫الطبيعــة وبراءتهــا‪ .‬فهــذه الرغبــة الداخليــة‪،‬‬ ‫البنيــة الحقيقــة للبــر هــي الحافــز‬ ‫الحقيقــي والضاغــط مــن أجــل التغيــر‪ ،‬وهــو‬ ‫الــرط العمــي والفعــي الــذي يســتقطب‬ ‫كتــل اجتامعيــة كبــرة جــدا ً متعطشــة لتغيــر‬

‫الواقــع االجتامعــي‪.‬‬ ‫فالثــورة هــي مدخــل للحريــة بشــكل مــن‬ ‫األشــكال‪ ،‬بحــث عــن الكينونــة‪ ،‬يف شــكلها‬ ‫املكتمــل‪ .‬ويف قــرارة أيــة ثــورة يف العــامل‪،‬‬ ‫وعــر التاريــخ إ ّمــا أن تكــون أو ال تكــون‪،‬‬ ‫وهــي مرتبطــة بالوجــود اإلنســاين الواعــي‪،‬‬ ‫لــرط وجــوده وحضــوره التاريخــي‪ .‬هكــذا‬ ‫يعلمنــا التاريــخ والثــورات‪.‬‬ ‫إن اإلميــان مببــادئ الحريــة يفــرض رشطــاً ال‬ ‫لبــس فيــه‪ ،‬هــو دعوة لرفــض القهر والتســلط‪،‬‬ ‫واالنتقــال إىل عــامل إنســاين خــاق يحــرم‬ ‫اإلنســان‪ ،‬ووجــوده الواعــي‪ ،‬ويحــرم الطبيعــة‬ ‫وكائناتهــا‪ ،‬ويحــرم الوجــود واســتمرارية‬ ‫الحيــاة‪ .‬وتســعى أيــة ثــورة إىل بنــاء منظومــة‬ ‫أخالقيــة تحــرم الحيــاة وتقــدس الطبيعــة‬ ‫عــى عكــس مــا هــو جــا ٍر يف عاملنــا املعــارص‬ ‫الــذي يُــدار مــن قبــل نخــب فاســدة‪ ،‬قــذرة‪،‬‬ ‫تحتكــر املــال والســلطة‪ ،‬وتقبــض عــى أنفــاس‬ ‫النــاس وحياتهــم‪ ،‬وتحولهــم إىل مجــرد أجـراء‬ ‫وعبيــد داخــل منظومتهــم األخالقيــة القامئــة‬ ‫عــى التســلط والســيطرة‪.‬‬ ‫إن نظــام الرتاتبيــة املاليــة والســلطة والنفــوذ‬ ‫يســعون إىل بقــاء منظومتهــم األخالقيــة التــي‬ ‫تســهر عــى أن تكــون خــارج مصالــح النــاس‬ ‫ورغباتهــم وحيواتهــم مــن خــال القبــض‬ ‫عــى جهــاز الدولــة والتحكــم مبؤسســاتها‬ ‫وتحوالتهــا وتبدالتهــا‪ .‬مبعنــى آخــر بنــاء‬ ‫منظومــة أخالقيــة عــى مقــاس املؤسســة‬ ‫التــي تعمــل عــى تحويــل اإلنســان إىل كائــن‬

‫مســتلب‪ ،‬يشء أو خــادم لــيء كاملكتــب‬ ‫واآللــة واملعمــل التــي تــدار مــن قبــل‬ ‫أصحــاب رؤوس األمــوال‪.‬‬ ‫ومــا فعلتــه الحداثــة عمليــاً‪ ،‬أنهــا أخــذت‬ ‫كل إنجــازات اإلنســان القدميــة والجديــدة‪،‬‬ ‫ووضعتــه يف خدمــة نخبهــا املاليــة والنفــوذ‬ ‫والســلطة وحولــت الكائــن الطبيعــي إىل كائن‬ ‫ضعيــف‪ ،‬مهــزوم‪ ،‬مســتلب ومغــرب‪.‬‬ ‫لهــذا نقــول‪ ،‬أن مــا تفعلــه الحداثــة‬ ‫هــو محاولــة الوصــول إىل البدائــل الغــر‬ ‫طبيعيــة يف اإلنســان كالغرائــز وامليــول‬ ‫االصليــة والفطــرة األوىل‪ ،‬ليتــم تحويلــه‬ ‫إىل كائــن متوحــش يعمــل عــى تدمــر‬ ‫مرتك ـزات وجــوده وتخريــب عاملــه الداخــي‬ ‫والخارجــي‪ ،‬وتقاطعــات الكــون‪ ،‬الزمــان‬ ‫املــكان‪ ،‬واقتــاع كل مــا هــو طبيعــي كالشــجر‬ ‫والغابــة‪ ،‬وتصحــر األرض‪ ،‬وتجفيــف األنهــار‪،‬‬ ‫وقتــل بقيــة الكائنــات الحيــة‪ ،‬وتدمــر‬ ‫ب ـراءة الطبيعــة‪ ،‬وتخريبهــا‪ ،‬وتخريــب العــامل‬ ‫الداخــي الطبيعــي‪ ،‬الخــر لنــا كبــر‪.‬‬ ‫إن انفصال اإلنســان عن أصالته شــكل لنفســه‬ ‫تكوينــاً مزيفــاً معبــأً باألمــراض النفســية‪،‬‬ ‫كالعصــاب والقهــر والوســاس القهــري والحب‬ ‫املــيء بالرغبــات لالمتــاك والســيطرة وحــب‬ ‫االنتقــام‪.‬‬ ‫لهــذا نقــول أن الثــورة عمليــاً هــي رغبــة‬ ‫وجوديــة للوصــول إىل الحريــة واالندغــام يف‬ ‫مســاراتها املتعــددة والتخلــص مــن الرتاتبيــة‬ ‫القامئــة عــى العنــف والتســلط‪.‬‬

‫يقظ��ة ال��دب الروس��ي يف ك��روم الش��رق األوس��ط ‪/ 3 /‬‬ ‫الــرويس يف شــأن مــن شــؤون الــرق األوســط‬ ‫املشــتعل‪ ،‬وتفعيــل وجــوده العســكري يف‬ ‫الحــرب الســورية تحــت مســميات مختلفــة‬ ‫ومتباينــة إىل درجــة التناقــض واملواربــة‪،‬‬ ‫واعتــاد صيغــة «الحــرب عــى اإلرهــاب»‬ ‫كدافــع أســايس للتدخــل‪ ،‬وتفعيــل تشــكيل‬ ‫أحــاف عســكرية ملواجهــة امتداده‪ ،‬وتوســعه‪،‬‬ ‫وشــن العديــد مــن الهجــات االســتباقية التــي‬ ‫أثــارت يف مشــاهد تفعيلهــا‪ ،‬واجرائيتهــا ريبــة‬ ‫صادمــة لــدى العديــد مــن متابعــي الح ـراك‬ ‫«الجيوســيايس» للــدب الــرويس الــذي أقــدم‪،‬‬ ‫وبــراوة عــى تأهيــل تحــوالت دراماتيكيــة‬ ‫يف مواقفــه الثابتــة تجــاه عــدم التدخــل يف‬ ‫الشــؤون الداخليــة للــدول‪ ،‬واح ـرام ســيادتها‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬وخاصــة حينــا تكــون النزاعــات‬ ‫فيهــا أهليــة أو مذهبيــة‪ ،‬وهــي املواقــف‬ ‫والثوابــت التــي كان الــدب الــرويس يعتمدهــا‬ ‫منصــة لــردع التدخــات العديــدة للواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة والــدول األوربيــة التــي‬ ‫أعلنــت حروبهــا العســكرية إبــان فــرات‬ ‫ســابقة عــى أفغانســتان والعــراق وليبيــا‬ ‫أمــام املحافــل الدوليــة‪ ،‬معلن ـاً تحفظــه عــى‬ ‫العديــد مــن الق ـرارات األمميــة بهــذا الشــأن‪.‬‬ ‫ذلــك مــا يدفعنــا إىل غــار جملــة من األســئلة‬ ‫امللحــة‪ ،‬والجوهريــة نتعــرف مــن خــال‬ ‫محاولــة اإلجابــة عليهــا الكشــف عــن األبعــاد‬ ‫«الدراماتيكيــة» ملواقــف الــدب الــرويس تجــاه‬ ‫النظــام الســوري والتحــول الــذي أحدثتــه‬ ‫املتغ ـرات الجديــدة يف ملفــه‪ ،‬ج ـراء االنتقــال‬ ‫مــن الدعــم العســكري غــر املبــارش إىل الدعــم‬ ‫املبــارش عســكرياً‪ ،‬وسياســياً‪ ،‬ومحاولــة ترميــم‬ ‫النظــام مــن الداخــل‪ ،‬وإعــادة مفاعيــل القــوة‬ ‫العســكرية إىل عصاباتــه الطائفيــة املتآكلــة‪،‬‬ ‫واملنهــارة‪ ،‬والدفــاع عــن رشعيتــه املثلومــة‬ ‫بقــوة أمــام املحافــل الدوليــة تحــت جملــة‬

‫مــن الصيــغ‪ ،‬واملعايــر الواهيــة‪.‬‬ ‫مثــة العديــد مــن األســباب املبــارشة‪ ،‬وغــر‬ ‫املبــارشة التــي دفعــت الــدب الــرويس‬ ‫إلظهــار بواطــن مواقفــه‪ ،‬وكشــف الغطــاء‬ ‫عــن إســراتيجيته الثأريــة بصورتهــا القــذرة‪،‬‬ ‫والهدامــة‪ ،‬والتــي أراد مــن خاللهــا تحقيــق‬ ‫أهــداف طاملــا كانــت هاجســاً لحراكــه‬ ‫الجيوســيايس الــذي عــاىن مــن التهميــش‪،‬‬ ‫والتغييــب ألكــر مــن ثالثــة عقــود مــن الزمــن‬ ‫داخــل املحافــل الدوليــة‪ ،‬كــا أنــه أدرك‬ ‫متأخ ـرا ً مــا تركتــه مــن آثــار كارثيــة غــزوات‬ ‫تســلل الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬وأخواتهــا‬ ‫األوربيــات إىل حديقتــه الخلفيــة بعــد انتهــاء‬ ‫الحــرب البــاردة‪ ،‬وتفــكك مــا كان يدعــى‬ ‫«اإلمرباطوريــة الســوفيتية»‪.‬‬ ‫أـ األسباب غري املباشرة‪:‬‬ ‫عــى صعيــد األســباب غــر املبــارشة يحتــل‬ ‫هاجــس العــودة إىل القطبيــة مجــددا ً‬ ‫بالنســبة للــدب الــرويس أحــد أهــم املفاصــل‬ ‫امللحــة‪ ،‬واملصرييــة بعــد الخســائر الفادحــة‪،‬‬ ‫والصفعــات املؤملــة التــي تلقاهــا مــن الواليات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬والــدول األوربيــة ج ـراء‬ ‫زحفهــا املظفــر إىل حديقتــه الخلفيــة‪،‬‬ ‫والتمكــن مــن نــر طــوق الــدرع الصاروخــي‬ ‫األمريــي حولــه‪ ،‬وإغــواء الــدول املنفكــة عنــه‪،‬‬ ‫واحتضانهــا كــدول مســتقلة‪ ،‬وقبــول عضويتهــا‬ ‫يف االتحــاد األوريب‪ ،‬والحلــف األطلــي وفــق‬ ‫تســهيالت لينــة شــجعت الــدول املــرددة منها‬ ‫عــى اإلقــدام يف الدخــول دون رشوط مســبقة‪،‬‬ ‫واالرمتــاء دون تحفــظ يذكــر يف أحضــان‬ ‫الفــردوس الغــريب املوعــود‪ ،‬تخلصـاً مــن الفاقة‬ ‫التــي غرقــت فيهــا تلــك البلــدان طــوال فــرة‬ ‫الحــرب البــاردة‪ ،‬ورغبتهــا الجامحــة يف التطلــع‬ ‫إىل عــامل أكــر ســعادة‪ ،‬وحريــة‪ ،‬وذلــك كان‬

‫أهــم األســباب غــر املبــارشة ليقظــة «الــدب‬ ‫الــرويس» داخــل احرتابــات الــرق األوســط‪،‬‬ ‫واســتثامر غيــاب الواليــات املتحــدة األمريكيــة‬ ‫«املركــب واملقصــود» عــن ســاحة التفاعــل‪،‬‬ ‫واالســتجابة‪ ،‬وحــل النزاعــات التــي كانــت‬ ‫األجنــدة األمريكيــة هــي الســبب املبــارش يف‬ ‫إشــعالها‪ ،‬وتغذيــة أوارهــا كمرحلــة أساســية‬ ‫ومفصليــة من مخططــات «الفــوىض الخالقة»‪،‬‬ ‫وهــذا مــا دفع «الــدب الــرويس» لإلقــدام دون‬ ‫تــردد عــى تفعيــل ملفــات أوكرانيــا‪ ،‬وجزيــرة‬ ‫القــرم‪ ،‬والتدخــل العســكري املبارش يف ســورية‬ ‫كَــ َر ّد فعــل أويل عــى التحــوالت الجاريــة يف‬ ‫العــامل‪ ،‬ومتهيــد مبــديئ عــن رغبــة «الــدب‬ ‫الــرويس» الالهــث الســتعادة مكانتــه الرمزيــة‪،‬‬ ‫عــا خــره مــن‬ ‫والتاريخيــة‪ ،‬وتعويضــاً ّ‬ ‫مقــدرات إســراتيجية يف حديقتــه الخلفيــة‬ ‫التــي تبخــرت‪ ،‬وغابــت عــن أنظــاره‪ ،‬وتحولــت‬ ‫ضمــن فــرة وجيــزة إىل قواعــد عســكرية‬ ‫للواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬وخطوطــاً‬ ‫دفاعيــة أوىل مــن الناحيــة اإلسـراتيجية للدول‬ ‫األوربيــة‪ ،‬كــا أنهــا ووفــق مقاربــة «عقليــة‬ ‫الغنيمــة»‪ ،‬فقــد اعتــرت روســيا أن مــا قامــت‬ ‫بــه الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬ودول أوربــا‬ ‫الغربيــة تجــاه حديقتهــا الخلفيــة مــا هــو إال‬ ‫هيمنــة غــر مبــارشة عــى ثــروات هائلــة مــن‬ ‫النفــط والغــاز داخــل تلــك البلــدان بعــد أن‬ ‫كانــت تلــك الــدول بالنســبة للــدب الــرويس‬ ‫حاميــات طبيعيــة ألمنهــا القومــي‪ ،‬وخــط‬ ‫دفاعهــا األول عــن مركزيتهــا العســكرية‪،‬‬ ‫واالقتصاديــة اســراتيجياً‪ ،‬وخزانــاً كبــرا ً مــن‬ ‫الــروات النفطيــة التــي ت ُ َعـ ُّد مــن وجهــة نظــر‬ ‫الــروس مبثابــة املســتودع االسـراتيجي املرتبط‬ ‫بأمنهــم القومــي‪ ،‬وطموحاتهــم القطبيــة‪.‬‬ ‫ذلــك مــا جعــل أهميــة حضــور جملــة‬ ‫مــن العوامــل التــي ال بــد ســتكون‬

‫امل ُشَ ـكّل األســايس لليقظــة املزعومــة للــدب‬ ‫الــرويس‪ ،‬والتــي ســيعتمد مــن خاللهــا عــى‬ ‫تأهيــل أدواره الدراماتيكيــة‪ ،‬ومحفزاتــه‬ ‫«الجيوسياســية» يف الحضــور املؤثــر لــه‬ ‫داخــل لعبــة التفاهــات الدوليــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــا ســيحقق لــه الخــروج مــن عنــق زجاجــة‬ ‫الداعــم غــر املبــارش‪ ،‬واملراقــب‪ ،‬والراصــد‪،‬‬ ‫واملســتكني داخــل التحــوالت الجاريــة يف‬ ‫العــامل إىل مســاحة واســعة‪ ،‬وحــرة يتمكــن‬ ‫مــن خاللهــا «الــدب الــرويس» تفعيــل منصــة‬ ‫عودتــه القطبيــة‪ ،‬ولــو بحــدود ضيقــة‪،‬‬ ‫يتحصــل عربهــا عــى دور أكــر فاعلية‪ ،‬وأشــد‬ ‫اهتاممــاً داخــل مربــع القطبيــة األمريكيــة‬ ‫املهيمــن‪ ،‬واألوحــد‪ ،‬والــذي يحــاول الــروس‬ ‫جاهديــن إىل إحــداث ممــر آمــنٍ لتطلعاتهــم‬ ‫اإلســراتيجية يف جــدار القطبيــة الصلــد‬ ‫الــذي أشــادته الواليــات املتحــدة األمريكيــة‬ ‫وفــق لعبــة التفاهــات‪ ،‬واقتســام األدوار‬ ‫املركبــة داخــل امللــف الســوري املشــتعل‪،‬‬ ‫وملفــات أخــرى عديــدة‪ ،‬إضافــة إىل محاولــة‬ ‫حثيثــة‪ ،‬وأساســية يُقـ ِـدم عليهــا الــدب الرويس‬ ‫بـراوة الفتــة مــن أجــل إحــداث خلخلــة يف‬ ‫مواقــف األجنــدات الراعيــة للحــرب الســورية‬ ‫عســكرياً‪ ،‬وسياســياً مبــا يتفــق ويقــارب‬ ‫الحــدود اآلمنــة التــي رســمتها الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة بحذاقــة «براغامتيــة»‬ ‫تتطلــع مــن خاللهــا إنجــاز واحــدة مــن‬ ‫أصعــب مراحــل إســراتيجيتها الهدامــة التــي‬ ‫عكفــت عــى تحقيهــا منــذ غزوهــا للع ـراق‬ ‫وخروجهــا منــه دون االلتفــات ملــا خلفتــه‬ ‫مــن كــوارث انعكســت بصــورة مدمــرة‬ ‫عــى التحــوالت الجاريــة يف الثــورة الســورية‬ ‫بصــورة خاصــة‪ ،‬وشــجعت العديــد مــن‬ ‫الــدول اإلقليميــة عــى تفعيــل أجنداتهــا‬ ‫ومصالحهــا اإلســراتيجية املختلفــة‪.‬‬


‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫بل هي ذرا ٌع روسيّة‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫القــول بــأن الثــورة الســورية مت ـ ّر بأخطــر مراحلهــا‬ ‫إنشــايئ فقــط‪ ،‬ذلــك أن جميــع املراحــل التــي قطعتهــا‬ ‫الثــورة يف ســورية كانــت خطــرة عــى كافــة األصعــدة‬ ‫منــذ بدايتهــا الســلمية التــي واجهــت فيهــا رصــاص‬ ‫النظــام املجــرم بالصــدور العاريــة اىل مرحلــة عســكرتها‬ ‫التــي خ ُِطفــت فيهــا وتغـ ّـرت أجندتهــا لتخــد َم مشــاريع‬ ‫ال تنتمــي إىل مطالــب الشــعب األوىل يف الحريــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬واســتخدم خاطفوهــا الشــعب وشــعاراته‬ ‫النبيلــة وســيلة لخدمــة تلــك املشــاريع غــر عابئــن بــه‬ ‫وبعذاباتــه حتــى وصــل األمــر إىل املرحلــة الداعشــية‪،‬‬ ‫رب مــن مداخــات مؤمتــر الريــاض‬ ‫ودليــل ذلــك مــا تـ ّ‬ ‫حــول تضمــن بيــان املؤمتــر عبــارات مثــل مدنيــة الدولة‬ ‫وتعدديتهــا وســلطة القانــون فيهــا‪ .‬ودليــل ذلــك أيض ـاً‬ ‫رفــض جبهــة النــرة ّ‬ ‫فــك ارتباطهــا بالقاعــدة‪ ،‬رغــم‬ ‫التصنيــف اإلرهــايب لألخــرة ثــم لــأوىل بالتبعيــة مــع أن‬ ‫أغلــب منتســبيها ســوريون‪ ،‬وأن األجانــب يف صفوفهــا‬ ‫قليلــون كــا هــو شــائع عنهــا‪ ،‬ولعـ ّـل مــا واجهتــه الثــورة‬ ‫وتواجهــه مــن قــوى خارجــة عنهــا يقـ ّـل عـ ّـا واجهتــه‬ ‫وتواجهــه مــن قــوى داخلــة فيهــا ومحســوبة عليهــا‪،‬‬ ‫وليــس هيثــم منــاع وال مــن معــه وال أجهــزة املخابـرات‬ ‫القــذرة التــي تقــف وراءهــم وتُ ــي عليهــم املواقــف‬ ‫املشــينة التــي يتخذونهــا الســبب الوحيــد وراء ذلــك‪،‬‬ ‫وهــو مــا تكشــفه األحــداث يف كل يــوم ميــر عليهــا مــا‬ ‫ميكــن وضعــه يف خانــة املضحــك املبــي‪.‬‬ ‫ولقــد كنــا نقــول دامئ ـاً إن مواقــف الــدول «الصديقــة»‬ ‫للشــعب الســوري مل تكــن تزيــد عــى إبــداء التأييــد‬ ‫اللفظــي امل ُزيّــت بــدوالرات ال تــر ّد شـ ّد َة بــر ٍد وال ِحـ ّد َة‬ ‫جــوع‪ .‬واملواقــف السياســية الفارغــة التــي ال تأثــر‬ ‫لهــا باملقارنــة مــع مواقــف أصدقــاء النظــام الســوري‪،‬‬ ‫فإي ـران نزلــت بحرســها الثــوري وامليليشــيات الطائفيــة‬ ‫التابعــة لهــا عــى األرض التــي أحرقتهــا روســيا بطائراتهــا‬

‫ـري تغي ـرا ً دميغرافي ـاً‬ ‫وصواريخهــا‪ ،‬لتتم ّكــن منهــا ولتجـ َ‬ ‫يخــدم مصالحهــا مبباركــة مــن األمــم املتحــدة التــي‬ ‫نســيت ميثاقهــا‪ ،‬ومــن الواليــات املتحــدة التــي نســيت‬ ‫ق َيمهــا‪ ،‬فيــا تكتفــي فرنســا وهــي األعــى صوتــاً يف‬ ‫مجموعــة «االصدقــاء» بطلــب ّ‬ ‫فــك الحصــار عــن‬ ‫مضايــا‪ ،‬ومــاذا عــن املــدن األخــرى؟ ومــاذا عــن أســاس‬ ‫املأســاة التــي يعيشــها شــعبنا منــذ خمــس ســنوات؟‬ ‫كل مســؤولية أخالقيــة وسياســية‬ ‫جوابــه‪ ،‬وللهــروب مــن ّ‬ ‫أن ذلــك مــروك للمفاوضــات بــن الطرفــن‪ ،‬التــي يقــول‬ ‫ظــل‬ ‫املــي فيهــا صعــب يف ّ‬ ‫منســقها‪ :‬إن قــرار‬ ‫عنهــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫هــذه الظــروف‪ .‬نعــم إنــه صعــب‪ ،‬وقــد كان األجــدى‬ ‫االّ تدخــل يف فــخ املوافقــة عليهــا دون الضامنــات‬ ‫التــي تطالــب بهــا اآلن‪ ،‬والتــي ال يبــدو أ ّن أحــدا ً يفكــر‬ ‫يف االســتجابة لهــا بــل عــى العكــس‪ ،‬فســفري أمريــكا‬ ‫الســابق يف دمشــق يطالــب املعارضــة بــأن تعيــد التفكري‬ ‫بـ»اشـراطاتها»‪ ،‬ومــن هنــا صعوبــة اتخــاذ القـرار فيهــا‪.‬‬ ‫يقــول ريــاض حجــاب منســق املفاوضــات‪« :‬إن أمــركا‬ ‫غــرت موقفهــا إرضــا ًء لروســيا‪ ،‬وأن التاريــخ لــن‬ ‫ّ‬ ‫يغفــر ألوبامــا ذلــك»‪ ،‬نعــم إنــه لــن يغفــر لــه ذلــك‪،‬‬ ‫ولكنــه أيضـاً لــن يغفــر الفهــم الســقيم ملواقــف اإلدارة‬ ‫تغــر يومــاً موقفهــا‬ ‫األمريكيــة أيضــاً‪ ،‬فهــذه اإلدارة مل ّ‬ ‫املعــادي للشــعب الســوري وللثــورة الســورية عمــاً‪،‬‬ ‫واملنــارص لهــا لفظـاً‪ ،‬واملعــادي للنظــام الســوري لفظـاً‪،‬‬ ‫والداعــم لــه عم ـاً‪ ،‬وأحيان ـاً حتــى لفظ ـاً‪ ،‬واألدلّــة عــى‬ ‫ذلــك كثــرة يطــول وال يصعــب إحصاؤهــا‪ ،‬وأحدهــا‬ ‫ترصيــح للناطــق بلســان الخارجيــة األمريكيــة‬ ‫فقــط‬ ‫ٌ‬ ‫مؤخــرا ً يقــول فيــه ردا ً عــى ترسيبــات صحفيــة‪:‬‬ ‫«إن تحديــد موعــد لرحيــل األســد ليــس يف خططنــا‬ ‫وإنــه يجــب اإلبقــاء عــى الجيــش الســوري وأجهزتــه‬ ‫األمنيــة»‪ ،‬ونضــع خطــاً تحــت أجهزتــه األمنيــة التــي‬ ‫دفعنــا نصــف مليــون شــهيد وأضعــاف ذلــك مــن‬ ‫شــعب ُمه ّجــر ونصــف‬ ‫الجرحــى واملعوقــن‪ ،‬ونصــف‬ ‫ٍ‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫بلـ ٍـد ُمد ّمــر مثنـاً للتخلّــص مــن نــر هــذه األجهــزة التــي‬ ‫ـي عليهــا‪ .‬ال‪ ،‬مل تغـ ّـر‬ ‫تريــد اإلدارة االمريكيــة منــا أن نُبقـ َ‬ ‫اإلدارة األمريكيــة موقفهــا‪ ،‬وإمنــا هــي ببســاطة ووضــوح‬ ‫شــديدين‪ ،‬تقتــل الشــعب الســوري‪ ،‬وتــرب ثورتــه‪،‬‬ ‫وتدعــم داعــش بــذراع روســية‪ ،‬ودليــل ذلــك منعهــا‬ ‫وصــول الســاح الف ّعــال إىل قــوى الثــورة حتــى اآلن‪،‬‬ ‫ودليــل ذلــك التنســيق الــرويس اإلرسائيــي العمليــايت يف‬ ‫األجــواء الســورية‪.‬‬ ‫هــذا –فيــا أرى– هــو الفهــم الصحيــح ملوقــف اإلدارة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬وتبعيــاً ملواقــف كل «أصدقــاء» الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬الــذي يجــب مــن خاللــه وضــع اس ـراتيجية‬ ‫املعارضــة يف مواجهــة النظــام يف ميــدان الســاح‪ ،‬ويف‬ ‫ميــدان املفاوضــات‪ .‬يجــب أن توضــع اإلصبــع يف‬ ‫عــن اإلدارة األمريكيــة ويف أعــن «أصدقــاء» الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬وحتــى يف أعــن أشــقائه الذيــن يبــدو أنهــم‬ ‫مــا زالــوا ال يعرفــون حــدود مقدراتهــم‪ ،‬أو يعرفونهــا‬ ‫ولكنهــم يختبئــون خلــف أصابعهــم‪ ،‬تلــك الحــدود‬ ‫التــي كشــفها الناطــق باســم جيــش اإلســام يف بيــان‬ ‫لــه قــال فيــه‪« :‬إن أفضــل طريقــة إلجبــار النظــام‬ ‫عــى القبــول بالحــل واحرتامــه‪ ،‬هــو الســاح للــدول‬ ‫الشــقيقة بتزويــد الثــوار بصواريــخ مضــادة للطائـرات»‪،‬‬ ‫مــع تذكرينــا بترصيــح وزيــر الخارجيــة الســعودي حــول‬ ‫إجبــار االســد عــى اختيــار طريــق الرحيــل إمــا بالحــل‬ ‫الســيايس أو بالحــل العســكري‪.‬‬ ‫لقــد قلنــا يف مقــال ســابق إن املعارضــة ســتواجه‬ ‫ضغوطــاً لتقديــم تنــازالت‪ ،‬وهــذه الضغــوط بــدأت‬ ‫وســوف تســتمر‪ ،‬وســوف تجــري املفاوضــات إن قُ ّدمــت‬ ‫التنــازالت‪ ،‬وإن مل يكــن ذلــك فلــن تجــري‪ ،‬وهــي يف‬ ‫الحالتــن كارثــة ميكــن الخــروج منهــا أو تالفيهــا بإعــادة‬ ‫النظــر يف اســراتيجية املعارضــة وإعــادة رســمها عــى‬ ‫كل الحقائــق التــي ال يراهــا إال مــن ختــم اللــه‬ ‫ضــوء ّ‬ ‫عــى قلبــه‪ ،‬وســمعه‪ ،‬وجعــل عــى بــره غشــاوة‪.‬‬

‫ه��ل انتقلت س��وريا م��ن حالة رهان املس��تقبل إىل حاج��ة احلاضر ل��دى الصينيني‬ ‫رعد أطلي‬ ‫ُعتــر الثــورة الســورية هــي الحــدث التاريخــي‬ ‫ت َ‬ ‫الــذي نقــل الصينيــن مــن سياســتهم التــي تعتمــد النــأي‬ ‫عــن أي مشــاكل ال تهــدد مصالــح الصــن املبــارشة أو‬ ‫تقــع خــارج الفضــاء الجيوســيايس لهــا إىل سياســة أكــر‬ ‫توغــاً يف األزمــات الخارجــة عــن النطــاق الســابق‪،‬‬ ‫فقــد اســتخدمت الصــن الفيتــو عــام ‪ 2011‬ضــد ق ـرار‬ ‫يديــن نظــام األســد حينهــا ويجعلــه معرضـاً للعقوبــات‪،‬‬ ‫وعــادت واســتخدمت حــق الفيتــو ثــاث مــرات يف‬ ‫امللــف الســوري لصالــح األســد‪ ،‬ومل تكتـ ِ‬ ‫ـف الصــن بذلك‪،‬‬ ‫وإمنــا كان هنــاك أكــر مــن زيــارة رســمية ملمثلــن عــن‬ ‫الحكومــة الصينيــة إىل دمشــق‪ ،‬وســعي إليجــاد حــل‬ ‫يتناســب مــع الرؤيــة الصينيــة مــن دعــوة للحــوار‬ ‫الوطنــي يف ســوريا إىل تقديــم مبــادرة النقــاط الســت‬ ‫إليقــاف إطــاق النــار‪ ،‬ودعــم مــروع القـرار الــرويس يف‬ ‫مجلــس األمــن‪ ،‬ولكــن هــل هــذا التعاطــي مــع امللــف‬ ‫الســوري ناتــج عــن دعــم الحليــف االسـراتيجي الــرويس‬ ‫والتناغــم معــه يف الدعــوة إىل عــامل متعــدد األقطــاب‪ ،‬أم‬ ‫أن لســوريا مكانــة معينــة عنــد الصــن تضعهــا يف نطــاق‬ ‫حاميــة املصالــح املبــارشة للصينيــن؟‪.‬‬ ‫إن العالقــات الدبلوماســية الصينيــة الســورية قــد بــدأت‬ ‫منــذ منتصــف العقــد الخمســيني يف القــرن الســابق‪ ،‬ومل‬ ‫تنقطــع مــن حينهــا‪ ،‬وتــرى الصــن يف نفســها صديقــاً‬ ‫طبيعي ـاً للعــرب‪ ،‬لكــن تلــك العالقــات مل تأخــذ أبعــادا ً‬ ‫أكــر انســجاماً بســبب الحليــف االســراتيجي لســوريا‬ ‫حينهــا املتمثــل باالتحــاد الســوفييتي الــذي كان عــى‬ ‫خــاف مســتمر مــع الصــن منــذ بدايــات الســتينات‪،‬‬ ‫وبعــد ســقوط االتحــاد الســوفييتي عــام ‪ 1990‬بــدأت‬ ‫العالقــات تتخــذ ســلامً بيانيـاً متصاعــدا ً‪ ،‬وباعــت الصــن‬ ‫يف أواســط التســعينات ســوريا مئــة وخمســن صــاروخ‬ ‫أرض أرض مضــاد للدبابــات رغــم القيــود التــي فرضتهــا‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة عــى تصديــر الســاح إىل‬ ‫ســوريا حينهــا‪ ،‬وأخــذت العالقــات شــكالً أكــر متانــة‬

‫بعــد زيــارة قــام بهــا الديكتاتــور بشــار األســد إىل بكــن‬ ‫عــام ‪ 2004‬عــى رأس وفــد حكومــي ضخــم‪ ،‬ومنــذ‬ ‫بدايــة الثــورة كان للصــن موقفهــا الواضــح يف الوقــوف‬ ‫إىل جانــب نظــام األســد ضــد إرادة الشــعب الســوري‬ ‫يف نيــل حريتــه وكرامتــه‪ ،‬وتتميــز الصــن بالرباغامتيــة‪،‬‬ ‫وتقاطــع البعــد اإليديولوجــي مــع املصالــح يف السياســة‬ ‫الخارجيــة الصينيــة‪ ،‬وتــرى يف التقــارب اإليديولوجــي بني‬ ‫نظامــي الحزبــن الحاكمــن البعــث والشــيوعي الصينــي‬ ‫والشــكل الســلطوي يف البلديــن املتمثــل يف سياســة‬ ‫الحــزب الواحــد عام ـاً مــن أهــم عوامــل التقــارب بــن‬ ‫النظامــن الحاكمــن‪ ،‬ويعتــر هــذا الشــكل الســلطوي‬ ‫عقــدة رئيســية تقــوي مــن أوارص العالقــات بــن النظــام‬ ‫ـأس الخــاف بــن الصــن واالتحــاد‬ ‫الصينــي والســوري‪ ،‬فـ ُّ‬ ‫الســوفييتي والقطيعــة العقائديــة بينهــا عــام ‪1960‬‬ ‫كان يف تبنــي الحــزب الشــيوعي الســوفييتي سياســة‬ ‫فضــح وإدانــة عبــادة شــخصية ســتالني‪ ،‬األمــر الــذي أثار‬ ‫حفيظــة مــاو تــي يونــغ الــذي حكــم الصــن والحــزب‬ ‫الشــيوعي الصينــي بنفــس الطريقــة‪ ،‬مــن خــال هــذا‬ ‫نــرى أهميــة البنيــة الســلطوية بالنســبة للصينيــن‪.‬‬ ‫تخــى الصــن مــن أن يــؤول ســقوط األســد إىل ظهــور‬ ‫حكومــة جديــدة بعيــدة إيديولوجي ـاً عنهــا‪ ،‬وأقــرب يف‬ ‫سياســاتها للغــرب‪ ،‬ولكــن ورغــم اعرتاضهــا عــى مــا‬ ‫حصــل مــن تدخــل يف ليبيــا إال أنهــا مل تســتخدم حــق‬ ‫الفيتــو ضــد ق ـرار التدخــل العســكري يف ليبيــا‪ ،‬فلــاذا‬ ‫يف ســوريا؟‬ ‫يــرى باحثــون صينيــون يف ســوريا اســتثنا ًء إيديولوجي ـاً‬ ‫مقربــاً منهــم يف منطقــة الــرق األوســط‪ ،‬وموقعــاً‬ ‫جيوسياســياً مه ـاً يجعــل مــن ســوريا عن ـرا ً أساســياً‬ ‫يف معــادالت الــرق األوســط‪ ،‬وتعتــر ســوريا هــي رهان‬ ‫املســتقبل يف الــدور الــذي تســعى الصــن للعبــه يف‬ ‫الــرق األوســط‪ ،‬الــذي بــدأت تحــاول أن تجــد نقــاط‬ ‫ارتــكاز لهــا فيــه مــن أجــل إمدادهــا مبصــادر الطاقــة‬ ‫التــي تحتاجهــا بشــكل متزايــد مــع التطــور الصناعــي‬

‫‪7‬‬

‫الــذي تشــهده‪ ،‬كــا تراهــا بوابــة لتصديــر بضائعهــا‬ ‫املصنعــة جزئيــاً أو كليــاً يف ســوريا إىل أوروبــا‪ ،‬حيــث‬ ‫تعــادل كلفــة النقــل البحــري مــن ســوريا إىل أوروبــا‬ ‫مــا يقــارب ربــع مــا تكلفــه مــن الصــن إىل هنــاك‪ ،‬وقــد‬ ‫بــدأت بتنفيــذ هــذا املــروع عــن طريــق مدينــة عــدرا‬ ‫الصناعيــة التــي كانــت تصــدر مــن خاللهــا مــا يقــارب‬ ‫مئتــي رشكــة صينيــة منتجاتهــا إىل دول عديــدة يف‬ ‫الــرق األوســط ودول رشق أوروبــا‪.‬‬ ‫إن أهميــة املوقــع الجيوســيايس لســوريا دفــع الــروس‬ ‫إىل التدخــل بكافــة أشــكاله والتــي ت ّوجهــا بالتدخــل‬ ‫العســكري لحاميــة النظــام الســوري‪ ،‬فهــل ســيكون‬ ‫عــام ‪ 2016‬عــام التدخــل العســكري الصينــي يف ســوريا؟‬ ‫خاصــة أن الصــن الضعيفــة مبصــادر طاقتهــا مقارنــة مــع‬ ‫روســيا‪ ،‬واألقــرب إيديولوجي ـاً وتنظيمي ـاً لنظــام الحــزب‬ ‫املتســلط عــى ســوريا اليــوم تبحــث عــن مرتكــز رئيــي‬ ‫لهــا يشــكل بوابــة لدخــول الــرق األوســط‪ ،‬ويــأيت ذلــك‬ ‫أيض ـاً يف ظــل سياســة اس ـراتيجية جديــدة أعلــن عنهــا‬ ‫الرئيــس األمريــي بــاراك أوبامــا يف التوجــه إىل املحيــط‬ ‫الهــادئ وآســيا‪ ،‬أي الفضــاء الجيوســيايس لإلمرباطوريــة‬ ‫الصينيــة الناشــئة‪.‬‬ ‫يحمــل هــذا التســاؤل مرشوعيتــه مــن خــال التغــر‬ ‫الكبــر الــذي أحدثتــه الثــورة الســورية يف التعاطــي‬ ‫الصينــي مــع السياســة الدوليــة‪ ،‬ويف ظــل قانــون‬ ‫مكافحــة اإلرهــاب الجديــد الــذي يخــ ّول جيــش‬ ‫التحريــر الشــعبي الصينــي بالقيــام مبهــام خــارج‬ ‫األرايض الصينيــة‪ ،‬ووجــود العديــد مــن الصينيــن الذيــن‬ ‫يقاتلــون يف صفــوف تنظيــم الدولــة اإلرهــايب يف ســوريا‬ ‫والعــراق‪ ،‬فهــل تتحــول ســوريا مــن رهــان املســتقبل‬ ‫لــدى الصينيــن إىل حاجــة الحــارض؟ ويشــهد عــام ‪2016‬‬ ‫أقــدام جنــود صينيــن تــأيت لحاميــة الديكتاتــور وارتكاب‬ ‫املجــازر بحــق الســوريني كــا ســبقها الــروس الحلفــاء‬ ‫االســراتيجيون‪ ،‬أم أن العالقــات العربيــة الصينيــة قــد‬ ‫تلجــم األخــرة عــن هــذه الخطــوة؟!‪.‬‬

‫االنتح��ار السياس��ي‬ ‫غسان المفلح‬ ‫(ملــاذا ال يفجــر علــوي مــن جامعــة األســد أو شــيعي مــن جامعــة‬ ‫حــزب اللــه نفســه باســتنبول أو باريــس؟ ســؤال لبتــوع الثقافــة‬ ‫والتنظــر‪ ،‬ولإلســاميني أيض ـاً)‪ .‬نــرت هــذا البوســت عــى صفحتــي‬ ‫عــى الفيســبوك‪ .‬شــاركني بعــض األصدقــاء يف تعليقاتهــم املفيــدة‪،‬‬ ‫محاولــة لإلجابــة عــن الســؤال‪ .‬امللفــت للنظــر يف املوضــوع أن كل‬ ‫اإلجابــات تركــزت عــى الجانــب الثقــايف‪ .‬ثقافــة االنتحــاري اإلرهــايب‬ ‫الــذي يفجــر نفســه يف املدنيــن‪ .‬علــا أن كل االحــداث التــي مــرت‬ ‫باملنطقــة والعــامل‪ ،‬تشــر إىل أن أيــة عمليــة إرهابيــة‪ ،‬تتــم وفقـاً لقـرار‬ ‫ســيايس مــن جهــة مــا‪ .‬مل تتــم أيــة عمليــة انتحاريــة جــراء وجــود‬ ‫ثقافــة تؤمــن بقتــل املدنيــن يف أي جــزء مــن العــامل‪ .‬طبعــاً املتتبــع‬ ‫هنــا إلعــادة املوضــوع للعامــل الثقــايف‪ ،‬الــذي يريــد أن يقــول لنــا‪ :‬إن‬ ‫االنتحــار الســيايس يف قتــل املدنيــن‪ ،‬هــو ح ـرا ً عمــن يحمــل ثقافــة‬ ‫املســلم الســني عموم ـاً والعــريب خصوص ـاً‪ .‬العلويــون الذيــن يقفــون‬ ‫مــع األســد عــى الـراء والـراء‪ ،‬هــؤالء قرارهــم الســيايس بيــد األســد‬ ‫شــخصياً‪ .‬الشــيعة املوالــون إلي ـران أيض ـاً قرارهــم الســيايس يف طه ـران‬ ‫كحــزب اللــه مثـاً‪ .‬الــذي مــارس العمليــات االنتحاريــة يف لبنــان وعــى‬ ‫مواطنــي بلــده املدنيــن منــذ تأسيســه‪ ،‬ومــارس خطــف املدنيــن‬ ‫مــن كل الجنســيات يف تلــك اللحظــة‪ .‬قتــل املدنيــن معــروف يف أي‬ ‫حــرب هــو تعديــل مليـزان قــوى حــريب‪ .‬الــدول التــي خاضــت حــروب‬ ‫قتلــت مدنيــن لــدى دول أخــرى‪ .‬األســد قتــل أكــر مــن ‪ 300‬ألــف‬ ‫مــدين ســوري‪ .‬إي ـران شــاركته بذلــك‪ ،‬اآلن الط ـران الــرويس البوتينــي‬ ‫يقتــل املدنيــن يف حــوران وإدلــب وحلــب وريــف الالذقيــة‪ .‬العلــوي‬ ‫أو الشــيعي املســاند لألســد ق ـراره بيــد األســد وخامنئــي‪ .‬يتوفــر لهــم‬ ‫مرتزقــة القاعــدة والســلفية الجهاديــة كتيــار ســيايس بالدرجــة األوىل‪.‬‬ ‫يرســلونهم ليفجــروا أنفســهم يف الــدول التــي وقفــت ضــد األســد‪ .‬مثــال‬ ‫جرميتــا فرنســا وتركيــا‪ .‬يف ســورية هنالــك ثــورة شــعب أراد حريتــه‬ ‫وكرامتــه‪ ،‬فحــول أوبامــا األمــر لشــعب يقتــل مــن كل األطـراف الدوليــة‬ ‫الداعمــة لنظــام األســد‪ ،‬أو التــي مــن مصلحتهــا تزمــن املقتلة الســورية‪.‬‬ ‫لهــذا نجــد مثـاً أن حــزب العــال الكردســتاين مثـاً مــارس العمليــات‬ ‫االنتحاريــة يف تركيــا‪ .‬لكــن ال أحــد يــأيت عــى ذكــر أن ثقافتــه هــي التــي‬ ‫مارســت هــذه األعــال بــل قـراره الســيايس‪ .‬الســؤال اآلن‪ :‬مــا مصلحــة‬ ‫الشــعب الســوري والثــورة الســورية يف التفجـرات االنتحاريــة املجرمــة‬ ‫يف باريــس واســتنبول؟ مهــا حاولنــا البحــث يف اإلجابــات نــرى‪ ،‬أن‬ ‫الطــرف الوحيــد الــذي لــه مصلحــة يف هــذه التفجــرات هــو نظــام‬ ‫األســد واملافيــا الروســية الحاكمــة وعصابــة طه ـران‪ .‬مهــا حولنــا أن‬ ‫نبحــث يف دالالت الجرميتــن أو أســبابهام‪ ،‬نجدهــا يف النهايــة تصبــان‬ ‫يف مصلحــة األســد‪ .‬أيــة عمليــة انتحاريــة تحتــاج إىل متويــل وتخطيــط‬ ‫هــدف ســيايس يـراد تحقيقــه‪ .‬كنــت كتبــت مقــاالً عــن جرميــة باريــس‬ ‫تحدثــت فيهــا عــن هــذه القضيــة بتفصيــل شــديد‪ .‬مــرة تلــو املــرة‬ ‫نكــرر أســطوانتنا‪ ،‬عــى فــرض أن هنالــك مجموعــة مــن األفـراد لديهــم‬ ‫قناعــات بتفجــر أنفســهم باملدنيــن يف بلدهــم أو يف بلــد أخــرى‪ ،‬هــل‬ ‫ميكنهــم ذلــك يف هــذا الزمــن دون‪ ،‬جهــة راعيــة؟ راعيــة بــكل مــا تعنــي‬ ‫هــذه الكلمــة مــن معنــى‪ .‬ال يـزال ميشــال ســاحة الوزيــر اللبنــاين يف‬ ‫الســجن ج ـراء إلقــاء القبــض عليــه‪ ،‬بإدخــال أمــوال طائلــة وعبــوات‬ ‫متفجــرة لتفجريهــا يف مدينــة طرابلــس‪ ،‬بتعليــات مــن عــي مملــوك‬ ‫واألســد كــا أكــدت ذلــك اعرتافاتــه نفســها‪ .‬هــل ميشــال ســاحة‬ ‫مســلم ســني مثــاً؟ الوزيــر حكــم عليــه بالســجن أربــع ســنوات‪،‬‬ ‫واإلعــام الغــريب مل يهتــم كث ـرا ً بقضيتــه‪ ،‬ألن توجــه هــذا اإلعــام هــو‬ ‫عــى اإلســام الســني‪ .‬عل ـاً أن القضيــة مثبتــه صوت ـاً وصــورة وأدلــة‪،‬‬ ‫واعرتافــاً واضحــاً مــن قبــل املجــرم ميشــال ســاحة‪ .‬هنالــك قــرار‬ ‫دويل عميــق بشــيطنة صــورة الضحيــة الراهنــة‪ ،‬هنــا املســلم الســني‪.‬‬ ‫ال أطــرح هــذه القضيــة للحديــث عــن املظلوميــة الســنية أو غريهــا‬ ‫وال لتأســيس هــذا املنطــق‪ .‬لكــن هــذا مــا نشــاهده يومي ـاً يف اإلعــام‬ ‫الغــريب‪ .‬إنهــا إدارة املعركــة ضــد شــعوب مضطهــدة‪ ،‬مراقبــة نفطيــاً‬ ‫وإرسائيلي ـاً‪ .‬ممنــوع عليهــا الحريــة والكرامــة‪ .‬مــن جهــة أخــرى رغــم‬ ‫كل هــذه الصــورة تســتقبل دول أوروبــا الجئــن منهــم‪ .‬ألنهــم يدركــون‬ ‫أن الق ـرار االنتحــاري اإلرهــايب هــو ق ـرار دول وســلطات ســوداء‪ .‬هــذا‬ ‫ال يعنــي أال نشــهد يف مرحلــة قادمــة إرهابــا علويـاً!! أو شــيعياً!!‪ .‬لكــن‬ ‫اآلن الــدورة املصلحيــة سياســياً تقتــي تجريــم طــرف آخر‪ .‬اإلســاميون‬ ‫السياســيون ال يزالــوا ال يدركــون هــذه املعضلــة التــي وضعــت فيهــا‬ ‫شــعوبنا‪ .‬عليهــم أن يواجهــوا أنفســهم وقناعاتهــم‪ ،‬وهــم يعيشــون بــن‬ ‫شــعوبا تريــد الحيــاة الدنيــا ال اآلخــرة‪ .‬هــذا املبحــث يقودنــا أيضــاً‬ ‫إىل املســألة الطائفيــة‪ ،‬التــي هــي أيضــاً سياســية بامتيــاز ومصالــح‬ ‫تقــف خلــف تطييــف كل ح ـراك ضــد الســلطة املجرمــة األســدية أو‬ ‫اإليرانيــة أو غريهــا مــن الســلطات املســتبدة‪ ..‬القاعــدة تنظيــم ســيايس‬ ‫دنيــوي كغريهــا مــن التنظيــات‪ ،‬تدعمهــا دول وقرارهــا أيضـاً مرتبــط‬ ‫بســلطات دوليــة ورشق أوســطية‪ .‬أمــا قضيــة التحــدث باســم اللــه‬ ‫فهــذه أكــر كذبــة يف التاريــخ اإلســامي‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ملحمة اجلوع‬ ‫‪1‬‬ ‫***‬ ‫سة الحياة‬ ‫ُّ‬ ‫لقمة خ ُبزٍ‪ ،‬أو حبل مشيمة‬ ‫ليتهم ميتلكون آله ًة عتيق ًة من مت ٍر‬ ‫رس‪..‬‬ ‫فيقتاتونها بال ِّ‬ ‫‪2‬‬ ‫***‬ ‫أثلج السام َء بردا ً‪ ،‬وجوعاً‪ ،‬وجحودنا‬ ‫َ‬ ‫أال يوجــ ُد يف حقــو ِل الغيــمِ مســاكب ريّانــة‬ ‫تُ ِطــ ُر‪:‬‬ ‫فومها‪ ،‬وعدسها‪ ،‬وقثائها‪.....‬‬ ‫امل ّن والسلوى سيكون عىل مائد ِة اإلفطا ِر‬ ‫ماذا عن الغدا ِء‪ ،‬والعشاء‬ ‫ونحــ ُن دفعنــا ذهبنــا للســامري وجحافلــه‬ ‫ر‬ ‫ليوزعوهــا عــى جيــا ِع البــ ِ‬ ‫وتناهبت اللحى كل األرغفة‬ ‫ِ‬ ‫وصار عندنا ألف عجلٍ من روث البق ِر‬ ‫لهم مناب َر‪ِ ،‬‬ ‫وخوا ٍر‬ ‫‪3‬‬ ‫***‬ ‫كم هي ثقيلة روحي يا الله‬ ‫اآلن أسكر بخمر الجو ِع‬ ‫ِ‬ ‫للخالص‪ ،‬مع الطريِ‬ ‫فأرتقي ُسلامً وهمياً‬ ‫أسق ُط ُمنكبّاً عىل وجهي من أوزاري‬ ‫حني يتق ّدم صويب رغيفاً ُمتج ِّهامً‬ ‫من توقِ فمي األدر ِد‬ ‫أدركت اآلن متاماً ملاذا تُحل ُِّق الطيور‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يف حوصلتها حبة حنطة‬ ‫يحمل األجنحة‬ ‫وحل ٌم ُ‬ ‫وحدها العصاف ُري تركت أدران ‪ -‬األنا‬ ‫يف الرباري‬ ‫وحدهم من نسيوا أناهم‬ ‫رسموا بأرواحهم بح َر الغيومِ يف السام ِء‬ ‫الرب‬ ‫ورمبا رسموا مالمح ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الربوق‬ ‫تصطدم‬ ‫ِ‬ ‫فتُ ِ‬ ‫مط ُر الحياة من خضّ مِ شغفهم‬ ‫ونح ُن هنا مغروس ٌة أقدامنا يف وحلِ‬ ‫الوجو ِد‬

‫‪4‬‬ ‫***‬ ‫رمبا الله وحد ُه يف ِخضّ مِ السام ِء‪:‬‬ ‫من ِ‬ ‫بعض تخيلنا‬ ‫رفيف أجنح ِة الفر ِ‬ ‫أرا ُه من ِ‬ ‫اشات‬ ‫ِ‬ ‫ووريقــات الــور ِد‪ ،‬و ِم ّمــن ال يُطعمــون يف‬ ‫ا ملســغب ِة‬ ‫واألروا ِح الهامئ ِة والطيور‬ ‫َ‬ ‫وأطياف األنقياء ُم ّذ خلقها‬ ‫ِ‬ ‫تهف فوقنا مع مالئكة الطُهرِ‪...‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪5‬‬ ‫***‬ ‫املغيب‬ ‫يؤوب الرعا ُة عند‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أكفُّه ُم ِ‬ ‫تحتض ُن الخر ِ‬ ‫اف‬ ‫القلوب الباردة يف صدورِنا‬ ‫ُدفئ‬ ‫ت ُ‬ ‫َ‬ ‫هنــاك مــن يشــحذ ســكين ُه لينتقــم مــن خـر ِ‬ ‫اف‬ ‫ا لله‬ ‫وباسم ِه وحد ُه!‬ ‫نح ُن‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫قي ُء الحياة األبدية‬ ‫تترسب من بني األثايف‬ ‫حطب‬ ‫أدخن َة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وال ِقد ُر ُمرت ٌع بأشال ِء أطفالنا‬ ‫اللصوص ‪ -‬ال ُرعا ُة‬ ‫يأكل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـح دموعنــا عــن أحذيتهــم يك ال تفق ـ َد‬ ‫ثــم منسـ ُ‬ ‫رونقهــا!‬ ‫‪6‬‬ ‫***‬ ‫أنثى‬ ‫ضاق جسدها‪ ،‬مل يعد يتسع لروحها‬ ‫ولِدت يتيم ًة كاألنبيا ِء‪:‬‬ ‫من أبوين منسيني‬ ‫ـت هــوايئ بــا سـ ٍ‬ ‫يف بيـ ٍ‬ ‫ـقف‪ ،‬بــا جــدرانٍ ‪ ،‬بــا‬ ‫أســيج ٍة بوجــ ِه العابريــن‬ ‫تهب جفناتها عامر ًة‬ ‫ُ‬ ‫وتتسول طعامها عىل سبيلِ الربا‬

‫‪11‬‬ ‫***‬ ‫رش‬ ‫بالب‬ ‫ازدحمت‬ ‫كلام‬ ‫حويل‪،‬‬ ‫فارغة‬ ‫الدروب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪7‬‬ ‫ال وط َن يل‪....‬‬ ‫***‬ ‫جموعنا الكاذبة‪ ،‬واملقاب ُر‪ ،‬كلها تبيك‬ ‫اللُقطاء‪:‬‬ ‫الفرح بها باستقبا ِل‪:‬‬ ‫ضج ُ‬ ‫كلام ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫و ِجــدوا أمــام مســجد‪ ،‬كنيســة‪ ،‬مــزا ٍر حديــث طفلٍ جائعٍ‪.‬‬ ‫نعمــة‬ ‫كلــا جاءتهــا جنــاز ٌة رسيّــة ألنثــى أنزلــت‬ ‫أو يف معد ِة حاوية قُاممة‬ ‫رسا ً‬ ‫تِكّتهــا‪ّ ،‬‬ ‫الغض‬ ‫َت‬ ‫الكالب لحم ُه ّ‬ ‫أنِف ْ‬ ‫ُ‬ ‫لِتُط ِع َم صغارها‬ ‫أمك َن الغرباء أن يُنبِتوا منهم بهائ َم برشية‬ ‫ِ‬ ‫طعنوها بالخناجرِ‪ ،‬صوناً‬ ‫للرشف‬ ‫أمسوا يف العتم ِة‬ ‫‪12‬‬ ‫يبيعون لحو َم أطفال الله‬ ‫***‬ ‫خلقني الجوع من جديد‪...‬‬ ‫ويرثدون يف قاممة األممِ‬ ‫ِ‬ ‫بخبــث‬ ‫وليــس اللــه بخالــقٍ هــؤال َء الصامتــن‬ ‫تقول عشتار‪:‬‬ ‫سأسل ُط املوىت‪ ،‬عىل األحياء!‪ِ.‬‬ ‫ُمســتنقعٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ُمتح ّر ٍك‪ ،‬نهمٍ‬ ‫‪8‬‬ ‫سيبتل ُع وطني وأهلهُ‪ ،‬بعد قليل‪....‬‬ ‫***‬ ‫وتطفو عىل السط ِح فقاعاتُ الغرقى‬ ‫املنهوب‬ ‫ولدتُ يف منايف الشام ِل‬ ‫ِ‬ ‫تنطفــئ كذكــرى ُمضحكــة تتقيأهــا كامــراتُ‬ ‫ُ‬ ‫عيني‬ ‫سلبوا ضيا َء َ‬ ‫التصويــ ِر امل ُحرتفــ ِة‬ ‫املكذوب‬ ‫خلف تِال ِل التاري ِخ‬ ‫عزل ٌة َ‬ ‫ِ‬ ‫ورســ ٌم حديــثٌ لجــو ِع ال ُجغرافيــا النفطيــ ِة‬ ‫نأكل حكايات ِه من فمِ عجائِزنا‬ ‫ُ‬ ‫الســوداء‬ ‫الغروب‬ ‫عند شتاءاتنا بعد‬ ‫ِ‬ ‫بتوقِ‬ ‫الحروب النهمة القادمة‬ ‫ِ‬ ‫هربت‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫‪13‬‬ ‫صباحايت تتثا َء ُب‬ ‫***‬ ‫ومساءايت سيالً من األسئل ِة‬ ‫حافظت عىل قُبحي منذ البد ِء‬ ‫ُ‬ ‫الكروب‬ ‫ترميني يف إسا ِر‬ ‫ِ‬ ‫بدوي‪ ،‬غريباً‪ ،‬وحيدا ً‬ ‫ُمترش ٌد ٌ‬ ‫‪9‬‬ ‫املديح دمعتي‬ ‫يأكل ف ّخ‬ ‫ال ُ‬ ‫َ‬ ‫***‬ ‫عيني بابتسام ِة استهزا ٍء‬ ‫تطر ُِف َ‬ ‫ولِدوا يف ِ‬ ‫كنف التدينِ‬ ‫سا ً‪...‬‬ ‫من جال ٍد ُ‬ ‫يفتل يل الحبل بخبث ِه ِ ّ‬ ‫يف ِ‬ ‫لص‬ ‫يُعلٍّق ُه بالهال ِل بأوائلِ الشه ِر القمري‬ ‫كنف طاغي ٍة ‪ٍّ -‬‬ ‫يب روح ال ُرعا ِة‬ ‫تعالي َم السام ِء‪:‬‬ ‫والطيورِ‪ ،‬والوحوش‬ ‫وفق الطمو ِح‬ ‫كبري َة الخدمِ ‪ُ ،‬‬ ‫تعمل َ‬ ‫مل أسق ُط كامالً‪ ،‬يف ف ِّخ‬ ‫الفق ُر يف ِ‬ ‫أرواحهم‪:‬‬ ‫كثوب زا ٍه أسمها‪:‬‬ ‫أكذوب َة تلبسني ٍ‬ ‫ُمد ِقع‬ ‫اإلنسانِ ‪.‬‬ ‫حسب ُرغائهم‪:‬‬ ‫يتجل للفُقرا ِء‬ ‫والله ّ‬ ‫َ‬ ‫‪*** 14‬‬ ‫سجاناً‪ ،‬جالدا ً‪ ،‬سيافاً رحيم!‬ ‫الجهل‪ ،‬الجو ُع من ِ‬ ‫ُ‬ ‫لقد قتلني‬ ‫ألف عامٍ‬ ‫‪10‬‬ ‫ها ُهم االن يحاولون إنقاذي‬ ‫***‬ ‫َ‬ ‫ذاك ليس أنا‬ ‫يتسلل الدف ُء يف جسدي حني تلدين أمي‬ ‫ُ‬ ‫إنها جثتي‪.‬‬ ‫كهف ناءٍ‬ ‫يف ٍ‬ ‫ألف سن ٍة تتهاوى يف بطنِ العتمة‬ ‫ِ‬ ‫ثلامت السفو ِح‬ ‫وتاهت مشيمتي بني‬ ‫ارتطمت بقا ِع غرقي‪.‬‬ ‫اآلن فقط‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫يل شار ٍد عن قطيع ِه‬ ‫كتيس جب ٍ‬ ‫رخو القرونِ‬ ‫شعر‪ :‬محمد صالح عويد‬ ‫رأيت فقريا ً يرتدي جسدي‪ ،‬مل يلوث َ ُه‬ ‫ُ‬ ‫الفرح ق ّط‬ ‫ُ‬

‫رقة اخلري‬ ‫رق َة الخريِ أججتني ذكرى‬ ‫روب‬ ‫تهت فيها كعاشقٍ يف ال ّد ِ‬ ‫ُ‬ ‫وفؤادي عىل الضّ فاف تهادى‬ ‫طائرا ً للحب ِّاشتىك للغروب‬ ‫ِ‬ ‫لشاطئيك أغني‬ ‫كم بلييل‬ ‫دمعتي عن شامل خدي وجنوب‬ ‫يا درة قد حوت يف ثراها‬ ‫ذوات خدر حانيات القلوب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األنوف طُ ْهرا ً‬ ‫فيك ِم َّنا ش ِّم‬ ‫ُطوب‬ ‫رأسه ْم يف الخ ِ‬ ‫قبل املج ُد َ‬ ‫ق ْد نأينا عن الشّ ِ‬ ‫طوط ِْ‬ ‫فصنا‬ ‫كحبيب يزي ُد وجدا ً‬ ‫لحبيب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫القلب ِعشْ تُها ببِال ٍد‬ ‫ُح َر َق‬ ‫ِ‬ ‫بالهبوب‬ ‫ف َّرقتْنا فل ْن نُرى‬ ‫ِ‬ ‫كل َمربعٍ عن ِحامنا‬ ‫ق ْد نأى ُّ‬ ‫ِ‬ ‫جديب‬ ‫فغ َدونا يف قحط فق ٍر‬ ‫ِ‬ ‫كل البعا ِد ما ز َال عندي‬ ‫رغ َم ِّ‬ ‫فيض شوقٍ ز ٍ‬ ‫لهيب‬ ‫ائد ِمن ِ‬ ‫ُ‬ ‫أبع َد الغد ُر دربَنا ع ْن ُربانا‬ ‫يت ُم ِ‬ ‫أرواحنا ب َ‬ ‫املغيب‬ ‫ِذاك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فلك الع ْه ُد يا حبيب ُة ُعمرا ً‬ ‫ِ‬ ‫القلوب‬ ‫تظل كَعشقنا يف‬ ‫أن ِّ‬ ‫ِ‬

‫شعر‪ :‬عبد السالم فريج‬

‫نبضات قلب مغرتب‬ ‫منى محمود‬ ‫للنبع وجرار املاء‪.‬‬ ‫لها دموع أمي بعد رحيل أيب‪...‬‬ ‫تنطوي األعوام لها وقع حزين يف قلبي‬ ‫لعصفورة التني ودجاجات جارتنا‬ ‫وبيت فارغ تحتضن جدرانه دفء ذكريات طفولة من كربوا‬ ‫ترنيمة جديت عند املغيب (يا رايحني لحلب حبي معاكم راح)‬ ‫للفراشات التي كانت تسابقنا الصعود للسامء وضوء القناديل‬ ‫وقصة عشق تركوها وحيدة يف وقت املغيب‪..‬‬ ‫لها عيون أيب ترنو بشوق إىل البعيد تنتظر عودة من غادروا‬ ‫ســنوات تركــض دون رحمــة مخلّفــة لنــا ك ـاً هائ ـاً مــن الحــزن لرائحــة خبــز التنــور تتســلل ألنوفنــا الصغــرة‪ ..‬تســيل لعابنــا‪،‬‬ ‫وسؤال يغرق عينيه ذات اللون البحري بالدموع‪:‬‬ ‫فنلتهــم أرغفتهــا الورديــة‪...‬‬ ‫متــى يشــغل األحبــة فراغــات ســكنها الشــوق بعــد أن منــت وشــوقاً ال تحــده حــدود‬ ‫آه يا وطناً حملته بني أضلعي وترشبته أورديت‪..‬‬ ‫لقمر ضيعتنا‪..‬‬ ‫أجنحتهــم‬ ‫كم يبكيني احتضارك ورسقة الذكريات فيك‪....‬‬ ‫لرائحة الرتاب بعد سقوط املطر‬ ‫وطاروا للبعيد‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫غريب الدار‬

‫أعظم دولة يف العامل‬ ‫الــراع الدائــر يف الــرق األوســط‬ ‫بــن كل الــدول العظمــى عــى األرض‬ ‫الســورية مل يشــهد لــه التاريــخ مثي ـاً‪..‬‬ ‫والحجــة يف الظاهــر هــي حاميــة أمــن‬ ‫إرسائيــل مــن دول املامنعــة واملقاومــة‬ ‫املتمثلــة بســوريا وحــزب اللــه يف‬ ‫الجنــوب اللبنــاين‪ ..‬فهــل نصــدق هــذه‬ ‫الحجــة؟‬ ‫مــن املعلــوم لــدى الكثرييــن أ ّن بشّ ــار‬ ‫األســد ومــن قبلــه حافــظ األســد هــا‬ ‫مــن يحمــي الحــدود مــع إرسائيــل‪،‬‬ ‫وهــا املســؤوالن األساســيان عــن أمنهــا‬ ‫وســامها بعــد اتفــاق األســد مــع كوهــن‬ ‫قبــل نكســة حزي ـران «يونيــو»‪.‬‬ ‫إعــان ســقوط القنيطــرة مــن اإلذاعــة‬ ‫الســورية والجنــود مــا زالــوا يف املدينــة‪،‬‬ ‫وتســليم الجــوالن إلرسائيــل أكــر دليــل‬ ‫عــى املؤامــرة التــي حاكهــا حافظ األســد‬ ‫مبعيــة الجاســوس اليهــودي كوهــن عــى‬ ‫الشــعب الســوري قبــل أن يصبــح رئيسـاً‬ ‫للبــاد أو باألصــح قبــل أن توظفــه‬ ‫إرسائيــل حارس ـاً للحــدود أطلقــت يــده‬ ‫يف مقــدرات البــاد والعبــاد‪ ،‬فعــاث‬ ‫فيهــا فســادا ً وتهدمي ـاً وغـ ّـر دميوغرافيــة‬ ‫الكثــر مــن املناطــق فيهــا بــدءا ً بنســف‬ ‫الــروة الســمكية يف ســهل الــروج بحجــة‬ ‫«البعــوض ومــا يســببه مــن أمــراض»‪،‬‬ ‫مــرورا ً مبــا فعلــه بنهــر بــردى والغوطــة‪،‬‬ ‫وليــس انتهــا ًء بجــز رقبــة الغابــات يف‬ ‫مختلــف أنحــاء ســورية‪..‬‬ ‫مل نكــن نــدرك يف فــرة الثامنينــات‬ ‫املخطــط اإلي ـراين‪ ،‬وكنــا نعتــر االتحــاد‬ ‫الســوفيتي صديقــاً للشــعب الســوري‪.‬‬ ‫كان املواطــن الســوري املطحــون عــى‬ ‫أبــواب األف ـران‪ ،‬ويف طابــور املؤسســات‬ ‫وطابــور املحروقــات‪ ،‬ال يعنيــه ســوى‬ ‫تأمــن لقمــة العيــش‪ ،‬فالعــن ال تقــاوم‬

‫املخــرز!‬ ‫حتــى يف بدايــة الثــورة كان املتظاهــرون‬ ‫يهتفــون «الشــعب الســوري واحــد»‪ ،‬ومل‬ ‫يكــن ذلــك عــن عبــث بــل عــن اعتقــاد‬ ‫عميــق ويقــن بــأ ّن الشــعب الســوري‬ ‫واحــد‪ ..‬لك ّنهــم اكتشــفوا بعــد حــن‬ ‫أ ّن الشــعب الســوري مل يكــن واحــدا ً‪،‬‬ ‫وأنّهــم كانــوا يعيشــون وهــاً ســببه‬ ‫جهلهــم مبــا يجــري!‬ ‫يف حــرب متــوز ‪ 2006‬مل يتســاءل أحــد‬ ‫ملــن يتبــع هــذا الكيــان الطــارئ عــى‬ ‫جســد الدولــة اللبنانيــة املســمى‬ ‫«حــزب اللــه»‪ ،‬كان النــاس البســطاء‬ ‫كعادتهــم مبهوريــن بالنــر واملنج ـزات‬ ‫التــي حقّقهــا الحــزب عــى إرسائيــل‪..‬‬ ‫أيضـاً كان الشــعب الســوري ينــام وســط‬ ‫حقــل مــن األوهــام ومل ينتبــه أبــدا ً‬ ‫ألصــول اللعبــة‪.‬‬ ‫قامــت إيـران برتســيخ قــوة حــزب اللــه‬ ‫يف لبنــان وإدارة الحــرب يف ســوريا‪..‬‬ ‫فهــل اســتطاعت ســحب البســاط مــن‬ ‫تحــت أقــدام أمريــكا؟‬ ‫ليــس عجيب ـاً أن تبــدي أمريــكا تســاهالً‬ ‫مــع التدخــل اإلي ـراين يف ســوريا ومتــدد‬ ‫نفــوذه يف لبنــان‪ ،‬فــكل مــا يصــب يف‬ ‫صالــح إرسائيــل توافــق عليــه أمريــكا‪،‬‬ ‫وإذا ألقينــا نظــرة إىل الخلــف وأحصينــا‬ ‫عــدد الــدول التــي نــزح منهــا اليهــود‬ ‫إىل «أرض امليعــاد» نجــد أن نســبة‬ ‫كبــرة منهــم جــاؤوا مــن روســيا وأوروبــا‬ ‫كل هــذه الــدول‬ ‫وأمريــكا‪ ،‬أي أ ّن ُّ‬ ‫تحمــي مواطنيهــا املدلّلــن يف فلســطني‬ ‫وحاميتهــم عــى حســاب الشــعب‬ ‫الســوري‪.‬‬ ‫التنافــس عــى حكــم العــامل ســاحته‬ ‫رح‬ ‫ســوريا‪ ،‬فلــم َ‬ ‫يبــق دولــة مل تــ ّ‬ ‫بالوقــوف إىل جانــب األســد وتســانده‬

‫مــا عــدا فرنســا‪ ..‬فهــل تقــف املخابـرات‬ ‫العامليــة موقــف املتف ـ ّرج عــى فرنســا؟‬ ‫تلقــت فرنســا أول تنبيــه بشــد أذنهــا‬ ‫يف تفجــر «شــارل أيبــدو» لكــن مل‬ ‫ينفــع الــدرس عــى مــا يبــدو‪ ،‬فجاءتهــا‬ ‫الصفعــة القويــة التــي جعلتهــا تســتيقظ‬ ‫مــن أحالمهــا بكونهــا الدولــة التــي‬ ‫متتلــك رؤيــا وقــرارا ً مســتقالً‪.‬‬ ‫كانــت الصفعــة «التفجــرات» التــي‬ ‫وقعــت خــارج اســتاد فرنســا أثنــاء‬ ‫املبــاراة الوديــة مــع أملانيــا والتــي راح‬ ‫ضحيتهــا ‪ 127‬قتي ـاً ومثانيــة متطرفــن!‬ ‫توجهــت أصابــع االتهــام إىل داعــش‬ ‫التــي ســارعت بتبنــي العمليــة‪ ،‬وداعــش‬ ‫املخلوقــة الهجينــة ال تتــأىب عــى تبنــي‬ ‫أي عمــل إجرامــي ينســب إليهــا‪ ،‬ألنّهــا‬ ‫ّ‬ ‫ـكل الــدول املتصارعــة‬ ‫باألصــل رضورة لـ ّ‬ ‫التــي ســاعدت عــى تكوينهــا وزرعهــا‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬متامــاً كــا كانــت القاعــدة‬ ‫رضوريــة ألمريــكا يف أفغانســتان‪.‬‬ ‫عــى الرغــم مــن متــدد وتغلغــل النفــوذ‬ ‫اإليــراين يف مناطــق كثــرة‪ ،‬وإرصار‬ ‫إيــران عــى تســمية الخليــج العــريب‬ ‫«بالفــاريس»‪ ،‬والتأكيــد عــى أحقيتهــا‬ ‫فيــه‪ ،‬إال أنّهــا مل تصــل بعــد إىل احتــال‬ ‫املرتبــة األوىل يف العــامل وإزاحــة أمريــكا‬ ‫عــن العــرش لتجلــس مكانهــا كأعظــم‬ ‫دولــة يف العــامل‪.‬‬ ‫مــا مل تســتطعه إيــران وال روســيا‪،‬‬ ‫اســتطاعت أن تفعلــه منظمــة إرهابيــة‪،‬‬ ‫مــدت أذرعهــا الشــيطانية يف كل‬ ‫دول العــامل فقــد امتــدت إىل فرنســا‬ ‫ومــايل‪ ،‬وأخضعــت الحكومــة الفرنســية‬ ‫ذات القــرار املســتقل وأجربتهــا عــى‬ ‫االنضــام إىل دول التحالــف ضــ ّد‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬فقامــت هــي‬ ‫األخــرى بطلعــات جويــة رضبــت‬

‫ســواد القبــور الــذي‬ ‫احتــل الرقــة!‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫ابتسام تريسي‬ ‫فيهــا مدينــة الرقــة باالشــراك مــع‬ ‫دول التحالــف وبشــار األســد‪ .‬الرقــة‬ ‫«معقــل داعــش‪ ،‬كــا ي ّدعــي العــامل‪ ..‬مل‬ ‫يقتــل فيهــا الط ـران الــرويس واألمــريك‬ ‫والســوري والفرنــي داعشــياً واحــدا ً‪..‬‬ ‫الرقــة بأطفالهــا ونســائها‪ ،‬ورجالهــا‬ ‫وشــيوخها‪ ..‬تدفــع مثــن احتــال داعــش‬ ‫لهــا‪ .‬والدواعــش يعتمــرون «طاقيــة‬ ‫اإلخفــاء» كاألشــباح يتبــددون ويختفــون‬ ‫وقــت الغــارات ويرتكــون األطفــال‬ ‫والنســاء واملدينــة طعــاً للطــران‪.‬‬ ‫املزيــد مــن القتــى مــن األطفــال‬ ‫والنســاء يف سياســة اســتنها بشّ ــار األســد‬ ‫وهــي إبــادة الشــعب الســوري‪ ،‬وتدمــر‬ ‫البنيــة التحتيــة للمــدن الســنية‪ ،‬وجعلها‬ ‫مـزارع بطاطــا ملؤيديــه والعقــي أحذيته‬ ‫وأحذيــة جيشــه!‬ ‫إبــادة الشــعب الســوري باتــت هدفــاً‬ ‫لــكل هــذه القــوى املتكالبــة‬ ‫واضحــاً ّ‬ ‫عــى األرض الســورية‪ ،‬إبــادة أســس لهــا‬ ‫بشــار األســد والقــت هــوى لــدى عــامل‬ ‫متواطــئ ‪ ،‬ووحدهــا إرسائيــل يغمرهــا‬ ‫الفــرح ملــا ستكســبه مــن هــذا الدمــار‬ ‫الهائــل‪ ،‬وكأمنــا هــي مــن وضعــت‬ ‫الخطــط جميع ـاً وعرفــت مــن توظــف‬ ‫لتنفيذهــا‪.‬‬

‫إشكالية العالقة بني اللوحة واملتلقي‬

‫بني غياب التواصل‪ ..‬وهوة االغرتاب‬

‫فهد الحسن‬

‫كثــرا ً مــا نســمع عــن التبــاس العالقــة بــن‬ ‫املبــدع واملتلقــي يف شــتى مجــاالت اإلبــداع‪ ،‬وكثــرا ً‬ ‫مــا توجــه االتهامــات املتبادلــة بــن الطرفــن حــول‬ ‫الهــوة التــي تتســع أو تضيــق بينهــا‪ ،‬والســبل‬ ‫الكفيلــة بردمهــا والتقليــل مــن تأثريهــا‪ ،‬ولعــل لهــذه‬ ‫العالقــة امللتبســة بــن الطرفــن مــا يربرهــا ويضعهــا‬ ‫يف إطارهــا الســليم‪ ،‬يك يكــون هنــاك مــا يســاعد عــى‬ ‫فهمهــا‪ ،‬والتقليــل مــن تأثريهــا يف نســيج العمليــة‬ ‫اإلبداعيــة‪ ،‬ومنحهــا التوافــق والدميومــة املطلوبــة‪،‬‬ ‫وإذا أردنــا أن نكــون موضوعيــن ومنصفــن‪ ،‬فعلينــا‬ ‫أن نشــخص جيــدا ً اإلشــكاليات التــي تتحكــم يف صلــب‬ ‫هــذه العالقــة‪ ،‬وفهــم طبيعتهــا ونقــاط اســتنادها‪،‬‬ ‫وأول الخطــوات تنطلــق مــن أن اإلبــداع يف دول‬ ‫العــامل الثالــث ليــس هــو ذاتــه يف الــدول املتقدمــة‪،‬‬ ‫فــاألول تتحكــم فيــه معوقــات جمــة‪ ،‬تبــدأ مــن‬ ‫منــط الحيــاة والرتبيــة والتعليــم والحالــة االقتصاديــة‬ ‫واالجتامعيــة‪ ،‬ومســتوى الثقافــة واإلقبــال عــى‬ ‫الفعاليــات واألنشــطة الفكريــة‪ ،‬وحضــور كل هــذا يف‬ ‫حيــاة اإلنســان وارتباطــه بذهنيتــه والتوائــم معهــا‪،‬‬ ‫وكلنــا يعــرف أن املالحــم اليوميــة التــي يحياهــا املــرء‬ ‫يف هــذه املنظومــة املتخلفــة تنعكــس ســلباً عــى كل‬ ‫يشء‪ ،‬وتؤخــر كل يشء‪ ،‬واللوحــة الفنيــة هــي جــزء من‬ ‫هــذه اإلشــكالية املزمنــة‪ ،‬ﻷن الدخــول إىل عــامل اللوحة‬ ‫وقراءتهــا يتطلــب مســتوى مــن االســتعداد األويل‬

‫يرتكــز عــر مراحــل العمــر عــى الغــوص يف قــراءة‬ ‫هــذا املنحــى اإلبداعــي‪ ،‬واالطــاع عــى مقومــات‬ ‫نشــوئه‪ ،‬والتعــرف عــى جاملياتــه‪ ،‬وســر أغــواره‪،‬‬ ‫وهــذا يتــأىت مــن منــط التعليــم وسياســات الــدول‬ ‫يف هــذا املضــار‪ ،‬كذلــك ميكــن أن تدعمــه األرسة‬ ‫بشــيوع ثقافــة االطــاع وحــض أبنائهــا عــى تــذوق‬ ‫العمــل الفنــي‪ .‬ســواء بزيــارة املتاحــف واملعــارض‪،‬‬ ‫أو باقتنــاء اللوحــات وتزيــن جــدران البيــت بهــا‪،‬‬ ‫وتنميــة الحــس الجــايل وزرعــه يف نفــوس الناشــئة‬ ‫يك يكــون جــزءا ً مــن ســلوكهم اليومــي‪ .‬ومــن هنــا‬

‫‪9‬‬

‫تكــون املواكبــة مثمــرة وبنــاءة ونافعــة‪ .‬كذلــك هنــاك‬ ‫جملــة مــن العوامــل املناطــة بــدور الفنــان يف تحمــل‬ ‫مســؤولياته األخالقيــة‪ ،‬والتزامــه واقتناعــه بــأن للفــن‬ ‫دور كبــر يف صقــل التــذوق الجــايل‪ ،‬واإلقبــال عــى‬ ‫اللوحــة الفنيــة كإطــار حيــايت مــواز للــأكل واملــرب‬ ‫وللحاجــات امللحــة يف حيــاة اإلنســان‪.‬‬ ‫إن هــذا الفهــم يعنــي ذوبــان جليــد اإلشــكاليات التــي‬ ‫تقــف وراء فتــور العالقــة بــن الطرفــن‪ ،‬واملطلــوب‬ ‫هنــا مــن الفنــان التشــكييل أن يراعــي املســتويات‬ ‫املتباينــة يف جمهــوره‪ ،‬والعمــل عــى تذليــل كل مــا‬ ‫مــن شــأنه أن يكــون حجــر عــرة يف تالقيهــا‪ ،‬وأن‬ ‫يبتعــد عــن اإليغــال يف اإلبهــام والغرابــة والغمــوض‬ ‫يف توجهاتــه لبنــاء اللوحــة‪ ،‬واالعتــاد عــى الفكــر‬ ‫املنفتــح والتقنيــات التــي تجــذب املشــاهد وال تنفــره‪،‬‬ ‫فالعالقــة يف النهايــة هــي عالقــة تكامليــة تصمــد‬ ‫بتفهــم كل طــرف لحاجــة اآلخــر إليــه‪ ،‬وال نغفــل‬ ‫هنــا دور مؤسســات اإلعــام يف رفــد هــذه العالقــة‬ ‫بالتنويــر املطلــوب‪ ،‬واالســتزادة مــن تثقيــف املتلقــي‬ ‫بخصائــص الفــن والفنانــن والحاجــة إليــه كظاهــرة‬ ‫حضاريــة تعكــس ولــع الجمهــور بقيمــة اإلبــداع‬ ‫ودوره األســايس يف خلــق ســات اإلنســان املســتنري‬ ‫القــادر عــى بنــاء حيــاة تصمــد يف وجــه كل ريــاح‬ ‫التخلــف والفســاد والفقــر الروحــي والجهــل الــذي‬ ‫يؤخــر بنــاء كل يشء‪.‬‬

‫اســتيقظنا يف الصبــاح‪ ..‬وقــد خــرج املــوىت مــن قبورهــم‬ ‫حاملــن روائحهــم املنتنــة‪ ،‬جــاؤوا لحكــم األحيــاء‪ ،‬والتحكــم‬ ‫بأنفاســهم‪ ،‬جــاؤوا ينتقمــون مــن النــاس ألنهــم يحبــون الحيــاة‪،‬‬ ‫ويحلمــون ألبنائهــم‪ ،‬وألهلهــم‪ ،‬وملدينتهــم‪ ،‬ولبلدهــم‪ ،‬بحيــاة‬ ‫أجمــل‪ ،‬وبأفــق أوســع مــن الحريــة والكرامــة اإلنســانية!‬ ‫جــاء ســكان التاريــخ ليحتلــوا الحــارض‪ ،‬جــاؤوا يعاكســون إرادة‬ ‫اللــه يف تقــدم الزمــن‪ ،‬واســتمرار دورة الحيــاة‪ ،‬محاولــن إعــادة‬ ‫الشــمس مــن مغربهــا إىل مرشقهــا‪ ،‬بحجــة تقديــس التاريــخ‪،‬‬ ‫وإعــادة إحيــاء مــا حكــم اللــه عليــه باملــوت وبالتــايش!‬ ‫جــاء أنصــار وأد املــرأة ودفنهــا حيّــة‪ ،‬واحتقــار وجودهــا‬ ‫اإلنســاين‪ ،‬واعتبارهــا مجــرد أداة للّــذة‪ ،‬واإلغــواء‪ ،‬والفتنــة‪ ،‬لقادة‬ ‫مهووســن بالجنــس‪ ،‬ويقاتلــون العــامل‪ ،‬ليــس مــن أجــل الحــق‪،‬‬ ‫واألخــاق‪ ،‬والكرامــة اإلنســانية‪ ،‬بــل مــن أجــل أن يحظــوا‬ ‫بالنســاء ويســرقّوهن كســبايا‪ ،‬نافــن عنهــن حــق الحيــاة‬ ‫والحريــة والكرامــة!‬ ‫رفضــوا كل مــا ال تتســع لــه جامجمهــم الضيقة‪ ،‬واملتعيشــة عىل‬ ‫الحقــد والجهــل‪ ،‬اعتاشــوا عــى جهــود النــاس يف البنــاء والتعلــم‬ ‫واملعرفــة‪ ،‬وتســخري خــرات البــاد مــن أجــل ترحيــل البــر‬ ‫إىل املقابــر‪ ،‬عــر مختلــف الوســائل الوحشــية مــن التعذيــب‪،‬‬ ‫وقطــع الرقــاب‪ ،‬والــي‪ ،‬والرمــي مــن الطوابــق العليــا‪ ،‬ومــا‬ ‫إىل ذلــك مــن طــرق تعلموهــا عــى أيــدي مخاب ـرات األســد‪،‬‬ ‫ومخاب ـرات صــدام املدمنــن عــى صناعــة الكراهيــة‪ ،‬وتحويــل‬ ‫الحيــاة إىل قبــور متجــاورة!‬ ‫داعــش مــرآة حقيقــة لنظــام املخابـرات بــكل أفعالــه املخبــوءة‬ ‫يف األقبيــة عــر نصــف قــرن‪ ،‬جــاءت داعــش‪ ،‬وخرجــت بجرائهام‬ ‫تحــت الشــمس‪ ،‬ودون مجاملــة ودون مواربــة‪ ،‬داعــش تلخيــص‬ ‫لــكل الحقــد األمنــي‪ ،‬واالســتبدادي‪ ،‬واملؤامــرايت الــذي كنــا‬ ‫نتجرعــه بالتقســيط عــر نصــف قــرن‪ ،‬جــاءت بأبنائنــا‪ ،‬وبأبنــاء‬ ‫البلــدان املغلوبــة واملنهوبــة‪ ،‬وص ّنعتهــم عــى هــذه الشــاكلة‬ ‫الشــيطانية املتوحشــة!‬ ‫داعش اليت احتلت الرقة‪ ،‬ملاذا فشلت يف حلب؟‬ ‫ملــاذا تكاتــف النــاس‪ ،‬واملقاتلــون وأخرجوهــا مــن حلــب‬ ‫ومــن إدلــب‪ ،‬بينــا كانــت الفصائــل املســلحة يف الرقــة‪،‬‬ ‫تتلهــى بالخطــف‪ ،‬وبأخــذ الخ ـ ّوات‪ ،‬ونهــب املنــازل والدوائــر‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬غــر مدركــة للمصــر الــذي تســوق الرقـ َة إليــه‪ ،‬إمــا‬ ‫عــن جشــع‪ ،‬أو عــن غبــاء‪ ،‬أو مجــرد ســوء تقديــر؟!‬ ‫لقــد ضحــى القــادة املتآمــرون عــى الرقــة‪ ،‬بأبنــاء الرقــة‪،‬‬ ‫وتركوهــم يف مهــب هــذه الريــاح الســوداء املنتنــة‪ ،‬وضحــوا‬ ‫بأبنــاء ســورية الذيــن حملــوا الســاح مــن أجــل الحريــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬ضحــوا بهــم‪ ،‬ل ُيذبحــوا يف ال ـراري‪ ،‬أو يف املعتقــات‬ ‫الداعشــية‪ ،‬بينــا قادتهــم يجمعــون الغنائــم مــن دوائــر الدولة‪،‬‬ ‫ومــن البيــوت التــي فــ ّر أهلهــا وتركوهــا‪ ،‬وكانــوا يجمعــون‬ ‫مختلــف أنــواع التهــم ضــد النــاس مــن أجــل أن يــرروا النهــب‬ ‫والخطــف والرتويــع!‬ ‫من حياسب هؤالء؟‬ ‫ومــن يبـ ّـن جرامئهــم التــي مهــدت لهــذا الخـراب الكبــر الــذي‬ ‫عصــف بالرقــة‪ ،‬وجعلهــا عاصمــة مزعومــة لإلرهــاب‪ ،‬ووضعهــا‬ ‫هدفـاً ملختلــف أنــواع الطائـرات والصواريــخ والقذائــف؟‬ ‫أبنــاء الرقــة ســيعودون إليهــا عاجـاً أو آجـاً‪ ،‬وسيحاســبون كل‬ ‫مــن تآمــر عــى مدينتهــم‪ ،‬وتســبب بدفعهــا إىل الخـراب‪ ،‬ولــن‬ ‫ترحــم األيــام كل ظــامل غشــوم‪ ،‬مهــا كانــت حججــه‪ ،‬ومهــا‬ ‫كانــت األكاذيــب التــي يُقنــع نفســه بهــا‪ ،‬ويســ ّوقها‪ ،‬لتربيــر‬ ‫جرامئــه التــي أوصلــت الرقــة‪ ،‬وأهــل الرقــة‪ ،‬إىل هــذا املطــاف‬ ‫األســود املخيــف‪..‬‬ ‫لــن نســامح أحــدا ً‪ ،‬ولــن نقبــل بيننــا مــن أجــرم‪ ،‬مــا مل يعلــن‬ ‫عــى املــأ‪ ،‬توبتــه بعــد اإلقـرار بجرميتــه‪ ،‬وإحالتــه إىل املحاكمــة‬ ‫العادلــة‪ ..‬لــن تُبنــى بالدنــا إال عــى الحــق والرصاحــة والوضــوح‪،‬‬ ‫ولــن نقبــل بالتخويــف والرتويــع ســاحاً يُرعــب أبناءنــا وأهلنــا‬ ‫يف قــادم األيــام أبــدا ً!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة واملنوعات‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الروائي��ان الس��وريان ش��هال العجيل��ي و حمم��ود حس��ن اجلاس��م ضم��ن القائم��ة الطويل��ة‬

‫إعــان القائمــة الطويلــة للجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة ‪2016‬‬ ‫موقع الجائزة العاملية للرواية العربية‪ -‬الحرمل‬ ‫أُعلــن يــوم الثالثــاء ‪ 2016/1/12‬عــن‬ ‫القامئــة الطويلــة للروايــات املرشّ ــحة لنيــل‬ ‫الجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة ‪.2016‬‬ ‫وتشــتمل القامئــة عــى ‪ 16‬روايــة صــدرت‬ ‫أخــرا ً خــال االثنــي عــر شــهرا ً املاضيــة‪،‬‬ ‫وقــد تــم اختيارهــا مــن بــن ‪ 159‬روايــة‬ ‫ينتمــي كتابهــا إىل ‪ 18‬دولــة عربيــة‪.‬‬ ‫تحظــى مــر وفلســطني بأكــر نصيــب مــن‬ ‫الروايــات املدرجــة عــى القامئــة الطويلــة‪.‬‬ ‫مــن بــن كتّــاب القامئــة الطويلــة هــذا العــام‬ ‫اثنــان ســبق لهــا أن ترشّ ــحا عــى القامئــة‬ ‫القصــرة للجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة‬ ‫يف عــام ‪ ،2010‬هــا ربعــي املدهــون ومحمــد الكت��اب‪:‬‬

‫املنــي قنديــل‪ .‬ويُذكــر أيضــا أن طالــب‬ ‫الرفاعــي كان رئيســا للجنــة التحكيــم للجائــزة‬ ‫يف العــام نفســه‪.‬‬ ‫تتضمــن القامئــة الطويلــة عــددا ً مــن الكتّــاب‬ ‫الشــباب‪ ،‬كــا أن بعــض الروايــات هــي العمل‬ ‫األول ألصحابهــا‪ ،‬فثمــة ثالثــة روائيــن تحــت‬ ‫ســن األربعــن‪ ،‬بينــا تشــمل القامئــة الروايــة‬

‫األوىل لــكل مــن طــارق بكــري‪ ،‬وعبــد النــور‬ ‫مزيــن‪ .‬يُذكــر أيضــا أن كالً مــن محمــد ربيــع‬ ‫وشــهال العجيــي قــد ســبق لهــا أن شــاركا‬ ‫يف ورشــة الكتابــة اإلبداعيــة «النــدوة» التــي‬ ‫تديرهــا الجائــزة لتشــجيع شــباب الكتّــاب‬ ‫الواعديــن‪ ،‬ويف هــذا الصــدد ننـ ّوه بــأن شــهال‬ ‫العجيــي قــد كتبــت قســاً مــن روايتهــا‬ ‫«ســاء قريبــة مــن بيتنــا» خــال تواجدهــا يف‬ ‫نــدوة عــام ‪.2014‬‬ ‫وفيــا يــي عناويــن الروايــات املرشّ ــحة إىل‬ ‫القامئــة الطويلــة للجائــزة للعــام ‪ ،2016‬وجــاء‬ ‫ترتيبهــم وفقــا ً للرتتيــب األبجــدي ألســاء‬

‫رئيــس لجنــة التحكيــم‪« :‬مل يكــن اختيــار‬ ‫القامئــة الطويلــة لهــذا العــام ســهالً ألن‬ ‫الجــودة كانــت الســمة الشــاملة للروايــات‬ ‫املقدمــة لهــذه الــدورة‪ .‬ظهــرت يف القامئــة‬ ‫بعــض األســاء القديــرة واملهمــة‪ ،‬كــا‬ ‫شــملت بعــض األســاء الشــابة والجديــدة‪.‬‬ ‫ومتكنــت الروايــات مــن طــرح قضايــا اإلنســان‬ ‫العــريب‪ :‬املعيشــية والنفســية والسياســية‬ ‫واالجتامعيــة‪ ،‬كــا أدانــت كل أشــكال العنــف‬ ‫والطائفيــة الدينيــة والسياســية واالجتامعيــة‬ ‫والقبليــة والديكتاتوريــات املعــارصة‪.‬‬ ‫وتنافســت الروايــات عــى أن تكــون األرقــى‬ ‫واألكــر تطــورا وتجديــدا مــن حيــث املضمون‬

‫وقــد قامــت لجنــة مك ّونــة مــن خمســة‬ ‫محكّمــن باختيــار الروايــات‪ ،‬وســوف يتــم‬ ‫إعــان أســاء أعضــاء اللجنــة يف مســقط‬ ‫ ســلطنة عــان‪ ،‬يــوم الثالثــاء املوافــق ‪9‬‬‫فربايــر‪ ،‬بالتزامــن مــع اإلعــان عــن القامئــة‬ ‫القصــرة لعــام ‪.2016‬‬ ‫ويف تعليقــه عــى الروايــات املرشــحة قــال‬

‫والشــكل واملعالجــة والتقنيــة الرسديــة‪».‬‬ ‫وتعــد هــذه هــي الــدورة التاســعة للجائــزة‪،‬‬ ‫التــي أصبحــت الجائــزة األدبيــة األبــرز يف‬ ‫مجــال الروايــة يف العــامل العــريب‪.‬‬ ‫وقــد علّــق يــارس ســليامن‪ ،‬رئيــس مجلــس‬ ‫األمنــاء‪ ،‬قائ ـاً‪« :‬هــذه قامئــة متميــزة تجمــع‬ ‫روائيــن مــن أقطــار عربيــة مختلفــة‪ .‬تنســج‬

‫هــذه الروايــات مادتهــا مــن حــارض مضطــرب‬ ‫دون الرضــوخ إليــه؛ فهــي تتجــاوزه بأشــكال‬ ‫متغايــرة دون اإلخــال بالوشــائج التــي تربــط‬ ‫موضوعاتهــا بآفــاق أكــر رحابــة وتأثــرا‬ ‫يف النفــس اإلنســانية‪ .‬هــذه القامئــة مــن‬ ‫الروايــات املتمكنــة مــن حرفيتهــا قــد تطالــب‬ ‫القــارئ بــأن يتابعهــا بتــؤدة ورؤيــة ليدخــل‬ ‫يف عواملهــا املتخيلــة راصــدا ً لحركتهــا ومفتونـاً‬ ‫بهــا‪».‬‬ ‫تهــدف الجائــزة إىل الرتويــج للروايــة العربيــة‬ ‫عــى املســتوى العاملــي‪ ،‬ومــن هنــا تضمــن‬ ‫الجائــزة ترجمــة األعــال الفائــزة إىل اللغــة‬ ‫اإلنجليزيــة‪ .‬وقــد ت ُرجــم حتــى اآلن أعــال‬ ‫كل مــن بهــاء طاهــر (‪ ،)2008‬ويوســف‬ ‫زيــدان (‪ ،)2009‬وعبــده خــال (‪)2010‬‬ ‫ومحمــد األشــعري ورجــاء عــامل (‪،)2011‬‬ ‫وســعود الســنعويس (‪.)2013‬‬ ‫ســتصدر الرتجمــة اإلنجليزيــة لروايــة «طــوق‬ ‫الحــام» لرجــاء عــامل عــن دار دكــوورث‪،‬‬ ‫اململكــة املتحــدة‪ ،‬يف ‪ .2016‬وتــم اإلعــان‬

‫عــن إصــدار الرتجمــة اإلنجليزيــة لروايــة‬ ‫«فرنكشــتاين يف بغــداد» ألحمــد ســعداوي‬ ‫الفائــزة بجائــزة عــام ‪ 2014‬يف خريــف ‪2016‬‬ ‫عــن دار وون ورلــد يف اململكــة املتحــدة ودار‬ ‫بنجويــن يف الواليــات املتحــدة‪.‬‬ ‫هــذا وقــد تحــ ّدد يــوم األربعــاء ‪ 26‬أبريــل‬ ‫‪ 2016‬لإلعــان عــن اســم الفائز‪/‬الفائــزة‬ ‫بالجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة يف‬ ‫احتفــال يقــام يف أبوظبــي عشــيّة افتتــاح‬ ‫معــرض أبوظبــي الــدويل للكتــاب‪ .‬ويحصــل‬ ‫كل مــن املرشّ ــحني الســتة يف القامئــة القصــرة‬ ‫عــى ‪ 10.000‬دوالر أمريــي‪ ،‬كــا يحصــل‬ ‫الفائــز بالجائــزة عــى ‪ 50.000‬دوالر أمريــي‬ ‫إضافيــة‪.‬‬ ‫الجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة جائــزة‬ ‫ســنوية تختــص مبجــال اإلبــداع الــروايئ‬ ‫باللغــة العربيــة‪ .‬ترعــى الجائــزة «مؤسســة‬ ‫جائــزة بوكــر» يف لنــدن‪ ،‬بينــا تقــوم «هيئــة‬ ‫أبــو ظبــي للســياحة والثقافــة» يف اإلمــارات‬ ‫العربيــة املتحــدة بدعمهــا ماليــاً‪.‬‬

‫محاضــرة حــول الشــفافية والرقابــة الشــعبية يف أورفــا‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫ألقــى الدكتــور ســعيد عيــى مؤخــرا ً‬ ‫محــارضة حــول «الشــفافية»‪ ،‬وذلــك بدعــوة من‬ ‫مركــز املجتمــع املــدين والدميقراطيــة‪ ،‬مكتــب‬ ‫شــانيل أورفــا‪ ،‬وبحضــور حشــد مــن املهتمــن‬ ‫بالشــأن العــام‪ ،‬والعاملــن يف منظــات املجتمــع‬ ‫املــدين‪.‬‬ ‫وبـ ّـن املحــارض مــن خــال تعريــف الشــفافية‪،‬‬ ‫أنهــا هــي خــر وســيلة لفضــح املامرســات‬ ‫الفاســدة‪ ،‬والحــد منهــا ســواء أكانــت فســادا ً‬ ‫كبـرا ً أم صغـرا ً‪ ،‬ورضورة أن تكــون كل املرافــق‬ ‫واملؤسســات التــي تديــر الشــأن العــام شــفافة‬ ‫تعكــس مــا يجــري بداخلهــا‪ ،‬وأن تكــون‬ ‫الحقائــق معروفــة ومتاحــة للبحــث واملســاءلة‬ ‫والنقــاش‪ ،‬مؤكــدا ً أن الشــفافية ال تقــف رضورة‬ ‫وجودهــا عــى مؤسســات القطــاع العــام‪،‬‬ ‫بــل يجــب أن تكــون متوفــرة يف مــا يتعلــق‬ ‫باألحــزاب والنقابــات ومنظــات املجتمــع‬ ‫املــدين‪.‬‬ ‫وأوضــح املحــارض أهــداف الشــفافية يف محــاور‬ ‫متعــددة أهمهــا‪ :‬جــذب االســتثامرات األجنبيــة‬ ‫واملحافظــة عــى االســتثامرات الوطنيــة‪،‬‬

‫وإنعــاش الســوق املــايل مــن خــال تحقيــق‬ ‫املصداقيــة يف توفــر املعلومــات املاليــة‪،‬‬ ‫وإغــاق األبــواب أمــام الروتــن‪ ،‬ومحاربــة‬ ‫الفســاد بكافــة صــوره وأشــكاله‪ ،‬وتعزيــز‬ ‫الرقابــة اإلداريــة وزيــادة كفاءتهــا مــن خــال‬ ‫الدقــة والوضــوح يف اإليــرادات واملامرســات‬ ‫اإلداريــة املعمــول بهــا‪ ،‬وترســيخ قيــم‬ ‫التعــاون وتضافــر الجهــود ووضــوح النتائــج‪،‬‬

‫ومنــع املامرســات اإلداريــة الخاطئــة وتعزيــز‬ ‫الــدور الرقــايب‪ ،‬رضورة توفــر قنــوات اتصــال‬ ‫واضحــة ومحــددة ومتكــن جمهــور املراجعــن‬ ‫مــن اإلبــاغ عــن وجــود حــاالت االنحــراف‬ ‫بســهولة ويــر‪ ،‬ودون التعــرض لإلجــراءات‬ ‫الطويلــة واملعقــدة‪ ،‬والرتكيــز عــي تحســن‬ ‫كفــاءة القيــادات اإلداريــة‪ ،‬وتحقيــق االســتقرار‬ ‫الوظيفــي‪ ،‬وتقييــم األداء املؤســي والفــردي‬

‫للقيــادات العليــا فيهــا أمــر يتصــل مبــارشة‬ ‫بأهــداف الشــفافية ومحاربــة الفســاد وتطويــر‬ ‫آليــات ومعايــر التقييــم بشــكل منتظــم‪،‬‬ ‫ونــر الوعــي وإيضــاح فوائــد توفــر النزاهــة‬ ‫والشــفافية للمواطنــن‪.‬‬ ‫املحــور الثــاين‪ ،‬تحــدث املحــارض حــول ﻣﻔﻬوم‬ ‫اﻟرﻗﺎﺑﺔ الشــعبية عــى الجامعــات املحليــة‪،‬‬ ‫وهــي تــأيت يف إطــار جامــع يتــم تعريفــه‬

‫بشــكل عــام عــى أنــه مجمــوع الســلطات‬ ‫املحــددة‪ ،‬والتــي يخولهــا املجتمــع لجهــة معينة‬ ‫عــى أشــخاص‪ ،‬وأعــال الهيئــات املحليــة بقصد‬ ‫تحقيــق املصلحــة العامــة وضــان حقــوق‬ ‫املواطنــن مــن التعســف‪ .‬وهــي بالــرورة‬ ‫رقابــة تــؤدي إىل التوفيــق بــن اســتقاللية‬ ‫الجامعــات املحليــة‪ ،‬واالعتبــارات الخاصــة‪،‬‬ ‫مبــا يتوافــق واملصلحــة العامــة‪ ،‬التــي تحقــق‬ ‫أهدافــاً سياســية وإداريــة وماليــة‪.‬‬ ‫ويف ختــام املحــارضة أغنــى الحضــور‬ ‫مبناقشــاتهم ومداخالتهــم‪ ،‬خصوصــاً مبــا‬ ‫يتعلــق بتعزيــز دور الرقابــة الشــعبية‪ ،‬ورضورة‬ ‫تعميــم أســس الشــفافية يف أوســاط املجتمــع‪،‬‬ ‫وتعريــف املجتمــع بأســس الحوكمــة‪ ،‬وإمكانيــة‬ ‫رفــع قــدرات منظــات املجتمــع املــدين‪ ،‬التــي‬ ‫تؤســس لحيــاة دميقراطيــة‪ ،‬واالســتفادة مــن‬ ‫املحــارض مبحــاور أخــرى‪ ،‬وإقامــة ورشــات‬ ‫عمــل بهــذا الخصــوص‪ ،‬كــا تطــرق الحضــور‬ ‫إىل رضورة كشــف دور الحكومــة الســورية‬ ‫املؤقتــة‪ ،‬وإخضاعهــا للمســاءلة‪ ،‬وبيــان خططهــا‬ ‫وبرامجهــا للجمهــور‪ ،‬مبــا يتوافــق مــع مبــادئ‬ ‫الثــورة الســورية‪.‬‬


‫حرمل الثقافة واملنوعات‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬ ‫نحيفــة الجســم‪ ،‬بطيئــة املســر‪ ،‬ملتزمــة‬ ‫بالتقاليــد واألع ـراف الســائدة لدرجــة أين رصت‬ ‫أرفــض مرافقتهــا إىل التعــازي واملناســبات‬ ‫كالــوالدة وطهــور األوالد واألعــراس وغريهــا‪،‬‬ ‫ولكــن ال مفــر مــن ذلــك ألين الولد الصغــر أوالً‪،‬‬ ‫ولحاميتهــا مــن كالب القــرى املجــاورة الرشســة‬ ‫ثاني ـاً‪ .‬كنــت أجلــس إىل جانبهــا‪ ،‬لــي أضغــط‬ ‫عــى يدهــا لنعــود إىل البيــت برسعــة‪ ،‬وهــي‬ ‫تظهــر الالمبــاالة لســاعة أو اثنتــن ثــم نعــود‬ ‫أدراجنــا‪.‬‬ ‫حديثنــا يف الذهــاب‪ ،‬دامئ ـاً أنــا املتكلــم‪ ،‬وهــي‬ ‫صاغيــة‪ ،‬مهــددا ً ومحــذرا ً مــن إطالــة الجلــوس‬ ‫مــع النســاء‪ ،‬أمــا طريــق العــودة تكــون الصــورة‬ ‫معكوســة‪ ،‬هــي املتحدثــة وأنــا املســتمع‪ ،‬تبــدأ‬ ‫بتأنيبــي وتلقينــي درس ـاً يف األخــاق واألصــول‪،‬‬ ‫أن هــؤالء الجامعــة أيضــاً زارونــا منــذ ســنة‬ ‫أو ســنوات بتلــك املناســبة‪ ،‬ويجــب احــرام‬ ‫زيارتهــم وردهــا لهــم‪ .‬كانــت رحمهــا اللــه‬ ‫تحفــظ املناســبات‪ ،‬وكل امــرأة زارتهــا يف كل‬ ‫مناســبة‪ ،‬أمــا العــزاء والتعــازي فــكان خــارج‬ ‫الحســابات‪ ،‬ألنــه تقليــد دينــي‪ ،‬وفيــه أجــر‪،‬‬ ‫ومشــاركة أهــل الع ـزاء يف أحزانهــم للتخفيــف‬ ‫عــن مصيبتهــم‪.‬‬ ‫يف ذلــك اليــوم الربيعــي الجميــل واملشــمس‬ ‫عــى غــر العــادة‪ ،‬وحقــول القمــح متتــد إىل‬ ‫مــا ال نهايــة عــى كل الجهــات‪ ،‬نادتنــي وقــد‬ ‫أخرجــت ثــويب املطــوي بعنايــة مــن صندوقهــا‬ ‫الخشــبي الخــاص باملناســبات‪ ،‬الــذي رافقنــي‬ ‫لســنوات طويلــة‪ ،‬بحيــث تفــل طويــة منــه‬ ‫ي‪ ،‬ألن والــدي رحمــه اللــه كان‬ ‫كلــا قــر ع ـ ّ‬ ‫يأتينــي بثــوب أطــول منــي‪ ،‬وأمــي تتكفــل‬ ‫بتقصــره‪ ،‬لكــن كلــا زاد طــويل عــن الثــوب‪،‬‬ ‫كانــت تطيلــه بقــدر طــويل‪ ،‬ثــم تعيــد خياطتــه‬ ‫مــن جديــد‪ ،‬هكــذا يرتــاح والــدي مــن رشاء‬ ‫ثــوب كل عــام‪ ،‬وقالــت‪ :‬البــس لرتافقنــي إىل‬ ‫قريــة جرياننــا لنــزور أم فــان‪ ،‬ســمعت أنهــا‬ ‫مريضــة‪ ،‬وأعــدك أننــا لــن نتأخــر‪ ،‬واملســافة‬ ‫ليســت بالبعيــدة‪ ،‬وكالب قريتهــم تخيفنــي‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫من ذاكرة الطفولة‬

‫رفضــت مرافقتهــا إال أن تقســم بأغلــظ األميــان‬ ‫أنهــا لــن تتأخــر‪ ،‬فأقســمت‪ .‬مشــينا ملســافة‬ ‫ثالثــة كيلــو مـرات عــى مضــض منــي‪ ،‬محاولـ ًة‬ ‫التخفيــف عنــي بأحاديــث ووعــود دامئ ـاً تفــي‬ ‫بهــا‪ .‬قبــل أن نصــل القريــة بقليــل‪ ،‬يســارا ً عــى‬ ‫ســفح تلّــة صغــرة بعــض القبــور‪ ،‬ومــن بينهــا‬ ‫قــر عمــي‪ .‬وقفــت ثــم توجهــت إىل املقــرة‪،‬‬ ‫قــرأت الفاتحــة‪ ،‬فتوقعــت أنهــا أهدتهــا لــروح‬ ‫عمــي‪ ،‬لكنهــا‪ ،‬ختمــت الفاتحــة بكلــات (اللــه‬ ‫يرحــم روحــك يــا شمســة)‪.‬‬ ‫ســألتها وهــي متســح وجههــا‪ ،‬مــن هــي‬ ‫شمســة؟ قالــت‪ :‬اآلن وصلنــا للجامعــة‪ ،‬وحــن‬ ‫نعــود ذكــرين ألحــي لــك قصتهــا اللــه يرحمهــا‪.‬‬ ‫مل يذكــر يل أحــد شــيئاً عــن شمســة هــذه أبــدا ً‪،‬‬ ‫فبقــي ذهنــي مشــغوالً بشمســة وقصتهــا إىل أن‬ ‫قامــت أمــي مــن تأديــة واجبهــا االجتامعــي‪،‬‬ ‫خرجنــا برفقــة بعــض النســوة‪ ،‬يودعننــا إىل‬ ‫املقــرة تقريبــاً‪ .‬مــا إن تصافحــن مــع أمــي‬ ‫متمنــن لبعضهــن الســامة والخــر والربكــة يف‬ ‫البيــت والســامة لــأوالد‪ ،‬حتــى طلبــت منهــا‬

‫أن تحــي يل القصــة وبالتفصيــل‪.‬‬ ‫قالــت‪ :‬كانــت شمســة بنــت فــان مــن القريــة‬ ‫الواقعــة إىل الشــال مــن قريتنــا بنفــس‬ ‫املســافة تقريبــاً‪ .‬وحيــدة أبيهــا الشــيخ عــى‬ ‫أقاربــه والغنــي بــن أقرانــه‪ .‬كانــت جميلــة‬ ‫اللــه يرحمهــا‪ ،‬ولكــن قدرهــا أن تكــون وحيــدة‬ ‫بــا إخــوة‪ ،‬ومل يتــزوج أبوهــا غــر أمهــا‪ ،‬إخالصـاً‬ ‫لزوجتــه ولحبــه لهــا‪ .‬كــرت شمســة حتــى‬ ‫أصبحــت عزبــاء‪ ،‬تديــر شــؤون بيــت أبيهــا‬ ‫ضيافــ ًة وإطعامــاً‪ ،‬اســتقباالً وتوديعــاً‪ ،‬متابعــة‬ ‫للقطعــان ورعاتهــا‪ ،‬إىل غــر ذلــك مــن شــؤون‬ ‫الزراعــة‪ ،‬كانــت تتــرف كرجــل يف حيــاة أبيهــا‪.‬‬ ‫خطبهــا أكــر مــن واحــد‪ ،‬مــن أوالد عمومتهــا‪،‬‬ ‫رفضتهــم جميع ـاً‪ ،‬وكلــا ســألها والدهــا ملــاذا‬ ‫ترفضــن الــزواج مــن أوالد عمومتــك؟ كانــت‬ ‫تجيــب‪ :‬لــن أتــزوج‪ ،‬وســيبقى بيتــك عامــرا ً‬ ‫بوجــودك‪ ،‬ولــن يرثــك أحــد يف حياتــك‪.‬‬ ‫تــويف األب‪ ،‬أقيــم العــزاء‪ ،‬وتقبلــت شمســة‬ ‫التعــازي‪ ،‬وبعــد انتهــاء العــزاء‪ ،‬اجتمــع‬ ‫أعاممهــا‪ ،‬وقــرروا تقســيم الورثــة بينهــم‪ ،‬كانــت‬

‫هــي حصــة كاملــة‪ ،‬األغنــام حصــة‪ ،‬الخيــول‬ ‫حصــة‪ ،‬البيــت ومحتوياتــه حصــة‪ ،‬واألرض‬ ‫حصــة‪ ،‬ورضبــوا القرعــة‪ ،‬فكانــت مــن نصيــب‬ ‫أحدهــم‪ ،‬ويف صبــاح اليــوم التــايل‪ ،‬خرجــوا‬ ‫يتوزعــون الورثــة أمــام عينيهــا‪ .‬أخربوهــا أنهــا‬ ‫مــن نصيــب فــان‪ ،‬وهــذه حــال الدنيــا يــا ابنــة‬ ‫أخينــا‪.‬‬ ‫دخلــت البيــت‪ ،‬ثــم خرجــت عليهــم تحمــل‬ ‫بــارودة أبيهــا محشــوة‪ ،‬صاحــت عــودوا إىل‬ ‫بيوتكــم‪ ،‬ومــن يلمــس حاجــة مــا تــرك والــدي‬ ‫ســأقتله‪ .‬حاولــوا إقناعهــا بشــتى الســبل لــي‬ ‫تقبــل بقدرهــا ومصريهــا‪ ،‬لكنهــا كانــت ترفــض‬ ‫دامئــاً دون أن يعلــم أحــد مــاذا تقصــد مــن‬ ‫عنادهــا؟ أرســلوا لهــا النســوة إلقناعهــا بالعدول‬ ‫عــن رأيهــا‪ ،‬وأن تختــار مــن ترغــب يف الــزواج‬ ‫مــن أقاربهــا أصحــاب الورثــة‪ ،‬يف النهايــة‬ ‫قــررت أن تبــوح برسهــا إلحداهــن‪ ،‬أنهــا تحــب‬ ‫فــان مــن القريــة التــي زرناهــا‪ ،‬ووضعتــه‬ ‫رشطــاً واحــدا ً‪ ،‬أن يوافقــوا عــى زواجهــا مــن‬ ‫إســاعيل‪ .‬هــم يعرفــون إســاعيل‪ ،‬ليــس مــن‬ ‫أقاربهــم‪ ،‬وال مــن العشــرة‪ ،‬رفضــوا يف البدايــة‪،‬‬ ‫ورفضــت هــي أيضـاً القبــول بــأي اقـراح لهــم‪،‬‬ ‫واســتمروا فــرة‪ ،‬هــي ترفــض الــزواج إال مــن‬ ‫إســاعيل حبيبهــا‪ ،‬وهــم يرفضــون زواجهــا إال‬ ‫مــن أحــد أوالد عمومتهــا‪.‬‬ ‫اخـرا ً وافقــوا‪ ،‬فأرســلت إليــه‪ ،‬تعــال واخطبنــي‬ ‫مــن أعاممــي‪ .‬خطبهــا‪ ،‬بنــوا لــه خيمــة مــن‬ ‫القطــن األبيــض أمــام بيــت أهلــه‪ ،‬وزفوهــا لــه‬ ‫إىل خيمتــه‪.‬‬ ‫خــرج إســاعيل يف ليلتــه تلــك بثوبــه األبيــض‬ ‫(أبــو رويشــة)‪ ،‬مــا إن غــادر بــاب الخيمــة‬ ‫ألمتــار حتــى ُس ـ ِم َع دوي بــارودة تــردد صــداه‬ ‫بعيــدا ً عــن القريــة‪ .‬خرجــت شمســة تركــض‪،‬‬ ‫وخــرج أهــل القريــة يركضــون عــى غــر‬ ‫وجهــة‪ ،‬ولكــن رصخــة شمســة كانــت بوصلــة‬ ‫املــكان ليجتمعــوا حولهــا‪ ،‬وقــد احتضنتــه‬ ‫قتي ـاً‪ .‬يف صبــاح العــرس ســمعنا الخــر‪ ،‬ذهبنــا‬ ‫نعزيهــم بوفاتــه‪ ،‬واجتمعنــا نحــن النســوة‬ ‫مبعــزل عــن الرجــال‪ ،‬نبكيــه ونبــي حالهــا‪،‬‬

‫بينــا هــي صامتــة مذهولــة تنظــر إلينــا‪،‬‬ ‫وكأنهــا مل تســتوعب مــا حــدث‪ ،‬كانــت الليلــة‬ ‫األوىل يف عرســها وحياتهــا الزوجيــة‪ .‬قامــت‬ ‫شمســة وتوجهــت إىل فــرش البيــت‪ ،‬وأخرجــت‬ ‫بــارودة إســاعيل بهــدوء‪ ،‬وضعــت أخمصهــا‬ ‫عــى األرض وانحنــت فوقهــا حتــى المســت‬ ‫فوهــة البندقيــة صدرهــا‪ .‬طلبــت مــن إحــدى‬ ‫املعزيــات أن تغنــي بنــواح عــى إســاعيل مبــا‬ ‫يســتحق‪ ،‬تــرددت الندابــة بعــض الــيء‪ ،‬ولكــن‬ ‫تحــت إرصار شمســة غنــت بصــوت حزيــن‬ ‫بضــع مقاطــع تتأســف عــى شــبابه وحياتــه‪،‬‬ ‫وعــى شمســة‪ ،‬كنــا نظــن أنهــا قــد تطلــق‬ ‫رصاصــة يف الهــواء‪ ،‬لكــن مــا إن أكملــت الندابــة‬ ‫مقولتهــا حتــى دوت البــارودة يف قلــب شمســة‪،‬‬ ‫وســقطت بيننــا قتيلــة هــي األخــرى‪.‬‬ ‫تراكــض الرجــال ليســتطلعوا األمــر‪ ،‬ومــا زال‬ ‫قســم منهــم يحفــر ق ـرا ً إلســاعيل‪ ،‬عرفــوا أن‬ ‫شمســة لحقــت بــه وهــو مــا زال مســجى عــى‬ ‫ســفح التــل‪ ،‬صمتــت والــديت قليـاً‪ ،‬ثــم أكملــت‬ ‫ودموعهــا بــدأت تظهــر عــى شــكل غصــة يف‬ ‫حلقهــا‪ ،‬تركتهــا تكمــل براحتهــا‪ .‬ثــم تابعــت‪،‬‬ ‫غســلناها وكفناهــا‪ ،‬وحملوهــا إىل التــل هنــاك‪،‬‬ ‫ثــم دفنوهــا مع ـاً‪.‬‬ ‫بعــد ســنوات عــدة‪ ،‬تذكــرت قصتهــا‪ ،‬وطلبــت‬ ‫مــن الوالــدة أن تعيدهــا مــرة أخــرى‪ ،‬خفــت‬ ‫أن أكــون نســيت بعــض تفاصيلهــا‪ ،‬لكــن‬ ‫يبــدو أن ذاكــرة الطفولــة تختــزن الحــدث‬ ‫املقــرون باملأســاة بتفاصيلــه‪ .‬إال يشء واحــد‪،‬‬ ‫كنــت أجهلــه‪ ،‬أال وهــو مــن قتــل إســاعيل؟‬ ‫كنــت أظنــه أحــد أوالد عمومتهــا‪ ،‬لكــن تبــن‬ ‫طــاب ثــأر‪،‬‬ ‫أن مــن قتلــه‪ ،‬أنــاس مــن تركيــا‪ّ ،‬‬ ‫وهــم عــرب أيضــاً‪ ،‬عــروا الحــدود بســهولة‬ ‫حينهــا‪ ،‬حــن علمــوا بــزواج إســاعيل‪ ،‬وقــرروا‬ ‫أن يثــأروا مــن قبيلتهــم بقتــل إســاعيل ليلــة‬ ‫عرســه‪ ،‬مــع أن القاتــل هــو عــم إســاعيل‪.‬‬ ‫إكرام ـاً لهــا ولوالــديت وإلســاعيل‪ ،‬كلــا مــررت‬ ‫مــن جانــب املقــرة‪ ،‬أتذكــر والــديت‪ ،‬وأقــف‬ ‫هنــاك حيــث وقفــت هــي‪ ،‬أقــرأ الفاتحــة عــى‬ ‫أرواحهــم جميع ـاً‪.‬‬

‫عامــرا هــس يف مؤتمــر «هآرتــس»‪ :‬الهجــرة إىل إســرائيل تعتــر جريمــة‬ ‫* خالد خليل‬ ‫فجــرت ترصيحــات الكاتبــة والصحافيــة‬ ‫اإلرسائيليــة املشــهورة (عام ـرا هــس) قنبلــة يف‬ ‫األوســاط اإلعالميــة والشــعبية يف إرسائيــل حول‬ ‫اعتبارهــا هجــرة اليهــود إىل بالدهــا «جرميــة»‪.‬‬ ‫فقــد قالــت عامــرا هــس –وهــي مــن أبــرز‬ ‫محــرري صحيفــة هآرتــس وأشــهر وجــوه‬ ‫اليســار يف إرسائيــل‪ -‬خــال مشــاركتها يف مؤمتــر‬ ‫أقامتــه الصحيفــة يف نيويــورك‪« :‬مــن حقائــق‬ ‫التمييــز العنــري‪ ،‬الهجــرة اليهوديــة إىل‬ ‫إرسائيــل»‪ .‬معتــرة ذلــك جرميــة وخيــارا ً واعي ـاً‬ ‫للمشــاركة يف طــرد الفلســطينيني والفصــل‬ ‫العنــري الحقيقــي‪.‬‬ ‫وأوضحــت الكاتبــة‪« :‬كل مــن يخطــط للهجــرة‬ ‫إىل إرسائيــل‪ ،‬عليــه أن يعلــم بأنــه يرتكــب‬ ‫جرميــة»‪.‬‬ ‫وكانــت هــس قــد شــاركت يــوم األحــد الثالــث‬ ‫عــر مــن الشــهر الجــاري‪ ،‬يف إحــدى نــدوات‬

‫املؤمتــر بعنــوان (ال ـراع مــن أجــل املســاواة) مــن النهــر إىل البحــر‪ .‬يف املقابــل الفلســطينيون‬ ‫باالش ـراك مــع يســاريني آخريــن‪ .‬أشــارت فيهــا الــذي ُولــدوا فيهــا أو آباءهــم ال يســمح لهــم‬ ‫إىل أن األمريكيــن مــن أصــول فلســطينية الذين بالعــودة إليهــا وال املواطنــة»‪.‬‬ ‫يحاولــون الهجــرة إىل إرسائيــل‪ ،‬لــن يحصلــوا‬ ‫هــذا وذكــرت صحيفــة «معاريــف» أن‬ ‫عــى صفــة مواطــن‪ ،‬إال إذا كانــوا يهــودا ً‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق أوضحــت الكاتبــة‪« :‬ميكــن هــس شــنت كعادتهــا هجومــاً ضــد الهيمنــة‬ ‫ألي يهــودي أمريــي ومتــى مــا شــاء الحصــول اإلرسائيليــة عــى الضفــة الغربيــة واملضايقــات‬ ‫عــى حقوقــه يف البــاد – التــي ســلبت مــن التــي تُ ــارس بحــق الفلســطينيني بقولهــا‪« :‬و َمن‬ ‫يســكن منهــم (الفلســطينيني) يف إرسائيــل‬ ‫الفلســطينيني»‪.‬‬ ‫ملزمــون مبناطــق محــددة‪ :‬فالفلســطينيون يف‬ ‫وتــردف هــس بالقــول‪« :‬يهــود أمريــكا قطــاع غــزة ال يســمح لهــم باالنتقــال إىل الضفة‪،‬‬ ‫يســتطيعون متــى مــا يشــاؤون االســتمتاع وفلســطينيو الضفــة ال يحــق لهــم الســكن‬ ‫بالحقــوق‪ ،‬بينــا األغلبيــة الســاحقة مــن بالقــرب مــن تــل أبيــب أو يف نحــو ‪ 60%‬مــن‬ ‫الفلســطينيني يف كل أنحــاء العــامل ‪-‬حتــى وإن أرايض الضفــة‪ .‬يفقــد املواطنــون اإلرسائيليــون‬ ‫ولــدوا يف إرسائيــل ولديهــم أمــاك أو أرايض الفلســطينيون حقوقهــم االجتامعيــة إذا انتقلــوا‬ ‫مســجلة بأســائهم‪ -‬ال يحــق لهــم زيــارة للعيــش يف مســتوطنة فلســطينية بالقــرب مــن‬ ‫وطنهــم‪ .‬اليهــودي األمريــي ميكنــه الهجــرة (بيــت إيــل)‪ ،‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬وال يحــق‬ ‫واإلقامــة والعمــل يف أي مــكان يريــد يف إرسائيل لهــم للعيــش داخــل إرسائيــل إال يف قــرى غــر‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫مبعــاداة الســامية تــارة وبالخيانة والالمســؤولية‬ ‫معروفــة كوســيلة لطردهــم»‪.‬‬ ‫مــن جهــة أخــرى نقلــت صحيفــة «معاريــف» تــارة أخــرى‪.‬‬ ‫عــن (عامــوس شــوكان)‪ ،‬نــارش هآرتــس املنظمة‬ ‫للمؤمتــر‪ ،‬تعليقــه عــى ترصيحــات هــس يذكــر أن يف مؤمتــر «هآرتــس» الــذي تشــارك‬ ‫بالقــول‪« :‬خالف ـاً ملــا قالــت عام ـرا‪ ،‬أعتقــد إن فيــه شــخصيات إرسائيليــة وعامليــة سياســية‬ ‫إتاحــة املواطنــة لــكل يهــودي يف إرسائيــل هــي رفيعــة املســتوى‪ ،‬أثــار غضبــاً وجــدالً واســعاً‬ ‫مــن األســس الصهيونيــة‪ .‬ولكــن األهــم هــو يف األوســاط اإلرسائيليــة‪ ،‬ليــس إزاء ترصيحــات‬ ‫رفــض تعريــف الدولــة عــى أســاس دينــي»‪ .‬هــس الصادمــة فحســب‪ ،‬بــل حــول قضيــة‬ ‫ويتابــع عامــوس شــوكان‪« :‬التجربــة التاريخيــة إن ـزال العلــم اإلرسائيــي أثنــاء إلقــاء املســؤول‬ ‫املريــرة لليهــود كأقليــة يف الــدول األخــرى‪ ،‬يف الســلطة الفلســطينية (صائــب عريقــات)‬ ‫تُوجــب علينــا إعطــاء الفرصــة لحــل صهيــوين كلمتــه يف املؤمتــر‪ ،‬األمــر الــذي أُعتــر انتهــاكاً‬ ‫ودفعــه نحــو النجــاح – ولــن ينجــح إال عــر للســيادة‪ .‬إضافــة إىل مشــاركة الرئيــس‬ ‫الدميقراطيــة‪ .‬ولكــن إذا تبــن أن الصهيونيــة اإلرسائيــي (رؤوفــن ريفلــن) يف هــذا املؤمتــر‬ ‫ليســت حركــة دميقراطيــة وقامئــة عــى الــذي يســتضيف ممثلــن مــن منظمــة «كــر‬ ‫االحتــال والســلب والفصــل العنــري‪ ،‬فإنهــا الصمــت» التــي ترصــد انتهــاكات جيــش‬ ‫االحتــال اإلرسائيــي يف املناطــق الفلســطينية‬ ‫ســتتحول إىل إيديولوجيــا غــر رشعيــة»‪.‬‬ ‫هــذا وتوالــت التعليقــات وردود الفعــل املحتلــة‪.‬‬ ‫الرافضــة لهــذه الترصيحــات متهمــة الكاتبــة‬ ‫* «إعالمي سوري»‬ ‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ SAYI:32 YIL: 2016 )2) -‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 32‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مس��اءلة احلل��م‬

‫المغيرة الهويدي‬

‫مقتل زهران ّ‬ ‫علوش بني الشهادة والشماتة!‬ ‫حمزة رستناوي‬ ‫التوصيــف الدقيــق لزهــران علــوش هــو زعيــم‬ ‫مليشــيا ســ ّنية ســورية‪ ،‬تتبنــى ايدلوجيــا الســلفية‬ ‫الجهاديــة‪ ،‬مليشــيا تخــوض حربــا دينيــة ضــد نظــام‬ ‫اســتبدادي (ذو طبيعــة طائفيــة)‪ ،‬وضــد مليشــيات‬ ‫شــيعية (غــر ســورية) متحالفــة مــع إي ـران وبدعــم‬ ‫وإســناد خارجــي رويس‪ .‬وللتذكــر أن مصطلــح‬ ‫املليشــيا يشــمل كل مجموعــة مســلحة تابعــة لحركــة‬ ‫سياســية‪ ،‬مجموعــة غــر منضبطــة أو مســتقلّة عــن‬ ‫مفهــوم الدولــة والجيــش الوطنــي‪ ،‬وتكــون مــن لــون‬ ‫أيديولوجــي أو طائفــي أو عرقــي أو قبــي واحــد‪.‬‬ ‫*إ ّن الحكــم أو الدولــة التــي كان ينشــدها زهــران‬ ‫علــوش وعــرات القــادة مــن فصائــل الســلفية‬ ‫ـت ســوريا الدميقراطيــة‬ ‫الجهاديــة‪ ،‬بداهــة هــي ليسـ ْ‬ ‫العلامنيــة الحديثــة‪ ،‬القامئــة عــى املواطنــة املتســاوية‬ ‫واحــرام حقــوق االنســان‪ .‬زهــران علّــوش ينشــد‬ ‫ويجاهــد يف ســبيل دولــة دينيــة تطبّــق مــا يُســ ّمى‬ ‫(حكــم اللــه‪ -‬حكــم الرشيعــة اإلســامية‪ -‬دولــة‬ ‫اإلســام)‪ ،‬وهــي دولــة تجاوزهــا الزمــن‪ ،‬ضــا ّرة مبصلحة‬ ‫مــن يوالونهــا قبــل غريهــم‪ ،‬دولــة تس ـ ّوق الســتبداد‬ ‫ســيايس واجتامعــي‪ ،‬وميكــن مراجعــة فيديوهــات‬ ‫زهــران علــوش والبيانــات الرســمية لجيــش اإلســام‬ ‫لــي نتأكّــد مــن ذلــك دون أدىن لبــس‪ ،‬ومفاهيــم مــن‬ ‫قبيــل‪ :‬الحريــة وحقــوق اإلنســان ال تــرد يف القامــوس‬ ‫الســيايس لخطــاب جيــش اإلســام وزعيمــه‪ ،‬وحتّــى‬ ‫كلمــة ســوريا ال تــرد إال بخجــل وعــى اســتحياء‪،‬‬ ‫وإ ّن ســلوك جيــش اإلســام ليــس بعيــدا ً عــن هكــذا‬ ‫فهــم وأيديولوجيــا‪ ،‬كعــدم وجــود مجالــس مدنيــة‬ ‫وبلديــة مســتقلة عــن ســلطة جيــش اإلســام‪ ،‬خــروج‬ ‫مظاهـرات يف الغوطــة تطالــب علــوش بإخــاء ســبيل‬ ‫أبنائهــم مــن الســجون‪ ،‬خطــف عائــات العســكريني‬ ‫العلويــن وعرضهــم يف أقفــاص لتج ّنــب الغــارات‬ ‫الجويــة‪ ،‬قصــف أحيــاء دمشــق‪ ،‬اتهامــات قويــة‬ ‫باختفــاء الناشــطة الحقوقيــة رزان زيتونــة ورفاقهــا‪..‬‬ ‫الــخ‪.‬‬ ‫* يتمتّــع زهــران علــوش بخطــاب براغــايت ذيك‬ ‫يتناســب مــع الظــروف‪ ،‬يظهــر بشــكل خــاص يف‬ ‫مقابالتــه مــع اإلعــام الغــريب‪ ،‬ويتمتّــع زهـران علــوش‬ ‫كذلــك بشــخصية كاريزميــة‪ ،‬وبخصائــص قياديــة مه ّمة‬ ‫مكّنتــه مــن تصفيــة خصومــة أو توحيدهم يف تشــكيل‬

‫عســكري واحــد ملقاتلــة النظــام األســدي وحلفــاءه‪،‬‬ ‫ومكّنتــه مــن نســج عالقــات سياســية واســعة تتجــاوز‬ ‫ســوريا إىل الســعودية وتركيــا والغــرب كذلــك‪ ،‬بحيــث‬ ‫أصبــح الشــخصية الســورية األكــر قبــوالً مــن املجتمــع‬ ‫خاصــة‬ ‫الــدويل يف الحلــف املعــادي للنظــام األســدي‪ّ ،‬‬ ‫أنّــه مقاتــل رشس لتنظيــم داعــش‪ ،‬وكذلــك فقــد‬ ‫أبــدى جيــش اإلســام مرونــة يف التوافــق مــع االئتــاف‬ ‫الوطنــي وتشــكيالت املعارضــة الســورية األخــرى يف‬ ‫مؤمتــر الريــاض األخــر قبــل وفات ـ ِه‪ ،‬لتجنيــب فصيلــه‬ ‫التصنيــف تحــت الالئحــة الدوليــة لإلرهــاب‪ ،‬وضــان‬ ‫دور مســتقبيل أكــر لجيــش اإلســام‪ ،‬وهــي النقــاط‬ ‫تســ ّجل لصالحــه‪ ،‬وتدعــم املراهنــة عــى إمكانــات‬ ‫تطويــر الخطــاب الســيايس لديــه‪.‬‬ ‫*نســتطيع تفســر التعاطــف الكبــر مــع مقتــل‬ ‫زه ـران علــوش بع ـ ّدة أســباب‪ :‬األول‪ -‬جــرى اغتيالــه‬ ‫مــن قبــل أو يف ســياق غــزو امربيــايل رويس‪ ،‬وتلــك‬ ‫نقطــة حساســة‪ ،‬وكشــخص وطنــي ســوري ال ميكــن أن‬ ‫تؤيّــد الغــزو األجنبــي بغــض النظــر عــن موقفــك مــن‬ ‫زه ـران علّــوش‪.‬‬ ‫ثاني ـاً‪ -‬كونــه ميثــل زعيــم ســوري س ـ ّني‪ ،‬والنــاس – يف‬ ‫حالــة رشقنــا – تتعاطــف مــع مــن يشــبهها ويشــاركها‬ ‫االنتــاء الدينــي واملذهبــي والعرقــي والقبــي‪ ..‬الــخ‬ ‫ثالث ـاً‪ -‬جــاء اغتيــال زه ـران علــوش يف زمــن أخــذت‬ ‫فيــه ك ّفــة النظــام األســدي بامليــل عســكرياً وسياســياً‪،‬‬ ‫وبالتــايل ظهــور شــبح عــودة هيمنــة النظــام األســدي‬ ‫بــكل بشــاعاته‪ ،‬ومــا قــد يرافــق ذلــك‬ ‫عــى ســوريا ّ‬ ‫مــن تبعــات إنســانية ومســتقبلية هائلــة‪ ،‬وإ ّن اغتيــال‬ ‫زهــران علــوش ورفاقــه هــو استشــعار بالنتيجــة‬ ‫الكارثيــة الفادحــة التــي قــد تنتهــي اليهــا (الثــورة‬

‫الســورية)‬ ‫رابع ـاً‪ -‬غــر املترضريــن مبــارشة مــن جيــش اإلســام‬ ‫وزهــران علّــوش يتعاطفــون مــع أي حالــة وفــاة‪،‬‬ ‫خاصــة إذا كانــت لشــخصية عســكرية المعــة إعالميـاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعامــة النــاس تتحفّــظ عــى الشــاتة‪ ،‬وهــذا مــن‬ ‫فطــرة البــر!‬ ‫ويف النهايــة أعــرف أ ّن تنــاول مقتــل زهــران علّــوش‬ ‫مــن منظــور – أقــرب للموضوعيــة‪ -‬يف هــذا الظــرف‬ ‫والســياق قــد يجلــب يل املشــاكل والعــداوات‪ ،‬ولك ّنــه‬ ‫واجبــي ككاتــب ســوري أحــرم عقــول النــاس‪ ،‬وأترفّــع‬ ‫عــن اســتغالل عواطفهــم‪ ،‬وكــا مل أط ّبــل وأز ّمــر لنظام‬ ‫األســدين‪ ،‬كذلــك مل ولــن أط ّبــل وأزّمــر لغريهــا مــن‬ ‫زمــرة املســتب ّدين وأم ـراء الســلفية الجهاديــة‪.‬‬ ‫*ليــس مــن مــكارم األخــاق أو الشــعور الوطنــي أن‬ ‫يشــمت أحدهــم مبقتــل زهــران علــوش مــن قبــل‬ ‫َ‬ ‫نظــام بربــري ال يقيــم اعتبــارا ً لألخــاق والوطنيــة‬ ‫الســورية‪ ،‬أو مــن قبــل الغــزاة الــروس‪ ،‬وال يشء‬ ‫يُلــزم عمــوم النــاس‪ ،‬ومبــن فيهــم املســلمني بوصفــه‬ ‫بالشــهيد‪ ،‬كــون الشــهيد هــو مــن مــات دفاعــاً‬ ‫والتزام ـاً بأولويــات الحيــاة والعــدل والحريــة‪ ،‬وهــذه‬ ‫أولويــات غــر محصــورة بعقيــدة دينيــة مع ّينــة‬ ‫دون غريهــا! فقــد ورد يف القــرآن الكريــم «ث ُــ َّم إِ َ َّل‬ ‫َم ْر ِج ُع ُكـ ْم فَأَ ْح ُكـ ُم بَ ْي َن ُكـ ْم ِفيـ َـا كُ ْنتُـ ْم ِفي ـ ِه تَ ْختَلِ ُفــو َن‬ ‫﴿‪ ٥٥‬آل عمــران﴾‬ ‫* تعقيبــا عــى مقــايل أعــاه وردين خطــاب مــن‬ ‫صديــق قديــم‪« :‬ندعــوا املتشــ ِّدقني والناقديــن‬ ‫أن يســخِّروا أقالمهــم لفضــح إجــرام النظــام عــى‬ ‫أهــل الداخــل الســوري‬ ‫الشــعب الســوري‪ ...‬نحــن َ‬ ‫وأهــل‬ ‫َ‬ ‫نطالــب أهــل التنظــرِ الكالمــي‬ ‫الصامديــن‬ ‫ُ‬ ‫األقــام الناقــدة والحريصــن عــى الثــورة والفكــ ِر‬ ‫املعتــدل واملعاديــن للتطّــرف أن يتفضّ لــوا للداخــل‬ ‫ويشــكلوا كتيبــة مقاومــة للظلــم ونقبــل منهــم أن‬ ‫ينــروا فكــر االعتــدال ولــو بالســاح يك نصــدق‬ ‫وإل فليخرســوا لألبــد!‬ ‫اعتدالهــم ووطن ّيتهــم ّ‬ ‫ثـ ّم علّــق آخــر‪ :‬فــروا بعــد هلّــق نقبــل بهــم!! شــلة‬ ‫كذابــن مســتعهرين مــع اســتحقاب ســيايس‪ ،‬عليهــم‬ ‫مــن اللــه مــا يســتحقون!!‬ ‫وعــى ذلــك أعقّــب‪ :‬ملــاذا قــام الشــعب الســوري‬ ‫بثورتــه إذن! والثــورة فعــل تحــرري مــن الظلــم‬ ‫ليســت ســاحاً‬ ‫وليــس مــن ظــامل بعينــه! الثــورة‬ ‫ْ‬ ‫فقــط!‬

‫اليأس عدو الحياة وخصم الحريّة!‬ ‫اليــأس ابــن اإلنــكار وأصــل احتقــار الــذات‪ ،‬الســوط الــذي نجلــد بــه‬ ‫أنفســنا‪ ،‬نعاقبهــا ألنّهــا حلمــت أبعــد مــن حــدود الواقــع‪ ،‬أبعــد مــن‬ ‫مســافات األمــان املزيّــف!‬ ‫اليــأس هــو الجهــل بالتاريــخ‪ ،‬العــاء الــذي ال يحتــاج يــدا ً تغطّــي أعيننــا‬ ‫لــرى الحيــاة كــا يجــب‪ ،‬هــو أن تفتــح عينيــك فــا تــرى شــيئاً!‬ ‫ِ‬ ‫كاملوت أو هو!‬ ‫اليأس هو أن تهرب من املوت إىل حياة‬ ‫نعــم‪ ،‬أنــا أدعوكــم إىل الحلــم‪ ،‬إىل األمــل‪ ،‬إىل الهــروب مــن املــوت‬ ‫البطــيء الــذي يغمرنــا بضبــاب الواقــع الراهــن‪ ،‬وأدعوكــم إىل مواجهــة‬ ‫الحلــم أيضــاً بشــجاعة‪.‬‬ ‫ميكنــك أن تذعــن لليــأس عندمــا تق ـ ّدر أن موتــك البطــيء أفضــل مــن‬ ‫كل يشء وتنحــاز إىل املــايض لــرى‬ ‫حيــاة ال تســتحقها‪ ،‬وميكنــك أن تــرك ّ‬ ‫فيــه أفضــل مــا ميكــن أن يحــدث لــك‪.‬‬ ‫عندمــا ك ّنــا يف ال ّرقــة‪ ،‬كنــا نتبــاىك عــى حالتهــا والتهميــش الــذي تتعــرض‬ ‫لــه د ّرة الفـرات‪ ،‬أمعــن النظــام يف إهــال املحافظــة وتهميشــها‪ ،‬تجاهــل‬ ‫أصــوات أبنائهــا‪ ،‬ح ّولهــا إىل رض ٍع يــدر حليــب الــروات إىل جيــوب‬ ‫املتنفذيــن‪ .‬كنــا نخــر الكثــر دون أن نربــح اعرتافــاً حقيقيــاً يصــوغ‬ ‫ر فيــه‬ ‫هويّتنــا الوطن ّيــة‪ .‬كنــا ن ّؤكــد عــى ســوريتنا يف وقــت كان يــ ّ‬ ‫النظــام عــى تــرك مســافة فاصلــة تكــون كافيــة ملعاقبتنــا بســياط القمــع‬ ‫كل‬ ‫والقهــر‪ .‬وهــذا مــا أكملتــه املعارضــة منــذ انطــاق الثــورة‪ .‬كنــا مثــل ّ‬ ‫الســوريني نحلــم بالحريــة والعدالــة والكرامــة‪ ،‬وكان علينــا أن نثبــت‬ ‫للجميــع أنّنــا ســوريون ولنــا أحالمنــا الكــرى‪ ،‬وحياتنــا التــي تســتحق‬ ‫ذلــك‪ ،‬أننــا جــزء مــن هــذا الوطــن رغــم التهميــش واإلســاءات التــي‬ ‫تعــرض لهــا الحــراك الشــعبي يف املحافظــة‪ .‬كنــا نحلــم بدفــع التّهــم‬ ‫الجاهــزة واملسـ ّبقة مــن أننــا لســنا أهـاً للحريّــة‪ ،‬وأننــا لســنا أكــر مــن‬ ‫«شــوايا»‪ ،‬جهلــة ومتخلفــن ومــن الجيــد جــدا ً أن نكــون وقــود املحرقــة‪.‬‬ ‫أعنــي الحــروب التــي تــدار عــى أرض ســورية بالوكالــة‪.‬‬ ‫نقــول «الرقــة دفعــت الثمــن مضاعفـاً» هــذه حقيقــة ال ميكــن إنكارهــا‬ ‫أو تجاهلهــا أو تجاوزهــا‪ ،‬ولكــن ليــس بدافــع التبــايك واليــأس وجلــد‬ ‫الــذات الــذي كان منطق ـاً ســائدا ً عنــد الكثــر‪ .‬كنــا ندفــع عــن أنفســنا‬ ‫تجاهلهــم بــاإلرصار املبالــغ فيــه أحيان ـاً عــى أن يرونــا‪ ،‬وأحيانًــا كثــرة‬ ‫بالتقوقــع واالنغــاق‪ ،‬وكان م ّنــا مــن يحــاول أن يس ـ ّوغ تجاهلهــم لنــا‬ ‫بتبنــي تص ّورهــم عــن منطقتنــا عموم ـاً‪.‬‬ ‫ر‬ ‫أن تدفــع الرقــة مثن ـاً مضاعف ـاً‪ ،‬أن نكــون ضحايــا لعبــة قــذرة‪ ،‬أن ي ـ ّ‬ ‫العــامل عــى تشــويه الحلــم بابتــداع أقنعــة مشـ ّوهة‪ ،‬هــذا ال يعنــي أبــدا ً‬ ‫اليــأس وإن كان حقيقــة ال ميكــن دفعهــا بالــكالم فحســب‪ .‬بــل بــاإلرصار‬ ‫عــى الحيــاة كــا يجــب!‬ ‫أن تدفــع الرقــة الثمــن مضاعفـاً‪ ،‬أن نكــون يف موقــع االت ّهام‪ ،‬أن تســتحيل‬ ‫بيئــة خصبــة لإلرهــاب‪ ،‬وأن تســمع صيحــات الثــأر مــن أهلنــا البســطاء‪،‬‬ ‫واألصــوات التــي تتعــاىل لتدمــر الرقــة وإبادتهــا‪ .‬كل هــذا يعنــي اإلرصار‬ ‫عــى الحيــاة كــا يجــب!‬ ‫نعــم نجــح العــامل يف تحويــل الرقــة إىل وحـ ٍ‬ ‫ـش مفــرس‪ ،‬ليــس برغبتنــا‪،‬‬ ‫نحــن نعــرف هــذا جيّــدا ً‪ ،‬نعــرف طبيعتنــا الســمحة وتقبلنــا لآلخــر‪.‬‬ ‫نعــرف مبالغاتنــا واقتضابنــا‪ .‬نعــرف مواطــن ضعفنــا وقوتنــا‪ .‬نعــرف‬ ‫ج ّيــدا ً موقعنــا عــى خارطــة الحريّــة‪.‬‬ ‫واآلن وبعــد ســنتني مــن ســيطرة تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش»‬ ‫عــى ال ّرقــة‪ .‬بــات لزامـاً علينــا ّأل نتخــى عــن الحلــم‪ ،‬ســتنتهي الحــرب‪.‬‬ ‫وســيكون الثمــن باهظــاً‪ ،‬لكــ ّن هــذا ال يعنــي اليــأس‪ ،‬بــل تجــاوز‬ ‫التفاهــات الوطن ّيــة والشــعارات الرنانــة‪ .‬كــا يعنــي اإلرصار عــى الحياة‪،‬‬ ‫مواجهــة املســلامت بالشــك‪ ،‬والتمســك بالحلــم‪ ،‬ومســاءلة الحلــم أيضـاً!‬ ‫هل قلت مساءلة الحلم؟!‬ ‫كل حني!‬ ‫نعم ويف ّ‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬ ‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 31‬كانــون الثانــي ‪2016‬‬ ‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.