Alharmal (5) 01 12 2014 - العدد الخامس من مجلة الحرمل

Page 1

‫‪1‬‬

‫احلريــ��ة دائمــــاً‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫‪Her Daim Özgürlük‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫‪#‬الرقة الشهيدة‬

‫ع‬ ‫د‬ ‫د‬

‫أكثر من ‪ 23‬غارة و ‪ 255‬شهيد و ‪ 120‬مصاب‬

‫‪AL harmal‬‬ ‫ثقافية ـ ـ سياسية ـ ـ نصف شهرية ـ ـ مستقلة ـ ـ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع منظمة بيت الرقة لكل السوريني‬

‫‪Kültür - Siyasi - 15 günde bir‬‬

‫خا‬

‫ص‬

‫‪Alharmal Dergisi‬‬

‫مفتتح الكالم‬

‫الطيران األســدي يســتمر بارتكاب مجازره‬

‫المجزرة ‪!..‬‬

‫ماجد رشيد العويد‬

‫إبادة جماعية في الرقة‪ ،‬واالئتالف يدين‪!..‬‬ ‫ابتــدا ًء مــن ظهــر يــوم الثالثــاء ‪ 2014/11/25‬كثّــف الط ـران‬ ‫األســدي غاراتــه الجويــة عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬ومبعــدل مثــان‬ ‫غــارات جويــة يوميــاً‪.‬‬ ‫وعــى مــدى خمســة أيــام متتاليــة اســتهدفت الغــارات مناطــق‬ ‫مكتظــة باملدنيــن‪ ،‬وال ســيام يف محيــط املتحــف األثــري‪ ،‬ومســجد‬ ‫الحنــي‪ ،‬واملنطقــة الصناعيــة‪ ،‬وك ـراج البوملــان‪ ،‬واألمــن الســيايس‬ ‫القديــم‪ ،‬والعديــد مــن املناطــق الســكنية األخــرى‪.‬‬ ‫مــا أســفر عــن استشــهاد مــا يقــارب ‪ /300/‬شــهيد‪ ،‬وإصابــة أكــر‬ ‫مــن ‪ 100‬جريــح‪ ،‬معظمهــم بحالــة حرجــة‪ ،‬عجــزت املشــايف‬ ‫العامــة والخاصــة وامليدانيــة التــي تفتقــر إىل التجهيـزات الطبيــة‬ ‫واألدويــة عــن اســتيعابهم‪ ،‬رغــم تفــاين األطبــاء واملمرضــن يف‬ ‫تقديــم أقــى مســاعدة ممكنــة للمصابــن‪.‬‬ ‫وقــد خلــف القصــف أرضارا ً ماديــة هائلــة بالعديــد مــن املحــال‬ ‫التجاريــة واملبــاين الســكنية واآلليــات‪.‬‬

‫مــن جانبــه‪ ،‬وبكلمــة شــديدة اللهجــة‪ ،‬أدان رئيــس االئتــاف‬ ‫الوطنــي لقــوى الثــورة واملعارضــة الســورية هــادي البحــرة‪،‬‬ ‫يف ترصيــح صحــايف املجــزرة يف الرقــة‪ ،‬محــذرا ً مــن أن النظــام‬ ‫ســيعمل عــى تكرارهــا مســتغالً الحضــور الجــوي لطائــرات‬ ‫التحالــف‪.‬‬ ‫وقــال البحــرة‪« :‬إننــي أتوجــه إىل شــعوب العــامل‪ ،‬وأدعــو الهيئــات‬ ‫املدنيــة والحقوقيــة والنشــطاء يف كل البــاد إىل التحــرك لدعــم‬ ‫الخيــار املــدين املطالــب بالدميقراطيــة يف ســورية بــكل الوســائل‪،‬‬ ‫إذ ال شــك أنهــا مفارقــة تدعــو إىل خيبــة األمــل أن توجــد عـرات‬ ‫الجهــات التــي تدعــم اإلرهــاب التكفــري باملــال والرجــال‬ ‫واإلعــام‪ ،‬وجهــات دوليــة عــدة أخــرى تدعــم إرهــاب نظــام‬ ‫بشــار األســد بامليليشــيات وباألســلحة واملواقــف الديبلوماســية‪،‬‬ ‫فيــا تعجــز غالبيــة أط ـراف املجتمــع الــدويل عــن دعــم الخيــار‬ ‫املــدين املطالــب بالدميقراطيــة يف ســورية إالّ بالــكالم والوعــود»‪.‬‬

‫طيران النظام يتناوب القصف على الرقة مع طيران التحالف‬ ‫تندي��د أمريك��ي يف العلن‪ ،‬وتنس��يق مش�ترك يف الس��ر‬ ‫قالــت واشــنطن األربعــاء الفائــت أنهــا «مذهولــة مــن‬ ‫قيــام طائ ـرات النظــام الســوري بقصــف مدينــة الرقــة‪ ،‬رشق‬ ‫ســورية‪ ،‬الثالثــاء املــايض‪ ،‬التــي يســيطر عليهــا تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية»‪.‬‬ ‫وأضــاف البيــان الصــادر عــن مكتــب املتحدثــة الرســمية باســم‬ ‫الخارجيــة األمريكيــة «جينفــر ســايك»‪« :‬إن مجــازر نظــام‬ ‫األســد املســتمرة بحــق مدنيــن ســوريني‪ ،‬تكشــف اســتخفافها‬ ‫الوحــي بحيــاة اإلنســان»‪.‬‬ ‫وأكــد البيــان عــى أن «نظــام األســد فقــد رشعيتــه منــذ أمــد‬ ‫طويــل‪ ،‬ويجــب أن يُح ّمــل مســؤولية وحشــيته‪ ،‬والفظائــع‬ ‫املرتكبــة ضــد الشــعب الســوري»‪.‬‬ ‫وإن تكثيــف طــران النظــام الســوري عملياتــه العســكرية‬ ‫خــال األســبوعني األخرييــن ضمــن مناطــق عمليــات التحالــف‬ ‫الــدويل‪ ،‬يــدل عــى أن النظــام – خالف ـاً لترصيحــات «ســايك»‬ ‫– ترفــع مســتوى تنســيقه مــع التحالــف‪ ،‬الــذي يبــدو أنــه‬

‫أعطــى النظــام ضــوءا ً أخــر لقيامــه بطلعــات متفــق عليهــا‪،‬‬ ‫تســتهدف املدنيــن غالب ـاً‪.‬‬ ‫وقــد أكــد معهــد «ســراتفور» األمريــي‪ ،‬املعــروف بقربــه‬ ‫مــن االســتخبارات األمريكيــة‪ ،‬أن إدارة الرئيــس بــاراك أوبامــا‬ ‫تناقــض نفســها‪ ،‬موضحــاً أن هنــاك عــرات الترصيحــات‬ ‫مــن إدارة البيــت األبيــض‪ ،‬ويف مقدمتهــا ترصيحــات أوبامــا‬ ‫بــرورة رحيــل الرئيــس الســوري بشــار األســد‪ ..‬فيــا تتعــاون‬ ‫االســتخبارات األمريكيــة واألجهــزة األمنيــة الســورية‪..‬؟!‬ ‫وأضــاف معهــد «س ـراتفور» يف تقريــره أن الواليــات املتحــدة‬ ‫األمريكيــة ال تســعى إىل إســقاط نظــام الرئيــس الســوري‬ ‫بشــار األســد‪ ،‬بــل تتمســك مبهمتهــا الرئيســية باســتهداف‬ ‫املجموعــات املســلحة‪ ،‬ويف ذات الوقــت االحتفــاظ بعالقتهــا‬ ‫مــع إي ـران‪.‬‬ ‫مضيفـاً‪« :‬لقــد قــرأت الحكومــة الســورية األولويــات األمريكية‬ ‫يف هــذا ال ـراع بشــكل صحيــح‪ ،‬وهــي تتحــن الفرصــة مــن‬ ‫أجــل التقــارب أكــر مــع الواليــات املتحــدة األمريكيــة»‪.‬‬

‫مــا يثــر االنتبــاه يف مجــزرة الثالثــاء ‪ 25‬ـ ‪11‬ـ ‪ 2014‬بالرقــة ليــس فقــط‬ ‫العــدد الــذي تجــاوز املئتــي شــهيد‪ ،‬وإمنــا هــو اللــذة التــي يستشــعرها‬ ‫املجــرم يف قصفــه املناطــق املأهولــة بحركــة املدنيــن الذين يســعون إىل‬ ‫تأمــن مســتلزمات حياتهــم اليوميــة‪ ،‬فمــن قصــف األفـران إىل قصــف‬ ‫أســواق الخــرة إىل قصــف املســاجد‪ ،‬وهــذه كلهــا أمكنــة متتلــئ‬ ‫باملدنيــن الذيــن يقومــون عــى قضــاء حوائجهــم الدينيــة والدنيويــة‪.‬‬ ‫يف القصــف األخــر الــذي نــال الرقــة كانــت غارتــان مــن نصيــب مواقــع‬ ‫أســواق الخــرة‪ ،‬وآخــر طــال أحــد املســاجد‪ ،‬ورابــع كان مــن نصيــب‬ ‫املنطقــة الصناعيــة‪ ،‬وســت مناطــق أخــرى ال تقــل ازدحامــاً‪ ،‬وكان‬ ‫التوقيــت وقــت الضحــى حيــث الحركــة يف أوجهــا‪.‬‬ ‫يريــد النظــام ابتــداء تحقيــق متعتــه يف رؤيــة األشــاء والدمــاء وحطــام‬ ‫األبنيــة‪ ،‬وهــو أمــر يســتقر تفســره يف كــون رأس النظــام ســليل عائلــة‬ ‫مجرمــة‪ ،‬فــاألب الــذي د ّمــر حــاة وجــر الشــغور ونــال مــن حلــب‪،‬‬ ‫تــرك للولــد األحمــق مــن بعــده إرثــاً راســخاً يف صناعــة الجرميــة‬ ‫«املمتعــة»‪ ،‬ومــا آلــت إليــه ســوريا يجعلنــا نذهــب إىل ح ـ ّد القــول‬ ‫بــأن رأس النظــام مل يــرك مجرمـاً أو طاغيــة إال واســتفاد مــن تجربتــه‬ ‫يف صناعــة الجرميــة الفريــدة التــي ليــس كمثلهــا جرميــة عــر التاريــخ‬ ‫كلــه‪.‬‬ ‫ويريــد النظــام تهجــر أهــايل املدينــة‪ ،‬والضغــط عــى جوارهــا ويصــب‬ ‫هــذا يف تأخــر يــوم محاســبته ومحاكمتــه مــن خــال إغ ـراق الجــوار‬ ‫مبــا يرتتــب عليــه مــن عــبء احتــواء األعــداد الضخمــة مــن الالجئــن‪،‬‬ ‫ويريــد النظــام القــول بأنــه يحــارب اإلرهــاب‪ .‬الالفــت هنــا أنــه‪ ،‬ومنــذ‬ ‫بــدء غــارات التحالــف مل يقتــل النظــام داعشــياً واحــدا ً‪ ،‬ألنــه مل يكــن‬ ‫يوم ـاً بصــدد تنظيــف املــدن مــن غــر الحواضــن التــي ثــارت ضــده‪،‬‬ ‫ومحققـاً بهــذا شــعار شــبيحته الشــهري «األســد أو نحــرق البلــد»‪.‬‬ ‫مــن البداهــة هنــا القــول‪ :‬إن النظــام يعيــش طبيعتــه الحقيقيــة‪ ،‬وهــذا‬ ‫يفــر عــدم انصياعــه منــذ األيــام األوىل للثــورة ملطالــب محقــة‪.‬‬ ‫وال يغفــل النظــام هنــا أيضــاً احتــال الذهــاب إىل تقســيم ســوريا‪،‬‬ ‫فليــس أقــل مــن تركهــا قاع ـاً صفصف ـاً للقادمــن مــن بعــده‪.‬‬ ‫لكــن الــذي يجهلــه النظــام أن الجرائــم الكــرى تؤســس باملقابــل لبــاد‬ ‫كــرى حقيقيــة‪ .‬فضيلــة الثــورة الســورية أنهــا تقــوم‪ ،‬مــرة واحــدة‪،‬‬ ‫بكنــس العفــن املزمــن‪ ،‬متامــاً كــا يفعــل التاريــخ بكنــس الطغــاة‬ ‫مبقي ـاً فقــط عــى مــا يجلــب اللعنــة متبوعــة بأخــرى عــى آثارهــم‪.‬‬ ‫والرقــة يف هــذا اإلطــار تدفــع مــا دفعتــه املــدن الســورية األخــرى‪،‬‬ ‫ـس عــى األرض‪ ،‬ومــوت هابــط عليهــا مــن ســاء‬ ‫ولعلــه إن أصابهــا مـ ّ‬ ‫العــامل فألنهــا تريــد أن تنهــض مــن كبــوة مزمنــة‪ ،‬وتكــون ذاتهــا‪،‬‬ ‫وتتخلــص مــن زمــن كانــت فيــه عــى الــدوام حقــل تجــارب لنظــام‬ ‫اســتبداد مل يُع ـ َرف لــه مثيــل مــن قبــل‪.‬‬

‫وزير اإلعالم السوري‪..‬‬

‫ينفي قصف طريان النظام احلربي مدينة الرقة‬ ‫ولكن العيان ال حيتاج إىل بيان‪..‬؟!‬

‫نفــى الزعبــي‪ ،‬وزيــر إعــام النظــام الســوري‪ ،‬أن‬ ‫يكــون جيــش النظــام الســوري اســتهدف املدنيني‪.‬‬ ‫وقــال مصــدر أمنــي ســوري لوكالــة «فرانــس‬ ‫بــرس»‪« :‬إن الغــارات التــي شــ ّنها ســاح الجــو‬ ‫الســوري عــى مدينــة الرقــة اســتهدفت مقــار‬ ‫لداعــش»‪ ،‬مشــددا ً عــى أنــه ليــس هنــاك مــن‬ ‫تنســيق مــع التحالــف الــدويل‪ ،‬وأوضــح أن‬ ‫الجيــش لديــه خطــة عمــل «نتابــع تنفيذهــا»‪.‬‬ ‫وإن سياســة اكــذب‪ ..‬ثــم اكــذب‪ ..‬النازيــة مل‬ ‫تكــن غريبــة عــن إعــام النظــام‪ ،‬وسياســة البعــث‬ ‫التعبويــة‪ ،‬واإلنــكار املســتمر للواقــع‪.‬‬ ‫هــذا وقــد نــرت كل وكاالت األنبــاء صــور إجـرام‬ ‫النظــام األســدي الــذي يدخــل يف شــمول جرائــم‬ ‫الحــرب‪ ،‬والجرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬والتــي تعتــر‬ ‫جرائــم دوليــة‪ ،‬يقــع عــى عاتــق املجتمــع الــدويل‬ ‫منعهــا‪ ،‬واملعاقبــة عليهــا‪.‬‬ ‫ويف خطــوة جديــدة تزيــد مــن الشــكوك بشــأن‬

‫تواطــؤ إدارة بــاراك أوبامــا مــع الديكتاتــور بشــار‬ ‫األســد‪ ،‬وضعــت واشــنطن خطــة لوقــف متويلهــا‬ ‫الســنوي املوجــه إىل لجنــة العدالــة الدوليــة‬ ‫واملســاءلة‪ ،‬التــي تعنــى بجمــع األدلــة والوثائــق‬ ‫التــي تثبــت تــورط األســد يف جرائــم حــرب‬ ‫وارتــكاب مجــازر جامعيــة‪.‬‬ ‫وقالــت مجلــة «فــورن بوليــي»‪« :‬إن قطــع‬ ‫التمويــل عــن ملــف جرائــم بشــار األســد جــرى‬ ‫بالتزامــن مــع رفــع مقــدار التمويــل الخــاص‬ ‫بجمــع أدلــة حــول انتهــاكات تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬يف محابــاة واضحــة لبشــار األســد‪ ،‬ألن‬ ‫مصالحهــا تقاربــت معــه عــر بوابــة القتــال ضــد‬ ‫التنظيــم»‪.‬‬ ‫وهــذا مــا كشــف عنــه معهــد ســراتفور أخــرا ً‬ ‫عــن التعــاون االســتخباري بــن النظــام الســوري‬ ‫واألمريــكان‪ ،‬فيــا إعــام النظــام الســوري ال زال‬ ‫يكــذب‪!..‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫‪2‬‬

‫قصــص مــن قلــب المجزرة‬

‫ي��ا ق��اع ب��س كـــ��وني حنونـ��ة ي��ا ق��اع هـ��ذول اخللفونـــ��ا‬ ‫ي��ا ق��اع م��و همـ��ا تركونـــ��ا ق��وة وغصــ��ب صـــ��ار الــ��وداع‬ ‫نام��ي عليه��م طب��ق ي��ا ق��اع نام��ي عل��ى حلوي��ن الطب��اع‬ ‫الــدار‪ ،‬كانــت النســوة يغســلن جثــان والدتــه الطاهــر‪،‬‬ ‫وكانــت دموعــه‪ ،‬ودمــوع إخوتــه وأخواتــه‪ ،‬أكــر مــن‬ ‫مــاء الغســل‪ ،‬وأنقــى‪ ،‬قطــع بكائــه صــوت والــده‪ ،‬ـ‬ ‫اذهــب يــا بنــي اىل الســوق لتحــر كفن ـاً لوالدتــك‪.‬‬ ‫كــم كان الطريــق طويــاً‪ ،‬حزينــاً ومرعبــاً‪ ،‬وعندمــا‬ ‫وصــل ســاحة املتحــف‪ ،‬حدثــت املجــزرة وتطايــرت‬ ‫أجـزاء جســده النحيــل أشــاء‪ ،‬مل يقـ َو عــى فـراق إمــه‪،‬‬ ‫ولســان حالــه‪ :‬عــذرا ً أمــي مل أســتطع رشاء كفنـاً لــك‪ ،‬يف‬ ‫الجنــة نلتقــي‪.‬‬

‫عرس شهيد‪!..‬‬

‫األســتاذ جاســم الذيــاب ابــن عـ ٍّم يل رزقــه اللــه بثــاث‬ ‫بنــات‪ ,‬وكان مثلــه مثـ َـل كل رشقــي يحلــم بابــنٍ ذكــر‬ ‫فأعطــاه اللــه محمــد بعــد عطش ـ ٍة‪ ،‬كــا يقــول أهلنــا‪،‬‬ ‫وكان آخــر العنقــود أخـاً وحيــدا ً للبنــات الثالثــة‪ ,‬وكان ال‬ ‫يناديــه ومنــذ نعومــة أظفــاره إال بـ»أبــو جاســم»‪ ,‬وكنــا‬ ‫نحــن أيضــا نناديــه كــا يناديــه أبــوه «أبــو جاســم»‪,‬‬ ‫وكان هــذا األبــو جاســم طف ـاً جمي ـاً مهذب ـاً كأجمــلِ‬ ‫مــا يكــون األطفــال‪.‬‬ ‫عــاش أبــو جاســم يف كنــف والديــه كق ـ ّرة ع ـ ٍن لهــا‬ ‫وبســمة أمــل حتــى بلــغ ربيــع العمــر ابــن التاســعة‬ ‫عــر حيــث يُرتجــى العطــاء هنــا ويعقــد األمــل‪.‬‬ ‫أقــل مــن شــهر زار أبــو جاســم خالــه يف بيتــه‬ ‫منــذ ّ‬ ‫فأحــب أن ُيــازح خالــه وقــال لــه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫«يــا خــال ليــش مــا حــدى منكــم يســألني عــن فرحتــي‬ ‫وعريس»‬ ‫ويــر ّد الخــال مامزحــاً ومتهكــاً‪« :‬شــايفك مســتعجل‬ ‫حيــل ابــن اختــي‪ ,‬إميتــى تريــد نفــرح بيــك»‬ ‫وهنــا يجيــب أبــو جاســم‪« :‬يومــن‪ ،‬أريــد عــريس بعــد‬ ‫يومــن يــا خــال»‬ ‫ثــم يضحــك ويغــادر وقبــل أن يخــرج يطلــب منــه‬

‫خالــه أن يرجــع إليــه بعــد يومــن ليتنــاول معــه طعــام‬ ‫الغــداء فيعــده باملجــيء‪.‬‬ ‫أىت أبــو جاســم ملبيّــاً دعــوة خالــه وبينــا كانــوا‬ ‫يتجاذبــون أط ـراف الحديــث يحــدث أن يش ـ ّن ط ـران‬ ‫الغــدر والجرميــة ط ـران النظــام الوحــي غــارة عــى‬ ‫مدينتنــا الصابــرة املحتســبة مدينــة الرقــة فرتمــي‬ ‫بحممهــا الحاقــدة بجــوار بيــت الخــال‪ ،‬فيخــرج أبــو‬ ‫جاســم مثــل كل الشــباب ليســاعد مــن هــم بحاجــة‬ ‫للمســاعدة‪ ،‬ويجتمــع الشــباب‪ ،‬وهنــا ميطرهــم الطيــار‬

‫عـرات الجثــث ملقــاة يف غــرف اإلســعاف‪ ،‬وبينــا كان‬ ‫ينقــل الجرحــى إىل غرفــة اإلســعاف اســرعى انتباهــه‬ ‫وجــه يحبــه ويعرفــه‪ ،‬جثــة هامــدة‪ ،‬بــاردة‪ ،‬مل تكــن‬ ‫تلــك الجثــة ســوى جثــة ولــده ذو الثالثــة عــر ربيعـاً‪،‬‬ ‫خــارت قــواه‪ ،‬ومل تعــد ســاقاه عــى حمــل جســمه‪،‬‬ ‫فســقط أرض ـاً‪ ،‬مغشــياً عليــه‪.‬‬ ‫طريان األسد يغتال براءة األطفال‪!..‬‬ ‫قبّــل يــد أمــه صباحــاً‪ ،‬وقــال لهــا‪ :‬اليــوم ســيعطيني‬ ‫معلمــي ‪ 500‬لــرة‪ ،‬ســوف أشــري ألختــي نــور مــا‬ ‫لــذ وطــاب مــن أكيــاس (البطاطــا وقطــع الشــوكوال‬ ‫والكرميــا) التــي تحــب‪ ،‬وتوجــه إىل عملــه يف الصناعــة‪،‬‬ ‫ودعــاء والدتــه يرافقــه‪ ،‬كان يقفــز فرحــاً كالطــر‪،‬‬ ‫وجــاءت الطائــرة لتقصــف مــكان عملــه‪ ،‬وتخطــف‬ ‫الفرحــة‪ ،‬وبســمة الطفولــة املتعبــة بالكــد والعمــل‬ ‫املضنــي‪ ،‬وجــده أهلــه جثــة هامــدة بــاردة‪ ،‬يــده‬ ‫مقطوعــة‪ ،‬جســمه مشــوه مــن الشــظايا‪ ،‬وحــن بــدأوا‬ ‫بخلــع ثيابــه‪ ،‬وجــدوا كيســاً‪ ،‬مليئــاً بالبطاطــا وبعــض‬ ‫قطــع الشــوكوال‪ ،‬والكثــر مــن الدمــاء‪.‬‬

‫(الــذي مل تــزر طائرتــه جوالننــا وفلســطيننا يومـاً) بوابــل‬ ‫آخــر مــن الحمــم فيســقط أبــو جاســم شــهيدا ً‪ ،‬وقبــل‬ ‫أن تصعــد الــروح إىل بارئهــا تســيل دمــاء زكيــة وهــي‬ ‫تفــوح باملســك والعنــر‪.‬‬ ‫وصــل جثــان أبــو جاســم إىل قريتنــا واجتمــع أهلنــا‬ ‫وســمعوا مــا حــدث بــن أبــو جاســم وخالــه قبــل‬ ‫يومــن حــول فرحتــه وعرســه‪ ،‬وكأنــه كان يتحــدث عــن لقاء مستعجل‪!..‬‬ ‫موعــد مــع القــدر‪ ,‬حينهــا وحــال خــروج نعشــه إىل يف الغرفــة املقابلــة لشــجرة الليمــون املنتصبــة يف صحــن‬ ‫ٍ‬ ‫ـج الفضــاء بصــوت‬ ‫مثــواه األخــر أخــرج ٌ‬ ‫كل ســاحه ليضـ َّ‬ ‫الرصــاص‪ ،‬وتعانــق الغيــو َم زغاريــ ُد النســاء يف زفّــة‬ ‫ٍ‬ ‫مهيــب مهيــب‪.‬‬ ‫مشــهد‬ ‫العريــس الشــهيد‪ ،‬ويف‬ ‫ٍ‬ ‫د‪ .‬نجم الذياب‬

‫من صفحات الفيسبوك‬ ‫أبو أمحد وجهاً لوجه أمام املوت‪!..‬‬

‫كان أبــو أحمــد يتســوق بعــض حاجيــات البيــت حــن‬ ‫بــدأت الغــارة عــى املدينــة‪ ،‬تــرك مــن يــده كل يشء‪،‬‬ ‫و ُهــرع إىل مــكان القصــف كــا غــره مــن األهــايل‪،‬‬ ‫لتقديــم مــا ميكــن‪ ،‬وإســعاف الجرحــى‪ .‬امتــأت ســيارته‬ ‫باملصابــن وأرسع بهــم يف طرقــات املدينــة قاصــدا ً‬ ‫املشــفى‪ ،‬عندمــا وصــل أبــو أحمــد إىل املشــفى وجــد‬

‫يوميات القتل‪!..‬‬

‫حــادة الــرازي والــد البنتــن وولــد‪ ،‬بائــع خضــار يف‬ ‫نزلــة املتحــف بالرقــة‪ .‬قتلــه اليــوم طــران النظــام‪،‬‬ ‫ســمعت والدتــه بالخــر وماتــت بعــد ســاعة بجلطــة‬ ‫فوريــة‪ .‬هــذه يوميــات الحــرب يف ســوريا‪..‬‬ ‫حزينــة الـــدار والـــدلة عليهــــم‬ ‫وبجى الفنجال والدلة عليهم‬ ‫غراب البني أش داله عليهم‬ ‫خذا منا رجال حلوين الطباع‬

‫أين نذهب؟!‬

‫امرأة مسنة ترصخ يف شوارع الرقة‬ ‫يا ريب ال تكتب علينا النزوح‬ ‫ويـن نـولـي ويـن نـــروح‬


‫حرمل المجزرة‬

‫‪3‬‬

‫قالوا في المجزرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫حزينــ��ة الـ��دار والدل��ة عليه��م ‪ -‬وجب��ى الفنج��ال والدل��ة عليه��م‬ ‫غ��راب الب�ين أش داله عليه��م ‪ -‬خ��ذا من��ا رج��ال حلوي��ن الطب��اع‬

‫مجرزة البؤس‬

‫ويحــدث يف هــذه األيــام أن نشــاهد املــوت األســود مجــددا ً يطــرق أبــواب مدينتنــا‪ ،‬يخيــم عــى‬ ‫أهلنــا‪ ,‬يطــوف ويتجــول يف شــوارعنا حام ـاً أطنــان الحــزن وقصاصــات الحــداد الســوداء‪.‬‬ ‫‪ 2014\11\25‬هذا التاريخ األسود لن ينساه أهل الرقة ما عاشوا‪..‬‬ ‫تحوم طائرات الغدر يف األجواء‪ ..‬هديرها ينرش نبأ املأساة القريبة‪ ،‬يتالزم هذا مع أمنيات‬ ‫الناس باللطف والسرتة واألمان التي تتلفظها أفئدتهم‪.‬‬ ‫مل ميــر الوقــت الكثــر حتــى نفثــت طائـرات اإلجـرام صواريــخ املــوت فــوق رؤوس أهلنــا املغلوبــن‬ ‫عــى أمرهــم‪.‬‬ ‫ال ميلكــون ضدهــا حــوالً وال رادعـاً وال قــوة‪ .‬اشــتعلت النـران وتطايــرت األشــاء وتعالــت أصــوات‬ ‫املســعفني يف وســط الزحــام والضجــة املرتجفــة رعبـاً‪..‬‬ ‫كــر اللذيــن قضــوا حتفهــم وكــر يف حالــة خطــرة يناشــدون أرواحهــم بالبقــاء وكل منهــم لــه أم‬ ‫وأب وأخ وصديــق يدعــون لــه بالبقــاء حي ـاً‪.‬‬ ‫وميــر اليــوم األســود كابوسـاً حقيقيـاً‪ ،‬يعرتينــا الغضــب والحــزن عــى مأســاة األم والولــد واملئذنــة‬ ‫الربيئــة‪ ،‬ترحــل بنــا دموعنــا للحلــم بوطــن حــر عزيــز خــا ٍل مــن صواريــخ اإلجــرام وأصــوات‬ ‫الثــكاىل‪.‬‬

‫نجم الدين النجم‬

‫ماعادت األرض تتسع لهم‪ ..‬ادفنوهم في ضمائرنا‪..‬‬ ‫ولرنوي اليوم مئات الحكايا‪ ..‬يف كل بيت شهيد وجريح‪ ..‬وفاض الفرات دماً‪..‬‬ ‫فــاق العــدد حــدود قــدرة العــامل عــى تصــوره‪ ..‬ولتكتــب كأكــر مجــزرة‪ ..‬وقــف الــكل‬ ‫يتفــرج عــى نحــر أعناقنــا بســكاكني األرض‪ ..‬وتهالــك الســاء عــى رؤوســنا‪..‬‬ ‫هناك الرقة‪..‬‬ ‫سقطت مآذن كربت لتعلن يوم البدء‪ ..‬واليوم نكرب عىل موتها‪..‬‬ ‫منوت برشا ً‪ ..‬وحجرا ً‪ ..‬منوت نحرا ً وقصفاً‪ ..‬وذهوالً منوت‪..‬‬ ‫ماعادت تتسع لهم األرض‪ ..‬ادفنوهم يف ضامئرنا‪..‬‬ ‫هيثم الغريس‬

‫للر ّقة الجريحة‪..‬‬

‫رئتي‬ ‫ُ‬ ‫أحمل يف ّ‬ ‫ِ‬ ‫رائح َة ال ُفر ِ‬ ‫الضفاف‬ ‫ات‪ ،‬وقصب‬ ‫اب من رائقِ دمي‬ ‫للت ِ‬ ‫ولوناً ُ‬ ‫اقص عىل أغانِ «املول ّيا»‬ ‫عىل مصابي ِح القُرى‪ ،‬ترت ُ‬ ‫وأشجا ِر الحورِ‪ ،‬سامق ًة‬ ‫كأشبا ِح آله ٍة عتيقة‬ ‫غياب القم ِر‬ ‫تحرس ليايل الرقّة يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫والتالل امل ُبعرثة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحرشجات الل ُغة ُمض ّمخ ًة مبل ِح الدمعِ‬ ‫تطفو يف حنجريت‪ ،‬تُيض ُء‬ ‫وتخبو‬ ‫يفيض ُحزناً‬ ‫والفراتُ‬ ‫ُ‬ ‫يدنو من جثّتي‪ ،‬ل ُيكفنني‬ ‫يخجل‬ ‫ُ‬ ‫ث ُم‬ ‫فيبتع ُد‬ ‫الضباب‪ ،‬واألن ِني‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫أسق ُط وحدي كورد ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكثيف‬ ‫الصمت‬ ‫وأترك لغدي يف‬ ‫يانِ َع الثم ِر‬

‫محمد صالح عويد‬

‫إىل الرقة من قليب سالم‬

‫يف روايــة (دروز بلغـراد) للــروايئ (ربيــع جابــر) يحــي قصــة‬ ‫(ح ّنــا) بائــع البيــض املســيحي الــذي وضعــه حظــه ال ّعاثــر يف‬ ‫املــكان والتوقيــت الخطــأ‪.‬‬ ‫يعتقــل الــوايل العثــاين ‪ /550/‬درزيــاً ويقــرر نفيهــم إىل‬ ‫بلغــراد‪ ،‬وبعــد وســاطات ورشــاوى يعفــو الــوايل عــن‬ ‫(ســليامن) أحــد اإلخــوة الخمســة مــن عائلــة عــز الديــن‪ ،‬ثم‬ ‫يضطــر الجنــود إىل إيجــاد بديــل لــأخ الناجــي ويكــون (ح ّنــا‬ ‫يعقــوب) بائــع البيــض املســيحي الضحيــة البديلــة‪ ،‬يتــم‬ ‫تحويلــه إىل (ســليامن عــز الديــن الــدرزي) لتبــدأ رحلتــه‬ ‫التــي اســتمرت اثنتــي عــرة ســنة أمضاهــا بــن الســجون‬ ‫واألعــال الشــاقة‪.‬‬ ‫يتناقــص عــدد املســاجني بســبب الظــروف الــا إنســانية‬

‫فــا يبقــى ســوى (ح ّنــا) الناجــي الوحيــد مــن املــوت جوعـاً‬ ‫وبــردا ً‪ ،‬ليكتمــل حظــه بتمكنــه مــن الف ـرار مــن املعتقــل‪،‬‬ ‫واللحــاق بقافلــة حــج متجهــة إىل الشــام‪ ،‬ومنهــا إىل بــروت‬ ‫مدينتــه‪ ،‬التــي يصلهــا متعبــاً خائفــاً‪ ،‬ومنهــا إىل حضــن‬ ‫زوجتــه وبناتــه‪ ،‬وهنــا يأخــذه البــكاء‪ ،‬بــى‪ ،‬ثــم بــدأ مبــلء‬ ‫رئتيــه بالهــواء فرح ـاً بوالدتــه مــن جديــد‪.‬‬ ‫مــا أشــبه حــال مدينــة الرقــة بحالــة (ح ّنــا) بائــع البيــض‬ ‫املســيحي‪ ،‬حيــث وضعتهــا التجاذبــات الدوليــة واإلقليميــة‪،‬‬ ‫مــع إجـرام النظــام وتسـلّط الظالميــن عليهــا‪ ،‬مــا بــن دائــرة‬ ‫ـي الذئــب‪ ،‬فأضحــت املدينــة تذبــح بالســيف تارة‪،‬‬ ‫ال ّنــار‪ ،‬وفـ ّ‬ ‫وأخــرى بالصواريــخ‪ ..‬بالســواطري مــرة‪ ،‬ومـرات بالرباميــل‪ ،‬تنئ‬ ‫وتنــزف صامتـةً‪ ،‬صابــرة‪ ،‬تنتظــر أن ينشـ ّـق فجرهــا‪.‬‬

‫الرقــة املدينــة الطيبــة‪ ،‬التــي مــن حســن حظهــا‪ ،‬أنهــا مل‬ ‫تطأهــا قدمــا الدكتاتــور حافــظ األســد‪ ،‬طــوال فــرة حكمــه‪،‬‬ ‫ولكــن طائــرات وريثــه الدكتاتــور الصغــر‪ ،‬زارتهــا مــرات‬ ‫ومـرات‪ ،‬محملــة بالحقــد والدمــار‪ ،‬إضافــة إىل متلقــه لطـران‬ ‫التحالــف بعمليــة قــوادة سياســية مل تشــهد مثلهــا مزابــل‬ ‫التاريــخ‪.‬‬ ‫إنهــا الرقــة جــارة الصحــراء‪ ،‬حيــث يرتاكــض أطفالهــا يف‬ ‫الحــارات واألزقــة‪ ،‬حفــاة ويلبســون الكالبيــات دون رساويل‪،‬‬ ‫ويضعــون الجــن والســمن يف التنــك‪ ،‬ليتــم إرســاله لضابــط‬ ‫أو مســؤول جشــع‪ ،‬يف عمليــة ابت ـزاز البنهــم الــذي يخــدم‬ ‫الوطــن دون أن تســمح لــه نفســه أن يتــذوق حبـ ًة واحــدة‬ ‫منهــا‪ ،‬ويتحلــق هــو وأطفالــه عــى املائــدة ليكــون عشــاؤهم‬

‫الخبــز والشــاي‪.‬‬ ‫رمبــا الطيــار الــذي يلقــي عليهــم الحمــم أكل مــن جبنهــم‬ ‫وســمنهم‪ ،‬كهديــة أو رشــوة‪ ،‬واليــوم يــرد الجميــل‪.‬‬ ‫مصيبــة الرقــة أن عدوهــا النظــام ليــس لديــه تقاليــد‬ ‫أخالقيــة‪ ،‬أو إنســانية إنــه نظــام دارش وســفيه دون أي قيمــة‬ ‫أو ضمــر‪ ،‬وليــس لديــه مــا يخــره‪ ،‬ألنــه أصـاً بــا تاريــخ‪.‬‬ ‫و ّجهــوا الدعــاء إىل الرقــة فإنهــا مدينــة ترفــض املــوت‪....‬‬ ‫اطلبــوا لهــا الخــاص مــن كابوســها‪ ،‬فإنهــا تســتحقه‪،‬‬ ‫وتســتحقه ســوريا‪ ،‬واعلمــوا أن الحــب دعــاء‪.‬‬

‫عبداهلل ابو هندي‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫‪4‬‬

‫أهالي الرقة بين المجازر والمقابر‬ ‫إج��رام النظ��ام الس��وري بدع��م إيران��ي وحت��ت مظل��ة دولي��ة‬ ‫رضوان بيزار‬

‫عــى مقربــة مــن تحليــق طائــرات التحالــف الــدويل يف‬ ‫ســاء مدينــة كوبــاين الكرديــة «عــن العــرب» شــال‬ ‫ســوريا‪ ،‬وهــي تــدك مواقعــاً لتنظيــم الدولــة اإلســامية‬ ‫«داعــش»‪ ،‬كانــت مدينــة الرقــة رشقـاً تتعــرض لسلســة مــن‬ ‫غــارات نفذهــا طـران النظــام الســوري‪ ,‬راح ضحيتهــا أكــر‬ ‫مــن ‪ 300‬مــدين بــن قتيــل وجريــح‪.‬‬ ‫وترافقــت تلــك املجــزرة الدمويــة التــي تعتــر ثــاين أكــر‬ ‫مجــزرة بعــد مجــزرة الكيــاوي يف غوطــة دمشــق عــى يــد‬ ‫قــوات النظــام‪ ،‬مــع صمــت دويل وإقليمــي‪ ،‬وكذلــك صمــت‬ ‫محــي مريــب مــن املعارضــة الســورية نفســها‪ ،‬مــع إعــان‬ ‫روســيا كــا ســوريا املوافقــة عــى مبــادرة املوفــد الــدويل‬ ‫إىل ســورية «دي مســتورا»‪ ،‬وزيــارات متبادلــة بــن فصيــل‬ ‫مــن املعارضــة متمثلــة مبعــاذ الخطيــب مــن جهــة والنظــام‬ ‫الســوري مــن جهــة أخــرى إىل روســيا‪.‬‬ ‫فــا هــي الرســالة التــي يريــد النظــام أن يوصلهــا إىل‬ ‫الشــعب الســوري والعــامل يف ارتــكاب مجــزرة بحــق املدنيني‬ ‫يف الرقــة مبثــل هــذه الوحشــية‪ ،‬تحديــدا ً يف هــذا الوقــت‪،‬‬ ‫وملــاذا تطالــب حكومــة حــزب العدالــة والتنميــة بحاميــة‬ ‫حلــب فقــط دون الرقــة أو أي محافظــة ســورية أخــرى؟‬ ‫كرميــة رشــكو وهــي كاتبــة وناشــطة حقوقيــة ســورية تقــول‬ ‫يف تعليقهــا عــى ســؤالنا بــأن نظــام األســد يحــاول أن يربهن‬ ‫للعــامل أن زمــام األمــور يف ســورية ال تـزال تحــت ســيطرته‪،‬‬ ‫وأنــه ميكنــه أن ينســحب متــى يشــاء مــن أي محافظــة‬ ‫ويســلمها للمجموعــات اإلرهابيــة التــي هــي أصــاً مــن‬ ‫صنعــه‪ ،‬وميكنــه بــذات الوحشــية أن يعيــد تلــك املحافظــة‬ ‫لســيطرته وحكمــه‪.‬‬ ‫مضيفــة‪ ،‬بــأن زيــارة وليــد املعلــم لروســيا أيض ـاً رســالة وال‬ ‫ســيام أن املجــزرة تزامنــت مــع هــذه الزيــارة‪ ،‬وانتقــادات‬ ‫إيرانيــة غــر مســبوقة لنظــام األســد واتهامــه بإعطــاء‬ ‫املجــال لظهــور تنظيــم داعــش هــي ليســت ســوى تســلط‬ ‫الضــوء عــى تربئــة إي ـران مــن دعــم داعــش واملجموعــات‬ ‫اإلرهابيــة‪ ،‬وكذلــك محاولــة مــن األســد تربئــة نفســه‬ ‫مــن دعــم داعــش‪ ،‬وليربهــن أنــه يحــارب االرهــاب‪ ،‬فلــم‬ ‫يعــد خافي ـاً عــى أحــد أن املالــي وإي ـران واألســد وتركيــا‬ ‫مشــاركون يف دعــم داعــش ومجموعــات أخــرى باتــت‬ ‫تظهــر عــى الســاحة الســورية‪.‬‬ ‫وتــرى كرميــة رشــكو بأنــه ال ي ـزال النظــام الســوري بدعــم‬ ‫إيـراين‪ ،‬واملالــي إضافــة لروســيا ميــارس اإلجـرام عــى مــرأى‬ ‫العــامل‪ ،‬والتحالــف الــدويل عاجــز عــن القيــام بخطــوات‬ ‫جديــة حيــال هــذا اإلرهــاب الحقيقــي‪ ،‬وتوجــه االنظــار‬ ‫إىل إرهــاب داعــش فقــط‪ ،‬متناســن أن اإلرهــاب الحقيقــي‬ ‫هــو إرهــاب نظــام األســد‪ ،‬وتجــد أن حاميــة الرقــة رضورة‬ ‫ملحــة كــا حلــب وكــا كوبــاين وكــا جميــع املحافظــات‬ ‫الســورية‪.‬‬ ‫رشــكو تشــر إىل أنــه دون إســقاط النظــام ســتظهر‬

‫مجموعــات إرهابيــة أخــرى تحــاول تشــويه رســالة وهــدف‬ ‫الثــورة‪ ،‬وجعــل ســورية حلبــة رصاع ألجــل الســيطرة عــى‬ ‫الســلطة والنفــط والــروة‪ ،‬وتتابــع تعليقهــا قائلــة «بذلــك‬ ‫ميكننــا القــول إن ســورية تتجــه نحــو الــزوال»‪.‬‬ ‫أمــا الكاتــب الصحفــي جــوان ســوز يــرى أن النظام الســوري‬ ‫بارتــكاب مجــزرة الرقــة يحــاول لفــت األنظــار إىل مدينــة‬ ‫ســورية أخــرى وتدمريهــا بعــد مأســاة كوبــاين وتهجــر كل‬ ‫ســكانها‪ ،‬بغيــة فشــل أي مــروع كــردي قــد يتحقــق يف‬ ‫شــال ســوريا عــن طريــق إشــعال منطقــة ســورية أخــرى‬ ‫ليتــم ربــط مصــر املدينتــن مبــكان وزمــان واحــد حســب‬ ‫سياســاته وأجنداتــه‪.‬‬ ‫بينــا يجيــب حســن إســاعيل ســكرتري األمانــة العامــة‬ ‫التحــاد الدميقراطيــن الســوريني‪ ،‬وعضــو ســابق يف مكتــب‬ ‫التنفيــذي للمجلــس الوطنــي الكــردي يف ســوريا عــى ســؤال‬ ‫مجلــة الحرمــل بــأن النظــام يســتغل غــارات التحالــف‬ ‫الــدويل ضــد تنظيــم داعــش يف املناطــق املجــاورة للرقــة‪،‬‬ ‫واملجــزرة التــي اســتهدفت «أبنــاء أول املــدن املحــررة‪،‬‬ ‫والتــي مــا لبثــت إن خضعــت لتنظيــم الدولــة»‪ ،‬هــي‬ ‫رســالة مــن نظــام اإلج ـرام بأنــه مــازال قــادرا ً عــى توجيــه‬ ‫الرضبــات ألي نقطــة ســورية وبــأن ط ـران التحالــف لــن‬ ‫مينــع ذلــك مطلق ـاً‪.‬‬ ‫مــن جهتــه يعلــق زاكــروس عثــان‪ ،‬وهــو كاتــب وصحــايف‬ ‫عضــو يف اتحــاد الكتــاب والصحافيــن الكــورد عــى املجــزرة‬ ‫بقولــه‪ :‬يف األشــهر األخــرة فقــد النظــام الســوري الســيطرة‬ ‫عــى شــال ســوريا حيــث وقعــت مســاحات كبــرة منهــا‬ ‫تحــت ســيطرة املجموعــات اإلســامية املســلحة ويف الشــال‬ ‫الرشقــي كذلــك األمــر‪ ,‬حيــث ال ـراع الدامــي بــن حــزب‬ ‫االتحــاد الدميقراطــي وتنظيــم داعــش واللــذان يتوزعــان‬ ‫الســيطرة عــى املنطقــة‪ ،‬وهــذا يكشــف بــأن النظــام‬ ‫الســوري قــد أصبــح خــارج اللعبــة لــذا قــام بارتــكاب‬ ‫مجــزرة يف مدينــة الرقــة إلرســال رســالة يقــول فيهــا إنــه‬ ‫مــازال موجــودا ً يف املنطقــة‪ ،‬ومبقــدوره اللعــب مــن هــذه‬ ‫الناحيــة‪ ،‬ومــن ناحيــة أخــرى يريــد أن يقــول النظــام‬ ‫الســوري للغــرب عــى تحريــك امللــف الســوري والعــودة‬ ‫إىل إحيــاء املؤمتــرات واملفاوضــات والــخ‬ ‫محمــد صبحــي ناشــط ســيايس ال يختلــف كثــرا ً بالــرأي‬ ‫عمــن ســبقوه‪ ،‬ويذهــب يف قولــه إىل أن التحالــف الــدويل‬ ‫يحتــاج إىل ظهــر مــوا ٍز يعمــل عــى الســاحة بطريقــة الضــد‬ ‫القبيــح‪ ،‬فيقــوم بأفعــال عــى األرض إن «قســناها مــن حيث‬ ‫النتيجــة بأفعــال النظــام ســتبدو غايــة يف الدقــة واالنضبــاط‪،‬‬ ‫مقارنــة بغــارات النظــام العشــوائية والهمجيــة»‪ ،‬ويضيــف‬ ‫صبحــي «وإن ســاح الطـران الســوري ليــس ذلــك الســاح‬ ‫الــذي يقيــم وزن ـاً للبــر أو للحجــر فيعقــب هــذا الفعــل‬ ‫ردود أفعــال لــدى الجمهــور املنفعــل أصــاً‪ ،‬تجعــل مــن‬ ‫قــوات التحالــف قــوات احرتافيــة يف التعامــل مــع أهدافهــا‬ ‫يف مناطــق التواجــد لداعــش»‪.‬‬ ‫ويتابــع قولــه‪« :‬وهنــا ﻻ بــد مــن تذكــر الغــرور التاريخــي‬ ‫لــدى النظــام يف محاولتــه إثبــات قوتــه بطريقــة البطــش‬ ‫يف تعاملــه مــع بيئــات الخصــوم‪ ،‬وهــي املســألة التــي‬ ‫تجــرأ عــى فعلهــا تكــرارا ً ومــرارا ً‪ ،‬بــدءا ً مــن أحــداث‬ ‫الثامنينيــات وصناعتــه لفوبيــا إســامية إخوانيــة‪ ،‬ثــم انتهــا ًء‬ ‫بالثــورة الســورية ومجرياتهــا العنفيــة املســلحة ضــده‪،‬‬ ‫ونجــاح النظــام يف خلــق بيئــة حاضنــة ملــا يســمى إرهــاب‬ ‫الجامعــات اإلســامية‪ ،‬ليــرك للنظــام حريــة القتــل يف أكــر‬ ‫مــن مجــزرة وهــو مــا يفــره إغــاض املجتمــع الــدويل‬ ‫كال عينيــه عــن رؤيــة مــا يرتكبــه النظــام ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫متحملــن بذلــك اﻻقــراف الكبــر لذنــب مل يرتكبــوه يف‬ ‫وجــود منظــات إســامية بينهــم (داعــش يف الرقــة)‪ ،‬ويقــع‬ ‫عــى الرقيــن إجــاء هــذه النقطــة بالتوثيــق‪ ،‬ومطالبــة كل‬ ‫الهيئــات ذات الصلــة بإيقــاف بطــش النظــام ضــد املدنيــن‪،‬‬ ‫ومــن ثــم تجرميــه بــكل الوســائل املمكنــه‪ ،‬أمــا إذا شــعر كل‬ ‫مــن لــه هــدف يف مكافحــة اإلرهــاب مــن تحالــف وغــره‬ ‫أن وجــود املدنيــن يشــكل عائقــاً يف الرقــة‪ ،‬وأن عليهــم‬

‫إفراغهــا‪ ،‬فــإن النظــام يف هــذا الحالــة يــؤدي دورا ً متهيديـاً‪،‬‬ ‫وسيســتمر تكـرار املجــازر يف األحيــاء ليضطــر املدنيــون إىل‬ ‫إف ـراغ املحافظــة ثــم تســويتها مــع األرض (وهــو مؤســف‬ ‫إن حصــل) بحجــة القضــاء عــى اإلرهــاب‪ ،‬لتبقــى مدينــة‬ ‫الرقــة وأهلهــا الطيبــن رهينــة اإلرهــاب الــدويل ودولــة‬ ‫اإلرهــاب»‪.‬‬ ‫ملاذا حلب دون الرقة‪.‬‬ ‫يعتقــد جــوان ســوز بالنســبة ملدينــة حلــب‪ ،‬ومطالبــة‬ ‫حكومــة العدالــة والتنميــة بإنقاذهــا‪ ،‬أنهــا واضحــة‪ ،‬وهــي‬ ‫حكايــة قدميــة‪ ،‬كــا يظــن أن الجميــع يعــرف أن حلــم‬ ‫الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان هــو بســط نفــوذه‬ ‫العثــاين يف املنطقــة وامتــداد رقعــة دولتــه الرتكيــة حتــى‬ ‫مدينــة حلــب‪ ،‬وخاصــة يف ظــل وجــود أقليــة مــن الرتكــان‬ ‫يف قــرى شــال حلــب واملحاذيــة للحــدود الســورية الرتكيــة‬ ‫وهــو مــروع قديــم‪.‬‬ ‫ويذهــب ســوز يف تصــوره بأنــه ال يعتقــد أن وعــود حكومــة‬ ‫العدالــة والتنميــة قــد تفعــل شــيئاً وخاصــة كان لهــا وعــود‬ ‫أخــرى مثــل «تركيــا لــن تســمح تكــرار مجــزرة مشــابهة‬ ‫ملجــزرة حــاة ‪ »1982‬وحصلــت الكثــر مــن املجــازر‬ ‫املشــابهة‪ ،‬وبقيــت تلــك الحكومــة صامتــة‪ .‬ويضيــف وال‬ ‫أظــن أن تركيــا قــد تفعــل شــيئاً مــن أجــل حلــب‪ ،‬ألنهــا لــو‬ ‫أرادت ذلــك ملــا ســمحت للمجاهديــن األجانــب بالتدفــق‬ ‫إىل ســوريا عــن طريــق مطاراتهــا وحدودهــا الربيــة‬ ‫الجنوبيــة مــع ســوريا‪.‬‬ ‫بينــا حســن إســاعيل يــرى بعكــس مــا ذهــب إليــه ســوز‪،‬‬ ‫ويعتقــد أن يكــون ســبب دعــوة حكومــة اردوغــان لحاميــة‬ ‫حلــب كونهــا مل تســقط بيــد داعــش أوالً‪ ،‬وكونهــا مركــز‬ ‫تواصــل مــع الداخــل الســوري‪ ،‬ويــرون فيهــا نقطــة اســتناد‬ ‫للثــورة إلعــادة التنظيــم‪ ،‬والعمــل باتجــاه باقــي املناطــق‬ ‫منهــا محافظــة الرقــة‪.‬‬ ‫يف حــن يــرى زاكــروس عثــان أن حلــب هــي ثــاين أكــر‬

‫مدينــة يف ســوريا وعاصمتهــا االقتصاديــة‪ ،‬وهــي قريبــة مــن‬ ‫تركيــا‪ ،‬والطريــق الــدويل إىل دمشــق ميــر مــن حلــب‪ ،‬وليــس‬ ‫مــن الرقــة أو كوبــاين بالنســبة ألنقــرة‪ ,‬فالقضيــة ليســت‬ ‫حاميــة املدنيــن بــل أجنــدة عســكرية وأمنيــة وسياســية‬ ‫تخــص تركيــا‪.‬‬ ‫أمــا محمــد صبحــي فريبــط ترصيحــات حكومــة العدالــة‬ ‫والتنميــة بهــذا الشــكل تجــاه حلــب بأنــه متعلــق‬ ‫باالقتصــاد قائ ـاً «فــا شــك بأنــه مكيــال املصالــح الرتكيــة‬ ‫الــذي يكيــل بطريقــة غــر عادلــة‪ ،‬ومــن مصلحــة السياســة‬ ‫الرتكيــة االســتفادة مــن الثقــل االقتصــادي وميـزات التجــاور‬ ‫لحلــب ورشيــان بــاب الهــوى وبــاب الســامة واللــذان ﻻ‬ ‫يقارنــان ببوابــة تــل أبيــض‪ ،‬ونحــن نــرى كيــف أنــه تــم‬ ‫التضحيــة مبعــر الرقــة لصالــح معابــر مدينــة حلــب‪ ،‬كــا‬ ‫أن هنــاك أفعــال مدروســة يرجــى منهــا تغيــر البنيــة‬ ‫الدميغرافيــة ملحافظــة الرقــة‪ ،‬وتحويلهــا مــن بيئــة عشــائرية‬ ‫تتمتــع بصــات مــع عــرب تركيــا‪ ،‬إىل بيئــة مؤســلمة‬ ‫وإغالقهــا عــى تهمــة احتضــان اإلرهــاب ليســهل التعامــل‬ ‫مــع مقدراتهــا االســتثامرية»‪ ،‬كــا يشــر صبحــي إىل امللــف‬ ‫الكــردي وتأثــره عــى السياســية الرتكيــة ويقــول «وﻻ ننــى‬ ‫امللــف الكــوردي وتعقيداتــه‪ ،‬فالشــال والشــال الرشقــي‪،‬‬ ‫وإمســاك النظــام وتركيــا وكردســتان العـراق مبلــف الكــورد‪،‬‬ ‫وموقــف التحالــف منــه‪ ،‬وكانــت الرقــة ضحيــة يف هــذا‬ ‫الســياق‪ ،‬فقــد تــم تنشــيط التصنيــع للجامعــات املســلحة‬ ‫املتشــدده يف الرقــة عــر تســهيل دخولهــا اليهــا ثــم اغــاق‬ ‫الحــدود مــن ورائهــا‪ ،‬ومــا قامــت بــه مــن مهمــة يف رضب‬ ‫صيغــة التعايــش الســكاين املوجــودة يف الرقــة عــر التعــدي‬ ‫عــى الكــورد (مكــون اجتامعــي أصيــل)‪ ،‬وتركيــز املعركــة‬ ‫النهائيــة يف كوبــاين‪ ،‬وتهجــر أهلهــا مبعــارك تشــكل انحرافـاً‬ ‫كب ـرا ً يف برنامــج الثــورة الســورية»‪.‬‬


‫حرمل المجزرة‬

‫‪5‬‬

‫الحرملي‬

‫النظــام يرتكب مجــزرة في الرقة‬ ‫قتــل وجــرح عــرات املدنيــن يف غــارات شــنتها مقاتــات النظــام‬ ‫الســوري عــى مدينــة الرقــة يف شــال رشقــي البــاد‪.‬‬ ‫وذكــر «املرصــد الســوري لحقــوق اإلنســان» أن مقاتــات النظــام الســوري‬ ‫شــنت غــارات عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬مــا أســفر عــن مقتــل ‪ 23‬مدنيـاً عــى‬ ‫األقــل‪ ،‬مشـرا ً إىل «إصابــة العـرات بجــروح»‪ .‬وأوضــح مديــر «املرصــد»‬ ‫رامــي عبــد الرحمــن لوكالــة «فرانــس بــرس»‪ ،‬أن «معظــم الضحايــا‬ ‫ســقطوا عندمــا اســتهدفت غارتــان متتاليتــان املنطقــة الصناعيــة يف‬ ‫املدينــة»‪ ،‬مضيف ـاً أن «الســكان هرعــوا إلســعاف الضحايــا بعــد الغــارة‬ ‫األوىل عندمــا شــن النظــام الغــارة الثانيــة»‪.‬‬ ‫لكــن نشــطاء قــدروا عــدد القتــى بـــ «‪ 60‬شــهيدا ً»‪ ،‬وقــال رئيــس‬ ‫«االئتــاف الوطنــي الســوري» املعــارض هــادي البحــرة‪ ،‬إنــه «فيــا تشــن‬ ‫طائـرات التحالــف غاراتهــا عــى مواقــع تنظيــم الدولــة‪ ،‬تحلــق طائـرات‬ ‫النظــام إىل املناطــق ذاتهــا لكنهــا تتجنــب مراكــز التنظيــم وتســتهدف‬ ‫مناطــق وتجمعــات مدنيــة‪ .‬مل ينجــل غبــار القصــف الجــوي الــذي نفــذه‬ ‫ط ـران نظــام األســد عــى الرقــة بعــد‪ ،‬لكــن املناطــق املســتهدفة هــي‬ ‫مناطــق مدنيــة‪ .‬وأكــد شــهود عيــان يف املــكان ســقوط ‪ 65‬شــهيدا ً حتــى‬

‫اللحظــة» (بعــد ظهــر أمــس)‪.‬‬ ‫وقــال إنــه «يديــن» هــذه «الجرميــة»‪ ،‬محــذرا ً مــن أن النظــام «ســيعمل‬ ‫عــى تكرارهــا مســتغالًّ الحضــور الجــوي لطائـرات التحالــف‪ .‬كــا ال بــد‬ ‫مــن اإلشــارة إىل أن كثـرا ً مــن األصــوات بــدأت تتعــاىل مناديــة بــأن نظــام‬ ‫األســد بــات املســتفيد األول مــن رضبــات التحالــف‪ ،‬وأن االســراتيجية‬ ‫الحاليــة يف حاجــة إىل تعديــل»‪.‬‬ ‫ويســيطر «داعــش» الــذي بــرز كأحــد أط ـراف ال ـراع يف ســورية منــذ‬ ‫ربيــع ‪ 2013‬عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬لتكــون أول مدينــة ســورية كــرى‬ ‫تخــرج عــن ســيطرة النظــام منــذ انــدالع الحركــة االحتجاجيــة منتصــف‬ ‫آذار (مــارس) ‪ .2011‬ويســتهدف الط ـران الســوري منــذ أســابيع مواقــع‬ ‫لتنظيــم «الدولــة اإلســامية» يف رشق ســورية وشــالها‪ ،‬إال أن هــذه‬ ‫الغــارات غالب ـاً مــا توقــع قتــى بــن املدنيــن‪.‬‬ ‫وقــال موقــع «الــدرر الشــامية» املعــارض‪ ،‬إن «تنظيــم الدولــة» أعلــن‬ ‫صبــاح أمــس عــن مقتــل مســؤول املكتــب األمنــي للتنظيــم يف املحافظــة‪،‬‬ ‫الفت ـاً إىل أن عمليــة االغتيــال متــت عــى يــد مجهولــن «مــن دون ذكــر‬ ‫تفاصيــل عــن كيفيــة تنفيــذ العمليــة»‪.‬‬

‫عن صحيفة الحياة‪2014/11/26 :‬‬

‫«داعــش» يمنــع أهالــي الرقة من تصويــر مجازر النظام الســوري‬ ‫ونقلهــا لوســائل اإلعــام‪ ،‬والطيــران يكثــف غاراتــه عليهــا‬ ‫عمر الهويدي‬ ‫ناشــطون ســوريون مــن الرقــة يعــرون عــن تذمرهــم ملــا‬ ‫تتعــرض لــه محافظــة الرقــة شــال رشق البــاد‪ ،‬مــن قصــف‬ ‫مســتمر مــن قبــل طائــرات النظــام الســوري‪ ،‬باإلضافــة ملنــع‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية يف العـراق والشــام «داعــش» املدنيــن‬ ‫مــن تصويــر مجــازر النظــام الســوري‪ ،‬ونقلهــا لوســائل اإلعــام‪.‬‬ ‫وقــال الناشــط اإلعالمي املعــروف بــ»أبــو إبراهيم الرقــاوي» أحد‬ ‫أعضــاء حملــة «الرقــة تذبــح بصمــت» لـــلحرمل‪ :‬إن ســبب شــح‬ ‫املــواد اإلعالميــة وندرتهــا التــي ظهــرت عــى وســائل اإلعــام‪ ،‬هــو‬ ‫قيــام عنــارص تنظيــم «داعــش» مبنــع األهــايل مــن تصويــر مجــازر‬ ‫النظــام الســوري التــي نفذتهــا طائراتــه يف اليومــن املاضيــن يف‬ ‫محافظــة الرقــة‪.‬‬ ‫وأضــاف الرقــاوي أن تنظيــم «داعــش» كعادتــه يتواطــأ مــع‬ ‫النظــام الســوري‪ ،‬ويتســر عــى جرامئــه مــن خــال منع الناشــطني‬ ‫مــن نقــل حجــم الدمــار وصــورة مــا يجــري داخــل الرقــة‪.‬‬ ‫وأكــد الرقــاوي أن عنــارص تتبــع للتنظيــم منعــت املدنيــن مــن‬ ‫قيامهــم بتصويــر املجــازر عــن طريــق الهاتــف النقــال‪ ،‬وكذلــك‬ ‫قامــوا مبنــع مــن أراد الدخــول إىل املشــايف بغيــة التصويــر‬ ‫وتوثيــق أســاء الشــهداء والجرحــى‪ ،‬مش ـرا ً إىل أن نقــل صــورة‬ ‫الوضــع ومــا يجــري يف الرقــة‪ ،‬وإيصالــه لوســائل لإلعــام ال يتــم‬ ‫بالشــكل املطلــوب‪ ،‬ويف أغلــب األحيــان تصــل األخبــار منقوصــة‪،‬‬ ‫وأحيان ـاً ال تصــل‪ ،‬مبين ـاً أن الســبب هــو عــدم وجــود الناشــطني‬ ‫اإلعالميــن‪ ،‬وأن مــن أراد فعــل ذلــك مــن األهــايل ال يتجــرأ عــى‬ ‫إظهــار هاتفــه النقــال لتصويــر املجــازر أو أي حــدث آخــر‪ ،‬خوفـاً‬ ‫مــن بطــش «التنظيــم»‪ ،‬مــع العلــم أن التنظيــم مل يقــم بنقــل‬ ‫األحــداث التــي تعرضــت لهــا الرقــة عــى أي موقــع مــن املواقــع‬ ‫التابعــة لــه‪.‬‬ ‫ويف الســياق ذاتــه قــال ناشــطون لــــلحرمل إن النظــام يســتمر‬ ‫يف ارتــكاب املجــازر بحــق املدنيــن يف الرقــة‪ ،‬حيــث اســتهدف‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫األحيــاء الســكنية بــــثامين غــارات نفذتهــا الطائ ـرات الحربيــة‬ ‫التابعــة لــه‪ ،‬والتــي راح ضحيتهــا مثانيــة مدنيــن‪ ،‬عــرف منهــم‬ ‫محمــد املهيــد ‪ 35‬ســنة وماجــد املهيــد ‪ 33‬ســنة وأحمــد الحســن‬ ‫وعــاد الســلطان وأحمــد الحــوراين‪ ،‬وذلــك بعــد ثالثــة أيــام مــن‬ ‫ارتكابــه مجــزرة أدت إىل استشــهاد مــا يقارب ‪ 200‬مــدين‪ ،‬وإصابة‬ ‫‪ 100‬مــن الجرحــى‪ ،‬بينهــم عائــات كاملــة قضــت نحبهــا‪ ،‬إثــر‬ ‫غــارات شــنها الط ـران الحــريب التابــع لقــوات النظــام الســوري‪،‬‬ ‫الثالثــاء ‪ 25‬ترشيــن الثــاين‪ /‬نوفمــر‪ ،‬عــى مناطــق متفرقــة مــن‬ ‫مدينــة الرقــة‪ ،‬وصفــت باألعنــف منــذ ســيطرة تنظيــم الدولــة‬ ‫اإلســامية يف الع ـراق والشــام «داعــش» عليهــا‪.‬‬ ‫حيــث قــام ط ـران النظــام الســوري باســتهداف أحيــاء متفرقــة‬ ‫مــن مدينــة الرقــة‪ ،‬بــــ ‪ 8‬غــارات جويــة‪ ،‬مل تســتهدف أي واحــدة‬ ‫منهــا مق ـرا ً لتنظيــم «داعــش»‪.‬‬ ‫وتجــدر اإلشــارة إىل أن تنظيــم «داعــش» فــرض ســيطرته‬ ‫الكاملــة عــى محافظــة الرقــة يف كانــون الثــاين‪ /‬ينايــر مــن العــام‬ ‫الحــايل‪ ،‬حيــث اضط ـ ّرت مجموعــة كبــرة مــن ناشــطي الح ـراك‬ ‫الســلمي واإلعالميــن إىل مغــادرة محافظــة الرقــة‪ ،‬إثــر تعرضهــم‬ ‫ملحــاوالت خطــف واغتيــال مــن قبــل «داعــش»‪ ،‬وذلــك بعــد أن‬ ‫ـي‬ ‫قامــت بخطــف العـرات مــن قــادة الحـراك الثـ ّ‬ ‫ـوري واإلعالمـ ّ‬ ‫الحقوقــي ورئيــس‬ ‫يف محافظــة الرقّــة‪ ،‬وعــى رأســهم الناشــط‬ ‫ّ‬ ‫ي ملحافظــة الرقّــة املحامــي «عبــد اللــه الخليــل»‬ ‫املجلــس املح ـ ّ‬ ‫الــذي تــ ّم اختطافــه يف ‪ 18‬أيــا‪ /‬مايــو ‪ ،2013‬وبعدهــا كــ ّرت‬ ‫الســبحة باختطــاف الناشــط «ف ـراس الحــاج صالــح» و»محمــد‬ ‫ُّ‬ ‫نــور مطــر» و»إبراهيــم الغــازي» و‪ ..‬وغريهــم‪ ،‬وال ي ـزال مصــر‬ ‫املخطوفــن مجهــوال حتّــى هــذه اللحظــة‪.‬‬ ‫مل يكتــف تنظيــم «داعــش» بخطــف الناشــطني بــل اســتولت عىل‬ ‫منازلهــم‪ ،‬وقامــت بوضــع مهاجريــن مــن بلــدان مختلفــة داخلها‪،‬‬ ‫حيــث بلــغ «داعــش» مـراده بتفريــغ الســاحة الثوريــة مــن دعاة‬ ‫العمــل املــدين وأصحــاب مــروع الدولــة الســورية الجديــدة‪.‬‬

‫أيــام الفــرات الداميــة‪!..‬‬ ‫يوسف دعيس‬ ‫مل يكــن مــن املفاجــئ خــروج وزيــر إعــام النظــام الســوري عــى وســائل اإلعــام‬ ‫وترصيحــه حيــال مــا يجــري مــن أحــداث داميــة يف الرقــة‪ ،‬واتهامــه اآلخريــن بالفربكــة‪،‬‬ ‫وإرصاره عــى أن الدولــة الســورية أكــر حرصــاً عــى شــعبها‪ ،‬وأن بيــان الخارجيــة‬ ‫األمريكيــة بهــذا الخصــوص يناقــض ترصيحــات مســؤولني أمريكيــن حــول عــدم تأكدهــم‬ ‫مــن القصــف الجــوي ضــد تنظيــم داعــش اإلرهــايب‪ ،‬وهــذا مــا يثــر الريبــة‪ ،‬حيــث مصــادر‬ ‫اإلرهــاب هــي التــي تحدثــت فقــط عــن اســتهداف الدولــة الســورية للمدنيــن‪.‬‬ ‫هكــذا بــكل بســاطة يُطلــق ترصيحاتــه الكاذبــة دون أن يــرف لــه جفــن‪ ،‬ودون أن ينتظــر‬ ‫الــرد مــن أحــد‪ ،‬وكأن مــا يجــري عــى األرض يخــص عاملـاً آخــر‪ ،‬هكــذا بعنجهيــة املنتــر‬ ‫يُطلــق تحليالتــه‪ ،‬وهــو يتمتــع برؤيــة الــدم ومنظــر جثــث الشــهداء وأشــاء الضحايــا مــن‬ ‫األطفــال والنســاء‪ ،‬متمثـاً مقولــة هوالكــو العــر عندمــا قــال‪« :‬الرقــة يف قلبــي»‪.‬‬ ‫يف الجانــب اآلخــر تكتفــي الحكومــة الســورية املؤقتــة بإصــدار بيــان مقتضــب حيــال‬ ‫املجــازر التــي يرتكبهــا طــران األســد بحــق أهلنــا املدنيــن العــزل‪ ،‬يدخــل يف بــاب‬ ‫املجاملــة‪ ،‬ورفــع العتــب‪ ،‬متناســية أنهــا مــا ت ـزال تقــف حائــرة أمــام إرســال شــحنات‬ ‫األدويــة واملســتلزمات الطبيــة إىل أهلنــا يف الرقــة‪ ،‬وكأنهــا تحكــم عليهــم باملــوت البطــيء‪،‬‬ ‫وتعتربهــم حاضنــة لإلرهــاب‪ ،‬متامهيــة مــع ترصيحــات النظــام والتحالــف األعــور‬ ‫واألصــم‪ .‬يف الوقــت الــذي ت ُغلــق فيــه كل أبــواب النجــاة مــن املــوت أمــام الجرحــى‬ ‫والنازحــن مــن أهــل الرقــة‪.‬‬ ‫املــوت الــذي يطــال أهــل الرقــة يف هــذه األيــام يدخــل يف خانــة اإلبــادة الجامعيــة‪،‬‬ ‫وال ينتظــر مــن مؤسســات الثــورة الجلــوس إىل طــاوالت االســتخبارات الغربيــة لتحديــد‬ ‫األهــداف التــي يجــب رضبهــا يف الرقــة‪ ،‬وال خيــارات تحريرهــا‪ ،‬وال ينتظــر منهــم مجــرد‬ ‫كالم معســول ال يســمن وال يغنــي مــن جــوع‪ ،‬بــل يحتــاج إىل وقفــة جبــارة‪ ،‬وتنــايس‬ ‫املكتســبات املاديــة‪ ،‬والتعــايل عــن النهــب املســتمر ملقــدرات الثــورة عــى حســاب دم‬ ‫الشــهداء‪ ،‬وخــوف املفزوعــن مــن املــوت إىل املــوت يف مخيــات اللجــوء القرسيــة‪.‬‬ ‫وقفــة العــز هــذه ال تنتظــر إشــارة أو إذنـاً مــن أحــد‪ ،‬يجــب أن تكــون نابعــة مــن القلــب‪،‬‬ ‫وتتوجــه إىل القلــوب الجريحــة‪ ،‬فالوقــت ميــر رسيعــاً‪ ،‬وآلــة القتــل األســدية تحصــد‬ ‫األبريــاء مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬الســوريني بامتيــاز‪ ،‬الذيــن مل يبخلــوا يومـاً بعرقهــم ودمهــم‬ ‫تجــاه وطنهــم‪ ،‬وإن مل يحصــل ذلــك يف القريــب العاجــل‪ ،‬فأنتــم تتشــاركون مــع هوالكــو‬ ‫العــر بقتــل الرقاويــن األبريــاء‪.‬‬

‫تركيا تتمسك بخطة المناطق اآلمنة‬ ‫والممانعة األمريكية تقتل السوريين‬ ‫رصح وزيــر الخارجيــة الفرنســية لــوران فابيــوس‬ ‫إلذاعــة فرنســا الدوليــة الثالثــاء ‪:2014/11/25‬‬ ‫«نعمــل مــع مبعــوث األمــم املتحــدة إىل ســورية‬ ‫ســتيفان دي ميســتورا ملحاولــة إنقــاذ حلــب‪ ،‬ومــن‬ ‫جهــة أخــرى إلقامــة مــا يُعــرف باملناطــق اآلمنــة‪،‬‬ ‫وهــي مناطــق أمنيــة ال ميكــن فيهــا لطائــرات‬ ‫الرئيــس الســوري بشــار األســد‪ ،‬وعنــارص تنظيــم‬ ‫الدولــة اإلســامية «داعــش» مالحقــة الســوريني»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬إننــا يف صــدد العمــل عــى ذلــك‪ ،‬ينبغــي‬ ‫إقنــاع كثرييــن‪ ،‬األمريكيــن بالطبــع وغريهــم‪ ،‬ولكنــه‬ ‫موقــف الديبلوماســية الفرنســية‪ ،‬وأكــرر الهــدف هــو‬ ‫إنقــاذ حلــب‪.‬‬ ‫ورغــم اإلرصار الــريك عــى خطــة املناطــق اآلمنــة‪،‬‬ ‫ورفــض املشــاركة الفعليــة يف التحالــف واالنخــراط‬ ‫يف عملياتــه‪ّ ،‬إل أن أمريــكا ال زالــت متمســكة‬ ‫برفضهــا لهــذه الخطــة‪ ،‬وقــد فشــلت مباحثــات‬ ‫نائــب الرئيــس األمريــي «جــون بايــدن» الســبت‬ ‫‪ 2014/11/22‬بتغيــر موقــف الرئيــس الــريك رجــب‬ ‫طيــب أردوغــان يف مدينــة اســتانبول الهادفــة إىل‬ ‫تعزيــز الــدور الــريك يف التحالــف الــدويل املعلــن‬ ‫ضــد تنظيــم الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫وتشــرط تركيــا لتعزيــز الــدور العســكري يف التحالف‬ ‫أن يكــون إســقاط نظــام األســد مــن بــن أهــداف‬ ‫التحالــف‪ ،‬كــا تطالــب تركيــا بإقامــة منطقــة لحظــر‬ ‫الطــران الســوري‪ ،‬وإقامــة منطقــة آمنــة داخــل‬ ‫ســورية‪.‬‬

‫فهــل ســينجح التصلــب الــريك يف وجــه أمريــكا إىل‬ ‫تحقيــق خطــة املناطــق اآلمنــة‪ ،‬وهــل ســيربئ أوبامــا‬ ‫نفســه مــن تهمــة قتــل الســوريني‪ ،‬والتواطــؤ مــع‬ ‫نظــام اإلجــرام األســدي‪ ،‬ويرتاجــع عــن مامنعتــه‪،‬‬ ‫ويُعطــي موافقتــه إلقامــة املناطقــة اآلمنــة؟!‬ ‫الدم السوري ينتظر‪!..‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫خضر اآلغا‬ ‫أن يقــوم أعــداء الثــورة وخصومهــا والثــورة املضــادة‬ ‫بإعــداد أفخــاخ كثــرة ومتالحقــة للثــورة وأنصارهــا‪ ،‬فذلــك‬ ‫أمــر متوقــع ومنســجم مــع منطــق الثــورات والثــورات‬ ‫املضــادة‪ ،‬لكــن املتوقــع واملنطقــي أيضـاً أن يتــم‪ ،‬مــا أمكــن‪،‬‬ ‫تحــايش تلــك األفخــاخ وتعطيلهــا‪ .‬هــذا نــوع مــن العالقــة‬ ‫اإلرغاميــة التــي تنشــأ خــال األحــداث العاصفــة يف حيــاة‬ ‫الشــعوب‪ ،‬تجــد الثــورة وأنصارهــا أنفســهم معنيــن أكــر‬ ‫فأكــر يف التقــدم وتحقيــق املكتســبات إرغاميــاً‪ ،‬ويجــد‬ ‫أعداؤهــا وخصومهــا أنفســهم معنيــن‪ ،‬ليــس يف الحــد‬ ‫مــن هــذا التقــدم فحســب‪ ،‬بــل يف منعــه وتشــتيته أيض ـاً‪.‬‬ ‫يف هــذه العالقــة اإلرغاميــة تبقــى الثــورة هــي الفاعــل‬ ‫الرئيــس يف األحــداث والواقــع‪ ،‬فيــا يجــد خصومهــا‬ ‫وأعداؤهــا أنفســهم يف موقــف رد الفعــل والدفــاع‪ ،‬وباعتبــار‬ ‫أن العالقــة اإلرغاميــة هــذه هــي‪ ،‬حقـاً‪ ،‬نــوع مــن املعــارك‬ ‫الحــادة والحاســمة بــن هــؤالء وأولئــك‪ ،‬فســوف تحــاول‬ ‫الثــورة املضــادة أن متتلــك زمــام املبــادرة لحــر الثــورة يف‬ ‫موقــف املدافــع فحســب‪ ،‬وذلــك بحســب مقولــة‪« :‬الهجــوم‬ ‫هــو خــر وســيلة للدفــاع»‪ .‬وهــذا مــا حــدث فعليــاً‪،‬‬ ‫ويحــدث باســتمرار منــذ بدايــات الثــورة الســورية (آذار‬ ‫‪ )2011‬الثــورة مبــا هــي املتظاهــرون‪ ،‬وكذلــك العاملــون يف‬ ‫حقــل املجتمــع املــدين للثــورة‪ ،‬وناشــطو اإلغاثــة واإلعــام‪...‬‬ ‫كانــت‪ ،‬فعليــاً‪ ،‬حــذرة تجــاه أفخــاخ الثــورة املضــادة إىل‬ ‫درجــة كبــرة ومهمــة‪ .‬فقــد كانــت تتقــدم غــر عابئــة مبــا‬ ‫يعـ ّده لهــا أعداؤهــا مــن أفخــاخ‪ .‬فيــا بعــد‪ ،‬وقــد تســلحت‬ ‫الثــورة‪ ،‬بقــي الجيــش الحــر طيلــة فــرة تواجــده لوحــده‬ ‫يف الســاحة ويف امليــدان‪ ،‬يتقــدم عــى نحــو جيــد‪ ،‬وذلــك‬

‫حرمل المجزرة‬

‫‪6‬‬

‫في نقد أنصار الثورة‬ ‫بالنظــر إىل الظــروف البيئيــة واملحليــة واإلقليميــة والدوليــة‬ ‫املحيطــة بالثــورة‪.‬‬ ‫املشــكلة الكــرى كانــت لــدى أنصــار الثــورة! أولئــك‬ ‫الذيــن مل يشــركوا فيهــا عمليــاً‪ ،‬إمنــا كانــوا مؤيديــن لهــا‬ ‫ومنارصيــن‪ .‬وهــؤالء ينطــوون عــى وزن حقيقــي‪ ،‬ولديهــم‬ ‫تأثــر يف‪ /‬وعــى الثــورة‪ ،‬إذ أنهــم يشــكلون‪ ،‬غالبــاً‪ ،‬بيئــة‬ ‫رأي للثــورة وعليهــا أيض ـاً‪ .‬أمــا مــن حيــث كونهــا بيئــة رأي‬ ‫للثــورة فمــن خــال التعبــر عنهــا وطــرح اآلراء واألفــكار‬ ‫التــي مــن املمكــن أن تســتفيد منهــا يف مســار رصاعهــا مــع‬ ‫عدوهــا‪ ،‬وأمــا مــن حيــث كونهــا بيئــة رأي عليهــا فمــن‬ ‫خــال االنتقــادات التــي توجــه إليهــا‪ ،‬والتــي مــن املمكــن‬ ‫أن تســهم يف تصحيــح بعــض (األخطــاء الطارئــة) التــي تقــع‬ ‫فيهــا‪ ،‬بدهيـاً‪ ،‬كل ثــورة‪ ،‬وكل حركــة يف التاريــخ؛ وذلــك عمـاً‬ ‫بقاعــدة أن أيــة حركــة يف التاريــخ‪ ،‬خاصــة الحــركات الكربى‪،‬‬ ‫ال تســتقيم وال تســتمر وال تحيــا إال بنقدهــا‪ ،‬وهــذا صحيــح‪.‬‬ ‫املشــكلة الكــرى بــرزت لــدى أنصــار الثــورة عندمــا مل‬ ‫يعــودوا مييــزون (أغلبهــم) بــن النقــد وبــن مــا يتخطــاه‪.‬‬ ‫أو أنهــم‪ ،‬تحــت يافطــة النقــد‪ ،‬راحــوا يســقطون يف أفخــاخ‬ ‫الثــورة املضــادة‪ ،‬فخـاً تلــو اآلخــر‪ .‬وقــد بــدأ ذلــك مبكـرا ً يف‬ ‫عمــر الثــورة‪ .‬نتذكــر‪ ،‬كمثــال‪ ،‬أوىل األفخــاخ التــي وقعــوا‬ ‫فيهــا عندمــا راح األطفــال يســقطون بن ـران النظــام خــال‬ ‫املظاهــرات‪ ،‬فأشــاع هــذا أن املتظاهريــن هــم الذيــن‬ ‫يجعلــون أطفالهــم يخرجــون يف املظاهــرات ليتــم اتهــام‬ ‫النظــام بقتلهــم‪ ،‬ويحتشــد الــرأي العــام ضــده‪ .‬نتذكــر أن‬ ‫الثــورة مل تأبــه بذلــك واســتمرت بفعالياتهــا‪ ،‬فيــا راح‬ ‫أنصارهــا يرفعــون الصــوت ضــد تظاهــر األطفــال‪ .‬أكــر مــن‬

‫ذلــك راحــوا يطالبــون ذوي األطفــال مبنعهــم مــن التواجــد‬ ‫يف أمــكان املظاه ـرات بوصفهــا أماكــن عنــف‪ ,‬عــى الرغــم‬ ‫مــن أن املظاهــرات كانــت تخــرج‪ ،‬غالبــاً‪ ،‬وســط أحيــاء‬ ‫مكتظــة بالنــاس وليــس‪ ،‬دامئـاً‪ ،‬يف ســاحات عامــة‪ ،‬إذ مل يكــن‬ ‫يتســنى لهــا ذلــك إال نــادرا ً‪ .‬فكيــف يكــون باإلمــكان منــع‬ ‫األطفــال مــن املشــاركة يف املظاه ـرات‪ ،‬أو مــن التواجــد يف‬ ‫هــذه املناطــق بوصفهــا مناطــق عنــف!‬ ‫نتذكــر‪ ،‬أيض ـاً‪ ،‬كمثــال آخــر‪ ،‬امتعــاض بعــض أنصــار الثــورة‬ ‫مــن علـ ّو صيحــة «اللــه أكــر» التــي كان يرددهــا الســوريون‬ ‫خــال املظاه ـرات أثنــاء مالحقــة األمــن لهــم‪ ،‬أو يرددهــا‬ ‫قســم آخــر خــال املداهــات األمنيــة وغريهــا‪ ،‬ملــا يف تلــك‬ ‫الصيحــة مــن مســحة (إســامية)‪ ،‬متجاهلــن أنهــا الصيحــة‬ ‫التــي يرددهــا جميــع املســلمني يف مناســبات كثــرة‪ ،‬وبــا‬ ‫مناســبات كذلــك!‬ ‫ومــن تلــك االمتعاضــات عــى مــا كانــوا يتخوفــون مــن كونه‬ ‫(إســامياً) شــعار «حرائــر ســوريا» التــي رفعتــه الثــورة يف‬ ‫إحــدى جمعهــا كتحيــة للمــرأة الســورية ملــا تبذلــه يف ســبيل‬ ‫الثــورة‪ .‬فقــد شــهدت كلمــة «حرائــر» ســخرية ال مثيــل لهــا‬ ‫بوصفهــا كلمــة تقلــل مــن شــأن املــرأة‪ ،‬وتعــود بالذاكــرة إىل‬ ‫عــر «الحريــم»‪ ،‬عــى الرغــم مــن أنهــا –ببســاطة‪ -‬جمــع‬ ‫كلمــة «حـ ّرة» يف اللغــة العربيــة‪.‬‬ ‫وغــر ذلــك مــن أمثلــة كثــرة كانــت تعب ـرا ً عــن ســقوط‬ ‫بعــض أنصــار الثــورة يف أفخــاخ الثــورة املضــادة‪..‬‬ ‫إال أن هــذه األفخــاخ التــي كانــت تع ّدهــا الثــورة املضــادة‬ ‫بقيــادة النظــام خــال الثــورة الســلمية مل تؤثــر عــى حركتها‪،‬‬ ‫وإن وقــوع أنصارهــا‪ ،‬أحيانـاً‪ ،‬بتلــك األرشاك مل يكــن قويـاً مبــا‬

‫يكفــي لنجــاح الثــورة املضــادة ولتمشــية آرائهــا‪ .‬إن قــوة‬ ‫الثــورة آنــذاك كان كافيــاً البتــاع تلــك األصــوات وتجــاوز‬ ‫تلــك (اآلراء الهدامــة)‪.‬‬ ‫مطالبــة أنصــار الثــورة للثــورة أن تنتبــه إىل كل ذلــك‪،‬‬ ‫وتأخــذه بعــن االعتبــار‪ ،‬ينســف أساســاً فكــرة الثــورة‬ ‫وجوهرهــا‪ ،‬وهــي أنهــا ليســت حالــة منظمــة تأمتــر بإمــرة‬ ‫شــخص أو جهــة‪ ،‬وال أشــر بذلــك إىل انعــدام وجــود قيــادة‬ ‫موحــدة للثــورة‪ ،‬بــل أشــر إىل جوهــر الثــورة وهــي أنهــا‬ ‫حالــة فــوىض عارمــة تجتــاح النظــام واملجتمــع والبنــى‬ ‫واألفــكار‪ ...‬إنهــا نــزق شــعبي متوتــر مينــح الشــعب املجــال‬ ‫الواســع للتعبــر عــن أفــكاره وغرائــزه بــكل الطــرق املتاحــة‪.‬‬ ‫غــر ذلــك ال تكــون ثــورة‪.‬‬ ‫املشــكلة الكــرى لــدى أنصــار الثــورة الســورية أنهــم‬ ‫أرادوهــا مفصلــة عــى قيــاس كل واحــد منهــم‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫جعــل الثــورة تــرف جهــدا ً إضافيـاً يف (تربيــر) بعــض مــا‬ ‫اعتــره أنصارهــا أخطــا ًء!‬ ‫نتذكــر جيــدا ً تلــك الحمــات اإلعالميــة والشــفوية شــديدة‬ ‫اللهجــة ضــد تســميات أيــام الجمــع حيــث كانــت الثــورة‬ ‫خاللهــا تحتشــد عــى نحــو هائــل يف األرجــاء الســورية‪،‬‬ ‫وذلــك بــن االنتقــاد والســخرية واالمتعــاض و(الشــعور‬ ‫بالقــرف) وغــره‪...‬‬ ‫لكــن األفخــاخ األكــر مـرارة وتأثـرا ً التــي وقــع فيهــا هــؤالء‬ ‫(بعضهــم) كانــت لــدى تحــول الثــورة املريــر نحــو التســلح‪.‬‬ ‫ولنــا يف هــذه وقفــة أخــرى‪.‬‬

‫شركاء القتل‪...‬‬ ‫أحمد محمد نور العجيلي‬ ‫ـت يف مدينتــي الوادعــة إال وقــد نــال‬ ‫ال يــكاد يخلــو بيـ ٌ‬ ‫قســطاً مــن مسلســل األمل والقهــر اليومــي الــذي تعيشــه‬ ‫ســورية منــذ مــا يربــو عــى سـ ٍ‬ ‫ـنوات ثــاث‪ .‬حــدث مــا‬ ‫حــدث وثــارت كتلـ ٌة ال يُســتهان بهــا من الشــعب الســوري‬ ‫ض ـ ّد األســد ونظامــه الفــايش؛ مل يتقبــل جميــع الســوريني‬ ‫فكــرة الثــورة‪ ،‬وغــر قليــل منهــم انســاق وراء دعايــات‬ ‫النظــام وآلتــه اإلعالميــة الكاذبــة‪ ،‬تدفعهــم وراء ذلــك‬ ‫أســباب كثــرة ال مجــال لتشــخيصها يف هــذه العجالــة؛‬ ‫فمنهــم مــن اصطــف مدافعـاً عــن طائفــة مهــددة بالقتــل‬ ‫والذبــح حســب مــا روجــه لهــم إعــام النظــام‪ ،‬ومنهــم من‬ ‫خــي خســارة مكتســباته التــي نالها يف ظـ ّـل النظام‪ ،‬ســواء‬ ‫أكان تاجـرا ً أم موظفـاً منتفعـاً (مرتــي)‪ ،‬أم شــيخ عشــرة‪،‬‬ ‫أو زعيــم طائفــة‪ ،‬أو حتــى رجــل ديــن‪ .‬تجمعهــم كلهــم‬ ‫مصالــح ومنفعــة غــر مرشوعــة يكتســبونها مــن خــال‬ ‫تأييدهــم هــذا النظــام والدفــاع عنــه وتربيــر جرامئــه حتــى‬ ‫بحــق أقــرب املقربــن لهــم‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫يف حــن وقفــت يف الطــرف املقابــل فئـة تضــم مختلف‬

‫رشائــح املجتمــع الســوري‪ ،‬تنعكــس فيهــا تشــكيلة هــذا‬ ‫املجتمــع بعفويــة صادقــة‪ .‬لينقســم الشــارع الســوري بــن‬ ‫مؤيـ ٍـد للنظــام‪ ،‬وآخــر معــارض لــه‪ ،‬وهــو مــا ميكــن اعتبــاره‬ ‫منطقيـاً بنــا ًء عــى اختــاف وجهــات النظــر‪ ،‬وحريــة الرأي‬ ‫والتعبــر عنــه‪ .‬وقــد ســبق لكاتــب هــذه الســطور أن‬ ‫تنــاول هــذه القضيــة يف مقالــة ســابقة؛ فمــن غــر املقبــول‬ ‫أن تصــف مــن يؤيــد القاتــل بأنــه جــزء حيــادي مــن‬ ‫املجتمــع لــه حريــة التعبــر ضمــن اإلطــار الدميقراطــي‬ ‫املنشــود‪ .‬وقــد قلنــا يف مقــام ســابق إ ّن املســألة يف ســورية‬ ‫مل تعــد مســألة حريــة رأي‪ ،‬ومل تعــد مســألة انتــاء حــزيب‬ ‫أو مذهبــي أو عرقــي‪ .‬إنهــا مســألة تحتكــم أوالً وأخـرا ً إىل‬ ‫مــدى إنســانيتك التــي تدفعــك إىل الوقــوف مــع الضحيــة‬ ‫أو تأييــد القاتــل‪.‬‬ ‫ولعــل املذبحــة الكــرى التــي شــهدتها مدينتــي‬ ‫ّ‬ ‫الشــهيدة األســبوع الفائــت كانــت خــر دليــل يكشــف‬ ‫مــدى وضاعــة أولئــك الذيــن راحــوا يســوقون املــررات‬ ‫للقاتــل‪ ،‬ويسـ ّوغون دونيتهــم وبهيميتهــم بدعــوى محاربة‬ ‫اإلرهــاب الجاثــم عــى صــدور ال ّرقيــن _املغلوبــن عــى‬

‫أمرهــم أساس ـاً_ إذ شــهدت مواقــع التواصــل االجتامعــي‬ ‫اســتنكارا ً شــديدا ً مــن أهــايل مدينــة الرقــة املكلومــة‪،‬‬ ‫واتّشــحت صفحاتهــم بالســواد حــدادا ً عــى أهلهــم‬ ‫معبيــن عــن ســخطهم‬ ‫وأقاربهــم وجريانهــم وأصدقائهــم‪ّ ،‬‬ ‫وغضبهــم مــن تلــك الجرائــم التــي مل تنــل ســوى املدنيــن‬ ‫العـ ّزل ممــن ال حــول وال قــوة لهــم‪ .‬والالفــت هنــا موقــف‬ ‫رون عــى تجاهــل عويــل‬ ‫أولئــك الذيــن مــا زالــوا يــ ّ‬ ‫األم الثــكىل‪ ،‬وآالم األطفــال اليتامــى‪ ،‬ورصخــات األرامــل‪،‬‬ ‫ودمــوع القهــر يف عيــون الرجــال مــن أبنــاء مدينتــي‪ .‬نعم‪،‬‬ ‫إىل اآلن هنــاك مــن يجــد العــذر للقاتــل‪ ،‬إىل اآلن يوجــد‬ ‫مــن ي ّدعــي أ ّن الثــورة هــي التــي تســببت مبقتــل اآلالف‬ ‫مــن أهــي وج ـراين وأصدقــايئ يف الرقــة‪.‬‬ ‫كيــف ميكــن ألشــباه البــر هــؤالء أن يكونــوا أبنــاء‬ ‫وطــن واحــد‪ ،‬نتقاســم ســاء ســورية وأرضهــا معهــم؟!‬ ‫كيــف يجــدون لهــذا الوحــش املفــرس أعــذارا ً لقتــل‬ ‫أهلهــم وناســهم؟! هــل ميكننــا أن نعتــر تجرميهــم‬ ‫الضحيــة وتحميلهــا كامــل املســؤولية عـ ّـا يجــري نوع ـاً‬ ‫مــن األم ـراض النفســية‪ ،‬أو مــا أطلــق عليــه اصطالح ـاً يف‬

‫علــم النفــس بـ(متالزمــة اســتوكهومل) حســب تعليــق أحــد‬ ‫نشــطاء موقــع الفيســبوك االجتامعــي؟!‬ ‫ال ميكــن بالطبــع أن تنطبــق مثــل هــذه التوصيفــات‬ ‫عــى أشــباه البــر أولئــك‪ .‬فهــم مل يكونــوا ضحيــة يومـاً يك‬ ‫يتعاطفــوا مــع الجــاين _حســب التفســر العلمــي ملتالزمــة‬ ‫اســتوكهومل_‪ ،‬بــل هــم كانــوا ومــا زالــوا رشكاء يف الجرميــة؛‬ ‫فمجــرد اعتبــار الرقــة حاضنــة شــعبية لإلرهــاب‪ ،‬وإســباغ‬ ‫صفــة البطولــة عــى نســورهم البواســل وهــم يدكّــون‬ ‫شــوارع الرقــة وأحياءهــا بقذائفهــم ونريانهــم الوحشــية‬ ‫هــو جرمي ـ ٌة ال تغتفــر؛ بــل هــو جرميــة بحــق الســوريني‬ ‫أجمــع؛ ولكــن ال عجــب يف ســلوكياتهم هــذه‪ ،‬خصوصــاً‬ ‫بعــد أن كشــف النظــام الفــايش عــن ماهيــة مؤيديه مـرارا ً‬ ‫وتكــرارا ً‪ ،‬وليســت صــور ومتاثيــل البســطار العســكري‬ ‫ســوى تعبــر حقيقــي عــن مــدى وضاعــة ودنــاءة أولئــك‬ ‫العبيــد‪ ،‬الذيــن مــا انفكــوا يؤلهــون ســ ّيدهم الطاغيــة‪،‬‬ ‫ويســبحون بحمــد بســطاره الجاثــم عــى رؤوســهم‪ .‬ولهــم‬ ‫نقــول أخ ـرا ً‪:‬‬ ‫إ ْن مل تقو عىل الوقوف مع الحق فال تؤيد الباطل‪.‬‬


‫حرمل المجزرة‬

‫‪7‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫ما الذي يجعل المجزرة ممكنة ومستمرة؟!‬ ‫حمزة رستناوي‬ ‫أكــر مــن مئــة مــن املدنيــن األبريــاء كانــوا ضحيــة‬ ‫الغــارات الجويــة للط ـران الســوري (األســدي) عــى مدينــة‬ ‫حدثــت مجــزرة؟! يــا إلهــي مجــزرة؟!!‬ ‫الرقــة‪ ..‬لقــد‬ ‫ْ‬ ‫قــد نجــد يف وثائــق يكتبهــا الحقــاً املؤرخــون عــن‬ ‫الثــورة الســورية‪ /‬الحــرب األهليــة الســورية أنــه بتاريــخ‬ ‫‪-25‬نوفمــر‪ 2014-‬حدثــت مجــزرة يف مدينــة الرقــة‪ ,‬ونجــد‬ ‫ذكرهــا يف التقاريــر الدوريــة ملنظمــة العفــو الدوليــة‪ ..‬ويف‬ ‫اليــوم التــايل لحــدوث املجــزرة مل تكــن لتظهــر ولــو كخــر‬ ‫عــارض يف نــرات أخبــار‪ :‬ب ب يس أو يس أن أن‪ ...‬الــخ‬ ‫ال صــدى أو ردود أفعــال مهمــة‪ ،‬ولــو عــى مســتوى‬ ‫الترصيحــات الرســمية عامليــاً‪ ..‬وال حتــى شــعبياً عــدا‬ ‫تظاه ـرات احتجاجيــة بســيطة لســوريني مقيمــن يف تركيــا‪.‬‬ ‫وبعــد ذلــك نتســاءل مــا الــذي يجعــل املجــزرة واملجــازر‬ ‫مســتمرة عــى قــدم وســاق؟!‬ ‫* أحــد أهــم األســباب يف اســتمرار املجــزرة‪ /‬املجــازر هــو‬ ‫االعتيــاد عــى الجرائــم واألخبــار الســيئة‪ ,‬وضعــف االرتــكاس‬ ‫تجاههــا؟! قــد ال يكــون هــذا املوقــف مــن املجــزرة مقصــودا ً‬ ‫أو ســكوتاً عليهــا‪ ,‬ولكنــه يف كثــر مــن األحيــان ناتــج عــن‬ ‫قلــة الحيلــة واالستســام لقدريــة ومصــر بائــس‪ ,‬يبــدو لنــا‬ ‫محدوديــة التأثــر فيــه‪.‬‬ ‫* يف املجــازر واإلبــادة الجامعيــة والجرائــم ضــد اإلنســانية‪,‬‬ ‫هنــاك كــا يقــول املثــل الشــامي (خيــار وف ّقــوس) تبع ـاً‬ ‫لســوق املصالــح السياســية‪ ،‬وطريقــة التقديــم والتســويق‬ ‫اإلعالمــي‪ ,‬وإىل عرصنــا هــذا مــا تـزال الهولوكوســت (مجــازر‬ ‫النازيــة ضــد اليهــود) ترتبــع عــى قمــة هــرم املجــازر‪ ,‬وقــد‬ ‫تــم اســتخدامها وبــكل أســف لتربيــر مجــازر أخــرى‪ ,‬ال تقــل‬ ‫فداحــة عــن الهولوكوســت نفســه‪ ،‬كان ضحيتهــا ترشيــد‬ ‫ومعانــاة ال تنتهــي للشــعب الفلســطيني‪ ..‬وإذا كانــت‬ ‫مجــازر وحــروب إبــادة مــن قبيــل مــا جــرى للهنــود الحمر‪,‬‬ ‫األفارقــة إبــان فــرة تجــارة العبيــد‪ ،‬واملجــازر إبــان الحقبــة‬ ‫االســتعامرية‪ ..‬قــد مــرت مــن دون عقــاب‪ ,‬ال بــل مل يتــم إىل‬ ‫اآلن االعـراف بتوصيفهــا كمجــازر وجرائــم ضــد اإلنســانية‪..‬‬ ‫ال بــل وأكــر مــن ذلــك فقــد جــرى االع ـراف بالســفاحني‬ ‫كأبطــال قوميــن وقــادة تاريخيــن! املجــازر الســابقة كلّهــا‬ ‫حدثــت يف زمــن مــى مبــا يزيــد عــن نصــف قــرن‪ ..‬بعــد‬ ‫َ‬ ‫ذلــك تــراءى لنــا وكأ ّن العــامل قــد تغــر‪ ,‬مــع الدخــول يف‬ ‫عــر العوملــة والفضــاءات املفتوحــة وعوملــة ثقافــة حقــوق‬

‫عدنان الصباح المقداد‬ ‫روســيا تطالــب التحالــف الــدويل بــإرشاك نظــام األســد يف‬ ‫الحــرب ضــد اإلرهــاب‪ ..‬كلهــم رشكاء يف الحــرب عــى اإلرهــاب‬ ‫حتــى بشــار األســد‪ ،‬الوطــن‪ ،‬وكل مــا يتعلــق بنــا أصبــح معلقـاً‬ ‫عــى حائــط التوجهــات الدوليــة العامليــة‪ ،‬فاملــدى مغلــق‬ ‫مبــا يقررونــه ومــا يفرضونــه‪ .‬وعندمــا يقــررون اإلبقــاء عــى‬ ‫نظــام األســد تظهــر املعادلــة بأطرافهــا الكاملــة‪ ،‬يف ســوريا‬ ‫إرهــاب‪ ،‬والشــعب هــو املســتهدف‪ .‬الشــعب هــو القــوة‬ ‫التــي كان يخافهــا النظــام‪ ،‬واآلن الشــعب هــو القــوة التــي‬ ‫يجــب دحرهــا‪ .‬الحقبــة الوطنيــة تغــادر موقعهــا ليحــل محلهــا‬ ‫الحقبــة الدوليــة‪ .‬أنــت ليــس لــك الحــق يف االع ـراض‪ ،‬قــف‪:‬‬ ‫هنــا حاجــز قــف‪ :‬هنــا حــدودك‪.‬‬ ‫هــذا النظــام لــن يرضــخ إلرادة الشــعب إال بالقــوة‪ ،‬النظــام يف‬ ‫حالــة ضعــف شــديدة‪ ،‬ال ينــارصه اآلن إال املرتزقــة األجانــب‪.‬‬ ‫التدخــل الخارجــي هــو الــذي مــا ي ـزال يفرضــه علينــا‪ .‬ولــو‬ ‫كان لديــه ســاح نــووي ملــا قــر يف إبــادة الشــعب‪ .‬إنّــه‬ ‫يســتخدم أشــد مــا عنــده‪ ،‬وهــذا يعكــس ضعفــه الشــديد‬ ‫وعــدم قدرتــه عــى مواجهــة الثــوار‪ .‬مجــزرة الرقــة ال تعــر‬ ‫إال عــن عجــزه‪ ،‬وال تعــر إال عــن تواطــؤ العــامل عــى الشــعب‬ ‫الســوري‪ .‬مجــزرة الرقــة هــي الرؤيــة الحقيقيــة لواقــع أن‬ ‫الســوريني باتــوا مالحقــن ومهدديــن بالقتــل واإلبــادة‪.‬‬ ‫عمليــات القصــف الجــوي التــي تقــوم بهــا طائ ـرات النظــام‬ ‫تشــتد بشــكل مرعــب‪ ،‬وأصبحــت تفــوق كل تصــور فاألخبــار‬ ‫تتحــدث عــن طياريــن روس يشــاركون النظــام األســدي يف‬ ‫عمليــات القصــف وهــذا مــا يعطــي لهــذه املشــاركة أبعــادا ً‬ ‫جديــدة‪ ،‬وتوســيع القــدرات التدمرييــة للنظــام إىل حدودهــا‬ ‫القصــوى‪.‬‬ ‫فالشــعب الســوري تنتظــره خيــارات املــوت املتعــددة‪ .‬إن يــد‬

‫اإلنســان‪ ...‬ولكــن مــع انــدالع الثــورة الســورية‪ /‬الحــرب‬ ‫األهليــة الســورية يف آذاز‪ 2011‬ظهــرت إىل العلــن هشاشــة‬ ‫النظــام العاملــي الجديــد‪ ,‬وازدواجيــة املعايــر التــي مــا تـزال‬ ‫تتحكــم يف قراراتــه واســتجابته املختلفــة‪.‬‬ ‫* يف الهــال الخصيــب يف ســوريا والعـراق ولبنــان وألســباب‬ ‫تتعلــق بقصــور املجتمعــات الســنية ذاتهــا أساس ـاً (كجــزء‬ ‫مــن قصــور مجتمعــي شــامل تهيمــن عليــه قــوى الشَ ـخ َْص َنة‬ ‫الســنية) ولعــدم وجــود را ٍع إقليمــي داعــم‪( ,‬عــى غــرار‬ ‫ُّ‬ ‫الــدور اإليــراين ومــا متثلــه ســلطة واليــة الفقيــه بالنســبة‬ ‫لقــوى الشَ ــخ َْص َنة الشــيعية املهيمنــة يف هــذه املرحلــة)‬ ‫أصبحــت املجتمعــات الســنية يف هــذه الجغرافيــا هــي‬ ‫املســتهدف األســاس بسياســات املجــازر الجامعيــة مــن‬ ‫قبــل قــوى الشَ ـخ َْص َنة الشــيعية النافــذة يف هــذه البلــدان‬ ‫الثالثــة‪ ..‬يف ســوريا وعــى ســبيل املثــال ال الحــر‪ ..‬سلســلة‬ ‫مجــازر‪ :‬مجــزرة جــر صيــدا نيســان ‪ -2011‬مجــزرة حــاة‬ ‫حزي ـران ‪ -2011‬مجــزرة كــرم الزيتــون آذار ‪ -2012‬مجــزرة‬ ‫ديــر بعلبــة نيســان ‪ -2012‬مجــزرة الحولــة ايــار ‪-2012‬‬ ‫مجــزرة القبــر حزيــران ‪ -2012‬مجــزرة الرتميســة متــوز‬ ‫‪ -2012‬مجــزرة داريــا آب ‪ -2012‬مجــزرة معضميــة الشــام‬ ‫آب ‪ -2012‬مجــزرة الفــرن يف حلفايــا ك‪ -2012 1‬مجــزرة‬ ‫بانيــاس أيــار ‪ -2013‬مجــزرة الصنمــن نيســان ‪-2014‬‬ ‫مجــزرة جديــدة الفضــل نيســان ‪ -2013‬مجــزرة طريــق‬

‫البــاب حلــب شــباط ‪ -2013‬مجــزرة املزرعــة ‪ -2013‬مجــزرة‬ ‫الكيــاوي يف الغوطــة الرشقيــة والغربيــة آب ‪ -2013‬مجــزرة‬ ‫صــوران ‪ -2014‬مجــزرة حــي االنصــاري – مدرســة عــن‬ ‫جالــوت ‪ 2014‬وتحــ ّول مــا يقــارب حــوايل عــرة ماليــن‬ ‫منهــم إىل نازحــن داخــل أو خــارج ســوريا‪.‬‬ ‫* الــذي يجعــل املجــزرة أي مجــزرة مســتمرة هــو أ ّوالً‪:‬‬ ‫هيمنــة ثقافــة جوهران ِّيــة تنظــر إىل اآلخريــن كوجــود زائــد‬ ‫منحــط متخلّــف وضيــع‪ ..‬ثقافــة تقــوم بتجريــد الكائــن‬ ‫اإلنســاين واملجتمعــات اإلنســانية مــن أدميتهــا وإنســانيتها‬ ‫تحــت مســميات مــن قبيــل‪ :‬كافــر‪ -‬مرتــد – متخلــف –‬ ‫رجعــي‪ -‬غريــب ‪ -‬أجنبــي‪ -‬نجــس – أبنــاء املتعــة ‪ -‬الروافــض‬ ‫– النواصــب – فالحــن رعــاع – شــوايا متخلفــن‪ -‬عمــاء‬ ‫خونة‪..‬الــخ‪.‬‬ ‫هــذه الثقافــة الجوهرانيِّــه نجــد تعبرياتهــا الجليــة يف‬ ‫الخطــاب اإلعالمــي والســيايس والدينــي عــادة‪ ,‬وعنــد توفــر‬ ‫مصالــح وازنــة للنخــب السياس ـ ّية‪ ,‬يقــو ْم الســيايس بتســخري‬ ‫هــذه الثقافــة ‪ -‬القابلــة أصـاً للتســخري‪ -‬لالحتفــاظ بغنائــم‬ ‫الســلطة أو إنشــاء ســلطة وليــدة وترســيخ النفــوذ‪...‬‬ ‫* الثقافــة الســائدة يف املجتمــع الســوري بــكل أســف حاليـاً‬ ‫هــي مــن النــوع الجوهـراين الــذي ينظــر إىل الــذات كجوهــر‬ ‫مختلــف ومتفــوق عــى اآلخريــن‪ ,‬وبوجــود هــذا النمــط‬ ‫مــن الثقافــة ســيكون حــدوث املجــزرة‪ ,‬واســتمرارها تحصيل‬

‫مجزرة الرقة‬ ‫النظــام األســدي تحصــد الشــعب‪ .‬رمبــا يظــن البعــض أن‬ ‫االســتهداف كان ملق ـرات وعنــارص تنظيــم الدولــة‪.‬‬ ‫االســتهداف كان لألســواق واملنطقــة الصناعيــة‪ .‬ومنطقــة‬ ‫الكــراج‪ ،‬كــا تســبب القصــف بتدمــر أكــر مــن ثالثــن‬ ‫مبنــى ســكنياً‪ ،‬ونحــو أربعــن مح ـاً تجاري ـاً‪ ،‬يف يــوم مــن‬ ‫أكــر األيــام دمويــة فيهــا‪.‬‬

‫طــران النظــام الحــريب شــن تســع غــارات جويــة عــى‬ ‫أحيــاء الرقــة الســكنية‪ ،‬اســتهدفت إحداهــا تجمع ـاً كب ـرا ً‬ ‫مــن املدنيــن يف محيــط املتحــف الوطنــي وســط املدينــة‪،‬‬ ‫وتجمعـاً آخــر يف منطقــة الصناعــة‪ ،‬مــا أدى لســقوط أكــر‬ ‫مــن ‪ 190‬قتي ـاً مدني ـاً ومــا يزيــد عــن خمســن جريح ـاً‪.‬‬ ‫وتعــد هــذه الغــارات التــي شــنها الطـران الســوري األعنف‬

‫حاصــل وقضيــة وقــت ليــس أكــر‪ ..‬وكقرينــة عــى ذلــك‬ ‫مــا عليــك ســوى متابعــة صفحــات التواصــل االجتامعــي‬ ‫للســوريني يف الداخــل واملغــرب واإلنصــات لجلســاتهم‪,‬‬ ‫حيــث يفاجئــك رمبــا ســاع هــذا الكــم الكبــر مــن الكراهية‬ ‫والشــتيمة واملفاضلــة وادعــاءات املظلوميــة‪ ..‬والالفــت هــو‬ ‫عــدم التســر والخجــل مــن هــذا الخطــاب الجوهــراين‬ ‫العنــري‪ ,‬حيــث مــع كل كبســة زنــاد مــن رشــاش شــتيمة‪:‬‬ ‫بدكــون حريــة – خونــة اخونجيــة ‪ -‬إرهابيــن ‪ ..... ..‬اختكــون‬ ‫يــا كالب‪ ..‬ال فعــل كــذا وكــذا‪ ..‬جيناكــو ْن بالدبــح‪ ..‬بدنــا‬ ‫نر َّجعكــون عبيــد متــل مــا كنتــو‪ ..‬إبــادة الســنة‪ ..‬إبــادة‬ ‫العلويــن‪ ..‬الــخ‪ .‬وهنــاك مقاطــع فيديــو موثقــة مؤملــة‬ ‫لرمــي براميــل متفجــرة مــن طائ ـرات هيلوكوبــر (للنظــام‬ ‫األســدي) عشــوائياً عــى مناطــق ســكنية وســط حالــة مــن‬ ‫تبلــد الحــس أو الحــاس الرتــكاب مجــزرة!‬ ‫* مــا يجعــل املجــزرة ممكنــة هــو هيمنــة ثقافــة ذكوريــة‪..‬‬ ‫تنظــر إىل اآلخــر كموضــوع للتملــك والســيطرة‪ ..‬وليــس‬ ‫كرشيــك ومــن مبــدأ تعــاوين توحيــدي‪ ,‬ثقافــة بدويــة‬ ‫ُمتص ّحــرة تعيــد إنتــاج الغــزو وعقليــة الغــزاة‪ ..‬تحتقــر‬ ‫الضعيــف‪ ..‬تنظــر إىل املــرأة كموضــوع جنــي فقــط‪..‬‬ ‫ووســيلة إلذالل الخصــم‪ ..‬ثقافــة مفرداتهــا حرائــر‪ ..‬أخــت‬ ‫الرجــال‪ ..‬جهــاد النــكاح‪ -‬ابــن املتعــة‪ ..‬وقامــوس حافــل مــن‬ ‫الشــتائم الجنســية املهينــة‪ ..‬بحــق اإلنســان ســواء كان ذكـرا ً‬ ‫أم أنثــى‪.‬‬ ‫* مــا يجعــل املجــزرة ممكنــة ومســتمرة هــو األمــان الــذي‬ ‫يشــعر بــه املجــرم مــن العقــاب وســيف العدالــة‪ ,‬فلــو كان‬ ‫العقــاب جدي ـاً أو التهديــد بــه الختلــف األمــر‪ ..‬يف الحــرب‬ ‫الدائــرة يف ســوريا مجتمــع دويل مهلهــل هــش‪ ..‬وضــع‬ ‫إقليمــي لصالــح األســد‪ ..‬الثــورة مخرتقــه ومجــرة لصالــح‬ ‫اإلســاميني التكفرييــن (قاســم مشــرك مكــروه عاملي ـاً قابــل‬ ‫لالســتثامر املخابـرايت) عــدم تــوازن قــوى إىل حــد كبــر هــو‬ ‫مــا يجعــل املجــرم األســدي طليقــاً ويتــادى‪ ..‬كان هنــاك‬ ‫حالــة مشــابهة يف رصبيــا وإبــادة مســلمي البوســنة‪ ,‬ولكــن‬ ‫الفــرق كان بوجــود نظــام دويل تدخــل يف مرحلــة معينــة من‬ ‫الـراع لصالــح املظلــوم‪ ..‬بينــا يســتمر العــامل يف مشــاهدة‬ ‫فصــول مــن مرسحيــة الحــرب األهليــة الســورية حيــث‬ ‫يتقاتــل األشــقاء إىل حــ ِّد العبــث‪ ..‬وســط انهيــار قيمــي‬ ‫وإفــاس أخالقــي‪ُ ..‬مفســحاً املجــال الســتمرار املجــزرة‪/‬‬ ‫املجــازر‪.‬‬

‫منــذ أســابيع‪ ،‬فهنــاك عائــات أبُيــدت بالكامــل‪ .‬ويقطــن يف‬ ‫الرقــة نح ـ ُو نصــف مليــون شــخص‪ .‬يعانــون مــن انعــدام‬ ‫األغذيــة واألدويــة يف ظــل حصــار داعــش‪.‬‬ ‫اســتخدمت يف القصــف صواريــخ فراغيــة‪ .‬أمــا املناطــق‬ ‫املصابــة‪ ،‬فهــي مناطــق مفتوحــة مزدحمــة بالســكان‪.‬‬ ‫يتنــاوب اآلن عــى قصــف املدينــة طـران التحالــف الــدويل‪،‬‬ ‫وطـران النظــام‪ ،‬مــا يظهــر أن نظــام بشــار هــو املســتفيد‬ ‫األول مــن حــرب التحالــف الــدويل عــى اإلرهــاب‪.‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫‪8‬‬

‫الـثـالثاء الـدامـي فـي الـرقـــة‬ ‫المسؤولية الدولية في جرائم األسد‬ ‫يثــر ترصيــح اإلدارة األمريكية‪ ،‬اســتهجاناً لدى الســوريني‪،‬‬ ‫ال يــكاد يختلــف عــن إشــارة حســن عبــد العظيــم‪ ،‬باحتــال‬ ‫الخطــأ‪ ،‬يف الفعــل الصــواب‪ .‬والواقــع‪ ،‬مل يـ ِن الفــزع األمرييك‬ ‫حيــال املجــازر األخــرة يف الرقــة‪ ،‬نظــام األســد مــن مواصلــة‬ ‫ارتــكاب مجــازر اإلبــادة الجامعيــة املنظمــة التــي يقــوم بهــا‬ ‫منــذ مــا يقــارب أربعــة أعــوام بحــق الســوريني‪ .‬ذلــك أن‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬يقايضــه ويســاومه‪ ،‬عــى كل امللفــات‪،‬‬ ‫ويــرك لــه حريــة مامرســة القتــل اليومــي والتدمــر‪ ،‬التــي‬ ‫مل تــر لــدى الغــرب والــرق معــاً ســوى بعــض القلــق‪،‬‬ ‫عــى أكــر مــن نصــف الســوريني الذيــن باتــوا اليــوم ضحايــا‬ ‫االســتبداد والحــل األمنــي‪ ،‬الــذي مل يجــد مــن يضــع لــه‬ ‫ح ـ ّدا ً‪ .‬وعــى النقيــض شــكل ذلــك التغــايض والقلــق غطــا ًء‬ ‫لسياســات ســفاح دمشــق وجرامئــه‪.‬‬ ‫وتبــدو مجــازر الثالثــاء األســود عــى الرقــة‪ ،‬واحــدة مــن‬ ‫أش ـ ّد الهجــات التــي نفذهــا النظــام عــى املنطقــة منــذ‬ ‫خــروج الرقــة عــن ســيطرته قبــل عــام ونصــف‪ ،‬مــن‬ ‫حيــث وحشــيتها والحقــد الــذي نفــذت بــه‪ ،‬لتعطــي تلــك‬ ‫النتائــج القاســية مــن حيــث عــدد الكبــر الضحايــا بــن‬ ‫شــهيد وجريــح‪ ،‬وهــي األكــر عنف ـاً يف ســوريا‪ ،‬مــن حيــث‬ ‫اســتهدافها للمدنيــن وتوســع رقعتهــا الجغرافيــة‪ ،‬التــي‬ ‫تــم اختيارهــا بعنايــة‪ ،‬تــوزع فيهــا الخ ـراب واملــوت عــى‬ ‫األحيــاء الســكنية واملركــز التجــاري والصناعــي‪ ،‬األكــر‬

‫كثافــة‪ ،‬واألكــر شــعبية‪ ،‬خــال األيــام الثالثــة التاليــة التــي‬ ‫مل تنقطــع فيهــا عمليــات القصــف الجــوي‪ ،‬لتشــمل كافــة‬ ‫أحيــاء ومناطــق املدينــة‪ ،‬دون أن يســتهدف فيهــا داعــي‬ ‫واحــد‪.‬‬ ‫اتســمت هــذه املجــازر بأنهــا مل تســتهدف أيّـاً مــن مقـرات‬ ‫داعــش التــي اســتطاعت التك ّيــف مــع سياســات النظــام‬ ‫والتحالــف الــدويل‪ ،‬فأعــادت بنــاء اس ـراتيجيتها‪ ،‬مبــا يؤمــن‬ ‫لهــا القــدرة والفعاليــة يف الحركــة والســيطرة‪ ،‬ومــد نفوذهــا‪،‬‬ ‫دون أن تتأثــر بهجــات النظــام‪ ،‬أو تتصــدى لــه‪ ،‬عىل الرغم‬ ‫مــن امتالكهــا األســلحة املدفعيــة والصاروخيــة‪ ،‬التــي متكنهــا‬ ‫مــن إرغــام األســد‪ ،‬عــى وقــف غاراتــه‪ ،‬وكانــت داعــش قــد‬ ‫امتنعــت عــن مواجهــة الط ـران املروحــي‪ ،‬مــن قبــل فــوق‬ ‫ســاء الرقــة يف غــارات داميــة ســابقة‪.‬‬ ‫املســألة الثانيــة تتصــل بالعالقــة مــا بــن النظــام والتحالــف‬ ‫الــدويل‪ ،‬حيــث أكــدت املرحلــة االوىل عــى تبــادل األدوار يف‬ ‫الرضبــات الجويــة‪ ،‬مــا بــن الطرفــن ضــد مــا يفــرض أنــه‬ ‫قواعــد ومجموعــات تنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬وكنتيجــة‬ ‫أوليــة لذلــك‪ ،‬مل تــؤدي رضبــات التحالــف ســوى إىل متــدد‬ ‫داعــش باتجــاه عــن العرب‪/‬كوبــاين‪ ،‬وقضــم كل القــرى‬ ‫املمتــدة يف الشــال الســوري‪ ،‬ومل تحقــق أيــة نتائــج فعالــة‬ ‫يف تحجيمهــا كــا خططــت لذلــك إدارة أوبامــا‪.‬‬ ‫عــى الوجــه اآلخــر‪ ،‬أثبــت النظــام فعاليــة رضباتــه التــي‬ ‫بــدأت باســتهداف املدنيــن‪ ،‬واألحيــاء الســكنية‪ ،‬يف الرقــة‬

‫عبدالرحمن مطر‬ ‫وديــر الــزور بهجــات منظمــة‪ ،‬بعــد ســاعات فقــط‪،‬‬ ‫مــن صــدور ق ـرار مجلــس األمــن بشــأن داعــش والنــرة‪.‬‬ ‫والحصيلــة هــي حتــى اليــوم‪ ،‬عــدم اســتهداف داعــش‪ ،‬ومل‬ ‫يقتــل أي مــن مقاتليهــا عــى اإلطــاق‪ ،‬مــع اســتمرارها يف‬ ‫قطــع رؤوس األرسى واملختطفــن‪.‬‬ ‫تؤكــد الوقائــع‪ ،‬ليــس غمــوض اسـراتيجية التحالــف الــدويل‪،‬‬ ‫وإغفالهــا إزالــة املســببات األساســية املولّــدة لإلرهــاب‪،‬‬ ‫ونعنــي بذلــك نظــام األســد فحســب‪ ،‬بــل إن واشــنطن التــي‬ ‫حــذرت دمشــق مــن اســتهداف طــران التحالــف‪ ،‬وهــي‬ ‫تــدرك عــدم قدرتــه‪ ،‬أنهــا تواصــل تنســيقاً أمنيــاً واســعاً‬ ‫مل ينقطــع منــذ ‪ ،2003‬وتطــور إىل تنســيق عســكري‪ ،‬إىل‬ ‫الدرجــة التــي ظهــرت عليهــا الحالــة يف الغــارات الجويــة‬ ‫عــى الرقــة‪ .‬وقــد منحــت سياســة واشــنطن لنظــام األســد‬ ‫مزيــدا ً مــن الوقــت‪ ،‬ومزيــدا ً مــن القــدرة عــى مواصلــة‬ ‫القتــل والتدمــر‪ ،‬يف منطقــة عمليــات التحالــف الــدويل‪.‬‬ ‫املجتمــع الــدويل‪ ،‬الــذي مينــع حظــر طــران األســد يف‬ ‫الشــال الســوري‪ ،‬يفــرض أن تحققــه تلقائي ـاً اس ـراتيجية‬ ‫التحالــف‪ ،‬يقــف صامتـاً أمــام هــول املجــازر اليوميــة التــي‬ ‫تــودي مبئــات الضحايــا بشــكل يومــي‪ ،‬واســتخدام النظــام‬ ‫ملختلــف األســلحة املحرمــة دولي ـاً‪ ،‬يجعــل منــه رشيــكاً يف‬ ‫تلــك املذابــح‪ ،‬ليــس غريبــاً أن يغمــض عينيــه أمــام مــا‬ ‫يحــدث يف الرقــة‪ ،‬التــي طالهــا أكــر عــدد مــن الغــارات‬ ‫الجويــة‪ ،‬وقصــف صاروخــي‪ ،‬كانــت حصــة الرقــة أكــر مــن‬

‫‪ 85‬صــاروخ ســكود‪ .‬كــا أن القــوى اإلقليميــة والدوليــة‪،‬‬ ‫مــن الــدول الداعمــة للثــورة الســورية‪ ،‬وتللــك املناوئــة لهــا‪،‬‬ ‫قــد ســاهمت بصــورة مبــارشة‪ ،‬بســقوط الرقــة يف قبضــة‬ ‫الجامعــات اإلســامية املســلحة التــي نهبتهــا وخ ّربتهــا‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم ســلمتها لتنظيــم الدولــة اإلســامية‪ ،‬الــذي مــا كان لــه أن‬ ‫ينهــض‪ ،‬وينمــو دون احتــواء وتجاهــل قــوى أساســية مثــل‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬وإي ـران‪.‬‬ ‫املعارضــة الســورية‪ ،‬مبؤسســاتها املختلفــة تتحمــل‬ ‫مســؤوليات مبــارشة‪ ،‬عــا آلــت إليــه األوضــاع يف املناطــق‬ ‫غــر الخاضعــة لســلطة النظــام‪ ،‬ويف مقدمتهــا الرقــة أوىل‬ ‫املحافظــات املحــررة‪ ،‬التــي تخلــت عنهــا‪ ،‬وتركتهــا لقمــة‬ ‫ســائغة لجامعــات العنــف واإلرهــاب‪ ،‬ومل تقــدم لهــا أي‬ ‫عــون ُيكّنهــا مــن إنشــاء إدارة انتقاليــة توافــرت معطياتهــا‪،‬‬ ‫كانــت مــؤرشات نجاحهــا قامئــة‪ .‬بــل إن الحكومــة املؤقتــة‬ ‫واالئتــاف الوطنــي‪ ،‬تقاعســتا عــن أداء واجبهــا يف دعــم‬ ‫يذكــر ميكــن املدنيــن ملواجهــة التحديــات املعيشــية‬ ‫واألمنيــة‪ ،‬وهــو مــا يتوجــب محاســبة ومســاءلة قانونيــة‪.‬‬ ‫الرقــة اليــوم‪ ،‬بفضــل املوقــف الــدويل واإلقليمــي‪ ،‬وشــلل‬ ‫املعارضــة‪ ،‬تعيــش كارثــة إنســانية بســبب شــح الــدواء‬ ‫والغــذاء‪ ،‬وغــاء فاحــش‪ ،‬ونقــص يف كل يشء‪ .‬فيــا تشــتد‬ ‫حاجــة أبنــاء الفــرات إىل الخــاص مــن القهــر واملــوت‬ ‫املتهاطــل عليهــم‪ ،‬مــن قبــل داعــش ونظــام األســد‪.‬‬

‫مجــزرة الرقة وتغيير بنية المجتمع الســوري‬ ‫جمال الفالح‬ ‫تتعــرض مدينــة الرقــة منــذ أيــام لقصــف مكثــف غــر مســبوق طــال أحيائها‬ ‫املأهولــة بالســكان املدنيــن أدى إىل ارتقــاء أكــر مــن مئتــن وعرشيــن شــهيدا ً‪،‬‬ ‫كــا ســقط ع ـرات الجرحــى أغلبهــم يف حالــة الخطــر فض ـاً عــن تســببها‬ ‫بحــدوث حــاالت بــر أطـراف علويــة وســفلية‪ ،‬كــا أدت بعــض اإلصابــات إىل‬ ‫حــدوث عاهــات دامئــة كالشــلل وفقــدان البــر وغريهــا‪ ،‬يحــدث كل هــذا‬ ‫اإلج ـرام عــى مــرأى ومســمع كل العــامل‪ ،‬ومؤسســات املجتمــع الــدويل الــذي‬ ‫يتشــدق ليــل نهــار باملباهــاة بقيــم الحريــة والعدالــة وحقــوق اإلنســان‪ ،‬وال‬ ‫نــدري إن كان األمريكيــن وغريهــم ممــن يهيمنــون عــى القــرار العاملــي‬ ‫يصنفــون الســوريني مــن بنــي اإلنســان الــذي لــه حقــوق أم نحــن فصيــل مــن‬ ‫الدرجــة الثانيــة‪ ،‬واضــح أنهــم ال ينظــرون إلينــا كبــر لــه الحــق يف العيــش‬ ‫الكريــم كباقــي بنــي جنســهم‪ ،‬يتشــارك يف هــذا الصمــت املريــب عــن املجــازر‬ ‫التــي تحــل بالســوريني خاصــة مجــزرة الثالثــاء األســود يف مدينــة الرقــة‬

‫الــدول العربيــة ومؤسســاتها املختلفــة كالجامعــة العربيــة‪ ،‬ودول مــا يســمى‬ ‫أصدقــاء ســوريا‪ ،‬كــا كشــف الهجــوم الرببــري لط ـران النظــام عــى مدينــة‬ ‫الرقــة حالــة العجــز التــي وصلــت إليهــا مؤسســات املعارضــة الســورية عــى‬ ‫األقــل يف تقديــم أســباب الصمــود ألهلنــا يف الرقــة‪ ،‬وعــدم قدرتهــا عــى حشــد‬ ‫رأي عــام دويل وإقليمــي مــن شــأنه إيقــاف يــد األســد عــن القتــل وســفك‬ ‫الدمــاء‪ ،‬ومــن املعلــوم أن تقزيــم مؤسســات املعارضــة كان هدفـاً ســعت إليهــا‬ ‫كل القــوى التــي زعمــت مســاندة الشــعب الســوري لكــف يــد الســوريني عــن‬ ‫صناعــة قرارهــم الوطنــي املســتقل‪.‬‬ ‫وإذا نظرنــا إىل نتائــج مــا يرتكــب مــن مجــازر يف مدينــة الرقــة فســيتبني لنــا‬ ‫أن هنــاك قتـاً ألبنــاء املنطقــة مــن نــو ٍع آخــر‪ ،‬وهــو القتــل بالتهجــر وإفقــاد‬ ‫املنطقــة كوادرهــا البرشيــة‪ ،‬وأعتقــد الحقــاً ستســتهدف املنطقــة الرشقيــة‬ ‫عامــة وقــد بــدأت بــوادر توســيع رقعــة االســتهداف بعــد مجــزرة الرقــة بيومني‬

‫حيــث اســتهدفت ناحيــة الشــدادي بهجــوم جــوي راح ضحيتــه خمســون‬ ‫شــهيدا ً‪ ،‬وهــذا االســتهداف املمنهــج واملتفــق عليــه مــع قــوات التحالــف لــه‬ ‫نتائــج يف غايــة الخطــورة تلتقــي فيــه اســراتيجيات مختلفــة لقــوى دوليــة‬ ‫وإقليميــة مــع النظــام ومــع بعــض املتصدريــن مــن القــوى السياســية التــي‬ ‫تزعــم أنهــا ممثلــة لبعــض مكونــات الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫فاملنطقــة الرشقيــة تشــكل خزانـاً برشيـاً واقتصاديـاً لســوريا‪ ،‬وإن أي تغيــر يف‬ ‫بنيــة املنطقــة الرشقيــة سيســاهم يف إضعــاف صالبــة الدولــة الســورية للوصول‬ ‫للغايــة التــي اتفــق عليهــا الطامعــون بخـرات املنطقــة والحاملــون مــن الــدول‬ ‫اإلقليميــة بــأن تكــون ســوريا منطقــة نفــوذ لهــم يســاعدهم يف ذلــك هشاشــة‬ ‫بنيــة املعارضــة وانتهازيــة بعضهــا اآلخــر فاملطلــوب دوليـاً خــروج ســوريا كليـاً‬ ‫مــن معادلــة الـراع عــر تغيــر يف بنيــة املجتمــع الســوري يســهل الوصــول إىل‬ ‫فيدراليــة تشــل القـرار الســوري يف القضايــا املصرييــة‪.‬‬


‫‪9‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫المرتقى الصعب‬

‫نقطة أول السطر‬ ‫طارق عبد الغفور‬

‫الغــارات الجويــة التــي يشــنها النظــام عــى الرقــة تحمــل صفــة‬ ‫اإلجـرام املجــرد‪ ,‬وهــي صفــة باتــت لصيقــة بالنظــام وبــات هــو ال يعبــأ‬ ‫بإلصاقهــا بــه‪ .‬وقــد أخــذت هــذه الغــارات وتــرة تــكاد تتجــاوز الوتــرة‬ ‫التــي يشــن بهــا طـران التحالــف غاراتــه عــى مواقــع داعــش‪ ,‬وأوقعــت‬ ‫مــن الشــهداء أعــدادا ً مل توقعهــا غــارات التحالــف يف صفــوف الذيــن‬ ‫اســتهدفتهم‪ .‬واألمــر ال يبعــث عــى العجــب ألن غــارات النظــام هــذه‬ ‫تســتهدف املدنيــن وترضبهــم يف بيوتهــم ومتاجرهــم وشــوارعهم‪.‬‬ ‫إال أن الخارجيــة االمريكيــة «ذهلــت» لهــذه الغــارات‪ ،‬ووصفتهــا‬ ‫بالوحشــية عــى لســان الناطقــة باســمها‪ ,‬وحقيقــة األمــر أن مــا يثــر‬ ‫الذهــول هــو الذهــول نفســه‪.‬‬ ‫وزيــر الخارجيــة كــري يصــف رئيــس النظــام بأنــه «دكتاتــور جاثــم‬ ‫عــى صــدر البــاد أنتــج بقمعــه الوحــي أعظــم كارثــة إنســانية يف هــذا‬ ‫القــرن»‪ ،‬ويتابــع يف ترصيــح لــه وصــف بأنــه عنيــف‪« :‬إن األســد وداعــش‬ ‫بينهــا تبــادل منافــع» ويضيــف‪« :‬إن االس ـراتيجية التــي اتبعناهــا هــي‬ ‫توفــر اإلمكانيــة لوجــود خيــار جديــد وبنــاء‪ ..‬خيــار إنهــاض للمعتدلــن‬ ‫يســتبعد كالً مــن اإلرهابيــن واألســد‪ ..‬وهــو مــا يبحــث عنــه معظــم‬ ‫الســوريني كســبيل للخــروج مــن الفــوىض وإراقــة الدمــاء»‪.‬‬ ‫ويف مذكــرة داخليــة إىل مجلــس األمــن القومــي يصــف وزيــر الدفــاع‬ ‫األمريــي «هاغــل» هــذه االس ـراتيجية االوباميــة يف مــا يتعلــق بامللــف‬ ‫الســوري بأنهــا فاشــلة‪ .‬ويقــال إن خالفــه مــع البيــت األبيــض حــول هــذا‬ ‫امللــف هــو الــذي أدى إىل اســتقالته أو إقالتــه‪ ..‬ال فــرق‪.‬‬ ‫وزيــر الدفــاع األمريــي كان أكــر وضوحـاً مــن وزيــر الخارجيــة يف خالفــه‬ ‫مــع اوبامــا وأقــل مداهنــة‪ ,‬وليــس مهـاً أن يخــرج مــن اإلدارة وأن يبقــى‬ ‫فيهــا كــري أو يخــرج هــو اآلخــر مــادام القـرار ليــس بيــد البيــت األبيــض‪,‬‬ ‫بــل بيــد اوبامــا شــخصياً‪.‬‬ ‫هــذه املســاجالت وهــذه االســتقالة مل تنفــع يف زحزحــة الســيد اوبامــا‬ ‫عــن مواقفــه الحقيقيــة مــن امللــف الســوري‪ ,‬املواقــف التــي تقــول إنــه‬ ‫فعليـاً مــن أكــر الداعمــن لألســد ونظامــه القاتــل‪ ،‬وأنــه لــن يفعــل شــيئاً‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫ليســاعد الشــعب الســوري يك يتخلــص منــه‪ ,‬ولــن يخضــع اس ـراتيجيته‬ ‫الغامضــة للمراجعــة‪ ,‬وبالتــايل فلــن يغــر مواقفــه‪ ,‬بــل إنــه ســيغري الذيــن‬ ‫ينتقدونــه وال يتفقــون معــه‪.‬‬ ‫ليــس مهـاً أن نعــرف خلفيــة منــح الســيد اوبامــا جائــزة نوبــل للســام‬ ‫يف بدايــات فــرة رئاســته األوىل‪ ,‬إال أنــه مــن البدهــي القــول إن حامــل‬ ‫الجائــزة يتحمــل مســؤولية ‪ -‬أخالقيــة عــى األقــل ‪ -‬يف أن يدعــو ويعمــل‬ ‫مــا يف وســعه وضمــن إمكانياتــه إىل أن يعــم الســام العــامل كلــه‪ ,‬وعــى‬ ‫األخــص يف بــاد تشــهد حربـاً يشــنها نظــام حاكــم ضــد مــن يفــرض أنــه‬ ‫شــعبه ويغذيهــا ويزيدهــا حطبـاً‪ ,‬وأن يقــوم بــكل مــا ميكــن القيــام بــه يف‬ ‫هــذا الســبيل‪ .‬فهــل فعــل الســيد اوبامــا شــيئاً مــن ذلــك يف ســبيل إحــال‬ ‫الســام يف ســورية؟‬ ‫إن الترصيحــات التــي يطلقهــا الســيد اوبامــا والتــي وصلــت إىل حــد‬ ‫املجاهــرة يف مؤمتــره الصحفــي يف بريســبان بعــد قمــة العرشيــن‪ ،‬بأنــه‬ ‫ال ينــوي القيــام بــأي عمــل مــن شــأنه االســتبعاد الفعــي لرئيــس النظــام‬ ‫مــن العمليــة السياســية يف ســورية‪ ,‬يف نســف رصيــح لــكل ترصيحاتــه‬ ‫الســابقة حــول رشعيــة رئيــس النظــام‪ ،‬وحــول رضورة تنحيــه عــن‬ ‫الســلطة وكالم مــن هــذا القبيــل ال يتجــاوز فــم الســيد اوبامــا إىل فعــل‬ ‫عــى األرض‪.‬‬ ‫فهــل نجــاوز الصــواب والحــق والعــدل إذا قلنــا بعــد ذلــك إن اإلدارة‬ ‫األمريكيــة التــي يقــف عــى رأســها الســيد اوبامــا حامــل جائــزة نوبــل‬ ‫للســام هــي القاتــل الحقيقــي لشــعبنا‪ ,‬أو أنهــا القاتــل املشــارك أو‬ ‫املحــرض‪ ,‬وأن مســؤوليتها عــن هــذه املجــازر التــي يتعــرض لهــا شــعبنا‬ ‫بـرا ً وحجـرا ً‪ ,‬ال تقــل مطلقـاً عــن مســؤولية النظــام املجــرم‪ .‬والتحريــض‬ ‫مــن الناحيــة القانونيــة البحتــة أمــا أن يكــون رصيحـاً بالتلفــظ أو ضمنيـاً‬ ‫بالســكوت‪.‬‬ ‫فــاذا يعــد إن مل يكــن كذلــك ترصيــح الســيد اوبامــا الســالف الذكــر‬ ‫يف بريســبان؟ ومــاذا يعــد إرصاره عــى منــع وصــول األســلحة املطلوبــة‬ ‫لتغيــر املعادلــة عــى األرض إىل يــد الثــوار الســوريني إن مل يكــن كذلــك؟‬ ‫هــذا الرجــل الحامــل لجائــزة نوبــل للســام بأقوالــه وبأفعالــه وبتغاضيــه‬ ‫عــن خطوطــه الحمــراء والســوداء يعطــي األضــواء الخــراء ملعتــوه‬ ‫وعصابتــه لالســتمرار يف قتــل شــعبنا بــدم بــارد‪.‬‬ ‫هنــا ويف هــذا املقــام أثــر الســؤال‪ ,‬مــا رأي املكتــب القانــوين يف االئتــاف‬ ‫يف اتخــاذ الخطــوات الالزمــة لدعــوة املنظــات الحقوقيــة الدوليــة‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســها منظمــة العفــو الدوليــة ومنظمــة هيومــن رايتــس ووتــش إىل‬ ‫التقــدم إىل الجهــات الدوليــة املعنيــة بشــكوى ضــد الســيد بــاراك حســن‬ ‫اوبامــا واتهامــه بالتحريــض عــى قتــل الشــعب الســوري؟‪.‬‬ ‫قــد تقــوم يف وجــه ذلــك عقبــات سياســية كبــرة‪ ,‬لكــن القضيــة محــض‬ ‫قانونيــة‪ ,‬وهــي تتضمــن اعرتافــاً أخالقيــاً بحــق الشــعب الســوري يف‬ ‫االقتصــاص‪ ،‬وبالطــرق القانونيــة مــن كل مــن يشــارك يف الحــرب عليــه وال‬ ‫ميكــن أن ميــاري يف ذلــك أحــد‪.‬‬ ‫وهــي دعــوى ميكــن أن تجــري بأكــر مــن طريقــة‪ ,‬وميكــن أن تقــام يف‬ ‫أكــر مــن دولــة‪ ،‬ويف التاريــخ القريــب شــواهد عــى ذلــك ال تســتعيص‬ ‫عــى املعرفــة‪ .‬تــرى هــل ينظــر املكتــب القانــوين يف االئتــاف بجديــة إىل‬ ‫هــذا األمــر؟ أم ت ـراين أدعــوه إىل ارتقــاء مرتقــى صعب ـاً؟‬

‫صراع إرادات‬ ‫الشاوي الضليل‬ ‫ما الغاية من القصف الوحيش لطريان األسد عىل مواقع مدنية يف الرقة؟‬

‫ســؤال بســيط‪ ،‬لكنــه يحتمــل إجابــات متعــددة‪ ،‬حســب مصالــح الجهــة التــي تجيــب‪،‬‬ ‫وأن أيــة محاولــة منــا لإلجابــة عليــه‪ ،‬محفوفــة مبخاطــر االنــزالق العاطفــي املحتمــل‪،‬‬ ‫لذلــك ســأحاول ّأل أنزلــق باحتــال العاطفــة‪.‬‬ ‫أعتقــد أنــه يك نجيــب عليــه‪ ،‬يجــب علينــا معرفــة مــا يجــري يف كوبــاين‪ ،‬وكــا قلــت‬ ‫ســابقاً يف هــذه الزاويــة‪ ،‬ســينتج عنهــا نتائــج حاســمة‪ ،‬جغرافيــة وسياســية مؤثــرة‪،‬‬ ‫وف ّعالــة يف أي حــل ســيايس محتمــل يف ســورية‪ ،‬وأن مــا يجــري يف مدينــة الرقــة‪ ،‬هــو‬ ‫الصــدى األويل ملعركــة كوبــاين‪ ،‬التــي تديرهــا ومتســك معظــم خيوطهــا تركيــا‪ ،‬مبواجهــة‬ ‫االســراتيجية األمريكيــة‪.‬‬ ‫مــا كان لطائـرات األســد رضب مدينــة الرقــة‪ ،‬لــوال ضــوء أمريــي بذلــك‪ ،‬وبشــكل أخــص‬ ‫املواقــع املدنيــة (عــى الرغــم مــن الصدمــة األمريكيــة بذلــك‪ ،‬واســتغراب إعــام النظــام‬ ‫مــن هــذه الترصيحــات)‪ ،‬ألن أمريــكا ال تريــد أن تناقــض مــا هــو معلــن مــن حربهــا‬ ‫عــى اإلرهــاب‪ ،‬لكنهــا تريــد مــن تركيــا أن تعــدل بعــض ثوابتهــا‪ ،‬حــن تجــر ســكان‬ ‫مدينــة الرقــة وريــف مركزهــا (حــوايل نصــف مليــون) عــى النــزوح واللجــوء إىل تركيــا‪،‬‬ ‫ووضــع تركيــا أمــام أزمــة أخالقيــة واقتصاديــة‪ ،‬أزمــة اســتيعاب مركبــة ومعقــدة للحكومــة‬ ‫الرتكيــة‪ ،‬ألن قوافــل هــؤالء ميزتهــم أنهــم األفقــر بــن ســكان الرقــة‪ ،‬إنهــا رضبــة اســتباقية‬ ‫أرادهــا األمريــكان ومبســاعدة مــن النظــام تنفيــذا ً‪ ،‬إلجبــار تركيــا عــى تعديــل أحــد‬ ‫ثوابتهــا (عــدم الســاح بنشــوء كيانــات كرديــة عــى حدودهــا الجنوبيــة)‪ ،‬وهــذا أحــد‬ ‫بنــود االسـراتيجية األمريكيــة‪ ،‬وخطــة طريقهــا للحــل الســيايس يف ســورية‪ ،‬الــذي يســتند‬ ‫إىل إنشــاء كيانــات إثنيــة وطائفيــة تتبــع لحكومــة مركزيــة ضعيفــة‪ ،‬وهــذا يقلــق تركيــا‬ ‫ويهــدد وحدتهــا مســتقبالً‪.‬‬ ‫وقــد بــات معروف ـاً‪ ،‬أن تركيــا تنتظــر ســاعة ســقوط كوبــاين‪ ،‬يك تتدخــل بشــكل مبــارش‪،‬‬ ‫وبقــوات بريــة‪ ،‬وتقيــم عــى حدودهــا املناطــق العازلــة‪ ،‬وهــي مرحلــة تاليــة للتدخــل‬ ‫الــري مــن االس ـراتيجية الرتكيــة‪ ،‬لذلــك نــرى مــع اشــتداد القصــف الهمجــي املحمــوم‬ ‫عــى مدينــة الرقــة‪ ،‬اشــتداد املعركــة يف كوبــاين والتــي بــات حســمها لصالــح داعــش قــاب‬ ‫قوســن أو أدىن‪ ،‬وأصبــح التدخــل الــري الــريك وشــيكاً‪ ،‬كحالــة دفــاع عــن النفــس مــن‬ ‫خطــر إرهــاب داعــش عــى أراضيهــا‪ ،‬وهــو فعــل تــريك محســوب‪ ،‬ألنهــا ســتفوت عــى‬ ‫األمريــكان فرصــة الضغــط الف ّعــال‪ ،‬ألن غالبيــة املجتمــع الســوري ســرحب بالخطــوة‪،‬‬ ‫وستشــكل قواتــه الربيــة دور املنقــذ للمدنيــن‪ ،‬وضامنــة أمنيــة وحاميــة لهــم‪ ،‬يف املناطــق‬ ‫العازلــة التــي ســتفرضها هــذه القــوات‪ ،‬التــي ستنشــأ فيهــا مراكــز تدريــب ا ّمنــة لقــوات‬ ‫عســكرية معارضــة وحليفــة لرتكيــا‪ ،‬وســتكون كوبــاين مجــرد مدينــة ناميــة ســكانياً‪،‬‬ ‫ومختلطــة عرقيــاً‪ ،‬ألن تركيــا ســتجعل منهــا أهــم مركــز لجــوء يف األرايض الســورية‪،‬‬ ‫وســتمنح تســهيالت كبــرة لهــؤالء النازحــن‪ ،‬مــن مختلــف مناطــق ســورية‪ ،‬مــن‬ ‫حيــث اإلقامــة وبنــاء املســاكن واإلغاثــة‪ ،‬وبذلــك تكــون تركيــا قــد حافظــت عــى أحــد‬ ‫أهــم ثوابتهــا الداخليــة‪ ،‬ومنــع إقامــة كيــان كــردي عــى حدودهــا‪ ،‬والضامــن الوجــود‬ ‫العســكري املبــارش عــى هــذه األرض ولفــرة طويلــة‪.‬‬ ‫أعتقــد مــن خــال مــا تقــدم تبــدو لنــا اإلجابــة عــى الســؤال أعــاه‪ ،‬واضحــة وســهلة‪ ،‬وأن‬ ‫مــا يجــري يف الرقــة‪ ،‬وكوبــاين مرتبــط ارتباط ـاً قوي ـاً ب ـراع ومصالــح أمريكيــة وتركيــة‪،‬‬ ‫األوىل متغــرة بــإرادة الــركاء‪ ،‬والثانيــة ثابتــة وترقــى للثابــت املقــدس‪.‬‬

‫دولة خنيفيس ال تشــبع من الدم والمال‬ ‫إسماعيل خليل الحسن‬ ‫املســافرون إىل دمشــق والعائــدون منهــا‪ ,‬يســتوقفهم‬ ‫حاجــز بــن حــاة وحمــص يدعــى حاجــز املليــون أو حاجــز‬ ‫خنيفيــس‪ ،‬ويطلــب مــن كل مســافر إشــهار األســدية‪ ،‬وهــي‬ ‫الفئــة النقديــة ذات األلــف لــرة ســورية‪ ،‬والتــي تتص ّدرهــا‬ ‫صــورة الرئيــس املقبــور والــد الوريــث املهــزوز‪.‬‬ ‫واملليــون هــو املبلــغ الــذي ال يقبلــون دونــه رقــا حصيلــة‬ ‫عــر رئيــس العصابــة‬ ‫تشــليحهم وتشــبيحهم يوميــاً‪ ،‬وقــد ّ‬ ‫مصيــب ســامة عــن الهــدف مــن وراء فعلتــه املشــينة‪ ،‬هــو‬ ‫نقــل األمــوال مــن جيــوب الطوائــف املختلفــة إىل حســاب‬ ‫طائفتــه التــي ا ّدعــى متثيلهــا والتعبــر باســمها‪.‬‬ ‫يحــى عــن هــذا الحاجــز أن املســيطرين عليــه مــن بيــت‬ ‫ســامة مــن بلــدة الصبــورة ميارســون أفظــع الجرائــم مــن‬ ‫قتــل واحتجــاز‪ ،‬وطلــب فديــة بــل إنهــم يقتلــون الضحيــة‬

‫بعــد دفــع الفديــة‪ ,‬وقــد مارســوا عــى أهــل منطقــة‬ ‫(الســلمية) رصوفــاً مــن مامرســاتهم العدوانيــة‪ ،‬والتــي ال‬ ‫تخلــو مــن جهــر للشــعارات الطائفيــة البغيضــة عــى مــرأى‬ ‫ومســمع قــوات النظــام‪.‬‬ ‫دولــة خنيفيــس هــذه هــي النمــوذج املص ّغــر لبنيــة النظــام‬ ‫املســتبد الــذي كان يضــع مســاحيق قوميــة تــارة وأقنعــة‬ ‫وطنيــة تــارة أخــرى‪ ،‬فضـاً عــن االشـراكية التهريجيــة التــي‬ ‫حلبــوا مــن خاللهــا أرضع االقتصــاد الســوري‪ ،‬وأمــوال النــاس‬ ‫ـب يف جيوبهــم‪ ،‬ويف حســاباتهم املرصفيــة العامليــة‪.‬‬ ‫لتصـ ّ‬ ‫هــذا الشــغف الــذي ال يــروى للــدم واملــال‪ ،‬هــو ديــدن‬ ‫النظــام األســدي وكتلتــه العقائديّــة‪ ,‬وكل مــا يف األمــر أن‬ ‫الثــورة دفعتهــم إىل التســارع بالنهــج فأصبــح واضح ـاً لــكل‬ ‫ذي عــن بعدمــا كان يســر بتــؤدة وبتحايــل عــى قوانــن‪،‬‬

‫ومفصلوهــا عــى مقاســهم‪ .‬فمــن العبــث‬ ‫هــم واضعوهــا‬ ‫ّ‬ ‫إذا ً البحــث عــن أســباب ودوافــع أو فوائــد سياســية أو‬ ‫حربيــة للمجــازر التــي يرتكبونهــا بحــق الســكان اآلمنــن‬ ‫(وكأن االســتبداد قــد تــرك لهــم خيــارات يف عهدهــم حتــى‬ ‫تكــون لهــم خياراتهــم الحقـاً) ذاك ليــس ســوى التعبــر عــن‬ ‫رشبوهــا مــن املهــد‪ ،‬وأصبحــت‬ ‫احتقانــات‪ ،‬وعقــد تاريخيــة ت ّ‬ ‫دوغــا إميانيــة تق ـ ّدم لهــا القرابــن البرشيّــة‪.‬‬ ‫إن اإليغــال يف قتــل املدنيــن بغــارات عشــوائية بــا أهــداف‬ ‫حربيــة واضحــة‪ ،‬كــا حصــل يف مجــزرة الرقــة الرهيبــة مل‬ ‫يحــدث لــوال املباركــة العامليــة‪ ،‬وتوزيــع األدوار بــن الطغــاة‬ ‫والغـزاة تحــت مسـ ّمى مكافحــة اإلرهــاب الــذي هــم رعاتــه‬ ‫ووكالؤه العامليــون‪.‬‬ ‫هــذا النفــاق الــدويل الــذي يقيــم الدنيــا وال يقعدهــا عــى‬

‫ذبــح فــرد‪ ،‬وال ينبــس ببنــت شــفة عــى تدمــر مدينــة عــى‬ ‫قاطنيهــا املســاملني وضــع الرشائــع الدوليــة والنواميــس‬ ‫البرشيــة عــى املحــك‪ ،‬فمــن يســتطيع بعــد هــذا أن يلــوم‬ ‫مــن يحــاول البحــث عــن رشائــع بديلــة حتــى لــو أخطــأ‬ ‫التو ّجــه‪ ،‬خصوصــاً وأن البوصلــة اإلنســانية معطوبــة األداء‬ ‫مــن قبــل ومــن بعــد‪ ,‬حتــى نــكاد نقــول إن العــامل قــد‬ ‫تخنفــس‪ ،‬وأصبحــت خنيفيــس ماركــة عامليــة مــع الحفــاظ‬ ‫عــى حقــوق امللكيــة للطغمــة األســدية التــي ال نبالــغ إن‬ ‫قلنــا إن تغيــر العــامل يبــدأ مــن إســقاطها بر ّمتهــا‪ ,‬وكل‬ ‫حديــث عــن إصــاح أو ترقيــع هــو رضب مــن العبــث الــذي‬ ‫ال طائــل منــه‪.‬‬ ‫تريــدون تغيــر العــامل إذا تخلّصــوا مــن دولــة خنيفيــس‬ ‫أوال‪!!!..‬‬


‫حرمل المجزرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫‪10‬‬

‫من الشــعر السياســي المعارض في الحقبة األسدية األولى‪!..‬‬ ‫يف زم��ن تكمي��م األف��واه‪ ,‬وقم��ع احلري��ات‪ ,‬ويف ظ��ل واحدي��ة اإلع�لام املوج��ه والتعب��وي‪,‬‬ ‫والنس��خ الكربوني��ة لصح��ف البع��ث وجمالت��ه‪ ,‬ويف غي��اب كام��ل للصحاف��ة احل��رة‪,‬‬ ‫كت��ب الش��اعر فيص��ل بليب��ل ه��ذه القصي��دة املؤرخ��ة‪ ,‬دمش��ق ‪ -‬أيل��ول ‪1974 -‬‬

‫لو كان في وطني جرائد‪!..‬‬

‫الش��اعر الراح��ل فيص��ل بليب��ل‬ ‫ ‬

‫الليـــل يغشـــاه الشـــدائــ ْد والغيم قـد كفر الفراقــد‬

‫ ‬

‫خانـت رســـالتها العقائـ ْد ‬

‫ ‬

‫والشعب مييش وهو راق ْد ‬

‫ومعلم اإلصالح فاسـ ْد‬ ‫ِ‬ ‫أوانـك يا قصائــ ْد‬ ‫هذا‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫قد كان يف شعبي حم ّية ‬

‫إن بـ ّدل الحكـام نيّــة ‬

‫مايل أرى الربكان هـام ْد ‬

‫يرىض ويغضب للقض ّيه‬

‫ثـارت أعاصـري قويـّه‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫قـومـي أبـاة مؤمنـونـا ‬

‫ما بال قومـي يهزمونا‬

‫ ‬

‫صـاح املالئـك أجمعينا ‬

‫إ ّن اليـهود املؤمنـونـا‬

‫ ‬

‫قطعان شــاء تســتج ْري ‬

‫ ‬

‫هل تخدع الله املعابـ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫من قال رب الحكم وال ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫الشـــعب وا ٍع يا جـامعه ‬

‫فليصدق اإلعالم ساعه‬

‫ ‬

‫ ‬

‫إنّــا لدينـــــا ألف شاه ْد ‬

‫هذا أوانك يا قصـائــــ ْد‬

‫ ‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫إنّـي بـهذا الفصل جـاحـ ْد ‬

‫هذا أوانـك يا قصائــ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬

‫تجري مع الريح اإلشاعه ‬

‫إ ّن املـآذن ســـــاجـداتْ ‬

‫أكبادنا أمست مواقـ ْد ‬

‫ ‬

‫يا ويلنـا ممـا نكـابـ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائ ْد‬

‫الشعب يف الوطن الكب ْري ‬

‫من بعد إفالس اإلذاعه‬

‫حي عىل الصالة‬ ‫يا «فصل» ّ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫داس العداة لنـا قبـابا ‬

‫وهنا يدوسون الرقابا‬

‫ال مؤمنني وال أم ْري‬ ‫بالذئب من را ٍع حق ْري‬

‫ ‬

‫ ‬

‫الزرع يسقيه الشتا ْء ‬ ‫يف كل أرض كربال ْ ء‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫تــرك القنـيـطــرة العـــداة حني العظام غدت رفاتْ‬

‫والحكم تسقيه الدمـا ْء‬ ‫األرض ضجت والسام ْء‬

‫ ‬

‫نبيك الحجار َة و الرتابا ‬

‫يا ليتنـا كنـا تـرابا‬

‫ ‬ ‫رب لنـا غيـر اإلله‬ ‫ٌ‬ ‫الشــــ ّر تـؤتيه يـداه ‬ ‫إين بهذا الرب جاحـ ْد ‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫هـو ال يـرانا إذ نـراه‬

‫ ‬

‫الريح بعرثت الحدو ْد ‬

‫من قبل أن يأيت اليهو ْد‬

‫و الخري يأيت من ســواه‬

‫ ‬

‫يا مـن يباهي بالســدو ْد ‬

‫هل بنـى الســ ّد الجنو ْد‬ ‫ّ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫سد البطولة و املحام ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬

‫اإلنقالب له فنـون ‬

‫ ‬

‫هو ثور ٌة إذ ينجحون ‬

‫وخيانـ ٌة إذ يفشـــــلون‬

‫ ‬

‫اسامن والخازوق واح ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائــ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫ ‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫بني الكرايس و السجون‬

‫ ‬

‫الحكم ملك ال أمانـه ‬

‫والنهب كســب ال خيانه‬

‫ ‬

‫أرخى الفساد لهم عنانه ‬

‫و الدهر أعطاهم أمانه‬

‫ ‬

‫و من السامء لهم موائد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫ ‬

‫يا جث ًة كانـت مدينــــه ‬

‫ناحت ملرصعها املدينه‬

‫ ‬

‫ ‬

‫إنّــا مغانينــا حزينــــــه ‬

‫ويقيم بعض الناس زينه‬

‫ ‬

‫قد بدلوا األسـامء طُ ّر ا‬ ‫وترى الهزائم وهي ترتى ‬

‫يدعونها فتحاً ونرصا‬

‫ ‬

‫وترى الكالب عىل املوائ ْد ‬

‫هذا أوانك يا قصائــــ ْد‬

‫ ‬

‫كم ناقص سـم ّوه زائ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫مـن تيسـهم وهل ّم جـّرا‬

‫ ‬

‫القدس ضاعت من يدينا ‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫حط ُني ! كنـا قـد جنينا ‬ ‫قم ويك «ريكاردوس» جاهد هذا أوانك يا قصائد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫أين الصليبيون أينــا‬ ‫و اليوم تبنا وارعوينا‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫ ‬

‫ويـل ملـن ال يحســبو ْن ‬ ‫ٌ‬

‫ال يجـمعون و يـطرحو ْن‬

‫ ‬

‫ول ‬ ‫قالوا لنا اإلقطاع ّ‬

‫كـل !‬ ‫كـل ثم ّ‬ ‫كـل و ّ‬ ‫ّ‬

‫ ‬

‫يا نخوة الرتك ادركينا ‬

‫كنـا رعايـاكم قرونـا‬

‫ ‬

‫فـي كـل حرب يخســـرو ْن ‬

‫لكنـهم ال يُســــألو ْن‬

‫ ‬

‫يا للجواد يـعود بـغال ‬

‫و يعود ذاك الخيط حبال‬

‫ ‬

‫ثرنا عليكم ظاملينا ‬

‫فلتصفحوا ولتنقذونا‬

‫ ‬

‫ما إ ْن لهم يف الشـعب ناقـ ْ د هذا أوانك يا قصـائـ ْد‬

‫ ‬

‫ذهب الغشوم فجاء مارد ‬

‫هذا أوانك يا قصائد‬

‫ ‬

‫يا قدس جيش الرتك عائ ْد ‬

‫هذا أوانك يا قصائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬

‫«مويش» غدا يف الغابري ْن ‬

‫ ‬

‫ويـظل بعض الحـاكم ْني ‬ ‫ما إن لهم يف الشــعب ناق ْ د هذا أوانك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫إذ فاته النرص املب ْني‬ ‫رغم الهزائم حاكم ْني‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬

‫أضحى لنـا ألـف اتحا ْد ‬

‫فيـها التفرق و الفســا ْد‬

‫ ‬

‫قول اإلله اليوم ( نون ) ‬

‫يسطُرون‬ ‫ال تقرؤوا ما ْ‬

‫ ‬

‫ال تبعدوا يا قوم عا ْد ‬

‫جئنا عىل خيل شـــدا ْد‬

‫ ‬

‫ليســـوا كراماً كاتبني ‬

‫لكنـهم مسـتكتبون‬

‫ ‬

‫جئنا لتجمعنا العقائـ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫إبليس يخطب يف املساجد ‬

‫هذا أوانك يا قصائد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫باسم الرئيس رسى الهوا ْء ‬ ‫ســــحقاً ألقـالم الريـا ْ ء‬

‫هـل تـلك أقــالم العقائــد ‬

‫والغيم حلق يف السام ْء‬ ‫الســالحات علـى الحيـا ْء‬ ‫هـذا أوانـك يا قـصائـ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬ ‫ ‬

‫أوطاننا وهي الغوايل ‬

‫أضحت تباح وال نبالـي‬

‫ ‬

‫ ‬

‫فـي دولـة للكـرنـفا ِل ‬

‫بالوا علـى هـام الرجا ِل‬

‫العـذاب ‬ ‫ُســــقياً أليـام‬ ‫ْ‬

‫ ‬

‫الغضاب ‬ ‫كانت لنا الصحف‬ ‫ْ‬

‫االنتـداب‬ ‫أيـام عـهد‬ ‫ْ‬ ‫اب‬ ‫متحى فنكتب بالحر ْ‬

‫ ‬

‫أكبادنا قبـل الجالمـ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫ ‬

‫أقالمنـا كانـت تجاهـ ْد ‬

‫هـذا أوانـك يا قصائـ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬

‫لو كان يف وطني جرائ ْد‬


‫‪11‬‬

‫عوالم تركية‬

‫رواية إليف شافاك‪ ..‬لقيطة إسطنبول‬

‫لقيطــة اســتانبول‪ ،‬روايــة للكاتبــة الرتكيــة إليــف شــافاك‪ ،‬تقــع يف ‪424‬‬ ‫صفحــة‪ ،‬مقســمة إىل عــدة محــاور‪ .‬الروايــة تضعنــا أمــام عــوامل غريبــة‪،‬‬ ‫متداخلــة‪ ،‬شــخصيات النــاس‪ ،‬أقدارهــم‪ ،‬ظــروف حياتهــم‪ ،‬وصدامهــم مــع‬ ‫تاريخهــم‪ .‬وهروبهــم منــه إىل األمــام‪ ،‬يف محاولــة نســيانه‪.‬‬ ‫رضــا قازنجــي الــريك‪ ،‬يســتويل عــى مصلحــة معلمــه األرمنــي ليفــون‪ ،‬ثــم‬ ‫عــى ابنتــه‪ ،‬ثــم عــى اســمه وتاريخــه‪ ،‬وإرثــه الحضــاري‪ .‬ويتحــول إىل‬ ‫مــروج إعالمــي للجمهوريــة الرتكيــة الفتيــة‪ ،‬جمهوريــة مصطفــى كــال‬ ‫أتاتــورك‪ ،‬يف محاولــة االنســاخ عــن املــايض القريــب والبعيــد ملصلحــة‬ ‫القــادم الجديــد‪.‬‬ ‫مل ينجــب رضــا إال طفـاً واحــدا ً‪ ،‬مــن زوجتــه األرمنيــة الصغــرة‪ ،‬شوشــان‪،‬‬ ‫التــي مل تبلــغ مــن العمــر‪ ،‬وقــت زواجــه منهــا‪ ،‬إال خمســة عــر عام ـاً‪.‬‬ ‫حصــل عليهــا مــن دار األيتــام أثنــاء هروبهــا مــع أرستهــا مــن اإلبــادة‪،‬‬ ‫ومقتلهــم جميع ـاً‪ .‬طفــل وحيــد اســمه لفيننــت‬ ‫تهــرب شوشــان‪ ،‬الزوجــة مــع أخيهــا مــن البــاد‪ ،‬الســلطنة‪ .‬تتخــى‬ ‫برضاهــا‪ ،‬عــن زوجهــا رضــا قازنجــي‪ ،‬ووليدهــا الصغــر‪ ،‬لفيننــت‪ ،‬فلــذة‬ ‫كبدهــا‪ ،‬الــذي مل يبلــغ عامــه األول‪ ،‬انتقامـاً مــن األمل والقهــر الــذي ســببته‪،‬‬ ‫لألرمــن حكومــة بالدهــم‪ .‬ويرحــان إىل الواليــات املتحــدة‪ ،‬بعــد أن علمــت‬ ‫مبقتــل قومهــا مــن أخيهــا الكاتــب الــذي ألــف قصص ـاً كثــرة لألطفــال‪،‬‬ ‫وحلــم بالحاممــة الزرقــاء‪ ،‬واألرض الســعيدة‪ ،‬عــى يــد الدولــة‪ ،‬كدفعــة‬ ‫أوىل لتصفيــة قوميــة كاملــة‪ ،‬بــدأت باملثقفــن‪.‬‬ ‫عندمــا يكــر طفــل رضــا‪ ،‬لفيننــت‪ ،‬ويصبــح رج ـاً‪ ،‬يتحــول إىل شــخصية‬ ‫عصابيــة متناقضــة‪ ،‬نتيجــة القســوة التــي عاناهــا يف طفولتــه وحرمانــه مــن‬ ‫أمــه‪ .‬وجــه حميمــي‪ ،‬لطيــف ومــرح مــع النــاس خــارج البيــت‪ ،‬وآخــر قـ ٍ‬ ‫ـاس‬ ‫ورشس مــع داخلــه‪ ،‬مــا أنتــج عائلــة مشــوهة‪ ،‬مريضــة‪ ،‬أغلــب أفرادهــا‬ ‫مــن النســاء‪ ،‬ألن الرجــال ميوتــون تباعـاً عندمــا يصلــون إىل ســن األربعــن‬ ‫مــن العمــر‪.‬‬ ‫ابنــه مصطفــى‪ ،‬وابنتــه زليخــة‪ ،‬يف لحظــة حامقــة يتعــاركان‪ .‬ويف لحظــة‬ ‫غيــاب العقــل‪ ،‬يغتصــب األخ أختــه‪ ،‬فتحبــل‪ ،‬وتلــد آســيا!‬ ‫آســيا شــخصية طيبــة‪ ،‬متمــردة‪ ،‬بيــد أن أهدافهــا مشــتتة‪ ،‬وال تعــرف إىل‬ ‫أيــن تأخذهــا قدماهــا‪ ،‬جريئــة لهــا عالقــات كثــرة مــع املثقفــن األتـراك‪،‬‬ ‫الهشــن يف تكوينهــم النفــي والفكــري‪.‬‬ ‫روايــة متداخلــة جــدا ً‪ ،‬يشــعر املــرء أنــه أمــام كاتبــة مبدعــة‪ ،‬متمكنــة مــن‬ ‫أدوات عملهــا وشــغلها‪ ،‬تســتحق أن يقــف املــرء أمــام أعاملهــا بكثــر مــن‬ ‫االســتغراب واالح ـرام‪ ،‬لقدرتهــا الغريبــة عــى دخــول عــوامل شــخصياتها‬ ‫املتناقضــة‪.‬‬ ‫يرحــل مصطفــى إىل الواليــات املتحــدة يف محاولــة نســيان ماضيــه‪ ،‬تاريخه‪،‬‬ ‫ورسه القــايس والخطــر‪ ،‬القابــع يف قلبــه‪ .‬ويخجــل مــن إفشــائه ألي إنســان‪.‬‬ ‫تلعــب األقــدار لعبتهــا‪ ،‬يتــزوج امــرأة أمريكيــة‪ ،‬كانــت متزوجــة مــن‬ ‫حفيــد زوجــة جــده رضــا قازنجــي‪ ،‬جدتــه شوشــان‪ ،‬ولديهــا ابنــة اســمها‬ ‫أرمانــوش‪ .‬تــدور األيــام ويرغــم مصطفــى يف العــودة إىل الوطــن بعــد‬

‫مقطع من نص طويل‬ ‫كل الــدول واألف ـراد والجمعيــات والنــوادي الرياضيــة‪،‬‬ ‫واملؤسســات لديهــا علمهــا الخــاص أو شــعارها؛ طــوت‬ ‫ديكتاتوريــة «فيــس بــوك» شــعاري الخــاص إىل الخلــف‬ ‫كثــرا ً‪ ،‬كنــت أضعــه يف املقدمــة‪ ،‬اجتاحتــه التغيــرات‬ ‫املتالحقــة التــي يجريهــا الســيد مــارك رئيــس جمهوريــة‬ ‫الفيــس بــوك‪.‬‬ ‫«أبحــث عــن وســادة واحــدة أضــع عليهــا رأيس وأرتــاح»‪ ،‬ال‬ ‫زلــت أتذكــر «كومنــت» كتبتــه الصديقــة املنفيــة أيض ـاً يف‬ ‫فرنســا فلورانــس غــزالن عندمــا قالــت يل‪« :‬قطّعــت قلبــي‬ ‫بهــذا الــكالم»‪ .‬فلورانــس كتلــة املشــاعر االنســانية التــي‬ ‫تتحــرك عــى قدمــن‪ ،‬مثــل كل النــاس خــرت‪ ،‬وعرفــت‬ ‫معنــى «الوســادات» الكثــرة!‬ ‫رمبــا «الوســادة» م ـرادف للقلــق‪ ،‬هــي م ـرادف لالســرخاء‬ ‫والدعــة والســكون عنــد بعــض آخــر‪ .‬والوســادة أنــواع‪ ،‬منها‬ ‫كالشــوك تنغــرز يف مؤخــرة رأســك وال توفــر أيضــا وجهــك‪،‬‬ ‫تتصــارع معهــا‪ ،‬تقلــب عليهــا وتنقلــب عليــك‪ ،‬تغلبهــا‬ ‫وتغلبــك‪ ،‬ويف ذروة هــذا الـراع الرتاجيــدي‪ ،‬تتمكــن منهــا‬ ‫وترمــي بهــا بــكل مــا أوتيــت مــن قــوة اىل أقــرب جــدار‬ ‫تصادفــه أمامــك‪ ،‬لكنــك ال تســتطيع االســتغناء عنهــا‪ ،‬تكــور‬ ‫مرفقيــك وتصنــع منهــا وســادة‪.‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫قوس قزح‬ ‫آرام كرابيت‬

‫عرشيــن ســنة مــن الهــروب‪ ،‬بعــد وصولــه بفــرة يقتــل عــى يــد أحــد‬ ‫أف ـراد األرسة‪ ،‬بطريقــة غامضــة‪ .‬تــم تســميمه مــن قبــل إحــدى أخواتــه‪.‬‬ ‫يف العـزاء‪ ،‬يكــون جثــان مصطفى‪/‬تركيــا‪ /‬مســجى عــى املنصــة يف منــزل‬ ‫العائلــة‪ ،‬أمــام النائحــات باألجــرة‪ .‬والنــاس ملتفــن حولــه‪ ،‬الجــران‪،‬‬ ‫األقربــاء‪ ،‬األهــل واألخــوات يف انتظــار انتهــاء املراســم‪ .‬يف هــذه اللحظــة‬ ‫املشــحونة بالحــزن والتزلــف‪ ،‬تقــول زليخــة البنتهــا آســيا‪:‬‬ ‫ـ هــذا امليــت‪ ،‬هــو أبــوك‪ ،‬خالــك‪ ،‬وأنــا أمــك‪ ،‬عمتــك‪ .‬لقــد اغتصبنــي هــذا‬ ‫املشــبوه عنــوة يف بيتنــا‪.‬‬ ‫هكــذا تــرح الكاتبــة الرتكيــة‪ ،‬املبدعــة‪ ،‬إليــف شــافاك‪ ،‬تاريــخ بلدهــا‬ ‫ومجتمعهــا‪ ،‬يف روايــة لقيطــة اســتانبول‪.‬‬ ‫الروايــة رائعــة بغــض النظــر عــن كل االســقاطات الفنيــة عىل الشــخصيات‪.‬‬ ‫لقــد أجــادت‪ ،‬وبرعــت يف عملهــا‪ .‬أنــا شــخصيا مذهــول مــن قدراتهــا‬ ‫األدبيــة االبداعيــة‪.‬‬ ‫نفهــم مــن خــال هــذا العمــل‪ ،‬أن املحاكمــة األوىل يجــب أن تكــون‬ ‫للســلطة االســتبدادية يف تركيــا‪ ،‬التــي مل تســتطع أن تحمــي مجتمعهــا‪،‬‬ ‫فصفّــت قســاً كبــرا ً منهــم بــدم بــارد‪ ،‬لتحــل أزمتهــا عــى حســاب‬ ‫ضحاياهــا‪ ،‬تحــت دوافــع غــر مقنعــة‪.‬‬ ‫نقــرأ يف ســياق الروايــة‪ ،‬أن الشــابة ارمانــوش املولــودة يف الواليــات املتحــدة‬ ‫مــن أب أرمنــي وأم أمريكيــة‪ ،‬جدهــا رضــا الــريك‪ ،‬وجدتهــا األرمنيــة‪،‬‬ ‫شوشــان‪ ،‬تســافر إىل اســتانبول يف محاولــة معرفــة تاريــخ أرستهــا‪ ،‬بيــت‬ ‫جدتهــا القديــم يف أحــد أحيــاء املدينــة‪ ،‬تقــول لعائلــة رضــا قازنجــي‪،‬‬ ‫جدهــا‪:‬‬ ‫ـ لقد قتلوا خايل وصفوا عائلتنا يف استانبول‪.‬‬ ‫تقــف العائلــة املكونــة مــن نســاء فقــط‪ ،‬مذهولــة‪ .‬وتكلمــت بصــوت‬ ‫واحــد‪:‬‬ ‫ـ مــن هــو املجــرم الــذي يقتــل األطفــال والنســاء؟‪ .‬هكــذا كان رد العائلــة‬ ‫الرتكيــة عــى استفســار الفتــاة األرمنيــة لغيــاب التاريــخ الحقيقــي لألتـراك‬ ‫عــن الشــعب الــريك الحــايل‪.‬‬ ‫نعــرف دوافــع الكاتبــة‪ ،‬كأنهــا تشــر‪ ،‬أن اإلنســان عندمــا يخــرج مــن‬ ‫التقوقــع القومــي أو الدينــي‪ ،‬ســرى الحيــاة أجمــل وأروع‪ .‬وأن هنــاك‬ ‫نبــل عنــد النــاس يف كل مــكان‪ .‬وال يقبلــوا أن يقتــل أي كائــن تحــت ذرائــع‬ ‫سياســية‪.‬‬ ‫الروائيــة إليــف‪ ،‬عــ َّرت التاريــخ‪ ،‬وســلطت الضــوء عــى تشــوه الحــارض‬ ‫عــر عمــل أديب جــاد‪ .‬كتبــت عــن ويــات املجتمــع‪ ،‬القتــل واملذابــح التــي‬ ‫حدثــت يف بلدهــا‪ .‬ومــا تــم تغييبــه أو تشــويهه‪.‬‬ ‫ارمانــوش األرمنيــة ذهبــت إىل بنايــة عائلتهــا مــع آســيا الرتكيــة‪ ،‬اللتــان‬ ‫هــا أحفــاد رضــا قازنجــي وشوشــان‪ ،‬دون أن يعلــان ذلــك‪ .‬يكــون هنــاك‬ ‫بنــاء‪ ،‬فيــه مطعــم كبــر لبيــع لحــم الخنازيــر‪ ،‬بينــا تــم تخريــب البنــاء‬ ‫القديــم بالكامــل ليصبــح مكانــه واحــد جديــد‪.‬‬

‫القتــل العمــد‬ ‫أسعد فخري‬ ‫بــاتَ مــن الواضــح أن نظــام األســد هو املســتفيد األول مــن اسـراتيجية التحالف‬ ‫الــدويل الغامضــة‪ ،‬وأن اللعبــة عــى أشــدها يف اقتســام األدوار لقتــل الســورين‬ ‫جهــارا ً بحجــة الحــرب عــى اإلرهــاب وأن مــا يجــري ومــا ســيجري يحتمــل مربراتــه‬ ‫وفــق أجنــديت النظــام‪ ،‬وتطلعــات التحالــف الــدويل يف الوقــت الــذي يتــم التحضــر‬ ‫فيــه عــى الجانــب اآلخــر ملبــادرة دوليــة باهتــة ومخزيــة تحقــق للعصابــة األســدية‬ ‫املزيــد مــن الوقــت‪ ،‬واملزيــد مــن القتــل‪ ،‬والتــي لــن تســتطيع إخـراج رأس األزمــة‬ ‫الســورية مــن عنــق زجاجــة‪ ،‬الضمــر العاملــي الــذي اســتكان إىل مــا يــريض ُمثُلــه‬ ‫األخالقيــة يف االكتفــاء بالشــجب‪ ،‬واالســتنكار‪ ،‬وإصــدار القـرارات األمميــة املعطلــة‪.‬‬ ‫إن أوىل املفارقــات الكــرى التــي بــدأ النظــام القاتــل االشــتغال عليهــا بحجــة الحرب‬ ‫عــى اإلرهــاب‪ ،‬واإلرهابــن هــي محاولتــه الحثيثــة إلجبــار التحالــف الــدويل عــى‬ ‫قبــول عضويتــه يف قتــل الســوريني‪ ،‬وذلــك مــن خــال هجمتــه غــر املســبوقة عــى‬ ‫مدينــة الرقــة الصامــدة تزامنـاً مــع زيــارة وزيــر خارجيــة العصابــة األســدية وليــد‬ ‫املعلــم إىل موســكو‪ ،‬ومــا ســبقها مــن طروحــات املبعــوث الــدويل (ســتيفان دي‬ ‫ميســتورا) يف إيجــاد مناطــق ســاكنة ومجمــدة‪ ،‬تبــدأ يف حلــب وتنتهــي إىل مــا شــاء‬ ‫اللــه مــن باقــي املناطــق الســورية الحــارة واملشــتعلة‪ ،‬إضافــة إىل دعــوات وجهتهــا‬ ‫موســكو لبعــض أعضــاء املعارضــة الســورية‪.‬‬ ‫الشــك أن الغمــوض الــذي يلــف مســتقبل الثــورة الســورية هــو محاولــة واضحــة‬ ‫املعــامل يتنــاوب عــى إدارتهــا ومجريــات تحوالتهــا الغــرب الداعــم أوالً‪ ،‬ومــن خلفه‬ ‫دول األجنــدات الخليجيــة‪ ،‬وذلــك لطــي صفحــة الثــورة الســورية‪ ،‬وتحويلهــا مــن‬ ‫ثــورة للكرامــة والحريــة والدميقراطيــة عــر تعطيــل طموحاتهــا يف اســتعادة البلــد‬ ‫مــن فــم الذئــب الطائفــي‪ ،‬إىل مجــرد ملــف عائــم تتناهبــه أجنــدات مختلفــة لهــا‬ ‫مصالــح مشــركة باســم محاربــة اإلرهــاب وعــى األرض الســورية تحديــدا ً‪.‬‬ ‫ويبــدو أن الرقــة الجريحــة بعــدد شــهدائها الــذي تجــاوز املئتــن وخمســن شــهيدا ً‪،‬‬ ‫حــل بهــا‪ ،‬والقصــف اليومــي املتتــايل‬ ‫وجرحاهــا الكــر‪ ،‬والدمــار املهــول الــذي ّ‬ ‫عــى أحيائهــا الســكنية‪ ،‬كانــت خيــار القتلــة هــذه املــرة لتكــون منطلقـاً لتفعيــل‬ ‫تطلعــات عصابــة النظــام األســدي‪ ،‬واســتخدامها كورقــة ممكنــة التحصيــل يف‬ ‫مهرجــان القتــل اليومــي الــذي يتعــرض لــه الســوريون ليــس يف الرقــة وحســب‪،‬‬ ‫وإمنــا عــى كل األرايض الســورية بحجــة محاربــة اإلرهــاب‪ ،‬واإلرهابــن حيــث‬ ‫تحــول القصــف اليومــي عــى الرقــة النازفــة مــن هــدف عســكري بحــت إىل هــدف‬ ‫ســيايس ينضــج لعبــة النظــام يف لفــت األنظــار إليــه‪ ،‬وإيجــاد املــررات الالزمــة لــه‬ ‫عــى اعتبــاره أول املحاربــن لداعــش‪ ،‬وآخرهــم‪.‬‬

‫مسقط الرأس‪..‬‬ ‫يف لياليــك البــاردة وأنــت وحيــدا ً‪ ،‬تخــرع وســادتك‪ ،‬تتذكــر‬ ‫صــدر حبيبتــك وتغفــو‪ ،‬وإن مل يكــن لديــك حبيبــة‪ ،‬تصنــع‬ ‫حبيبتــك وترســمها بــكل ألــوان الفــرح‪ ،‬رحــم أمــك تتشــهى‬ ‫الرجــوع إليــه‪ ،‬وحــده كفيــل أن يجعلــك تغمــض عينيــك‬ ‫وتطفــو عــى وجهــك ابتســامة هانئــة‪.‬‬ ‫أدركــت فيــا بعــد‪ ،‬ويف األســابيع األوىل لوصولنــا إىل كنــدا‪،‬‬ ‫ملــاذا كان الكنديــون يحــارضون فينــا ويعطونــا النصائــح‬ ‫يف كيفيــة التأقلــم يف حياتنــا الجديــدة‪ .‬تحدثــوا كث ـرا عــن‬ ‫االنتحــار وأســبابه وكيفيــة مقاومتــه وعــن القــوة والشــخص‬ ‫اإليجــايب واملتفاعــل‪ .‬يف البدايــات تحتــاج الغربــة إىل حــار‬ ‫ليحتمــل قســوتها‪.‬‬ ‫أن تعيــش يف أجمــل مــدن العــامل دون أهل وأصدقــاء ومل ّات‬ ‫وســهرات‪ ،‬فلــن تســتمتع بجــال املــكان الــذي أنــت فيــه‪.‬‬ ‫الحــواري واألزقــة والذكريــات هــي نقــوش ارتســمت يف‬ ‫مجــرى الــروح‪ ،‬هــي املعــادل ملعنــى الحريــة‪ .‬قــد يســتغرب‬ ‫البعــض هــذه املزاوجــة ومــا عالقــة «الحريــة» بالغربــة‬ ‫والشــوق؟! كل العالقــة‪ .‬ال ســعادة حقيقيــة يف الغربــة‪ ،‬قــد‬ ‫يســتعاض عنهــا باإلنجــاز‪ ،‬بالنجــاح‪ ،‬بالشــهرة‪ ،‬باملــال‪ ،‬إنّ ــا‬ ‫خالصــة الســعادة تلــك التــي تضــج بالفــرح وتطــر بأجنحــة‬ ‫عاليــة ومحلقــة‪ ،‬غــر موجــودة‪ .‬يف غربتــي أدركــت معنــى‬

‫كلمــة «مســقط الــرأس»‪ .‬يقولــون‪ :‬فــان أعيــد جثامنــه‬ ‫ليدفــن يف مســقط رأســه‪ ،‬أو فــان مــن النــاس عــاد إىل‬ ‫مســقط رأســه بعــد أن أمــى ثالثــن عام ـاً مــن حياتــه يف‬ ‫املغــرب‪ ،‬أو فــان قــرر أن ميــي أواخــر أيامــه يف منزلــه‬ ‫الهــادئ ال يريــد أن ميــوت يف الغربــة‪ .‬ملــاذا عــاد وملــاذا‬ ‫ينــوي العــودة وملــاذا يخطــط بعــد هــذا الزمــن الطويــل‬ ‫ليعــود ويقــي أيــام هانئــة فيــا تبقــى لــه مــن العمــر؟!!‬ ‫هــذا حــال املغرتبــن‪ ،‬ال اســتقرار يف املــكان وبوصلــة الــروح‬ ‫تشــر دامئـاً إىل ســمتها‪ ،‬مســقط الــرأس هــو شــالها الــذي‬ ‫ال يحيــد‪ .‬تلــك هــي العالقــة مــع الحريــة‪ .‬أليســت الحريــة‬ ‫«ارتــواء»؟ فتشــت يف قواميــس اللغــة العربيــة ألروي‬ ‫ظــأي عـ ّـي أعــر عــى مـرادف يــروي متامـاً معنــى هــذه‬ ‫املفــردة‪ ،‬مل أجــد‪ .‬الغربــة هــي تشــقق الــروح‪ ،‬الغربــة هــي‬ ‫العــن الكســرة‪ ،‬الغربــة هــي ضيــاع املالمــح والعالمــات‬ ‫الفارقــة‪ .‬يف زحمــة املــدن‪ ،‬يف زحمــة املــرو‪ ،‬يف اصطخــاب‬ ‫األنفــاق‪ ،‬تغــدو بــا مالمــح‪ ،‬تُكنــى بلونــك أو قوميتــك‬ ‫أو ديانتــك‪ ،‬ينســحب اســمك اىل الــوراء وإن نوديــت بــه‬ ‫تتشــوه حروفــه ويغــدو اســمك غــر اســمك‪ .‬أبحــث عــن‬ ‫صحــن الفــول ذاك الصحــن الــذي يشــكل صبغــة قوميــة أو‬ ‫وطنيــة كــا عـ ّر مــرة أحــد الكتــاب العــرب‪ ،‬أظــن أن هــذا‬

‫أمحد مولود الطيار‬

‫الصحــن هــو امل ـرادف الحقيقــي ملعنــى «ارتــواء»‪ .‬صحــن‬ ‫الفــول يف يــوم الجمعــة ليــس طبــق عــادي أو نفــس دنيئــة‬ ‫تتشــهي مــا لـ ّذ وطــاب مــن الطعــام‪ ،‬إنــه أنــاس ملتصقــن‬ ‫مــع بعــض‪ ،‬رؤوســهم قريبــة‪ ،‬يتناولــون معالقهــم ويغرفــون‬ ‫مــن صحــن واحــد وال يقرفــون مــن رائحــة البصــل املنبعثــة‬ ‫منهــم‪ ،‬ألن رائحــة الحــب‪ ،‬وللحــب رائحــة أقــوى مــن‬ ‫شــانيل وكريســتيان ديــور وكل مــاركات العطــر الباريســية‪.‬‬ ‫الحريــة ليســت فقــط حريــة تعبــر وابــداء موقــف ســيايس‬ ‫بــدون تبعــات ديكتاتوريــة‪ ،‬إنّهــا اكــر مــن ذلــك بكثــر‪،‬‬ ‫هنــا يف منفــاي اكتشــفت أ ّن أي شــخص متــوار يف ســوريا‬ ‫يف قبــو حقــر تنبعــث منــه كل الروائــح العفنــة هــو ح ـ ّر‬ ‫أكــر منــي‪ ،‬أي شــاب يخــرج متظاه ـرا ً ضــد هــذا النظــام‬ ‫املجــرم هــو ح ـ ّر أكــر منــي‪ .‬مــا نفــع حريتــي هنــا وأنــا‬ ‫أعــاين الحرمــان مــن كل يشء‪ ،‬أتشــهى املــي يف حاراتنــا‪،‬‬ ‫أتشــهى كأس عــرق مــع أصدقــاء حميميــن يخرجــون‬ ‫اليــوم ويدخلــون إىل الزنازيــن تباع ـاً‪ ،‬أتشــهى لقــاء فتــاة‬ ‫مــن فتيــات ســوريا تأتينــي تحــت جنــح الظــام‪ ،‬أتشــهى‬ ‫معانقــة وجــوه أحببتهــا‪ ،‬أتشــهى زيــارة قــر أمــي‪ ،‬أتشــهى‬ ‫الســفر يف باصاتنــا بــن املــدن الســورية‪ ،‬أتشــهى معانقــة‬ ‫وطــن‪ ،‬إمنــا يف غربتــك ال تقبــض إال الريــح‪.‬‬


‫حرمل المجزرة‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫احلب املُدان‬ ‫ُّ‬

‫‪12‬‬

‫ورد أكثر‬

‫عبد الرحمن اإلبراهيم‬

‫إىل األخت والصديقة الوفية الشاعرة‪« :‬إنانا الصاحل»‬ ‫ولكل أوفياء العامل‬

‫يُس ّمي الكو ُخ ليلَتَه «إنانا»‬ ‫فيهج ُر ساد ُن الخوف املكانا‬ ‫ ‬ ‫ويهطل من أناملها رذا ٌذ‬ ‫ُ‬ ‫ي ُّر ُش بخاطر الحبق األمانا‬ ‫ ‬ ‫عشب حلمٍ‬ ‫ويوق ُظ يف الوسائد َ‬ ‫ويشتل بني أضالعي الحنانا‬ ‫ُ‬ ‫ ‬ ‫ويسقي يف تخوم الجرح وردا ً‬ ‫ُ‬ ‫ويغزل من صدى وجعي كامنا‬ ‫ ‬ ‫ِ‬ ‫األغنيات من املرايث‬ ‫يصوغ‬ ‫حيب مبا شجانا‬ ‫ ‬ ‫ومن ُم ِّر ال ّن ِ‬ ‫وأنبت من ِ‬ ‫القلب قلباً‬ ‫رفات‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ووجدا ً كالّذي أيّا َم كانا‬ ‫ ‬ ‫«السلَ ْم َية» من وريدي‬ ‫يهب عىل َ‬ ‫ُّ‬ ‫ويخطف من يد ال ّزمن ال ّزمانا‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫الشيح فيها‬ ‫رص‬ ‫ُ‬ ‫وذاكر ًة يَ ُّ‬ ‫لعشتار الهوى كُحالً ُمصانا‬ ‫ ‬ ‫بيت‬ ‫ٍ‬ ‫ألهداب لها يف القلب ٌ‬ ‫َ‬ ‫وقلبي كلّام َرف َع األذانا‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫يطوف بكحلها التَّ ْه َيا ُم سبعاً‬ ‫ويخت ُم بالتّسابيح افتتانا‬ ‫ ‬ ‫«السلَ ْم َية» ق َّ َُباتٌ‬ ‫لروحي يف ّ‬ ‫َع َق ْد َن عىل بيادرها قرانا‬ ‫ ‬ ‫العذري عشْ باً‬ ‫يل ّب ْس َن الهوى‬ ‫َّ‬ ‫ويُطعمن املواج َد بيلسانا‬ ‫ ‬ ‫ٍ‬ ‫زقزقات‬ ‫ويرشقن األحبّ َة‬ ‫يُر ّجعها الضنى آناً فآنا‬ ‫ ‬ ‫كل شوقٍ ‪..‬‬‫يُ َن ْق ِو ْد َن القوايف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ألفراخ القصائد – والبيانا‬ ‫ ‬ ‫طل‪..‬‬ ‫يُوضّ َنئ الحن َني بدمع ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫عشيبات َحزانا‬ ‫تدحرج من‬ ‫ ‬ ‫أم ُّد –ليك يعدنَ– َ‬ ‫حقول قمحي‬ ‫وأفرح ح َني يخرت َن ِ‬ ‫الحرانا‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ذكريات العمر تصحو‬ ‫ائش‬ ‫عر ُ‬ ‫وتوق ُد يف العناقيد ال ّدنانا‬ ‫ ‬ ‫ترك َن الكو َخ منتشيّاً يغ ّني‬ ‫وموع ُد (ح ّجة)* الربميل حانا!!‬ ‫ ‬ ‫ونفيس بعدما نَفَضَ ْت شقاها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وللصبوات أطلقَت العنانا‬ ‫ ‬ ‫أخال الطائر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ات غدت حامماً‬ ‫وخلت فراخَها حورا ً حسانا‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫فبدّتُ مع القذيفة يف فرايش‬ ‫أعيثُ بنهدها ح ّباً مدانا‬ ‫ ‬ ‫الشبق الشّ ظايا‬ ‫ومل ّا أرض َم‬ ‫ُ‬ ‫تف ّج َر فاتحدّتُ به ٌدخانا‬ ‫ ‬ ‫الحب َ‬ ‫سال عىل جحيمٍ‬ ‫إذا ما ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫تص ُري –بدون معجزة– جنانا‬ ‫ ‬ ‫(املاش) رغم اليشء شيئاً‬ ‫يصري ُ‬ ‫إذا ما اليش ُء باملاش استهانا‬ ‫ ‬ ‫وكان املوتُ –من بُخلٍ – مهي َباً‬ ‫ومل ّا أدم َن اإلرس َاف هانا‬ ‫ ‬ ‫بالغت يف تدبريِ أم ٍر‬ ‫إذا‬ ‫َ‬ ‫إلخفاء الذي تُخفيه بانا‬ ‫ ‬

‫الغدفة ‪ -‬أواخر ترشين األول ‪2014‬‬

‫كلام م ّرت أمامه يف الشارع‬ ‫قال‪:‬‬ ‫يا ورد يا جوري‬ ‫فانتشت الرضيرة من الغزل‬ ‫حني أبرصت‬ ‫التقته يف ذات الشارع‬ ‫‪.......‬‬ ‫ب ّياع الورد‬ ‫‪XXX‬‬ ‫للحظة‬ ‫تَ َذكَ َرتْ الوردة‬ ‫ارتباك يد العاشق‬ ‫تَ ْح ِملُ َها إىل الحبيبة‬ ‫فكادت تذبل‬ ‫……‪..‬‬ ‫من الضحك‬ ‫‪XXX‬‬ ‫الفراشة التي اختبأت‬ ‫يف الوردة‬ ‫مك َـارة‪...‬‬ ‫تعرف أين‬ ‫ال أتع ّدى عىل الورد‬ ‫‪XXX‬‬ ‫صدقوا أو ال تصدقوا‬ ‫سبق أن رأيت وردة‬ ‫تغ ّني وتغني‪...‬‬ ‫وسبق للوردة أن رأتني‬ ‫يف أصيص‬ ‫‪XXX‬‬ ‫ذاك الشذى‬

‫* آمال الرحماوي‬

‫فسبقت الريح‬ ‫ارتاحت من الحكايات البائخة‬ ‫يعرفه الليل جيدا‬ ‫‪XXX‬‬ ‫دون أن تكرتث إىل ضياع البقشيش‬ ‫حتى لو دخلت عليه العتمة‬ ‫تحتاج يدك‬ ‫‪XXX‬‬ ‫بألف وردة‬ ‫لورد كثري‬ ‫كل الصباحات يل‬ ‫‪XXX‬‬ ‫ألحبك وأنىس‬ ‫أيتها الفراشة الثقيلة‬ ‫ال تصافح امرأ ًة‬ ‫أنك أدميتني أيها األحمر‬ ‫كضيف اإلجازات‬ ‫كذبا‬ ‫‪XXX‬‬ ‫كل يوم يجددون بيعتي‬ ‫ب ٍِيد من ورد‬ ‫كانت تهذي‬ ‫اح‪...‬‬ ‫وهي أعلم منك‬ ‫َ‬ ‫الص َب ُ‬ ‫ورد‪...‬‬ ‫صباح الورد‬ ‫بلون الخديعة‬ ‫ورد‪...‬‬ ‫‪XXX‬‬ ‫‪XXX‬‬ ‫ورد أكرث‬ ‫مل يهدين أحد يوما‬ ‫يا جامع الورد‬ ‫تلك الح َمى العاشقة‬ ‫وردة‬ ‫ليوم ال ّح ٍب‬ ‫‪XXX‬‬ ‫كّلام بكيت‬ ‫طهور ٌة زهرة اللوتس‬ ‫ليتني وردة‬ ‫سال من عيني‬ ‫فال تح ّملها‬ ‫أروح هبا ًء مع الريح‬ ‫ماء الورد‬ ‫وزر املستنقع‬ ‫حني تأيت إ َيل‬ ‫‪XXX‬‬ ‫‪XXX‬‬ ‫كعاصفة‬ ‫جاحدون‬ ‫أنا والبنفسج‬ ‫‪XXX‬‬ ‫كم زارنا الورد يف املص ّحات‬ ‫شقيقان من الرضاعة‬ ‫ال تفرتي عىل الورد‬ ‫وال مرة‬ ‫نضحك مجازا‬ ‫ليس هو من فاح عطرا‬ ‫زرنا وردة عليلة‬ ‫وما رضعنا من الفرح حتَى الشبع‬ ‫حني أمسكتَ َنا بيدك املِ ْع َصة‬ ‫‪XXX‬‬ ‫‪XXX‬‬ ‫‪...........‬‬ ‫غشاشة بائعة الورد الجميلة‬ ‫ال أ ّحب األصص‬ ‫كان قلبي‬ ‫تبيعهم الورد‬ ‫قبو ٌر قبل األوان‬ ‫‪XXX‬‬ ‫وتحتفظ بالشذى‬ ‫قالت وردة حمراء‬ ‫له أن ميوت اآلن‬ ‫معلقا عىل يديها‬ ‫طارت من رشفتي‬ ‫بضمري مرتاح‬ ‫وحطّــت عــى ضفــرة راقصــة الفالمنجــو ‪XXX‬‬ ‫البستاين الذي ارتكّب‬ ‫رسها‬ ‫يكتشفوا‬ ‫مل‬ ‫‪XXX‬‬ ‫ّ‬ ‫الــكـــثـــيـــــــــــــر‬ ‫يف اختبار املنشطات‬ ‫لو يُقيل النادل الوردة‬ ‫ورديت التــي أخــذت جرعــة زائــدة مــن من الورد‬ ‫التي وضعها عىل طاولة العشاق‬ ‫‪XXX‬‬ ‫ال ّحــب‬ ‫من مهمتها الثقيلة‬ ‫* شاعرة من املغرب‬

‫قصص قصرية جداً‬

‫* ابراهيم ابويه‬

‫ِشلْ ٌو ُم َم َّز ْع‬ ‫‪)1‬‬ ‫أخفــى الطفــل وجهــه داخــل كراســة الرســم عندما‬ ‫دوت صفــارات اإلنــذار‪ .‬آخــر صــوت ســمعه‬ ‫كان مخيفــاً‪ ،‬بينــا ظلــت العينــان مفتوحتــن‬ ‫عــى املنــزل الريفــي الــذي شــيدته أناملــه عــى‬ ‫الكراســة‪ ،‬ومل يكتمــل تلوينــه بعــد‪.‬‬

‫كان أنــن النــاي قــد تغلغــل يف صدرهــا املضغــوط‪،‬‬ ‫ـت حبيبهــا‪...‬‬ ‫وكنـ ُ‬ ‫النــاي املتكــر كان عقدنــا الرشعــي‪ ،‬كان معربنــا‬ ‫نحــو املجــرات البعيــدة داخلنــا‪ ،‬لذلــك توقــف‬ ‫ســفري إليــك‪ .‬ســأدفنه يف أرض القصــب‪ ،‬رمبــا‬ ‫تنبــت يف أحشــائه نغمــة جديــدة أحملهــا إليــك‬ ‫ذات يــوم‪.‬‬

‫‪)4‬‬ ‫‪)2‬‬ ‫أقــام األدب عرســاً باذخــاً ز ّوج فيــه الروايــة عندمــا تيقــن أن شــهاب األمل التــي تنتقــل برسعــة‬ ‫باملعلقــات‪ ،‬القصــة القصــرة بقصيــدة التفعيلــة‪ ...‬خارقــة داخــل جمجمتــه مل تكــن بفعــل الصــداع‬ ‫وعندمــا تقــدم الهايكــو لطلب يــد القصــة القصرية املزمــن‪ ،‬وإمنــا نتيجــة رؤوس كثــرة تتعايــش داخل‬ ‫رع عــى زواج القارصيــن‪ .‬جســده وتحرمــه مــن النــوم كلــا احتدمــت‬ ‫جــدا ً‪ ،‬اعــرض املــ ِّ‬ ‫رصاعاتهــا املتكــررة‪ ،‬رمــى ســلة الــدواء بعيــدا ً‪،‬‬ ‫حمــل جســده خــارج املدينــة وأرضم فيــه النــار‪.‬‬ ‫‪)3‬‬ ‫صديقتــي الغجريــة‪ ،‬أردت فقــط أن أخــرك أن‬ ‫النــاي الــذي ورثتــه عــن أيب قــد انكــر‪ .‬حقائبــي ‪)5‬‬ ‫أصابــه مــرض غريــب احتــار فيــه الحكــاء‪.‬‬ ‫مشــدودة إليــك‪ ،‬وقلبــي كذلــك‪..‬‬ ‫مل يعــد بإمــكاين أن أرقــص معــك تلــك الرقصــة شــخصوا حالتــه مــرارا ً دون أن يصلــوا إىل دواء‪.‬‬ ‫القدميــة‪ ،‬وال أن أجــوب القبائــل باحث ـاً عــن ثغــر لقــد فقــد حاســة املعنــى‪ ،‬ومل تعــد املفــردات‬ ‫تعــرت قســاته‪ ،‬فــا عــاد يعــرف لــون االبتســام‪ .‬تفــي لحقولهــا التــي ولّدتهــا منــذ أجيــال بعيــدة‪.‬‬ ‫النــاي النائــم فــوق أريكتــي‪ ،‬مل يعــد ســوى قطعــة أصبــح تائهــاً وســط الحقــول‪ ،‬يــرى األلــوان‬ ‫قصــب يابســة‪ .‬صفــر العجــل الــذي اخرتقتــه واألشــياء واألحــداث كأنهــا ركام مــن حجــارة‬ ‫الريــاح‪ ،‬مل يعــد يشــبه صــوت املالئكــة‪ ،‬وأنــا أمــام صــاء‪ .‬كلــا فكــر يف حلــم‪ ،‬ســبقته إليــه رصاصــة‬ ‫هــذا الهيــكل الصغــر‪ ،‬تســافر أج ـزايئ إىل جــوف وأردتــه رمــادا ً‪.‬‬ ‫النــاي‪ ،‬ترقــص عــى أغنيــة املطــر التــي كنــت هــو اآلن أعمــى‪ ،‬يتحســس طريقــه بصعوبــة‬ ‫أعشــقها‪ ،‬وصديقتــي الغجريــة تحمــل نبيذهــا كبــرة‪ ،‬لكنــه تعلــم أخـرا ً أن ال يشء يوجــد خلــف‬ ‫وتــدور عــى رحــى قدمهــا اليــرى‪ ،‬غــر عابئــة ظالمــه املمتــد ســوى كائنــات تســر يف كل اتجــاه‬ ‫مبــا يفعلــه البهلــوان الصغــر ابنهــا األســطوري لتصــل يف النهايــة إىل نقطــة انطالقتهــا األوىل‪.‬‬ ‫الــذي خــرج للحيــاة ذات يــوم‪ .‬يف قريــة ال تعرفهــا‪.‬‬ ‫* كاتب مغريب‬


‫حرمل المجزرة‬

‫‪13‬‬

‫أسنان عائشة‬ ‫يف الخيمــة‪ ,‬وللخيمــة بابــان‪ ,‬أحدهــا ينفتــح باتجــاه الطريــق‬ ‫العريــض‪ ,‬املــؤدي إىل الحاممــات واملغاســل‪ ,‬واآلخــر ينفتــح عــى الطريــق‬ ‫األضيــق‪ ,‬مقابــل خيــام الجـران‪ ,‬يف الخيمــة‪ ,‬كانــت األم تجلــس القرفصــاء‬ ‫يف زاويــة وضعــت فيهــا ســخانة كهربائيــة‪ ,‬تعــد الطعــام ألرستهــا‪ ,‬ويف‬ ‫البــاب املطــل عــى الشــارع جلســت ابنتهــا عائشــة‪ ,‬تراقــب بصمــت‬ ‫متوتــر حين ـاً‪ ,‬غاضــب أحيان ـاً‪ ,‬مــا يجــري أمامهــا مــن أحــداث‪.‬‬ ‫ أمي فمي يؤملني‪ ...‬أسناين تهتز يف أماكنها‬‫ اصربي يا ابنتي‪ ....‬وجع األسنان بسيط‪ ..‬وأنت كبرية وشجاعة‪.‬‬‫الجــد أبــو عبــد اللــه ميســك خرطــوم املــاء‪ ,‬يســقي بــه مســكبة البقدونس‬ ‫والنعنــاع املزروعــة أمــام خيمتــه‪ ,‬ويــدور ليســقي شــتالت الكوســا‬ ‫واليقطــن‪ ,‬تبتســم لــه عائشــة فريشــقها برشــة مــاء‪ ,‬تضحــك بكركــرة‬ ‫طفوليــة عذبــة‪ ،‬ويضحــك الجــد‪ ,‬يلــوح لهــا بيــده مســلامً‪ ,‬ويرمــي لهــا‬ ‫حبــة بنــدورة قطفهــا مــن مزرعتــه‪ ,‬تأخذهــا بفــرح‪ ,‬وتقضمهــا متلــذذة‪.‬‬ ‫ حــن أشــفى سأســقي مســكبة البقدونــس وأزرع لــك الــورد والياســمني‬‫يــا أمــي‬ ‫مــرت مجموعــة مــن البنــات الصغــرات تحمــل جــرادل املــاء‪,‬‬ ‫تنقلهــا مــن املغاســل إىل داخــل الخيــام‪ ,‬لتســتعملها األمهــات يف غســيل‬ ‫الثيــاب واملواعــن‪ ,‬كانــت البنــات تضــع أحاملهــا عــى األرض لتنقــل‬ ‫الحمــل مــن يــد إىل أخــرى‪ ,‬تقطــع لهاثهــا املتعــب لتتبــادل بعــض‬ ‫العبــارات والضحــكات‪ ,‬لوحــت لهــن عائشــة بيدهــا فــا التفــن إليهــا‪,‬‬ ‫بــل تابعــن الســر إىل أهدافهــن مرسعــات‪.‬‬ ‫ أمــي حــن أشــفى ســأرافق هــؤالء البنــات‪ ،‬وأنقــل لــك املــاء إىل داخــل‬‫الخيمــة‪ ,‬لــن تنقليهــا بعــد ذلــك وحــدك‪.‬‬ ‫انتهــت العجــوز الســاكنة يف الخيمــة املقابلــة مــن كنــس خيمتهــا‪،‬‬ ‫وكنــس مســاحة إضافيــة أمــام الخيمــة‪ ,‬رشــت األرض باملــاء منعـاً للغبــار‪,‬‬ ‫مــدت بطانيــة عــى األرض النظيفــة‪ ،‬وجلســت مــع زوجهــا يتبــادالن‬ ‫الحديــث بصــوت منخفــض‪ ,‬ويحصيــان بأصابعهــا عــدد الشــهداء مــن‬ ‫أرستهــا‪ ,‬ويحصيــان عــدد األمــوات واملحارصيــن واملهجريــن‪ ,‬ويحلــان‬

‫ابتسام شاكوش‬ ‫مع ـاً‪ ,‬بالعــودة إىل القريــة‪ ,‬والحصــول عــى قــر يف ترابهــا‪ ,‬بينــا كفــت‬ ‫عائشــة عــن حركاتهــا‪ ،‬وراحــت تتأمــل نقــوش الوشــم عــى ذقــن الجــارة‬ ‫وجبينهــا‪ ,‬وعــى ظاهــر كفيهــا‪ ,‬وكفــي زوجهــا‪.‬‬ ‫ أمــي‪ ....‬ملــاذا ال تغســل جارتنــا هــذا الحــر عــن وجههــا ويديهــا؟ أمــا‬‫عندهــا صابــون؟ أمــا أخــذت حصتهــا مــن معونــات الهــال األحمــر؟‬ ‫األم مشــغولة بإعــداد الطعــام‪ ,‬الســخانة الكهربائيــة تنطفــئ‬ ‫تــارة‪ ،‬ويتوهــج ســلكها الح ـراري تــارة‪ ,‬ثــم ينقــع‪ ,‬فتفصــل التيــار عــن‬ ‫الســخانة لتصــل الســلك‪ ،‬وتعــود إلمتــام عملهــا‪ ,‬مل تــرد عــى ســؤال واحــد‬ ‫مــن أســئلة ابنتهــا الجالســة كجلســتها كل يــوم يف املــكان ذاتــه‪ ,‬طارحــة‬ ‫األســئلة ذاتهــا واملالحظــات ذاتهــا‪.‬‬ ‫مــرت إرساء ابنــة الجـران تحمــل دميتهــا‪ ,‬مرسعــة إىل خيمــة صديقتهــا‬ ‫آيــة‪ ,‬لتكمــل معهــا خياطــة ثــوب جديــد للدميــة‪.‬‬ ‫ أمي‪ ,‬أريد دمية شقراء مثل دمية إرساء‬‫مجموعــة أخــرى مــن البنــات الصغــرات عــرت تتواثــب بحــركات‬ ‫مدرســية‪ ,‬تطــر شــعورهن املربوطــة عــى أكتافهــن‪ ,‬يــرددن أغنيــات‬ ‫حفظنهــا مــن التلفــاز‪ ,‬غنــت عائشــة معهــن ومتايلــت بجذعهــا فتناثــر‬ ‫شــعرها عــى كتفيهــا‪ ,‬تجــاوزت البنيــات مرمــى بــر عائشــة فصمتــت‬ ‫وعــادت للعبــث بأســنانها‪.‬‬ ‫مــرت لطفيــة عــى الــدرب ذاتهــا‪ ,‬متســك بيدهــا خيطـاً طويـاً ربطــت‬ ‫يف نهايتــه كيسـاً بالســتيكياً فارغـاً‪ ,‬تركــض بعكــس اتجــاه الريــح‪ ,‬وتتلفــت‬ ‫إىل الخلــف بفــرح ظاهــر‪ ,‬غافلــة عــن كل مــا يحيــط بهــا‪ ,‬تنظــر بســعادة‬ ‫ظاهــرة إىل الكيــس الــذي امتــأ بالهــواء وطــار عــى ارتفــاع قامــة فــوق‬ ‫قامتهــا‪ ,‬قــررت عائشــة يف نفســها‪ ,‬ســأخبئ كيسـاً فارغـاً أللعــب بــه مثلها‬ ‫حــن أشــفى‪ ,‬أنــا أســتطيع الركــض أفضــل منهــا‪ ,‬سأســابقها وأســبقها‪.‬‬ ‫ أمي‪ ..‬انظري‪ ...‬خلعت سني‪ ..‬ومل أشعر باألمل‬‫ ال تحــزين يــا صغــريت‪ ...‬بعــد أيــام ســينبت يف مكانــه ســن أجمــل منــه‬‫وأقــوى‪ ,‬يــدوم معــك طويـاً‪..‬‬ ‫يل املقطوعتني؟‪.‬‬ ‫‪ -‬أمي‪ ...‬متى ستنبت يل رجالن جديدتان يف مكان رج ّ‬

‫كل العامل يضحك من أطفال الليشمانيا‬ ‫حسن البقالي‬ ‫يف الب��دء كان��ت ال�براري واحلق��ول مل يكــن ليأبــه بتلــك الذبابــة الضئيلــة التــي‬ ‫وامت��دادات الرم��ل الشاس��عة‬ ‫حطــت عــى فــروه الــرايب كحبــة هبــاء‪،‬‬ ‫ثم كانت القوارض‬ ‫ونفــذت بخرطومهــا الالمــريئ إىل مجــرى الــدم‪.‬‬ ‫وذبابة الرمل‬ ‫وأطفال «تافياللت»‬ ‫الذبابة‪:‬‬ ‫والربملان‬ ‫تــرب الذبابــة الهــواء بجناحــن هشــن‪..‬‬ ‫تتحســس مالمــح املحيــط ومتنــي النفــس‬ ‫بوجبــة طعــام الئقــة‪ .‬لقــد خلفــت العمــران‬ ‫القارض‪:‬‬ ‫وراءهــا‪ ،‬واألطفــال املتصايحــن‪ ،‬وميمــت جهــة‬ ‫الفــاة‪..‬‬ ‫فأر الرمل السمين‬ ‫نظــف الجحــر مــن فضــات األمــس‪ ،‬وخــرج ذبابة الرمل‪:‬‬ ‫يبحــث عــن قــوت اليــوم‪..‬‬ ‫الضئيلــة الهشــة التــي تخــى الهــواء إذا اشــتد‪،‬‬ ‫يوم آخر تحت الشمس‬ ‫تحتــاج إىل أن تغــر عــى جســد‪ ..‬ذاك الفــأر‬ ‫ملــح ظــل طائــر يحــوم بالقــرب‪ ،‬وســحلية هنــاك‪ ..‬الســمني الــذي يخطــو حــذرا ً إىل‬ ‫تـزاول مترينـاً يف التمويــه‪ ..‬توقــف عنــد شــجرة جحــره‪ ..‬الــذي يفكــر دون شــك يف رضورتــه‬ ‫« ِر ْمــت»‪ ،‬وخــال أنــه ســمع صوتــا يشــبه لــدوران األرض‪.‬‬ ‫الفحيــح‪ ،‬وحركــة زحــف متكتــم عــى األرض‪ ،‬الفأر السمني‪:‬‬ ‫فجــرى مبتعــدا ً بأقــى مــا تتيحــه الدهــون تهــوي بشــكل عمــودي‪ ..‬تغــرز خرطومهــا عــر‬ ‫املرتاكبــة تحــت الجلــد‪ ..‬مل يكــن قــد اطــأن الجلــد‪ ،‬ومتتــص‪ ..‬متتــص‪..‬‬ ‫متامــا حــن توقــف قليــا يســريح‪ ،‬وتبــول عــى‬ ‫حجــر‪ ..‬ومل يشــك يف أنــه أفلــت مــن مــوت األطفال‪:‬‬ ‫محقــق‪ ،‬حلــق فوقــه للحظــات‪ ،‬وفــح بالقــرب خــارج بوابــة «القــر» رهــط أطفــال يلعبــون‪،‬‬ ‫دون أن تســعفه الحركــة األخــرة‪..‬‬ ‫عــى مقربــة مــن نخــات طالعــات وعراجــن‬ ‫متكــن مــن التهــام حــرة أوىل‪ ،‬فثانيــة‪ ،‬وتبــول بلــح‪ .‬يجلــس أصغرهــم عــى خــط التــاس‪،‬‬ ‫مــرة أخــرى‪ ..‬رمبــا مل يكــن أكــر ســعادة أو أشــد ويتابــع ركضهــم هنــا وهنــاك دون حــاس‬ ‫بؤسـاً مــن ذي قبــل‪ ،‬لكنــه كان هنــاك‪ ..‬يف الربية كبــر‪ ..‬تفــرش وجهــه املتعــب قبيلــة ذبــاب‪..‬‬ ‫املديــدة‪ ،‬العامــرة باألنفــاس واملعزولــة عــن هــو ال ينــش الذبــاب وال يــرف لــه جفــن‪،‬‬ ‫فظاعــات العمـران‪ .‬فكــر يف أن الحيــاة تســتحق والذبــاب ال يفــارق وجهــه‪.‬‬ ‫أن تعــاش‪ ،‬وأن هــذا االمتــداد الشاســع تحــت يتصايــح اآلخــرون‪ ..‬يركضــون يف كل اتجــاه‪،‬‬ ‫الشــمس هبــة اللــه الرحيــم إىل الجــرذان‪..‬‬ ‫وهــو يتابــع دون حــاس‪ ..‬مل يأبــه طبعـاً بتلــك‬ ‫يف لحظــة مامثلــة‪ ،‬لالمتــاء وترســيخ القناعــات‪ ،‬الذبابــة الضئيلــة التــي حطــت عــى ذراعــه‬

‫العــاري‪ ،‬ونفــذت بخرطومهــا إىل دمــه‪.‬‬ ‫بعــد أيــام ســينتبه الجميــع إىل الطفــوح‬ ‫والتقرحــات التــي نهضــت فــوق الوجــه‬ ‫والــذراع‪ ،‬مثــل مســتوطنات للقبــح والســقم‪..‬‬ ‫يحك الطفل جلده‬ ‫يهرش جلده ويبيك‬ ‫ الليشامنيا‬‫سيقول ممرض املستوصف‬ ‫ وكلنــا اللــه عــى الدولــة الــي مــا موف ـراش‬‫الــدوا بالشــكل الــكايف‪.‬‬ ‫البرلمان‪:‬‬ ‫برملــاين الدائــرة الــذي صــادف وجــوده كــرة‬ ‫الحــك والهــرش والبــكاء‪ ،‬وجــه ســؤاله إىل‬ ‫وزيــرة الصحــة بشــأن ذبابــة الرمــل وطفيــي‬ ‫الليشــانيا‪..‬‬ ‫ثــم هــا هــي الوزيــرة تأخــذ امليكروفــون يك‬ ‫تجيــب عــى الســؤال‪ ..‬الوزيــرة الجميلــة بنــت‬ ‫العــز والســالة املجيــدة‪ ..‬التــي أُوكل إليهــا‬ ‫أمــر صحــة املواطنــن‪ ..‬تدبــر اللقــاح والــدواء‬ ‫رسة ومســتوصفات الجبــل والصح ـراء‪ ،‬كــا‬ ‫واأل ّ‬ ‫مصحــات العاصمــة‪ ..‬تتحســس الجــواب املدبــج‬ ‫عــى الورقــة‪ ،‬وتتلعثــم يف القــراءة‪ :‬األطفــال‪..‬‬ ‫القــرى واملــدارش النائيــة‪ ..‬الليشــانيا‪ ...‬وعــى‬ ‫غــر توقــع مــن أحــد‪ ..‬ضــد مجــرى الســياق‬ ‫وطبائــع األشــياء‪ ،‬تأخــذ يف الضحــك‪ ..‬تضحــك‬ ‫تضحــك‪ ..‬يف القهقهــة‪ ..‬الكركــرة‪ ..‬يســقط منهــا‬ ‫الســؤال والجــواب‪ ،‬وتســتمر يف الضحــك كــا لو‬ ‫أنــه مهمتهــا األكــر إلحاحـاً يف الحيــاة‪ ..‬يضحــك‬ ‫الرئيــس‪ ..‬الــوزراء الحــارضون‪ ..‬تضحــك الشاشــة‬ ‫يف أوجــه املشــاهدين‪ ،‬ويضيــع بــكاء األطفــال يف‬ ‫الضحــك العــايل‪ ..‬يضيــع وجــه الوطــن‪.‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫غريب الدار‬

‫متحف الرقة الذي يقف وحيداً‪!..‬‬ ‫إبراهيم العلوش‬

‫ذهبــت الطائـرات‪ ..‬وظـ ّـل متحــف الرقــة واقفـاً‪ ،‬كان يتفــرج عــى أشــاء الشــهداء التــي‬ ‫تناثــرت حتــى وصلــت بقاياهــا إىل أســاك الكهربــاء‪ ،‬كانــت األشــاء العطــرة تقلــد العصافــر‬ ‫التــي طاملــا رأتهــا تزقــزق عــى األســاك‪ ،‬وكان ذوو الشــهداء ينظــرون عالي ـاً‪ ،‬إىل أحبائهــم‪،‬‬ ‫الذيــن يقلــدون العصافــر‪ ،‬ويتمرجحــون عــى األســاك‪ ،‬ويروحــون ويجيئــون معهــا كلــا‬ ‫هبــت الريــاح الخريفيــة‪ ،‬املحملــة بســواد االحـراق املتناثــر…‬ ‫ذهبــت نوافــذ املتحــف الخشــبية‪ ،‬لعلهــا صــارت أشــا ًء‪ ،‬أو رمــادا ً‪ ،‬أو تســاقطت فــوق منــزل‬ ‫بعيــد‪ ،‬كان املتحــف يفتــح كل أبوابــه وكل نوافــذه للهــواء‪ ،‬وللدخــان‪ ،‬ولصيــاح النســاء‬ ‫الثــكاىل‪ ،‬وألصــوات ذوي الشــهداء املســتغيثة‪ ،‬لألصــوات العاليــة كــا للنشــيج املنخفــض‬ ‫والعميــق‪ ،‬كل تلــك األصــوات‪ ،‬كانــت تعــر أرجــاء املتحــف الــذي فارقتــه قطعــه األثريــة‪،‬‬ ‫ذات قصــف ســابق‪ ،‬أو ذات نهــب وتخريــب قامــت بــه موجــة مــن جــرذان املجاريــر‪ ،‬التــي‬ ‫وجــدت نفســها ترتاكــض يف الشــوارع‪ ،‬وال أحــد يجــرؤ عليهــا‪ ،‬أو ال يجــرؤ حتــى عــى التعبــر‬ ‫عــن القــرف مــن رائحتهــا املقــززة‪ ،‬أو مــن منظرهــا البشــع!‬ ‫ظــل املتحــف القرميــدي الجميــل يحمــل هيبــة التحــف التــي كانــت‬ ‫رغــم كل ذلــك‪ّ ،‬‬ ‫فيــه‪ ،‬وظـ ّـل جــال اللوحــات وألوانهــا‪ ،‬يزيــده هيبــة ورونق ـاً… وظـ ّـل أثــر التاريــخ يحتــل‬ ‫القاعــات الصغــرة‪ ،‬وظلّــت ظــال الفــارس اإلســامي املــدرع بالسالســل تحتــل املــكان‪ ،‬رغــم‬ ‫أنهــم نهبــوا قميصــه الفــوالذي‪ ،‬ورمحــه الطويــل‪ ،‬وخوذتــه‪ ،‬وابتســامة وجهــه‪ ،‬رغــم كل‬ ‫ذلــك ظـ ّـل أثــره يزيــن املــكان‪ ،‬وغــر آبــه بالطائ ـرات‪ ،‬وال مكــرث بأصواتهــا االســتعراضية‬ ‫القاتلــة‪ ،‬التــي يقــوم بهــا طيــار يفتخــر بتدمــر املتحــف‪ ،‬ويقتــل كل عابــر أو متســوق أو‬ ‫محــدق بواجهــة املتحــف‪ ،‬ويفتخــر بقتــل باعــة الخضــار الذيــن يكســبون قوتهــم اليومــي‪،‬‬ ‫مــن بيــع البقدونــس والرشــاد والخضــار التــي تــررش مــاء يجــري يف نزلــة املتحــف باتجــاه‬ ‫الف ـرات البعيــد!‬ ‫مــات الباعــة‪ ،‬ومــات الزبائــن‪ ،‬مــات األطفــال‪ ،‬والنســاء‪ ،‬مــات أحــد املدهوشــن بابتســامة‬ ‫املتحــف لحظــة القصــف‪ ،‬مــات رجــل طويــل‪ ،‬كان قــد اشــرى كتابـاً قدميـاً مــن مكتبــة أيب‬ ‫زهــرة‪ ،‬املشــغولة بتغريبــة يوســف بــوزو الرقاويــة‪ ..‬كان آخــر مــا رآه الرجــل الطويــل‪ ،‬هــو‬ ‫العناويــن القليلــة التــي ظلــت متفرقــة عــى األرفــف املغــرة‪ ،‬وعندمــا أغمضــوا عينيــه‪،‬‬ ‫كانــت العناويــن امللونــة هــي آخــر مــا رســمته العيــون املدهوشــة مــن هــول االنفجــار!‬ ‫مل يســتطع الطيــار الحاقــد‪ ،‬محــو آثــار أقدامنــا جميعــاً عــى نزلــة املتحــف‪ ،‬مل يســتطع‬ ‫أن ميحــو أصــوات الخارجــن مــن الجامــع الكبــر صبــاح العيــد‪ ،‬وهــم مــا يزالــون منتشــن‬ ‫بنشــيد فرحتهــم وبرتدادهــم… اللــه اكــر اللــه اكــر اللــه اكــر‪ ...‬إيذانـاً بوصــول العيــد إىل‬ ‫أطفــال الرقــة‪ ،‬وكل ناســها الفرحــن‪..‬‬ ‫مل يســتطع محــو بهجــة مــن خرجــوا مــن مطاعــم الكبــاب يف نزلــة املتحــف‪ ،‬جذلــن‪ ،‬وراحــوا‬ ‫يتبادلــون األحاديــث املازحــة وهــم يتجهــون إىل مقهــى الرسايــا‪ ،‬أو يبحثــون عــن محــل‬ ‫يرشبــون فيــه شــيئاً بــاردا ً‪..‬‬ ‫ظلّــت آثــار األجيــال التــي تعاقبــت عــى نزلــة املتحــف‪ ،‬تتــوارد بعــد القصــف‪ ،‬يف محاولــة‬ ‫منهــا لتثبيــت املــكان‪ ،‬وحفظــه مــن التطايــر‪ ،‬حــرت آثــار خطــوات عبــد الســام العجيــي‪،‬‬ ‫وأطلــت صيحــة مصطفــى الحســون‪ ،‬وهــي تدافــع عــن ســور الرقــة‪ ،‬ومشاكســات فيصــل‬ ‫بليبــل‪ ،‬وأحاديــث الرجــل الهــادئ فــوزي الفــواز مــع عبــد الغفــور شــعيب وعبــد اللــه‬ ‫الخليــل وفــواز الفــواز‪ ،‬وم ـ ّرت جنــازة هيثــم الخوجــة كنهــر ضائــع يبحــث عــن الف ـرات‪..‬‬ ‫وتوالــت جنــازات البابنــي‪ ،‬محمــد قحطــان الهائلــة‪ ،‬وجنــازات كل الشــهداء التــي تشــبه‬ ‫البحــار الصاخبــة‪ ..‬ومــر بصخــب عنايــت عطــار ذاهبــاً كعادتــه إىل مــا ال يــدري‪ ..‬غــر‬ ‫لوحاتــه الجميلــة‪..‬‬ ‫حــرت خطــوات املســترشقني الذيــن عشــقوا الرقــة وآثارهــا‪ ،‬ومــرت آغاثــا كريســتي مــن‬ ‫أمــام املتحــف ذاهبــة مــع زوجهــا اآلثــاري إىل تــل أبيــض‪ ،‬بعــد أن تســوقا‪ ،‬وكان زوجهــا‬ ‫يهمــس يف أذنهــا جملتــه الشــهرية… كلــا كــرت ِ‬ ‫وقدمـ ِ‬ ‫ـت أحبــك أكــر!‬ ‫تزاحــم أهــل الرقــة حــول املتحــف‪ ..‬تزاحــم موتاهــم الذيــن هبــوا مــن قبورهــم وجــاؤوا‬ ‫ينجــدون املــكان ويؤازرونــه‪ ..‬ورغــم ذلــك عــرت آثــار ســيارات األعــراس املــرة عــى‬ ‫اســتكامل مراســمها عــى أكمــل وجــه‪ ،‬أحــد الســائقني رأى أحــد أقاربــه ضمــن ســيل‬ ‫األمــوات وميــزه مــن بعيــد‪ ،‬رآه مذهــوالً مــن مذبحــة املتحــف‪ ،‬لكنــه مل يوقــف عجلــة‬ ‫الفــرح الــذي يحمــل عروســه يف ســيارته الشــفرليه الزرقــاء إىل بيــت عريســها‪ ،‬كان مبتهجـاً‬ ‫مــع أهــل العــرس‪ ،‬ونــي حتــى أن يرفــع يديــه بتحيــة عابــرة للمــوىت املصطفــن أمــام مقهــى‬ ‫الرسايــا… مل يســمح للحــزن أن يعطــل الفــرح الــذي يتوهــج يف نفــس العــروس الجالســة‬ ‫يف املقعــد الخلفــي‪..‬‬ ‫متحــف الرقــة الــذي شــهد ســنوات الفيضــان‪ ،‬وســنوات الثلــج‪ ،‬وســنوات العجــاج‪ ،‬وســنوات‬ ‫العــوز‪ ،‬وســنوات االســتبداد‪ ،‬وتعــذب فيــه أهــل الرقــة عندمــا حولتــه الحكومــة إىل ســجن‪...‬‬ ‫رغــم كل ذلــك ظــل واقف ـاً‪ ،‬وظــل يبتســم للشــمس التــي أعقبــت القصــف الجــوي‪ ،‬ظـ ّـل‬ ‫يبتســم للشــهداء الذيــن نزلــت أشــاؤهم مــن عــى أســاك الكهربــاء‪ ،‬ويبتســم لألطفــال‬ ‫الذيــن مــا يزالــون مذهولــن وغــر مصدقــن بــأن هــذا الســواد املتقصــف هــو مــا كان‬ ‫آباءهــم وأمهاتهــم وإخوتهــم وأخواتهــم!‬ ‫متحــف الرقــة ظــل ينظــر بعيــدا ً‪ ،‬باتجــاه الفـرات‪ ،‬باتجــاه األيــام القادمــة‪ ،‬باتجــاه األجيــال‬ ‫الجديــدة‪ ،‬التــي ســتبني الرقــة مــن جديــد‪ ،‬وبآفــاق طموحــة‪ ،‬كان املتحــف يتخيــل نفســه‬ ‫مبني ـاً ومتألق ـاً‪ ،‬وســط ســاحة كبــرة‪ ،‬بناهــا أهــل الرقــة‪ ،‬ليلتقــوا فيهــا وليغازلــوا فتياتهــم‪..‬‬ ‫وزوجاتهــم‪ ،‬وليصنعــوا الفــرح القــادم‪ ،‬رغــم كل الســواد الــذي دلقــه عليهــم طيــارون‬ ‫يخنقهــم الحقــد‪ ،‬والضغينــة‪ ،‬والعبوديــة‪..‬‬ ‫كان املتحــف يتألــق كوجــه الف ـرات العــذب واملتأللــئ‪ ،‬عاكس ـاً صفــو الســاوات الزرقــاء‬ ‫القريبــة‪ ،‬وامللونــة‪ ،‬بفــوىض تشــبه فــوىض لوحــات عنايــت عطــار املرحــة‪ ،‬ومثــل أشــعار‬ ‫إبراهيــم الج ـرادي التــي ترتاكــض منتشــية مثــل خيــول أصيلــة تبحــث عــن مــاء الف ـرات‬ ‫العــذب لرتتــوي منــه بعــد ظــأ طويــل‪..‬‬


‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫حرمل المجزرة‬

‫‪14‬‬

‫اإلفالت من العقاب يشجع النظام السوري على اإلجرام تركيا تتمس��ك خبطة املناطق اآلمنة‬ ‫مطلوب تحالف دولي يدعم اإلحالة إلى الجنايات الدولية‪ !..‬واملمانع��ة األمريكي��ة تقت��ل الس��وريني‬ ‫يُطلــق اســم اإلبــادة الجامعيــة عىل سياســة القتــل الجامعــي املنتظمة‪،‬‬ ‫بــل جــاء يف نصــوص القانــون الــدويل أن اإلبــادة الجامعيــة ســواء كانــت‬ ‫بقصــد التدمــر الــكيل أو الجــزيئ تدخــل يف هــذا الشــمول‪.‬‬ ‫وهــذا مــا ارتكبــه النظــام الســوري عــى مــدى أربــع ســنوات‪ ،‬حيــث‬ ‫كانــت مجــزرة الرقــة بتاريــخ ‪ 2014/11/25‬التــي قــام بهــا طـران األســد‬ ‫الحــريب مثــاالً وصفيـاً لهــذا النــوع مــن الجرائــم الدوليــة‪ ،‬التــي ال يــري‬ ‫عليهــا التقــادم‪ ،‬والتــي يتحمــل املجتمــع الــدويل مســؤولية منعهــا‪،‬‬ ‫ومحاســبة مرتكبيهــا ومعاقبتهــم‪.‬‬ ‫وهــذا املبــدأ مكــرس يف املــادة ‪ 1‬مــن اتفاقيــة منــع جرميــة اإلبــادة‬ ‫الجامعيــة‪ ،‬ولكــن مــا يثــر اســتغراب الســوريني عــدم ارتــكاس املجتمــع‬ ‫الــدويل لهــذه الجرائــم املتالحقــة‪ ،‬حيــث كان الشــعب الســوري ينتظــر‬ ‫تنديــدا ً واســعاً عــى مجــزرة الرقــة وال ســيام مــن املنظــات الحقوقيــة‬ ‫واإلنســانية‪ ،‬خاصــة مــن املستشــار الخــاص لألمــن العــام لهيئــة األمــم‬ ‫املتحــدة‪ ،‬املعنــي مبنــع اإلبــادة الجامعيــة‪ ،‬وهــو املعنــي بالقيــام بــدور‬ ‫آليــة اإلنــذار املبكــر لألمــن العــام‪ ،‬ومــن خاللــه ملجلــس األمــن‪ ،‬بتوجيــه‬ ‫اهتــام أعضائــه إىل الحــاالت التــي يحتمــل أن تســفر عــن حــدوث إبــادة‬ ‫جامعيــة‪.‬‬

‫وحيــث أن املجتمــع الــدويل ال يبــدو مســتعدا ً يف الوقــت الراهــن للقيــام‬ ‫بواجبــه القانــوين واألخالقــي مبنــع هــذه الجرائــم‪ ،‬وإحالــة مرتكبيهــا إىل‬ ‫محكمــة الجنايــات الدوليــة‪ّ ،‬إل أن الشــعب الســوري لــن يتنــازل عــن‬ ‫حقــه يف محاســبة النظــام املجــرم‪ ،‬ولــن يقبــل بــأي تســوية مســتقبلية ّإل‬ ‫إذا كانــت مســاءلة النظــام جــزءا ً منــه‪.‬‬ ‫صحيــح أن املحكمــة الجنائيــة ليســت بالحــل الكامــل والنهــايئ للوضــع‬ ‫الســوري‪ ،‬ولكــن قــرار مجلــس األمــن بهــذا الخصــوص رســالة قويــة‪،‬‬ ‫مفادهــا أن حالــة اإلفــات مــن العقــاب يف ســورية قــد انتهــت‪.‬‬

‫إعتصام شانلي أورفا األول‪..‬‬ ‫تضامناً مع أهلنا يف الرقة‬

‫رصح وزيــر الخارجيــة الفرنســية لــوران‬ ‫فابيــوس إلذاعــة فرنســا الدوليــة الثالثــاء‬ ‫‪« :2014/11/25‬نعمــل مــع مبعــوث األمــم‬ ‫املتحــدة إىل ســورية ســتيفان دي ميســتورا‬ ‫ملحاولــة إنقــاذ حلــب‪ ،‬ومــن جهــة أخــرى‬ ‫إلقامــة مــا يُعــرف باملناطــق اآلمنــة‪ ،‬وهــي‬ ‫مناطــق أمنيــة ال ميكــن فيهــا لطائــرات‬ ‫الرئيــس الســوري بشــار األســد‪ ،‬وعنــارص‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية «داعــش» مالحقــة‬ ‫الســوريني»‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ :‬إننــا يف صــدد العمــل عــى ذلــك‪،‬‬ ‫ينبغــي إقنــاع كثرييــن‪ ،‬األمريكيــن بالطبــع‬ ‫وغريهــم‪ ،‬ولكنــه موقــف الديبلوماســية‬ ‫الفرنســية‪ ،‬وأكــرر الهــدف هــو إنقــاذ حلــب‪.‬‬ ‫ورغــم اإلرصار الــريك عــى خطــة املناطــق‬ ‫اآلمنــة‪ ،‬ورفــض املشــاركة الفعليــة يف التحالــف‬ ‫واالنخــراط يف عملياتــه‪ ،‬إلّ أن أمريــكا ال‬ ‫زالــت متمســكة برفضهــا لهــذه الخطــة‪ ،‬وقــد‬

‫فشــلت مباحثــات نائــب الرئيــس األمريــي‬ ‫«جــون بايــدن» الســبت ‪ 2014/11/22‬بتغيــر‬ ‫موقــف الرئيــس الــريك رجــب طيــب أردوغــان‬ ‫يف مدينــة اســتانبول الهادفــة إىل تعزيــز الــدور‬ ‫الــريك يف التحالــف الــدويل املعلــن ضــد‬ ‫تنظيــم الدولــة اإلســامية‪.‬‬ ‫وتشــرط تركيــا لتعزيــز الــدور العســكري يف‬ ‫التحالــف أن يكــون إســقاط نظــام األســد مــن‬ ‫بــن أهــداف التحالــف‪ ،‬كــا تطالــب تركيــا‬ ‫بإقامــة منطقــة لحظــر الطــران الســوري‪،‬‬ ‫وإقامــة منطقــة آمنــة داخــل ســورية‪.‬‬ ‫فهــل ســينجح التصلــب الــريك يف وجــه‬ ‫أمريــكا إىل تحقيــق خطــة املناطــق اآلمنــة‪،‬‬ ‫وهــل ســيربئ أوبامــا نفســه مــن تهمــة قتــل‬ ‫الســوريني‪ ،‬والتواطــؤ مــع نظــام اإلجــرام‬ ‫األســدي‪ ،‬ويرتاجــع عــن مامنعتــه‪ ،‬ويُعطــي‬ ‫موافقتــه إلقامــة املناطقــة اآلمنــة؟!‬ ‫الدم السوري ينتظر‪!..‬‬

‫مجموعــة كبــرة مــن الناشــطني الســوريني اســتجابوا لنــداء الحريــة‪ ،‬ونفــذوا اعتصامـاً احتجاجيـاً يف ســاحة املدفــع يف‬ ‫مدينــة شــانيل أورفــا بتاريــخ ‪ 2014/11/26‬وذلــك مــن أجــل التضامــن مــع أهلنــا يف مدينــة الرقــة‪ ،‬الذيــن تعرضــوا‬ ‫ملجــزرة وحشــية ارتكبهــا ط ـران األســد املجــرم‪ ،‬وأســفرت عــن ارتقــاء أكــر مــن ‪ /209/‬شــهداء‪ ،‬ومئــات الجرحــى‪،‬‬ ‫وتدمــر املبــاين الســكنية ودور العبــادة‪ ،‬وأســواق تجاريــة‪ ،‬وطالــب املحتشــدون بحاميــة املدنيــن‪ ،‬وإحالــة املجــرم بشــار‬ ‫وأعوانــه للمحكمــة الدوليــة‪ ،‬وفــرض منطقــة حظــر جــوي‪.‬‬


‫حرمل المجزرة‬

‫‪15‬‬

‫في تصفية ثورة السوريين‬ ‫أحمد شعبان‬ ‫«خطــوات لحــل الــراع يف ســورية»‪»..‬ال‬ ‫النظــام وال املعارضــة قــادران عــى كســب‬ ‫املعركــة‪ ،‬وهــذا مــا ســمح للتنظيــات كـ»تنظيــم‬ ‫الدولــة» و»جبهــة النــرة»‪ ،‬بالنمــو»‪ ..‬بهــذه‬ ‫املقدمــة افتتحــت مؤسســة «مــن أجــل الحــوار‬ ‫اإلنســاين» تقريرهــا املتعلــق بالقضيــة الســورية‪.‬‬ ‫املؤسســة أوربيــة مقرهــا جنيــف‪ ،‬ويرتأســها‬ ‫املســؤول الســابق يف منظمــة األمــم املتحــدة‬ ‫ديفيــد هارالنــد‪ ،‬وهــي تعمــل جنبــاً إىل جنــب‬ ‫مــع األمــم املتحــدة فيــا يتعلــق بــإدارة األزمــات‬ ‫وحلهــا‪ ،‬ســبق لهــا ورعــت اتفاقــات عــدة جــرى‬ ‫آخرهــا يف تونــس بــن «العلامنيــن واإلســاميني»‪.‬‬ ‫رسب التقريــر إىل وســائل اإلعــام األمريكيــة‪،‬‬ ‫منهــا الواشــنطن بوســت‪ ،‬ولســنا مبعـــرض تحليــل‬ ‫صحتهــا مــن عدمــه‪ ،‬لكــن املعــروف أنهــا قريبــة‬ ‫مــن صنــع الق ـرار األمريــي وتهيئــة الــرأي العــام‬ ‫بخصوصــه‪ .‬الثابــت يف املوضــوع أن املبعــوث‬ ‫الــدويل ســتيفان دي مســتورا انقلــب عــى صيغــة‬ ‫جنيــف التــي ترتكــز عــى «تشــكيل جســم‬ ‫انتقــايل بــن ممثــي النظــام واملعارضــة بصالحيات‬ ‫كاملــة»‪ ،‬وأن الحــل ليــس مرحلــة انتقاليــة أو‬ ‫محاصصــة سياســية‪ ،‬بــل «تجميــدا ً للحــرب‬ ‫واالعـراف بــأن ســورية أصبحــت دولــة ال مركزيــة‬ ‫عــى فوهــة البندقيــة»‪ ،‬وأن «رحيــل» األســد‬ ‫ليــس رشطـاً مســبقاً‪ ،‬بــل «ضمــن عمليــة سياســية‬ ‫تجــري تحــت رقابــة وضامنــن دوليــن»‪.‬‬ ‫بشــعار «ســلطة الســام وإعــادة اإلعــار» وفــق‬ ‫أولويــات خفــض العنــف وإيصــال املســاعدات‬ ‫اإلنســانية وزرع بــذور للحــل الســيايس‪ ،‬سيســعى‬ ‫دي مســتورا مــع األمــم املتحــدة ومركــز الحــوار‪،‬‬ ‫مقــدم هــذه االســراتيجية‪ ،‬وجهــات أخــرى‪،‬‬ ‫العمــل وفــق مقاربــة «المركزيــة مقابــل توســيع‬ ‫اإلدارات املحليــة» لتثبيــت الهــدن يف املناطــق‬ ‫الســورية والعمــل عــى املصالحــات املحليــة‪.‬‬ ‫وتحكــم تلــك املناطــق الجهــة املســيطرة عليهــا‪،‬‬ ‫النظــام أو املعارضــة‪ ،‬حيــث يتــم تشــكيل إدارات‬ ‫محليــة مشــركة والبــدء بإعــادة اإلعــار‪ ،‬وتوحيــد‬ ‫الجهــود يف محاربــة املتشــددين‪ ،‬مــا ييــر‬ ‫عــبء القضــاء عليهــم‪.‬‬ ‫هــذا الحــل املقرتح هــو مبثابة طــوق نجــاة للنظام‬ ‫الســوري وحلفائــه‪ .‬فقــد باتــت املعارضة الســورية‬ ‫قريبــة مــن العاصمــة دمشــق بعــد انتصاراتهــا‬ ‫يف الجبهــة الجنوبيــة‪ ،‬ووضــع النظــام‪ ،‬وحليفــه‬ ‫حــزب اللــه يف القلمــون مضعضــع‪ ،‬وإي ـران أمــام‬ ‫اســتحقاق املهلــة النهائيــة التــي حددتهــا األرسة‬ ‫الدوليــة بشــأن مفاوضتهــا النوويــة‪ ،‬و»تنظيــم‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫زهرة األمل‬

‫الدولــة» بــات قريبــاً مــن حدودهــا‪ .‬وليســت‬ ‫روســيا يف وضــع أفضــل فالروبــل يف تراجــع كبــر‪،‬‬ ‫ومثــة عقوبــات دوليــة مفروضــة عليهــا‪ ،‬وتــم‬ ‫اســتبعادها مــن التحالــف الــدويل ضــد اإلرهــاب‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا ستســعى إدارة أوبامــا كعادتهــا إىل‬ ‫رشاء الوقــت‪ ،‬ومتابعــة سياســة إدارة األزمــة يف‬ ‫ســورية بــدالً مــن حلهــا‪ ،‬وإضعــاف الــروس أكــر‬ ‫بعدمــا ردت لهــا الواليــات املتحــدة صــاع تدخلهــا‬ ‫يف أوكرانيــا بفــرض عقوبــات أثقلــت كاهــل‬ ‫موســكو‪ ،‬إضاف ـ ًة إىل هبــوط ســعر برميــل النفــط‬ ‫الــذي عــزز مــن مفاعيلــه الســلبية عــى موســكو‪.‬‬ ‫مــن املحتمــل أن اإلدارة األمريكيــة تســعى يف‬ ‫املشــكلة الســورية إىل توريــث حلهــا إىل اإلدارة‬ ‫املقبلــة‪ .‬وتدعــو خســارة الدميقراطيــن أمــام‬ ‫الجمهوريــن يف االنتخابــات النصفيــة للكونغــرس‬ ‫إىل افــراض أن هــذه األخــرة قــد تكــون مــن‬ ‫الحــزب الجمهــوري‪.‬‬ ‫مــن جانبهــا دول الخليــج ال يعنيهــا أكــر مــن أن‬ ‫تدفــع بــأي يشء مــن أجــل الدفــاع عــن نفســها يف‬ ‫محاربــة التنظيــات الجهاديــة‪ ،‬وإرغــام األمريكيــن‬ ‫واألوربيــن عــى التعامــل معهــا بوصفهــا الحليــف‬ ‫«الســني املوثــوق» الــذي يتعــرض للخطــر نفســه‬ ‫مــن «التنظيــات الجهاديــة»‪ ،‬حتــى لــو كلفهــا‬ ‫األمــر تغطيــة نفقــات الحــرب وخفــض أســعار‬ ‫النفــط‪.‬‬ ‫وفيــا يتعلــق بصاحــب القضيــة األســاس‪ ،‬أي‬ ‫الســوريني‪ ،‬ال يبــدو أنهــم مهتمــون كثـرا ً‪ .‬فاملــدرك‬ ‫األقــرب إىل ذهنيتهــم هــو أنهــا محاولــة جديــدة‬ ‫لتقويــض ثورتهــم‪ ،‬ومحاولــة إلعطــاء النظــام‬ ‫املتهــاوي فرصـاً جديــدة ليســتعيد قــواه وأنفاســه‪،‬‬ ‫ويعــزز ســيطرته عــى دمشــق‪ ،‬ويدفــع مبــا‬ ‫تبقــى مــن جيشــه واأللويــة الشــيعية العراقيــة‬ ‫واللبنانيــة إىل ســد الجبهــة الجنوبيــة دفاع ـاً عــن‬ ‫العاصمــة التــي بــات الثــوار أقــرب إليهــا أكــر‬ ‫مــن أي وقــت مــى‪ .‬فالثــورة الســورية تبقــى‬ ‫خــارج أيــة تســويات أو مســاومات أو تفاهــات‬ ‫ال تطــال النظــام ورأســه بالتحديــد‪ .‬فهــم خرجــوا‬ ‫إلســقاطه يف ثورتهــم التاريخيــة مــن غــر عــودة‪.‬‬ ‫ولكــن يخــى مــن أ َّن «مــن ال ميلــك أعطــى‬ ‫مــن ال يســتحق»‪ ،‬وأن تقــع املعارضــة الرســمية‬ ‫املرتهلــة يف فــخ الدخــول إىل تلــك املصيــدة تحــت‬ ‫ضغــوط الــدول املنشــئة لهــا واملتحكمــة مبصريهــا‪،‬‬ ‫فتســاهم بغبــاء وســذاجة سياســية يف تكريــس‬ ‫تلــك اإلس ـراتيجية والبنــاء ضــد الثــورة الســورية‬ ‫يك تصبــح واقعــاً يصعــب الفــكاك منــه‪ :‬تثبيــت‬ ‫تقســيم البلــد بــن معارضــة ونظــام وتنظيــات‬ ‫جهاديــة‪.‬‬

‫‪Umut Çiçeği..‬‬ ‫‪veysel polat‬‬

‫ويسل بوالت‬

‫الحمــد للــه رب العاملــن‪ ،‬الــذي يخاطبنــا ببــذل الجهــد‬ ‫والصــر‪ ،‬والتفكــر وأخــذ العــر‪ ،‬ويعطينــا مثــاالً مــن ســورة‬ ‫الحديــد ‪ -‬خــذوا الديــن امتحانــاً ‪ -‬الوجــود‪ -‬الغيــب‪-‬‬ ‫العــرض‪ -‬الحســد‪ -‬املتعــة ‪ -‬العجــز‪ -‬القــدرة‪ .‬فكلهــا أحــوال‬ ‫الدنيــا‪.‬‬ ‫ نحن البرش نعيش هذه األحوال ونشاهدها‬‫وحتــى نســتطيع العيــش بإنســانية نحتــاج إىل معرفــة‬ ‫عميقــة وقلــب واســع‪.‬‬ ‫ وليس سهالً أن تكون أرشف املخلوقات‪..‬‬‫عليــك البقــاء مســتيقظاً يف دنيــا االمتحانــات‪ .‬البقــاء نظيفـاً‬ ‫ومؤثـرا ً دامئـاً والحفــاظ عــى األمانــة‪.‬‬ ‫ألول مــرة ذكــر يل الســيد شــكري قــره بوغــا‪ ،‬رئيــس جمعية‬ ‫عــرب تركيــة‪ ،‬بــأن هنالــك لنــا أشــقاء ســوريني لديهــم عمــل‬ ‫صحفــي‪ ،‬وبعــد أســبوع جاءنــا إىل جريــدة غــاب غوندامــه‬ ‫الســيد جمعــة أغــاج رئيــس فــرع اتحــاد الكتــاب‪ ،‬جاءنــا‬ ‫مــع مجموعــة مــن اشــقائنا إىل الجريــدة تعارفنــا عليهــم‬ ‫وقلنــا (بســم اللــه)‪.‬‬ ‫أغلبهــم مــن محافظــة الرقــة‪ .‬صحفيــون‪ -‬كتــاب‪-‬‬ ‫حقوقيــون‪ -‬مهندســون‪ -‬أحــد عــر شــخصاً مجتمعــن‬ ‫وزارعــن غرســة (جريــدة الحرمــل)‪.‬‬ ‫أشــقاؤنا مــن الدولــة التــي حرقتهــا ورشدتهــا الحــروب‪،‬‬ ‫إخوتنــا املتنوريــن‪ -‬تركــوا عوزهــم وســكنهم إىل جنــب‪،‬‬ ‫ومــن أجــل إنســانهم شــبكوا ســواعدهم وفكــروا باملســتقبل‬ ‫املشــرك‪..‬‬ ‫مــا أجمــل االجتــاع والتداخــل بجغرافيتنــا واالجتــاع يف‬ ‫مــكان واحــد والحديــث والكتابــة‪.‬‬ ‫أمتنى النجاح والربكة بكل مشاعري‪..‬‬ ‫أمتنــى أن تســهم هــذه الجريــدة بالتحريــر والســام‬ ‫واإلخــوة‪.‬‬

‫‪Alemlerin rabbi olan Allah’a hamd‬‬ ‫‪olsun.O ki; bakmaya, ibret almaya,‬‬ ‫‪düşünmeye, sabır ve cehd etmeye‬‬ ‫‪çağırıyor..‬‬ ‫‪Demir’i örnek veriyor.‬‬ ‫‪Dünya imtihan alanı.‬‬ ‫– ‪Varlık – yokluk, darlık – genişlik, acı‬‬ ‫‪zevk, acziyet – iktidar.. hepsi dünyanın‬‬ ‫‪halleri. İnsan olarak gördüğümüz,‬‬ ‫‪yaşadığımız haller.‬‬ ‫”‪Bunlara takılmadan “İnsanca‬‬ ‫‪yaşayabilmek derin bir bilinç ve engin bir‬‬ ‫‪yürek gerektiriyor.‬‬ ‫‪Yarıtılmışların en şereflisi olmak kolay‬‬ ‫‪değil.‬‬ ‫‪İmtihan dünyasında uyanık kalmak, temiz‬‬ ‫‪kalmak ve sürekli etkin olmak..‬‬ ‫‪Emaneti muhafaza edebilmek..‬‬ ‫***‬ ‫‪İlk defa Arap Der Başkanımız Şükrü‬‬ ‫‪Kırboğa bahsetmişti. Suriyeli bir gurup‬‬ ‫‪arkadaşımızla gazete çalışmamız var,‬‬ ‫‪dedi.‬‬ ‫‪Bir hafta sonra da Türkiye Yazarlar Birliği‬‬ ‫‪Şube Başkanımız Cuma Ağaç, ekipten‬‬ ‫‪bir gurup kardeşimizle GAPGündemi’ne‬‬ ‫‪geldi.‬‬ ‫‪Tanıştık ve Bismillah dedik.‬‬ ‫‪Ağırlıklı olarak Rakka’dan gazeteci,‬‬ ‫‪yazar, hukukçu, mühendis.. 11 kişi bir‬‬ ‫‪araya gelmiş, Şanlıurfa’da Al Harmal’ı‬‬ ‫‪filizlendirmişlerdi.‬‬ ‫‪Savaşın yıktığı, savurduğu kardeş‬‬ ‫– ‪ülkenin aydınları; kendi sıkıntılarını‬‬ ‫‪yoksunluklarını bir kenara bırakmış, kendi‬‬ ‫‪insanları için kolları sıvamışlar. Bir araya‬‬ ‫‪gelmenin, ortak geleceğin inşası için‬‬ ‫‪düşünüyor, konuşuyor, yazıyorlar.‬‬ ‫‪Çekiştirilen, kamplaştırılan, birbirine‬‬ ‫‪kırdırılan coğrafyamızda, bir araya‬‬ ‫‪gelmek ve konuşabilmek, yazabilmek ne‬‬ ‫‪güzel bir adım.‬‬ ‫‪En içten duygularımla başarı ve bereket‬‬ ‫‪diliyorum.‬‬ ‫‪Kurtuluşa, barışa ve kardeşliğe katkı‬‬ ‫‪sunması dileğiyle.‬‬

‫بي��ان بي��ت الرق��ة ل��كل الس��وريني حول اجملازر اليت إرتكبها ط�يران النظام اجملرم بالرقة‬ ‫الرقة تستغيث باجملتمع الدولي إليقاف العدوان اآلثم‪.‬‬

‫يشــجب بيــت الرقــة لــكل الســوريني ويســتنكر بأشــد العبــارات مــا يتعــرض لــه‬ ‫املدنيــون الســوريون مــن مجــازر دمويــة مــن جـراء عمليــات القصــف الجــوي اآلثــم عــى‬ ‫يــد النظــام املجــرم‪ ،‬الــذي ال يـزال يواصــل عدوانــه الهمجــي وقصفــه لألحيــاء الســكنية يف‬ ‫الرقــة موقع ـاً املزيــد مــن الخســائر يف األرواح واملمتلــكات‪.‬‬ ‫الرقة تُقصف بالصواريخ والطريان أمام أنظار العامل أجمع‪.‬‬ ‫واملدنيون العزل هم الضحية الدامئة للعدوان الغاشم وآلة الغدر واملوت‪.‬‬ ‫الغــارات الجويــة التــي يشــنها طـران النظــام الســوري عــى الرقــة أوقعــت حتــى الســاعة‬ ‫املئــات مــن الشــهداء والجرحــى مــن املدنيــن العــزل‪ ،‬كــا دمــرت العديــد مــن األبنيــة‬ ‫واألحيــاء الســكنية فــوق قاطنيهــا‪.‬‬

‫الرقــة تدفــع مثــن التواطــؤ بــن التحالــف الــدويل والنظــام الســوري عــى مســمع ومــرأى‬ ‫مــن مؤسســات الثــورة املمثلــة باالئتــاف‪ ،‬والحكومــة املؤقتــة‪ ،‬التــي مل تقــدم يد املســاعدة‬ ‫إىل املنكوبــن ومل تحــرك ســاكناً‪.‬‬ ‫مؤسســات الثــورة تتحمــل مســؤولية الصمــت املريــب‪ ،‬فهــي مل تكلــف نفســها حتــى‬ ‫ـت الرقــة ملصريهــا‬ ‫إصــدار بيــان شــجب واســتنكار ملــا تتعــرض لــه الرقــة‪ .‬ومــن قبــل تُركـ ْ‬ ‫ولغــول داعــش وســط عــاء ســيايس منقطــع النظــر‪!..‬‬ ‫بيــت الرقــة يديــن ويشــجب الصمــت والتواطــؤ الــدويل‪ ،‬ويدعــو األحــرار يف كل دول‬ ‫العــامل‪ ،‬ويدعــو كل ابنــاء الرقــة وثوارهــا‪ ،‬للوقــوف إىل جانــب مدينتهــم التــي تتعــرض‬ ‫لهجمــة دمويــة رشســة‪.‬‬ ‫ارفعوا أيديكم عن الرقة ‪ ،‬أوقفوا مجازر املوت والدمار‬

‫ثقافية ـــ سياسية ـــ نصف شهرية ـــ تصدر عن مؤسسة توتول اإلعالمية بالتعاون مع بيت الرقة لكل السوريين للتواصل عرب فيس بوك‬ ‫اء ُنشرت أم لم تنشر‬ ‫المقاالت التي ترد إلى المجلة ال تُ ّ‬ ‫رد إلى أصحابها سو ً‬ ‫اآلراء التي تنشر بالمجلة تعبر عن رأي أصحابها‪ ،‬وال تمثل بالضرورة رأي المجلة‬

‫‪ALHARMAL : 15 günde bir Siyasi ve Kültürel Gazete‬‬

‫للتواصل عرب تويرت‬ ‫للتواصل عرب الربيد اإللكرتوني‬

‫‪Facebook.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Twitter.com/AlharmalJournal‬‬ ‫‪Alharmal.journal@gmail.com‬‬

‫‪Atatürk Mah7-.sk. NO = 9. ŞanliUrfa MOB: 00905459679973 SAYI:3 YIL: 2014 )1) - İMTİYAZ SAHİBİ : ŞÜKRÜ KIRBOĞA - EDİTÖR: MAJED RASHEED ALOWAYYED‬‬ ‫‪BASKI: İMAJ OFSET.Sırrın Mah.647 sok.no:33‬‬


‫‪16‬‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬

‫زاويـة حـرة‬

‫إرهاب الدولة والتجليات المضادة‪!..‬‬ ‫بسام البليبل‬

‫م��ن كل م��كان ‪ ..‬هن��ا الرق��ة الش��هيدة‬

‫أورفا ‪ -‬تركيا‬

‫غازي عنتاب ‪ -‬تركيا‬

‫نيويورك ‪ -‬أمريكا‬

‫تســتمد الدولــة رشعيتهــا‪ ,‬وحقهــا يف اســتعامل القــوة‪,‬‬ ‫مــن واجــب حاميتهــا مصالــح مواطنيهــا‪ ,‬واحـرام حقهــم يف‬ ‫الحيــاة‪ ,‬وصيانــة هــذا الحــق والدفــاع عنــه‪.‬‬ ‫ولكــن عندمــا يكــون النظــام التســلطي هــو مــن يهــدد هذه‬ ‫املصالــح والحقــوق‪ ,‬ويرتكــب الفظاعــات تلــو الفظاعــات‬ ‫بحــق مواطنيــه‪ ,‬فإنــه يُســقط الرشعيــة عــن نفســه‪ ,‬ويقــوض‬ ‫مبــدأ الســيادة باعتبارهــا مســؤولية‪ ,‬وباعتبــاره مل يحــرم‬ ‫هــذه املســؤولية‪ ,‬ويفتــح البــاب أمــام التدخــل الخارجــي‬ ‫بأشــكال ومــررات مختلفــة‪.‬‬ ‫وهــذا مــا ينطبــق عــى النظــام الســوري الــذي اســتوىف‬ ‫كل أشــكال إرهــاب الدولــة‪ ,‬ابتــدا ًء باالحتجــاز التعســفي‪,‬‬ ‫واملحاكــات غــر العادلــة‪ ,‬والتعذيــب يف املعتقــات‪,‬‬ ‫واالعتــداء الجنــي‪ ,‬والحصــار الغــذايئ‪ ,‬والقتــل الســيايس‪,‬‬ ‫واإلعــدام خــارج نطــاق القضــاء‪ ,‬وانتهــا ًء باإلبــادة الجامعيــة‬ ‫بالرباميــل املتفجــرة‪ ,‬والغــازات الســامة‪ ,‬والطــران الحــريب‬ ‫الــذي كانــت أكــر مجــازره تلــك التــي رضبــت مدينــة‬ ‫الرقــة يف ‪ 2014/11/25‬وعــى مــدى خمســة أيــام متتاليــة‪,‬‬ ‫وحصــدت أرواح ‪ 258‬شــهيدا ً مــن املدنيــن‪.‬‬ ‫إ ّن تعريــف اإلبــادة الجامعيــة‪ ,‬وإرهــاب الدولــة وفق ـاً ملــا‬ ‫هــو وارد يف املعاجــم القانونيــة‪ ،‬واملواثيــق والعهــود الدوليــة‬ ‫يبــدو قــارصا ً أمــام مــا يقــوم بــه النظــام يف ســوريا‪ ,‬ومــا ترتب‬ ‫عــى هــذا اإلرهــاب مــن تجليــات مضــادة ولّدهــا الشــعور‬ ‫باالضطهــاد‪ ,‬والقمــع‪ ,‬واملهانــة‪ ,‬والرغبــة يف االنتقــام‪ ,‬ومــا‬ ‫انتقــل الحقــاً مــن غــرف التعذيــب والزنازيــن االنفراديــة‪,‬‬ ‫واملعتقــات الرسيــة‪ ,‬عــر ‪ 55‬ألــف صــورة كشــفت عــن‬ ‫مقتــل ‪ 11‬ألــف شــخص لقــوا حتفهــم تحــت التعذيــب يف‬ ‫مراكــز االعتقــال بعــد انــدالع الحــرب يف ســوريا‪.‬‬ ‫وعــر نصــف مليــون وثيقــة تثبــت تــورط النظــام الســوري‬ ‫بجرائــم حــرب‪ ,‬وجرائــم ضــد اإلنســانية جمعتهــا لجنــة‬ ‫العدالــة واملســاءلة الدوليــة‪ ,‬وعجــزت جميعهــا عــن إحالــة‬ ‫امللــف الســوري إىل محكمــة الجنايــات الدوليــة‪.‬‬ ‫بــل وعطلــت الــدول الكــرى وفقـاً ملقتضيــات مصالحهــا كل‬ ‫املبــادرات السياســية والعســكرية لحــل األزمــة الســورية‪,‬‬

‫ورضبــت عــرض الحائــط بواجبهــا الــذي نصــت عليــه كل‬ ‫الرشائــع الدوليــة‪ ،‬وآخرهــا الوثيقــة الختاميــة ملؤمتــر قمــة‬ ‫نصــت عــى أنــه‬ ‫األمــم املتحــدة العاملــي لعــام ‪ 2005‬التــي ّ‬ ‫«تقــع عــى عاتــق املجتمــع الــدويل مســؤولية اســتخدام‬ ‫الوســائل املناســبة الديبلوماســية منهــا واإلنســانية‪ ,‬وغريهــا‬ ‫لحاميــة الســكان مــن هــذه الجرائــم‪ ,‬ويجــب أن يكــون‬ ‫املجتمــع الــدويل مســتعدا ً التخــاذ إج ـراء جامعــي لحاميــة‬ ‫الســكان وفق ـاً مليثــاق األمــم املتحــدة»‪.‬‬ ‫فهــل تســتطيع أشــاء الذاهبــن إىل الصــاة يف جامــع‬ ‫الحنــي‪ ,‬والجــوارح املمزقــة لذلــك الشــاب مــع كفــن والدتــه‬ ‫الــذي اشــراه للتــو‪ ,‬وقلــب والــدة حــادة الــرازي الــذي‬ ‫توقــف لســاعها خــر استشــهاده‪ ,‬وأولئــك الذيــن اختلطــت‬ ‫دماؤهــم مــع قــوت يومهــم يف أســواق الرقــة‪ ,‬هــل يســتطيع‬ ‫كل ذلــك اإلفصــاح عــن املســكوت عنــه يف األزمــة الســورية‪,‬‬ ‫ومــا أغــى عنــه الضمــر العاملــي عــى مــدى أربــع ســنوات‪.‬‬ ‫وهــل استشــعار أمريــكا الحــرج بعــد انكشــاف تعاونهــا‬ ‫األمنــي مــع النظــام الســوري‪ ,‬وســكوتها وتغطيتهــا عــى‬ ‫يغــر‬ ‫غــارات النظــام التــي تتــم تحــت ســمعها وبرصهــا‪ّ ,‬‬ ‫مــن موقفهــا املعــارض لخطــة املناطــق اآلمنــة وفــرض حظــر‬ ‫للطــران‪.‬‬ ‫إن مــا عجــزت عنــه ‪ 55‬ألــف صــورة‪ ,‬ونصــف مليــون وثيقــة‪,‬‬ ‫ومــا تناثــر مــن أشــاء الســوريني عــى مســاحة الوطــن‪,‬‬ ‫يحتــاج إىل الــدور الفاعــل للمعارضــة الســورية غــر املرتهــن‬ ‫ألي أجنــدة ســوى أجنــدة الوطــن‪.‬‬ ‫وإىل العمــل الســيايس الجــاد عــى املســتوى الديبلومــايس‬ ‫واإلنســاين يســاهم يف خلــق موقــف دويل يلعــب دورا ً‬ ‫إيجابيــاً يف حــل األزمــة الســورية‪.‬‬ ‫وإىل تحريــك جمــود مجلــس األمــن مــن خــال حملــة‬ ‫إعالميــة‪ ،‬وسياســية لخلــق تحالــف دويل يعلــن بوضــوح‬ ‫دعمــه القــوي إلحالــة القضية الســورية إىل املحكمــة الجنائية‬ ‫الدوليــة‪ ,‬مبــوازاة تحالفهــم ضــد اإلرهــاب‪ ,‬وهــذا التوظيــف‬ ‫الخبيــث لهــذه الفزاعــة مــن قبــل النظــم القمعيــة والقــوى‬ ‫الكــرى التــي التـزال مصالحهــا تتقاطــع مــع بقــاء واســتمرار‬ ‫النظــم الديكتاتوريــة‪.‬‬

‫حلب ‪ -‬سوريا‬ ‫هولندا‬

‫بروكسل ‪ -‬بلجيكا‬

‫باريس ‪ -‬فرنسا‬

‫جمل��ة احلرم��ل تدع��و املؤسس��ات واألف��راد إىل دع��م اس��تمراريتها وإس��تقالهلا‪ ،‬م��ن خ�لال االش�تراك واإلع�لان فيه��ا‪ ،‬وذل��ك باإلتص��ال عل��ى هات��ف اجملل��ة رق��م‪ )05459679973( :‬أو مراجع��ة مقره��ا الكائ��ن خل��ف بلدي��ة أورف��ا‬

‫السنة األولى ‪ /‬العدد الخامس ‪ 1 /‬كانون االول ‪2014‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.