Alharmal (40) 15 05 2016 العدد 40 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تصويب املواقف‪..‬‬

‫«مــن هنــا نســتطيع القــول بــكل تواضــع‪ :‬إن الحرمــل كانــت أول مطبوعــة كشــفت حقيقــة الــدور‬ ‫األمريــي يف الكارثــة الســورية‪ .‬ولفتــت أنظــار االئتــاف إليــه‪ ،‬وطالبتــه باتخــاذ املواقــف التــي يجــب‬ ‫اتخاذهــا ضــدّ ه وخاصــ ًة عــى الصعيــد اإلعالمــي‪».‬‬

‫طارق عبدالغفور ص ‪6‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 40‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫س��وريا حت��ت وط��أة امل��وت املعل��ن واجل��وع والدم��ار‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫ذرور احلرمل‬ ‫طائ��ر الفيني��ق الس��وري‪!..‬‬ ‫بســام البليبــل‬

‫حندرات‬

‫الرقة‬

‫داريا‬

‫دير الزور‬

‫مــن داخــل الســرب‪ ..‬لــن نســمح بإبــادة العلويــن!‬ ‫عيد األم‪ ...‬يستثني األمهات السوريات‪!..‬‬ ‫املمانع��ة األس��دية‪ ..‬ومنصــات اللعبــة القــذرة يف لبنــان‬ ‫د‪.‬ســماح هدايــا‪ ..‬محاكم التفتيش والشــرطة القمعيّة‬

‫محمــد صالــح العويــد‪ ..‬عــن ألــم وعــذاب الكتابــة‬

‫إذا كان ال بــد مــن العــودة إىل طاولــة املفاوضــات يف جنيــف‪ ،‬فــا بــد‬ ‫أن تكــون هيئــة التفــاوض حاســمة يف أن الورقــة األساســية عــى الطاولــة‪،‬‬ ‫والتــي ســتنطلق منهــا املفاوضــات‪ ،‬هــي «هيئــة حكــم انتقاليــة كاملــة‬ ‫الصالحيــات التنفيذيــة»‪ ،‬وفــق جــدول زمنــي محــدد املــدة‪ ،‬ليــس أل ّن‬ ‫هيئــة التفــاوض يجــب أن تكــون متصلبــة‪ ،‬وإمنــا ألنهــا غــر مخولــة بأقــل‬ ‫مــن ذلــك‪ ،‬وألنهــا تســتمد رشعيتهــا انطالق ـاً مــن تلبيتهــا لهــدف الثــورة‬ ‫األســاس‪ ،‬تغيــر النظــام‪ ،‬والتمســك بالحــد األدىن الــذي ألــزم العــامل نفســه‬ ‫بــه‪ ،‬وفقـاً ملقــررات جنيــف‪ 1‬والقـرار ‪. 2254‬‬ ‫وعــى هيئــة التفــاوض أن ترفــض أيــة مفاوضــات عــى طريقــة «إدارة‬ ‫األزمــة»‪ ،‬أو اس ـراتيجية «التســويف والصمــت املؤقــت»‪ ،‬أو اس ـراتيجية‬ ‫«التفتيــت»‪ ،‬التــي يــرع فيهــا مفاوضــو النظــام‪ ،‬بــرف النظــر عــن‬ ‫القضيــة األساســية لصالــح قضايــا فرعيــة‪ ،‬أو سياســة «الغمــوض الب ّنــاء»‬ ‫املدسوســة يف ثنايــا القــرارات الدوليــة‪ ،‬كالعبــارة الــواردة يف ديباجــة‬ ‫الق ـرار ‪ 2254‬التــي تقــول‪« :‬عمليــة سياســية‪ ...‬بهــدف التنفيــذ الكامــل‬ ‫لبيــان جنيــف املــؤرخ ‪ 30‬حزيـران ‪ 2012‬الــذي أيــده القـرار ‪2013/2118‬‬ ‫وذلــك بســبل منهــا إنشــاء هيئــة حكــم انتقاليــة جامعــة‪ »..‬فأفــرغ بكلمة‬ ‫«بســبل منهــا» هيئــة الحكــم مــن مضمونهــا اإللزامــي والوحيــد ســبيالً‬ ‫للحــل وفــق الفقــرة «أ» البنــد‪ 9‬مــن بيــان جنيــف‪ ،1‬وكذلــك املــادة‪8‬‬ ‫مــن القــرار ‪ 2254‬التــي جــاءت مطلقــة‪ ،‬فأطلقــت يــد النظــام ومــن‬ ‫يتجوقــل معــه «بالقضــاء عــى املــاذ اآلمــن التــي أقامتــه تلــك الجامعــات‬ ‫والكيانــات املرتبطــة بتظيــم القاعــدة وتنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬وغريهــا‬ ‫مــن الجامعــات اإلرهابيــة عــى أج ـزاء كبــرة مــن ســوريا» دون تقييــد‬ ‫للعمليــات العســكرية‪ ،‬مبراعــاة القوانــن الدوليــة واإلنســانية‪ ،‬مــع فتــح‬ ‫املجــال الســتهداف الجيــش الحــر تحــت توســيع الجهــات املســتهدفة‬ ‫بالقــول‪« :‬وغريهــا مــن الجامعــات اإلرهابيــة‪ ،‬وهــذا مــا تتمســك بــه‬ ‫موســكو‪ ،‬ويســتغله النظــام‪ ،‬وهــذا مــا يوجــب عــى هيئــة التفــاوض‬ ‫الطلــب إىل مجلــس األمــن إعــادة النظــر يف هــذه املــادة‪ ،‬والعمــل عــى‬ ‫تقييدهــا‪.‬‬ ‫وعــى هيئــة التفــاوض أن تتمســك بالعبــارات الــواردة يف بيــان جنيــف‬ ‫والق ـرار‪ 2254‬لجهــة أن الســوريني هــم الذيــن يقــررون مــن ميثلهــم يف‬ ‫املفاوضــات‪ ،‬ويحــددون مواقفهــم التفاوضيــة‪ ،‬لقطــع الطريــق‪ ،‬بقــوة‬ ‫هــذا القــرار‪ ،‬عــى أيــة جهــة أخــرى‪ ،‬التدخــل يف هــذا الشــأن‪ ،‬لجهــة‬ ‫ترشــيح مفاوضــن جــدد‪.‬‬ ‫كذلــك وضــع األمــن العــام أمــام مســؤولياته الــواردة يف القــرار‪2254‬‬ ‫املــادة ‪ 6‬و‪ 7‬املتعلقــة بقيــادة الجهــود الراميــة لوقــف إطــاق النــار‪،‬‬ ‫والتحقــق واإلبــاغ عــن الخروقــات‪ ،‬وكذلــك مــا يتعلــق بتدابــر بنــاء‬ ‫الثقــة‪ ،‬وتقديــم تقريــر إىل مجلــس األمــن‪ ،‬عــى ضــوء ذلــك‪ ،‬بالخيــارات‬ ‫املتاحــة‪.‬‬ ‫وأن تأخــذ هيئــة التفــاوض بعــن االعتبــار رفــض الشــعب الســوري‬ ‫الزدواجيــة املوقــف الــرويس‪ ،‬كــرا ٍع للمفاوضــات‪ ،‬وكحليــف داعــم‬ ‫ومشــارك‪ ،‬مــع نظــام القتــل‪.‬‬ ‫وكذلــك رفــض الشــعب الســوري إلطــاق املــادة ‪ 8‬املشــار إليهــا آنف ـاً‪،‬‬ ‫وأن تتحمــل الرقــة وبعــض املناطــق الســورية مســؤولية الســواد الــذي‬ ‫اصطبغــت بــه‪ ،‬بوجــود داعــش‪ ،‬وشــجب كل عبــارة تصــف هــذه املناطــق‬ ‫باملــاذ اآلمــن‪ ،‬عــى أنهــا نــوع مــن االفتئــات الســيايس‪ ،‬واالســتكبار‬ ‫العاملــي‪ ،‬وخلــق الذرائــع‪.‬‬ ‫ورفــض أيــة محاولــة لاللتقــاء يف الوســط مــع نظــام قــد انتهــت صالحيتــه‪،‬‬ ‫وتكرســت عــدم رشعيتــه إقليميــاً ودوليــاً‪ ،‬ألن أي قبــول بذلــك يعنــي‬ ‫إعــادة إنتــاج النظــام‪.‬‬ ‫وفيــا عــدا ذلــك‪ ،‬فــا خــوف عــى مصــر ســورية‪ ،‬فســوريا كطائــر‬ ‫الفينيــق‪ ،‬يشــفي جراحــه مــن دموعــه‪ ،‬وينطلــق مــن رمــاده‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أهالــي ســهل الحولــة يتحــدّون الحصــار أسبوع أس��ود إليران وحزب اهلل يف سوريا‬ ‫مهند بكور ‪ -‬حمص‬ ‫بعــد منــع قــوات النظــام إدخــال الوقــود إىل‬ ‫منطقــة تلــدو بســهل الحولــة املحــارص‪ ،‬لجــأ‬ ‫األهــايل إىل األشــواك والنباتــات الربيــة التــي‬ ‫تنبــت عــى أطـراف األرايض الزراعيــة واألنهــار‪،‬‬ ‫حيــث يقومــون باســتخدامها للطهــو تــارة‪،‬‬ ‫ولتســخني امليــاه تــارة أخــرى حيــث بــات ‪80%‬‬ ‫مــن أهــايل مدينــة تلــدو يقومــون بالطهــو عــى‬ ‫النكــرة «املوقــدة»‬ ‫األغلبيــة الســاحقة مــن أهــايل منطقــة تلــدو‬ ‫هــم مــن املوظفــن‪ ،‬ويعتمــد أغلبهــم عــى‬ ‫مرتباتهــم كجهــة الدخــل الوحيــدة‪ ،‬التــي ال‬ ‫تســمن وال تغنــي مــن جــوع‪ ،‬ومنهــم مــن‬ ‫يعمــل بالتجــارة والزراعــة‪ ،‬يف املقابــل قــام‬ ‫النظــام بفصــل عــدد كبــر مــن املوظفــن‬ ‫مــن عملهــم بتهمــة «مطالبتهــم بالحريــة»‪،‬‬ ‫والخــروج مبظاهـرات ضــد نظــام األســد‪ ،‬ومنهم‬ ‫مــن مل يعــد مرتبهــم الشــهري يكفيهــم بعــد‬ ‫اشــتداد الحصــار‪ ،‬وتدهــور اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫وغــاء األســعار الــذي مل يعــد يحتمــل‪ ،‬حيــث‬ ‫يصــل ســعر أســطوانة الغــاز إىل ‪ 20‬ألــف‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬ويصــل ســعر لــر املــازوت إىل‬ ‫‪ 1100‬لــرة ســورية‪ ،‬إن وجــد أص ـاً‪ .‬كل ذلــك‬ ‫بالتــوازي مــع غــاء األســعار وعــدم توفــر‬ ‫فــرص العمــل جعــل األهــايل يلجــؤون إىل‬ ‫الطهــو عــى الحطــب يف فصــل الشــتاء والقــش‬ ‫وبقايــا املحاصيــل الزراعيــة‪ ،‬واألشــواك يف فصــل‬ ‫الصيــف‪.‬‬ ‫أم أحمــد «أم لســبعة أطفــال» مزارعــة وتــريب‬ ‫عــددا ً مــن األبقــار‪ ،‬قالــت إنهــا قــد اضطــرت‬ ‫لبيــع أبقارهــا مــن أجــل رشاء الطعــام ألطفالهــا‪،‬‬

‫من معارك خان طومان‬ ‫ومــن جهــة أخــرى بســبب عــدم توفــر الغــذاء‬ ‫الــازم لهــم يف املنطقــة املحــارصة‪ ،‬وأشــارت‬ ‫إىل أن أحــد أســباب بيــع األبقــار هــو القصــف‬ ‫املركــز مــن قبــل قــوات النظــام الذي يســتهدف‬ ‫منــازل املدنيــن‪ ،‬وقــد ماتــت لهــا بقــرة بســبب‬ ‫شــظية مــن قذيفــة هــاون ســقطت بالقــرب‬ ‫مــن اإلســطبل‪.‬‬ ‫وتضيــف «أم أحمــد» أن زوجهــا كان يعمــل‬ ‫أعــال حــ ّرة‪ ،‬واألن بــات يعمــل يف محــل‬ ‫تجــاري صغــر‪ ،‬ووارده اليومــي ال يســد‬ ‫حاجتهــم وســط غــاء األســعار‪ ،‬مؤكــدة أنهــم‬ ‫منــذ ثــاث ســنوات مل تدخــل أســطوانة الغــاز‬ ‫إىل منزلهــم‪ ،‬ومنــذ ذاك الحــن تطهــو وتنجــز‬ ‫أعاملهــا عــى موقــد بــدايئ الصنــع‪.‬‬ ‫جابــر «مــدرس مفصــول مــن مــاك التدريــس»‪،‬‬ ‫وتحــول للعمــل كبائــع متجــول‪ ،‬ومعتمــد‬ ‫لبيــع الخبــز يف حــال تــم دعمــه مــن املجلــس‬ ‫املحــي يف املنطقــة‪ ،‬يقــول‪ :‬منــذ العــام الثــاين‬ ‫للثــورة‪ ،‬وبعــد فصــي مــن مــاك التدريــس‪،‬‬ ‫وتوقــف التعليــم ملــدة تزيــد عــن ســنتني‬

‫بســبب اســتهداف املــدارس مــن قبــل حواجــز‬ ‫وطائـرات األســد اضطــررت للبحــث عــن عمــل‬ ‫يســر حاجتنــا التــي كانــت تســوء شــيئاً فشــيئاً‪،‬‬ ‫وســابقاً كنــت أعتمــد عــى مرتبــي الــذي يبلــغ‬ ‫‪ 20‬ألــف لــرة ســورية‪ ،‬واآلن أجنــي مــن عمــي‬ ‫شــهرياً نحــو ‪ 15‬ألــف لــرة ســورية‪ ،‬وبعــد‬ ‫تدهــور اللــرة أمــام الــدوالر‪ ،‬وارتفــاع األســعار‬ ‫الجنــوين‪ ،‬أصبــح مــا أجنيــه مــن عمــي ال يكفــي‬ ‫مثــن أســطوانة غــاز‪.‬‬ ‫ويضيــف‪ :‬يبلــغ ســعر «الببــور» نحــو ‪9500‬‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬ويبلــغ ســعر لــر املــازوت ‪1100‬‬ ‫لــرة ســورية‪ ،‬وطبعـاً مل يعــد مبقدورنــا رشائهــا‪،‬‬ ‫لذلــك أقــوم بجمــع األشــواك وبقايــا املحاصيــل‬ ‫وبعــض األخشــاب‪ ،‬وأقــوم بالطهــو عليهــا إىل أن‬ ‫يــأذن اللــه بفــرج قريــب‪.‬‬ ‫ارتفــاع األســعار ونــدرة املــواد بســب الحصــار‪،‬‬ ‫زاد مــن حــدة األزمــة الراهنــة‪ ،‬إضافــة لعــدم‬ ‫توفــر فــرص العمــل وانتشــار البطالــة ضاعــف‬ ‫مــن معانــاة املحارصيــن‪ ،‬الذيــن يهددهــم‬ ‫الجــوع واملــوت مــن كل مــكان‪.‬‬

‫الرقة تحت وطأة املوت والجوع‬

‫حلب ‪ -‬خاص‬ ‫أســبوع أســود مـ ّر عــى إيـران واملليشــيات‬ ‫التــي تقاتــل معهــا يف ســوريا إذ تكبــدت خســائر‬ ‫كبــرة‪ ،‬خصوصــاً يف حلــب التــي تحــاول مــن‬ ‫خاللهــا تســجيل انتصــارات أمــام مؤيديهــا‪،‬‬ ‫ومؤيــدي األســد لتربيــر أعاملهــا العدائيــة عــى‬ ‫الرغــم مــن رسيــان الهدنــة التــي رعتهــا روســيا‬ ‫والواليــات املتحــدة‪.‬‬ ‫فصائــل مــن املعارضــة الســورية املســلحة‬ ‫وجهــت صفعــة قويــة إليــران وحلفائهــا يف‬ ‫خــان طومــان ومخيــم حنــدرات‪ ،‬إذ تشــر‬ ‫التقاريــر التــي اعرتفــت إيــران بهــا إىل أن مــا‬ ‫بــن ‪ 20‬إىل ‪ 50‬جنديـاً إيرانيـاً‪ ،‬قتلــوا يف «خــان‬ ‫طومــان» بحســب مــا ذكــره موقــع «عــر‬ ‫إي ـران» املقــرب مــن الرئيــس حســن روحــاين‪،‬‬ ‫الســبت الفائــت‪.‬‬ ‫كــا أُرس ثالثــة ومثانــون مقاتــاً إيرانيــاً يف‬ ‫املعركــة نفســها بحســب مــا نقلــه موقــع إيـراين‬ ‫عــن جنــدي قبــل وقوعــه بــاألرس‪ ،‬إضافــة‬ ‫إىل ذلــك فقــد تــم قتــل وأرس العــرات مــن‬

‫القائ��د العس��كري حل��زب اهلل مصطف��ى بدر الدي��ن يف خرب كان!‬

‫اللعنة السورية تطارد قادة حزب اهلل‬

‫الحرمل ‪ -‬وكاالت‬ ‫صورة من االرشيف ‪ -‬تجمع الناس أمام مطبخ الرقة اإلغايث‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫مل تتوقــف غــارات ط ـران النظــام والط ـران‬ ‫الــرويس عــن قصــف الرقــة‪ ،‬واســتهداف‬ ‫املدنيــن العــزل‪ ،‬رغــم النــداءات التــي أطلقهــا‬ ‫ناشــطو الرقــة‪ ،‬وحملــت عناويــن متعــددة‪،‬‬ ‫منهــا «الرقــة مدينتــي»‪ ،‬و»الرقــة تحــرق»‪،‬‬ ‫و»أوقفــوا قتــل املدنيــن»‪ ،‬مــا زال العــامل صامتـاً‬ ‫أمــام هــول مــا يجــري مــن مجــازر‪ ،‬آخرهــا‬ ‫القصــف الــذي تعرضــت لــه منطقــة الفــردوس‪،‬‬ ‫وتحديــدا ً يف محيــط ثانويــة ابــن خلــدون‪،‬‬ ‫ونجــم عنهــا ارتقــاء عــدد مــن الشــهداء‬ ‫وعــرات الجرحــى‪ ،‬وتهديــم معظــم املبــاين‬ ‫الواقعــة يف تلــك املنطقــة‪.‬‬ ‫القصــف املتكــرر الــذي تعــاور عليــه طــران‬ ‫النظــام والــرويس وطــران التحالــف أىت عــى‬ ‫مــا تبقــى مــن صوامــع الحبــوب‪ ،‬شــال‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬والتــي تعتــر خزانهــا االحتياطــي‬ ‫ملــادة القمــح‪ ،‬وتدمــر مطحنــة الرشــيد‪ ،‬التــي‬

‫تزودهــا مبــادة الدقيــق‪ ،‬وأيضـاً قصــف مولــدات‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬ومراكــز تنقيــة وتصفيــة امليــاه‪ ،‬كل‬ ‫ذلــك يســاعد عــى إنهــاء كل أشــكال الحيــاة‬ ‫املدنيــة يف الرقــة‪ ،‬التــي باتــت مهــددة مــن كل‬ ‫قــوى العــامل‪ ،‬وأصبحــت منــذورة للدمــار‪ ،‬وســط‬ ‫صمــت دويل‪ ،‬خصوصـاً املنظــات منهــا‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســها منظمــة األمــم املتحــدة‪ ،‬التــي ارتضــت‬ ‫أن تكــون شــاهد زور ملقتلــة الرقــة‪.‬‬ ‫أمــا مــا يتعلــق بالجانــب اإلنســاين‪ ،‬ويف ظــل‬ ‫ارتفــاع أســعار الــدوالر أمــام اللــرة الســورية‪،‬‬ ‫والــذي وصــل إىل أرقــام غــر مســبوقة‪ ،‬حــوايل‬ ‫‪ 670‬لــرة ســورية للــدوالر والواحــد‪ ،‬إضافــة‬ ‫لتوقــف أشــكال الحيــاة الزراعيــة بشــكل شــبه‬ ‫كامــل‪ ،‬ومــا يحملــه الحصــار املفــروض عليهــا‬ ‫مــن كل الجهــات‪ ،‬ونــدرة املــواد‪ ،‬وشــح فــرص‬ ‫العمــل‪ ،‬وانعدامهــا إال إذا كانــت تصــب يف‬ ‫مجــاالت العمــل الخاصــة بتنظيــم الدولــة‪،‬‬ ‫وانقطــاع رواتــب املوظفــن‪ ،‬كل ذلــك ســاعد‬

‫عــى ارتفــاع أســعار املــواد االســتهالكية‪،‬‬ ‫خصوصــاً الخضــار والفواكــه‪ ،‬حيــث وصــل‬ ‫ســعر كيلــو البنــدورة إىل أكــر مــن ‪ 700‬لــرة‬ ‫ســورية‪ ،‬فيــا وصــل ســعر البطاطــا إىل نحــو‬ ‫ألــف لــرة‪ ،‬كــا أصبــح ســعر خمســة أرغفــة‬ ‫مــن الخبــز نحــو ‪ 200‬لــرة ســورية‪.‬‬ ‫يف املقابــل مــا زالــت إي ـران تطلــق ترصيحاتهــا‬ ‫املؤيــدة للنظــام‪ ،‬ومــا جــاء يف آخرهــا عــن‬ ‫دعمهــا املرتقــب للــرة الســورية مقابــل‪ ،‬فيــا‬ ‫البنــك املركــزي الســوري قــد أعلــن عــن نفــاد‬ ‫احتياطيــه مــن النقــد األجنبــي‪ ،‬الــذي اضطــرت‬ ‫ســورية إىل اســتنفاذ رصيدهــا مــن العملــة‬ ‫الصعبــة التــي دفعتهــا للحكومــة الروســية‪،‬‬ ‫تحــت ضغــط الكرملــن وتهديــده بوقــف‬ ‫املســاعدات عــن ســورية‪.‬‬ ‫املــؤرشات تؤكــد أن النظــام بــات جاهــزا ً‬ ‫للرحيــل‪ ،‬فيــا يعــاين أهــل الرقــة‪ ،‬مــن مــوت‬ ‫مرتقــب‪ ،‬وينتظــرون الفــرج القريــب‪.‬‬

‫اإليرانيــن خــال معركــة مخيــم حنــدرات‬ ‫التــي انطلقــت بعــد معركــة خــان طومــان‪،‬‬ ‫وتحدثــت تقاريــر أن إجــايل املقاتلــن الــذي‬ ‫قضــوا يف خــان طومــان مــن أفغــان ولبنانيــن‬ ‫وإيرانيــن بلــغ أكــر مــن مثانــن قتيـاً‪ ،‬وأن نحــو‬ ‫أربعــن مــن نفــس الجنســيات قتلــوا يف معركــة‬ ‫حنــدرات‪ ،‬لكــن الخســارة األكــر وجهــت لحــزب‬ ‫اللــه بقتــل الرجــل الثــاين يف الحــزب مصطفــى‬ ‫بــدر الديــن وأربعــة مــن كبــار املستشــارين‬ ‫بالقــرب مــن مطــار دمشــق الــدويل‪ ،‬متهــا‬ ‫بذلــك املعارضــة التــي بدورهــا نفت اســتهدافه‪.‬‬ ‫وتجــدر االشــارة هنــا إىل أن إيـران قــد اعرتفــت‬ ‫مبقتــل ‪ 1200‬مقاتــل إيـراين يف ســوريا منــذ عــام‬ ‫‪ ،2012‬حســبام ذكــرت وكالــة أنبــاء الطلبــة‬ ‫اإليرانيــة‪ .‬كــا تــم تســجيل مقتــل ‪ 340‬مقات ـاً‬ ‫إيرانيــا بينهــم ‪ 56‬ضابطــاً منــذ بدايــة العــام‬ ‫الحــايل‪ ،‬يف حــن تشــر التقديـرات إىل أن خســارة‬ ‫حــزب اللــه بلغــت نحــو ‪ 1600‬مــن عنــارصه‬ ‫وقياداتــه يف ســوريا منــذ ‪ ،2012‬إال أن الرقــم‬ ‫الحقيقــي قــد يكــون أعــى بكثــر‪.‬‬

‫تضاربــت األنبــاء حــول طريقــة مــوت‬ ‫القائــد العســكري لحــزب اللــه يف ســورية‪ ،‬بــن‬ ‫أنبــاء تذكــر أنــه لقــي مرصعــه عــى أيــدي الثــوار‬ ‫الســوريني يف محيــط خــان طومــان قــرب حلــب‪،‬‬ ‫وأخبــار تقــول بأنــه لقــي مصــره األســود بقصــف‬ ‫للثــوار عــى محيــط مطــار دمشــق الــدويل‪،‬‬ ‫إال أن مديــر «املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان»‬ ‫رامــي عبــد الرحمــن‪ ،‬الــذي يصــدر إحصــاءات‬ ‫يوميــة حــول العمليــات العســكرية‪ ،‬ســواء‬ ‫التــي تنفذهــا قــوات النظــام أو املعارضــة بــكل‬ ‫فصائلهــا‪ ،‬قــال لوكالــة (رويــرز)‪( :‬ال يوجــد ومل‬ ‫يســجل ســقوط أي قذائــف أو إطــاق قذائــف‬ ‫مــن الغوطــة الرشقيــة عــى مطــار دمشــق‬ ‫منــذ أســبوع)‪ ...‬واعتــر عبدالرحمــن أن الحــزب‬ ‫(يتكتــم عــى الروايــة الحقيقيــة)‪.‬‬ ‫وتذكــر بعــض املصــادرأن مصطفــى بــدر الديــن‬ ‫تــم قتلــه منفــردا ً مــا يــي مبؤامــرة مــن النظــام‬ ‫الســوري بالتعــاون مــع قيــادة حــزب اللــه‬ ‫بتصفيتــه ملحــو اســمه مــن ســجالت املحكمــة‬ ‫الدوليــة حيــث أنــه أحــد املتهمــن باغتيــال‬ ‫رئيــس الــوزراء اللبنــاين الســابق رفيــق الحريــري‪.‬‬ ‫التاريخ املشبوه ملصطفى بدر الدين‪:‬‬ ‫إليــاس صعــب‪ ..‬ســامي عيــى‪ ..‬صــايف بــدر‪..‬‬

‫ذو الفقــار‪ ..‬كل هــذه األســاء أســاء مســتعارة‬ ‫للقائــد الــري يف حــزب اللــه اللبنــاين املدعــو‬ ‫مصطفــى أمــن بــدر الديــن‪ ،‬الــذي تصفــه‬ ‫ســجالت املحاكــات بـ»الشــبح الــذي ال ميكــن‬ ‫تعقبــه»‪.‬‬ ‫ويذكــر أنــه أُل ِقــي القبــض عــى بــدر الديــن‬ ‫و ُحكــم عليــه باإلعــدام يف الكويــت عــام ‪1983‬‬ ‫بســبب االشــتباه يف تو ّرطــه بالتخطيــط لسلســلة‬ ‫مــن التفجــرات يف الكويــت بينهــا هجــات‬ ‫اســتهدفت الســفارتني األمريكيــة والفرنســية‪،‬‬ ‫حيــث يُعتقــد أن تلــك الهجــات جــاءت انتقامـاً‬ ‫مــن الكويــت والغــرب عــى دعمهــم للع ـراق يف‬ ‫حربهــا مــع إيــران‪.‬‬ ‫كــا قــام فريــق مــن املحققــن مــن األمــم‬ ‫املتحــدة بالتحقيــق يف تفجـرات ‪ 2005‬التــي قُتــل‬ ‫يف أحدهــا رئيــس الــوزراء اللبناين رفيــق الحريري‪،‬‬ ‫قبــل أن تشــر التحقيقــات إىل تــو ّرط بــدر الديــن‪،‬‬ ‫حيــث ذكــر أنــه لعــب دور املنســق بــن الشــبكة‬ ‫التــي قامــت بتعقــب واغتيــال املليارديــر اللبنــاين‬ ‫الشــهري‪.‬‬ ‫وتشــر ســجالت املحكمــة إىل ومضــات مــن حيــاة‬ ‫بــدر الديــن الــذي ات ُّ ِهــم بالتآمــر لتنفيــذ عمــل‬ ‫إرهــايب‪ ،‬عــن طريــق جهــاز متفجــر‪ ،‬باإلضافــة إىل‬ ‫القتــل العمــد‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عيد األم يستثني األمهات السوريات‪!..‬‬

‫‪3‬‬

‫الحرملي‬ ‫لتظ��ل احلن��اء طيّب��ة‪!..‬‬

‫يوسف دعيس‬

‫عروة المهاوش‬

‫يف الوقــت الــذي احتفلــت فيــه تركيــا بعيــد «األم‬ ‫الرتكيــة»‪ ،‬والــذي يصــادف ثــاين يــوم أحــد مــن شــهر‬ ‫أيــار «مايــو»‪ ،‬حيــث تتشــارك ‪ 140‬دولــة حــول العــامل‬ ‫يف هــذا العيــد‪ ،‬كان األبنــاء الســوريون يقفــون طوابــر‬ ‫أمــام أبــواب الواليــات‪ ،‬ومكاتــب املســؤولني األت ـراك‬ ‫يف املــدن‪ ،‬والواليــات الرتكيــة للحصــول عــى تراخيــص‬ ‫الســفر للتنقــل بــن املــدن الرتكيــة فقــط لالستفســار‬ ‫عــن قانــون مل الشــمل‪ ،‬والــذي صــدر حديثـاً يف تركيــا‪،‬‬ ‫وقــد قــام مكتــب العالقــات الســورية الرتكيــة‪ ،‬ومقــره‬ ‫واليــة هاتــاي «الريحانيــة» بتوضيــح هــذه اإلجـراءات‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬وتفنيــد بنودهــا‪ ،‬والتــي أصابت الســوريني‬ ‫يف مقتــل‪ ،‬إذ ال يحــق لألبنــاء ملّ شــمل أمهاتهــم‪،‬‬ ‫القابعــات خلــف الحــدود بإنتظــار املجهــول‪ ،‬قلــق‬ ‫كبــر مــن الفقــدان بإحــدى غــارات التحالــف‪ ،‬أو‬ ‫براميــل النظــام الســوري‪ ،‬وحتــى القذائــف الطائشــة‬ ‫والتــي ال يعــرف بهــا أحــد مــن الفصائــل‪.‬‬ ‫مظاهــر االحتفــال كانــت واضحــة‪ ،‬فقــد نقلــت‬ ‫شاشــات التلفــزة الرتكيــة حفــل تكريــم األمهــات مــن‬ ‫قبــل أعــى املناصــب الحكوميــة‪ ،‬ونقلــت أيضـاً الزيارة‬ ‫التــي قــام بهــا الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان‬ ‫لقــر والدتــه قارئـاً عــى روحهــا الفاتحــة‪ ،‬فيــا قامــت‬ ‫بعــض الجهــات الحكوميــة بتوزيــع أزهــار القرنفــل‬ ‫مــن قبــل الصبايــا والشــباب عىل النســوة يف الشــوارع‪،‬‬ ‫ـس األم‬ ‫بعــض املنظــات الحكوميــة الرتكيــة أيضـاً مل تنـ َ‬ ‫الســورية مــن هــذا التكريــم وهــذه الحفــاوة‪ ،‬فيــا‬ ‫بقــي العــدد األكــر مــن األبنــاء الســوريني واألمهــات‬ ‫الســوريات بانتظــار قـرار رحمــة يجمــع الشــمل بعــد‬ ‫الشــتات‪ ،‬ولكــن ال حيــاة ملــن تنــادي يف ظــل القوانــن‬ ‫الصارمــة‪ ،‬والتــي أغلقــت كل الحــدود املشــركة‬ ‫الســورية‪ -‬الرتكيــة‪.‬‬ ‫ال يقتــر األمــر عــى إغــاق الحــدود ومنــع تدفــق‬ ‫الالجئــن إىل األرايض الرتكيــة أو مغادرتهــا نحــو األرايض‬ ‫األوربيــة عــر بحــر إيجــة‪ ،‬اســتجابة لالتفاقــات التــي‬

‫أبرمتهــا الحكومــة الرتكيــة مــع دول اإلتحــاد األوريب‪،‬‬ ‫والتــي حصلــت مبوجبهــا تركيــا عــى مبلــغ وصــل إىل‬ ‫نحــو ســتة مليــارات يــورو عــى دفعــات متتاليــة‪،‬‬ ‫كمســاعدة مــن االتحــاد األوريب لرتكيــا الســتضافتها‬ ‫نحــو ‪ 2,7‬مليــون الجــئ ســوري عــى أراضيهــا‪ ،‬والــذي‬ ‫ســبب لهــا الكثــر مــن الضغــط املــايل عــى مؤسســاتها‬ ‫الحكوميــة‪.‬‬

‫سجن كبري‬

‫قانــون منــع الســفر‪ ،‬والتنقــل بحريــة بــن املــدن‬ ‫رع القانــون‬ ‫والواليــات الرتكيــة‪ ،‬والــذي رشح مــ ّ‬ ‫أســبابه يف حــر أعــداد الســوريني يف الواليــات واملــدن‬ ‫والبلــدات‪ ،‬أثّــر كث ـرا ً عــى املواطــن الســوري الــذي‬ ‫يحتــاج للتنقــل بحريــة‪ ،‬محاولــة منــه للحصــول عــى‬ ‫فرصــة عمــل‪ ،‬أو القيــام بواجبــه لــو كان متطوعـاً بأحد‬ ‫املنظــات الســورية العاملــة عــى األرايض الرتكيــة‪،‬‬ ‫فكــم مــن دعــوات مل يســتطع أحــد حضورهــا نتيجــة‬ ‫التأخــر يف إعطــاء إذن الســفر‪ ،‬ونتيجــة االزدحــام‬ ‫الــكاريث يف الحصــول عليــه‪ ،‬وتخصيــص مــكان واحــد‬ ‫فقــط يف كل واليــة إلعطــاء هــذه املوافقــة‪ .‬الحواجــز‬ ‫املنتــرة عــى الطرقــات ومداخــل املــدن تطلــب مــن‬ ‫الســوري هــذا الترصيــح ويف حــال عــدم وجــوده يتــم‬ ‫إنزالــه وإرجاعــه عنــوة اىل املدينــة التــي انطلــق منهــا‪.‬‬ ‫تحــت ذريعــة األمــن القومــي الــريك‪ ،‬وأمــن البــاد‪،‬‬ ‫وإج ـراء إحصــاء دقيــق لعــدد الســوريني يف البلــدات‬ ‫واملــدن الرتكيــة‪ ،‬ميــوت الســوري بانتظــار املوافقــة‪،‬‬ ‫حــاالت إنســانية ملحــة ملــرىض ســوريني قــد تتوقــف‬ ‫حياتهــم عــى هــذا الترصيــح‪ ،‬فيضطــر للســفر دونهــا‪،‬‬ ‫ويبقــى األمــر فيهــا للقلــوب الرحيمــة مــن الجنــد‬ ‫األت ـراك عــى الحواجــز الطرقيــة‪.‬‬

‫إضاءات مؤملة‪..‬‬

‫شــاب ســوري مــن مدينــة الرقــة ابتــاه اللــه مبــرض‬ ‫الرسطــان‪ ،‬ويحتــاج للســفر مــن مدينــة شــانيل أورفــا‬

‫إىل مدينــة غــازي عينتــاب يف مواعيــد محــددة‪،‬‬ ‫للحصــول عــى الجرعــات الكيامويــة‪ ،‬فهــو مضطــر‬ ‫للوقــوف يف الطابــور الطويــل أمــام مبنــى الواليــة‬ ‫للحصــول عــى الترصيــح عــى الرغــم مــن تأكيــده‬ ‫عــى إعطــاء التصاريــح للمــرىض والحــاالت املســتعجلة‬ ‫بوقــت أرسع مــن غــره‪ ،‬إال أنــه أكــد اســتحالة‬ ‫الحصــول عــى ترصيــح ملــدة زمنيــة طويلــة‪ ،‬فالقانــون‬ ‫يعطيــك الحــق فقــط بالســفر بهــذا الترصيح ملــدة ‪15‬‬ ‫يوم ـاً فقــط‪ ،‬بينــا تعــاين أم محمــد مريضــة القلــب‬ ‫ذات الســنوات الســتني األمريــن للحصــول عــى هــذه‬ ‫املوافقــة والســفر إىل مدينــة غــازي عينتــاب لتلقــي‬ ‫العــاج هنــاك‪.‬‬ ‫يف أحــد املكاتــب‪ ،‬والتــي يوجــد فيهــا بعــض األخــوة‬ ‫األتــراك مــن أصــول عربيــة‪ ،‬كان يجلــس مــا يشــبه‬ ‫اإلنســان بعــد أن أنهــك جســده املــرض‪ ،‬بيــد ترتجــف‬ ‫وصــوت مخنــوق ال يســمعه مــن يجلــس بجــواره‪ ،‬كان‬ ‫يطلــب مرشوب ـاً ينهــي بــه عطــش جســده لدقائــق‪،‬‬ ‫ورغــم جالفــة عــرب تركيــا املوظفــن يف دائــرة الهجــرة‪،‬‬ ‫أعطــاه أحدهــم مــا تبقــى مــن كأس الشــاي التــي كان‬ ‫يتلــذذ برشبهــا أمــام املراجعني‪ ،‬مــرض الســكري إضافة‬ ‫إىل إرتفــاع ضغــط الــدم‪ ،‬وأمـراض القلــب مل تشــفع له‬ ‫الحصــول عــى ترصيــح شــبه دائــم للســفر‪ ،‬مل يكــن‬ ‫ذاك اإلنســان ســوى الكاتــب واألديــب الســوري رئيــس‬ ‫اتحــاد الكتــاب مبدينــة ديــر الــزور‪ ،‬فــأي مصيبــة نحــن‬ ‫فيهــا حــن يأتيــك حاجــب مســؤول ال يحــرم قا ّمــة‬ ‫ســورية كهــذه!!‬ ‫تبقــى األمهــات الســوريات‪ ،‬وعــى الرغــم مــن أهــوال‬ ‫الحــرب يف ســوريا‪ ،‬ينتظــرن يف عيدهــن قبلــة مــن‬ ‫شــفاه أوالدهــن املتبقــن عــى قيــد الحيــاة‪ ،‬ويبقــى‬ ‫األبنــاء بشــوق الستنشــاق عــرق األمهــات‪ ،‬الــذي‬ ‫يعــادل أفخــر العطــورات العامليــة‪ ،‬فيــا يبقــى األمــل‬ ‫بقانــون إنســاين يجمــع شــمل األحبــة عــى أرصفــة‬ ‫الغربــة‪ ..‬فهــل مــن مســتجيب؟!!‬

‫يف تركيــا يقيــم األهــل احتفــاالت ألبنائهــم عندمــا يلتحقــون‬ ‫بالجنديــة‪ ،‬فينقــرون عــى الــدف‪ ،‬ويقرعــون عــى الطبــل‪ ،‬ويعزفــون‬ ‫عــى املزامــر‪ ،‬ويخضبــون أيــدي املحتفــى بهــم بالح ّنــاء‪ ،‬يف ســوريا‬ ‫يبــي األهــل عندمــا يلتحق ابنهــم بالجيــش ألداء الخدمة العســكرية‪،‬‬ ‫ويحزنــون كث ـرا ً‪ ،‬ويف نهايــة خدمتــه‪ ،‬يقيمــون األف ـراح‪.‬‬ ‫يف تركيــا يحتفــون بالشــاب عندمــا يلتحــق بالخدمــة العســكرية‪ ،‬فهم‬ ‫يعتــرون العســكرية نقطــة تحــول نحــو الرجولــة‪ ،‬أو مبعنــى أدق‬ ‫اكتــال الرجولــة‪ ،‬ولهــذا يطلقــون عــى العســكري صفــة «املحمدي»‪،‬‬ ‫«مهمتجــي»‪ ،‬أي جنــد محمــد (صــى اللــه عليــه وســلم)‪ ،‬ورغــم‬ ‫علامنيــة تركيــا التــي امتــدت لســنوات طــوال‪ ،‬بقــي األس الدينــي‬ ‫يتزامــن مــع اكتــال الرجولــة‪ ،‬التــي يجســدها العســكري يف أعــى‬ ‫مضامينهــا األخالقيــة والدينيــة‪.‬‬ ‫لكــن مــا بــال «املهمتجــي» الــذي اصطبغــت يــداه بالح ّنــاء تتخضّ ــب‬ ‫بدمــاء الســوريني األبريــاء‪ ،‬فقــد قُتــل محمــود صــري املطــر عــى‬ ‫الحــدود الســورية الرتكيــة‪ ،‬وهــو يحــاول الوصــول إىل تركيــا‪ ،‬باحث ـاً‬ ‫عــن مــاذ آمــن‪ ،‬وهــو الــذي تــرك أحــد أبنائــه معتقـاً لــدى داعــش‪..‬‬ ‫محمــود الطيــب أراد أن يبحــث عــن األمــان الــذي افتقــده يف ســوريا‬ ‫التــي تتحكــم مبصائرهــا ميليشــيات الحقــد الطائفــي‪ ،‬ودول مزعومــة‬ ‫وزائفــة تدعــي الخالفــة‪ ..‬محمــود أراد أن يحافــظ عــى مــا تبقــى‬ ‫مــن عائلتــه‪ ،‬ووجــد ضالتــه يف قــر مشــلوح عــى قارعــة الحــدود‪..‬‬ ‫محمــود صــري املطــر مل يكــن الوحيــد الــذي قُتــل عــى أيــدي‬ ‫عنــارص الجندرمــا الرتكيــة‪ ،‬ولــن يكــون األخــر‪ ،‬فمنــذ أيــام قتلــت‬ ‫فتــاة ديريــة كانــت تريــد العــودة إىل ســوريا‪ ،‬وبقيــت جثتهــا مرميــة‬ ‫بجانــب األســاك مــدة ثالثــة أيــام‪ ،‬دون أن يســتطيع أحــد االق ـراب‬ ‫منهــا وســحبها إىل الداخــل الســوري املــرع بالدمــاء‪ ،‬وقبلهــا فتــاة‬ ‫رقاويــة أرادت دخــول تركيــا وأرداهــا «املهمتجــي» قتيلــة‪ ،‬وقبلهــا‬ ‫العــرات الذيــن يفــرون بحياتهــم ليواجهــوا املــوت عــى أيــدي‬ ‫إخوانهــم األتــراك‪ ،‬الذيــن ارتضــوا أن يكونــوا أنصــارا ً‪.‬‬ ‫رغــم كل مــا قدمــه األتــراك مــن مســاعدات للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫والتــي ال ميكننــا إغفالهــا‪ ،‬أو تجاهلهــا‪ ،‬لكــن يبقــى الســؤال مفتوحـاً‪،‬‬ ‫وبرســم صانعــي السياســة والق ـرار يف تركيــا‪ :‬ملــاذا ميــوت الســوري‬ ‫قت ـاً عــى حدودكــم؟! رمبــا يــأيت مــن يقــول «تركيــا تريــد الحفــاظ‬ ‫عــى أمنهــا»‪ ،‬ورمبــا مــن يقــول أن منعكــس أفعــال تركيــا تجــاه‬ ‫الســوريني يــأيت اســتجابة لطلبــات االتحــاد األوريب يف منــع تدفــق‬ ‫الالجئــن‪ ،‬ورضورة ضبــط حدودهــا الربيــة والبحريــة‪ ،‬لكــن أليــس من‬ ‫حــق الســوريني أن يقولــوا‪« :‬ال نريــد للمحمــدي أن يعــود إىل أمــه‬ ‫بيديــن مخضبتــن بالــدم الســوري الــريء»‪ ،‬ومــن حقهــم أيض ـاً أن‬ ‫يطالبــوا «املحمــدي» بالكــف عــن قتــل الســوريني‪ ،‬وحــر عمليــات‬ ‫القتــل بالقناصــات األلكرتونيــة‪ ،‬ولتظــل الح ّنــاء تنــر طيبهــا‪ ،‬وال‬ ‫تختلــط بالــدم املســفوح ميينـاً وشــاالً‪ ،‬الــدم الــريء الــذي يســترصخ‬ ‫البرشيــة إىل متــى نُقتــل؟!‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫مخس��ة عشر ش��هيداً حصيلة القصف الروسي على بلدة الش��حيل يف دير الزور رس��امون س��وريون يدعم��ون من��ح‬ ‫تنظيــم الدولة يعدم ناشــط ًا إعالمي ًا يف دير الزور «كلس» الرتكية جائزة نوبل للسالم‬

‫دير الزور ‪ -‬خاص‬ ‫ارتكبــت املقاتــات الحربيــة الروســية‪،‬‬ ‫ظهــر األربعــاء األول مــن الشــهر الحــايل‬ ‫مجــزرة يف بلــدة الشــحيل يف ريــف ديــر الــزور‬ ‫الرشقــي‪ ،‬راح ضحيتهــا ‪ 15‬شــهيدا ً‪ ،‬وأكــر مــن‬ ‫عرشيــن جريحــاً‪ ،‬تــم إســعافهم إىل املشــايف‬ ‫امليدانيــة واملراكــز الصحيــة يف ريــف ديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬ووقعــت املجــزرة يف بلــدة الشــحيل‪،‬‬ ‫عقــب قصــف الطــران الــرويس‪ ،‬بالصواريــخ‬ ‫الفراغيــة لنقــاط طبيــة يف البلــدة‪ ،‬مــا تســبب‬ ‫بارتقــاء شــهداء وســقوط وجرحــى وتدمــر‬ ‫النقــاط الطبيــة بشــكل شــبه كامــل‪.‬‬ ‫كــا جــدد الطــران الــرويس قصفــه الجــوي‬ ‫عــى أحيــاء مدينــة ديــر الــزور الخاضعــة‬ ‫لســيطرة تنظيــم الدولــة‪ ،‬إذ قصــف الطــران‬ ‫الــرويس حــي الحويقــة ومحيــط جــر‬ ‫السياســية‪ ،‬وتجــدد قصــف قــوات النظــام‬ ‫باملدفعيــة الثقيلــة الــذي اســتهدف قريتــي‬ ‫املريعيــة والجفــرة يف محيــط مطــار ديــر الزور‬ ‫العســكري‪ ،‬مــا تســبب بدمــار يف ممتلــكات‬ ‫األهــايل‪ ،‬دون ورود أنبــاء عــن ســقوط ضحايــا‪.‬‬ ‫ويف رف ديــر الــزور الرشقــي‪ ،‬وتحديــدا ً يف‬ ‫الشــعيطات‪ ،‬قــام عنــارص مــن تنظيــم داعــش‬ ‫بإعــدام عــاء خالــد الجــر بتهمــة التواصــل مع‬ ‫الجيــش الحــر‪ ،‬فيــا وردت أنبــاء عــن مقتــل‬ ‫عــرة عنــارص مــن تنظيــم داعــش بينهــم‬ ‫بلجيــي وأســرايل وســعودي يف اشــتباكات‬ ‫املدينــة مــع قــوات النظــام‪ ،‬بالتزامــن مــع‬ ‫اســتنفار تنظيــم داعــش العديــد مــن مقاتليــه‬ ‫املهاجريــن واألنصــار للتوجــه إىل جبهــات‬ ‫املدينــة بعــد تصاعــد وتــرة االشــتباكات‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تشــهد فيــه مدينــة ديــر‬ ‫الــزور تصاعــد لوتــرة االشــتباك‪ ،‬قامــت قــوات‬ ‫النظــام وامليلشــيات التابعــة لــه بنصــب‬ ‫راجــات صواريــخ ثقيلــة عــى شــاحنات‬ ‫بالقــرب مــن جامــع الفتــح يف حــي القصــور‬ ‫وتســتهدف األحيــاء املحــررة بشــكل عشــوايئ‪،‬‬ ‫وتــدك معظــم أحيــاء املدينــة بكافــة أنــواع‬ ‫األســلحة والذخائــر الخفيفــة واملتوســطة بعــد‬ ‫تقــدم تنظيــم داعــش منــذ أيــام‪ .‬وتشــهد‬ ‫قريــة البغيليــة اشــتباكات عنيفــة جــدا ً بــن‬ ‫قــوات النظــام وتنظيــم داعــش بقريــة‪،‬‬ ‫وأصــوات االنفجــارات الضخمــة تهــز مناطــق‬ ‫االشــتباكات‪ ،‬وقــوات النظــام تقصــف بكثافــة‬ ‫مواقــع تنظيــم داعــش بالقذائــف مــن مقــر‬ ‫اللــواء ‪ 137‬وداعــش يقصــف بالقذائــف‬ ‫مق ـرات النظــام عــى أط ـراف قريــة البغيليــة‬ ‫ومعســكر الطالئــع وســقوط عــدة قذائــف‬

‫عــى فيــات ضاحيــة الجــورة مســتهدفة منازل‬ ‫املدنيــن‪ ،‬وســاع انفجــار ضخــم جــدا ً بالقــرب‬ ‫مــن فنــدق ف ـرات الشــام‪ ،‬وتصاعــد ألعمــدة‬ ‫الدخــان األســود بأطــراف قريــة البغيليــة‬ ‫وقريــة الجنينــة‪ ،‬وقــوات النظــام تقصــف قرية‬ ‫الجنينــة بالقذائــف‪ ،‬وتنظيــم داعــش يقصــف‬ ‫باملدفعيــة الثقيلــة مقـرات النظــام بتلــة الرواد‬ ‫وجمعيــة الــرواد ومعســكر الطالئــع وحاجــز‬ ‫مشــفى القلــب‪ ،‬وانــدالع اشــتباكات عنيفــة‬ ‫عنــد حاجــز مشــفى القلــب ومعــر البغيليــة‬ ‫وأطرافهــا‪ .‬كــا قــام تنظيــم داعش باســتهداف‬ ‫حــي الجــورة بعــدة قذائــف هــاون وســقطت‬ ‫هــذه القذائــف عــى الشــارع العــام بالقــرب‬ ‫مــن دوار الكــرة األرضيــة‪ ،‬وبالقــرب مــن فــرن‬ ‫الجــاز وبريــد الجــورة وشــارع الــوادي‪ ،‬فيام ال‬ ‫تـزال االشــتباكات مســتمرة بــن قــوات النظــام‬ ‫وتنظيــم داعــش بقريــة البغيليــة وحاجــز‬ ‫مشــفى القلــب باألســلحة الرشاشــة الثقيلــة‪،‬‬ ‫وال يــزال تنظيــم داعــش يقصــف باملدفعيــة‬ ‫الثقيلــة مســاكن وتلــة الــرواد‪ ،‬وقــوات النظــام‬ ‫تقصــف مقــرات تنظيــم داعــش بقريــة‬ ‫البغيليــة وتقصــف قريــة الجنينــة وتصاعــد‬ ‫ألعمــدة الدخــان األســود بالقــرب مــن فنــدق‬ ‫ف ـرات الشــام‪.‬‬ ‫أمــا عــى الصعيــد اإلنســاين تســتمر أزمــة‬ ‫الخبــز يف األحيــاء املحــارصة بعــد توقــف قوات‬ ‫النظــام عــن تزويــد األفــران مبــادة املــازوت‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع غــارات عنيفــة للطـران الحــريب‪،‬‬ ‫فقــد اســتهدف الطـران الــرويس أحيــاء املدينة‬ ‫ليــاً بـــ‪ 25‬غــارة‪ ،‬وكانــت أكــر الغــارات يف‬ ‫محيــط حــي الصناعــة‪ ،‬كــا اســتهدف الطـران‬ ‫الحــريب أحيــاء الرشــدية والصناعــة والجبيلــة‬ ‫وحويجــة صكــر والحويقــة بأكــر مــن عــر‬ ‫غــارات‪ - .‬تنظيــم “داعــش” يعــذب أحــد‬ ‫إعالميــي ديــر الــزور حتــى املــوت وشــحنات‬ ‫غذائيــة جديــدة للمدينــة‬ ‫وألقــت طائــرة شــحن صباحـاً ســت وعرشيــن‬ ‫شــحنة مــن املــواد الغذائيــة محمولــة مبظــات‬ ‫بحســب الروايــة الصــادرة عــن إعــام النظــام‪،‬‬ ‫وتــم إســقاط هــذه الشــحنات عــى الطريــق‬ ‫العــام الواصــل بــن مدينتــي دمشــق وديــر‬ ‫الــزور‪ ،‬وقالــت مصــادر أن هــذه الشــحنات‬ ‫التــي تحتــوي عــى مــواد غذائيــة مقدمــة‬ ‫مــن برنامــج األغذيــة العاملــي التابــع لألمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬وأكــدت مصــادر مــن مدينــة ديــر‬ ‫الــزور أن املســاعدات التــي تــم إســقاطها‬ ‫تــوزع عــى عنــارص جيــش النظــام والشــبيحة‬

‫يف مدينــة ديــر الــزور‪.‬‬ ‫وبــدوره منــع تنظيــم «داعــش» املزارعــن مــن‬ ‫حصــاد القمــح مبوجــب قــرار تــم تعميمــه‬ ‫مــن «ديــوان الــزكاة» التابــع للتنظيــم‪ ،‬يشــرط‬ ‫التعهــد بدفــع الــزكاة واألجــار‪.‬‬ ‫كــا أعلــن تنظيــم «داعــش» عــن استشــهاد‬ ‫اإلعالمــي محمــد العيــى امللقــب «أبــو‬ ‫مــروان» تحــت التعذيــب بعــد ســجنه ملــدة‬ ‫ٍ‬ ‫متــوف منــذ‬ ‫أشــهر مــع تأكيــد مصــادر أنــه‬ ‫فــرة طويلــة لكــن التنظيــم مل يعلــن خــر‬ ‫وفاتــه إال مؤخــرا ً‪.‬‬ ‫ويف ســياق متصــل أعلنــت الرشطــة اإلســامية‬ ‫التابعــة لتنظيــم داعــش يف واليــة الخــر عــن‬ ‫البــدء باملحاســبة عــى املخالفــات املروريــة‬ ‫مببالــغ ماليــة يتــم اإلعــان عنهــا الحق ـاً‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي تتبــادل فيــه قــوات النظــام‬ ‫القصــف املدفعــي والصاروخــي مــع قــوات‬ ‫داعــش‪ ،‬شــن الطــران الحــريب أكــر مــن ‪15‬‬ ‫غــارة جويــة اســتهدف فيهــا أحيــاء الصناعــة‬ ‫والرشــدية وحويجــة صكــر والبغيليــة‪،‬‬ ‫بالتزامــن مــع هجــوم يشــنه تنظيــم داعــش‬ ‫عــى محيــط املطــار العســكري بعــد البغيليــة‬ ‫والطحطــوح ومــا تــزال االشــتباكات قامئمــة‪،‬‬ ‫والعــرات مــن القتــى يف صفــوف قــوات‬ ‫النظــام وعنــارص تنظيــم داعــش بهجــوم‬ ‫التنظيــم عــى عــدة نقــاط للنظــام‪ ،‬فيــا‬ ‫تســلل تنظيــم داعــش إىل مشــفى األســد يف‬ ‫محيــط املدينــة‪ ،‬وســيطر عليهــا وعــى الســكن‬ ‫الجامعــي ومســتودعات الحبــوب‪ ،‬وقــام بــأرس‬ ‫األطبــاء واملمرضــات والعديــد مــن مليشــيات‬ ‫الدفــاع الوطنــي‪ ،‬ونقلهــم لجهــة مجهولــة‪،‬‬ ‫ويقــوم النظــام مبحــارصة املنطقــة‪ ،‬التــي مــا‬ ‫تـزال تحــت ســيطرة التنظيــم‪ .‬بينــا أمــر قائــد‬ ‫قــوات النظــام واملليشــيات التابعــة لــه اللــواء‬ ‫محمــد خضــور بقطــع االتصــاالت عــن املدينــة‬ ‫ومحيطهــا‪ ،‬وتنظيــم داعــش يشــن هجومــاً‬ ‫هــو األعنــف عــى مشــفى القلــب والــرواد‪،‬‬ ‫فيــا شــهد حــي الطحطــوح تقدمــاً مــرة‬ ‫أخــرى لقــوات التنظيــم عــى حســاب تراجــع‬ ‫وانســحاب قــوات النظــام واملليشــيات التابعــة‬ ‫لــه‪.‬‬ ‫يذكــر أن قــوات النظــام عــادت للســيطرة‬ ‫عــى مشــفى القلــب‪ ،‬ومــا زالــت اإلشــتباكات‬ ‫بــن الطرفــن فيــا شــهدت املواجهــات بــن‬ ‫الطرفــن يف محيــط مطــار ديــر الــزور تقدم ـاً‬ ‫لقــوات تنظيــم الدولــة «داعــش»‪.‬‬

‫ياين شفق ـ وكاالت‬ ‫قــام مثانيــة رســامني ســوريني يعيشــون‬ ‫يف مدينــة كليــس‪ ،‬جنــوب تركيــا بدعــم منــح‬ ‫املدينــة جائــزة نوبــل للســام مــن خــال رســم‬ ‫لوحــات فنيــة ملناظــر مــن املدينــة ومــن غريهــا‬ ‫مــن املــدن الرتكيــة‪.‬‬ ‫وتســتقبل مدينــة كليــس ‪ 120‬ألــف الجــئ‬ ‫وهــو رقــم يفــوق عــدد الســكان الــذي يبلــغ‬ ‫‪ 90‬ألــف‪.‬‬ ‫وكانــت وزارة الخارجيــة األمريكيــة قــد بينــت‬

‫يف خــر لهــا أنهــا تدعــم منــح مدينــة «كليــس»‬ ‫جائــزة نوبــل للســام بســبب اســتقبال املدينــة‬ ‫لالجئــن الســوريني واســتضافتهم‪ ،‬وأنهــا‬ ‫مســتعدة ألن تكــون مرشــحة لجائــزة نوبــل‬ ‫للســام‪.‬‬ ‫وكان املســؤول الــريك‪« ،‬إيهــان ســفر أوســن»‪،‬‬ ‫قــد بعــث برســالة إىل هيئــة جائــزة نوبــل قــال‬ ‫فيهــا إن مدينــة كليــس قــد قدمــت الكثــر‬ ‫بشــكل ال ميكــن أن يوجــد يف مــكان آخــر مــن‬ ‫العــامل‪.‬‬

‫تأســيس نــادي تــل أبيض الســوري الحر‬ ‫نسعى لنشر رسالة الرياضة القائمة على احلب والسالم‬

‫ماهر شدو‬

‫أعلــن يف مدينــة أقجــة قلعــة الرتكيــة عــن‬ ‫تأســيس نــادي تــل أبيــض الريــايض الحــر‪،‬‬ ‫ويســعى النــادي إىل نــر رســالة الرياضــة‬ ‫القامئــة عــى الحــب والســام‪ ،‬فلــم تعــد‬ ‫الرياضــة أداة لتمكــن املجتمعــات وخاصــة‬ ‫رشائــح الشــباب فقــط‪ ،‬بــل هــي وســيلة قــادرة‬ ‫عــى تفعيــل الحــوار بــن الثقافــات واألديــان‪،‬‬ ‫ونــر مفاهيــم التســامح والتعايــش بــن كل‬ ‫الشــعوب حســب مــا جــاء يف البيــان التأســييس‬ ‫الــذي نــر عــى موقــع التواصــل فيســبوك‬ ‫عــى صفحــة النــادي الرســمية‪.‬‬ ‫صبحــي الســكر رئيــس النــادي يقــول‪ :‬مــن‬ ‫خــال الرياضــة نســعى إىل أعــادة بنــاء مــا‬ ‫دمرتــه الحــرب‪ ،‬وردم الــرخ بــن أبنــاء الوطــن‬ ‫الواحــد واملنطقــة الواحــدة‪ ،‬إضافــة إىل تنميــة‬ ‫املواهــب الرياضيــة‪ ،‬وجــاءت فكــرة تأســيس‬ ‫نــادي تــل أبيــض الريــايض الحــر اســتجابة‬ ‫لرغبــات رياضيــي منطقــة تــل أبيض وحامســهم‬

‫وطلباتهــم املتكــررة لتشــكيل جســم ريــايض‬ ‫يخــص منطقتهــم‪ ،‬ويلغــي حالــة التشــتت‬ ‫والضيــاع الــذي عانــوه طــوال الســنني التــي‬ ‫مضــت قررنــا نحــن مجموعــة مــن الرياضيــن‬ ‫األحــرار وبالتوافــق مــع كل مــن يهمــه أمــر‬ ‫الواقــع الريــايض بتــل أبيــض مــن معلمــن‬ ‫ومحامــن وأطبــاء تشــكيل هــذا الجســم باســم‬ ‫«نــادي تــل أبيــض الريــايض الحــر» يف مدينــة‬ ‫أقجــة قلعــة الرتكيــة‪.‬‬ ‫صالــح املحيســن معلــم ومشــجع ريــايض يقول‪:‬‬ ‫تلقينــا بفــرح خــر تأســيس نــادي تــل أبيــض‬ ‫الريــايض الحــر‪ ،‬وأجــواء املباريــات الحامســية‪،‬‬ ‫والحضــور الجامهــري الكبــر عــادت بنــا إىل‬ ‫أجــواء املباريــات يف تــل أبيــض والرقــة قبــل‬ ‫الحــرب‪ ،‬أمتنــى التوفيــق والنجــاح لنــادي تــل‬ ‫أبيــض الريــايض الحــر‪ ،‬وســأتابع كل املباريــات‬ ‫التــي ســتجري يف املنطقــة مشــجعاً ومتمنيــاً‬ ‫الفــوز يف املباريــات القادمــة‪.‬‬


‫حرمل الفن‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪5‬‬

‫مأســاة أطفــال ســورية يف معــرض الفنانــة التشــكيلية نــوراي آشــار‬

‫الحرمل‪ -‬خاص‬

‫واملشــاعر املبــارشة والشــخصية‪ ،‬لنــاس اللوحــة‬ ‫املبعرثيــن يف كل أرجــاء اللوحــات‪ ،‬وبشــكل‬ ‫عشــوايئ يحــايك تبــدالت الحيــاة العنيفــة وغــر‬ ‫املتوقعــة‪.‬‬ ‫لوحــة الحــرب ‪ 2x1.5m‬خصــت بهــا أطفــال‬ ‫ســورية ومعاناتهــم‪ ،‬والن ـران التــي تالحقهــم‪،‬‬ ‫حيــث يهــرب األطفــال إىل مــاذ آمــن غــر‬ ‫موجــود‪ ،‬فــا يشء غــر النــران والرمــاد‬ ‫واألطفــال الخائفــن‪ ،‬وهــم مطوقــون بلــون‬ ‫النــار املتقطــع‪ ،‬وبخلفيــة تحــايك الرمــاد الــذي‬ ‫يشــهد عــى وجبــة الحريــق التــي التهمــت‬ ‫النــاس واألطفــال والبيــوت املهدمــة‪.‬‬ ‫مشــاعر الفنانــة تجــاه الحــرب الســورية تتســم‬ ‫بالحساســية الهادئــة والعميقــة‪ ،‬وبعيــدة عــن‬ ‫االســتعراضات واملبالغــات‪ ،‬ولكنهــا أيضــاً‬ ‫أفتتــح معــرض الفنانــة األورفليــة نــوراي تتســم بالحــس اإلنســاين املتنــوع والحزيــن‬ ‫آشــار‪ ،‬يف صالــة املعــارض يف مبنــى بلديــة والغاضــب مــن عبثيــة الحــرب املجنونــة التــي‬ ‫أورفــا الكبــرة بتاريــخ ‪2016/5/4‬م‬ ‫يتألــف املعــرض مــن ‪ 28‬لوحــة فنيــة‬ ‫مختلفــة‪ ،‬منهــا ســت لوحــات جداريــة كبــرة‬ ‫والبقيــة لوحــات صغــرة تعتمــد تقنيــات‬ ‫الخــط الرسيــع والعفــوي والجــذاب‪ ،‬حيــث‬ ‫ال تســريح الخطــوط عنــد حــدود معينــة‬ ‫بــل تظــل تجــول يف ســاحة اللوحــة البيضــاء‬ ‫إىل حــن إنتــاج البيــوت والشــوارع‪ ،‬والرمــوز‪،‬‬ ‫والحيوانــات‪.‬‬ ‫واللمســات الشــاعرية الحساســة متيــز لوحاتها‬ ‫الصغــرة التــي كانــت أشــبه مبشــاريع للوحــات‬ ‫كبــرة ومؤجلــة التنفيــذ لحــن انبــاج ومضــة‬ ‫اإلبــداع املرشقــة‪.‬‬ ‫تتميــز لوحــات الفنانــة نــوراي آشــار بالنظــرة‬ ‫الشــاملة واملتداخلــة للمواضيــع والشــخوص‬ ‫واأللــوان‪ ،‬وتغيــب عنهــا تفاصيــل الوجــوه‬

‫تطــال األطفــال‪.‬‬ ‫ومــن أهــم اللوحــات يف املعــرض بعــد لوحــة‬ ‫الحــرب واألطفــال يف ســورية‪ ،‬تتألــق لوحــة‬ ‫األقنعــة التــي تنقــل عــرات الوجــوه عــى‬ ‫ســاحة مــن البيــاض القــايش‪ ،‬وبتقنيــة رمزيــة‬ ‫وتعبرييــة مدروســة ومتئــدة كعــادة الفنانــة يف‬ ‫تنــاول موضوعاتهــا وحتــى يف طبعهــا الشــخيص‬ ‫املتســم بالرزانــة والتدقيــق‪.‬‬ ‫أمــا جوهــرة املعــرض فهــي لوحــة الحيــاة‬ ‫املنفــذة باألبيــض واألســود‪ ،‬والتــي تتقاطــع‬ ‫فيهــا فنــون بابــل ومــر القدميــة‪ ،‬مــع الفنــون‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬مــع الفــن الحديــث حيــث نجــد‬ ‫الكثــر مــن الرمــوز املحــورة عــن بيكاســو‬ ‫ولوحتــه الشــهرية الغرنيــكا‪ ،‬إذ تتنــاول الفنانــة‬ ‫تبــدالت الحيــاة وتغرياتهــا والتعابــر الجســدية‬ ‫للنــاس يف الشــوارع ويف البيــوت واألزقــة‪،‬‬ ‫وتتناثــر فيهــا الرمــوز البابليــة واملرصيــة‬

‫الفرعونيــة والشــعبية األورفليــة باإلضافــة إىل‬ ‫التقنيــات الفنيــة الحديثــة‪ ،‬مــا يعــر عــن‬ ‫وجــود ثقافــة عميقــة لــدى الفنانــة وغــر‬ ‫منغلقــة‪ ،‬وهــي تطــرح تســاؤالتها بأبعــاد‬ ‫فنيــة متعــددة اآلفــاق‪ ،‬وال تكتفــي بنمــط أو‬ ‫بأســلوب فنــي واحــد‪.‬‬ ‫الحرمــل عايشــت املعــرض وتناقشــت مــع‬ ‫الفنانــة األورفليــة نــوران آشــار‪ ،‬يف أســلوبها‬ ‫وآفــاق فنهــا‪ ،‬وحصلنــا عــى وعــد منهــا بــأن‬ ‫تتنــاول املأســاة الســورية بريشــتها‪ ،‬وأن تســلط‬

‫الضــوء عــى املعانــاة البرشيــة امللحميــة‬ ‫للشــعب الســوري‪ ،‬وهــذا تعبــر فنــي وأخــوي‬ ‫بــن الشــعبني الســوري والــريك‪ ،‬حيــث‬ ‫ملســنا نحــن الســوريني الكثــر مــن املشــاعر‬ ‫والســلوك الداعــم واملؤيــد للشــعب الســوري‬ ‫ولثورتــه التــي كانــت الحريــة هدفهــا األســايس‪،‬‬ ‫وســيكون هدفهــا النهــايئ لبنــاء ســورية الحــرة‬ ‫واملســتقلة واملحبــة لــدول الجــوار ولشــعوب‬ ‫دول الجــوار‪ ،‬وخاصــة الشــعب الــريك الــذي‬ ‫وقــف إىل جانبنــا يف هــذه املحنــة الكبــرة‪.‬‬

‫حوار مع الفنان متعب سليمان‬

‫املصغرات عاملي‪ ..‬الحزن والقهر هموم تالزم السوريني‬

‫أجرت الحوار محاسن سبع العرب‬ ‫لــكل امــرئ مــن اســمه نصيــب‪ ..‬ورمبــا‬ ‫حــن اختــار لــه القــدر اســم متعــب كان‬ ‫يعــرف مــا ينتظــره يف قــادم أيامــه‪« ..‬متعــب‬ ‫ســليامن» فنــان يحــول الخــردوات املنمنمــة‬ ‫والبســيطة إىل أعــال فنيــة تنبــض بالــروح‬ ‫والحيــاة‪« ..‬متعــب»‪ ..‬محــرف بالرغــم مــن‬ ‫بســاطته‪ ..‬ككل أولئــك الســوريني الذيــن‬ ‫نفاهــم رحــم الوطــن‪..‬‬ ‫كان لنا معه هذا الحوار‪..‬‬ ‫* يقــال دامئ ـاً أن الفنــان هــو نتــاج معانــاة‪..‬‬ ‫ســواء كانــت معانــاة شــخصية أو اجتامعيــة‪..‬‬ ‫هــل هــذا ينطبــق عــى حالتــك؟ وكيــف أثرت‬ ‫هــذه املعانــاة يف صقــل فنــك حتــى وصلــت‬ ‫لهــذه الدرجــة مــن الدقــة واالحــراف؟‬ ‫** نعــم بالتأكيــد‪ ،‬املعانــاة تحفــز اإلبــداع‬ ‫الكامــن لــدى أي شــخص‪ ،‬ولهــا دور كبــر يف‬ ‫تنميــة الحــس الفنــي‪..‬‬ ‫أحببــت الفــن منــذ طفولتــي‪ ..‬جميــع أنــواع‬ ‫الفنــون تقريبــاً كنــت أحبهــا‪ ،‬ويف مرحلتــي‬ ‫االبتدائيــة يف املدرســة شــاركت يف مســابقات‬ ‫تشــكيل الصلصــال‪ ،‬ثــم دخلــت مجــال الرســم‬ ‫ثــايث األبعــاد‪ ،‬ومارســته لبعــض الوقــت‪ ،‬أمــا‬ ‫(فــن املصغــرات) فقــد تعرفــت عليــه منــذ‬ ‫عــام تقريبــاً وأحببــت تجربتــه‪ ،‬ووجــدتُ‬ ‫نفــي فيــه‪ ..‬فــن املصغــرات يشــعرك‬ ‫باالحتــواء‪ ..‬بــدأت الخــوض يف عــامل املصغرات‬ ‫كنــوع مــن التجربــة والتســلية‪ ،‬وبــدأت بنــر‬ ‫صــور أعــايل عــى الفيــس بــوك فالقــت‬

‫إعجابــاً كبــرا ً والحمــد للــه‪ ،‬وتلقيــت عــدة‬ ‫طلبــات لــراء بعــض القطــع التــي قمــت‬ ‫بتصنيعهــا‪ ،‬وهكــذا تحــول األمــر مــن مجــرد‬ ‫تســلية إىل مصــدر رزق‪..‬‬ ‫* بســبب الحــرب تركــت ســوريا وهاجــرت‬ ‫إىل لبنــان‪ ..‬هــل حملــت معــك هــذه الهوايــة‬ ‫مــن الوطــن األم‪ ،‬أم أنهــا وليــدة الغربــة؟‬ ‫** هــي وليــدة الغربــة‪ ..‬رمبــا ســاعدتني كثــرا ً‬ ‫عــى الخــروج مــن الحــزن والقهــر‪ ،‬وهــي‬ ‫الحالــة املالزمــة لــكل الســوريني يف هــذه‬ ‫األيــام‪ ،‬ورمبــا اســتطعت مــن خاللهــا تجــاوز‬ ‫الســائد‪ ،‬ومنحتنــي هــذه الهوايــة دافعــاً‬ ‫معنويــاً‪ ،‬وأمنــت يل اســتقرارا ً ماديــا‪..‬‬ ‫* هــل تعلمــت هــذا الفــن عــى يــد فنــان أو‬ ‫حــريف‪ ،‬أم أنهــا موهبــة ذاتيــة؟ وأنــت عملــت‬

‫عــى تطويرهــا؟‬ ‫** مل ألجــأ ألي شــخص ألخــذ أصــول هــذا‬ ‫الفــن أو التتلمــذ عــى يــد أحــد‪ ،‬ومل أنتســب‬ ‫لــدورة أو ورشــة عمــل يف هــذا املجــال‪..‬‬ ‫رمبــا فقــط كنــت مــن املتابعــن لبعــض‬ ‫الفيديوهــات عــى االنرتنــت‪ ،‬والباقــي هــو‬ ‫جهــد شــخيص ومحــاوالت‪ ..‬أجــرب بنفــي‪،‬‬ ‫أفشــل مــرة وأنجــح مــرة أخــرى‪ ،‬والحمــد للــه‬ ‫أنــا يف تحســن وتطــور مســتمر‪..‬‬ ‫* برأيــي الشــخيص‪( ..‬أجمــل األشــياء‬ ‫أبســطها)‪ ..‬أنــت جمعــت البســاطة بــاألدوات‬ ‫والحرفيــة‪ ،‬والصعوبــة يف العمــل‪ ..‬كيــف‬ ‫ميكــن خلــق فــن جميــل ومتكامــل مــن‬ ‫أدوات بدائيــة وبســيطة جــدا ً؟ ومــن أيــن‬ ‫تحصــل عــى املــواد األوليــة للقطــع التــي‬

‫تصنعهــا؟‬ ‫** مــواد هــذا النــوع مــن الفــن متوفــرة يف‬ ‫كل مــكان‪ ،‬ومــن الســهل الحصــول عليهــا‪،‬‬ ‫فيمكننــا االســتفادة مــن أي يشء‪ ،‬مثــل علــب‬ ‫الكــوال والقطــع البالســتيكية واألخشــاب‬ ‫ومخلفــات الطبيعــة‪ ..‬والقامئــة تطــول‪..‬‬ ‫اإلبــداع يف األمــر هــو كيــف نتعامــل مــع‬ ‫هــذه األدوات البســيطة إلنتــاج عمــل فنــي‬ ‫متميــز؟ يتقبلــه الجمهــور‪ ،‬كيــف نحــول‬ ‫القبيــح او املســتهلك إىل لوحــة أو منمنمــة‬ ‫قابلــة للعــرض‪..‬؟‬ ‫* أنــت تنتــج قطع ـاً فرديــة‪ ،‬أو تنشــئ بيئــة‬ ‫متكاملــة‪ ..‬كيــف تــأيت الفكــرة؟ وهــل تبــدأ‬ ‫بالقطعــة الفنيــة مبــا يتوافــر عنــدك ثــم‬ ‫تكمــل الناقــص منهــا تباعـاً؟ أم أنــك تســعتني‬ ‫بجميــع القطــع الالزمــة قبــل البــدء بتنفيــذ‬ ‫أعاملــك؟‬ ‫** غالبــا مــا تــأيت الفكــرة مــن حبــي لألشــياء‬ ‫التــي أنــوي عملهــا‪ ،‬ويف أحيــان أخــرى أتصفح‬ ‫صــور للــراث الشــعبي‪ ،‬فينجــذب قلبــي‬ ‫لقطعــة مــا وأقــرر تنفيذهــا‪ ..‬وأنــا يف املنــزل‬ ‫أملــك بعــض الخــردوات والقطــع الصغــرة‬ ‫الفرديــة‪ ،‬وهــي يف كثــر مــن األحيــان مــن‬ ‫تلهمنــي العمــل‪ ..‬فأبــدأ بهــا ثــم أكمــل مــا‬ ‫ينقصنــي مــن قطــع أبحــث عنهــا يف كل‬ ‫مــكان‪..‬‬ ‫* ما هي أحب قطعة إىل قلبك؟‬ ‫** أحــب قطعــة عــى قلبــي هــي الدراجــة‪..‬‬

‫يف صغــري كان حل ـاً بالنســبة يل أن أحصــل‬ ‫عــى دراجــة ألهــو بهــا مــع أقــراين‪ ،‬وبعــد‬ ‫جهــد وعنــاء حصلــت عــى واحــدة‪ ،‬ونتيجــة‬ ‫هــذا الحرمــان الطويــل‪ ،‬فقــد كانــت تلــك‬ ‫الدراجــة بالنســبة يل كنــز‪ ،‬كنــت أعتنــي بهــا‬ ‫بشــكل يومــي‪ ،‬فحفظــت أدق تفاصيلهــا مــن‬ ‫كــرة تنظيفهــا‪ ،‬واهتاممــي بهــا‪ ،‬وعندمــا‬ ‫نفذتهــا اآلن كعمــل فنــي أيضـاً أصبحــت مــن‬ ‫أغــى األعــال وأح ّبهــا عــى قلبــي‪..‬‬ ‫* مــا هــي الصعوبــات التــي تواجهــك يف‬ ‫عملــك؟‬ ‫** الحمــد للــه ال أجــد أيــة صعوبــة يف إنجــاز‬ ‫العمــل‪ ،‬فبمجــرد أن تلمــع الفكــرة يف رأيس‬ ‫أبــارش فــورا ً يف إنجازهــا حتــى وإن كان يلزمهــا‬ ‫أدوات معينــة أو قطــع غــر متوفــرة عنــدي‪،‬‬ ‫فــإين أبحــث عنهــا أو أضــع لهــا بدائــل حتــى‬ ‫يتــم إنتــاج القطعــة كــا تخيلتهــا‪ ،‬وللــه‬ ‫الحمــد دامئــا أنجــح يف ذلــك‪..‬‬ ‫* ما هي أحالمك املستقبلية؟‬ ‫** أحلــم وأمتنــى عمــل معــرض شــخيص‬ ‫أعــرض بــه أعــايل‪..‬‬ ‫وأمتنــى يف املســتقبل أن أســس معهــدا ً‬ ‫لتدريــس وتعليــم هــذا النــوع مــن الفنــون‪..‬‬ ‫بقــي أن نشــر أن متعــب ســليامن‪ ،‬هــو شــاب‬ ‫ســوري مــن مدينــة النبــك‪ ،‬عمــره ‪ 36‬ســنة‪،‬‬ ‫ومتــزوج وأب لطفلــن‪ ،‬يوســف ‪ 7‬ســنوات‪،‬‬ ‫وفاطمــة ‪ 6‬ســنوات‪ ،‬يقيــم حاليــاً يف لبنــان‬ ‫منــذ حــوايل ‪ 4‬ســنوات‪..‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫تصويب املواقف‬ ‫طارق عبد الغفور‬ ‫ليســت حلــب فقــط هــي التــي تواجــه‬ ‫اليــوم لحظــ ًة مفصليــ ًة حاســم ًة يف تاريخهــا‬ ‫الحــارض‪ ،‬بــل هــي الثــورة الســورية العظيمــة‬ ‫التــي تواجــه هــذه اللحظــة وهــي لحظــة‬ ‫مواجهــة الحيــاة واملــوت‪ ،‬وهــي ليســت‬ ‫لحظــة اختيــار بقــدر مــا هــي لحظــة إجبــار‪.‬‬ ‫فاألمريكيــون والــروس والفــرس – وأرتّبهــم‬ ‫كــا أراهــم مــن حيــث األهميــة – هــم الذيــن‬ ‫يخططــون إلعــان مــوت الثــورة واستســامها‪،‬‬ ‫ويشــاركهم النظــام يف التنفيــذ – عــى الرغــم‬ ‫مــن كل الترصيحــات التــي يطلقهــا كــري‬ ‫الــذي يقــول وال يفعــل‪ ،‬والفــروف الــذي يفعــل‬ ‫عكــس مــا يقــول‪ ،‬ولــن نسرتســل هنــا يف رسد‬ ‫مواقــف «األشــقاء واألصدقــاء» اآلخريــن الذيــن‬ ‫اجتمعــوا يف باريــس باألمــس ويجتمعــون يف‬ ‫فيينــا بالغــد لبحــث الوضــع يف ســورية‪ ،‬وهــو‬ ‫غامــض بالنســبة لهــم!!! مــا أفلحــت‬ ‫وضــ ٌع‬ ‫ٌ‬ ‫ع ـرات االجتامعــات املامثلــة ســابقاً باجتــاء‬ ‫غموضــه!!! وهــي مواقــف أقــوال ال أفعــال ال‬ ‫تســمن وال تغنــي‪ ،‬وال تغـ ّـر يف مجريــات األمــور‬ ‫شــيئاً‪.‬‬ ‫مــا تحي ُكــه أمريكا وروســيا وإيـران – إن علناً‬ ‫أو يف الخفــاء – صــار واضحــاً‪ ،‬وتتحــدث عنــه‬ ‫كربيــات الصحــف العامليــة وكبــار الصحفيــن‪،‬‬ ‫ونعتقــد أنهــا مــا زالــت غــر دقيقــة يف إرصارهــا‬ ‫عــى وصــف املوقــف األمريــي باملــردد يف‬ ‫حــن أنــه ليــس كذلــك‪ ،‬بــل هــو موقـ ٌـف صانـ ٌع‬ ‫بتواطئــه‪ ،‬وقــد اقــرب بعضهــم مــن حقيقتــه‬ ‫هــذه مؤخـرا ً كــا فعــل عبــد الوهــاب بدرخــان‬ ‫يف مقــال رائــع يف جريــدة الحيــاة يف ‪2016/5/5‬‬

‫املمانعة األسدية‪..‬‬

‫وكــا فعلــت الفــورن بوليــي يف مقــال بتاريــخ‬ ‫‪ 2016/5/6‬بشــكل أقــرب إىل الوضــوح‪ ،‬وكــا‬ ‫فعــل نــر الحريــري أمــن عــام االئتــاف‬ ‫الســابق يف مقابلــة مرئيــة بتاريــخ ‪2016/5/10‬‬ ‫عندمــا غمــز مــن قنــاة أمريــكا عــى اســتحياء‬ ‫قائــاً‪ :‬إن هنــاك تواطــؤا ً بــن روســيا وإيــران‬ ‫والنظــام و»قــوى دوليــة مؤثــرة» للقضــاء عــى‬ ‫املعارضــة السياســية والعســكرية ولوضــع‬ ‫الثــورة أمــام خيــارات ســيئة‪ ،‬وإذا كان صحيحـاً‬ ‫أن العميــد أســعد الزعبــي قــد قــال لـ»العــريب‬ ‫الجديــد»‪« :‬لقــد تــ ّم تعيــن كــري وزيــرا ً‬ ‫لخارجيــة الواليــات املتحــدة للقضــاء عــى‬ ‫الثــورة الســورية»‪ ،‬فلقــد تجــاوز الوضــوح‪.‬‬ ‫مــن هنــا نســتطيع القــول بــكل تواضــع‪ :‬إن‬ ‫الحرمــل كانــت أول مطبوعــة كشــفت حقيقــة‬ ‫الــدور األمريــي يف الكارثــة الســورية‪ .‬ولفتــت‬ ‫أنظــار االئتــاف إليــه‪ ،‬وطالبتــه باتخــاذ‬

‫املواقــف التــي يجــب اتخاذهــا ضــدّ ه وخاصـ ًة‬ ‫عــى الصعيــد اإلعالمــي‪.‬‬ ‫ومــن هنــا نســتمر يف نقدنــا للمعارضــة‬ ‫الســورية التــي كــا يقــول أســتاذنا برهــان‬ ‫غليــون وبحــق يف مقــال نــره عــى موقــع‬ ‫كلنــا رشكاء بتاريــخ ‪« :2016/5/9‬تســتحق‬ ‫أقــى أنــواع النقــد‪ ،‬وهــي بأشــ ّد الحاجــة‬ ‫إليــه اليــوم لتخــرج مــن هامشــيتها وغيابهــا‪...‬‬ ‫والــذي ينبغــي أن يركّــز عــى خياراتهــا مــن‬ ‫أجــل التعريــف بأخطائهــا وتصويــب مواقفهــا‬ ‫وخططهــا واسـراتيجياتها»‪ .‬ونركّــز يف نقدنــا كام‬ ‫فعلنــا دامئ ـاً عــى هيكلهــا ال عــى أشــخاصها‪،‬‬ ‫ويبقــى التســاؤل عــن إمكانيــة وجــدوى‬ ‫التفريــق بــن االثنــن يف هــذه الظــروف‬ ‫مرشوعــاً‪.‬‬ ‫واملشــكلة ال تكمن يف كونها – أي املعارضة‪،‬‬ ‫وقــد يكــون مــن األصــح التفريــق بــن املعارضة‬

‫واالئتــاف كوجــ ٍه لهــا – عــى الرغــم مــن‬ ‫ضعفهــا ونقائصهــا وأمراضهــا كــا يقــول‬ ‫الدكتــور غليــون‪ ،‬تبقــى األداة الوحيــدة يف يــد‬ ‫الشــعب املغلــوب عــى أمــره للتعبــر عــن‬ ‫نفســه والدفــاع عــن حقوقــه‪ ،‬كــا وال تكمــن يف‬ ‫توجيــه النقــد الــذي تســتحقه إليهــا‪ ،‬بــل إنهــا‬ ‫تكمــن أساسـاً يف عــدم االســتجابة لــه‪ ،‬أو عــدم‬ ‫الرغبــة يف االســتجابة لــه‪ ،‬وهــو األمــر الــذي إذا‬ ‫مــا أحس ـ ّنا الظــن فهــو ناجــم عــن جهــل‪ ،‬وإذا‬ ‫مــا أســأنا الظــن فهــو ناجــم عــن قصــد وســوء‬ ‫نيــة‪ ،‬وعواقــب كال األمريــن وخيمــة‪.‬‬ ‫معروفــة هــي الظــروف التــي ُولــد فيهــا‬ ‫االئتــاف وأبــرز مــا فيهــا أنهــا مل تكــن مــن صنع‬ ‫املعارضــة بــل مــن صنــع «لداعمــن»‪ ،‬ولتحقيق‬ ‫مــا مل يكــن كلــه مــن أهــداف املعارضــة بــل‬ ‫مــن أهــداف الداعمــن‪ .‬ومعــروف أيضـاً أن مــا‬ ‫ُو ِعــدت بــه املعارضــة لتشــكيله عــى أنقــاض‬ ‫املجلــس الوطنــي الســوري مل يتحقــق منــه‬ ‫إال ذلــك االحتــال الربوتوكــويل القصــر األمــد‬ ‫ملقعــد ســورية يف اجتــاع قمــة للجامعــة‬ ‫العربيــة‪.‬‬ ‫ونبقــى عنــد هــذا املنتــج للمعارضــة –‬ ‫مبناســبة الحديــث عــن إقالــة أو اســتقالة‬ ‫الحكومــة املؤقتــة – ولــن نخــوض يف «املعــارك»‬ ‫التــي تجــري يف الدهاليــز عنــد تشــكيلها‪ ،‬فهــي‬ ‫غــر مهمــة فيــا نــرى‪ ،‬إمنــا املهــم أن نتســاءل‬ ‫وعــا ق ّدمــت؟؟‬ ‫عــن فائدتهــا ّ‬ ‫مل يعــرف أحــ ٌد بهــذه الحكومــة اعرتافــاً‬ ‫قانونيـاً يُنتــج اعرتافـاً بوثائــق ت ُصدرهــا لتســهيل‬ ‫أمــور الســوريني يف منافيهــم‪ ،‬مل تســتطع إصــدار‬ ‫جــوازات ســفر‪ ،‬وال بيانــات والد ٍة أو وفــاة‪ ،‬وال‬ ‫بيانــات زوا ٍج أو طــاق‪ ،‬وال وجــود لهــا عــى‬

‫صعيــد تعليــم أو صحــة‪ ،‬ولســت متأكــدا ً مــن‬ ‫امتالكهــا أرقام ـاً دقيقــة عــن أعــداد الســوريني‬ ‫يف هــذه املنــايف‪ ،‬وإذا اعتــر رئيســها أن حملــة‬ ‫تلقيــح األطفــال يف بعــض املناطــق‪ ،‬وإيصــال‬ ‫املســاعدات املاديــة الشــحيحة إىل بعــض‬ ‫ــس هــذا‬ ‫املجالــس املحليــة إنجــازا ً لهــا فتَ ِع َ‬ ‫االنجــاز‪ .‬إن أيــة منظمــة إغاثيــة تســتطيع‬ ‫القيــام بــه‪ ،‬وميكــن ألي مراســل إيصــال‬ ‫املســاعدات للمجالــس املحليــة‪.‬‬ ‫لقــد كانــت املــررات التــي قــادت رئيــس‬ ‫الحكومــة إلقالتهــا بائســةً‪ ،‬فليســت الفــروق‬ ‫الفرديــة بــن وزرائهــا هــي التــي ت ُنجِــح أو‬ ‫ت ِ‬ ‫ُفشــل عملهــم‪ ،‬بــل هــي الظــروف املوضوعيــة‬ ‫التــي يعملــون فيهــا ويعلمونهــا أكــر مــن‬ ‫غريهــم‪.‬‬ ‫نعتقــد أن وجــود هــذه الحكومــة يجــب‬ ‫أن ينتهــي‪ ،‬ونعتقــد أن ذلــك يجــيء يف مصلحــة‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬ولســنا نــرى يف إنهــاء وجودها‬ ‫أيــة ســلبيات‪ ،‬بــل عــى العكــس فــإن لــه‬ ‫إيجابيــات منهــا أنــه يعنــي توفــرا ً يف املــوارد‬ ‫اليســرة كــا يقولــون ميكــن أن يوضــع يف‬ ‫مناحــي أخــرى أكــر فائــدة – ونعــود إىل‬ ‫التذكــر باملجــال اإلعالمــي – وهــو يعنــي‬ ‫ردا ً مبــارشا ً عــى االشــقاء واألصدقــاء الذيــن‬ ‫«و ّرطونــا» يف تشــكيلها‪ ،‬ورســالة إليهــم أنهم إذا‬ ‫مل يعرتفــوا بهــا قانونيـاً ويعرتفــوا مبــا ت ُصــدره من‬ ‫وثائــق فإنهــا ال لــزوم لهــا‪ ،‬ويســتطيع االئتــاف‬ ‫أن يُشــكّل مكاتــب يف هيكليتــه تقــوم بعمــل‬ ‫وزاراتهــا‪ .‬أمــا إذا كانــت الحكومــة املؤقتــة‬ ‫ســبيالً إلرضــاء تكتــات املؤتلفــن‪ ..‬فبئســت‪..‬‬ ‫وتلــك لعمــري إحــدى قاصــات الظهــر‪ ،‬وإنــا‬ ‫للــه وإنــا إليــه راجعــون‪.‬‬

‫ومنصات اللعبة القذرة يف لبنان‬ ‫املدجنــن ويقــود معاركــه الهامشــية ليحــول‬ ‫رصاعنــا مــع إرسائيــل إىل رصاع جامــد وهاميش‪.‬‬ ‫لقــد سـخّر حافــظ األســد كل املــوارد والطاقــات‬ ‫السياســية واالقتصاديــة واالجتامعيــة يف لبنــان‬ ‫وســوريا وبعــض دول الجوار إلدارة أوســخ رصاع‬ ‫يف املنطقــة عــر تحريــض طائفــة عــى أخــرى‪،‬‬ ‫ثــم التحالــف مــع هــذه ضــد تلــك‪ ،‬ثــم قلــب‬ ‫املوازيــن ليتحــول مــن صديــق لطــرف ضعيــف‬ ‫ضــد طــرف قــوي‪ ،‬وعندمــا يقــوى الضعيــف‬ ‫يتعــاون معــه األضعــف ليــرب الــذي أصبــح‬ ‫قوي ـاً‪ ،‬وهكــذا م ـ ّرت األيــام يف لبنــان والشــعب‬ ‫اللبنــاين يقــدم دمــه ومالــه ومســتقبله فــدا ًء‬ ‫ألوســخ حــرب وقتــال يف وطنــه‪ .‬مل يكــن‬ ‫لحافــظ األســد صديق ـاً حقيقي ـاً أو مــن يخــاف‬ ‫منــه ســوى الواليــات املتحــدة‪ ،‬ويف منطقتنــا مل‬ ‫يكــن لــه صديــق أو عــدو‪ ،‬كلهــم ســواء بســواء‪،‬‬ ‫وعــى الجميــع الخضــوع لــه ولنظامــه‪.‬‬ ‫تحــول نظــام حافــظ األســد إىل نظــام طــوارئ‬ ‫لــه وظيفــة سياســية معــدة بدقــة‪ ،‬كعــراب‬ ‫يتقــن صنعتــه‪ ،‬إلبقــاء كل املكونــات املاضويــة‪،‬‬ ‫الطوائــف رهــن إشــارته‪ .‬كان ذكيــاً يف رشاء‬ ‫الذمــم‪ ،‬وقتــل الخصــوم‪ ،‬ونهــب البلديــن‬ ‫الجميلــن مــن أجــل العبــث مبســتقبلهام‬ ‫وتاريخهــا‪.‬‬

‫منــذ أن دخــل جيــش حافــظ األســد إىل‬ ‫لبنــان‪ ،‬ان ـزاح ال ـراع العــريب اإلرسائيــي جانب ـاً‬ ‫ممهــدا ً الطريــق إلنهــاء القضيــة الفلســطينية‪،‬‬ ‫ولتبــدأ مرحلــة جديــدة يف منطقــة الــرق‬ ‫األوســط‪ ،‬واســتبدال ال ـراع ب ـراع آخــر‪ ،‬مــن‬ ‫الـراع مــع العــدو إىل الـراع مــع األخ والجــار‬ ‫والصديــق‪ .‬أي رصاع بينــي عــريب عــريب‪ ،‬أو رصاع‬ ‫جانبــي بــن دولــة عربيــة مــع دولــة إقليميــة أو‬ ‫رصاع داخــي يف الدولــة الواحــدة كلبنــان‪.‬‬ ‫يف دخولــه إىل لبنــان حقــق النظــام يف ســوريا‬ ‫ذاتــه التــي كان يبحــث عنهــا يف األزمــات‬ ‫الذاتويــة‪ ،‬يف املكونــات املاضويــة املنبعثــة‬ ‫تاريخيــاً مــن أعــاق تاريخــه‪ ،‬أي الطائفيــة‪.‬‬ ‫فتحــول برسعــة قياســية إىل عــراب الحــرب‬ ‫األهليــة‪ ،‬وراح يتحــرك يف امليــدان الــذي ميثلــه‬ ‫ويتقنــه‪ .‬وأثبــت لنفســه واآلخريــن أن امللعــب‬ ‫الطائفــي هــو ميدانــه الــذي وصــل مــن خاللــه‬ ‫إىل الســلطة‪ .‬وخــال فــرة قصــرة حــول لبنــان‬ ‫إىل أرض يبــاب محروقــة‪ ،‬وأســبغ عــى هــذا‬ ‫البلــد الجميــل حربــاً طائفيــة طويلــة األمــد‪،‬‬ ‫ســخر الطوائــف وأدخلهــم يف معركته‪ ،‬واشــتغل‬ ‫عليهــم سياســياً واســتثمر ذلــك أميــا اســتثامر‬ ‫مــن أجــل دميومــة بقائــه‪ ،‬وبقــاء عائلتــه‬ ‫بعــد أخــذ موافقــة مــن صنــاع الق ـرار الــدويل‬ ‫وإرسائيــل يف ذلــك الوقــت‪ .‬وجــد نفســه يف لقــد عمــل عــر صريورتــه يف لبنــان عــى‬ ‫هــذه ال ّجيــف‪ ،‬الطوائــف ذات الرائحــة النتنــة تغيــر الرتكيبــة االجتامعيــة والسياســية فيــه‪.‬‬ ‫الجاهــزة للعــب ملــن يدفــع لهــم‪ ،‬وملــن يلعــب أمــا يف ســوريا فقــد جلــب معــه إىل الســلطة‬ ‫عــى أوتارهــم املريضــة‪ ،‬ومــى يدجــن هــؤالء مــن هــم عــى شــاكلته‪ ،‬األرذل واألســوأ واألقــذر‬

‫ليكونــوا عــى مقاســه وشــاكلته‪ ،‬يأمتــرون بأمــره‬ ‫ويتفرغــون لالشــتغال عــى الرصاعــات العبثيــة‬ ‫وتضييــع الوقــت واملســتقبل ليبقــى مرتــاح‬ ‫الخاطــر‪.‬‬ ‫حـ ّول لبنــان إىل ســاحة خلفيــة‪ ،‬ورسيــر لكائــن‬ ‫مريــض‪ ،‬مقعــد ال حــول لــه وال قــوة‪ ،‬يرتــع فيــه‬ ‫زبانيتــه وأنصــاره وأتباعــه‪.‬‬ ‫يف تلــك املرحلــة مــن الحــرب األهليــة اللبنانيــة‪،‬‬ ‫مل تكــن حالــة حــرب باملعنــى الواســع للكلمــة‬ ‫كــا مل تكــن حالــة ســام‪ .‬كانــت حــرب وظيفية‬ ‫أدارهــا موظــف بالوكالــة إلبعــاد أنظــار املنطقة‬ ‫عــن إرسائيــل وإبقــاء ســورية ولبنــان يف حالــة‬ ‫مرضيــة رسيريــة يقــوم هــذا الحافــظ األســد‬ ‫عــى اإلرشاف عليهــا وتغذيتهــا بالســروم‬ ‫حتــى ال ميوتــان أو يبقيــان أحيــاء‪.‬‬ ‫مــا حــدث مــن توتــر يف لبنــان تــرك انعكاســاته‬ ‫الهائلــة عــى الصعيــد العــريب واإلقليمــي‬ ‫فغــر موازيــن القــوى وه ّمــش‬ ‫والــدويل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مكانــة الكثــر مــن الــدول مقابــل اإلمســاك‬ ‫بالورقــة األمنيــة اللبنانيــة إلدارة شــؤون ســوريا‬ ‫واملنطقــة لتعويــم نفســه كالعــب وحيــد يف‬ ‫إدارة رصاع عبثــي ال فائــدة لشــعوب املنطقــة‬ ‫منــه‪ ،‬وتحويــل لبنــان إىل كتلــة لهــب‪.‬‬ ‫كانــت حربــاً مركبــة األبعــاد واألهــداف‬ ‫واملرامــي فيهــا تتنابــذ وتتداخــل األطــراف‬ ‫الداخليــة بعضهــا يف بعضهــا‪ ،‬بالخــارج إلضاعــة‬ ‫البوصلــة عــن الجميــع‪.‬‬ ‫لقــد اســتفاد نظــام بشــار األســد مــن أبيــه‪ ،‬مــن‬ ‫التجربــة اللبنانيــة وأخــذ منهــا التجربــة والعــر‪،‬‬

‫وجهــز نفســه لهــذا اليــوم‪ ،‬كــا جهــز أبــوه‬ ‫نفســه قبلــه ملثــل هــذه األيــام‪ .‬مبعنــى‪ ،‬عــرف‬ ‫هــذا النظــام أنــه ال ميثــل مصالــح الســوريني‪،‬‬ ‫لهــذا فإنــه كان ومــا زال خائف ـاً منهــم‪.‬‬ ‫لقــد جهـزا حافــظ االســد وابنــه بشــار نفســيهام‬ ‫إلدارة حربهــم عــى الســوريني منــذ اليــوم األول‬ ‫لوصولهــا إىل الســلطة‪ ،‬لهــذا اتــكأا يف حكمهــا‬ ‫عــى األحقــر واألســوأ مــن النــاس‪ ،‬ووضعهــم‬ ‫يف مناصــب حساســة مــن أجــل التمثيــل‬ ‫بالجســد الســوري‪ ،‬وقتــل أيــة كتلــة اجتامعيــة‬ ‫أو سياســية إذا خرجــت عــن طوقــه ورشوطــه‬ ‫بعــد أن ضمــن بقــاء الــرط الــدويل إىل جانبــه‪.‬‬ ‫لهــذا جلــب مــن الداخــل والخــارج كل‬ ‫املكنونــات املاضويــة املريضــة التــي عــى‬ ‫شــاكلته ومقاســه كزعــاء الطوائــف والعشــائر‬ ‫الــذي غذّاهــم وكربهــم مــن أجــل أن يكونــوا‬ ‫شــهود زور عــى هــذه األيــام‪.‬‬ ‫لقــد تعلــم نظــام بشــار مــن خربتــه يف‬ ‫لبنــان عــى إدارة الحــرب البينيــة‪ ،‬وتحويــل‬ ‫املطالــب الوطنيــة املحقــة يف ســوريا كالحريــة‬ ‫والدميقراطيــة إىل قضيــة هامشــية‪ ،‬ودعــم‬ ‫طوائــف وتنظيــات مســلحة قادمــة مــن وراء‬ ‫الحــدود لتشــعل ســوريا وتحويلهــا إىل كتلــة‬ ‫لهــب‪ .‬ويتحــول هــو اآلخــر إىل عــراب ورا ٍع‬ ‫للـراع‪ ،‬والتمثيــل بالوطــن الســوري كــا فعــل‬ ‫والــده‪ ،‬دون وازع مــن ضمــر أو خــوف عــى‬ ‫هــذه األرض وتاريخهــا وناســها ومســتقبلهم‪.‬‬ ‫إنــه نظــام حــرب‪ ،‬نظــام أزمــات سياســية‬ ‫واجتامعيــة‪ ،‬تكوينــه الــذايت ولــد هكــذا‪ .‬وجــاء‬

‫آرام كرابيت‬ ‫بــروط دوليــة قبلــت بــه‪.‬‬ ‫إنــه نظــام رجعــي‪ ،‬يعيــش يف املــايض‪ ،‬يتكــئ‬ ‫عــى الطوائــف‪ ،‬ويتقــن العيــش والعمــل يف‬ ‫الفســاد والحــروب العبثيــة والخ ـراب والدمــار‬ ‫واســتثامر األزمــات والتفاعــل معهــا وتنشــيطها‬ ‫وإعــادة إنتاجهــا والتعايــش معهــا‪.‬‬ ‫إنــه أبــرع نظــام يف العــامل لخلــق التنابــذ‬ ‫والتناحــر‪ ،‬وخلــق هويــات ميتــة فــات زمانهــا‬ ‫ومكانهــا‪ ،‬وأيقــظ حميتهــا للقتــال والتدمــر‬ ‫الــذايت‪ .‬ولهــذا نســتطيع القــول إن هــذا النظــام‬ ‫ال ميكنــه أن يعيــش يف األجــواء الطبيعيــة أو‬ ‫يســتمر فيــه‪ .‬قلقــه وأمراضــه الذاتويــة دفــع‬ ‫مثنهــا الشــعب الســوري واللبنــاين والعراقــي‪.‬‬ ‫وكل مــن اقــرب مــن هــذا النظــام احــرق‬ ‫بنــاره‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫نقطة أول السطر‬

‫محاكم التفتيش والشرطة القمعيّة‬ ‫خــارج إطــار نظــام الطغيــان األســدي الــذي دمــر‬ ‫ســوريا وشــعبها‪ ،‬وبعيــدا ً عــن جرائــم الســفاحني الذيــن‬ ‫يختالــون بقتــل الشــعب الســوري؛ فهنــاك اقتتــال ســوري‬ ‫ســوري عســكري وســيايس وفكــري ودينــي وقومــي‪،‬‬ ‫وهنــاك مــن يح ّركــه‪ ،‬مســتغالً حالــة مــن قصــور فكــري‬ ‫وســيايس‪ ،‬ومــن نــزاع عــى النفــوذ ورصاع عصبــوي‬ ‫ومظلوميــات تاريخيــة بائســة‪ ،‬وهــي مــن مخلّفــات‬ ‫عقــود قهــر واســتبداد‪ .‬وكــا قــال عمــر بــن الخطــاب‪:‬‬ ‫«إذا أراد اللــه بقــوم ســوءا ً منحهــم الجــدل ومنعهــم‬ ‫العمــل»‪.‬؛ فــإ ّن أطيافـاً مــن الســوريني أخــذت تســتمرئ‬ ‫الرثثــرة والجــدل العقيــم واالتهــام بالتخويــن‪ ،‬وتثــر‬ ‫الن ـزاع واالقتتــال‪ .‬وهــذا أمــر يحمــل الفتنــة والتخريــب‬ ‫والفشــل‪.‬‬ ‫الســوري نظريــة‬ ‫مل يكــن لــدى الحاضــن الثقــايف‬ ‫ّ‬ ‫فكريــة أو سياس ـيّة واقعيــة وحداثيّــة وأصيلــة‪ ،‬فجــاءت‬ ‫الفــوىض شــديدة كزلـزال ترافــق حـراك الثــورة الســورية‪،‬‬ ‫وانتــر الجــدل الضحــل‪ ،‬واتســعت الغوغائيــة إىل تنظــر‬ ‫فــارغ وإدانــة لآلخــر واســتعالء وإلغــاء‪ .‬مــن الناحيــة‬ ‫الفيزيائيــة‪ ،‬قيــاس األمــور يتطلــب جهــاز قيــاس‪ .‬لك ـ ْن‪،‬‬ ‫إنســانياً هــذا صعــب باملطلــق‪ ،‬فالبــر مختلفــون ومــن‬ ‫غــر املمكــن قيــاس صحــة األمــور يف مقيــاس واحــد‪..‬‬ ‫ـكل شــخص وجامعــة رأي وتجربــة ومقيــاس للحقيقة‪.‬‬ ‫فلـ ّ‬ ‫طريــق العلــم واملعرفــة والفلســفة هــو حــل؛ ألنّــه‬ ‫يعمــل عــى خلــق آليــات التفكــر العلمــي واملوضوعــي‬ ‫واملنطقــي‪ ،‬وتســهيل القيــاس بــأدوات ومعايــر‪ .‬أمــا أن‬ ‫نقيــس بنــاء عــى آراء كل شــخص وأهوائــه؛ فهــذا جــدل‬ ‫يقــود إىل جهــل وجهالــة وفســاد‪ .‬والواقــع يف أمــس‬ ‫الحاجــة اآلن لقيــادات ناضجــة وطنيـاً وفكريّـاً وسياســياً‪،‬‬ ‫وملرجع ّيــة فكريّــة أخالق ّيــة تعمــل عــى مل هــذا الشــتات‬ ‫وتقويــض الفتنــة والجهــل‪.‬‬ ‫العمــل عــى بنــاء منظومــة سياســية فكريّــة أخالقيــة‪،‬‬ ‫رضورة‪ ،‬خصوصــاً بعــد أن ع ّمــت الفــوىض يف هامــش‬ ‫الثــورة عــى نظــام االســتبداد الــذي عمــل عقــودا ً عــى‬ ‫إلغــاء املنطــق والتفكــر والعقــل‪ ،‬والتــي ال تقتــر عــى‬ ‫مواقــع التواصــل االجتامعــي التــي ملــع فيهــا نجــوم‪،‬‬ ‫وتــأألت صفحــات جذابــة للتهويــش‪ ،‬بــل امتــ ّدت إىل‬ ‫كثــر خطــاب اإلعــام البديــل املدعــوم؛ إذ يجــري إنفــاق‬ ‫املاليــن عــى مؤسســات إعالميــة وتنمويّــة وثقافيــة‬ ‫وحقوقيــة‪ ،‬لــي تقــوم بــدور الرشطــي واملشــاغب‬ ‫واملشــاكس واملشــوش عــى الثــورة أو املعارضــة أو عــى‬ ‫جهــة مــا‪ ،‬لتصيّــد األخطــاء والتشــكيك بالجــدوى وتهديم‬ ‫املغــزى النبيــل‪ ،‬ال للتقويــم والبنــاء وصقــل األداء‪ .‬فصــار‬ ‫الشــخص يف موقــع الخطــاب‪ ،‬قائــد املســرة أو الج ـرال‬ ‫الثــوري‪ ،‬ينــزل رضبــاً يف اآلخريــن‪ ،‬وتشــويهاً وتزييفــاً‪..‬‬ ‫وغــدت املفاهيــم مغلوطــة والحقيقــة ضائعــة‪ ،‬وبــرز‬ ‫ظالميــو العــر الجديــد مــن منتفعــن وانتهازيــن طغاة‪،‬‬ ‫يتكلمــون عــن الحريــة والتنويــر والنزاهــة والثــورة‪ ،‬وهم‬ ‫محمومــون باملكســب واملصلحــة وتجيــر الــوالء وفقهــا‪،‬‬

‫ويف تاريهخــم مــن كان ميلــك‪ ،‬موقعـاً حزبيـاً أو ثقافيـاً أو‬ ‫إعالميـاً سياســياً يف منظومــة النظــام األســدي‪ ،‬وكان جــزءا ً‬ ‫مــن التحاصــص أو الرشــوة أو الفســاد‪ .‬صحيــح أن الواقــع‬ ‫الســوري كان قه ـرا ً للجميــع‪ ،‬وقلــة مــن نــأت بنفســها‬ ‫عنــه؛ لكــن هــذا الواقــع تــرك أثــره األخالقــي والنفــي‬ ‫يف البــر‪ .‬العقــل الثقــايف القائــم عــى القمــع والتشــويه‬ ‫متوحــش أيض ـاً مثــل الحــذاء العســكري‪.‬‬ ‫وكــا كشــفت الثــورة األقنعــة عــن انتهازيّــة إعالميــن‬ ‫وأدبــاء ومثقفــن‪ ،‬وجامعــات كان ميولّهــا النظــام‪ ،‬فقــد‬ ‫بــرز فيهــا تحــت عناويــن التنميــة الثقافيــة واإلعــام‬ ‫معــن؛ فنمــت‬ ‫الجديــد حــراك مرتبــط بتمويــل‬ ‫ّ‬ ‫طفيليــات راحــت تقــوم بــدور بوليــس ومحاكــم تفتيــش‬ ‫عــى املعتقــد والفكــر واالنتــاء‪ ،‬مدعومــة بالقــوة واملــال‬ ‫والنفــوذ‪ .‬مهمتهــا الهجــوم عــى كل مــن يخالــف الرؤيــة‬ ‫املطلوبــة‪ ،‬ســواء كانــت سياســية‪ ،‬أو دينيّــة‪ ،‬أو فكريّــة‪،‬‬ ‫أو أخالقيّــة‪ .‬اســترشاقية أو ســلفيّة‪ ،‬فهنــاك رشطــة‬ ‫للعلامنيــن‪ ،‬ورشطــة لإلســاميني‪ ،‬ورشطــة للمنظــات‪،‬‬ ‫ورشطــة لإلعــام‪ .‬رشطــة للســلميني‪ .‬ورشطة للعســكريني‪.‬‬ ‫وكلّهــا تحتكــر الحقيقــة والحــق‪ ،‬وتصــادر مصداق ّيــة‬ ‫اآلخــر يف وطنيتــه وأخالقــه ومفاهيمــه‪ ...‬وقــد جــاءت‬ ‫منســجمة مــع الضعــف الفكــري والثقــايف والفلســفي‬ ‫للحــراك؛ فالعلامنيــة‪ ،‬يف أحســنها‪ ،‬هــي التنويــر الــذي‬ ‫تجمــد وتحنــط‪ .‬والديــن يف أفضلــه هــو العقــل الــذي‬ ‫تعطّــل وتوقّــف عــن اإلنتــاج واإلبــداع‪ .‬والقوميّــة طــرح‬ ‫عنــري‪ ..‬أمــا أن ينفتــح الجميــع عــى الحــوار والجــدل‬ ‫الواعــي املرتبــط باإلنتــاج وتطويــر املعتقــد والفكــر‪ .‬فهــو‬ ‫أمــر تأ ّخــر كث ـرا ً رغــم أهم ّيتــه الكــرى‪.‬‬ ‫ال يقتــر األمــر عــى رضب أي رشعيــة سياســية‬ ‫بديلــة لألســد؛ فاملعارضــون الذيــن تدعمهــم بيوتــات‬ ‫السياســة الدول ّيــة‪ ،‬والذيــن يســهمون بشــكل كبــر يف‬ ‫تهديــم صــورة املعارضــة السياســية الرســمية‪ .‬وبعــض‬ ‫الفصائــل العســكرية التــي ترتبــط مصالحهــا مبخططــات‬ ‫ال تلتقــي مــع رشعيــة املعارضــة السياســية؛ هــم‪ ،‬أيض ـاً‪،‬‬ ‫جــزء مــن هــذه الغوغائيــة والفســاد‪ .‬ويــزداد الصخــب‬ ‫الشــعبوي والغوغــايئ نتيجــة اتســاع الفجــوة بــن التنظري‬ ‫والواقــع‪ ،‬وبــن األنــا واآلخــر‪ ،‬وبــن السياســيي واملفكــر‬ ‫واملثقــف وبــن عمــوم النــاس‪ .‬مســافة يبــدو تجاوزهــا‬ ‫الســهل؛ فهــي أشــبه بحالــة انفصــام‪..‬‬ ‫ليــس باألمــر ّ‬ ‫فمــن يقــوم بتهديــم الديــن وتحقــره‪ ،‬مل يأخــذ بعــن‬ ‫االعتبــار أنّــه ال ميكــن فصــل وجــدان اإلنســان عــن دينــه‪.‬‬ ‫وال فصــل الدولــة عــن املفاهيــم الدينيــة العليــا‪ ،‬وكان‬ ‫عليــه أن يقــدم‪ ،‬بــدل ذلــك‪ ،‬نقــدا ً يطالــب بالتجديــد‬ ‫والتنويــر‪ .‬ومــن يفــرض تطبيــق الديــن بالشــكل الرجعــي‬ ‫البــدايئ مل يأخــذ بعــن االعتبــار حريــة البــر وحريــة‬ ‫التفكــر واالعتقــاد والــرأي وثــورة التغيــر‪ ،‬وكان عليــه‬ ‫أال يكــره النــاس عــى مامرســة الديــن وفــق رؤيتــه‬ ‫فهــذا ضــد الفطــرة‪ ،‬فالنهضــة تســتوجب التجديــد يف‬ ‫رؤيــة الفقــه والترشيــع والتأويــل‪ .‬كال الطرفــن بعيــد‬ ‫عــن اســتحقاقات الواقــع وراســخ يف النصــوص اإلرثيــة‬ ‫والشــعارات واملقــوالت‪ ،‬مــن دون إعــال فكــر وتحليــل‬

‫زواج املتعة اإليراني الغربي‬

‫د‪ .‬سماح هدايا‬ ‫واســتنهاض للمعــاين املالمئــة لطبيعــة املرحلــة والواقــع‪.‬‬ ‫والقوميــون أيضـاً‪ ،‬مثلهــم‪ ،‬يســتوردون النظريــة القوميــة‬ ‫وال ينتجونهــا مــن تاريخهــم وفكرهــم‪.‬‬ ‫هنــاك مــن قــام باســم الدميقراطيّــة باســتثامر كل‬ ‫الظــروف التفكيكيّــة وفتــح األحقــاد العرقيــة والرصاعات‬ ‫الطائفيــة‪ ،‬للثــأر والوقــوع يف حــرب أهليــة وتقســيمية‪،.‬‬ ‫وتق ّدمــت منظــات كثــرة تلبــس ثــوب املعارضــة‪ ،‬أو‬ ‫معارضــة املعارضــة لتصبــح مؤسســات مضــادة للثــورة‪.‬‬ ‫تختبــىء خلــف غايــات تنمويــة ومتكينيــة وإعالم ّيــة‬ ‫وسياســية‪ .‬ومل تســتطع القيــادات الثقافيــة والفكريــة‬ ‫والسياســية تســخري الطاقــات بالشــكل الجامــع املنهجــي‬ ‫للوقــوف يف مــد الثــورة املضــادة‪ ،‬ولتحريــر ســوريا‬ ‫وتحقيــق إســقاط النظــام‪ .‬ال مفر مــن أن يــوازي املقاومة‬ ‫العســكرية والسياســية حــراك ثقــايف وتنويــر دينــي يف‬ ‫كل املواضيــع الفكريــة والثقافيــة والدينيــة والسياســية‬ ‫والقوميّــة‪ .‬وحتــى تســتمر ثــورة الحريــة والكرامــة هــي‬ ‫بحاجــة للعقــل‪ ،‬وأشــد مــا يؤذيهــا الغوغائيــة والضجيــج‬ ‫والفــوىض‪.‬‬ ‫الثــورة حركــة جامعيــة تاريخيــة ضمــن إطــار التاريــخ وال‬ ‫تقــرن بشــخص أو حــزب أو جامعــة‪ .‬وتتطلّــب صياغــة‬ ‫أفــكار وإعــادة النظــر يف الرؤيــة ويف ردات الفعــل‬ ‫والفعــل‪ ،‬ويف مامرســة الهويــة وتوظيــف كل املكومــات‬ ‫التاريخيــة الســوريّة مــن عروبــة وقوم ّيــات أخــرى وديــن‬ ‫وإنســانية وعامليــة ضمــن ســياق دولــة وأمــة‪ .‬جميــع‬ ‫املكونــات قــادرة أن تنشــئ حضــارة جديــدة ويف دولــة‬ ‫حداثيــة علميــة عادلــة عندمــا يتســاوى فيهــا جميــع‬ ‫مواطنيهــا‪ ،‬وبقواعــد مجتمــع مــدين‪ ،‬وقــادرة أن تعمــل‬ ‫عــى حــل إشــكالية كيــف ميكــن توظيــف العقيــدة‬ ‫واالنتــاء حضاريـاً بشــكل حيــوي ومنتــج وإنســاين‪ .‬ومــا‬ ‫ميكــن فعلــه للجميــع هــو التعــاون لبنــاء تاريــخ مشــرك‬ ‫عــادل‪.‬‬

‫عبد الحكيم البكار‬ ‫تتهافــت دول الغــرب إلقامــة عالقــات تجاريــة‪ ،‬وتتســابق‬ ‫رشكاتهــا لتوطــد موطــئ قــدم يف الجمهوريــة اإلســامية‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬وتتنافــس تلــك الــدول وتتســابق إلعــادة العالقــات‬ ‫الدبلوماســية وفتــح الســفارات يف طهــران وعواصمهــا‬ ‫للصديقــة الجديــدة العــدوة الســابقة‪ ،‬وينــى العــامل مــا‬ ‫كانــت تطلــق طه ـران عــى الغــرب مــن مســميات أبرزهــا‬ ‫تســميته بالشــيطان األكــر‪ ،‬خصوص ـاً زعيــم الغــرب أمريــكا‪،‬‬ ‫والشــيطان األكــر ينســق مــع أهــم عضــو مبحــور الــر يف كل‬ ‫تفاصيــل املنطقــة‪ ،‬ويســرضيها بــكل سياســاته التــي وجــد أنها‬ ‫نافعــة لــه‪ ،‬وتتقاطــع مع مصالحــه مــن أفغانســتان إىل العراق‬ ‫إىل ســوريا ودول الخليــج وفلســطني املحتلــة‪ ،‬ويبــدو أن العــم‬ ‫ســام اســتبدل حلفــاءه التقليديــن باملنطقــة بالحليــف القــوي‬ ‫ذي القــوة النوويــة‪ ،‬واتفــق الطرفــان عــى ال ـراع إعالمي ـاً‪،‬‬ ‫والنــوم عــى رسيــر املصالــح املشــركة سياســياً واقتصاديــاً‬ ‫ودينيــاً‪ ،‬فاملصالــح االقتصاديــة واضحــة‪ ،‬حيــث أن إيــران‬ ‫ســوق واعــدة‪ ،‬وبلــد خــام بعــد الحصــار االقتصــادي الطويــل‪،‬‬ ‫والسياســية اتضحــت مــن خــال خــروج القــوات الغربيــة مــن‬ ‫أفغانســتان والع ـراق وتســليمهام للحليــف الــري‪ ،‬وكذلــك‬ ‫االتجــاه بالنســبة ملقــدرات املنطقــة بشــكل عــام والدينيــة‬ ‫تالقــت مــن خــال املهــدي املنتظــر‪ ،‬وخــراب املنطقــة‪،‬‬ ‫وســيالن الدمــاء مــن أجــل خروجــه‪ ،‬وكذلــك ألجــل نــزول‬ ‫املســيح عليــه الســام ال بــد مــن إقامــة إرسائيــل الكــرى‬ ‫حســب معتقــدات الغــرب والصهيونيــة املســيحية مــع إيجــاد‬ ‫فــرع لهــا مــن أهــل الســنة والجامعــة‪ ،‬وســعيهم لتنفيــذ‬ ‫املخطــط مــن خــال القيــام مبــا مل يســتطعه هــؤالء‪ ،‬وإكــال‬ ‫تدمــر البــاد حســب مــا اتفــق عليــه‪ ،‬وتقســيمها إىل دويــات‬ ‫طائفيــة وإثنيــة بعلــم أو بجهــل‪ ،‬وكل النتائــج تشــر إىل ذلــك‪،‬‬ ‫والخالصــة «وميكــرون وميكــر اللــه واللــه خــر املاكريــن»‪.‬‬

‫مفارقات حادة‪!..‬‬ ‫عنتر دعيس‬

‫مــن آمــن بالحريــة والكرامــة والتعدديــة‪..‬‬ ‫الثــوري ال يقتــل بريئـاً‪ ،‬رغــم تأكيــدات غرفــة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫إذا كانــت الصــور التــي شــاهدناها عــن عمليــات حمــص أن معظــم الصــور مفربكــة‪..‬‬ ‫قتــى بلــدة الــزارة صــورا ً حقيقيــة لثــوار نقــول‪ :‬كفــوا عــن التطــاول عــى جثــث‬ ‫قتلــوا ومثلــوا بجثــث ســوريني أبريــاء‪ ،‬فنحــن القتــى‪ ،‬فامليــت كائنــاً مــن كان بيــد‬ ‫املحاســب وهــو الديــان‪..‬‬ ‫يف مشــكلة كبــرة‪..‬‬ ‫النظــام يقتــل بــدم بــارد‪ ،‬ويســتبيح دمــاء‬ ‫(‪)2‬‬ ‫النــاس‪ ،‬نعــم اســتباح دماءنــا وبيوتنــا وحتــى مــؤذن جامــع يدعــو القادريــن عــى حفــر‬ ‫أعراضنــا وأموالنــا‪ ،‬ويف النهايــة النظــام مجــرم القبــور أن يؤاجــروا فيهــا للــه لدفــن قتــى‬ ‫وقاتــل‪ ..‬مــا حــدث يف ال ـزارة إذا كان مــرره الغــارات الروســية وطــران التحالــف يف‬ ‫أنهــم علويــون فقــط‪ ،‬فالتعايــش يف قــادم مدينــة الرقــة‪ ..‬وقــد حدثنــي أحــد األصدقــاء‬ ‫األيــام مســتحيل‪ ،‬وعــى العقــاء مــن قــادة أنــه يف نهايــة الســتينيات قــرر والــده الهجــرة‬ ‫الثــوار إذا كانــوا ثــوارا ً أن يكفــوا عــن اىل الرقــة مــع عائلــة عمــه‪ ،‬وعنــد وصولهــم‬ ‫هــذه املامرســات ألنهــا عــار عليهــم‪ ،‬وعــى‬

‫‪7‬‬

‫إليهــا اســتأجروا دارا ً يف إحــدى حاراتهــا‪،‬‬ ‫وقبــل أن يســتقروا أصيــب عمــي بســكتة‬ ‫قلبيــة‪ ،‬ومــات عــى إثرهــا خــال ســاعات‪،‬‬ ‫ونحــن نواجــه جثــة عمــي امليــت‪ ،‬وال نعــرف‬ ‫مــاذا نفعــل يف بلــد غريــب‪ ،‬وحــارة ال نعــرف‬ ‫فيهــا أحــد وميــت تلطــم النســوة عــى‬ ‫جثامنــه املســجى‪ ...‬ومــن أصــوات بكائنــا‬ ‫عــرف الجــران مصابنــا عندهــا دخلــوا الــدار‬ ‫وغســلوا عمــي وكفنــوه وحملــوا نعشــه‪،‬‬ ‫وصلنــا املقــرة‪ ،‬وكان القــر جاه ـزا ً بــكل مــا‬ ‫يلــزم‪ ،‬صلــوا عليــه ودفنــوه وعــادوا‪ ،‬وجدنــا‬ ‫بيــت ع ـزاء جاهــز وقهــوة وشــاي وطعــام‪،‬‬ ‫وملــدة ثالثــة أيــام وهــم يتلقــون معنــا العزاء‬ ‫ويخففــون عنــا‪ ،‬وكان إن حــاول أحدنــا‬

‫املســاعدة بــيء منعــوه‪ ،‬وقامــوا بأنفســهم‬ ‫بتقديــم الواجــب‪ ،‬كبريهــم وصغريهــم‬ ‫يتســابقون عــى تضميــد جرحنــا ومواســاتنا‪،‬‬ ‫هــذه أخــاق بلدنــا‪ ،‬وهــذه أخــاق ثورتنــا‬ ‫التــي خــرج مــن أجلهــا الســوريون‪.‬‬ ‫اليــوم اصحــاب الواجــب النشــامة يبحثــون‬ ‫عمــن يحفــر ويغســل ويكفــن يــا اللــه ال‬ ‫نامــت اعــن الجبنــاء ‪ ..‬اهــل الكــرم والجــود‬ ‫يبحثــون عــن مســكن امل وحبــة التهــاب وال‬ ‫يجــدون ‪ ..‬اصحــاب الواجــب ال يعرفــون‬ ‫اىل ايــن ميــي بهــم الزمــان ‪...‬وينــك يــا ريب‬ ‫عنهــم ‪ ..‬هــم هــم مــن قبــل قــرون وحتــى‬ ‫االن مــا تغــر بيهــم يش اال الزمــان تركهــم‬ ‫للــذل والعــوز والبهدلــة‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫من داخل السرب‬ ‫هــذا القــول ملســؤول أمريــي منــذ الشــهر الثــاين للثــورة‪.‬‬ ‫أبلغــه لبعــض شــخصيات املعارضــة يف الداخــل والخــارج‪ .‬رغــم‬ ‫أن غالبيــة مــن أبلغهــم‪ ،‬مل يكــن أحــد منهــم يطــرح حتــى‬ ‫ســقوط األســد‪ .‬مل تكــن هنالــك قطعة ســاح سياســية‪ ،‬موجودة‬ ‫يف ســورية خــارج ســاح الســلطة العلويــة كــا أســاها هــذا‬ ‫املســؤول آنــذاك‪ .‬كان مئــات ألــوف املتظاهريــن يهتفــون‬ ‫«الشــعب الســوري واحــد»‪ .‬اعتقــدت للحظــة أن األمريكيــن‬ ‫يريــدون إســقاط األســد‪ .‬لكنــه تابــع حديثــه بالقــول لــن‬ ‫نســمح بانتصــار طــرف عــى آخــر‪ .‬أبلغنــا أيضــاً أنــه لــن‬ ‫يتدخــل عســكرياً‪ .‬مــن جهتــي أيضـاً طالبــت الواليــات املتحــدة‬ ‫بالتدخــل لحاميــة املتظاهريــن‪ ،‬بــأي طريقــة تجدهــا مناســبة‪.‬‬ ‫بــدأ التدخــل األمريــي منــذ تلــك اللحظــة‪ ،‬بالعمــل عــى عــدم‬ ‫انتصــار طــرف عــى آخــر‪ .‬كتبــت حينهــا مقــاالً بعنــوان «الثــورة‬ ‫التــي ي ـراد الغــدر بهــا»‪ .‬مــع ذلــك بقــي الرهــان مــن قبــي‬ ‫عــى موقــف أمريــي إنســاين بالحــد األدىن قامئـاً‪ .‬لســببني األول‪:‬‬ ‫أننــي أعــرف طبيعــة الســلطة األســدية‪ ،‬أنهــا ســلطة طائفيــة‬ ‫فاشــية‪ .‬ســتقتل بــا حســيب أو رقيــب وســرتكب املجــازر‪.‬‬ ‫طبعــاً هــذا أيضــاً جســدته هــذه الفاشــية عمليــاً‪ ،‬بإطــاق‬ ‫النــار عــى املتظاهريــن‪ ،‬وتصفيــة مــن تعتقلهــم‪ ،‬تحــت شــعار‬ ‫عــام «األســد أو نحــرق البلــد»‪ ،‬وتحــت شــعار مخصــص للقتلــة‪،‬‬ ‫وهــم ميارســون القتــل «بدكــن حريــة» شــعار قطاعــي للمــوت‪.‬‬ ‫تخيلــت نفــي الجبانــة‪ ،‬لــو أننــي كنــت تحــت املــوت مــكان‬ ‫أي متظاهــر ســأقول لــه «مــن قــال إين بــدي حريــة»؟ «يلعــن‬ ‫أبــو الحريــة»! أرشطــة الفيديــو هــذه كان يشــاهدها روبــرت‬ ‫فــورد الســفري األمريــي آنــذاك‪ ،‬ووفقــا للمســرة الدبلوماســية‬ ‫للســيد فــورد‪ ،‬أعتقــد أنــه كان يرســل تقريــر ألوبامــا بالقــول‬ ‫«املتظاهــرون يقتلــون األســديني أو العلويــن ويرصخــون «بدنــا‬ ‫حريــة»‪ .‬مــع ذلــك الســيد فــورد مل يتخيــل نفســه وال مــرة‪،‬‬ ‫مــكان هــذا املتظاهــر‪ ،‬الــذي ســيموت تحــت هــذا الشــعار‬ ‫القطاعــي بلهجتــه العلويــة «بدكــن حريــة»؟ متنيــت يف نفــي‬ ‫أن يكــون أوبامــا عاري ـاً مدمــى‪ ،‬تحــت أحذيــة جنــود األســد‪،‬‬ ‫يســألونه «بــدك حريــة يــا أوبامــا»؟ الســبب الثــاين لرهــاين‬ ‫عــى موقــف أمريــي‪ ،‬معرفتــي بحجــم التدخــل األمريــي‬ ‫الالمحــدود يف هــذه البقعــة اإلرسائيليــة مــن العــامل‪ .‬بقعتــان‬ ‫تهــان أمريــكا يف هــذه املنطقــة إرسائيــل والنفــط‪ .‬ثنائيــة‬ ‫املــوت الــرق أوســطي‪ .‬إذا كان هنالــك نفــط يريدونــه بدولــة‬ ‫فاشــلة أم بدولــة ناجحــة‪ ،‬وإذا مل يكــن هنالــك نفــط‪ ،‬ليمــت‬ ‫شــعب هــذا البلــد‪ ،‬إذا أراد املطالبــة بحريتــه‪ ،‬مــن ســلطة هــم‬ ‫يســمونها «ســلطة أقليــة تحكــم أكرثيــة» ليســت ســلطة أقليــة‬ ‫غــر معرفــة أو غــر مســاة‪ ،‬بــل يســمونها ســلطة علويــة‪،‬‬ ‫مبعــزل عــن موقفنــا مــن التســمية هــذه‪ .‬فع ـاً بــدأ التدخــل‬

‫لن نسمح بإبادة العلويني!‬ ‫األمريــي يأخــذ وجهــة ال غالــب وال مغلــوب‪.‬‬ ‫لكــن كيــف؟ كان يجــب أن تــرى إدارة أوبامــا طرفــاً‬ ‫مســلحاً قوي ـاً مبواجهــة األســدية‪ .‬خلقتــه وتحولــت البلــد‬ ‫إىل طرفــن قويــن لديهــم الســاح واملــال‪ .‬لكــن التحــول‬ ‫الخطــر الــذي كانــت مالمحــه واضحــة هــو رفــض‬ ‫األمريــكان لتمثيــل عســكري موحــد للجيــش الحــر‪ .‬بــدأت‬ ‫هــذه املرحلــة الالحقــة يف نهايــة عــام ‪ ،2012‬حيــث‬ ‫ســمحت أمريــكا بتضعيــف الجيــش الحــر ورشذمتــه مــن‬ ‫جهــة‪ ،‬ودخــول الجهاديــن مــن العــراق وبقيــة بلــدان‬ ‫القاعــدة‪ ،‬تونــس وأفغانســتان والشيشــان‪ .‬كــا كانــت‬ ‫قــد ســمحت لحــزب اللــه وميليشــيات إي ـران الطائفيــة‪،‬‬ ‫بالدخــول لقتــل الشــعب مــع قــوات األســد‪ .‬كان فــورد‬ ‫يعمــل باتجــاه آخــر هــو رشذمــة التمثيــل الســيايس‬ ‫للثــورة‪ ،‬بعدمــا فشــل يف اســتيعاب املجلــس الوطنــي‬ ‫الســوري‪ .‬شــكل االئتــاف‪ .‬أعــود للبــدء ألن الســوريني‬ ‫يعرفــون مــاذا جــرى الحق ـاً‪ .‬القتــل الــذي وصلنــا إليــه‪،‬‬ ‫الــذي تقــوم بــه األســدية وإي ـران وروســيا‪ ،‬يتــم برعايــة‬ ‫أوباميــة‪ .‬مجــازر حلــب األخــرة تؤكــد ذلــك‪ .‬الحجــة‬ ‫وجــود جبهــة النــرة‪ .‬األمريــي يعــرف مــن يدعــم جبهــة‬ ‫النــرة؟ املســرة األوباميــة يف ســورية‪ ،‬بــدأت بعــدم‬ ‫الســاح بإبــادة العلويــن‪ ،‬وهــا هــي مســتمرة بإبــادة‬ ‫الســنة‪ .‬لكــن الشــعب الســوري مــر عــى الحريــة‪.‬‬ ‫الســؤال اآلن‪ :‬مــا هــي مصلحــة أمريــكا مــع األســد؟‬ ‫محاربــة اإلرهــاب؟ إذا كانــت هــي مــن خلقــت اإلرهــاب‬ ‫يف العــامل؟ اعرتافــات هيــاري كلنتــون يف مجلــس الشــيوخ‬ ‫االمريــي مســجلة صــوت وصــورة عــى اليوتــوب‪ .‬أبيــدت‬ ‫ســبل حيــاة ‪ 12‬مليــون ســني يف ســورية‪ ،‬نصــف ســكان‬ ‫ســورية تقريبـاً‪ ،‬وأبيــد منهــم مئــات األلــوف قتالً بأســلحة‬ ‫بوتــن وإطــاق األســد‪ ،‬وغطــاء أوبامــا ودعــاوى قــم‬ ‫«لبيكــم يــا هوســن»‪ .‬مــع ذاك الشــعب الســوري واحــد‬ ‫ويريــد حريــة‪ .‬اآلن فهمــت ملــاذا قــال فــورد ممنــوع‬ ‫إبــادة العلويــن‪ ،‬ألنهــم أحــد أدوات إبــادة الســنة‪ .‬الســنة‬ ‫يبــادون ألنهــم أكرثيــة موضوعيــة يف ســورية‪ .‬وليــس‬ ‫ألنهــم ســنة يك ال أحــد يفهمنــا خطــأ‪ .‬فــا ثــورة بــأي‬ ‫مجتمــع إال وســتكون األكرثيــة حاضنتهــا‪ .‬والحريــة قادمــة‬ ‫رغــم كل هــذا اإلجـرام األوبامــي‪ .‬كان األفضــل لفــورد أن‬ ‫يبلغنــا أنــه يجــب إبــادة األكرثيــة «الســنة»‪ .‬كان رمبــا‬ ‫بعضنــا فهــم املعادلــة أكــر‪ .‬الصديــق راتــب شــعبو كتــب‬ ‫مقــاالً مهــاً بعنــوان «الخــوف مــن التغيــر»‪ ،‬يتحــدث‬ ‫فيــه عــن خــوف العلويــن مــن التغيــر يف ســورية‪ .‬كتبــت‬ ‫هــذه املقدمــة الطويلــة نســبياً‪ ،‬يك أحــدد حضــور هــذه‬

‫التاريخ يعيد نفسه‪..‬‬ ‫يذكــر أنــه يف العــام ‪1513‬م توجهــت‬ ‫األســاطيل الربتغاليــة الحتــال مدينــة عــدن‬ ‫اليمنيــة‪ ،‬ونتيجــة عــدم تــوازن القــوى تــم‬ ‫احتــال املدينــة‪ .‬عندهــا هاجــر قســم‬ ‫مــن الســكان‪ ،‬وبقــي القســم اآلخــر يقــارع‬ ‫االحتــال‪ ،‬وكانــت تلــك املقاومــة قــد اتعبــت‬ ‫الغــزاة مــا اضطرهــا إىل البحــث عــن خطــة‬ ‫بديلــة لاللتفــاف عــى الثــوار‪.‬‬ ‫قامــوا بتهيئــة شــخص مــن غامــض علــم اللــه‬ ‫يدعــى (عبــد الــرؤوف أفنــدي)‪ ،‬وغــروا اســمه‬ ‫ليواكــب الحــدث وأطلقــوا عليــه اســم (ياســن)‪،‬‬ ‫ومل يكــن أحــد يف املدينــة يعــرف ذلــك االســم‬ ‫املهيــأ‪ .‬وقــام الربتغاليــون بدعمــه رسا ً مــن‬ ‫خــال األمــوال واألســلحة مــا جعلــه بطــاً‬ ‫قومي ـاً يف ذلــك العــر‪.‬‬ ‫أعلــن ياســن الجهــاد‪ ،‬وطالــب بتحريــر عــدن‪،‬‬ ‫واصطفــت خلفــه حشــود كثــرة‪ ،‬وبعــد معــارك‬ ‫طاحنــة وبالتنســيق مــع قــوات االحتــال شــاع‬ ‫اســم ياســن وأصبــح لقبــه الزعيــم‪.‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫القضيــة يف القـرار الســيايس للفاعلــن الدوليــن يف القضيــة‬ ‫الســورية‪ ،‬طبعــاً يجــب أال ننــى ترصيحــات رمــوز‬ ‫السياســة الروســية‪ ،‬عــن أن التغيــر يف ســورية ســيجلب‬ ‫الســنة للحكــم‪ ،‬وهــذا مرفــوض‪ ،‬خاصــة ترصيحــات‬ ‫الفــروف األكــر وقاحــة‪ .‬القضيــة ليســت بحــث عــن‬ ‫إدانــة‪ ،‬بــل يجــب قـراءة الظاهــرة يف حقــل الـراع عــى‬ ‫الدولــة الســورية وليــس عــى الســلطة! وإن كان يتجــى‬ ‫كذلــك‪ .‬الســلطة احتلــت الدولــة احتــاالً عســكرياً‪ .‬يشــبه‬ ‫إىل حــد كبــر االحتــال االســتيطاين‪ .‬باملقارنــة ال يوجــد‬ ‫نظــام يف العــامل يشــبه االحتــال االســدي كآليــات عمــل‪،‬‬ ‫إال نظــام االبارتيــد يف جنــوب أفريقيــا‪.‬‬ ‫ قــادة الجيــش مــن البيــض‪ ،‬وغالبيــة العســكر مــن‬‫الســكان األصليــن‪ ،‬يك يقمعــوا الســكان األصليــن الذيــن‬ ‫هــم األكرثيــة الســاحقة‪ .‬هــل يعنــي هــذا أن النظــام‬ ‫االبارتيــدي ليــس عنرصيــاً‪ ،‬علــاً أن للســكان األصليــن‬ ‫دياناتهــم الخاصــة مل يكونــوا مســيحيني‪ .‬واألقليــة البيضــاء‬ ‫مســيحية الديانــة؟‬

‫غسان المفلح‬

‫ بعــض الوجهــاء‪ ،‬واملوظفــن الكبــار يف النظــام االبارتيــدي‬‫كانــوا مــن الســكان األصليــن‪ ،‬هــل يعنــي أن هــذا النظــام‬ ‫مل يكــن عنرصي ـاً؟ يذكرنــا بــوزراء النظــام مــن مكونــات‬ ‫ســورية أخــرى‪.‬‬ ‫ الــروة كانــت بيــد الطبقــة البيضــاء ســواء بالقانــون أو‬‫برشعيــة القــوة والتميــز العنــري والدينــي‪ .‬هــل يعنــي‬ ‫وجــود فق ـراء بيــض أن النظــام ليــس عنرصي ـاً؟‬ ‫ الهــروب والهجــرة كانــت يف صفــوف الســود‪ ،‬طلبــاً‬‫للــرزق وخوفــاً مــن القمــع واملــوت‪ ،‬بينــا البيــض ال‬ ‫يهاجــرون‪ ،‬ألن مصــادر رزقهــم مؤمنــة بحكــم أنهــم‬ ‫مــن جوهــر النظــام‪ .‬عندنــا يف ســورية أبنــاء الطائفــة‬ ‫العلويــة ال يهاجــرون‪ ،‬ونســبة هجرتهــم مــن أجــل العمــل‬ ‫ال تقــارن بنســبة هجــرة أي مكــون ســوري آخــر‪ .‬هنــا ال‬ ‫بــد مــن رؤيــة املصلحــة يف عالقــة األســدية بالطائفــة‪.‬‬ ‫إحساســها باالمتيــاز والتفــوق والخــوف مــن ذهــاب هــذه‬ ‫االمتيــازات‪.‬‬ ‫طــرح الصديــق راتــب شــعبو يف مقالــه أســئلة مهمــة‪،‬‬ ‫منهــا هــل كانــت ســتنضم الطائفــة للثــورة‪ ،‬ضمــن‬ ‫مــروع وطنــي دميقراطــي يف ظــل خوفهــا النابــع مــن‬ ‫عقــدة املظلوميــة العلويــة؟ ســنتان منــذ انطالقهــا‬ ‫والثــورة تتحــرك ضمــن األفــق الوطنــي الدميقراطــي‪ .‬ال‬ ‫أظــن أبــدا ً أيـاً كان املــروع التغيــري وأيـاً كان القامئــون‬ ‫عليــه‪ ،‬كان ممكــن أن يكــون دافعــاً لالنضــام للثــورة‪.‬‬

‫الشــعور باالمتيــاز املــادي واملعنــوي يف معــاش املواطــن‬ ‫العلــوي عــن أقرانــه يف الوطــن‪ .‬لكــن الســؤال هــل كان‬ ‫هــذا املواطــن العلــوي مواطن ـاً ســورياً أص ـاً أم محت ـاً؟‬ ‫هــذه النقطــة تحتــاج لوحدهــا لدراســات لإلجابــة عنهــا‪.‬‬ ‫ البيــض غــزوا تلــك األرض وأقامــوا اســتعامرا ً اســتيطانياً‪،‬‬‫مزارعهــم وقراهــم ومدنهــم‪ ،‬مســتندين عــى قــوة‬ ‫عســكرية اســتعامرية عاريــة وبعثــات تبشــرية!!‪ .‬تشــبه‬ ‫أحيــاء العســكر حــول دمشــق‪ ،‬التــي اســتويل عليهــا‪،‬‬ ‫مــن قبــل رسايــا الدفــاع وال ـراع والحــرس الجمهــوري‪،‬‬ ‫والوحــدات الخاصــة والفرقــة األوىل بالكســوة والفرقــة‬ ‫الثالثــة بالقطيفــة وهــي ملــك للشــعب الســوري‪،‬‬ ‫الســومرية‪ ،‬عــش الــورور‪ ،‬مــزة‪ ،86‬وغريهــا مــن الضواحــي‬ ‫املحيطــة بدمشــق‪ ،‬التــي انكشــفت عــن خــزان مــن‬ ‫القتلــة‪.‬‬ ‫ كــم بقــي الســكان األصليــن حتــى تحــرروا مــن‬‫االبارتيــد؟ كــم قتــل منهــم؟ كــم أحرقــوا أحيــاء؟ كيــف‬ ‫تحــرروا؟ هــذه األســئلة تصلــح لــي نعــرف كيــف نتعامــل‬ ‫مــع االحتــال األســدي‪.‬‬ ‫ املظلوميــة البيضــاء!! الخــوف مــن نظــام دميقراطــي‪،‬‬‫كانــوا يســتمرون بالقتــل‪.‬‬ ‫يبقــى أن نختــم هــذه املــادة بالقــول‪ :‬إن املعــارض‬ ‫العلــوي الســوري‪ ،‬حملــه ثقيــل ويجــب أن نقــدر ذلــك‪.‬‬ ‫راتــب شــعبو عــى صدقــه وجرأتــه عنــوان‪.‬‬

‫عاش الزعيم‬

‫ووجهــت الدعــوة للزعيــم ليــرأس وفــد‬ ‫املفاوضــات وجه ـاً لوجــه مــع ممثــي الغ ـزاة‪.‬‬ ‫مطمــط قليـاً الزعيــم ومــن ثــم قبــل‪ ،‬ومتنعــت‬ ‫الربتغــال‪ ،‬وهــي راغبــة‪ ،‬ثــم قبلــت‪ ،‬وجــرت‬ ‫األمــور حســب الســيناريو الغــريب‪.‬‬ ‫وبعدهــا أعلــن الزعيــم حكومتــه املحليــة‬ ‫مبباركــة العــامل الحــر مقابــل اعرتافــه بحــق‬ ‫الربتغــال يف املدينــة املنكوبــة‪ ،‬وكان االتفــاق قد‬ ‫جــرى عــى تقســيم عــدن إىل قســم يحكمــه‬ ‫ياســن الزعيــم‪ ،‬ويضــم الفقــراء واملهجريــن‪،‬‬ ‫وقســم آخــر تحــت ســيطرة وحكــم الربتغــال‪،‬‬ ‫ويضــم القســم األكــر مــن األرايض والــروات‪.‬‬ ‫كــا يقــول املفكــر كارل ماركــس‪« :‬التاريــخ‬ ‫يعيــد نفســه»‪ ،‬وهــذه القصــة تكــررت كثــرا ً‬ ‫يف تاريــخ العــرب واملســلمني باملنطقــة دون‬ ‫اتعــاظ‪.‬‬ ‫فقــط يتغــر الزمــان واملــكان وأبطال املسلســل‪،‬‬ ‫هــذه املعــارك خلفــت الشــهداء والقتــى‪ ،‬املشــهد تدخلــت القــارة العجــوز كالعــادة‪ ،‬ويبقــى الســيناريو والحــوار عــى مــا هــو عليــه‪،‬‬ ‫وهجــرت العديــد مــن العوائــل‪ ،‬ويك يكتمــل ونــادت مبؤمتــر عاجــل إلحــال الســام‪ ،‬فالفــخ هــو نفســه‪ ،‬والخيانــة هــي ذاتهــا‪،‬‬

‫علي الحسين‬ ‫والنتيجــة متشــابهة‪ ،‬والــذي يتابــع مــا يجــري‬ ‫اآلن يف املنطقــة يكتشــف ويشــاهد ظهــور‬ ‫الزعيــم (ياســن) يف أكــر مــن مــكان يف آن‬ ‫واحــد‪.‬‬ ‫يف فلســطني والعــراق وأفغانســتان وليبيــا‬ ‫وســوريا واليمــن طبــخ الغــرب نفــس الطبخــة‪،‬‬ ‫وأطعمهــا للعــرب واملســلمني‪ ،‬وقــام بإنتــاج‬ ‫نفــس املسلســل مــع اختــاف التســميات‪،‬‬ ‫ولكــن البطــل كان واحــدا ً (ياســن)‪.‬‬ ‫تقســيم املقســم وتجزئــة املجــزأ لتصبــح الدولــة‬ ‫دويــات وأقاليــم وكيانــات هشــة يســهل‬ ‫التحكــم بهــا وابتــاع مــا فيهــا مــن خــال‬ ‫العــزف عــى وتــر الطائفيــة واملذهبيــة وحاميــة‬ ‫حقــوق األقليــات‪.‬‬ ‫وألننــا ال نقــرأ التاريــخ وال نتعــظ مــا ســلف‪،‬‬ ‫فقــد كُتــب علينــا أن نشــاهد التمثيليــة بتلــذذ‬ ‫وشــغف‪ .‬وألن إمياننــا قليــل فقــد لدغنــا مــن‬ ‫الجحــر ألــف مــرة‪ ،‬وســنبقى نــردد عــاش‬ ‫الزعيــم‪ ..‬عــاش الزعيــم‪ ..‬عــاش الزعيــم‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عن ألم وعذاب الكتابة‬

‫‪9‬‬

‫غريب الدار‬

‫محمد صالح عويد‬ ‫يك ُت��ب الس��وري‪ ،‬الكات��ب الروائ��ي آرام‬ ‫كرابيت‪« :‬كاتب الرواية جيب أن يكون ناسكاً‪،‬‬ ‫راهباً يف معبد معزول‪ ،‬بعيداً عن األضواء‪ ،‬يعمل‬ ‫بصم��ت مطل��ق‪ ،‬ودون ضجي��ج‪ .‬يراق��ب ال��روح‬ ‫اإلنس��انية‪ ،‬يت��أمل‪ ،‬يبك��ي‪ ،‬حي��زن‪ ،‬يش��فق عل��ى‬ ‫ش��خصياته‪ ،‬وأحيان��اً يقتله��م خوف��ا عليه��م»‪.‬‬ ‫حــن تُ ســك قلمــك‪ ،‬تجلُــس أمــام جحيــم الورقــة‬ ‫َ‬ ‫قلمــك الرصــاص بنــزقٍ ‪،‬‬ ‫البيضــاء‪ ،‬تقضــ ُم مؤخــرة‬ ‫وشـ ٍ‬ ‫ـغف‪ ،‬وقلــق‪ ..‬عندمــا تأتيــك فكــرة‪ ،‬فهــي ليســت‬ ‫التمســك بــه بشــدة يف البدايــة‪ ،‬ثــم‬ ‫إال شــيئاً عليــك‬ ‫ُّ‬ ‫مــاذا بعــد؟ فالكتابــة للصادقــن‪ ،‬واملتصالحــن مــع‬ ‫أنفســهم‪ ،‬هــي منتهــى الوجــع واألمل اإلنســاين‪.‬‬ ‫قصــة‪ ،‬أو تنســج‬ ‫أن تكتــب روايــة‪ ،‬أو ّ‬ ‫ـوب قصيــدة‪ ،‬هــو منتهــى تعذيــب‬ ‫ثـ َ‬ ‫الــذات لتســتطيع أن ترســم بارقــة‬ ‫أمــل‪ ،‬أو تــيء شــمعة يف نهايــة‬ ‫النفــق املظلــم الــذي تتشــارك فيــه‬ ‫مــع اآلخريــن‪ ،‬أو تصــف لوحــة‪:‬‬ ‫حقــوالً تبــي ســنابل لغــر هــؤالء‬ ‫املســاكني الذيــن تعبــوا وزرعــوا‬ ‫وقامــوا برعايتهــا لتكــون قطــوف‬ ‫غريهــم مــن اللصــوص وكبــار‬ ‫الكســبة‪ ،‬وذوي الدخــل الالمحــدود‪.‬‬ ‫ثــم متــي ال تلتفــت ملــن يشــتمك‪،‬‬ ‫أو يصفــق لــك‪ ،‬وال تنتظــر مكافــأة‬ ‫مــن أحــد‪ ،‬ســوى أنــك ر ٍ‬ ‫اض عــا‬ ‫فعلــت‪ ،‬رمبــا دمعــة أو ابتســامة‬ ‫رضــا مــن قــارئ تكفيــك عــن‬ ‫مكافــآت الدنيــا كلهــا ليــأيت بعــدك‬ ‫مــن يتابــع متزيــق عبــاءة الصمــت‬ ‫والســواد‪ ،‬ويضــع ســباب َة كلمتــ ِه‬ ‫عــى فــم جــر ٍح مفتــوح ليُشــهر‬ ‫قصــة وجــع‪ ،‬وســرة جــدو ِل دمٍ أو‬ ‫مصــرٍ‬ ‫بــري مهــدور بــا مثــن أو‬ ‫ٍ‬ ‫رصخــة اســتنكار‪.‬‬ ‫األفــكار ليســت هــي الجــزء‬ ‫الصعــب‪ .‬هــي مجــرد جــزء صغــر‬ ‫مــن كل‪.‬‬ ‫األصعــب هــو خلــق أنــاس ُمقنعــن‬ ‫يقومــون مبــا تأمرهــم بــه إىل حــد‬ ‫مــا‪ .‬واألصعــب مــن ذلــك بكثــر‬ ‫هــو ببســاطة الجلــوس‪ ،‬وكتابــة‬ ‫كلمــة بعــد أخــرى لبنــاء ذلــك الــذي‬ ‫تحــاول بنــاءه‪ ،‬ليكــون مشــوقاً‪،‬‬ ‫وجديــدا ً‪.‬‬ ‫تحصــل عــى األفــكار مــن أحــام اليقظــة‪ .‬نحصــل‬ ‫عــى األفــكار مــن شــعورنا بالتمـ ّرد عــى الواقــع‪ ،‬حــن‬ ‫تجــد ُه منحرف ـاً جزئي ـاً أو كلي ـاً عــن الخــط األخالقــي‬ ‫اإلنســاين‪.‬‬ ‫نحصــل عــى األفــكار طــوال الوقــت‪ ،‬خــال جلســات‬ ‫تأمــل طويلــة بعيــدة عــن ضجيــج املحيــط‪ .‬الفــارق‬ ‫الوحيــد بــن الكُتــاب وغريهــم مــن النــاس أننــا‬ ‫ننتبــه لذلــك بينــا نقــوم بــه‪ ،‬دون إهــال‪ ،‬منــي‬ ‫بــن البســطاء‪ ،‬بائعــي الخضــار‪ ،‬املســحوقني‪ ،‬الش ـ ّواذ‪،‬‬ ‫الســكارى‪ ،‬ونســمع قصصهــم وشــكواهم‪ ،‬بــن‬ ‫ُ‬ ‫املقهوريــن يف زوايــا العتمــة‪ ،‬ونشــاركهم بصيــص‬ ‫الــروح والبصــرة‪ ،‬نعــارش املهزومــن وهــم يســكبون‬ ‫أقــداح هزامئهــم عــى عتبــات االنكســار دون مواربــة‪،‬‬ ‫نراقــب املتســلقني ملصائــر البــر مــن بعيــد لــرى‬ ‫الصــورة كاملــة‪ ،‬وكيــف يضعــون أوىل خطواتهــم عــى‬ ‫أشــاء املقربــن‪ ،‬ثــم يصعــدون أول درجــات ســلم‬ ‫الغايــة تــرر الوســيلة‪.‬‬ ‫نحصــل عــى األفــكار عندمــا نســأل أنفســنا أســئلة‬ ‫بســيطة‪ ،‬وأهــم هــذه األســئلة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ـتيقظت لتجــد أن لــك أجنحة؟‬ ‫مــاذا لــو‪..‬؟ مــاذا لــو اسـ‬ ‫مــاذا لــو وجــدت نفســك عنــد الصبــاح مــن ســكانِ‬ ‫مقــرة ويعبـ ُـق صـ َ‬ ‫ـدرك برائح ـ ِة ال ـراب!؟ كيــف تج ـ ُد‬ ‫رفاقــك مــن ج ـران وأنــاس غربــاء يشــاركونك العــامل‬ ‫الســفيل‪ ،‬أتســاءل عـ ّـا تفعــل عندمــا تكــون وحيــدا ً‪،‬‬

‫ومــاذا لــو اســتمر ذلــك الوضــع؟‪..‬‬ ‫لــو اســتمر الوضــع الحــايل فــإن الهواتــف ســتحادث‬ ‫بعضهــا البعــض دون توقــف‪ ،‬أو ســيطرة‪ ،‬رمبــا ميــ ُّر‬ ‫بــك عابــر ســبيل لســاعة أو لرحلــة قطــار قصــرة‪،‬‬ ‫ميــي بعدهــا غـ َر آبـ ٍه بــك‪ ،‬وينســاك بلحظـ ِة وقــوف‬ ‫ـبب مــا‬ ‫القطــار‪ ،‬وتتبــادالن تحيــة الــوداع‪ ،‬لكنــه لسـ ٍ‬ ‫ال يــدري بــ ِه هــو‪ ،‬تجــد ُه عالقــاً يف ذاكرتــك‪ ،‬ورمبــا‬ ‫إىل األبــد‪ ،‬ويــرك وراءه ع ـرات األســئلة التــي تــؤ ِّرق‬ ‫لياليــك التاليــة دون ارتــواء‪...‬‬ ‫«ألــن يكــون مشــوقاً لــو؟»‪( ..‬ألــن يكــون مشــوقاً لــو‬ ‫ســبق للنمــل أو النحــل أو الغربــان‪ ،‬أو الــكالب أن‬ ‫حكمــت العــامل؟)‬

‫تلــك األســئلة وغريهــا‪ ،‬واألســئلة التــي تخلقهــا بدورهــا‬ ‫مثــل (حســناً‪ ،‬لــو كانــت الحيوانــات تحكــم العــامل‬ ‫يف املــايض‪ ،‬فلــاذا مل تعــد تحكمــه اآلن؟ ومــا هــو‬ ‫إحساســها تجــاه ذلــك؟) هــي أحــد األماكــن التــي‬ ‫تــأيت منهــا األفــكار‪ .‬ال داعــي ألن تكــون الفكــرة تصــورا ً‬ ‫للحبكــة‪ ،‬فقــط هــي مــكان بدايــة لإلبــداع‪.‬‬ ‫عــادة مــا تولــد الحبــكات عندمــا يســأل املــرء نفســه‬ ‫أســئلة بخصــوص نقطــة البــدء‪.‬‬ ‫األدب بشــكلٍ عــام وبأغلبـ ِه ليــس إال عمليــة التخيّــل‪.‬‬ ‫أي ـاً كان نــوع مــا تكتبــه أو بيئتــه‪ ،‬فــإن مهمتــك هــو‬ ‫اإلســقاط الفكــري امل ُكثّــف‪ ،‬والرؤيــة الرتاكميــة التــي‬ ‫متتلكهــا بعنايــة‪ ،‬والتوليــف بــن األشــياء بشــكل مقنــع‬ ‫ومشــوق وإبداعــي‪.‬‬ ‫حســناً‪ ،‬عندمــا تكتــب‪ .‬فأنــت تضــع الكلمــة بعــد‬ ‫األخــرى حتــى ينتهــي األمــر أيــاً كان‪.‬‬ ‫أحيانــاً مــا يفشــل ذلــك‪ ،‬أو ال يتــم بالطريقــة التــي‬ ‫تخيلتهــا‪ ،‬أو ال يتــم عــى اإلطــاق‪.‬‬ ‫أحيانــاً مــا ترتكــه لتبــدأ مــن جديــد‪ .‬دامئــاً بالنســبة‬ ‫للكاتــب املشــكلة التــي تعذبــ ُه هــي‪:‬‬ ‫الكتابــة‪ ..‬حتــى يف حــاالت اليــأس واإلحبــاط‬ ‫االجتامعــي والروحــي‪ ،‬تصنــ ُع مــن رعب َ‬ ‫ِــك وفكرتــك‬ ‫األساســية قصــة أو قصيــدة أو هلوســة مجنــون ال‬ ‫يعــرف برؤيتــه بقيــة البــر إلّ بعــد فــوات األوان‬ ‫ورحيــل امل ُبــدع‬

‫أغلبنــا يتخبّــط بــن رغبــات املحيــط وأهوائنــا‬ ‫الشــخصية الطامحــة لالنعتــاق مــن كل رمــوز القطيــع‬ ‫البــري‪:‬‬ ‫ال زلــت بعــد مــرور نصــف قــرن مــن عمــري أكــره أن‬ ‫أكــو َن مضطـرا ً لالســتيقاظ مبكـرا ً يف الصبــاح‪ ،‬وامتطــاء‬ ‫دراجتــي العاديــة أو بــاص‪ ،‬أو الجلــوس يف قطــار‬ ‫بصحبــة أشــخاص ال أعرفهــم يف طريقــي إىل وظيفــة‬ ‫أزدريهــا‪.‬‬ ‫تجــد أغلبنــا يســتلقي داخــل رشنق ـ ِة وجع ـ ِه البــدايئ‬ ‫دون مســكنات‪ ،‬ودون طمــوح‪ ،‬يعتمــل داخــل‬ ‫الكلــات األضــواء الباهتــة التــي يطمــح لهــا األدعيــاء‪،‬‬ ‫حولنــا تنتــر الفــوىض‪ ،‬أوراقنــا امللفوظــة‪« ،‬املجعلكة»‬ ‫بنــزقٍ ‪ ،‬بســبب فقرهــا للصورة أو املشــهد‬ ‫املطلــوب‪ ،‬يجالســنا أبطــال حكاياتنــا‬ ‫البؤســاء‪ :‬مهزومــن أو منترصيــن حتــى‬ ‫الفرســان النبــاء‪ ،‬واللصــوص والخونــة‪،‬‬ ‫والقواديــن والعاهــرات وعلــب الليــل‬ ‫والخــارات‪ ،‬وتجــ ُد يف ركــنٍ مــن غرفــة‬ ‫الكاتــب البســيطة مبعــرة التفاصيــل‪:‬‬ ‫رجـاً ســكريا ً يف ليلـ ٍة شــتائية بــاردة يُغاد ُر‬ ‫الخــارة ويقــف بجــوار بــاب الخــارة‬ ‫يف الظلمــة الفقــرة ويفتــح ســ ّحاب‬ ‫بنطلونــ ِه اليتيــم ليتبــول ويُخفــف عــن‬ ‫مثانتــ ِه التــي تــكا ُد تنفجــر‪ ،‬وينتظــ ُر‬ ‫ـئ بيــد ِه اليــرى عــى‬ ‫لدقائــق وهــو يتكـ ُ‬ ‫الجــدار خشــية الســقوط يقــف‪ ...‬ينتظــر‬ ‫أن ينتهــي‪ ،‬يرتعــش!!؟؟‬ ‫يطــول وقوفــ ُه ليكتشــف بعــد وقــت‬ ‫طويــل‪ ،‬وحــن بــزوغ أشــعة الفجــر األوىل‬ ‫ليجــد نفســ ُه يقــف ويتبــول بجــوار‬ ‫مزاريــب مطــر‪ ،‬ينســل أمامــ ُه مطــر‬ ‫العتمــة مــن الســطح املجــاور للخــارة!؟‬ ‫نكتــب عــن األقــدار‪ ،‬وهــي مقلوبــ ًة‬ ‫ُ‬ ‫رأســاً عــى عقــب ومتــي عــى رأســها‪،‬‬ ‫ونــرى الحقائــق بعــن الريبــة‪ ،‬ونتملــس‬ ‫أكاذيــب الكتبــة‪ ،‬وأصحــاب الشــهوات‬ ‫مــن املشــايخ والســاطني واملتحكمــن‬ ‫مبصائــر البــر‪ ،‬وهــم يبتســمون كلــا‬ ‫ارتفــع رصاخ األبريــاء دليــل نجاحهــم‬ ‫نجدهــم مينحــون أنفســهم نياشــن‬ ‫الســؤدد والتميّــز والبطولــة وهــم يقفــون‬ ‫عــى منــر‪ ،‬وتــال مــن جثــث الجيــاع‪،‬‬ ‫وموســيقى تصويريــة مؤث ِّــرة مــن أنــن‬ ‫الضحايــا‪.‬‬ ‫نكتــب أحيانــاً كأننــا آلهــة مــن عصــور‬ ‫األســاطري واملالحــم القدميــة‪ ،‬والطوطــم األ ّول‪ ،‬نصنــع‬ ‫أقــدارا ً جديــدة‪ ،‬ونرســم مصائــر مختلفــة ملــا هــو‬ ‫الســذّج لتكفرينــا‪.‬‬ ‫متوفــر‪ ،‬حتــى يتدافــع ُ‬ ‫نبــي‪ ..‬نضحــك طوي ـاً كحشاشــن وســكارى ســمعوا‬ ‫طرفــة ســخيفة‪ ..‬ننطــوي عــى أرواحنــا كمجانــن‬ ‫وحيديــن‪ ،‬بــا مؤنــس‪ ،‬بــا حبيبــة‪ ،‬بــا أم أو أخــت‬ ‫الســكر‬ ‫ترعانــا‪ ،‬مــن الجــوع املباغــت‪ ،‬أو حــاالت ُ‬ ‫الروحــي واالنتشــاء‪ ،‬مــن حــاالت الوحــدة والهلوســة‪..‬‬ ‫نهــرب مــن كل النــاس خشــية أن يلوثــوا صفــات‬ ‫شــخوصنا املرســومة بدقــة وجنــون‪ ،‬وهكــذا عنــد‬ ‫اإلرهــاق واالنطفــاء التــام نســق ُط وننتهــي بســهولة‪،‬‬ ‫ننســج مــا بدأنــا دون إحســاس بالتعــب‬ ‫ونحــن‬ ‫ُ‬ ‫الجســدي نرتفــع بشــخوصنا املفرتضــة ونهــوي نح ـ ُن‬ ‫يف هاويــة األمل بعــد أن نبــذل‪ ،‬ونســتهلك أرواحنــا وكل‬ ‫يشء لحياكتهــا بدقــة‪ ،‬نرســم لهــذا صفــات وأخــاق‬ ‫صادمــة‪ ،‬ونرمــي بعضهــم بســوء الظـ ّن‪ِ ،‬‬ ‫نصـ ُم البعــض‬ ‫اآلخــر مــن شــخصياتنا بالجنــون والعهــر‪ ،‬نرفــع بعــض‬ ‫الجانــن ملصــاف األنبيــاء واألوليــاء‪ ،‬ونرمــي بالكثــر‬ ‫ّ‬ ‫مــن امللــوك لحضيــض التفســخ والنتانــة‪...‬‬ ‫نحــ ُن فاشــلون‪ ،‬مهزومــون‪ ،‬مكســورون‪ ...‬ولكــن ال‬ ‫تــدري بنــا البــر‪..‬‬ ‫اآلن مل أعــد خائف ـاً مــن هــروب األفــكار‪ ...‬أختلقهــا‪..‬‬ ‫وأرىض بعذابــايت مقابــل راحــة الغــد‪ ،‬واآليت للعطــاش‬ ‫الطامحــن للفــرح اإلنســاين‪..‬‬

‫طالبان السوري‬ ‫إبراهيم العلوش‬ ‫فَتَــح تدمــر النظــام لبالدنــا أبوابــاً جديــدة للتخريــب‪،‬‬ ‫فليســت املأســاة فقــط بالوضــع اإلنســاين املريــع يف ســورية اليــوم‪،‬‬ ‫بــل قــد ميتــد الدمــار إىل آفــاق مســتقبلية بعيــدة املــدى؛ فانتشــار‬ ‫ثقافــة العنــف لــدى كل األطـراف ليــس مــن الســهولة وقفــه‪ ،‬عــى‬ ‫مــدى الســنوات القادمــة‪ ،‬وكذلــك منــو التنظيــات التــي متنهــج‬ ‫نــر العنــف‪ ،‬وتؤســس لــه ليحتــل العقــود القادمــة مــن حيــاة‬ ‫الســوريني‪.‬‬ ‫حتــى املتربعــن صــارت رعايــة العنــف جــزءا ً مهـ ّـاً مــن عملهــم‪ ،‬ال‬ ‫أقصــد املتربعــن للكتائــب املقاتلــة عــى الجبهــات‪ ،‬بــل املتربعــن‬ ‫لأليتــام واألرامــل واملحتاجــن الســوريني‪.‬‬ ‫فاملتــرع يف كثــر مــن األحيــان‪ ،‬يشــرط رشوطــاً خف ّيــة‪ ،‬وغــر‬ ‫مبــارشة تؤســس للعنــف‪ ،‬ونــر ثقافــة التعصــب والحقــد‪،‬‬ ‫ليســاهم يف رصاع الهمجيــات املتطاحنــة عــى الســاحة الســورية‪،‬‬ ‫ســواء كانــت همجيــة النظــام‪ ،‬أو همجيــة اإليرانيــن‪ ،‬أو الــروس‪ ،‬أو‬ ‫داعــش‪ ..‬وغريهــا مــن التنظيــات العنفيّــة والتكفرييــة‪.‬‬ ‫فالخليجيــون تربعــوا‪ ،‬يف نهايــات القــرن املــايض‪ ،‬لألفغــان مبئــات‬ ‫ماليــن الــدوالرات تحــت شــعار حفــظ القــرآن الكريــم‪ ،‬وتعليــم‬ ‫الديــن اإلســامي‪ ،‬ورعايــة األيتــام واألرامــل‪ ،‬لكــن النتيجــة كانــت‬ ‫(ورمبــا بغــر قصــد منهــم)‪ ،‬هــي والدة جيــل جديــد يف أفغانســتان‬ ‫وباكســتان‪ ،‬ال يؤمــن إال بالعنــف وباإلرهــاب‪ ،‬بــل صــار يــوزع‬ ‫التكفــر واملفخخــات عــر العــامل بحجــة نــرة اإلســام واملســلمني‪،‬‬ ‫متامـاً مثــل اإليرانيــن الذيــن يد ّمــرون ســورية بحجــة نــرة أهــل‬ ‫البيــت‪ ،‬واملتاجــرة السياســية بأهــل البيــت‪ ،‬ليصــل األمــر بتدمــر‬ ‫البيــت وأهــل البيــت‪ ،‬وإغــراق البــاد مبوجــات مــن الحقــد‬ ‫والثــارات التاريخيــة الدمويــة التــي تعيــد املنطقــة إىل العصــور‬ ‫الهمجيــة األوىل‪.‬‬ ‫التربعــات التــي تســتغل قدســية القــرآن الكريــم‪ ،‬وتتاجــر مبعانــاة‬ ‫األيتــام الســوريني‪ ،‬وتعمــل عــى تحويلهــم إىل جيــل طالبــاين‬ ‫جديــد‪ ،‬تنتــر يف أوســاط الالجئــن الســوريني‪ ،‬وبشــكل منظّــم‬ ‫ومــدروس مــن قبــل تنظيــات دينيــة متطرفــة‪ ،‬كل هدفهــا هــو‬ ‫دميومــة العنــف واإلرهــاب التكفــري‪.‬‬ ‫وهــؤالء املتربعــون ال يهمهــم الالجــئ الســوري‪ ،‬بقــدر مــا يهمهــم‬ ‫تحقيــق أهدافهــم اإلجراميــة‪ ،‬وأيــن منهــا جرائــم اســتغالل‬ ‫القــارصات الســوريات واغتصابهــن بحجــة الــزواج والســر‪ ،‬مــن‬ ‫قبــل بعــض املتربعــن الذيــن يختبئــون خلــف أقنعــة متعــددة‬ ‫الوجــوه واألشــكال‪ ،‬مســتغلني الفقــر واليــأس وانعــدام األمــل‬ ‫بتجــدد الحيــاة‪.‬‬ ‫الكثــر مــن الجمعيــات الخليجيــة تربعــت للســوريني‪ ،‬وكانــت‬ ‫صادقــة ونزيهــة‪ ،‬وال تبتغــي غــر اإلحســان‪ ،‬أمــا بعضهــا فهــو جــزء‬ ‫مــن منظومــة توليــد العنــف والحفــاظ عــى دميومتــه‪ ،‬وخلــق‬ ‫أجيــال تتــذرع باإلســام لنــر ثقافــة العنــف واإلرهــاب‪.‬‬ ‫أهلنــا النازحــون يف ســورية‪ ،‬والالجئــون يف دول الجــوار يخضعــون‬ ‫البت ـزاز عنيــف‪ ،‬ويُجــرون عــى تجــرع ثقافــة العنــف واإلرهــاب‪،‬‬ ‫وال يأخــذون مــن الــدروس الدينيــة إال التكفــر والحقــد واالنتقــام‪،‬‬ ‫وال يتحــدث الصغــار إال عــن عــذاب القــر‪ ،‬واالنتقــام مــن الكفــار‪،‬‬ ‫مبتعديــن عــن العلــوم الحديثــة بحجــة أنهــا صناعــة غربيــة‬ ‫مضلّلــة‪ ،‬ولعــل أوج هــذه الثقافــة ينتــر يف مناطــق التنظيــات‬ ‫الدينيــة املتطرفــة‪ ،‬ويف املناطــق املحتلــة مــن الفصائــل اإليرانيــة‬ ‫والعراقيــة املتعطشــة للدمــاء‪ ،‬ويف مخيــات اللجــوء التــي تحتلهــا‬ ‫بعــض الجمعيــات الدينيــة التــي تــروج للعنــف‪ ،‬وتســتخدم‬ ‫الســوريني كأدوات للـراع واالنتقــام املذهبــي والطائفــي‪ ،‬وتأجيــج‬ ‫النــار يف معــارك كل أطرافهــا خارسيــن مهــا أشــبعوا أحقادهــم‪،‬‬ ‫ومهــا هلّلــوا للدمــاء وللتفج ـرات ولإلرهــاب‪.‬‬ ‫انقــاذ ســورية هــو انقــاذ ألبنائهــا مــن العنــف واملعانــاة‪،‬‬ ‫وتخليصهــم مــن اآلثــار املاديــة واملعنويــة للحــرب‪ ،‬وإنقاذهــم‬ ‫مــن الجهــل ومــن املنظومــات التعليميــة املفخخــة بشــتى أنــواع‬ ‫األهــداف املشــبوهة‪ ،‬دينيــاً‪ ،‬وطائفيــاً‪ ،‬وكذلــك وطنيــاً‪ ،‬فالوطــن‬ ‫الســوري الحــر‪ ،‬واملســتقل‪ ،‬هــو الضامنــة لنــا جميع ـاً مــن هــذا‬ ‫الضيــاع الــذي تســتغله الــدول والتنظيــات‪ ..‬وكل أنــواع الجــرذان!‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫عندمــا رأيــت أبــي يبكي‪!..‬‬

‫الرقة اسمك‪ ،‬وليقطعوا لساني‬

‫عبد القادر ليال‬ ‫والــدي ذلــك الرجــل العتيــق الصلــب الــذي رفــض رفقتنــا يف‬ ‫رحلــة الهجــرة واللجــوء‪ ،‬رفــض أن يعيــش التغريبــة يف أواخر شــيبته‪،‬‬ ‫لذلــك غادرنــاه بعــد أن تركنــا عنــده مفاتيــح بيوتنــا‪ .‬ودعنــاه يف‬ ‫رحلتنــا نحــو الشــال عندمــا اســتدار بوجهــه نحــو الجنــوب ليكمــل‬ ‫صــاة الفجــر‪ ،‬كنــا نظــن أنــه ميلــك أرسار وقــوى خفيــة رسمديــة‪،‬‬ ‫وأن تصوفــه حتــى العشــق وإميانــه ال يهتــز‪ .‬كان رجـاً قويـاً يجابــه‬ ‫عــرة رجــال‪ ،‬ولكنــه يضعــف‪ ،‬ويتحــول إىل عصفــور مشــاغب‬ ‫عندمــا تــدار حلقــة الذكــر‪ ،‬ويــدور بالحــرة كطفــل يبحــث عــن‬ ‫فراشــات طائــرة‪ ،‬وهــو يعلــو وينخفــض عــى تراتيــل املنشــد‪ .‬كان‬ ‫يحمــل يف جيبــه متيمــة تقيــه الجــن وعــن األنــس إذا مــا فكــرت أن‬ ‫تنالــه بالــر‪.‬‬ ‫هــذه التميمــة لــن تفيــدك اآلن يــا أيب‪ ،‬ففــي املــرة األوىل عندمــا‬ ‫قصفــت الطائـرات بيتــه طلبنــا منــه أن يغــادر‪ ،‬صــاح بأعــى صوتــه‬ ‫لــن أغــادر بيتــي مهــا فعلــوا‪ .‬مــاذا ســأقول لألطفــال والنســاء‪ ،‬أنــا‬ ‫الرجــل املســن تركــت بيتــي هارب ـاً مــن املــوت!؟‬ ‫اذهبــوا واتركــوين ُســأدفن هــا هنــا‪ ،‬وأشــار بعصــاه الغليظــة إىل‬ ‫حديقــة البيــت‪.‬‬ ‫إنهــا املــرة الثانيــة التــي تنجــو بهــا مــن املــوت يــا أيب‪ .‬انهــار البيــت‬ ‫عليــك ولكــن وحســب مــا تعتقــد أن الحجــاب الــذي يف جيبــك هــو‬ ‫مــن أنقــذك‪ .‬أخــى عليــك يف املــرة القادمــة أن تتحقــق وصيتــك‪،‬‬ ‫وتدفــن تحــت أنقــاض بيتــك‪ ،‬حيــث أنــت!‬ ‫والــدي الــذي يظــن ويعتقــد باللــه اعتقــادا ً كبــرا ً وجازمــاً أنــه‬ ‫املنجــي‪ ،‬وهــو املحيــي واملميــت‪ ،‬كانــت مهمتــه املحببــة عــى قلبــه‬ ‫عندمــا يســمع أصوات الطـران والصواريــخ‪ ،‬التكبري والتشــهد بصوت‬ ‫عــا ٍل حتــى تصــل أصدائــه إىل جميــع أطـراف الحــي‪ ،‬وينصــت إليــه‬ ‫الج ـران الخائفــن‪ ،‬وهــو ينــادي يــا رب‪ ..‬يــا رب‪ .‬بصــوت مخنــوق‬ ‫مكســور حتــى يشــعر الج ـران بالســكينة والهــدوء أل ّن اللــه حت ـاً‬ ‫ســيحميهم مــن الــر بعــد إلحــاح هــذا الشــيخ عليــه‪.‬‬ ‫والــدي الــذي ودع أمــي بعــد أن كُــرت رجلهــا بالقصــف األول‬ ‫لتقــع طريحــة الفــراش ضمــن مــا يســمى بكــر املــوت‪.‬‬ ‫ودع نعشــها بكثــر مــن الدمــوع‪ ،‬وشــعور رهيــب بفقــدان الرحيــل‬ ‫األبــدي‪ ..‬والــدي الــذي مل يغــازل أمــي يف حياتهــا التــي امتــدت‬ ‫لســتني عام ـاً‪ ،‬ومل يقــل لهــا يف كل هــذا الزمــن كلمــة «أحبــك»‪.‬‬ ‫حــاول أن يقولهــا عندمــا حمــل نعشــها‪ ،‬ولكنــه تــردد وغــص بالعربة‪،‬‬ ‫ومنعــه كربيائــه وخجلــه مــن قولهــا أمــام أبنائــه‪ ..‬فهــو األب املثــايل‬ ‫املحــرم وال يريــد أن يقــع يف الرذيلــة أمامنــا‪ .‬أراد أن يبــوح لهــا قبــل‬ ‫أن تغــادره إىل األبــد‪ ..‬حــاول عــدة محــاوالت لك ّنــه عجــز‪.‬‬ ‫كان العجــز بــا ٍد عــى وجهــه بيــده يكفكــف دمعــه‪ ،‬وباألخــرى‬ ‫يــداري وجهــه الــذي فضحــه‪ ،‬متنــى لــو اســتطاع أن بهمــس بأذنهــا‬ ‫دون أن يســمعه أحــد‪ ،‬ولكــن تزاحــم املشــيعني وصخبهــم حــاال دون‬ ‫ذلــك‪.‬‬ ‫كان دمعــه أرسع مــن نطقــه‪ ،‬وللحظــات عــاش رصاع ـاً بــن قلبــه‬ ‫وجربوتــه‪ ،‬لكنــه حســم األمــر لصالــح رشقيتــه األصيلــة فيــه فأجهــش‬ ‫بالبــكاء بقهــر وعجــز‪.‬‬ ‫والــدي الــذي مل أره يبــي يف كل حيــايت‪ ..‬بــى ذلــك اليــوم كعاشــق‬ ‫فــارق محبوبــه وكل مــا فعلــه مــن إميــاءات وترصفــات دلّــت عليــه‬ ‫أنــه عاشــق ال يســتطيع البــوح‪ .‬أول مــن شــعر بــه أخــوايت والتقطنــه‬ ‫بغريــزة اإلنــاث‪ ..‬فبكـ َن معــه وعليــه‪.‬‬ ‫كيف صربت كل هذا الزمن؟‬ ‫عندمــا وصــل النعــش إىل بــاب البيــت لــوح لــه بيــده‪ ،‬واليــد األخرى‬ ‫كانــت عــى قلبــه‪ ..‬مل يخربهــا بحبه‪..‬‬ ‫تركهــا تذهــب‪ ،‬واحتفــظ لنفســه بهــذا البــوح‪ ،‬حــاول أن مينحهــا‬ ‫شــيئاً يــي مــا بقلبــه‪ ..‬لألســف ال يشء يعــوض املحــب عــن‬ ‫الترصيــح بحبــه‪ ،‬ولكــن!؟‬ ‫صاح بأعىل صوته أمام ذهول املشيعني‪..‬‬ ‫أشــهد اللــه يــا أم محمــد أنــك كنـ ِ‬ ‫ـت زوجــة صالحــة‪ ،‬واشــهد لــك‬ ‫أين مل أ َر منــك عيبــاً أو تقصــرا ً‪ .‬اذهبــي إىل اللــه‪ ..‬اللــه يســامحك‬ ‫ويحاللــك ويــرىض عليــك يف الدنيــا واآلخــرة‪ .‬اللهــم اغفــر لهــا‬ ‫وأســكنها جنانــك فأنــا راض عنهــا‪.‬‬ ‫كانــت هــذه الدعــوات مبثابــة غــزل وتكفــر عــن تقصــره بأنــه مل‬ ‫يقــل لهــا كلمــة حــب‪ ،‬ويظــن أيضــاً أنــه مينحهــا الرضــا والثنــاء‬ ‫فذلــك كفيــل بــأن تلقــى ربهــا راضيــة مرضيــة‪ ،‬كيــف ال وهــي‬ ‫غــادرت الدنيــا وزوجهــا راض عنهــا‪.‬‬ ‫عندمــا وريــت الــرى غــادر املشــيعون‪ ،‬بقيــت أنــا وأختــي‪،‬‬ ‫وأخربناهــا أن والــدي يحبهــا كثـرا ً‪ ،‬ولكــن كل العمــر الــذي مــى مل‬ ‫يخربهــا ألنــه يتلعثــم إن قالهــا وحتــى ال تفهمبــه غلــط‪..‬‬ ‫أختــي أضافــت إننــا أيضـاً جميعنــا نحبهــا‪ ..‬لتصبــح قضيــة حــب أيب‬ ‫ألمــي قضيــة عامــة‪.‬‬ ‫رحمك الله يا أمي‬ ‫وحامك الله يا ايب‬

‫أريج الزيدي‬ ‫حــن قــرأت «مجنــون إلــزا» للفرنــي‬ ‫آراغــون‪ ،‬مل أكــن أعتقــد إين سأســتحرض عنــوان‬ ‫ذلــك الكتــاب‪ ،‬وأنــا أكتــب عــن «الرقــة»‪ ،‬كنــت‬ ‫أعتقــد إننــي «ســأمتثقف» عــى أقـراين مبــا بقــي يف‬ ‫ذاكــريت مــن كلــات «آراغــون»‪ ،‬ورمبــا أقتبــس منــه‬ ‫جمــاً‪ ،‬ومقاطــع يف رســائيل التــي مل أكتبهــا بعــد‪.‬‬ ‫وحــن انزلقنــا يف مســتنقع اللجــوء‪ ،‬اســتيقظ يف‬ ‫نفــي مــا كان نامئ ـاً‪ ،‬وإذ الرقــة مســقط أحالمــي‪،‬‬ ‫التــي تبحــث عنهــا عيــوين يف ن ـرات األخبــار‪ ،‬وإذ‬ ‫«بلهجتــي» التــي كنــت أخجــل منهــا تصبــح الدليــل‬ ‫األهــم عــى «رقاويتــي»‪ ،‬ورصت أجــوب املخيــات‬ ‫بحث ـاً عــن تلــك «الجيــم» املرصيــة‪ ،‬التــي عرفــت‬ ‫متأخــرة أنهــا ليســت حكــرا ً عــى «الرقاويــن»‬ ‫وحدهــم يف ســوريا!! وكنــت يف كل مخيــم أجــد‬ ‫دليــاً عــى ســوريّة مواطنيــه‪ ،‬يف الحــزن الــذي‬ ‫يأخــذ شــكل االبتســامة يف العيــون!! يف خجــل‬ ‫املراهقــن مــا آلــت إليــه أحالمهــم‪ ،‬ويف ترحــاب‬

‫العجائــز‪ ،‬ولغتهــن العاطفيــة التــي تالمــس شــغاف‬ ‫القلــب‪ ،‬تلــك العجائــز «حبابــايت» اللــوايت مل تســتطع‬ ‫القــوى الكونيــة التــي اجتمعــت علينــا أن تســلبهن‬ ‫طيبتهــن!! كنــت يف كل خيمــة أجــدين محــارصة‬ ‫بدعواتهــن‪ ،‬وابتســاماتهن العذبــة‪ .‬لكــم قــد فتحــت‬ ‫يل تلــك اللهجــة مــن قلــوب يف املخيــات التــي‬ ‫زرتهــا؟! يف تلــك املخيــات تذوقــت ضحــكات‬ ‫أطفــال‪ ،‬مل أجــد لهــا مثيــاً لــدى األطفــال الذيــن‬ ‫رأيتهــم يف رفقــة أهلهــم يف (بــروت مــول)‬ ‫و(الســيتي ســينرت) و(الســوليدير)‪ ،‬وغريهــا مــن‬ ‫أماكــن التســوق والــرف اللبنــاين‪ ،‬ورأيــت كيــف‬ ‫يتحــول الوطــن إىل ذاكــرة مضــادة للنســيان‪.‬‬ ‫ال ميكــن لعاقــل أن يــزور تلــك املخيــات‪ ،‬وال‬ ‫تســتيقظ أوجاعــه الحــارضة منهــا‪ ،‬واملنســية‬ ‫أيضــاً‪ ،‬أولئــك هــم أهــي الذيــن أزورهــم كلــا‬ ‫بلــل الشــوق قمصــان قلبــي‪ ،‬وقــد كانــت «الرقــة»‬ ‫وجعــي الــذي ال أريــد أن أشــفى منــه‪ ،‬فالرقــة‬ ‫ليســت املدينــة التــي أريــد العيــش فيهــا‪ ،‬إنهــا‬

‫يف‪ ،‬تلــك الذاكــرة التــي‬ ‫الذاكــرة التــي تعيــش ّ‬ ‫تنتابنــي كاألحــداث‪ ،‬وتســلبني ثقتــي باالدعــاءات‬ ‫اإلنســانية لهــذا العــامل‪ ،‬الــذي تداعــت أرسار جدرانه‬ ‫فســقط علينــا!! حــن أقبــل الشــتاء‪ ،‬أقبلــت معــه‬ ‫تباشــر وكاالت األنبــاء بــرد ينخــر العظــام‪ ،‬فقمــت‬ ‫مــع ثلّــة مــن األصدقــاء‪ ،‬واملهتمــن بالشــأن العــام‬ ‫بحملــة حملــت اســم «دفينــي معــك» آنــذاك كنــت‬ ‫أعتقــد أن الســوريني ليســوا وحيديــن‪ ،‬مــع األســف‬ ‫لقــد كنــا لوحدنــا‪ ،‬وكل مــا حولنــا كان مجــرد‬ ‫شــعارات!! واليــوم مثــة مخاطــر كثــرة تحيــق بنــا‪،‬‬ ‫وكلنــا نعلــم أننــا محــارصون بقوانــن الحكومــة‬ ‫ـأي مآســينا‬ ‫اللبنانيــة والطقــس‪ ،‬وكالهــا علينــا!! فبـ ّ‬ ‫نبــدأ؟ القوانــن اللبنانيــة‪ ،‬أم املســاعدات التــي‬ ‫نســمع بهــا وال نراهــا‪ ،‬أم األطفــال الذيــن غــادروا‬ ‫مدارســهم‪ ،‬وتفرغــوا للنبــش يف حاويــات القاممــة‪،‬‬ ‫أم املــاء غــر الصالحــة للــرب‪ ،‬أم املــرض والتــرد‬ ‫والتفــكك األرسي‪ ،‬أم‪ ..‬أم‪ ..‬ليتنــا متنــا يف بالدنــا‪ ،‬ومل‬ ‫تقتلنــا مخيــات اللجــوء‪ ،‬يف لبنــان وغريهــا‪.‬‬

‫نيوبوك تصدر «الحرية اإلنسانية والعلم»‬ ‫وفاء شهاب الدين‬

‫صــدر حديث ـاً عــن دار نيــو بــوك‬ ‫للنــر والتوزيــع بالقاهــرة كتــاب‬ ‫«الحريــة اإلنســانية والعلــم – مشــكلة‬ ‫فلســفية» لألســتاذة الدكتــورة مينــى‬ ‫طريــف الخــويل‬

‫يتصــدى هــذا الكتــاب للحــوار الدائــم‬ ‫بــن الفلســفة والعلــم‪ ،‬القطبــن‬ ‫األعظمــن لعقــل اإلنســان ولجدليــة‬ ‫العالقــة بينهــا‪ ،‬وعمــق توشــجها ونفاذ‬ ‫تأثريهــا عــى البنيــة الحضاريــة‪ ،‬فتطرح‬ ‫املقدمــة املســهبة صــورة عامــة لحركــة‬ ‫العلــم الحديــث الريــايض والطبيعــي‬ ‫واإلنســاين ثــم ثورتــه العظمــى يف القرن‬ ‫العرشيــن وتعملــق حصائلهــا وتســارع‬ ‫تقدمهــا وتدخلهــا يف مشــكلة مــع‬ ‫الحريــة‪ ،‬وهــي مــن أمهــات املشــاكل‬ ‫الفلســفية وأكرثهــا تفاعـاً مــع حركــة‬ ‫العلــم يف حدودهــا وتعريفهــا وأسســها‬ ‫ورشوطهــا ووجوههــا وخطــى تاريخهــا‬ ‫يف محــاوالت اإلجابــة عــى تســاؤل‬ ‫الفلســفة األزيل األبــدي هــل اإلنســان‬ ‫حــر؟‬ ‫تعطينــا اإلجابــات التــي طرحــت‬

‫تخطيطــاً ملعــامل ومســر ومصــر‬ ‫الفلســفة الحديثــة ومصــر وتوجهــات‬ ‫فالســفتها‪ ،‬ثــم نصــل إىل اإلجابــة التــي‬ ‫ينبغــي أن تطــرح‪ ،‬وإنهــا إلجابــة‬ ‫شــديدة الحداثــة بــل املســتقبلية إذ‬ ‫تتــأىت مــن خــال اســترشاف مضامــن‬ ‫وآفــاق التطــورات التــي أحرزهــا‬ ‫العقــل حتــى اآلن يف صعــوده الدؤوب‪،‬‬ ‫فتســتقيم أخــرا ً منظومــة (العلــم‪/‬‬ ‫العقــل‪ /‬الحريــة) كمعامــل مكــن‬ ‫لبنيــة تحمــل إمكانيــات واعــدة‪.‬‬ ‫د مينــى الخــويل تشــغل منصــب‬ ‫أســتاذ فلســفة العلــوم ورئيــس قســم‬ ‫الفلســفة بكليــة اآلداب بجامعــة‬ ‫القاهــرة‪ .‬أســهمت يف نــر الثقافــة‬ ‫العلميــة وأصــول التفكــر العلمــي‬ ‫والعقــاين بالعــرات مــن املقــاالت‬ ‫والربامــج التلفزيونيــة واملحــارضات‬

‫العامــة‪ ،‬ولهــا العديــد مــن املؤلفــات‬ ‫الهامــة منهــا‪« :‬فلســفة العلــم يف القرن‬ ‫العرشيــن»‪« ،‬الزمــان يف الفلســفة‬ ‫والعلــم»‪« ،‬فلســفة كارل بوبــر»‪،‬‬ ‫«الحريــة اإلنســانية والعلــم»‪« ،‬بحــوث‬ ‫يف تاريــخ العلــوم عنــد العــرب»‪،‬‬ ‫«الطبيعيــات يف علــم الــكالم»‪ ،‬وغريهــا‪.‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الوالدة من رحم املوت‪..‬‬

‫بال ُد العُرب‬ ‫بال ُد العُرب تنساني‬ ‫وتمسك ظهر سجاني‬

‫ففي قدسي وفي حلبي‬ ‫وفي شامي‬ ‫وبغدان‬ ‫ِ‬

‫وفي علمائها دين‬ ‫يُكفر دمع احزاني‬

‫بالد العرب مقصلةً‬ ‫تحز رقاب أخواني‬

‫ألوف ترسم األمل‬ ‫ٌ‬ ‫على تابوتها الفاني‬

‫بالد الغرب اوطاني‬ ‫بالد الغرب اوطاني‬

‫بالد العرب ما‬ ‫أغتصبت‬ ‫وما ُجبرت من الزاني‬

‫وما للعُرب من صوت‬ ‫فذِل ُ الذُل ِ اضناني‬

‫وهذا البحر يحملُني‬ ‫فَه ُم بالد عنواني‬

‫بال ٌد تستسيغ دمي‬ ‫تُرخص قتل غلماني‬

‫وهذا البحر يحملني‬ ‫فهم بالدي ابكاني‬

‫سكر‬ ‫ففي حانتها‬ ‫ٌ‬ ‫ورقص فوق جثماني‬

‫بالد العرب تنحرني‬ ‫ليرضى عنها سجاني‪.‬‬

‫هر‬ ‫ففي حكامها ُ‬ ‫ع ٌ‬ ‫وفرش العهر أكفاني‬ ‫ْ‬ ‫بالد العرب قد‬ ‫دهست‬ ‫بنعل الفاسد الجاني‬

‫الشاعر العراقي‪ :‬محمد البجدلي‬

‫‪1‬‬ ‫عندمــا يبــدأ العقــل بالتقــاط األفــكار‪ ،‬تبــدأ‬ ‫مجســد‬ ‫عمليــة مخــاض لــوالدة موضــوع ّ‬ ‫مبفــردات تحمــل مــا يجيــش بــه الفــؤاد‪،‬‬ ‫لينســكب مــدادا ً مغموســاً بــاألمل واملعانــاة‬ ‫عــى الســاحة البيضــاء النقيــة كنقــاء رسيرتــه‪،‬‬ ‫مفســحاً املجــال لقلــم امتطــى الســطور برباعــة‬ ‫فــارس يصــول مــن ســطر آلخــر مبطــاردة ال‬ ‫تنتهــي إالّ بآخــر ســطر حتــى لــو اضطــر األمــر‬ ‫إىل مــا تحــت األســطر تــاركاً وقــع مــداده‬ ‫األســود عليهــا كســواد قلــب مــن يطعــن وطنـاً‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كلــا اشــت ّد مخــاض الثــورة‪ ،‬كلــا بــرز مــن‬ ‫خض ّمهــا رجــال أشــ ّداء ال يعرفــون للخــوف‬ ‫ســبيالً‪ ،‬مــأ اإلميــان قلوبهــم‪ ،‬عيونهــم معلّقــة‬ ‫بالشــمس‪ ،‬أقدامهــم متجــذّرة بــراب األرض‪،‬‬ ‫يجابهــون البغــي واملــوت بثبــات وعزميــة ال‬ ‫تعــرف الكلــل وال الوجــل‪ ،‬منطلقــن إىل الحيــاة‬ ‫عــر بوابــة املــوت الداميــة‪ ،‬وحالهــم مــر ّدد‪:‬‬ ‫فأثبت يف مستنقع املوت رجله‬ ‫وقال لها‪ :‬من تحت أخمصك الحرش‬ ‫رىض‪..‬‬ ‫حملــوا أرواحهــم عــى أكفّهــم بــكل ً‬ ‫رجــال األوقــات الصعبــة الذيــن أزالــوا مــن‬ ‫قواميــس حياتهــم كلــات املســتحيل والخنــوع‪،‬‬

‫فردوس العدم‬ ‫مل يكن واضحاً يف الحكاي ِة‬ ‫معنى العد ْم‪.‬‬ ‫ز‬ ‫املعج‬ ‫يف‬ ‫الوحي‬ ‫وال صور َة‬ ‫اتْ‬ ‫ِ‬ ‫سيف الطغا ْة ‪..‬‬ ‫لهذا نُ َق ّب ُل َ‬ ‫ُ‬ ‫ونغتال يف الرو ِح صوتَ القل ْم‬ ‫نَ َجونا كثريا ً‬ ‫وصا َر لنا املوتُ تعويذ ًة للحياةْ‪..‬‬ ‫جيش ال َند ْم‬ ‫و ُع ْدنا ل َن ْه ِز َم َ‬ ‫مل يكن واضحاً يف الحكاي ِة‬ ‫معنى العد ْم‪..‬‬ ‫وال صورة َ‬ ‫الوحي يف املعجزاتْ‬ ‫ِ‬ ‫سيف الطغاةْ‪..‬‬ ‫لهذا نُ َق ّب ُل َ‬

‫ُ‬ ‫ونغتال يف الرو ِح صوتَ القل ْم‬ ‫نَ َجونا كثريا ً‬ ‫وصا َر لنا املوتُ تعويذ ًة للحياةْ‪..‬‬ ‫جيش ال َند ْم‬ ‫و ُع ْدنا ل َن ْه ِز َم َ‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ال توقظي القم ْر‪..‬‬ ‫حتى تنا َم يف دمي‬ ‫فراش ُة الندى‬ ‫ويه َج َع الحن ْني‪..‬‬ ‫َبت م ْن ِ‬ ‫وكلّام َسك ِ‬ ‫ملاك قطر ًة‬ ‫عىل شفا ِه غربتي‬ ‫ت ُ َع ّر ُش الدمو ُع َ‬ ‫فوق وجن ِة‬ ‫ياسم ْني‪..‬‬ ‫املسا ِء َ‬

‫ويشهق املط ْر‬ ‫ُ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫تفّاح ُة ال ُج ْرح القَدي ْم‪..‬‬ ‫قلت انتظرين‬ ‫كم م ّر ٍة ُ‬ ‫ظل قصيديت الخرضاء‬ ‫تحت ّ‬ ‫َ‬ ‫واقط ُْف ما ت َد ّل من مثا ِر‬ ‫خطيئتي‪..‬‬ ‫َ‬ ‫فردوسك‬ ‫واهب ْط بنا يا ُح ُّب من‬ ‫األعىل‬ ‫خطئ َم ّر ًة أخرى‬ ‫ل ُن َ‬ ‫ونهوي يف الجحي ْم‬

‫شعر‪ :‬هديب شحاذة‬

‫أهزوج��ة للرقة والفرات‬ ‫يــا رقــة الخــر التــي‪ ...‬أنــت نشــيد مهجتــــي‬ ‫وأنــت تــر اللــه يف ‪ ...‬أرض الفــرات الحــرة‬ ‫يــا نــرة ثغــت بهــا ‪ ....‬طفولتــي وكهولتــي‬ ‫غنــى الزمــان نــريت‬ ‫صــب والــ ٍه ‪...‬‬ ‫يــا لحــن ِّ‬ ‫ّ‬ ‫تهيــم يب ظآمنــة ‪ .....‬أوتــارك قيثارتـــــي‬ ‫ـى‪ ...‬تبــدى يل يف غربتــي‬ ‫أنــا التــي ســئمت لظـ َ‬ ‫أنــا نجمــة الصبــح التــي‪ ...‬ألفت دمــوع وحديت‬ ‫يــا حاديـاً وســط الدجــى‪ ....‬مهال ترفق أنـّتـــــي‬ ‫العــن ترقــب قربهــم ‪ ...‬والدمــع صار ســجيتي‬ ‫مــن ذا يــدوزن عــوده ‪ ....‬لحنـاً مياهي صبابتي‬ ‫يــا رقتــي يــا ســلويت‪ ...‬يا جمــر جمر قصيديت‬ ‫أنـ ِ‬ ‫الســها ‪ ...‬م ّوارة يف ظلمتـــــــي‬ ‫ـت امل َ َهــا أنت ُ‬ ‫أنــت الـراري كــم زهــت‪ ...‬فيـ ِ‬ ‫ـك كــروم ُ خمريت‬

‫‪11‬‬

‫ِ‬ ‫فيك احتفا ُء أحبتـــــي‬ ‫أنــت املنابــر أورقت ‪...‬‬ ‫كم من حشــو ٍد أجهشــت‪ ...‬يوم الوداع ببهجتي‬ ‫عــل الزمــان يــرأف يب‪ ....‬وألتقــي بصحبتــي‬ ‫َّ‬ ‫يــا صحبتــي يــا إخــويت ‪ ...‬أنتــم زالل دمعتــي‬ ‫لن ينضب الشــوق الذي ‪..‬أضحى نبيذ ســافتي‬ ‫أورقت فيه جنتـــــي‬ ‫يــا منتــدى األدب الذي ‪....‬‬ ‫ُ‬ ‫مــن نخبــة القــوم اىل ‪ ....‬أعــام باهت أمتـــــي‬ ‫ـاب رحلتـــي‪..‬؟‬ ‫يــا رقتــي ياحلــويت ‪ ....‬متــى إيـ ُ‬ ‫ـدى ‪ ...‬هيامن ـ ٌة يف عربتـــــي‬ ‫الشــوق أضنــاين سـ ً‬ ‫ر كــم أشتاقــــ ُه ‪ ...‬فهــو بـراق دهشــتي‬ ‫الجـ ُ‬ ‫ـت يف غســق الدجــى ‪..‬وكنــت انــت قبلتــي‬ ‫صليـ ُ‬ ‫يارقتــي يــا مهجنــي ‪ ...‬أنـ ِ‬ ‫ـت نشــي ُد غربتــي‬

‫شعر ‪ -‬فوزية المرعي‬

‫وأبدلوهــا بالفــداء واإليثــار‪ ...‬أحبــوا عنــاق‬ ‫املــوت‪ ،‬حــب أعدائهــم عنــاق الحيــاة‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫لطاملــا حلــم بالعبــور‪ ،‬وتجــاوز الحــد الفاصل‬ ‫بــن الحيــاة واملــوت‪ ،‬وبــن االنعتــاق والقيــد‪،‬‬ ‫إىل أن حانــت أمامــه الفرصــة لتحقيــق‬ ‫هــذه األمنيــة‪ ،‬فانطلــق ســعيدا ً يســابق‬ ‫نقــي‬ ‫حلمــه‪ ،‬محلّقــاً كطائــر نــورس أبيــض ّ‬ ‫كنقــاء روحــه‪ ،‬مصفّق ـاً بجناحيــه الواســعتني‬ ‫القويّتــن نحــو جهــة االختيــار‪ ،‬رغــم أنّــه‬ ‫مــدرك أنّ هنــاك مــن يرتبّــص بالحاملــن‬ ‫أمثالــه بخبــث لقتــل األحــام‪ .‬وقبــل‬ ‫الوصــول بخطــوات انطلقــت رصاصــات‬ ‫الغــدر مزمجــرة بدنــاءة مخرتقــة جناحيــه‬ ‫لتســتق ّر بــن حنايــا الضلــوع يف قلــب‬ ‫عاشــق ألرضــه وســائها‪ .‬وبينــا هــو يخ ـ ّر‬ ‫متهاويــاً‪ ،‬كانــت نظــرات عينيــه تعانقــان‬ ‫الســاء الرحبــة املزيّنــة بوهــج الشــمس‬ ‫بنظــرة وداع نهــايئ‪ .‬تلقّتــه األرض بلهفــة أ ّم‬ ‫مشــتاقة لوليدهــا تحتضنــه ململمــة جســده‬ ‫بــن فرحــة اللقــاء‪ ،‬وأمل الفـراق الــذي ال لقــاء‬ ‫بعــده‪ .‬وبينــا كان يجــود بأنفاســه‪ ،‬كان‬ ‫مينحهــا كل مــا يســتطيع مــن دمائــه النقيــة‬ ‫الدافئــة لتختلــط بــكل ذرة مــن ترابهــا‪،‬‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫حــب ووفــاء‪ ،‬لتتجــذّر يف‬ ‫لتكــ ّون خلطــة‬ ‫ّ‬ ‫رحمهــا بــذرة تضحيــة وإيثــار‪ .‬هــدأ الجســد‬ ‫املنتفــض منهيــاً رحلــة الحيــاة القصــرة‬ ‫الفانيــة املضنيــة محقّق ـاً حلمــه رغــم حقــد‬ ‫القاتــل‪ ،‬إىل االنعتــاق‪ ..‬إىل الخلــود‪..‬‬

‫حكاية ‪!..‬‬

‫‪HİKAYE‬‬

‫الشاعر جاهد كوالبي‬

‫‪Cahit Külebi‬‬

‫‪1997 – 1917‬‬ ‫ولــد الشــاعر جاهــد كــواليب يف «توغــات – زيلــه»‪ ،‬درس يف مدرســة التعليــم العــايل يف اســطنبول اآلداب الرتكيــة‪ ،‬مــارس‬ ‫التعليــم يف أنقــرة كـــ أســتاذ لــأدب الــريك‪ ،‬صــدر ديوانــه األول عــام ‪« 1946‬واحــد مــن الرجــال»‪ ،‬ثــم ديــوان «الريــح»‪،‬‬ ‫ويف عــام ‪ 1955‬حصــل عــى جائــزة الدولــة يف اآلداب عــى ديوانــه «العشــب األخــر»‪.‬‬

‫‪Cahit Külebi‬‬ ‫‪Senin dudakların pembe‬‬ ‫‪Ellerin beyaz,‬‬ ‫‪Al tut ellerimi bebek‬‬ ‫‪Tut biraz.‬‬ ‫‪Benim doğduğum köylerde‬‬ ‫‪Ceviz ağaçları yoktu,‬‬ ‫‪Ben bu yüzden serinliğe hasretim‬‬ ‫‪Okşa biraz.‬‬ ‫‪Benim doğduğum köylerde‬‬ ‫‪Buğday tarlaları yoktu,‬‬ ‫‪Dağıt saçlarını bebek‬‬ ‫‪Savur biraz.‬‬ ‫‪Benim doğduğum köylerde‬‬ ‫‪Şimal rüzgarları eserdi,‬‬ ‫‪Ve bu yüzden dudaklarım çatlaktır‬‬ ‫‪Öp biraz.‬‬ ‫‪Benim doğduğum köyleri‬‬ ‫‪Akşamları eşkiyalar basardı‬‬ ‫‪Ben bu yüzden yalnızlığı hiç‬‬ ‫‪sevmem‬‬ ‫‪Konuş biraz.‬‬ ‫‪Sen Türkiye›m gibi aydınlık ve‬‬ ‫‪güzelsin‬‬ ‫‪Benim doğduğum köylerde‬‬ ‫‪güzeldi,‬‬ ‫‪Sen de anlat doğduğun yerleri‬‬ ‫‪Anlat biraz.‬‬

‫شفاهك زهرية‬ ‫ِ‬ ‫ويداك بيضاوان‬ ‫خذي يدي ياحبيبتي‬ ‫وامسكيهام قليالً‬ ‫يف القرية التي ولدتُ فيها‬ ‫التوجد أشجار جوز‬ ‫لذلك يف نفيس من الربودة حرسة‬ ‫فرتفقي مبالمستي قليالً‬ ‫يف القرية التي ولدتُ فيها‬ ‫التوجد حقول حنطة‬ ‫فانرثي َ‬ ‫شعرك يا حبيبتي‬ ‫أرسليه قليالً‬ ‫يف القرية التي ولدتُ فيها‬ ‫يجوس األشقياء دروبها يف املساء‬ ‫أحب البقاء وحيدا ً‬ ‫لذلك ال ّ‬ ‫تكلمي معي قليالً‬ ‫يف القرية التي ولدتُ فيها‬ ‫تعصف ريح الشامل‬ ‫لذلك تشققت شفاهي‬ ‫قبليني قليالً‬ ‫أنت جميل ُة ووضيئ ُة كرتكيا‬ ‫وكذلك القرية التي ولدتُ فيها‬ ‫ِ‬ ‫احك يل أنت أيضاً عن مكان والدتك‬ ‫أخربيني قليالً‬

‫صحيفة احلرمل‪ :‬ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪M‬‬

‫‪O‬‬

‫‪C‬‬

‫‪.‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪M‬‬

‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫‪ ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬للتواصل عرب تويرت‬ ‫)‪ SAYI: 40 YIL: 2016 )2.‬للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬ ‫‪MOB: 00905316201958‬‬

‫‪R‬‬

‫‪A‬‬

‫‪H‬‬

‫‪L‬‬

‫‪A‬‬

‫‪.‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪W‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫م��ن ف��وق جس��ر الرق��ة‬

‫«األطف��ال الس��وريون يقتلون» من معرض الفنانة الرتكية نوراي آش��ار‬ ‫‪NURAY AÇAR‬‬

‫بعنوان « توأمة»‬

‫تقي��م جمموع��ة جس��ور للفنان�ين التش��كيليني وبدعم من‬ ‫شبكة أمان سوريا معرضًا فنيًا يف صالة املؤمترات واملعارض‬ ‫جبانب موزاييك مول‪.‬‬ ‫وتوأم��ة ه��ي جس��ر يرب��ط ماب�ين مدين��ة الرق��ة الس��ورية‬ ‫ووالية أورفا الرتكية وما مييّزهما من مش�تركات تراثية‬ ‫من ع��ادات وتقاليد‪.‬‬ ‫وُي َ‬ ‫فتت��ح املع��رض يف الس��اعة اخلامس��ة مس��اءاً م��ن ي��وم‬ ‫اخلمي��س بتاري��خ ‪ 2016/5/19‬والدع��وة عام��ة‪.‬‬ ‫المشاركون‪..‬‬

‫الفنان مصطفى سليمان‪ ،‬الفنان عمر غالب‬ ‫الفنانة فطمة هويدي‪ ،‬الفنان زبري شويخ‬

‫عيسى الشيخ حسن‬ ‫عــى شــاطئي الفـرات؛ مثّــة الجزيــرة والشــام ّية‪ ،‬وقبائــل‬ ‫تقاســمت حزنــه ومــاءه واالنتقــال إىل الض ّفــة األخــرى‪ ،‬عــر‬ ‫ســفن ومراكــب متهالكــة‪ .‬هنــاك كانــت حلــب والرقــة‪،‬‬ ‫توأمــان ليــس بينهــا إالّ الفــرات الهابــط نحــو الجنــوب‬ ‫األبــدي‪.‬‬ ‫بهديــره‬ ‫ّ‬ ‫مل أعــرف املدينيــن كابــن مدينــة‪ ،‬عالقتــي بحلــب عالقــة‬ ‫طفــل بســوق املتعــة‪ ،‬بالدوندرمــة وخبــز الطابونــة‪ ،‬وعالقتــي‬ ‫بالرقــة عالقتــي مبــا رأيتــه يف عي َنــي عبــد اللطيــف خطــاب‬ ‫وعبــد الحميــد الخلــف ورشــيد الحــاج صالــح وإبراهيــم‬ ‫الزيــدي‪ .‬عالقتــي بصــوت عبداإللــه مطــرب الكاســيت أواخــر‬ ‫تــل أبيــض‪ ،‬وحكايــات النــاس عــن‬ ‫الســبعين ّيات وشــارع ّ‬ ‫مدينــة يتقاســمها الشــوايا والبــدو وس ـكّان الرسايــا األوائــل‪.‬‬ ‫رأيــت عبــد الســام العجيــي مــ ّرة واحــدة يــوم تكريــم‬ ‫الجواهــري يف دمشــق‪ ،‬وقلــت لــه مازحــاً «أنــا مــن‬ ‫املغموريــن الذيــن كتبــت عنهــم»‪ .‬ويف حلــب كانــت قبيلتــي‬ ‫تتقاســم «الصاخــور والهلّــك والحيدريــة وطريــق الشــيح‬ ‫نجــار وطريــق البــاب»‪ .‬تلــك القــرى امللحقــة باملدينــة‪.‬‬ ‫هنــاك عرفــت وصادقــت شــابّني حلبيّــن رائعــن؛ محمــد‬ ‫بشــر عزيــزي مــن الكالّســة‪ ،‬وكنــت أزوره كثــرا ً يف بيتــه‬ ‫حــي املرييديــان‪.‬‬ ‫خلــف جامــع جــال‪ ،‬وأحمــد ويــي يف ّ‬ ‫نــال أحمــد درجــة األســتاذية (الدكتــوراه) وفرحنــا لــه كثـرا ً‪،‬‬ ‫وضــاع م ّنــي محمــد بشــر‪ ،‬فقــد بــاع أهلــه البيــت قبــل‬ ‫ســنوات‪ ،‬كــا غــاب عبــد اللطيــف خطــاب بعــد ٍ‬ ‫مــرض‬ ‫مزمــن يف القلــب‪ ،‬وزواج رسيــع‪ ،‬وتناثــر إبراهيــم الزيــدي‬ ‫ورشــيد الحــاج صالــح وعبــد الحميــد بــن املنــايف‪ .‬أتف ّحــص‬ ‫صــور أحمــد ويــي يف موقــع الفيــس‪ ،‬وأقــارن بينــه وبــن‬ ‫ذاك الشــاب النحيــل الــذي عرفتــه عــام ‪ 1996‬وأقــول لقــد‬ ‫كــر الرجــل أكــر مـ ّـا ينبغــي‪.‬‬ ‫حلــب يل‪ ،‬والرقــة يل‪ ،‬وأنــا أنظــر إليهــا دريئتــن عنيدتــن‬ ‫أمــام املــوت‪ ،‬مــن هنــا يف الدوحــة‪ ،‬غريبــاً عــى الخليــج‪،‬‬ ‫أقــاوم الحنــن بالــر ّدد عــى دكاكــن املنتجــات الســوريّة‪.‬‬ ‫حــن أســافر (عائــدا ً) مــن حلــب إىل القامشــي‪ ،‬وبعــد أن‬ ‫يقطــع البــاص املدينــة ويتجــاوز مدينــة البــاب بعــد ربــع‬ ‫ســاعة تقريبـاً؛ ألتفــت إىل الشــال‪ ،‬مســتحرضا ً رسديــات األب‬ ‫والعائلــة وقــرى ريــف منبــج؛ بصلجــة واليالنــي والعوســجيل‬ ‫و َم َدنــة‪ ،‬فتحــر طيــوف الغائبــن املــوىت‪ ،‬وهــم يســوقون‬ ‫أغنامهــم‪ ،‬أو يقطفــون العنــب‪ ،‬أو يهربــون مــن جفــاف‬ ‫الســبعينات إىل وادي الف ـرات أو بــروت وإىل حلــب أخ ـرا ً‪،‬‬ ‫وعندمــا يقطــع البــاص الفــرات ألتفــت جنوبــاً‪ ،‬واســتعيد‬ ‫صــور جـ ّدي ســائقاً ماشــيته مــن أبــو الــكاالت إىل أبــو كهــف‪،‬‬ ‫فالرشقـراق ثــم عــن عيــى يف حكايــة ال تنتهــي عــن الرحيــل‬ ‫ـني الجــدب الطويلــة‪.‬‬ ‫إىل ذاك الشــال الخصيــب يف سـ ّ‬ ‫ـب‬ ‫يف تلــك املســافة التــي يقطعهــا البــاص يف ســاعتني ال أحـ ّ‬ ‫أن أكلّــم أحــدا ً‪ ،‬فقــد كانــت طاقــة مضيئــة كرميــة الذكريــات‬ ‫تعــرض فلـاً دون فواصــل عــن وجــوه وقــرى وحكايــات‪ ،‬إىل‬ ‫أن أقــرأ «محافظــة الحســكة ترحــب بكــم»‪ .‬فأفـ ّ‬ ‫ـي‬ ‫ـرك عينـ ّ‬ ‫بقــوة‪ ،‬وقــد «أمت ـ ّرخ» قائ ـاً‪« :‬لقــد كان فل ـاً!!!»‪.‬‬ ‫ربا سنشاهد فلامً ثانياً‪.‬‬ ‫عندما نعود إىل الرحلة ذاتها‪ّ ،‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 15 / 40‬آيــار ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.