Alharmal (41) 01 06 2016 العدد 41 من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫عنايت عطار‪..‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫املس��كون بالرق��ة ي��رى أنه��ا س��تطهّر نفس��ها‪ ..‬ه��ل س��يصدق إحساس��ه ال��ذي ال يك��ذب‪.‬‬

‫عناي��ت احلاض��ر الغائ��ب يف أذه��ان أه��ل الرق��ة قب��ل مثقفيه��ا‬

‫يتح��دث يف ح��وار للحرم��ل ع��ن الف��رات وأهل��ه وروح الفن��ان املش��غولة بامل��كان‪.‬‬ ‫* حوار فرحان مطر‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫‪WWW.ALHARMAL.COM‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــ��ًا‬

‫‪sayı 41‬‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫أكث��ر م��ن مخس�ين ش��هيداً يف جم��زرة جدي��دة للط�يران الروس��ي عل��ى مدين��ة إدل��ب‬ ‫ذرور احلرمل‬ ‫أمري��كا عش��ق ك��ردي‬ ‫وسياس��ة رافضي��ة!‬ ‫بسام البليبل‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫ارتكــب الطــران الــرويس مجــزرة مســاء االثنــن‬ ‫‪ 2016/5/30‬راح ضحيتهــا أكــر مــن خمســن شــهيدا ً‬ ‫مــن املدنيــن‪ ،‬وأدت الغــارات الروســية التــي تجــاوزت‬ ‫الخمــس عــرة غــارة‪ ،‬واســتهدفت مدينــة إدلــب‪،‬‬ ‫إىل تدمــر املشــفى الوطنــي بالكامــل‪ ،‬وخروجــه‬ ‫عــن الخدمــة‪ ،‬وارتقــاء عــرة مدنيــن داخلــه‪ ،‬فيــا‬ ‫توزعــت الغــارات األخــرى عــى وســط إدلــب‪ ،‬ومبنــى‬ ‫املحافظــة‪ ،‬وجامــع ســعد‪ ،‬وجامــع األبــرار‪ ،‬ودوار‬

‫البيطــرة‪ ،‬وحــي الشــيخ ثلــث‪ ،‬ومنطقــة امللعــب‬ ‫البلــدي‪ ،‬ودوار املتنبــي‪.‬‬ ‫وتعتــر هــذه الغــارات هــي األعنــف عــى مدينــة‬ ‫إدلــب منــذ بــدء التدخــل الــرويس املبــارش يف ســوريا‬ ‫وانحيازهــا التــام للنظــام وإعالنهــا الحــرب عــى‬ ‫الشــعب الســوري بــدءا ً مــن أيلــول املــايض‪ ،‬رغــم أنهــا‬ ‫مشــمولة بهدنــة الزبــداين والفوعــة وكفريــا‪.‬‬ ‫وتــأيت هــذه املجــزرة ضمــن سلســلة مــن الجرائــم‬

‫ديــر الــزور مــا زالــت تحــرق‪!..‬‬

‫املر ّوعــة واملنظمــة التــي يرتكبهــا الطــران الــرويس‬ ‫وطـران النظــام‪ ،‬وتســتهدف مبجملهــا املدنيــن العــزل‬ ‫يف املناطــق الخارجــة عــن ســيطرة النظــام‪ ،‬وســط‬ ‫صمــت دويل عــن هــذه املجــازر الوحشــية التــي‬ ‫ترتقــي لجرائــم حــرب ضــد اإلنســانية‪ ،‬خصوصــاً أن‬ ‫معظمهــا يســتهدف املشــايف ودور العبــادة واملخابــز‬ ‫واملطاحــن‪ ،‬وتجمعــات املدنيــن العــزل يف األســواق‪،‬‬ ‫واملناطــق التــي تشــهد ازدحامــاً برشيــاً‪.‬‬

‫مــا زالــت مدينــة ديــر الــزور تشــهد املزيــد مــن القصــف والدمــار‬ ‫عــى أيــدي قــوات النظــام‪ ،‬ومــا زالــت أحــكام تنظيــم الدولــة‬ ‫الجائــرة بحــق أهلهــا تطلــق بحــق أهلهــا‪،‬‬ ‫املزيد‪ ..‬صفحة ‪3‬‬

‫أكثــر مــن ‪ 400‬ألــف شــهيد منذ انطــاق الثورة الســورية‪.‬‬ ‫املزيد‪ ..‬صفحة ‪4‬‬

‫يف ذكــرى مجزرتهــا‪ ..‬نظــام األســد يحــرق الحولــة‬ ‫يف ‪ 25‬أيار‪/‬مايو ‪ 2012‬ارتكبت قوات النظام مجزرة مرعبة ومروعة بحق ‪ 110‬مدين‪ ،‬وذلك جراء ذبح بعضهم بالسكاكني والبعض اآلخر رمياً بالرصاص‪.‬‬

‫الرقة مفتاح املسألة‬ ‫السورية وقفلها‪!..‬‬

‫عصام حقي‬

‫املزيد‪ ..‬صفحة ‪4‬‬

‫الحرية والواقع املوضوعي‬ ‫والثورة‬ ‫آرام كرابيت‬

‫ليــس ألن األمريــكان مغرمــون مبلحمــة الحــب الكــردي (ممــو زيــن)‬ ‫أكــر مــن (قيــس وليــى) كــا يقــول أحــد األصدقــاء‪ ،‬فهــم ذوو هــوى‬ ‫كــردي‪.‬‬ ‫وليــس ألن أوبامــا لديــه عــرق شــيعي‪ ،‬كــا يحلــو للبعــض اآلخــر أن يقــول‪،‬‬ ‫فهــو رافــي السياســة‪ ،‬كربــايئ الوجــد‪.‬‬ ‫وليــس ألننــا نعــاين مــن عقــدة املؤامــرة‪ ،‬كــا يف نظــر آخريــن‪ ،‬فإننــا نقــول‬ ‫أن إيــران أصبحــت الحليــف الرئيــي للواليــات املتحــدة األمريكيــة يف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وأن الكــورد األصدقــاء األوفيــاء لهــا‪.‬‬ ‫فــا ينظــر إليــه البعــض عــى أنــه مــن تخرصــات وهلوســات املؤامــرة‪،‬‬ ‫التــي نــداري بهــا ضعفنــا‪ ،‬وقلّــة حيلتنــا‪ ،‬غالبـاً مــا يــرح بــه الغــرب‪ ،‬وال‬ ‫يخجــل مــن اإلفصــاح عنــه‪ ،‬ملعرفتــه أننــا ال نقــرأ‪ ،‬وإذا قرأنــا رسعــان مــا‬ ‫ننــى‪.‬‬ ‫وعليــه‪ ..‬عندمــا تكــون املؤامــرة لهــا مــا يثبــت حقيقتهــا عــى األرض‪ ،‬فليس‬ ‫علينــا القلــق مــن أن نجهــر بهــا خوفـاً مــن أن نوصــم بالجهــل‪ ،‬عــى اعتبــار‬ ‫أن الجهــل أبــو الريبــة‪ ،‬فالريبــة أحيانـاً مــن حســن الفطنــة‪ ،‬ونذيــر مبكــر‬ ‫مــن الخطــر الكامــن‪.‬‬ ‫فلــم تخـ ِ‬ ‫ـف أمريــكا دورهــا يف تبنــي السياســة التفتيتيــة يف املنطقــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫مــن خــال تعزيــز دور األقليــات واملجموعــات خــارج إطــار الدولــة‪ ،‬تحــت‬ ‫غطــاء الدميقراطيــة‪ ،‬التــي تقــوم عــى أســس اثنيــة ودينيــة وعرقيــة‪،‬‬ ‫وطائفيــة‪ ،‬وتشــجيعها لإلســهام يف العمليــة السياســية يف أدوار دون وطنيــة‪.‬‬ ‫وهــذا مــا تحــدث عنــه تقريــر نــره معهــد (غلوبــال ريــرش) يف شــهر‬ ‫نوفمــر ‪2006‬م عــن وجــود تنســيق أمريــي بريطــاين إرسائيــي بهــدف‬ ‫متكــن األقليــات يف املنطقــة‪ ،‬وتوقــع التقريــر أن تشــهد املرحلــة املقبلــة‬ ‫بــذل جهــود اســتخباراتية لتشــجيع األقليــات يف املنطقــة للمطالبــة‬ ‫بكيانــات سياســية مســتقلّة‪ ،‬مــا يقــدم حجــة قويــة للتدخــل يف شــؤون‬ ‫هــذه الــدول لحاميــة األقليــات‪ ،‬وهــذا مــا يفــر عل ـ ّو الصــوت الكــردي‬ ‫االنفصــايل‪ ،‬تحــت مســميات اإلدارة الذاتيــة‪ ،‬والنظــام الفيــدرايل‪ ،‬الــذي‬ ‫تشــجعه روســيا وتدعمــه أمريــكا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تخــف أمريــكا دعمهــا للــدور اإليــراين‪ ،‬وتعزيــز دور الشــيعة يف‬ ‫كــا مل‬ ‫ً‬ ‫العــامل العــريب‪ ،‬انطالقــا مــن القناعــة األمريكيــة الزائفــة والســائدة يف‬ ‫األروقــة األمنيــة األمريكيــة‪ ،‬أن الشــيعة مل يشــكلوا أي خطــر اس ـراتيجي‬ ‫عــى الواليــات املتحــدة‪ ،‬كــا فعلــت الجامعــات الســنية املتشــددة‪،‬‬ ‫كالقاعــدة وطالبــان‪ ،‬ولكــن حقيقــة القــول أن تعزيــز النفــوذ الشــيعي‬ ‫يف وســط ســني مرتامــي األط ـراف‪ ،‬وتجنيــب تركيــا ذات العمــق الســني‪،‬‬ ‫إمنــا هــو يف األســاس لإلبقــاء عــى تخــوم ملتهبــة‪ ،‬بــن الشــيعة والســنة‪،‬‬ ‫وإشــغال العــامل العــريب واإلســامي‪ ،‬وشــعوب هــذه الــدول باملشــكالت‬ ‫الداخليــة املتجــددة واملخاطــر التــي تتهددهــا‪.‬‬ ‫وهــذا مــا يفــر وقــوع أهــم دولتــن عربيتــن‪ ،‬يف موازيــن القــوى‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬ســورية والع ـراق‪ ،‬يف القبضــة اإليرانيــة‪ ،‬وتشــجيع إي ـران عــى‬ ‫تحقيــق رغباتهــا التوســعية الجامحــة يف أغلــب الــدول العربيــة‪.‬‬ ‫ليــس هــذا دفاع ـاً عــن براءتنــا مــن وصمــة الوقــوع يف عقــدة املؤامــرة‪،‬‬ ‫وإمنــا هــو إضــاءة لواقــع ال نريــد أن ن ـراه عــى حقيقتــه‪ ،‬ألن مواجهتــه‬ ‫قــد تكــون أكــر إيالم ـاً مــن االع ـراف بــه‪ ،‬ولكــن مواجهــة هــذا الواقــع‬ ‫واالعــراف بــه رضورة ال بــد منهــا‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫يكذبون علينا حتى يف أحالمنا‬ ‫عروة المهاوش‬ ‫بــن مشــاعر الفــرح‪ ،‬والدهشــة املمزوجــة‬ ‫بالحــزن أســتقبل يف بيتــي هــذا العــدد الهائــل‬ ‫مــن أبنــاء مدينتــي «الرقــة»‪ ،‬كل الوجــوه‬ ‫أعرفهــا‪ ،‬ومــا بــن عنــاق رسيــع‪ ،‬وآخــر كان‬ ‫كمــن يريــد إدخــال الثــاين بــن الضلــوع‪،‬‬ ‫واستنشــاق عطــر الســفر املمــزوج برائحــة‬ ‫املدينــة‪ ،‬كنــت أمــأ رئتــي املتهالكــة بتلــك‬ ‫الرائحــة فيــا كانــت دموعــي متتــزج بهــا‬ ‫عــى رقبــة مــن أعانقــه‪ ،‬وعيــوين تتجــول قبــل‬ ‫جســدي بغــرف البيــت الــذي مــا عــاد صغ ـرا ً‬ ‫كــا عهدتــه‪ ،‬أصــوات ضحــكات مــن هنــا‪،‬‬ ‫ومــن الصالــة تربيــكات‪ ،‬وقبــات كثــرة‪ ،‬مل يكــن‬ ‫لبيتــي بــاب يغلــق‪ ،‬ومل يكــن عــدد مــن فيــه‬ ‫محــدودا ً‪ ،‬بعــد عنــاق وقبلــة دامعــة خرجــت‬ ‫نحــو الرشفــة الــذي كان ميتــد عىل مســافة أكرث‬ ‫مــن عرشيــن م ـرا ً‪ ،‬وبعــرض يتجــاوز املرتيــن‪،‬‬ ‫مزدحـاً أيضـاً بأجســاد ووجــوه رقيّــة مــن أبناء‬ ‫مدينتــي‪ ،‬ســمرة وجوههــم التــي تشــبه حنطــة‬ ‫بــادي كانــت تُشــع كالشــمس‪ ،‬وأصواتهــم حــن‬ ‫يتحدثــون عــن املــوت‪ ،‬والقتــل فيهــا حرشجــة‬ ‫املــوت‪.‬‬ ‫كاذبون‪...‬‬ ‫يف الشــارع‪ ،‬مقابــل الرشفــة رأيــت صفــاً مــن‬

‫الجنــد يحتضنــون بنادقهــم عــى صدورهــم‪،‬‬ ‫وخلفهــم متامــاً كان صفــاً آخــر لضبــاط‬ ‫ببزاتهــم العســكرية‪ ،‬وأوســمتهم التــي تضيــق‬ ‫بهــا املســاحات عــى بزاتهــم العســكرية حتــى‬ ‫وصلــت أســفل ســرتهم‪ ،‬رصخ أحــد أبنــاء بلديت‬ ‫نحــن نقتــل هنــاك وبيوتنــا دمرهــا الطــران‪،‬‬ ‫يبــق مــن عائلتــي أحــد‪ ،‬وفــوق كل هــذا‬ ‫ومل َ‬ ‫وذاك منــوت جوع ـاً‪ ،‬أخرجــت كعــاديت كامــريت‬ ‫لتصويــر الحــدث‪ ،‬وحــن رآين الجنــدي املدجــج‬ ‫بالســاح‪ ،‬اتخــذ وضعيــة الرمــي‪ ،‬وســدد‬ ‫البندقيــة نحــوي‪ ،‬فيــا أمــرين الضابــط بالحــذر‬ ‫وعــدم التصويــر‪ ،‬مرغــاً وخائفــاً أعدتهــا إىل‬ ‫حقيبتهــا ليكمــل الضابــط خطابــه «التاريخــي»‬ ‫فينــا‪ ،‬مل أســتغرب لحظتهــا كيــف نحــن عامــة‬ ‫الشــعب فــوق «عــى البلكــون»‪ ،‬وهــم القــادة‬ ‫تحــت «يف الشــارع»‪ ،‬ومل أســتغرب أيض ـاً علــم‬ ‫فلســطني يزيــن قبعاتهــم واللفحــات التــي عــى‬ ‫صدروهــم‪.‬‬ ‫أشــار الضابــط بيــده ملجموعــة مــن الصبايــا‬ ‫يقفــن خلــف الصفــوف‪ ،‬وتقدمــت فتــاة‬ ‫بزيهــا العســكري األنيــق‪ ،‬كان رأســها مشــدودا ً‬ ‫بلصــاق طبــي‪ ،‬وبــدأ الضابــط بفــك الربــاط‬ ‫فيــا كانــت تظهــر لنــا الكســور يف جمجتهــا‪،‬‬ ‫وبعــض قط ـرات الــدم املتجمــد‪ ،‬كان الضابــط‬

‫يؤنبنــا ويتهمنــا بنقــص الرجولــة‪ ،‬وهروبنــا مــن‬ ‫ســاحات الوغــى بينــا هــذه الفتــاة آثــرت‬ ‫الدفــاع عــن أرضهــا وعرضهــا واملــوت يف ســبيل‬ ‫الوطــن‪.‬‬ ‫العجوز والطفل‬ ‫دفعنــي الفضــول إلســتطالع األكــر‪ ،‬فنزلــت‬ ‫إىل الشــارع مبتعــدا ً عــن بيتــي مئــات األمتــار‪،‬‬ ‫كان الطريــق كلــه مرصوفـاً بالحجــارة الســوداء‪،‬‬ ‫صعــودا ً نحــو األعــى حــن نــاداين رجــل عجــوز‬ ‫ـرة‬ ‫يجلــس عــى الرصيــف‪ ،‬أجبــت برتكيــة متكـ ّ‬ ‫املخــارج والحــروف‪ :‬أنــا مــن ســوريا وال أفهــم‬ ‫مــا تريــد ســيدي‪ ،‬أشــار يل بيــده إىل نقطــة‬ ‫عاليــة يف رأس الشــارع املمتــد أمامــي قائــاً‬ ‫بلغــة عربيــة فصيحــة‪ :‬اذهــب إىل تلــك النقطــة‬ ‫وعــد إ ّيل بعــد أن تشــاهد بعينــك وعــن‬ ‫كامريتــك‪ ،‬مل أســأل حينهــا كيــف تكلــم اللغــة‬ ‫العربيــة معــي‪ ،‬وكيــف عــرف دون ســؤايل بــأين‬ ‫أريــد تصويــر هــذا الحــدث‪.‬‬ ‫رايــات وأعــام فلســطني كانــت مربوطــة عــى‬ ‫فوهــات البنــادق وآالف الجنــد بســياراتهم‬ ‫الكبــرة‪ ،‬فيــا كانــت املوســيقى العســكرية‬ ‫تعــزف‪ ،‬وطبــول الحــرب تقــرع كان عقــي‬ ‫الصغــر منبهــرا ً بــكل هــؤالء الرجــال‪ ،‬وهــذا‬

‫منتدى ورد البلد‬ ‫هديب شحاذة‬ ‫املــرأة‪ ..‬هــذا الكائــن النــوراين الجميــل‪ ،‬الطافح‬ ‫بالعذوبــة والجــال‪ ..‬املــرأة‪ ..‬منذ الشــهقة األوىل‪،‬‬ ‫حــن دفعتنــا إىل الحيــاة‪ ،‬ســكبت يف أرواحنــا مــن‬ ‫آنيــة قلبهــا عبــق النــدى والياســمني‪ ،‬ورســمت‬ ‫لنــا بح ّنــاء وجدهــا فراشــات النــور والصبــاح‬ ‫والحــب‪.‬‬ ‫التقيتهــن صدفــ ًة يف أورفــا‪ ..‬كُــ ّن كالياممــات‬ ‫ٍ‬ ‫كأســاك ملونــة‬ ‫تهــدل عــى نافــورة مــاء‪ ،‬أو‬ ‫تســبح يف آنيــ ٍة مــن الصفــاء والدهشــة‬ ‫ُ‬ ‫والشــغف‪ ..‬نســاء وصبايــا ســوريات‪ ،‬مــن كافــة‬ ‫أنحــاء الوطــن‪ ،‬كــر َن إيقــاع الغربــة والتعــب‬ ‫املــر‪ ،‬واألدوار التقليديــة للمــرأة‪ ،‬يجمعهــ ّن‬ ‫هـ ٌ‬ ‫ـدف واحــد‪ ،‬أن ال يشء يقــف أمــام طموحهــن‪،‬‬ ‫للنهــوض بواقــع املــرأة الســورية يف الشــتات‪،‬‬ ‫عــر عمــلٍ جــدي ومنهجــي وجامعــي‪ ،‬وبالتــايل‬ ‫مســاعدة العائــات التــي تعــاين يف املهجــر‪،‬‬ ‫بكافــة املجــاالت‪ ،‬والتخفيــف مــن معاناتهــم‬ ‫وتذليــل الصعوبــات التــي تواجههــم بشــكل شــبه‬ ‫يومــي‪.‬‬ ‫التقيــت الســيدة مليــس الرحبــي ِ‬ ‫مؤسســة‬ ‫املنتــدى‪ ،‬وســألتها‪ :‬مــن أنتــم؟‬ ‫أجابــت‪ :‬نحــن ســوريات متطوعــات‪ ،‬جمعتنــا‬ ‫قيــم املحبــة والســام وظــروف الغربــة والنــزوح‪،‬‬ ‫نســعى إليصــال صوتنــا والحصــول عــى حقوقنــا‪.‬‬ ‫متــى تأســس املنتــدى‪ ،‬ومــا هــي رؤيتــه‬ ‫للمســتقبل ؟‬ ‫تقــول‪ :‬تأســس املنتــدى بتاريــخ ‪ 1‬نيســان ‪2015‬‬ ‫وتركــز رؤيــة املنتــدى عــى أهميــة الوصــول‬ ‫باملــرأة الســورية إىل أن تكــون واعيــة بحقوقهــا‬

‫االجتامعيــة واالقتصاديــة والثقافيــة والسياســية‪،‬‬ ‫وقــادرة عــى الحصــول عليهــا ومامرســتها‪ ،‬وذلــك‬ ‫عــر إنشــاء قاعــدة مــن البيانــات املعرفيــة‬ ‫املنظمــة ترصــد أحــوال املــرأة الســورية يف تركيــا‬ ‫والداخــل الســوري‪.‬‬ ‫وتحدثــت اآلنســة ســمر صبحــي مــن الرقــة‬ ‫عــن املنهــج الــذي يتبعــه املنتــدى للوصــول إىل‬ ‫أهدافــه‪ ،‬قائلــة‪ :‬نعتمــد عــى تنظيــم طاقــات‬ ‫املــرأة عــر العمل الجامعــي أو الفــردي‪ ،‬وتعميق‬ ‫الوعــي لديهــا ورفــع مســتواها الثقــايف وتنميــة‬ ‫خرباتهــا‪ ،‬لتتمكــن مــن اإلســهام الفعــال يف الحيــاة‬ ‫الثقافيــة واالقتصاديــة واالجتامعيــة والسياســية‪،‬‬ ‫وذلــك عــر إقامــة النــدوات والــدورات التثقيفيــة‬ ‫والتأهيليــة وورشــات العمــل‪ ،‬وإصــدار النـرات‬ ‫باملجــات والصحــف واإلســهام الفعــال يف خطــة‬ ‫محــو األميــة ورعايــة األطفــال‪.‬‬ ‫وحــول السياســات العامــة للمنتــدى تحدثــت‬ ‫املحاميــة رال ســعدون مــن الحســكة قائلــة‪:‬‬ ‫تنبــع السياســة العامــة مــن اسـراتيجية النهــوض‬ ‫باملــرأة الســورية عــر املجــاالت التاليــة‪:‬‬ ‫‪ _1‬الرتبيــة والتعليــم‪ ،‬خاصــ ًة ســد الفجــوة‬ ‫التعليميــة التــي تســبب بهــا النــزوح‪.‬‬ ‫‪ _2‬الصحة العامة‪.‬‬ ‫‪ _3‬املجــاالت السياســية ودعــم مشــاركة املــرأة‬ ‫بهــا‪.‬‬ ‫‪ _4‬املجاالت القانونية‪.‬‬ ‫‪ _5‬اإلعالم‬ ‫وقالــت اإلعالميــة آالء العــواد مبــا يخــص اإلعــام‪،‬‬ ‫وأهميتــه‪ :‬اإلعــام مهــم يف مكافحــة الصــورة‬ ‫الســلبية للمــرأة الســورية وقدرتهــا باالعتــاد‬

‫عــى ذاتهــا وعــى قوتهــا كحـراك نســايئ ناهــض‪،‬‬ ‫وكــر القالــب الجامــد للتفكــر املتمثــل بالنظــر‬ ‫لقضايــا املــرأة بشــكل ســطحي‪ ،‬والنظــر اليهــا‬ ‫كإنســان متكامــل لديــه طاقــة ذهنيــة عاليــة‬ ‫ميكــن اســتثامرها بإيجابيــة فاعلــة‪.‬‬ ‫وحــول نشــاطات املنتــدى واألهــداف البعيــدة‬ ‫لفكــرة هــذا املنتــدى‪ ،‬قالــت الســيدة مليــس‬ ‫الرحبــي‪ :‬مــن النشــاطات التــي قمنــا بهــا‬ ‫نشــاطات أدبيــة وثقافيــة‪ ،‬وأمســيات‪ ،‬ومهرجــان‬ ‫منتصــف العــام للطــاب الســوريني‪ ،‬ومهرجــان‬ ‫نهايــة العــام لتكريــم املتفوقــن‪ ،‬حملــة افتــح‬ ‫خزانتــك والتــي تســاعد العائــات الفقــرة‪،‬‬ ‫معــارض للرســم وأمســيات للموســيقى والغنــاء‪.‬‬ ‫وهنــاك بعــض االقرتاحــات التــي تنتظــر الدعــم‬ ‫مــن املنظــات املعنيــة‪ ،‬منهــا‪ :‬مبــادرة كــوين‬ ‫جاهــزة‪ ،‬تهتــم باإلســعافات األوليــة ومكافحــة‬ ‫الحرائــق املنزليــة‪ .‬مــروع املــرأة والتكنولوجيــا‪.‬‬ ‫حملــة أعيــدي التفكــر‪ ،‬للوقايــة مــن مــرض‬ ‫رسطــان الرحــم والثــدي‪ .‬برنامــج اعــريف حقوقــك‪.‬‬ ‫مــروع األرسة املنتجــة‪.‬‬ ‫أمــا هدفنــا البعيــد لهــذا املنتــدى‪ ،‬أن يكــون‬ ‫املرجــع لــدى جميــع الجهــات واملنظــات‬ ‫التــي تعنــى بشــؤون املــرأة الســورية‪ ،‬ومواصلــة‬ ‫العمــل بشــكل منهجــي‪ ،‬منظــم للنهــوض بواقــع‬ ‫املــرأة ومعالجــة قضاياهــا ومتكينهــا يف مختلــف‬ ‫املجــاالت‪ ،‬وإحــداث تغيـرات إيجابيــة ملموســة‬ ‫يف أوضاعهــا‪ ،‬وتحقيــق مشــاركتها الفاعلــة يف‬ ‫كافــة مجــاالت الحيــاة‪.‬‬

‫الكــم الهائــل مــن الســاح الخفيــف‪ ،‬واملتوســط‬ ‫والثقيــل أيضـاً‪ ،‬هــذا الرجــل ميلــك أرسارا ً كثــرة‬ ‫ورمبــا تفيــدين‪ ،‬أحــادث نفــي‪ ،‬وأنــا أراقــب‬ ‫املهرجــان العســكري بانتبــاه شــديد‪ ،‬والكثــر‬ ‫الكثــر مــن األســئلة تــدور يف رأيس‪ ،‬مــاذا‬ ‫يفعلــون هنــا يف هــذه املدينــة الرتكيــة‪ ،‬وكيــف‬ ‫ســمحت لهــم الحكومــة الرتكيــة‪ ،‬وملــاذا ليســوا‬ ‫هــم وقادتهــم وســاحهم هــذا عــى الجبهــات‬ ‫اآلن؟!‪.‬‬ ‫عطش الطفولة‬ ‫بينــا كان صنبــور مــاء الصهريــج املخصــص‬ ‫ـدى عــى‬ ‫للمخيــم مفتوح ـاً‪ ،‬ويذهــب املــاء سـ ً‬ ‫األرض‪ ،‬كانــت جمــوع األطفــال تــأيت مــن‬ ‫البعيــد لتحصــل عــى مــاء للــرب‪ ،‬تتقدمهــم‬

‫طفلــة مل يتجــاوز عمرهــا الســنوات الســبع‬ ‫حامل ـ ًة بيديهــا الصغريتــن‪ ،‬والغضتــن عبــوات‬ ‫مــن البالســتيك الفارغــة يتجــاوز عددهــا عــدد‬ ‫أصابــع يديهــا‪ ،‬تتعــر يف خطواتهــا‪ ،‬ويســقط‬ ‫منهــا مــا تحمــل‪ ،‬وتعــود للمــي مــرة أخــرى‪،‬‬ ‫وأنــا يحــرين الســؤال كيــف ســتحمل كل هــذه‬ ‫العبــوات وهــي مليئــة باملــاء؟!!‬ ‫مل يصــل أحــد مــن األطفــال إىل الصهريــج بعــد‪،‬‬ ‫فيــا كان القامئــون عــى توزيــع املــاء يلتقطــون‬ ‫الصــور مــع طفــلٍ ال أعلــم مــن أيــن أىت‪ ،‬ورأس‬ ‫الرجــل العجــوز يهتــز نحــو األعــى واألســفل‪،‬‬ ‫وأنــن مســموع يختلــط بصــوت املــاء املرتطــم‬ ‫عــى اإلســفلت وجمــوع األطفــال أصبحــت‬ ‫رساب بعيــد‪.‬‬

‫اإلع�لان ع��ن تأس��يس امللتق��ى املدن��ي‬ ‫للرق��ة يف أورف��ا الرتكية‬

‫أعلــن مجموعــة مــن الناشــطني عــن تأســيس‬ ‫امللتقــى املــدين للرقــة يف مدينــة شــانيل أورفــا‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬وجــاء يف بيــان التأســيس الصــادر‬ ‫عــن الهيئــة العامــة بتاريــخ ‪ 2016/5/25‬أن‬ ‫الهيئــة العامــة يف امللتقــى املــدين للرقــة تبــادر‬ ‫إىل املســاهمة يف فعاليــات وأنشــطة وبرامــج‬ ‫مــن شــأنها متكــن األصــوات املدنيــة املحليــة‬ ‫الفاعلــة‪ ،‬وهــي هيئــة ميكــن االنضــام إليهــا‬ ‫ضمــن رؤيــة وأهــداف تراهــا مســارا ً للعمــل‬ ‫الجــاد الــذي يشــكل حجــر أســاس وحلقــة‬ ‫حقيقيــة يف نطــاق عمــل مجتمعــي مــدين‬ ‫ومســتدام‪.‬‬ ‫ويؤكــد البيــان أن ترميــم النســيج االجتامعــي‬ ‫أصبــح رضورة دميقراطيــة ال ميكــن تجاوزهــا يف‬ ‫ســوريا خاصــة‪ ،‬ويف مجتمعاتنــا املحليــة عامــة‬ ‫ليتــم العبــور مــن خاللهــا إىل املشــاركة الفاعلــة‪،‬‬ ‫واعتبــار حالــة التنــوع حالــة ثــراء تقــوي‬ ‫املجتمــع ومتــن روابطــه عــر آليــات الحــوار‬ ‫واالعتــاد عــى املشــركات ودون إهــال‬ ‫خصوصيــات ثقافيــة أو محليــة‪.‬‬ ‫كــا جــاء يف البيــان مــا يوضــح أن فهــم مــا‬ ‫يجــري حولنــا ودراســته مليـاً‪ ،‬ووضــع التصورات‬ ‫التــي ميكــن أن تشــكل ح ـاً ملشــكالته املزمنــة‬ ‫والطارئــة‪ ،‬ميكــن أن يكــون املدخــل املناســب‬ ‫ألي تدخــل نقــوم بــه أو نســاعد اآلخريــن عــى‬

‫الوصــول إليــه بغايــة بنــاء الشــبكات والحشــد‬ ‫واملنــارصة لــكل القضايــا التــي يتقــرر أنهــا‬ ‫عادلــة‪ ،‬وتصــب يف بنــاء الســلم االجتامعــي‬ ‫والتعايــش‪.‬‬ ‫ويــرى امللتقــى أن عمليــة رفــع الوعــي وبنــاء‬ ‫الجســور واالنحيــاز التــام للحقــوق والقيــم‬ ‫العامــة هــي الخطــوة الرئيســة والهامــة‬ ‫نحــو املواطنــة الفاعلــة يف تثبيــت الحقــوق‬ ‫والواجبــات التــي يكرســها مفهــوم الدولــة‬ ‫املدنيــة‪ ،‬وأن االســتبداد الــذي طُ ِّبــق عــى‬ ‫املجتمــع الســوري حرمــه مــن فرصــة التنظيــم‬ ‫واإلدارة واملشــاركة الفاعلــة طيلــة عقــود‪ ،‬ومــا‬ ‫تعانيــه مجتمعاتنــا مــن تراكــم ســلبي وطويــل‬ ‫يف قضايــا الحقــوق العامــة واحــرام اآلخــر‪.‬‬ ‫ويؤكــد املؤسســون أنهــم يف امللتقــى املــدين‬ ‫للرقــة يبــادرون تجــاه كل تغيــر إيجــايب يطــال‬ ‫املجتمــع الســوري ويتفاعلــون معــه لتحقيــق‬ ‫تنميــة ووعــي مســتدام نحــو مســتقبل يلبــي‬ ‫التنميــة املتوازنــة والتكافــؤ يف الفــرص‪.‬‬ ‫يذكــر أن امللتقــى املــدين للرقــة هــو إطــار مــدين‬ ‫ينطــوي عــى تنــوع ثقــايف غــر محــدود بعيــدا ً‬ ‫عــن التعصــب املذهبــي أو الدينــي أو العرقــي‪،‬‬ ‫ويحــق ألي ســوري يؤمــن بأهــداف امللتقــى‬ ‫االنضــام إليــه‪ ،‬وقــد اتخــذ مدينــة أورفــا‬ ‫الرتكيــة مق ـرا ً مؤقت ـاً لفعالياتــه‪.‬‬


‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫ديــر الــزور مــا زالــت تحــرق‪!..‬‬

‫‪3‬‬

‫الحرملي‬

‫الحرمل ‪ -‬دير الزور ‪ -‬خاص‬ ‫مــا زالــت مدينــة ديــر الــزور تشــهد املزيــد مــن‬ ‫القصــف والدمــار عــى أيــدي قــوات النظــام‪ ،‬ومــا‬ ‫زالــت أحــكام تنظيــم الدولــة الجائــرة بحــق أهلهــا‬ ‫تطلــق بحــق أهلهــا‪ ،‬بالتزامــن مــع تبــادل القصــف‬ ‫املدفعــي بــن قــوات التنظيــم وقــوات النظــام‪ ،‬التــي‬ ‫ينجــم عليهــا بالغالــب ارتقــاء الشــهداء مــن املدنيــن‪،‬‬ ‫ومــا زالــت قــوى الظــام بــن الطرفــن تســتعرض‬ ‫انتصاراتهــا‪ ،‬وتتباهــى بتقطيــع الجثــث‪ ،‬وعرضهــا أمــام‬ ‫الجمهــور‪ ،‬أو ســحلها يف الشــوارع‪ ،‬والضحيــة األوىل‬ ‫عــى الغالــب هــم املدنيــن العــزل‪.‬‬ ‫ففــي الوقــت الــذي كثّــف فيــه الط ـران الحــريب مــن‬ ‫طلعاتــه الجويــة عــى مدينــة ديــر الــزور‪ ،‬والتــي‬ ‫اســتهدف مــن خاللهــا حــي الصناعــة ومحيطــه‬ ‫بثــاث غــارات‪ ،‬وغــارة أخــرى اســتهدف مــن خاللهــا‬ ‫حويجــة صكــر‪ ،‬وأخــرى يســتهدف مــن خاللهــا حــي‬ ‫الخســارات‪ ،‬بالتزامــن مــع قصــف مدفعــي وصاروخــي‬ ‫ألغلــب األحيــاء املحــررة‪ ،‬قــام تنظيــم داعــش بوضــع‬ ‫امــرأة بقفــص حديــدي يف املقــرة الخاصــة بقريــة‬ ‫الحصــان ملــدة ثالثــة أيــام بســبب مخالفــة باللبــاس‬ ‫الرشعــي عــى حــد زعمهــم‪ ،‬واعتقــال امرأتــن‬ ‫وجلدهــا يف مدينــة ديــر الــزور بتهمــة مخالفــات‬ ‫باللبــاس الرشعــي‪ ،‬وقــد وضــع قفــص حديــدي بالقرب‬ ‫مــن حديقــة أبــو متــام خــاص مبخالفــات النســاء أيضـاً‪،‬‬ ‫وانتشــار أمنــي كثيــف لعنــارص تنظيــم داعــش يف قرية‬ ‫أبــو حــام وغرانيــج دون معرفــة األســباب‪ ،‬بالتزامــن‬ ‫مــع قيــام أغلــب أمئــة املســاجد يف املــدن والقــرى بعــد‬ ‫صــاة الجمعــة بدعــوة أبنــاء املنطقــة للتكاتــف مــع‬ ‫عنــارص التنظيــم‪.‬‬ ‫يف الجانــب اآلخــر‪ ،‬وضمــن األحيــاء الخاضعــة‬ ‫لســيطرة النظــام‪ ،‬مــا زالــت األســعار يف ارتفــاع‬ ‫متصاعــد يف ظــل حصــار خانــق‪ ،‬وتحكــم بتوزيــع‬

‫كومبارس‪..‬كومبارس‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫املــواد واحتكارهــا مــن قبــل أزالم الســلطة والشــبيحة‪،‬‬ ‫لكــن أحــد تجــار حلــب غ ـ ّرد خــارج الــرب‪ ،‬وبــاع‬ ‫املــواد الغذائيــة يف حيــي الجــورة والقصــور أقــل مــن‬ ‫أســعار التجــار الســابقة‪ ،‬ووصــل ســعر كيلــو البطاطــا‬ ‫إىل ‪ 2000‬لــرة ســوريا‪ ،‬والبصــل ‪ 2000‬لــرة‪ ،‬والــرز‬ ‫‪ 4000‬لــرة‪ ،‬والســكر ‪ 5000‬لــرة‪ ،‬فيــا وصــل ســعر‬ ‫كيلــو اللحــم إىل ‪ 2500‬لــرة ســورية‪ ،‬وشــهدت أحيــاء‬ ‫الجــورة والقصــور واملوظفــن عــودة ضــخ امليــاه بعــد‬ ‫انقطاعهــا ملــدة ‪ 12‬يومــاً‪ ،‬ويقــوم األهــايل باألحيــاء‬ ‫والحــارات التــي ال تصلهــا امليــاه بجلــب امليــاه مــن‬ ‫الحــارات التــي تصلهــا امليــاه بالطــرق البدائيــة‪،‬‬ ‫كــا قامــت إدارة محطــة ميــاه الجــورة مبنــع أهــايل‬ ‫أحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن مــن الحصــول‬ ‫عــى امليــاه مــن املحطــة مــا اضطــر األهــايل لجلــب‬ ‫امليــاه مــن منطقــة الكــرة مــن فــرع نهــر الف ـرات‬ ‫غــر الصالحــة للــرب مــا ينــذر بانتشــار األم ـراض‬ ‫واألوبئــة لألهــايل مبناطــق ســيطرة النظــام يف ظــل‬ ‫غيــاب الرعايــة الصحيــة وفقــدان األدويــة‪ ،‬ووصــل‬ ‫ســعر برميــل امليــاه إىل ‪ 2000‬لــرة ســورية‪ ،‬كــا تعــاين‬ ‫أحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن مــن نقــص كبــر‬ ‫مبــادة الخبــز بأحيــاء الجــورة والقصــور واملوظفــن يف‬ ‫ظــل نقــص ملــواد املحروقــات والدقيــق وامليــاه‪.‬‬

‫وقــام طــران الشــحن التابــع للنظــام بإلقــاء ‪26‬‬ ‫شــحنة مــن املــواد الغذائيــة وكل شــحنة تحملهــا ثالث‬ ‫مظــات فــوق مناطــق ســيطرة النظــام وإلقــاء عرشين‬ ‫شــحنة مــن املحروقــات‪ ،‬كــا ألقــت طائــرة شــحن‬ ‫يف وقــت الحــق أربــع شــحنات مــن املــواد الغذائيــة‬ ‫ســقطت خلــف الجبــل‪.‬‬ ‫كل هــذه املــآيس التــي تنــزل عــى ســكان ديــر الــزور‬ ‫مــن الجــو واألرض‪ ،‬مــا زال أهلنــا متمســكني بــاألرض‪،‬‬ ‫وهــم يعانــون مـرارة العيــش يف ظــل اســتمرار قــوات‬ ‫النظــام وشــبيحتهم باعتقــال الشــباب بأحيــاء الجــورة‬ ‫والقصــور واملوظفــن وذلــك للتجنيــد اإلجبــاري‬ ‫بصفــوف قــوات النظــام والشــبيحة‪ ،‬ومــا زال الطـران‬ ‫الحــريب يلقــي حممــه ويســتهدف أحيــاء املدينــة‬ ‫الخاضعــة لتنظيــم الدولــة ومحيــط مطــار ديــر الــزور‬ ‫العســكري‪ ،‬يف ظــل تواصــل قــدوم النازحــن مــن‬ ‫محافظــة الرقــة إىل مناطــق ديــر الــزور إثــر األنبــاء‬ ‫األخــرة واملنشــورات التــي ألقيــت عــى أهــايل الرقــة‬ ‫وتطالبهــم مبغادرتهــا بعــد اإلعــان عــن اقـراب تحريــر‬ ‫الرقــة مــن ســيطرة داعــش‪ ،‬أهــل الرقــة يف حركــة‬ ‫نــزوح جديــدة يســتقبلهم أهــايل وعشــائر الريــف‬ ‫الرشقــي والغــريب يف منازلهــم‪ ،‬رغــم مــا يشــهدونه مــن‬ ‫نــدرة للمــواد الغذائيــة والدوائيــة‪.‬‬

‫على جبني الفرات ذبابة‪!..‬‬ ‫فرات الوفاء‬ ‫يــا أيهــا النابــع مــن هنــاك‪ ،‬مــن‬ ‫خلــف الهضاب‪..‬‬ ‫يــا نشــوة العشــق التــي يتخللهــا‬ ‫الرضــاب فتســقي العطّــاش وجــدا ً‪،‬‬ ‫يف ال ألــن‪ ،‬وال‬ ‫مــا دام يســكن ّ‬ ‫أســتكني‪ ،‬وال أهــاب‪ ..‬فيــك النقــاء‬ ‫حكايــة عــى ضفتيــك أقرأهــا‪،‬‬ ‫وأعشــقها وأكتبهــا بألــف كتــاب‪،‬‬ ‫وأخــط مــن قطراتــك محيطــاً‬ ‫هادئــاً وادعــاً‪ ،‬وبحــرا ً مــا لــه رادع‬ ‫فــا شــطآن لصــدري الــذي يهيــم‬ ‫بــك بــا حــدود وال ســدود‪ ..‬عــى‬ ‫جنبيــك تغفــو كل أمــاين الحاملــن‪،‬‬ ‫التائهــن‪ ،‬املبعديــن عنــك بــا حــول‬ ‫وال إرادة‪ ..‬فشــ ّد وثاقــك يــا فــرات‬ ‫عــى اآلمــال فلســنا إىل غــر مــأواك‬ ‫مرتحلــن‪ ،‬ســأروي َ‬ ‫لــك وعنــك‬ ‫حل ـاً لســت أنســاه‪ ،‬وبوح ـاً لســت‬ ‫أخشــاه‪ ،‬كنــت كعادتــك تحتضــن‬ ‫أوجاعنــا وهمومنــا وآالمنــا وآمالنــا‬ ‫عــى جنبيــك نســاء تغســل الصوف‪،‬‬ ‫وعائــات تجمعــت حولــك عــى‬ ‫شــكل دوائــر وصفــوف‪ ،‬ضحــكات‬ ‫تتعــاىل‪ ،‬وأطفــال يف أحضانــك تلهــو‬ ‫بــا وجــلٍ وخــوف‪ ،‬قصائــد حــب‬ ‫تتــى يف حرضتــك لعاشــقٍ قلبــه‬ ‫متيــم شــغوف ‪.‬‬ ‫فجــأة وجدتنــي أركــض عنــك وإليك‬

‫بــا وقــوف‪ ،‬شــاحباً كان وجهــي‬ ‫عــى غــر عــادة افتقــدت النــاس‬ ‫والجـ ّـاس‪ ،‬وقفــت بــن يديــك الهثـاً‬ ‫بعينــي‬ ‫ألتقــط أنفــايس‪ ،‬وأشــيح‬ ‫ّ‬ ‫بحثـاً عــن الحيــاة بــن يديــك‪ ،‬عــى‬ ‫ضفتيــك‪ ،‬وجدتــك تضمحــل تــار ًة‬ ‫وتفيــض تــار ًة أخــرى بــا عينيــك‪،‬‬ ‫رأيــت الجــر مكســورا ً‪ ،‬يخفــي‬ ‫الكــر يف جنبيــك‪ ..‬ظننــت املــاء‬ ‫منهــزم ونبــات الــزل ال يدفئــك‪،‬‬

‫وبــرج الســاعة الشــاهق ال تدنيــه‬ ‫وال يدنيــك‪ ،‬وأن الســور مدحــور فــا‬ ‫يرنــو وال يحميــك‪ ،‬وأن نخيل مدينتنا‬ ‫ال تعنيــه وال يعنيــك‪ ،‬هجــرت الحلم‬ ‫مذعــورا ً‪ ،‬أنــادي مــلء حنجــريت‬ ‫فرات قل‪ :‬من السارق؟‬ ‫فرات قل‪ :‬من املارق؟‬ ‫فــر ّد النهــر‪ ،‬ال تقلــق وال تجــزع‪،‬‬ ‫كلــب خــاض يف طهــري‪ ،‬وأنــا‬ ‫ٌ‬ ‫للكلــب ال أركــع‪.‬‬

‫وهــذا األســود املوجــود عــى‬ ‫الشــطآن واليــد التــي تــ ْز َرع‬ ‫« ســتقطع »‬ ‫واخــر يــا بنــي النــاس أن النهــر مــا‬ ‫زال وفي ـاً مل ولــن يجــزع‪،‬‬ ‫أومــأ يل الفــرات بطرفــه‪ ،‬وقــال‬ ‫إليــك هــذه الدعابــة‪..‬‬ ‫إن ســألك أحــ ٌد عــن الســواد‬ ‫يف النهــر فقــل لهــم عــى جبــن‬ ‫الفــرات ذبابــة‪!..‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫أخــي الســام عليكــم‪ ،‬تــم ترشــيحكم عــن محافظــة الرقــة يف‬ ‫مجلــس األعيــان‪ .‬أســتاذي تــم ترشــيحكم ملجلــس األرشاف عــن‬ ‫عمــوم الرقــة‪ .‬برضــاي عليــك شــيخي فقــد تــم تســميتكم لشــغل‬ ‫منصــب املنســق العــام لعمــوم عشــائر الف ـرات‪ .‬عزيــزي انطالق ـاً‬ ‫مــن مبــدأ املســاواة بــن الرجــل واملــرأة‪ ،‬ويف ظــل انتهــاك رجولتنــا‬ ‫املتكــرر تــم ترشــيحك ملنصــب الناطــق الرســمي ملنظمــة نســاء بــا‬ ‫حــدود‪ ..‬رفيــق رشــحناك ملجلــس األمميــة الجديــد‪.‬‬ ‫ألــو‪ ..‬ألــو أخــي راح أحــول لــك مئــة ألــف يــورو أريــدك أن توزعهــا‬ ‫عــى الفق ـراء واملحتاجــن مــن الشــعب الســوري‪ ..‬ألــووووو راح‬ ‫أحــول لــك ‪ 100‬ســلة غذائيــة‪ ،‬ويــا ريــت توزعهــا مبــا يــريض اللــه‪..‬‬ ‫برضــاي عليــك عنــدي فائــض مــن حفوظــات األطفــال حــوايل‬ ‫ألــف طــرد‪ ..‬خصصتهــا ملســاعدة الســوريني‪ ..‬حبيبــي اللــه يوفقــك‬ ‫أريــد أن أوزع ألــف حـرام صــوف مبعرفتــك‪ ..‬برضــاي عليــك زكايت‬ ‫لهــذا العــام حــوايل مليــون دوالر راح أبعثهــا بأقــرب فرصــة أريــد‬ ‫توزيعهــا عــى الســوريني‪..‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ســنذهب لتشــكيل مجلــس محــي للرقــة‪ ،‬أنــت معنــا بالــرورة‪،‬‬ ‫طبع ـاً معكــم‪ ،‬تفعلــون خ ـرا ً يــا ســادة‪ ،‬لكــن رجــا ًء أن ال نكــون‬ ‫بوظيفــة كومبــارس‪ ..‬طيــب سنشــكل تجمعــاً للفنانــن واألدبــاء‬ ‫واملثقفــن‪ ،‬ال ترهبــك الحالــة‪ ،‬هــي حالــة مدنيــة متقدمــة‪..‬‬ ‫بالتوفيــق عــى أن ال نكــون مــن الكومبــارس‪ ..‬طيــب سنشــكل‬ ‫تجمعــاً للنســاء‪ ،‬وهــي حالــة مدنيــة متقدمــة جــدا ً‪ ،‬ســينظر‬ ‫إليهــا الداعمــون بعــن الرضــا ألنهــا متــس أهــم رشيحــة يف‬ ‫الكــون‪ ،‬بالتوفيــق عــى أن ال نكــون مــن الكومبــارس‪ ..‬طيــب‬ ‫سنشــكل تجمع ـاً لــذوي االحتياجــات الخاصــة‪ ،‬وهــذه خطــوة يف‬ ‫االتجــاه الصحيــح ألنهــا متــس ماليــن‪ ،‬قلــت ماليــن‪ ،‬نعــم ماليــن‬ ‫مــن الســوريني الذيــن طالتهــم القنابــل العنقوديــة والفراغيــة‬ ‫والصوتيــة‪ ،‬والصواريــخ القريبــة والبعيــدة املــدى‪ ،‬نفعــل خ ـرا ً يــا‬ ‫ســيدي ألننــا يف النهايــة ســنخدم الســوريني‪ ،‬بالتوفيــق عــى أن‬ ‫ال نكــون يف فريــق الكومبــارس‪ ..‬طيــب سنشــكل فريق ـاً لحاميــة‬ ‫الطفولــة‪ ،‬وهــذه أظنهــا الفرصــة الســانحة‪ ،‬فليــس بعــد الطفولــة‬ ‫يشء‪ ،‬نفعــل خ ـرا ً‪ ،‬للــه د ّرك عــى أن ال نكــون مــن الكومبــارس‪..‬‬ ‫باللــه عليــك ملــاذا ال نشــكل فريق ـاً لحاميــة الحيوانــات والرفــق‬ ‫بهــا‪ ،‬تفعــل عظيـاً ســيدي عــى أن نكــون هــذه املــرة مــن فريــق‬ ‫الكومبــارس‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫كومبــارس‪ ،‬وظيفــة اســتثنائية ورضورة ملحــة يف هــذه األيــام‪،‬‬ ‫وليــس كــا جــاء تعريفهــا يف معاجــم اللغــة عــى أنهــا وظيفــة‬ ‫ألشــخاص عاديــن يــؤدون أدوارا ً أو لقطــات ثانويــة بأجر بســيط يف‬ ‫فيلــم ســيناميئ أو مسلســل تليفزيــوين أو مرسحيــة‪ ،‬وليــس املعنــى‬ ‫الــذي جــاء يف ويكيبيديــا‪ ،‬والــذي يعتــر الكومبــارس ممثـاً زائــدا ً‪،‬‬ ‫وهــو مواطــن عــادي يجلبونــه بأجــر ليلعــب دورا ً بســيطاً يف‬ ‫عــرض فنــي‪ ،‬ال يظهــر لــه أهميــة كبــرة ملحوظــة‪ ،‬إال أنّــه غالب ـاً‬ ‫مــا يســاعد عــى خلــق منــاخ طبيعــي للقصــة‪.‬‬ ‫صدقنــي أن وظيفــة الكومبــارس التــي مل تعجبــك‪ ،‬ستنتشــلك‬ ‫مــن العــدم‪ ،‬وســتنقذك مــن العــوز والفاقــة‪ ،‬وســتنقلك وعيالــك‬ ‫إىل أوربــا‪ ،‬ورمبــا إىل أمريــكا أو أســراليا‪ ،‬كومبــارس يــا حبيبــي‬ ‫كومبــارس‪ ،‬وليســت شــيئاً آخــر‪ ،‬كومبــارس ليســت كــا جــاءت‬ ‫يف معاجــم اللغــة‪ ،‬هــي الجنــة املوعــودة للعاطلــن واملتبطلــن‪،‬‬ ‫وعدميــي الضمــر‪ ..‬وصدقنــي مــا زال املستكشــفون يبحثــون عــن‬ ‫الكومبارســات يف الطرقــات واألزقــة والحــواري الضيقة والواســعة‪!..‬‬


‫‪4‬‬

‫حرمل الصحافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫أكثر من ‪ 400‬ألف استشــهدوا خالل ‪ 63‬شــهر ًا منذ انطالق شــرارة الثورة الســورية‪.‬‬ ‫إعداد‪ :‬عبد الكريم خشفة‬ ‫ال تــزال الدمــاء مســتمرة يف النزيــف‬ ‫اليومــي عــى األرض الســورية‪ ،‬وال يـزال القتــل‬ ‫وســفك دمــاء أبنــاء الشــعب الســوري واالقتتال‬ ‫متواصــل يف معظــم املحافظــات الســورية‪.‬‬ ‫وســط اســتمرار املجتمــع الــدويل يف ســباته‪،‬‬ ‫ّصام ـاً أذنيــه عــن رصخــات األمل الناجمــة عــن‬ ‫القتــل املســتمر‪ ،‬الــذي ارتفعــت حصيلــة‬ ‫خســائره البرشيــة التــي متكــن املرصــد الســوري‬ ‫لحقــوق اإلنســان مــن توثيقهــا إىل ‪282283‬‬ ‫منــذ ســقوط أول شــهيد يف درعــا يف الثامــن‬ ‫عــر مــن آذار مــن العــام ‪ 2011‬وحتــى فجــر‬ ‫اليــوم الســادس والعرشيــن مــن أيــار مــن‬ ‫العــام الجــاري ‪ ،2016‬حيــث توزعــت حصيلــة‬ ‫الخســائر البرشيــة عــى النحــو التــايل‪:‬‬ ‫ارتفــع عــدد الشــهداء مــن املدنيــن إىل ‪81436‬‬ ‫شــهيدا ً مــن ضمنهــم مــا ال يقــل عــن ‪14040‬‬ ‫طف ـاً دون ســن الثامنــة عــر‪ ،‬و‪ 9106‬امــرأة‬ ‫فــوق ســن الثامنــة عــر‪ ،‬كــا ارتفــع عــدد‬ ‫املقاتلــن مــن الفصائــل املقاتلــة واإلســامية‬ ‫وقــوات ســوريا الدميقراطيــة‪ ،‬التــي تشــكل‬ ‫الوحــدات الكرديــة عامدهــا إىل ‪ 45986‬فيــا‬ ‫ازداد عــدد الشــهداء مــن املنشــقني عــن قــوات‬ ‫النظــام إىل نحــو ‪ 2582‬بينــا ارتفعــت الخســائر‬ ‫البرشيــة يف صفــوف قــوات النظــام الســوري‬ ‫لتبلــغ ‪ 56609‬كذلــك ارتفعــت الخســائر‬ ‫البرشيــة يف صفــوف عنــارص قــوات الدفــاع‬ ‫الوطنــي وكتائــب البعــث واللجــان الشــعبية‬ ‫وجيــش التحريــر الفلســطيني والحــزب‬ ‫الســوري القومــي االجتامعــي والحــرس القومــي‬ ‫العــريب والجبهــة الشــعبية لتحريــر لــواء‬ ‫االســكندرون والشــبيحة واملخربيــن املوالــن‬ ‫للنظــام إىل نحــو ‪ 39221‬أيضـاً ارتفعــت أعــداد‬ ‫الخســائر البرشيــة يف قــوات حــزب اللــه‬

‫اللبنــاين لتبلــغ ‪ 1247‬بينــا ازدادت الخســائر‬ ‫البرشيــة يف صفــوف املقاتلــن املوالــن للنظــام‬ ‫مــن الطائفــة الشــيعية مــن جنســيات إيرانيــة‬ ‫وأفغانيــة وآســيوية مختلفــة‪ ،‬إضافــة لجنســيات‬ ‫عربيــة‪ ،‬ولــواء القــدس الفلســطيني‪ ،‬ومســلحني‬ ‫مــن جنســيات عربيــة مــن املوالــن للنظــام‬ ‫لتصــل إىل نحــو ‪ 4585‬يف حــن ارتفعــت‬ ‫أعــداد املقاتلــن مــن جنســيات لبنانيــة‬ ‫وعراقيــة وفلســطينية وأردنيــة وخليجيــة‬ ‫وشــال أفريقيــة ومرصيــة ومينيــة وســودانية‪،‬‬ ‫وجنســيات عربيــة ثانيــة إضافــة ملقاتلــن مــن‬ ‫الجنســيات الروســية والصينيــة واألوربيــة‬ ‫والهنديــة واألفغانيــة والشيشــانية‪ ،‬والقوقازيــة‬ ‫واألمريكيــة واألوســرالية والرتكســتانية‬

‫ممــن يقاتلــون يف صفــوف تنظيــم «الدولــة‬ ‫اإلســامية»‪ ،‬و»جبهــة النــرة» والحــزب‬ ‫اإلســامي الرتكســتاين‪ ،‬وتنظيــم «جنــد األقــى»‪،‬‬ ‫و»جنــد الشــام»‪ ،‬والكتيبــة الخــراء‪ ،‬وجنــود‬ ‫الشــام الشيشــان والحــركات اإلســامية لتصــل‬ ‫إىل حــدود ‪.47095‬‬ ‫كذلــك وثــق املرصــد خســائر برشيــة‬ ‫مجهولــة الهويــة‪ ،‬وهــي موثقــة بالصــور‬ ‫واألرشطــة املصــورة‪ ،‬حيــث وصلــت أعدادها إىل‬ ‫نحــو ‪ 3522‬شــخصاً‪ ،‬أيضـاً حصــل املرصــد عــى‬ ‫معلومــات مؤكــدة مــن مصــادر موثوقــة داخــل‬ ‫أجهــزة النظــام األمنيــة‪ ،‬ومــن أهمهــا جهــازي‬ ‫املخابــرات الجويــة وأمــن الدولــة‪ ،‬إضافــة إىل‬

‫مصــادر موثوقــة يف ســجن صيدنايــا العســكري‪،‬‬ ‫تؤكــد استشــهاد مــا ال يقــل عــن ‪ 60‬ألــف‬ ‫معتقــل‪ ،‬داخــل هــذه األفــرع والســجون خــال‬ ‫األعــوام الخمســة املنرصمــة‪ ،‬نتيجــة التعذيــب‬ ‫الجســدي املبــارش‪ ،‬أو الحرمــان مــن الطعــام‬ ‫والــدواء‪ ،‬حيــث متكــن املرصــد الســوري مــن‬ ‫توثيــق استشــهاد ‪ 14464‬معتق ـاً‪ ،‬بينهــم ‪110‬‬ ‫أطفــال دون ســن الثامنــة عــر‪ ،‬و‪ 53‬امــرأة‬ ‫فــوق ســن الثامنــة عــر‪ ،‬وذلــك منــذ انطالقــة‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬وحتــى فجــر يــوم الســادس‬ ‫والعرشيــن مــن أيــار مــن العــام الحــايل‬ ‫ويشــر املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان إىل‬ ‫أن هــذه اإلحصائيــات ال تشــمل مصــر أكــر‬ ‫مــن ‪ 5000‬مختطــف مــن املدنيــن واملقاتلــن‬ ‫يف ســجون تنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬يف حني أن‬ ‫هــذه اإلحصائيــات ال تشــمل أيضـاً مصــر أكــر‬ ‫مــن ‪ 6000‬أســر ومفقــود مــن قــوات النظــام‬ ‫واملســلحني املوالــن لــه‪ ،‬ونحــو ‪ 2000‬مختطــف‬ ‫لــدى الكتائــب املقاتلــة والكتائــب اإلســامية‬ ‫وتنظيــم الدولــة اإلســامية والنــرة‪ ،‬واملتهمــن‬ ‫مبــواالة النظــام‪ ،‬كذلــك ال تشــمل املئــات مــن‬ ‫املقاتلــن الكــورد مــن جنســيات غــر ســورية‪،‬‬ ‫الذيــن قضــوا خــال قتالهــم إىل جانــب‬ ‫وحــدات حاميــة الشــعب يف ســوريا‪ ،‬كــا‬ ‫يقــدر املرصــد العــدد الحقيقــي للذيــن قتلــوا‬ ‫مــن قــوات النظــام واملســلحني املوالــن لــه مــن‬ ‫جنســيات عربيــة وأســيوية‪ ،‬ومقاتــي الفصائــل‬ ‫املقاتلــة والفصائــل اإلســامية وتنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬وتنظيــات جنــد الشــام وجبهــة‬ ‫النــرة‪ ،‬وجنــد األقــى‪ ،‬ولــواء األمــة وكتيبــة‬ ‫البتــار‪ ،‬وجيــش املهاجريــن واألنصــار‪ ،‬والحــزب‬ ‫اإلســامية الرتكســتاين وجنــود الشــام الشيشــان‬ ‫هــو أكــر مــن ‪ 75‬ألفــاً مــن األعــداد التــي‬ ‫متكــن املرصــد مــن توثيقهــا‪ ،‬وذلــك بســبب‬

‫التكتــم عــى الخســائر البرشيــة مــن قبــل كافــة‬ ‫األطـراف املتنازعــة عــى األرض‪ ،‬إضافــة لوجــود‬ ‫معلومــات عــن شــهداء مدنيــن مل يتمكــن‬ ‫املرصــد مــن توثيقهــا‪ ،‬لصعوبــة الوصــول إىل‬ ‫بعــض املناطــق الســورية‪ ،‬كذلــك فــإن هنــاك‬ ‫حــوايل مليونــن مــن الســوريني‪ ،‬أصيبــوا بجـراح‬ ‫مختلفــة وإعاقــات دامئــة‪ ،‬ورشد أكــر مــن ‪11‬‬ ‫مليــون آخريــن بــن مناطــق اللجــوء والنــزوح‪،‬‬ ‫ودمــرت البنــى التحتيــة واملشــايف واملــدارس‬ ‫واألمــاك الخاصــة والعامــة بشــكل كبــر جــدا ً‪،‬‬ ‫ومــع هــذا االرتفــاع املرعــب يف إحصائيــات‬ ‫الخســائر البرشيــة عــى األرض الســورية‪ ،‬التــي‬ ‫نجمــت عــن العمليــات العســكرية واألمنيــة‬ ‫بحــق أبنــاء الشــعب الســوري خــال ‪ 63‬شــهرا ً‪،‬‬ ‫فــإن املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان‪ ،‬يعلنهــا‬ ‫رصخــة مدويــة يف وجــه املجتمــع الــدويل‬ ‫األصــم‪ ،‬الــذي بــات رشيــكاً لألطـراف املتنازعــة‬ ‫يف قتــل الســوريني وترشيدهــم‪ ،‬ويجــدد املرصــد‬ ‫تعهــده باالســتمرار يف العمــل مــع املنظــات‬ ‫الحقوقيــة الفاعلــة عــى الســاحة الدوليــة‬ ‫للضغــط عــى أعضــاء مجلــس األمــن الــدويل‬ ‫مــن أجــل إنشــاء محكمــة دوليــة خاصــة‬ ‫بجرائــم الحــرب يف ســوريا‪ ،‬أو إحالــة ملــف‬ ‫جرائــم الحــرب والجرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬التــي‬ ‫ارتكبــت وال تـزال ترتكــب بحــق أبنــاء الشــعب‬ ‫الســوري إىل محكمــة الجنيــات الدوليــة‬ ‫كذلــك دعــا املرصــد املجتمــع الــدويل للعمــل‬ ‫بجديــة أكــر ملســاعدة الشــعب الســوري مــن‬ ‫أجــل الخــاص مــن الظلــم والظــام الــذي‬ ‫يعيشــه‪ ،‬ونقــل ســوريا مــن وضعهــا املأســاوي‬ ‫إىل دولــة تســودها الدميقراطيــة واملســاواة‬ ‫والحريــة والعدالــة‪ ،‬دولــة تكفــل حقــوق‬ ‫أبنائهــا‪ ،‬دون متييــز ﺑﻦﻴ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪا الطائفيــة‬ ‫والدينيــة‪.‬‬

‫يف ذكــرى مجزرتها نظام األســد يحــرق الحولة خــرات تراكميــة ألهــل الرقــة‬ ‫مهند بكور ‪ -‬حمص‬

‫محمد الصليبي‬

‫يف ‪ 25‬أيار‪/‬مايــو ‪ 2012‬ارتكبــت قــوات‬ ‫النظــام مجــزرة مرعبــة ومروعــة بحــق ‪110‬‬ ‫مــدين‪ ،‬وذلــك ج ـراء ذبــح بعضهــم بالســكاكني‬ ‫والبعــض اآلخــر رميــاً بالرصــاص‪.‬‬ ‫‪ 110‬أشــخاص بينهــم ‪ 45‬طفالً وعرشات النســاء‬ ‫قضــوا خــال مجــزرة «الحولــة» التــي ارتكبــت‬ ‫يف الحــي الجنــويب الغــريب ملدينــة تلــدو‪ ،‬والذين‬ ‫شــاركوا يف هــذا العمــل مــا زالــوا طليقــن‪ ،‬ومل‬ ‫يخضعــوا للعقــاب عــى الرغــم مــن ترصيحــات‬ ‫األمــم املتحــدة وتوثيقاتهــا التــي أثبتــت أن‬ ‫مرتكــب املجــزرة هــو نظــام األســد وميليشــياته‬ ‫املواليــة‪.‬‬ ‫يف الذكــرى الرابعــة للمجــزرة عــاش أهــل‬ ‫املنطقــة أربعــة أيــام ملؤهــا الخ ـراب والقتــل‬ ‫والتدمــر‪ ،‬حيــث صــب النظــام ن ـران غضبــه‬ ‫وحمــم طريانــه عــى أهــايل الحولــة اســتمر‬ ‫منــذ ‪ 19‬أيار‪/‬مايــو ‪ 2016‬حتــى ‪ 24‬أيار‪/‬مايــو‬ ‫‪ 2016‬حيــث ارتكــب النظــام يف األربعــة أيــام‬ ‫التــي ســبقت ذكــرى املجــزرة مجــازر جديــدة‬ ‫بحــق أهلهــا‪ ،‬ففــي ‪ 19‬مــن شــهر مايــو الجــاري‬ ‫ارتكــب الطــران املروحــي مجــزرة بحــق ‪15‬‬ ‫مدنيـاً جـراء إلقــاء برميــل متفجــر عــى مــكان‬ ‫تجمعهــم ويضــاف إىل ذلــك عـرات الجرحــى‬ ‫معظمهــم تــم بــر أطرافهــم الســفلية‪.‬‬ ‫أعلــن ناشــطو املنطقــة عــر بيــان لهــم أن‬ ‫منطقــة الحولــة أصبحــت منطقــة منكوبــة‪،‬‬ ‫وحملــوا املجتمــع الــدويل املســؤولية عــا‬ ‫يجــري يف املنطقــة مــن قصــف وقتــل وتهجــر‬

‫أكــر مــن خمــس ســنوات مــن بدايــة‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬وأهــل محافظــة الرقــة‬ ‫ميارســون العمــل بكافــة مســتوياته وألوانــه‪،‬‬ ‫فــأول مجلــس محــي منتخــب بــكل ســورية‬ ‫كان يف محافظــة الرقــة‪ ،‬حصــل هــذا يف مدينة‬ ‫تــل أبيــض‪ ،‬فبعــد تحريرهــا مبــارشة أراد أهــل‬ ‫الرقــة أن يظهــروا للعــامل أجمــع أن محافظتهم‬ ‫قــادرة عــى فعــل يشء متميــز‪ ،‬يعــر عــن‬ ‫طموحــات الشــعب الســوري بأرقــى‬ ‫تجلياتهــا‪ ،‬أرادوا أن يقولــوا إن الرقــة كانــت‬ ‫مظلومــة عندمــا كان النظــام يحكمهــا‪ ،‬وأنهــا‬ ‫متلــك مــن السياســيني واملثقفــن‪ ،‬ال بــل مــن‬ ‫العمــل املــدين الكثــر‪ ،‬وأيضـاً شــهدت مدينــة‬ ‫الرقــة أول إرضاب مــدين كامــل وناجح بنســبة‬ ‫‪ 100%‬أذكــر عندمــا هجــم جنــود األســد‬ ‫وشــبيحته عــى املحــات التجاريــة‪ ،‬التــي‬ ‫أغلقــت أبوابهــا اســتجابة لــإرضاب العــام‪،‬‬ ‫وعمــدوا إىل كــر األقفــال وفتــح األبــواب‬ ‫عنــوة‪ ،‬إىل املظاهــرات الســلمية التــي مل‬ ‫تنقطــع منــذ انــدالع الثــورة‪ ،‬فــكان للمحافظة‬ ‫رشف أول مظاهــرة ســلمية تســتمر ملــدة‬ ‫‪ 24‬ســاعة متواصلــة‪ ،‬وتبــث عــى القنــوات‬ ‫التلفزيونيــة‪ ،‬ومــا إن تحــررت املحافظــة‬ ‫بشــكل كامــل مــن النظــام حتــى تظافــرت‬ ‫األيــادي للحفــاظ عــى الســلم األهــي داخــل‬ ‫املدينــة‪ ،‬وأيضــا الحفــاظ عــى املمتلــكات‬ ‫العامــة والخاصــة‪ ،‬ونظافــة املدينــة‪ ،‬وتأمــن‬ ‫ســبل العيــش الالزمــة ألهلهــا‪ ،‬وتهيــأت‬ ‫الظــروف املناســبة لتشــكيل أكــر مــن ‪33‬‬

‫ممنهــج‪ ،‬وكــا طالبــوا الجهــات املعنيــة‬ ‫بإدخــال املســاعدات وخاصــة الطبيــة إىل‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وأشــار البيــان إىل وجــود ‪ 60‬ألــف‬ ‫مــدين أصبحــت حياتهــم مهــددة بالقتــل‪،‬‬ ‫مبينــن أن حصيلــة الشــهداء خــال أربعــة أيــام‬ ‫وصلــت إىل أكــر مــن ‪ 27‬مدنيــاً وأكــر مــن‬ ‫‪ 100‬جريــح‪ ،‬وللتذكــر فقــد ارتفعــت حصيلــة‬ ‫الشــهداء بعــد صــدور البيــان‪ ،‬ووصلــت اىل مــا‬ ‫يزيــد عــن ‪ 30‬شــهيدا ً‪.‬‬ ‫يف ‪ 25‬أيار‪/‬مايــو ‪ 2016‬ســمحت قــوات النظــام‬ ‫بدخــول قافلــة مســاعدات كانــت قــد منعــت‬ ‫دخولهــا يف ‪ 19‬مــن الشــهر ذاتــه وضمــت‬ ‫القافلــة ‪ 10‬شــاحنات‪ ،‬تحتــوي عــى مــواد‬

‫طبيــة‪ ،‬ومســتلزمات مدرســية‪ ،‬ومــادة الطحــن‪،‬‬ ‫وبعــض املــواد الطبيــة‪ ،‬ويشــار إىل أن املنطقــة‬ ‫بأمــس الحاجــة إلدخــال املــواد الطبيــة يف‬ ‫ظــل النقــص الحــاد الــذي تعــاين منــه املشــايف‬ ‫امليدانيــة‪ ،‬وهــو مــا تبــن مــن خــال لقــاء مــع‬ ‫أحــد العاملــن يف املشــفى امليــداين الــذي أكــد‬ ‫وجــود نقــص كبــر يف األدويــة‪ ،‬خاصــة بعــد‬ ‫الحملــة العســكرية الرشســة التــي شــنتها‬ ‫قــوات النظــام عــى املنطقــة‪ ،‬وأشــار إىل وجــود‬ ‫بعــض األدوات الطبيــة التــي تعطلــت بفعــل‬ ‫القصــف‪ ،‬ومل يتــم إصالحهــا بســبب عــدم توفــر‬ ‫قطــع تبديــل للقطــع التــي تــررت بفعــل‬ ‫القصــف‪.‬‬

‫تجمع ـاً مدني ـاً يف عمــوم املحافظــة‪ ،‬وبــدأت‬ ‫النشــاطات الثقافيــة والفنيــة والسياســية‬ ‫مــن إصــدار الصحــف واملجــات إىل املعــارض‬ ‫الفنيــة‪ ،‬وتشــكيل األحــزاب‪ ،‬وغريهــا مــن‬ ‫نشــاطات العمــل املــدين‪ ،‬رغــم تــوايل قصــف‬ ‫الط ـران العشــوايئ‪ ،‬ولكــن أهــل الرقــة كانــوا‬ ‫مرصيــن عــى اســتمرارية الحيــاة بالشــكل‬ ‫الطبيعــي‪ ،‬لكــن إرادتهــم القويــة جوبهــت‬ ‫بالرفــض‪ ،‬وبــدأ الظالميــون املقنعــون‬ ‫بالســيطرة عــى املحافظــة رويــدا ً رويــدا ً‪،‬‬ ‫وقامــوا أوالً باختطــاف الناشــطني واعتقالهــم‪،‬‬ ‫وحتــى اغتيــال بعضهــم‪ ،‬إضافــة إىل انعــدام‬ ‫الدعــم املعنــوي واملــادي مــن قبــل مــن كان‬ ‫يدعــون متثيــل الثــورة لهــذه التجمعــات‬ ‫والفعاليــات املدنيــة‪ ،‬حتــى بــدأت هــذه‬ ‫التجمعــات بالتــايش‪.‬‬ ‫مــا أردت قولــه مــن كل هــذا إن ملحافظــة‬ ‫الرقــة تجــارب كثــرة‪ ،‬وخــرات أكــر يف‬ ‫مجــال العمــل املــدين ميكــن البنــاء عليهــا‪،‬‬ ‫واالســتفادة مــن األخطــاء الســابقة التــي‬ ‫ميكــن تجاوزهــا‪ ..‬نعــم يوجــد الكثــر مــن‬ ‫األعــداء املرتبصــن لهــذه املحافظــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫يوجــد مقابلهــا اإلرصار عــى الحيــاة والشــوق‬ ‫يبــق أحــد يف‬ ‫للعــودة إىل تلــك األم التــي مل َ‬ ‫هــذه الدنيــا كلهــا إال وظلمهــا‪.‬‬ ‫اتركــوا الخالفــات الشــخصية جانب ـاً يــا أهــل‬ ‫مدينتــي ولنعمــل جميعـاً ألجــل مدينتنــا التي‬ ‫ربتنــا وأطعمتنــا وروتنــا مــن فراتهــا‪ ،‬فهــي‬ ‫اليــوم بأشــد الحاجــة ألبنائهــا‪ ،‬فهـ ّـا فعلنــا؟!‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫طارق عبد الغفور‬ ‫أثــار إعــان قــوات ســورية الدميقراطيــة‬ ‫نيتهــا التوجــه إىل الرقــة وتحريرهــا مــن‬ ‫داعــش ردود أفعال ســلبية مبجملهــا‪ ،‬نرشتها‬ ‫واهتمــت بهــا مواقــع التواصــل االجتامعــي‬ ‫عــى الشــبكة العنكبوتيــة أكــر مــن وســائل‬ ‫اإلعــام األخــرى‪ ،‬ثــم جــاء «تصحيــح» لهــذه‬ ‫النيــة فقرصهــا عــى تحــركات محــدودة يف‬ ‫شــال الريــف ال ّرقّــي‪ ،‬متاشــياً مــع ترصيــح‬ ‫للكولونيــل وارن الناطــق باســم التحالــف‬ ‫الــدويل‪ ،‬أعلــن فيــه أن الهــدف ليــس‬ ‫دخــول الرقــة وال تحريرهــا‪ ،‬بــل مامرســة‬ ‫ضغــط عــى داعــش‪ ،‬مــا يعنــي وبوضــوح‬ ‫«إال أن تثبــت قــوات ســورية الدميقراطيــة‬ ‫العكــس» أن قـرار تحركهــا شــكالً ومضمونـاً‬ ‫ليــس بيــد هــذه القــوات‪ ،‬بــل بيــد داعمهــا‬ ‫وممولهــا ومدربهــا ومســلحها‪ ،‬وهــو هنــا‬ ‫قــوات اإلدارة األمريكيــة‪ ،‬وهــذا أمــ ٌر ال‬ ‫يثــر الدهشــة‪ ،‬ذلــك أنــه بــات واقعـاً مريـرا ً‬ ‫أن خيــوط اللعبــة التــي تجــري يف ســورية‬ ‫قــوى‬ ‫اآلن ومهــا كان مســتواها تحركهــا‬ ‫ً‬ ‫خارجيــة معروفــة إقليمي ـاً ودولي ـاً‪ ،‬وليــس‬ ‫مــن وراء ســتار‪.‬‬ ‫وكانــت ال ‪ B B C W‬قــد نــرت‬ ‫تقريـرا ً يف ‪2016/5/27‬م رصــدت فيــه صدى‬ ‫أنبــاء «حملــة» تحريــر الرقــة عــى مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي‪ ،‬فقالــت‪ :‬إن عــدم‬ ‫الرضــا عــن هــذه الحملــة والخــوف منهــا‬ ‫هــو الســائد‪ ،‬وذكّــرت باتهامــات ُوجهــت إىل‬ ‫األكــراد بارتــكاب «أعــال وحشــية» ضــد‬ ‫العــرب يف املناطــق التــي وقعــت تحــت‬ ‫ســيطرتهم‪ ،‬وقالــت‪ :‬إن التحريــر يجــب أن‬ ‫يكــون عــى يــد قــوات عربيــة ال كرديــة‪،‬‬ ‫كــا أبــرزت تغريــدة للناشــط هــادي العبــد‬ ‫اللــه يقــول فيهــا‪« :‬إن تحريــر الرقــة ال‬ ‫يعنــي فعليـاً إال إعــادة احتاللهــا»‪ .‬وتوافــق‬ ‫ذلــك مــع ترصيحــات تلفزيونيــة للســيد‬ ‫نــر الحريــري األمــن العــام الســابق‬ ‫لالئتــاف‪ ،‬ســاوى فيهــا بــن داعــش والنظــام‬ ‫وقــوات ســورية الدميقراطيــة‪.‬‬ ‫أن يكــون الخــوف هــو الســائد يف الرقــة‬ ‫فذلــك أمــ ٌر طبيعــي‪ ،‬ولكنــه يف حقيقــة‬

‫الرقة وتحريرها‬ ‫الحــال خــوف النــاس مــن طائـرات الــروس‬ ‫والتحالــف‪ ،‬التــي تُ طــر حمــاً وقنابــل‬ ‫وصواريــخ‪ ،‬أمــا وصفــه خوف ـاً مــن دخــول‬ ‫األكــراد إىل املدينــة فهــذا مــا ال يجــب أن‬ ‫يكــون‪ ،‬وأمــا أن توضــع قــوات ســورية‬ ‫الدميقراطيــة‪ ،‬يف ســوي ٍة واحــدة‪ ،‬مــع النظــام‬ ‫أو مــع داعــش‪ ،‬فذلــك أمـ ٌر فيــه إجحــاف‬ ‫غــر ُمــرر بحــق املكونــات املشــاركة‬ ‫فيهــا‪ ،‬وهــو بعي ـ ٌد متام ـاً عــن بُعــد النظــر‬ ‫الســيايس‪ ،‬وذلــك دا ٌء ابتُليــت بــه املعارضــة‪،‬‬ ‫ودليلنــا عليــه الترصيــح الــذي جــاء بعــد‬ ‫يــوم واحــد منهــا فقــط‪ ،‬عــى لســان‬ ‫الناطــق باســم هيئــة املفاوضــات منــذر‬ ‫ماخــوس قــال فيــه‪ :‬هنــاك تو ّجــه لالنفتــاح‬ ‫عــى أطيــاف املعارضــة وذكــر تحديــدا ً‬ ‫«جامعــة موســكو وجامعــة القاهــرة»‪.‬‬ ‫نحــن منــ ّر مبرحلــة ت ُوجــب عــى كل‬ ‫الذيــن يتعاطــون الشــأن العــام‪ ،‬أن يضعــوا‬ ‫األمــور يف نصابهــا‪ ،‬وأن يســموا األشــياء‬ ‫مبســمياتها‪ ،‬وأن يلتزمــوا بالشــفافية‪،‬‬ ‫وأن يبتعــدوا عــن االســتعراض والتهويــل‬ ‫واإلثــارة‪.‬‬ ‫هنــاك وقائــع يف التاريــخ‪ ،‬وحقائــق‬ ‫يف الجغرافيــا‪ ،‬ووعــي يف أذهــان النــاس‪ ،‬ال‬ ‫ميكــن أليــة حركــة مهــا كانــت دوافعهــا‬ ‫االثنيــة أو املذهبيــة أو أيــة دوافــع أخــرى‪،‬‬ ‫أن تقفــز فوقهــا وهــي ت ّدعــي أنهــا تُ ثــل‬ ‫مــن متثلهــم‪.‬‬ ‫ال ينكــر أحــ ٌد أن إخوتنــا األكــراد‬ ‫الســوريني قــد تعرضــوا لظلــمٍ شــديد‪ ،‬رزح‬ ‫تحتــه الشــعب كلــه وإن اختلفــت أشــكاله‪،‬‬ ‫وثــار الســوريون جميعـاً‪ ،‬مبــن فيهــم الكــرد‬ ‫الذيــن اســتغل بعضهــم انزيــاح الثــورة‬ ‫الســورية عــن مســارها‪ ،‬ورفــع شــعارات‬ ‫غــر تلــك التــي ســادت الشــارع الســوري يف‬ ‫بدايــة ثورتــه‪ ،‬وانســاق إىل ما وراء شــعارات‬ ‫الحريــة والكرامــة والحقــوق الثقافيــة‬ ‫واالجتامعيــة التــي ال ُيــاري أحـ ٌد يف حقهــم‬ ‫فيهــا‪ ،‬هــذا االنســياق مل يجــ ِر وراء رسابــه‬ ‫معظـ ُم الكــرد الذيــن ظلّــوا يف اإلطــار الــذي‬ ‫يجمعهــم ببقيــة الســوريني عــى تنوعهــم‪،‬‬ ‫وهــذا أمـ ٌر يجعــل مــن هــذا البعــض ال ردءا ً‬

‫قطوف فراتية‬ ‫«وين عرب اهلل»‬ ‫عيسى الشيخ حسن‬

‫رص ينــو ُء بــه‬ ‫يشــت ّد بــه عضــد الثــورة‪ ،‬بــل إ ٌ‬ ‫كاهلهــا وتتعـ ّـر بــه مســرتها‪.‬‬ ‫نــي هــذا البعــض أن أحمــد‬ ‫لقــد‬ ‫َ‬ ‫شــوقي الكــردي األب كان أمــر شــعراء‬ ‫ـي أن محمــد كــرد عــي كان‬ ‫العربيــة‪ ،‬ونـ َ‬ ‫ونــي‬ ‫مؤســس املجمــع اللغــوي العــريب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أن يف دمشــق حيــاً يُطلــق عليــه حــي‬ ‫األكـراد‪ ،‬ال ينطــق ســكانه بغــر العربيــة‪ ،‬وال‬ ‫ونســوا‬ ‫يفكــرون بكيــف ذاك وال ملــاذا‪ ،‬بــل َ‬ ‫أن أكــر مــن رئيــس لســورية يف تاريخهــا‬ ‫القريــب كان كردي ـاً‪ ،‬وأنــه ميكــن أن يُعيــد‬ ‫الســوريون هــذا التاريــخ‪ ،‬وذهــب هــذا‬ ‫البعــض إىل االعتقــاد –بقــر نظــر‪ -‬إىل أن‬ ‫تغيــر اليــاء إىل الــواو يف القامشــي‪ ،‬أو أن‬ ‫تغيــر عــن العــرب إىل كوبــاين ُيكــن أن‬ ‫يســتجلب مجــدا ً مــا‪ ،‬وليــس ذاك‪.‬‬ ‫وباملقابــل‪ ،‬يجــيء الذيــن ينظــرون بعــن‬ ‫واحــدة‪ ،‬وال يريــدون أن يكلفــوا أنفســهم‬ ‫عنــاء البحــث والتمحيــص‪ ،‬وإيجــاد أجوبــة‬ ‫ألســئلة صعبــة‪ ،‬يجــب أن ت ُطــرح‪ ،‬ويجــب‬ ‫أن يُجــاب عنهــا‪ .‬قــام األكــراد بحســبهم‬ ‫بـ»أعــال وحشــية» تضمنــت مجــازر‬ ‫وتطهـرا ً عرقيـاً مل يُعــرف حجمــه يف مناطــق‬ ‫وقعــت تحــت ســيطرتهم‪ ،‬نقلــت أخبــا َره‬ ‫اليهــم مصــاد ُر «موثوقــة» مثــل الـــ‪BBCW‬‬ ‫ومل يحاولــوا الوقــوف عــى حقيقــة مــا جرى‬ ‫فيهــا‪ ،‬ومــن هــم الذيــن مــورس ضدهــم؟‬ ‫وملــاذا؟‪ ..‬ومــا الــذي يدفــع أهاليهــم إىل‬ ‫االشــراك اآلن مــع األكـراد يف إعــداد «عقــد‬ ‫اجتامعــي» يُسـ ّـر أمورهــم؟ وملــاذا مل يطــل‬

‫التطهــر العرقــي «املغموريــن» الذيــن‬ ‫ـري‬ ‫ُوطّنــوا يف املناطــق التــي يُفــرض أن يجـ َ‬ ‫فيهــا؟‬ ‫هــذا ليــس دفاعــاً عــن األكــراد‪ ،‬فــا‬ ‫يقومــون بــه اآلن يف ريــف حلــب الشــايل‬ ‫ال ميكــن الدفــاع عنــه‪ ،‬ولكننــا نتفــاوض مــع‬ ‫النظــام رغــم كل مــا ارتكبــه مــن مجــازر‬ ‫حقيقيــة‪ ،‬وتطهــر عرقــي حقيقــي‪ ،‬واقتــاع‬ ‫ســكاين‪ ،‬وتغيــر دميغ ـرايف وقــع كلّــه أمــام‬ ‫عدســات التصويــر‪ .‬وهنــاك هــدف كبــر‬ ‫يجــب أالّ تقــف يف وجــه الوصــول إليــه‬ ‫أيــة عراقيــل مهــا كــرت أو صغــرت‪ ،‬هــو‬ ‫العــودة بســورية إىل أحســن مــا كانــت‬ ‫عليــه بعــد التخلــص مــن النظــام الــذي‬ ‫أوصلهــا إىل مــا هــي فيــه‪.‬‬ ‫إذا كنا نتفق عىل أن ســورية بلد متعدد‬ ‫املك ّونــات‪ ،‬وعــى أن الحــرب األهليــة التــي‬ ‫تجــري فيهــا قــد أصابــت هــذه املك ّونــات‬ ‫بالجنــون‪ ،‬وعــى أن عليهــا أن تثــوب إىل‬ ‫رشــدها‪ ،‬وأن عليهــا أن تعــي أن الخــاص‬ ‫كل وراء طائفتــه‬ ‫ال يكمــن يف أن يتحصــن ٌ‬ ‫أو مذهبــه أو إثنيتــه أو قبيلتــه‪ ،‬بــل يكمــن‬ ‫يف وعــي الجميــع بأنهــم ســوريون قبــل كل‬ ‫يشء‪ ،‬وأن ســوريتهم هــي التــي يجــب أن‬ ‫يتحصنــوا بهــا‪.‬‬ ‫إذا اتفقنــا عــى ذلــك‪ ،‬فلــن يعــود هنــاك‬ ‫مجــال للحديــثٌ عــن «إعــادة احتــال»‬ ‫الرقــة‪ ،‬بــل يجــب أن ينظــر إىل األمــر‬ ‫عــى أن أرضــاً ســورية عــادت إىل الحيــاة‬ ‫والحريــة ٍ‬ ‫بأيــد ســورية‪.‬‬

‫وسم ‪#‬حلب_تحرتق هل يتحول إىل ‪#‬ادلب_تحرتق‬ ‫إدلب‪ :‬إبراهيم إسماعيل‬ ‫يف خضــم مجريــات األحــداث األخــرة‪،‬‬ ‫والحملــة العنيفــة التــي شــنتها طائــرات‬ ‫النظــام عــى عــدة مناطــق يف ريــف إدلــب‬ ‫بشــكل عــام‪ ،‬جنوب ـاً وشــاالً وغرب ـاً‪ ،‬والتــي‬ ‫خلفــت أعــدادا ً هائلــة مــن الشــهداء‬ ‫والجرحــى‪ ،‬نتيجــة للقصــف بالرباميــل‬ ‫املتفجــرة والصواريــخ الفراغيــة‪.‬‬ ‫انطلقــت حملــة ضــد الهجــوم العنيــف عــى‬ ‫مدينــة حلــب‪ ،‬والتــي هدفــت قبــل أســابيع‬ ‫إىل تحريــك املوقــف العاملــي‪ ،‬وتذكــره حــول‬ ‫مــا يجــري يف مدينــة حلــب مــن مجــازر‪،‬‬ ‫وأطلــق خــال الحملــة العديــد من الناشــطني‬ ‫الســوريني وســاً عــى صفحــات التواصــل‬ ‫االجتامعــي تحــت عنــوان «حلــب تحــرق»‪،‬‬ ‫والــذي احتــل املركــز األول حــول العــامل يف‬ ‫عــدد الناطقــن بــه‪.‬‬ ‫تلونــت الصفحــات الســورية عــى مواقــع‬ ‫التواصــل االجتامعــي باللــون األحمــر دع ـاً‬ ‫ملدينــة حلــب وأهلهــا القابعــن تحــت نـران‬ ‫الظلــم والقتــل والتدمــر‪ ،‬اســتجاب العديــد‬ ‫مــن كبــار الشــخصيات العامليــة‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســهم مؤســس فيــس بــوك مــارك روزنــرغ‬

‫يف أحــد ردوده عــى صفحتــه بأنهــم مل ينســوا‬ ‫مــا يحصــل مــن مجــازر يف مدينــة حلــب‪.‬‬ ‫يف األســبوع األخــر‪ ،‬ويف اآلونــة األخــرة‬ ‫توجهــت األنظــار إىل محافظــة إدلــب‬ ‫وريفهــا املحــرر‪ ،‬والــذي تعــرض للعديــد مــن‬ ‫حــاالت مــن القصــف والتهجــر العشــوايئ‪،‬‬ ‫حيــث ارتفعــت نســبة املجــازر خــال‬ ‫األســبوع املــايض والتــي كان أولهــا أكــر مــن‬ ‫‪ 60‬شــهيدا ً مــن النازحــن القاطنــن يف مخيــم‬ ‫الكمونــة يف الريــف الشــايل للمحافظــة‪،‬‬ ‫والــذي اســتهدف مــن قبــل الطـران الــرويس‪.‬‬ ‫أكــر مــن ‪ 15‬شــهيدا ً ســقطوا يف مدينــة‬ ‫بنــش‪ ،‬وذلــك بعــد قصفهــا بثــاث غــار ٍ‬ ‫ات‬ ‫جويــة دمــرت وقتلــت ورشدت وجرحــت‬

‫‪5‬‬

‫الكثــر مــن أبنــاء املدينــة‪ ،‬وقبلهــا يف مدينــة‬ ‫إدلــب وبلــدة حفرسجــة‪ ،‬والتــي راح ضحيتها‬ ‫أكــر مــن عرشيــن مدني ـاً بعــد قصفهــا مــن‬ ‫قبــل الطــران الحــريب الســوري بالصواريــخ‬ ‫الفراغيــة‪.‬‬ ‫«أحمــد نــور» ناشــط إعالمــي مــن ريــف‬ ‫إدلــب‪:‬‬ ‫«قمنــا بنــر حملــة ‪#‬حلب_تحــرق مــن‬ ‫أجــل تذكــر الــرأي العاملــي مبــا يجــري يف‬ ‫بالدنــا‪ ،‬واليــوم وبعــد املجــازر الكبــرة التــي‬ ‫ارتكبهــا النظــام يف محافظــة إدلــب أطلقنــا‬ ‫وسـاً آخــر بعنــوان ‪#‬األســد_يحرق_ادلب يك‬ ‫نــدرج اســم األســد يف الوســم ليعــرف العــامل‬

‫أن املســبب هــو النظــام»‪.‬‬ ‫انتقلــت األلــوان الحمـراء مــن مدينــة حلــب‬ ‫لرتتكــز يف مدينــة إدلــب التــي تتعرض بشــكل‬ ‫يومــي إىل العديــد مــن الغــارات الجويــة‬ ‫والتحليــق املســتمر للطـران الحريب الســوري‬ ‫والــرويس عــى حــد ســواء‪.‬‬ ‫«مطيــع» شــاب مــن عنــارص الدفــاع املــدين‬ ‫يف بلــدة حفرسجــة‪:‬‬ ‫«مــن أكــر الحــوادث التــي لفتــت انتباهــي‬ ‫أثنــاء عمــي يف انتشــال املصابــن والضحايــا‪،‬‬ ‫كان أحــد املســنني الــذي وقــف عــى ركام‬ ‫ٍ‬ ‫بصــوت‬ ‫دكانــه الصغــر املدمــر‪ ،‬ورصخ‬ ‫عــا ٍل ســوف نبقــى هنــا‪ ،‬وجــدت يف كلامتــه‬ ‫القــوة والكربيــاء والتحمــل الكبــر مــن قبــل‬ ‫الشــعب الســوري املناضــل»‪.‬‬ ‫مــن أجــل املســتضعفني واملظلومــن الذيــن‬ ‫يخوضــون أشــد أنــواع الظلــم واالضطهــاد‬ ‫مــن قبــل نظــام األســد‪ ،‬توحــد العديــد مــن‬ ‫الشــبان لتقديــم املســاعدة يف تحريــك الــرأي‬ ‫العاملــي‪ ،‬ولــو بعــدة كلــات تنــر عــى‬ ‫صفحــات التواصــل‪ ،‬علّهــا تذكــر الغافلــن‪،‬‬ ‫وأصحــاب القـرار بــآالف الشــهداء والجرحــى‬ ‫واملصابــن واملرشديــن شــهرياً‪.‬‬

‫يف الرقّــة املوعــودة بـ»مــا ال عــن رأت‪ ،‬وال أذن ســمعت»‪ ،‬يتأنّــق‬ ‫املــوت و «يتفكهــن» يف مضــارب أقامــت عــى الضنــك والش ـ ّدة‬ ‫والتفــاؤل؛ فـــ «الــدم ليــس أحمــر»*‪ 1‬كــا تو ّهــم أبناؤهــا قبــل‬ ‫ربــع قــرن وهــم عــى أ ّول الــرد‪ ،‬يومهــا كنــت قــد تجــاوزت‬ ‫الثانويــة بدرجــات قليلــة‪ ،‬وشــبهة مت ـ ّرد ظلّــت تنتظــر شمس ـاً‬ ‫غائبــة‪ .‬كان أهــي يف القامشــي يتذكــرون (البــاد) يف الهــوا‬ ‫الغــريب‪ ،‬وعبــوات مــن مــاء الف ـرات يتذكــرون فيهــا طعــم املــاء‬ ‫الــذي غــادروه بعــد الغمــر‪.‬‬ ‫يف الســبعينيات رست أغنيــة «منــدل يــا كريــم الغــريب»‪ ،‬ورأى‬ ‫فيهــا الشــيخ مــا رآه نادبــو األندلــس يف «جــادك الغيــث»‪ ،‬ك ّنــا‬ ‫محظوظــن قلي ـاً ألنّنــا وجدنــا بيوت ـاً مــن طــن‪ ،‬فهــي بيــوتٌ‬ ‫عــى أيّــة حــال‪ ،‬ولك ـ ّن هــذا الشــتات مل يكــن إالّ فــرة زمنيــة‬ ‫قصــرة يف رحلــة التيــه منــذ الخلــل الدميغــرايف العظيــم بعــد‬ ‫غــزو املغــول‪ ،‬ومل يبــق مــن العــرب إالّ قبائــل صغــرة‪ ،‬هــم‬ ‫«عــرب اللــه» يتتبعــون مســاقط الغيــث‪ ،‬ومظــا ّن األمــن‪،‬‬ ‫تلحقهــم الزمــة «عــرب اللــه» أو «عــرب ســيّار» أو «عــرب‬ ‫كان» أو «الشــوايا» نرثتهــم تقلبــات الزمــان‪ ،‬و»تجــارب األمــم‬ ‫وتعاقــب الهمــم»‪ ،‬يف أحضــان الجغرافيــا املكلومــة‪ .‬ورغــم زهــد‬ ‫مرتــايض الحداثــة بتأصيــل املفهــوم اللغــوي واالجتامعــي لنســيج‬ ‫اجتامعــي (مهمــل) إالّ أن صاحــب اللســان يقــرر أن الشــوايا‬ ‫«بقيــة قــومٍ هلكــوا»‪.‬‬ ‫أجــل نحــن «عــرب اللــه» هنــود أمريــكا الســمر‪ ،‬وصعايــدة‬ ‫الشــام‪ ،‬عــى أكتافنــا نهضــت أبــراج بــروت‪ ،‬وجــرود البقــاع‪،‬‬ ‫عــان والزرقــا‪ ،‬نزعــم أن الــدم ليــس أحمــر‪ ،‬وأن‬ ‫وعــارات ّ‬ ‫الدنيــا بخــر‪ ،‬وأ ّن «املــرض يأخــذ حقــه وميــي»‪ ،‬نحــن املهملــون‬ ‫يف الخطــط الخمســية‪ ،‬وبيانــات املعارضــة‪.‬‬ ‫مل تكــن الرقــة غــر منتج ـعٍ بعيــد عــن صخــب مدينــة الق ـرار‬ ‫األمــوي‪ ،‬و»رقّــة»‬ ‫الســيايس (العاصمــة)‪ ،‬مل تكــن إالّ «رصافــة»‬ ‫ّ‬ ‫العبــايس‪ ،‬تــرىض بنصيبهــا مــن اهتــام الخليفــة الباحــث‬ ‫عــن رحلــة اســتجامم‪ ،‬ومل يكــن أبناؤهــا مح ـ ّط اهتــام أحــد‪،‬‬ ‫وظلّــت املنتجــع البعيــد للعابريــن إليهــا‪ ،‬وظـ ّـل أهلهــا يجهــدون‬ ‫يف اإلجابــة عــن أســئلة مكــ ّررة عــن املوســم وأســعار الجــن‬ ‫والســمن‪.‬‬ ‫يف الرقّــة املنــذورة لـــ «مــا ال عــن رأت وال أذن ســمعت» يســتعد‬ ‫ســايس بيكــو الجديــد‪ ،‬لرســم خريطــة مل يســترش أهلهــا يف‬ ‫إحداثياتهــا‪ ،‬الرقــة التــي كانــت «مكــر العصــا» بــن أوالد‬ ‫العـ ّم يف «ص ّفــن»‪ ،‬تســتع ّد يف «ص ّفــن الجديــدة» لــدور مامثــل‪،‬‬ ‫تســتضيف فيــه جميــع األفرقــاء يف مبــاراة القــرن‪ ،‬مل تتّفــق إالّ يف‬ ‫رضب أبنائهــا وترشيدهــم‪ ،‬فتقلّبــت الرقّــة املغــدورة بــن عطايــا‬ ‫القصــف‪ ،‬ونعمــة ال ِقصــاص‪ ،‬بــن الســكود والســاطور‪ ،‬وشــهد‬ ‫مرسحهــا جوقــات الذئــاب والضبــاع والثعالــب وقــد أحالتهــا إىل‬ ‫قندهــار ثانيــة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بــواك منــذ الجاريــة الربمكيــة التــي اجرتحــت‬ ‫ليــس للرقّــة‬ ‫«املوليّــا» وليــس للموليّــا غــر الرقّــة‪ ،‬تكــرز بهــا‪ ،‬وتعيــد قمــر‬ ‫الحــزن إىل مســاره الف ـرايت البعيــد‪ ،‬تعكــس ِرقّــة أهلهــا ونبــل‬ ‫مشــاعرهم‪ ،‬مشــاعرهم التــي أودت بهــم كــا ذكــر الدكتــور‬ ‫عبــد الســام العجيــي يف أحــد كتبــه‪ ،‬عندمــا تج ّمــع البــدو لغــزو‬ ‫إحــدى عشــائر الرقــة‪ ،‬فأرســل مــن يســتطلع أخبارهــم‪ ،‬فعــرف‬ ‫أن شــيخ القبيلــة معتكــف ألنــه حزيــن لفقــد طفلــة صغــرة‪،‬‬ ‫فقــال البــدوي ابــروا بالنــر‪.‬‬ ‫كنــت مفتونــاً باملول ّيــا‪ ،‬وكنــت أحلّــم أن تســتضيفني الرقّــة‬ ‫عندمــا اقرتفــت الشــعر‪ ،‬ال لــيء إالّ ألســتعيد حكايــة هيــي‬ ‫أحــب أن أقــرأ موليّــا بالفصحــى‬ ‫يف روايــة الجــذور‪ ،‬كنــت‬ ‫ّ‬ ‫دو َن ّ‬ ‫دف وال مغ ّنــن‪ ،‬أ ّمــا اآلن فليــس يل إال أن أتتبــع «عــرب‬ ‫اللــه» املتناثريــن يف املنــايف‪ ،‬تلوكهــم املخ ّيــات واملــدن املنســية‬ ‫الفقــرة‪ ،‬والضواحــي امله ّمشــة‪.‬‬ ‫ويف الرقــة الجديــدة كان مثــة «الفركونــة الخربانــة» التــي مل‬ ‫تصمــد يف وجــه الزمــن نتيجــة الفســاد واإلهــال بــل ألنهــا‬ ‫متيمــة الحداثــة‪ ،‬التــي حمــت الرقّــة مــن عــن املحــو‪ ،‬فصــارت‬ ‫أيقونــة ودليـاً و َم ْعلـاً‪ ،‬كادت أن تخطــف االهتــام مــن السـ ّد‬ ‫والبحــرة وحــارة الحراميّــة والجــر‪.‬‬ ‫ولكــن مــا الــذي يضمــن أن التحالــف (الــدويل) لــن يقصــف‬ ‫(فركونتنــا الحبيبــة)؟‬ ‫محى اهلل الرقة‪.‬‬ ‫*‪1‬ـ «الــدم ليــس أحمــر» مجموعــة قصصيــة مشــركة لكتــاب‬ ‫شــباب مــن الرقــة‪ ،‬أوائــل الثامنينيــات مــن القــرن املــايض»‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫هل هناك قيم مشرتكة ولو بحد أدنى لشعب سوري؟‬ ‫تعالــوا نتصــور للحظــة الرقــة عاصمــة‬ ‫ملنطقــة يف ســوريا‪ ،‬وتحــت رايــة الوطــن‬ ‫الســوري‪ ،‬يســكنها مجتمــع داعــي ولــو‬ ‫تحــت تســمية ســوري‪ ،‬ولكــن بــذات الفكــر‬ ‫واملنطــق‪ ،‬فهــل بإمكاننــا أن نكــون رشكاء‬ ‫بــذات الوطــن؟ لنذهــب أبعــد مــاذا لــو قيــل‬ ‫لنــا أن ســوريا هــي هكــذا أغلبهــا ذات فكــر‬ ‫إســامي يقــي بقانــون منطقيــاً ال يســاوي‬ ‫البــر والذكــر واالنثــى واملســلم وغري املســلم‪،‬‬ ‫بــل يقــال بأنــه مــن منطلقــه يعــدل وشــتان‬ ‫مــا بــن أن يعــدل وأن يســاوي‪ ..‬ومــاذا لــو‬ ‫قيــل لنــا هــذا شــعبها هــو ال يريــد أن يعيــش‬ ‫بنديــة ومســاواة‪ ،‬وال حتــى يف مــا بــن ذكــور‬ ‫القبيلــة الســنية عــى حــدا‪ ..‬فهــؤالء ســكانها‬ ‫وهــذه العقليــات ليســت آتيــة مــن املريــخ‪،‬‬ ‫وال مــن عقــل أبــو بكــر الفرنســاوي وأبــو‬ ‫عمــر الشيشــاين‪ ،‬ال بــل هــي مــن صميــم‬ ‫الرقــة وكل مناطــق ســوريا‪ ،‬هــي عقليــات يف‬ ‫وســط دمشــق ووســط حمــص وحامة وفســط‬ ‫حلــب وجبلــة ودرعــا وطرطــوس وتدمــر وكل‬ ‫ســوريا بأغلبيــة ســكانها‪ .‬فهــل يــا تــرى حينــا‬

‫عصام حقي‬ ‫أظــن أن إنهــاء املســألة الســورية بأبعادها‬ ‫كلهــا‪ ،‬مــن تضحيــات أحرارهــا‪ ،‬ودمــاء‬ ‫أبريائهــا‪ ،‬وجرائــم جالدهــا‪ ،‬مرتبــط بشــكل‬ ‫أو بآخــر مبســألة الرقــة التــي لــو مل تكــن‬ ‫موجــودة أصــاً عــى خارطتهــم لرســموها‪،‬‬ ‫وجعلوهــا قاعــدة الذرائــع ملــا ســرتكبونه‬ ‫فيهــا خاصــة وبســورية عامــة مــن فظائــع‪.‬‬ ‫لقــد حــدد النظــام بعــد ســنة عــى انــدالع‬ ‫نــار الثــورة الســورية موضــع الرقــة عــى‬ ‫تلــك الخارطــة لتكــون فيهــا بيضــة القبــان‬ ‫يف الحــارض الســوري واملســتقبل‪ ،‬ال لحفــظ‬ ‫التــوازن فيهــا‪ ،‬ولكــن لرتجيــح كفــة الظلــم‬ ‫والطغيــان عــى الكفــة األخــرى هــذه املــرة‪.‬‬ ‫ورمبــا كان لرتكيبــة الرقــة الدميغرافيــة ونزعتها‬ ‫الســلمية وطيبــة أصيلــة بهــا‪ ،‬واحتوائهــا شــبه‬ ‫الكامــل كل األلــوان الســورية منــذ بداياتهــا‬ ‫األوىل‪ ،‬دور يف اختيارهــم لهــا لتكــون مفتــاح‬ ‫األزمــة بدايــة‪ ،‬وقفلهــا يف النهايــة‪.‬‬ ‫ففــي مواجهــة كل ثــورات الدنيــا قدميهــا‬ ‫وحديثهــا‪ ،‬ومنهــا ثــورة الشــعب الســوري‬ ‫كان الحاكــم املســتبد يبحــث حتــى يف عــروة‬ ‫زر قميصــه عــن عــدو يضعــه يف الواجهــة‬ ‫أمــام العــامل ليــرر مــن خاللــه عدوانــه‬ ‫عــى الشــعب مــن جهــة‪ ،‬وتشــويه صــورة‬ ‫الــوردة التــي تحملهــا ثورتــه وســلميتها‬ ‫مــن جهــة أخــرى‪ .‬مــع االســتمرار قطعــاً يف‬ ‫حربــه املجنونــة ضــد الشــعب‪ ،‬واســتخدام‬ ‫كل الوســائل املتاحــة بــن يديــه فيهــا‪،‬‬ ‫واالســتعانة بــكل قــوى الــر التــي تبادلــه‬ ‫املصلحــة‪ ،‬والعطــاء إلبقائــه عــى قيــد الحكــم‬ ‫والتحكــم‪.‬‬ ‫إن الرقــة مــن املحافظــات التــي مل تنخــرط‬ ‫يف الثــورة انخراطــاً فعليــاً يف بدايتهــا‪ ،‬مــا‬ ‫مل يســتطع معــه النظــام أن يفــرض عليهــا‬ ‫منطــاً مــن أمنــاط عدوانــه‪ ،‬لكنــه رأى فيهــا‬ ‫الجغرافيــة الصالحــة ملــا يرســم للوطــن مــن‬ ‫لوحاتــه الجديــدة بريشــة الســكني‪...‬‬ ‫‪ --‬فقــد أراد لهــا أن تكــون مقــرا ً وممــرا ً‬

‫تتجســد عقليــة عامــة بهــذا الظلــم سنشــعر‬ ‫بــذات االنتــاء لهــم‪ ،‬هــل ســننتمي معهــم‬ ‫لــذات الوطــن وإن كان مــا زال اســمه ســوريا؟‬ ‫املفــردات املشــركة واملفاهيــم املشــركة‪ ،‬هــي‬ ‫قيــم عميقــة لــدى أي شــعب‪ ،‬فهــل نحــن‬ ‫شــعب معهــم وهــم يضطهــدون نســاءهم‪،‬‬ ‫ويغتالــون املختلــف عنهــم بعــدة طــرق؟‬ ‫لنذهــب أبعــد أن تــم تحريــر الرقــة مــن‬ ‫داعــش مــن قبــل أنــاس ال يتكلمــون لغتــي‪،‬‬ ‫وال يحملــون ذات الهويــة الثقافيــة‪ ،‬ولكنهــم‬ ‫يحملــون قيــم كتلــك التــي أدافــع عنهــا‪ ،‬فهــل‬ ‫هنــاك حــرج مــن أن أفضلهــم عــى الدواعش؟‬ ‫وهــل هنــاك حــرج مــن أن أرفــض هيمنــة‬ ‫هويــة داعشــية ســلفية إخوانيــة تكرســت‬ ‫يف ســوريا‪ ،‬وهــي ظاملــة ألكــر مــن نصــف‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬ولــو فكري ـاً‪ ،‬ويكــون رفــي باســم‬ ‫حريــة اإلنســان‪ ،‬وانتامئنــا املشــرك للبرشيــة‬ ‫بشــكل مطلــق‪ ،‬وملنطــق حقــوق اإلنســان‬ ‫بأعمــق معانيــه‪ ..‬باســم انتــايئ لعــامل دون‬ ‫حــدود غبيــة‪ ..‬انتــايئ لعــامل املســاواة؟‬ ‫قــد يبــدو كالمــي بديهــي‪ ،‬ولكــن الواقــع أنــه‬

‫ليــس هكــذا بنظــر الكثرييــن ممــن يعتــروا‬ ‫االنتــاء العرقــي والثقــايف املكتســب عــر‬ ‫األجيــال أهــم مــن القيــم اإلنســانية‪..‬‬ ‫مــن هنــا نســتطيع أن نــرى أن حالــة انفصــام‬ ‫الشــخصية قــد أصبحــت مزمنــة عنــد النخبــة‬ ‫التقدميــة يف ســوريا‪ ،‬والتــي وقعــت يف فــخ‬ ‫اإلخــوان واألســلمة والعروبــة اإلســامية‪،‬‬ ‫ومل تعــد تســتطيع الرتاجــع‪ ،‬ونســمع منهــم‬ ‫الجملــة ذاتهــا مكــررة منــذ خمســة أعــوام‪:‬‬ ‫«هنــاك أولويــات وأولويتنــا هــي إســقاط‬ ‫النظــام‪ ،‬وعدونــا هــو بشــار األســد‪ ..‬وحاليــاً‬ ‫حلفنــا إســامي‪ ،‬ونؤجــل أي نقــاش لبعــد‬ ‫النــر»‪ ..‬وطبع ـاً مــن غــر املمكــن إقناعهــم‬ ‫بــأن معارضــة النظــام وإســقاطه غــر ممكنــة‪،‬‬ ‫وغــر مقنعــة مــع هــذا الحلــف وهــذا العقــل‬ ‫املتحجــر الــذي يعشــش يف عقــول ذكــور‬ ‫القبيلــة أجيــاالً عــر أجيــال‪.‬‬ ‫هــؤالء التقدميــون الســوريون الذيــن مل‬ ‫يتخــذوا موقــف االنســحاب الجــاد مــن‬ ‫الطرفــن (اإلســام الســيايس والدعــم‬ ‫الديكتاتــوري مــن النظــام الســوري أو‬

‫األنظمــة الحليفــة األخــرى الديكتاتوريــة)‪ ،‬مل‬ ‫يعتــروا قــط ومل يتعلمــوا مــن دروس التاريــخ‪،‬‬ ‫وهــذا رغــم أنهــم عاشــوا الثــورة اإليرانيــة‪،‬‬ ‫وشــاهدوا بــأم أعينهــم كيــف خــان الخمينــي‬ ‫أنصــاره التقدميــن‪ ،‬وكيــف ســجنهم‪ ،‬وكيــف‬ ‫فــرض عــى نســاء كانــوا ح ـرات ثائ ـرات ضــد‬ ‫الديكتاتوريــة امللكيــة الحجــاب أو التشــادور‬ ‫األســود‪ ،‬وكيــف أصبــح الحــرس الثــوري همــه‬ ‫الوحيــد مطــاردة األحــرار‪ ،‬والتدخــل يف أدق‬ ‫تفاصيــل حيــاة البــر‪.‬‬ ‫إن كان العلــم الســوري ســرفرف فــوق‬ ‫رأس بــر داخــل عقولهــم ثقافــة القطيــع‬ ‫الحجريــة بتعنتهــا وتكربهــا وتخلفهــا وال‬ ‫إنســانيتها ال أريــده‪ ،‬وإن تحولــت ســوريا‬ ‫ملعقــل داعــي الفكــر يســلب نســاء األرض‬ ‫جميعــاً حقوقهــن ســأقف بعيــدا ً‪ ،‬منفيــة يف‬ ‫الضفــة األخــرى مــع كل مــن يقــف مــع حقــي‬ ‫بالحيــاة الحــرة الكرميــة‪ ،‬ومــع حــق أي إنســان‬ ‫مضطهــد أينــا كان‪.‬‬ ‫إن املعــارض الــذي يعتــر أن حــق املــرأة يف‬

‫لمى األتاسي‬ ‫بــادي مــن الثانويــات‪ ،‬والحريــات الشــخصية‬ ‫مــن الثانويــات‪ ،‬والقضيــة الكورديــة يف ســوريا‬ ‫مــن الثانويــات‪ ،‬وحقــوق البــر جميعــاً‬ ‫باملســاواة والحريــات مــن الثانويــات‪ ،‬بينــا‬ ‫أولويتــه الوحيــدة إســقاط النظــام‪ ،‬يل الحــق‬ ‫أن أفقــد ثقتــي بجديــة نضالــه للتغيــر وأن‬ ‫أشــكك يف إمكانياتــه إلدارة أي عمليــة تغيــر‪.‬‬

‫الرقــة مفتــاح املســألة الســورية وقفلهــا‪!..‬‬

‫يف اآلن نفســه‪ ،‬ففتــح كل أبوابهــا بوجــه‬ ‫الفصائــل املســلحة لتكــون مقــرا ً يقصــده‬ ‫كل أقطــاب األرض‪ ،‬يف مــا يبــدو شــكالً مــن‬ ‫أشــكال االحتــال‪.‬‬ ‫كــا اختاروهــا ممـرا ً للعبــور إىل باقــي أنحــاء‬ ‫ســورية‪ ..‬كلــا دعــت الحاجة لتنفيــذ أهداف‬ ‫رســمها النظــام بعنايــة كبــرة كــا ذكرنــا‪،‬‬ ‫وكذريعــة إلنهــاك املدينــة وتدمريهــا وقتــل‬ ‫أبريائهــا برضبــات الجــو العشــوائية الحمقــاء‬ ‫بحجــة مكافحــة اإلرهــاب‪ ،‬وتبييــض صفحتــه‬ ‫أمــام املجتمــع الــدويل الــذي فيــا يبــدو كأن‬ ‫الريشــة التــي ترســم مخططاتهــم تلــك‪.‬‬ ‫‪ -‬وأرادوا الرقــة منوذجــاً مرعبــاً يخشــاه‬‫العــامل الغــريب ويتوجــس خيفــة مــن امتــداده‬ ‫إليــه يف أيــة لحظــة‪ ،‬لينقــل رش الــرق ‪-‬كــا‬ ‫صــوروه لهــم‪ -‬إىل الغــرب‪.‬‬ ‫‪ -‬وأرادوهــا طرفــاً يف مشــهد العنــف‬‫الســوري مكافئـاً ومعــادالً لعنــف النظــام‪ ،‬يف‬ ‫خروجــه عــى القواعــد اإلنســانية واألخالقيــة‬ ‫يف الحــروب؛ فبعدمــا كانــت النظــرة للنظــام‬ ‫والجرائــم التــي يقرتفهــا نظــرة اتهــام وإدانــة‪،‬‬ ‫فإنــه اســتطاع تحويــل األنظــار عنــه إىل‬ ‫جهــات أخــرى إرهابيــة لتكــون املعــادل‬ ‫لــه بــل املتفــوق عليــه بهــا (مــن منظــور‬ ‫املجتمــع الــدويل)‪ ،‬فقــد اســتطاعت أجهــزة‬ ‫اإلعــام تضخيــم األحــداث‪ ،‬وبثهــا عــى‬

‫نطــاق هائــل لتتعــدى برأيهــم إرهــاب‬ ‫النظــام وجرامئــه مبراحــل‪ ،‬ال ســيام أن بعــض‬ ‫العمليــات تخطــت الحــدود لتصــل إىل بعــض‬ ‫الــدول العربيــة وتركيــا وفرنســا وبلجيــكا يف‬ ‫اآلونــة األخــرة‪.‬‬ ‫هكــذا بــدا حــارض الرقــة يف عــن العــامل ‪-‬كــا‬ ‫صــوره النظــام‪ -‬فــاذا عــن مســتقبلها؟!‬ ‫لقــد اتضحــت هوامــش اإلجابــة عــن هــذا‬ ‫التســاؤل منــذ أكــر مــن ســنة مضــت‪ ،‬حــن‬ ‫قســم النظــام ســورية إىل اثنتــن‪:‬‬ ‫ســورية املفيــدة وهــي املنطقــة املعروفــة‬ ‫مبنطقــة نفــوذ الســلطة وحلفائهــا‪.‬‬ ‫وســورية الضــارة وهــي املناطــق التــي‬ ‫تقــع تحــت ســيطرة املعارضــة بشــكل مــن‬ ‫األشــكال‪.‬‬ ‫(وســورية الضــارة صفــة مل يطلقهــا النظــام‬ ‫بتعبــر رصيــح‪ ،‬لكنهــا اســتوحيت مــن‬ ‫تصنيفــه لهــا باملناطــق األقــل أهميــة (والرقــة‬ ‫ضمنهــا قطعــاً)‪.‬‬ ‫ويفهــم ‪-‬بــا شــك‪ -‬مــن هــذا التقســيم ومــن‬ ‫هاتــن الســوريتني (املفيــدة والضــارة) أن‬ ‫البلــد آيــل إىل التقســيم فعـاً‪ ،‬عــى الطريقــة‬ ‫االســتعامرية القدميــة ومخرجــات ســايكس ‪-‬‬ ‫بيكــو‪ ،‬لكــن بنكهــة جديــدة‪.‬‬ ‫فســورية املفيــدة ســتكون مســتعمرة واقعــة‬ ‫تحــت الحاميــة الروســية الجويــة انطالقــاً‬

‫مــن قاعــدة حميميــم الالذقيــة‪ ،‬كــا رصح‬ ‫بوتــن علنــاً دون مواربــة وأكــر مــن مــرة‪،‬‬ ‫بــل راسـاً جغرافيــة محميتــه الســورية التــي‬ ‫مــن أهدافهــا عــى حــد رأيــه إعــادة تــوازن‬ ‫القــوى إىل العــامل أو مــا قبــل انهيــار االتحــاد‬ ‫الســوڤييتي‪.‬‬ ‫أمــا ســورية (الضــارة) فســتكون واقعــة‬ ‫تحــت الحاميــة األمريكيــة الجويــة متهيــدا ً‬ ‫لتحويلهــا إىل دويلــة كرديــة ســوف تنضــم‬ ‫فيــا بعــد لكردســتان العـراق‪ ،‬لتشــكل فيــا‬ ‫يبــدو (كردســتان العــراق والشــام) التــي‬ ‫ســتهدد الخــارصة الرتكيــة الجنوبيــة الحقــاً‪.‬‬ ‫مل يعــد مه ـاً وضــع الرقــة بالنســبة للنظــام‪،‬‬ ‫بــل مل يكــن أمرهــا ذا أهميــة قصوى بالنســبة‬ ‫إليــه منــذ بدايــات الثــورة‪ :‬ألنــه واثــق أنهــا‬ ‫ســوف تخــرج عــن نطــاق الطاعــة إن عاجـاً‬ ‫أو آجـاً‪.‬‬ ‫فخروجهــا بالنســبة إليــه تحصيــل حاصــل‬ ‫ومســألة وقــت‪ ،‬وهــو خــروج غــر مؤثــر‬ ‫عليــه‪ ،‬طاملــا أنــه ال يهــدد موقعــه‪ ،‬أو‬ ‫اســتمرار وجــوده بشــكله املعهــود وإن‬ ‫مبســاحة أضيــق‪.‬‬ ‫فهــو يريــد للرقــة إذا خرجــت عــن‬ ‫إرادتــه القمعيــة أن تقــع تحــت إرادات‪،‬‬ ‫وإيديولوجيــات أخــرى مؤطــرة بهالــة دينيــة‬ ‫حين ـاً أو قوميــة حين ـاً آخــر‪ ،‬وتكــون الطــرف‬

‫املقابــل لــه يف املعادلــة التــي يريــد إظهارهــا‬ ‫للعلــن‪.‬‬ ‫لقــد وقعــت الرقــة اآلن بــن مطرقــة املحميــة‬ ‫الروســية‪ ،‬وســندان املحميــة األمريكيــة‪،‬‬ ‫وأجــر أبناؤهــا عــى الهجــرة والنــزوح عــن‬ ‫بلدهــم مــن جديــد إن طوعــاً أو كرهــاً‪،‬‬ ‫لتقــع مدينتهــم تحــت ســيطرة اســتعامرية‬ ‫جديــدة؛ وتحــت مسـ ّميات تضليليــة حاقــدة‬ ‫كالفدراليــة وأشــباهها والتــي لــن يكتــب لهــا‬ ‫النجــاح أبــدا ً‪.‬‬ ‫إن الرقــة ســوف تعــاين مرحليــاً مــن هــذه‬ ‫املامرســات‪ ،‬لكنهــا ســتعود قريب ـاً إىل حضــن‬ ‫ســورية األم‪ ،‬وتلتئــم مــع بقيــة الجغرافيــة‬ ‫الســورية العزيــزة وترابهــا الطاهــر؛ ومــا‬ ‫حصــل يف الغــرب خاصــة والعــامل عامــة مــن‬ ‫تخــاذل ولعــب بالدم الســوري وانســحاب من‬ ‫واجهــة األحــداث؛ وتــرك الحبــل عــى غاربــه‬ ‫لتدمــر ســورية بعقيــدة وأســلحة وفكــر‬ ‫غــريب أو رشقــي‪ ،‬لــن يســتمر‪ ،‬ألن الشــعب‬ ‫الســوري ‪ -‬كــا أثبــت عــر التاريــخ ‪ -‬بحجــم‬ ‫املســؤولية‪ ،‬وأقــوى مــن املحــن‪ ،‬وســيخرج ‪-‬‬ ‫كــا كان دامئـاً ‪ -‬منتـرا ً حـرا ً مســتقالً مهــا‬ ‫كان الثمــن باهظــاً‪ ،‬والتضحيــات جســيمة‪.‬‬ ‫وكــا جعلــوا الرقــة مفتاحــاً ملشــهد الــدم‬ ‫والدمــع الــذي يرغبــون‪ ،‬فســوف تكــون قفـاً‬ ‫متينــاً‪ ،‬وقيــدا ً يغــل أيــدي املجرمــن‪ ....‬كل‬ ‫املجرمــن‪.‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫الحرية والواقع املوضوعي والثورة‬ ‫مفهــوم الحريــة‪ ،‬موضوعيــاً يحتــوي بنيــة تفكــر‬ ‫النــاس ومشــاعرهم‪ ،‬جميــع النــاس عــى ســطح املعمورة‪،‬‬ ‫يعيــش يف وجدانهــم ويف ال وعيهــم الجمعــي‪ ،‬وهــو‬ ‫موجــود منــذ األزل بالرغــم مــن افتقــار النظريــة ملفهــوم‬ ‫الحريــة وعــدم قــدرة الواقــع عــى متثيلــه‪ ،‬لإلشــكاليات‬ ‫التــي تتداخــل فيــه‪ ،‬بــن الــذات واملوضــوع‪ ،‬بيــد أنــه‬ ‫هاجــس كل كائــن‪ ،‬ورغبــة دفينــة يف أعــاق كل إنســان‪.‬‬ ‫وعــى أطــراف وجوانــب هــذا املفهــوم تتــوزع جميــع‬ ‫القضايــا ســواء إنســانية واجتامعيــة أو وطنيــة‪ .‬ففــي‬ ‫افتقارنــا للحريــة نخــر وجودنــا ولقمــة خبزنــا وحياتنــا‬ ‫الطبيعيــة‪ ،‬هــذا يف الســياق العــام‪ ،‬أمــا يف الســياق‬ ‫الخــاص فالثــورة هــي ابنــة الحريــة‪ ،‬حاممــة ترفــرف بــن‬ ‫أضلعهــا‪ ،‬هــي إعــادة إنتــاج الحيــاة بــكل أشــكالها‪ ،‬ودفع‬ ‫الــدم النقــي يف رشايــن الواقــع املوضوعــي املتكلــس‬ ‫الــذي يجــر نفســه يف ظــل قــوى تقليديــة رجعيــة تعمــل‬ ‫عــى إبقــاء الواقــع متحلـاً غــر عابــئ مبســتقبل الحيــاة‬ ‫والنــاس‪.‬‬ ‫إن الثــورة هــي متــرد الحيــاة‪ ،‬اســتمرارها النقــي وقدرتهــا‬ ‫عــى جــرف الســكون والخمــول والتكــرار والتوقــف‪.‬‬ ‫فالثــورة والحريــة‪ ،‬أقنومــان متداخــان يعمــان معــا‬ ‫لدفــع الحيــاة يف الحيــاة‪.‬‬ ‫ال شــك أن أغلــب الثــورات التــي قامــت عــر التاريــخ‬ ‫اإلنســاين انتهــت بكارثــة‪ ،‬بيــد أن هــذه الثــورات صنعــت‬ ‫تاريخــاً آخــر عــى املــدى البعيــد‪ ،‬يف خــط ســرها يف‬ ‫املجــرى العــام الــذي نــذرت نفســها مــن أجلــه أثنــاء‬ ‫تنازعهــا بــن عــدو ظاهــر‪ ،‬وعــدو خفــي‪ ،‬اللذان يعيشــان‬ ‫معــا تحــت قنــاع واحــد‪ ،‬وأحيانـاً كثرية ينقســان شــكلياً‪،‬‬ ‫بيــد أنهــا يعمــان معـاً واقعيـاً وموضوعيـاً مــا يــؤدي‬ ‫عملهــا إىل تقويضهــا مع ـاً‪.‬‬ ‫الثــورة ســحر‪ ،‬فتنــة‪ ،‬تشــد إليهــا أنبــل النــاس وأكرثهــم‬ ‫أميانــاً باملســتقبل والفــرح‪ .‬إنهــا الــرورة التاريخيــة‪،‬‬ ‫الغيمــة البيضــاء املعلقــة فــوق األرض والســاء‪ ،‬يتناغــم‬ ‫بهــا الــذات باملوضــوع ويرتقــي الســاحر باملســحور‪.‬‬ ‫يشــد أحدهــم رحالــه نحــو اآلخــر‪.‬‬ ‫إن الثــورة هــي ذلــك الربيــق الــذي ال يكــف عــن‬ ‫املنــاداة‪ ،‬للرحيــل باتجــاه املســتقبل دون إدارك حجــم‬ ‫النهايــات القاســية‪ .‬وأول مــا تفعلــه الثــورة أنهــا تــأكل‬ ‫أثــداء أبناءهــا‪ ،‬ألنهــا كظاهــرة تغيرييــة ال تركــن إىل‬ ‫القديــم لهــذا فــإن صدامهــا معــه يدفــع الجميــع أن‬ ‫يتصارعــوا مــن أجــل حيــازة الواقــع ومصالحــه املتناثــرة‬

‫عــى األطــراف الدخلــة فيــه‪.‬‬ ‫ويدخــل يف الحريــة املســألة الوطنيــة باإلضافــة إىل‬ ‫القضايــا االجتامعيــة التــي تشــكل األرضيــة التــي قامــت‬ ‫عــى أساســها الثــورات‪ ،‬ومنهــا الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫إن حالــة اإلقصــاء والتهميــش والفقــر‪ ،‬ونهــب الــروة‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬واحتقــار املصالــح الوطنيــة العليــا‪ ،‬واللعــب‬ ‫عليهــا‪ ،‬واحتقــار الدولــة كمفهــوم عــام ملصلحــة رشيحــة‬ ‫أو فئــة ال تنتمــي إىل املصلحــة االجتامعيــة والوطنية أدى‬ ‫بالثــورة يف وطننــا ســوريا‪ ،‬لالنتقــال إىل واقــع اجتامعــي‬ ‫ســيايس جديــد يعيــد االعتبــار للــذات‪ ،‬لإلنســان يف‬ ‫هــذا البلــد‪ .‬وإن حالــة التهميــش هــي إحــدى الركائــز‬ ‫واألهــداف األساســية أليــة ثــورة يف العــامل لهــذا كانــت‬ ‫جــزءا ً ويف صلــب الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫إن أســوأ النتائــج يف الثــورة هــي يف غيــاب املثقــف‬ ‫العضــوي‪ ،‬الضمــر الجمعــي للمجتمــع‪ ،‬الرافعــة التــي‬ ‫يعــول عليهــا الجميــع‪ ،‬وانزياحــه بعيــدا ً‪ ،‬وتهميــش دوره‬ ‫ســواء عــن قصــد أو غــر قصــد‪ ،‬مــا فســح املجــال‬ ‫للقــوى التقليديــة أو العقائديــة‪ ،‬أن تأخــذ زمــام املبــادرة‪،‬‬ ‫وتتبــادل األدوار مــع النظــام القديــم‪ ،‬اللــذان يعمــان‬ ‫مع ـاً دون كلــل عــى تفريــغ الحمولــة السياســية التــي‬ ‫حملهــا املجتمــع مــن أجــل واقــع اجتامعــي ســيايس‬ ‫جديــد‪ ،‬ووضــع غلّــة الثــورة يف صنــدوق القــوى القدميــة‪،‬‬ ‫وســاهم ذلــك بوعــي أو عــدم وعــي يف إعــادة إنتــاج‬ ‫القديــم‪ ،‬يف الجوهــر‪ .‬مبعنــى أصبــح هــذا البديــل‬ ‫اســتبدالياً رصفـاً‪ ،‬ألنهــا ينهــان مــن املنبــع ذاتــه‪ ،‬عقبــة‬ ‫كأداء يف مســار التغيــر‪ .‬فهــذا القديــم‪ ،‬داخليـاً وخارجيـاً‪،‬‬ ‫ميتــد إىل ع ـرات القــرون خلــت‪ ،‬ويحتــاج إىل معالجــة‬ ‫طويلــة قبــل أن يتمكــن الجديــد مــن شــق طريقــه نحــو‬ ‫واقــع ســيايس اجتامعــي جديــد‪.‬‬ ‫الحقيقــة املحزنــة‪ ،‬يف العمــوم‪ ،‬أن الثــورات متنــى بهزائــم‬ ‫وكــوارث عــى الصعيــد االجتامعــي والوطنــي واإلنســاين‬ ‫بيــد أنهــا عمليــاً تصنــع تاريخــاً جديــدا ً‪ ،‬تهــز قــاع‬ ‫الواقــع‪ ،‬وتضــع بدائلهــا يف األرض املوعــودة‪ ،‬واملجتمــع‬ ‫املوعــود‪ ،‬وال ميكــن أن تنجــح ثــورة مــا يف واقــع معبــأ‬ ‫بقيــم تقليديــة وفســاد ومحســوبيات بالســهولة التــي‬ ‫يظنهــا املــرء‪ .‬فالثــورة ليــس متــردا ً عابـرا ً أو صنعــة عابــرة‪،‬‬ ‫إمنــا متــرد عــى القيــم الراســخة‪ ،‬والعفــن الــذي عــاش‬ ‫عليــه النــاس قــرون عديــدة دون أن يــدرك املــرء ذلــك يف‬ ‫وعيــه املبــارش‪ .‬وكل ثــورة ميتــد تأثريهــا لتتجــاوز املحــي‬ ‫مهــا كان صغ ـرا ً حجــم تأثريهــا إىل العاملــي‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫عندمــا يبــدأ العقــل بالتقــاط األفــكار‪ ،‬تبــدأ‬ ‫مجســد مبفردات‬ ‫عمليــة مخــاض لــوالدة موضــوع ّ‬ ‫تحمــل مــا يجيــش بــه الفــؤاد‪ ،‬لينســكب مــدادا ً‬ ‫مغموس ـاً بــاألمل واملعانــاة عــى الســاحة البيضــاء‬ ‫النقيــة كنقــاء رسيرتــه‪ ،‬مفســحاً املجــال لقلــم‬ ‫امتطــى الســطور برباعــة فــارس يصــول مــن ســطر‬ ‫آلخــر مبطــاردة ال تنتهــي إالّ بآخــر ســطر حتــى لــو‬ ‫اضطــر األمــر إىل مــا تحــت االســطر تــاركاً وقــع‬ ‫مــداده األســود عليهــا كســواد قلــب مــن يطعــن‬ ‫وطن ـاً‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كلــا اشــت ّد مخــاض الثــورة‪ ،‬كلــا بــرز مــن‬ ‫خض ّمهــا رجــال أشـ ّداء ال يعرفــون للخــوف ســبيالً‪،‬‬ ‫مــأ اإلميــان قلوبهــم‪ ،‬عيونهــم معلّقــة بالشــمس‪،‬‬ ‫أقدامهــم متجـذّرة بـراب األرض‪ ،‬يجابهــون البغي‬ ‫واملــوت بثبــات وعزميــة ال تعــرف الكلــل وال‬ ‫الوجــل‪ ،‬منطلقــن إىل الحيــاة عــر بوابــة املــوت‬ ‫الداميــة‪ ،‬وحالهــم مــر ّدد‪:‬‬ ‫فأثبت يف مستنقع املوت رجله‬ ‫وقال لها‪ :‬من تحت أخمصك الحرش‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫الرق��ة‪ ..‬ميناء ّ‬ ‫اللجئني‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫آرام كرابيت‬ ‫إن العــامل املعــارص مرتابــط سياســياً واقتصاديــاً وماليــاً‬ ‫وعلمي ـاً وثقافي ـاً‪ ،‬ومــا يحــدث حولنــا يؤثــر علينــا كــا‬ ‫نؤثــر عليــه‪ ،‬فهــو رصاع بــن بنــى متعــددة ومســتويات‬ ‫متعــددة‪ ،‬فكــا اســتفدنا مــن تجــارب الثــورات الســابقة‬ ‫عــى الثــورة الســورية‪ ،‬كذلــك ســيعمل اآلخر عىل دراســة‬ ‫تجربتنــا بتداخــل املحــي باإلقليمــي بالعاملــي‪ ،‬وعنــارص‬ ‫الجــذب والنبــذ وإمكانيــة اســتخالص العــر عــى ضــوء‬ ‫الثــورة املضــادة التــي لجمــت ثورتنــا ووقفــت عــرة أمــام‬ ‫ارتقائهــا وتطورهــا وإرســاء أسســها عــى أرض الواقــع‬ ‫ســواء مــن أنصــار الثــورة أو مــن املعاديــن لهــا‪.‬‬ ‫لقــد اســتفاد الفكــر األورويب مــن الثــورة الفرنســية‬ ‫الكــرى‪ ،‬مــن تجربتهــا‪ .‬فقــد أشــبعت دراســة وبحثــاً‬ ‫واســتخالص العــر منهــا يف ضــوء الثــورات املضــادة التــي‬ ‫لجمتهــا‪ ،‬ووقفــت عــرة أمــام ارتقائهــا‪ ،‬بيــد أن هــذه‬ ‫الثــورة فتحــت اآلفــاق لثــورة ثقافيــة واســعة يف عمــوم‬ ‫أوروبــا ابتــدا ًء مــن هيجــل مــرورا ً مباركــس وأنجلــس‬ ‫وغريهــم‪ .‬ذهــب تأثــر هــذه الثــورة إىل بنــاء عــر‬ ‫تنويــر آخــر‪ ،‬مهــد الطريــق لقيــام ثــورات عــى الوضــع‬ ‫القائــم يف عمــوم العــامل يف القــرن التاســع عــر والقــرن‬ ‫العرشيــن‪ ،‬لهــذا ال ميكــن تقييــم أيــة ثــورة إال بنقيضهــا‪.‬‬ ‫مل يســبق أن ذهــب االســتبداد إىل الهاويــة لوحــده‪ ،‬دامئـاً‬ ‫يأخــذ بقايــا الخــاص معــه‪ ،‬والحريــة‪ .‬وبهــذا يســدل‬ ‫الســتار عــى املــرح بعــد أن يكنــس الزمــن التياريــن‪،‬‬ ‫الصاعــد والهابــط‪ ،‬ويغيبــان مع ـاً نهائي ـاً‪.‬‬ ‫هذا هو التاريخ‬

‫ال��والدة من رح��م املوت‪..‬‬ ‫رىض‪ ..‬رجــال‬ ‫حملــوا أرواحهــم عــى أكفّهــم بــكل ً‬ ‫األوقــات الصعبــة الذيــن أزالــوا مــن قواميــس‬ ‫حياتهــم كلــات املســتحيل والخنــوع‪ ،‬وأبدلوهــا‬ ‫بالفــداء واإليثــار‪ ...‬أحبــوا عنــاق املــوت‪ ،‬حــب‬ ‫أعدائهــم عنــاق الحيــاة‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫لطاملــا حلــم بالعبــور‪ ،‬وتجــاوز الحــد الفاصــل‬ ‫بــن الحيــاة واملــوت‪ ،‬وبــن االنعتــاق والقيــد‪،‬‬ ‫إىل أن حانــت أمامــه الفرصــة لتحقيــق هــذه‬ ‫األمنيــة‪ ،‬فانطلــق ســعيدا ً يســابق حلمــه‪ ،‬محلّق ـاً‬ ‫ـي كنقــاء روحــه‪ ،‬مصفّقـاً‬ ‫كطائــر نــورس أبيــض نقـ ّ‬ ‫بجناحيــه الواســعتني القويّتــن نحــو جهــة‬ ‫االختيــار‪ ،‬رغــم أنّــه مــدرك أ ّن هنــاك مــن يرتبّــص‬ ‫بالحاملــن أمثالــه بخبــث لقتــل األحــام‪ .‬وقبــل‬ ‫الوصــول بخطــوات انطلقــت رصاصــات الغــدر‬ ‫مزمجــرة بدنــاءة مخرتقــة جناحيــه لتســتق ّر بــن‬ ‫حنايــا الضلــوع يف قلــب عاشــق ألرضــه وســائها‪.‬‬ ‫وبينــا هــو يخـ ّر متهاويـاً‪ ،‬كانــت نظـرات عينيــه‬ ‫تعانقــان الســاء الرحبــة املزيّنــة بوهــج الشــمس‬ ‫بنظــرة وداع نهــايئ‪ .‬تلقّتــه األرض بلهفــة أ ّم‬ ‫مشــتاقة لوليدهــا تحتضنــه ململمــة جســده بــن‬

‫‪7‬‬

‫عبد العظيم إسماعيل‬ ‫فرحــة اللقــاء‪ ،‬وأمل الف ـراق الــذي ال لقــاء بعــده‪.‬‬ ‫وبينــا كان يجــود بأنفاســه‪ ،‬كان مينحهــا كل مــا‬ ‫يســتطيع مــن دمائــه النقيــة الدافئــة لتختلــط‬ ‫حــب‬ ‫بــكل ذرة مــن ترابهــا‪ ،‬لتكــ ّون خلطــة‬ ‫ّ‬ ‫ووفــاء‪ ،‬لتتجـذّر يف رحمهــا بــذرة تضحيــة وإيثــار‪.‬‬ ‫هــدأ الجســد املنتفــض منهيــاً رحلــة الحيــاة‬ ‫القصــرة الفانيــة املضنيــة محقّقــاً حلمــه رغــم‬ ‫حقــد القاتــل‪ ،‬إىل االنعتــاق‪ ..‬إىل الخلــود‪..‬‬

‫ســتتحرر الرقــة حت ـاً‪ ،‬ســواء كان التحريــر بعــد شــهر أو‬ ‫بعــد عــدة أشــهر!‬ ‫أبنــاء الرقــة‪ ،‬وأبنــاء ســورية ســيكونون هــم أبطــال التحريــر‪،‬‬ ‫فالرقــة لــن تقبــل التكفــر وأنصــاره‪ ،‬الرقــة مدينــة املح ّبــة‬ ‫وقبــول اآلخــر‪ ،‬وليســت مدينــة الســواد والكراهيــة والتعذيب‪.‬‬ ‫ســتندحر داعــش كــا اندحــر النظــام املســتبد عنهــا‪ ،‬ســنجد‬ ‫أنفســنا ذات صبــاح قريــب أح ـرارا ً‪ ،‬وســيهتف شــباب الرقــة‬ ‫بشــعارات الحريــة وهــم يطوفــون شــوارعها الغاليــة عــى‬ ‫قلوبنــا جميع ـاً‪.‬‬ ‫كانــت الرقــة عنــد تحريرهــا مــن النظــام مينــا ًء ّللجئــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬وســتعود مينــا ًء ّللجئــن بعــد تحريرهــا الوشــيك؛‬ ‫كان أهــل الرقــة يطوفــون عــى املــدارس ويقدمــون الوجبــات‬ ‫واملســاعدات لــكل أبنــاء ســورية‪ ،‬ومل يســأل أهــل الرقــة أحــدا ً‬ ‫هــل هــو مــن هــذا املــكان أو مــن ذلــك املــكان‪ ،‬بــل كان‬ ‫الســؤال هــل ســتقبل مســاعدتنا وتعــذر حالنــا‪ ،‬ريثــا تنفــرج‬ ‫األمــور!‬ ‫يف رمضــان كانــت املــدارس التــي يقطنهــا الالجــؤون مثــار‬ ‫نقــاش واختــاف‪ ،‬حــول مــن ســيكون لــه الــدور لتقديــم طعام‬ ‫اإلفطــار اليــوم قبــل الغــد‪ ،‬وكان مثــة أنــاس ال يفصحــون عــن‬ ‫أســائهم‪ ،‬يتربعــون ّللجئــن‪ ،‬وكان مثــة مغرتبــون يرســلون‬ ‫املــال مــع ذويهــم إلفطــار الجئــي مدرســة يف نهايــة اليــوم‬ ‫الرمضــاين الطويــل!‬ ‫والرقــة بعــد تحريرهــا الوشــيك‪ ،‬وعــودة أهلهــا املهجريــن‬ ‫إليهــا‪ ،‬ســتعود مــأوى ّللجئــن‪ ،‬وســتفتح صدرهــا لــكل‬ ‫الالجئــن الســوريني الذيــن مزقتهــم الهجــرة والنــزوح‪ ،‬والذيــن‬ ‫يتوقــون للعــودة إىل بالدهــم ســورية‪ ،‬بعــد طــول عــذاب‬ ‫واشــتياق‪ ،‬وبعــد جبــال مــن املعانــاة‪.‬‬ ‫الرقــة ســتكون ســفينة األمــان للســوريني‪ ،‬مثلــا كانــت‬ ‫قبــل أن يحتلهــا أهــل رايــات التعذيــب والتحقــر والتكفــر؛‬ ‫الرقــة ســرمي بــكل املخططــات الدوليــة حــول املناطــق‬ ‫اآلمنــة وســتكون هــي مدينــة األمــان‪ ،‬وســتكون جاذبــة لــكل‬ ‫املعذبــن الســوريني مــن نازحــن ومــن الجئــن‪ ،‬ولــكل ســوري‬ ‫يشــتاق لتأســيس حيــاة جديــدة تتســم بســات الرقــة امل ُح ِّبــة‪،‬‬ ‫والتــي ال تســأله عــن يشء إال عــن صدقــه وأمانتــه وعملــه‬ ‫للخــر‪.‬‬ ‫الرقــة القادمــة ســتكون مدينــة الســوريني جميع ـاً‪ ،‬وســيكون‬ ‫الفــرات أنيســهم ورفيقهــم‪ ،‬وباعــث األمــل يف نفوســهم‬ ‫املعذَّبــة‪ ،‬بعــد كل هــذا الدمــار‪ ،‬وبعــد كل هــذا الحقــد‪ ،‬وبعــد‬ ‫كل هــذه الوحشــية‪.‬‬ ‫أيها السوريون جميعاً‪..‬‬ ‫تعالــوا نتشــارك يف بنــاء مدينــة جديــدة عــى شــاطئ الفـرات‪،‬‬ ‫تعالــوا نتشــارك املحبــة والعمــل واألمــل‪ ،‬نريــد أن تكــون‬ ‫الرقــة عالمــة فارقــة بــن املــدن الســورية‪ ،‬ونريدهــا أن تكــون‬ ‫نجمــة يف ليــل هــذا الــرق الغــارق باألحقــاد واالنتقامــات‬ ‫العشــوائية‪.‬‬ ‫نريــد أن نبنــي مدينــة ال تنــام وهــي تعمــل وتفــرح وتزدهــر‪،‬‬ ‫مدينــة ال تقــف طموحاتهــا عنــد الحــدود املغلقــة لعقــول‬ ‫هجــرت الحــارض‪ ،‬وســكنت يف أوهــام املــايض‪ ،‬ويف أوراقــه‬ ‫الصفـراء املهرتئــة‪ ،‬مدينــة متتلــك الطمــوح وتتســلح باالنفتــاح‬ ‫وبقبــول اآلخــر‪ ،‬مدينــة تــداوي جــراح اليائســن‪ ،‬الذيــن‬ ‫عصفــت بهــم القنابــل والســجون وأثخنتهــم الجــراح!‬ ‫عندمــا تأسســت الرقــة الجديــدة‪ ،‬يف النصــف الثــاين مــن‬ ‫القــرن التاســع عــر امليــادي‪ ،‬صــارت مــأوى للمعذبــن‬ ‫وللمطارديــن‪ ،‬ومينــا ًء فراتيّـاً لبــدء حيــاة جديــدة خاليــة مــن‬ ‫الخــوف‪ ،‬وتابعــت مســرتها يف إغاثــة الخائفــن ومســاعدة‬ ‫املحتاجــن‪ ،‬وستســتمر يف كرمهــا‪ ،‬ويف محبتهــا بعــد تحريرهــا‬ ‫الوشــيك حتــاً!‬ ‫شــباب الرقــة وشــباب ســورية ســيح ّررونها‪ ،‬وســيفكون أرس‬ ‫الســكان املحارصيــن باألوامــر الظاملــة‪ ،‬وبســلوك املســتبدين‬ ‫املتغطــرس؛ ســيعود أهــل الرقــة إليهــا‪ ،‬وســيعود الســوريون‬ ‫إليهــا‪.‬‬ ‫ومثلــا كانــت الرقــة عاصمــ ًة للخليفــة العبــايس هــارون‬ ‫الرشــيد‪ ،‬وكانــت مرك ـزا ً للدنيــا يف االزدهــار‪ ،‬والعلــم‪ ،‬والبنــاء‪،‬‬ ‫ســيكون موضعهــا عــى شــاطئ الفـرات‪ ،‬بعــد تحريرهــا‪ ،‬مينــا ًء‬ ‫لألمــان‪ ،‬ومركــزا ً حرضيّــاً وحيويّــاً جديــدا ً لحياتنــا‪ ،‬ولحيــاة‬ ‫الســوريني الذيــن نحلــم معهــم بالحريــة وبالكرامــة‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫من داخل السرب‬ ‫مل يعــد أحــد يف هــذا العــامل ال يــرى مأســاة الســوريني‪.‬‬ ‫رمبــا املفاجــأة تكمــن يف أن بعــض ســوريني ال يــرون مأســاة‬ ‫بنــي وطنهــم!! يف كل مــرة تقــع فيهــا جرميــة ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫يثــار نقــاش اســتفزازي‪ ،‬يف الحقيقــة هــو ليــس نقاشــاً أو‬ ‫حــورا ً‪ ،‬بقــدر مــا هــو إعــادة إنتــاج للــرؤى واملواقــف مــن‬ ‫الثــورة الســورية‪ ،‬ومــن النظــام القاتــل‪ .‬هــذه املواقــف‬ ‫ال تــأيت بجديــد سياســياً وأخالقي ـاً‪ .‬وإمنــا يعــاد تدويرهــا أو‬ ‫تأهيلهــا وفق ـاً للمفاهيــم السياســية الســائدة هــذه األيــام‪.‬‬ ‫الخطــورة تكمــن يف الواقــع‪ ،‬عندمــا متحــو هــذه املواقــف‬ ‫املعــاد تدويرهــا أو تأهيلهــا‪ ،‬متحــو جــزءا ً مــن الذاكــرة‬ ‫الســورية‪ .‬خاصــة خــال الثــورة وســنواتها الخمــس ونيــف‪.‬‬ ‫األمثلــة الجديــدة التــي اســتوجب منــا التعليــق عــى‬ ‫مــا دار حولهــا‪ .‬مــا حــدث يف مدينــة الــزارة التــي أجمــع‬ ‫املراقبــون الســوريون وغــر الســوريني‪ ،‬عــى أنهــا كانــت‬ ‫وك ـرا ً للشــبيحة ومجرمــي األســد‪ .‬مــع ذلــك تلــك الصــورة‪،‬‬ ‫التــي تظهــر مقاتـاً مــن «املعارضــة املســلحة» يضــع قدمــه‬ ‫عــى كتــف امــرأة قتيلــة مــن قريــة ال ـزارة العلويــة التــي‬ ‫اقتحمتهــا املعارضــة‪ .‬أدانــت غالبيــة قــوى الثــورة عــر‬ ‫أشــخاصها‪ ،‬وممثليهــا مبــا فيهــا قيــادة املعارضــة املســلحة‬ ‫التــي اقتحمــت ال ـزارة‪ ،‬لــدرء خطــر شــبيحتها عــن القــرى‬ ‫املحيطــة بهــا‪ .‬علــاً أن هنالــك قريــة تركامنيــة يف ريــف‬ ‫حمــص‪ -‬تلكلــخ‪ ،‬أبــاد الشــبيحة وحــزب اللــه اإليــراين‬ ‫ســكانها‪ ،‬ومل نســمع صوت ـاً لهــؤالء الذيــن خرجــوا ينــددون‬ ‫بهــذه الصــورة‪ .‬الحادثــة األخــرى هــي تفجــرات جبلــة‬ ‫وطرطــوس والتــي راح ضحيتهــا أكــر مــن ‪ 130‬بــن قتيــل‬ ‫وجريــح‪ .‬القاعــدة أن يتضامــن الســوريون مــع الســوريني يف‬ ‫أي كارثــة إنســانية‪ .‬أن يتضامــن الســوريون كحالهــم دوم ـاً‬ ‫مــع أي كارثــة إنســانية يف أي بقعــة مــن العــامل‪ .‬تاريــخ‬ ‫ســورية يشــر دومــاً إىل ذلــك‪ ،‬منــذ قــرون طويلــة‪ .‬رغــم‬ ‫تبنــي داعــش ملوضــوع التفجـرات‪ -‬الجرميــة‪ ،‬إال أن داعــش‬ ‫هنــا يف منطقــة طرطــوس وجبلــة‪ ،‬هــي معقــل األســدية‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫التضامن مع الضحايا أم مع السوريني‬ ‫والشــبيحة‪ ،‬واألماكــن التــي كان وال يـزال يقــام فيهــا مــا‬ ‫يســمى «ســوق الســنة»‪ .‬حيــث تبــاع فيهــا مرسوقــات‬ ‫جيــش األســد مــن بيــوت الســوريني‪ ،‬لهــذا أطلــق‬ ‫عــى جيــش األســد أنــه جيــش» العفيشــة»‪ .‬جيــش‬ ‫يــرق بيــوت أبنــاء بلــده‪ ،‬مبوافقــة ومعرفــة الســلطة‬ ‫وتشــجيعها‪ ،‬بــأي حــال ليــس جيشــاً وطنيــاً‪ .‬بــل هــو‬ ‫جيــش أســدي خائــن بامتيــاز‪ .‬مــع ذلــك كان تضامــن‬ ‫قــوى الثــورة وناشــطيها وحقوقيهــا ومنظــات مجتمعهــا‬ ‫املــدين ضــد الجرميــة‪ ،‬عاليــاً وســورياً بامتيــاز‪.‬‬ ‫بينــا مــرت عــدة مجــازر روســية إيرانيــة أســدية بحــق‬ ‫مــدن حلــب وداريــا وتلبيســة والوعــر ودرعــا‪ ،‬خــال‬ ‫ذلــك األســبوع‪ ،‬مل نســمع لهــؤالء أي صــوت يذكــر‪.‬‬ ‫موقــف ال يســتطيع أحــد منهــم نكرانــه‪ ،‬مهــا حــاول‬ ‫بعضهــم وضــع الحجــج واملــررات والتســويفات الكاذبة‪.‬‬ ‫الجهــة التــي أقصدهــا هنــا‪ ،‬ليســت الجهــة التــي تضــع‬ ‫صــورة األســد‪ ،‬عــى وجههــا‪ ،‬بــل التــي تضــع بســطاره يف‬ ‫عقلهــا‪ ،‬ملــا لــه مــن فضــل عــى تفكريهــا‪ .‬الجهــة األوىل‬ ‫مفــر موقفهــا ألنهــا خائفــة مــن الســنة!!! لكــن الجهــة‬ ‫الثانيــة تدعــي أنهــا معارضــة‪ ،‬وأنهــا علامنيــة بالدرجــة‬ ‫األوىل‪ .‬العلامنيــة بالنســبة لهــا شــعار أســايس ال تتنــازل‬ ‫عنــه‪ ،‬حتــى لــو بقــي بــوط األســد يف عقولهــم دهــورا ً‪.‬‬ ‫هــذه الجهــة تتمســك بــأي حــدث إلشــعال نــار العلامنية‬ ‫الفتنــة والفاتنــة‪ .‬العلامنيــة مل تكــن يف تاريــخ البــر‪ ،‬إال‬ ‫ملحقـاً مبعركــة اإلنســان مــن أجــل حريتــه وكرامتــه‪ .‬مــن‬ ‫أجــل مســاواته مــع أقرانــه أمــام القانــون‪ .‬مــا تبقــى مــن‬ ‫ديباجــات عــن العلامنيــة‪ ،‬هــو مــن أجــل متريــر جرميــة‬ ‫األســدية‪ .‬هــذه الفئــة يف الواقــع هــي مــن تفتتــح الرصاخ‬ ‫ضــد الثــورة وقواهــا‪ .‬حتــى قبــل إعــام األســد نفســه‪.‬‬ ‫غالبـاً هــي تطالــب بإقالــة محافــظ حمــص!!‪ .‬ألنــه عنــد‬ ‫كل تفجــر كان يحــدث يف أحيــاء حمــص العلويــة‪ ،‬عــى‬ ‫يــد مخاب ـرات األســد‪ ،‬تخــرج تظاه ـرات تطالــب بإقالــة‬

‫محافــظ حمــص‪ .‬يف طرطــوس وجبلــة‪ ،‬مل يطالبــوا بيشء!!‬ ‫فقــط هــم أرادوهــا إدانــة كاملــة للثــورة‪ .‬علـاً أنــه مــن‬ ‫يقــرأ هــذه التفج ـرات أمني ـاً وعســكرياً وسياســياً‪ ،‬يــرى‬ ‫أن القــادر عــى هــذه التفجــرات يف هــذه املنطقــة‪،‬‬ ‫هــا مخابــرات األســد أو تنســيقية داعــش األســد‪.‬‬ ‫مــن املســتفيد مــن هــذه التفجــرات؟ كل الجرائــم‬ ‫املفخخــات يف مناطــق املــواالة الصلبــة‪ ،‬ال تنتهــي فيهــا‬ ‫التحقيقــات أبــدا ً‪ ،‬وكل الجهــات التــي تعلــن مســؤوليتها‬ ‫عنهــا‪ ،‬هــي جهــات تنســق مــع األســد!! داعــش منوذجـاً‪.‬‬ ‫الدليــل أن قنــاة املياديــن املواليــة لألســد إيرانيــاً‪ ،‬قــد‬ ‫اتهمــت حركــة أحـرار الشــام‪ ،‬بشــكل ال يقبــل الجــدل!!‬ ‫حتــى أعلنــت داعــش مســؤوليتها‪ .‬الثــورة ال عالقــة لهــا‬ ‫مبثــل هــذه الجرائــم‪ .‬عــى فــرض أن جنــاح مــن داعــش‬ ‫قــام بهــذا العمــل‪ ،‬فهــو قــد قــام بــه‪ ،‬يك يخــدم األســد‪،‬‬ ‫ويســتفيد منهــا األســد‪ ،‬أيضــا يف تخويــف الخائفــن مــن‬ ‫الطائفــة الخائفــة ســلفاً!!‪ .‬ال أقــول إنــه لدينــا مشــكلة‬ ‫يف إعــام الثــورة بشــكل عــام‪ ،‬لدينــا مشــكلة يف بعــض‬ ‫اإلســاميني‪ ،‬الذيــن يريــدون قيــادة الثــورة‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫مكاســب ماديــة أو رمزيــة!! مؤسســات الثــورة‪ ،‬خاصــة‬ ‫االئتــاف‪ ،‬مل يســتطع أن يؤســس مؤسســة إعالميــة تكــون‬ ‫واجهــة الثــورة‪ ،‬ومدافعــة بحرفيــة وحقيقــة عــن جامهري‬ ‫هــذه الثــورة التــي قدمــت الغــايل والنفيــس‪ .‬مــن جهــة‬ ‫أخــرى أيض ـاً‪ ،‬بــدأ بعــض الكتــاب ينحــو منحــى‪ ،‬بعيــدا ً‬ ‫عــن جوهــر الــراع وأســبابه وفضــح آليــات عملــه‪.‬‬ ‫بينــا نلحــظ نشــاطاً محموم ـاً‪ ،‬لــدى كتــاب منحدريــن‬ ‫مــن الطائفــة العلويــة همهــم تربيــر أو تفســر‪ ،‬موقــف‬ ‫جامهــر الطائفــة مــن وقوفهــا القاتــل مــع األســد‪ .‬مــن‬ ‫أجــل تبييــض الجرميــة‪ .‬وصلــت األمــر ببعضهــم إىل اتهــام‬ ‫الثــورة واملعارضــة بالطائفيــة‪ ،‬وأنهــا الســبب يف موقــف‬ ‫الطائفــة‪ ،‬وبالتــايل يف تدمــر البلــد!! مــن يقــرأ مقــاالت‬ ‫بعضهــم يخــرج بنتيجــة أن األســد ليــس ســوى مجــرم‬

‫غسان المفلح‬ ‫صغــر ميكــن متريــر جرميتــه‪ .‬التضامــن مــع الضحايــا‬ ‫مــن الســوريني‪ ،‬أم التضامــن مــع الســوريني يف محنتهــم‬ ‫األســدية؟ وطني ـاً مــن املفــرض‪ ،‬أن أي مواطــن ســوري‬ ‫مــدين يقتــل‪ ،‬األســد يتحمــل إمــا املســؤولية كلهــا أو عــى‬ ‫األقــل جــزءا ً مــن هــذه الجرميــة‪ .‬هــذه مســألة جوهريــة‬ ‫وأساســية يف كل الــدول التــي يســمونها هــؤالء «دول‬ ‫العلامنيــة»‪ .‬هــؤالء الذيــن يعشــقون بســطار األســد‪.‬‬ ‫أصواتهــم التــي ينــز منهــا القيــح الطائفــي‪ .‬ال تجــد‬ ‫مكانــا للتضامــن مــع أي ســوري يقتلــه األســد‪ .‬لكنهــا‬ ‫مشــغولة بإقالــة محافــظ حمــص فقــط‪ .‬األســدية هــي‬ ‫التــي قامــت بتفتيــت التضامــن اإلنســاين بــن الســوريني‪.‬‬ ‫فكيــف للســوريني مســتقبالً أن يتضامنــوا مــع بعــض‪،‬‬ ‫شــعوب وحكومــات تضامنــت لقتــل الشــعب الســوري؟‪.‬‬

‫أبواب الهجرة نحو املجهول‬ ‫َميار الظاهر ‪ -‬حمص‬ ‫ال أجيــد الكتابــة املنمقــة واألنيقــة‬ ‫لكننــي أحــس بــاألمل مــن حــويل وهــذا مــا‬ ‫دفعنــي كشــابة ســورية لــي أبــوح لكــم مبــا‬ ‫ينتابنــي يف صمتــي الــذي تحــول إىل «خــرس»‬ ‫إبــان الســنوات املاضيــة مــن عمــر الثــورة‬ ‫السورية‪ .‬‬ ‫ســؤال يطــرح نفســه بقــوة ويولــد الشــك‬ ‫والريبــة حــول مــا يجــري لنــا نحــن الســوريني‬ ‫عندمــا نســأل أنفســنا عــن الدوافــع التــي‬ ‫جعلــت أوروبــا تفتــح أبوابهــا لالجئــن‬ ‫الســوريني‪ ،‬ومــا هــي األســباب الكامنــة خلــف‬ ‫الصيحــات املناهضــة أو املؤيــدة للمهاجريــن‬ ‫مــن شــعوب تلــك البلــدان املســتضيفة؟‬ ‫ال شــك أن بعــض الــدول األوربيــة فتحــت‬ ‫أبوابهــا لالجئــن الســوريني للنجــاة والفــرار‬ ‫بأرواحهــم وعائالتهــم مــن املــوت‪ ،‬والقتــل‬ ‫املحتــم الــذي حــل ببلدهــم‪ ،‬ولكــن أمل نتســاءل‬ ‫ملــاذا؟ هــل مــن بــاب الرحمــة والشــفقة‬ ‫واإلنســانية؟ أم أن لهــا أهدافـاً مــن وراء ذلــك؟‬ ‫إن مــا يحــدث اآلن مــن هجــرة مل تكــن إال‬ ‫تفتيتــاً ممنهجــاً للوحــدة الســورية‪ ،‬وتغــرا ً‬ ‫قرسي ـاً للمالمــح الدميغرافيــة األصيلــة‪ ،‬وقطــع‬ ‫كل الروابــط التــي تصــل الســوريون بوطنهــم‬ ‫وقيمهــم رغــم أن هنالــك الكثــر مــن العائــات‬ ‫الســورية متمســكني بوطنهــم وقيمهــم‪ ،‬وقــد‬ ‫تكــون الهجــرة إىل املجهــول األوريب ليســت‬ ‫الفــردوس املفقــود بالنســبة للكثرييــن منهــم‪،‬‬

‫لكــن املــوت والدمــار الــذي يالحقهــم دفعهــم‬ ‫للخــروج مــن املذبحــة باتجــاه املجهــول‬ ‫والغامــض‪.‬‬ ‫يف بــادئ األمــر فتحــت أبوابهــا واســتقبلت كـ ّـاً‬ ‫هائـاً مــن الســوريني‪ ،‬وباألخــص الفئــة العمرية‬ ‫اليافعــة‪ ،‬وهــم الفئــة املؤهلــة للقتــال والربــاط‬ ‫يف أرض املعــارك‪ ،‬فعملــت عــى إغرائهــم بشــتى‬ ‫الســبل‪ ،‬كمنحهــم اإلقامــة‪ ،‬وتأمــن الســكن‪،‬‬ ‫وفــرص العمــل لهــم‪ ،‬وللبعــض منهــم مقاعــد‬ ‫دراســية يف جامعاتهــا‪ ،‬ولكــن لــكل يشء مثــن‪،‬‬ ‫حيــث تقــوم الدولــة املســتضيفة بإجبــار كل‬ ‫مــن يدخــل إليهــا بتعلــم لغتهــا‪ ،‬واالندمــاج مــع‬ ‫مجتمعهــا‪ ،‬خــال فــرة صغــرة مــن مامرســة‬ ‫اللغــة تكــون كافيــة لربمجــة العقــل عــى‬ ‫األســس األوروبيــة‪ ،‬وتجاهــل اللغــة العربيــة‬ ‫ولرمبــا نســيانها‪.‬‬

‫هــذا يوضــح أن أوروبــا عــى يقــن تــام بــأن‬ ‫هــذه األزمة ستســتمر ولســنوات عديــدة‪ ،‬لذلك‬ ‫قامــت بفتــح كل هــذا أمامهــم ومــن البديهــي‬ ‫أنهــا كانــت تســر وفــق خطــة مدروســة‪،‬‬ ‫وبصــورة غــر مبــارشة تســتثمر وجــود نظــام‬ ‫األســد يف الســلطة لتحقيــق مكاســب هي بأشــد‬ ‫الحاجــة إليهــا‪ ،‬كــون الــدول األوربيــة تعــاين‬ ‫مــن قلــة نســبة الشــباب‪ ،‬وهــذا سيســاعدها‬ ‫عــى تجديــد نفســها‪ ،‬وإنقاذهــا مــن أن تبقــى‬ ‫بنظــر الشــعوب املتحــرة األخــرى القــارة‬ ‫العجــوز بامتيــاز‪.‬‬ ‫إن أوىل األســباب التــي جعلــت الســوريني‬ ‫يتدفقــون إىل الــدول األوروبيــة‪ ،‬هــي أنهــم‬ ‫شــعب فقــد األمــل يف انتهــاء الحــرب‪ ،‬وتأكــد‬ ‫أن الخــاص منهــا يشء يشــبه املســتحيل يف‬ ‫الوقــت الــذي يطمــح الشــباب الســوريون‬

‫بإكــال مســرتهم التعليميــة والتخلــص مــن‬ ‫براميــل املــوت‪.‬‬ ‫هنــاك العديــد مــن األســباب لــكل هــذا ويف‬ ‫ضــوء ذلــك نــرى تنوعـاً غريبـاً لطالبــي اللجــوء‪،‬‬ ‫والكارثــة هــي الذهــاب بح ـرا ً‪ ،‬أي أن الــذي مل‬ ‫يقتــل بنــران األســد واجهتــه أمــواج البحــر‬ ‫التــي رمبــا ســتبتلعه وميــوت غرقــاً‪...‬‬ ‫ذكــرت يل إحــدى الشــابات املقيــات يف مدينــة‬ ‫ميونــخ األملانيــة أن الســبب الــذي جعلهــا تلجــأ‬ ‫إىل أملانيــا هــو ســوء املعيشــة التــي عانــت منهــا‬ ‫يف تركيــا ملــدة ثــاث ســنوات‪ ،‬وعــدم وجــود أي‬ ‫فرصــة إلمتــام تعليمهــا الجامعــي‪ ،‬واســتكامل‬ ‫اختصاصهــا يف كليــة الطــب‪ ،‬فــكان خيارهــا‬ ‫الوحيــد هــو ركــوب البحــر رغــم خطورتــه‪،‬‬ ‫وهــي ترســم يف مخيلتهــا حيــاة أفضــل‪،‬‬ ‫وبالفعــل هــذا مــا وجدتــه هنــاك مــن عنايــة‪،‬‬ ‫وحيــاة أفضــل‪ ،‬وحســن املعاملــة جعلهــا تؤيــد‬ ‫فكــرة اللجــوء‪.‬‬ ‫رصحــت يل بــه صديقــة‬ ‫أمــا الــرأي اآلخــر الــذي ّ‬ ‫تعيــش اآلن يف املنطقــة الرشقيــة مــن أملانيــا‬ ‫ذكــرت عكــس ذلــك متامــاً مــع العلــم أن‬ ‫هــذه املنطقــة هــي مــن أكــر املــدن املعارضــة‬ ‫لتيــار الهجــرة‪ ،‬حيــث قالــت‪ :‬أن هنــاك مــن‬ ‫اســتهزأ مبالبســها وحجابهــا‪ ،‬وهنــاك مــن خــرج‬ ‫مبظاه ـرات ضــد الالجئــن‪ ،‬وأيض ـاً ذكــرت أنهــا‬ ‫تعــاين مــن مشــاكل كثــرة‪ ،‬أبرزهــا صعوبــة‬ ‫القبــول يف الجامعــة‪ ،‬وهــذا حــال الكثــر مــن‬ ‫أمثالهــا‪.‬‬

‫والجديــر بالذكــر أن للهجــرة أثــر يف نــر‬ ‫اإلســام‪ ،‬فقــد ســجلت حــاالت عــن اعتنــاق‬ ‫بعــض الشــباب والعائــات الغربيــة للديــن‬ ‫اإلســامي‪ ،‬وهــذا مــا ع ّدتــه أوروبــا شــيئاً ســلبياً‬ ‫يهــدد أولوياتهــا‪ ،‬والدليــل أنهــا أوقفــت بــاب‬ ‫الهجــرة مل ـرات عــدة وجعلــت الوصــول إليهــا‬ ‫صعبــاً‪.‬‬ ‫الفريــق املؤيــد‪ ،‬والفريــق املعــارض للهجــرة‪،‬‬ ‫كل منهــم يتواجــد بشــكل كبــر عــى الســاحة‬ ‫الســورية‪ ،‬فللهجــرة ســلبياتها وايجابياتهــا مــا‬ ‫جعــل اختــاف اآلراء وارد ومحســوس‪ ،‬ولكــن‬ ‫وبطبيعــة الحــال يفــرض املنطــق أمامنــا خط ـاً‬ ‫ســهل االتبــاع وأقــرب للوصــول‪ ،‬فلــو أن الــدول‬ ‫األوربيــة مــ ّدت لنــا يــد العــون‪ ،‬ونحــن يف‬ ‫أرضنــا‪ ،‬وأنهــت حكــم الطاغيــة لــكان ذلــك مــن‬ ‫األنســب واألفضــل‪..‬‬ ‫ويف دراســة أملانيــة حديثــة أجــرت اســتطالعها‬ ‫للــرأي عــى فئــة كبــرة مــن الالجئــن‪ ،‬حيــث‬ ‫وجهــت لهــم ســؤاالً يقــول‪ :‬هــل ســتعودون إىل‬ ‫بالدكــم إذا انتهــت األزمــة؟؟‬ ‫فــكان رأي األغلبيــة الســاحقة‪ ،‬نعــم ســنعود إىل‬ ‫أرضنــا ووطننــا األم ســوريا‪..‬‬ ‫فكــم مــن غابــوا‪ ،‬وكــم تغربــوا‪ ،‬ورشدوا‪ ،‬ونــكل‬ ‫بهــم ســيبقى حــب الوطــن أقــوى يف قلوبهــم‪،‬‬ ‫وســيبقى النضــال لعيــش الحيــاة الحــرة‬ ‫الكرميــة مقصدهــم األول واألخــر‪ ،‬وســيبقى‬ ‫الحنــن أقــوى مــن كل حــدود البــاد وأســاكها‬ ‫الشــائكة‪..‬‬


‫حرمل الفكر والسياسة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫قراءة يف «حلب تحرتق»‬ ‫رعد أطلي‬ ‫«حلــب تحــرق» كان هــو العنــوان األبــرز يف العــامل يف‬ ‫الشــهر املــايض‪ ،‬ورغــم أنــه يحمــل يف معنــاه األمل والدمــار‬ ‫والوحشــية التــي تعرضــت لهــا املدينــة تحــت همجيــة‬ ‫النظــام الــرويس ورعونــة ودمويــة ذيلــه الســوري‪ ،‬إال أنهــا‬ ‫أيضـاً حملــت الحــل لحلــب‪ ،‬وإن كان لفــرة مؤقتــة‪ ،‬فبعــد‬ ‫أن خرقــت روســيا ونظــام األســد نظــام الهدنــة املتهتــك‬ ‫أصـاً‪ ،‬وأمطــرت املدينــة بــآالف القنابــل والرباميــل عقوبــة‬ ‫عــى إظهارهــا ثانيــة الوجــه املــدين للثــورة‪ ،‬والعــودة‬ ‫للمظاهــرات الســلمية التــي أبهــرت العــامل مــرة أخــرى‬ ‫بصمــود الشــعب الســوري وتصميمــه عــى نيــل الحريــة‬ ‫والكرامــة‪ ،‬واســتهدفت الطائــرات الروســية والســورية‬ ‫مواقــع ســكن املدنيــن واملشــايف واملراكــز الطبيــة‪ ،‬إال‬ ‫أنــه بعــد اســتهداف مشــفى القــدس يف املناطــق املحــررة‬ ‫انطلــق هاشــتاغ «حلــب تحــرق» عــى مواقــع التواصــل‬ ‫االجتامعــي مــع الصــورة التــي تــم إنتاجهــا والعمــل‬ ‫عليهــا بحرفيــة إعالميــة غــر مســبوقة يف الثــورة‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم التعاطــي مــع تلــك الصــورة‪ ،‬انطلــق الهاشــتاغ ليعيــد‬ ‫للكامــرا ســمعتها الحســنة التــي غيبهــا صــوت الســاح‬ ‫عاليــاً وانجــراف بعــض الكامــرات خلفــه ويعيــد لهــا‬ ‫قوتهــا التــي غابــت منــذ أن غابــت املظاه ـرات الســلمية‪،‬‬ ‫واجتاحــت الصــور العــامل لتخلــق رأيــاً عامــاً عامليــاً أدى‬ ‫للضغــط عــى الحكومــات املعنيــة‪ ،‬والتــي دفعــت إىل‬ ‫توقــف القصــف األرعــن‪ ،‬رغــم أن تلــك الحكومــات راغبــة‬ ‫يف اســتمراره‪ ،‬األمــر الــذي يبــدو واضح ـاً مــن خفــة حــدة‬ ‫القصــف مراعــاة للــرأي العــام العاملــي‪ ،‬وليــس انتهــاؤه‪،‬‬ ‫وهــذه التجربــة رغــم مــا تحملــه مــن مـرارة الــدم وثقلــه‪،‬‬ ‫إال أنهــا حملــت نقطــة جديــدة تحســب للثــوار بســاحهم‬ ‫الــذي يعتــر حالي ـاً مــن أعتــى األســلحة ‪-‬واملقصــود هنــا‬ ‫الكامــرا‪ -‬متكنــوا مــن خاللــه عوملــة االنتهــاك اإلنســاين‬ ‫للمدينــة‪ ،‬وأثبتــوا قــدرة عــى فهــم التعاطــي مــع وســائل‬ ‫التكنولوجيــا الحديثــة مبــا يخــدم قضيتهــم‪ ،‬وكان للحملــة‬ ‫إيجابياتهــا وســلبياتها التــي نحــاول يف هــذا املقــال الرتكيــز‬ ‫عليهــا علّنــا نســتفيد منهــا يف قــادم األيــام يف مســرة‬ ‫النضــال واملواجهــة ضــد الديكتاتوريــة العميــاء يف ســوريا‪.‬‬ ‫حــول الصــور التــي نــرت مرتافقــة مــع الهاشــتاغ‪ ،‬فقــد‬ ‫ركــزت عــى الجانــب اإلنســاين البحــت ملــا كان يحصــل‬ ‫يف املدينــة‪ ،‬حيــث قلّــت الصــور التــي تظهــر عنــارص مــن‬ ‫الجيــش الحــر تتوعــد أو تقــاوم أو تواجــه‪ ،‬بــل تركــزت‬ ‫امليديــا الحلبيــة عــى إنتــاج الصــورة الفظيعــة القــادرة‬ ‫عــى نقــل فظاعــة الفعــل‪ ،‬تلــك الصــورة التــي مل تحتــاج‬ ‫حتــى لعبــارات تعــر أو تــرح مقــدار األمل الــذي يعانيــه‬ ‫أصحابهــا‪ ،‬وكذلــك كانــت املــواد املتحركــة والفلميــة قــادرة‬ ‫عــى اصطفــاء املعــاين األوضــح املتمكنــة مــن إيصــال‬ ‫األمل العــاري الناتــج بــدوره عــن العنــف العــاري لألســد‬ ‫وحلفائــه الــروس واألمريكيــن‪ ،‬هــذا األمــر الــذي شــكل‬ ‫صدمــة حقيقيــة للمتابــع ودفعــه للتحــرك‪ ،‬هــذا املتابــع‬ ‫الــذي مــا عــاد ســورياً بالــرورة‪ .‬وقــد ســعت الصــورة‬ ‫ألنســنة القضيــة الســورية‪ ،‬وخرجــت بهــا مــن مواجهــة‬ ‫بــن الديكتاتــور األرعــن والشــعب إىل مواجهــة عامليــة‬ ‫بــن الظلــم وضحيتــه‪ ،‬حيــث مل ترتافــق معظــم الصــور‬ ‫مــع توعــد الثــوار أو تأطــر املســتهدف بجامعــة محــددة‬ ‫توصفــه وتع ّرفــه‪ ،‬األمــر الــذي يــؤدي إىل تحويــل القضيــة‬ ‫ّ‬ ‫يف النهايــة إىل رصاع بــن جامعتــن أو أكــر يدفعهــم‬ ‫التنافــر العقائــدي لــه‪ ،‬وإمنــا جــاءت العبــارات مبعــانٍ‬ ‫إنســانية عامــة يشــرك فيهــا الجميــع‪ ،‬ويشــعر مــن خاللهــا‬ ‫أي إنســان بأنــه مســتهدف بشــكل شــخيص‪ ،‬ويســعى‬ ‫للمشــاركة يف الدفــاع عــن الضحايــا التــي متاهــى معهــا‬ ‫باملشــرك اإلنســاين األعــم‪.‬‬ ‫أُطلِــق الهاشــتاغ يف بدايــة األمــر عــر موقــع تويــر لينتقــل‬ ‫أيضــاً إىل موقــع الفايــس بــوك‪ ،‬وترافــق مــع الهاشــتاغ‬ ‫تبديــل الصــورة الشــخصية للمســتخدمني إىل الصــورة‬ ‫الحم ـراء التــي مــأت صفحــات املوقعــن‪ ،‬ومل متـ ِ‬ ‫ـض أيــام‬ ‫حتــى تصــدر الهاشــتاغ الالئحــة العامليــة مبــا يزيــد عــن‬ ‫الســتمئة ألــف تغريــدة عــى التويــر‪ ،‬وبنظــرة رسيعــة‬ ‫لإلحصائيــات يظهــر أن أكــر الــدول التــي تــم تــداول‬ ‫الهاشــتاغ فيهــا كانــت الســعودية ومــن ثــم مــر وبعدهــا‬ ‫ســوريا‪ ،‬وهــذا يظهــر أن الزخــم الــذي نالــه الهاشــتاغ جــاء‬ ‫مــن قبــل ناشــطني ليســوا بالــرورة ســوريني‪ ،‬وهنــاك أكــر‬ ‫مــن مجموعــة يف مــر عــى وجــه الخصــوص عملــت‬ ‫عــى نــر الهاشــتاغ ليتصــدر املركــز األول عاملي ـاً‪ ،‬وأظهــر‬ ‫هــذا كــم هــو مثمــر ورضوري خلــق قنــوات للتواصــل‬ ‫مــع نشــطاء يف املنطقــة العربيــة أو خارجهــا مــن أجــل‬

‫منــح الثــورة الســورية الزخــم الــذي تحتاجــه‪ ،‬ولنذكــر أن‬ ‫ســوريا مــرت مبـ ٍ‬ ‫ـآس أكــر مــن الــذي حصــل يف حلــب‪ ،‬مثــل‬ ‫رضبــة الكيــاوي وحملــة التجويــع يف مضايــا التــي القــت‬ ‫تحشــيدا ً كب ـرا ً لكنــه مل يـ َ‬ ‫ـرق للتحشــيد الــذي جــاء حــول‬ ‫حلــب‪ ،‬وجــاءت املنــارصة أكــر هــذه املــرة ألن النشــطاء‬ ‫املشــاركني كانــوا أكــر تنوعـاً وقــدرة عــى إيصــال الفكــرة‪،‬‬ ‫والتعامــل مــع الحمــات االلكرتونيــة‪ ،‬األمــر الــذي يتميــز‬ ‫بــه النشــطاء املرصيــون عربي ـاً‪ ،‬والذيــن متكنــوا أيض ـاً مــن‬ ‫توظيــف مأســاة حلــب يف الـراع الســيايس القائــم اآلن يف‬ ‫مــر‪ ،‬وباتــت منــارصة حلــب مــؤرشا ً واضحـاً ملــن هــو مــع‬ ‫النظــام املــري‪ ،‬ومــن هــو ضــده‪ ،‬أي أن هــذا التعــاون‬ ‫أدى إىل اســتفادة متبادلــة بــن الطرفــن‪.‬‬ ‫إال أنــه مــن ســلبيات مــا حــدث يف الحملــة هــو االحتجــاج‬ ‫عــى إدارة الفايــس بــوك لعــدم تبنيهــا منــارصة قضيــة‬ ‫الضحايــا الذيــن قتلهــم األســد مبنــارصة بوتــن وانشــغال‬ ‫أوبامــا بفيلمــه الســاخر‪ ،‬فقــد طالبــت حملــة أخــرى‬ ‫بإغــاق صفحــات املشــاركني ملــدة ‪ 24‬ســاعة عــى الفايــس‬ ‫تعب ـرا ً عــن احتجاجهــم؟ يف الوقــت الــذي كانــت الحملــة‬ ‫الرئيســية يف قمــة حاجتهــا للتحشــيد واملنــارصة‪ ،‬مــا خلــق‬ ‫تناقضــاً أدى إىل تراجــع الهاشــتاغ عــن الرتتيــب العاملــي‬ ‫مبــارشة بعــد اليــوم الــذي أطلقــت فيــه تلــك الحملــة‪ ،‬فلــم‬ ‫تنجــح الثانيــة‪ ،‬بــل أدت إىل تراجــع األوىل‪.‬‬ ‫أيضــاً جــاء الرتكيــز عــى اســتهداف مشــفى القــدس‬ ‫واستشــهاد الطبيــب محمــد وســيم معــاذ بأكــر األثــر‬ ‫لنجــاح الحملــة‪ ،‬ألن أي حملــة تحتــاج إىل الحامــل املركــزي‬ ‫والرئيــي الــذي ميكنهــا االرتــكاز وتســليط الضــوء عليــه‬ ‫مبــا يظهــر هــدف الحملــة الحقيقــي متامـاً ومســعاها‪ ،‬وقــد‬ ‫تحــدث الكثــرون مــن الشــخصيات العامــة حــول العــامل‬ ‫عــن استشــهاد آخــر طبيــب أطفــال يف مناطــق حلــب‬ ‫املحــررة موجهــن الرضبــة القاصمــة لروايــة النظــام التــي‬ ‫كانــت بــدأت تكســب مصداقيــة بعــد الرتويــج لنفســه عــر‬ ‫اســتعادة ســيطرته عــى تدمــر‪ ،‬فجــاء خــر الطبيــب األخــر‬ ‫مكذب ـاً لــكل ادعــاءات الــروس والنظــام حــول اســتهداف‬ ‫اإلرهابيــن‪ ،‬وخصوص ـاً بعــد انتشــار الفيديــو الــذي يظهــر‬ ‫اللحظــات األخــرة للمشــفى‪ ،‬حتــى باتــت روايــة النظــام‬ ‫التــي طاملــا وجــدت طــرق عــدة لهــا يف الصحافــة الغربيــة‬ ‫غــر قــادرة عــى التــاس تلــك الطــرق مــرة أخــرى‪ ،‬وكان‬ ‫اعتــذار ال يب يب يس القنــاة التــي ســعت طيلــة الثــورة‬ ‫لتبييــض صفحــة النظــام عــن مقطــع عرضتــه مســتخدمة‬ ‫أحيــاء معارضــة عــى أنهــا مواليــة لألســد أو تحــت ســيطرته‬ ‫مبين ـاً عــدم قــدرة الصحافــة الغربيــة التــي تؤيــد النظــام‬ ‫عــى مواجهــة املوجــة التــي قــام بهــا النشــطاء‪.‬‬ ‫رافقــت الحملــة أيضـاً والتــي كان الهاشــتاغ هــو مصدرهــا‬ ‫الرئيــي مظاهــرات يف شــتى عواصــم ومــدن العــامل‪،‬‬ ‫وباألخــص املــدن األوروبيــة بشــكل كثيــف ومنظــم‬ ‫مســتفيدا ً مــن أعــداد الســوريني املتزايديــن نتيجــة موجــة‬ ‫النــزوح األخــرة نهايــة العــام املــايض‪ ،‬وأظهــر هــذا الحـراك‬ ‫الطاقــة الكامنــة الكبــرة التــي ميكــن االســتفادة منهــا مــن‬ ‫خــال الكتــل البرشيــة الســورية التــي باتــت تنتــر يف كل‬ ‫العــامل مــن أجــل منــارصة الثــورة‪.‬‬ ‫ورغــم أن الحملــة حققــت نجاحـاً ملفتـاً أدى بعــد إطالقهــا‬ ‫إىل تبنــي موقــف جديــد مــن األمريــكان والــروس حــول‬ ‫متديــد الهدنــة لتشــمل حلــب بعــد أن اقتــرت عــى‬ ‫مناطــق غريهــا‪ ،‬إال أنــه كان مــن املمكــن لهــا أن تحقــق‬ ‫نجاح ـاً أكــر‪ ،‬كــا ميكننــا أن نتعلــم منهــا ملراحــل قادمــة‬ ‫يف رصاعنــا مــع الديكتاتــور‪ ،‬فحــول الصــورة املتداولــة‬ ‫فقــد بــات لزامــاً عــى اإلعالميــن أن يبحثــوا يف خطــاب‬ ‫الصــورة وجمهورهــا املســتهدف‪ ،‬وبنــاء عليــه يتــم نــر‬ ‫تلــك الصــورة‪ ،‬بعــد دراســة حاجتهــا ملعالجــة أم ال‪ ،‬أو لنــص‬ ‫مرافــق وبأيــة لغــة يجــب أن يكــون ذلــك النــص‪ ،‬ومــا هــي‬ ‫املنابــر التــي يجــب أن تنتــر بهــا الصــورة؟ فالصــورة يف‬ ‫الحــرب ال ميكــن أن تكتســب جامليــة‪ ،‬فلــن يكــون األمل‬ ‫جميـاً مهــا كان املصــور بارعـاً‪ ،‬ولكنهــا تكتســب أهميــة‪،‬‬ ‫يف زاويــة التصويــر وطريقتــه‪ ،‬وتكتســب تلــك األهميــة‬ ‫مــن الجمهــور املســتهدف‪ ،‬فصــورة مــا جــرى مــن دمــار‬ ‫للمدينــة أو املــرأة التــي تلــون وجههــا بالــراب والــدم‬ ‫بعدســة الرائــع اســاعيل عبــد الرحمــن «عبــود خالديــة»‬ ‫قــد متتــع أحــد الشــبيحة وتســعده إن كان متابعــاً لهــا‪،‬‬ ‫لكنهــا ســتؤمل الكثرييــن‪ ،‬لذلــك يجــب االهتــام بهــؤالء‬ ‫«الكثرييــن»‪ ،‬مــن هــم؟ مــاذا نريــد منهــم؟ ومــاذا نريــد‬ ‫أن نرســل إليهــم مــن خــال تلــك الصــورة؟ وأيــن ميكــن‬ ‫للصــورة أن تلتقيهــم؟ أســئلة باتــت واجبــة عــى اإلعالميــن‬ ‫ألن النجــاح يحــول الرغبــة إىل واجــب‪ ،‬فبعــد النجــاح يف‬

‫مواجهــة جنــون األســد بالكام ـرا يف حلــب مل تعــد عبــارة‬ ‫«مــن الجيــد فعــل ذلــك» هــي الناجعــة‪ ،‬وإمنــا عبــارة‬ ‫«يجــب فعــل ذلــك» هــي التــي ميكنهــا أن تحافــظ عــى‬ ‫النجــاح وتســتثمر فيــه‪.‬‬ ‫أيض ـاً مــن األمــور التــي لفتــت إليهــا الحملــة هــو رضورة‬ ‫عوملــة الثــورة الســورية‪ ،‬أي تحويلهــا مــن قضيــة دوليــة‪ ،‬إىل‬ ‫قضيــة عامليــة‪ ،‬ال تهتــم بهــا الحكومــات‪ ،‬وإمنــا الشــعوب‪،‬‬ ‫ال السياســة‪ ،‬وإمنــا اإلنســانية‪ ،‬ال املصالــح‪ ،‬وإمنــا الضامئــر‪،‬‬ ‫ويبــدأ ذلــك مــن خــال إقامــة شــبكة مــن العالقــات مــع‬ ‫أفــراد وتجمعــات ومنظــات تعنــى بالوضــع اإلنســاين‬ ‫لتكــون بوابــة تلــك املجتمعــات عــى القضيــة الســورية‪،‬‬ ‫فتكافــل مجموعــة مــن النشــطاء العــرب مــع الســوريني‬ ‫يف حملــة «حلــب تحــرق» أحــدث هــذا الفعــل‪ ،‬فكيــف‬ ‫مبجمــوع أكــر منهــم وأوســع خــارج تلــك الدائــرة يف‬ ‫مناطــق مختلفــة مــن العــامل‪ ،‬وأيضـاً وعــى الصعيــد نفســه‬ ‫مــد تلــك الشــبكة لتشــمل النشــطاء الســوريني املتواجديــن‬ ‫اآلن وبكثافــة يف مختلــف دول العــامل وباألخــص أوروبــا‪،‬‬ ‫وأن ال تقتــر العالقــة معهــم عــى زمالــة وصداقــة النضــال‬ ‫يف ســوريا واالطمئنــان والســعي الفــردي لخلــق فضــاءات‬ ‫تســاهم يف نــرة القضيــة الســورية‪ ،‬بــل يجــب أن يكــون‬ ‫العمــل بــن النشــطاء يف الداخــل والخــارج‪ ،‬الســوريني وغــر‬ ‫الســوريني منظـاً ومدروسـاً لتكــون كل حملــة ال تختلــف‬ ‫عــن حملــة «حلــب تحــرق» يف زخمهــا‪.‬‬ ‫كذلــك عــى النشــطاء يف الخــارج بنــاء شــبكات مــن‬ ‫التواصــل مــع املنظــات املعنيــة يف النضــال ضــد‬ ‫الراديكاليــة والديكتاتوريــة واملهتمــة بالوضــع اإلنســاين‬ ‫والســيايس والثقــايف‪ ...‬إىل غــر ذلــك‪ ،‬مــن أجــل التحشــيد‬ ‫األكــر ملنــارصة القضيــة الســورية والضغــط عــى‬ ‫الحكومــات مــن خــال شــعوبها‪ ،‬وهــذه الشــعوب كث ـرا ً‬ ‫مــن تتكافــل مــن أجــل حاميــة حيــوان مهــدد باالنق ـراض‬ ‫أو غابــة مهــددة بالــزوال‪ ،‬فــا بالــك باإلنســان‪ ،‬ولكــن‬ ‫علينــا كســوريني أن نســتخدم الطــرق األنســب الجتــذاب‬ ‫هــؤالء يف ظــل حملــة مضــادة يشــنها اليمــن املتطــرف يف‬ ‫شــتى أنحــاء العــامل ضــد الثــورة‪ ،‬ويكفــي الحديــث عــن‬ ‫إشــكالية اعتــورت تظاهــرات الخــارج يف ناحيتــن‪ ،‬األوىل‬ ‫أن معظــم املتظاهريــن مــن الســوريني‪ ،‬وليــس هــذا باألمــر‬ ‫طبيعــي عــى اعتبــار أن الفضيــة ســورية‪ ،‬فاملظاهـرات التي‬ ‫تخــرج لنــرة فلســطني عــادة مــا يكــون معظــم املشــاركني‬ ‫فيهــا مــن أبنــاء البلــد التــي تحــدث فيــه تلــك املظاهــرة‪،‬‬ ‫والذيــن يجذبــون يف تواجدهــم مواطنيهــم اآلخريــن‪ ،‬ألن‬ ‫هــذا يشــعره مبشــركات حــول القضيــة التــي تتــم إثارتهــا‪،‬‬ ‫وميكــن أن يســتفاد مــن خــرة املنظــات الفلســطينية‬ ‫يف ذلــك‪ ،‬واإلشــكالية األخــرى التــي ظهــرت يف كثــر‬ ‫مــن املظاهــرات هــي أن الهتافــات ومعظــم العبــارات‬ ‫املكتوبــة كانــت بلغــة الســوريني وليــس بلغــة أبنــاء البلــد‬ ‫املســتضيف‪ ،‬وعــادة مــا تشــكل املظاهــرة دائــرة مغلقــة‬ ‫يلتفــت فيهــا املتظاهــرون للداخــل‪ ،‬ويغنــون أغــاين الثــورة؟‬ ‫وعلينــا أن نعــي هنــا أن املظاهــرة خــارج ســوريا ليســت‬ ‫مــن أجــل مقاومــة األســد بالشــكل املبــارش‪ ،‬وال مــن أجــل‬ ‫أن أظهــر فيهــا منــارصيت لقضيــة مــا‪ ،‬وإمنــا ألوصــل رســالة‬ ‫عــن تلــك القضيــة ملتلــق مــن املفــرض أين أعمــل عــى‬ ‫اجتذابــه لتبنــي تلــك القضيــة‪ .‬كــا أن زخــم التظاهــر مل‬ ‫يســتغل مــن أجــل إقامــة فعاليــات وبرامــج أخــرى تــؤدي‬ ‫إىل اســتدامة هــذا الزخــم واملحافظــة عليــه لحاجتــه يف‬ ‫حمــات أخــرى‪.‬‬ ‫هــذه األمــور بــكل مــا تبــدو عليــه مــن صعوبــة‪ ،‬هــي يف‬ ‫واقــع األمــر بســيطة‪ ،‬عبــارة عــن شــبكات ارتبــاط وتعــاون‬ ‫ال تتطلــب قيــادات وال انتخابــات وال بيانــات وال امتيــازات‬ ‫وال رغبــات‪ ،‬وال كل مــا يــؤدي إىل التحــزب والتــرذم‪،‬‬ ‫بــل كل مــا هنالــك توحيــد للعمــل حــول قضيــة مــا‬ ‫تعــود بالفائــدة عــى الجميــع‪ ،‬وميكــن العمــل عليهــا مــن‬ ‫خــال شــبكة العالقــات الواســعة اآلن لألفــراد الســوريني‬ ‫«النشــطاء» ليشــكلوا حلقــات اتصــال مــع زمــاء وأصدقــاء‬ ‫لهــم مــن ســوريا أو مــن خارجهــا‪ ،‬وتتضافــر تلــك الدوائــر‬ ‫لتشــكل يف النهايــة شــبكة ضخمــة مــن العالقــات القــادرة‬ ‫عــى إنجــاح أي حملــة‪ ،‬لتكــون حملــة «حلــب تحــرق»‬ ‫ليســت رضبــة حــظ‪ ،‬وال محــض تعاطــف‪ ،‬وإمنــا بدايــة‬ ‫جديــدة لخطــة عمــل جديــدة‪.‬‬ ‫أثنــاء حملــة «حلــب تحــرق» كانــت حلــب ومــا زالــت‬ ‫إىل اليــوم تحــرق‪ ،‬لكنهــا كانــت تطلــب منــا إحــراق كل‬ ‫أســاليب عملنــا القديــم لنبــدأ بخطــة جديــدة تجعــل مــن‬ ‫قضيــة الثــورة قضيــة عامليــة يف املقــام األول‪ ،‬لنتجنــب‬ ‫إحــراق حلــب أو أي مدينــة ســورية أخــرى ثانيــة‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫قوس قزح‬ ‫لعبــة التوافقــات‬ ‫القــذرة‪..‬؟!!‬ ‫أسعد فخري‬ ‫مل يعــد خافيـاً عــى أحــد أهميــة وخطــورة التفاهــات «الروســية‬ ‫األمريكيــة» القــذرة‪ ،‬وتبــادل األدوار الصادمــة بينهــا ولهاثهــا‬ ‫الــدؤوب يف شــيطنة املشــهدين الســيايس والعســكري مبــا يخــص‬ ‫امللــف الســوري‪ ،‬والبحــث امللتبــس عــر التلويــح بــ»العصــا‬ ‫والجــزرة» عــن حلــول تتوافــق عليهــا كافــة األطــراف املتقاتلــة‬ ‫وداعميهــا عــى الســاحة الســورية بعيــدا ً عــن املطالــب الحقيقيــة‬ ‫التــي قامــت مــن أجلهــا الثــورة‪ ،‬واألمثــان الداميــة التــي دفعهــا‬ ‫الســوريون الثائــرون مــن أجــل إســقاط نظــام مجــرم‪ ،‬وســفاح‪،‬‬ ‫وطائفــي تَ َّغــول يف دمائهــم عــى مــدى الســنوات املاضيــة مــن‬ ‫عمــر الثــورة‪ ،‬ومــا زال بحاميــة روســية إيرانيــة وتغــاض براغــايت‬ ‫مــن قبــل اإلدارة األمريكيــة وفــق تفاهــات ُمركَّبــة أســهبت يف‬ ‫لعبتهــا القــذرة وســاهمت يف تفعيلهــا العديــد مــن الــدول التــي‬ ‫تدعــي صداقتهــا ووقوفهــا مــع الثــورة الســورية‪.‬‬ ‫ذلــك مــا يدفعنــا للظــن بأننــا سنشــهد يف الشــهور املتبقيــة مــن‬ ‫واليــة أوبامــا يف البيــت األبيــض العديــد مــن املواقــف األمريكيــة‬ ‫الصادمــة بصورتهــا املبــارشة‪ ،‬والعلنيــة‪ ،‬والتــي ستشــكل تراجع ـاً‬ ‫حقيقيــاً يف ســقف املطالــب التفاوضيــة عــر الضغــوط الخفيــة‬ ‫التــي متارســها إدارة أوبامــا عــى األجنــدات الراعيــة لالقتتــال‬ ‫يف ســورية مــا يرســم شــكالً جديــدا ً ألســس تفاوضيــة تخالــف‬ ‫املضامــن الحقيقيــة التــي ذهبــت مــن أجلهــا هيئــة التفــاوض‬ ‫إىل جنيــف تنفيــذا ً للقــرار الــدويل «‪ »2254‬وجدولــه الزمنــي‬ ‫املتضمــن تشــكيل هيئــة حكــم انتقاليــة خــال فــرة محــددة‬ ‫بكامــل الصالحيــات التنفيذيــة مهمتهــا تفعيــل قيــام نظــام حكــم‬ ‫مــدين دميقراطــي يحفــظ حقــوق الســوريني جميعـاً عــى اختــاف‬ ‫أطيافهــم اإلثنيــة والقوميــة‪.‬‬ ‫ال بــد ســيكون هنــاك تحــول مــا عــى صعيــد املســار التفــاويض‪،‬‬ ‫وســقوفه املطلبيــة واألساســية حيــث ســيتم إبـراز وتظهــر أســاء‬ ‫شــخصيات معارضــة ســتلعب دورا ً يتســم بالتوفيقيــة التــي‬ ‫ســتتقبل مســألة خفــض ســقف املطالــب التفاوضيــة ولرمبــا‬ ‫نســف الــرط األســايس فيهــا املتمثــل باســتبعاد بشــار األســد‬ ‫وطغمتــه مــن املشــهد الســيايس‪ ،‬بيــد أن الــذي يعــزز هــذا الظــن‬ ‫هــو إعــان «محمــد علــوش وأســعد الزعبــي» عــن اســتقالتيهام‬ ‫مؤخـرا ً مــن الوفــد التفــاويض‪ ،‬وهــذا يعــد مــؤرشا ً حقيقيــا للتحــول‬ ‫الجــاري عــى العمليــة السياســية‪ ،‬وتحقيقــاً لرغبــة الــروس‬ ‫والنظــام واإلدارة األمريكيــة التــي رمبــا ســيكون لهــا دور يف اختيــار‬ ‫أســاء مــن داخــل هيئــة التفــاوض بعــد إعــادة تأهيلهــا عــر‬ ‫تفعيــل توافقــات جديــدة مــع الهيئــة العليــا للمفاوضــات يتــم‬ ‫مــن خاللهــا فتــح حــوار يناقــش مســائل إدمــاج أطيــاف جديــدة‬ ‫مــن املعارضــات امل ُص َّنعــة لخدمــة النظــام‪ ،‬واســتمراريته كـ»منصــة‬ ‫موســكو ومنصــة القاهــرة إضافــة إىل زعيــم ميليشــيات البيــدا‬ ‫ومنصــة مطــار حميميــم ومنصــات أخــرى‪ »..‬ســيتم اســتقدامها‬ ‫وتأهيلهــا طبق ـاً لتوافقــات اللعبــة القــذرة‪ ،‬ومبــا يخــدم االنصيــاع‬ ‫ملقاربــات تحــت الطاولــة بــن الــروس واألمريــكان لحــل العقــدة‬ ‫الســورية املســتعصية عــى حســاب الــدم الســوري الــذي أُريــق‬ ‫ومــا زال‪.‬‬ ‫قــد ال يســتطيع أحــد التنبــؤ باملفارقــات الصادمــة التــي ستشــكل‬ ‫صــورة العمليــة السياســية املقبلــة وخارطــة الطريــق التــي‬ ‫ســتتمخض عنهــا لكننــا بالتأكيــد‪ ،‬وحســب معطيــات نلمســها‬ ‫عــن كثــب أننــا ذاهبــون نحــو ســورية أخــرى تفــارق مــا كان‬ ‫يتغنــى بــه شــعبها الثائــر عــن وحــدة أرضهــا وشــعبها إىل مجهــول‬ ‫سيســتغرق عمــر جيــل بأكملــه وفق ـاً ملقاربــة لعبــة التوافقــات‬ ‫الروســية األمريكيــة وسنشــهد صــورة مغايــرة يســودها التفتيــت‪،‬‬ ‫واالنقســام‪ ،‬والتناحــر‪ ،‬واالح ـراب‪ ،‬واســتمرار دحرجــة كــرة النــار‬ ‫إىل العديــد مــن البلــدان املجــاورة‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫اإللهام وعالقته بشيطان الشعر‬ ‫شــاع بــن العــرب يف الجاهليــة مــا أصبــح‬ ‫حقيقــة لديهــم‪ ،‬وهــو أن لــكل شــاعر شــيطاناً‬ ‫يلهمــه القــول‪ ،‬ويوحــي إليــه الشــعر‪ ،‬وهــو‬ ‫الــذي يقــف وراء لســانه ويقــذف إليه بســاحر‬ ‫القــول وبديــع الــكالم‪ ،‬وأطلقــوا عليهم أســاء‪،‬‬ ‫مثــل‪ :‬مســحل بــن جنــدل شــيطان األعــى‪،‬‬ ‫الصــادم شــيطان َعبيــد بــن‬ ‫و َهبيــد بــن ُّ‬ ‫األبــرص‪ ،‬والفــظ بــن الحــظ شــيطان امــرئ‬ ‫القيــس‪ ،‬وهــادر شــيطان ال ّنابغــة الذّبيــاين‪،‬‬ ‫وغريهــم‪.‬‬ ‫وقــد ســجل الشــعراء هــذا االعتقــاد يف‬ ‫أشــعارهم‪ ،‬وفاخــر الواحــد منهــم اآلخــر‬ ‫بشــيطانه ومالــه مــن قــدرة عجيبــة خارقــة‪،‬‬ ‫ال يدركهــا شــيطان مــن يفاخــره كأيب النجــم‬ ‫الــذي يفخــر بــأن شــيطانه ذكــر وشــيطان‬ ‫غــره أنثــى والذكــر أقــوى‪ ،‬وليــس كاألنثــى‪.‬‬ ‫وإين ‪ -‬وكل شاعر من البرش‬ ‫شيطانه أنثى ‪ -‬وشيطاين ذكر‬ ‫وآخــر يفخــر بــأن شــيطانه رئيــس الجــن‪،‬‬ ‫لذلــك هــو كبــر الشــعراء‪.‬‬

‫ـن‬ ‫الـس ِّ‬ ‫ِإنِّ َوإِنْ كُ ْن ُت َص ِغـ َري ِّ‬ ‫َوكَانَ ِف ال َع ْ ِي نُـ ُبـ ٌّو َعـ ِّنـي‬ ‫ِـن‬ ‫فَ ِإنَّ شَ ْيطَـانِـي أَ ِمـ ُري الـج ِّ‬ ‫َـن‬ ‫يَ ْذ َه ُب ِب يف الشِّ ْع ِر ك َُّـل ف ِّ‬ ‫والعــرب ليســوا فريديــن يف هــذا االتجــاه‬ ‫«فأســاطري اليونــان ذكــرت ربــات الشــعر يف‬ ‫مواضــع كثــرة‪ ،‬وجعلتهــن مــوكالت بالفنــون‬ ‫الحــرة عامــة والنشــيد والغنــاء خاصــة‪ ،‬وكان‬ ‫اليونــان يعتقــدون أن ربــات الشــعر هــؤالء‬ ‫هــن ملهــات الشــعراء‪ ،‬ومعلامتهــم القصيــد‬ ‫ومــا ينبغــي لــه‪« .‬وقــد ذكــر أفالطــون أن‬ ‫عامــة املحســنني مــن الشــعراء ال ينظمــون‬ ‫قصائدهــم عــى أنهــا إنتــاج فنــي بــل ألنهــم‬ ‫ملهمــون‪ ،‬متلكهــم الشــياطني»‪.‬‬ ‫ولــو عدنــا إىل كلمــة الجــن نفســها ومــا حولهــا‬ ‫مــن اشــتقاقات يف اللغــة العربيــة‪ ،‬ومعناهــا يف‬ ‫اللغــات األخــرى لرأينــا «أن الجــن يف كل حالــة‬ ‫مســؤولون عــن التفــوق الذهنــي كــا هــم‬ ‫مســؤولون عــن الخبــل العقــي‪ ،‬وكذلــك نــرى‬ ‫العبقريــة صفــة تتحقــق يف كل مــن ركبتــه‬

‫شــياطني وادي عبقــر يف جزيــرة العــرب‪».‬‬ ‫لذلــك فــإن كفــار قريــش عندمــا وقفــوا‬ ‫ذاهلــن أمــام اإلعجــاز البيــاين للقــرآن الكريــم‬ ‫نفــى اللــه ســبحانه وتعــاىل عــن القــرآن مــا‬ ‫قــد يــدور يف أذهانهــم مــن هــذا االعتقــاد‬ ‫فقــال تعــاىل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ني * َو َمــا يَنبَغــي‬ ‫( َو َمــا ت َ َن َّزل ْ‬ ‫َــت بِــه الشَّ ــيَاط ُ‬ ‫ِ‬ ‫لَ ُهـ ْم َو َمــا يَ ْسـتَطي ُعونَ *) الشــعراء (‪)211-210‬‬ ‫فمــع مجــيء اإلســام بقــي لإللهــام رسه‬ ‫الغامــض‪ ،‬وقوتــه الخفيــة‪ ،‬التــي يســتمد منهــا‬ ‫الشــعراء أشــعارهم‪ ،‬وإن تــوارى الرمــز لهــا‬ ‫بالشــياطني يف بــادئ األمــر‪ ،‬فعندمــا تصــدى‬ ‫حســان بــن ثابــت للــرد عــى املرشكني بشــعره‬ ‫قــال لــه الرســول صــى اللــه عليــه وســلم‪:‬‬ ‫«إن روح القــدس ال يـزال يؤيــدك مــا نافحت‬ ‫عــن اللــه ورســوله»‪ .‬رواه مســلم‪ ،‬واملــراد‬ ‫بــروح القــدس امللــك جربيــل عليــه الســام‪.‬‬ ‫إن فكــرة شــيطان الشــعر مل تنمــح مبجــيء‬ ‫اإلســام‪ ،‬بــل تــوارت قلي ـاً ثــم ظهــرت مــرة‬

‫معرض «توأمة»‪ ..‬بني الرقة وأورفا‬

‫أخــرى لكنهــا مل تتجــاوز الرمــز إىل االعتقــاد‬ ‫بحقيقــة الشــيطان ودوره يف عمليــة اإللهــام‪،‬‬ ‫وبقيــت فكــرة مجازيــة تســتنطق بهــا أرواح‬ ‫الشــعراء‪ ،‬ورســالة «التوابــع والزوابــع» البــن‬ ‫شــهيد األندلــي مثــال واضــح لبقــاء هــذه‬ ‫الفكــرة واســتمرارها‪ ،‬فقــد التقــى خيالــه‬ ‫فيهــا مــع شــياطني الشــعراء بصحبــة شــيطانه‬ ‫هــو الــذي أطلــق عليــه اســم زهــر بــن منــر‪.‬‬ ‫والرســالة كلهــا مبنيــة عــى االســتفادة مــن‬ ‫تجــارب هــؤالء الشــياطني مــع شــعرائهم يف‬ ‫صناعــة الشــعر‪.‬‬ ‫لقــد شــكلت قضيــة مصــدر اإللهــام لغـزا ً حــر‬ ‫العقــول قدميــاً وحديثــاً لدرجــة أن بعــض‬ ‫أعــام عــر النهضــة األوربيــة جعلــوا الشــاعر‬ ‫والنبــي ســواء‪ ،‬بــل إن منهــم مــن جعــل‬ ‫الشــاعرية غريــزة إلهيــة تصــدر عنهــا الحكمــة‬ ‫املصفــاة والعلــم الصحيــح‪.‬‬ ‫وهــم هنــا قريبــون مــن فهــم أرســطو حينــا‬ ‫ســوى الشــعراء باألنبيــاء والكهنــة يف أنهــم‬ ‫يتلقــون مــا ينطقــون بــه مــن مصــدر خارجــي‬

‫ال أقدر على اجمليء‬ ‫نوراي آشار‬

‫إبراهيم الرفيع‬ ‫عنهــم‪ ،‬وأنهــم ينطقــون بالــكالم الحســن دون‬ ‫أن يعرفــوا مــاذا يقولــون؟‪.‬‬ ‫وتعــددت التفســرات يف العــر الحديــث‬ ‫لظاهــرة اإللهــام ومل تلتــق األبحــاث رغــم‬ ‫تنوعهــا حــول نقطــة متفــق عليهــا يــرد إليهــا‬ ‫رس اإللهــام يف العمــل األديب‪.‬‬ ‫والخالصــة‪ :‬اإللهــام اســتعداد كامــن يف نفــس‬ ‫األديــب‪ ،‬وملكــة يولــد اإلنســان بهــا‪ ،‬ويفطــر‬ ‫عليهــا‪ ،‬ألن األثــر األديب الجيــد ال ميكــن أن‬ ‫يكــون إال عــن نفــس ملهمــة‪ ،‬وال يكــون هــذا‬ ‫راجعـاً إىل شــيطان‪ ،‬فالشــيطان يلقــي الباطــل‬ ‫يف القلــب‪ ،‬ويجريــه عــى اللســان‪.‬‬ ‫وليــس وحي ـاً يلقيــه ملــك مــن اللــه تعــاىل‪،‬‬ ‫وهــذا خــاص باألنبيــاء وحــاالت فرديــة لبعــض‬ ‫األصفيــاء‪ ،‬وأمــا تأييــد روح القــدس لحســان‬ ‫بــن ثابــت ريض اللــه عنــه فهــو مــن بــاب‬ ‫النــر واإلعانــة والتقويــة وليــس الوحــي‬ ‫واإللهــام‪ ،‬وحتــى لــو كان فهــو خــاص وال‬ ‫ميكــن تعميمــه كحجــة يف هــذه القضيــة‬ ‫واللــه أعلــم‪.‬‬

‫‪Gelemem‬‬ ‫‪Nuray Açar‬‬

‫موالي��د قيس��رية ‪ ،1967‬درس��ت يف جامع��ة قوني��ا حماس��بة‪ ،‬وتعم��ل يف جامع��ة ح��ران‪،‬‬ ‫أورف��ا‪ ،‬مت��ارس الرس��م‪ ،‬وكتاب��ة الش��عر الذي يغلب عليه الطاب��ع احلر‪ ،‬وهلا العديد من‬ ‫النش��اطات الفني��ة واألدبي��ة والقصائد املنش��ورة‪.‬‬

‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫تنعــدم املســافات يف الفــن‪ ،‬وتغــدو‬ ‫املــدن متجــاورة وقريبــة مــن بعضهــا‪ ،‬كذلــك‬ ‫كان طمــوح الرقــة وطمــوح أورفــا يف لوحــات‬ ‫فنــاين معــرض (توأمــة) الــذي أقيــم يف مدينــة‬ ‫أورفــا الرتكيــة بتاريــخ ‪ 2016 /5/19‬يف صالــة‬ ‫املؤمتــرات واملعــارض‪ ،‬وحــره جمهــور كبــر‬ ‫مــن الســوريني‪ ،‬ومــن األتـراك مــن محبــي الفــن‬ ‫ومــن املتعاطفــن مــع الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫شــارك يف املعــرض الفنــان املخــرم مصطفــى‬ ‫الســليامن‪ ،‬والفنــان عمــر غالــب الــذي تتنامــى‬ ‫أعاملــه بــدأب ونشــاط‪ ،‬والفنانــة فاطمــة‬ ‫الهويــدي التــي اعتصمــت عنــد الذكــرى وعنــد‬ ‫إعــادة تكويــن الفلكلــور الرقــي يف عملهــا‪،‬‬ ‫والفنــان زبــر الشــويخ الــذي يخطــو بجــرأة‬ ‫يف ســاحات لوحاتــه املشــغول عنهــا بتجليــات‬ ‫الحيــاة اليوميــة للتحريــر القــادم للرقــة‪.‬‬ ‫شــارك الفنانــون يف املعــرض بســويات متفاوتــة‬ ‫بينهــم‪ ،‬ويف ســويات مختلفــة حتــى مــع‬ ‫مســرتهم الفنيــة‪ ،‬فالفنــان مصطفــى الســليامن‬ ‫تجلّــت ريشــته يف لوحــة الدمــار الحلبــي التــي‬ ‫تعامــل معهــا مبهــارة تشــكيلية وتكوينيــة‪،‬‬ ‫فالكتــل واللــون واالنســان يتقاســمون فضــاء‬ ‫اللوحــة املعــرة عــن مأســاة الســوريني التــي‬ ‫تعــ ّد اليــوم هــي مأســاة العــر‪.‬‬ ‫أمــا بقيــة لوحاتــه فهجــرت نهجــه الرمــزي‬ ‫والتشــكييل املعــروف بــه طــوال عملــه‪ ،‬وعادت‬ ‫برومانســية اللــون واألشــكال الريفيــة الرقيــة‬ ‫واملناظــر الطبيعيــة واللوحــات الرسيعــة التــي‬ ‫تجــر فنانهــا عــى انجازهــا بــأرسع مــا ميكــن‪،‬‬ ‫رمبــا بســبب ضغــط حيــاة اللجــوء وحاجاتهــا‬

‫الالمتناهيــة ومشــاغلها الكثــرة‪ ،‬النفســية‬ ‫والجســدية واملاديــة‪.‬‬ ‫أمــا الفنــان عمــر غالــب فقــد كان األكــر تدفقـاً‬ ‫حتــى يــكاد أن يكــون قــد أحــر كل أرشــيفه‬ ‫مــن أجــل معــرض للرقــة يف أورفــا‪ ،‬كانــت‬ ‫لوحاتــه متباينــة الطــرق واملعالجــات‪ ،‬وكان‬ ‫عــا يريــد أن يعــر عنــه‪،‬‬ ‫حائــرا ً يف معرضــه ّ‬ ‫فمــن لوحــات هادئــة ومتمهلــة تغيــب عنهــا‬ ‫املأســاة الســورية بشــكلها املبــارش‪ ،‬إىل لوحــات‬ ‫تجريبيــة يف األشــكال ويف األلــوان وتبايــن‬ ‫اإلضــاءة والتفنــن باألشــكال وإعــادة تكوينهــا‬ ‫مــن جديــد‪ ،‬وكانــت أورفــا حــارضة يف مناظرهــا‬ ‫ولكــن االهتــام مل يكــن يقصدهــا بقــدر مــا‬ ‫كان اهتاممــا عابـرا ً يف مدينــة يرفــض الكثــرون‬ ‫أن يستســلموا لهــا‪ ،‬ويظلــون يف املــدن التــي‬ ‫تحتــل أخيلتهــم‪.‬‬ ‫ريشــة فاطمــة الهويــدي تتــأىن وتحفــر يف الزمن‬ ‫لرصــد معــامل امــرأة تخبــز خبــز الصــاج وتحــاول‬ ‫العبــور إىل جســدها لتعيــد تشــكيله‪ ،‬لكنهــا‬ ‫تكتفــي بالتموجــات املعــرة عــا يف نفــس‬ ‫تلــك املــرأة القرويــة الصادقــة مــع نفســها‬ ‫ومــع عملهــا‪ ،‬ولعــل فاطمــة اســتلهمت روح‬ ‫اإلخــاص مــن بطلــة لوحتهــا املنهمكــة بالعمــل‬ ‫إىل حــد الغيــاب عــن املوجــودات التــي حولهــا‪.‬‬ ‫الفنــان زبــر الشــويخ ميتلــك جــرأة فنيــة كبــرة‬ ‫وإرادة ولــون يتــاىش مــع تلــك اإلرادة‪ ،‬ولكــن‬ ‫الوقــت والتأمــل الطويــل بانتظــاره لتتجــى‬ ‫موهبتــه الكامنــة‪ ،‬والتــي مل تفصــح لنــا عــن‬ ‫مكنوناتهــا الثمينــة‪.‬‬ ‫يذكرنــا هــذا املعــرض الفنــي مبعــارض الرقــة‬

‫مثل طري رشيد يف حقل ألغام‬ ‫الطريق ضيقة‪ ..‬الطريق مظلمة‬ ‫الليل ينه ّد مثل الحياة عىل أكتايف‬ ‫ال أقدر عىل املجيء‪ ،‬الطريق ضيقة ومظلمة‬ ‫أتيت عىل ذكري‪ ،‬فاشتعلت النار يف قلبي‬ ‫َ‬ ‫عيني‬ ‫حكة يف أنفي‪ ،‬ورشود يف ّ‬ ‫رمبا كان ذلك من تأثري فطائر السبانخ التي‬ ‫عملتها‬ ‫فقد عصفت رائحتها يف ذهني‪ ،‬وتحسستها‬ ‫أكفّي‬ ‫هل تعلم‪ ،‬ال أستطيع املجيء‪ ،‬ال تناديني‪ ،‬ال‬ ‫جدوى‬ ‫الطريق ضيقة‪ ..‬الطريق مظلمة‬ ‫أحدهم باألمس سألني‬ ‫أين ذاك الفتى‪..‬؟!‬ ‫هل تعلم‪ ،‬ال أستطيع املجيء‬ ‫هل تعلم‪ ،‬الطريق ضيقة‬ ‫هل تعلم‪ ،‬الطريق مظلمة‬ ‫هل تعلم‪ ،‬أصبحت طائرا ً رشيدا ً‬

‫قبــل أن تحتلهــا داعــش التكفرييــة‪ ،‬ويذكرنــا‬ ‫مبحــاوالت فنــاين الرقــة الدؤوبــة لكتابــة‬ ‫أســائهم يف الحيــاة التشــكيلة الســورية يف‬ ‫نهايــة الســبعينات وبدايــات الثامنينــات‪ ،‬وقــد‬ ‫قطعــوا أشــواطاً كبــرة وهــم يســجلون اللوحــة‬ ‫الرقيــة‪ ،‬والفــن واللــون الفــرايت وتجلياتهــا‬ ‫التشــكيلية عــى مشــهد الفــن التشــكييل‬ ‫الســوري‪ ،‬ولكــن هــذه املحاولــة الفنيــة ينقصها‬ ‫التبلــور‪ ،‬وتتضــاءل إعــادة التعبــر عــن املأســاة‬ ‫الســورية‪ ،‬وتقدميهــا للســوريني ولألتــراك‬ ‫كــرؤى ناضجــة ومتفاعلــة مــع أذواق الجمهــور‬ ‫وتأخــذه إىل آفــاق التعبــر الفنــي العميــق عــن‬ ‫يف حقل ألغام قد انتهيت‪.‬‬ ‫املأســاة الســورية‪.‬‬

‫قليب حديقة ورد‬ ‫علي توموش‬

‫ورغــم ذلــك فــإن هــذه املحاولــة الفنيــة جــادة‬ ‫وصادقــة يف رفــض االستســام للعدم وللســلبية‪،‬‬ ‫ومحاولــة الســتعادة قــدرات العــن وتوســيع‬ ‫الرؤيــة للجمهــور الســوري الــذي ينتظــر‬ ‫املزيــد‪ ،‬وكذلــك للجمهــور الــريك الــذي مــا‬ ‫يـزال بانتظــار الدفــق التشــكييل املعـ ّـر بعمــق‬ ‫وبصــدق‪ ،‬والــذي ينظــر إىل اآلفــاق البعيــدة يف‬ ‫مجــرات النفــوس الســورية املعذّبــة‪.‬‬

‫ما أجمل قدومك عىل قلبي املحطم‬ ‫ذاك الحطام أصبح اآلن حديقة ورد‬ ‫بك تفتحت الزهور يف حيايت‬ ‫ما أجمل قدومك عىل قلبي الحزين‬ ‫وابتسامتك تلك‬ ‫لو أنك فقط كل يوم‪ ..‬كل يوم تأيت‬ ‫يف كل وقت أراك فيه يغمرين الفرح‬ ‫مثل اسمك جئت جميالً‬ ‫فقط لو أنك ال تذهب‬ ‫ال ترتكنا وتذهب‪.‬‬

‫‪Serseri bir kuşum mayın‬‬ ‫‪tarlasında gezen‬‬ ‫‪Yollar dar yollar karanlık‬‬ ‫‪Gece çökmüş hayat gibi‬‬ ‫‪omuzlarıma‬‬ ‫‪Gelemem yollar dar yollar‬‬ ‫‪karanlık‬‬ ‫‪Beni anıyorsun ateş bastı‬‬ ‫‪sol yanımı‬‬ ‫‪Burnum sızladı gözlerim‬‬ ‫‪yine daldı‬‬ ‫‪Belki o ıspanaklı böreğinden‬‬ ‫‪yaptın‬‬ ‫‪Kokusu düştü aklıma dilim‬‬ ‫‪dilim avuçlarıma‬‬ ‫‪Biliyorsun gelemem çağırma‬‬ ‫‪boşuna‬‬ ‫‪Yollar dar yollar karanlık‬‬ ‫‪Biri beni sordu geçende‬‬ ‫‪Nerede o delikanlı‬‬ ‫‪Biliyorlar gelemem‬‬ ‫‪Biliyorlar yollar dar‬‬ ‫‪Biliyorlar yollar karanlık‬‬ ‫‪Biliyorlar serseri bir kuş‬‬ ‫‪oldum‬‬ ‫‪Mayın tarlasında yok oldum‬‬

‫‪Gönül Gülistan‬‬ ‫‪ALİ TUMUŞ‬‬

‫‪Ne hoş geldin gönül‬‬ ‫‪viranemize,‬‬ ‫‪O harabe gülistan oldu şimdi.‬‬ ‫‪Hayatımıza güller açtıran‬‬ ‫‪sen,‬‬ ‫‪Ne güzel geldin de buruk‬‬ ‫‪yüreğimiz tebessümlendi.‬‬ ‫‪Keşke her gün her gün‬‬ ‫‪gelsen,‬‬ ‫‪Her an seni görsem de‬‬ ‫‪sevinsem,‬‬ ‫‪Ismin gibi güzel geldin, nolur‬‬ ‫?‪gitmesen‬‬ ‫!‪Ne olur bizi bırakıp gitme sen‬‬


‫حرمل الثقافة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫‪11‬‬

‫ح��وار م��ع الفن��ان التش��كيلي الس��وري الفرنس��ي عناي��ت عط��ار‬ ‫سالم ًا إىل الرقة‬ ‫* حوار فرحان مطر‬

‫لي��س ح��واراً فني��اً بق��در م��ا ه��و لق��اء‬ ‫صديق�ين ينتمي��ان ل��ذات األرض‪،‬‬ ‫وحيمالن ذات الرؤى واألحالم‪ ،‬وإن كان‬ ‫كل منهما يعرب عنها على طريقته‪ ،‬وفق‬ ‫م��ا ميتلك��ه م��ن أدوات تعبريي��ة فني��ة‪.‬‬ ‫اللقــاء مــع الفنــان التشــكييل الســوري‬ ‫الفرنــي عنايــت عطــار هنــا ليــس معنيــاً‬ ‫بالتأريــخ لتجربتــه وســرته الفنيــة‪ ،‬ذلــك أن‬ ‫مثــل هــذا األمــر لــن مينحــه كل مــا يســتحق‬ ‫مــن الوقــت واالســتفادة الالزمــة مبــا يتناســب‬ ‫وســعة تلــك التجربــة الفنيــة وغناهــا وتفردهــا‪،‬‬ ‫التــي أســتطيع اختصارهــا بكلمــة واحــدة‪:‬‬ ‫«تجربــة الفنــان التشــكيلية‪ ،‬تشــبه متامــاً‬ ‫تجربتــه اإلنســانية»‪.‬‬ ‫عنايــت الــذي تــأرسك لوحاتــه‪ ،‬وتدهشــك‬ ‫ألوانــه‪ ،‬هــو ذاتــه اإلنســان الــذي تــأرسك‬ ‫بســاطته وطيبتــه‪ ،‬وتدهشــك إنســانيته التــي ال‬ ‫تســتطيع التفريــق فيهــا بــن القــول والفعــل‪،‬‬ ‫بــن الواقــع والحلــم‪.‬‬ ‫مــع عنايــت عطــار مثــة دردشــة يف بيتــه‪،‬‬ ‫ومرســمه‪ ،‬ويف الطبيعــة التــي يعشــق‪ ،‬ويف‬ ‫الشــوارع املمتلئــة بالنــاس الذيــن ال يســتطيع‬ ‫عنايــت عطــار أن يكــون بعيــدا ً عنهــم للحظــة‪،‬‬ ‫يك يســتلهم منهــم مــا يــري تجربتــه الفنيــة‬ ‫عــى الــدوام‪.‬‬ ‫عنايــت الــذي يدمــن رشب القهــوة يف كل‬ ‫األوقــات‪ ،‬ويدخــن برشاهــة‪ ،‬ويضحــك كطفــل‪،‬‬ ‫ويبــي لــكل منظــر ظلــم إلنســان‪ ،‬تـراه يعشــق‬ ‫جلــوس املقاهــي بــن النــاس الذيــن يعــرف‬ ‫بعضهــم‪ ،‬وهــم بأغلبهــم يعرفونــه‪ ،‬ملــا لــه‬ ‫مــن حضــور فنــي كبــر يف مدينتــه الفرنســية‬ ‫الجميلــة ‪ Angers‬يف هــذه الجلســات أتركــه‬ ‫أحيانــاً بعــض الوقــت يف رشوده‪ ،‬ثــم أســأله‬ ‫بغتــة‪ :‬عنايــت يــا صديقــي مبــاذا تفكــر؟!‪...‬‬ ‫فيضحــك ليخــرين بعفويــة أنــه كان يتأمــل‬ ‫تلــك الشــقراء التــي أمامنــا‪ ،‬وهــو يفكــر كيــف‬ ‫ألهمتــه موضــوع لوحــة قادمــة‪.‬‬ ‫بهــذه البســاطة يعيــش الفنــان أقــرب‬ ‫مــا يكــون إىل الزهــد‪ ،‬مل تســتطع الحضــارة‬ ‫األوروبيــة عمومــاً والحيــاة يف فرنســا التــي‬ ‫منحتــه جنســيتها‪ ،‬أن تغــر يف تلــك الحيــاة‬ ‫البســيطة الزاهــدة التــي تليــق بفنــان كبــر‪ ،‬أو‬ ‫حتــى حكيــم‪.‬‬ ‫يف كل أحاديثنــا املتواصلــة عــى مــدى عــدة‬ ‫أيــام مل تغــب الرقــة وأهلهــا والذكريــات التــي‬ ‫لــن ميحوهــا الزمــن مــن جلســاتنا‪.‬‬ ‫ســأحاول فيــا يــي نقــل بعــض تلــك الــرؤى‬

‫والذكريــات عــن الرقــة وعالقتــه الروحيــة بهــا‪،‬‬ ‫كإنســان‪ ،‬وفنــان‪.‬‬

‫الرق��ة‪ ..‬مدين��ة األممي��ة الثالث��ة‪..‬‬ ‫مدين��ة العش��ق واجلم��ال والس�لام‬ ‫* عقديــن مــن الزمــن ميثــان ربيــع عمــرك‪،‬‬ ‫قضيتهــا يف الرقــة‪ ،‬عملــت خاللهــا يف‬ ‫التعليــم‪ ،‬والفــن‪ ،‬واســتطعت خــال فــرة‬ ‫قصــرة نســبياً أن تكــون فيهــا واحــداً مــن‬ ‫أبنائهــا النشــيطني املعروفــن‪ ..‬مــاذا عــن تلــك‬ ‫األيــام‪ ،‬وتلــك التجربــة؟!‪.‬‬ ‫** كنــت يف تلــك األيــام قــد أطلقــت عــى‬ ‫الرقــة اســم (مدينــة األمميــة الثالثــة)‪ ،‬بعــد‬ ‫املشــاع‪ ،‬وامتــاك الــكل للــكل‪ ،‬قبــل ظهــور‬ ‫األفــكار االشــراكية إلعــادة تقاســم امللكيــات‬ ‫بــن البــر‪ ،‬والثالثــة املقصــودة هنــا هــي الرقــة‬ ‫التــي عرفتهــا منــذ أول يــوم‪.‬‬ ‫سأســمح لنفــي أن أقــدم جانــب‬ ‫اإلحســاس عــى جانــب التحليــل العقــاين‪ ،‬أو‬ ‫السوســيولوجي‪ ،‬ورمبــا يعــود هــذا األمــر إىل‬ ‫تكوينــي الشــخيص‪ ،‬بفعــل تدريــب امللــكات‬ ‫الحســية عــى حســاب العقلنــة البــاردة‪ ،‬وهكذا‬ ‫أحسســت بتلــك الـراءة التي تكتيس الســحنات‬ ‫والوجــوه يف كل مــن أصادفهــم‪ ،‬ثــم تبــن يل‬ ‫فيــا بعــد أننــي كنــت عــى حــق‪ ،‬إثــر بنــاء‬ ‫الصداقــات‪ ،‬والعالقــات الواســعة مــع النــاس يف‬ ‫الرقــة‪ ،‬حيــث مل يســألني أحــد منهــم‪ :‬مــن أيــن‬ ‫أتيــت؟!‪ ..‬وإن ســأل ذلــك فلــي يجــد صديق ـاً‬ ‫قدميــاً يعرفــه قبــي مــن حيــث أتيــت‪ ،‬وهــو‬ ‫هنــا يف هــذا الســؤال تـراه يبحــث عــن املشــرك‬ ‫الــذي ســيجمعنا‪ ،‬ال عــن االختــاف‪.‬‬ ‫لقــد كانــت الرقــة يف نهضتهــا‪ ،‬وال أقول هنا‪:‬‬ ‫الحضاريــة‪ ،‬أو املدنيــة‪ ،‬ألنهــا تحصيــل حاصــل‬ ‫وهــي معروفــة مباضيهــا التاريخــي والحضــاري‪،‬‬ ‫ولكــن بنيانــاً‪ ،‬وعمرانــاً‪ ،‬أو توســعاً كان يغــزو‬ ‫املناكــب‪ ،‬لتصبــح مدينــة بــكل معــاين الحداثــة‪،‬‬ ‫وأنــا أخجــل إن قلــت‪ :‬إننــي كنــت صب ـاً بهــذا‬ ‫البنــاء‪ ،‬ألننــي أحببتــه وســكانها‪ ....‬الرقــة مدينــة‬ ‫العشــق والجــال والســام‪.‬‬ ‫* عــى ضفــاف الفـرات ارتســم جــزء هــام مــن‬ ‫مخيلتــك الفنيــة نــراه بوضــوح يف لوحاتــك‬ ‫التشــكيلية‪ ،‬ويف الكثــر مــا تكتبــه‪ ،‬مــاذا عــن‬ ‫أثــر الف ـرات عليــك؟!‪.‬‬

‫** نعــم‪ ،‬لقــد تركــت تلــك املالمــح والطبيعــة‬ ‫هنــاك عــى حــد ســواء أث ـرا ً عميق ـاً يف نفــي‪،‬‬ ‫وكان للمــرأة دورهــا يف ارتــداء شــفافية الفـرات‪،‬‬ ‫وضــوء الشــمس‪ ،‬وألــوان الرتبــة الســاخنة‪ ،‬ثــم‬ ‫رأيتنــي أمــزج بــن طفولتــي التــي تالحقنــي‬ ‫مــن عفريــن بوهــج الســنابل والقامــات‪،‬‬ ‫وامتــداد املــدى عــى الســهول يف زرقــة نقيــة‬ ‫تــريس بقــوس قــزح عــى عذوبــة الفــرات‪،‬‬ ‫وشــفافيته‪ ،‬وهــي مــا تــزال تــيء ذاكــريت‬ ‫بتاريــخ املنطقــة وحضارتهــا‪ ،‬وقــد ذكــر الكثــر‬ ‫مــن النقــاد الفرنســيني هــذا التأثــر يف الصحافــة‬ ‫الفنيــة‪ ،‬وأورد مــا قالــه الشــاعر جــاك بيــر‪( :‬إن‬ ‫نســاء عنايــت عطــار ال ميســن عــى األرض‪ ،‬بــل‬ ‫يخــرج منهــا‪ ،‬فليــس ذلــك إال قوافــل الحصــاد‬ ‫التــي تخــرج مــن غبــار املــدى وســط الحقــول)‪.‬‬ ‫* عنايــت عطــار الفنــان التشــكييل الســوري‬ ‫الفرنــي دائــم الحضــور والنجــاح يف هــذا‬ ‫العــامل املتحــر (أوروبــا) مــاذا تقــول للفنــان‬ ‫التشــكييل ابــن الرقــة الــذي مــا زال محــارصا‬ ‫هنــاك تحــت ســطوة داعــش‪ ،‬أو مــن عــرف‬ ‫الهجــرة واملنــايف الجديــدة؟!‪.‬‬ ‫** رمبــا كنــت هنــا دائــم الحضــور يف الوســط‬ ‫الثقــايف الفرنــي‪ ،‬وأســتطيع القــول إن أغلــب‬ ‫أصدقــايئ يعرفــون ثقافــة املنطقــة وأهلهــا‪،‬‬ ‫والكثــرون منهــم كانــوا قــد زاروا الرقــة‪،‬‬ ‫وآثارهــا‪ ،‬أو عــى األقــل قــرؤوا عــن حضــارة‬ ‫بابــل وكنعــان وفينيقيــا وآشــور وآكاد‪ ...‬مل ألتــقِ‬ ‫أحــدا ً منهــم إال وبــادرين العـزاء مبلـاً خاطــري‬ ‫ببعــض الــكالم عــا تعانيــه الرقــة اليــوم‪.‬‬ ‫لقــد مــر التتــار واملغــول‪ ،‬مثلــا ميــر اليــوم‬ ‫هــؤالء املارقــون‪ ،‬وهنــا أتذكــر مقولــة للفنــان‬ ‫فاتــح املــدرس‪ ،‬حــن زار الرقــة‪ ،‬وقــد كنــت‬ ‫برفقــة عبــد الغفــور الشــعيب مديــر املركــز‬ ‫الثقــايف حينهــا باســتقباله‪ ،‬فكانــت أول كلمــة‬ ‫يقولهــا وهــو ينــزل مــن القطــار متلفت ـاً مينــة‬ ‫للم��رأة دوره��ا يف ارت��داء ش��فافية ويــرة‪( :‬أرأيتــم هــذه الحجارة؟!‪...‬هــذه الرتبــة‬ ‫املباركــة؟!‪ ...‬هــذا الشــوك العنيــد؟!‪ ...‬إنهــا‬ ‫الفرات‬ ‫أســلحة الدفــاع عــن نفســها‪ ...‬إنهــا هــي التــي‬

‫طــردت الفرنجــة أيهــا األصدقــاء‪ ،‬وال يســتطيع عــى العشــاء‪ ،‬وهنــاك ومــن خــال الحديــث قلت‬ ‫العيــش هنــا إال أصحــاب هــذه األرض)‪ ،‬فقلــت لهــم‪ :‬لقــد تأخــرت ألننــي بضيافــة قريــب‪ ،‬فضحك‬ ‫لــه‪ :‬إنــك تلقــي قصيــدة‪ ،‬وقــد اســتضفناك الجميــع‪ ،‬وقالــوا‪ :‬أنــت بضيافتنــا يــا عنايــت‪....‬‬ ‫هــذا حــدث معــي يف أول مــرة‪ ،‬وكل مــن يعــرف‬ ‫لتعــرض أعاملــك الفنيــة‪.‬‬ ‫الرقــة يعــرف أنــه حقيقــة النــاس هنــاك‪.‬‬ ‫قال يل‪( :‬إن رسومايت بلون هذه األرض)‪.‬‬ ‫* عــن تلــك األيــام الجميلــة يف الرقــة‪ ،‬هــل ملســت‬ ‫يومـاً حساســية مــن نــوع مــا بــن مكونــات الناس الرقة س��تطهر نفس��ها‪ ..‬هك��ذا يقول‬ ‫هنــاك‪ ...‬رشكــس‪ ..‬أرمــن‪ ..‬أكـراد‪ ...‬عرب؟!‪..‬‬ ‫إحساسي‬ ‫** ال غريــب يف الرقــة مطلقــاً‪ ،‬مبعنــى أنــك إن‬ ‫زرتهــا يف أول يــوم‪ ،‬فســتكون مــن أهلهــا‪ ،‬إذ تجــد * مجلــة الحرمــل جهــد ثقــايف ألبنــاء الرقــة‪،‬‬ ‫مالءمــة مبــارشة مــع أهلهــا‪ ،‬ويف الرقــة ال يــرى يحاولــون مــن خاللــه إثبــات حضورهــم وثقلهــم‬ ‫القــادم إليهــا أنــه مضطــر للتقوقــع‪ ،‬أو العيــش الثقــايف واإلبداعــي عــى الرغــم مــن كل مــا جــرى‬ ‫ضمــن كيتــو‪ ،‬وأحيــاء خاصــة‪ ،‬أبــدا ً‪.‬‬ ‫ألهلهــم ومدينتهــم‪ ،‬مــاذا تقــول للحرمــل؟!‪..‬‬ ‫** لقــد ســاهمت الرقــة يف اإلبــداع الفنــي واألديب‬ ‫ال غريب يف الرقة‬ ‫عــى مســتوى ســوريا‪ ،‬وال داعــي لذكــر األســاء‬ ‫فهــي معروفــة متام ـاً‪ ،‬وأقــول كــا قــال صديقــي‬ ‫مــن األمثلــة الواقعيــة أننــي يف أول يــوم مــن فاتــح املــدرس‪ :‬الرقــة ســتطهر نفســها‪ ،‬وكــا قلــت‬ ‫وصــويل إليهــا‪ ،‬قمــت بزيــارة املركــز الثقــايف يف البدايــة‪ ،‬هكــذا يقــول يل إحســايس‪ ،‬الــذي ال‬ ‫(الطيــور عــى أشــكالها تقــع)‪ ،‬وقلــت يف نفــي‪ :‬ال يكــذب عــي‪.‬‬ ‫بــد أن أرى هنــا العديديــن عــى شــاكلتي‪ ،‬منط ـاً‪،‬‬ ‫وحلــاً‪ ،‬واجتهــادا ً‪.‬‬ ‫أقــول شــكرا للحرمــل والقامئــن عليهــا حــن‬ ‫وباملصادفــة رأيــت جمع ـاً جمي ـاً يتحدثــون أتاحــوا يل فرصــة اســتعادة ذكريــايت وجــزءا ً مــن‬ ‫عــن ديكــور مرسحيــة اســمها (الطاعــون يعســكر تاريخــي وهويتــي اإلنســانية والفنيــة التــي‬ ‫يف املدينــة) للكاتــب ســامي حمــزة‪ ،‬فتدخلــت عشــتها يف الرقــة‪ ،‬ومــن خــال الحرمــل أوجــه‬ ‫وقلــت‪ :‬أنــا جاهــز‪.‬‬ ‫تحيــايت لألصدقــاء جميعــاً‪ ،‬مــن تبقــى منهــم‬ ‫تحدثنــا طويـاً‪ ،‬وتعارفنــا‪ ،‬وكأننــا نعــرف بعضنــا يف الرقــة‪ ،‬ومــن هاجــر‪ ....‬ســاماٍ أيتهــا الرقــة‬ ‫منــذ أربعــة قــرون‪ ،‬ثم ذهبنــا إىل مقصف الرشــيد‪ ،‬الحبيبــة‪ ،‬نحــن وإيــاك عــى موعــد قريــب مــع‬ ‫وإىل اآلن مل أعــرف مــن هــو صاحــب تلــك الدعــوة الحريــة التــي تليــق بــك‪.‬‬

‫صحيف��ة احلرم��ل‪ :‬ثقافي��ة ــ��ـ سياس��ية ــ��ـ نص��ف ش��هرية ــ��ـ تص��در ع��ن مؤسس��ة توت��ول اإلعالمي��ة بالتع��اون م��ع بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني‬ ‫رئي��س جمل��س اإلدارة و رئي��س التحري��ر‪ :‬بس��ام البليب��ل ‪ /‬مدي��ر التحري��ر‪ :‬يوس��ف دعي��س‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫)‪SAYI: 41 YIL: 2016 )2.‬‬ ‫‪İMTİYAZ SAHİBİ: ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: BASSAM ALBULAIBL‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33 MOB: 00905316201958‬‬

‫‪Muzaffer kartal bahçelievler- hekŞmler apt no.3 ŞanliUrfa‬‬

‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬


‫‪12‬‬

‫حرمل الثقافة‬

‫زاويـة حـرة‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬

‫‪www.alharmal.com‬‬

‫نع��م‪ ..‬املؤام��رة موجودة!‬ ‫حممد احلاج صاحل‬

‫صور‬ ‫من‬ ‫معرض‬

‫توأمة‬ ‫احتفــاالت ضخمــة يف تركيا يف ذكرى فتح القســطنطينية‬ ‫اسطنبول ‪ -‬أ ف ب‬ ‫بعــد مــرور أكــر مــن ‪ 500‬عــام عــى فتــح‬ ‫القســطنطينية‪ ،‬أقــام األتــراك احتفــاالت ضخمــة يف‬ ‫الذكــرى الـــ ‪ 563‬لهــذه املناســبة‪ ،‬ومــن املنتظــر أن‬ ‫تــدوي املدافــع مجــددا ً حــول أســوار املدينــة القدميــة‬ ‫التــي أنهــى ســقوطها حكــم البيزنطيــن لهــا‪.‬‬ ‫وجــرت االحتفــاالت يف كل املناطــق الرتكيــة احتفــاء‬ ‫بقيــام الســلطان محمــد الثــاين بفتــح القســطنطينية‬ ‫يف العــام ‪ ،1453‬ولذلــك لقــب بـ«الفاتــح»‪ .‬لكــن‬ ‫االحتفــاالت التــي ســتجري يف إســطنبول‪ ،‬وهــو االســم‬ ‫الــذي أطلقــه العثامنيــون عــى القســطنطينية بعــد‬ ‫ســقوطها‪ ،‬ســتكون األكــر إثــارة‪.‬‬ ‫وستشــارك يف هــذه االحتفــاالت فــرق مــن ســاح‬ ‫الجــو الــريك مــع ألعــاب ناريــة ضخمــة‪ ،‬كــا ســتقوم‬ ‫أوركسـرا عســكرية بإحيــاء حفلــة موســيقية‪ ،‬وفــق مــا‬ ‫جــاء عــى موقــع محافظــة إســطنبول‪.‬‬ ‫ومــن املتوقــع أن يحــر نحــو مليــون زائــر االحتفاالت‬ ‫يف حــي ينيــكايب حيــث فرضــت تدابــر أمنيــة مشــددة‬ ‫تخوفـاً مــن أي اعتــداءات عــى غـرار تلــك التــي قــام‬ ‫بهــا عنــارص مــن تنظيــم «الدولــة اإلســامية» (داعــش)‬

‫أو مــن املتمرديــن األكـراد خــال األشــهر املاضيــة‪.‬‬ ‫وأفــادت «وكالــة أنبــاء األناضــول» نقــاً عــن‬ ‫املســؤول يف رشطــة إســطنبول مصطفــى شاليســكان‪،‬‬ ‫أن الســلطات جنــدت غواصــة وفرقاطــة وخمــس‬ ‫مروحيــات وتســعة آالف رشطــي و‪ 40‬قناصـاً وعـرات‬ ‫الــكالب املدربــة لحفــظ األمــن يف منطقــة االحتفــاالت‪.‬‬ ‫ومــن املقــرر أن يشــارك الرئيــس الــريك رجــب‬

‫طيــب أردوغــان ورئيــس الحكومــة بــن عــي يلــدرم‬ ‫يف االحتفــاالت يف إســطنبول‪ .‬ومنــذ وصــول حــزب‬ ‫«العدالــة والتنميــة» يف العــام ‪ 2002‬إىل الســلطة‬ ‫ازدادت مظاهــر متجيــد التاريــخ العثــاين لرتكيــا‪.‬‬ ‫وألقــى أردوغــان خطابــاً أمــام الحشــد قــال فيــه‪:‬‬ ‫«أوجــه تحيــة إىل كل عواصمنــا الشــقيقة مــن‬ ‫ســاراييفو إىل باكــو»‪ ،‬مضيف ـاً‪« :‬مــن اآلن حتــى العــام‬ ‫‪ 2023‬ســنجعل مــن ورثــة‪ ،‬الرجــل املريــض‪ ،‬قبــل ‪100‬‬ ‫عــام أحــد أكــر عــرة اقتصــادات يف العــامل»‪.‬‬ ‫وتعبــر «الرجــل املريــض» اســتخدمته العواصــم‬ ‫األوروبيــة لإلشــارة إىل الســلطنة العثامنيــة ابتــدا ًء مــن‬ ‫منتصــف القــرن الـــ ‪ 19‬نظ ـرا ً لرتاجــع قوتهــا‪.‬‬ ‫واعتــر أردوغــان أن املشــاكل العديــدة التــي تواجههــا‬ ‫تركيــا حاليــاً مثــل تجــدد املعــارك مــع املتمرديــن‬ ‫األكــراد جنــوب رشقــي البــاد‪ ،‬تعــود إىل «الذيــن مل‬ ‫ينتهــوا بعــد مــن تســديد حســاباتهم» مــع تركيــا منــذ‬ ‫ســقوط القســطنطينية‪.‬‬ ‫وأعلــن أردوغــان افتتــاح الجــر الثالــث فــوق‬ ‫البوســفور يف آخــر آب (أغســطس) املقبــل‪ ،‬والــذي‬ ‫ســيحمل اســم الســلطان ســليم األول‪.‬‬

‫تأســيس رابطة نســاء ديــر الزور يف أورفــا الرتكية‬ ‫الحرمل ‪ -‬خاص‬ ‫تحــت شــعار لرنســم الطريــق معـاً يــدا ً بيــد نبنــي‬ ‫معكــم حتــى زوال الظلمــة‪ ،‬عقــدت نســاء ديــر‬ ‫الــزور املؤمتــر التأســييس لرابطــة نســاء ديــر الــزور‬ ‫بتاريــخ ‪ 2016/5/28‬يف مقــر الجمعيــة الرتكامنيــة يف‬ ‫أورفــا‪.‬‬ ‫وقــد افتتــح املؤمتــر التأســييس بالوقــوف دقيقــة‬ ‫صمــت عــى أرواح شــهداء الثــورة الســورية‪ ،‬تــاه‬ ‫قصيــدة ثوريــة ألقاهــا الطفــل عبــد الرحمــن‬ ‫مشــوح بــن مــن خاللهــا حاجــة أطفالنــا املبدعــن‬

‫واملميزيــن للعنايــة والدعــم إلظهــار مهاراتهــم‬ ‫وقدراتهــم الرائعــة للعلــن وتــؤدي دورهــا املطلــوب‪،‬‬ ‫ثــم ألقــى عــدد مــن النســاء كلــات عــرت عــن‬ ‫دوافعهــن لتشــكيل هــذه الرابطــة‪ ،‬ورضورة العمــل‬ ‫عــى إنجــاح وتطويــر الرابطــة مــن خــال الجهــد‬ ‫واملثابــرة لتحقيــق األهــداف املرجــوة مــن تأســيس‬ ‫هــذا التجمــع املــدين‪ ،‬وأهــم هــذه األهــداف تنظيــم‬ ‫الحركــة النســائية وتفعيــل دور املــرأة يف املجتمــع‬ ‫لبنــاء ســورية املســتقبل جنبـاً إىل جنــب مــع الرجــل‪،‬‬ ‫واســتعادة صــورة املــرأة الفاعلــة واملؤثــرة التــي‬

‫ُســلب منهــا يف عهــد النظــام الســوري الغاشــم ويف‬ ‫نهايــة املؤمتــر متــت مناقشــة املكاتــب اإلداريــة‬ ‫واملهــام التــي ســتتوالها النســاء‪ ،‬إضافــة إىل أن يكــون‬ ‫االهتــام األكــر بالطفــل واألرسة وأبنــاء الشــهداء‬ ‫واملعتقلــن واملعتقــات وذوي االحتياجــات الخاصــة‪،‬‬ ‫وتفعيــل عمــل الرابطــة يف الداخــل الســوري ودول‬ ‫الجــوار واللجــوء لغــرس محبــة الوطــن وتقويــة‬ ‫الوشــائج األرسيــة التــي يخــى عليهــا بعــد كل هــذا‬ ‫التفــكك الــذي فرضتــه مجريــات األحــداث الســورية‬ ‫خــال الثــورة‪.‬‬

‫نتيجــة لنقــص املناعــة لــدى شــعوب الــرق العــريب منــذ الغــزو‬ ‫الصليبــي واملغــويل‪ ،‬كــر ويكــر تفســر األحــداث بدليــل نظريــة املؤامــرة‪.‬‬ ‫هــل املؤامــرة موجــودة أم أن الــكالم عنهــا مــا هــو إال تعبــر عــن العجــز‬ ‫يف تفســر الظواهــر التاريخيــة والسياســية؟‬ ‫يوفــر التاريــخ أمثلــة كثــرة وعميقــة الداللــة عــى تأصــل فكــر التآمــر‪،‬‬ ‫والتفكــر باملؤامــرة‪ ،‬ومامرســة التآمــر كمحــرك مهــم للســيطرة‪ .‬خــذ مثـاً‬ ‫تآمــر «الجمهوريــن!» اليونــان عــى يوليــوس قيــر وقتلــه جامعيـاً‪ .‬وخـ ْذ‬ ‫مث ـاً مــا ي ـراه الشــيعة مــن مؤامــرة أصليــة ضــد عــي وآل البيــت التــي‬ ‫تتكــرر وتتكــرر‪.‬‬ ‫املؤامــرة موجــودة بــا شــك ولكــن الغلــط ينشــأ عنــد تفســر كل يشء‬ ‫مبؤامــرة مــا‪ .‬الرصاعــات يف التاريــخ ويف الحــارض ويف املســتقبل لهــا أســباب‬ ‫عديــدة وآليــات عمــل عديــدة‪ .‬واملؤامــرة واحــدة منهــا‪ .‬وغالبـاً مــا يســهل‬ ‫تفســر األحــداث إذا مــا أُخــذ يف االعتبــار العوامــل العديــدة املؤسســة‬ ‫واملؤثــرة يف الحــدث‪ .‬وقــد تكــون املؤامــرة أحــد هــذه العوامــل‪ ،‬ويحــدث‬ ‫أن تكــون أهمهــا‪.‬‬ ‫سايكس بيكو‬ ‫اتفاقيــة ســايكس بيكــو (نوفمــر ‪1915-‬مايــو‪ )1916‬هــي مــن أوضــح‬ ‫املؤامــرات «الكاملــة» وذات املفاعيــل عــى مــا تالهــا مــن أحــداث‬ ‫تاريخيــة خطــرة‪ .‬حيــث تآمــرت ٌ‬ ‫دول غربيــة هــي روســيا وبريطانيــا‬ ‫وفرنســا عــى الرجــل املريــض «الســلطنة العثامنيــة» بدايــة القــرن املــايض‬ ‫وبهــدف تقســيم املــرق العــريب‪ .‬فقــد اجتمــع رسا ً وزيــرا خارجيــة‬ ‫بريطانيــا وفرنســا ســايكس وبيكــو ورســا خريطــة تقاســم للمــرق‬ ‫العــريب‪ ،‬التــي تغــرت مـرات عــدة ثــم اســتقرت عــى الشــكل املعــروف‪.‬‬ ‫وكان مــن املفــرض أن يكــون لروســيا دور كبــر يف املؤامــرة أيضـاً‪ ،‬ولكــن‬ ‫االضطـراب الداخــي الــرويس وقيــام ثــورة أوكتوبــر حــال دون ذلــك‪ ،‬وإال‬ ‫لــكان مــن املمكــن أن تكــون اســتانبول ذاتهــا مــن حصــة الــروس‪.‬‬ ‫بقيــت اتفاقيــة ســايكس بيكــو رسيــة بينــا يجــري تطبيقهــا عــى األرض‪،‬‬ ‫إىل أن جــرى فضحهــا مــن قبــل «فالدمــر إيليتــش لينــن» قائــد ثــورة‬ ‫البالشــفة‪ .‬أجــرى لينــن مراســات عديــدة مــع أحــد قــادة الثورة الســورية‬ ‫وهــو إبراهيــم هنانــو‪ ،‬ومــن املحتمــل جــدا ً أن القائــد هنانــو قــد أبلــغ‬ ‫هــو أيض ـاً بتفاصيــل االتفاقيــة املؤامــرة‪.‬‬ ‫عامل مع كذب وتعمية‬ ‫مشــهو ٌر ومعـ ٌ‬ ‫ـرف أن عمــل املخاب ـرات الخارجيــة يف الــدول واتفاقياتهــا‪،‬‬ ‫وأن جــزءا ً كبـرا ً مــن عمــل وزارات الخارجيــة هــو رسي‪ ،‬مؤمـرايت‪ ،‬مخادع‪،‬‬ ‫يســعى إىل تنفيــذ أهــداف بـ»التآمــر» أو التعــاون مــع طــرف أو أطـراف‬ ‫ضــد أط ـراف أخــرى لتحقيــق غايــة سياســية صغــرة أو كبــرة قــد تصــل‬ ‫إىل تغيـرات دميغرافيــة كبــرة بالقــوة والخديعــة‪ .‬جــزء كبــر مــا حــدث‬ ‫لفلســطني والعــراق وســورية اآلن يتطابــق مــع وقائــع كهــذه‪ .‬ومثلــه‬ ‫يحــدث يف أجـزاء أخــرى مــن العــامل‪ ،‬أي ليــس للمنطقــة العربيــة أو للبــاد‬ ‫اإلســامية خصوصيــة يف هــذا‪ .‬ويعنــي هــذا أن ال تآمــر عــى اإلســام‬ ‫بالخصــوص كــا يرتــاح مســلمون كــر إىل أن يرمــوا جملــة تعفيهــم مــن‬ ‫التفكــر والعمــل‪« :‬اإلســام مســتهدف»‪ .‬الواقــع أن القــوي مالــك األدوات‬ ‫الفعالــة يســتطيع بيــر أن يتآمــر أو يتعــاون‪ ،‬لتــأيت النتائــج ملصلحتــه يف‬ ‫الحالتــن‪ .‬إ ْذ كان لشــغل الغــرب ضــد الشــيوعية وبالعكــس‪ ،‬وشــغله ضــد‬ ‫دول يف أمريــكا الالتينيــة وآســيا أمثلــة عــى أن اإلســام كفكــر والــدول‬ ‫اإلســامية كأدوات فاعلــة‪ ،‬كانــا حليفــن لفــرة غــر قصــرة‪.‬‬ ‫اتفاقيات الفروف كريي‬ ‫يظهــر شــيئاً فشــيئاً أن أمريــكا وروســيا وعــر وزيــري خارجيتهــا وبعــد‬ ‫مئــة ســنة مــن اتفاقيــة ســايكس بيكــو يعمــان عــى تقاســم النفــوذ‪،‬‬ ‫وعــى شــكل اســتعامري امربيــايل جديــد يف العـراق وســورية ورمبــا تركيــا‬ ‫والخليــج‪ .‬الشــكل التآمــري واضــح يف اتفاقهــا بســبب انعــدام الشــفافية‪،‬‬ ‫وبســبب النتائــج املرتتبــة عــى االتفــاق مــن فــرض نفــوذ تدريجــي‪،‬‬ ‫وقلــب موازيــن القــوى والتغيــر الدميغــرايف لصالــح قــوى سياســية‬ ‫وأقواميــة ضعيفــة يجــري تقويتهــا إىل أن تستأســد‪ .‬إ ْذ يف صلــب املؤامــرة‬ ‫تنفيــذ إرادة املتآمريــن‪ ،‬والوصــول إىل هــدف يُنظــر إليــه يف نقطــة البدايــة‬ ‫أنــه صعــب وبعيــد‪ .‬ســيتضح أن اتفاقيــات كــري الفــروف ال تقــل عــن‬ ‫ســايكس بيكــو مــن حيــث نتائجهــا والتغــرات االســراتيجية الكبــرة‪،‬‬ ‫وأهمهــا برأينــا إضعــاف تأثــر العــرب الســنة يف املــرق العــريب‪.‬‬ ‫مــرة أخــرى املؤامــرة موجــودة وفاعلــة وهــي إحــدى أدوات القــوى‬ ‫األعظــم‪ ،‬وهــي قــوة مضافــة إىل قوتهــا‪ .‬ولكنهــا تنقلــب إىل الضــد عنــد‬ ‫األضعــف وتصبــح أداة تفكــر انهزامــي‪ ،‬وخصيصــاً إذا مــا استســلم‬ ‫األضعــف وراح يفــر كل يشء بهــا‪ ،‬وإذا مــا اســراح إىل مثــل شــعار‬ ‫األغالبــة «ال غالــب إال اللــه» عنــد الهزميــة‪ ،‬عوضــاً أن يكــون البــر‬ ‫الفاعلــن الواعــن هــم الغالبــون‪.‬‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05316201958( :‬أو مراجع��ة مقره��ا (أورف��ا ‪ -‬س��احة املدف��ع)‬

‫اآلراء اليت تنشر باجمللة تعرب عن رأي أصحابها‪ ،‬وال متثل بالضرورة رأي اجمللة‬

‫‪W W W . A L H A R M A L . C O M‬‬

‫الســنة الثانيــة ‪ /‬العــدد ‪ 01 / 41‬حزيــران ‪2016‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.