Alharmal (38) 15 04 2016 العدد 38 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ملف العدد‪..‬‬

‫مستقبـــ��ل الـرقـــ��ة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫‪sayı 38‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫الرقة حت��ت النار‬ ‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫الرق��ة القابع��ة حت��ت القصف خارج املس��ار السياس��ي‪ ..‬مدين� ٌ‬ ‫�ة من��ذورة للخراب‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫العامل أكرب من اخلمس��ة‬ ‫الدائمني‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫يتنــاوب طــران النظــام والطــران الــرويس وطــران‬ ‫التحالــف الــدويل اســتهداف مدينــة الرقــة الواقعــة خــارج‬ ‫نطــاق الهدنــة‪ ،‬ووقــف العمليــات العدائيــة‪ ،‬دون اعتبــار‬ ‫للقوانــن الدوليــة الناظمــة لتحييــد املدنيــن عــن النزاعــات‬ ‫املســلحة‪ ،‬وتأثــر العمليــات العســكرية وجرائــم الحــرب‪،‬‬ ‫ويطــال يف قصفــه التجمعــات املدنيــة املزدحمــة يف‬ ‫وســط املدينــة وأطرافهــا دون أن يحــرك املجتمــع الــدويل‬ ‫مبنظامتــه اإلنســانية أي ســاكنٍ لتشــميل املدنيــن بقوانــن‬ ‫الحاميــة الدوليــة‪.‬‬

‫وقــد توقــف الناشــطون يف الرقــة عــن إحصــاء كافــة أســاء‬ ‫الشــهداء والجرحــى مــن املدنيــن نتيجــة لعنــف الرضبــات‬ ‫وقــوة الصواريــخ املســتعملة التــي متــزق األجســاد‪،‬‬ ‫وتجعلهــا أشــاء مقطعــة عصيــة عــى التوثيــق‪ ،‬ويف‬ ‫العمليــات الحربيــة األخــرة عــى الرقــة يتــداول عنــارص‬ ‫داعــش عــى حســاباتهم خ ـرا ً عــن قــرب إصــدار «شــفاء‬ ‫الصــدور‪ »2‬يف إشــارة إىل الفيديــو الــذي أصــدره التنظيــم‬ ‫عــن الطيــار األردين معــاذ الكساســبة العــام املــايض‪ ،‬وذلــك‬ ‫عــى خلفيــة زعمهــم إســقاط طائــرة ســعودية تابعــة‬ ‫للتحالــف الــدويل يف محيــط بلــدة املنصــورة غــرب الرقــة‪.‬‬

‫هــل ســتبقى الرقــة عرضــة للقصــف الهمجــي للتحالــف‬ ‫وغــره‪ ،‬وهــل مــن املعقــول أن مــن يدعــي محاربــة‬ ‫اإلرهــاب ضحايــاه أغلبهــم مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬وأنــه يف‬ ‫معركتــه يف الرقــة كمــن يصــارع الفيــل يف معـ ٍ‬ ‫ـرض للخــزف؟‬ ‫وهــل مــن املعقــول أن أعضــاء االئتــاف والحكومــة‬ ‫الســورية ال يعرفــون عــن الرقــة إال مــا يــرد عــر وســائل‬ ‫اإلعــام‪ ،‬أو مــا يتداولــه النــاس من إشــاعات‪ ،‬ويف جلســاتهم‬ ‫الخاصــة‪ ،‬يتناولــون أقــوال تؤكــد مــوت أهــل الرقــة عــى‬ ‫أنهــم مــن الدواعــش؟ فيــا تغيــب الرقــة وأهلهــا عــن‬ ‫مــرح املفاوضــات السياســية يف جنيــف وملحقاتهــا‪.‬‬

‫مل��ف التعذي��ب يف املعتق�لات الس��ورية برس��م جمل��س األم��ن‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫يف تحقيــق عنوانــه «ملفــات األســد»‪،‬‬ ‫عــرض الصحــايف األمريــي بــن تــوب يف‬ ‫مجلــة نيويوركــر الوثائــق بالغــة الرسيــة‬ ‫التــي تربــط نظــام بشــار األســد بالقتــل‬ ‫والتعذيــب الجامعــي‪ ،‬والتــي ميكــن‬ ‫بحســب املحققــن أنهــا تشــكل مــع‬ ‫الصــور التــي التقطهــا «القيــر»‪ ،‬أكــر‬

‫َهَل ْ‬ ‫��ك ش��الوا؟!‬

‫ملــف قضــايئ منــذ محاكــات نورنــرغ‬ ‫التــي تلــت الحــرب العامليــة الثانيــة‪.‬‬ ‫فيــا يقــود املحامــي األمريــي كريــس‬ ‫إنجلــز وحــدة جرائــم النظــام يف لجنــة‬ ‫العدالــة واملســاءلة الدوليــة‪ ،‬وهــي‬ ‫جهــة تحقيــق مســتقلة أسســت يف‬ ‫عــام ‪ 2012‬كــرد فعــل عــى الحــرب‬ ‫الســورية‪.‬‬

‫قــام العاملــون مــع لجنــة العدالــة يف‬ ‫الســنوات األربعــة املاضيــة بتهريــب‬ ‫أكــر مــن ‪ 600‬ألــف وثيقــة حكوميــة‬ ‫خــارج ســوريا‪ ،‬تربــط التعذيــب والقتــل‬ ‫املمنهــج لعـرات اآلالف من الســوريني‬ ‫بسياســة مكتوبــة‪ ،‬موافــق عليهــا مــن‬ ‫رأس النظــام «بشــار األســد»‪.‬‬ ‫هــذه القضيــة هــي أول تحقيــق‬

‫دويل حــول جرائــم حــرب‪ ،‬تقــوم بــه‬ ‫وكالــة مســتقلة‪ ،‬مثــل لجنــة العدالــة‬ ‫واملســاءلة الدوليــة‪ ،‬والتــي متولهــا‬ ‫حكومــات‪ ،‬ولكــن دون واليــة محكمــة‪.‬‬ ‫فيــا وحــده مجلــس األمــن القــادر‬ ‫عــى إحالــة األزمــة الســورية إىل‬ ‫املحكمــة الجنائيــة الدوليــة مبوجــب‬ ‫هــذه الوثائــق‪.‬‬

‫قصي��دة جدي��دة للش��اعر الدكت��ور إبراهي��م اجل��رادي‬

‫الربيــع فصــل دم باهــظ األثمــان‬

‫الدكت��ورة مساح هدايا‬

‫دي��ر ال��زور م��ن حص��ار اجل��وع إىل حص��ار القت��ل والتش��ريد‬

‫فيــا الجلســة الثالثــة مــن مؤمتــر جنيــف‪ 3‬عــى وشــك‬ ‫االنعقــاد‪ ،‬ملناقشــة هيئــة الحكــم االنتقــايل كاملــة الصالحيــات‬ ‫التنفيذيــة‪ ،‬والتــي تعنــي رحيــل نظــام األســد عــن الحكــم‪ ،‬مثــة‬ ‫نُــذر خطــرة توشــك أن تعصــف بالعمليــة السياســية‪ ،‬عــى‬ ‫رأســها التعبئــة العســكرية للنظــام وميليشــياته الطائفيــة التــي‬ ‫تهــدد باقتحــام حلــب بغطــاء جــوي رويس‪ ،‬وكذلــك اســتمرار‬ ‫عرقلــة النظــام لدخــول املســاعدات اإلنســانية إىل املناطــق‬ ‫املحــارصة‪ ،‬إضافــة الرتفــاع عــدد الخروقــات وجســامتها‪.‬‬ ‫وهــذا مــا دعــا أمريــكا إىل إعــادة التلويــح باللجــوء إىل الخطــة‬ ‫بــاء يف حــال فشــل العمليــة السياســية‪ ،‬والتــي تعنــي تزويــد‬ ‫الثــوار بأســلحة نوعيــة‪ ،‬ورمبــا غطــاء جــوي‪ ،‬مــن خــال تعــاون‬ ‫مشــرك أمريــي تــريك ســعودي‪.‬‬ ‫وعــى خلفيــة هــذا املشــهد مثــة تحــرك عــريب تــريك إســامي‬ ‫يبعــث برســائل إقليميــة ودوليــة شــديدة األهميــة‪ ،‬يجــب‬ ‫أن تؤخــذ عــى محمــل الجــد‪ ،‬عــى رأســها محاولــة اســتعادة‬ ‫مــر بقــوة إىل الســاحة السياســية اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬وإعــادة‬ ‫تطبيــع العالقــات بينهــا وبــن تركيــا مــن خــال مســا ٍع ســعودية‬ ‫حثيثــة‪ ،‬ودعــم ســيايس واقتصــادي كفيــل بإخــراج مــر مــن‬ ‫عزلتهــا وانزوائهــا الســيايس‪ ،‬إضافــة للقيــادة الســعودية لــدور‬ ‫عــريب إســامي تجـ ّـى مبنــاورات رعــد الشــال‪ ،‬ومــا تســعى إىل‬ ‫تحقيقــه يف قمــة املؤمتــر اإلســامي املنعقــد حاليـاً يف إســطنبول‬ ‫مــن تحجيــم للتدخــل اإليـراين يف الشــؤون العربيــة‪ ،‬هــذا املؤمتــر‬ ‫الــذي يلتئــم تحــت شــعار «الوحــدة والتضامــن من أجــل العدالة‬ ‫والســام»‪ ،‬يف إشــارة رصيحــة إىل أن املؤمتــر اإلســامي ينظــر إىل‬ ‫مفهــوم العدالــة والســام بقلــق‪ ،‬يف الوقــت الــذي يجــري فيــه‬ ‫تقويــض الســام‪ ،‬ومفهــوم األمــن الجامعــي مبنهجيــة‪ ،‬ويف غيــاب‬ ‫شــبه كامــل إلمكانيــة تحقيــق العدالــة عــر املؤسســات الدوليــة‪،‬‬ ‫بحيــث يغــدو مجلــس األمــن بتشــكيلته الحاليــة ال ميثــل إرادة‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬ومل يعــد مــا يــرر اســتمراره عــى هــذا النحــو‬ ‫الــذي فرضــه االنتصــار يف الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬حيــث جــاء‬ ‫التعبــر عــن كل هــذه املضامــن‪ ،‬بالهجــوم الــذي شـ ّنه أردوغــان‬ ‫عــى الــدول الخمــس الكبــار‪ ،‬داعي ـاً إىل إعــادة هيكلــة مجلــس‬ ‫األمــن يف ضــوء الخريطــة الدينيــة والعرقيــة يف العــامل‪ ،‬مســتثريا ً‬ ‫مشــاعر املســلمني بالقــول‪« :‬الــدول الخمــس دامئــة العضويــة يف‬ ‫مجلــس األمــن الــدويل كلهــا مســيحية‪ ،‬وال توجــد بينهــا دولــة‬ ‫مســلمة واحــدة‪ ،‬وهــذا أمــر غــر عــادل»‪.‬‬ ‫لقــد ســبق للــدول اآلســيوية واألفريقيــة يف عــام ‪ 1955‬أن أعلنت‬ ‫رفضهــا لالســتقطاب الــرويس األمريــي‪ ،‬إبــان الحــرب البــاردة‪،‬‬ ‫وكافــة أشــكال الســيطرة األجنبيــة‪ ،‬والتمييــز العنــري عــر‬ ‫حركــة «عــدم االنحيــاز» التــي انبثقــت مــن مؤمتــر باندونــغ‪،‬‬ ‫الــذي رأى فيــه الزعيــم الهنــدي نهــرو أنــه يعــر عــن هويــة‬ ‫مســتقلة‪ ،‬ودور إيجــايب‪ ،‬وليــس موقفــاً ســلبياً إزاء التكتــات‪،‬‬ ‫وكان لزعــاء مثــل عبــد النــارص وتيتــو الــدور البــارز يف تغيــر‬ ‫قواعــد اللعبــة الدوليــة آنــذاك‪.‬‬ ‫فهــل تشــكل التحــركات العربيــة‪ ،‬وترصيحــات أردوغــان الرافضة‬ ‫ألن يــرك مصــر ‪ 196‬دولــة يف العــامل بــن شــفتي األعضــاء‬ ‫الدامئــن‪ ،‬عهــدا ً جديــدا ً يبــر بتغيــر القواعــد الدوليــة القامئــة‬ ‫عــى القــوة‪ ،‬وهــل ســيكون لعبــارة أردوغــان «العــامل أكــر مــن‬ ‫خمــس دول» مــا بعدهــا‪..‬؟!‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تعال إىل مكان أجمل‪!..‬‬

‫ضاعت الثورة بني االئتالف وحكومته‪!..‬‬

‫عنتر دعيس‬

‫بشير الهويدي‬

‫ال يشء يــوازي اهتاممــك بعائلــة تحبهــم‪،‬‬ ‫تعطــف عليهــم‪ ،‬ترعاهــم وتضحــي بأجمــل مــا‬ ‫عنــدك لرتضيهــم‪ ،‬أجمــل اللحظــات تلــك التــي‬ ‫تقــرأ الفــرح بوجوههــم‪.‬‬ ‫بعــد وفــاة الوالــد أدركــت أن أخــويت أصبحــوا‬ ‫مســؤوليتي وهــديف‪ ،‬خصوصــاً أن راتبــه‬ ‫التقاعــدي بالــكاد يكفينــا ألســبوع واحــد‪،‬‬ ‫والوالــدة بصربهــا املعتــاد تبلــع حزنهــا‪،‬‬ ‫وتحــاول قــدر مــا تســتطيع أن تعيلنــا‪ ،‬وتدفــع‬ ‫عنــا الفقــر والحاجــة‪ ،‬تقــرض وتتوســل أخوتهــا‬ ‫وأقرباءهــا‪ ،‬فقــط لتحفــظ لنــا مــا تبقــى مــن‬ ‫أيــام كنــا نعيشــها بوجــود معيــل يكــدح يف‬ ‫عملــه الوظيفــي واإلضــايف‪..‬‬ ‫تلــك األيــام ولّــت‪ ،‬وأنــا اليــوم تجــاوزت‬ ‫الثامنــة عــر‪ ،‬والبلــد توقــف فيهــا كل يشء‪،‬‬ ‫وقــد دمرتهــا الحــرب‪ ،‬مل يكــن طريقــي إلحــدى‬ ‫الفصائــل مــررا ً ألمــي‪ ،‬فقــد رفضــت منــذ‬ ‫األيــام األوىل أي عمــل يهــدد حيــايت‪ ،‬أنــا أو‬ ‫أحــد أفــراد األرسة‪ ،‬واكتفــت بالتدبــر بعــد‬ ‫أن توقــف عمــي‪ .‬مل يكــن يل متســع للتفكــر‬ ‫فأصدقــايئ قــد هربــوا مــن الحــرب باتجــاه‬ ‫تركيــا‪ ،‬ودخلوهــا تهريبــاً‪ ،‬وهــم يهاتفــون‬ ‫ويطلبــون منــي االلتحــاق بهــم‪ ،‬ويقولــون‬ ‫إن العمــل متوفــر‪ ،‬واإلقامــة معقولــة‪ ..‬ووو‪.‬‬ ‫أقنعــت الوالــدة بــرورة ســفري‪ ،‬وجمعــت‬ ‫مــاالً يكفينــي للســفر واإلقامــة إىل حــن‬ ‫الوصــول إىل إســطنبول‪ ،‬حيــث ســألتحق‬ ‫هنــاك باألصدقــاء والعمــل‪ ..‬ودعتهــم بعــد أن‬ ‫اتفقــت مــع ســائق ســيارة النقــل والتهريــب‬ ‫حتــى قريــة تركيــة‪ ،‬والعبــور مــن بلــدة‬ ‫الراعــي إىل قريــة عــي منطــار‪ ،‬تحركنــا مــع‬ ‫الــركاب العابريــن مــع حقائبهــم وأحاملهــم‪..‬‬ ‫الطريــق مليئــة بالحواجــز املتنوعــة‪ ،‬ونحــن‬ ‫ننــزل ونطلــع حتــى وصلنــا يف الثانيــة عــر‬ ‫ليــاً إىل أطــراف البلــدة الســورية‪ ..‬العتمــة‬ ‫تلــف املــكان‪ ،‬وحديــث جانبــي بــن املهــرب‬ ‫الــريك والناقــل الخــاص عــن كميــة املــال إىل‬ ‫أن تــم االتفــاق‪ ،‬وتــم عقــد الصفقــة‪ ،‬وبعــد‬ ‫ســاعة واحــدة تقريب ـاً كانــت الســيارة أمامنــا‪،‬‬ ‫شــاحنة طويلــة تســتخدم لنقــل الــدواب‪،‬‬ ‫حرشونــا فيهــا حتــى امتــأت‪ ،‬نســاء وأطفــال‬ ‫وشــباب‪ ،‬الســيارة تتقــدم باتجــاه الحــدود‪،‬‬

‫بعــد دخــول ثورتنــا ســنتها السادســة‪،‬‬ ‫مل يقــدم االئتــاف وحكومتــه والكثــر مــن‬ ‫مؤسســات الثــورة أي يشء‪ ،‬كان التخبــط‬ ‫وســوء األداء الســيايس والشــكل اإلداري الــذي‬ ‫اســتورد أوالً عفــن النظــام‪ ،‬ومتيــز عنــارصه‬ ‫بنقــص الكفــاءات وهيمنــة األجنــدات اإلقليمية‬ ‫والدوليــة‪ ،‬هــي مــا ميــرر عمــل مــن يدعــون‬ ‫أنهــم الواجهــة السياســية‪ ،‬وممثلــو الثــورة والشــعب الســوري‪ ،‬ولهــذا كان املنتــج ضعيف ـاً‬ ‫ومتواضعـاً‪ ،‬والنتيجــة املنطقيــة لهــذا األداء‪ ،‬فالواقــع هــو وجــود متغـرات دوليــة وإقليميــة‪،‬‬ ‫وتغـرات متوقعــة عــى الســاحة الســورية عــى األغلــب ســتفيض إىل حــل ســيايس‪ ،‬قــد يكــون‬ ‫مقبــوالً أو رمبــا حـاً يــأيت عــى مقــاس واقــع الحــال‪ ..‬وهــذا يتطلــب وجوهـاً سياســية ذات‬ ‫خــرة ومصداقيــة‪ ،‬يحمــل فه ـاً عالي ـاً لواقــع الســوريني‪ ،‬يؤطــر مــن خــال جســم أو كيــان‬ ‫ســيايس جديــد يقــود املرحلــة القادمــة بحرفيــة ومهنيــه عاليــة بعيــدا ً عــن حالــة املراهقــة‬ ‫السياســية التــي ميــزت املرحلــة الســابقة!‪...‬‬

‫علي الحسين‬ ‫كيــف لإلنســان أن يخــرج مــن جلــده‪،‬‬ ‫ويغامــر بحياتــه مخلفـاً املــايض والحــارض وراء‬ ‫ظهــره‪ .‬كيــف للشــيوخ واألطفــال والنســاء أن‬ ‫يعــروا الحــدود بح ـرا ً بالبلــم واملــوت يرتبــص‬ ‫بهــم يف كل لحظــة؟ مــن أيــن تأتيهــم القــوة‬ ‫التــي متكنهــم مــن الســر آالف الكيلــو مـرات‬ ‫دون االكــراث باملجهــول؟ كيــف يتحــدون‬ ‫الظــروف الجويــة القاهــرة وهــم يفرتشــون‬ ‫األرض ويلتحفــون الســاء؟‪ .‬فقــط عندمــا‬ ‫تتســاوى الحيــاة باملــوت ويفقــد اإلنســان‬ ‫األمــل بالغــد يضطــر حينهــا أن يركــب‬ ‫املجهــول‪ ،‬ويطــوي كل يشء وراء ظهــره ليســر‬ ‫وراء فســحة األمــل املنبعثــة بداخلــه حبــاً‬ ‫بالحيــاة وبحثــاً عــن اإلنســانية‪.‬‬ ‫السوري أمام خيارين‬ ‫عندمــا يصبــح الســوري أمــام خياريــن أحالهام‬ ‫مــر فــا بــد لــه مــن البحــث عــن خيــار ثالــث‪.‬‬ ‫فأمــا أن يعيــش يف ظــل النظــام الحاكــم‪،‬‬ ‫والــذي مل يعــد مســيطرا ً عــى معظــم األرايض‪،‬‬ ‫وأمــا أن يعيــش يف ظــل الفصائــل األخــرى‬ ‫والتــي تحكــم وتتحكــم بباقي األرايض‪ .‬لألســف‬ ‫الظــروف لــدى الطرفــن متشــابهة والحيــاة‬

‫الفــرح والخــوف متالزمــان عنــد الجميــع‪،‬‬ ‫الســيارة تتقــدم دون أضــواء‪ ،‬يقــول أحــد‬ ‫الــركاب‪ :‬املهربــون يعرفــون الطريــق بالشــر‪،‬‬ ‫وال يحتاجــون دليــاً‪ ،‬عيونهــم متيــز الطريــق‪،‬‬ ‫الدوريــة أمامنــا‪ ،‬طلــب املهــرب مــن الجميــع‬ ‫الصمــت‪ ،‬اآلن نحــن بــن فــي كامشــة‪ ،‬قــوات‬ ‫الجندرمــا وداعــش‪ ،‬وكلهــم يحاولــون منعنــا‬ ‫مــن العبــور‪ ،‬مــ ّر الوقــت بطيئــاً‪ ،‬واختفــت‬ ‫أضــواء الكشــافات‪ ،‬وغــادر عنــارص الجندرمــا‬ ‫املــكان‪ ،‬تقدمــت الســيارة‪ ،‬وصلنــا إىل نقطــة‬ ‫التحــرك امليــداين مشــياً عــى األقــدام‪ ..‬ال‬ ‫تخافــوا املســر مئتــي مــر فقــط‪ ،‬بــدأت رحلــة‬ ‫الدخــول‪ ،‬تجاوزنــا الســكة‪ ،‬ال يشء يعيــق‬ ‫حركتنــا‪ ،‬كل يشء هــادئ بــن الســكة وخنــدق‬ ‫الــرك‪ ،‬أرض منبســطة تغطيهــا أعشــاب فقــط‪،‬‬ ‫وهــي مرتوكــة‪ ،‬مبعنــى محايــدة بــن الدولتــن‪،‬‬ ‫ومــن هــذه األرض خــرج ثالثــة عنــارص مــن‬ ‫الجندرمــا الرتكيــة‪ ،‬وكأنهــم كامنــون لنــا وبــدأوا‬ ‫بإطــاق رصاخ حــاد بالرتكيــة‪ ،‬ورضب املتقدمــن‬ ‫م ّنــا‪ ،‬وبعــض مــن كان معنــا اســتطاع الفــرار‬ ‫منهــم باتجــاه األرايض الرتكيــة‪ ،‬تركوهــم‬ ‫وجمعــوا أغراضهــم وأرضمــوا النــار فيهــا‪ ،‬ومــن‬ ‫أمســكوه أوســعوه رضبـاً بالعــي‪ ،‬واملتخلفــون‬ ‫وأنــا منهــم عدنــا إىل مــا وراء الســكة‪ ،‬وهــي‬ ‫الحــد الفاصــل بــن البلديــن‪ ،‬وجلســنا نرقــب‬ ‫رفاقنــا والجنــود يتناوبــون عــى رضبهــم‪ ،‬وهــم‬ ‫يتلقــون الرضبــات بأيديهــم‪ ،‬حتــى أدموهــم‪،‬‬ ‫وكان جلّهــم مــن الشــباب‪ ..‬أعــادوا املجموعــة‬ ‫كاملــة إىل األرايض الســورية‪ ،‬واختفــى املهربون‬ ‫والعتالــون‪ ،‬وبقينــا حتــى الفجــر‪ ،‬يرقبنــا عنارص‬ ‫الجندرمــا ويرصخــون‪« :‬ادي والن ادي»‪ ،‬ونحــن‬ ‫نرتقــب لحظــة ذهابهــم إىل نقطــة أخــرى‪..‬‬ ‫وأخــرا حــرت ســيارتهم‪ ،‬اســتقلوها بعــد‬ ‫مخابــرة عــى القبضــة‪ ،‬وغــادروا رمبــا لنقطــة‬

‫تهريــب أخــرى‪ ..‬الضــوء جيــد‪ .‬بدأنــا نرتقــب‬ ‫ذهــاب الســيارة‪ ،‬بعضنــا ممــن كان قــد اجتــاز‬ ‫الحــدود أكــر مــن مــرة‪ ،‬فجــأة اســتقام البعــض‬ ‫واتجــه إىل األرض الرتكيــة‪ ،‬وبــدأوا بالركــض‪..‬‬ ‫الســيارات مــن جهــة تركيا تســتدعينا باإلشــارة‪،‬‬ ‫ركــض النــاس‪ ،‬وكنــت آخرهــم‪ ،‬بعــد أن تأكــدت‬ ‫مــن خلــو املــكان بــدأت العبــور‪ ،‬وكان ســباقاً‬ ‫نحــو الخنــدق‪ ،‬تزاحــم النــاس يف املنطقــة‬ ‫الفاصلــة‪ ،‬ســقط البعــض وداســوا عليــه قبــل‬ ‫الوصــول إىل الخنــدق‪ ،‬الــذي يعتــر طــوق‬ ‫نجاتنــا‪ ،‬بــدأ عنــارص الجندرمــا بإطــاق النــار‪،‬‬ ‫أزيــز الرصــاص إىل جانــب أذين‪ ،‬مــا زلــت‬ ‫أركــض‪ ،‬األشــياء تتغــر مــن أمامــي‪ ،‬حتى شــكل‬ ‫رشوق الشــمس تغــر‪ ،‬انقلبــت الدنيــا حم ـراء‪،‬‬ ‫أحسســت أن قدمــي مل تعــد تحمــاين‪ ،‬مل تكــن‬ ‫جــزءا ً منــي‪ ،‬ســقطت عــى وجهــي‪ ،‬متــددت‬ ‫عــى األرض‪ ،‬ســبقني كل النــاس‪ ،‬حاولــت‬ ‫النهــوض‪ ،‬ولكــن عبثــاً فالدنيــا قــد تغــرت‪،‬‬ ‫توســدت الــراب‪ ،‬أصبــح كل يشء أســود‪ ،‬مل‬ ‫أعــد أرى شــيئاً أمامــي‪ ،‬عينــاي مفتوحتــان‪،‬‬ ‫عبثـاً مل أســتطع فعــل يشء‪ .‬شــعرت أين خفيــف‬ ‫متامــاً‪ ،‬أرسعــت بالوقــوف‪ ،‬ســابقت أصحــايب‬ ‫حتــى الســيارة‪ ،‬ووصلــت القريــة وحــدي‪ ،‬كل‬ ‫تركيــا بفضائهــا الواســع أمامــي‪ ،‬مــدن صغــرة‬ ‫وكبــرة اجتزتهــا وكأين أســبح يف الفضــاء‪ ،‬هــذه‬ ‫إســطنبول كــا وصفهــا أصدقــايئ‪ ،‬تعرفــت‬ ‫إىل مســكنهم‪ ،‬كانــوا نيامــاً يف مــكان العمــل‪،‬‬ ‫اقرتبــت أكــر‪ ،‬هــا هــو أكرثهــم ضجيجـاً وقربـاً‬ ‫إىل قلبــي‪ ،‬حاولــت إيقاظــه دون جــدوى‪،‬‬ ‫حاولــت أن أهــزه مل أســتطع‪ ..‬ملــاذا أنــا خفيــف‬ ‫هكــذا وكأين خــارج العــامل؟‪ ..‬تيقنــت مــن‬ ‫ضعفــي‪ ..‬ضــوء مبهــر‪ ،‬هــذا والــدي إنــه يســر‬ ‫باتجاهــي‪ ،‬م ـ ّد يــده إيل وقــال بهــدوء‪« :‬تعــال‬ ‫يــا ولــدي آخــذك إىل مــكان أجمــل‪.»..‬‬

‫مؤمتر تأسيس��ي لرابطة عمال دي��ر الزور يف أورفا‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫قــال الســيد عيــد الســلطان‪ ،‬رئيــس رابطــة‬ ‫عــال ديــر الــزور‪« :‬إن نظــام األســد‪ ،‬الــذي‬ ‫رفــع شــعارات فارغــة حــول حاميــة حقــوق‬ ‫العــال‪ ،‬دمــر عــى مــدى أربعــن عامــاً كل‬ ‫املكتســبات العامليــة يف ســوريا مــن خــال‬ ‫فســاد ممنهــج‪ ،‬وعــر سياســة التفقــر التــي‬ ‫انتهجهــا‪ ،‬وطالــت كل مكونــات املجتمــع‬ ‫الســوري»‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك خــال املؤمتــر التأســييس لرابطــة‬ ‫عــال ديــر الــزور املنعقــد يف مدينــة شــانيل‬ ‫أورفــا الرتكيــة‪ ،‬وحــره حشــد مــن عــال‬ ‫املحافظــة املؤسســن للرابطــة‪.‬‬ ‫وأضــاف الســلطان بــأن أحــد أشــكال دعــم الثــورة الشــعبية يف ســوريا‪ ،‬أن يقــوم العــال‬ ‫بتأســيس نقاباتهــم‪ ،‬وروابطهــم املســتقلة‪ ،‬مؤكــدا ً رضورة العمــل عــى إنجــاح عمــل‬ ‫الرابطــة‪ ،‬وتقديــم الخدمــات لإلخــوة العــال وأرسهــم‪ ،‬والتأســيس لروابــط ونقابــات‬ ‫تكــون مهيــأة لخدمــة الوطــن‪ ،‬تحمــل أفــكارا ً حــرة‪ ،‬وقبــول اآلخــر‪ ،‬تحــت شــعار «ســوريا‬ ‫وطــن للجميــع»‪ ،‬الفتــاً إىل رضورة التأكيــد عــى دور الطبقــة العاملــة يف مرشوعــات‬ ‫إعــادة اإلعــار يف ربــوع الوطــن‪ ،‬الــذي طالــه التدمــر املمنهــج مــن قبــل عصابــات‬ ‫األســد وميليشــيات الحقــد الطائفــي‪ ،‬خصوصــاً فيــا يتعلــق بإعــادة بنــاء وتأهيــل‬ ‫املعامــل واملنشــآت الصناعيــة التــي دمرتهــا آلــة الحــرب العميــاء‪.‬‬ ‫ويف نهايــة املؤمتــر تــم التوافــق عــى تســمية املكتــب اإلداري لرابطــة عــال ديــر الــزور‬ ‫وفــق التــايل‪ :‬عيــد الســلطان‪ ،‬موفــق ســليامن‪ ،‬عبــد اللــه الغضــب‪ ،‬لــؤي وكاع‪ ،‬ســامر‬ ‫الجهــام‪ ،‬معمــر الشــاكر‪ ،‬وعــادل الحســن‪ .‬وتســمية املرشفــن عــى الرابطــة‪ ،‬وهــم‪ :‬عزيــز‬ ‫حمــدان‪ ،‬خالــد حويــج‪ ،‬وليــد بشــعان‪.‬‬

‫املهاجرون وخيارات املستقبل‬ ‫شــبه معدومــة إال عنــد الذيــن أصبحــوا مــن‬ ‫هــواة وممتهنــي القتــل‪ .‬لقــد ســخروا املــوارد‬ ‫الطبيعيــة ل ـراء األســلحة القاتلــة للســوريني‪،‬‬ ‫وجعلــوا مــن املــدارس بيوتــاً للمرشديــن‪،‬‬ ‫وأحيانــا معتقــات للمناهضــن‪ .‬الطفــل‬ ‫الســوري غيــب عنــه املســتقبل‪ ،‬وطلــب‬ ‫العلــم‪ ،‬وأصبــح عارفــاً لــكل أســاء وأنــواع‬ ‫األســلحة‪ ،‬وأحيانــا كيفيــة اســتعاملها‪ .‬األرايض‬ ‫الســورية أصبحــت ملعب ـاً للمتنافســن‪ ،‬ولبيــع‬ ‫وتجربــة األســلحة املكدســة باملســتودعات‪.‬‬ ‫اخليار الثالث للسوريني‬ ‫ســوريا أرض الحضــارات أصبحــت مقــرة‬ ‫جامعيــة يريــد البعــض أن يقــر تاريخهــا‬ ‫وحضارتهــا ويــزرع التجزئــة والجهــل يف عقــول‬ ‫أبنائهــا الذيــن أصبــح حلمهــم تأمــن أبســط‬ ‫مقومــات الحيــاة‪ .‬لذلــك كان الخيــار الثالــث‬ ‫أمــام الســوريني هــو الهجــرة‪ ،‬والبحــث عــن‬ ‫مقومــات للحيــاة واإلنســانية التــي تتغنــى‬ ‫بهــا األمــم املتحــدة والعــامل الحــر الــذي صــار‬ ‫يرتــوي مــن دمــاء األبريــاء‪ ،‬ويتلــذذ مبنظــر‬ ‫املصابــن مــن النســاء واألطفــال‪ ،‬ويتفــرج عــى‬ ‫هــدم الحضــارة املمتــدة إىل مــا قبــل التاريــخ‪.‬‬

‫لألســف العــامل الحــر ومــن خلفــه األمــم‬ ‫املتحــدة يتعاطفــون مــع الضحيــة‪ ،‬ولكنهــم‬ ‫يكنــون كل االحــرام للقتلــة‪.‬‬ ‫أوربا قبلة املهاجرين‬ ‫إن دول االتحــاد االوريب تعيــش حالــة مــن‬ ‫االســتقرار والرقــي والرفــاه مــا يجعلهــا حلــم‬ ‫مــن ال أمــل لديــه بغــد أفضــل‪ ،‬وأوربــا التــي‬ ‫خاضــت حــروب عــدة‪ ،‬وعانــت الكثــر مــن‬ ‫القهــر واالســتعامر هــي أكــر الــدول التــي‬ ‫تتعاطــف مــع قضيــة الالجئــن‪ ،‬ولكــن بنســب‬ ‫متفاوتــة‪ ،‬ودولهــا تبــدو األكــر بعــدا ً عــن‬ ‫الـراع والقتــل الحاصــل يف ســوريا‪ ،‬وهــذا مــا‬

‫يشــجع البعــض لالتجــاه إىل أوربــا للخــاص‬ ‫مــن الواقــع املــؤمل‪.‬‬ ‫إن املهاجريــن يبحثــون عــن املســتقبل الضائــع‬ ‫يف بلدهــم وعــن اإلنســانية املغيبــة مبعظــم‬ ‫البلــدان‪ ،‬ويتجهــون إىل بــاد مل تســهم بقتــل‬ ‫أبنائهــم وهــدم مدنهــم‪.‬‬ ‫أملانيا االحتادية هدفاً‬ ‫إن املانيــا التــي عاشــت ظروفـاً مشــابهة لتلــك‬ ‫التــي تحــدث يف ســوريا مــن خــال الحــرب‬ ‫العامليــة التــي خاضهــا الحلفــاء ضــد بالدهــم‪،‬‬ ‫ولــو بزمــن أقــل هــم األقــدر عــى فهــم الواقــع‬ ‫املــر الــذي يعيشــه الســوريون‪ ،‬وإن الدمــار‬ ‫الــذي حــدث لربلــن وللمــدن األملانيــة األخــرى‬ ‫هــو األكــر شــبهاً للدمــار الــذي طــال كل‬ ‫املــدن الســورية اآلن‪ ،‬مــا جعــل مــن األملــان‬ ‫املعمريــن الذيــن عــارصوا الحــرب العامليــة‬ ‫األكــر تعاطفــاً وتفهــاً للمهجريــن‪ .‬لذلــك‬ ‫نجــد أملانيــا مــن أكــر الــدول التــي تســاعد‬ ‫املهاجريــن‪ ،‬وتعمــل عــى دمجهــم باملجتمــع‬ ‫وإعــادة تأهيلهــم لــي يكونــوا متفاعلــن‬ ‫وفاعلــن باملجتمــع األملــاين‪ .‬إن األملــان الذيــن‬ ‫عانــوا مــن نتائــج الحــرب مبــا رافقهــا مــن‬

‫قتــل لألبريــاء‪ ،‬واغتصــاب للنســاء هــم األكــر‬ ‫قــدرة عــى التعايــش مــع الســوريني وفهــم‬ ‫معاناتهــم‪.‬‬ ‫ما بعد املوافقة على اللجوء‬ ‫مــن املفــرض عــى الالجــئ‪ ،‬وبعــد إنهــاء‬ ‫إجــراءات اإلقامــة اتبــاع كافــة اإلجــراءات‬ ‫لتعلــم اللغــة األملانيــة واالســتعداد لالندمــاج‬ ‫باملجتمــع الجديــد مــن خــال الدراســة‬ ‫العلميــة‪ ،‬أو املهنيــة والســعي إليجــاد عمــل‬ ‫يتــم مــن خاللــه تأمــن لقمــة العيــش‪،‬‬ ‫والتخلــص مــن شــعور املذلــة الــذي يرتافــق‬ ‫مــع املســاعدة‪ ،‬وبذلــك يكــون هنــاك طريقــن‬ ‫عليــه اتبــاع إحداهــا بعــد انتهــاء الحــرب‬ ‫واألزمــة‪ .‬الطريــق األول هــو البقــاء يف أملانيــا‬ ‫واالندمــاج‪ ،‬واملســاهمة يف الحيــاة اليوميــة‪،‬‬ ‫والطريــق الثــاين هــو العــودة إىل الوطــن األم‬ ‫حام ـاً ســاح العلــم واملعرفــة والخــرة التــي‬ ‫اكتســبها مــن الشــعب األملــاين الــذي متكــن‬ ‫مــن الوقــوف عــى قدميــه بعــد الحــرب‬ ‫العامليــة‪ ،‬وبنــاء أملانيــا مــن جديــد وبزمــن‬ ‫قيــايس‪ ،‬واالســتفادة مــن تلــك التجربــة يف بنــاء‬ ‫ســوريا الحديثــة بعــد انتهــاء الــراع‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫حني تقتل الرصاصة أحالمهم‪!..‬‬

‫عروة المهاوش‬

‫كأي حــارة دمشــقية عريقــة يعــرف أهلهــا‬ ‫حواريهــا‪ ،‬وحجــارة بيوتهــا قبــل شــخوصها‬ ‫وأهلهــا الطيبــن وبيوتهــا اململــوؤة بقيــم تــرىب‬ ‫عليهــا أجيــال وأجيــال‪.‬‬ ‫هنــا أيضــاً يف مخيــم الريمــوك الــذي يقطــن‬ ‫فيــه النســبة الكبــرة مــن الفلســطينيني‪ ،‬يتــوزع‬ ‫الــدفء يف حواريــه الضيقــة‪ ،‬وتشــع ابتســامات‬ ‫مــن وجــوه ال تعرفهــا‪ ،‬لكنــك تلمــح الطيبــة‬ ‫والقهــر فيهــا أيضــاً‪ .‬مل نكــن نحــن الســوريون‬

‫نــدرك حجــم أملــه حــن غــادروا وطنــاً لهــم‬ ‫ذات يــوم لينتهــي بهــم األمــر يف شــتات كان لــه‬ ‫بدايــة وال تلــوح لــه نهايــة يف األفــق القريــب‪.‬‬ ‫أحبــت ســمرته واندفاعــه للحيــاة‪ ،‬وأحبهــا‬ ‫لطيــب وخلــق قــد ينــدر يف أيامنــا هــذه‪ ،‬ومنــى‬ ‫الحــب حتــى باتــت قصــة عشــقهام حديــث‬ ‫األمســيات وجلســات النســاء أمــام البيــوت حــن‬ ‫تنبعــث رائحــة القهــوة واألراكيــل مــن األزقــة‬ ‫الضيقــة‪.‬‬

‫الحولة‬ ‫مهند البكور ‪ -‬حمص‬ ‫منطقــة ســهل الحولــة‪ ،‬تقــع إىل الشــال الغــريب‬ ‫مــن محافظــة حمــص‪ ،‬كان يقطنهــا قبيــل الثورة‬ ‫الســورية ‪ 110‬أالف نســمة‪ ،‬تتكــون منطقــة‬ ‫ســهل الحولــة مــن «تلــدو ‪ -‬كفرالهــا‪ -‬تلذهــب‬ ‫ تجمــع الــرج ‪ -‬الطيبــة الغربيــة»‪ ،‬وتــرف‬‫املنطقــة عــى مــدن ريــف حــاة الجنــويب‬ ‫عنــد الحــدود اإلداريــة ملحافظــة حمــص‪،‬‬ ‫وهــي «طلــف ‪ -‬حربنفســه ‪ -‬عقــرب»‪ ،‬ويبلــغ‬ ‫عــدد ســكان منطقــة ســهل الحولــة حالي ـاً مــا‬ ‫يقــارب ‪ 70‬ألــف نســمة‪ ،‬بعــد عمليــات النــزوح‬ ‫والقصــف املمنهــج الــذي اتبعــه النظــام لرتكيــع‬ ‫األهــايل‪ ،‬وازدادت وتــرة الهجــرة القرسيــة بعــد‬ ‫ارتــكاب النظــام مجــزرة الحولــة يف منتصــف‬ ‫العــام الثــاين للثــورة يف ‪ 25‬أيار‪/‬مايــو ‪.2012‬‬ ‫يقــع عــى أطرافهــا أكــر الثكنــات العســكرية‬ ‫التــي تتبــع للنظــام يف املنطقــة وهــي «مؤسســة‬ ‫امليــاه وحاجــز قرمــص»‪ ،‬احتلــت قــوات النظــام‬ ‫املؤسســة يف ‪ 20‬نيســان ‪ 2012‬ومبا أن املؤسســة‬ ‫تقــع عــى تلــة ترتفــع ‪ 60‬مــرا ً عــن ســطح‬ ‫األرض‪ ،‬فهــي تتيــح لعنــارص النظــام كشــف‬ ‫مســاحات واســعة مــن أرايض الحولــة‪ ،‬وتعــد‬ ‫املؤسســة مركــز التنســيق بــن حواجــز النظــام‬ ‫املتواجــدة عــى أطـراف املنطقــة‪ ،‬وكــا تــرف‬ ‫املدينــة عــى طريــق حمــص مصيــاف الــذي‬ ‫تــم قطعــه يف منتصــف عــام ‪ 2012‬ويف الســنة‬ ‫ذاتهــا طــرد الثــوار قــوات النظــام‪ ،‬وأعلنــت‬ ‫املدينــة محــررة بشــكل كامــل‪ ،‬وبعدهــا‬ ‫بــدأت معانــاة األهــايل تــزداد مــع كل يــوم‪،‬‬ ‫حيــث أحكمــت قــوات النظــام ســيطرتها عــى‬ ‫املنطقــة مــن كافــة املحــاور وأغلقــت كافــة‬ ‫الطــرق املؤديــة إىل املنطقــة‪ ،‬كــا تــم احتــال‬ ‫املشــفى الوطنــي‪ ،‬الــذي يحمــل اســم مشــفى‬ ‫«الشــهيد عبدالقــادر جوريــة» بعــد قيامهــم‬ ‫بتخريبــه‪ ،‬ورسقــة محتوياتــه‪ ،‬وحــرق املعــدات‬ ‫داخلــه‪ ،‬وجــاء حينهــا إعــام النظــام ليقــول إن‬ ‫أهــايل الحولــة مــن قــام بتخريــب املشــفى‪،‬‬ ‫وبعدهــا بأيــام قامــت قــوات النظــام بالتمركــز‬ ‫داخــل املشــفى وقطــع طريــق «الحولــة‪-‬‬ ‫حمــص» بشــكل كامــل‪.‬‬ ‫الوضــع اإلنســاين يف منطقــة الحولــة ومــا‬ ‫حولهــا‪:‬‬ ‫مــا زال أهــايل منطقــة الحولــة يعانــون مــن‬ ‫نقــص املــواد اإلغاثيــة‪ ،‬خصوصـاً الوقــود‪ ،‬حيــث‬ ‫يصــل ســعر لــر البنزيــن إىل ‪ 750‬ل‪.‬س وســعر‬

‫لــر املــازوت إىل ‪ 600‬ل‪.‬س وتفاقمــت املعانــاة‬ ‫بعــد فقــدان الغــاز وارتفــاع ســعره بشــكل‬ ‫جنــوين‪ ،‬حيــث أصبحــت أســطوانة الغــاز تبــاع‬ ‫مببلــغ خيــايل قــدره ‪ 15000‬ل‪.‬س‪ ،‬وخــال‬ ‫املعــارك ترتفــع لتصــل إىل حــدود ‪20000‬‬ ‫ل‪.‬س‪ ،‬ومــع عــدم وجــود مصــادر دخــل ملعظــم‬ ‫املواطنــن‪ ،‬فهــم ال يســتطيعون رشائهــا وهــذا‬ ‫مــا دفعهــم للطهــو عــى الحطــب وخشــاش‬ ‫األرض‪ ،‬علــاً أن ســعر طــن الحطــب وصــل‬ ‫إىل ‪ 70‬ألــف لــرة ســورية بدايــة هــذا الشــتاء‬ ‫لريتفــع مــع اشــتداد الــرد والعواصــف ليصــل‬ ‫إىل مئــة ألــف لــرة ســورية للطــن الواحــد‪.‬‬ ‫* الوضع امليداين يف الحولة وما حولها‪:‬‬ ‫مــا زالــت منطقــة الحولــة بكاملهــا تحــت‬ ‫ســيطرة الجيــش الحــر «فيلــق الشــام‪ ،‬جيــش‬ ‫اإلســام‪ ،‬حركــة أحـرار الشــام اإلســامية‪ ،‬جيــش‬ ‫األبابيــل‪ ،‬جيــش التوحيــد ‪ ،».....‬وال تواجــد‬ ‫يف منقطــة الحولــة لعنــارص جبهــة النــرة أو‬ ‫فصائــل تتبــع لهــا‪ ،‬وتحافــظ الفصائــل املقاتلــة‬ ‫واإلســامية عــى أماكــن متركزهــا عــى محيــط‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وهــي عــى اســتعداد دائــم لصــد‬ ‫أي محاولــة لتقــدم قــوات النظــام‪ ،‬كــا تقــدم‬ ‫الثــوار خــال معركتهــم األخــرة يف ريــف حــاة‬ ‫الجنــويب‪ ،‬حيــث متكنــوا مــن الســيطرة عــى‬ ‫حاجــز البشــاكري واغتنمــوا عــددا ً مــن الذخائــر‬ ‫واألســلحة منهــا مضــادات طائ ـرات مــن نــوع‬ ‫‪ 14.5‬و‪ 23‬مــم‪.‬‬ ‫*الوضع الطبي يف عموم منطقة الحولة‪:‬‬ ‫تعــاين املشــايف امليدانيــة يف منطقــة الحولــة مــن‬ ‫فقــدان لعــدد مــن املــواد الطبيــة‪ ،‬واألدوات‬ ‫واملســتلزمات الطبيــة‪ ،‬خصوصـاً املــواد املتعلقــة‬ ‫بالجراحــة العصبيــة‪ ،‬وأي مــدين يصــاب بطلــق‬ ‫نــاري يف رأســه‪ ،‬مــن الصعوبــة إجــراء أي‬ ‫عمليــة لــه‪ ،‬وتــزداد حالتــه ســوءا ً بســبب‬ ‫الحصــار املطبــق‪ ،‬والــذي مينــع فــرق اإلســعاف‬ ‫مــن إخــراج أي مصــاب إىل املــدن أو الــدول‬ ‫املجــاورة للعــاج‪ ،‬ويعــاين املشــفى امليــداين‬ ‫مــن نقــص باملــواد اإلســعافية األوليــة كالشــاش‬ ‫والســرومات وغريهــا‪...‬‬

‫حــن بلــغ الحــب ذروتــه كان املخيــم كغــره‬ ‫مــن األحيــاء الدمشــقية مشــتعالً أيضـاً بالحــرب‬ ‫والقتــل والحصــار‪ ،‬وكان يضــج أيضــاً باملحبــة‬ ‫والتضحيــة‪ ،‬فكــم مــن شــاب قــى نحبــه‬ ‫إليصــال ربطــة خبــز المــرأة مســنة أو شــيخ‬ ‫طاعــن‪ ،‬ورمبــا لفتــاة جميلــة يأمــل يومــاً أن‬ ‫تصبــح زوجــة لــه‪.‬‬ ‫رصاع ســارة مــع أهلهــا اســتمر طويــاً حــن‬ ‫قــرر األهــل مغــادرة ســوريا نحــو أوربــا مل تنفــع‬ ‫دموعهــا‪ ،‬وال إرصارهــا عــى البقــاء‪ ،‬كانــت قــد‬ ‫وعــدت خطيبهــا عــاء باملــوت ســوية عــى‬ ‫أرض املخيــم أو العيــش حتــى نهايــة العمــر‪،‬‬ ‫وكيــف ســتلقي نظــرة الــوداع عــى حبيــب‬ ‫أحبتــه كوطــن‪ ،‬وكيــف ســيكون الــوداع؟ مل‬ ‫تجــف دموعهــا يف الطريــق نحــو املطــار‪ ،‬ويف‬ ‫الطائــرة‪ ،‬وحــن الوصــول‪ ،‬ويف الليــل الطويــل‪،‬‬ ‫فهــي غــادرت وطن ـاً كب ـرا ً ووطن ـاً أكــر‪ ،‬همهــا‬ ‫األكــر كان النــت ونــرات األخبــار‪ ،‬وحــن‬ ‫تســمع صــوت القذيفــة يفــز قلبهــا بــن الضلــوع‬ ‫صارخــة دون وعــي منهــا‪ :‬عــاء‪ ..‬عــاء‪ ..‬متــر‬ ‫الدقائــق مخيفــة‪ ،‬وكل ثانيــة منهــا ينبــت يف‬

‫شــعرها الحالــك الســواد شــعرة بيضــاء جديــدة‬ ‫وهــي التــي مل تتجــاوز الخامســة والعرشيــن‬ ‫ربيعــاً‪ ،‬وال تهــدأ حتــى تطمــن عــى حبيبهــا‪،‬‬ ‫وأهــل حييهــا‪ ،‬وعمــوم املخيــم‪ ،‬ومــع اشــتداد‬ ‫الحصــار والشــوق لحبيبهــا قــررت العــودة إىل‬ ‫دمشــق‪ ،‬ومل يثنهــا عــن ذلــك خالفهــا مــع أهلهــا‬ ‫وأخوتهــا يف محاولــة إقناعهــا بعــدم العــودة‪،‬‬ ‫فالحيــاة هنــا شــبه أمنــة‪ ،‬ويتوفــر لهــا كل يشء‬ ‫لكــن محبتهــا لخطيبهــا كانــت أكــر مــن كل‬ ‫املغريــات‪.‬‬ ‫عــادت وانتظــرت طويـاً عــى الحواجــز‪ ،‬تنتظــر‬ ‫ترصيحــاً لدخــول املخيــم‪ ،‬كانــت كل دقيقــة‬ ‫متــر عليهــا تشــبه الدهــر‪ ،‬وثقيلــة جــدا ً‪ ،‬فيــا‬ ‫كان خطيبهــا داخــل املخيــم يواصــل تقديــم‬ ‫املســاعدات لألهــايل‪.‬‬

‫طلقــة قنــاص كانــت كافيــة لرتديــه قتيــاً‬ ‫ويتناثــر دمــه الطاهــر عــى الخبــز الــذي كان‬ ‫يحملــه حاملــاً بدخــول عروســه‪.‬‬ ‫حينــا وصلهــا الخــر زاد إرصارهــا عــى الدخــول‬ ‫أكــر حتــى تقبــل تــراب قــر خطيبهــا كلــا‬ ‫ســنحت لهــا الفرصــة‪ ،‬دخلــت املخيــم أخــرا ً‬ ‫واســتقرت يف بيــت أهــل خطيبهــا عــاء وتابعــت‬ ‫عملــه بإيصــال املســاعدات القليلــة للنــاس‪ ،‬ويف‬ ‫يــوم آخــر اســتهدفها القنــاص ذاتــه ليحقــق لهــا‬ ‫حلمهــا بــأن تدفــن بالقــرب مــن عــاء‪.‬‬ ‫عــام كامــل قــد مــ ّر عــى استشــهاد ســارة‪،‬‬ ‫وقصــة حــب مل تكتمــل‪ ،‬ومل تتناقلهــا وســائل‬ ‫اإلعــام‪ ،‬قصــة حــب ســوف ننســاها مبــرور‬ ‫األيــام‪ ،‬لكــن القــر ســيبقى شــاهدا ً عــى أجمــل‬ ‫قصــص الحــب يف زمــن الحــرب‪.‬‬

‫دير الزور من حصار اجلوع إىل حصار القتل والتش��ريد‬

‫ديرالزور ‪ -‬الحرمل‬ ‫عــام كامــل عــى انقطــاع الكهربــاء عــن‬ ‫أهــايل ديــر الــزور املحارصيــن يف أحيــاء الجــورة‬ ‫والقصــور واملوظفــن وهرابــش الواقعــة تحــت‬ ‫ســيطرة النظــام‪ ،‬وتبــادل القصــف بــن قــوات‬ ‫النظــام وعنــارص داعــش‪ ،‬واملناطــق املســتهدفة‬ ‫عــى العمــوم هــي البنــى التحتيــة الخاضعــة‬ ‫لســيطرة الجانبــن‪ ،‬فمدفعيــة النظــام تقصــف‬ ‫املولــدات التــي تغــذي مدينتــي البوكــال‬ ‫واملياديــن‪ ،‬فــرد التنظيــم بقطــع الكهربــاء عــى‬ ‫املناطــق الخاضعــة لســيطرة النظــام‪ ،‬والخــارس‬ ‫األول واألخــر هــو املواطــن البســيط والفقــر‬ ‫الــذي ال ميلــك قــوت يومــه‪ ،‬وازديــاد معانــاة‬ ‫األهــايل مــع دخــول حصــار تنظيــم داعــش‬ ‫شــهره الثالــث‪ ،‬مــا أدى لغــاء املحروقــات‬ ‫وفقدانهــا يف أغلــب األحيــان‪ ،‬بينــا مــا يــزال‬ ‫النظــام يقــوم بتشــغيل املولــدات الخاصــة‪،‬‬ ‫وإعــادة الكهربــاء لقطعــه العســكرية‪ ،‬ولفروعه‬ ‫األمنيــة‪ ،‬وملقــرات القــادة والشــبيحة‪ ،‬ومبنــى‬ ‫املحافظــة وبعــض دوائــر الدولــة‪ ،‬وتأمــن‬ ‫املــازوت لعمــل هــذه املولــدات‪.‬‬ ‫يف ظــل هــذه املعانــاة وغــاء أســعار‬ ‫املحروقــات التــي تجــاوزت املعقــول‪ ،‬حيــث‬ ‫وصــل ســعر لــر املــازوت إىل ‪ 1700‬لــرة‪،‬‬ ‫وســعر لــر البنزيــن ‪ 3700‬لــرة‪ ،‬ابتكــر بعــض‬ ‫املواطنــن تجــارة جديــدة‪ ،‬هــي افتتــاح محــات‬ ‫لشــحن الكهربــاء‪ ،‬حيــث يعتمــد أغلــب‬ ‫األهــايل املحارصيــن عــى إضــاءة منازلهــم‬ ‫عــى الليــدات وبطاريــات الســيارات الصغــرة‬ ‫والكبــرة‪ ،‬وأســعار الشــحن تــدل بوضــوح عــى‬ ‫حجــم املعانــاة الكارثيــة التــي يتعــرض لهــا‬ ‫أهــل ديــر الــزور‪ ،‬ووصــل ســعر شــحن الهاتــف‬ ‫إىل ‪ 100‬لــرة‪ ،‬وشــحن البطاريــة الصغــرة (‪6‬‬ ‫أمبــر) ‪ 100‬لــرة‪ ،‬وشــحن البطاريــة الوســط‬

‫والكبــرة ‪ 200‬لــرة يف الســاعة‪.‬‬ ‫كــا أدى انقطــاع الكهربــاء لتوقــف محطــات‬ ‫امليــاه عــن العمــل‪ ،‬حيــث تعمــل هــذه‬ ‫املحطــات كل أربعــة أيــام أو أكــر‪ ،‬وذلــك‬ ‫حســب توفــر مــادة املــازوت‪ ،‬ويكــون ضــخ‬ ‫هــذه املحطــات ضعيف ـاً‪ ،‬وال يصــل إىل أغلــب‬ ‫الحــارات‪ ،‬ألن فــرة ضــخ امليــاه قليلــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫بحســب كميــة املــازوت التــي تصــل لهــذه‬ ‫املحطــات‪ ،‬كذلــك أدى انقطــاع الكهربــاء‬ ‫لتوقــف األفــران عــن العمــل‪ ،‬ولنقــص كبــر‬ ‫مبــادة الخبــز حيــث تعمــل األفــران مبناطــق‬ ‫ســيطرة النظــام حســب توفــر مــادة املــازوت‪.‬‬ ‫ويف ظــل هــذا الحصــار املــزدوج‪ ،‬تقــوم قــوات‬ ‫النظــام وشــبيحته مــن عصابــات األمــن‬ ‫العســكري وميليشــيات الدفــاع الوطنــي‬ ‫بحملــة اعتقــاالت واســعة ومســتمرة للشــباب‬ ‫يف أحيــاء الجــورة والقصــور وشــارع الــوادي‬

‫وســوق الجمعــة للتجنيــد اإلجبــاري بصفــوف‬ ‫قــوات النظــام والشــبيحة‪ ،‬وللقيــام بأعــال‬ ‫الســخرة‪ .‬بينــا تســتمر االشــتباكات وتحتــدم‬ ‫عــى أســوار املطــار العســكري‪ ،‬ويتناقــل عنارص‬ ‫داعــش خــر اســتهدافهم ملروحيــة يف داخــل‬ ‫املطــار وقيامهــم بتدمريهــا‪ .‬بالتزامــن مــع قيــام‬ ‫طـران النظــام الحــريب بشــن غاراتــه املتواصلــة‬ ‫عــى محيــط مطــار ديــر الــزور العســكري‬ ‫وحــي الصناعــة واملناطــق الخاضعــة لســيطرة‬ ‫التنظيــم يف عمــوم محافظــة ديــر الــزور‪ ،‬وال‬ ‫يكــف عنــارص التنظيــم عــن اعتقــال املدنيــن‬ ‫يف مناطــق ســيطرته‪ ،‬والتهــم جاهــزة‪ ،‬وحســب‬ ‫مــا تقتــي مصالحهــم‪ .‬كــا شــهدت مدينــة‬ ‫ديــر الــزور‪ ،‬رغــم ظروفهــا الصعبــة‪ ،‬االنتهــاء‬ ‫مــن حملــة لقــاح األطفــال ملــرض الحصبــة‪.‬‬ ‫أهــايل ديــر الــزور بــن مطرقــة النظــام وســندان‬ ‫داعــس‪ ،‬فمــن حصــار الخبــز‪ ،‬إىل حصــار‬ ‫الجــوع‪ ،‬ومــن اعتقــال داعــش إىل اعتقــال‬ ‫النظــام وشــبيحته‪ ،‬وبــن هــذه وتلــك مــا زال‬ ‫أهــل ديــر الــزور‪ ،‬يقلبــون أوجــه املــوت‪،‬‬ ‫علّهــم يجــدون األســهل‪ ،‬ويف ظــل صمــت دويل‪،‬‬ ‫وغيــاب للصــوت اإلنســاين ملنظــات حقــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬وصمــت املعارضــة مبؤسســاتها كافــة‪،‬‬ ‫وخــذالن يف جنيــف مــن قبــل املتفاوضــن‪،‬‬ ‫وغيــاب أصــوات املتنازعــن الدوليــن يف أروقــة‬ ‫وكواليــس وزارات الخارجيــة يف دمشــق وطهران‬ ‫وأنقــره وموســكو وواشــنطن والريــاض وعمــوم‬ ‫أوربــا الغربيــة‪ ،‬حــول إمكانيــة تحييــد املدنيــن‬ ‫عــن النزاعــات املســلحة يف كل أنحــاء ســوريا‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫مستقبل الرقة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مستقبل الرقة‬

‫نواص��ل يف القس��م الثان��ي ق��راءة مس��تقبل الرق��ة‪ ..‬الرق��ة م��ا ب�ين الواق��ع املتش��ح‬ ‫بالس��واد‪ ،‬والتدمري والقتل املمنهج الذي يس��تهدفها كل يوم‪ ،‬هل س��تنتقل من‬ ‫الظ�لام إىل فض��اءات جدي��دة للحري��ة؟‬ ‫املف��ردات اجلدي��دة نق��رأ م��ن خالهل��ا مس��ائل تتعل��ق مبل��ف العدال��ة االنتقالي��ة‬ ‫واالس��تبداد ونظم العمران املس��تقبلية‪ ،‬وضحايا اإلرهاب املنظم من قبل قوى‬ ‫االس��تبداد املتمثل��ة بالنظ��ام الس��وري اجمل��رم وحلفائه من التنظيم��ات الدينية‬ ‫املتطرفة‪.‬‬ ‫مل��ف «مس��تقبل الرق��ة» ال��ذي نضع��ه ب�ين أي��دي الق��راء ه��و جم��رد حماول��ة‬ ‫صغرية يف درب طويل وش��ائك‪ ،‬لك ّننا نؤكد بأنها جادة‪ ،‬وتأتي يف إطار تفاهم‬ ‫مش�ترك م��ع ش��بكة أم��ان‪ ،‬ال�تي تدع��م مث��ل ه��ذا التوجه‪.‬‬

‫معضالت ملف العدالة االنتقالية‬ ‫يرتــ ُد معنــى ومبنــى مفهــوم العدالــة‬ ‫االنتقاليــة إىل مبــدأ وهــدف عــام‪ ،‬يقــوم عــى‬ ‫التصالــح بــن مكونــات املجتمــع الســوري‬ ‫أساس ـاً‪ ،‬أف ـرادا ً وجامعــات‪ ،‬فهــو املعنــى الــذي‬ ‫يجــب أن تــؤوب إليــه كل معــاين العدالــة مثلام‬ ‫ترتـ ُّد األرقــام الحســابية إىل الرقــم واحــد عــودا ً‬ ‫إىل مشــتقها الــذي تضاعفــت منــه؛ ومعنــى‬ ‫العدالــة االنتقاليــة يتلخــص يف مجمــوع‬ ‫متضاديــن‪ ،‬ال مندوحــة وال مفــر مــن الجمــع‬ ‫بينهــا يف وحــدة حكــم قضائيــة‪ ،‬تحققهــا‬ ‫دون نفــي جــديل كامــن يف أساســيات املشــكلة‪:‬‬ ‫فاملجتمــع الســوري معظمــه‪ ،‬ورمبــا عــرات‬ ‫اآلالف مــن مواطنيــه‪ ،‬قــد تحــارب ووقــف‬ ‫بعضُ ــه ض ـ َّد بعضــه اآلخــر‪ ،‬مــع تصــور حجــم‬ ‫االنتهــاكات املتبادلــة بــن األط ـراف املتعــددة‪،‬‬ ‫وتوقــع مشــاعر الثــأر واألحقــاد التــي ســتبقى‬ ‫كامنــة‪ ،‬وســتظل تســترصخ مطالبــة بحقهــا‪،‬‬ ‫أو مــا تعتقــد أنــه حقهــا‪ .‬ولقــد خلــق‬ ‫هــذا الوضــع الــذي ال ســابقة لــه حالــة ال‬ ‫توصيــف لهــا مــن تعــدد النزاعــات والحقــوق‪،‬‬ ‫وملفــات ادعــاء خاصــة باألف ـراد‪ ،‬وعامــة هــي‬ ‫مــن حقــوق املجتمــع والوطــن‪ ،‬وإن إنــزال‬ ‫العقوبــات بحذافريهــا وتحققهــا‪ ،‬يوجــب رشط‬ ‫كــال العدالــة‪ ،‬مــع اليقــن املتصـ َور ملــا ميكــن‬ ‫أن تســتنفده هــذه العدالــة مــن قــوى املجتمــع‬ ‫الســوري الواهــن الجســد‪ ،‬واملثخــن بالج ـراح‪،‬‬ ‫أو مــا تبقــى مــن تلــك القــوى‪ ،‬بعــد تصــور‬ ‫املــي يف تنفيــذ حــق أحــكام اإلعــدام والســجن‬ ‫والتغريــم وغــر ذلــك مبســتحقيها‪.‬‬ ‫مــن هــذا املدخــل‪ ،‬أوجــب التصــور البنــايئ‬ ‫نظريــاً‪ ،‬أن مفهــوم العدالــة االنتقاليــة هــو‬ ‫ـول الطلــب والنتيجــة يف توافقهــا‬ ‫ُم َركَّــب مدلـ َ ِّ‬ ‫املنطقــي‪ ،‬فاالنتقــال يســتغرق مفهــوم نهايــة‬ ‫الحــرب ويضمــن املفهــوم بهــذا املعنــى‪،‬‬ ‫والعدالــة تســتوعب معنــى التصفيــة النهائيــة‬ ‫ملندرجــات الكارثــة الوطنيــة‪ ،‬وعقبــى مــا‬ ‫ســوف ترتكــه آثا ُرهــا ومضاعفات ُهــا يف حيــاة‬ ‫جامعــات النــاس التــي شــاركت‪ ،‬أو أرشكــت‪،‬‬ ‫يف تقاســم الخــراب والقتــل املتبــادل‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫بوصــف مــن األوصــاف‬ ‫كانــت مــن ضحايــاه‬

‫الحقوقيــة القابــل لتعريــف األط ـراف املشــركة‬ ‫يف االقتتــال‪ ،‬ووصــف مســؤوليتها‪ ،‬ومقــدار‬ ‫الفداحــة الجرميــة املتبادلــة بــن مجمــو ٍع ال‬ ‫متعـ ٍن مــن أطـراف مختلفــة ومشــاركة‪ ،‬وعــى‬ ‫هــذا التصــور النظــري نجــد أنفســنا‪ ،‬ولــو يف‬ ‫املرحلــة النظريــة مــن بنــاء التصــور‪ ،‬أمــام‬ ‫مرحلتــن غــر قابلتــن للتفكيــك يف مســتوى‬ ‫التطبيــق الواقعــي‪( :‬االنتقــال) الــذي يفيــد‬ ‫معنــى وقــف الحــرب والعمليــات القتاليــة‪،‬‬ ‫و(العدالــة) التــي تفيــد يف التأســيس البنيــوي‬ ‫لهــذه االنتقاليــة‪ ،‬وتحيطهــا بــروط الرســوخ‬ ‫واالســتمرار والدميومــة الصحيــة الطبيعــة‪،‬‬ ‫باملعنــى الســيايس واالجتامعــي والحقوقــي‬ ‫الواجــب يف مضمونهــا‪.‬‬ ‫املرحلــة االنتقاليــة إذن تعنــي اعتــذارا ً جامعيـاً‬ ‫أو فردي ـاً عــن مرحلــة االقتتــال‪ ،‬واعرتاف ـاً ح ـرا ً‬ ‫متبــادالً ورصيحــاً باآلخــر وحقــه‪ ،‬وإبــداء‬ ‫اســتعداد غــر مــروط لالنتقــال نحــو املرحلــة‬ ‫الجديــدة‪ ،‬وقــد يكــون مــن أبلــغ أشــكال‬ ‫تعب ـرات هــذا االعتــذار عــن املرحلــة الســابقة‬ ‫يف الدعــوة إىل مؤمتــر وطنــي شــامل‪ ،‬يســتوعب‬ ‫هــذا املعنــى املؤســس لســوريا االنتقاليــة‬ ‫ويضمنــه‪ ،‬فــرط تحقيــق االنتقــال والقطــع‬ ‫مــع املــايض هــو التوطئــة الرشطيــة للدخــول‬ ‫يف العدالــة االنتقاليــة و َحوكمــة إنجازهــا واقعـاً‬ ‫فعلي ـاً‪.‬‬ ‫ال ميكــن التنصــل فع ـاً مــن حقيقــة أن كث ـرا ً‬ ‫مــن الظــروف والحيثيــات التــي ق َّدمــت‬ ‫لظــروف الحــرب والقتــال‪ ،‬كانــت مســتو َعبة‬ ‫يف نقائــص الخلــل العــام الــذي أرض بالوطــن‬ ‫والوطنيــة‪ ،‬وأن هــذا القصــور والعطــب‬ ‫الكامــن قــد رست مضامينــه الســببية يف‬ ‫عــروق املجتمــع والدولــة الســورية منــذ وقــت‬ ‫مبكــر‪ ،‬فــإذا تـ َّم البنــاء نظريـاً عــى أن الحيــف‬ ‫واإلجحــاف املجتمعــي كان شــمولياً ومتضمنــاً‬ ‫يف بنيــة القانــون والدســتور العــام‪ ،‬وطبيعــة‬ ‫الدولــة وطرائــق الحكــم‪ ،‬وإعــادة تشــكيل‬ ‫العالقــات املختلــة بــن الفــرد والجامعــة‪ ،‬وبــن‬ ‫التكوينــات املجتمعيــة األكرثيــة واألقليــة‪ ،‬ويف‬ ‫البنيــة الصميمــة ملدنيــة الدولــة الســورية‬

‫بعامــة‪ ،‬فــإن هــذا املضمــون‪ ،‬اســتطرادا ً‪ ،‬ســوف‬ ‫يفــي إىل أن متــدد مراحــل هــذا الخلــل‬ ‫التاريخــي البنيــوي واالحتفــاظ بطبعاتــه‬ ‫املنســوخة واملتوارثــة قــد أورمــت أســبابه‬ ‫وأزمنتهــا‪ ،‬فكانــت ســبباً مضم ـرا ً ومســتبطناً يف‬ ‫انفجــار الثــورة واســتفحال االقتتــال‪ ،‬ال تســتطيع‬ ‫نتائــج الحــرب األهليــة أن تقفــز فــوق ب ِّيناتــه‬ ‫ومضامينــه‪ ،‬مهــا تعاظمــت كلفــة النتائــج‬ ‫الكارثيــة التــي يُتوقــع أن تخلفهــا‪ ،‬مــن هنــا كان‬ ‫التصــور األويل لالنهيــار الكامــل لبنيــة القضــاء‬ ‫الســوري‪ ،‬خــال الســنوات املاضيــة‪ ،‬يســتدعي‬ ‫اإلرساع يف تكويــن جســم قضــايئ بديــل‪:‬‬ ‫‪1‬ـ يتصــف بالحيــاد يف منظــور غالبيــة‬ ‫الســوريني‪ ،‬وأحــد اقرتاحاتهــم واختياراتهــم‪ ،‬وأن‬ ‫يكــون ذا خــرة وكفــاءة عاليــة يف االختصــاص‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ ضامــن للعدالــة وعظــم املســؤولية امللقــاة‬ ‫وعــي عــا ٍل باملســؤولية‬ ‫عــى عاتقــه‪ ،‬ولديــه‬ ‫ٌ‬ ‫وحساســية املرحلــة‪ ،‬وطبيعــة املشــكالت التــي‬ ‫أنتجتهــا الحــرب‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ ميتلــك املقــدرة والخــرة عــى تجــاوز هــذا‬ ‫امللــف‪ ،‬بالرسعــة املكافئــة لتطــور املرحلــة‬ ‫املقبلــة يف حيــاة الســوريني‪ ،‬والتصفيــة والقطــع‬ ‫مــع املــايض عــى آالمــه ومراراتــه‪ ،‬دون عقابيــل‬ ‫أو رجوعــات انتكاســية قــد تفتــح جراحــاً‬ ‫جديــدة‪ ،‬أو تعــن عــى اســتعادتها‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ اإلتاحــة الرسيعــة للســوريني يف التخلــص‬ ‫فــورا ً مــن البدائــل العرفيــة والدينيــة الطارئــة‪،‬‬ ‫والتــي اضطــروا إليهــا أو أجــروا عليهــا خــال‬ ‫ســنوات الثــورة والحــرب؛ وكذلــك التخلــص مــن‬ ‫رســمت ألوضــاع‬ ‫الترشيعــات القانونيــة التــي َّ‬ ‫قانونيــة شــاذة ســابقة لكارثــة الحــرب‪ ،‬أو‬ ‫كانــت تقدمــة موطئــة لهــا‪ ،‬وأخــذا ً يف االعتبــار‬ ‫أن بعــض ُملزِمــات القانــون جــرى ترشيعهــا‬ ‫يف مراحــل سياســية خاصــة بأغــراض سياســية‬ ‫الــرف والدوافــع‪ ،‬وبتقديــرات‬ ‫غــر وطنيــة َ‬ ‫مــن واقــع حكومــي مــأزوم أو مغــرض‪ ،‬يف‬ ‫مرحلــة مــن مراحلــه السياســية؛ وهــذا واقع ـاً‬ ‫مــا يســتدعي العمــل عــى تأســيس ســلطة‬ ‫قضائيــة جديــدة وكاملــة االســتقالل‪ ،‬وبالتــدرج‬ ‫املحتمــل واملطلــوب‪ ،‬لكــال املؤسســة‬

‫القضائيــة برشوطهــا املأمولــة واملعــززة لبنيــة‬ ‫أمــة دميقراطيــة حديثــة الــوالدة‪ ،‬ومســتوفية‬ ‫لكامــل مواضعــات التقــدم والحداثــة‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ رضورة العمــل عــى وقــف تنفيــذ األحــكام‬ ‫غــر القابلــة للــرد‪ ،‬كاإلعــدام‪ ،‬نظ ـرا ً الســتحالة‬ ‫القطــع بتحقــق العدالــة الكاملــة ألي متهــم‪،‬‬ ‫مهــا كانــت جرميتــه يف الظــروف الحاليــة‪.‬‬ ‫أخــذا ً مبــا تقــدم مــن اعتبــارات ســبقت‪،‬‬ ‫وكتتويــج رئيــي وتفصيــل أســايس يؤســس‬ ‫ملضمــون مــا ســبق‪ ،‬نــرى أن شــعار العدالــة‬ ‫االنتقاليــة للمرحلــة املقبلــة ينبنــي عــى أن‬ ‫أغلبيــة الســوريني قــد أصبحــوا ضحايــا ويــات‬ ‫الحــرب التــي شــنها النظــام واإلرهــاب عليهــم‪،‬‬ ‫وبهــذا املعنــى وهــذه الســابقة‪ ،‬فإنهــم لــن‬ ‫يقبلــوا قطعـاً بالقفــز إىل الســام قفـزا ً‪ ،‬بــل وال‬ ‫اســتطاعة ممكنــة لذلــك‪ ،‬دون تجــاوز مرحلــة‬ ‫العدالــة االنتقاليــة‪ .‬والتــي نقــرح العمــل عــى‬ ‫التحــرك للبــدء بهــا كتتويــج للمرحلــة االنتقاليــة‬ ‫ضمــن دائرتــن متواشــجتني بنيويــاً‪:‬‬ ‫األوىل‪ :‬نــرى أن تحكــم املصالحــات يف مرحلــة‬ ‫العدالــة االنتقاليــة يف االختصــاص‪ ،‬محكمــة‬ ‫خاصــة بهــذا امللــف‪ ،‬تســمى مــن قبــل مجلــس‬ ‫قضــايئ أعــى‪ ،‬وتحــدد مها ُمهــا ومــدة عملهــا‬ ‫بتاريــخ محــدد‪ ،‬بــدءا ً وانتهــا ًء‪ ،‬يك ال تتحــول‬ ‫إىل محكمــة دامئــة‪ ،‬وأن تســاعد الدولــة‬ ‫الســورية واملجتمــع الــدويل ومنظــات هيئــة‬ ‫األمــم املتحــدة عــى دعمهــا وتعزيزهــا بدفــع‬ ‫انفاقــات املصالحــات‪ ،‬والتــي قــد تكــون ديــات‬ ‫القتــى فيهــا جــزءا ً مــن خيــارات الصلــح‪ ،‬دون‬ ‫أن تســتبعد الرجــوع إىل الكفــاءات والواجهــات‬ ‫العشــائرية واملجتمعيــة يف املشــورة‪ ،‬أســلوباً‬ ‫لعملهــا وتقوميــاً واســتكامالً لــه‪ ،‬حســب‬ ‫مقتــى القضايــا املطروحــة أمامهــا‪.‬‬ ‫الثانيــة‪ :‬يف العــرف االجتامعــي الســوري مثــة‬ ‫مــوروث قديــم (رمبــا ترجــع أصولــه إىل فــرة‬ ‫مــا قبــل اإلســام)‪ُ ،‬ع ِمــل عــى إحيائــه يف‬ ‫املفاصــل واللحظــات التاريخيــة الحرجــة‪ ،‬والتي‬

‫كلفــت الواقــع املجتمعــي باهظ ـاً مــن ســفك‬ ‫الدمــاء وثق ـاً مــن األحقــاد والثــارات‪ ،‬رنحــت‬ ‫تــوازن جميــع أطــراف املجتمــع وأنهكتهــم‪،‬‬ ‫وح َّملتهــم مــن األعبــاء مــا ال يطيقونــه؛ األمــر‬ ‫الــذي كان يدفــع أطــراف الــراع عــادة إىل‬ ‫مبــدأ اصطُلِــح عــى تســميته باســم ِ‬ ‫«الدفْنــان»‪،‬‬ ‫مــن الدفــن‪ ،‬ويُلحــظ يف ذكاء االشــتقاق اللغــوي‬ ‫األملعــي أنــه اختــار صيغــة املبالغــة التــي‬ ‫توحــي بشــدة االســتغراق يف الدفــن‪ ،‬والــذي‬ ‫كان يعنــي بالنســبة للمتوافقــن املتصالحــن‬ ‫أن يتنــازل الجميــع عــن تفاصيــل حقوقهــم‬ ‫املفــردة والصغــرة‪ ،‬وأن ت ُطــرح جميــع أوزارهــا‬ ‫جانب ـاً مقابــل الفــوز بالجائــزة الثمينــة‪ ،‬والتــي‬ ‫كانــت تقــي بإقــرار رشوط ســامٍ ال رجــوع‬ ‫عنــه وال نكــوص فيــه‪ ،‬ســام بــن املتحاربــن‬ ‫يؤكــد عــى طابــع منــح متبــادل لألمــان‬ ‫العــام‪ ،‬والتوكيــد عليــه مــن خــال إقـرار مبــدأ‬ ‫ِ‬ ‫الدفنــان‪ ،‬والــذي يعنــي صلح ـاً يدفــن املــايض‬ ‫إىل األبــد‪،‬ال يُنتكــث ألي ظــرف تحــت طائلــة‬ ‫عــار النكــوث والرجــوع عنــه‪ ،‬والتــي تحمــل يف‬ ‫املعنــى العــام لطخــة الخيانــة؛ وإعطــاء كلمــة‬ ‫رشف جامعيــة متبادلــة بــن طرفــن خصمــن‬ ‫عــى دفــن التناحــر والخصومــات فيــا بينهــم‬ ‫دفن ـاً أبدي ـاً‪.‬‬ ‫يف حالــة الســوريني‪ ،‬حيــث اســتح َّر الــدم والثــأر‬ ‫بــن أبنــاء قــرى ال تبعــد أحيانــاً عــن بعضهــا‬ ‫ســوى كيلومـرات‪ ،‬وأحيانـاً بــن أهــايل البلــدات‬ ‫والقــرى نفســها؛ هــذه املبــادئ رمبــا تكــون‬ ‫مقرتحــاً‪ ،‬لــه مــن الفضائــل وامليــزات مــا ال‬ ‫يُجحــد‪ ،‬يف حالــة التصالــح والعدالــة االجتامعيــة‬ ‫االنتقاليــة‪ ،‬كتحــد راهــن ال بــد أن يعــره‬ ‫الســوريون يومــاً مــا‪ ،‬حــن يختــارون اإلرساع‬ ‫يف طــي صفحــة املــايض البغيضــة والتفــرغ‬ ‫لبنــاء وطــن حديــث معــاىف البــدن ووطيــد‬ ‫األساســات‪.‬‬

‫جمموع��ة العم��ل التأسيس��ية‬ ‫لتي��ار‪« :‬س��وريون»‬


‫مستقبل الرقة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أهل الرقة‪ :‬ضحايا اإلرهاب‪ ..‬وضحايا محاربة اإلرهاب!‬ ‫محمد الصليبي معن‬

‫غــادر مــن غــادر مــن أهــل الرقــة‪ ،‬وبقــي فيهــا‬ ‫مــن ال ميلــك أجــرة الســفر‪ .‬وتحــت ضغــط غــاء‬ ‫املعيشــة ومصاعــب الحيــاة التــي يتوقعونهــا خــارج‬ ‫أســوار رقتهــم‪ ،‬ظلــوا يف مدينتهــم الغاليــة عــى قلوبهــم‬ ‫وقلوبنــا جميعــاً‪.‬‬ ‫مدينتهــم التــي احتلّهــا غربــان الظــام‪ ،‬وجعلوهــا‬ ‫عاصمــة لدولتهــم املزعومــة‪ ،‬ظلــوا هنــاك ينتظــرون‬ ‫مــاذا‪ ..‬وألي يشء هــم منتظــرون‪ ..‬حتــى هــم أنفســهم‬ ‫ال يعرفــون؟!‬ ‫وبقينــا نحــن الذيــن غادرنــا كرهــاً‪ ..‬ننتظــر معهــم‬ ‫املــوت املخيــم علينــا جميعــاً‪ ..‬وليــس أصعــب مــن‬ ‫املــوت إلّ انتظــاره ‪.‬‬ ‫أطفــال أبريــاء‪ ،‬ونســاء وشــيوخ‪ ..‬هــؤالء هــم أهــداف‬ ‫وإحداثيــات الطائــرات التــي أتــت مــن كل حــدب‬

‫وصــوب‪ ،‬للنيــل منهــم‪ ،‬بينــا مقــ ّرات اإلرهابــن‪،‬‬ ‫وأماكنهــم‪ ،‬ومعســكراتهم‪ ،‬ومخــازن أســلحتهم‪ ،‬تنعــم‬ ‫باالســتقرار والهنــاء‪.‬‬ ‫ليــس هنــاك بــر يف الدنيــا كلّهــا‪ ،‬يتمنــون القضــاء‬ ‫عــى داعــش وإرهابهــا‪ ،‬مثلــا يتمنــى أهــل محافظــة‬ ‫الرقــة‪ ،‬فهــم أكــر مــن ذاق منهــم العــذاب‪ ،‬والــذل‪،‬‬ ‫والهــوان؛ فداعــش قتلــت أبناءهــم‪ ،‬واعتقلــت رجالهــم‪،‬‬

‫وصــادرت بيوتهــم وممتلكاتهــم‪ ،‬حتــى أطفالهــم مل‬ ‫يســلموا منهــم‪ ،‬إذ منعــوا عنهــم املــدارس‪ ،‬وحرمتهــم‬ ‫مــن التعليــم‪ ،‬وقطعــت عنهــم كل ســبل العيــش‪.‬‬ ‫ولكــن متــى كانــت محاربــة اإلرهــاب بقتــل املعانــن‬ ‫منــه‪ ،‬إذ تقــوم محاربــة اإلرهــاب بتدمــر بيوتهــم‬ ‫وبناهــم التحتيــة فــوق رؤوســهم‪ ،‬ويُــرك اإلرهابيــون‬ ‫يعيثــون فســادا ً‪ ،‬ويعيشــون برفاهيــة وهنــاء‪.‬‬ ‫وجلدهــا‪،‬‬ ‫تبـاً لعــامل ظــامل‪ ..‬مل يعــد يفـ ّرق بــن الضحيــة ّ‬ ‫وطــوىب لشــعب بســيط طيــب‪ ،‬ذاق كل أنــواع املــوت‬ ‫واملذلّــة‪ ،‬ألنــه أراد فقــط‪ ،‬أن يعيــش كبقيــة البــر‬ ‫بقليــل مــن الكرامــة‪ .‬فهــذا ينعــي أبــاه‪ ،‬وتلــك تنعــي‬ ‫أمهــا‪ ،‬وأخ يحــزن عــى أخيــه‪ّ ..‬إل نحــن كُتــب علينــا‬ ‫أن ننعــي محافظــة بأكملهــا! وكُتــب علينــا أن ننتظــر‬ ‫اســتيقاظ العــامل مــن ســباته األبــدي‪ ..‬فهــل يســتيقظ؟!‬

‫طريق االستبداد‬ ‫عبد القادر ليال‬ ‫يتــاىش فعــل اإلنســان نظري ـاً مــع نوازعــه وأدائــه‬ ‫خــال عمــره‪ ،‬يبــدأه نقيــاً طاهــرا ً ضعيفــاً لينــاً‪،‬‬ ‫ويتوســطه مختــاالً بالقــوة‪ ،‬مزهــوا ً بعضالتــه‪ ،‬مســتقوياً‬ ‫بشــبابه‪ ،‬ومســتعيناً بعقلــه وأدائــه‪ ،‬وينهيــه بذاكــرة‬ ‫ضعيفــة‪ ،‬وقــوام متهالــك‪ ،‬وأمل يتعاظــم حتــى يصبــح‬ ‫الواحــد مجــرد رقــم أو إعــان أو غــر ذلــك‪..‬‬ ‫امتــدت ســنوات اإلنســان عــى وجــه األرض ســنني عــدة‬ ‫أغنــى الدنيــا وأثــرى يف عمرانهــا‪ ،‬والبعــض اختــار أن‬ ‫يــرك أث ـرا فني ـاً يرفــد الحضــارة واإلنســانية‪ ،‬واســتطاع‬ ‫أن يقــدم خالصــة تجاربــه يف تطويــر منظومــة القيــم‪،‬‬

‫ورمبــا تصــل درجــة اإلبــداع إىل حــدود االخــراع‬ ‫واالبتــكار‪.‬‬ ‫اإلنســان مبــا يحمــل عــاش طــوال حياتــه حــاالت‬ ‫االســتبداد بأنواعــه‪ ،‬واختــار طرقــاً عديــدة يف تجــاوز‬ ‫محنــه‪ ،‬متخــرا ً األدوات املناســبة ملواجهــة هــذا‬ ‫االســتبداد‪ ،‬فيــا اختــار البعــض الســتبداده أفانــن‬ ‫كثــرة ملامرســة هــذا الــدور وجعلــه حرفــة‪ ،‬فــكان‬ ‫العبــد بدايــة ضعيفـاً وأسـرا ً ومهزومـاً يف حربــه‪ .‬اعتــاد‬ ‫مامرســة الدوريــن‪ ،‬أمــا يف حالــة املســتبد الطاغيــة فقــد‬ ‫تداولــه الحــكام وورثــوه وأورثــوه ملــن هــم بعدهــم‪.‬‬ ‫يف حالتنــا الســورية ورث النظــام الحكــم‪ ،‬ومعــه ورث‬

‫عــن أبيــه التــرف بالبــر واألرض ومــا عليهــا‪ ،‬وكل‬ ‫مــا يف جوفهــا وســائها‪ ،‬واســتباحها كــا يشــاء‪ ،‬مينحهــا‬ ‫ملــن يشــاء مــن األقــارب واألصدقــاء واملوالــن لسياســته‬ ‫ونهجــه‪ ،‬وتــرك الباقــي فريســة ســهلة للقتــل والتــرد‬ ‫والتعفيــش واالســتغالل والنهــب مــن قبــل شــبيحته‬ ‫وأعوانــه وبذلــك يكــون قــد أطبــق بشــكل كامــل عــى‬ ‫مناحــي حيــاة العامــة وح ّولهــا إىل أهــداف لطائراتــه‬ ‫وصواريخــه الذكيــة حيــث حــول الجميــع اىل عبيــد‬ ‫منتهــي الحقــوق وأكــر مــن ذلــك‪ ..‬اختــار طريقــاً‬ ‫وحيــدا ً الســتبداد ليــس بجديــد‪ ،‬بــل هــو اخــراع‬ ‫اكتســبه بالوراثــة يف القــرن الواحــد والعرشيــن‪.‬‬

‫الرقــة وإعــادة التأهيــل العمرانــي‬ ‫رغــم أن الطائ ـرات اآلن تحــوم فــوق ســاء الرقــة‪،‬‬ ‫وقــد تكــون تصــول وتجــول وتنتقــي بيوتــاً ومبــانٍ‬ ‫عامــة‪ ،‬للقصــف بينــا تقــرأون هــذا املقــال!‬ ‫رغــم الظلــم واســتهداف املدنيــن بحجــة داعــش‬ ‫وتنظيمهــا التكفــري‪ ،‬فإننــا لــن نفقــد األمــل كأبنــاء‬ ‫لهــذه املدينــة بــأن نضــع التصــورات‪ ،‬والخطــط‬ ‫الالزمــة إلعــادة إعــار مدينتنــا الصابــرة تحــت قصــف‬ ‫الطائــرات مــن الســاء‪ ،‬ويف ظــل ظلــم التكفــر‬ ‫الداعــي عــى األرض‪.‬‬ ‫تتســم الرقــة بوجودهــا عــى ضفــة نهــر الفـرات‪ ،‬وعدم‬ ‫وجــود عوائــق جغرافيــة كبــرة متنــع امتــداد املدينــة‬ ‫وتوســعها الســتيعاب املزيــد مــن النــاس‪ ،‬ومــن الالجئــن‬ ‫الســوريني الذيــن تدمــرت مدنهــم وقراهــم‪ ،‬خصوص ـاً‬ ‫وأن ســكان املدينــة والريــف ال يتصفــون برفــض اآلخــر‬ ‫مهــا كانــت طائفتــه أو توجهاتــه أو منبتــه املدينــي أو‬ ‫القــروي‪ ،‬فهــي مدينــة جاذبــة للســكان عــر تاريخهــا‪.‬‬ ‫الخطــط العمرانيــة الالزمــة والعاجلــة إلعــادة الحيــاة‬ ‫ملدينــة الرقــة‪ ،‬وتأهيلهــا الســتعادة الجئيهــا والالجئــن‬ ‫مــن املــدن الســورية األخــرى تتلخــص مبــا يــي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الصيانــة العاجلــة ملــا تبقــى مــن املبــاين العامــة‬ ‫إلدارة شــؤون النــاس‪ ،‬ومتابعــة الصعوبــات التــي‬ ‫تواجههــم‪ ،‬وابتــداع الحلــول الفريــدة لتخطــي‬ ‫املصاعــب الكثــرة واملتشــعبة التــي تنجــم عــن األعــداد‬ ‫الكبــرة مــن العائديــن إليهــا‪ ،‬فــور تحريرها مــن داعش‬ ‫ومــن ظلمهــا‪ ،‬خاصــة أن طائ ـرات النظــام والطائ ـرات‬ ‫الروســية تركــز يف قصفهــا عــى محــو الجانــب الحــري‬ ‫واملدينــي بقصفهــا للمبــاين العامــة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬التعامــل برصامــة مــع عمليــات حفــظ النظافــة‬ ‫وإعــادة تأهيــل املبــاين املتعلقــة بالصحــة العامــة‪،‬‬ ‫وترحيــل مخلفــات التدمــر‪ ،‬وتأمــن الخدمــات مــن‬ ‫ميــاه رشب‪ ،‬وإصــاح املجاريــر وشــبكة الــرف‬ ‫الصحــي‪ ،‬وشــبكة الكهربــاء بالحــد الــازم لحفــظ‬ ‫اســتمرار الحيــاة وتطورهــا مــا مينــع الهجــرة املعاكســة‬ ‫منهــا‪.‬‬ ‫‪ - 3‬املســاعدة العاجلــة لرتميــم البيــوت املتــررة‪،‬‬

‫وإعــادة تأهيلهــا إلعــادة إســكان أصحابهــا ووضعهــا يف‬ ‫االســتثامر‪ ،‬بتأمــن مراكــز تقديــم خدمــات ودراســات‬ ‫هندســية مــن املتطوعــن وفــق أســس هندســية‬ ‫صحيحــة‪ ،‬وتقديــم مــواد حديثــة وفعالــة للصيانــة‬ ‫املؤقتــة والعاجلــة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التخطيــط العاجــل ملســاحات إســكانية جديــدة‬ ‫تــؤوي مخيــات مؤقتــة‪ .‬ومســاحات أخــرى عــى املدى‬ ‫املتوســط بتوزيــع مقاســم صغــرة عــى العائــات التــي‬ ‫تدمــرت بيوتهــا وللتعويــض عــى املترضريــن بشــكل‬ ‫أويل‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إعــادة دراســة الضاحيــة الســكنية املدروســة يف‬ ‫الضفــة اليمنــى للفــرات‪ ،‬والتــي تــم االنتهــاء مــن‬ ‫دراســتها عــى أرايض أمــاك الدولــة‪ ،‬وهــي تتســع‬ ‫لعرشيــن ألــف شــقة مــع مرافقهــا الالزمــة‪ ،‬وهــو‬ ‫مــروع منجــز ودرســته جامعــة حمــص‪ ،‬وتوجــد نســخ‬ ‫إلكرتونيــة منــه لــدى العاملــن يف املؤسســة العامــة‬ ‫لإلســكان‪ ،‬ويف جامعــة حمــص واملكاتــب الخاصــة التــي‬ ‫ســاهمت يف الدراســة‪ ،‬وهــذا يؤهــل مدينــة الرقــة‬ ‫لتصبــح مدينــة نهريــة منتــرة عــى ضفتــي النهــر‬ ‫ويفتــح أمامــه أفقــاً عمرانيــاً واســعاً‪ ،‬ويوفــر أر ٍ‬ ‫اض‬ ‫جديــدة للتوزيــع عــى املترضريــن‪ ،‬كــا أنــه يخلــص‬ ‫مدينــة الرقــة مــن مشــكلة امليــاه الجوفيــة التــي تعــاين‬ ‫منهــا الكثــر مــن املبــاين وقــد تتســبب بانهيارهــا عــى‬ ‫املــدى البعيــد مــا مل يتــم حــل هــذا املوضــوع حــاً‬ ‫هندســياً كامــاً وفــق املؤمتــرات والتوصيــات التــي‬ ‫وضعهــا الخـراء واملهندســون‪ ،‬وتوجــد معطيــات هــذه‬ ‫النــدوات لــدى نقابــة املهندســن بالرقــة التــي دعــت‬ ‫إىل هــذه النــدوات ورعــت الحلــول‪ ،‬وهــي منشــورة يف‬ ‫كتــب ورقيــة لــدى الكثــر مــن املهندســن نســخاً منهــا‪.‬‬ ‫‪ - 6‬فتــح مجــال للورشــات الصغــرة‪ ،‬وللمعامل الصغرية‬ ‫التــي تفتــح مجــاالت العمــل لــأرس التــي تفتقــر للــال‬ ‫وملصــادر الــرزق والعمــل‪ ،‬وفتــح مســاحات املنطقــة‬ ‫الصناعيــة الجديــدة قــرب معمــل مســبق الصنع شــال‬ ‫الرقــة‪ ،‬وفتــح مســاحات للمعامــل األكــر يف املنطقــة‬ ‫الشــامية عــى الضفــة اليمنــى يف عمــق الباديــة بعيــدا ً‬

‫عــن األرايض الزراعيــة‪ ،‬وعــن التضاريــس الجبليــة‪،‬‬ ‫مــا يحــد مــن انتشــار الســموم والتلــوث يف املدينــة‪،‬‬ ‫ويُنصــح مبنــع إقامــه املعامــل عــى الضفــة اليــرى‪ ،‬إال‬ ‫مــا هــو متعلــق بالتصنيــع الزراعــي الخفيــف والــازم‬ ‫للمحاصيــل‪.‬‬ ‫‪ - 7‬إعــادة تأهيــل املــزارع واألقنيــة واملصــارف‬ ‫الزراعيــة‪ ،‬وفتــح مجــال لألعــال الزراعيــة الصغــرة‬ ‫إلعاشــة األرس املتدفقــة عــى املدينــة‪ ،‬وتخفيــف‬ ‫اعتامدهــا عــى املســاعدات الغذائيــة واإلعانــات‬ ‫الشــحيحة مــن املنظــات الخرييــة‪ .‬وتشــجيع التصنيــع‬ ‫الزراعــي وتصنيــع املنتجــات الحيوانيــة‪ ،‬خاصــة وأن‬ ‫الرقــة مشــهورة برثوتهــا الحيوانيــة الكبــرة‪ ،‬والتــي‬ ‫يجــب وضــع الخطــط العلميــة الحديثــة إلعــادة‬ ‫إنتاجهــا اعتبــارا ً مــن الرتبيــة البيتيــة‪ ،‬وصــوالً إىل‬ ‫املحطــات الكبــرة لرتبيــة الحيوانــات‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تشــجيع البنــاء وفــق منــاذج أبنيــة جاهــزة‬ ‫ومدروســة‪ ،‬وضمــن ضوابــط تحفــظ الســامة‪ ،‬وتجــاوز‬ ‫املعوقــات البريوقراطيــة والبلديــة للبنــاء‪ ،‬وتشــجيع‬ ‫األهــايل للقيــام بأعــال البنــاء بأنفســهم‪ ،‬ودعــم‬ ‫املترضريــن بحصــص محــددة مــن اإلســمنت والحديــد‬ ‫كتعويــض مؤقــت ويولّــد فــرص عمــل للســكان‪.‬‬ ‫‪ - 9‬العمــل عــى إعــادة النظــر بطــرق اإلعــار‬ ‫والتوســع العمــراين‪ ،‬وإرشاك النــاس يف القــرارات‬ ‫العمرانيــة‪ ،‬وتشــجيع املراكــز الحرضيــة يف األريــاف‬ ‫لوقــف اســتنزاف إمكاناتهــا‪ ،‬ولتطويــر منــط الحيــاة‬ ‫املدينــي عــى مراكــز متعــددة يف املحافظــة‪ ،‬وعــدم‬ ‫حرصهــا يف مدينــة الرقــة لوحدهــا‪.‬‬ ‫‪ - 10‬توفــر املبــاين التعليميــة بــكل مراحلهــا مــن‬ ‫االبتدائيــة إىل املبــاين الجامعيــة بتأهيــل مبــانٍ مؤقتــة‬ ‫تفــي بالغــرض‪ ،‬وتخفــف مصاريــف وتكاليــف التعليــم‬ ‫بــكل مراحلــه‪ ،‬وذلــك إلعــادة تأهيــل األطفال والشــباب‬ ‫الذيــن شــهدوا الضــخ التعليمــي املتطــرف‪ ،‬والــذي قــد‬ ‫يولــد أجيــاالً جديــدة مــن اإلرهابيــن‪.‬‬

‫إ‪ -‬ع‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫الهويــة املفقــودة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫ســأبدأ بســؤال إشــكايل‪ ،‬ورمبــا يكــون ســؤاالً اســتفزازياً يخــص‬ ‫األخــوة األت ـراك‪ :‬هــل اســتطاع األت ـراك توفــر الحاميــة للســوريني‬ ‫يف تركيــا؟! وســأنطلق لإلجابــة عــن هــذا الســؤال واضعــاً يف‬ ‫الحســبان مســألة القيــاس مــع الشــعوب املتحــرة‪ ،‬ومبعنــى أدق‬ ‫مــع املجتمــع الغــريب‪ ،‬ولســت معنيـاً هنــا مبقارنــة أوضــاع الالجئــن‬ ‫الســوريني املتواجديــن يف تركيــا مــع أخوتهــم يف لبنــان واألردن‪ ،‬أو‬ ‫يف أيــة دولــة عربيــة أخــرى‪ ،‬مــا يعنينــا هنــا‪ ،‬مــا هــي الحــدود التــي‬ ‫تقــف عندهــا تركيــا‪ ،‬وهــي تتعامــل مــع الالجئــن يف إطــار القوانــن‬ ‫الدوليــة الناظمــة لحقــوق الالجئــن؟!‪.‬‬ ‫بــدأت تركيــا ببنــاء مخيــات لالجئــن الســوريني قبــل أن يدخلهــا أي‬ ‫الجــئ‪ ،‬بالتــوازي مــع دخــول الالجئــن إىل األرايض األردنيــة‪ ،‬والبــدء‬ ‫ببنــاء مخيــم الزعــري‪ ،‬وتالهــا فيــا بعــد تدفــق الالجئــن الســوريني‬ ‫باتجــاه تركيــا بشــكل غــر مســبوق‪ ،‬إىل أن قاربــت أعدادهــم نحــو‬ ‫‪ 2,7‬مليــون‪ ،‬القســم األكــر منهــم يســكن يف املــدن والبلــدات‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬والقســم املتبقــي يقطــن يف املخيــات‪.‬‬ ‫اســتطاعت تركيــا يف بدايــة األمــر توفــر الحاميــة لــكل الالجئــن‬ ‫بشــكل جيــد‪ ،‬ومــع تــوايل األيــام‪ ،‬بــدأت الحلقــة تضيــق عــى‬ ‫الســوريني‪ ،‬خصوصـاً بعــد فتــح بــاب الهجــرة إىل أوربــا بشــكل غــر‬ ‫رشعــي‪ ،‬وازديــاد تغــول النظــام الســوري يف قتــل الســوريني وتدمــر‬ ‫مدنهــم وبلداتهــم‪ ،‬ثــم بــدأ التضييــق يطــال الســوريني الوافديــن عرب‬ ‫حدودهــا الربيــة مــع ســوريا‪ ،‬إىل أن وصــل إىل ح ـ ِّد القتــل برصــاص‬ ‫الجندرمــا‪ ،‬واملــكان يضيــق إذا أردنــا إجــراء إحصائيــات دقيقــة‬ ‫عــن أعــداد القتــى‪ ،‬أمــا عــى مســتوى اإلهانــة والــرب والتشــليح‬ ‫فحــدث وال حــرج‪ ،‬وهــذه املهــام تعــاور عــى تنفيذهــا ثلــة مــن‬ ‫املهربــن‪ ،‬وأمــراء الحــرب‪ ،‬بالتعــاون مــع عنــارص حــرس الحــدود‬ ‫الــريك (الجندرمــا)‪.‬‬ ‫التضييــق طــال الســوريني يف املخيــات‪ ،‬حيــث ال يســتطيع الســوري‬ ‫التحــرك أو اســتقبال أحــد إال ضمــن موافقــات محــددة‪ ،‬أمــا بالنســبة‬ ‫للســوريني خــارج املخيــات‪ ،‬فقــد بدأت سلســلة الســبحة باالنفالت‪،‬‬ ‫فبعــد الضغــوط الغربيــة عــى تركيــا‪ ،‬أصــدرت الحكومــة الرتكيــة‬ ‫ق ـرارا ً مينــع الســوريني مــن الحركــة خــارج املــدن التــي يقطنونهــا‬ ‫إال بعــد الحصــول عــى موافقــة مــن إدارة األجانــب‪ ،‬وهنــا يالقــي‬ ‫الســوري ســوء املعاملــة عــى كافــة الصعــد‪ ،‬ثــم بــدأ البوليــس الــريك‬ ‫مبامرســة دور أمنــي فيــه غلظــة شــديدة‪ ،‬تصــل يف بعــض األحيــان‬ ‫إىل حــدود التهديــد بالتهجــر إىل األرايض الســورية‪ ،‬وتصــل يف بعــض‬ ‫األحيــان درجــة اإلهانــة إىل حــدود التحــرش‪ ،‬خصوصـاً فيــا يتعلــق‬ ‫بتدقيــق الهويــات ومقارنتهــا مــع ســجالت الواليــة‪.‬‬ ‫املقارنــة مــع املجتمــع الغــريب تكشــف حقيقــة واقعــة ومؤملــة‪،‬‬ ‫فاملجتمــع الغــريب رغــم مــا يشــهده مــن أعــال إرهابيــة تهــدد أمنــه‬ ‫القومــي‪ ،‬ال يتنكــر ملبــادئ حقــوق اإلنســان وال يشــمل الضغــط عــى‬ ‫مامرســة الحريــات‪ ،‬ومنهــا حــق التظاهــر وإبــداء الــرأي‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الــذي نشــهد فيــه غيــاب شــبه مطلق لكافــة هــذه الحقــوق يف تركيا‪.‬‬ ‫مــع حبنــا وتقديرنــا للشــعب الــريك‪ ،‬ومــا قدمتــه الحكومــة الرتكيــة‬ ‫للشــعب الســوري يف محنتــه‪ ،‬ال ميكــن لرتكيــا وتحــت شــعار الحفــاظ‬ ‫عــى أمنهــا القومــي أن نتنكــر لحقــوق الالجئــن‪ ،‬يف حريــة الحركــة‬ ‫والتعبــر عــن الــرأي أو التظاهــر‪ ،‬أو الحصــول عــى حقــوق الالجئــن‬ ‫كــا تقتــي القوانــن والرشائــع الدوليــة‪ ،‬وأيضــاً ال يــرر لبعــض‬ ‫األتـراك يف مامرســة العنــف تجــاه الســوريني تحــت أي مســمى‪ ،‬ومــا‬ ‫جــرى يف رسوج وكليــس وعينتــاب خــر شــواهد‪ ،‬فبعــد كل حادثــة‬ ‫يكــون مصدرهــا األرايض الســورية‪ ،‬أو إخــال بالقوانــن الرتكيــة مــن‬ ‫بعــض الســفه تقــوم الدنيــا وال تقعــد‪ ،‬وعندمــا نعكــس الصــورة‪،‬‬ ‫ويقــوم أحــد األت ـراك باالعتــداء عــى أحــد الســوريني ال تجــد مــن‬ ‫يحــرك ســاكناً‪ ،‬إال قلّــة قليلــة‪ ،‬اســتطاعت أن تثبــت تضامنهــا األبــدي‬ ‫مــع قضيــة الالجئــن‪ ،‬ونأمــل انعكاســها مســتقبالً يف القوانــن الرتكيــة‬ ‫التــي تحفــظ للالجئــن الســوريني كامــل حقوقهــم‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫مستقبل الرقة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫حكايــة البيــت الرقــي‪ ..‬مــن «الســيباط» إىل «القونــاق»‬ ‫شــهدت مدينــة الرقــة أول مظاهــر العمـران‬ ‫يف أوائــل منتصــف القــرن التاســع عــر‪،‬‬ ‫وأخــذت يوم ـاً بعــد يــوم بالتطــور مــع ازديــاد‬ ‫عــدد الســكان‪ ،‬وتعــدد مشــاربهم‪ ،‬بــدءا ً مــن‬ ‫بنــاء الرسايــا‪ ،‬الــذي ترافــق مــع «الســيباط»‪،‬‬ ‫ثــم تــاه البيــت العــريب‪ ،‬و»القونــاق»‪ ،‬ثــم‬ ‫األشــكال الحديثــة التــي تتمظهــر بأشــكال‬ ‫مختلفــة‪.‬‬ ‫املهنــدس عبــد الحميــد النجــم مــن املعامريــن‬ ‫الذيــن يهتمــون بدراســة عم ـران الرقــة‪ ،‬قدمي ـاً‬ ‫وحديثـاً‪ ،‬يقــول عــن بدايــات العمـران يف الرقــة‬ ‫خــال العــر الحديــث‪« :‬كانــت أول إشــارة إىل‬ ‫وجــود ســكن دائــم يف خرائــب الرقــة (الرافقــة)‬ ‫وردت عــى لســان الكونــت «دوبــر تــوى» إثــر‬ ‫رحلتــه التــي قــام بهــا يف عــام ‪ ،/1866/‬يقــول‪:‬‬ ‫«إن املؤسســات يف املدينــة كانــت قــد أصلحــت‬ ‫مجــددا ً إلقامــة الحاميــة»‪ ،‬فقــد تــم بنــاء‬ ‫املخفــر الــريك عــام ‪ ،/1863/‬ويف عــام ‪/1869/‬‬ ‫عندمــا أصبحــت الرقــة قضــاء‪ ،‬تــم إنشــاء‬ ‫الرسايــا القدميــة مــن اللــن والطــن‪ ،‬وبجوارهــا‬ ‫بعــض دور الســكن أيضــاً مــن اللــن والطــن‬ ‫للعاملــن يف الرسايــا‪ ،‬وكان عددهــم ســبعة‬ ‫أشــخاص‪ ،‬وتقــع مقابــل الجامــع «الحميــدي»‬ ‫مــن الجهــة الجنوبيــة‪ ،‬وكان الســكن مجانيــاً‬ ‫للموظفــن‪ ،‬والهــدف مــن بنــاء هــذه املســاكن‬ ‫تشــجيع النــاس عــى االســتقرار والســكن يف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وخــال هــذه الســنوات مل يكــن‬ ‫هنــاك مــا يســتحق الدراســة غــر تلــك الــدور‬ ‫البدائيــة لســكن املوظفــن‪ ،‬وبعــض األكــواخ‬ ‫غــر مكتملــة املالمــح‪ ،‬أســقفها مــن نبــات‬ ‫الســوس والــزل»‪.‬‬ ‫وحــول أشــكال الســكن لــدى أهــل الرقــة‪،‬‬ ‫يقــول النجــم‪« :‬كان أهــل الرقــة يف حالــة‬ ‫الرعــي يعتمــدون عــى بيــت الشــعر‪ ،‬وهــو‬ ‫مســكن منســوج مــن شــعر املاعــز‪ ،‬ويرتفــع من‬ ‫املنتصــف عــى عمــود مــن الخشــب مناســب‬ ‫الرتفــاع الفــرد‪ ،‬وكان يقســم إىل قســمني‬ ‫قســم يجلــس بــه الرجــال‪ ،‬وقســم خــاص‬ ‫للنســاء‪ ،‬ويلعــب دور الجــدران يف هــذا البيــت‬ ‫«الــرواك»‪ ،‬و»الــزرب»‪ ،‬وتشــد أطــراف هــذا‬ ‫البيــت بالحبــال‪ ،‬وكلــا كان عــدد األعمــدة‬ ‫الوســطية التــي ترفــع هــذا البيــت كثــرة دل‬ ‫ذلــك عــى الحالــة امليســورة لصاحــب هــذا‬ ‫البيــت‪ ،‬كان أهــل الرقــة يزرعــون ضفــاف‬

‫قاطنيهــا‪ ،‬وفيــا بعــد أصبــح الســور عالي ـاً‪ ،‬إذ‬ ‫يصــل ارتفاعــه إىل ثالثــة أمتــار‪ ،‬واألبــواب كبــرة‬ ‫وواســعة‪ ،‬لتمكــن دخــول املاشــية وبعــض‬ ‫األدوات البســيطة»‪.‬‬ ‫وحــول مكونــات البيــت الرقــي‪ ،‬يقــول النجــم‪:‬‬ ‫«كان ضمــن «الحــوش» غرفتــان متالصقتــان‬ ‫تتجهــان نحــو الجنــوب‪ ،‬وإىل الــرق كان‬ ‫يتوضــع املطبــخ‪ ،‬ويف الجنــوب تتوضــع زرائــب‬ ‫املاشــية‪ ،‬وأحيانــاً توضــع زرائــب املاشــية يف‬ ‫الشــال خلــف الغــرف‪ ،‬وكــون الغرفتــان‬ ‫تشــكالن مســتطيالً ضلعــه الطويــل مــن الــرق‬ ‫إىل الغــرب لذلــك ســميت الغــرف‪ ،‬بالغرفــة‬ ‫الرشقيــة والغرفــة الغربيــة‪ ،‬وكان البــاب مــن‬ ‫الخشــب‪ ،‬ذا تفصيلــة بســيطة‪ ،‬ألواحــه طوليــة‬ ‫باتجــاه األســفل‪ ،‬تتامســك بألــواح عرضيــة‪،‬‬ ‫أبعادهــا أقــل مــن الطوليــة ســاكة وعرضــاً‪،‬‬ ‫وتتباعــد عــن بعضهــا‪ ،‬ويفتــح البــاب ويغلــق‬ ‫عــى رزات بدائيــة‪ ،‬تثبتــان يف أعــى البــاب ويف‬ ‫أســفله‪ ،‬ويفــي هــذا البــاب إىل مســاحه تقــدر‬ ‫بـــ‪/1،5×1،5/‬م تدعــى العتبــة‪ ،‬وهــي مســاحة‬ ‫مــن الغرفــة أقــل ارتفاعـاً مــن مســتوى الغرفــة‪،‬‬ ‫وتســتعمل للغســيل‪ ،‬حيــث مل يكــن يوجــد‬ ‫حاممــات‪ ،‬وتــرف ميــاه االســتحامم مــن‬ ‫تحــت البــاب‪.‬‬ ‫الســقف‪ ،‬وهــو عبــارة عــن أعمــدة خشــبية‬ ‫يف االتجــاه القصــر تبعــد عــن بعضهــا مــن‬ ‫‪/40-30/‬ســم‪ ،‬يغطيــه نبــات الســوس الكثيــف‬ ‫أو الــزل املنســوج‪ ،‬ثــم أصبــح فيــا بعــد‬ ‫يغطــى باأللــواح الخشــبية‪ ،‬ثــم بطبقــة طينيــة‬ ‫ســاكتها مــن ‪/30-20/‬ســم‪ ،‬ثــم طبقــة مــن‬ ‫الرمــاد‪ ،‬تليهــا طبقــه ترابيــة‪ ،‬ولــه ميــول باتجــاه‬ ‫الجنــوب لترصيــف ميــاه األمطــار بواســطة‬ ‫«املــزراب»‪.‬‬ ‫تبلــغ ســاكة الجــدار مــن ‪60/‬ـ‪/70‬ســم وترتفع‬

‫نهــر الف ـرات بعــد انحســار ميــاه الفيضانــات‪،‬‬ ‫ويقطنــون يف بيــوت تســمى «الســيابيط»‬ ‫ومفردهــا «الســيباط»‪ ،‬ويغطــى ســقفه بنبــات‬ ‫الســوس‪ ،‬أو الــزل للحاميــة من أشــعة الشــمس‪،‬‬ ‫وهــو يــدل عــى وجــود قاطنــن»‪.‬‬ ‫ويضيــف النجــم قائــاً‪« :‬بعــد االســتقرار أي‬ ‫يف حــدود عــام ‪ /1880 – 1875/‬أخــذ البيــت‬ ‫الرقــي يف رســم مالمــح جديــدة‪ ،‬وتبلــغ‬ ‫مســاحته ‪/1000/‬م‪ 2‬أو يزيــد‪ ،‬ويتألــف مــن‬ ‫«الحــوش»‪ ،‬ويعنــي «تحويشــة»‪ ،‬ويف البدايــة مل‬ ‫يكــن هنــاك ســور‪ ،‬ثــم سـ ّور «الحــوش» بجــدار‬ ‫ســميك‪ ،‬ويف البدايــات كان مــن دون طــن‪،‬‬ ‫وهــو قليــل االرتفــاع‪ ،‬بســبب الفقــر‪ ،‬ووجــود‬ ‫نســوة يرتديــن ثيابــاً ســاترة طــوال اليــوم‪،‬‬ ‫وتحقــق درجــة القرابــة بــن املتجاوريــن‪ ،‬لذلــك‬ ‫نجــد أن كل منطقــه ســكنية ســميت باســم‬

‫نحــو ‪/3،5/‬م‪ ،‬وفيهــا نوافــذ للتهويــة والتخزيــن‪،‬‬ ‫وكان يف البدايــة يتكــون مــن اللــن‪ ،‬ثــم أصبــح‬ ‫مــن اللــن والفخــار عــى طبقــات متناوبــة‪،‬‬ ‫ثــم مــن الفخــار‪ ،‬الــذي يأتــون بــه مــن أســوار‬ ‫الرافقــة‪ ،‬فالحجــر الحــواري األبيــض‪ ،‬بعــد أن‬ ‫منــع النــاس مــن نقــل الفخــار‪ ،‬ومتــأ الفراغــات‬ ‫مــا بــن األحجــار الكبــرة بالطــن واألحجــار‬ ‫الصغــرة‪ ،‬ثــم تصقــل الجــدران بالجــص مــن‬ ‫الداخــل والخــارج‪ ،‬ليشــكل طبقــه أكــر متاســكاً‬ ‫وأكــر تحم ـاً للظــروف الجويــة»‪.‬‬ ‫ويتابــع «النجــم» حديثــه حــول مكونــات‬ ‫البيــت الرقــي‪ ،‬قائ ـاً‪« :‬كانــت الغرفــة الغربيــة‬ ‫تتجــه نحــو الجنــوب بالبــاب والنوافــذ‪ ،‬وارتفــاع‬ ‫النافــذة يصــل إىل ‪/150-130/‬ســم تنتهــي‬ ‫بقــوس مــن األعــى‪ ،‬وتبقــى النافــذة مســتقيمة‬ ‫مــن الداخــل والقــوس ينفــذ مــن الجــص‪،‬‬

‫يقابــل هــذه النوافــذ عــى الجــدار الشــايل‬ ‫نوافــذ صــاء تســتعمل لتخزيــن املالبــس‬ ‫أو األدوات القليلــة االســتعامل أو الحاجــات‬ ‫الثمينــة‪ ،‬وهــي مبثابــة الخزانــة الجداريــة‪،‬‬ ‫ولهــذه الغرفــة نافــذة ثالثــة تتجــه إىل الغــرب‪،‬‬ ‫الغايــة منهــا االســتفادة مــن الهــواء الغــريب يف‬ ‫أيــام القيــظ‪.‬‬ ‫أمــا الغرفــة الرشقيــة فهــي نفــس الغرفــة‬ ‫الغربيــة بالتفاصيــل‪ ،‬ولكــن ال يوجــد لهــا نافــذة‬ ‫غربيــة أو رشقيــة‪ ،‬حيــث يســتهلك الجــدار‬ ‫الرشقــي كلــه للنضــد‪ ،‬وهــو عبــارة عــن عــدد‬ ‫مــن الفــرش واألغطيــة والوســائد تســتعمل عند‬ ‫النــوم‪ ،‬والفــراش يدعــى «دوشــك»‪ ،‬ويدعــى‬ ‫الغطــاء باللحــاف‪ ،‬ويتوضــع «النضــد» عــى‬ ‫مصطبــة‪ ،‬ترتفــع عــن األرض من ‪80/‬ـ‪/100‬ســم‪،‬‬ ‫وتدعــى «دجــة»‪ ،‬وكانــت تبنــى بنــا ًء‪ ،‬وتحولــت‬ ‫الدجــة إىل «موبيليــا» خشــبية متحركــة تدعــى‬ ‫«املنضــاد» أو الســادر‪ ،‬وهــو يســتعمل حتــى‬ ‫يومنــا الحــارض‪.‬‬ ‫يكــون تجــاه املطبــخ عــادة إىل الــرق مــن‬ ‫الغــرف وضلعــه الطويــل مــن الشــال إىل‬ ‫الجنــوب‪ ،‬ويفتــح البــاب إىل الغــرب‪ ،‬وتوجــد له‬ ‫نوافــذ إىل الغــرب والــرق‪ ،‬ولــه نفــس ســاكة‬ ‫الجــدران واإلكســاء الخارجــي والداخــي مــن‬ ‫الجــص‪ ،‬وللبــاب عتبــة لكنهــا لغســل األواين‬ ‫والصحــون‪ ،‬والســقف مييــل باتجــاه الــرق‪،‬‬ ‫يف معظــم األحيــان‪ ،‬ويعتــر املطبــخ مــن أهــم‬ ‫الغــرف‪ ،‬حيــث كانــت تتواجــد فيــه العائلــة يف‬ ‫معظــم األحيــان‪ ،‬للطبــخ‪ ،‬وللطعــام‪ ،‬والســهر‬ ‫شــتا ًء عــى الجمــر‪ ،‬وعنــد النــوم يذهبــون إىل‬ ‫الغــرف األنفــة الذكــر‪.‬‬ ‫أمــا مدخــل غرفــة الزخــرة فهــو مــن فــراغ‬ ‫املطبــخ‪ ،‬وهــي غرفــه صغــرة لحفــظ املؤونــة‪،‬‬ ‫وتســمى بغرفــة (الزخــرة)‪ ،‬وهــي تحريــف‬ ‫لكلمــة (الذخــرة)‪ ،‬وهــي مــا يدخــره اإلنســان‪،‬‬ ‫يوضــع فيهــا القمــح والطحــن والســمن‬ ‫والدبــس والكشــك وغريهــا‪ ،‬وفيهــا خزانــة‬ ‫تســمى «النمليــة» أو «الشــعرية» يحفــظ بهــا‬ ‫بقايــا الطعــام حتــى موعــد الوجبــة الثانيــة‪،‬‬ ‫كذلــك هنــاك ســلة تعلــق يف أحــد أعمــدة‬ ‫ســقف املطبــخ وهــي مــن القصــب لحفــظ‬ ‫الطعــام املتبقــي‪.‬‬ ‫املرحــاض‪ :‬مل يكــن هنــاك مرحــاض يف البيــوت‬ ‫الرقيــة يف البدايــة ومل يكــن يعرفهــا أحــد‪ ،‬فقــد‬ ‫كانــت النســوة يتغوطــن يف زرائــب الحيوانــات‬ ‫والرجــال لهــم الربيــة الواســعة وهنــاك‬ ‫روايتــان‪ ،‬ألول مرحــاض يف «الرقــة»‪ ،‬األوىل‪ ،‬أن‬ ‫أول مرحــاض قــد بنــاه القادمــون مــن براجيــك‬ ‫(الربجكليــن) حيــث نقلــوا معهــم الكثــر مــن‬ ‫مظاهــر الحضــارة للرقــة ومــن ضمنها اســتخدام‬ ‫املرحــاض‪ ،‬والثانيــة‪ ،‬أنــه يف عــام ‪ /1900/‬وهــو‬ ‫بدايــة قــدوم الرشكــس إىل «الرقــة» أنهــم بنــوا‬ ‫مرحاض ـاً وتقاطــر أهــل الرقــة ملشــاهدة هــذا‬ ‫األمــر الغريــب‪ ،‬وتعلــم أهــل «الرقــة» منهــم‬ ‫بنــاء املراحيــض‪ ،‬وكان لــه حفــرة فنيــة‪ ،‬وهــي‬ ‫عبــارة عــن بــر تحــت مــكان التغــوط مبــارشة‪،‬‬ ‫فيــا بعــد أصبــح البــر يبتعــد عــن املرحــاض‪،‬‬ ‫ويلحــق باملنــزل عــادة بــر مــاء‪ ،‬وميــاه هــذا‬ ‫البــر‪ ،‬ليســت للــرب ألنهــا مالحــة وتســتعمل‬ ‫فقــط للغســيل وســقاية املاشــية‪ ،‬وكان أهــل‬

‫«الرقــة» يرشبــون مــن نهــر الفــرات الــذي‬ ‫يجلــب إىل البيــوت بعــدة طــرق هــي األواين‬ ‫التــي تحمــل عــى رؤوس النســاء‪ ،‬والخط ـرات‬ ‫التــي تحمــل عــى الحمــر‪ ،‬أو عــن طريــق‬ ‫الســقا‪ ،‬ويف أحــد الزوايــا الرشقيــة للحــوش‬ ‫يتوضــع التنــور‪ ،‬الــذي يســتخدمه الجــران‬ ‫أيضـاً‪ ،‬وتتوضــع أمــام الغــرف «الســكية»‪ ،‬وهــي‬ ‫تقابــل «الفرنــدا» حاليــاً‪.‬‬ ‫وعنــد زواج أحــد األبنــاء ميكــن أن تبنــى أيض ـاً‬ ‫غرفتــان مقابــل الغرفتــن الســابقتني‪ ،‬وتتجــه‬ ‫نحــو الشــال‪ ،‬ولهــا نفــس «الســكية» والنوافــذ‬ ‫واألبــواب‪ ،‬وميكــن تكــرار هاتــن الغرفتــن‬ ‫ثــاث أو أربــع مـرات‪ ،‬حتــى يضيــق «الحــوش»‬ ‫بســاكنيه‪ ،‬ولكــن يبقــى املطبــخ مشــركاً‬ ‫للجميــع‪.‬‬

‫البقجــة‪ :‬وهــي كلمــة تركيــة‪ ،‬وتعنــي الحديقــة‬ ‫املنزليــة‪ ،‬كانــت جميــع بيــوت الرقــة تتوســطها‬ ‫شــجرة كبــرة وارفــة الظــال كالتــوت والرمــان‬ ‫والكينــا‪ ،‬ويحيــط بهــا حــوض بشــكل صنــدوق‬ ‫مفتــوح‪ ،‬جوانبــه الســكيتان الشــالية‬ ‫والجنوبيــة والحائــط الغــريب‪ ،‬ويــزرع يف هــذا‬ ‫الحــوض أزهــار الخطميــة والجــوري والعســلة‬ ‫والحشــيش اإلفرنجــي‪ ،‬وغريهــا وكان البيــت‬ ‫بذلــك جنــة غنــاء قياســاً إىل تلــك األيــام»‪.‬‬ ‫ويتحــدث «النجــم عــن دخــول منــاذج لبيــوت‬ ‫جديــدة‪ ،‬بقــول‪« :‬أدخــل منــوذج جديــد إىل‬ ‫مدينــة الرقــة قادم ـاً مــن مدينــة ديــر الــزور‪،‬‬ ‫وهــو الغرفتــان وصالــون‪ ،‬حيــث يكــون‬ ‫مبــارشة إىل الشــارع الــذي يطــل عليــه الحــوش‬ ‫والدخــول يتــم إىل الصالــون الــذي يلعــب دور‬ ‫املــوزع بــن الغــرف والحــوش‪ ،‬مــع االحتفــاظ‬ ‫باملدخــل الرئيــي للحــوش فهــذا املدخــل‬ ‫خــاص لــأخ املتــزوج‪ ،‬هنــا يفقــد االتجــاه دوره‬ ‫كأســاس يف توضــع البنــاء فقــد أصبــح هنــاك‬ ‫شــوارع‪ ،‬ويجــب أن يراعــى فيهــا الدخــول‪،‬‬ ‫يف البدايــة كانــت الغرفتــان وصالــون لهــا‬ ‫جــدران ســميكة كــا كانــت ســابقتها‪ ،‬ولكــن‬ ‫مــع دخــول االســمنت أصبحــت الجــدران أقــل‬ ‫ســاكة ومدخــل الصالــون الخارجــي أكــر‬ ‫تزيينــاً‪.‬‬ ‫تتكــرر الغرفتــان وصالــون أكــر مــن مــرة يف‬ ‫الحــوش الواحــد‪ ،‬حيــث تتكــون ممـرات ضيقــه‬ ‫وطويلــة أو قصــرة تصــل إىل املنــازل التــي‬ ‫أصبحــت داخليــة وليــس لهــا أي إطاللــة عــى‬ ‫الشــارع‪ ،‬وتســمى هــذه املمـرات بـ»الزابوقــة»‪،‬‬ ‫ويف بعــض األحيــان تتكــون «الزوابيــق» للفصــل‬ ‫بــن منــازل اإلخــوة لتصبــح فيــا بعــد‪ ،‬أزقــة‬ ‫ضيقــة تابعــة ألمــاك الدولــة‪ ،‬أمــا املنــزل‬ ‫الثــاين‪ ،‬فهــو «القونــاق»‪ ،‬وهــذا املنــزل كان‬ ‫موجــودا ً منــذ البدايــة‪ ،‬ولكنــه مليســوري الحال‪،‬‬ ‫و»القونــاق» هــو منــزل مــن طابقــن‪ ،‬وقــدم‬ ‫إىل املنطقــة مــع القادمــن مــن تركيــا‪ ،‬وهــذا‬ ‫املنــزل أيضــا لــه حــوش كبــر‪ ،‬بحيــث يكــون‬ ‫يف الطابــق األريض عــدد مــن الغــرف تطــل‬

‫عــى ممــر مســقوف‪ ،‬ينــزل إليــه مــن الحــوش‬ ‫بـ‪/45-30/‬ســم‪ ،‬وهــذا املمــر يطــل عــى أرض‬ ‫الحــوش بأقــواس جميلــة‪ ،‬ويكــون ارتفــاع املمــر‬ ‫والغــرف يف الطابــق األريض مــن ‪/275-250/‬‬ ‫ســم مســتفيدا ً مــن فــرق املنســوب بــن أرض‬ ‫الحــوش ومســتوى الغــرف‪ ،‬ونوافــذ الغــرف‬ ‫تطــل عــى الشــارع املجــاور‪ ،‬ويكــون ارتفــاع‬ ‫الجلســة يف هــذه النوافــذ صغ ـرا ً مــن الخــارج‬ ‫وكبـرا ً مــن الداخــل‪ ،‬وتقابلهــا نوافــذ تطــل عىل‬ ‫املمــر املســقوف‪ ،‬وهنــا البــد مــن اإلشــارة إىل‬ ‫أنــه كان يوجــد حــام لالغتســال وهــو موجــود‬ ‫ضمــن املطبــخ‪ ،‬أمــا الطابــق األول فيتــم‬ ‫الصعــود إليــه بــدرج بارتفــاع مــن ‪/250-200/‬‬ ‫ســم‪ ،‬وينتهــي فــوق املمــر املســقوف لتبــدأ‬ ‫«الربنــده»‪ ،‬وتعتــر مبثابــة «الســكية»‪ ،‬ويــرف‬ ‫عليهــا عــدد مــن الغــرف كــا يف الطابــق‬ ‫األريض‪ ،‬والطابقــن األريض واألول مســقوفان‬ ‫بنفــس الطريقــة الســابقة مــن أعمــدة خشــبية‬ ‫باالتجــاه القصــر ورشائــح خشــبية ثــم طبقــه‬ ‫مــن الطــن‪ ،‬وســقف الطابــق األول ميولــه إىل‬ ‫الخــارج»‪.‬‬ ‫ويختتــم النجــم حديثــه‪ ،‬قائــاً‪« :‬بقيــت‬ ‫مدينــة الرقــة عــى هــذه الهيئــة مــن األبنيــة‪،‬‬ ‫التــي كان معظمهــا مــن اللــن وقليــل مــن‬ ‫الفخــار والطــن‪ ،‬حتــى قــدوم املهاجريــن مــن‬ ‫«القفقــاز»‪ ،‬وتقــول «ســونيا الفــرا» برســالتها‬ ‫لنيــل شــهادة املاجســتري إن املهاجريــن مــن‬ ‫«القفقــاز» جــاؤوا إىل الرقــة عــى دفعتــن‪،‬‬ ‫األوىل عــام ‪ ،/1906/‬والثانيــة عــام ‪ ،/1917/‬وان‬ ‫الدفعــة الثانيــة كان عددهــا أكــر مــن الدفعــة‬ ‫األوىل‪ ،‬حيــث كان عددهــم نحــو ‪ /200/‬عائلــة‪،‬‬ ‫ويقــول الباحــث «حمــي فرحــان الحــادة»‪:‬‬ ‫«إن الرشكــس لهــم هجــرة واحــدة فقــط وهــي‬ ‫األوىل»‪ ،‬ووزعــت عليهــم الحكومــة آنــذاك‬ ‫أراض غــرب الســور العبــايس ليســكنوا فيهــا‪،‬‬ ‫وأرايض زراعيــة للعمــل‪.‬‬ ‫نالحــظ هنــا نشــوء أول مخطــط عمــراين‬ ‫نظامــي يف املدينــة‪ ،‬شــوارع مســتقيمة ومقاســم‬ ‫متســاوية األبعــاد‪ ،‬حيــث تــم بنــاء معظــم‬ ‫هــذه املســاكن مــن بقايــا الســور العبــايس وكان‬ ‫ينقــل القرميــد بعربــات تجرهــا الحيوانــات‬ ‫وقــد عرفــت ألول مــرة مــع قــدوم «الرشكــس»‪،‬‬ ‫ثــم بــدأت بلديــة «الرقــة» بإنشــاء مبــانٍ‬ ‫إســمنتية وتوزعهــا عــى العاملــن يف قطــاع‬ ‫الدولــة‪ ،‬وتقــع إىل الشــال مــن مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫حالي ـاً رشق مشــفى التوليــد‪ ،‬ومــن ثــم بــدأت‬ ‫األبنيــة باالرتفــاع الشــاقويل طابقــن‪ ،‬فقــد زاد‬ ‫عــدد الســكان بســبب الهجـرات‪ ،‬خصوصـاً بعــد‬ ‫بنــاء ســد الفـرات عــام ‪ ،/1970/‬فقــد أصبحــت‬ ‫هنــاك ضابطــة بنــاء‪ ،‬وتقلصــت مســاحة‬ ‫الحــوش‪ ،‬وكــرت األزقــة الضيقــة فــكان البــد‬ ‫مــن االنتشــار األفقــي‪ ،‬خــارج حــدود الســور‬ ‫العبــايس ومنطقــة الرشاكســة‪ ،‬فولــدت أحيــاء‬ ‫جديــدة‪ ،‬وكذلــك تــم تنظيــم منطقة»الثكنــة‪،‬‬ ‫يف البدايــة بضابطــة بنــاء مــن طابقــن‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم قلبــت ضابطــة البنــاء إىل ســبعة طوابــق‬ ‫فشــكلت فــوىض معامريــة ال ميكــن الســيطرة‬ ‫عليهــا»‪.‬‬ ‫ي‪-‬د‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬

‫الربيــع فصــل دم باهــظ األثمــان‬

‫تشــتد املخــاوف مــن نجــاح مــروع‬ ‫التّجزئــة والتقســيم يف ســوريا واملنطقــة‬ ‫واشــتداد النـزاع‪ .‬والعــن تشــكك يف جــدوى‬ ‫التفــاوض والحلــول السياســية‪.‬‬ ‫إن نجــاح أي مــروع يعتمــد عــى‬ ‫مقدمــات وأســباب وظــروف وقــوة دعــم‪.‬‬ ‫صحيــح أن ســوريا تعيــش يف أشــد األيــام‬ ‫حلكــة ومســاعي التقســيم والتجزئــة‬ ‫واالحتــال حقيقيــة‪ ..‬لكــ ّن الحــرب يف‬ ‫ســوريا أوســع مــن تقســيم وتجزئــة‪ ،‬وقــد‬ ‫تجــر حروبـاً واســعة وتــو ّرط أطرافـاً كثــرة‪.‬‬ ‫والتقســيم مثلــا لــه مؤيــدون وأنصــار لــه‬ ‫أعــداء كثــرون‪.‬‬ ‫والحقيقــة أ ّن مــا يفتــح الطريــق أمــام‬ ‫التقســيم واالحتــال واحتــدام النــزاع‪،‬‬ ‫باإلضافــة إىل نظــام األســد وداعميــه؛‬ ‫هــو عقليــة ســائدة يف املشــهد الســوري‬ ‫املعــارض لــدى أطيــاف وفئــات املثقفــن‬ ‫والسياســيني والعاملــن يف مختلــف‬ ‫املجــاالت املدنيــ ّة الســوريّة يف ظــل‬ ‫الثــورة والحــرب‪ ،‬وهــي عقليّــة الدكاكــن‬ ‫املتنافســة؛ فكيــف ميكــن الحفــاظ عــى‬ ‫وحــدة سياســية يف دولــة واحــدة‪ ،‬وجغرافيا‬ ‫واحــدة‪ ،‬إن كان االنقســام يف العقــول‬ ‫حــارض‪ ،‬وال ـراع عــى النفــوذ واملكاســب‬ ‫هــو الفعــل الســائد بــن أطيــاف املعارضــة‬ ‫الســوريّة‪ ،‬مصحوبــاً مبظاهــر فســاد مــن‬ ‫انتهازيــة واســتغالل ووالء للقــوى الكــرى‪،‬‬ ‫مــع فقــدان اســراتيجية عمــل مســتدامة‬ ‫منهجيــة متفــق عليهــا‪ ،‬وغيــاب القيــادة‬ ‫الجامعــة املوثــوق بهــا‪.‬‬ ‫الســاء ال متطــر ذهبــا‪ ...‬ومــن دون جهد‬ ‫حقيقــي ال حصــاد لنتائــج إيجابيــة‪ .‬نجنــي‬ ‫يف النهايــة أمثــان التقاعــس والتخــاذل‬ ‫والفســاد والتفرقــة‪ .‬والشــعب حتــى‬ ‫يتمكــن مــن اتخــاذ قــراره الحــر الفاعــل‬

‫هائل حلمي سرور‬

‫املنظّــم‪ ،‬وصناعــة مصــر ســوريا‪ ،‬مضطــر‬ ‫أن يبــذل كثــر التضحيــات‪ .‬ولألســف هنــاك‬ ‫وجبــات رسيعــة كثــرة تقدمهــا مطابــخ‬ ‫السياســة العامليــة للســوريني‪ ،‬ويتلقاهــا‬ ‫الســوريون ويتصارعــون يف مكاســبها‬ ‫وأوهامهــا‪ ،‬ويصبــح مســتقبل ســوريا يف‬ ‫مهــب الريــاح‪ .‬لكـ ّن املفــرض واملتوقــع أ ّن‬ ‫مســتقبل ســوريا وشــكلها ال يقــرره الــروس‬ ‫أو األمريــكان أو إرسائيــل أو أي دولــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬رغــم كــرة التمويــل الســيايس مدنياً‬ ‫وإغاثيـاً وعســكرياً وثقافيـاً‪ ،‬ورغــم االحتالل‬ ‫والعــدوان‪ ...‬لكــن يقــرره شــعب ســوريا‪.‬‬ ‫فــرض الحلــول السياســية والثقافيــة‬ ‫والعســكرية مــن األطــراف الدوليــة عــى‬ ‫الســوريني‪ ،‬متزامــن مــع ضعــف يف العقليــة‬ ‫السياســية والثقافيــة الســائدة يف املعارضــة‬ ‫والثــورة‪ ،‬ويف عمــوم النشــاط الســيايس‬ ‫الســوري املرهــون لــإرادات‪ ،‬مرتافقــاً‬ ‫بالرصاعــات املشــحونة باملصالــح الضيقــة‪،‬‬ ‫ورصاع الــوالءات وبواقــع يــردى‪ .‬العــدوان‬ ‫الــرويس‪ ،‬واملؤامــرات الدوليــة‪ ،‬ونظــام‬ ‫طاغيــة‪ ،‬كل لــه دوره األســايس الكبــر يف‬ ‫تعميــق املأســاة‪ ،‬لكــن يتحمــل كثــر مــن‬ ‫الســوريني العاملــن يف املســار العســكري‬ ‫والســيايس واملــدين واملنظــات والجمعيات‬ ‫والكتائــب املقاتلــة املســؤولية أيضــاً‪.‬‬ ‫املوضــوع أوســع مــن مجــرد مؤامــرة دوليــة‬ ‫تســهم فيــه بيــوت السياســة بخارجيتهــا‬ ‫وأذرع مخابراتهــا وقواهــا العســكرية‬ ‫والعلامنيــة‪ .‬ومل تعــد املعارضــة قــادرة أن‬ ‫تقــف يف وجــه أي مــروع كاســح‪.‬‬ ‫عقليــة الفــوىض والغوغائيــة يف توجيــه‬ ‫العمــل وضعــف العمــل املؤسســايت‬ ‫ظاهــرة عامــة يف أداء املعارضــة والعاملــن‬ ‫يف الشــأن الســوري يف مختلــف املجــاالت‪،‬‬ ‫وقــد جــاء حصادهــا الضعــف والعجــز‬ ‫واالنقيــاد لآلخريــن‪ ،‬وبالتــايل االنحنــاء أمــام‬

‫الحلــول السياســية والعســكرية الدوليــة‪.‬‬ ‫لذلــك تغيــر العقليــة خطــوة أساســية‬ ‫للحــل وللخــروج إىل واقــع جديــد قــوي‪.‬‬ ‫فــا ميكــن للقــوى السياســية الحاليــة بهــذه‬ ‫العقليــة وضمــن منظومــة عالقاتهــا القامئــة‬ ‫عــى التبعيــة والشــللية تحقيق أي مكســب‬ ‫وطنــي‪ .‬االكتفــاء بالتوصيــف أو الركــون إىل‬ ‫الهزميــة بحجــة انســداد األفــق والعجــز‬ ‫يزيــد يف املخاطــر؛ فــا بــد مــن التحليــل‬ ‫وتقويــم التجربــة ومراجعتهــا بجديــة‬ ‫ووعــي‪ ،‬واألخــذ بعــن االعتبــار التغي ـرات‬ ‫الحادثــة‪ ،‬ثــم العمــل بتشــاركية ومصداقيــة‬ ‫ووطنيــة‪ ،‬واالســتناد إىل املنهجيــة العلميــة‪.‬‬ ‫هنــاك لحظــات تاريخيــة تفقدهــا األمــم‬ ‫بســبب جهــل رجاالتهــا‪ ،‬وفســاد منطقهــم‪،‬‬ ‫وجشــع نفســياتهم املشــبعة باألنانيــة‬ ‫واالنتهازيــة‪ .‬وســوريا يف موقــع يحتــاج‬ ‫التقــاط هــذه اللحظــات التاريخيــة ولفــظ‬ ‫األخطــاء والخطايــا‪ .‬كل الحلــول املفروضــة‬ ‫عــى الشــعب الســوري ال يكفــي رفضهــا‬ ‫باللســان أو التبــايك أو االستســام‪ ،‬بــل‬ ‫باملوقــف الواعــي والعقــل الجامعــي‬ ‫الوطنــي‪.‬‬ ‫نجــاح التفــاوض الســيايس مــع النظــام‬ ‫والعــامل‪ ،‬يبــدأ مــن حســن التفــاوض‬ ‫الســوري الســوري يف كل املجــاالت‪ ،‬لحــل‬ ‫ِالشــكاليات وتقريــب الــرؤى‪ ..‬وليصبــح‬ ‫التفــاوض قــوة مدعومــة بثقــل كبــر‬ ‫داخــي ميكنهــا الثبــات يف وجــه التحديــات‬ ‫والتآمـرات الدوليــة‪ .‬ال نفــع مــن الــوالءات‬ ‫مهــا كانــت مؤثــرة‪ .‬بديــل ذلــك فهــم‬ ‫توازنــات العــامل والقــوى اإلقليميــة‪،‬‬ ‫واالنتــاء ملطالــب الشــعب‪ ،‬ومــروع‬ ‫ثــورة الحريــة التــي قدمــت الدمــاء‬ ‫الغزيــرة‪ .‬االلتصــاق بالقــوة الذاتيــة للثــورة‬ ‫ـوري‪ .‬أمــا االنســياق‬ ‫ومطالــب الشــعب السـ ّ‬ ‫الحــر مــن دون مكابــح يف مســاء التوازنــات‬

‫الدوليــة واإلقليميــة فهــو مــر أكــر مــن‬ ‫كونــه يخــدم املعارضــة السياســية‪..‬‬ ‫ســتكون العمليــة السياســية‪ ،‬ضمــن‬ ‫التحديــات الكثــرة القامئــة طويلــة؛ ألنهــا‬ ‫مرتافقــة مــع عمليــة تهذيــب للعقــل‬ ‫الســوري الســيايس والعســكري واملــدين‪،‬‬ ‫وإعــادة تأهيــل ثقــايف ومعــريف للمعارضــة‬ ‫لتعميــق وعيهــا‪ ،‬وتنظيــم عملهــا بشــكل‬ ‫مؤسســايت فيــا يخــدم ســوريا ومســتقبلها‬ ‫ومصــر شــعبها؛ خصوصــا أن الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬بأغلــب حراكــه‪ ،‬وقــواه املختلفــة‬ ‫مــا زال يعــاين األمــراض التــي أورثهــا لــه‬ ‫النظــام عــر عقــود مــن التفرقــة والتخويــن‬ ‫والتســلط والفســاد‪.‬‬ ‫العــامل الــذي جلــب حروبــه ومعاركــه‬ ‫إىل ســوريا‪ ،‬يؤجــج املنطقــة بالــراع‪،‬‬ ‫ويســعى الحتــواء كل القــوى العاملــة يف‬ ‫الشــأن الســوري السياســية والعســكرية‪،‬‬ ‫وغــر ذلــك‪ ،‬واســتغاللها فيــا يخــدم‬ ‫أهدافــه‪ .‬املعارضــة والثــورة يف حالــة‬ ‫اســتحقاق خطــر ملواجهــة هــذا االحتــواء‬ ‫بتطويــر ومتكــن كيــان ســيايس رســمي‬ ‫ميثلهــا‪ ،‬متأســس عــى الــرؤى املشــركة ال‬ ‫املكونــات‪ .‬عــى األفــكار وبرامــج العمــل‬ ‫املتوافقــة ال عــى األشــخاص‪ ،‬ومــا ميثلــون‬ ‫هــذا النمــط مــن التفكــر فــوق اآلخريــن‪.‬‬ ‫وفــوق الــذات الواحــدة‪ .‬التقســيم موجــود‪،‬‬ ‫ومخاوفنــا صحيحــة؛ لكـ ّن تنفيــذ التقســيم‬ ‫جغرافيــاً وسياســياً مــروط باســتمرار‬ ‫التــرذم الســوري‪ .‬وفشــل التقســيم‬ ‫مرهــون بوجــود عمــل حقيقــي ســيايس‬ ‫ســوري بامتيــاز يو ّجــه العمليــة السياســية‬ ‫مبصالــح وطنيــة‪ .‬كل الوضــع الحــايل ميكــن‬ ‫أن يكــون طارئــاً‪ ،‬ويتحــ ّول نحــو واقــع‬ ‫جديــد مبــر‪ ،‬ميكنــه التصــدي للحلــول‬ ‫عندمــا تســتلم اإلرادة الســورية الناضجــة‬ ‫قراراهــا وفعلهــا‪.‬‬

‫مهما تعددت األسباب‪ ..‬النصر قادم‬ ‫الصلــح مــع بنــي قريظــة‪ .‬مــا حالكــم أنســيتم‬ ‫مــن أســقط حــواء وآدم مــن الج ّنــة هيــا‪ ..‬هيا‬ ‫اهبطــوا واستســلموا قبــل أن تــدار الرحــى‪.‬‬ ‫عمتم مسا ًء يا سادة‪:‬‬ ‫هــذا ليــس بنــص مرسحــي‪ ،‬أو درامــي‪ ،‬أو‬ ‫أدوار وزعــت عــى دمــى متحركــة تُــدار‬ ‫كيــف مــا شــاءت وتُلقــن حســب مــا هــو‬ ‫مرســوم‪ ،‬وتتحكــم بهــا آليــة الزمــان واملــكان‬ ‫والشــخصيات التــي ســتصادفها لصناعــــة‬ ‫الحــدث‪ ،‬بــل هــي واقعــة دونهــا التاريــخ‬ ‫الحديــث عــى أنهــا الوتــد الــذي تســتند‬ ‫عليــه الجبــال‪ ،‬وبفقدانـــــه ســوف ينهــار‬ ‫كل يشء هــي الحــرب الكونيــة التــي بــدأت‬ ‫تتوافــد عليهــا جميــع الجيــوش مــن كل‬ ‫حــدب وصــوب لرتســم عــى أرضهــا نهايــة‬ ‫العــامل والخــاص هــي مــن عجائــب الدنيــا‪،‬‬ ‫بــل هــي الدنيــا بعجائبهــا‪ .‬منهــا تبــدأ حكايــة‬ ‫آخــر الزمــان حكايــة شــعب طُعــن ومــا زال‬ ‫يُطعــن بحـ ّد اإلبــادة‪ .‬مــن هنــا يــا ســادة كان‬ ‫الكنــز املفقــود يبحــث عنــه كل زعيــم عصابــة‬ ‫وحتــى أوبامــا‪.‬‬ ‫وباملقابــل هــل كانــوا يعتقــدون أن ســوريا‬ ‫الوطــن بــا قــادة‪ .‬هــا قــد جــاءوك مدججــن‬ ‫بالســاح والنبــاح ويضعــون عــل خناجرهــم‬ ‫عالمــة‪ .‬هــم يظنــون أنــك املــارد الــذي يكنــز‬ ‫يف قمقمــه صيحــة اإللــه ليــوم القيامــة‪.‬‬

‫عــى مشــارف العــزة والقلمــون وداريــا‬ ‫والغوطــة‪ .‬حصــار ال منــاص منــه‪ ،‬واقــع يفرض‬ ‫نفســه‪ ،‬ومعابــر شــتى لعــرب باتــوا أرضاس ـاً‬ ‫لعــدو يرتبــص فهــل مــن ســبيل لفكــه؟‪ .‬وهنــا‬ ‫وهنــاك مــا تبقــى مــن نخبــة تعــال نتحــرى‬ ‫أيهــا أزىك؟‪ .‬دم حاممــة أم عــش دبــور للتــو‬ ‫أرضمــت فيــه نــار الفتنــة تتلظــى‪ .‬حــوارات‬ ‫وجدليــات ونظريــات كانــت عــى جــرح‬ ‫الثــورة أســيد مكثــف زادت الطــن بلــه‪.‬‬ ‫دمياغوجيــة وأيديولوجيــة ليرباليــة وبلشــفية‪..‬‬ ‫أمميــة وعلامنيــة ومصطلحــات شــتى أتــت‬ ‫كالنصــل فأحدثــت يف الجــرح العميــق مــا ال‬ ‫يُحمــد عقبــاه فــردى‪ .‬أيهــا الجــرح كفــاك أملـاً‬ ‫وانتكاســات ونكبــة‪ ،‬أيهــا الجــرح عــش عزيـزا ً‬ ‫أو مــت وأنــت كريــم بــن طعــن املؤامــرة‬ ‫واغتيــال الصمــت‪.‬‬ ‫إليكم تفاصيل املسألة‪:‬‬ ‫مــن تحــت التلّــة حــزب اللــه والنظــام‬ ‫واملجــوس والــروس وقبيلــة بنــي قريظــة‪ ،‬ومن‬ ‫فــوق التلّــة ِح ّنــا ومــن ِح ّنــا‪ ،‬شــعب بالــروح‬ ‫غنــى ســورية ِ‬ ‫أنــت أحــى َج ّنــة‪ ،‬ورايــات‬ ‫بيضــاء تخفــق يف القلــوب لتنــادي ســورية‬ ‫هــي إلنــا‪ .‬الــكل كان هنــاك ولــك حتــى نــار‬ ‫جهنــم واألبــواب الســبعة لل َج ّنــة‪.‬‬ ‫إبليــس مــن تحــت ينــادي «أنــا بســورية أوىل‬ ‫وأنتــو يــي فــوق اطلعــوا لــره»‪ ،‬أنــا أتيــت‬ ‫مــن أجــل حاميــة الرمــوز املقدســة‪ ،‬وأنــا ملاذا؟‪ ..‬ملاذا؟‪ ..‬ملاذا؟‪..‬‬ ‫املقاومــة‪ ،‬وأنــا املامنعــة‪ ،‬وأنــا الــذي أبرمــت يــا ســادة كل مــا هنالــك هــو ســؤال ولكــن‬

‫دون إجابــة ملــاذا؟‪ ..‬هــم اعتقــدوا أنـ َـك أيهــا‬ ‫الوطــن لقمــة ســائغة وهديــة‪ ..‬هــم ظنــوا‬ ‫أنـ َـك شــعب بــا هويــة‪ ..‬هــم حســبوا أنـ َـك‬ ‫بــا قــادة أتــوا ليضعــوا عــى قــرك عالمــة‪..‬‬ ‫هــم قدمــوا ليدفنــوك حيـاً يف بطــن الحــوت‪،‬‬ ‫ـي ال ميــوت‪.‬‬ ‫ونســوا أن اللــه حـ ٌ‬ ‫أيهــا القادمــون مــن تحســبون أنفســكم آلهــة‬ ‫الظــام تصفــدون الحــق وتشــيدون الزنازيــن‬ ‫وتســقوهم كالعبيــد‪ ..‬أم حســبتم أنكــم‬ ‫عــى بطشــكم للشــعوب ســاملني‪ ،‬وأنكــم‬ ‫بــا حســاب وبــا رقيــب يف ســفككم دمــاء‬ ‫األحــرار حاملــن؟‪.‬‬ ‫يــا ســادة ســوريا الوطــن حكايــة أغنيــة لحنت‬ ‫عــى أوتــار الزمــن الجريــح‪ ،‬ولكــن بــا نهايــة‪،‬‬ ‫وطفــل يجثــو فــوق أطــال املنايــا ينــادي ملئ‬ ‫الحناجــر وينشــد‪ :‬يــا قصبــة نــودي‪ ..‬نــودي‬ ‫ودينــي عنــد حــدودي وحــدودي صــوب‬ ‫وجــودي وجــدودي عــم ينــادوا يــا ســوري ال‬ ‫ترحــل»‪ ..‬ال ترحــل‪ ..‬أنــت النبــض الــذي مــا‬ ‫يتوقــف ال بالوقــت‪ ،‬و»ال بالقلــب يــي عــم‬ ‫يكــر أنــت ســوري ال ترحــل‪ ..‬بلــدك إلــك‬ ‫وإلــك يف بلــدك عنــوان ازرع‪ ..‬ازرع ال ترحــل‪..‬‬ ‫يــا ولــدي ّيب قــي مــن زمــان أرضــك عرضــك‬ ‫وســيفك يف غمــك إلــك‪ ..‬يــا ولــدي أنت شــامة‬ ‫عــى خــدود الثــوار وأنــت عــن الفيجــة يــي‬ ‫يــرب منهــا األح ـرار‪ ..‬أنــت الغوطــة وأنــت‬ ‫املرجــة وأنــت حــر يف كل األركان‪ ..‬أنــت‬ ‫ســوري ال ترحــل‪ ..‬اركــب وعــن خيلــك مــا‬ ‫ترتجــل ومــا تفكــر إنــك ترحــل بلــدك إلــك‬

‫وإلــك يف بلــدك عنــوان‪ ..‬ازرع ال ترحــل‪ ..‬يــا‬ ‫شــآم ضمينــي أنــا بــا أم وبــا حنــن أنــا ابــن‬ ‫الشــهيد لــن أرحــل ولــو قطعــوين مــن الوريــد‬ ‫إىل الوريــد يــا وطنــي عنــك لــن أحيــد»‪.‬‬ ‫يــا ســادة‪ ..‬وطنــي بــات كالقصعــة التــي‬ ‫تكالبــت عليهــا الــكالب مــن كل البقــاع ومــا‬ ‫زال ي ـ ُن مــن رضب الســياط وصــوت وجعــه‬ ‫يُســمع مــن دمشــق إىل الربــاط ال عــريب‬ ‫وال مســتعربني وال أحــد بــان لنجدتــه حتــى‬ ‫اإلنــس والجــان‪ ..‬ملــاذا؟‪ ..‬ملــاذا؟‪ ..‬ســؤال لكــن‬ ‫دون إجابــة‪..‬‬ ‫مــن فــوق التــل‪ ،‬ومــن تحــت التــل‪ ،‬رصــاص‬ ‫ومــوت‪ ،‬وأرض تُحتــل‪ ،‬وال أحــد يبحــث عــن‬ ‫الحــل‪ ،‬ملــاذا؟ ألن هنــاك مــن يبتغــي للعبــة‬ ‫املــوت االســتمرارية‪ ،‬وكأن التاريــخ يعــود بنــا‬ ‫ليعلمنــا أن نــرون قــادم‪ ،‬وهوالكــو قــادم‪،‬‬ ‫وغــودو قــادم‪ ،‬وهــم قادمــون يحملــون‬ ‫الصليــب عــى ظهورهــم‪ ،‬وأجــداد الشــيعة‬ ‫تســبقهم لتدلهــم أيــن نحــن؟ وبعدهــا‬ ‫ســينتهي كل يشء بهــدوء‪.‬‬ ‫يــا ســادة الشــعب الســوري الحــر حــدد‬ ‫مفــرق طريقــه‪ ،‬إمــا أن يكــون أو ال يكــون‪،‬‬ ‫وأيقــن أن ال رجعــة إىل الــوراء مهــا تعــددت‬ ‫األســباب فاملــوت واحــد أينــا أدركــه‪ ،‬وأن‬ ‫النــر قــادم‪ ،‬وأعلــم أن مــن يصنــع حريتــه‬ ‫بيــده قــادر عــى تجــاوز املســتحيل‪ ،‬رغــم‬ ‫الج ـراح‪ ،‬رغــم مــا يجــري يف وطنــه الســليب‪،‬‬ ‫ويُســتباح وأرص عــى أن ال ينكــر‪ ،‬وأرص عــى‬ ‫ســلك دروب الفــاح‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫الرقة‪ ..‬بني «اللص والكالب»‬ ‫معبد الحسون‬ ‫بــات اليــوم قصــف الرقــة مــن قبــل قــوى عديــدة‬ ‫برنامج ـاً يومي ـاً‪ ،‬وأصبــح قتــل أهلهــا بــكل أنــواع الط ـران‬ ‫واجبـاً مربمجـاً ضمــن خطــة دوليــة تعلــن عــى املــأ صبــاح‬ ‫مســاء‪ ،‬أنهــا تحــارب داعــش وتخطــط للقضــاء عليهــا يف‬ ‫معقلهــا الرئيــس‪ :‬الرقــة‪ ..‬عاصمــة خالفــة داعــش املعلنــة‪،‬‬ ‫كل ذلــك يبــدو عادي ـاً يف نظــر العــامل أجمــع‪ ،‬ويس ـ ّوق لــه‬ ‫اإلعــام تســويقاً مجيــدا ً يحســد عليــه وعــى براعتــه وعــى‬ ‫تقانتــه يف املهنيــة‪..‬‬ ‫أمــا غــر العــادي كــا نـراه‪ ،‬واملتجــاوِز امل ُ َفـ َّوت يف املشــهد‪،‬‬ ‫فهــو أن الــذي يُقصــف يومي ـاً‪ ،‬وميــوت يومي ـاً‪ ،‬هــم أهــل‬ ‫الرقــة املدنيــن البســطاء املســتضعفني‪ ،‬واملحكــوم عليهــم‬ ‫بحكــم إعــدام شــبه مــرم‪ ،‬وضمنــي مــن قبــل الطرفــن‪:‬‬ ‫التنظيــم اإلرهــايب‪ ،‬واملجتمــع الــدويل عىل حـ ٍـد ســواء‪ ،‬فالرقة‬ ‫اليــوم‪ ،‬وبحــق‪ ،‬ينفــذ بهــا وبأهليهــا حكـاً واجــب التنفيــذ‬ ‫مــن طرفــن‪ :‬مــن لــص يدعــي األهليــة والقيوميــة عليهــا‪،‬‬ ‫ومــن كالب تدعــي حاميتهــا وتهــر هري ـرا ً كاذب ـاً متواطئ ـاً‬ ‫ـخيف األداء مبتــذالً‪ ..‬فيــه فقــر عــى هيبــة‬ ‫مــع اللصــوص‪ ،‬سـ َ‬ ‫الحــروب ورشفهــا وأخالقهــا‪ ،‬رغــم قــدرات الطـران وحداثــة‬ ‫مواصفاتــه وعظــم التقنيــات العســكرية التــي يســتعملها‪..‬‬ ‫وغــر العــادي كذلــك نستشــعر بــه حــن يزعــم التنظيــم‬ ‫بأنــه يتصــدى ويقاتــل كل هــؤالء «األعــداء األلــداء»‪ ،‬ونحــن‬ ‫نعلــم يقينــاً أنهــم «أصدقــا ٌء ألــداء»‪ ،‬ميــررون بالتعــاون‬ ‫والتواطــؤ معــه وقتــاً يجــب أن ُيــرر (ألســباب ال مجــال‬ ‫لذكرهــا يف هــذه العاجلــة)‪ ،‬وتُه ـراق دمــاء مدنيــن يجــب‬ ‫أن تُهــراق‪ ،‬وتُ َد َّمــر بيوتــاً وبنــى مدنيــة يجــب أن تُ َّدمــر‪..‬‬ ‫وحــن يزعــم أولئــك «األعــداء األلــداء» للتنظيــم (كــا‬ ‫يُفــرض بهــم أن يلعبــوا هــذا الــدور عــى خشــبة املــرح‬ ‫ٍ‬ ‫مشــهد‬ ‫الــدويل)‪ ،‬والــذي بــات يكــرر مرسحيــة عــى‬ ‫غــر بهيــج‪ ،‬ومنظــ ٍر بليــد متخــم بالتصنــع والغبــاء وقلــة‬ ‫الفطنــة‪ ،‬حــن يزعمــون بأنهــم يحاربــون اإلرهــاب‪ ،‬مــع‬ ‫علمنــا املســبق وعلمهــم املســبق‪ ،‬أن تلــك الغــرف الرسيــة‬ ‫يف مبنــى املحافظــة‪ ،‬ومبنــى امللعــب البلــدي يف الرقــة‪،‬‬ ‫محشــوة بج ـراالت أســديني وج ـراالت إيرانيــن وج ـراالت‬ ‫روس‪ ،‬وقــادة حــرب مرصيــن وحتــى أمريــكان وأوربيــن‬ ‫وخليجيــن‪ ..‬فلــاذا ال يأخــذون «حصتهــم مــن دمنــا‪..‬‬ ‫لينرصفــوا»‪ ،‬ويريحــوا ويســريحوا‪..‬؟ وملــاذا يقتلــون أطفــال‬ ‫الرقــة ونســاءها وشــيوخها‪ ،‬ويدمــرون كل ماضيهــا وحارضها‬ ‫ومســتقبلها تحــت عنــوان الحــرب عــى اإلرهــاب‪..‬؟‬ ‫وغــر العــادي كذلــك‪ ،‬يف مشــهد اللــص والــكالب هــذا‪ ،‬هــو‬ ‫أننــا نحــن أهـ َـل الرقــة وثوا َرهــا‪ ،‬قاتلنــا التنظيــم وعرفنــاه‬ ‫وخربنــاه‪ ،‬وكنــا نعلــم علــم اليقــن أننــا (ويف وقــت مــن‬ ‫األوقــات مــى قبــل اليــوم)‪ ،‬قــادرون عــى اســتئصاله‬ ‫وتشــليعه مــن جــذوره والخــاص منــه نهائيـاً‪ ،‬كان كل ذلــك‬ ‫أمــرا ً ســهالً ميســورا ً بســيطاً‪ ..‬ال كلفــة فيــه ووقــت‪ ،‬وال‬ ‫زمنـاً طويـاً يـراد لــه ولتحقيقــه‪ ..‬فقــط لــو توافــر لنــا مــن‬ ‫الســاح والذخائــر مبقــدار مثــن «طائــرة واحــدة»‪ ،‬مــن آالف‬ ‫الطائ ـرات التــي تهــدر وقتهــا وتقصفــه ويقصفهــا يومي ـاً‪..‬‬ ‫ولكــن يبــدو أن املخــرج وكاتــب النــص‪ ،‬غــر املوهوبــن‬ ‫بــكل تأكيــد‪ ،‬هــا مــن أرادا للمرسحيــة‪ ،‬مرسحيــة «اللــص‬ ‫والــكالب» أن متــي عــى هــذه الســرورة الهــادرة الفاضحــة‬ ‫والســخيفة‪ ..‬لــريض جمهــورا ً مل يكــن مــن شــأنه ومــن دوره‬ ‫ســوى التفــرج واإلقـرار مبــا يجــري ويحــدث يف ســاء الرقــة‬ ‫وأرضهــا‪..‬‬ ‫ليســت دمــاء أهــل الرقــة مــا ًء‪ ،‬وإن افرتضتموهــا كذلــك‪..‬‬ ‫وليســت داعــش عين ـاً تقــاوم املخــرز‪ ،‬وإن أراد النــص غــر‬ ‫املقنــع أن يوحــي تلــك اإليحــاءات‪ ،‬بــل األمــر كلــه ال يتعدى‬ ‫حــدود الزيــف والخــداع‪ ..‬زيــف العــن وزيــف املخــرز‪،‬‬ ‫وتواطــؤ اللــص مــع الــكالب‪ ،‬وتواطــؤ الــكالب مــع اللــص‪..‬‬ ‫وحتــى تحــق هــذه الحقيقــة ســيظل أهــل الرقــة البســطاء‬ ‫املســاملون‪ ،‬والعــزل مــن كل حيلــة ووســيلة‪ ،‬يدفعــون مــن‬ ‫دمائهــم ودمــاء أطفالهــم وأشــاء لحمهــم الــذي يتناثــر‬ ‫يومي ـاً‪ ،‬وهجرتهــم الجامعيــة نحــو املجهــول‪ ،‬صبــاح مســاء‪،‬‬ ‫تحــت قصــف طائـرات مــن عـرات الجنســيات‪ ،‬يدفعــون‬ ‫فاتــورة اللعنــة واملؤامــرات عليهــم وعــى شــعب ســوريا‬ ‫أجمعــه‪ ..‬حتــى يقــول ضمــر العــامل أخ ـرا ً كلمتــه التــي ال‬ ‫نتوقــع منــه أن يقولهــا‪ ..‬عــى األقــل ألمانــة التاريــخ وصــدق‬ ‫روايتــه وتوثيقــه‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تحت املجهر‬

‫وعي الضحيّة (‪)4‬‬ ‫املفكـ ّر الرقاّصــة هــو مصطلــح للدكتــور‬ ‫أميــن بكــر كان قــد أطلقــه عــى مثقفــي‬ ‫الســلطة‪ ،‬ممــن ارتضــوا بــأن تكــون الثقافــة‬ ‫منجــزا ً مــن منجزاتهــا‪ ،‬أولئــك املتلونــون‬ ‫وفقــاً للظــرف الســيايس ومــا يناســب‬ ‫أهــواء الحــكام‪« .‬املف ّكــر الرقاصــة» الــذي‬ ‫أفقدنــا الثقــة باملثقــف وبــدوره الوظيفــي‬ ‫الــذي ك ّنــا ننتظــره منــه‪ ،‬فأصبحنــا أمــام‬ ‫اســتعراضات وحــركات بهلوان ّيــة ممثلــة‬ ‫مبعــارض ومهرجانــات وأمســيات وظّفــت‬ ‫الثقافــة يف خدمــة املتنفذيــن بــدءا ً مــن‬ ‫أصغــر عنــر أمــن وانتهــا ًء بــويل نعمــة‬ ‫الثقافــة واملثقفــن‪.‬‬ ‫أصبحــت الثقافــة واجهــة ســياحيّة دون أن‬ ‫تتجــاوز الســطح إىل القــاع‪ ،‬حيــث يقبــع‬ ‫اإلنســان مــع أعبائــه وأســئلته وقلقــه‬ ‫الوجــودي‪ .‬بــدأ املواطــن يفقــد ثقتــه‬ ‫باملثقــف‪ ،‬وهــو ي ـراه يلهــث وراء رجــاالت‬ ‫الســلطة‪ ،‬ويبــذل الغــايل والنفيــس ليتبــوأ‬ ‫منصبــاً يف دائــرة الثقافــة‪ .‬فقــد املواطــن‬ ‫ثقتــه باملثقــف عندمــا وجــده يقــف عنــد‬ ‫أبــواب املتنفذيــن مح ّمــا بالهدايــا والــرىش‪.‬‬ ‫وعندمــا وجــد املواطــن نفســه يغــرق يف‬ ‫همومــه املعيشــية ويدفــع مــن دم قلبــه‬ ‫أتــوات ألصحــاب الشــأن الذيــن يصفــق لهم‬ ‫هــذا املثقــف‪ ،‬وعندمــا أقصيــت األصــوات‬ ‫الحــ ّرة والحقيقيــة وغابــت عــن املشــهد‬ ‫مبــلء إرادتهــا أو بالســلبطة والتجــر‪.‬‬ ‫نظــن‪،‬‬ ‫ومل يكــن غيابهــا حســناً كــا ك ّنــا‬ ‫ّ‬ ‫وذلــك عندمــا خــرج الكثــر مــن هــؤالء‬ ‫املثقفــن مــن الغيابــات‪ ،‬بعضهــم مدفــوع‬ ‫باالنتقــام والتشــفي‪ ،‬وبعضهــم اآلخــر غــر‬ ‫قــاد ٍر عــى تجــاوز املــايض الــذي توقــف‬ ‫عنــده‪ ،‬وصــاروا عبئــاً عــى الحــراك‪ ،‬قبــل‬ ‫أن ينفصــل بعضهــم ليعلــن انحيازه لســلطة‬ ‫القمــع‪ ،‬ويتّجــه بعضهــم إىل الحـراك الثوري‬ ‫ينظّــر ويدعــو إىل الثــورة مــن املنطلــق‬ ‫ذاتــه الــذي تنطلــق منــه الســلطة‪ ،‬باللغــة‬ ‫الخشــبية ذاتهــا‪ ،‬وبــاألدوات التحريض ّيــة‬ ‫ذاتهــا‪ ،‬وبالتشــويه لــكل القيــم التــي نــادى‬ ‫بهــا الحــراك منــذ انطالقــه‪.‬‬ ‫ملــاذا غابــت األصــوات الحقيقيــة؟‬

‫كل‬ ‫األصــوات التــي تســاءل الحريّــة يف ّ‬ ‫لحظــة‪ ،‬وترفــض الخطــأ أيّــا كان مصــدره‪،‬‬ ‫وأيّــا كانــت نتيجــة هــذا الرفــض‪ .‬ثــم نجــد‬ ‫مــن أنســاق وراء صيحــات الثــأر وراح‬ ‫يجيّــش النــاس ويدعــو إىل الحــرب والقتــال‬ ‫حتــى آخــر ســوري وهــو جالــس يف مكتبــه‬ ‫آمن ـاً مطمئن ـاً عــى ســامته؟ وكأنّ الحــرب‬ ‫وقــت مناســب لتغيــب األصــوات التــي‬ ‫ٌ‬ ‫نــادت بالعدالــة والحريــة والكرامــة‪ .‬يقــول‬ ‫هريمــان هيســه‪( :‬إنّ اآلخريــن ‪-‬ويعنــي‬ ‫بعــض الكتــاب‪ -‬يســاهمون يف األحــداث‬ ‫الجليلــة بحمــل الحــرب إىل غــرف مكاتبهــم‬ ‫حــرب‬ ‫وتأليــف أغــانٍ تحــثّ عــى شــن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مقــاالت مفرطــة التطــرف‬ ‫وحشــية أو‬ ‫تشــعل األحقــاد)‪ .‬مل تكــن الحــرب مطلب ـاً‪،‬‬ ‫ولك ّنهــا ويف خطــاب الكثــر مــن املثقفــن‬ ‫بــدت يل أشــبه مــا تكــون بالغايــة؛ الحــرب‬ ‫مــن أجــل الحــرب‪ ،‬الحــرب مــن أجــل‬ ‫أن أنفــث ســمومي بغــض النظــر عــن‬ ‫غايتــي األساســية التــي تتمثــل باملطالبــة‬ ‫بالحقــوق‪ ،‬وأ ّولهــا كيــف نحافــظ عــى‬ ‫كل يشء كيــف‬ ‫رشعيــة مطالبنــا‪ ،‬وقبــل ّ‬ ‫نحقــق الحريــة والســام‪.‬‬ ‫هــل هــذا قدرنــا أن يغيــب املثقــف القــادر‬ ‫أي اعوجــا ٍج‬ ‫عــى مواكبــة الحـراك وتقويــم ّ‬ ‫ممكــن ليظهــر وبشــكلٍ فاجــر املثقــف‬ ‫الــذي ال يقــول شــيئاً؛ إنّــه يشــتم فحســب؛‬ ‫أقــول‪ :‬الشــتم مــن أجــل الشــتم!‬ ‫الشــتم مــن أجــل «الاليــك»‪ ،‬كلّــا أســاء‬ ‫أكــر نــال إعجابــاً أكــر‪ ،‬كلّــا دعــا بنــرة‬ ‫طائفيــة ومناطقيــة بغيضــة حقــق م ـراده‪.‬‬ ‫وســيجد مــن يصفــق لــه يف الحــرب‪ ،‬لك ّنــه‬ ‫أبــدا ً لــن يجــد مــن يلتفــت إليــه إذا مــا‬ ‫انتهــت الحــرب‪ ،‬وتحققــت الحريّــة‪.‬‬ ‫مــن زاويــة أخــرى‪ ،‬يقــول صــادق العظــم‪:‬‬ ‫(ليســت مهمــة املثقــف اســتيعاب الشــارع‬ ‫الثائــر‪ .‬وفكــرة أنّ املثقفــن قــادة رأي وقادة‬ ‫فكــر ووعــي‪ ،‬تفندهــا الثــورات العربيــة‬ ‫عمومــاً والثــورة الســورية خصوصــاً‪ .‬إنهــا‬ ‫ثــورات عفويــة)‪ .‬إذا ً‪ ،‬ليــس عــى املثقــف‬ ‫أن يكــون قائــدا ً‪ ،‬ولكــن هــل مــن الصعــب‬

‫عــى املثقــف أن يكــونَ واعي ـاً مبــا يكفــي‬ ‫لفكــرة أن هــذا الشــعب ضحيــة‪ ،‬أعنــي‬ ‫الشــعب كامــاً مبــا فيهــم مــن نطلــق‬ ‫عليهــم «املــواالة»؟ هــل مــن الصعــب‬ ‫عــى املثقــف أن يرفــض التجــاوزات التــي‬ ‫حدثــت؟ هــل مــن الصعــب عليــه أن يف ّنــد‬ ‫تلــك األخطــاء ويدعــو إىل تجاوزهــا؟ ثــم‬ ‫مــاذا يفعــل اإلنســان العــادي وهــو يــرى‬ ‫أن املثقــف قــد تنــازل عــن دوره الريــادي‬ ‫أو لنقــل التوعــوي؟‬ ‫لألســف فــإنّ الكثــر ممــن نتفــق عــى‬ ‫أنّهــم مــن النخبــة املثقفــة انخــرط يف‬ ‫هــذا الكرنفــال الهســتريي‪ ،‬يرقــص ويطبــل‬ ‫ويدبــك فــوق مــآيس اإلنســان الســوري‪،‬‬ ‫نجــد مــن يهــذر بــكالمٍ ســخيف عــن‬ ‫الحريــة‪ ،‬وبعضهــم مــن يؤيّــد «التكفرييــن»‬ ‫رغبــة بالتشــفي واالنتقــام‪ ،‬ونجــد مــن‬ ‫يدعــو إىل التقســيم‪ ،‬ويدعــو إىل اإلبــادة‬ ‫وإلغــاء اآلخــر‪ ،‬وكأنّ قــدر الســوري أن‬ ‫كل هــذا بــد ًءا مــن ســلطة‬ ‫يدفــع مثــن ّ‬ ‫غاشــم ٍة التتــورع عــن القتــل واإلبــادة‪،‬‬ ‫مــرو ًرا بحــروب تــدار بالوكالــة فــوق أرضنا‪،‬‬ ‫ونــزو ٍح ولجــو ٍء وترشيــد وحصــار واعتقــال‬ ‫وقتــل‪ ،‬وكأنّ عــى الســوري أال يكــون لــه‬ ‫حــق يف تقريــر مصــره‪ ،‬وأن يفقــد ثقتــه‬ ‫باملثقــف مثلــا فقــد ثقتــه بــه مــن قبــل‪.‬‬ ‫فنجــد مثقًفــا يقيــم يف أوروبــا ويدعــو‬ ‫إىل نــرة التكفرييــن ويدعــو إىل الخالفــة‬ ‫عــى منهــج النبــوة فيــا يجلــس هــو آم ًنــا‬ ‫مطمئ ًنــا يف إســبانيا‪ ،‬وآخــر يجلــس يف لنــدن‬ ‫يــوزّع صكــوك الــرف والتضحيــة ملــن‬ ‫أعلــن والءه املطلــق للقاعــدة ضاربًــا عــرض‬ ‫ـأي مــروع وطنــي يعيــد صياغة‬ ‫الحائــط بـ ّ‬ ‫الهويّــة الوطنيــة ويؤســس لعقــد اجتامعــي‬ ‫جديــد‪ ،‬ويــأيت آخــر يدعــو إىل االنحيــاز إىل‬ ‫هويّــات ضيّقــة ميتــة عفــا عليهــا الزمــن‬ ‫والميكــن لهــا أن تنهــض باإلنســان والبــاد‪.‬‬ ‫الحديــث يطــول عــن هــؤالء الذيــن‬ ‫أســاؤوا»‪ ،‬وارتضــوا أن يكونــوا أبواقًــا ينفــخ‬ ‫كل حاقــد وطائفــي‪ ،‬هــم الذيــن‬ ‫بهــا ّ‬ ‫ابتعــدوا كثــ ًرا لدرجــة أنّ أحدهــم مل‬ ‫يتســاءل‪ :‬ملــاذا مل أقــل خــ ًرا أو أصمــت؟‬

‫* محمد الرفاعي‬

‫المغيرة الهويدي‬ ‫كلّنــا يعــرف أنّ الشــعب الســوري دفــع‬ ‫الثمــن باهضً ــا ولــن يتخــى عــن مطالبــه‪،‬‬ ‫ويكفــي أن نجيــل نظرنــا مبــا حــدث خــال‬ ‫هــذه الســنوات الخمــس لنعــرف أنّ تغيـ ًرا‬ ‫جذريًــا يحــدث والميكــن أليــة قــوة أن‬ ‫توقفــه‪.‬‬ ‫لســت ممــن يتج ّنــى ويلقــى التهــم جزافًــا؛‬ ‫لذلــك أقــول‪ :‬إنّ هنالــك اســتثناءات‬ ‫تســتحق اإلشــادة‪ ،‬وأســاء دفعــت الثمــن‬ ‫نتيحــة مواقفهــا واســتهدفت مــن جميــع‬ ‫األطــراف‪ ،‬ومشــاريع تظهــر إىل العلــن‬ ‫اآلن تدعــو إىل إصــاح ماميكــن إصالحــه‪،‬‬ ‫ترفــع الصــوت عال ًيــا أمــام الخطــأ‪ ،‬وتقــدم‬ ‫مبــادرات جــا ّدة ترفــض اإلقصــاء واإللغــاء‬ ‫بلغــة بعيــدة عــن الشــتم والقــذف‬ ‫والتجييــش‪.‬‬ ‫نعــم‪ ،‬اآلن هــو صــوت هــذا املثقــف الــذي‬ ‫يطلبــه الشــعب‪ ،‬وغــ ًدا ســتنتهي الحــرب‬ ‫التــي هيّــات البيئــة املناســبة لظهــور‬ ‫هــذا العفــن‪ ،‬وســيكون الصــوت للســام ال‬ ‫للحــرب‪ ،‬للكرامــة ال للــذل‪ ،‬ملــن ميــد يــده‬ ‫ال ملــن يحمــل ســكي ًنا‪ ،‬ملــن يشــر إىل الخطــأ‬ ‫ال ملــن يتعامــى عنــه‪ ،‬ملــا ميكــن أن يجمعنــا‬ ‫ال ملــا يفرقنــا‪ ،‬ملــن يــرى الســوري ســوريّا‬ ‫بغــض النظــر عــن طائفتــه وعرقــه وقبيلتــه‬ ‫ال ملــن يــراه بهويتــه امليتــة‪ ،‬ملــن يرفــض‬ ‫يظــل ضحيــة كــا يرفــض أن يصبــح‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫قاتـاً‪ ،‬للعدالــة ال للظــم‪ ،‬وســيكون الصــوت‬ ‫للحيــاة ال للمــوت‪...‬‬ ‫ومــا الميكــن أن تحققــه الحــروب وأبواقهــا‬ ‫وســدنتها وعبيدهــا‪ ،‬ســتحققه الحريــة!‬

‫‪ .1‬كل انواع الغسيل للتنظيف‪..‬‬ ‫إال غسيل األدمغة!!‬ ‫لتلطيخها‪..‬‬ ‫‪ .2‬جبناء فعلياً محنكون لغوياً‬ ‫ـت بدهــاء لغــوي رهيــب‬ ‫دســاترينا الحياتيــة ِصي َغـ ْ‬ ‫يجســد حنكــة الكتــاب مــن حيــث اللغــة العربيــة‬ ‫ّ‬ ‫فمعظــم فقراتهــا «مطروقــة» مــن حيــث الفكــرة‬ ‫فهــي مقتبســة مــن قواعــد اللغــة وعــى ســبيل‬ ‫املثــال «الفاعــل» مقــ ّد ٌس يف اللغــة فهــو الوحيــد‬ ‫ـب الرفــع‬ ‫الــذي ال يُجــر وال يتــم النصــب عليــه واجـ ُ‬ ‫ـص مــن املفعــول بـ ِه فهــو واجــب النصــب‬ ‫بــل نقتّـ ُ‬ ‫حالــه حــال عامــة الشــعوب العربيــة املنصــوب‬ ‫ـر ايضــا فهــي‬ ‫عليهــا دومنــا تحــرك ســاكنا بــل وت ُ ْكـ َ‬ ‫يف نظــر «الفاعــل» جمــع مؤنــث ســامل واجــب‬ ‫الكــر والتحطيــم ‪.‬‬ ‫يف الحيــاة ال يوجــد مفعــول مطلــق إ ّمــا فاعــل وإ ّمــا‬ ‫مفعــول به‪.‬‬ ‫‪ .3‬متر األيام واألجيال‪،‬‬ ‫ولســان حــال حكامنــا يقــول‪« :‬لســنا الوحيديــن‬ ‫ولكننــا األســوأ»‬ ‫‪« .4‬ميضون ونبقى»‬ ‫العبارة الصادقة الوحيدة‪،‬‬ ‫التي يلهث حكام العرب من أجل تحقيقها‪،‬‬ ‫والدفاع عنها برشاسة!!‬ ‫‪ .5‬اللُحمة الوطنية‪..‬‬ ‫زمروا لها‪..‬‬ ‫وبعد أن سال لعابنا‪،‬‬ ‫وجدنا انها منتهية الصالحية!!‬ ‫‪« .6‬طرفة غبية»‬ ‫جمعوا األموال للنازحني‪..‬‬ ‫ورصفوها عىل النازعني!!‬ ‫‪ .7‬الكل يرغب باإلصالح‪،‬‬ ‫فمن هو املفسد؟!‬ ‫‪ .8‬ال يُكرث الحديث عن يشء‪،‬‬ ‫إلّ فاقده‪..‬‬ ‫كذلــك هــم حكامنــا‪ ..‬أغلــب خطاباتهــم حــول‬ ‫الــرف واألمانــة واألخــوة!‪.‬‬ ‫‪ .9‬كثــرة هــي خطوطنــا الحمـراء‪ ،‬ولكننــا مل نجــرؤ‬ ‫عــى ترســيمها فعليـاً إال يف نتائــج املــدارس!‬ ‫* كاتب عراقي‬

‫العودة إىل جنيف‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫يُقــال إ ّن أشــ ّد ســاعات الليــل حلكــ ًة‬ ‫هــي تلــك التــي تســبق الفجــر‪ ،‬ورمبــا ليســت‬ ‫هــذه الســاعات التــي متــ ُّر بهــا األزمــة‬ ‫الســورية هــي األشــ ّد حلكــةً‪ ،‬ولكنــي أظــ ُّن‬ ‫أنهــا الســاعات التــي تشــت ّد فيهــا الحــرة مــا‬ ‫يجــري عــى ســاحتها‪ ،‬فامللــك ســلامن يف ضيافــة‬ ‫أردوغــان قبــل حضــور مؤمتــر قمــة منظمــة‬ ‫التعــاون اإلســامي‪ ،‬وو ّيل و ّيل عهــده يف األردن‬ ‫واإلمــارات وتركيــز يف مباحثاتــه مــع العاهــل‬ ‫األردين عــى التدخــل اإليــراين يف الشــؤون‬ ‫العربيــة‪ ،‬ودميســتورا يف موســكو ودمشــق‬ ‫وطه ـران‪ ،‬مؤكــدا ً عــى أهميــة الجولــة املقبلــة‬ ‫يف مباحثــات جنيــف التــي ســركّز عــى عمليــة‬ ‫االنتقــال الســيايس‪ ،‬والنظــام يكــ ّرر معزوفــة‬ ‫الحضــور «بــدون رشوط مســبقة»‪ ،‬وطهــران‬ ‫ترســل مغاويرهــا للقتــال يف ســورية‪ ،‬وداعــش‬ ‫والنظــام يتبــادالن االســتالم والتســليم يف تدمــر‬ ‫والقريتــن‪ ،‬ورمبــا أماكــن أخــرى مرشــحة لتكون‬

‫مرسحــاً لهكــذا عمليــة‪ ،‬واملوقــف العســكري‬ ‫لداعــش يف العــراق ويف ســورية‪ ،‬وهــو عامــل‬ ‫آخــر شــديد األهميــة يف رســم خارطــة األحداث‬ ‫املقبلــة‪ ،‬ولعــل الرتاخــي الواضــح يف معالجــة‬ ‫القضيــة الداعشــية يف العــراق خصوصــاً‪ ،‬ويف‬ ‫ســورية إمنــا يــأيت لرتتيــب كيفيــة اســتخدام‬ ‫ورقــة داعــش يف تثبيــت املصالــح اإليرانيــة يف‬ ‫كال البلديــن‪.‬‬ ‫ووفــد املعارضــة إىل جنيــف يكــ ّرر موقفهــا‬ ‫مؤكــدا ً عــى أنــه ســيطرح «بقــوة» مســألة‬ ‫رحيــل األســد‪ ،‬ورمــوز نظامــه عــن املشــهد‬ ‫الســيايس الســوري يف املرحلــة االنتقاليــة‪،‬‬ ‫والفــروف يهاجــم اإلدارة االمريكيــة بعنــف‪،‬‬ ‫ويصــف الترسيبــات عــن االتفــاق مــع روســيا‬ ‫عــى إزاحــة األســد بعــد زيــارة مديــر الـــ‪C I‬‬ ‫‪ A‬إىل موســكو مطلــع آذار املنــرم بأنهــا‬ ‫«ترسيبــات قــذرة»‪ ،‬والســيد كــري ال يــرى‬ ‫إمكانيــة لوجــود األســد يف املرحلــة املقبلــة‪.‬‬ ‫فهــل ُيكــن أن يُســتنتج يشء مــن هــذا الــذي‬

‫يجــري؟ هــل ُيكــن أن نــرى أيـ َة نقطـ ٍة واضحـ ٍة‬ ‫تــؤش إىل مــا ســتؤول إليــه األمــور؟ وهــل‬ ‫ّ‬ ‫نســتطيع مــن محاولــة تجميــع األوراق املبعــرة‬ ‫أن نشــك َّل مشــهدا ً متامســكاً أو حتــى شــبه‬ ‫متامســك؟‬ ‫عــى الرغــم مــن أين فاقــد الثقــة يف اإلدارة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬لكنــي أعتقــد بإمكانيــة الربــط‬ ‫بــن ترصيــح ألوبامــا يف مقابلــة مــع الصحفــي‬ ‫األمريــي الشــهري تومــاس فريدمــان أواخــر‬ ‫العــام املنــرم يقــول فيــه‪« :‬عــى حلفائنــا‬ ‫العــرب الســ ّنة أن يزيــدوا مــن رغبتهــم يف‬ ‫حــل مشــاكل‬ ‫اســتخدام قواتهــم األرضيــة يف ّ‬ ‫املنطقــة «وتســاؤله عــن» عــدم قيــام العــرب‬ ‫بالقتــال ضــ ّد االنتهــاكات الفظيعــة لحقــوق‬ ‫اإلنســان التــي تُرتكــب‪ ،‬أو ضــ ّد مــا يفعلــه‬ ‫األســد» – وهــي ترصيحــات أرشنــا إليهــا يف‬ ‫مقــال ســابق – وبــن التأكيــدات املتزامنــة‬ ‫واملتكــررة لوزيــر الخارجيــة الســعودي عــن‬ ‫حتميــة رحيــل األســد إن بحــل ســيايس أو‬

‫بحــل عســكري‪ ،‬وبــن ترصيــح كــري امل ُشــار‬ ‫إليــه آنف ـاً‪ ،‬وبــن مــا نرشتــه صحيفــة الـــ»وول‬ ‫ســريت جورنــال» األمريكيــة عــن الخطّــة‬ ‫بــاء التــي تبحثهــا اإلدارة‪ ،‬والتــي مــن بنودهــا‬ ‫تزويــد بعــض فصائــل املعارضــة بأســلحة‬ ‫نوعيــة متكنهــا مــن التصــدي لط ـران النظــام‪،‬‬ ‫ومــن ش ـ ّن هجــات مؤثــرة ض ـ ّده تغـ ّـر مــن‬ ‫مي ـزان القــوى يف امليــدان‪ ،‬وتؤثــر بالتــايل عــى‬ ‫رع يف رحيلــه‪.‬‬ ‫مــا يتخــذه مــن قــرارات تُــ ّ‬ ‫وذلــك كلّــه متعلــق مبــا ستســفر عنــه الجولــة‬ ‫الثالثــة مــن مفاوضــات جنيــف‪ ،‬التــي تبــدأُ‬ ‫ٍ‬ ‫تخــوف‪ ،‬وتحذيــ ٍر مــن‬ ‫هــذه األيــام وســط‬ ‫إمــكان فشــلها نتيجــة تصعيــد النظــام املتع ّمــد‬ ‫لخــرق الهدنــة الهشّ ــة أساسـاً‪ ،‬وعــودة الرباميــل‬ ‫املتفجــرة إىل االســتعامل بالوتــرة الســابقة‬ ‫عليهــا‪.‬‬ ‫الــذي أظ ّنــه وأرجــو أن أكــون مخطئــاً‪ ،‬إذ‬ ‫ٍ‬ ‫مزيــد مــن ســفك دمــاء‬ ‫ال أحــ َد يرغــب يف‬ ‫الســوريني إالّ أعداؤهــم‪ ،‬أن هــذه الجولــة‬

‫لــن تكــون أفضـ َـل مــن ســابقتيها‪ ،‬وأن الفشــل‬ ‫يرتصدهــا بســبب مواقــف النظــام‪ ،‬وحليفيــه‬ ‫ّ‬ ‫الداعمــن لــه الــروس واإليرانيــن‪ ،‬ويعـ ّزز هــذا‬ ‫الظــن مــا يصــدر مــن ترصيحــات مــن أعضــاء‬ ‫وفــد املعارضــة املفــاوض تعكــس القتامــة التــي‬ ‫تســود األجــواء‪.‬‬ ‫الشــعب الســوري كلّــه يتمنــى أن تنتهــي‬ ‫الكارثــة الســورية بحــلٍ ســيايس يوفــر الــدم‬ ‫والدمــوع‪ ،‬لكــن الفشــل يف الوصــول إليــه‬ ‫ســوف يعيدهــا إىل املربــع األول‪ ،‬وســوف‬ ‫يضــ ُع أشــقاءنا وأصدقاءنــا الحقيقيــن‪ ،‬الذيــن‬ ‫أق ّدمهــم عــى املجتمــع الــدويل وعــى اإلدارة‬ ‫ـدي‬ ‫األمريكيــة أمــام منعطــف جديــد لــن تجـ َ‬ ‫فيــه ترصيحــات الدعــم اإلعالميــة نفعــاً يف‬ ‫إنهــاء الكارثــة‪ ،‬بــل ال بـ ّد مــن اتخــاذ خيــار ٍ‬ ‫ات‪،‬‬ ‫لــو اتخــذت منــذ بدايــة الثــورة لوفّــرت عــى‬ ‫الشــعب الســوري دمــاً كثــرا ً ومعانــاة نــزوح‬ ‫وهجــرة‪ ،‬هــي األكــر قســو ًة منــذ الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املظلومية واملجتمع الرعوي‬ ‫آرام كرابيت‬

‫قوس قزح‬

‫ق��راءة يف رواي��ة «قبل��ة يه��وذا» للكات��ب الفرنس��ي أوب�ير برولوجن��و‬

‫«يجــب أن تعتنــي بســيفك اعتنــاءك بحياتــك‪ .‬أنــت‪،‬‬ ‫ميكــن االســتعاضة عنــك‪ ،‬أمــا هــو‪ ،‬فال»‪.‬‬ ‫هــذا مــا قالــه حزقيــال أحــد أبطــال روايــة قبلــة يهــوذا‬ ‫للكاتــب الفرنــي أوبــر برولونجــو أثنــاء تدريــب‬ ‫األطفــال الصغــار عــى حمــل الســاح كالخنجــر‬ ‫والســيف‪.‬‬ ‫فالســاح هــو رمــز هــذه الحضــارة كمرجــع للتامســك‬ ‫والرتابــط التاريخــي بــن املجتمــع وذاتــه وعالقــة القــوة‬ ‫بالقــوة‪ ،‬باإلنســان‪ .‬وخــر مــن يعشــق الســاح هــو‬ ‫الفكــر الشــمويل العصبــوي الــذي يتوحــد ويتامســك‬ ‫ضمــن هــذه القوقعــة ليتوحــد أحدهــا يف اآلخــر‪،‬‬ ‫الســاح مــع صاحبــه أو معتنقــه‪.‬‬ ‫يف هــذه الروايــة يتــم اســتدراج األطفال إىل املعســكرات‬ ‫تحــت األرض‪ ،‬ويف الكهــوف‪ ،‬ويف رشوط إنســانية غايــة‬ ‫يف القســوة عــر تدريبهــم عــى القتــل والنشــل والرسقة‬ ‫لخدمــة القضيــة اليهوديــة‪ .‬هكــذا تتــم صناعــة القاتــل‬ ‫وتشــويهه باســم الدفــاع عــن املظلوميــة التاريخيــة‬ ‫بعــد أن يعبــأ بأيديولوجيــة خلوصيــة‪ ،‬وهميــة تعمــل‬ ‫عــى تعزيــز تراتبيــة القــوة والنفــوذ والســلطة يف‬ ‫الجانــب اآلخــر مــن املعادلــة‪.‬‬ ‫فالــذي يبحــث عــن الحريــة عــر الســاح يقــع يف أرسه‪،‬‬ ‫تحــت رحمتــه‪ ،‬يســتعبده ويقيــده‪ .‬ويتحــول حاملــه‬ ‫إىل ضحيــة‪ ،‬مجــرد شــواء يف حفلــة كبــرة عنوانهــا‪:‬‬ ‫الحضــارة‪.‬‬ ‫هــذه الحضــارة‪ ،‬ماكــرة قامئــة عــى التســلط والهــرس‬ ‫ومتزيــق كينونــة اإلنســان مــن الداخــل عــر تغليفــه‬ ‫بايديولوجيــات كاذبــة تســحق اإلنســان‪ ،‬وتــرق‬ ‫حريتــه‪ ،‬وحياتــه الطبيعيــة‪ ،‬وتحولــه إىل مجــرد آلــة‪،‬‬ ‫تابــع مهــزوم يف يــد مــن يقبــض عــى مفاصــل الحيــاة‪،‬‬ ‫كاملــال والقــوة والنفــوذ‪ ،‬عــر تغليــف عقلــه وتكوينــه‬ ‫النفــي بقضايــا تبــدو مــن الخــارج أنهــا عظيمــة‪ ،‬بيــد‬ ‫أنهــا يف الواقــع هــي إلعــادة تكويــن تراتبيــة النخبــة‬ ‫املاليــة والنفــوذ والســلطة املوازيــة لرتاتبيــة القــوة‬ ‫للمحتــل أو تحقيــق مكاســب كبــرة عــر التضيحــة‬ ‫بحيــوات أنــاس ال يعرفــون معنــى مفهــوم الحريــة‬ ‫إال مبــا يحقــق لهــم املزيــد مــن التعويــم يف املكانــة‬ ‫والقــوة‪.‬‬ ‫يهــوذا‪ ،‬هــو بطــل هــذه الروايــة‪ ،‬دخــل املعــرك‬ ‫الســيايس يف العــام الثالــث أو الســابع ملجــيء املســيح‪،‬‬ ‫حولــه بارابــاس املــدرك لهدفــه‪ ،‬إىل مجــرد «أنــا»‬ ‫مهزومــة‪ ،‬موظــف‪ ،‬حامــل ســاح خدمــة لهــوس داخــي‬

‫قصة قصرية‬

‫يتعلــق بتكوينــه النفــي والعقــي‪ .‬تحــول يهــوذا‬ ‫املشــوه نفســياً وإنســانياً‪ ،‬إىل ثائــر وهــو طفــل صغــر يف‬ ‫العــارشة أو الثانيــة عــرة مــن العمــر دون أن يعلمــه‬ ‫معنــى التحــرر أو الحريــة أو يســاعده يف االرتقــاء يف‬ ‫املعرفــة أو البحــث عــن الحقيقــة‪ ،‬قــال لــه‪:‬‬ ‫أرض اليهــود محتلــة مــن قبــل الرومــان ويجــب‬ ‫تحريرهــا‪ .‬التحريــر‪ ،‬الكلمــة الســحرية الخاليــة مــن‬ ‫املضمــون الواقعــي‪ ،‬باالعتــاد عــى بعــض املقــوالت‬ ‫الفضفاضــة جــاءت يف كتبهــم‪:‬‬ ‫ـ إن الخــاص ســيكون مبجــيء املخلــص‪ ،‬وعلينــا أن‬ ‫نقاتــل إىل حــن مجيئــه‪.‬‬ ‫بهــذه الرتاجيديــا الوهميــة القامئــة عــى نبــش الذاكــرة‬ ‫املريضــة للعقــل الــدوين‪ ،‬يف البحــث عــن خالصهــم‪ .‬يف‬ ‫مجتمــع رعــوي متأخــر ال يقــوى عــى هضــم الثقافــة‬ ‫األخــرى‪ .‬صــدم بالحضــارة التــي جــاءت مــن خارجهــم‬ ‫عــر املحتــل‪ ،‬وغــرت مــن حياتهــم‪ ،‬بيــد أن النخبــة‬ ‫املاليــة والكهنــة اليهــود فهمــوا مصالحهــم‪ ،‬لهــذا‬ ‫تعاونــوا مــع الرومــان‪ ،‬بــل تحالفــوا سياســياً وماليــاً‪.‬‬ ‫فالنخبــة تــدرك مــاذا تفعــل ألنهــم ميتلكــون وعيهــم‬ ‫الخــاص لدورهــم ومعرفــة مصالحهــم‪ ،‬ومــدوا الجســور‬ ‫مــع النخبــة يف الضفــة األخــرى‪ ،‬وحولــوا املجتمــع إىل‬ ‫مجــرد طعــم الســتمرار هيمنتهــم ومكانتهــم واإلبقــاء‬ ‫عــى نفوذهــم يف تداخــل متكامــل بنيويــاً‪ ،‬كوحــدة‬ ‫املصالــح والعالقــات والتقاطعــات التــي توحدهــم‪.‬‬ ‫إن مفهــوم الخــاص‪ ،‬ولــد يف مجتمــع رعــوي متأخــر‬ ‫دخــل املدنيــة عــى يــد اآلخــر‪ ،‬مل يهضمــه أو يتفاعــل‬ ‫معــه‪ .‬لهــذا بقــي يف وحدتــه يتعامــل مــع هــذه املدنيــة‬ ‫مــن خارجهــا بقلــق وخــوف وتوتــر ومتــرد‪.‬‬ ‫يســأل أحــد األطفــال اســمه نتنائيــل للطفــل يهــوذا‬ ‫الــذي مل يبلــغ الثالثــة عــرة مــن العمــر‪ ،‬عندمــا عــادوا‬ ‫مــن الهجــوم عــى محميــة رومانيــة‪ ،‬بينهــم يهــود‬ ‫متعاونــن معهــم‪ ،‬بقصــد الرسقــة والقتــل‪ ،‬وبعــد أن‬ ‫قتــل يهــوذا أول إنســان يف حياتــه‪:‬‬ ‫ـ قتل إنسان عمل شاق‪ ،‬أليس كذلك؟‬ ‫وعندمــا همــوا بحــرق البيــت مبــن فيــه‪ ،‬يســأل نتنائيــل‬ ‫بصيغة االســتنكار‪:‬‬ ‫ـ يوجد طفل فوق! يرد عليه براباس‪:‬‬ ‫ـ كان يجــب قتلــه! هــذا املــال سيســاعدنا عــى العيــش‬ ‫فــرة مــن الزمــن‪ .‬هيــا اخرجــوا رسيع ـاً‪ ،‬ســأرضم النــار‬ ‫يف البيــت وألحــق بكــا‪.‬‬ ‫ومل يكتـ ِ‬ ‫ـف بارابــاس بتشــويه يهــوذا واالســتحواذ عليــه‬

‫ككيــان‪ ،‬وكائــن وإنســان وتحويلــه إىل أداة‪ ،‬بــل اســتوىل‬ ‫عــى مـراث أبيــه‪ ،‬الــذي صلــب أمــام عينيــه ملقاومتــه‬ ‫املحتــل‪ ،‬باالرتبــاط جنســياً بوالدتــه إلرضــاء غريزتــه‬ ‫الجنســية‪ ،‬واالنتقــام‪ ،‬كمـراث ال شــعوري‪ ،‬مــن ضحيــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬عملــت مــن أجــل تعويــم نخبــة يهوديــة أخــرى‬ ‫كانــت ســتتعاون مــع املحتــل‪.‬‬ ‫اســتطاع الــروايئ الفرنــي أوبــر برولونجــو أن يجــول‬ ‫بثقــة عميقــة يف قلــب التاريــخ وحيــوات النــاس يف‬ ‫أرض فلســطني‪ ،‬أن يدخــل التكويــن النفــي لإلنســان‬ ‫اليهــودي‪ ،‬يف ثقافتــه الدينيــة‪ ،‬يف تشــوهاته وتشــوهات‬ ‫حيــوات املقاومــن‪ ،‬ويف عقليــة النخــب اليهوديــة‪ .‬ســاح‬ ‫يف تفاصيــل األرض‪ ،‬يف ذاكــرة النــاس‪ .‬ســار يف جبــال‬ ‫مــؤاب‪ ،‬وعــى ضفــاف طربيــا‪ ،‬وقــرأ لنــا عــن الهــوام‬ ‫والهذيــان الــذي يعيشــه البســطاء يف بحثهــم عــن‬ ‫الخــاص عــر التبشــر‪ ،‬الوهــم‪ .‬إنهــا حالــة متجــذرة‬ ‫عاشــوها ويعيشــونها إىل األن‪ ،‬لكونهــم غــر مدركــن‬ ‫لحقيقــة الواقــع وقســوة رشوط عمــل الســلطة ونخبهــا‬ ‫يف إدارة ال ـراع للســيطرة عــى املهمشــن والبســطاء‪.‬‬ ‫مل يكــن يعرفــون كيــف يقبضــون عــى وجودهــم‬ ‫وحارضهــم ومســتقبلهم‪ .‬اليهــود ككتــل برشيــة يف‬ ‫حالــة ضيــاع ضمــن مطرقــة املحتــل الداخــي واملحتــل‬ ‫الخارجــي‪ ،‬ويف بيئــة شــحيحة يف العطــاء‪ ،‬أصحابهــا‬ ‫مجــرد فئــة فقــرة بالعلــم واملعرفــة‪ ،‬رعويــة ال يعرفــون‬ ‫كيــف يســخرون الواقــع ملصلحتهــم‪ ،‬لعــدم امتالكهــم‬ ‫املفاتيــح والعلــم واألدوات الحضاريــة املعــارصة‬ ‫لزمانهــم‪.‬‬ ‫ومــن خــال هــذه الروايــة‪ ،‬عرفنــا أغلــب املــدن‬ ‫والبلــدات واألنهــار والجبــال والتــال‪.‬‬ ‫إن بطلــه يهــوذا‪ ،‬املشــوه إنســانياً‪ ،‬مل يحــب بشــكل‬ ‫طبيعــي مــن فتــاة بعمــره‪ .‬عــاش وســخر حياتــه باحثـاً‬ ‫عــن مفهــوم ال يدركــه‪ .‬وعندمــا شــب وانطلقــت غرائزه‬ ‫مل يـ َر أمامــه إال املواخــر والبيــوت الليليــة‪ ،‬دفــع املــال‬ ‫مــن الرسقــة أو عــر دعــم امليســورين الذيــن يتعاونــون‬ ‫مــع املحتــل‪ ،‬لتلبيــة حاجاتــه‪ .‬ولكونــه إنســاناً معدم ـاً‪،‬‬ ‫معومــاً نضاليــاً‪ ،‬ال تتعــرف عليــه العائــات اليهوديــة‪،‬‬ ‫وال يزوجونــه ابنتهــم‪ ،‬ألن أبيــه قُتــل‪ ،‬وأمــه ماتــت‪،‬‬ ‫وفــرط عقــد نســلهم بالكامــل وتــذرت يف الهــواء كــا‬ ‫هــو حــال أغلــب الضحايــا‪.‬‬ ‫نعــرف أورشــليم بدقــة‪ ،‬أحياءهــا‪ ،‬مواخريهــا‪ ،‬الطبقــة‬ ‫العليــا ورجــال الكهنــة‪ ،‬ورجــال املــال والســلطة‪.‬‬ ‫رواية أو حكاية‪ ،‬جديرة بالقراءة والتحليل والدراسة‪.‬‬

‫هزمية نكراء‬ ‫صالح عيسى‬

‫عــى مــن طائرتهــم الحديثــة‪ ،‬قــدم فريــق الدببــة‬ ‫مــن بعيــد‪ ،‬وكلهــم أمــل بالفــوز وغــرور واســتعالء‪،‬‬ ‫مرشئبــي األعنــاق‪ ،‬متفاخريــن‪ ،‬مراهنــن عــى الفــوز‬ ‫يف بطولــة كأس التحــدي عــى فريــق الحريــة الصاعــد‬ ‫حديث ـاً‪ ،‬واملتســم بحــس املســؤولية ملواجهــة الخصــم‪،‬‬ ‫ونديــة الدفــاع واألخــذ عــى عاتقــه الــذود عــن مرمــاه‪،‬‬ ‫ومنــع الخصــم مــن إدخــال الهدف ضمــن مرمــاه‪ ،‬وعىل‬ ‫أرضــه التــي تلقــى فيهــا أهــم دروس التضحيــة والنضال‬ ‫والدفــاع عــن القيــم الرياضيــة‪ ،‬وامتــأت تربتهــا‬ ‫مبــاء الجبــن التــي هطلــت بكــد‪ ،‬مــن شــدة قســاوة‬ ‫التدريــب‪ ،‬رغــم اإلمكانيــة املتواضعــة‪ ،‬واملتمثلــة‬ ‫بجمهورهــا املــرق امللتهــب الــذي يعشــق التحــدي‪.‬‬ ‫مل يســوق القــدر فريــق الدببــة لخــوض مباراتــه مــع‬ ‫فريــق الحريــة‪ ،‬لكــن اتحــاد كــرة القــدم (الفيفــا) هــو‬ ‫مــن تالعــب بــأوراق القرعــة‪ ،‬كل ذلــك لتحطيم نفســية‬ ‫الفــرق التــي تنهــض بنفســها وجامهريهــا‪ ،‬ومتــي قدمـاً‬ ‫لكــر شــوكة أبطــال العــامل‪ ،‬ممــن راحــوا يتفوقــون‬ ‫دامئــاً بفضــل تعاطيهــم الحبــوب املنشــطة التــي‬ ‫حرمــت بقانــون اللعبــة‪ ،‬وكان ذلــك خرقـاً واضحـاً مــن‬

‫غــر أن تجــد مــن ينــري لضبــط مثــل هــذه املخالفــات‪،‬‬ ‫كل ذلــك أيضـاً إلخــاد صــوت الجامهــر التــي تصــدح‬ ‫حناجرهــا بالتشــجيع عــى أرضيــة ملعبهــا األم‪.‬‬ ‫لحظــات وتبــدأ املبــاراة بصافــرة الحكــم الــذي‬ ‫بــدأت نوايــاه الســيئة تلقــي بظاللهــا عــى أرضيــة‬ ‫امللعــب‪ ،‬راح ينــذر أصحــاب األرض بــن هنــا وهنــاك‬ ‫مســتخدماً بطاقاتــه الصفــراء‪ ،‬والحمــراء‪ ،‬واإلنــذارات‬ ‫الشــفوية‪ ،‬مــن غــر أســباب تســتدعيها‪ ،‬بينــا تجاهــل‬ ‫أخطــاء خصمهــم الــذي راحــت أقدامــه تبطــش بــن‬ ‫هنــا وهنــاك مرتديــاً أحذيتــه ذات الســاق الطويلــة‪،‬‬ ‫مســتخدماً أكفــه لتمزيــق قميــص الخصــم مــن الخلف‪،‬‬ ‫وخدشــه باألظافــر لتســيل الدمــاء ويتبــدل الالعبــون‬ ‫عــى نقالــة اإلســعاف‪ ،‬كل ذلــك لشــحذ الهمــم‪ ،‬وســلب‬ ‫الدفــاع قوتــه‪.‬‬ ‫لكــن ذلــك مل ينفــع أمــام آلــة الصــر والربــاط رغــم كل‬ ‫املعانــاة والتحيــز الواضــح‪ ،‬ظلــوا مســتميتني يف الدفــاع‬ ‫عــن مرماهــم‪ ،‬وكأنهــم كمــن حــرم الظــآن الوصــول‬ ‫اىل الغديــر‪ ،‬املتمثــل باملرمــى املدافعــن عنــه‪ ،‬عــى‬ ‫الرغــم مــن رشــاقة الهجــوم ورسعتهــم يف نقــل الكـرات‬

‫‪9‬‬

‫امللتهبــة‪ ،‬مل يســتطيعوا تحقيــق أهدافهــم بالفــوز‪ ،‬مــا‬ ‫زاد مــن غيــظ املــدرب املتكــر الــذي حصــد الكثــر مــن‬ ‫األلقــاب عــر التاريــخ‪ ،‬مــن نفــش ريشــه كالطــاووس‪،‬‬ ‫بــدأ يفكــر بطريقــة تخرجــه مــن هــذه املتاهــة‬ ‫والهزميــة‪.‬‬ ‫فكــر باالنســحاب مــن املبــاراة مــع فريقــه املبجــل‬ ‫مطأطئــن رؤوســهم ذائقــن كأس الهزميــة النكــراء‬ ‫بطعمــه املــر‪ ،‬كانــوا قــد لقنــوا درســاً‪ ،‬بــأن أصحــاب‬ ‫األرض ال تهزمهــم األقــدام الخشــنة‪ .‬مللمــوا حقائبهــم‪،‬‬ ‫ســلّوا أنفســهم مــن بــن الجمهــور الثابــت بعزميتــه‪،‬‬ ‫ليعتلــوا ســلم طائرتهــم التــي أقلتهــم‪ ،‬لذلــك املــكان‪،‬‬ ‫شــاكني لعنــة القــدر بقــذارة مــا صنعــت أقدامهــم‪،‬‬ ‫وخســة مــردود نتاجهــا‪ .‬ومــا ســلط مــن ضــوء إعالمــي‬ ‫حــول هزميتهــم‪ ،‬ومــا اعــرى ذلــك مــن ســخريات‪.‬‬ ‫عــى أثرهــا بــدأ فريــق األحـرار أصحــاب األرض بتجهيــز‬ ‫نفســه ملباريــات مختلفــة‪ ،‬ومفاجئــة مســتفيدين مــن‬ ‫مجريــات اللقــاء‪ ،‬بــدأوا بالغنــاء وجمهورهــم يشــجعهم‬ ‫مرديــن الكلــات الخالــدة‪:‬‬ ‫‪ -‬ال تراجع‪ ..‬ال استسالم!‬

‫«األفوشور»‬

‫املالذات اآلمنة ّللصوص والقتلة‬ ‫أسعد فخري‬ ‫مل تعــد أطبــاق فضائــح ويكليكــس التــي فتحــت شــهية العامــة‪،‬‬ ‫والخاصــة مــن النــاس يك يبــروا بــأم أعينهــم مفســدة أويل األمــر‬ ‫منهــم‪ ،‬وال عــادت روائــح بهــارات همربغــر العميــل «ســنودن»‬ ‫العبقــة التــي نرثهــا ذات يــوم عــى صفحــات «الواشــنطن بوســت‪،‬‬ ‫والغارديــان الربيطانيــة» مفتضحـاً فيهــا برامــج «بربيــزم» التجسســية‬ ‫للمخاب ـرات األمريكيــة‪ ،‬كالهــا يف هــذا املقــام فقــدا بريقهــا أمــام‬ ‫الشــهية التــي أحدثتهــا أطبــاق الوجبــة «البَ َنميــة» الدســمة لترسيبات‬ ‫رشكــة «موســاك فونيســكا» بتنــوع أطباقهــا الفاخــرة‪ ،‬واألكرث ســخونة‪،‬‬ ‫وطزاجــة عــن مثيالتهــا يف االفتضــاح‪ ،‬وكشــف املســتور الــذي طــال‬ ‫العديــد مــن الزعــاء وامللــوك والرؤســاء العــرب‪ ،‬كــا أصــاب العديــد‬ ‫مــن زعــاء دول أخــرى يف العــامل‪ ،‬وفق ـاً لوثائــق ترسيبــات «بنــا»‬ ‫التــي تعــد الســابقة األوىل يف تاريــخ هــذا الكوكــب مــن جهــة‬ ‫حجــم الوثائــق التــي تجــاوزت «‪ »11‬مليــون وثيقــة‪ ،‬والصدمــة‬ ‫التــي خلفتهــا ج ـراء اإلدانــات الواضحــة التــي طالــت عروش ـاً طاملــا‬ ‫تنطعــت بحاميــة املقدســات‪ ،‬وزعامــات انتهجــت أكذوبــة املقاومــة‪،‬‬ ‫واملامنعــة‪ ،‬والصمــود‪ ،‬والتصــدي‪ ،‬وحاميــة األقليــات‪ ،‬والحــرب عــى‬ ‫اإلرهــاب‪.‬‬ ‫إن أهميــة ترسيبــات «بنــا» ال تشــكل حالــة صادمــة‪ ،‬وداويــة يف‬ ‫فضائحهــا وحســب‪ ،‬وإمنــا جــاءت لتعيــد االعتبــار أيض ـاً «للصحافــة‬ ‫االســتقصائية» وتثمــن دورهــا الكبــر‪ ،‬والهــام يف كشــف لعبــة جــزر‬ ‫املــاذات الرضيبــة العابــرة للحــدود‪ ،‬وافتضــاح املســتور يف عمليــة‬ ‫إنشــاء الحســابات البنكيــة‪ ،‬ومســاعدة اللصــوص‪ ،‬واملتاجريــن‬ ‫بالســاح‪ ،‬واملخــدرات‪ ،‬وتبييــض األمــوال املنهوبــة‪ ،‬والتحايــل عــى‬ ‫العقوبــات الدوليــة عــر افتتــاح رشكات مخادعــة‪ ،‬كــا أنهــا افتضحت‬ ‫األدوار املشــينة لغلــان وزبانيــة الزعامــات والســلطانيات البغيضــة‬ ‫يف دول عربيــة عديــدة ممــن وردت أســاؤهم بتفاصيــل تاريخهــم‬ ‫القــذر واآلبــق يف االحتيــال والنصــب املنهجيــن‪.‬‬ ‫والالفــت الــذي ال بــد أن نــدرك مفاعيــل حضــوره داخــل تلــك‬ ‫الترسيبــات البنميــة‪ ،‬اإلشــارات الواضحــة‪ ،‬والرصيحــة ألســاء رجــال‬ ‫أعــال ســوريني بعينهــم لعبــوا دورا ً مريع ـاً يف االلتفــاف‪ ،‬والتحايــل‬ ‫عــى العقوبــات التــي أصدرتهــا وزارة الخزانــة األمريكيــة والكثــر مــن‬ ‫املؤسســات األوربيــة ج ـراء اســتخدام النظــام الحلــول األمنيــة للــرد‬ ‫عــى انتفاضــة الشــعب الســوري‪ ،‬حيــث تــم تجميــد التعامــات‬ ‫املاليــة مــع البنــوك الســورية‪ ،‬وحســابات لرجــال أعــال ووزراء‬ ‫وضبــاط كبــار يف العصابــة األســدية‪ ،‬التــي تحتــل البــاد منــذ أكــر‬ ‫مــن نصــف قــرن لنتبــن الــدور املريــع الــذي لعبــه غلــان النظــام‬ ‫الســوري عــر األخويــن مخلــوف اللذيــن اســتطاعا الهيمنــة عــى‬ ‫‪ 60%‬مــن منافــذ االقتصــاد الســوري‪ ،‬وســيطروا عــى قطاعــي النفــط‪،‬‬ ‫واالتصــاالت‪ ،‬وثالثهــا رجــل األعــال «ســليامن معــروف» امللقــب‬ ‫بـ»فيســكر األســد» املتســوق األقــرب لقلــب وذائقــة الســيدة أســاء‬ ‫األســد لتأمــن حاجياتهــا مــن محــات «أرمــاين وهــارودز» اللندنيــن‪،‬‬ ‫حســب مــا ورد عــى صفحــات الغارديــان الربيطانيــة يف يــوم «‪5‬‬ ‫ابريــل ‪ ،»2016‬كــا أنــه صاحــب العصــا الســحرية يف تأمــن اســتثامر‬ ‫الصفقــات العقاريــة يف «جــزر العــذراء» الربيطانيــة لســيدة الوطــن‬ ‫األوىل‪ ،‬وســيد الوطــن األول مببالــغ تقــدر بعـرات ماليــن الجنيهــات‬ ‫اإلســرلينية‪ ،‬إضافــة إىل دوره الكبــر يف اإلفــراج عــن مبلــغ «‪»4‬‬ ‫مليــون دوالر مــن حســابات «رامــي مخلــوف» املجمــدة يف البنــوك‬ ‫الربيطانيــة‪ ،‬وتحويلهــا إىل أحــد البنــوك الســويرسية‪ ،‬حيــث خصصــت‬ ‫كرواتــب تدفــع للشــبيحة‪ ،‬ول ـراء أحــدث أدوات قمــع التظاه ـرات‬ ‫التــي عمــت البــاد‪.‬‬ ‫إن أخطــر الوثائــق املرسبــة مــن مكتــب «موســاك فونيســكا» البنمــي‬ ‫وثيقــة تخــص رشكــة «‪ »pangatrs‬اململوكــة لرامــي مخلــوف‪ ،‬والتــي‬ ‫مقرهــا دولــة اإلمــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬حيــث قامــت تلــك الرشكــة‬ ‫بالتحايــل عــى العقوبــات املفروضــة عليهــا مــن خــال التعــاون مــع‬ ‫الرشكــة البنميــة بتأمــن وقــود لطائـرات النظــام الحربيــة التــي تنفــذ‬ ‫هجــات عــى املــدن الســورية الثائــرة‪ ،‬وأن مكتــب «فونيســكا»‬ ‫البنمــي اســتمر يف متثيلهــا دون أن يلتــزم بالعقوبــات املفروضــة‬ ‫عليهــا مــن قبــل وزارة الخزانــة األمريكيــة‪ .‬والصــادم يف األمــر هنــا أن‬ ‫الســلطانية األســدية مل تعــد تكتفــي بقتــل النــاس وتدمــر مدنهــم‪ ،‬بل‬ ‫ذهبــت أبعــد مــن ذلــك يف اســتثامر األمــوال املنهوبــة‪ ،‬وغســلها بدماء‬ ‫الســوريني يف الجــزر الرضيبيــة اآلمنــة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫َهَل ْك شالوا؟!‬ ‫إذا هاجرتَ أو هُجرتَ‬ ‫فلترتك عىل الشباك أغني ًة‬ ‫ ‬ ‫ويف الد ِّن الذي عالباب‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫اترك حفن ًة من ماء‬ ‫ ‬ ‫لعل العاب َر الجوال‬ ‫َّ‬ ‫ ‬ ‫ويرتحل‬ ‫ُ‬ ‫يرشبها‬ ‫هنا كانوا‪..‬‬ ‫إذا هاجرت أو هُجرتَ‬ ‫فلترتك عىل الشباك أغني ًة‬ ‫إذا هاجرت أو هُجرتَ‬ ‫ً‬ ‫ال تحمل كثريا من ثياب الربد‬ ‫ ‬ ‫ِّ‬ ‫ ‬ ‫وخل الباب مفتوحاً عىل الطرقاتْ‬ ‫فإنك عائ ٌد‪ ،‬يوماً‪ ،‬إىل «ما ِء السبيلِ »‬ ‫ ‬ ‫و ِّيف تلك الدار‬ ‫ ‬ ‫وال تيأس‬ ‫ ‬ ‫عليك ْ‬ ‫ضاقت َ‬ ‫ُ‬ ‫الحال‬ ‫األحامل أو‬ ‫إذا ما زادت‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫رب ساعدين‬ ‫ْ‬ ‫ ‬ ‫وقل‪ :‬يا ُّ‬ ‫ليك َ‬ ‫ألقاك ساعدين‬ ‫ ‬ ‫وال تقس ْو‬ ‫ ‬ ‫وال تعتَ ِعن الضليل عىل ضاللتهِ‬ ‫وال تعفو‪.‬‬ ‫إذا هاجرتَ أو هُجرتَ‬ ‫متش‪ ،‬بحق الله‪ ،‬ال ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫متش‪ ،‬عىل َم َهلٍ‬ ‫ ‬ ‫وال تنظ َر إىل الخلف‬ ‫ ‬ ‫مبحوح‬ ‫اجف‬ ‫ ‬ ‫ألن الصوتَ خلفك ر ٌ‬ ‫ْ‬ ‫تبك‪ ،‬بحق الل ِه‪ ،‬ال ِ‬ ‫وال ِ‬ ‫تبك‬ ‫ ‬ ‫ألن حامم ًة سقطت‪ ،‬هنا يف البرئِ‪،‬‬ ‫ ‬ ‫أو نجامً هوى يف السا ِح‪،‬‬ ‫ ‬ ‫أو طفالً تعرث يف جحافلهم‪:‬‬ ‫ ‬ ‫دواعشة‬ ‫ ‬ ‫وأكراد صليفيو َن‬ ‫ ‬ ‫فرس نامئون عىل ضاللتهم‬ ‫ ‬ ‫وقاتل ٌة وممسوسون‬ ‫ ‬ ‫وانهض‬ ‫توقف يف الطريق الوعر‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫واحمل صخر ًة واصع ْد‬ ‫ْ‬ ‫ ‬ ‫عىل جبل القيامة‬ ‫ ‬ ‫واشعل النريان‬ ‫ ‬ ‫إذا هاجرتَ أو ُهجرت‬ ‫فارسم يف الفضا بيتني‬ ‫ ‬ ‫يحط عليهام بو ٌم وقرب ٌة‬ ‫ ‬ ‫ينام البو ُم يف السقف الذي يهوي عىل النيَّام‬ ‫ ‬ ‫وقربة‬ ‫ ‬ ‫الخيل‬ ‫تحن كام تح ُن ُ‬ ‫ ‬ ‫يف السهل الذي يبيك عىل الخابو ْر‪.‬‬ ‫ ‬ ‫تلفت ال تك ْن َوجالً وال خجالً‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫وقل للمرأة التبكيك‪:‬‬ ‫الثوب عن حبل الغسيلِ‬ ‫ملي َ‬ ‫ْ‬ ‫اي‬ ‫وهيئي مرس ْ‬ ‫وعودي‬ ‫واغزيل ثوباً‬ ‫من الصوف الذي غزلته أمي‬ ‫يف أوانِ الرب ْد‬ ‫وكوين مثلام ِ‬ ‫أنت‬ ‫عىل ق ِّد الوقيعة‬ ‫تنسجني الصوف‬ ‫تنتظرين‬ ‫تنتظرين‬ ‫بلواي‪.‬‬ ‫تنتظرين يف الوقت الذي أميش إىل ْ‬ ‫إذا هاجرتَ أو هُجرتَ‬ ‫ِ‬ ‫تنس سالحاً نامئاً يف «العد ْل»‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ال َ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وخذ َح َجرا صغريا لفَّه يف الثوب‬ ‫ ‬ ‫أدركت‪:‬‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫الشيب‬ ‫وصايا‬ ‫تنس‬ ‫وال‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عدوك عند باب ِ‬ ‫البيت‬ ‫ ‬ ‫وحش نائ ٌم يف فر ِو ِملَّ ِته‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫وخذ من حكمة املنفى‬ ‫ ‬ ‫ومن ُمدنٍ ستكر ُهها‬ ‫ ‬

‫إبراهيم الجرادي‬

‫وأحمل‬ ‫ُ‬ ‫أأح ِم ُل‪ ،‬يك أر َاك ُمكلالً بالنرص تابويت؟‬ ‫ ‬ ‫وأخرى سوف تك َر ُه َك‬ ‫ ‬ ‫رب‬ ‫ ‬ ‫جثتي عىل قدمني‪ ،‬يك تلقاك صاغرةً؟‬ ‫ ‬ ‫وقل‪ :‬يا ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫موشك يف الظ ِّن‬ ‫إين‬ ‫ ‬ ‫لج مثل مكيد ٍة عمياء‪،‬‬ ‫ ‬ ‫يل ال ُع َ‬ ‫أتستعدي ع َّ‬ ‫رب‬ ‫ ‬ ‫تهدم ما تبقى من دمي العنقاء‪ ،‬تزه ُر ورد ٌة حمرا ُء‬ ‫ساعدين عىل قلق الهداي ِة واهدين يا ُّ‬ ‫ذاهب يف ِ‬ ‫يف هذا السديم ـ الديم‬ ‫ ‬ ‫الشك حتى اليأس‬ ‫إين‬ ‫ ‬ ‫ٌ‬ ‫ويدركني‪ ،‬هنا‪ ،‬سغبي‬ ‫ ‬ ‫يف الوسواس‬ ‫سبيّ ُة الشهداء‪:‬‬ ‫ ‬ ‫من ُعل ٍج ومن خناس‬ ‫وتدركني‪ ،‬هنا‪ْ َ ،‬‬ ‫يف بيت الشهيد سيولد املعنى‪:‬‬ ‫ساعدين‬ ‫هنا باقونْ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ساعدين وم َّد يديك يك ألقاك‬ ‫هنا باقون‪ ،‬إن متنا‪ ،‬وإن غيبنا‪ ،‬هنا باقون‬ ‫ ‬ ‫إذا هاجرتَ أو ُه ِّجرتَ‬ ‫هنا باقون‬ ‫ ‬ ‫قل لألرض‪ :‬يا أرض السموات القصية والجهات الخمس!‬ ‫أَقتْيل ٌ‬ ‫أسني‪ ،‬أكردي‬ ‫عادل بيديك‪:‬‬ ‫ ‬ ‫صليفي يهمس ياسم ُني الشام يف أُذ ّين عاش ِق ِه‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫شيعي‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ ‬ ‫برص تريّث‪!..‬‬ ‫أم اين يا بالد الله‪ ،‬أسترشي كام الحمى ويب ٌ‬ ‫سوف ينهض َ‬ ‫سيل الله‪ ،‬يختلج الحىص‬ ‫فيك ُ‬ ‫أخلق قاتيل املذعو ُر من ضلعي‬ ‫ِّ‬ ‫وأصع ُد يف دمي‬ ‫كالسل‪ُ ،‬‬ ‫الشامي‬ ‫يف مائ ِه‬ ‫وأمتدح الخراب ولوثة امللعونْ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫تنمو وردة اللبالب أغني ًة عىل الشباك‪:‬‬ ‫هل اين‪ ،‬يا وريث خرائبي‪ ،‬أغفو عىل أرض يكفنها الغزا ُة‬ ‫هنا باقون مثل شجرية ال ُعليق‬ ‫وبعضهم من ن َْسلِ جائع ٍة وحافي ٍة وخائن ٍة وأفاك ْني‪.‬‬ ‫مثل املاء مثل امللح‬ ‫ ‬ ‫بلواي قلبي والضم ُري الح ُر؟‬ ‫ ‬ ‫أيهديني إىل َ‬ ‫ِ‬ ‫هنا باقون يف صوت الغرانقِ ‪ ،‬يف‬ ‫أأسهو؟ ـ رمبا أسهو! ـ عن العربات تحمل‬ ‫ ‬ ‫مياه النهر‪ ،‬يف خبز‬ ‫ ‬ ‫جثتي‪ ....‬تلهو؟‬ ‫الشعري‪ ،‬ويف أنني الناي‬ ‫ ‬ ‫يَ ْن َه ُّل يف الطرقات موتاً أسودا ً وسياطا؟‬ ‫عن الثلج الذي سيذ ّوب األقدام مثل الجم ْر‬ ‫يف هذا املدى املسكون باألعداء‬ ‫يف حقِ الحيا ِ ة‬ ‫ ‬ ‫عن البحر الذي يتص ّيد األطفال مثل القرِش‬ ‫ويف هذا النفري ال ُحر‬ ‫ ‬ ‫عن البهلو ِل‬ ‫هنا باقون أحيا ًء و أمواتاً هنا باقون‬ ‫عن حاشي ِة املمسوس وابن اللغو‪ ،‬وابن جريرة‬ ‫األسالف‬ ‫إذا هاجرتَ أو هُجرتَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫والعاقول‪.‬‬ ‫الشوك‬ ‫فاترك يف الثياب‬ ‫ ‬ ‫الشفات‬ ‫عن العربات تحمل ُجندها القتىل‪ ،‬عن ُ‬ ‫ليوخز قلبك املليان بالحمى‪،‬‬ ‫ ‬ ‫مثل القرب‬ ‫مغلقةً‪ ،‬ومغلق ٌة قلوب الناس َ‬ ‫وال تشكو‪،‬‬ ‫ ‬ ‫يسرت خوفها التابوت؟‬

‫ وال تستدعي األهل َني غري أ ِهلّ ٍة أهل ْني‬ ‫ وال ِ‬ ‫تبك الضحايا‪،‬‬ ‫ فالطريق إىل جنان الله سالكةٌ‪،‬‬ ‫تخش إذا م ّرت عىل الطرقات‬ ‫ وال َ‬ ‫قطعان من الذئبان‪:‬‬ ‫ دواعشةٌ‪،‬‬ ‫ موآبيون‪،‬‬ ‫فرس قامئون عىل بالغتهم‬ ‫ ‬ ‫ٌ‬ ‫ صواريخ الفتى املذعو ِر‬ ‫ روس فاسدون ومثلهم روس‬ ‫ سالجق ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫مامليك‬ ‫ ‬ ‫ بويهيون‬ ‫ أكرا ٌد صليفيون‬ ‫اب‪ ،‬سافل ٌة وخائنةٌ‬ ‫ أعراب‪ ،‬كام األعر ِ‬ ‫ وملعونون‬ ‫* * *‬ ‫تبارك بالرتاب‪ /‬الد ِّم واقرأ «سورة الرحمن»‬ ‫ألن الله ميتحن الخليق َة يف فواجعها‬ ‫وك ْن كَلِفاً مبا تبغي‪:‬‬ ‫عىل وتر العذاب يش ُّد ضل ّع َك‬ ‫صوتُ من غابوا‪،‬‬ ‫ومن رحلوا‪،‬‬ ‫ومن قُصفوا‪،‬‬ ‫ومن جاعوا‪،‬‬ ‫ومن عطشوا‪،‬‬ ‫ومن قُتلوا‪،‬‬ ‫ومن يف الي ِّم غ ّيبهم إله اليم‪.‬‬ ‫ * * *‬ ‫َهل َْك شالوا؟‬ ‫َهل َْك ِعز النزيل وعز من قال‬ ‫َهل َْك ريح الشامل وموقد النريان‬ ‫هلك نفحاتُ هيلٍ فايح بالليل‬ ‫بالصبح‬ ‫هلك دك النجر‬ ‫ْ‬ ‫والطراق يزدحمون‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هلك ج ْر ُس القيامة قبل موعدها‬ ‫وقبل ت َ َر ُد ِد اآلذا ْن‬ ‫ ‬ ‫ * * *‬ ‫اب‪ /‬الد ْم‬ ‫تبارك بالرت ِ‬ ‫تبارك مر ًة أخرى‬ ‫وك ْن شعرا ً إذا هاجرت‬ ‫وكن وطناً إذا هاجرت‬ ‫وكن كَلِفاً (مبن) أحببت‪،‬‬ ‫أرض الشام‬ ‫أرض الله‬ ‫أرض البدء واإلنسان‪.‬‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫• هلك شالو؟ (أهلك رحلوا)‪ ،‬مطلع مرثية محمد الفاضل‬ ‫الخالدة‪.‬‬ ‫• ِ‬ ‫العدل‪ :‬كيس منشوج من الصوف أو الوبر تحفظ به‬ ‫املؤونة‪.‬‬ ‫• العاقول‪ :‬شجرية برية‪ ،‬ذات أشواك حادة‪ ،‬تنبت كثريا ً يف‬ ‫الشامل السوري‪.‬‬ ‫• املوآبيون‪ :‬نسبة إىل مؤاب ابنة لوط‪.‬‬ ‫فصح؟! يرجو صاحب النص أن تقرأ املقاطع‬ ‫• ألن األمل ال يُ ُ‬ ‫العامية كام كتبت‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قيثارة الحروف‬ ‫َ‬ ‫حروفــك بالشــجن ‪...‬وامنحــ ُه زاجلــ َة الفـــــــــن ْن فالــ ّد ُر يف يــ ِّم النــوى والجســم أعيـــــــاه الوهـــــــــ ْن كــن منهــل الحــب النقــي ال تــد ُن جفنــات العفـــــ ْن‬ ‫َدو ِز ْن‬ ‫ٌ‬ ‫عــاذل لرمــا ُه يف َسهـــــــمِ الفتــــــــــ ْن رقــر ُاق ِو ْر ِد َك راقنــي والعــ ُن داعبهــــا الوســ ْن‬ ‫جنــح تضمــ َخ باألنــن ‪ ...‬وآخــر أدمـــى الوطــــــــــــــ ْن لــو كان يعلــم‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ليــت ذيــاك َاللقــــا ‪ ...‬ر ُ‬ ‫بوحــي مــا احتقـــــ ْن‬ ‫اووق‬ ‫كنــت ّصبــاً ال تَخُــ ْن او‬ ‫والحــرف يف العليــاء َجـــــ ْن إن‬ ‫تناهــدت الــرؤى ‪...‬‬ ‫يحيــى‬ ‫كنــت ربّــاً ال تَهـــــــــــ ْن يــا َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أو كنــت نِــ ّدا ً فانثنــي طــوىب ملــن أحيــا َوتَــــــــــ ْن وجــ ٌد يلظــي ُمهجتــي ‪ ...‬والدمــ ُع يف الــروح ســك ْن‬

‫ُ‬ ‫ونبــض بوحــي م ُـرت َهـــ ْن‬ ‫اقــول إىل الشــغاف‬ ‫وألنــت قيثــا ٌر أغَـــــــــــن مــاذا‬ ‫أنــت الشــجن أنــت الفنــن ‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كالســمِ يــري يف الـــــــبد ْن‬ ‫الرئــ ُم يف دو ِح األىس ‪ ...‬والوجــ ُد فــــي املـــحراب أ ْن هــل بــات مــن رام الســا عنــد الرثيــا يــــرجهـــــ ْن‪..‬؟‬ ‫نجــواك يف قلبــي غَــدَتْ ّ‬ ‫َ‬ ‫مــال الزمــا ُن بأهلــ ِه ‪ ...‬فمــن الفــرات إىل عـــــــــــد ْن‬ ‫الغــروب وآخــر غــرده الشجــــــن‬ ‫جــرح يناغيــ ِه‬ ‫مســـــ ُه التأنيــثُ جِـــــــــــــ ْن‪..‬؟‬ ‫أأنــا متيمـ ُة الهــوى ‪ ...‬أم ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ــج امل ُنــى ‪ ...‬إ ْن كابــدتْ ِســــــ َّر املِــــــــحن ْ ســح ٌر رسى يف خافــق‬ ‫ســامك واتقــ ْد ‪ ...‬مــا عــا َد للــروح ثَ ـ َـــــــــــــن‬ ‫والصــب دومــاً ممتحـــ ْن َجــ ِّر ْد ُح‬ ‫معــذورة لُ َج ُ‬ ‫ُّ‬

‫شعر‪ :‬فوزية المرعي‬

‫اغتيال ُحلُـم‬ ‫خــرج أحمــد ـ طالــب الثانويــة العامــةـ‬ ‫أول‪:‬‬ ‫مــن قاعــة االمتحــان ســعيدا ً لســببني؛ ً‬ ‫ألنــه أجــاد يف مــادة اللغــة العربيــة‪ ،‬والثــاين‪:‬‬ ‫ألن هــذا إيــذا ٌن بنهايــة االمتحــان الــذي‬ ‫أرهقــه ماديــاً ومعنويــاً‪ ،‬والــذي ســيكون‬ ‫كذلــك مفــرق طريــق يح ـ ّدد بــه مســتقبله‬ ‫وتطلّعاتــه‪ ،‬وخاصــة‪ ،‬وهــو مــن املشــهود لهــم‬ ‫بحســن الخُلــق قبــل التفــ ّوق الــدرايس يف‬ ‫حيّــه وبــن أقرانــه‪ .‬ينتظــره أصدقــاؤه وأبنــاء‬ ‫حيّــه كعادتهــم يف نهايــة كل مــادة ميت ّحنونهــا‪،‬‬ ‫ليتناقشــوا فيــا كتبــوه‪ ،‬ويضعــوا توقّعاتهــم‬ ‫يف مــا لــو حقّقــوا العالمــات املناســبة التــي‬ ‫تخ ّولهــم بالتســجيل بالفــرع الــذي يرغبــون‬ ‫بــه‪ ،‬حتــى يصلــوا إىل بيوتهــم‪ ،‬وهــذه حالتهــم‬ ‫دون ملــل كل يــوم‪ .‬تو ّجهــوا بالســؤال ألحمــد‬ ‫عــن رغبتــه‪ ،‬وإذا كان باإلمــكان تحقيقهــا‪ .‬ر ّد‬ ‫أحمــد باسـاً وبثقــة‪ :‬ـ إن شــاء اللــه محقّقةً‪..‬‬ ‫الطــب‪ ،‬وأنتــم‬ ‫ولــن أرىض بأقــل مــن كل ّيــة‬ ‫ّ‬ ‫تعرفــون جميعــاً عندمــا تكونــون يف منــزيل‪،‬‬ ‫مبــاذا تنادينــي والــديت؟ أجابــوا بصــوت‬ ‫واحــد‪ ،‬وهــم يضحكــون‪ :‬دكتــور أحمــد‪ .‬ـ‬ ‫إذن‪ ،‬لــن أخ ّيــب أملهــا وحلمهــا يف أن أكــون‬ ‫طبيب ـاً‪ .‬ثــم متتــم بينــه وبــن ذاتــه‪ :‬ـ وكيــف‬ ‫ال أســعى ألن أســعدها‪ ،‬وهــي التــي نســيت‬ ‫الدنيــا مــن أجــي‪ ،‬بعــد وفــاة والــدي رحمــه‬ ‫اللــه‪ ،‬وكانــت األب واألم يف الوقــت ذاتــه‪ ..‬ومل‬ ‫يعــده إىل الواقــع إالّ صــوت أصدقائــه‪ ،‬وهــم‬ ‫ميازحونــه قائلــن لــه‪ :‬ـ دكتــور أحمــد‪ ...‬نحــن‬ ‫هنــا‪..‬‬ ‫**********‬ ‫وبعــد أقــل مــن شــهر‪ ،‬تعلــن نتائــج‬ ‫االمتحانــات العامــة‪ ،‬وليكــون اســم أحمــد‬ ‫متصــ ّدرا ً قوائــم الناجحــن‪ .‬الفرحــة ال‬ ‫تســعه وأمــه التــي بــدأت تشــعر بــأ ّن ابنهــا‬ ‫قــد وضــع قدمــه يف بدايــة طريــق حلمهــا‪،‬‬ ‫فالخطــوة األوىل متّــت بنجــاح باهــر‪،‬‬ ‫وبانتظــار الخطــوات األخــرى‪ .‬أســابيع قليلــة‬ ‫مــ ّرت‪ ،‬وإذا بأحمــد يتنقّــل يف كل ّيــة الطــب‬ ‫بــن مدرجاتهــا ومخابرهــا مرتديــاً معطفــه‬ ‫األبيــض الطويــل بزهــ ّو‪ .‬ويف نهايــة كل يــوم‬ ‫درايس يخــرج مــن الكليــة واضعــاً معطفــه‬ ‫األبيــض عــى ذراعــه وكأنّــه متأبّــط ذراع‬ ‫فتــاة أحالمــه‪ ،‬يرافقــه مجموعــة مــن أصدقــاء‬ ‫ح ّيــه يف الكليــة ذاتهــا‪ ،‬وهــم يتح ّدثــون بــن‬

‫ج ـ ّد وهــزل‪ ،‬وأحاديــث بــن املــايض القريــب‬ ‫والحــارض وأحــام املســتقبل‪ .‬وبينــا هــم عىل‬ ‫هــذه الحالــة‪ ،‬د ّوى انفجــار هائــل غطّــى‬ ‫عــى أصواتهــم‪ ،‬وعــى هديــر الســيارات يف‬ ‫الشــارع ‪ .‬ارتفعــت ســحابة مــن الدخــان‬ ‫ســودا َء المعــة نحــو الســاء ترافقهــا أشــاء‬ ‫مــا كان يف موقــع‬ ‫برشيــة وبقايــا مختلفــة ّ‬ ‫االنفجــار‪ ،‬أعقبــه اشــتعال يف مركــز االنفجــار‬ ‫ومحيطــه القريــب‪ .‬مل يشــعر أحمــد بنفســه‬ ‫ـوي برسعــة‬ ‫إالّ وهــو محلّــق يف الهــواء‪ ،‬ثــم ليهـ َ‬ ‫عــى ســيارة كانــت متوقفــة عــى جانــب‬ ‫الشــارع‪ ،‬ليســقط منهــا عــى أرض الشــارع‬ ‫املســفلت حيــث يتلقّــاه ســطحها بخشــونة‬ ‫وقســوة‪ .‬أراد أن يعــرف أو أن يتذكّــر مــاذا‬ ‫جــرى‪ ،‬وهــو مســتلقٍ عــى األرض بــا حـراك‪..‬‬ ‫مل يســتطع وكأن فرقــة مــن الطبــول ت ـ ّدق يف‬ ‫رأســه‪ ..‬الرؤيــة غــر واضحــة‪ ..‬مــا يـراه أشــباه‬ ‫أنــاس تتحــرك مــن حولــه‪ ،‬وكأنهــم أشــباح‪..‬‬ ‫األصــوات تتعــاىل مــن كل جانــب‪ ..‬الدنيــا‬ ‫تلــف بــه‪ ،‬وكأنــه مس ـ ّمر عــى دوالب يــدور‬ ‫بــه‪ ..‬أراد الحــراك‪ ،‬مل تطاوعــه أعضــاؤه‪..‬‬ ‫بــدأت األصــوات تتــاىش‪ ..‬وســيطر اللــون‬ ‫األســود عــى عينيــه‪ ،‬وأصبــح يف عــامل آخــر ال‬ ‫يــدري عنــه شــيئاً‪..‬‬ ‫***********‬ ‫فتــح عينيــه‪ ،‬ال يــدري‪ ،‬بعــد كــم مــن الوقــت؟‬ ‫يبــدو أنــه نائــم عــى يشء يتحـ ّرك بــه وســط‬ ‫ممــر عــى جانبيــه أنــاس مبالبــس بيضــاء‪،‬‬ ‫وهــم يتح ّدثــون بصــوت مرتفــع‪ :‬ـ أرسعــوا‬ ‫بــه‪ ..‬لقــد نــزف الكثــر مــن دمــه‪ ..‬إىل غرفــة‬ ‫العمليــات فــورا ً‪ .‬خفّــت حــ ّدة األصــوات‪..‬‬ ‫غابــت الصــور‪ ..‬مل يعــد يشــعر بــيء‪ .‬عــاد‬ ‫يفتــح عينيــه مــن جديــد‪ ،‬لكــن‪ ،‬هــذه املــرة‬ ‫بـرا ٍخ يف أعضائــه‪ ،‬وغشــاوة عــى عينيــه متنعه‬ ‫مــن تحديــد معــامل الوجــوه التــي تحلّقــت‬ ‫حولــه‪ ،‬رغــم هــذه الحالــة املؤملــة املســتحدثة‬ ‫عليــه‪ ،‬مل متنعــه مــن أن يتع ـ ّرف عــى صــوت‬ ‫مألــوف لديــه نرباتــه أشــعرته باألمــان عــى‬ ‫مــا هــو عليــه‪ ،‬إنــه صــوت أغــى‬ ‫الرغــم ّ‬ ‫البــر لديــه؛ صــوت والدتــه‪ ،.‬والــذي زاده‬ ‫راحــة أكــر أناملهــا الحانيــة وهــي متســح‬ ‫عــى رأســه متخلّلــة شــعره بــكل رقــة وحنــان‪.‬‬ ‫أدرك وضعــه اآلن‪ ،‬إنــه يف املستشــفى‪ ،‬ويرقــد‬ ‫فــوق رسيــر أبيــض نظيــف‪ ..‬ولكــن‪ ،‬ملــاذا‬

‫هــو هنــا‪ .‬هــل هــو مصــاب؟ أراد أن يتعـ ّرف‬ ‫عــى وضعــه بنفســه ودون أن يســأل أحــدا ً‬ ‫م ّمــن يحيــط بــه‪ .‬يــداه تتحــركان‪ ،‬متثّلهــا‪..‬‬ ‫خــدوش بســيطة ال أكــر‪ ،‬ال تثــر قلقــاً‪..‬‬ ‫أدار نظــره باتجــاه أقدامــه املم ـ ّددة أمامــه‪..‬‬ ‫رستــه‪ ،‬انتقــل‬ ‫ح ـ ّرك قدمــه اليــرى بســهولة ّ‬ ‫لتحريــك قدمــه اليمنــى‪ ،‬مل يســتطع‪ ،‬إذ كانــت‬ ‫شــبه ثابتــة‪ ،‬وملفوفــة بربــاط طبــي كثيــف‪.‬‬ ‫كان الجميــع يراقــب تحركاتــه بصمــت‬ ‫يشــوبه التوتــر والعطــف‪ ..‬نقّــل نظراتــه‬ ‫عــى وجــوه الحارضيــن التــي كانــت تحــاول‬ ‫رســم ابتســامات‪ ،‬إىل أن تالقــت نظراتــه مــع‬ ‫نظــرات أمــه التــي كانــت تقــف بجانبــه‪،‬‬ ‫وهــي تحــاول حبــس دموعهــا يف عيونهــا‪،‬‬ ‫راســمة شــبه ابتســامة‪ ،‬وتســلّلت أناملهــا‬ ‫نحــو يــده املمتــدة إىل جانبــه‪ ،‬فأمســكتها‬ ‫بلطــف وحنــان‪ ،‬وانحنــت عــى جبينــه تق ّبلــه‬ ‫بشــفتني حارتــن مرتجفتــن‪ .‬أراد الــكالم‪ ،‬مل‬ ‫تســعفه شــفتاه‪ ،‬إذ غاصــت كل الحــروف‬ ‫التــي يعرفهــا أو يريــد أن ينطقهــا يف حلقــه‪.‬‬ ‫خ ـ ّرت دمعتــان حا ّرتــان حائرتــان مــن عينــي‬ ‫أحمــد‪ ،‬ورسعــان مــا تلقّتهــا أصابــع والدتــه‬ ‫لتزيلهــا عــن وجنتيــه الشــاحبتني‪ ،‬وأخــذت‬ ‫املبــادرة بالــكالم‪ :‬ـ الحمــد للــه عــى ســامتك‬ ‫يــا ولــدي‪ ..‬وضعــك ال خــوف عليــه‪ُ ..‬جــرح‬ ‫بســيط يف قدمــك اليمنــى‪ ،‬وستشــفى منــه‬ ‫رسيعــاً إن شــاء اللــه ‪ ..‬اســأل الطبيــب‪،‬‬ ‫وســيطمئنك بنفســه‪ .‬تد ّخــل الطبيــب محــاوالً‬ ‫طأمنتــه‪ ،‬وبأنــه بعــد أيــام قليلــة ســتتامثل‬ ‫قدمــه للشــفاء‪ ،‬ويغــادر املستشــفى لبيتــه‬ ‫ماشــياً‪ ..‬مت ّنــى لــه الشــفاء‪ ،‬ثــم غــادر إىل‬ ‫مريــض آخــر‪.‬‬ ‫**********‬ ‫أدار أحمــد رأســه باتجــاه النافــذة مخرتقــاً‬ ‫بنظراتــه الحزينــة زجاجهــا نحــو غيــوم‬ ‫مرتاكمــة بيضــاء تبــدو كظهــور النعــاج‪،‬‬ ‫مصبوغــة بأشــعة شــمس األصيــل املنحــدرة‬ ‫نحــو املغيــب‪ ،‬مطلقًــا تنهيــدة حــارة‪..‬‬ ‫مســرجعاً العديــد مــن الذكريــات‪ ،‬التــي‬ ‫باتــت متــر أمامــه رساع ـاً كرشيــط ســيناميئ‪..‬‬ ‫مل يعــده إىل حــارضه ســوى صــوت أمــه‬ ‫الهــادئ الحنــون‪ ،‬ويدهــا الحــارة التــي متســك‬ ‫بيــده برقّــة ومــو ّدة‪ ،‬لتمنحــه جرعــة مــن‬ ‫الطأمنينــة وبعضــاً مــن العزميــة والثبــات‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫تبعــث فيــه األمــل‪ .‬رفــع رأســه مــن جديــد‬ ‫إىل نهايــة الرسيــر حيــث موضــع قدميــه‪..‬‬ ‫املنظــر مختلــف قدمــه اليــرى وأصابعهــا‬ ‫منتصبــة إىل األعــى ويحركهــا براحــة ودون‬ ‫أي عنــاء! لكــن‪ ،‬قدمــه اليمنــى‪ ،‬وضعهــا‬ ‫ومنظرهــا مختلــف! فهــي ثابتــة وشــبه‬ ‫مســتوية مــع ســاقه املمــدودة‪ ،‬وكأن الصــورة‬ ‫تتجســد أمامــه‪ ..‬متالــك نفســه ناظ ـرا ً‬ ‫بــدأت ّ‬ ‫إىل عينــي والدتــه املغرورقتــن بالدمــوع‪،‬‬ ‫محــاول الــكالم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املتشــحتني بحــزن مخنــوق‪،‬‬ ‫وكأنــه يســألها بنظراتــه التــي تثقــب القلــب‬ ‫حزنـاً واملتنقّلــة بــن عيونهــا وقدمــه بــدون أن‬ ‫يتكلّــم‪ :‬هــل قدمــي‪..‬؟ تهــز أم أحمــد رأســها‬ ‫باإليجــاب‪ ،‬ثــم تعــود رسيعــاً لتنفــي ذلــك‬ ‫بحــركات يديهــا‪ .‬تتص ّنــع الوالــدة الثبــات‪،‬‬ ‫ـي مــا جرى‪،‬‬ ‫وتــردف قائلــة‪ :‬ـ لــو رأيــت‪ ،‬يــا بُنـ ّ‬ ‫لشــكرت اللــه عــى مــا حــدث‪ ،‬حتــى وأنــت‬ ‫بنــي‪ ،‬مــا حــدث يشء‬ ‫بهــذه الحالــة‪ . ..‬يــا ّ‬ ‫مــر ّوع يعجــز اللســان عــن وصفــه‪ ..‬جثــث‬ ‫محرتقــة‪ ،‬مقطّعــة األوصــال‪ ..‬أشــاء برشيــة‬ ‫متناثــرة‪ ..‬جرحــى يصيحــون أملــاً ورعبــاً‪..‬‬ ‫أحمــد متابــع والدتــه باهتــام وذهــول‪،‬‬ ‫وعندمــا رأتــه بهــذا االهتــام‪ ،‬اسرتســلت‬ ‫بالــرح والتوضيــح‪ ،‬مب ّينــة لــه الحقائــق‬ ‫مــن أفــواه مــن كان شــاهدا ً لحظــة االنفجــار‬ ‫وبعدهــا‪ ،‬باإلضافــة إىل مــا رأتــه هــي عــى‬ ‫شاشــة التلفــاز‪ .‬ـ جرميــة ال ت ُوصــف! الحمــد‬ ‫للــه الــذي مــ ّن عليــك بالنجــاة‪ ،‬يــا بنــي‪.‬‬ ‫وتواصــل األم املكلومــة محاوالتهــا‪ ،‬لــي توصل‬ ‫لــه الحقيقــة بأقــل األمل والحــزن املمكــن‪ ..‬ـ‬ ‫أنــت عــى االقــل‪ ،‬بقيــت حيّ ـاً ســليامً بــكل‬ ‫جســدك‪ ،‬مــا عــدا بعــض الكدمــات والجــروح‬ ‫الســطحية البســيطة‪ ..‬وكل يشء مــن املمكــن‬ ‫أن يتعــ ّوض اآلن‪ .‬أليــس كذلــك‪ ،‬يــا دكتــور‬ ‫أحمــد؟ ورافقتهــا بابتســامة مريحــة‪ ،‬فالطــب‬ ‫اآلن يف تقـ ّدم وتطـ ّور ال يهــدأ‪ ،‬وكل يــوم يشء‬ ‫جديــد‪ ،‬وحتــى لــو فقــد اإلنســان جــزءا ً مــن‬ ‫جســده‪ ،‬صــار باإلمــكان تعويضــه‪ .‬اقرتبــت أم‬ ‫أحمــد مــن ولدهــا أكــر‪ ،‬وأمســكت كلتــا يديه‬ ‫بيديهــا‪ ،‬وأخــذت تق ّبلهــا وهــي تبتســم‪،‬‬ ‫بعــد أن رأت بعــض االنف ـراج عــى قســات‬ ‫وجهــه‪ ،‬وأدركــت أنهــا حقّقــت هدفهــا مــن‬ ‫خــال الحديــث مــع ابنهــا‪ .‬يتســاءل أحمــد‬ ‫بحرقــة وأمل‪ :‬ـ ولكنهــا قدمــي يــا أمــي‪ ،‬ومــا‬ ‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫)‪ SAYI: 38 YIL: 2016 )2.‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬

‫ذنبــي أنــا حتــى أفقدهــا؟ ـ أم أحمــد‪ :‬ومــا‬ ‫ذنــب اآلخريــن الذيــن دفعــوا مثنــاً أعظــم!‬ ‫حياتهــم‪ ..‬ممتلكاتهــم‪ ..‬وأشــياء أخــرى‪ ،‬مــن‬ ‫يتح ّمــل املســؤولية‪ ..‬مــن؟ ـ أحمــد‪ :‬وملــاذا‬ ‫األبريــاء هــم دامئــاً مــن يدفــع الثمــن؟ ـ‬ ‫أم أحمــد‪ :‬يــا بنــي‪ ،‬قــل هــذا ملــن يفعــل‬ ‫كل‬ ‫هــذه األعــال املنكــرة التــي ال ت ُ ِق ُّرهــا ّ‬ ‫رشائــع الســاء واألرض‪ ..‬أيــن الضمــر أم أنــه‬ ‫نائــم عندهــم؟ ســادت فــرة مــن الصمــت‪،‬‬ ‫أعقبتهــا طرقــات خفيفــة عــى بــاب الغرفــة‪،‬‬ ‫تدخــل املمرضــة ملالحظــة بعــض األجهــزة‬ ‫التــي تراقــب حالتــه‪ ..‬تطمــن عــى وضعــه‬ ‫وتشــجعه ببعــض الكلــات املصحوبــة‬ ‫بابتســامة عريضــة‪ ،‬وتطلــب مــن والدتــه أن‬ ‫تدعــه يرتــاح بعــد أن وضعــت لــه بعــض‬ ‫األدويــة يف املحلــول املعلــق املتصــل بيــده‪.‬‬ ‫أمســكت أم أحمــد يــده األخــرى تضغــط‬ ‫عليهــا برفــق‪ ،‬بينــا بــدأ النــوم يغــزو مقلتيــه‬ ‫ببــطء‪ ،‬وهــو يحلــم بغــد مــرق خــا ٍل مــن‬ ‫اغتيــال األحــام الربيئــة‪ ،‬ويــرى نفســه طبيب ـاً‬ ‫يــداوي جراحــات املــرىض‪ ،‬ويخفّــف عنهــم‬ ‫آالمهــم‪ ،‬حتــى لــوكان بقــدم واحــدة‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫رثا ُء األحبّة!‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫ببال��غ احل��زن واألمل تلقين��ا نبأ استش��هاد الش��هيدة «بت��ول العلوش» ش��قيقة الزمي��ل األديب‬ ‫إبراهيم العلوش‪ ،‬اليت ارتقت شهيدة بإذن اهلل إثر عمليات القصف اجلوي اليت استهدفت املناطق‬ ‫الس��كنية يف مدينة الرقة‪ ،‬وراح ضحيتها عش��رات الشهداء واجلرحى‪.‬‬

‫للش��هيدة بتول العلوش وش��هداء س��وريا الرمحة واملغفرة‪ ،‬ولذويها الصرب والسلوان‪.‬‬

‫ثورة احلرية ختسر أحد فرسانها الشجعان‬

‫وف��اة املع��ارض الس��وري حس�ين الع��ودات يف دمش��ق‬

‫الحرمل‪ -‬وكاالت‬ ‫تــويف الخميــس ‪ 2016/4/7‬يف دمشــق الكاتــب‬ ‫واملعــارض حســن العــودات عــن عمــر يناهــز الثامنــن‬ ‫عام ـاً بعــد مــرض الزمــه يف الســنوات األخــرة‪.‬‬ ‫ويعتــر العــودات أحــد أبــرز املعارضــن الذيــن ظلــوا‬ ‫يف دمشــق‪ ،‬وكان يتمكــن مــن قــول رأيــه الرصيــح‬ ‫عــر اإلذاعــات والصحــف يف تأييــد الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫رغــم املالحقــات األمنيــة الشــديدة التــي كانــت تعتــر‬ ‫قــول الــرأي املعــارض مبثابــة الخيانــة التــي تســتحق‬ ‫التعذيــب واالعتقــال الطويــل‪.‬‬ ‫والعــودات أحــد أبــرز رمــوز املعارضــة منــذ بدايــات‬ ‫العقــد املــايض‪ ،‬حيــث كان وســط املؤسســن للح ـراك‬ ‫الثقــايف واالجتامعــي والســيايس الســوري بعــد العــام‬ ‫‪ 2001‬املعــروف بـ»ربيــع دمشــق»‪ ،‬وشــارك يف حينــه‬

‫بتأســيس لجــان إحيــاء املجتمــع املــدين‪ ،‬وكان بــن‬ ‫قياداتهــا‪.‬‬ ‫كــا شــارك يف نشــاط املنتديــات التــي أطلقهــا‬ ‫الســوريون للبحــث والنقــاش يف الوضــع الســوري‬ ‫وحولــه‪ ،‬وجــرى اعتقالــه مــن قبــل األمــن الســيايس يف‬ ‫حينــه‪ ،‬ثــم شــارك يف تأســيس إعــان دمشــق للتغيــر‬ ‫الوطنــي الدميقراطــي عــام ‪ 2005‬بوصفــه تحالــف‬ ‫املعارضــة الرئيــس يف ســوريا‪.‬‬ ‫وبعــد انطــاق الثــورة الســورية عــام ‪ ،2011‬كان‬ ‫العــودات بــن أبــرز مؤيديهــا واملشــاركني فيهــا‪ ،‬مــا‬ ‫ع ّرضــه للمالحقــة واملتابعــة األمنيــة مــرات كثــرة‪.‬‬ ‫شــارك يف العــام ‪ 2011‬بتأســيس هيئــة التنســيق‪ ،‬كــا‬ ‫كان بــن املشــاركني النشــطني يف مؤمتــر املعارضــة‬ ‫الســورية بالقاهــرة عــام ‪.2015‬‬ ‫وإضافــة إىل نشــاطه يف صفــوف املعارضــة كان‬ ‫العــودات مــن كبــار الصحافيــن والكتــاب الســوريني‪.‬‬ ‫ففــي مجــال الصجافــة‪ ،‬أســس العديــد مــن املنابــر‬ ‫اإلعالميــة بينهــا وكالــة الصحافــة العربيــة الســورية‬ ‫«ســانا» يف العــام ‪ ،1966‬وجريــدة «أخبــار العــرب»‬ ‫‪ ،1990‬وكتــب يف عــرات الصحــف والدوريــات‬ ‫العربيــة مقــاالت ودراســات‪.‬‬

‫رســائـل عــاشـــقــة‪..‬‬

‫ويف املجــال الثقــايف‪ ،‬تــرك العــودات بصامتــه البــارزة‬ ‫يف الواقــع الثقــايف‪ ،‬فقــد أســس وتــوىل إدارة «دار‬ ‫األهــايل» للطباعــة والنــر يف دمشــق عــام ‪،1987‬‬ ‫التــي تعــد إحــدى أهــم دور النــر العربيــة‪ ،‬وألــف‬ ‫العديــد مــن الكتــب مــن بينهــا «املــوت يف الديانــات‬ ‫الرشقيــة»‪« ،‬العــرب النصــارى»‪« ،‬املــرأة العربيــة يف‬ ‫الديــن واملجتمــع»‪« ،‬اآلخــر يف الثقافــة العربيــة»‪،‬‬ ‫«وثائــق فلســطني (‪ ،»)1987 –1879‬وشــارك مــع‬ ‫آخريــن يف تأليــف كتــب بينهــا موســوعة الصحافــة‬ ‫يف بــاد الشــام‪ ،‬وتــوىل اإلرشاف عــى موســوعة املــدن‬ ‫الفلســطينية‪.‬‬ ‫يذكــر أن حســن العــودات مــن مواليــد قريــة «أم‬ ‫امليــاذن» مــن ريــف محافظــة درعــا عــام ‪،1937‬‬ ‫حصــل عــى ليســانس يف الجغرافيــا‪ ،‬وآخــر يف اللغــة‬ ‫الفرنســية مــن جامعــة دمشــق‪ ،‬كــا حصــل عــى‬ ‫دبلــوم يف الصحافــة‪.‬‬ ‫الحرمــل إذ تؤبــن املفكــر والثائــر حســن العــودات‬ ‫تعــر عــن حزنهــا الشــديد عــى هــذه القامــة الكبــرة‪،‬‬ ‫وكلنــا أمــل بــأن األجيــال الســورية الجديــدة ســتمأل‬ ‫ســاحة الحريــة باملزيــد مــن جهــود الشــباب مــن أبنــاء‬ ‫ســورية الحــرة والجديــدة‪.‬‬

‫أنا الرببرية‬

‫وال متلــك ســوى قلــب مثقــل بالعشــق‪ ..‬أنــا بربريــة الربيّــة‪ ..‬أعــرف جــدا ً كيــف‬ ‫ـب‪ ،‬قبــل أن تلفحنــي أيّهــا الهــوى الدمشــقي وترشــق صــوايب بالجنــون‬ ‫أحــب وأُ َحـ ُّ‬ ‫احــذ ْر‪ ...‬أنــا حفيــدة (بوغرطــة) املغامــر‪ ..‬أنــا حفيــدة (الكاهنــة املتمــردة)‪..‬‬ ‫الكاهنــة التــي قهــرت جيــوش املســلمني‪ ،‬وروضتهــم بالحــب اقــرأ التاريــخ جيــدا ً‬ ‫أيهــا املجنــون الدمشــقي اقــرأه ومتعــن بتفاصيلــه أنــا الكاهنــة التــي اشــتهى‬ ‫أنوثتهــا القــايص والــداين‪ ،‬وأنــا التــي عندمــا متلمــل ذكاؤهــا ووهجهــا األنثــوي‪،‬‬ ‫هزمــت أجــدادك وأرستهــم‪ ..‬مــن معجـزات الحــب أن يجعــل التاريــخ أحيانـاً يعيــد‬

‫نفســه‪ ..‬كان عليــك أن تقــرأ جيــدا ً قبــل أن تقــرع بــاب قلبــي‪ ..‬احــذ ْر‪ ..‬فأنــت إن‬ ‫أحببتنــي أنهيتــك‪ ..‬دعنــي إذا ً أحبــك أنــا بحفنــة مــن نبــض‪ ،‬رسقتهــا إليــك مــن ذاك‬ ‫ـوري طبـ ٌع منــي‪ ،‬ويل مــن الســوري طبــاع أنــا الفــرس الشــاردة التــي‬ ‫الزمــن‪ ..‬للسـ ّ‬ ‫تبحــث عنــك أيهــا الفــارس الســوري‪ ..‬أنــا بريــة الريــح التــي ال أُمــس‪ ...‬وأنــت أيهــا‬ ‫ـب قــد أمســكت يب‪ ،‬قــد يشــبه شــع ُرك شــعر (بوغرطــة)‪ ..‬أو أنــت‬ ‫البعيــد القريـ ُ‬ ‫مــن أحفــاد (ماســينا)‪ ..‬ويشــبهك قائــد فرســانها‪....‬‬ ‫السوري أخذت قلبي وعقيل‪...‬‬ ‫كأنك هذا كله‪ ،‬وألنك‬ ‫ُّ‬

‫رئيفة محمود _ تونس‬

‫هــل يحــق للســوري أن يحــزن؟ هــل يحــق للســوري أن‬ ‫يُعـ َّـر عــن خوالــج نفســه؟‬ ‫أم أن الســوري صــار مجــرد كائــنٍ دائــم النــزف‪ ،‬ودائــم‬ ‫الحــزن‪ ،‬إىل درجــة مل يعــد يأبــه بــه اآلخــرون‪ ،‬حتــى مــن‬ ‫الســوريني أنفســهم الذيــن يســريحون بــن حــزن مــى‬ ‫لتــوه‪ ،‬وحــزن آخــر ســتحمله األخبــار لهــم بعــد قليــل‪.‬‬ ‫هــل يحــق يل أن أتذكــر بتــول‪ ،‬أختــي الصغــرة‪ ،‬التــي‬ ‫كانــت تلعــب يف الحــارة معــي قبــل ثالثــن ســنة مــن‬ ‫مداهمــة الطائـرات الروســية لهــا‪ ،‬وهــي تصــل قــرب بــاب‬ ‫مستشــفى الطــب الحديــث يف الرقــة‪ ،‬الــذي تعمــل فيــه‬ ‫كممرضــة‪.‬‬ ‫كان املــرىض ينتظــرون مجيئهــا ذلــك الصبــاح ليأخــذوا‬ ‫األدويــة مــن يديهــا‪ ،‬لكــن الــروس أرســلوا أبلــه يف طائــرة‬ ‫لهــم‪ ،‬ليقتــل أختــي مــع عــدد مــن املــارة املجهولــن‪،‬‬ ‫الذيــن كانــوا يحلمــون ذلــك الصبــاح‪ ،‬بانف ـراج أحوالهــم‬ ‫تيمن ـاً باألمــل املعقــود يف نفوســهم‪ ،‬رغــم الســواد الــذي‬ ‫يلــف حياتهــم!‬ ‫أرســل الــروس أبلــه يف طائــرة‪ ،‬ليــس أبلــه دوستويفســي‬ ‫الــذي يحلّــق بهواجســه يف فضــاءات النفــس اإلنســانية‪،‬‬ ‫وإمنــا أبلــه مــن بلهــاء التدمــر‪ ،‬ومــن بلهــاء التعذيــب‪،‬‬ ‫والتنكيــل الــذي تكيلــه روســيا لشــعبنا‪ ،‬مــن أجــل مســاندة‬ ‫مســتبدنا األبلــه‪ ،‬الــذي حمــت روســيا نظامــه‪ ،‬ونظــام‬ ‫أبيــه عــر نصــف قــرن‪ ،‬ورســخت طرقــه يف التعذيــب‪ ،‬ويف‬ ‫التنكيــل بالســوريني‪ ،‬وأدارت أعتــى الســجون الســورية عرب‬ ‫عقــود طويلــة‪ ،‬بخربائهــا الذيــن يســتمتعون بالتعذيــب!‬ ‫روســيا وإيـران اليــوم أكــر الــدول عــدا ًء لشــعبنا الســوري‪،‬‬ ‫ر ضــد الشــعب‬ ‫روســيا وإي ـران اليــوم أكــر مصــادر ال ـ ّ‬ ‫الســوري‪ ،‬روســيا وإيـران أبــرز مصــادر القهــر لنــا ولوطننــا!‬ ‫ســيقول بعــض السياســيني بــأن هــذا الــكالم مجــرد كالم‬ ‫عاطفــي‪ ،‬ال يُــرف يف مصالــح الــدول‪ ،‬وال يف قراراتهــا‬ ‫وخططهــا االســراتيجية‪ ،‬لكننــي أعتقــد بــأن هــذه‬ ‫التربي ـرات تصلــح للبلهــاء‪ ،‬ولعدميــي األخــاق‪ ،‬ولعدميــي‬ ‫الــرف‪ ،‬وال يصلــح للشــعوب!‬ ‫عندمــا أحببنــا الــروس قدمي ـاً أحببناهــم مــن أجــل أبلــه‬ ‫دستويفســي‪ ،‬ومــن أجــل روايــات تولســتوي‪ ،‬وقصــص‬ ‫تشــيخوف‪ ،‬وكلــب بافلــوف‪ ،‬وجــدول مندلييــف‪ ،‬وليــس‬ ‫مــن أجــل املذابــح الجامعيــة التــي قــام بهــا الــروس ضــد‬ ‫الشــعوب األخــرى‪ ،‬وحتــى ضــد شــعبهم يف املعتقــات‬ ‫األســطورية يف ســيبرييا‪ ،‬وليــس بســبب تهديدهــم للعــامل‬ ‫بصواريخهــم‪ ،‬التــي تحولــت الحقــاً إىل براميــل صدئــة‬ ‫دفعــوا الغــايل والرخيــص لدفــن ســمومها!‬ ‫وعندمــا أحببنــا اإليرانيــن فمــن أجــل ســعدي الش ـرازي‪،‬‬ ‫وعمــر الخيــام‪ ،‬والســجاد الجميــل الــذي تبدعــه األيــادي‬ ‫املاهــرة‪ ،‬والنفــوس املبدعــة‪ ،‬وليــس مــن أجــل الحقــد‬ ‫التاريخــي ضدنــا‪ ،‬وال مــن أجــل أســاطري مضحكــة تنتقــم‬ ‫للحســن‪ ،‬ولغــر الحســن الذيــن يت ـ ّم اتخاذهــم ذريعــة‬ ‫يض مــن اآلخريــن!‬ ‫لترصيــف الحقــد واالنتقــام املــ َر ّ‬ ‫ر يف بالدنــا‪ ،‬ولــن‬ ‫اإليرانيــون والــروس اليــوم‪ ،‬رم ـزان لل ـ ّ‬ ‫كل األكاذيــب التــي يكيلونهــا يف تربيــر‬ ‫تشــفع لهــم ّ‬ ‫وحشــيتهم‪ ،‬وهــم يوزعــون الحــزن عــى العائــات‬ ‫الســورية‪ ،‬وييتمــون األطفــال‪ ،‬كــا ت َيتّــم ابــن وبنــت‬ ‫أختــي بتــول‪ ،‬حيــث مل يغــادر ابنهــا الكبــر محمــد ســنته‬ ‫الثالثــة‪ ،‬ليدخــل مــع أختــه زمنـاً مـ ّرا ً مــن اليتــم‪ ،‬ويُتـ ُم األم‬ ‫مــن أشــد العــذاب الــذي يلحــق بالطفــل‪ ،‬والعــرب تصــف‬ ‫الطفــل يتيــم األم‪ ،‬باللطيــم لشــدة العــذاب الــذي ينتظــره‬ ‫يف قــادم األيــام!‬ ‫لــن نتنــازل عــن حقنــا يف الحــزن‪ ،‬وال عــن حقنــا يف رثــاء‬ ‫أحبتنــا؛ ورغــم األمل والعــذاب‪ ،‬فإننــا لــن نرتاجــع أبــدا ً عــن‬ ‫طلــب الحريــة والكرامــة!‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 38‬نيســان ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.