Alharmal (35) 01 03 2016 العدد 35 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫صفحة ‪/ 7 /‬‬

‫إشكالية اهلويات الطارئة وحياكة نسيجها الواهي‬

‫نــزوح متواصــل للســوريني‬

‫صفحة ‪/ 3 /‬‬

‫نق��ص دواء ح��اد يف الرقة ومرضى الس��كري يس��تغيثون‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫‪sayı 35‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫النظــام الســوري يخــرق الهدنــة وروســيا تدعــو إىل التقســيم‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫الدب الروســي‪ ..‬بــن النحل‬ ‫الســوري‪ ..‬وعيــون األنغــورا‬ ‫الرتكية!‬ ‫بسام البليبل‬

‫داعــش تتســلل إىل تــل أبيــض‬ ‫و إعدامــات يف حمــام الرتكمــان‬

‫موسكو تروج للفيدرالية‪..‬‬ ‫واملعارضــة الســورية ترفــض؟!‬

‫عــى األقــدام مــن البلــدة‪ ،‬وســط حصــار‬ ‫مطبــق منــذ ع ـدّة أيــام‪.‬‬ ‫وأفــاد املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان‬ ‫عــى لســان مديــره رامــي عبــد الرحمــن‪،‬‬ ‫أن أعــداد قتــى داعــش تجــاوزت الســبعني‬ ‫شــخصاً‪ ،‬فيــا قُتــل نحــو ‪ 20‬مقات ـاً مــن‬ ‫وحــدة حاميــة الشــعب وقــوات األســايش‪،‬‬ ‫فيــا وردت أنبــاء عــن اســتهداف ط ـران‬ ‫التحالــف ملنزلــن يف موقــع مجــاور ملفــرق‬ ‫عــن العــرب‪ ،‬واستشــهاد عائلــة بالكامــل‪.‬‬ ‫وتناقــل ناشــطون أنبــا ًء عــن قيــام ط ـران‬ ‫التحالــف بقصــف محيــط بلــدة عــن‬ ‫عيــى التــي تشــهد اشــتباكات متواصلــة‬ ‫بــن جيــش ســوريا الدميوقراطــي وعنــارص‬ ‫داعــش‪ ،‬واســتهداف قريــة الغــازيل شــال‬ ‫الرقــة بنحــو ‪50‬كــم بأكــر مــن ‪ 50‬غــارة‬ ‫جويــة‪ ،‬حيــث تحولــت القريــة إىل أثــر‬ ‫بعــد عــن‪ ،‬فيــا قــام عنــارص مــن البيــدا‬ ‫بتفجــر جــر بريغــي عــى نهــر الجــاب‪،‬‬ ‫رشقــي تــل أبيــض‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تشــهد فيــه منطقــة‬ ‫شــال مدينــة الرقــة هــذه االشــتباكات‪،‬‬ ‫واصــل الطـران الــرويس وطـران التحالــف‬ ‫قصفــه ملدينتــي الرقــة والطبقــة بعــدة‬ ‫غــارات أســفرت عــن وقــوع عــدد مــن‬ ‫الشــهداء والجرحــى يف صفــوف املدنيــن‪.‬‬

‫تــم طرحهــا يف الســنوات األخــرة يف‬ ‫مختلــف املحافــل الدوليــة‪ ،‬ســواء كانــت‬ ‫رســمية أو بحثيــة»‪.‬‬ ‫ولكــن رمبــا يكــون ترصيــح جــون كــري‬ ‫وزيــر الخارجيــة األمريــي‪ ،‬هــو أكــر مــن‬ ‫اســتثار مشــاعر الســوريني عندمــا قــال يف‬ ‫شــهادته أمــام الكونغــرس‪« :‬رمبــا فــات‬ ‫األوان إلبقــاء ســوريا موحــدة»‪ ،‬مؤكــدا ً‬ ‫أن هنــاك خطــة بــاء ميكــن اللجــوء إليهــا‬ ‫يف حــال فشــل الحــل الســيايس‪ ،‬وانهــارت‬ ‫صيغــة املرحلــة االنتقاليــة‪ ،‬وهــي الخطــة‬ ‫التــي يبــر بهــا أيضــاً وزيــر الخارجيــة‬ ‫الســعودي عــادل الجبــر‪ ،‬دون الكشــف‬ ‫عــن مضمونهــا حتــى اآلن‪ ،‬والتــي رمبــا‬ ‫تكــون عصيــة عــى فهــم األطــراف‬ ‫اإلقليميــن املتصارعــن عــى األرض‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫ويف حديــث متصــل‪ ،‬كشــف معارضــون‬ ‫ســوريون أن املبعــوث األممــي دميســتورا‬ ‫استشــار بعــض مــن ممثــي املعارضــة‬ ‫الســورية املتنوعــة حــول رأيهــم بــأن‬ ‫يكــون شــكل الدولــة الســورية فيدراليــة‪،‬‬ ‫وأكــدوا عــى وجــود إجــاع عــى رفــض‬ ‫الفكــرة‪ ،‬والتشــديد عــى مركزيــة الدولــة‬ ‫مســتقبالً‪.‬‬

‫الحرمل ـ خاص‬

‫اســتطاع عــدد مــن عنــارص تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية «داعــش» التســلل إىل‬ ‫مدينــة تــل أبيــض الحدوديــة‪ ،‬وتحصنــوا‬ ‫يف عــدد مــن املواقــع بهــدف الســيطرة‬ ‫عــى املدينــة‪ ،‬بالتزامــن مــع اســتهداف‬ ‫حواجــز قــوات الحاميــة الشــعبية‬ ‫بالســيارات املفخخــة‪ ،‬وبعــد اشــتباكات‬ ‫عنيفــة بــن الطرفــن‪ ،‬واســتهداف مناطــق‬ ‫متركــز عنــارص داعــش مــن قبــل طــران‬ ‫التحالــف الــدويل يف مبنــى املركــز الثقــايف‬ ‫يف تــل أبيــض‪ ،‬ومبنــى آخــر يف بلــدة عــن‬ ‫العــروس املتاخمــة ملدينــة تــل أبيــض‪،‬‬ ‫متكنــت قــوات حاميــة الشــعب مــن فرض‬ ‫ســيطرتها ثانيــة عــى مدينــة تــل أبيــض‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع حركــة نــزوح شــهدتها‬ ‫املدينــة باتجــاه الحــدود الســورية الرتكيــة‬ ‫ومنطقــة عــن العــرب (كوبــاين) شــملت‬ ‫الكــورد والعــرب‪.‬‬ ‫واســتطاع عنــارص التنظيــم أن يســيطروا‬ ‫عــى بلــدة حــام الرتكــان‪ ،‬وقريــة‬ ‫الزيبقيــة‪ ،‬وجــزء كبــر مــن بلــدة ســلوك‪،‬‬ ‫وقامــوا بسلســلة مــن اإلعدامــات امليدانية‬ ‫بحــق عــدد مــن أهــايل بلــدة حــام‬ ‫الرتكــان‪ ،‬فيــا أجــروا نحــو ‪ 70‬عائلــة‬ ‫مــن أهــايل حــام الرتكــان بالخــروج سـرا ً‬

‫الحرمل ـ خاص‬ ‫مل يكــن الترصيــح الــذي أدىل بــه ســرجي‬ ‫ريابكــوف نائــب وزيــر الخارجيــة الــرويس‬ ‫ظهــر يــوم االثنــن‪ ،‬الوحيــد مــن نوعــه‪،‬‬ ‫حيــث قــال فيــه‪« :‬نأمــل أن يتوصــل‬ ‫املشــاركون يف املفاوضــات الســورية إىل‬ ‫فكــرة إنشــاء جمهوريــة فيدراليــة»‪.‬‬ ‫مضيفــاً «أســتبعد تطــور األحــداث يف‬ ‫ســوريا وفــق ســيناريو كوســوفو‪ ،‬وال بــد‬ ‫مــن وضــع معايــر محــددة للهيكليــة‬ ‫السياســية يف ســوريا يف املســتقبل‪ ،‬تعتمــد‬ ‫عــى وحــدة أرايض البــاد مبــا يف ذلــك‬ ‫إنشــاء جمهوريــة فيدراليــة خــال‬ ‫املفاوضات»‪.‬‬ ‫وكان قــد قــال الخبــر الــرويس وأســتاذ‬ ‫العالقــات الدوليــة ليونيــد ســوكيانني‪« :‬إن‬ ‫فكــرة تشــكيل اتحــاد فيــدرايل يف ســوريا‪،‬‬

‫الــدب الــذي يتشــ ّهى العســل‪ ،‬ال يوقفــه دوران النحــل حــول‬ ‫أذنيــه‪ ،‬وإنّ ــا تلــك التــي تلســعه يف أنفــه وعينيــه‪.‬‬ ‫ويبــدو أن الــدب الــرويس الــذي أفــاق مــن ســباته الشــتوي الطويــل‪،‬‬ ‫باحث ـاً عــن مرت ـعٍ لــه يف ســورية‪ ،‬مل يتلـ َـق تلــك اللســعات بعــد مــن‬ ‫النحــل الســوري الــذي يشــتهر بقــوة طريانــه‪ ،‬ودفاعــه عــن خليتــه‪،‬‬ ‫ـس مبخاطــر التجــول يف بيئــات عــدوة‪ ،‬وأدرك أن الحــار‬ ‫غــر أنــه أحـ ّ‬ ‫الدميقراطــي الســعيد بتورطــه يف أفغانســتان جديــدة‪ ،‬ال يقــل مكــرا ً‬ ‫ورشاســة عــن الفيــل الجمهــوري الــذي قــد يصــل إىل البيــت األبيــض‬ ‫قريب ـاً‪.‬‬ ‫فيــا عيــون قطــط األنغــورا الرتكيــة الالمعــة تراقــب بحــذر مــن‬ ‫مكامنهــا يف جبــال األناضــول‪ ،‬خطــوات الــدب الــرويس الثقيلــة‪ ،‬وهــي‬ ‫التــي طاملــا خمشــت‪ ،‬عــى مــدى ســبعة عــر حرب ـاً خاضتهــا مــع‬ ‫روســيا‪ ،‬وجــه الــدب الــرويس القمــيء‪.‬‬ ‫وأغلــب الظــن‪ ،‬وفــق املــؤرشات الحاليــة لتطبيــق هدنــة وقــف‬ ‫العمليــات العدائيــة‪ ،‬ومــا ســبق مــن زجــر الــروس للنظــام الســوري‬ ‫لقبــول الهدنــة‪ ،‬أ ّن وقــف إطــاق النــار وإن شــابته بعــض الخروقــات‪،‬‬ ‫ســيظل الحــل األمثــل الــذي ســيحرص الجميــع عــى اســتمراره‪ ،‬ملبــارشة‬ ‫العمليــة السياســية التــي ال بــد منهــا لــكل األطــراف‪ ،‬للخــروج مــن‬ ‫األزمــة الســورية التــي باتــت أزمــة إقليميــة وعامليــة‪.‬‬ ‫لقــد بــات واضح ـاً للــدول التــي تديــر ال ـراع عــى األرض الســورية‪،‬‬ ‫أن الشــعب الســوري مـ ٍ‬ ‫ـاض إىل تقريــر مصــره‪ ،‬واختيــار نظــام حكمــه‪،‬‬ ‫مهــا كانــت التضحيــات‪ ،‬وأ ّن دعــم النظــام املتهالــك القاتــل لشــعبه‬ ‫ليــس خيــارا ً حكيــاً‪ ،‬بعــد أن صــار اســتمراره مبعــث قلــق أمنــي‬ ‫بصفتــه الجاذبــة لإلرهــاب‪ ،‬ومبعــث قلــق إنســاين بصفتــه اإلجراميــة‪.‬‬ ‫وبــات واضح ـاً أ ّن الشــعب الســوري لــن يقبــل عــى أرضــه بكيانــات‬ ‫انفصاليــة‪ ،‬أو كانتونــات فيدراليــة‪ ،‬ألن الــراب الســوري غــر قابــل‬ ‫للتجزئــة‪ ،‬والهويــة الســورية الجامعــة إنّ ــا تأخــذ صفتهــا مــن االنتــاء‬ ‫للوطــن قبــل أي انتــاء آخــر‪.‬‬ ‫وعــى الــركاء يف الوطــن مــن املكونــات االجتامعية الســورية املتعددة‪،‬‬ ‫وال ســيام الكــورد أن يدركــوا هــذه الحقائــق‪ ،‬إضافــة لحقائــق أخــرى‬ ‫تشــر إىل أن أمريــكا لــن تغامــر بعالقتهــا االسـراتيجية مــع دولــة قويــة‬ ‫مثــل تركيــا‪ ،‬إلنشــاء كيــان كــردي انفصــايل يف الشــال الســوري‪ ،‬الــذي‬ ‫لــن تســمح بــه تركيــا مهــا كانــت الظــروف‪.‬‬ ‫فإنشــاء «قنديــل» ثانيــة عــى الحــدود الســورية أمــر مســتحيل‪ ،‬كــا‬ ‫رصح أردوغــان‪ ،‬يف إشــارة إىل قواعــد حــزب العــال الكوردســتاين يف‬ ‫ّ‬ ‫شــال الع ـراق‪.‬‬ ‫وإ ّن واشــنطن لــن تــيء إىل قيــم الدميقراطيــة التــي تدعيهــا‪ ،‬بــأن‬ ‫توافــق عــى أن يتحــول رشيكهــا الكــردي يف محاربــة اإلرهــاب إىل قــوة‬ ‫رصح بذلــك املنســق األمريــي للتحالــف الــدويل ضــد‬ ‫احتــال‪ ،‬كــا ّ‬ ‫داعــش «جــون آلــن»‪.‬‬ ‫وإ ّن اعتــاد الكــورد عــى الــروس لــن مينحهــم أكــر مــن ممثليــة‬ ‫دبلوماســية يف موســكو‪ ،‬مقابــل التضحيــة بعالقتهــم املصرييــة مــع‬ ‫الشــعب الســوري‪ ،‬واإلســاءة إىل حقوقهــم التــي ميكــن مناقشــتها يف‬ ‫إطــار املواطنيــة الكاملــة وحقــوق اإلنســان‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫دير الزور غارات متواصلة للطريان الروسي‬

‫اختطاف أمري الحسبة يف بقرص والعثور على جثته مذبوح ًا‬

‫دير الزور ـ الحرمل‬ ‫اســتهدف الطــران الــرويس مدينــة ديــر‬ ‫الــزور بأكــر مــن عــر غــارات توزعــت‬ ‫عــى أحيــاء العــال والحميديــة والشــيخ‬ ‫ياســن ودوار غســان عبــود واملطــار القديــم‬ ‫والحويقــة ومحيــط جــر السياســية‪ ،‬مــا‬ ‫أدى لوقــع عــدد مــن الشــهداء وعــرات‬ ‫الجرحــى‪ ،‬وتــم تســوية منزلــن بــاألرض يف‬ ‫حــي الحميديــة جــراء قصفهــا بصواريــخ‬ ‫الطائــرات الروســية‪.‬‬ ‫مــن ناحيــة ثانيــة مــا زال تنظيــم داعــش‬ ‫يشــن حملــة اعتقــاالت تطــال شــباب الريفــن‬ ‫الرشقــي والغــريب‪ ،‬وتركــزت خــال الســاعات‬ ‫املنرصمــة عــى مرتــادي مقاهــي االنرتنــت يف‬ ‫بعــض القــرى التــي ســمح لهــا بفتــح مقهــى‪.‬‬ ‫يف ريــف ديــر الــزور الرشقــي‪ ،‬أفــاد نشــطاء‬

‫أن مجهولــن قامــوا باختطــاف املدعــو أبــو‬ ‫صالــح الجــزراوي أمــر الحســبة يف قريــة‬ ‫بقــرص منــذ عــدة أيــام‪ ،‬ومل يعلــم باملوضــوع‬ ‫إال القليلــن بســبب تكتــم التنظيــم عــى‬

‫هــذه األخبــار‪ ،‬وبعــد صــاة الفجــر وجــد رأس‬ ‫الجــزراوي بــن قدميــه‪ ،‬وقــد علقــت جثتــه‬ ‫عــى أحــد محــوالت الكهربــاء يف أحــد شــوارع‬ ‫القريــة العامــة مــع ورقــة كتــب عليهــا‪« :‬ذلك‬

‫جــزاء مــن يعتــدي عــى نســاء املنطقــة»‪،‬‬ ‫لكــن عنــارص التنظيــم قامــوا بنقــل الجثــة إىل‬ ‫مــكان مجهــول‪ .‬وعــرف عــن الجــزراوي أنــه‬ ‫يقــوم مبضايقــة كافــة النســاء بشــكل مســتمر‪،‬‬

‫ويقــوم برضبهــن بعصــا بحجــة عــدم االلتـزام‬ ‫باللبــاس الرشعــي‪ ،‬وقــد دخــل إىل منــازل‬ ‫املدنيــن مــرات عــ ّدة بحجــة عــدم ارتــداء‬ ‫النســاء النقــاب الكامــل داخــل حدائــق‬ ‫املنــازل‪.‬‬ ‫ويف ريــف ديــر الــزور الغــريب‪ ،‬تــم رصــد‬ ‫وصــول جثــث لعنــارص تنظيــم داعــش إىل‬ ‫قريــة الخريطــة‪ ،‬ممــن قتلــوا يف معــارك‬ ‫الشــدادي‪ ،‬أمــا بالنســبة لحيــي الجــورة‬ ‫والقصــور التــي تقــع ضمــن املناطــق‬ ‫الخاضعــة لســيطرة النظــام‪ ،‬فقــد تعرضــت‬ ‫للقصــف بقذائــف الهــاون مــا أدى الستشــهاد‬ ‫عــدد مــن املدنيــن وإصابــة آخريــن بجــروح‬ ‫مختلفــة‪ ،‬علــاً أن هــذه املناطــق تعيــش‬ ‫حالــة مــن الحصــار الدائــم منــذ أكــر مــن‬ ‫ســنتني‪.‬‬

‫انتصــارات متتابعــة لقــوات املعارضــة يف ريفــي حمــص وحماة‬

‫يف عيد احلب‪..‬‬

‫ق��وات النظ��ام مدعوم��ة بس�لاح اجل��و الروس��ي ترتاج��ع أم��ام صم��ود الث��وار‬

‫ُيقتل وُي َهجر الس��وريون بفعل الطريان الروس��ي‬

‫لطلــب مــؤازرة مــن ســاح الجــو الــرويس‪،‬‬ ‫الــذي قــام بتنفيــذ مــا يقــارب ألــف غــارة عــى‬ ‫بلــدة حربنفســه خــال شــهر ينايــر املــايض‬ ‫وحتــى منتصــف فربايــر الجــاري‪ ،‬ويف الوقــت‬ ‫ذاتــه متكــن الثــوار مــن الســيطرة عــى ثكنــة‬ ‫«معمــل البشــاكري» غــريب حربنفســه‪ ،‬يف حــن‬ ‫اســتغل الثــوار انشــغال األســد وأعوانــه بالحرب‬ ‫الدائــرة فقامــوا بشــن هجــوم عــى بلــدة‬ ‫الرميلــة متكنــوا عــى إثــره مــن اغتنــام أســلحة‬ ‫وذخائــر وتحريــر قريــة الرميلــة ومداجنهــا‪ ،‬ويف‬ ‫تلبيســة أيضــاً متكنــت حركــة أحــرار الشــام‬ ‫اإلســامية باالشــراك مــع فيلــق حمــص مــن‬ ‫تحريــر حاجــز «عتــون» أحــد الحواجــز التابعــة‬ ‫ملعســكر ملــوك (أكــر الثكنــات العســكرية‬ ‫للنظــام يف حمــص وريفهــا)‪ ،‬وقــام الثــوار بقتــل‬ ‫عــدد مــن قــوات األســد عــى ذلــك الحاجــز‪.‬‬ ‫وبعــد الفشــل الذريــع والهزميــة النكــراء‬ ‫لجيــش األســد التــي قابلهــا انتصــارات ملقاتــي‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وبعــد تلــك الرضبــات التــي وجهتهــا‬ ‫قــوات املعارضــة للنظــام جعلتــه ينــى فكــرة‬ ‫التقــدم نحــو تلــك املناطــق مــرة أخــرى‪ ،‬ولكنــه‬ ‫ظــل يقصــف مــدن ريــف حمــص وحــاة‬ ‫ّ‬ ‫بالطـران املروحــي والحــريب الســوري والــرويس‬ ‫إضافــة للمدفعيــة الثقيلــة وقذائــف الهــاون‬ ‫والصواريــخ‪.‬‬

‫أو يف مناطــق ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬حيــث‬ ‫يقطــن يف ريــف حلــب الشــايل أكــر مــن‬ ‫‪ 250000‬ألــف نســمة‪ ،‬وهــم عبــارة عــن ســكان‬ ‫العديــد مــن املــدن والقــرى وأهــم اعتــادات‬ ‫أهلهــا اقتصادي ـاً هــي عــى الزراعــة والتصديــر‬ ‫للداخــل الــريك مــن خــال تلــك املنتجــات‬ ‫والبضائــع كونهــا قريبــة مــن الحــدود‪.‬‬

‫عــام «‪ »2016‬كان هــذا العــام ومنــذ بدايتــه‬ ‫عامـاً دمويـاً وقاســياً عــى أهــايل ريفــي حمــص‬ ‫وحــاة‪ ،‬حيــث بــدأت قــوات النظــام الســوري‪،‬‬ ‫مد ّعمــة بغطــاء جــوي رويس حملــة اقتحامــات‬ ‫عــى ريفــي حمــص الشــايل وحــاة الجنــويب‪.‬‬ ‫احكمــت قــوات األســد الســيطرة عــى ثــاث‬ ‫مناطــق يف محيــط قريــة «جنــان» بريــف‬ ‫حــاة الجنــويب املتاخــم لريــف حمــص يف نهاية‬ ‫عــام ‪ ،2015‬فيــا اســتقدمت قــوات املعارضــة‬ ‫الســورية تعزيــزات لصــد الحملــة العســكرية‬

‫التــي تجهزهــا قــوات األســد‪ ،‬والتــي يقودهــا‬ ‫ضبــاط روس عــى مســتوى عــا ٍل مــن التدريب‪،‬‬ ‫بعــد معــارك رشســة خاضتهــا قــوات املعارضــة‬ ‫ضــد النظــام‪ ،‬متكــن النظــام ومــن وااله إحــكام‬ ‫الســيطرة عــى قريــة جنــان والرميلــة ومتركــز‬ ‫عــدد مــن األليــات العســكرية داخــل البلدتــن‪،‬‬ ‫يذكــر أن بلــدة «جنــان» (الدمينــة) كانــت‬ ‫آخــر منفــذ إلدخــال املــواد الغذائيــة والطبيــة‬ ‫إىل الريــف الحمــي بعــد إغــاق طريــق‬ ‫«تريمعلة‪-‬حمــص»‪ ،‬توجهــت بعدهــا كتائــب‬ ‫النظــام ودخلــت إىل بلــدة جرجيســة بالريــف‬ ‫الجنــويب لحــاة أيضـاً والجدير بالذكــر»أن بلدة‬ ‫جرجيســة تقــع تحــت ســيطرت النظــام أصـاً»‪،‬‬ ‫متركــز النظــام يف البلــدة املذكــورة وبــدأ يعــد‬ ‫العــدة لشــن هجــوم عــى بلــدة حربنفســه‬ ‫املالصقــة لجرجيســة وتقــع شــال رشق الحولــة‬ ‫املحــارصة‪ ،‬توجــه مقاتلــون مــن الحولــة وعــدة‬ ‫مــدن بريــف حمــص منهــا تلبيســة والرســن‬ ‫وتحصنــوا داخــل حربنفســه‪ ،‬وهــم ينتظــرون‬ ‫النظــام لبــدء عملياتــه العســكرية‪.‬‬ ‫يف الثالــث عــر مــن ينايــر املــايض بــدأ النظــام‬ ‫عمليــة االقتحــام‪ ،‬وكان الثــوار لــه باملرصــاد‪،‬‬ ‫حيــث كبــدوه خســائر بــاألرواح والعتــاد‪،‬‬ ‫إضافــة الغتنــام مضــادات للطــران وأســلحة‬ ‫وذخائــر بأعــداد كبــرة‪ ،‬كل هــذه دفعــه‬

‫فيــا العــامل يحتفــل بعيــد الحــب (فلنتايــن)‬ ‫فــإن املــوت والترشيــد هــو مصــر اآلالف مــن‬ ‫الســوريني‪ .‬فــا زال الطــران الحــريب الــرويس‬ ‫يقــوم بقصــف مواقــع يف كافــة مناطــق‬ ‫ســورية التــي تســيطر عليهــا قــوات املعارضــة‬ ‫الســورية‪ ،‬وخصوص ـاً يف ريــف حلــب الشــايل‬ ‫القريــب مــن الحــدود الرتكيــة‪ ،‬حيــث كثفــت‬ ‫طائــرات الحــريب الــرويس مــن عــدد غاراتهــا‬ ‫خــال األســبوعني املاضيــن لتلــك املنطقــة مــن‬ ‫الشــهر الثــاين لعــام ‪ 2016‬وقــد قتــل يف هــذا‬ ‫اليــوم األحمــر الــذي لونــه بلــون الفالنتــن مــا‬ ‫ال يقــل عــن ‪ 50‬قتيـاً معظمهــم مــن األطفــال‪،‬‬ ‫ومــن خــال اإلحصــاءات األخــرة لعــدد القتــى‬ ‫املدنيــن مــن تلــك الغــارات تــم توثيــق‬ ‫‪ 630‬قتيــاً بينهــم ‪ 280‬طفــاً و‪ 190‬امــرأة‬ ‫حتــى تاريــخ اليــوم‪ ،‬وبنفــس الســياق قالــت‬ ‫منظمــة األمــم املتحــدة أنــه تــم نــزوح أكــر‬ ‫مــن ‪ 70000‬ألــف مــدين هربــوا مــن القصــف‬ ‫الــرويس باتجــاه الحــدود الرتكيــة‪ ،‬واألعــداد‬ ‫بازديــاد مــع عجــز كامــل مــن املنظمــة لحــل‬ ‫أزمــة النازحــن واملهجريــن كــا ذكــرت‪.‬‬ ‫وحســب مصــادر وزاريت الدفــاع والخارجيــة‬ ‫الروســية فــإن املقاتــات الحربيــة الروســية‬ ‫تقــوم بعمليــة تطهــر للمناطــق املســيطر عليها‬ ‫مــن قبــل اإلرهابيــن‪ ،‬إن كان يف ريــف حلــب‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫مرضــى الســكري يف الرقــة يســتغيثون فهــل مــن مجيــب؟!‬ ‫واقع الرقة الصحي حصار يمنع دخول الدواء والغذاء‬ ‫بشير الهويدي‬ ‫تكفلــت قــوات النظــام بتدمــر البنــى‬ ‫التحتيــة ملحافظــة الرقــة‪ ،‬بــدءا ً مــن خروجهــا‬ ‫عــن ســيطرته يف ربيــع عــام ‪ ،2013‬ونــال‬ ‫القطــاع الصحــي النصيــب األكــر مــن قصــف‬ ‫الطائــرات بأنواعهــا‪ ،‬والصواريــخ البعيــدة‬ ‫املــدى‪ ،‬وقذائــف املدافــع والهــاون والدبابــات‪،‬‬ ‫وتحــت رضبــات القصــف املتواصــل‪ ،‬اســتمرت‬ ‫عمليــات إعــادة ترميــم األجـزاء التــي تعرضــت‬ ‫للدمــار عــى أيــدي قــوات الجيــش األســدي‪،‬‬ ‫لكــن بــدأ مــؤرش الخدمــات الطبيــة بالتــدين‬ ‫والرتاجــع‪ ،‬نتيجــة خــروج أقســام مــن املشــايف‬ ‫عــن الخدمــة‪ ،‬وخــروج معظــم املراكــز الصحيــة‬ ‫عــن الخدمــة أيضــاً نتيجــة تعرضهــا لدمــار‬ ‫شــامل‪ ،‬إضافــة ملــا يــرد عــن الناشــطني بــأن‬ ‫نقص ـاً هائ ـاً يف الــدواء‪ ،‬نتيجــة تعــرض الرقــة‬ ‫لحصــار‪ ،‬يشــمل جميــع املــواد األساســية‪ ،‬ومنهــا‬ ‫الــدواء واملســتلزمات الطبيــة‪.‬‬ ‫بعــد ســيطرة داعــش عــى عمــوم محافظــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬تابــع طــران النظــام قصفــه ملحافظــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬ثــم تكفــل الطـران الــرويس بتدمــر مــا الواقــع الصحــي يف ظــل‬ ‫تبقــى مــن بنــى تحتيــة يف املحافظــة‪ ،‬مــن خالل ســيطرة داعــش‪ ..‬صحــة‬ ‫قصفهــا املتتابــع للجســور واملطاحــن‪ ،‬ومراكــز‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬وامليــاه‪ ،‬والــرف الصحــي‪ ،‬واملخابــز‪ ،‬النــاس يف مهــب الريــح‬ ‫وأقنيــة الــري‪ ،‬والطــرق‪ ،‬واملشــايف واملراكــز‬ ‫واملســتوصفات الصحيــة‪ ،‬بغيــة قتــل مقــدرات‬ ‫املحافظــة املاديــة واملعنويــة‪.‬‬

‫الواقع الصحي يف الرقة قبل‬ ‫تحريرها‪..‬‬

‫بلــغ عــدد األطبــاء العاملــن يف القطــاع‬ ‫الصحــي يف محافظــة الرقــة نحــو ‪ 850‬طبيب ـاً‪،‬‬ ‫فيــا يتجــاوز عــدد املنتســبني لنقابــة أطبــاء‬ ‫الرقــة ‪ 1400‬طبيــب‪ ،‬عــدد كبــر منهــم‬ ‫يتابــع دراســة االختصــاص يف مشــايف القطــر‪،‬‬ ‫أو يف الــدول األوربيــة‪ ،‬وبلــغ عــدد املراكــز‬ ‫الصحيــة واملســتوصفات نحــو ‪ 60‬مرك ـزا ً‪ ،‬كــا‬ ‫تــم توســيع وتجهيــز املراكــز الصحيــة كاملــة‬ ‫باإلضافــة إىل بنــاء مركــز للعيــادات الشــاملة‬ ‫ومركــز للتوليــد الطبيعــي‪ ،‬وهــذه املراكــز‬ ‫املحدثــة هــي مراكــز منوذجيــة تضــم عيــادات‬ ‫ســنية ومخابــر باإلضافــة إىل خدمــات الرعايــة‬ ‫الصحيــة األوليــة‪ ،‬وتــم إعــادة تأهيـــل املشــفى‬ ‫الوطنــي بالرقــة وتوســيعه‪ ،‬ويتضمــن ملحقــاً‬ ‫لزيــادة عــدد األرسة مــن ‪ 320‬إىل ‪ 420‬رسيــرا ً‬ ‫إضافــة إىل إحــداث أقســام جديــدة فيــه‪.‬‬ ‫كــا متــت مبــارشة العمــل يف مشــفى الطبقــة‬ ‫الوطنــي بــدءا ً مــن العــام ‪ 2007‬وهــو مشــفى‬ ‫عــام ســعته ‪ 200‬رسيــر‪ ،‬ومبــارشة العمــل يف‬ ‫مركــز العيــادات الشــاملة‪ ،‬ويحتــوي عــى كافــة‬ ‫االختصاصــات الطبيــة‪ ،‬إضافــة لوجــود مشــفى‬ ‫دار التوليــد‪ ،‬وهــو مخصــص لالختصاصــات‬ ‫النســائية‪ ،‬ووجــود عــدد مــن املشــايف الخاصــة‪،‬‬ ‫التــي تعمــل عــى مــدار اليــوم‪ ،‬ومســتوصف‬ ‫ملنظمــة الهــال األحمــر‪ ،‬يوفــر األدويــة والعالج‬ ‫بشــكل مجــاين‪ ،‬كــا يوجــد منظومــة إســعاف‬ ‫تتجــاوز عــدد ســيارتها الثالثــن‪ ،‬وهــي مجهــزة‬ ‫بشــكل كامــل لكافــة االحتياجــات اإلســعافية‪.‬‬ ‫كل هــذه األعــداد‪ ،‬واإلمكانيــات‪ ،‬مل توفــر‬ ‫الخدمــات الصحيــة املتكاملــة للمحافظــة‪،‬‬ ‫يف ظــل نــدرة بعــض االختصاصــات الطبيــة‪،‬‬ ‫كاألوعيــة والقلــب والرشايــن‪ ،‬والتخديــر‪،‬‬ ‫والغــدد‪ ،‬والجراحــة النوعيــة‪ ،‬كالصدريــة‬ ‫والدمــاغ والقلــب‪ ،‬ورغــم ذلــك شــهدت الرقــة‬ ‫اســتيقاظ لبعــض األمــراض كالســل‪ ،‬وانتشــار‬ ‫جائحــة الكول ـرا‪ ،‬والالشــانيا‪ ،‬والتهــاب الكبــد‬ ‫بأنواعهــا‪.‬‬

‫بعــد تعــرض املشــايف واملراكــز الصحيــة للقصف‬ ‫فقــدت الرقــة عــددا ً مــن أطبائهــا‪ ،‬وممرضيهــا‪،‬‬ ‫كــا حــدث يف قصــف مشــايف الطبقــة‪ ،‬والرقــة‬ ‫الوطنــي‪ ،‬والســام‪ ،‬ودار التوليــد‪ ،‬وتــل أبيــض‪،‬‬ ‫ومعــدان‪ ،‬ورغــم إعــادة ترميــم بعــض هــذه‬ ‫املواقــع‪ ،‬وإعادتهــا للخدمــة مــن جديــد‪ ،‬ظـ ّـل‬ ‫الواقــع الطبــي يشــهد تراجع ـاً كب ـرا ً‪ ،‬وجــاءت‬ ‫داعــش لتقــي عــى بصيــص األمــل يف إعــادة‬ ‫ترتيــب البيــت الصحــي‪ ،‬حيــث قامــت أوالً‬ ‫مبنــع أطبــاء النســائية مــن مزاولــة اختصاصهــم‪،‬‬ ‫وانحــر هــذا االختصــاص بالطبيبــات‪ ،‬اللــوايت‬ ‫ال ميتلكــن الخــرة والدربــة الالزمــة‪ ،‬ونتيجــة‬ ‫الضغــط املتواصــل والتضييــق عــى عمــل‬ ‫الكــوادر الطبيــة‪ ،‬هاجــر معظــم أطبــاء الرقــة‬ ‫باتجــاه مــدن الداخــل أو إىل تركيــا أو الــدول‬ ‫األوربيــة‪ ،‬بنســب تصــل إىل أكــر مــن ‪60%‬‬ ‫وانخفــض أداء املشــايف العامــة والخاصــة إىل‬ ‫نحــو ‪ 50%‬وغابــت بشــكل نهــايئ اختصاصــات‬

‫نســاء أخريــات يحملــن تراخيــص ســفر ألســباب‬ ‫مختلفــة‪ ،‬بحجــة عــدم وجــود محــرم‪ ،‬وباجتهــاد‬ ‫فقهــي مــن أمــر الحاجــز‪ ،‬يعتقــد مــن خاللــه‬ ‫أن املــوت أوجــب عليهــا مــن الســفر إىل بــاد‬ ‫الكفــار‪ ،‬ولــو كان يف ســفرها إمكانيــة النجــاة‬ ‫مــن املــرض‪ ،‬وتــرك النســوة يف العــراء ملــدة‬ ‫ســاعتني‪ ،‬إىل أن مـ َّن اللــه عليهــم بســيارة «بيــك‬ ‫آب»‪ ،‬حملهــم ســائقها بصندوقهــا املكشــوف‬ ‫وأعادهــم إىل الطبقــة‪.‬‬

‫هــل مــرّت علــى الرقــة‬ ‫جائحــة أنفلونــزا الخنازيــر‪..‬‬

‫مثــل األوعيــة والجراحــة الصدريــة والعصبيــة‪،‬‬ ‫وبنســب ضعيفــة اختصاصــات الداخليــة‬ ‫والتخديــر والعظميــة‪.‬‬ ‫ويقــول الطبيــب ا ـ س (أحــرف مســتعارة)‪« :‬يف‬ ‫ظــل هــذا الواقــع املرتاجــع‪ ،‬هنــاك صعوبــة يف‬ ‫تلقــي العــاج لعــدد كبــر مــن األمــراض‪ ،‬مــا‬ ‫يتطلــب نقــل املريــض إىل خــارج املحافظــة‪،‬‬ ‫وهــو مــا يتطلــب موافقــة يســتعيص عــى‬ ‫الكثــر الحصــول عليهــا يف ظــل التضييــق الــذي‬ ‫تشــهده الرقــة‪ ،‬وهنــا حــاالت يتــم نقلهــا إىل‬ ‫مدينتــي منبــج أو املياديــن‪ ،‬وبالنســبة للمــرىض‬ ‫واملصابــن مــن عنــارص داعــش فيتــم نقلهــم إىل‬ ‫املوصــل العراقيــة»‪.‬‬ ‫ويضيــف‪« :‬صعوبــة االنتقــال إىل املناطــق التــي‬ ‫يســيطر عليهــا النظــام لتلقــي العــاج هنــاك‪،‬‬ ‫لــه أســباب عــدة‪ ،‬أولهــا الخــوف مــن اعتقــال‬ ‫أمــن النظــام وشــبيحته‪ ،‬وصعوبــة الحصــول‬ ‫عــى املوافقــة مــن داعــش‪ ،‬إضافــة إىل كل‬ ‫ذلــك الخــروج إىل تركيــا يحتــاج إىل مــال كثــر‪،‬‬ ‫وهــو ليــس مبتنــاول النــاس‪ ،‬وهنــاك بعــض‬ ‫الحــاالت اإلنســانية يتــم إدخالهــا مــن البوابــات‬ ‫الحدوديــة النظاميــة‪ ،‬وهــي أيضــاً تحتــاج إىل‬ ‫وســطاء‪ ،‬وإجــراءات معقــدة»‪.‬‬ ‫ويؤكــد أ ـ س أن املــواد واملســتلزمات الطبيــة‬ ‫واألدويــة تجــاوزت أســعارها املعقــول‪ ،‬بســبب‬ ‫ندرتهــا‪ ،‬وتصــل إىل خمســة أضعــاف‪ ،‬وبعــض‬ ‫األنــواع تصــل إىل عــرة أضعــاف مثنها الســابق‪،‬‬ ‫وقــد تــم تســجيل عــدد مــن الوفيــات الســلية‪،‬‬ ‫التــي ازدادت بشــكل ملحــوظ نتيجــة عدم توفر‬ ‫األدويــة الخاصــة بعــاج مرض الســل يف املشــايف‬ ‫الوطنيــة أو املراكــز الصحيــة املتخصصــة‪ ،‬أمــا‬ ‫بالنســبة للعــاج الكيــاوي ملــرىض الرسطــان حكايــة أم محمــود‪ ..‬منــع‬ ‫فيتــم تأمينــه تهريبــاً مــن مناطــق النظــام الســفر مــن دون محــرم‬ ‫أو مــن تركيــا‪ ،‬فيــا يشــر أحــد الناشــطني‬

‫املتواجديــن يف مدينــة الرقــة إىل نقــص حــاد‬ ‫يف األدويــة‪ ،‬خصوص ـاً أدويــة األطفــال ومــرىض‬ ‫الســكري‪ ،‬ويشــمل هــذا جميــع الصيدليــات‪،‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار أطلــق أحــد الناشــطني نــدا ًء‪،‬‬ ‫جــاء فيــه أن مــرىض الســكري يف الرقــة بحاجــة‬ ‫ملــادة األنســولني فهــل مــن مجيــب؟! كــا‬ ‫يوضــح الناشــط أ ـ م بــأن النــداء يجــب أن‬ ‫يصــل إىل أســاع العــامل‪ ،‬واألهــم أ ّن األطفــال‬ ‫والنســاء والشــيوخ والرجــال ليســوا كلهــم‬ ‫داعــش‪ ،‬وقــد تــم إعــان الحــرب عــى املدنيــن‬ ‫مــن أهلنــا يف الرقــة قبــل إعالنهــا عــى داعــش‪.‬‬ ‫ويشــر الدكتــور يف حديثــه إىل مســألة طارئــة‪،‬‬ ‫غــرت الوقائــع عــى األرض‪ ،‬وهــي تتعلــق‬ ‫بانتقــال الفعاليــات االقتصاديــة والطبيــة إىل‬ ‫مــدن صغــرة يف محيــط مركــز املدينــة‪ ،‬كــزور‬ ‫شــمر والرشــيد‪ ،‬حيــث أصبــح فيهــا أســواق‬ ‫تجاريــة‪ ،‬تحتــوي صيدليــات وعيــادات طبيــة‪،‬‬ ‫وغريهــا مــن الفعاليــات التجاريــة‪.‬‬ ‫ويؤكــد أن منظومــة اإلســعاف مــا زالــت‬ ‫متوفــرة يف الرقــة‪ ،‬لكــن انحــر عملهــا إثــر‬ ‫العمليــات العســكرية الجويــة أو الصاروخيــة‪،‬‬ ‫لنقــل املصابــن إىل املشــايف‪ ،‬أمــا يف حــال‬ ‫إســعاف املريــض‪ ،‬فيتــم عــى الغالــب نقلــه‬ ‫بســيارة خاصــة إىل املشــفى‪ ،‬عل ـاً أن ســيارات‬ ‫املنظومــة قــد تعرضــت للقصــف أكــر مــن‬ ‫مــرة‪ ،‬ورغــم أنــه دعمــت بعــدد مــن ســيارات‬ ‫اإلســعاف مــن املنظــات‪ ،‬وهبــات مــن‬ ‫متربعــن‪ ،‬أدخــل معظمهــا إىل الرقــة ناشــطون‬ ‫ومنــارصون للثــورة‪ ،‬والتــي اســتولت عليهــا‬ ‫داعــش إبــان ســيطرتها عــى الرقــة‪.‬‬

‫واملــوت أوجــب علــى املــرأة‬ ‫مــن ســفرها‪..‬‬

‫أم محمــود امــرأة خمســينية مــن الرقــة‪،‬‬ ‫مصابــة برسطــان الــدم‪ ،‬وهــي مثــل كثــرات‬ ‫مــن املــرىض حصلــت عــى بطاقــة حمــراء‪،‬‬ ‫تجيــز لهــا االنتقــال بحريــة مــن دون «محــرم»‬ ‫عــر حواجــز تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش»‪ ،‬وهــذا ال يعنــي أن األمــور ســهلة‪،‬‬ ‫ومــن املمكــن إعفائهــا مــن حريــة الحركــة‪ ،‬يف‬ ‫آخــر مــرة تهيــأت للســفر إىل دمشــق‪ ،‬حاملــة‬ ‫بطاقتهــا الحمــراء‪ ،‬عــرت أكــر مــن حاجــز‪،‬‬ ‫لكــن عنــد حاجــز الرصافــة‪ ،‬تــم إنزالهــا مــع‬

‫يف الوقــت الــذي أكــد فيــه ســابقاً الدكتــور‬ ‫محمــد وجيــه جمعــة وزيــر الصحــة يف‬ ‫الحكومــة الســورية املؤقتــة أن جميــع حــاالت‬ ‫الوفــاة الناجمــة عــن انتانــات تنفســية عليــا‪،‬‬ ‫ووقعــت يف املناطــق املحــررة تحمــل اشــتباه‬ ‫اإلصابــة مبــرض انفلونـزا الخنازيــر‪ .‬وأنــه مل يتــم‬ ‫تأكيــد التشــخيص مخربيــاً‪ ،‬والــوزارة بانتظــار‬ ‫نتائــج التحليــل املخــري‪ ،‬وقــد اســتطعنا توثيــق‬ ‫‪ 24‬حالــة وفــاة ناجمــة عــن اإلنفلونــزا‪14 ،‬‬ ‫منهــا يف حلــب وإدلــب‪ ،‬و‪ 10‬وفيــات يف الرقــة‬ ‫وتــل أبيــض‪ ،‬وجميــع هــذه الحــاالت يشــتبه‬ ‫أنهــا إنفلونـزا الخنازيــر‪ ،‬ويصــل عــدد الحــاالت‬ ‫التــي تشــكو مــن إنتانــات تنفســية عليــا يف‬ ‫املناطــق املحــررة التــي تراجــع املشــايف إىل‬ ‫أكــر مــن ‪ 750‬حالــة أســبوعياً‪ ،‬مؤكــدا ً أن تدبــر‬ ‫الحــاالت الشــديدة الخطــورة يف هــذه املناطــق‬ ‫متواضــع جــدا ً‪ ،‬حيــث يحتــاج أكرثهــا إىل مراكــز‬ ‫عنايــة مشــددة‪ ،‬وقــد تكفــل بقصفهــا الط ـران‬ ‫الــرويس‪ ،‬وقبلــه ط ـران النظــام‪ ،‬حيــث أخــرج‬ ‫معظــم املشــايف عــن الخدمــة‪.‬‬ ‫يقــول الدكتــور أ ـ س‪« :‬أتوقــع أن موضــوع‬ ‫اإلصابــات مبــرض إنفلونــزا الخنازيــر مبالــغ‬ ‫بــه كثــرا ً‪ ،‬وبتقديــري ومــن خــال تواصــي‬ ‫مــع عــدد مــن أطبــاء الرقــة ومخابرهــا‪ ،‬هــي‬ ‫إنفلون ـزا عاديــة‪ ،‬ومــن الشــائع جــدا ً حــدوث‬ ‫وفيــات نتيجــة االختالطــات الناجمــة عــن‬ ‫اإلصابــة بهــا»‪.‬‬ ‫ويقــول‪ :‬هنــاك أم ـراض أشــد خطــورة تنتــر‬ ‫اآلن بكــرة‪ ،‬لعــل مــرض التهــاب الكبــد ‪A‬‬ ‫االنتــاين يــأيت يف مقدمتهــا‪ ،‬إضافــة إىل تقلــص‬ ‫فــرص استشــفاء مــرىض الغســيل الكلــوي نتيجة‬ ‫انخفــاض عمــل أقســام الكليــة إىل النصــف‬ ‫بســبب األعــال الحربيــة التــي تعرضــت لهــا‬ ‫مشــايف الرقــة والطبقــة وتــل األبيــض الوطنيــة‪،‬‬ ‫وانعــدام فــرص نجــاة مــرىض التالســيميا‪،‬‬ ‫وانخفــاض فــرص شــفاء مــرىض الســل‪ ،‬وهــذا‬ ‫األخــر تظهــر تجلياتــه يف أكــر مــن محيــط‪،‬‬ ‫نتيجــة انعــدام النظافــة‪ ،‬واالختــاط‪ ،‬وقلّــة‬ ‫الــدواء‪ ،‬والكشــف املتأخــر عــى املــرض‪ ،‬وســوء‬ ‫التغذيــة وغريهــا مــن املســببات األخــرى‪.‬‬ ‫وبعــد‪ ..‬تعيــش الرقــة تحــت وطــأة القصــف‪،‬‬ ‫ظــل‬ ‫مــن النظــام والــروس واإليرانيــن‪ ،‬ويف ّ‬ ‫تعســف داعــش‪ ،‬وجــور حكمهــا وتشــديدها‬ ‫عــى النــاس يف أمــور املعيشــة‪ ،‬واتخاذهــم‬ ‫دروعـاً برشيــة‪ ،‬وانعــدام فــرص العمــل‪ ،‬ونــدرة‬ ‫املــال‪ ،‬وخــروج معظــم القطــاع الزراعــي عــن‬ ‫الخدمــة‪ ،‬مــا يــزال أهلهــا يعيشــون مــرارة‬ ‫الحيــاة‪ ،‬وهــم مهــددون يوميــاً يف صحتهــم‬ ‫ومعاشــهم اليومــي‪ ،‬فهــل يســتيقظ العــامل‬ ‫ويعــي مســؤولياته تجــاه مدينــة ظلمهــا النظــام‬ ‫ســابقاً‪ ،‬ومــا أهلهــا اليــوم ســوى دروع برشيــة‪،‬‬ ‫يرتبصهــم املــوت مــن كل جانــب‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ارتفــاع األســعار اســتنزاف لجيــوب املواطنــن يف املناطــق املحاصــرة‬ ‫عبد الكريم خشفة ـ تلبيسة‬ ‫مل تكــن معــارك االســتنزاف عــى مــدار‬ ‫الســنوات األخــرة يف ســوريا مــن نصيــب‬ ‫الجيــش الحــر فقــط‪ ،‬بــل كان للحاضنــة‬ ‫الشــعبية نصيــب منهــا‪ ،‬ففــي العديــد مــن‬ ‫املناطــق الثائــرة يخــوض املدنيــون معركــة‬ ‫اســتنزاف عــى مســتوى جيوبهــم ضــد النظــام‬ ‫املجــرم وتجــار الحــرب املســتفيدين مــن هــذه‬ ‫األوضــاع يف ظــل ارتفــاع األســعار الــذي أصبــح‬ ‫ال يطــاق يف الكثــر مــن املناطــق املحــارصة‪،‬‬ ‫خصوصــاً ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬فبعــد‬ ‫أن أحكــم النظــام حصــار الريــف‪ ،‬وأغلــق‬ ‫كل املنافــذ واملعابــر التــي كانــت تدخــل‬ ‫منهــا البضائــع واملــواد التموينيــة‪ ،‬ارتفعــت‬ ‫األســعار إىل الضعــف‪ ،‬وطــال االرتفــاع كل‬ ‫املــواد التموينيــة واملحروقــات‪ ،‬وخــال بحثنــا‬ ‫عــن األســباب تحدثنــا مــع بعــض املدنيــن‬ ‫املحارصيــن يف الريــف وقــال «فــروان» (رمــز‬ ‫تعبــري)‪ :‬إن حصــار النظــام الجائــر الــذي لجــأ‬ ‫إليــه بعــد فشــله عســكرياً هــو ســبب رئيــي‬ ‫الرتفــاع األســعار‪ ،‬وقــد ســعى النظــام لهــذه‬ ‫الخطــوات يف ســبيل أن يعيدنــا إىل عــر الــذل‬ ‫والعبوديــة‪.‬‬

‫ومبــا أن لــكل حــرب تجارهــا‪ ،‬فــإن تجــار الحرب‬ ‫املتعاملــن مــع النظــام كانــوا املســتفيد األول‬ ‫مــن رفــع األســعار‪ ،‬فبينــا كان ســكان الريــف‬ ‫يذوقــون الويــات تحــت حالــة شــبه املحــارص‪،‬‬ ‫كان تجــار الحــرب يتحكمــون بنوعيــة املــواد‬ ‫وكمياتهــا التــي تدخــل إىل الريــف حســب مــا‬ ‫تقتضيــه مصلحتهــم دون أن يكــرث لحــال‬ ‫املدنيــن‪ ،‬وأشــار أحــد العاملــن يف محــات‬ ‫البقالــة إىل أن مــا كان يحمــي هــؤالء التجــار‬ ‫هــو أنهــم يســتطيعون إدخــال املــواد والبضائــع‬

‫إىل الريــف وقــال (إن تجــار الحــرب املعــدودون‬ ‫عــى أصابــع اليــد يف الريــف يعتمــدون عــى‬ ‫بــث اإلشــاعات عــن حصــار قريــب محكــم‬ ‫ومحتمــل‪ ،‬فيقبــل النــاس عــى رشاء البضائــع‬ ‫واملــواد التموينيــة لفــرة‪ ،‬ثــم يقــوم التجــار‬ ‫بإخفــاء بقيــة البضائــع لفــرة أخــرى تغلــق‬ ‫فيهــا منافــذ الريــف‪ ،‬وهــي فــرة تقــدر باأليــام‬ ‫يهــوج وميــوج النــاس خاللهــا‪ ،‬ثــم يعــاود طــرح‬ ‫هــذه املــواد بعــد رفــع ســعرها بحجــة أنهــا‬ ‫دخلــت عــن طريــق حواجــز النظــام بكلفــة‬

‫العيادات الطبية املتنقلة‬ ‫إبراهيم إسماعيل‬

‫حمــص بــن احتــكار التجــار‬ ‫وظلــم النظــام‪!..‬‬ ‫م ‪ .‬ب ‪ -‬حمص‬

‫متتاز املناطق املحررة بنقص الكوادر‬ ‫الطبية وضعف املشايف امليدانية وانعدام‬ ‫األدوية الطبية الرضورية للكثري من األمراض‬ ‫املزمنة واألمراض املنترشة بني األطفال والنساء‬ ‫والشيوخ‪.‬‬ ‫كــا تنتــر بــن املخيــات والقــرى النائيــة‬ ‫الكثــر مــن األم ـراض واآلفــات الصحيــة‪ ،‬التــي‬ ‫تصيــب وبكــرة األطفــال الصغــار وحديثــي‬ ‫الــوالدة‪ ،‬وذلــك بســبب قلــة املعلومــات الطبية‪،‬‬ ‫وانعــدام التوعيــة الصحيــة‪ ،‬واألدويــة الالزمــة‬ ‫لــكل مرحلــة مــن مراحــل منــو األطفــال‪.‬‬ ‫العيــادات الطبيــة املتنقلــة كانــت كاســتجابة‬ ‫نوعيــة لحــل هــذه املشــاكل واملعضــات‪،‬‬ ‫مــروع مشــرك بــن منظمــة أطبــاء عــر‬ ‫القــارات ‪ PAC‬واتحــاد منظــات الرعايــة‬ ‫واإلغاثــة الطبيــة ‪ UOSSM‬وقــد أىت هــذا‬ ‫املــروع كاســتجابة طارئــة لحركــة النــزوح‬ ‫التــي حدثــت نتيجــة القصــف الــذي طــال‬ ‫مناطــق عــدة يف ريــف حلــب وحــاة وادلــب‪.‬‬ ‫التحــرك الرسيــع واالســتجابة الرسيعــة جــاءت‬ ‫مــن قبــل املنظمتــن الطبيتــن مــن أجــل‬ ‫تقديــم يــد العــون لهــؤالء النازحــن واملســاهمة‬ ‫يف تخفيــف معاناتهــم والحــد مــن تفــي‬ ‫األمــراض واألوبئــة املعديــة‪.‬‬ ‫متثلــت االســتجابة بتســيري ســت عيــادات طبيــة‬ ‫متنقلــة عــى مســاحة جغرافيــة واســعة يف‬ ‫محافظتــي إدلــب وحلــب والتــي غطــت يف‬ ‫عملهــا قرابــة الـــ ‪ 40‬قريــة ومخيـاً لجــأ إليهــا‬ ‫النازحــون‪ ،‬والتــي تتمثــل يف املناطــق التاليــة‪:‬‬ ‫ريــف حلــب الغــريب الجنــويب‪ ،‬ريــف رساقــب‬ ‫الرشقــي‪ ،‬ريــف معــرة النعــان الرشقــي‪ ،‬ريــف‬ ‫أبــو الضهــور الغــريب‪ ،‬ريــف إدلــب الجنــويب‪،‬‬ ‫وريــف أريحــا الرشقــي‬ ‫يقــول الدكتــور «محمــد مجــد فحــام» وهــو‬ ‫مديــر مــروع العيــادات املتنقلــة‪« :‬انطلــق‬ ‫املــروع يف األول مــن شــهر ترشيــن الثــاين مــن‬

‫مرتفعــة‪.‬‬ ‫ومل يرتبــط ارتفــاع األســعار بتجــار الحــرب‬ ‫فقــط‪ ،‬بــل كان للتجــار العاديــن دور أيضــاً‬ ‫فقــد ارتبــط لديهــم رفــع ســعر البضائــع‬ ‫واملــواد التموينيــة بقيمــة اللــرة الســورية‬ ‫مقابــل الــدوالر‪ ،‬فعندمــا ترتفــع قيمــة رصف‬ ‫الــدوالر مقابــل اللــرة ترتفــع أســعار كل يشء‬ ‫يبــاع ويشــرى‪ ،‬وعندمــا تنخفــض قيمــة رصفــه‬ ‫مقابــل اللــرة فــإن أســعار املــواد الغذائيــة‬ ‫والتموينيــة واملحروقــات وغريهــا تبقــى كــا‬ ‫هــي مرتفعــة‪ ،‬ودامئ ـاً يكــون التجــار آخــر مــن‬ ‫يعلــم بانخفــاض قيمــة رصف الــدوالر مقابــل‬ ‫اللــرة‪ ،‬كــا أشــار صــدام وهــو أحــد العاملــن‬ ‫يف املجــال الصحــي حيــث قــال‪ :‬أحــاول دامئ ـاً‬ ‫أن أذهــب إىل املحــات التجاريــة عندمــا أتأكــد‬ ‫مــن انخفــاض قيمــة رصف الــدوالر أمــام اللــرة‪،‬‬ ‫وذلــك للحــد مــن اســتنزاف جيبــي‪ ،‬لكننــي‬ ‫دامئـاً أتفاجــأ عندمــا أرى األســعار مرتفعــة‪ ،‬ومل‬ ‫يطــرأ عليهــا أي تغيــر‪ ،‬ويف الكثــر مــن األحيــان‬ ‫كنــت أدخــل يف معــارك كالميــة مــع التجــار‬ ‫والباعــة بهــدف إقناعهــم يف تخفيــض األســعار‬ ‫مــع هبــوط أســعار الــدوالر‪ ،‬وكنــت أربــح‬ ‫أحيان ـاً‪ ،‬وأخــر أحيان ـاً أخــرى بســبب جشــع‬

‫بعــض التجــار مــن ضعــاف النفــوس)‪.‬‬ ‫ومبــا أن النتيجــة الطبيعيــة الرتفــاع األســعار يف‬ ‫املناطــق املحــارصة وشــبه املحــارصة هــي تعزيز‬ ‫الجــوع والحرمــان يف املجتمــع الثــوري فــإن‬ ‫هــذا االرتفــاع رمبــا ســيؤدي يوم ـاً إىل تفتيــت‬ ‫الحاضنــة الشــعبية للثــورة يف الريــف الحمــي‬ ‫إذا مل يتوفــر لديهــا الوعــي الــكايف للتغلــب‬ ‫عــى هــذه املشــكلة عــر تشــكيل مؤسســات‬ ‫رقابيــة مــن رحــم الثــورة‪ ،‬وعــر الســعي مــن‬ ‫قبــل الفصائــل العســكرية لفتــح طــرق إمــداد‬ ‫باتجــاه أقــرب املناطــق املحــررة التــي تتمتــع‬ ‫بحــدود مــع الــدول املنــارصة للثــورة‪.‬‬

‫العــام ‪ ،2015‬حيــث بلــغ عــدد املســتفيدين‬ ‫مــن املــروع يف الشــهر األول مــن انطالقــه‬ ‫أكــر مــن ‪ 12000‬مســتفيدا ً بنســبة تقــدر بـــ‬ ‫‪ 85%‬منهــم مــن النازحــن»‬ ‫اســتطاعت هــذه العيــادات املتنقلــة تقديــم‬ ‫خدمــات أكــر متيـزا ً وتكامـاً حتــى مــن مراكــز‬ ‫الرعايــة الصحيــة األوليــة الثابتــة‪ ،‬مســتفيدة‬ ‫مــن الرشاكــة املتميــزة بــن املنظمتــن‬ ‫املمولتــن للمــروع‪ ،‬مســخرة خرباتهــا يف‬ ‫هــذا املجــال لتقديــم خدمــات متكاملــة مــن‬ ‫خــال الكــوادر املدربــة‪ ،‬وخدمــات االستشــارة‬ ‫الطبيــة‪ ،‬وخدمــات الصحــة النفســية‪ ،‬وخدمــات‬ ‫التغذيــة والعــاج الــدوايئ‪ ،‬وخدمــات التوعيــة‬ ‫املجتمعيــة ونظــام اإلحالــة‪.‬‬ ‫كــا أن هنــاك تعــاون مــع شــبكة اإلنــذار املبكر‬ ‫واالســتجابة لألوبئــة ‪ Ewarn‬ملتابعــة الحــاالت‬ ‫املرضيــة الوبائيــة املشــتبه بهــا‪ ،‬والتــي يتــم‬ ‫رصدهــا مــن قبــل أطبــاء العيــادات املتنقلــة‬ ‫أثنــاء عملهــم يف املناطــق املذكــورة آنف ـاً‪.‬‬ ‫تتنقــل العيــادات الطبيــة عــن طريــق ســيارات‬ ‫مجهــزة باألجهــزة الطبيــة الالزمــة والخفيفــة‪،‬‬ ‫إضافــة اىل الصيدليــات املتنقلــة معهــم‪ ،‬وخيــم‬ ‫للمعاينــات املرضيــة الرسيريــة‪ ،‬وأطبــاء مــن‬ ‫الجنســن لتقديــم الرعايــة الطبيــة للنســاء‬ ‫والرجــال عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫« أم أحمــد» امــرأة مــن ريــف إدلــب تلقــت‬ ‫العــاج لــدى العيــادات املتنقلــة تقــول‪« :‬نحــن‬ ‫هنــا بعيــدون عــن املشــايف واملســتوصفات‬

‫الطبيــة‪ ،‬وال يوجــد لدينــا طبيــب أو عيــادة يف‬ ‫القريــة‪ ،‬واملســافة الطويلــة والقصــف العنيــف‬ ‫منعنــي مــن الذهــاب إىل مناطــق أخــرى‬ ‫ألحصــل عــى العــاج‪ ،‬جزاهــم اللــه كل خــر‪،‬‬ ‫اســتطاع األطبــاء يف هــذه العيــادات أن يقدمــوا‬ ‫الرعايــة الالزمــة واألدويــة والعنايــة الطبيــة»‪.‬‬ ‫يضيــف الدكتــور فحــام‪« :‬مــن خــال هــذه‬ ‫التجربــة الرائــدة يف االســتجابة الرسيعــة‬ ‫للكــوارث واألزمــات نــرى رضورة التعــاون‬ ‫وتوحيــد الجهــود بــن املنظــات الفاعلــة يف‬ ‫الداخــل الســوري لتكــون أكــر فعاليــة وقــدرة‬ ‫عــى تلبيــة االحتياجــات امللحــة للنازحــن‬ ‫وللنــاس األكــر ضعفــاً وفقــرا ً يف املناطــق‬ ‫الســورية»‪.‬‬ ‫يذكــر أن املشــاريع املامثلــة ملــروع النقــاط‬ ‫الطبيــة املتنقلــة جــرى العمــل بهــا منــذ مــدة‬ ‫ليســت ببعيــدة يف املناطــق غــر املخدمــة‬ ‫باملشــايف امليدانيــة أو النقــاط الطبيــة املدعومة‪،‬‬ ‫والــذي اســتمر لفــرة محــدودة قبــل توقفــه‬ ‫بســبب انقطــاع الدعــم املــادي عــن املــروع‪،‬‬ ‫وعــدم القــدرة عــى تأمــن مبالــغ مالية تســاعد‬ ‫يف العمــل لفــرة أطــول‪.‬‬ ‫تفيــد هــذه العيــادات الطبيــة املتنقلــة يف‬ ‫القــرى والبلــدات املتــررة واملحــررة حديثــاً‪،‬‬ ‫والتــي تفتقــر وبشــكل كبــر إىل أبســط أمــور‬ ‫العنايــة الطبيــة‪ ،‬وعــدم تواجــد الكــوادر‬ ‫املؤهلــة الفتتــاح مراكــز طبيــة أو نقــاط‬ ‫إســعاف فيهــا‪.‬‬

‫ريــف حمــص الشــايل عــى وشــك دخولــه‬ ‫العــام الســادس مــن عمــر الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫بعــد خمــس ســنوات مــن الحصــار والقتــل‬ ‫والتدمــر يســتمر النظــام بحمالتــه العســكرية‬ ‫ســعياً منــه إىل التقــدم وتركيــع الريــف‬ ‫الحمــي بكافــة الوســائل املتاحــة‪.‬‬ ‫بعــد فشــل اآللــة العســكرية للنظــام مد ّعمــة‬ ‫بغطــاء جــوي رويس التقــدم نحــو مناطــق‬ ‫الثــوار يف شــال حمــص جعلــت النظــام‬ ‫يتبــع سياســة التجويــع‪ ،‬حيــث ش ـ ّدد النظــام‬ ‫الســوري حصــاره عــى مــدن وبلــدات ريــف‬ ‫حمــص‪ ،‬وذلــك بإغــاق آخــر منفــذ إلدخــال‬ ‫املــواد الغذائيــة والتموينيــة إىل الريــف‬ ‫املحــرر منــذ الثالــث عــر مــن ينايــر املــايض‪،‬‬ ‫وأثنــاء زيارتنــا ألحــد األســواق يف منطقــة‬ ‫ســهل الحولــة املحــارصة وجدنــا معظــم‬ ‫املحــال التجاريــة شــبه فارغــة مــن البضاعــة‪،‬‬ ‫وبعــد تجولنــا لبضــع ســاعات وجدنــا «أحمــد‬ ‫الخالــد»‪ ،‬البائــع املتجــول الــذي مل يعــد‬ ‫يســتطيع االســتمرار يف عملــه بســبب احتــكار‬ ‫بعــض التجــار للبضاعــة وإيقــاف دخولهــا مــن‬ ‫قبــل النظــام‪.‬‬ ‫يقــول أحمــد‪« :‬كنــت أشــتغل قبــل الثــورة‬ ‫يف لبنــان بالنجــارة بعــد مــا منعــت حواجــز‬ ‫النظــام النــاس تطلــع‪ ،‬وصــارت تعتقــل العــامل‬ ‫أنــا قعــدت بالضيعــة‪ ،‬وانضميــت للجيــش الحر‬ ‫بــس الرواتــب كل شــهر بيعطونــا ‪ 2500‬أو‬ ‫‪ 4000‬شــو بــدون بكفــوا وربطــة الخبــز حقــا‬ ‫‪ 300‬لــرة ومانهــا موجــودة والربكــة بالتجــار‬ ‫يــي احتكــروا البضاعــة ملــا ســمعوا انــو‬ ‫تســكرت الطرقــات»‪.‬‬ ‫احتــكار املــواد كان ســبباً آخــر مــن أســباب‬ ‫اشــتداد األزمــة الراهنــة يف ريــف حمــص‬ ‫عمومــاً‪ ،‬حيــث الغــاء يف املــواد الغذائيــة‪،‬‬ ‫حيــث شــبه األهــايل التجــار املحتكريــن أنهــم‬

‫«عمــاء للنظــام»‪ ،‬وكان مــن املفــرض منهــم‬ ‫إخــراج املــواد يف ظــل هــذا الشــح الحــايل‪،‬‬ ‫ويقــول‪« :‬خالــد اليوســف» أحــد التجــار‬ ‫الذيــن توقفــوا عــن العمــل بعــد أن أصبــح‬ ‫التجــار يدعــون بـ»تجــار الدمــاء»‪ ،‬إن كبــار‬ ‫التجــار أو مــا بــات يعــرف بـ»تجــار الدمــاء»‪،‬‬ ‫والــذي يبلــغ عددهــم العرشيــن‪ ،‬وهــم مــن‬ ‫أتبــاع النظــام‪ ،‬حيــث أنهــم يخفــون جــزءا ً مــن‬ ‫املــواد ويظهــرون الجــزء اآلخــر بعــد فقدانهــا‪،‬‬ ‫ويقومــون برفــع أســعارها حســب مزاجهــم‬ ‫والــيء الوحيــد الــذي مينــع الفصائــل املقاتلــة‬ ‫مــن اعتقالهــم أنهــم يؤمنــون املــواد لألهــايل‬ ‫املحارصيــن»‪.‬‬ ‫وتقــف املؤسســات والجمعيــات اإلغاثيــة‬ ‫شــبه عاجــز ًة عــن تغطيــة متطلبــات األهــايل‬ ‫يف ظــل الحصــار املطبــق‪ ،‬وشــح مــوارد الدعــم‬ ‫الخارجــي كان أحــد األســباب‪ ،‬يقــول «أبــو‬ ‫ســليم» طالــب جامعــي بــدأ العمــل يف أحــد‬ ‫املؤسســات الخرييــة‪« :‬أخــي العزيــز رغــم‬ ‫الحصــار ورغــم القصــف الــرويس الــذي ال‬ ‫يهــدأ نحــن نســعى لتوفــر املــواد الغذائيــة‪،‬‬ ‫لكــن بســبب النقــص يف املــواد املاليــة ال‬ ‫نســتطيع تقديــم املســاعدات ألعــداد كبــرة‬ ‫مــن املدنيــن‪ ،‬ونحــن نقتــر عــى تقديــم‬ ‫املســاعدات إىل النــاس األشــد حاجــة‪ ،‬وكــا‬ ‫أننــا تفاجأنــا بارتفــاع أســعار الســلع الغذائيــة‬ ‫أضعــاف مضاعفــة‪ ،‬بعــد إغــاق الطــرق بيــوم‬ ‫واحــد أو يومــن»‪.‬‬ ‫وقــد وجــه عــدة مراكــز ومكاتــب إعالميــة‬ ‫وإغاثيــة يف ريــف حمــص نــداءات اســتغاثة‪،‬‬ ‫تطالــب مــن خاللهــا املجتمــع الــدويل للتحــرك‬ ‫واملســارعة لفــك حصــار الريــف الحمــي‪،‬‬ ‫تلــق تلــك الرصخــات والنــداءات‬ ‫ولكــن مل َ‬ ‫آذان ـاً صاغيــة‪ ،‬ويخــى أهــايل الريــف مــن أن‬ ‫يصبــح ريــف حمــص الشــايل «مضايــا ثانيــة»‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫النظــام والطــران الروســي يخرقــون «وقــف إطــاق‬ ‫النــار» يف أكثــر مــن مدينــة بريــف حمــص يف أول أيامه‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫ش��كراً تركي��ا ولك��ن‬ ‫ّ‬ ‫جن��ة بال��ذل ال نرضى بها‬

‫يوسف دعيس‬ ‫مهند بكور ‪ -‬حمص‬ ‫بــدأت طائــرات حربيــة روســية بشــن هجامتهــا‬ ‫عــى مدينــة تلبيســة بريــف حمــص الشــايل يف‬ ‫الســاعة التاســعة والنصــف مــن مســاء يــوم الجمعــة‬ ‫‪ 26‬فربايــر قبــل دخــول هدنــة وقــف األعــال‬ ‫العدائيــة يف ســوريا حيــز التنفيــذ‪ ،‬وبلــغ عــدد‬ ‫االعتــداءات ‪ 18‬غــارة أســفرت عــن ســقوط شــهيدة‬ ‫وعــدد مــن الجرحــى بينهــم أطفــال‪.‬‬ ‫يف الســاعة الثانيــة عــر مــن مســاء «الســبت»‪ ،‬وبعد‬ ‫بــدء رسيــان الهدنــة بــن املعارضــة الســورية‪ ،‬وقــوات‬ ‫النظــام‪ ،‬قامــت قــوات النظــام بقصــف مدينــة‬ ‫تلبيســة بعــدة قذائــف هــاون‪ ،‬ســقطت عــى األحيــاء‬ ‫الســكنية؛ دون أيــة إصابــات‪ ،‬يف حــن ســاد هــدوء‬ ‫حــذر عــى جبهــات ريــف حمــص الشــايل حتــى‬ ‫الســاعة الثامنــة ونصــف صباح ـاً‪ ،‬حيــث اســتهدفت‬ ‫قــوات النظــام مدينــة الرســن بالرشاشــات الثقيلــة‪،‬‬ ‫كان مصدرهــا كتيبــة الهندســة شــايل املدينــة ليكــون‬ ‫الخــرق الثــاين للهدنــة‪.‬‬ ‫ويف الســاعة الحاديــة عــر صباحــاً ســجل الخــرق‬ ‫الثالــث للهدنــة‪ ،‬باســتهداف بلــدة الغنطــو بقذيفتــي‬

‫مؤلــف مــن «خمــس طائــرات حربيــة روســية‬ ‫وطائــرة نقــل عســكرية مــن نــوع يوشــن» عــرت‬ ‫أجــواء مــن منطقــة الحولــة املحــارصة نحــو مطــار‬ ‫حميميــم العســكري يف الالذقيــة معقــل الــروس‪.‬‬ ‫ويف متــام الســاعة الثانيــة وعــر دقائــق ســجل‬ ‫الخــرق الرابــع يف ريــف حمــص‪ ،‬حيــث اســتهدفت‬ ‫قــوات األســد املتمركــزة يف «الفرقــة ‪ »26‬قريــة‬ ‫تريمعلــة بقذائــف الدبابــات‪ ،‬ويف الســاعة السادســة‬ ‫وعــر دقائــق ســجل الخــرق الخامــس يف مدينــة‬ ‫الرســن باســتهداف وســط املدينــة بقذائــف الهــاون‬ ‫مــن العيــار الثقيــل مصدرهــا حاجــز كتيبــة الهندســة‬ ‫شــايل الرســن‪.‬‬ ‫الهدنــة التــي ترعاهــا روســيا وأمريــكا ال يتأمــل منهــا‬ ‫الســوريون شــيئاً‪ ،‬فهــم تعايشــوا مــع إج ـرام األســد‬ ‫وحليفيــه الــروس واإليرانيــن‪ ،‬لذلــك لــن تــأيت بجديــد‬ ‫للشــعب الســوري‪ ،‬وســيتابع القتلــة مسلســل قتلهــم‬ ‫اليومــي لكــن هــذه املــرة برعايــة وغطــاء دوليــن‪،‬‬ ‫وســرتفع قامئــة الشــهداء‪ ،‬وتــزداد القــوة التدمرييــة‬ ‫هــاون ســقطتا شــايل البلــدة‪ ،‬بعدهــا بســاعات يف دك معاقــل املدنيــن العــزل يف كل مــكان مــن‬ ‫ســجل عبــور رسب مــن الطــران الحــريب الــرويس ســوريا‪.‬‬

‫إ‬

‫ع‬ ‫الن‬

‫م‬

‫جا‬ ‫ني‬

‫اســتنادا ً إىل الحديــث الصحيــح الــذي ورد عــن النبــي محمــد‬ ‫صــى اللــه عليــه وســلم‪ ،‬الــذي يقــول فيــه‪« :‬مــن ال يشــكر النــاس‬ ‫ال يشــكر اللــه»‪ ،‬وتحــت شــعار مقابلــة اإلحســان باإلحســان‪ ،‬نقــول‬ ‫لرتكيــا شــكرا ً تركيــا مــن القلــب‪ ،‬فقــد كنتــم خــر مــن احتضــن‬ ‫إخوتكــم مــن الســوريني‪ ،‬إذا مــا قيســت أعاملكــم بنظائركــم إخواننــا‬ ‫العــرب‪ ،‬وجميلكــم لــن ننســاه مــا حيينــا فقــد وفرتــم لنــا األمــن‬ ‫واألمــان بعــد أن طالنــا ظلــم واســتبداد النظــام األســدي‪ ،‬وتغولــه‬ ‫وشــبيحته وأعوانــه بدمــاء الســوريني‪ ،‬إضافــة إىل أنصــاره مــن الــروس‬ ‫واإليرانيــن‪ ،‬وحــزب اللــه‪ ،‬وميليشــيات الحقــد الطائفــي‪.‬‬ ‫شــكرا ً ألنكــم احتضنتــم وآويتــم جــزءا ً كب ـرا ً مــن الســوريني تجــاوز‬ ‫املليونــن‪.‬‬ ‫وإذ نقــدر حرصكــم عــى أمنكــم املجتمعــي‪ ،‬فهــذا ال يعنــي أن‬ ‫تضعونــا يف ســجن كبــر داخــل املــدن‪ ،‬ومتنعــوا ع ّنــا حريــة الحركــة‬ ‫باتجــاه املــدن الرتكيــة األخــرى‪ ،‬فليــس مــن املعقــول أن يتــم إنـزال‬ ‫مريضــة مــن الحافلــة كانــت ذاهبــة إىل عينتــاب لتلقــي العــاج‪،‬‬ ‫وإجبــار ســيارة تقــل أعضــاء املجلــس املحــي ملحافظــة الرقــة‬ ‫للعــودة إىل أورفــا بعــد أن تجــاوزوا برياجيــك‪ ،‬وليــس مــن الالئــق‬ ‫بكــم أن يقــف عــى أعتــاب مقــر واليــة أورفــا طابــور مــن املراجعــن‬ ‫الســوريني يريــدون الحصــول عــى موافقــة للســفر إىل اســتنبول أو‬ ‫أنقـرا لقضــاء حوائجهــم‪ ،‬تحــت دعــاوى منعهــم مــن ركــوب البحــر‬ ‫يف إشــارة التخــاذ الســوريني طريــق البحــر تهريب ـاً إىل أوربــا‪.‬‬ ‫ال نريــد أن نكــون عبئـاً عــى األتـراك يف لجوئنــا‪ ،‬علـاً أننــا مل نحصــل‬ ‫يف املطلــق عــى صفــة الالجــئ التــي تعطــي الالجــئ حقــوق العيــش‬ ‫بكرامــة‪ ،‬وبــات الواحــد م ّنــا يحــس بأنــه يــرق الهــواء مــن األتـراك‪،‬‬ ‫ويصــادر حريتهــم‪ ،‬وينغص عيشــهم‪.‬‬ ‫هــذا هــو حــال الســوريني منــذ شــهور عـ ّدة‪ ،‬فهــم يعانــون األمريــن‬ ‫يف تجــاوز الحــدود الرتكيــة‪ ،‬فــإن نجــا أحدهــم مــن بنــادق الجندرمــا‪،‬‬ ‫يتــم ابتــزازه بالعبــور‪ ،‬ويدفــع الغــايل والنفيــس‪ ،‬وإن تســنى لــه‬ ‫الوصــول إىل ب ـ ّر األمــان‪ ،‬فعليــه رحمــة اللــه إن تلقفتــه أيـ ٍـد أمينــة‬ ‫بالهــال األحمــر‪ ،‬وغــر ذلــك فهــو ينتظــر إغاثــة أهلــه يف دول‬ ‫الخليــج أو املغــرب‪.‬‬ ‫يجــري هنــا تــداول عبــارات رنانــة عــن إغاثــة الســوريني بــدءا ً مــن‬ ‫بطاقــات املــول‪ ،‬واملنظــات املختلفــة‪ ،‬لكــن باملطلــق هنــاك أعــداد‬ ‫تصــل إىل أكــر مــن ‪ 50%‬ال تعــرف معنــى اإلغاثــة‪ ،‬فهــي منــذ‬ ‫قدومهــا إىل تركيــا مل تحصــل عــى يشء‪.‬‬ ‫أريــد أن أرس لكــم‪ ،‬صدقــوين إن معظــم العاملــن يف إغاثــة الســوريني‬ ‫هــم مــن األتــراك‪ .‬إذا ً مــا الــذي يجــري‪ ،‬أيــن تذهــب كل هــذه‬ ‫األمــوال‪ ،‬التــي تدعــي الــدول واملنظــات إنهــا أدخلتهــا إىل تركيــا‬ ‫إلغاثــة الســوريني؟ مــن املؤكــد أنهــا ال تتلــف وال ميكــن لهــا أن‬ ‫تتبخــر بالهــواء‪ ،‬وعــود عــى بــدء نرجــو مــن الحكومــة الرتكيــة‬ ‫أن تعيــد النظــر بقراراتهــا املتعلقــة بحركــة الســوريني‪ ،‬وأن تطلــق‬ ‫يدهــا يف التحقيــق مبقتــل الســوريني املدنيــن عــى حدودهــا‪ ،‬وحتــى‬ ‫يكــون للشــكر معنــى آخــر‪ ،‬ننتظــر منهــم حلــوالً عاجلــة وعادلــة‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫المغيرة الهويدي‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫وعي الضحيّة (‪)1‬‬

‫كان صــويت قــد ارتفـ َع قليـ ًـا عندمــا قلــت بــأ ٍمل‬ ‫ـوب بالتح ـ ّدي‪:‬‬ ‫مشـ ٍ‬ ‫ ولكنني ضح ّية!‬‫اب‬ ‫تلقــى صديقــي وصفــي لنفــي باســتغر ٍ‬ ‫رسعــان مــا تحــ ّول إىل اســتهجانٍ يف انقبــاض‬ ‫مالمحــه‪ .‬أدرت إصبعــي عــى حــواف فنجــان‬ ‫القهــوة أمامــي‪ ،‬ورحــت أرســم دوائــر بحركــة‬ ‫رسيعــة‪ .‬رشــفت رشــفات رسيعــة ومتالحقــة‬ ‫ٍ‬ ‫مكــرث لســخونة القهــوة التــي لذعــت‬ ‫غــر‬ ‫لســاين‪.‬‬ ‫ هل تعرف ما معنى أن تكون ضح ّية؟‬‫أراد أن يتح ّدث‪ ،‬لكنني قاطعته قائالً‪:‬‬ ‫ أنــا ضح ّيــة يــا صديقــي‪ .‬نحــن الســوريني‬‫ضحايــا!‬ ‫عندمــا عــدت إىل البيــت‪ ،‬جلســت أحــدث‬ ‫نفــي بــر ّدي الــذي جــاء عصبيــاً ونزقــاً عــى‬ ‫حديــث صديقــي يف املقهــى هنــا يف الكويــت‪.‬‬ ‫كان يحدثنــي عــن زيارتــه إلســطنبول‪ ،‬عــن‬ ‫الفنــدق املطـ ّـل عــى ســاحة تقســيم‪ .‬واإلفطــار‬ ‫امللــي الــذي تناولــه يف رشفــة الفنــدق املطلّــة‬ ‫عــى الســاحة حســب مــا فهمــت‪ .‬عــن توســت‬ ‫الخبــز املدهــون بالقشــدة ومــرىب املشــمش‪،‬‬ ‫وعــن نظــرة الطفــل الســوري الصغــر الــذي‬ ‫كان يقــف مــع أ ّمــه وإخوتــه يف الســاحة‬ ‫ينظــرون ببــؤس إىل جهــ ٍة مــا‪ ،‬وكأ ّن خالصهــم‬ ‫مــن ضياعهــم يف ذلــك الصبــاح مرهــون بقــدوم‬ ‫غصتــه‬ ‫أحـ ٍـد مــا مــن تلــك الجهــة‪ .‬حدثنــي عــن ّ‬ ‫وارتباكــه واملســافة بــن فمــه وخبــز التوســت‪،‬‬ ‫بــن فمــه وعينــه‪ ،‬وبــن عينــه وعــن الطفــل‬ ‫الــذي كان ينظــر إليــه‪ .‬قــال يل‪ :‬إنّــه أحــس‬ ‫بالعــار‪ ،‬ومل يســتطع أن يكمــل إفطــاره‪ .‬مــع‬ ‫ذلــك فإنّــه مل ينــزل إىل الطفــل ليقــدم لــه خبــز‬

‫عصام حقي‬

‫التوســت الشــهي‪.‬‬ ‫ورغــم حــريص الشــديد عــى عــدم التّحــدث‬ ‫عــن معاناتنــا أمــام اآلخريــن‪ ،‬وصمتــي يف مثــل‬ ‫هــذه املواقــف ومواقــف أخــرى عندمــا تأتينــي‬ ‫رســائل الواتســاب مــن حمــات إغاثــة لالجئــن‬ ‫الســوريني‪ .‬عــن األكشــاك التــي تبيــع الطعــام‬ ‫املنــزيل ليعــود ريعهــا لالجئــن‪ .‬عــن عجــزي‬ ‫الدائــم عــن رشح وجــع أكــر مــن الــرح‪ ،‬وجع‬ ‫ـس ويــدرك أكــر مــن حاجتــه إىل التأويــل‪.‬‬ ‫يُحـ ّ‬ ‫أقــول رغــم حــريص النابــع مــن حقيقــة أننــي‬ ‫أب لهــذا الطفــل‬ ‫وبشــكلٍ آخــر أ ٌخ كبــ ٌر أو ٌ‬ ‫الواقــف يف تلــك الســاحة‪ ،‬حــريص املعتّــق‬ ‫ـس بتقاطــع نظراتنــا وارتجــاف‬ ‫بوجــع رصــن يحـ ّ‬ ‫شــفتينا دون أن نقــول شــيئاً‪ .‬إنّــه وجــع معتــق‬ ‫فــوق الكلــات‪.‬‬ ‫رحــت أحدثــه عــن حقيقــة أننــا ضحايــا‪.‬‬ ‫أســهبت يف الــرح قبــل أن أنتبــه لنفــي‬ ‫فأنتقدهــا عــى إرسافهــا يف التفصيــل أمــام‬

‫وجـعٍ ال يحتمــل اإلطنــاب‪ ،‬لكننــي نهضــت بعــد‬ ‫أن قلــت لــه‪:‬‬ ‫ نحن واعون متاماً لحقيقة أننا ضحايا‪.‬‬‫ولكــن‪ ،‬هــل نحــن واعــون بالفعــل لحقيقــة‬ ‫أننــا ضحايــا؟‬ ‫والســؤال األهــم‪ :‬ملــاذا يجــب علينــا أن نح ـ ّدد‬ ‫موقعنــا يف هــذه املأســاة؟ مــا الغايــة مــن أن‬ ‫نكــون ضحايــا؟ لكننــي دفعــت باإلجابــة عندمــا‬ ‫ألقيــت ســؤاالً آخــر‪ :‬إذا مل نكــن ضحايــا فمــن‬ ‫نحــن؟ قتلــة؟‬ ‫يبــدو ولوقــت طويــلٍ أ ّن كلمــة ضح ّيــة مقرونــة‬ ‫ربــا‬ ‫بالضعــف والهــوان والغفلــة‪ ،‬كلمــة ّ‬ ‫انزاحــت مبعناهــا الــداليل لتصــل بنــا أبعــد مــن‬ ‫ربــا‬ ‫منظــر غ ـزال ينقـ ّ‬ ‫ـض عليــه أس ـ ٌد مفــرس‪ّ .‬‬ ‫لتصــل بنــا إىل عمــق أبعــد بكثــر مــن ذلــك‬ ‫ترســخت خــال‬ ‫يغــوص بنــا إىل ثقافتنــا التــي ّ‬ ‫عقــود طويلــة أو رمبــا قــرون‪ ،‬ثقافــة تجعــل‬

‫الضح ّيــة مدانــة بالضعــف‪ ،‬مقرونــة بالعجــز‬ ‫عــن ر ّد الظلــم يف واقــع مل يكــن فيــه مهــاً‬ ‫أن تكــون صاحــب حـ ٍّـق بالقــدر الــذي يجــب‬ ‫أن تكــون فيــه صاحــب قــ ّوة وجــاه‪ ،‬وتع ّمــق‬ ‫هــذا املفهــوم يف دولــ ٍة أصبحــت اليــد العليــا‬ ‫فيهــا هــي اليــد التــي تبطــش وتعتقــل وتعــذب‬ ‫وتقتــل وتنهــب‪...‬‬ ‫والتعاطــف الــذي تتلقــاه الضح ّيــة يف الغالــب‬ ‫يكــون تعاطفـاً ســطحياً هامشــياً‪ ،‬كأن تجــد يــدا ً‬ ‫ترتفــع بالدعــاء لــك‪ ،‬أو تطلــب القصــاص مــن‬ ‫الظــامل بظــامل أكــر إجرام ـاً‪ .‬لك ـ ّن هــذا ال يغــر‬ ‫يف حقيقــة أنّــك ضعيــف و ُمهــان؛ ألنّــك ضح ّيــة!‬ ‫أمـ ٌر واحـ ٌد ميكــن أن يغـ ّـر مــن هــذه الحقيقــة‬ ‫ـب إىل‬ ‫هــو أن تتجـ ّرد الضحيــة مــن تعريفهــا لتثـ َ‬ ‫صــف القتلــة‪ ،‬فتحصــد إعجــاب املجمــوع دون‬ ‫االلتفــات إىل مرشوعيــة مــا اقرتفتــه طاملــا أنّهــا‬ ‫ويف النهايــة‪ ،‬ر ّدت الظــامل وانتــرت لنفســها‪.‬‬ ‫«هــذا منطــق خاطــئ» أقولهــا بإميــانٍ راســخ‬

‫الفوضى للفوضى‬

‫إن اتفاق القوى العظمى مع إيران مؤخراً‬ ‫يف ما يسمى «االتفاق النووي» ما هو إال حلقة‬ ‫من سلسلة حلقات مخطط عاملي مرسوم بدقة‬ ‫لتشكيل العامل مبا يتوافق والرؤية األمريكية‬ ‫للعامل‪ ،‬أو لتشكيله بنموذج مغاير أطلق عليه‬ ‫اصطالحاً «الرشق األوسط الكبري أو الجديد‬ ‫الحقاً»‬ ‫وإزاء هذا كان ال بد من صنع إيران بشكل‬ ‫جديد‪ ،‬بشكل إيران الطائفية‪ ،‬والتضحية بالتايل‬ ‫بشاه بهلوي الصديق القديم واملخلص للواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬واإلطاحة بإمرباطوريته التاريخية‪.‬‬ ‫فوجــود إيــران الجديــدة (الشــيعية) رضوري‬ ‫الســتخدامها كمحــرك للفــن الطائفيــة النامئــة‪،‬‬ ‫والتــي ال عامــل مثلهــا يســتطيع إحــداث‬ ‫الخــراب يف هــذه املنطقــة املمتــدة مــن‬ ‫باكســتان رشقــاً إىل األطلــي غربــاً‪.‬‬ ‫غــادر الشــاه تاجــه‪ ،‬وانكفــأ عــى نفســه الجئـاً‬ ‫لــدى الســادات‪ ،‬الصديــق اآلخــر للواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬والــذي ســيتجرع نفــس الــكأس‬ ‫عــى مائــدة اللعبــة املتقدمــة نحونــا بهــدوء‪،‬‬ ‫واملرســومة بعنايــة منقطعــة النظــر منــذ أمــد‬ ‫بعيــد‪.‬‬ ‫وال شــك بــأن هــذه األلغــام الطائفيــة مزروعــة‬ ‫يف املنطقــة منــذ أكــر مــن ألــف ســنة‪ ،‬ولــن‬ ‫يثــر الفــوىض والخــراب يف الــرق األوســط‬ ‫غــر تفجــر أحدهــا‪ ،‬لحــرق املنطقــة‪ ،‬وإعــادة‬ ‫تشــكيلها بالفــوىض التــي أطلقــوا عليهــا زورا ً‬ ‫(الخالقــة)‪ ،‬والتــي أعلنتهــا حينئــذ وزيــرة‬ ‫الخارجيــة ذائعــة الصيــت‪ ،‬كونداليــزا رايــس‪،‬‬

‫بنبــل الضح ّيــة‪ ،‬قــد يتســاءل أحــد مــا‪:‬‬ ‫ كيــف نكــون واعــن لحقيقــة أننــا ضحايــا؟‬‫ث ـ ّم مــا نفــع هــذا الوعــي إذا كان العــامل قــد‬ ‫قر ّرســلفاً أننــا كذلــك؟ العــامل مل يقــرر أنّنــا‬ ‫ضحايــا‪ ،‬هــو يزعــم أنّنــا كذلــك‪ ،‬لك ّنــه يفعــل‬ ‫عكــس ذلــك‪ .‬إنّــه يتعامــل معنــا كقتلــة ســفلة‬ ‫أو إرهابيــن يســتحقون املــوت‪ .‬القصــف‬ ‫والتدمــر املمنهــج‪ ،‬األبــواب التــي تُسـ ّد يف وجــه‬ ‫الســوريني بوصفهــم أحزمــة ناســفة‪ ،‬الحمــات‬ ‫االنتخابيــة التــي ترفــع الفتــات تطالــب بطــرد‬ ‫الســوريني بوصفهــم عقــدا ً نفســي ًة متحركــة‪،‬‬ ‫التملمــل العــام من حمــات اإلغاثة واإلحســاس‬ ‫بثقــل املســؤولية لنــرة الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫تعليــق االضطرابــات واملشــاكل الداخليــة عــى‬ ‫حامــل القضيــة الســورية‪ ،‬وكأننــا مســؤولون‬ ‫كل تفجــر يحــدث يف هــذا العــامل‪ ،‬ويف‬ ‫عــن ّ‬ ‫كل تفجــر ميتــ ّد إصبــع ات ّهــام يبحــث عــن‬ ‫ســوري ليعلّــق عــى ظهــره مســببات ونتائــج‬ ‫تلــك اإلعــال اإلجراميــة‪ .‬وميكــن ألي واحــد‬ ‫م ًنــا وأظنهــا تحــدث مــع الكثــر‪ ،‬أن ينتظــر‬ ‫تفصيــل خــر عاجــلٍ عــن تفجــر مــا‪ ،‬كمــن‬ ‫ينتظــر نتيجــة امتحــان صعــب كان قــد خاضــه‪،‬‬ ‫رسه أال يكــون الفاعــل ســورياً‪ ،‬ثــم إذا‬ ‫يدعــو يف ّ‬ ‫كان مــن إحــدى املنظــات اإلرهابيــة حســب‬ ‫نعــت األمــم املتحــدة‪ ،‬أُرفــق إجرامــه بحنســيته‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫ولــو كان األمــر يب لطلبــت مــن الجميــع أن‬ ‫يجلــس مــع نفســه وقتـاً كافيـاً ليعــي فيــه أنّــه‬ ‫ضحيّــة ملــا حــدث ويحــدث‪ ،‬ولطلبــت مــن‬ ‫الجميــع أيضــاً أن يفكّــر بإجابــة عــن ســؤا ٍل‬ ‫ٍ‬ ‫واحــد‪:‬‬ ‫ إذا ك ّنــا ضحايــا‪ ،‬ونحــن كذلــك‪ ،‬مــاذا يجــب أن‬‫نفعــل يك ال نصــر قتلــة؟‬

‫والتــي خيــل للكثرييــن أنهــا مبصطلحهــا‬ ‫الطريــف هــذا كانــت تتهكــم‪ ،‬لتحــذر العــرب‬ ‫وغريهــم مــن أحــداث قادمــة ال تعــدو كونهــا‬ ‫احتجاحــات شــعبية محــدودة‪ ،‬تنتهــي غالبــاً‬ ‫ببعــض املصالحــات واملكافــآت‪ ،‬والعــودة‬ ‫بعدئــذ إىل املعســكرات القدميــة التــي كانــت‬ ‫مهيمنــة عــى حياتهــم السياســية املعتــادة‪.‬‬ ‫لقــد كانــت اللعبــة أكــر وأخطــر مــا تصــور‬ ‫الجميــع‪ ،‬وأكــر حتــى مــن تصــور أولئــك‬ ‫الذيــن وضعوهــا‪ ،‬وخططــوا ملراحلهــا‪ ،‬إذ كانــت‬ ‫قواعــد اللعبــة تقتــي رضبــات مميتــة ســميت‬ ‫باالســتباقية‪ ،‬ونالــت أوالً مــن أفغانســتان‬

‫باحتاللهــا وبقتــل شــعبها بذريعــة محاربــة‬ ‫القاعــدة التــي هــي أص ـاً جــزء ال يتجــزأ مــن‬ ‫أركان اللعبــة‪ ،‬واالنطــاق منهــا لالقــراب مــن‬ ‫املنطقــة العربيــة عــر الجــر اإليــراين الــذي‬ ‫ كــا أســلفنا ‪ -‬أُع ـ ّد مســبقا لتنفيــذ الخ ـراب‬‫القــادم يف اللحظــة املوعــودة‪.‬‬ ‫بــدأ االتجــاه نحــو الــدول العربيــة باختــاق‬ ‫كذبــة امتــاك العــراق أســلحة دمــار شــامل‪،‬‬ ‫أثبتــت الواليــات املتحــدة نفســها فيــا بعــد‬ ‫اخ ـراع الكذبــة الحتــال الع ـراق‪ ،‬وقتــل أكــر‬ ‫مــن مليــون مــن شــعبه‪ ،‬كــا جــاء يف اعتــذار‬ ‫(كولــن بــاول) عــن كذبتــه أمــام مجلــس األمــن‪،‬‬

‫ولكــن بعــد انهيــار الدولــة‪ ،‬وتســليم كامــل‬ ‫مفاتيحهــا كهديــة أوىل إلي ـران ج ـزاء خدماتهــا‬ ‫املتواليــة‪ ،‬والســر باملخطــط كــا أوحــي إليهــا‬ ‫بــه‪.‬‬ ‫بانتهــاء العـراق شــيعية الهــوى والنظــام‪ ،‬بــدأت‬ ‫إيـران تنفيــذ الخطــوات الالحقــة مــن مــروع‬ ‫الفــوىض املشــار إليــه‪ ،‬بــدءا ً مــن تدمــر ليبيــا‬ ‫واليمــن‪ ،‬وســورية‪ ،‬وحتــى لبنــان الــذي دمــروه‬ ‫باحتــال مقنـّــع‪ ،‬وبتفريغــه مــن شــكل دولــة‬ ‫حضاريــة مســتقرة إىل كيــان محتــل احتــاالً‬ ‫إيرانيــاً واضــح املعــامل عــر ميلشــياتها يف‬ ‫الضاحيــة الجنوبيــة مــن بــروت‪.‬‬

‫إن أوبامــا ســيغادر واليتــه يف البيــت األبيــض‬ ‫وقــد قــدم للعــامل (خرابــاً خالقــاً) يف ظــل‬ ‫مجموعــة مثينــة مــن الهدايــا التــي تتلخــص‬ ‫فيــا يــأيت‪:‬‬ ‫ تقديــم إيــران كنظــام مســامل نوويــاً‪ ،‬وكآلــة‬‫رعــب ودمــار شــامل بالنســبة للمنطقــة‬ ‫العربيــة كافــة‪ .‬باإلضافــة إىل كونهــا النمــوذج‬ ‫املقبــول للدولــة الدينيــة التــي ســتتخذها‬ ‫إرسائيــل ذريعــة إلعــان دولتهــا اليهوديــة‬ ‫التــي طــال انتظارهــا لهــا‪ ،‬والتــي رمبــا تكــون‬ ‫ذريعــة أيضـاً للعديــد مــن األقليــات املوجــودة‬ ‫يف املنطقــة لتكويــن دويــات شــوهاء مســتقلة‬ ‫ذاتيــاً‪.‬‬ ‫ تقديــم روســيا بوصفهــا دولــة عصابــات‬‫عظمــى مســتعدة للتدخــل الرسيــع‪ ،‬ضــد‬ ‫الشــعوب الثائــرة وإعــادة االعتبــار ألنظمــة‬ ‫االســتبداد والطغيــان يف العــامل‪.‬‬ ‫لكــن الذاكــرة املو ّدعــة للبيــت األبيــض غفلــت‬ ‫عــن حقيقتــن أساســيتني‪:‬‬ ‫أوالهــا‪ :‬أن نضــال الشــعوب عــر التاريــخ‬ ‫يؤكــد انتصارهــا يف النهايــة‪ ،‬وإن تباطــأت‬ ‫االنتصــارات قليــاً‪.‬‬ ‫وثانيهــا‪ :‬أن وقــوف معظــم دول العــامل‬ ‫موقــف املتفــرج عــى النزيــف الســوري يعنــي‬ ‫مســاندتها للباطــل ضــد الحــق يف معركــة‬ ‫الحيــاة‪ ،‬وبالتــايل وقوفهــا ضــد الحيــاة ذاتهــا‪.‬‬ ‫وكــا قــال فرانســيس بيكــون‪ :‬إن الوقــوف‬ ‫عــى الحيــاد يف الـراع بــن القــوي والضعيــف‪،‬‬ ‫ال يعنــي الحيــاد‪ ،‬لكنــه يعنــي الوقــوف مــع‬ ‫القــوي‪!..‬‬


‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫‪7‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫إش��كالية اهلوي��ات الطارئ��ة وحياك��ة نس��يجها الواه��ي عل��ى‬ ‫حس��اب امل��كان وثقافت��ه العربيّة‬ ‫محمد صالح عويد‬ ‫الهويــات الطارئــة التــي تــرخ خــال مصائــب األوطانِ‬ ‫تعــاين مــن أزمــة‪ ،‬وإشــكالية إثبــات وجــود‪ ،‬وتحتــاج عرب‬ ‫هياجهــا املشــحون (بفياغـرا) الغربــاء لتأكيــد حضورهــا‬ ‫الهــش أصــاً‪ ،‬لكنهــا الحقــاً‪ ،‬وحــ َن ينقشــ ُع غبــار‬ ‫ّ‬ ‫حوافرِهــا تســقط يف هاويــة الخــراب التــي افتعلتهــا‬ ‫تلــك الحوافــر ذاتهــا دون بعــد نظــر‪ ،‬بــل تهافتــت‬ ‫ضحال ـ ًة يف ق ـراءة تفاصيــل التاريــخ‪ ،‬واســتقراء حقيقــة‬ ‫مــا ميكــن أن تنتهــي إليــه هاويــة املســتقبل القريــب‪.‬‬ ‫ال حيــاة تنــادي عليــك يف شــب ِح هــذه املدائــنِ الغارقــة‬ ‫يف اتشــاح الســواد عــى اتســاع األفــق املترسبــل بأدخنـ ِة‬ ‫تركــض الهثــ ًة والوطــ ُن الســوري طفــل‬ ‫الغــدر التــي‬ ‫ُ‬ ‫يتيــم «دارش» يف دائــر ِة طباشــر أمريكيــة‪ ،‬يتابعــون‬ ‫امتــداد برامجهــم لرتويــض املــكان‪ ،‬ولجــمِ روح التاريــخ‬ ‫املوغــل الهــازئ مبــا يت ـ ّم حياكت ـ ُه عــى نــو ِل األعــداء‪،‬‬ ‫بينــا عبــاءة املــكان العربيــة التــي ورثتهــا عــن‬ ‫جلجامــش الســومري وأوتنابيشــتم الــذي نــال تقاعــده‬ ‫بديلمــون الســومرية ‪ُ -‬مثخنــة بالجــراح‪ ،‬باألحقــاد‬ ‫اإلثنيــة‪ -‬الدينيــة امل ُفتعلــة‪ ،‬بحيــث تتحــول كل منطقــة‬ ‫ـح‬ ‫إىل مزرع ـ ِة ألغــام ت ُن ِبـ ُ‬ ‫ـت غــدا ً حروب ـاً ُمســتعرة تتفتّـ ُ‬ ‫أزهــار رشورهــا حســب رغبــة الســقّائني الدوليــن‪.‬‬ ‫هنــا يجــب أن يتنبّــه الجميــع بأننــا نخضــع بــا اختيــا ِر‬ ‫لحــروب اآلخريــن القامئــة فعليــاً‪ ،‬وتلــك املؤ ّجلــة‬ ‫تختلــس إلينــا النظــر مــن شــقوقِ أبوابنــا املهرتئــة‪،‬‬ ‫مفاتيحهــا بعيــدة عــن متنــاول عقولنــا ونضوجنــا‬ ‫ـج مبدئيـاً‬ ‫اإلنســاين‪ ،‬وســتكون األمثــا ُن ُمضاعفــة عــا نتـ َ‬ ‫عــن معركــة التحــرر مــن االســتبداد‪ ،‬والحقــاً مــن‬ ‫االحتــاالت الداعمــة لــهُ‪ ،‬والســاعية متامــاً إلعــادة‬ ‫ِ‬ ‫للحفــاظ أوالً عــى أمــنِ إرسائيــل‪ ،‬ومصالــح‬ ‫إنتاجــ ُه‬ ‫مافيــات ُحــكّام العــامل‪ ،‬والســعي لتحويــل املنطقــة‬ ‫ملســتنقع إمرباطــوري ‪ -‬فــاريس بغيــض ميتهــن دور‬ ‫رشطــي املنطقــة املرتبّــص‪ ،‬ولــن يســتثني أحــدا ً مــن‬ ‫ـس بحلـ ِ‬ ‫ـف تاريخــي‬ ‫خناجــر الثــأر التاريخــي الــذي تأسـ َ‬ ‫عتيــق بــزواج ‪/‬كــورش ‪ -‬إســتري‪ ،/‬ولــن يوفــروا مــن‬ ‫ألي مــن أحفــاد رسكــون األكادي‬ ‫خناجرهــم املســمومة ٍ‬ ‫ونبوحــذ نــر‪ ،‬وليــس انتهــا ًء بقادســية ســعد بــن أيب‬ ‫وقّــاص‪.‬‬ ‫علينــا التنبّــه الســيام يف الحالــة الوطنيــة التــي قامــت‬ ‫عــى يــد األغلبيــة العربيــة ‪ -‬الســن ّية الســورية كحامــل‬ ‫حقيقــي ومؤمــن بالوطــن وتلويناتــه وبعــد ‪1920‬‬ ‫تحديــدا ً أي بعــد متزيقنــا املمنهــج واملــدروس قبــل‬ ‫قــرنٍ مــى مــن خــال ســايكس ‪ -‬بيكــو واملخطــط لــه‬ ‫مســبقاً عــر وثائــق مؤمتــر كامبــل ‪.1907-1905‬‬ ‫حيــث ظهــر اتفــاق جمعــي بديهــي حــول قيمــة‬ ‫وأصــول الهويــة واالنتــاء الوطنــي لــأرض وفــق معايــر‬ ‫إنســانية وجغرافيــة راقيــة طرحتهــا الثــورة الســورية‬ ‫العظيمــة منــذ انطــاق رشارتهــا األوىل بــآذار ‪2011‬‬ ‫وهكــذا دون أي مواربــة الســيام فيــا تعتلــج ســورية‬ ‫األم يف رحمهــا ومهجتهــا الكثــر مــن التلوينــات اإلثنيــة‬ ‫الرائعــة‪ ،‬وكلنــا يعلــم يف أساســيات علــم اللســانيات ‪/‬‬ ‫اللغــة‪ /‬والرياضيــات والكيميــاء دامئــاً يتــ ّم يف تفســر‬ ‫وتحليــل أي مصطلــح أو رقــم أو معادلــة بالعــودة‬ ‫األس أو املعــدن األســاس‬ ‫أوالً للجــذر –األصــل‪ -‬أو ّ‬ ‫قبــل دخــول الحمــض عليــه وتلوينــه وتش ـ ُّعب جامل ـهِ‬ ‫وتعــدد ِخصالــ ِه امل ُســت ِّجدة‪.‬‬ ‫ملــاذا يغضــب ويهيــج ويرتفــع رصاخ اإلخــوة األكــراد‬ ‫الســوريني متام ـاً مثلنــا حــن نقــول‪ :‬إ ّن عمــق وثقافــة‬ ‫تحســنت بحضورهم‬ ‫ســورية والعـراق هي عربيــة ِصفة ّ‬ ‫وأنهــم وردوا عــر هج ـرات متعاقبــة مختلفــة األســباب‬ ‫تاريخي ـاً‪ ،‬وســكنوا شــال بــاد الرافديــن قادمــن مــن‬ ‫شــال إيــران كذلــك يف شــال ورشق ســورية‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا تثبتــه كل الوقائــع والحفريــات التاريخيــة‪ ،‬والتــي‬ ‫قــام بهــا وتحـ ّدث عنهــا علــاء ورحالــة غربيــون‪ ،‬وهــذا‬ ‫متوفــر لــكل مــن يريــد أن يقــرأ‪ ،‬وال ينزلــق لدعــوات‬ ‫عرقيــة بغيضــة تــؤذي الجميــع دون أن يكلّــف املنزلقــن‬ ‫أنفســهم عنــاء القــراءة والبحــث التاريخــي ليتعاملــوا‬ ‫مــع األمــر برحابــة صــدر‪ ،‬ويعتنــوا معنــا جنبـاً إىل جنــب‬ ‫برتميــم الهويــة الوطنيــة التــي هشــمها االســتبداد‪ ،‬وال‬

‫زال يفعــل عــر أدوات بغيضــة ومــن الطرفــن تــارة‬ ‫باســتخدام بندقيــة عرقيــة ‪ -‬مأجــورة رصفــة تصــادر‬ ‫رؤيــة ومواقــف اإلخــوة األكــراد وتــارة تحــت رايــة‬ ‫دينيــة – داعــش‪ -‬وجبهــة النــرة‪ ،‬للدفــع بالجميــع‬ ‫ألتــون االقتتــال‪ ،‬بينــا يتخلّــص مــن الثــورة الراقيــة‬ ‫الهادفــة إلســقاطه عــن كاهــل الجميــع‪ ،‬وهــو بــكل‬ ‫أســف نجــح لحــ ٍّد كبــر بتحويلنــا ملجــرد متخندقــن‬ ‫أغبيــاء‪.‬‬ ‫فحــن نقــول‪ :‬إن ســورية هــي أرض وامتــداد للعروبــة‬ ‫بســبب ّأســها وحاضنتهــا البرشيــة العامــة عــر التاريــخ‪،‬‬ ‫وعمقهــا التاريخــي والجغــرايف فهــذا ال يعنــي أبــدا ً‬ ‫االمتهــان أو التقليــل مــن قيمــة ورضورات مــا لحــق‬ ‫بهــا مــن حســنٍ وجــال بإضافــات متّــت عــر مراحــل‬ ‫تاريخيــة متعــددة مــن الهجـرات والنــزوح واللجــوء لهــا‬ ‫مــن أطيــاف بظــروف مختلفــة حيــثُ ت ـ ّم احتضانهــم‬ ‫واســتقبالهم بــكل الــودّ‪ ،‬ومتّــت معاملتهــم بنديّــة نــادرة‪،‬‬ ‫ومســاواتهم بالحقــوق والواجبــات‪ ،‬ومل يكــن هنــاك‬ ‫أمامهــم عوائــق أو حواجــز شــائكة سياســية أو اجتامعية‬ ‫أو فكريــة أو دينيــة وعرقيــة مــا عرفناهــا إلّ بعهــد حكم‬ ‫البعــث االســتبدادي‪ ،‬والــذي يتــ ّم اآلن بــكل ســذاجة‬ ‫القيّــاس عليــه مــن قبــل األقليــات العرقيــة والدينيــة‬ ‫واملذهبيــة‪ ،‬وهــو الــذي تـ ّم امتطــاؤه بوليســياً بســورية‬ ‫كــا الع ـراق وكأنهــا خطّــة ممنهجــة ومدروســة لخلــق‬ ‫حالــة رشذمــة‪ ،‬وفصــل عنــري عمــودي منهجــي‬ ‫يف عمــوم الدولتــن التوأمــن الســياميني اللذيــن تــ ّم‬ ‫فصلهــا مســبقاً‪ ،‬وال يجــب أن يفوتنــا املنهــج املــدروس‬ ‫راج كان لــه‬ ‫حــن نتل ّمــس أن املكتــب الثــاين بعهــد الـ ّ‬ ‫يــد طــوىل يف تأســيس أول األح ـزاب الكرديــة العرقيــة‬ ‫الخاصــة بســورية‪ ،‬وتــوازى هــذا متام ـاً مــع الدعــوات‬ ‫ّ‬ ‫القوميــة الشــوفينية عربي ـاً عــى يــد البوليــس الفكــري‬ ‫البعثــي‪ ..‬وهــل لنــا ّإل أن نقــف ونتأمــل ونراجــع بهــدوء‬ ‫ونتســاءل بقليــل مــن الرويّــة عــن املســتفيد النهــايئ‬ ‫مــن كل مــا جــرى ويجــري وال زال حتــى اآلن والجــواب‬ ‫بســيط‪ :‬أمــن الدولــة الصهيونيــة أوالً‪ ،‬واســتمرار تأمــن‬ ‫رفاهيــة وأمــن اسـراتيجي للغــرب الصناعــي‪ ،‬ثــم وضــع‬ ‫هــذه الجغرافيــا تحديــدا ً تحــت ســيف االســتبداد‬ ‫األبــدي والتجهيّــل والتدمــر املمنهــج ألي نهــوض فكــري‬ ‫يعنــى بالحريــة والدميقراطيــة واملدنيــة ألن األرومــة‬ ‫التاريخيــة والعمــق الحضــاري هنــا ‪ -‬تحديــدا ً ‪ -‬مدروس‬ ‫بعنايــة وهــو يشــكل هاجسـاً تاريخيـاً بــأن أبنــاء هــذه‬ ‫الجغرافيــا والتاريــخ قــادرون بــأي لحظــة النهــوض‪،‬‬ ‫وميتلكــون يف جيناتهــم وثقافتهــم العميقــة رؤيــة بعيدة‬ ‫املــدى لقيــام دولــة قويــة‪ ،‬وقيــادة بقيــة املنطقة الهشّ ــة‬ ‫وتحويلهــا لق ـ ّوة توقــف االنحنــاء واالنصيــاع والخنــوع‬ ‫إلرادات غريبــة تبــدأ إقليميــاً ‪ -‬فارســياً ‪ -‬وال تنتهــي‬ ‫بكواليــس السياســة الرباغامتيــة التدمرييــة‪ ،‬الربيطانيــة‬ ‫ووريثتهــا األمريكيــة‪.‬‬ ‫أتســاءل هنــا بــكل هــدوء‪ :‬هــل توصيــف الحقيقــة‬ ‫وذكــر تفاصيــل تاريخيــة بســيطة وموث ّقــة علميـاً ودولياً‬ ‫وانرثوبولوجيـاً هــو إهانــة ألحـ ٍـد مــا نــال جنســية هــذه‬ ‫الجغرافيــا‪ ،‬وعــاش عليهــا عــر مئــات الســنني؟! هــل‬ ‫أغضــب حــن يقــول أحــد اإلخــوة األمازيــغ‪ :‬أنهــم‬ ‫أصحــاب تاريخيــون لــأرض يف املغــرب العــريب‪ ،‬وهــم‬ ‫ذاتهــم أكــر مــن يعتــ ّز بالثقافــة العربيــة اإلســامية‪،‬‬ ‫وأكــر مــن ض ّحــى ودافــع عنهــا تاريخيــاً‪ ،‬كــا نعتــ ّز‬ ‫نحــن بإنجازاتهــم التاريخيــة الحــارضة حتــى الســاعة‬ ‫عــى كل األصعــدة‪ ،‬ومل نجدهــم بلحظــة واحــدة‬ ‫يســتعينوا باالســتعامر الفرنــي أو اإلســباين أو اإليطــايل‬ ‫خــال القرنــن ‪ 20-19‬إلعــان دولتهــم العرقيــة أو ذات‬ ‫الثقافــة األمازيغيــة الخالصــة ونجدهــم أكــر املنافحــن‬ ‫املضحــن كــا أســلفنا‪..‬؟!‬ ‫ّ‬ ‫هــل يغضــب اإلخــوة األرمــن ‪ -‬الرشكــس ‪ -‬الشيشــان ‪-‬‬ ‫الداغســتانيون ‪ -‬األلبــان ‪ -‬اليهــود والذيــن نزحــوا كــا‬ ‫أســلفنا عــر التاريــخ وســكنوا ونالــوا جنســية ســورية‬ ‫ـائل‬ ‫والعـراق أو هــل يشــعرون بالعــار حــن يســألهم سـ ٌ‬ ‫عــن ِذكـ ِر بالدهــم األصليــة؟ وهــل يتـ ّم االنتقــاص مــن‬ ‫قيمــة هويتهــم وانتامئهــم وحبهــم لهــذه البــاد؟ وهــل‬ ‫قمعــت األغلبيــة العربيــة ثقافتهــم وخصوصيتهــم‬

‫عــر تاريــخ حضورهــم‪ ،‬طبعــاً بعــد شــطب الحقبــة‬ ‫البعثيــة‪ ،‬التعســفية البوليســية التــي كانــت ملــكاً‬ ‫عضوضــاً طائفيــاً‪ ،‬والتــي يحلــو لكثــر مــن الخ ّراصــن‬ ‫باعتبارهــا ترمومــر ومقيــاس لتقييــم قيمــة وأخــاق‬ ‫األغلبيــة‪ ،‬ويحاولــون مــن خاللهــا تقزيــم ثقافــة البــاد‬ ‫التاريخيــة والجميــع ُمتفــق بخصــوص هــذه املرحلــة‬ ‫الســوداء وعــى اســتنكارها وسياســاتها وآثارهــا‪ ،‬وثــار‬ ‫الجميــع كــا يُفــرض إلزاحتهــا عــن وجــه ســورية‪ ،‬وعــن‬ ‫كاهــل أهلهــا عموم ـاً الســرجاع رقــي ثقافتنــا العربيــة‬ ‫الجامعــة‪ ،‬بعيــدا ً عــن أي شــوفينية أو عنرصيــة نرفضهــا‬ ‫كأبنــاء لهــا‪ ،‬كــا يرفضهــا أي طيــف ســوري آخــر‪.‬‬ ‫هــل نقبــل بعمومنــا كســوريني مــن اإلخــوة العــرب‬ ‫الســوريني‪ :‬الــدروز أو اإلســاعيليني أو النصرييــن‬ ‫أو الشــيعة أو اإليزيديــن أن يطالبــوا مثــاً بتشــليخ‬ ‫ســورية وإقامــة كانتونــات خاصــة نق ّيــة مذهبيــاً‬ ‫لهــم عــى أنقــاض الوطــن امل ُســتهدف بســبب ثورتنــا‪،‬‬ ‫مــن حكومــات مرتزقــة املحيــط اإلقليمــي وكل ضبــاع‬ ‫العــامل؟!‬ ‫هــل كان يجــب عــى العــرب الســوريني بعمومهــم أن‬ ‫يندفعــوا مبقدمــة الجمــوع الثائــرة لتحريــر وطنهــم‬ ‫مــن نــر االســتبداد املؤبّــد لنجــد الحق ـاً بقيــة ضحلــة‬ ‫تنصلــة‬ ‫وبائســة مــن أطيــاف عرقيــة‪ ،‬ومذهبيــة تنسـ ّـل ُم ِّ‬ ‫مــن مســؤولياتها التاريخيــة بعــد أن اطمئنــوا لتــو ّرط‬ ‫الســن ّية‪ ،‬ونجــد تن ّقــل تلــك األطيــاف‬ ‫األغلبيــة العربيــة ُ‬ ‫عــى حبــال اللعبــة اإلقليميــة والدوليــة بخبـ ٍ‬ ‫ـث‪ ،‬وبــن‬ ‫الغــا َم الثــورة واملــروق عــن واجبهــم الوطنــي املطلــوب‬ ‫وامل ُفــرض‪ ،‬لتدفــع األغلبيــة الرضيبــة األبهــض واألكــر‬ ‫قســوة بالتهجــر واالعتقــال واملذابــح وتدمــر مناطقهــم‬ ‫وأرزاقهــم‪ ،‬ومحــاوالت دؤوبــة مــن املؤامــرة الدوليــة‬ ‫لتغيــر دميوغرافيــة ســورية لتخلــو لهــم جغرافيــة‬ ‫الرباغامتيــة‪ ،‬وضــان عــدم قيــام ثــورة الحقــاً ولــو‬ ‫بعــد ألــف ســنة‪ ،‬فيــا يظهــر زُعــاء طارئــن ألقل ّيــات‬ ‫عرقيــة – مذهبيــة‪ ،‬ويرفعــون رؤوســهم كأفا ٍع الســتغالل‬ ‫الوضــع‪ ،‬والتامهــي مــع مخططــات األعــداء لقطــف‬ ‫خاصــة ‪ -‬طارئــة أو رمبــا مدفونــة ســابقاً تحــت‬ ‫مثــار ّ‬ ‫رمــاد االســتبداد بانتظــار الفرصــة املناســبة؟!‬ ‫هنــا ال ب ـ ّد مــن التنويــه والتأكيّــد عــى أن أي خطــاب‬ ‫مظلوميــة تاريخيــة يرفــع لــواء الحــق التاريخــي‬ ‫بالجغرافيــا يهــدف لســحق ُمخالفيــه‪ ،‬والتأليــب عليــه‬ ‫تحــت ذرائــع ســاقطة ال يعنــي ســوى أنهــم يحاولــون‬ ‫أخــذ مــا مل‪ ،‬ولــن ميتلكــوه أو يســتحقوه‪.‬‬ ‫أســئلة برســم صحــوة ثــورة الحريــة‪ ،‬املدنيّــة الســورية‬ ‫ملــن تعنيــه ســورية كوطــن واحــد نتســاوى فيــه‬ ‫بالواجبــات قبــل الحقــوق‪ ،‬ونحــرم جميعنــا خصوصيات‬ ‫كل إثنيــة عاشــت وتعيــش عــى أرض ســورية‪ ،‬ونعت ـ ّز‬ ‫جميعــاً بــكل تلويناتهــا‪ ،‬ألننــا كســوريني رصنــا وبعــد‬ ‫عهــود طويلــة مــن التن ـ ّوع الثقــايف والتداخــات منتلــك‬ ‫م ّيــزة اجتامعيــة‪ ،‬وهــي بالشــخصية امل ُركبــة بالتعدديــة‬ ‫والتلوينــات اإلثنيــة الراقيّــة‪ ،‬ومســكونني بــكل تجلياتهــا‬ ‫الجميلــة ونعتــ ّز بهــا كــا نحــرم ثقافتهــا وعمقهــا‬ ‫التاريخــي العــريب دون تشــنج مــدروس ومدســوس‬ ‫وغريــب‪ ،‬ويبــدو أنــه مفــروض علينــا جميعــاً‪.‬‬ ‫والسؤال األكرث أهمية والذي حان أوانه متاماً‪:‬‬ ‫لــو وقــف الســوريون جميعهــم دون أي دعــوة عرقيــة‪،‬‬ ‫دينيــة‪ ،‬مذهبيــة‪ ،‬منــذ البــدء‪ ،‬كــا انطلقــت الثــورة‬ ‫وتحــت رايــة واحــدة‪ ،‬أكان يبقــى النظــام ويســتمر‬ ‫وتخرتقنــا كل اســتخبارات العــامل ومتزقنــا‪ ،‬وتبــدأ الحق ـاً‬ ‫مرحلــة إعــادة إنتــاج االســتبداد وإخضاعنــا وإذاللنــا‬ ‫بإعادتنــا جميعــاً لزرائــب القهــر والطغيــان‪ ،‬ويبــدو‬ ‫كذلــك لتمزيــق ســورية وســنكون كلنــا خارسيــن؟!‬ ‫كذلــك ال بــد مــن االنتبــاه إىل أن إمكانيــة قــرار‬ ‫الالعــودة عــن هــذا الــركان امل ُســت ِعر صــار ضيقـاً جــدا ً‪،‬‬ ‫رمبــا حتــى بالنســبة لالعبــن الكبــار امل ُتحكمــن بأغلــب‬ ‫الخيــوط ومؤججيهــا عــن بُعــد‪ ،‬فلعنــة املــكان ســتالحق‬ ‫كل املتواطئــن واملســاهمني بتقزيــم تاريــخ وثقافــة هذا‬ ‫املــكان‪ ،‬ألن دجاجــة املــكان مل ت ُعــد تقبــل أن ت ُس ـ ِقط‬ ‫بيضتهــا الذهبيــة بأيــدي اللصــوص املرتبصــن بهــا‬ ‫ليحولــوا املــكان ملغــارة عــي بابــا أبديــة‪.‬‬

‫جراب الحاوي‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫ول��ن أق��وم هن��ا بتفس�ير معن��ى اجل��راب أو احل��اوي‪ ،‬إذ أن��ي‬ ‫موق ٌ‬ ‫��ن أن معناهم��ا ال خيف��ى عل��ى فطن��ة الق��ارئ‪.‬‬ ‫ويقــول إخوتنــا املرصيــون يف مثــلٍ شــائعٍ عندهــم ورمبــا عنــد‬ ‫غريهــم أيضــاً‪« :‬يامــا يف الجــراب يــا حــاوي» للتدليــل ‪ -‬يف جملــة‬ ‫مــا يُســاق للتدليــل عليــه – أن «الحــاوي» يســتطيع االســتمرار يف‬ ‫إدهــاش مشــاهديه مــن كــرة مــا يُخــرج مــن وعائــه مــن أشــياء‬ ‫مختلفــة متباينــة مــن مناديــل ملونــة ومــن طيــور وحامئــم قــد يبــدأ‬ ‫بهــا عروضــه‪ ،‬ثــم مــن ســيوف وخناجــر وســكاكني‪ ،‬ومل تنتـ ِه عروضــه‬ ‫بعــد‪.‬‬ ‫وهكــذا يفعــل الحــاوي أوبامــا وتابعــه كــري‪ ،‬أو يفعــل الحــاوي‬ ‫الصهيــوين وتابعــاه أوبامــا وكــري (عــودة اىل نظريــة املؤامــرة)‪.‬‬ ‫إنهــم يدهشــوننا‪ :‬يضــع يــده يف الجـراب فيخرجهــا بترصيــح عــن أن‬ ‫األســد فقــد رشعيتــه‪ ،‬ولــن يســتعيدها أبــدا ً‪ ،‬وأنــه ال ميكننــا االعتــاد‬ ‫عــى نظــام يــر ّوع شــعبه‪ ،‬وأن عليــه أن يرحــل‪ ،‬وأن علينــا أن نقــوي‬ ‫املعارضــة الســورية‪ ،‬ونضاعــف مســاعدتنا العســكرية لهــا‪ ،‬كأفضــل‬ ‫خيــار ملواجهــة املتطرفــن مثــل داعــش تزامنــاً مــع الســعي لحــل‬ ‫األزمــة الســورية سياســياً‪ ،‬وبشــكلٍ نهــايئ مبــا أننــا نقــف اىل جانــب‬ ‫الشــعوب التــي تقاتــل مــن أجــل حريتهــا‪.‬‬ ‫كلــاتٌ يداعــب بهــا الحــاوي مشــاعرنا نحــن مشــاهديه‪ .‬ثــم‬ ‫يُدخــل يــده يف الجـراب‪ ،‬ويخرجهــا بترصيــح بوجــوب عــدم االفـراط‬ ‫يف التفــاؤل بشــأن االتفــاق االمريــي الــرويس حــول وقــف القتــال يف‬ ‫ســورية‪ ،‬ثــم يُدخلهــا ويُخرجهــا بــأن االنتصــار عــى داعــش يتطلــب‬ ‫وقــف الحــرب األهليــة يف ســورية‪ ،‬ثــم تتســارع حركــة يــد الحــاوي‬ ‫يف الج ـراب فتكــون حــارضة عبــارة‪ :‬لــن يشــمل الحـ ّـل الســيايس يف‬ ‫ســورية بشــا َر األســد‪ ،‬ثــم رمبــا يكــون مــن املتأخــر جــدا ً الحفــاظ‬ ‫عــى وحــدة ســورية كلهــا إذا انتظرنــا وقت ـاً أطــول إلنهــاء القتــال‪.‬‬ ‫هنــا‪ ،‬تبلــغ اإلثــارة قمتهــا‪ ،‬وتبلــغ مهارتــه ذروتهــا‪ ،‬ويجــب علينا أن‬ ‫نصفــق – نحــن املشــاهدين – عندمــا يُخــرج الحــاوي مــن جرابــه‪ ،‬ال‬ ‫عصفــورا ً وال حاممـ ًة بــل متســاحاً‪ :‬إن الواليــات املتحــدة – التــي تقــف‬ ‫إىل جانــب الشــعوب التــي تقاتــل مــن أجــل حريتهــا– ســتدفع باتجاه‬ ‫بلقنــة ســورية إذا فشــل وقــف إطــاق النــار‪ .‬وتلــك لعمــري هــي‬ ‫القيَــم األمريكيــة التــي يدافــع عنهــا الرجــال والنســاء يف اليونيفــورم‪.‬‬ ‫ـب بلـ ٌد ببــره وحجــره‬ ‫أن يبقــى رئيــس عــى كــريس الحكــم‪ ،‬ولْيذهـ ْ‬ ‫إىل الجحيــم‪.‬‬ ‫والحــاوي ال يقـ ّدم عروضــه مبفــرده‪ ،‬إذ البـ ّد لــه مــن مســاعدين‪،‬‬ ‫ومســاعدوه هــم مــن الذيــن ُزيّــن لهــم ســوء عملهــم فــرأوه حســناً‪،‬‬ ‫ومنهــم داخليــون ومنهــم خارجيــون‪ ،‬ومــن أبــرز الداخليــن داعــش‬ ‫التــي عاثــت يف األرض فســادا ً‪ ،‬ونــرت الرعــب والقــرف بــن النــاس‬ ‫الذيــن تحكّمــت بهــم‪ ،‬ودفعــت بهــم إىل الرتحــم عــى «النبــاش»‬ ‫األول‪.‬‬ ‫ر عــى ارتباطهــا‬ ‫ومــن أبرزهــم أيضـاً جبهــة النــرة التــي ال تـزال تـ ّ‬ ‫بتنظيــم القاعــدة الــذي يعتــره العــامل كلّــه ارهابيـاً‪ ،‬ومــع ذلــك فهــي‬ ‫ال تريــد أن تنفلــت منــه‪ ،‬وخاطــب زعيمهــا الجــوالين «أ ّمتــه» مــن‬ ‫وراء حجــاب طالبـاً عــدم االلتـزام بالهدنــة التــي تخــدم أعــداءه‪ ،‬وكأن‬ ‫يف ترســانته صواريــخ مضــاد ًة للطائـرات التــي متطــره بحممهــا‪ ،‬وهــو‬ ‫ينســحب مــن بعــض مواقعــه مهــا كانــت حجــة االنســحاب‪.‬‬ ‫ومنهــم إخواننــا الكــرد الذيــن يتبعــون خطــى داعــش يف تحريــر‬ ‫املحــرر‪ ،‬وقتــال الجيــش الحــر‪ ،‬واالســتيالء عــى مواقعــه‪ ،‬وتقديــم‬ ‫الدعــم واإلســناد للنظــام الــذي قمعهــم وحرمهــم مــن حقوقهــم التــي‬ ‫ثــاروا لنيلهــا‪ ،‬وهــم يعرفــون جيــدا ً أنهــم مل يكونــوا وحدهــم عرضـ ًة‬ ‫لذلــك القمــع والحرمــان‪.‬‬ ‫ومنهــم املؤتلفــون الذيــن يبــدون األشـ ّد حرصـاً عــى االســتمرار يف‬ ‫كل الصفعــات التــي يكيلهــا لهــم يف العلن‪،‬‬ ‫التزلــف إىل الحــاوي‪ ،‬رغــم ّ‬ ‫ووراء االبــواب املغلقــة بعــد أن سـلّموه منــذ البدايــة خطامهم‪.‬‬ ‫وأمــا مســاعدو الحــاوي الخارجيــون‪ ،‬فالحديــث عنهــم يطــول‬ ‫ويــورث الحــرج‪ ،‬فهــم أشــقاؤنا وأصدقاؤنــا الذيــن يبــدو أنهــم يحبــون‬ ‫أن يلعبــوا «اليويــو» يف ســقف تهديداتهــم وتعهداتهــم‪ ،‬ولعــل يف‬ ‫اشـراطهم أن تقــود الواليــات املتحــدة حملتهــم الربيّــة املزمعــة ضــد‬ ‫اإلرهــاب يف ســورية تصديق ـاً لذلــك‪.‬‬ ‫تُــرى‪ ..‬لــو مل يكــن للحــاوي مســاعدون كأولئــك‪ ،‬هل كان يســتطيع‬ ‫أن يقـ ّدم عروضــه تلــك بهــذا االدهاش؟‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املعضلــة الكــرى يف وجــه الســوريني… إرهــاب الرجــل األبيــض‬ ‫رعد أطلي‬ ‫دخــل االتفــاق الــرويس األمريــي حول هدنة‬ ‫ووقــف إطــاق النــار يف ســوريا حيــز التنفيــذ‬ ‫مســتثنياً تنظيــم الدولــة وجبهــة النــرة‪ ،‬وكان‬ ‫مؤمتــر ميونيــخ لألمــن قــد أنهــى أعاملــه يف‬ ‫بدايــة الشــهر املنــرم مصم ـاً عــى محاربــة‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬ودعــوة األط ـراف الســورية للحــوار‪،‬‬ ‫إال أن التصميــم عــى محاربــة اإلرهــاب وزيــادة‬ ‫الجهــود املاديــة واللوجســتية لذلــك هــو مــا‬ ‫ركــز عليــه أعضــاء املؤمتــر الذيــن زادوا عــن‬ ‫ثالثــن دولــة‪ ،‬ويــرى قــادة الــدول األوروبيــة‬ ‫والواليــات املتحــدة أن اإلرهــاب بــات يهــدد‬ ‫العــامل أكــر مــن أي وقــت مــى‪ ،‬ولكــن مــا‬ ‫هــو ذلــك اإلرهــاب وضــد مــن يتوجــه؟‬ ‫ال تــرى عواصــم أوروبــا وواشــنطن اإلرهــاب‬ ‫إال مــن خــال مــا يهــدد مصالحهــم املبــارشة‬ ‫وغــر املبــارشة وســامة مواطنيهــم‪ ،‬لذلــك‬ ‫يعتــرون أن تنظيــم الدولــة وجبهــة النــرة‬ ‫هــي الجامعــات األكــر إرهابـاً يف ســوريا‪ ،‬والتــي‬ ‫ال ميكــن للمجتمــع الــدويل أن يتفــاوض معهــا‪،‬‬ ‫أو يدعــو ملحادثــات ســام بــن تلــك الــدول‬ ‫وتلــك التنظيــات التــي يســميها إرهابيــة‪ ،‬أمــا‬ ‫نظــام األســد الديكتاتــوري‪ ،‬وبــكل مــا يرتكبــه‬ ‫مــن جرائــم قتــل وترشيــد‪ ،‬إال أنــه مــن املمكــن‬ ‫الحــوار معــه‪ ،‬وإج ـراء مفاوضــات ســام بينــه‬ ‫وبــن املعارضــة الســورية‪ ،‬وهــذا طبيعــي‪،‬‬ ‫فرغــم أن األســد قتــل مــا يقــارب النصــف‬ ‫مليــون إنســان حســب اإلحصــاءات الرســمية‪،‬‬ ‫ورشد اثنــي عــر مليــون إنســان آخــر تضيــق‬ ‫أوروبــا ذرعــاً بلجــوء مــا يقــل عــن مليــوين‬ ‫إنســان منهــم‪ ،‬برغــم مــا فعلــه إال أنــه مل يقتــل‬ ‫مــن األوروبيــن أكــر مــا فعلتــه داعــش التــي‬

‫قــد يصــل عــدد ضحاياهــا مــن األوروبيــن مــا‬ ‫يقــل عــن مئتــي إنســان‪ ،‬بالرغــم مــن الفــرق‬ ‫الشاســع بــن األرقــام إال أن «الرجــل األبيــض»‬ ‫مــن وجهــة نظــر قــادة العــامل مــا زال يســاوي‬ ‫الكثــر‪ ،‬ومــا مبــادئ ويلســون ومقــررات األمــم‬ ‫املتحــدة إال محــاوالت لجعــل شــكل العــامل‬ ‫«الئقــاً إنســانياً» ال أكــر‪.‬‬ ‫أعيــت املواطــن الســوري عبث ـاً محاوالتــه رشح‬ ‫عالقتــه مــع األســد بألــف صــورة وصــورة‬ ‫«لســادة العــامل»‪ ،‬إال أن هــؤالء مــا زالــوا يرصون‬ ‫عــى تفــاوض املعارضــة مــع األســد الــذي مــا‬ ‫زال إىل اليــوم الــذي يتصايــح فيــه قــادة‬ ‫الغــرب عالي ـاً عــن الحــل الســلمي والتفــاوض‬ ‫رد‬ ‫يقصــف ويقتــل ويحــارص ويجــ ّوع ويــ ّ‬ ‫املاليــن‪ ،‬يحــاول الســوريون بشــتى الوســائل‬ ‫أن يظهــروا للعــامل خــداع هــذا النظــام وكذبــه‪،‬‬ ‫وأنــه ال ميكــن أن يكــون هنــاك حــوار بــن‬ ‫الظــامل واملظلــوم‪ ،‬فكيــف ميكــن أن تفــاوض‬

‫أو تحــاور ظاملــاً يــرى ظلمــه لــك عــدالً؟‬ ‫لكــن العلــة الرئيســية ال تكمــن يف تــرذم‬ ‫املعارضــة‪ ،‬وال فشــلها اإلعالمــي‪ ،‬وال ضعــف‬ ‫أدائهــا الســيايس الــذي طاملــا تــم اتخاذهــم‬ ‫مــررات لوصــول األوضــاع إىل مــا وصلــت‬ ‫عليــه يف ســوريا‪ .‬األمــر باملختــر أن واشــنطن‬ ‫وباريــس وبرلــن ولنــدن ورومــا وغريهــا مــن‬ ‫العواصــم التــي جاهــرت بصداقــة الشــعب‬ ‫الســوري غــر مســتعدة للشــهادة عــى األســد‬ ‫باإلرهــاب‪ ،‬فالرجــل مل يقتــل أوروبيــاً واحــدا ً‬ ‫إال بضعــة صحفيــن أوروبيــن يف بدايــة الثــورة‬ ‫يشــك بأنــه مــن قتلهــم أص ـاً‪ ،‬فعــام يصنــف‬ ‫إرهابيــاً أو خطــرا ً عــى العــامل؟ وخاصــة أنــه‬ ‫طاملــا حافــظ عــى ســوريا كــا يتــاءم ذلــك‬ ‫مــع مصالــح النظــام العاملــي‪ ،‬ومل ي ـ َر محققــو‬ ‫فرنســا وساســتها يف التفجــر اإلرهــايب الــذي‬ ‫رضب باريــس إال جــواز ســفر ســوري يزيــد مــن‬ ‫تســليط الضــوء عــى الالجــئ «البغيــض»‪ ،‬لكــن‬ ‫آالف التقاريــر واملســتندات والدالئــل التــي‬

‫قدمهــا ســوريون وغريهــم عــن عالقــة التنظيــم‬ ‫اإلرهــايب باألســد‪ ،‬والتــي متــأ أدراج مكاتــب‬ ‫خارجيتهــم وداخليتهــم ومخابراتهــم ال تســتحق‬ ‫النظــر‪ ،‬عــى الســوريني أن يحــاوروا النظــام‪.‬‬ ‫ويف العلــن يتحــدث القــادة عــن أن تلــك‬ ‫املفاوضــات ســتفيض إىل حكومــة انتقاليــة مــن‬ ‫دون األســد‪ ،‬ومــاذا عــن أركان نظامــه الذيــن‬ ‫ال يقلــون وحشــية عنــه؟ هــل مــن املمكــن‬ ‫أن تفــاوض مجرمــاً عــى طريقــة يختارهــا يف‬ ‫القضــاء عــى نفســه‪ ،‬أم أنــك ســتعيده إىل‬ ‫مكانــه ميــارس إجرامــه؟ هــذا إذا فرضنــا أوالً أن‬ ‫الوفــد املفــاوض مــن قبــل النظــام قــادر عــى‬ ‫البــت يف أمــر األســد‪ ،‬وثانيـاً إن كان فعـاً قــادة‬ ‫الغــرب يبحثــون مســألة إقصــاء األســد‪.‬‬ ‫ترصيحــات هيئــة التفــاوض العليــا حــول طلــب‬ ‫جــون كــري وزيــر الخارجيــة األمريــي منهــم‬ ‫الرضــوخ ملطالــب روســيا قبيــل عقــد جنيــف ‪3‬‬ ‫يف بدايــة شــهر شــباط‪ ،‬ومــن ثــم الترسيبــات‬ ‫مــن الناشــطني الســوريني التــي يح ّمــل فيهــا‬ ‫كــري مســؤولية العمــل اإلجرامــي التاريخــي‬ ‫لروســيا يف ســوريا هــذه األيــام املعارضــة ألنهــا‬ ‫مل ترضــخ ملطالــب روســيا‪ ،‬ومــن ثــم تهديــد‬ ‫الســوريني بثالثــة أشــهر مــن الجحيــم‪ ،‬هــذا‬ ‫كلــه يظهــر اإلرهــاب الحقيقــي الــذي ميــارس‬ ‫ضــد الســوريني‪ ،‬إرهــاب الرجــل األبيــض الــذي‬ ‫ال يأبــه بــآالف الضحايــا حفاظ ـاً عــى مصالحــه‬ ‫ومشــاريعه‪ .‬امتــأت صفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي بألــوان العلــم الفرنــي إعالنـاً عــن‬ ‫تضامــن الشــعوب مــع فرنســا ضــد العمليــة‬ ‫اإلرهابيــة البشــعة التــي راح ضحيتهــا مئــة‬ ‫ومثــان وعــرون مــن األبريــاء‪ ،‬لكــن ســوريا‬ ‫تشــهد ضحايــا إرهــاب يفــوق عددهــم اليومــي‬

‫عــدد ضحايــا باريــس‪ ،‬لكــن حظهــم الــيء‬ ‫أنهــم ال يحملــون جــوازات ســفر أوروبيــة‪.‬‬ ‫إال أن هــذا اإلرهــاب ال ميكــن أن يتحجــم ضمن‬ ‫بوتقــة معينــة‪ ،‬وميــارس عــى مجموعــات دون‬ ‫أخــرى‪ ،‬هــو وحــش ال ميكــن ترويضــه‪ ،‬وســيأكل‬ ‫حتــى مربيــه يف لحظــة مــن اللحظــات‪ ،‬هــذا‬ ‫اإلرهــاب الــذي يتمثــل بترصفــات قــادة دول‬ ‫العــامل املتحــر‪ .‬كان إرهاب ـاً عندمــا اســتقبلت‬ ‫إيطاليــا رئيــس إيـران وغطــت متاثيلهــا حتــى ال‬ ‫يضطــر «ســاحة الســيد» حســن روحــاين أن‬ ‫يغــض بــره‪ ،‬يف حــن نكســت متاحفهــا أعالمها‬ ‫حزن ـاً عــى روائــع فنيــة حطمتهــا داعــش! كان‬ ‫إرهاب ـاً صفقــة املليــارات التــي وقعتهــا فرنســا‬ ‫مــع إي ـران ولطاملــا ملحــت الرئاســة الفرنســية‬ ‫ســابقاً أن إيــران داعمــة لإلرهــاب‪ ،‬ذلــك‬ ‫اإلرهــاب الــذي قتــل الفرنســيني‪ ،‬قبّــل الســيد‬ ‫فرانســوا أوالنــد لحيــة الرئيــس اإليـراين غــر آبه‬ ‫بدمــاء آالف الســوريني‪ ،‬وال مبسـرات اإليرانيــن‬ ‫الغاضبــة‪ ،‬والفتيــات الفرنســيات اللــوايت علقــن‬ ‫أنفســهن بالحبــال متثيــاً إلرهــاب النظــام‬ ‫اإليـراين بأفـراد شــعبه‪ .‬هــذا اإلرهــاب ال بــد أن‬ ‫يتذوقــه األوربيــن قرابــن جديــدة عــى مذابــح‬ ‫قادتهــم السياســيني‪ ،‬فلــم يُقتــل الباحــث‬ ‫اإليطــايل الشــاب جوليــو ريجينــي يف األيــام‬ ‫األخــرة‪ ،‬وإمنــا قتــل منــذ أن صمــت العــامل عــن‬ ‫قتــل آالف املرصيــن بآلــة القتــل الديكتاتوريــة‪،‬‬ ‫ومل يُقتــل الفرنســيون لحظــة التفجــر‪ ،‬وإمنــا‬ ‫عندمــا صمــت العــامل عــن فعــل املجــرم األرعــن‬ ‫األحمــق الديكتاتــور يف ســوريا‪ ،‬إرهــاب الرجــل‬ ‫األبيــض ال بــد أن يتذوقــه األوربيــون‪ ،‬ولكــن‬ ‫لألســف الضحايــا األبريــاء هــم مــن ســيدفع‬ ‫مثــن أطــاع نظامهــم الســيايس‪..‬‬

‫دوافع ومزايا التجويع كسالح يف الحروب!‬ ‫حمزة رستناوي‬ ‫معظــم النــاس الذيــن ميارســون التعذيــب‬ ‫أو األعــال القــذرة كالحصــار حتــى التجويــع‬ ‫الجامعــي لألبريــاء‪ ،‬ليســوا بأشــخاص مــرىض‬ ‫نفســيني وليســوا كذلــك بســاديني لديهــم‬ ‫ـت‬ ‫اضطرابــات نفســية خطــرة! األســباب ليسـ ْ‬ ‫مرضيــة طبيــة نفســية‪ ،‬بــل األســباب أساســاً‬ ‫هــي ثقافيــة اجتامعيــة وليــدة البيئــة والرتبيــة‪.‬‬ ‫فالشــخص العنــري يف مجتمــع عنــري يعــد‬ ‫طبيعيـاً‪ ،‬وقــد يحظــى باحـرام وتقديــر ويكــون‬ ‫زعيــاً ذا هيبــة وتقديــر! وهــذا إدانــة ليــس‬ ‫للعنــري فقــط بــل للمجتمــع والثقافــة التــي‬ ‫نشــأ فيهــا هــذا الشــخص! التشـفّي أو ســكوت‬ ‫الغالبيــة العظمــى مــن املجتمعــات الحاضنــة‬ ‫لحــزب اللــه والنظــام الســوري األســدي عــن‬ ‫حصــار مضايــا وتجويــع أهلهــا حتّــى املــوت‪،‬‬ ‫ومــن قبلهــا تشـفّيهم أو ســكوتهم عــن مجــزرة‬ ‫الكيــاوي يف الغوطــة آب ‪2013‬م أو مجــزرة‬ ‫الحولــة قبلهــا عــى ســبيل املثــال ال الحــر‪،‬‬ ‫هــو إدانــة لثقافــة انغالقيــة وعنرصيــة تهيمــن‬ ‫عــى هــذه املجتمعــات! عقــب حــدوث‬ ‫مجــزرة ص ـرا وشــاتيال ‪ 1982‬يف لبنــان حدثــت‬ ‫ـت ع ـرات اآلالف‬ ‫مظاه ـرات تــل أبيــب ضمـ ْ‬ ‫مــن اإلرسائيليــن‪ ،‬وتــم تشــكيل لجنــة تحقيــق‬ ‫ـت اإلرسائيــي‪ ،‬بالتأكيــد‬ ‫عليــا مــن قبــل الكنيسـ ْ‬ ‫إ ّن هــذا ال يقلــل أو يلغــي املســؤولية الجنائيــة‬ ‫واألخالقيــة عــى الجيــش اإلرسائيــي وقــادة‬

‫إرسائيــل آنــذاك‪ ،‬ولكنــه يعطــي مــؤرشا ً‬ ‫عــى حيويــة كامنــة يف املجتمــع اإلرسائيــي‪،‬‬ ‫وكذلــك االمــر عقــب هجــات ‪ 11‬أيلــول‬ ‫‪2001‬م اإلرهابيــة حيــث مل نجــد مظاهـرات أو‬ ‫تعبـرات شــعبية مه ّمــة مســتنكرة لهــا يف العــامل‬ ‫اإلســامي!‬ ‫األغلبيــة العظمــى مــن الذيــن يقومــون‬ ‫بالتعذيــب واألعــال القــذرة يف الحــروب‬ ‫يكونــون أشــخاصاً طبيعيــن‪ ،‬عاديــن جــدا ً مــن‬ ‫مختلــف الثقافــات السياســية واالقتصاديــة‬ ‫واالجتامعيــة‪ ،‬ولكنهــم يخضعــون للســلطة‬ ‫يف وقــت مــا‪ ،‬وتجربــة زميبــاردو يف ســجن‬ ‫ســتانفورد‪1971‬م تدعــم هــذا االســتنتاج‪،‬‬

‫فالقامئــن عــى هــذه التجربــة خلصــوا إىل‬ ‫أن عمليــات التعذيــب قــد يقــوم بهــا أنــاس‬ ‫عاديــن يف ظــل نظــام أيديولوجــي يحظــى‬ ‫بدعــم مؤسســايت واجتامعــي فاعــل‪.‬‬ ‫*نقــرح مــا يــي كأســباب تدفــع القــادة‬ ‫السياســيني والعســكريني الســتخدام التجويــع‬ ‫الجامعــي كســاح يف الحــروب‪:‬‬ ‫أوالً‪ -‬الحصــار مــع التجويــع الجامعــي هــو‬ ‫إحــدى االسـراتيجيات املســتخدمة يف الحــروب‬ ‫لضــان استســام وإخضــاع الخصــوم‪ .‬وقــد كان‬ ‫هــذا شــائعاً يف العصــور القدميــة أكــر‪ ،‬ومل‬ ‫ميــارس بشــكل كبــر عقــب الحــرب العامليــة‬ ‫االوىل والثانيــة (حصــار ليننيغــراد مــن ‪-1941‬‬

‫‪ )1944‬إال يف ســياق الثــورة‪ /‬الحــرب الســورية‪.‬‬ ‫ثانيــاً‪ -‬عقــاب جامعــي للمجتمــع الحاضــن‬ ‫للمقاتلــن‪ ،‬بغيــة الضغــط عليهــم أخالقيــاً‬ ‫لالستســام أو قبــول صفقــة لخروجهــم كــا‬ ‫حــدث يف الوعــر وأحيــاء حمــص القدميــة مثـاً‪.‬‬ ‫وهنــا يوجــد واجــب أخالقــي عــى جميــع‬ ‫األطــراف‪ ،‬عــى قــوات املعارضــة والثــوار أوالً‬ ‫بتجنيــب املدنيــن ويــات ال ـراع‪ ،‬وال يكفــي‬ ‫القــول أ ّن النظــام األســدي هــو الســبب!! دون‬ ‫أن ينقــص مــن وزره شــيئاً‪.‬‬ ‫ثالثــاً‪ -‬إرســال رســالة إىل املقاتلــن اآلخريــن‬ ‫واملجتمعــات الحاضنــة األخــرى بــأن مصريهــم‬ ‫ســيكون مثلهــم‪ ،‬واإلعــام يلعــب دورا ً مزدوجـاً‬

‫يف ذلــك‪ :‬دور فاضــح لجرميــة التعذيــب – دور‬ ‫إيصــال رســالة تخويــف للنــاس بــأن يواجهــوا‬ ‫نفــس املصــر‪.‬‬ ‫رابعــاً‪ -‬الرغبــة يف إبــادة اآلخــر املختلــف‪،‬‬ ‫وهــذه ســمة الحــروب األهليــة والطائفيــة‬ ‫الدينيــة‪ ،‬التــي ترتافــق بفــرز عامــودي وهويــايت‬ ‫يف املجتمــع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫املحــاص ســواء أكان حــزب‬ ‫خامســاً‪ -‬الطــرف‬ ‫اللــه‪ ،‬أو الجيــش األســدي (عــى مســتوى‬ ‫القيــادات النافــذة) كذلــك مــن لــون طائفــي‬ ‫املحــاصون يف مضايــا ينتمــون‬ ‫واحــد‪ .‬بينــا‬ ‫َ‬ ‫إىل لــون طائفــي واحــد مختلــف! لذلــك مــا‬ ‫حــدث يف مضايــا هــو جرميــة ذات بعــد طائفــي‬ ‫بامتيــاز!‬ ‫*مزايا استخدام سالح التجويع‪:‬‬ ‫أوالً‪ -‬ســاح التجويــع قديــم وال يحتــاج لتقنيــة‬ ‫عاليــة أو ذخــرة حيــة‪ ،‬فقــط يحتــاج لتفكــر‬ ‫شــيطاين والحضيــض االخالقــي‪.‬‬ ‫ثانيــاً‪ -‬ســاح التجويــع يقتــل النــاس خلســة‬ ‫ببطــيء‪ ،‬ال يثــر يف العــادة قلقــاً أو ارتكاســاً‬ ‫دوليـاً حــادا ً ضـ ّد ُه! فــا بالــك بعــامل بــا ضمــر!‬ ‫ثالثــاً‪ -‬ســاح التجويــع ال يتمتــع مبشــهديّة‬ ‫املــوت عــى الطريقــة الداعشــية‪ :‬الذبــح‬ ‫بالســكني مثــاً‪ -‬أو التعليــق عــى الرافعــات‬ ‫والصلــب عــى أعمــدة الكهربــاء ويف الســاحات‬ ‫– أو حتــى املــوت باألســلحة الكيامويــة وتحــت‬ ‫األنقــاض عــى الطريقــة األســدية‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ 2016‬يا آخر الضيوف‬ ‫مل تعــد تروقنــي فكــرة رأس الســنة؛ فمنــذ‬ ‫وقـ ٍ‬ ‫ـت صــارت فكــرة الــرؤوس ترعبنــي‪ ،‬الرؤوس‬ ‫كل هــذه‬ ‫التــي تــأيت أ ّوالً ث ـ ّم ت ُح ـ ّز بــدم بــارد‪ّ ،‬‬ ‫الســنني كنــت يف آخــر كانــون أتصــ ّور ســيّاف‬ ‫الوقــت يقطــع الــرأس القديــم‪ ،‬ويركّــب مكانــه‬ ‫الــرأس الجديــد‪ ،‬كان املجــاز لطيفـاً‪ ،‬قــادرا ً عــى‬ ‫سـ ّد نفقــات الكتابــة‪ ،‬ومل نكــن نــدري ا ّن املجاز‬ ‫ســيتح ّول إىل حقيقــة‪ ،‬وأ ّن (مــرور) ســيعود‬ ‫إىل عملــه يف حــرة الخليفــة (العائــد) أيض ـاً‪،‬‬ ‫ومــن قــال‪ :‬إ ّن الزمــن ال يعــود‪ ،‬وأ ّن هنــدا ً‬ ‫(أنجزتنــا مــا تعــد)؟ فبــن بغــداد وهوالكــو‬ ‫برامكــة وســارسة وت ّجــار ودعــاة‪ ،‬وبــن «زمــان‬ ‫ـب زمانَنــا» طغــا ٌة‬ ‫الوصــل يف األندلــس» و»نعيـ ُ‬ ‫ومثقفــون عبّــدوا الطريــق للحاكــم بأمــره‪،‬‬ ‫ـب ب ـراء‪.‬‬ ‫بقصائــد عصــاء‪ ،‬وخطـ ٍ‬ ‫عــاد مــرور بســيفه ونطعــه‪ ،‬وعــاد الخليفــة‪،‬‬ ‫ومل تعــد بغــداد وال دمشــق‪ .‬وعــاد زمــن‬ ‫«الســكوت ومالزمــة البيــوت»‪ ،‬فأحـ ّن إىل زمــن‬ ‫ليــس بعيــدا ً ‪-‬ولك ّنــه اآلن بعيــد‪ -‬أحـ ّن إىل أهــلٍ‬ ‫رات‬ ‫وعيـ ٍـد وشــجا ٍر بــن عجوزيــن تعقبــه م ـ ّ‬ ‫وضحــك‪ ،‬وســوقٍ ال تهطــل عليــه عطايــا‬ ‫الطائــرات‪.‬‬

‫تهــب يف وجهــي األســئلة‪« :‬ملــاذا‬ ‫كل مســا ٍء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنــت هنــا؟» «ملــاذا ال تذهــب وتأخــذ نصيبــك‬ ‫وكل‬ ‫مــن املــوت والحصــار والجــوع والنــزوح» ّ‬ ‫مســاء أخمــد األســئلة بقليــل مــن املـ ِ‬ ‫ـوت أيضـاً‪،‬‬ ‫ومــن قــال لكــم إنّنــا ال منــوت‪ ،‬ونحــن نقــرأ‬ ‫األخبــار العاجلــة يف رشيطهــا األحمــر؟‬ ‫يــا عامنــا الجديــد؛ ال تزعــل م ّنــا‪ ،‬نحــن كرمــاء‪،‬‬ ‫كرمــاء جــدا ً‪ ،‬وثــق أنــك ســتأخذ حصتــك‬ ‫مــن الســوريني مضا َعفــة‪ ،‬نحــن قــو ٌم نتغ ّنــى‬ ‫بالحــزن‪ ،‬ففــي بــادي يشـ ّبهون الكائــن الجميل‬ ‫صــايف الطبــع بالدمعــة‪ ،‬فيقــول فــان دمعــة‪،‬‬ ‫أنــت ال تعــرف التشــبيه البليــغ‪ ،‬ال تخــش‬ ‫َ‬ ‫الجهــل يف البالغــة‪ ،‬ســيغرقك العــرب باملجــاز‬ ‫املرســل واالســتعارات‪ ،‬واألغــاين املشــدودة‬ ‫بعنايــة إىل خــارصة الحــزن‪ .‬أ ّمــا نحــن الشــعراء‪،‬‬ ‫فــا قيمــة عندنــا للربيــع‪ ،‬ال تصـ ّدق مــن تغ ّنــى‬ ‫بالربيــع‪ ،‬هــي قصائــد قليلــة‪ ،‬قليلــة جــدا ً‪ ،‬نحــن‬ ‫خريف ّيــون مقيمــون عــى طلــول النهايــات‪ ،‬مل‬ ‫نبــر بقمــ ٍر طالــعٍ مــن بطــن حــوت‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫بســنونو عائــ ٌد إىل أهلــه‪ ،‬نحــن الســاعون إىل‬ ‫مديــح الطغــاة بقــوارب بيضــاء غرقــت يف‬ ‫البحــر الطويــل‪.‬‬

‫يا عامنا اجلديد؛‬ ‫ســيكون لــك نصيبــك مــن املــوىت والنازحــن‪،‬‬ ‫وبنــود االتفاقيــات العابــرة‪ ،‬والصحــون املرتّبــة‬ ‫بعنايــة يف فنــادق النجــوم الخمســة‪ ،‬هنــاك‪:‬‬ ‫حيــث يُــكاد لنــا‪ ،‬وتكتــب أســاؤنا يف أوراق‬ ‫ســرمى يف النهايــة يف س ـلّة املهمــات‪ ،‬كمقابــر‬ ‫جامعيــة لطيفــة‪.‬‬ ‫يا عامنا اجلديد؛‬ ‫ســيكون لــك نصيبــك مــن والدة النجــوم‪،‬‬ ‫و»وف ّيــات األعيــان»‪ ،‬وكأس أوربّــا‪ ،‬والعــرب‬ ‫ســتطل عــى الشاشــات وجــوه بعــد‬ ‫ّ‬ ‫أيــدل‪،‬‬ ‫وجــوه‪ ،‬ومالعــب بعــد معــب‪ ،‬ومذيعــون‬ ‫يرخّمــون أصواتهــم وهــم يتلفّظــون بأســاء‬ ‫ميــي ورونالــدو وهيفــاء ونانــي وكاظــم‬ ‫ّ‬ ‫الســاهر‪ ،‬وســيكون مــن العســر أن تظهــر‬ ‫أســاؤنا القابعــة هنــاك يف ســال املهمــات‪،‬‬ ‫ســتميض أيامــك ظاف ـرا ً بأفضــل ثالثــة أهــداف‬ ‫كل عشــية‪ ،‬بعدمــا تكــون الشاشــات قــد أمتّــت‬ ‫ّ‬ ‫واجبهــا يف نقــل األخبــار الســاخنة‪ ،‬وتصويــر‬ ‫الخرائــب الجديــدة‪ ،‬واســتمزاج آراء املحلّلــن‬ ‫و»ضــاريب الــودع» عــن رحيــل الكابــن مورينيو‪،‬‬ ‫وبقــاء الديكتاتــور غوارديــوال‪ ،‬وانتقــال البــاد‬

‫كلّهــا إىل دوري الدرجــة الثانيــة أو الثالثــة أو‬ ‫الخامســة عــرة‪.‬‬ ‫يا عامنا اجلديد؛‬ ‫نحــن لســنا متشــامئني‪ ،‬فنصــف مــوت خــر مــن‬ ‫كل‬ ‫املــوت‪ ،‬مازالــت املخيــات تنجــب مــع ّ‬ ‫كل هدنــة مريبــة‪،‬‬ ‫ز ّخــة رصــاص‪ ،‬وتــرخ مــع ّ‬ ‫كل ســحابة يــأس‪ ،‬وال عليــك إذا‬ ‫وتضحــك يف ّ‬ ‫أفــل نجــم‪ ،‬وغرقــت ســفينة‪ ،‬وهــدم جــدار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نحــن لســنا متشــامئني‪ ،‬فــإن مل تكــن عــام‬ ‫الخــاص‪ ،‬فأيامــك الســبيل إىل ذلــك العــام‪،‬‬ ‫وجــرارك ماعــون ذلــك الزيــت‪ ،‬وســاؤك‬ ‫ُ‬ ‫مجــال تلــك الســاء الفضّ ــة‪.‬‬ ‫الدخــان‪،‬‬ ‫نحــن لســنا متشــامئني‪ ،‬وإن شــحبت قصائدنــا‪،‬‬ ‫ـض مــن حولنــا الســامر‪ ،‬وعــادت تغلب إىل‬ ‫وانفـ ّ‬ ‫وادي الف ـرات‪ ،‬تن ّمــي أموالهــا‪ ،‬وهجعــت بكــر‬ ‫تكفــر بالحــرب التــي مل تجلــب غــر «حشــف‬ ‫وســوء كيلــة»‪ ،‬وإن نفشــت غنــم الحــرب يف‬ ‫زروع اآلخريــن‪ ،‬وعــاد الهدهــد مــن ســبأ بنبــأ‪،‬‬ ‫نحــن لســنا متشــامئني‪ ،‬وإن تداعــت علينــا‬ ‫روم خلــف ظهرهــم روم‪ ،‬وصلبتنــا ســاعاتك يف‬ ‫انتظــا ٍر طويــل‪.‬‬ ‫نحــن هنــا يف املــكان‪ ،‬وأنــت ضيفنــا الجديــد‪،‬‬

‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫ســنلتمس البشــارات يف جيوبــك‪ ،‬وأنــت تكــر‬ ‫فلعــل النجــم الــذي فقدنــاه يومــاً‬ ‫ّ‬ ‫وتكــر‪،‬‬ ‫يطلــع مــن هنــا‪ ،‬مــن ضحكـ ٍة تخبئهــا بني شــتا ٍء‬ ‫وربيــع‪ ،‬وكلّــا كــرت بيننــا انتظرنــا البشــارة‬ ‫بشــوق أكــر‪ .‬نحــن الذيــن أدم ّنــا التفــاؤل حتــى‬ ‫آخــر شــهيد‪.‬‬

‫الحــرب األهليــة يف روايــة ذهــب مــع الريــح‬ ‫آرام كربيت‬

‫اإلبــداع هــو الخلــود‪ ،‬هــو املدخــل إىل‬ ‫الغيــب والغــوص يف ثنايــاه‪ ،‬ملحاولــة معرفــة‬ ‫الواقــع‪ ،‬عبثــه أو قوتــه أو جنوحــه‪ ،‬انكســاره‬ ‫أو صعــوده‪ ،‬هــو املدخــل إىل ممـرات الجمــر‬ ‫والقبــض عــى املجهــول أو التحكــم يف‬ ‫مجرياتــه مــن موقــع الفاعــل‪ ،‬الراصــد األمــن‬ ‫لزمانــه وعاملــه وتحــوالت ظروفــه يف ارتقائــه‬ ‫أو ســقوطه‪.‬‬ ‫مارغريــت ميتشــل‪ ،‬الروائيــة األمريكيــة‬ ‫املبدعــة أخذتنــي عــر روايتهــا الرائعــة‪،‬‬ ‫ذهــب مــع الريــح‪ ،‬إىل عاملهــا بــكل ألوانــه‬ ‫وتنوعاتــه‪ ،‬النــاس واملجتمــع والطبيعــة‬ ‫وبقيــة الكائنــات‪ .‬ففــي هــذا العمــل الكبــر‬ ‫الــذي ميتــد عــى مســاحة ألــف ومائــة‬ ‫وأربعــة وأربعــون صفحــة مــن القطــع‬ ‫الكبــر دخلــت معهــا حيــوات النــاس يف‬ ‫عــامل الواليــات املتحــدة يف النصــف الثــاين‬ ‫مــن القــرن التاســع عــر يف مقاربــة عميقــة‬ ‫للواقــع أثنــاء الســلم وأيامــه‪ ،‬والحــرب‬ ‫وويالتهــا وآالمهــا‪ ،‬حــرق مــدن‪ ،‬مـزارع ٍ‬ ‫وأراض‬ ‫وبيــوت ومحــات وغابــات‪ ،‬وضحايــا بالجملة‬ ‫واملفــرق‪ ،‬عســكريون ومدنيــون‪ ،‬أطفــال‬ ‫ونســاء وشــيوخ‪ ،‬جــوع وبــرد وتــرد وخــوف‬ ‫وخــراب نفــي وأخالقــي عــى كل الصعــد‪،‬‬ ‫ومــا يتعــرض لــه النــاس مــن ســلب ونهــب‬ ‫ورسقــة‪ ،‬وكل مــا يقــع تحــت أيــدي الجنــود‬ ‫املنترصيــن‪ ،‬اغتصــاب النســاء وقتــل الرجــال‬ ‫دون مراعــاة للســن أو املــرض أو وضعــه‬ ‫الضحيــة النفــي والعقــي‪.‬‬

‫لقــد رصــدت الروايــة تغيــر أمزجــة النــاس‬ ‫أثنــاء وبعــد حــرب األخــوة وحيواتهــم‪،‬‬ ‫وتغيــر البنــى االجتامعيــة خــال مرحلــة‬ ‫زمنيــة قصــرة وانقــاب املفاهيــم واملعايــر‬ ‫القامئــة وتغــر العــادات والتقاليــد‪.‬‬ ‫الحــرب كــا هــو متعــارف عليــه هــي‬ ‫زلــزال اجتامعــي ونفــي وعقــي وروحــي‪.‬‬ ‫حالــة نكــوص وهزميــة وانكســار وارتــداد‬ ‫إىل الــوراء‪ .‬ففــي الحــرب يتحــدث تحــول‬ ‫نوعــي‪ ،‬نــزول قطاعــات اجتامعيــة كبــرة‬ ‫مــن عليائهــا إىل الــدرك األســفل ودمــار حيــاة‬ ‫املهمشــن والفقـراء الذيــن هــم أول الضحايــا‬ ‫أثنــاء القتــال أو يف وســطه أو يف أواخرهــا‪.‬‬ ‫باإلضافــة إىل هزميــة الحيــاة ودمــار االقتصــاد‪،‬‬ ‫وهبــوط العملــة الوطنيــة ملناطــق القتــال‪،‬‬ ‫وازديــاد حالــة التضخــم التــي تطــرأ عــى‬ ‫البــاد وفقــدان املــواد الغذائيــة واملضاربــة‬ ‫والتهريــب وكــرة املهربــن والتجــار يف‬ ‫الســوق الســوداء‪.‬‬ ‫اســتطاعت الروائيــة أن ترســم عــامل الواليــات‬ ‫املتحــدة مــن خــال شــخصيات العمــل بدقــة‬ ‫متناهيــة‪ ،‬وحولــت املــكان الكبــر‪ ،‬الواليــات‬ ‫املتحــدة إىل أشــبه بقريــة واحــدة متصارعــة‪.‬‬ ‫أهــم الشــخصيات يف الروايــة هــي ســكارليت‬ ‫أوهــارا مــن منطقــة تــارا‪ .‬هــذه الصبيــة‬ ‫الصغــرة التــي مل تتجــاوز السادســة عــرة‬ ‫مــن العمــر‪ ،‬طموحــة‪ ،‬جامحــة يف حبهــا‬ ‫لذاتهــا‪ ،‬للصبــا والشــباب لحيــاة اللهــو‬ ‫والرقــص وحفــات الغنــاء يف الطقــس الجميل‬ ‫تحــت ظــال الشــمس اليانعــة بحضــور‬ ‫عائــات املزارعــن النافــذة الــذي ميتلــك كل‬ ‫واحــد منهــم عــددا ً كبــرا ً مــن عبيــد األرض‬ ‫وعبيــد البيــوت‪ ،‬ومــزارع القطــن املعــد‬ ‫لتصديــره إىل انكلــرا وبيعــه بأســعار عاليــة‪.‬‬ ‫كل شــاب أو فتــاة يف الجنــوب لديــه اعتــداد‬ ‫بنفســه‪ ،‬يشــعر بذاتــه‪ ،‬كأنــه ملــك زمانــه‪.‬‬ ‫كان ألبنــاء الجنــوب رغبــة شــديدة يف‬ ‫االنفصــال عــن الشــال‪ ،‬وعمليــاً أعلنــت‬ ‫إحــدى عــر واليــة ذلــك‪ .‬فليدهــم قطاعــات‬

‫واســعة مــن األرض ويشــعرون بالغــن مــن‬ ‫جــراء العالقــة مــع الشــال واســتغاللهم‪.‬‬ ‫أغلــب الشــباب يف الجنــوب كانــوا متحمســن‬ ‫للحــرب‪ ،‬لبســاطة تفكريهــم واعتقادهــم أن‬ ‫الحــرب نزهــة عــى حصــان أبيــض يذهــب‬ ‫إليــه عــدة أيــام ثــم يعــود إىل بيتــه مكل ـاً‬ ‫بالغــار واالنتصــار‪ ،‬ويف قلــب كل واحــد منهــم‬ ‫حــاس هائــل للقتــال مــن أجــل اســتقالل‬ ‫الجنــوب‪.‬‬ ‫كانــت ســكاريت اوهــارا تحــب شــاباً اســمه‬ ‫أشــي‪ ،‬وفاتحتــه بهــذا الحــب يف يــوم زفافــه‪،‬‬ ‫وخططــت لخطفــه يف هــذا اليــوم بالــذات‪،‬‬ ‫دون أي اعتبــار للعواقــب‪ ،‬مثــل أي مراهــق‬ ‫صغــر ال يعــرف مقــدار املســؤولية التــي‬ ‫يرتتــب عــى هــذا الفعــل‪ .‬وعندمــا تفشــل‬ ‫يف الوصــول إىل مبتغاهــا تتــزوج مــن شــاب‬ ‫صارحهــا بحبــه‪ ،‬اســمه تشــارلز‪ ،‬تنجــب منــه‬ ‫طف ـاً دون أن تحــب أو لديهــا أيــة مشــاعر‬ ‫نحــوه ومل تعــش معــه ســوى شــهر واحــد‪.‬‬ ‫ترحــل إىل مدينــة اتالنتــا التــي مل يتجــاوز‬ ‫عــدد ســكانها عــن العــرة آالف نســمة بيــد‬ ‫أنهــا كانــت مدينــة حيويــة جــدا لكونهــا‬ ‫محطــة لتقاطــع القطــارات القادمــة مــن‬ ‫الــرق والغــرب والشــال والجنــوب‪.‬‬ ‫بعــد رحيــل زوج ســكارليت‪ ،‬تشــارلز‪ ،‬وحبيبها‬ ‫أشــي‪ ،‬وجميــع الشــباب الذيــن يف هــذا‬ ‫الســن إىل الحــرب‪ .‬ميــوت زوجهــا بعــد شــهر‬ ‫مــن رحيلــه ويــأرس حبيبهــا‪ ،‬مــا يجعلهــا‬ ‫ترحــل عــن منطقــة والديهــا‪ ،‬تــارا‪ ،‬والعيــش‬ ‫يف بيــت حموهــا الــذي تكــون زوجــة حبيبهــا‬ ‫أخــت زوجهــا يف مدينــة اتالنتــا‪.‬‬ ‫تصــف الروايــة ســر املعــارك يف كل مدينــة‬ ‫ومنطقــة‪ ،‬تفــوق الشــال العســكري‬ ‫واالقتصــادي والســيايس‪ ،‬وقدرتــه عــى فــرض‬ ‫مســار املعــارك‪ ،‬حــارصوا كل املوانــئ والبحــار‬ ‫وســيطروا عــى املمــرات املائيــة‪.‬‬ ‫النــاس ومنهــم ســكارليت كانــوا يتابعــون‬ ‫ســر املعــارك عــر الجرائــد واألخبار الشــفهية‬ ‫املتناقلــة‪.‬‬

‫لقــد بــدأت مارغريــت ميتشــل يف كتابــة‬ ‫الروايــة يف العــام ‪ 1930‬وانتهــت منهــا يف‬ ‫العــام ‪ .1936‬لقــد مارســت أســلوب بســيطة‬ ‫وعميــق يف رســم مالمــح كل شــخصية‬ ‫وخارطــة كل حــدث بدقــة متناهيــة‪،‬‬ ‫وبقلــم كاتــب محــرف كأنــه ميســك قــاش‬ ‫ويطــرز عليــه ألوانــه‪ ،‬عــر أســلوب مقطــع‬ ‫إىل أقســام‪ ،‬بحياديــة كاملــة دون أن تشــعر‬ ‫القــارئ بامللــل يف الوقــت الــذي تكتــب عــن‬ ‫الحــرب واملــوت والحــرق والدمــار والجــوع‪.‬‬ ‫تجعــل مــن ميســك أول الصفحــة كأنــه يجــول‬ ‫يف أعــاق عــامل الواليــات املتحــدة يف القــرن‬ ‫التاســع عــر‪ ،‬العــادات والتقاليــد التي تشــبه‬ ‫بالدنــا العربيــة‪ ،‬التمســك بالقيــم واألخــاق‬

‫والفروســية‪ ،‬والخــوف مــن أحاديــث النــاس‬ ‫عــا هــو ســائد‪.‬‬ ‫وثرثراتهــم عمــن يحيــد ّ‬ ‫فاملــرأة عليهــا االلتــزام يف البيــت بانتظــار‬ ‫مجــيء زوجهــا‪ ،‬فمــن املعيــب أن تخــرج‬ ‫للرتفيــه أو الذهــاب إىل حفلــة أو مرقــص أو‬ ‫تقــف مــع شــاب أو محادثتــه يف الشــارع‪،‬‬ ‫لهــذا عليهــا ان تحافــظ عــى ســمعتها‬ ‫وســمعة أهلهــا وعائلــة زوجهــا وأن تتقيــد‬ ‫بالثيــاب والــزي املتعــارف عليــه‪.‬‬ ‫ثــم تــأيت شــخصية ريــد بتلــر‪ ،‬الشــخصية التي‬ ‫ال تحــرم الحــرب‪ ،‬بيّــد أنهــا تســتفيد منهــا‬ ‫إىل الحــدود القصــوى‪ ،‬يعمــل يف التهريــب وال‬ ‫يتــورع عــن القيــام بــكل القــذارات مــن أجــل‬ ‫املــال‪ ،‬بيــد أنــه صــادق مــع نفســه‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫إبراهيم الجرادي ‪ ..‬سالم ًا‬ ‫ســاقتنا األقــدا ُر إىل الجنديّــة‪ ،‬فالتقينــا بكلّيــة‬ ‫الشّ ــؤون الف ّنيــة بحمــص العديّــة‪ ،‬وتبادلنــا‬ ‫األحاديــث الشّ ــائقة عــن األدب شــعرا ونــرا ً‪،‬‬ ‫وكتبنــا معــا قصيــدة ‪/‬متاريــس‪ /‬التــي أقمــت‬ ‫والــرادف ثــ ّم‬ ‫بناءهــا متح ّدثــا عــن ال ّزحــف ّ‬

‫مــ ّرت األيــام رسيعــة لك ّنهــا آذنتنــا بانقضــاء‬ ‫ســتّة األشــهر مــن الخدمــة اإللزاميّــة‪ .‬ثــم‬ ‫جلســنا عــى ال ُعشــب األخــر‪ ،‬وناولتنــي‬ ‫ـعري املوســوم بـ(أج ـزاء إبراهيــم‬ ‫ديوانــك الشّ ـ ّ‬ ‫الجــرادي املبعــرة) فهــل اســتطعت‪ ،‬أيهــا‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ـب‪ ،‬أن تُلملــم أج ـزاءك أم أنهــا مــا زالــت‬ ‫الطيـ ُ‬ ‫ُمبعــرة و ُموزعــة بــن العاكــول والحرمــل؟!‪..‬‬ ‫أعــود فأذكّــرك بعبــارة اإلهــداء التــي كتبتهــا يف‬ ‫الصفحــة األوىل مــن ديوانــك امليمــون‪:‬‬ ‫األخ الفاضــل محمــود مصطــو‪ ..‬ليــس ‪/‬مــم و‬ ‫زيــن‪ /‬لــك وحــدك مــع حبــي وتقديــري‪..‬‬ ‫كــا أهديتنــي – قبــل الــوداع – ديوان ـاً آخــر‬ ‫عنوانُ ـ ُه ‪/‬رجـ ٌـل يســتحم بامــرأة‪./‬‬

‫ـح مجلــة الحرمــل‪،‬‬ ‫لقــد وقــع بــري‪ ،‬وأنــا أتصفـ ُ‬ ‫عــى قصيدتــك املنشــورة يف إحــدى صفحاتهــا‬ ‫بعنــوان ‪/‬فاتــ ٌر مثــل مــاء الظهــرة‪ ،/‬فقــرأتُ‬ ‫وأمعنــت يف النظــر إىل‬ ‫ســطورها الشــعرية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صورتــك الشــخصية‪ ،‬فاهتــززتُ شــوقاً وتحرق ـاً‬ ‫إىل األيــام التــي انرصمــت عشــناها معـاً‪ُ ،‬معانــاة‬ ‫و ُحب ـاً وتطلع ـاً‪.‬‬ ‫النجيــب‪ ،‬أن أهديــك‬ ‫األديــب‬ ‫آثــرتُ ‪ ،‬أيهــا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫هاتــن املقالتــن األوىل‪:‬‬ ‫‪/‬يولــد املــر ُء يف الــرق مقهــورا مذعــورا‪،/‬‬ ‫ــرح وانقــاب‪ /‬وذلــك‬ ‫والثانيــة ‪/‬الكتابــة ُج ٌ‬ ‫تعبــرا عــن تقديــري وامتنــاين لــك‪،‬‬ ‫وإن شــئت فانرش ُهــا يف مجلتكــم امليمونــة‬ ‫الغــراء ‪/‬الحرمــل‪./‬‬ ‫استنبول – محمود مصطو‬

‫ُ‬ ‫الكتابة جرحٌ وانقالبٌ‬ ‫ـجي‪ ،‬عمـ ٌـل‬ ‫إ ّن الكتابــة‪ ،‬يف هــذا ال ّزمــن العوسـ ّ‬ ‫إنســا ٌّين‪ ،‬ومســؤول ّية‪ ،‬وصــدق وإخــاص وصــر‬ ‫والصــدق‬ ‫وتفــانٍ مــن أجــل املبــادئ اإلنســان ّية‪ّ ،‬‬ ‫األخالقــي‪ ،‬وتحقيــق العــدل واملســاواة‪ ،‬ورأب‬ ‫ّ‬ ‫االجتامعــي واإلنســا ّين بــن ال ّنــاس‪،‬‬ ‫الصــدع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتتقــارب اآلراء واألفــكار واملعتقــدات‪،‬‬ ‫وصبّهــا يف بحــر املحبّــة والتّســامح‪ ،‬والتّصالــح‬ ‫والتّحابــب واإلخــاء والتّعــاون‪ ،‬والتّالحــم بــن‬ ‫التّطلعــات والطّموحــات‪ ،‬وتوحيــد األهــداف‬ ‫واملقاصــد والغايــات‪ ،‬وبذلــك يســود املجتمــع‬ ‫الصــدق والعــدل والخــر والعلــم‬ ‫اإلنســا ّين ّ‬ ‫والســام والوضــوح واإلحســان‪ ،‬وينتفــي منــه‬ ‫ّ‬ ‫الجهــل والتّخلــف والكراه ّيــة واالســتبداد‪..‬‬ ‫إنّهــا تضيــع يف زمــن ال ـ ّرداءة‪ ،‬وتغــدو مغامــرة‬ ‫ممتعــة يف تضاريــس البيــاض وفضــاءات‬

‫املــوت‪ ...‬فهــل مــن عالقـ ٍة وطيــدة بــن ال ّرعــب‬ ‫والكتابــة؟!‪.‬‬ ‫الحـ ّـق أ ّن ال ّرعــب إبحــار إىل املجهــول‪ ،‬والكتابــة‬ ‫ســفر إىل أعامقــه املخوفــة‪ ،‬وال يشــعر بلذّتهــا‬ ‫ّإل الكتّــاب واملبدعــون الّذيــن تتــوق نفوســهم‬ ‫إىل التّطــواف يف مناحــي الحيــاة كافّــة لي ّحولــوا‬ ‫رات‪،‬‬ ‫آالم ال ّنــاس‪ ،‬وأكدارهــم إىل مباهــج ومــ ّ‬ ‫بعــد أن عــادوا مــن رحلتهــم الشّ ــاقة املمتعــة‪،‬‬ ‫وقــد شــهقت بهــم جمــرة القلــب وانبجســت‬ ‫منهــم وقــدة العقــل‪ ،‬ودفقــة الوجــدان كــا‬ ‫انســكب مــن العــن املــا ُء‪ ،‬وطــار شــعاع الفكــر‬ ‫يف فضــاء ال ـ ّروح بحث ـاً وتطلّع ـاً ومعانــاةً‪.‬‬ ‫فــأي قــد ٍر ســاقك‪ ،‬أيّهــا اإلنســان إىل هــذا‬ ‫ُّ‬ ‫العمــل الجليــل‪ ،‬واملكرمــة اإلله ّيــة ال ّنبيلــة‬ ‫ترشيفــاً وتقديــرا ً وتنزيهــاً وحدهــم أربــاب‬

‫القلــم‪ ،‬ورجــال الفكــر املخلصــون يهت ّمــون‬ ‫الصادقــة‬ ‫بقضايــا املجتمــع واإلنســان‪ ،‬وبالكلمــة ّ‬ ‫يعــرون عــن املواجهــة بشــجاعة وتحــ ٍّد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويواكبــون التّ ّيــارات الفكريّــة‪ ،‬واالجتامع ّيــة‪،‬‬ ‫والسياس ـيّة املعــارصة إميان ـاً منهــم بــأ ّن الفكــر‬ ‫ّ‬ ‫اإلنســا ّين الحـ ّر ال ميكــن أن يتفتّــح‪ ،‬ويثمــر ّإل يف‬ ‫والســام‪ ،‬فالكتابــة ‪ -‬عندهــم‬ ‫جـ ٍّو مــن الح ّريّــة ّ‬ ‫وعــي بالظّــروف الّتــي يعيشــها اإلنســان‪،‬‬ ‫‬‫ٌ‬ ‫وموقــف مــن الواقــع ومعانــاة ولـذّة وفـ ّن بــل‬ ‫إنّهــا – بحـ ّـق ‪ -‬مبــدأ ومنهــج يف آن واحــد معـاً‪.‬‬ ‫أبــدا ً الكتّــاب يجوبــون بنتاجاتهــم الفكريّــة‬ ‫الســحر‪ ،‬والبهــاء‪ ،‬ويرتــادون آفــاق‬ ‫مســها ّ‬ ‫عــوامل ّ‬ ‫اإلبــداع واالبتــكار‪ ،‬فهــم يعتــرون قلوبهــم‪،‬‬ ‫وعقولهــم ليمــ ّدوا قلــوب ال ّنــاس‪ ،‬وعقولهــم‬ ‫الصافيــة‪ ،‬ودفء‬ ‫مــن حولهــم بنســغ محبّتهــم ّ‬

‫حنانهــم‪ ،‬وعنــدم عطفهــم غــر أنّهــم يتألّمــون‬ ‫ح ّبـاً‪ ،‬وتوقـاً لكشــف الحقيقــة املغلّفــة بأغلفـ ٍة‬ ‫عرصيّــة من ّمقــة‪ ،‬فجراحهــم نازفــة يف خــارصة‬ ‫الكتابــة‪ ،‬ويف أعامقهــم جــرح عميــق‪ ،‬ألنّهــم‬ ‫يتجــاوزون نفوســهم جاعلــن أجســادهم‬ ‫جســورا ً ممتــ ّدة يف رحــاب الحيــاة؛ وأحضــان‬ ‫اليومــي‪،‬‬ ‫الصحــراء حاملــن عنــاء ه ّمهــم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـري إىل ال ّنــاس مشــاركة منهــم يف‬ ‫وزادهــم الفكـ ّ‬ ‫تجلّياتهــم‪ ،‬وتداعياتهــم املعيشــة ث ـ ّم يغرتفــون‬ ‫مــن تجاربهــم الذّات ّيــة‪ ،‬وتجــارب اآلخريــن ما ّدة‬ ‫طريفــة لكتاباتهــم ال ّرائعــة املغموســة بآهاتهــم‪،‬‬ ‫واملخضّ بــة بألــوان مشــاعرهم الفرديّــة املفعمــة‬ ‫بــروح التّفــاؤل والطُّأمنينــة‪.‬‬ ‫إنّنــا ‪ -‬القــ ّراء ‪ -‬أرسى مح ّبتهــم‪ ،‬ومدهشــون‬ ‫بروعــة صورهــم املر ّمــزة املشــدودة إىل ريــاض‬

‫محمود مصطو‬ ‫قلوبنــا املفتوحــة ح ّبــاً‪ ،‬وصفــا ًء‪.‬‬ ‫وبعــد‪ ،‬فالكتابــة محـ ٌ‬ ‫ـرق منــه ينطلــق الكاتــب‬ ‫يؤســس املبدعــون لحيــاة‬ ‫ولغــ ٌة ّ‬ ‫خاصــة بهــا ّ‬ ‫أفضــل وأجمــل تحــت وطــأة املخاطــرة‪،‬‬ ‫واملغامــرة‬

‫علـى شرفـة الحـلم‬ ‫وحـيداً‬ ‫ْ‬ ‫على شرفة احلل ِم‬ ‫مفرتشاً جثيت‬ ‫ُ‬ ‫والطريق إىل اهلل‬ ‫مرصود ٌة بالدعا ْء‪..‬‬ ‫حزيناً‬ ‫َ‬ ‫صمت الصدى‬ ‫أعاتب‬ ‫ُ‬ ‫(والوجو ُه اليت بايعتين صباحاً‬ ‫ْ‬ ‫أضرمت أحقادها يف املساء)‬ ‫ده ُ‬ ‫وأُ َ‬ ‫ش‬ ‫كيف حت ّو ُ‬ ‫طافح بالسعاد ِة‬ ‫لت من ٍ‬ ‫رجل ٍ‬ ‫حلواً‬ ‫بالرثا ْء‪..‬‬ ‫إىل ٍ‬ ‫طافح ِ‬ ‫رجل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫اجلميل‬ ‫وكيف حتول ُعرسي‬ ‫مأمت بار ٍد‬ ‫إىل ٍ‬

‫العروس‬ ‫وثوب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كفن ّ‬ ‫خضبت ُه الدما ْء‪..‬‬ ‫إىل‬ ‫ٍ‬ ‫* * *‬ ‫ُ‬ ‫سأعرتف اآلن أني ُ‬ ‫تعبت‬ ‫ُ‬ ‫تعبت من الفرح اخلليب‬ ‫كذبة الروح‬ ‫ومن‬ ‫ِ‬ ‫رقصة اجلس ِد‪ /‬املوميا ْء‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تعبت من املُش َتهى يف عيوني‬ ‫لون ِجلدي‬ ‫ومن ِ‬ ‫فكيف أبدّل هذا الردا ْء‬ ‫بي ُ‬ ‫الكون‬ ‫وضاق َ‬ ‫ْ‬ ‫ضاقت مسائي‬ ‫فأسرجت صهوة ْ‬ ‫ُ‬ ‫حل ٍم دعاني‬ ‫الليل َ‬ ‫سقف السما ْء‪..‬‬ ‫لنكسر يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫تعبت‬ ‫ُ‬ ‫تعبت‬

‫حيس التياعي‬ ‫وما عاد قليب ّ‬ ‫ْ‬ ‫املسرات إذ تعرتيين‬ ‫لطعم‬ ‫فصار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫البكاء‪..‬‬ ‫مذاق‬ ‫وصار سوا ٌء‬ ‫بأن يسقط الذل عن هاميت‬ ‫ْ‬ ‫الكربياء‪..‬‬ ‫أو يسقط‬ ‫* * *‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الكأس باردة‪..‬‬ ‫شفة‬ ‫ِ‬ ‫وشفاه املدى‪ْ ...‬‬ ‫حجر‬ ‫ودمي ٌ‬ ‫غيمة شاردة‬ ‫مل ْ‬ ‫تعد تشب ُه ْ‬ ‫املطر‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الساعة‪ ...‬الواحدة‬ ‫دقت‬ ‫ْ‬ ‫وانتحر!‬ ‫أطفأ الــروح‪...‬‬ ‫*‬

‫*‬

‫*‬

‫هديب شحاذة‬

‫قالئــد النّــار الضا ّلــة‪ :‬مجموعــة شــعرية جديــدة لـــ «هوشــنك أوســي»‬ ‫القاهرة ‪ -‬الحرمل ‪ -‬و‪.‬ش‬ ‫صــدر حديثـاً عــن دار «فضاءات» للطباعة‬ ‫والنــر يف العاصمــة األردنيــة عـ ّـان‪ ،‬مجموعــة‬ ‫شــعرية للشــاعر الكــردي الســوري هوشــنك‬ ‫أويس‪ ،‬بعنــوان‪« :‬قصائــد ال ّنــار الضالّــة‪ ..‬يف‬ ‫مديــح القرابــن»‪.‬‬ ‫أتــت املجموعــة يف ‪ 176‬صفحــة مــع القطــع‬ ‫املتوســط‪ ،‬مطويــة عــى ثــاث عــرة قصيــدة‪،‬‬ ‫كتبهــا الشــاعر بــن أعــوام ‪ 2005‬و‪،2008‬‬ ‫أثنــاء تواجــده يف دمشــق‪ ،‬والقصائــد هــي‪:‬‬ ‫«زيتنونامــة»‪« ،‬الجبــل كاف والغيمــة نــون»‪،‬‬ ‫«األيــل النــاري الشــهيد ومــدن الثلــج الشــاهدة‬ ‫(إىل الشــاعر الكــردي العراقــي عبدالســتار‬ ‫نــور عــي)»‪« ،‬مد ّونــات الشــيطان»‪« ،‬ســيدة‬

‫الحرائــق الباكيــة (إىل الشــاعرة االمازيغيــة‬ ‫املغربيــة مليكــة مــزان)»‪« ،‬الرجيــم»‪« ،‬ألبــوم‬ ‫إيروتيــي»‪« ،‬إمــام الطــر»‪« ،‬الســاقي (إىل‬ ‫ريــزان عيــى)»‪« ،‬محتــف األنثــى»‪« ،‬البحــر‬ ‫وبالغــة الــدم (إىل ســمري قصــر)»‪ِ ،‬‬ ‫«خطــاب‬ ‫البــوم»‪ ،‬و»أســ ُر الغــزالن»‪.‬‬ ‫لوحتــا غــاف املجموعــة هــا للفنــان الكــردي‬ ‫الســوري نهــاد الــرك‪.‬‬ ‫الشــاعر أويس‪ ،‬يكتــب باللغتــن الكرديــة‬ ‫والعربيــة‪ .‬وإىل جانــب كتابــه الشــعر‪ ،‬زاول‬ ‫العمــل الصحــايف‪ ،‬حيــث كان محــررا ً يف مجلــة‬ ‫«ســورغُل ‪ »Sorgul -‬الكرديّــة املعنيــة بالبحــث‬ ‫والتوثيــق والتحليــل‪ ،‬وعمــل محــررا ً لألخبــار‬ ‫يف قنــاة «روج تيفــي» الكرديّــة يف بروكســل‪.‬‬

‫ونــرت مقاالتــه ودراســاته صحــف عرب ّيــة‬ ‫عديــدة منهــا «الحيــاة‪ ،‬الــرق األوســط‪،‬‬ ‫القــدس العــريب‪ ،‬الخليــج‪ ،‬املســتقبل‪ ،‬الســفري‪،‬‬ ‫النهــار‪ ،‬معهــد العربيــة للدراســات‪ ،‬مركــز‬ ‫مســبار للدراســات‪ ،‬مجلــة نــزوى العامنيّــة‪،‬‬ ‫مجلــة الــروق االمارتيّــة‪.»...‬‬ ‫ترجمــت مقاالتــه السياســية إىل االنكليزيــة‬ ‫والرتكيــة ونرشتهــا صحيفــة «ريديــكال» الرتكيــة‪،‬‬ ‫كــا ترجمــت منــاذج مــن نصوصــه الشــعرية‬ ‫إىل االنكليزيــة‪ ،‬الفرنســية‪ ،‬الهولنديــة والرتكيــة‪.‬‬ ‫الشــاعر أويس‪ ،‬عضــو‪ :‬نــادي القلــم الكــردي‪.‬‬ ‫نــادي القلــم الفالمــاين ‪ -‬البلجيــي‪ .‬نــادي القلــم‬ ‫الــدويل‪ .‬رابطــة الكتّــاب الســوريني‪ .‬رابطــة‬ ‫الصحافيــن الســوريني‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ومضات ومحطات يف حياة هارون الرشيد‬ ‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫رجل املهمات الصعبة بشــكل مبــارش إن اســتطاعوا‪ ،‬وإن‬ ‫أعجزتهــم الحيلــة اســتعملوا ذكاءهــم‬ ‫‪1‬‬ ‫مل يغــادر الرشــيد مدينــة الرقــة يف الكيــد والدســائس – ومــا اليــوم‬ ‫مــدة عامــن كاملــن‪ ،‬وهــو يف ســهر ببعيــد عــن املــايض –‬ ‫متواصــل وجهــد ال ينقطــع‪ ،‬حتــى‬ ‫اســتعاد هيبــة دولتــه يف الخــارج‪2 ،‬‬ ‫ووطّــد األمــن واالســتقرار يف الداخــل‪ ،‬أصبــح الرشــيد ســيد املوقــف يف‬ ‫وســارت ســفينة الدولــة‪ ،‬يقودهــا دولتــه بــا منــازع‪ ،‬منــذ بديــة عــام‬ ‫هــو بنفســه‪ ،‬ونخبــة مــن رجالــه ‪ 188‬للهجــرة‪ ،‬وحتــى وفاتــه عــام‬ ‫وجلّهــم مــن العــرب‪ ،‬بــدل أولئــك ‪ 192‬للهجــرة‪ ،‬يف ضاحيــة «ســناباذ‪-‬‬ ‫الذيــن كادوا أن يصبغوهــا بصبغتهــم مشــهد اليــوم‪ »-‬وهــو يف حملتــه‬ ‫الفارســية‪ ،‬الن ّزاعــة إىل الشــعوبية لقتــال «رافــع بــن ليــث»‪.‬‬ ‫الناقمــة‪ ،‬التــي مل تنــس رغــم ســاحة ويف أوائــل شــهر شــوال مــن عــام ‪188‬‬ ‫اإلســام الــذي نقلهــم مــن الظلــات للهجــرة خــرج الرشــيد مــن مدينــة‬ ‫إىل النــور‪ ،‬ومــن عبــادة النــار إىل الرقــة محرمــاً‪ ،‬ومعــه زبيــدة بنــت‬ ‫عبــادة رب الســاوات واألرض‪ ،‬مل جعفــر متــي بجانبــه‪ ،‬يف موكــب‬ ‫ينســوا حقدهــم الدفــن عليــه‪ ،‬ولــو للحــج مهيــب تصحبــه فرقــة كبــرة‬ ‫تظاهــروا بالنســيان‪ ،‬وحاولــوا النيــل مــن الجيــش الــذي أعـ ّده للشــخوص‬ ‫مــن كل مــا ميــت لإلســام وللعــرب معــه إىل خرســان بعــد أداء الفريضة‪،‬‬

‫وقبــل العــودة إىل مقــره‪.‬‬ ‫وقســم األمــوال عــى‬ ‫وزّع الهدايــا‪ّ ،‬‬ ‫ســكان الحرمــن‪ ،‬حتــى مل يبــق يف‬ ‫ذلــك اليــوم فقــر جائــع‪ ،‬بينــا‬ ‫انرصفــت زبيــدة بنــت جعفــر إىل‬ ‫املشــاريع الخرييــة‪ ،‬فأمــرت بحفــر‬ ‫الــرك وتشــييد البيــوت يف الصحــارى‬ ‫عــى طريــق الحــج لراحــة الحجــاج‪،‬‬ ‫ثــم دعــت عامــل زوجهــا عــى مكــة‬ ‫عــى إيصــال املــاء إىل مكــة مــن عــن‬ ‫تبعــد اثنــا عــر ميـاً‪ ،‬وقالــت قولتها‬ ‫املشــهورة‪« :‬أجـ ِر املــاء إىل مكــة ولــو‬ ‫كلّفتــك رضبــة املعــول دينــارا ً»‪،‬‬ ‫فــكان لهــا مــا أرادت‪ ،‬وجــرى املــاء‬ ‫وســ ّميت العــن باســمها‪،‬‬ ‫إىل مكــة‪ُ ،‬‬ ‫وال تــزال حتــى اليــوم‪.‬‬ ‫وقفــل راجعـاً يف طريقــه إىل الرقــة يف‬ ‫أواخــر عــام ‪ 189‬للهجــرة بعــد ســفر‬ ‫اســتغرق مــا يزيــد عــن عــام‪.‬‬

‫بني مدينتني وحجرين‪..‬‬ ‫املدينــة انقســمت عــدة أقســام‪،‬‬ ‫وكل منهــا تحــول إىل منظومــة رعوية‬ ‫وخدميــة يف تعفيــش بيــوت النــاس‬ ‫ومصــادرة املوجــودات‪ ،‬واســتغالل‬ ‫بيــوت الغائبــن‪ ..‬الــكل يقاتــل‪ ،‬وال‬ ‫يربــح اال البســطاء الذيــن ال ميلكــون‬ ‫إمكانيــة خروجهــم مــن الجحيــم أو‬ ‫اختــاروا البقــاء يف بيوتهــم‪ ،‬ألنهــم‬ ‫ببســاطة ال يعرفــون مكانــاً آخــر‬ ‫يذهبــون إليــه‪..‬‬ ‫املدينــة اقتســمها املحاربــون‪ ،‬وكل‬ ‫طــرف يدعــي رشعيــة القســمة‬ ‫مــن الطــرف اآلخــر‪ ،‬الدمــار عــ ّم‬ ‫املبــاين والطرقــات‪ ،‬والخــراب شــبه‬ ‫شــامل‪ ،‬وتــرك فيهــا بعــض األبنيــة‬ ‫التــي اســتخدمها الطرفــان إلقامتــه‬ ‫فيهــا‪ ،‬التقســيم بــن رشق املدينــة‬ ‫وغربهــا‪ ،‬وال يشء جديــد يف الشــكل‪،‬‬ ‫قســم ينعــم بحيــاة هانئــة‪ ،‬وقســم‬ ‫محــروم‪ ،‬يعيــش الجحيــم بشــكل‬ ‫يومــي‪ ،‬قصــف بالطائ ـرات وبراميــل‬ ‫الحوامــات واقتحامــات‪ ،‬وقســم‬ ‫آخــر ليــس أمامــه ســوى الصمــود يف‬ ‫وجــه العــدوان‪ ،‬هــو وبقيــة باقيــة‬ ‫معــه‪ ،‬يكافــح مــن أجــل معاشــه‬ ‫اليومــي‪ ،‬محــروم مــن املــاء الكهربــاء‬ ‫وحاجاتــه اليوميــة وحتــى الرضوريــة‪.‬‬ ‫يف مثــل هــذا الجحيــم عاشــت عائلة‪،‬‬ ‫مؤلفــة مــن أب وأم وطفلــة عمرهــا‬ ‫ســنتان‪ ،‬وهــم يرتقبــون فرصــة‬ ‫لإلفــات مــن هــذا الجحيــم‪ ..‬ال يشء‬ ‫يــوازي إحساســك بأنــك مســؤول‬ ‫عــن عائلــة‪ ،‬تعيــش ه ّمهــا‪ ،‬وتحــاول‬ ‫االنتصــار عــى عوائــق مصاعبهــا‪،‬‬ ‫وتفــادي منغصــات حياتهــا‪ ،‬وتشــعر‬

‫انتفاضة احلسم‬

‫‪1‬‬ ‫مل يكــن هــارون الرشــيد أول أو‬ ‫آخــر خليفــة أو ملــك أو مســؤول‬ ‫يغضــب عــى وزيــر مــن وزرائــه أو‬ ‫مــن حاشــيته فيقتلــه‪ ،‬ويــزج أهلــه‬ ‫وذويــه يف غيابــة الســجن‪ ،‬ولكــن‬ ‫مكانــة الربامكــة بــن النــاس‪ ،‬بفضل‬ ‫الدعايــة التــي صنعوهــا بأنفســهم‬ ‫مبختلــف الوســائل‪ ،‬ومــا ُعــرف‬ ‫عــن صلتهــم الوثيقــة بالرشــيد‪ ،‬ثــم‬ ‫أخــذه لهــم بغتة وهم ال يشــعرون‪،‬‬ ‫كل هــذا جعــل النــاس يف عهــده‬ ‫يتســاءلون عــن البواعــث والدوافــع‬ ‫لتلــك االنتفاضــة الداميــة‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫أغمــض الرشــيد عينيــه فــرة غــر‬ ‫قصــرة عــن أعــال الربامكــة‬

‫ش��ريف ص��احل ي� ّ‬ ‫�دون أحالم��ه يف «دف�تر النائم»‬ ‫وفاء شهاب الدين‬

‫عنتر دعيس‬ ‫أن امتــدادك هنــا وجــذورك باقيــة‬ ‫طاملــا بقيــت هــذه العائلــة لذلــك‬ ‫تبقــى مســألة حاميتهــا واملحافظــة‬ ‫عــى أفرادهــا هدفــك وعملــك‬ ‫الحقيقــي‪ ..‬ال يشء تســتطيعه إن‬ ‫حــارصك الواقــع‪ ،‬همومــك ترتاكــم‪،‬‬ ‫أشــياؤك تتبعــر مــا تحــاول تجنبــه‬ ‫ينغــرس أمامــك وكأنــه قــدر لــك‪ ،‬كل‬ ‫جريانــك غــادروا‪ ،‬وأنــت مــا زلــت‬ ‫تــردد أن هــذا الــراب لــك‪ ،‬هــذه‬ ‫الــدروب واألزقــة والعمــران‪ ،‬لــك‬ ‫فيهــا أكــر مــن اآلخريــن‪ ،‬ذكرياتــك‬ ‫وكل مــا هــو جميــل وجليــل عنــدك‬ ‫موجــود هنــا‪ ،‬أنــت تعشــق هــذا‬ ‫املــكان وال تعــرف غــره‪ ،‬وهكــذا‬ ‫تحــاول أن تنســجم مــع ظــروف‬ ‫الحيــاة ومصاعبهــا‪...‬‬ ‫صباحــاً‪ ،‬ويف الوقــت الــذي مــا‬ ‫زال أهــل الحــي نيامــاً‪ ،‬تتنقــل يف‬ ‫الحــارة بروحــك فقــط‪ ،‬ترســم أفضــل‬ ‫الخطــط للمغــادرة‪ ،‬هنــاك حاجــز‬ ‫وأنــت مطلــوب‪ ،‬ألنهــم ببســاطة‬ ‫يريدونــك قاتــاً ألهلــك وذويــك‪،‬‬ ‫تلغــي مشــهد الحاجــز تتطلــع إىل‬ ‫مــكان آخــر ترصــده‪ ،‬هنــاك قنــاص‬ ‫مل يــرك إنســاناً أو حيوانــاً يجتــاز‬ ‫املنطقــة‪ ،‬قتــل ب ـرا ً وقطط ـاً وكالب ـاً‪،‬‬ ‫هــو صيــاد مل يكــن أبــدا ً محاربــاً‪،‬‬ ‫يُخفــي نفســه وســاحه‪ ،‬يرتصــد‬ ‫الفاريــن‪ ،‬ويقتــل ببســاطة هنــاك‬ ‫وهنــاك‪ ،‬ال يشء يدعــو للســامة إال‬ ‫املغامــرة‪ ،‬وتعــرف أن زوجتــك معــك‬ ‫وابنتــك‪ ،‬تتالحــق األســئلة يف ذهنــك‪،‬‬ ‫وتعــاود النــوم لحاجــة وتعــب‪،‬‬ ‫وهكــذا متــي أيامــك صعبــة ومــا‬

‫زالــت الدنيــا مبــا وســعت تضيــق‬ ‫عليــك‪..‬‬ ‫يف الطــرف اآلخــر طيــار يراقــب‬ ‫حمولــة طائرتــه برميلــن فقــط‬ ‫أرميهــا وأرجــع‪« ،‬يعنــي غلــوة‬ ‫القهــوة بكــون عنــدك بــس شــوف‬ ‫هاملخربــن واإلرهابــن نجــوم الصبــح‬ ‫برجــع‪ »..‬يحــادث زميلــه‪ ،‬واآلخــر‬ ‫يضحــك مــلء شــدقيه‪ ..‬الطائــرة‬ ‫تصــل مــكان القصــف يطلــب مــن‬ ‫املرافــق االســتعداد ثــم يرمــي‬ ‫حمولتــه ويغــادر‪ ،‬الربميــان يف‬ ‫الســاء يســقطان ســقوطاً حــرا ً‬ ‫ورسيعــاً ومبــارشا ً‪ .‬يف الحــي دمــار‬ ‫وخــراب ودخــان بعــد وصــول‬ ‫الربميلــن إىل األرض‪ ،‬مــكان الســقوط‬ ‫حــي مــدين يف دائــرة قطرهــا ال‬ ‫يتجــاوز خمســة وعرشيــن مــرا ً‪..‬‬ ‫ـس أن صباحــه هــذا أجمــل‪ ،‬وأنــه‬ ‫أحـ ّ‬ ‫خفيــف وانــزاح عنــه التعــب‪ ..‬كل‬ ‫مــا هنــاك إنــه صبــاح جديــد ومبجــرد‬ ‫إحساســه أن زوجتــه وابنتــه تدعوانه‪،‬‬ ‫وقــف وطــوق زوجتــه‪ ،‬وتســلقت‬ ‫ابنتــه برشــاقة عــى كتفيــه‪ ،‬وخــرج‬ ‫مــا بــن إحساســه بالدمــار حولــه‬ ‫رأى جريان ـاً يعرفهــم‪ ،‬أطفــاالً ونســا ًء‬ ‫وكبــارا ً‪ ،‬كلهــم بصحبتــه يغــادرون‪ ،‬مل‬ ‫يعــد هنــاك خــوف‪ ،‬اجتــاز الحواجــز‬ ‫كلهــا‪ ،‬وتطلــع بســخرية إىل القنــاص‬ ‫وهــو يراقــب يبحــث عــن مقتــول‬ ‫أمامــه‪..‬‬ ‫الخــر‪ :‬قامــت الحوامــة بإلقــاء‬ ‫برميلــن متفجريــن وقتلــت خمســن‬ ‫إرهابيــا مــن رشقــي املدينــة‪..‬‬ ‫انتهى العرض‬

‫ومحاســبتهم وفــاء منــه لخدماتهم‪،‬‬ ‫وثقــة بهــم مــا دامــوا ســائرين يف‬ ‫بــادئ األمــر عــى النهــج املســتقيم‪،‬‬ ‫رغــم أنــه مل تكــن تخفيــه خافيــة‬ ‫عــن أعاملهــم‪ ،‬إالّ كان لديــه علــم‬ ‫بهــا بواســطة أعوانــه وأرصــاده‬ ‫ـس بالخطــأ الــذي كان‬ ‫حتــى إذا أحـ ّ‬ ‫منــه تجــاه نفســه ورعيتــه ودولتــه‪،‬‬ ‫فــإن انتباهتــه جــاءت متأخــرة‪ ،‬إىل‬ ‫أن تركّــز نفوذهــم يف قلــب دولتــه‪،‬‬ ‫وظهــر ســلطانهم عــى ســلطانه‬ ‫يف عاصمتــه‪ ،‬وتكالبــت النعــرة‬ ‫الفارســية والشــعوبية ضــد عروبته‪،‬‬ ‫باإلضافــة لســيطرتهم عــى جهــاز‬ ‫اإلدارة‪ ،‬ورضــوخ عظــاء الدولــة‬ ‫إلشــارتهم‪ ،‬واســتبداد يحيــى بــن‬ ‫خالــد بــكل يشء‪ ،‬فــا يصــدر أمــر‪،‬‬ ‫وال يُنفّــذ مــروع إالّ بإذنــه‪.‬‬ ‫واألشــد مــن هــذا‪ ،‬أن يجــد وزيــره‬

‫اســتغل حبــه وثقتــه‬ ‫ّ‬ ‫جعفــرا ً قــد‬ ‫أبعــد اســتغالل‪ ،‬واســتهان بأمــره‪،‬‬ ‫وتدخّــل يف خــاص شــؤونه‪ ،‬حتــى‬ ‫أوقــع بــن وليــي عهــده األمــن‬ ‫واســتخف مبكانــة‬ ‫واملأمــون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫زبيــدة بنــت جعفــر ســيدة القــر‬ ‫وزعيمــة نســاء بنــي هاشــم‪ ،‬ومل‬ ‫يــرع حرمــة زوجهــا‪ ،‬وخاصمهــا‬ ‫علنـاً وخفيـةً‪ ،‬وتجــرأ عــى الرشــيد‬ ‫نفســه يف منعــه املــال إذا طلبــه‬ ‫عنــد الحاجــة بحجــة املحافظــة‬ ‫عــى أمــوال املســلمني التــي راح‬ ‫هــو وجامعتــه يرتعــون فيهــا بغــر‬ ‫حســاب‪ ،‬بــل بلــغ األمــر بجعفــر‬ ‫الربمــي أن قــال ألحــد خــواص‬ ‫الرشــيد‪ ،‬عــى أثــر عتــاب ُو ّجــه‬ ‫لــه‪ :‬واللــه‪ ،‬لــن كلّفنــا الرشــيد مبــا‬ ‫ليكونــن وبــاالً عليــه‬ ‫ال نحــب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫رسيعــاً‪.‬‬

‫كــوخ ســت الحســن‪ ،‬الخالــة اليابانيــة‪،‬‬ ‫قــر األمــوات‪ ،‬ضحيــة آخــر الشــارع‪،‬‬ ‫خطــاب شــكر للــرواد الخمســة‪،‬‬ ‫مملكتــي مقابــل امــرأة‪ ،‬حقــك مــن‬ ‫الدنيــا‪ ،‬حفلــة عربيــة‪ ،‬زيــارة صاحــب‬ ‫العمــل‪ ،‬شــقة الحفيــد األمريــي‪ ،‬ســهرة‬ ‫مــع بجعــة‪ ،‬وابتســامة بــوذا‪.‬‬ ‫وعىل كلمة الغالف نقرأ‪:‬‬ ‫«تعــددت تجــارب رشيــف صالــح‬ ‫وتنوعــت بيئاتهــا وموضوعاتهــا لكنــه‬ ‫يف كل موضوعاتــه ثابــت عــى مبــادئ‬ ‫أساســية ثالثــة هــي التــي تصنــع عواملــه‬ ‫املدهشــة‪ ..‬املبــدأ األول‪ :‬التمســك بفــن‬ ‫القصــة القصــرة املغــدور الــذي يتحــول‬ ‫عنــه معظــم الكُتــاب اســتجابة لســوق‬ ‫النــر‪ ..‬وثانيهــا‪ :‬عــامل الطفولــة‪..‬‬ ‫وثالــث املبــادئ‪ :‬األحــام وومضاتهــا‬ ‫اللذيــذة‪.‬‬ ‫صاحــب «شــخص صالــح للقتــل»‬ ‫و»بيضــة عــى الشــاطئ» و»مثلــث‬ ‫العشــق» اختــار أن يعلــن حفاوتــه‬

‫باألحــام يف هــذه املجموعــة ابتــداء مــن‬ ‫العنــوان «دفــر النائــم»‪.‬‬ ‫تضــم املجموعــة أربعـاً وعرشيــن قصــة‬ ‫قصــرة‪ ،‬بعضهــا تتنــاول لحظــات مــن‬ ‫حيــاة طفــل حقيقــي أو طفــل كهــل‪..‬‬ ‫وجميعهــا عــى صلــة باألحــام‪ ..‬حيــث‬ ‫الالمنطــق والغرابــة واملباغتــة يف لغــة‬ ‫رشــيقة ممتعــة»‪.‬‬ ‫تبقــى اإلشــارة إىل أن «دفــر النائــم»‬ ‫هــي ســادس مجموعــة لرشيــف صالــح‬ ‫الــذي ســبق لــه الفــوز بجائــزة ســاويرس‬ ‫وجائــزة ديب الثقافيــة وكذلــك جائــزة‬ ‫الشــارقة لإلبــداع‪ ..‬وإىل جانــب ســت‬ ‫مجموعــات قصصيــة صــدر لــه مرسحية‬ ‫«رقصــة الديــك» وكتــاب نقــدي بعنــوان‬ ‫«نجيــب محفــوظ وتحــوالت الحكايــة»‪.‬‬

‫هــذه األحــام املصبوغــة املطـ ّرزة يراهــا‬ ‫حــن يُغمــض عينيــه‪ ..‬حــن ينــام‪،‬‬ ‫أمــا يف يقظتــه‪ ،‬فــا هــي إال كوابيــس‬ ‫اب‪..‬‬ ‫تتناهشــه مخالبهــا‪ ،‬دمــا ٌر وخــر ٌ‬ ‫جثــثٌ مشــوهةٌ‪ ..‬أنـ ٌن ودمــو ٌع وجــوعٌ‪،‬‬ ‫مشــاه ُد مل يرهــا املعــري يف جهنــم‬ ‫عندمــا زارهــا يف رســالته‪.‬‬ ‫هــذه املشــاهد محفــور ٌة يف ذاكــريت‬ ‫وتــكاد تكــون هــي الطاغيــة عليهــا‪ ،‬بــل‬ ‫يــكاد ال يكــون يف الذاكــرة غريهــا‪.‬‬ ‫نقــرأُ يف الكتــب أن ذكريــات املــايض‬ ‫تؤثــر عــى خيــارات املســتقبل‪ ،‬إذن‬ ‫فســيؤثر مخــزون ذكريــايت عــى خيارات‬

‫مســتقبيل كــا عــى مســتقبل كل أبنــاء‬ ‫جيــي‪ .‬ال أريــد أن يكــون هــذا التأثــر‬ ‫ســلبياً‪ ،‬بــل أريــده إيجابيـاً‪ ،‬وأعتقــد أنــه‬ ‫ســيكون كذلــك إذا أخضعنــا كل املــآيس‬ ‫التــي مررنــا ومــا زلنــا من ـ ّر بهــا‪ ،‬والتــي‬ ‫يجــب أن نضــع لهــا حــدا ً‪ ،‬إىل دراســة‬ ‫عميقــة نســتخلص منهــا الــدروس‬ ‫والعــر الكفيلــة بعــدم العــودة إىل‬ ‫األوضــاع التــي ســببت املأســاة التــي‬ ‫نعيشــها‪ ،‬وإن مل نفعــل‪ ،‬فســيكون‬ ‫املحفــور يف ذاكــريت مــن املــايض هــو مــا‬ ‫ســأظل أراه وأعيشــه يف مــا لــن يكــون‬ ‫اســمه «املســتقبل»‪.‬‬

‫عــن مؤسســة أخبــار اليــوم صــدرت‬ ‫للكاتــب رشيــف صالــح مجموعتــه‬ ‫القصصيــة السادســة «دفــر النائــم»‬ ‫وهــي تتكــئ عــى لغــة وصــور األحــام‪..‬‬ ‫فكــا ذكــر الكاتــب أنــه كان يــد ّون‬ ‫يوميــاً أحالمــه بشــكل منتظــم إىل أن‬ ‫تجمــع لديــه أكــر مــن ســتني حلــاً‬ ‫قــام بغربلتهــا واختيــار مــا يتميــز منهــا‬ ‫بخيــط رسدي‪.‬‬ ‫ومــن مــادة األحــام الخــام راح يطــور‬ ‫تجربتــه لتخليــق نصــوص قصصيــة‬ ‫تتأرجــح يف معظمهــا مــا بــن صفحتــن‬ ‫وأربــع صفحــات‪.‬‬ ‫ويؤكــد صالــح أن كل مجموعــة قصصيــة‬ ‫تفــرض عليــه عاملهــا ولغتهــا‪ ..‬وهنــا‬ ‫جــاءت النصــوص كلهــا مزيجــاً مــن‬ ‫صــور األحــام وتداعياتهــا وإحــكام‬ ‫الــرد القصــي‪.‬‬ ‫تقــع املجموعــة يف حــوايل مائــة صفحــة‬ ‫ومــن نصوصهــا‪ :‬رحلــة النهــار والليــل‪،‬‬

‫األحالم واملستقبل‬ ‫جوى النجم‬ ‫أجــد صعوبــة كبــرة يف العثــور عــى‬ ‫كلــات أســتطيع أن أفــرغ مشــاعري‬ ‫فيهــا بالشــكل الــذي أراه مرضيـاً‪ ،‬بل إين‬ ‫أعتقــد أن ذلــك يــكاد يكــون مســتحيالً‪.‬‬ ‫أنــا يف مقتبــل عمــري‪ ،‬يف الســن الــذي‬ ‫يُقــال إن أحــام اإلنســان فيــه – شــاباً‬ ‫كان أم فتــا ًة – مصبوغـ ٌة بألــوان الربيــع‬ ‫ـرؤى تحــاول رســم‬ ‫الزاهيــة‪ ،‬ومط ـ ّرز ٌة بـ ً‬ ‫مســتقبل نضــر تكــون اآلمــال فيــه‬ ‫قريبــة املنــال‪ ،‬يكفيــه أن ميـ ّد إليهــا يــده‬ ‫ليقطفهــا‪.‬‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫‪ SAYI: 35 YIL: 2016 )2) -‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الهدنــة‪ ..‬وصياغــة‬ ‫النظــام الدولــي‬

‫مازن العليوي‬

‫وداعًا نذير نبعة‪..‬‬ ‫الفنــان التشــكييل الســوري الراحــل نذيــر نبعــة‪ ،‬مــن‬ ‫مواليــد دمشــق عــام ‪ 1938‬تخــرج مــن كليــة الفنــون‬ ‫الجميلــة بجامعــة القاهــرة عــام ‪ 1965‬أتــم دراســاته‬ ‫العليــا يف مدرســة الفنــون بباريــس‪ .‬مــارس تدريــس‬

‫الفنــون يف مــدارس ديــر الــزور ودمشــق‪ ،‬وكليــة الفنــون‬ ‫الجميلــة وطــاب الدراســات العليــا‪ .‬وعمــل رســام‬ ‫موتيــف ومصمــم غرافيــك للرســوم الداخليــة للعديــد‬ ‫مــن الصحــف وامللصقــات يف بــروت ودمشــق‪ ..‬قامــة‬

‫تشــكيلية ســورية كبــرة يف مياديــن الحركــة التشــكيلية‬ ‫املحليــة والعربيــة العامليــة‪ ،‬وواحــد مــن ر ّواد الحداثــة‬ ‫التعبرييــة الســورية املميزيــن‪ ..‬تــويف يف دمشــق يف ‪23‬‬ ‫شــباط ‪2016‬م‬

‫رحيل املخرج السوري نبيل املالح‬

‫رحــل الســيناميئ نبيــل املالــح الــذي رصــد االســتبداد‬ ‫وأفعالــه الشــنيعة ضــد املجتمــع الســوري‬ ‫بتاريــخ األربعــاء ‪ 2016/2/24‬رحــل املخــرج الســيناميئ‬ ‫الســوري نبيــل املالــح بعــد مســرة ســينامئية مثــرة‬ ‫ومجــددة يف الحيــاة الثقافيــة الســورية‪ ،‬ومعارضــة‬ ‫لســلطات الظلــم واالســتبداد‪ ،‬ومــن أشــهرها فيلــم‬ ‫الكومبــارس والفهــد اللــذان أخــذا شــهرة كبــرة يف‬ ‫ســورية‪ ،‬ويف العــامل العــريب‪ ،‬ومــن أجــواء نعــي املخــرج‬ ‫الراحــل‪:‬‬ ‫املخرج هيثم حقي‪ :‬وداعاً نبيل املالح‬ ‫وداع ـاً صديقــي العتيــق العتيــق‪ ..‬أي حــزن هــذا الــذي‬ ‫ح ـ ّول صفحاتنــا إىل أوراق نعــوة األحبــة‪ ...‬وداع ـاً نبيــل‬ ‫صديقــي ورشيــك العمــل الســيناميئ والثقــايف خــال‬ ‫األربعــن ســنة املاضيــة‪ ..‬مــن الصعــب اختصــار مــا‬ ‫جمعنــا مع ـاً خــال ســنني طويلــة‪ ،‬لكــن عنوانــه األبــرز‪:‬‬ ‫مــودة إنســانية عميقــة‪ ..‬وحــب للســينام‪ ..‬ولبلدنــا‬ ‫وأهلــه الطيبــن‪ ..‬والســعي بــكل الوســائل نحــو ســوريا‬ ‫حــرة‪..‬‬ ‫أنتجــت لــك «أرسار الشاشــة» حيــث قدمــت عصــارة‬ ‫ُ‬ ‫تجربتــك كمعلــم ســيناميئ‪ ،‬وحــن أتطلــع اليــوم إىل‬ ‫حلقاتــه أجــد روح الشــباب الدائــم والحــاس الــذي‬ ‫رأيتــه يف لقائنــا األخــر يف باريــس حــن جئــت رغــم‬ ‫املــرض لحضــور عــرض فيلمــك الجميــل «الكومبــارس» يف‬ ‫النــادي الســيناميئ الســوري‪ ،‬ولعــل األيــام الثالثــة التــي‬

‫قضيناهــا معــك هــاال وأنــا كانــت تلويحــة الــوداع التــي‬ ‫قــررت الحيــاة أن متنحنــا إياهــا‪..‬‬ ‫حــزين كبــر عــى خســارة ســوريا مبدعيهــا الكبــار الذيــن‬ ‫اســتطاعوا رغــم ســنوات القمــع أن يفتحــوا ثغــرة يف‬ ‫جــدار املنــع واالضطهــاد األصــم لريفعــوا اســم ســوريا‬ ‫ويحــروا شــبابها لثــورة الحريــة والكرامــة‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫وداعــاً نبيــل املالــح ســتبقى حياتــك وأفالمــك «بقايــا‬ ‫صــور» دمشــقية ســيحتفظ بهــا مــلء القلــب والعــن‬ ‫جيــل الحريــة القــادم‪..‬‬ ‫الناقــد محمــد منصــور‪ :‬رحــم اللــه املخــرج الســيناميئ‬ ‫الســوري نبيــل املالــح (‪ )2016 1936-‬الــذي رحــل يف‬ ‫ديب اليــوم‪ ..‬كان أكــر الشــخصيات الســينامئية التــي‬ ‫حاورتهــا يف حيــايت أهميـةً‪ .‬كان رجـاً مؤمنـاً بالحريــة يف‬ ‫أعامقــه‪ ،‬مثقف ـاً قارئ ـاً وصاحــب رؤيــة وفكــر وحقيقيــن‬ ‫كاره ـاً للبعــث ولــكل النظــم الشــمولية‪ .‬يف ‪ 2010‬كنــت‬ ‫قــد اتفقــت معــه عــى تأليــف كتــاب عــن مســرته‬ ‫الســينامئية والفنيــة التنويريــة الغنيــة‪ ،‬وكنــت قــد طلبت‬ ‫منــه أن يكتــب يل مــا يشــبه ســرة ذاتيــة تلخــص مشــواره‬ ‫الفنــي والحيــايت اإلشــكايل‪ ،‬يك أغطــي الجانــب التوثيقــي‬ ‫يف الكتــاب‪ ،‬فكتــب نصـاً جميـاً كــا أعطــاين نســخاً مــن‬ ‫أفالمــه‪ ،‬يك أمتكــن مــن كتابــة مطالعــة نقديــة شــاملة يف‬ ‫ســينامه‪ .‬مــع انــدالع الثــورة توقــف العمــل يف الكتــاب‪..‬‬ ‫لكــن نبيــل املالــح بقــي حيـاً صديقـاً ودودا ً ألقــاه يف ديب‬ ‫مبودتــه الدمشــقية التــي مل يعكرهــا زمن‪ ،‬وآمــل أن أمتكن‬

‫مــن إنجــاز الكتــاب عــن نبيــل املالــح ليكــون صــورة عــن‬ ‫إنجــاز شــخصية ســورية تركــت بصامتهــا يف ثقافتنــا‪.‬‬ ‫املخــرج مأمــون البنــي‪ :‬الصديــق نبيــل املالــح كيــف‬ ‫تســتطيع الكلــات أن تعــر عــن فقدانــك‪ ..‬أنــا عاجــز‬ ‫أن أرثيــك‪ ،‬وعاجــز أن أتحــدث عنــك‪ ،‬وعــن صداقتنــا‪،‬‬ ‫وعــن أفالمــك التــي كنــت دامئــاً تدهشــنا بجديــدك‪..‬‬ ‫أنــت نبيــل املالــح الفنــان التشــكييل واملخــرج الســيناميئ‬ ‫الســوري القديــر‪ ،‬أنــت مــن أهــم املبدعــن الســوريني‬ ‫الذيــن خطــوا للهويــة الســورية داخــل وخــارج الوطــن‪.‬‬ ‫أنــت الــذي اتهمــك النظــام يومــاً أنــك متعامــل مــع‬ ‫العــدو فقــط ألنــك معــارض وناشــط يف املجتمــع املــدين‪.‬‬ ‫يف بيتــك أنــت ويف حــي املهاجريــن الدمشــقي‪ ،‬كنــت‬ ‫تجتمــع مــع رجــال الفكــر والفــن والسياســة‪ ،‬أنــت‬ ‫بفقدانــك بســطت مســاحة كبــرة مــن األمل ال يُقلصهــا‬ ‫إالّ إعــادة مشــاهدة أفالمــك لتخفيــف لواعــج حزننــا عــن‬ ‫غيابــك‪ .‬منــذ أن هتفــت يل وأخربتنــي أن قلبــك الكبــر‬ ‫بــدأ يشــكيك مــن كــرة عــدد الســكائر التــي تســتهلكها‬ ‫يوميــاً‪ ،‬وأنــا عــى رصاع معــك مــن أجــل تقليــل هــذا‬ ‫الســم الــذي دافعــت عنــه بقولــك‪« :‬وهــل يبقــى يل غــر‬ ‫هــذا‪ !..‬مأمــون اكتشــفت أننــا صغــار جــدا ً يف املغــرب‪،‬‬ ‫نظــام بلدنــا نبذنــا‪ ،‬العمــر داهمنــا‪ ،‬العــامل ظلمنــا‪ ،‬أنــا‬ ‫أســتبدل الكامـرا التــي فقدتهــا اآلن يف املنفــى االختيــاري‬ ‫بالســيكارة‪ ،‬لكنــي مــا زلــت أكتــب مشــاريع ســينامئية‬ ‫ُجلّهــا عــن الثــورة الســورية‪ ..‬أحمــد اللــه أين بــن‬ ‫عائلتــي‪ ،‬زوجتــي فريــال وابنتــي ابــا وزلفــا وزوجيهــا‬ ‫وأنتــم األصدقــاء املقربــون‪ ..‬أنتــم عائلتــي أنتــم أحبــايئ‬ ‫أنتــم اآلن أفالمــي‪ ..»..‬أتــت كلامتــه تلــك كمــؤرش وداع‬ ‫أحسســت بهــا كصاعقــة انتزعــت بســمتي‪. .‬‬ ‫يذكــر بــأن املرحــوم نبيــل املالــح مــن مواليــد ‪ 1936‬ومــن‬ ‫أبــرز أعاملــه‪ ،‬فيلــم «كومبــارس» (‪( )1993‬مــن بطولــة‬ ‫بســام كوســا وســمر ســامي)‪ ،‬وكان منوذجــاً لســينام‬ ‫جميلــة قليلــة الكلفــة‪ ،‬وفيلــم «الفهــد» (‪ )1972‬فيلمــه‬ ‫الجامهــري املأخــوذ عــن روايــة لحيــدر حيــدر‪ ،‬ولعبــت‬ ‫فيــه إغــراء دور البطولــة‪ .‬إىل فيلــم «رجــال تحــت‬ ‫الشــمس (‪ ،)1970‬و»الســيد التقدمــي» (‪ ،)1975‬و»بقايــا‬ ‫صــور» (‪ )1980‬والكثــر ســواها‪.‬‬

‫إشــكالية أخالقيــة كــرى‪ ،‬رمبــا مل يشــهدها التاريــخ البــري‪،‬‬ ‫أن يحتــاج نظــام حاكــم لدولــة مــا وســاطات ومناشــدات دوليــة‬ ‫للتوقــف عــن قتــل وقصــف شــعبه‪ ،‬وتكــر اإلشــكالية عندمــا‬ ‫تتوصــل املســاعي الدوليــة إىل قبــول النظــام اتفاقـاً ينــص عــى‬ ‫هدنــة مــع خصومــه – الذيــن هــم مــن الشــعب ‪ -‬تشــهد وقفـاً‬ ‫إلطــاق النــار‪ ،‬ليلملــم الشــعب جراحاتــه‪ ،‬غــر أنــه يخــرق‬ ‫الهدنــة يف دقائقهــا األوىل ليجهــض أحــام املســاكني بأيــام آمنــة‬ ‫معــدودة‪.‬‬ ‫هــذا هــو الواقــع عــى الســاحة الســورية اليــوم‪ ،‬مــا يطــرح‬ ‫جملــة مــن التســاؤالت عــن منطــق القــوى العامليــة الكــرى يف‬ ‫عــدم اتخــاذ قـرار صــارم إلنقــاذ البــر مــن حالــة ظالميــة غــر‬ ‫مســبوقة‪ ،‬واكتفــاء بعضهــا بترصيحــات ال تغنــي وال تســمن وال‬ ‫تحــل مشــكلة‪ ،‬فيــا تصطــف روســيا علن ـاً مــع القاتــل ضــد‬ ‫الضحيــة مــن غــر رادع فهــي مدركــة أن اصطدام القــوى القادرة‬ ‫عــى الحــل العســكري معهــا لــن يحــدث‪ ،‬ومتــارس بالتــايل‬ ‫سياســة املصالــح املتعــددة‪ ،‬لكونهــا مــن جهــة تريــد اســتعادة‬ ‫الهيبــة الضائعــة بعــد تفــكك االتحــاد الســوفييتي ووراثتهــا‬ ‫لــه يف مجلــس األمــن‪ ،‬وتســعى عــر األزمــة الســورية إلنعــاش‬ ‫اقتصادهــا‪ ،‬فبيــع األســلحة للنظــام الســوري‪ ،‬و»اســتئجاره»‬ ‫لطائراتهــا وصواريخهــا اللتقــاط أنفاســه‪ ،‬ومخططــات إعــادة‬ ‫اإلعــار التــي تســتعد لهــا الــركات الروســية‪ ..‬كل ذلــك ليــس‬ ‫باملجــان‪ ،‬ومــن ســيدفع الثمــن هــو الشــعب الســوري مــن‬ ‫دخلــه القومــي مســتقبالً‪ ،‬فكلــا اســتمر النظــام يف الحكــم‬ ‫ارتفــع مبلــغ الفاتــورة‪ ،‬واألكيــد أن تلــك الفاتــورة ســتنعش‬ ‫بطريقــة مــا االقتصــاد الــرويس املنهــار حالي ـاً‪.‬‬ ‫الحقيقــة التــي يجــب أن يدركهــا الــروس وغريهــم أن النظــام‬ ‫الســوري لــن يســتمر‪ ،‬وكذلــك النظــام الــرويس‪ ..‬فــا مــن نظــام‬ ‫قمعــي عــاش إىل األبــد‪ ،‬وال بــد أن تتحقــق إرادات الشــعوب‪.‬‬ ‫ولــو تف ّكــر الــروس قليـاً يف النتيجــة التــي انتهــى إليهــا االتحــاد‬ ‫الســوفييتي ‪ -‬عــى الرغــم مــن جربوتــه ‪ -‬حــن تهــاوى وتداعــي‬ ‫متامــاً‪ ،‬لكونــه نظامــاً قمعيــاً وإن ا ّدعــى العكــس‪ ..‬ألعــادوا‬ ‫الحســابات‪.‬‬ ‫لــو اســتمرت الهدنــة املشــكوك يف قــدرة النظــام الســوري عــى‬ ‫االلتـزام بهــا بنــاء عــى تجــارب ســابقة مــارس خاللهــا أســاليب‬ ‫ملتويــة للتملــص مــن الضغــوط الخارجيــة‪ ،‬فاملســألة يجــب أن‬ ‫تقــود إىل بدايــة عقالنيــة للحــل‪ .‬وإن مل يحــدث يشء مــن ذلــك‪،‬‬ ‫فاملفــرض مبجلــس األمــن الــدويل الــذي صــادق باإلجــاع قبــل‬ ‫أيــام عــى قــرار الهدنــة أن يعلــن فشــله الذريــع يف حاميــة‬ ‫الشــعوب مــن ظامليهــا‪ ،‬ولعــل األزمــة الســورية خــر دليــل‬ ‫عــى العجــز الــدويل‪ ،‬وعجــز املنظمــة العامــة لألمــم املتحــدة‬ ‫عــن أداء دورهــا‪ ،‬مــا يتطلــب إعــادة صياغــة النظــام الــدويل‬ ‫بطريقــة تحفــظ حقــوق الشــعوب وتحاســب ال َقتَلــة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 35‬آذار ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.