Alharmal (39) 01 05 2016 العدد 39 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫رئيس بلدية أقجة قلعة للحرمل‪:‬‬ ‫نأمل من السوريني أن يكونوا يد ًا واحدة يف وجه الظلم‬ ‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪sayı 39‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا ‬‪‪#‎HalepYanıyor‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ذرور احلرمل‬

‫جمازر حلب‬ ‫املس��مار األخ�ير يف نع��ش النظام!‬ ‫بسام البليبل‬

‫قص��ف متواص��ل للط�يران احلربي على مدينة حلب وروس��يا ال ترى س��ببًا لوقف عدوان األس��د‬

‫مئ��ات الش��هداء واجلرحى وخروج معظم املش��ايف ع��ن اخلدمة‬ ‫الحرمل ـ خاص‬ ‫أكــر مــن ‪ 235‬شــهيدا ً ومئــات الجرحــى‪ ،‬الحصيلــة‬ ‫األوليــة للغــارات الوحشــية التــي شــنها الطـران الســوري‬ ‫والــرويس لليــوم العــارش عــى التــوايل عــى املناطــق‬ ‫الخاضعــة لســيطرة قــوى املعارضــة يف مدينــة حلــب‪،‬‬ ‫وتســبب القصــف املتواصــل يف شــل الحركــة يف عمــوم‬ ‫مدينــة حلــب‪ ،‬ونــزوح ع ـرات األرس إىل خــارج حــدود‬ ‫املدينــة‪ ،‬فيــا أغلقــت الســلطات املحليــة املــدارس‪،‬‬ ‫وألغــت الهيئــات الرشعيــة صــاة الجمعــة الفائتــة يف‬ ‫معظــم جوامــع حلــب‪.‬‬ ‫كــا أدى القصــف املتواصــل الــذي طــال معظــم‬ ‫املنشــآت الحيويــة إىل خــروج املشــايف واملراكــز الطبيــة‬ ‫عــن الخدمــة الفعليــة‪ ،‬وتوقــف محطــات تصفيــة امليــاه‬ ‫عــن العمــل نتيجــة تعرضهــا إىل إصابــات مبــارشة أدت‬ ‫لتوقفهــا الــكيل عــن العمــل‪ ،‬وتعــرض مشــفى القــدس‪،‬‬

‫الــذي يعمــل بــإرشاف منظمــة أطبــاء بــا حــدود‪ ،‬إىل‬ ‫تدمــر شــامل جـ ّراء إصابتــه بصواريــخ الطـران‪ ،‬وأدى إىل‬ ‫استشــهاد ثالثــة مــن األطبــاء العاملــن يف املشــفى‪ ،‬كــا‬ ‫طــال القصــف مراكــز الدفــاع املــدين‪ ،‬وأدى إىل استشــهاد‬ ‫عــدد مــن عنــارصه العاملــن يف مجــال اإلنقــاذ واإلخــاء‪.‬‬ ‫ودانــت دول الخليــج بشــدة القصــف الوحــي املتواصــل‬ ‫عــى مدينــة حلــب‪ ،‬واعتــرت مــا يحــدث للمدنيــن‬ ‫العــزل جرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬فيــا قــررت جامعــة‬ ‫الــدول العربيــة عقــد اجتــاع طــارئ ملجلســها‪ ،‬بنــاء‬ ‫عــى طلــب دولــة قطــر‪ ،‬كــا شــهدت تركيــا ومعظــم‬ ‫العواصــم العربيــة والغربيــة مظاهــرات واعتصامــات‬ ‫نــددت بانتهــاكات النظــام الســوري وجرامئــه الوحشــية‬ ‫بحــق الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫وحــث وزيــر الخارجيــة األمريــي روســيا عــى وقــف‬ ‫انتهــاكات حكومــة األســد‪ ،‬واتخــاذ خطــوات إيجابيــة يف‬

‫تفعيــل اتفــاق وقــف األعــال العدائيــة الســاري منــذ‬ ‫شــباط املــايض‪ ،‬مؤكــدا ً عــى رضورة وقــف الهجــات‬ ‫ضــد املدنيــن يف ســوريا مــن قبــل النظــام الســوري‪،‬‬ ‫ومته ـاً حكومــة األســد بتصعيــد ال ـراع يف ســوريا عــر‬ ‫اســتهداف املدنيــن‪.‬‬ ‫وكشــف نائــب وزيــر الخارجيــة الــرويس عــن تنســيق‬ ‫أمــريك رويس وثيــق يتعلــق بالوضــع يف حلــب‪ ،‬مؤكــدا ً‬ ‫أن بــاده لــن تضغــط عــى دمشــق لوقــف عملياتهــا يف‬ ‫املدينــة‪ ،‬ألن مــا يحصــل هــو مكافحــة للتهديــد اإلرهــايب‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي يواصــل الطــران الســوري والــرويس‬ ‫قصفــه ملدينــة حلــب‪ ،‬ال تبــدو هنــاك أيــة خُطــة أمريكيــة‬ ‫واضحــة املعــامل لوقــف هــذا الهجــوم‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫صمــت لالعبــن اإلقليميــن وعــى رأســهم الســعودية‬ ‫وتركيــا‪ ،‬الذيــن اكتفــوا بإدانــات خجولــة أمــام الوضــع‬ ‫اإلنســاين الــكاريث ملدينــة حلــب‪.‬‬

‫برســم الحكومــة الرتكيــة وجمعيــات عــرب تركيــا‬ ‫‪Türkiye Cumhuriyeti Hükümeti ve Arap Derneklerine,‬‬ ‫‪kurumlardan geldiklerini idda ederek kadınları,genç‬‬ ‫‪kızları taciz ettiklerine şahit oluyoruz. Bazı‬‬ ‫‪Suriyeli vatandaşları dolandırıp para aldıklarını da‬‬ ‫‪görüyoruz. Dil bilmediğimiz için derdimizi anlatmakta‬‬ ‫‪zorlanıyoruz. Yetişkin kesim için devletin Türkçe‬‬ ‫‪kursları bulunmamaktadır, özel kurslara ise maddi‬‬ ‫‪imkanlar el vermediği için gidemiyoruz. Devlet böyle‬‬ ‫‪kurslar açmadığı için dil sıkıntısı yaşıyor ve derdimizi‬‬ ‫‪arzumuzu anlatamıyoruz. Bu hem Türkiye hem Suriye‬‬ ‫‪için büyük bir kayıptır.‬‬ ‫‪Türkiye devletine ve toplumuna sonsuz saygılar‬‬ ‫‪diliyor ve temennimiz bu dileğimizin gerçekleşip bu‬‬ ‫‪sıkıntıların son bulmasındır.‬‬ ‫الرتجمة للعربية صفحة ( ‪) 2‬‬

‫‪Biz Suriyeliler olarak en güzel muameleyi‬‬ ‫‪Türkiye’de bulduk. Suriye halkı bu güzel‬‬ ‫‪muamelenizi unutmadı. Gerek devletin gerek‬‬ ‫‪halkın muamalesi unutulacak gibi değil. Lakin biz‬‬ ‫‪görüyoruz ki son zamanlarda birçok yeni kanun‬‬ ‫‪çıktı. Bu kanunlar bizi sınırlandırdı. Şehirlerarası‬‬ ‫‪seyahat yapmamız zorlaştı. Bu yüzden ailelerim‬‬ ‫‪iz,yakınlarımız,dostlarımız ile aramızda ayrılıklar‬‬ ‫‪oldu. Avrupa’daki çocuklarımızın Türkiye’ye‬‬ ‫‪gelmeleri zorlaştı.‬‬ ‫‪Bunun yanında bazı olumsuz olaylarla‬‬ ‫‪karşılaşıyoruz. Türkiye ‘de yaşayan Türk‬‬ ‫‪vatandaşı bazı Araplar, evlerimize gelerek çeşitli‬‬

‫إ ّن مــا يحــدث يف حلــب اليــوم‪ ،‬يجــرد النظــام الســوري‬ ‫وكل القيــادات التــي تعمــل تحــت إمرتــه‪ ،‬واملكونــات التــي‬ ‫تؤيــده‪ ،‬مــن صدقيــة االنتــاء الوطنــي‪ ،‬التــي ترقــى بهــم إىل‬ ‫مســتوى الخيانــة‪ ،‬وإســقاط الجنســية الســورية‪ ،‬وتســعى بهــم‬ ‫حثيث ـاً إىل محكمــة جرائــم الحــرب‪ ،‬التــي ال بــد أن تنعقــد ذات‬ ‫يــوم ملحاكتهــم‪ ،‬ولــن يكــون ذلــك خاصـاً بالنظــام الســوري‪ ،‬بــل‬ ‫ستشــاركه القيــادات الروســية الحاليــة املســؤولية عــن هــذه‬ ‫الجرائــم‪ ،‬أل ّن الــدور الــرويس تجــاوز املســاندة والتحريــض‪ ،‬وبــات‬ ‫لــه الــدور األكــر يف قتــل املدنيــن الســوريني وتهجريهــم‪ ،‬وتدمــر‬ ‫ممتلكاتهــم‪ ،‬ولــن ينفــع الــروس تذرعهــم أ ّن وجودهــم يف ســوريا‬ ‫قــد تــم بطلــب مــن الحكومــة الرشعيــة‪ ،‬فــا رشعيــة لنظــامٍ دمـ ّر‬ ‫نصــف دولتــه‪ ،‬وقتــل وه ّجــر نصــف شــعبه‪.‬‬ ‫بــل ســتحيي هــذه الجرائــم‪ ،‬مســؤولية القيــادات الروســية‬ ‫الحاليــة عــن جرائــم أخــرى‪ ،‬ارتكبهــا يف الشيشــان وجورجيــا‪.‬‬ ‫وإ ّن مــا يحــدث يف ســوريا يعكــس الفشــل الذريــع لــدور‬ ‫املنظــات الدوليــة‪ ،‬واملؤسســات الحقوقيــة‪ ،‬يف ضــان تطبيــق‬ ‫تجل‬ ‫قانــون الطبيعــة األول‪ ،‬املتعلــق بحفــظ حــق الحيــاة‪ ،‬الــذي ّ‬ ‫خرقــه بأبشــع صــورة يف إزهــاق أرواح الســوريني عــى مــرأى‬ ‫ومســمع مــن العــامل أجمــع‪ ،‬وخصوصــاً الــدول التــي ت ُفاخــر‬ ‫بالدميقراطيــة وحقــوق اإلنســان‪ ،‬والتــي تشــارك بصمتهــا املريــب‬ ‫القتلــة‪ ،‬حيــث تفتقــت عبقريتهــا يف حاميــة املواطنــن الســوريني‬ ‫«بنظــام الصمــت» ذي األربــعٍ والعرشيــن ســاعة املخجــل‪.‬‬ ‫إ ّن مــا يقرتفــه نظــام األســد مــن جرائــم حــرب‪ ،‬وجرائــم ضــد‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬ينهــي وإىل األبــد إمكانيــة طرحــه كرشيــك يف حكــم‬ ‫ســوريا‪ ،‬ويجعــل مــن التمســك بوجــوده يف الســلطة مــن قبــل‬ ‫رشيكــه النظــام الــرويس أمـرا ً مرفوضـاً أخالقيـاً وقانونياً وسياســياً‪،‬‬ ‫ويجعــل مــن الــروس طرفــاً ورشيــكاً لنظــام القتــل واإلجــرام‪،‬‬ ‫وليــس راعي ـاً للســام يف أيــة مفاوضــات قادمــة‪.‬‬ ‫إ ّن مــا يتعــرض لــه الشــعب الســوري يفــوق التحمــل‪ ،‬ولكــن‬ ‫مجــازر حلــب األخــرة مــا هــي إالّ رفســة الثــور املحتــر‪ ،‬ورضبة‬ ‫الجبــان الخائــف‪ ،‬وانتقــام املســتكرب املنهــزم‪ ،‬ألن ذلــك دأب قــوى‬ ‫االســتبداد التــي توشــك عــى الرحيــل‪.‬‬ ‫فعندمــا كانــت دمشــق عــى عتبــة االســتقالل‪ ،‬يف انتفاضــة‬ ‫العــام ‪ ،1945‬قصــف الفرنســيون دمشــق والعديــد مــن املــدن‬ ‫الســورية باملدفعيــة والطــران‪ ،‬وتــم اقتحــام الربملــان وقتــل‬ ‫كامــل حاميتــه‪ ،‬وعندهــا توفــرت اإلرادة الدوليــة‪ ،‬عــى إثــر‬ ‫هــذه الجرميــة النك ـراء‪ ،‬وتدخــل مجلــس األمــن الــدويل‪ ،‬الــذي‬ ‫أقــ ّر جــاء القــوات الفرنســية‪ ،‬وإنهــاء االنتــداب‪.‬‬ ‫فهــل نحــن أمــام موقــف إقليمــي ودويل مرتقــب‪ ،‬عــى وقــع‬ ‫هــذه الجرائــم‪ ،‬ينهــي املأســاة الســورية‪ ،‬التــي تســبب بهــا نظــام‬ ‫طائفــي اختطــف الحيــاة السياســية‪ ،‬وجعــل البلــد والشــعب‬ ‫رهينــة يف يــده اآلمثــة‪ ،‬ضامنــاً الســتمراره الــذي أوشــك عــى‬ ‫االنتهــاء‪.‬‬ ‫فــإن مل تحــرك هــذه الجرائــم البشــعة ضمــر العــامل‪ ،‬إلســقاط‬ ‫هــذا النظــام الفاجــر‪ ،‬فــإ ّن إرصار الشــعب الســوري‪ ،‬وجيشــه‬ ‫الحــر‪ ،‬كفيـ ٌـل برســم هــذه النهايــة‪ ،‬التــي كانــت رصخــة الشــعب‬ ‫األوىل‪« :‬الشــعب يريــد إســقاط النظــام»‪.‬‬ ‫األيــام‪ -‬يومــان‪ٌ :‬‬ ‫أول وأخــ ُر‬ ‫كل حكــمٍ لــه‪ -‬وإن طالــت‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وقد أز َِف يوم النظام األخري‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫محاية الطفل الس��وري خارج القانون الدولي اإلنساني‪..‬؟!‬ ‫تجنيد األطفال رعب داعشي مرتقب‪..‬‬ ‫هــذا ســوف يتغـ ّـر تحــت ظــل حكــم تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية‪ ،‬إىل الرمايــة وجــز الرقــاب‬ ‫مــن قبــل أطفــال يافعــن‪ ،‬رســالة داعــش‬ ‫إىل العــامل مل تقتــر عــى نــر اإلرهــاب‬ ‫والفــوىض‪ ،‬بــل العمــل عــى تجنيــد األطفــال‪،‬‬ ‫وتخريــج دفعــات جديــدة مــن أجيــال صغــرة‬ ‫تربــت عــى مشــاهد الــدم والقتــل والــرؤوس‬ ‫املقطوعــة‪.‬‬ ‫عــى مرحلتــن مــن التدريــب عــى العنــف‬ ‫والقتــل يتــم تدريــب األطفــال الصغــار يف‬ ‫معســكرات خاصــة‪ ،‬يقــع أحدهــا يف مدينــة‬ ‫الطبقــة (‪55‬كم غــريب الرقــة)‪ ،‬يف املرحلة األوىل‬ ‫مــن التدريــب يخضــع األطفــال لــدورة رشعيــة‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫داخــل الجوامــع التــي أضحــت بديــاً عــن‬ ‫مل يكــن يعلــم الخليفــة عمــر بــن الخطــاب املــدارس‪ ،‬بعــد قيــام تنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫ريض اللــه عنــه حينــا قــال‪« :‬علمــوا أوالدكــم بإغــاق كافــة املــدارس الحكوميــة ضمــن‬ ‫الســباحة والرمايــة وركــوب الخيــل»‪ ،‬بــأن قوله مناطــق ســيطرته‪ ،‬وإخضــاع املعلمــن لــدورات‬

‫رشعيــة ودورات اســتتابة‪ ،‬ويف املرحلــة الثانيــة‬ ‫يتــم تدريــب هــؤالء األطفــال لــدورة عســكرية‬ ‫تســتمر ‪ 3‬أشــهر يتــدرب فيهــا الطفــل عــى‬ ‫األســلحة الخفيفــة والســيوف أيض ـاً‪.‬‬ ‫بالتجويــع وإغــراء األهــايل واألطفــال عــى‬ ‫ٍ‬ ‫حــد ســواء اســتطاع التنظيــم تجنيــد عــد ٍد‬ ‫كبــرٍ مــن األطفــال الصغــار‪ ،‬وتوكيــل مهــام‬ ‫جديــدة لهــم كالتجســس عــى أهــايل املدينــة‪،‬‬ ‫ونقــل األخبــار إىل املكاتــب األمنيــة للتنظيــم‬ ‫ليصــار بعدهــا محاســبة كل املخالفــن‪ ،‬وكذلــك‬ ‫أنشــأ التنظيــم مجموعــة مــن األطفــال اقتــر‬ ‫عملهــم عــى البحــث عــن البيــوت التــي تركهــا‬ ‫أصحابهــا خوف ـاً مــن قصــف الط ـران‪ ،‬وأيض ـاً‬ ‫مــن اإلجــراءات والقوانــن التــي يصدرهــا‬ ‫التنظيــم كل فــرة للتضييــق عــى أهــايل‬ ‫املدينــة ليصــار بعدهــا إىل مصادرتهــا لصالــح‬ ‫عنــارص التنظيــم املهاجريــن‪.‬‬

‫برسم الحكومة الرتكية‬ ‫وجمعيات عرب تركيا‬

‫املرأة ضحية االس��تبداد الديين‪ ،‬واالعتقال والتعذيب سالح داعش ضد املدنيني!‬

‫داع��ش يف آخ��ر عقوبات��ه‪ ..‬أقف��اص حديدي��ة لس��جن نس��اء الرق��ة‬

‫عزام الحاج ـ أخبار اآلن‪ /‬الرقة‬ ‫يذكــر تقريــر أصدرتــه «الشــبكة‬ ‫الســورية لحقــوق اإلنســان» بعنــوان‬ ‫«التعذيــب ومراكــز االحتجــاز لــدى‬ ‫داعــش‪ :‬القــاع األســود» أن داعــش الذي‬ ‫يســيطر عــى مســاحات واســعة مــن‬ ‫ســورية يديــر ‪ 38‬ســجناً ومركــز اعتقــال‪،‬‬ ‫أمكــن تحديــد مواقعهــا ضمــن املناطــق‬ ‫الخاضعــة لســيطرته يف محافظــات الرقة‬ ‫وديــر الــزور وحلــب الســورية؛ ّإل أن‬ ‫تقديــرات الشــبكة تشــر إىل احتــال‬ ‫أن يكــون عــدد مراكــز االحتجــاز التــي‬ ‫أنشــأها داعــش منــذ إعــان احتاللــه البابنــي»‪.‬‬ ‫لجــزء مــن األرايض الســورية‪ ،‬بتاريــخ ‪9‬‬ ‫نيســان مــن العــام ‪ ،2013‬قــد يصــل إىل أمــا الســجن الــذي أقامــه داعــش بــن‬ ‫قبــور مــوىت املدينــة‪ ،‬فهــو ســجن فريــد‬ ‫‪ 58‬مركــزا ً‪.‬‬ ‫يف شــكله‪ ،‬ويف تخصصــه‪ ،‬ويف نوعيــة‬ ‫إن إقــرار الشــبكة الســورية لحقــوق نزالئــه‪ .‬فالســجن هــو عبــارة عــن‬ ‫اإلنســان باحتــال أن يكــون عــدد مراكز أقفــاص حديديــة تتســع لشــخص واحــد‬ ‫االحتجــاز الداعشــية أكــر مــن ذاك فقــط‪ ،‬ويختــص بحبــس النســاء ح ـرا ً‬ ‫املذكــور يف تقريرهــا إمنــا يتــاىش مــع ممــن يرتكــن مخالفــات يف اللبــاس‬ ‫حقيقــة أن داعــش‪ ،‬ومنــذ بــدء عمليــات الرشعــي حســب فهــم وعــرف داعــش‪،‬‬ ‫التحالــف الــدويل ضــده يف ‪ 23‬أيلــول مثــل إظهــار العينــن أو الكفــن‪.‬‬ ‫‪ ،2014‬قــد وزع املعتقلــن لديــه عــى لكنــه‪ ،‬ونظ ـرا ً لرؤيتــه يف املــرأة وفهمــه‬ ‫مراكــز احتجــاز جديــدة وأقــل حجــاً للمجتمــع املحــي يف الرقــة‪ ،‬يســمح‬ ‫وأكــر توزع ـاً مــن الناحيــة الجغرافيــة‪ ،‬بحضــور شــخص مــن أهــل املحتجــزة‬ ‫باإلضافــة إىل اســتحداث ســجون كمحــرم عــى أن يبقــى خــارج القفــص‬ ‫ومراكــز اعتقــال جديــدة ونوعيــة كان وبالقــرب منــه‪ .‬وهكــذا يســتطيع هــذا‬ ‫آخرهــا ســجن مــن نــوع جديــد أنشــأه الشــخص اإلرشاف عــى ومراقبــة حبــس‬ ‫داخــل مقــرة «تــل البيعــة» بالقــرب ابنتــه أو زوجتــه أو أمــه يف قفصهــا‬ ‫الحديــدي وتلبية احتياجاتها ومؤانســتها‬ ‫مــن مدينــة الرقــة‪.‬‬ ‫يف الليــل‪ ،‬كــا يحمــي عنــارص داعــش‬ ‫مــن أي ادعــاءات بالتحــرش قــد توجــه‬ ‫إىل عنــارصه املرشفــن واملرشفــات عــى‬ ‫سجن «تل البيعة»‬ ‫و»تــل البيعــة»‪ ،‬الــذي يقــع عىل مســافة هــذا الســجن‪-‬القفص‪.‬‬ ‫حــوايل ‪ 2‬كــم شــال رشق مدينــة الرقــة‪،‬‬ ‫هــو تــل أثــري أصــاً تحــ َّول خــال عقوبات نسائية‬ ‫العقــود الثالثــة األخــرة إىل مقــرة بعــد مبدئيـاً‪ ،‬يفــرض داعــش عقوبــة الحبــس‬ ‫أن امتــأت املقــرة القدميــة الواقعــة يف ملــدة ثالثــة أيــام يف القفص‪-‬الزنزانــة‬ ‫وســط مدينــة الرقــة بقبــور املــوىت‪ .‬وإىل هــذا عــى نســاء يرتكــن مخالفــات يف‬ ‫هــذه املقــرة ســارت واحــدة مــن أكــر اللبــاس‪ ،‬كأن تلبــس خــارا ً شــفيفاً أو‬ ‫مظاه ـرات الثــورة الســورية يف طورهــا تظهــر عينيهــا أو كفيهــا؛ لكنــه رشع‬ ‫الســلمي وأطولهــا مــد ًة وامتــدادا ً يف ‪ 16‬يف تدعيــم هــذا النــوع مــن العقوبــات‬ ‫آذار ‪ ،2012‬مظاهــرة تشــييع أول شــهيد وهــذا الشــكل مــن الســجن بخلــط‬ ‫للثــورة يف مدينــة الرقــة‪ ،‬الشــاب «عــي أنــواع العقوبــات واملعاقبــات يف‬

‫هــذه األقفــاص‪ .‬حيــث بــدأ أنصــاره‬ ‫وأعضــاؤه يف إشــاعة أن هــذه األقفــاص‬ ‫مخصصــة «للزانيــات»‪ ،‬وبهــذا فــإن‬ ‫داعــش يضاعــف خــوف النــاس عمومـاً‪،‬‬ ‫والنســاء خاصــة‪ ،‬مــن مغبــة مخالفــة‬ ‫رؤيــة داعــش يف أي شــأن مــن الشــؤون‪،‬‬ ‫كــا يجعــل املــرأة املخالفــة أســرة‬ ‫ســجنني‪ .‬إذ وعــاوة عــى ســجنها‬ ‫لثالثــة أيــام ملخالفــة بســيطة يف اللبــاس‬ ‫الرشعــي‪ ،‬فإنهــا تتحــول يف رأي البعــض‬ ‫ممــن انطلــت عليهــم إشــاعات داعــش‪،‬‬ ‫وممــن مل يعــرف الســبب الحقيقــي‬ ‫لســجنها إىل زانيــة مــا يدفــع هــؤالء‬ ‫إىل تحويلهــا إىل هــدف أللســنتهم‬ ‫ومامرســاتهم التــي ســتصب يف محصلــة‬ ‫األمــر يف مصلحــة داعــش وفــرض املزيــد‬ ‫مــن القيــود عــى املــرأة والحــد مــن‬ ‫حركتهــا ونشــاطها‪.‬‬ ‫ال نقــول جديــدا ً عندمــا نقــول إن‬ ‫املــرأة الســورية يف مناطــق ســيطرة‬ ‫داعــش هــي الطــرف األكــر تــررا ً‬ ‫مــن مامرســاته املوغلــة يف الهمجيــة‬ ‫والتوحــش والخــوف مــن املختلــف‪،‬‬ ‫وإنهــا الضحيــة املفضلة لكل املســتبدين‬ ‫مهــا تنوعــت أيديولوجياتهــم‪ ،‬لكــن‬ ‫املــرأة يف ســورية عمومــاً‪ ،‬واملــرأة يف‬ ‫الرقــة ريفــاً ومدينــة بوجــه التحديــد‪،‬‬ ‫جــزء نشــط وعامــل مــن املجتمــع‪،‬‬ ‫تعتمــد عليهــا األرسة يف تســيري شــؤونها‬ ‫ويف زيــادة وتنويــع مصــادر دخلهــا‪ ،‬وال‬ ‫ميكــن أن تكــون مجــرد آلــة لإلنجــاب‬ ‫وطباخــة محجــوزة بــن أربعــة جــدران‪.‬‬

‫األجيــال الجديــدة مــن األطفــال املدربــن عــى‬ ‫يــد التنظيــم يعيشــون حالــة مســح للهويــة‪،‬‬ ‫وغســل للدمــاغ وال ميــأ عقولهــم إال العنــف‬ ‫والقتــل والذبــح‪ ،‬وهــذه األفــكار واملعتقــدات‬ ‫ســيكون لهــا أثــرا ً مســتقبلياً عــى األطفــال‪،‬‬ ‫حيــث سينشــأ جيــل محــب للقتــل‪ ،‬والدمــاء‬ ‫وهــذا مــا يريــده التنظيــم مــن وراء هــذه‬ ‫املعســكرات واملــدارس الرشعيــة املنتــرة عــى‬ ‫أراض ســيطرته‪.‬‬ ‫جيــل الخالفــة الــذي ســيحارب املرتديــن‬ ‫والكفــار‪ ،‬ويبنــي الدولــة اإلســامية‪ ،‬هــو‬ ‫الهــدف الــذي يســعى التنظيــم جاهــدا ً‬ ‫الوصــول لهــذا الهــدف بــأرسع وقــت ممكــن‬ ‫لبنــاء دولتهــم التــي يحلمــون بهــا يف انتهــاكات‬ ‫صارخــة لــكل املواثيــق واملعايــر اإلنســانية‪،‬‬ ‫وقتــل الــراءة يف عيــون أطفالنــا‪ ،‬وتبديــل‬ ‫حقائبهــم املدرســية بالســاح املحمــول عــى‬

‫أكتافهــم‪.‬‬ ‫يف خطــوة ثانيــة لغســل أدمغــة جيــل كامــل‪،‬‬ ‫ألغــى تنظيــم الدولــة اإلســامية الكثــر مــن‬ ‫املناهــج الدراســية بشــكل كامــل (الرتبيــة‬ ‫الفنيــة‪ ،‬التاريــخ‪ ،‬الفلســفة‪ ،‬والرياضيــات‪،‬‬ ‫والرتبيــة الدينيــة اإلســامية واملســيحية)‪،‬‬ ‫وأضــاف بــدالً عنهــا فيــا وصفــه باملناهــج‬ ‫الرشعيــة التــي تخــدم مــروع الخالفــة الــذي‬ ‫يحاولــون بنــاءه‪.‬‬ ‫تدمــر املجتمعــات‪ ،‬ونــر أفــكار الجهــاد‪،‬‬ ‫والتطــرف هــو مــا يســعى التنظيــم إىل‬ ‫زرعــه عــى كامــل األرايض التــي تقــع تحــت‬ ‫ســيطرته‪ ،‬وكســب الكثــر مــن وقــود الحــرب‬ ‫الــذي ال يكلفهــم ســوى القليــل مــن األمــوال‪،‬‬ ‫وهــم فئــة األطفــال الصغــار‪ ،‬بعــد التغريــر‬ ‫بهــم وغســل أدمغتهــم مبــا ينتظرهــم مــا بعــد‬ ‫املــوت‪.‬‬

‫الحرمل‪ -‬خاص‬ ‫لقــد لقــي الســوريون أحســن معاملــة يف تركيــا‬ ‫باملقارنــة مــع بلــدان اللجــوء األخــرى‪ ،‬وإن الشــعب‬ ‫الســوري لــن ينــى أبــدا ً هــذه الحفــاوة والتكريــم‪،‬‬ ‫الــذي لقيــه يف محنتــه مــن قبــل الشــعب والحكومــة‬ ‫الرتكيــة‪.‬‬ ‫ولقــد تعاملنــا مــع مختلــف مكونــات الشــعب الــريك‪،‬‬ ‫ولقينــا أحســن معاملــة‪ ،‬طــوال الســنوات املاضيــة‪،‬‬ ‫وكانــت جمعيــات عــرب تركيــا مــن الجمعيــات‬ ‫الداعمــة للســوريني معنوي ـاً‪ ،‬كــا أن وجــود الســوريني‬ ‫ش ـكّل دع ـاً لتلــك الجمعيــات التــي تحــاول أن تك ـ ّون‬ ‫وجــودا ً ثقافيــاً وتنوعــاً حياتيــاً يف تركيــا‪.‬‬ ‫لكننــا نلحــظ يف اآلونــة األخــرة صــدور العديــد مــن‬ ‫القوانــن التــي تكبــل حركــة الســوريني‪ ،‬وتجعــل‬ ‫تواصلهــم بــن املــدن الرتكيــة األخــرى شــديد الصعوبــة‪،‬‬ ‫ويحتــاج إىل مــررات وقــرارات ورخصــة تنقــل بــن‬ ‫املدينــة ومجاورتهــا‪ ،‬وهــذا مــا ســبب قطيعــة كبــرة‬ ‫بــن العوائــل الســورية املوجــودة يف تركيــا مــن جهــة‪،‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى عرقــل الزيــارات التــي يقــوم بهــا‬ ‫الســوريون املغرتبــون يف الخليــج ألهاليهــم يف تركيــا‪،‬‬ ‫بســبب القوانــن املتزايــدة لتكبيــل حركــة الســوريني يف‬ ‫تركيــا‪.‬‬ ‫ولوحظــت ظواهــر عــدة مــن قبــل بعــض األتـراك مــن‬ ‫أصــول عربيــة‪ ،‬وبســبب إجادتهــم للّغــة العربيــة‪ ،‬مثــل‬ ‫التحــرش بالنســاء الســوريات‪ ،‬واالدعــاء بأنهــم ميثلــون‬ ‫جمعيــات خرييــة لدعــم الســوريني‪ ،‬ويحاولــون إقنــاع‬ ‫الســوريات للذهــاب معهــم الســتالم معونــات وهميــة‬ ‫والغايــة منهــا هــو التحــرش بالنســاء الســوريات‪.‬‬ ‫باإلضافــة إىل اســتهداف بيــوت الســوريني‪ ،‬وإجبارهــم‬ ‫عــى دفــع مبالــغ بحجــة تصليــح عــداد الكهربــاء‬ ‫بشــكل وهمــي‪ ،‬ودون أي ثبوتيــات قانونيــة‪ ،‬ويهــددون‬

‫الســوريني بلغــة عربيــة يجيدونهــا بــأن العقوبــات‬ ‫ســتنزل بهــم‪ ،‬والغرامــات الكبــرة ســيدفعونها مــا مل‬ ‫يدفعــوا أربعــن لــرة تركيــا عــن كل عــداد كهربــاء‪.‬‬ ‫نهيــب بالجمعيــات الرتكيــة لعــرب أورفــا بتنبيــه أبنائهم‬ ‫بعــدم التــورط باســتغالل اللغــة العربيــة للنيــل مــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬ونســاء‪ ،‬وأمــوال الســوريني‪ ،‬وعــدم االنجـرار‬ ‫خلــف مشــاعر العــداء واالســتغالل لضعــف الســوريني‪،‬‬ ‫وعــدم قدرتهــم عــى التواصــل مــع الجهــات الحكوميــة‬ ‫الرتكيــة للدفــاع عنهــم بســبب حاجــز اللغــة‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل الخــوف مــن القوانــن التــي يجهلونهــا بســبب‬ ‫صعوبــات تعلــم اللغــة الرتكيــة الكبــرة‪ ،‬واملكلفــة‬ ‫ماديـاً عليهــم‪ ،‬حيــث ال توجــد مناهــج وبرامــج عمليّــة‬ ‫تســاعد عــى التعلــم الرسيــع والفعــال للّغــة الرتكيــة‪،‬‬ ‫وهــذه خســارة كبــرة للثقافتــن العربيــة والرتكيــة‪.‬‬ ‫وبــكل أســف أن الكثــر مــن موظفــي الحكومــة الرتكيــة‬ ‫مــن أصــول عربيــة أكــر تشــددا ً وعصبيــة يف التعامــل‬ ‫مــع الســوريني‪ ،‬ونجــد ذلــك يف بعــض املــدارس‪،‬‬ ‫ويف مراجعــة دائــرة الكملــك‪ ،‬وغريهــا مــن الدوائــر‬ ‫الرســمية‪ ،‬وخاصــة عنــد مراجعــة موظفــي الواليــة يف‬ ‫أورفــا املســؤولني عــن مراجعــات الســوريني‪ ،‬حيــث ال‬ ‫يصــدق املراجــع بعــض حــاالت التعامــل القاســية التــي‬ ‫تتــم تحــت أنظــار الكامـرات وبوجــود كافــة املوظفــن‪.‬‬ ‫إ ّن وجودنــا كســوريني يف تركيــا مرهــون بحلــول الســام‬ ‫ببلدنــا الحبيــب‪ ،‬وعيوننــا مشــدودة إىل بيوتنــا وأهلنــا‬ ‫الذيــن يعانــون مختلــف صنــوف املشــقات‪ ،‬التــي‬ ‫تول ّدهــا الحــرب مــن قبــل النظــام املجــرم‪ ،‬واملدعــوم‬ ‫مــن روســيا النازيــة وإي ـران الفاشــية‪ ،‬وإننــا نك ـ ُّن كل‬ ‫االحــرام والتقديــر للشــعب الــريك بــكل مكوناتــه‪،‬‬ ‫وللحكومــة الرتكيــة التــي نأمــل بتغيــر نظرتهــا إىل‬ ‫الســوريني التــي تبدلــت‪ ،‬وصــارت أكــر تشــددا ً خــال‬ ‫األشــهر القليلــة املاضيــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪3‬‬

‫مشــاكل متكــررة تقــف يف طريــق إنــارة الريــف املحــرر‬ ‫ادلب ـ إبراهيم اإلسماعيل‬ ‫اســتمرت مشــاكل الكهربــاء يف املناطــق‬ ‫املحــررة منــذ بدايــة الثــورة وبــدء مسلســل‬ ‫الخســارات املتكــررة لنظــام األســد للبلــدات‬ ‫والقــرى يف محافظــة إدلــب‪ ،‬فمــع ازديــاد‬ ‫ســاعات التقنــن يف البدايــة‪ ،‬وامتنــاع األهــايل‬ ‫عــن دفــع مســتحقاتهم الشــهرية بــات وجــود‬ ‫الكهربــاء نــادر الوجــود‪.‬‬ ‫احتــدام املعــارك وســيطرة النظــام عــى املحطات‬ ‫الكهربائيــة املهمــة جعــل مــن الحصــول عــى‬ ‫كهربــاء مســتمرة أمــرا ً مســتحيل الحــدوث يف‬ ‫ظــل الحقــد الدفــن مــن قبــل النظــام وحصــاره‬ ‫املطبــق عــى املناطــق املحــررة وأهلهــا‪.‬‬ ‫أكــر مثــا ٍل كان املحطــة الكهربائيــة الواقعــة‬ ‫يف الريــف الجنــويب مــن محافظــة إدلــب‪،‬‬ ‫والتــي يطلــق عليهــا «بســيدا»‪ ،‬نســب ًة إىل‬ ‫القريــة املجــاورة التــي احتلهــا النظــام قرابــة‬ ‫ثــاث ســنوات‪ ،‬ودمــر القريــة بالكامــل‪ ،‬ومعهــا‬ ‫املحطــة‪ ،‬والتــي أجريــت محــاوالتٌ عــدة مــن‬ ‫أجــل إصالحهــا‪ ،‬ولكــن دون جــدوى‪.‬‬ ‫يف اتفــاق تــم توقيعــه مــن قبــل إدارة الخدمــات‬

‫يف محافظــة إدلــب ومديريــة الكهربــاء يف‬ ‫محافظــة حــاة بوســاطة مــن قبــل الهــال‬ ‫األحمــر الســوري إليصــال الكهربــاء نحــو‬ ‫املناطــق الجنوبيــة مــن محافظــة إدلــب‬ ‫ورساقــب ومدينــة إدلــب‪ ،‬وذلــك لتزويــد اآلبــار‬ ‫واألفــران واملعامــل يف املنطقــة‪.‬‬

‫قامــت جبهــة النــرة بالتعــاون مــع أحــرار‬ ‫الشــام مبــد خـ ٍ‬ ‫ـط كهربــايئ مــن عطشــان‪ ،‬والــذي‬ ‫يبلــغ ‪ 220‬ك ف أ لتزويــد الريــف الجنــويب‬ ‫ملحافظــة إدلــب‪ ،‬بعــد اإلصالحــات املتكــررة‪،‬‬ ‫وترميــم عــدد مــن األبــراج الكهربائيــة عــى‬ ‫طــول الخــط الكهربــايئ‪ ،‬تــم تزويــد آبــار امليــاه‬

‫بالكهربــاء واألفــران أيضــاً‪.‬‬ ‫«عمــر الحــاج» ناشــط مــن الريــف الجنــويب‬ ‫يقــول يف حديثــه‪« :‬تــم وصــول الكهربــاء إىل‬ ‫عــد ٍد مــن القــرى والبلــدات يف الريــف الجنــويب‬ ‫كخــان شــيخون وكفرســجنة وكفرعــن والشــيخ‬ ‫مصطفــى وغريهــا‪ ،‬وذلــك لألفــران واآلبــار‬ ‫وللمولــدات‪ ،‬ولكــن بدفــع مقابــلٍ مــايل مــن‬ ‫قبــل األهــايل»‪.‬‬ ‫اســتطاعت بلــدة حــاس يف الريــف الجنــويب‬ ‫أن تنعــم بالكهربــاء بعــد انقطــاع دام ثــاث‬ ‫ســنوات‪ ،‬والتــي اســتمرت ملــدة تجــاوزت‬ ‫الســاعة عــى حــد وصــف الشــاب «محمــد»‬ ‫مــن أهــايل البلــدة‪.‬‬ ‫يســتمر العمــل مــن قبــل مديريــة الخدمــات يف‬ ‫محافظــة إدلــب لجــر الكهربــاء مــرورا ً مبحطــة‬ ‫بســيدا التــي ال تصلــح للعمــل‪ ،‬وإمنــا ستســتخدم‬ ‫كنقطــة عبــو ٍر فقــط باتجــاه الريــف الشــايل‬ ‫ومركــز املحافظــة‪ ،‬حســب مــا أفادنــا بــه‬ ‫أحــد العاملــن يف مديريــة الكهربــاء الحــرة يف‬ ‫محافظــة إدلــب‪.‬‬ ‫اآلبــار الزراعيــة الخاصــة واملعامــل واملصانــع‬

‫التجاريــة والــركات ســيتم تزويدهــا بالكهربــاء‬ ‫وذلــك مقابــل ‪ 75%‬مــن النســبة املعتــادة‬ ‫للعمــل باملولــدات الكهربائيــة واملحروقــات‪ ،‬أمــا‬ ‫بالنســبة إىل املناطــق الغربيــة مــن محافظــة‬ ‫إدلــب وجبــل الزاويــة فلــم تغــ َط إىل اآلن‬ ‫ومــا ت ـزال األعــال قامئــة مــن أجــل تزويدهــا‬ ‫بالكهربــاء عــن طريــق الخــط الجديــد‪.‬‬ ‫االهتــام الشــعبي لهــذه الخطــوة بــات واضحـاً‬ ‫يف الشــارع الســوري فمــع االرتفــاع الهائــل‬ ‫ألســعار الــدوالر مقابــل اللــرة الســورية جعــل‬ ‫مــن دفــع االشــراكات الشــهرية للمولــدات‬ ‫الكهربائيــة الخاصــة أمــرا ً صعــب الحــدوث‪،‬‬ ‫خصوصـاً مــن قبــل بعــض العوائــل الفقــرة التــي‬ ‫ال متلــك ذلــك الثمــن‪.‬‬ ‫ارتفــاع ســعر املحروقــات زاد مــن تكلفــة‬ ‫االشــراكات الشــهرية للمولــدات‪ ،‬وزاد عــدد‬ ‫العوائــل التــي تعيــش يف الظلمة لفـر ٍ‬ ‫ات طويلة‪،‬‬ ‫قــد تخفــف هــذه االتفاقيــة مــن هــول األوضــاع‬ ‫التــي متــر عــى املدنيــن يف تلــك املناطــق‪،‬‬ ‫وتســاعدهم عــى تجــاوز مــا هــم فيــه‪ ،‬ولــو‬ ‫كانــت أعطالهــا مســتمرة وقــد ال تــدوم طويـاً‪..‬‬

‫حمــص تــروي بدمائهــا الــراب الســوري‪ ..‬ماذا حدث يف ‪ 18‬نيسان ‪2011‬‬ ‫الحرمل ـ حمص ـ خاص‬ ‫مجــازر يوميــة تعــم الريــف الحمــي‪،‬‬ ‫وتصعيــد مــن قبــل قــوات النظــام عــى‬ ‫املنطقــة‪ ،‬فقــد كان النصيــب األكــر ملدينــة‬ ‫الحولــة مــن خــال تصعيــد عملياتــه بهــدف‬ ‫فصــل الريــف الرشقــي عــن الغــريب‪،‬‬ ‫محــاوالت عــدة فاشــلة مــن قبــل النظــام‬ ‫ٍ‬ ‫وتصــد مــن قبــل املعارضــة‬ ‫قابلهــا إرصار‬ ‫مــا جعــل األول يصــب جــام غضبــه عــى‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وإرضــاء مؤيديــه بســبب الخســائر‬ ‫البرشيــة التــي تعرضــوا لهــا‪.‬‬ ‫أمــا تلبيســة والرســن مل تكونــا بأفضــل حــال‬ ‫عــن باقــي املــدن‪ ،‬فطائــرات الســوخوي‬ ‫‪ 22‬مل تغــب عــن ســاء الريــف‪ ،‬ولــو‬ ‫ليــوم واحــد‪ ،‬مخلفــة عــرات الشــهداء‬ ‫والجرحــى‪ ،‬ودمــار تجــاوز الـــ‪ 50%‬حســب‬ ‫إحصائيــات قامــت بهــا منظــات وهيئــات‬ ‫فاعلــة عــى األرض‪ ،‬ومــن ناحيــة أخــرى‬ ‫غضــب عــارم يســود الشــارع الحمــي بعــد‬ ‫املجــزرة التــي قامــت بهــا قــوات الحاميــة‬ ‫الكرديــة‪ ،‬وتوعــد كل مــن يقــف مــع النظــام‬ ‫بالهزميــة‪.‬‬ ‫أما من الناحية اإلغاثية‪..‬‬ ‫متخــض األســد فولــد فــأرا ً‪ ..‬بهــذه الكلــات‬ ‫بــدأ الناشــط اإلعالمــي‪ ،‬وعضــو املجلــس‬ ‫املحــي يف تلبيســة عبــد الكريم خشــفة «أبو‬

‫ســفيان» حديثــه عــن كميــة املســاعدات‬ ‫التــي دخلــت إىل مدينــة «تلبيســة» يــوم‬ ‫أمــس‪ ،‬وبعــد طــول انتظــار مــن قبــل‬ ‫أهــايل مــدن الريــف التابعــة إداري ـا ً ملدينــة‬ ‫«تلبيســة»‪ ،‬دخــل بعــد ظهــر األمــس الوفــد‬ ‫األممــي مبرافقــة ‪ 34‬ســيارة شــاحنة‪ ،‬محملــة‬ ‫باملــواد الغذائيــة إىل مدينــة تلبيســة‪ ،‬هــي‬ ‫عبــارة عــن مســاعدات خجولــة وصلــت إىل‬ ‫املدينــة بعــد غيــاب دام أكــر من ‪ 13‬شــهرا ً‪.‬‬ ‫األوضــاع اإلنســانية واملعيشــية كانــت‬ ‫مالمحهــا واضحــة عــى أوجــه األهــايل‪،‬‬ ‫الذيــن توقعــوا دخــول عــدد أكــر مــن‬ ‫الســيارات املحملــة باملــواد الغذائيــة مــن‬ ‫قبــل الصليــب األحمــر ووفــد الهــال‬ ‫املرافــق لــه‪ ،‬تابــع األهــايل بصمــت شــديد‬ ‫دخــول الوفــد والشــاحنات‪ ،‬صمــت تــم‬ ‫تفســره بلحظــات مــن الذهــول أمــام‬ ‫ضعــف اإلمكانيــات التــي دخلــت‪.‬‬ ‫أعــداد الســيارات املرافقــة للشــحنة‬ ‫الغذائيــة أكــر مــن الســيارات عينهــا‪ ،‬يف‬ ‫إشــارة واضحــة منــه لعــدم الرضــا واالســتياء‬ ‫الكبــر مــن الصــورة واضحــة املعــامل‬ ‫التــي رســمها الوفــد املرافــق‪ ،‬بــل واعتــر‬ ‫البعــض أن إدخــال مثــل هــذه املســاعدات‬ ‫ال تتعــدى أن تكــون يف إطــار مرسحيــة‬ ‫هزليــة أمــام أعــن العــامل املتابــع بصمــت‬

‫ملــا يحــدث باملدنيــن املحارصيــن يف ريــف‬ ‫حمــص الشــايل‪.‬‬ ‫املدنيــون بــات همهــم األكــر اآلن «لقمــة‬ ‫العيــش»‪ ،‬التــي منعتهــا قــوات النظــام بــكل‬ ‫مــا أوتيــت مــن قــوة مــن خــال تطبيــق‬ ‫الحصــار عــى جميــع املعابــر التــي مــن‬ ‫شــأنها إدخــال املــواد الغذائيــة اىل الريــف‬ ‫الحمــي‪.‬‬ ‫مــن جهتــه قــام الوفــد املرافــق بزيــارة‬ ‫رسيعــة إىل مقــر شــعبة الهــال األحمــر يف‬ ‫املدينــة‪ ،‬ومشــفى مدينــة تلبيســة أيضــا ً‪،‬‬ ‫دون أن يقــدم أي تعهــدات أو وعــود‬ ‫بتحســن الواقــع الطبــي الــذي بــات عــى‬ ‫شــفا حفــرة بســبب الحصــار الخانــق الــذي‬ ‫تتعــرض لــه مــدن الريــف بشــكل عــام‪.‬‬ ‫الوفــد كان قــد اكتفــى بالحديــث عــن‬ ‫شــحنة أخــرى ســيتم العمــل عــى إدخالهــا‬ ‫اىل املدينــة يف األيــام القليــة القادمــة عــى‬ ‫حــد تعبــره‪ ،‬ويف الســياق ذاتــه‪ ،‬فقــد حظــى‬ ‫الوفــد بحاميــة عســكرية مــن قبــل عنــارص‬ ‫جيــش التوحيــد بعــد التوجيهــات التــي‬ ‫صــدرت مــن العقيــد عبــد الســام املرعــي‬ ‫قائــد الجيــش للعنــارص بأخــذ جميــع‬ ‫التدابــر الالزمــة مــن أجــل إمتــام عمليــة‬ ‫إدخــال املــواد الغذائيــة وحاميــة الوفــد‬ ‫املرافــق‪.‬‬

‫عبد الكريم خشفة‬ ‫يف ‪ 17‬نيســان ‪ 2011‬خــرج أهــل حمــص‬ ‫إلحيــاء ذكــرى عيــد الجــاء‪ ،‬فتــم قتــل عــدد‬ ‫مــن املتظاهريــن بالرصــاص الحــي مــن قبــل‬ ‫قــوات عصابــة نظــام األســد‪ ،‬فارتقــى مثانيــة‬ ‫شــهداء يف حــي بــاب الســباع‪ ،‬وأربعــة شــهداء‬ ‫ارتقــوا أثنــاء مظاهــرة معارضــة للنظــام يف‬ ‫مدينــة تلبيســة يف ريــف حمــص الشــايل‪ ،‬شــيع‬ ‫الشــهداء مــن الجامــع الكبــر يف اليــوم الثــاين‬ ‫‪/18‬نيســان ‪ 2011‬وشــارك يف التشــييع حشــد‬ ‫ضخــم مــن ســكان مدينــة حمــص‪ ،‬ومــرت‬ ‫الجنــازات مــن شــارع الحميديــة ذي الغالبيــة‬ ‫املســيحية‪ ،‬التــي تضامنــت مــع املصــاب الجلــل‬ ‫وأغلقــت املحــال التجاريــة‪ ،‬وقامــت النســوة‬ ‫بــرش األرز مــن عــى الرشفــات عــى املشــيعني‪،‬‬ ‫وأطلقــن الزغاريــد للشــهداء العرســان‪ ،‬وقــدم‬ ‫األهــايل املــاء للمشــيعني‪ ،‬وبعــد انتهــاء مراســم‬ ‫الدفــن‪ ،‬عــاد املشــيعون ليعتصمــوا عند الســاعة‬ ‫الجديــدة‪ ،‬ومــع تــوايل الســاعات وحتــى املســاء‬ ‫وصــل عــدد املعتصمــن ملــا يقــارب مــن مئــة‬ ‫ألــف شــخص معتصــم‪.‬‬ ‫مـ ّرت الســاعات وألقيــت عــدة كلــات تحتفــي‬ ‫بالشــهداء‪ ،‬وتطالــب بإســقاط النظام‪ ،‬ومحاســبة‬ ‫القتلــة‪ ،‬وصــى املتظاهــرون يف امليــدان‪ ،‬ووقــف‬ ‫غــر املســلمني حــول املصلــن ليحموهــم مــن‬ ‫غــدر عصابــات النظــام‪ ،‬ويف الليــل تضــاءل عــدد‬ ‫املعتصمــن حتــى وصــل لعــدة آالف‪ ،‬وقرابــة‬ ‫الســاعة الثانيــة فج ـرا ً أطلقــت قــوات النظــام‬ ‫الرصــاص الحــي عــى املتظاهريــن املعتصمــن‬ ‫عنــد الســاعة الجديــدة‪ ،‬وحســب اعرتافــات‬ ‫أحــد الجنــود املنشــقني الذيــن شــاركوا يف‬ ‫العمليــة‪ ،‬فقــد ارتقــى الصــف األول والثــاين‬ ‫والثالــث مــن املعتصمــن (مــا يقــارب ‪300‬‬ ‫شــخص) شــهداء‪.‬‬ ‫يف صبــاح املجــزرة زارت عنــارص مــن أجهــزة‬ ‫مخابـرات عصابــة األســد بيــوت كل املســيحيني‬ ‫الذيــن وزعــوا املــاء عــى املتظاهريــن‪ ،‬والذيــن‬ ‫زغــردت نســاؤهم للشــهداء‪ ،‬والذيــن رشــوا‬ ‫األرز عــى موكــب التشــييع‪ ،‬وهددوهــم‬ ‫بالويــل والثبــور إن تجــرأوا وتضامنــوا إنســانياً‬ ‫مــرة أخــرى مــع ضحايــا عصابــة األســد‪.‬‬ ‫ملاذا قتلهم النظام؟‬ ‫عمــل النظــام منــذ اليــوم األول للثورة الســورية‬ ‫عــى تطييــف الثــورة بالقــول إنهــم إخــوان‬ ‫مســلمون وســلفيون وعصابــات إرهابيــة‬

‫تكفرييــة‪ ،‬ومنــع النــاس مــن التظاهــر يف وســط‬ ‫املدينــة‪ ،‬ودفعهــم للتظاهــر يف أحيائهــم ليقــول‬ ‫أنهــا ثــورة ســنية ضــد العلويــة‪ ،‬أو باملنطــق‬ ‫الســيايس‪ ،‬انتفاضــة طائفيــة مذهبيــة غــر‬ ‫دميقراطيــة‪ ،‬أمــا وقــد وصلــت املظاهــرات‬ ‫واالعتصــام لوســط املدينــة التــي تعــر عــن كل‬ ‫أشــكال وألــوان الحامصنــة يف املدينــة‪ ،‬فقــد‬ ‫أصبــح املوضــوع يشــكل خطــرا ً كبــرا ً عــى‬ ‫كذبــة النظــام التــي بنــى عليهــا كل أدواتــه‬ ‫الدفاعيــة عــن مكاســبه الســلطوية يف مقابــل‬ ‫انتفاضــة شــعبية ثوريــة تريــد إســقاطه‪ ،‬وبنــاء‬ ‫دولــة مدنيــة دميقراطيــة‪ ،‬بــدالً مــن دولتــه‬ ‫املافيويــة‪ ،‬لهــذا وقعــت املجــزرة‪.‬‬ ‫دروس وعرب من اعتصام الساعة الجديدة‬ ‫‪1‬ـ أكــدت املجــزرة أن النظــام لــن يقبــل بــأي‬ ‫نشــاط ســيايس ســلمي معــارض‪:‬‬ ‫املتظاهــرون كانــوا ســلميني جــدا ً‪ ،‬ومل يظهــر‬ ‫مــع أي أحــد منهــم أي ســاح‪ ،‬حتــى لــو كان‬ ‫عصــا أو ســكني‪.‬‬ ‫‪2‬ـ أكــدت املجــزرة عــى خــوف النظــام‬ ‫مــن ظهــور الطابــع الدميقراطــي املــدين غــر‬ ‫الطائفــي للثــورة‪:‬‬ ‫شــاركت كل ألــوان وأطيــاف أهــايل حمــص يف‬ ‫هــذا االعتصــام‪ ،‬ســواء أكانــت طائفيــة ودينيــة‬ ‫كعلويــن وســنة ومســيحيني أم ريــف ومدينة أم‬ ‫عــريب ورشكــي أو فقــر وغنــي أو متعلــم وغــر‬ ‫متعلــم أو جامعــي وغــر جامعــي‪ ..‬الــخ وهــذه‬ ‫املشــاركة الواســعة فنــدت أكاذيــب النظــام‬ ‫ومحاوالتــه إضفــاء طابــع غــر دميقراطــي‬ ‫وطائفــي للثــورة الســورية‪.‬‬ ‫‪3‬ـ أكــدت املجــزرة الوجــه الدميقراطــي للمدينة‬ ‫والوجــه الدمــوي والقاتــل للنظام‪.‬‬


‫‪4‬‬ ‫خبز بارد‬

‫حرمل الصحافة‬

‫عروة المهاوش‬ ‫أربعــة أرغفــة حصلــت عليهــا بعــد أقــل‬ ‫مــن ثــاث ســنوات عــى مغــادريت ســوريا‪،‬‬ ‫حــن وضعنــا العشــاء كنــت قــد فكــرت أن‬ ‫أســمح لعائلتــي مبشــاركتي أرغفــة الخبــز‬ ‫الســورية‪ ،‬لكــن منظــر رغيــف الخبــز ورائحتــه‬ ‫كانــت كافيــة لتجعلنــي أعيــد التفكــر م ـرات‬ ‫عديــدة‪ ،‬قبــل أن أســمح ألحــد أف ـراد عائلتــي‬ ‫مشــاركتي برغيــف خبــز واحــد‪ ،‬فأنــا هنــا منــذ‬ ‫ســنوات وهــم كانــوا يف الوطــن ومل ميـ ِ‬ ‫ـض عــى‬ ‫وجودهــم معــي شــهورا ً قليلــة‪ ،‬فمــن حقــي‬ ‫إذا ً أن آكل الخبــز وحــدي‪ ،‬فهــم مــا زال طعــم‬ ‫الخبــز الســوري بــن أســنانهم‪ ،‬وأنــا كانــت‬ ‫تقتلنــي ســاعات غربتــي لرائحتــه‪.‬‬ ‫ال متــدي يــدك قلتهــا بصــوت عــا ٍل البنتــي‬ ‫دون وعــي منــي‪ ،‬حــن رأيتهــا متســك رغيفــاً‬ ‫مــن الخبــز‪ ،‬ثــوان قليلــة وانتبهــت لنفــي‪،‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يف املنايف ميوت مرتاحًا من يتذوقه‬ ‫فاســتدركت قائـاً‪ :‬انتظــري فقــط أريــد تصويــر‬ ‫األرغفــة األربعــة‪ ،‬وبــدأت التصويــر فيــا كان‬ ‫عشــاؤنا يــرد‪ ،‬وأنــا أحــاول إيجــاد طريقــة‬ ‫مهذبــة ألحصــل عــى كامــل الخبــز وحــدي‪،‬‬ ‫أعيــد التفكــر مــرة أخــرى‪ ،‬أنــا منــذ ســنوات‬ ‫هنــا‪ ،‬حرمــت مــن رائحتــه الزكيــة‪ ،‬ومــن‬ ‫نكهتــه الرائعــة أنــا كنــت هنــا أبكيــه يوميــاً‬ ‫كلــا مــررت أمــام فــرن تــريك لبيــع الخبــز‪.‬‬ ‫يف منفــاي يوجــد خبــز يقــول منتجــوه أنــه‬ ‫خبــز ســوري يشــريه الســوريون بينــا األتـراك‬ ‫يبتعــدون عنــه‪ ،‬ليــس لــه تلــك اللهفــة‪ ،‬وال تلك‬ ‫الرائحــة‪ ،‬وال يشــبه خبــز وطنــي‪ ،‬فأنــا أريــد‬ ‫خبــزا ً محروقــاً ألشــعر أنــه ســوري‪ ،‬أريــده‬ ‫أســم َر كوجــه أيب‪ ،‬أشــم فيــه حنطــة ســوريتي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبيــد مرتجفــة حاولــت أن أقســم رغيــف‬ ‫الخبــز‪ ..‬تعرقــت يــداي وارتجفــت أكــر‪،‬‬ ‫وكانــت درجــة بــرودة يــدي أكــر بــرودة مــن‬ ‫رغيــف الخبــز‪ ،‬هــي اليــد ذاتهــا التــي كانــت‬

‫الطبّ��اخ الشمس��ي بدي� ً‬ ‫لا للمواق��د‬ ‫التقليدي��ة يف الغوط��ة الش��رقية‬

‫تحــرق‪ ،‬وهــي تحمــل خبــز الصبــاح مــن فــرن‬ ‫الحــارة املجــاور‪ ،‬كيــف سأقســمه بيــدي؟ ويف‬ ‫بلــدي ذهــب ضحيــة الحصــول عليــه مئــات‬ ‫اآلالف مــن األبنــاء واآلبــاء‪ ،‬بقعــة دم كبــرة‬

‫ارتســمت عــى ســطح الرغيــف‪ ،‬وجثــة أيض ـاً‬ ‫وظــل متمســكاً بــه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألب مل يــرك خبــز بيتــه‬ ‫ٍ‬ ‫عــى الرغــم مــن مفارقتــه الحيــاة‪ ،‬هكــذا‬ ‫تـراءى يل عــى وجــه الرغيــف‪ ،‬مل أكــن منتبهـاً‬

‫لدمعــة ســقطت منــي‪ ،‬وأنــا أحــاول جاهــدا ً‬ ‫ضبــط نفــي أمــام عائلتــي يك ال أحرمهــم‬ ‫عشــاءهم الوحيــد‪ .‬كيــف تقبــل نفــي خب ـزا ً‬ ‫يف منفــاي بينــا يف ســوريتي ميــوت مــن أجلــه‬ ‫النــاس عــى املائــدة؟ كنــا خمســة أفــراد‪،‬‬ ‫والــكل ينتظــر نصيبــه مــن الخبــز‪ ،‬فيــا عافــت‬ ‫نفــي تذوقــه قــررت أخــرا ً إعطــاء كل فــرد‬ ‫منهــم رغيفــاً‪ ،‬ناولــت الرغيــف األول البنــي‪،‬‬ ‫لكنــه مل ميــد يــده‪ ،‬وعينــاه كانــت ترقــب شــيئاً‬ ‫عــى خــدي‪ ،‬ولرمبــا عينــاه أيضـاً التقــت بحمرة‬ ‫عيــوين ال أدري!‪ .‬رفضــت كل عائلتــي أخــذ‬ ‫رغيــف واحــد‪ ،‬أعــدت األرغفــة األربعــة إىل‬ ‫مكانهــا‪ ،‬وعــدت إىل الخبــز «الســوري الــريك»‪،‬‬ ‫عديــم الرائحــة والنكهــة ألمــأ بــه بطنـاً خاويــة‬ ‫مــن الطعــام فيــا الذاكــرة ممتلئــة بصــور ال‬ ‫ميحوهــا الزمــن‪ ،‬عــن حنطــة مســفوحة بطــول‬ ‫البــاد وعرضهــا‪ ،‬وأف ـران تنطلــق منهــا رائحــة‬ ‫خبــز ال تشــبهها أيّــة رائحــة يف العــامل‪.‬‬

‫اهلالل األمحر يتحول إىل أسود‪!..‬‬ ‫بشير الهويدي‬ ‫الهــال األحمــر اســم لــه داللتــه الكرميــة‬ ‫الفارقــة عــى مســتوى العــامل‪ ،‬وذلــك القتصار‬ ‫عملــه عــى تقديــم املســاعدات يف املجــاالت‬ ‫اإلنســانية الطبيــة واإلســعافية والغذائيــة‬ ‫واإلغاثيــة وعمليــات اإلنقــاذ ملحتاجيهــا مــن‬ ‫منكــويب الحــروب والــزالزل‪.‬‬ ‫لكن لألســف مــا شــاهدناه يف تركيــا‪ ،‬خصوصاً‬ ‫يف مدنيــة أورفــا‪ ،‬ومــن أغلبيــة العاملــن يف‬ ‫الهــال األحمــر‪ ،‬أمــرا ً ينــدى لــه الجبــن‪،‬‬ ‫تجــى ذلــك يف طريقــة تســجيل املواطنــن‬ ‫ّ‬ ‫املحتاجــن لبطاقــة املعونــة الغذائيــة‪،‬‬ ‫فمنهــم مــن يقســم أحيــاء املدينــة عــى‬ ‫مزاجــه الخــاص‪ ،‬وإن ســألته يــرد بنفســية‬ ‫متعجرفــة بــأن الحــي الــذي تقطنــون فيــه‬ ‫ال يســتحق املســاعدات‪ ،‬يف نظــرة قــارصة ال‬ ‫يعقــل أن يتــم الــرد بهــذه الطريقــة‪ ،‬لكــن‬ ‫مــا يزعــج أكــر أن الحــي الــذي تكلمــوا‬ ‫عنــه بأنــه ال يســتحق إدراجــه يف قوائــم‬

‫املســاعدة‪ ،‬تــرى بيوتــاً‬ ‫فيــه لديهــا بطاقــات‬ ‫معونــة‪ ،‬حصلــوا عليهــا‬ ‫مــن عنــارص الهــال‬ ‫نفســهم‪ ،‬وبعــد املتابعــة‬ ‫الحثيثــة تبــن لنــا بــأن‬ ‫عنــارص الهــال األحمــر‬ ‫يقومــون بالذهــاب إىل‬ ‫هــذه البيــوت بشــكل‬ ‫خفــي‪ ،‬وعــن طريــق‬ ‫وســاطات أو معــارف‪،‬‬ ‫أو ألســباب أخــرى أقــل‬ ‫مايقــال عنهــا أنهــا‬ ‫تســتغل الحاجــات اإلنســانية للســوريني‪.‬‬ ‫نعــم لألســف هكــذا وصــل بنــا الحــال‪،‬‬ ‫واملشــكلة الكــرى أنّ مقــر الهــال األحمــر‬ ‫دامئــاً مغلــق‪ ،‬وإن وجدتهــم يكــون الــرد‬ ‫اعطنــا عنوانــك‪ ،‬وسرنســل فريــق التقــي‬

‫للتأكــد مــن وضعــك‪ ،‬طبعــاً لــن يــزورك‬ ‫فريــق التقــي ولــن يســأل عليــك أحــد‪،‬‬ ‫واملفارقــة العجيبــة أن الهــال يضــع رقــم‬ ‫هاتــف خصصــه للشــكاوى‪ ،‬ومقــره مدينــة‬ ‫اســتنبول‪ ،‬وقــد حــاول بعــض النــاس‬ ‫املترضريــن االتصــال بــه لكــن ال مجيــب!‪.‬‬

‫أردوغان من العاصمة األذرية‪..‬‬ ‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫يتحــدى الســوريون ظــروف معيشــتهم‬ ‫القاســية‪ ،‬ويتحــدون الحصــار الجائــر مــن‬ ‫قبــل قــوات النظــام النازيــة وحلفــاءه الــروس‬ ‫واإليرانيــن الذيــن يحرمــون املدنيــن حتــى مــن‬ ‫لقمــة الخبــز‪ ،‬ناهيــك عــن التــزود بالطاقــة‪،‬‬ ‫ومقومــات الحيــاة الــرورة الالئقــة بالبــر‪.‬‬ ‫فقــد عمــد أهــايل بلــدات الغوطــة الرشقيــة‬ ‫بريــف دمشــق الســتخدام «الطبــاخ الشــميس»‪،‬‬ ‫كبديــل عــن فــرن الطهــي املنــزيل‪ ،‬نتيجــة غــاء‬ ‫املحروقــات والحطــب‪ ،‬وعــدم توافرهــا جــراء‬ ‫الحصــار الــذي تفرضــه قــوات النظــام عــى‬ ‫املنطقــة‪.‬‬ ‫وأشــارت وكالــة «ســارت» إىل أن األهــايل‬ ‫يســتخدمون «الطبــاخ الشــميس» لطهــي‬ ‫وتســخني الطعــام وامليــاه‪ ،‬عوضـاً عــن اســتخدام‬ ‫املحروقــات والحطــب والغــاز التــي تعــد نــادرة‬ ‫وغاليــة الســعر يف املناطــق املحــارصة‪.‬‬ ‫وانتقــل «الطبــاخ الشــميس» مــن بلــدة ســقبا‬ ‫يف الغوطــة الرشقيــة إىل مدينــة دومــا وبلــديت‬ ‫كفربطنــا وجرسيــن وصــوالً إىل حــي جوبــر‬

‫روسيا مسؤولة عن إرهاب الدولة يف سوريا‬

‫الدمشــقي‪.‬‬ ‫ويعتــر «أبــو ياســن»‪ ،‬نــازح مــن حــي جوبــر‬ ‫إىل مدينــة دومــا‪ ،‬أول مــن صنــع يف مــكان‬ ‫نزوحــه «الطبــاخ الشــميس» الــذي يعمــل مببــدأ‬ ‫تجميــع الحــرارة‪ ،‬وعمــدت بعــض العائــات‬ ‫الســتخدامه‪ ،‬حيــث يصنــع مــن قطــع املرايــا‬ ‫والالصــق وصحــن هــوايئ‪ ،‬وهــي مــواد متوفــرة‬ ‫بكــرة‪.‬‬ ‫ويقــول «أبــو ياســن»‪« :‬نســتخدم الطبــاخ‬ ‫الشــميس منــذ عامــن‪ ،‬ونوفــر الحطــب‬ ‫والجهــد والوقــت‪ ،‬النــاس هنــا ال ميلكــون املــال‬ ‫ل ـراء الحطــب»‪ ،‬ويقــوم «الطبــاخ الشــميس»‬ ‫بتســخني الطعــام خــال عــر دقائــق‪ ،‬فيــا‬ ‫يســتغرق طهيــه نصــف ســاعة‪.‬‬ ‫ويذكــر أن قــوات النظــام وميليشــات مواليــة‬ ‫لهــا تحــارص مــدن وبلــدات الغوطــة الرشقيــة‪،‬‬ ‫الواقعــة تحــت ســيطرة فصائــل الجيــش الحــر‬ ‫منهــا «جيــش اإلســام»‪ ،‬ويعــاين املدنيــون فيهــا‬ ‫مــن ظــروف معيشــية ســيئة‪ ،‬يف ظــل انقطــاع‬ ‫الكهربــاء وانعــدام املحروقــات وغــاء أســعار‬ ‫الحطــب واملــواد الغذائيــة‪ ،‬بحســب الوكالــة‪.‬‬

‫ترك بريس‬ ‫أوضــح الرئيــس الــريك «رجــب طيــب‬ ‫أردوغــان» مــن العاصمــة األذريــة «باكــو» أن‬ ‫روســيا مســؤولة عــن إرهــاب الدولــة املــارس‬ ‫مــن قبــل النظــام الســوري بحــق شــعبه‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف كلمتــه التــي ألقاهــا يف «منتــدى‬ ‫تحالــف األمــم املتحــدة للحضــارات» يف‬ ‫العاصمــة باكــو‪ ،‬إذ أشــار إىل أن األســد يــأيت عــى‬ ‫رأس اإلرهــاب يف ســوريا‪ ،‬فقــال‪« :‬إن األســد الذي‬ ‫يســتهدف شــعبه بالرباميــل املتفجــرة يــأيت عــى‬ ‫رأس اإلرهــاب يف ســوريا‪ ،‬اآلن يف ســوريا إرهــايب‬ ‫يعمــل عــى قتــل شــعبه بالرباميــل املتفجــرة‪،‬‬ ‫ومــن هنــا أليــس هــؤالء الذيــن يســتقبلون هــذا‬ ‫اإلرهــايب بالســجاد األحمــر‪ ،‬والذيــن يقدمــون لــه‬ ‫دعــاً بالســاح مســؤولني عــن هــذا اإلرهــاب‬ ‫املــارس بحــق الشــعب؟»‪.‬‬ ‫وأفــاد أردوغــان أن العــامل مل يتمكــن مــن اتخــاذ‬ ‫موقــف موحــد ضــد العمليــات اإلرهابيــة التــي‬ ‫وقعــت يف مناطــق مختلفــة مــن العــامل‪ ،‬فقــال‪:‬‬ ‫«مل نبـ ِـد موقفـاً موحــدا ً ومشــركاً ضــد اإلرهــاب‪،‬‬ ‫مل نتقاســم اآلالم التــي حلّــت بنــا جــراء‬ ‫التفجــرات اإلرهابيــة التــي وقعــت يف ســوريا‬

‫والعــراق وتركيــا وفرنســا»‪.‬‬ ‫ولفــت أردوغــان إىل أن التنظيــات اإلرهابيــة‬ ‫تعمــل عــى هــدم الحضــارات التــي متتــد آلالف‬ ‫الســنني‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار قــال‪« :‬إن التنظيــات‬ ‫اإلرهابيــة تعمــل عــى هــدم الحضــارات التــي‬ ‫متتــد إىل آالف الســنني‪ ،‬إن اإلرهــاب ال ديــن لــه‬ ‫وال ثقافــة‪ ،‬فــا يوجــد ديــن مــن األديــان يحــث‬ ‫عــى قتــل األبريــاء»‪.‬‬ ‫وأكــد أردوغــان أن ســوريا اآلن ال تشــهد إرهاب ـاً‬ ‫فرديــاً فحســب‪ ،‬وإمنــا تشــهد إرهــاب دولــة‪،‬‬

‫هنــاك إرهــايب يســتهدف شــعبه بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة‪ ،‬والداعمــون لهــذا اإلرهــايب مــن خــال‬ ‫إمــداده بالســاح مســؤولون عــن اإلرهــاب‬ ‫املــارس»‪.‬‬ ‫ونــوه أردوغــان إىل أن بــاده لــن تغلــق أبوابهــا‬ ‫بوجــه القادمــن والفاريــن إليهــا بســبب الحــرب‬ ‫املشــتعلة يف ســوريا‪ ،‬كــا يفعــل الغــرب‪ ،‬مشـرا ً‬ ‫إىل أن بــاده أنقــذت حيــاة مــا يزيــد عــن ‪100‬‬ ‫ألــف الجــئ غــر رشعــي حاولــوا االنتقــال إىل‬ ‫أوروبــا عــر بحــر إيجــة‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫رئيس بلدية أقجة قلعة للحرمل‪:‬‬ ‫نأمــل مــن الســوريني أن يكونــوا يــد ًا واحدة يف وجــه الظلم‬ ‫ماهر شدو‬ ‫«الســوريون إخــوة لنــا‪ ،‬وهــم املهاجــرون ونحــن‬ ‫األنصــار‪ ،‬إضافــة لذلــك هنــاك قرابــة بــن أهــل الرقــة‬ ‫وأهــايل واليــة شــانيل أورفــا‪ ،‬وتتجــى هــذه القرابــة‬ ‫بشــكل أكــر بــن أهــل تــل أبيــض الســورية وأقجــة‬ ‫قلعــة الرتكيــة‪ ،‬إضافــة إىل املصاهــرة بــن الجانبــن‪ ،‬التــي‬ ‫عــززت اإلخــوة والقرابــة بشــكل أكــر‪ ،‬وعندمــا اندلعــت‬ ‫الثــورة الســورية املباركــة يف عــام ‪ ،2011‬نــزح الكثــر‬ ‫مــن أهــايل الرقــة باتجــاه تركيــا واســتقروا هنــا‪ ،‬ويصــل‬ ‫عــدد الســوريني املتواجديــن يف مدينــة أقجــة قلعــة إىل‬ ‫أكــر مــن مئــة ألــف يتوزعــون بــن الريــف واملدينــة‪،‬‬ ‫البعــض منهــم أقــام عنــد أقاربــه‪ ،‬والبعــض اآلخــر دخــل‬ ‫إىل املخيــات التــي أنشــئت مــن قبــل اآلفــاد الرتكيــة‪،‬‬ ‫فيــا اســتأجرت عوائــل عديــدة مــن حســابها الشــخيص‪،‬‬ ‫وعــى قــدر اســتطاعتنا قدمنــا لهــم مســاعدات إغاثيــة‬ ‫وألبســة‪ ،‬عــدا عــن املســاعدات التــي قدمتهــا اآلفــاد‪،‬‬ ‫وهــي املنظمــة املختصــة بهــذه األعــال‪ ،‬كــا قمنــا‬ ‫باالتصــال والتنســيق مــع بلديتــي اســطنبول وأنقــرة‪،‬‬ ‫وطلبنــا منهــم مســاعدات عاجلــة لتوزيعهــا عــى‬ ‫الضيــوف الســوريني»‪.‬‬ ‫بهــذه الكلــات اســتهل الســيد عبــد الحكيــم ايهــان‬ ‫رئيــس بلديــة أقجــة قلعــة حديثــه معنــا عــن أوضــاع‬ ‫الســوريني يف مدينــة أقجــة قلعــة‪ ،‬وكيــف ينظــر إىل‬ ‫تواجدهــم يف تركيــا‪ ،‬والخدمــات التــي قدمتهــا البلديــة‬ ‫لهــم‪.‬‬ ‫وأشــار يف حديثــه إىل أوضــاع الســوريني يف املخيــات‪،‬‬ ‫قائـاً‪« :‬مجــرد دخــول العائلــة إىل املخيــم‪ ،‬يتم تســجيلها‬ ‫بشــكل رســمي ضمــن بيانــات دقيقــة‪ ،‬لــي يســتفيدوا‬

‫مــن كامــل الخدمــات التــي ســيتم تقدميهــا لهــم مــن‬ ‫منظمــة الهــال األحمــر‪ ،‬التــي تتضمــن بطاقــة رشاء‬ ‫مــن «املــول»‪ ،‬والرعايــة الصحيــة املجانيــة‪ ،‬وتســجيل‬ ‫أطفالهــم يف املــدارس املحدثــة‪ ،‬التــي تقــدم كافــة‬ ‫الخدمــات التعليميــة‪ ،‬واملســتلزمات والوســائل الخاصــة‬ ‫بالتعليــم»‪.‬‬ ‫وحــول التنســيق بــن بلديــة أقجــة قلعــة‪ ،‬واملنظــات‬ ‫اإلنســانية والجمعيــات األهليــة العاملــة يف املجــال‬ ‫اإلغــايث‪ ،‬قــال ايهــان‪« :‬هنــاك العديــد مــن املنظــات‬ ‫والجمعيــات األهليــة‪ ،‬يتصلــون بنــا لتنســيق عمليــات‬ ‫الدعــم واإلرشاف عليهــا‪ ،‬ونقــوم بتأمــن فــرق عمــل‬ ‫خاصــة ملســاعدتهم للوصــول إىل كافــة األرس الســورية‬ ‫املحتاجــة‪ ،‬إضافــة إىل تأمــن القاعــات املناســبة لعقــد‬ ‫اجتامعاتهــم الخاصــة مبســاعدة الســوريني‪ ،‬ولقــاء بعــض‬ ‫األرس للتأكــد مــن احتياجاتهــم الحقيقيــة‪ ،‬لكــن مــع‬ ‫شــديد األســف هنــاك بعــض الســوريني العاملــن يف‬ ‫هــذ ِه املنظــات يأخذونهــا لغــر مكانهــا املناســب»‪.‬‬ ‫وعــن الجــدل الــذي أُثــر مؤخـرا ً حــول قـرارات البلديــة‪،‬‬ ‫واألســباب التــي دعتكــم إىل إزالــة مخيــم الالجئــن يف‬ ‫أقجــة قلعــة‪ ،‬أو مــا يســمى مخيــم البلديــة (حــوش‬ ‫البلديــة)‪ ،‬قــال‪« :‬أنشــأنا املخيــم بشــكل إســعايف مؤقــت‬ ‫بســبب موجــة النــزوح الكبــرة التــي شــهدتها منطقــة‬ ‫تــل أبيــض وريفهــا‪ ،‬وبــدأ املخيــم بعــدة خيــم‪ ،‬وأرشفــت‬ ‫عليــه البلديــة مــع أنــه ليــس مــن اختصاصهــا‪ ،‬وذلــك‬ ‫بســبب الحاجــة لوجــود مخيــم الــذي تزامــن مــع‬

‫دخــول فصــل الشــتاء‪ ،‬والقـرار الــذي تــم اتخــاذه يقــي‬ ‫بتوزيعهــم عــى املخيــات الكبــرة بعــد انتهــاء فصــل‬ ‫الشــتاء‪ ،‬وهــذا مــا تــم حدوثــه‪ ،‬حيــث تــم إرســال مــن‬ ‫يرغــب إىل مخيــم رسوج‪ ،‬والبعــض رفــض الذهــاب إىل‬ ‫هنــاك‪ ،‬ثــم اكتشــفنا أن أكــر مــن مئتــي عائلــة عندهــا‬ ‫بيــوت مســتأجرة يف أقجــة قلعــة‪ ،‬وكانــوا يــرددون عــى‬ ‫املخيــم نهــارا ً مــن أجــل االســتفادة مــن املــواد الغذائيــة‬ ‫الخاصــة باملخيــم‪ ،‬ويف الليــل يعــودون إىل بيوتهــم»‪.‬‬ ‫وحــول الوضــع التعليمــي واملــدارس يف منطقــة أقجــة‬ ‫قلعــة‪ ،‬والخدمــات التــي تقدمهــا البلديــة مــن أجــل‬ ‫تســهيل وتطويــر العمليــة التعليميــة بالنســبة للطلبــة‬ ‫الســوريني‪ ،‬قــال ايهــان‪« :‬يف بدايــة األمــر تربعــت‬ ‫البلديــة بقطعــة أرض مــن أجــل تأســيس مدرســة‬ ‫خاصــة للســوريني‪ ،‬وكانــت املدرســة مؤلفــة مــن عــدد‬ ‫مــن الخيــم‪ ،‬وبنــاء مســبق الصنــع‪ ،‬ومــع ازديــاد عــدد‬

‫الطــاب تــم إدخــال الطــاب الســوريني بــدوام فــوج‬ ‫ثــانٍ يف املــدارس الرتكيــة‪ ،‬حيــث أصبحــت املــدارس‬ ‫الرتكيــة مخصصــة للطلبــة األتـراك صباحـاً‪ ،‬وبعــد الظهــر‬ ‫للطلبــة الســوريني‪ ،‬وكل ذلــك تــم بتنســيق وإرشاف‬ ‫مديريــة الرتبيــة والتعليــم الرتكيــة‪ ،‬وســنعمل عــى بنــاء‬ ‫مدرســة خاصــه للســوريني قريبــاً»‪.‬‬

‫وقــال الســيد عبــد الحكيــم ايهــان يف معــرض حديثــه‬ ‫حــول مــا يُثــار مــن جــدل بخصــوص مــروع تطويــر‬ ‫مخيــم ســليامن شــاه يف أقجــة قلعــة‪ ،‬ومــدى مصداقيــة‬ ‫هــذا الــكالم‪« :‬ال أســاس لهــذا الــكالم أبــدا ً‪ ،‬لكــن هنــاك‬ ‫خطــة أقرتهــا الحكومــة الرتكيــة لبنــاء خمــس وعرشيــن‬ ‫ألــف وحــدة ســكنية خاصــة إليــواء اإلخــوة الســوريني‬ ‫يف مدينــة أقجــة قلعــة الرتكيــة‪ ،‬وهــي أشــبه مــا تكــون‬ ‫مبدينــة متكاملــة‪ ،‬تحقــق األمــن واألمــان لــكل قاطنيهــا‪،‬‬ ‫وتتوفــر فيهــا جميــع الخدمــات الصحيــة والتعليميــة‬ ‫واإلغاثيــة»‪.‬‬

‫وحــول مــا يجــري الحديــث عنــه يف وســائل اإلعــام‬ ‫بخصــوص أذونــات العمــل الخاصــة بالســوريني‪ ،‬وأيــن‬ ‫وصلــت مشــاريع هــذه الق ـرارات‪ ،‬قــال‪« :‬يتــم دراســة‬ ‫هــذا القـرار يف الربملــان الــريك‪ ،‬ومــن املتوقــع أن تصــدر‬ ‫قــرارات بهــذا الخصــوص‪ ،‬يســتطيع مــن خاللهــا أن‬ ‫يحصــل الســوري عــى إذن العمــل‪ ،‬ومبوجبهــا يتمتــع‬ ‫الســوريون بحقــوق التأمــن وتعويضــات اإلصابــة‬ ‫وغريهــا»‪.‬‬ ‫وبالنســبة إلعــادة فتــح بوابــة تــل أبيــض الحدوديــة‪،‬‬ ‫والتســاؤالت التــي أُثــرت حــول هــذا املوضــوع‪ ،‬الــذي‬ ‫يؤمــن عمليــات التبــادل التجــاري‪ ،‬ودخــول املســافرين‬ ‫أو الفاريــن مــن هــول األعــال العدائيــة التــي يرتكبهــا‬ ‫النظــام والفصائــل املتطرفــة بحق الســوريني‪ ،‬واإلجراءات‬ ‫التــي تتخذهــا البلديــة بهــذا الخصــوص‪ ،‬قــال‪« :‬بوابــة‬ ‫تــل أبيــض مغلقــة بســبب وجــود قــوات الحاميــة ‪PYD‬‬ ‫وطاملــا هــذه القــوات موجــودة‪ ،‬فلــن تفتــح هــذه‬ ‫البوابــة مطلق ـاً‪ ،‬أمــا بالنســبة ملــن يرغبــون يف العــودة‬ ‫إيل ســورية‪ ،‬فليــس هنــاك أيــة مشــكلة لدينــا لعودتــم‬ ‫مــن بوابــة تــل أبيــض‪ ،‬لكــن ‪ PYD‬متنــع دخولهــم إىل‬ ‫ســوريا»‪.‬‬ ‫وحــول ســؤالنا عــن األعبــاء املحتملــة مــن وجــود‬ ‫الســوريني يف أقجــة قلعــة‪ ،‬والــذي يشــكل عددهــم‬ ‫نحــو نصــف ســكان املدينــة‪ ،‬قــال‪« :‬قبــل تســعني عامـاً‬ ‫كنــا بلــدا ً واحــدا ً‪ ،‬نعيــش مــع بعــض‪ ،‬ونتقاســم أعبــاء‬ ‫الحيــاة بحلوهــا ومرهــا‪ ،‬إال أن االســتعامر وضــع الحــدود‬ ‫والحواجــز بيننــا‪ ،‬وباعــدت بيننــا الحيــاة‪ ،‬ولكــن ســنظل‬ ‫إخــوة وأقــارب دامئ ـاً‪ ،‬وإن شــاء اللــه تنتهــي الحــرب يف‬ ‫ســوريا قريب ـاً‪ ،‬ويعــود اإلخــوة الســوريون إىل بلدهــم‪،‬‬ ‫وهــو مــا نتمنــاه وندعــو اللــه دامئـاً أن يعــم الســام يف‬ ‫ربــوع ســورية»‪.‬‬ ‫وعــن أثــر الحــرب الســورية عــى تركيــا بشــكل عــام‪،‬‬ ‫قــال‪« :‬نعــم أث ّــرت الحــرب كثــرا ً علينــا‪ ،‬فقــد كنــا‬ ‫نذهــب إىل ســورية بســهولة ويــر مــن أجــل املشــاركة‬ ‫يف أفــراح وأحــزان أقاربنــا يف الجانــب الســوري‪ ،‬وكان‬ ‫هنــاك مســتوى متقــدم للتبــادل التجــاري بــن البلديــن‪،‬‬ ‫وكنــا قريبــن جــدا ً مــن إلغاء جــواز الســفر بــن البلدين‪،‬‬ ‫وأنــا عــى الصعيــد الشــخيص كنــت أذهــب يف العطلــة‬ ‫إىل الرقــة بقصــد الســياحة‪ ،‬وكنــا ســعداء بذلــك‪ ،‬ونأمــل‬ ‫أن تعــود ســورية كــا كانــت وأفضــل مــن قبــل‪ ،‬وأختــم‬ ‫حديثــي متمني ـاً للســوريني أن يعــم الســام يف بلدهــم‬ ‫الحبيــب‪ ،‬ونأمــل مــن الســوريني أن يكونــوا يــدا ً واحــدة‬ ‫يف وجــه الظلــم‪ ،‬وأن تكــون ســورية دولــة موحــدة‪ ،‬وأن‬ ‫ال تحقــق الــدول أهدافهــا يف ســورية»‪.‬‬ ‫يذكــر أن أقجــة قلعــة تركيــة‪( Akçakale :‬واســمها‬ ‫العــريب تــل أبيــض)‪ ،‬بلــدة وناحيــة إداريــة يف واليــة‬ ‫شــانيل أورفــا يف جنــوب رشق تركيــا‪ .‬معظــم ســكانها‬ ‫مــن العــرب‪ .‬يفصلهــا عــن شــطرها الــذي بقــي ضمــن‬ ‫ســورية (مدينــة تــل أبيــض الســورية) معــر (مينــاء‬ ‫بــري) عــى الطريــق الواصــل بــن مدينتــي أورفــا‬ ‫(الرهــا) الرتكيــة‪ ،‬وقــد نزحــت الكثــر مــن العائــات‬ ‫الســورية بــدءا ً مــن انطالقــة الثــورة الســورية يف عــام‬ ‫‪ ،2011‬وتع ّرضــت البلــدة يــوم ‪ 3‬أكتوبــر ‪ 2012‬إىل‬ ‫الســوري أ ّدى إىل‬ ‫قصــف عــر الحــدود مــن الجانــب‬ ‫ّ‬ ‫مقتــل خمســة مواطنــن أتــراك‪ ،‬ور ّدت عليــه القــوات‬ ‫الرتكيــة أل ّول مــ ّرة منــذ انــدالع األحــداث‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬ ‫حلــب‪ ..‬يــا وجعنــا‪!..‬‬

‫يوسف دعيس‬ ‫مــاذا يحتــاج العــامل لوقــف عــدوان األســد عــى شــعبه؟ ومــن‬ ‫ميتلــك ق ـرار إنقــاذ الضحايــا؟ وملــاذا تســكت أمريــكا عــن جرائــم‬ ‫األســد؟ ومــاذا يريــد األســد مــن اغتيــال كربيــاء حلــب؟ وهــل‬ ‫أضحــت حلــب بوابــة النظــام للدخــول إىل عــامل محاربــة اإلرهــاب؟‬ ‫ومــن يضــع الخطــوط الحم ـراء يف وجــه النظــام يف مناطــق ومينحــه‬ ‫الضــوء األخــر يف مناطــق أخــرى؟‬ ‫بإمكاننــا وضــع آالف األســئلة ونحــن نتحــدث عــن إبــادة حلــب‪ ،‬أو‬ ‫قتلهــا وتدمريهــا‪ ،‬وبإمكاننــا أيض ـاً وضــع ألــف ســبب يبــن أهــداف‬ ‫النظــام يف حــرق حلــب وإبــادة أهلهــا‪ ،‬النظــام الــذي تحالــف مــع‬ ‫الشــيطان يف إقامــة حفــات اإلبــادة التــي تبــدأ وال تنتهــي‪ ،‬بــدءا ً مــن‬ ‫جنــوب ســوريا إىل شــالها‪ ،‬وحفــات اإلبــادة هــذه ينفذهــا حســب‬ ‫املقتــى واملصالــح‪ ،‬ينتقــل مــن مجــزرة هنــاك إىل مجــزرة هنــا‪،‬‬ ‫ويكتفــي بتأديــب املــدن والبلــدات حســب حجمهــا‪ ،‬ودالالت عمقهــا‬ ‫الســيايس والتاريخــي‪ ،‬أمــا بالنســبة لحلــب‪ ،‬فالوضــع مختلــف متامـاً‪،‬‬ ‫ولــن يكتفــي الجــاد بإقامــة مأدبــة «عاملــايش»‪ ،‬وال بــد مــن إبادتهــا‪،‬‬ ‫وتحويــل أهلهــا إىل أيتــام عــى مائــدة اللئــام‪ ،‬فحلــب ليســت شــيئاً‬ ‫عارضـاً‪ ،‬حلــب أم الدنيــا‪.‬‬ ‫العنــف املفــرط الــذي واجــه بــه النظــام املجــرم شــعبه األعــزل‪ ،‬مل‬ ‫يكــن جديــدا ً عــى أهلنــا يف حلــب‪ ،‬الذيــن اعتــادوا عــى جرائــم‬ ‫األســد ومجــازره الوحشــية‪ ،‬فقــد واصــل الط ـران قصفــه للمناطــق‬ ‫اآلهلــة باملدنيــن عــى مــدى عــرة أيــام متتاليــة‪ ،‬طــال البــر‬ ‫والشــجر والحجــر‪ ،‬ومل يســت ِنث يف قصفــه الوحــي املشــايف‪ ،‬وعنــارص‬ ‫الدفــاع املــدين‪ ،‬ومراكــز التجمعــات املدنيــة واإلغاثيــة‪ .‬األنبــاء‬ ‫الــواردة مــن حلــب تؤكــد عــى وحشــية النظــام‪ ،‬وجرأتــه يف قتــل‬ ‫املدنيــن‪ ،‬واألرقــام تتحــدث عــن مئــات الشــهداء والجرحــى‪ ،‬وأطنــان‬ ‫املــوت تنهــال عــى النــاس وســط ذهــول شــعب أعــزل اختــار املــوت‬ ‫بدي ـاً عــن الــذل والهــوان‪.‬‬ ‫مل تنفــع نــداءات االســتغاثة التــي أطقهــا ناشــطون عــر وســائل‬ ‫االتصــال االجتامعــي‪ ،‬وال بيانــات االســتنكار التــي جــاءت‬ ‫عــى اســتحياء‪ ،‬وأطلقهــا قــادة العــامل‪ ،‬الذيــن ي ّدعــون الحريــة‬ ‫والدميقراطيــة‪ ،‬ويغ ّيبــون شــعوبهم عـ ّـا يجــري مــن مذابــح بحــق‬ ‫شــعب أعــزل‪ ،‬مصيبتــه الكــرى أنــه طالــب بحريتــه وكرامتــه‪.‬‬ ‫الجامعــة العربيــة نامئــة كالعــادة‪ ،‬ومجلــس األمــن ال ميلــك ق ـراره‪،‬‬ ‫ومفاتيــح الحــل غائبــة‪ ،‬ويكتفــي العــامل بالتفــرج عــى املجــازر‪،‬‬ ‫والراعــي األكــر يديــر خيــوط اللعبــة كــا يشــاء‪ ،‬ويــوزع األدوار‬ ‫اإلنســانية عــى أصدقــاء الشــعب الســوري‪ ،‬املشــغولني مبلفــات‬ ‫الالجئــن‪ ،‬واملناطــق اآلمنــة أو العازلــة‪ ،‬وتفســر مفــردات الهدنــة‪،‬‬ ‫وماهيــة مصطلــح التهدئــة‪ ،‬والشــعب الســوري ميــوت يومــاً بعــد‬ ‫يــوم عــى نــار هادئــة‪ ،‬وصــور املــوت املرعبــة تتــواىل‪ ،‬وأمــام كل هــذا‬ ‫مــاذا ينتظــر العــامل م ّنــا‪ ،‬ومــاذا يتوقعــون مــن شــعب يدفــع أنهــارا ً‬ ‫مــن الــدم‪ ،‬صارخ ـاً مــلء حنجرتــه «ال بديــل عــن حريتنــا»؟‪.‬‬ ‫حلــب يــا وجعنــا‪ ..‬يــا خيبتنــا وحريتنــا‪ ..‬هــل منلــك قرارنــا‪..‬؟ هــل‬ ‫نحفــل بـراخ األطفــال والعجائــز وهــم يواجهــون املــوت‪..‬؟ حلــب‬ ‫ال منلــك إال الدعــاء ورجــع أصــوات حزينــة تشــدو‪:‬‬ ‫يا رايحني ع حلــب ح ّبي معاكـم راح‬ ‫يا محملني العنب تحت العنب تفاح‬ ‫كل مني وليفـو معو وانـا وليفي راح‬ ‫يا ربـي نســمة هـوى تـرد الولــف ّيل‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫عصام حقي‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫اجلوالن ُتسبى مرتني‬

‫هــل إلرسائيــل مصلحــة واضحــة يف مــا جرى‬ ‫ويجــري يف ســورية‪ ،‬خاصــة ودول الثــورات‬ ‫العربيــة عامــة منــذ لهيــب نــار البوعزيــزي يف‬ ‫تونــس إىل يــوم النــاس هــذا؟!‬ ‫وهــل يعكــس وقوفهــا موقــف املتفــرج مــن‬ ‫هــذه األحــداث شــيئاً مــن نوايــا وأهــداف‬ ‫بعيــدة خطــط لهــا أكــر مــن جهــة يف قريــب‬ ‫الزمــان وبعيــدة؟!‬ ‫ولإلجابــة عــى هــذه التســاؤالت وغريهــا ال بــد‬ ‫مــن مراجعــة التطــورات التــي طــرأت عــى‬ ‫العالقــة بــن إرسائيــل وحــزب اللــه‪ ،‬وخاصــة‬ ‫بعــد حــرب ‪ 2006‬التــي كلفــت لبنــان غالي ـاً‪،‬‬ ‫وأمنــت إلرسائيــل حدودهــا اللبنانيــة مبــا‬ ‫يعــرف بقــوات اليونيفيــل املتمركــزة هنــاك‬ ‫بقـرار األمــم املتحــدة حتــى اآلن‪ .‬كــا ضمنــت‬ ‫لقيــادات الصــف األول بحــزب اللــه مبــن فيهــم‬ ‫أمينــه العــام حســن نــر اللــه الخــاص مــن‬ ‫التخفــي‪ ،‬واالســتتار‪ ،‬وعــدم الظهــور العلنــي‬ ‫يف أيــة مناســبة رســمية ال يف لبنــان وال غــره‬ ‫خشــية مــا كانــوا يزعمــون مــن التهديــدات‬ ‫اإلرسائيليــة وردات فعلهــا االنتقاميــة‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫فقــد كان مــن غــر املعقــول ظهــور امليليشــيات‬ ‫املســلحة لهــم يف العلــن يف داخــل لبنــان‪ ،‬و(دع‬ ‫خارجــه)‪..‬‬ ‫وفجــأة تكشــف األوراق كلهــا مــع انطــاق‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬ومــع بدايــة انهيــار النظــام‬ ‫الســوري‪ ،‬حيــث راحــت تتبــدى عــى الســاحة‬ ‫العلنيــة فيالــق حــزب اللــه العســكرية‪ ،‬وراحت‬ ‫ميليشــياته تخــرج مــن تحــت األرض يف الجنوب‬ ‫لتخــرق الحــدود اللبنانيــة‪ ،‬باالتجــاه الســوري‪،‬‬ ‫لتبــدأ مجزرتهــا الطائفيــة األوىل مبدينــة القصري‪،‬‬ ‫ومــا تالهــا مــن مجــازر‪ ،‬وأشــكال عنــف‪ ،‬ليــس‬ ‫أقلهــا حصــار املــدن الثائــرة‪ ،‬وفــرض سياســة‬ ‫التجويــع عليهــا حتــى تستســلم أو متــوت‪.‬‬ ‫لقــد كان هــذا الظهــور العلنــي املكشــوف‬ ‫واملعــروف (والحاجــة بهــذه الحالــة لألقــار‬ ‫الصناعيــة) دون أن تتعــرض مــرة واحــدة‬ ‫لطلقــة واحــدة مــن أيــة قــوة يزعــم حــزب اللــه‬ ‫أنهــا عــدو لــه وخطــر عليــه‪.‬‬ ‫لقــد كان ظهورهــم الســوري العلنــي تحــت‬ ‫ذرائــع واهيــة لعــل أوهاهــا حاميــة املراقــد‬ ‫الدينيــة الجامثــة بــأرض ســورية منــذ قــرون‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫لســت متأكــدا ً إن كان عنوانـاً لفيلــم ســيناميئ‬ ‫أو مسلســل تلفزيــوين أو إذاعــي ظهــر يف‬ ‫ســتينات القــرن املــايض‪ .‬املهــم فيــه هــو عنوانــه‬ ‫«الراجــل ده ح يج ّننــي»‪ ،‬والــذي «ح يج ّننــي»‬ ‫ليــس رج ـاً واحــدا ً بــل أكــر مــن رجــل‪ ،‬وهــو‬ ‫ال يفعــل ذلــك بصفتــه فــردا ً عاديـاً‪ ،‬بــل بصفتــه‬ ‫رجــاً يرتبــع عــى رأس دولــة أو منظمــة أو‬ ‫هيئــة‪ ،‬وميــارس ســلطة لتنفيــذ برنامــج أو‬ ‫مهمــة‪ ،‬ويتحمــل مســؤولية نجــاح التنفيــذ أو‬ ‫ـي القــول‬ ‫فشــله بهــذه النســبة أو تلــك‪ ،‬وبدهـ ٌ‬ ‫إن حجــم املســؤولية يتناســب طــردا ً مــع حجــم‬ ‫الســلطة‪.‬‬ ‫مــن هــؤالء الرجــال وأولهــم الســيد‬ ‫أوبامــا‪ ،‬الــذي يصــور مؤكــدا ً يف كل ترصيــح لــه‬ ‫ـوب مــن إدارتــه عــى أنــه التدخــل املبارش‬ ‫املطلـ َ‬ ‫يف الحــرب الســورية الكارثيــة باســتخدام القــوة‬ ‫العســكرية‪ .‬والــرب عــى هــذا «النغــم»‬ ‫يلقــى صــداه لــدى الــرأي العــام األمريــي‪،‬‬ ‫خصوصــاً وأن آلــة إعالميــة عمالقــة قــادرة‬ ‫عــى تشــكيل هــذا الــرأي العــام والتأثــر فيــه‬ ‫بســهولة‪ ،‬تقــف وراء هــذا التصويــر وتدعمــه‪،‬‬ ‫وتظهــر أوبامــا مبقاومتــه لهــذا املطلــوب‪ ،‬رئيسـاً‬

‫بــكل قداســتها واحرتامهــا‪ ،‬كــا كان تدخلهــم‬ ‫تحــت شــعارات تاريخيــة طائفيــة مل تكــن‬ ‫يوم ـاً معروفــة يف أدبيــات الثقافــة الســورية أو‬ ‫موروثهــا الشــعبي‪ ،‬مــن مثــل شــعار‪( :‬زينــب‬ ‫لــن تُســبى مرتــن)‪.‬‬ ‫إذن كانــت إرسائيــل ‪ -‬وبالتعــاون مــع جهــات‬ ‫الفعــل عــى الــراب الســوري ‪ -‬عــى إطــاع‬ ‫تــام‪ ،‬بــل موافقــة تامــة عــى كل هــذا التدخــل‬ ‫الخارجــي الداعــم للنظــام الســوري لتقويتــه‪،‬‬ ‫وإخراجــه مــن عنــق الزجاجــة التــي حرشتــه‬ ‫فيهــا الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫ألن إرسائيــل يف جــوار هــذا النظــام كانــت تنعم‬ ‫ والجــوالن خاصــة ‪ -‬بصــورة منوذجيــة للهــدوء‬‫والطأمنينــة منــذ حــرب ترشيــن أكتوبــر ‪،1973‬‬ ‫وخشــية مــن تبــدل األوضــاع مــع ه ّبــة الثــورة‬ ‫الســورية‪ ،‬وريــاح التغيــر فيهــا‪ ،‬أدركــت أن‬ ‫هــذا الهــدوء يف الجــوالن خاصــة لــن يســتمر إن‬ ‫تعــرض أمــن النظــام للخطــر (كــا رصح بذلــك‬ ‫مســؤولو النظــام يف بدايــات الثــورة)‪.‬‬ ‫ومــن املعــروف أن إرسائيــل بعــد احتــال‬ ‫الجــوالن يف نكســة ‪ 1967‬قامــت بضمــه ليكــون‬ ‫جــزءا ً مــن إرسائيــل العــام‪ ،1981‬ومل تشــهد‬ ‫الســاحة العربيــة والدوليــة رفض ـاً عملي ـاً لهــذا‬ ‫اإلعــان ســوى بعــض البيانــات والترصيحــات‬ ‫التــي كرســت االحتــال والضــم‪ ،‬رغــم مــا صــدر‬ ‫مــن مجلــس األمــن والجمعيــة العامــة لألمــم‬ ‫املتحــدة مــن قــرارات تتــوزع بــن الرفــض‬ ‫والشــجب واالســتنكار‪.‬‬ ‫ومــن الجديــر بالذكــر أن الثــورة اإليرانيــة‬ ‫اإلســامية التــي ترافقــت وضــم الجــوالن‪ ،‬مل‬ ‫يصــدر عنهــا أيــة أعــال إيجابيــة فعليــة‪ .‬ســوى‬ ‫املتاجـرات الكالميــة برفــع علــم فلســطني بــدالً‬ ‫مــن العلــم اإلرسائيــي الــذي كان يف زمــن‬

‫حكــم الشــاه‪ .‬مل تتحــرك إيــران مثــاً لدعــم‬ ‫النظــام الســوري يف حــرب شــعواء الســرداد‬ ‫الجــوالن كــم دعمتــه اليــوم الســرداد ســورية‬ ‫مــن شــعبها!!‬ ‫ضمت إرسائيل الجوالن فكان السبي األول‪.‬‬ ‫وضمنــت بقاءهــا خمســن ســنة دون وجــل‪،‬‬ ‫ولكــن ومــع خشــيتها مــن املســتقبل‪ ،‬وقــد‬ ‫ثــارت ريــاح التغيــر وبأكــر مــن جبهــة‪ ،‬فقــد‬ ‫كان مــن الــروري لهــا حاميــة وجودهــا‬ ‫يف الحــارض‪ ،‬وبقائهــا يف املســتقبل‪ ،‬وال بــد‬ ‫مــن تعزيــز وجــود األنظمــة العســكرية‬ ‫والديكتاتوريــة الضامنــة لهــا وجــودا ً جديــدا ً‬ ‫شــبيهاً بالســابق وملــدة طويلــة أيض ـاً‪ ،‬فكانــت‬ ‫الثــورة الســورية عــى فوهــة مدافــع النظــام‬ ‫الــذي ســمحوا لــه بفعــل كل مــا يريــد‬ ‫وبالكيفيــة التــي يريــد ليبقــى كوجــود مــن‬ ‫جهــة‪ ،‬وكضامــن لوجــود العــدو الصهيــوين يف‬ ‫فلســطني والجــوالن مــن جهــة أخــرى‪.‬‬ ‫ليبــدأ الخ ـراب الســوري‪ ،‬ويبــدأ معــه الح ـراك‬ ‫الــدويل (بعــد ضــان الدمــار والترشيــد وفشــل‬ ‫الدولــة الســورية) إلعــادة تأهيــل النظــام الــذي‬ ‫رأوا فيــه الشــكل األكــر صالحيــة للوجــود‬ ‫الصهيــوين واســتمراره خمســن أو ســتني ســنة‬ ‫أخــرى بنفــس الظــروف املحيطــة بــه يف بقائــه‬ ‫األول‪ ،‬وبنــاء عليــه وبعــد اطمئنــان إرسائيــل‬ ‫إىل كفالئــه الضامنــن بقــاءه كــا ضمــن لهــم‬ ‫بقاءهــم‪ ،‬فقــد رأى العــامل كيــف أقــدم رئيــس‬ ‫وزراء إرسائيــل بنيامــن نتنياهــو عــى خطــوة‬ ‫غــر مســبوقة‪ ،‬متثلــت بعقــد جلســة ملجلــس‬ ‫الــوزراء اإلرسائيــي يف أرض الجــوالن‪ ،‬وليعلــن‬ ‫ مــن هنــاك وللمــرة األوىل أيضـاً ‪ -‬أن الجــوالن‬‫إرسائيليــة‪ ،‬وســتبقى كذلــك حســب ترصيحــه‬ ‫إىل (أبــد اآلبديــن)‪.‬‬ ‫وإزاء هــذا الترصيــح الــذي تضمــن (الســبي‬ ‫الثــاين للجــوالن) مل تكــن هنــاك أيــة ردة فعــل‬ ‫عمليــة مــن كل القــوى املتحالفــة ضــد الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬كيــا تســبى زينــب مرتــن (كــا‬ ‫ادعــوا) خربــوا ســورية وقتلــوا شــعباً‪ .‬وكيــا‬ ‫تســبى الجــوالن مرتــن صمتــت مدافعهــم‬ ‫واســتقرت صواريخهــم‪ ،‬وتوقفــت طائراتهــم‬ ‫عــن اإلقــاع‪ ،‬ألنهــم وكل أســلحتهم كــا كانــت‬ ‫دامئــا ذات اتجــاه واحــد‪ ،‬ليــس اتجــاه فلســطني‬ ‫املحتلــة بأيــة حــال مــن األحــوال‪.‬‬

‫التفــاوض مــع القتلــة عبــث‬

‫مازن العليوي‬

‫أي مفاوضــات تقــام مــع مــن يقتلــون‬ ‫ويــرون عــى اســتئناف عمليــات القتــل؟‬ ‫وأي مفاوضــات مــع مــن يحــارصون األبريــاء‬ ‫يف مناطقهــم‪ ،‬ويســاعدون الجالديــن ضــد‬ ‫املســاكني؟‪ ..‬كيــف ملفاوضــات أن تنجــح مــع‬ ‫جهــة باغيــة مل تحــرم هدن ـ ًة أعلنــت للعــامل‬ ‫قبولهــا بهــا؟ مســتندة يف خروقاتهــا عــى قــوة‬ ‫كــرى تزودهــا بالســاح ومت ّهــد لهــا بالقصــف‬ ‫الجــوي‪ ،‬وتدعمهــا بالجنــود‪ ،‬وتحميهــا لــو أراد‬ ‫العــامل إدانتهــا – عــى أقــل تقديــر – بورقــة‬ ‫يســمونها «الفيتــو»‪.‬‬ ‫الصــور الحقيقيــة يف الداخــل الســوري هــي‬ ‫عبــارة عــن قصــف وقتــل وترويــع وحصــار‬ ‫ومنــع للمســاعدات واعتقــال تعســفي‬ ‫للبــر‪ ..‬كل تلــك الصــور حدثــت ومــا زالــت‬ ‫تحــدث مــن أجــل إجبــار النــاس عــى الركــوع‬ ‫ملــن تو ّهــم األلوهيــة يف ذاتــه مبســاعدة‬ ‫أدوات داخليــة وخارجيــة‪ .‬وعــى الرغــم مــن‬ ‫ذلــك مل يركــع البــر‪ ،‬ألنهــم منــذ تذوقــوا‬ ‫معنــى قــول «ال» أدركــوا أنهــم قــادرون عــى‬ ‫التغيــر مهــا قدمــوا مــن تضحيــات‪.‬‬ ‫ولــو أضفنــا إىل مــا ســبق املرسحيــات التــي‬ ‫ي ّدعــي فيهــا النظــام تحريــر بعــض املناطــق‪،‬‬ ‫وتأملنــا جزئيــة واحــدة فقــط‪ ،‬هــي نهــب‬ ‫جنــوده ملحتويــات منــازل األهــايل‪ ،‬ألدركنــا‬ ‫مســتوى االنحــدار األخالقــي الــذي تراكــم‬ ‫عــر عقــود لــدى النظــام حتــى هبــط إىل‬ ‫الــدرك األســفل مــن القــذارة البرشيــة‪ ،‬ليجعل‬ ‫النــاس مبواجهــة نــران عصابــات املرتزقــة يف‬ ‫االحتــاالت جميعهــا‪ ،‬وال فــرق إن ســيطر‬ ‫عــى مناطقهــم تنظيــم مجــرم متطــرف أو‬

‫نظــام عنــارصه كلهــم قتلــة ولصــوص‪ ،‬وال‬ ‫اســتثناءات هنــا‪ ،‬فمــن يقبــل بالدفــاع عــن‬ ‫القتلــة قاتــل‪ ،‬ومــن ينهــب بيــوت النــاس‬ ‫لــص‪.‬‬ ‫وعليــه‪ ،‬فــإن الرســالة التــي يفــرض أن يطلقها‬ ‫الشــعب الســوري ومــن ميثلــه‪ ،‬يك يعرفهــا‬ ‫النظــام الســوري وروســيا وإي ـران مــن جهــة‪،‬‬ ‫والقــوى العامليــة الكــرى ومجلــس األمــن‬ ‫الــدويل واملبعــوث «دي ميســتورا» مــن جهــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬أن املفاوضــات مــع القتلــة عبــث‬ ‫ال جــدوى منــه ســوى إطالــة زمــن معانــاة‬ ‫النــاس‪ ،‬ومزيــد مــن املهجريــن واملنكوبــن‪..‬‬ ‫فالنظــام الــذي قتــل مئــات األلوف مــن البرش‬ ‫وه ّجــر املاليــن ود ّمــر وطنــاً‪ ،‬ومل يعــرف‬ ‫لغايــة اليــوم أن شــعبه ميــر بنكبــة ال مثيــل‬ ‫لهــا ‪ -‬ســواء اعــرف أنــه املتســبب بهــا أو مل‬ ‫يعــرف ‪ -‬لــن يرتاجــع عــا بــدأ‪ ،‬فالطريــق‬ ‫الــذي ســلكه كان األســوأ‪ ،‬ونهايتــه الحتميــة‬ ‫بالنســبة إليــه أحــد خياريــن‪ :‬إمــا قاتــل أو‬ ‫مقتــول‪ ..‬وال خيــار بينهــا ميكــن الوصــول‬ ‫إليــه عــر حــوار أو وســاطة أو أي أمــر آخــر‪.‬‬ ‫باختصــار‪ ،‬ســواء تأجلــت مفاوضــات جنيــف‬ ‫أو ألغيــت أو أجهضــت أو‪ ..‬فــا مــن ســبيل‬ ‫إلنهــاء األزمــة ســوى مغــادرة رأس النظــام‪،‬‬ ‫واجتثــاث الخلــل الــذي غرســه يف هيكليــة‬ ‫الدولــة عــى مــدى عقــود مــن الجــذور‪ ،‬وإن‬ ‫عــى مراحــل‪ .‬فبعــد أكــر مــن خمس ســنوات‬ ‫مــن الدمــار‪ ،‬يصعــب لــكل مــن الطرفــن أن‬ ‫يرتاجــع‪ ،‬فــا رأس النظــام ســيقر أنــه ارتكــب‬ ‫كل هــذا اإلجـرام بحــق الشــعب‪ ،‬وال الشــعب‬ ‫ســرضخ ويقبــل ببقــاء القاتــل حاكــاً‪ ..‬ويف‬ ‫نهايــة املطــاف‪ ،‬ال بــد إلرادة الشــعب أن‬ ‫تنتــر‪ ..‬هــي ســنة الحيــاة وحكمــة التاريــخ‪.‬‬

‫«الراجل ده‪»!..‬‬ ‫حصيف ـاً حكي ـاً ضنين ـاً بالــدم األمريــي يكــره‬ ‫الحــروب‪ ،‬ويحمــل جائــزة نوبــل للســام‪.‬‬ ‫لكــن الحكيــم الحصيــف أوبامــا يعــرف‬ ‫جيــدا ً‪ ،‬وأكــر مــن غــره أن املطلــوب ليــس‬ ‫كذلــك إطالقــاً‪ ،‬بــل هــو أقــل منــه بكثــر‪،‬‬ ‫لكنــه بالقطــع أكــر مــن الشــعور بالقلــق ألن‬ ‫الهدنــة تتع ـ ّرض إىل خطــر ُمحــدق‪ ،‬وأكــر مــن‬ ‫«اســتعطاف» روســيا لــي تلجــم األســد‪( ،‬وهــذا‬ ‫هــو املضحــك املبــي)‪ ،‬وأكــر مــن االعــراف‬ ‫بــأن قصــف املشــايف يف حلــب يحمــل بصــات‬ ‫النظــام‪ ،‬وأكــر مــن إدانــة النظــام بنــاء عــى‬ ‫ذلــك‪ ،‬إنــه أكــر مــن هــذا‪ ،‬والدليــل البســيط‬ ‫عــى ذلــك طلبــه هــو مــن دول املنطقــة أن‬ ‫تقاتــل األســد‪ ،‬وأن تحــارب مــن أجــل حقــوق‬ ‫اإلنســان التــي ينتهكهــا يف ســورية‪ ،‬وذلــك يف‬ ‫مقابلتيــه مــع الصحفيــن فريدمــان وغولدبــرغ‪.‬‬ ‫ومــن هــؤالء الرجــال الســيد دميســتورا‪،‬‬ ‫وســيط األمــم املتحــدة لحــل األزمــة الســورية‪،‬‬ ‫هــذا الرجــل الــذي – إضافــة إىل الفوقيــة التــي‬ ‫ينظــر مــن خاللهــا إىل األفرقــاء‪ ،‬الذيــن ميــارس‬ ‫معهــم نشــاطه «االســتعرايض الدبلومــايس» –‬ ‫ر هــو اآلخــر ومنظمتــه عــى التعامــل مــع‬ ‫يـ ّ‬ ‫مــا يجــري يف ســورية عــى أنــه خــاف بــن‬

‫«طرفــن» ميكــن حلّــه عــن طريــق البحــث عــن‬ ‫قواســم مشــركة‪ ،‬تؤســس للوصــول إىل حــلٍ‬ ‫يتــم االتفــاق عليــه‪ ،‬فيطلــب مــن «الطرفــن»‬ ‫إبــداء وجهــات نظرهــا حــول «املشــكلة»‪،‬‬ ‫ويدعــو الــدول املؤث ّــرة إىل مامرســة الضغــط‬ ‫عــى «الطرفــن» لتقديــم تنــازالت حتــى ُيكــن‬ ‫الوصــول إىل الحلــول التــي تُــريض «الطرفــن»‪.‬‬ ‫لكــن الرجــل يــدرك أن األمــر ليــس كذلــك‬ ‫إطالقـاً‪ ،‬بــل هــو ثــورة قامــت ضــد نظام‪ُ ،‬ســداه‬ ‫ولُحمتــه أجهــزة أمنيــة تغولــت إىل درجــة تبــدو‬ ‫معهــا مامرســات الســلطة التــي ص ّورهــا جــورج‬ ‫أورويــل يف روايتــه ‪ 1984‬شــديدة الرخــاوة‪ ،‬ومــا‬

‫مل يتــم النظــر إليهــا كذلــك فإنــه لــن ينجــح‪،‬‬ ‫ولــن تنجــح منظمتــه القلقــة دامئ ـاً يف إخ ـراج‬ ‫ســورية مــن الكارثــة‪.‬‬ ‫ومــن هــؤالء الرجــال املؤتلفــون الذين علّقوا‬ ‫مشــاركتهم يف جنيــف ألن النظــام يتــادى يف‬ ‫خــرق الهدنــة الهشّ ــة‪ ،‬وأنــه يقصــف الشــعب‬ ‫الســوري بالرباميــل املتفجــرة‪ ،‬وكأ ّن النظــام قــد‬ ‫التــزم بالهدنــة يومــاً‪ ،‬وكأنّــه أوقــف قصــف‬ ‫الشــعب يوم ـاً عندمــا كان هنــاك جنيــف ‪ 1‬و‬ ‫‪ 2‬وفيينــا ‪ 1‬و ‪.2‬‬ ‫املؤتلفــون الذيــن حــروا أنفســهم يف دائــرة‬ ‫ردود األفعــال‪ ،‬والذيــن مل يفكــروا يوم ـاً‪ ،‬ورمبــا‬ ‫فكّــروا لكنهــم مل يفعلــوا ‪ -‬يف حجــز مســاحة‬ ‫إعالنيــة‪ ،‬ولــو ملــرة واحــدة يف صحيفــة فريدمان‬ ‫أو صحيفــة غولدبــرغ‪ ،‬ليخاطبــوا الــرأي العــام‬ ‫األمريــي‪ ،‬ويكشــفوا لــه حقيقــة كــذب أوبامــا‬ ‫ونفاقــه‪ ،‬ويظهــروا وقوفــه متفرجـاً عــى شــعب‬ ‫يُذبــح‪ ،‬ويف قدرتــه إيقــاف املذبحــة‪ ،‬ولكنــه ال‬ ‫يفعــل‪ ،‬واملتفــرج عــى املذبحــة – ببســاطة –‬ ‫رشيــك فيهــا‪.‬‬ ‫املؤتلفــون يخطئــون وال يعرتفــون بأخطائهم‪،‬‬ ‫وحجتهــم لتعليــق املشــاركة يف جنيــف غــر‬ ‫مقنعــة لهــم أنفســهم‪ ،‬قبــل أن تكــون كذلــك‬

‫لغريهــم‪ ،‬وقــد قلنــا يف مقــاالت ســابقة ونعيــد‪:‬‬ ‫إن عــى املؤتلفــن أن يتبعــوا سياســة جديــدة‬ ‫تضــع النقــاط عــى الحــروف‪ ،‬وتضــع الشــعب‬ ‫الســوري يف الصــورة الحقيقيــة ملــا يجــري‪،‬‬ ‫وأن يضعــوا الصديــق والعــدو كالً يف مكانــه‪،‬‬ ‫وأن يعرتفــوا إذا أخطــأوا‪ ،‬وأنهــم أخطــأوا‬ ‫عندمــا زلّــت قدمهــم فذهبــوا إىل جنيــف دون‬ ‫ضامنــات حقيقيــة مكتوبــة مــن «أصدقائهــم»‬ ‫بتنفيــذ مــا ورد يف بيــان جنيــف ‪ 1‬ويف‬ ‫القـرارات األمميــة رغــم كونهــا هالميــة املعــامل‪،‬‬ ‫وأن يقولــوا لشــعبهم‪ ،‬وللعــامل إنهــم يف غــر‬ ‫حاجــة تعلّــم الســباحة‪ ،‬وأنهــم لــن يســبحوا‬ ‫يف مســتنقع قــر األمــم يف جنيــف‪ .‬عليهــم‬ ‫أن يفعلــوا ذلــك كلّــه حتــى يكونــوا جديريــن‬ ‫بالدفــاع عــن قضيــة الثــورة التــي تكالبــت‬ ‫عليهــا األمــم‪.‬‬ ‫أولئــك الرجــال ليســوا وحدهــم‪ ،‬هــم منــاذج‬ ‫تجــد مثلهــم يف الفصائــل‪ ،‬ويف وســائل اإلعــام‪،‬‬ ‫ويف الهيئــات التــي تتشــكل بــن الحــن واآلخــر‪،‬‬ ‫وتســعى لحجــز مــكان عــى طاولــة متثيــل‬ ‫الثــورة‪.‬‬ ‫عــا‬ ‫والســؤال‪ :‬ألــن ّ‬ ‫يكــف هــؤالء وأولئــك ّ‬ ‫يفعلــون؟‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الرقة مستقب ً‬ ‫ال‬ ‫( التنمية والتنمية املستدامة يف الرقة )‬

‫د‪ .‬عبد القادر العلي‬

‫مبوقعهــا الجغـرايف‪ ،‬متتــاز الرقــة باحتياطــات طبيعيــة‬ ‫وبرشيــة كبــرة‪ ،‬كانــت ومــا زالــت تؤهلهــا ألن تصبــح‬ ‫محافظــة رائــدة بــن املحافظــات الســورية كافــة‪ .‬يكفيهــا‬ ‫أنهــا تقــع عــى الف ـرات الــذي تحيــط بــه ســهول زراعيــة‬ ‫قابلــة لــكل انــواع الزراعــات التقليديــة وغــر التقليديــة‪.‬‬ ‫مشــاريع الــري التــي أُقيمــت عــى طــريف النهــر كان مــن‬ ‫املمكــن أن توفــر العمــل الزراعــي ألعــداد كبــرة مــن أبنــاء‬ ‫املنطقــة‪ ،‬بــدالً مــن هجرتهــم إىل لبنــان أو إىل املحافظــات‬ ‫األخــرى للعمــل هنــاك حتــى يعيلــوا أنفســهم وعائالتهــم‪.‬‬ ‫غــرت منطــق التفكــر‬ ‫نظريــة التنميــة املســتدامة‪ّ ،‬‬ ‫القديــم‪ ،‬الــذي يقــول بــأن البــاد الغنيــة بخرياتهــا‬ ‫ومواردهــا الطبيعيــة‪ ،‬وحدهــا التــي ميكــن أن تنجــو‬ ‫مــن براثــن العــوز والبطالــة واملديونيــة للبنــوك العامليــة‪،‬‬ ‫لتنضــم إىل ركــب البلــدان الغنيــة‪ .‬هــذه النظريــة كشــفت‬ ‫زيــف الحــكام الذيــن حكمــوا بلدانهــم ع ـرات الســنني‪،‬‬ ‫ينهبــون مــن خرياتهــا دون تقــدم يذكر يف مســتوى معيشــة‬ ‫تلــك الشــعوب‪ ،‬يف حــن تــزداد أرقــام أرصدتهــم يف البنــوك‬ ‫الغربيــة‪ ،‬ومــا فضيحــة وثائــق بنــا‪ ،‬إال دليــل آخــر عــى‬ ‫نهــب هــذه الشــعوب مــن قبــل حكامهــم‪ .‬هــذه النظريــة‬ ‫ال تلغــي أهميــة املــوارد الطبيعيــة‪ ،‬ودورهــا يف اإلرساع‬ ‫بالتنميــة عــى جميــع األصعــدة‪ ،‬بــل تضيــف عنــارص قــوة‬ ‫إضافيــة لتدعيــم اقتصــاد البلــد يف االكتفــاء الــذايت مــن‬ ‫املــواد الخــام‪ ،‬بــدالً مــن اســتريادها مــن الخــارج‪ .‬نظريــة‬ ‫التنميــة املســتدامة‪ ،‬جــاءت نتيجــة املختــر والخــرة‬ ‫العامليــة يف التخطيــط‪ ،‬وتطــور طبيعــي لجميــع النظريــات‬ ‫الســابقة مبــا فيهــا النظريــات االشــراكية التــي ركــزت‬ ‫عــى اإلنتــاج وأدواتــه‪ ،‬وبدرجــة أقــل التنميــة البرشيــة‪،‬‬ ‫ونظريــات أخــرى ذات املضمــون اإلنســاين‪ ،‬التــي أولــت‬ ‫اهتاممــاً أكــر للقــوى البرشيــة‪ ،‬وبدرجــة أقــل اهتمــت‬ ‫باالقتصــاد‪ ،‬لتــأيت نظريــة التنميــة املســتدامة التــي تأخــذ‬

‫يســوق رجــال اإلعــام والعالقــات العامــة يف أمريــكا‬ ‫خصوصـاً‪ ،‬والغــرب عمومـاً للــرأي العــام الــدويل والعــريب‬ ‫أفــكارا ً ليــس لهــا عالقــة باألفعــال التــي تصــدر عنهــم‬ ‫يف الواقــع‪ ،‬فمهمــة هــؤالء املنظــرون تســبق الحــدث‬ ‫وتســر معــه ومــن ثــم تتبعــه‪.‬‬

‫‪ -‬العراق وأفغانستان‬

‫مــن بــن أقوالهــم التــي تــدرس يف كليــات اإلعــام (أن‬ ‫أمريــكا والعــامل الحــر مل يتدخــا يف العـراق وأفغانســتان‬ ‫مــن أجــل احتاللهــا أو االســتيالء عــى ثرواتهــا‪ .‬إن‬ ‫تدخلهــم جــاء بنــاء عــى الصــور املروعــة التــي كانــت‬ ‫تبــث عــر وســائل اإلعــام ألوالئــك املرشديــن والجيــاع‬ ‫والقتــى مــن األطفــال يف كل مــن شــال العــراق‬ ‫وأفغانســتان)‪.‬‬ ‫نعــم إنــه لقــول حــق‪ ،‬ولكــن يـراد بــه باطــل‪ ،‬فقــد متكن‬ ‫العــامل الحــر مــن منــح األمــن لشــال الع ـراق‪ ،‬وأصنــام‬ ‫ومتاثيــل أفغانســتان‪ ،‬ولكنــه رشد وقتــل مئــات اآلالف‬ ‫مــن األبريــاء‪ ،‬وخلّــف اآلالف مــن األيتــام واألرامــل‬ ‫إضافــة إىل املعاقــن واملــرىض‪ .‬نعــم يف الشــكل مل يحتلــوا‬ ‫تلــك البــاد العريقــة‪ ،‬ومل يســيطروا عــى ســبائك‬ ‫الذهــب‪ ،‬ولكنهــم جعلــوا كل أنهارهــا تصــب يف بحــر‬ ‫أمريــكا‪ ،‬ومــن خلفهــا مــا يســمى العــامل الحــر‪ .‬مل تعــد‬ ‫األقليــات بالعــراق تخــى الظلــم‪ ،‬ومل تعــد التامثيــل‬ ‫يف أفغانســتان تخــى الســجن‪ ،‬ولكــن باملقابــل فقــد‬ ‫ضاقــت األرض مبــا وســعت باألكرثيــة يف تلــك البلــدان‪،‬‬ ‫وأصبــح الطالــب مطلوبـاً‪ ،‬فقــد تغــذى النــاس هنــاك من‬ ‫ثقافــة القتــل واالنتقــام‪ .‬نعــم إن االحتــال غـ ّـر واقع ـاً‪،‬‬ ‫والــروة يف أرضهــا باقيــة‪ ،‬ولكــن باملقابــل ازدهــرت تلــك‬ ‫الــركات الكــرى بعــد أن كادت أن تقــع باإلفــاس‪ ،‬فقــد‬ ‫نفــدت مســتودعات األســلحة‪ ،‬ودمــرت غالبيــة البنــى‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫ليس باراباس الذي يصلب‪..‬‬ ‫بل السوريون‬ ‫معبد الحسون‬

‫بعــن االعتبــار منــو أف ـراد املجتمــع مــن الــوالدة إىل ســن‬ ‫التقاعــد مــن الجنســن‪ ،‬واحتياجاتهــم املســتقبلية مــن‬ ‫جميــع النواحــي‪ ،‬وخاصــة التعليميــة والصحيــة‪ ،‬وتوفــر‬ ‫مــكان العمــل فــور اســتعداد هــؤالء للعمــل بعــد التخــرج‬ ‫مــن املعاهــد والجامعــات‪ ،‬إضافــة لتهيئــة البنــى التحتيــة‬ ‫والصناعيــة الســتيعاب الجيــل القــادم‪ .‬ســادت نظريــة‬ ‫التخطيــط الكالســييك‪ ،‬التــي اســتمرت لعقــود مــن‬ ‫الزمــن‪ ،‬ولكنهــا اســتنفذت إمكاناتهــا يف التطويــر البطــيء‬ ‫للمجتمــع‪ ،‬ومل توجــد ضامنــات لنجــاح الخطــط الخمســية‪،‬‬ ‫كــا أُطلــق عليهــا عــادة يف وزارة التخطيــط‪ ،‬ألنهــا ال‬ ‫تصلــح أبــدا ً مــن حيــث املبــدأ للــدول الناميــة‪ ،‬وهــي‬ ‫أحــوج مــا تكــون إىل النمــو املســتدام‪ ،‬بــدالً مــن الخطــط‬ ‫الخمســية التــي يعرفهــا مجتمعنــا جيــدا ً‪ ،‬ومــا حققتهــا من‬ ‫ٍ‬ ‫مــآس بالنتيجــة‪ ،‬الخطــط التــي مل تحــل إشــكالية النمــو‬ ‫االقتصــادي‪ ،‬وال ومشــكلة البطالــة املتزايــدة باســتمرار‪،‬‬ ‫التــي رافقهــا نقــص االحتياجــات األساســية للمواطــن مــن‬ ‫طبابــة وتعليــم وغريهــا مــن الحاجــات االساســية‪.‬‬ ‫خــال مــدة حكــم األســد األب واالبــن التــي اســتمرت‬ ‫‪ ٤٥‬ســنة‪ ،‬مل تســفر الخطــط الخمســية يف الرقــة إال عــن‬ ‫معملــن‪ ،‬هــا معمــل الســكر ومعمــل القرميــد‪ ،‬مــع أن‬ ‫معمــل الســكر كان مفروض ـاً عــى النظــام بحكــم زراعــة‬ ‫الشــوندر الســكري بكميــات مــن األفضــل تصنيعهــا يف‬ ‫الرقــة‪ ،‬بــدالً مــن نقلهــا إىل املحافظــات األخــرى‪ ،‬كــا‬

‫يفعــل النظــام مبحصــول القطــن‪ ،‬الــذي يشــحنه إىل حلــب‪،‬‬ ‫حيــث تتــم جميــع عمليــات التحويــل الصناعــي بــكل‬ ‫مراحلــه‪ ،‬فيــا بعــد تــم إنشــاء محلج ـاً للقطــن يف الرقــة‪،‬‬ ‫وباملقارنــة مــع البلــدان التــي اعتمــدت التنميــة املســتدامة‬ ‫خــال نصــف قــرن تقريب ـاً‪ ،‬اســتطاعت تلــك البلــدان أن‬ ‫تقفــز مبعــدالت النمــو إىل معــدالت عاليــة مل تصــل إليهــا‬ ‫حتــى البلــدان الصناعيــة األوروبيــة‪ ،‬مثــل ماليزيــا وكوريــا‬ ‫الجنوبيــة وتركيــا وبقيــة البلــدان التــي حققــت نجاحــات‬ ‫بالتنميــة املســتدامة‪.‬‬ ‫وبالعــودة إىل وضــع محافظــة الرقــة بقيــت كــا هــي منــذ‬ ‫أن جــاء األســد إىل الســلطة بالنســبة للتطويــر الصناعــي‪،‬‬ ‫نصــف قــرن‪ ،‬ومل تحــدث نقلــة نوعيــة يف حيــاة املواطــن يف‬ ‫الرقــة‪ ،‬مــع العلــم أن أكــر إنتــاج معمــل الســكر يُشــحن‬ ‫إىل املحافظــات الثانيــة‪ ،‬وأهــل الرقــة يعرفــون لــون الســكر‬ ‫املائــل اىل الحمــرة‪ ،‬وذاك نتيجــة أن بعــض غليــات الســكر‪،‬‬ ‫كــا يســميها العاملــون هنــاك ال تُصفــى بشــكل جيــد‪،‬‬ ‫لكــن الغريــب يف األمــر‪ ،‬حتــى لــو كان ســكر الرقــة مــن‬ ‫النــوع النقــي‪ ،‬ألننــي عملــت يف املعمــل لســنتني‪ ،‬إال أن‬ ‫الســكر األحمــر يبــاع كل صيــف يف الرقــة ليرشبــه الشــوايا‬ ‫كــا نســمع هــذا التعبــر عــادة‪ .‬مل تكــن محافظــة الرقــة‬ ‫ُمدرجــة عــى خطــط التطويــر‪ ،‬كــا هــي عــى خطــط‬ ‫النهــب املســتمر عــى مــدى عقــود‪ .‬لقــد دفــع أبنــاء الرقــة‬ ‫الثمــن غالي ـاً بإفقارهــم مــن جميــع النواحــي‪.‬‬

‫السالح األكثر خطورة‬ ‫علي الحسين‬

‫‪7‬‬

‫التحتيــة‪ ،‬ومل يبــق حجــر عــى حجــر‪ ،‬مــا يتطلــب زيادة‬ ‫الطلــب عــى إعــادة التســليح‪ ،‬وإعــادة البنــاء‪ ،‬وأفرغــت‬ ‫الجامعــات والــوزارات مــن علامئهــا مــا يتطلــب إعــادة‬ ‫التأهيــل والتدريــب‪ .‬نعــم خرجــت القــوات العســكرية‬ ‫التــي تدخلــت بنــا ًء عــى تلــك الصــور املروعــة يف شــال‬ ‫العـراق وأفغانســتان بعــد أن أنهــى العــامل الحــر مهمتــه‬ ‫اإلنســانية مــن الشــباك‪ ،‬ولكنهــا عــادت لتدخــل مــن‬ ‫أوســع األبــواب‪ ،‬بنــا ًء عــى طلــب مغتصبــي ومتســلقي‬ ‫الســلطة ملنــح العبيــد الحريــة التــي ســتمكنهم مــن‬ ‫اســتعباد اآلخريــن‪.‬‬

‫‪ -‬النظام وداعش‬

‫لقــد قامــت أمريــكا والعــامل الحــر بغــض النظــر‬ ‫عــن تعديــل الدســتور الســوري بطريقــة غــر قانونيــة‬ ‫ليمكنــوا بشــار األســد مــن الوصــول إىل ســدة الحكــم‬ ‫بطريقــة غــر رشعيــة‪ ،‬وأرســلوا املمثلــن والــوزراء‬ ‫ليباركــوا لــه بالرئاســة‪ ،‬وفتــح الغــرب أبوابــه ليتمكــن‬ ‫مــن تســويق خطبــه ومحارضاتــه التــي توحــي باالنفتــاح‬ ‫والتعدديــة واإلصــاح الســيايس واإلداري‪ ،‬ويصــوروه‬ ‫بالرحيــم الــذي ســينيس الســوريني مــا نالهــم مــن الظلــم‬ ‫يف عهــد والــده‪ ،‬والفــاروق الــذي ســيصلح الفســاد الــذي‬ ‫اســترشى يف املــدن واملحافظــات الســورية‪ ،‬ويقــي‬ ‫عــى الفقــر والبطالــة ولكــن لألســف مل يتغــر يف ســوريا‬ ‫يشء يذكــر‪ ،‬وأصبــح يف قناعــة كل الســوريني أن حافــظ‬ ‫االســد يحكــم ســوريا‪ ،‬ويوجــه الســلطة مــن داخــل قــره‪.‬‬ ‫مــن ثــم يعلنــوا للعــامل كلــه أن ال رشعيــة لرئيــس يقتــل‬ ‫شــعبه‪ ،‬فتخــرج وزيــرة خارجيــة أكــر دولــة يف العــامل‬ ‫لتقــول عــى املــأ بــأن األســد فقــد الرشعيــة‪ ،‬ويجــب‬ ‫عليــه الرحيــل‪ ،‬وهــي كــا أســلفنا نفــس الدولــة‪ ،‬ونفــس‬ ‫الــوزارة التــي حــرت مراســم التعزيــة ورشعنــت‬ ‫وباركــت الرئيــس الجديــد‪ .‬لقــد أقنعــوا العــامل بــأن‬

‫األســد فقــد الرشعيــة‪ ،‬وشــجعوا املســتضعفني بــاألرض‬ ‫عــى طلــب حقوقهــم وكرامتهــم املســلوبة‪ ،‬وباملقابــل‬ ‫مكنــوا األســد مــن تحويــل الثــورة إىل رصاع مســلح‪،‬‬ ‫وحــرب أهليــة‪ ،‬وفتنــة طائفيــة ال ميكــن الخــروج منهــا‬ ‫إال عــر القــوى الخارجيــة‪ .‬لقــد ســمحوا لــكل الالعبــن‬ ‫بالدخــول إىل األرايض الســورية‪ ،‬واللعــب فيهــا عــى كل‬ ‫األوتــار‪ .‬باركــوا متــدد تنظيــم الدولــة اإلســامية ليصبــح‬ ‫الخطــر األكــر عــى الســيادة الوطنيــة والســلم األهــي‪،‬‬ ‫ومغتصــب حقــوق األقليــات ومغــذي اإلرهــاب العاملــي‪،‬‬ ‫مــا مكنهــم مــن تشــكيل تحالــف دويل بقيــادة أمريــكا‪،‬‬ ‫ومــن خلفهــا العــامل الحــر ليكونــوا الالعــب األكــر يف‬ ‫ســوريا‪ ،‬ومخلــص األقليــات التــي مــن ضمنهــا النظــام‬ ‫الحاكــم يف ســوريا مــن اإلرهــاب الداعــي‪ .‬لقــد تنــاىس‬ ‫العــامل الحــر الرئيــس الــذي يقتــل شــعبه‪ ،‬ومل يشــاهد‬ ‫الصــور املروعــة للمرشديــن والجيــاع والقتــى األبريــاء‪،‬‬ ‫وأشــغل العــامل باإلرهــاب واإلرهابيــن (الدواعــش)‪.‬‬

‫كان مــن التقليــد املألــوف لــدى الرومــان أن يطلقــوا يف‬ ‫العيــد أحــد املحكومــن باإلعــدام الذيــن يختارهــم الشــعب‪..‬‬ ‫ورغــم كل الضغــوط التــي مارســها اليهــود عــى الحاكــم‬ ‫الرومــاين بيالطــس يف ســبيل اعتقــال يســوع والخــاص منــه‬ ‫تحــت ذرائــع شــتى وحجــج مختلفــة‪ ،‬والتحريــض الــذي‬ ‫مارســوه للتخلــص مــن يســوع الــذي ثــار عليهــم وخالفهــم‬ ‫تقريبـاً يف كل يشء‪ ..‬ورغــم أن بيالطــس رضــخ أخـرا ً لرغبتهــم‬ ‫يف الحكــم عــى يســوع باإلعــدام إال أنــه يف ق ـرارة نفســه مل‬ ‫يجــده مذنب ـاً يف يشء‪ ،‬وال مته ـاً بأيــة تهمــة واضحــة‪ ،‬وظــل‬ ‫يداعبــه أمــل أن يــأزف العيــد فيطلــق رساحــه كــا جــرت‬ ‫العــادة يف كل مــرة‪..‬‬ ‫ســمعنا اســمه كثـرا ً ورأينــاه يف األفــام التــي تحــي عــن حيــاة‬ ‫يســوع‪ ،‬فعندمــا يــأيت مشــهد الصلــب يف هــذه األفــام‪ ،‬ن ـراه‬ ‫مــع يســوع‪ .‬اســمه بارابــاس الــذي كان مجرم ـاً مســؤوالً عــن‬ ‫العصيــان والقتــل والرسقــة‪ ،‬فقــد كان قات ـاً‪ ..‬هكــذا وصفــه‬ ‫بطــرس يف أعــال الرســل ‪ ،14 :3‬حيــث قــال‪( :‬وكان املــوت‬ ‫هــو ج ـزاء أفعالــه)‪.‬‬ ‫اســم بارابــاس مكــون مــن جزئــن هــا «بــار» الــذي يعنــي‬ ‫ابــن و»ابــاس» والــذي يعنــي أب‪ ،‬فقــد كان «ابــن أب» أي‬ ‫ابــن شــخص مــا‪ ..‬أي ابــن أبيــه كــا تقــول العــرب البــن الزنــا‬ ‫املجهــول النســب‪ ..‬وهــا هــو إذا ً مــع يســوع أمــام بيالطــس‪.‬‬ ‫أمــا مــن ناحيــة أخــرى فقــد كان يســوع املســيح ابــن اللــه‪،‬‬ ‫الــذي مل يرتكــب خطيئــة‪ ،‬وكان يجــول يصنــع الخــر ويشــفي‬ ‫النــاس‪ ،‬وعــى الرغــم مــن ذلــك‪ ،‬وقــف منتظـرا ً املــوت‪ .‬ومــن‬ ‫ناحيــة أخــرى كان هنــاك قاتـاً‪ ،‬مجرمـاً ُح ِكــم عليــه باإلعــدام‪،‬‬ ‫وســيذهب أحدهــا إىل الصليــب‪ ،‬وكان لبارابــاس كل األســباب‬ ‫ليكــون هنــاك‪ ،‬فالصليــب هــو نهايتــه الطبيعيــة‪.‬‬ ‫ولكــن تصــادف حضــور عيــد الفصــح‪ ،‬ومل يكــن يف ســجن‬ ‫الحاكــم الرومــاين ســوى ســجينني محكومــن باإلعدام‪ :‬يســوع‪..‬‬ ‫واللــص القاتــل وقاطــع الطريــق بارابــاس‪ ،‬فنــزل بيالطــس عنــد‬ ‫أي الرجلــن املنتظريــن اإلعــدام عــى‬ ‫رغبــة الجمهــور وخريهــم َّ‬ ‫الصليــب يطلــق رساحــه ابتهاجــاً بالعيــد‪ ،‬فهتفــوا جميعــاً‪،‬‬ ‫وبرغبــة واحــدة وصــوت واحــد‪« :‬هــو» مــن نريــد إعدامــه‪..‬‬ ‫وليــس بارابــاس‪.‬‬ ‫اليــوم تتكــرر ميلــو درامــا الحقــد‪ ،‬ويعيــد لنــا التاريــخ طبعتــه‬ ‫الباراباســية التــي تختــر الخســة والفظاعــة مجــددا ً‪ ،‬ولكــن‬ ‫املصلــوب هــذه املــرة هــو ســوريا وشــعبها‪ ،‬وبارابــاس القاتــل‬ ‫هــو حاكمهــا األســد االبــن‪ ،‬القاتــل املشــهور عاملي ـاً أكــر مــن‬ ‫بارابــاس‪ ،‬والــذي أعلــن العــامل يف الشــكل واملضمــون تربئتــه‬ ‫وإطــاق رساحــه‪..‬‬ ‫القتلــة واملجرمــون بحــق الســوريني ال أعــداد لهــم وال حــر‪..‬‬ ‫والدينونــة ال هويــة لهــا وال تعريــف‪ ،‬والجرميــة كاملــة األركان‬ ‫والثبــوت‪ ،‬إذن ال جديــد تحــت الشــمس‪ ،‬فــإن طبيعــة األشــياء‬ ‫كــا تقتضيهــا األحــداث يف ســوريا‪ ،‬وعــى الشــعب الســوري‪،‬‬ ‫هــي أن تــدور مــع الفلــك الــدوار‪ ،‬ومــن ناتــج الــدوران‬ ‫وقانونــه العــام أن يرتــ َّد الكــون مــن القمــة إىل حضيــض‬ ‫الحضيــض‪ ،‬ومــن الوجــود الحــي إىل العــدم األكمــه‪ ،‬ومــن‬ ‫اســتواء اإلنســان يف أكمــل تكوينــه‪ ،‬ويف أحســن تقويــم إىل‬ ‫أســفل ســافلني‪ ،‬وإىل طــور الحيوانيــة املنويــة التــي تقاربــه‬ ‫بالجراثيــم والديــدان والكائنــات املجهريــة الدقيقــة‪.‬‬ ‫الغضــب وحــده ال يكفــي لوصــف العــامل اليــوم‪ ،‬والرثــاء بــات‬ ‫تكلف ـاً لفظي ـاً وتجم ـاً‪ ،‬وصلــب يســوع مــن جديــد وإطــاق‬ ‫بارابــاس مــن عقالــه يصبــح مــن عاديِّــات األمــور‪ ،‬وأهــون مــا‬ ‫تســتقل بــه برشيــة اليــوم التــي اعتــادت عــى لعنــة اللــه‪،‬‬ ‫وصنعــت منهــا شمســها املضيئــة الهاديــة حيــث ال هــدى‪..‬‬ ‫وحيــث الشــيطان يقــول لنــا بصفاقــة وخســة‪( :‬مــا كان يل‬ ‫عليكــم مــن ســلطانٍ إال أن دعوتكــم فاســتجبتم يل)‪ ،‬ونحــن‬ ‫نهــز رؤوســنا هــزة املقتنــع مبــا يقــول‪ ،‬واملــرر ملــا يقــول‪،‬‬ ‫والعــاذر لــه عنــد كل اعتــذار‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫من داخل السرب‬ ‫نف��اق املعاي�ير ودمويته��ا‪.‬‬ ‫الضحي��ة الس��ورية م��ن؟‬ ‫غسان المفلح‬ ‫املعيــار بتعريــف مبســط جــدا ً‪ ،‬هــو عبــارة عـ ّـا ي ـراه املــرء‬ ‫كنمــوذج صحيحـاً‪ ،‬ســواء كان هــذا النمــوذج متحققـاً تاريخياً‬ ‫أم أنــه متخيــل عنــد صاحبــه‪ .‬بنــاء عــى هــذا النمــوذج يقــوم‬ ‫بالحكــم عــى الظواهــر التاريخيــة‪ .‬كمثــال اآلن متــداول كثـرا ً‬ ‫هــذه األيــام‪ ،‬أن تحكــم عــى شــخص أنــه إرهــايب جهــادي‪.‬‬ ‫النمــوذج الشــكيل اللبــاس األفغــاين التقليــدي مــع مــا هــو‬ ‫متخيــل مــن أنــه لبــاس الرســول والصحابــة‪ .‬والذقــن الشــعثاء‬ ‫الطويلــة بــا ترتيــب‪ .‬ايديولوجيـاً هــو الــذي يدعــي أنــه يريــد‬ ‫فــرض الخالفــة اإلســامية‪ ،‬بقــوة الســاح والعنــف ضــد كل مــا‬ ‫هــو خــارج منوذجــه االيديولوجــي نفســه‪ .‬هــذا النمــوذج مــن‬ ‫إبــداع الــي اي ايــه يف أفغانســتان بــن عامــي ‪ 1984‬وعــام‬ ‫‪ .1990‬مبســاعدة عــى كافــة املســتويات مــن أنظمــة عربيــة‬ ‫وغــر عربيــة كالباكســتان وإي ـران‪ .‬حيــث كــا هــو معــروف‬ ‫بــات لــكل هــذه الجهــات الداعمــة للنشــأة واالســتمرار يف‬ ‫قتــال الســوفييت آنــذاك‪ ،‬الذين يحتلون أفغانســتان‪ ،‬اســتثامر‬ ‫يف هــذا النمــوذج الــذي ُعــرف باســم تنظيــم القاعــدة‪ .‬كل‬ ‫اســتخبارات هــذه الــدول لهــا مجاهدوهــا داخــل هــذا‬ ‫املكــون الجديــد واملعــارص يف حضــارة املنتــر‪ ،‬يف عــامل انهــزم‬ ‫فيــه الســوفييت وانتــرت أمريــكا‪ .‬ال أحــد يف هــذا العــامل‬ ‫ال يعــرف أن النمــوذج القاعــدي‪ ،‬والــذي فــرخ داعشــياً بعــد‬ ‫الثــورة الســورية بســنتني ‪ ،2013‬هــو مؤســس أمريكيـاً ومنتــج‬ ‫معــارص‪ .‬هــو أحــد أدوات االنتصــار عــى الســوفييتي‪ .‬القاعدة‬ ‫هــي التــي هزمــت فيهــا أمريــكا الســوفييت يف أفغانســتان‪،‬‬ ‫وانهــار الســوفييت أثنــاء تلــك املعركــة مــع أســباب أخــرى‪.‬‬ ‫هــذه واقعــة يجــري دوم ـاً التغطيــة عليهــا مــن قبــل العــامل‬ ‫اآلن‪ .‬القاعــدة فعلــت مــا فعلتــه مــن جرميــة يف أحــداث‬ ‫‪11‬ســيبتمرب‪ .‬بتــورط إيــراين‪ ،‬كــا اعــرف القضــاء األمريــي‬ ‫نفســه‪ .‬وغ ـ ّرم إي ـران أن تدفــع ‪2‬مليــار دوالر ألرس الضحايــا‪.‬‬ ‫هــذه النقطــة تــم االتفــاق عليهــا نوويــاً أيضــاً‪ .‬مــا أردت‬ ‫قولــه مــن هــذه املقدمــة‪ ،‬أن أمريــكا خلقــت املعيــار الــذي‬ ‫ســتحكم فيــه إدارة أوبامــا عــى مليــار مســلم ســني‪ ،‬وأكــر يف‬ ‫العــامل‪ .‬عــى األقــل أيديولوجيـاً وسياســياً‪ .‬ســتنمطهم يف صورة‬ ‫االخ ـراع االمريــي للقاعــدة يف أفغانســتان ‪ .1984‬كل مســلم‬ ‫ســني أصبــح عــى صــورة أســامة بــن الدن‪ .‬بلباســه وذقنــه‬ ‫وايديولوجيتــه‪ .‬ال مجــال لزحزحــة هــذه الصــورة النمطيــة‬ ‫األوباميــة‪ .‬األطــرف يف املوضــوع أن أمريــكا منــذ ذلــك التاريخ‬ ‫شــغلتنا وشــغلت قســم مــن العــامل املعــريف وااليديولوجــي‪ ،‬يف‬ ‫بحــث عــن األصــول القاعديــة يف اإلســام والثقافــة اإلســامية‪،‬‬ ‫والعقــل اإلســامي‪ .‬عاشــت منــذ ذلــك التاريــخ التأســييس‪،‬‬ ‫وحتــى اآلن تعيــش أيضـاً مئــات مراكــز البحــوث والدراســات‪،‬‬ ‫متفرغــة إلنجــاز بحــث يؤســس يف الــراث اإلســامي لهــذا‬ ‫النمــط األبــدي‪ .‬اخرتعــت النمــط ودعمتــه وأسســت لــه‬ ‫قاعــدة لوجســتية غنيــة ماديــاً واســتخباراتياً‪ .‬حيــث كثــرة‬ ‫الــدول االســتبدادية وغــر االســتبدادية التــي توظــف اســتثامرا ً‬ ‫فيــه‪ .‬وتركــت مراكــز البحــوث هــذه تعمــل‪ .‬مل يعــد يــرى يف‬ ‫اإلســام ســوى صــورة أســامة بــن الدن والبغــدادي والجــوالين‬ ‫واملحيســني‪ .‬علـاً ال بــد لنــا مــن تأكيــد أن دول الغــرب هــي‬ ‫دول قانــون‪ ،‬وتحاكــم الفــرد فقــط ال تحاكــم شــعوب‪.‬‬ ‫يف ظــل هــذا النمــط ال ميكــن الحديــث عــن ضحايــاه حتــى‪،‬‬ ‫إال إذا كانــوا غربيــن‪ .‬حيــث ال نســمع عــن ضحايــا النمــوذج‬ ‫الداعــي يف ســورية الــذي ‪ 99%‬مــن ضحايــاه هــم مســلمني‬ ‫ســنة ســوريني‪ .‬متامــاً كإلغــاء الحديــث أوباميــا مثــاً عــن‬ ‫ضحايــا األســدية‪ .‬هنــا املعيــار الــذي يســتخدمه مــن هــم‬ ‫ضــد الثــورة‪ ،‬هــذا قاعــدي أو إرهــايب‪ ،‬فكــر جهــادي‪ .‬الــي‬ ‫اي ايــه تخــرج فك ـرا ً جهادي ـاً!! املعيــار املســتهدم يف الحكــم‬ ‫عــى البيئــة الحاضنــة للثــورة هــو معيــار هــذا النمــط مــن‬ ‫االخــراع‪ .‬ملــاذا ببســاطة لتربيــر مــا قــام بــه النظــام مــن‬ ‫جرائــم وقتــل وتدمــر ملــدن وقــرى ســورية‪ .‬أنــه تحــول‬ ‫إىل معيــار عــام يســتخدمه «مثقفــون» وبعــض مــن هــم‬ ‫محســوبون عــى املعارضــة‪ .‬وصلــت للقــول أيضــا إنهــا‬ ‫اتهمــت أنهــا ســنية طائفيــة لــي تنمــط الحقـاً إنهــا إرهابيــة‬ ‫جهاديــة‪ .‬هــذه القضيــة تحتــاج ملزيــد مــن التفصيــل والتفنيد‬ ‫والتوثيــق أيض ـاً‪ ،‬هــذا مــا ســنتناوله يف زاويــة قادمــة‪.‬‬

‫الخونـة‬ ‫‪1‬‬ ‫الخيانــة‪ ،‬كلمــة وقعهــا عــى األســاع‬ ‫غــر مريــح للنفــس‪ ،‬وتثــر الغثيــان‪،‬‬ ‫بــل ويُنظــر إىل مرتكبهــا نظــرة ازدراء ال‬ ‫حــدود لهــا‪ ،‬وهــي قبــل أن تكــون فع ـاً‬ ‫رصف ـاً‪ ،‬هــي ُخلُــق متأصــل يف نفــس‬ ‫أو ت ّ‬ ‫مرتكبهــا‪ ،‬قــد تكــون مختبئــة إىل أن‬ ‫يظهرهــا ظــرف للوجــود متمثّلــة بفعــل‬ ‫عــى أرض الواقــع‪ ،‬والخيانــة مرتبطــة‬ ‫بالغــدر‪ ،‬وكالهــا عملــة ذات وجــه‬ ‫واحــد‪ ،‬وتبــدأ مــن دائــرة العمــل الفــردي‬ ‫لتتوســع وتشــمل دوائــر أوســع‪ ،‬وأشـ ّدها‬ ‫ّ‬ ‫خطــرا ً إذا شــملت وطنــاً‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫وميتلــئ التاريــخ بالقامــات الســامقة التي‬ ‫رشفــة التــي تفتخــر‬ ‫تركــت بصامتهــا امل ّ‬ ‫بهــا األجيــال عــى مــر العصــور‪ ،‬وتظــل‬ ‫مــرب مثــل لإلخــاص والوفــاء بشــكل‬ ‫عمــي رابطــن األقــوال باألفعــال حتــى‬ ‫لــو دفعــوا حياتهــم مثن ـاً ملواقفهــم‪ ،‬ومــا‬ ‫البطــل املثــال يوســف العظمــة‪ ،‬وال أســد‬ ‫الصح ـراء عمــر املختــار‪ ،‬وال غريهــم عــى‬ ‫امتــداد وطننــا العــريب الكبــر ّإل غيضــاً‬

‫مــن فيــض البطــوالت‪ ،‬وعــى الطــرف‬ ‫النقيــض اآلخــر منــاذج مــن أبنــاء األوطــان‬ ‫لخونــة باعــوا ضامئرهــم‪ ،‬وتآمــروا عــى‬ ‫أوطانهــم دون وازع مــن ضمــر أو خلــق‬ ‫أو ديــن‪ ،‬لقــاء مكافــأة‪ ،‬بــل مبعنــى أدق‬ ‫مثنــاً لخيانتهــم؛ قــد تكــون مــاالً قــذرا ً‬ ‫حتــى لــو كان ظاهريّــاً ذهبــاً المعــاً‬ ‫رسي‪ ،‬أو ملنصــب‬ ‫أو رصيــدا ً يف بنــك ّ‬ ‫يكــون قامئ ـاً عــى أشــاء وجامجــم أبنــاء‬ ‫جلدتهــم‪ ،‬أو ألجنــدات أخــرى‪.‬‬ ‫واألدهــى مــن هــذا ادعاءاتهــم بالوطنيــة‬ ‫والــرف الــذي ال ميــت لهــم بصلــة‪،‬‬ ‫واألنــى مــن هــذا وذاك‪ ،‬الطغمــة‬ ‫والبطانــة الفاســدة املنتفعــة التــي تعــي‬ ‫مــن وضاعتهــم وتل ّمــع صورتهــم البشــعة‬ ‫حتــى لــو ابتســموا مخفــن أســنانهم‬ ‫التــي أشــبه مــا تكــون بأســنان التامســيح‪،‬‬ ‫ومادحــن أياديهــم البيضــاء امللوثــة أصـاً‬ ‫بدمــاء ضحاياهــم األبريــاء‪.‬‬ ‫ســأعرض منــاذج لخونــة تخلّــوا عــن‬ ‫أهليهــم وأوطانهــم يف الوقــت الــذي‬ ‫يحتاجــه الوطــن‪ .‬والســؤال امل ـ ّر‪ ،‬والــذي‬ ‫أشــبه مــا يكــون بتجــ ّرع الســم‪ :‬مــن‬

‫أجــل مــاذا؟‬ ‫أ ّمــا الجــواب‪ :‬لقــاء عــرض دينء كدنــاءة‬ ‫أنفســهم‪.‬‬ ‫ســأبدأ بتسلســل تاريخــي مــن األقــدم‬ ‫لألحــدث‪:‬‬ ‫ـ أبــو رغــال‪ :‬واحــد مــن عــرب الجاهليــة‪،‬‬ ‫وهــو الوحيــد الــذي قبــل أن يتعــاون مــع‬ ‫قــوى الغــزو األجنبيــة‪ ،‬يف عــام ‪750‬م‪ ،‬يف‬ ‫العــام الــذي ُولــد فيــه الرســول صـ ّـى اللــه‬ ‫عليــه وس ـلّم‪ ،‬وكان دلي ـاً لجيــش أبرهــة‬ ‫الحبــي القــادم لهــدم الكعبــة؛ البيــت‬ ‫الحــرام‪ ،‬وليــرف العــرب عــن أقــدس‬ ‫مق ّدســاتهم‪ ،‬لك ّنــه والخونــة‪ ،‬نســوا أن‬ ‫للبيــت ربّ ـاً يحميــه‪ ،‬وحــل بــه مــا حـ ّـل‬ ‫بالجيــش مــن رمــي بحجــارة مــن سـ ّجيل‬ ‫ترميهــا طيــور أبابيــل‪ .‬وبقــي مــكان قــره‬ ‫رمـزا ً لــكل شــيطان مريــد‪ ،‬كلّــا مـ ّر عليــه‬ ‫العــرب رمــوه بالحجــارة‪.‬‬ ‫ـ بروتــوس‪ :‬الصديــق والنصــر واالبــن‬ ‫الــذي مل ينجبــه إمرباطــور رومــا «يوليــوس‬ ‫قيــر»‪ ،‬كان مــن أوائــل زمــرة املتآمريــن‬ ‫عليــه‪ ،‬ومــن قتَل ِتــه‪ ،‬عــام ‪ 44‬ق‪.‬م‪ .‬ذهــب‬ ‫القيــر وبقيــت مقولتــه الشــهرية عــى‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫ألســنة النــاس يف كل زمــان ومــكان‪:‬‬ ‫«حتّــى أنــت يــا بروتــوس؟»‪ ،‬بينــا‬ ‫ظــل القاتــل رم ـزا ً عــر التاريــخ للخيانــة‬ ‫والغــدر‪.‬‬ ‫وبالتأكيــد للقامئــة تت ّمــة‪ ،‬ولــن تنتهــي‬ ‫مــا دامــت هنــاك أنفــس مجبولــة عــى‬ ‫خيانــة حتــى الحليــب الــذي رضعــوه‪.‬‬

‫السلم الغربي منهج واقعي ال أخالقي‪!..‬‬ ‫ستة ومخسون مليون ضحية وحوالي عشرة‬ ‫مليون من املفقودين عدا املُعاقني واملعطوبني من‬ ‫يأت ذكرهم خالل حرب‬ ‫الشعوب املنس ّية مل ِ‬ ‫كون ّية استمرت ستة سنوات بائسة‪.‬‬ ‫إ ّن الحــرب العامليّـ َة الثانيّـ َة كانــت درسـاً للشــعوب‬ ‫ررة شــهدها الجميــع يف وقــت واحــد‪ ،‬ومــن كل‬ ‫املتــ ّ‬ ‫األعــار والفئــات‪ ،‬ودفــع مثنهــا الجميــع‪ ،‬وانتهــت بــإراد ٍة‬ ‫عامل ّيـ ٍة فرضــت حالـ ًة الســلم املــدين عــى الشــكل الــذي‬ ‫نــراه‪ ..‬مبعنــى أ ّن الشــعوب الغرب ّيــ َة مل تنتهــج الســلم‬ ‫منهجــاً أخالقيــاً‪ ،‬بــل انتهجتــه نتيجــ ًة لواقــع مريــ ٍر‬ ‫تخــى العــود َة إليــه‪.‬‬ ‫هــذا العــامل الغــريب ‪ -‬الحــ ّر والــذي متــ ّرغ يف مســتنقع‬ ‫املذابــح املذهبيــة والقوميّــة والحــروب البينيــة للســيطرة‬ ‫والتحكــم وفــرض السياســات االســتعامرية عــر قــرون‬ ‫طويلــة‪ ،‬وختامهــا الحــرب الطاحنــة األخــرة‪ ،‬حولتهــم‬ ‫تراكمي ـاً لرباغامتيــن ينضحــون خبث ـاً ويغرقوننــا بدمــوع‬ ‫التامســيح‪ ،‬وحــوش ناعمــة امللمــس‪ ،‬ووســيمة املالمــح‬ ‫تتبــاىك عــى طفــل ســوري بــريء غــارقٍ عــى شــواطئ‬ ‫اليونــان‪ ،‬هــرب أهلــه مــن جحيــم الحــرب والدمــار‬ ‫والخــراب فقــط لنيــل الحريــة والكرامــة والســيادة‬ ‫الوطنيــة؟!‬ ‫لكــن هــذه القــوى املافيويــة الكــرى ال يشء مينعهــا‬ ‫أبــدا ً مــن افتعــال الحــروب وتصنيعهــا ونرثهــا حســب‬ ‫مصالحهــم للســيطرة عــى الطاقــة والــروات‪ ،‬والتحكــم‬ ‫بغــض النظــر عــن املذابــح والدمــار‬ ‫مبصائــر البرشيــة ّ‬ ‫الــذي ينشــأ يف البــاد ‪ -‬الضح ّيــة ‪ -‬البعيدة عــن حياضهم‪،‬‬ ‫وكل هــذا ألن رشكات الســاح واملعــدات واألدويــة‬ ‫والنفــط والغــاز واملافيــات الحاكمــة اكتشــفت حجــم‬ ‫االســتثامرات املرعبــة يف ميــدان الحــروب واألزمــات‪،‬‬ ‫واســتهالكها عــر حــروب متنقلــة ملتابعــة اســتثامر‬ ‫التطــور الحــريب خــال الحــرب‪ ،‬وكذلــك للحفــاظ عــى‬ ‫مصالــح الطُ َغــم الحاكمــة القتصــاد العــامل مــن الــركات‬ ‫القــذرة متعــددة الجنســيات‪،‬‬ ‫أ ّمــا مصطلــح اإلرهــاب فهــو ترديــ ٌد ملــا أطلقــ ُه أصــاً‬ ‫وأوالً اإلعــام الغــريب بامتيــاز‪ ،‬فهــم مــن ألصقــوا هــذا‬ ‫األمــر باملســلمني كبديــل عــن الشــيوعية بعــد تجميــد‬ ‫الحــرب البــاردة‪ ،‬وتحولهــا لصقيــع دويل مؤقــت‪ ،‬عل ـاً‬ ‫أن فكــر َة اإلرهــاب ذو الصبغــة اإلســامية أصــاً هــو‬ ‫صناعـ ٌة اســتثامريّ ٌة غرب ّيـ ٌة بــدأت بأفغانســتان عــى ُركام‬ ‫اإلمرباطوريــة الســوفيتية البائســة‪ ،‬وهــي تثــر ألــف‬ ‫إشــارة اســتغراب‪:‬‬ ‫ملــاذا هــذه الكفــاءة النــادرة والرباعــة والتفـ ّرد بتصنيــع‬

‫خاليــا اإلرهابيــن الج ّوالــن حــول العــامل‪ ،‬وباألماكــن‬ ‫التــي تــرك ردود فعــل مدروســة للتحــرك الحق ـاً وفــق‬ ‫آلي ـ َة التدخــل املناســب لهــذه اآللــة الحربيــة الوحشــية‬ ‫يف مصائــر شــعوب األرض املغلوبــة عــى أمورهــا تحــت‬ ‫ربقــة االســتبداد املصنــوع أصــاً وفــق رغبــات هــذه‬ ‫املافيــات واملتامهــي مــع خططهــم وضــد مصالــح‬ ‫البرشيــة جمعــاء؟!‬ ‫يقــول املحــارب امل ُغــرر بـ ِه بعــد انقشــاع ضبــاب املعركــة‬ ‫الغب ّية‪:‬‬ ‫(تركــت قســاً مــن نفــي يف تلــك الحــرب‪ .‬وأو ّد أال‬ ‫تتكــرر‪ .‬أحلــم بــأن ال تتكــرر‪ .‬ويصيبنــي اإلعيــاء حــن‬ ‫أســمع الكلــات الطائفيــة واملذهبيــة املنجرفــة نحــو‬ ‫الحــرب‪ ،‬ألن وحدهــم املغامــرون لــن يحصــوا عــدد‬ ‫الضحايــا وال يســتدركون املــآيس واالرضار الجانبيــة‬ ‫للبرشيــة)‪.‬‬ ‫اآلن وبعــد بــدء الســنة السادســة مــن الحــرب الكون ّيــة‬ ‫املسـلّطة بــكل قذاراتهــا عــى الشــعب الســوري وثورتــه‬ ‫العظيمــة لوأدهــا‪ ،‬ولجــم طموحهــا الشــموس نحــو‬ ‫الحريــة والكرامــة والدولــة املدنيــة الدميقراطيــة‪ ،‬بعيــدا ً‬ ‫عــن التدجــن واالنصيــاع لرغبــات املجتمــع الــدويل‬ ‫الوضيعــة إلعــادة إنتــاج االســتبداد‪ ،‬وقهــر طموحنــا‬ ‫الســوري ‪ -‬الجمعــي للرتكيــز عــى الهويــة الوطنيــة‬ ‫بعيــدا ً عــن األجنــدات الخارجيــة التــي تحــاول بفحيــح‬ ‫أفاعــي الجحيــم متزيقنــا وفــق طوائفنــا وخلــق واســتثامر‬ ‫رغبــات عرقيّــة ومذهبيــة مريضــة نشــأت برعايتهــم‬ ‫وأثاروهــا بعــد انطــاق الثــورة كمحاولــة بائســة إلعــادة‬ ‫عجلــة الزمــن إىل الــوراء‪ ،‬وكذلــك لــزرع ألغــام وضيعــة‬ ‫تقــف عائقـاً أبديـاً يتـ ّم ابتـزاز الشــعب الســوري عمومـاً‬ ‫بهــا مــن خــال وضــع حلــول بديلــة بفــرض بالتقســيم‬ ‫العرقــي ‪ -‬الطائفــي مث ـاً‪ ،‬كخيــار مرعــب يعمــل عليــه‬ ‫القيــارصة الجــدد مــن خــال التهديــد باســتعامل‬ ‫أدواتهــم الداخليــة العميلــة املأجــورة‪ ،‬والتــي تعمــل‬ ‫بعيــدا ً جــدا ً عــن الطمــوح الشــعبي لحاضنتهــا الضيّقــة‪،‬‬ ‫ولطمــوح الشــعب الســوري عام ـةً‪ ،‬فــكل يــوم نتفاجــأ‬ ‫كســوريني بظهــور شــتلة مــن شــتالت الزقّــوم تنعــق‬ ‫بالدعــوة لهويــات طارئــة مزعومــة ومكذوبــة‪ ،‬وتفصيــل‬ ‫نســيج هــذا الوطــن امل ُهــرئ الــذي تكالبــت عليــه‬ ‫األمــم وبعـ ِ‬ ‫ـض أبنائــه املارقــن عــن قيــم الثــورة وعــن‬ ‫الهويــة الوطنيــة ‪ -‬األمــل ورفضهــم االحتــكام لرشعــة‬ ‫اإلعــان العاملــي لحقــوق اإلنســان‪ ،‬وأرقــى آليــات النظــم‬ ‫الدســتورية الرتاكميــة عــر تاريــخ اإلنســان‪ ،‬وكل ذلــك‬ ‫وفــق رغباتهــم املريبــة لتشــكيل الدولــة مــن جديــد‬

‫محمد صالح عويد‬ ‫حســب مقاســات غيتويــة ‪ -‬رغبويــة ضاربــن بعــرض‬ ‫الحائــط كل مــا ميكــن أن ينهــض بحيــاة عمــوم الســوريني‬ ‫تحــت ســقف العدالــة والقانــون والتنميــة‪.‬‬ ‫يقومــون بذلــك دون التفكــر قليــاً بعقالنيــة بــرك‬ ‫أمــر االتفــاق عــى هــذا األمــر بعــد التكاتــف املفــروض‬ ‫إلســقاط ســلطة االســتبداد البوليســية الوحشــية‪،‬‬ ‫وتصفيــة رموزهــا وأسســها‪ ،‬دون أن يقدمــوا بديــاً‬ ‫مقنعــاً ومنطقيــاً يتوافــق عليــه الســوريني‪ ،‬أو كأنهــم‬ ‫يقولــون بوقاحــة ضبــع لنــا‪:‬‬ ‫يجــب علينــا أن نغتنــم الفرصــة‪ ،‬ألن ســقوط النظــام‬ ‫وأجهزتــه التــي يتكئــون عليهــا رسيعــاً ســيأخذ معــه‬ ‫نحــو الهاويــة واالندثــار كل دعواتهــم التافهــة‪.‬‬ ‫أقول إلخويت السوريني بكل ألوانهم الجميلة والراق ّية‪:‬‬ ‫ـش‬ ‫ال تتكــئ عــى بيــت عنكبــوت‪ ،‬مل يبـ َـق مــن هــو أهـ ّ‬ ‫منــه ‪ -‬تتالعــب بــه الريــح‪ ،‬وتطمــره ســيول الثــورة‬ ‫أو تقذفــ ُه بعيــدا ً مــع بقيــة أوســاخ هــذه االســتبداد‬ ‫واألنظمــة التــي تســتهني بحيــاة اإلنســان‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪9‬‬

‫قوس قزح‬

‫وماذا لو رفضنا الحصار املزدوج؟‬

‫حل��ب مدين��ة احلج��ر‬ ‫األبيض!‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫لمى األتاسي‬ ‫يقــال بــأن هنــاك ثــورة أقليــات‪ ،‬ويقــال بأنهــا قدميــة‬ ‫تشــمل إنشــاء دولــة إرسائيــل‪ .‬قــد يجــد البعــض يف‬ ‫هــذا الــكالم ملســة عــى جراحهــم‪ ،‬ولكــن ليــس هــذا‬ ‫املقصــود‪ ،‬بــل املقصــود هــو أننــا ملزمــون أخالقيــاً‬ ‫بــأن نواجــه حقائــق طاملــا رفضنــا مواجهتهــا‪ ،‬محملــن‬ ‫الغــرب مســؤولية التالعــب بالحقــوق الســورية‪ ،‬أو‬ ‫باألحــرى مبــا يــراه البعــض حقوقــاً‪ ،‬والبعــض اآلخــر‬ ‫يـراه طغيانـاً‪ .‬ســوريا يف قلــب مشــكلة أزليــة قامئــة منــذ‬ ‫الفتوحــات اإلســامية مــا بــن األغلبيــة واألقليــات‪ ،‬وهــي‬ ‫حجــر األســاس يف هــذا الــرق املعقــد‪ ،‬إنهــا أكــر دولــة‬ ‫معنيــة مبســألة األقليــات يف هــذا الــرق‪.‬‬ ‫ســوريا متعــددة الوجــوه‪ ،‬فهــي خالفــة األمويــن‪،‬‬ ‫وجوهــرة العثامنيــن‪ ،‬وقلــب بيزنطــا الرومانيــة‪ ،‬وأرض‬ ‫الجميــع دون اســتثناء‪ ..‬لكــن منــذ االمتــداد اإلســامي‬ ‫يف الــرق‪ ،‬ومؤخــرا ً يف العــر العثــاين‪ ،‬وكحــال كل‬ ‫الحضــارات القدميــة يف العــامل تكرســت فيهــا مفاهيــم‬ ‫ظاملــة لألقليــات‪ ..‬ولكــن حصــل الحق ـاً وبعــد الحــرب‬ ‫العامليــة الثانيــة مــا يعــد نقطــة تحوليــة يف تاريــخ‬ ‫البرشيــة يف العــر الحديــث‪ ،‬وهــذا التحــول تــم بظهور‬ ‫مفهــوم حديــث لحقــوق اإلنســان‪ ،‬واألقليــات واملــرأة‬ ‫والطفــل أي هــذا املفهــوم العــري لحقــوق اإلنســان‬ ‫الــذي يصــدره الغــرب للعــامل حاليـاً‪ ،‬تــم هــذا يف الغــرب‬ ‫بعــد ســقوط النازيــة‪ ،‬وتزامــن ليــس مصادفــة مــع‬ ‫نهايــة الحقبــة العثامنيــة يف الــرق الــذي كان بعيــد‬ ‫كل البعــد عــن هــذا املفهــوم الحديــث جملــة وتفصيـاً‪.‬‬ ‫مــع ظهــور هــذا املفهــوم الحديــث لحقــوق اإلنســان‪،‬‬ ‫وتعايــش الثقافــات يف الغــرب‪ ،‬ومــع تطــور املجتمعــات‬ ‫الغربيــة‪ ،‬واختــاف دور املــرأة‪ ،‬كــرت الهــوة مــا بــن‬ ‫الــرق والغــرب‪ ،‬وازداد العــداء‪ ،‬وبــات مــن الصعــب‬ ‫جــدا ً للغــرب القبــول مبــا كان يعــد طبيعي ـاً وعادي ـاً يف‬ ‫هــذا الــرق‪ ..‬نعــم أوروبــا االســتعامرية كانــت ظاملــة‪،‬‬ ‫وغــر عادلــة مبعاملتهــا لشــعوب املســتعمرات‪ ،‬نعــم‬ ‫العنرصيــة التــي أنتجهــا الغــرب األبيــض تجــاه الشــعوب‬ ‫املســتعمرة يف أفريقيــا وآســيا وكل البلــدان املســتعمرة‬ ‫كانــت غــر مقبولــة‪ ،‬لكــن األورويب تراجــع عــن أخطائــه‬ ‫واعتــذر‪ ،‬وحفيــد الظــامل أصبــح عــادالً‪ ..‬إنهــا ســنة‬ ‫التطــور البــري فلــا نقاومهــا؟!‬ ‫ظهــرت موجــة التصــدي للفكــر الرشقــي يف الغــرب‬ ‫عــى مراحــل أحدثــت وعيــاً جديــدا ً‪ ،‬وهــذا بعدمــا‬ ‫تحــررت النخــب الغربيــة مــن الفكــر االســتعامري‪،‬‬ ‫وتكونــت لديهــا رؤيــة جديــدة لوضــع مواطنــي هــذا‬ ‫الــرق‪ ،‬وهــذا العــامل املحيــط بالبحــر األبيــض املتوســط‬ ‫الــذي فيــه يهــود ومســيحيون وســكان ال عثامنيــن‪.‬‬ ‫لقــد الحــظ املؤرخــون مامرســة اضطهــادات شــديدة يف‬ ‫الــرق األوســط‪ ،‬خصوص ـاً يف تركيــا العثامنيــة آنــذاك‪،‬‬ ‫وكذلــك ملحقاتهــا كســوريا‪ ،‬وعندمــا يتحــدث املســلمون‬ ‫اليــوم يف ســوريا عــن حقــوق األقليــات ينطلقــون مــن‬ ‫منطــق ســلفي‪ ،‬أي فيــه عــودة ملرحلــة الســلف الصالــح‪،‬‬ ‫أي عهــد الرســول والخلفــاء الراشــدين دون أي تحديــث‪..‬‬ ‫واليــوم وبعــد ‪ ١٤٠٠‬ســنة عندمــا نســأل شــاباً متعل ـاً‬ ‫مــن حلــب أو حمــص عــن حقــوق األقليــات يجيبنــا بــأن‬ ‫اإلســام هــو ديــن الرحمــة يرفــق باملســيحيني‪ ،‬وبأهــل‬ ‫الكتــاب‪ ،‬ويرتكهــم يعيشــون بســام بجانــب املســلمني‪،‬‬

‫دون أن يذكــر فكــرة املســاواة بالحقــوق الدســتورية‪،‬‬ ‫ويضيــف وأكــر مثــال يف بدايــة القــرن تــوىل فــارس‬ ‫الخــوري منصــب رئيــس وزارة‪ ..‬ثــم يضيــف مل يدفــع‬ ‫أحــد الجزيــة منــذ زمــن‪ ،‬ألســنا معتدلــن؟‬ ‫وإىل اليــوم مل يقــف أحــد مــن الســوريني ليجيــب عــى‬ ‫هــذا الــكالم برصاحــة قائ ـاً‪ :‬ال أنــت مل تنصــف أحــدا ً‪..‬‬ ‫أنــت أقصيــت الجميــع حتــى ذاتك باســم ديــن األغلبية‪،‬‬ ‫ووظفــت األمئــة القامئــن عــى الديــن الــذي تســتعمله‬ ‫كالعثامنيــن وغريهــم لخدمــة مشــاريعك الخاصــة‪.‬‬ ‫الحقيقــة التــي ال يعرفهــا العمــوم‪ ،‬أنهــم ماضــون‬ ‫بحروبهــم املتعــددة الجبهــات‪ ،‬حالي ـاً هــي أن العقليــة‬ ‫الغربيــة ترفــض محقــة حتــى أن تناقــش شــبابنا يف‬ ‫شــوارع حلــب أو حمــص‪ ..‬وحتــى عندمــا كان يبتســم‬ ‫لهــم روبــرت فــورد ومعــه كل طاقــم الســفارات‬ ‫الغربيــة يف دمشــق معزيــاً بالقاشــوش‪ ،‬ومســاندا ً‬ ‫للثــورة كان يجاملهــم‪ ،‬ومل يجــرب قــط أن يناقشــهم‪،‬‬ ‫أو حتــى أن يقنعهــم بــأي فكــر آخــر‪ ،‬بــل كان يكتفــي‬ ‫بســاعهم‪ ،‬حيــث مل يكــن دوره أن يقنعهــم بغــر مــا‬ ‫هــم مقتنعــن بــه‪ ،‬ألنــه ومــن وظفــه يتبعــون سياســة‬ ‫أخــرى لتغيريهــم ويــا لهــا مــن سياســة قاســية ودمويــة‪،‬‬ ‫إن اسـراتيجية التغيــر هــذه هــي بالتحديــد مــا نعيشــه‬ ‫يف هــذا الــرق منــذ بدايــة هــذا القــرن‪ ،‬ومنــذ حضــور‬ ‫الواليــات املتحــدة كدولــة عظمــى يف هــذا العــامل‪ ..‬طبعـاً‬ ‫ترافــق حضورهــا مــع تراجــع الــدول املســتعمرة كفرنســا‬ ‫وبريطانيــا‪ ،‬وتغيــر عقليــات نخبهــا وفكرهــم‪.‬‬ ‫لكــن مــا الــذي تنتهجــه مــن اســراتيجيات الــدول‬ ‫العظمــى بقيــادة الواليــات املتحــدة األمريكيــة للتعامــل‬ ‫مــع عقليــة العــر العثــاين املعششــة يف عقــول‬ ‫الــرق‪ ،‬وعــى تلــك األرض الرشقيــة؟‬ ‫ينطلــق املنطــق الغــريب مــن منطــق بدايتــه تقــول إن‬ ‫القــوي ال يحتــاج ألن يضيــع وقتــه بالنقــاش مــع ظــامل‬ ‫أضعــف منــه‪ ،‬بــل اإلنجــازات التــي تتجــه نحــو إنهــاء‬ ‫حالــة الظلــم عــر اســراتيجية‪ ،‬هــذا بالضبــط مــا‬ ‫يحصــل منــذ خمســن عامــاً‪ .‬لهــذا مل تدخــل تركيــا‬ ‫الســوق األوروبيــة املشــركة‪ ،‬ألن تلــك العقليــات التــي‬ ‫انتخبــت حــزب اإلخــوان لــي يقــي املــرأة واألقليــات‪،‬‬ ‫وال يعــرف بظلــم األرمــن ال ميكــن التعامــل معــه‬ ‫بتــآ ٍخ أورويب‪ .‬هكــذا يفكــر الغــريب وال داعــي إلعــان‬ ‫مــا ينفــذ‪ .‬املشــكلة ليســت مــع املســلمني يف الغــرب‬ ‫كــا يقــال وبالدليــل أن مواطنــي أوروبــا فيهــم نســبة‬ ‫مســلمة‪ ،‬ولكــن مواطنـاً مســلامً ال يعنــي أنــه ذو إســام‬ ‫ســيايس‪ ،‬حيــث أن اإلســام الســيايس يعنــي خالفــة‪،‬‬ ‫ورفض ـاً لقيــم العــامل الحديــث‪ ..‬بــل إنــه ضــد القانــون‬ ‫الدســتوري العلــاين‪.‬‬ ‫تعامــل القــوى العظمــى مــع الــرق الحــايل مبجتمعاتــه‬ ‫يخضــع ملنطــق هــو ضمــن سلســلة قيــم متعــارف عليهــا‬ ‫يف إطــار غــريب‪ ،‬ولكــن مــا نالحظــه هــو أن الــرق‬ ‫اإلســامي يرفــض هــذه القيــم متجنبـاً النقــاش بهــا متامـاً‬ ‫مــع الغــرب‪ ،‬ومــع هــذا قــرر الــرق العــريب اإلســامي‬ ‫التصــدي للقـرار الغــريب مبحاربتــه يف قيمــه‪ ،‬تــارة تحــت‬ ‫رايــة العروبــة النارصيــة أو البعثيــة‪ ،‬وتــارة تحــت رايــة‬ ‫اإلســام الســيايس‪ ،‬ويف النهايــة النتيجــة ذاتهــا‪ ..‬هنــاك‬ ‫حــرب قيــم رشســة‪ ،‬وال ميكــن أن نصالــح االثنــن‪ ،‬ألنهــم‬

‫عــى نقيــض تــام فيــا بينهــم‪.‬‬ ‫أحــد خيــارات الغــرب للتصــدي لظلــم الفكــر الرشقــي‬ ‫هــو إنشــاء الدولــة العربيــة اليهوديــة كم ـرادف لــدول‬ ‫العروبــة اإلســامية‪ ..‬نعــم متــت التضحيــة بشــعب‬ ‫كامــل‪ ،‬وتــم ظلــم الشــعب الفلســطيني‪ ..‬ولكننــا‬ ‫إن أمعنــا النظــر لوجدنــا أنــه كان ضحيــة مزدوجــة‬ ‫الجالديــن متامــاً كــا هــو حــال الســوريني اآلن‪:‬‬ ‫مــن جهــة الغــرب املمثــل بدولــة إرسائيــل الــذي هــو‬ ‫مـ ٍ‬ ‫ـاض دون تراجــع يف مواجهــة مــد العقليــات الخطــرة‬ ‫عــى حقــوق اإلنســان (العقــل اإلســامي والعقــل‬ ‫العــريب)‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى وطــأة عســف قادتــه‪،‬‬ ‫أي النخبــة العربيــة املســيطرة دينيــاً واجتامعيــاً عــى‬ ‫الســاحة الفلســطينية‪ ،‬والتــي تعتــر أن أي تغيــر يف‬ ‫البنيــة االجتامعيــة‪ ،‬أو أي تطــور اجتامعــي ســيضعف‬ ‫مــن نفوذهــا‪.‬‬ ‫هكــذا ظُلــم الشــعب الفلســطيني مرتــن‪ ،‬مــرة ألن‬ ‫الغــرب اختــاره ليضعــف بــه املــد االجتامعــي العثــاين‬ ‫يف املجتمعــات العربيــة‪ ،‬ومــرة ألن قادتــه تعنتــوا‪،‬‬ ‫ورفضــوا القبــول بحــل توافقــي يجنبــه الفقــر والجــوع‬ ‫والعنــف والحــروب‪ ،‬وفضلــت النخبــة أن تحــول هــذا‬ ‫الشــعب‪ ،‬وشــعوب املنطقــة فيــا بعــد ملدجنــة تفريــخ‬ ‫قنابــل برشيــة‪..‬‬ ‫مــا حصــل يف ‪ ١١‬ســبتمرب مل يكــن خدعــة أمريكيــة‪ ،‬بــل‬ ‫كان واقعــاً يجســد مــا يحصــل كل يــوم يف املواجهــة‬ ‫التــي تحصــل بــن الغــرب والعقــل العــريب اإلســامي يف‬ ‫الــرق‪ ..‬هــذه الحــرب مســتمرة منــذ قــرن وال بــد مــن‬ ‫ســام مــا لريتــاح ســكان هــذه املنطقــة‪.‬‬ ‫يقــال بــأن إرسائيــل هــي التــي ترفــض الســام‪ ،‬والحقيقة‬ ‫أن الســام الحقيقــي بــن الشــعوب ال يصنعــه القــادة‬ ‫والزعــاء بحــر عــى ورق‪ ،‬وإال ســيتم اغتيــال القــادة‪،‬‬ ‫متامــاً كــا تــم اغتيــال الســادات‪ ،‬ومتامــاً كــا اغتيــل‬ ‫رابــن‪.‬‬ ‫للســام رشوط‪ ،‬ورشوط الســام مــا بــن األقليــات‬ ‫واألغلبيــة يف الــرق األوســط تســتدعي حســن نيــة‬ ‫وثقــة غــر متوفريــن‪ ،‬ألن التنــازالت املطلوبــة مــن‬ ‫املجتمــع العــريب واإلســامي تــكاد تكــون غــر قابلــة‬ ‫للنقــاش‪.‬‬ ‫كيــف نطالــب العــريب املســلم أن يتخــى عــن‬ ‫الحصــار الــذي يفرضــه عــى ابنتــه وزوجتــه‪ ،‬كيــف‬ ‫نطالبــه بالتنــازل عــن ممي ـزات تعــد بنظــره أهــم مــن‬ ‫املكتســبات السياســية التــي حصــل عليهــا املواطــن‬ ‫يف دول الغــرب املتحــر؟ بــل إلبقــاء هــذا التعســف‬ ‫الذكــوري الــذي ميارســه يف بيتــه‪ ،‬مســتعد أن يتنــازل عن‬ ‫حقوقــه السياســية كافــة‪ ،‬بــل هــو ال يريــد أن يعــرف‬ ‫حتــى تلــك الحقــوق‪ ،‬وال يريــد حتــى أن يعطــي لنفســه‬ ‫فرصــة االختيــار‪ .‬إنــه مقابــل هــذا الــدور الذكــوري‬ ‫االســتبدادي مســتعد أن يدمــر العــامل بــأرسه‪ ..‬ويســتمد‬ ‫هــذا االســتبداد مــا يســميه بـ»الديــن»‪ ،‬أي الديــن‬ ‫اإلســامي‪ ،‬كــا فــره لــه الخلفــاء بحرميهــم وعبيدهــم‪،‬‬ ‫ومبــا ملكــت أميانهــم وبــكل طغيانهــم‪...‬‬ ‫ومــاذا لــو رفضنــا الحصــار املــزدوج عــى إنســانيتنا؟‬ ‫ومــاذا لــو رفضنــا أن نبقــى رهائــن لــدى ذكــور الــرق‬ ‫الرشســن؟ لكننــا جميعنــا نعلــم كــم هــو باهــظ مثــن‬ ‫رفــض الحصــار املــزدوج‪.‬‬

‫تنهــال القذائــف والصواريــخ عــى مدينــة حلــب‪ ،‬وت ُد ّمــر بنيانهــا‪،‬‬ ‫وتقتــل أهلهــا‪ ،‬وتضيّــع معــامل أحببناهــا فيهــا‪ ،‬وهــي جــزء مــن‬ ‫حياتنــا‪ ،‬ومــن ذكرياتنــا ومــن تكويننــا الــذي صقلتــه حلــب بــكل‬ ‫أنــاة وصــر وإتقــان‪.‬‬ ‫ق ُِــر حافــظ أســد وهــو حاقــد عــى حلــب‪ ،‬إذ مل تؤمــن بــه‪ ،‬وال‬ ‫بعظمتــه الزائفــة‪ ،‬التــي ج ّنــد لهــا كل وســائل إعالمــه املســعورة‬ ‫بعبادتــه‪ ،‬وهــا هــو ابنــه املجــرم يكمــل مســرة الحقــد عــى‬ ‫املدينــة‪ ،‬ويســتعني باملجرمــن اإليرانيــن والــروس لتدمــر املدينــة‬ ‫الكبــرة‪.‬‬ ‫اســتوعبت حلــب الكثــر مــن الحاقديــن‪ ،‬وأحالــت ذكراهــم إىل‬ ‫رمــاد‪ ،‬وبقيــت هــي عــى تلتهــا الكبــرة‪ ،‬تســتثمر األحجــار الصلبــة‪،‬‬ ‫وتعــاود البنيــان الراســخ ألقــدم مدينــة مســكونة يف التاريــخ‪ ،‬وظلّت‬ ‫قلعــة حلــب شــامخة‪ ،‬وأســواقها متدفقــة بالحيــاة وبصناعــة الفــرح‪.‬‬ ‫اســتمد املتنبــي مــن أحجارهــا رصامــة البنــاء اللفظــي والبالغــي‪،‬‬ ‫وأودع فيــه صالبــة أقوالــه التــي يرددهــا العــرب عــر قــرون‬ ‫طويلــة‪ ،‬ناســن بــأن أحجــار حلــب البيضــاء والصلبــة‪ ،‬هــي صانعــة‬ ‫أبياتــه العريقــة‪ ،‬التــي نرددهــا صغــارا ً وكبــارا ً‪ ،‬متعلمــن وعلــاء‪،‬‬ ‫حكــاء وجهلــة‪ ،‬فــا بــد ألي واحــد منــا أن يحفــظ ولــو عــدة‬ ‫أبيــات للمتنبــي‪.‬‬ ‫إذا كانــت مكــة املكرمــة مدينــة الحجــر األســود‪ ،‬فــإن حلــب مدينــة‬ ‫الحجــر األبيــض‪ ،‬هــذا الحجــر الحلبــي الراســخ يف صمــوده وثباتــه‪،‬‬ ‫يبتســم اليــوم مســتهزئاً بالقتلــة‪ ،‬وبــاألرشار الذيــن يتوعــدون‬ ‫مدينتنــا بالفنــاء‪ ..‬كيــف يقتلــون املوشــحات الحلبيــة‪ ،‬وكيــف‬ ‫يئــدون رائحــة الكبــاب الحلبــي‪ ،‬هــل يســتطيعون ذلــك‪ ،‬هــل‬ ‫يســتطيعون منــع الفســتق الحلبــي مــن التدفــق‪ ،‬ومــن التباهــي‬ ‫بألوانــه وبطعمــه‪ ،‬وبنكهاتــه اللذيــذة؟‬ ‫يف طفولــة كل واحــد منــا مســاحة عزيــزة لحلــب‪ ،‬لشــوارعها‬ ‫لحدائقهــا‪ ،‬ولرائحــة كبابهــا ولســهراتها‪ ،‬وألطبائهــا البارعــن‬ ‫باكتشــاف مصــدر األمل الغامــض الــذي يقلــق األهــل‪ ،‬ولجامعــة‬ ‫حلــب وألســاتذتها فضــل غــرس املعرفــة والعلــم والجــد يف نفوســنا‪.‬‬ ‫كيــف يقتلــون حلــب‪ ،‬كيــف يتحــدون أحجارهــا وروائحهــا‬ ‫وذكرياتهــا‪..‬؟ هــؤالء املغــول والهمــج الذيــن تســول لهــم أنفســهم‬ ‫تدمــر حلــب‪ ،‬كيــف يتحــدون تاريخهــا بهمجيتهــم وحبهــم الفطري‬ ‫للوحشــية والتدمــر؟ هــؤالء الربابــرة الذيــن احتلــوا ســورية خــال‬ ‫نصــف قــرن‪ ،‬ومل يســتطيعوا وقــف ابتســامات الحجــر الحلبــي‪،‬‬ ‫وال تحــدي الكربيــاء الحلبــي املســتمد ثقتــه عــر التاريــخ مــن‬ ‫أجيــال عريقــة بثقافاتهــا وبحضورهــا‪ ،‬بينــا كانــوا‪ ،‬هــم القتلــة‪،‬‬ ‫مجــرد رعــاة دارشيــن يف الجبــال ويف الفيــايف‪ ،‬يقلــدون حيواناتهــم‬ ‫التــي يرسحــون بهــا عــى حــدود التوحــش املغــروس يف ســلوكهم‬ ‫الهمجــي‪.‬‬ ‫هاجــم الربابــرة مــدن متحــرة كثــرة‪ ،‬ولكــن املــدن انتــرت‬ ‫عــى وحشــيتهم‪ ،‬وأعادتهــم إىل ســجل منســيات التاريــخ‪ ،‬وحلــب‬ ‫اليــوم إذ تتحــدى الدمــار والقتــل وتخريــب بناهــا التحتيــة‪ ،‬قــادرة‬ ‫عــى تجــاوز مصابهــا الجلــل‪ ،‬وقــادرة عــى إعــادة البنــاء والنهضــة‬ ‫مــن جديــد‪ ،‬لقــد انتــرت حلــب عــى املجــرم حافــظ أســد يف‬ ‫الثامنينــات رغــم كل قســوته وهمجيتــه ضدهــا‪ ،‬ورغــم ألــوف‬ ‫التصفيــات‪ ،‬وعــرات ألــوف االعتقــاالت‪ ،‬فقــد أعــاد ابنــه إليهــا‬ ‫ليطلــب رضاهــا ولتقبلــه‪ ،‬لكنهــا رفضتــه‪ ،‬ومــا إعــادة التدمــر هــذه‬ ‫إال عــودة جديــدة لقيــم الهمجيــة والحقــد الوحــي عــى كربيــاء‬ ‫حلــب الــذي ال يحتملــون بقــاءه أبــدا ً‪.‬‬ ‫ســامي لحلــب‪ ،‬وألهــل حلــب‪ ،‬ولقلعــة حلــب‪ ،‬وألســواق حلــب‪،‬‬ ‫وألغــاين حلــب‪ ،‬وألطبــاء حلــب‪ ،‬وألســاتذة حلــب‪ ،‬ولتجــار‬ ‫وصناعيــي حلــب‪ ،‬وألحجــار حلــب‪ ،‬ولصمــود حلــب الــذي يثــر‬ ‫رعــب الشــبيحة‪ ،‬وأعوانهــم مــن الغ ـزاة الذيــن ســتبتلعهم حلــب‪،‬‬ ‫عاصمــة الــرق املتوجــة‪ ،‬وحبيبــة املتنبــي‪ ،‬وخــر الديــن األســدي‪،‬‬ ‫وعبــد الرحمــن الكواكبــي‪ ،‬وســعد اللــه الجابــري‪ ،‬وهازمــة الغ ـزاة‬ ‫والشــبيحة واملجرمــن‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫التنظيم يف رواية قبلة يهوذا‬

‫آرام كرابيت‬ ‫«أعتقــد أننــا وجدنــا الشــخص الــذي‬ ‫نريــده‪ ،‬قــال يهــوذا ‪ .‬فــكل مــا يقــول يســر يف‬ ‫اتجاهنــا‪ .‬إن لــه ســطوة حقيقيــة عــى النــاس‪.‬‬ ‫إنــه قــادر عــى أن يعبــئ جامهــر‪ .‬لقــد علّــم‬ ‫تالميــذ لــه‪ ،‬وراح هــؤالء يتكلمــون نيابــة‬ ‫عنــه يف طــول البــاد وعرضهــا‪ .‬فــإذا أفلحنــا‬ ‫يف إيصالــه إىل أورشــليم‪ ،‬فيمكنــه أن يطلــق‬ ‫الشــعار»‪.‬‬ ‫اســتطاع الــروايئ الفرنــي أوبــر برولونجــو‬ ‫أن يســلط الضــوء عــى الحركــة السياســية‬ ‫اليهوديــة التــي اشــتغلت عــى التنظيــم الرسي‬ ‫الدقيــق وفــق مواصفــات قريبــة مــن الواقــع‬ ‫املعــارص‪ ،‬هنــاك ماليــة للتنظيــم‪ ،‬عالقــة رسيــة‬ ‫بــن الكتلــة املنظمــة واألنصــار‪ ،‬وتــرك هامــش‬ ‫واســع للكهنــة‪ ،‬ورجــال املــال والنفــوذ أن‬ ‫يتحركــوا بحريــة ولهــم مســافة يف عالقتهــم‬ ‫بالتنظيــم وبــن الرومــان‪.‬‬ ‫اســتغلت هــذه الحركــة السياســية كل‬ ‫الوســائل املمكنــة إلدخــال أغلــب اليهــود يف‬ ‫ال ـراع ضــد الرومــان ســواء كان عــى مبــدأ‬ ‫التقيــة أو بشــكل مبــارش‪.‬‬ ‫يف مقالنــا هــذا‪ ،‬نســتطيع القــول إن الثــورة‬

‫اليهوديــة كانــت ثــورة الريــف ضــد املدينــة‪،‬‬ ‫املدنيــة التــي كان الرومــان حواملهــا يف ذلــك‬ ‫العــر‪ ،‬دون وضــع أي برنامــج للنهــوض‪ ،‬كــا‬ ‫مل يطرحــوا أنفســهم بدي ـاً حضاري ـاً مختلف ـاً‪.‬‬ ‫كان الريــف مهمشـاً‪ ،‬فقـرا ً يكــر فيه الســحرة‬ ‫واملشــعوذون والعصابيــون واملبــرون‬ ‫املتنقلــن بثيابهــم الباليــة واملســاكني‬ ‫والدراويــش‪ .‬وهــو انعــكاس لتخلــف هــذا‬ ‫املجتمــع املكــرر لذاتــه‪ .‬لهــذا جــاءت الحركــة‬ ‫السياســية مــن هــذا املجتمــع ولتكمــل‬ ‫دورتــه مــن حيــث توقــف‪ ،‬وليكــون رافعــة‬ ‫سياســية لــه‪ ،‬ممثلــه‪ .‬وجــاءت فئاتــه وقــواه‬ ‫وممثليــه عــى رافعــة ايديولوجيــة دينيــة‪،‬‬ ‫التــوراة‪ ،‬مغرقــة يف التخلــف تدفعهــم للعــودة‬ ‫إىل الــوراء‪ .‬مبعنــى مل يكــن لديهــم هاجــس‬ ‫االنتقــال إىل شــكل أرقــى للحكــم واملجتمــع أو‬ ‫أقــل ســوءا ً مــن االحتــال‪.‬‬ ‫لقــد اســتطاع هــذا التنظيــم أن يربــط‬ ‫الحرفيــن والفالحــن الفق ـراء ورجــال الديــن‬ ‫بــه‪ ،‬واعتــر قضيتهــم قضيتــه‪ ،‬وحــاول تعويــم‬ ‫نفســه عــر اســتغالل الظــروف الصعبــة التــي‬ ‫كانــوا ميــرون بهــا مــن أجــل الوصــول إىل‬ ‫الســلطة‪.‬‬ ‫بارابــاس يف هــذه الروايــة شــخصية ديناميكــة‬ ‫مؤثــرة جــدا ً‪ ،‬تحــرك وفــق قوانــن عــره‪،‬‬ ‫وبرشــاقة الشــخصية الرباغامتيــة التــي تــدرك‬ ‫مــاذا تفعــل‪ .‬فعندمــا رأى أن العمــل املســلح‬ ‫مل يــؤ ِد إىل نتائــج فعليــة عــى األرض‪ ،‬بــل إىل‬ ‫كــوارث توقــف‪ ،‬مل يســتمر‪ ،‬غـ ّـر مســار عملــه‬ ‫وأســلوب املقاومــة وطريقــة كفاحــه‪ .‬وضــع‬ ‫خطــة جديــدة هــي إعــادة إنتــاج التنظيــم‬ ‫مــن جديــد أرفقــه بعمــل ســيايس مغايــر‬ ‫وفــق رشوط جديــدة ومامرســة مختلفــة‪.‬‬ ‫رأى‪ ،‬أن البديــل عــن حمــل الســاح هــو‬ ‫العمــل الســلمي‪ ،‬بــن النــاس‪ .‬لهــذا مــى إىل‬ ‫إنهــاض املهمشــن‪ ،‬وتجييشــيهم واســتخراج‬ ‫كل الطاقــات الكامنــة فيهــم‪ ،‬ويف الواقــع‬

‫تَـ َ‬ ‫ــد ٍّل‬ ‫من وحي صورة الطفل الذي تدلت أعضاؤه من السقف‬ ‫ديمة محمود‬ ‫نتدل من سقف الهزمية‬ ‫ّ‬ ‫ويلفظنا ف ُم الشجر‬ ‫ال نتامهى مع أنسجته‬ ‫ُعصا ٌة عىل أن نُستز َرع فيه‬ ‫ال يوامئُنا الوقوف‬ ‫وال تح ُملنا الرؤوس‬ ‫رصنا األفق‬ ‫وال يب ُ‬ ‫يا أ ّم َة الهزمية العتيقة‬ ‫أما آن لل ّدم أن يَـغــيـض‬ ‫الجودي‬ ‫وتستوي عىل‬ ‫ّ‬ ‫أم أ ّن ابتال َع األرض لهويناكِ‬ ‫وإقال َع السامء عن احتواء الشمس باتجاهك‬ ‫يٓ ُحول دونك والخصوبة‬ ‫تعص ُم ِك اللزوجة‬ ‫من شهوة الصعود‬ ‫تلوذين بالكهوف والحبال‬ ‫تهبطني تسقطني‬ ‫ٍ‬ ‫وتغرقني يف أمواج قيامات ْتتى‬ ‫تؤولني إىل حفر الصدأ ومخاىبء الرماد‬ ‫يا أمة الهزمية منذ آالف السنني‬ ‫يا أمة النسيان والهذيان‬ ‫يا أمة االنحناء املستميت املستديم‬ ‫يا أمة الت ّديل القديم القديم‬

‫من كل الشّ قوق والسقوف واألرضني‬ ‫تدل‬ ‫تدل ّ ْ‬ ‫ّْ‬ ‫وال تقبيل بغري القاع موئال‬ ‫وارحيل بعيدا ً بعيدا ً‬ ‫خالف كل حقيقة‬ ‫وخلف كل النور‬ ‫ِميالً فَ ِميال‬ ‫هنيئاً ِ‬ ‫لك الهالم والصحراء والفحيح‬ ‫واليباب والعناكب‬ ‫ِمـلـؤك الكدماتُ‬ ‫ُ‬ ‫وابتلعي الهباء والسياط والذباب‬ ‫وسريي إىل الوراء‬ ‫ُمسو ّد َة ال ّدماغ‬ ‫معصوب َة العينني‬ ‫سلسل َة األيدي واألقدام‬ ‫ُم َ‬ ‫ُملصق َة الشفاه‬ ‫الرأس والوجود‬ ‫ُم َد ّل َة َ‬ ‫يا أ ّمة التديل القديم القديم‬ ‫عيناي عىل طفلٍ صغري‬ ‫يف ُشف ٍة ثقّبها الرصاص‬ ‫يقص زورقاً من ورق‬ ‫مازال ُّ‬ ‫ليبح َر بحلمه إىل جزيرة الكنز‬ ‫نابذا ً ِ‬ ‫اب والشيطان‬ ‫إياك والخر َ‬ ‫التدل القديم والجديد!‬ ‫يا أ ّمة ّ‬

‫وتســخريه لخدمــة الغــرض‪.‬‬ ‫إن االنتقــال إىل العمــل الســلمي فرضــه‬ ‫الواقــع ورشوطــه‪ ،‬وكان فيــه حكمــة ودرايــة‬ ‫ورسعــة بديهــة مــن قبــل هــذا القــوى املحركة‬ ‫املتحالفــة مــع التنظيــم‪ .‬إن هــذا األســلوب‬ ‫الــذي اتبعــه مل يكــن حبـاً يف العمــل الســلمي‬ ‫أمنــا جــاء رضورة وحاجــة لتوفــر االســتنزاف‬ ‫للطاقــات املهــدورة واســتثامرها وزجهــا يف‬ ‫الــراع‪.‬‬ ‫لقــد اســتغلت هــذه الحركة شــخصية بســيطة‬ ‫هذيانيــة حاملــة‪ ،‬تقاطعــت توجهاتهــا مــع‬ ‫توجهــه‪ ،‬يبــر بالحــب والتســامح‪ ،‬ويكــره‬ ‫الرومــان‪ ،‬ويدعــو إىل طردهــم بالوســائل‬ ‫الســلمية‪ .‬هــذا الشــخص اســمه‪ ،‬يســوع‪،‬‬ ‫تــدور حولــه إشــاعات كثــرة أنــه صانــع‬ ‫عــدة معجــزات‪ ،‬وينتقــل مــن ضيعــة إىل‬ ‫أخــرى مب ـرا ً بفكــره وآراءه‪ .‬محم ـاً بالكثــر‬ ‫مــن القناعــات الغريبــة والعامئــة بيــد أن‬ ‫لــه الكثــر مــن األنصــار واملحبــن واملعجبــن‬ ‫والتالميــذ والنســاء الهاربــات واملاجنــات‬ ‫واملومســات‪ .‬لديــه قــدرة غريبــة عــى إقنــاع‬ ‫مريديــن يحبــون االســتامع إليــه‪ .‬تأتيــه امــرأة‬ ‫تدعــى مريــم املجدليــة تريــد االنضــام إليــه‪،‬‬ ‫بيــد أنهــا تشــعر أن ماضيهــا مينعهــا‪ ،‬يســألها‪:‬‬ ‫ـ من أنت؟ تقول له‪:‬‬ ‫ـ امرأة ساقطة! يرد عليها‪:‬‬ ‫ـ ال توجــد حيــاة ســاقطة غــر تلــك التــي ال‬ ‫تعــرف محبــة األخريــن‪.‬‬ ‫يشــر إىل أن املــرأة هــي الحيــاة‪ ،‬وال ميكــن أن‬ ‫تخطــئ الحيــاة‪ .‬بهــذه الطريقــة تنضــم إليــه‬ ‫املــرأة املومــس واملرفوضــن اجتامعي ـاً‪.‬‬ ‫فالثــورة الســلمية عــى الظلــم زرعــت يف‬ ‫نفــوس النــاس املهمشــة مفاهيــم جديــدة‬ ‫قامئــة عــى االعتــدال والتســامح والتضحيــة‪.‬‬ ‫كانــت الحركــة وراء تضخيــم شــخصية يســوع‬ ‫ووراء نــر شــائعات كثــرة تتنــاول معجزاتــه‬ ‫لتجنيــد املزيــد مــن األنصــار‪ ،‬ودفعهــم‬

‫لالنخــراط يف العمــل الســيايس ضــد الدولــة‬ ‫الرومانيــة‪ .‬يبــدو أن يســوع الســاذج مل يكــن‬ ‫مــدركاً املرامــي السياســية مــن تلميــذه يهــوذا‬ ‫الواقعــي‪ ،‬الديناميــي املشــبع بــروح االنتقــام‬ ‫مــن الذيــن صلبــوا والــده‪ ،‬الــذي خــر العمــل‬ ‫املســلح وشــارك يف القتــل والحــرق والرسقــة‪،‬‬ ‫لهــذا فــإن يســوع‪ ،‬وقــع يف فــخ حركــة‬ ‫سياســية ماكــرة تــدرك مــاذا تفعــل إىل أن‬ ‫حانــت الســاعة الحقيقــة فدفعــوه مجان ـاً إىل‬ ‫املــوت خدمــة لقضيتهــم التــي مل تكــن قضيتــه‬ ‫يف األســلوب واملضمــون عــى أقــل تقديــر‪.‬‬ ‫لقــد حـ ّول الكاتــب‪ ،‬يســوع‪ ،‬إىل كائــن عــادي‪،‬‬ ‫شــبه عاجــز‪ ،‬هذيــاين‪ ،‬معجزاتــه تنبــع مــن‬ ‫الواقــع‪ ،‬بيــد أنهــا تتحــول إىل قــدرات خارقــة‬ ‫عندمــا يوظفهــا سياســيون مــع إضافــات‬ ‫خياليــة متقاطعــة مــع مــا جــاء يف التــوراة‪،‬‬ ‫وتدخــل إىل العقــول‪ ،‬وتســتقر يف القلــوب‪ .‬إن‬ ‫قــدرة اإلشــاعة‪ ،‬املعجــزة‪ ،‬يف مجتمــع مســتلب‪،‬‬ ‫منفصــل عــن الواقــع لــه وقــع عظيــم يف‬ ‫النفــوس والعقــول‪.‬‬

‫إن الواقعيــة التــي رســمها املؤلــف عــن‬ ‫حيــاة يســوع املبــر تحولــت إىل واقعيــة‬ ‫قامئــة عــى التعاضــد والتســامح والتعــاون‬ ‫مثــل أيــة حركــة سياســية معارضــة تعمــل يف‬ ‫الظــل وتريــد كســب أنصــار لهــا‪ .‬واســتطاع أن‬ ‫يكشــف لنــا كيــف تــم تحويــل غرائــز الرجــال‬ ‫الطبيعيــة إىل عمــل نضــايل بعــد قتــل األنــا‬ ‫العليــا يف دواخلهــم‪ ،‬األنــا الفرديــة‪ ،‬إلدغامهــا‬ ‫يف األنــا الجمعيــة‪ ،‬مــن أجــل انتشــالها مــن‬ ‫الضيــاع والخضــوع‪ ،‬ورفعهــا وتعويــم القضيــة‪،‬‬ ‫قضيــة املجتمــع لتكــون املثــل للوصــول إىل‬ ‫الهــدف‪.‬‬ ‫لهــذا كانــوا يســتقبلون يســوع يف الكثــر مــن‬ ‫القــرى بالرتحــاب‪ .‬علــاً أن جميــع خيــوط‬ ‫الدعــوة كانــت بيــد يهــوذا ممثــل بارابــاس‬ ‫ومريــده وتلميــذه وتابــع أمــن لــه وللقضيــة‬ ‫التــي نــذرا نفســيهام لهــا‪ .‬ومل يكــن يســوع إال‬ ‫أداة وخــادم لتوجههــم‪.‬‬ ‫كان يهــوذا مــدركاً أن كســب املعركــة األكــر‬ ‫حســب رؤيتــه هــو كســب معركــة أورشــليم‪،‬‬ ‫الهجــوم عــى الهيــكل‪ ،‬وتقاطــع هــذا األمــر‬ ‫مــع رغبــة يســوع‪ ،‬عندمــا قــال‪:‬‬ ‫ـ قــدري يدفعنــي أن أســر صــوب أورشــليم‪.‬‬ ‫وهنــاك ســيكون اللــه مرافقــاً لنــا‪ ،‬متوســاً‬ ‫أن تكــون النفــوس طيبــة تحثهــم عــى فعــل‬ ‫الخــر‪.‬‬ ‫وعندمــا حانــت نقطــة الصفــر اســتغلوا تدفــق‬ ‫النــاس مــع يســوع إىل أورشــليم مــا حــدا‬ ‫بانصــار التنظيــم إىل نقــل أســلحة يف أكيــاس‬ ‫ووضعهــا يف الحدائــق وتحــت األرض‪.‬‬ ‫إن فائــدة يســوع املنفصــل عــن الواقــع‪ ،‬أنــه‬ ‫أخــذ قطاعــات هائلــة مــن النــاس إىل هنــاك‪،‬‬ ‫وعندمــا وصلــوا‪ ،‬بادلــوه ببارابــاس‪ ،‬فقــدم إىل‬ ‫الصليــب كضحيــة مجانيــة‪ ،‬دون أي شــعور‬ ‫بالخجــل أو باإلحــراج مثلهــم مثــل أغلــب‬ ‫الحــركات السياســة الربغامتيــة التــي تطبــق‬ ‫مبــدأ الغايــة تــرر الوســيلة‪.‬‬

‫الروائي ربعي املدهون‪ :‬أول فلسطيين يفوز جبائزة البوكر‬ ‫للرواية العربية‬ ‫بعــد وصــول الروائيــة الســورية شــهال‬ ‫العجيــي إىل القامئــة القصــرة‪ ،‬ربعــي املدهــون‬ ‫يفــوز بالجائــزة األوىل كــا أعلــن موقــع‬ ‫الجائــزة العامليــة للروايــة العربيــة (البوكــر)‪:‬‬ ‫فــاز الــروايئ ربعــي املدهــون بالجائــزة العامليــة‬ ‫للروايــة العربيــة يف دورتهــا التاســعة عــن‬ ‫روايتــه كونرشتــو « الهولوكوســت والنكبــة‪،‬‬ ‫وهــو أول فلســطيني يفــوز بالجائــزة التــي‬ ‫ســبق وأن وصــل إىل قامئتهــا القصــرة يف العــام‬ ‫‪.2010‬‬ ‫وكشــفت أمينــة ذيبــان‪ ،‬رئيســة لجنــة‬ ‫التحكيــم‪ ،‬عــن اســم الفائــز بالجائــزة يف حفــل‬ ‫أقيــم يف مدينــة أبوظبــي‪ ،‬مســاء الثالثــاء ‪26‬‬ ‫أبريــل ‪.2016‬‬ ‫ويحصــل الفائــز بالجائــزة عــى مبلــغ نقــدي‬ ‫قيمتــه ‪ 50‬ألــف دوالر أمريــي‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫ترجمــة روايتــه إىل اللغــة اإلنجليزيــة‪.‬‬ ‫وربعــي املدهــون‪ ،‬كاتــب فلســطيني ولــد‬ ‫يف مدينــة املجــدل عســقالن‪ ،‬يف جنــوب‬ ‫فلســطني عــام ‪ ،1945‬هاجــرت عائلتــه خــال‬ ‫النكبــة عــام ‪ 1948‬إىل خــان يونــس يف قطــاع‬ ‫غــزة‪ ،‬تلقّــى تعليمــه الجامعــي يف القاهــرة‬ ‫واإلســكندرية‪ ،‬ثــم أُبعــد مــن مــر ســنة‬ ‫‪ 1970‬قبــل التخــرج بســبب نشــاطه الســيايس‪،‬‬ ‫يقيــم يف لنــدن حيــث يعمــل محــررا ً لجريــدة‬ ‫الــرق األوســط‪ ،‬ولــه ثــاث روايــات إضافــة‬

‫إىل دراســات ومجموعــة قصصيــة‪.‬‬ ‫و»مصائــر» روايــة رائــدة تقــع يف أربعة أقســام‪،‬‬ ‫ميثــل كل منهــا إحــدى حــركات الكونرشتــو‪،‬‬ ‫وحــن يصــل النــص إىل الحركــة الرابعــة‬ ‫واألخــرة‪ ،‬تبــدأ الحكايــات األربــع يف التوالــف‬ ‫والتكامــل حــول أســئلة النكبة‪ ،‬والهولوكوســت‪،‬‬ ‫وحــق العــودة‪ .‬إنهــا روايــة الفلســطينيني‬ ‫املقيمــن يف الداخــل ويعانــون مشــكلة الوجــود‬ ‫املنفصــم‪ ،‬وقــد وجــدوا أنفســهم يحملــون‬ ‫جنســية إرسائيليــة فُرضــت عليهــم قـرا ً‪ ،‬كــا‬ ‫أنهــا روايــة الفلســطينيني الذيــن هاجــروا مــن‬ ‫أرضهــم إىل املنفــى الكبــر ثــم راحــوا يحاولــون‬ ‫العــودة بطــرق فرديــة إىل بالدهــم املحتلــة‪.‬‬ ‫وبهــذا الفــوز تعتــر روايــة «مصائــر‪ :‬كونرشتــو‬ ‫الهولوكوســت والنكبــة» أفضــل عمــل روايئ‬

‫نُــر خــال اإلثنــي عــر شــهرا ً املاضيــة‪،‬‬ ‫وجــرى اختيارهــا مــن بــن ‪ 159‬روايــة مرشــحة‬ ‫تتــوزع عــى ‪ 18‬بلــدا ً عربيــاً‪.‬‬ ‫وقــد علّقــت أمينــة ذيبــان نيابــة عــن لجنــة‬ ‫التحكيــم عــى الروايــة الفائــزة بقولهــا‪« :‬تبتدع‬ ‫روايــة (مصائــر) نســيجاً روائيــاً فنيــاً جديــدا ً‬ ‫يصــور تحــوالت املســألة الفلســطينية‪ ،‬وتثــر‬ ‫أســئلة الهويــة وتســتند إىل رؤيــة إنســانية‬ ‫للــراع‪.‬‬ ‫تعـ ُّد «مصائــر» الروايــة الفلســطينية الشــاملة‪،‬‬ ‫فهــي ترجــع إىل زمــن مــا قبــل النكبــة لتلقــي‬ ‫ضــوءا ً عــى املأســاة الراهنــة املتمثلــة يف‬ ‫الشــتات واالســتالب الداخــي‪ .‬إنهــا روايــة‬ ‫ذات طابــع بوليفــوين مأســاوي‪ ،‬تســتعري رمــز‬ ‫لتجســد تعــ ّدد املصائــر‪».‬‬ ‫الكونرشتــو ّ‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الديكتاتور‬

‫قصائــد مســكونة بالحــزن والوطــن‬ ‫قراءة يف ديوان الدكتور حمزة رســتناوي‬ ‫د‪ .‬موسى رحوم عباس‬ ‫«يف بالدي مثة قرب لبالدي‬ ‫يف بالدي بر ٌد وجو ٌع وقمر»‬ ‫الشــاعر الدكتــور حمــزة رســتناوي صــوت شــعري‬ ‫مســكون بالحــزن والوطــن‪ ،‬نصوصــه صــدى‬ ‫الســتغراقه يف الهــم العــام‪ ،‬فالحريــة‪ ،‬والكرامــة‪،‬‬ ‫واملواطنــة‪ ،‬واألفــق املفتــوح للهــواء املنعــش هــي‬ ‫مفاتيــح القــراءة ملجمــل النصــوص التــي ضمهــا‬ ‫كتابــه األخــر الــذي ضــم مجموعــة مختــارة مــن‬ ‫نصــوص الصديــق رســتناوي‪ ،‬وهــي يف األغلــب‬ ‫تتبــع قصيــدة النــر‪ ،‬ســوى نــص أو اثنــن مــن‬ ‫شــعر التفعيلــة‪ ،‬يشــتغل فيهــا الشــاعر عــى صــوغ‬ ‫نصوصــه بعيــدة عــن الغمــوض املفتعــل‪ ،‬أو حــر‬ ‫الرمــوز األســطورية كــا جــرت العــادة لــدى كثــر‬ ‫مــن شــعراء جيلنــا‪ ،‬لــذا جــاءت يف مجملهــا ســهلة‬ ‫التنــاول واضحــة الــدالالت‪ ،‬وبــدت كأنهــا قطعــة‬ ‫مــن الحيــاة اليوميــة لنــا‪ ،‬لكنهــا تعيــد صياغــة‬ ‫األســئلة؛ لتحــرك يف املتلقــي الرغبــة يف إعــادة النظــر‬ ‫فيــا أصبــح مســتقرا ً ورتيبــاً يف حياتنــا‪.‬‬ ‫تصدمه مآالت أحوالنا‪ ،‬وتكلس مفاصلنا‪ ،‬ليقول‪:‬‬ ‫«تنفسه منتظم‬ ‫تفكريه منتظم‬ ‫وحزنه منتظم‬ ‫كالدورة الشهرية‬ ‫متاما» ص ‪28‬‬ ‫يتحــول الفــرد يف الدولــة القمعيــة إىل آلــة تــأكل‬ ‫وتــرب وتتناســل برتابــة تامــة‪ ،‬وبنمطيــة متكــررة‬ ‫قاتلــة‪ ،‬فالطغــاة يرســمون للنــاس مصائرهــم‪،‬‬ ‫يؤمنــون لهــم حاجتهــم مــن الطعــام واألمــن القائــم‬ ‫عــى الخــوف والريبــة‪ ،‬أمــا كــر النمــط والتفكــر‬ ‫املبــدع‪ ،‬فهــذا مــن املمنوعــات‪ ،‬ويجــب قمعــه‪،‬‬ ‫حتــى ال تكــون ســابقة‪ ،‬لــذا يســر النــاس بغريــزة‬ ‫القطيــع‪ ،‬ومــن شــ َّذ شــ َّذ يف املعتقــل!‬ ‫لفتنــي نــص «الديكتاتــور ذو الرقبــة الطويلــة» فهــو‬ ‫مختلــف يف لغتــه وبنيتــه‪ ،‬فيصــف فيــه تاريخــاً‬ ‫عائليــاً‪ ،‬يقــوم عــى وراثــة الطغيــان‪ ،‬واحتقــار‬ ‫اآلخــر‪ ،‬فنحــن مجــرد أشــياء تــورث لالبــن‪ ،‬ليــارس‬ ‫أســاليب القمــع وأدواتــه؛ فيقــول يف ص ‪:109‬‬ ‫«هم عابرون يف تاريخ عائلتي‬ ‫أتوشح عباءة مضادة للدروع تركها يل والدي‬ ‫وأتقمص روح جدي عىل قارعة الطريق»‬

‫د‪ .‬حمزة رستناوي‬ ‫يتحــول الوطــن إىل شــخص الديكتاتــور‪ ،‬فهــو‬ ‫فرعــون الــذي ال يرينــا إال مــا يــرى! ليتضــاءل‬ ‫الوطــن؛ فيصبــح ظــا باهتــا لــه‪:‬‬ ‫«أسفل ذقني سأنصب طاولة للحوار‬ ‫تحت سقفي أنا‬ ‫تحت سقفي‬ ‫تحت سقف الوطن» ص ‪111‬‬ ‫إنهــا نصــوص تحــرض عــى الرفــض‪ ،‬تســتنهض‬ ‫الهمــم‪ ،‬ولكنهــا تســقط أحيانــا يف فــخ املبــارشة‪،‬‬ ‫عندهــا يتضــاءل مــا هــو شــعري‪ ،‬لنصبــح أمــام لغــة‬ ‫تشــبه لغــة الصحافــة‪ ،‬أو املقالــة‪ ،‬ومــن ذلــك‪ :‬نهايــة‬ ‫رجــل شــجاع‪ ،‬وهــو عنــوان مطــروق لعمــل روايئ‪،‬‬ ‫الببغــاوات تعيــد إنتــاج الهزميــة الوطنيــة‪ ،‬وعنــوان‬ ‫املجموعــة نفســه مل يتخلــص مــن هــذه املبــارشة‬ ‫التــي تخفــض مــن حــرارة الشــاعرية يف النــص‪،‬‬ ‫كــون العنــوان عتبــة مــن عتبــات النــص‪ ،‬كــا‬ ‫يقــول النقــاد‪ ،‬إضافــة لحاجــة الكثــر مــن النصــوص‬ ‫للمراجعــة اللغويــة‪ ،‬ومنهــا (اللذيــن‪ :‬الذيــن ص ‪،79‬‬ ‫يكفيــاك‪ :‬يكفيانــك ص ‪ ،69‬نفــذت‪ :‬نفــدت ص ‪6‬‬ ‫‪)....‬‬ ‫مــا قدمتــه مجــرد ق ـراءة انطباعيــة ملتلــق‪ ،‬يحــب‬ ‫الشــعر‪ ،‬ويقــرؤه مبتعــة‪ ،‬ورمبــا يبــى مســتمتعاً‬ ‫بنــص مــا‪ ،‬أو صــورة مباغتــة‪ ،‬دمــت صديقــي مبدعـاً‬ ‫عــى طريــق وطــن حــر‪ ،‬يليــق بكــم‪.‬‬ ‫الديكتاتــور ذو الرقبــة الطويلــة‪ ،‬شــعر‪ ،‬أوراق للنــر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬القاهــرة‪2016 ،‬م‬

‫‪11‬‬

‫ديــوان العاشــق !‬ ‫مناجاة!‬

‫‪AŞK DİVANI‬‬ ‫‪Münacaat‬‬

‫سيد أحمد كايا‬

‫‪Seyyid Ahmet KAYA‬‬ ‫‪Ne param var ne mülküm‬‬ ‫‪ne pulum ne servetim‬‬ ‫‪Çok şey gördüm yaşadım‬‬ ‫‪şu kısacık ömrümde‬‬ ‫‪Bana hep güzel görünen‬‬ ‫‪şu sevgili tenim‬‬ ‫‪Onu da bir gün toprak‬‬ ‫‪alacak öldüğümde‬‬ ‫‪Yalnız ve hür bir mısrayım‬‬ ‫‪şiirin içinde‬‬ ‫‪Ayrık bir ot,ücra köşesinde‬‬ ‫…‪bahçelerin‬‬ ‫‪Herkes bir yol tutmuş‬‬ ‫‪gider birinin izinde‬‬ ‫‪Mollanın,şeyhin,ötekinin‬‬ ‫…‪ve berikinin‬‬ ‫‪Kimse tutmaz elimden;ne bir‬‬ ‫‪zengin,ne fakir‬‬ ‫‪Bakır tenli yaprak gibi‬‬ ‫‪çoşkun akan suda‬‬ ‫‪Çarparak oraya buraya‬‬ ‫‪giderim zahir‬‬ ‫‪Yol yordam bilmeden gri bir‬‬ ‫…‪bulutun ardında‬‬ ‫‪Ahh ! Kimse tutmaz‬‬ ‫‪elimden. Bir avareyim‬‬ ‫‪Senin dergahına sığınmış‬‬ ‫…‪bir biçareyim‬‬

‫ال نقود عندي‪ ..‬وال أمالك أو ثروات‬ ‫يف عمــري القصــر هــذا‪ ،‬عشــت‬ ‫ورأيــت الكثــر‬ ‫كل مــا يظهــر حســناً يف عينــي مــن‬ ‫أديــم تكوينــي‬ ‫سيكون نهباُ للرتاب عندما أموت‬ ‫عشــت وحيــدا ً حــرا ً يف أشــطر‬ ‫أ شــعا ري‬ ‫مثل عشبة وحيدة يف زاوية حديقة‬ ‫كل واحـ ٍـد اتخــذ مســاره عــى خطــى‬ ‫ّ‬ ‫الذاهبــن اآلخريــن‬ ‫امل ّال‪ ..‬الشيخ‪ ..‬هذا وذاك‬ ‫ال أحد يأخذ بيدي‪ ..‬ال غني‪ ..‬ال فقري‬ ‫مثــل أوراق الشــجر النحاســية األديــم‪،‬‬ ‫مبتهجــة باملــاء الجــاري‬ ‫متيض‪ ..‬تتالطمها املياه من هنا وهناك‬ ‫دون علــم بالــدروب التــي وراء الســحب‬ ‫الرماديــة‬ ‫آ ِه‪ ..‬ال أحد ميسكني من يدي أنا املُضَ ّيع‬ ‫أنا البائس‪ ..‬قد التجأت إىل حامك‪.‬‬

‫مواليــد ‪ – 1966‬أورفــا – بــوزاوا – قريــة زيــوان يل‪ ،‬مل يتــم تعليمــه الجامعــي‪ ،‬عمــل منــذ‬ ‫عــام ‪ 1986‬يف بلديــة أورفــا‪ ،‬نــر العديــد مــن القصائــد يف الدوريــات والصحــف الرتكيــة‪.‬‬

‫أريد وطنًا!‬

‫‪MEMLEKET İSTERİM‬‬

‫جاهد صدقي ترنجي‬

‫‪Cahit Sıtkı TARANCI‬‬

‫أريد وطناً‪..‬‬ ‫سامؤه زرقاء‪ ..‬أغصانه خرضاء‪..‬‬ ‫حقوله صفراء‬ ‫ليكون موطناً للطيور واألزهار‬ ‫أريد وطناً‪..‬‬ ‫همً‪ ،‬وال يف‬ ‫ال يدع يف الرأس ّ‬ ‫القلب حرسة‬ ‫كل خالفات األخ ّوة‬ ‫وتنتهي فيه ّ‬ ‫أريد وطناً‪..‬‬ ‫ال فرق فيه بني غني وفقي‪ ،‬وال بيني وبينك‬ ‫وكل واحد له يف أيام الشتاء بيت يأويه‬ ‫أريد وطناً‪..‬‬ ‫الحياة فيه مثل املحبة تكون من القلب‬ ‫وإن كانت من شكوى‪ ..‬فمن املوت تكون‪.‬‬

‫‪Memleket isterim‬‬ ‫‪Gök mavi, dal yeşil, tarla‬‬ ‫;‪sarı olsun‬‬ ‫‪Kuşların çiçeklerin diyarı‬‬ ‫‪olsun.‬‬

‫‪Memleket isterim‬‬ ‫‪Ne başta dert, ne gönülde‬‬ ‫;‪hasret olsun‬‬ ‫‪Kardeş kavgasına bir‬‬ ‫‪nihayet olsun.‬‬ ‫‪Memleket isterim‬‬ ‫‪Ne zengin fakir, ne sen ben‬‬ ‫;‪farkı olsun‬‬ ‫‪Kış günü herkesin evi barkı‬‬ ‫‪olsun.‬‬ ‫‪Memleket isterim‬‬ ‫‪Yaşamak, sevmek gibi‬‬ ‫;‪gönülden olsun‬‬ ‫‪Olursa bir şikâyet ölümden‬‬ ‫‪olsun.‬‬

‫‪ 1956-1910‬ولــد يف ديــار بكــر‪ ،‬تأثــر بالشــعراء الفرنســيني أمثــال بودلــر وماالرميــه‪ ،‬كان يذكــر الوحــدة‬ ‫واملــوت كثـراً يف شــعره‪ ،‬فعــرف بشــاعر املــوت‪ ،‬من أعاملــه‪ :‬أريد وطنـاً‪ ،‬العمــر‪ ،35‬النهار ال يغــادر نافذيت‪.‬‬ ‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫)‪ SAYI: 39 YIL: 2016 )2.‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫احل��ل السياس��ي ال‬ ‫ُيس��قط األس��د‪...‬؟!!‬ ‫أسعد فخري‬

‫وف��اة خل��دون امل��احل‪ ..‬خمرج ّ‬ ‫مح��ام اهلن��ا وصح النوم وكاس��ك ي��ا وطن!!‬ ‫تــويف املخــرج الســوري «خلــدون املالــح» مســاء االثنــن‬ ‫(‪ 25‬نيســان‪/‬أبريل)‪ ،‬يف مدينــة لــوس أنجلــوس يف واليــة‬ ‫كاليفورنيــا األمريكيــة‪ ،‬عــن عمــر يناهــز ‪ 78‬عامـاً‪ ،‬بعــد رصاع‬ ‫مــع املــرض‪.‬‬ ‫ولــد «املالــح»‪ ،‬والــذي يعــد أحــد كبــار وأوائــل املخرجــن‬ ‫التلفزيونيــن يف ســوريا‪ ،‬يف دمشــق (‪ 17‬متوز‪/‬يوليــو) مــن‬ ‫العــام ‪ ،1938‬وانتمــى لنقابــة الفنانــن يف (‪ 14‬آب‪/‬أغســطس)‬ ‫مــن العــام ‪.1968‬‬ ‫وتحفــل مســرة املالــح الفنيــة باألعــال الناجحــة‪ ،‬حيــث‬ ‫أخــرج مسلســات دريــد لحــام األوىل ومنهــا «مقالــب غــوار»‬ ‫و»حــام الهنــا» وجــزيئ «صــح النــوم» وفيلــم «صــح النــوم»‬ ‫و»ملــح وســكر»‪ ،‬وكذلــك مرسحيــات «ضيعــة ترشيــن»‬ ‫و»كاســك يــا وطــن» و»غربــة»‪.‬‬ ‫كــا أخــرج مسلســل وادي املســك قصــة محمــد املاغــوط‬ ‫وبطولــة دريــد لحــام‪ ،‬وأخــرج وأنتــج مسلســل الجمــل‪،‬‬ ‫وحصــل عــى الجائــزة األوىل للدرامــا يف مهرجــان القاهــرة‬ ‫لإلذاعــة والتليفزيــون‪ .‬كــا عمــل خلــدون املالــح يف‬ ‫التلفزيــون الســوري منــذ تأسيســه‪ ،‬وكان أول مــن نــال‬ ‫دورات تدريبيــة خــارج البــاد‪ ،‬مذيع ـاً ومقــدم برامــج أوالً‪ ،‬ويذكــر بــأن قطيعــة كبــرة حصلــت بــن املخــرج املرحــوم دريــد لحــام وأكاذيبــه املنحــازة لنظــام القتــل والتدمــر‬ ‫خلــدون املالــح‪ ،‬ودريــد لحــام بســبب فقــدان الثقــة وتالعــب الفــايش‪.‬‬ ‫ثــم مخرجــاً تلفزيونيــاً‪.‬‬

‫الجئ س��وري مبتور الس��اق حيمل الشعلة األوملبية يف خميم الجئني باليونان‬ ‫اختــارت األمــم املتحــدة الريــايض الســوري‪ ،‬إبراهيــم‬ ‫الحســن‪ ،‬الــذي فقــد جــزءا ً مــن ســاقه يف الحــرب‬ ‫األهليــة الســورية‪ ،‬ليحمــل الشــعلة األوملبيــة أثنــاء‬ ‫مرورهــا يف مخيــم لالجئــن بالعاصمــة اليونانيــة أثينــا‪.‬‬ ‫وحمــل الحســن (‪ 27‬عام ـاً)‪ ،‬الــذي حصــل عــى حــق‬ ‫اللجــوء يف اليونــان‪ ،‬شــعلة دورة األلعــاب األوملبيــة‬ ‫املقبلــة يف ريــو دي جانــرو يف مخيــم إليونــاس‬ ‫باليونــان‪.‬‬ ‫وعمــل الريــايض الســوري فنــي كهربــاء‪ ،‬ومــارس مــن‬ ‫قبــل الســباحة‪ ،‬وخــاض منافســات يف رياضــة الجــودو‬ ‫أيضــا يف ســوريا‪ ،‬ويعتمــد اآلن عــى قــدم اصطناعيــة‬ ‫ليعمــل يف مقهــى بأثينــا‪ ،‬وميــارس كــرة الســلة مــن‬ ‫عــى كــريس متحــرك‪.‬‬ ‫ومــا زال الحســن ميــارس الســباحة أيضــاً ويســجل‬ ‫حاليــاً ‪ 28‬ثانيــة إلنهــاء ســباق ‪ 50‬مــرا ً‪ ،‬أكــر بثــاث‬ ‫ثــواين مــن زمنــه قبــل اإلصابــة‪ ،‬وينــوي املشــاركة يف‬ ‫بطولــة اليونــان لســباحة املعاقــن يونيــو‪ /‬حزيــران‬ ‫املقبــل‪.‬‬ ‫ويف وقــت ســابق‪ ،‬أكــد الحســن لوكالــة فرانــس بــرس‬ ‫إنــه رشف كبــر أن يحمــل الشــعلة األوملبيــة‪.‬‬ ‫وقــال‪« :‬لــن أحملهــا لنفــي فقــط بــل أيضــاً لــكل‬ ‫الســوريني‪ ،‬ولــكل الالجئــن يف كل مــكان‪ ،‬ســأحملها‬

‫مــن أجــل اليونــان والرياضــة وفــرق الســباحة وكــرة‬ ‫الســلة التــي أمثلهــا»‪.‬‬ ‫وأضــاف أن هدفــه حاليــا «عــدم االستســام أبــدا ً‪،‬‬ ‫ومواصلــة العمــل للتقــدم دامئــاً‪ ،‬وهــو مــا ميكــن‬ ‫تحقيقــه مــن خــال الرياضــة»‪.‬‬ ‫فريق الالجئني األوملبي‬ ‫ويف غضــون ذلــك‪ ،‬أعلنــت اللجنــة األوملبيــة الدوليــة‬ ‫أن فريقـاً مكونـاً مــن ‪ 10‬الجئــن سيشــارك يف أوملبيــاد‬ ‫ريــودي جانــرو‪.‬‬ ‫واســتقبلت دول االتحــاد األورويب أكــر مــن مليــون‬ ‫الجــئ‪ ،‬دخلــوا إىل اليونــان بعــد عبــور البحــر املتوســط‬ ‫مــن تركيــا عــى مــن قــوارب مطاطيــة‪.‬‬

‫وستجري عملية االختيار يف يونيو‪ /‬حزيران املقبل‪.‬‬ ‫وجــرت مراســم إيقــاد الشــعلة األوملبيــة‪ ،‬األســبوع‬ ‫املــايض‪ ،‬يف معبــد اآللهــة هــرا يف األوملــب القديــم‪،‬‬ ‫والــذي يتجــاوز تاريخــه ‪ 2600‬عــام‪.‬‬ ‫ويتســلم مســؤولون برازيليــون الشــعلة األربعــاء يف‬ ‫احتفــال خــاص يف امللعــب األوملبــي التاريخــي بأثينــا‪،‬‬ ‫والــذي شــهد أول دورة ألعــاب أوملبيــة يف العــر‬ ‫الحديــث عــام ‪1896‬‬ ‫وسيشــارك حــوايل ‪ 12‬ألــف شــخص يف حمــل الشــعلة‬ ‫والطــواف بهــا يف الربازيــل قبــل أن تصــل إىل امللعــب‬ ‫الــذي سيشــهد افتتــاح األوملبيــاد يف بدايــة أغســطس‪/‬‬ ‫آب املقبــل‪.‬‬

‫لعــل اليقــن الــذي كرســته مجريــات الثــورة يف عقــول‬ ‫الســوريني الرشفــاء طــوال الســنوات املاضيــة ال بــد س ُيســقط‬ ‫بشــار األســد‪ ،‬وطغمتــه آجــاً أم عاجــاً‪ ،‬فــا مــن ثــورة‬ ‫قامــت عــى الظلــم‪ ،‬والطغيــان عــر التاريــخ إال وانتــرت يف‬ ‫ـر‪ ،‬تلــك‬ ‫خواتيــم مطافهــا‪ ،‬طــال الزمــان يف تحوالتهــا أم قَـ ُ‬ ‫حقيقــة حتميــة ألهمتنــا إياهــا رسديــة ثــورات الشــعوب‬ ‫التــي أرادت نيــل حريتهــا‪ ،‬وكرامتهــا بعــد أن أجمعــت عــى‬ ‫إحــداث تحــول يف ســياق الســلطة‪ ،‬وأدوات الحكــم والخــروج‬ ‫مــن عنــق زجاجــة الدكتاتوريــات‪ ،‬والقمــع‪ ،‬واإلقصــاء إىل‬ ‫فســحة الخــاص‪ ،‬والحريــة عــى الرغــم مــن اختالف مشــاربها‬ ‫األيديولوجيــة‪ ،‬وأهدافهــا السياســية‪ ،‬لكــن الصــورة التــي‬ ‫قامــت عليهــا الثــورة الســورية‪ ،‬واألجنــدات التــي خضعــت‬ ‫لهــا جعلــت للثــورة صــورة مختلفــة يف ماهيتهــا‪ ،‬ومكوناتهــا‬ ‫عــن أغلــب الثــورات التــي قامــت يف بالدنــا‪ ،‬والعديــد مــن‬ ‫بلــدان العــامل‪ ،‬وذلــك ما منحهــا خصوصية متفــردة يف الصمود‬ ‫أمــام آلــة القتــل‪ ،‬والتدمــر‪ ،‬والتجويــع التــي ينتهجهــا النظــام‪،‬‬ ‫ومقاومــة حالــة التنابــذ‪ ،‬واالختــاف بــن مكوناتهــا السياســية‪،‬‬ ‫والعســكرية‪ ،‬وترحيــل رصاعاتهــا إىل مرحلــة مقبلــة ستســاهم‬ ‫يف إبقــاء جــذوة الســتمرار الـراع عــى تقاســم الســلطة بــن‬ ‫املكونــات املعارضــة بعــد رحيــل األســد عســكرياً أو سياســياً‬ ‫مــن املشــهد‪ ،‬وهــذا مــا ســيجعل ســورية الجديــدة رهينــة‬ ‫تحــول منــوط بصــورة‪ ،‬وشــكل األدوات التــي مــن خاللهــا‬ ‫ســيتحقق ســقوط الســلطانية األســدية‪ ،‬وأدوات إخراجهــا‬ ‫مــن املشــهد الســوري‪ ،‬والــذي ســيكون لــه الــدور الهــام‪،‬‬ ‫واألســايس يف رســم مالمــح ســيناريوهات االنتقــال الســيايس‪،‬‬ ‫وآليــة حضــوره يف مشــهد ســورية الجديــدة‪.‬‬ ‫ال شــك أن الحالــة املركبــة التــي تعيشــها الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وتحــوالت الرتاجع الخطري يف مشــهديها الســيايس والعســكري‪،‬‬ ‫يرتبــط بصــورة مبــارشة بســلوك األجنــدات الداعمــة للثــورة‪،‬‬ ‫ومصائــر أهدافهــا دخــل اللعبــة الدوليــة القــذرة التــي مــا‬ ‫انفكــت‪ ،‬وهــي تعكــف بالتكافــل‪ ،‬والتضامــن فيــا بينهــا‬ ‫عــى رســم صــورة ســورية الجديــدة مبــا يقــارب مقــاس‬ ‫األهــداف اإلس ـراتيجية لتلــك الــدول‪ ،‬ومــا يســمح‪ ،‬ويســوق‬ ‫أيضــاً مرشوعيــة تفاهامتهــا الرباغامتيــة خلــف األبــواب‬ ‫املوصــدة لتقاســم كعكــة الــدم الســوري عــى طبــق ضبابيــة‬ ‫الحــل الســيايس امللتبــس‪ ،‬ووقــف العمليــات القتاليــة الهــش‪،‬‬ ‫ومــا تضمنــه مــن اســتثناءات تحقــق للنظــام‪ ،‬وداعميــه‬ ‫االســتمرار يف القتــل والتدمــر يف الوقــت الــذي تكبــل فيــه‬ ‫القــوى املســلحة األخــرى لتكــون هدفـاً ســهالً أمــام اســرجاع‬ ‫مــا كان قــد خــره النظــام عــى األرض طــوال الســنوات‬ ‫املاضيــة‪ ،‬وإحــكام إغــاق النوافــذ أمــام رسديــة الغالــب‪،‬‬ ‫واملغلــوب داخــل رحــى الحــرب الدائــرة‪ ،‬وتعطيــل مفاعيــل‬ ‫الحســم العســكري لصالــح املعارضــة املعتدلــة يف املشــهد‬ ‫االحـرايب عــى حســاب إطالــة أمــد الـراع الــذي يدفــع مثنــه‬ ‫الشــعب الســوري تهج ـرا ً وقت ـاً وحصــارا ً مل يشــهد التاريــخ‬ ‫أمثولــة لــه مــن قبــل‪ ،‬وذلــك ج ـ ّراء التفاهــات الشــيطانية‬ ‫بــن الراعيــن األكربيــن للقتــل «أمريــكا‪ ،‬وروســيا» عــى األرض‬ ‫الســورية‪ ،‬واشــتغالهام عــى تكريــس نظريــة الحــل الســيايس‬ ‫الواهــم‪ ،‬وغــر املفيــد يف إنهــاء الـراع‪ ،‬ووقــف نزيــف الــدم‬ ‫الســوري يف الوقــت الــذي تلــوح يف األفــق مالمــح حلــول‬ ‫سياســية تخــدم بقــاء النظــام‪ ،‬وال تســاعد عــى إســقاطه بيــد‬ ‫أن الســوريني قبــل غريهــم يدركــون أن ســقوط النظــام لــن‬ ‫يكــون عــر تفــاوض ينقصــه التكافــؤ العســكري عــى األرض‪،‬‬ ‫وتحكــم مفاصــل توافقاتــه أوهــا ٌم وأكاذيــب تدعــي منــارصة‬ ‫الثــورة‪ ،‬كــا أنهــم يدركــون أيض ـاً أن نظام ـاً اختــار الحلــول‬ ‫األمنيــة‪ ،‬وفتــح بوابــات جحيــم القتــل‪ ،‬والتدمــر بحــق شــعبه‬ ‫لــن يذهــب إال بالقــوة‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 39‬آيــار ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.